الكتاب: شرح مختصر خليل للخرشي المؤلف: محمد بن عبد الله الخرشي المالكي أبو عبد الله (المتوفى: 1101هـ) الناشر: دار الفكر للطباعة - بيروت الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ عدد الأجزاء: 8   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وبهامشه حاشية العدوي] ---------- شرح مختصر خليل للخرشي محمد بن عبد الله الخرشي الكتاب: شرح مختصر خليل للخرشي المؤلف: محمد بن عبد الله الخرشي المالكي أبو عبد الله (المتوفى: 1101هـ) الناشر: دار الفكر للطباعة - بيروت الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ عدد الأجزاء: 8   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وبهامشه حاشية العدوي] محمد بن عبد الله الخرشي 1- الاسم: (الخرشي) , محمد بن عبد الله الخرشي, وكنيته: أبو عبد الله, ولقب بالخرشي (أو بالخراشي) , نسبة إلى قرية يقال لها: أبو خراش (من البحيرة بمصر) . 2- مذهبه: مالكي. 3- مولده: 1010 هـ. 4- وفاته: 1101 هـ في القاهرة. 5- منزلته العلمية: فقيه مجتهد, انتهت إليه الرئاسة في مصر, وأول من تولى مشيخة الأزهر. 6- أبرز شيوخه: والده عبد الله, البرهان اللقاني, والنور الأجهوري, وغيرهم. 7- أبرز تلاميذه: أخوه داود, علي بن خليفة المساكيني, أحمد الفيومي, عبد السلام بن صالح (حفيد الشيخ عبد السلام الأسمر) , ومحمد عبد الباقي الزرقاني, وغيرهم. 8- أهم مصنفاته: الشرح الكبير على متن خليل (المعروف بشرح الخرشي) , منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة لابن حجر, وله أيضا الشرح الصغير على متن خليل أيضا, والفوائد السنية في شرح المقدمة السنوسية. (الأعلام للزركلي - شجرة النور الزكية في تراجم المالكية, دار الفكر) . علي الصعيدي العدوي 1- الاسم: (العدوي) , علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي, كنيته: أبو الحسن, ويلقب بالعدوي نسبة إلى بني عدي (بالقرب من منفلوط) ؛ حيث ولد. 2- مذهبه: مالكي. 3- مولده: 1112هـ. 4- وفاته: 1189هـ في القاهرة. 5- مكانته العلمية: فقيه محقق مجتهد, اشتغل بالحديث وعلومه. 6- أبرز شيوخه: عبد الوهاب الملوي, سالم النفراوي, إبراهيم الفيومي, محمد الحفناوي, ومحمد ابن زكريا, وغيرهم. 7- أبرز تلاميذه: الدردير, البناني, الدسوقي, ويوسف بن سعد الصفتي, وغيرهم. 8- أهم مصنفاته: أغلب مصنفاته حواش على متون, مثل: حاشية على كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني, حاشية على شرح العزية للزرقاني, وله حاشية على شرح شيخ الإسلام على ألفية المصطلح للعراقي, وله رسالة فيما تفعله فرقة المطاوعة من المتصوفة من البدع كالطبل والرقص. (الأعلام للزركلي - شجرة النور الزكية في تراجم المالكية, دار الفكر) . [مُقَدِّمَة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ   [حاشية العدوي] {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ الْمُلْهِمِ لِلصَّوَابِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَحْبَابِ وَعَلَى آلِهِ وَالْأَصْحَابِ. {وَبَعْدُ} فَيَقُولُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الصَّعِيدِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَالِكِيُّ لَمَّا - مَنَّ اللَّهُ الْمَوْلَى الْكَرِيمُ بِمُطَالَعَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْعَلَّامَةِ الْإِمَامِ وَالْقُدْوَةِ الْهُمَامِ شَيْخِ الْمَالِكِيَّةِ شَرْقًا وَغَرْبًا قُدْوَةِ السَّالِكِينَ عَجَمًا - وَعَرَبًا مُرَبِّي الْمَرِيدِينَ كَهْفِ السَّالِكِينَ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ - الْخَرَشِيِّ الشَّهِيرُ نَسَبُهُ وَنَسَبُ عَصَبَتِهِ بِأَوْلَادِ صَبَاحِ الْخَيْرِ انْتَهَتْ إلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِي مِصْرَ حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي مِصْرَ أَوَاخِرَ عُمُرِهِ إلَّا طَلَبَتُهُ وَطَلَبَةُ طَلَبَتِهِ كَانَ إمَامًا فِي الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ مُتَوَاضِعًا عَفِيفًا لَا يَكَادُ جَلِيسُهُ يَمَلُّ مِنْ مُجَالَسَتِهِ انْتَهَتْ إلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِي الْعِلْمِ وَوَقَفَ النَّاسُ عِنْدَ فَتَاوِيهِ وَكَانَ مُتَقَشِّفًا فِي مَأْكَلِهِ وَمَلْبَسِهِ وَمِفْرَشِهِ وَكَانَ لَا يُصَلِّي الصُّبْحَ صَيْفًا وَشِتَاءً إلَّا بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَكَانَ خُلُقُهُ وَاسِعًا إذَا تَجَادَلَ عِنْدَهُ الطَّلَبَةُ يَشْتَغِلُ هُوَ بِالذِّكْرِ حَتَّى يَفْرُغَ جِدَالُهُمْ وَكَانَ يَقْضِي بَعْضَ مَصَالِحِهِ بِيَدِهِ مِنْ السُّوقِ وَيَحْمِلُهَا وَيَتَعَاطَى مَصَالِحَ بَيْتِهِ فِي مَنْزِلِهِ أَيْضًا وَكَانَ كَثِيرَ الْأَدَبِ وَالْحَيَاءِ كَرِيمَ النَّفْسِ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ حُلْوَ الْكَلَامِ وَكَانَ كَثِيرَ الشَّفَاعَاتِ عِنْدَ الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَكَانُوا يَهَابُونَهُ وَيُجِلُّونَهُ وَيَقْبَلُونَ شَفَاعَتَهُ وَكَانَ مَهِيبَ الْمَنْظَرِ عَلَيْهِ خَفْرُ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَكَانَ دَائِمَ الطَّهَارَةِ كَثِيرَ الصَّمْتِ زَاهِدًا وَرِعًا - كَثِيرَ الصِّيَامِ طَوِيلَ الْقِيَامِ وَكَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ عَظِيمٌ فِي اللَّيْلِ وَكَانَ نَهَارُهُ كُلُّهُ فِي طَاعَةٍ إمَّا فِي عِلْمٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ وِرْدٍ يَقُولُ - مَنْ عَاشَرَهُ: مَا ضَبَطْنَا عَلَيْهِ قَطُّ - سَاعَةً هُوَ فِيهَا غَافِلٌ عَنْ مَصَالِحِ دُنْيَاهُ أَوْ آخِرَتِهِ وَكَانَ يَتَعَمَّمُ بِشَمْلَةٍ بَيْضَاءَ صُوفٍ إذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَلَهُ سُبْحَةٌ أَلْفُ حَبَّةٍ وَكَانَتْ ثِيَابُهُ قَصِيرَةً عَلَى السُّنَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَكَانَ كَثِيرَ الذِّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَكَادُ يَغْفُلُ عَنْ قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي حَالِ دَرْسِهِ وَفِي حَالِ عَمَلِهِ وَكَانَ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ قَطُّ - مُذَاكَرَةُ أَحَدٍ بِسُوءٍ وَكَانَ النُّورُ يَخْفِقُ عَلَى وَجْهِهِ يُدْرِكُهُ كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَتْ الْأُمَرَاءُ وَالْأَكَابِرُ يَعْتَقِدُونَهُ اعْتِقَادًا تَامًّا وَكَانَ إذَا رَكِبَ حِمَارَتَهُ وَمَرَّ فِي السُّوقِ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ التَّبَرُّكِ بِهِ وَتَقْبِيلِ يَدِهِ وَمَنْ لَا يَصِلُ إلَى يَدِهِ يَتَمَسَّحُ بِدَابَّتِهِ أَوْ بِظَهْرِ الشَّيْخِ وَيَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ وَكَانَ قَدْ اشْتَهَرَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ كَالْغَرْبِ وَبِلَادِ التَّكْرُورِ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ وَالرُّومِ وَالْيَمَنِ وَصَارُوا يَضْرِبُونَ بِهِ الْمِثْلَ وَأَذْعَنَ لَهُ عُلَمَاءُ مِصْرَ الْخَاصُّ مِنْهُمْ وَالْعَامُّ وَكَانَ دَائِمَ الطَّهَارَةِ لَا يُحْدِثُ إلَّا وَيَتَوَضَّأُ هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُهُ وَكَانَ لَا يَذْكُرُ أَحَدًا بِغِيبَةٍ - وَلَا يَحْسُدُ أَحَدًا مِنْ أَقْرَانِهِ عَلَى مَا آتَاهُ اللَّهُ مِنْ عِلْمٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ إقْبَالٍ مِنْ النَّاسِ بَلْ يَقُولُ لَوْلَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا كَانَ قَطُّ - يُزَاحِمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا وَلَا يَتَرَدَّدُ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْوُلَاةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ مِنْ شَفَاعَةٍ لِمَظْلُومٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَانَ إذَا حَضَرَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يَحْسُدُونَهُ يُجِلُّهُمْ وَيُكْرِمُهُمْ فِي غَيْبَتِهِمْ وَحُضُورِهِمْ وَلَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا مِنْهُمْ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي حَقِّهِ بَلْ هُوَ كَثِيرُ احْتِمَالِ الْأَذَى بِطِيبَةِ نَفْسٍ وَكَانَ يُعِيرُ مِنْ كُتُبِهِ وَمِنْ خِزَانَتِهِ الْوَقْفِ الْكُتُبَ الْغَرِيبَةَ الْعَزِيزَةَ لِلطَّالِبِ بِحَيْثُ لَا يُفَتِّشُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا كَائِنًا مَا كَانَ مِنْ جَمِيعِ الْفُنُونِ فَضَاعَ لَهُ بِذَلِكَ جُمْلَةٌ مِنْ الْكُتُبِ وَكَانَ يُعْطِي مِنْ الْكِتَابِ بِالْكَبْشَةِ مِنْ غَيْرِ عَدَدِ أَوْرَاقٍ وَكَانَ يَأْتِيهِ الطَّالِبُ بِبَرَاءَةٍ فِيهَا اسْمُ كِتَابٍ يَطْلُبُهُ فَيُخْرِجُهُ مِنْ الْخِزَانَةِ فَيُعْطِي لَهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ أَوْ بَلَدِهِ فَيُقَيِّدُ بَعْدَمَا يَتَوَجَّهُ مِنْ عِنْدِهِ أَخَذَ مِنْ الْكِتَابِ الْفُلَانِيِّ الرَّجُلُ الطَّوِيلُ أَوْ الْقَصِيرُ أَوْ لِحْيَتُهُ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ أَوْ أَبْيَضُ أَوْ أَسْوَدُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَجَبُ الْعُجَابُ إيثَارًا لِوَجْهِهِ تَعَالَى وَكَانَ لَا يَأْنَفُ فِي دَرْسِهِ وَخَارِجِهِ مِنْ مُبْتَدِئٍ وَلَا بَلِيدٍ - أَفْنَى فِيهِ عُمُرَهُ مَعَ تَثَبُّتِهِ لِحَوَائِجِ الْعَامَّةِ وَالْأَرْمَلَةِ، وَكَانَ إذَا أَتَى إلَيْهِ طِفْلٌ يَشْكُو إلَيْهِ تَوَجَّهَ مَعَهُ إلَى مَطْلُوبِهِ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ لَازَمَ الْقِرَاءَةَ سِيَّمَا بَعْدَ شَيْخِهِ الْبُرْهَانِ الْقَانِيِّ وَأَبِي الضِّيَاءِ عَلِيٍّ الْأُجْهُورِيِّ كَانَ يَقْرَأُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْحَنَفِيِّ فِي مَجْلِسِهِ بِمَدْرَسَةِ الِابْتِغَاوِيَّةِ إلَى الضُّحَى الْكَبِيرَةِ قِرَاءَةَ تَحْقِيقٍ وَتَدْقِيقٍ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي الضُّحَى وَيَتَوَجَّهُ إلَى بَيْتِهِ وَرُبَّمَا مَشَى بَعْدُ لِشَفَاعَةٍ فِي أَمْرِ النَّاسِ أَوْ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْمَسْجِدِ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَجْلِسِهِ بالابتغاوية، ثُمَّ يَأْتِي إلَى الدَّرْسِ بِجِوَارِ الْمِنْبَرِ بِالْمَقْصُورَةِ فَيَقْرَأُ دَرْسَهُ مِنْ مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إلَى مَجْلِسِهِ الْمَذْكُورِ أَوْ إلَى بَيْتِهِ وَكَانَ يَقْسِمُ مَتْنَ خَلِيلٍ نِصْفَيْنِ يَقْرَؤُهُ فِي مَجْلِسِهِ بالابتغاوية وَنِصْفٍ يَقْرَؤُهُ بَعْدَ الظُّهْرِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَكَانَ يُمَازِحُ الطَّلَبَةَ فِي دَرْسِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ أَنْتُمْ جُهَلَاءُ وَلَا يَعْقِلُهَا إلَّا الْعَالِمُونَ، وَيَقُولُ لَهُمْ إنَّمَا أَقُولُ لَكُمْ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ تَبْذُلُوا هِمَمَكُمْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَمُطَالَعَتِهِ، وَكَانَ فِي دَرْسِهِ إذَا قَرَأَ شَرْحَهُ الصَّغِيرَ بِحَضْرَةِ الطَّلَبَةِ يَقُولُ لَهُمْ هَذَا شَرْحٌ نَفِيسٌ مَا أَحْسَنَهُ،، لَازَمْتَهُ مَا يَنُوفُ عَنْ عِشْرِينَ سَنَةً فِي دَرْسِهِ بِالْمَقْصُورَةِ وَخَارِجَ الدَّرْسِ فَمَا أَظُنُّ أَنَّ كَاتِبَ الشِّمَالِ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَإِنْ وَقَعَ أَنَّهُ عَرَضَ لِأَحَدٍ عَلَى وَجْهِ التَّنْفِيرِ فَذَلِكَ مِنْ بَابِ النُّصْحِ لِلْأُمَّةِ لَا لِحَظِّ نَفْسِهِ وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ يُجَرِّحُ الرُّوَاةَ كَثِيرًا وَيَقُولُ أَرْجُو مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أَنْ لَا يُطَالِبَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِغِيبَةٍ - فِي أَحَدٍ انْتَهَى. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ بِالتَّجْرِيحِ نُصْرَةَ الدِّينِ لَا التَّشَفِّي بِذَلِكَ لِلنَّفْسِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ، وَكَانَ عَالِمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 يَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ: مُحَمَّدٌ الْخَرَشِيُّ الْمَالِكِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُحِيطُ بِخَفِيَّاتِ الْغُيُوبِ الْمُطَّلِعِ عَلَى سَرَائِرِ الْقُلُوبِ الْمُخْتَصِّ   [حاشية العدوي] بِالنَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ فَرْضِيًّا حِسَابِيًّا مُحَقِّقًا لَهَا، لَهُ الْإِمَامَةُ الْمُطْلَقَةُ فِي ذَلِكَ جَامِعًا لِسَائِرِ الْفُنُونِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ آخِرُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَصَرِّفِينَ التَّصَرُّفَ التَّامَّ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ وَآخِرُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَكَانَ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ خَلْوَةٌ يَتَعَبَّدُ فِيهَا وَكَانَ يَقْرَأُ بَعْدَ الظُّهْرِ عَقِبَ دَرْسِ الْمُخْتَصَرِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ دَرْسًا فِي النَّحْوِ أَوْ التَّوْحِيدِ أَوْ الْفَرَائِضِ أَوْ الْحِسَابِ وَكَانَ يَأْتِيهِ الْهَدَايَا وَالنُّذُورُ مِنْ أَقْصَى الْمَغْرِبِ وَبِلَادِ التَّكْرُورِ وَجَمِيعِ الْبِلَادِ فَلَمْ يُمْسِكْ مِنْهَا شَيْئًا بَلْ كَانَ أَقَارِبُهُ وَمَعَارِفُهُ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْكَرَامَاتِ إلَّا إقْبَالُ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ وَعَلَى كِتَابَةِ مُؤَلَّفَاتِهِ وَمُطَالَعَتِهَا لَكَانَ فِي ذَلِكَ كِفَايَةُ. أَخْذِ الْعُلُومِ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ خَاتِمَةُ الْفُقَهَاءِ أَبُو الْإِرْشَادِ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ وَالْعَلَّامَةُ خَاتِمَةُ الْمُحَدِّثِينَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيِّ وَالْفَقِيهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْفِيشِيِّ وَالْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْمُعْطِي الْبَصِيرُ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ حَسَنُ النَّمَاوِيُّ وَالشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ يَاسِينُ الشَّامِيُّ وَوَالِدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْخَرَشِيُّ تَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ حَتَّى وَصَلَ مُلَازِمُوهُ الْمُجِدُّونَ عَلَيْهِ نَحْوَ مِائَةٍ مِنْهُمْ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الشَّيْخُ أَحْمَدُ اللَّقَانِيِّ وَالشَّيْخُ الْفَاضِلُ سَيِّدِي مُحَمَّدُ الزَّرْقَانِيُّ وَالشَّيْخُ الْفَقِيهُ عَلِيٌّ اللَّقَانِيِّ وَالشَّيْخُ الْعُمْدَةُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ وَأَخُوهُ الشَّيْخُ دَاوُد اللَّقَانِيِّ وَالشَّيْخُ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ النَّفْرَاوِيُّ وَأَخُوهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الشَّبْرَاخِيتِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الْفَيُّومِيُّ وَالشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْفَيُّومِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الشَّرَفِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي الْقَلِينِيُّ وَالشَّيْخُ عِيدٌ وَالشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْمَجْدُولِيُّ. وَغَالِبُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعِ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ بَعْدَ خَتْمِ الْمُخْتَصَرِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَلَّامَةِ الْقَسْطَلَّانِيِّ مَاتَ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ سَابِعِ عَشْرَيْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ خِتَامِ سَنَةِ وَاحِدٍ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ وَدُفِنَ مَعَ وَالِدِهِ بِقُرْبِ مَدْفَنِ الشَّيْخِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مُحَمَّدِ الْبَنَوْفَرِيِّ بِوَسَطِ تُرْبَةِ الْمُجَاوِرِينَ وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ وَمَا رَأَيْت فِي عُمُرِي كُلِّهِ أَكْثَرَ خَلْقًا مِنْ جِنَازَتِهِ إلَّا جِنَازَةَ الشَّيْخِ السُّلْطَانِ الْمِزَاحِيِّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدِ الْبَابِلِيِّ هَذَا مَا انْتَهَى جَمْعُهُ مِنْ الْمَنَاقِبِ فِي أَوَاخِرِ شَهْرِ صَفَرِ الْخَيْرِ سَنَةَ مِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَأَلْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ جَمَعَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الْجَمَالِيُّ الْمَغْرِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَظَهَرَ بِبَرَكَتِهِ كَلِمَاتٌ تَتَعَلَّقُ بِفَهْمِ ذَلِكَ الشَّرْحِ أَحْبَبْت أَنْ أَجْمَعَهَا لِنَفْسِي وَلِمَنْ هُوَ قَاصِرٌ مِثْلِي مُعْتَمِدًا عَلَى فَضْلِ مَوْلَانَا الْكَرِيمِ لِقِصَرِ بَاعِي وَقِلَّةِ اطِّلَاعِي فَيَا ذَا الْجُودِ وَالْإِنْعَامِ وَالْفَضْلِ وَالْإِكْرَامِ جُدْ عَلَيْنَا بِرَحَمَاتِك وَمُنَّ عَلَيْنَا بِإِسْعَافَاتِك؛ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتُك فَأَقُولُ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. اعْلَمْ أَنِّي حَيْثُ قُلْت قَالَ كَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ وَحَيْثُ قُلْت عج فَهُوَ إشَارَةٌ لِشَيْخِ الشُّيُوخِ عَلِيٍّ الْأُجْهُورِيِّ وَحَيْثُ قُلْت مُحَشِّي تت فَهُوَ إشَارَةٌ لِلشَّيْخِ مُصْطَفَى الْمَغْرِبِيِّ الْجَزَائِرِيِّ (قَوْلُهُ يَقُولُ مُحَمَّدٌ الْخَرَشِيُّ) كَذَا بِخَطِّهِ بِخَاءٍ وَرَاءٍ وَشِينٍ بِدُونِ أَلِفٍ فَتَكُونُ نِسْبَةً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ لِأَنَّ بَلَدَهُ يُقَالُ لَهَا أَبُو خَرَاشٍ مِنْ الْبُحَيْرَةِ قَرْيَةٌ مِنْ أَعْمَالِ مِصْرَ وَعَرَّفَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَى التَّأْلِيفِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَفِي عَدَمِهِ جَهَالَةٌ تُوجِبُ خِلَافَ ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الْمُؤَلِّفِينَ مِنْ عَدَمِ التَّعْرِيفِ فَإِمَّا لِلِاتِّكَالِ عَلَى بَعْضِ تَلَامِذَتِهِمْ أَوْ لِاشْتِهَارِ نِسْبَةِ التَّأْلِيفِ لَهُمْ. فَإِنْ قُلْت إنَّهُ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَقُولَ الْقَوْلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى آخِرِ الشَّرْحِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ بَعْضِهِ مَقُولًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِلُهُ أَيْضًا أَيْ حَاكِيهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَقُولُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى آخِرِ الْخُطْبَةِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ (قَوْلُهُ الْمُحِيطِ) يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ أَلْ تَعْرِيفِيَّةً لَا مَوْصُولَةً إذْ الْخِلَافُ كَمَا فِي الْمُطَوَّلِ فِي أَلْ الدَّاخِلَةِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ هَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ أَوْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ إنَّمَا هُوَ إذَا أُرِيدَ بِهِ التَّجَدُّدُ وَالْحُدُوثُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّهُ فِعْلٌ فِي صُورَةِ الِاسْمِ وَلِذَا يَعْمَلُ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَاضِي، وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِي مَعْنَى الْحُدُوثِ مِنْ نَحْوِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَهُوَ كَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَاللَّامُ فِيهَا حَرْفُ تَعْرِيفٍ اتِّفَاقًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا الْحُدُوثَ. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحَاطَةِ تَعَلُّقُ عِلْمِهِ بِالْغُيُوبِ الْخَفِيَّةِ، وَهُوَ تَنْجِيزِيٌّ قَدِيمٌ فَلَيْسَ بِحَادِثٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ شَبَّهَ تَعَلُّقَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ بِالْإِحَاطَةِ بِالشَّيْءِ الَّتِي هِيَ الِاسْتِدَارَةُ بِهِ بِجَامِعِ أَنَّ مُتَعَلِّقَ كُلٍّ صَارَ تَحْتَ الْقَبْضَةِ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَاشْتُقَّ مِنْ الْإِحَاطَةِ مُحِيطٌ بِمَعْنَى مُتَعَلِّقٍ عِلْمُهُ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَقَرَّبَ ذَلِكَ أَنَّ صِفَةَ الْمَوْلَى لَا يُقَالُ لَهَا غَيْرٌ كَمَا لَا يُقَالُ لَهَا عَيْنٌ وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] وَقِيلَ إنَّ الْإِحَاطَةَ وَالْعِلْمَ مُتَرَادِفَانِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمُحِيطِ أَيْ الْعَالِمِ فَالصِّفَةُ جَرَتْ عَلَى مَنْ هِيَ لَهُ. (قَوْلُهُ بِخَفِيَّاتِ الْغُيُوبِ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ بِالْغُيُوبِ الْخَفِيَّاتِ أَيْ الْمُسْتَتِرَاتِ عَنَّا مَعْشَرَ الْإِنْسِ أَوْ مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ أَوْ مَعْشَرَ الْمَخْلُوقَاتِ جَمْعُ خَفِيَّةٍ أَوْ خَفِيٍّ أَيْ ذَاتٍ خَفِيَّةٍ أَوْ شَيْءٍ خَفِيٍّ وَالْمُرَادُ ذَاتُ الشَّيْءِ أَيْ نَفْسُهُ كَانَ ذَاتًا أَوْ وَصْفًا وَالْغُيُوبُ جَمْعُ غَيْبٍ بِمَعْنَى مَا غَابَ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ اسْتَتَرَ فَتَكُونُ الْخَفِيَّاتُ وَصْفًا مُؤَكَّدًا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ الْخَفِيَّاتِ مَا اشْتَدَّ خَفَاؤُهُ فَيَكُونُ وَصْفًا مُخَصَّصًا (قَوْلُهُ الْمُطَّلِعِ) أَيْ الْمُشْرِفِ هَذَا مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ وَلَكِنْ الْمُرَادُ لَازِمُهُ؛ لِأَنَّ الْإِشْرَافَ عَلَى الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ أَيْ الْعَالِمِ بِمَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ السَّرَائِرِ فَهُوَ وَصْفٌ جَارٍ عَلَى مَنْ هُوَ لَهُ خِلَافَ الْأَوَّلِ كَمَا تَبَيَّنَ. (قَوْلُهُ عَلَى سَرَائِرِ) جَمْعُ سَرِيرَةٍ أَوْ سِرٍّ مَا كَتَمَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرٍ مَا وَإِضَافَتُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى مَعْنَى فِي أَوْ اللَّامِ الِاخْتِصَاصِيَّةِ (قَوْلُهُ الْقُلُوبِ) جَمْعُ قَلْبٍ، وَهُوَ لُغَةً مُشْتَرَكٌ بَيْنَ كَوْكَبٍ مَعْرُوفٍ وَالْخَالِصِ وَاللُّبِّ وَمِنْهُ قَلْبُ النَّخْلَةِ وَمَصْدَرُ قَلَبْت الشَّيْءَ رَدَدْته عَلَى بَدْئِهِ أَوْ قَلَبْته عَلَى وَجْهِهِ وَقَلَبْت الرَّجُلَ عَنْ الشَّيْءِ صَرَفْته عَنْهُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُضْغَةِ لِسُرْعَةِ الْخَوَاطِرِ إلَيْهَا وَتَرَدُّدِهَا فِيهَا كَمَا قِيلَ وَمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانُ إلَّا لِنَسْيِهِ ... وَلَا الْقَلْبُ إلَّا أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 بِإِرَادَتِهِ كُلَّ مَحْبُوبٍ وَمَوْهُوبٍ الْمُتَعَالِي بِجَلَالِ صَمَدِيَّتِهِ عَنْ مُشَابَهَةِ كُلِّ مَرْبُوبٍ بَارِئِ النَّسَمِ وَخَالِقِ الْأُمَمِ وَمُجْرِي الْقَلَمِ فِي الْقِدَمِ بِمَا هُوَ أَعْلَمُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفْقِ مَشِيئَتِهِ أَعْطَى وَمَنَعَ وَخَفَضَ وَرَفَعَ وَضَرَّ وَنَفَعَ فَلَا مُشَارِكَ لَهُ فِي إنْعَامِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَلَا مُعَانِدَ لَهُ فِي أَحْكَامِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِي إبْرَامَاتِهِ وَأَقْضِيَتِهِ وَأَلْزَمَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ   [حاشية العدوي] وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَنْبِيهًا عَلَى شِدَّةِ الْحِفْظِ مِنْ مَعَاصِي الْقُلُوبِ شَاهِدُهُ «إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً» إلَخْ (قَوْلُهُ بِإِرَادَتِهِ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ أَيْ كُلَّ مَحْبُوبٍ وَمَوْهُوبٍ مِنْهُ أَيْ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ مُمْكِنٍ مُخْتَصٍّ بِإِرَادَتِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا إلَى إرَادَةِ الْعَبْدِ لَا الْمَقْصُورِ وَإِلَّا جَاءَ مَذْهَبُ الِاعْتِزَالِ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُرِيدُ غَيْرَ الْخُيُورِ مِنْ الشَّرَائِرِ وَالْقَبَائِحِ. وَأَشَارَ الشَّارِحُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَنَا بِهِ إلَى أَنَّ مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَةٍ فَالْمَطْلُوبُ مِنْك أَنْ تُلَاحِظَ أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَنْسُبُهُ إلَى نَفْسِك بِخِلَافِ السَّيِّئَةِ فَلَا تُضِفْهَا لِلْمَوْلَى بَلْ أَضِفْهَا لِنَفْسِك، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِإِرَادَتِهِ رَحْمَتَهُ فَيَكُونُ إشَارَةً لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ أَيْ الْمُخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ أَيْ إنْعَامِهِ الْمَصْحُوبِ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كُلَّ شَخْصٍ مَحْبُوبٍ وَمَوْهُوبٍ لَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ قَوْلِك وَهَبْت زَيْدًا ثَوْبًا فَلَا حَذْفَ فِي مَوْهُوبٍ وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ فَتَكُونُ دَاخِلَةً عَلَى الْمَقْصُورِ (قَوْلُهُ الْمُتَعَالِي) أَيْ الْمُتَنَزِّهُ (قَوْلُهُ بِجَلَالٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَظَمَةِ صَمَدِيَّتِهِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَقَوْلُهُ صَمَدِيَّتِهِ أَيْ رِفْعَتِهِ أَوْ كَوْنِهِ يُقْصَدُ فِي الْحَوَائِجِ وَقَوْلُهُ " عَنْ مُشَابَهَةِ " مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُتَعَالِي كَانَتْ الْمُشَابَهَةُ فِي الذَّاتِ أَوْ الصِّفَةِ أَوْ الْأَفْعَالِ وَقَوْلُهُ كُلِّ مَرْبُوبٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِقَوْلِهِ مُشَابَهَةِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمُتَنَزِّهَ عَنْ مُشَابَهَةِ كُلِّ مَرْبُوبٍ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا أَيْ الْمُتَنَزِّهَ عَنْ كَوْنِهِ يُشَابِهُ كُلَّ مَرْبُوبٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَةِ قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وَمَعْنَى مَرْبُوبٍ مَمْلُوكٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْ مَخْلُوقٍ (قَوْلُهُ بَارِئِ النَّسَمِ) مَعْنَاهُ الْمُنْشِئُ مِنْ الْعَدَمِ قَالَهُ فِي الْجَلَالَيْنِ وَالنَّسَمُ جَمْعُ نَسَمَةٍ وَهِيَ الْإِنْسَانُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْمِصْبَاحِ النَّسِيمُ نَفْسُ الرِّيحِ وَالنَّسَمَةُ مِثْلُهُ ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهَا النَّفْسُ بِالسُّكُونِ وَالْجَمْعُ نَسَمٌ مِثْلَ قَصَبَةٍ وَقَصَبٍ وَاَللَّهُ الْبَارِئُ أَيْ خَالِقُ النُّفُوسِ انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَالنَّسَمُ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِنْسَانِ بَلْ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَخَالِقِ الْأُمَمِ) بَيْنَ خَالِقٍ وَبَارِئٍ التَّرَادُفُ وَتَفَنَّنَ فِي التَّعْبِيرِ دَفْعًا لِلثِّقَلِ الْحَاصِلِ مِنْ تَكْرَارِ اللَّفْظِ بِعَيْنِهِ أَنْ لَوْ عَبَّرَ بِبَارِئٍ فِيهِمَا أَوْ بِخَالِقٍ وَالْأُمَمُ جَمْعُ أُمَّةٍ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَعَلَى أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ وَكُلٌّ يَصِحُّ وَلَهَا اطِّلَاقَاتٌ أُخَرُ إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمَقَامِ مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَمُجْرِي الْقَلَمِ) أَيْ مُصَيِّرِ الْقَلَمِ جَارِيًا فِي اللَّوْحِ مِنْ غَيْرِ مُمْسِكٍ وَقَدْ انْقَطَعَ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ مَا فِي اللَّوْحِ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ وَقَوْلُهُ فِي الْقِدَمِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمَ الْأَوَّلِيَّةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْجَرَيَانَ قَدِيمٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَادِثٌ بَلْ الْمُرَادُ بِالْقِدَمِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَا يَزَالُ بِغَايَةِ الْبُعْدِ. (قَوْلُهُ بِمَا هُوَ أَعْلَمُ) أَيْ بِمَا هُوَ عَالِمٌ بِهِ أَزَلًا فَأَفْعَلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُجْرِي وَقَوْلُهُ بِقُدْرَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُجْرِي كَالْأُولَى إلَّا أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْقَلَمِ لِلْكَاتِبِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَالْأَوْلَى لِلْمُلَابَسَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ عَلَى مُوَافَقَةٍ) إشَارَةٌ لِمَا قَرَّرَ فِي أُصُولِ الدِّينِ مِنْ أَنَّ تَأْثِيرَ الْقُدْرَةِ فَرْعُ تَأْثِيرِ الْإِرَادَةِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِمَشِيئَتِهِ أَيْ مَشِيئَةِ الْإِجْرَاءِ فَيُعَمَّمُ فِي مُتَعَلِّقِ الْعِلْمِ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمُسْتَحِيلَ وَالْمُمْكِنَ غَيْرَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى كُنْهِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَكْتُوبًا فِي اللَّوْحِ. (قَوْلُهُ أَعْطَى إلَخْ) جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ أَشَارَ بِهَا إلَى اسْتِقْلَالِ اللَّهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ أَنَّهَا تَفْرِيعٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ وَمُجْرِي الْقَلَمِ إلَخْ أَيْ أَجْرَى الْقَلَمَ فَأَعْطَى وَمَنَعَ وَخَفَضَ وَرَفَعَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ، وَهُوَ الطِّبَاقُ، وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ أَيْ حَصَلَ مِنْهُ الْإِعْطَاءُ وَالْمَنْعُ أَوْ أَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِمَا أَعْطَى وَمَا مَنَعَ خُصُوصُ الْإِيمَانِ وَأَنْ يُرَادَ مُطْلَقُ مُعْطٍ (قَوْلُهُ وَخَفَضَ وَرَفَعَ) أَيْ خَفَضَ قَوْمًا وَرَفَعَ آخَرِينَ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ الْخَفْضُ وَالرَّفْعُ أَيْ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ أَوْ مُطْلَقًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ فِي ذَلِكَ مَجَازٌ كَمَا أَفَادَهُ الْأَسَاسُ؛ لِأَنَّهُمَا حَقِيقَةٌ فِيمَا كَانَ مَحْسُوسًا (قَوْلُهُ فَلَا مُشَارِكَ لَهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ فِي إنْعَامِهِ الْأُولَى فِي الْإِنْعَامِ إذْ عِبَارَتُهُ لَا تَنْفِي إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنَعِّمٌ آخَرَ مُشَارِكًا لِمَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ فِي الْإِنْعَامِ الْمُضَافِ لَهُ وَلَا تَنْفِي أَنْ يَكُونَ مُنَعِّمٌ آخَرُ مُشَارِكًا لِمَوْلَانَا فِي مُطْلَقِ الْإِنْعَامِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْمُشَارِكِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْإِنْعَامِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ. وَكَذَا نَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ أَلْ نَائِبَةٌ عَنْ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَالْإِنْعَامُ مِنْ آثَارِ الْأُلُوهِيَّةِ فَالْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَهُ لِلسَّجْعِ (قَوْلُهُ وَأُلُوهِيَّتِهِ) أَيْ كَوْنِهِ إلَهًا أَيْ مَعْبُودًا بِحَقٍّ (قَوْلُهُ وَلَا مُعَانِدَ) أَيْ مُعَارِضَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُعَانِدُ الْمُعَارِضُ بِالْخِلَافِ لَا بِالْوِفَاقِ وَالْمُعَارِضُ غَيْرُ الشَّرِيكِ فَهُوَ عَطْفُ مُغَايِرٍ (قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِهِ) الْخَمْسَةِ أَوْ أَقْضِيَتِهِ (قَوْلُهُ وَرُبُوبِيَّتِهِ) أَيْ كَوْنِهِ رَبًّا أَيْ مَالِكًا لِلْعَالَمِ (قَوْلُهُ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ) مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ وَلَا مُعَانِدَ. (قَوْلُهُ فِي إبْرَامَاتِهِ) جَمْعُ إبْرَامٍ أَيْ تَحْتِيمِهِ أَيْ حُكْمِهِ وَقَوْلُهُ وَأَقْضِيَتِهِ جَمْعُ قَضَاءٍ، وَهُوَ إرَادَةُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقَةُ أَزَلًا تَنْجِيزًا، وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوَيُرَادُ بِالْإِبْرَامَاتِ تَعَلُّقَاتُهَا التَّنْجِيزِيَّةُ أَزَلًا فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ (قَوْلُهُ وَأَلْزَمَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَعْطَى أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ أَيْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وَقَوْلُهُ الْمُؤْمِنِينَ خَصَّهُمْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ الْمُنْتَفِعِينَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْكُفَّارُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَأَمَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِحِفْظِ الْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ وَمَدَحَ نَفْسَهُ وَكَثِيرًا مِنْ خَوَاصِّهِ بِالْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ وَوَصَفَ بِضِدِّ ذَلِكَ إبْلِيسَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ ذَوِي الْبُعْدِ وَالطَّرْدِ وَاسْتَخْلَصَ الْعُلَمَاءَ بِعِنَايَتِهِ وَجَمِيلِ لُطْفِهِ مِنْ غَيَاهِبِ الْجَهَالَاتِ وَجَعَلَهُمْ أُمَنَاءَ عَلَى خَلْقِهِ يَقُومُونَ بِحِفْظِ شَرِيعَتِهِ حَتَّى يُؤَدُّوا الْخَلْقَ تِلْكَ الْأَمَانَاتِ فَهُمْ مَصَابِيحُ الْأَرْضِ وَخُلَفَاءُ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ) جَمْعُ عَقْدٍ، وَهُوَ الْعَهْدُ الْمُوَثَّقُ شُبِّهَ بِعَقْدِ الْحَبْلِ وَتِلْكَ الْعُقُودُ مَا عَقَدَهَا عَلَى عِبَادِهِ أَيْ أَلْزَمَهَا إيَّاهُمْ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا فَظَهَرَ أَنَّ الْعُقُودَ مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ وَأَمَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ إشَارَةٌ إلَى مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَقَوْلُهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ إشَارَةٌ إلَى مَا أَمَرَ بِهِ فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] (قَوْلُهُ الْمَوَاثِيقِ) جَمْعُ مَوْثِقٍ كَمَجْلِسٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمِيثَاقُ الْعَهْدُ ذَكَرَهُ فِيهِ أَيْضًا فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ الْعُهُودِ تَفْسِيرًا لَهُ وَقَالَ النَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْمِيثَاقُ الْعَهْدُ الْمُحْكَمُ فَعَلَيْهِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، أَيْ أَمَرَهُمْ بِحِفْظِ مَا عَهِدَهُ إلَيْهِمْ أَيْ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ أَيْ الْقِيَامِ بِهِ فَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : جُمْلَةُ قَوْلِهِ وَأَمَرَهُمْ إلَخْ مُسَاوِيَةٌ مَعْنًى لِقَوْلِهِ وَأَلْزَمَ عِبَادَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَدَحَ نَفْسَهُ) قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 9] أَيْ الْوَعْدَ (قَوْلُهُ وَكَثِيرًا مِنْ خَوَاصِّهِ) قَدْ قَالَ فِي حَقِّ إسْمَاعِيلَ {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54] (قَوْلُهُ بِالْوَعْدِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِضِدِّ ذَلِكَ) أَيْ بِالْمُنَافِي لِذَلِكَ، وَهُوَ عَدَمُ الْوَفَاءِ فَالْمُشَارُ إلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ. (قَوْلُهُ إبْلِيسَ) مِنْ أَبْلَسَ أَيِسَ وَفِي الْقُرْآنِ {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] وَإِبْلِيسُ أَعْجَمِيٌّ وَلِهَذَا لَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَالْعَلَمِيَّةِ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ الْإِبْلَاسِ، وَهُوَ الْيَأْسُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَرَبِيًّا لَانْصَرَفَ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَقِّ إبْلِيسَ {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50] فَإِنَّ الْفُسُوقَ عَنْ أَمْرِ الرَّبِّ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ (قَوْلُهُ وَمَنْ وَافَقَهُ) فَقَالَ تَعَالَى {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة: 27] إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ ذَوِي إلَخْ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ أَيْ مِنْ أَصْحَابِ الْبُعْدِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَأَتَى بِذَوِي دُونَ أَصْحَابِ تَهَكُّمًا وَقَوْلُهُ وَالطَّرْدِ لَا يَخْفَى أَنَّ الطَّرْدَ هُوَ الْإِبْعَادُ، وَهُوَ وَصْفُ الْمَوْلَى لَا وَصْفُ إبْلِيسَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَصْدَرُ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ فَيَكُونُ وَصْفًا لَإِبْلِيسَ وَمَنْ وَافَقَهُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ إنَّمَا تَتِمُّ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْعَهْدِ الْوَعْدَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعَهْدَ مُتَضَمِّنٌ لِلْوَعْدِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَصَ الْعُلَمَاءُ) أَلْ لِلْعَهْدِ أَيْ الْعُلَمَاءِ الْمَعْهُودِينَ الَّذِينَ هُمْ حَمَلَةُ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ لِلتَّأْكِيدِ أَيْ وَخَلَصَ الْعُلَمَاءُ خُلُوصًا تَامًّا (قَوْلُهُ بِعِنَايَتِهِ) أَيْ اهْتِمَامِهِ أَيْ رَحْمَتِهِ أَيْ تَخْلِيصًا مُصَوَّرًا بِرَحْمَتِهِ أَيْ إنْعَامِهِ وَإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ وَجَمِيلِ لُطْفِهِ) أَيْ لُطْفِهِ الْجَمِيلِ أَيْ رِفْقِ اللَّهِ بِهِمْ فَهُوَ صِفَةُ فِعْلٍ (قَوْلُهُ مِنْ غَيَاهِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَخْلَصَ، وَهُوَ جَمْعُ غَيْهَبٍ، وَهُوَ الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي لِلْعَقَائِدِ وَإِضَافَتُهُ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ بِجَامِعِ التَّحَيُّرِ فِي كُلٍّ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةً أَيْ بِالْغَيَاهِبِ مِنْ الْجَهَالَاتِ فَيَكُونُ اسْتَعَارَ الْغَيَاهِبَ لِمَا عَظُمَ مِنْ الْجَهَالَاتِ وَهَذَا إشَارَةٌ لِمَدْحِ الْعِلْمِ وَقَدْ وَرَدَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَعَاظَمْ بِالْعِلْمِ» أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ عَظَّمَهُ لَا أَنَّهُ يُظْهِرُ الْفَخْرَ وَالْكِبْرَ عَلَى الْعِبَادِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ الْجَهَالَاتِ) جَمْعُ جَهَالَةٍ أَيْ الْجَهْلُ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْبَسِيطَ وَالْمُرَكَّبَ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُمْ) أَيْ الْعُلَمَاءَ (قَوْلُهُ أُمَنَاءَ عَلَى خَلْقِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِينَ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ مُكَلَّفُونَ بِالْمَنْدُوبَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِحِفْظِ شَرِيعَتِهِ) أَيْ أَحْكَامِهِ وَحِفْظُهَا الْعَمَلُ بِهَا وَتَبْلِيغُهَا وَقَوْلُهُ حَتَّى إلَخْ غَايَةٌ لِقَوْلِهِ يَقُومُونَ بِحِفْظِ شَرِيعَتِهِ فَإِذَا أَدَّوْهَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْقِيَامُ بِهَا تَبْلِيغًا (قَوْلُهُ الْخَلْقُ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ نُكْتَتُهُ شِدَّةُ الِاعْتِنَاءِ بِتِلْكَ التَّأْدِيَةِ حَيْثُ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى ضَمِيرِهِمْ بَلْ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ تِلْكَ الْأَمَانَاتِ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ أَيْضًا إذْ هِيَ الشَّرِيعَةُ الْمَأْمُورُ بِالْقِيَامِ بِحِفْظِهَا وَنُكْتَتُهُ كَمَالُ الْعِنَايَةِ بِهَا وَأَتَى بِاسْمِ الْإِشَارَةِ الْبَعِيدِ تَنْوِيهًا بِعَظَمِ شَأْنِهَا تَنْزِيلًا لِبُعْدِ دَرَجَتِهَا وَرِفْعَتِهَا مَنْزِلَةَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُؤَدُّوا الْخَلْقَ تِلْكَ الشَّرِيعَةَ إمَّا لِقَصْدِ التَّفَنُّنِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، وَهُوَ مَقْصُودٌ صَرَّحَ بِهِ هُنَا وَلَمْ يَقُلْ تِلْكَ الْأَمَانَةَ كَالْآيَةِ إشَارَةً إلَى حَثِّ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْحِفْظِ لِكَوْنِهَا فِي الْحَقِيقَةِ أَمَانَاتٍ فَكُلُّ حُكْمٍ أَمَانَةٌ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أُمَنَاءَ عَلَى خَلْقِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْخَلْقَ هُمْ نَفْسُ الْأَمَانَةِ وَقَوْلُهُ يَقُومُونَ بِحِفْظِ شَرِيعَتِهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْأَمَانَةَ نَفْسُ الشَّرِيعَةِ لَا الْخَلْقِ فَفِي الْعِبَارَةِ تَنَافٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِجَعْلِ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَالْخَلْقِ أَمَانَةً أَمَّا الشَّرِيعَةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الْخَلْقُ فَمِنْ حَيْثُ كَوْنِ الْعُلَمَاءِ مَأْمُورِينَ بِتَعْلِيمِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِتَعْلِيمِهِمْ أَمْرٌ بِحِفْظِهِمْ مِمَّا يُرْدِيهِمْ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ فَهُمْ أَمَانَةٌ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَأَشَارَ أَوَّلًا إلَى إحْدَى الْأَمَانَتَيْنِ وَهُمْ الْخَلْقُ وَأَشَارَ ثَانِيًا إلَى الْأَمَانَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الشَّرِيعَةُ (قَوْلُهُ فَهُمْ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجَعَلَهُمْ أُمَنَاءَ إلَخْ. (قَوْلُهُ مَصَابِيحُ) جَمْعُ مِصْبَاحٍ، وَهُوَ السِّرَاجُ أَيْ فَهُمْ كَالْمَصَابِيحِ فِي الْأَرْضِ بِجَامِعِ الِاهْتِدَاءِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً لِلْهُدَاةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَهُمْ الْهُدَاةُ فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يَقُلْ فَهُمْ كَالشَّمْعِ مَعَ أَنَّهُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْجُودًا عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ فَالْمِصْبَاحُ نُورُهُ عَامٌّ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَكَذَا الْعُلَمَاءُ وَلَمْ يَقُلْ كَالشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ مَعَ عُمُومِ نُورِهِمَا؛ لِأَنَّ نُورَ الْعُلَمَاءِ يَتَيَسَّرُ الِاقْتِبَاسُ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ وَكُلُّ وَقْتٍ كَالسِّرَاجِ بِخِلَافِ نُورِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (قَوْلُهُ وَخُلَفَاءُ الْأَنْبِيَاءِ) الْمُرَادُ الرُّسُلُ أَوْ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى التَّرَادُفِ، ثُمَّ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَوْ لِلْجِنْسِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ لَا الْأَصْلِيَّةِ فَالْأُمَمُ مُتَّفِقَةٌ فِيهَا وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُلَمَاءِ عُلَمَاءُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَّا لَوْ أُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ) أَيْ يَطْلُبُ الْمَغْفِرَةَ لَهُمْ أَيْ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ وَلَوْ مِمَّا كَانَ حَسَنَةً لِلْأَبْرَارِ كَمَا قِيلَ حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ (قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ وَيُحِبُّهُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ وأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا ضِدَّ لَهُ شَهَادَةً أَسْتَفْتِحُ بِمَدَدِهَا أَبْوَابَ الْجِنَانِ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ قُطْبُ دَائِرَةِ الْأَنْبِيَاءِ   [حاشية العدوي] أَيْ مِمَّنْ كَانَ ذَا رُوحٍ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْغَايَةُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْجَمَادَاتِ وَلَا مَانِعَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَخْلُقُ فِيهَا إدْرَاكًا فَتَسْتَغْفِرُ لَهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ التَّسْبِيحِ الْتِزَامًا وَقَدْ قَالَ {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّسْبِيحُ بِلِسَانِ الْمَقَالِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ سِرُّ الْحَيَاةِ سَارَ عِنْدَنَا فِي جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ (قَوْلُهُ حَتَّى الْحِيتَانُ) جَمْعُ حُوتٍ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ السَّمَكِ، ثُمَّ إنَّ حَتَّى عَاطِفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ كُلُّ شَيْءٍ وَعَطَفَ بِهَا ذَلِكَ مَعَ دُخُولِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ الْعُمُومِ لِكَوْنِهَا مُسْتَتِرَةً بِالْمَاءِ فَلَمْ تَكُنْ عَلَى ظَاهِرِ الْأَرْضِ كَبَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُسْتَغْفِرَ لَهُمْ هُوَ مَا شَارَكَهُمْ فِي الظُّهُورِ فَوْقَ الْأَرْضِ فَأَفَادَ بِذَلِكَ دَفْعُهُ (قَوْلُهُ وَيُحِبُّهُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ) أَيْ وَأَهْلُ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَيْ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ وَأَهْلُ كُلِّ أَرْضٍ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُمْ وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الْمُوجِبُ لِاقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَ قُلْت لِشِدَّةِ مَحَبَّتِهِمْ وَعِظَمِهَا إذْ هُمْ مُصَفُّونَ مِنْ الْكُدُورَاتِ الْبَشَرِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِكَرَاهَتِهِمْ سَاعَةً مَا أَوْ؛ لِأَنَّ مَحَبَّةَ أَهْلِ الْأَرْضِ فَرْعٌ عَنْ مَحَبَّةِ أَهْلِ السَّمَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إذَا أَحَبَّ عَبْدًا أَمَرَ أَهْلَ السَّمَاءِ بِمَحَبَّتِهِ فَإِذَا أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ أَحَبَّهُ أَهْلُ الْأَرْضِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ أَلْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَرْضِ لَا كُلُّهُمْ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بُغْضِ أَعْدَاءِ الدِّينِ لِلْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ أَوْ أَنَّ الْمَحَبَّةَ مَرْكُوزَةٌ فِي قُلُوبِهِمْ وَالْبُغْضُ الْحَاصِلُ مِنْهُمْ كَالْمُتَكَلَّفِ لَهُمْ، ثُمَّ مِنْ لَازِمِ الْمَحَبَّةِ الدُّعَاءُ بِالْغُفْرَانِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ. (قَوْلُهُ وَأَشْهَدَ) أَيْ أَعْتَرِفُ وَأُذْعِنُ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ عَنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ وَأَتَى بِذَلِكَ لِحَدِيثِ كُلِّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا إلَهَ إلَخْ) أَيْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ مَوْجُودٌ وَأَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الثَّقِيلَةِ لَا مُفَسِّرَةٌ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَبَرُهَا وَوَحْدَهُ حَالٌ اُخْتُلِفَ فِي صَاحِبِهَا هَلْ هُوَ اللَّهُ وَالضَّمِيرُ فِي الْخَبَرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ وَعَلَى الثَّانِي فَهِيَ مُؤَسِّسَةٌ (قَوْلُهُ وَحْدَهُ) حَالٌ مِنْ اللَّهِ أَيْ مُتَوَحِّدًا فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَهِيَ حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ لَا شَرِيكَ لَهُ أَيْ فِي الْأَفْعَالِ وَقَوْلُهُ وَلَا ضِدَّ لَهُ أَيْ لَا مُضَادَّ لَهُ أَيْ لَا مُنَازِعَ لَهُ أَيْ يُرِيدُ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّهُ أَيْ يَقُومَ مَقَامَهُ وَلَا يُرِيدُ الْمُشَارَكَةَ وَقَوْلُهُ شَهَادَةً مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لِلنَّوْعِ لِقَوْلِهِ أَشْهَدُ وَقَوْلُهُ أَسْتَفْتِحُ أَيْ أَطْلُبُ الْفَتْحَ بِمَدَدِهَا أَيْ بِمَا تَمُدُّهُ مِنْ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ. (قَوْلُهُ أَبْوَابَ الْجِنَانِ) الثَّمَانِيَةَ هِيَ بَابُ الصَّلَاةِ وَبَابُ الزَّكَاةِ وَبَابُ الصِّيَامِ وَبَابُ الْجِهَادِ وَبَابُ التَّوْبَةِ وَبَابُ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَبَابُ الرَّاضِينَ أَيْ عَنْ اللَّهِ فِي أَحْكَامِهِ وَالْبَابُ الْأَيْمَنُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنْ حَاشِيَةِ مُسْلِمٍ لِلسُّيُوطِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ بَابَ الْحَجِّ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَا كَانَ مَبْرُورًا وَذَلِكَ نَادِرٌ فَتَدَبَّرْ، فَإِنْ قُلْت قَدْ عَلِمْنَا مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابَ تِلْكَ الْأَبْوَابِ وَأَنَّهُمْ أُنَاسٌ مَخْصُوصُونَ لَا كُلُّ مَنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَاحَظَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُلْت الْمَعْنَى أَنَّهَا تُفْتَحُ لَهُ إكْرَامًا لَهُ وَلَكِنْ لَا يَشَاءُ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا مِنْ الْبَابِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ إذَا قَالَ آخِرَ الْوُضُوءِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إلَخْ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّ لَهَا أَبْوَابًا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلَا تَنَافِي؛ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ هِيَ الْكَبِيرَةُ الْمَشْهُورَةُ وَمِنْ دَاخِلِ كُلِّ بَابٍ صِغَارٌ دُونَهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ. ثُمَّ إنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْجِنَانِ يُفِيدُ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ سَبْعٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ أَرْبَعٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ سَبْعٌ مُتَجَاوِرَةٌ أَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا الْفِرْدَوْسُ، وَهُوَ أَعْلَاهَا وَفَوْقَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ أَيْ هُوَ سَقْفُهَا؛ وَلِهَذَا كَانَ مَسْكَنُ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنْهَا تَنْفَجِرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَجَنَّةُ الْمَأْوَى وَجَنَّةُ الْخُلْدِ وَجَنَّةُ النَّعِيمِ وَجَنَّةُ عَدْنٍ وَدَارُ السَّلَامِ وَدَارُ الْخُلْدِ وَعِبَارَةٌ أُخْرَى وَالْجِنَانُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَبْعٌ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ وَجَنَّةُ عَدْنٍ وَجَنَّةُ النَّعِيمِ وَدَارُ الْخُلْدِ وَجَنَّةُ الْمَأْوَى وَدَارُ السَّلَامِ وَعِلِّيُّونَ وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَرَاتِبُ وَدَرَجَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِ الْأَعْمَالِ وَالْعَمَلِ، ثُمَّ نَقُولُ إنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ عَلَى الْآحَادِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لِكُلِّ جَنَّةٍ الْأَبْوَابَ الثَّمَانِيَةَ (قَوْلُهُ سَيِّدَنَا إلَخْ) السَّيِّدُ هُوَ الْكَامِلُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ وَقِيلَ الْعَزِيزُ الشَّرِيفُ (قَوْلُهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) قَدَّمَ الْعَبْدَ لِمَا قِيلَ أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ أَشْرَفُ الصِّفَاتِ وَهِيَ الرِّضَا بِفِعْلِ الرَّبِّ وَامْتِثَالًا لِمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنْ قُولُوا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَلِأَنَّهُ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ وَمِنْ ثَمَّ وَصَفَهُ بِهِ فِي أَشْرَفِ الْمَقَامَاتِ فَذَكَرَهُ فِي إنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا وَفِي مَقَامِ الدَّعْوَةِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ وَفِي مَقَامِ الْإِسْرَاءِ وَالْوَحْيِ أَسْرَى بِعَبْدِهِ فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى فَلَوْ كَانَ لَهُ وَصْفٌ أَشْرَفُ مِنْهُ لَذَكَرَهُ بِهِ فِي الْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ وَقَالَ وَرَسُولُهُ دُونَ نَبِيِّهِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ أَخَصُّ وَلِأَنَّ رِسَالَةَ النَّبِيِّ أَفْضَلُ مِنْ نُبُوَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَخَلِيلُهُ) مِنْ الْخَلَّةِ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الْحَاجَةُ أَيْ أَنَّهُ شَدِيدُ الِافْتِقَارِ إلَى مَوْلَاهُ فَلَمْ يَنْظُرْ إلَى مَنْ سِوَاهُ وَقَصَرَ حَاجَتَهُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ الْخُلَّةِ بِالضَّمِّ وَهِيَ صَفَاءُ الْمَوَدَّةِ فَالْمَعْنَى وَاَلَّذِي يُحِبُّ مَوْلَاهُ مَحَبَّةً خَالِصَةً صَافِيَةً لَا يُخَالِطُهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَغْيَارِ مَحَبَّةً لَمْ تُوجَدْ فِيمَنْ سِوَاهُ وَلَمْ تَطْرُقْ سَاحَةَ أَحَدٍ مِمَّنْ عَدَاهُ (قَوْلُهُ قُطْبُ دَائِرَةِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ) الدَّائِرَةُ هِيَ الْخَطُّ الْمُحِيطُ الَّذِي فِي وَسَطِهِ نُقْطَةٌ تُسَمَّى قُطْبَهَا بِحَيْثُ إنَّ كُلّ خَطٍّ خَرَجَ مِنْ تِلْكَ النُّقْطَةِ وَاتَّصَلَ بِتِلْكَ الدَّائِرَةِ يَكُونُ مُسَاوِيًا لِمَا عَدَاهُ مِنْ الْخُطُوطِ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِلدَّائِرَةِ وَلَا اسْتِقَامَةَ لَهَا إلَّا بِتِلْكَ النُّقْطَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ تَوَسُّطًا حَقِيقِيًّا كَمَا قُلْنَا فَإِذَنْ تَكُونُ الدَّائِرَةُ مُسْتَعَارَةً لِجَمَاعَةٍ وَلَفْظُ قُطْبٍ مُسْتَعَارٌ لِأَصْلٍ، ثُمَّ وَصَفَ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ أَسَدٌ عَلَى طَرِيقَةِ سَعْدِ الدِّينِ ثُمَّ تَكُونُ إضَافَةُ دَائِرَةٍ لِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 وَالْمُرْسَلِينَ وَطِرَازُ عِصَابَةِ أَهْلِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَشِيعَتِهِ وَحِزْبِهِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ (أَمَّا بَعْدُ) فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ وَأَوْلَى مَا أُنْفِقَتْ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَوْقَاتِ خُصُوصًا عِلْمَ الْفِقْهِ الْعَذْبِ الزُّلَالِ الْمُتَكَفِّلِ بِبَيَانِ الْحَرَامِ مِنْ الْحَلَالِ وَقَدْ كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَهْلًا وَحَقِيقًا بِذَلِكَ وَكَانَ أَعْظَمَ مَا صُنِّفَ فِيهِ مِنْ الْمُخْتَصَرَاتِ وَأَغْنَى عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ مُخْتَصَرُ مَوْلَانَا أَبِي الضِّيَاءِ خَلِيلِ بْنِ إِسْحَاقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -   [حاشية العدوي] بَعْدَهَا لِلْبَيَانِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَصْلُ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ هُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ فَكَمَا لَا وُجُودَ لِلدَّائِرَةِ إلَّا بِتِلْكَ النُّقْطَةِ لَا وُجُودَ لِلْجَمَاعَةِ الْمُبَيَّنِينَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ إلَّا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْلَا وُجُودُهُ مَا وُجِدُوا وَمَا خُلِقَ الْكَوْنُ إلَّا مِنْ أَجْلِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَصَالَةِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ أَيْ كَالْقُطْبِ لِلدَّائِرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْمُرْسَلِينَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. (قَوْلُهُ وَطِرَازُ عِصَابَةِ) الطِّرَازُ عَلَمُ الثَّوْبِ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تُجُوِّزَ بِطِرَازٍ عَنْ مُزَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ التَّزَيُّنُ فَيَكُونُ مَجَازًا مُرْسَلًا عَلَاقَتُهُ اللُّزُومُ ثُمَّ أُرِيدَ بِهِ مُزَيِّنٌ تَجَوُّزًا مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَفَ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَكُونُ شَبَّهَ عِصَابَةَ أَيْ جَمَاعَةَ أَهْلِ اللَّهِ بِثَوْبٍ فَكَمَا أَنَّ زِينَةَ الثَّوْبِ بِطِرَازِهِ كَذَلِكَ زِينَةُ أَهْلِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ شِئْت قُلْت أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أَيْ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالطِّرَازِ بِالنِّسْبَةِ لِعِصَابَةِ أَهْلِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ وَإِضَافَةُ عِصَابَةٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ فَتَدَبَّرْ وَالْمُقَرَّبِينَ إمَّا وَصْفٌ كَاشِفٌ أَوْ مُخَصِّصٌ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِ اللَّهِ مَا يَشْمَلُ الْأَبْرَارَ وَالْمُقَرَّبِينَ (قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ) جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى (قَوْلُهُ وَصَحْبِهِ) جَمْعُ صَاحِبٍ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ قَوْلَانِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَشِيعَتِهِ) أَتْبَاعِهِ وَأَنْصَارِهِ وَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَحِزْبِهِ) جَمَاعَتِهِ فَيَكُونُ عَيَّنَ شِيعَتَهُ عَلَى مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ دَائِمَيْنِ) أَيْ إنَّ اللَّهَ يُصَلِّي عَلَيْهِ صَلَاةً دَائِمَةً وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَيْ يُعَظِّمُهُ تَعْظِيمًا دَائِمًا وَيُحَيِّيهِ تَحِيَّةً دَائِمَةً (قَوْلُهُ مُتَلَازِمَيْنِ) أَيْ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ إلَى يَوْمِ الدِّينِ أَيْ يَوْمِ الْجَزَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يُجْزَى النَّاسُ فِيهِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، ثُمَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الدَّوَامِ لَا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَعْظِيمُهُ وَلَوْ فِي الْقِيَامَةِ أَوْ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ) الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَأَقُولُ إلَخْ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا (قَوْلُهُ بِالْعِلْمِ) أَيْ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَآلَاتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ) أَيْ الطَّاعَةِ الْمَنْدُوبَةِ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْعِ الْقَاصِرِ خَلَا الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا الرَّوَاتِبُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالَ يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يُدِيمَ عَلَى الرَّوَاتِبِ وَالطَّاعَةُ هِيَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ عَرَفَ الْمُطَاعُ أَوْ لَا كَالنَّظَرِ الْمُؤَدِّي لِمَعْرِفَتِهِ وَالْقُرْبَةِ هِيَ مَا تَوَقَّفَ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْعِبَادَةِ مَا تَوَقَّفَ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى) مَعْطُوفٌ عَلَى أَفْضَلِ (قَوْلُهُ نَفَائِسَ الْأَوْقَاتِ) أَيْ الْأَوْقَاتِ النَّفِيسَةِ أَيْ الْمَرْغُوبِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا ظَرْفًا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا يُعِينُ عَلَيْهَا فَإِذَنْ هُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ وَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ شَبَّهَ الْأَوْقَاتِ بِمَا يُنْفَقُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ فِي النَّفَسِ وَإِثْبَاتُ الْإِنْفَاقِ تَخْيِيلٌ أَوْ أَنَّ إضَافَتَهُ نَفَائِسَ لِلْأَوْقَاتِ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَأَرَادَ بِالنَّفَائِسِ مَا كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ كَمَا هُوَ الْحَقِيقَةُ وَرُبَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَالْإِنْفَاقُ تَرْشِيحٌ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ عِلْمَ الْفِقْهِ) أَيْ أَخُصُّ عِلْمَ الْفِقْهِ خُصُوصًا وَإِضَافَةُ عِلْمٍ إلَى الْفِقْهِ لِلْبَيَانِ لَا بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْبَيَانِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ كَخَاتَمِ حَدِيدٍ. (قَوْلُهُ الْعَذْبِ) الْعَذْبُ وَالزُّلَالُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى مَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ وَعَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ فَالزُّلَالُ أَخَصُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْعَذْبُ الْبَارِدُ الصَّافِي السَّهْلُ السَّلِسُ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ أَيْ كَالْمَاءِ الْعَذْبِ الزُّلَالِ أَوْ تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ الْمُتَشَوِّفَةِ إلَيْهِ النَّفْسُ لِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْعَذْبُ يَلْزَمُهُ التَّشَوُّفِ فَتَأَمَّلْ إنْ كُنْت ذَا تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ الْمُتَكَفِّلِ) أَيْ الْمُشْتَمِلِ فَشَبَّهَ اشْتِمَالَهُ عَلَى بَيَانِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِتَكَفُّلِ إنْسَانٍ لِإِنْسَانٍ فِي مَالٍ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ إلَى الْمُشَبَّهِ وَاشْتُقَّ مِنْ التَّكَفُّلِ مُتَكَفِّلٌ بِمَعْنَى الْمُشْتَمِلِ أَوْ أَنَّهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ (قَوْله بِبَيَانِ) أَيْ تَبْيِينِ الْحَلَالِ وَأَرَادَ بِهِ مَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ فَيَشْمَلُ مَا عَدَا الْحَرَامِ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ وَقَدْ كَانَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَدْ لِتَقْرِيبِ الْمَاضِي مِنْ الْحَالِ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ وَقَدْ لِلتَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقًا) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ مُسْتَحِقًّا لِلْوَصْفِ بِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ قَصْدُهُ إذَنْ تَمْيِيزُ مَذْهَبِهِ بِمَزِيَّةٍ لَمْ تُوجَدْ فِيمَا سِوَاهُ كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ أَهْلٌ لِلتَّدْرِيسِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِصِفَتِهِ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ ذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ تُضْرَبْ أَكْبَادُ الْإِبِلِ لِأَحَدٍ مِثْلَ مَا ضُرِبَتْ لَهُ فَكَثُرَ عِلْمُهُ فِي الْأَقْطَارِ وَبُثَّ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَكَانَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَهْلًا وَحَقِيقًا بِذَلِكَ أَوْ لِمَا عُلِمَ مِنْ كَوْنِ مَذْهَبِهِ سَدُّ الذَّرَائِعِ. (قَوْلُهُ أَعْظَمَ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ مُخْتَصَرٌ اسْمُهَا مُؤَخَّرٌ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ أَنَّ أَعْظَمَ اسْمُهَا وَقَوْلُهُ مُخْتَصَرَ خَبَرٌ بِادِّعَاءِ أَنَّ هَذَا الْأَعْظَمَ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ فِي النُّفُوسِ مُسْتَحْضَرٌ فِيهَا وَالْمَحْكُومُ بِهِ هَلْ هُوَ هَذَا الْمُخْتَصَرُ أَوْ غَيْرُهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ الْمُخْتَصَرُ (قَوْلُهُ وَأَغْنَى) مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ أَيْ وَأَخْبَرَ بِأَنَّ مُخْتَصَرَ مَوْلَانَا أَبِي الضِّيَاءِ أَعْظَمُ مَا صُنِّفَ فِيهِ مِنْ الْمُخْتَصَرَاتِ وَمِنْ لِلْبَيَانِ مَشُوبَةٌ بِتَبْعِيضٍ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ أَغْنَى عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ (قَوْلُهُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُغْنِ عَنْ الْكُلِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِفَوَاتِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا الْمَوْجُودَةِ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَاتِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْمُخْتَصَرُ مُغْنِيًا عَنْهَا وَأَرَادَ بِالْمُطَوَّلِ الْمُطْنَبَ، وَهُوَ مَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِيهِ لِفَائِدَةٍ لَا مَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِيهِ غَيْرَ مَعِيشَةٍ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ كَقَوْلِهِ وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنَا (قَوْلُهُ مَوْلَانَا) الْمَوْلَى النَّاصِرُ كَذَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَأَرَادَ بِهِ مَعْنَى السَّيِّدِ أَيْ الْكَامِلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ نَاصِرُنَا أَيْ نَاصِرُ مَذْهَبِنَا أَوْ دِينِنَا (قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 فَكَمْ كَشَفَ عَنْ مُعْضِلَاتٍ وَأَبْرَدَ الْغَلِيلَ وَقَدْ وَضَعْت عَلَيْهِ شَرْحًا يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ يَحْتَوِي عَلَى تَقْيِيدَاتِهِ وَفَوَائِدَ يَصْعُبُ فَهْمُهَا عَلَى الْمُبْتَدَئِينَ وَغَيْرِ الْمُمَارِسِينَ، ثُمَّ أَدْرَكَتْنِي رَحْمَةُ الضِّعَافِ فَثَنَى عِنَانَ الْقَلَمِ إلَيْهِمْ حُبُّ الْإِسْعَافِ حِينَ طَلَبَ مِنِّي جَمَاعَةٌ مِنْ الْإِخْوَانِ وَجُمْلَةٌ مِنْ الْخِلَّانِ شَرْحًا آخَرَ لَا يَكُونُ قَاصِرًا عَنْ إفَادَةِ الْقَاصِرِينَ خَالِيًا عَنْ الْإِطْنَابِ وَعَمَّا يَصْعُبُ فَهْمُهُ مِنْ الْإِيجَازِ عَلَى الْمُبْتَدَئِينَ لِيَعُمَّ نَفْعُهُ الْعِبَادَ وَيَتَعَاطَاهُ الْحَضَرِيُّ وَالْبَادِ فَأَجَبْتهمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَكَمْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَعْظَمَ وَهِيَ خَبَرِيَّةٌ لِلتَّكْثِيرِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَشَفَ عَنْ مُعْضِلَاتٍ كَشْفًا كَثِيرًا (قَوْلُهُ مُعْضِلَاتٍ) قَالَ يَاسِينُ مُعْضِلَاتٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ أَمْرٌ مُعْضِلٌ لَا يُهْتَدَى لِوَجْهِهِ اهـ. وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى الْكَسْرِ وَفِي الْقَامُوسِ فِيمَا رَأَيْته مِنْ نُسْخَةٍ يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ بِضَبْطِ الْقَلَمِ بِكَسْرَةٍ تَحْتَ الضَّادِ. (قَوْلُهُ وَأَبْرَدَ الْغَلِيلَ إلَخْ) الْغَلِيلُ الْعَطَشُ أَوْ شِدَّتُهُ أَوْ حَرَارَةُ الْجَوْفِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ شَبَّهَ التَّحَيُّرَ وَالْقَلَقَ الَّذِي يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ حِينَ لَا يُدْرِكُ مَا يُرِيدُهُ مِنْ مَسَائِلِ الْعِلْمِ بِالْغَلِيلِ بِأَيِّ مَعْنًى كَانَ وَالْجَامِعُ ظَاهِرٌ وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَقَوْلُهُ أَبْرَدَ أَيْ صَيَّرَهُ بَارِدًا، وَهُوَ تَرْشِيحٌ أَوْ مُسْتَعَارٌ لَازَالَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَدْ وَضَعْت) شُرُوعٌ فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِهَذَا الشَّرْحِ مَعَ وُجُودِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ) أَرَادَ بِهِ بَيَانَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِعْرَابِ وَيُفْهَمُ الْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ لَا خُصُوصِ الْأَوَّلِ وَإِسْنَادُ الْحِلِّ لِلشَّرْحِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي إسْنَادِهِ لِلشَّخْصِ وَإِيقَاعُ الْحِلِّ عَلَى الْأَلْفَاظِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي إيقَاعِهِ عَلَى عَقْدِ الْحَبْلِ أَوْ شَبَّهَ الْأَلْفَاظَ بِحَبْلٍ مُعَقَّدٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَيَحِلُّ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ تَقْيِيدَاتِهِ) جَمْعُ تَقْيِيدٍ بِمَعْنَى مُقَيِّدَاتِهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ وَفَوَائِدَ) جَمْعُ فَائِدَةٍ وَهِيَ لُغَةً مَا حَصَّلْته مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَعُرْفًا الْمَصْلَحَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ثَمَرَتُهُ وَنَتِيجَتُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُبْتَدَئِينَ) جَمْعُ مُبْتَدِئٍ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَصِلْ إلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ دُونَ اسْتِنْبَاطِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَهِي مَنْ وَصَلَ لِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدَرَ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرِ الْمُمَارِسِينَ مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ أَيْ وَغَيْرِ الْمُعَالِجِينَ أَيْ الَّذِينَ كَثُرَتْ مُطَالَعَتُهُمْ وَقِرَاءَتُهُمْ فِي الْفَنِّ (قَوْلُهُ أَدْرَكَتْنِي رَحْمَةُ الضِّعَافِ) أَيْ لَحِقَتْنِي وَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ شَبَّهَ رِقَّتَهُ عَلَى الضِّعَافِ فِي الْعِلْمِ بِفَارِسٍ مَثَلًا طَلَبَ إنْسَانًا لِأَمْرٍ مَا فَأَسْرَعَ إلَيْهِ فَلَحِقَهُ إشَارَةً إلَى سُرْعَةِ هَذِهِ الرِّقَّةِ فَإِذَنْ تَكُونُ ثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ وَالضِّعَافُ جَمْعُ ضَعِيفٍ أَيْ فِي الْعِلْمِ (قَوْلُهُ فَثَنَى إلَخْ) ثَنَّى الشَّيْءَ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ أَيْ تَرْجِيعَ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ فَأَطْلَقَهُ هُنَا عَلَى مُطْلَقِ التَّرْجِيعِ فَقَدْ ارْتَكَبَ التَّجْرِيدَ (قَوْلُهُ عِنَانَ الْقَلَمِ) الْعِنَانُ هُوَ مَا تُقَادُ بِهِ الدَّابَّةُ فَقَدْ شَبَّهَ الْقَلَمَ بِدَابَّةٍ ذَاتِ عِنَانٍ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْعِنَانِ تَخْيِيلٌ أَوْ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ أَيْ الْقَلَمِ الشَّبِيهِ بِالْعِنَانِ فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي كُلٍّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى مَا يُنَاسِبُ حَالَهُمْ مِثْلَ هَذَا الشَّرْحِ وَقَوْلُهُ حُبُّ الْإِسْعَافِ فَاعِلٌ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ أَوْ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَالْإِسْعَافُ تَبْلِيغُ الْمَقْصُودِ أَيْ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوَجِّهًا عِنَانَ الْقَلَمِ لِغَيْرِهِمْ أَيْ لِغَيْرِ مُرَادِهِمْ رَجَّعَ حُبَّ الْإِسْعَافِ عِنَانَ الْقَلَمِ إلَيْهِمْ أَيْ إلَى مُرَادِهِمْ وَقَوْلُهُ حِينَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ أَدْرَكَتْنِي إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَةِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ حِينَ الطَّلَبِ شَرَعَ فِي تَأْلِيفِ هَذَا الشَّرْحِ فَيُنَكَّدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَأَجَبْتهمْ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لَمَّا كَانَ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ حِينَ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَخِيبُ سَائِلُهُ نُزِّلَ مَنْزِلَ الْوَاقِعِ بِالْفِعْلِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] الْآيَةَ. (قَوْلُهُ طَلَبَ مِنِّي) لَمْ يَقُلْ الْتَمَسَ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ الْمَوْلَى فِي أَنَّهُ صَارَ أَهْلًا لَأَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ وَالْإِخْوَانُ جَمْعُ أَخٍ غَلَبَ فِي الْأَصْحَابِ دُونَ إخْوَةٍ بِخِلَافِ إخْوَةٍ فَهُوَ غَالِبٌ فِيمَنْ كَانَ مِنْ النَّسَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ إخْوَانَ وَإِخْوَةٍ جَمْعُ أَخٍ إلَّا أَنَّ إخْوَانَ غَلَبَ فِي الْأَصْحَابِ وَإِخْوَةً غَلَبَ فِي النَّسَبِ (قَوْلُهُ وَجُمْلَةٌ) مُرَادِفٌ لِجَمَاعَةٍ وَغَايَرَ دَفْعًا لِلثِّقَلِ الْحَاصِلِ مِنْ تَكْرَارِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ الْخُلَّانِ) بِضَمِّ الْخَاءِ جَمْعُ خَلِيلٍ وَمَصْدُوقُ الْإِخْوَانِ مَصْدُوقُ الْخُلَّانِ فَهُمْ مَوْصُوفُونَ بِأَنَّهُمْ خُلَّانُ وَإِخْوَانُ أَوْ أَرَادَ بِالْخُلَّانِ مَعْنًى أَخَصَّ مِنْ الْإِخْوَانِ، وَهُوَ مَنْ اشْتَدَّتْ مَحَبَّتُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَرْتَبَةِ الْخُلَّةِ الَّتِي هِيَ صَفَاءُ الْمَوَدَّةِ (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ قَاصِرًا) وَصْفٌ ثَانٍ لِشَرْحًا (قَوْلُهُ الْقَاصِرِينَ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُبْتَدِئِينَ أَيْ بِخُلُوِّهِ عَنْ الْإِطْنَابِ وَعَمَّا يَصْعُبُ فَهْمُهُ مِنْ الْإِيجَازِ فَقَوْلُهُ خَالِيًا وَصْفٌ ثَالِثٌ كَالْعِلَّةِ لِلْوَصْفِ الثَّانِي أَوْ حَالٌ مِنْ اسْمٍ يَكُونُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ الْإِطْنَابِ) الْإِتْيَانُ بِالْكَلَامِ الْكَثِيرِ لِفَائِدَةٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِفَائِدَةٍ فَهُوَ تَطْوِيلٌ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَقَوْلِهِ وَإِلْفِي قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنَا وَإِلَّا كَانَ حَشْوًا كَقَوْلِهِ وَاعْلَمْ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ فَقَبْلَهُ حَشْوٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لِلزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَيْنٍ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ فِي مَنْزِلَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِطْنَابَ مِنْ صِفَةِ الْمُؤَلِّفِ لَا مِنْ صِفَةِ الشَّرْحِ فَلْيُؤَوَّلْ الْإِطْنَابُ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْكَلَامُ الْمُطْنَبُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ مِنْ الْإِيجَازِ وَمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ الْإِيجَازِ لِلتَّبْعِيضِ لَا بَيَانِيَّةٌ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْإِيجَازَ جَمِيعُ أَفْرَادِهِ يَصْعُبُ فَهْمُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُبْتَدِئِينَ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ الْقَاصِرُونَ (قَوْلُهُ لِيَعُمَّ نَفْعُهُ الْعِبَادَ) تَعْلِيلٌ لِطَلَبِ الشَّرْحِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ عُمُومَ نَفْعِهِ بِالْخُلُوِّ عَنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ الْعِبَادَ) أَيْ الْمُبْتَدِئَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمُنْتَهِي، ثُمَّ نَفْعُهُ الْمُبْتَدِئَ ظَاهِرٌ وَالْمُنْتَهِي وَمِثْلُهُ الْمُتَوَسِّطُ بِالْمُذَاكَرَةِ مَعَ الْإِخْوَانِ وَتَذْكَارُ مَا قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ الْحَضَرِيُّ) خِلَافُ الْبَادِي وَأَرَادَ بِالْحَضَرِيِّ مَا يَشْمَلُ الْقَرَوِيَّ (فَأَجَبْتهمْ إلَخْ) أَتَى بِالْفَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ أَجَابَهُمْ فَوْرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 إلَى ذَلِكَ وَاثِقًا بِإِقْدَارِ الْكَرِيمِ الْمَالِكِ وَهَا أَنَا أَشْرَعُ فِي الْمُرَادِ رَاقِمًا لِلشَّرْحِ (ش) وَلِلْأَصْلِ (ص) فَأَقُولُ وَمِنْ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ عَلَى حُصُولِ الْمَأْمُولِ (ص) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (ش) افْتَتَحَ كِتَابَهُ بِالْبَسْمَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَالْإِجْمَاعِ لِافْتِتَاحِ الْكِتَابِ بِهَا وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ فَهُوَ أَبْتَرُ أَوْ أَقْطَعُ أَوْ أَجْذَمُ» أَيْ نَاقِصٌ وَقَلِيلُ الْبَرَكَةِ وَالْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَاثِقًا) حَالٌ مِنْ التَّاءِ فِي أَجَبْت وَقَوْلُهُ بِإِقْدَارِ أَيْ بِكَوْنِهِ يُقَدِّرُنِي أَيْ يُعْطِينِي قَدْرَهُ أَيْ لَا وَاثِقًا بِعِلْمِي وَفَهْمِي (قَوْلُهُ الْكَرِيمِ الْمَالِكِ) لَمَّا كَانَ الْإِقْدَارُ الْمَذْكُورُ نِعْمَةً وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ كَرِيمٍ مَالِكٍ لَا مِنْ خِلَافِهِ مِمَّنْ عُدِمَ فِيهِ الْوَصْفَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَهَا أَنَا أَشْرَعُ إلَخْ) فِيهِ شُذُوذٌ حَيْثُ أَدْخَلَ هَا التَّنْبِيه وَلَيْسَ الْخَبَرُ اسْمَ إشَارَةٍ (قَوْلُهُ رَاقِمًا) حَالٌ، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَعْمُولُهُ ص وش أَيْ رَاقِمًا عَلَامَةَ الشَّرْحِ ش مُخْتَصَرَةً مِنْ لَفْظِ الشَّارِحِ وص مُخْتَصَرَةٌ مِنْ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ قِرَاءَتُهُ بِالْمُسَمَّى لَا بِالِاسْمِ وَفَعَلَ ذَلِكَ شَفَقَةً عَلَى فُقَرَاءِ الْكَتَبَةِ فِي ثَمَنِ الْمِدَادِ الْأَحْمَرِ (قَوْلُهُ فَأَقُولُ) مَقُولُ الْقَوْلِ افْتَتَحَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْمُولَهُ ص إلَخْ أَيْ فَأَقُولُ الْمُصَنِّفُ قَالَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَالْمُصَنِّفُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ وَمِنْ اللَّهِ أَيْ وَالْحَالُ أَنِّي أَسْتَمِدُّ مِنْ اللَّهِ أَيْ لَا أَطْلُبُ الْمَدَدَ إلَّا مِنْ اللَّهِ، وَهُوَ الْفَهْمُ الصَّائِبُ (قَوْلُهُ عَلَى حُصُولِ الْمَأْمُولِ) أَيْ لِأَجْلِ حُصُولِ الْمَأْمُولِ أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ اسْتَمَدَّ مَعْنَى التَّقَوِّي (قَوْلُهُ بِالْبَسْمَلَةِ) هِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ بَسْمَلَ إذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ إلَّا أَنَّهَا صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (قَوْلِهِ اقْتِدَاءً) أَيْ لِأَجْلِ الِاقْتِدَاءِ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اُبْتُدِئَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِنَا وَالْكِتَابُ هُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ كَتَبَ (قَوْلُهُ الْعَزِيزِ) أَيْ الْعَدِيمِ الْمِثَالِ فَيَكُونُ مِنْ أَسْمَاءِ التَّنْزِيهِ أَوْ الْقَوِيِّ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ كُلَّ مَنْ يُرِيدُ مُعَارَضَتَهُ فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ) جَمْعُ أَثَرٍ وَالْأَثَرُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَرْوِيِّ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ الصَّحَابِيِّ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُخْتَارُ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فَقَوْلُهُ النَّبَوِيَّةِ نِسْبَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَصَّصَةً. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ أَيْ وَعَمَلًا بِالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى حَدِّ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا أَيْ وَسَقَيْتهَا إذْ الْآثَارُ النَّبَوِيَّةُ يُنَاسِبُهَا الْعَمَلُ لَا الِاقْتِدَاءُ وَقَوْلُهُ وَالْإِجْمَاعُ أَيْ وَعَمَلًا بِمُقْتَضَى إجْمَاعِهِمْ الْفِعْلِيِّ (قَوْلُهُ لِافْتِتَاحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ اقْتِدَاءً إلَخْ. وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْآثَارِ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ أَبْتَرُ وَأَقْطَعُ وَأَجْذَمُ أَوْ أَرَادَ جِنْسَ الْآثَارِ الْمُتَحَقِّقِ فِي وَاحِدٍ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ مَا يَرْجِعُ لِلْإِجْمَاعِ فَيَقُولُ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ ذِي بَالٍ إلَخْ) أَيْ حَالٍ يَهْتَمُّ بِهِ شَرْعًا أَوْ قَلْبٍ تَشْبِيهًا بِذِي قَلْبٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ أَعْنِي ذِكْرَ الْمُشَبَّهِ، وَهُوَ هُنَا الْأَمْرُ وَشَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ هُنَا الْقَلْبُ أَوْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِشَرَفِهِ كَأَنَّهُ مَلَكَ قَلْبَ صَاحِبِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِهِ فَنُسِبَ إلَيْهِ وَقَالَ ذِي وَلَمْ يَقُلْ كُلُّ أَمْرٍ صَاحِبُ بَالٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ بِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِذِي أَبْلَغَ مِنْ الْوَصْفِ بِصَاحِبٍ فَإِنَّ ذِي تُضَافُ لِلتَّابِعِ فَتَكُونُ هِيَ الْمَتْبُوعَةُ وَصَاحِبُ يُضَافُ إلَى الْمَتْبُوعِ فَيَكُونُ تَابِعًا تَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَاحِبُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا ذُو فَتَقُولُ ذُو الْمَالِ وَذُو الْفَرَسِ فَتَجِدُ الْأَوَّلَ مَتْبُوعًا (قَوْلُهُ لَا يُبْدَأُ فِيهِ) أَيْ لَا يُبْدَأُ بِبِسْمِ اللَّهِ فِيهِ فَالْبَاءُ صِلَةُ يُبْدَأُ وَفِيهِ نَائِبُ الْفَاعِلِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَيَكُونُ كَرِوَايَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَأُورِدُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُضِيفَتْ إلَى مَعْرِفَةٍ تَعُمُّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى كُلُّ أَمْرٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِجَمِيعِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَهَذَا عَسِرٌ جِدًّا وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ النَّكِرَةُ إذَا أُضِيفَتْ إلَى مَعْرِفَةٍ تَعُمُّ أَنَّهَا تَصْلُحُ لِلْعُمُومِ إذَا دَلَّ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ. وَالْقَرِينَةُ هَاهُنَا قَائِمَةٌ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ إذْ الْعُسْرُ مُنْتَفٍ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِزِيَادَةِ الْبَاءِ وَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْفَاءُ وَالضَّمِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ رِوَايَةُ أَبْتَرُ فَهِيَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» فَهِيَ بِبَاءَيْنِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَكَذَا رِوَايَةُ بَعْضِهِمْ وَنَسَبَهُ لِلْخَطِيبِ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقْطَعُ» بِدُونِ الْفَاءِ وَالضَّمِيرِ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ الرَّهَاوِيِّ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَجْذَمُ» وَالْأَبْتَرُ لُغَةً مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الذَّنْبِ وَلَا ذَنْبَ لَهُ وَالْأَقْطَعُ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا وَالْأَجْذَمُ لُغَةً مَنْ بِهِ الدَّاءُ الْمَعْرُوفُ وَقِيلَ مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُ كَفَّيْهِ وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ مُسَاوِيًا لِأَقْطَعَ. وَأَمَّا الْقَامُوسُ فَقَدْ فَسَّرَهُ بِمَنْ بِهِ الدَّاءُ الْمَعْرُوفُ وَبِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَطْلَقَ كُلٌّ مِنْهَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا قَلَّتْ بَرَكَتُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَوْ فُقِدَتْ كَمَا قَالَ آخَرُ تَشْبِيهًا لَهُ بِمَا فَقَدَ ذَنَبَهُ الَّذِي تَكْمُلُ بِهِ خِلْقَتُهُ أَوْ بِمَنْ فَقَدَ يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ يَعْتَمِدُ بِهِمَا فِي الْبَطْشِ وَمُحَاوَلَةُ التَّحْصِيلِ أَوْ بِمَنْ فَقَدْ أَصَابِعَهُ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَا يَرُومُ تَحْصِيلَهُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ إمَّا مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ أَوْ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ لِنَاقِصٍ وَقَلِيلِ الْبَرَكَةِ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ أَسَدٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ نَاقِصٌ وَقَلِيلُ الْبَرَكَةِ إمَّا أَنَّهُ الْمُسْتَعَارُ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَإِمَّا حَاصِلُ الْمَعْنَى عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ فَنَقُولُ شَبَّهَ الَّذِي لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ بِالنَّاقِصِ الْخِلْقَةِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَأَطْلَقَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى الْمُشَبَّهِ فَتَكُونُ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ إلَّا أَنْ يُلَاحَظَ خُصُوصُ الصِّفَةِ الَّتِي هِيَ الْبَتْرُ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَدْلُولَ الْوَصْفِ الصِّفَةُ لَا الذَّاتُ مَعَ الصِّفَةِ. (قَوْلُهُ وَقَلِيلُ الْبَرَكَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ نَاقِصٌ أَيْ الْمُرَادُ بِنُقْصَانِهِ قِلَّةُ بَرَكَتِهِ، وَإِنْ كَمُلَ حِسًّا (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ) أَيْ فَلَيْسَتْ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَلَا لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ الْبَاءُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أُؤَلِّفُ وَنَحْوُهُ، وَهُوَ يَعُمُّ جَمِيعَ أَجْزَاءِ التَّأْلِيفِ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ افْتَتَحَ وَنَحْوِهِ لِإِيهَامِ قَصْرِ التَّبَرُّكِ عَلَى الِافْتِتَاحِ فَقَطْ وَاَللَّهُ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ فَيَعُمُّ الصِّفَاتِ أَيْضًا وَالرَّحْمَنُ الْمُنْعِمُ بِجَلَائِلِ النِّعَمِ كَمِّيَّةً أَوْ كَيْفِيَّةً وَالرَّحِيمُ الْمُنْعِمُ بِدَقَائِقِهَا كَذَلِكَ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ اللَّهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الذَّاتِ، ثُمَّ الثَّانِي لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الثَّالِثِ فَقَدَّمَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ كَالتَّتِمَّةِ   [حاشية العدوي] فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ نَقُولُ إنَّ الْأَفْضَلَ جَعْلُهَا لِلْمُصَاحَبَةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ؛ لِأَنَّ بَاءَ الِاسْتِعَانَةِ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى آلَةِ الْفِعْلِ نَحْوَ كَتَبْت بِالْقَلَمِ فَجَعْلُهَا لِلِاسْتِعَانَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ آلَةٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَدَبِ عَلَى أَنَّ مَرْجِعَهَا لِلْأُولَى. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ الْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ وَمِثْلُهَا الْمُصَاحَبَةُ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أُؤَلِّفُ مُسْتَعِينًا بِبِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَلْ الْحَالُ هُوَ الْمَحْذُوفُ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ أَوْ الْمَجْرُورُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَحَلُّ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ نَصْبٌ بِالْحَالِ الْمَحْذُوفِ لَا بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ وَعَلَى الثَّانِي مَحَلُّهُ نَصْبٌ مِنْ حَيْثُ الْمَفْعُولِيَّةُ بِالْحَالِ الْمَحْذُوفِ وَمِنْ حَيْثُ الْحَالِيَّةُ بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أُؤَلِّفُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِاعْتِبَارِ التَّعَلُّقِ بِاعْتِبَارِ الْحَالِيَّةِ لَا الْمَفْعُولِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَأُصَنِّفُ (قَوْلُهُ مِنْ أَفْتَتِحُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَأَبْتَدِئُ (قَوْلُهُ لِإِيهَامِ قَصْرِ التَّبَرُّكِ) أَيْ إنَّ التَّعْبِيرَ بِأَفْتَتِحُ وَنَحْوِهِ يُوهِمُ أَيْ يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ عَلَى سَبِيلِ الرُّجْحَانِ قَصْرَ التَّبَرُّكِ لَا الطَّرْفِ الْمَرْجُوحِ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ إنَّهُ رَاجِحٌ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَفْتَتِحُ لَا مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ وَاَللَّهُ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ) أَيْ عَلَمُ شَخْصٍ لَا جِنْسٍ وَضَعَهُ مُسَمَّاهُ تَعَالَى عَلَى ذَاتِهِ أَوْ الْغَلَبَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ لَا التَّحْقِيقِيَّةِ أَوْ اعْلَمْ أَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ أَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَعْبُودِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ لَكِنَّهُ قَبْلَ الْحَذْفِ وَالْإِدْغَامِ غَلَبَتُهُ تَحْقِيقِيَّةٌ وَبَعْدَهُمَا غَلَبَتُهُ تَقْدِيرِيَّةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْغَلَبَةَ التَّحْقِيقِيَّةَ اللَّفْظُ فِيهَا أُطْلِقَ بِالْفِعْلِ عَلَى غَيْرِ مَا غَلَبَ فِيهِ مِنْ أَفْرَادِهِ وَالتَّقْدِيرِيَّة اللَّفْظُ فِيهَا يَصْلُحُ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِ مَا غَلَبَ فِيهِ مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ) أَيْ الَّذِي اقْتَضَتْ ذَاتُهُ وُجُودَهُ، فَإِنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الذَّاتَ غَيْرُ الْوُجُودِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَشْعَرِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُودَ الشَّيْءِ عَيْنِهِ. أَجَابَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَاتِهِ الْمُتَصَوَّرَةِ فِي الذِّهْنِ أَيْ بِالْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا وَبِوُجُودِهِ ذَاتُهُ الْخَارِجِيَّةُ أَيْ الَّتِي فِي الْوَاقِعِ أَيْ إنَّ ذَاتَهُ الْحَاضِرَةَ فِي الذِّهْنِ يَكْفِي تَصَوُّرُهَا فِي الْحُكْمِ بِكَوْنِهَا خَارِجِيَّةً وَهَذَا أَيْضًا رَدٌّ لِمَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ الذَّاتُ سَبَبًا لِلْوُجُودِ لَزِمَ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا عَيْنُهُ هَذَا مَا كَتَبَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّاصِرِ (وَأَقُولُ) الْأَقْرَبُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ وُجُودُهُ الِانْتِفَاءَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَعُمُّ الصِّفَاتِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا عَمَّ الذَّاتَ، ثُمَّ أَقُولُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ " الْوَاجِبِ الْوُجُودِ " مِنْ تَمَامِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَهُوَ رَأْيُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ تَعْيِينٌ لِلْمَوْضُوعِ لَهُ وَإِلَّا وَرَدَ أَنَّ الذَّاتَ الْوَاجِبَ الْوُجُودِ كُلِّيٌّ فَلَا يَكُونُ الْمَوْضُوعُ لَهُ مُعَيَّنًا فَلَا يُفِيدُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ التَّوْحِيدَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ عُمُومَهُ لِلصِّفَاتِ بِاعْتِبَارِ أَخْذِهَا تَعْيِينًا لِمَدْلُولِهِ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْهُ وَأَلْ فِي الصِّفَاتِ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدَةِ إذْ الْمَأْخُوذُ تَعَيُّنًا لَيْسَ جَمِيعَ الصِّفَاتِ بَلْ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ وُجُوبُ الْوُجُودِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَلَوْ بِالِاسْتِلْزَامِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَيَصْدُقُ بِهَا كُلُّهَا إذْ وُجُوبُ الْوُجُودِ لَهُ فِي الْوَاقِعِ يَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوُجُودِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْإِلَهِ وَالْإِلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِصِفَاتِهِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْأُصُولِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ مَنْ يَقُولُ مَدْلُولُهُ الذَّاتُ وَالصِّفَاتُ جَمِيعُ الصِّفَاتِ مَعَانٍ وَمَعْنَوِيَّةٌ وَسُلُوبٌ وَأَفْعَالٌ (قَوْلُهُ فَيَعُمُّ) مِنْ عُمُومِ اللَّفْظِ لِمَدْلُولِهِ. (قَوْلُهُ الْمُنْعِمُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرَّحْمَنَ صِفَةُ فِعْلٍ، وَإِنْ فُسِّرَ بِمُرِيدِ الْإِنْعَامِ يَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ (قَوْلُهُ كَمِّيَّةً) أَيْ كَثْرَةَ أَفْرَادِ مَدْلُولِهِ التَّضَمُّنِيِّ وَعَظَمَتَهُ فِي نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ وَرَدَ كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ «رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمُهُمَا» فَرَحْمَنُ مَدْلُولُهُ التَّضَمُّنِيُّ الرَّحْمَةُ الْعَظِيمَةُ كَمْيَّةً وَكَيْفِيَّةً كَالْإِنْعَامِ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَبِاعْتِبَارِ الْكَمْيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْإِنْعَامِ بِأَلْفِ جَدِيدٍ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا أَلْفًا، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جَدِيدًا لَا دِينَارًا يَكُونُ حَقِيرًا كَيْفِيَّةً فَيَكُونُ الْإِنْعَامُ بِهِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَدْلُولَ الرَّحِيمِ التَّضَمُّنِيِّ فَلَوْ أَنْعَمَ بِدِينَارٍ وَاحِدٍ فَالْإِنْعَامُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ وَهِيَ الدِّينَارِيَّةُ مَدْلُولُ الرَّحْمَنِ التَّضَمُّنِيُّ وَمِنْ حَيْثُ الْكَمْيَّةُ وَهِيَ كَوْنُهُ وَاحِدًا فَقَطْ مَدْلُولُ الرَّحِيمِ التَّضَمُّنِيُّ فَلَوْ أَنْعَمَ بِجَدِيدٍ وَاحِدٍ فَلَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْجَدِيدَ الْوَاحِدَ حَقِيرٌ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً فَالْإِنْعَامُ بِهِ مَدْلُولُ الرَّحِيمِ التَّضَمُّنِيُّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِظَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا ضِدُّهُ مِنْ الْحَقَارَةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَظْهَرُ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا جِسَامٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَقَارَةَ تَكُونُ وَلَوْ نِسْبِيَّةً فَمَا أَعْطَى فِي الْجَنَّةِ لِوَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ وَلَوْ عَظُمَ هُوَ حَقِيرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَعْطَى لِلْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ كَيْفِيَّةً) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ كَالْإِنْعَامِ بِأَلْفِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ بِدَقَائِقِهَا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ الْمُنْعِمُ بِدُونِ قَيْدِهَا. (قَوْلُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الذَّاتِ) الَّتِي هِيَ الْمَوْصُوفَةُ بِالرَّحْمَةِ وَالذَّاتُ مُقَدَّمَةٌ تَعَقُّلًا عَلَى الصِّفَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَدْلُولَ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ الذَّاتُ فَقَطْ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ فَيُنَافِي ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الثَّانِي) ، ثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ وَقِسْ عَلَيْهِ نَظَائِرَهُ (قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ أَيْ إنَّ رَحْمَنَ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَجَاوَزُهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَرِدُ قَوْلُ جَمَاعَةِ مُسَيْلِمَةَ لَهُ رَحْمَنُ الْيَمَامَةِ وَقَوْلُهُمْ سَمَوْت بِالْمَجْدِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمَيْنِ أَبًا ... وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْت رَحْمَانَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَعَنُّتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَصَّ بِاَللَّهِ عَلَى التَّحْقِيقِ إنَّمَا هُوَ الْمُعَرَّفُ دُونَ الْمُنَكَّرِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الثَّالِثِ) أَيْ إنَّ الثَّانِيَ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ مِنْ الثَّالِثِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ قَدَّمَ عَلَى الثَّالِثِ وَإِنَّمَا كَانَ الرَّحْمَنُ أَبْلَغَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وَالرَّدِيفِ. (ص) يَقُولُ الْفَقِيرُ الْمُضْطَرُّ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ (ش) أَتْبَعَ الْبَسْمَلَةَ بِالتَّعْرِيفِ لِنَفْسِهِ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ مَنْ يَقِفُ عَلَى كِتَابِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا وَجُمْلَةُ يَقُولُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَأَصْلُهُ يَقُولُ نُقِلَتْ ضَمَّةُ عَيْنِهِ إلَى فَائِهِ وَالْفَقِيرُ فَعِيلٌ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ أَوْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ كَرَفِيعِ مِنْ فَقُرَ كَكَرُمَ بِالضَّمِّ مِنْ الْفَقْرِ أَيْ الْحَاجَةِ أَيْ الْمُحْتَاجُ كَثِيرًا أَوْ الدَّائِمُ الْحَاجَةِ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ أَوْ الْمُضْطَرُّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اُضْطُرَّ بِضَمِّ الطَّاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهَذَا اللَّفْظُ مِمَّا يَتَّحِدُ فِيهِ اسْمُ الْفَاعِلِ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ فِي   [حاشية العدوي] غَالِبًا كَمَا فِي قَطَعَ وَقَطَّعَ بِتَشْدِيدِ أَحَدِهِمَا وَتَخْفِيفِ الْآخَرِ فَإِنَّ الْقَطْعَ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِالْمُشَدَّدِ أَزْيَدُ مِنْ الْقَطْعِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْمُخَفَّفِ لِزِيَادَةِ حُرُوفِ الْمُشَدَّدِ بِتَشْدِيدِهِ عَلَى حُرُوفِ الْمُخَفَّفِ وَقُلْنَا غَالِبًا لِئَلَّا يُنْتَقَضَ بِحَذِرَ وَحَاذَرَ إلَى آخَرِ مَا قَالُوا لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ فَقَدَّمَ الثَّانِيَ عَلَى الثَّالِثِ لِيَكُونَ الثَّالِثُ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفُ يُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ غَيْرُ الْأَبْلَغِيَّةِ فَإِذَنْ يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ مُضَارَبَةٌ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَتَى بِالرَّحِيمِ لِيَكُونَ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ أَيْ التَّابِعِ كَعَطْشَانَ نَطْشَانَ فَهُوَ أَيْ الرَّحِيمُ لَيْسَ بِتَتِمَّةٍ وَلَا تَابِعٍ بَلْ كَالتَّتِمَّةِ كَالتَّابِعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَتِمَّةً وَرَدِيفًا؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفِيدٌ مَعْنًى آخَرَ وَمَا كَانَ تَتِمَّةً أَوْ رَدِيفًا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الْعِلَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ وَأَنَّ عِنَايَتَهُ شَمَلَتْ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَتِمَّةً وَرَدِيفًا لِلْمُغَايَرَةِ وَالِاسْتِقْلَالِيَّة وَكَانَ كَالتَّتِمَّةِ وَالتَّابِعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ إلَّا بِذِكْرِهِ لَا خُصُوصِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ كَمَا يُتَوَهَّمُ وَلَمْ يَعْكِسْهُ بِأَنْ يُقَدِّمَ الرَّحِيمَ عَلَى الرَّحْمَنِ؛ لِأَنَّ الْجَلِيلَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَتْبُوعًا وَغَيْرُهُ تَابِعًا. (قَوْلُهُ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ) تَنَازَعَهُ الْفَقِيرُ وَالْمُضْطَرُّ وَأُعْمِلَ الثَّانِي إذْ لَوْ أُعْمِلَ الْأَوَّلُ وَأُضْمِرَ فِي الثَّانِي لَكَانَ يَقُولُ الْمُضْطَرُّ لَهَا لِرَحْمَةِ رَبِّهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عِلَّةٌ لِلْغَنِيِّ لَا لِلْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ رَحْمَتَهُ صِفَةُ جَمَالٍ لَا يَصْدُرُ عَنْهَا الْفَقْرُ وَآثَرَ اللَّامَ عَلَى إلَى لِلِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّ الِاضْطِرَارَ وَالْفَقْرَ يَتَعَدَّيَانِ بِإِلَى أَيْ غَايَةَ فَقْرِهِ وَاضْطِرَارِهِ إلَى أَنْ يَلُوذَ بِرَحْمَةِ رَبِّهِ أَيْ إرَادَةِ إنْعَامِهِ أَوْ إنْعَامِهِ أَوْ نِعْمَةِ رَبِّهِ وَالرَّبُّ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّرْبِيَةِ، وَهِيَ تَبْلِيغُ الشَّيْءِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُرَبِّي ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَالِكِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَفْهَمْ (قَوْلُهُ أَتْبَعَ الْبَسْمَلَةَ) ، فَإِنْ قُلْت مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَصَدَ ابْتِدَاءَ كِتَابِهِ بِكُلٍّ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ فَلِمَ وَسَّطَ الْحِكَايَةَ بَيْنَهُمَا وَهَلَّا قَدَّمَهَا عَلَى الْبَسْمَلَةِ أَيْضًا قُلْت لَعَلَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِالْبَسْمَلَةِ فِي الْحِكَايَةِ أَيْضًا قَالَهُ فِي كَ (قَوْلِهِ بِالتَّعْرِيفِ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِالْإِعْلَامِ بِنَفْسِهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ) أَيْ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَتْبَعَ مَعَ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ إلَخْ وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ اسْمَ صَاحِبِ الْكِتَابِ صَارَ مَجْهُولًا لَا يُوثَقُ بِمَا فِيهِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ اسْمَ صَاحِبِ الْكِتَابِ فَيَثِقُ مَنْ يَطَّلِعُ بِمَا فِيهِ لِعِلْمِهِ صَاحِبَهُ وَدِيَانَتَهُ وَعِلْمَهُ وَمَرْتَبَتَهُ وَالْإِتْيَانِ بِمَنْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ هُنَاكَ أُمُورًا مُهِمَّةٌ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ ثَلَاثَةً وَاجِبَةٌ وَأَرْبَعَةً جَائِزَةٌ فَإِنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً لَكِنَّهَا رَاجِحَةٌ. (قَوْلُهُ وَجُمْلَةُ يَقُولُ مُسْتَأْنَفَةٌ) لَا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أُؤَلِّفُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَا يُفِيدُ كَوْنُ الْبَسْمَلَةِ بُدًّا لِذَلِكَ الْقَوْلِ فَلَا تَلْحَقُهُ الْبَرَكَةُ وَقَدْ يُقَالُ الْمُقَارَنَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْحَالِيَّةِ تَحْصُلُ الْبَرَكَةُ فَتَدَبَّرْ قَالَ فِي كَ وَمَقُولُ يَقُولُ إمَّا جُمْلَةُ الْحَمْدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا أَوْ جُمْلَةُ الْحَمْدِ مَعَ بَقِيَّةِ الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ جَمِيعِ الْكِتَابِ وَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا كَوْنُ بَعْضِ الْحُكْمِ مَاضِيًا وَبَعْضُهُ آتِيًا؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُضَارَعِ بِالنَّظَرِ لِلْمَاضِي لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ نُقِلَتْ إلَخْ) أَيْ فَسَكَنَتْ الْعَيْنُ كَمَا سَكَنَتْ فِي الْمَاضِي بِأَنْ صَارَتْ أَلِفًا وَحِينَئِذٍ فَعِلَّةُ النَّقْلِ الْمُشَارِكَةُ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا سَكَنَتْ فِي الْمَاضِي سَكَنَتْ فِي الْمُضَارِعِ لَكِنْ فِي الْمَاضِي بَعْدَ قَلْبِهَا أَلِفًا وَفِي الْمُضَارِعِ مَعَ بَقَائِهَا مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ وَقِيلَ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ فَنُقِلَتْ إلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَّةَ عَلَى الْوَاوِ وَكَذَا عَلَى الْيَاءِ إنَّمَا تَكُونُ ثَقِيلَةً إذَا تَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا، وَأَمَّا عِنْدَ التَّسْكِينِ فَلَا اسْتِثْقَالَ وَلِذَلِكَ أُعْرِبَ دَلْوٌ وَظَبْيٌ بِالْحَرَكَاتِ الظَّاهِرَةِ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا ظَهَرَتْ فِي الِاسْمِ لِخِفَّتِهِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَثَقِيلٌ وَالثَّقِيلُ لَا يَحْتَمِلُ مَا فِيهِ ثِقَلٌ فَلِذَلِكَ نُقِلَتْ الضَّمَّةُ لِأَجْلِ الثِّقَلِ كَ وَإِنَّمَا كَانَ الْفِعْلُ ثَقِيلًا لِتَرَكُّبِ مَدْلُولِهِ مِنْ الْحَدَثِ وَالزَّمَانِ وَالنِّسْبَةِ (قَوْلُهُ كَرَفِيعٍ) نَاظِرٌ لِلثَّانِي، وَهُوَ جَعْلُهُ صِفَةً مُشَبَّهَةً فَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ أَنْ يَأْتِيَ بِنَظِيرٍ لِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَقُرَ) أَيْ مَأْخُوذُ مِنْ فَقُرَ. (قَوْلُهُ بِالضَّمِّ) مُتَعَلِّقٌ بِفَقُرَ وَكَوْنُ كَرُمَ بِالضَّمِّ ظَاهِرٌ وَاحْتَاجَ لِذَلِكَ إشَارَةً إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخْذُهَا مِنْ لَازِمٍ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ صَاحِبِ الْمِصْبَاحِ الْفَقِيرُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ يُقَالُ فَقِرَ فَقْرًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا قَلَّ مَالُهُ قَالَ ابْنُ السِّرَاجِ وَلَمْ يَقُولُوا فَقُرَ بِالضَّمِّ اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بِافْتَقَرَ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَيْ الْحَاجَةِ) تَفْسِيرٌ لِلْفَقْرِ وَالْحَاجَةُ بِمَعْنَى الِاحْتِيَاجِ؛ لِأَنَّهُ الْمَصْدَرُ لَا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الدُّنْيَا أَيْ لَا مِنْ الْفَقْرِ بِمَعْنَى اشْتَكَى فَقَارَةَ ظَهْرِهِ وَفَقَارَةُ الظَّهْرِ الْخَرَزَةُ الْجَمْعُ فَقَارٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ مِثْلَ سَحَابَةٌ وَسَحَابٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُحْتَاجِ كَثِيرًا) أَيْ احْتِيَاجًا كَثِيرًا فَكَثِيرًا صِفَةٌ لِمَفْعُولٍ مُطْلَقٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الدَّائِمِ الْحَاجَةِ أَيْ الدَّائِمِ الِاحْتِيَاجِ فِي كُلِّ زَمَنٍ وَكُلِّ مَكَان وَلَا يَخْفَى أَنَّ دَائِمَ الْحَاجَةِ أَبْلَغُ مِنْ الْمُحْتَاجِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ كَثِيرًا دَوَامُ الِاحْتِيَاجِ وَيَلْزَمُ مِنْ دَوَامِ الِاحْتِيَاجِ الِاحْتِيَاجُ الْكَثِيرُ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ إلَّا أَنَّ التَّأَلُّمَ أَكْثَرُ فِي كَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ؛ لِأَنَّ دَائِمَ الِاحْتِيَاجِ تَمَرَّنَ عَلَيْهِ فَيَقِلُّ تَأَلُّمُهُ (قَوْلُهُ مِنْ اُضْطُرَّ) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ بِضَمِّ الطَّاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِي مَحَلِّهِ وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ أَوْسَعُ وَكَذَا إنْ قُدِّرَ مُشْتَقٌّ وَأُجْرِيَ كَلَامُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ مِنْ أَنَّ أَصْلَ الْمُشْتَقَّاتِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا إنْ أُجْرِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَنَّ أَصْلَهَا الْمَصْدَرُ وَقُدِّرَ فِي الْكَلَامِ مُضَافٌ أَيْ مِنْ مَصْدَرِ اُضْطُرَّ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ الْمَبْنِيُّ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ مَعًا وَإِنَّمَا كَانَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ اسْمُ مَفْعُولٍ لَا يُبْنَى غَالِبًا إلَّا مِنْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 اللَّفْظِ دُونَ التَّقْدِيرِ لِزَوَالِ الْحَرَكَةِ الْفَارِقَةِ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الْإِدْغَامِ وَوَزْنُهُ مُفْتَعَلٌ مِنْ الضَّرُورَةِ فَأَصْلُهُ مُضْتَرَرٌ وَتَاءُ الِافْتِعَالِ تُبْدَلُ طَاءً بَعْدَ أَحَدِ حُرُوفِ الْإِطْبَاقِ وَهِيَ الصَّادُ وَالضَّادُ وَالطَّاءُ وَالظَّاءُ وَلَا يَجُوزُ إدْغَامُ الضَّادِ فِي الطَّاءِ لِزَوَالِ اسْتِطَالَةِ الضَّادِ بِالْإِدْغَامِ وَمَعْنَاهُ الْمَلْجَأُ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ فَيَكُونُ نَعْتًا لَهُ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِقَوْلِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ وَالْعَبْدُ يُقَالُ عَلَى أَضْرُبٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ عَبْدٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ الَّذِي يَصِحُّ بَيْعُهُ الثَّانِي عَبْدٌ بِالْإِيجَادِ وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا لِلَّهِ وَإِيَّاهُ قَصَدَ بِقَوْلِهِ {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93] الثَّالِثُ عَبْدٌ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} [ص: 41] وَمِنْهُ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} [الإسراء: 1] . الرَّابِعُ عَبْدُ الدُّنْيَا وَأَعْرَاضِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَكِفُ عَلَى خِدْمَتِهَا وَإِيَّاهُ قَصَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «تَعِسَ   [حاشية العدوي] فِعْلٍ مَبْنِيٍّ لِلْمَفْعُولِ وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ ذَكَرَهُ التِّلِمْسَانِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ شَرْحُ النَّاصِرِ (قَوْلُهُ مِنْ الضَّرُورَةِ) أَيْ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ لَا مِنْ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ الَّذِي هُوَ الِاضْطِرَارُ وَظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مُضْطَرَّ بِالطَّاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ اُضْطُرَّ بِالطَّاءِ وَمُضْتَرَّ بِالتَّاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّرُورَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَأَصْلُهُ مُضْتَرَرٌ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَوَزْنُهُ مُفْتَعَلٌ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِيهِ مِيمًا وَتَاءً مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَجْمَعُهَا قَوْلُك سَأَلْتُمُونِيهَا (قَوْلُهُ وَتَاءُ الِافْتِعَالِ) أَيْ الْمَزِيدِ (قَوْلُهُ تُبْدَلُ طَاءً) إنَّمَا قُلِبَتْ طَاءً لِتَعَسُّرِ النُّطْقِ بِالتَّاءِ بَعْدَ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَاخْتِيرَ الطَّاءُ لِقُرْبِهَا مِنْ التَّاءِ مَخْرَجًا (قَوْلُهُ حُرُوفِ الْإِطْبَاقِ) إنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْطِبَاقِ طَائِفَةٍ مِنْ اللِّسَانِ بِهَا عَلَى الْحَنَكِ إلَّا عَلَى عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِأَحْرُفِ أَيْ جَمْعِ قِلَّةٍ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِعَشْرَةٍ وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ لِمَا فَوْقَهَا إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ مَجَازًا وَبِأَنَّ السَّعْدَ صَرَّحَ بِمَا يُفِيدُ اشْتَرَاكَ الْجَمْعَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ وَاخْتِصَاصُ جَمْعِ الْكَثْرَةِ بِمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الضَّادُ) نَحْوُ مُضْطَرٌّ. (قَوْلُهُ وَالصَّادُ) نَحْوِ مُصْطَبِرٌ وَيَجُوزُ فِيهِ الْبَيَانُ وَالْإِدْغَامُ بِقَلْبِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ دُونَ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَزُولُ صَفِيرُ الصَّادِ (قَوْلُهُ وَالطَّاءُ) الْمُهْمَلَةُ نَحْوُ اطْتَلَبَ فَقُلِبَتْ التَّاءُ طَاءً وَيَجِبُ الْإِدْغَامُ حِينَئِذٍ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ نَحْوَ الْمُطَّلَبِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ وَالظَّاءُ) نَحْوَ اظْطَلَمَ فَيَجُوزُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْبَيَانُ أَوْ عَدَمُ إدْغَامِ الصَّادِ فِي الطَّاءِ وَالْإِدْغَامُ إمَّا لِلْأَوَّلِ فِي الثَّانِي أَوْ عَكْسُهُ وَقَدْ رُوِيَ بِالْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ هُوَ الْجَوَادُ الَّذِي يُعْطِيك نَائِلَهُ ... عَفْوًا وَيَظْلِمُ أَحْيَانًا فَيُظْطَلَمُ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ اسْتِطَالَةِ الضَّادِ) أَيْ اسْتِطَالَتِهَا فِي الْفَمِ لِرَخَاوَتِهَا حَتَّى اتَّصَلَتْ بِمَخْرَجِ اللَّامِ وَلِذَا أُدْغِمَتْ اللَّامُ فِيهَا نَحْوَ وَلَا الضَّالِّينَ وَاسْتِطَالَتُهَا عِبَارَةٌ عَنْ امْتِدَادِ هَذَا الْحَرْفِ فِي مَخْرَجِهِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ، وَهُوَ اللِّسَانُ قِيلَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى مَا قَبْلَ آخِرِهِ عَلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ الْمُلْجَأُ) أَيْ الشَّدِيدُ الْحَاجَةِ الْمَجْهُودِ الَّذِي لَا يَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَرَى شَيْئًا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ كَالْغَرِيقِ فِي الْبَحْرِ وَالضَّالِّ فِي الْقَفْرِ لَا يَرَى لِإِغَاثَتِهِ إلَّا مَوْلَاهُ. (قَوْلُهُ اسْمُ مَفْعُولٍ) فَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ) أَيْ أَقَلُّ أَفْرَادًا كَتَبَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدٌ أَنَّ النَّعْتَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَخَصَّ مِنْ الْمَنْعُوتِ أَيْ يَكُونَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ النَّعْتِ أَقَلَّ أَفْرَادًا مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَنْعُوتِ نَعَمْ إذَا كَانَا مَعْرِفَتَيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِي التَّعْرِيفِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهِ وَلِذَلِكَ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَالْمَوْصُوفُ أَخَصُّ أَوْ مُسَاوٍ وَالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ النَّعْتُ دُونَ الْمَنْعُوتِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ أَيْ كَقَوْلِك جَاءَنِي الرَّجُلُ الْعَاقِلُ وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمُسَاوِي وَمِثَالُ الدُّونِ أَكْرَمْت هَذَا الرَّجُلَ وَمِثَالُ الْأَخَصِّ الْغَيْرُ الْجَائِرُ جَاءَنِي الرَّجُلُ هَذَا، هَذَا حَاصِلُ مَا قِيلَ (وَأَقُولُ) مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَفْهُومَ الْمُضْطَرِّ أَخَصُّ مِنْ مَفْهُومِ الْفَقِيرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَفْهُومَ النَّعْتِ أَخَصُّ مِنْ مَفْهُومِ الْمَنْعُوتِ وَلَوْ خُصُوصًا وَجْهِيًّا فَصَحَّ قَوْلُهُ فَيَكُونُ نَعْتًا لَهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ) عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ يَجُوزُ لَنَا وَجْهَانِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُضْطَرُّ نَعْتًا لِعَبْدٍ وَأَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلْفَقِيرِ كَمَا قَالَهُ السَّمِينُ مِنْ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا نُعِتَ بِنَعْتٍ وَأُتِيَ بَعْدَهُ بِنَعْتٍ أَخَصَّ جَازَ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَعَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلْفَقِيرِ وَفِي وَالتَّعْبِيرُ بِيُوجَدُ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى قِلَّةِ هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ يُقَالُ عَلَى أَضْرُبٍ أَرْبَعَةٍ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ أَوْ عَلَى جُزْئِيَّاتِهَا زَادَ فِي الْقَامُوسِ خَامِسًا، وَهُوَ الْإِنْسَانُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ عَبْدٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ) أَيْ رِقِّيَّتُهُ سَبَبُهَا حُكْمُ الشَّرْعِ بِهَا أَيْ حُكْمُ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ عَبْدٌ بِالْإِيجَادِ) أَيْ رِقِّيَّتُهُ وَمَمْلُوكِيَّتُهُ ثَبَتَتْ لَهُ بِسَبَبِ إيجَادِهِ أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ. (قَوْلُهُ عَبْدٌ بِالْعُبُودِيَّةِ) أَيْ رِقِّيَّتُهُ لِلْمَوْلَى أَوْ مَمْلُوكِيَّتُهُ لَهُ لَيْسَ سَبَبُهَا الْإِيجَادُ بَلْ سَبَبُهَا إظْهَارُ تَذَلُّلِهِ لَهُ وَذَلِكَ يَكُونُ فِي اللَّهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} [ص: 41] أَيْ وَاذْكُرْ مَمْلُوكَنَا بِسَبَبِ عُبُودِيَّتِهِ لَنَا؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ مَدْحٍ لَا بِسَبَبِ إيجَادِنَا لَهُ لِوُجُودِهَا فِي الْكَافِرِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ عَبْدُ الدُّنْيَا) لَمْ يُضِفْ فِيمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ هَذَا فَأَضَافَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا جُعِلَ سَبَبًا فِي الْعَبْدِيَّةِ لَا يُوصَفُ بِالْمَالِكِيَّةِ إذْ الْمَالِكُ فِي الْإِيجَادِ وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْمَالِكُ فِي الرِّقِّ السَّيِّدُ بِخِلَافِ الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْ اشْتَغَلَ بِهَا عَنْ طَاعَةِ مَوْلَاهُ تَتَّصِفُ الدُّنْيَا بِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لَهُ فَلِذَلِكَ أَضَافَهُ لَهَا وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي عَبْدِ الْعُبُودِيَّةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِقَصْدِ التَّنْفِيرِ عَنْ الدُّنْيَا وَأَعْرَاضِهَا وَالدُّنْيَا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا اطِّلَاقٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ إنَّهَا كُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَعْرَاضِهَا) أَيْ مَا يَعْرِضُ بِهَا مِنْ التَّلَاهِي بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ الْمُعْتَكِفُ) أَيْ الْمُوَاظِبُ عَلَى خِدْمَتِهَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ خِدْمَتَهَا تَرْجِعُ إلَى التَّلَاهِي فَإِذَنْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْتَصِرَ الشَّارِحُ عَلَى الدُّنْيَا فَيَقُولَ: الرَّابِعُ عَبْدُ الدُّنْيَا وَلَا يَزِيدُ وَأَعْرَاضِهَا (قَوْلُهُ «تَعِسَ» ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ» فَالْعُبُودِيَّةُ إظْهَارُ التَّذَلُّلِ وَالْعِبَادَةُ أَبْلَغُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ التَّذَلُّلِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا مَنْ لَهُ غَايَةُ الْأَفْضَالِ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَ بِالْعَبْدِ الْمَعْنَى الثَّانِيَ أَوْ الثَّالِثَ (ص) الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ (ش) أَيْ الْمُتَأَلِّمُ قَلْبُهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَجَازٌ مُرْسَلٌ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الِانْكِسَارَ، وَهُوَ التَّفَرُّقُ عَلَى التَّأَلُّمِ الْمُتَسَبَّبِ عَنْهُ وَالْخَاطِرُ، وَهُوَ الْهَاجِسُ عَلَى الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّهُ فَالْعَلَاقَةُ السَّبَبِيَّةُ وَالْمُسَبَّبِيَّةُ وَالْحَالِيَّةُ وَالْمَحَلِّيَّةُ أَيْ فَالْعَلَاقَةُ غَيْرُ الْمُشَابَهَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ، ثُمَّ   [حاشية العدوي] بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعْنَاهُ هَلَكَ وَسَقَطَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ إظْهَارُ التَّذَلُّلِ) أَيْ إظْهَارُ أَيِّ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ التَّذَلُّلِ أَوْ إظْهَارُ الْحَقِيقَةِ فِي أَيِّ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا فَيَسْتَحِقُّهَا إذَنْ الشَّيْخُ وَالْوَالِدُ وَنَحْوُهُمَا وَفِي التَّعْبِيرِ بِإِظْهَارِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّذَلُّلَ قَلْبِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْصِيلُ التَّذَلُّلِ. (قَوْلُهُ أَبْلَغُ مِنْهَا) أَيْ أَبْلَغُ مِنْ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا مَا عَدَاهَا فَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْفَرْدُ الْأَعْلَى مِنْ الْعُبُودِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَايَةُ التَّذَلُّلِ) أَيْ أَعْلَى أَفْرَادِ التَّذَلُّلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْأَعْلَى يُلَاحَظُ وَاحِدًا نَوْعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْإِفْضَالِ) أَيْ غَايَةِ الْإِحْسَانِ أَيْ النَّوْعِ الْأَعْلَى مِنْ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ لَيْسَ إلَّا لِلْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَالظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِالنَّوْعِ الْأَعْلَى مِنْهُ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قُدْرَةُ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ إلَخْ) التَّرَجِّي بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مُتَعَيِّنٌ، ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ إرَادَةَ عَبْدِ الْعُبُودِيَّةِ تَنَكَّدَ عَلَى قَوْلِهِ الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى فَلَا تَظْهَرُ إرَادَتُهُ تَأَمَّلْ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ إرَادَةِ عَبْدِ الدُّنْيَا تَوَاضُعًا بِجَعْلِ نَفْسِهِ غَيْرَ قَائِمَةٍ بِشُكْرِ مَوْلَاهَا بِتَلَاهِيهَا بِالدُّنْيَا وَحُظُوظِهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأَكَابِرِ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ مُقَصِّرَةً مُسْتَحِقَّةً لَأَنْ يُفْعَلَ بِهَا كُلُّ مَكْرُوهٍ. (قَوْلُهُ خَاطِرُهُ) فَاعِلٌ بِالْمُنْكَسِرِ وَسَوَّغَ ذَلِكَ وُقُوعُهُ صِلَةً لِأَلْ فَلَمْ يَحْتَجْ لِمُسَوِّغٍ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ أَيْ الْمُتَأَلِّمُ قَلْبُهُ إسْنَادُ التَّأَلُّمِ لِلْقَلْبِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الِانْكِسَارَ إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَمَا تَجْرِي الِاسْتِعَارَةُ فِي الْمَصْدَرِ قَبْلَ جَرَيَانِهَا فِي الْمُشْتَقَّاتِ كَذَلِكَ الْمَجَازُ الْمُرْسَلُ الْجَارِي فِي الْمُشْتَقَّاتِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فَلِذَلِكَ عَدَلَ عَنْ الْمُنْكَسِرِ الْوَاقِعِ فِي الْمَتْنِ إلَى الْمَصْدَرِ أَيْ الِانْكِسَارِ إشَارَةً لِذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى التَّأَلُّمِ الْمُتَسَبَّبِ عَنْهُ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّأَلُّمَ الْقَائِمَ بِهِ لَيْسَ سَبَبُهُ الِانْكِسَارَ الَّذِي هُوَ تَفَرُّقُ أَجْزَاءِ مَا كَانَ صُلْبًا كَالْحَجَرِ وَالتَّأَلُّمُ هُوَ الْوَجَعُ النَّاشِئُ عَنْ الضَّرْبِ أَوْ الْجُرْحِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْهَاجِسُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ فَوْقَ الْهَاجِسِ وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَهُ عَلَيْهِ مَجَازًا لِلْمُجَاوَرَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ مَرَاتِبُ الْأَوَّلُ الْهَاجِسُ، وَهُوَ مَا يُلْقَى فِي الْقَلْبِ وَلَا يَدُومُ تَرَدُّدُهُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا هُوَ وَارِدٌ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعُهُ الثَّانِي الْخَاطِرُ، وَهُوَ جَرَيَانُهُ فِي الْقَلْبِ وَدَوَامُ تَرَدُّدِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ أَيْضًا وَالثَّالِثُ حَدِيثُ النَّفْسِ، وَهُوَ تَرَدُّدُهُ هَلْ يَفْعَلُ أَوْ لَا، وَهُوَ مَرْفُوعٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ» الرَّابِعُ الْهَمُّ، وَهُوَ تَرْجِيحُ الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَهَذَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَسَنَاتِ دُونَ السَّيِّئَاتِ. الْخَامِسَةُ الْعَزْمُ، وَهُوَ قُوَّةِ الْقَصْدِ وَالْجَزْمِ بِهِ بِحَيْثُ يُصَمِّمُ الْقَلْبُ فِيهِ عَلَى الْفِعْلِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَهَلْ إذَا عَمِلَ يَكُونُ عَلَيْهِ وِزْرَانِ وِزْرُ الْعَمَلِ وَوِزْرُ الْعَزْمِ قَطْعًا أَوْ يَجْرِي الْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي حَدِيثِ النَّفْسِ وَالْهَمِّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا وَحُرِّرَ. (فَوَائِدُ) الْأُولَى: هَلْ يَتَنَزَّلُ الْعَزْمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مَنْزِلَةَ الْمَعْصِيَةِ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْحَقَارَةِ وَالْعِظَمِ فَالْعَازِمُ عَلَى الزِّنَا مَثَلًا يَأْثَمُ إثْمَ الزَّانِي أَوْ لَا يَتَنَزَّلُ بَلْ الْعَزْمُ عَلَيْهَا مُطْلَقُ ذَنْبٍ وَسَيِّئَةٍ أُخْرَى وَلَيْسَ هَذَا الذَّنْبُ كَفِعْلِهَا الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ هَكَذَا تَرَدَّدَ الْبَاقِلَّانِيُّ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ فِعْلِ الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُطْلَقُ سَيِّئَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ صَغِيرَةٌ (الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ أَيْ، فَإِنْ تَكَلَّمْت بِهِ أَوْ عَمِلْت بِمَا حَدَّثَتْ بِهِ النَّفْسُ فِي الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَهَلْ يُكْتَبُ عَلَيْهِ وِزْرَانِ وِزْرُ حَدِيثِ النَّفْسِ وَوِزْرُ التَّكَلُّمِ أَوْ الْعَمَلِ وَرُبَّمَا يَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَوْ إنَّمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ وِزْرٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ وِزْرُ الْكَلَامِ أَوْ الْعَمَلِ فَقَطْ قَوْلَانِ وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ. (الثَّالِثَةُ) قَوْلُنَا إنَّ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ أَيْ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِتِلْكَ السَّيِّئَةِ أَوْ يَعْمَلْ، فَإِنْ تَكَلَّمَ بِهَا أَوْ عَمِلَ تُكْتَبُ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ الْقَوْلَانِ. (الرَّابِعَةُ) قَوْلُنَا فِي الْمَرْتَبَةِ الرَّابِعَةِ أَيْضًا إنَّ الْهَمَّ لَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ أَيْ ثُمَّ يَظْهَرُ إنْ تَرَكَهَا خَوْفَ النَّاسِ أَوْ عَدَمَ شَهْوَةٍ لَمْ تُكْتَبْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَإِنْ تَرَكَهَا خَوْفًا مِنْ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْهَمَّ لَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الحج: 25] يُرَادُ بِالْإِرَادَةِ الْعَزْمُ الْمُصَمِّمُ أَوَّلًا وَيُحْمَلُ عَلَى فِعْلِ الظُّلْمِ بِالْفِعْلِ وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ هَلْ يَتَنَزَّلُ الْعَزْمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ إلَخْ، وَأَمَّا الْعَزْمُ عَلَى الْحَسَنَةِ فَهُوَ كَفِعْلِهَا لَكِنْ هَلْ يُسَاوِي حِينَئِذٍ الْعَزْمُ عَلَيْهَا الْهَمَّ بِهَا الْوَارِدَ فِي خَبَرِ «وَمَنْ هَمَّ بِهَا فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ كَامِلَةٌ» وَفِي الْوَاعِظِ الْفَتْحِ إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَامِلَةٌ غَيْرُ نَاقِصَةٍ أَيْ فِي عِظَمِ الْقَدْرِ لَا التَّضْعِيفِ إلَى الْعَشْرِ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْعَزْمِ عَلَى الْحَسَنَةِ وَالْهَمِّ بِهَا نَعَمْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَيْهَا يُكْتَبُ عَشْرًا افْتَرَقَ مَعَ الْهَمِّ وَيُسْأَلُ حِينَئِذٍ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَزْمِ عَلَيْهَا وَبَيْنَ فِعْلِهَا الَّذِي فِيهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْحَسَنَةِ، وَإِنْ كُتِبَ حَسَنَةً وَاحِدَةً سَاوَى الْهَمَّ عَلَى الْحَسَنَةِ، وَإِنْ كُتِبَ عَشْرًا سَاوَى فِعْلَهَا وَانْظُرْ مَا هُوَ الصَّرِيحُ فِي ذَلِكَ نَقْلًا (قَوْلُهُ فَالْعَلَاقَةُ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فَقِيلَ الْعَلَاقَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقِيلَ السَّبَبِيَّةُ وَقِيلَ الْمُسَبَّبِيَّةُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْعَلَاقَةَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ السَّبَبِيَّةُ وَصْفُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَالْحَالِيَّةُ وَالْمَحَلِّيَّةُ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْعَلَاقَةَ فِي ذَلِكَ الْحَالِيَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 عَلَّلَ الِانْكِسَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى (ش) وَهِيَ لُغَةً قِلَّةُ الْكَلَامِ وَالْحَجْزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَاصْطِلَاحًا امْتِثَالُ أَمْرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَوَاضُعًا مِنْهُ وَإِلَّا فَعَمَلُهُ وَتَقْوَاهُ وَدِينُهُ مَشْهُورٌ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ كَشَيْخِهِ وَهَضْمُ النَّفْسِ شَأْنُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ قَالَ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] وَيُقَالُ مَنْ رَضِيَ بِدُونِ قَدْرِهِ رَفَعَهُ اللَّهُ فَوْقَ قَدْرِهِ (ص) خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ (ش) خَلِيلُ فَعِيلٌ مِنْ الْخُلَّةِ وَهِيَ صَفَاءُ الْمَوَدَّةِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ يَجُوزُ هُنَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ الْعِلْمِيِّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ قِلَّةِ الْعَمَلِ) أَيْ الصَّالِحِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ؛ لِأَنَّ انْكِسَارَ الْخَاطِرِ لَا يَكُونُ إلَّا لِفَوَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا لِفَوَاتِ مُطْلَقِ الْعَمَلِ أَوْ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِيهِ لِلْكَمَالِ وَالْعَمَلُ الْكَامِلُ هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالْعَمَلُ أَخَصُّ مِنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ لِلْبَهَائِمِ كَمَا يُنْسَبُ لِذَوِي الْعُقُولِ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَلَا يُقَالُ إلَّا فِيمَا كَانَ عَنْ فِكْرٍ وَرَوِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَالتَّقْوَى) مِنْ تَقَيْتُ وَالْأَصْلُ وَقْيًا قُلِبَتْ الْوَاوُ تَاءً كَمَا فِي تُرَاثٍ، ثُمَّ الْيَاءُ وَاوًا فَصَارَ تَقْوَى، وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ؛ لِأَنَّ أَلِفَه لِلتَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَخْ) مُنَاسِبٌ لِلْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ؛ لِأَنَّ قِلَّةَ الْكَلَامِ قَدْ تَكُونُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْأَمْرِ وَأَيْضًا يَلْزَمُ مِنْ قِلَّةِ الْكَلَامِ فِي الْجُمْلَةِ امْتِثَالُ الْأَمْرِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَعِنْدَ أَهْلِ الْمَعَارِفِ مَفْهُومٌ (قَوْلُهُ وَالْحَجْزُ) كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيِّ وَفِي تت وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحَاجِزُ إلَخْ وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ ظَاهِرَةٌ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ فِي كَ فَكَأَنَّ الْمُتَّقِيَ جَعَلَ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ وَالِاجْتِنَابَ عَمَّا نَهَاهُ اللَّهُ حَاجِزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَذَابِ (قَوْلُهُ امْتِثَالُ أَمْرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ) أَيْ امْتِثَالُ أَوَامِرِ اللَّهِ قَالَ تت وَمِنْ الْأَوَامِرِ الْإِخْلَاصُ وَالصَّبْرُ وَالرِّضَا وَالزُّهْدُ وَالْقَنَاعَةُ وَالتَّوَكُّلُ وَشُكْرُ الْمُنْعِمِ وَالنَّصِيحَةُ وَمَحَبَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَمِنْ النَّوَاهِي الْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَالْبَغْيُ وَالْغَضَبُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالْغِشُّ وَالْخَدِيعَةُ وَالْمَكْرُ وَالْكِبْرُ وَالْعُجْبُ. اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُتَّقِي كَمَا قَالَ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ الْأُولَى التَّوَقِّي عَنْ الْعَذَابِ الْمُخَلَّدِ بِالتَّبَرِّي عَنْ الشِّرْكِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] وَالثَّانِيَةُ التَّجَنُّبُ عَنْ كُلِّ مَا يُؤْثِمُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ حَتَّى الصَّغَائِرِ عِنْدَ قَوْمٍ، وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ بِاسْمِ التَّقْوَى فِي الشَّرْعِ، وَهُوَ الْمُعْنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا} [الأعراف: 96] وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَتَنَزَّه عَمَّا يَشْغَلُ سِرَّهُ عَنْ الْحَقِّ وَيَتَبَتَّلُ إلَيْهِ بِشَرَّيْ شَرِّهِ أَيْ نَفْسِهِ وَجِسْمِهِ، وَهُوَ التَّقَوِّي الْحَقِيقِيُّ الْمَطْلُوبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران: 102] إلَخْ فَالتَّقْوَى فِي الْمَتْنِ إنْ أُرِيدَ بِهَا الْمَعْنَى الثَّانِي فَالْعَمَلُ مُغَايِرُهَا مَفْهُومًا وَيَلْزَمُهَا وُجُودًا إنْ أُرِيدَ بِهَا الْمَعْنَى الثَّالِثُ فَهُوَ يُغَايِرُهَا مَفْهُومًا وَيَنْفَكُّ عَنْهَا وُجُودًا أَيْ يُوجَدُ بِدُونِهَا انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَنَقُولُ قَدْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّقْوَى الْمَعْنَى الثَّانِيَ أَوْ الثَّالِثَ وَلَا تَصِحُّ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ امْتِثَالُ الْأَمْرِ إنْ قَصُرَ عَلَى أَمْرِ الْوُجُوبِ وَالنَّهْيِ عَلَى نَهْيِ التَّحْرِيمِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِلْمَعْنَى الثَّانِي، وَإِنْ عُمِّمَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ حَتَّى يَشْمَلَ نَهْيَ التَّحْرِيمِ وَنَهْيَ الْكَرَاهَةِ وَنَهْيَ خِلَافِ الْأَوْلَى فَيَكُونُ إشَارَةً لَهَا بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ (قَوْلُهُ نَوَاهِيهِ) جَمْعُ نَهْيٍ بِمَعْنَى مَنْهِيَّاتِهِ (قَوْلُهُ تَوَاضُعًا إلَخْ) أَيْ فَسَلَكَ مَسْلَكَ هَضْمِ النَّفْسِ وَكَسْرِهَا لَا مَسْلَكَ التَّحَدُّثِ بِالنِّعْمَةِ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ فَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ الْمَسْلَكَ الْأَوَّلَ وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ الْمَسْلَكَ الثَّانِيَ وَكِلَا الْمَسْلَكَيْنِ حَسَنٌ وَالْأَوَّلُ مَسْلَكُ الصُّوفِيَّةِ وَالثَّانِي مَسْلَكُ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ قَالَهُ يُوسُفُ الْفِيشِيُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَمَلُهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ وَتَقْوَاهُ وَقَوْلُهُ دِينُهُ أَيْ عِبَادَتُهُ. (قَوْلُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ إلَخْ) فَقَدْ مَرَّ بِشَوَّاءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ خَرُوفٌ شَوَاهُ فَنَادَاهُ وَأَمَرَهُ بِطَرْحِهِ لِلْكِلَابِ وَدَفَعَ لَهُ مَبْلَغًا فَكَانَ قَدْرَ ثَمَنِهِ وَقَالَ لَا تَعُدْ فَسُئِلَ الشَّوَّاءُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَمَاتَ مِنْ اللَّيْلِ وَلَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ فَشَوَيْته مَيِّتًا لِأَبِيعَهُ فَكَاشَفَنِي وَقَدْ تُبْت عَلَى يَدَيْهِ وَكَانَ جُنْدِيًّا يَلْبَسُ زِيَّ الْغُزَاةِ الْمُتَقَشِّفِينَ وَلَمَّا أَرَادَ الْكُفَّارُ أَخْذَ إسْكَنْدَرِيَّةَ فَبَعَثَ السُّلْطَانُ إلَيْهَا جُنْدًا لِدَفْعِهِمْ فَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ جُمْلَتِهِمْ (قَوْلُهُ كَشَيْخِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ وَمُكَاشِفَاتُهُ ظَاهِرَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُكَاشَفَتُهُ عَلَيْهِ حِينَ اشْتَغَلَ فِي صِغَرِهِ بِسِيرَةِ الْبَطَّالِ وَنَحْوِهَا فَكَاشَفَهُ فَقَالَ لَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْآفَاتِ السَّهَرُ فِي الْخُرَافَاتِ (قَوْلُهُ {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] أَيْ تَزْكِيَةَ فَخْرٍ أَوْ تَزْكِيَةَ تَحَدُّثٍ بِالنِّعْمَةِ فَيَكُونُ إشَارَةً لِلطَّرِيقِ الْأُولَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ تَزْكِيَةَ فَخْرٍ لَا تَزْكِيَةَ تَحَدُّثٍ بِالنِّعْمَةِ فَيَكُونُ إشَارَةً لِلطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَيُقَالُ مَنْ رَضِيَ بِدُونِ قَدْرِهِ) أَيْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا فَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَأَمَّا فِعْلًا فَكَانَ لَا يَجْلِسُ فِي الصَّدْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ رَضِيَ بِمَرْتَبَةٍ دُونَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا قَدْرُهُ وَقَوْلُهُ رَفَعَهُ اللَّهُ فَوْقَ قَدْرِهِ أَيْ رَفَعَهُ اللَّهُ مَرْتَبَةً فَوْقَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا قَدْرُهُ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ التَّوَاضُعَ إنْ كَانَ لِلَّهِ أَوْ لِرَسُولِهِ أَوْ الشَّيْخِ أَوْ الْوَالِدِ أَوْ السُّلْطَانِ أَوْ الْحَاكِمِ فَوَاجِبٌ وَلِسَائِرِ النَّاسِ مَنْدُوبٌ مَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ دُنْيَاهُمْ أَوْ ظُلْمِهِمْ فَحَرَامٌ إلَّا لِخَوْفٍ (قَوْلُهُ خَلِيلُ) بَدَلٌ مِنْ الْفَقِيرِ أَوْ الْمُضْطَرِّ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَعْتَ الْمَعْرِفَةِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا أُعْرِبَ بِحَسَبِ الْعَوَامِلِ وَأُعْرِبَتْ هِيَ بَدَلًا أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ وَصَارَ الْمَتْبُوعُ تَابِعًا وَنَعْتُ النَّكِرَةِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] (قَوْلُهُ خَلِيلُ فَعِيلٌ) أَيْ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ. (قَوْلُهُ مِنْ الْخُلَّةِ) أَيْ بِضَمِّ الْخَاءِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَبِمَعْنَى الْحَاجَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ الْمَوَدَّةِ) أَيْ الْمَحَبَّةِ الصَّافِيَةِ أَيْ الْخَالِصَةِ مِنْ مُشَارَكَةِ الْأَغْيَارِ (قَوْلُهُ ثُمَّ سَمَّى بِهِ الْمُؤَلِّفُ) أَيْ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، ثُمَّ سُمِّيَ الْمُؤَلِّفُ بِهِ هَذَا بِحَسَبِ الْوَاقِعِ وَبَعْدُ فَيَجُوزُ فِي الْمَقَامِ أَمْرَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَجُوزُ) خُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ عَلَى عَلَمِيَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ تَنْكِيرُهُ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَاهُ الْعَلَمِيِّ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وَالْقَصْدُ بِمَا بَعْدَهُ إزَالَةُ مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ الْإِبْهَامِ بِالِاشْتِرَاكِ. وَقَوْلُهُ ابْنُ إمَّا نَعْتٌ لِخَلِيلٍ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْجُمْلَةُ إمَّا اسْتِئْنَافٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَنْ خَلِيلٌ أَوْ حَالٌ لَازِمَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنَكَّرًا أَيْ شَخْصٌ مَا سُمِّيَ بِخَلِيلٍ وَعَلَيْهِ فَابْنٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْجُمْلَةُ نَعْتٌ لِخَلِيلٍ وَالْقَصْدُ بِهَا تَخْصِيصُهُ وَتَعْيِينُهُ (ص) ابْنِ يَعْقُوبَ الْمَالِكِيِّ (ش) ابْنِ بِالْجَرِّ نَعْتٌ لِإِسْحَاقَ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى، فَإِنْ قُلْت وَعَلَى كُلٍّ فَإِنَّ هَذِهِ الْكُنْيَةَ لَا تُمَيِّزُهُ لِاشْتِرَاكِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِ النَّاسِ قُلْت هَذَا الْإِلْبَاسُ مِمَّا لَا يَضُرُّ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ نِسْبَتَهُ إلَى أَبِيهِ بَلْ مُجَرَّدُ تَمْيِيزِهِ بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ وَقَدْ غَلَبَتْ هَذِهِ الْكُنْيَةُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَدُونَ نِسْبَتِهِ إلَى غَيْرِ جَدِّهِ كَأَبِيهِ وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الدُّرَّةِ الْكَامِنَةِ أَنَّهُ يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ وَيُلَقَّبُ بِضِيَاءِ الدِّينِ انْتَهَى وَكَانَ وَالِدُهُ حَنَفِيًّا يُلَازِمُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ وَالشَّيْخَ عَبْدَ اللَّهِ الْمَنُوفِيَّ فَشَغَلَ وَلَدُهُ مَالِكِيًّا فَقَوْلُهُ الْمَالِكِيِّ لَيْسَ نَعْتًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إِسْحَاقَ وَالِدُهُ كَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ   [حاشية العدوي] أَيْ فِي مَعْنَاهُ الْمَنْسُوبِ لِلْعَلَمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَدْلُولًا لَهُ فَهُوَ مِنْ نِسْبَةِ الْمَدْلُولِ لِلدَّالِّ (قَوْلُهُ بِالِاشْتِرَاكِ) اللَّفْظِيِّ؛ لِأَنَّ خَلِيلًا مُشْتَرَكٌ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا (قَوْلُهُ إمَّا نَعْتٌ لِخَلِيلٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّعْتَ يَكُونُ بِالْمُشْتَقِّ وَشَبَهِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ وَانْعَتْ بِمُشْتَقٍّ كَصَعْبٍ وَذَرَبٍ إلَخْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ ابْنُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الْمُشْتَقِّ وَلَا مِنْ شَبَهِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الْأُشْمُونِيِّ وَأَيْضًا أَنَّ كَوْنَهُ بَيَانًا يَقْتَضِي الْجُمُودَ وَالنَّعْتِيَّةُ تَقْتَضِي الِاشْتِقَاقَ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَجَعَلَهُ نَعْتًا بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ تَأْوِيلِهِ بِمَنْسُوبٍ، وَإِنْ خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ وَجَعَلَهُ بَيَانًا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَأْوِيلِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَلَا يُعْتَرَضُ وَيُقَالُ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَوْ بَدَلٌ (قَوْلُهُ وَمَنْ خَلِيلٌ) لَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَابْنُ مَنْ خَلِيلٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ هَذَا إلَّا لَوْ أُرِيدَ تَعْيِينُهُ بِكَوْنِهِ ابْنَ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَصْدُ تَمْيِيزُهُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَالتَّمْيِيزُ بِجُزْئِيٍّ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ عَنْ ذَلِكَ الْجُزْئِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ حَالٌ لَازِمَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ حَالًا لَازِمَةً؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَفْظُ خَلِيلٍ مُشْتَرَكًا اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا فَلَا يَكُونُ بُنُوَّةُ إِسْحَاقَ لَازِمَةً لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنَكَّرًا) أَيْ عَلَمٌ قُصِدَ تَنْكِيرُهُ بِحَيْثُ صَارَ الْمُرَادُ بِهِ بَعْدَ التَّنْكِيرِ ذَاتًا مَا مُسَمَّاةً بِخَلِيلٍ أَيْ مُسَمَّى مَصْدُوقِهَا أَيْ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَصْدُوقَاتِهَا بِخَلِيلٍ فَهُوَ تَنْكِيرٌ طَارِئٌ لَا أَصْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الْأَصَالَةَ إنَّمَا هِيَ لِلصِّفَةِ لَا الْعَلَمِيَّةِ وَلَا التَّنْكِيرُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَابْنُ خَبَرٌ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا وَلَا عَطْفَ بَيَانٍ لِكَوْنِهِ يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الْمَنْعُوتِ لِلنَّعْتِ وَالْمُبَيِّنُ لِلْبَيَانِ فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ وَخَلِيلُ حِينَئِذٍ نَكِرَةٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ مَعْرِفَةٌ، ثُمَّ نَقُولُ إنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ بِهِ تَعْرِيفَ نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ يُنَافِي التَّنْكِيرَ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُقَالُ الْوَصْفُ يَحْصُلُ بِهِ التَّعْيِينُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا لَا يَحُوجُ تَقَدَّمَ مُرَاعَاتُهُ عَلَى مَا يَحُوجُ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ كُلٍّ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي التَّمْيِيزِ سَوَاءُ جُعِلَ عَلَمًا أَوْ اسْمًا مُنَكَّرًا أَيْ قَصَدَ تَنْكِيرَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ عَلَمًا حَصَلَ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ (قَوْلُهُ تَخْصِيصُهُ وَتَعْيِينُهُ) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْيِينَ وَالتَّخْصِيصَ مُتَرَادِفَانِ لُغَةً فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ تَعْيِينُ الشَّيْءِ تَخْصِيصُهُ (قَوْلُهُ نَعْتٌ لِإِسْحَاقَ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ) قَالَ تت ابْنُ مُوسَى وَوَهَمَ مَنْ قَالَ ابْنُ يَعْقُوبَ وَالْقَائِلُ بِهِ هُوَ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَا قَالَهُ تت هُوَ الَّذِي قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الدُّرَّةِ الْكَامِنَةِ فِي أَبْنَاءِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وَقَدْ وُجِدَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ نَحْوُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْكُنْيَةَ) الَّتِي هِيَ ابْنُ يَعْقُوبَ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى أَوْ ابْنُ مُوسَى عَلَى الثَّانِيَةِ. (تَنْبِيهٌ) : لَيْسَتْ هَذِهِ كُنْيَةً وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ مَا صُدِّرَ بِابْنٍ أَوْ بِنْتٍ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِأَعْلَامِ الْأَجْنَاسِ كَابْنِ عِرْسٍ أَوْ بِنْتِ عِرْسٍ (قَوْلُهُ لَا تُمَيِّزُهُ) أَيْ أَنَّ تِلْكَ الْكُنْيَةَ الَّتِي هِيَ ابْنُ يَعْقُوبَ أَوْ ابْنُ مُوسَى (قَوْلُهُ هَذَا الْإِلْبَاسُ) الْمُنَاسِبُ هَذَا الِاشْتِرَاكَ، وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُرَادَ بِالْإِلْبَاسِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودَ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمَقْصُودَ نِسْبَتُهُ إلَى أَبِيهِ فِي تَحْصِيلِ التَّمْيِيزِ أَيْ لَيْسَ الْعِلَّةُ فِي التَّمْيِيزِ نِسْبَتَهُ إلَى أَبِيهِ أَيْ أَبِيهِ الْأَعْلَى وَالْأَوْلَى إلَى جَدِّهِ وَقَوْلُهُ بَلْ مُجَرَّدٌ أَيْ بَلْ الْمَقْصُودُ تَمْيِيزُهُ مُجَرَّدًا عَنْ كَوْنِهِ الْعِلَّةُ فِيهِ النِّسْبَةُ إلَى جَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ غَلَبَتْ أَيْ الْقَصْدُ التَّمْيِيزُ وَالْعِلَّةُ فِيهِ الْغَلَبِيَّةُ لَا النِّسْبَةُ الْمَذْكُورَةُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ قَالَ خَلِيلُ بْنُ يَعْقُوبَ (قَوْلُهُ وَقَدْ غَلَبَتْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ غَلَبَتْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا اشْتِرَاكٌ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَدُونَ نِسْبَتِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ هَذِهِ الْكُنْيَةُ أَيْ إنَّ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ ابْنُ يَعْقُوبَ دُونَ ابْنِ إِسْحَاقَ (قَوْلُهُ كَأَبِيهِ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ غَيْرِ جَدِّهِ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ فِي الْجَوَابِ إنْ قُلْت وَعَلَى كُلٍّ فَإِنَّ تِلْكَ النِّسْبَةَ الَّتِي هِيَ ابْنُ إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ أَوْ ابْنُ مُوسَى لَا تُمَيِّزُ لِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ قُلْت هَذَا الِاشْتِرَاكُ لَا يَضُرُّ هُنَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ النِّسْبَةَ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِهَذَا الْإِمَامِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ. (قَوْلُهُ ابْنُ حَجَرٍ) أَيْ الْحَافِظُ الَّذِي هُوَ الْعَسْقَلَانِيُّ لَا الْهَيْتَمِيُّ (قَوْلُهُ فِي الدُّرَّةِ الْكَامِنَةِ) أَيْ فِي أَبْنَاءِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ أَنَّهُ يُسَمَّى مُحَمَّدًا وَيُلَقَّبُ بِضِيَاءِ الدِّينِ كَذَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ وَتَلْقِيبُهُ بِضِيَاءِ الدِّينِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَفِي نُسْخَةٍ يُكْنَى بِأَبِي مُحَمَّدٍ وَيُلَقَّبُ بِضِيَاءِ الدِّينِ وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ عَرَفْت نُسْخَتَهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى بِخَلِيلٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ وَهُمْ أَعْلَمُ بِاسْمِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ فَشَغَلَ وَلَدُهُ مَالِكِيًّا) أَيْ بِمُلَازَمَتِهِ مَحَبَّةَ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ (قَوْلُهُ كَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ) وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ وَالِدَهُ كَانَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْأَخْيَارِ وَذَكَرَ لَهُ مُكَاشِفَاتٍ وَذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ فِي صِغَرِهِ قَرَأَ سِيرَةَ الْبَطَّالِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحِكَايَاتِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ يَا خَلِيلُ مِنْ أَعْظَمِ الْآفَاتِ السَّهَرُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 ص) - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ش) هِيَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ لَهُ عَمَلًا بِمَا يَلْزَمُ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ لَلْمُؤَلِّفِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْفَضْلِ وَأَتَى بِهَا فِعْلِيَّةً لِحُدُوثِ الْمَسْئُولِ بِهَا وَأَتَى بِهَا خَبَرِيَّةً تَفَاؤُلًا بِالْإِجَابَةِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الدُّعَاءِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَاغْفِرْ لَنَا وَخَصَّ الرَّحْمَةَ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ كُلَّ خَيْرٍ، مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعَ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ بَعْضَ الطَّلَبَةِ رَأَى الْمُؤَلِّفَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ وَلِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ. (ص) الْحَمْدُ لِلَّهِ (ش) لَمَّا افْتَتَحَ بِالْبَسْمَلَةِ افْتِتَاحًا حَقِيقِيًّا افْتَتَحَ بِالْحَمْدَلَةِ افْتِتَاحًا إضَافِيًّا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ جَمْعًا بَيْنَ حَدِيثَيْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالْحَمْدُ لُغَةً هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ   [حاشية العدوي] الْخُرَافَاتِ. قَالَ فَعَلِمْت أَنَّ الشَّيْخَ عَلِمَ بِحَالِي وَانْتَهَيْت مِنْ ذَلِكَ الْحِينِ وَذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّهُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِمَا يَعْنِيهِ حَتَّى أَنَّهُ أَقَامَ بِمِصْرَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَرَ النِّيلَ وَأَنَّهُ جَاءَ لِمَنْزِلِ بَعْضِ شُيُوخِهِ فَوَجَدَ الْكَنِيفَ مَفْتُوحًا وَلَمْ يَجِدْ الشَّيْخَ فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ شَوَّشَهُ هَذَا الْكَنِيفُ فَذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يُنْقِيهِ فَقَالَ الشَّيْخُ خَلِيلُ أَنَا أَوْلَى بِتَنْقِيَتِهِ فَشَمَّرَ وَنَزَلَ فَجَاءَ الشَّيْخُ فَوَجَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَالنَّاسُ قَدْ حَلَّقُوا عَلَيْهِ تَعَجُّبًا مِنْ فِعْلِهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا خَلِيلٌ فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَدَعَا لَهُ عَنْ قَرِيحَةٍ صَادِقَةٍ فَنَالَ بَرَكَةَ ذَلِكَ وَوَضَعَ اللَّهُ الْبَرَكَةَ فِي عُمُرِهِ (قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) لَمْ يَقُلْ رَحِمَنِي اللَّهُ؛ لِأَنَّ خَلِيلَ اسْمٌ ظَاهِرٌ مِنْ قَبِيلِ الْغَيْبَةِ فَنَاسَبَ ضَمِيرَ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فِي مَكَارِمِ) فِي بِمَعْنَى مِنْ مُقَدَّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ عَمَلًا بِاَلَّذِي يَلْزَمُ أَوْ بِشَيْءٍ يَلْزَمُ أَيْ يَتَأَكَّدُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ لَلْمُؤَلِّفِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ مَعْدُودًا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَيْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْأَخْلَاقِ الْمَحَاسِنِ أَيْ الْحَسَنَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ دُعَاءٌ فَقَطْ لَا ثَنَاءٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ دُعَاءً صَرِيحًا فَهُوَ ثَنَاءٌ ضِمْنًا (قَوْلُهُ لَلْمُؤَلِّفِ) الْمُقَامُ لِلْإِضْمَارِ وَنُكْتَةُ الْإِظْهَارِ التَّحَدُّثُ بِالنِّعْمَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَوْصُوفًا بِالتَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ الدَّاعِي لَهُ أَيْ لَلْمُؤَلِّفِ بِالْفَضْلِ أَيْ بِالْإِحْسَانِ مِنْ تَأْلِيفِهِ ذَلِكَ الْمُخْتَصَرَ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ وَمِنَّةٌ لَمْ تُسَاوِهَا مِنَّةٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ جُمْلَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ وَضْعِ بَعْضِ الطَّلَبَةِ لَا أَنَّهَا مِنْ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ بَعِيدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ الْقَارِئَ إذَا جَاءَ لِتِلْكَ الْجُمْلَةِ يُلَاحِظُ إنْشَاءَ الدُّعَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ لِحُدُوثِ الْمَسْئُولِ بِهَا) أَيْ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلِيَّةُ لَا ثُبُوتُهُ وَدَوَامُهُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الِاسْمِيَّةُ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِالْبَيَانِ وَالْمَسْئُولُ هُوَ الرَّحْمَةُ (قَوْلُهُ تَفَاؤُلًا بِالْإِجَابَةِ) أَيْ تَرَقُّبًا لِلْإِجَابَةِ أَيْ فَكَأَنَّ الرَّحْمَةَ حَصَلَتْ بِالْفِعْلِ وَصَارَ يُخْبَرُ بِهَا. (قَوْلُهُ وَخَصَّ الرَّحْمَةَ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ كُلَّ خَيْرٍ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَلَّا قَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَثَلًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ لَكَانَ قَاصِرًا عَلَى سُؤَالِ مَحْوِ الذَّنْبِ فَلَا يَشْمَلُ طَلَبَ نِعَمٍ أُخْرَى مِنْ نِعَمِ الْآخِرَةِ أَيْ وَالرَّحْمَةُ بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ تَشْمَلُ مَحْوَ الذَّنْبِ وَغَيْرَهُ، فَإِنْ قُلْت إنَّ الْإِنْعَامَ حَقِيقَةٌ فِي تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِشَيْءٍ مُنْعَمٍ بِهِ يَثْبُتُ لَهُ وُجُودٌ فِي الْخَارِجِ فَلَا يَشْمَلُ سُؤَالَ الْعَفْوِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ تَجْمَعُ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّ الرَّحْمَةَ تُعُورِفَتْ فِيمَا يَشْمَلُ مَحْوَ الذَّنْبِ فَالشُّمُولُ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ) بِسِينٍ وَبَاءٍ كَمَا هُوَ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ أَنَّهُ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَكَذَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي تت فِي صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الدُّرَّةِ الْكَامِنَةِ سَنَةَ تِسْعٍ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ عَلَى السِّينِ وَنَحْوِهِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ الْفَاسِيِّ وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ زَرُّوقٍ وَبَعْضُهُمْ عَزَا ذَلِكَ لتت وَلَعَلَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَتِهِ كَذَلِكَ وَفِي ابْنِ غَازِيٍّ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ قَائِلًا حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْقَاضِي الْفَقِيهُ نَاصِرُ الدِّينِ الْإِسْحَاقِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ حُفَّاظِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَلِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ غُفِرَ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الذُّنُوبُ الْمَاضِيَةُ فَقَطْ وَبَعْدَهَا مُعَرَّضُونَ لِإِصَابَتِهَا أَوْ وَالْمُسْتَقْبِلَة عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهَا وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ أَوْ الْمَاضِيَةُ فَقَطْ وَيُحْفَظُونَ بَعْدَ وُقُوعِهَا وَالْمُرَادُ صَلَّى عَلَيْهِ جِنَازَتَهُ. (قَوْلُهُ حَقِيقِيًّا) نِسْبَةً لِلْحَقِيقَةِ أَيْ حَقِيقَةِ الِافْتِتَاحِ فَهُوَ مِنْ نِسْبَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ مُبَالَغَةً أَوْ أَنَّ تِلْكَ النِّسْبَةَ لَيْسَتْ مُرَادَهُ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِابْتِدَاءُ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِابْتِدَاءَ الْإِضَافِيَّ أَعَمُّ أَيْ إنَّ الِافْتِتَاحَ الْإِضَافِيَّ هُوَ الِافْتِتَاحُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الِافْتِتَاحِ فِي الْمَقْصُودِ فَبَانَ بِذَلِكَ ظُهُورُ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمَ افْتِتَاحٍ عَلَى افْتِتَاحٍ (قَوْلُهُ بِالذَّاتِ) أَيْ قَصَدَهُ جَاءَ لَهُ مِنْ ذَاتِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ فَإِنَّهُمَا، وَإِنْ كَانَتَا مَقْصُودَتَيْنِ إلَّا أَنَّ الْقَصْدِيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُمَا مِنْ نَفْسِهِمَا بَلْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ جَمْعًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمَّا افْتَتَحَ بِالْبَسْمَلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ بَيْنَ حَدِيثَيْ) أَيْ بَيْنَ الْعَمَلِ بِحَدِيثَيْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ حَدِيثُ الْبَسْمَلَةِ وَوَرَدَ فِي الْحَمْدَلَةِ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ كَ وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الْمُتَعَلِّقُ بِالِابْتِدَاءِ بِالْبَسْمَلَةِ وَوَرَدَ فِي الْحَمْدَلَةِ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَجَاءَ التَّعَارُضُ فَدَفَعَ الشَّارِحُ التَّعَارُضَ بِأَنَّ حَمْلَ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحَمْدَلَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ الْإِضَافِيِّ وَلَمْ يَعْكِسْ لِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَلِقُوَّةِ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى حَدِيثِ الْحَمْدَلَةِ وَهُنَاكَ أَجْوِبَةٌ لَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا. (قَوْلُهُ لُغَةً) أَيْ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَعْدُودًا فِي الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ لِلْعَرَبِ، وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْحَمْدِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُضَافٌ إلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ وَتَفْسِيرُ الْحَمْدِ حَالَةَ كَوْنِ الْحَمْدِ لُغَةً فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ إنَّهُ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ بِاللِّسَانِ) بِمَعْنَى آلَةِ النُّطْقِ وَلَوْ غَيْرَ الْمَعْهُودَةِ فَيَشْمَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ أَمْ لَا وَاصْطِلَاحًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ اعْتِقَادًا بِالْجَنَانِ أَوْ قَوْلًا   [حاشية العدوي] الثَّنَاءَ الْمَنْطُوقَ بِهِ بِغَيْرِهَا خَرْقًا لِلْعَادَةِ وَخَرَجَ بِهِ الثَّنَاءُ بِغَيْرِهِ كَالْحَمْدِ النَّفْسِيِّ وَحَمْدِ الْجَمَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظِيًّا خَرْقًا لِلْعَادَةِ فَلَيْسَ حَمْدًا لُغَةً حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا، وَإِنْ كَانَ ثَنَاءً حَقِيقَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّنَاءَ الْإِتْيَانُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اتِّصَافِ الْمَحْمُودِ بِالصِّفَةِ الْجَمِيلَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ اللِّسَانِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ قَيْدُ اللِّسَانِ مُسْتَدْرَكًا. (قَوْلُهُ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ) أَيْ لِأَجْلِ الْفِعْلِ الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ تَعْلِيلٌ لِلثَّنَاءِ وَهَذَا الْفِعْلُ الْمَوْصُوفُ بِمَا ذَكَرَ هُوَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَحْمُودُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ فِي التَّعْرِيفِ بِلَفْظِ الثَّنَاءِ فَإِنَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ الْإِتْيَانُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اتِّصَافِ الْمَحْمُودِ بِالصِّفَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي مَصْدُوقُهَا الْمَحْمُودُ بِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا يَكُونُ الْحَمْدُ مُخْتَصًّا بِالْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ بِخِلَافِ الْمَدْحِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ قَالَهُ فِي كَ وَالْمُرَادُ بِالْجَمِيلِ الْأَمْرُ الْحَسَنُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ بِحَسَبِ اعْتِقَادِ الْمَحْمُودِ كَقَوْلِك لِلَّذِي تَصِفُهُ بِصِفَةٍ دَنِيئَةٍ لَكِنَّهَا حَسَنَةٌ فِي اعْتِقَادِك أَوْ اعْتِقَادِ مُخَاطِبِك أَنْتَ كَنَاسٍ وَأُورِدَ عَلَى قَيْدِ الِاخْتِيَارِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ حَمْدًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الصِّفَاتِ الْمُقَدَّسَةِ لَيْسَتْ بِأَفْعَالٍ وَلَا يُوصَفُ ثُبُوتُهَا بِالِاخْتِيَارِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَبْدَأً لِأَفْعَالٍ اخْتِيَارِيَّةٍ كَانَ الْحَمْدُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ فَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ فِي الْمَآلِ انْتَهَى فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ اخْتِيَارِيًّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَثَرِهِ. (تَنْبِيهٌ) : الْحَمْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أُمُورٍ خَمْسَةٍ فَهِيَ أَرْكَانٌ لَهُ مَحْمُودٌ بِهِ وَمَحْمُودٌ عَلَيْهِ وَحَامِدٌ وَمَحْمُودٌ وَصِيغَةٌ فَالْمَحْمُودُ بِهِ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الصِّيغَةُ كَقَوْلِك زَيْدٌ عَالِمٌ فَالصِّيغَةُ هِيَ هَذَا اللَّفْظُ وَمَدْلُولُهَا، وَهُوَ ثُبُوتُ الْعِلْمِ لِزَيْدٍ هُوَ الْمَحْمُودُ بِهِ، وَأَمَّا الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَا كَانَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ فِي مُقَابَلَتِهِ، ثُمَّ أَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ بِالذَّاتِ كَمَنْ أَعْطَاك شَيْئًا فَكَانَ بَاعِثًا لَك عَلَى وَصْفِك لَهُ بِالْعِلْمِ أَوْ الْحِلْمِ وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ بِالِاعْتِبَارِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَحْمُودًا بِهِ وَمَحْمُودًا عَلَيْهِ لَكِنْ بِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ عَلَى الْوَصْفِ بِصِفَةٍ اتِّصَافُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَنْ رَأَيْته يَفْعَلُ فِعْلًا جَمِيلًا وَصَارَ ذَلِكَ بَاعِثًا لَأَنْ تُظْهِرَهُ فَتَقُولَ هُوَ صَلَّى أَوْ أَنْعَمَ فَهَذِهِ الصِّفَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا بَاعِثَةٌ عَلَى إظْهَارِكَ اتِّصَافَهُ بِهَا مَحْمُودٌ عَلَيْهَا وَمِنْ حَيْثُ إنَّكَ وَصَفْته بِهَا وَأَظْهَرْت أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِهِ مَحْمُودٌ بِهَا، وَأَمَّا الْحَامِدُ فَهُوَ الْوَاصِفُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْوَصْفُ، وَأَمَّا الْمَحْمُودُ فَهُوَ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ حَمْدًا لِلَّهِ عَلَى صِفَاتِهِ، وَأَمَّا الصِّيغَةُ فَهِيَ اللَّفْظُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْمَحْمُودِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُصَاحِبًا لِجِهَةِ التَّعْظِيمِ لَا لِلتَّعْظِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ بَلْ الْمُشْتَرَطُ جِهَتُهُ وَهِيَ عَدَمُ مُنَافَاةِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ لِلِّسَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ لَا تُشْتَرَطُ بَلْ الْمُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ لَهُمَا، ثُمَّ نَقُولُ أَخْرَجَ بِهِ الْوَصْفَ بِالْجَمِيلِ تَهَكُّمًا نَحْوَ {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] ، وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَنَاءً بِالْجَمِيلِ بَلْ وَصْفٌ لِلْمُتَهَكَّمِ بِهِ بِمَا لَيْسَ مُتَّصِفًا بِهِ حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا إمَّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا أَوْ بِاعْتِبَارِ ضِدِّ حَالِ الْمُتَهَكَّمِ بِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي النَّارِ يَنْفِي عَنْهُ الْعِزَّةَ وَالْكَرَمَ وَلَمْ يَقُلْ مَعَ التَّعْظِيمِ بَلْ قَالَ عَلَى جِهَةٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ لِلِّسَانِ بَلْ الْمُشْتَرَطُ عَدَمُ مُنَافَاتِهَا لِلِّسَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ فَقَدْ رَدَدْنَاهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ) أَيْ إنْعَامٍ أَمْ لَا هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِمْ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ أَوْ بِالْفَوَاضِلِ الْأُولَى: جَمْعُ فَضِيلَةٍ، وَهِيَ الْمَزِيَّةُ الْقَاصِرَةُ عَلَى مَنْ صَدَرَتْ عَنْهُ، وَالثَّانِيَةُ جَمْعُ فَاضِلَةٍ وَهِيَ الْمَزِيَّةُ الْمُتَعَدِّيَةُ كَالْإِنْعَامِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذَفَ هَمْزَةَ التَّسْوِيَةِ وَهِيَ بِمَعْنَى إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ الْأَمْرَانِ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ إنْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ أَوْ لَا فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ قَالَ فِي كَ وَتَخْصِيصُ الْفَضَائِلِ بِاَلَّتِي لَا تَتَعَدَّى وَالْفَوَاضِلُ بِاَلَّتِي تَتَعَدَّى لَيْسَ بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ اللُّغَةِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَلَعَلَّ التَّخْصِيصَ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَوْ لُغَوِيٌّ لَكِنْ لَا بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ انْتَهَى. وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ تَنْوِيعٌ فِي الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَلَوْ قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْجَمِيلُ نِعْمَةً أَمْ لَا لَكَانَ أَوْضَحَ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ اسْتَشْكَلَ مَا ذَكَرَ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ تَعَدِّي ذَوَاتِ الْمَلَكَاتِ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَلَكَاتِ تَتَعَدَّى ذَاتُهُ، وَإِنْ أُرِيدَ تَعَدِّي أَثَرِهَا فَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ يَتَعَدَّى أَثَرُهُمَا لِلْغَيْرِ وَالتَّحْقِيقُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ تَعَدِّي الْأَثَرِ وَلَكِنَّ الْمَزِيَّةَ الْمُتَعَدِّيَةَ مَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَى تَعَدِّي الْأَثَرِ مِثَالُ كَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ أَنْ تَحْمَدَهُ عَلَى إكْرَامِهِ لِلْغَيْرِ الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ تَحْمَدَهُ عَلَى حُسْنِ خَطِّهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ) أَيْ يُشْعِرُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ عَلِمَ تَعْظِيمَهُ وَلَا رَيْبَ فِي تَحَقُّقِ هَذَا الْمَعْنَى فِي الشُّكْرِ الْجَنَانِيِّ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ الْجَهْلُ بِالْمُنْبِئِ كَمَا لَا يَقْدَحُ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِمَعْنَى الْجَهْلِ بِالْوَضْعِ وَعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُ الْجَنَانِ مِنْ أَقْسَامِ الشُّكْرِ لِعَدَمِ الْإِنْبَاءِ فِيهِ إذْ لَا مَعْنَى لِإِنْبَائِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُعْتَقَدِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَطَّلِعُ وَلَوْ اطَّلَعَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَذَلِكَ الْمُطَلَّعُ بِهِ هُوَ الشُّكْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْبِئُ لَا الِاعْتِقَادُ كَذَا قِيلَ وَفِي ك. وَقَوْلُهُ فَذَلِكَ الْمُطَّلَعُ إلَخْ مَمْنُوعٌ بَلْ هُنَاكَ شُكْرَانِ أَحَدُهُمَا مُنْبِئٌ عَنْ الْآخَرِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ بِسَبَبٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَعَلَ أَيْ هَذَا الْفِعْلَ الْمَوْصُوفَ بِمَا ذَكَرَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ الَّذِي قَرَّرْنَا سَابِقًا مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِيُنْبِئُ وَتَعَلُّقُهُ بِ " تَعْظِيمِ " مُرَاعًى فِيهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ اعْتِقَادًا بِالْجَنَانِ) بِأَنْ يَعْتَقِدَ اتِّصَافَهُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَالْمُرَادُ مِنْ الِاعْتِقَادِ التَّصْدِيقُ جَازَ مَا أَوْ رَاجِحًا ثَابِتًا أَوْ لَا وَقِيلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 بِاللِّسَانِ أَوْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ أَيْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَدْحُ وَالشُّكْرُ مَذْكُورَانِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ مَعَ فَوَائِدَ نَفِيسَةٍ وَكَذَلِكَ هَلْ الْأَدَاةُ فِي الْحَمْدِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلْعَهْدِ أَقْوَالٌ مَبْسُوطَةٌ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَذَكَرَ مَعَ الْحَمْدِ الِاسْمَ الْكَرِيمَ الْجَامِعَ لِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ إذْ يُضَافُ إلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَا يُضَافُ إلَى غَيْرِهِ فَيُقَالُ الرَّحْمَنُ مَثَلًا اسْمُ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ اسْمُ الرَّحْمَنِ إشَارَةً لِاسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى الْحَمْدَ لِذَاتِهِ وَلِصِفَاتِهِ (ص) حَمْدًا يُوَافِي مَا تَزَايَدَ مِنْ النِّعَمِ (ش) حَمْدًا   [حاشية العدوي] الْمُرَادُ الْجَزْمُ وَقَوْلُهُ بِالْجِنَانِ تَأْكِيدٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ كَقَوْلِهِ نَظَرْت بِبَصَرِي وَقَوْلُهُ أَوْ قَوْلًا بِاللِّسَانِ أَمَّا أَنْ يُجْعَلَ كَالْأَوَّلِ لِكَوْنِ الْمُتَبَادِرِ الْقَوْلَ اللِّسَانِيَّ أَوْ مُخَصَّصَ بِنَاءً عَلَى عُمُومِهِ لِلْقَوْلِ اللِّسَانِيِّ وَالنَّفْسَانِيِّ وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ مَا قَابَلَ الِانْفِعَالَ فَيَصْدُقُ بِالْكَيْفِ الَّذِي التَّصْدِيقُ مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ) أَيْ بِهَذَا الْجِنْسِ الْمُتَحَقِّقِ فِي وَاحِدٍ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي طَاعَتِهِ وَانْقِيَادِهِ قَالَ فِي ك وَعَطْفُ الْخِدْمَةِ عَلَى الْعَمَلِ فِي التَّعْرِيفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ شُكْرًا إذَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الْخِدْمَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ فِي التَّعْرِيفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا انْتَهَى (وَأَقُولُ) إنَّمَا قَالَ وَخِدْمَةً إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ حَمْدًا حَقِيقَةً إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةُ الْخَدِيمِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلَا يُقَالُ لَهُ حَمْدٌ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ أَيْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ) لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ آلَاتِ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَبَيْنَ الْحَمْدِ اللُّغَوِيِّ وَالْحَمْدِ الِاصْطِلَاحِيِّ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيِّ يَجْتَمِعَانِ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ فِي مُقَابَلَةِ إنْعَامٍ وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ اللُّغَوِيُّ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ إنْعَامٍ كَأَنْ يَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ قِرَاءَتِهِ قِرَاءَةً جَيِّدَةً (قَوْلُهُ وَالْمَدْحُ) أَيْ الْمَدْحُ لُغَةً الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَمْ لَا عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَعُرْفًا فِعْلٌ مِنْ الْمَادِحِ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمَمْدُوحِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَمْدُوحِ عِنْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ اخْتِصَاصًا نِسْبِيًّا بِنَوْعٍ مِنْ الْفَضَائِلِ أَوْ الْفَوَاضِلِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ الدَّالُّ عَلَى مَا ذَكَرَ بِاللِّسَانِ أَمْ بِالْجَنَانِ أَمْ بِالْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ وَالشُّكْرُ) الشُّكْرُ لُغَةً هُوَ الْحَمْدُ اصْطِلَاحًا فَهُمَا مُتَرَادِفَانِ إذَا لَمْ تُقَيَّدْ النِّعْمَةُ فِي الشُّكْرِ بِإِيصَالِهَا إلَى الشَّاكِرِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ وَعُرْفًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَلْ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَيَكُونُ مُفَادُهَا بِالْمُطَابَقَةِ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مُخْتَصٌّ فِي الْحَقِيقَةِ بِهِ أَيْ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لَا فَرْدٌ مِنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ إذْ مَا مِنْ مَحْمُودٍ عَلَيْهِ إلَّا، وَهُوَ مِنْهُ بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَيَكُونُ مُفَادُهَا ذَلِكَ بِالِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ مُفَادَهَا بِالْمُطَابَقَةِ جِنْسَ الْحَمْدِ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ وَمَا ذُكِرَ لَازِمٌ لَهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِصَاصِ جِنْسِ الْحَمْدِ بِاَللَّهِ اخْتِصَاصُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الْجِنْسُ مُخْتَصًّا بِهِ لِتَحَقُّقِهِ فِي الْفَرْدِ الْمَفْرُوضِ ثُبُوتُهُ لَهُ هَذَا خَلْفٌ وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ مَا تَقُولُ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي الْحَمْدُ لِلَّهِ أَجِنْسِيَّةٌ هِيَ أَمْ عَهْدِيَّةٌ فَقَالَ يَا سَيِّدِي قَالُوا إنَّهَا جِنْسِيَّةٌ فَقُلْت لَهُ الَّذِي أَقُولُ إنَّهَا عَهْدِيَّةٌ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا عَلِمَ عَجْزَ خَلْقِهِ عَنْ كُنْهِ حَمِدَهُ حَمِدَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ فِي الْأَزَلِ نِيَابَةً عَنْ خَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْمَدُوهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمَدُوهُ بِذَلِكَ الْحَمْدِ فَقَالَ يَا سَيِّدِي أُشْهِدُك أَنَّهَا عَهْدِيَّةٌ وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ. (قَوْلُهُ الِاسْمَ الْكَرِيمَ) أَيْ النَّفِيسَ الْعَزِيزَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ الْجَامِعَ لِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا عَدَا الِاسْمَ الْكَرِيمَ كُلَّهُ صِفَاتٌ أَيْ أَلْفَاظٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَاتٍ وَصِفَةٍ كَالْوَهَّابِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ فَلَيْسَ فِيهَا اسْمٌ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ فَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِأَنْ يُجْعَلَ الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادَ بِالْأَسْمَاءِ مَا دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّاتِ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ وَالصِّفَةِ وَتِلْكَ الْجَمْعِيَّةُ مِنْ جَمْعِيَّةِ الدَّالِّ لِلْمَدْلُولِ أَيْ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إذَنْ يَكُونُ ظَاهِرًا فِي الْمُرُورِ عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْمَدْلُولَ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ الذَّاتُ مَعَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ إذْ يُضَافُ إلَيْهِ غَيْرُهُ) أَيْ إذْ يُنْسَبُ إلَى مَعْنَاهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ الْجَامِعَ إلَخْ وَلَا يُضَافُ إلَى غَيْرِهِ أَيْ وَلَا يُنْسَبُ إلَى مَعْنَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَيُقَالُ الرَّحْمَنُ مَثَلًا اسْمُ اللَّهِ) أَيْ اسْمُ مَدْلُولِ اللَّهِ، فَإِنْ قُلْت مَدْلُولُ اللَّهِ الذَّاتُ وَجَمِيعُ الصِّفَاتِ وَالرَّحْمَنُ إنَّمَا مَدْلُولُهُ الذَّاتُ وَالرَّحْمَةُ فَلَا يَظْهَرُ إذَنْ كَوْنُ الرَّحْمَنِ اسْمَ الذَّاتِ وَجَمِيعِ الصِّفَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى الِاسْمِيَّةِ لَهُ أَنَّهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ فِيهِ مِنْ تَحَقُّقِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ اسْمُ الرَّحْمَنِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ اسْمُ الذَّاتِ مَعَ الرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ أَيْ اللَّهِ، وَهُوَ الذَّاتُ مَعَ كُلِّ الصِّفَاتِ لَيْسَ مُتَحَقِّقًا فِي مَدْلُولِ الرَّحْمَنِ بِخِلَافِ مَدْلُولِ الرَّحْمَنِ فَهُوَ مُتَحَقِّقٌ فِي مَدْلُولِ اللَّهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْفَقِيرِ وَلَمْ يَرَهُ، ثُمَّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَكَلُّفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إشَارَةٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَذَكَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِذَاتِهِ وَلِصِفَاتِهِ) أَيْ لِذَاتِهِ وَكُلِّ صِفَاتِهِ ذَاتِيَّةً وَفِعْلِيَّةً وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلْعَلِيمِ أَوْ الْخَالِقِ مَثَلًا لَكَانَ حَمْدًا لِذَاتِهِ وَبَعْضِ صِفَاتِهِ لَا ذَاتِهِ وَكُلِّ صِفَاتِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ حَمْدٌ عَلَى الذَّاتِ وَجَمِيعِ الصِّفَاتِ لِكَوْنِ لَفْظَةِ الْجَلَالَةِ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَالِمِ وَالْقَادِرِ مَثَلًا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ الْحَمْدُ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ لِصِفَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ، ثُمَّ قَوْلُهُ إشَارَةٌ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الذَّاتِ وَجَمِيعِ الصِّفَاتِ مَحْمُودًا عَلَيْهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ اللَّامُ فِي لِلَّهِ لِلتَّعْلِيلِ وَتَقْدِيرُهُمْ مُخْتَصٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحِقٌّ يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ الذَّاتَ وَكُلَّ الصِّفَاتِ مَحْمُودَةٌ إذَا كَانَتْ لِلِاخْتِصَاصِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْمِلْكِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَحْمُودًا أَوْ حَامِدَةً إذَا كَانَتْ لِلِاخْتِصَاصِ مَثَلًا مِنْ حَيْثِيَّةِ كَوْنِهِ حَامِدًا (قَوْلُهُ مِنْ النِّعَمِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ أَحْمَدُهُ حَمْدًا لَا بِالْحَمْدِ الْمَذْكُورِ لِفَصْلِهِ عَنْهُ بِالْخَبَرِ، وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. وَالْمَعْنَى أَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدًا يَفِي بِمَا تَزَايَدَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَيَأْتِي عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَتْ النِّعَمُ لَا تُحْصَى لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ آحَادَ هَذَا الْحَمْدِ لَا تُحْصَى إذْ مَا لَا يَتَنَاهَى لَا يَفِي بِهِ إلَّا مِثْلُهُ وَفِي قَوْلِنَا يَفِي بِهِ مُسَامَحَةً لِإِيهَامِهِ الِانْقِضَاءَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ عَدَمُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَمْدًا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَجَاءَ بِيُوَافِي بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ بِمَا فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْمُغَالَبَةِ وَمَا يُغَالَبُ بِهِ يُؤْتَى بِهِ عَلَى أَقْوَى مَا يُمْكِنُ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} [البقرة: 9] فَالنِّعَمُ لِتَزَايُدِهَا كَأَنَّهَا أَبَدًا تُغَالِبُ الْحَمْدَ وَالْحَمْدُ الَّذِي يُغَالِبُهَا كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ لَا يَفُوتَهُ شَيْئًا مِنْهَا اهـ. وَلَمَّا كَانَتْ النِّعَمُ جَمْعَ نِعْمَةٍ وَالنِّعْمَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ إيصَالُ الْمُنْعَمِ بِهِ إلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ هُنَا فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُنْعَمِ بِهِ نَبَّهَ الْحَطَّابُ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ أَوْ بِمَعْنَى مُنَعَّمٍ بِهِ عَلَى جَوَازِ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهِيَ   [حاشية العدوي] بَيَانٌ لِمَا أَيْ يُوَافِي النِّعَمَ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الزِّيَادَةُ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَى حَدٍّ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِمَا قِيلَ هُنَا (قَوْلُهُ لِفَصْلِهِ عَنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا بِالْمُبْتَدَأِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ لِلْحَمْدِ جِهَتَيْنِ جِهَةً ابْتِدَائِيَّةً وَبِهَا يُعْمَلُ فِي الْخَبَرِ وَجِهَةً مَصْدَرِيَّةً وَبِهَا يُعْمَلُ فِي الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ عَمِلَ النَّصْبُ فِيمَا بَعْدَ الْخَبَرِ لَكَانَ عَامِلًا بِهَا وَلَزِمَ فَصْلُ مَعْمُولِهِ أَيْ، وَهُوَ حَمْدًا بِاعْتِبَارِ جِهَةٍ وَهِيَ جِهَةُ الْمَصْدَرِيَّةِ بِمَعْمُولِهِ أَيْ، وَهُوَ الْخَبَرُ بِاعْتِبَارِ جِهَةِ الْخَبَرِ وَهِيَ الِابْتِدَائِيَّةُ تَنْزِيلًا لِتَغَايُرِ الْجِهَتَيْنِ مَنْزِلَةَ تَغَايُرِ الذَّاتَيْنِ فَتَأَمَّلْ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الَّذِي يَضُرُّ الْفَصْلُ بِالْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعْمُولًا لِلْمَصْدَرِ أَصْلًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَصْلَ بِمَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْمَصْدَرُ لَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ مَعْمُولُهُ مِنْ حَيْثُ عَمَلُ الْجَرِّ فِيهِ بِاعْتِبَارِ جِهَةِ إضَافَتِهِ لَا بِاعْتِبَارِ جِهَةِ مَصْدَرِيَّتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ اخْتِلَافَ جِهَةِ الْعَمَلِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الذَّاتِ فَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِالْحَمْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخَبَرُ ظَرْفًا ضَعُفَ الْفَصْلُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُبْتَدَأَ طَالِبٌ هُنَا لِلْخَبَرِ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي طُلِبَ بِهَا حَمْدًا بِحَسَبِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مَفْعُولُ الْحَمْدِ انْتَهَى ك. (تَنْبِيهٌ) : مُرَادُهُ بِالْخَبَرِ، وَهُوَ لَفْظَةُ لِلَّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَارَ وَالْمَجْرُورَ هُوَ الْخَبَرُ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي عَلَيْهَا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يَفِي وَمَعْنَى الْإِتْيَانِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَرْدٌ مِنْ النِّعَمِ إلَّا وَفِي مُقَابَلَتِهِ حَمْدٌ فَلَا تَخْرُجُ نِعْمَةٌ عَنْ كَوْنِهَا فِي مُقَابَلَتِهَا حَمْدٌ (قَوْلُهُ لَا تُحْصَى) أَيْ لَا تَتَنَاهَى يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ آحَادَ هَذَا الْحَمْدِ) فِيهِ أَنَّهُ حَمْدٌ جُزْئِيٌّ صَادِرٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ أَفْرَادٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتَنَاهَى أَيْ مَا لَا يَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ لَا يَفِي بِهِ إلَّا مِثْلُهُ أَيْ حَمْدٌ لَا يَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ النِّعَمَ الْمَحْمُودَ عَلَيْهَا الْمَوْجُودَةَ فِي الْخَارِجِ لَا نِهَايَةَ لَهَا فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ مُتَنَاهٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحَمْدَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ كَثْرَةِ النِّعَمِ الْمَوْجُودَةِ جِدًّا حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا لَا نِهَايَةَ لَهَا أَوْ أَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّ هَذِهِ النِّعَمَ غَيْرُ الْمَوْجُودَةِ لَمَّا كَانَتْ فِي قُوَّةِ الْمَوْجُودِ لِقُوَّةِ الرَّجَاءِ فِي اللَّهِ لَاحَظَ أَنَّ الْحَمْدَ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَتِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَمْدًا لَا نِهَايَةَ لَهُ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَعْنَى وَأَصِفُك بِالْجَمِيلِ وَصْفًا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ مُنْقَضٍ وَمُنْعَدِمٌ فَأَيْنَ عَدَمُ النِّهَايَةِ وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ عَدَمُ النِّهَايَةِ تَخْيِيلٌ لَا تَحْقِيقٌ (قَوْلُهُ وَجَاءَ يُوَافِي) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ يُوَافِي فَاعِلُ جَاءَ (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ) ؛ لِأَنَّ يُوَافِي مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُوَافَاةِ أَيْ جَاءَ يُوَافِي حَالَ كَوْنِهِ مُرْتَبِطًا بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ وَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ، فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَيْهِ ارْتِبَاطُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ قُلْت يُلَاحَظُ أَنَّ الْمُرْتَبِطَ الْمَادَّةُ وَالْمُرْتَبِطَ بِهِ الْهَيْئَةُ (قَوْلُهُ لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ الْمُبَالَغَةِ فِي الْوَفَاءِ وَقَوْلُهُ بِمَا فِي الصِّيغَةِ أَيْ بِسَبَبِ مَا فِي الصِّيغَةِ أَيْ صِيغَةِ يُوَافِي مِنْ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ وَمَا يُغَالَبُ بِهِ أَيْ فِيهِ أَيْ وَمَا يَقَعُ الْمُغَالَبَةُ فِيهِ يُؤْتَى بِهِ عَلَى أَقْوَى مَا يُمْكِنُ مَثَلًا تَقْصِدُ أَنْ تُغَالِبَ إنْسَانًا فِي الْكَرَمِ فَإِنَّكَ تُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَ بِكَرَمٍ عَلَى أَقْوَى مَا يُمْكِنُك وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي وَاحِدٍ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى ذَكَرَهُ فِي عَقِبِ بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ (قَوْلُهُ لِتَزَايُدِهَا) أَيْ لِأَجْلِ تَزَايُدِهَا (قَوْلُهُ تُغَالِبُ الْحَمْدَ) أَيْ تُرِيدُ أَنْ تُغَالِبَ الْحَمْدَ أَيْ تَفُوقَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُوجَدَ مِنْ النِّعَمِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْحَمْدِ (قَوْلُهُ وَالْحَمْدُ الَّذِي يُغَالِبُهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْحَمْدُ لِقُوَّتِهِ وَمُغَالَبَتِهِ لَهَا هُوَ أَنْ لَا يُوجَدَ نِعْمَةٌ إلَّا وَيَكُونُ مُقَابِلُهَا الْحَمْدَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ وَأَنَّ الْحَمْدَ يَزِيدُ عَلَى النِّعَمِ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى مُغَالَبَتِهِ لَهَا (قَوْلُهُ تُطْلَقُ عَلَى الْإِنْعَامِ) رَأَيْت لِبَعْضٍ أَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْإِنْعَامِ اصْطِلَاحٌ فَإِذَنْ فَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُنْعَمِ بِهِ وَمَجَازٌ فِي الْإِنْعَامِ، وَإِنْ صَارَ اصْطِلَاحًا فِيهِ (قَوْلُهُ إيصَالُ الْمُنْعَمِ بِهِ) الْإِيصَالُ يَرْجِعُ لِتَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِالْمُنْعَمِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ هُنَا) ، وَأَمَّا غَيْرُ مَا هُنَا فَهُوَ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ الْعَبْدِ أَيْ صُورَةٌ وَإِلَّا فَالْأَفْعَالُ كُلُّهَا لِلَّهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ إلَخْ) هِيَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ كُلُّ خَبَرٍ وَقَوْلُهُ حَقِيقَةً حَالٌ مِنْ هِيَ وَقَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَالتَّقْدِيرُ، وَهِيَ فِي حَالِ كَوْنِهَا حَقِيقَةً فِي الْمَعْنَى الثَّانِي كُلُّ مُلَائِمٍ، وَأَمَّا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مَجَازٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَهِيَ فِي حَالَةِ كَوْنِهَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي حَالَةَ كَوْنِ الْمَعْنَى الثَّانِي مَعْنًى حَقِيقِيًّا أَيْ مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ نِعْمَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كُلُّ مُلَائِمٍ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجَازِيًّا فَهُوَ مُطْلَقٌ مُلَائِمٌ، وَإِنْ لَمْ تُحْمَدْ عَاقِبَتُهُ وَالْمَجَازِيُّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 بِالْمَعْنَى الثَّانِي حَقِيقَةُ كُلِّ مَا لَمْ تُحْمَدْ عَاقِبَتُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ وَإِنَّمَا مَلَاذُهُ اسْتِدْرَاجٌ أَيْ مَا أَلَذَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا اسْتِدْرَاجٌ لَهُ مِنْ اللَّهِ حَيْثُ يَلَذُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ إلَى الْمَوْتِ فَهِيَ نِعْمَةٌ يَزْدَادُ بِهَا عَذَابُهُ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهَا نِعْمَةٌ حَقِيقَةً يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الشُّكْرُ وَالنِّعَمُ الْوَاصِلَةُ إلَيْهِ نِقَمٌ فِي صُورَةِ نِعَمٍ فَسَمَّاهَا الْأَشَاعِرَةُ نِقَمًا نَظَرًا إلَى حَقِيقَتِهَا وَالْمُعْتَزِلَةُ سَمَّتْهَا نِعَمًا نَظَرًا إلَى صُورَتِهَا وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ التَّفْتَازَانِيُّ بِقَوْلِهِ فِي الْمُطَوَّلِ إنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْإِنْعَامِ أَمَكْنُ مِنْ الْحَمْدِ عَلَى النِّعْمَةِ انْتَهَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْإِنْعَامِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَعَلَى النِّعْمَةِ بِمَعْنَى الْمُنْعَمِ بِهِ بِوَاسِطَةٍ أَنَّهُ أَثَرُ الْإِنْعَامِ وَالنَّعْمَةُ بِالْفَتْحِ التَّنَعُّمُ وَبِالضَّمِّ السُّرُورُ وَبِالْكَسْرِ الْمِنَّةُ. (ص) وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا أَوْلَانَا مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ (ش) أَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا خَلَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مُلَائِمٍ) كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَيُّ شَيْءٍ تَمِيلُ إلَيْهِ النَّفْسُ وَقَضِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُلَائِمًا لِلنَّفْسِ أَيْ مُنَاسِبًا لَهَا يَلْزَمُهُ أَنْ تَمِيلَ إلَيْهِ فَلَا يُنَافِي قِرَاءَتَهُ بِكَسْرِ الْيَاءِ. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا ضَابِطٌ لَا تَعْرِيفٌ أَوْ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ حَقِيقَةُ كُلٍّ (قَوْلُهُ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ) أَيْ تُحَبُّ نِهَايَتُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْحَمْدِ لَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ وَالْمُرَادُ مَا يَعْقُبُهُ أَيْ مَا يَأْتِي وَرَاءَهُ مِنْ السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ وَالنِّعَمِ السَّرْمَدِيَّةِ الَّتِي هِيَ عَاقِبَةُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ سَبَقَهَا عَذَابٌ فَإِذَنْ كُلُّ مَا وَصَلَ لِلْمُؤْمِنِ فَهُوَ نِعْمَةٌ لِوُجُودِ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ عَذَابٌ فِي جَهَنَّمَ وَلَا يُقَالُ لَهَا اسْتِدْرَاجٌ وَقَوْلُهُ وَمِنْ، ثُمَّ أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّهَا كُلُّ مُلَائِمٍ إلَخْ قَالُوا لَيْسَ الْقَصْدُ التَّبَرِّي وَإِنَّمَا كَانَ لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ؛ لِأَنَّ مَا يَعْقُبُهُ نِقْمَةٌ أَيْ مَا يَأْتِي بَعْدَ إنَّمَا هُوَ الْعَذَابُ الْمُخَلَّدُ (فَإِنْ قُلْت) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الزِّنَا نِعْمَةٌ بِمُقْتَضَى هَذَا التَّفْسِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا (قُلْت) يُرَادُ بِالْمُلَائِمِ مُلَائِمٌ لَمْ يَقَعْ النَّهْيُ عَنْ ذَاتِهِ شَرْعًا فَخَرَجَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ مَثَلًا (قَوْلُهُ لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ) أَيْ لَا إنْعَامَ لِلَّهِ (قَوْلُهُ عَلَى كَافِرٍ) أَيْ أَيِّ كَافِرٍ كَانَ وَالْقَصْدُ الْعُمُومُ وَهَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَيْ مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْكَافِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَصَلَ مِنْ النِّعَمِ إنْ كَانَ سَبَبًا فِي الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ اسْتِدْرَاجٌ، وَإِنْ مِنْ مُسْلِمٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِيهَا فَهُوَ إنْ كَانَ مِنْ مُسْلِمٍ فَلَيْسَ اسْتِدْرَاجًا، وَأَمَّا مِنْ كَافِرٍ فَهُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي الْمَعْصِيَةِ ظَاهِرًا فَهُوَ سَبَبٌ فِيهَا بَاطِنًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَبَبٌ فِي بَقَائِهِ الْمُوجِبِ لِاسْتِمْرَارِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا مَلَاذُهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَخِفَّةِ اللَّامِ وَشَدِّ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ مَلَذَّةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهِيَ مَوْضِعُ اللَّذَّةِ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ اسْتِدْرَاجٌ) أَيْ ذُو اسْتِدْرَاجٍ وَالِاسْتِدْرَاجُ تَجْدِيدُ اللَّهِ النِّعَمَ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ اسْتِرْسَالِهِ عَلَى الْمَعَاصِي (قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُلِذُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ أَيْ اسْتِمْرَارِهِ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ يُلِذُّهُ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الْإِيمَانِ أَنَّهُ يُقَالُ لِذَلِكَ نِعْمَةٌ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ عَذَابٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَهَذَا الظَّاهِرُ هُوَ الْمُوجِبُ لِتَفْسِيرِنَا الْعَاقِبَةَ بِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إنْ فُسِّرَتْ الْعَاقِبَةُ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ مَا وَصَلَ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ النِّعَمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا الْعِقَابُ لَا يُقَالُ لَهُ نِعْمَةٌ بِالْعَيْنِ بَلْ يُقَالُ لَهُ نِقْمَةٌ بِالْقَافِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفَادَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ آخِرًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَاقِبَةِ مَا يَأْتِي بَعْدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَبَّبًا عَنْهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا يَرِدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهِيَ نِعْمَةٌ) بِالْعَيْنِ أَيْ صُورَةٌ يَزْدَادُ بِهَا عَذَابُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَجَدُّدُهَا وَقْتًا فَوَقْتًا إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَيَاةِ، ثُمَّ إنَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَذَابَ الْكَافِرِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْكُفْرِ وَتَرْكِهِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ لَا عَلَى تَنَاوُلِهِ الْمُبَاحَاتِ (قَوْلُهُ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهَا نِعْمَةٌ حَقِيقَةً إلَخْ) إذَنْ تَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يَقُولُونَ بِطَلَبِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ مُوَافِقٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} [البقرة: 40] إلَخْ (قَوْلُهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الشُّكْرُ) قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ وَشُكْرُ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (قَوْلُهُ وَالنِّعَمُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي جَعْلِ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ إذْ لَا خِلَافَ فِي وُصُولِ نِعَمٍ إلَيْهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهَا إذَا حَصَلَ عَقِبَهَا ذَلِكَ الضَّرَرُ الْأَبَدِيُّ هَلْ تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ نِعْمَةً أَمْ لَا فَهُوَ نِزَاعٌ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبُعْدِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهَا نِعْمَةٌ حَقِيقَةً لَا صُورَةً فَقَطْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ نِعْمَةً حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ الْخُلْفُ لَفْظِيًّا وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ هُوَ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَزِلَةُ إذْ مَا مِنْ عَذَابٍ إلَّا وَفِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ لَكِنْ لَا يُقَالُ أَنَّهُ فِي نِعْمَةٍ وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ نِقَمٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سَبَبٌ فِي بَقَائِهِ، وَهُوَ كَافِرٌ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَتِهَا) أَيْ حَالَتِهَا الثَّابِتَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ كَوْنِهَا تُؤَدِّي إلَى الْحَيَاةِ مَعَ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَوْلَى) ، وَهُوَ كَوْنُ نِعْمَةٌ بِمَعْنَى إنْعَامٍ (قَوْلُهُ أَمْكَنَ) أَيْ أَثْبَتَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ أَثَرٌ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ هِيَ أَنَّهُ أَثَرُ الْإِنْعَامِ (قَوْلُهُ التَّنَعُّمُ) أَيْ التَّرَفُّهُ تَقُولُ تَنَعَّمَ زَيْدٌ إذَا صَارَ ذَا رَفَاهِيَةٍ كَأَنْ يَأْكُلَ الْمَآكِلَ النَّفِيسَةَ وَيَشْرَبَ الْمَشَارِبَ النَّفِيسَةَ وَيَلْبَسَ الْمُلَابِسَ النَّفِيسَةَ الرَّقِيقَةَ اللَّيِّنَةَ (قَوْلُهُ وَبِالضَّمِّ السُّرُورُ) هُوَ الْفَرَحُ الَّذِي يَقُومُ بِالْقَلْبِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْوَجْهِ وَمِثْلُهُ الْحُزْنُ وَالْغَمُّ يَكُونُ فِي الْقَلْبِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ (قَوْلُهُ الْمِنَّةُ) أَيْ النِّعْمَةُ بِمَعْنَى الْمُنْعَمِ بِهِ لَا بِمَعْنَى الْمَنِّ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ إلَّا مِنْ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالشَّيْخِ وَالْوَالِدِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا أَوْلَانَا) أَيْ أَعْطَانَا (قَوْلُهُ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالشُّكْرِ هُنَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ وَالشُّكْرُ لَهُ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةً مَعْنًى أَيْ وَأَشْكُرُهُ أَيْ وَأُنْشِئُ الشُّكْرَ لَهُ أَيْ الثَّنَاءَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ عَلِيِّ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ بِمَا خَلَعَهُ) أَيْ بِسَبَبِ مَا خَلَعَهُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخِلْعَةُ مَا يُعْطِيهَا الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ ثِيَابٍ مِنْحَةً انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 الْكَمَالِ الْبَشَرِيِّ وَأَعْطَاهُ مِنْهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ ذُكُورَةٍ وَسَلَامَةِ أَعْضَاءٍ وَصِحَّةِ بَدَنٍ وَنَحْوِهِ وَعَلَى مَا أَعْطَاهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا وَجَنَّبَهُ ضِدَّهَا الَّتِي يُلَامُ عَلَيْهَا مِنْ الْإِيمَانِ وَتَوَابِعِهِ إلَى أَنْ وَصَّلَهُ دَرَجَاتِ الْعُلَمَاءِ وَنَاهِيَك بِذَلِكَ كَمَالُ إحْسَانٍ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِالْفَضْلِ وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ بِالْكَرَمِ فَالْفَضْلُ كَمَالُ الذَّاتِ وَالْكَرَمُ كَمَالُ الصِّفَاتِ وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ قَصْدَ مَا لَا يَتَنَاهَى مِنْ الْحَمْدِ إرْدَافُهُ بِجُمْلَتِي (ص) لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ (ش) فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَأَنْ أَشَرْت فِي حَمْدِي إلَى أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِي أَنْ أَعُدَّ آحَادَ مَا يَسْتَحِقُّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ بَلْ وَلَا أَنْوَاعَهُ وَكَيْفَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْجُمْلَةِ يُمْكِنُ عَدُّ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ   [حاشية العدوي] فَإِذَنْ شَبَّهَ الْكَمَالَ الْبَشَرِيَّ بِخِلْعَةٍ بِجَامِعِ الرَّغْبَةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْخَلْعِ تَخْيِيلٌ (قَوْلُهُ الْبَشَرِيِّ) أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْبَشَرِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَائِقًا بِهِمْ وَقَوْلُهُ مِنْ الْكَمَالِ بَيَانٌ لِمَا مَشُوبٌ بِتَبْعِيضٍ أَيْ مِنْ أَفْرَادِ الْكَمَالِ الْبَشَرِيِّ (قَوْلُهُ وَأَعْطَاهُ) عَطْفٌ عَلَى خَلَعَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَضَمِيرُ مِنْهُ لِلْكَمَالِ الْبَشَرِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ مَا أَعْطَاهُ آتِيًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ، وَهُوَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ ذُكُورَةٍ) أَيْ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِسَبَبِ جَعْلِهِ ذَكَرًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ أُنْثَى وَحِينَئِذٍ فَيُلَاحَظُ الْمَخْلُوعُ عَلَيْهِ ذَاتًا مُجَرَّدَةً عَنْ وَصْفِ الذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَصِحَّةِ السَّمْعِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَا أَعْطَاهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِمَا خَلَعَهُ وَعَلَى بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِسَبَبِ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ الَّتِي يُلَامُ عَلَيْهَا) الْأَفْضَلُ الَّذِي يُلَامُ عَلَيْهِ وَالشَّارِحُ لَاحَظَ الْمَعْنَى، وَهُوَ كَوْنُ الضِّدِّ صِفَاتٌ (قَوْلُهُ وَتَوَابِعِهِ) أَيْ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ وَالطَّاعَاتِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَايَةُ تُفِيدُ تَقْدِيرَ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْعُلَمَاءَ الْعَامِلِينَ فَتُفِيدُ تَقْدِيرَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَنَاهِيَك إلَخْ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ وَيَكْفِيك ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ كَمَالَ إحْسَانٍ وَالْمُشَارُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَرْمِ أَيْ إحْسَانًا كَامِلًا (قَوْلُهُ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِالْفَضْلِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَضْلِ مَا تَفَضَّلَ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْجُسْمَانِيَّةِ وَالْكَرَمِ مَا تَفَضَّلَ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ وَيَصِحُّ الْعَكْسُ كَمَا فِي ك وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى الَّذِي أَوْلَانَا إيَّاهُ وَمِنْ بَيَانٍ لِمَا وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ وَيَصِحُّ جَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً وَالْفَضْلُ وَالْكَرَمُ بَاقِيَانِ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِمَا وَالتَّقْدِيرُ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا أَوْلَانَا مِنْ كَذَا وَكَذَا وَتَكُونُ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ فَالْفَضْلُ كَمَالُ الذَّاتِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْأَوْصَافَ الذَّاتِيَّةَ أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تَقُومَ بِكُلِّ ذَاتٍ وَلَا يُقَالُ إنَّ صِحَّةَ الْبَدَنِ وَصِحَّةَ السَّمْعِ مَثَلًا مِنْ الصِّفَاتِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ قَصْدَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَصْدٍ؛ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ نَفْسُ الْقَصْدِ وَالْجَوَابُ أَنْ يُؤَوَّلَ قَصْدٌ بِمَعْنَى مَقْصُودٍ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ مِنْ الْحَمْدِ) أَيْ مِنْ أَفْرَادِ الْحَمْدِ أَيْ قَصَدَهَا عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إلَخْ (قَوْلُهُ هُوَ كَمَا أَثْنَى إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا لِلضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَضَمِيرِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ صِفَةٌ لِثَنَاءً أَيْ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ مِثْلَ ثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى الثَّنَاءِ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى اللَّهِ فَقَوْلُهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ خَبَرُهُ وَالْكَافُ فِيهِ إمَّا زَائِدَةٌ وَمَا فِيهَا إمَّا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ وَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَالتَّقْدِيرُ اللَّهُ الَّذِي أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ أَوْ اللَّهُ مُثْنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلثَّنَاءِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَمَا أَيْضًا أَيْ الثَّنَاءُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِثْلُ الثَّنَاءِ الَّذِي أَثْنَاهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مِثْلُ ثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي كَوْنِهِ قَطْعِيًّا تَفْصِيلِيًّا غَيْرَ مُتَنَاهٍ وَمَعْنَى النَّفْسِ ذَاتُ الشَّيْءِ مُطْلَقًا عَلَى مَا فِي الْكَشَّافِ وَالصِّحَاحِ فَلَا يَكُونُ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِ {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] مُحْتَاجًا إلَى اعْتِبَارِ الْمُشَاكَلَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] وَاعْتِبَارُ الْمُشَاكَلَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فِي تِلْكَ الْآيَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَفَادَهُ الشَّنَوَانِيُّ عَلَى عَمِيرَةَ. (قَوْلُهُ إلَى أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ حَمْدًا يُوَافِي مَا تَزَايَدَ مِنْ النِّعَمِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّ الْحَمْدَ كَائِنٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فَقَدْ أَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ وَالْأَصْلُ، وَإِنْ أَشَرْت فِي حَمْدِي إلَى أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي طَاقَتِي، وَأَمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فَلَا وَنُكْتَةُ الْإِظْهَارِ كَمَالُ الْعِنَايَةِ بِذَلِكَ الْحَمْدِ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ أَعُدَّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِحْصَاءَ مَعْنَاهُ الْعَدُّ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى سَلْبِ الْعُمُومِ مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ السَّلْبِ فَاللَّفْظُ لَا يُطَابِقُ الْمُرَادَ بَلْ يُضَادُّهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ آحَادُ مَا يَسْتَحِقُّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ لَا يُمْكِنُ عَدُّهَا لِكَوْنِهَا وَاقِعَةً فِي مُقَابَلَةِ النِّعَمِ وَهِيَ لَا تُعَدُّ أَيْ لَا يُمْكِنُ عَدُّهَا بِتَمَامِهَا بِشَهَادَةِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا أَنْوَاعِهِ) أَيْ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِي أَنْ أَعُدَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ جَلَّ وَعَزَّ مِنْ أَنْوَاعِ الثَّنَاءِ لِكَوْنِ أَنْوَاعِ النِّعَمِ لَا تُحْصَى فَأَنْوَاعُ الثَّنَاءِ الْوَاقِعَةِ فِي مُقَابَلَتِهَا لَا تُحْصَى وَخُلَاصَتُهُ أَنْ يُرَادَ بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ النِّعَمُ الْكُلِّيَّةُ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلِّيَّةُ نِعْمَةِ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَالشَّمِّ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ وَكُلِّيَّةُ نِعْمَةِ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ جُزْئِيَّاتِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقِسْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَوْعِيَّةَ الْحَمْدِ بِنَوْعِيَّةِ النِّعْمَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الْحَمْدُ فَالْحَمْدُ الْوَاقِعُ عَلَى نِعْمَةِ الْبَصَرِ عَلَى الْإِجْمَالِ نَوْعٌ مِنْ الْحَمْدِ وَالْوَاقِعُ فِي مُقَابَلَةِ إدْرَاكِ زَيْدٍ مَثَلًا فَرْدٌ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ. (قَوْلُهُ وَكَيْفَ) دَاخِلٌ عَلَى يُمْكِنُ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ وَذَلِكَ الْحَمْدُ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْجُمْلَةِ كَيْفَ يُمْكِنُ عَدُّ مَا لَا نِهَايَةَ لِأَنْوَاعِهِ فَقَوْلُهُ أَنْوَاعًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى كَيْفَ يُمْكِنُ عَدُّ أَنْوَاعِهِ لَا هُوَ كَمَا هُوَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ أَوْ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ عَمَّا أُضِيفَ إلَيْهِ عَدُّ أَيْ كَيْفَ يُمْكِنُ عَدُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 أَنْوَاعًا فَضْلًا عَنْ آحَادِ بَلْ وَلَا فِي قُدْرَةِ جَمِيعِ الْخَلْقِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْحَقِيقَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَلَا يَعْلَمُ آلَاءَهُ إلَّا هُوَ فَهُوَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْمَحَامِدِ وَحَمْدُ الْمُؤَلِّفِ الْعَامُّ وَشُكْرُهُ الْخَاصُّ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِ الْبَرَاذِعِيِّ عَلَى مَا خَصَّ وَعَمَّ مِنْ نِعْمَةٍ وَهَذَا تَرَفٌ وَمَا لَلْمُؤَلِّفِ مُحْتَمَلٌ لَهُ وَلِلتَّدَلِّي. (ص) وَنَسْأَلُهُ اللُّطْفَ وَالْإِعَانَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ (ش) إنَّمَا أَسْنَدَ الْمُؤَلِّفُ الْفِعْلَ مَنْ لَا أُحْصِي إلَى ضَمِيرِ الْوَاحِدِ وَمَنْ وَنَسْأَلُهُ بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ إلَى ضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ الِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ وَإِنَّمَا يُثْبِتُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَأَيْضًا هُوَ مَقَامُ اسْتِغْرَاقٍ وَنَفْيٍ لِلْكَثْرَةِ وَالثَّانِي دُعَاءٌ وَالْمَطْلُوبُ فِي الدُّعَاءِ مُشَارَكَةُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ كَمَا قَالَ الرَّازِيّ أَنَّ الدُّعَاءَ مَهْمَا كَانَ أَعَمَّ كَانَ إلَى الْإِجَابَةِ أَقْرَبَ أَيْ نَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُعِينَنَا وَالْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَاللُّطْفَ   [حاشية العدوي] أَنْوَاعِ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ أَيْ كَيْفَ يُمْكِنُ عَدُّ أَنْوَاعِهِ فَقَدْ أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَمَعْنَى لَا نِهَايَةَ لَهُ أَيْ لِأَنْوَاعِهِ وَالْمَعْنَى كَيْفَ يُمْكِنُ عَدُّ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْحَمْدِ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ أَيْ لِأَنْوَاعِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْحَقِيقَةِ) أَيْ بِأَنْوَاعِ حَقِيقَةِ الْحَمْدِ فَضْلًا عَنْ آحَادِهِ وَقَوْلُهُ " وَلَا يَعْلَمُ " الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ إذْ لَا يَعْلَمُ أَنْوَاعَ نِعَمِهِ إلَّا هُوَ فَضْلًا عَنْ الْآحَادِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعْلَمُ أَنْوَاعَ الْحَمْدِ الْمُقَابِلَةَ لِأَنْوَاعِ النِّعْمَةِ إلَّا هُوَ فَضْلًا عَنْ الْآحَادِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَنْدَفِعُ مَا يُورَدُ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَمْدِ لَا فِي الْآلَاءِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ الَّذِي إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَدِّ لَا فِي الْإِتْيَانِ فَالتَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ فَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُفَسَّرَ الْإِحْصَاءُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِحَمْدٍ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِجَنَابِهِ الْأَقْدَسِ مُمَاثِلٍ لِحَمْدِهِ الَّذِي حَمِدَ بِهِ نَفْسَهُ وَحِينَئِذٍ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ فَيُطَابِقُ الْمُرَادُ اللَّفْظَ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَحَامِدِ) بَيَانٌ لِمَا وَالْمَعْنَى فَهُوَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَيِّ حَمْدٍ مِنْ الْمَحَامِدِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَحَمْدُ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) انْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قَدْ يُورَدُ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْحَمْدَ عَلَى النِّعَمِ شُكْرٌ فَقَوْلُهُ وَالشُّكْرُ لَهُ مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى مِثْلِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الشُّكْرِ أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْحَمْدِ أَعَمُّ مِنْ الثَّانِي الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالشُّكْرِ؛ لِأَنَّ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا تَزَايَدَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ بِخِلَافِ الشُّكْرِ فَإِنَّهُ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ مَا وَصَلَ لَهُ مِنْ النِّعَمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الضَّمِيرِ فِي أَوْلَانَا لِلْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِ الْبَرَاذِعِيِّ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ نَظِيرُهُ مِنْ حَيْثُ حَمْدُهُ عَلَى الْعَامِّ وَالْخَاصِّ مِنْ النِّعَمِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَدَلٍّ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَرَاذِعِيُّ تَرَقٍّ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَمَا لَلْمُؤَلِّفِ إلَخْ يُنَافِي ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بِأَنْ يُقَالَ وَحَمْدُ الْمُؤَلِّفِ الْعَامُّ أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَصَّصَ فِي الْأَوَّلِ وَيُعَمَّمَ فِي الثَّانِي بِأَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ لِلْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى التَّعْمِيمِ فِي الْأَوَّلِ هُوَ أَنْ يُقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا تَزَايَدَ مِنْ النِّعَمِ الْوَاصِلَةِ لِي وَلِغَيْرِي وَالتَّخْصِيصُ فِي الثَّانِي بِأَنْ يُقَالَ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا وَصَلَ لِي وَحْدِي مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا لِغَيْرِي كَمَا هُوَ ثَابِتٌ لِنَفْسِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شُكْرِي إلَّا عَلَى النِّعْمَةِ الْوَاصِلَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلتَّعْمِيمِ وَالتَّخْصِيصِ فِي كَلَامِ الْبَرَاذِعِيِّ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ فِي كَلَامِهِ مَعْنَاهُ النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لِي بِالْخُصُوصِ لَمْ يُشَارِكْنِي أَحَدٌ فِيهَا وَلَوْ نِسْبِيَّةً وَالتَّعْمِيمُ فِيهِ مَعْنَاهُ النِّعَمُ الَّتِي لَمْ تَخْتَصَّ بِي بَلْ يُشَارِكُنِي الْغَيْرُ فِيهَا فَهُوَ نَظِيرُهُ فِي مُطْلَقِ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) تَنَازَعَهُ اللُّطْفُ وَالْإِعَانَةُ وَأُعْمِلَ الثَّانِي وَحُذِفَ مَعْمُولُ الْأَوَّلِ أَيْ فِيهِ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْأَحْوَالِ وَجَارُّهُ جَمِيعًا إلَّا أَنَّ الْإِعَانَةَ تَتَعَدَّى بِعَلَى مِثْلُ {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4] وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فِي بِمَعْنَى عَلَى، وَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ تَعَدِّيَ الْإِعَانَةِ بِعَلَى إنَّمَا هُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْذُوفٌ هُنَا تَقْدِيرُهُ عَلَى الْأَحْوَالِ الْوَاقِعَةِ فِيهَا إمَّا إلَى الْمُسْتَعَانِ فِيهِ مِنْ زَمَانٍ أَوْ مَكَان فَالتَّعَدِّي لَهَا بَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ تَأَمَّلْ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ الْحَمْدِ خَبَرِيَّةٌ فَلَا يَصِحُّ الْعَطْفُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَ جُمْلَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْشَائِيَّةً فَتَكُونُ الْوَاوُ عَاطِفَةً جُمْلَةً إنْشَائِيَّةً عَلَى جُمْلَةٍ كَذَلِكَ. (فَإِنْ قُلْت) هَلَّا عَبَّرَ بِالْمَاضِي الْأَبْلَغِ فِي وُقُوعِ السُّؤَالِ (قُلْت) خَشْيَةَ إظْهَارِ صُورَةِ الْيَأْسِ وَقَصْدًا إلَى تَشْدِيدِ الْإِلْحَاحِ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا (قَوْلُهُ إنَّمَا يُثْبِتُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا لِلْغَيْرِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْ وَإِنَّمَا يَلِيقُ أَنْ يُثْبِتَهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ أَيْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَنَسْأَلُهُ إلَخْ لَيْسَ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ فَلِذَا أَتَى بِالنُّونِ (قَوْلُهُ مَقَامُ اسْتِغْرَاقٍ) أَيْ لِفَرْدِ الثَّنَاءِ أَيْ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّنَاءَاتِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ إنْ نُظِرَ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْعَجْزُ رَجَعَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ نُظِرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهُ قَوْلُهُ وَنَفْيٌ لِلْكَثْرَةِ أَيْ وَنَفْيٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ الْكَثِيرَةِ أَيْ نَفْيٌ لِلْإِطَاقَةِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْحَمْدِ الْكَثِيرَةِ أَيِّ فَرْدٍ يَلِيقُ بِجَلَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا هُوَ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ التَّنَافِي حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ مَقَامُ اسْتِغْرَاقٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ وَقَوْلُهُ وَنَفْيٌ لِلْكَثْرَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي دُعَاءٌ) فِيهِ أَنَّ كَوْنَ الدُّعَاءِ مَهْمَا كَانَ أَعَمَّ كَانَ إلَى الْإِجَابَةِ أَقْرَبَ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ عُمُومِ الْمَدْعُوَّةِ لَهُ لَا بِحَسَبِ الدَّاعِي وَمُفَادُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ بِحَسَبِ الدَّاعِي بِأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي جَمَاعَةً اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنْ يُعِينَنَا وَالْمُسْلِمِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عُمُومٌ فِي الْمُدَّعُو لَهُ لَا فِي الدَّاعِي الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَنَسْأَلُهُ إلَخْ أَيْ يُعِينَنَا وَالْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ عَلَى مُهِمَّاتِنَا وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَتْ النُّونُ فِي يُعِينَنَا لِلْجَمَاعَةِ بَلْ لِلْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَقَامِ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ وَاللُّطْفُ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ) أَيْ وَالرِّفْقُ فِي الْأُمُورِ دُنْيَوِيَّةً أَوْ أُخْرَوِيَّةً أَيْ غَيْرِ التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الصِّحَّةُ قَوْلُهُ قُلْت اللُّطْفُ أَعَمُّ وَإِلَّا فَلَا صِحَّةَ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ هِيَ عَيْنُ التَّوْفِيقِ فَالْعِصْمَةُ مِنْ صِفَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا سَأَلَ التَّوْفِيقَ قُلْت اللُّطْفُ أَعَمُّ وَقَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ أَوْجَبُوهُ عَلَيْهِ تَعَالَى إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَقْلِيًّا لَمْ يُسْأَلْ كَمَا لَا يُسْأَلُ الْمَوْتَ وَالْإِعَانَةُ وَالْمَعُونَةُ وَالْعَوْنُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ الْإِشْرَافُ وَالظُّهُورُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْإِقْدَارُ عَلَيْهِ أَيْ نَسْأَلُهُ الْإِقْدَارَ عَلَى الَّذِي نَطْلُبُهُ وَالْأَحْوَالُ جَمْعُ حَالٍ وَيُقَالُ حَالَةٍ وَهِيَ صِفَاتُ الشَّيْءِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ وَالْإِضَافِيَّاتِ كَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَغَيْرِهِمَا وَأَلْ فِي اللُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ لِلْحَقِيقَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ لِلْعُمُومِ الْمُضَافِ وَفِي الْإِنْسَانِ لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ وَالْإِعَانَةِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اللُّطْفِ. (ص) وَحَالِ   [حاشية العدوي] الرَّبِّ قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ وَعِصْمَةُ الْبَارِي لِكُلٍّ حَتْمَا (فَإِنْ قُلْت) الْعِصْمَةُ خَاصَّةٌ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (قُلْت) تِلْكَ الْعِصْمَةُ الْوَاجِبَةُ لَا الْجَائِزَةُ وَالْمَقْصُودُ بِالدُّعَاءِ هَذَا الثَّانِي (فَإِنْ قُلْت) قَضِيَّةُ تَفْسِيرِ اللُّطْفِ بِمَا ذَكَرَ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا لِلتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ فِي حَالِ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَالِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ (قُلْت) لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُلَاحَظُ التَّوْزِيعُ فِي الْأَحْوَالِ بِحَسَبِ الْحَالِ الْمُنَاسِبِ فَالتَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الدُّنْيَا وَالرِّفْقِ فِيمَا يَهُمُّ غَيْرَ التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ اللُّطْفَ الَّذِي ظَرْفُهُ الدُّنْيَا التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ وَالرِّفْقُ فِيمَا يَهُمُّ وَاللُّطْفُ الَّذِي ظَرْفُهُ حَالُ حُلُولِ الْإِنْسَانِ الرِّفْقُ فِيمَا يَهُمُّ كَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ) أَيْ بِاللُّطْفِ أَيْ بِسُؤَالِهِ بِقَوْلِهِ وَنَسْأَلُهُ. (قَوْلُهُ الَّذِينَ أَوْجَبُوهُ) أَيْ أَوْجَبُوا اللُّطْفَ (قَوْلُهُ وَاجِبًا عَقْلِيًّا) أَيْ أَدْرَكَ وُجُوبَهُ الْعَقْلُ لَا الشَّرْعُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعَقْلَ هُوَ الْمُوجِبُ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُسْأَلُ الْمَوْتُ) التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ عَدَمِ السُّؤَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَاجِبٌ عَادِيًا وَشَرْعِيًّا لَا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى) أَيْ وَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ ارْتِبَاطِ الدَّالِّ بِالْمَدْلُولِ أَوْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ الثَّلَاثَةُ الْمُجْمَلَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ ارْتِبَاطِ الْمُجْمَلِ بِالْمُفَصَّلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْإِشْرَافُ) أَيْ الِاطِّلَاعُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْرَافَ مِنْ صِفَاتِ الْعَبْدِ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَالْإِقْدَارُ عَلَى الْإِشْرَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْلَى فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ وَالْإِقْدَارُ بِمَعْنَى خَلْقِ الْقُدْرَةِ تَفْسِيرًا وَقَوْلُهُ وَالظُّهُورُ أَيْ الْإِقْدَارُ عَلَى الظُّهُورِ أَيْ الْإِظْهَارِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْإِقْدَارُ إلَخْ مُفَسِّرٌ لِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَيْ نَسْأَلُهُ الْإِقْدَارَ. (قَوْلُهُ وَالْأَحْوَالُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ لَا مَا عَلَيْهِ الشَّخْصُ مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ وَالْإِضَافِيَّاتِ إلَخْ وَهُمَا حَلَّانِ الْأَوَّلُ لِلنَّاصِرِ وَالثَّانِي يُفِيدُهُ حَلُّ الْحَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَ الْحَالَ بِمَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إنَّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاصِرُ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَازِمٌ لِلْحَالِ إذْ لَا يَصْدُرُ حَالٌ إلَّا فِي وَقْتٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ تَفْسِيرٌ بِالْحَقِيقَةِ وَالْبَاعِثُ لِلنَّاصِرِ عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَدْخُولَ فِي يَكُونُ ظَرْفًا (فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ يَصِحُّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَطَّابُ هُنَا مِنْ إبْقَاءِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (قُلْت) يَصِحُّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ فِي وَقْتِ كُلِّ حَالَةٍ أَوْ بِتَنْزِيلِ الْأَحْوَالِ مَنْزِلَةَ الْأَوْقَاتِ (قَوْلُهُ وَهِيَ صِفَاتُ الشَّيْءِ) تَفْسِيرٌ لِلْأَحْوَالِ أَوْ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِحَالَةٍ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْجِنْسِ أَيْ جِنْسِ صِفَةِ الشَّيْءِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ) أَيْ مِنْ الْأَوْصَافِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْإِنْسَانِ أَيْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَهَا قِيَامٌ بِهِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهَا لَا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ كَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقَوْلُهُ وَالْإِضَافِيَّاتِ أَيْ الْأَوْصَافِ النِّسْبِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا فِي الشَّخْصِ بِذَاتِهَا بَلْ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ آخَرَ (قَوْلُهُ كَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) أَيْ كَالِاسْتِقْرَارِ فِي الزَّمَانِ إلَخْ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّخْصِ هُوَ الِاسْتِقْرَارُ فِي ذَلِكَ لَا نَفْسِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الْجِهَةُ (قَوْلُهُ لِلْحَقِيقَةِ) أَيْ فِي ضِمْنِ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا إذْ السُّؤَالُ وَاقِعٌ عَلَيْهَا أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لِأَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ فَهِيَ لِاسْتِغْرَاقِ تِلْكَ الْأَفْرَادِ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَحْوَالِ لِلْعُمُومِ الْمُضَافِ) أَيْ لِلْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْمُضَافِ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ جَمِيعُ تَأْكِيدًا فِي الْمَعْنَى أَتَى بِهَا دَفْعًا لِمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ الَّذِي قَدْ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ لَاحَظَ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ فَالْإِتْيَانُ بِجَمِيعٍ يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْهُ وَظَهَرَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ جَعْلَ أَلْ فِي اللُّطْفِ لِلْحَقِيقَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ لِلْعُمُومِ تَفَنُّنٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ الْمُضَافِ أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ وَصْفُ الْأَحْوَالِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْإِنْسَانِ لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ) وَالْمَعْهُودُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ بِهَذَا نَوْعِيٌّ لَا شَخْصِيٌّ الَّذِي هُوَ خُصُوصُ ذَاتِ الْمُؤَلِّفِ فَلَا يَظْهَرُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي وَنَسْأَلُهُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ كَانَتْ أَلْ فِي الْإِنْسَانِ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ وَاحِدٌ مُشَخَّصٌ، وَهُوَ نَفْسُهُ، وَإِنْ جُعِلَ النُّونُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ تَكُونُ أَلْ أَيْضًا لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ عَهْدًا نَوْعِيًّا فَلَمْ يَظْهَرْ جَعْلُهَا لِلْجِنْسِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَعَلَى كُلٍّ فَقَوْلُهُ وَحَالُ حُلُولِ الْإِنْسَانِ مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ يُرَادُ بِالْعَهْدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَهْدِ النَّوْعِيِّ وَالشَّخْصِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النُّونَ لِلْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ عِنْدَ جَعْلِ الْعَهْدِ نَوْعِيًّا أَوْ الْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ عِنْدَ جَعْلِهَا لِلْعَهْدِ، وَهُوَ شَخْصِيٌّ وَيَكُونُ إظْهَارًا فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ كَمَا قُلْنَا وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْجِنْسِ عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ النُّونِ لِلْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ وَالدُّعَاءُ عَامٌّ لِلدَّاعِي وَغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: " الْإِنْسَانِ " مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ وَيَكُونُ هُوَ الدَّاعِي وَحْدَهُ لِكُلِّ إنْسَانٍ بِأَنْ يَلْطُفَ بِهِ الرَّبُّ فِي حَالِ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ اللُّطْفِ) ظَاهِرٌ إنْ خَصَّصَتْ الْإِعَانَةَ بِمَا عَدَا التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ الرِّفْقِ فِيمَا يَهُمُّ أَمَّا عَلَى تَفْسِيرِهِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الظُّهُورُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْإِقْدَارُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا فَلَا يَظْهَرُ الْعُمُومُ بَلْ بَيْنَهُمَا تَسَاوٍ (قَوْلُهُ وَحَالِ) يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ أَيْ فِي مَحَلِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 حُلُولِ الْإِنْسَانِ فِي رَمْسِهِ (ش) أَيْ وَنَسْأَلُهُ اللُّطْفَ وَالْإِعَانَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَفِي حَالِ حُلُولِ الْإِنْسَانِ فِي قَبْرِهِ فَسَأَلَ مِنْ اللَّهِ اللُّطْفَ اللَّائِقَ بِهِ جَلَّ جَلَالُهُ مِنْ التَّوْفِيقِ لِلطَّاعَةِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْإِتْحَافِ بِالنِّعَمِ وَالرِّفْقِ بِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَحَالِ إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى اللُّطْفِ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَشَدُّ مِنْهَا إلَيْهِ فِي غَيْرِهَا أَوْ يُرِيدُ بِجَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْخُصُوصَ أَيْ الْكَائِنَةُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى خَاصٍّ إشَارَةً إلَى حَاجَةِ الْإِنْسَانِ إلَى لُطْفِ مَوْلَاهُ وَافْتِقَارِهِ إلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ وَلِذَا عَبَّرَ بِالْإِنْسَانِ الْمَخْلُوقِ ضَعِيفًا وَمِنْ ضَعْفٍ (ص) وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ (ش) لَمَّا أَثْنَى عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَشَكَرَهُ عَلَى نِعَمِهِ أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ تَعَالَى إجْمَالًا وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعِبَادِ وَجَمِيعُ النِّعَمِ الْوَاصِلَةِ إلَيْهِمْ الَّتِي أَعْظَمُهَا الْهِدَايَةُ لِلْإِسْلَامِ إنَّمَا هِيَ بِبَرَكَتِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] وَعَمَلًا   [حاشية العدوي] نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِإِعَانَةٍ (قَوْلُهُ حُلُولِ) ، فَإِنْ قُلْت الْأَفْضَلُ وَحَالِ مُكْثِ الْإِنْسَانِ فِي رَمْسِهِ لِلْقُصُورِ وَالْجَوَابُ أَنَّ اللُّطْفَ فِي حَالَةِ الْحُلُولِ لُطْفٌ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا أَوْ أَرَادَ بِالْحُلُولِ الْمُكْثَ (قَوْلُهُ فِي رَمْسِهِ) الرَّمْسُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ رَمَسَتْ الرِّيحُ الْأَرْضَ بِالتُّرَابِ إذَا سَتَرَتْهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ نُقِلَ إلَى تُرَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ إلَى الْقَبْرِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا انْتَهَى وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَبْرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرْمَسُ فِيهِ الْمَيِّتُ أَيْ يَغِيبُ فِيهِ كَذَا فِي (ك) وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَفِي حَالِ إلَخْ) يَأْتِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِ " حَالِ " (قَوْلُهُ اللَّائِقِ بِهِ جَلَّ جَلَالُهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ لِلطَّاعَةِ هُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِاَللَّهِ لَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ التَّوْفِيقِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ مُتَعَلِّقِ السُّؤَالِ قَوْلُهُ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَخْ لَا خُصُوصُ قَوْلِهِ وَحَالِ (قَوْلُهُ وَالْعِصْمَةَ إلَخْ) لَازِمٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالْإِتْحَافِ بِالنِّعَمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى التَّوْفِيقِ فَالتَّوْفِيقُ لِلطَّاعَةِ وَالْعِصْمَةِ فِي خُصُوصِ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ وَالْإِتْحَافِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الرِّفْقِ وَقَوْلُهُ وَالرِّفْقُ بِهِ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَزِيَادَةً وَقَوْلُهُ فِي جَمِيعِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَالرِّفْقُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) بَدَلٌ مِنْ جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَالرِّفْقُ بِهِ فِي وَقْتِ حَيَاتِهِ وَوَقْتِ مَوْتِهِ اللَّذَيْنِ هُمَا جَمِيعُ الْأَحْوَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْكَائِنَةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ حَالُ الْحُلُولِ أَيْ وَقْتِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ (قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْهَا) أَيْ الْحَاجَةِ أَيْ أَشَدُّ مِنْ نَفْسِهَا إلَيْهِ أَيْ لِلُّطْفِ فِي غَيْرِهَا أَيْ غَيْرِ تِلْكَ الْحَالِ وَلَوْ حَذَفَ إلَيْهِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ أُضِيفَتْ فَالضَّمِيرُ إذَا رَجَعَ إلَيْهَا يَعُودُ عَلَى الْحَاجَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَوْنِهَا مُضَافَةً فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ ذِكْرُ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَيْ الْكَائِنَةَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْصَافُ الْقَائِمَةُ بِالشَّخْصِ لَا نَفْسُ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْحَلُّ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ وَحَالِ حُلُولِ الْإِنْسَانِ إلَخْ الْحَلُّ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَالِ الْحُلُولِ وَقْتُ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى خَاصٍّ) الْقَصْدُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَلَا يُطْلَبُ فِيهِ نُكْتَةٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ إشَارَةً) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى خَاصٍّ أَيْ فَأَتَى بِالْمُتَعَاطِفِينَ إشَارَةً (قَوْلُهُ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ) أَيْ احْتِيَاجِ الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ وَافْتِقَارِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَلِذَا إلَخْ) أَيْ وَلِاحْتِيَاجِهِ وَافْتِقَارِهِ (قَوْلُهُ الْمَخْلُوقِ ضَعِيفًا) أَيْ لَا يَصْبِرُ عَنْ النِّسَاءِ وَالشَّهَوَاتِ (قَوْلُهُ مِنْ ضَعْفٍ) أَيْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ إلَخْ) إمَّا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اللُّطْفِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ أَوْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ إنْ كَانَتَا إنْشَائِيَّتَيْنِ أَيْ لِإِنْشَاءِ الثَّنَاءِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتَا خَبَرِيَّتَيْنِ أَيْ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الثَّنَاءَ وَذَلِكَ الْإِخْبَارُ ثَنَاءٌ فَلَا؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الصِّلَةِ إنْشَاءٌ لَا خَبَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالدُّعَاءِ لَيْسَ بِدُعَاءٍ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ (قَوْلُهُ لَمَّا أَثْنَى) أَيْ لَمَّا حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَهُ (قَوْلُهُ أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ) أَيْ لِأَجْلِ قَصْدِهِ أَدَاءَ مَا يَجِبُ لَهُ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ وَاجِبَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ السَّنُوسِيُّ حُكْمُ الْحَمْدِ الْوُجُوبُ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ كَالْحَجِّ وَكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَالظَّاهِرُ مُسَاوَاةُ الشُّكْرِ لِلْحَمْدِ فِي الْوُجُوبِ أَيْ كَقَوْلِ الْقَائِلِ الشُّكْرُ لِلَّهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَبْعُدُ كُلُّ الْبُعْدِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَأْتِ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ الْوَاجِبِ حَتَّى أَلَّفَ هَذَا التَّأْلِيفَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَدَاه بِقَوْلِهِ يَجِبُ أَيْ يَتَأَكَّدُ (قَوْلُهُ إجْمَالًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ إجْمَالًا، وَهُوَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ نِعْمَةٍ لَا تَفْصِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُسْعِ (قَوْلُهُ وَكَانَ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ هُوَ) ضَمِيرُ فَصْلٍ (قَوْلُهُ وَجَمِيعُ) النِّعَمِ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ الْهِدَايَةُ) أَيْ الِاهْتِدَاءُ لَا خَلْقُ الِاهْتِدَاءِ (قَوْلُهُ الْوَاصِلَةُ إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى الْعِبَادِ أَيْ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَكِنْ فِي الْوَاقِعِ أَنَّ النِّعْمَةَ الْوَاصِلَةَ لِلْكُفَّارِ بِوَاسِطَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَعَلَى يَدَيْهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا بِبَرَكَتِهِ أَنْ تَكُونَ عَلَى يَدَيْهِ وَلِأَجْلِ كَوْنِهَا عَلَى يَدَيْهِ قَالُوا إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْقَاسِمُ عَلَى الْعِبَادِ تُحَفَ مَوْلَاهُ (قَوْلُهُ أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ التَّأَكُّدُ لَا الْوُجُوبُ الْحَقِيقِيُّ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَيَبْعُدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَّرَهَا لِزَمَنِ التَّأْلِيفِ قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: 56] إلَخْ) إنَّمَا أَكَّدَ السَّلَامَ دُونَ الصَّلَاةِ إمَّا؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ صَلَّى، وَهُوَ التَّصْلِيَةُ مَهْجُورٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْإِحْرَاقِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا أُضِيفَتْ لِلَّهِ وَلِمَلَائِكَتِهِ اسْتَغْنَتْ عَنْ التَّأْكِيدِ بِخِلَافِ السَّلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ فَيُبْدَأُ بِهِ وَبِالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ يُرِيدُ وَصَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ أَيْ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَهُوَ مِنْ الْخَبَرِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ أَيْ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَيْ يَرْحَمَ وَيُسَلِّمَ أَيْ يُؤَمِّنُ أَوْ يُحْيِي أَوْ يَبْقَى خَالِدَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ فِي الْجِنَانِ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ فَيَكُونُ طَلَبَ لَهُ صَلَاةَ اللَّهِ وَسَلَامَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ صَلَاتَهُ هُوَ وَسَلَامَهُ أَيْ أُنْشِئُ الدُّعَاءُ لِمُحَمَّدٍ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَقَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي السَّلَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ أَنَّهُ طَالِبٌ فِي الْأَوَّلِ صَلَاةً وَسَلَامًا وَفِي الثَّانِي دَعَا بِهِمَا وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ دُعَاءٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ طَلَبَ أَنْ يَتَوَلَّى اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ وَفِي الثَّانِي صَلَّى هُوَ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَالْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» ، وَإِنْ جَعَلَ السَّلَامَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَالرَّحْمَةَ وَحِفْظَ اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٌ اسْمُ عَلَمٍ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ سَمَّى بِهِ نَبِيَّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِسَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ لِمَ سَمَّيْت ابْنَك أَيْ ابْنَ ابْنِك مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِك   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ) أَيْ انْتَفَى فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ الْمُبَيَّنُ بِشَيْئَيْنِ (قَوْلُهُ فَيُبْدَأُ) عَطْفٌ عَلَى يُذْكَرُ مِنْ عَطْفِ مُفَصَّلٍ عَلَى مُجْمَلٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ مُجْمَلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصْدُقُ بِالْبُدَاءَةِ وَبِغَيْرِهَا وَمِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلضِّمْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِذِكْرِ اللَّهِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الصَّرِيحِ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ. (قَوْلُهُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَقْطَعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ انْتَفَى ذِكْرُ اللَّهِ الْمُبَيَّنُ بِالذِّكْرِ الصَّرِيحِ وَالضِّمْنِيِّ فَهُوَ لَا بَرَكَةَ فِيهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ أَحَدُهُمَا فَفِيهِ الْبَرَكَةُ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ كَامِلَةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَمْحُوقُ الْبَرَكَةِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ) أَيْ إذَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ (قَوْلُهُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ) أَيْ لَا فِي الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْأَحْكَامِ إمَّا بِالصَّحِيحِ أَوْ بِالْحَسَنِ (قَوْلُهُ مِنْ الْخَبَرِ) أَيْ مِنْ أَفْرَادِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ أَيْ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ صَلَاةَ اللَّهِ وَسَلَامَهُ يَكُونُ الْمَعْنَى عِنْدَ جَعْلِهَا إنْشَائِيَّةً أُنْشِئُ صَلَاةَ اللَّهِ وَسَلَامَهُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُدْرَةِ قُلْت الْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِنْشَاءِ الطَّلَبُ أَيْ أَطْلُبُ صَلَاةَ اللَّهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَسْتَحْدِثُ (قَوْلُهُ أَيْ يَرْحَمَ) أَيْ يُنْعِمَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ يُنْعِمُ إنْعَامًا مَقْرُونًا بِتَعْظِيمٍ أَوْ بِقَوْلٍ أَيْ يُعَظِّمُهُ (قَوْلُهُ أَيْ يُؤْمِنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ السَّلَامَ إمَّا أَنْ يُفَسَّرَ بِالْأَمَانِ أَوْ التَّحِيَّةِ أَوْ إبْقَاءِ الذِّكْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَبْقَى مِنْ الْإِبْقَاءِ (قَوْلُهُ خَالِدَ الذِّكْرِ) لَفْظَةُ خَالِدَ فِي الْمَعْنَى حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ يَبْقَى الذِّكْرُ الْجَمِيلُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ خَالِدًا (قَوْلُهُ فِي الْجِنَانِ) مُتَعَلِّقٌ بِالذِّكْرِ، ثُمَّ أَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ ظَرْفَ الْإِنْعَامِ الْآخِرَةُ بِجَمِيعِ أَزْمَانِهَا فِي الْبَرْزَخِ وَالْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَظَرْفُ الْأَمَانِ فِيمَا عَدَا الْجَنَّةِ فَيَشْمَلُ الْمَوْقِفَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَلْحَقُهُمْ الْخَوْفُ كَمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِيمَا كَانَ مِنْ حَسَنَاتِ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ وَذَلِكَ لِوُجُودِ أَهْوَالٍ تُنْسِي الْمَغْفِرَةَ. فَلَا يُقَالُ يَرِدُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} [الفتح: 2] وَظَرْفُ التَّحِيَّةِ الْآخِرَةِ بِجَمِيعِ أَزْمَانِهَا وَقَدْ ذَكَرَ ظَرْفَ الذِّكْرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجِنَانِ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَةَ ظَرْفٌ ذَكَرَهُ أَيْضًا (قَوْله بِنَبِيِّهِ) أَيْ لِنَبِيِّهِ أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِنَبِيِّهِ (قَوْلُهُ الدُّعَاءُ) أَيْ الَّذِي هُوَ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْبَقَاءِ مِنْ مَعَانِي السَّلَامِ أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي دَعَا بِهِمَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الدُّعَاءَ بِهِمَا أَيْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ هُوَ عَيْنُ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فَهُوَ دُعَاءُ) مُسَلَّمٌ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ طَلَبٌ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي كُلٍّ طَلَبُ أَنْ يَتَوَلَّى اللَّهُ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْعَبْدِ دُعَاؤُهُ لَا غَيْرَ وَصَلَاةُ اللَّهِ رَحْمَتُهُ لَا غَيْرَ فَهَذَا كَلَامٌ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّسَمُّحِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَالْفَرْقِ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً إشَارَةٌ لِصَلَاةِ الْعَبْدِ كَالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ إشَارَةٌ لِصَلَاةِ الرَّبِّ كَالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ جُعِلَ السَّلَامُ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ وَحِفْظُ اللَّهِ) يَرْجِعُ لِلْأَمَانِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ اسْمٌ) لَا كُنْيَةٌ وَلَا لَقَبٌ وَقَوْلُهُ عَلَمٌ أَيْ لَا نَكِرَةٌ وَلَا اسْمُ جِنْسٍ. (قَوْلُهُ مَنْقُولٌ) أَيْ لَا مُرْتَجَلٌ. (قَوْلُهُ الْمُضَعَّفِ) أَيْ الْمُضَعَّفِ الْعَيْنِ بِأَنْ نُقِلَ الْمُجَرَّدُ إلَى بَابِ التَّفْعِيلِ لَا الْمُضَعَّفِ الَّذِي لَمْ تَسْلَمْ حُرُوفُهُ الْأُصُولُ مِنْ التَّضْعِيفِ كَمَسَّ وَظَلَّ فَالتَّضْعِيفُ هُنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ دُونَ الِاصْطِلَاحِيِّ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى مَنْقُولٌ لَا مُرْتَجَلٌ وَالْعَلَمُ الْمَنْقُولُ هُوَ الَّذِي سَبَقَ لَهُ اسْتِعْمَالٌ قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ فِي غَيْرِهَا وَالْمُرْتَجَلُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ اسْتِعْمَالٌ قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ الْمُضَعَّفِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الْفِعْلِ الْمُضَعَّفِ وَالْمُرَادُ التَّضْعِيفُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ التَّكْرِيرُ أَيْ الْمُكَرَّرُ عَيْنُهُ، وَهُوَ حَمَّدَ بِالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ نَبِيُّنَا) أَبْهَمَ الْمُسَمَّى لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَمَّا كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَفْصَحَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ وَقَوْلُهُ لِسَابِعٍ أَيْ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ وَلَعَلَّهُ أَخَّرَ التَّسْمِيَةَ لِلسَّابِعِ لِكَوْنِهِ أَرَادَ الْعَقَّ عَنْهُ فَالْعَقِيقَةُ شَرِيعَةٌ قَدِيمَةٌ (قَوْلُهُ لِمَوْتِ أَبِيهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ التَّسْمِيَةُ مِنْ حَقِّ الْأَبِ دُونَ الْجَدِّ (قَوْلُهُ بِإِلْهَامٍ) هُوَ إلْقَاءُ مَعْنًى فِي الرَّوْعِ بِطَرِيقِ الْفَيْضِ بِحَيْثُ يَطْمَئِنُّ لَهُ الْقَلْبُ (قَوْلُهُ أَيْ ابْنَ ابْنِك) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ ابْنٍ فِي ابْنِ الِابْنِ مَجَازٌ أَيْ لُغَوِيٌّ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الِابْنَ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِك) وَلَيْسَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهَا مِنْ النُّسَخِ زِيَادَةُ قَوْمِك مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْمِهِ قُرَيْشًا وَلَعَلَّ الْأَغْلَبَ التَّسْمِيَةُ بِأَسْمَاءِ الْآبَاءِ دُونَ الْقَوْمِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ بِكُلٍّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْآبَاءِ إلَى إبْرَاهِيمَ فَقَطْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 فَقَالَ رَجَوْت أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ مَحْمُودٍ لِلْمُضَاعَفَةِ فَهُوَ أَجَلُّ مِنْ حَمَدٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَأَفْضَلُ مِنْ حُمَدٍ بِضَمِّهَا، وَهُوَ أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ وَالْمَحْمُودِينَ وَمَعَهُ لِوَاءُ الْحَمْدِ وَيَبْعَثُهُ رَبُّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ بِمَحَامِدَ لَمْ يَفْتَحْ بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَأُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. (ص) سَيِّدِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ الْمَبْعُوثِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ (ش) لَمَّا اشْتَمَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَحَامِدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَنَلْهَا غَيْرُهُ وُصِفَ بِسِيَادَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَالسَّيِّدُ قِيلَ الْحَلِيمُ وَقِيلَ التَّقِيُّ وَقِيلَ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِ ابْنِ عَطِيَّةَ مَنْ فَسَّرَ الْحِلْمَ بِالسُّؤْدُدِ أَحْرَزَ أَكْثَرَ مَعْنَاهُ وَالْعَرَبُ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ ضَمٍّ وَسُكُونٍ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَقَالَ رَجَوْت) وَحَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجَاءُ مِنْ رُؤْيَا رَآهَا، وَهُوَ أَنَّ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ خَرَجَتْ مِنْ ظَهْرِهِ لَهَا طَرَفٌ بِالْمَشْرِقِ وَطَرَفٌ بِالْمَغْرِبِ ثُمَّ عَادَتْ كَأَنَّهَا شَجَرَةٌ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْهَا نُورٌ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَتَعَلَّقُونَ بِهَا فَعُبِرَتْ بِمَوْلُودٍ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُمَا وَيَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَنَقُولُ قَوْلُهُ بِإِلْهَامٍ لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ فَيُفْهَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي التَّسْمِيَةِ الْإِلْهَامُ وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَقَالَ رَجَوْت يُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ الرَّجَاءُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ ابْتِدَاءُ الرَّجَاءِ وَعِلَّةَ الْمَجْمُوعِ مِنْ التَّسْمِيَةِ وَعِلَّتُهَا الْإِلْهَامُ فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ الرَّجَاءِ عَلَى الْإِلْهَامِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ رَجَاءَهُ) أَيْ مَرْجُوَّهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبْلَغُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي مَحْمُودٍ فَمَا وَجْهُ التَّرْجِيحِ. (قَوْلُهُ لِلْمُضَاعَفَةِ) أَيْ لِتَكْرِيرِ عَيْنِ الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ الْإِسْمَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَجَلُّ مِنْ حَمَدٍ إلَخْ) أَيْ إذَا عَلِمْت مَا قُلْنَاهُ فَنُفِيدُك فَائِدَةً، وَهُوَ أَنَّهُ أَجَلُّ مَنْ حَمِدَ وَأَفْضَلُ مَنْ حُمِدَ وَأَفْضَلُ وَأَجَلُّ بِمَعْنًى فَقَدْ تَفَنَّنَ إلَّا أَنَّ التَّفْرِيعَ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلَّازِمِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ مَحْمُودِيَّتِهِ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ كَثْرَةُ الْحَمْدِ فَيَكُونَ أَجَلَّ الْحَامِدِينَ (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَحْمَدُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَحْمَدُ إلَخْ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَصْرِيحٌ بِعِلَّةِ الْمُفَرَّعِ أَوَّلًا وَإِذْ عَلِمْت ذَلِكَ كُلَّهُ فَأَحْمَدُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى الْحَامِدِينَ بِمَعْنَى أَكْثَرَ حَامِدِيَّةً وَبِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَحْمُودِينَ بِمَعْنَى أَكْثَرَ مَحْمُودِيَّةً وَكَأَنَّهُ يَقُولُ، وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ حَامِدِيَّةً وَأَكْثَرُهُمْ مَحْمُودِيَّةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّذِي هُوَ مَجْمَعُ الْخَلَائِقِ بِدَلِيلِ تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ وَمَعَهُ لِوَاءُ الْحَمْدِ فَيَحْمَدُهُ الْأُمَمُ كُلُّهَا، ثُمَّ إنَّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ حَقِيقَةٌ وَالْمَعْطُوفُ مَجَازٌ. (قَوْلُهُ وَمَعَهُ لِوَاءُ الْحَمْدِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الْحَمْدِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِفَةِ لِوَاءِ الْحَمْدِ فَقَالَ طُولُهُ أَلْفُ سَنَةٍ وَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَقَضِيبُهُ مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ وَزُجُّهُ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ لَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ ذُؤَابَةٌ بِالْمَشْرِقِ وَذُؤَابَةٌ بِالْمَغْرِبِ وَذُؤَابَةٌ وَسَطَ الدُّنْيَا مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ الْأَوَّلُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالثَّانِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالثَّالِثُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ طُولُ كُلِّ سَطْرٍ مَسِيرَةُ أَلْفِ عَامٍّ قَالَ صَدَقْت يَا مُحَمَّدُ» ذَكَرَهُ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ وَيَبْعَثُهُ رَبُّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا) أَيْ يَبْعَثُهُ فَيُقِيمُهُ مَقَامًا مَحْمُودًا أَوْ ضَمَّنَ يَبْعَثُهُ يُقِيمُهُ وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ (قَوْلُهُ يَحْمَدُهُ فِيهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُونَ) أَيْ مَنْ مَضَى مِنْ الْأُمَمِ وَقَوْلُهُ وَالْآخِرُونَ وَهُمْ أُمَّتُهُ مِنْ قَرْنِ الصَّحَابَةِ إلَى آخِرِ الْقُرُونِ (قَوْلُهُ وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (قَوْلُهُ بِمَحَامِدَ) جَمْعٌ حَمْدٍ أَيْ بِثَنَاءَاتٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَفْتَحْ بِهَا عَلَى أَحَدٍ) لَا فِي هَذَا الْمَوْقِفِ وَلَا فِي حَالَةِ الدُّنْيَا وَدَخَلَتْ نَفْسُهُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ وَأُمَّتُهُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ فَضْلِ أُمَّتِهِ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ فَضْلَهُ (قَوْلُهُ الْحَمَّادُونَ) أَيْ: كَثِيرُو الْحَمْدِ (قَوْلُهُ عَلَى السَّرَّاءِ) أَيْ مَا يَسُرُّ وَمَا يَضُرُّ أَيْ فِي حَالَتِهِمَا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الضَّرَّاءِ مِنْ الْأَجْرِ أَوْ؛ لِأَنَّ فِيهِ رِضًا بِمَا يَفْعَلُ الرَّحْمَنُ أَوْ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ وُقُوعِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ الضُّرِّ. (قَوْلُهُ سَيِّدُ الْعَرَبِ) يَجُوزُ فِي قَوْلِهِ سَيِّدُ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَمْدَحُ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجَرُّ عَلَى التَّبَعِيَّةِ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ) فِي تَقْدِيمِ الْمُصَنِّفِ الْعَرَبَ فِي الذِّكْرِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْعَجَمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِمَا اشْتَمَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَحَامِدِ الْكَثِيرَةِ) أَيْ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا اسْمُهُ الشَّرِيفُ، وَهُوَ مُحَمَّدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ أَنْ يُرَادَ مِنْ مَحَامِدَ جَمْعُ حَمْدٍ إمَّا بِمَعْنَى أَكْثَرَ حَامِدِيَّةً أَوْ مَحْمُودِيَّةً وَأَرَادَ بِالِاشْتِمَالِ التَّعَلُّقَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ حَمْدِ النَّاسِ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (قَوْلُهُ وُصِفَ بِسِيَادَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ) أَيْ لِكَوْنِهِ أَكْمَلَهُمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ لِمَا قِيلَ إنَّ السَّيِّدَ مَعْنَاهُ الْكَامِلُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ التَّقِيُّ) أَيْ بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ مِنْ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ مِنْ التَّقْوَى وَقِيلَ هُمَا أَيْ الْحَلِيمُ التَّقِيُّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ مِنْ الْعِلْمِ أَيْ إنَّ السَّيِّدَ مَعْنَاهُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ وَأَرَادَ هُنَا بِالْعَالِمِ مَنْ امْتَدَّ بَاعُهُ فِي الْعُلُومِ مِنْ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ الْوَصْفِ بِالْفَقِيهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي (قَوْلُهُ بِالسُّوْدُدِ) بِضَمِّ السِّينِ هُوَ الْعِزُّ وَالشَّرَفُ أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ تَفْسِيرِ الْحِلْمِ بِالسُّوْدُدِ أَنَّ السُّوْدُدَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ سَيِّدٌ مَعْنَاهُ الْحِلْمُ، فَيَكُونُ مَعْنَى السَّيِّدِ الْحَلِيمُ فَهُوَ دَلِيلٌ بِاعْتِبَارِ اللَّازِمِ. (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْحِلْمِ مَعْنًى وَالسُّوْدُدُ أَحْرَزَ أَكْثَرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْ أَكْثَرَ مَعَانِيهِ أَوْ أَكْثَرَ جُزْئِيَّاتِ مَعْنَاهُ أَوْ أَجْزَاءَ مَعْنَاهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَا الْكُلُّ وَلَا الْأَكْثَرُ وَلَا الْأَقَلُّ وَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ وَالْأَصْلُ مَنْ فَسَّرَ السُّوْدُدَ بِالْحِلْمِ فَقَدْ أَحْرَزَ أَكْثَرَ مَعْنَاهُ أَيْ أَعْظَمَ أَسْبَابِ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّفْحَ وَالسَّتْرَ اللَّذَيْنِ هُمَا مَعْنَى الْحِلْمِ أَعْظَمُ أَسْبَابِ السُّوْدُدِ الَّذِي هُوَ الْعِزُّ وَالشَّرَفُ بِخِلَافِ التَّقْوَى إذَا لَمْ يُصَاحِبْهَا حِلْمٌ أَوْ الْفِقْهُ وَالْعِلْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ جِيلٌ) أَيْ طَائِفَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وَهُمْ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْمَعْرُوفَةِ سَجِيَّةً سُكَّانُ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْرَابُ وَاحِدُهَا أَعْرَابِيٌّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ عَرَبِيًّا أَوْ أَعْجَمِيًّا وَالْعَجَمُ فِي أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ مِنْ الضَّبْطِ مَا فِي الْعَرَبِ وَالْأَفْصَحُ فَتْحُهُمَا أَوْ ضَمُّهُمَا مَعًا وَهُمْ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ انْتَهَى وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي فَتْحِهِمَا إلَخْ عَائِدٌ إلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَسَائِرِ الْأُمَمِ مَعْنَاهُ جَمِيعُهَا كَمَا عَلَيْهِ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّقَلَيْنِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَدَا الْجِنَّ مِنْ الْإِنْسِ دَاخِلٌ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَالْأُمَمُ جَمْعُ أُمَّةٍ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ وَاحِدٌ فِي اللَّفْظِ جَمْعٌ فِي الْمَعْنَى وَكُلُّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ أُمَّةٌ وَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُ الْحَرِيرِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ وَلَا دَعْوَى انْفِرَادِهِ بِأَنَّ سَائِرَ بِمَعْنَى جَمِيعٍ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى الْبَاقِي لَا غَيْرَ وَحَكَى الْقَامُوسُ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ السَّائِرُ الْبَاقِي لَا الْجَمِيعُ كَمَا تَوَهَّمَهُ جَمَاعَاتٌ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لَهُ انْتَهَى وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْمَعْرُوفَةِ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ لِدَفْعِ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْعَرَبِيَّةَ فِي تَعْرِيفِ الْعَرَبِ إذْ لَا تُعْرَفُ الْعَرَبِيَّةُ حَتَّى تُعْرَفَ الْعَرَبُ وَلَا تُعْرَفُ الْعَرَبُ حَتَّى تُعْرَفَ الْعَرَبِيَّةُ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ (قَوْلُهُ سَجِيَّةً) أَيْ سَلِيقَةً وَطَبِيعَةً فَلَا يَضُرُّهُ تَكَلُّمُهُ بِغَيْرِهَا إذَا تَعَلَّمَهَا وَمِثْلُهُ فِي الْعَجَمِ فَالْعَرَبُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِطَبْعِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَطَبُّعِهِ. (قَوْلُهُ سُكَّانُ الْأَمْصَارِ) بِالْمُقَابِلِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْصَارِ مَا يَشْمَلُ الْقُرَى فَفِي شَرْحِ الْكَشَّافِ لِلْقُطْبِ أَنَّ الْعَرَبَ سُكَّانُ الْمُدُنِ وَالْقُرَى وَالْأَعْرَابُ سُكَّانُ الْبَادِيَةِ (قَوْلُهُ وَأَحَدُهَا أَعْرَابِيٌّ) قَالَ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ الْوَاحِدُ أَعْرَابِيٌّ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ صَاحِبَ نُجْعَةٍ وَارْتِيَادٍ لِلْكَلَأِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَالنِّسْبَةُ إلَى الْأَعْرَابِ أَعْرَابِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ انْتَهَى أَيْ فَيَكُونُ اسْمَ جَمْعٍ وَقَوْلُهُ لَا وَاحِدَ لَهُ أَيْ لَا مُفْرَدَ لَهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ وَاحِدُهَا أَعْرَابِيٌّ أَيْ الَّذِي هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْأَعْرَابِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْأَعْرَابِ التَّبَايُنُ وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي وَيَكُونُ بَيْنَ الْعَجَمِ وَالْأَعْرَابِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ يَجْتَمِعَانِ فِي أَعْرَابِيٍّ عَجَمِيٍّ وَيَنْفَرِدُ الْأَعْرَابِيُّ إذَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَيَنْفَرِدُ الْأَعْجَمِيُّ فِي سَاكِنِ الْأَمْصَارِ وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ وَالْقَامُوسِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْأَعْرَابَ سُكَّانُ الْبَوَادِي بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ فَإِذَنْ الْأَعْرَابُ أَخَصُّ مِنْ الْعَرَبِ فَهُوَ الرَّاجِحُ وَوَقَعَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ تَصْرِيفِ الْعِزِّيِّ لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ الْعَرَبُ خِلَافُ الْعَجَمِ سَكَنُوا الْبَوَادِيَ أَوْ الْقُرَى وَالْأَعْرَابُ سُكَّانُ الْبَوَادِي تَكَلَّمُوا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوَّلًا فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَالْأَفْصَحُ فَتْحُهُمَا) أَيْ إذَا اقْتَرَنَ لَفْظُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَالْأَصَحُّ ضَمُّهُمَا مَعًا أَوْ فَتْحُهُمَا مَعًا لِلْمُشَاكَلَةِ وَمُقَابِلُ الْأَفْصَحِ فَتْحُ أَحَدِهِمَا وَضَمُّ الْآخَرِ فِي حَالَةِ الِاقْتِرَانِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا قَبْلَ إسْمَاعِيلَ وَيُقَالُ لَهُمْ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ وَهُمْ قَبَائِلُ مِنْهُمْ عَادٌ وَثَمُودُ وَقَحْطَانُ وَجُرْهُمُ وَغَيْرُهُمْ، وَأَمَّا الْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ فَهُمْ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَهُوَ أَخَذَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْ جُرْهُمَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْبَحْرِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرَادَ بِهَا عَرَبِيَّةَ قُرَيْشٍ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَأَمَّا عَرَبِيَّةُ قَحْطَانَ وَيَعْرُبَ فَكَانَتْ قَبْلَ إسْمَاعِيلَ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّقَلَيْنِ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا لِلْمَلَائِكَةِ وَلَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إلَيْهِمْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَأُرْسِلْت إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً» وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] فَإِنَّ مَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَالْعَالَمُ مَا سِوَى اللَّهِ وَعَلَى هَذَا فَفَائِدَةُ الرِّسَالَةِ لَهُمْ وَهُمْ مَعْصُومُونَ أَنَّهُمْ كُلِّفُوا بِتَعْظِيمِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَدُخُولُهُمْ تَحْتَ دَعَوْته تَشْرِيفًا لَهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْسَلَيْنِ إلَّا أَنَّنَا لَمْ نَعْلَمْ عَيْنَ مَا كُلِّفُوا بِهِ بَلْ ذَهَبَ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى بَعْثَتِهِ لِلْجَمَادَاتِ فَرَكَّبَ فِيهَا إدْرَاكًا لِتُؤْمِنَ بِهِ وَتَخْضَعَ لَهُ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ بِلِسَانِ الْمَقَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَصَارَتْ بِإِيمَانِهَا بِهِ آمِنَةً مِنْ الْمَسْخِ وَالْخَسْفِ فَقَدْ كَانَ يُخْسَفُ بِهَا فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ بَلْ أُرْسِلَ بِاعْتِبَارِ رُوحِهِ الشَّرِيفَةِ لِجَمِيعِ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ نُوَّابُهُ فِي تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ الْمُكَلَّفِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصِّبْيَانَ مُكَلَّفُونَ أَيْ مُطَالَبُونَ بِالْمَنْدُوبَاتِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابُهُمْ وَرِفْعَةُ دَرَجَاتِهِمْ فَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا لِلصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ عَدَا الْجِنَّ مِنْ الْإِنْسِ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ الْمَبْعُوثُ لِسَائِرِ إلَخْ لِدُخُولِ الْجِنِّ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَ دَاخِلُونَ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُهُمْ فَيَعْلَمُ بَعْثَتَهُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا مَنْشَأُ السِّيَادَةِ، فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ سَيِّدَهُمْ وَأَشْرَفَ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ مَبْعُوثًا إلَيْهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّ عِيسَى أَشْرَفُ مِنْ الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُرْسَلًا إلَيْهِمْ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ سَيِّدُهُمْ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ الْكَامِلُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُرْسَلًا إلَى الْعَرَبِ لَا يَكُونُونَ مُحْتَاجِينَ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ مُحْتَاجِينَ إلَّا لِمَنْ يُرْسَلُ إلَيْهِمْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَقَوْلُهُ مِنْ الْإِنْسِ بَيَانٌ لِمَنْ عَدَا الْجِنَّ وَقَوْلُهُ دَاخِلٌ التَّعْبِيرُ بِالدُّخُولِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِنْسَ بَعْضُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَأَنَّ هُنَاكَ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مَنْ لَيْسَ مِنْ الْإِنْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ هُمْ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ لَكَانَ أَفْضَلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْإِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْهُمْ وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُمْ بَعْضُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ) حَتَّى مِنْ غَيْرِ النَّاطِقِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْت بِقَتْلِهَا» (قَوْلُهُ وَكُلُّ جِنْسٍ) أَيْ وَكُلُّ نَوْعٍ أَوْ أَرَادَ الْجِنْسَ اللُّغَوِيَّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ سَائِرَ بِمَعْنَى جَمِيعِ (قَوْلُهُ انْفِرَادِهِ) أَيْ الْجَوْهَرِيِّ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هِيَ) أَيْ سَائِرَ بِمَعْنَى الْبَاقِي (تَتِمَّةٌ) سَائِرَ إذَا كَانَ بِمَعْنَى جَمِيعٍ يَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ حَائِطٌ مُحِيطٌ بِهَا وَبِمَعْنَى بَاقِي يَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ السُّؤْرِ بِمَعْنَى الْبَقِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ الْبَاقِي مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ أَوْ الْبَاقِي الْأَقَلُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَحَكَى الْقَامُوسُ الْقَوْلَيْنِ) لَا يَظْهَرُ بَلْ الْقَامُوسُ مُعْتَرِضٌ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا قَوْلًا وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لَهُ فَمَعْنَاهُ مَجَازٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ السَّائِرُ الْبَاقِي لَا الْجَمِيعُ فَانْظُرْ هَذَا الْحَصْرَ كَيْفَ يُقَالُ مَعَ هَذَا أَنَّهُ حَاكٍ لِلْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ جَمَاعَاتٌ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أُمَّتَهُ بَقِيَّةُ الْأُمَمِ أَيْ الطَّوَائِفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى قَبْلَهَا. (ص) وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ أَفْضَلِ الْأُمَمِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُحَمَّدٍ جَرْيًا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا، وَأَمَّا اسْتِقْلَالًا فَقِيلَ خِلَافُ الْأُولَى وَقِيلَ يُمْنَعُ وَثَالِثُهَا تُكْرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَآلُ الرَّجُلِ أَهْلُهُ وَعِيَالُهُ وَآلُهُ أَيْضًا أَتْبَاعُهُ وَأَصْلُهُ أَوَّلٌ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ بَعْدَ فَتْحَةٍ فَقُلِبَتْ أَلِفًا وَقِيلَ أَهَلٌ قُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً، ثُمَّ الْهَمْزَةُ أَلِفًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُفْرَدٌ فِي اللَّفْظِ جَمْعٌ فِي الْمَعْنَى وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِعَلَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى آلِهِ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَرَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آلِهِ بِعَلَى، وَهُوَ مَذْهَبُ الرَّافِضَةِ وَالْأَصْحَابُ جَمْعُ صَاحِبٍ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ كَمَا عِنْدَ الْأَخْفَشِ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ، وَهُوَ مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ مُوَاصَلَةٌ، وَإِنْ قُلْت بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الصَّاحِبِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ   [حاشية العدوي] جَمْعُ جَمَاعَةٍ فَأَفَادَ بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْقَائِلِينَ وَلَوْ عَبَّرَ بِجَمَاعَةٍ لَمَا اقْتَضَى ذَلِكَ لِتَحَقُّقِهَا فِي ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى) أَيْ بَقِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأُمَمِ جَمِيعَ الطَّوَائِفِ أَيْ الْأُمَمَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَأُمَّةُ هَذَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَّةُ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أُمَّةُ نَبِيِّنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَصْدُوقَ الطَّائِفَةِ الَّتِي هِيَ مُفْرَدُ الطَّوَائِفِ أُمَّةُ النَّبِيِّ أَيْ أَيِّ نَبِيٍّ فَالطَّوَائِفُ أُمَمُ الْأَنْبِيَاءِ الشَّامِلِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَقُولُ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ أُرْسِلَ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ السَّابِقَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ نُوَّابُهُ فِي تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ الشَّارِحِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ بِاعْتِبَارِ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ عَالَمِ الْأَجْسَادِ (فَائِدَةٌ) الْأُمَمُ الْمَاضِيَةُ قَبْلَ أُمَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعُونَ أُمَّةً بِأُمَّةِ النَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ إلَخْ) كَرَّرَ الصَّلَاةَ جَمْعًا بَيْنَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلثَّبَاتِ وَبَيْنَ الْفِعْلِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ. (قَوْلُهُ وَأَصْحَابِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَصَحَابَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْقِلَّةِ فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ مَجَازًا وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَصَاحِبُ لَهُ جَمْعُ كَثْرَةٍ صِحَابٌ وَصَحْبٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَيَأْتِي الِاعْتِرَاضُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَأَزْوَاجِهِ بِأَنَّهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةٍ، وَإِنْ تُوُفِّيَ عَنْ تِسْعٍ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ الْأُمَمِ) أَيْ الِاتِّبَاعُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ الْجَمَاعَاتُ أَيْ الطَّوَائِفُ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ أَيْ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ فِي كَلَامِهِ تَوَافُقُ الْفَاصِلَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَهُوَ مَعِيبٌ فِي السَّجْعِ كَالْإِيطَاءِ فِي النَّظْمِ، وَهُوَ تَكْرَارُ الْقَافِيَّةِ بَلْ فِي كَلَامِهِ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ الْجِنَاسُ التَّامُّ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ جَرْيًا عَلَى جَوَازِ) أَيْ جَرْيًا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَوْلَانِ قَوْلٌ بِالْمَنْعِ وَقَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ وَهِيَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ فَنَقَلَهَا الشَّارِحُ بِالْحَرْفِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فَزَادَ عَلَى هَامِشِ النُّسْخَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ تَبَعًا، وَأَمَّا اسْتِقْلَالًا إلَخْ وَأَبْقَى قَوْلَهُ عَلَى جَوَازِ فَلَمْ يُغَيِّرْهَا مَعَ أَنَّهَا مُؤْذِنَةٌ بِالْخِلَافِ وَمَعَ أَنَّ الصَّوَابَ كَمَا يُفِيدُهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ وَآلُ الرَّجُلِ إلَخْ) نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الصِّحَاحِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ اطِّلَاقَيْنِ فَقَطْ وَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالسُّرِّيَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ فَعَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْآلُ فِي مَقَامِ الزَّكَاةِ وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ اطِّلَاقَاتٍ ثَلَاثَةٍ فَقَدْ قَالَ وَالْآلُ أَهْلُ الشَّخْصِ وَهُمْ ذُو قَرَابَتِهِ وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَعَلَى الْأَتْبَاعِ. (تَنْبِيهٌ) : أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْآلِ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ وَعِيَالُهُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَأُمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ أَوَّلٌ) أَيْ مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يُنْطَقُ بِهِ أَوَّلًا كَذَا، ثُمَّ غُيِّرَ مِنْ آلَ يَئُولُ إلَى كَذَا رَجَعَ بِقَرَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ قُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً) لَا يُقَالُ هَلَّا قُلِبَتْ الْهَاءُ ابْتِدَاءً أَلِفًا؛ لِأَنَّ قَلْبَهَا أَلِفًا يَجِيءُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَتَّى يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهَا هَمْزَةً فَشَائِعٌ وَقُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً لِلتَّوَصُّلِ إلَى إبْدَالِهَا أَلِفًا وَهِيَ أَخَفُّ. (تَنْبِيهٌ) : تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي التَّصْغِيرِ عَلَى أُهَيْلٌ أَوْ أُوَيْلٌ وَكِلَاهُمَا مَسْمُوعٌ (قَوْلُهُ اسْمُ جِنْسٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ انْتَهَى. قَلْت، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الرَّافِضَةِ) هُمْ فِرْقَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ تَابَعُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ، ثُمَّ قَالُوا تَبَرَّأْ مِنْ الشَّيْخَيْنِ فَأَبَى وَقَالَ كَانَا وَزِيرَيْ جَدِّي فَتَرَكُوهُ وَرَفَضُوهُ فَلِذَلِكَ سُمُّوا رَافِضَةً، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ هَذَا اللَّقَبُ فِي كُلٍّ مَنْ غَلَا فِي هَذَا الْمَذْهَبِ وَأَجَازَ الطَّعْنَ فِي الصَّحَابَةِ كَمَا أَفَادَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ؛ لِأَنَّ الصَّاحِبَ فِي اللُّغَةِ مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ صُحْبَةٌ، وَإِنْ قُلْت (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْأَخْفَشِ) الَّذِي فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الْأَخْفَشَ يَقُولُ إنَّ صَحْبَ جَمْعُ صَاحِبٍ (فَائِدَةٌ) رَوَى أَبُو زُرْعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا كُلٌّ مِنْهُمْ صَحِبَهُ وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَعَنْهُ فِي مِرْآةِ الزَّمَانِ أَيْضًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُبِضَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَرَآهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ) فِيهِ تَسَاهُلٌ لَمْ يَقُلْ الْجَوْهَرِيُّ ذَلِكَ بَلْ إنَّمَا قَالَ أَصْحَابُ جَمْعُ صَحْبٍ كَفَرْخٍ وَأَفْرَاخٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَبِهِ جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ الْجَوْهَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ) أَيْ إنَّ أَصْحَابَ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبِ الْمَنْقُولِ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ أَصْحَابَ جَمْعُ صَاحِبٍ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ فَاعِلَ يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ وَمَثَّلَ بِصَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ وَارْتَضَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالرَّضِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 جَمْعًا لِصَاحِبٍ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالصَّحَابِيُّ عُرْفًا مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِمُحَمَّدٍ فِي حَيَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لِيَخْرُجَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مُؤْمِنًا، ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ زِيَادَةَ ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنْ لَا تَتَحَقَّقَ الصُّحْبَةُ لِأَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حِينَئِذٍ قَيْدٌ فَتَنْتِفِي الْحَقِيقَةُ بِانْتِفَائِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَعَدَمُ وَصْفِ الْمُرْتَدِّ بِهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ أَحْبَطَتْهَا بَعْدَ وُجُودِهَا كَالْإِيمَانِ سَوَاءٌ وَفِي التَّعْرِيفِ أُمُورٌ مَذْكُورَةٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. وَالْأَزْوَاجُ جَمْعُ زَوْجٍ أَيْ نِسَاؤُهُ وَتَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ سَرَارِيُّهُ وَالذُّرِّيَّةُ النَّسْلُ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَاعِلَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الَّذِي هُوَ النَّفْيُ لَا الْمَنْفِيُّ وَقَوْلُهُ فَاعِلَ بِدُونِ أَلِفٍ كَذَا بِخَطِّهِ كَعَادَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْخَطِّ مِنْ تَرْكِهِمْ الْأَلِفَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَنْصُوبِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ، ثُمَّ نَقُولُ قَدْ عَلِمْت مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَوَافَقَهُ الرَّضِيُّ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَيْ أَصْحَابَ جَمْعُ صَحْبٍ بِالسُّكُونِ اسْمُ جَمْعٍ أَيْ لِصَاحِبٍ أَوْ بِالْكَسْرِ مُخَفَّفُ صَاحِبٍ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ عَدَمِ تَصَفُّحِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ أَصْحَابَ جَمْعُ صَاحِبٍ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالصَّحَابِيُّ عُرْفًا) أَيْ لَا الصَّحَابِيُّ لُغَةً فِيهِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَمَعْنًى عُرْفِيٌّ بَلْ مَا لَهُ إلَّا مَعْنًى عُرْفِيٌّ. (قَوْلُهُ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا) أَيْ بَعْدَ الْبَعْثَةِ فَيَخْرُجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤْمِنًا بِأَنَّهُ سَيُبْعَثُ وَلَمْ يُدْرِكْ الْبَعْثَةَ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَعَدَّهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَيَخْرُجُ مَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَرَسُولِ قَيْصَرَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَيَخْرُجُ مَنْ لَقِيَهُ بَعْدُ كَأَبِي ذُؤَيْبٍ خُوَيْلِدِ بْنِ خَالِدٍ الْهُذَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ أُخْبِرَ بِمَرَضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَافَرَ نَحْوَهُ فَقُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وُصُولِهِ الْمَدِينَةَ بِيَسِيرٍ وَحَضَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَرَآهُ مُسَجًّى وَشَهِدَ دَفْنَهُ ثُمَّ نَقُولُ يَدْخُلُ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ اجْتَمَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَيَدْخُلُ مَنْ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ الِاجْتِمَاعُ الْعَادِيُّ، وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ بِالْأَبْدَانِ فِي ظَاهِرِ الْمِلْكِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ فَيَخْرُجُ الْأَنْبِيَاءُ الْمُجْتَمِعُونَ بِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ فِي السَّمَاءِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْخِضْرُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ فِي الْأَرْضِ كَذَا فِي ك بَلْ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ التَّصْرِيحَ بِاجْتِمَاعِهِ بِهِ لَكِنْ لَا أَعْرِفُ مَرْتَبَتَهُ وَجَزَمَ الْجَلَالُ بِعَدِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ بِهِ فِي الْمَطَافِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا طَافَ وَقَفَ هُنَيْهَةً فَمَرَّ بِهِ شَخْصٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا أَخِي عِيسَى انْتَظَرْته حَتَّى سَلَّمْت عَلَيْهِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ عَدُّ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ مِنْهُمْ وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ فِي الْأَرْضِ وَخُلَاصَةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَادِيِّ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ. وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ كَالِاجْتِمَاعِ بِعِيسَى وَالْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ وَفِي كَلَامِ آخَرِينَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَعَارَفًا بِمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ أَيْضًا فَيَخْرُجُ مَنْ ذَكَرَ مِنْ عِيسَى وَغَيْرِهِ مِمَّا كَانَ الِاجْتِمَاعُ بِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ وَشَمَلَ التَّعْرِيفُ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ هُوَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَشْعُرْ وَاحِدٌ بِالْآخَرِ أَوْ لَمْ يَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَمَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ سَتْرٍ رَقِيقٍ كَثَوْبٍ وَعَلِمَ بِهِ وَخَاطَبَهُ أَوَّلًا وَمَنْ لَقِيَهُ مَارًّا مَعَ مُرُورِهِ أَيْضًا إلَى غَيْرِ جِهَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُكْثِهِ عِنْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَعَلِمَ بِهِ وَخَاطَبَهُ أَوَّلًا وَلَوْ رَآهُ مِنْ كَوَّةٍ فِي جِدَارٍ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُعَدُّ اجْتِمَاعًا فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ إنْ خَاطَبَهُ مَعَ رُؤْيَتِهِ مِنْ الْكَوَّةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ اجْتِمَاعٌ أَوْ فِي حُكْمِهِ فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ وَيَخْرُجُ مَنْ رَآهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَعْدُ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ وَذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ ثَبَتَ الْتَزَمَ صِدْقَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الرُّؤْيَةِ مِنْ بَعْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَشَمَلَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مُؤْمِنًا مِنْ الْجِنِّ ذَكَرَهُ الشَّنَوَانِيُّ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ هَلْ يَدْخُلُ فِي الصَّحَابِيِّ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْكُفْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لِكُفْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ذَكَرَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى النَّاصِرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ارْتَدَّ إلَخْ) كَابْنِ خَطَلٍ فَإِنَّهُ مَاتَ مُرْتَدًّا قَالَ تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ رِدَّتِهِ وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْإِسْلَامِ غَيْرُ صَحَابِيٍّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الرِّدَّةَ مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ بِمُجَرَّدِهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ) وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِمَنْ يُسَمَّى بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَابِيًّا لَا تَعْرِيفٌ لِمُطْلَقِ الصَّحَابِيِّ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ أَوْ لَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ عَرَّفَ نَوْعًا خَاصًّا مِنْ الصَّحَابِيِّ وَالْجَوَابُ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى احْتِمَالٍ قَالَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ وَصْفِ الْمُرْتَدِّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَوْ كَانَ يُسَمَّى صَحَابِيًّا لَوُصِفَ الْمُرْتَدُّ بِهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ (قَوْلُهُ وَفِي التَّعْرِيفِ أُمُورٌ) قَدْ عَلِمْتهَا (قَوْلُهُ جَمْعُ زَوْجٍ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] وَيُقَالُ أَيْضًا زَوْجَةٌ وَذِكْرُهُنَّ بَعْدَ الْأَصْحَابِ الشَّامِلِ لَهُنَّ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِنَّ لِشِدَّةِ اتِّصَالِهِنَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَتَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ سَرَارِيُّهُ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ جَمْعُ سُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ وَالذُّرِّيَّةُ النَّسْلُ) وَضَمُّ الذَّالِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا قِيلَ مِنْ الذَّرِّ وَهِيَ صِغَارُ النَّمْلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِ أَبِيهِمْ كَالذَّرِّ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَقِيلَ مِنْ الذَّرِّ، وَهُوَ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ذَرَّهُمْ فِي الْأَرْضِ أَيْ فَرَّقَهُمْ وَنَشَرَهُمْ وَقِيلَ مِنْ ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ لَكِنْ تُرِكَتْ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وَالْإِنَاثِ وَأُمَّتُهُ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ حِينِ بُعِثَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَطَفَ أَصْحَابَهُ عَلَى آلِهِ الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ بَاقِيَهُمْ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَحَابِيٌّ وَآلٌ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ آلٌ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ بِالْعَكْسِ وَعَطْفُ الْأَزْوَاجِ بَعْدَ الْأَصْحَابِ الشَّامِلُ لَهُنَّ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى إرَادَةِ دُخُولِهِ فِيهِ وَوَصَفَ أُمَّتَهُ الْمَذْكُورِينَ بِمَا هُوَ شَأْنُهُمْ بِقَوْلِهِ أَفْضَلِ الْأُمَمِ أَيْ أَكْثَرُهَا ثَوَابًا أَوْ مَنَاقِبَ أَيْ مَفَاخِرَ وَكَمَالَاتٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ أَكْثَرِيَّةُ الْمَنَاقِبِ. (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ الرُّسُلِ آدَم وَأَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ إدْرِيسُ وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ مُوسَى وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَمَّا آدَم أَرْسَلَهُ اللَّهُ إلَى أَوْلَادِهِ لَيُعَلِّمَهُمْ وَيَهْدِيَهُمْ إلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ، وَأَمَّا نُوحٌ فَهُوَ أَوَّلُ رَسُولٍ إلَى الْكُفَّارِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي وَرَدَ الْحَثُّ عَلَى الِافْتِتَاحِ بِهَا فِي الْآثَارِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا الْأُمُورُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالتَّأْلِيفِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ وَاجِبَةٌ الْبَسْمَلَةُ وَالْحَمْدَلَةُ وَالصَّلَاةُ وَأَرْبَعَةٌ جَائِزَةٌ مَدْحُ الْفَنِّ   [حاشية العدوي] أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا اسْمُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِهِ إلَخْ) لِلْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ لَا الْجَمِيعِيِّ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ أَيْ وَلَوْ عُصَاةً وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أُمَّتُهُ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، وَأَمَّا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ، فَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ الْمَبْعُوثُ لِسَائِرِ الْأُمَمِ فَلَا تُرَادُ هُنَا لِدُخُولِ الْكُفَّارِ فِيهَا وَلَا يَتَنَاوَلُهُمْ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ بُعِثَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أَيْ إلَى قُرْبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْ إلَى رِيحٍ لَيِّنَةٍ تَأْتِي قَبْلَ النَّفْخَةِ الْأُولَى تَذْهَبُ بِهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَتَذْهَبُ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ) فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ أَيْ مِنْ ذِكْرِ الْكُلِّ بَعْدَ الْجُزْءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْآلِ وَالْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمَا جُزْءٌ مِنْ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ مَنْ آمَنَ وَقُلْنَا مِنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ الَّذِي هُوَ الْآلُ (قَوْلُهُ الشَّامِلِ) أَيْ الْآلِ وَقَوْلُهُ لِبَعْضِهِمْ أَيْ الصَّحْبِ (قَوْلُهُ بَاقِيَهُمْ) أَيْ بَاقِيَ الصَّحْبِ (قَوْلُهُ وَآلٌ) أَيْ مِنْ الْآلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْأَصْحَابِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَصْحَابَ لَيْسَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِلتَّنْصِيصِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ يَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ فَبَيَّنَ تِلْكَ النُّكْتَةَ، وَأَمَّا عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَا يَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى إرَادَةِ دُخُولِهِ) أَيْ الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْعَامِّ أَيْ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ خُرُوجِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ لَا يَشْمَلُ الْأَفْرَادَ نَصًّا بَلْ ظَاهِرًا وَلَكِنَّ الْأَحْسَنَ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ سَابِقًا (قَوْلُهُ أَوْ مَنَاقِبَ) مَعْطُوفٌ عَلَى ثَوَابًا أَيْ أَكْثَرُهَا مَنَاقِبَ جَمْعُ مَنْقَبَةٍ وَالْمَفَاخِرُ جَمْعُ مَفْخَرَةٍ وَعَطْفُ الْكَمَالَاتِ تَفْسِيرٌ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَكْثَرِيَّةِ الثَّوَابِ أَكْثَرِيَّةُ الْمَنَاقِبِ أَيْ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ كَالْكَرَمِ وَالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَكَثْرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُثَابُ عَلَى الْقَلِيلِ الْكَثِيرُ فَإِذَنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَكْثَرِيَّةِ الْمَنَاقِبِ أَكْثَرِيَّةُ الثَّوَابِ فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَكْثَرِيَّةَ الثَّوَابِ حَالَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ وَأَكْثَرِيَّةَ الْمَنَاقِبِ حَالَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ. (قَوْلُهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ آدَم) لَا يَخْفَى أَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَجَاءَ بَعْدَهُ شِيثُ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَبَعْدَهُ إدْرِيسُ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَبَعْدَهُ نُوحٌ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ بِأَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَكَذَا شِيثُ وَإِدْرِيسُ وَهُمْ قَبْلَ نُوحٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ آدَم أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ أَيْ بَعْدَ شِيثَ وَالتَّعْبِيرُ بِنَبِيٍّ فِي هَذَا وَرَسُولٍ فِي غَيْرِهِ تَفَنُّنٌ وَقَوْلُهُ فِي الْأَرْضِ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمَ وَشِيثَ فَإِنَّهُمَا مَبْعُوثَانِ فِي الْأَرْضِ وَوِلَادَةُ حَوَّاءَ لَمْ تَكُنْ إلَّا فِي الْأَرْضِ بَلْ صَرَّحَ الْكَمَالُ الْهِنْدِيُّ فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ «أَنَّ آدَمَ لَمْ يُجَامِعْ امْرَأَتَهُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى هَبَطَ مِنْهَا لِلْخَطِيئَةِ الَّتِي أَصَابَهَا بِأَكْلِ الشَّجَرَةِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ يَنَامُ أَحَدُهُمَا فِي الْبَطْحَاءِ وَالْآخَرُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ وَعَلَّمَهُ كَيْفَ يَأْتِيهَا فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيلُ قَالَ لَهُ كَيْفَ وَجَدْت امْرَأَتَك قَالَ صَالِحَةً» رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ أَيْ بَعْدَ إدْرِيسَ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَلَمْ أَفْهَمْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ إدْرِيسَ مَعَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَقَدْ قَالَ فِيهِ وَأَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ إدْرِيسُ وَأَيْضًا فَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ الْخَازِنُ وَالْخَطِيبُ أَنَّ إدْرِيسَ أَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ الْكُفَّارَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَاتَلَهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ فَإِذَنْ يَكُونُ مُرْسَلًا إلَيْهِمْ فَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ مَا قُلْنَا أَخَذْته مِنْ قَوْلِ الْقَسْطَلَّانِيِّ فِي شَأْنِ إدْرِيسَ وَكَانَ إدْرِيسُ أَوَّلَ نَبِيٍّ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ بَعْدَ آدَمَ وَشِيثَ وَفِي شَأْنِ نُوحٍ، وَهُوَ أَوَّلُ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ بَعْدَ إدْرِيسَ أَوْ نَقُولُ وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ أَيْ بِتَحْرِيمِ الْبَنَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ نَقَلَهُ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ وَسُمِّيَ نُوحًا لِكَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَقِيلَ لِدَعْوَتِهِ عَلَى قَوْمِهِ بِالْهَلَاكِ وَقِيلَ لِمُرَاجَعَتِهِ رَبَّهُ فِي شَأْنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ وَقِيلَ يَشْكُرُ وَسُمِّيَ إدْرِيسُ إدْرِيسَ لِكَثْرَةِ دِرَاسَتِهِ الصُّحُفَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ وَاسْمُهُ أَخْنُوخُ (قَوْلُهُ مُوسَى) ، وَأَمَّا يُوسُفُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَرَسُولًا فَلَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَيْهِمْ بَلْ لِغَيْرِهِمْ كَأَهْلِ السِّجْنِ أَيْ وَآخِرُ أَنْبِيَاءَ بَنِي إسْرَائِيلَ عِيسَى. (قَوْلُهُ الْوَاجِبَةِ) أَيْ الْمُتَأَكِّدَةِ لَا الَّذِي يُعَاقِبُ الْمُكَلَّفُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابُ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ وَالشَّأْنُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالتَّأْلِيفِ) أَيْ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالْجَمْعِ أَيْ عَلَى الْمَقْصُودِ جَمْعُهُ أَوْ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّأْلِيفِ أَيْ الْأَلْفَاظِ الْمُؤَلَّفَةِ (قَوْلُهُ وَأَرْبَعَةٌ جَائِزَةٌ) أَيْ بِرُجْحَانٍ لَا يَصِلُ لِرُجْحَانِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ مَدْحُ الْفَنِّ) أَيْ لِيَكُونَ بَاعِثًا عَلَى تَعَاطِيهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 وَذِكْرُ الْبَاعِثِ وَتَسْمِيَةُ الْكِتَابِ وَبَيَانُ كَيْفِيَّتِهِ مِنْ تَبْوِيبٍ وَتَفْصِيلٍ شَرَعَ فِي مُقَدَّمَةِ الْكِتَابِ وَهِيَ مَا قُدِّمَتْ أَمَامَ الْمَقْصُودِ لِارْتِبَاطٍ لَهُ بِهَا وَانْتِفَاعٍ بِهَا فِيهِ سَوَاءٌ تَوَقَّفَ الْمَقْصُودُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَمُقَدِّمَةُ الْعِلْمِ هِيَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي مَسَائِلِهِ كَمَعْرِفَةِ حَدِّهِ وَغَايَتِهِ وَمَوْضُوعِهِ فَمُقَدِّمَةُ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ مُشِيرًا بِفِيهَا إلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَسْأَلُ فَوَطَّأَ لَهَا بِذِكْرِ الْبَاعِثِ وَتَسْمِيَةِ الْكِتَابِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنْ الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ فَقَالَ. (ص) وَبَعْدُ (ش) هِيَ ظَرْفُ مَكَان مَقْطُوعٍ عَنْ الْإِضَافَةِ لَفْظًا لَا مَعْنًى وَلِذَا بُنِيَ عَلَى الضَّمِّ أَيْ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْخُطَبِ وَالْكَلَامِ الْفَصِيحِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْبَاعِثِ) أَيْ لِيُفْهِمَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الصَّادِرَ مِنْهُ لَيْسَ عَبَثًا فَيَنْتَفِي لَوْمُ مَنْ يَحْكُمُ بِأَنَّهُ عَبَثٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَتَسْمِيَةُ الْكِتَابِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَرْفَعُهُ وَيُعْلِيهِ وَيُظْهِرُهُ فَيَكُونُ دَاعِيًا لِلِاعْتِنَاءِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ وَبَيَانُ كَيْفِيَّتِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْكَيْفِيَّةِ يُسَهِّلُ الْمُرَاجَعَةَ بِأَنْ يَرْجِعَ إلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِي بَابِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا ذُكِرَتْ مَنْثُورَةً وَأَيْضًا أَدْعَى لِلرَّغْبَةِ فِي تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا يَقْطَعُ بَابًا أَوْ فَصْلًا تَنْبَعِثُ نَفْسُهُ لِلِانْتِقَالِ لِمَا بَعْدَهُ فَيُؤَدِّي إلَى تَمَامِ الْفَائِدَةِ بِإِتْمَامِهِ إذْ لَا يُمِلُّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا ذُكِرَتْ مَنْثُورَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مِنْ تَبْوِيبٍ إلَخْ) التَّبْوِيبُ جَعْلُهُ أَبْوَابًا وَالتَّفْصِيلُ جَعْلُهُ فُصُولًا، وَذَلِكَ كَيْفِيَّةُ الْمُؤَلِّفِ لَا كَيْفِيَّةُ الْكِتَابِ فَنَقُولُ الْمُرَادُ مِنْ التَّبْوِيبِ كَوْنُهُ مُبَوَّبًا مَصْدَرُ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتَفْصِيلٍ بِمَعْنَى أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَدْحِ الْفَنِّ لِعِلْمِ حَالِهِ وَاشْتِهَارِهِ حَتَّى صَارَ ذِكْرُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبَثِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ مِنْ تَبْوِيبٍ وَتَفْصِيلٍ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي أَوَائِلِهِ يُفِيدُ مَعْرِفَةَ اصْطِلَاحِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ كُلُّهُ عَلَى مِنْهَاجٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ قَدْ عَلِمْت مَزِيَّةَ الْفُنُونِ وَاشْتُهِرَتْ وَقَدْ قُلْت النَّظَرُ فِي مَبْدَإِ الْكِتَابِ يُحْرِزُ اصْطِلَاحَهُ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِبَيَانِ الِاصْطِلَاحِ وَلَا لِمَدْحِ الْفَنِّ بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ الذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ. (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ قَصَرَ الْأُمُورَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ يَكُونُ أَرَادَ بِالْمَقْصُودِ مَا يَشْمَلُ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ وَالْمَقْصُودَ بِالْوَاسِطَةِ كَمُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَمُقَدِّمَةِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ مَا قُدِّمَتْ) أَيْ أَلْفَاظٌ قُدِّمَتْ أَمَامَ الْمَقْصُودِ أَيْ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ لِارْتِبَاطٍ لَهُ) أَيْ لِلْمَقْصُودِ بِهَا أَيْ بِمَدْلُولِهَا وَقَوْلُهُ وَانْتِفَاعٍ بِهَا أَيْ بِمَدْلُولِهَا فِيهِ أَيْ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ تَوَقَّفَ الْمَقْصُودُ) أَيْ الشُّرُوعُ فِي الْمَقْصُودِ أَوْ الْمَقْصُودُ مِنْ حَيْثُ الشُّرُوعُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى مَعَانِيهَا بِأَنْ كَانَ مَعَانِيهَا ثَلَاثَةً مَخْصُوصَةً الَّتِي هِيَ مُقَدِّمَةُ الْعِلْمِ وَهِيَ التَّعْرِيفُ وَالْمَوْضُوعُ وَالْغَايَةُ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَتْ مَعَانِيهَا غَيْرَ مُقَدِّمَةِ الْعِلْمِ وَمُقَدِّمَةُ كِتَابِنَا هَذَا حِينَئِذٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُقَدِّمَةِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ مَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ مَعَانٍ ثَلَاثَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَقَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى مَعَانٍ وَقَوْلُهُ الشُّرُوعُ أَيْ كَمَالُ الشُّرُوعِ لَا أَصْلُهُ فَأَفْهَمْ (قَوْلُهُ فِي مَسَائِلِهِ) جَمْعُ مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ وَتُطْلَقُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَعَلَى نِسْبَتِهَا وَالْبَرْهَنَةُ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى النِّسْبَةِ وَكَذَلِكَ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالْمَسْأَلَةِ النِّسْبَةُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْقَضِيَّةُ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ مَطْلُوبُ مَدْلُولِهَا وَضَمِيرُ مَسَائِلِهِ عَائِدٌ عَلَى الْعِلْمِ وَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ إنْ أُرِيدَ مِنْ الْعِلْمِ الْمَلَكَةُ أَوْ الْإِدْرَاكُ، فَإِنْ أُرِيدَ الْقَوَاعِدُ وَالضَّوَابِطُ فَهِيَ عَيْنُ الْمَسَائِلِ أَيْ الْكُلِّيَّةِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ كَمَعْرِفَةِ حَدِّهِ وَغَايَتِهِ) الْمَعْرِفَةُ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ تَصَوُّرٌ وَتَصْدِيقٌ فَهِيَ فِي جَانِبِ الْحَدِّ التَّصَوُّرُ وَفِي جَانِبِ الْغَايَةِ وَالْمَوْضُوعِ التَّصْدِيقُ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ التَّصْدِيقُ بِمَوْضُوعِيَّةِ مَوْضُوعِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَ عِلْمِ الْفِقْهِ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ وَحَدُّهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ وَغَايَتُهُ الْفَوْزُ بِالسَّعَادَةِ الْكُبْرَى دُنْيَا وَأُخْرَى وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةُ؛ لِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الْعِلْمِ مَحْصُورَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ إلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَسْأَلُ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ فَوَطَّأَ لَهَا بِذِكْرِ الْبَاعِثِ) أَيْ فَمَهَّدَ لَهَا بِذِكْرِ الْبَاعِثِ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ بَيَانَهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ الْبَاعِثِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَادَرَ بِذِكْرِ الْبَاعِثِ قَبْلَهَا لِيَكُونَ فَهْمُهَا بَعْدَهَا أَتَمَّ (قَوْلُهُ وَتَسْمِيَةِ الْكِتَابِ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا بَيَّنَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ تَأْلِيفَ مُخْتَصَرٍ، وَأَمَّا كَوْنُ اسْمِهِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ مُخْتَصَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَشَيْءٌ آخَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ اسْمًا وَقَدْ وَصَفَهُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ وَالْأَصْلُ أَنْ يَنْطِقَ فِي تَمْيِيزِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَهُوَ لَفْظُ مُخْتَصَرٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ إشَارَةً إلَى تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ الِاسْمِ. (قَوْلُهُ الْجَائِزَةِ) أَيْ بِرُجْحَانٍ (قَوْلُهُ هِيَ) أَيْ بَعْدُ أَيْ نَوْعُهَا لَا شَخْصُهَا (قَوْلُهُ ظَرْفُ مَكَان) أَيْ بِاعْتِبَارِ الرَّقْمِ وَظَرْفُ زَمَانٍ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ مُسَمَّيَاتِ الْكُتُبِ إنَّمَا هِيَ الْأَلْفَاظُ فَالْأَظْهَرُ الِالْتِفَاتُ إلَى كَوْنِهَا ظَرْفَ زَمَانٍ ابْتِدَاءً وَجَعْلُهَا ظَرْفَ مَكَان صَحِيحٌ وَاحْذَرْ أَنْ تَعْتَقِدَهُ خَطَأً فَإِنَّ اعْتِقَادَك خَطَأَهُ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ إخْوَانِنَا هُوَ الْخَطَأُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَلِذَا بُنِيَ عَلَى الضَّمِّ) أَيْ إنَّ عِلَّةَ الْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ إنَّمَا هُوَ الْإِضَافَةُ لِلْمَعْنَى وَأَفَادَ الْفَاكِهِيُّ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ هُوَ مَعْنَى الْإِضَافَةِ الَّذِي هُوَ مَعْنًى جُزْئِيٌّ حَقُّهُ أَنْ يُؤَدَّى بِالْحَرْفِ، وَأَمَّا عِلَّةُ الْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ، فَإِنَّمَا هُوَ لِتُخَالِفَ حَرَكَةَ الْبِنَاءِ حَرَكَتَيْ الْإِعْرَابِ لَا الْإِضَافَةُ لِلْمَعْنَى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَتْمِيمُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْخُطَبِ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَالْكَلَامِ الْفَصِيحِ) أَيْ وَكُلُّ كَلَامٍ فَصِيحٍ كَانَ خُطْبَةً أَوْ مُكَاتَبَاتٍ أَوْ غَيْرَهُمَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الْكَلَامَ بِكَوْنِهِ فَصِيحًا لِكَوْنِهِ هُوَ الْأَوْلَى فِي التَّكَلُّمِ بِهِ وَإِلَّا فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْكَلَامَ غَيْرُ فَصِيحٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 لِقَطْعِ مَا قَبْلَهَا عَمَّا بَعْدَهَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ اقْتِدَاءً بِالْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي أَوَّلِ مَنْ نَطَقَ بِهَا اخْتِلَافٌ وَتُسْتَعْمَلُ مَعَ أَمَّا وَالْوَاوِ مَعًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَمَعَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى. (ص) فَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ أَبَانَ اللَّهُ لِي وَلَهُمْ مَعًا لِمَ التَّحْقِيقُ (ش) الْفَاءُ لِعَطْفِ مُفَصَّلٍ عَلَى مُجْمَلٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ الْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ أَيْ وَأَذْكُرُ بَعْدَ خُطْبَتِي سَبَبَهَا فَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ إلَخْ نَحْوَ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا} [البقرة: 36] فَجُمْلَةُ فَأَخْرَجَهُمَا مُفَسِّرَةٌ لِمَا أُجْمِلَ قَبْلَهَا وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا سَبَبِيَّةً؛ لِأَنَّ فَاءَ السَّبَبِيَّةِ هِيَ الَّتِي يَكُونُ مَا بَعْدَهَا مُسَبَّبًا عَمَّا قَبْلَهَا نَحْوَ {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} [ص: 25] وَهِيَ هُنَا عَلَى الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مُسَبَّبَةٌ عَنْ السُّؤَالِ اللَّهُمَّ إلَّا عَلَى مَا زَعَمَ الْفَرَّاءُ مِنْ أَنَّ مَا بَعْدَهَا قَدْ يَكُونُ سَابِقًا لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ نَحْوَ {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: 4] وَأَبَانَ أَيْ أَظْهَرَ وَالْمَعَالِمُ جَمْعُ مَعْلَمٍ مَفْعَلٍ مِنْ الْعَلَامَةِ وَهِيَ الْأَمَارَةُ عَلَى الشَّيْءِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعَلَامَةَ نَفْسَهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِقَطْعِ) أَيْ لِإِفَادَةِ قَطْعِ مَا قَبْلَهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ وَمَذْهَبُنَا مِثْلُهُمْ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي الْمَذْهَبِ وَأَتَى بِهَذَا الْكَلَامِ دَلِيلًا لِقَوْلِهِ وَتُسْتَعْمَلُ (قَوْلُهُ اقْتِدَاءً بِالْمُصْطَفَى إلَخْ) أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِهَا فِي خُطَبِهِ وَكُتُبِهِ فَيُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي أَوَائِلِ الْخُطَبِ وَالْكُتُبِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَإِنْ قُلْت) ذَكَرَ الْحَافِظُ الرَّهَاوِيُّ فِي أَرْبَعِينِهِ عَنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فِي خُطْبَتِهِ وَشَبَهِهَا» أَيْ كُتُبِهِ فَاَلَّذِي وَرَدَ إنَّمَا هُوَ أَمَّا بَعْدُ وَالْمُصَنِّفُ قَالَ وَبَعْدُ وَالْمُنَاسِبُ اتِّبَاعُ الْوَارِدِ (وَالْجَوَابُ) أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهَا بِمَنْزِلَتِهِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ اخْتِلَافٌ) فَقِيلَ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهَلْ هِيَ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ؛ لِأَنَّهَا تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمَقَاصِدِ وَالْخُطَبِ وَالْمَوَاعِظِ أَوْ هُوَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ خِلَافٌ وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا يَعْقُوبُ فَفِي غَرِيبِ مَالِكٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «أَنَّ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مُوكَلٌ بِنَا الْبَلَاءُ» وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا أَيُّوبُ وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْأَيَادِيُّ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ سَحْبَانُ بْنُ وَائِلٍ وَنَظَمَ ذَلِكَ رَضِيُّ الدِّينِ الْعَزِيُّ فَقَالَ جَرَى الْخُلْفُ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ بَادِئًا ... بِهَا خَمْسَةُ الْأَقْوَالِ دَاوُد أَقْرَبُ وَكَانَتْ لَهُ فَصْلُ الْخِطَابِ وَبَعْدَهُ ... فَقُسُّ فَسَحْبَانُ فَكَعْبُ فَيَعْرُبُ (قَوْلُهُ وَتُسْتَعْمَلُ مَعَ إمَّا وَالْوَاوِ) كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ قَالَ فِي ك فِيهِ نَظَرٌ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ أَبِي شَرِيفٍ وَغَيْرَهُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْكَسْتَلِيُّ عَلَى شَرْحِ عَقَائِدِ النَّسَفِيِّ انْتَهَى، ثُمَّ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْوَاوَ اسْتِئْنَافِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِي وَلَهُمْ) قَدَّمَ نَفْسَهُ فِي الدُّعَاءِ الصَّالِحِ حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ {رَبِّ اغْفِرْ لِي} [نوح: 28] وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذَكَرَ أَحَدًا وَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ» . (قَوْلُهُ الْفَاءُ لِعَطْفِ مُفَصَّلٍ إلَخْ) أَوْ أَنَّ الْفَاءَ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ غَيْرَ أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مُسْتَقْبَلٌ وَسُؤَالُ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِمُسْتَقْبَلٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ جَوَابًا (قُلْت) هُوَ جَوَابٌ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمَجَازِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أُقِيمَ هَذَا مَقَامَهُ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَك قَدْ سَأَلَنِي (قَوْلُهُ عَلَى مُجْمَلٍ) أَيْ مُجْمَلٍ مُتَعَلِّقُهُ أَوْ مُجْمَلٍ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ هُوَ اُذْكُرْ وَالْمُجْمَلُ إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقُهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ سَبَبُهَا وَوَجْهُ إجْمَالِهِ أَنَّ هَذَا السَّبَبَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالَ الْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرَهُ كَمَيَلَانِ نَفْسِهِ أَوْ رُؤْيَةٍ مَنَامِيَّةٍ ثُمَّ فَصَّلَ هَذَا الْإِجْمَالَ أَيْ بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْمُجْمَلِ (قَوْلُهُ نَحْوَ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة: 36] حَاصِلُهُ أَنَّهُ قُرِئَ فَأَزَلَّهُمَا قَالَ الْجَلَالُ أَيْ أَذْهَبَهُمَا، ثُمَّ قَالَ وَفِي قِرَاءَةٍ فَأَزَالَهُمَا أَيْ نَحَاهُمَا عَنْهَا أَيْ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ أَيْ مِنْ النَّعِيمِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ بِمَعْنًى وَأَنَّ الْعَطْفَ مِنْ عَطْفِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ لَا مِنْ عَطْفِ مُفَصَّلٍ عَلَى مُجْمَلٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] عَطْفٌ عَلَى {فَتَلَقَّى آدَمُ} [البقرة: 37] إلَخْ وَقَوْلُهُ {فَغَفَرْنَا} [ص: 25] عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: 24] (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى مَا زَعَمَ الْفَرَّاءُ) أَيْ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَرَّاءُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْفَرَّاءِ فَيَقُولُ مَعْنَى أَهْلَكْنَاهَا أَرَدْنَا إهْلَاكَهَا (قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَجِيءَ الْبَأْسِ هُوَ الْعَذَابُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَجِيءَ الْعَذَابِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الْإِهْلَاكِ بَعْدُ فَلَا سِيَاقَ بَعْدَ هَذَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَدْ يَكُونُ سَابِقًا لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى. (فَائِدَةٌ) قَرِينَةُ السِّيَاقِ أَمْرٌ يُؤْخَذُ مِنْ الْكَلَامِ الْمَسُوقِ لِبَيَانِ الْمَقْصُودِ سَوَاءٌ كَانَ سَابِقًا عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى خُصُوصِ الْمَقْصُودِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِدَلَالَةِ السِّبَاقِ أَيْضًا قِيلَ وَاسْتِعْمَالُ السِّيَاقِ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الْمُتَأَخِّرِ أَكْثَرُ أَمَّا دَلَالَةُ السِّبَاقِ بِالْمُوَحَّدَةِ فَهِيَ دَلَالَةُ التَّرْكِيبِ عَلَى مَعْنًى يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ مَعَ احْتِمَالِ إرَادَةِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَظْهَرَ) لَا بِمَعْنَى فَصْلٍ هُنَا، وَإِنْ كَانَ أَبَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ فَمَعَالِمُ مَفْعُولٌ أَوَّلٌ وَلِي وَلَهُمْ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَقُدِّمَ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ (قَوْلُهُ مَعْلَمٌ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمَعْلَمَ هُوَ الْأَثَرُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِذَنْ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْعَلَامَةِ بِتَفْسِيرِهِ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ الْعَلَامَةِ أَيْ مَأْخُوذٌ لَا مُشْتَقٌّ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْأَمَارَةُ) تَفْسِيرٌ لِلْعَلَامَةِ (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعَلَامَةَ نَفْسَهَا) أَيْ فَرْدًا مِنْهَا، وَهُوَ الْأَثَرُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ لِقَوْلِهِ اسْتِدْلَالًا عَلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فَإِذَنْ يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ شَبَّهَ التَّحْقِيقَ الَّذِي هُوَ إثْبَاتُ الْأَحْكَامِ بِأَدِلَّتِهَا بِالطَّرِيقِ الْمَسْلُوكَةِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ فِي النَّفْسِ وَدَلَّ عَلَيْهِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ مُلَائَمَاتِ الْمُشَبَّهِ بِهِ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَارَ مَعَالِمُ لِلْأَدِلَّةِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا شَبَّهَ الْأَدِلَّةَ بِالْأَثَرِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ بِجَامِعِ الِاهْتِدَاءِ وَاسْتَعَارَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وَهُوَ الظَّاهِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَعْلَمُ الْأَثَرُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَكَانَهَا وَالتَّحْقِيقُ مَصْدَرُ حَقَّقَ الشَّيْءَ إذَا تَيَقَّنَهُ وَعَرَفَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ فَصَارَ مُحَقِّقًا لَهُ فَيَكُونُ فَعَّلَ لِلِاتِّصَافِ بِمَعْنَاهُ نَحْوَ عَدَّلْته أَيْ صَيَّرْته عَدْلًا طَلَبَ مِنْ اللَّهِ لَهُ وَلِسَائِلِهِ وَضْعُ الْمُخْتَصَرِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ عَلَامَةَ الْوُقُوعِ عَلَى حَقِيقَةِ الْعِلْمِ الَّذِي طَلَبُوا الْوَضْعَ فِيهِ أَوْ عَلَامَاتِ التَّحْقِيقِ مُطْلَقًا فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لَا يُقَالُ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ تَرْكُ بَيَانِ سُؤَالِهِمْ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِانْتِفَائِهِ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا بَادَرَ قَبْلَ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ قُلْت لَعَلَّهُ ظَنَّ اسْتِغْنَاءَ النَّاسِ عَنْهُ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ فَاشْتَغَلَ بِهِ حَتَّى تَحَقَّقَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ بِسُؤَالِ الْجَمَاعَةِ لَهُ. (ص) وَسَلَكَ بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ (ش) لَمَّا سَأَلَ الدَّلَالَةَ عَلَى التَّحْقِيقِ وَكَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ قَدْ يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ وَيُدَلُّ عَلَيْهِ بِطُرُقٍ بَعْضُهَا أَنْجَحُ مِنْ بَعْضٍ وَكَانَ سُلُوكُ الْأَنْفَعِ أَنْجَحَ أَتَى بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الدِّعَائِيَّةِ وَأَنْفَعَ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ   [حاشية العدوي] اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ وَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذِهِ رُتْبَةُ الْمُجْتَهِدِ لَا الْمُقَلِّدِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَهُوَ مُقَلِّدٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ أَدِلَّتِهَا لَا إثْبَاتُ الْأَحْكَامِ بِأَدِلَّتِهَا وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَا ذَكَرَ اجْتِهَادٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ ظَاهِرًا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ مَسَائِلُ الْفِقْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُقَرَّرِ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي النَّاصِرِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَكَانَهَا) أَيْ مَكَانَ الْعَلَامَةِ أَيْ ذَاتَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ مَا يُجْعَلُ عَلَمًا عَلَى الطَّرِيقِ فَيَكُونُ مَعْلَمٌ اسْمَ مَكَان وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْنًى غَيْرُ لُغَوِيٍّ فَيَكُونُ مَجَازًا مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْقَامُوسِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَلَامَةِ وَمَكَانِهَا وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَمَعَالِمُ جَمْعُ مَعْلَمٍ بِمَعْنَى مَكَانِ الْعَلَامَةِ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ أَيْ إثْبَاتُهُ اسْتِعَارَةٌ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مَشْهُورٌ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ قَرَّرْت أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالْمَعْلَمِ الْعَلَامَةُ يَجُوزُ الِاسْتِعَارَةُ بِالْكِنَايَةِ وَلَفْظُ الْمَعْلَمِ حَقِيقَةُ إثْبَاتِهِ تَخْيِيلٌ أَوْ أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ لِلْأَدِلَّةِ، وَهَلْ إذَا أُرِيدَ مِنْ الْمَعْلَمِ نَفْسُ الْمَكَانِ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهِ عَنْ شَيْءٍ أَوْ يَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةُ إثْبَاتِهِ تَخْيِيلَ قَرِينَةِ الْمَكْنِيَّةِ (قُلْت) يَصِحُّ أَنْ يُسْتَعَارَ لِمَظِنَّةِ الْأَدِلَّةِ أَيْ لِلْأَمَاكِنِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِوُجُودِ الدَّلِيلِ فِيهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْفَنِّ أَوْ فِي الْأَحَادِيثِ أَوْ مِنْ مَسَائِلَ يُلْهِمُهَا الْمَوْلَى لَهُ يَسْتَنْبِطُ مِنْهَا الدَّلِيلَ (قَوْلُهُ إذَا تَيَقَّنَهُ) أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ إذَا تَيَقَّنَهُ (قَوْلُهُ وَعَرَفَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَيَقَّنَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْيَقِينَ أَخَصُّ مِنْ الْمَعْرِفَةِ مَعَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ وَالْيَقِينَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمَعْرِفَةِ مُجَرَّدَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ وَحَقُّهَا أَيْ الْفَرْدِ الْأَعْلَى مِنْهَا هُوَ مَا كَانَ بِالدَّلِيلِ، وَهُوَ عَيْنُ الْيَقِينِ فَصَحَّ الْعَطْفُ. (قَوْلُهُ فَصَارَ مُحَقِّقًا لَهُ) أَيْ مُتَيَقِّنًا لَهُ يَصِحُّ كَسْرُ الْقَافِ الْأُولَى وَفَتْحُهَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّحْقِيقَ بِتَفْسِيرِهِ هَذَا، وَهُوَ التَّيَقُّنُ لَا يَأْتِي عَلَى مَعْنًى مِنْ مَعْنَيَيْ التَّحْقِيقِ الْمَشْهُورَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا أَوْ ذِكْرُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ فِعْلٌ) أَيْ فَيَكُونُ ذِكْرُ فِعْلٍ أَيْ إسْنَادُهُ لِفَاعِلِهِ لِإِفَادَةِ الِاتِّصَافِ بِمَعْنَاهُ التَّضَمُّنِيِّ الَّذِي هُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ وَضْعَ) مَعْمُولٌ لِسَائِلِهِ أَيْ تَأْلِيفُ الْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ عَلَامَةَ الْوُقُوعِ) أَيْ عَلَامَةَ الْوُقُوفِ أَرَادَ بِالْوُقُوفِ إدْرَاكَ الْحَقِيقَةِ وَتِلْكَ الْعَلَامَةُ هِيَ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ عَلَى حَقِيقَةِ الْعِلْمِ) أَيْ عَلَى حَقِيقَةٍ هِيَ الْعِلْمُ الَّذِي طَلَبُوا الْوَضْعَ فِيهِ وَفَائِدَةُ تِلْكَ الْإِضَافَةِ مَعَ كَوْنِهَا لِلْبَيَانِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي هِيَ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ مِنْ حَقٍّ إذَا ثَبَتَ لَا مَسَائِلَ يَظُنُّهَا حَقَّةً مُطَابِقَةً لِلْوَاقِعِ وَيَكُونُ الَّذِي فِي الْوَاقِعِ خِلَافَهَا. (قَوْلُهُ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا وَقَوْلُهُ، فَإِنْ قُلْت إلَخْ أَيْ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَهَلَّا بَادَرَ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ خَيْرٌ وَلَكِنْ ظَنُّ اسْتِغْنَاءِ النَّاسِ عَنْهُ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ فَيَكُونُ أَوْلَى بِالِاشْتِغَالِ بِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الِاحْتِيَاجُ أَيْ وَإِذَا تَحَقَّقَ الِاحْتِيَاجُ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَرْتَكِبَ مَا هُوَ الْأَوْلَى 1 (قَوْله وَسَلَكَ بنا وَبِهِمْ) إنَّمَا أَتَى بِالضَّمِيرِ فِي بنا جَمْعًا وَفِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِي وَلَهُمْ مُفْرَدًا تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ أَوْ لِعِظَمِ الْمَسْئُولِ هُنَا وَإِنَّمَا عَدَّى الْمُؤَلِّفُ سَلَكَ بِالْبَاءِ وَلَمْ يَأْتِ بِمَا هُوَ الْقِيَاسُ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ الْإِشَارَةُ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُصَاحِبُ وَالْمُعِينُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْمُصَاحَبَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ لَمَّا سَأَلَ الدَّلَالَةَ) أَيْ إظْهَارَ الدَّلَالَةِ بِمَعْنَى الدَّلِيلِ أَوْ ذِي الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ) هَذَا كُلِّيٌّ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِهِ التَّحْقِيقُ الْمَقْصُودُ فِي الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ أَنْجَحُ مِنْ بَعْضٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الطُّرُقَ إلَى الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نَافِعَةً فَفِيهَا الْأَنْفَعُ، وَهُوَ مَا قَرُبَ مَرَامُهُ وَتَيَسَّرَتْ أُمُورُهُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَعُهُ الْعِلْمُ وَمِنْهُمْ مِنْ يَنْفَعُهُ الْعِبَادَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَعُهُ الْوَرَعُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَعُهُ الزَّهَادَةُ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ لِبَعْضِ إخْوَانٍ حَضَّهُ فِيهِ عَلَى التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا أَرَى مَا أَنْتَ فِيهِ خَيْرًا مِمَّا أَنَا فِيهِ وَكِلَانَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى خَيْرٍ أَفَادَهُ ك وَاَلَّذِي وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فَقَدْ أَرْسَلَ لَهُ بَعْضُ الْإِخْوَانِ يَحُثُّهُ عَلَى التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ وَتَرْكِ الْعِلْمِ فَأَرْسَلَ لَهُ كَلَامًا وَمِنْ جُمْلَتِهِ وَمَا أَرَى مَا أَنْتَ فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ. (قَوْلُهُ وَكَانَ سُلُوكُ الْأَنْفَعِ أَنْجَحَ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَكَانَ سُلُوكُ الْأَنْجَحِ أَيْ الْأَنْفَعِ أَوْلَى (قَوْلُهُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الدِّعَائِيَّةِ) أَيْ فَقَوْلُهُ وَسَلَكَ بِنَا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةً مَعْنًى وَالْمَعْنَى اللَّهُمَّ اُسْلُكْ بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ كَوْنُ الْمَوْلَى يَذْهَبُ مَعَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْحِسِّيَّةِ الْأَنْفَعَ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ وَتَقْرِيرُهَا شَبَّهَ صَرْفَ اللَّهِ إرَادَتَهُمْ لِلْوَجْهِ الْأَنْفَعِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسُلُوكِهِ بِهِمْ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ عَلَى فَرْضِ تَحَقُّقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهَ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَاشْتَقَّ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وَإِضَافَتُهُ إلَى طَرِيقٍ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ أَوْ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ وَالْأَصْلُ طَرِيقًا أَنْفَعَ وَالنَّفْعُ ضِدُّ الضُّرِّ يُقَالُ نَفَعَهُ بِكَذَا يَنْفَعُهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَالِاسْمُ الْمَنْفَعَةُ وَالطَّرِيقُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ وَفِي الصِّحَاحِ الطَّرِيقُ السَّبِيلُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ أَطْرِقَةٌ وَطُرُقٌ وَطَرَائِقُ الْقَوْمِ أَمَاثِلُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11] أَيْ كُنَّا طُرُقًا مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُنَا لَا يُقَالُ أَنْفَعَ لَيْسَ بِظَرْفٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ تَفْضِيلٍ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ مَا ضُمِّنَ مَعْنَى فِي بِاطِّرَادٍ مِنْ اسْمِ زَمَانٍ أَوْ مَكَان؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أُضِيفَ أَفْعَلَ إلَى ظَرْفِ الْمَكَانِ فَكَانَ بَعْضًا مِمَّا يُضَافُ إلَيْهِ فَقَدْ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ. (ص) مُخْتَصَرًا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ (ش) مُخْتَصَرًا نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ كَلَامًا أَوْ تَأْلِيفًا مُخْتَصَرًا، وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اخْتَصَرَ الْكَلَامَ إذَا أَتَى بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِالْمَعْنَى " وَعَلَى مَذْهَبِ " عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ أَيْ فَهْمُ أَحْكَامِ أَوْ مَسَائِلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ   [حاشية العدوي] السُّلُوكِ سَلَكَ بِمَعْنَى اُسْلُكْ مُرَادٌ بِهِ اصْرِفْ إرَادَتَنَا لِلْوَجْهِ الْأَنْفَعِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَنْفَعَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِكَوْنِهِ طَرِيقًا وَغَيْرَ طَرِيقٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لِمَا أُضِيفَ وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ صَارَ مَصْدُوقُهُ الْفَرْدَ الْأَنْفَعَ مِنْ أَفْرَادِ الطَّرِيقِ، ثُمَّ إنَّ إضَافَةَ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ تَرْجِعُ لِلْإِضَافَةِ الَّتِي لِلْبَيَانِ لَا بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْبَيَانِيَّةَ هِيَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ إضَافَةَ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ أَيْ وَارْتَكَبَ ذَلِكَ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ (قَوْلُهُ وَالنَّفْعُ) مَصْدَرُ نَفَعَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ ضِدُّ الضَّرِّ بِفَتْحِ الضَّادِ؛ لِأَنَّهُ الْمَصْدَرُ وَضِدُّ الْمَصْدَرِ مَصْدَرٌ يُنَافِيهِ وَيُطْلَقُ النَّفْعُ عَلَى مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَالِاسْمُ الْمَنْفَعَةُ وَضِدُّهُ الضُّرُّ بِالضَّمِّ فَفِي الْمِصْبَاحِ الضُّرُّ الْفَاقَةُ وَالْفَقْرُ بِضَمِّ الضَّادِ اسْمٌ وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرُ ضَرَّهُ (قَوْلُهُ وَطَرَائِقُ الْقَوْمِ أَمَاثِلُهُمْ) إشَارَةٌ إلَى تَصَارِيفِ تِلْكَ الْمَادَّةِ وَقَوْلُهُ وَأَشْرَافُهُمْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ وَمِنْ تِلْكَ الصِّيغَةِ الَّتِي هِيَ طَرَائِقُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي هُوَ أَمَاثِلُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ (قَوْلُهُ كُنَّا طَرَائِق) أَيْ ذَوِي طُرُقٍ أَيْ مَذَاهِبَ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُنَا) تَفْسِيرٌ لِقِدَدًا جَمْعُ قِدَّةٍ مِنْ قَدَّ إذَا قَطَعَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قِدَدًا صِفَةٌ لِطَرَائِقَ أَيْ كُنَّا ذَوِي مَذَاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْهُمْ مُرْجِئَةٌ وَرَافِضَةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَعْنَى طَرَائِقَ مَذَاهِبُ وَقِدَدًا مَعْنَاهُ مُخْتَلِفَةً فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَهْوَاؤُنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى ظَاهِرٌ بِدُونِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ أَنَّ قِدَدًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ كُنَّا أَيْ كُنَّا ذَوِي مَذَاهِبَ فِي حَالِ كَوْنِنَا مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُخْتَصَرًا) مَفْعُولُ سَأَلَنِي (قَوْلُهُ أَوْ تَأْلِيفًا إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمَوْصُوفَ إمَّا أَنْ تُقَدِّرَهُ كَلَامًا أَوْ تَأْلِيفًا قَالَ فِي ك لَكِنَّهُ غَلَّبَ فِي الثَّانِي وَعَلَى كُلٍّ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ تَأْلِيفَ مُخْتَصَرٍ (إنْ قُلْت) مَا الْمُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ هَذَا الْمُضَافِ. (قُلْت) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَ إلَّا فِيمَا كَانَ مَقْدُورًا لِلْمَسْئُولِ حَالَ السُّؤَالِ وَالْمُخْتَصَرُ بِتَمَامِهِ لَيْسَ مَقْدُورًا إذْ ذَاكَ لِانْعِدَامِهِ وَالْمَقْدُورُ إنَّمَا هُوَ تَأْلِيفُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَقْدِيرُ مُضَافٍ أَيْ غَيْرَ هَذَا بِأَنْ يُقَالَ أَيْ الشُّرُوعُ فِي تَأْلِيفِ مُخْتَصَرٍ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ هُوَ الْمَقْدُورُ لَهُ الْآنَ أَيْ عَادَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَقْدَارِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْت هِيَ جَارِيَةٌ بِإِتْمَامِ التَّأْلِيفِ (قُلْت) نَعَمْ لَكِنْ كَثُرَ تَخَلُّفُهَا فِيهِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى النَّاصِرِ (قَوْلُهُ مَنْ اخْتَصَرَ إلَخْ) يَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَنْ اُضْطُرَّ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ) إشَارَةٌ إلَى تَعْرِيفِ الِاخْتِصَارِ وَإِنَّهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ لَا أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُطَوَّلًا ثُمَّ اخْتَصَرَهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُخْتَصَرَ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ أَمْ لَا وَالْمُطَوَّلُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ أَمْ لَا فَلَا وَاسِطَةَ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عِنْدَ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَصَرَ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ وَالْمُطَوَّلُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِالْمَعْنَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الِاخْتِصَارَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخِلٍّ بِفَهْمِ الْمَعْنَى أَيْ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَعْنَى. (أَقُولُ) هَذَا الْوَصْفُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُخْتَصَرًا مِنْ كَلَامٍ مُطَوَّلٍ فَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ قَلِيلًا وَتَحْتَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ مَعَ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ مُخْتَصَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَذْهَبٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ فُهِمَ مِنْ صِفَاتِ الشَّخْصِ الْفَاهِمِ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ وَالْأَحْكَامُ الَّتِي هِيَ الْمَسَائِلُ نَفْسُ الْمَذْهَبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ فَهْمَ مَصْدَرِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَإِضَافَةِ أَحْكَامٍ إلَى مَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ قَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَحْكَامَ هِيَ عَيْنُ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ كَمَا فِي ك بِأَنَّ الْأَكْثَرَ تَعَدِّيه بِفِي فَيُحْتَمَلُ عَلَى أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَاهَا نَحْوَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ عَلَى لِإِيهَامِهَا الِاسْتِعْلَاءَ كَأَنَّ هَذَا الْمُخْتَصَرَ لِضَبْطِهِ وَكَثْرَةِ جَمْعِهِ مُسْتَوْلٍ وَمُسْتَعْلٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَسَائِلِ تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَذْهَبَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أُرِيدَ مِنْهُ الْمَفْعُولُ، وَهِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا إمَامٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَكَانِ إلَّا بِتَعَسُّفٍ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مَذْهُوبٌ إلَيْهَا لَا فِيهَا وَوَجْهُ صِحَّةِ الْحَمْلِ مَعَ التَّعَسُّفِ أَنَّ الْمَكَانَ هُنَا لَيْسَ حَقِيقِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَجَازِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمَّا يَنْتَقِلُ مِنْ حُكْمٍ إلَى حُكْمٍ ذَاهِبٌ فِي الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الْمَنْسُوبَةِ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى آخِرِ مَا قَالُوا فَإِذَنْ وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ لَيْسَ مِنْ الْفِقْهِ. (تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ يُطْلَقُ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الِاجْتِهَادِيَّةِ. وَنَسَبُ مَالِكٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ بْنِ غَيْمَانَ بِمُعْجَمَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ابْنِ خُثَيْلٍ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ذَكَرَهُ ابْنُ مَاكُولَا الْأَصْبَحِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ نِسْبَةً إلَى ذِي أَصْبَحَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ، وَهُوَ مِنْ الْعَرَبِ حِلْفُهُ فِي قُرَيْشٍ فِي بَنِي تَيْمِ اللَّهِ فَهُوَ مَوْلَى حِلْفٍ لَا مَوْلَى عَتَاقَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ إذَا جَاءُوا فِي النَّسَبِ بِذِي يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ وَابْنُ مَاكُولَا هُوَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ وَحَمَلَتْ بِالْإِمَامِ أُمُّهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ عَلَى الْأَشْهَرِ بِذِي الْمَرْوَةِ مَوْضِعٌ مِنْ مَسَاجِدِ تَبُوكَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ عِيَاضٍ فِي الْمَشَارِق أَنَّهُ مَدَنِيُّ الدَّارِ وَالْمَوْلِدِ وَالْمُنْشَأِ؛ لِأَنَّ ذَا الْمَرْوَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَوْمَ الْأَحَدِ لِتَمَامِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ يَوْمئِذٍ وَالٍ عَلَى الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ وَعَلَيْهِ قُبَّةٌ وَبِجَانِبِهِ قَبْرٌ لِنَافِعٍ. قَالَ السَّخَاوِيُّ إمَّا نَافِعُ الْقَارِئُ أَوْ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَانْظُرْ مَنَاقِبَ الْإِمَامِ وَبَقِيَّةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فَإِنَّ فِيهِ الْعَجَبَ الْعُجَابَ. (ص) مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى (ش) مُبَيِّنًا اسْمُ فَاعِلٍ إمَّا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ وَاضِعِهِ الْمَسْئُولِ أَيْ سَأَلُونِي وَضْعَ مُخْتَصَرٍ حَالَ كَوْنِي مُبَيِّنًا لَهُمْ فِيهِ الْقَوْلَ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَقْوَالِ الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ   [حاشية العدوي] مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى مِنْ إطْلَاقِ الشَّيْءِ عَلَى جُزْئِهِ الْأَهَمِّ كَالْحَجِّ عَرَفَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَهَمُّ عِنْدَ الْفَقِيهِ الْمُقَلِّدِ (الثَّانِي) الْمُرَادُ بِمَذْهَبِهِ مَا قَالَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَنُسِبَ إلَيْهِ مَذْهَبًا لِكَوْنِهِ يَجْرِي عَلَى قَوَاعِدِهِ وَأَصْلُهُ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ الْأَصْبَحِيُّ) نَعْتٌ لِمَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِخُثَيْلٍ (قَوْلُهُ بَطْنٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ مِنْ حِمْيَرَ أَيْ إنَّ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ سُمِّيَتْ بِذِي أَصْبَحَ اسْمِ أَبِيهَا الَّذِي هُوَ جَدٌّ أَعْلَى لِلْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ ذَا أُصْبِحَ اسْمُ أَبِيهَا فَسُمِّيَتْ قَبِيلَتُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الْعَرَبِ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ وَالْأَوْضَحُ الْفَاءُ تَفْرِيعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ حِلْفُهُ فِي قُرَيْشٍ) وَحِلْفُهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ مُخَالَفَتُهُ أَيْ مُعَاقَدَتُهُ وَمُعَاهَدَتُهُ أَيْ مُعَاقَدَةُ جَدِّهِ مَعَ قُرَيْشٍ وَذَلِكَ الْجَدُّ هُوَ مَالِكٌ فَقَدْ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ وَنَحْنُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ يَا مَالِكُ هَلْ لَك إلَى مَا دَعَانَا إلَيْهِ غَيْرُك فَأَبَيْنَاهُ أَنْ يَكُونَ دَمُنَا دَمُك وَهَدْمُنَا هَدْمُك فَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي بَنِي تَيْمِ اللَّهِ) أَيْ مَعَ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قُرَيْشًا فِرَقٌ مِنْ جُمْلَتِهَا تَيْمُ بْنُ مَرَّةَ رَهْطُ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَالْمُعَاهَدَةُ لَمْ تَقَعْ مَعَ كُلِّ قُرَيْشٍ بَلْ مَا وَقَعَتْ إلَّا مَعَ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ احْتِرَازًا عَنْ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَالْقَبِيلَةُ إنَّمَا هِيَ تَيْمٌ لَا تَيْمُ اللَّهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ تَيْمُ مَعْنَاهُ الْعَبْدُ أُضِيفَ إلَى اللَّهِ فَقِيلَ تَيْمُ اللَّهِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي قُرَيْشٍ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالْمَعْنَى مُعَاهَدَةُ جَدِّهِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ مِنْ تَيْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَوْلَى عَتَاقِهِ وَكَلَامُهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ مَالِكٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ أَيْ؛ لِأَنَّ جَدَّهُ، وَهُوَ ذُو أَصْبَحَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ (قَوْلُهُ إذَا جَاءُوا فِي النَّسَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذُو لَمْ يَقَعْ فِي النَّسَبِ إذْ النِّسْبَةُ أَصْبَحِيٌّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ إذَا صَدَّرُوا الِاسْمَ بِذِي يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسَمَّى مَلِكٌ وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ كَلِمَةَ ذِي فِي هَذَا التَّرْكِيبِ وَنَحْوِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْعِلْمِ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ لَا بِمَعْنَى صَاحِبٍ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْيَمَنِ يُدْخِلُونَهَا عَلَى أَعْلَامِهِمْ وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَلَمٍ بَلْ أَعْلَامِ مُلُوكِهِمْ (قَوْلُهُ وَابْنُ مَاكُولَا إلَخْ) مَاكُولَا بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، ثُمَّ لَامِ أَلِفٍ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ لَا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ وَلَا أَدْرِي سَبَبَ تَسْمِيَتِهِ بِالْأَمِيرِ وَقَالَ بَعْضٌ: إنَّهُ لَقَبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ ثَلَاثَ سِنِينَ) قَالَ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ وَاَللَّهِ أَنْضَجَتْهُ الرَّحِمُ اهـ. أَيْ فَصَارَ كَامِلَ الْعَقْلِ سَدِيدَ الرَّأْيِ (قَوْلُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ عَلَى الْأَشْهَرِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ (قَوْلُهُ مَسَاجِدِ تَبُوكَ) أَيْ مَوْضِعٍ مُسَمًّى بِمَسَاجِدَ وَلَمْ أَدْرِ مَا وَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مِنْ أَنَّهُ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْهُ وَقِيلَ لِأَرْبَعَ عَشَرَةَ وَقِيلَ لِثِنْتَيْ عَشَرَةَ مِنْ رَجَبٍ (قَوْلُهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ إمَامًا بِالنَّاسِ (قَوْلُهُ وَالٍ) بِدُونِ يَاءٍ عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَ. (فَائِدَةٌ) مِمَّا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَوْصَى الشَّافِعِيَّ عِنْدَ فِرَاقِهِ لَهُ فَقَالَ لَهُ لَا تَسْكُنْ الرِّيفَ يَذْهَبْ عِلْمُك وَاكْتَسِبْ الدِّرْهَمَ لَا تَكُنْ عَالَةً عَلَى النَّاسِ وَاِتَّخِذْ لَك ذَا جَاهٍ ظَهْرًا لِئَلَّا تَسْتَخِفَّ بِك الْعَامَّةُ وَلَا تَدْخُلْ عَلَى ذِي سَلْطَنَةٍ إلَّا وَعِنْدَهُ مَنْ يَعْرِفُك وَإِذَا جَلَسَتْ عِنْدَ كَبِيرٍ فَلْيَكُنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ فُسْحَةٌ لِئَلَّا يَأْتِيَ إلَيْهِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْك فَيُدْنِيَهُ وَيُبْعِدَك فَيَحْصُلَ فِي نَفْسِك شَيْءٌ وَنُقِلَ عَنْ سَحْنُونَ وَجَدْت كُلَّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ لِلْجَاهِ بِمِصْرَ حَتَّى الْعِلْمَ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ ذَا جَاهٍ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَهُوَ كَلَامٌ صِدْقٌ وَقَوْلٌ حَقٌّ (قَوْلُهُ الْعُجَابَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَا جَاوَزَ حَدَّ الْعَجَبِ (قَوْلُهُ مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى) ، فَإِنْ قِيلَ مَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَذْكُرْ كُلَّ قَوْلٍ بِهِ الْفَتْوَى قُلْت الْمُرَادُ مُعْظَمُ مَا بِهِ الْفَتْوَى بِقَرِينَةِ الْوَاقِعِ أَوْ أَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَعْزِمُ عَلَى أَمْرٍ وَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ اسْمُ فَاعِلٍ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَجَوَّزَ بَعْضٌ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ يَظْهَرُ (قَوْلُهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ وَاضِعِهِ الْمَسْئُولِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ سَأَلَنِي؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إنَّ الْحَالَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ مُقَيَّدًا بِالْبَيَانِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُقَيَّدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 لِأَنَّ مِنْهَامَا هُوَ مَشْهُورٌ أَوْ مُرَجَّحٌ، وَهُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ وَمِنْهَامَا هُوَ شَاذٌّ أَوْ مَرْجُوحٌ لَا يُفْتَى بِهِ وَإِمَّا صِفَةً لَمُخْتَصَرًا لَكِنَّ إسْنَادَ الْبَيَانِ لَهُ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ لِكَوْنِهِ مُبَيَّنًا فِيهِ وَالرَّاجِحُ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَفِي الْمَشْهُورِ أَقْوَالٌ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ أَوْ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمَشْهُورُ مُرَادِفًا لِلرَّاجِحِ. (ص) فَأَجَبْت سُؤَالَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ (ش) الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَإِجَابَتُهُ لِسُؤَالِهِمْ إمَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ التَّأْلِيفِ إنْ تَأَخَّرَتْ الْخُطْبَةُ عَنْهُ أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ إنْ تَقَدَّمَتْ وَبَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَجَبْت وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُؤَيِّدُ إنَّ الْإِجَابَةَ بِالشُّرُوعِ لِصِدْقِهِ مَعَ الِاحْتِمَالَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي فِعْلِ مَا سَأَلُوهُ فِيهِ حَتَّى طَلَبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ الْأَوْلَى بِهِ وَالْأَفْضَلَ لَهُ مِنْ إجَابَةِ سُؤَالِهِمْ أَوْ تَرَكَهُ فَالِاسْتِخَارَةُ طَلَبُ الْخِيَرَةِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا فَاسْتَفْعَلَ عَلَى أَصْلِهَا مِنْ الطَّلَبِ وَطَلَبُهَا بِصَلَاتِهَا وَدُعَائِهَا الْوَارِدَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَأَلُوهُ خَيْرًا فَقَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ مِنْ الْخَيْرَاتِ أَفْضَلَ وَإِيثَارُهُ بِالِاشْتِغَالِ أَوْلَى وَأَهَمَّ وَقَدْ يَكُونُ اسْتَخَارَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ خَوْفًا مِمَّا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الرِّيَاءِ وَالْعَظَمَةِ أَوْ اسْتَخَارَ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ لَا فِيهِ كَمَا فِي مَنْسَكِهِ أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْحَجِّ لَيْسَتْ فِي نَفْسِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخَارَةَ لَا مَحَلَّ لَهَا فِي الْوَاجِبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي أَنَّهُ يَشْتَرِي أَوْ يَكْتَرِي وَهَلْ يُرَافِقُ فُلَانًا أَوْ غَيْرَهُ انْتَهَى. وَفِي الِاسْتِخَارَةِ تَسْلِيمٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَخُرُوجٌ مِنْ   [حاشية العدوي] بِهِ بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْئُولِ نَعَمْ الْمُقَيَّدُ بِذَلِكَ وَضْعُهُ الْمُخْتَصَرَ فَالْمُنَاسِبُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِمَّا صِفَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ مُرَجَّحٌ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ الْمُرَجَّحُ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ هُنَاكَ رَاجِحٌ فَقَطْ أَوْ مَشْهُورٌ فَقَطْ فَلَوْ وُجِدَ الْأَمْرَانِ وَكَانَ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَيُقَدَّمُ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّلْكِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ شَاذٌّ) مُقَابِلُ مَشْهُورٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَرْجُوحٌ مُقَابِلُ رَاجِحٍ وَكَمَا لَا تَجُوزُ الْفَتْوَى بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ وَالرَّاجِحِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ فَقِيلَ إنَّ الْمُفْتِيَ يُخَيِّرُ السَّائِلَ وَقِيلَ يَخْتَارُ لَهُ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. (فَائِدَةٌ) يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ فِي بَعْضِ النَّوَازِلِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ إسْنَادَ الْبَيَانِ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ مَفْعُولٍ صِفَةً لِمُخْتَصَرٍ أَيْ مُوَضِّحًا وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ مُخْتَصَرًا وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَا بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُبَيِّنًا فِيهِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ إسْنَادِ الشَّيْءِ إلَى ظَرْفِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ) لَمْ يُرَ لِغَيْرِ هَذَا الشَّرْحِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج فِي بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصَرُّفِهِ إلَخْ مَعَ مَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا وَرِوَايَةُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهَا فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ) أَيْ وَالْإِلْهَامِ لَهَا وَإِلَّا فَقَدْ يَسْتَخِيرُ وَيُلْهَمُ التَّرْكُ (قَوْلُهُ لِصِدْقِهِ) أَيْ قَوْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْبُعْدِيَّةَ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ فِي الِاتِّسَاعِ فَإِذَا أُرِيدَ التَّعْقِيبُ فَيُؤَدِّي بِبَعِيدٍ أَوْ أَنَّ الْبُعْدِيَّةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحْسَبُهُ وَالْإِجَابَةُ بِالْوَضْعِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ إلَى آخِرِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْخُطْبَةِ. (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ لَهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ) الْأَحْسَنُ أَوْ تَرْكُهَا أَيْ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا) أَيْ وَفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ طَلَبُ الِاخْتِيَارِ أَيْ طَلَبُ صَرْفِ الْهِمَّةِ لِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْأَوْلَى (قَوْلُهُ عَلَى أَصْلِهَا مِنْ الطَّلَبِ) أَيْ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لَا التَّأْكِيدُ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَطَلَبُهَا) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بِصَلَاتِهَا إلَخْ خَبَرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَطَلَبُهَا كَائِنٌ بِصَلَاتِهَا وَدُعَائِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَأَلُوهُ خَيْرًا) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ طَلَبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ الْأَوْلَى بِهِ وَالْأَفْضَلُ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ أَوْلَى) بِمَعْنَى أَفْضَلَ فَقَدْ تَفَنَّنَ فِي التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ اسْتَخَارَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الَّذِي قَبْلَ تَرَدُّدِ نَظَرِهِ بَيْنَ التَّأْلِيفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْخِيرَاتِ مُسْتَخِيرًا فِي الْأَوْلَى مِنْهُمَا غَيْرَ خَائِفِ تَطَرُّقِ الرِّيَاءِ سَاحَتَهُ وَفِي هَذَا تَرَدُّدُ نَظَرِهِ بَيْنَ التَّأْلِيفِ وَتَرْكِهِ غَيْرُ نَاظِرٍ إلَى جِهَةِ فِعْلٍ مِنْ الْخَيْرَاتِ خَائِفًا تَطَرُّقَ الرِّيَاءِ سَاحَتَهُ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَخَارَ فِي كَيْفِيَّتِهِ) أَيْ كَوْنِهِ مُخْتَصَرًا كَمَا سَأَلُوا أَوْ مُطَوَّلًا (قَوْلُهُ وَوَقْتِهِ) أَيْ أَوْ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَنْسَكِهِ) تَنْظِيرٌ فِي أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ لَيْسَتْ مُرَادَةً، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَالُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَعَ الْحَجِّ فَإِنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الْكَيْفِيَّةِ أَوْ الْوَقْتِ وَفِي الْحَجِّ فِي كَوْنِهِ يُرَافِقُ فُلَانًا (قَوْلُهُ لَيْسَتْ فِي نَفْسِ الْحَجِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَحُجُّ أَوْ لَا يَحُجُّ أَصْلًا (قَوْلُهُ لَا مَحَلَّ لَهَا فِي الْوَاجِبِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْمَنْدُوبِ إذَا تَعَارَضَ فِيهِ أَمْرَيْنٍ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِهِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ لَا فِي أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ أَوْ فِي أَصْلِهِ خَوْفًا مِنْ عُرُوضِ الرِّيَاءِ، وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَفِي أَصْلِهِ وَهَلْ يَسْتَخِيرُ فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مُطْلَقٍ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ إلَخْ وَاخْتَارَ ابْنُ عِرَاقٍ الثَّانِيَ وَقَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَدْ جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ فِي الْوَاجِبِ لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَدْ تَكُونُ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ كَالْمُسْتَحَبِّ الْمُخَيَّرِ وَفِيمَا كَانَ مُوَسَّعًا كَالْحَجِّ فِي هَذَا الْعَامِ 1 - (قَوْلُهُ تَسْلِيمٌ لِأَمْرِ اللَّهِ) وَاحِدُ الْأُمُورِ لَا وَاحِدُ الْأَوَامِرِ (قَوْلُهُ وَخُرُوجٌ مِنْ التَّدْبِيرِ) ، وَهُوَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَزَّ فَهُوَ إيقَاعُ الشَّيْءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحْكَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 التَّدْبِيرِ وَتَكُونُ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، ثُمَّ يَمْضِي لِمَا انْشَرَحَ صَدْرُهُ وَعَمِلَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «كَانَ الرَّسُولُ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِأَمْرٍ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك وَأَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ» . وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَتَكُونُ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدُّعَاءِ وَبَعْدَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَوْلُهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا) أَيْ غَيْرِ الْوَاجِبِ الْمُحَتَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا سَابِقًا أَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمُبَاحِ وَالْمُسْتَحَبِّ خَوْفًا مِنْ حُصُولِ الرِّيَاءِ وَإِذَا تَعَارَضَ فِيهِ أَمْرَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِهِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَفِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَالْمُسْتَحَبِّ الْمُخَيَّرِ وَفِيمَا كَانَ مُوَسَّعًا كَالْحَجِّ فِي هَذَا الْعَامِ وَيَتَنَاوَلُ الْعُمُومُ الْعَظِيمَ وَالْحَقِيرَ (قَوْلُهُ كَمَا يُعَلِّمُنَا إلَخْ) التَّشْبِيهُ فِي تَحَفُّظِ حُرُوفِهِ وَتَرْتِيبِ كَلِمَاتِهِ وَمَنْعِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ مِنْهُ وَالدَّرْسِ لَهُ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِخَارَةِ حُصُولُ الْجَمْعِ بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى قَرْعِ بَابِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ لِذَلِكَ أَنْجَعُ وَلَا أَنْجَحُ مِنْ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ قَالَا وَحَالًا. وَقَوْلُهُ إذَا هَمَّ إنَّمَا قَالَ إذَا هَمَّ وَلَمْ يَقُلْ عَزَمَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ الْأَمْرُ عِنْدَهُ وَقَوِيَتْ فِيهِ عَزِيمَتُهُ وَإِرَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ لَهُ إلَيْهِ مَيْلٌ وَحَبٌّ فَيَخْشَى أَنْ يَخْفَى عَنْهُ وَجْهُ الْأَرْشَدِيَّةِ لِغَلَبَةِ مَيْلِهِ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْهَمِّ الْعَزْمُ؛ لِأَنَّ الْخَاطِرَ لَا يَثْبُتُ فَلَا يَسْتَمِرُّ إلَّا عَلَى مَا يَقْصِدُ التَّصْمِيمَ عَلَى فِعْلِهِ وَإِلَّا لَوْ اسْتَخَارَ فِي كُلِّ خَاطِرٍ لَاسْتَخَارَ فِيمَا لَا يَعْبَأُ بِهِ فَتَضِيعُ عَلَيْهِ أَوْقَاتُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَقَوْلُهُ فَلْيَرْكَعْ جَوَابُ إذَا الْمُتَضَمِّنَةِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ فِيهِ الْفَاءُ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَمَا فِي الشَّيْخِ خِضْرِ الشَّافِعِيِّ وَتَقْيِيدُ حُصُولِهَا بِالنَّوَافِلِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِالْفَرْضِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْخَبَرِ وَالْقِيَاسُ حُصُولُهَا بِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَلِ شَرْحُ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ «، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك» إلَخْ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي الشَّيْخِ خِضْرِ وَكَتَبَ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا فِي السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ اهـ. (قَوْلُهُ «أَسْتَخِيرُك» ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْك الْخِيرَةَ مُلْتَبِسًا بِعِلْمِك وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ لِلْقَسَمِ وَقِيلَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ «وَأَسْتَقْدِرُك» ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْك أَنْ تَجْعَلَ لِي عَلَى ذَلِكَ قُدْرَةً أَوْ الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ التَّيْسِيرُ (قَوْلُهُ «بِقُدْرَتِك» ) أَيْ بِسَبَبِ أَنَّك الْقَادِرُ الْحَقِيقِيُّ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهَا لِلْقَسَمِ مَعَ الِاسْتِعْطَافِ وَالتَّذَلُّلِ كَمَا فِي {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [القصص: 17] شَوْبَرِيُّ وَقَوْلُهُ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ أَيْ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُمْكِنٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ إرَادَتُك (قَوْلُهُ وَتَعْلَمُ) أَيْ كُلَّ شَيْءٍ مُمْكِنٍ وَغَيْرَهُ كُلِّيٌّ وَجُزْئِيٌّ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ إنْ كُنْت تَعْلَمُ إلَخْ) فِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ عِلْمِهِ تَعَالَى وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنْ يُقَالَ الشَّكُّ فِي مُتَعَلِّقِ الْعِلْمِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا أَوْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ مُرَادُهُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَنَّ أَنَّ بِمَعْنَى إذْ التَّعْلِيلِيَّةِ فَالْأَجْوِبَةُ ثَلَاثَةٌ قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ مُعْتَرِضًا الْأَخِيرُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إنْ إذَا كَانَتْ بِمَعْنَى إذْ تَكُونُ ظَرْفًا مَعْمُولَةً لَا قَدْرًا وَقَرْنُهُ بِالْفَاءِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا إلَّا بَعْدَ أَمَّا فَتَأَمَّلْ (قَوْله «وَمَعَاشِي» ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ حَيَاتِي أَوْ مَا يُعَاشُ فِيهِ ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَوْلُهُ «أَوْ قَالَ عَاجِلَ أَمْرِي» إلَخْ) أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ «فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرَى» كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَمْرِ الْحَيَاةُ أَيْ فِي حَيَاتِي الْعَاجِلَةِ وَحَيَاتِي الْآجِلَةِ أَيْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْحَيَاةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَحْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ وَأَحْوَالُهُ الْأُخْرَوِيَّةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي إلَخْ بِزِيَادَةِ فِي وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الرِّوَايَةِ وَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ احْتِيَاطًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَمِنْهُ تُؤْخَذُ قَاعِدَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ ذِكْرٍ جَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي فَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهَا كُلِّهَا لِيَتَحَقَّق الْإِتْيَانُ بِالْوَارِدِ اهـ. (قَوْلُهُ «فَاقْدُرْهُ لِي» ) بِضَمِّ الدَّالِ كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ فَاقْدُرْهُ لِي بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ اجْعَلْهُ مَقْدُورًا لِي وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَسِّرْهُ لِي فَقَوْلُهُ بَعْدُ «وَيَسِّرْهُ لِي» عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ «وَاصْرِفْنِي عَنْهُ» ) حَتَّى لَا يَبْقَى فِي قَلْبِي بَعْدَ صَرْفِهِ عَنِّي تَعَلُّقٌ بِهِ (قَوْلُهُ «ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ» ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَعِبَارَةٌ أُخْرَى قَوْلُهُ «ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ» بِالتَّعَدِّيَةِ بِالْهَمْزِ وَفِي رِوَايَةِ، ثُمَّ رَضِّنِي بِالتَّضْعِيفِ وَالْمَعْنَى عَلَى كُلٍّ اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِهِ حَتَّى لَا أَنْدَمَ عَلَى طَلَبِهِ وَلَا عَلَى وُقُوعِهِ اهـ. . (تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لِدَقِيقَةٍ يُغْفَلُ عَنْهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَنَّ الْوَاوَ فِي الْمُتَعَاطِفَاتِ الَّتِي بَعْدَ " خَيْرٌ " عَلَى بَابِهَا وَاَلَّتِي بَعْدَ " شَرٌّ " بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَيَسُّرُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ أَحْوَالِهِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْعَاجِلِ وَالْآجِلِ خَيْرًا وَالْمَطْلُوبُ صَرْفُهُ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَحْوَالِهِ الْمَذْكُورَةِ شَرًّا اوَفِي إبْقَاءِ الْوَاوِ عَلَى حَالِهَا إيهَامُ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ صَرْفَهُ إلَّا إذَا كَانَ جَمِيعُ أَحْوَالِهِ لَا بَعْضُهَا شَرًّا، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي خَضِرٌ (قَوْلُهُ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ) أَيْ يَنْطِقُ بِهَا بَعْدَ الدُّعَاءِ أَوْ يَسْتَحْضِرُهَا بِقَلْبِهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ أَيْ فَلْيَدْعُ مُسَمِّيًا حَاجَتَهُ قَسْطَلَّانِيٌّ فَيُسَمِّيهَا عِنْدَ قَوْلِهِ هَذَا الْأَمْرُ وَرُبَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْأَدْعِيَةِ أَنَّ الْقَائِلَ وَيُسَمِّي هُوَ جَابِرٌ فَيَكُونُ فَاعِلًا لِقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَنَسُ إذَا هَمَمْت بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّك سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الَّذِي سَبَقَ إلَى قَلْبِك فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ» النَّوَوِيُّ وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ اسْتَخَارَ بِالدُّعَاءِ انْتَهَى وَإِنَّمَا أَتَى بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَأَجَبْت دُونَ ثُمَّ لِلْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ التَّأَخُّرِ مُدَّةً تَضُرُّ بِهِمْ وَقَوْلُهُ: " سُؤَالَهُمْ " حَشْوٌ؛ لِأَنَّ الْمُجَابَ السَّائِلُ لَا السُّؤَالُ فَكَانَ يَقُولُ فَأَجَبْتهمْ لَكِنْ إذَا أَجَابَ سُؤَالَهُمْ فَقَدْ أَجَابَهُمْ وَقِيلَ إنَّمَا أَقْحَمَ السُّؤَالَ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْ سُؤَالِهِمْ شَيْئًا بَلْ أَتَى بِهِ مُقَيَّدًا بِالْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ. (ص) مُشِيرًا بِفِيهَا لِلْمُدَوَّنَةِ (ش) هُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَجَبْت؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ سُؤَالُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِوَضْعِ الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ حَالَةُ الْوَضْعِ مُشِيرٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ سُؤَالِهِمْ بِمَعْنَى مَسْئُولِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ مَهْمَا قُلْت وَفِيهَا وَمِنْهَا وَظَاهِرُهَا وَحَمَلْت وَقَيَّدْت وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ كُلِّ ضَمِيرٍ غَائِبٍ مُؤَنَّثٍ عَائِدٍ لِغَيْرِ مَذْكُورٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ إشَارَةً لِلْمُدَوَّنَةِ وَصَحَّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهَا غَيْرَ مَذْكُورَةٍ لِتَقَرُّرِهَا فِي أَذْهَانِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ حَتَّى قَالَ مَشَايِخُهُمْ أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ «فَاسْتَخِرْ رَبَّك سَبْعَ مَرَّاتٍ» ) بِتَكَرُّرِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ (قَوْلُهُ «، ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الَّذِي سَبَقَ فِي قَلْبِك» ) أَيْ فَيَمْضِي لِمَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُهُ الْمُرَادُ انْشِرَاحٌ خَالٍ عَنْ هَوَى النَّفْسِ وَمَيْلِهَا الْمَصْحُوبِ بِغَرَضٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ لِلْقَلْبِ حَتَّى يَكُونَ سَبَبًا لِمَيْلِهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفْرِغَ قَلْبَهُ مِنْ جَمِيعِ الْخَوَاطِرِ حَتَّى لَا يَكُونَ مَائِلًا إلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَا يَسْبِقُ إلَى قَلْبِهِ يُعْمَلُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ. (تَنْبِيهٌ) : كَانَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَسْتَخِيرُ لِلْغَيْرِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ وَالْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِمَا ذَكَرَ شَيْءٌ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ «وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى» ) قَالَ الشَّيْخُ خِضْرُ الشَّافِعِيُّ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَزِيدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعْلِنُونَ} [القصص: 69] وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} [الأحزاب: 36] الْآيَةَ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ ابْنُ السُّنِّيِّ وَإِنَّمَا أَتَى بِثُمَّ إشَارَةً إلَى حَذْفٍ فِي كَلَامِهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ وَقْتَ نَفْلٍ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ (قَوْلُهُ عَدَمِ التَّأَخُّرِ مُدَّةً تَضُرُّ بِهِمْ) وَالتَّعْقِيبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِجَابَةَ إمَّا بِوَضْعِ التَّأْلِيفِ أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُجَابَ السَّائِلُ إلَخْ) أَيْ فَالْإِجَابَةُ حَقُّهَا أَنْ تَقَعَ عَلَى السَّائِلِ فَإِيقَاعُهَا عَلَى السُّؤَالِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَوْلُهُ لَكِنْ إذَا أَجَابَ السُّؤَالَ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ وَأَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ لَهُ وَجْهَ صِحَّةٍ فِي الْجُمْلَةِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَا صِحَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنَّمَا أَقْحَمَ السُّؤَالَ) عَبَّرَ بِأَقْحَمَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ أَيْ وَأَتَى بِهِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ الْإِيقَاعِيِّ (قَوْلُهُ مُقَيَّدًا بِالْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ) ، وَهُوَ كَوْنُهُ مُخْتَصَرًا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ مُبَيِّنًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَيْدَ الْوَسَطُ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَرِينَةِ الْمَقَامِ لَا أَنَّهُمْ نَطَقُوا بِالسُّؤَالِ فِيهِ فَتَدَبَّرْ 1 - (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ بِوَضْعِ الْمُخْتَصَرِ) هَذَا عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لَهُ، وَأَمَّا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ مُشِيرًا أَيْ مُقَدِّرًا الْإِشَارَةَ فَيَكُونُ حَالًا مُنْتَظِرَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَ الشُّرُوعِ لَمْ يَكُنْ مُشِيرًا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى) ؛ لِأَنَّ مَسْئُولَهُمْ لَيْسَ هُوَ الْمُشِيرُ، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ كَمَا فِي مُبِينًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَلَامِهِ) إنَّمَا عَبَّرَ بِمَعْنَى إلَخْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادِرٍ مِنْ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَحُمِلَتْ وَقُيِّدَتْ) أَيْ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ فَسَّرْت وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي أَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَحْمِلْهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَجِيءُ إلَّا ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ ضَمِيرٍ غَائِبٍ مُؤَنَّثٍ إلَخْ) أَيْ فِي الْأَغْلَبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُشِيرَ لَهَا بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ فِي مَوْضِعَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ فِي الْحَجِّ وَقَيْدُ إنْ أَمِنَ وَقَوْلُهُ فِي الشَّرِكَةِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْدُ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَصْرِفُ الْإِشَارَةَ بِالضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ لِغَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ كَقَوْلِهِ فِي التَّلْبِيَةِ وَتَوَسَّطَ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ، وَفِيهَا وَعَاوَدَهَا أَيْ التَّلْبِيَةَ وَقَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ لَا مَحْلُوفٍ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا. (فَائِدَةٌ) الْأُمَّهَاتُ أَرْبَعٌ الْمُدَوَّنَةُ وَالْمَوَّازِيَّةُ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْوَاضِحَةُ فَالْمُدَوَّنَةُ لِسَحْنُونٍ وَالْعُتْبِيَّةُ لِلْعُتْبِيِّ وَالْمَوَّازِيَّةُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَالْوَاضِحَةُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَيُقَالُ إنَّ الدَّوَاوِينَ سَبْعَةٌ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ وَالْمُخْتَلِطَةُ وَالْمَبْسُوطَةُ وَالْمَجْمُوعَةُ فَالْمَجْمُوعَةُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمَبْسُوطَةُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَالْمُخْتَلِطَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى ك وَلَا يَخْفَى مَا فِي عَدِّهَا سَبْعًا مِنْ التَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ هِيَ نَفْسُ الْمُخْتَلِطَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا تِلْكَ الْفَائِدَةَ لِوُقُوعِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَصَحَّ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ يُصَحِّحُ الْإِشَارَةَ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهَا لَمْ تُقَرَّرْ فِي أَذْهَانِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ (قَوْلُهُ فِي أَذْهَانِ) الْأَذْهَانُ جَمْعُ ذِهْنٍ، وَهُوَ قُوَّةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَعُدَّ النَّفْسَ لِاكْتِسَابِ الْآرَاءِ وَالْفَهْمُ اسْتِعْمَالُهَا وَالذَّكَاءُ أَنْ يَكُونَ سُرْعَةُ إنْتَاجِ الْقَضَايَا وَسُهُولَةُ اسْتِخْرَاجِ النَّتَائِجِ مَلَكَةً لِلنَّفْسِ كَالْبَرْقِ الْأَلْمَعِ بِوَاسِطَةِ كَثْرَةِ مُزَاوَلَةِ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُنْتِجَةِ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَهْمَ نَاشِئٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ تِلْكَ الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ حَتَّى قَالَ مَشَايِخُهُمْ) أَيْ كَابْنِ رُشْدٍ فِيهِ شَيْءٌ لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُبَالَغَةِ بِالْمَدْحِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (فَائِدَةٌ) وَإِذَا أُطْلِقَ الْكِتَابُ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَهَا لِصَيْرُورَتِهِ عِنْدَهُمْ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا كَالْقُرْآنِ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكِتَابِ سِيبَوَيْهِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الْمَذْهَبِ كَالْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ تُجْزِئُ عَنْ غَيْرِهَا وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا عَنْهَا. (ص) وَبِأَوَّلَ إلَى اخْتِلَافِ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا (ش) أَيْ مُشِيرًا فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَيْضًا بِمَادَّةِ أَوَّلَ وَهِيَ التَّأْوِيلُ لِيَنْدَرِجَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ وَتَأْوِيلَاتٌ إلَى اخْتِلَافِ شَارِحِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّ وَالشَّرْحُ سَائِرُهَا فِي فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْهَا وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الِاخْتِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي جِهَاتِ مَحْمَلِ الْكِتَابِ وَلَيْسَ فِي آرَاءٍ فِي الْحَمْلِ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَتُعَدُّ أَقْوَالًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَكُونُ التَّأْوِيلَاتُ أَقْوَالًا فِي الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا عَلَى تِلْكَ الْأَقْوَالِ فَكُلٌّ فَهِمَهَا عَلَى قَوْلٍ كَقَوْلِهِ وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ مُوَافِقًا لِلْمَشْهُورِ فَيُقَدِّمُهُ، ثُمَّ يَعْطِفُ الثَّانِيَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ كَثِيرًا وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى خِلَافِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا كَمَا سَتَرَى ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ فِي كَلَامِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي آرَاءٍ فِي الْحَمْلِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خِلَافٌ خَارِجِيٌّ لَا يَقْتَضِي التَّخَالُفَ. وَرَدُّ تت عَلَى الْبِسَاطِيِّ مُتَعَقَّبٌ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَبِالِاخْتِيَارِ لِلَّخْمِيِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَبِأَوَّلَ إلَخْ) التَّأْوِيلُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَدْت الصَّحِيحَ مِنْهُ فَقَطْ زِدْت بِدَلِيلٍ يُصَيِّرُهُ رَاجِحًا وَمُرَادُنَا بِاللَّفْظِ فِي قَوْلِنَا صَرْفُ اللَّفْظِ إلَخْ الظَّاهِرُ، وَهُوَ مَا احْتَمَلَ كُلًّا مِنْ مَعْنَيَيْنِ لَهُ مَثَلًا بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ عِنْدَ الْعَقْلِ مِنْ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ الْمَوْضُوعَ لَهُ أَوْ لِغَلَبَةِ الْعُرْفِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِيهِ كَلَفْظِ أَسَدٍ فِي رَأَيْت الْيَوْمَ أَسَدًا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، وَهُمَا الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِسُ وَالرَّجُلُ الشُّجَاعُ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَيِّنُ لَهُ وَلَا صَارِفَ عَنْهُ وَمُحْتَمِلٌ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ لَا مَعَهُ بَلْ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى مَجَازِيٌّ لَهُ وَلَا صَارِفَ لَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ إنْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمَرْجُوحِ سُمِّيَ مُؤَوَّلًا وَالظَّاهِرُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي أَظْهَرِ مَعْنَيَيْهِ وَالْمُؤَوَّلُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمَرْجُوحِ مِنْهُمَا، فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ مَعْنَى التَّأْوِيلِ مَا ذَكَرَ فَكَيْفَ يُطْلِقُهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى إبْقَاءِ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ لَهُ وَلَا مُشَاحَطَةَ فِي الِاصْطِلَاحِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّنَوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَهِيَ التَّأْوِيلُ) أَيْ مَادَّةُ التَّأْوِيلِ وَإِلَّا فَلَفْظُ التَّأْوِيلِ هَيْئَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَادَّةِ كَمَا فِي ك الْحُرُوفُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالتَّقْدِيمِ وَضِدِّهِ (قَوْلُهُ لِيَنْدَرِجَ تَأْوِيلَانِ) بَقِيَ تَفْسِيرَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي مَادَّةِ أَوَّلَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْهَا) كَذَا قَالَ النَّاصِرُ. قَالَ فِي ك وَإِنَّمَا قَالَ النَّاصِرُ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْفَهْمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ وَهَذَا النَّوْعُ) أَيْ هَذَا النَّوْعُ الَّذِي هُوَ اخْتِلَافُ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ أَيْ هَذَا النَّوْعُ الَّذِي هُوَ اخْتِلَافُ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ كَخِلَافٍ وَقَوْلَانِ أَوْ أَنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي جِهَاتِ مَحْمَلِ الْكِتَابِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحْمَلَ اسْمُ مَكَان أَيْ مَحَلِّ الْحَمْلِ أَيْ مَا يُحْمَلُ لَفْظُ الْكِتَابِ عَلَيْهِ فَمَصْدُوقُهُ الْمَعْنَى وَإِضَافَةُ جِهَاتٍ إلَى مَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ أَيْ جِهَاتٍ هِيَ مُحَامِلُ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ فِي آرَاءٍ) جَمْعُ رَأْيٍ (قَوْلُهُ فِي الْحَمْلِ) أَيْ وَلَيْسَ فِي آرَاءٍ كَائِنَةٍ فِي الْحَمْلِ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ أَوْ بَدَلٌ أَوْ فِي بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ عَلَى حُكْمٍ مُتَعَلِّقٍ بِالْحَمْلِ وَقَوْلُهُ فَتُعَدُّ جَوَابُ النَّفْيِ أَيْ وَلَيْسَ الِاخْتِلَافُ فِي آرَاءٍ فِي الْحَمْلِ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ يَعْقُبُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ عَدَّهَا أَقْوَالًا أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَأَرَادَ بِالْحُكْمِ الْمَعْنَى فَيَشْمَلُ التَّفْسِيرَ كَمَا فِي الْعَوْدِ. (ثُمَّ أَقُولُ) وَقَوْلُهُ فَتُعَدُّ مَعْطُوفٌ عَلَى اخْتِلَافٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَلَيْسَ هُنَاكَ اخْتِلَافٌ فِي آرَاءٍ فِي الْحَمْلِ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَتُعَدُّ أَقْوَالًا وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لِلْبِسَاطِيِّ وَاعْتَرَضَهَا تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الشُّيُوخَ مَتَى اخْتَلَفَتْ عُدَّ اخْتِلَافُهُمْ أَقْوَالًا وَظَاهِرُهُ كَانَتْ أَقْوَالًا خَارِجِيَّةً أَوْ لَا فَرَدَّ شَارِحُنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ أَقْوَالًا إلَّا إذَا كَانَتْ أَقْوَالًا خَارِجِيَّةً وَوَجْهُ كَوْنِهَا لَا تُعَدُّ أَقْوَالًا أَنَّ الشَّارِحَ لِلَفْظِ الْإِمَامِ إنَّمَا يَحْتَجُّ عَلَى صِحَّةِ مُرَادِهِ بِقَوْلِ ذَلِكَ الْإِمَامِ وَبِقَرَائِنِ كَلَامِهِ مِنْ عَوْدِ ضَمِيرٍ وَمَا أَشْبَهَهُ وَغَيْرَ الشَّارِحِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَقْوَالِ إنَّمَا يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ فَلَمْ يَقَعْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ تَوَارُدٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْمَعَ أَقْوَالُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ الْكَلَامُ الَّذِي شَرَحُوهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي تَصَوُّرِ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ) أَيْ لَفْظَ تَأْوِيلٍ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِمُجَرَّدِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خِلَافٌ خَارِجِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِي التَّخَالُفَ) أَيْ لَا يَقْتَضِي أَنَّ هُنَاكَ خِلَافًا خَارِجِيًّا أَيْ لَا يَقْتَضِي وُجُودَ أَقْوَالٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا تَرْجِعُ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَا فِي تَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ تت إلَخْ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَبِالِاخْتِيَارِ لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ اخْتَارَ غَيْرَهُ أَوْ لَا نَصَّ فِيهَا جَعَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِلصُّورَتَيْنِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ يُعَبِّرُ بِالِاسْمِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى كَقَوْلِهِ فِي الْجِهَادِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَكَقَوْلِهِ فِي الْجِزْيَةِ وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ سَكَتَ عَنْ اصْطِلَاحِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَوْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ عَلَى مَا يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ تَغْلِيبًا (قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَنَحْوِهِمَا خَالَفَ اصْطِلَاحَهُ إمَّا سَهْوًا أَوْ تَصْحِيفًا مِنْ النَّاسِخِ كَتَعْبِيرِهِ بِالْفِعْلِ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ كَقَوْلِهِ وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ خِلَافَ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُحَشِّي تت، ثُمَّ إنَّ اللَّامَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الشُّيُوخِ الْمَذْكُورِينَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى إلَى دَاخِلَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِمُشِيرًا وَالتَّقْدِيرُ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ إلَى اخْتِيَارِ أَبِي الْحَسَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 لَكِنْ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ إلَى اخْتِيَارِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الرَّبَعِيِّ الْمَعْرُوفِ بِاللَّخْمِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ اللَّخْمِيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ لِغَيْرِهِ فَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي كَاخْتَارَ، وَإِنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَنْصُوصَةِ فَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ نَحْوَ الْمُخْتَارِ كَذَا وَإِنَّمَا جَعَلَ الْفِعْلَ لِاخْتِيَارِ الْأَشْيَاخِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَالِاسْمَ لِاخْتِيَارِهِمْ مِنْ الْخِلَافِ الْمَنْصُوصِ. لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ وَالْوَصْفَ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ وَمُنَاسَبَةُ كُلٍّ لَا تَخْفَى وَاللَّخْمِيُّ الْمَذْكُورُ نَزَلَ صَفَاقُصَ وَتَفَقَّهَ بِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَبِي الْفَضْلِ ابْنِ بِنْتِ خَلْدُونٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ وَالسُّيُورِيُّ وَظَهَرَ فِي أَيَّامِهِ وَطَارَتْ فَتَاوِيهِ وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلًا دَيِّنًا وَبَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِهِ فَحَازَ رِيَاسَةَ إفْرِيقِيَةَ وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ وَأَبُو الْفَضْلِ النَّحْوِيُّ وَالْكَلَاعِيُّ وَلَهُ تَعْلِيقٌ مُحَاذِي لِلْمُدَوَّنَةِ سَمَّاهُ التَّبْصِرَةَ حَسَنٌ مُفِيدٌ تَوَفَّى - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ بِصَفَاقِس وَقَبْرُهُ بِهَا مَعْرُوفٌ وَخَصَّهُ عَمَّنْ ذَكَرَ مَعَهُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ. (ص) وَبِالتَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ التَّرْجِيحِ لِتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي كَرَجُحَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخِلَافِ الْمَنْصُوصِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ وَابْنُ يُونُسَ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ تَمِيمِيٌّ صَقَلِّيٌّ كَانَ فَقِيهًا إمَامًا عَالِمًا فَرْضِيًّا أَخَذَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْحَصَائِرِيِّ وَعَتِيقِ بْنِ الْفَرْضِيِّ وَابْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَكَانَ مُلَازِمًا لِلْجِهَادِ مَوْصُوفًا بِالنَّجْدَةِ تُوُفِّيَ فِي عَشْرٍ بَقَيْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الْأَخِيرِ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالصَّقَلِّيِّ. (ص) وَبِالظُّهُورِ لِابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ الظُّهُورِ إلَى تَظْهِيرِ ابْنِ رُشْدٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ) فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ أَطْلَقَ الِاخْتِيَارَ أَوَّلًا مُرَادًا بِهِ لَفْظُهُ، ثُمَّ رَجَعَ الضَّمِيرُ لَهُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ النَّفْسَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ أَيْ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ كَذَا قِيلَ وَأَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّامَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْمَشَايِخِ بِمَعْنَى إلَى دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي كَانَ عَائِدًا عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ حَلُّ الشَّارِحِ وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ لَكِنْ إنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ أَيْ تِلْكَ الْمَادَّةُ آتِيَةً بِصِيغَةِ الْفِعْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) أَيْ الْمَاضِي إذْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ فَيَكُونَ هُوَ تَأْكِيدًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ فَيَكُونَ هُوَ فَاعِلًا (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الْمَفْعُولِ قِيلَ خَالَفَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي قَوْلِهِ وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ خِلَافَ الْأَكْثَرِ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ فِيهَا قَوْلَ الْأَقَلِّ وَمَعَ ذَلِكَ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ الْكُلَّ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ غَالِبًا وَقَدْ يُشِيرُ بِهِ لِلْخِلَافِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَقَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ لَا جَعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ الرَّبَعِيِّ) مَنْسُوبٌ لِرَبِيعَةَ (قَوْلُهُ ابْنُ بِنْتِ اللَّخْمِيِّ) فَاللَّخْمِيُّ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ جَدُّهُ مَنْسُوبٌ لِلَخْمٍ حَيٍّ بِالْيَمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ) أَيْ بَعْدَ الْعَدَمِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ وَعَلَى التَّجَدُّدِ شَيْئًا فَشَيْئًا بِالْقَرِينَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْمُضَارِعِ. (قَوْلُهُ وَالْوَصْفُ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ، وَأَمَّا اسْمُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَهُمَا لِلْحُدُوثِ قَطْعًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ كَوْنَ الْمُؤَلِّفِ قَابَلَ الْفِعْلَ بِالِاسْمِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الْوَصْفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ لِشَارِحِ أَنْ يَقُولَ وَالِاسْمُ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ بَدَلَ الْوَصْفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْمِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ بِأَصْلِ الْوَضْعِ وَعَلَى الدَّوَامِ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ وَمُنَاسَبَةُ كُلٍّ لَا تَخْفَى) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا اخْتَارَهُ فِي نَفْسِهِ حَادِثًا نَاسَبَ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ مَا اخْتَارَهُ مِنْ الْخِلَافِ ثَابِتًا قَبْلُ نَاسَبَ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِالِاسْمِ أَيْ فَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ بِالنَّظَرِ لِلْمُخْتَارِ لَا لِلِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ صَفَاقُصَ) فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ سِينٌ آخِرًا وَحَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّهَا بِفَتْحِ الصَّادِ أَوَّلًا وَضَمِّ الْقَافِ وَالسِّينِ آخِرًا وَهِيَ بَلَدٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَلَى الْبَحْرِ شُرْبُهُمْ مِنْ الْآبَارِ (قَوْلُهُ وَطَارَتْ فَتَاوِيهِ) أَيْ وَانْتَشَرَتْ فَتَاوِيهِ أَوْ نُقِلَتْ فَتَاوِيهِ إلَى الْبِلَادِ فَهُوَ مَجَازٌ اسْتِعَارَةٌ أَوْ تَجْعَلُهُ مَجَازًا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ وَبَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِهِ) أَيْ أَقْرَانِهِ (قَوْلُهُ وَالْكَلَاعِيُّ) بِالْفَتْحِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً إلَى كَلَاعٍ قَبِيلَةٍ مِنْ حِمْيَرَ (قَوْلُهُ مُحَاذِي لِلْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فِي التَّرَاجِمِ وَالْمَعَانِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ اسْتِعْمَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الْحَطَّابِ تُفِيدُ أَنَّ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى الِاخْتِيَارِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ الِاخْتِيَارِ وَسَيَأْتِي فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ سِرُّ التَّعْبِيرِ بِالِاخْتِيَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الشَّأْنُ فِي ذَلِكَ التَّعْبِيرِ عِنْدَهُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ) الْأَوْلَى تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ صَقَلِّيٌّ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ الصَّقَلِّيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْقَافِ وَكَسْرِهِمَا وَيَجُوزُ فَتْحُ الصَّادِ وَكَسْرُ الْقَافِ انْتَهَى (قَوْلُهُ الْحَصَائِرِيِّ) نِسْبَةً إلَى الْحَصِيرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ نِسْبَةً مِنْ حَيْثُ بَيْعُهَا أَوْ عَمَلِهَا (قَوْلُهُ بِالنَّجْدَةِ) بِكَسْرِ النُّونِ مَعْنَاهُ الشَّجَاعَةُ وَالشِّدَّةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 لَكِنْ إنْ كَانَ لَمَّا ظَهَرَ لَهُ أَوْ رَجَّحَهُ أَوْ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَيُشِيرُ لِذَلِكَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي كَظَهَرَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْخِلَافِيَّةِ فَيُشِيرُ لَهُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ وَابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رُشْدٍ يُكْنَى بِأَبِي الْوَلِيدِ قُرْطُبِيٌّ فَقِيهُ وَقْتِهِ وَتَفَقَّهَ بِأَقْطَارِ الْأَنْدَلُسِ وَالْمَغْرِبِ الْمَعْرُوفِ بِصِحَّةِ النَّظَرِ وَجَوْدَةِ التَّأْلِيفِ وَدِقَّة الْفِقْهِ وَكَانَ إلَيْهِ الْمَفْزَعُ فِي الْمُشْكِلَاتِ مَاتَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ حَادِي عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْعَبَّاسِ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَكَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ جَمِيلًا وَالتَّفَجُّعُ عَلَيْهِ جَلِيلًا وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. (ص) وَبِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ الْقَوْلِ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ لِمَا ظَهَرَهُ أَوْ رَجَّحَهُ أَوْ اخْتَارَهُ مِنْ رَأْيِهِ فَيُشِيرُ لَهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي كَقَالَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقْوَالِ الْمَذْهَبِ فَيُشِيرُ لَهُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ، وَهُوَ لَفْظُ الْمَقُولِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَلْمُؤَلِّفِ إطْلَاقُ صِيغَةِ الْفِعْلِ عَلَى مَعْنَى رَجَّحَ بَلْ إنَّمَا يُرِيدُ بِهَا مُجَرَّدَ حِكَايَةِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَالتَّرْجِيحُ إنْ كَانَ فَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ لَا مِنْ لَفْظِ قَالَ تَأَمَّلْ، وَأَمَّا صِيغَةُ الِاسْمِ فَمُسَلَّمٌ وَالْمَازِرِيُّ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِرِيُّ يُعْرَفُ بِالْإِمَامِ أَصْلُهُ مِنْ مَازِرَةَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا مَدِينَةٌ فِي جَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ نَزَلَ الْمَهْدِيَّةَ إمَامَ بِلَادِ أَفْرِيقِيَّةَ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ الْمَغْرِبِ. وَيُحْكَى أَنَّهُ رَأَّى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ مَا يَدْعُونَنِي بِهِ فَقَالَ لَهُ وَسَّعَ اللَّهُ صَدْرَك لِلْفُتْيَا وَكَانَ آخِرَ الْمُشْتَغِلِينَ بِإِفْرِيقِيَةَ بِتَحْقِيقِ الْعِلْمِ وَرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ وَدِقَّةِ النَّظَرِ وَكَانَ يُفْزَعُ إلَيْهِ فِي الْفُتْيَا فِي الطِّبِّ كَمَا يُفْزَعُ إلَيْهِ فِي الْفُتْيَا فِي الْفِقْهِ وَيُحْكَى أَنَّ سَبَبَ اشْتِغَالِهِ فِي الطِّبِّ أَنَّهُ مَرِضَ فَكَانَ يَطِبُّهُ يَهُودِيٌّ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ يَا سَيِّدِي وَمِثْلِي يَطِبُّ مِثْلَكُمْ وَأَيُّ قُرْبَةٍ أَجِدُهَا أَتَقَرَّبُ بِهَا فِي دِينِي مِثْلَ أَنْ أَفْقِدَكُمْ فَحِينَئِذٍ اشْتَغَلَ بِالطِّبِّ وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ الْقَاضِي عِيَاضٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَقَدْ نَيَّفَ سِنُّهُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَبِقَوْلِنَا فِيمَا تَقَدَّمَ بِمَادَّةِ الظُّهُورِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ الِاخْتِيَارِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ إنَّ التَّقْسِيمَ إلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ لَا يَصِحُّ لِمُنَافَاتِهِ الْمُقْسَمَ لِكَوْنِهِ اسْمًا فَقَطْ وَتَخْصِيصُهُ الشُّيُوخَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لِقَصْدِ التَّمْيِيزِ لَا أَنَّ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ بَعْضُهَا رَجَحَ بِذَلِكَ إذْ كَثِيرًا مَا يُشِيرُ بِالظُّهُورِ. لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْأَصَحِّ يُعْلَمُ ذَلِكَ بِتَصَفُّحِ مَسَائِلِهِمْ وَلِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَتَى ذَكَرَ ذَلِكَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى التَّرْجِيحِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ مَتَى رَجَّحَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا أَشَارَ إلَيْهِ حَتَّى يَعْتَرِضَ بِوُجُودِ تَرْجِيحَاتٍ كَثِيرَةٍ لَهُمْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْوُجُودِ وَأَقْدَمُهُمْ ابْنُ يُونُسَ الصَّقَلِّيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، ثُمَّ اللَّخْمِيُّ، ثُمَّ ابْنُ رُشْدٍ، ثُمَّ الْمَازِرِيُّ وَاخْتَارَ عَدَدَ الْأَرْبَعَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِمَا ظَهَرَ لَهُ إلَخْ) هَذَا التَّنْوِيعُ لُحِظَ فِيهِ الصِّيغَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ أَمَّا مَادَّةُ الظُّهُورِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ بِأَقْطَارِ الْأَنْدَلُسِ) أَيْ نَوَاحِي الْأَنْدَلُسِ وَنَوَاحِي الْمَغْرِبِ أَوْ بِقُطْرَيْنِ هُمَا الْأَنْدَلُسُ وَالْمَغْرِبُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَنْدَلُسَ إقْلِيمٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ بِصِحَّةِ النَّظَرِ) أَيْ الْفِكْرِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ إلَيْهِ الْمَفْزَعُ أَيْ الْفَزَعُ (قَوْلُهُ بِمَقْبَرَةِ الْعَبَّاسِ) لَا أَدْرِي كَيْفَ كَانَ هُوَ (قَوْلُهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ كَانَ إمَامًا (قَوْلُهُ وَالتَّفَجُّعُ) أَيْ حُزْنُ النَّاسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَا ظَهَرَهُ إلَخْ) نَاظِرٌ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّرْجِيحَ لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ لَا مِنْ لَفْظِ قَالَ) كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالَ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَاعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ حِكَايَةَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ كَمَا ادَّعَى مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ قَالَ فِي مَعْنَى رَجَّحَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ لَمَّا جَزَمَ بِذَلِكَ أَفَادَ تَرْجِيحَهُ لَهُ فَقَوْلُهُ قَالَ وَكَذَا شَيْءٌ وَقَوْلُهُ قَالَ، وَإِنْ قَالَ أَقَرَّ عَنِي بِأَلْفٍ فَإِقْرَارٌ يُسْتَفَادُ مِنْهُ تَرْجِيحُ مَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ جَزَمَ بِهِ حُكْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ قَالَ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ قَالَ وَكَذَا شَيْءٌ وَنَحْوُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ نَزَلَ الْمَهْدِيَّةَ) بَلْدَةٌ مِنْ أَعْمَالِ تُونِسَ (قَوْلُهُ إمَامَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَمَا هُوَ مَضْبُوطٌ بِالْقَلَمِ فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ أَحَقُّ مَا يَدْعُونَنِي بِهِ) أَيْ، وَهُوَ إمَامٌ أَيْ فَصَارَ إمَامُ لَقَبًا عَلَيْهِ وَمَا يَدْعُونَنِي فَاعِلٌ بِأَحَقَّ سَادٌّ مَسَدَ الْخَبَرِ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَنِي مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ حَقٌّ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ وَسَّعَ إلَخْ) لَمْ يُجِبْهُ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ دَعَا لَهُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ وَمُسْتَلْزِمٌ لِجَوَابِهِ عُرْفًا أَيْ مَلَأَ اللَّهُ صَدْرَك عِلْمًا حَتَّى لَا يَشُقُّ عَلَيْك مَا يَرِدُ مِنْ أَسْئِلَةِ السَّائِلِينَ أَوْ زَادَ اللَّهُ فِي حُسْنِ خُلُقِك حَتَّى لَا تَسْأَمَ مِمَّا ذَكَرَ (قَوْلُهُ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ) أَيْ اجْتِهَادِ الْفَتْوَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَكَانَ يَطِبُّهُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ. (قَوْلُهُ مِثْلَ أَنْ أَفْقِدَكُمْ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ أَيْ فَالْقَافُ مَكْسُورَةٌ (قَوْلُهُ رَجَحَ بِذَلِكَ) أَيْ بِخُصُوصِ الظُّهُورِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ الْقَوْلِ أَوْ الِاخْتِيَارِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي اللَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ أَحْسَنُ وَنَصُّهُ وَخَصَّهُمْ بِالتَّعْيِينِ لِكَثْرَةِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الِاخْتِيَارِ وَبَدَأَ بِاللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ خَصَّهُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ وَخَصَّ ابْنَ يُونُسَ بِالتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ اجْتِهَادِهِ فِي الْمَيْلِ مَعَ بَعْضِ أَقْوَالِ مَنْ سَبَقَهُ وَمَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ قَلِيلٌ وَخَصَّ ابْنَ رُشْدٍ بِالظُّهُورِ لِاعْتِمَادِهِ كَثِيرًا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ فَيَقُولُ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ كَذَا كَذَا وَظَاهِرُ مَا فِي سَمَاعِ كَذَا كَذَا وَخَصَّ الْمَازِرِيَّ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَوِيَتْ عَارِضَتُهُ فِي الْعُلُومِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُجْتَهِدِينَ كَانَ صَاحِبَ قَوْلٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ اهـ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّمَا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ التَّعَبِ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ وَتَهْذِيبِهِ وَتَرْتِيبِهِ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُجَوِّزُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَالْأَئِمَّةِ الَّذِينَ هُمْ لِنِظَامِ الدِّينِ كَقَوَاعِدِ الْبَيْتِ الْأَرْبَعِ الَّتِي لَا يَتِمُّ شَكْلُهُ إلَّا بِهَا. (ص) وَحَيْثُ قُلْت خِلَافٌ فَذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ (ش) حَيْثُ ظَرْفٌ لِفِعْلِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ مَهْمَا وُجِدَ شَيْءٌ حَيْثُ قُلْت خِلَافٌ وَخِلَافٌ مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ إذْ هُوَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي لَهُ فِي الْأَبْوَابِ مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَلَوْ نَصَبَهُ لَاقْتَضَى أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً فِي مَسْأَلَةٍ كَقَوْلِهِ اُعْتُدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي التَّشْهِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِ دُخُولُ الْفَاءِ بَعْدَهَا مَعَ أَنَّ دُخُولَ الْفَاءِ بَعْدَ الظَّرْفِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِإِجْرَاءِ الظَّرْفِ مَجْرَى كَلِمَةِ الشَّرْطِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [الأحقاف: 11] وَحَيْثُ دَالَّةٌ عَلَى الْمَكَانِ قِيلَ كَمَا هُنَا، وَهُوَ عَجِيبُ التَّقْدِيرِ وَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قُلْت فِيهِ خِلَافٌ. وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّهَا تَرِدُ لِلزَّمَانِ انْتَهَى وَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ وَلَوْ نَصَبَهُ إلَخْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَوْلَا هَذَا الِاقْتِضَاءُ لَصَحَّ النَّصْبُ مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ أَيْضًا لَفْظُ الْقَوْلِ الْخَاصِّ بِالْجُمَلِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الذِّكْرُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشُّيُوخَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي التَّشْهِيرِ لِلْأَقْوَالِ وَتَسَاوَى الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ وَالْأَقْوَالَ الْمَشْهُورَةَ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِلَفْظِ خِلَافٌ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَشْهِيرِ التَّرْجِيحِ بِلَفْظِ التَّشْهِيرِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِمْ الْمَذْهَبُ كَذَا أَوْ الظَّاهِرُ أَوْ الرَّاجِحُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا شَهَّرَهُ أَعْلَاهُمْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ (ص) وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ (ش) أَيْ وَكُلُّ مَكَان   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الَّذِينَ هُمْ إلَخْ) صِفَةٌ لِلْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَمَّا كَانَ مَا عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عُدُّوا كَأَنَّهُمْ هُمْ فَلِذَلِكَ جُعِلُوا أَرْكَانًا أَرْبَعَةً لَا أَكْثَرَ أَيْ فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ أَرْكَانُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فَلِذَلِكَ خَصَّهُمْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِمْ أَرْكَانَ الْمَذْهَبِ كَمَا أَنَّ الْأَئِمَّةَ أَرْكَانُ الدِّينِ خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ لِنِظَامِ الدِّينِ) أَيْ لِاسْتِقَامَةِ الدِّينِ أَيْ الَّذِينَ هُمْ لِلدِّينِ مِنْ حَيْثُ اسْتِقَامَتُهُ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ) أَيْ قَوْلِي خِلَافٌ فَالْمُشَارُ لَهُ مُتَقَدِّمٌ مَعْنًى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَفِي غَيْرِ مَنْ يَأْتِي وَيُشِيرُ لِمَنْ تَقَدَّمَ بِمَا سَبَقَ وَلِمَنْ يَأْتِي بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ فَلَا اعْتِرَاضَ. (قَوْلُهُ لِفِعْلِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ) فَحَذَفَ الشَّرْطَ، وَهُوَ مَهْمَا لِدَلَالَةِ دُخُولِ الْفَاءِ فِي جَوَابِهِ وَفِعْلِهِ، وَهُوَ وُجِدَ لِدَلَالَةِ الْمَعْمُولِ، وَهُوَ حَيْثُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْمُولَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ مَهْمَا وُجِدَ شَيْءٌ) أَيْ مَهْمَا وُجِدَ شَيْءٌ فِي الْمَكَانِ يُرَادُ بِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي مِنْ أَجْزَائِهَا خِلَافٌ كَقَوْلِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ وَيَرِدُ بِالشَّيْءِ مَعْنَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ) أَيْ غَالِبًا إذْ قَدْ يَذْكُرُهُ نَحْوَ وَفِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ إلَى أَنْ قَالَ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَصَبَهُ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُنْصَبَ وَيُرَادُ بِهِ لَفْظُهُ وَالْقَوْلُ يُنْصَبُ الْمُفْرَدُ إذَا أُرِيدَ بِهِ لَفْظُهُ وَلَا يُرَادُ بِهِ مَعْنَاهُ الْمُوهِمُ قُلْت يَقْتَضِي أَنَّهُ يَذْكُرُهُ مَنْصُوبًا دَائِمًا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَذْكُرُهُ مَرْفُوعًا (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ اُعْتُدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ) أُدْخِلَتْ الْكَافُ قَوْلَهُ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ شُهِرَ كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ وَتَسَاوَى الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ (قَوْلُهُ دَالَّةٌ عَلَى الْمَكَانِ قِيلَ كَمَا هُنَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَهُوَ إجْرَاءُ الظَّرْفِ مَجْرَى كَلِمَةِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ عَجِيبٌ) أَيْ أَمْرٌ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ لِحُسْنِهِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَكَان) أَيْ وَكُلُّ عِبَارَةٍ ذُكِرَتْ فِي خِلَالِهَا لَفْظُ خِلَافٌ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْفِيشِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ حَيْثُ قَالَ وَحَيْثُ مُبْتَدَأٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الظُّرُوفِ اللَّازِمَةِ الَّتِي لَا تَتَصَرَّفُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِفِ لَا اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى الْمُرَادِفِ كُلُّ مَوْضِعٍ قُلْت فِيهِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ فَذَلِكَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَالْفَاءُ تَدْخُلُ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ إذَا كَانَ عَامًّا وَهَذَا الْإِعْرَابُ يَجْرِي فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ) أَقُولُ وَيَصِحُّ إرَادَةُ الزَّمَانِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالزَّعْمِ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ كَذِبٌ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا شَهَرَهُ أَعْلَاهُمْ) غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ قَدْ اُتُّفِقَ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُشْهِرُونَ فِي الرُّتْبَةِ وَلَمْ يُقْتَصَرْ عَلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِ فِي الذَّكَاةِ وَشُهِرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي الظِّهَارِ وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ إلَّا أَنْ يُبْنَى كَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ إلَخْ) الْفَرْعُ هُوَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ قَلْبِيٍّ كَالنِّيَّةِ أَوْ غَيْرِ قَلْبِيٍّ كَالْوُضُوءِ كَمَا قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَأَرَادَ بِالْحُكْمِ النِّسْبَةَ التَّامَّةَ وَهِيَ الْوُقُوعُ وَاللَّاوُقُوعَ أَعَنَى وُقُوعَ ثُبُوتِ الْمَحْمُولِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ لِلْمَوْضُوعِ كَقَوْلِك النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فَالْحُكْمُ هُوَ وُقُوعُ ثُبُوتِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةُ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَمَلُ وَقَوْلُنَا النِّيَّةُ فِي الْأَذَانِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ الْحُكْمُ فِيهِ هُوَ انْتِفَاءُ ثُبُوتِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةٌ عَنْ النِّيَّةِ فَمَعْنَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ وُقُوعُ النِّسْبَةِ التَّامَّةِ أَنَّهُ وَقَعَ ثُبُوتُ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ لِذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ لَمْ يَقَعْ وَهَذَا مَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ الْحُكْمُ هُوَ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ إلَخْ وَأَرَادَ بِالشَّرْعِيِّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الشَّرْعِ الْمَبْعُوثَ بِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْأَخْذُ مِنْهُ يَشْمَلُ الْأَخْذَ مِنْ صَرِيحِهِ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِالنِّسْبَةِ وَالْأَخْذِ بِالِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُ، فَإِنْ قُلْت وَهَلْ تَخْتَصُّ الْكَيْفِيَّةُ بِالْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ السَّبْعَةِ بِزِيَادَةِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ أَوْ لَا قُلْت لَا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ لِشُمُولِهَا لِلضَّرْبِ فِي قَوْلِك الصَّبِيُّ يُضْرَبُ عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ بُلُوغِ الْعَشْرِ وَالْمَنْعُ فِي قَوْلِك الرِّقُّ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ وَغَيْرُ ذَلِكَ أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي ك. (قَوْلُهُ أَيْ وَكُلُّ مَكَان) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حَيْثُ فِي مَعْنَى مُبْتَدَأٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ ذَكَرْت فِيهِ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا أَوْ وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا وَثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا فَذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ الَّذِي ذَكَرْت فِيهِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهَا عَلَى الْآخَرِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ بَيْنَ التَّلَفُّظِ بِصِيغَةِ الْقَوْلِ أَمْ لَا وَفِي كَلَامِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ هُنَا نَظَرٌ وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَانْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَاعْتُبِرَ مِنْ الْمَفَاهِيمِ مَفْهُومُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَوْلَيْنِ) أَيْ لَفْظَ قَوْلَيْنِ أَوْ لَفْظَ أَقْوَالٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَهَلْ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى مَا كَتَبَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ، فَإِنْ قُلْت لِمَ قَالَ أَوَّلًا وَحَيْثُ قُلْت خِلَافٌ فَعَبَّرَ بِالْقَوْلِ وَرَفَعَ لَفْظَ خِلَافٌ وَقَالَ ثَانِيًا وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَعَبَّرَ بِالذِّكْرِ وَنَصَبَ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا قُلْت لَمَّا كَانَ ذِكْرُهُ الْأَقْوَالَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا أَوْ يَقُولَ مَثَلًا وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا ثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا لَمْ يَصْلُحْ الرَّفْعُ عَلَى الْحِكَايَةِ وَلَا الْقَوْلِ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَحَيْثُ قُلْت أَقْوَالٌ لَخَرَجَ مَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ بِصِيغَةِ الْقَوْلِ كَثَالِثِهَا وَرَابِعِهَا بِخِلَافِ خِلَافٌ فَإِنَّ حِكَايَتَهُ بَعْدَ الْقَوْلِ لَا يُخْرِجُ مَعْنًى يُرِيدُ إدْخَالَهُ، فَإِنْ قُلْت لَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْأَقْوَالِ لَا الْقَوْلَيْنِ قُلْت بَلْ هُوَ جَارٍ فِي الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ هُوَ عَيْنُ ذَلِكَ الَّذِي كَتَبَهُ الْبَعْضُ بِأَنْ يُلَاحِظَ التَّعْمِيمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَيًّا كَانَ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَوْ غَيْرِهَا وَالتَّخْصِيصُ بِمَادَّةِ الْقَوْلِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَكُلُّ مَكَان ذَكَرْت إلَخْ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا إلَخْ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ فِي الْجَمْعِ وَالْقِيَاسِ فِي الْمُثَنَّى أَيْ فِيمَا كَانَ بِغَيْرِ مَادَّةِ الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ هُنَا نَظَرٌ) لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي طُولًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ أَشَارَ لَهُ النَّاصِرُ حَيْثُ قَالَ وَالتَّعْبِيرُ بِرُجْحَانِيَّةٍ وَهِيَ كَوْنُهُ رَاجِحًا أَظْهَرَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقْتَصِرُ عَلَى رُجْحَانِيَّةِ الرَّاجِحِ الَّذِي يُقَابِلُهُ ضَعِيفٌ وَعَلَى مَا كَانَ أَرْجَحَ مِنْ غَيْرِهِ وَالتَّعْبِيرُ بِأَرْجَحِيَّةٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ إلَّا عَلَى مَا كَانَ أَرْجَحَ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ رَاجِحًا وَمُقَابِلُهُ ضَعِيفٌ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَيَقْتَضِي عَدَمَ التَّعْبِيرِ بِالْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ حَيْثُ انْتَفَتْ الرَّاجِحِيَّةُ عَنْهُمَا أَوْ عَنْهَا وَلَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ إلَّا إذَا رَجَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَتَسَاوَيَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَانَ التَّعْبِيرُ بِأَظْهَرَ الْمُشْعِرِ بِظُهُورِ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ مَعَ خُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْهُ أَعْنِي مَا إذَا انْفَرَدَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ بِالرَّاجِحِ وَخَلَا الْآخَرُ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَرْجَحَ خَرَجَ بِوَاسِطَةِ يَاءِ النِّسْبَةِ عَنْ التَّفْضِيلِ وَصَارَ مَصْدَرًا دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَاحِدٍ رُجْحَانِيَّةٌ أَصْلًا، وَأَمَّا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ رُجْحَانِيَّةٌ وَتَسَاوَيَا يُعَبِّرُ بِخِلَافٍ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَلَّقَ لِوَاحِدٍ رُجْحَانِيَّةٌ دُونَ الْآخَرِ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِوَاحِدٍ أَرْجَحِيَّةٌ دُونَ الْآخَرِ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الِاسْمَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ يَاءُ النِّسْبَةِ صَارَ مَصْدَرًا دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُشْتَقِّ كَأَرْجَحَ؛ لِأَنَّهُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ أَوْ لَا كَزَوْجٍ فَتَقُولُ زَوْجِيَّةٌ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ أَيْ فِي كَوْنِ أَحَدِهِمَا زَوْجًا لِلْآخَرِ أَمْ لَا كَمَا أَنَّ الْمَصْدَرَ إذَا زِيدَ عَلَيْهِ يَاءُ النَّسَبِ صَارَ صِفَةً وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَنْصُوصَةً مِمَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا فَإِنَّهُ لَا يُرَجِّحُ مَا ظَهَرَ لَهُ تَوَرُّعًا مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِمَا رَجَّحَهُ غَيْرُهُ وَلِضِيقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ يُشِيرُ فِيهِ إلَى مَا ظَهَرَ لَهُ. (تَتِمَّةٌ) حَكَى الْقَرَافِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُقَلِّدِ بَيْنَ قَوْلَيْ إمَامِهِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا أَيْ يَخْتَارُ قَوْلًا وَيُفْتِي بِهِ لَا أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا أَفْتَى بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي نَازِلَةٍ ثُمَّ حَصَلَتْ نَازِلَةٌ أُخْرَى مُمَاثِلَةٌ لِتِلْكَ فَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيهَا بِالْقَوْلِ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ النَّازِلَةَ مُمَاثِلَةٌ وَإِذَا قُلْنَا يُفْتَى بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يُفْتَى الْفُقَرَاءُ بِمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ وَالْأَغْنِيَاءُ بِمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ وَنَقْلُهُ الْإِجْمَاعَ طَرِيقَةٌ وَنَحْوُ مَا ذَكَرَ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ وَيَحْمِلُ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُتَسَاوِيَةِ جَرَى الْعَمَلُ وَقِيلَ إنَّهُ يَذْكُرُ لَهُ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ، وَهُوَ يُقَلِّدُ أَيُّهُمْ أَحَبَّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُسْتَفْتِينَ وَمَنْ لَدَيْهِ مِنْهُمْ مَعْرِفَةٌ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ أَقُولُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّرْجِيحِ وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ وَلَا الْفَتْوَى وَلَا الْحُكْمُ بِالضَّعِيفِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ عج فِي الْفَتَاوِي فِي مَوْضِعِ وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ مَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ كَالْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجَارِ وَمَحَلٍّ مَضَى حُكْمُهُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ حَيْثُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ الضَّعِيفِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي قُضَاةِ مِصْرَ وَأَجَابَ الْأُجْهُورِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِقَاضِي زَمَانِنَا الْحُكْمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِهِ وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَصَدَهُ، فَإِنْ حَكَمَ بِهِ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَوَلَّى عَلَى الْحُكْمِ بِمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى مَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ الْمَشْهُورُ وَحَكَمَ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالضَّعِيفِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ مَذْهَبِ الْغَيْرِ فِي بَعْضِ النَّوَازِلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَصًّا فِي نَازِلَتِهِ فَيَرْجِعُ لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ الَّتِي بَيْنَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فَقَطْ كَذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ وَقَدْ كَانَ جَدُّ عج إذَا سَأَلَ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَرَ فِيهَا نَصٌّ يَقُولُ لِلسَّائِلِ اذْهَبْ لِلشَّافِعِيِّ يَكْتُبُ لَك وَائْتِنِي بِالسُّؤَالِ أَكْتُبُ لَك جَوَابِي كَذَلِكَ. . . . (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ إلَخْ) مَعْنَى اعْتِبَارِهِ أَنَّهُ كَالشَّيْءِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فَلَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيُفْتِي بِهِ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ قُلْت إنَّ تَصْرِيحَهُ بِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِنُكْتَةٍ كَتَشْبِيهِ غَيْرِهِ بِهِ أَوْ قُيُودٍ يَذْكُرُهَا (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفَاهِيمِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الشَّرْطِ فَقَطْ (ش) الْمَفَاهِيمُ جَمْعُ مَفْهُومٍ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ أَيْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِمَنْطُوقِهِ، وَهُوَ قِسْمَانِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ فَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ مُوَافِقًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ، وَهُوَ قِسْمَانِ فَحَوَى الْخِطَابِ وَلَحْنُ الْخِطَابِ فَفَحْوَى الْخِطَابِ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ كَتَحْرِيمِ ضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ الْمَنْطُوقِ بِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْإِذَايَةِ وَالْعُقُوقِ وَلَحْنُ الْخِطَابِ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مُسَاوِيًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ كَتَحْرِيمِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] فَإِنَّ الْإِحْرَاقَ مُسَاوٍ لِلْأَكْلِ فِي إتْلَافِهِ عَلَى الْيَتِيمِ وَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مَفْهُومُ الصِّفَةِ نَحْوَ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ وَمَفْهُومُ الْعِلَّةِ نَحْوَ أَعْطِ السَّائِلَ لِحَاجَتِهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ نَحْوَ مَنْ تَطَهَّرَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ نَحْوَ {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَمَفْهُومُ الْحَصْرِ نَحْوَ {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: 98] . وَمَفْهُومُ الزَّمَانِ نَحْوَ سَافَرْت يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَفْهُومُ الْمَكَانِ نَحْوَ جَلَسْت أَمَامَ زَيْدٍ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ نَحْوَ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4]   [حاشية العدوي] حَالٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ أَيْ حَالُ كَوْنِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ بَعْضُ الْمَفَاهِيمِ وَلَمْ تَظْهَرْ نُكْتَةُ التَّقْدِيمِ وَلَا يُقَالُ الِاخْتِصَاصُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَعْتَبِرُ قَالَ فِي ك (قَوْلُهُ جَمْعُ مَفْهُومٍ) أَيْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ إذْ الْقِيَاسُ فِي وَزْنِ مَفْعُولٍ أَنْ لَا يُجْمَعَ جَمْعَ تَكْسِيرٍ اسْتِغْنَاءً عَنْ تَكْسِيرِهِ بِجَمْعِهِ جَمْعَ تَصْحِيحٍ إنْ كَانَ صِفَةَ مُذَكَّرٍ عَاقِلٍ كَمُعْتَقُونَ فِي مُعْتَقٍ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ صِفَةَ مُؤَنَّثٍ عَاقِلٍ أَوْ صِفَةَ مَا لَا يَعْقِلُ كَمَا هُنَا فَبِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ كَمُعْتَقَاتٍ جَمْعُ مُعْتَقَةٍ وَكَمَفْهُومَاتِ جَمْعُ مَفْهُومٍ وَشَذَّ مِنْ تَكْسِيرِ هَذَا النَّوْعِ مَيَاسِيرُ وَمَلَاعِينُ وَمَكَاسِيرُ أَشَارَ لَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ) أَيْ مَعْنَى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَظْرُوفًا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ وَأَرَادَ بِالنُّطْقِ التَّلَفُّظَ وَأَرَادَ بِمَحَلِّهِ نَفْسَ الْمَلْفُوظِ، فَإِنْ قُلْت لَزِمَ مِنْ تَقْرِيرِك أَنَّ الْمَلْفُوظَ مَحَلٌّ لِأَمْرَيْنِ الْمَعْنَى وَالتَّلَفُّظِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ قُلْت مَحَلِّيَّةُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى بِمَعْنَى دَلَالَةِ الْمَلْفُوظِ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَمَحَلِّيَّةُ الْمَلْفُوظِ لِلتَّلْفِيظِ بِمَعْنَى التَّعَلُّقِ فَمِثَالُهُ أَيْ الْمَنْطُوقِ التَّأْفِيفُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] ، وَهُوَ مَظْرُوفٌ فِي أُفٍّ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْمَدْلُولِ فِي الدَّالِّ وَالْمَنْطُوقُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى التَّأْفِيفِ يُطْلَقُ عَلَى حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) أَيْ مَعْنَى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ كَالضَّرْبِ فِي {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] ، وَهُوَ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْمَدْلُولِ فِي الدَّالِّ فَالسُّكُوتُ يُقَابِلُهُ النُّطْقُ وَمَحَلُّ السُّكُوتِ لَفْظُ اضْرِبْ فِي {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] ، وَهُوَ يُقَابِلُ مَحَلَّ النُّطْقِ الَّذِي هُوَ لَفْظُ أُفٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ النُّطْقِ أُفٍّ وَمَحَلُّ السُّكُوتِ تَضْرِبُ (قَوْلُهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ أَيْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِمَحَلِّ النُّطْقِ وَإِنَّمَا دَلَّ عَلَيْهِ بِمَحَلِّ السُّكُوتِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هُوَ الْمَفْهُومُ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِسْمَانِ) أَيْ ذُو قِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ فَحْوَى الْخِطَابِ) فَحْوَى الْكَلَامِ مَا يُعْلَمُ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْمَفْهُومُ يُعْلَمُ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ سُمِّيَ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ كَمَا قُلْنَا لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ لَا يُوصَفُ بِهَا الْمَنْطُوقُ (قَوْلُهُ كَتَحْرِيمٍ إلَخْ) الْأَوْلَى كَضَرْبٍ إذْ هُوَ الْمَفْهُومُ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى) أَيْ الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ، وَهُوَ الْإِيذَاءُ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى) فَاعِلٌ بِ الدَّالُّ (قَوْلُهُ الْمَنْطُوقِ) صِفَةٌ لِتَحْرِيمِ الْمُنَاسِبِ أَنْ يَقُولَ كَضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّأْفِيفِ الْمَنْطُوقِ فِي التَّحْرِيمِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَنْطُوقَ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّأْفِيفِ وَتَحْرِيمِهِ وَالْمَفْهُومُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّرْبِ وَتَحْرِيمِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ فَالضَّرْبُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ التَّأْفِيفِ (قَوْلُهُ وَلَحْنُ الْخِطَابِ) لَحْنُ الْكَلَامِ فِي الْأَصْلِ مَعْنَاهُ وَاصْطُلِحَ عَلَى أَنَّ لَحْنَ الْخِطَابِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مُسَاوِيًا لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مُسَاوِيًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مُسَاوِيًا لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ كَتَحْرِيمِ) الْأَوْلَى كَإِحْرَاقٍ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى) الَّذِي هُوَ الْإِتْلَافُ (قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى) فَاعِلٌ بِ الدَّالُّ (قَوْلُهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} [النساء: 10] إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ عَلَى مَا. قُلْنَا مَحَلُّ النُّطْقِ وَالْمَظْرُوفُ فِيهِ الْأَكْلُ الَّذِي هُوَ الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ الْإِحْرَاقُ، وَهُوَ مَظْرُوفٌ فِي يُحْرَقُونَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ السُّكُوتِ (قَوْلُهُ فِي إتْلَافِهِ عَلَى الْيَتِيمِ) أَيْ فِي حُرْمَةِ إتْلَافِهِ عَلَى الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ مُخَالِفًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مُخَالِفًا لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْمَعْلُوفَةَ وَالْعَامِلَةَ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ لَكِنْ عَارَضَهُ عِنْدَنَا دَلِيلٌ آخَرُ دَالٌّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا، وَهُوَ فِي الْأَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وَهُوَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَفْهُومِ فِي ك نَقْلًا وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّهُ يَسْتَثْنِي مِمَّا ذَكَرَهُ مَفْهُومَ الْوَصْفِ الْكَائِنِ بِالتَّعْرِيفَاتِ، فَإِنَّهَا فُصُولٌ أَوْ خَوَاصُّ يُؤْتَى بِهَا لِلْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ لِحَاجَتِهِ) مَفْهُومُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا فَلَا تُعْطِهِ (قَوْلُهُ مَنْ تَطَهَّرَ) مَفْهُومُهُ إذَا لَمْ يَتَطَهَّرْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا) مَنْطُوقُهُ قِيَامُ غَيْرِ زَيْدٍ وَمَفْهُومُهُ نَفْيُ الْقِيَامِ عَنْ زَيْدٍ إلَّا أَنَّهُ مَفْهُومٌ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ نَحْوَ {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] أَيْ غَايَةُ الْإِتْمَامِ اللَّيْلُ أَيْ دُخُولُهُ فَمَفْهُومُهُ لَا إتْمَامَ بَعْدَ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: 98] مَنْطُوقُهُ إثْبَاتُ الْأُلُوهِيَّةِ لِلَّهِ وَمَفْهُومُهُ نَفْيُهَا عَنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَصْرَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ وَنَفْيَهُ عَمَّا عَدَاهُ فَعَلَيْهِ تَكُونُ إضَافَةُ مَفْهُومٍ لِلْحَصْرِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْمَفْهُومِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى مَفْهُومُ اللَّفْظِ فِي مَقَامِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ سَافَرْت يَوْمَ الْجُمُعَةِ) مَفْهُومُهُ نَفْيُ السَّفَرِ فِي خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ ثَمَانِينَ) أَيْ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ نَحْوَ فِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ وَهِيَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَفْهُومَ اللَّقَبِ فَقَالَ بِهِ الدَّقَّاقُ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَإِنَّمَا خَصَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَاهَا إذْ يَقُولُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِغَيْرِهِ إلَّا الْغَايَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ. فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ بَلْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ الْغَايَةَ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَفِي رُتْبَةِ الْغَايَةِ مَفْهُومُ الْحَصْرِ وَقِيلَ فِيهِ إنَّهُ مَنْطُوقٌ، وَأَمَّا مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إذْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَحْرَى فَعَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ مِنْ الْمَفْهُومَاتِ فَهُوَ أَحْرَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ فِي نَفْسِ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إذَا اعْتَبَرْت مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَأَحْرَى مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ يُقَالُ فِي مَفْهُومِ الْغَايَةِ وَالْحَصْرِ إنَّهُمَا مُعْتَبَرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالشَّرْطِ قَالَ بِهِمَا وَالْخِلَافُ فِيهِمَا أَضْعَفُ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وَمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ لُزُومًا فَمَفْهُومُ الْغَايَةِ كَقَوْلِهِ وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ وَكَقَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ وَكَقَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ وَمَفْهُومُ الْحَصْرِ كَقَوْلِهِ إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ حَصْرُ الْقَسْمِ فِي الزَّوْجَاتِ وَكَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ إلَخْ الْقُضَاةُ. (ص) وَأُشِيرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِي قَدَّمْتهمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ (ش) لَمَّا عَيَّنَ الْأَشْيَاخَ الْأَرْبَعَةَ وَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مُخْتَارِهِمْ وَلَمْ يَسَعْهُ تَرْكُ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ مِنْهَا أَوْ مِمَّا ظَهَرَ لَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَخْبَرَ هُنَا أَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مُخْتَارِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ) أَيْ مَفْهُومُ اللَّقَبِ أَمْرٌ دَلَّ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ نَفْسَ التَّعْلِيقِ وَالْمُرَادُ بِاللَّقَبِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا يَشْمَلُ أَقْسَامَ الْعَلَمِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ نَحْوَ أَعْطِ مُحَمَّدًا أَوْ أَبَا بَكْرٍ أَوْ زَيْنَ الْعَابِدِينَ وَيَشْمَلُ أَيْضًا اسْمَ الْجِنْسِ الْإِفْرَادِيَّ كَرَجُلٍ وَمَاءٍ وَالْجَمْعِيَّ كَتَمْرٍ وَكَلِمٍ كَذَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ مَفَاهِيمُ الْمُخَالَفَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ يُنْكِرُ كُلَّ الْمَفَاهِيمِ أَيْ مَفَاهِيمَ الْمُخَالَفَةِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَسْكُوتِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ فَلِأَمْرٍ آخَرَ كَمَا فِي انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الذَّكَاةِ وَرَدَتْ فِي السَّائِمَةِ فَبَقِيَتْ الْمَعْلُوفَةُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فَقَالَ بِهِ الدَّقَّاقُ) أَيْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْقَامُوسِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ الزَّاي وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَالِدُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْمَالِكِيِّ الْأُصُولِيِّ اهـ. وَفِي عج بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَقَدْ تُبْدَلُ بَاءً مَكْسُورَةً وَبِإِعْجَامِ الْحَرْفِ الْأَخِيرِ وَهِيَ الذَّالُ، وَأَمَّا الْأُولَى فَفِيهَا لُغَتَانِ الْإِعْجَامُ وَالْإِهْمَالُ اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ) أَيْ لَا يَتَأَتَّى مَعَ مُرَاعَاتِهِ اخْتِصَارٌ دُونَ عَدَمِ مُرَاعَاتِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ كَانَ الِاخْتِصَارُ مَوْجُودًا فَالِاخْتِصَارُ مَوْجُودٌ اعْتَبَرَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ فِيهِ) أَيْ فِي مَفْهُومِ الْحَصْرِ، وَهُوَ قَلِيلٌ أَيْضًا فَلَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ (قَوْلُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حُجِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَعْنَى الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ إذْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ الرَّدُّ مَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الرَّدُّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَصْدُقُ بِتَعَيُّنِ الرَّدِّ فِي الْمَفْهُومِ وَيَكُونُ النَّظَرُ فِي كَوْنِهِ مَفْهُومًا بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِّ) وَعَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ نَقْلُ اللَّفْظِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْأَعَمِّ عُرْفًا بَدَلًا عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْأَخَصِّ لُغَةً فَنَقَلَ لَفْظَ أُفٍّ لِلْإِيذَاءِ وَأَطْلَقَ لَفْظَ يَأْكُلُونَ لِلْإِتْلَافِ فَمَعْنَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] لَا تُؤْذِهِمَا وَمَعْنَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} [النساء: 10] الَّذِينَ يُتْلِفُونَ وَقِيلَ إنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْأَعَمِّ فُهِمَتْ مِنْ الْقَرَائِنِ وَهِيَ تَعْظِيمُ الْوَالِدَيْنِ وَصِيَانَةُ مَالِ الْيَتِيمِ وَعَلَى هَذَا فَاللَّفْظُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ فَالْعَلَاقَةُ الْخُصُوصُ (قَوْلُهُ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ) الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ وَالْعِلَّةُ فِي وَ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] الْإِيذَاءُ وَفِي {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} [النساء: 10] الْإِتْلَافُ (قَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنَّا فِي الْمَفَاهِيمِ لَا فِي النَّصِّ وَلَا فِي الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فِي نَفْسِ إلَخْ) لَفْظَةُ نَفْسٍ تَأْكِيدٌ (قَوْلُهُ بِصَدَدِهِ) الصَّدَدُ بِفَتْحَتَيْنِ الْقُرْبُ. (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحْرَى إلَخْ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِدُخُولِهِ فِي الْمَفَاهِيمِ، فَإِنْ خَصَصْنَاهَا بِالْمُخَالَفَةِ فَلَا يَرِدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ اعْتَبَرَ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّهُ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ لُزُومًا وَغَيْرَهُ جَوَازًا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِتَأَمُّلِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَبْتُوتَةُ إلَخْ) أَيْ وَتَحْرُمُ الْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ مَفْهُومُهُ لَا حُرْمَةَ بَعْدَ الْإِيلَاجِ (قَوْلُهُ وَكَقَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ لَا حَجْرَ عَلَى الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَقِسْ (قَوْلُهُ لِلزَّوْجَاتِ) أَيْ لَا لِلسَّرَارِي وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ فِي الزَّوْجَاتِ وَفِي الْمَبِيتِ أَيْ لَا لِلسَّرَارِي وَلَا الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ الْقُضَاةُ) مَفْهُومُهُ لَا حُكْمَ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِ الْقُضَاةِ. (قَوْلُهُ وَأُشِيرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ) أَيْ فِي حُكْمٍ (قَوْلُهُ صَحَّحَ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الْحُكْمِ الْمُقَدَّرِ أَيْ بِقَوْلِنَا أَيْ فِي حُكْمٍ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَظْهَرَهُ) أَيْ عَدَّهُ ظَاهِرًا أَيْ ظَنَّهُ ظَاهِرًا أَوْ أَلْفَاهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ إلَخْ) الْإِتْيَانُ بِأَوْ بِاعْتِبَارِ الْعِبَارَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَشْيَاخِ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَ لَيْسَ نَظِيرَ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِالِاسْمِ فِي اصْطِلَاحِ الْأَشْيَاخِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةُ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَيْسَ نَظِيرَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِتَيْنِكَ الْمَادَّتَيْنِ لِمَا اسْتَحْسَنَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مِمَّا ظَهَرَ لَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مَا ظَهَرَ لَهُ عَطْفًا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ بِصَحَّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ ذَلِكَ الْفَاعِلِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا بِالتَّنْكِيرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّهِمْ مَعَ مَنْ قَدَّمَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ اصْطِلَاحَهُ لِكَثْرَتِهِمْ فَيُؤَدِّي إلَى الطَّوْلِ، فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَقُلْ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ فَيُعِيدُ اللَّفْظَةَ كَمَا فَعَلَ بِصَحَّحَ أَوْ يَقُولُ أَوَّلًا بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَظْهَرَ قُلْت إنَّمَا لَمْ يَقُلْهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَادَّةَ الظُّهُورِ لِابْنِ رُشْدٍ. وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ اسْتَفْعَلَ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ فَرَّ مِنْ التَّشْرِيكِ وَأَتَى بِهِ ثَانِيًا تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ لِيُطَابِقَ اُسْتُحْسِنَ إشَارَةً إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُشِيرَ إلَى التَّرْجِيحِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُرَجِّحِ بِمَادَّةِ لَفْظِهِ الْمَخْصُوصِ وَالْأَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ أَنَّ التَّصْحِيحَ فِيمَا يُصَحِّحُهُ الشَّيْخُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيمَا يَرَاهُ مَعَ احْتِمَالِ الشُّمُولِ فِيهِمَا وَأَدْخَلَ بَعْضٌ فِي قَوْلِهِ بِصَحَّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ أَوْ اقْتَضَى التَّرْجِيحَ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مَا كَانَ بِلَفْظِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَالتَّصْوِيبِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِ وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ عَنْ الْأَوْلَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً وَدَخَلَ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ شَيْخُنَا بِدَلِيلِ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُشِيرُ لِاسْتِظْهَارِ نَفْسِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. (ص) وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ (ش) أَيْ وَأُشِيرَ بِلَفْظِ التَّرَدُّدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّهِمْ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ وَأُشِيرُ بِمَادَّةِ التَّصْحِيحِ إلَى مَا صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَثَلًا لَكِنْ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَإِشَارَةٌ إلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِمَا كَانَ مِنْ نَفْسِهِ وَهَكَذَا، فَإِنْ قُلْت لِمَ يُسَمِّي مَنْ تَقَدَّمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ قُلْت لَمَّا اخْتَصَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ بِمَزِيدِ التَّرْجِيحِ دُونَ غَيْرِهِمْ خَصَّهُمْ بِالتَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ اسْتَفْعَلَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ بِغَيْرِ اسْتَفْعَلَ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ ذَلِكَ فَيُوقِعُ فِي اللَّبْسِ لِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْجُمْلَةِ فَفَرَّ مِنْ التَّشْرِيكِ فِي الْمَادَّةِ فِي الْجُمْلَةِ لِدَفْعِ ذَلِكَ اللَّبْسِ (قَوْلُهُ تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ إنَّ الِاسْتِحْسَانَ لَمَّا كَانَ خَفِيًّا احْتَاجَ إلَى تَفْسِيرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَى مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ اسْتِحْسَانٌ أَوْ اسْتِظْهَارٌ أَوْ تَصْحِيحٌ أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ لَا بِالْمَعْنَى وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ فَأَمَّا أَنْ يُعَبِّرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ لَفًّا وَنَشْرًا بَلْ كُلٌّ مِنْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ عَلَى مَعْنَى أَوْ اسْتَحْسَنَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا صَدَرَ مِنْهُ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الصَّادِرَ لَا يُخَصُّ بِمَادَّةٍ وَاَلَّذِي يَعْنُونَ بِهِ لَهُمْ إنَّمَا هُوَ إحْدَى الصِّيغَتَيْنِ تَابِعًا لِأَيِّ صِيغَةٍ صَدَرَتْ مِنْهُمْ لَكِنْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَظْهَرْ سِرُّ التَّعْبِيرِ بِهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا وَدُونَ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلِذَلِكَ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ أَيْ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمَقْصُودُ وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ تَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ وَتَنَزُّهًا عَنْ التَّجَاسُرِ بِالْجَزْمِ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّصْحِيحَ) أَيْ فَيُعَبِّرُ بِصَحَّحَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَرَجَّحَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِصَحَّحَ بِمَثَابَةِ التَّعْبِيرِ بِالِاسْمِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَيُعَبِّرُ بِاسْتَحْسَنَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ وَاسْتَنْتَجَ خِلَافَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلٌ أَصْلًا وَظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِحْسَانِ شَبِيهًا بِالتَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التَّكْرَارِ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا عَكَسَ قُلْت وَجْهُ مَا قَالَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ أَنَّ التَّصْحِيحَ يَسْتَدْعِي وُجُودَ مُصَحَّحٍ قَابِلٍ الْفَسَادَ وَالِاسْتِحْسَانُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ صِدْقُهُ بِاعْتِبَارٍ حَسَنٍ سَوَاءٌ كَانَ مُقَرَّرًا أَوْ مُنْشَأً فَأُرِيدَ الثَّانِي لِلتَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ مَعَ احْتِمَالِ الشُّمُولِ فِيهِمَا) أَيْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ التَّعْبِيرُ بِصَحَّحَ تَارَةً أَوْ اسْتَحْسَنَ أَيْ تَارَةً بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إلَخْ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ خُصُوصُ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ كَمَا هُوَ مُفَادُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ دَلَّ أَوْ اقْتَضَى إلَخْ) أَيْ دَلَّ عَلَى التَّرْجِيحِ أَوْ اقْتَضَاهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَضَاهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا (قَوْلُهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْسَانِ) أَيْ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لِقَوْلِهِ وَالِاسْتِحْسَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّصْوِيبِ) أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ لَا بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لِقَوْلِهِ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعِنْدِي أَيْ وَدُخُولُ صَحَّحَهُ أَوْ اسْتَحْسَنَ أَوْلَوِيٌّ، ثُمَّ أَقُولُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَادَّتَيْنِ بَلْ أَحَدُهُمَا يَكْفِي وَيَكُونُ كِنَايَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ لَتُوُهِّمَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا وَلَمَّا ذَكَرِ الثَّانِيَةَ آذَنَ بِتَوْسِيعِ الدَّائِرَةِ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَرْجِيحُ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَرْجَحِيَّةُ الْمَنْصُوصَةُ وَحَيْثُ أَشَارَ لِنَفْسِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ نَادِرًا اسْتِطْرَادِيٌّ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (فَائِدَةٌ) إذَا قِيلَ الْأَظْهَرُ كَانَ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُقَابَلَةً فِيهِ ظُهُورٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ اسْمُ تَفْضِيلٍ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ وَزِيَادَةً وَالْمَشْهُورُ يُقَابِلُهُ الْغَرِيبُ وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَالصَّحِيحُ يُقَابِلُهُ الضَّعِيفُ وَالْأَصَحُّ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ تَفْضِيلٍ كَالْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَأُشِيرُ بِلَفْظِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَبِالتَّرَدُّدِ عَطْفٌ عَلَى بِصَحَّحَ فَكُلٌّ مِنْ بِالتَّرَدُّدِ وَلِتَرَدُّدِ وَلِعَدَمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ إلَّا أَنْ أَشَارَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِإِلَى قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَشَارَ إلَيْهِ بِالْيَدِ أَوْمَأَ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالرَّأْيِ اهـ. لَكِنْ إلَى لِلِانْتِهَاءِ أَيْ انْتَهَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَاللَّامُ تَجِيءُ لِلِانْتِهَاءِ أَيْضًا وَلِذَا تَعَاقَبَا فِي نَحْوِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلِذَا عَدَّاهُ الْمُؤَلِّفُ بِهَا وَهِيَ أَخْصَرُ. . (تَنْبِيهٌ) : مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ التَّرَدُّدَ فَهُوَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلٍ أَوْ فِي حُكْمٍ يُشِيرُ لَهُ بِتَرَدُّدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلَانِ فَقَالَ وَفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ التَّرَدُّدِ) أَيْ بِالتَّجْرِيدِ مِنْ أَلْ لَا بِالِاقْتِرَانِ بِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 كَقَوْلِي وَفِي كَذَا تَرَدُّدٌ إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ تَرَدُّدُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمَنْ بَعْدَهُ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَنْ يَنْقُلُوا عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِمَا فِي مَكَان حُكْمًا مُعَيَّنًا فِي مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ يَنْقُلُوا عَنْهُ فِي مَكَان آخَرَ خِلَافَ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَوْ يَنْقُلَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ حُكْمًا فِيهَا وَيَنْقُلَ آخَرُونَ عَنْهُ فِيهَا خِلَافَهُ وَسَبَبُ ذَلِكَ إمَّا اخْتِلَافُ قَوْلِ الْإِمَامِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قَوْلَانِ وَإِمَّا الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْإِمَامِ فَيُنْسَبُ لَهُ كُلُّ مَا فَهِمَ عَنْهُ الثَّانِي تَرَدُّدَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ نَفْسِهِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ مُقَدَّرٌ لَا قَوْلُهُ لِعَدَمِ وَأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي النَّقْلِ لَا قَوْلُهُ لِتَرَدُّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِفَقْدِ مَعْنَى التَّرَدُّدِ الَّذِي هُوَ التَّحَيُّرُ إذْ لَا تَحَيُّرَ مَعَ جَزْمِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُقْتَدَى بِهِمْ وَلَا سِيَّمَا أَمْثَالُ مَنْ تَقَدَّمَ وَتَرَدُّدُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ وَاخْتِلَافُ طُرُقِهِمْ فِي الْعَزْوِ لِلْمَذْهَبِ فَهُوَ كَقَوْلِ غَيْرِهِ وَفِي كَذَا طُرُقٌ أَوْ طَرِيقَانِ وَلَمْ يُعْطِ عَلَامَةً يُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ التَّرَدُّدَيْنِ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ فِي كَلَامِهِ أَقَلُّ كَقَوْلِهِ وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ وَفِي خُفٍّ غُصِبَ تَرَدُّدٌ وَفِي رَابِعٍ تَرَدُّدٌ وَفِي أَجْزَاءِ مَا وُقِفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ وَفِي جَوَازِ مَنْ أَسْلَمَ بِخِيَارٍ تَرَدُّدٌ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ بِتَرَدُّدٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ كَقَوْلِهِ خِلَافٌ لَكَانَ أَوْجَهَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشِرْ بِهِ إلَّا كَذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُشِيرُ بِالنَّظَرِ مَوْضِعَ التَّرَدُّدِ. كَقَوْلِهِ وَفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَالْمُخَالِفِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ شَقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ قُلْت قَالَ بَعْضٌ إنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لَلْمُتَأَخِّرِينَ إذَا جَزَمُوا بِالْحُكْمِ وَاخْتَلَفُوا بِالنَّظَرِ إذَا جَمَحُوا وَوَقَفُوا وَقَدْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَنْ قَبْلَهُ مُتَقَدِّمُونَ وَأَلْ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ لِلْجِنْسِ الْمُتَحَقِّقِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ وَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ كَأَنْ يَنْقُلُوا) وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ أَوْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَغَيْرِهِمَا أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ يَنْقُلُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَجْهُ مُغَايَرَةِ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ الْجَمِيعَ اتَّفَقُوا فِي النَّقْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى خِلَافِ مَا نَقَلُوهُ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي نَقَلَ بَعْضٌ عَنْهُ خِلَافَ مَا نَقَلَهُ الْبَعْضُ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قَوْلَانِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ شَيْئًا، ثُمَّ يَرْجِعَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَيُعْرَفُ رُجُوعُهُ عَنْهُ أَوْ لَا يُعْرَفُ أَوْ يَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ بِشَرْطِهِمَا، وَهُوَ اخْتِلَافُ الْوَقْتِ أَوْ نَحْوِهِ فَيَنْقُلُ النَّاقِلُ قَوْلًا فِي مَكَان وَآخَرَ فِي غَيْرِهِ أَوْ يَقْتَصِرُ نَاقِلٌ عَلَى قَوْلٍ وَآخَرُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِلْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَالْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَذَكَرَ فِيمَا يَأْتِي مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ جِنْسِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُتَحَقِّقِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ لَكِنْ إنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ اثْنَيْنِ فَكُلٌّ جَازِمٌ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ كَأَنْ يَظْهَرَ لِابْنِ رُشْدٍ الْوُجُوبُ وَيَجْزِمَ بِهِ وَيَظْهَرَ لِابْنِ يُونُسَ النَّدْبُ مَثَلًا وَيَجْزِمَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ وَاحِدٍ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُتَحَيِّرٌ هَلْ الْحُكْمُ كَذَا أَوْ كَذَا (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ مُقَدَّرٌ) أَيْ وَتَقْدِيرُهُ أَوْ فِي الْحُكْمِ أَيْ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ أَيْ فِي إنْشَاءِ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ فِي إبْقَاءِ الْحُكْمِ فَلَا تَكْرَارَ وَلَا اعْتِرَاضَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ فِي الْحُكْمِ لَا يُغَايِرُ فِي الْمَعْنَى فِي النَّقْلِ حَتَّى يَعْطِفَ عَلَيْهِ إذْ الِاخْتِلَافُ فِي النَّقْلِ لَا يُعْقَلُ إلَّا إذَا كَانَ اخْتِلَافٌ فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ التَّحَيُّرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّرَدُّدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَزْمِ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَيُشِيرُ بِالنَّظَرِ لِلتَّحَيُّرِ وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت هَذَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ التَّرَدُّدُ مُسْنَدًا لِوَاحِدٍ فَالْمُرَادُ بِهِ التَّحَيُّرُ، وَإِنْ كَانَ مُسْنَدًا لِمُتَعَدِّدٍ فَالْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِلَافُ مَعَ الْجَزْمِ (قَوْلُهُ اخْتِلَافُ طُرُقِهِمْ) أَيْ أَحْوَالِهِمْ (قَوْلُهُ فِي الْعَزْوِ) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ الْعَزْوِ لِلْمَذْهَبِ أَيْ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَنْ يَقُولُوا فِي مَوْضِعٍ قَالَ مَالِكٌ كَذَا، ثُمَّ يَقُولُوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. قَالَ مَالِكٌ كَذَا خِلَافَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بِمَعْنَى تَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ (قَوْلُهُ وَفِي كَذَا طُرُقٌ) أَيْ نَقُولُ وَقَوْلُهُ أَوْ طَرِيقَانِ أَيْ نَقْلًا فَيَأْتِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يَأْتِي تَفْسِيرُ التَّرَدُّدِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِالطُّرُقِ طَرِيقَةٌ تَحْكِي الِاتِّفَاقَ وَطَرِيقَةٌ تَحْكِي الْخِلَافَ كَمَا فِي قَوْلِهِ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ، وَهُوَ لَا يَأْتِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّقْلِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَعْنَى لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْفَهْمِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ فِي كَلَامِهِ أَقَلُّ) أَيْ قَلِيلٌ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَلِيلٌ فَأَفْعَلُ عَلَى بَابِهِ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ، وَفِي اعْتِبَارِ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ حَيْثُ عَدَّدَ أَمْثِلَةً وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُشِرْ بِهِ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ لَوْ قَالَ تَرَدُّدٌ بِالرَّفْعِ وَحَكَاهُ بِالْقَوْلِ وَقَعَ فِي التَّطْوِيلِ بَلْ أَوْ بِدُونِهِ، وَهُوَ مُفْرَدٌ ارْتَكَبَ شُذُوذًا؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ الْمُفْرَدِ شَاذَّةٌ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ أَوْ، وَهُوَ جُمْلَةٌ بِأَنْ يُقَدِّرَ الْخَبَرَ الْمُرَاعَى فِي مَوَاقِعِهِ مِنْ الْكِتَابِ أَدَّى إلَى حِكَايَةِ الْجُمَلِ بِدُونِ الْقَوْلِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ إلَّا كَذَلِكَ) أَيْ إلَّا مَرْفُوعًا لَا مَنْصُوبًا أَيْ وَلَفْظُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) السُّؤَالُ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِالتَّرَدُّدِ بِأَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يُشِيرُ لَهُ إلَّا بِمَادَّةِ التَّرَدُّدِ مَعَ أَنَّهُ يُشِيرُ لَهُ بِغَيْرِهَا وَقَدْ يُقَالُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنِّي مَتَى أَشَرْت بِتَرَدُّدٍ يَكُونُ لِكَذَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ مَتَى كَانَ كَذَا أَشَرْت بِتَرَدُّدٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ) سُؤَالٌ وَارِدٌ عَلَى هَذَا التَّصْوِيبِ أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا جَزَمُوا بِالْحُكْمِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ الْحُكْمُ الْوُجُوبُ وَبَعْضُهُمْ قَالَ النَّدْبُ (قَوْلُهُ وَبِالنَّظَرِ إذَا جَمَحُوا إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ الْغَالِبِ إذْ قَدْ يُشِيرُ بِالنَّظَرِ لِلِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ وَوَقَفُوا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالْأَحْسَنُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِلتَّحَيُّرِ فِيمَا إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ وَلِلْجَزْمِ بِالْحُكْمِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ إذَا كَانَ لِأَكْثَرَ فَإِنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 وَقَعَ لَهُ مَا يُشْبِهُ النَّظَرَ فِي الْمَعْنَى فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْلُهُ وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ وَاسْتَشْكَلَ وَأَوْرَدَ لَوْ كَفَّرَ عَنْهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَحَدَّتْ وَاسْتَشْكَلَتْ وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ وَاسْتَشْكَلَ وَقَدْ يَقَعُ التَّرَدُّدُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ. (ص) وَبِلَوْ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ (ش) كَذَا يَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ وَحَيْثُ قَالَ الْحُكْمُ كَذَا وَلَوْ كَانَ كَذَا فَإِنَّهُ يُشِيرُ بِإِتْيَانِهِ بِلَوْ إلَى أَنَّ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ قَوْلًا آخَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفًا لِمَا نَطَقَ بِهِ فَالْعَامِلُ فِي بِلَوْ أُشِيرُ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْمُولِهِ أَوْ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَى مَعْمُولِهِ وَخِلَافٌ مُنَوَّنٌ وَمَذْهَبِيٌّ بِيَاءِ النِّسْبَةِ مُنَوَّنٌ أَيْضًا صِفَةٌ لِخِلَافٍ وَيُرِيدُ بِالْمَذْهَبِ مَذْهَبُ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَحَقَّقَهُ الِاسْتِقْرَاءُ وَفِي لَفْظِ الْمُؤَلِّفِ قَلَقٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَبِلَوْ أَنَّهَا تُفِيدُ مَا ذَكَرَ حَيْثُمَا وَقَعَتْ وَلَوْ صَرَّحَ بِجَوَابِهَا بَعْدَهَا وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِوَاوٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تُفِيدُ مَعَ عَطْفِهَا بِالْوَاوِ وَالِاكْتِفَاءِ عَنْ جَوَابِهَا بِمَا تَقَدَّمَ فَلَوْ قَالَ وَبِلَوْ وَلَا جَوَابَ بَعْدَهَا، وَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي إنْ يَقُولُ وَبِلَوْ وَبِلَوْ إنْ وَلَا جَوَابَ بَعْدَهُمَا إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ لَكَانَ أَظْهَرَ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ يُرِيدُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِلَوْ الْإِغْيَائِيَّةِ الْمَقْرُونَةِ بِوَاوِ النِّكَايَةِ الْمُكْتَفَى عَنْ جَوَابِهَا بِمَا قَبْلَهَا إلَى خِلَافٍ مَنْسُوبٍ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَشَاهِدُ الِاسْتِقْرَاءِ يَقْضِي بِصِحَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَكِنْ لَا يُشِيرُ بِهَا إلَّا إلَى خِلَافٍ قَوِيٍّ وَلَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي، وَإِنْ مَعَ أَنَّهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِ اهـ. (فَائِدَةٌ) الْمُرَادُ بِالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي السَّابِعِ فَقِيلَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقِيلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْمَدَنِيُّونَ يُشَارُ بِهِمْ إلَى ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَّرِفٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَنُظَرَائِهِمْ وَالْمِصْرِيُّونَ يُشَارُ بِهِمْ إلَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَا يُشْبِهُ النَّظَرَ) وَقَدْ يُقَالُ النَّظَرُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْجَوَابِ هُوَ التَّوَقُّفُ وَالتَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ يُشْبِهُ يُنَافِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا يُوَافِقُ النَّظَرَ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَأُورِدُ إلَخْ) أَيْ فَالْإِيرَادُ تَوَقُّفٌ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يَقَعُ التَّرَدُّدُ إلَخْ) اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِغَيْرِ مَا ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ إشَارَةً لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ وَشِدَّةِ تَشَعُّبِهِ وَانْتِشَارِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْأَقْضِيَةِ وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ وَفِي قَوْلِهِ فِي الشَّهَادَاتِ، وَإِنْ شَهِدَ ثَانِيًا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى تَرَدُّدٌ فَإِنَّ التَّرَدُّدَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ لِكَثْرَةِ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ قَالَ بَعْضٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَ هُوَ الْغَالِبُ أَوْ يُقَالُ إنَّ أَوْ فِي الْمُصَنَّفِ مَانِعَةُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ كَذَا يَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَيْ نُسَخِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَبِلَوْ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ إلَخْ وَنُسْخَةُ النَّاصِرِ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ فَفِيهَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاَللَّهُ أَسْأَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَى مَعْمُولِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمَعْطُوفَاتِ بِالْوَاوِ كُلَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَحَقَّقَهُ الِاسْتِقْرَاءُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى إلَى خِلَافٍ مَنْسُوبٍ لِمَذْهَبٍ، وَهُوَ نَكِرَةٌ صَادِقٌ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَبِغَيْرِهِ وَلَكِنَّ الِاسْتِقْرَاءَ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَنُسْخَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِعَدَمِ التَّنْوِينِ فِي خِلَافٍ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي مَذْهَبِي وَلَا يُرِيدُ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ بِمَعْنَى الْمُغَايِرِ لِمَذْهَبِي (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُفِيدُ مَعَ عَطْفِهَا بِالْوَاوِ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْوَاوِ الدَّاخِلَةِ عَلَى إنْ وَلَوْ الْوَصْلِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ كَوْنُهَا لِلْحَالِ وَكَوْنُهَا لِلْعَطْفِ وَكَوْنُهَا لِلِاعْتِرَاضِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوْلَى سَعْدُ الدِّينِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْيَاءَ مَوْجُودٌ مَعَ جَعْلِهَا لِلْحَالِ وَلَا يَسْلَمُ هَذَا إذَا الَّتِي لِلْمُبَالَغَةِ يَكُونُ مَا قَبْلَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا وَاَلَّتِي لِلْحَالِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ) شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُهَا قَوْلُهُ لَكَانَ أَجْمَلَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي إنْ) أَيْ إنْ فُرِضَ أَنَّهُ الْتَزَمَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِدَلِيلٍ آخِرِ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ شَرْطٌ وَجَوَابُهُ يَقُولُ وَالْمُنَاسِبُ يَقُلْ بِحَذْفِ الْوَاوِ. (قَوْلُهُ الْإِغْيَائِيَّةِ) مَعْنَى الْإِغْيَائِيَّةِ الدَّالَّةُ عَلَى غَايَةِ الشَّيْءِ نَحْوَ إنْ شَتَمَتْنِي ضَرَبْتُك وَلَوْ كُنْت الْأَمِيرَ وَمَعْنَى وَاوِ النِّكَايَةِ الْإِغَاظَةِ وَالْمُخَالَفَةِ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِلَوْ وَالْإِنْكَاءُ الْقَهْرُ وَالْإِغَاظَةُ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ ابْنِ الْفُرَاتِ وَبِلَوْ غَالِبًا إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ فَقَيَّدَ بِغَالِبًا، وَهُوَ وَاضِحٌ إذْ قَدْ يُشِيرُ بِهَا لِلْمُبَالَغَةِ لَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خِلَافِ مَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَشَاهِدُ الِاسْتِقْرَاءِ) أَيْ وَشَاهِدٌ هُوَ الِاسْتِقْرَاءُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَيْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَبِلَوْ إلَى خِلَافٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي، وَإِنْ) أَيْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ فِي إنْ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِ) وَالْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ 1 - (قَوْلُهُ فَائِدَةٌ) فَائِدَتُهَا أَنَّ مَا ذَكَرَ يَقَعُ فِي الشُّرُوحِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ الْمُرَادَ مِنْهَا وَمِنْ الْفَوَائِدِ أَنَّ قَاعِدَةَ الْمُؤَلِّفِ وَغَيْرَهُ غَالِبًا أَنْ يُرِيدُوا بِالرِّوَايَاتِ أَقْوَالَ مَالِكٍ وَبِالْأَقْوَالِ أَقْوَالَ أَصْحَابِهِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ رُشْدٍ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبِالْإِجْمَاعِ إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا قَالُوا الْجُمْهُورَ عَنَوْا بِهِمْ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ كَذَا فِي ك وَذَكَرَ فِي مُطَرِّفٍ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَاءٍ، وَهُوَ أَبُو مُصْعَبٍ مُطَرِّفُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطَرِّفٍ ابْنُ أُخْتِ الْإِمَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَنَظَمَهُمْ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ أَلَا كُلُّ مَنْ لَا يَقْتَدِي بِأَئِمَّةٍ ... فَقِسْمَتُهُ ضِيزَى عَنْ الْحَقِّ خَارِجَهْ فَخُذْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عُرْوَةُ قَاسِمٌ ... سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَهْ (قَوْلُهُ وَالْمَدَنِيُّونَ) أَيْ مِنْ أَتْبَاعِ مَالِكٍ وَكَذَا مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَابْنُ مَسْلَمَةَ) مُحَمَّدٌ لَا عَبْدُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ ابْنِ الْفَرَجِ) هَكَذَا ابْنٌ مِنْ الْبُنُوَّةِ وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ أَبِي الْفَرَجِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وَنَظَائِرُهُمْ وَالْعِرَاقِيُّونَ يُشَارُ بِهِمْ إلَى الْقَاضِي إسْمَاعِيلِ وَالْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ الْجَلَّابِ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ وَالشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ وَنَظَائِرِهِمْ وَالْمَغَارِبَةُ يُشَارُ بِهِمْ إلَى الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْقَابِسِيِّ وَابْنِ اللَّبَّادِ وَالْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْقَاضِي سَنَدٍ وَالْمَخْزُومِيِّ، وَهُوَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ. وَذَكَرَهُ فِي الْمَدَارِكِ فِي أَوَّلِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ هُوَ أَبُو مُوسَى بْنُ مُنَاسٍ ذَكَرَهُ عِيَاضٌ فِي الطَّبَقَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْمَدَارِكِ وَابْنُ شَعْبَانَ هُوَ صَاحِبُ الزَّاهِي، وَهُوَ ابْنُ الْقُرْطِيِّ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبَعْدَ الرَّاءِ طَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَكْسُورَةٌ، ثُمَّ يَاءُ نَسَبٍ (ص) وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ أَوْ قَرَأَهُ أَوْ حَصَّلَهُ.   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ) هُوَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إسْمَاعِيلَ تَفَقَّهَ بِابْنِ الْمُعَذَّلِ وَكَانَ يَقُولُ أَفْخَرُ عَلَى النَّاسِ بِرَجُلَيْنِ بِالْبَصْرَةِ ابْنُ الْمُعَذَّلِ يُعَلِّمُنِي الْفِقْهَ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ يُعَلِّمُنِي الْحَدِيثَ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَآثَارَ الْعُلَمَاءِ وَالْفِقْهَ وَالْكَلَامَ وَالْمَعْرِفَةَ بِعِلْمِ اللِّسَانِ وَكَانَ مِنْ نُظَرَاءِ الْمُبَرِّدِ فِي عِلْمِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ وَكَانَ الْمُبَرِّدُ يَقُولُ لَوْلَا اشْتِغَالُهُ بِرِيَاسَةِ الْفِقْهِ وَالْقَضَاءِ لَذَهَبَ بِرِيَاسَتِنَا فِي النَّحْوِ وَالْأَدَبِ وُلِّيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وُلِّيَ إسْمَاعِيلُ الْقَضَاءَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَفِي تَارِيخِ الْخَطِيبِ أَقَامَ إسْمَاعِيلُ عَلَى الْقَضَاءِ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ سَنَةً فَمَا عُزِلَ إلَّا سَنَتَيْنِ وَمَرَّ إسْمَاعِيلُ بِالْمُبَرِّدِ فَوَثَبَ إلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَأَنْشَدَهُ فَلَمَّا بَصَرْنَا بِهِ مُقْبِلًا ... حَلَلْنَا الْحُبَا وَابْتَدَرْنَا الْقِيَامَا ... فَلَا تُنْكِرَنَّ قِيَامِي لَهُ فَإِنَّ الْكَرِيمَ يُجِلُّ الْكِرَامَا مَوْلِدُهُ سَنَةَ مِائَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَابْنِ الْقَصَّارِ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَابْنِ بِالْوَاوِ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَالْمُنَاسِبُ وَالْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْقَصَّارِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي دِيبَاجِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَابْنِ مُحْرِزٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي سَنَدٌ) هُوَ إسْكَنْدَرَانِيٌّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِصْرِيًّا بِاعْتِبَارِ الْإِقْلِيمِ فَإِنَّ إسْكَنْدَرِيَّةَ مِنْ إقْلِيمِ مِصْرَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمَقْرِيزِيِّ فِي خُطَطِهِ، وَهُوَ سَنَدُ بْنُ عِنَانٍ كُنْيَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ سَمِعَ مِنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيِّ وَكَانَ مِنْ زُهَّادِ الْعُلَمَاءِ وَكُبَرَاءِ الصَّالِحِينَ فَقِيهًا فَاضِلًا تَفَقَّهَ بِالشَّيْخِ أَبِي بَكْرِ الطُّرْطُوشِيِّ وَجَلَسَ لِإِلْقَاءِ الدَّرْسِ بَعْدَ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيِّ وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ وَأَلَّفَ كِتَابًا حَسَنًا سَمَّاهُ الطِّرَازَ فِي الْفِقْهِ شَرَحَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ سِفْرًا وَتُوُفِّيَ قَبْلَ إكْمَالِهِ وَلَهُ تَأْلِيفٌ فِي الْجَدَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَادِشِيُّ وَكَانَ مِنْ الْفُقَهَاءِ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ اُكْتُبْ لِي بَرَاءَةً مِنْ النَّارِ فَقَالَ امْضِ إلَى الْفَقِيهِ سَنَدٍ يَكْتُبُ لَك بَرَاءَةً فَقُلْت لَهُ مَا يَفْعَلُ فَقَالَ قُلْ لَهُ بِأَمَارَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَانْتَبَهْت فَمَضَيْت إلَى الْفَقِيهِ سَنَدٍ فَقُلْت لَهُ اُكْتُبْ لِي بَرَاءَةً مِنْ النَّارِ فَبَكَى وَقَالَ مَنْ يَكْتُبُ لِي بَرَاءَةً مِنْ النَّارِ فَقُلْت لَهُ الْأَمَارَةَ فَكَتَبَ لِي رُقْعَةً وَلَمَّا أَدْرَكَتْ تَمِيمًا الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ تُجْعَلَ الرُّقْعَةُ فِي حَلَقَةٍ وَتُدْفَنَ مَعَهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَخْلُوفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ رَأَى الْفَقِيهَ أَبَا عَلِيٍّ سَنَدَ بْنَ عِنَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقُلْت لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك فَقَالَ عُرِضْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي أَهْلًا بِالنَّفْسِ الطَّاهِرَةِ الزَّكِيَّةِ الْعَالِمَةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ كَانَ فَاضِلًا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَدُفِنَ بِجَبَّانَةِ بَابِ الْأَخْضَرِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدِّيبَاجِ وَكَانَ يُمْكِنُ ذِكْرُ تَرَاجِمِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ لَكِنْ خِفْنَا مِنْ التَّطْوِيلِ. (فَائِدَةٌ) وَجَدْت فِي خَطِّهِ عَلَى نُسْخَتِهِ مَا نَصُّهُ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمِصْرِيُّونَ وَالْمَدَنِيُّونَ قُدِّمَ الْمِصْرِيُّونَ غَالِبًا وَالْمَغَارِبَةُ وَالْعِرَاقِيُّونَ قُدِّمَتْ الْمَغَارِبَةُ كَذَا نَقَلَهُ الْفِيشِيُّ قَالَ عج تَقْدِيمُ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْلَامُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ ابْنَ وَهْبٍ وَقَدْ عَلِمْت جَلَالَتَهُ وَابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَكَذَا تَقْدِيمُ الْمَدَنِيِّينَ عَلَى الْمَغَارِبَةِ إذْ مِنْهُمْ الْأَخَوَانِ وَيَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْمَغَارِبَةِ عَلَى الْعِرَاقِيِّينَ إذْ مِنْهُمْ الشَّيْخَانِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ فِي الْمَدَارِكِ) أَيْ ذَكَرَهُ عِيَاضٌ فِي الْمَدَارِكِ، وَهُوَ كِتَابٌ ذَكَرَ فِيهِ عُلَمَاءَ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَابْنُ شَبْلُونٍ) هُوَ عَبْدُ الْخَالِقِ قَيْرَوَانِيٌّ تُوُفِّيَ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ، وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ حَاصِلُهُ أَنَّنَا نَرَاهُمْ يَقُولُونَ ابْنُ شَبْلُونٍ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ هُوَ ابْنُ شَبْلُونٍ مَنْ هُوَ ابْنُ شَعْبَانَ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ هَذَيْنِ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَابْنُ شَعْبَانَ إلَخْ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ كَانَ أَرْأَسَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِمِصْرَ فِي وَقْتِهِ وَأَحْفَظَهُمْ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ مَعَ التَّفَنُّنِ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ مِنْ الْخَبَرِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَدَبِ إلَى التَّدَيُّنِ وَالْوَرَعِ وَكَانَ يُلْحِنُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَصِيرَةٌ بِالْعَرَبِيَّةِ مَعَ غَزَارَةِ عِلْمِهِ وَكَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَةِ كَثِيرَ الْحَدِيثِ مَلِيحَ التَّأْلِيفِ شَيْخَ الْفَتْوَى حَافِظَ الْبَلَدِ وَإِلَيْهِ انْتَهَتْ رِيَاسَةُ الْمَالِكِيِّينَ بِمِصْرَ وَوَافَقَ مَوْتُهُ دُخُولَ بَنِي عُبَيْدٍ الرَّوَافِضِ وَكَانَ شَدِيدَ الذَّمِّ لَهُمْ وَكَانَ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَوْتِ قَبْلَ دَوْلَتِهِمْ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَمِتْنِي قَبْلَ دُخُولِهِمْ مِصْرَ فَكَانَ ذَلِكَ وَأَلَّفَ كِتَابَ الزَّاهِي الشَّعْبَانِيِّ الْمَشْهُورِ فِي الْفِقْهِ وَكِتَابًا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَكِتَابَ: مُخْتَصَرُ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ لِأَرْبَعَ عَشَرَةَ بَقِيَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَقَدْ جَاوَزَ سِنُّهُ ثَمَانِينَ سَنَةً. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ابْنُ الْقُرْطِيِّ) كَانَ يُعْرَفُ بِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِصْرِيٌّ لَا مَغْرِبِيٌّ وَيَنْبَغِي إتْمَامُ الْفَائِدَةِ بِذِكْرِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فَنَقُولُ وَالْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ فَقَرَنَ أَشْهَبَ مَعَ ابْنِ نَافِعٍ لِعَدَمِ بَصَرِهِ وَالْأَخَوَانِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونَ وَسِيَّمَا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَمُلَازَمَتِهِمَا وَالْقَاضِيَانِ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْمُحَمَّدَانِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ سَحْنُونَ وَإِذَا قِيلَ مُحَمَّدٌ فَهُوَ ابْنُ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ) لَمْ يَقُلْ النَّفْعَ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ (ش) هَذَا دُعَاءٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَابْتِهَالٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَنْفَعَ بِمُخْتَصَرِهِ هَذَا مَنْ كَتَبَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ قَرَأَهُ بِدَرْسٍ أَوْ مُقَابَلَةٍ أَوْ مُطَالَعَةٍ أَوْ حَصَّلَهُ بِمِلْكٍ أَوْ بِحِفْظٍ أَوْ فَهْمٍ أَوْ بِهِمَا أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ يُحْتَمَلُ ضَمِيرٌ مِنْهُ أَنْ يَعُودَ عَلَى جُمْلَةِ الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِمَا قَبْلَ هَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كُلِّهِ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ فِي جُمْلَتِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذَا أَبْلَغُ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَسَلَكَ سُنَنَ الْأَئِمَّةِ فِي الدُّعَاءِ بِالِانْتِفَاعِ بِتَآلِيفِهِمْ لِتَحْصُلَ الثَّمَرَةُ عَاجِلًا بِالِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَآجِلًا بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَالظَّنُّ بِجَمِيلِ صُنْعِ اللَّهِ قَبُولُ دَعْوَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ نَشَرَ ذِكْرَهُ فِي الْآفَاقِ وَجَبَلَ قُلُوبَ كَثِيرٍ مِنْ الْخَلْقِ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ وَهِيَ مِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ وَتَعْجِيلِ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ وَإِلَّا فَكَمْ مِنْ تَأْلِيفٍ حَسَنٍ طُوِيَ ذِكْرُهُ وَلَمْ يُشْتَغَلْ بِهِ وَالرَّجَاءُ مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يُتِمَّ الْإِنْعَامَ بِالْإِحْسَانِ الْأُخْرَوِيِّ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَقَدَّمَ لَفْظَ الْجَلَالَةِ مَنْصُوبًا بِأَسْأَلُ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ أَيْ لَا أَسْأَلُ ذَلِكَ الْأَمْرَ إلَّا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَرَقَّبْ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ مَخْلُوقٍ وَلَا قَصَدَ بِتَأْلِيفِهِ التَّوَسُّلَ إلَى الْقُرْبِ مِنْهُ كَعَادَةِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَنَّفِينَ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ بَلَّغَهُ مُرَادَهُ بِحُسْنِ نِيَّتِهِ وَالسُّؤَالُ لُغَةً الطَّلَبُ وَاصْطِلَاحًا طَلَبُ الْأَدْنَى مِنْ الْأَعْلَى. (ص) وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا   [حاشية العدوي] السُّؤَالَ مُحَادَثَةٌ مَعَ الْمَوْلَى وَالْمُحَادَثَةُ مَعَ الْمَوْلَى الْكَرِيمِ يَنْبَغِي فِيهَا التَّطْوِيلُ وَالنَّفْعُ إيصَالُ الْخَيْرِ أَوْ دَفْعُ الضَّرَرِ وَقَوْلُهُ مِنْ كُتُبِهِ إلَخْ أَوْقَعَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الْمَاضِيَةَ مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ تَحْقِيقًا لَهُ وَتَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ عَلَى تَقْدِيرِ وَضْعِ الْخُطْبَةِ قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَ الْخُطْبَةَ أَوَّلًا وَاسْتَحْضَرَهُ فِي ذِهْنِهِ (قَوْلُهُ وَابْتِهَالٌ إلَى اللَّهِ) أَيْ وَتَضَرُّعٌ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ كَتَبَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ حَصَّلَهُ بِمِلْكٍ) صَادِقٍ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَأَرَادَ بِالْمِلْكِ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِحِفْظٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَرَأَهُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تَصْدُقُ بِهِ وَبِمُجَرَّدِ قِرَاءَةٍ بِدُونِ حِفْظٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحِفْظِ حِفْظًا حَصَلَ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ أَوْ فَهْمٍ) أَيْ لِمَعَانِيهِ. (قَوْلُهُ أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ احْتِرَازٌ عَنْ كِتَابَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَهَذَا أَبْلَغُ) أَيْ أَحْسَنُ، ثُمَّ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ قَبْلُ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِوَاحِدٍ إلَخْ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ قَابِلٌ؛ لَأَنْ يُخَصَّ بِمَا عَدَا ذَلِكَ الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ جَرَيَانِ الضَّمَائِرِ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ سَنَنَ الْأَئِمَّةِ) أَيْ طَرِيقَ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ بِالِانْتِفَاعِ إلَخْ) أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى (قَوْلُهُ بِالِانْتِفَاعِ) أَيْ الثَّمَرَةِ الْمُصَوَّرَةِ بِالِانْتِفَاعِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ بِالثَّوَابِ (قَوْلُهُ وَالظَّنُّ) مُبْتَدَأٌ بِمَعْنَى الْمَظْنُونِ وَقَوْلُهُ قَبُولُ دَعْوَتِهِ خَبَرٌ وَالْبَاءُ فِي بِجَمِيلٍ بِمَعْنَى مِنْ وَإِضَافَةُ جَمِيلٍ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَالتَّقْدِيرُ وَالْمَظْنُونُ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ الْجَمِيلِ قَبُولُ دَعْوَتِهِ أَيْ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ إلَخْ أَشَارَ إلَى قَبُولِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِالْمُشَاهَدَةِ، فَإِنْ قُلْت لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالظَّنِّ قُلْت يُمْكِنُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالظَّنِّ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ (قَوْلُهُ الْآفَاقِ) جَمْعُ أُفُقٍ بِضَمَّتَيْنِ بِمَعْنَى النَّاحِيَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَمِنْ السَّمَاءِ (قَوْلُهُ وَجَبَلَ) أَيْ فَطَرَ أَيْ خَلَقَ (قَوْلُهُ وَتَعْجِيلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَمْ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ فَالْأَمْرُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا غَيْرَهُ انْطَوَى، وَهُوَ لَمْ يَنْطَوِ، فَإِنْ لَمْ نَقُلْ مِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ لَحَصَلَتْ الْحِيرَةُ فِي كَوْنِ كِتَابِهِ لَمْ يَنْطَوِ وَكِتَابُ غَيْرِهِ انْطَوَى. (قَوْلُهُ وَالرَّجَاءُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى النِّعْمَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ أَيْ وَالْمَرْجُوُّ، فَإِنْ قُلْت مَنْ الثَّمَرَتَانِ لَهُ قُلْت لِلْمُشْتَغِلِ بِهِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا هُوَ ثَمَرَةٌ لَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَأْلِيفِهِ الثَّمَرَتَانِ لِغَيْرِهِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى الْخَيْرِ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ» (قَوْلُهُ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ) أَيْ مَوْلَى ذَلِكَ أَيْ مُعْطِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ مَنْصُوبًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ أَسْأَلُ لِيُفِيدَ التَّجَدُّدَ فِي السُّؤَالِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ خَبَرُهَا اسْمًا أَمَّا لَوْ كَانَ فِعْلًا فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّجَدُّدِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ (فَإِنْ قُلْت) يَلْزَمُ عَلَى الرَّفْعِ حَذْفُ الْعَائِدِ بِخِلَافِ النَّصْبِ (قُلْت) حَذْفُ الْعَائِدِ جَائِزٌ (فَإِنْ قُلْت) فَيَفُوتُ الِاخْتِصَاصُ (قُلْت) صُدُورُ السُّؤَالِ مِنْ الْمُوَحِّدِ قَاضٍ بِهِ كَذَا قِيلَ (أَقُولُ) الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ مُفِيدٌ لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ خَبَرًا مَعَ إفَادَةِ الْحَصْرِ صَرِيحًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا قَصْدَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى يَتَرَقَّبُ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ؛ لِأَنَّ التَّوَسُّلَ لِلْقُرْبِ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَلَا زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ أَيْ لَمْ يَتَرَقَّبْ وَلَمْ يَقْصِدْ (قَوْلُهُ كَعَادَةِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ) كَالسَّعْدِ لَمَّا وَضَعَ الْمُطَوَّلَ وَمُخْتَصَرَهُ عَلَى تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ فَإِنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَ مِنْ الْمَلِكِ لِيَشْتَهِرَ بِذَلِكَ عِلْمُهُ لِيُؤْخَذَ عَنْهُ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ هَكَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَقَاصِدُ الْعُظَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا الْقُرْبُ الْمُتَوَسَّلُ إلَيْهِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يَتْرُكُ الْمُؤَلِّفُ الْمَنْدُوبَ، وَهُوَ أَوْلَى بِفِعْلِهِ. (قُلْت) لَعَلَّ وَجْهَ النَّدْبِ إذَا لَمْ يُوجَدْ بَاعِثٌ رُوحَانِيٌّ يُحْمَلُ عَلَى تَرْكِهِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَيَعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَقَوْلُهُمْ لَا جَرَمَ قَالَ الْفَرَّاءُ هِيَ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى لَا بُدَّ وَلَا مُحَالَةَ، ثُمَّ كَثُرَتْ فَحُوِّلَتْ إلَى مَعْنَى الْقَسَمِ وَصَارَتْ بِمَعْنَى حَقًّا وَلِهَذَا تُجَابُ بِاللَّامِ نَحْوَ لَا جَرَمَ لَأَفْعَلَنَّ اهـ. وَمُرَادُهُ الثَّمَرَتَانِ إمَّا الدُّنْيَوِيَّةُ فَظَاهِرَةٌ وَإِمَّا الْأُخْرَوِيَّةُ فَلِأَنَّ حُصُولَ الدُّنْيَوِيَّةِ عِنْوَانٌ عَلَى حُصُولِ الْأُخْرَوِيَّةِ خُصُوصًا وَالْمَرْجُوُّ كَرِيمٌ غَايَةَ الْكَرَمِ (قَوْلُهُ بِحُسْنِ نِيَّتِهِ) أَيْ بِسَبَبِ حُسْنِ نِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَاَللَّهُ) بِالرَّفْعِ وَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 مِنْ الزَّلَلِ وَيُوَفِّقُنَا فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ (ش) هَذَا دُعَاءٌ آخَرُ بِأَنْ يَمْنَعَهُ اللَّهُ وَيَحْفَظَهُ مِنْ الْعُدُولِ عَنْ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ شَبِيهٌ بِالزَّلِقِ فِي طِينٍ أَوْ وَحْلٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمُخَالَفَةِ وَلِذَا أَرْدَفَهُ بِطَلَبِ التَّوْفِيقِ إلَى الِاسْتِقَامَةِ فِي أَقْوَالِهِ اللِّسَانِيَّةِ وَأَفْعَالِهِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْجَوَارِحِيَّةِ غَيْرِ اللِّسَانِ وَالْعِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَخْلُفَ اللَّهُ فِي الْعَبْدِ ذَنْبًا وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ مَلَكَةٌ تَمْنَعُ الْفُجُورَ وَيَصِحُّ تَفْسِيرُهَا عَلَى طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ بِالْمَلَكَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ إرَادَةِ أَنَّهَا مَلَكَةٌ أَيْ كَيْفِيَّةٌ يَخْلُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى تَمْنَعُ الْفُجُورَ بِطَرِيقٍ جَرْيِ الْعَادَةِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ عَادَةً وُقُوعُ الْفُجُورِ مَعَهَا وَأَصْلُ زَلَلْت زَلَّ يَزِلُّ، وَهُوَ الزَّلِقُ فِي الطِّينِ أَوْ الْمَنْطِقُ أُرِيدَ بِهِ لَازِمُهُ مِنْ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ مَنْ زَلَّ فَقَدْ نَقَصَ فِي الْعَرَضِ أَوْ الْمَالِ أَوْ الدَّيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَسْأَلُ فَهِيَ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ خَبَرِيَّةً لَفْظًا إنْشَائِيَّةً مَعْنًى وَلِذَا تَكُونُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْجُمْلَةِ الْإِنْشَائِيَّةِ الدِّعَائِيَّةِ وَلَوْ تَجَرَّدَتْ لِلْخَبَرِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ الْعَطْفُ بِاتِّفَاقٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعَانِي وَبِاخْتِلَافٍ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ (فَإِنْ قُلْت) لَوْ نُصِبَ اللَّهُ بِأَسْأَلُ هَلْ يَصِحُّ عَطْفُ وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قُلْت) يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْعَاطِفُ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْوَاوُ وَسِيبَوَيْهِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ) قَابَلَ الْمُؤَلِّفُ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ لِلْعُرْفِ الشَّائِعِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ» ، وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (قَوْلُهُ وَيَحْفَظُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى يَمْنَعُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِصْمَةِ الْحِفْظُ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ شَبِيهٌ) صِفَةٌ لِلْعُدُولِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مُصَرِّحَةٌ وَتَقْرِيرُهَا أَنْ تَقُولَ شَبَّهَ الْعُدُولَ عَنْ الْحَقِّ بِالزَّلْقِ فِي الطِّينِ وَالْوَحْلِ وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ فَهُوَ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فَهُوَ عِبَارَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ وَحْلٍ) الْوَحْلُ بِالسُّكُونِ اسْمٌ وَجَمْعُهُ وُحُولٌ مِثْلَ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَيَجُوزُ فَتْحُهُ لِيُجْمَعَ عَلَى أَوْحَالٍ مِثْلَ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ فَهُوَ إذَنْ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ يُرَادَ بِالطِّينِ الثَّخِينُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ. (قَوْلُهُ وَلِذَا أَرْدَفَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ دُعَاءً بِالْحِفْظِ يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّخْلِيَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّخْلِيَةُ يُطْلَبُ بَعْدَهَا التَّحْلِيَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَرْدَفَهُ بِطَلَبِ التَّوْفِيقِ إلَخْ الَّذِي هُوَ مِنْ بَابِ التَّحْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ خَلْقُ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَأَمَّلْت لَوَجَدْتهَا تَحْلِيَةً مُتَضَمِّنَةً لِتَخْلِيَةٍ وَكَذَلِكَ تَجِدُ التَّوْفِيقَ تَحْلِيَةً مُتَضَمِّنَةً لِتَخْلِيَةٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُتَلَازِمَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَفْعَالِهِ الْقَلْبِيَّةِ إلَخْ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَالْعَمَلِ (قَوْلُهُ والجوارحية) مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَلْبِيَّةِ (قَوْلُهُ غَيْرِ اللِّسَانِ) إنَّمَا أَخْرَجَ اللِّسَانَ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَمَلَ يُطْلَقُ عَلَى فِعْلِ اللِّسَانِ كَمَا بَيَّنَّا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَخْلُقَ اللَّهُ) أَيْ فَهِيَ عَدَمُ تَعَلُّقِ قُدْرَةِ اللَّهِ بِوُجُودِ ذَنْبٍ فِي الْعَبْدِ فَظَهَرَ أَنَّ الْعِصْمَةَ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ لَا وُجُودِيٌّ وَقَوْلُهُ ذَنْبًا أَيْ أَيَّ ذَنْبٍ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ نُقِضَ بِكَثِيرٍ مِنْ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ بَلَغُوا وَمَاتُوا قَرِيبَ بُلُوغِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْصُوا أَيْ مِنْ غَيْرِ إمْكَانِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ صَدَقَ مَعْنَى الْعِصْمَةِ فِي حَقِّهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَعْصُومِينَ وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ وَمَنْ مَنَعَهُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ مَانِعٌ فَالْأَوْلَى مَا فَسَّرَهَا بِهِ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ عَدَمُ خَلْقِ اللَّهِ الذَّنْبَ فِي الْعَبْدِ مَعَ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ نَفْيَ الذَّنْبِ فَرْعٌ عَنْ إمْكَانِهِ فَهُوَ مُحْرِزٌ لِقَيْدِ الْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ) مُقَابِلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهُمْ قَوْمٌ كُفَّارٌ (قَوْلُهُ مَلَكَةٌ) أَيْ كَيْفِيَّةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ (قَوْلُهُ تَمْنَعُ الْفُجُورَ) أَيْ الْمَعَاصِيَ عَقْلًا أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ جَرْيِ الْعَادَةِ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحُكَمَاءِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ عُصَاةٌ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ الْعَقْلِيِّ يَقْتَضِي الْكُفْرَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ مُوَافِقُونَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ، ثُمَّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ أَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَقُولَ تُمْنَعُ عَقْلًا وَالْمُؤَثِّرُ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَارًا بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَوْلَى تَعَالَى إنْ شَاءَ أَبْقَى الْمَلَكَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا تَقَعُ الْمَعْصِيَةُ قَطْعًا، وَإِنْ شَاءَ أَزَالَهَا فَتَقَعُ الْمَعْصِيَةُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي بَقَاءِ الْمَلَكَةِ وَالطَّاعَةِ أَوْ إزَالَتِهَا كَمَا قِيلَ فِي الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ إنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ عَقْلًا وَلَا يَمْنَعُ اخْتِيَارَ الْمَوْلَى تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ إنْ شَاءَ أَوْجَدَهُمَا مَعًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْدَمَهُمَا مَعًا وَكَمَا قَالُوا فِي التَّلَازُمِ بَيْنَ النَّتِيجَةِ وَالْقِيَاسِ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِالتَّلَازُمِ الْعَقْلِيِّ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَأَصْلُ زَلَلْت إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا أَسْنَدَ إلَى الضَّمِيرِ يُفَكُّ مِنْ الْإِدْغَامِ أَيْ وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِسْنَادِ إلَى الضَّمِيرِ زَلَّ بِدُونِ إدْغَامٍ (قَوْلُهُ يَزِلُّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الزَّلْقُ فِي الطِّينِ أَوْ الْمَنْطِقِ) أَيْ النُّطْقِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَمَجَازٌ فِي الزَّلْقِ فِي الْفِعْلِ غَيْرِ النُّطْقِيِّ فَإِذَنْ يَكُونُ مُنَافِيًا لِصَدْرِ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي النُّطْقِ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ زَلَّ فِي مَنْطِقِهِ أَوْ فِعْلِهِ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْفِعْلَ أَعَمُّ فَهِيَ عِبَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ مُتَنَافِيَةٌ إنْ كَانَ كَلَامُ الْمِصْبَاحِ مُفَسِّرًا لِلْحَقِيقَةِ وَوَقَفْت عَلَى نُسْخَةٍ فِي الْأَسَاسِ وَقَعَ فِي ظَنِّي أَنَّ فِيهَا سَقْطًا وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ مُؤَيِّدَةً لِلتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الزَّلْقِ فِي الطِّينِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ أُرِيدَ بِهِ لَازِمُهُ) أَيْ فَهُوَ كِنَايَةٌ لِجَوَازِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ. (قَوْلُهُ فِي الْعَرَضِ) مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنْ الْإِنْسَانِ وَأَوْ فِي ذَلِكَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَالِ) كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَهَابُ مَالِهِ بَلْ يَتَرَتَّبُ ذَهَابُ نَفْسِهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ النَّقْصَ فِي الْعَرْضِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الزَّلْقِ فِي الْمَنْطِقِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَكَذَا الزَّلْقُ فِي الطِّينِ إذَا تَعَاطَى أَسْبَابَهُ وَالنَّقْصُ فِي الْمَالِ تَرَتُّبُهُ عَلَى الزَّلْقِ فِي الْمَنْطِقِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الطِّينِ مِنْ حَيْثُ تَلَوُّثُ ثِيَابِهِ الَّتِي يُنْقِصُ قِيمَتَهَا الْغَسْلُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ يَكُونُ مَعَهُ شَيْءٌ يَسْقُطُ فِي الطِّينِ فَيَتْلَفُ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَتَرَتُّبُهُ عَلَى الزَّلْقِ فِي الْمَنْطِقِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الطِّينِ إذَا تَعَاطَى أَسْبَابَهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَوَاتُ طَاعَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أَوْ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ حِينَئِذٍ عِصْمَةٌ مُطْلَقَةٌ سَأَلَهَا الْمُؤَلِّفُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ لِذَلِكَ وَالتَّوْفِيقُ جَعْلُ الْأَسْبَابِ مُتَوَافِقَةٌ أَوْ اسْتِعْدَادُ الْإِقْدَامِ عَلَى الشَّيْءِ وَقِيلَ جَعَلَ اللَّهُ فِعْلَ الْعَبْدِ مُوَافِقًا لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَقِيلَ هُوَ الْأَمْرُ الْمُقَرِّبُ إلَى السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ وَالنِّعَمِ السَّرْمَدِيَّةِ وَالْهِدَايَةُ هِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى طَرِيقٍ يُوَصِّلُ إلَى الْمَطْلُوبِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْوُصُولُ وَالِاهْتِدَاءُ أَمْ لَمْ يَحْصُلْ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إلَى الْمَطْلُوبِ وَضِدُّ التَّوْفِيقِ الْخِذْلَانُ، وَهُوَ خَلْقُ قُدْرَةِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْمُخْتَصُّ بِالْمُتَعَلِّمِ مِنْ التَّوْفِيقِ أَرْبَعَةٌ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ وَذَكَاءُ الْقَرِيحَةِ وَمُعَلِّمٌ ذُو نَصِيحَةٍ وَاسْتِوَاءُ الطَّبِيعَةِ أَيْ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَيْلِ لِغَيْرِ مَا يُلْقَى إلَيْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا جَمَعَ الْعَالِمُ ثَلَاثًا تَمَّتْ النِّعْمَةُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ الصَّبْرَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ) أَيْ مَنْ زَلَّ فِي مَنْطِقِهِ فَقَدْ نَقَصَ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَعِلْمِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّكَلُّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي يُوجِبُ كَسَلًا عَنْ الطَّاعَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ النَّقْصِ فِي الدِّينِ النَّقْصُ فِي الْعَرَضِ وَكَذَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ النَّقْصُ فِي الدِّينِ وَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ فِي بَقِيَّةِ أَطْرَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ يُنَبِّهُ عَلَى الْبَاقِي (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ الْعِصْمَةُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ يَعْصِمُنَا (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ قُلْنَا أُرِيدَ بِهِ لَازِمُهُ مِنْ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ مَنْ زَلَّ فَقَدْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ سُؤَالِ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِسُؤَالِ الْعِصْمَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْ لَمْ تُقَيَّدْ بِذَنْبٍ مَخْصُوصٍ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ يُقَلِّدُونَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِ سُؤَالِهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهَا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَاجِبَةٌ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ جَائِزَةٌ وَسُؤَالُ الْجَائِزِ جَائِزٌ وَأَنَّ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وُقُوعُهَا لَهُمْ لَا طَلَبُهَا إلَّا أَنَّ الْأَدَبَ سُؤَالُ الْحِفْظِ وَالْحِفْظُ فِي حَقِّنَا الْعِصْمَةُ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّوَقِّيَ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ سُؤَالُ مَقَامِ النُّبُوَّةِ أَوْ التَّحَفُّظُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالتَّحَصُّنُ مِنْ أَفْعَالِ السُّوءِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ حَالَ الْإِطْلَاقِ قَالَ بَعْضٌ وَالْمُتَّجَهُ الْجَوَازُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ لِلْمَحْذُورِ وَاحْتِمَالِهِ الْوَجْهَ الْجَائِزَ أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ (قَوْلُهُ مُتَوَافِقَةً) أَيْ جَعْلُ أَسْبَابِ الشَّيْءِ مُجْتَمِعَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَحْصِيلُ أَسْبَابِ الشَّيْءِ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَلَوْ دُنْيَوِيًّا (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِعْدَادَ إلَخْ) يَرْجِعُ لِلْمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ أَسْبَابِ الشَّيْءِ اسْتِعْدَادٌ لِلْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ لُغَوِيَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ فِي اللُّغَةِ التَّأْلِيفُ سَائِقًا لَهُ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِمَا يُؤْذِنُ أَنَّهُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ شَرْعِيٌّ (قَوْلُهُ جَعَلَ اللَّهُ فِعْلَ الْعَبْدِ مُوَافِقًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ لِمَنْ يُفَسِّرُهُ بِأَنَّهُ خَلْقُ الطَّاعَةِ بَلْ وَيَرْجِعُ لِمَنْ فَسَّرَهُ بِخَلْقِ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاعَةِ (فَإِنْ قُلْت) الْقُدْرَةُ عَلَى الطَّاعَةِ تَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ مُكَلَّفٍ فَلَا يَصِحُّ الثَّانِي (قُلْت) يُرَادُ بِالْقُدْرَةِ الْعَرْضُ الْمُقَارِنُ لِلْفِعْلِ وَبَعْدُ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مَا بِهِ الْوِفَاقُ، وَهُوَ يَكُونُ بِخَلْقِ الطَّاعَةِ، وَإِنْ صَاحَبَهَا خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَيَرْضَاهُ) عَطْفٌ عَلَى يُحِبُّهُ أَمَّا مَذْهَبُ السَّلَفِ فَمَعْنَى الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا مُفَوَّضٌ إلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْخَلَفِ فَيَرْجِعَانِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الْإِنْعَامُ أَوْ إرَادَةُ الْإِنْعَامِ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَمْرُ الْمُقَرِّبُ) ، وَهُوَ التَّوْفِيقُ الْمَذْكُورُ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ وَالتَّقْدِيرُ هُوَ خَلْقُ الْأَمْرِ الْمُقَرِّبِ وَيُرَادُ بِهِ الطَّاعَاتُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ صِفَةُ الْمَوْلَى تَعَالَى وَالْأَمْرُ الْمُقَرِّبُ عَلَى هَذَا صِفَةُ الْعَبْدِ وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ) أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْأَبَدِ، وَهُوَ الدَّهْرُ الطَّوِيلُ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْدُودٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ فَالْمَعْنَى السَّعَادَةُ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَهِيَ الْحُلُولُ فِي الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ وَالنِّعَمِ السَّرْمَدِيَّةِ) أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلسَّرْمَدِ، وَهُوَ الدَّوَامُ أَيْ النِّعَمِ الدَّائِمَةِ الَّتِي لَا تَنْقَضِي أَيْ النِّعَمِ الَّتِي يُتَنَعَّمُ بِهَا فِي الْجِنَانِ وَعَلَى هَذَا فَالنِّعَمُ غَيْرُ السَّعَادَةِ إلَّا أَنَّهَا أَمْرٌ لَازِمٌ لَهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْحُلُولُ فِي الْجَنَّةِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ النِّعَمِ الْأُخْرَوِيَّةِ جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ بِدُونِ سَابِقَةِ عَذَابٍ وَلَا مِحْنَةٍ وَلَا عِتَابٍ فَإِنَّهُ جَوَّادٌ كَرِيمٌ وَرَبٌّ رَحِيمٌ. (قَوْلُهُ حَصَلَ الْوُصُولُ) أَيْ الْوُصُولُ لِلْمَطْلُوبِ وَقَوْلُهُ وَالِاهْتِدَاءُ أَيْ كَوْنُهُ مَهْدِيًّا الَّذِي هُوَ الْمَطْلُوبُ فَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْوُصُولَ لِلشَّيْءِ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَإِنْ تَلَازَمَا (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ) أَيْ فَهِيَ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ أَخَصُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ مَنْقُوضٌ الْأَوَّلُ مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي» مَعَ أَنَّهُ بَيَّنَ الطَّرِيقَ وَدَعَاهُمْ إلَى الِاهْتِدَاءِ وَالثَّانِي مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: 17] فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُهَا فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَلْقُ قُدْرَةِ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ أَوْ خَلْقُ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَأْتِ بِأَقْوَالٍ فِي الْخِذْلَانِ عَلَى طِبْقِ مَا ذَكَرَ فِي التَّوْفِيقِ مَعَ أَنَّهُ ضِدُّهُ فَمَا جَرَى فِي التَّوْفِيقِ مِنْ الْأَقْوَالِ يَأْتِي هُنَا لَكِنْ عَلَى الضِّدِّ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى ذَلِكَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي التَّوْفِيقِ لُغَوِيَّانِ خِلَافُ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُمَا شَرْعِيَّانِ (قَوْلُهُ مِنْ التَّوْفِيقِ) أَيْ مِنْ آثَارِ التَّوْفِيقِ (قَوْلُهُ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ) أَيْ الِاهْتِمَامِ (قَوْلُهُ الْقَرِيحَةِ) أَيْ إنَّ الْقَرِيحَةَ أَوَّلُ مَا يُسْتَنْبَطُ مِنْ الْبِئْرِ، ثُمَّ نُقِلَتْ لِأَوَّلِ مُسْتَنْبَطٍ مِنْ الْعِلْمِ، ثُمَّ نُقِلَتْ لِلْعَقْلِ مَجَازًا مُرْسَلًا مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ وَمُعَلِّمٌ ذُو نَصِيحَةٍ بِأَنْ يُتْقِنَ مَا قَرَأَهُ مِنْ الْعُلُومِ وَيُبَلِّغَ الْمَقْصُودَ عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَيْلِ) أَيْ خُلُوِّ الطَّبِيعَةِ مِنْ أَنْ تَمِيلَ إلَى غَيْرِ مَا يُلْقَى إلَيْهَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطَّبِيعَةَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مِزَاجُ الْإِنْسَانِ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْأَخْلَاطِ اهـ. فَإِذَنْ يَكُونُ إسْنَادُ الْمَيْلِ إلَيْهَا مَجَازٌ عَقْلِيٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لِلنَّفْسِ فَالْإِسْنَادُ إلَيْهَا حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ الصَّبْرَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْإِلْقَاءِ وَعَلَى أَسْئِلَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَالتَّوَاضُعَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ وَإِذَا جَمَعَ الْمُتَعَلِّمُ ثَلَاثًا تَمَّتْ النِّعْمَةُ عَلَى الْعَالِمِ الْعَقْلَ وَالْأَدَبَ وَحُسْنَ الْفَهْمِ فَمَنْ أَرَادَ الرِّفْعَةَ فَلْيَتَوَاضَعْ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْعِزَّةَ لَا تَقَعُ إلَّا بِقَدْرِ النُّزُولِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا نَزَلَ إلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ صَعِدَ إلَى أَعْلَاهَا فَكَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ مَا صَعِدَ بِكَ هَاهُنَا أَعْنِي فِي رَأْسِ الشَّجَرَةِ وَأَنْتَ قَدْ نَزَلْت فِي أَصْلِهَا فَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِهِ يَقُولُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ. (ص) ، ثُمَّ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْكِتَابِ (ش) لِمَا أَعْلَمُ بِمَا سَأَلَ مِنْ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِمَا يُرِيدُهُ مِنْ الْخَلْقِ، وَهُوَ أَنَّهُ اعْتَذَرَ إلَى ذَوِي الْأَلْبَابِ أَيْ أَصْحَابِ الْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ مِنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَمَعْنَى أَعْتَذِرُ أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُمْ أَنْ يَعْذِرُونِي أَيْ يَقْبَلُوا اعْتِذَارِي إلَيْهِمْ فَيَجُوزُ فِي   [حاشية العدوي] الطَّلَبَةِ وَأَحْوَالِهِمْ الَّتِي تَقْتَضِي التَّغْيِيرَ وَقَوْلُهُ وَالتَّوَاضُعَ أَيْ لِلْعِبَادِ أَوْ الطَّلَبَةِ؛ لِأَنَّ بِالتَّوَاضُعِ يُقْبَلُ عَلَيْهِ لِلتَّعْلِيمِ وَالْأَخْذِ عَنْهُ وَبِالْكِبْرِ تَنْفِرُ النَّاسُ مِنْهُ وَمِنْ عِلْمِهِ (فَائِدَةٌ) قِيلَ التَّوَاضُعُ الِانْكِسَارُ وَالتَّذَلُّلُ وَقِيلَ هُوَ خَفْضُ الْجَنَاحِ لِلْخَلْقِ وَلِينِ الْجَانِبِ لَهُمْ وَقَالَ الْفُضَيْلُ يَخْضَعُ لِلْحَقِّ وَيَنْقَادُ لَهُ وَيَقْبَلُهُ مِمَّنْ قَالَهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا شَرِيفًا أَوْ وَضِيعًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ وَحُسْنَ الْخُلُقِ) فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ مَا شَيْءٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ عَالِمٍ مَعَهُ حِلْمٌ إنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ بِحِلْمٍ يَقُولُ الشَّيْطَانُ إنَّ سُكُوتَهُ عَلَيَّ أَشَدُّ مِنْ كَلَامِهِ اهـ. وَمِنْ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْعَالِمِ أَنْ يَكُونَ قَلِيلَ الْكَلَامِ جِدًّا إلَّا فِيمَا يُعْنِي وَمِنْ حِكَمِ إمَامِنَا نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ مَنْ صَدَقَ فِي حَدِيثِهِ مُتِّعَ بِعَقْلِهِ وَلَمْ يُصِبْهُ مَا يُصِيبُ النَّاسَ مِنْ الْهَرَمِ وَالْخَرَفِ وَقَالَ لَا يَصْلُحُ الرَّجُلُ حَتَّى يَتْرُكَ مَا لَا يَعْنِيهِ وَيَشْتَغِلُ بِمَا يَعْنِيهِ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ قَلْبُهُ وَقَالَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ تَمُجُّ الْعَالِمَ وَتُذِلُّهُ وَتُنْقِصُهُ وَمَنْ عَمِلَ هَذَا ذَهَبَ بَهَاؤُهُ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إلَّا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَكَانَ يَقُولُ نِعْمَ الرَّجُلُ فُلَانٌ لَوْلَا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ شَهْرٍ فِي يَوْمٍ وَقَالَ طَلَبُ الرِّزْقِ فِي شُبْهَةٍ خَيْرٌ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى النَّاسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَوَاضُعَ الْعَالِمِ لِلَّهِ وَصَبْرَهُ وَحُسْنَ خُلُقِهِ يُحَصِّلُ نَفْعَ الطَّالِبِ بَلْ حُسْنُ الْخُلُقِ مُسْتَلْزِمٌ لِلصَّبْرِ بَلْ وَلِلتَّوَاضُعِ فَهُوَ مَعْنًى جَامِعٌ. (قَوْلُهُ الْعَقْلَ) أَيْ كَمَالَ الْعَقْلِ وَمِنْ لَوَازِمِهِ الْأَدَبُ فَعَطَفَ الْأَدَبَ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ (قَوْلُهُ وَالْأَدَبَ) أَيْ التَّخَلُّقَ بِالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ مِنْ امْتِثَالِهِ أَمْرَ شَيْخِهِ وَرُؤْيَتِهِ إيَّاهُ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ وَعَدَمِ اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَمِنْ اعْتِقَادِهِ صَلَاحَ شَيْخِهِ وَإِذَا رَأَى مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الشَّرْعِ أَوَّلَهُ بِتَأْوِيلٍ حَسَنٍ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ الثِّقَاتِ قِيرَاطٌ مِنْ الْأَدَبِ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا مِنْ الْعِلْمِ وَاجْعَلْ أَدَبَك دَقِيقًا وَعِلْمَك مِلْحًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَقْلِ الْعَقْلُ الْكَامِلُ فَإِذَنْ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْأَدَبِ التَّلَازُمُ (قَوْلُهُ وَحُسْنَ الْفَهْمِ) أَيْ وَالْفَهْمِ الْحَسَنِ الْحَاصِلِ بِسُهُولَةِ الْوَاقِفِ عَلَى الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ فَمَنْ أَرَادَ الرِّفْعَةَ) أَيْ دُنْيَا وَأُخْرَى انْتِقَالٌ قَصَدَ بِهِ إرْشَادَ النَّاسِ عُمُومًا وَلِأَهْلِ الْعِلْمِ خُصُوصًا (قَوْلُهُ فَلْيَتَوَاضَعْ لِلَّهِ تَعَالَى) فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمُونَ مِنْهُ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ فَحُذِفَتْ إحْدَى التَّاءَيْنِ لِلتَّخْفِيفِ فَإِنَّ الْعِلْمَ لَا يُنَالُ إلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَإِلْقَاءِ السَّمْعِ وَتَوَاضُعُ الطَّالِبِ لِشَيْخِهِ رِفْعَةٌ وَذُلُّهُ لَهُ عِزٌّ وَخُضُوعُهُ لَهُ فَخْرٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّوَاضُعَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْوَالِدِ وَالشَّيْخِ وَالسُّلْطَانِ وَاجِبٌ وَلِلْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ مُسْلِمِينَ مَنْدُوبٌ وَلِأَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ حَيْثُ دُنْيَاهُمْ حَرَامٌ كَمَا أَفَادَهُ الْعُلَمَاءُ. فَإِذَنْ قَوْلُهُ لِلَّهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُتَوَاضِعًا لِلَّهِ التَّوَاضُعُ لِهَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ رَبَّنَا أَمَرَ بِالتَّوَاضُعِ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَتَوَاضَعْ لَهُمْ فَلَا يَكُونُ مُتَوَاضِعًا لِلَّهِ فَتَدَبَّرْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِلَّهِ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ فَلْيَتَوَاضَعْ لِلْعِبَادِ وَلِلَّهِ لِأَجْلِ اللَّهِ (قَوْلُهُ صَعِدَ) فِي الْمِصْبَاحِ صَعِدَ فِي السُّلَّمِ وَالدَّرَجَةِ يَصْعَدُ مِنْ بَابِ تَعِبَ صُعُودًا اهـ. (قَوْلُهُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ إلَخْ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ 1 - (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعْتَذِرُ) إنَّمَا عَطَفَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِثُمَّ؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعَاظَمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَهَرَبَ مِنْ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ لِمَا تُوهِمُهُ مِنْ التَّشْرِيكِ امْتِثَالًا لِمَا فِي الصَّحِيحِ «لَا يَقُلْ أَحَدٌ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَا شَاءَ فُلَانٌ» لِمَا تُعْطِيهِ مِنْ تَرَاخِي الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ وَعَطَفَ الَّتِي قَبْلَهَا بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اللَّهِ وَاَلَّتِي بَعْدَ هَذِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَبِيدِ وَلِذَوِي الْأَلْبَابِ وَمِنْ التَّقْصِيرِ مُتَعَلِّقَانِ بِأَعْتَذِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ لِلِانْتِهَاءِ وَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ ك (قَوْلُهُ التَّقْصِيرِ) هُوَ عَدَمُ بَذْلِ الْوُسْعِ فِي تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ أَيْ مِنْ خَلَلِ التَّقْصِيرِ أَوْ عَيْبِهِ أَوْ لَوَاحِقِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ إنْ كَانَ وَحَاشَاهُ قَائِمٌ بِهِ لَا بِالْكِتَابِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ تَقْصِيرٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ ارْتِكَابُ الْخَطَأِ، ثُمَّ يَعْتَذِرُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ الْوَاقِعِ فِيهِ كَمَالُ هَضْمِ النَّفْسِ حَيْثُ نَزَّلَ ظَنَّ التَّقْصِيرِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ الْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمُبَالَغَةُ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الْفَاضِلِ نَاصِرِ الدِّينِ الْإِسْحَاقِيِّ الْمِصْرِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذَا الْمُخْتَصَرَ إنَّمَا لَخَصَّ مِنْهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إلَى النِّكَاحِ وَبَاقِيهِ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ مُفَرَّقًا فِي أَوْرَاقٍ مُسَوَّدَةٍ فَجَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَضَمُّوهُ إلَى مَا لُخِّصَ فَكَمُلَ وَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ ك. (قَوْلُهُ أَيْ أَصْحَابِ) ، فَإِنْ قُلْت لِمَ عَدَلَ عَنْ أَصْحَابِ إلَى ذَوِي قُلْت إنَّمَا عَدَلَ إلَيْهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عِظَمِ مَدْخُولِهَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 243] إنَّ إدْخَالَ ذُو يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ فَضْلِهِ وَكَثْرَتِهِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ الْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ) اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْقَامُوسِ فَسَّرَ اللُّبَّ بِالْعَقْلِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْوَصْفُ بِالرُّجْحَانِ أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَعْلِ أَلْ فِي الْأَلْبَابِ لِلْكَمَالِ وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ اللُّبَّ الْعَقْلُ الرَّاجِحُ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْعَقْلِ فَيَكُونُ الْوَصْفُ بِالرُّجْحَانِ مِنْ تَمَامِ تَفْسِيرِ اللُّبِّ لَا مِنْ جَعْلِ أَلْ لِلْكَمَالِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى الْحَلِّ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ الْإِنْشَائِيَّةُ لَا الْخَبَرِيَّةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَالْخَبَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 أَعْتَذِرُ الْإِنْشَاءُ أَيْ أَسْأَلُ قَبُولَ الْعُذْرِ وَالْخَبَرُ أَيْ أَبُثُّ اعْتِذَارِي وَأَقُولُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ، وَقَبُولُ الْعُذْرِ مِنْ الْمُعْتَذِرِينَ شَأْنُ كِرَامِ النَّاسِ وَالْكِرَامُ أَهْلُ التَّقْوَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَهُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الرعد: 19] {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} [المائدة: 100] وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُنْذَرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ وَإِنَّمَا خَصَّصَ ذَوِي الْأَلْبَابِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ وَانْظُرْ تَعْرِيفَ الْعَقْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَرْجِعِ الْإِشَارَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَأَسْأَلُ بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ وَخِطَابِ التَّذَلُّلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ أَسْأَلُ قَبُولَ الْعُذْرِ) فَالْعُذْرُ وَالِاعْتِذَارُ شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ أَيْ أَبُثُّ) أَيْ أُظْهِرُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَكُونُ إخْبَارًا عَنْ شَيْءٍ حَاصِلٍ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمَا فِي قَوْلِهِ أَتَكَلَّمُ مُخْبِرًا عَنْ تَكَلُّمٍ حَصَلَ بِهَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ وَأَقُولُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَالْكِرَامُ أَهْلُ التَّقْوَى) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُمْ الْبَاذِلُونَ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانُوا عُصَاةً (قَوْلُهُ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَالْكِرَامُ أَهْلُ التَّقْوَى (قَوْلُهُ وَهُمْ) أَيْ أَهْلُ التَّقْوَى (قَوْلُهُ أُولُو الْأَلْبَابِ) أَيْ أَصْحَابُ الْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ. (قَوْلُهُ {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الرعد: 19] أَتَى بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ أَهْلَ التَّقْوَى أُولُو الْأَلْبَابِ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَ التَّذَكُّرَ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَطَلَبَ التَّقْوَى مِنْهُمْ وَلَا يَتَذَكَّرُ إلَّا الْمُتَّقِي وَلَا يُخَاطَبُ بِالتَّقْوَى خِطَابًا نَافِعًا إلَّا أَهْلُ التَّقْوَى فَإِذَنْ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} [الطلاق: 10] دُومُوا عَلَى التَّقْوَى أَوْ زِيدُوا فِي التَّقْوَى لِمَا عُلِمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ لَهَا مَرَاتِبَ ثَلَاثَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا أَحَدَ أَحَبَّ إلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ) أَحَدَ اسْمُهَا وَأَحَبَّ صِفَتُهُ وَالْعُذْرُ فَاعِلٌ بِأَحَبَّ وَإِلَيْهِ حَالٌ مِنْ الْعُذْرُ وَأَحَبَّ بِمَعْنَى مَحْبُوبِيَّةً وَمِنْ بِمَعْنَى بَدَلَ نَحْوُ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ أَيْ بَدَلَ الْآخِرَةِ فَالْمَعْنَى لَا أَحَدَ مَوْصُوفٌ بِأَنَّ الْعُذْرَ أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ بَدَلَ اللَّهِ أَيْ غَيْرَ اللَّهِ أَيْ بَلْ اللَّهُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِأَنَّ الْعُذْرَ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ حُبًّا إلَيْهِ أَيْ مَحْبُوبِيَّةً لَهُ فَظَهَرَ أَنَّ مِنْ خَبَرُ لَا (قَوْلُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَحَبَّ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْلَى فَاعِلٌ مُخْتَارٌ مَالِكٌ لِلْخَلْقِ بِأَجْمَعِهِمْ فَلَوْ عَذَّبَ الْخَلْقَ بِدُونِ إرْسَالِ رُسُلٍ لَمَا لَحِقَهُ لَوْمٌ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ يَتَصَرَّفُ فِي مُلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ فَبَعْثَتُهُ الرُّسُلَ لِلْخَلْقِ وَلَمْ يُعَذِّبْهُمْ إلَّا بِالْمُخَالَفَةِ بَعْدَهَا قَطْعًا لِعُذْرِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يُرْسِلْ رُسُلًا لَمَا تَقَدَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَحَبَّ مِنْ اللَّهِ لِقَبُولِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ) عَطْفُ الرَّحْمَةِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ أَيْ وَأَهْلُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْمَوَاهِبَ وَالْمَزَايَا مِنْ اللَّهِ وَأَنَّ مَقَامَ الْعَبْدِ حَيْثُ أَقَامَهُ فَيَلْتَمِسُونَ لِلْأَئِمَّةِ وَلَا يَتَّبِعُونِ الْهَوَى. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَعْرِيفَ الْعَقْلِ إلَخْ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَادِ هُوَ عُلُومٌ ضَرُورِيَّةٌ بِهَا يَتَمَيَّزُ الْعَاقِلُ مِنْ غَيْرِهِ إذَا اتَّصَفَ بِهِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ وَاسْتِحَالَةِ الْمُسْتَحِيلَاتِ وَجَوَازِ الْجَائِزَاتِ إلَى آخَرِ كَلَامِهِ الطَّوِيلِ وَأَخْصَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السَّنُوسِيُّ أَنَّهَا مَعْرِفَةُ الْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ وَالْمُسْتَحِيلِ فَالْوَاجِبُ هُوَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِانْتِفَاءَ وَالْمُسْتَحِيلُ هُوَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الثُّبُوتَ وَالْجَائِزُ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ الثُّبُوتَ وَالِانْتِفَاءَ وَكُلُّ عَاقِلٍ مَرْكُوزٍ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ التَّعْبِيرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا لَا يَقْبَلُ الثُّبُوتَ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْمُسْتَحِيلِ وَيُدْرِكُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا لَا يَقْبَلُ الِانْتِفَاءَ وَذَلِكَ مَعْنَى الْوَاجِبِ وَيَعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا يَقْبَلُهُمَا، وَهُوَ الْجَائِزُ وَقِيلَ إنَّهُ نُورٌ رُوحَانِيٌّ بِهِ تُدْرِكُ النَّفْسُ الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ وَالنَّظَرِيَّةَ وَابْتِدَاءَ وُجُودِهِ عِنْدَ اجْتِنَانِ الْوَلَدِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْمُو إلَى أَنْ يَكْمُلَ عِنْدَ الْبُلُوغِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ قَائِلًا إنَّ تَفْسِيرَهُ بِذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ قَالَ مُحَشِّي تت اجْتِنَانُ بِالْجِيمِ وَالنُّونِ بَعْدَ التَّاءِ أَيْ حِينَ يَكُونُ جَنِينًا وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ كَمَالَهُ عِنْدَ الْبُلُوغِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ كَمَالَهُ عِنْدَ الْأَرْبَعِينَ؛ وَلِذَلِكَ بُعِثَتْ الْأَنْبِيَاءُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَرْجِعُ الْإِشَارَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ كَلَامًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَابِلٌ لِلْبَحْثِ وَفِيهِ تَطْوِيلٌ فَنَذْكُرُ لَك لُبَّ مَا قَالُوهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ مُسَمَّى الْكُتُبِ الْأَلْفَاظُ الْمَخْصُوصَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ، وَهِيَ أَعْرَاضٌ تَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهَا فَالْإِشَارَةُ إذَنْ لِمَا فِي الذِّهْنِ تَقَدَّمَتْ الْخُطْبَةُ عَلَى التَّأْلِيفِ أَوْ تَأَخَّرَتْ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ أَسْمَاءَ الْكُتُبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَبِيلِ عَلَمِ الْجِنْسِ مَعَ أَنَّ مَا فِي ذِهْنِ الْمُصَنِّفِ جُزْئِيٌّ شَخْصِيٌّ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَيْضًا أَنَّ مَا فِي الذِّهْنِ مُجْمَلٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ وَمُسَمَّى الْكُتُبِ الْأُمُورُ الْمُفَصَّلَةُ فَإِذَنْ يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافَيْنِ أَيْ مُفَصِّلُ نَوْعِ هَذِهِ أَوْ نَوْعُ مُفَصِّلِ هَذِهِ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ أَسْمَاءَ الْكُتُبِ مِنْ قَبِيلِ عَلَمِ الشَّخْصِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ نَوْعٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُفَصِّلٍ، فَإِنْ قُلْنَا مَا فِي الذِّهْنِ مُفَصِّلٌ فَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ نَوْعٍ فَقَطْ عَلَى جَعْلِهَا مِنْ عَلَمِ الْجِنْسِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ أَصْلًا عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِهَا مِنْ عَلَمِ الشَّخْصِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَأَسْأَلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ حَلِّ الشَّارِحِ أَنْ يَكُونَ وَأَسْأَلُ مُتَعَلِّقًا بِمَفْعُولٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ ضَمِيرُ ذَوِي الْأَلْبَابِ السَّابِقُ ذِكْرُهُ وَحَذَفَهُ اخْتِصَارًا أَوْ اقْتِصَارًا لِقَرِينَةِ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِمْ وَالْأَصْلُ وَأَسْأَلُهُمْ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يُعَلَّقَ بِمَفْعُولٍ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِيَعُمَّ كُلَّ مَنْ يَصْلُحُ مِنْهُ السُّؤَالُ مِنْ النَّاظِرِينَ فِي كِتَابِهِ وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ النَّاظِرِينَ فِيهِ يَنْظُرُونَهُ بِعَيْنِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَمَا كَانَ إلَخْ يُقَوِّي إرَادَتَهُ سُؤَالَ النَّاظِرِينَ فِي كِتَابِهِ أَفَادَهُ فِي ك وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّ التَّضَرُّعَ وَالْخُشُوعَ وَالتَّذَلُّلَ وَالْخُضُوعَ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ أَوْ كَالْمُتَرَادِفَةِ. (قَوْلُهُ بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ إلَخْ) فِيهِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ شَبَّهَ تَضَرُّعَهُ وَخُشُوعَهُ بِإِنْسَانٍ وَإِثْبَاتُ اللِّسَانِ تَخْيِيلٌ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ بِلِسَانِ ذِي التَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ أَوْ يُؤَوَّلُ التَّضَرُّعُ وَالْخُشُوعُ بِالْمُتَضَرِّعِ الْخَاشِعِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ قَالَ فِي ك وَلَا يَظْهَرُ كَبِيرُ فَرْقٍ لِإِضَافَةِ اللِّسَانِ لِلتَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ وَالْخِطَابُ لِلتَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعُ مِنْ قُرْبِ مَعَانِي الْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ وَخِطَابُ التَّذَلُّلِ) الْخِطَابُ مَصْدَرُ خَاطَبَهُ بِالْكَلَامِ مُخَاطَبَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وَالْخُضُوعِ أَنْ يُنْظَرَ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ كَمَّلُوهُ وَمِنْ خَطَأٍ أَصْلَحُوهُ (ش) مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ ذَوِي الْأَلْبَابِ بِلِسَانِ تَضَرُّعِهِ وَخُشُوعِهِ وَخِطَابِ تَذَلُّلِهِ وَخُضُوعِهِ، فَإِنَّ أَلْ فِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ نَائِبَةٌ عَنْ الضَّمِيرِ أَنْ يَنْظُرَ كِتَابَهُ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ لَا بِعَيْنِ السُّخْطِ وَالْخَطَأِ فَمَا وُجِدَ فِيهِ مِنْ نَقْصِ لَفْظٍ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ كَمَّلُوا ذَلِكَ النَّقْصَ لِمَا يُتِمُّهُ حَتَّى يُفْهَمَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ نَقْصِ أَحْكَامٍ وَمَسَائِلَ وَفُرُوعٍ لَمْ تُذْكَرْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا غَايَةَ لَهُ وَلَا يَقْدِرُ بَشَرٌ عَلَى تَكْمِيلِ ذَلِكَ النَّقْصِ وَمَا وُجِدَ مِنْ خَطَأٍ فِي الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ وَفِي إعْرَابِ الْأَلْفَاظِ أَصْلَحُوهُ فَكَانَ تَامَّةٌ وَفَاعِلُهَا ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مَا وَهِيَ شَرْطِيَّةٌ مَرْفُوعَةٌ بِالِابْتِدَاءِ وَجَوَابُهَا كَمَّلُوهُ وَمِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ وَالْمُبَيَّنُ فَاعِلُ كَانَ وَيُحْتَمَلُ نُقْصَانُهَا وَخَبَرُهَا مِنْ نَقْصٍ وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ وَمِنْ خَطَأٍ أَصْلَحُوهُ عَلَى تَقْدِيرِ وَمَا كَانَ مِنْ خَطَأٍ أَصْلَحُوهُ كَالْأَوَّلِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ كَمَّلُوهُ وَأَصْلَحُوهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاللَّامِ عَلَى أَنَّهُمَا أَمْرَانِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الْأَمْرَيْنِ لِذَوِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ قَالَ وَيَجُوزُ فَتْحُهُمَا عَلَى الصِّفَةِ لِمَا قَبْلَهُمَا انْتَهَى وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ   [حاشية العدوي] وَخِطَابًا، وَهُوَ عِنْدَ أُصُولِ الْفِقْهِ الْكَلَامُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِفْهَامُ وَقِيلَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْإِفْهَامِ وَعَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي تَسْمِيَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ خِطَابًا فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُسَمَّى بِهِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَخْلُوقٌ يُقْصَدُ إفْهَامُهُ وَعَلَى الثَّانِي يُسَمَّى بِهِ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِفْهَامِ بِتَقْدِيرِ الْوُجُودِ ك (قَوْلُهُ أَنْ يَنْظُرَ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ (قَوْلُهُ بِعَيْنِ الرِّضَا) أَيْ بِعَيْنِ ذِي الرِّضَا وَذِي الصَّوَابِ أَوْ الرَّاضِي وَالْمُصِيبِ أَوْ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ بِتَشْبِيهِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ بِإِنْسَانٍ وَإِثْبَاتُ الْعَيْنِ تَخْيِيلٌ أَوْ الْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ؛ لِأَنَّ الرِّضَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْعَيْنِ وَكَذَا الصَّوَابُ وَالرِّضَا ضِدُّ السُّخَطِ الَّذِي هُوَ تَصَوُّرُ الْحَقِّ بِصُورَةِ الْبَاطِلِ وَالصَّوَابُ ضِدُّ الْخَطَأِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّوَابَ صِفَةُ الْآمِرِ الَّذِي يَرْضَى بِهِ لَا صِفَةُ النَّاظِرِ كَالرِّضَا وَيُجَابُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وَاعْتِقَادُ الصَّوَابِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ أَلْ فِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ نَائِبَةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ النِّيَابَةِ فَيُقَدِّرُ مِنْهُ أَيْ التَّضَرُّعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَا بِعَيْنِ السُّخَطِ) الَّذِي هُوَ ضِدُّ الرِّضَا فَهُوَ تَصَوُّرُ الْحَقِّ بِصُورَةِ الْبَاطِلِ وَقَوْلُهُ وَالْخَطَأُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الصَّوَابِ. (قَوْلُهُ مِنْ نَقْصِ لَفْظٍ) أَيْ مِنْ لَفْظٍ نَاقِصٍ نَقْصًا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى وَقَوْلُهُ كَمِّلُوهُ أَيْ كَمِّلُوا ذَلِكَ اللَّفْظَ النَّاقِصَ بِمَا يُتِمُّهُ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ إسْقَاطَ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ كَمِيمِ حَرَمٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ إسْقَاطُ كَلِمَةٍ مِنْ جُمْلَةٍ فَأَرَادَ بِاللَّفْظِ مَا يَشْمَلُ الْمُفْرَدَ وَالْجُمْلَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ النَّقْصَ هُوَ التَّرْكُ وَالتَّكْمِيلُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَوْجُودِ وَحَاصِلُ مَا أُجِيبُ بِهِ أَنَّ النَّقْصَ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، وَهُوَ مَا ذَكَرْت وَتَارَةً عَلَى الْمَحْذُوفِ وَتَارَةً عَلَى الْمَحْذُوفِ مِنْهُ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَإِطْلَاقُ النَّقْصِ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ أَوْ الْفَاعِلِ أَيْ الْمَنْقُوصِ أَوْ النَّاقِصِ أَفَادَ ذَلِكَ الْحَاصِلُ فِي ك (قَوْلُهُ أَحْكَامٍ) جَمْعُ حُكْمٍ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ التَّامَّةِ وَقَوْلُهُ وَمَسَائِلَ جَمْعُ مَسْأَلَةٍ إنْ أُرِيدَ مِنْهَا الْقَضِيَّةُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ، وَإِنْ أُرِيدَ مِنْهَا النِّسْبَةُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَعَلَى نِسْبَتِهَا (قَوْلُهُ وَفُرُوعٍ) جَمْعُ فَرْعٍ هُوَ لُغَةً مَا بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ فَخَرَجَ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ مِنْ حَيْثُ يَنُبْنِي عَلَيْهَا الْفِقْهُ إذْ هِيَ بِذَلِكَ أُصُولٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ تُبْنَى عَلَى عِلْمِ التَّوْحِيدِ فُرُوعًا لَا أُصُولًا وَاصْطِلَاحًا مَا انْدَرَجَ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ فَالْفُرُوعُ هِيَ الْقَضَايَا الَّتِي تَحْتَ الْقَضِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ وَقَدْ تُطْلَقُ الْفُرُوعُ مَجَازًا عَلَى إفْرَادِ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ كَذَا فِي ك وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْفُرُوعَ هِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي بِمَعْنَى الْقَضَايَا فَعَطْفُهَا عَلَى الْأَحْكَامِ مِنْ عَطْفِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ وَيُطْلَقُ الْفَرْعُ عَلَى الْحُكْمِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ وَيَكُونُ مُرَادِفًا لِلْمَسْأَلَةِ بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَفْسِيرَ التَّمْهِيدِ حِينَ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فَقَالَ وَالتَّمْهِيدُ التَّوْطِئَةُ لِلْمَقْصُودِ لِيَكُونَ فَهْمُهُ بَعْدَهَا أَتَمُّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَالْأَحْكَامُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِ مَا نَحْنُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ فِي إعْرَابِ الْأَلْفَاظِ) الْأَوْلَى جَعْلُ ذَلِكَ مِنْ أَفْرَادِ النَّاقِصِ (قَوْلُهُ فَكَانَ تَامَّةٌ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَمَا وُجِدَ إذْ مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهَا تَامَّةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُبِينُ فَاعِلٌ) وَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ شَيْءٍ وُجِدَ فِي حَالِ كَوْنِهِ نَقْصًا أَيْ لَفْظًا نَاقِصًا كَمِّلُوهُ أَيْ أَذِنْت لَهُمْ فِي تَكْمِيلِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ) أَيْ وَمَا كَانَ نَاشِئًا مِنْ نَقْصٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُرَادُ بِالنَّقْصِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَيُرَادُ بِالنَّاشِئِ مِنْهُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ الْمُكَمِّلُ وَجَعْلُهُ نَاشِئًا مِنْ النَّقْصِ بِاعْتِبَارِ تَفَرُّدِهِ وَحْدَهُ دُونَ الْمَتْرُوكِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَتْرُوكُ وَمَعْنَى كَمِّلُوهُ أَتَوْا بِهِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَتِمُّ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ خَطَأٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَرَادَ بِالْخَطَأِ الْأَخْطَاءَ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ أَخْطَأَ قِيَاسًا وَالنَّاشِئُ عَنْهُ الْخَطَأُ، ثُمَّ أَقُولُ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ وَمَا كَانَ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ خَطَأٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مِنْ نَقْصٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ كَائِنًا الْمَحْذُوفُ وَأَصْلِحُوهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَمِّلُوهُ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَحَاصِلُ جَوَابِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ لَا مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ حَتَّى يَلْزَمَ مَا ذَكَرَ لَا يُقَالُ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْ جَوَّزَهُ بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْمَجْرُورِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ عِنْدَهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ إعَادَةِ الْجَارِ فِي الثَّانِي نَعَمْ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يَصِحُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا شَرْطِيَّةٌ مُبْتَدَأٌ وَالْأَمْرُ لَا يَكُونُ جَوَابَ الشَّرْطِ إلَّا إذَا قُرِنَ بِالْفَاءِ وَحَذْفُهَا فِي مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الشِّعْرِ وَلَيْسَ قَبْلَ جُمْلَتَيْ كَمِّلُوهُ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِهِمَا وَلَوْ سَلِمَ عَلَى فَسَادِهِ لَزِمَ بَقَاءُ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ جَوَابٍ وَالْمُبْتَدَأُ بِلَا خَبَرٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْجَزَاءُ نَعَمْ يَصِحُّ الْأَمْرُ عَلَى جَعْلِ مَا مَوْصُولَةً مَفْعُولَةً بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ كَمِّلُوهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ وَيُقَدَّرُ مَعَ وَمِنْ خَطَأٍ وَمَا كَانَ وَيُعْرَبُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَلَا يُقَالُ يَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَذْفِ الْمَوْصُولِ لِوُرُودِ مِثْلِهِ نَحْوَ وَقُولُوا آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إلَيْنَا وَأُنْزِلَ إلَيْكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 لَا يَصِحُّ وَانْظُرْ وَجْهَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي شَرْحِهِ وَمَا أَذِنَ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ مِنْ تَكْمِيلِ النَّقْصِ الْوَاقِعِ فِي كِتَابِهِ وَإِصْلَاحِ الْخَطَأِ الْكَائِنِ فَمَحْمَلُهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ تَكْمِيلَهُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى النَّقْصِ وَالْخَطَأِ وَإِصْلَاحِ ذَلِكَ بِأَلْفَاظِهِمْ حَالَ الْإِقْرَاءِ وَالْفَتْوَى بِمَا فِيهِ أَوْ التَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ بِكِتَابَةٍ فِي الشُّرُوحَاتِ لِمَنْ تَصَدَّى لِلْوَضْعِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ فِي حَوَاشِي كِتَابِهِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَاشِيَةٌ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ أَذِنَ فِي إصْلَاحِ ذَلِكَ بِالتَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ بِالْكِتَابَةِ فِي أَصْلِ كِتَابِهِ بِحَيْثُ يُكْشَطُ يَعْنِي أَلْفَاظَهُ وَيُؤْتَى بِبَدَلِهَا أَوْ يُزَادُ فِيهَا أَوْ يُنْقَصُ فَمَا أَظُنُّهُ يَأْذَنُ فِي هَذَا وَلَا أَظُنُّ جَوَازَهُ؛ لِأَنَّ فَتْحَ هَذَا الْبَابِ يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَرُبَّمَا ظَنَّ النَّاسِخُ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ مَعَ كَوْنِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ وَمَا قَالَهُ هَذَا السَّيِّدُ الْعَظِيمُ فَمِنْ بَابِ تَوَاضُعِهِ الَّذِي رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ مَعَ أَنَّ مَا أُتِيَ بِهِ عَيْنُ الْكَمَالِ فِي نَوْعِهِ وَغَايَةُ الْمَرَامِ فِي جَمْعِهِ وَهَكَذَا الْفُضَلَاءُ الْعَارِفُونَ لَا يَرَوْنَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا لِأَعْمَالِهِمْ مَزِيَّةً وَلَا يَتَكَبَّرُونَ {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262] (ص) فَقَلَّمَا يَخْلُصُ مُصَنِّفٌ مِنْ الْهَفَوَاتِ أَوْ يَنْجُو مُؤَلِّفٌ مِنْ الْعَثَرَاتِ (ش) لَمَّا اعْتَذَرَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ فِي تَصْنِيفِهِ مَعَ ظُهُورِ الْكَمَالِ فِيمَا أَتَى بِهِ فِيهِ عَلَّلَ ذَلِكَ الِاعْتِذَارَ بِهَذَا الْكَلَامِ. وَالْمُرَادُ بِقَلَّمَا النَّفْيُ أَيْ لَا يَخْلُصُ وَلَا يَنْجُو أَيْ إنَّمَا اعْتَذَرْت لِأَنِّي مُصَنِّفٌ وَكُلُّ مُصَنِّفٍ لَا يَخْلُصُ مِنْ خَطَأِ طَرِيقِ الصَّوَابِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْهَفَوَاتِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِصْلَاحِ) مَعْطُوفٌ عَلَى التَّنْبِيهِ وَقَوْلُهُ بِأَلْفَاظِهِمْ تَنَازَعَ فِيهِ تَنْبِيهٌ وَإِصْلَاحٌ (قَوْلُهُ بِأَلْفَاظِهِمْ حَالُ الْإِقْرَاءِ) مُرْتَبِطٌ بِكُلٍّ مِنْ التَّنْبِيهِ وَإِصْلَاحِ أَيْ التَّنْبِيهِ عَلَى النَّقْصِ وَالْخَطَأِ بِأَلْفَاظِهِمْ حَالَ الْإِقْرَاءِ وَالْفَتْوَى أَيْ الْإِفْتَاءِ وَإِصْلَاحِ ذَلِكَ بِأَلْفَاظِهِمْ حَالَ الْإِقْرَاءِ وَالْفَتْوَى بِمَا فِيهِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا فِيهِ نَقْصٌ هَذَا فِيهِ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ كَذَا وَكَذَا فَقَوْلُهُ هَذَا فِيهِ نَقْصٌ هَذَا فِيهِ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ كَذَا وَكَذَا تَنْبِيهُ عَلَى النَّقْصِ وَالْخَطَأِ وَإِصْلَاحٍ بِأَلْفَاظِهِمْ. (تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّ التَّنْبِيهَ بِحَاشِيَةِ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ النَّقْصِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ عَلَى أَنَّ اتِّهَامَهُمْ أَنْفُسَهُمْ أَوْلَى بِهِمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْغَبَاوَةِ وَخُصُوصًا أَهْلَ هَذَا الزَّمَانِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ السُّكُوتُ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ أَهْلُ الْعِرْفَانِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ فِي غَابِرِ الْأَزْمَانِ وَاَللَّهُ الْمُلْهِمُ لِلصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. (قَوْلُهُ أَوْ التَّنْبِيهُ) مُقَابِلٌ لِلتَّنْبِيهِ وَالْإِصْلَاحِ بِالْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالْكِتَابَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِكِتَابِهِ أَيْ أَوْ التَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ فِي حَوَاشِي كِتَابِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّغْيِيرِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ بِالْكِتَابَةِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَوْ أَرَادَ بِالْكِتَابَةِ الْمَكْتُوبَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَلْفَاظَهُ) أَيْ دَالَّ أَلْفَاظِهِ وَهِيَ النُّقُوشُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُكْشَطُ هُوَ النُّقُوشُ (قَوْلُهُ أَوْ يُزَادُ فِيهَا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا فَاتَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ مِمَّا بُيِّضَ لَهُ وَلَمْ يُكْمِلْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتَكْرَاهَا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ حَدَثَ لَهُ وَمِنْ الْأَبْوَابِ مِمَّا بُيِّضَ لَهُ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ، وَهُوَ بَابُ الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ كَمَّلَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَالثَّانِي أَلَّفَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا ظَنَّ إلَخْ) الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَمِنْ بَابِ تَوَاضُعِهِ) أَيْ فَمِنْ بَابٍ هُوَ تَوَاضُعُهُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ) لِلتَّعْلِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ عَيْنُ الْكَمَالِ) أَيْ الْكَامِلِ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ هُوَ مُبَالَغَةٌ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِنَوْعِهِ تَأْلِيفٌ فِي الْفِقْهِ جَامِعٌ (قَوْلُهُ وَغَايَةُ الْمَرَامِ فِي جَمْعِهِ) أَيْ وَغَايَةُ الْمَقْصُودِ مِنْ جَمْعِهِ (قَوْلُهُ الَّذِينَ) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ} [آل عمران: 134] إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الَّذِي لَا يَرَى لِعَمَلِهِ مَزِيَّةً وَلَا يَتَكَبَّرُ أَيْ عِنْدَ إنْفَاقِهِ لَا يُتْبِعُهُ مَنًّا وَلَا أَذًى {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62] وَمِنْ شَأْنِ مَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ وَعَمَلِهِ مَزِيَّةً وَيَتَكَبَّرُ أَنَّهُ يَمُنُّ وَيُؤْذِي مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُصَنَّفٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّأْلِيفَ يَسْتَلْزِمُ الْأُلْفَةَ بَيْنَ أَشْخَاصِ الْمَسَائِلِ فَضْلًا عَنْ أَنْوَاعِهَا وَأَجْنَاسِهَا الْقَرِيبَةِ وَالتَّصْنِيفُ مُرَاعَاتُهُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ مُرَاعَاتُهُ فِي الْأَجْنَاسِ رُوعِيَ فِي الْأَشْخَاصِ أَمْ لَا فَالتَّأْلِيفُ أَخَصُّ فَكُلُّ مُؤَلَّفٍ مُصَنَّفٌ وَلَا عَكْسُ وَالتَّأْلِيفُ أَخَصُّ مِنْ التَّرْكِيبِ بِعَيْنِ مَا ذَكَرَ فِي التَّصْنِيفِ أَوْ بِقَرِيبٍ مِنْهُ كَذَا فِي ك. (أَقُولُ) هَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَفِي الْمَقَامِ الْمُؤَلَّفُ وَالْمُصَنَّفُ شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِقَلَّمَا النَّفْيُ) أَيْ بِقَلَّ مِنْ قَلَّمَا فَلَا دَخْلَ لِمَا فِي النَّفْيِ سَوَاءٌ جُعِلَتْ مَا كَافَّةً أَوْ مَصْدَرِيَّةً (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا اعْتَذَرْت إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قِيَاسًا مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ حُذِفَتْ صُغْرَاهُ وَنَتِيجَتُهُ وَالشَّارِحُ ذَكَرَ الْقِيَاسَ وَحَذَفَ نَتِيجَتَهُ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا اعْتَذَرْت لِأَنِّي مُصَنِّفٌ وَكُلُّ مُصَنِّفٍ لَا يُخْلَصُ مِنْ الْهَفَوَاتِ فَأَنَا لَا أَخْلُصُ مِنْهَا (قَوْلُهُ طَرِيقَ الصَّوَابِ) أَيْ طَرِيقٍ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْهَفَوَاتِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْحَلِّ يَكُونُ الْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْ الْهَفَوَاتِ مُغَايِرًا لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ الْعَثَرَاتِ وَعَلَيْهِ فَالتَّعْبِيرُ فِي الْأَوَّلِ بِمُصَنَّفٍ وَيَخْلُصُ وَبِالثَّانِي بِمُؤَلَّفٍ وَيَنْجُو تَفَنُّنٌ إذْ لَوْ اتَّحَدَ التَّعْبِيرُ فِيهِمَا أَوْ عُكِسَ لَصَحَّ وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْهَفْوَةِ الْعُدُولَ عَنْ الصَّوَابِ كَأَنْ يَذْكُرَ فِي مَسْأَلَةٍ حُكْمُهَا الْجَوَازُ مَثَلًا الْوُجُوبُ وَأَرَادَ بِالْعَثْرَةِ الْوُقُوعُ فِي السَّقْطِ كَأَنْ يَذْكُرَ بَعْضَ الْكَلِمَةِ أَوْ بَعْضَ الْجُمْلَةِ (وَأَقُولُ) وَلَوْ عَكَسَ لَصَحَّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُحْكَمِ أَنَّ الْهَفْوَةَ السَّقْطَةُ وَالزَّلَّةُ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت مَا ذَكَرَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَ حَقِيقَةً فِي السُّقُوطِ إلَى الْأَرْضِ وَالزَّلَلِ فِي الْمُدْحِضِ كَالطِّينِ فَيَكُونُ اسْتِعْمَالُ الْهَفْوَةِ فِي خَطَأٍ طَرِيقُ الصَّوَابِ كَانَ فِي رَأْيٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَجَازًا أَوْ كِنَايَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي خَطَأِ طَرِيقِ الصَّوَابِ فَقَطْ أَوْ حَقِيقَةً فِيهِمَا فَيَكُونُ تَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ حَقِيقَةً وَالْعَثَرَاتُ جَمْعُ عَثْرَةٍ وَهِيَ الزَّلَّةُ فَيَجْرِي فِيهِ مِنْ الْأَوْجُهِ مَا جَرَى فِي الْهَفْوَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ خَطَأُ طَرِيقِ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ مُرَادُهُ بِالْهَفَوَاتِ) ، فَإِنْ قُلْت الْهَفَوَاتُ جَمْعٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وَلِأَنِّي مُؤَلِّفٌ وَكُلُّ مُؤَلِّفٍ لَا يَنْجُو مِنْ السُّقُوطِ فِي التَّحْرِيفِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَثَرَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَقَلَّمَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ اعْتِذَارُك مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ فِي كِتَابِك يَقْتَضِي أَنَّك عَالِمٌ بِهِ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَك ذَلِكَ حَتَّى تَعْتَذِرَ وَإِذَا عَلِمْته فَأَصْلِحْهُ وَلَا تَعْتَذِرْ وَتَطْلُبْ مِنْ غَيْرِك بِهَذَا التَّذَلُّلِ فَقَالَ لَهُ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ عَلَى التَّعْيِينِ وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ التَّصْنِيفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَقَلَّمَا إلَخْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَقَلَّمَا وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ لَامِ التَّعْلِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُصُ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ وَيَجُوزُ فِي مُصَنِّفٍ وَمُؤَلِّفٍ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا كَافَّةً لِقَلَّ عَنْ الطَّلَبِ لِلْفَاعِلِ وَحِينَئِذٍ تُكْتَبُ مُتَّصِلَةً بِقَلَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةٌ فَيَجُوزُ فِيهَا الِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ وَالْفَاعِلُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ مِنْهَا وَمِنْ الْفِعْلِ بَعْدَهَا، وَهُوَ يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ أَيْ خَلَاصُ مُصَنَّفٍ وَقَدِيمًا خَافَ النَّاسُ سَقْطَةَ التَّأْلِيفِ وَخَافُوا زَلَّةَ التَّأْلِيفِ كَمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حَتَّى قِيلَ مَنْ صَنَّفَ فَقَدْ اسْتَهْدَفَ وَمَنْ أَلَّفَ فَقَدْ اسْتَقْذَفَ وَمَعْنَى اسْتَهْدَفَ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا أَيْ غَرَضًا لِمَنْ يَرْمِيهِ بِالْعَيْبِ كَمَا يُرْمَى الْغَرَضُ بِالنَّبْلِ وَاسْتَقْذَفَ أَيْ طَلَبَ أَنْ يُقْذَفَ أَيْ يُرْمَى، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَثِيرًا مَا يَقُولُ مَنْ صَنَّفَ فَقَدْ اسْتَهْدَفَ، فَإِنْ أَحْسَنَ فَقَدْ اسْتَعْطَفَ، وَإِنْ أَسَاءَ فَقَدْ اسْتَقْذَفَ قِيلَ مَعْنَى اسْتَهْدَفَ ارْتَفَعَ عَلَى أَقْرَانِهِ. فَإِنْ أَحْسَنَ فِيهِ فَقَدْ مَيَّلَ الْقُلُوبَ إلَيْهِ، وَإِنْ قَصَّرَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَذْفِ وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ.   [حاشية العدوي] وَخَطَأُ طَرِيقِ الصَّوَابِ مُفْرَدٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُفْرَدُ مَعْنَى الْجَمْعِ قُلْت مُرَادُهُ هَذِهِ الْمَادَّةُ أَيْ مَادَّةُ هَفْوَةٍ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَعْلِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَقَلَّ لِلتَّعْلِيلِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ هِيَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا وَالْمُعَلَّلُ هُوَ قَوْلُهُ وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ التَّصْنِيفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَالسُّؤَالُ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ مَحْذُوفَانِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ فَالْفَارِقُ بَيْنَ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ تَقْدِيرُ السُّؤَالِ وَالْجَوَابُ فِي هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَالِمًا بِهِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِذَارُك؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَيْنَ لَك ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَلِمْته) أَيْ وَحَيْثُ عَلِمْته كَمَا تَبَيَّنَ بِقَوْلِنَا وَإِلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَطْلُبْ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِتَعْتَذِرَ (قَوْلُهُ بِهَذَا التَّذَلُّلِ) أَيْ طَلَبًا مُلْتَبَسًا بِهَذَا التَّذَلُّلِ أَوْ طَلَبًا مُصَوَّرًا بِهَذَا التَّذَلُّلِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هُوَ عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ) فِيهِ أَنَّ الْهَفْوَةَ وَالْعَثْرَةَ مِنْ صِفَاتِ الشَّخْصِ لَا الْمُصَنَّفِ بِفَتْحِ النُّونِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلشَّخْصِ وَالْمَعْنَى الْهَفْوَةُ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْمُصَنَّفِ وَالْمَعْنَى الْهَفْوَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا كَافَّةً لِقَلَّ إلَخْ) وَالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ خَلَاصُ مُصَنَّفٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ خَلَاصُ مُصَنَّفٍ وَالْمَعْنَى عَلَى النَّفْيِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ قَلَّ إذَا كَانَتْ لِلْإِثْبَاتِ ضِدَّ كَثُرَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ فَاعِلٍ مَعَ غَيْرِ مَا وَكَذَا مَعَ مَا وَهِيَ مَوْصُولَةٌ اسْمِيَّةٌ أَوْ حَرْفِيَّةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولًا اسْمِيًّا أَوْ مَوْصُوفَةً فَهِيَ الْفَاعِلُ وَإِلَّا فَالْمُنْسَبِكُ مِنْ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلنَّفْيِ فَلَهَا فَاعِلٌ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِمَا وَتَرْفَعُ الْفَاعِلَ مَوْصُوفًا بِجُمْلَةٍ نَحْوِ قَلَّ رَجُلٌ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْ مَا رَجُلٌ يَقُولُهُ وَقَلَّ رَجُلَانِ يَقُولَانِهِ وَرِجَالٌ يَقُولُونَهُ وَإِلَّا كَانَتْ مَا كَافَّةً لَهَا عَنْ طَلَبِ الْفَاعِلِ فِي الْأَشْهَرِ لِإِجْرَائِهَا مَجْرَى حَرْفِ النَّفْيِ وَلَا يَتَّصِلُ بِهَا غَيْرُهَا أَيْ غَيْرُ مَا الْكَافَّةِ وَمِثْلُ قَلَّ طَالَ وَكَثُرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَا فَاعِلَ لَهَا إذَا اتَّصَلَتْ بِهَا مَا الْكَافَّةُ وَمِثْلُهَا الْفِعْلُ الْمُؤَكَّدُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ مَعَ فَرْضِ مَا لَاحَظَهُ مِنْ أَنَّ قَلَّ لِلنَّفْيِ وَإِنَّمَا جَعَلَهَا لِلنَّفْيِ لِتَوَقُّفِ بَسْطِ عُذْرِهِ عَلَى ذَلِكَ إذْ مَعَ قِلَّةِ النَّجَاةِ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ وَقَدِيمًا) أَيْ وَزَمَنًا قَدِيمًا أَوْ خَوْفًا قَدِيمًا فَهُوَ اسْمُ زَمَانٍ أَوْ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ سَقْطَةَ التَّأْلِيفِ) أَيُّ سَقْطَةٍ مِنْهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَثْرَةِ وَقَوْلُهُ وَخَافُوا إلَخْ عِبَارَةٌ عَنْ الْهَفْوَةِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى قِيلَ) لَيْسَ مَقْصُودُهُ التَّضْعِيفَ بَلْ مُرَادُهُ حِكَايَةُ مَا قَالُوهُ (قَوْلُهُ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا) أَيْ طَلَبَ عَلَى أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ لِلطَّلَبِ أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهِ إنْ لَمْ يُجْعَلَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَيْ غَرَضًا) أَيْ كَالْغَرَضِ الَّذِي يُرْمَى بِالنَّبْلِ وَأَنَا أَسْأَلُ بِلِسَانِ التَّذَلُّلِ وَالْخُشُوعِ وَخِطَابِ الِاحْتِرَامِ وَالْخُضُوعِ مِنْ الْمُتَصَفِّحِينَ لِهَذِهِ الْحَوَاشِي أَنْ يَنْظُرُوهَا بِعَيْنِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ فَمَا كَانَ مِنْ صَوَابٍ حَسَّنُوهُ وَبَيَّنُوهُ وَمَا كَانَ مِنْ خَطَأٍ أَزَالُوهُ وَغَيَّرُوهُ؛ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ مِنْ هَفْوَةٍ أَوْ يَنْجُو مُؤَلَّفٌ مِنْ عَثْرَةٍ خُصُوصًا مَعَ الْبَاحِثِينَ عَنْ الْعَثَرَاتِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ طَلَبِ عَثْرَةَ أَخِيهِ لِيَهْتِكَهُ طَلَبَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ فَيَهْتِكُهُ» وَأَنْشَدُوا لَا تَلْتَمِسْ مِنْ عُيُوبِ النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَهْتِكُ اللَّهُ سِتْرًا عَنْ مَسَاوِيكَا وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا (قَوْلُهُ بِالنَّبْلِ) السِّهَامِ الْعَرَبِيَّةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا بَلْ الْوَاحِدُ سَهْمٌ فَهِيَ مُفْرَدَةُ اللَّفْظِ مَجْمُوعَةُ الْمَعْنَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ) يُشْعِرُ بِوُجُودِ الْمُغَايَرَةِ وَبِوُجُودِ الْقُرْبِ وَوَجْهُ الْمُغَايَرَةِ ظَاهِرٌ وَوَجْهُ الْقُرْبِ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْقَذْفَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا وَمَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ أَنْ يُقْذَفَ (قَوْلُهُ مَا) تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى الْكَثْرَةِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ قَوْلًا كَثِيرًا (قَوْلُهُ ارْتَفَعَ عَلَى أَقْرَانِهِ) أَيْ إنَّهُ حِينَ يَظْهَرُ تَأْلِيفُهُ يَثْبُتُ لَهُ ارْتِفَاعٌ عَلَى أَقْرَانِهِ فَلَا يُنَافِي زَوَالَهُ بَعْدَ حِينٍ يَظْهَرُ تَقْصِيرُهُ وَيَصِيرُ مُعَرَّضًا لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَيَّلَ) أَيْ طَلَبَ مَيْلَ الْقُلُوبِ إلَيْهِ إنْ جُعِلَتْ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ أَوْ مَيَّلَ بِالْفِعْلِ إنْ جُعِلَتَا زَائِدَتَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ) أَيْ كَوْنُ اسْتَهْدَفَ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا أَيْ غَرَضًا أَوْ ارْتَفَعَ عَلَى أَقْرَانِهِ هَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 (بَابٌ) هُوَ فِي الْعُرْفِ مَعْرُوفٌ وَفِي اللُّغَةِ فُرْجَةٌ فِي سَاتِرٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَعَكْسُهُ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ كَبَابِ الدَّارِ مَجَازٌ فِي الْمَعَانِي كَبَابِ الطَّهَارَةِ وَفِي الِاصْطِلَاحِ اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ مُشْتَرَكَةٍ فِي حُكْمٍ وَالْبَابُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إمَّا مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي الْأَعْدَادِ الْمَسْرُودَةِ وَاعْتُرِضَ الْإِعْرَابُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُسَوِّغَ لِلِابْتِدَاءِ هُنَا وُقُوعُ الْخَبَرِ جَارًّا وَمَجْرُورًا، وَهُوَ إذَا وَقَعَ خَبَرًا عَنْ نَكِرَةٍ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا لِيَسُوغَ الِابْتِدَاءُ بِهَا فَهُوَ هُنَا يُقَدَّرُ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ مَقَاصِدُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ فِيمَا يَبْتَدِئُونَ بِهِ كُتُبَهُمْ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَغْرَاضِهِمْ فِيمَا قَصَدُوا تَبْيِينَهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَهِيَ الِاعْتِقَادَاتُ الْمُسَمَّاةُ بِأُصُولِ الدِّينِ وَأَعْمَالُ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ الْمُسَمَّاةُ بِالْفُرُوعِ   [حاشية العدوي] الْخُطْبَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ وَهَّابِ الْعَطَايَا وَمُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِجَاهِ الْحَبِيبِ أَنْ تُبَلِّغَ الْمَقَاصِدَ عَنْ قَرِيبٍ فَإِنَّك قَرِيبٌ مُجِيبٌ. [بَابُ الطَّهَارَةِ] (بَابُ الطَّهَارَةِ) (قَوْلُهُ بَابٌ) قَالَ ابْنُ مَحْمُودٍ شَارِحُ أَبِي دَاوُد وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ زَمَنَ التَّابِعِينَ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ (قَوْلُهُ هُوَ فِي الْعُرْفِ مَعْرُوفٌ) ، وَهُوَ الْجِسْمُ الْمَعْرُوفُ الْمُرَكَّبُ مِنْ خَشَبٍ وَمِنْ مَسَامِيرَ وَقَوْلُهُ وَفِي اللُّغَةِ إلَخْ فَإِذَنْ الْخَشَبُ الْمَعْرُوفُ لَا يُقَالُ فِيهِ لُغَةً بَابٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَجْسَامِ) أَيْ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً فِي دَاخِلِ الْأَجْسَامِ الَّذِي هُوَ الْفُرْجَةُ (قَوْلُهُ مَجَازٌ فِي الْمَعَانِي) مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ بِأَنْ شَبَّهَ الْأَلْفَاظَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا يُتَوَصَّلُ بِهَا لِفَهْمِ الْمَعَانِي بِالْبَابِ الَّذِي هُوَ الْفُرْجَةُ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَالْقَرِينَةُ حَالِيَّةٌ وَأَرَادَ بِالْمَعْنَى مَا قَابَلَ الذَّاتَ فَيَصْدُقُ بِاللَّفْظِ، فَإِنَّهُ مَعْنَى أَيْ لَيْسَ بِذَاتٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَعْنَى مَا قَابَلَ اللَّفْظَ وَقَوْلُهُ مَجَازٌ أَيْ لُغَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهَا، وَهُوَ الْمُشَارَكَةُ بِقَوْلِهِ وَفِي الِاصْطِلَاحِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَسَائِلِ) أَرَادَ بِهَا الْقَضَايَا الْمَخْصُوصَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدْلُولَ لِلتَّرَاجِمِ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ لَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ مُشْتَرَكَةٍ فِي حُكْمٍ) كَبَابِ الْوُضُوءِ فَالْقَضَايَا الدَّالَّةُ عَلَى فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِهِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ مُشْتَرَكَةٌ فِي حُكْمٍ، وَهُوَ كَوْنُهَا مُتَعَلِّقَةً بِالْوُضُوءِ وَالْمُرَادُ مُشْتَرَكُ مَدْلُولِهَا كَمَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ وَالْبَابُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ لَا فِي كُلِّ مَوَاضِعِهِ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي كُلِّ مَوَاضِعِهِ يَأْتِي فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِلُزُومِ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ لَا يَأْتِي فِي مِثْلِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ) أَيْ فِي الطَّهَارَةِ بَابٌ (قَوْلُهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ) أَيْ هَذَا بَابٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ) وَيُقَالُ وَيُبْعِدُهُ الرَّسْمُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ (قَوْلُهُ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ إلَخْ) أَيْ مَوْقُوفٌ لَا مُعْرَبٌ وَلَا مَبْنِيٌّ وَقَوْلُهُ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ أَيْ عَلَى طَرِيقَةٍ هِيَ مَا قِيلَ إلَخْ أَيْ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ، وَقِيلَ مَبْنِيٌّ لِلشَّبَهِ الْإِهْمَالِيِّ، وَهِيَ أَنَّهَا عَامِلَةٌ وَلَا مَعْمُولَةٌ، وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ وَكُسِرَ آخِرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي نَحْوِ بَابِ الطَّهَارَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا وَجْهَ لِبِنَائِهِ إلَّا أَنْ يُرَاعِيَ قَبْلَ التَّرْكِيبِ وَالْقَوْلَ بِالْبِنَاءِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وُقُوعُ الْخَبَرِ إلَخْ) فِي عِبَارَتِهِ تَنَافٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَوَّلًا أَنَّ الْمُسَوِّغَ وُقُوعُ الْخَبَرِ جَارًّا وَمَجْرُورًا وَقَوْلُهُ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ التَّقْدِيمَ هُوَ الْمُسَوَّغُ وَالتَّحْقِيقُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسَوِّغَ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْخَبَرِ جَارًّا وَمَجْرُورًا وَالتَّقْدِيمُ إنَّمَا يُرْتَكَبُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَّرَهُ يُتَوَهَّمُ كَوْنُهُ نَعْتًا؛ لِأَنَّ طَلَبَ النَّكِرَةِ لِلنَّعْتِ طَلَبٌ حَثِيثٌ لِلتَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَبْتَدِئُونَ) أَيْ مَقَاصِدَهُمْ الْكَائِنَةَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَبْتَدِئُونَ بِهِ كُتُبَهُمْ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ مَقْصُودًا ذَلِكَ الْخَاصُّ أَوْ فِي بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَغْرَاضِهِمْ) أَيْ مَقَاصِدِهِمْ وَقَوْلُهُ فِيمَا قَصَدُوا إلَخْ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ مَقْصُودًا ذَلِكَ الْخَاصُّ مَا تَقَدَّمَ أَوْ فِي بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ) مِنْ بَيَانٌ لِمَا وَالْمُبَيَّنُ تِلْكَ الْأَحْكَامُ إمَّا بِاعْتِبَارِ ذَوَاتِهَا وَأَصْلِهَا أَوْ بِاعْتِبَارِهَا كُلِّهَا دُونَ أَصْلِهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا فَالْأَوَّلُ كَالْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ أَرَادَ التَّعَرُّضَ لَهَا، وَأَصْلُهَا نَاسَبَ الِابْتِدَاءَ بِالْأَصْلِ وَالثَّانِي كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَمَّا أَرْدَاهَا كُلَّهَا دُونَ أَصْلِهَا لَمْ يَبْتَدِئْ بِالْأَصْلِ وَنَاسَبَ الِابْتِدَاءُ بِأُصُولِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ كَخَلِيلٍ فَإِنَّهُ أَرَادَ الْفَرْعِيَّةَ فَقَطْ فَلَمْ يُنَاسِبْ الِابْتِدَاءُ بِالْأَصْلِ وَلَا بِأُصُولِ الدِّينِ وَنَاسَبَ الِابْتِدَاءُ بِمَا اقْتَضَى الْمَقَامُ عِنْدَ كُلِّ الِابْتِدَاءِ بِهِ كَمَا تَبَيَّنَ فَتَدَبَّرْ، وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ أَحْكَامٌ هِيَ الشَّرِيعَةُ (قَوْلُهُ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ) مِنْ تَعَلُّقِ الْمُتَعَلِّقِ بِكَسْرِ اللَّامِ بِالْمُتَعَلَّقِ بِفَتْحِهَا وَتِلْكَ الْأَحْكَامُ النِّسَبُ التَّامَّةُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الِاعْتِقَادَاتُ) تَفْسِيرٌ لِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ الْمُسَمَّاةُ) أَيْ الِاعْتِقَادَاتُ أَيْ مُتَعَلِّقُهَا، وَهِيَ الْأَحْكَامُ بِمَعْنَى النِّسَبِ التَّامَّةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ أُصُولَ الدِّينِ النِّسَبُ التَّامَّةُ كَنِسْبَةِ قَوْلِك اللَّهُ قَادِرٌ اللَّهُ مُرِيدٌ اللَّهُ سَمِيعٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَيَصِحُّ قَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ الِاعْتِقَادَاتُ أَيْ الْمُعْتَقَدَاتُ (قَوْلُهُ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَعْمَالِ الْقُلُوبِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرَةِ) أَيْ الْجَوَارِحِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَوْنِهَا ظَاهِرَةً احْتِرَازًا عَنْ الْجَارِحَةِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي هِيَ الْقَلْبُ أَوْ صِفَةٌ لِلْأَعْمَالِ أَيْ الْأَعْمَالِ الْمَوْصُوفَةِ بِالظُّهُورِ احْتِرَازًا مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ فَإِنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَفْعَالًا إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ ظَاهِرَةً (قَوْلُهُ الْمُسَمَّاةُ بِالْفُرُوعِ) صِفَةٌ لِأَعْمَالٍ أَيْ الْمُسَمَّاةِ تِلْكَ الْأَعْمَالُ بِالْفُرُوعِ أَيْ الْمُسَمَّى أَحْكَامُ تِلْكَ الْأَعْمَالِ بِالْفُرُوعِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْفُرُوعَ هِيَ الْأَحْكَامُ، وَهِيَ النِّسَبُ التَّامَّةُ وَهِيَ أَحْكَامُ الْأَعْمَالِ أَيْ أَحْكَامٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَعْمَالِ فَثُبُوتُ الْوُجُوبِ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْوُضُوءِ مَثَلًا الَّذِي هُوَ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 فَابْتَدَأَ الْبُخَارِيُّ بِبَيَانِ بَدْءِ الْوَحْيِ لِقَصْدِ بَيَانِ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَابْتَدَأَ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَقَرَّرَتْ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ أَحْكَامِهَا الْأُصُولِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَصَدَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي ابْتِدَاءِ رِسَالَتِهِ بِالْكَلَامِ فِي الْعَقَائِدِ وَمَنْ لَمْ يَبْتَدِئْ بِبَيَانِ الْعَقَائِدِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي فُرُوعِ الدِّينِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَقَرُّرِ الْعَقَائِدِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَا هُوَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ أَوْ جُلُّهُمْ ابْتَدَءُوا بِالْكَلَامِ فِي أَوَّلِ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ رُكْنِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ وَلِأَنَّهَا مِنْ الدِّينِ كَالرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ، ثُمَّ لَا يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَهَا فِي الْغَالِبِ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّ مَقَاصِدَهُمْ اخْتَلَفَتْ هُنَا أَيْضًا فَمَنْ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ رَأَوْا أَنَّهَا مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الَّتِي بِهِ تُدْخَلُ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِبَيَانِ بَدْءِ الْوَحْيِ) أَيْ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ أَيْ فَابْتَدَأَ الْبُخَارِيُّ بِبَيَانِ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ الْوَحْيُ لُغَةً الْإِعْلَامُ فِي خَفَاءٍ وَفِي اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ إعْلَامُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْبِيَاءَهُ الشَّيْءَ إمَّا بِكِتَابٍ أَوْ رِسَالَةِ مَلَكٍ أَوْ مَنَامٍ أَوْ إلْهَامٍ أَيْ تَبْيِينِ الْحَالِ الْوَاقِعِ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ «فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 2] {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 3] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ) أَيْ أَصْلِ الشَّرِيعَةِ الَّذِي هُوَ الْوَحْيُ الْأَوَّلُ وَجُمِعَ لِعِظَمِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَحْيَ الْأَوَّلَ أَسَاسُ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصْلِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ إلَخْ أَيْ الْمُحْتَوِي عَلَى الشَّرِيعَةِ وَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ أَسَاسُهَا (قَوْلُهُ تَقَرَّرَتْ) أَيْ ثَبَتَتْ حَقِيقَتُهَا بِالْوَحْيِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَحْكَامِهَا) أَيْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَيُرَادُ بِالْأَحْكَامِ الْأُصُولِيَّةِ الْأَحْكَامُ الِاعْتِقَادِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْعِيَّةِ) هِيَ الْأَحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ وَالْأُصُولِيَّةُ نِسْبَةً لِلْأُصُولِ مِنْ نِسْبَةِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ إنْ أُرِيدَ بِالْأُصُولِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا مُطْلَقُ أُصُولٍ أَوْ مِنْ نِسْبَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ لِقَصْدِ الْمُبَالَغَةِ إنْ أُرِيدَ الْقَوَاعِدُ الْمَعْلُومَةُ وَقَوْلُهُ وَالْفَرْعِيَّةُ مِنْ نِسْبَةِ الْجُزْئِيَّاتِ لِكُلِّيِّهَا وَالْفَرْعُ هُوَ الْحُكْمُ الْمُسْتَنْبَطُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الدَّلِيلِ التَّفْصِيلِيِّ وَلْنُمْسِكْ عِنَانَ الْقَلَمِ عَنْ التَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهَا الْأُصُولِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي ابْتِدَاءِ رِسَالَتِهِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ ابْتِدَاءِ رِسَالَتِهِ بِالْكَلَامِ إلَخْ أَيْ مِنْ أَجْلِ جَمْعِهِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مُبْتَدِئًا بِالْكَلَامِ أَيْ التَّكَلُّمِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فِي فُرُوعِ الدِّينِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ أَيْ رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ أَيْ التَّكَلُّمَ الْمُحْتَاجَ لَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ تَقَرَّرَتْ الْعَقَائِدُ أَيْ اُعْتُقِدَتْ وَجُزِمَ بِهَا جَزْمًا مُطَابِقًا لِلْحَقِّ عَنْ دَلِيلٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِهَا، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ أَيْ التَّقْرِيرُ بِمَعْنَى عِلْمِهَا وَاعْتِقَادِهَا بِالدَّلِيلِ، وَإِضَافَةُ فُرُوعٍ إلَى الدِّينِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الدِّينَ مَجْمُوعُ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ) فَقِيلَ أَوَّلُ وَاجِبٍ مَعْرِفَةُ اللَّهِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ وَاجْزِمْ بِأَنَّ أَوَّلًا مِمَّا يَجِبُ مَعْرِفَةُ إلَخْ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا تَقَرُّرُ عَقَائِدَ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ وُجُودِهِ وَمَعْرِفَةَ قِدَمِهِ وَمَعْرِفَةَ بَقَائِهِ وَقِيلَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ النَّظَرُ وَقِيلَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ النَّظَرِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ جُلُّهُمْ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِلشَّكِّ أَوْ الْإِضْرَابِ (قَوْلُهُ بِالْكَلَامِ) أَيْ التَّكَلُّمِ (قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ أَرْكَانِ) أَيْ فِي أَحْكَامِ أَوَّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْفُرُوعِ) أَيْ فَالصَّلَاةُ بَيْنَ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْفُرُوعَ هِيَ الْأَحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ وَأَرْكَانُهَا خَمْسَةٌ فَالرُّكْنُ الْأَوَّلُ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الصَّلَاةُ وَجَعَلَهَا أَرْكَانًا لِلْفُرُوعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ إثْبَاتَهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى إقَامَتِهَا (قَوْلُهُ الَّتِي بُنِيَ) صِفَةُ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ مِنْ بِنَاءِ الْكُلِّ عَلَى مُعْظَمِ أَجْزَائِهِ أُرِيدَ بِالْإِسْلَامِ الْإِسْلَامُ الْكَامِلُ، وَهُوَ مَجْمُوعُ الْأَعْمَالِ الشَّامِلِ لِلْخَمْسَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ أُرِيدَ بِهِ النَّاقِصُ، وَهُوَ الْإِذْعَانُ الظَّاهِرِيُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْإِذْعَانِ الْبَاطِنِيِّ (قَوْلُهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ) أَيْ أَوَّلُ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ الصَّلَاةُ. (قَوْلُهُ بَعْدَ رُكْنِ الْأَصْلِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ بَعْدَ رُكْنٍ هُوَ الْأَصْلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ تَبَرُّكًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ ابْتَدَءُوا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا مِنْ الدِّينِ) أَيْ وَلِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الدِّينِ كَالرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ فَكَمَا لَا نِظَامَ لِلْجَسَدِ بِدُونِ الرَّأْسِ بَلْ يَتْلَفُ بِتَلَفِ الرَّأْسِ كَذَا لَا نِظَامَ لِلْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ بِدُونِ الصَّلَاةِ إذْ بِضَيَاعِ الصَّلَاةِ تَضِيعُ الْأَحْكَامُ أَيْ فَتُنْسَى فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَبِحِفْظِهَا تُحْفَظُ الْأَحْكَامُ أَيْ لَا تُنْسَى فَيُنْتَفَعُ بِالْعَمَلِ بِهَا وَأَرَادَ بِالدِّينِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ طَاعَةٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فِي الْغَالِبِ إلَخْ أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لَا يَتَكَلَّمُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ أَيْ مِنْ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ هُنَا أَيْضًا) أَيْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيهِ فِي الْعَقَائِدِ (قَوْلُهُ فَمَنْ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ) أَيْ مُتَعَلِّقَاتِ الطَّهَارَةِ وَسَيَأْتِي تَعْرِيفُ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الْأَوَّلُ الْمُبَيَّنُ بِقَوْلِهِ فَالْبُخَارِيُّ ابْتَدَأَ بِكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ الَّتِي) أَيْ الصَّلَاةُ تُدْخَلُ أَيْ بِالْمِفْتَاحِ أَيْ يُدْخَلُ فِيهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْمِفْتَاحِيَّةُ عِبَارَةً عَنْ الشَّرْطِيَّةِ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْمَشْرُوطِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وَمَنْ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي وُقُوتِ الصَّلَاةِ كَفِعْلِ الْإِمَامِ فِي الْمُوَطَّأِ رَأَى أَنَّ الْخِطَابَ بِالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ، ثُمَّ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ أَوْ ذَكَرُوهَا بَعْدَ الْعَقَائِدِ اخْتَلَفَتْ آرَاؤُهُمْ فِيمَا يُقَدِّمُونَ مِنْ أَنْوَاعِهَا فَمِنْهُمْ مَنْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ عَمَلِ الْوُضُوءِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ كَالرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَيْهِ عَادَةً وَمِنْهُمْ مَنْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ مَا يَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ الْمَاءُ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ هُوَ وَلَا بَدَلُهُ لَا تُوجَدُ الطَّهَارَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ سَابِقًا عَلَى الْكَلَامِ فِيهَا لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ وَاسْتَدْعَى الْكَلَامُ فِيهِ الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَالنَّجَسِ مِنْهَا لِكَيْ يُعْلَمَ مَا يُنَجِّسُ الَّذِي بِهِ تَكُونُ الطَّهَارَةُ وَمَا لَا يُنَجِّسُهُ وَمَا يَمْنَعُ التَّلَبُّسُ بِهِ مِنْ التَّقَرُّبِ بِالصَّلَاةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا كَالطَّوَافِ وَمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُؤَلِّفِ وَمَنْ سَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِبَيَانِ حَقَائِقَ سِتَّةٍ بَلْ سَبْعَةٍ وَهِيَ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ وَالطَّاهِرُ وَالنَّجَسُ وَالطَّهُورِيَّةُ وَالتَّطْهِيرُ وَالتَّنْجِيسُ وَالتَّرْجَمَةُ الْمُضَافُ إلَيْهَا الْبَابُ هُنَا الطَّهَارَةُ وَعَلَيْهَا نَقْتَصِرُ عَلَى بَيَانِهَا وَمَا لِلِاخْتِصَارِ فَنَقُولُ الطَّهَارَةُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهِيَ لُغَةً النَّزَاهَةُ وَالنَّظَافَةُ مِنْ الْأَدْنَاسِ وَالْأَوْسَاخِ وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي التَّنْزِيهِ عَنْ الْعُيُوبِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ لَهُ فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ رَأَى أَنَّ الْخِطَابَ بِالطَّهَارَةِ) أَيْ بِالْأَمْرِ الْمُحَصِّلِ لَهَا أَوْ أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ التَّطْهِيرَ غَيْرَ مَا أَرَادَ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْخِطَابَ أَيْ الْخِطَابُ بِهَا أَيْ طَلَبُهَا الْآتِي عَلَى طَرِيقٍ هِيَ الْوُجُوبُ مِنْ إتْيَانِ الْجِنْسِ عَلَى أَحَدِ أَنْوَاعِهِ أَيْ فِي أَحَدِ أَنْوَاعِهِ فَالْوُجُوبُ أَحَدُ أَنْوَاعِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ إلَى الْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ) أَيْ رَجَعَ إلَى الْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ أَيْ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي لَهَا ارْتِبَاطٌ بِالطَّهَارَةِ وَتَعَلُّقٌ بِهَا وَقَوْلُهُ، ثُمَّ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ أَيْ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي لَهَا ارْتِبَاطٌ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ابْتَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ) أَيْ الَّذِينَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا عَلَى الْعَقَائِدِ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَكَرُوهَا بَعْدَ الْعَقَائِدِ انْتِقَالٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنْوَاعِهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ أَرَادَ بِأَنْوَاعِهَا مَالَهُ ارْتِبَاطٌ بِهَا الْمُبَيَّنُ بِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ عَمَلِ الْوُضُوءِ) أَيْ عَمَلٍ هُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ سَابِقٌ عَلَيْهِ عَادَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ يَكُونُ قَطْعًا مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَلَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَيْهِ عَادَةً وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّاقِضِ الْمُوجِبَ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَبِذِكْرِ مَا يَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ أَيْ بِسَبَبِ الطَّهَارَةِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ أَوْ أَرَادَ بِهَا التَّطْهِيرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِذِكْرِ مَا يَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ لَا تُوجَدُ الطَّهَارَةُ) أَيْ سَبَبُهَا مِنْ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ أَسْبَابِهَا (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ حَقَائِقَ سِتَّةٍ بَلْ سَبْعَةٌ) اُنْظُرْ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ الَّذِي هُوَ السِّتَّةُ مَا هِيَ مِنْ السَّبْعَةِ وَلَعَلَّهُ مَا عَدَا الطَّهُورِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا مُقَابِلٌ وَسَكَتَ عَنْ النَّجَسِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي الشَّرْعِ وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ لَقِيلَ فِي رَسْمِهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنَ الْمُلْقَى هُوَ فِيهِ نَجَسًا. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نَقْتَصِرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ إتْمَامَ الْفَائِدَةِ بِذِكْرِ الْبَاقِي فَنَقُولُ الطَّاهِرُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِصِفَةٍ حُكْمِيَّةٍ أَوْجَبَتْ لَهُ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَالنَّجِسُ بِكَسْرِ الْجِيمِ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِصِفَةٍ حُكْمِيَّةٍ أَوْجَبَتْ لَهُ مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَحَدُّ الطَّهُورِيَّةِ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهِيَ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَوَاصِّ الْمَاءِ لَا تَتَعَدَّاهُ لِسَائِرِ الْمَائِعَاتِ إجْمَاعًا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ طَاهِرًا وَضَمِيرُ بِهِ يَعُودُ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَضَمِيرِ نَجَاسَتِهِ يَعُودُ عَلَى أَلْ الْمَوْصُولَةِ وَنَجَاسَتُهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَطَاهِرًا خَبَرُ صَارَ فَالْمَوْصُوفُ بِالطَّهُورِيَّةِ هُوَ الْمَاءُ وَالْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ هُوَ الثَّوْبُ مَثَلًا فَالطَّهُورِيَّةُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا الَّذِي هُوَ الْمَاءُ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ، وَهُوَ الثَّوْبُ مَثَلًا بِذَلِكَ الْمَاءِ طَاهِرًا وَحَدُّ التَّطْهِيرِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ يُتَعَقَّلُ حَدُّ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ التَّنْجِيسُ فَيُقَالُ هُوَ إلْقَاءُ النَّجَسِ بِطَاهِرٍ، وَأَمَّا الطُّهَارَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ فَهِيَ فَضْلَةُ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْفَضْلَةِ طُهُورِيَّةٌ بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْضًا، وَأَمَّا الطِّهَارَةُ بِالْكَسْرِ فَهِيَ مَا يُضَافُ إلَى الْمَاءِ مِنْ صَابُونٍ أَوْ غَاسُولٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَالنَّظَافَةُ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوْسَاخِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ جَمْعُ وَسَخٍ مَا عَلَى الثَّوْبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ قِلَّةِ التَّعَهُّدِ (قَوْلُهُ وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا) أَيْ مَجَازَ اسْتِعَارَةٍ تَبِعَ فِيهِ الْحَطَّابَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي النَّظَافَةِ وَالْخُلُوصِ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةً كَانَتْ كَالْأَنْجَاسِ أَوْ مَعْنَوِيَّةً كَالْعُيُوبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] أَيْ مُخَلِّصُك مِنْ أَدْنَاسِهِمْ {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] أَيْ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الْعَيْبِ وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُ الطَّهَارَةِ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الرَّصَّاعُ وتت فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَلَّابِ (قَوْلُ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ أَوْ لِلتَّرْدِيدِ وَالتَّرْدِيدُ يُنَافِي التَّحْدِيدَ وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّرْدِيدَ فِي مُتَعَلِّقِ الْحَدِّ لَا فِي الْحَدِّ نَفْسِهِ فَيُقَالُ أَنَّ الصُّفَّةَ الْحُكْمِيَّةَ أَوْجَبَتْ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالْإِطْلَاقِ إمَّا بِشَيْءٍ أَوْ فِي شَيْءٍ أَوْ لِشَيْءٍ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ أَيْضًا مَا يَرِدُ مِنْ أَنَّ فِيهِ جَمْعَ حَقَائِقَ فِي حَدٍّ وَاحِدٍ، وَهُوَ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخَبَثِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْمُتَعَلِّقِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ فِي قُوَّةِ تَعَارِيفَ لِكَوْنِ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وَيُقَابِلُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى النَّجَاسَةُ فَيُقَالُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا هِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ انْتَهَى وَمَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمِيَّةٌ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِهَا وَيُقَدَّرُ قِيَامُهَا بِمَحَلِّهَا وَلَيْسَتْ مَعْنًى وُجُودِيًّا قَائِمًا بِمَحَلِّهِ لَا مَعْنَوِيًّا كَالْعِلْمِ لِصَاحِبِهِ وَلَا حِسِّيًّا كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِمُلَابِسِهِ فَيَشْمَلُ الثَّوْبَ وَالْبَدَنَ وَالْمَاءَ وَكُلَّ مَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي مُلَابَسَتُهُ فَانْدَفَعَ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ طَهَارَةَ الْمَاءِ الْمُضَافِ وَقَوْلُهُ فِيهِ يُرِيدُ بِهِ الْمَكَانَ وَقَوْلُهُ يُرِيدُ بِهِ الْمُصَلِّيَ، وَهُوَ شَامِلٌ لِطَهَارَةِ الْمُصَلِّي مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ يَخُصُّهُ بِهِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِّ النَّجَاسَةِ تُوجِبُ مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الْمُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِقَوْلِهِ فِي حَدِّ الطَّهَارَةِ فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلُهُ كَمَا فِي حَدِّ الطَّهَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ شَرْعًا لِلْحَدَثِ نَجَاسَةٌ وَلَا لِلْمُحْدِثِ نَجَسٌ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ وَفِيهِ وَلَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَوْصُوفِ مِنْ قَوْلِهِ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا وَمَعْنَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُقَابِلُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى) أَيْ، وَأَمَّا لَا بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا يُقَابِلُهَا النَّجَاسَةُ بِأَنْ أُرِيدَ مِنْ الطَّهَارَةِ رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ فَالْأَحْسَنُ التَّعَرُّضُ لِبَيَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَوْرَدَ عَلَى تَعْرِيفِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ وَالدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ أَنَّ بِهِ صِفَةً حُكْمِيَّةً تَمْنَعُ الصَّلَاةَ بِهِ أَوْ فِيهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَثَرُ الْغَصْبِ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ مِنْ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِيهِ وَهُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَالِكِ بِهِ لَا يُسَمَّى صِفَةً فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ صِفَةٌ كَالنَّجَسِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّرُ قِيَامُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ فَهِيَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ أُورِدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأُمُورَ الِاعْتِبَارِيَّةَ لَا تَكُونُ صِفَةً وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ شَرْعِيٌّ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ جَعْلِهَا عِلَّةً مَعَ أَنَّهَا عَدَمِيَّةٌ وَالْعِلَّةُ وُجُودِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْعَدَمَ الْمُقَيَّدَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً وَالْخِلَافُ فِي تَعْلِيلِ الْوُجُودِ بِالْعَدَمِ فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ أَمَّا الْمَنْصُوصَةُ فَجَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ كَالْعَدَمِيَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ مَعْنَى وُجُودِيًّا) أَيْ لَيْسَتْ صِفَةً وُجُودِيَّةً يُمْكِنُ رُؤْيَتُهَا (قَوْلُهُ لَا مَعْنَوِيًّا) أَرَادَ بِهِ الْأَمْرَ الْوُجُودِيَّ الَّذِي يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ لَكِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ (قَوْلُهُ وَلَا حِسِّيًّا) أَيْ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ مِمَّا يُرَى بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَوْصُوفِهَا لِشِبْهِ الْمِلْكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ إيجَابَ اسْتِبَاحَةٍ لِأَجْلِ الْمَوْصُوفِ لَا لِلْمَوْصُوفِ وَالْمَعْنَى عَلَى جَعْلِهَا لِشِبْهِ الْمِلْكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرٌ أَيْ أَنَّ الْمَوْصُوفَ صَارَ كَالْمَالِكِ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ مُسْتَحِقًّا لَهَا ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ لِمَوْصُوفِهَا مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ جَوَازَ اسْتِبَاحَتِهِ إلَخْ، وَأَمَّا عَلَى جَعْلِهَا مُتَعَلِّقَةً بِ تُوجِبُ فَهِيَ لِلتَّعْدِيَةِ. (فَإِنْ قُلْت) يَرِدُ عَلَى هَذَا طَهَارَةُ الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا أَوْجَبَتْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُوجِبْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَهُ وَلَا بِهِ وَلَا فِيهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ ذَلِكَ وَيَجْرِيَ نَحْوُهُ فِي طَهَارَةِ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَيْ لِوَطْئِهَا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ لِلتَّمَتُّعِ بِهِ أَيْضًا وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَشْمَلُ الْوُضُوءَ لِلسَّلَاطِينِ وَالْوُضُوءَ لِلتِّلَاوَةِ أَيْضًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ تُوجِبُ لَهُ الْجَوَازَ بِشَرْطِ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ؛ وَلِذَا لَوْ وُجِدَتْ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى وَحَصَلَ مَانِعُ الصُّغْرَى فَلَا يُقَالُ أَنَّ الْكُبْرَى لَيْسَتْ طَهَارَةً لِعَدَمِ إيجَابِهَا الْإِبَاحَةَ الْمَذْكُورَةَ بَلْ طَهَارَةٌ وَعَدَمُ إيجَابِهَا الْمَانِعَ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا طَهَارَةً فَطُهْرُ الذِّمِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا طَهَارَةٌ لَوْلَا الْمَانِعَ وَالْمَانِعُ هُوَ الْمَوْتُ وَالْكُفْرُ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ لِلدُّخُولِ عَلَى السَّلَاطِينِ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِطَهَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالتَّعْرِيفُ لَهَا وَفِيهِ شَيْءٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَهَارَةٌ وَشَرْعًا، وَأَمَّا الْأَوْضِيَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ وَالِاغْتِسَالَاتُ الْمَسْنُونَةُ وَالْمُسْتَحَبَّةُ الَّتِي يُصَلَّى بِهَا فَإِنَّهَا تُوجِبُ جَوَازَ الِاسْتِبَاحَةِ لَوْلَا وُجُودُ مِثْلِهَا إذْ الْمِثْلَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الرَّسْمِ أَنَّهُ صَادِقٌ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِحْرَامِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا صِفَاتٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَا ذُكِرَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا طَهَارَةً؛ لِأَنَّهُ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ لَا صِفَاتٌ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَبْدَأُ الرَّسْمِ أَوْ يُقَالُ أَنَّ الصَّلَاةَ بِدُونِ الْأَوْضِيَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ أَوْ الْمَسْنُونَةِ مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى فَلَا تَكُونُ مُبَاحَةً وَبِهَا تَصِيرُ مُبَاحَةً فَصَدَقَ التَّعْرِيفُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِمُلَابِسِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ بِمُلَابَسَتِهِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَالْبَدَنَ) أَيْ بَدَنَ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ وَالْمَاءَ) الَّذِي يَحْمِلُهُ الْمُصَلِّي لِقَوْلِهِ وَكُلُّ مَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي مُلَابَسَتُهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ طَهَارَةَ الْمَاءِ الْمُضَافِ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَانْدَفَعَ الْبَحْثُ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ طَهَارَةَ الْجَسَدِ مِنْ الْخَبَثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُلَابِسٍ لِلْمُصَلِّي وَقَوْلُهُ الْمَاءُ الْمُضَافُ لَا خُصُوصِيَّةً لِلْمَاءِ وَلَا قَيْدَ كَوْنِهِ مُضَافًا؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ وَارِدٌ بِكُلِّ مَا يَحْمِلُهُ الْمُصَلِّي كَانَ مَاءً أَوْ غَيْرَهُ كَانَ الْمَاءُ مُضَافًا أَمْ لَا وَيُرَادُ بِقَوْلِهِ بِمُلَابَسَتِهِ أَيْ مَعَ الِاتِّصَالِ بِهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ فِيهِ بِتَقْدِيرِ مُلَابِسِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَالُ لَهُ مُتَطَهِّرٌ بِالنِّسْبَةِ لِطَهَارَتِهِ مِنْ الْحَدَثِ بِالْوُضُوءِ وَمُتَطَهِّرٌ بِالنِّسْبَةِ لِطَهَارَةِ بَدَنِهِ مِنْ الْخَبَثِ لَكِنْ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ تَقْصُرُ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْمُصَلِّي عَلَى الْحَدَثِ فَلَا يُقَالُ لَهُ مُتَطَهِّرٌ بِاعْتِبَارِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ مُتَطَهِّرٌ بِاعْتِبَارِ الْحَدَثِ (وَأَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ إيرَادُهُمْ الْبَدَنَ وَجَوَابَهُ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّخْصِ الرُّوحُ فَقَطْ فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ شَامِلٌ لِطَهَارَةِ الْمُصَلِّي مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ (قَوْلُهُ وَلَا لِلْمُحْدِثِ نَجَسٌ) نَقُولُ مُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ نَجَسٌ بِاعْتِبَارِ الْحَدَثِ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ نَجَسٌ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ النَّجَاسَةِ بِبَدَنِهِ أَيْ مُتَنَجِّسٌ. (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا يُوجِبُ لِمَوْصُوفِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 تُوجِبُ تُصَحِّحُ وَمَعْنَى جَوَازِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَيْ تُصَحِّحُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ طَلَبِ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ طَلَبَ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ شَرْعًا مَعَ الْمَانِعِ كَانَ مَمْنُوعًا فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا طَلَبُ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ مِفْتَاحِهَا، وَهُوَ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِفْتَاحٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَسَوَّرَ عَلَى طَلَبِ إبَاحَةِ الدُّخُولِ فَإِذَا وَجَدَ مِفْتَاحَهَا ثَبَتَ جَوَازُ طَلَبِ إبَاحَةِ الدُّخُولِ فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ جَوَازُ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَمَا قِيلَ. (ص) يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمُطْلَقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَدَثَ، وَهُوَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْخَبَثِ، وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ لَا يُزَالُ إلَّا بِالْمُطْلَقِ، وَأَمَّا عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَتُزَالُ بِكُلِّ قِلَاعٍ وَالْحَدَثُ بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةً وُجُودُ الشَّيْءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ وَعَلَى الْخُرُوجِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ آدَابُ الْحَدَثِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْحُكْمِيِّ الْمُقَدَّرِ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ يَمْنَعُ الْحَدَثَ كَذَا وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ هُنَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَيَصِحُّ هُنَا إرَادَةُ الْمَعْنَى الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْوَصْفُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَإِذَا ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ الْآخَرُ وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الْمَعْنَيَيْنِ   [حاشية العدوي] فَفِي الْخَبَثِ تُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لِمَوْصُوفِهَا أَوْ فِي مَوْصُوفِهَا وَفِي الْحَدَثِ تُوجِبُ الِاسْتِبَاحَةَ لِمَوْصُوفِهَا فَضَمِيرُ بِهِ وَفِيهِ وَلَهُ كُلٌّ يَعُودُ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَلَمَّا أَبْهَمَ طَهَارَةَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ بَيَّنَ ذَلِكَ فَقَالَ وَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ (قَوْلُهُ تُصَحِّحُ) أَيْ تُسَبِّبُ لِمَوْصُوفِهَا الْجَوَازَ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا سَبَبٌ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت فِي إبَاحَةِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِيجَابِ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ (فَإِنْ قُلْت) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا شَرْطٌ نَقُولُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي إبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَشَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تُسَبِّبُ جَوَازَ الصَّلَاةِ تُسَبِّبُ جَوَازَ غَيْرِهَا مِنْ طَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ (وَأُجِيبُ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ جَوَازُ غَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ يُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ فِي التَّعْرِيفِ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُسْقِطَ جَوَازَ وَاسْتِبَاحَةَ أَوْ يَذْكُرَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ يَذْكُرَهُمَا مَعًا أَمَّا عَدَمُ ذِكْرِهِمَا مَعًا بِأَنْ يَقُولَ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا الصَّلَاةَ فَلَا يَصِحُّ سَوَاءٌ أُرِيدَ مِنْ الْإِيجَابِ حَقِيقَتُهُ أَوْ التَّسَبُّبُ فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ شَيْءٍ، ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ ذَكَرَ الْأَمْرَيْنِ اسْتِبَاحَةَ وَجَوَازَ فَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ إضَافَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَدْفُوعٌ بِجَعْلِ السِّينِ وَالتَّاءِ لِلطَّلَبِ (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ إضَافَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَثَانِيًا إنَّ جَعْلَهَا لِلطَّلَبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَوْصُوفٍ بِهَا كَانَ ثَوْبًا أَوْ مَكَانًا أَوْ شَخْصًا يَطْلُبُ مِنْ اللَّهِ إبَاحَةَ ذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ تَجْعَلَ السِّينَ وَالتَّاءَ زَائِدَتَيْنِ وَالْإِضَافَةُ صَحِيحَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ نَعَمْ لَوْ حَذَفَ ابْنُ عَرَفَةَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ وَاكْتَفَى بِوَاحِدٍ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَإِنْ أَرَدْت تَمَامَ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ فَرَاجِعْ عج وَلَكِنْ فِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِلْقَاصِرِينَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ إلَخْ) أَيْ مَثَلًا لِمَا أَنَّ الْمَوْصُوفَ أَعَمُّ مِنْ الْمُكَلَّفِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَوَّرَ) أَيْ يُقَدِّمَ (قَوْلُهُ الْمَنْعُ) أَيْ تَحْرِيمُ قُرْبَانِ الْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُ الْمُتَرَتِّبُ أَيْ الْمُتَعَلِّقُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقَائِمَ بِالْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ الْمَوْلَى جَلَّ وَعَزَّ (فَإِنْ قُلْت) إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّخْصِ لَا بِالْأَعْضَاءِ (قُلْنَا) الْمَعْنَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّخْصِ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ أَوْ تَجَوُّزٍ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) أُخِذَ الْحَصْرُ إمَّا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا أَيْ وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُضَافِ وَالْجَمَادِ أَوْ يُقَالُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ إنَّ تَصْدِيرَ الْبَابِ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَسِيَاقَهَا مَسَاقَ الْحَدِّ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ أَدَاةُ حَصْرٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّمَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ بَلْ وَكُلُّ طَهَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ مِنْ غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَفْهُومِ الْمُطْلَقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَاقِي إلَخْ) ذَلِكَ الْبَاقِي أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ، وَهُوَ كَوْنُ الشَّيْءِ نَجَسًا فِي الشَّرْعِ لَا تُبَاحُ مُلَابَسَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْغِذَاءِ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَأَمَّا مَوْضِعُ الِاسْتِجْمَارِ وَالسَّيْفُ الصَّقِيلِ وَنَحْوُهُ إذَا مُسِحَ وَالْخُفُّ وَالنَّعْلُ إذَا دُلِّكَا مِنْ أَبْوَالِ الدَّوَابِّ وَأَرْوَاثِهَا فَالْمَحَلُّ مَحْكُومٌ لَهُ بِالنَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ صِفَةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْمَحَلِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ (قَوْلُهُ بِكُلِّ قِلَاعٍ) أَيْ بِكُلِّ شَيْءٍ يَقْلَعُهَا وَيُزِيلُهَا (قَوْلُهُ وُجُودُ الشَّيْءِ) أَيْ وَالْحَادِثُ الْمَوْجُودُ بَعْدَ الْعَدَمِ وَهَلْ الْوُجُودُ وَجْهٌ وَاعْتِبَارٌ أَوْ حَالٌ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ آدَابُ الْحَدَثِ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ) أَيْ وَالْخَارِجُ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْوَصْفِ الْحُكْمِيِّ) أَيْ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ أَوْ الْمَعْنَى لَا حِسِّيٌّ فَهُوَ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودِيٌّ (قَوْلُهُ قِيَامَ) أَيْ كَقِيَامِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ) أَيْ الْمُتَسَبِّبِ أَيْ تَعَلُّقُهُ لِمَا يَأْتِي وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَنْعَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مُتَسَبِّبٌ عَنْ الْخُرُوجِ وَأَنَّهُ مُقَارِبٌ لِلْوَصْفِ فِي التَّرَتُّبِ لَا أَنَّ التَّرَتُّبَ سَابِقٌ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَيْهِ تَعَقُّلًا (قَوْلُهُ فَإِذَا ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ وَإِذَا ثَبَتَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ لَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَإِذَا ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ الْآخَرُ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّهُ تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ بِمَعْنَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِالْأَعْضَاءِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْمَنْعَ رَفْعًا مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هُوَ رُخْصَةٌ فَيَرْفَعُ الْمَنْعَ عَمَّا يُسْتَبَاحُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ عَدَمُ الْمَاءِ فَلَا تُسْتَبَاحُ بِهِ إلَّا فَرِيضَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ وَلَوْ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ فِعْلِ ذَلِكَ الْمُسْتَبَاحِ عَادَ الْمَنْعُ وَلَمْ يُسْتَبَحْ بِهِ شَيْءٌ أَفَادَ الْحَطَّابُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَعْنَى تَلَازُمِهِمَا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ أَحَدُهُمَا دَائِمًا وَيَبْقَى الْآخَرُ دَائِمًا بَلْ إذَا ارْتَفَعَ الْمَنْعُ فَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ ثُمَّ يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ أَنَّ كُلًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 الْأُولَيَيْنِ إذْ لَا يَرْتَفِعَانِ إلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ حُكْمُ الْحَدَثِ فَيَصِحُّ إرَادَتُهُمَا لَا يُقَالُ الْحَدَثُ هُوَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ إلَخْ وَالْمَنْعُ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ رَفْعُ وَاجِبِ الْوُجُودِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْحُكْمُ مُرْتَفِعٌ وَمُتَجَدِّدٌ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَالتَّعَلُّقُ عَدَمِيٌّ مُمْكِنُ الِارْتِفَاعِ وَبَنَى الْمُؤَلِّفُ يُرْفَعُ لِلْمَجْهُولِ لِلْعِلْمِ بِفَاعِلِهِ، وَهُوَ اللَّهُ أَوْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِوَاسِطَةِ مَا أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ يُرْفَعُ الْأَوْلَى فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ ثَابِتٌ مُقَرَّرٌ عَنْ الشَّارِعِ أَيْ حَكَمَ بِصِحَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ إلَى حُكْمِ الْفَقِيهِ بِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَا ثَبَتَ عَنْ الشَّارِعِ لَعَبَّرَ بِالْمَاضِي أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ عَنْ الْمَاضِي عَلَى نَقِيضِ قَوْله تَعَالَى {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] نَظَرًا إلَى إحْضَارِ هَذَا الْحُكْمِ الْعَجِيبِ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ أَيْ إحْضَارِهِ الْآنَ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ يُسْتَحْضَرُ بِهِ الْأُمُورُ الْغَرِيبَةُ بِخِلَافِ الْمَاضِي فَإِنَّهُ لَا إحْضَارَ فِيهِ وَالشَّيْءُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى نَقِيضِهِ كَمَا يُحْمَلُ عَلَى نَظِيرِهِ وَعَبَّرَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ فَيَقُولُ رَافِعُ الْحَدَثِ وَحُكْمُ الْخَبَثِ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ التَّجَدُّدَ وَالْحُدُوثَ وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذَلِكَ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الرَّفْعِ إلَى الْمَاءِ مَجَازٌ. (ص) ، وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] مِنْ الْوَصْفِ وَالْمَنْعِ يَرْتَفِعُ رَفْعًا مُقَيَّدًا وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَيْ رَفْعًا مُطْلَقًا أُرِيدَ بِهِ الْحَدَثُ أَوْ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ إلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ حُكْمُ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ الْوَصْفُ أَوْ الْمَنْعُ ثُمَّ نَقُولُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ تَرَتَّبَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ شَكٍّ (قَوْلُهُ وَالْمَنْعُ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمُ قُرْبَانِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَدِيمِ طَوِيلُ الزَّمَنِ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُتَجَدِّدٌ) لَا دَخْلَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ) أَيْ أَنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَيْسَ مُتَجَدِّدًا وَمُرْتَفِعًا بَلْ مَا مُرْتَفِعٌ وَمُتَجَدِّدٌ إلَّا تَعَلُّقُهُ (قَوْلُهُ عَدَمِيٌّ) أَيْ لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ فِي الْخَارِجِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالتَّعَلُّقُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَدَمِيٌّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ وُجُودِيًّا فَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا عَلَى فَرْضِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْقَدِيمِ الْوُجُودِيَّةَ قَدِيمَةٌ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعَلُّقَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الْحُكْمِ. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا أَنَّ التَّعَلُّقَ جُزْءُ مُسَمَّى الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا حَادِثًا بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ فَيَكُونُ حَادِثًا؛ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَادِثٌ فَلَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِهِ يَتَجَدَّدُ وَيَرْتَفِعُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ اللَّهُ أَوْ النَّبِيُّ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الْمُكَلَّفُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاعِلِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مَنْ قَامَ بِهِ الْفِعْلُ لَا مَنْ أَوْجَدَهُ فَلَا يَرِدُ مَا يَأْتِي إذْ لَوْ أُرِيدَ الْمُوجِدُ لَمَا صَحَّ إسْنَادُ فِعْلٍ إلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ أَيْ حُكْمٌ إلَخْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بِفَاعِلِهِ أَيْ بِحَاكِمِهِ أَيْ بِالْحَاكِمِ بِهِ (قَوْلُهُ بِوَاسِطَةِ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ هِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي أَوْحَاهَا اللَّهُ إلَيْهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ الْإِيحَاءِ (قَوْلُهُ الشَّارِعِ) أَيْ الَّذِي هُوَ اللَّهُ تَعَالَى حَقِيقَةً وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجَازًا (قَوْلُهُ أَيْ حَكَمَ بِصِحَّةِ رَفْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلَّفْظِ بِمَدْلُولِهِ فَهُوَ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَا وَالْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ إسْنَادِهِ إلَى اللَّهِ أَزَلِيٌّ وَبِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَادِثٌ (قَوْلُهُ نَظَرَ فِيهِ إلَى حُكْمِ الْفَقِيهِ) أَيْ إخْبَارِهِ (قَوْلُهُ إلَى إحْضَارِ هَذَا الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الرَّفْعِ وَإِنَّمَا كَانَ عَجِيبًا لِغَرَابَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا (قَوْلُهُ أَيْ إحْضَارُهُ إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْحُكْمَ الْعَجِيبَ حَاضِرًا فِي ذِهْنِ السَّامِعِ وَالطَّرِيقُ الَّتِي تُوَصِّلُ لِذَلِكَ إنَّمَا هِيَ الْمُضَارِعُ، وَأَمَّا الْمَاضِي فَلَا فَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَاضِي فَإِنَّهُ لَا إحْضَارَ فِيهِ) أَيْ لَا يَتَيَسَّرُ أَنْ يَكُونَ آلَةً فِي إحْضَارِ ذَلِكَ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى لَوْ عَبَّرَ بِالْمَاضِي وَأَخْبَرَ بِهِ السَّامِعَ فَإِنَّهُ يَتَصَوَّرُهُ فِي ذِهْنِهِ قَطْعًا، وَهَذَا إحْضَارٌ لَهُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَقَدْ حَصَلَ الْإِحْضَارُ بِالْمَاضِي وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ إحْضَارٌ بِحَيْثُ يُلَاحِظُ أَنَّهُ وَاقِعٌ فِي الْحَالِ لَا مُطْلَقُ إحْضَارٍ (قَوْلُهُ وَالشَّيْءُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى نَقِيضِهِ) كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ كَمَا يُحْمَلُ عَلَى نَظِيرِهِ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي بَابِ الْقِيَاسِ كَحَمْلِ الْأَرُزِّ عَلَى الْبُرِّ فِي حُرْمَةِ الرِّبَا بِجَامِعِ الِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ وَكَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْمَجَازَاتِ مَثَلًا اسْتِعْمَالُ السَّبَبِ فِي الْمُسَبَّبِ يَكْفِي وُرُودُهُ عَنْ الْعَرَبِ فِي جُزْئِيٍّ وَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَسْتَعْمِلَ اسْمَ السَّبَبِ فِي جُزْئِيٍّ غَيْرَ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَجَازَ مَوْضُوعٌ بِالنَّوْعِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ التَّجَدُّدَ وَالْحُدُوثَ) أَيْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُضَارِعُ بِالْقَرِينَةِ لَا الْوُجُودِ بَعْدَ الْعَدَمِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْفِعْلِ مُطْلَقًا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَرِينَةٍ، وَأَمَّا الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ فَتُفِيدُ الدَّوَامَ وَالثَّبَاتَ بِقَرِينَةٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذَلِكَ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ الرَّفْعَ قَدِيمٌ فَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى التَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ فَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا نَاظِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مَنْقُولُهُ أَوْ نَظَرًا لِحُكْمِ الْفَقِيهِ بِذَلِكَ نَعَمْ هَذَا الْكَلَامُ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّ الرَّافِعَ الْمُكَلَّفُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الرَّفْعِ إلَى الْمَاءِ مَجَازٌ) أَيْ الَّذِي يَأْتِي عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ، وَأَمَّا الْفِعْلِيَّةُ فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ عَلَيْهَا لَكِنْ يَرِدُ أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ مِنْ الْحَقِيقَةِ. (قَوْلُهُ مَا صَدَقَ) أَيْ الَّذِي صَدَقَ أَوْ شَيْءٌ صَدَقَ أَوْ يُقْرَأُ مَاءٌ بِالتَّنْوِينِ (قَوْلُهُ صَدَقَ) أَيْ حُمِلَ؛ لِأَنَّ الصِّدْقَ فِي الْمُفْرَدَاتِ مَعْنَاهُ الْحَمْلُ وَفِي الْقَضَايَا بِمَعْنَى التَّحَقُّقِ أَيْ مَا صَحَّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَيْ عُرْفًا كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَفِي كَلَامِ تت مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا صَحَّ لُغَةً مَثَلًا مَاءُ الْبِطِّيخِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عُرْفًا مَاءٌ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ عَلَى مَا قَالَ الْحَطَّابُ وَهَلْ يَصِحُّ إطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لُغَةً، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إذْ الْأَصْلُ اخْتِلَافُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْعُرْفِيِّ، وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَ تت فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لُغَةً وَصِحَّةُ هَذَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ لُغَةً كَذَا فِي ك قَالَ عج ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتَاوَى السُّيُوطِيَّةِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ هُوَ الذَّاتُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا هَذَا مَاءٌ فَيَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمَاءِ بِلَا قَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ فَمَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ كَالْجِنْسِ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ مَاءٍ عِنْدَهُمْ عَرَضٌ عَامٌّ وَبِلَا قَيْدٍ كَالْفَصْلِ يَخْرُجُ مَا عَدَا الْمُطْلَقِ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ لَا يُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهَا مَاءٌ إلَّا بِزِيَادَةِ قَيْدٍ آخَرَ مِنْ إضَافَةٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَقَوْلِنَا مَاءُ وَرْدٍ وَمَاءُ رَيْحَانٍ وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ ذَوَاتِهَا بِاسْمِ الْمَاءِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَيْءٍ كَمَا فِي الْمُطْلَقِ وَدَخَلَ فِي تَعْرِيفِ الْمُؤَلِّفِ لِلْمُطْلَقِ مَا إضَافَتُهُ بَيَانِيَّةٌ كَمَاءِ الْمَطَرِ وَمَا أُضِيفَ لِمَحَلِّهِ كَمَاءِ السَّمَاءِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْبَحْرِ فَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ التَّطْهِيرِ بِهِ، ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْآبَارِ آبَارُ ثَمُودَ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِمَائِهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاءُ عَذَابٍ لَا لِنَجَاسَتِهِ وَكَمَا يُمْنَعُ الْوُضُوءُ بِمَائِهَا يُمْنَعُ التَّيَمُّمُ بِأَرْضِهَا وَهِيَ مَسِيرَةُ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ الِاسْتِعْمَالِ بِالْمَاءِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ تَطَهَّرَ بِهِ وَصَلَّى صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَدَخَلَ فِي حَدِّ الْمُطْلَقِ الْمَاءُ الْعَذْبُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا جَمِيعُ الْمِيَاهِ الْمَكْرُوهَةِ الْآتِيَةِ. (ص) ، وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ   [حاشية العدوي] الْحَطَّابُ وَيَرِدُ مَا ذَكَرَهُ تت، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمُفْرَدَاتِ الَّتِي هِيَ الْجُزْئِيَّاتُ لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي تُرَادُ فِي التَّعْرِيفِ فَإِذَنْ إمَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ مَا صَدَقَ عَلَى أَفْرَادِهِ أَوْ يُوقَعُ مَا عَلَى أَفْرَادٍ وَلَا يُجْعَلُ تَعْرِيفًا بَلْ ضَابِطًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَامِهِ الْحُكْمَ ضِمْنًا عَلَى الْمُطْلَقِ وَكَيْفَ يُحْكَمُ عَلَى الشَّيْءِ بِدُونِ تَصَوُّرِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ تَقْدِيمِ الْحُكْمِ عَلَى التَّصْوِيرِ لَا عَلَى التَّصَوُّرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ اسْمُ مَاءٍ) أَيْ اسْمٌ هُوَ لَفْظُ مَاءٍ أَيْ الَّذِي يُكْتَفَى فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِلَا قَيْدٍ) أَيْ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ الَّتِي يُقَالُ هَذَا مَاءٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ أَيْ الَّتِي يُقَالُ فِي شَأْنِهَا هَذَا مَاءٌ. (قَوْلُهُ فَيَصْدُقُ) أَيْ فَيُحْمَلُ (قَوْلُهُ فَمَا صَدَقَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا إمَّا مَوْصُوفَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ لَا مَاءٌ بِالْمَدِّ (قَوْلُهُ كَالْجِنْسِ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مَا لَيْسَ جِنْسًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ مَاءٍ) أَيْ مَدْلُولَ لَفْظَةِ مَاءٍ (قَوْلُهُ عَرَضٌ) أَيْ لَا جِنْسٌ أَيْ وَصْفٌ عَامٌّ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوصَفُ بِهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ عَامٌّ أَيْ لَا خَاصٌّ (قَوْلُهُ كَالْفَصْلِ) لَمْ يَقُلْ فَصْلٌ؛ لِأَنَّ الْفُصُولَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى الْأَجْنَاسِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقَالُ) أَيْ إذْ لَا يُحْمَلُ (قَوْلُهُ أَوْ وَصْفٌ إلَخْ) أَيْ كَقَوْلِك هَذَا مَاءٌ مُضَافٌ هَذَا مَاءٌ نَجِسٌ هَذَا مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ أَوْ هَذَا مَاءُ مَطَرٍ أَوْ مَاءُ نَدًى أَيْ مَمْطُورٌ وَمُنَدًّى كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَالْأَلِفِ وَاللَّامِ الَّتِي لِلْعَهْدِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ «عَائِشَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ غُسْلٌ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ» أَوْ كَمَا قَالَ فَأَلْ فِي الْمَاءِ دَاخِلَةٌ عَلَى مَاءٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ الْمَنِيُّ (قَوْلُهُ كَقَوْلِنَا مَاءِ وَرْدٍ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِلْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ مَا إضَافَتُهُ بَيَانِيَّةٌ) الرَّاجِحُ أَنَّهَا لِلْبَيَانِ لَا بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ الْبَيَانِيَّةَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ كَخَاتَمِ حَدِيدٍ (قَوْلُهُ كَمَاءِ السَّمَاءِ) أَيْ أَنَّ السَّمَاءَ مَحَلُّ الْمَاءِ وَالسَّمَاءُ كُلُّ مَا عَلَاك وَمِنْهُ قِيلَ لِسَقْفِ الْبَيْتِ سَمَاءٌ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَحَلَّ هُنَا هُوَ السَّحَابُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ سَمَاءٌ أَوْ أَنَّ الْمَاءَ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ، ثُمَّ نَزَلَ إلَى السَّحَابِ فَيَكُونُ السَّمَاءُ الْحَقِيقِيُّ مَحَلًّا أَوَّلِيًّا هَذَا مَا أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ. (قَوْلُهُ وَالْآبَارِ) بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ بَعْدَ اللَّامِ السَّاكِنَةِ عَلَى وَزْنِ الْأَمْثَالِ جَمْعُ بِئْرٍ جَمْعُ قِلَّةٍ وَإِذَا كَثُرَتْ فَهِيَ الْبِئَارُ عَلَى وَزْنِ الْفِعَالِ (قَوْلُهُ وَالْعُيُونِ) جَمْعُ عَيْنٍ هِيَ مُشْتَرَكَةٌ تَقَعُ عَلَى الْبَاصِرَةِ وَالذَّهَبِ وَالشَّمْسِ وَالْمَالِ وَالنَّقْدِ وَالْجَاسُوسِ وَوَلَدِ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ وَخِيَارِ الشَّيْءِ وَنَفْسِ الشَّيْءِ وَالْيَنْبُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ هُنَا الْيَنْبُوعُ (قَوْلُهُ وَالْبَحْرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْرَ هُوَ الْمَاءُ الْمُتَّسِعُ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى مَحَلِّهِ بَلْ هُوَ مِثْلُ مَاءِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ فَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ التَّطْهِيرِ بِهِ) أَيْ بِالْبَحْرِ إنَّمَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حُكِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَرَاهَةُ الْوُضُوءِ بِهِ فَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى) لَا حَاجَةَ؛ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِ وَمَا لَا لَا فِيمَا يَجُوزُ دُونَ مَا يَحْرُمُ، وَهُوَ يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ آبَارُ ثَمُودَ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِآبَارِ ثَمُودَ بِالذِّكْرِ وَمِثْلُهُ آبَارُ قَوْمِ لُوطٍ وَكُلِّ قَوْمٍ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ) أَيْ فِي عَجْنٍ أَوْ طَبْخٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَاءُ عَذَابٍ) أَيْ مَاءُ قَوْمٍ وَقَعَ بِهِمْ الْعَذَابُ فَرُبَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُسْتَعْمِلِ آثَارٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ أَوْ كَرَاهَةً فِيهِمْ وَبُغْضًا لَهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَبْغَضَهُمْ (قَوْلُهُ لَا لِنَجَاسَتِهِ) أَيْ فَهُوَ طَهُورٌ نَعَمْ بِئْرُ النَّاقَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا لَا مَنْعَ فِيهَا (قَوْلُهُ يُمْنَعُ التَّيَمُّمُ بِأَرْضِهَا) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ أَلْغَازِ ابْنِ فَرْحُونٍ قَالَ عج. وَذَكَرَ تت فِي فَصْلِ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ صَحَّحَ الْقَوْلَ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَى تُرَابِ أَرْضِ ثَمُودَ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ الِاسْتِعْمَالِ) مُقَابَلَةُ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ يُعْلَمُ مِنْ عج (قَوْلُهُ صَحَّتْ) كَذَا يَنْبَغِي وَذَكَرَ أَنَّ شَارِحَ حُدُودِ ابْنِ عَرَفَةَ صَرَّحَ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَكَذَا د وَلَمْ يَعْزُهُ لِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ) إنَّمَا قَالَ رَدًّا عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي عَنْ ابْنِ التِّينِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ قَالَ ح قُلْت تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ مَطْعُومٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ الْعَذْبَ وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى) أَيْ جُمِعَ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ أَوْ الْمُغْتَسِلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ جُمِعَ فِي إنَاءٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي ك (فَإِنْ قُلْت) هَلْ يَرِدُ هَذَا عَلَى تَعْرِيفِ الشَّيْخِ لِلْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ إلَّا مَعَ كَوْنِهِ مَاءَ نَدًى (قُلْت) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّدَى لَيْسَ شَيْئًا انْضَافَ إلَى الْمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 أَحْوَالٌ لِلْمُطْلَقِ لَا يُسْلَبُ مَعَهَا مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ وَلَمَّا كَانَ صِدْقُ حَدِّ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَكْثَرِهَا غَيْرَ ظَاهِرٍ عَلَى مَا لَا يَخْفَى أَتَى بِهَا فِي صُورَةِ الْإِغْيَاءِ تَنْبِيهًا عَلَى بُعْدِهَا مِنْ حَقِيقَةِ الْمُطْلَقِ الَّذِي ذُكِرَ، وَإِنْ أُلْحِقَتْ بِهِ فِي الْحُكْمِ وَمَفْعُولُ جَمَعَ وَفَاعِلُ ذَابَ وَمَعْنَاهُ تَمَيَّعَ بَعْدَ جُمُودِهِ وَاسْمُ كَانَ وَمَفْعُولُ خُولِطَ وَفَاعِلُ تَغَيَّرَ ضَمَائِرُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُطْلَقِ أَوْ عَلَى الْمَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِّ وَهُمَا بِمَعْنَى وَكَذَلِكَ الْهَاءَاتُ فِي مُغَيِّرِهِ وَقَرَارِهِ عَائِدَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فَمَعْنَى كَلَامِهِ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمُطْلَقِ، وَإِنْ جَمَعَ ذَلِكَ الْمُطْلَقَ مِنْ نَدَى وَالنَّدَى قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَطَرُ وَالْبَلَلُ وَنَدَى الْأَرْضِ نَدَوَاتُهَا وَبَلَلُهَا اهـ. وَالظَّاهِرُ مِنْ عُرْفِ النَّاسِ الْيَوْمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَلَلُ الْأَرْضِ وَمَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ صَارَ كَقَرَارِهِ فَإِذَنْ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ رِيحِ الْمَاءِ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ حَيْثُ جُمِعَ مِنْ فَوْقِهِ خِلَافًا لِابْنِ فُجْلَةَ. (ص) أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جَمَعَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْإِغْيَاءِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ جَامِدًا، ثُمَّ ذَابَ كَالْبَرَدِ وَالْجَلِيدِ وَالثَّلْجِ يَذُوبُ، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ ذَابَ الشَّيْءُ يَذُوبُ ذَوْبًا وَذَوَابًا نَقِيضُ جَمَدَ أَذَابَهُ غَيْرُهُ وَذَوَّبَهُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِلْمِلْحِ الذَّائِبِ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الْوُقُوعِ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ الْخِلَافَ الْآتِيَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ هُنَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ذَابَ أَيْ أَوْ ذَوَّبَهُ مُذَوَّبُ بِتَسْخِينٍ بِنَارٍ أَوْ شَمْسٍ وَإِذَا وُجِدَ دَاخِلَ الْبَرْدِ إذَا ذَابَ شَيْءٌ مُفَارِقٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لَهُ بَعْدَ سَيَلَانِهِ فَإِنْ غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ سَلَبَ طَهُورِيَّتَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ حُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ كَانَ طَهُورًا عَلَى حَالِهِ. (ص) أَوْ كَانَ سُؤْرَ بَهِيمَةٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ شَرَابِ الْبَهِيمَةِ طَهُورٌ سَوَاءٌ كَانَتْ جَلَّالَةً أَمْ لَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الطَّهَارَةِ وَهُنَاكَ فِي كَوْنِهِ مَكْرُوهًا وَمَنْ قَيَّدَ هَذَا بِمَا يَأْتِي   [حاشية العدوي] وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِلْمَاءِ كَمَا يُقَالُ مَاءُ الْمَطَرِ أَيْ مَاءٌ مَمْطُورٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ صَلَاةُ الْأُولَى كَذَا قَالَ بَهْرَامُ أَيْ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً (قَوْلُهُ أَحْوَالٌ لِلْمُطْلَقِ) أَيْ أَنْوَاعٌ لَهُ أَيْ مِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَسْلُبُ مَعَهَا إلَخْ يَدْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوْصَافُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَكْثَرِهَا) أَوْ لِلتَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى مَا لَا يَخْفَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ الْمُطْلَقِ إلَّا أَنَّهَا أُلْحِقَتْ بِهِ فِي الْحُكْمِ وَكَيْفَ يُقَالُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْغَايَةِ الْمُفِيدَةِ أَنَّهَا مِنْهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَنْبِيهٌ عَلَى بُعْدِهَا مِنْ حَقِيقَةِ الْمُطْلَقِ أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ أُلْحِقَتْ بِالْمُطْلَقِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ حَقِيقَةً وَالتَّعْرِيفُ صَادِقٌ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُطْلَقِ) أَيْ، وَإِنْ جُمِعَ الْمُطْلَقُ أَيْ جُمِعَتْ أَفْرَادُهُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَوْصُوفَةُ بالمجموعية وَالْمُخَالَطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمَاءِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ مَا قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا لَفْظُهَا وَأَنَّ إضَافَةَ اسْمٍ إلَيْهَا بَيَانِيَّةٌ (فَإِنْ قُلْت) قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِّ أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ مَا صَدَقَ أَيْ شَيْءٌ صَدَقَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ (قُلْت) التَّعْرِيفُ لِلْمَاهِيَّاتِ لَا لِلْأَفْرَادِ وَالْمَجْمُوعُ مِنْ نَدًى لَيْسَ الْمَاهِيَّاتِ بَلْ الْأَفْرَادُ وَأَيْضًا التَّعَارِيفُ لَا يُبَالِغُ عَلَيْهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُبَالَغُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ، وَهُوَ الْحَدَثُ أَيْ أَفْرَادُهُ وَكَذَا قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ وَالْبَلَلُ) أَيْ كَاَلَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْأَشْجَارِ آخِرَ اللَّيْلِ وَقَوْلُهُ وَنَدَى الْأَرْضِ بِالْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ كَمَا فَهِمْته مِنْ نُسْخَةِ الصِّحَاحِ يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ وَبَلَلُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِالْبَلَلِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ النَّدَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْجَوْهَرِيُّ الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا تُعُورِفَ عِنْدَ النَّاسِ، وَهُوَ مَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْجُدْرَانِ آخِرَ اللَّيْلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَلَلُ الْأَرْضِ الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِعِبَارَةٍ تُفْهِمُ الْمَقْصُودَ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ إنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ مِنْ الْبَلَلِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَالْمُتَغَيِّرِ بِقَرَارِهِ لِنُدُورِهِ اهـ. فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَوْ اللَّوْنُ أَوْ الطَّعْمُ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْقَرَارِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ تَفْرِقَةٌ مِنْ غَيْرِ فَارِقٍ. (قَوْلُهُ كَالْبَرَدِ إلَخْ) الْبَرَدُ بِفَتْحَتَيْنِ شَيْءٌ يَنْزِلُ مِنْ السَّحَابِ يُشْبِهُ الْحَصَى وَيُقَالُ لَهُ حَبُّ السَّحَابِ (قَوْلُهُ وَالْجَلِيدِ) مَا سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ النَّدَى فَيَجْمُدُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَالثَّلْجِ) هُوَ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَنْعَقِدُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يَذُوبُ بَعْدَ جُمُودِهِ. (قَوْلُهُ وَأَذَابَهُ غَيْرُهُ) لَفْظَةُ غَيْرُهُ فَاعِلُ أَذَابَ لَا أَنَّهَا فِعْلٌ وَجَدْته مَضْبُوطًا فِي نُسْخَةٍ يُظَنُّ مِنْهَا الصِّحَّةُ مِنْ الصِّحَاحِ وَكُنْت أَوَّلًا تَرَدَّدْت وَخَطَر بِبَالِي ذَلِكَ الضَّبْطُ ثُمَّ وَجَدْته فَالْحَمْدُ لِلَّهِ (قَوْلُهُ مَا إذَا وَقَعَ فِي غَيْرِهِ) أَيْ وَقَعَ مِلْحٌ فِي مَاءٍ أَيْ قَصْدًا؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْآتِيَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَطْرُوحِ قَصْدًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ) وَالْمُقَابِلُ الَّذِي يَقُولُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ يَقُولُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ذَابَ) لَا يَخْفَى أَنَّا نَقُولُ هَذَا مِنْ مَصْدُوقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَابَ شَامِلٌ لِمَا إذَا ذَابَ بِنَفْسِهِ أَوْ ذَوَّبَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ دَاخِلَ الْبَرَدِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الثَّلْجِ وَالْجَلِيدِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ سُؤْرَ) السُّؤْرُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تُسَهَّلُ أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالسُّؤْرِ الْبَقِيَّةُ وَكَذَا يُقَالُ لِبَقِيَّةِ الطَّعَامِ سُؤْرٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ جَلَّالَةً أَمْ لَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَمَنْ قَيَّدَ هَذَا بِمَا يَأْتِي) أَيْ قَيَّدَهُ بِسَبَبِ مَا يَأْتِي أَوْ بِنَقِيضِ مَا يَأْتِي أَيْ فَقَالَ أَوْ كَانَ سُؤْرَ بَهِيمَةٍ وَلَمْ تَكُنْ جَلَّالَةً وَالْمُقَيِّدُ هُوَ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَعِبَارَةُ تت وَظَاهِرُهُ كَانَتْ تَأْكُلُ الْأَرْوَاثَ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 فَفِيهِ نَظَرٌ. (ص) أَوْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ، وَهُوَ بَهِيمَةٌ أَيْ أَنَّ فَضْلَةَ شَرَابِ الْحَائِضِ أَوْ الْجُنُبِ طَهُورٌ وَسَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَا شَارِبَيْ خَمْرٍ أَوْ لَا وَنُسْخَةُ الْوَاوِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ فَأَحْرَى سُؤْرُ أَحَدِهِمَا فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ. (ص) أَوْ فَضْلَةِ طُهَارَتِهِمَا (ش) أَيْ أَنَّ فَضْلَةَ طُهَارَةِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَيْ مَا فَضَلَ مِنْهُمَا بَعْدَ أَنْ تَطَهَّرَا فَإِنَّهُ طَهُورٌ وَلَا أَثَرَ لِمَا تَسَاقَطَ مِنْهُمَا فِي الْإِنَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ نَزَلَا فِي الْمَاءِ أَوْ اغْتَرَفَا خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالِاغْتِرَافِ لِئَلَّا يَصِيرَ مَكْرُوهًا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الطُّهَارَةِ وَالْكَرَاهَةُ شَيْءٌ آخَرُ. (ص) أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجَسٍ لَمْ يُغَيَّرْ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِ كَانَ أَيْ أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ، وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إذَا خُولِطَ بِشَيْءٍ نَجِسٍ وَأَوْلَى بِطَاهِرٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ فَإِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ فِيهِ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَقَوْلُهُ خُلِطَ وَأَحْرَى جُووِرَ فَمَفْهُومُهُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَكَذَلِكَ مَفْهُومُ كَثِيرًا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الْمَفْهُومَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومَ شَرْطٍ فَصَرَّحَ بِهِ فِيمَا سَيَأْتِي. (ص) أَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ (ش) أَيْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي مُغَيِّرِ الْمَاءِ هَلْ حَصَلَ مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ، وَهُوَ مَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا كَطَعَامٍ أَوْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ كَقَرَارِهِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْمَاءُ عَنْ أَصْلِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُغَيِّرَ مُفَارِقٌ وَشَكَّ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ شَكَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّ مُغَيِّرَهُ مِمَّا يَضُرُّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ الْحُكْمُ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الظَّنِّ فَقَوْلُهُ هَلْ يَضُرُّ بَدَلٌ مِنْ شَكَّ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ أَوْ تَفْسِيرٌ لَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى قَوْلُهُ هَلْ يَضُرُّ أَيْ هَلْ هُوَ مِمَّا يُفَارِقُهُ غَالِبًا أَوْ مِنْ قَرَارِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسُ فَإِنَّ هَذَا يُجْتَنَبُ أَيْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ إلَخْ وَبَيْنَ قَوْلِهِ يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَيَشُكُّ فِي حَدَثٍ وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَكَّ فِي الْمَانِعِ فَلَا أَثَرَ لَهُ وُقُوفًا مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا» الْحَدِيثَ   [حاشية العدوي] اهـ. أَيْ فَهُوَ قَائِلٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُقَيِّدُ أَنْ لَا تَأْكُلَ الْأَرْوَاثَ وَانْتَصَرَ مُحَشِّي تت لتت بِقَوْلِهِ مَا قَالَهُ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا هُنَا مِمَّا يُكْرَهُ وَلِقَوْلِهِ أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجَسٍ فَلَوْ كَانَ كَلَامُهُ هُنَا فِي الْمُطْلَقِ وَلَوْ مَعَ كَرَاهَةٍ مَا قَيَّدَ بِالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ أَوْ فَضْلَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى سُؤْرِ وَقَوْلُهُ طُهَارَتِهِمَا بِضَمِّ الطَّاءِ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ فَضْلَةٍ هِيَ طُهَارَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْكَسْرُ وَلَا الْفَتْحُ أَمَّا الْفَتْحُ فَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْفَتْحِ إمَّا الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ الْمُعَرَّفَةُ بِمَا تَقَدَّمَ وَإِمَّا مَصْدَرُ طَهُرَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْهَاءِ وَضَمِّهِمَا وَكُلٌّ لَا يَصِحُّ، وَأَمَّا الْكَسْرُ فَهُوَ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ مِنْ غَاسُولٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ طَهُورٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُتَطَهَّرُ بِفَضْلَةِ تَطْهِيرِ الْحَائِضِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي فَضْلَةِ تَطْهِيرِ الْجُنُبِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مَكْرُوهًا) ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي حَدَثٍ إذَا كَانَ يَسِيرًا (قَوْلُهُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الطَّهَارَةِ) الْأَوْلَى الطَّهُورِيَّةُ. (قَوْلُهُ أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجَسٍ لَمْ يُغَيَّرْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ قَالَ الشَّارِحُ وَلَعَلَّ ابْنَ وَهْبٍ لَا يَرَى ذَلِكَ كَثِيرًا وَإِلَّا فَمَتَى كَانَ كَثِيرًا فَلَا خِلَافَ فِي طَهُورِيَّتِهِ (قَوْلُهُ الزَّائِدُ عَلَى آنِيَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ آنِيَةِ الْغُسْلِ لَكَفَى قَالَ الشَّارِحُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ مِنْ الْمَاءِ فَقِيلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ بَلْ بِمِقْدَارِ الْعَادَةِ وَوَقَعَ لِمَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ قَدْرَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَفْهُومُ كَثِيرًا) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَضُرُّ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَسِيرٌ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ طَهُورٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ دَلَالَةَ الْمَنْطُوقِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ لَكِنْ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةٌ فِي الْعُدُولِ عَنْ اللَّفْظِ الشَّامِلِ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى التَّقْيِيدِ الشَّامِلِ لِلْقَلِيلِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يُصَرِّحُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ لَيْسَ مِنْ الْمَفَاهِيمِ الْمُعْتَبَرَةِ عِنْدَهُ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ كَالشَّرْطِ فَهَذَا يُنَافِيهِ فَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَفْهُومِ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَبِرُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّ مُغَيِّرَهُ مِمَّا لَا يَضُرُّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) ، وَإِنْ لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ كَذَا قَالَ عج وَتَبِعَهُ عبق (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا كَالْبِرْكَةِ أَوْ قَلِيلًا كَالْآبَارِ لَكِنَّ الثَّانِيَ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَالْأَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ التَّغَيُّرَ مِمَّا يَضُرُّ فَإِنَّهُ يَضُرُّ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ مَاءُ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الَّذِي غَيَّرَهُ مِمَّا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ أَيْ وَالطَّاهِرِيَّةَ لِقُرْبِهَا مِنْ الْمَرَاحِيضِ وَرَخَاوَةِ أَرْضِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَالْمَاءُ طَهُورٌ، وَأَمَّا الْمَاءُ الْكَثِيرُ كَخَلِيجِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يَظُنُّ أَنَّ تَغَيُّرَهُ مِمَّا يَصُبُّ فِيهِ مِنْ الْمَرَاحِيضِ فَهَلْ هُوَ طَهُورٌ، وَهُوَ مَا قَالَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرُ السَّمَاعِ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهُ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ هُوَ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ أَيْ وَالطَّاهِرِيَّةَ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ تَرْكُ اسْتِعْمَالِ مَا شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ وَحَيْثُ ظَنَّ الْمُسْتَعْمِلُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَلَمْ يُعَارِضْهُ ظَنُّ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِظَنِّهِ قَطْعًا وَالظَّاهِرُ بَلْ الْوَاجِبُ الْعَمَلُ بِظَنِّ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ كَذَا ذَكَرَهُ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى) ، وَأَمَّا بِحَسَبِ اللَّفْظِ فَلَيْسَ تَفْسِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِأَيِّ التَّفْسِيرِيَّةِ (أَقُولُ) يُقَالُ لَهُ تَفْسِيرٌ عَلَى حَذْفِ أَيْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ هَذَا يُجْتَنَبُ) أَيْ فِي الْعِبَادَاتِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَاتِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) مُبْتَدَأٌ. (قَوْلُهُ وُقُوفًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالنَّسَبِ فَيَكُونُ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وَأَمَّا مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ وَالذِّمَّةُ عَامِرَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وُقُوفًا مَعَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إلَخْ أَيْ يَقِينًا. (ص) أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ (ش) مُجَاوِرُهُ بِالْهَاءِ وَالتَّاءِ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِهِ تَغَيُّرُ رِيحِهِ فَقَطْ بِحَسَبِ الصُّورَةِ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ كَالْجِيفَةِ أَوْ طَيِّبَةٍ كَنَبْتٍ مُجَاوِرٍ لَهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ فِي الشَّيْءِ الْمُجَاوِرِ لِلْمَاءِ لَا فِيهِ هَذَا إنْ كَانَ الْمُجَاوِرُ مُنْفَصِلًا غَيْرَ مُلَاصِقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرَ الْمُجَاوَرَةِ (بِدُهْنٍ لَاصَقَ) سَطْحَهُ وَلَمْ يُمَازِجْهُ وَلَاصَقَ فِعْلٌ مَاضٍ يُقَالُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَالزَّايِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُجَاوِرَ قِسْمَانِ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ التَّغَيُّرِ فِي الْمُلَاصِقِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَأَقْوَالَهُمْ أَنَّ كُلَّ تَغَيُّرٍ بِحَالٍ مُعْتَبَرٌ، وَإِنْ لَمْ يُمَازِجْ وَبِنَقْلِ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّيْخِ وَالْقَابِسِيِّ مَاءٌ اُسْتُقِيَ بِدَلْوٍ دُهِنَ بِزَيْتٍ غَيْرُ طَهُورٍ اهـ. (ص) أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوِعَاءِ أَوْ بِإِلْقَاءِ جِرْمِهِ فِي وِعَاءِ مُسَافِرٍ فَظَهَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ وَلَا طَعْمُهُ فَهُوَ طَهُورٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مُرَاعَاةً لِمُطْلَقِ الِاسْمِ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ سَنَدٍ فَقَوْلُهُ أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُهْنٍ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لَا عَلَى مُجَاوِرِهِ إذْ الْقَطِرَانُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُجَاوِرِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُجَاوَرَةُ بِسَبَبِ رَائِحَةِ قَطِرَانٍ وَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ بِالْمُسَافِرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الرِّيحِ مُطْلَقًا وَيَضُرُّ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ إنْ تَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ فَقَطْ مِنْ الْقَطِرَانِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ وَلَا بِالسَّفَرِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي السَّفَرِ إلَّا عَلَى ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَتَقَيَّدُ حِينَئِذٍ بِالسَّفَرِ وَبِالضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ   [حاشية العدوي] وَالتَّقْدِيرُ ظَاهِرٌ لِأَجْلِ الْوُقُوفِ أَيْ هُنَا وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وُقُوفًا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَبْرَأُ إلَخْ (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ الْحَقُّ أَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُحَقَّقُ الْحُصُولِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ مَانِعُهُ وَقَوْلُهُمْ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ مُؤَثِّرٌ مَعْنَاهُ إذَا شَكَّ هَلْ حَصَّلَهُ أَوْ لَا بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ جَازِمًا بِالطَّهَارَةِ، ثُمَّ شَكَّ فِي حَدَثٍ لَحِقَهُ أَوْ لَا فَهُوَ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَمَنْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ فَلَا يُخَاطَبُ فَمَا لَنَا حِينَئِذٍ إلَّا مَحْضُ اتِّبَاعِ النَّصِّ فِي النَّقْضِ بِالْحَدَثِ مَعَ كَوْنِهِ شَكًّا فِي الْمَانِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ الشَّرْطِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ وَالذِّمَّةُ عَامِرَةٌ) الذِّمَّةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالشَّخْصِ وَقَوْلُهُ عَامِرَةٌ أَيْ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهَا وَقَوْلُهُ فَلَا تَبْرَأُ أَيْ مِنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ أَيْ مِنْ تَحْصِيلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ) أَيْ بِدُونِ مُلَاصَقَةٍ (قَوْلُهُ تَغَيَّرَ رِيحُهُ فَقَطْ) بَلْ لَوْ فُرِضَ تَغَيُّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ لَا يَضُرُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الصُّورَةِ) أَيْ لَا بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوَرَةٍ لَا يَصِحُّ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى امْتِنَاعِ انْتِقَالِ الْأَعْرَاضِ، ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ حُصُولَ التَّغَيُّرِ فِي الْمَاءِ يَضُرُّ عَلَى فَرْضِ حُصُولِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى وُجُودِ التَّغَيُّرِ حَقِيقَةً وَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَاضَ لَا تَنْتَقِلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَمَا أَنَّ الْعَرَضَ يَبْقَى بِبَقَاءِ أَمْثَالِهِ عَلَى مَا فِيهِ يَنْتَقِلُ مِثْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الْجِيفَةَ لَمَّا جَاوَرَتْ الْمَاءَ يَخْلُقُ اللَّهُ فِي الْهَوَاءِ الْمُلَاقِي لِسَطْحِ الْمَاءِ كَيْفِيَّةً مُمَاثِلَةً لِكَيْفِيَّةِ الْجِيفَةِ، ثُمَّ يَخْلُقُ اللَّهُ فِي الْمَاءِ كَيْفِيَّةً مِثْلَ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي الْهَوَاءِ الْمُلَاصِقِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ) بَلْ وَلَوْ فِي الْمَاءِ عَلَى مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرَ الْمُجَاوَرَةِ) أَيْ تَغَيَّرَ الرِّيحُ بِسَبَبِ الْمُجَاوَرَةِ الْمُلَاصِقَةِ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مَازَجَ الْمَاءَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمَازِجْهُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِ الدُّهْنِ عَنْ وَجْهِ الْمَاءِ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ إنْ كَانَ الدُّهْنُ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ كَالنُّقْطَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلَقْطِهِ قَالَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ قَالَ بَعْضٌ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِلَقْطِهِ هُوَ مَا لَوْ مَازَجَ الْمَاءَ لَا يُغَيِّرُهُ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ وَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوِرِ الْمُلَاصِقِ يَضُرُّ مُطْلَقًا لَوْنًا وَطَعْمًا وَرِيحًا (قَوْلُهُ وَبِنَقْلِ عَبْدِ الْحَقِّ إلَخْ) فَرَّقَ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلْوِ وَالدُّهْنِ الْوَاقِعِ عَلَى سَطْحِ الْمَاءِ بِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ مَازَجَهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الدُّهْنِ فِي الدَّلْوِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ يَنْشَغُ مِنْ قَعْرِ الدَّلْوِ وَأَجْنَابِهِ بِخِلَافِ الدُّهْنِ الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْقَى مَا تَحْتَهُ سَالِمًا قَالَ الْحَطَّابُ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ هَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَقَوْلُهُ يَنْشَغُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ يَرْفَعُ. (قَوْلُهُ فَهُوَ طَهُورٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مُرَاعَاةً لِمُطْلَقِ الِاسْمِ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي إبْقَاءِ جُرْمِهِ لَا فِي الرَّائِحَةِ فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى لَمْ يَبْقَ مِنْ جُرْمِ الْقَطِرَانِ فِي الْوِعَاءِ شَيْءٌ قَالَ ح فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ فَلَا يَسْلُبُ الْمَاءَ الطَّهُورِيَّةَ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الثَّانِيَةُ مَا إذَا حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ مَعَ وُجُودِ جُرْمِهِ فِي الْوِعَاءِ قَالَ سَنَدٌ، فَإِنْ رَاعَيْنَا مُطْلَقَ الِاسْمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَهُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَتَثْبُتَ لَهُ صِفَةُ الْإِضَافَةِ، وَإِنْ رَاعَيْنَا مُجَرَّدَ التَّغَيُّرِ مَنَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَرْجَحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُجَاوَرَةَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُ الرِّيحِ بِسَبَبِ الْمُجَاوَرَةِ (قَوْلُهُ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بَلْ الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمُتَغَيِّرِ بِالطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ) قَالَ الْحَطَّابُ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَةَ رَائِحَةَ أَمْكَنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الْقَطِرَانُ دِبَاغًا لِوِعَاءِ الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ دِبَاغًا لِوِعَاءِ الْمَاءِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا وَانْظُرْ إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ دِبَاغًا أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ. (ص) أَوْ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُجَاوَرَةِ أَيْ، وَإِنْ تَغَيَّرَ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْ الْمَاءِ كَالْمُتَغَيِّرِ بِالطُّحْلُبِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَاللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا وَهِيَ الْخُضْرَةُ الَّتِي تَعْلُو الْمَاءَ وَالْخَزُّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ مَا يَنْبُتُ فِي جَوَانِبِ الْجُدْرَانِ الْمُلَاصِقَةِ لِلْمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالضَّرِيعُ قَالَ بَعْضٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَعْنَاهُ قَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ وَالزَّعْلَانُ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ وَمِنْهُ مَا يَنْشَأُ مِنْ طُولِ مُكْثِهِ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ كَاصْفِرَارِهِ وَغِلَظِ قَوَامِهِ وَدُهْنِيَّةٍ تَعْلُوهُ مِنْ ذَاتِهِ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ سَوَاءٌ غَيَّرَهُ فِي حَالِ اتِّصَالِهِ أَوْ أُلْقِيَ فِيهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَعَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ أَوْ الْجَمِيعُ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ كَالطُّحْلُبِ وَنَحْوِهِ وَقَيَّدَ الطُّرْطُوشِيُّ الطُّحْلُبَ إذَا لَمْ يُطْبَخْ فِي الْمَاءِ وَقَبِلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِالسَّمَكِ أَوْ رَوْثِهِ احْتَاجَ إلَى ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ. (ص) أَوْ بِقَرَارِهِ (ش) أَيْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا مِمَّا هُوَ مِنْ قَرَارِ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ بِطِينٍ أَوْ جَرَى عَلَى كِبْرِيتٍ أَوْ زِرْنِيخٍ أَوْ مِلْحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا غَالِبًا مِنْ مِثْلِ حَبْلِ السَّانِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ بِقَرَارِهِ كَمِلْحٍ وَلَوْ طُبِخَ بِهِ وَقَالَ الْحَطَّابُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طُبِخَ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَغَيَّرَهُ فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْمُضَافِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ قُلْت الْجَارِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ فِي الطُّحْلُبِ إذَا طُبِخَ فِي الْمَاءِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ الْمَطْبُوخِ أَقْوَى اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) أَوْ بِمَطْرُوحٍ وَلَوْ قَصْدًا مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ أَشَارَ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ اهـ. لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْحَطَّابِ فِيهِ نَوْعُ مَيْلٍ لِكَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ عَلَيْهِ) أَيْ إمَّا لِدَفْعِ تَوَهُّمٍ أَوْ إشَارَةٍ لِخِلَافٍ لَكِنْ يَصِيرُ فِيهِ نَوْعُ تَدَافُعٍ؛ لِأَنَّ مَا قَبِلَ الْمُبَالَغَةَ، وَهُوَ تَغَيُّرُ الْمُجَاوَرَةِ عَامٌّ إلَّا أَنْ يَنْظُرَ لِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي تَغَيُّرِ الْمُجَاوَرَةِ مِنْ أَنَّهُ فِي الرَّائِحَةِ فَقَطْ وَالْبَاءُ فِي بِرَائِحَةٍ لِلْمُلَابَسَةِ وَمَا قَبْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ ذَكَرَ هَذَا كُلَّهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَطِرَانُ دِبَاغًا) الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الدِّبَاغُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ لَا إنْ كَانَ مُتَفَاحِشًا وَمِثْلُ التَّغَيُّرِ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ التَّغَيُّرُ بِمَا يَكُونُ دِبَاغًا كَالْقَرَظِ وَنَحْوِهِ وَالْقَطِرَانُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهِمَا وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَّاءِ. (قَوْلُهُ وَالْخَزُّ بِالْخَاءِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الطُّحْلُبِ وَكَذَا الضَّرِيعُ وَالزَّعْلَانُ وَقَوْلُهُ مَا يَنْبُتُ أَيْ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ وَقَوْلُهُ حَيَوَانٌ أَيْ، وَهُوَ حَيَوَانٌ (قَوْلُهُ وَالضَّرِيعُ قَالَ بَعْضٌ إلَخْ) بَيَّنَهُ فِي الْقَامُوسِ فَقَالَ نَبَاتٌ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ لَهُ عُرُوقٌ لَا تَصِلُ إلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُتَوَلِّدِ (قَوْلُهُ قَوَامُهُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا أَيْ أَجْزَاؤُهُ (قَوْلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَابَلَةَ لَمْ تَظْهَرْ؛ لِأَنَّ الطَّهُورِيَّةَ لَا تُنَافِي الْكَرَاهَةَ نَعَمْ هَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ مُحَشِّي تت أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُطْلَقِ الْخَالِي عَنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ الطُّرْطُوشِيُّ) بِضَمِّ الطَّاءَيْنِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ نِسْبَةً لِبَلَدِهِ طَرْطُوشَةَ بِالْأَنْدَلُسِ نَشَأَ بِهَا وَتُوُفِّيَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ عَاشَ أَبُو بَكْرٍ سَبْعِينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى (قَوْلُ بِالسَّمَكِ) أَيْ الْحَيِّ، فَإِنْ مَاتَ فَحُكْمُهُ كَالطَّاهِرِ فَيَضُرُّ تَغَيُّرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَوْثِهِ) فِي شَرْحِ عج خِلَافُهُ وَأَنَّ الرَّوْثَ يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَاَلَّذِي أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فَكَانَ كَالْقَرَارِ وَلَا يُعْطَى حُكْمُ السَّمَكِ الْمَيِّتِ لِنُدُورِهِ وَفِي كَلَامِ عج آخِرًا إشَارَةٌ لِذَلِكَ هَكَذَا ظَهَرَ لِي سَابِقًا، ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْآنَ صِحَّةُ كَلَامِ عج الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ احْتَاجَ إلَى ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ) أَيْ كَالْبَيَاضِ وَالْقُرْمُوطِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ كَالصِّيرِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ الصِّيرُ وَقَوْلُهُ أَوْ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ كَالْبَيَاضِ وَالْقُرْمُوطِ. (قَوْلُهُ لَوْ تَغَيَّرَ بِطِينٍ أَوْ جَرَى عَلَى كِبْرِيتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ سَوَاءٌ مَرَّ الْمَاءُ عَلَيْهَا أَوْ صُنِعَتْ مِنْهَا أَوَانٍ فَغَيَّرَتْهُ بِمُكْثِهِ فِيهَا أَوْ تَسْخِينِهِ كَقُدُورِ الْحَمَّامَاتِ وَأَوَانِي الْفَخَّارِ وَلَا تُخْرِجُهَا الصَّنْعَةُ وَلَا كَرَاهَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ ظَهَرَ طَعْمُ الْقُدُورِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى الْوُضُوءَ مِنْ إنَاءِ الْحَدِيدِ مَعَ سُرْعَةِ تَغَيُّرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْكِبْرِيتُ وَمَا مَعَهُ غَيْرَ مُضِرٍّ لِلْمَاءِ وَلَوْ نَقَلَ وَمُنِعَ التَّيَمُّمُ بِهِ وَمَا مَعَهُ حَيْثُ نَقَلَ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَعِيفَةٌ. (تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ فِي الْقَرَارِ الْجِيرُ وَالطِّفْلُ فَقَدْ نَصَّ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِالْجِيرِ وَصَارَ أَصْفَرَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَنَصَّ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَلَى أَنَّ مَاءَ الْمَطَرِ إذَا تَغَيَّرَ بِالسَّطْحِ بِغَيْرِ نَجَاسَةٍ لَا يَضُرُّ وَالْجِبْسُ مِثْلُ الْجِيرِ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي يَظْهَرُ بِطَبْخِ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ هُوَ مَا يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ، وَأَمَّا طَبْخُ الطُّحْلُبِ فِي الْمَاءِ فَيَحْصُلُ مِنْهُ تَغَيُّرُ طَعْمِ الْمَاءِ وَلَوْنِهِ وَهَذَا غَيْرُ التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ بِهِ قَبْلَ طَبْخِهِ وَطَبْخُ الْمَاءِ بِالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِ كَطَبْخِهِ بِالْمِلْحِ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَصْدًا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدًا كَأَنَّهُ أَلْقَتْهُ فِيهِ الرِّيحُ وَمِثْلُهُ لَوْ جَرَى بَلْ وَلَوْ طُرِحَ قَصْدًا (قَوْلُهُ مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ) حَلُّ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلتُّرَابِ وَالْمِلْحِ بِذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَغْرَةِ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِمَا كَالتُّرَابِ فَإِذَنْ يَعْتَرِضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ إلَى الْمَاءِ، وَهُوَ التُّرَابُ وَأَبْعَدِهَا عَنْهُ، وَهُوَ الْمِلْحُ لِكَوْنِهِمَا طَرَفَيْ غَايَةٍ حُكْمُ مَا بَيْنَهُمَا كَالْكِبْرِيتِ وَالزِّرْنِيخِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الْمَاءَ لَا يَضُرُّهُ مَا طُرِحَ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ أَوْ مَغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ قَصْدًا عَلَى الْمَشْهُورِ قَلَّ التَّغَيُّرُ أَوْ كَثُرَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّ الْمَطْرُوحَ قَصْدًا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ لِانْفِكَاكِ الْمَاءِ عَنْهُ (ص) وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ (ش) أَيْ وَالْأَرْجَحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ سَلْبُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ بِالْمِلْحِ الْمَطْرُوحِ قَصْدًا الْمُغَيِّرِ لِأَحَدِ أَوْصَافِ الْمَاءِ وَأَحْسَنَ مَا قُرِّرَ بِهِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صَنَعَ تَرَدُّدٌ (ش) نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَصُّهُ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الْمِلْحِ هَلْ هُوَ كَالتُّرَابِ فَلَا يُنْقَلُ حُكْمَ الْمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَوْ كَالطَّعَامِ فَيَنْقُلُهُ أَوْ الْمَعْدِنِيُّ مِنْهُ كَالتُّرَابِ وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ ثَلَاثُ طُرُقٍ وَاخْتَلَفَ مَنْ بَعْدَهُمْ هَلْ تَرْجِعُ جَمِيعُ هَذِهِ الطُّرُقِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ مَنْ جَعَلَهُ كَالتُّرَابِ يُرِيدُ الْمَعْدِنِيَّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَالطَّعَامِ يُرِيدُ الْمَصْنُوعَ أَوْ مَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ طَرِيقَةٌ لِلْقَابِسِيِّ وَاخْتَارَهَا ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ السَّلْبِ بِمَا تَغَيَّرَ مِنْ الْمِلْحِ الْمَطْرُوحِ وَلَوْ قَصْدًا صَنَعَ أَمْ لَا (ص) لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى بِالْمُطْلَقِ أَيْ لَا بِمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ كَلَبَنٍ وَزَعْفَرَانٍ أَوْ نَجِسٍ كَبَوْلٍ وَدَمٍ فَلَا يُرْفَعُ بِهِ حَدَثٌ وَلَا حُكْمُ خَبَثٍ وَقَوْلُهُ غَالِبًا أَيْ كَثِيرًا فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِمَا لَا يُفَارِقُهُ أَصْلًا كَالسَّمَكِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ مَغْرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَصْدًا إلَخْ) فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التُّرَابَ أَوْ غَيْرَهُ لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَطْرُوحَ قَصْدًا يَسْلُبُ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْمَاءَ يَنْفَكُّ عَنْ هَذَا الطَّارِئِ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ خِلَافَ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمِلْحِ فَقَطْ وَالْأَرْجَحِيَّةُ رَاجِعَةٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمِلْحِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ صَارَ طَعَامًا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ يُفِيدُ مَا قُلْنَا أَنَّ خِلَافَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمِلْحِ فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ قَوْلُهُ قَبْلُ أَوْ مِلْحٍ، ثُمَّ نَقُولُ قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ مُطْلَقًا أَيْ عِنْدَ مَنْ يُبْقِي الْأَقْوَالَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَإِنْ كَانَ مَصْنُوعًا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْقَوْلَ الثَّالِثَ تَفْسِيرًا لِلْقَوْلَيْنِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْ قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ فِيمَا طُرِحَ قَصْدًا إذْ الْمَطْرُوحُ بِغَيْرِ قَصْدٍ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ اهـ. بِلَفْظِهِ (قَوْلُهُ وَأَحْسَنُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هُنَاكَ تَقْرِيرًا آخَرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ وَمَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ) وَجْهُهَا أَنَّ الِالْتِفَاتَ إلَى أَصْلِهِ يُلْحِقُهُ بِالتُّرَابِ وَالِالْتِفَاتَ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّعَامِ يُلْحِقُهُ بِالطَّعَامِ وَوَجْهُ التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنِيَّ لَمْ يَنْضَفْ إلَيْهِ زَائِدٌ وَالْمَصْنُوعُ قَدْ انْضَافَ إلَيْهِ زَائِدٌ فَأَخْرَجَهُ عَنْ بَابِهِ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ إلَى اخْتِلَافِهِمْ الثَّانِي فِي رَدِّ الْأَقْوَالِ إلَى الْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ وَعَدَمِ رَدِّهَا قَالَ فِي ك لَكِنْ اُنْظُرْ كَيْفَ مُلَاءَمَةُ ذِكْرِ التَّرَدُّدِ هُنَا لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَبِالتَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ هُنَا لَمْ يَتَرَدَّدُوا فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا فِي الْحُكْمِ نَفْسِهِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِنَّمَا تَرَدَّدُوا فِي بَقَاءِ أَقْوَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ السَّابِقِينَ عَلَيْهِمْ عَلَى إطْلَاقِهَا أَوْ رَدِّهَا لِقَوْلِ وَاحِدٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ فِي اصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ بِالْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مُطْلَقَ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُتَأَخِّرِينَ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ قَبْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ بَعْدِهِ وَيُرَادُ أَيْضًا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا نُسِبَ إلَيْهِمْ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْفَهْمِ أَوْ الْحَمْلِ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ. مِنْ ك وَفِي الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي الْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ عَنْ عج وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا أَصْلُهُ مَاءٌ وَجَمَدَ يُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَمَا أَصْلُهُ مِنْ أَرَاكٍ لَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِيمَا صُنِعَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَتُرَابٍ بِنَارٍ وَمَا كَانَ مِنْ مَعْدِنِهِ حِجَارَةٌ وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ يُجْزِئُ اتِّفَاقًا فَاتَّبَعَ فِيهِ عج وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ. (تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ وَعَلَى عَدَمِ السَّلْبِ بِهِ إنْ لَمْ يُصْنَعْ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ يَحْكُونَ اتِّفَاقَ الْمَذْهَبِ عَلَى سَلْبِ الْمَصْنُوعِ لَا يَحْكُونَهُ عَلَى عَدَمِ السَّلْبِ الْمَعْدِنِيِّ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَجْعَلُونَهُ كَالتُّرَابِ وَالتُّرَابُ فِيهِ الْخِلَافُ قَالَ ح نَعَمْ إلَّا إنْ أُرِيدَ اتِّفَاقُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ لَا بِمُتَغَيِّرٍ) اسْمُ فَاعِلٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ وَجَازَ حَذْفُ الْمَوْصُوفِ هُنَا لِقَرِينَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَوْنًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي لَا بِمُتَغَيِّرٍ تَحْقِيقًا أَوْ غَلَبَةَ ظَنٍّ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغْلِبْ الظَّنُّ فَلَا يَضُرُّ انْتَهَى كَلَامُهُ، ثُمَّ أَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ بَلْ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الظَّنِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْوَ وَلَا حَاجَةَ لِجَلْبِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَبَوْلٍ وَدَمٍ) هَذَا يَقْتَضِي قِرَاءَةَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَجَسٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَهُوَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ كُسِرَتْ فَهُوَ الشَّيْءُ الْمُتَنَجِّسُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَيَدْخُلُ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْفَتْحُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ اتِّفَاقًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَعَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ فِي الثَّالِثِ كَمَا قَالَهُ ك وَقَوْلُهُ غَالِبًا أَيْ بِحَسَبِ كُلِّ قَوْمٍ فَأَهْلُ الْبَوَادِي لَوْ تَغَيَّرَتْ آنِيَتُهُمْ بِالدُّهْنِ فَلَا يَضُرُّ انْتَهَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ حَيْثُ جَعَلَ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ مِنْ أَوَانِي الْأَعْرَابِ بِالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ غَالِبًا اُنْظُرْ ح انْتَهَى. أَيْ فَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْبَوَادِي دُونَ غَيْرِهِمْ قَالَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ كَالسَّمَكِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ السَّمَكَ الْحَيَّ يُفَارِقُ قَلِيلًا وَالْمُقِرَّ بِوَصْفٍ كَوْنُهُ مُقِرًّا لَا يُفَارِقُ أَصْلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الشَّارِحَ قَصَدَ أَنَّ شَأْنَ السَّمَكِ يُوصَفُ كَوْنُهُ حَيًّا لَا يُفَارِقُ مُسْتَمِرَّ الْحَيَاةِ بَلْ يَمُوتُ، وَأَمَّا الْمُقِرُّ فَقَدْ يُفَارِقُ بِاعْتِبَارِ زَوَالِ الْمَاءِ عَنْ مَوْضِعِهِ أَوْ بِنَقْلِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الْحَيِّ وَبِمَا يُفَارِقُهُ قَلِيلًا كَمَقَرِّهِ، وَأَمَّا السَّمَكُ إذَا مَاتَ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْمُفَارِقِ كَثِيرًا فَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ لَا بِالْمُتَغَيِّرِ لِيُوَافِقَ بِالْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ عُطِفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَوْ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ لَمَّا كَانَ مُتَصَوَّرًا فِي الْأَذْهَانِ صَحَّ أَنْ يُعْرَفَ بِخِلَافِ الْمُتَغَيِّرِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ اللَّوْنَ عَلَى الطَّعْمِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ. وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ تَقْدِيمَ الطَّعْمِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ وَأَخَّرَ الرِّيحَ لِضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي إلْغَائِهِ مُطْلَقًا بَلْ قَالَ ابْنُ نَاجِي إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَنَسَبَ ابْنُ عَرَفَةَ لِسَحْنُونٍ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ كَوْنِ تَغَيُّرِ الرِّيحِ كَثِيرًا فَيَضُرُّ أَوْ خَفِيفًا فَلَا يَضُرُّ (ص) كَدُهْنٍ أَوْ بُخَارٍ مُصْطَكَى (ش) مِثَالَانِ لِلطَّاهِرِ الْمُغَيِّرِ الْمُفَارِقِ غَالِبًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مِثَالَيْنِ لِلْمُغَيِّرِ الْمُفَارِقِ غَالِبًا سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا فَإِنَّ الدُّهْنَ قَدْ يَكُونُ طَاهِرًا وَقَدْ يَكُونُ نَجِسًا وَكَذَا بُخَارُ الْمُصْطَكَى، وَأَمَّا كَوْنُهُمَا مُشَبَّهَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ احْتِمَالًا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ وَالتَّشْبِيهُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِالدُّهْنِ الْمُمَازِجِ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ اتِّفَاقًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ يُوهِمُ خِلَافًا، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ الرَّدَّ عَلَى إطْلَاقِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَغَيِّرُ بِالدُّهْنِ طَهُورٌ إذْ يَتَنَاوَلُ بِظَاهِرِهِ الْمُلَاصِقَ وَالْمُخَالِطَ وَقَدْ حَمَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى الْمُلَاصِقِ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُهُ فِي الصَّغِيرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَكَذَلِكَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ عَنْ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِنَحْوِ عُودٍ أَوْ مُصْطَكَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي التَّغَيُّرِ بَيْنَ الْبَيِّنِ وَالْيَسِيرِ وَالظَّاهِرِ   [حاشية العدوي] وَلَا دَاعِيَ إلَى الِالْتِفَاتِ إلَى كَوْنِهِ مُقِرًّا بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُقِرًّا (قَوْلُهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ إذْ مِثْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَقْصِدُ هَذِهِ الْأُمُورَ وَإِنَّمَا يَقْصِدُهَا مِثْلُ سَعْدِ الدِّينِ (قَوْلُهُ لَمَّا كَانَ مُتَصَوَّرًا فِي الْأَذْهَانِ) أَيْ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ لِكَوْنِهِ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ) أَيْ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ اللَّوْنَ لَا يَضُرُّ قَوِيٌّ فَاعْتَنَى الْمُصَنِّفُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا حَيْثُ قَالَ بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا وَاَلَّذِي عِنْدَ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ وَكَذَا فِي شَرْحِ الشَّبْرَخِيتِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ اللَّوْنَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ إنَّمَا ضَعُفَ الْخِلَافُ فِي الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَيْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِلَافُ قَوِيًّا كَمَسْأَلَةِ اللَّوْنِ فَلَا يَكُونُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ فِي إلْغَائِهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ تَغَيُّرُ الرِّيحِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ كَدُهْنٍ) هُوَ كُلُّ مَا يُدْهَنُ بِهِ مِنْ سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ وَدَكٍ أَوْ شَيْرَجٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ خَالَطَ الْمَاءَ) أَيْ مَازَجَهُ (قَوْلُهُ أَوْ بُخَارٍ مُصْطَكَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَيُمَدُّ فِي الْفَتْحِ فَقَطْ وَفِي حَلِّ الشَّارِحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِبُخَارِ الْمُصْطَكَى بَلْ بُخَارُ الْعُودِ وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ وَلِهَذَا لَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى مُصْطَكَى لِيَدْخُلَ غَيْرُهَا لَكَانَ أَحْسَنَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ كَافَ كَدُهْنٍ الدَّاخِلَةَ عَلَى بُخَارٍ دَاخِلَةٌ تَقْدِيرًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ مُصْطَكَى كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الدُّهْنِ هُوَ وَبُخَارُ الْمُصْطَكَى أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا (قَوْلُهُ وَكَذَا بُخَارُ الْمُصْطَكَى) ضَعِيفٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ الطَّهَارَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُهُمَا مُشَبَّهَيْنِ إلَخْ) يُمْكِنُ صِحَّتُهُ بِالْمُغَايَرَةِ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ يُوسُفَ الْفِيشِيِّ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ تَشْبِيهًا كَمَا قَالَ تت؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَطَةِ الدُّهْنِ لِلْمَاءِ تَغَيُّرُهُ وَلَوْ جُعِلَ تَمْثِيلًا اقْتَضَى أَنَّ مُخَالَطَةَ الدُّهْنِ لِلْمَاءِ لَا تَضُرُّ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ ضَعْفَهُ (قَوْلُهُ إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِالدُّهْنِ الْمُمَازِجِ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ اللَّقَانِيِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْمُمَازَجَةِ مُضِرٌّ وَقَدْ عَلِمْته وَكَلَامُ هَذَا الشَّيْخِ يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْمُمَازَجَةِ لَا يُؤَثِّرُ ضَرَرًا إلَّا إذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ الدُّهْنَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَلِكَ قَالَ ح عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ إنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُ أَوْصَافِ الْمَاءِ لَا مُجَرَّدُ مُخَالَطَةِ الْمَاءِ لِغَيْرِهِ فَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ جِلْدٌ أَوْ ثَوْبٌ وَأُخْرِجَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ لَمْ يَضُرَّهُ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ حَمَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى الْمُلَاصِقِ) أَيْ التَّغَيُّرَ بِالرِّيحِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُهُ فِي الصَّغِيرِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَةَ قَطْعًا تُفِيدُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْمَذْهَبَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَسْلُبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُضِرَّ فِي التَّغَيُّرِ بِالْبُخَارِ إنْ تَبَخَّرَ الْإِنَاءُ فَارِغَةً وَتَحْبِسَ الْبُخَارَ حَتَّى تَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَفِي نَحْوِ التَّمْرِ حِنَّةَ وَالْوَرْدِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُلَاصِقًا لِلْمَاءِ لَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقُلَّةُ نَاقِصَةً وَوُضِعَ عَلَى نَحْوِ شُبَّاكِهَا فَإِنَّهُ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ انْتَهَى قَالَ ح خَصَّصَ الْمُصَنِّفُ الْمُتَغَيِّرَ بِالدُّهْنِ الْمُخَالِطِ وَالْمُتَغَيِّرَ بِبُخَارِ الْمُصْطَكَى بِالذِّكْرِ لِنُكْتَةٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ، وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ. وَأَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِبُخَارِ الْمُصْطَكَى فَلِيُنَبِّهَ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ هُوَ الْبَيِّنُ وَالْخَفِيُّ هُوَ الْيَسِيرُ فَحِيَاضُ الرِّيفِ الَّتِي يَغْتَسِلُ فِيهَا النَّصَارَى وَالْجُنُبُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهَا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ تَغَيُّرٌ وَمَا قَالَهُ عج عَنْ الْحَطَّابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَلَا يُجْزِئُ أَحَدًا الْغُسْلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ حُصُولِ النَّجَاسَةِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ تَغَيُّرُ أَحَدِ أَوْصَافِهِ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى فَأَفَادَ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِوُجُودِ النَّجَاسَةِ الْكَثِيرَةِ بِالْمَاءِ تَتَضَمَّنُ تَغَيُّرَ أَحَدِ أَوْصَافِهِ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ انْتَهَى عج لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الْحَطَّابَ ذَكَرَ بَعْدُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ طَهُورٌ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ تَغَيُّرُهُ وَقَوْلُهُ أَنْ يُدْرِكَ التَّغَيُّرَ فِيهِ أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وَالْخَفِيِّ إلَّا مَا يَأْتِي بِالْمُتَغَيِّرِ بِحَبْلِ السَّانِيَةِ فَقَوْلُ بَعْضٍ إذَا بَخَّرَ الْإِنَاءَ وَظَهَرَ أَثَرُهُ ظُهُورًا بَيِّنًا فَإِنَّهُ يَسْلُبُهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنْ يُدْرِكَ التَّغَيُّرَ فِيهِ. (ص) وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ (ش) هَذَا جَوَابٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ لِمَنْ سَأَلَهُ إذَا قُلْتُمْ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُفَارِقِ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَمَا حُكْمُ الْمَاءِ بَعْدَ سَلْبِهَا هَلْ الطَّهَارَةُ أَوْ النَّجَاسَةُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ إبَاحَةَ تَنَاوُلِهِ فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ وَمَنْعِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ حُكْمَ الْمَاءِ أَيْ وَصْفَهُ الْمَحْكُومَ لَهُ بِهِ شَرْعًا، وَهُوَ الطَّهَارَةُ أَوْ النَّجَاسَةُ كَحُكْمِ مُغَيِّرِهِ فَهِيَ الطَّهَارَةُ إنْ كَانَ مُغَيِّرُهُ طَاهِرًا فَيُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَاتِ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ وَغَسْلِ ثِيَابٍ مِنْ الْوَسَخِ أَوْ النَّجَاسَةِ إنْ كَانَ مُغَيِّرُهُ نَجَسًا فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي عِبَادَاتٍ وَلَا عَادَاتٍ لَكِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ بَعْدَ حَمْلِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ كَمَا قَرَّرْنَا يَصِيرُ فِي الْكَلَامِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ مَا غَيَّرَهُ النَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَهُوَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَصِفَةُ نَجِسٍ بِكَسْرِهَا أَوْ مُتَنَجِّسٍ فَلَيْسَ حُكْمُهُ أَيْ وَصْفُهُ وَصْفُ مُغَيِّرِهِ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا مَا يَتَسَامَحُونَ بِإِطْلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَرُبَّمَا صَحَّ حَمْلُ الْحُكْمِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُنْقَسِمِ إلَى طَلَبِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ أَوْ التَّخْيِيرِ فِيهَا فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَحُكْمُهُ مِنْ جَوَازِ التَّنَاوُلِ وَمَنْعِهِ كَحُكْمِ مُغَيِّرِهِ فَهُوَ جَائِزُ التَّنَاوُلِ إنْ كَانَ مُغَيِّرُهُ طَاهِرًا وَمَمْنُوعُهُ إنْ كَانَ مُغَيِّرُهُ مُتَنَجِّسًا أَوْ نَجَسًا وَهَذَا أَوْلَى وَحِينَئِذٍ فَلَا مُسَامَحَةَ. (ص) وَيَضُرُّ بَيِّنُ تَغَيُّرٍ بِحَبْلِ سَانِيَةٍ (ش) لَمَّا دَلَّ إطْلَاقُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ التَّغَيُّرِ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ كَمَا قَرَّرْنَا عَلَى الْمَعْرُوفِ السَّابِقِ نَبَّهَ هُنَا عَلَى مَا يَضُرُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ الْبَيِّنُ دُونَ الْخَفِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّغَيُّرَ لِأَحَدِ أَوْصَافِ الْمَاءِ بِحَبْلٍ أَوْ دَلْوِ اسْتِقَاءٍ مِنْ بِئْرِ سَانِيَةٍ فَإِنَّهُ يَضُرُّ إنْ كَانَ تَغَيُّرُهُ بَيِّنًا أَيْ فَاحِشًا كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِهِ فَاحِشًا أَوْ غَيْرَ فَاحِشٍ قَوْلُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَيَضُرُّ بَيِّنُ تَغَيُّرِ مَاءِ سَانِيَةٍ بِحَبْلِهِ مَعَ أَنَّهُ الْأَوْلَى لِتُلُوِّ مَرْجِعِ ضَمِيرِهِ. (ص) كَغَدِيرٍ بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ (ش) أَيْ كَمَا يَضُرُّ مُطْلَقُ تَغَيُّرِ غَدِيرٍ بِرَوْثِ الْمَاشِيَةِ وَأَطْلَقَ الرَّوْثَ عَلَى مَا يَعُمُّ الْبَوْلَ وَالْغَدِيرُ وَاحِدُ الْغُدْرَانِ وَالْغُدَرُ كَصُرَدٍ قِطَعُ الْمَاءِ يُغَادِرُهَا السَّيْلُ سُمِّيَتْ بِهِ لِغَدْرِهَا أَهْلَهَا عِنْدَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ لَهَا فَإِذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِرَوْثٍ أَوْ بَوْلِ الْمَوَاشِي عِنْدَ وُرُودِهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ كَانَ تَغَيُّرًا بَيِّنًا أَمْ لَا عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَيَتَيَمَّمُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ أَبَدًا فَالتَّشْبِيهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ) ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِمَشْكُوكٍ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ يَصِيرُ فِي الْكَلَامِ مُسَامَحَةٌ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّيْءِ لَا يُعْطَى حُكْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُجَابُ بِأَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الْوَصْفَ هُوَ النَّجَاسَةُ أَوْ الطَّهَارَةُ اللَّتَانِ هُمَا الْوَصْفَانِ الِاعْتِبَارِيَّانِ وَهُمَا مُتَّحِدَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّجَاسَةَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تُسْتَعْمَلُ مُرَادًا بِهَا الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ وَتُسْتَعْمَلُ تَارَةً مُرَادًا مِنْهَا الْعَيْنُ الْمَعْرُوفَةُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُغَيِّرُ لِلْمَاءِ نَجِسًا بِكَسْرِهَا فَلَيْسَ كَوْنُ الْمُغَيِّرِ نَجَسًا بِفَتْحِهَا مُطْلَقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَصْفُهُ نَجِسٌ بِكَسْرِهَا إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا وَصْفُ عَيْنِ النَّجَاسَةِ فَهُوَ نَجَسٌ بِفَتْحِهَا وَأَرَادَ بِالْوَصْفِ الِاسْمَ (قَوْلُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ النَّجَسُ بِالْفَتْحِ وَالنَّجِسُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ جَوَازِ التَّنَاوُلِ) أَرَادَ بِهِ الْإِذْنَ فَيَشْمَلُ الْوُجُوبَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُسَامَحَةَ) فِيهِ شَيْءٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ جَوَازَ التَّنَاوُلِ وَعَدَمَهُ خُرُوجٌ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْهُ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ الطَّهُورِيَّةُ وَمَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ إلَّا بِبَابِ الْمُبَاحِ وَثَانِيًا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْمُسَامَحَةَ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَجِّسَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ وَيَضُرُّ بَيِّنُ تَغَيُّرٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَاخْتَارَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِيُسْقِطَ لَفْظَ تَنْوِينٍ بَيِّنٍ وَلِيَلِيَ تَغَيُّرَ (قَوْلُهُ بِئْرِ سَانِيَةٍ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحَطَّابِ صَرِيحًا أَنَّ السَّانِيَةَ هِيَ السَّاقِيَةُ الَّتِي هِيَ غَيْرُ الْبِئْرِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ سَاقِيَةً وَمِثْلُهَا الْبِئْرُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَهَا إطْلَاقَاتٌ أُخَرُ فَتُطْلَقُ عَلَى الْغَرْبِ أَيْ الرِّوَايَةِ وَالدَّلْوِ الْعَظِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَبْلِ، وَأَمَّا آلَةُ الِاسْتِقَاءِ إذَا كَانَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهَا وَلَوْ فَاحِشًا وَسَوَاءٌ بَقِيَتْ بِحَالِهَا كَأَنْ كَانَتْ حَدِيدًا أَوْ نُحَاسًا أَوْ حَجَرًا أَوْ حُرِقَتْ بِالنَّارِ كَآنِيَةِ الْفَخَّارِ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْقِرَبِ بِمَا يُصْلِحُهَا مِنْ الدِّبَاغِ وَلَوْ بَيِّنًا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَغَيِّرِ بِالْمُقَرِّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ عَنْ الشَّبِيبِيِّ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ أَنَّهُ كَحَبْلِ السَّانِيَةِ بِجَامِعِ ضَرُورَةِ الِاسْتِقَاءِ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ) الْأَوْلَى تَرْكُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِتُلُوِّ مَرْجِعِ ضَمِيرِهِ يُوهِمُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ضَمِيرًا وَلَيْسَ تَالِيًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا ضَمِيرَ أَصْلًا فَلَوْ قَالَ مَعَ أَنَّهُ الْأَوْلَى لِيُفِيدَ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي تَغَيُّرِ الْمَاءِ بِحَبْلِ سَانِيَتِهِ أَيْ لَا بِحَبْلِ غَيْرِهَا فَيَضُرُّ مُطْلَقًا بَيِّنًا أَوْ لَا وَقُلْنَا يُوهِمُ؛ لِأَنَّ لَك أَنْ تَقُولَ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ كَذَا إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ قَوْلِهِ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ تَالِيًا لِلضَّمِيرِ أَيْ وَالسَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ ضَمِيرِهِ) أَيْ ضَمِيرِ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَيْ الضَّمِيرُ الَّذِي فِيهِ أَيْ لِيَكُونَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ تَالِيًا لِلضَّمِيرِ أَيْ مُتَّصِلًا بِهِ وَمُفَادُهُ أَنَّ ضَمِيرَ بِحَبْلِهِ عَائِدٌ عَلَى السَّانِيَةِ فَيَكُونُ التَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا دُولَابًا. (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ الرَّوْثَ عَلَى مَا يَعُمُّ) إطْلَاقًا مَجَازِيًّا لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِثْلُهُ الْبَوْلُ (قَوْلُهُ الْغُدْرَانِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ لِغَدْرِهَا أَيْ تَرْكِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ الْغُدُرُ جَمْعُ غَدِيرٍ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّرْكِ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ تَرَكَهَا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُعَارِضُ قَوْلَهُ لِغَدْرِهَا أَهْلَهَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَهُ تَعْلِيلًا ثَانِيًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَدِيرَ فَعِيلٌ إمَّا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَوْ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ) وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُحَرِّمَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 فِي التَّغَيُّرِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَيِّنًا، فَإِنْ قُلْت لَا وَجْهَ لِذِكْرِ الْمُؤَلِّفِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِدُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا قُلْت أَتَى بِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ فِي تَغَيُّرِ الْغَدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَيِّنًا كَمَا وَهَمَ فِيهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَيْثُ جَعَلَ التَّشْبِيهَ تَامًّا تَأَمَّلْ. (ص) أَوْ بِئْرٍ بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِئْرَ إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ مَائِهَا بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَشِيشٍ طُوِيَتْ بِهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ الرِّيَاحِ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا أَوْ تِبْنٌ أَلْقَتْهُ الرِّيَاحُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِبْيَانِيِّ وَاللَّخْمِيِّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ وَالصَّحَارِيِ تَتَغَيَّرُ بِوَرَقِ الشَّجَرِ وَالتِّبْنِ وَكَذَا الْحَشِيشُ الَّذِي تُطْوَى بِهِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ تُطْوَى بِهِ عَدَمُ التَّأْثِيرِ قَالَ فِي الطِّرَازِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لَكِنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يُخَصِّصْ الْجَوَازَ بِالْبِئْرِ بَلْ جَعَلَ فِي حُكْمِهَا الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْغُدُرِ وَيُجَابُ عَنْ الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ فِي كَلَامِهِ لِلْبِئْرِ وَلَا لِقَيْدِ كَوْنِهَا فِي بَادِيَةٍ وَإِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالْمَدَارُ عَلَى عُسْرِ الِاحْتِرَازِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا. (ص) وَفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَالْمُخَالِفِ نَظَرٌ (ش) الْمُرَادُ بِالْجَعْلِ التَّقْدِيرُ لَا التَّصْيِيرُ وَلَا الِاعْتِقَادُ أَيْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا خَالَطَهُ أَجْنَبِيٌّ مِمَّا مَرَّ مِنْ طَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ مُوَافِقٍ لَهُ فِي أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قُلْت أَتَى بِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ بَلْ ظَاهِرُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا التَّغَيُّرُ الْبَيِّنُ. (قَوْلُهُ أَوْ بِئْرٍ) أَيْ مَاءِ بِئْرٍ وَقَوْلُهُ بِوَرَقٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ بِهِمَا) لَا خَفَاءَ أَنَّ ضَمِيرَ بِهِمَا لِلْوَرَقِ وَالتِّبْنِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّضِيِّ فِي قَوْلِهِ أَوْ فَضْلَةِ طُهَارَتِهِمَا مَا يَشْهَدُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ الْإِفْرَادَ (قَوْلُهُ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَشِيشٍ) فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِئْرٍ بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ (قَوْلُهُ طُوِيَتْ بِهِ) أَيْ طُوِيَتْ الْبِئْرُ بِكُلٍّ مِنْ الْخَشَبِ وَالْحَشِيشِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَقَطَ عَطْفٌ عَلَى طُوِيَتْ وَفِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ؛ لِأَنَّ طُوِيَتْ رَاجِعٌ لِلْخَشَبِ وَالْحَشِيشِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَقَطَ رَاجِعٌ لِوَرَقِ الشَّجَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ تِبْنٍ مَعْطُوفٌ عَلَى وَرَقٍ (قَوْلُهُ الْإِبْيَانِيِّ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَيُقَالُ الصَّوَابُ تَخْفِيفُهَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ عَدَمَ التَّأْثِيرِ) مَفْعُولُ اخْتَارَ (قَوْلُهُ وَالْغُدَرِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ أَوْ مُرَادِفٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِرَاضَ مُتَوَجِّهٌ عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَالِاعْتِرَاضُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا شَكَّ فِي ظُهُورِهِ (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ فِي كَلَامِهِ لِلْبِئْرِ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْغُدَرِ يَسْقُطُ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ النَّابِتَةِ عَلَيْهِ أَوْ الَّتِي جَلَبَتْهَا الرِّيَاحُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا لِقَيْدِ كَوْنِهَا فِي بَادِيَةٍ) ؛ لِأَنَّ الَّتِي فِي الْحَاضِرَةِ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ ح. (تَنْبِيهٌ) : كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّصْدِيرُ بِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إذْ صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَرْجُوحٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّقْيِيدَ بِكَوْنِ سُقُوطِ كُلٍّ مِنْ التِّبْنِ وَالْوَرَقِ غَالِبًا وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَعَسُّرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَزْهَرِيِّ فِي قَوَاعِدِهِ: إنَّهُ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ السُّقُوطِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمُطْلَقِ وَإِذَا كَانَ السُّقُوطُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ يَصْدُقُ بِمَا إذَا تَسَاوَيَا وَبِمَا إذَا كَانَ وَقْتُ السُّقُوطِ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ وَقْتُ السُّقُوطِ أَكْثَرَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مُسْتَمِرِّ السُّقُوطِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا تَسَاوَى وَقْتُ السُّقُوطِ وَوَقْتُ عَدَمِهِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَمِرِّ أَيْضًا لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السَّلَسِ مِنْ أَنَّ تَسَاوِيَ زَمَنِ انْقِطَاعِهِ وَزَمَنِ إتْيَانِهِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِمْرَارِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا يَتَيَسَّرُ تَغْطِيَتُهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ لَا يُجْعَلُ كَالْمُخَالِفِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ» أَيْ السَّهْلَةِ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ لِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّيْسِيرِ وَالتَّخْفِيفِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْجَعْلِ التَّقْدِيرُ) أَيْ وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيرِ إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا التَّصْيِيرُ أَيْ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ جَعَلْت الطِّينَ إبْرِيقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْمُخَالِفَ مُوَافِقًا بِحَيْثُ انْقَلَبَتْ صِفَتُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا الِاعْتِقَادُ نَحْوُ {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ الْمُخَالِفَ مُوَافِقٌ كَالِاعْتِقَادِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أُرِيدَ مِنْ الْجَعْلِ التَّقْدِيرُ فَتَكُونُ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالْمُخَالِفِ زَائِدَةً وَيُشِيرُ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مِنْ طَاهِرٍ) أَيْ كَمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ غَيْرِهِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَجَسٍ كَالْبَوْلِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ وَعِبَارَةُ عب وَفِي تَقْدِيرِ الْمُخَالِطِ الْمُطْلَقِ قَدْرُ آنِيَةِ غُسْلٍ وَلَوْ لِمُتَوَضِّئٍ وَالْمُخَالِطُ قَدْرُهَا أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُطْلَقِ فِي حَقِيقَتِهِ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا الْمُوَافِقُ الْآنَ لَهُ فِي أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ وَكَانَ ذَا صِفَةٍ مُخَالِفَةٍ زَالَتْ عَنْهُ وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ لَغَيَّرَتْ الْمُطْلَقَ كَبَوْلٍ وَمَاءِ رَيَاحِينَ انْقَطَعَتْ رَائِحَةُ كُلٍّ فِي مَقَرِّهِ إلَى أَنْ قَالَ وَاحْتَرَزْتُ بِقَوْلِي لِمُطْلَقِ قَدْرِ آنِيَةِ غُسْلٍ عَمَّا إذَا كَانَ الْمُطْلَقُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَضُرُّهُ الْمُخَالِطُ الْمَذْكُورُ كَانَ قَدْرَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَعَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ آنِيَةِ غُسْلٍ فَيَضُرُّهُ الْمُخَالِطُ الْمَذْكُورُ مُطْلَقًا وَاحْتَرَزْتُ بِقَوْلِي وَكَانَ ذَا صِفَةٍ مُخَالِفَةٍ زَالَتْ عَنْهُ عَمَّا إذَا كَانَ ذَا صِفَةٍ غَيْرِ مُخَالِفَةٍ لِلْمُطْلَقِ كَمَاءِ زَرْجُونٍ أَيْ حَطَبِ عِنَبٍ فَلَا تَضُرُّ مُخَالَطَتُهُ لِلْمُطْلَقِ قَطْعًا وَكَذَا بَوْلُ شَخْصٍ شَرِبَ مَاءً وَنَزَلَ بِصِفَتِهِ لِضَعْفِ مِزَاجِهِ فَخُلِطَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِصِفَتِهِ، وَأَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنْكَحٍ لَا مِنْهُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَاحْتَرَزْتُ بِقَوْلِي وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إلَخْ عَمَّا إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ لَمْ تُغَيِّرْ الْمُطْلَقَ فَإِنَّهُ طَهُورٌ وَكَذَا إنْ شَكَّ فِي تَغَيُّرِهِ لَوْ بَقِيَتْ فَلَا يَضُرُّ خِلَافًا لِحَمْلِ الشَّيْخِ سَالِمٍ تَبَعًا لح أَنَّ هَذِهِ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ أَقْسَامَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَمْ يُغَيِّرْهُ لِأَجْلِ الْمُوَافَقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا فِي أَوْصَافِهِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَغَيَّرَهُ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ أَوْ فِي بَعْضِهَا فَهَلْ يُقَدَّرُ كَالْمُخَالِفِ وَيُنْظَرُ فِي كَوْنِهِ طَاهِرًا أَوْ نَجَسًا وَإِلَى قِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ وَيَجْرِي عَلَى مَا سَبَقَ وَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْمَاءِ وَلِمُخَالِطِهِ أَوْ لَا يُقَدِّرُ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ فَالنَّظَرُ فِي وُجُوبِ التَّقْدِيرِ وَعَدَمِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ اصْطِلَاحَهُ فِي النَّظَرِ لِقِلَّتِهِ وَقَالَ بَعْضٌ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَرَدَّدَ وَقَالَ بَعْضٌ التَّرَدُّدُ إذَا جَزَمَ الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْحُكْمِ وَالنَّظَرُ إذَا وَقَفُوا وَلَمْ يَجْزِمُوا، ثُمَّ التَّرَدُّدُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ التَّغَيُّرُ بِتَقْدِيرِ وُجُودِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الْمُخَالَفَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَشُكُّ فِي حُصُولِ التَّغَيُّرِ بِتَقْدِيرِهَا فَهُوَ طَهُورٌ اتِّفَاقًا وَلَا تَقْدِيرَ فَالتَّرَدُّدُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الشَّكِّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي اعْتِرَاضِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَفِي التَّطْهِيرِ بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا جُعِلَ فِي الْفَمِ فَهَلْ يُتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُتَطَهَّرُ بِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي حَالٍ وَصِفَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَاءَ هَلْ يَنْفَكُّ عَنْ الرِّيقِ أَمْ لَا فَابْنُ الْقَاسِمِ رَأَى أَنَّهُ يَنْفَكُّ عَنْهُ   [حاشية العدوي] هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعَةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثِ حَالَاتِ الْمُطْلَقِ قَدْرِ آنِيَةِ غُسْلٍ وَدُونِهَا أَوْ أَكْثَرَ فِي حَالَاتِ الْمُخَالِطِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهِيَ كَوْنُهُ قَدْرَ الْمُطْلَقِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَأَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي ثَلَاثَةٍ هِيَ كَوْنُ الْمُطْلَقِ قَدْرَ آنِيَةِ غُسْلٍ سَوَاءٌ خَالَطَهُ مِثْلُهُ أَوْ أَقَلُّ وَكَذَا أَكْثَرُ عَلَى مَا لِبَعْضٍ وَلِغَيْرِهِ أَنَّ الْمُطْلَقَ حِينَئِذٍ غَيْرُ طَهُورٍ قَطْعًا وَثَلَاثَةٌ فِيهَا الْمُطْلَقُ طَهُورٌ قَطْعًا، وَهِيَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ آنِيَةِ غُسْلٍ كَانَ الْمُخَالِطُ قَدْرَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَثَلَاثَةٌ فِيهَا الْمُطْلَقُ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ طَهُورٍ الْآنَ وَهِيَ كَوْنُهُ أَقَلَّ مِنْ آنِيَةِ غُسْلٍ كَانَ الْمُخَالِطُ قَدْرَهُ أَوْ أَكْثَرَ اهـ. إلَّا أَنَّهُ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا صَرَّحُوا بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ دُونَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَهُوَ مِنْ الْمُطْلَقِ وَجَعَلَهُ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ مَا إذَا كَانَ الْمُخَالِطُ دُونَهُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَا يُفِيدُهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَإِلَّا فَكَلَامُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَفِي ك أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ مَا إذَا شَرِبَ الْمَاءَ وَنَزَلَ بِصِفَتِهِ بَلْ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْصَافٌ ذَهَبَتْ كَمَاءٍ شَرِبَهُ شَخْصٌ فَنَزَلَ مِنْهُ كَمَا شَرِبَهُ وَكَمَاءِ الزَّرْجُونِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ فَانْظُرْ مَا الَّذِي يُعْتَبَرُ لَهُ مِنْ الْأَوْصَافِ هَلْ أَوْصَافُ أَيِّ مُخَالِفٍ أَوْ أَوْصَافُ مُخَالِفٍ مُعَيَّنٍ فَيُعْتَبَرُ فِي الْبَوْلِ أَوْصَافُ بَوْلِ شَخْصٍ مُوَافِقٍ لِصَاحِبِهِ فِي الْمِزَاجِ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ. ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ مِنْ حَيْثُ هُوَ ذُو وَصْفٍ مُخَالِفٍ لِلْمَاءِ وَتَخَلُّفُهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لِعِلَّةٍ، وَأَمَّا مَاءُ الزَّرْجُونِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَخْ وَفِي ك مَا نَصُّهُ، ثُمَّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ قَالَ مَا نَصُّهُ أَيْ ابْنُ مَرْزُوقٍ، ثُمَّ إنَّكَ إذَا عَلِمْت أَوْصَافَ الْمُخَالِطِ الَّتِي ذَهَبَتْ تَحْقِيقًا اُعْتُبِرَتْ وَكَذَا يُعْتَبَرُ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مِنْهَا وَيُقَدَّرُ الْوَسَطُ إنْ جُهِلَتْ أَوْ شُكَّ فِيهَا هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ الْأَحْوَالَ الْخَمْسَةَ وَهِيَ مَا إذَا ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ التَّغَيُّرَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ فِي التِّسْعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ سِتٌّ هِيَ مَا إذَا كَانَ قَدْرَ آنِيَةِ الْغُسْلِ وَالْمُخَالِطُ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ مَضْرُوبٌ فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ التَّغَيُّرَ وَالتِّسْعَةُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ عَدَمَهُ فِي أَحْوَالِ الْمُخَالِطِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ فِي عَدَمِ السَّلْبِ وَمِثْلُهَا الْخَمْسَ عَشْرَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ أَكْثَرَ مِنْ آنِيَةِ الْغُسْلِ وَهِيَ أَنْ تَضْرِبَ الْأَحْوَالَ الْخَمْسَةَ فِي أَحْوَالِ الْمُخَالِطِ الثَّلَاثَةِ وَمَا جَعَلَ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ مَحَلَّ اتِّفَاقٍ فِي السَّلْبِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ أَقَلَّ مِنْ آنِيَةِ الْغُسْلِ وَالتِّسْعَةُ الْبَاقِيَةُ مَحَلُّ وِفَاقٍ فِي عَدَمِهِ هَذَا مَا تَحَصَّلَ (قَوْلُهُ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ مُوَافِقٍ لَهُ فِي أَوْصَافِهِ وَيُجَابُ بِفَرْضِهِ فِي مَاءِ وَرْدٍ مَثَلًا قَلِيلٍ اخْتَلَطَ بِمُطْلَقٍ بِحَيْثُ ذَهَبَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ بِتِلْكَ الْمُخَالَطَةِ وَكَانَ لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ ذَهَبَتْ إلَّا أَنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ لَغَيَّرَتْ رِيحَ الْمَاءِ فَهَذَا لَا نَنْظُرُ فِيهِ إلَّا لِلْمُتَغَيِّرِ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ إلَى قِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ فُرِضَ نَجَسًا فَلَا دَاعِيَ إلَى النَّظَرِ لِذَلِكَ نَعَمْ لَا يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ (قَوْلُهُ وَالنَّظَرُ إذَا وَقَفُوا إلَخْ) وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الشَّخْصِ وَنَفْسِهِ وَلَكِنْ فِي عج خِلَافُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ صُورَةَ الشَّكِّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ، وَلِذَا قَالَ فَمَحَلُّ النَّظَرِ إذَا شَكَّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَفِي التَّطْهِيرِ بِمَاءٍ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَاحِدُ الْمِيَاهِ وَيَصِحُّ جَعْلُ مَا مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً وَجُعِلَ صِلَةَ الْمَوْصُولِ أَوْ صِفَةَ النَّكِرَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مَوْصُوفٍ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ جُعِلَ) مَفْهُومُ جُعِلَ فِي الْفَمِ أَنَّهُ لَوْ بَصَقَ فِيهِ، وَهُوَ فِي إنَاءٍ لَمْ يَضُرَّ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ يَقَعُ فِيهِ الْبُصَاقُ وَشِبْهُهُ أَيْ كَمَاءِ الْفَسَاقِيِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ حَتَّى يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ انْتَهَى (قَوْلُهُ خِلَافٌ فِي حَالٍ وَصِفَةٍ) أَيْ مَبْنِيٌّ عَلَى حَالٍ وَصِفَةٍ وَعَطْفُ الصِّفَةِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَفْظِيٌّ قَالَ فِي الْكَبِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ هُنَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَغَيُّرٍ وَلَا عَدَمِهِ بَلْ اكْتَفَوْا فِي الْمُضِرِّ بِتَحَقُّقِ الْمُخَالِطِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا كَانَ يَسِيرًا وَرُبَّمَا كَانَ الْمُخَالِطُ أَكْثَرَ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى التَّغَيُّرِ انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وَأَشْهَبُ رَأَى أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ، وَأَمَّا إذَا تَحَقَّقْنَا الْمُخَالَطَةَ أَوْ عَدَمَهَا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفِي صِحَّةِ التَّطْهِيرِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ وَأُخْرِجَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بِالرِّيقِ تَغَيُّرًا ظَاهِرًا وَقَبْلَ طُولِ مُكْثِهِ فِي الْفَمِ زَمَنًا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ الرِّيقِ مِقْدَارٌ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الرِّيقِ لَغَيَّرَهُ فَعِنْدَ حُصُولِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا عَدَمُ التَّغَيُّرِ وَعَدَمُ طُولِ الْمُكْثِ قَوْلَانِ وَقَيَّدْنَا مَحَلَّ الْخِلَافِ بِقَيْدَيْنِ عَدَمِ التَّغَيُّرِ ظَاهِرًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ غَلَبَتْ لُعَابِيَّةُ الْفَمِ عَلَى الْمَاءِ لَانْتَفَى الْخِلَافُ وَبِعَدَمِ طُولِ الْمُكْثِ إذْ لَوْ طَالَ مُكْثُ الْمَاءِ فِي فَمِهِ أَوْ حَصَلَ مِنْهُ مَضْمَضَةٌ لَانْتَفَى الْخِلَافُ لِغَلَبَةِ الرِّيقِ. (ص) وَكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ مَا يُبَاحُ التَّطْهِيرُ بِهِ وَمَا يُمْنَعُ ذَكَرَ مَا حُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ بِأَنْ تَقَاطَرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ أَوْ اتَّصَلَ بِهَا يُكْرَهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي حَدَثٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ عَدَمَهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُ الْعَدَمِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ أَشْهَبَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ فَكَيْفَ يُعْقَلُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَحَقَّقَ عَدَمُ الِانْفِكَاكِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) صَاحِبُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَرَى أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ، وَهُوَ أَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّيقِ لَكِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ بَقَاءَ صِدْقِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ وَأَشْهَبُ يَعْتَبِرُ الْمُخَالَطَةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَالَ ك وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْفَمِ نَجَاسَةٌ قَالَ بَعْضٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت) لَعَلَّ وَجْهَ ظُهُورِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ مَاءً قَلِيلًا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ، وَهِيَ تَسْلُبُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ عَلَى عَدَمِ التَّطْهِيرِ بِهِ، وَإِنْ بَقِيَ الْخِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَشَيْءٌ آخَرُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَعَلَى أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَأَنَّ الْمُخَالَطَةَ حَصَلَتْ قَطْعًا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَيْنَ مَا قَبْلَهَا وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ لَا نَصَّ فِيهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْأُولَى مُوَافِقٌ يُؤَثِّرُ نَوْعُهُ الْمُخَالِفُ كَمَاءِ الْوَرْدِ الْمَقْطُوعِ الرَّائِحَةِ فَإِنَّ نَوْعَهُ يُؤَثِّرُ لَوْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ الرِّيقَ لَيْسَ لَهُ نَوْعَانِ مُوَافِقٌ وَمُخَالِفٌ، وَهُوَ جَوَابٌ لَطِيفٌ وَفَرَّقَ بَعْضٌ أَيْضًا بَيْنَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي حَالٍ بِاحْتِمَالِ الْمُخَالِطِ هُنَا وَفَرْضِ وُقُوعِهِ هُنَاكَ قَالَ بَعْضٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إذْ لَا احْتِمَالَ عَلَيْهِ بَلْ اللَّازِمُ الْمُخَالِطُ. قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِ الشَّيْخَيْنِ فِيمَا يَتَحَقَّقُ مُخَالَطَتُهُ اخْتِلَافُهُمَا فِيمَا تَحَقَّقَتْ مُخَالَطَتُهُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَلَا تَكْرَارَ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي حَالٍ انْتَهَى وَانْظُرْ كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ حِكَايَتِهِمْ هُنَا خِلَافَ أَشْهَبَ وَقَوْلَهُمْ الْمَاءُ الْقَلِيلُ إذَا خُولِطَ بِطَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ طَهُورٌ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّ الْجَمْعَ أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ شَأْنُ الْمُخَالِطِ أَنْ يَظْهَرَ كَالْبُنِّ وَالْعَسَلِ فَلَمَّا لَمْ يُغَيِّرْ دَلَّ عَلَى قِلَّتِهِ وَهُنَا مُوَافِقٌ لِصِفَتِهِ فَلَا دَلِيلَ عَلَى قِلَّتِهِ كَذَا قَالَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ تَغَيُّرًا ظَاهِرًا) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا أَوْ تَغَيُّرًا غَيْرَ ظَاهِرٍ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ ظَاهِرَ الضَّرَرِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهُورِ تَيَقُّنُ أَوْ ظَنُّ التَّغَيُّرِ. (فَائِدَةٌ) الْبُصَاقُ مُسْتَقْذَرٌ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فَلِذَا اشْتَدَّ نَكِيرُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْمُعَارَضَةِ عَلَى مَنْ يُلَطِّخُ صَفَحَاتِ أَوْرَاقِ مُصْحَفٍ أَوْ كِتَابٍ لِيَسْهُلَ قَلْبُهَا قَائِلًا إنَّا لِلَّهِ عَلَى غَلَبَةِ الْجَهْلِ الْمُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ لَا يَجُوزُ مَسْحُ لَوْحِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بِالْبُصَاقِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى مِنْ ك قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَهُوَ مُجَرَّدُ زَجْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي لِلْكُفْرِ. (قَوْلُهُ الْمَاءَ الْيَسِيرَ) ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ وَكَذَا لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ مُسْتَعْمَلٌ مِثْلُهُ حَتَّى كَثُرَ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْإِمَامِ وَالْحَطَّابُ لِثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَالَ انْفِرَادِهِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ انْتِفَاءَهَا فَلَوْ فُرِّقَ حَتَّى صَارَ كُلُّ جُزْءٍ يَسِيرًا فَهَلْ تَعُودُ الْكَرَاهَةُ أَوْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِزَوَالِهَا وَلَا مُوجِبَ لِعَوْدِهَا اُنْظُرْ ك (قَوْلُهُ بِأَنْ تَقَاطَرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ) أَيْ، ثُمَّ يُجْمَعُ فِي قَصْرِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَوْ اتَّصَلَ بِهَا) شَمِلَ صُورَتَيْنِ مَا اتَّصَلَ بِهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَى اتِّصَالِهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا وَانْفَصَلَ عَنْهَا كَمَا فِي قَصْرِيَّةٍ غَسَلَ عُضْوَهُ بِهَا وَهَذَا الثَّانِي يُقَيَّدُ بِكَوْنِهِ يَسِيرًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلَا يَكُونُ إلَّا يَسِيرًا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَلَّكَهُ فِي الْقَصْرِيَّةِ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ غَمَسَهُ بِهَا وَلَمْ يُدَلِّكْهُ إلَّا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ كَمَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ وَجَدْت عج ذَكَرَهُ. ثُمَّ إنَّ مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْعُضْوِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الطَّهَارَةُ أَوْ اتَّصَلَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْعُضْوِ غَيْرِ الْأَخِيرِ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ بَعْدَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ، فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي حَدَثٍ أَيْضًا، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَبْلَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ قُلْنَا أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ يُكْرَهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ حَيْثُ وُجِدَ غَيْرُهُ فِي كُلِّ طَهَارَةٍ لَا تُفْعَلُ إلَّا بِالطَّهُورِ سَوَاءٌ كَانَ يُصَلِّي بِهَا أَوْ لَا كَالْوُضُوءِ لِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَوُضُوءِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تُقَيَّدُ بِالْيَسَارَةِ وَوُجُودِ مُطْلَقٍ وَعَدَمِ صَبِّ مُطْلَقٍ غَيْرِ مُسْتَعْمَلٍ وَتَمَامِ غَسْلِ الْعُضْوِ لَا إنْ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ الْعُضْوِ وَأَحْرَى لِلْبَعْضِ الْآخَرِ وَفِي عج بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ حَاصِلٌ عَظِيمٌ وَنَصُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ أَوَّلًا إمَّا فِي حَدَثٍ وَإِمَّا فِي حُكْمِ خَبَثٍ وَإِمَّا فِي طَهَارَةٍ مَسْنُونَةٍ أَوْ مُسْتَحَبَّةٍ وَإِمَّا فِي غَسْلِ إنَاءٍ وَنَحْوِهِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ إذَا اُسْتُعْمِلَ ثَانِيًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي أَحَدِهَا فَالْمُسْتَعْمَلُ فِي حَدَثٍ أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ وَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ وَكَذَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا رَجَحَ فِي تَعْلِيلِ الْكَرَاهَةِ مِنْ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي طَهُورِيَّتِهِ وَلَا يُكْرَهُ فِي غُسْلٍ كَالْإِنَاءِ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا وَالْمُسْتَعْمَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 أَوْ خَبَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مُسْتَحَبَّةٍ أَوْ مَسْنُونَةٍ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِعِلَلٍ كُلِّهَا لَا تَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ وَالرَّاجِحُ فِي التَّعْلِيلِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ أَصْبَغَ قَائِلٌ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَتَخْصِيصُ الْمُؤَلِّفِ الْكَرَاهَةَ بِالْمَاءِ يُخْرِجُ التُّرَابَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَقَوْلُهُ فِي حَدَثٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَنَازِعًا فِيهِ كُلُّ مَنْ كُرِهَ وَمُسْتَعْمَلٍ وَيُحْتَمَلُ فِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ فِي حَدَثٍ إذَا أَعْلَمْت الْأَوَّلَ، وَإِنْ أَعْلَمْت الثَّانِيَ كَانَ اللَّفْظُ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي التَّقْدِيرِ وَعَلَى الثَّانِي وَكُرِهَ فِي حَدَثٍ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ وَقَوْلُهُ فِي حَدَثٍ أَيْ فِي رَفْعِهِ فَيَدْخُلُ وُضُوءُ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ مُحْدِثًا. (ص) وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي غَيْرِ حَدَثٍ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْأَوْضِيَةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَالْمَسْنُونَةِ وَمُسْتَعْمَلُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي الْوُضُوءِ وَغُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ وَوُضُوءِ التَّبَرُّدِ وَالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ وَمَاءٍ غُسِلَ بِهِ ثَوْبٌ طَاهِرٌ سَالِمٌ مِنْ النَّجَسِ وَالْوَسَخِ وَجَوَازُهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ وَاعْتَمَدْنَا فِي التَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَيَسِيرٌ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ بِنَجَسٍ لَمْ يُغَيَّرْ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَمَاءٌ يَسِيرٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مَعْطُوفًا عَلَى مُسْتَعْمَلٍ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ السَّابِقَ مَخْصُوصٌ بِكَوْنِهِ   [حاشية العدوي] فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ وَكَذَا فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ عَلَى أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي غُسْلٍ كَالْإِنَاءِ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ. (فَائِدَةٌ) وَجَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي خَارِجِ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَاءَ وُضُوئِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَغُسْلِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ خَبَثٍ) عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ إشَارَةٌ إلَيْهِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى ذِكْرِ الْوُضُوءِ فَيُفِيدُ قُوَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ عب يُفِيدُ خِلَافَهُ حَيْثُ يَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي حَدَثٍ وَكَذَا فِي إزَالَةِ حُكْمِ خَبَثٍ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِعِلَلٍ إلَخْ) فَمِنْ جُمْلَةِ مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي التُّرَابِ وَأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْ عَدَمِ الْوِجْدَانِ عَدَمُ الْوُجُودِ وَأَنَّهُ مَاءُ ذُنُوبٍ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّ الذُّنُوبَ مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي هَذَا مَا فِي ك وَالْكَرَاهَةُ كَمَا فِيهِ خَاصَّةٌ بِالْعِبَادَاتِ دُونَ الْعَادَاتِ خِلَافُ قَوْلِهِ وَيَسِيرٍ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ عَامَّةٌ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ اهـ. وَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَ هَذَا الْمُسْتَعْمَلَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَقَالَ وَلَا تَقْتَضِي الْكَرَاهَةُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ بَلْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ تَقْتَضِيهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي التَّقْدِيرِ إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ أَعْمَلْت الْأَوَّلَ يَكُونُ التَّقْدِيرُ بَعْدَ قَوْلِهِ مُسْتَعْمَلٌ، وَإِنْ أَعْمَلْتَ الثَّانِيَ يَكُونُ قَبْلَهُ هَذَا. وَمَا قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَعْمَلَ الْأَوَّلَ يُصَرِّحُ بِالْإِضْمَارِ فِي الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَلَا يَخْتَصُّ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ بَلْ يَأْتِي عَلَى جَعْلِهِ مَحْذُوفًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا فِي الْحَدَثِ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مُسْتَحَبَّةٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي الْحَدَثِ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ وَفِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ) أَيْ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى مُطْلَقٍ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ حَدَثٍ) وَمِثْلُ الْحَدَثِ حُكْمُ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَحَبَّةِ وَالْمَسْنُونَةِ) رَاجِعٌ لِلِاغْتِسَالَاتِ، وَأَمَّا الْأَوْضِيَةُ فَلَا تَكُونُ مَسْنُونَةً أَبَدًا بَلْ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَمَّا الِاغْتِسَالَاتُ فَتَكُونُ مَسْنُونَةً كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَمُسْتَحَبَّةً كَغُسْلِ الْعِيدَيْنِ وَيَدْخُلُ فِي الْأَوْضِيَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وُضُوءُ التَّجْدِيدِ وَوُضُوءُ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ وَقَالَ سَنَدٌ فِي الْأَوَّلِ الْمَشْهُورُ لَا يُكْرَهُ وَيَكُونُ الثَّانِي بِالْأَوْلَى وَكَذَا ذَكَرَ عب فِي الثَّانِي وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَاءٍ لَا يُصَلَّى بِهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ مُطْلَقٍ كَمَاءٍ غُسِلَ بِهِ إنَاءٌ طَاهِرٌ اهـ. أَيْ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ وَذَكَرَ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي غُسْلِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ (قَوْلُهُ وَمُسْتَعْمَلِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ) قَدْ ارْتَضَاهُ عج أَيْ ارْتَضَى أَنَّهُ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ، وَفِي ح أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ حُكْمُ الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَغُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ) كَذَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح أَنَّ مَاءَ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ النَّقِيَّةِ الْجَسَدِ مِنْ الْحَيْضِ لِيَطَأَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَالِكُهَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى الطَّهَارَةِ بِلَا تَرَدُّدٍ (قَوْلُهُ وُضُوءِ التَّبَرُّدِ إلَخْ) دُخُولُ هَذَا فِي مَحَلِّ التَّرَدُّدِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْمُنَاسِبُ مَا فِي ك مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ وَاَلَّذِي فِيهِ، وَأَمَّا مَاءُ الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ وَغَسْلِ التَّبَرُّدِ وَغَسِيلِ الثَّوْبِ السَّالِمِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ وَسَنَدٍ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ إشَارَةٌ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ الْخِلَافِ (أَقُولُ) فَالْوَاجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا يَقْتَضِي دُخُولَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالْخِلَافُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ سَلِمَتْ أَعْضَاؤُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَوْسَاخِ، وَأَمَّا مُتَنَجِّسُهَا فَمَاءٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ، وَأَمَّا وَسَخُهَا فَمَاءٌ حَلَّتْهُ أَوْسَاخٌ أَجَّرَهُ عَلَى مَا سَبَقَ انْتَهَى أَيْ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَوْسَاخُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَمْ يَضُرَّ التَّغَيُّرُ بِهَا وَإِلَّا فَيَضُرُّ وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ مَا قَبْلَهُ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالتَّقْيِيدِ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مَعْطُوفًا إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُسْتَعْمَلٍ إذْ لَا يُقَدَّرُ فِي الْمَعْطُوفِ نَفْسُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 مُسْتَعْمَلًا فِي الْحَدَثِ فَلَا يُنَاسِبُ تَقْدِيرَهُ هُنَا أَيْ وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ يَسِيرٍ رَاكِدٍ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ إذَا خُلِطَ بِنَجَسٍ فَوْقَ الْقَطْرَةِ وَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ أَوْصَافِهِ وَحَدُّ الْيَسِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ وَآنِيَةِ غُسْلٍ فَآنِيَةُ الْغُسْلُ قَلِيلَةٌ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْوُضُوءِ، ثُمَّ إنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي قَوْلِهِ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِيَسِيرٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْكَافُ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فَيَدْخُلُ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَمَفْهُومَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَا دُونَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِنَجَسٍ لَمْ يُغَيِّرْ مُتَنَجِّسٌ غَيْرُ سَدِيدٍ وَمَفْهُومُ لَمْ يُغَيِّرْ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ سَلْبُ الطَّهُورِيَّةِ وَمَفْهُومُ بِنَجَسٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِطَاهِرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ فَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ غَيَّرَ سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ وَإِذَا تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ الْمَذْكُورِ وَصَلَّى فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ الْمُؤَلِّفُ بِآنِيَةِ الْوُضُوءِ عَنْ آنِيَةِ الْغُسْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى آنِيَةِ الْوُضُوءِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ آنِيَةَ الْغُسْلِ مِنْ الْكَثِيرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْكَثِيرِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ آنِيَةَ الْوُضُوءِ نَجِسَةٌ. (ص) أَوْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى خَلَطَ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ قَوْلِهِ بِنَجَسٍ لِيَصِيرَ قَيْدُ الْيَسَارَةِ مُعْتَبَرًا فِيهِ لَا عَلَى يَسِيرٍ كَمَا فَعَلَهُ بَعْضٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْكَلْبَ إذَا وَلَغَ فِي كَثِيرٍ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ مُغَايِرٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا عَلَى مُسْتَعْمَلٍ لِئَلَّا يُوهِمَ كَرَاهَةَ الْكَثِيرِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ يَسِيرٍ خُلِطَ بِنَجَسٍ أَوْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ مَأْذُونٌ فِي اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَالْوُلُوغُ بِضَمِّ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا كَثْرَةُ ذَلِكَ، وَهُوَ لِلْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ لَا لِلْآدَمِيِّ وَلَا لِلطَّيْرِ إلَّا الذُّبَابُ وَالشُّرْبُ لِلْجَمِيعِ فَكُلُّ مَنْ وَلَغَ شَرِبَ وَلَا عَكْسَ وَلَحْسُ الْإِنَاءِ إذَا كَانَ فَارِغًا يُقَالُ وَلَغَ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْأَوَّلِ إذَا أَدْخَلَ لِسَانَهُ وَحَرَّكَهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ لِسَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ فِيهِ لُعَابٌ فِي الْمَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْكَرَاهَةُ فِي الْمَاءِ الْمَوْلُوغِ فِيهِ وَلَوْ تُيُقِّنَتْ سَلَامَةُ فَمِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ قَالَ ح فِيمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ إلَخْ. تَنْبِيهٌ: فَارَقَ سُؤْرُ الْكَلْبِ سُؤْرَ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْهُ سَبْعًا وَفِي إرَاقَتِهِ وَكَرَاهَةِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَإِنْ عُلِمَتْ طَهَارَتُهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَإِنْ تُيُقِّنَتْ طَهَارَةُ فَمِهِ فَلَا يُرَاقُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَأَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِسُؤْرِهِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ. (ص) وَرَاكِدٍ يُغْتَسَلُ فِيهِ (ش) أَيْ وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ رَاكِدٍ أَيْ الِاغْتِسَالُ فِيهِ فَجُمْلَةُ يُغْتَسَلُ فِيهِ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ رَاكِدٍ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ الرَّاكِدِ هُوَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ أَيْ وَكُرِهَ الِاغْتِسَالُ فِي رَاكِدٍ ابْتِدَاءً وَأَحْرَى إذَا تَقَدَّمَ فِيهِ الِاغْتِسَالُ لَا صِفَةٌ لِرَاكِدٍ؛ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] آنِيَةٍ إلَخْ جَمْعُ إنَاءٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كَإِنَاءِ وُضُوءٍ لَا سِيَّمَا، وَهُوَ أَخْصَرُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْإِنَاءُ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ آنِيَةٌ وَجَمْعُ الْآنِيَةِ أَوَانٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ رَاكِدٍ) ، وَأَمَّا الْجَارِي فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ كَالْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَوْقَ الْقَطْرَةِ) ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ قَلِيلٍ حَلَّتْ فِيهِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ عَنْ الْبَيَانِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ أَنَّ النَّجَسَ الْقَطْرَةُ وَمَا فَوْقَهَا أَوْلَى وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ فِي قَدْرِهَا لِلْعُرْفِ وَأَفَادَ مُحَشِّي تت نَاقِلًا لِلنَّصِّ أَنَّ الْقَطْرَةَ تُؤَثِّرُ فِي آنِيَةِ الْوُضُوءِ فَيَصِيرُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِي آنِيَةِ الْغُسْلِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا فَوْقَهَا وَذَكَرَ كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْكَافُ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ) هَذَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ خُصُوصًا، وَقَدْ قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ فَهَذَا يُؤْذِنُ بِالتَّحْدِيدِ. (تَنْبِيهٌ) : كَرَاهَةُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ مُقَيَّدَةٌ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ جَارِيًا (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ سَلْبُ الطَّهُورِيَّةِ) أَيْ وَالطَّاهِرِيَّةِ (قَوْلُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَجَاسَتِهِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ أَفَادَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مُسْتَعْمَلٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ مُسْتَعْمَلٍ تَقْدِيرُهُ يَسِيرُ مُسْتَعْمَلٍ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَ غُسْلُ الْإِنَاءِ تَعَبُّدًا عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْيَسِيرَ قَدْ يَتَغَيَّرُ مِنْ لُزُوجَاتِ فَمِ الْكَلْبِ فَنَاسَبَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) : كَرَاهَةُ الْمَاءِ الْمَوْلُوغِ فِيهِ إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَفَتْحُهَا) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ كَثْرَةُ ذَلِكَ خَبَرٌ أَيْ كَثْرَةُ الْوُلُوغِ بِالضَّمِّ فَفِي الْعِبَارَةِ شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشَارَ لَهُ الْوُلُوغُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ اللَّفْظُ (قَوْلُهُ وَلَحْسُ الْإِنَاءِ) أَيْ وَيُقَالُ لَحِسَ الْإِنَاءَ إذَا كَانَ فَارِغًا فَلَحِسَ فِعْلٌ مَاضٍ (قَوْلُهُ وَحَرَّكَهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَاءً أَوْ طَعَامًا وَتَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ تت وَفِي عِبَارَةِ الْوُلُوغِ فِي الْمَاءِ، وَأَمَّا فِي الطَّعَامِ فَيُسَمَّى لَعْقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ تُيُقِّنَتْ سَلَامَةُ فَمِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ) انْدَفَعَ بِذَلِكَ سُؤَالٌ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَصُورَتُهُ لِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ وَحَاصِلُهُ إنَّمَا خَصَّ الْكَلْبَ الْمَذْكُورَ بِالذِّكْرِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَمَا لَا يُتَوَقَّى؛ لِأَنَّ سُؤْرَهُ مُخَالِفٌ لِسُؤْرِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَاقُ) الْأَوْلَى لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ يُرَاقُ مَعَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ خَاصَّةٌ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِسُؤْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ. (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ) فَكَأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا الْمُرَادُ بِاسْتِعْمَالِهِ فَقَالَ الْمُرَادُ بِاسْتِعْمَالِهِ هُوَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا صِفَةٌ لِرَاكِدٍ) عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ صِفَةً لِرَاكِدٍ لَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَاكِدٍ اغْتَسَلَ فِيهِ بِالْمَاضِي الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ فِيمَا مَضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 يَقْتَضِي حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ ابْتِدَاءً بَلْ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ الِاغْتِسَالُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ مَالِكًا عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ عَلَى مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَهُ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ وَسَخٍ وَعَرَقٍ فِي جِسْمِهِ غَالِبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيهِ ابْتِدَاءً وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ تَكُنْ أَعْضَاؤُهُ نَقِيَّةً مِنْ الْأَوْسَاخِ وَالْأَذَى أَمَّا مَنْ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ نَقِيَّةً مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا كَالْبِرَكِ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ حِينَئِذٍ. (ص) وَسُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا دَخَلَ يَدُهُ فِيهِ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُكْرَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ سُؤْرُ أَيْ بَقِيَّةُ شُرْبِ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَكَذَلِكَ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ لِأَنَّ قُصَارَاهُ أَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ بَلْ النَّجَاسَةُ فِيهِ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَمِثْلُ الْيَدِ غَيْرُهَا كَالرِّجْلِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ طَهَارَةُ الْيَدِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَةُ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (ص) وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ لَا إنْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا (ش) مَا مِنْ قَوْلِهِ مَا لَا يُتَوَقَّى إلَخْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عُطِفَ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ شَارِبِ خَمْرٍ أَيْ وَكُرِهَ سُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ وَسُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ مِنْ الْمَاءِ كَالطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَمَّا مَنْ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ نَقِيَّةً إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يُنَجِّسُهُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَرْكُهُ، فَإِنْ كَانَ مِلْكَهُ لَمْ يَجِبْ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا) وَمِثْلُ الْمُسْتَبْحَرِ جِدًّا مَالَهُ مَادَّةٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ فَالْمُسْتَبْحَرُ جِدًّا وَالْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءُ لَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْبِئْرُ الْقَلِيلَةُ الْمَاءُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَلِيلَةِ هُنَا كَوْنَ مَائِهَا قَدْرَ آنِيَةِ الْغُسْلِ بَلْ كَوْنُ مَائِهَا لَيْسَ فِيهِ كَثْرَةٌ تُصَيِّرُهُ كَالْمُسْتَبْحَرِ وَكَذَلِكَ مَحَلُّ كَرَاهَةِ الْقَلِيلِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ لَهُ جَازَ هَذَا تَقْرِيرُهُ عَلَى مَا بَيَّنُوا ثُمَّ نَقُولُ بَقِيَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَيْ وَلَمْ يُسْتَبْحَرْ وَمِثْلُ الْمُسْتَبْحَرِ مَا لَهُ مَادَّةٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ أَذًى أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ عِنْدَهُ تَعَبُّدِيٌّ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا مُطْلَقًا أَوْ يَسِيرًا وَغَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى غَيْرِ الطَّاهِرِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ كَانَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى لَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ وَإِلَّا فَيَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغْتَسَلُ فِيهِ فَلَيْسَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَالَةُ كَرَاهَةٍ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّلْفِيقُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَعَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا عَلَّلَهُ إلَخْ. قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ وَقَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى كَلَامِ مَالِكٍ وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ تُفِيدُ الْمُرَادَ وَنَصُّهُ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى خُرُوجِهِ أَيْ الْمُسْتَبْحَرِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَاخْتَلَفَا فِيهِ فَكَرِهَ مَالِكٌ الِاغْتِسَالَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَمْ لَا وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَوْ لَمْ يَغْسِلْهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالْغُسْلِ فِيهِ دُونَ الْوُضُوءِ فِيهِ وَيُعْطَى بِظَاهِرِهِ أَنَّ التَّنَاوُلَ مِنْهُ لِلتَّطْهِيرِ خَارِجًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى. وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْجُنُبَ الَّذِي بِجَسَدِهِ مِنْ الْأَذَى مَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا بِتَقْدِيرِ اغْتِسَالِهِ فِي الرَّاكِدِ لَا يَجُوزُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ حَيْثُ بَقِيَ الْأَذَى بِجَسَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَسْلُبُ عَنْهُ الطَّاهِرِيَّةَ أَيْضًا أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ جَسَدُهُ حَالَ اغْتِسَالِهِ فِي الرَّاكِدَةِ نَقِيًّا أَوْ كَانَ الْأَذَى مِمَّا لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَمْ لَا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عِنْدَهُ تَعَبُّدِيٌّ وَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا مُطْلَقًا أَوْ يَسِيرًا وَغَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى غَيْرِ الطَّاهِرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى غَيْرَ طَاهِرٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اغْتِسَالُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَاكِدٍ إلَخْ. لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ حَالَةٌ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ عِنْدَهُ فِي الرَّاكِدِ إمَّا جَائِزٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ بِكَرَاهَةِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ جَسَدُ الْمُغْتَسِلِ نَقِيًّا مِنْ الْأَذَى أَوْ بِهِ أَذًى وَلَكِنْ لَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ غَسْلِ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى هُوَ قَدْرُ آنِيَةِ الْغَسْلِ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ الَّذِي يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُسْتَبْحَرْ جِدًّا وَمِثْلُ الْمُسْتَبْحَرِ جِدًّا مَالَهُ مَادَّةٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ. (قَوْلُهُ وَسُؤْرِ شَارِبِ خَمْرٍ) أَيْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ أَيْ كَثِيرٌ شُرْبُهُ وَشَكَّ فِيهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ وَكَانَ الْمَاءُ يَسِيرًا فَلَا كَرَاهَةَ فِي سُؤْرِ شَارِبِهِ مَرَّةً وَنَحْوَهُ وَلَا فِيمَنْ تَحَقَّقَ طَهَارَةَ فِيهِ وَلَا مَعَ فَقْدِ غَيْرِهِ وَلَا إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَالْمُرَادُ بِالْخَمْرِ مَا يَشْمَلُ النَّبِيذَ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ هُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهِ فَنَبِيذٌ وَكَذَا بَائِعُهُ وَسَائِرُ مَنْ يَتَعَاطَى النَّجَاسَاتِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ طَهَارَةُ الْيَدِ) أَيْ أَوْ الْفَمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ بَلْ الظَّنُّ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ كَالتَّحَقُّقِ. (تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ تَوَضَّأَ شَخْصٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّؤْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ فَقَطْ لِمَا يُسْتَقْبَلُ. (قَوْلُهُ وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ) أَيْ وَلَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَةُ فَمِهِ وَلَا طَهَارَتُهُ قَالَ فِي ك وَمَا لَا يُتَوَقَّى نَجِسًا أَيْ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ حَذَرًا مِنْ التَّكْرَارِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ سُؤْرِ شَارِبِ خَمْرٍ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ بَعْدَ وَحَذْفُ سُؤْرٍ مِنْ هُنَا فَإِنَّ قَوْلَهُ وَحَذْفُ سُؤْرٍ مِنْ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَإِنْ عَسُرَ أَيْ شَقَّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْهِرِّ وَالْفَأْرِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يُكْرَهْ كَمَا إذَا كَانَ سُؤْرُ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَدْخُولُ يَدِهِ وَسُؤْرُ مَا لَا يُتَوَقَّى نَجَسًا وَيُمْكِنُ مِنْهُ الِاحْتِرَازُ طَعَامًا لِحُرْمَتِهِ وَلَا يُرَاقُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَهَذَا مَا لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ عَلَى فِيهِ وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ رُئِيَتْ عَلَى فِيهِ عُمِلَ عَلَيْهَا كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ مِنْ مَاءٍ قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَحُذِفَ مِنْ مَاءٍ فِي الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَحُذِفَ سُؤْرٌ مِنْ هُنَا لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا إنْ عَسُرَ إلَى آخِرِهِ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ سُؤْرُ الْمُقَدَّرُ أَيْ لَا سُؤْرَ حَيَوَانٍ عَسُرَ إلَخْ، فَإِنْ قِيلَ الْمَعْطُوفُ بِلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا فَلَا يُقَالُ جَاءَ الْقَوْمُ لَا زَيْدٌ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا شَامِلٌ لِمَا عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَلِمَا لَمْ يَعْسُرْ فَالْمَعْطُوفُ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ فِيمَا قَبْلَهَا حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ دَاخِلٍ وَيَصِحُّ عَطْفُ جُمْلَةِ لَا إنْ عَسُرَ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُقَدَّرَةِ لَكِنْ عَلَى قِلَّةٍ؛ لِأَنَّ مَعْطُوفَ لَا هُنَا جُمْلَةٌ وَهِيَ لَا تَعْطِفُ إلَّا الْمُفْرَدَاتِ غَالِبًا. (ص) كَمُشَمَّسٍ (ش) هَذَا مُشَبَّهٌ بِالْمُخْرَجِ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ التَّطْهِيرُ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ عِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ قَوِيٌّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ عَنْ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَيْهِ، وَلِذَا جَوَّزَ ابْنُ الْفُرَاتِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَكُونَ شَبَّهَهُ بِالْمَكْرُوهَاتِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ فِي الْأَوَانِي الصُّفْرِ مِنْ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ. (ص) ، وَإِنْ رِيئَتْ عَلَى فِيهِ وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا (ش) هَذَا رُجُوعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ لِتَقْيِيدِ كَرَاهَةِ سُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَدْخُولِ يَدِهِ وَسُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا وَتَيَسَّرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَعَدَمُ كَرَاهَةِ سُؤْرِ مَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَوْ مَا كَانَ فِي كُلِّ ذَلِكَ طَعَامًا بِمَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ الْحَالِّ فِي الْمَاءِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ رُئِيَتْ عَلَى فِيهِ إلَخْ أَيْ، وَإِنْ عُلِمَتْ عَلَى فَمِ الْحَيَوَانِ السَّابِقِ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَاءِ أَوْ الطَّعَامِ أَوْ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ دُونَ غَيْبَةٍ يُمْكِنُ زَوَالُ أَثَرِهَا عُمِلَ عَلَيْهَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قَلِيلِ الْمَاءِ وَكَثِيرِهِ وَتَغَيُّرِهِ وَعَدَمِهِ وَبَيْنَ مَائِعِ الطَّعَامِ وَجَامِدِهِ وَطُولِ الْمُكْثِ وَعَدَمِهِ فَقَوْلُهُ عُمِلَ عَلَيْهَا أَيْ عُمِلَ عَلَى مُقْتَضَاهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ عَطْفًا عَلَى الْمَاءِ يَقْتَضِي مُسَاوَاتَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَتَعْرِفُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَيُنَجَّسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ بِنَجَسٍ قَلَّ وَتَفْسِيرُ الرُّؤْيَا بِالْعِلْمِيَّةِ لَا الْبَصَرِيَّةِ يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْحَطَّابُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ تُيُقِّنَتْ عَلَى فِيهِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ تُتَيَقَّنُ، وَإِنْ لَمْ تُرَ انْتَهَى وَحَيْثُ كَانَتْ عِلْمِيَّةً فَمَفْعُولُهَا الْأَوَّلُ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ النَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَى فِيهِ وَوَقْتُ اسْتِعْمَالِهِ ظَرْفٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ رُئِيَتْ لِلنَّجَاسَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَإِنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] وَمَا لَا يُتَوَقَّى عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ سُؤْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ عَلَى سُؤْرٍ يُبْعِدُ كَوْنَهُ بَعْدَ يُعْطَفُ عَلَى شَارِبِ خَمْرٍ بِحَيْثُ يَكُونُ سُؤْرٌ مُسَلَّطًا عَلَى مَا لَا يُتَوَقَّى (قَوْلُهُ وَحُذِفَ إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ احْتِبَاكًا فَإِذًا يَكُونُ قَوْلُهُ مُرْتَبِطًا أَيْ مَعْنَى فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدَ وَحُذِفَ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَمُشَمَّسٍ) أَيْ مُسَخَّنٍ بِالشَّمْسِ وَسَوَاءٌ كَانَ بِوَضْعِ وَاضِعٍ فِيهَا أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ ظَاهِرًا فِي الْأَوَّلِ فَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَشَمِّسٍ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ قَوِيٌّ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ بِكَوْنِهِ فِي الْأَوَانِي الصُّفْرِ) أَيْ النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ لِمَا يُحْدِثُ مِنْ الْبَرَصِ هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْإِمَامِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إلَّا أَنَّ الْقَرَافِيَّ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ الْإِنَاءِ مِثْلُ الْهَبَاءِ بِسَبَبِ التَّشَمُّسِ فِي النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ فَيَتَعَلَّقُ بِالْأَجْسَامِ فَيُورِثُ الْبَرَصَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِصَفَائِهِمَا فَلَعَلَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ لَا يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَوَانِي الصُّفْرِ وَخَصَّصَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ذَلِكَ بِخُصُوصِ النُّحَاسِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ كَوْنِهِ أَصْفَرَ أَوْ لَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهَلْ الْكَرَاهَةُ شَرْعِيَّةٌ، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ أَوْ طِبِّيَّةٌ وَبِهِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ لِحِدَّتِهَا تَفْصِلُ مِنْ الْمَاءِ زُهُومَةً تَعْلُو الْمَاءَ فَإِذَا لَاقَتْ الْبَدَنَ بِسُخُونَتِهَا خِيفَ أَنْ تَقْبِضَ عَلَيْهِ فَيُحْبَسُ الدَّمُ فَيَحْصُلُ الْبَرَصُ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ فَإِنَّ النَّارَ تُذْهِبُ الزُّهُومَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ الشَّرْعِيَّةَ يُثَابُ تَارِكُهَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِرْشَادَ شَرْعِيٌّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَنْدُوبِ أَنَّهُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَالْإِرْشَادُ لِنَفْعِ الدُّنْيَا عج قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَانْظُرْ هَلْ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِهِ أَمْ لَا أَوْ يَرْجِعُ ذَلِكَ لِلْأَطِبَّاءِ وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنْ بَرَدَ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ انْتَهَى. (أَقُولُ) وَحِينَئِذٍ فَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِهِ؛ لِأَنَّا نَرْجِعُ لِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ عِنْدَنَا. (تَنْبِيهٌ) : يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْمُشَمَّسِ فِي الْبَدَنِ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ مَطْلُوبٍ أَوْ لَا أَوْ غُسْلِ نَجَاسَةٍ فِي الْبَدَنِ لَا فِي غَيْرِهِ كَالثَّوْبِ نَعَمْ يُكْرَهُ شُرْبُهُ وَأَكْلُ مَا طُبِخَ فِيهِ إنْ قَالَتْ الْأَطِبَّاءُ بِضَرَرِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي مُشَمَّسِ الْبِرَكِ وَالْأَنْهَارِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الصِّيَانَةِ وَعَدَمِ تَأْثِيرِ الشَّمْسِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رِيئَتْ) أَصْلُهُ رُئِيَتْ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْيَاءِ فَفِيهِ قَلْبٌ مَكَانِيٌّ وُضِعَ الْيَاءُ مَكَانَ الْهَمْزَةِ وَهِيَ مَكَانُ الْيَاءِ وَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الْهَمْزَةِ لِلرَّاءِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا كَانَ) مَعْطُوفٌ عَلَى سُؤْرٍ (قَوْلُهُ طَعَامًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ كَانَ وَالتَّقْدِيرُ وَعَدَمُ كَرَاهَةِ مَا وُجِدَ فِي حَالِ كَوْنِهِ طَعَامًا مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ أَيْ سُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى الْمَاءِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَاءِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَنَّ الْحَطَّابَ قَدْ قَالَ وَلَوْ قَالَ كَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ فَأَنْتَ تَرَاهُ عَبَّرَ بِأَحْسَنَ الْمُفِيدِ إلَى حَمْلِ الرُّؤْيَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الْغَالِبُ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ إعَادَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (ص) وَإِذَا مَاتَ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ بِرَاكِدٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ نُدِبَ نَزْحٌ بِقَدْرِهِمَا لَا إنْ وَقَعَ مَيِّتًا (ش) بَرِّيٌّ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ يَعْنِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الْبَرِّيَّ الَّذِي لَهُ نَفْسٌ أَيْ دَمٌ سَائِلَةٌ أَيْ جَارِيَةٌ مِنْهُ إنْ ذُبِحَ أَوْ جُرِحَ إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ أَيْ غَيْرِ الْجَارِي سَوَاءٌ مَا لَهُ مَادَّةٌ كَالْبِئْرِ أَوْ لَا كَالصِّهْرِيجِ وَالْبِرْكَةِ إلَّا أَنْ تَكْبُرَ جِدًّا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْزَحَ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمَيْتَةِ وَيَكْفِي قَبْلَهُ وَيَكُونُ النَّزْحُ بِقَدْرِ الْمَاءِ وَالدَّابَّةِ لَا بِحَدِّ مَحْدُودٍ وَلِذَا يُنْظَرُ إلَى طُولِ الْمُكْثِ وَقُرْبِهِ وَكُلَّمَا كَثُرَ النَّزْحُ كَانَ أَحَبَّ إلَيْهِمْ وَأَحْوَطَ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مَاتَ إذَا وَقَعَ الْحَيَوَانُ فِي الْمَاءِ وَأُخْرِجَ حَيًّا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجَسَدِهِ نَجَاسَةٌ وَالْمَاءُ قَلِيلٌ فَيَكُونُ مَاءً يَسِيرًا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَهَلْ جَسَدُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ غَلَبَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ مَا غَلَبَ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي قَصْرِيَّةِ شَرَابٍ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَأُخْرِجَتْ حَيَّةً فَإِنَّهُ يُرَاقُ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِثْلُهُ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الْإِمَامِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَظْهَرُ فِي الطَّعَامِ وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَاءِ فَيُكْرَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ قَلِيلًا انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ مَاتَ مَا إذَا وَقَعَ الْحَيَوَانُ فِي الْمَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ النَّزْحُ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يُقَالُ أَنَّ مَفْهُومَ إذَا مَاتَ مَفْهُومُ شَرْطٍ، وَهُوَ يَعْتَبِرُهُ لُزُومًا وَحِينَئِذٍ فَلِمَ صَرَّحَ بِهَذَا الشَّرْطِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَعْتَبِرُهُ لُزُومًا هُوَ " إنْ " لَا مُطْلَقُ الشَّرْطِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَرِّيٍّ مِنْ الْبَحْرِيِّ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ النَّزْحُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَبِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ لَا يُسْتَحَبُّ نَزْحُهُ وَاحْتَرَزَ بِرَاكِدٍ مِنْ الْجَارِي فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ النَّزْحُ وَمِثْلُهُ الْبِرَكُ الْكِبَارُ جِدًّا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِمَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّزْحُ سَوَاءٌ كَانَتْ دَابَّةَ بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ أَمْ لَا، غَيْرَ أَنَّ مَا تَغَيَّرَ بِالْبَرِّيِّ السَّائِلِ النَّفْسِ نَجِسٌ وَغَيْرُهُ طَاهِرٌ وَإِذَا وَجَبَ نَزْحُ الْمُتَغَيِّرِ فَمَا لَا مَادَّةَ لَهُ يُنْزَحُ كُلُّهُ وَيُغْسَلُ نَفْسُ الْجُبِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَهُ مَادَّةٌ يُنْزَحُ مِنْهُ مَا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ إنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ جَمِيعُهُ إنْ كَانَ قَلِيلًا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَالْأُمِّ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيمَا تَغَيَّرَ بِالْبَرِّيِّ السَّائِلِ النَّفْسِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ لِنَجَاسَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْزَحَ فِي الْبَحْرِيِّ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ مِنْ الْبَرِّيِّ حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَثِيرٍ وَقَلِيلٍ وَلَا بَيْنَ مَا لَهُ مَادَّةٌ أَوْ لَا وَلَا يُغْسَلُ مِنْهُ الْجُبُّ لِطَهَارَتِهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ النَّزْحِ بِقَدْرِ الْمَاءِ وَالْمَيْتَةِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا يُفِيدُ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الرَّجْرَاجِيِّ يُنْزَحُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْفَضَلَاتِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْمَيْتَةِ قَدْ زَالَتْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَاءُ الْبَاقِي لَا تَعَافُهُ النَّفْسُ وَلِذَا قَالُوا إنَّمَا طُلِبَ هَذَا النَّزْحُ لِجَرْيِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِانْفِتَاحِ مَسَامِّ الْحَيَوَانِ وَسَيَلَانِ رُطُوبَاتِهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَيَفْتَحُ فَاهُ طَلَبًا لِلنَّجَاةِ فَيَدْخُلُ الْمَاءُ وَيَخْرُجُ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي تَعَافُهَا النَّفْسُ وَلِذَا قَالُوا يُنْقِصُ النَّازِحُ الدَّلْوَ لِئَلَّا تَنْزِلَ الدُّهْنِيَّةُ مِنْ الدَّلْوِ فَتَزُولَ فَائِدَةُ النَّزْحِ وَلِزَوَالِ هَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ يُطْلَبْ النَّزْحُ فِي وُقُوعِهِ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا وَأُخْرِجَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ اسْتِحْبَابِ النَّزْحِ مَعَ الْقُيُودِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَجِبُ النَّزْحُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ فِي الْوَقْتِ. (ص) ، وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُ النَّجَسِ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ فَاسْتَحْسِنْ الطَّهُورِيَّةَ وَعَدَمَهَا أَرْجَحُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ إذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ   [حاشية العدوي] عَلَى الْيَقِينِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادِرٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ إلَخْ) أُجِيبُ بِأَنَّ فَائِدَةَ إعَادَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا كَالتَّقْيِيدِ لِسُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَيَكْفِي قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْفَضَلَاتِ خَرَجَتْ وَقْتَ خُرُوجِ الرُّوحِ، وَأَمَّا بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ فَلَا فَضَلَاتِ تَخْرُجُ إلَّا أَنَّهُ يُعَكَّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ؛ وَلِذَا لَا يَنْظُرُ إلَى طُولِ الْمُكْثِ وَقُرْبِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ بِطُولِ الْمُكْثِ يَقْوَى التَّغَيُّرُ بِمَا حَلَّ مِنْ الْفَضَلَاتِ فِي حَالِ خُرُوجِ الرُّوحِ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُ النَّزْحُ إلَخْ) أَيْ فَيَكْثُرُ مَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ وَكِبَرِ الدَّابَّةِ وَيُقَلَّلُ فِي عَكْسِهِ وَيُتَوَسَّطُ فِي عِظَمِهِمَا وَفِي صِغَرِهَا وَقِلَّةِ الْمَاءِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّيْخُ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَهَذَا فِي الْحَطَّابِ فَكَأَنَّهُ تَحَرَّفَتْ نُسْخَتُهُ عَنْ لَفْظِ ح إلَى لَفْظِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرٌ فِي الطَّعَامِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ دُبُرَهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّجَاسَةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ فَتْوَاهُ؛ لِأَنَّ الشَّرَابَ مِنْ الطَّعَامِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَحَدُ الْأَشْرِبَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَقَدْ كَانَ شَرَابَ تُفَّاحٍ (قَوْلُهُ هُوَ أَنْ لَا مُطْلَقَ الشَّرْطِ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِإِنْ أَوْ إذَا أَوْ غَيْرِهِمَا انْتَهَى. بَلْ يُقَالُ إنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ أَحْرَى بِالنَّزْحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ) أَيْ عَلَّقَ النَّدْبَ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ النَّزْحُ بِقَدْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ هُوَ عَيْنُ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَلَّ شب الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَنْزَحَ مِنْهُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَيَوَانِ مِمَّا تَعَافُهُ الْأَنْفُسُ قَدْ زَالَ (قَوْلُهُ مَسَامِّ الْحَيَوَانِ) أَيْ مَنَافِذِ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ لِلنَّجَاةِ) أَيْ الْخُلُوصِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُ) الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَلَا مَادَّةَ لَهُ النَّجِسُ أَيْ الْمُتَنَجِّسُ، وَهُوَ مَا غَيَّرَهُ النَّجَسُ بِالْفَتْحِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ يَسِيرًا فَبَاقٍ عَلَى التَّنْجِيسِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ إذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ثُمَّ زَالَ تَغَيُّرُهُ لَا بِكَثْرَةِ مَاءٍ مُطْلَقٍ خُلِطَ بِهِ وَلَا بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ بَلْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ أَوْ بِقَلِيلٍ مُطْلَقٍ خُلِطَ بِهِ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْحُكْمَ بِالنَّجَاسَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ التَّغَيُّرِ وَقَدْ زَالَ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا حُكِمَ بِطَهُورِيَّتِهِ كَالْخَمْرِ يَتَخَلَّلُ وَمَنْ رَأَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَلَيْسَ حَاصِلًا حَكَمَ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ بَعْضُهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالِاسْتِحْسَانِ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ الثَّانِيَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالتَّرْجِيحِ وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ غَازِيٍّ نِسْبَةَ هَذَا لِابْنِ يُونُسَ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ مَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِقَلِيلِ الْمُطْلَقِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْبِسَاطِيُّ وُجُودَ الْخِلَافِ فِيهِ وَقَالَ لَوْ جَعَلَ الْمُؤَلِّفُ مَحَلَّ النِّزَاعِ مَا زَالَ بِنَفْسِهِ لَسَلِمَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالنَّقْلِ فِيمَا إذَا زَالَ بِقَلِيلِ الْمُطْلَقِ زَادَ فِي مُغْنِيهِ، وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ انْتَهَى وَكَلَامُ ابْنِ الْإِمَامِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِيهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ أَنَّ مَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِمُكَاثَرَةِ مَاءِ مُطْلَقٍ خَالَطَهُ طَهُورٌ بِاتِّفَاقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُنَا فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ وَلَا بِشَيْءٍ أُلْقِيَ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الطِّرَازِ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِإِلْقَاءِ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَحَدُ أَوْصَافِ مَا أُلْقِيَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَطْهُرَ، وَإِنْ ظَهَرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمُلْقَى احْتَمَلَ الْأَمْرَ قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ وَالْأَظْهَرُ النَّجَاسَةُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ انْتَهَى. وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ مُعَلِّلًا لِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ أَحَدُ أَوْصَافِ مَا أُلْقِيَ فِيهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ وَسَلَامَةِ أَوْصَافِ الْمَاءِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَأَوْرَدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَعَدَمِهَا يَعُودُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الطَّاهِرِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الطَّهُورِيَّةِ نَفْيُ الطَّاهِرِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ يَقُولُ بِعَدَمِ الطَّاهِرِيَّةِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ، وَقَدْ يُقَالُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الطَّاهِرِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الِاسْتِصْحَابِ تَنْفِي إرَادَةَ الطَّاهِرِيَّةِ، وَهَذَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (ص) وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا وَإِلَّا فَقَالَ يُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْبَالِغِ عَدْلِ الرِّوَايَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا إذَا بَيَّنَ لِلْمَخْبَرِ بِالْفَتْحِ وَجْهَ النَّجَاسَةِ كَقَوْلِهِ تَغَيَّرَ بِبَوْلٍ مَثَلًا إذَا اخْتَلَفَ مَذْهَبُ السَّائِلِ وَالْمُخْبَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ نَجَسًا نَجَسًا أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا لَكِنْ اتَّفَقَ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ مَذْهَبًا أَيْ وَالْمُخْبِرُ بِالْكَسْرِ عَالِمٌ بِمَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ وَمَا لَا يُنَجِّسُهُ لِزَوَالِ عِلَّةِ التَّبْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ النَّجَاسَةِ الَّتِي غَيَّرَتْ الْمَاءَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ فَقَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِخَبَرِهِ مُشْتَبِهًا أَيْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ. (ص) وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ كَعَكْسِهِ (ش) لَمَّا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَا لَمْ   [حاشية العدوي] كَانَ الْمَاءُ طَهُورًا وَحَصَلَ لَهُ مَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِهِ بِطَاهِرٍ، ثُمَّ زَالَ فَإِنَّهُ يَعُودُ طَهُورًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ تَغَيُّرُهُ إلَخْ) أَيْ تَحَقُّقًا أَوْ ظَنًّا كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ أَوْ بِقَلِيلٍ مُطْلَقٍ) ذَكَرَ تِلْكَ الصُّورَةَ لِشُمُولِ الْمُصَنِّفِ لَهَا (قَوْلُهُ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ فَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ فِيمَا إذَا زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ فَإِنَّهُ قَالَ اُخْتُلِفَ فِي الْمُضَافِ إذَا زَالَتْ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ هَلْ يَزُولُ حُكْمُهَا أَوْ لَا وَالصَّوَابُ الثَّانِي (قَوْلُهُ، وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِشُمُولِهِ لِزَوَالِهِ بِكَثِيرٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطْلَقٍ مَعَ أَنَّهُ طَهُورٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَثْرَةِ الْمُكَاثَرَةَ بِمَعْنَى الْمُخَالَطَةِ وَأَرَادَ بِالْمُطْلَقِ لَازِمَهُ، وَهُوَ طَاهِرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا بِمُكَاثَرَةٍ أَيْ مُخَالَطَةِ طَاهِرٍ بِأَنْ زَالَ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْكَثْرَةِ مُقَابِلَ الْقِلَّةِ نَعَمْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِأَنْ يُفِيدَ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِتَقْدِيمِهِ أَوْ أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَذْهَبُ الْقَوْلُ الثَّانِي (قَوْلُهُ احْتَمَلَ الْأَمْرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ احْتِمَالُ الزَّوَالِ مَظْنُونًا وَمُقَابِلُهُ مَوْهُومًا إلَّا أَنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّ الْمَظْنُونَ كَالْمُحَقَّقِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ، وَأَمَّا الرِّيحُ فَيُمْكِنُ تَحَقُّقُ أَوْ ظَنُّ زَوَالِ تَغَيُّرِ النَّجِسِ كَمَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُهُ بِهِ، ثُمَّ زَالَ تَغَيُّرُ تِلْكَ الرَّائِحَةِ زَوَالًا مُحَقَّقًا أَوْ مَظْنُونًا فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ مُؤَخَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ تَبَيُّنٌ أَيْ وَتَبْيِينٌ كَائِنٌ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُعَلَّلًا إلَخْ (قَوْلُهُ بِإِلْقَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ بِقَوْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُعَلَّلًا (قَوْلُهُ وَقَدْ أُجِيبُ إلَخْ) وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامًا (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ بِالتَّنْجِيسِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَفِيهِ أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي الْقَائِلُ بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى التَّنْجِيسِ وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِالتَّنْجِيسِ يَقُولُ أَنَا أَحْكُمُ بِالنَّجَاسَةِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ فَأَقُولُ بِاسْتِعْمَالِهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ فَمَا كَتَبَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ رُجُوعِهِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ اسْتِشْكَالُهُ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ تَثْبُتُ إلَخْ) بَلْ وَمِثْلُهُ إذَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ عَدْلِ الرِّوَايَةِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا غَيْرَ فَاسِقٍ وَاسْتُظْهِرَ أَنَّ الْجِنَّ فِي ذَلِكَ كَبَنِي آدَمَ وَقَوْلُهُ الْوَاحِدُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالِاثْنَانِ وَالْأَكْثَرُ كَذَلِكَ قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بَلْ وَلَوْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاحِدِ لِبَيَانِ أَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْإِخْبَارُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الِاثْنَيْنِ وَالْأَكْثَرَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكِنْ اتَّفَقَ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ مَذْهَبًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُوَافِقًا فِي الْحُكْمِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا فِي الْمَذْهَبِ كَذَا قَالَهُ فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ) وَهَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ نَدْبًا حَيْثُ تَوَضَّأَ مِنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَوُرُودُ الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِمَعْنَاهُ عِنْدَنَا، فَإِنْ قِيلَ وُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ فَمَا تَغَيَّرَ أَحَدُهَا مِنْهُ فَلَيْسَ بِمُطْلَقٍ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ هَلْ الْعِبْرَةُ بِالْأَوْصَافِ سَوَاءٌ وَرَدَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمَاءِ أَوْ وَرَدَ هُوَ عَلَيْهَا أَوْ هَذَا فِيمَا وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا إنْ وَرَدَتْ هِيَ فَقَالَ: لَا فَرْقَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي التَّطْهِيرِ بَيْنَ أَنْ يُوضَعَ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيَنْفَصِلُ طَهُورًا أَوْ الْمَاءُ فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ فِيهِ وَيَنْفَصِلُ الْمَاءُ طَهُورًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُونَ إنْ وَرَدَ الْمَاءُ عَلَى النَّجَاسَةِ طَهَّرَهَا، وَإِنْ وَرَدَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمَاءِ وَكَانَ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ الْمَاءُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَمَّا لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ فَلَا يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَالْقُلَّتَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ وَبِالْمِصْرِيِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ أَرْبَعُمِائَةِ رَطْلٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ رَطْلًا وَثُلُثُ رَطْلٍ وَثُلُثَا أُوقِيَّةٍ لَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ أُوقِيَّةٍ، وَأَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فَإِنَّهُمَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رَطْلٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الزُّبَدِ. (فَصْلٌ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَا تَغَيَّرَ مِنْ الْمِيَاهِ بِطَاهِرٍ طَاهِرٌ وَمَا تَغَيَّرَ بِنَجَسٍ مُتَنَجِّسٌ احْتَاجَ إلَى بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ وَذَكَرَ فِيهِ أَشْيَاءَ لَا تَتَّصِفُ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ مُحَلًّى وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا لِكَوْنِهَا شَارَكَتْ مَا ذُكِرَ فِي الْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ، الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ بَيَانُ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ مِنْ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ الْآتِي بَيَانُ الْأَعْيَانِ الْمُبَاحَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْإِبَاحَةُ وَلَا مِنْ الْإِبَاحَةِ الطَّهَارَةُ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُ الْبَابَيْنِ تَحْتَ الْآخَرِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمُبَاحِ أَنَّ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالْمُبَاحِ عُمُومًا مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ (ص) الطَّاهِرُ مَيِّتُ مَا لَا دَمَ لَهُ (ش) أَيْ أَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي لَا دَمَ لَهُ كَالْعَقْرَبِ وَالذُّبَابِ وَالْخَنَافِسِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْجَرَادِ وَالدُّودِ وَالنَّمْلِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَهُوَ مُرَادُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ طَاهِرٌ، وَإِنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَمَعْنَى حَتْفَ أَنْفِهِ خُرُوجُ رُوحِهِ مِنْ أَنْفِهِ بِنَفَسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَا ذُكِرَ طَاهِرًا لِعَدَمِ الدَّمِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الِاسْتِقْذَارِ وَقَوْلُهُ مَا أَيْ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ أَمَّا تَفْسِيرُهَا بِحَيَوَانٍ فَلِأَنَّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمَوْتُ إنَّمَا هُوَ الْحَيَوَانُ، وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا بِبَرِّيٍّ فَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْبَحْرِيُّ لَكِنْ الْأَوْلَى تَفْسِيرُهَا بِنَكِرَةٍ لَا بِمَوْصُولٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْوَصْفِ وَمَا بَعْدَهُ مُنَكَّرًا وَالْمُرَادُ   [حاشية العدوي] هُوَ الْأَصْلُ وَعَكْسُهُ هُوَ الْفَرْعُ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تُفِيدُ عَكْسَ ذَلِكَ قُلْت جَوَابُهُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى فَإِنَّ الْكَافَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْمُشَبَّهِ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ قَالَ وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَعَكْسِهِ وَهُنَا لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ فَالْجَوَابُ الْأَحْسَنُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ عَكْسِ التَّشْبِيهِ كَمَا فِي قَوْلِك الْأَسَدُ كَزَيْدٍ مُبَالَغَةً فِي التَّشْبِيهِ فَيَكُونُ قَصْدُ الْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ. (خَاتِمَةٌ) قَالَ فِي ك وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا لِقَصْدِ التَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ كَالشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ وُرُودَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ تُنَجِّسُهُ حَيْثُ كَانَ قَلِيلًا اهـ. [فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ] (فَصْلٌ الطَّاهِرُ إلَخْ) (قَوْلُهُ فَصْلٌ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ تَقَدَّمَ لَهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ مَا يُحِيلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ حِينَ اخْتَصَرَهُ مِنْهُ يَذْكُرُ الْإِحَالَةَ وَلَا يَذْكُرُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّنَا نُتَمِّمُ الْفَائِدَةَ فَنَقُولُ الْفَصْلُ لُغَةً الْحَجْزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ بِمَعْنَى الْقَضَايَا مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ مُنْدَرِجَةٍ غَالِبًا تَحْتَ بَابٍ كَمَا هُنَا أَوْ كِتَابٍ وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَصْلٍ حَاجِزٌ بَيْنَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ) الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ هُوَ اسْتِعْمَالُ الذِّكْرِ الْمُحَلَّى وَلُبْسُ الْمَلْبُوسِ وَلَكِنْ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مَذْكُورًا الْحُرْمَةُ وَالْجَوَازُ لَا الِاسْتِعْمَالُ وَلَا لُبْسُ الْمَلْبُوسِ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ) أَيْ لُبْسُ الْمَلْبُوسِ (قَوْلُهُ أَنَّ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالْمُبَاحِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ يَسْتَلْزِمُ الطَّهَارَةَ فَالْمَيْتَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُضْطَرِّ مُبَاحَةٌ وَطَاهِرَةٌ وَالسُّمُّ طَاهِرٌ لَا مُبَاحٌ فَالْأَعَمُّ هُوَ الطَّاهِرُ وَالْأَخَصُّ هُوَ الْمُبَاحُ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ إلَخْ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الطَّهَارَةَ فَالْمَيْتَةُ مُبَاحَةٌ وَلَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ، وَهُوَ الْحَقُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ رَغِيفٍ وَيَنْفَرِدُ الْمُبَاحُ بِالْمَيْتَةِ وَالطَّاهِرُ بِالسُّمِّ وَلَكِنْ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ وَالْحَقُّ بَدَلَ قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَالْعَقْرَبِ) فِي كَبِيرِهِ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي الْعَقْرَبُ وَالْعَقْرَبَةُ وَالْعَقْرَبَاءُ كُلُّهُ لِلْأُنْثَى وَالذَّكَرِ عُقْرُبَانُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ انْتَهَى وَالْخَنَافِسُ جَمْعُ خُنْفُسَاءُ خُنْفُسَاةُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْمَدِّ وَالْأُنْثَى خُنْفُسَاةٌ وَفِي الْمُحْكَمِ الْخُنْفُسُ دُوَيْبَّةٌ صَغِيرَةٌ سَوْدَاءُ أَصْغَرُ مِنْ الْجِعْرَانِ مُنْتِنَةُ الرِّيحِ وَالْأُنْثَى خُنْفُسَةٌ وَخُنْفُسَاءُ وَضَمُّ الْفَاءِ فِي الْجَمِيعِ لُغَةٌ اهـ. وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الْفَتْحَ أَشْهَرُ وَأَنَّ خُنْفُسَاءَ لَا يُقَالُ إلَّا لِلْمُؤَنَّثِ اهـ. (قَوْلُهُ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ) دُوَيْبَّةٌ نَحْوُ الْخُنْفُسَاءِ حَمْرَاءُ اللَّوْنِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَفِي الْكُنُفِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ بِنَفَسِهِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ أَيْ بِتَتَابُعِ نَفَسِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مَاتَ مَوْتَ أَنْفِهِ أَيْ مَاتَ مَوْتًا مَنْسُوبًا إلَى أَنْفِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَرَجَتْ رُوحُهُ مِنْ أَنْفِهِ بِسَبَبِ تَتَابُعِ نَفَسِهِ أَوْ مَعَ تَتَابُعِ نَفَسِهِ أَيْ أَنَّ الَّذِي مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ تَخْرُجُ رُوحُهُ مِنْ أَنْفِهِ بِسَبَبِ تَتَابُعِ نَفَسِهِ، وَأَمَّا الَّذِي يُقْتَلُ أَوْ يُخْرَجُ فَتَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعِ قَتْلِهِ كَذَا كَانُوا يَتَخَيَّلُونَ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ ذِكْرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ عَطْفَ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ جَائِزٌ وَأَيْضًا فَقَدْ عَطَفَ الْمُعَرَّفَ بِأَلْ فَمُرَاعَاتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 بِمَا لَا دَمَ لَهُ الذَّاتِيُّ وَمَيِّتُ مَا ذُكِرَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الدَّمِ مَنْقُولٌ وَتُفْهَمُ الذَّاتِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِطَهَارَةِ مَا لَا دَمَ لَهُ أَنْ يُؤْكَلَ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ لِقَوْلِهِ وَافْتَقَرَ نَحْوُ الْجَرَادِ لَهَا بِمَا يَمُوتُ بِهِ فَإِذَا مَاتَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً فِي طَعَامٍ وَاخْتَلَطَ بِهِ وَغَلَبَ عَلَى الطَّعَامِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ تَمَيَّزَ الطَّعَامُ مِنْهُ أُكِلَ الطَّعَامُ دُونَهُ إذْ لَا يُؤْكَلُ كُلُّ الْخَشَاشِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا بِذَكَاةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا كَانَ هُوَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَالْمُرَادُ بِغَلَبَتِهِ كَوْنُهُ كَثِيرًا وَالْخَشَاشِ قَلِيلًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الطَّعَامُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْخَشَاشِ فَلَا يُؤْكَلُ بِمَنْزِلَةِ الْغَالِبِ كَمَا هُوَ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّلْقِينِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ. (ص) وَالْبَحْرِيُّ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ (ش) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ مَا الْمُضَافُ إلَيْهَا مَيِّتٌ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى مَيِّتٍ لَكِنْ حَذْفُ الْمُضَافِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَالْأَصْلُ وَمَيِّتُ الْبَحْرِيِّ وَلَا يَصِحُّ الرَّفْعُ دُونَ تَقْدِيرٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى وَالْمَعْنَى أَنَّ مَيْتَةَ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ طَاهِرَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَقَوْلُهُ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ» وَسَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَوُجِدَ طَافِيًا أَوْ بِسَبَبِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهِ مِنْ اصْطِيَادِ مُسْلِمٍ أَوْ مَجُوسِيٍّ أَوْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ أَوْ دُسَّ فِي طِينٍ فَمَاتَ أَوْ وُجِدَ فِي بَطْنِ حُوتٍ أَوْ طَيْرٍ مَيِّتًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ كَالْحُوتِ أَوْ تَطُولُ حَيَاتُهُ كَالضُّفْدَعِ الْبَحْرِيِّ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَالسُّحُلْفَاةُ الْبَحْرِيَّةُ وَهِيَ تُرْسُ الْمَاءِ بِضَمِّ السِّينِ   [حاشية العدوي] أَقْرَبُ بِتَفْسِيرِهَا بِمَعْرِفَةٍ (قَوْلُهُ وَتُفْهَمُ الذَّاتِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ) ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَغَلَبَ عَلَى الطَّعَامِ) أَيْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَ الطَّعَامُ إلَخْ) أَيْ كَانَ قَدْرَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ الْخَشَاشُ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَثْلِيثِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا هُوَ أُمُّ الْأَرْضِ وَصِغَارُ دَوَابِّهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ بِهِ فَتَارَةً يَتَمَيَّزُ وَتَارَةً لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَغْلِبَ أَوْ يُسَاوِيَ أَوْ يَقِلَّ فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ فَإِذَا تَمَيَّزَ أَكْلُ الطَّعَامِ دُونَهُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَإِلَّا، فَإِنْ غَلَبَ الطَّعَامُ أَكَلَ الْجَمِيعَ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يُطْرَحُ كُلُّهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَمُتْ بِهِ فَيُؤْكَلُ مَعَهُ فِي الْأَقْسَامِ السِّتَّةِ إنْ نَوَى ذَكَاتَهُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ شَكَّ فِي قَدْرِهِ حَالَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ أَكْلُهُ لِقَاعِدَةِ إنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ أَكْلِ ضُفْدَعٍ شَكَّ فِيهِ أَبَرِّيٌّ أَمْ بَحْرِيٌّ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِيفٌ فَلِذَلِكَ قُلْنَا فَالظَّاهِرُ أَكْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ دُودِ وَسُوسِ الْفَوَاكِهِ وَالطَّعَامِ وَفِرَاخِ النَّحْلِ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ. (تَنْبِيهٌ) : اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَحْصُورًا فِي الْخَبَرِ قَالَ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُبْتَدَأٌ فَاللَّامُ جِنْسٍ عُرِّفَا ... مُنْحَصِرٌ فِي مُخْبِرٍ بِهِ وَفَا وَإِنْ خَلَا عَنْهَا وَعُرِفَ الْخَبَرُ ... بِاللَّامِ مُطْلَقًا فَعَكْسُ ذَا اسْتَقَرَّ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاهِرِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ كَخَرْءِ الْأُذُنِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ حَصْرٌ إضَافِيٌّ أَيْ الطَّاهِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا غَيْرُهَا مِنْ بَوْلٍ وَعَذِرَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَى آخِرِ أَنْوَاعِ النَّجَسِ (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ) (فَائِدَةٌ) نَصَّ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ قَمْلَةٌ أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ لِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ سَحْنُونَ فِي ثَرِيدٍ وَقَعَتْ فِيهِ قَمْلَةٌ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ عَنْهُ فِي الْبُرْغُوثِ وَنَقَلَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونَ فِي الْقَمْلَةِ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَثِيرَ الطَّعَامِ وَإِلَّا فَيُشْكِلُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّلْقِينِ) التَّلْقِينُ كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى) أَيْ لِاخْتِلَالِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ طَهَارَةُ الْبَحْرِيِّ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ) أَيْ الْبَحْرُ الْمَالِحُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَدْرَ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَالطَّهُورُ هُنَا بِفَتْحِ الطَّاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ وَالطُّهُورُ بِضَمِّ الطَّاءِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الطَّهُورَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرًا وَالْحِلُّ بِمَعْنَى الْحَلَالِ كَالْحَرَمِ بِمَعْنَى الْحَرَامِ وَالْمَيْتَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْعَيْنُ الْمَيِّتَةُ، وَأَمَّا الْمِيتَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَهِيَ هَيْئَةُ الْمَوْتِ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا إلَّا بِتَكَلُّفٍ وَفِيهِ أَعَارِيبُ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأٌ أَوَّلٌ وَالطَّهُورُ مُبْتَدَأٌ ثَانِيًا خَبَرُهُ مَاؤُهُ وَالْجُمْلَةُ مِنْ هَذَا الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرُ الْأَوَّلِ أَوْ أَنَّ هُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالطَّهُورُ مَاؤُهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا تَقَدُّمُ ذِكْرِ الْبَحْرِ فِي السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَعَدَمَ إعَادَةِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ هُوَ عَلَى الْبَحْرِ صَحَّ هَذَا الْوَجْهُ أَوْ يَكُونُ هُوَ مُبْتَدَأٌ وَالطَّهُورُ خَبَرُهُ وَمَاؤُهُ فَاعِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَمَدَ عَامِلَهُ بِكَوْنِهِ خَبَرًا وَالْبَحْرُ الْمَالِحُ كَانَ فِي الْأَصْلِ عَذْبًا فَمَرَّ الْمَاءُ مِنْ قَتْلِ قَابِيلَ أَخَاهُ هَابِيلَ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَغَيَّرَتْ الْأَطْعِمَةُ وَحَمُضَتْ الْفَوَاكِهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» ) إنْ قُلْت إنَّ الْجَرَادَ يَحْتَاجُ لِذَكَاةٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْمَذْهَبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنَافٍ (قُلْت) لَا مُنَافَاةَ. ؛ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْجَرَادِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ كَالذَّكَاةِ الْمَعْهُودَةِ أُطْلِقَ عَلَى الْمُذَكَّى مِنْهُ مَيْتَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ طَيْرٍ مَيِّتًا) إلَّا أَنَّهُ يُغَسَّلُ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَطُولُ حَيَاتُهُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَطُولُ حَيَاتُهُ بِالْبَرِّ لَا تَكُونُ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةً (قَوْلُهُ وَالسُّحُلْفَاةُ) فِي هَذَا الشَّارِحِ وَفِي عب وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ سُلَحْفَاةً بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْحَاءِ (قَوْلُهُ وَهِيَ تُرْسُ الْمَاءِ) كَذَا فِي الْحَطَّابِ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهَا غَيْرُ تُرْسِ الْمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 وَالْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالسَّرَطَانُ بِفَتَحَاتٍ قِيلَ وَهِيَ تُرْسُ الْمَاءِ وَالْبَحْرُ لُغَةً الِاتِّسَاعُ وَمِنْهُ فُلَانٌ بَحْرٌ أَيْ وَاسِعُ الْعَطَاءِ وَالْجُودِ وَفَرَسُ بَحْرٍ أَيْ وَاسِعُ الْجَرْيِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ آدَمِيِّ الْبَحْرِ. (ص) وَمَا ذُكِّيَ وَجُزْؤُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُذَكَّى وَأَجْزَاءَهُ مِنْ كَبِدٍ وَعَظْمٍ وَغَيْرِهِمَا طَاهِرٌ (ص) (إلَّا مُحَرَّمَ الْأَكْلِ) ش كَالْخِنْزِيرِ وَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْخَيْلِ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ لَا تَنْفَعُ فِيهِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْجُزْءِ بَعْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْكُلِّ الْحُكْمُ عَلَى الْجُزْءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِنَجَاسَةِ مَرَارَةِ الْمُبَاحِ وَجَرَّتِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ الْحَبْلَ الْمَفْتُولَ مِنْ شَعَرَاتٍ يَحْمِلُ الْأَثْقَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِحَمْلِ الْأَثْقَالِ الْحُكْمُ عَلَى كُلِّ شَعْرَةٍ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ الرِّجَالِ يَحْمِلُونَ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْكُلِّ بِحَمْلِ الصَّخْرَةِ الْعَظِيمَةِ الْحُكْمُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِذَلِكَ. (ص) وَصُوفٌ وَوَبَرٌ وَزَغَبُ رِيشٍ وَشَعْرٌ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ إنْ جُزَّتْ (ش) يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ طَاهِرٌ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَلَوْ أُخِذَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ وَمَا لَا تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ قَبْلَ الْمَوْتِ فَبَعْدَهُ كَذَلِكَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْمُرَادُ بِزَغَبِ الرِّيشِ مَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ مِنْ الْأَطْرَافِ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ بَيْنَ صُوفِ الْمُحَرَّمِ وَشَعْرِهِ وَوَبَرِهِ وَبَيْنَ صُوفِ غَيْرِهِ وَشَعْرِهِ وَوَبَرِهِ لَكِنَّ الطَّهَارَةَ فِي ذَلِكَ مَشْرُوطَةٌ بِجَزِّهِ وَلَوْ بَعْدَ النَّتْفِ وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا إنْ جُزَّتْ مِنْ مَيْتَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا مَعْنَى لَهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا أَذًى وَأَوْجَبَ ابْنُ حَبِيبٍ غَسْلَهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا نُتِفَ مِنْهَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَصُوفٌ مِنْ غَنْمٍ وَوَبَرٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ إبِلٍ وَأَرْنَبٍ وَنَحْوِهِمَا وَزَغَبُ رِيشٍ لِطَيْرٍ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الرِّيشَ اسْمٌ لِلْقَصَبَةِ وَالزَّغَبِ مَعًا وَشَعْرٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْجَزِّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِحَلْقٍ أَوْ بِنُورَةٍ مَا عَدَا النَّتْفِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ. (ص) وَالْجَمَادُ، وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ وَمُنْفَصِلٌ عَنْهُ (ش) الْجَمَادُ لُغَةً الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ وَالسَّنَةُ الَّتِي لَا مَطَرَ فِيهَا وَعَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ بِمَا ذُكِرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ حُكْمَ الْجَمَادَاتِ وَهِيَ مَا لَيْسَ بِذِي رُوحٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالسَّرَطَانُ) أَيْ الْبَحْرِيُّ (قَوْلُهُ الِاتِّسَاعُ) أَيْ الْمُتَّسِعُ أَوْ ذُو الِاتِّسَاعِ أَيْ الْوَاسِعُ فَنَاسَبَ قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ آدَمِيِّ الْبَحْرِ) إنَّمَا اسْتَظْهَرَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُرْمَةِ كَالْحَمِيرِ وَغَيْرِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ وَطْؤُهُ كَالرِّقِّ مِنْ الْآدَمِيِّ فَأَفَادَ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالدَّوَابِّ فَلَا يَكُونُ الْمِلْكُ مُجَوِّزًا لِوَطْئِهِ. (قَوْلُهُ وَمَا ذُكِّيَ وَجُزْؤُهُ) إنْ قُلْنَا مَا وُجِدَتْ فِيهِ صُورَةُ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ عَقْرٍ كَانَ قَابِلًا لَهَا كَالْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا كَالْمُحَرَّمِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ كَالْخِنْزِيرِ أَوْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، وَإِنْ قُلْنَا مَا ذُكِّيَ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنْ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ لَيْسَ بِطَاهِرٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ وَإِضَافَةُ جُزْءٍ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَهُوَ عَامٌّ لَكِنَّهُ يُخَصَّصُ بِقَوْلِهِ وَدَمٍ مَسْفُوحٍ انْتَهَى مِنْ ك وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيَدْخُلُ فِي جُزْئِهِ الْجَنِينُ وَيُقَيَّدُ بِغَيْرِ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَمَا إذَا تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ، فَإِنْ كَانَ مُحَرَّمُهُ كَوُجُودِ خِنْزِيرٍ بِبَطْنِ شَاةٍ أَوْ جَنِينٍ لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا وَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا التَّقْيِيدِ بِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِقَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ وَالْخَيْلُ إلَخْ) مَشَى عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيمَا اُتُّفِقَ عَلَى تَحْرِيمِهِ كَخِنْزِيرٍ أَوْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَحِمَارٍ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِمْ طَهَارَةُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالذَّكَاةِ لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِنَجَاسَةِ الْجِلْدَةِ الْحَاوِيَةِ لِلصَّفْرَاءِ أَيْ الْمَاءِ الْمُرِّ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ نَفْسُ الْمُرِّ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ جَرَّةَ الْبَعِيرِ الَّتِي قَالُوا بِنَجَاسَتِهَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَهُ مَا يُفِيضُ بِهِ الْبَعِيرُ مِنْ الطَّعَامِ فَيَأْكُلُهُ ثَانِيًا فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَرَارَةِ وَجَرَّةِ الْبَعِيرِ اللَّتَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ بِنَجَاسَتِهِمَا لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا جُزْءٌ مُذَكًّى كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ وَنَحْنُ نَقُولُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُوجِبَ لِذِكْرِ الْجُزْءِ إمَّا أَمْرٌ يَقُولُ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَقَدْ تَبَيَّنَ وَإِمَّا أَمْرٌ نَقُولُهُ مَعْشَرَ جَمَاعَةِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ يُوَافِقُونَا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَبْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْكُلِّ) أَيْ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِي لَا الْجَمِيعِيِّ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَيْ رَادًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ شَعْرَ الْخِنْزِيرِ نَجَسٌ (قَوْلُهُ مَشْرُوطَةٌ بِجَزِّهِ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُجَزَّ تَكُونُ نَجِسَةً أَيْ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهَا، وَهُوَ مُبَاشِرُ اللَّحْمِ مِنْ مَحَلِّ النَّتْفِ لَا جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ) أَيْ إذَا عُلِمَ أَوْ إذَا ظُنَّ أَيْ فَيُحْمَلُ النَّدْبُ عَلَى حَالَةِ الشَّكِّ وَقَوْلُهُ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَبِيبٍ غَسْلَهَا أَيْ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَيَتَلَخَّصُ أَنَّ فِي حَالَةِ الشَّكِّ طَرِيقَتَيْنِ الْوُجُوبَ وَالِاسْتِحْبَابَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ مِنْ غَنَمٍ) الْمُرَادُ خُصُوصُ الضَّأْنِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِمَا) كَثَعْلَبٍ (قَوْلُهُ وَشَعْرٍ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِنَاءً عَلَى كَلَامِ الصِّحَاحِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ أَنَّ الشَّعْرَ مَا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ خَلِيلٍ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (تَنْبِيهٌ) : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ بَيْعِ الشَّعْرِ الَّذِي يُحْلَقُ مِنْ رُءُوسِ النَّاسِ فَكَرِهَهُ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بَابِهَا أَفَادَ ذَلِكَ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْجَمَادُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَيِّتُ مَا لَا دَمَ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 ذِي رُوحٍ الطَّهَارَةُ وَأَخْرَجَ الْحَيَوَانَ الْحَيَّ بِقَوْلِهِ غَيْرَ حَيٍّ وَأَخْرَجَ الْمَيْتَةَ وَمَا تَوَلَّدَ عَنْ الْحَيَوَانِ بِقَوْلِهِ وَغَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْحَيِّ فَالْمُنْفَصِلُ عَنْهُ كَالْبَيْضِ لَيْسَ بِجَمَادٍ وَكَذَلِكَ أَجْزَاءُ الْحَيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ الْجَمَادِيَّةِ نَجَسٌ وَإِلَّا لَكَانَ الْحَيُّ نَجَسًا وَدَخَلَ فِي حَدِّ الْجَمَادِ الْجَامِدُ وَالْمَائِعُ مِنْ زَيْتٍ وَعَسَلِ غَيْرِ نَحْلٍ لَا يُقَالُ الْجَمَادُ يُقَابِلُهُ الْمَائِعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُقَابِلُ الْمَائِعَ الْجَامِدُ لَا الْجَمَادُ وَقَالَ ح وَيَدْخُلُ فِي حَدِّهِ السَّمْنُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْ حَيٍّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُنْفَصِلَ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالسَّمْنُ مُنْفَصِلٌ عَنْ اللَّبَنِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ حَيٍّ تَأَمَّلْ (ص) إلَّا الْمُسْكِرَ (ش) لَمَّا كَانَ بَعْضُ الْجَمَادَاتِ مُفْسِدًا وَمُرَقِّدًا وَمُسْكِرًا عَلَى مَا سَتَعْرِفُهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَكَانَ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلَيْنِ الطَّهَارَةَ دُونَ الْأَخِيرِ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ بِمَا ذُكِرَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْكِرُ مَائِعًا كَالْخَمْرِ أَوْ جَامِدًا كَالْحَشِيشِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعِنَبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (فَائِدَةٌ) تَنْفَعُ الْفَقِيهَ يُعْرَفُ بِهَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُسْكِرِ وَالْمُرَقِّدِ وَالْمُفْسِدِ فَالْمُسْكِرُ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ مَعَ نَشْأَةٍ وَفَرَحٍ وَالْمُفْسِدُ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ لَا مَعَ نَشْأَةٍ وَفَرَحٍ كَعَسَلِ الْبَلَادِرِ وَالْمُرَقِّدُ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ وَالْحَوَاسَّ كَالسَّيْكُرَانِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْإِسْكَارِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ الْحَدُّ وَالنَّجَاسَةُ وَتَحْرِيمُ الْقَلِيلِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحَشِيشَةِ قَوْلَانِ هَلْ هِيَ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ أَمْ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَكْلِهَا فَاخْتَارَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهَا مِنْ الْمُخَدِّرَاتِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ أَنَّهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ وَلِكُلٍّ دَلِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَبِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا الْمُسْكِرَ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ النَّبَاتَ الْمُغَيِّبَ لِلْعَقْلِ كَالْبَنْجِ وَالسَّيْكَرَانِ وَالدَّفْعُ بِأَنَّهَا مُفْسِدَاتٌ أَوْ مُرَقِّدَاتٌ لَا مُسْكِرَاتٌ وَالْأَرْجَحُ فِي الْحَشِيشَةِ أَنَّهَا مِنْ الْمُفْسِدَاتِ وَقَدْ صَرَّحَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَنَاوُلُ مَا قَلَّ مِنْهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُفْسِدَاتِ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ مِنْ مَنْعِ تَعَاطِي الْقَلِيلِ مِنْهَا وَالْكَثِيرِ. (ص) وَالْحَيُّ (ش) الْقُرْطُبِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْحَيَّ طَاهِرٌ حَتَّى الْجَنِينَ يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ كَالْمُسْلِمِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْأَبِيِّ وَانْظُرْ حُكْمَ جَنِينِ الْبَهِيمَةِ يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ هَلْ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي لِابْنِ عَرَفَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ الْمَيْتَةَ) ، فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ التَّعْرِيفِ أَنَّ آدَمَ بَعْدَ الْمَوْتِ جَمَادٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَيًّا وَلَا مُنْفَصِلًا عَنْ حَيٍّ، وَهُوَ بَاطِلٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ حَيٍّ أَيْ جِسْمٌ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَيِّ نَقِيضَ الْمَيِّتِ حَتَّى يَكُونَ آدَم جَمَادًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ آدَمَ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ حَيٍّ فَلَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مُنْفَصِلٍ كَمَا فَعَلَ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُنْفَصِلَ بِلَا وَاسِطَةٍ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ السَّمْنَ لَيْسَ بِجَمَادٍ وَأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ بِلَا وَاسِطَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ مُمَازِجًا لِلَّبَنِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ أَفَادَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ جَامِدًا كَالْحَشِيشِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْمَنُوفِيِّ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعِنَبِ) وَيُقَالُ لَهُ خَمْرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيُقَالُ لَهُ نَبِيذٌ (قَوْلُهُ مَعَ نَشْأَةٍ) أَيْ ارْتِفَاعٍ وَشَهَامَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمُفْسِدُ) وَيُرَادِفُهُ الْمُخَدِّرُ (قَوْلُهُ كَعَسَلِ الْبَلَادِرِ) كَذَا فِي مُسَوَّدَةِ الْمُؤَلِّفِ تَبَعًا لِلْحَطَّابِ، وَهُوَ بِلَفْظِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ وَقِيلَ الْأَوْلَى كَحَبِّ الْبَلَادِرِ (قَوْلُهُ كَالسَّيْكُرَانِ) بِضَمِّ الْكَافِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَكْلِهَا) أَيْ الْكَثِيرِ إذْ الْقَلِيلُ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ دَلِيلٌ إلَخْ) فَالْقَرَافِيُّ يَقُولُ إنِّي لَمْ أَرَهُمْ يَمِيلُونَ إلَى الْقِتَالِ وَالنُّصْرَةِ بَلْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَرُبَّمَا عَرَضَ لَهُمْ الْبُكَاءُ وَالْمَنُوفِيُّ يَقُولُ؛ لِأَنَّا رَأَيْنَا مَنْ يَتَعَاطَاهَا يَبِيعُ أَمْوَالَهُ لِأَجْلِهَا فَلَوْلَا أَنَّ لَهُمْ فِيهَا طَرَبًا لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نَجِدُ أَحَدًا يَبِيعُ دَارِهِ لِيَأْكُلَ بِهَا سُكَّرًا، وَهُوَ وَاضِحٌ كَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا حَدَّ عَلَى مُسْتَعْمَلِ الْمُفْسِدِ وَالْمُرْقِدِ وَإِنَّمَا فِيهِمَا التَّعْزِيرُ الزَّاجِرُ عَنْ الْمُلَابَسَةِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا الْقَدْرُ الْمُغَيِّبُ لِلْعَقْلِ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَمِنْ هُنَا أَجَازَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا أَكْلُ يَسِيرِ جَوْزَةِ الطَّيِّبِ لِتَسْخِينِ الدِّمَاغِ وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ خَلْطَهَا بِالْأَدْوِيَةِ لَا وَحْدَهَا وَالصَّوَابُ الْعُمُومُ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ اهـ. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ الْأَفْيُونِ وَالْبَنْجِ وَالسَّيْكَرَانِ مَا لَا يَصِلُ إلَى التَّأْثِيرِ فِي الْعَقْلِ وَالْحَوَاسِّ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِأَكْلِ الْأَفْيُونِ وَيَخَافُ مِنْ تَرْكِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ اسْتِعْمَالُ الْقَلِيلِ غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ فِي عَقْلِهِ أَوْ حَوَاسِّهِ وَيَسْعَى فِي تَقْلِيلِهِ وَقَطْعِهِ جَهْدَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالظَّاهِرُ جَوَازُ مَا يُسْقَى فِي الْمُرَقِّدِ لِقَطْعِ عُضْوٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُرَقِّدِ مَضْمُونٌ وَضَرَرَ الْعُضْوِ غَيْرُ مَضْمُونٍ قَالَ الْحَطَّابُ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ جَوَازُ بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْأَفْيُونِ وَالْبَنْجِ وَالْجَوْزَةِ وَنَحْوِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يَسْتَعْمِلُ مِنْهُ الْقَدْرَ الْمُغَيِّبَ لِلْعَقْلِ وَيُؤْمِنُ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ كَالْبَنْجِ) مِثَالُ فَلْسٍ فَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ حَبٌّ يُخْلَطُ بِالْعَقْلِ وَيُورِثُ الْخَبَالَ وَرُبَّمَا أَسْكَرَ إذَا شَرِبَهُ الْإِنْسَانُ بَعْدَ ذَوْبِهِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ) رَدُّ هَذَا الْإِجْمَاعِ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَنْجُسُ مَا اتَّصَلَ بِهِ نَجَسٌ رَطْبٌ وَبِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي كُتُبِ الْإِجْمَاعِ وَلَقَدْ اسْتَوْعَبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ذَكَرَهُ تت فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَسَيَأْتِي لِأَبِي عَرَفَةَ رَدُّ مَا هُنَا (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ) أَيْ فَرْجِ الْآدَمِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) كَبِيرًا أَوْ جَنِينًا فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهَا هَذَا غَايَةُ مَا يُفْهَمُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ حُكْمَ جَنِينِ الْبَهِيمَةِ) أَيْ غَيْرَ مُبَاحَةِ الْأَكْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 رَدُّ مَا هُنَا وَعَلَيْهِ فَالْجَنِينُ الْمَذْكُورُ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ آدَمِيٍّ نَجَسٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمِنْ الطَّاهِرِ الْحَيُّ وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْ الْعَذِرَةِ وَلَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا أَوْ مُشْرِكًا وَمَا فِي بَاطِنِهِ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ وَتَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. (ص) وَدَمْعُهُ وَعَرَقُهُ وَلُعَابُهُ وَمُخَاطُهُ وَبَيْضُهُ (ش) نَبَّهَ بِهَذَا عَلَى طَهَارَةِ فَضَلَاتٍ لَا مَقَرَّ لَهَا تَسْتَحِيلُ فِي الْحَيِّ وَإِنَّمَا خُرُوجُهَا مِنْ الْبَدَنِ عَلَى سَبِيلِ الرَّشْحِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا ذُكِرَ طَاهِرٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَلَوْ مِنْ جَلَّالَةٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ سَكْرَانَ حَالَ سُكْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ لَكِنْ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَرَقُ الدَّوَابِّ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ أُنُوفِهَا طَاهِرٌ وَلَا فَرْقَ فِي الْبَيْضِ بَيْنَ تَصَلُّبِهِ أَمْ لَا مِنْ طَيْرٍ أَوْ سِبَاعٍ أَوْ حَشَرَاتٍ إذْ لَحْمُهَا مُبَاحٌ إذَا أُمِنَ سُمُّهَا وَالْمُصَنِّفُ الْآنَ بِصَدَدِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ لَا بِصَدَدِ مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ فَلَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ بَيْضِ الْحَشَرَاتِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ لَكِنَّهُ تَابِعٌ فِي التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ رَاشِدٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ أَكَلَ نَجَسًا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا وَبَعْضُهَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَهُوَ يُشِيرُ بِلَوْ لِلْخِلَافِ أَيْ غَالِبًا وَهَذَا أَتَمُّ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) إلَّا الْمَذِرَ (ش) هَذَا إخْرَاجٌ مِنْ عُمُومِ الْحُكْمِ فِي الْبَيْضِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيْضَ الْمَذِرَ، وَهُوَ مَا فَسَدَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الْحَيِّ بِعَفَنٍ أَوْ صَارَ دَمًا أَوْ صَارَ مُضْغَةً أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا نَجَسٌ وَيُطْلَقُ عَلَى مَا اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ لَكِنَّ هَذَا الْأَخِيرَ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ عَفَنٌ، وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنْ نُقْطَةِ دَمٍ فِي وَسَطِ بَيَاضِ الْبَيْضِ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ الطَّهَارَةُ فِي هَذِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. (ص) وَالْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ (ش) أَيْ وَمِنْ النَّجَسِ الْخَارِجِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ دَمْعٍ وَعَرَقٍ وَلُعَابٍ وَمُخَاطٍ وَبَيْضٍ وَمَحَلُّ نَجَاسَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ غَيْرُ الْبَيْضِ حَيْثُ خَرَجَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ حَيَوَانٍ يُنَجَّسُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ فَلَا يَكُونُ نَجَسًا، وَأَمَّا الْبَيْضُ الْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِمَّا مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ كَالتِّمْسَاحِ وَالتُّرْسِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَفْتَقِرُ لَهَا كَالْجَرَادِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِنَجَاسَتِهِ كَجَنِينِ مَا ذُكِّيَ إذَا لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ وَلَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِطَهَارَتِهِ كَطَهَارَةِ مَيْتَةِ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ أَشَارَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ بَعْضٌ. (ص) وَلَبَنُ آدَمِيٍّ إلَّا الْمَيِّتَ (ش) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ لَبَنُ آدَمِيٍّ حَيٌّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ مُسْتَعْمِلٌ لِلنَّجَاسَاتِ أَمْ لَا لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ وَلِجَوَازِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا لَمُنِعَ، وَأَمَّا الْخَارِجُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ نَجَسٌ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِنَجَاسَةِ وِعَائِهِ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ. (ص) وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَبَنَ غَيْرَ الْآدَمِيِّ تَابِعٌ لِلَحْمِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ مُبَاحَ الْأَكْلِ فَلَبَنُهُ طَاهِرٌ وَلَوْ أَكَلَ نَجَاسَةً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ فَلَبَنُهُ نَجَسٌ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهَ الْأَكْلِ فَلَبَنُهُ مَكْرُوهٌ شُرْبُهُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَجَائِزَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَلَبَنُ الْجِنِّ كَلَبَنِ الْآدَمِيِّ لَا كَلَبَنِ الْبَهَائِمِ لِجَوَازِ مُنَاكَحَتِهِمْ وَجَوَازِ إمَامَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (ص) وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجَسٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ بَوْلَ الْحَيَوَانِ الْمُبَاحِ الْأَكْلِ وَرَوْثَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ رَدُّ مَا هُنَا) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْحَيَّ إلَخْ وَرَدُّ هَذَا الرَّدِّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّدِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ مِنْ بَهِيمَةٍ) أَيْ مِنْ بَهِيمَةٍ غَيْرِ مُبَاحَةِ الْأَكْلِ كَمَا فِي شَرْحِهِ ك وَذَكَرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْحَيِّ الْجِنُّ وَأَنَّ مَيْتَتَهُ نَجِسَةٌ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْمَلَائِكَةِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا دَمَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ نَجَسٌ) أَيْ مُتَنَجِّسٌ. (قَوْلُهُ وَلُعَابُهُ) خَرَجَ فِي يَقَظَةٍ أَوْ نَوْمٍ إنْ كَانَ مِنْ فَمِهِ لَا مِنْ مَعِدَتِهِ فَنَجِسٌ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَأْسُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ فَمِنْ الْفَمِ وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعِدَةِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَيُعْفَى عَمَّا لَازَمَ مِنْهُ وَقِيلَ يُعْرَفُ بِنَتِنِهِ وَصُفْرَتِهِ أَيْ الَّذِي مِنْ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ لَا مَقَرَّ لَهَا) أَيْ لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ تَسْتَحِيلُ فِي الْحَيِّ) أَيْ بِتَغَيُّرِ أَصْلِهَا مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ إلَيْهَا فَالِاسْتِحَالَةُ صِفَةٌ لِأَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا خُرُوجُهَا) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا مَقَرَّ لَهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ) ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بِبُعْدٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا) أَيْ فِي الْبَعْضِ، وَهُوَ الْبَيْضُ وَالْعَرَقُ (قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَتَمُّ) أَيْ رُجُوعُهُ لِلْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَعْضِ أَتَمَّ مِنْ تَرْجِيعِهَا لِمَا فِيهِ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ) قَدْ عَلِمْته وَجَعَلَ بَهْرَامُ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةً لِلْبَيْضِ فَقَطْ وَلَمْ يُرْجِعْ لِلْعَرَقِ قَالَ الْحَطَّابُ لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي الْبَيْضِ أَقْوَى (قَوْلُهُ إلَّا الْمَذِرَ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَمِثْلُ الْمَذِرِ إذَا صَارَ اللَّبَنُ دَمًا مِنْ الْحَيِّ فَهُوَ نَجِسٌ لَا مَاءَ أَصْفَرَ أَوْ أَبْيَضَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَاهِرٌ فَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ بَعْضَهُ دَمٌ وَبَعْضَهُ لَبَنٌ فَهُوَ نَجِسٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يُوجَدُ إلَخْ) أَيْ فَتِلْكَ النُّقْطَةُ طَاهِرَةٌ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى عَدَمِ السَّفْحِ كَذَا ظَهَرَ لِي مَعَ بَحْثِ الْفُضَلَاءِ وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ كَذَا نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ الْقَرَافِيِّ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِطَهَارَتِهِ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ) أَيْ مَا خَرَجَ مِنْهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ. (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ) أَيْ لِاسْتِحَالَةِ أَصْلِهِ، وَهُوَ الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ إلَى صَلَاحٍ، وَهُوَ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ اللَّبَنُ طَاهِرًا بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ) أَيْ لِلَحْمِهِ فِي حَالِ أَخْذِهِ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ إلَّا الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّلَاةُ بِهَا فَجَائِزَةٌ) مَشَى بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى كَلَامِ الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزْيَةِ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِثَوْبٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ وَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا الصَّغِيرَ قَالَ إنَّ كَلَامَ الْفِيشِيِّ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَاعْتَمَدَ كَلَامَ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ لَا كَلَبَنِ الْبَهَائِمِ) أَيْ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ. (قَوْلُهُ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجَسٍ) أَكْلًا أَوْ شُرْبًا تَحْقِيقًا كَمَا عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَالْبِسَاطِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَكَذَا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَخَوَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 طَاهِرَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَسْتَعْمِلُ النَّجَاسَاتِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ نَجِسَانِ مُدَّةَ ظَنِّ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهِ وَقَيَّدْنَا بِالْمُشَاهَدَةِ لِيَخْرُجَ مَا شَأْنُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ وَلَكِنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ لِحَبْسِهِ وَمَا احْتَمَلَ أَمْرَهُ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ تَغْلِيبًا، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَرَوْثٌ أَوْ رَجِيعٌ بَدَلَ عَذِرَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْعَذِرَةَ خَاصَّةٌ بِخَارِجِ الْآدَمِيِّ وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ فَإِنَّ بَوْلَهُمَا وَرَوْثَهُمَا نَجِسَانِ كَمَا يَأْتِي وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ مَالِكٍ غَسْلُ بَوْلِ الْمُبَاحِ وَعَذِرَتِهِ الطَّاهِرَةِ مِنْ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ إمَّا لِاسْتِقْذَارِهِ أَوْ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَهَلْ تَكُونُ فَضْلَتُهُ طَاهِرَةً أَوْ نَجِسَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْأُمِّ لِقَوْلِهِمْ كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَذَلِكَ كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْعُقَابِ وَالثَّعْلَبِ فَإِنَّ ذَكَرَ الْعُقَابِ تَحْمِلُ مِنْهُ أُنْثَى الثَّعْلَبِ. (ص) وَقَيْءٌ إلَّا الْمُتَغَيِّرَ عَنْ الطَّعَامِ (ش) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ الْقَيْءُ، وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ الطَّعَامِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ هَيْئَةِ الطَّعَامِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِحُمُوضَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَهُوَ نَجَسٌ، وَإِنْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَتَغَيَّرَ وَلَوْ بِحُمُوضَةٍ فَهُوَ نَجَسٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ تَغَيُّرٌ فَهُوَ طَاهِرٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ رَأَيْت رَبِيعَةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَقْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ مِرَارًا، ثُمَّ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُصَلِّيَ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ وَالْقَلْسُ مَا تَقْذِفُهُ الْمَعِدَةُ أَوْ يَقْذِفُهُ رِيحٌ مِنْ فَمِهَا وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ طَعَامٌ وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ مَاءٌ حَامِضٌ أَيْ، وَهُوَ طَاهِرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَيْءَ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِمُشَابَهَةِ أَحَدِ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ أَوْ بِمُقَارِبَتِهَا وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ. (ص) وَصَفْرَاءُ وَبَلْغَمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّفْرَاءَ وَهِيَ مَاءٌ أَصْفَرُ مُلْتَحِمٌ يُشْبِهُ الصَّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ وَالْبَلْغَمُ، وَهُوَ شَيْءٌ مُنْعَقِدٌ يَسْقُطُ مِنْ الرَّأْسِ وَيَطْلُعُ مِنْ الصَّدْرِ طَاهِرَانِ وَذَكَرَهُمَا عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْقَيْءِ لِيُنَبِّهَ عَلَى طَهَارَةِ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ مِنْهُ، وَإِنْ خَالَطَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَصَفْرَاءُ وَبَلْغَمٌ كَانَا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ لَا يُقَالُ مُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ طَهَارَةُ الْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَعِدَةِ طَاهِرًا حَيْثُ خَرَجَ بِحَالِهِ وَلَا تَرِدُ الصَّفْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْدُرُ خُرُوجُهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا بَقِيَ بِحَالِهِ وَلَا يَرِدُ الْبَلْغَمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ يَكُونُ مِنْ الرَّأْسِ وَبَعْضُهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَلَا إشْكَالَ فِي طَهَارَةِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَمَّا كَانَ يَتَكَرَّرُ خُرُوجُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْقَيْءِ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ لِلْمَشَقَّةِ. (ص) وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ (ش) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ مَرَارَةُ حَيَوَانٍ مُبَاحٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَرَارَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ لِلِاهْتِمَامِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَمَا احْتَمَلَ أَمْرَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا شَأْنُهُ أَيْ فَهُوَ حَيَوَانٌ شَأْنُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَمْرُهُ أَيْ كَالْبَهِيمَةِ الَّتِي لَمْ تُعْرَفْ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ (ثُمَّ أَقُولُ) إنَّ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا تَحْقِيقًا أَنَّ قَوْلَهُ مَا اُحْتُمِلَ أَمْرُهُ شَامِلٌ لِلشَّكِّ وَالظَّنِّ غَلَبَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ كَالتَّحْقِيقِ كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ شَأْنُهُ اسْتِعْمَالَ النَّجَاسَةِ كَالْفَأْرِ وَلَكِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا، وَأَنْ لَا يَصِلَ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ عج وَتَبِعَهُ عب بِقَوْلِهِ وَمَا شَكَّ فِي وُصُولِهِ فَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ أَكْلِهِ وَفَضْلَتُهُ نَجِسَةٌ احْتِيَاطًا (أَقُولُ) الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ، وَهَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ فَيُلْغَى، وَمَا يُوجَدُ مِنْ الْفَأْرِ فِي الْمُرَكَّبِ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ، فَإِنْ نَدَرَتْ النَّجَاسَةُ بِهَا انْبَغَى طَهَارَةُ مَا شَكَّ فِي وُصُولِهِ لِلنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ أَنَّ بَوْلَ الْمُبَاحِ وَفَضْلَتَهُ نَجِسَانِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ النَّجِسَ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ كَالْمُتَوَلِّدِ إلَخْ) نَقَلَ ذَلِكَ عج عَنْ بَعْضِ حُذَّاقِ أَشْيَاخِهِ وَقَدْ شَاهَدَ بَعْضُ النَّاسِ ذَلِكَ قَالَ عج بَعْدُ وَاَلَّذِي فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ لِلدَّمِيرِيِّ أَنَّ الْعُقَابَ جَمِيعَهُ أُنْثَى وَيُسَافِدُهُ طَائِرٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَقِيلَ إنَّ الثَّعْلَبَ يُسَافِدُهُ انْتَهَى وَالْمَقَامُ قَابِلٌ لِلْكَلَامِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى الِاخْتِصَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِانْتِصَارِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْخَيْطَ وَالدِّرْهَمَ إذَا وَصَلَا لِلْمَعِدَةِ نَجَسَا كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَغَيَّرَ إلَخْ) وَإِذَا كَانَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ مُتَغَيِّرًا وَجَبَ مِنْهُ غَسْلُ الْفَمِ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَذْهَبُ بِالْبُصَاقِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ ك (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ يَقْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ) ذَكَرَ الْحَطَّابُ نُقُولًا تُفِيدُ ضَعْفَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَلْسُ طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَامِضُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِيهَا وَالْقَلْسُ مَاءٌ حَامِضٌ قَدْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الْمَاءِ لَيْسَ بِنَجِسٍ لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا قَلَسَ رَبِيعَةُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرُبَّمَا كَانَ طَعَامًا، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَأَصَابَهُ فِي صَلَاتِهِ تَمَادَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَطَعَ وَتَمَضْمَضَ وَابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ حَكَمَ لَهُ بِالطَّهَارَةِ مَعَ وَصْفِهِ بِالْحُمُوضَةِ وَالتَّغَيُّرِ عَنْ حَالِ الْمَاءِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ. (قَوْلُهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ) بِكَسْرِ الصَّادِ (قَوْلُهُ وَذِكْرُهُمَا عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْقَيْءِ إلَخْ) بَعِيدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ لَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ السُّؤَالِ أَنَّ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الطَّهَارَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَرِدُ الصَّفْرَاءُ إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ أَصْلَ الصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ وَقَدْ تَغَيَّرَا فَكَانَ الْوَاجِبُ الْحُكْمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، فَقَالَ: أَمَّا الصَّفْرَاءُ فَلَمَّا كَانَ يَنْدُرُ خُرُوجُهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا بَقِيَ بِحَالِهِ، وَأَمَّا الْبَلْغَمُ فَلَمَّا كَثُرَ وَتَكَرَّرَ أَكْثَرَ مِنْ تَكَرُّرِ الْقَيْءِ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ لِلْمَشَقَّةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ عِلَّةَ الطَّهَارَةِ إمَّا الْأَقَلِّيَّةُ أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ الْقَيْءِ أَيْ فَلَوْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنْ فَرَضَ الْمُسَاوَاةَ لِلْقَيْءِ لَحُكِمَ بِالنَّجَاسَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَرَارَةَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَرَارَةِ مُبَاحٍ فِي حَيَوَانٍ ذُكِّيَ بِالْفِعْلِ وَقَدْ عَلِمْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 بِشَأْنِ ذَلِكَ إذْ قَدْ قِيلَ بِعَدَمِ طَهَارَتِهَا وَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ جِرَّةَ الْبَعِيرِ أَيْضًا لِمَا فِيهَا مِنْ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ مُنَاسِبَةٌ، وَهِيَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا، ثُمَّ إنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْمُبَاحِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَرَارَةَ الْمَكْرُوهِ غَيْرُ طَاهِرَةٍ فَلَوْ قَالَ وَمَرَارَةُ غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَانَ أَحْسَنَ، ثُمَّ إنَّ ذِكْرَهُ لِلْمَرَارَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ الْمُرَّ الْخَارِجَ مِنْ الْفَمِ فَهُوَ الصَّفْرَاءُ، وَإِنْ أَرَادَ وِعَاءَهُ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ وَقَدْ مَضَى التَّفْصِيلُ فِيهِ بَيْنَ الْمُذَكَّى وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ الَّذِي لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ. (ص) وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ (ش) لَمَّا كَانَتْ فَضَلَاتُ الْحَيَوَانِ كَمَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَا لَا مَقَرَّ لَهُ كَالدَّمْعِ، وَهُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِالطَّهَارَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَمَا لَهُ مَقَرٌّ، وَهُوَ قِسْمَانِ مُسْتَحِيلٌ إلَى صَلَاحٍ كَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَمُسْتَحِيلٌ إلَى فَسَادٍ كَالدَّمِ وَالْعَذِرَةِ وَالدَّمُ قِسْمَانِ مَسْفُوحٌ، وَهُوَ الْجَارِي نَجَسٌ إجْمَاعًا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَغَيْرُ مَسْفُوحٍ أَشَارَ لَهُ هُنَا عَاطِفًا لَهُ عَلَى أَنْوَاعِ الطَّاهِرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّمَ غَيْرَ الْمَسْفُوحِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجْرِ بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ شَرْعًا طَاهِرٌ فَخَرَجَ الدَّمُ الْقَائِمُ بِالْحَيِّ فَإِنَّهُ لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ وَدَمُ الْمَيْتَةِ لِنَجَاسَتِهِ جَرَى أَمْ لَا وَمِنْ فَوَائِدِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ لَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ وَمِنْ الدَّمِ الْغَيْرِ الْمَسْفُوحِ الدَّمُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ الشَّاةِ إذَا شُقَّ. (ص) وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ (ش) لَمَّا قَيَّدَ طَهَارَةَ الدَّمِ بِعَدَمِ السَّفْحِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْفُوحَ مِنْهُ نَجَسٌ، وَهُوَ إجْمَاعٌ كَمَا سَبَقَ وَكَانَ بَعْضُ أَفْرَادٍ مِنْهُ مُخَالِفًا لِذَلِكَ، وَهُوَ الْمِسْكُ نَصَّ عَلَيْهِ عَاطِفًا لَهُ عَلَى أَنْوَاعِ الطَّاهِرِ فَقَالَ وَمِسْكٌ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ الطَّاهِرِ الْمِسْكُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَهُوَ دَمٌ مُنْعَقِدٌ اسْتَحَالَ إلَى صَلَاحٍ وَكَذَا فَأْرَتُهُ وَهِيَ وِعَاؤُهُ الَّذِي يَكُونُ الْمِسْكُ فِيهِ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَطَيَّبَ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَمَا تَطَيَّبَ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمِسْكُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْمَشْمُومُ خَرَاجٌ يَتَوَلَّدُ مِنْ حَيَوَانٍ كَالْغَزَالِ الْمَعْرُوفِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ لِهَذِهِ أَنْيَابًا نَحْوَ الشِّبْرِ كَأَنْيَابِ الْفِيَلَةِ وَرِجْلَاهَا أَطْوَلُ مِنْ يَدَيْهَا، ثُمَّ يَسْتَحِيلُ مِسْكًا، وَأَمَّا الْمَسْكُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَهُوَ الْجِلْدُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي التَّهْذِيبِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ الْقِنْطَارُ مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ ذَهَبًا وَجَمْعُهُ مُسُوكٌ كَفُلُوسٍ وَمَنْ قَالَ فِي الْجِلْدِ مَسَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالسِّينِ مَعًا فَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ، وَأَمَّا الزُّبْدُ فَأَفْتَى الشَّيْخُ سَالِمٌ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ بِطَهَارَتِهِ بَعْدَ التَّوَقُّفِ حَتَّى أَخْبَرَهُ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ الْبَوْلِ وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ   [حاشية العدوي] أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَفْرَاءَ فِي حَيَوَانٍ حَيٍّ (قَوْلُهُ إذْ قَدْ قِيلَ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ جِرَّةِ الْبَعِيرِ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ عَلَى نَقْلِ الْمِصْبَاحِ الْجِرَّةُ بِالْكَسْرِ أَيْ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَا تُخْرِجُهُ الْإِبِلُ مِنْ كُرُوشِهَا فَتَجْتَرُّهُ فَالْجِرَّةُ فِي الْأَصْلِ الْمَعِدَةُ، ثُمَّ تَوَسَّعُوا فِيهَا حَتَّى أَطْلَقُوهَا عَلَى مَا فِي الْمَعِدَةِ (أَقُولُ) بَعْدَ أَنْ عَلِمْت مَا ذُكِرَ فَالشَّارِحُ لَمْ يُطْلِقْ الْجِرَّةِ عَلَى مَا فِي الْكِرْشِ بَلْ أَرَادَ بِهَا اللَّحْمَةَ الَّتِي تُخْرِجُهَا الْإِبِلُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ أَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي هُوَ الْوِعَاءُ فِي الْجِرَّةِ وَالْمَرَارَةِ (قَوْلُهُ مُنَاسَبَةٌ) أَيْ حُكْمِيَّةٌ لَا عِلَّةٌ حَتَّى يَلْزَمَ اطِّرَادُهَا (قَوْلُهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَرَارَةَ الْمَكْرُوهِ غَيْرُ طَاهِرَةٍ) أَيْ مَعَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ ذِكْرَهُ لِلْمَرَارَةِ إلَخْ) قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِقَوْلِهِ وَصَفْرَاءَ وَبَلْغَمٍ وَمَرَارَةِ مُبَاحٍ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ فَنَقُولُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ وَالْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ مُبَاحٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَصَفْرَاءَ وَبَلْغَمٍ أَيْ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ وَقَوْلُهُ وَمَرَارَةِ مُبَاحٍ أَيْ مِنْ مَيِّتٍ مُذَكًّى كَمَا هُوَ الْمَعْنَى الْمَرْضِيُّ فِي تَقْرِيرِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ وَيُقَالُ يُسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ وَصَفْرَاءَ عَنْ قَوْلِهِ وَمَرَارَةِ مُبَاحٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَرَارَةَ لِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَرَارَةِ مُبَاحٍ فِي الْمُذَكَّى وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ فَهُوَ الصَّفْرَاءُ) أَيْ وَيُخَصُّ بِحَالِ الْحَيَاةِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ وِعَاءَهُ إلَخْ أَيْ وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّفْرَاءَ هِيَ الْمَاءُ الْمُنْعَقِدُ الَّذِي يُشْبِهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ فَإِذَنْ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ الْخَارِجَ مِنْ الْفَمِ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَفْرَاءَ، وَهُوَ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُ الْمُلْتَحِمُ الَّذِي يُشْبِهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَأَنَّ هَذَا الْمَاءَ الْخَارِجَ مِنْ الْفَمِ أَيْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَهُ مَوْضِعٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْبَدَنِ يُعَدُّ جُزْءًا مِنْ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ مُسْتَحِيلٌ إلَى صَلَاحٍ كَاللَّبَنِ) أَيْ يَسْتَحِيلُ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْرِ) أَيْ فَأَرَادَ بِالسَّفْحِ الْجَرَيَانُ بَعْدَ مُوجِبِ الْخُرُوجِ وَهَذَا مَعْنَى لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ إذْ مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ الْقَطْعُ أَيْ لَمْ يَقْطَعْ مَحَلَّهُ فَإِسْنَادُهُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ مَجَازٌ، ثُمَّ أَرَادَ بِالْجَرَيَانِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا الْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي كَالْبَاقِي فِي مَحَلِّ التَّذْكِيَةِ وَيَجْمُدُ وَالْمَوْجُودُ فِي بَطْنِهَا فَكِلَاهُمَا مِنْ الْمَسْفُوحِ وَغَيْرِهِ مَا كَانَ بِالْعُرُوقِ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ) أَيْ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ اسْتِحْبَابًا. (تَتِمَّةٌ) هَلْ مَنْعُ أَكْلِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ تَعَبُّدٌ وَشَهَرَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ يُقَسِّي الْقَلْبَ وَأَفْضَلُ الْقُلُوبِ أَرَقُّهَا وَبِهِ قَالَ الجوراي قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ الْخَارِجَيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ أَنَّ كُلًّا اسْتَحَالَ إلَى صَلَاحٍ وَعَدَمِ اسْتِقْذَارٍ عب (قَوْلُهُ الْقِنْطَارُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَفْسِيرُ الْقِنْطَارِ الَّذِي فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ فَقَدْ أَفْتَى إلَخْ) وَكَذَا قَالَ عج بَعْدَ إخْبَارِ ثِقَةٍ لَهُ كَالشَّيْخِ سَالِمٍ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ يُوجَدُ فِي إبِطَيْهِ وَفِي بَاطِنِ أَفْخَاذِهِ وَبَاطِنِ ذَنَبِهِ وَحَوَالَيْ دُبُرِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ بِمِلْعَقَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ رَقِيقٍ انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ الْقَامُوسُ عَلَى أَنَّهُ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ تَحْتَ ذَنَبِهَا أَيْ دَابَّتِهِ وَهِيَ السِّنَّوْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الْمِسْكِ وَقَالَ ح لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَجَوَازُهُ كَالْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ الْمُمَسَّكِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ. (ص) وَزَرْعٌ بِنَجَسٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ طَاهِرٌ الزَّرْعُ إذَا سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجَسِ، وَإِنْ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ وَالْبَقْلُ وَالْكُرَّاثُ وَنَحْوُهُ كَالزَّرْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْقَمْحَ النَّجَسَ إذَا زُرِعَ وَنَبَتَ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَكَذَا غَيْرُ الْقَمْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ وَزَرْعٌ مُلَابِسٌ لِلنَّجَاسَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَ أَنْ يُعْلَفَ النَّحْلُ بِالْعَسَلِ النَّجَسِ وَيُسْقَى الْمَاءَ النَّجَسَ الزَّرْعُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ ذَلِكَ إذْ لَوْ تَنَجَّسَ بِهِ لَمَا أَبَاحَ شَيْئًا مِنْهُ انْتَهَى وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى سَقْيِ الزَّرْعِ بِالشَّيْءِ النَّجَسِ. (ص) وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ أَوْ خُلِّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَمْرَ إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْمَائِعِيَّةِ إلَى أَنْ تَحَجَّرَتْ أَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ التَّخْمِيرِ إلَى التَّخْلِيلِ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِيهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالشِّدَّةِ الْمُطَرِّبَةِ فَإِذَا ذَهَبَتْ ذَهَبَ التَّنْجِيسُ، وَالتَّحْرِيمُ وَالنَّجَاسَةُ يَدُورَانِ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِسْكَارُ بَاقِيًا فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ وَشُرِبَ أَسْكَرَ فَلَيْسَ بِطَاهِرٍ وَظَاهِرُهُ تَحَجَّرَ فِي أَوَانِيهِ أَوَّلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ. (ص) وَالنَّجَسُ مَا اُسْتُثْنِيَ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي بَيَانِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَعْيَانَ النَّجِسَةَ مَا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَفْهُومُ إنْ جُزَّتْ أَوْ مَا اُسْتُثْنِيَ حَقِيقَةً، وَأَمَّا مَفْهُومُ إنْ جُزَّتْ فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اصْطِلَاحِهِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ مِنْ الْمَفَاهِيمِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَقَطْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالنَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ أَنْوَاعٌ أَيْضًا مِنْهُ مَا اُسْتُثْنِيَ أَيْ أُخْرِجَ فِيمَا سَبَقَ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ كَقَوْلِهِ إلَّا مُحَرَّمَ الْأَكْلِ أَوْ شُرِطَ كَقَوْلِهِ إنْ جُزَّتْ فَهُوَ ثَمَانٌ وَمِنْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) (وَمَيِّتٌ غَيْرُ مَا ذُكِرَ) (ش) ، وَهُوَ بَرِّيٌّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةً مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِذَكَاةٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ كَمُذَكَّى مَجُوسِيٍّ أَوْ كِتَابِيٍّ لِصَنَمِهِ أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَمْدًا أَوْ مُحْرِمٍ لِصَيْدٍ أَوْ مُرْتَدٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ أَوْ مَصِيدِ كَافِرٍ أَيْ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ حُكْمُ هَذِهِ الْمَيْتَةِ فِي هَذَا كُلِّهِ. (ص) وَلَوْ قَمْلَةً وَآدَمِيًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَيْتَةَ الْقَمْلَةِ نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّ لَهَا نَفْسًا سَائِلَةً بِخِلَافِ نَحْوِ الْبُرْغُوثِ وَالْبَعُوضِ وَالذُّبَابِ فَإِنَّ مَيْتَتَهَا طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ دَمَهَا مَنْقُولٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ كَافِرًا فَهِيَ طَاهِرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ نَجَاسَةُ مَيْتَتِهِ وَإِلَى الطَّهَارَةِ ذَهَبَ سَحْنُونَ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَشْيَاخِ وَإِلَى اخْتِيَارِ ابْنِ رُشْدٍ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) (وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ) (ش) قَالَ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ وَإِكْرَامَهُ يَأْبَى تَنْجِيسَهُ إذْ لَا مَعْنَى لِغَسْلِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَذِرَةِ «وَلِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ» وَلِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ الْمَوْتِ» وَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَمَا فَعَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ الْمُصَدَّرِ بِهِ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَلَا مَنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَلْ أَكْثَرُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَجْوِيزَهُمْ أَكْلَ الطَّعَامِ الْمُمَسَّكِ الَّذِي أَمَاتَهُ الطَّبْخُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْمِسْكِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ أَكْلُ الطَّعَامِ. (قَوْلُهُ تَحَجَّرَ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ أَوْ خُلِّلَ) أَيْ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ كَالْخَلِّ وَالْمِلْحِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ) وَيَطْهُرُ الْإِنَاءُ تَبَعًا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ، وَهُوَ خَمْرٌ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ لَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الْغُسْلُ لِوُصُولِهِ إلَيْهِ فِي حَالِ نَجَاسَتِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَقَرًّا لَهُ عَادَةً بِخِلَافِ الْإِنَاءِ فَإِنَّهُ مَقَرٌّ لَهُ عَادَةً قَالَهُ فِي ك وَاسْتَظْهَرَ عب أَنَّهُ يَطْهُرُ الثَّوْبُ إذَا تَحَجَّرَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَهَبَتْ إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ ذَهَبَتْ بِالتَّحْجِيرِ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ أَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ يُنَافِيهِ وَاعْتَرَضَ عج ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسْكِرَ بِمَعْنَاهُ الْخَاصِّ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْأَشْرِبَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْجَامِدِ مُسْكِرًا أَيْ مُغَيِّبًا لِلْعَقْلِ فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُفْسِدٌ وَأَيْضًا فَقَدْ أَطْبَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الطِّرْطِيرِ، وَهُوَ الْخَمْرُ الْجَامِدُ وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا التَّقْيِيدَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ تَحَجَّرَ فِي أَوَانٍ أُخَرَ فَأَرَادَ بِأَوَانِيهِ الْأَوَانِيَ الْأَصْلِيَّةَ الَّتِي تَخَمَّرَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرًا فِي الثَّانِي وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ احْتِبَاكًا، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ حَذَفَ فِي الْأَوَّلِ حُجِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِذِكْرِ نَظِيرِهِ فِي الثَّانِي وَحَذَفَ فِي الثَّانِي أَوْ تَخَلَّلَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لِذِكْرِ نَظِيرِهِ فِي الْأَوَّلِ فَحَذَفَ مِنْ كُلِّ نَظِيرٍ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْآخَرِ. (قَوْلُهُ وَالنَّجَسُ مَا اُسْتُثْنِيَ) إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ بَاقِيَ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دَلَالَةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ احْتَاجَ لِلتَّصْرِيحِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ عَطَّلَ الْمَفْهُومَ وَالنَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهُ حَقِيقَةً) أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الِاصْطِلَاحِيَّ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ هُنَا اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجُهَ ثَلَاثَةٌ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ وَفِي الْأَخِيرِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ وَمَيِّتٍ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَهُمَا لُغَتَانِ يُقَالَانِ فِي الْمَيِّتِ، وَأَمَّا الْحَيُّ فَفِيهِ التَّشْدِيدُ لَا غَيْرُ وَحِينَئِذٍ تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ (قَوْلُهُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَيْتَةِ فِي هَذَا كُلِّهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَحُكْمُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْمَيْتَةُ أَيْ ثُبُوتُ كَوْنِهِ مَيْتَةً خَبَرٌ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُشَارَ لَهُ الْأَخِيرُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ مَيْتَتَهَا طَاهِرَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ ذَكَرَهُ ح وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ نَجِسَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَمْلَةً، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ سُهَيْلٌ) بِالتَّصْغِيرِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ. (فَائِدَةٌ) لَا يَجُوزُ أَكْلُ الْقَمْلَةِ إجْمَاعًا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ) ، وَهُوَ مَا رُوِيَ مِنْ صَلَاةِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِيهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 أَهْلِ الْمَذْهَبِ يَحْكِيهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ الطَّهَارَةَ، وَإِنْ أَخَذَ اللَّخْمِيُّ النَّجَاسَةَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ أَخَذَ عِيَاضٌ مِنْهَا الطَّهَارَةَ ابْنُ هَارُونَ وَهَذَا الْخِلَافُ لَا يَدْخُلُ عِنْدِي أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ بَلْ يَجِبُ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَةِ أَجْسَادِهِمْ وَقَدْ قِيلَ بِطَهَارَةِ الْخَارِجِ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَكَيْفَ بِجَسَدِهِ الْكَرِيمِ انْتَهَى وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَمَّا هُمْ فَأَجْسَادُهُمْ بَلْ جَمِيعُ فَضَلَاتِهِمْ طَاهِرَةٌ وَالْخِلَافُ فِي طَهَارَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَنَجَاسَتِهَا عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. (ص) وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَجْزَاءَ الْمُنْفَصِلَةَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِيَسِيرِ لَحْمٍ أَوْ جِلْدٍ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ عَنْ الْحَيَوَانِ النَّجَسِ الْمَيْتَةُ نَجِسَةٌ سَوَاءٌ أُخِذَتْ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ ثَوْبُ الثُّعْبَانِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَالْخِلَافِ فِي مَيْتَتِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْهُ حَيًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَتِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ فِي لَفْظِ مَا عُمُومٌ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا مَا سَبَقَ مِنْ الصُّوفِ وَمَا مَعَهُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ) وَهُمَا مَعْرُوفَانِ وَيَشْمَلُ الْعَظْمُ السِّنَّ (وَظِلْفٍ) بِالظَّاءِ لِلْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ وَالظَّبْيِ (وَعَاجٍ) ، وَهُوَ عَظْمُ الْفِيلِ وَاحِدُهُ عَاجَّةٌ (وَظُفْرٍ) بِالظَّاءِ لِلْآدَمِيِّ وَالْبَعِيرِ وَالْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ وَالنَّعَامِ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّرْحِ وَتَبِعَهُمَا مَنْ رَأَيْت مِنْ الشُّرَّاحِ فِي عَدِّ الدَّجَاجِ مِنْ ذِي الظُّفْرِ (وَقَصَبَةِ رِيشٍ) وَهِيَ الَّتِي يَكْتَنِفُهَا الشَّعْرُ وَسَوَاءٌ أَصْلُهَا وَطَرَفُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَمَّا الزَّغَبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ طَاهِرٌ إنْ جُزَّ وَنَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى هَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ وَعُرُوقٍ وَأَعْضَاءٍ أَصْلِيَّةٍ لِلْخِلَافِ فِيمَا ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إيرَادُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ، ثُمَّ إنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَقَصَبَةِ رِيشٍ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ إلَخْ مَا نُحِتَ مِنْ الرِّجْلِ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْجِلْدِ بِخِلَافِ مَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَ حَلْقِهِ؛ لِأَنَّهُ وَسَخٌ مُتَجَمِّدٌ مُنْعَقِدٌ. (ص) وَجِلْدٍ وَلَوْ دُبِغَ (ش) يَعْنِي أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ وَالْجِلْدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَيِّ نَجَسٌ وَلَوْ دُبِغَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يُؤَثِّرُ دَبْغُهُ طَهَارَةً فِي ظَاهِرِهِ وَلَا بَاطِنِهِ (ص) وَرُخِّصَ فِيهِ مُطْلَقًا   [حاشية العدوي] الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) فَأَخَذَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ قَوْلِهِ لَبَنُ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ إذْ لَا مُوجِبَ لِلنَّجَاسَةِ إلَّا الْوِعَاءُ اهـ. (قَوْلُهُ فَقَدْ أَخَذَ عِيَاضٌ إلَخْ) قَالَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَائِزُ فِي الْمَسْجِدِ إذْ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يَقُلْ أَكْرَهُهُ وَمِثْلُهُ فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ عِنْدِي إلَخْ) لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: عِنْدِي فَهُوَ قُصُورٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ قِيلَ إلَخْ) وَعَلَّلَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِقَوْلِهِ لِغَسْلِ الْمَلَكَيْنِ جَوْفَهُ وَتَطْهِيرَهُ، ثُمَّ يُشْعِرُ بِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالطَّهَارَةِ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَلِذَا قَالَ تت، وَأَمَّا مَا فِي الشِّفَاءِ مِنْ حِكَايَةِ ابْنِ سَابِقٍ قَوْلَيْنِ عَنْ الْعُلَمَاءِ فِي طَهُورِ الْحَدَثَيْنِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ أَنَّهَا فِي الْمَذْهَبِ بَلْ الَّذِي يَلُوحُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا خَارِجُ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ الْعِبَارَةُ الْأُولَى قَابِلَةً لِلْبَحْثِ عَقَّبَهَا بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ الْفَصِيحَةِ (قَوْلُهُ عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ) وَقِيلَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَمَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ اتِّفَاقًا وَحَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ طَرِيقَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَكِنْ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مِنْ الْأَثَرِ أَيْ، وَهُوَ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ كَمَا فِي ح إنَّمَا يَنْهَضُ دَلِيلًا فِي مَيْتَةِ الْمُسْلِمِ. (قَوْلُهُ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآدَمِيِّ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ (فَإِنْ قُلْت) لِمَ حَكَمَ بِطَهَارَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَرَجَّحْتُمْ ذَلِكَ وَأَجْرَيْتُمْ الْخِلَافَ فِيمَا أُبِينَ مِنْهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَحَالِ مَوْتِهِ وَجَعَلْتُمْ الْخِلَافَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَقُلْتُمْ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ (قُلْت) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالطَّهَارَةِ عَلَى الْكُلِّ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ عَلَى الْجُزْءِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْرِيفِ الْكُلِّ تَشْرِيفُ الْجُزْءِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْإِمَامِ) هَذَا الْحَاصِلُ لَيْسَ حَاصِلَ كَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا قَالَ بَلْ حَاصِلٌ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَظِلْفٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الظِّلْفُ مِنْ الشَّاةِ وَالْبَقَرِ وَنَحْوِهِ كَالظُّفْرِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَالْجَمْعُ أَظْلَافٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَالدَّجَاجُ) فِي عَدِّ الدَّجَاجِ مِنْ ذِي الظُّفْرِ نَظَرٌ كَذَا فِي عب وَانْظُرْ مَاذَا يُقَالُ لَهُ بَعْدُ (أَقُولُ) لَا مَانِعَ مِنْ عَدِّهِ مِنْ ذِي الظُّفْرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي بَابِ الذَّكَاةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَصْلُهَا وَطَرَفُهَا إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ النَّجِسَ مَا غَاصَ فِي اللَّحْمِ أَشَارَ لَهُ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِنَا نَبَّهَ لِلْخِلَافِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ الَّتِي هِيَ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِبَانَةِ الْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ الْحَيَوَانِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ حَالَ حَيَاتِهِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ هَذَا الْمُبَانِ حُكْمَ مَيْتَةِ مَا أُبِينَ مِنْهُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ كَيْفَ يَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْعَظْمِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذُكِرَ وَيَكُونُ مِثْلُ الْعَصَبِ وَالْعَرُوفِ مُتَّفَقًا عَلَى نَجَاسَتِهِمَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْت الْبَدْرَ ذَكَرَ خِلَافًا عَنْ الْأَطِبَّاءِ فَقَالَ: اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ هَلْ الْعَظْمُ لَهُ إحْسَاسٌ فَتَحِلُّهُ الْحَيَاةُ أَوْ لَا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى قَالَ فِي {يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] قُلْ يُحْيِيهَا إلَخْ فَصَحَّ مَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ) قَالَ فِي ك أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ يُكْثِرُ دُخُولَ الْحَمَّامِ مِنْ الْمُتَرَفِّهِينَ لَا يَنْزِلُ مِنْهُمْ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ لِجَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ قَالَهُ سَحْنُونَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ وَرَخَّصَ فِيهِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ فِيهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي اسْتِعْمَالِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ بَعْدَ دَبْغِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ (ش) فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ رُخِّصَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَفِي بَعْضِهَا لِلْفَاعِلِ الْعَائِدِ عَلَى الْإِمَامِ يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ رَخَّصَ فِي اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ دَبْغِهِ كَانَ مِنْ مَيْتَةِ مُبَاحٍ كَالْبَقَرِ أَوْ مُحَرَّمٍ كَالْحِمَارِ ذُكِّيَ أَمْ لَا فِي الْيَابِسَاتِ بِأَنْ يُوعِيَ فِيهَا الْعَدَسُ وَالْفُولُ وَالْحُبُوبُ وَنَحْوُهَا وَالْمَاءُ؛ لِأَنَّ لَهُ قُوَّةً يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُغَرْبِلُ عَلَيْهَا وَلَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى زَوَالِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا فَتَخْتَلِطُ بِالدَّقِيقِ وَيُجْلَسُ عَلَيْهَا وَتُلْبَسُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَا تُلْبَسُ ابْنُ يُونُسَ أَيْ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَجَائِزٌ وَهَذَا التَّرْخِيصُ فِي غَيْرِ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُرَخَّصُ فِيهِ لَا فِي يَابِسَاتٍ وَلَا فِي مَاءٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُفِيدُ فِيهِ إجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ خِلَافًا لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ جِلْدُ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ وُجُوبِ دَفْنِهِ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ كَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ إنْ وُجِدَ النِّعَالُ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ الرِّجْلَ إذَا تَوَضَّأَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَاءِ انْتَهَى. وَاسْتَظْهَرَ ح مَا قَالَهُ شَيْخُهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَالرِّجْلُ إذَا بُلَّتْ وَلَاقَاهَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْيَابِسَاتِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ جَوَازِ الْغَرْبَلَةِ عَلَى جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِمَا إذَا خَلَتْ عَنْ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ وَرُخِّصَ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجَسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى الْبَاجِيُّ الدِّبَاغُ مَا أَزَالَ الشَّعْرَ وَالرِّيحَ وَالدَّسَمَ وَالرُّطُوبَةَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي اشْتِرَاطِ إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ النَّظَرِ وَالْأَظْهَرُ مَا أَزَالَ الرِّيحَ وَالرُّطُوبَةَ وَحَفِظَهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ كَحِفْظِ الْحَيَاةَ وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ فِي الْجُلُودِ الَّتِي الشَّأْنُ فِيهَا زَوَالُ الشَّعْرِ الَّتِي يُصْنَعُ مِنْهَا النِّعَالُ لَا مَا يُجْلَسُ عَلَيْهِ وَتُصْنَعُ مِنْهُ الْأَفْرِيَةُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ إزَالَةُ الشَّعْرِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الصُّوفَ نَجِسٌ وَأَنَّ طَهَارَةَ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ لَا تَتَعَدَّى إلَى طَهَارَةِ الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ تَحِلُّهُ بِالْحَيَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا وَقَالَ ح الظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ وَاقْتَصَرَ ابْنُ نَاجِي كَ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ الظَّاهِرُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الدَّبْغِ آلَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ فِي مَدْبَغَةٍ طَهُرَ وَقَالَ الْأَبِيُّ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ إفَادَةُ دَبْغِ الْكَافِرِ وَفِي مُسْلِمٍ حَدِيثٌ نَصٌّ فِي ذَلِكَ. (ص) وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ (ش) أَيْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ عَظْمِ الْفِيلِ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ فِي يَابِسٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِرَخَّصَ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ كَذَلِكَ وَلَوْ قَدَّمَهُمَا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ لَكَانَ أَظْهَرَ قَالَ فِي ك وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ دَبْغِهِ أَنَّهُ قَبْلَهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِوَجْهٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ كَانَ مِنْ مَيْتَةٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا) كَذَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَطْحَنُ عَلَيْهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ قُوتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتُلْبَسُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي ك وَحُكْمُ هَذَا الْفِرَاءِ مِنْ السِّنْجَابِ وَنَحْوِهِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ فِي جَوَازِ لُبْسِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ؛ لِأَنَّ الذَّابِحَ لَهَا غَيْرُ مُسْلِمٍ اهـ. أَقُولُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنْتَجُ مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّ مُذَكَّى الْكِتَابِيِّ يَحِلُّ أَكْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ فَإِذَا كَانَ الذَّابِحُ لَهَا كِتَابِيًّا فَلَا ضَرَرَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْفَرَسِ إلَخْ) بِالْفَاءِ، وَهُوَ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ مِنْ أَهْلِ غَرْنَاطَةَ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْفَرَسِ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلَّفَ كِتَابًا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ جَلِيلَ الْقَدْرِ مِنْ أَحْسَنِ مَا وُضِعَ فِي ذَلِكَ وَكَانَ نَحِيفَ الْجِسْمِ كَثِيرَ الْمَعْرِفَةِ وَفِي مِثْلِهِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ الْفَتَى ضَخْمَ الْمَعَانِي ... فَلَيْسَ يَضُرُّهُ الْجِسْمُ النَّحِيلُ تَرَاهُ مِنْ الذَّكَاءِ نَحِيفَ جِسْمٍ ... عَلَيْهِ مِنْ تَوَقُّدِهِ دَلِيلُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ) كَانَ شَيْخُنَا يَذْكُرُ أَنَّ شَيْخَهُ أَبُو عِيسَى الْغُبْرِينِيُّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْيَابِسَاتِ) أَيْ وَفِي غَيْرِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ يَتَحَلَّلُ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْجُلُودِ يَتَعَلَّقُ بِالْقَمْحِ الَّذِي يُغَرْبِلُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ الْبَاجِيُّ) هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفٍ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ وَارِثٍ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ نِسْبَةً إلَى بَاجَةَ مَدِينَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ الَّتِي بِقُرْبِ إشْبِيلِيَّةَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَاجَةِ الْقَيْرَوَانِ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَقَوْلُهُ الْأَبِيُّ نِسْبَةٌ إلَى آبَهْ قَرْيَةُ مِنْ عَمَلِ تُونِسَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَا صُنِعَ مِنْ النِّعَالِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زَوَالِ الشَّعْرِ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ نِعَالٍ فِيهِ شَعْرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِأَنَّ النِّعَالَ يُزَالُ مِنْهَا الشَّعْرُ فَالتَّقْيِيدُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا لِإِفَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ (قَوْلُهُ الْأَفْرِيَةُ) قَالَ الْأَبِيُّ فِي حَدِيثِ الْأَفْرِيَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَفْرِيَةَ مِنْ جُلُودِ تِلْكَ الْكِبَاشِ الَّتِي ذَبَحَهَا الْمَجُوسُ وَمُذَكَّاهُمْ مَيْتَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا رَوَى الْبَاجِيُّ مِنْ أَنَّ الدَّبْغَ إزَالَةُ الشَّعْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ تِلْكَ الْأَفْرِيَةِ لَا شَعْرَ لَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فِي مَدْبَغَةٍ طَهُرَ) أَيْ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً. (قَوْلُهُ كَرَاهَةُ عَظْمِ الْفِيلِ الْمُذَكَّى) لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّابِ وَغَيْرِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَا مَعْنَى لِاقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَزْوِ كَرَاهَةِ نَابِ الْفِيلِ لِلْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا كَرَاهَةُ الْعَظْمِ وَالْعَاجِ وَالْقَرْنِ وَالظِّلْفِ إلَخْ، ثُمَّ أَقُولُ اعْتِرَاضُ شَيْخِنَا الصَّغِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ مُذَكًّى فَلَا كَرَاهَةَ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُخَلِّصُ إمَّا بِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ اسْتِشْهَادًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَاجِي أَيْ فَأَتَى بِذَلِكَ لِتَقْوِيَةِ مَا تَقَدَّمَ أَوْ بِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى بَابِهَا كَمَا عَزَاهُ أَبُو الْحَسَنِ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ لِبَعْضِهِمْ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَيْ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ؛ لِأَنَّ عُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ وَابْنَ شِهَابٍ أَجَازُوا أَنْ يُمْتَشَطَ بِأَمْشَاطِهِ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ تَعَارُضُ مُقْتَضَى التَّنْجِيسِ، وَهُوَ جُزْئِيَّةُ الْمَيْتَةِ وَمُقْتَضَى الطَّهَارَةِ، وَهُوَ عَدَمُ الِاسْتِقْذَارِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَنَافَسُ فِي اتِّخَاذِهِ وَنَقَلَ مُحَشِّي تت أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ وَشُرَّاحَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الْمُذَكَّى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا أُبِينَ مِنْ عَظْمٍ وَقَرْنٍ وَعَاجٍ فِي فِيلٍ لَمْ يُذَكَّ. (ص) وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ تَوَقَّفَ عَنْ الْجَوَابِ فِي حُكْمِ الْكِيمَخْتِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ جِلْدُ الْحِمَارِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِلْدِ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ الْمَدْبُوغِ عِيَاضٌ جِلْدُ الْفَرَسِ وَشَبَهِهِ غَيْرُ مُذَكًّى وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ تَعَارُضُ الْقِيَاسِ الْمُقْتَضِي لِلنَّجَاسَةِ لَا سِيَّمَا مِنْ حِمَارٍ مَيِّتٍ وَعَمَلُ السَّلَفِ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِسُيُوفِهِمْ، وَهُوَ فِيهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْكِيمَخْتِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي السُّيُوفِ أَوْ غَيْرِهَا وَقِيلَ بِالْجَوَازِ فِي السُّيُوفِ فَقَطْ وَتَعَقَّبَ الْمُؤَلِّفُ ذِكْرَ ابْنِ الْحَاجِبِ التَّوَقُّفَ بِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ بَعْدَهُ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَيَّ، ثُمَّ ارْتَكَبَهُ هُنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَسَبَهُ لَهَا فِي تَوْضِيحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى رِوَايَةِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ بِأَنَّ الرَّائِيَ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهَا اخْتَلَفُوا إذَا صَلَّى بِهِ هَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهَلْ الْكِيمَخْتُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ طَاهِرٌ بِالدَّبْغِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ دُبِغَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ تت فِي شَرْحِهِ   [حاشية العدوي] وَشُرَّاحَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرَ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَعَدَمِ التَّحْرِيمِ وَالْمُرَادُ عَاجٌ غَيْرُ الْمُذَكَّى وَأَجَازَ ابْنُ وَهْبٍ بِبَيْعِ الْعَاجِ لِغُلُوِّهِ وَمِثْلُهُ بَيْعُ الْمَدْبُوغِ مِنْ مَيْتَةٍ عِنْدَهُ، فَإِنْ بِيعَ قَبْلَ الدَّبْغِ فَيَفْسَخُهُ وَلَوْ فَاتَ. (فَائِدَةٌ) فِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى شَاطِئِ بَحْرٍ وَفِيهِ عَظْمُ مَيْتَةٍ غَطَّاهُ الْمَاءُ وَالطِّينُ أَيْ، ثُمَّ ظَهَرَ فَغَسَلَ رِجْلَهُ وَجَعَلَهَا عَلَى الْعَظْمِ ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى ثِيَابِهِ أَنَّ ثَوْبَهُ لَا يَتَنَجَّسُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ إنْ كَانَ الْعَظْمُ يَابِسًا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَسَمٌ وَلَحْمٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ النَّجَاسَةَ تَتَعَلَّقُ بِرِجْلِهِ إلَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّ رُطُوبَتَهَا قَدْ ذَهَبَتْ جُمْلَةً وَلَمْ يَبْقَ إلَّا رُطُوبَةُ الْمَاءِ فَيَكُونُ كَالْعَظْمِ الْبَالِي اهـ. (أَقُولُ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْعَجِينَ لَا يَتَنَجَّسُ بِعَجْنِ الْمَرْأَةِ وَفِي يَدِهَا الْعَاجُ. (قَوْلُهُ وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَرَاهَةُ الْعَاجِ أَيْ هَلْ هُوَ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ طَاهِرٌ يُسْتَثْنَى مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ الثَّانِي لتت وَالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَرَجَّحَ فِي الشَّامِلِ أَنَّهُ نَجِسٌ اهـ. عج قَالَ فِي ك وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ حَسَنٍ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَنَشَأَ حِينَئِذٍ سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ السُّيُوفَ الَّتِي عَلَيْهَا الْكِيمَخْتِ مَا حَالُ الصَّلَاةِ بِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ مَالِكًا تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَوَجْهُ وَقْفَتِهِ مَا قَدْ عَلِمْت وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ لِجَلْبِ الْمُؤَلِّفِ لِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ حَسَنٌ (قَوْلُهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ) أَيْ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جِلْدُ الْحِمَارِ) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْكِيمَخْتِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قَالَ تت فِي الْكَبِيرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الرَّاجِحَ مِنْ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ اهـ. لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَلَامُ عِيَاضٍ حَسَنٌ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ) أَيْ بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِقَوْلِهِ تَعَارَضَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعَمَلُ السَّلَفِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَعَمَلُ السَّلَفِ الْمُقْتَضِي لِلطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ فِيهَا) الْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ) حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ التَّوَقُّفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَوْلًا الثَّانِي الْجَوَازُ فِي السُّيُوفِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَلَى الثَّالِثِ الْجَوَازُ فِي السُّيُوفِ فَقَطْ الرَّابِعُ الْكَرَاهَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَيَّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالشَّارِحُ هُنَا أَشَارَ لِقَوْلَيْنِ وَتَرَكَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ قُلْتُمَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْهَا قُلْت الْكَرَاهَةُ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَيَّ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) . أَقُولُ إذَا تَأَمَّلْت: تَحْكُمُ أَنَّهُ لَا تَعَقُّبَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَوْنَ التَّرْكِ أَحَبُّ إلَيْهِ لَا يُنَافِي التَّوَقُّفَ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ارْتَكَبَهُ هُنَا) أَيْ ارْتَكَبَ ذِكْرَ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّعَقُّبُ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا نَسَبَهُ لَهَا فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ أَنَّ الْقَائِلَ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَى مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ) شُرُوعٌ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَى مَالِكٍ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَعْدُ أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْ فَمَالِكٌ اسْتَمَرَّ عَلَى التَّوَقُّفِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالرَّائِي) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّائِيَ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا مَالِكٌ وَفِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَوَّاقِ حَصَرَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ مَالِكًا اسْتَحَبَّ تَرْكَهُ مِنْهَا وَلَمْ يُحَرِّمْهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ اخْتَلَفُوا) أَيْ وَعَلَى رِوَايَةٍ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، ثُمَّ نَقُولُ الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْكَرَاهَةُ وَلَا إعَادَةَ كَانَ فِي سَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ نَعْلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ هَارُونَ وَأَصْلُهُ لِابْنِ يُونُسَ فِي الْكِيمَخْتِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِهِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ الثَّانِي الْجَوَازُ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ الثَّالِثُ الْجَوَازُ فِي السَّيْفِ خَاصَّةً لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَمَنْ صَلَّى بِهِ فِي غَيْرِ السُّيُوفِ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا أَعَادَ أَبَدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَهَلْ الْكِيمَخْتُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَيَّ وَحَاصِلُهُ حَيْثُ كَانَتْ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً مَعَ الْكَرَاهَةِ فَهَلْ مَعَ تِلْكَ الْحَالَةِ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ طَاهِرٌ وَلَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ التَّوَقُّفَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ طَاهِرٌ بِالدَّبْغِ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ تت فِي وَجْهِ التَّوَقُّفِ الَّذِي ذَكَرَهُ تت فِي وَجْهِ التَّوَقُّفِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ مَا ذَكَرَهُ تت، وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ تت فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ أَقُولُ بَعْدُ وَحَيْثُ كَانَ عَمَلُ السَّلَفِ مَا عَلِمْت فَلَا يَنْسَابُ مُخَالَفَتُهُمْ إذْ هِيَ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ فَإِذَنْ الْمُوَافِقُ لِلْمَعْقُولِ اعْتِمَادُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي السُّيُوفِ اقْتِصَارًا عَلَى فِعْلِهِمْ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 فِي وَجْهِ التَّوَقُّفِ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُهُ وَكَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ ح. (ص) وَمَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ وَالنَّجَسُ مَا اسْتَثْنَى يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الثَّلَاثَةَ نَجِسَةٌ فَأَمَّا الْمَنِيُّ فَهُوَ مِنْ الْآدَمِيِّ وَالْمُحَرَّمُ الْأَكْلُ نَجَسٌ بِلَا إشْكَالٍ إمَّا؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ دَمٌ أَوْ لِمُرُورِهِ فِي مَجْرَى الْبَوْلِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ طَهَارَةُ مَنِيِّ مَا بَوْلُهُ طَاهِرٌ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَقَدْ وَرَدَ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْفَضَلَاتِ فِي بَاطِنِ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ فَلَيْسَ أَصْلُهُ نَجَسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْعِلَّةُ الِاسْتِقْذَارُ بِشَرْطِ الِانْفِصَالِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِشَرْطِهَا فَيَتَعَيَّنُ التَّنْجِيسُ؛ لِأَنَّا نَتَكَلَّمُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَاخْتُلِفَ فِي مَنِيِّ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ فِي نَجَاسَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ هَلْ لِكَوْنِهِ مِنْ دَمٍ وَلَمْ يَسْتَحِلْ إلَى صَلَاحٍ فَيَكُونُ مَنِيُّ هَذَا نَجَسًا أَوْ لِكَوْنِهِ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ وَبَوْلُ الْمُبَاحِ طَاهِرٌ فَيَكُونُ مَنِيُّهُ طَاهِرًا وَيُخْتَلَفُ فِي مَنِيِّ الْمَكْرُوهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَوْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَنِيَّ نَجَسٌ وَلَوْ مِنْ مُبَاحِ الْأَكْلِ، وَأَمَّا الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ فَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَجَاسَتِهِمَا وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِنَقْلِ رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ بِطَهَارَةِ الْوَدْيِ وَالْمَذْيُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ تَثْقِيلِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِهَا مَاءٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ عِنْدَ الثَّوَرَانِ لِلشَّهْوَةِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَمَذْيُهَا بَلَّةٌ تَعْلُو فَرْجَهَا وَالْوَدْيُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ فَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَيُقَالُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ شَاذٌّ وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ مَاءٌ أَبْيَضُ خَائِرٌ يَخْرُجُ بِأَثَرِ الْبَوْلِ غَالِبًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ نَجَاسَةُ مَا ذُكِرَ وَلَوْ مِنْ مُبَاحِ الْأَكْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي تَرْجِيحُ ذَلِكَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ فَضَلَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَغَسْلُ عَائِشَةَ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلتَّشْرِيعِ. (ص) وَقَيْحٌ وَصَدِيدٌ (ش) الْقَيْحُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا لَحْنٌ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ مِدَّةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ مِنْ قَاحَ يَقِيحُ وَالصَّدِيدُ مَاءُ الْجُرْحِ الرَّقِيقِ الَّذِي يُخَالِطُهُ دَمٌ قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ الْمِدَّةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَيْحَ وَالصَّدِيدَ نَجَسَانِ وَمِثْلُ الصَّدِيدِ فِي النَّجَاسَةِ مَا يَسِيلُ مِنْ مَوْضِعِ حَكِّ الْبَثَرَاتِ وَمَا يَرْشَحُ مِنْ الْجِلْدِ إذَا كُشِطَ وَمَا يَسِيلُ مِنْ نَفْطِ النَّارِ وَمِنْ نَفَطَاتِ الْجَسَدِ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ. (ص) وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ (ش) أَيْ وَمِنْ النَّجَسِ رُطُوبَةُ فَرْجِ غَيْرِ مُبَاحِ الْأَكْلِ مِمَّا بَوْلُهُ نَجَسٌ، وَأَمَّا مِنْ مُبَاحِهِ فَطَاهِرَةٌ إنَّ لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجَاسَةٍ كَبَوْلِهِ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَا يُفِيدُهُ) أَيْ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ بِالدَّبْغِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ دُبِغَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج اعْتَمَدَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ بِهِ صَحِيحَةً. (قَوْلُهُ وَقَدْ وَرَدَ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ) وَوَرَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الْأَصْلَ مَعْفُوٌّ عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ كَذَلِكَ وَلَمْ يَقُولُوهُ كَ (قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ التَّنْجِيسُ) فِيهِ أَنَّ الْقَذَارَةَ لَا تَقْتَضِي التَّنْجِيسَ كَالْمُخَاطِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ اقْتِضَاؤُهُ التَّنْجِيسَ وَتَخَلَّفَ فِي الْمُخَاطِ لِلتَّكَرُّرِ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلطَّهَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَلْغَمِ. (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الرَّاعِي مَا نَصُّهُ وَالْمَنِيُّ الَّذِي تَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِنَجَاسَةٍ وَلَا بِطَهَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ وَكَلَامُنَا فِي مَنِيٍّ سَقَطَ عَلَى ثَوْبٍ، فَإِنْ قَالُوا جِنْسُهُ يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ وَقَدْ يُخْلَقُ مِنْهُ وَلَا يُخْلَقُ بِخِلَافِ مَا انْفَصَلَ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ طَاهِرًا فِي نَفْسِهِ وَيَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ نَجِسٍ كَاللَّبَنِ مُتَوَلِّدًا عَنْ الدَّمِ وَقِيلَ إنَّهُ دَمٌ مَا دَامَ الْوَلَدُ فِي الرَّحِمِ يَتَغَذَّى بِهِ فَإِذَا سَقَطَ أَبْيَضَ فَصَارَ لَبَنًا حَتَّى لَا يَعَافَهُ الْجَنِينُ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَوْلِهِ) إنْ كَانَ بَوْلُهُ طَاهِرًا يَكُونُ مَنِيُّهُ طَاهِرًا، وَإِنْ نَجِسًا فَنَجِسًا (قَوْلُهُ بِطَهَارَةِ الْوَدْيِ) أَيْ فَقَدْ سَلِمَ الْإِجْمَاعُ فِي الْمَذْيِ وَانْظُرْ لِمَ أُجْمِعَ عَلَى الْمَذْيِ دُونَ الْوَدْيِ فَقَدْ خَالَفَ أَحْمَدُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمَذْيُ بِفَتْحٍ إلَخْ) وَيُرْوَى إهْمَالُ الذَّالِ وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي فِي الْإِهْمَالِ اللُّغَاتُ الثَّلَاثُ أَمْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ) التَّصْحِيفُ أَشَدُّ مِنْ الشُّذُوذِ؛ لِأَنَّ الشُّذُوذَ يُفِيدُ ثُبُوتًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ التَّصْحِيفِ وَلَكِنْ قَدْ صَحَّحُوا ثُبُوتَهُ إلَّا أَنَّهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَكْثَرُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ بِأَثَرِ الْبَوْلِ غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَخْرُجُ عِنْدَ حَمْلِ ثَقِيلٍ وَعِنْدَ اسْتِمْسَاكِ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ لَهُ مَذْيٌ وَوَدْيٌ قَالَ فِي ك، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ (قَوْلُهُ وَغُسْلُ عَائِشَةَ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا مَا غَسَلَتْهُ عَائِشَةُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا لَمْ تَغْسِلْهُ لِنَجَاسَتِهِ بَلْ لِلتَّشْرِيعِ أَيْ لِتُفِيدَ أَنَّ غَسْلَهُ مَشْرُوعٌ لِلْأُمَّةِ وَالْأَصْلُ الْوُجُوبُ فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ دَمٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَسْلَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ مَنْدُوبٌ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ مِدَّةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ) أَيَّ كَانَتْ رَقِيقَةً أَوْ غَلِيظَةً كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ مِنْ قَاحَ يَقِيحُ إلَخْ) أَيْ مَأْخُوذٌ إلَخْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْقَيْحُ الْأَبْيَضُ الْخَاثِرُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ دَمٌ وَقَاحَ الْجُرْحُ قَيْحًا مِنْ بَابِ بَاعَ سَالَ قَيْحُهُ أَوْ تَهَيَّأَ اهـ. لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقَيْحِ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَيْحَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَالْمِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ الْمِدَّةُ) فَإِذَا غَلُظَتْ فَلَا اسْمَ لَهَا إلَّا مِدَّةٌ وَهِيَ نَجِسَةٌ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى (قَوْلُ مِنْ مَوْضِعِ حَكِّ الْبَثَرَاتِ) جَمْعُ بَثَرَةٍ عَلَى وَزْنِ قَصَبَةٍ وَهِيَ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ مِنْ نَفْطِ النَّارِ) جَمْعُ نَفِطَةٍ عَلَى وَزْنِ كَلِمَةٍ فَالْجَمِيعُ عَلَى وَزْنِ كَلْمٍ كَنَبْقَةٍ وَنَبْقٍ وَكَذَلِكَ نَفَطَاتُ جَمْعُ نَفِطَةٍ عَلَى وَزْنِ كَلِمَةٍ وَجَاءَ عَلَى وَزْنِ رَحْمَةٍ. (قَوْلُهُ وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ) أَيْ بِلَّةِ الْفَرْجِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَنْجِيسُ ذَكَرِ الْوَاطِئِ أَوْ إدْخَالُ أُصْبُعٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَثَلًا فَتَعْلَقُ بِهِ أَوْ بِهَا الرُّطُوبَةُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجَاسَةٍ كَبَوْلِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 ضَرُورِيٍّ؛ لِأَنَّ بَوْلَهُ إذَا كَانَ طَاهِرًا فَأَوْلَى رُطُوبَةُ فَرْجِهِ. (ص) وَدَمٌ مَسْفُوحٌ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ، وَهُوَ الْجَارِي نَجَسٌ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ كَالسَّمَكِ أَوْ مِنْ الذُّبَابِ أَوْ الْقُرَادِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ مَالِكٍ وَذَهَبَ الْقَابِسِيُّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَى أَنَّ الدَّمَ طَاهِرٌ مِنْ السَّمَكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجَسًا لَشُرِعَتْ ذَكَاتُهُ وَرُدَّ بِمَنْعِ تَعْلِيلِ الذَّكَاةِ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ شُرِعَتْ لِإِزْهَاقِ الرُّوحِ بِسُرْعَةٍ قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ فِي رَدِّ مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّمَكِ دَمًا بَلْ رُطُوبَةٌ تُشْبِهُهُ لِعَدَمِ اسْوِدَادِهِ بِالشَّمْسِ بَلْ يَبْيَضُّ بِخِلَافِ سَائِرِ الدِّمَاءِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ اسْوِدَادِهِ إنْ سَلِمَ مِنْ كُلِّ السَّمَكِ لِمَا خَالَطَهُ مِنْ رُطُوبَةٍ لَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ دَمٍ انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي دَمِ السَّمَكِ إنَّمَا إذَا سَالَ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِهِ فَلَا بَأْسَ بِإِلْقَائِهِ فِي النَّارِ حَيًّا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي عِبَارَةٍ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ هُوَ السَّائِلُ عَنْ مَقَرِّهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَبَعْدَ التَّذْكِيَةِ مِنْ مَحَلِّ التَّذْكِيَةِ وَلَوْ قَالَ وَكَذُبَابٍ لِيَدْخُلَ الْبَعُوضُ وَالْقُرَادُ وَالْحَلَمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَأَمَّا السَّمَكُ الَّذِي يُمَلَّحُ وَيُجْعَلُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ لَهُ دَمٌ يَشْرَبُهُ فَطَاهِرٌ وَإِلَّا فَنَجَسٌ (ص) وَسَوْدَاءُ (ش) أَيْ وَمِنْ النَّجَسِ السَّوْدَاءُ وَهِيَ مَائِعٌ أَسْوَدُ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ وَكَدَرٍ أَوْ أَحْمَرُ غَيْرُ قَانِئٍ أَيْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ وَهَذِهِ صِفَةُ النَّجَاسَاتِ قَالَ فِي الطِّرَازِ الدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ نَجَسَانِ فَإِذَا خَالَطَ أَحَدَهُمَا الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ أَوْ عَذِرَةً يَنْقَلِبُ لِجِهَةِ الْمَعِدَةِ تَنَجَّسَ انْتَهَى وَالْقَانِئُ بِهَمْزَةٍ آخِرُهُ كَالْقَارِئِ يُقَالُ قَنَأَ يَقْنَأُ فَهُوَ قَانِئٌ وَالْمَصْدَرُ قُنُوءٌ عَلَى وَزْنِ رُكُوعٍ هَذَا أَصْلُهُ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ هَمْزِهِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَهُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ وَقَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ حَتَّى صَارَ يَغْلِبُ إلَى السَّوَادِ. (ص) وَرَمَادُ نَجَسٍ وَدُخَانٌ (ش) أَيْ وَمِنْ النَّجَسِ رَمَادُ شَيْءٍ نَجَسٍ وَدُخَانُهُ وَالنَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبِكَسْرِهَا الْمُتَنَجِّسُ وَيَحْتَمِلُهُمَا كَلَامُهُ هُنَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْبُيُوعِ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَخَّصَ فِي الْخُبْزِ الْمَخْبُوزِ بِالزِّبْلِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ وَأَنَّ رَمَادَ النَّجَسِ طَاهِرٌ وَلِلْقَوْلِ بِطَهَارَةِ زِبْلِ الْخَيْلِ   [حاشية العدوي] أَيْ وَلَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحِيضُ كَإِبِلٍ فَنَجِسَةٌ عَقِبَ حَيْضَةٍ وَبَعْدُ طَاهِرَةٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ فَأَوْلَى رُطُوبَةُ فَرْجِهِ) وَقَدْ يُقَالُ لَا تَلَازُمَ لِمَا مَرَّ فِي مَنِيِّ الْمُبَاحِ مَعَ طَهَارَةِ بَوْلِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ) أَيْ وَيُعْفَى عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِدَمِ السَّمَكِ الْمَسْفُوحِ الْجَارِي أَوَّلَ التَّقْطِيعِ أَوْ فِي جَمِيعِ التَّقْطِيعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا خَرَجَ عِنْدَ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَهَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَذُبَابٍ) الذُّبَابُ كَغُرَابٍ وَاحِدُ الذِّبَّانِ بِالْكَسْرِ كَغِرْبَانٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ ذُبَابَةٌ بِمُوَحَّدَتَيْنِ وَلَا تَقُلْ ذِبَانَةً بِالنُّونِ وَسُمِّيَ ذُبَابًا لِكَثْرَةِ حَرَكَتِهِ وَاضْطِرَابِهِ وَعُمُرُهُ الْغَالِبُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ) أَيْ فَمَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ اخْتِلَافِ نَوْعَيْ الْبَحْرِيِّ وَالْبَرِّيِّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (قَوْلُهُ فِي رَدِّ) أَيْ فِي وَجْهِ رَدِّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ اسْوِدَادِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بَلْ رُطُوبَةُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ مَعْمُولُ قَوْلِهِ قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ قَالَ أَيْ حَكَمَ، أَيْ حَكَمَ ابْنُ الْإِمَامِ فِي الرَّدِّ حُكْمًا مُصَوَّرًا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ (قَوْلُهُ إنْ سَلِمَ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ كُلِّ السَّمَكِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنْ كُلِّ السَّمَكِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِرُطُوبَاتٍ تُخَالِطُ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) ذَكَرَ تت مَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ فَقَدْ قَالَ مَا نَصُّهُ وَذُبَابُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَانِ فِي دَمِ الذُّبَابِ وَالْقُرَادِ مَشْهُورٌ فِيهِمَا وَلِذَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ دَمِ السَّمَكِ (قَوْلُهُ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ أَيْ دَمٌ خَالِصٌ لَا خَلْطَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَكَدَرٍ) أَيْ غَيْرِ صَافٍ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّهَا تَتَنَوَّعُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ إمَّا كَالدَّمِ الْخَالِصِ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ وَإِمَّا فِيهِ خَلْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَدِرَ كَمَا قُلْنَا غَيْرُ الصَّافِي وَعَدَمُ الصَّفَاءِ بِالْخَلْطِ وَإِمَّا أَحْمَرُ لَمْ تَشْتَدَّ حُمْرَتُهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَائِعٌ أَسْوَدُ إمَّا خَالِصٌ مِنْ الْخَلْطِ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ وَإِمَّا غَيْرُ خَالِصٍ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَكَدَرٍ، وَأَمَّا أَحْمَرُ خَالِصُ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَدَرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ فَعَلَيْك بِالتَّحْرِيرِ لِقِصَرِ بَاعِي وَقِلَّةِ اطِّلَاعِي لِفَقْدِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ فِي بَلَدِنَا إلَّا بَعْضَ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ أَحَدَهُمَا) مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ عَذِرَةً مَعْطُوفٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالتَّقْدِيرُ فَإِذَا خَالَطَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ أَحَدَهُمَا أَوْ عَذِرَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدَهُمَا فَاعِلٌ وَالْقَيْءُ وَالْقَلْسُ مَفْعُولٌ وَقَوْلُهُ أَوْ عَذِرَةٌ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ يَنْقَلِبُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ فَإِذَا خَالَطَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُنْقَلِبًا لِجِهَةِ الْمَعِدَةِ فَإِنَّ الْمَعِدَةَ تَنْجُسُ وَالشَّارِحُ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ فَوَقَعَ فِي الْحِيرَةِ وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ مُسْتَقِيمَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَهِيَ الدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ نَجَسَانِ فَإِذَا خَالَطَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ أَحَدَهُمَا أَوْ الْعَذِرَةَ يَنْقَلِبُ لِجِهَةِ الْمَعِدَةِ تَنَجَّسَ اهـ. (قَوْلُهُ وَرَمَادُ نَجَسٍ) أَيَّ رَمَادٍ وَقَيَّدَ نَجِسٍ فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ لَا بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ نَجِسًا لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَقَيَّدَ بِمَعْنَى مَوْقُودٍ وَقَالَ عج وَالْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُمَا أَيْ الرَّمَادُ وَالدُّخَانُ (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُهُمَا كَلَامُهُ) ، وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ تت ظَاهِرًا فِي الْأَوَّلِ مُحْتَمِلًا لِلثَّانِي أَيْضًا وَيَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ لِلْمَادَّةِ فَيَكُونُ حَامِلًا لَهُمَا (قَوْلُهُ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ) أَيْ الَّذِي قَدْ اعْتَمَدَهُ عج (قَوْلُهُ وَأَنَّ رَمَادَ النَّجِسِ طَاهِرٌ) لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَمَجْمُوعُهُمَا تَعْلِيلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ بِطَهَارَةِ زِبْلِ الْخَيْلِ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وَلِلْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ مِنْهَا وَمِنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ قَالَ فَيَخِفُّ الْأَمْرُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ عَلَى النَّاسِ أَمْرُ مَعِيشَتِهِمْ غَالِبًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلنَّاسِ انْتَهَى زَادَ س فِي شَرْحِهِ قُلْت ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ إلَّا فِي الْأَكْلِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَتَفْسُدُ عَلَى النَّاسِ مَعِيشَتُهُمْ بِسَبَبِهِ لَا فِي الْحَمْلِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي عَدَمِ غَسْلِ الْفَمِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَيُرِيدُ مَنْ لَا تَأَمُّلَ لَهُ تَعْدِيَةَ الرُّخْصَةِ إلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَوَابٍ فَافْهَمْ اهـ. وَتَعَقَّبَهُ ق بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَمُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَوْلَ وَالْعَذِرَةَ نَجَسَانِ مِمَّا ذَكَرَهُ فَأَمَّا بَوْلُ الْآدَمِيِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ نَجَاسَتُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَكَلَ الطَّعَامَ أَمْ لَا زَالَتْ رَائِحَتُهُ أَمْ لَا ابْنُ نَاجِي، وَهُوَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْفَتْوَى اهـ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَوْلُ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا مُتَطَايِرًا كَرُءُوسِ الْإِبَرِ وَرُوِيَ اغْتِفَارُهُ، وَأَمَّا بَوْلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَرَوْثُهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ نَجَسٌ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا بَوْلُ الْمَكْرُوهِ وَرَوْثُهُ وَكَذَا الْمُبَاحُ الَّذِي يَصِلُ إلَى النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ نَجَسٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ مِنْ الْمَكْرُوهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِتَقْدِيمِهِمْ لَهُ وَعَطْفِهِمْ الْقَوْلَ بِالنَّجَاسَةِ عَلَيْهِ بِقِيلَ وَوَجْهُ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمَكْرُوهِ أَنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْوَاثُ وَالْأَبْوَالُ نَجِسَةً مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ كَمَا قَالَ الْمُخَالِفُ لِلِاسْتِقْذَارِ خَرَجَ الْمُبَاحُ بِدَلِيلٍ، وَهُوَ «طَوَافُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى بَعِيرٍ وَتَجْوِيزُهُ الصَّلَاةَ عَلَى مَرَابِضِ الْغَنَمِ» وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَيَدْخُلُ فِي الْمُحَرَّمِ حِمَارُ الْوَحْشِ إذَا دُجِّنَ إذْ لَا يُؤْكَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضٌ فِي الْمُغْنِي وَعَلَيْهِمَا يَنْبَنِي حُكْمُ بَوْلِهِ انْتَهَى وَيَدْخُلُ فِي الْمَكْرُوهِ الْوَطْوَاطُ وَالْفَأْرُ حَيْثُ كَانَ يَصِلُ إلَى النَّجَاسَةِ وَإِلَّا كَانَ مُبَاحًا كَمَا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ أَنَّ الْخُلْدَ مُبَاحُ الْأَكْلِ، ثُمَّ إنَّ إضَافَةَ الْبَوْلِ لِلْجَمِيعِ صَحِيحَةٌ وَإِضَافَةَ الْعَذِرَةِ لِلْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ. (ص) وَيُنَجَّسُ كَثِيرُ طَعَامٍ   [حاشية العدوي] عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهَا وَالْمُرَادُ طَهَارَةٌ مَعَهَا إبَاحَةُ الِاسْتِعْمَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْخَيْلِ أَقْوَالًا ثَلَاثَةً حَكَاهَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ وَالْإِبَاحَةَ (قَوْلُهُ وَلِلْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ مِنْهَا) أَيْ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ فَالْمَعْنَى وَلِلْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ مَعَ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ أَيْ بِكَرَاهَتِهِ مِنْهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَقَوْلُهُ مِنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَيْ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ) قَدْ عَلِمْت مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ خِلَافٌ مَذْهَبِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَفْسُدُ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ ق) أَيْ فَقَالَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ كَمَا يُفِيدُهُ صَادِقُ التَّأَمُّلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْهُ غَسْلُ فَمٍ خُصُوصًا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ إلَخْ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ عَلَى تِلْكَ الْأَقْوَالِ إنْ رَاعَيْنَاهَا، وَأَمَّا حَمْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيَتَعَذَّرُ عَلَى النَّاسِ أَمْرُ مَعِيشَتِهِمْ غَالِبًا فَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَشَقَّةُ وَغَالِبُ النَّاسِ يَتَكَرَّرُ أَكْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنْ تَكَرُّرِ السَّلَسِ الَّذِي رَفَعُوا بِهِ وُجُوبَ الْوُضُوءِ وَأَبْطَلُوا بِهِ نَقْضَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ فَإِنَّ فَسَادَ الْمَالِ رُبَّمَا انْضَمَّ إلَى فَسَادِ الْبَدَنِ فِي الْغُسْلِ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ. وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيمَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ فَمَه مِنْهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَتَعَقَّبَهُ عج أَيْضًا بِقَوْلِهِ قُلْت دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ فِي عَدَمِ غَسْلِ الْفَمِ مِنْهُ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى عِلَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ عِلَّةً شَمِلَ ذَلِكَ وَحَمَلَهُ فِي الصَّلَاةِ اهـ. وَلَمَّا ظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ طَهَارَةُ الرَّمَادِ وَالدُّخَانِ حَصَلَتْ الرَّائِحَةُ الْكُبْرَى فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ طَاهِرًا وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَ غَسْلِ فَمِهِ وَبِحَمْلِ شَيْءٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ نَجَاسَةُ بَوْلِهِ) كَذَا فِي عِبَارَةِ بَهْرَامَ فِي وَسَطِهِ فَقَالَ لَا خِلَافَ فِي نَجَاسَةِ عَذِرَتِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا بَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ نَجِسٌ وَسَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إلَخْ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا هُنَا وَيَبْعُدُ وُجُودُ الْخِلَافِ فِي الْكَبِيرِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت تت فِي كَبِيرِهِ جَعَلَ نَجَاسَةَ بَوْلِ الْكَبِيرِ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي الْبَوْلِ الَّذِي زَالَتْ رَائِحَتُهُ وَفِي بَوْلِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ الْمَاءُ فِي بَطْنِهِ وَيَنْزِلُ بِصِفَتِهِ وَلِابْنِ وَهْبٍ يُغْسَلُ بَوْلُ الصَّبِيَّةِ وَيُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَقِيلَ بِطَهَارَةِ بَوْلِ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ مِنْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ أَكَلَ الطَّعَامَ أَمْ لَا) اُخْتُلِفَ فِيمَا الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ فَأَخَذَ مِنْ الِاسْتِذْكَارِ أَنَّهُ الْمُعْتَادُ وَاقْتَصَرَ ابْنُ بَطَّالٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ وَرُوِيَ اغْتِفَارُهُ) أَيْ اغْتِفَارُ مَا كَانَ مُتَطَايِرًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْمَذْهَبُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ إذَا دُجِّنَ) أَيْ تَأَنَّسَ فَلَوْ تَوَحَّشَ بَعْدَ تَأَنُّسِهِ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ طَهَارَةَ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ فِي الْمُغْنِي) لِلْبِسَاطِيِّ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي أَيْ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي الْمَكْرُوهِ الْوَطْوَاطُ) قِيلَ لِنَجَاسَةِ غِذَائِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّهُ يَلِدُ وَلَا يَبِيضُ. (قَوْلُهُ طَعَامٍ) وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ فَيَتَنَجَّسُ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَثُرَ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ؛ لِأَنَّهُ. كَالْمَائِعِ وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا إذَا حَلَّتْ فِيهِ بَعْدَمَا صَارَ مُضَافًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا لَوْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَبْلَ الْإِضَافَةِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ ثُمَّ أُضِيفَ بِطَاهِرٍ كَلَبَنٍ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَنَقَلَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْمُضَافَ لَيْسَ كَالطَّعَامِ فَإِذَا لَاقَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ لَمْ يَنْجُسْ. (تَنْبِيهٌ) : شَمِلَ مَنْطُوقُ وَيَنْجُسُ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مَنْ فَرَّغَ عَشْرَ قِلَالِ سَمْنٍ فِي زُقَاقٍ أَيْ جَمْعُ زِقٍّ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ ثُمَّ وَجَدَ فِي قُلَّةٍ مِنْهَا فَارِغَةٍ فَأْرَةً يَابِسَةً لَا يَدْرِي فِي أَيِّ الزُّقَاقِ فَرَّغَهَا أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 مَائِعٍ بِنَجَسٍ قَلَّ (ش) لَمَّا بَيَّنَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ ذَكَرَ مَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّعَامَ الْكَثِيرَ الْمَائِعَ وَقْتَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لَهُ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ فِيهِ شَيْءٌ مُتَنَجِّسٌ أَوْ نَجَسٌ يُمْكِنُ تَحَلُّلُهُ، وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ كَدُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِقُوَّةِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَقَوْلُهُ بِنَجَسٍ أَيْ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا إذْ لَا يَتَنَجَّسُ الطَّعَامُ بِالشَّكِّ وَمَفْهُومُ كَثِيرِ الطَّعَامِ وَقَلِيلِ النَّجَاسَةِ أَحْرَوِيٌّ بِالْحُكْمِ (ص) كَجَامِدٍ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَإِلَّا فَبِحَسْبِهِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَائِعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَامِدَ، وَهُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ جُزْءٌ لَمْ يَتَرَادَّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَهُ عَلَى قُرْبٍ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ تَنَجَّسَ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ فِي جَمِيعِهِ بِأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً وَالطَّعَامُ مُتَحَلِّلٌ وَقَالَ الشَّارِحُ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ مَضَى لَهُ زَمَانٌ يُبَاعُ فِيهِ كَالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ وَإِمَّا بِأَنْ يَكُونَ طَالَ الزَّمَانُ طُولًا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا سَرَتْ فِي جَمِيعِهِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمَذْهَبِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ فَيُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَقَطْ بِحَسَبِ طُولِ مُكْثِهَا فِيهِ وَقِصَرِهِ اهـ. أَيْ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُبَاعُ وَيُؤْكَلُ لَكِنْ قَالَ الْجُزُولِيُّ يُبَيِّنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَقْذِفُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ إنْ ظَنَّ السَّرَيَانَ بِجَمِيعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ وَلَحْمٌ طُبِخَ وَزَيْتُونٌ مُلِّحَ   [حاشية العدوي] الزُّقَاقِ وَبَيْعُهَا قَالَهُ تت وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَنْجِيسِ الطَّعَامِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ تَعَلُّقُ النَّجَاسَةِ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ تَحَرِّيًا كَأَنَّ النَّجَاسَةَ تَعَلَّقَتْ بِالْجَمِيعِ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ بِنَجِسٍ) يَحْتَمِلُ فَتْحَ الْجِيمِ وَكَسْرَهَا وَالْأَحْسَنُ النَّظَرُ لِلْمَادَّةِ فَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَقْتَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ) عِبَارَةٌ أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا فِي الْأَصْلِ أَوْ جَامِدًا، ثُمَّ انْمَاعَ كَدَقِيقٍ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ، ثُمَّ عُجِنَ أَوْ قَمْحٍ فِيهِ فَأْرَةٌ، ثُمَّ طُحِنَ خِلَافًا لِعُلَمَاءِ الْبِيرَةِ حَيْثُ قَالُوا يُغَرْبَلُ الدَّقِيقُ وَيُؤْكَلُ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَائِعِ مَائِعَةً أَوْ يَابِسَةً فَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ إذَا وَقَعَتْ رِيشَةُ غَيْرِ الْمُذَكَّى فِي طَعَامٍ مَائِعٍ طُرِحَ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ النَّجِسُ الْوَاقِعُ فِيهِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ طَهَارَةِ طَعَامٍ طُبِخَ وَفِيهِ رَوْثُ الْفَأْرَةِ وَأُكِلَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَدَمَ التَّنْجِيسِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَهُوَ غَايَةُ الشُّذُوذِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَرَادَّ مِنْ الْبَاقِي إلَخْ) زَادَ الْحَطَّابُ قَالَ، فَإِنْ تَرَادَّ فَهُوَ مَائِعٌ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ فِي جَمِيعِهِ) دَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَائِعَةً فَقَدْ قَالَ الْحَطَّابُ فَرْعٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْجَامِدِ مَائِعَةً أَوْ غَيْرَ مَائِعَةٍ فِي أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى إمْكَانِ السَّرَيَانِ. اهـ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ مَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ الْبُرْزُلِيِّ أَفْتَى شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ بِأَنَّهُ نَجِسٌ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ اهـ أَقُولُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ بِحَيْثُ يُظَنُّ السَّرَيَانُ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَالطَّعَامُ مُتَحَلِّلٌ) أَيْ كَلَبَنٍ جَامِدٍ وَعَسَلٍ جَامِدٍ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ نَحْوِ قَمْحٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ بِحَالٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي رَأْسٍ مُطَّمَرٍ خِنْزِيرٌ وَنَحْوُهُ أُلْقِيَ وَمَا حَوْلَهُ وَأُكِلَ مَا بَقِيَ وَلَوْ سَرَتْ وَأَقَامَتْ مُدَّةً كَثِيرَةً مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ يُسْقَى مِنْ صَدِيدِهَا لَمْ يُؤْكَلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَاءَ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ كَافِ التَّمْثِيلِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ مَا مَضَى لَهُ زَمَنٌ يَنْمَاعُ فِيهِ إلَخْ) كَزَمَنِ الْحَرِّ وَقَوْلُهُ وَإِمَّا بِأَنْ يَكُونَ طَالَ الزَّمَانُ كَزَمَنِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمَذْهَبِ إلَخْ) أَيْ كَلَامُ سَحْنُونَ تَفْسِيرٌ لِلْمَذْهَبِ أَيْ لَا قَوْلَ مُقَابِلٌ فَفِيهِ تَرْجِيحُ هَذَا عَلَى التَّفْسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَذْهَبِ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ. ثُمَّ إنَّ سَحْنُونًا ذَكَرَ أَنَّ الطَّعَامَ الْجَامِدَ إذَا سَقَطَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَمَضَى لَهُ زَمَنٌ يَنْمَاعُ فِيهِ أَوْ طَالَ الزَّمَانُ طُولًا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا سَرَتْ فِي جَمِيعِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ يَنْجُسُ فَقَالَ بَهْرَامُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ سَحْنُونَ تَفْسِيرٌ لِعِبَارَةِ الْمَذْهَبِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ) أَيْ فِي الْجَمِيعِ إلَخْ مُفَادُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْقَيْدِ الْمُقَدَّرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهِ وَمُفَادُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ السَّرَيَانُ فِي شَيْءٍ لَا يُطْرَحُ شَيْءٌ، وَهُوَ مُفَادُ تت حَيْثُ قَالَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ أَنَّ مَا لَا يَمْكُثُ سَرَيَانُهَا فِيهِ بِأَنْ أُخْرِجَتْ مِنْ حِينِهَا لَمْ يَنْجُسْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ جَامِدًا لَا يُمْكِنُ سَرَيَانُهَا فِيهِ اهـ. وَكَذَا فِي صَغِيرَةٍ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَبِحَسْبِهِ رَاجِعٌ لِشَيْئَيْنِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَقَوْلُهُ بِجَمِيعِهِ أَيْ، وَأَنْ لَا يُمْكِنَ بِجَمِيعِهِ بَلْ فِي بَعْضِهِ فَبِحَسْبِهِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا فَبِحَسْبِهِ أَيْ فَيَكُونُ الْجُزْءُ الْمُلَاقِي لِلنَّجَاسَةِ وَمَا بَعْدَهُ يُؤْكَلُ وَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا بَعِيدٌ (قَوْلُهُ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ تُطْرَحَ وَمَا حَوْلَهَا وَمَا قَارَبَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا الْتَفَّ عَلَيْهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا إذَا طُرِحَتْ وَحْدَهَا لَا تُطْرَحُ إلَّا بِمَا يَلْتَفُّ عَلَيْهَا قَالَهُ فِي الطِّرَازِ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ فَلَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي حَالِ الْجُمُودِ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ، وَهُوَ مَائِعٌ، فَإِنْ تَحَقَّقْنَا أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي حَالِ الْجُمُودِ أَوْ فِي حَالِ الْمَيَعَانِ عَمِلْنَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ شَكَكْنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطْرَحُ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الْمُرَادِ. (قَوْلُهُ وَلَحْمٌ طُبِخَ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ طُبِخَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ذُكِّيَتْ دَجَاجَةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَقَبْلَ غَسْلِ مَذْبَحَةٍ فَتَصْلُقُهُ لِأَجْلِ نَزْعِ رِيشَةٍ، ثُمَّ يُطْبَخُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ سَرَى فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ النَّجَاسَةُ (قَوْلُهُ وَزَيْتُونٌ) مِثْلُهُ اللَّيْمُونُ وَالنَّارِنْجُ وَالْبَصَلُ وَالْجَزَرُ وَاللِّفْتُ وَالْجُبْنُ قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ وَإِلَّا غُسِلَ وَأُكِلَ مَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ يُظَنُّ غَوْصُ النَّجَاسَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ مُلِّحَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ جُعِلَ فِيهِ مِلْحٌ قَدْرَ مَا يُصْلِحُهُ نَجِسٌ إمَّا وَحْدَهُ وَإِمَّا مَعَ مَاءٍ وَقَوْلُنَا نَجِسٌ أَيْ إذَا كَانَ قَبْلَ طِيبِهِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ إذَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجَسٍ (ش) لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الطَّعَامَ يُفَارِقُ الْمَاءَ فِي أَنَّهُ إذَا لَاقَى نَجَاسَةً تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَغَيُّرٍ تَكَلَّمَ عَلَى مُفَارَقَتِهِ لَهُ فِي عَدَمِ قَبُولِهِ التَّطْهِيرَ دُونَ الْمَاءِ فَقَالَ وَلَا يَطْهُرُ إلَخْ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ بِنَجَسٍ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَفْعَالِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَالْعَامِلُ فِيهَا مُتَّحِدٌ أَيْ وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ بِنَجَسٍ وَلَحْمٌ طُبِخَ بِنَجَسٍ وَزَيْتُونٌ مُلِحَ بِنَجَسٍ وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجَسٍ وَالْمُرَادُ بِالزَّيْتِ كُلُّ مُعْصَرٍ أَيْ وَلَا يَطْهُرُ طَعَامٌ مِنْ غَيْرِ الْأَدْهَانِ كَاللَّبَنِ وَنَحْوِهِ خُلِطَ بِنَجَسٍ اتِّفَاقًا لِمُمَازَجَتِهَا لِلنَّجَاسَةِ وَكَذَا لَا يَطْهُرُ زَيْتٌ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ خُولِطَ بِنَجَسٍ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا لَا يَطْهُرُ لَحْمٌ طُبِخَ بِنَجَسٍ مِنْ مَاءٍ أَوْ نَجَاسَةٍ وَقَعَتْ فِيهِ حَالِ طَبْخِهِ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَطْبُوخَاتِ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ طَبْخِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَامِدِ مِنْ السَّمْنِ فَيُغْسَلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْمَرَقِ وَيُؤْكَلُ فَقَدْ عَلِمْت مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ دَرَجَ فِي اللَّحْمِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ وَانْتِهَائِهِ قَالَ بَعْضٌ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ طُبِخَ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ خُلِطَ إلَى خُولِطَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَوْ غَيْرِهِ. (ص) وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى زَيْتٍ وَالْمَعْنَى وَلَا يَطْهُرُ فَخَّارٌ مِنْ نَجَسِ غَوَّاصٍ كَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ وَقَوْلُهُ بِغَوَّاصٍ أَيْ كَثِيرُ النُّفُوذِ وَالدُّخُولِ فِي أَجْزَاءِ الْإِنَاءِ أَقَامَ فِي الْإِنَاءِ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ النَّجَاسَةَ سَرَتْ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا قَالَ بَعْضٌ وَلَوْ أُزِيلَتْ فِي الْحَالِ وَغُسِلَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَطْهُرُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْغَوَّاصِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِغَيْرِهِ اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَاحْتَرَزَ بِالْفَخَّارِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَدْهُونَةِ كَالصِّينِيِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَوْ الَّتِي لَا تَقْبَلُ ذَلِكَ كَالنُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ اهـ. فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدْهُونَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ يُشْرَبُ قَطْعًا فَيَدْخُلُ فِي الْفَخَّارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَدْهُونَةً بِالزِّفْتِ. (ص) وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجَسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنْوَاعَ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ وَالْمُتَنَجِّسِ وَكَانَ الطَّاهِرُ حُكْمَهُ ظَاهِرٌ إلَّا مَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ بِالْمُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ تَكَلَّمَ عَلَى الِانْتِفَاعِ وَعَدَمِهِ بِمَا عَدَاهُ بِهَذَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَجِّسَ، وَهُوَ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْأَصْلِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ تَقَعُ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ نَجَاسَةٌ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي   [حاشية العدوي] تَسْرِي النَّجَاسَةُ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَأَمَّا بِشَدِّ اللَّامِ فَمَعْنَاهُ أَفْسَدَهُ وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ فِي صِفَةِ تَطْهِيرِ الْمِلْحِ وَالْمَطْبُوخِ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ طَبْخِهِ وَنُضْجِهِ أَنَّهُ يُغْسَلُ أَوَّلًا بِمَاءٍ حَارٍّ، ثُمَّ ثَانِيَةً بِمَاءٍ بَارِدٍ ثُمَّ ثَالِثَةً بِمَاءٍ حَارٍّ، ثُمَّ رَابِعَةً بِمَاءٍ بَارِدٍ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الصِّفَةَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَبَيْضٌ صُلِقَ) شَامِلٌ لِبَيْضِ النَّعَامِ؛ لِأَنَّ غِلَظَ قِشْرِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَسَامُّ يَسْرِي مِنْهَا الْمَاءُ وَصُلِقَ بِالسِّينِ أَيْضًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمَصْلُوقُ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَمْ لَا إمَّا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُلْحَقٌ بِالطَّعَامِ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَإِمَّا مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَلِيلُ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَأَمَّا لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ صَلْقِهِ فَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ مُرْتَبِطٌ ارْتِبَاطًا مَعْنَوِيًّا لَا اصْطِلَاحِيًّا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ يَكُونُ الْأَخِيرُ هُوَ الْعَامِلُ وَيُضْمَرُ فِيمَا عَدَاهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّنَازُعِ فِي أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ عَوَامِلَ فَقَدْ أَثْبَتَهُ فِي التَّسْهِيلِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُجْعَلْ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ مِنْ نَفْيِهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ عَوَامِلَ يَكُونُ إمَّا مُتَعَلِّقًا بِالْأَخِيرِ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْأَوَّلِ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَالْعَامِلُ فِيهَا مُتَّحِدٌ) أَيْ فِي مَوْصُوفِهَا أَوْ فِيهَا نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمَوْصُوفِ عَامِلٌ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ لِمُمَازَجَتِهَا إلَخْ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْأَدْهَانِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَدْهَانَ يُخَالِطُهَا الْمَاءُ، ثُمَّ يَنْفَصِلُ عَنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَاللَّبَنِ يُمَازِجُهَا جَمِيعَهَا (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ زَيْتٌ قَصْدُهُ أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَكَيْفِيَّةُ التَّطْهِيرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُؤْخَذَ إنَاءٌ وَيُوضَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الزَّيْتِ وَيُوضَعَ عَلَيْهِ مَاءٌ أَكْثَرُ مِنْهُ وَيُثْقَبُ الْإِنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيَسُدُّهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ يُخَضُّ، ثُمَّ يُفْتَحُ فَيَنْزِلُ الْمَاءُ وَيَبْقَى الزَّيْتُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَاءُ صَافِيًا اهـ. (قَوْلُهُ فَيَغْسِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَشَرَّبْهَا وَتَسْرِي فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ وَمِثْلُ الطَّبْخِ مَا إذَا طَالَ مُكْثُهُ نِيئًا فِي النَّجَاسَةِ حَتَّى تَشَرَّبَهَا (قَوْلُهُ الْمُفَصَّلِ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ وَانْتِهَائِهِ) فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ يَطْهُرُ اللَّحْمُ يُطْبَخُ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ يَقَعُ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا فَرْقَ فِي ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ أَوْ انْتِهَائِهِ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ بِذَلِكَ الثَّالِثُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ يَطْهُرُ إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ طِيبِهِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ مَا كَانَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ إلَخْ) ، فَإِنْ قِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ قُلْت أُجِيبُ بِأَنَّ خُولِطَ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ فَمَعْنَاهُ خَالَطَهُ مُخَالِطٌ فَشَمِلَ مَا كَانَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَمَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ بِخِلَافِ خُلِطَ فَمَعْنَاهُ خَلَطَهُ شَخْصٌ فَيُفِيدُ قَصْرَ خَلْطِهِ عَلَى فِعْلِ شَخْصٍ. (تَنْبِيهٌ) : مَا صُبِغَ بِصِبْغٍ نَجِسٍ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِأَنْ يُغْسَلَ حَتَّى يَزُولَ طَعْمُهُ وَلَوْ بَقِيَ لَوْنُهُ وَرِيحُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسِرَا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ) وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْفَخَّارَ يَقْبَلُ الْغَوْصَ دَائِمًا قَالَهُ فِي ك نَقْلًا عَنْ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ سَرَتْ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ لَوْ سَرَتْ فِي الْبَعْضِ بِحَيْثُ صَارَ نَجِسًا بِذَلِكَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أُزِيلَتْ فِي الْحَالِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَعْمَلِ، وَأَمَّا الْجَدِيدُ فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) لَا نَظَرَ؛ لِأَنَّ بَهْرَامَ قَالَ كَالصِّينِيِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَاَلَّذِي فِي مَعْنَاهُ هُوَ مَا شَابَهَهُ مِمَّا لَا يَغُوصُ فِيهِ الْمَاءُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 غَيْرِ مَسْجِدٍ وَغَيْرِ أَكْلِ آدَمِيٍّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا أَكْلَ آدَمِيٍّ إذْ لَا يَصِحُّ نَفْيُ كُلِّ مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ لِجَوَازِ اسْتِصْبَاحِهِ بِالزَّيْتِ وَعَمَلِهِ صَابُونًا وَعَلَفِهِ الطَّعَامَ الْمُتَنَجِّسَ لِلدَّوَابِّ وَالْعَسَلِ الْمُتَنَجِّسِ لِلنَّحْلِ، وَهُوَ مِنْ مَنَافِعِهِ وَلُبْسُهُ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ وَنَوْمُهُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ وَقْتًا يَعْرَقُ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا النَّجَسُ، وَهُوَ مَا كَانَ عَيْنُهُ نَجِسَةً كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْجِلْدِ الْمُرَخَّصِ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ وَشَمِلَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ جَوَازَ سَائِرِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ فَيُسْتَصْبَحُ بِالزَّيْتِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَيُتَحَفَّظُ مِنْهُ وَيُعْمَلُ صَابُونًا وَيُغْسَلُ مِنْهُ الثِّيَابُ بِمُطْلَقٍ وَيُدْهَنُ مِنْهُ الْحَبْلُ وَالْعَجَلَةُ وَالنِّعَالُ وَالدِّلَاءُ وَيُعْلَفُ الْعَسَلُ لِلنَّحْلِ وَيُطْعَمُ الْبَهَائِمُ الطَّعَامَ وَالْعَجِينَ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ أَمْ لَا وَيَسْقِي الْمَاءُ الدَّوَابَّ وَالزَّرْعَ وَالْأَشْجَارَ، وَأَمَّا الْبِيَعُ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبِيَعِ أَنَّ مُتَنَجِّسَ مَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالثَّوْبِ يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْبَيَانِ إنْ كَانَ يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ أَوْ يُنْقِصُهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يُوقَدُ بِزَيْتٍ فِي مَسْجِدٍ وَلَا يُبْنَى بِطُوبٍ أَوْ طِينٍ وَلَا يُمْكَثُ فِيهِ بِثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَا يُسْقَفُ بِخَشَبٍ مُتَنَجِّسٍ لَكِنْ لَوْ بُنِيَتْ حِيطَانُهُ بِمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ فَإِنَّهُ يُلْبَسُ وَيُصَلَّى فِيهِ وَلَا يُهْدَمُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لَا غَيْرُهُ وُجِدَتْ بِهِ رِوَايَةٌ أَوْ لَمْ تُوجَدْ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ أَيْ وَقَيْدَ مَسْجِدٍ هَذَا إذَا كَانَ الدُّخَانُ يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّوْءُ فِيهِ وَالدُّخَانُ خَارِجَهُ جَازَ. (ص) وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ بِخِلَافِ نَسْجِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُصَلَّى فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ بِلِبَاسِ شَخْصٍ كَافِرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَاشَرَ جَلْدَهُ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يَلْحَقُهُ نَجَاسَةٌ فِي الْعَادَةِ كَالذَّيْلِ أَمْ لَا كَالْعِمَامَةِ غَسِيلًا أَوْ جَدِيدًا ثِيَابًا أَوْ أَخْفَافًا وَلَا بِثِيَابِ شَارِبِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْسُوجِ الْكَافِرِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهُ فَإِنَّهُ يُصَلَّى بِهِ لِإِفْسَادِهِ بِالْغُسْلِ وَلِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي لِئَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِمْ أَشْغَالُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّ تَعْلِيلَ طَهَارَةِ مَا صَنَعُوهُ بِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَصْنَعُهُ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ لَكِنْ فِي الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفِيدُ طَهَارَةَ ذَلِكَ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا صَنَعَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ. (ص) وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ (ش) يَعْنِي وَلَا يُصَلَّى بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ حَتَّى يَغْسِلَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ أَيْ مِمَّا أَعَدَّهُ لِلنَّوْمِ غَيْرَ مُحْتَاطٍ فِي طَهَارَتِهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ وَلَهُ ثَوْبٌ لِلنَّوْمِ أَنَّ فِرَاشَهُ طَاهِرٌ مَعَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَغَيْرِ أَكْلِ آدَمِيٍّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَمِثْلُ الْأَكْلِ الشُّرْبُ (قَوْلُهُ صَغِيرٍ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مَنْعُهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَقْتًا يَعْرَقُ فِيهِ) أَيْ وَإِلَّا كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّضَمُّخُ بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ إلَخْ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ التَّدَاوِي بِالنَّجِسِ غَيْرِ الْخَمْرِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ اتِّفَاقًا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَذَكَرَ عب وَغَيْرُهُ مِنْ النَّجِسِ أُمُورًا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَإِلَّا شَحْمَ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ رَحَاةٍ أَوْ سَاقِيَةٍ فَيَجُوزُ وَإِلَّا وَقُودَ عَظْمِ مَيْتَةٍ عَلَى طُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ فَيَجُوزُ وَإِلَّا جَعْلَ عَذِرَةٍ بِمَاءٍ لِسَقْيِ زَرْعٍ فَيَجُوزُ وَقَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَادَ الشَّحْمُ النَّجِسُ إذَا كَانَ يُتَحَفَّظُ مِنْهُ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ دُونَ غَيْرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّنْقِيصِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُصَلِّيًا وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ الْحَطَّابِ أَنَّهُ يَجِبُ تَبْيِينُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ كَانَ الْغُسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ أَوْ لَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُصَلِّي أَمْ لَا، لَبِيسًا أَمْ لَا وَفِي تت هُنَاكَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيَجِبُ بَيَانُهُ إنْ كَانَ الْغُسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ كَانَ مُشْتَرِيهِ مُصَلِّيًا وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُوقَدُ بِزَيْتٍ إلَخْ) أَيْ يَحْرُمُ إذَا كَانَ الدُّخَانُ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدُّخَانَ نَجِسٌ فَلَعَلَّ هَذَا الْفَرْعَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُبْنَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ خُصُوصًا مَعَ عَطْفِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُكْثُ فِيهِ بِنَجِسٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُسْقَفُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ التَّحْرِيمِ وَبَنَى يُصَلَّى لِلْمَجْهُولِ قَصْدًا لِلتَّعْمِيمِ فَيَشْمَلُ صَاحِبَهُ إذَا أَسْلَمَ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ كَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ غَسِيلًا) فَعِيلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ وَلَا بِثِيَابِ شَارِبِ الْخَمْرِ) هَذَا إذَا ظَنَّ نَجَاسَةَ لِبَاسِهِ وَأَوْلَى التَّحَقُّقُ، وَأَمَّا مَعَ تَحَقُّقِ الطَّهَارَةِ أَوْ ظَنِّهَا أَوْ الشَّكِّ فِيهَا فَيُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ بِخِلَافِ لِبَاسِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ مَعَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْسُوجِ الْكَافِرِ) وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلنَّسْجِ بَلْ سَائِرُ الصَّنَائِعِ يُحْمَلُونَ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ) وَمِثْلُ التَّحَقُّقِ الظَّنُّ. (فَائِدَةٌ) قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ مَا يَفْعَلُهُ الْخَادِمُ وَالزَّوْجَةُ اللَّتَانِ لَا يُصَلِّيَانِ مِنْ الطَّعَامِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَيُؤْكَلُ فَهُوَ كَمَصْنُوعِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّوْنَ بَعْضَ التَّوَقِّي) مَعْنَى بَعْضَ التَّوَقِّي أَيْ قَدْرًا يُوجِبُ عَدَمَ زُهْدِ النَّاسِ فِيمَا صَنَعَهُ. (قَوْلُهُ مُصَلٍّ آخَرُ) ، وَأَمَّا نَفْسُهُ فَهُوَ أَدْرَى بِحَالِهِ إنْ كَانَ مُتَحَفِّظًا سَاغَ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ الْغَالِبُ) أَيْ الَّذِي هُوَ النَّجَاسَةُ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِطَهَارَتِهِ، وَهُوَ مُصَلٍّ ثِقَةٌ صَلَّى بِهِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَ الطَّهَارَةِ أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا (قَوْلُهُ أَيْ مِمَّا أَعَدَّهُ لِلنَّوْمِ) مَعْنَى الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْحَطَّابُ أَنَّك إنْ وَجَدْت ثَوْبَ مُصَلٍّ يَنَامُ فِيهِ لَا يَسُوغُ لَك أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِقَوْلِهِ أَعَدَّهُ لِلنَّوْمِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَنَامُ فِي ثَوْبٍ أَنَّ فِرَاشَهُ طَاهِرٌ وَأَنَّهُ يَكُونُ مُحْتَاطًا فِي طَهَارَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِرَاشَهُ كَثَوْبِهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُؤْخَذَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 أَنَّهُ مِمَّا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدَّهُ لِلنَّوْمِ غَيْرَ مُحْتَاطٍ فِي طَهَارَتِهِ. (ص) وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ إلَّا كَرَأْسِهِ (ش) أَيْ وَلَا يُصَلَّى بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا كَالنِّسَاءِ وَثِيَابِ الصِّبْيَانِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا مِمَّنْ تُصَلِّي وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يُصَلَّى بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ مَا عَدَا مَا مَسَّ كَرَأْسِهِ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ مِنْدِيلٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَصِحُّ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (ص) وَلَا بِمُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ عَالِمٍ (ش) أَيْ وَلَا يُصَلِّي بِكَسَرَاوِيلَ وَمِئْزَرٍ مُحَاذٍ مُقَابِلٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ فَرْجَ دُبُرٍ أَوْ قُبُلٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِالِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْ وَهَلْ يُقَيَّدُ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ إلَّا إذَا أُخْبِرَ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا. (ص) وَحَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ مُحَلًّى (ش) لَمَّا كَانَ الْحُلِيُّ مِنْ جُمْلَةِ اللِّبَاسِ وَاَلَّذِي يَحْرُمُ لُبْسُهُ لَا يُصَلَّى فِيهِ فَأَشْبَهَ الثَّوْبَ النَّجَسَ وَكَانَ الْمَاءُ يَحْتَاجُ إلَى إنَاءٍ غَالِبًا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَسُوغُ اتِّخَاذُهُ وَلُبْسَهُ مِنْ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَوَانِيهِمَا وَأَوَانِي الْجَوْهَرِ وَمَا لَا يَسُوغُ مِنْ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ وَحَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ مُحَلًّى مُكَلَّفٍ اتِّفَاقًا أَوْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِخِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُحَلَّى مَا جُعِلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُتَّصِلٍ كَنَسْجٍ وَطِرَازٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ كَزِرٍّ وَنَبَّهَ بِالْمُحَلَّى عَلَى أَحْرَوِيَّةِ الْحُلِيِّ نَفْسِهِ كَأَسَاوِرَ وَخَلَاخِلَ وَمِثْلُ الِاسْتِعْمَالِ الِاقْتِنَاءُ وَإِنَّمَا خَصَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جَوَازُهُ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. (ص) وَلَوْ مِنْطَقَةً وَآلَةَ حَرْبٍ (ش) أَيْ فَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْمِنْطَقَةِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ نَوْعٌ مِنْ الْحُزَمِ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا الْوَسَطُ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ مَا يُتَّقَى بِهِ كَالتُّرْسِ أَوْ يُضَارَبُ بِهِ كَالرُّمْحِ وَالسِّكِّينِ أَوْ يُرْكَبُ بِهِ كَالسَّرْجِ وَالرِّكَابِ أَوْ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْفَرَسِ كَاللِّجَامِ. (ص) إلَّا الْمُصْحَفَ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ اسْتِعْمَالُهُ وَقَدَّمَ الْمُصْحَفَ لِشَرَفِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مُحَلًّى لِجَوَازِ تَحْلِيَتِهِ بِالْفِضَّةِ وَكَذَا بِالذَّهَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي جِلْدِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْجِلْدِ مِنْ خَارِجٍ وَلَا يَكْتُبَ وَلَا يَجْعَلَ لَهُ الْأَعْشَارَ وَلَا الْأَحْزَابَ وَلَا الْأَخْمَاسَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ فَيَصِحُّ أَنْ يُعَمَّمَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ إلَّا الْمُصْحَفَ أَيْ فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ خَارِجِهِ وَلَا دَاخِلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ الْحُرْمَةِ وَمَا لَا يَحْرُمُ يَعُمُّ الْمُبَاحَ وَالْمَكْرُوهَ وَأَفْهَمَ   [حاشية العدوي] ظَاهِرِهِ كَمَا قُلْنَا أَيْ إذَا وَجَدْت مَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ فَلَا يَسُوغُ لَك أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا كَانَ يَحْتَاطُ فِي طَهَارَتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إنْ أَخْبَرَك بِذَلِكَ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ أَوْ تَتَّفِقَا مَذْهَبًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَك ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِطَهَارَتِهَا وَدَخَلَ فِي الثِّيَابِ الْخُفُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ غَالِبًا) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَا يُصَلِّي فَلَا يُصَلِّي بِثِيَابِهِ فَمَا احْتَمَلَ أَنَّهُ يُصَلِّي يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِذَا وَجَدَ ثَوْبَ امْرَأَةٍ وَاحْتَمَلَ أَمْرَهَا تُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلِّي فَلَا يُصَلِّي بِثَوْبِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَلِمْتَ أَنَّهَا تُصَلِّي فَيُصَلِّي بِثَوْبِهَا وَقَوْلُهُ وَثِيَابِ الصِّبْيَانِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا لِمَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ وَهِيَ هَلْ ثَوْبُ الصِّبْيَانِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ فَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تُتَيَقَّنَ النَّجَاسَةُ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ حَتَّى تُتَيَقَّنَ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي حِلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ فَالْمُنَاسِبُ رُجُوعُهُ لِلْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْ كَمَا فِي تت. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ زَادَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَهُوَ حَسَنٌ ذَكَرَهُ فِي ك وَالْمُرَادُ حَائِلٌ يَغْلِبُ مَعَهُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ لِمَا فَوْقَهُ (قَوْلُهُ فَرْجَ دُبُرٍ أَوْ قُبُلٍ) أَصْلُهُ لِابْنِ هَارُونَ وَاعْتَرَضَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ بِأَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ عَدَمُ دُخُولِ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ عَدَمُ الِاسْتِبْرَاءِ مَفْقُودَةٌ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ دُبُرَ الثَّوْبِ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَالظَّاهِرُ دُخُولُهُ لِوُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ كَذَا فِي ك (أَقُولُ) سَيَأْتِي يَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الِاسْتِبْرَاءِ لِلدُّبُرِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُقَيَّدُ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ) ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي. (تَتِمَّةٌ) الْحُكْمُ فِي فُوَطِ الْحَمَّامِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَتَحَفَّظُونَ الطَّهَارَةَ وَإِلَّا فَالِاحْتِيَاطُ الْغُسْلُ أَيْ الْأَوْلَى غَسْلُ الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ الَّذِي يَلْبِسُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَسْلِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرُوهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَأَوَانِيهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُمَا أَوْ اقْتِنَاؤُهُمَا لِذَكَرٍ وَأُنْثَى (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُلْبِسَهُ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ وَيَجُوزُ لَهُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ، وَأَمَّا إنْ سَقَاهُ خَمْرًا أَوْ أَطْعَمَهُ خِنْزِيرًا فَإِنَّهُ آثِمٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُمَا بِوَجْهٍ بِخِلَافِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الِاسْتِعْمَالِ الِاقْتِنَاءُ) يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى مَا إذَا اقْتَنَاهُ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ هُوَ، وَأَمَّا إذَا اقْتَنَاهُ بِقَصْدِ الْعَاقِبَةِ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ بِنْتُهُ أَوْ لَا لِشَيْءٍ فَلَا حُرْمَةَ. (قَوْلُهُ أَيْ فَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْمِنْطَقَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ) أَيْ لِلذَّكَرِ لَا لِلْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) أَيْ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ يَرْكَبُ بِهِ) أَيْ فِيهِ. (قَوْلُهُ الْمُصْحَفَ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ يُجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى الْجِلْدِ مِنْ خَارِجٍ قَالَ الْجُزُولِيُّ يَعْنِي فِي أَعْلَاهُ اهـ. أَيْ أَعْلَى الْجِلْدِ وَعِبَارَةُ عب غَيْرُ ظَاهِرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْتُبُ) أَيْ بِالذَّهَبِ وَكَذَا كِتَابَةُ مَا ذُكِرَ بِالْحُمْرَةِ مَكْرُوهٌ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفِيدُ جَوَازَ كِتَابَتِهِ بِالذَّهَبِ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجْعَلُ لَهُ الْأَعْشَارَ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 تَخْصِيصُهُ الْمُصْحَفَ بِالْجَوَازِ مَنْعَ تَحْلِيَةِ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ كَذَلِكَ الْمِقْلَمَةُ وَالدَّوَاةُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَيَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ فِي الْحَرِيرِ وَتَحْلِيَتُهُ بِهِ وَيَمْتَنِعُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا تَحْلِيَةُ الْإِجَازَةِ خِلَافًا لِلْبَرْزَلِيِّ وَشُيُوخِهِ فِي اسْتِحْسَانِهِمْ جَوَازَهُ. (ص) وَالسَّيْفُ وَالْأَنْفُ وَرَبْطُ سِنٍّ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ الْحِلْيَةُ كَقَبْضَتِهِ أَوْ انْفَصَلَتْ كَغِمْدِهِ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِالْجَوَازِ لَا؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ آلَاتِ الْحَرْبِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ سَيْفِ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكْحُلَةِ وَنَحْوِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تُقَاتِلُ وَكَذَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأَنْفِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِئَلَّا يُنْتِنَ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّدَاوِي وَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَبْطُ سِنٍّ تَتَلَخْلَخُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَكَذَا مَا يَسُدُّ بِهِ مَحَلَّ سِنٍّ سَقَطَتْ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَهُ اتِّخَاذُ الْأَنْفِ وَرَبْطُ السِّنِّ مَعًا وَالْمُرَادُ بِالسِّنِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ مُطْلَقًا أَيْ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَأَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْأَنْفِ وَالسِّنِّ بِالْمَنْعِ فِي غَيْرِهِمَا وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ الْأُنْمُلَةَ أَيْضًا دُونَ الْأُصْبُعِ وَقَاسُوهَا هِيَ وَالسِّنَّ عَلَى الْأَنْفِ. (ص) وَخَاتَمُ الْفِضَّةِ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ اتِّخَاذُ خَاتَمٍ مِنْ الْفِضَّةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا يُسْتَحَبُّ بِالْيُسْرَى لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَعْسَرِ وَغَيْرِهِ وَقُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ فِي يَمِينِهِ لِحَاجَةٍ يَتَذَكَّرُهَا أَوْ يَرْبِطُ خَيْطًا فِي أُصْبُعِهِ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ جَعْلُهُ فِي الْخِنْصَرِ وَلَا يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْخَاتَمِ وَلَوْ كَانَ وَزْنُ جَمِيعِ الْمُتَعَدِّدِ دِرْهَمَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ هـ. (فَرْعٌ) وَيَجُوزُ نَقْشُ الْخَوَاتِمِ وَنَقْشُ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ «وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ أَعْلَى وَرَسُولُ سَطْرٌ أَوْسَطُ وَاَللَّهُ سَطْرٌ أَسْفَلُ» وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ خَاتَمُ الْفِضَّةِ يَصْدُقُ عَلَى الْخَالِصِ مِنْهَا وَالْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهَا أَخْرَجَ مُخَالِطًا مَخْصُوصًا بِقَوْلِهِ. (ص) لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ لُبْسُ خَاتَمٍ بَعْضُهُ ذَهَبٌ (وَلَوْ قَلَّ) وَاعْتَمَدَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَوْ صَرِيحِهِ وَرَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الْقَائِلِ بِالْكَرَاهَةِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَهَا وَاعْتَمَدَهُ   [حاشية العدوي] أَيْ أَعْشَارَ الْأَحْزَابِ وَأَخْمَاسَهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْمِقْلَمَةُ) فِي الْبُرْزُلِيِّ يَجُوزُ تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ إنْ كُتِبَ بِهَا قُرْآنٌ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ كِتَابَةُ الْعَلَمِ إلَخْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَيُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِهِ لِلنِّسَاءِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى افْتِرَاشِهِ فَيَكُونُ الْمَشْهُورُ مَنْعَهُ لِلرِّجَالِ وَجَوَازَهُ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا تَحْلِيَةُ الْإِجَازَةِ) أَيْ وَلَوْ بِالْحَرِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَالسَّيْفُ) قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْجِهَادِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِحَمْلِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ وَالْأَنْفُ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ بِاعْتِبَارِهِمَا مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَلَّى مَا فِيهِ الْحِلْيَةُ وَالْحِلْيَةُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْأَنْفُ وَالسِّنُّ فِيهِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (قَوْلُهُ وَرَبْطُ سِنٍّ) أَيْ ذَا رَبْطِ سِنٍّ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَلَّى ذَا رَبْطِ سِنٍّ، وَهُوَ مَا يُرْبَطُ بِهِ (قَوْلُهُ وَرَبْطُ سِنٍّ) وَكَذَا يَجُوزُ رَدُّهَا بَعْدَ سُقُوطِهَا؛ لِأَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ وَكَذَا سِنُّ مُذَكَّى بَدَلُهَا وَإِلَّا فَخِلَافٌ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُنْتِنَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَتَعِبَ وَكَرُمَ (قَوْلُهُ وَقَاسُوهَا هِيَ وَالسِّنَّ عَلَى الْأَنْفِ) ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَارِدٌ فِي الْأَنْفِ. (قَوْلُهُ وَخَاتَمُ الْفِضَّةِ) إنْ لَبِسَهُ لِلسُّنَّةِ لَا لِمُبَاهَاةٍ وَنَحْوِهَا وَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمَيْنِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ بِالْيُسْرَى) لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ لُبْسَهُ بِالْيُسْرَى أَبْعَدُ لِقَصْدِ التَّزَيُّنِ (قَوْلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَعْسَرِ وَغَيْرِهِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِسُؤَالٍ وَرَدَ فِي الْجَامِعِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فَفِيهَا وَمِنْهَا أَنَّك سَأَلْت عَنْ وَجْهِ كَرَاهَةِ مَالِكٍ التَّخَتُّمَ فِي الْيُمْنَى مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا» وَهَلْ يُسَامَحُ الْأَعْسَرُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ فَرْقٌ فَأَجَابَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّخَتُّمِ فِي الْيَسَارِ هُوَ الصَّوَابُ أَيْ وَفِي الْيَمِينِ مَكْرُوهٌ وَفِي الْحَطَّابِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ وَزْنَهُ دِرْهَمَانِ فِضَّةٌ وَفَصُّهُ مِنْهُ وَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ اهـ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْته حُجَّةٌ لَهُ لَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ بِالْيَمِينِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فَهُوَ إذَا أَرَادَ التَّخَتُّمَ تَنَاوَلَ الْخَاتَمَ بِيَمِينِهِ فَجَعَلَهُ فِي يَسَارِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْبَعَ بِهِ عَلَى مَالٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ شَيْءٍ تَنَاوَلَهُ بِيَمِينِهِ مِنْ شِمَالِهِ فَطَبَعَ بِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَعْسَرِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ الْقُرَشِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ فِي يَمِينِهِ لِلْحَاجَةِ إلَخْ) أَيْ يَكُونُ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى جَعْلِهِ فِي الْيَمِينِ تَذَكُّرَ الْحَاجَةِ وَهَلْ يَفُوتُ اسْتِحْبَابُ الْجَعْلِ فِي الْيَسَارِ أَوْ يَحْصُلُ وَالظَّاهِرُ الْحُصُولُ (قَوْلُهُ أَوْ يَرْبِطُ خَيْطًا) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ خَارِجَةٌ مُنَاسِبَةٌ لِلْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ إلَخْ) قَالَ الْبَدْرُ وَيُكْرَهُ فِي السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى لِحَدِيثِ «عَلِيٍّ نَهَانِي أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي هَذِهِ وَهَذِهِ وَأَوْمَأَ إلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى» اهـ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْبَدْرُ وَفِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ اسْتِحْبَابِ كَوْنِهِ فِي خِنْصَرِ الْيُسْرَى اهـ، ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَلْبَسُهُ فِي الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الرَّوَافِضَ اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ كَذَلِكَ فِي لُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ. (فَائِدَةٌ) تَرَدَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي قَوْلِهِ لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ وَلَوْ قَلَّ هَلْ يَشْمَلُ الْخَاتَمَ الْمَطْلِيَّ بِالذَّهَبِ أَوْ يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي الْمُغَشَّى وَارْتَضَى غَيْرُهُ الشُّمُولَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُغَشَّى بِالنِّسْبَةِ إلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِأَنَّ اجْتِمَاعَ النَّقْدَيْنِ أَشَدُّ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلَا كَذَلِكَ نَقْدٌ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَنَقْشُ أَسْمَائِهَا إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَّا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ أَيْ مِنْ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْكَرَاهَةِ فِي الْيَسِيرِ وَقَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ أَيْ اعْتَمَدَ الْكَرَاهَةَ أَيْ لَا يُقَيِّدُ كَوْنَ مَحَلِّهَا وَلَوْ قَلَّ بَلْ يُقَيِّدُ كَوْنَ مَحَلِّهَا قَوْلُهُ لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 هـ) فِي شَرْحِهِ وَهَلْ لَوْ كَانَ الذَّهَبُ أَكْثَرَ أَوْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ تَابِعًا وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ الثَّانِيَ. (ص) وَإِنَاءِ نَقْدٍ (ش) بِالْجَرِّ عَطْف عَلَى ذَكَرٍ وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُ الْأَوَّلِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالثَّانِي مِنْ إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى مُحَلًّى أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ إنَاءَ نَقْدٍ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَانْظُرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِعْرَابِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَاقْتِنَاؤُهُ، وَإِنْ لِامْرَأَةٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ ادِّخَارُ إنَاءِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَيْهِ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى صِيَاغَةِ الْإِنَاءِ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ كَسَرَهُ وَأَتْلَفَهُ إذَا لَمْ يُتْلِفْ مِنْ الْعَيْنِ شَيْئًا عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجُوزُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ عَيْنَهَا تُمْلَكُ إجْمَاعًا وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ وَالِاقْتِنَاءِ لِلْإِنَاءِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلِذَا قَالَ، وَإِنْ لِامْرَأَةٍ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الِاقْتِنَاءِ وَالِاسْتِعْمَالِ حَاصِلًا مِنْ امْرَأَةٍ. (ص) وَفِي الْمُغَشَّى وَالْمُمَوَّهِ وَالْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ وَإِنَاءِ الْجَوْهَرِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ النَّقْدِ الْمُغَشَّى بِرَصَاصٍ وَنَحْوِهِ نَظَرًا إلَى الْبَاطِنِ وَإِبَاحَتِهِ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ قَوْلَانِ وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ النُّحَاسِ وَنَحْوُهُ الْمُمَوَّهُ أَيْ الْمَطْلِيُّ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ وَإِبَاحَتِهِ نَظَرًا إلَى الْبَاطِنِ قَوْلَانِ وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ النُّقُودِ أَوْ الْفَخَّارِ وَنَحْوُهُ الْمُضَبَّبُ الْمُشَعَّبُ كَسْرُهُ بِخُيُوطِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ الْمَجْمُوعُ بِصَفِيحَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ ذِي الْحَلْقَةِ بِسُكُونِ اللَّامِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَإِنَاءِ الْجَوْهَرِ كَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِمَا وَالْجَوَازِ قَوْلَانِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَلَ فِي الْقَوْلَيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَلْ وَلَوْ كَانَ) يَعْنِي أَنَّ عج قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ إلَخْ أَيْ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْحُرْمَةُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ مَكْرُوهٌ وَهَلْ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ أَكْثَرَ هَذَا كَلَامُ عج. (قَوْلُهُ وَإِنَاءِ نَقْدٍ) فَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ وَلَا طَهَارَةٌ، وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ وَإِبْقَاءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ) أَيْ لِتَقَدُّمِ نَظِيرِهِ خُلُوصًا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَإِلَى مَفْعُولِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ إنَّهُ مِمَّا يَجِبُ التَّنْبِيهُ لَهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ رَفْعُهُ مُرَاعَاةً لِمَحَلِّ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ رَفْعُ الْمَفْعُولِ، وَهَذَا يُقَيِّدُ قَوْلَ ابْنِ مَالِكٍ وَمَنْ رَاعَى فِي الِاتِّبَاعِ الْمَحَلَّ فَحَسَنٌ عج (قَوْلُهُ أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى مُحَلًّى) لَكِنْ يَرُدُّهُ إنْ عَطَفَهُ عَلَى مُحَلَّى يَكُونُ الْمَعْنَى حَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ إنَاءَ نَقْدٍ، وَإِنْ لِامْرَأَةٍ وَهَذَا لَا صِحَّةَ لَهُ وَالْجَوَابُ إمَّا بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ لِامْرَأَةٍ أَيْ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ لَكِنْ يَفُوتُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ امْرَأَةً أَوْ بَالِغًا لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ لَكِنْ يَفُوتُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ أَيْ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِعْرَابِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اسْتِعْمَالٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ وَلَوْ لِلْعَاقِبَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ يَقْتَضِي جَوَازَهُ لِلْعَاقِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ لِقَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ لِقَصْدِ الْعَاقِبَةِ لِقَصْدِ التَّجَمُّلِ لَا لِقَصْدِ شَيْءٍ وَالْغَايَةُ تَقْتَضِي جَوَازَهُ لِلْعَاقِبَةِ أَوْ لَا لِقَصْدِ شَيْءٍ وَمَا قَبْلَهَا يَقْتَضِي عَدَمَهُ وَقَالَ مُحَشِّي تت وَقَعَ لِعْب أَنَّهُ قَالَ وَحَرُمَ اقْتِنَاؤُهُ لِاسْتِعْمَالٍ أَوْ لِغَيْرِ قَصْدٍ أَوْ لِتَجَمُّلٍ وَجَازَ لِعَاقِبَةٍ فَعُلِمَ أَنَّ أَقْسَامَ اقْتِنَائِهِ أَرْبَعَةٌ فَفَصَّلَ فِي الِاقْتِنَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَنْ مَنَعَ الِاقْتِنَاءَ مَنَعَهُ مُطْلَقًا وَمَنْ أَجَازَهُ كَذَلِكَ مَا عَدَا اقْتِنَاءَهُ لِلِاسْتِعْمَالِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ هَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَتَبِعَ عج فَإِنَّ لَهُ هُنَا خَبْطًا أَضْرَبْنَا عَنْهُ صَفْحًا، وَأَمَّا الِاقْتِنَاءُ لِلْكَسْرِ أَوْ لِفِدَاءِ أَسِيرٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا عَدَا قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَفِي الْمَوَّاقِ فِي جَوَازِ اقْتِنَائِهِ لِلتَّجَمُّلِ قَوْلَانِ كِلَاهُمَا رَجَحَ وَرَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ الرَّاجِحَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ) أَيْ فِي صُوَرِ التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا صُوَرُ الْجَوَازِ فَلَا بَأْسَ (قَوْلُهُ وَأَتْلَفَهُ) بِمَعْنَى كَسَرَهُ فَهُوَ عَطْفُ مُرَادِفٍ إلَّا أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي صُورَةِ الِامْتِنَاعِ وَلِذَلِكَ قَالَ عج فَإِذَا اتَّخَذَهُ لِعَاقِبَةٍ فَلَا يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ مَنْ كَسَرَهُ قِيمَةُ صِيَاغَتِهِ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِذَا تَنَازَعَ رَبُّهُ وَمُتْلِفُهُ فِي اقْتِنَائِهِ لِلِاسْتِعْمَالِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِشَيْءٍ فَالظَّاهِرُ قَبُولُ رَبِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا) أَيْ لِمَنْ يَكْسِرُهَا أَيْ أَوْ يَفْدِي بِهَا أَسِيرًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَهَا تُمْلَكُ إجْمَاعًا) كَذَا أَطْلَقَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَبَحَثَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْعَيْنِ جَوَازُ الْبَيْعِ بِالِاتِّفَاقِ وَبَحَثَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُقَابِلُ الصَّنْعَةَ شَيْءٌ مِنْ الْعِوَضِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُقَابَلَةِ فَلَا يَسْلَمُ هَذَا الْحُكْمُ لِلْبَاجِيِّ. (قَوْلُهُ وَالْمُمَوَّهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى الْمَنْعِ فِيمَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ وَمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَإِنَاءِ الْجَوْهَرِ إلَخْ) الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِلَّةِ مَنْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ لِأَجْلِ السَّرَفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنَعَ فِي الْجَوْهَرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَنْعَ لِأَجْلِ عَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَجَازَ فِي الْجَوْهَرِ اهـ. (قَوْلُهُ بِخُيُوطِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا أَلْجَأَتْهُ لِذَلِكَ حَاجَةٌ أَمْ لَا قَالَ فِي ك وَمَرْجِعُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ بِسُكُونِ اللَّامِ) أَيْ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَتْحَ اللَّامِ أَيْضًا وَجَمْعُهَا حِلَقٌ وَحَلَقَاتٌ وَعَلَى لُغَةِ الْإِسْكَانِ فَجَمْعُهَا حِلَقٌ وَحَلَقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا اهـ. ذَكَرَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُغَشَّى فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ، وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ فَالْقَوْلَانِ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَكِلَاهُمَا مُرَجَّحٌ، وَأَمَّا الْمُضَبَّبُ وَذُو الْحَلْقَةِ فَالْقَوْلَانِ فِيهِمَا بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا إنَاءُ الْجَوْهَرِ فَالْقَوْلَانِ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ لَكِنْ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ بِتَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ مَا يُحَرَّمُ عَلَى الذُّكُورِ وَمَا يُبَاحُ لَهُمْ، وَإِنْ شَارَكَهُمْ النِّسَاءُ فِي بَعْضِهِ كَمَا فِي اسْتِعْمَالِ الْأَوَانِي وَاقْتِنَائِهَا شَرَعَ الْآنَ يَذْكُرُ مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ فَقَالَ (ص) وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ اتِّخَاذُ مَا هُوَ مَلْبُوسٌ لَهَا أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ كَقُفْلِ الْجَيْبِ وَزِرِّ الثَّوْبِ وَلَفَائِفِ الشُّعُورِ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَمُحَلَّى بِهِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ النَّعْلِ لِلنِّسَاءِ وَمِثْلُهُ الْقَبْقَابُ مِنْ النَّقْدَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَعْلًا) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ حُرْمَةُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَلْبُوسِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَلْبُوسِ كَسَرِيرٍ وَمَكَاحِلَ وَمَرَايَا وَأَسِرَّةٍ جَمْعُ سَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اتِّخَاذُهُ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا كَسَرِيرٍ) وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ السَّرِيرِ لِرِجَالٍ وَلَا لِنِسَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُحَلًّى بِأَحَدِهِمَا وَكَذَا مِنْ حَرِيرٍ، وَأَمَّا الْفِرَاشُ كَالطَّرَارِيحِ وَالْمِخَدِّ فَيَجُوزُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِلنِّسَاءِ لِصِدْقِ لَفْظِ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهَا. وَلَمَّا فَرَغَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ وَالْمُتَنَجِّسِ وَكَانَ مِنْهُ مَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ إزَالَتِهَا وَمَا تُزَالُ بِهِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَقَالَ (فَصْلٌ) (ص) هَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ (ش) الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ كُلَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ لِلْمُصَلِّي مِنْ خُفٍّ وَسَيْفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي الْمُرِيدُ لِلصَّلَاةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ) لَا يَخْفَى مَا فِي بَعْضِهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِلْحِلِّ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحِلَّ الْأَوَّلَ نَاظِرٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ الْحِلُّ الْخَارِجُ خِلَافَهُ هَذَا غَايَةُ مَا يُجَابُ بِهِ عَنْ الْمُنَافَاةِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلَقَةِ الْجَوَازُ كَمَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا وَقَدْ تَبِعَ فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ عج وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلِّهَا بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ خِلَافًا لعج الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلَقَةِ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا مُرَجَّحٌ) لَمْ يَعْتَمِدْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُمَوَّهِ الْقِلَّةُ بِخِلَافِ الْمُغَشَّى وَكَذَا لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدُ مِنْ الْخِلَافِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْإِبَاحَةَ فِي الْمُمَوَّهِ وَالْمَنْعُ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَظْهَرَهُ فِي الْإِكْمَالِ وَذَكَرَ أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلَقَةِ الْمَنْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا اهـ. وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَخِيرِ الْجَوَازَ فَإِذَنْ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ لِبَيَانِ التَّرْجِيحِ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَكَانَ حَقُّهُ التَّعْبِيرَ بِتَرَدُّدٍ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ إذْ غَايَةُ مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ وَأُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ إلَخْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ تَرَدُّدٌ فِي كَلَامِي فَهُوَ إشَارَةٌ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ لَا أَنَّهُمْ مَتَى تَرَدَّدُوا فِي شَيْءٍ وَقَصَدَ أَنْ يَذْكُرَهُ يُشِيرُ لَهُ بِالتَّرَدُّدِ إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ هَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ حَرِيرًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَسَانِيدُ الْحَرِيرِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِّ كَذَا قَالَ عج وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ كَسَرِيرِ الْفِرَاشِ كَالْبِسَاطِ وَالْحَصِيرِ (قَوْلُهُ كَقُفْلِ الْجَيْبِ إلَخْ) مِثْلُ عِبَارَةِ تت فَإِنَّهُ وَكَذَا مَا يَجْرِي مَجْرَى اللِّبَاسِ مِنْ قُفْلٍ لِجَيْبٍ أَوْ زِرٍّ لِثَوْبٍ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْقُفْلِ وَالزِّرِّ أَيْ فَالْمُرَادُ الْقُفْلُ الْمَعْرُوفُ وَالزِّرُّ وَالْقُفْلُ بِضَمِّ الْقَافِ جَمْعُهُ أَقْفَالٌ (قَوْلُهُ وَلَفَائِفِ الشُّعُورِ) قَالَ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا يَلْفُفْنَ فِيهِ شُعُورَهُنَّ لَا الْمُشْطُ اهـ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَيْسَ إشَارَةً لِخِلَافٍ بَلْ إنَّمَا هُوَ لِرَفْعِ التَّوَهُّمِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْحَطَّابُ وَأَشَارَ بِلَوْ لِلْخِلَافِ إلَّا أَنَّ شَأْنَ بَهْرَامَ فِي الْوَسَطِ يَحْكِي الْمُقَابِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا قَوْلًا مُقَابِلًا فَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْحَطَّابِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَسَرِيرٍ إلَخْ) الْقَصْدُ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ وَلَوْ فِي فَرْدٍ فَلِذَلِكَ جُمِعَ تَارَةً وَأُفْرِدَ أُخْرَى وَقَوْلُهُ وَأَسِرَّةٍ جَمْعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَرِيرٍ الْمُفْرَدِ إشَارَةٌ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَأَسِرَّةٍ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَسَرِيرٍ فَلَا دَاعِي إلَى ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ لَا كَسَرِيرٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّرِيرَ لَا يُعَدُّ مَلْبُوسًا إنَّمَا هُوَ بِمَثَابَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا مِنْ حَرِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ السَّرِيرَ إذَا كَانَ مِنْ حَرِيرٍ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُرْمَةَ عَلَى الرِّجَالِ فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا كَسَرِيرٍ قُفْلُ الصُّنْدُوقِ وَالْمِرْوَحَةُ وَمَا اُتُّخِذَ فِي جُدْرَانٍ وَسُقُوفٍ وَأَخْشَابٍ وَأَغْشِيَةٍ لِغَيْرِ قُرْآنٍ وَفِي الْحَطَّابِ خِلَافُهُ قَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ تَزْوِيقُ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَشْغَلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ وَرَأَيْت ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْقَيْرَوَانِ وَقَدْ مَرَّتْ عَلَيْهِ قُرُونٌ لَمْ نَسْمَعْ فِيهِ مَنْ يُنْكِرُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي جَامِعِ الزَّيْتُونَةِ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ فَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ إنَّ الْوُلَاةَ هُمْ الَّذِينَ وَضَعُوهُ وَجُدِّدَ فِي وَقْتِ إمَامَتِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَكْرُوهًا اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة] (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) قَالَ الْحَطَّابُ يَنْبَغِي إعْدَادُ ثَوْبٍ لِلْخَلَاءِ وَلِلْجِمَاعِ إنْ قَدَرَ وَفِي بِمَعْنَى مِنْ أَوْ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ التَّطْهِيرَ كَمَا يَصْدُقُ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ يَصْدُقُ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ وَمَا تُزَالُ بِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِمُرِيدِ لِلصَّلَاةِ) ارْتَكَبَ الْمَجَازَ أَيْ الْمَجَازَ الْمُرْسَلَ أَوْ الْمَجَازَ بِالْحَذْفِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى أَنَّ مُخَاطَبَتَهُ بِالْإِزَالَةِ إنَّمَا تَكُونُ إذَا تَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّانِي إفَادَةُ أَنَّ مَنْ لَا يُرِيدُهَا لَهُ حُكْمٌ آخَرُ، وَهُوَ إنْ أَرَادَ الطَّهَارَةَ لِطَوَافٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي يَدِهِ فَإِزَالَتُهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ إزَالَتُهَا وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَعَلَيْهِ فَالتَّلَطُّخُ بِهَا حَرَامٌ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَعَلَيْهِ فَالتَّلَطُّخُ بِهَا مَكْرُوهٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ، وَأَمَّا هُوَ فَالتَّلَطُّخُ بِهِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ قَدْ تَعُمُّ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَالْمُرَادُ كُلُّ مُصَلٍّ. (تَنْبِيهٌ) : تَعَمُّدُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِالنَّجَاسَةِ مَمْنُوعٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 إزَالَةِ النَّجَاسَةِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ مَحْمُولِ الْمُصَلِّي وَمَا بَعْدَهُ فَقِيلَ وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَيَأْتِي فَائِدَةُ الْخِلَافِ. (ص) وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ يُطْلَبُ إزَالَتُهَا عَنْ ثَوْبِ الْمُصَلِّي وَعَنْ كُلِّ مَا هُوَ حَامِلٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ طَرَفُ ذَلِكَ الثَّوْبِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَوْ نَحْوِهِ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُعَدُّ حَامِلًا لِذَلِكَ فِي الْعُرْفِ بِخِلَافِ الْحَصِيرِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الثَّوْبَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُلْبَسُ فِي الْوَسَطِ وَعَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلِكُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمٌ خَاصٌّ. (ص) وَبَدَنِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى ثَوْبٍ يَعْنِي أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مَطْلُوبَةٌ عَنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي الظَّاهِرِ وَمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ كَمُكْتَحِلٍ بِمَرَارَةِ خِنْزِيرٍ فَيَغْسِلُ دَاخِلَ عَيْنَيْهِ وَيَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ صِمَاخَيْهِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ فَإِنَّ دَاخِلَ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ الْبَاطِنِ، وَأَمَّا بَاطِنُ الْجَسَدِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِمَّا مَقَرُّهُ الْمَعِدَةُ وَلَمْ يُسْتَدْخَلْ بَلْ تَوَلَّدَ فِيهَا فَلَا حُكْمَ لَهُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَفِيمَا أُدْخِلَ فِيهَا كَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ نَجَسًا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ يُعِيدُ شَارِبُ قَلِيلِ الْخَمْرِ لَا يُسْكِرُهُ صَلَاتَهُ أَبَدًا مُدَّةَ مَا يُرَى بَقَاؤُهُ فِي بَطْنِهِ وَالْإِلْغَاءُ لِلتُّونِسِيِّ إذَا حَفِظَ ثَوْبَهُ وَفَمَه مِنْ النَّجَاسَةِ وَتَقَايَأَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ تَابَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّقَايُؤُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَصَاحِبِ السَّلَسِ وَكَمَنْ اسْتَدَانَ لِفَسَادٍ وَتَابَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ صَارَ عَاجِزًا وَالْعَاجِزُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ قِيلَ أَبْطَلْنَاهَا لِإِدْخَالِهِ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَضَعَ عَلَى ظَاهِرِ جَسَدِهِ مَثَلًا نَجَاسَةً، ثُمَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الشَّاطِّ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ. (ص) وَمَكَانِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى ثَوْبٍ يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ يُطْلَبُ إزَالَتُهَا عَنْ مَكَانِ الْمُصَلِّي أَيْضًا وَالْمُعْتَبَرُ مِنْهُ مَوْضِعُ قِيَامِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ وَمَوْضِعُ كَفَّيْهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا كَانَ أَمَامَهُ أَوْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ أَوْ بَيْنَ   [حاشية العدوي] مَانِعٌ مِنْ عَقْدِهَا وَلَا تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَنْ افْتَتَحَهَا مُحْدِثًا ذَكَرَهُ فِي ك. (تَنْبِيهٌ) : أَرَادَ بِالْمُصَلِّي مَا يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْخِطَابُ بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّهِ خِطَابُ تَكْلِيفٍ وَبِالنِّسْبَةِ لَهُ خِطَابُ وَضْعٍ إذْ هُوَ شَرْطٌ فَيُخَاطَبُ بِهِ الصَّغِيرُ لِاعْتِبَارِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِيهِ كَالْبَالِغِ. (قَوْلُهُ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ) قَالَ فِي ك وَتَقْيِيدُنَا طَرَفَ الْعِمَامَةِ بِكَوْنِهِ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ يُؤْخَذُ مِنْ الْإِغْيَاءِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَحْسُنْ الْإِغْيَاءُ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَ الْمَحْمُولَ لَهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ غَيْرَ طَرَفِ عِمَامَتِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ طَرَفُ عِمَامَتِهِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ طَرَفُ الثَّوْبِ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْحَقِيقَةَ الْمَعْرُوفَةَ فَأَطْلَقَ ثَوْبَ وَأَرَادَ بِهِ لَازِمَهُ، وَهُوَ الْمَحْمُولُ كَذَا قِيلَ أَوْ نَقُولُ أَطْلَقَ الْخَاصَّ وَأَرَادَ الْعَامَّ قَالَ فِي ك، فَإِنْ قِيلَ الْمُؤَلِّفُ مُتَصَوِّرٌ حُكْمَ الْإِزَالَةِ فِي ذِهْنِهِ فَمَا فَائِدَةُ الِاسْتِفْهَامِ يُقَالُ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِفِ عَلَى الْكِتَابِ أَوْ جَرَّدَ شَخْصًا مِنْ نَفْسِهِ وَخَاطَبَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمٌ خَاصٌّ) نَصَّ الْأَبِيُّ إنْ كَانَ فِي الْوَسَطِ فَإِزَارٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ فَهُوَ رِدَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الرَّأْسِ فَهُوَ خِمَارٌ وَعِمَامَةٌ. (قَوْلُهُ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ) فَإِذَا دَمَى فَمُهُ فَمَجَّ الرِّيقَ حَتَّى انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ يَطْهُرْ بِذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ دَمُ رُعَافٍ أَوْ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ أَنْفِهِ وَإِذَا أَصَابَ أُذُنَيْهِ نَجَاسَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ صِمَاخَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا حَفِظَ ثَوْبَهُ وَفَمَه) أَيْ بِالْغَسْلِ أَوْ بِصَبِّ الْخَمْرِ فِي آلَةٍ أَدْخَلَهَا فَمَه بِحَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ ابْتِدَاءً انْصَبَّ فِي الْحَلْقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ التَّقَايُؤِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا تَابَ أَمْ لَا فَذِكْرُ التَّوْبَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْكَمَالِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ التَّقَايُؤِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِوُجُوبِ التَّقَايُؤِ عَلَى مَنْ شَرِبَ خَمْرًا (قَوْلُهُ كَصَاحِبِ السَّلَسِ) أَيْ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ رَفْعِ عُذْرِهِ وَقَوْلُهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ أَيْ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْبَةِ فِي هَذَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ عَاجِزًا هَذِهِ الْعِلَّةُ حَاصِلُ قَوْلِهِ كَصَاحِبِ السَّلَسِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ عَاجِزًا) لَا يُقَالُ هُوَ قَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْذُورًا كَمَنْ أَرَاقَ وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ قَالَ فِي ك وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ كَعَاجِزٍ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ مُقْتَضَى جَعْلِهَا كَنَجَاسَةِ الظَّاهِرِ وَذَكَرَ فِي ك أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لِغُصَّةٍ أَوْ ظَنَّهُ غَيْرَهُ وَقَدَرَ عَلَى تَقَايُئِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ كَمَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ بِظَاهِرِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ، ثُمَّ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِ الصَّلَاةِ وَصَلَّى بِهَا مُتَعَمِّدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِدْخَالَ عِلَّةٌ لِلْإِبْطَالِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الشَّاطِّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ. (تَتِمَّةٌ) ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْخَمْرِ يُشْرَبُ شَرِبَهُ لِغُصَّةٍ أَوْ لِظَنِّهِ غَيْرَهُ أَوْ أُكْرِهَ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَقَيَّأْهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَصَلَّى بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ بِظَاهِرِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ، ثُمَّ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَصَلَّى بِهَا مُتَعَمِّدًا وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِضَرُورَةٍ وَفِي عج مَيْلٌ لِلْأَوَّلِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الضَّرُورَةَ زَالَتْ فَلَا تَتَعَدَّى الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ مَوْضِعُ قِيَامِهِ) يَقْتَضِي صِحَّةَ صَلَاةِ الْمُومِي لِسُجُودِهِ بِمَحَلٍّ بِهِ نَجَاسَةٌ وَمَنْ صَلَّى بِجَنْبِ مَنْ بِثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ، فَإِنْ جَلَسَ عَلَيْهَا وَلَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ أَوْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَصْدُقُ قَوْلُنَا وَإِلَّا فَلَا بِسُقُوطِ بَعْضِ ثَوْبٍ نَجِسٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ وَمَحْمُولٌ لِلَابِسِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 رُكْبَتَيْهِ أَوْ قُدَّامَ أَصَابِعِهِ وَمُحَاذِي صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ مِنْ ثَقْبٍ أَسْفَلَ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَكَثِيرًا مَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ رِيشِ الْحَمَامِ فَيَتَجَافَى عَنْهُ بِصَدْرِهِ وَيَسْجُدُ وَيَصِيرُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَوَجْهِهِ. (ص) لَا طَرَفِ حَصِيرِهِ (ش) إمَّا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى ثَوْبٍ وَإِمَّا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى طَرَفٍ، فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا إنْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ حَصِيرِهِ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْجَوَابُ أَنْ لَا إنَّمَا تُشْرَكُ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ قَرَأْنَاهُ بِالْجَرِّ لَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَرَأْنَا بِالنَّصْبِ قَدَّرْنَا فِي طَرَفِ مَلَابِسَ لَا ثَوْبٍ؛ لِأَنَّ الْحَصِيرَ لَيْسَ بِثَوْبٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُلَابِسُ الْمُصَلِّي طَرَفَ عِمَامَتِهِ لَا إنْ كَانَ مَلَابِسُ الْمُصَلِّي طَرَفَ حَصِيرِهِ أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَوْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَطَرَفِ حَصِيرِهِ يَشْمَلُ طَرَفَهُ الطُّولِيَّ وَالْعَرْضِيَّ وَالسُّمْكِيَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ أَيُّ جِهَةٍ كَانَ وَقَوْلُهُ (سُنَّةٌ) خَبَرُ إزَالَةُ ذَكَرٍ وَقُدِّرَ أَوَّلًا وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدِرَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ وُجُوبُ شَرْطٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ قَوْلِهِ شَرْطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَقَيْدُ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي السُّنَّةِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ وَانْظُرْ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ وَالرَّدَّ عَلَى الْحَطَّابِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَصِيرَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ دُونَ الْمَعْنَى) ، وَهُوَ الثَّوْبِيَّةُ وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْحُكْمُ، وَهُوَ فِي الْمَقَامِ طَلَبُ الْإِزَالَةِ إلَّا الثَّوْبُ الَّتِي هِيَ الْمَوْضُوعُ فَيَتَعَيَّنُ تَعَلُّقُ الثَّوْبِ بِالْمَعْطُوفِ فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ قَدَّرْنَا فِي طَرَفِ مُلَابِسٍ) لَا تَقْدِيرَ أَصْلًا بَلْ إنَّمَا يُرْتَكَبُ الِاسْتِخْدَامُ بِأَنْ يُقَالَ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ لَا بِمَعْنَى الْمَحْمُولِ بَلْ بِمَعْنَى الْمُلَابِسِ فَيَتَسَلَّطُ إذَنْ عَلَى الْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ طَرَفُ حَصِيرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ حَرَكَتِهِ فَتَضَرَّرَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ السُّمْكِيِّ فَإِنَّهَا تَضُرُّ وَيَنْبَنِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَسْأَلَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالْهَيْدُورَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ النَّجَاسَةُ بِأَحَدِ وَجْهَيْهَا دُونَ الْآخَرِ فَصَلَّى عَلَى الطَّاهِرِ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّمْكِ فَالطَّرَفُ الْآخَرُ كَانَ مُلَاصِقًا لَهُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطُّولِ فَلَا يَأْتِي قَوْلُهُ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ إلَّا إذَا كَانَ جَالِسًا عَلَى طَرَفِ الطُّولِ فَيَكُونُ مَصْدُوقُ قَوْلِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا كَانَ جَالِسًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ بَيْنَ طَرَفَيْ الطُّولِ بِحَيْثُ يَكُونُ طُولٌ خَلْفَهُ وَطُولٌ أَمَامَهُ فَلَا يَأْتِي هُنَا وَالطَّرَفُ الْآخَرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَرْضِ لَا يَأْتِي مَا قَالَهُ إلَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ عَلَى طَرَفَيْ الْعَرْضِ فَيَكُونُ مَصْدُوقُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا كَانَ جَالِسًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الْعَرْضِ يَكْتَنِفُهُ طَرَفُ الْعَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَاجِبَةٌ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحَدُ إطْلَاقَيْنِ لِلْوَاجِبِ فَيَشْمَلُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلِّي النَّفْلِ وَعَنْ ثِيَابِ الصَّبِيِّ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَأَقُولُ وَالْأَحْسَنُ فَيَشْمَلُ ثِيَابَ الصَّبِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ لَوْ صَلَّى النَّافِلَةَ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا يَأْثَمُ (قَوْلُهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدِرَ) أَيْ بِوُجُودٍ مُطْلَقٍ يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان يَنْتَقِلُ إلَيْهِ طَاهِرًا وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا قَادِرًا وَالْحُكْمُ السُّنِّيَّةُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفُ يُتَصَوَّرُ التَّكْلِيفُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الْأَوَّلِ وَلِكَوْنِهِ مَعَ الثَّانِي مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَأَقْرَبُ مَا يُقَالُ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَمَّا وَقَعَ فِيهَا خَلَلٌ مِنْ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ لَا يُطْلَبُ تَرْكُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفَّفَ الطَّلَبُ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ ابْتِدَاءً لِيَتَدَارَكَ إصْلَاحَهَا مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدِرَ أَوْ تَذَكَّرَ خُوطِبَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ بِخِطَابٍ جَدِيدٍ وَالْإِعَادَةُ تُطْلَبُ مِنْهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ أَيْ وَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَيْنَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْحَطَّابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّعْبِيرِ وَنَصُّهُ قُلْت، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ اخْتِلَافٌ فِي الْمَعْنَى تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِحُكْمِهَا أَوْ جَاهِلًا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ وَقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَذَكَرَ كَلَامَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْ الشُّيُوخِ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ. وَهَذَا الْجَوَابُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِخِلَافٍ إلَى اخْتِلَافٍ فِي التَّشْهِيرِ لَا لِاخْتِلَافٍ فِي التَّعْبِيرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيمَ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لِلتَّلَاعُبِ وَالتَّهَاوُنِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالسُّنَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَتَغَايَرَا تَغَايُرًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ (أَقُولُ) وَقَوْلُهُمْ لِلتَّلَاعُبِ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ إذْ التَّرْكُ عَمْدًا لَا يَسْتَلْزِمُ التَّلَاعُبَ وَالتَّهَاوُنَ وَالِاسْتِخْفَافَ وَقَالَ عج وَقَوْلُ الْحَطَّابِ إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَاجِبَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ كَذَا فِي ك وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ قَيَّدَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ الْمُشَهِّرَ لِلسُّنِّيَّةِ قَيَّدَهَا بِهِمَا أَيْضًا فَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَفْعَ النَّجَاسَةِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ سُنَّةٌ لَا فَرِيضَةٌ فَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ص) وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ (ش) أَيْ، وَإِنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ إمَّا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَهَا أَوْ صَلَّى بِهَا عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ، وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ إلَى الِاصْفِرَارِ، وَفِي الْعِشَاءَيْنِ إلَى الْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لِلِاصْفِرَارِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدُّرَرِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الظُّهْرَيْنِ بِالذِّكْرِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنْ يُعَادَ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا أَنَّ الْعِشَاءَيْنِ يُعَادَانِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا هِيَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ فَأَشْبَهَتْ التَّنَفُّلَ فَكَمَا لَا يُتَنَفَّلُ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ فِيهِ مَا يُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَكَمَا جَازَ التَّنَفُّلُ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ جَازَتْ الْإِعَادَةُ فِيهِ اهـ. وَاعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا هِيَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ وَبِأَنَّ كَرَاهَةَ النَّافِلَةِ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ بَلْ تُكْرَهُ النَّافِلَةُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعَادَ الصُّبْحُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَجَزَمَ بِهَذَا الْفِعْلِ ابْنُ الْكَدُوفِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصُّبْحَ تُعَادُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ كَرَاهَةَ النَّافِلَةِ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَشَدُّ مِنْهَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ قَبْلَهُ وَكَرَاهَتِهِمَا بَعْدَهُ وَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَتْ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ أَشْبَهَتْ النَّافِلَةَ فَمُنِعَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ أَشَدُّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ وَالصُّبْحِ بِأَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الصُّبْحِ قَدْ قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ وَقْتٌ مُخْتَارٌ لِلصُّبْحِ وَأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُ (خِلَافٌ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَيْ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ. (ص) وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ سُقُوطَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُصَلِّي وَلَوْ مَأْمُومًا مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِ وَلَوْ نَفْلًا يُرِيدُ وَلَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ النَّجَاسَةُ مَكَانَهَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ   [حاشية العدوي] نَجِسٍ عِنْدَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِالنَّجَاسَةِ أَوْ مُضْطَرًّا إلَى الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ صَلَّى بِهَا عَالِمًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ أَبَدًا لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ عَامِدًا انْتَهَى وَمَعْنَى الْجَهْلِ الثَّانِي الْجَهْلُ بِالْحُكْمِ وَانْتَصَرَ مُحَشِّي تت لِشَارِحِنَا وَاعْتَرَضَ عَلَى عب وعج فَقَالَ يَبْعُدُ كَوْنُهُ شَرْطًا فِي سُنَّةِ تَفْرِيعِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ إذْ لَوْ كَانَ شَرْطًا فِي سُنَّةٍ أَيْضًا لَاقْتَضَى أَنَّهُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ لَيْسَ سُنَّةً وَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِلْإِعَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَا قَالَ الْحَطَّابُ وَعَبْدُ الْبَاقِي أَيْ فِي كَوْنِهِ رَاجِعًا لَهُمَا لَا مُسْتَنَدَ لَهُ وَقَوْلُ عب؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ الْمُشَهِّرَ لِلسُّنِّيَّةِ قَيَّدَهَا بِهِمَا أَيْضًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِمَا كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ وَإِنَّمَا فَصَّلَ فِي الْإِعَادَةِ فَقَطْ انْتَهَى كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ) وَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ فِي أَحَدِهِمَا اخْتَصَّ الْوَقْتُ بِالْأَخِيرَةِ وَمِثْلُ الظُّهْرِ الْجُمُعَةُ فَتُعَادُ لِلِاصْفِرَارِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ تُعَادُ جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَهَلْ تُعَادُ ظُهْرًا أَوْ لَا تُعَادُ أَصْلًا قَوْلَانِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَلَا تُعَادُ ظَاهِرًا قَطْعًا هَلْ تُعَادُ جُمُعَةً أَوْ لَا وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ (فَإِنْ قُلْت) هَلْ الْعِبْرَةُ بِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ رَكْعَةٍ مِنْهَا (قُلْت) يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَتَوَهَّمَ الْعَمَلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ) وَلَوْ صَلَّى الْوِتْرَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا وَقَدْ قَالُوا فِي الْمَغْرِبِ أَنَّهَا تُعَادُ وَعَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ يُعَادُ الْوِتْرُ أَمْ لَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُعَادُ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ الْكَائِنَ فِي الْعِشَاءِ سَرَى إلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ) وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ لِلْغُرُوبِ بَلْ أَبَدًا (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ كَرَاهَةَ النَّفْلِ لَيْسَتْ خَاصَّةً إلَخْ) أَيْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ كَرَاهَةُ النَّفْلِ لَمَا أُعِيدَتَا بَعْدَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ لِمَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ) أَيْ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تُعَادَ الصُّبْحُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ) أَيْ دُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَافِلَةَ تُفْعَلُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَتُفْعَلُ كَالْوِرْدِ لِنَائِمٍ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهَذَا) أَيْ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ الْكَدُوفُ) بِخَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَتْحَةٌ عَلَى الْكَافِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ) تَعْلِيلٌ لِبُطْلَانِ التَّالِي وَالتَّقْدِيرُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تُعَادَ الصُّبْحُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَهَذَا اللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا تُعَادُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الثَّانِي (ثُمَّ أَقُولُ) مُسَلَّمٌ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَشَدُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فَأَشْبَهَتْ النَّفَلَ أَيْ الْمُؤَكَّدَ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ وَالْإِعَادَةُ مِنْ قَبِيلِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي التَّأَكُّدِ فَتُفْعَلُ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ أَشْبَهَتْ النَّافِلَةَ) أَيْ الْمُؤَكَّدَةَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الصُّبْحِ قَدْ قِيلَ إلَخْ) أَقُولُ أَنَّ الْوِرْدَ لَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ لَكِنْ حَقُّ كَوْنِ وَقْتِ الصُّبْحِ مُسْتَمِرًّا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ الْوِرْدَ كَانَ يُفْعَلُ إلَى الطُّلُوعِ كَالْإِعَادَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِقُوَّةِ الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ النَّجَاسَةُ مَكَانَهَا) قَالَ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا إذَا سَقَطَتْ مِنْ مَكَان عَلَى بَدَنِ الْمُصَلِّي وَسَقَطَتْ مِنْ حِينِهَا كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى كَتِفِهِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَعَمِّدٍ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ بَلْ هُوَ مَغْلُوبٌ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْإِزَالَةِ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ مَشَايِخُهُ انْتَهَى وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقَالُوا بِعَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِسُقُوطِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ عِبَارَةُ الْحَطَّابِ بِالْحَرْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 نَزْعُهَا أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَسَوَاءٌ نَزَعَهَا أَمْ لَا. (ص) كَذِكْرِهَا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ مَأْمُومًا سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ نَزْعُهَا وَنَزَعَهَا أَوْ لَا وَيَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ، فَإِنْ رَآهَا بَعْضُ مَأْمُومِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَرَاهُ إيَّاهَا، وَإِنْ بَعُدَ مِنْهُ كَلَّمَهُ وَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ وَلَوْ هَذَا الَّذِي رَآهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْبِرْهُ إلَّا بَعْدَ مَا صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا وَالْبُطْلَانُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِسِعَةِ الْوَقْتِ، وَهُوَ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ بَعْدَ إزَالَتِهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ هُنَا الضَّرُورِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَانْظُرْ وَجْهَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) لَا قَبْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَأَى النَّجَاسَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا حَتَّى فَرَغَ فَلَا أَثَرَ لَهُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. (ص) أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ تَحْتَ النَّعْلِ وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ فَخَلَعَ النَّعْلَ وَصَلَّى فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَمَّا كَانَتْ النَّعْلُ شَدِيدَةَ الِالْتِصَاقِ بِالرِّجْلِ طُلِبَ خَلْعُهَا فَلَمْ تَكُنْ كَالْحَصِيرِ وَانْظُرْ هَلْ الْخَلْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَوْرًا، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْفَاءِ وَانْظُرْ وَلَوْ لَمْ يَخْلَعْهَا مَنْ فَرْضُهُ الصَّلَاةُ إيمَاءً هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ فَهُوَ كَظَهْرِ حَصِيرٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ سَجَدَ بِالْفِعْلِ كَوُجُوبِ حَسْرِ عِمَامَتِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ نَاسِيًا لِلنَّجَاسَةِ فِي أَسْفَلِ نَعْلِهِ كَمَا يُعْطِيهِ قَوْلُ تت أَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَنَسِيَهَا، ثُمَّ ذَكَرَهَا فَخَلَعَهَا أَوْ لَا مَفْهُومَ لِنَسْيِهَا تَأَمَّلْهُ. (ص) وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمُخَفَّفَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا فَذَكَرَ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا يَعْسُرُ   [حاشية العدوي] أَيْ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا اسْتَقَرَّتْ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى عب تَبَعًا لعج فَقَالَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ أَنْ تَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ أَوْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَأَنْ لَا تَكُونَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهَا، وَأَنْ يَجِدَ لَوْ قَطَعَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ يَلْبَسُهُ، وَأَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا بِأَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُ بَعْدَ إزَالَتِهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِلَّا تَمَادَى ثُمَّ إذَا تَمَادَى فِي الِاخْتِيَارِيِّ فَهَلْ يُعِيدُهَا بَعْدُ بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ فَالظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ لِلْفَجْرِ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ. الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مَلْبُوسًا أَوْ مَحْمُولًا لَا لِغَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ. (قَوْلُهُ كَذِكْرِهَا فِيهَا) وَمِثْلُ ذِكْرِهَا فِيهَا عِلْمُهُ بِهَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ قَبْلُ فَلَوْ قَالَ كَعِلْمِهِ بِهَا فِيهَا لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَذِكْرِهَا فِيهَا سَوَاءٌ نَسِيَهَا بَعْدَ الذِّكْرِ أَمْ لَا إذْ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ تَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ) أَيْ بَلْ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا إلَّا أَنْ يُقَالَ عِلْمُ مَأْمُومِهِ كَعِلْمِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ لِقَوْلِهِمْ فِي الرُّعَافِ إذَا لَمْ يَرْجُ انْقِطَاعَ الدَّمِ قَبْلَ خُرُوجِ الْمُخْتَارِ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ وَيَكُونُ عَاجِزًا فَإِذَا كَانَ يَبْتَدِئُهَا بِالنَّجَاسَةِ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَأَوْلَى أَنْ يَتَمَادَى فِيهَا ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ مَا هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ غَيْرَهُ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ السُّقُوطِ وَالذِّكْرِ. (قَوْلُهُ وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ كَمَنْ ذَكَرَ نَجَاسَةً فِي الصَّلَاةِ فَقَطَعَهَا وَذَهَبَ لِيَغْسِلَهَا فَنَسِيَ وَصَلَّى بِهَا ثَانِيًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَنَدٌ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ كَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا ابْتِدَاءً، وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ فِيهَا فَهَمَّ بِالْقَطْعِ، ثُمَّ نَسِيَ فَتَمَادَى لَبَطَلَتْ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي عب تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِعُذْرِهِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِيُسْرِ الدِّينِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْخَلْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَوْرًا) أَقُولُ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ لَمَّا كَانَتْ شَدِيدَةَ الِالْتِصَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ هَلْ تَصِحُّ إلَخْ) مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ سَجَدَ) لَا يُنَاسِبُ هَذَا بَعْدَ أَنْ عَلِمْت أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تَكُنْ مُتَعَلِّقَةً بِالرِّجْلِ (قَوْلُهُ كَوُجُوبِ حَسْرِ عِمَامَتِهِ) تَشْبِيهٌ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا تَصِحُّ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَلْعُهَا كَمَا يَجِبُ حَسْرُ عِمَامَتِهِ (قَوْلُهُ هَلْ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ نَاسِيًا إلَخْ) أَقُولُ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ نَاسِيًا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَهُمْ وَحَلَّهُ أَيْضًا ابْنُ قَاسِمٍ بِقَوْلِهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ فِي أَسْفَلِ النَّعْلِ فَخَلَعَ النَّعْلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَوَقَفَ عَلَيْهَا وَصَلَّى فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالنَّجَاسَةِ الَّتِي بِبَاطِنِ الْحَصِيرِ قَالَ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَخَلَعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ إذْ النَّعْلُ كَالثَّوْبِ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَ مُحَلًّى كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْحَلُّ أَيْضًا ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالنَّعْلِ، ثُمَّ خَلَعَ النَّعْلَ مَا لَمْ يَحْمِلْ النَّعْلَ بِرِجْلِهِ فَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَأَفَادَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ نَاسِيًا أَمْ لَا خِلَافًا لتت الْمُقَيَّدِ بِالنِّسْيَانِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فَوْرِيَّةَ الْخَلْعِ فَإِنَّ مَنْ فَرْضُهُ الصَّلَاةُ إيمَاءً تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْلَعْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا حَرَّكَهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا فَحَكَمَ ابْنُ قَدَّاحٍ بِالْبُطْلَانِ وَغَيْرُهُ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّعْلِ يَنْزِعُهُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالثَّوْبُ تَبْطُلُ وَلَوْ طَرَحَهُ أَنَّ الثَّوْبَ حَامِلٌ لَهُ وَالنَّعْلَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ وَالنَّجَاسَةُ فِي أَسْفَلِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَسَطَ عَلَى النَّجَاسَةِ حَائِلًا كَثِيفًا انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَسَطَ تَنْظِيرٌ فِي الْجُمْلَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَهَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ عَدَمُ خَلْعِهَا يُوجِبُ حَمْلَهَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْهُ كَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ إيمَاءً قَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 الِانْفِكَاكُ عَنْهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ كَالْإِحْدَاثِ وَلَمْ يَقُلْ أَحْدَاثٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ مَقْصُورٌ عَلَى حُصُولِ جَمْعٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْجِنْسُ لِيَعُمَّ سَائِرَهَا، ثُمَّ وَضَّحَ هَذَا الْكُلِّيَّ بِجُزْئِيٍّ بِقَوْلِهِ (كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ الْمُسْتَنْكِحَ بِحَدَثٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ كَبَوْلٍ وَنَحْوِهِ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ وَيُبَاحُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْشَ تَلَطُّخَهُ فَيُمْنَعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَابِطَ الْمُسْتَنْكِحِ مَا فَسَرُّوهُ فِي بَابِ السَّهْوِ، وَهُوَ إتْيَانُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ لَا مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْإِحْدَاثِ وَذَا مِنْ بَابِ الْأَخْبَاثِ وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ ذَاكَ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَعُفِيَ إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ وَبَدَنِهِ لَا مَا عُفِيَ عَنْهُ وَبَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ لِلْعِلْمِ بِفَاعِلِهِ، وَهُوَ الشَّارِعُ وَالْعَفْوُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَوْلُهُ مُسْتَنْكِحٍ بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْقَاهِرُ لِلشَّخْصِ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ لَا بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَيْسَ قَاهِرًا لِلْحَدَثِ إلَّا أَنْ يُقْرَأَ بِالْإِضَافَةِ أَيْ كَحَدَثٍ شَخْصٍ مُسْتَنْكَحٍ. (ص) وَبَلَلِ بَاسُورٍ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ ثَوْبٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ نَجَاسَةِ بَلَلِ بَاسُورٍ بِالْمُوَحَّدَةِ أَعْجَمِيٌّ وَجَعٌ بِالْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخُرُوجُ الثَّآلِيلِ هُنَاكَ وَالثَّآلِيلُ جَمْعُ ثُؤْلُولٍ بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، ثُمَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهُوَ خُرُوجُ رَأْسِ الْعِرْقِ وَبِالنُّونِ عَرَبِيٌّ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا وَجَرَيَانُ مَادَّتِهَا وَالْعَفْوُ عَنْ مُصِيبِ مَا ذُكِرَ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ فِي ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ كَثُرَ الرَّدُّ أَمْ لَا فَقَوْلُ بَعْضٍ ثَوْبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى يَدٍ مُشَارِكٌ لَهُ فِي شَرْطِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَسَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِرَدِّهِ أَوْ لَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَصَرَّحَ بِفَاعِلِ الْكَثْرَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِلْبَلَلِ الْمُصِيبِ إذْ الْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الْإِصَابَةِ لَا بِكَثْرَةِ الْمُصِيبِ إذْ قَدْ يُصِيبُهُ كَثِيرٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي إزَالَتِهِ فَلَا عَفْوَ وَالْبَاسُورُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ بَلَلِ بَاسُورٍ أَوْ دُمَّلٍ أَوْ نَحْوِهِ مِثْلُ الثَّوْبِ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ كَالْيَدِ الَّتِي يَرُدُّ بِهَا. (ص) وَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ   [حاشية العدوي] فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ اللِّبَاسِ وَإِلَّا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا أَوْ دَخَلَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ خَلْعِهَا فَرْعُ تَذَكُّرِهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ) ، وَهُوَ الْمُلَازَمَةُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا الْمَشَقَّةُ (قَوْلُهُ كَالْأَحْدَاثِ) تَمْثِيلٌ لِمَا يُعْفَى عَنْهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحْدَاثَ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ وَقَوْلُهُ وَضَحَ هَذَا الْكُلِّيُّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَمَّا يَعْسُرُ (قَوْلُهُ كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) تَسْمِيَتُهُ حَدَثًا مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَنْكِحًا مَجَازٌ إذْ حَقِيقَتُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَى مَا ذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَوْلَ صَاحِبِ السَّلَسِ حَدَثٌ وَسُقُوطُ الْوُضُوءِ مِنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ ذَاكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ زَوَالُهُ وَغَسْلُهُ، وَأَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي، وَهُوَ أَنَّ لَازِمَ أَكْثَرِ الزَّمَنِ أَوْ نِصْفَهُ وَأَوْلَى كُلُّهُ لَا نَقْضَ وَلَا غَسْلَ. (قَوْلُهُ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ وَجَعٌ بِالْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَفْسَ الْوَجَعِ الَّذِي هُوَ التَّأَلُّمُ وَلَا التَّوَرُّمُ وَلَا الْخُرُوجُ بَلْ هُوَ نَفْسُ الْعِرْقِ (قَوْلُهُ هُنَاكَ) أَيْ الْكَائِنَةُ هُنَاكَ أَيْ الْمَقْعَدَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خُرُوجُ) فِي التَّعْبِيرِ بِخُرُوجٍ مُسَامَحَةٌ بَلْ هُوَ نَفْسُ الْعِرْقِ (قَوْلُهُ وَبِالنُّونِ) أَيْ فِي بَاسُورٍ أَيْ بِحَيْثُ يُؤْتَى بِالنُّونِ بَدَلَ الْبَاءِ (قَوْلُهُ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيهِ مُسَامَحَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْعُرُوقُ الْمُنْفَتِحَةُ أَيْ عُرُوقُ الْمَقْعَدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَطَّابُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُفِيدُ أَنَّ انْفِتَاحَ الْعُرُوقِ وَجَرَيَانَ الْمَادَّةِ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا كَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ. (تَنْبِيهٌ) : يُعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ النَّاسُورَ وَالْبَاسُورَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعُرُوقُ الْكَائِنَةُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَوْ جَسَدٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ ثَوْبٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فَفِي ك وَمِثْلُ الثَّوْبِ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ (قَوْلُهُ كَثُرَ الرَّدُّ أَمْ لَا) قَوْلُهُ أَنَّهُ يُلَازِمُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَاَلَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ إنَّمَا هُوَ الْكَثْرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثَرُ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ حَيْثُ قَيَّدَ بِاتِّصَالِ السَّيَلَانِ أَوْ عَدَمِ الِانْضِبَاطِ أَوْ الْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً عَلَى مَا حَلَّ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ (قَوْلُهُ وَالْبَاسُورُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدُّمَّلَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ مَشْرُوطًا فِيهِ الشَّرْطُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بَلْ لَا يُعْقَلُ فِيهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ) الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْخِرْقَةُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا فَلَمْ أَرَهُ فِي شَارِحٍ مِمَّا بِأَيْدِينَا وَلَكِنْ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثِقَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِذَلِكَ إلَّا بِتَوَثُّقٍ بِنَقْلٍ مِنْ سَمَاعِ مَشَايِخِهِ أَوْ نَقْلٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَا يَقُولُهُ مِنْ رَأْيِهِ وَفِي شَرْحِ شب وعب أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بِأَنْ يُلَازِمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَفِي ك وَالْكَثْرَةُ مَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَشَقَّةُ اهـ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ بِالْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَقَوْلُهُ أَوْ ثَوْبٍ أَيْ أَوْ جَسَدٍ أَيْ بِأَنْ يُلَازِمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمُلَازَمَةَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً سَوَاءٌ فِي الْيَدِ أَوْ الثَّوْبِ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَيْدُ الْكَثْرَةِ رَاجِعٌ لِإِصَابَةِ الْبَلَلِ لِلْيَدِ بِخِلَافِ مَا يُصِيبُ الثَّوْبَ فَهُوَ مِثْلُ مَا يُصِيبُ مِنْ الدُّمَّلِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَيَّدَ أَثَرَ الدُّمَّلِ بِمَا إذَا كَانَ يَشُقُّ بِأَنْ لَمْ يَنْضَبِطْ أَوْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ (أَقُولُ) وَإِذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يَظْهَرُ تَخْصِيصُ الشَّرْطِ بِالْيَدِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّحَادُ بِالْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ فِي كُلٍّ عَلَى مَا قَالَهُ شب وعب وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّ الْكَثْرَةَ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 تَجْتَهِدُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ أَيْ وَعُفِيَ أَيْضًا عَنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدِ جَزَّارٍ وَكَنَّافٍ يَجْتَهِدُ وَمُرْضِعَةِ وَلَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا إنْ اُضْطُرَّتْ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا حَالَ كَوْنِهَا أَيْضًا تَجْتَهِدُ فِي دَرْءِ الْبَوْلِ عَنْهَا فَإِذَا تَحَفَّظَتْ وَأَصَابَهَا مِنْ بَوْلِهِ شَيْءٌ اُسْتُحِبَّ لَهَا غَسْلُهُ إنْ تَفَاحَشَ وَلَا يَجِبُ فَالْعَفْوُ فِي عَدَمِ طَلَبِ النَّضْحِ مِنْهَا مَعَ الشَّكِّ فِي الْإِصَابَةِ وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ مَعَ التَّحَقُّقِ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ. (ص) وَنُدِبَ لَهَا ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلْمُرْضِعِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهَا ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ وَالدُّمَّلِ وَشَبَهِهِمَا لِاتِّصَالِ سَبَبِ عُذْرِهِمْ فَلَا يُمْكِنُهُمْ التَّصَوُّنُ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَجْدِيدِهِمْ الثَّوْبَ بِخِلَافِهَا وَلَمْ يُوجِبُوا اسْتِعْدَادَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَكَرَّرُ فَأَشْبَهَ حَالُهَا حَالَ الْمُسْتَنْكِحِ وَلِخِفَّةِ أَمْرِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. (ص) وَدُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ عَيْنِ الدَّمِ إذْ الْأَثَرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَلَوْ فَوْقَ الدِّرْهَمِ سَوَاءٌ كَانَ دَمَ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مِنْ الْجَسَدِ أَوْ خَارِجِهِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ أَوْ بَدَنِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا وَمَحَلُّ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْكَلَامِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّعَامِ فَإِنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ إذَا وَقَعَ فِي طَعَامٍ يُنَجِّسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا كَانَ قَدْرَ دِرْهَمٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَعَدَمُ الْعَفْوِ فِي الدِّرْهَمِ مُقَيَّدٌ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَثَرِ دُمَّلٍ إلَخْ. (ص) وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَمَّا دُونَ دِرْهَمٍ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ، وَأَمَّا مَا خَرَجَ مِنْ نَفْطِ الْجَسَدِ مِنْ نَارٍ أَوْ حَرٍّ فَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ إذَا لَمْ يُنْكَ وَتَخْصِيصُهُ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ لَا مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اغْتِفَارِ مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مِنْ الْبَوْلِ نَعَمْ أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَعْفُوَّاتِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ بَوْلِ الطُّرُقَاتِ إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ خُفٍّ مِثْلَ أَنْ تَزِلَّ الرِّجْلُ مِنْ النَّعْلِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ فَيُصِيبُهَا مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُخَالَطَةُ الْبَوْلِ لَهُ إذْ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَلِأَنَّ غُبَارَ الطَّرِيقِ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو عَنْهُ فَالِاحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهَا عَسِرٌ دُونَ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ. (ص) وَبَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ بَوْلِ فَرَسٍ قَلِيلًا كَانَ الْبَوْلُ أَوْ كَثِيرًا أَصَابَ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ إلَّا بَوْلٌ بَلْ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا يُضْطَرُّ إلَى ذَلِكَ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ.   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَكَنَّافٍ) نَازِحُ الْكَنِيفِ (قَوْلُهُ إنْ اُضْطُرَّتْ) رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْأُمِّ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا يُشْتَرَطُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ إنْ اُضْطُرَّتْ) الْمُرَادُ إنْ احْتَاجَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاضْطِرَارُ بَلْ الْمَدَارُ الْحَاجَةُ (قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِهَا أَيْضًا تَجْتَهِدُ) أَيْ فِي دَرْءِ الْبَوْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ بِأَنْ تَجْعَلَ لِلصَّغِيرِ خِرَقًا تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ بَوْلِهِ إلَيْهَا أَوْ تَنْجِيسِهِ عَنْهَا حَالَ الْبَوْلِ أَوْ تَجْعَلَ لَهُ مَكَانًا يَخُصُّهُ مَثَلًا ك وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ تَجْتَهِدَ حَالٌ؛ وَلِذَا قَالَ فِي ك وَأَعْرَبُوا تَجْتَهِدُ حَالًا مِنْ مُرْضِعَةٍ وَقَالُوا تَجِيءُ الْحَالُ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُضَافُ جُزْءًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ كَجُزْئِهِ كَمَا هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ كَجُزْئِهِ أَنْ يَصِحَّ حَذْفُهُ وَيُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ نَحْوَ {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] وَعِنْدِي لَوْ أُعْرِبَ صِفَةً سَلِمَ مِنْ هَذَا التَّكَلُّفِ وَمِنْ إيرَادِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ أَشَارَ لِذَلِكَ السَّنْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ فِي دَرْءِ الْبَوْلِ) عِبَارَاتُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِي الْبَوْلِ وَصَرَّحَ ابْنُ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْغَائِطِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ. لَكِنْ عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ثَوْبَ الْمُرْضِعِ لَا يَخْلُو مِنْ إصَابَةِ بَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لِاتِّصَالِ سَبَبِ عُذْرِهِمْ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ دُونَ دِرْهَمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِمَائِعٍ حَيْثُ كَانَ دُونَ الدِّرْهَمِ فَلَوْ كَانَ دُونَ الدِّرْهَمِ مُخَالِطًا لِمَاءٍ فَصَارَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَمَعْنَى دُونَ دِرْهَمٍ أَيْ دُونَ مِسَاحَةِ دِرْهَمٍ يَعْنِي وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَمِّيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ دُونَهُ فِي الْمِسَاحَةِ، وَهُوَ قَدْرُهُ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْكَمِّيَّةِ كَنُقْطَةٍ ثَخِينَةٍ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لَا عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ دَمَ نَكِرَةٌ وَمَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ ضَعِيفٌ أَيْ أَطْلَقَ مُطْلَقًا أَيْ أَطْلَقَ الْحُكْمَ فِيهِ إطْلَاقًا دُونَ تَقْيِيدٍ وَدُونَ مَنْصُوبٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ نَجِسٍ دُونَ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ إذْ الْأَثَرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) الرَّاجِحُ أَنَّ الْأَثَرَ وَالْعَيْنَ سَوَاءٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْجَسَدِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ جَسَدِهِ أَوْ خَارِجِهِ إذْ الدَّمُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ) وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ إنْ احْتَاجَ لَهُ وَارْتَضَى شَيْخُنَا الصَّغِيرُ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ الِاحْتِيَاجُ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ وَلِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمُكْثِ فِيهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الدِّرْهَمِ. (قَوْلُهُ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا؛ لِأَنَّهُمَا أَقْذَرُ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْعَفْوِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ أَصَابَ ثَوْبَهُ إلَخْ) قَالَ فِي ك يُصِيبُ الثَّوْبَ الَّذِي عَلَيْهِ لَا ثَوْبًا لَيْسَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا بَوْلٌ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ إلَّا بَوْلٌ حَيْثُ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ مُبَاحَةً يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَأَرَادَ بِالِاضْطِرَارِ الِاحْتِيَاجَ بَلْ لَا مَفْهُومَ لِبَوْلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِبَوْلٍ وَلَا لِلسَّفَرِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ لَا، بَلْ كُلُّ مَنْ يُلَابِسُ الدَّوَابَّ لِحَاجَتِهِ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ فَضْلَتِهَا وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَصَّابِ وَالْكَنَّافِ لَكِنْ بِشَرْطِ الِاجْتِهَادِ إلَّا أَنَّ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ الْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْقَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَقُولُ وَلَا يُعْتَبَرُ الِاجْتِهَادُ عِنْدَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَإِذَا فُقِدَتْ فَيُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ حَيْثُ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ لِلدَّوَابِّ مُحْتَاجًا إلَيْهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ص) وَأَثَرِ ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذُّبَابَ وَنَحْوَهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ كَبَعُوضٍ وَنَمْلٍ لَا بَنَاتِ وَرْدَانَ وَنَحْوَهُ إذَا جَلَسَ عَلَى عَذِرَةٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِمَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الذُّبَابُ؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ وَالْعَفْوُ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا وَيَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُنَجِّسُ كَثِيرَ طَعَامٍ مَائِعٍ إلَى آخِرِهِ. (ص) وَمَوْضِعِ حِجَامَةٍ مُسِحَ فَإِذَا بَرِئَ غُسِلَ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ أَثَرِ دَمِ مَوْضِعِ حِجَامَةٍ أَوْ فَصَادَةٍ أَوْ قَطْعِ عِرْقٍ حَالَ كَوْنِ الْمَوْضِعِ مُسِحَ عَنْهُ الدَّمُ لِمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُحْتَجِمُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ إلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ رُخْصَةً فِي تَأْخِيرِ الْغَسْلِ لَا فِي سُقُوطِهِ مُطْلَقًا؛ فَلِهَذَا قَالَ فَإِذَا بَرِئَ غَسَلَ أَيْ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ سُنَّةً عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْحِجَامَةِ مَا بَيْنَ الشَّرَطَاتِ لَا الشَّرَطَاتُ. (ص) وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ صَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فَتَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ يُونُسَ بِالنِّسْيَانِ وَأَنَّ الْعَامِدَ يُعِيدُ أَبَدًا وَتَأَوَّلَهَا أَبُو عِمْرَانَ بِالْإِطْلَاقِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لِيَسَارَةِ الدَّمِ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُ بِغَسْلِهِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْإِعَادَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَثَرَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ مَعَ أَنَّ الْبَاقِيَ هُنَا بَعْدَ الْمَسْحِ إنَّمَا هُوَ الْأَثَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّ الْأَثَرَ وَالْعَيْنَ سَوَاءٌ وَيَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِيَسَارَةِ الدَّمِ كَتَأْوِيلِ أَبِي عِمْرَانَ بِالْإِطْلَاقِ مَا قَالُوهُ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إذَا صَلَّى بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ قَبْلَ غَسْلِ مَا عُفِيَ عَنْهُ لِأَجْلِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَمًا تَأَمَّلْ. (ص) كَطِينِ مَطَرٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ طِينِ مَطَرٍ وَمَائِهِ وَمَاءِ رَشٍّ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ أَدْخَلَهَا عَلَى الْمُضَافِ أَيْ وَعُفِيَ عَمَّا ذُكِرَ يُصِيبُ الرِّجْلَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ لَا يَخْلُو مِنْ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَقَّةَ مَنَعَتْ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ وَتَبَيَّنَ مَا أَصَابَ حِينَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ مَا دَامَ طِينًا طَرِيًّا فِي الطُّرُقِ أَوْ الثِّيَابِ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ نُزُولِهِ خِلَافًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَأَثَرِ ذُبَابٍ) أَيْ عُفِيَ عَنْ أَثَرِ رِجْلَيْهِ وَفِيهِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِجُمْلَتِهِ فِي نَحْوِ بَوْلٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ حَيْثُ زَادَ عَلَى أَثَرِ رِجْلَيْهِ وَفِيهِ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الذُّبَابِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الذُّبَابُ الْكَبِيرُ فَوُقُوعُهُ عَلَى الْآدَمِيِّ نَادِرٌ كَالنَّمْلِ كَذَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَنَمْلٍ) الْمُرَادُ النَّمْلُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِخِلَافِ كَبِيرِهِ فَوَافَقَتْ عِبَارَةَ عج (قَوْلُهُ أَوْ بَوْلٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَفْهُومٌ لِعَذِرَةٍ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ الْعَذِرَةِ مَعَ إمْكَانِ ظُهُورِ مَا أَصَابَ مِنْهَا فَغَيْرُهَا مِمَّا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ كَالْبَوْلِ أَوْ مِمَّا نَجَاسَتُهُ مُخَفَّفَةٌ كَالدَّمِ وَالْقَيْحِ أَوْلَى. (تَتِمَّةٌ) إذَا تَحَقَّقَ وُصُولَ أَثَرِ نَجَاسَةٍ بِثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ وَشَكَّ هَلْ ذَلِكَ مِنْ ذُبَابٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ بَنَاتِ وَرْدَانَ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْعَفْوِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُهُ أَيْضًا فِي الشَّكِّ فِيمَا أَصَابَ مِنْ الذُّبَابِ الصَّغِيرِ هَلْ مِنْ فِيهِ أَوْ أَرْجُلِهِ أَوْ مِنْ وُقُوعِهِ بِجُمْلَتِهِ فِي الْقَذَرِ احْتِيَاطًا وَسُمُّ الذُّبَابِ فِي الْجَنَاحِ الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّقِي بِهِ وَدَوَاءُ ذَلِكَ فِي الْأَيْمَنِ فَلْيَغْمِسْهُ فِي الْإِنَاءِ كُلِّهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ مُسِحَ) هَذَا إذَا كَانَ الْأَثَرُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَفْوِ الْمَسْحُ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ مَعَ الْمَسْحِ وُجُوبًا وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَوْ يُقَالُ كَمَنْ تَرَكَ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ لَا الشَّرَطَاتُ) أَيْ فَقَطْ شَيْخُنَا وَوَجَدْت مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ) أَيْ الضَّرُورِيِّ كَمَا فِي ك وَالْأَحْسَنُ الِاخْتِيَارِيُّ فِي الْعَصْرِ وَالِاخْتِيَارِيُّ، وَبَعْضُ الضَّرُورِيِّ فِي الظُّهْرِ وَالِاخْتِيَارِيُّ وَالضَّرُورِيُّ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَالْفَجْرِ (قَوْلُهُ لِيَسَارَةِ الدَّمِ) أَيْ لِسُهُولَةِ أَمْرِ الدَّمِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ (قَوْلُهُ كَتَأْوِيلٍ) بِكَافٍ فِي نُسْخَتِهِ وَهِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّعْلِيلِ أَيْ أَنَّ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا لَا يُفِيدُ سُهُولَةَ الدَّمِ إذْ لَوْ كَانَ سَهْلًا مَا أَوْجَبُوا فِيهِ الْإِعَادَةَ حِينَ صَلَّى قَبْلَ غَسْلِ مَا عُفِيَ عَنْهُ وَكَمَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ يَرِدُ عَلَى نَفْسِ الْقَوْلِ الثَّانِي الْحَاكِمِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَمًا) اعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ مِنْ قُبُلِ الذَّكَرِ أَوْ مِنْ دُبُرِهِ أَوْ مِنْ دُبُرِ الْأُنْثَى أَوْ مِنْ قُبُلِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا أَوْ نِفَاسًا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَثَرِ الدُّمَّلِ إذَا لَمْ يُنْكَ فَيُعْفَى عَنْهُ وَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ خَرَجَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْحَدَثِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا اسْتَنْكَحَهُ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِلْحَدَثِ كَذَا قَالَ عج فَإِذَنْ قَوْلُهُ وَلَوْ دَمًا إنَّمَا يَأْتِي فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ (ثُمَّ أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ: أَثَرَ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ عج أَوْ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهُ إلَخْ (وَأَقُولُ) أَيْضًا وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الْأَثَرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ دَمًا فَيُغَيِّرُ الْأَثَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (قَوْلُهُ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ أَنَّ هَذَا التَّفْرِيعَ لَا يَظْهَرُ إلَّا لَوْ قَالَ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ طِينِ الْمَطَرِ وَطِينِ الرَّشِّ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ قَوْلُهُ وَمَائِهِ يُفِيدُ دُخُولَهَا عَلَى الْمُضَافِ، وَأَمَّا مَاءُ الرَّشِّ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِاعْتِبَارِ إدْخَالِ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ بِقَيْدِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَطَرِ أَيْ مِثْلُ الطِّينِ بِقَيْدِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَطَرِ مَاءِ الرَّشِّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا عَلَى خُصُوصِ الْمُضَافِ وَحْدَهُ يَدْخُلُ مَاءُ الْمَطَرِ وَبِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا عَلَى خُصُوصِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَحْدَهُ يَدْخُلُ طِينُ الرَّشِّ وَبِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا عَلَى الْمُضَافِ مُقَيَّدًا بِالْإِضَافَةِ دَخَلَ مَاءُ الرَّشِّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ آخِرُ الْمَطَرِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ فَإِنَّ الْإِصَابَةَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّ الْإِصَابَةَ فِي آخِرِ النُّزُولِ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ الثِّيَابِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الطُّرُقِ لَا يَخْفَى إذَا جَفَّتْ الطُّرُقَاتُ يَجِبُ غَسْلُ مَا بِالْبَدَنِ مِنْ الطِّينِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ جَفَّ مِنْ الثِّيَابِ يَجِبُ الْغَسْلُ وَأَنَّ الْعَفْوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 لِمَنْ حَدَّهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ نُزُولِهِ وَكَذَا إنْ جَفَّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ أَوْ شَكَّ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرِ الْمَطَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَظَنَّ زَوَالَ نَجَاسَتِهَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَوْ تَحَقَّقَ وُجُودُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَمْ تَظْهَرْ عَيْنُهَا لَكِنْ يَجِبُ غَسْلُهَا هُنَا إذَا جَفَّ الطِّينُ عَلَى الطُّرُقِ كَمَا قِيلَ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ إذَا بَرِئَ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ حِينَئِذٍ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ مَاءِ الرَّشِّ وَمُنْتَقَعِ الطُّرُقَاتِ فَالْعَفْوُ دَائِمًا وَلَوْ أَبْدَلَ الْعَذِرَةَ بِالنَّجَاسَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْعَذِرَةِ لِشِدَّتِهَا فَيَدْخُلُ غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ غَلَبَتْ عَيْنُهَا) عَلَى الطِّينِ كَأَنْ يَكُونَ طِينُ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ فَيَخْتَلِطُ بِطِينٍ فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَهُ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَفَهِمَهُ سَنَدٌ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَفَهِمَهُ سَنَدٌ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى غَالِبًا أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُهَا وَجَعَلَ الصُّوَرَ أَرْبَعًا تَسَاوِيًا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَعَدَمَهُ لَا يَغْسِلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ تَرْجِيحُ الْوُجُودِ يُصَلِّي بِهِ عَلَى مَا فِيهَا لَا عَلَى مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ أَوْ الْغَالِبُ تَحَقُّقُ الْوُجُودِ وَلَمْ تَظْهَرْ لِاخْتِلَاطِهَا يُصَلِّي بِهِ   [حاشية العدوي] مَا دَامَ طَرِيًّا فِي الثِّيَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ طَرِيًّا فِي الطُّرُقَاتِ فَإِذَنْ لَوْ يَبِسَ مِنْ الثَّوْبِ، وَهُوَ طَرِيٌّ فِي الطُّرُقَاتِ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ جَفَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْعَفْوُ فِيهَا دَائِمًا جَفَّ الطِّينُ فِي الطُّرُقِ أَوْ لَا وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْجَفَافِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ بِهِ نَجَاسَةً وَلَمْ يَكْثُرْ الْمَطَرُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَفْوِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ تَسَامُحًا؛ فَلِذَا كَانَتْ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ. وَإِنْ اخْتَلَطَتْ لِلْحَالِ وَحَمَلَ الِاخْتِلَاطَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَكَذَا إنْ جَفَّ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مُتَحَقِّقًا وُجُودَ النَّجَاسَةِ أَوْ ظَانًّا بَقَاءَهَا، وَأَمَّا إذَا جَفَّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ أَوْ شَكَّ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرِ الْمَطَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَظَنَّ زَوَالَ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا تَحْقِيقًا وَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرٍ إلَخْ) هَذِهِ غَيْرُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ النَّجَاسَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَطَرُ وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ يَظُنُّ مِنْهُ زَوَالَ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ الْغَسْلُ هُنَا) ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْغَسْلِ مَعَ الْجَفَافِ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الشَّكِّ أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ وَمُنْتَقِعٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مِنْ فَضَلَاتِ النِّيلِ أَيْ أَوْ الْمَطَرِ أَيْ وَظَنَّ وُجُودَ النَّجَاسَةِ أَوْ تَحَقَّقَهَا وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا بَالَغَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ لَا إنْ غَلَبَتْ عَيْنُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ مِنْ الطِّينِ وَلَكِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَيُفِيدُ مَا قُلْنَا التَّمْثِيلُ (قَوْلُهُ لَمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ إلَخْ) قَالَ فِيهَا وَلَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ أَوْ الْجَسَدَ وَفِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ قَالَ الشَّيْخُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً ابْنُ بَشِيرٍ يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالْخِلَافَ قَالَ أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَافْتَقَرَ إلَى الْمَشْيِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ اهـ. (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَيَّدَ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّ النَّجَاسَةَ غَالِبَةٌ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ الطِّينِ وَقَوْلُهُ وَفَهِمَهُ أَيْ وَفَهِمَ التَّقْيِيدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَبَةِ أَيْ غَلَبَ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ الطِّينِ وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَيْضًا أَيْ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيُّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا قَبِلَا الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ مِمَّا) أَيْ مِنْ مَعْنَى حَمْلِهِ أَيْ حَمْلِ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ابْنُ هَارُونَ وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّ إلَخْ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى، وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُنَاسِبٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لِفَهْمِ الشَّارِحِ وَالْتِئَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْحَطَّابِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي فَهِمَهُ عَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ بِمَعْنَى أَنَّ سَنَدًا فَهِمَ ذَلِكَ الْقَيْدَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَنَسُوقُ لَك عِبَارَةَ الْحَطَّابِ وَنَصَّهَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ غَلَبَتْ أَيْ لَا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً عَلَى الطِّينِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ يُرِيدُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَقَبِلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ وَقَالَ سَنَدٌ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ النَّجَاسَةُ يُرِيدُ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ النَّجَاسَةَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ طِينَ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ وَقَدْ اخْتَلَطَتْ بِطِينِ الْمَطَرِ هَذَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَسْلِ مِثْلِ هَذَا بِخِلَافِ غَسْلِ مَا يَكُونُ مِنْ الطِّينِ اهـ. وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَذَكَرَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الصُّوَرَ أَرْبَعًا) أَيْ ابْنُ هَارُونَ (قَوْلُهُ تَسَاوَيَا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَعَدَمَهُ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ احْتَمَلَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ لَا يَغْسِلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ بِدُونِ الْتِفَاتٍ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ لَا مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ) ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ يُصَلَّى بِهِ عَلَى مَا فِيهَا وَقَوْلُهُ أَوْ الْغَالِبُ أَيْ، وَهُوَ النَّجَاسَةُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ لَا مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 عَلَى ظَاهِرِهَا لَا عَلَى رَأْيِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَهُوَ حَسَنٌ لِتَحَقُّقِهَا لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ تُغْسَلُ وَلَا نَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا وَيَبْعُدُ وُجُودُهُ انْتَهَى. وَنَحْنُ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْهُ بِفَهْمِ سَنَدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْقَى قَوْلَهُمْ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَيْ سَوَاءٌ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الطِّينِ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنَهَا) لِقَوْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ مَا لَمْ تَكُنْ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ. (ص) وَذَيْلِ امْرَأَةٍ مُطَالٍ لِلسَّتْرِ وَرِجْلٍ بُلَّتْ يَمُرَّانِ بِنَجَسٍ يَبِسَ يَطْهُرَانِ بِمَا بَعْدَهُ (ش) أَيْ وَيُعْفَى عَنْ مُتَعَلِّقِ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ الْيَابِسِ الَّتِي لَيْسَ مِنْ زِيِّهَا لُبْسُ الْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ الْمُطَالِ بِقَصْدِ السَّتْرِ لَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ وَعَنْ مُتَعَلِّقِ الرِّجْلِ الْمَبْلُولَةِ إذَا أَصَابَ كُلًّا مِنْ الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ جَافَّةٌ حَيْثُ مَرَّا عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ بَعْدُ رُفِعَتْ الرِّجْلُ بِالْحَضْرَةِ أَوْ بَعْدَ مُهْمَلَةٍ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَيَصِحُّ فِي يَبَسٍ فَتْحُ الْبَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77] لَكِنْ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَيَصِحُّ فِيهِ كَسْرُهَا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ يَطْهُرَانِ مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا، وَهُوَ كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لِأَيِّ شَيْءٍ يُعْفَى عَنْهُمَا فَقَالَ؛ لِأَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ بِمَا يَمُرَّانِ عَلَيْهِ مِنْ طَاهِرٍ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ حَالًا وَقَوْلُهُ يَطْهُرَانِ حُكْمًا وَعَفْوًا لَا حَقِيقَةً وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْعَفْوِ. (ص) وَخُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا إنْ دُلِكَا (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ مُصَابِ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَسَائِرِ مَا يُمْشَى بِهِ مِنْ أَبْوَالِ الدَّوَابِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا عَلَى رَأْيِ أَبِي مُحَمَّدٍ) أَيْ عَلَى فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ) هَذَا الْقِسْمُ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ وَلَا نَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا وَيَبْعُدُ وُجُودُهُ) قَالَ فِي ك لَكِنْ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالْخِلَافَ عَقِبَ قَوْلِ الشَّيْخِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً فَيُرْجَعُ لَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَنَحْنُ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ بِفَهْمِ الْقَاضِي سَنَدٍ أَيْ فِي غُنْيَةٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَبْقَى قَوْلَهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا كَمَا قَيَّدَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَشَارَ بِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا إلَى قَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ يَحْتَمِلُ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْخِلَافَ اهـ. (قَوْلُهُ وَهَذَا فِيهَا) أَيْ الْعَذِرَةِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ (قَوْلُهُ يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَيُصَلُّونَ) قَالَ فِي ك وَخَصَّ بَعْضُهُمْ قَوْلَهَا يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَلَا يَغْسِلُونَهُ بِالْمَسْجِدِ الْمُحَصَّبِ لَا الْمَفْرُوشِ بِالْحُصْرِ لِتَلَوُّثِهَا وَبِهِ الْفَتْوَى بِإِفْرِيقِيَةَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) مَعَ غَلَبَتِهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَذَيْلِ امْرَأَةٍ) قَالَ فِي ك وَلَا عَفْوَ عَنْ غُبَارِ النَّجِسِ فِي غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ مُطَالٍ) أَيْ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهُوَ شِبْرَانِ مِنْ عِنْدِ الْأَرْضِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ فِي السَّتْرِ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَزِيدُ عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ الَّتِي لَيْسَ مِنْ زِيِّهَا لُبْسُ الْخُفِّ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ الْبَدْوِ وَإِلَّا فَلَا عَفْوَ (قَوْلُهُ لَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ) أَيْ أَوْ الزِّينَةِ فَيَحْرُمُ كَالرَّجُلِ وَلَا عَفْوَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَعَنْ مُتَعَلِّقِ الرِّجْلِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ جَافَّةٌ) مُفَادُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ نَجَسٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ جَافَّةٌ) لَا رَطْبَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَالطِّينِ (قَوْلُهُ حَيْثُ مَرَّا) إسْنَادُهُ لِلرِّجْلِ وَلِلذَّيْلِ مَجَازٌ الْحَقِيقَةُ إسْنَادُهُ لِلشَّخْصِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ مَرَّا عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ) أَيْ يَابِسَةٍ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَعِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ كَالْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهَا إذْ تَشْمَلُ الْأَرْضَ وَغَيْرَهَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا طَاهِرَةً. (قَوْلُهُ رَفَعَتْ الرِّجْلَ) أَيْ مِنْ فَوْقِ النَّجَسِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ مِنْ وُقُوعِهَا عَلَى النَّجَسِ أَيْ سَوَاءٌ رَفَعَتْ الرِّجْلَ مِنْ فَوْقِ النَّجَاسَةِ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَخَصَّصَ الْكَلَامَ بِالرِّجْلِ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ (فَإِنْ قُلْت) إذَا كَانَ الذَّيْلُ يَابِسًا وَالنَّجَسُ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ (قُلْت) قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَا غُبَارُهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا غُبَارُهَا فِي هَذَيْنِ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ تَحَقَّقَتْ إصَابَتُهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَاجِيِّ وَلَا يُعْفَى عَمَّا تَحَقَّقَتْ إصَابَةُ الْغُبَارِ لِذَيْلِ الْمَرْأَةِ وَرِجْلِ الرَّجُلِ، ثُمَّ الْعَفْوُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا يَخْتَصُّ بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا كَمَسْأَلَةِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ إلَخْ) وَغَيْرِ ابْنِ اللَّبَّادِ يَقُولُ لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَرَادَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الرِّجْلَ إذَا رَفَعَهَا بِالْحَضْرَةِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ تِلْكَ النَّجَاسَةِ إلَّا شَيْءٌ لَا قَدْرَ لَهُ اهـ. أَيْ لَيْسَتْ الطَّهَارَةُ مِنْ حَيْثُ الْمُرُورُ عَلَى طَاهِرٍ بَعْدُ إنَّمَا هُوَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِي يَبِسٍ) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا (قَوْلُهُ يَطْهُرَانِ حُكْمًا وَعَفْوًا لَا حَقِيقَةً إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُشْكِلٌ تَصَوُّرًا وَحُكْمًا أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حَيْثُ كَانَ الذَّيْلُ وَالرِّجْلُ يَطْهُرَانِ بِمَا بَعْدَ النَّجَسِ الْيَابِسِ مِنْ الطَّاهِرِ الْيَابِسِ الثَّانِي حُكْمُهُ هُنَا بِأَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ بِطَاهِرٍ يَابِسٍ يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ يُرْفَعَانِ بِالْمُطْلَقِ لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَرْأَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ اُنْظُرْ عب. (تَنْبِيهٌ) : فِي جَعْلِ الرِّجْلِ كَالذَّيْلِ بَعُدَ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَ مَبْلُولَةٌ وَالذَّيْلَ يَابِسٌ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ (قَوْلُهُ وَعَفْوًا) عَطْفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فَالْأَفْضَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّهَارَةِ الطَّهَارَةُ اللُّغَوِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَخُفٍّ وَنَعْلٍ) اجْتَمَعَا أَوْ انْفَرَدَا (قَوْلُهُ مِنْ رَوْثٍ إلَخْ) وَلَوْ رَطْبَةٍ فَلَوْ شَكَّ فِيمَا أَصَابَ خُفَّهُ أَوْ نَعْلَهُ هَلْ هُوَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا أَوْ مِنْ الْعَذِرَةِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الْغَسْلِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ وَبَوْلِهَا) فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ وَعَلَيْهَا فَإِفْرَادُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَا غَيْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْعَطْفِ بِأَوْ شَاذٌّ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْمَذْكُورِ وَفِي بَعْضِهَا بِأَوْ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ إنْ دُلِكَا) اسْتَشْكَلَ الْوَانُّوغِيُّ الدَّلْكَ فِي الْبَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يُزِيلُ عَيْنًا وَلَا حُكْمًا وَالصَّوَابُ إمَّا الْعَفْوُ عَنْهُ كَبَوْلِ فَرَسِ الْغَازِي وَإِمَّا النَّزْعُ وَلِذَا أَسْقَطَهَا الْجَلَّابُ وَمِثْلُ الدَّلْكِ جَفَافُهُمَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ مَا يَمْشِي إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وَأَرْوَاثِهَا، وَهُوَ رَجِيعُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لِغَلَبَتِهِمَا عَلَى الطُّرُقِ وَلِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُدَلِّكَهُمَا بِتُرَابٍ أَوْ خَزَفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ التُّرَابَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيُدْلَكُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَتَّى لَا يُخْرِجَ الْغَسْلُ بَعْدَهُ شَيْئًا وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الرِّيحِ كَالِاسْتِجْمَارِ فِيهِمَا وَإِذَا دُلِكَا كَذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِمَا وَالْمَشْيُ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمُحَصَّرِ قَالَ فِي الطِّرَازِ شَرْطُ الدَّلْكِ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغَسْلُ فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ عَنْهُ يُخْرِجُهُ الْمَسْحُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ تَجِفُّ فَلَا يُخْرِجُهَا الْمَسْحُ فَيَقْتَضِي الْعَفْوَ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِهَا بَاقِيًا لَا عَفْوَ وَاَلَّذِي يُخْرِجُهُ الْغَسْلُ هُوَ الْحُكْمُ. (ص) لَا غَيْرِهِ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ لَا مَاءَ مَعَهُ وَيَتَيَمَّمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا إذَا أَصَابَ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ كَالدَّمِ وَبَوْلِ الْآدَمِيِّ وَخَرْءِ الْكِلَابِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ وَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ عَنْ الْخُفِّ وَلَا يُمْكِنُهُ جَمْعُ مَاءِ أَعْضَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ لِيُزِيلَ بِهِ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلتَّيَمُّمِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَسْحِ فِي حَقِّهِ وَلَا يَكْفِيهِ دَلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ لَا بَدَلَ لَهَا فَقَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى دَوَابَّ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا تَقَدَّمَ بِتَأْوِيلِهِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَوْ رُبَّمَا ذَكَرَ مِنْ رَوْثٍ وَبَوْلٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْخُفِّ وَالنَّعْلِ أَيْ فَلَا يُعْفَى عَنْ غَيْرِهِمَا كَالثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ: فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ حُكْمِهِ الْمَسْحُ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا فَيَدْخُلُ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَسْحٌ لَا الْمَاسِحُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاَلَّذِي حُكْمُهُ الْمَسْحُ هُوَ مَنْ اُنْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ الْمَائِيَّةُ الْكَامِلَةُ تَقَدَّمَ لَهُ مَسْحٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ صَارَ حُكْمُهُ الْمَسْحَ. (ص) وَاخْتَارَ إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ وَفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا اخْتَارَ فِي رِجْلِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَنْ نَعْلٍ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ مَا يُصِيبُهَا مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا إذَا دُلِكَتْ   [حاشية العدوي] أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُفٍّ وَنَعْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَجِيعُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) تَفْسِيرٌ لِلرَّوْثِ فِي ذَاتِهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّوَابِّ مَا يَشْمَلُ الْكَلْبَ وَنَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُصَنِّفِ بِالدَّوَابِّ الْبِغَالُ وَالْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ كَالِاسْتِجْمَارِ فِيهِمَا) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا يُخْرِجَ الْغَسْلُ بَعْدَهُ شَيْئًا وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الرِّيحِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمُحَصَّرِ) أَيْ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقَذِّرُهُ وَيُفْسِدُ حُصُرَهُ فَيُمْنَعُ الْمَشْيُ بِهِمَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْإِمَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَلَّطَ كَالْمُحَصَّرِ كَذَا قَالَ عج وَمَا سَيَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ مُكْثٍ بِنَجِسٍ فِي مَسْجِدٍ فِي غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَفْوَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ بِهِ وَمُكْثِهِ بِهِ وَكَمُلَاقَاتِهِ إثْرَ ذَلِكَ ثَوْبًا مَبْلُولًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَضُرُّ هَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرُوا وَيُبْحَثُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَبْقَى شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغُسْلُ إذْ لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ الْمَشْيِ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ مُحَصَّرًا أَوْ مُبَلَّطًا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ الْغَسْلُ هُوَ الْحُكْمُ بَلْ وَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ كَلَامُ تت خُصُوصًا وَقَدْ نَقَلَ الْحَطَّابُ كَلَامَ سَنَدٍ مُوَافِقًا لِمَا فِي تت وَالْحَطَّابُ ثِقَةٌ فِي النَّقْلِ وَمَا قَالَهُ آخِرًا يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ يُخْرِجُهُ الْمَسْحُ أَيْ فِيمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُزَالَ بِالْمَسْحِ بَلْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا كَانَ مَا بَقِيَ إلَّا الْحُكْمُ وَالْعَيْنُ زَالَتْ بِالْمَسْحِ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْمَشْيِ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمُحَصَّرِ وَالْمُبَلَّطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا شَيْءٌ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِكَوْنِهِ زَالَ. (تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَفِيمَنْ عَجَزَ عَنْ الْغَسْلِ لِقَوْلِ الطَّرَّازِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْغَسْلُ كَأَنْ يَجِدَ الْمَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغُسْلُ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ آخِرًا. (قَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ) أَخَذَ مِنْهُ تَقْدِيمَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِإِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا مَاءَ مَعَهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا مَاءَ مَعَهُ أَصْلًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَاءٌ أَصْلًا إلَّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ قَدْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ الثَّانِيَةُ صُورَةُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَكُونَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِي إلَّا الْوُضُوءَ وَالْمَسْحَ دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ جَمْعُ مَاءِ الْوُضُوءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ يَخْلَعُ وَيَتَيَمَّمُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْخَلْعِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ الْمُصَنِّفُ مُتَحَمِّلًا لِصُورَتَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك قَوْلُهُ لَا مَاءَ مَعَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ، فَإِنْ شَاءَ غَسَلَهُمَا وَلَوْ أَدَّى إلَى إفْسَادِهِمَا، وَإِنْ شَاءَ نَزَعَهُمَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ لَا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ فَدَعْوَى الْحَطَّابِ أَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى دَوَابَّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى رَوْثِ دَوَابَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ الْعَاجِزِ عَنْ نَعْلٍ) أَيْ أَوْ خُفٍّ فَلَيْسَ مَالِكًا لِأَحَدِهِمَا وَلَا مَا يَشْتَرِي بِهِ ذَلِكَ أَوْ يَسْتَأْجِرُ قَالَ فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ وَانْظُرْ لَوْ قَدَرَ الْفَقِيرُ عَلَى مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ حَامِلًا يَحْمِلُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا أَوْ لَا وَمِثْلُ الْفَقِيرِ غَنِيٌّ لَا يَقْدِرُ عَلَى لُبْسِ ذَلِكَ لِمَرَضٍ أَوْ لِفَقْدِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْفَقِيرُ مَنْ يُسَلِّفُهُ هَلْ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ التَّيَمُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 لَا غَيْرِهِمَا وَفِي رِجْلِ غَيْرِ الْفَقِيرِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى شِرَاءِ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ بِالْعَفْوِ كَالْفَقِيرِ وَعَدَمِهِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ. (ص) وَوَاقِعٍ عَلَى مَارٍّ وَإِنْ سَأَلَ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا وَقَعَ عَلَى الْمَارِّ مِنْ سَقَائِفَ وَنَحْوِهَا مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ لُزُومِ الْفَحْصِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَتَهُ بِرَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَمَارَاتِ، فَإِنْ سَأَلَ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ عَدْلُ الرِّوَايَةِ لَا الْكَافِرُ بَلْ يَحْمِلُهُ مَا سَقَطَ مِنْهُمْ عَلَى النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَاعِدًا عِنْدَهُمْ وَيُخْبِرُ بِالطَّهَارَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مَعَ تَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِ؛ فَلِذَلِكَ حَوَّلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا يَصِحُّ بِهِ وَيُدْفَعُ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ فَقَوْلُهُ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ فِي مَعْنَى لَا يُصَدِّقُ إلَّا الْمُسْلِمَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ. (ص) وَكَسَيْفٍ صَقِيلٍ لِإِفْسَادِهِ مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ السَّيْفَ الصَّقِيلَ وَشَبَهَهُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ كَالْمُدْيَةِ وَالْمِرْآةِ وَالزُّجَاجِ وَخَرَجَ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ صَقِيلًا كَالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالظُّفْرِ إذَا أَصَابَ مَا ذُكِرَ دَمٌ خَاصَّةً مُبَاحٌ كَالْقِصَاصِ وَالصَّيْدِ لِلْعَيْشِ وَالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لِئَلَّا يَفْسُدَ بِالْغُسْلِ سَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ لِإِفْسَادِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي تَعْلِيلِ الْعَفْوِ هُوَ الْإِفْسَادُ بِالْغَسْلِ لَا لِانْتِفَائِهَا بِالْمَسْحِ إذْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ الْمَسْحَ وَقَوْلُهُ لِإِفْسَادِهِ مُتَعَلِّقٌ بِعُفِيَ ثُمَّ لَوْ قَالَ لِفَسَادِهِ كَفَاهُ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ، ثُمَّ إنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيلِ هُنَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ إفْسَادِهِ لِغَسْلِهِ مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ لَا لِتَحْصِيلِ إفْسَادِهِ فَاللَّامُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَمِنْ دَمٍ مُبَاحٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ وَاحْتَرَزَ الْمُؤَلِّفُ بِالدَّمِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلَى مَارٍّ) أَيْ شَخْصٍ مَارٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَكَذَا عَلَى جَالِسٍ أَوْ قَائِمٍ مُسْتَيْقِظٍ أَوْ نَائِمٍ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ) أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْمِلُ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي حَالِ الشَّكِّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ النَّجَاسَةَ أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ لُزُومِ الْفَحْصِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ عَنْ لُزُومِ الْفَحْصِ وَالسُّؤَالِ (فَإِنْ قُلْت) الْعَفْوُ عَنْ لُزُومِ السُّؤَالِ فَرْعُ تَعَقُّلِهِ (قُلْت) لَمَّا كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْ السُّقُوفِ النَّجَاسَةُ وَاشْتَبَهَ الْحَالُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ وُجُوبُ السُّؤَالِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالَ وَلَك جَوَابٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْ السَّقْفِ النَّجَاسَةُ كَانَ مِنْ حَقِّ ذَلِكَ الِاجْتِنَابُ فَصَحَّ حِينَئِذٍ تَعَلُّقُ الْعَفْوِ بِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَتَهُ) أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَتُهُ (قَوْلُهُ إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ نَازِلًا مِنْ سُقُوفِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمَشْكُوكِ فِيهِمْ وَقَدْ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَيُعْفَى عَنْ لُزُومِ السُّؤَالِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ أَيْ يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ وَكَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ وَبَيَّنَ وَجْهَ النَّجَاسَةِ أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا. (قَوْلُهُ لَا الْكَافِرُ) فَلَا يُحْمَلُ مَا نَزَلَ مِنْهُمْ إلَّا عَلَى النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَحْمِلُ مَا نَزَلَ مِنْهُمْ عَلَى النَّجَاسَةِ مَا لَمْ يُخْبِرْ عَدْلٌ بِالطَّهَارَةِ أَيْ عَدْلُ رِوَايَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الْمَذْهَبِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ، وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ بِمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامٌ وَلَا عَدَالَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَذَلِكَ أَنَّ السَّاقِطَ إمَّا مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ مِنْ كُفَّارٍ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الطَّهَارَةُ أَوْ تَتَحَقَّقَ النَّجَاسَةُ أَوْ يَظُنَّ الطَّهَارَةَ أَوْ النَّجَاسَةَ أَوْ يَشُكَّهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَتْ الطَّهَارَةُ أَوْ ظَنَّهَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، وَإِنْ تَحَقَّقَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ ظَنَّهَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، وَإِنْ شَكَّ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي السَّاقِطِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا وَيُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ فِي السَّاقِطِ مِنْ الْكُفَّارِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) الْغَيْرُ الْفَاسِقِ. (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّفَاقَةَ وَحْدَهَا لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ صَلَابَةٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ شَيْءٌ صَقِيلٌ أَمْلَسُ مُصْمَتٌ لَا يَتَخَلَّلُ الْمَاءُ أَجْزَاءَهُ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَشِبْهَهُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صِقَالَةٌ وَصَلَابَةٌ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْمِرْآةِ؛ لِأَنَّ الْمِرْآةَ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا مِنْ دَمِ غَيْرِ الْمُبَاحِ أَيْضًا لِتَكَرُّرِ النَّظَرِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ دُونَ السَّيْفِ وَالْمُدْيَةِ، وَإِنْ فُعِلَ بِهِمَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَالزُّجَاجُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الزُّجَاجِ قَالَ الْحَطَّابُ خَرَجَ بِذَلِكَ الزُّجَاجُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ شَابَهَ السَّيْفَ فِي الصِّقَالَةِ وَالصَّلَابَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ) أَيْ صُلْبًا وَلَوْ كَانَ صَقِيلًا أَيْ وَذَلِكَ أَنَّنَا اشْتَرَطْنَا زِيَادَةً عَلَى الصِّقَالَةِ الصَّلَابَةَ (قَوْلُهُ دَمٍ خَاصَّةً مُبَاحٍ) فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ فِيهِ تَلْمِيحًا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ دَمٍ اسْمٌ مُنَوَّنٌ لَا مُضَافٌ أَيْ مِنْ دَمٍ مُبَاحٌ مَحَلُّهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ دَمٍ مُبَاحٌ يَجُوزُ فِيهِ التَّنْوِينُ أَيْ مِنْ دَمٍ مُبَاحٌ مَحَلُّهُ وَالْإِضَافَةُ أَيْ مِنْ دَمِ مَحَلِّ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَسَحَهُ أَمْ لَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ بَعْدُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ طَلَبِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ لَا لِانْتِفَائِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ إلَّا أَنَّ مَقْصُودَهُ ذَلِكَ قَالَ تت وَخَرَجَ بِالسَّيْفِ الثَّوْبُ الصَّقِيلُ أَوْ الْجَسَدُ فَلَا يُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُمَا مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ انْتِفَاءُ النَّجَاسَةِ أَوْ الْإِفْسَادُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الظُّفْرِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَنْتِفِي بِمَسْحِهِ وَالْغَسْلُ لَا يُفْسِدُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي الْمَسْحُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ) تَبَيَّنَ لَك مِنْ عِبَارَةِ تت، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ شَأْنُ الْمَتْنِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْأَدِلَّةِ أَيْ التَّعْلِيلِ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ظَرْفٌ إلَخْ) ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ هُوَ قَوْلُهُ يَغْسِلُهُ، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الْمُتَعَلِّقُ مَحْذُوفًا يَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَحَمِّلًا لِلضَّمِيرِ قُلْت فِي الْمُتَعَلِّقِ الْعَامِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الدَّمَ هُوَ الَّذِي يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لِغَلَبَةِ وُصُولِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَبِالْمُبَاحِ عَنْ دَمِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَقَالَ الْمَوَّاقُ سَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكْفِي مَسْحُ دَمِ السَّيْفِ عِيسَى إنْ كَانَ فِي جِهَادٍ أَوْ صَيْدٍ لِعَيْشِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ عِيسَى تَفْسِيرٌ انْتَهَى فَانْظُرْ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمَمْنُوعِ لِيَشْمَلَ الْمَكْرُوهَ كَصَيْدِ اللَّهْوِ مَعَ هَذَا النَّصِّ. (ص) وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ الَّذِي بِهِ وَالْجَرَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ دَمٍ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَمَاءٍ سَائِلٍ مِنْ نَفْطِ نَارٍ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْجَسَدَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ إذَا مَصَلَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ قُشِرَ حَالَ سَيَلَانِهِ فَلَا يُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَضُرُّهُ نَكْؤُهُ قَبْلَ السَّيَلَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ بِهِ دُمَّلٌ وَاحِدٌ أَوْ نَحْوُهُ أَمَّا لَوْ كَثُرَتْ كَالْجَرَبِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى نَكْئِهَا وَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ. (فَائِدَةٌ) الدُّمَّلُ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ مِيمِهِ وَتَخْفِيفِهِ كَسُكَّرٍ وَصُرَدٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا كَتَسْمِيَةِ الْمُهْلِكَةِ مَفَازَةً وَاللَّدِيغِ سَلِيمًا. (ص) وَنُدِبَ إنْ تَفَاحَشَ كَدَمِ بَرَاغِيثَ (ش) أَيْ وَنُدِبَ غَسْلُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ إنْ تَفَاحَشَ بِأَنْ يَسْتَحِيَ مِنْهُ فِي الْمَجَالِسِ أَوْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا يُقْبَلُ صَاحِبُهَا وَلَا يُقْرَبُ إلَّا بِتَعَذُّرٍ كَاسْتِحْبَابِ غَسْلِ خَرْءِ الْبَرَاغِيثِ مِنْ ثَوْبٍ تَفَاحَشَ فِيهِ كَانَ فِي زَمَنِ هَيَجَانِهَا أَمْ لَا وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ الْوُجُوبُ لَكِنْ حُمِلَتْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَكَذَلِكَ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَتَفْسِيرُنَا الدَّمَ بِالْخَرْءِ تَبَعًا لِلْجُزُولِيِّ مُخْرِجٌ لِدَمِهَا الَّذِي مِنْ جَوْفِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الدِّمَاءِ لَا يُعْفَى إلَّا عَنْ دُونِ دِرْهَمٍ مِنْهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا الْبَقُّ وَالْقَمْلُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْحُلَلِ؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] كَالْكَوْنِ لَا الْخَاصِّ كَمَا هُنَا. (تَنْبِيهٌ) : الْفَرْقُ بَيْنَ السَّيْفِ وَمَوْضِعِ الْحِجَامَةِ أَنَّ الدَّمَ إذَا يَبِسَ عَلَى السَّيْفِ وَنَحْوِهِ تَطَايَرَ بِخِلَافِ الْحِجَامَةِ (أَقُولُ) يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ لِإِفْسَادِهِ إلَى آخِرِهِ تَعْلِيلًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ دَفْعٍ وَالْمَعْنَى إنَّمَا عُفِيَ لِوُجُودِ الْإِفْسَادِ بِالْغَسْلِ مِنْ دَمِ الْمُبَاحِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ (قَوْلُهُ سَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ نَصِّ الْحَطَّابِ نَقْلًا عَنْ التَّوْضِيحِ قَالَ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَوْ لَمْ يَمْسَحْهُ قَالَ عِيسَى يُرِيدُ فِي الْجِهَادِ وَفِي الصَّيْدِ الَّذِي هُوَ عَيْشُهُ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَكْرُوهُ الْمُشَارُ لَهُ فِي الْبَاغِيَةِ بِقَوْلِهِ وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَوِرْثُهُ وَمِثْلُهُ دَمُ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ الْخَارِجِ مِنْ الْمُذَكَّى وَالْمُرَادُ أَيْضًا مُبَاحٌ أَصَالَةً فَلَا يَضُرُّ حُرْمَتُهُ لِعَارِضٍ كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ بِهِ وَزَانٍ أَحْصَنَ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامٍ (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يَكُونُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفًا فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ السَّمَاعَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَلْ فِي الْعُتْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ الَّذِي بِهِ) أَخْرَجَ دُمَّلَ غَيْرِهِ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْعَفْوُ (قُلْت) وَيُشْبِهُ هَذَا الْخِلَافُ خِلَافَهُمْ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ هَلْ الْعَفْوُ خَاصٌّ أَوْ مُتَعَدٍّ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا مَصَلَ بِنَفْسِهِ) أَيْ سَالَ بِنَفْسِهِ وَمِثْلُهُ مَا فِي حُكْمِهِ كَمَا إذَا انْتَهَى الدُّمَّلُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ لَانْفَجَرَ بِنَفْسِهِ وَفَجَّرَهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قُشِرَ حَالَ سَيَلَانِهِ) أَيْ قُشِرَ حَالَ اجْتِمَاعِ تِلْكَ الْمَادَّةِ وَلَوْلَا الْقَشْرُ مَا خَرَجَتْ تِلْكَ الْمَادَّةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ كَالدِّرْهَمِ فَأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْيَسِيرُ) هُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ نَكْؤُهُ قَبْلَ سَيَلَانِهِ) أَيْ إذَا نَكَأَهُ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ تِلْكَ الْمَادَّةُ فِيهِ، ثُمَّ تَجَمَّعَتْ وَسَالَتْ مِنْ ذَلِكَ الشِّقِّ فَالْعَفْوُ وَعِبَارَةُ ك وَلَا يَضُرُّ نَكْؤُهُ قَبْلَ السَّيَلَانِ فَلَوْ نُكِئَ أَوْ شُقَّ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْمَادَّةُ فِيهِ ثُمَّ تَجَمَّعَتْ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْته لَك (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْجُرْحِ (قَوْله أَمَّا لَوْ كَثُرَتْ) أَيْ بِأَنْ زَادَتْ عَلَى الْوَاحِدِ بَلْ فِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الدُّمَّلَ الْوَاحِدَ إذَا اُضْطُرَّ إلَى نَكْئِهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرَكَهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا سَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَنْ يَتَّصِلَ سَيَلَانُهُ وَلَا يَنْقَطِعَ أَوْ انْقَطَعَ انْقِطَاعًا لَا يَنْضَبِطُ كَصَاحِبِ السَّلَسِ أَوْ يَنْضَبِطُ وَلَكِنْ يَتَكَرَّرُ كَأَنْ يَأْتِيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِحَيْثُ يَشُقُّ التَّوَقِّي مِنْهُ وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَهَذَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا وَلَا يَقْطَعُ لِأَجْلِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيُؤْمَرُ نَدْبًا كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ دَرْؤُهُ بِخِرْقَةٍ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِهَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لِإِطْلَاقِهِ الْعَفْوَ الثَّانِيَ أَنْ لَا يَتَّصِلَ خُرُوجُهُ وَأَمْكَنَ التَّوَقِّي مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ بِأَنْ لَمْ يُلَازِمْ كُلَّ يَوْمٍ فَهَذَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ صَلَّتْ بِنَفْسِهَا فَإِذَا انْبَعَثَتْ فِي الصَّلَاةِ قُطِعَ إنْ رُجِيَ كَفُّهَا وَغُسِلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَلْيَفْتِلْ وَيَبْنِيَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْيَسِيرُ مَا يَفْتِلُهُ الرَّاعِفُ انْتَهَى، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ كَفَّهَا تَمَادَى. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إنْ تَفَاحَشَ) وَمَحَلُّ النَّدْبِ مَا دَامَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ قَائِمًا وَإِلَّا وَجَبَ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ فِي الْمَجَالِسِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي دُونِ الدِّرْهَمِ وَفِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلٌ دُونَ الدِّرْهَمِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ النَّدْبَ بِالتَّفَاحُشِ وَدُونُ الدِّرْهَمِ غَيْرُ مُتَفَاحِشٍ وَأَجَابَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُ لَكِنْ لَا يُنَافِيَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِحَدٍّ، وَأَمَّا الدَّمُ فَإِنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ مُقَيَّدٌ بِحَدٍّ لَا يَصِلُ لِلتَّفَاحُشِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى زَادَ عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا الْبَقُّ وَالْقَمْلُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا تَفَاحَشَ خَرْؤُهَا أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مِنْ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ مُتَعَذِّرَةٌ فَلَا مَشَقَّةَ فِي الْغَسْلِ بِخِلَافِ خَرْءِ الْبُرْغُوثِ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ فَلَوْ حَكَمْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا لَحَصَلَتْ مَشَقَّةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ السَّنْهُورِيَّ وَقَدْ اعْتَمَدَ عج كَلَامَ صَاحِبِ الْحُلَلِ وَمَا ذَكَرْته رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الشَّارِحِ وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ خَرْءَ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يُنْدَبُ بِخِلَافِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الْكَثْرَةَ هُنَا مُتَعَذِّرَةٌ وَإِرْجَاعُ النَّدْبِ مَعَ التَّفَاحُشِ لِجَمِيعِ الْمَعْفُوَّاتِ أَتَمُّ فَائِدَةً ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ قَوْلَهُ (إلَّا فِي صَلَاةٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْغَسْلِ إنَّمَا هُوَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ وَعَلَى خَرْءِ الْبَرَاغِيثِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهَا فَإِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ التَّمَادِي وَعَدَمُ الْغَسْلِ. (ص) وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بِلَا نِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ غَيْرُهُ يَطْهُرُ مِنْ غَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نِيَّةٍ فَقَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِ يَطْهُرُ وَفِي عِبَارَةٍ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ فِي طَهَارَتِهِ بِنِيَّةٍ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ أَوْ لَا فَيُعْرَبُ حَالًا مِنْ غَسَلَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ وَلَا عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا عِنْدَ حُصُولِهَا فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ بِلَا اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْحَالِيَّةُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى الْقَائِلِ بِالِاشْتِرَاطِ وَالْبَاءُ فِي بِلَا نِيَّةٍ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَفِي بِغَسْلِهِ بَاءُ الْآلَةِ. (ص) بِغَسْلِهِ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحَلَّ الْمُتَنَجِّسَ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ إنْ تَعَيَّنَ وَعُرِفَ، وَإِنْ اشْتَبَهَ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ جَسَدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ عَدَمُ الْيَقِينِ فَيَدْخُلُ الظَّنُّ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ بَحْثًا بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَلَا فَرْقَ فِي غَسْلِ جَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ حَصَلَتْ فِي جِهَةٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزَةٍ مِنْهُ كَبَدَنِهِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ جِهَتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ مِنْهُ كَكُمَّيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (كَكُمَّيْهِ) وَلَا يَجْتَهِدُ فَيَغْسِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ. (ص) بِخِلَافِ ثَوْبَيْهِ فَيَتَحَرَّى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لِأَحَدِ ثَوْبَيْهِ وَطَهَارَةَ الْآخَرِ وَاشْتَبَهَ الطَّاهِرُ بِالْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى أَيْ يَجْتَهِدُ بِعَلَامَةٍ تُمَيِّزُ لَهُ الطَّاهِرَ مِنْهُمَا مِنْ النَّجَسِ فَمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ صَلَّى بِهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ ثَوْبٍ كَالْأَوَانِي وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ خِفَّةُ النَّجَاسَةِ بِالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَعَدَمُهُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُطْلَقِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ. (ص) بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ كَذَلِكَ فَلَوْ قَدَّمَهُ وَقَدَّمَ قَوْلَهُ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسُرَا عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحَلَّ النَّجَسَ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ طَهُورًا بَاقِيًا عَلَى صِفَتِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِالْأَوْسَاخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ مُنْفَصِلٌ طَاهِرٌ لَحَسُنَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ طَهُورٌ مِنْ   [حاشية العدوي] إلَّا إذَا كَانَ كَثُرَ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صَلَاةٍ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا إذْ لَا يُتَوَهَّمُ قَطْعُ صَلَاةٍ لِمَنْدُوبٍ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ فَالْخُفُّ وَالنَّعْلُ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا بَعْدَ الدَّلْكِ وَالْمَخْرَجَانِ وَالسَّيْفُ الصَّقِيلُ وَمَوْضِعُ الْحِجَامَةِ بَعْدَ الْمَسْحِ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِالنَّجَاسَةِ وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِغَسْلِهِ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التَّعَبُّدِ فَلِذَا لَا تُزَالُ إلَّا بِالْمُطْلَقِ وَلَمْ تَحْتَجْ لِنِيَّةٍ لِكَوْنِهَا مِنْ بَابِ الْمَتْرُوكِ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِيَطْهُرُ تَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَالْمَعْنَى مَحَلُّ النَّجَاسَةِ يَطْهُرُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ لَا يَطْهُرُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ بَلْ يَطْهُرُ مَعَ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ إلَخْ أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ الطَّهَارَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الطَّهَارَةُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَيْ وَأَوْلَى مَعَ النِّيَّةِ بَلْ النِّزَاعُ فِي الِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ هَذَا حَاصِلُهُ (أَقُولُ) أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صَرِيحًا نَفْيُ الشَّرْطِيَّةِ. (قَوْلُهُ بِغَسْلِهِ) وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ الْعَيْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ) أَيْ جَزْمًا كَمَا هُوَ مُفَادُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الظَّنُّ) لَعَلَّهُ مَا لَمْ يَقْوَ وَعَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَمَنْ ظَنَّ فِي جِهَةِ النَّجَاسَةِ وَتَوَهَّمَهَا فِي أُخْرَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الْجَمِيعِ عَلَى هَذَا وَلَوْ أَعْطَى الظَّنَّ حُكْمَ التَّحَقُّقِ لَمَا طَلَبَ بِغَسْلِ الْجِهَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ وَبَعْضُهُمْ يُدْخِلُ الظَّنَّ تَحْتَ الْمَعْرِفَةِ فَإِذَنْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا إلَّا صُورَةً فَقَطْ، وَأَمَّا عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا صُورَتَانِ قَالَ مُحَشِّي تت وَقَدْ يَبْحَثُ فِي غَسْلِ الْمَوْهُومِ أَيْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَإِنَّ الْوَهْمَ فِي الْحَدَثِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فَالْخَبَثُ كَذَلِكَ أَوْ أَوْلَى فَالْحَقُّ أَنَّ الظَّنَّ كَالْعِلْمِ وَأَنَّ الْمَوْهُومَ لَا يُغْسَلُ إذْ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحَدَثِ كَمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ تَوَهُّمُ جَنَابَتِهِ دُونَ شَكٍّ لَغْوٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَجْتَهِدُ) فَيَغْسِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي هَذِهِ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى الثَّوْبَيْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكُمَّيْنِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِمَا، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَسْلِهِمَا أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا تَحَرَّى أَحَدَهُمَا وَغَسَلَهُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ وَلَوْ فَصَلَ الْكُمَّيْنِ صَارَا كَالثَّوْبَيْنِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى) أَيْ يَجْتَهِدُ فَيُصَلِّي بِهِ الْآنَ وَكَذَبُوا بِوَقْتٍ آخَرَ حَيْثُ لَمْ يَنْسَ الْمُتَحَرِّي مِنْ الْمُتَنَجِّسِ لِيَغْسِلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَمَحَلُّ التَّحَرِّي إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا صَلَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَعَاجِزٍ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيمَا صَلَّى بِهِ بِالتَّحَرِّي لَا بِوَقْتٍ وَلَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكُمَّيْنِ يُغْسَلَانِ وَالثَّوْبَيْنِ يُتَحَرَّى أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ الطَّهَارَةُ بِانْفِرَادِهِ فَيَسْتَنِدُ اجْتِهَادُهُ إلَى الْأَصْلِ وَهَذَا الْأَصْلُ قَدْ بَطَلَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِتَحَقُّقِ حُصُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَكَذَا قَالُوا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْكُمَّيْنِ لَمَّا اتَّصَلَا صَارَا بِمَثَابَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبَانِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ طَهُورًا) أَيْ خَالِيًا مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِالْأَوْسَاخِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرِّيحُ، وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا كَالثَّوْبِ الْأَزْرَقِ الْمُتَنَجِّسِ يُغْسَلُ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا صُبِغَ بِشَيْءٍ نَجَسٍ وَلَوْ كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ لَمْ تَنْقَطِعْ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِوُجُودِ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ. (ص) وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النَّجَسِ إذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ وَانْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ طَهُورًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَاءَ انْفَصَلَ طَهُورًا وَالْبَاقِي فِي الْمَحَلِّ كَالْمُنْفَصِلِ وَالْمُنْفَصِلُ طَاهِرٌ وَقَوْلُهُ (مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسِرَا) مُتَعَلِّقٌ بِ يَطْهُرُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِغَسْلِهِ الْمُزِيلِ لِجُرْمِهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ بِشَرْطِ زَوَالِ طَعْمِهِ وَلَوْ عَسُرَا أَوْ لَوْنُهُ وَرِيحُهُ الْمُتَيَسِّرَيْنِ فَبَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَحَلِّ وَيُتَصَوَّرُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ وَأَنْ لَا يَجُوزَ ذَوْقُهَا بِأَنْ تَكُونَ فِي الْفَمِ أَوْ دَمِيَتْ اللِّثَةُ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهُ فَجَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ اسْتِظْهَارًا أَوْ إنْ وَقَعَ وَنَزَلَ، وَأَمَّا زَوَالُ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ حَيْثُ عَسُرَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِ الْمَحَلِّ زَوَالُهُمَا فَقَوْلُهُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ يَطْهُرُ وَقَوْلُهُ لَا لَوْنَ وَرِيحٍ عَسُرَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ يُشْتَرَطُ زَوَالُ طَعْمِهِ لَا لَوْنٌ وَرِيحٌ عَسُرَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ الْعَطْفُ وَسَقَطَ مَا يُقَالُ مِنْ النَّظَرِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ (ش) الْغُسَالَةُ هِيَ الْمَاءُ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ وَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّرَةً سَوَاءٌ كَانَ تَغَيُّرُهَا بِالطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ وَلَوْ الْمُتَعَسِّرَيْنِ وَهَكَذَا نُكْتَةُ إتْيَانِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنْفَصِلٌ كَذَلِكَ الْمُغْنِي عَنْهُ لَكِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ مَحَلِّ الْخَبَثِ يَطْهُرُ بِالْمُطْلَقِ بَيَّنَ أَنَّ عَيْنَهُ تُزَالُ بِكُلِّ مَائِعٍ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) عَنْ الْمَحَلِّ (بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ) مِنْ مُضَافٍ أَوْ غَيْرِهِ كَخَلٍّ وَبَقِيَ بَلَلُهُ فَلَاقَى جَافًّا أَوْ جَفَّ وَلَاقَى مَبْلُولًا (لَمْ يَتَنَجَّسْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْأَزْرَقِ الْمُتَنَجِّسِ) كَانَ تَنَجُّسُهُ سَابِقًا عَلَى الصِّبْغِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ لَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ لَا مِنْ أَعْرَاضِ الزُّرْقَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ مَا صُبِغَ إلَخْ) إشَارَةٌ لِفَرْعٍ آخَرَ، وَهُوَ صَبْغُهُ بِشَيْءٍ نَجِسٍ فَحُكْمُهُ يُخَالِفُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسُرَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا إشْكَالَ وَظَهَرَ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ حُكْمُ أَحَدِهِمَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْأُخْرَى. (تَنْبِيهٌ) : مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِطَهُورٍ أَيْ لَا بِغَيْرِهِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي الْمَجُّ فِي تَطْهِيرِ الْفَمِ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، ثُمَّ إنَّ الْفَرْعَ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ فِي طُرُوءِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الصَّبْغِ فَلَوْ أَنَّ النَّجَاسَةَ طَرَأَتْ عَلَى الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ قَبْلَ الصَّبْغِ فَيَظْهَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّنَا قُلْنَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّعَامِ تَتَنَجَّسُ الْمَصْبَغَةُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ مَا صُبِغَ بِشَيْءٍ نَجِسٍ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَلَا تَتَنَجَّسُ الْمَصْبَغَةُ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ قَوْلِهِ كَالثَّوْبِ الْأَزْرَقِ الْمُتَنَجِّسِ (أَقُولُ) بَلْ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا عُرِضَ عَلَى الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ نَجَاسَةٌ وَوُضِعَ فِي الْمَاءِ يَنْقَلِبُ مُضَافًا فَلَا يَطْهُرُ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي الثَّوْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا فِي مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا لِأَجْلِ مُوَافَقَتِهِ فِي عب وَإِلَّا فَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ فِي التَّنْجِيسِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ رَاجِعًا لِلصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ أَيْ الْمَغْسُولُ وَكَذَا الْأَرْضُ فَلَا يَلْزَمُ عَرْكُهَا (قَوْلُهُ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسُرَا) وَيَصِيرُ الْمَحَلُّ طَاهِرًا لَا نَجِسًا مَعْفُوًّا عَنْهُ (قَوْلُهُ الْمُزِيلُ لِجُرْمِهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ الْجُرْمُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَلَزِمَ مِنْهُ زَوَالُ الطَّعْمِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَطَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ) قَالَ فِي ك هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَجَازَ الْبِسَاطِيُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ اسْتِظْهَارًا) أَيْ جَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمِلْحِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَظْهِرَ أَيْ يَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِأَثَرِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ وَقَعَ وَنَزَلَ) أَيْ وَارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ زَادَ ق أَوْ شَكَّ هَلْ زَالَ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى ذَوْقِهَا وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ مَا دَامَ مُتَيَقِّنًا وُجُودَهَا أَيْ أَوْ ظَنَّ وُجُودَهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ غَلَبَ إلَخْ لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ مَا يُقَالُ إلَخْ) عِبَارَةُ ك وَسَقَطَ مَا يُقَالُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَظَرًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ قَوْلَهُ يَطْهُرُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ لَا يَقْتَضِي الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ، ثَانِيهِمَا: أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسِرَا أَنَّ اللَّوْنَ وَالرِّيحَ إذَا عَسُرَ زَوَالُهُمَا ثُمَّ زَالَا أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِزَوَالِهِمَا مَعَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَغَيْرُ مُرَادٍ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا نُكْتَةُ إلَخْ) بَعِيدٌ وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسْتَغْنَى) مُرَادُهُ بِالْمَسْأَلَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْغُسَالَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَالَ) مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ كَالطَّعَامِ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الطَّعَامِ وَإِنَّمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجَوَابَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُضَافِ كَالْخَلِّ فَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ الْجَوَابِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُضَافِ، ثُمَّ جَعْلُهُ كَالْخَلِّ مِنْ غَيْرِ مُضَافٍ لَا يَتَأَتَّى فِي كُلِّ خَلٍّ إذْ مِنْ الْخَلِّ مَا يَكُونُ مُضَافًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ مُضَافٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ الطَّاهِرُ فَإِذَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِطَاهِرٍ بَدَلَ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنُ الْأَخْصَرِيِّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 مُلَاقِي مَحَلَّهَا) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ إذْ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ، وَهُوَ عَرَضٌ وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُنَجَّسُ وَعَلَيْهِمَا لَوْ دَهَنَ الدَّلْوَ الْجَدِيدَ بِالزَّيْتِ وَاسْتَنْجَى مِنْهُ فَيُعِيدُ الِاسْتِنْجَاءَ دُونَ غَسْلِ ثِيَابِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمَعَ غَسْلِهَا عَلَى الثَّانِي. (ص) ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ شَكَّ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ غَالِبٍ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ غَيْرِ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ لِثَوْبٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّضْحُ لِقَطْعِ الْوَسْوَسَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَّةً أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ النَّضْحِ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ «لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَضْحِ الْحَصِيرِ الَّذِي اسْوَدَّ بِطُولِ مَا لَبِثَ» لِحُصُولِ الشَّكِّ فِيهِ وَقَوْلُ عُمَرَ حِينَ شَكَّ فِي ثَوْبِهِ هَلْ أَصَابَهُ مَنِيٌّ أَغْسِلُ مَا رَأَيْت وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَ وَلِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ انْتَهَى وَقَوْلُنَا غَيْرُ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ إذَا شَكَّ فِي وُصُولِهَا لَهُ أَوْ ظَنَّ وَقَدْ خَفِيَتْ عَيْنُهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (ص) ، وَإِنْ تَرَكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ كَالْغَسْلِ (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ النَّضْحِ فَتَرَكَهُ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ كَمَا يُعِيدُهَا مَنْ تَرَكَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَلِخِفَّةِ النَّضْحِ لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ بِإِعَادَةِ النَّاسِي أَبَدًا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ وَلَوْ تَرَكَ النَّضْحَ وَغَسَلَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْإِجْزَاءِ كَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّيْهِ وَقَوْلُهُ كَالْغَسْلِ تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ لَا لِإِفَادَةِ حُكْمٍ غَفَلَ عَنْهُ وَجَعْلُ الشَّارِحِ الْجَاهِلَ كَالسَّاهِي فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ كَالْغَسْلِ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ أَيْ وُجُوبًا كَوُجُوبِ الْغَسْلِ وَإِعَادَةً كَإِعَادَةِ تَرْكِ الْغَسْلِ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَجْرِ الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا فَيَكُونُ مَشْهُورًا فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا وَجَبَ لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. (ص) ، وَهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ بِلَا نِيَّةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّضْحَ فِي الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِيهِمَا رَشٌّ بِالْيَدِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يَغْمُرْ الْمَحَلَّ أَوْ بِالْفَمِ بَعْدَ غَسْلِهِ مِنْ الْبُصَاقِ وَإِلَّا كَانَ مُضَافًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نِيَّةٍ فَلَوْ رَشَّ الْمَحَلَّ مَطَرٌ كَفَى؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ فِيمَا تَقَعُ الْإِزَالَةُ لَا يُوجِبُ النِّيَّةَ فَكَمَا لَا تَلْزَمُ فِي الْغَسْلِ مَعَ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ لِقَصْرِهِمْ الْإِزَالَةَ عَلَى الْمَاءِ فِي الْمَشْهُورِ فَكَذَا فِي النَّضْحِ، وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِأَنَّ حُكْمَ إزَالَتِهَا غَلَبَةُ   [حاشية العدوي] ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُطْلَقِ يَصْدُقُ بِالنَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ) قَدْ يُقَالُ يَنْتَقِلُ مُمَاثِلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ إلَخْ) وَلَا أَثَرَ لِلْوَهْمِ الْمُرَادُ الْمَوْضِعُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ نَاحِيَةً وَاحِدَةً رَشَّهَا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ نَاحِيَتَيْنِ رَشَّهُمَا مَعًا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْمُرَادُ بِالنَّاحِيَتَيْنِ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ (قَوْلُهُ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ غَالِبٍ) أَمَّا لَوْ كَانَ الظَّنُّ غَالِبًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ لِأَمْرِهِ) لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ وَلِأَمْرِهِ تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَعَ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ) بِالثَّاءِ أَيْ أَقَامَ، وَهُوَ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالسِّينِ فَيَكُونُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ) أَيْ شَأْنِ النَّاسِ أَيْ مِنْ لصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ إذَا شَكَّ فِي وُصُولِهَا) أَيْ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ. (قَوْلُهُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ أَيْ فَمَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ سَاهِيًا يُعِيدُ أَبَدًا (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ) أَيْ فَالْحُكْمُ هُنَا ثُبُوتُ الْإِعَادَةِ وَالْوُجُوبُ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ فَمِنْ حَيْثُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْحُكْمَ الْوُجُوبُ وَحَصَلَ بِالتَّشْبِيهِ تَكْمِيلُ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْوُجُوبَ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَمِنْ حَيْثُ قَوْلُهُ أَعَادَ إلَخْ فَالْحُكْمُ ثُبُوتُ الْإِعَادَةِ وَتَكْمِيلُهُ بِكَوْنِهَا أَيْ الْإِعَادَةِ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ وُجُوبٌ كَوُجُوبِ الْغَسْلِ وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْإِعَادَةُ فَنَقُولُ فِيهَا أَيْ الْإِعَادَةُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مَشْهُورًا) كَمَا أَنَّ مُقَابِلَهُ، وَهُوَ الْوُجُوبُ مَشْهُورٌ أَيْضًا كَمَا قِيلَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ) أَيْ وَالْجَوْبُ تَعَبُّدِيٌّ (ثُمَّ أَقُولُ) هَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّضْحَ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وُجُوبُ النَّضْحِ وَاسْتِحْبَابُهُ وَوُجُوبُ الْغَسْلِ فَمَنْ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ يَسْتَدِلُّ «بِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَضْحِ الْحَصِيرِ الَّذِي اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ» وَذَلِكَ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِيهِ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ) لَمَّا كَانَ نَضَحَ بِمَعْنَى رَشَّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَبِمَعْنَى رَشَحَ كَنَضَحَ مِنْ بَابِ مَنَعَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ الْمُرَادَ مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ، وَهُوَ رَشٌّ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ فِيمَا تَقَعُ بِهِ الْإِزَالَةُ) أَيْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَيْ، وَأَمَّا التَّعَبُّدُ فِي تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَأَيْضًا هَذَا تَعَبُّدٌ فِي غَيْرِ النَّفْسِ، وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَشْهُورِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَشْهُورِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الْمَاءِ عَلَيْهَا وَنَيْلُهُ لَهَا وَالرَّشُّ غَيْرُ مَلْزُومٍ لِذَلِكَ لِعَدَمِ تَعْمِيمِهِ الْمَحَلَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَثْرَةُ نَقْطِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ مَظِنَّةُ نَيْلِهِ لَهَا إنْ كَانَتْ وَالظَّنُّ كَافٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ بِلَا نِيَّةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ النَّضْحَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ يَفْتَقِرُ لَهَا لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا إزَالَةٌ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَقَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ رَشٍّ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ. (ص) لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّضْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إذَا تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ الْمُصِيبِ وَشَكَّ فِي إزَالَتِهَا، ثُمَّ أَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا غَيْرَهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ كَمَا مَرَّ (ص) أَوْ فِيهِمَا (ش) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنْ يَشُكَّ فِي الْإِصَابَةِ وَفِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ فَالنَّضْحُ سَاقِطٌ هُنَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ كَمَا تَرَى مِنْ وَجْهَيْنِ فَضَعُفَ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْقِسْمَ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِفَهْمِ عَدَمِ النَّضْحِ فِي هَذِهِ بِالْأَوْلَى لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِأَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ. (ص) وَهَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ خِلَافٌ (ش) أَيْ إذَا شَكَّ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لِلْجَسَدِ هَلْ يُنْضَحُ كَالثَّوْبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ النَّضْحَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَا وَرَدَ، وَهُوَ الْحَصِيرُ وَالثَّوْبُ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ إصَابَةُ الْجَسَدِ وَشَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ النَّضْحِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ وَفِي الْإِصَابَةِ فَالْخِلَافُ فِي الْجَسَدِ رَاجِعٌ لِلْأُولَى لَا لِلثَّانِيَةِ وَلَا لِلثَّالِثَةِ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهِمَا. (ص) وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَبَهَ مَاءٌ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ كَبَوْلٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِوُضُوآتٍ بِعَدَدِ النَّجَسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ فِيهِ فَإِذَا كَانَ عَدَدُ الطَّهُورِ اثْنَيْنِ مَثَلًا وَالنَّجَسُ أَوْ الْمُتَنَجِّسُ اثْنَانِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ بِثَلَاثِ وُضُوآتٍ أَوْ ثَلَاثٍ فَبِأَرْبَعٍ أَوْ أَرْبَعٍ فَبِخَمْسٍ وَهَكَذَا فَقَوْلُهُ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ أَيْ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي بِأَثَرِ كُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً وَكَلَامُهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ، ثُمَّ صَلَّى بِعَدَدِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا عَقِبَ مَا ذَكَرَهُ كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ، وَلَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَنَيْلُهُ) أَيْ وُصُولُهُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) التَّوَهُّمُ مُنَصَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ يَفْتَقِرُ لَهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ) الْإِنْصَافُ أَنَّهُ جَوَابٌ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الرَّشَّ الْمَذْكُورَ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُ لِلْمَحَلِّ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّ بِهِ زَالَتْ النَّجَاسَةُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى رَشٌّ كَائِنٌ بِالْيَدِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ مِنْ حَقِيقَةِ النَّضْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ وَجَبَ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ يَجِبُ النَّضْحُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ إلَخْ) كَذَا اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ إلَّا قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهِ الْحَطَّابُ بَلْ هِيَ زِيَادَةٌ مِنْ عِنْدِ شَارِحِنَا (أَقُولُ) قَضِيَّةُ كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَهَا أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ وَلَا يَكْفِي النَّضْحُ فَالْأَحْسَنُ إسْقَاطُهَا وَوَجْهُ قَوْلِ الْحَطَّابِ بِوُجُوبِ النَّضْحِ أَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَعَدَمَهَا وَأَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا صَارَ مُتَرَدِّدًا فِي كَوْنِهِ هَلْ أَصَابَ الْمَحَلَّ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرُ وُجُوبِ غَسْلِ الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي شَكَّ فِي إزَالَةِ نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا، وَأَمَّا الرَّطْبُ الَّذِي أَصَابَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ نَضْحُهُ لِمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ النَّضْحِ) أَيْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَسَدَ كَالثَّوْبِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَمَدِ فَنَقُولُ يَنْبَغِي عَدَمُ الْغَسْلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ وَفِي الْإِصَابَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ إلَخْ) قَيَّدَ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ الْقَيْدُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ أَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَخْ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ الثَّانِي أَنْ لَا تَكْثُرَ الْأَوَانِي جِدًّا وَإِلَّا تَحَرَّى وَاحِدًا وَتَوَضَّأَ بِهِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّحَرِّي وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ وَإِلَّا تَيَمَّمَ كَمَا لَوْ أُرِيقَتْ كُلُّهَا أَوْ بَقِيَ مِنْهَا دُونُ عَدَدِ الْمُتَنَجِّسِ وَزِيَادَةُ إنَاءٍ الْقَيْدُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَجِدَ طَهُورًا مُحَقَّقًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ. (تَنْبِيهٌ) : أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ الِاشْتِبَاهَ وَأَرَادَ الِالْتِبَاسَ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ مَعَهُ دَلِيلٌ وَالِالْتِبَاسَ لَا دَلِيلَ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِمُتَنَجِّسٍ) كَمَاءَيْنِ تَغَيَّرَ أَحَدُهُمَا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ طُرِحَ فِيهِ الْآخَرُ بِتُرَابٍ نَجِسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ نَجَسٍ أَيْ كَالْبَوْلِ الْمَقْطُوعِ الرَّائِحَةِ الْمُوَافِقِ لِأَوْصَافِ الْمَاءِ وَلَا نَصَّ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ خَرَّجَهَا عَلَى الْأُولَى وَرَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ عَدَدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَهُ صُوَرٌ الْأُولَى أَنْ لَا يَعْلَمَ عَدَدَهُ وَلَا عَدَدَ مُقَابِلِهِ وَفِي هَذِهِ صَلَّى بِعَدَدِ الْآنِيَةِ كُلِّهَا الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ عَدَدُهُ كَذَا وَالْآخَرَ عَدَدُهُ كَذَا وَلَا يَعْلَمُ هَذَا مِنْ هَذَا وَفِي هَذِهِ يَجِبُ أَنْ يَحْتَاطَ وَيُصَلِّيَ بِعَدَدِ الْأَكْثَرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْآنِيَةِ عَشَرَةً مَثَلًا وَيَتَحَقَّقُ نَجَاسَةَ خَمْسَةٍ وَطَهَارَةَ اثْنَيْنِ وَشَكَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيُصَلِّي فِي هَذِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا وَزِيَادَةَ إنَاءٍ. وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ أَيْ بِعَدَدِهِ وَلَوْ حُكْمًا إذْ مُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ الْحُكْمُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ مَا عَدَا وَاحِدًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَدَمِ طَهَارَةِ الْأَكْثَرِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَدَمِ طَهَارَةِ مَا شَكَّ فِيهِ فِي الثَّالِثَةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الصُّوَرَ الْخَمْسَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ تَأْتِي هُنَا لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا إلَّا تَعَدُّدُ الصَّلَوَاتِ هُنَا دُونَ الْأُولَى (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءِ) وَلَا يُقَالُ هَذَا يَصْدُقُ بِجَمْعِ الْأَوْضِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ فَلَمْ يَكُنْ كُلُّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ بَلْ بِوُضُوآتٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِغَيْرِ طَاهِرٍ صَلَّى بِعَدَدِهِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ إذْ الْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجَسِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا تَحَرَّى وَاحِدًا فَتَوَضَّأَ بِهِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّحَرِّي وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا تَيَمَّمَ هَكَذَا وَقَعَ فِي مَجْلِسِ الْمُذَاكَرَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ خِلَافٌ إذْ هَذَا مِنْ أَفْرَادِهِ وَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْخِلَافِ الْقَوْلُ بِالتَّيَمُّمِ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ خَوْفُ فَوَاتِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَهُ بَعْضٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ أَنَّهُ إذَا اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِطَهُورٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ عَدَدُهُمَا أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمَا بِحَيْثُ تَزِيدُ عَلَى اثْنَيْنِ فَإِذَا عَلِمَ عَدَدَ الطَّهُورِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ يُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَمَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ الطَّاهِرِ أَوْ الطَّهُورِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الطَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَوَضَّأَ بِالْجَمِيعِ وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ عَدَدَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ خَمْسَةٌ وَعَدَدَ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا الَّذِي عَدَدُهُ خَمْسَةٌ وَلَا مَا الَّذِي عَدَدُهُ أَرْبَعَةٌ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ أَكْثَرِهَا وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً. (ص) وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ تَعَبُّدًا سَبْعًا بِوُلُوغِ كَلْبٍ مُطْلَقًا لَا غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلْبَ سَوَاءٌ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ اتِّخَاذِهِ أَوْ مَأْذُونًا فِيهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا إذَا وَلَغَ فِي إنَاءِ مَاءٍ أَيْ شَرِبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَاقَ الْمَاءُ الْمَوْلُوغُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ الْإِنَاءُ سَبْعَ مَرَّاتٍ تَعَبُّدًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ وَقِيلَ لِقَذَارَتِهِ وَقِيلَ لِنَجَاسَتِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَوْلُوغُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ حَوْضَ مَاءٍ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْإِرَاقَةُ وَلَا الْغَسْلُ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ إنَّمَا جَاءَ فِي الْإِنَاءِ فَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ أَوَانِيَ الطَّعَامِ مُصَانَةٌ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ أَوَانِي الْمَاءِ تُبْتَذَلُ أَوَانِيهِ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْوُلُوغَ مُخْتَصٌّ بِالْمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَاءٍ وَهُمَا مَفْهُومَا إنَاءِ مَاءٍ عَلَى النَّشْرِ الْمَعْكُوسِ وَنُصِبَ تَعَبُّدًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ وَسَبْعًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إذْ الْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجَسِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ قَاصِرٌ لَا يَشْمَلُ الْمُتَنَجِّسَ أَيْ وَهَذَا التَّصْوِيبُ يُفِيدُ التَّسَاوِي فَيَكُونُ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ إلَخْ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ مُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا إذَا اشْتَبَهَ بِنَجِسٍ احْتِيَاطًا وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ وَاشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِمَا إذَا اشْتَبَهَ فِيهِ الطَّهُورُ بِالطَّاهِرِ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَقْدِيمَ مَا اشْتَبَهَ فِيهِ الطَّهُورُ بِالطَّاهِرِ عَلَى مَا اشْتَبَهَ فِيهِ الطَّهُورُ بِالنَّجِسِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِالطَّاهِرِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ عَدَدُهُمَا) أَيْ الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمُطْلَقُ وَاحِدٌ وَكَذَا الَّذِي فِيهِ الطَّاهِرُ. (قَوْلُهُ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ) اسْتَظْهَرَ الْمُؤَلِّفُ اشْتِرَاطَ الدَّلْكِ فِي الْغَسْلِ لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَةِ الْغَسْلِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يَكْفِي صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُزَالُ وَقَوْلُهُ وَيُرَاقُ أَيْ الْمَاءُ الْمَوْلُوغُ فِيهِ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ بِأَنْ مُضْمَرَةً عَطْفًا عَلَى الْمَصْدَرِ، وَهُوَ غَسْلُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْغَسْلِ مَعَ الْإِرَاقَةِ لَا مَعَ عَدَمِهَا كَالِاسْتِعْمَالِ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِرَاقَةِ مَشْرُوطٌ بِالْغَسْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ يَنْدُبُ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلِ وَالْإِرَاقَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَيُرَاقُ وَلَوْ كَثُرَ لَكِنْ قَالَ مُحَشِّي تت تَقَدَّمَ تَقْيِيدُ أَوْ وَلَغَ كَلْبٌ بِمَا إذَا كَانَ قَلِيلًا أَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِإِرَاقَتِهِ، فَإِنْ قِيلَ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ فَلِمَ كَانَ هُنَا مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَالْمُوَافِقُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ وَإِلَّا نَافَاهُ قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْإِطْلَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّامَ فِي الْكَلْبِ لِلْعُمُومِ لَا لِلْعَهْدِ فَيَخْتَصُّ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْمَعْرُوفُ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ كَلْبٍ لُغَةً (قَوْلُهُ تَعَبُّدًا) وَمَعْنَى التَّعَبُّدِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ لَهُ حِكْمَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا مَعَ أَنَّا نَجْزِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حِكْمَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا اسْتَقْرَيْنَا عَادَةَ اللَّهِ فَوَجَدْنَاهُ جَالِبًا لِلْمَصَالِحِ دَارِئًا لِلْمَفَاسِدِ. (قَوْلُهُ لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ) أَيْ إنَّمَا حَكَمْنَا بِالتَّعَبُّدِ لِطَهَارَتِهِ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا لِلتَّعَبُّدِ بَلْ لِلْحُكْمِ بِالتَّعَبُّدِ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ التَّعَبُّدُ لَا يُعَلَّلُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِقَذَارَتِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِطَهَارَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَعَبُّدًا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ مَطْلُوبِيَّةِ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فَقِيلَ تَعَبُّدٌ وَقِيلَ لِقَذَارَتِهِ وَقِيلَ لِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْإِرَاقَةُ) أَيْ بَلْ تَحْرُمُ فِي الطَّعَامِ وَقِيلَ يُرَاقُ الْمَاءُ وَالطَّعَامُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالنَّجَاسَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُغْسَلُ سَبْعًا تَعَبُّدًا يَجُوزُ شُرْبُهُ وَلَا يَنْبَغِي الْوُضُوءُ بِهِ إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَعَلَى أَنَّهُ لِلنَّجَاسَةِ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَوَانِي الطَّعَامِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّ بِالْوَاوِ أَيْ فَالْحَدِيثُ إنَّمَا وَرَدَ فِي إنَاءِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبْتَذَلُ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا قُلْنَا الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّهُ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُقَيَّدُ الْمُطْلَقُ (قَوْلُهُ بِالْجَرِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُشْكِلُ فِي حَوْضٍ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَزُهُ إنَّمَا هُوَ مُحْتَرَزُ إنَاءٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْغَسْلُ مُخْتَصٌّ بِالْإِنَاءِ فَلَوْ وَلَغَ فِي حَوْضٍ لَا يُغْسَلُ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ (قَوْلُهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ الْفَاعِلُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ عَلَى جِهَةِ التَّعَبُّدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 مُطْلَقٌ لِغَسْلٍ، وَهُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ غُسْلًا سَبْعًا أَيْ ذَا سَبْعٍ أَيْ ذَا مَرَّاتٍ سَبْعٍ وَقَوْلُهُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ لَا خِنْزِيرٍ أَوْ سَبُعٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ وَلَوْ نَشَأَ وَلَدٌ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ فَالْأَحْوَطُ الْغَسْلُ وَلَا يَبْعُدُ تَبَعِيَّتُهُ لِلْأُمِّ لِقَوْلِهِ وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَلَوْ لَعِقَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ. (ص) عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْإِنَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْأَكْثَرِ وَلِرِوَايَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقِيلَ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ بِفَوْرِ الْوُلُوغِ وَيَكْفِي الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ أَوْ لِاضْطِرَابِ رِوَايَاتِهِ وَلَا يَتَعَدَّدُ الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ مَرَّاتٍ فِي الْإِنَاءِ أَوْ جَمَاعَةِ كِلَابٍ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إذَا تَسَاوَتْ مُوجِبَاتُهَا اُكْتُفِيَ بِوَاحِدٍ كَتَعَدُّدِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَلَوْ قَالَ بِوُلُوغِ كَلْبٍ فَأَكْثَرَ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ أَوْ لِسَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ أَوْ سَقَطَ لُعَابُهُ فَلَا يُغْسَلُ. وَلَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى وَسَائِلِ الطَّهَارَةِ الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ وَبَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ، وَبَيَانُ حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَكَيْفِيَّةِ إزَالَتِهَا وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ وَنَوَاقِضُهُ وَالْغُسْلُ وَنَوَاقِضُهُ وَمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُمَا وَهُوَ التَّيَمُّمُ أَوْ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ مَسْحُ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْفُصُولُ الثَّلَاثَةُ وَسَائِلَ لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَوَسِيلَةُ الشَّيْءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ ذَاتَ مَرَّاتِ سَبْعٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَيْ ذَا سَبْعٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ سَبْعٌ مِنْ الْغَسَلَاتِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ سَبْعٌ مِنْ الْغَرَفَاتِ وَقَدَّرَ قَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ ذَا سَبْعٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْغَسْلُ هُوَ نَفْسُ السَّبْعِ؛ لِأَنَّ السَّبْعَ اسْمٌ لِعَدَدٍ فَلَا يَكُونُ نَفْسَ الْفِعْلِ وَلَا يُعَدُّ مِنْ السَّبْعَةِ الْمَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ لَا خِنْزِيرٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ غَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْكَلْبِ وَيَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْوُلُوغِ (قَوْلُهُ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ إلَخْ) قَالَ عج الْمُرَادُ عِنْدَ اتِّصَالِ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ بِالِاسْتِعْمَالِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِالِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ وَقَصْدِ اتِّصَالِ الْغَسْلِ بِالِاسْتِعْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَتَّصِلْ الْغَسْلُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَا فَوْرًا عِنْدَ الْوُلُوغِ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ اسْتِعْمَالَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلتَّرَاخِي إلَخْ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي النَّفْسِ فَيَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكْفِي بِلَا نِيَّةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيَكْفِي وَتَعَلُّقُهُ بِنُدِبَ أَوْ بِغَسْلٍ غَيْرُ وَاضِحٍ لِاقْتِضَائِهِ اسْتِحْبَابَ عَدَمِ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَفْيِ الِاشْتِرَاطِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْعَدَمِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَفِي لَفْظٍ آخَرَ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَكَذَا رِوَايَاتٌ أُخَرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِهِ فِي كُلِّهَا لَا يَقْتَضِي تَرْكَهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ قَالَ بَهْرَامُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ زِيَادَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي لَمْ يَزِدْ أَوْثَقَ مِنْهُ وَاَلَّذِي لَمْ يَزِدْ أَوْثَقُ كَمَا بَيَّنَّهُ السُّيُوطِيّ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ فَيَكُونُ خَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ شَاذَّةً وَالشَّاذُّ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِاضْطِرَابِ رِوَايَاتِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا إحْدَاهُنَّ وَبَعْضِهَا أُولَاهُنَّ وَبَعْضِهَا فِي أُخْرَاهُنَّ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِوَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْمُوجِبَاتِ أَوْ اكْتَفَى بِمُوجِبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ كَتَعَدُّدِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) أَيْ فَإِنَّ مُوجَبَهَا وَاحِدٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْكَلْبِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ» إلَخْ لِلْجِنْسِ الْمُتَحَقَّقِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ. [فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ] (قَوْلُهُ: وَسَائِلِ) سَيَأْتِي أَنَّ جَعْلَ هَذِهِ وَسَائِلَ بِاعْتِبَارِ مَعْرِفَتِهَا لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لَا تَكْفِي فِي مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ إلَّا مِنْ الْخَبَثِ لَا بِمَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى شَيْءٍ آخَرَ مِنْ تَحْصِيلِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْمَعْفُوَّاتِ فِي صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْخَبَثِ وَالْحَدَثِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْفُوَّ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ فَإِنْ قُلْت: وَكَذَا بَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ قُلْت لَا لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ تُفِيدُ أَنَّ مَا تَغَيَّرَ بِهَا إمَّا طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ فَيُجْتَنَبُ الْأَوَّلُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالثَّانِي فِيهَا وَفِي الْعَادَاتِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَنَافِيًا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ طَهَارَةُ الْحَدَثِ فَقَطْ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ أَيْ الَّتِي هِيَ الْمَاءُ الْمُبَيَّنُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ إزَالَتِهَا أَرَادَ بِهَا مَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَيُطَهِّرُ مَحِلَّ النَّجَسِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ الْمَقَاصِدُ جَمْعُ مَقْصِدٍ أَيْ مَحِلٌّ يُقْصَدُ مِنْهُ الطَّهَارَةُ وَيَكُونُ سَبَبًا فِي حُصُولِهَا إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: وَهِيَ الْوُضُوءُ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَنَوَاقِضُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ وَنَوَاقِضُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ سَبَبٌ فِيهَا إمَّا مِنْ حَيْثُ حُصُولُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَاءِ الْمُبَيَّنِ الَّذِي يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ الطَّهَارَةُ أَيْ بِوَاسِطَةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ هِيَ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ الْمُعَرَّفَةُ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إلَى مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ) أَيْ وَعَدَمِهَا بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَسِيلَةٌ لِلطَّهَارَةِ أَيْ لِتَحْصِيلِهَا إلَّا لِصِحَّتِهَا وَيُجَابُ بِجَعْلِهِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 مَا يُوَصِّلُ إلَيْهِ وَبَدَأَ مِنْ الْمَقَاصِدِ بِالْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَقَالَ (فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ) (ش) فَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا فَرْضٌ وَيُجْمَعُ الْفَرْضُ عَلَى فُرُوضٍ فَإِنْ قِيلَ: فَرَائِضُ جَمْعُ كَثْرَةٍ لِلْعَشَرَةِ فَفَوْقُ مَعَ أَنَّ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ سَبْعَةٌ يُقَالُ اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْكَثْرَةِ فِي الْقِلَّةِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَبْدَأَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأَمَّا تَعْبِيرُهُ بِفَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَصَحِيحٌ سَوَاءٌ قُلْنَا مَبْدَؤُهُ الْعَشَرَةُ أَوْ مَبْدَؤُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُ تت فَرَائِضُ جَمْعُ فَرْضٍ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعَائِلَ بَلْ هُوَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ وَالْوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهِمَا الْمَاءُ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَةِ وَحُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ فِيهِمَا وَهَلْ هُوَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الْمُطْلَقِ أَوْ لَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعِبَادَاتِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَضَاءَةِ بِالْمَدِّ وَهِيَ النَّظَافَةُ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحُسْنُ وَشَرْعًا لَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرُجُوعِهِ لِلتَّطْهِيرِ وَهُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ هُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَيُقَالُ فِيهِ قُرْبَةٌ فِعْلِيَّةٌ ذَاتُ غُسْلٍ بِوَجْهٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ وَمَسْحِ رَأْسٍ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي عَدِّ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَمُحَصَّلُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْهَا فَرْضًا بِإِجْمَاعٍ وَهِيَ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَعَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالدَّلْكُ وَالْفَوْرُ وَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ كَمَا مَرَّ وَالتَّرْتِيبُ وَالْجَسَدُ الطَّاهِرُ لِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْغُسْلِ إذَا غَسَلَ مَوَاضِعَ الْأَذَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَجْزَأَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلَمَّا أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِتَكَرُّرِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّكَرُّرَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَلَا يَكُونُ مِنْهُمَا تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعْلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ نَظَرًا لِلتَّكَرُّرِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَكْرَارَ الْمُتَحَقِّقِ وَلَوْ مَعَ الطَّلَبِ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الثَّانِي لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ بَلْ نُظِرَ لِلطَّلَبِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ. (فَصْلُ: فَرَائِضُ الْوُضُوءِ) (قَوْلُهُ: فَرَائِضُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً وَهُوَ فَاسِدٌ هُنَا لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى كُلُّ فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ غَسْلِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ كَمَا هُنَا أَوْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَيُعَاقَبُ إشَارَةَ أَنَّ اللَّازِمَ لِلْفَرْضِ تَرَتُّبُ الْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ وَيُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ إرَادَتُهُ هُنَا لِشُمُولِهِ وُضُوءَ الصَّبِيِّ وَالْوُضُوءَ قَبْلَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يُثَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ فَرَائِضُ جَمْعُ كَثْرَةٍ لِلْعَشَرَةِ فَفَوْقُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْكَثْرَةِ) أَيْ صِيغَةَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْقِلَّةِ) أَيْ فِي نَفْسِ الْقِلَّةِ لَا فِي صِيغَتِهَا (قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَبْدَأِ وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا مَبْدَؤُهُ الْعَشَرَةُ) الْأَوْلَى مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعَائِلَ) أَيْ قِيَاسًا فَلَا يُنَافِي جَمْعَهُ عَلَيْهِ شُذُوذًا (قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِهَا الْمَاءُ) وَقِيلَ بِالْعَكْسِ حَكَاهُ تت (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ الضَّمُّ إلَخْ) مُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ فَهُوَ شَاذٌّ كَمَا أَفَادَهُ تت وَجَعَلَهُ لَهُ الْحَطَّابُ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعِبَادَاتِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ أَيْ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِاللُّغَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ هَذِهِ احْتِمَالَاتٌ لَا أَقْوَالٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ النَّظَافَةُ) أَيْ الْوَضَاءَةُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْ الْوَضَاءَةِ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا سَبَبًا فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْحُسْنُ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا لَمْ يَجِدْهُ ابْنُ عَرَفَةَ) لَا شَكَّ أَنَّ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ هُوَ مَا كَانَ بِالضَّمِّ فَالنَّقْلُ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَتْحِ بَلْ فِي الضَّمِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الْمَنْقُولُ عَنْهُ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ هُوَ الْفِعْلُ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ فِي اللُّغَةِ بِحَسَبِ مَذْهَبِنَا الصَّبُّ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ مَعَ الدَّلْكِ سَوَاءٌ كَانَ وُضُوءًا شَرْعِيًّا أَمْ لَا كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ» (قَوْلُهُ: لِرُجُوعِهِ لِلتَّطْهِيرِ) أَيْ مِنْ رُجُوعِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ أَيْ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّطْهِيرَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِصَدَدِ التَّعَارِيفِ الْمُمَيِّزَةِ لِمُعَرَّفَاتِهَا فَلَا يَكْفِي الرُّجُوعُ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي غَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ وَمَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ الطَّرَفَ الثَّانِيَ يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَعْدُ فَيُقَالُ: إنَّ هَذَا الرُّجُوعَ مِنْ رُجُوعِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ فَيَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ وَيُجَابُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ الْأَقْدَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِيهِ قُرْبَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْوُضُوءِ الْفَرْضِ وَلَا يَشْمَلُ السُّنَنَ فَهُوَ تَعْرِيفٌ نَاقِصٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي تَعْرِيفِهِ طَهَارَةٌ مَائِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِأَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ فِعْلُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ غَسْلُ مَا عَدَا الرَّأْسَ وَمَسْحُ الرَّأْسِ. (فَائِدَةٌ) خُصَّتْ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحِلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا أَوْ لِأَنَّ آدَمَ مَشَى إلَى الشَّجَرَةِ بِرِجْلَيْهِ وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِيَدِهِ وَأَكَلَ بِفَمِهِ وَمَسَّ رَأْسَهُ وَرَقُهَا وَاخْتَصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ فَإِنَّهُ عَدَّ مِنْ فَرَائِضِهِ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ وَرَّدَ بِأَنَّهُ خَارِجُ الْمَاهِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ آلَةٌ يُفْعَلُ بِهِ الْوُضُوءُ وَشَرْطٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْتِيبُ) زَادَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا وَرَدَّ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْجَسَدُ الطَّاهِرُ) فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ قَالَ بِأَنَّهُ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ نِيَّةَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا وَقَصْدُهُ أَنَّ وُجُودَ النِّيَّتَيْنِ لَا يَضُرُّ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ تَنَافِيهِمَا، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَهَارَةُ الْجَسَدِ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 سُلُوكَ طَرِيقَةِ مَنْ عَدَّهَا سَبْعَةً بَدَأَ بِالْأَعْضَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا النَّاصِّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مُرَتِّبًا لَهَا عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ بَادِئًا بِالْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ (ص) غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ (ش) وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَجْهِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ حَدِّهِ طُولًا وَعَرْضًا وَالْغَسْلُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ إمْرَارِ الْيَدِ بِالْمَاءِ مُصَاحِبًا أَوْ مُتَابِعًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ الْأُذُنَانِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ لِاحْتِمَالِ دُخُولِ الْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ وَقَوْلُهُ غَسْلُ خَبَرُ فَرَائِضُ وَيُعْتَبَرُ الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الْإِخْبَارِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْإِخْبَارُ بِالْمُفْرَدِ عَنْ الْجَمْعِ وَغَسْلُ مَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ حُذِفَ فَاعِلُهُ أَيْ غَسْلُ مُرِيدِ الصَّلَاةِ أَوْ الْمُتَوَضِّئِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَلَا يُقَدَّرُ الْمُكَلَّفُ لِأَنَّهُ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى وُضُوءِ الصَّبِيِّ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدَّ الْوَجْهِ طُولًا فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى الْأُذُنَيْنِ (وَ) غَسْلُ مَا بَيْنَ (مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ) إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ فِي نِقْيِ الْخَدِّ وَإِلَى مُنْتَهَى اللِّحْيَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ لِحْيَةٌ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (وَالذَّقَنِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَوَجَبَ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ مَعَ غَسْلِ الذَّقَنِ فِي حَقِّ مَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ وَغَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا فِيمَنْ لَهُ لِحْيَةٌ وَهِيَ مَا يَنْبُتُ مِنْ الشَّعْرِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّحَى بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ وَالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ وَالْمُرَادُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا إمْرَارُ الْيَدِ عَلَيْهَا مَعَ الْمَاءِ وَتَحْرِيكُهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الشَّعْرَ يَنْبُو بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا حُرِّكَ يَحْصُلُ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ ظَاهِرِهِ وَهَذَا التَّحْرِيكُ خِلَافُ التَّخْلِيلِ الْآتِي إذْ هُوَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ (ص) فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ (ش) الْوَتَرَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهِيَ الْحَاجِزُ بَيْنَ ثُقْبَتَيْ الْأَنْفِ وَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ أَسِرَّةٍ وَهِيَ خُطُوطُ الْجَبْهَةِ وَالْكَفُّ الْوَاحِدُ سِرَرٌ بِوَزْنِ عِنَبٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَغْسِلَ الْوَتَرَةَ   [حاشية العدوي] لَمَا صَحَّتْ النِّيَّةُ مَعَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ صَادَفَتْ الْجَسَدَ غَيْرَ طَاهِرٍ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِصِحَّةِ النِّيَّةِ مَعَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى فِعْلِهَا غَسْلًا وَمَسْحًا أَيْ عَلَى الْفِعْلِ فِيهَا الشَّامِلِ لَهُ (قَوْلُهُ: إفَاضَةُ الْمَاءِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِفَاضَةِ كَغَمْسِ الْعُضْوِ فِي الْمَاءِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ مَغْمُوسًا ثُمَّ أَرَادَ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَابِعًا (قَوْلُهُ الْأُذُنَانِ) أَيْ فَلَا يُغْسَلَانِ قَطْعًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الصُّدْغَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَمَا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ مِنْهُ مِنْ الرَّأْسِ يُمْسَحُ مَعَهَا وَمِنْ الْعَظْمِ النَّاتِئِ إلَى أَسْفَلَ يُغْسَلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الصُّدْغِ مِنْ الْوَجْهِ وَهُوَ مِنْ الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَمَا دُونَهُ وَبَعْضَهُ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مَا فَوْقَهُ وَالْجَمِيعُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الصُّدْغِ لِأَنَّهُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ إلَّا أَنَّك بَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصُّدْغَيْنِ إذْ هُمَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَيَكُونَانِ مِنْ الْمَغْسُولِ مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ الْمَمْسُوحِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ مَا بَيْنَ وَتَدَيْ الْأُذُنَيْنِ وَبِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي تَحْدِيدِ الْوَجْهِ، وَأَمَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَعْضَاءِ يَجِبُ غَسْلُهُ تَارَةً وَمَسْحُهُ أُخْرَى فَشَيْءٌ آخَرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا بَيْنَ شَعْرَيْ الصُّدْغَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ قَطْعًا وَشَعْرِ الصُّدْغَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ قَطْعًا وَمَا فَوْقَ الْوَتَدِ مِنْ الْبَيَاضِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْوَتَدِ فَمَا تَحْتُ مِنْ الْوَجْهِ فَيُغْسَلُ وَدَخَلَ فِي الْوَجْهِ الْجَبِينَانِ وَهُمَا الْمُحِيطَانِ بِالْجَبْهَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ دُخُولِ الْمَبْدَأِ) الِاحْتِمَالُ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَايَةِ، وَأَمَّا الْمَبْدَأُ فَهُوَ دَاخِلٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَوَضِّئِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُرِيدِ الصَّلَاةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مُرِيدِ الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ إلَخْ) مَقْصُودُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنَابِتِ عَطْفٌ عَلَى الْأُذُنَيْنِ، وَالذَّقَنِ عَطْفٌ عَلَى مَنَابِتِ وَالتَّقْدِيرُ غَسْلُ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ الذَّقَنِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ لَكِنْ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُنْتَهَى الذَّقَنِ وَمُنْتَهَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ فَإِذَنْ يَدْخُلُ الذَّقَنُ وَظَاهِرُ اللِّحْيَةِ فَيُغْسَلَانِ وَالْمُنَاسِبُ لِتَقْدِيرِ مَا بَيْنَ إلَخْ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ وَإِلَى مُنْتَهَى اللِّحْيَةِ إلَخْ بَلْ يَقُولُ: إنَّ التَّقْدِيرَ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَمُنْتَهَى الذَّقَنِ، وَأَمَّا غَسْلُ مَنَابِتِ الشَّعْرِ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَأَرَادَ بِمُنْتَهَى الِانْتِهَاءِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِانْتِهَاءَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فَلَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ غَايَةً وَإِنْ جَعَلْت الِانْتِهَاءَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ لَزِمَ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِهَاءِ هُنَا مَا لَاصَقَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ الْفَرَاغِ. (تَنْبِيهٌ) : وَصَفَ الشَّعْرَ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَادِ لِيَدْخُلَ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ مَوْضِعُ شَعْرِ الْأَغَمِّ وَهُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الْوَجْهِ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمُعْتَادِ كَالْجَبْهَةِ يُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَيَخْرُجُ مَوْضِعُ الصَّلَعِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ خُلُوُّ النَّاصِيَةِ وَهِيَ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ مِنْ الشَّعْرِ وَمَوْضِعُ النَّزَعِ وَهُوَ خُلُوُّ جَانِبِ الْجَبِينَيْنِ مِنْهُ وَيُقَالُ لَهُ الْجَلَحُ فَالنَّزَعَتَانِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْعَيْنِ تَثْنِيَةُ نَزَعَةٍ بِفَتْحِهِمَا وَهُمَا بَيَاضَانِ عَلَى جَنْبَيْ الْجَبِينَيْنِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ ذَاهِبَتَانِ عَلَى جَنْبَيْ الْيَافُوخِ وَمَا بَيْنَهُمَا إلَى الصُّدْغَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) ، وَأَمَّا بَاطِنُهَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَهُوَ مَا حَاذَى الصَّدْرَ مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ وَمَا كَانَ مِنْ أَسْفَلِهَا إلَى جِهَةِ الْقَفَا وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ رَأَيْت شَيْخَ الْمَالِكِيَّةِ نُورَ الدِّينِ السَّنْهُورِيَّ يَغْسِلُ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ فَلَا أَدْرِي لِوَرَعٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ) أَيْ عَظْمُ الْحَنَكِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ وَهُوَ مِنْ الْإِنْسَانِ حَيْثُ يَنْبُتُ الشَّعْرُ وَهُوَ أَعْلَى وَأَسْفَلُ أَيْ الْفَكُّ أَعْلَى وَأَسْفَلُ أَوْ الْحَنَكُ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَإِضَافَةُ فَكٍّ لِلْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ فَكًّا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مَفْكُوكٌ مِنْ صَاحِبِهِ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ) الْمُرَادُ بِالْجَبْهَةِ هُنَا مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَى مَبْدَأِ الرَّأْسِ فَيَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ لَا الْجَبْهَةَ الْآتِيَةَ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ وَالْمُرَادُ بِظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ مَا يَبْدُو مِنْهُمَا عِنْدَ انْطِبَاقِهِمَا انْطِبَاقًا طَبِيعِيًّا (قَوْلُهُ: الْوَاحِدُ سِرَرٌ) أَيْ فَأَسَارِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ وَهُوَ طَرَفُ الْأَنْفِ وَبِغَسْلِ مَا غَارَ مِنْ ظَاهِرِ أَجْفَانِهِ وَأَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرِ شَفَتَيْهِ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي تَحْدِيدِ الْوَجْهِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ يَنْبُو عَنْهَا فَنَبَّهَ عَلَيْهَا قَالَ الْجُزُولِيُّ فَيَلْزَمُ الْمُتَوَضِّئَ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَنَبَّهَ عَلَى الْوَتَرَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ. (ص) بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ (ش) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِغَسْلُ وَالتَّخْلِيلُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ مَعَ إيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ إنْ كَانَ الشَّعْرُ خَفِيفًا بِحَيْثُ تَتَبَيَّنُ الْبَشَرَةُ أَيْ الْجِلْدُ تَحْتَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ وَيُكْرَهُ تَخْلِيلُ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ عِنْدَ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ فِيمَا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَظْهَرُ إلَخْ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَجِبُ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ الْكَثِيفَةِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (ص) لَا جُرْحًا بَرِئَ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْجُرْحِ إذَا بَرِئَ غَائِرًا وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ غَسْلُ مَا خُلِقَ مِنْ وَجْهِهِ غَائِرًا مِنْ أَجْفَانِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَوْلُهُ غَائِرًا حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ خُلِقَ فَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِفَاعِلِ بَرِئَ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا جُرْحًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا لِأَنَّ مَحِلَّهَا نَصْبٌ أَيْ أَثَرَ جُرْحٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ أَيْ لَا يَغْسِلُ جُرْحًا بَرِئَ وَلَا يُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى الْوَتَرَةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِقَيْدِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ غَائِرًا رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَرِئَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى جُرْحًا وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَحِلًّا خُلِقَ غَائِرًا   [حاشية العدوي] جَمْعُ الْجَمْعِ وَفِي الصِّحَاحِ جَمْعُ أَسْرَارٍ كَأَعْنَابٍ فَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ وَفِي الْمُفْرَدِ لُغَةٌ أُخْرَى وَهِيَ سِرَارٌ وَجَمْعُهُ أَسِرَّةٌ كَزِمَامٍ وَأَزِمَّةٍ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ فِي كَوْنِ الْوَاحِدِ سِرَرًا إنْ كَانَ مَسْمُوعًا فَظَاهِرٌ لَكِنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ أَسَارِيرُ جَمْعُ أَسْرَارٍ بِوَزْنِ أَعْنَابٍ وَهُوَ جَمْعُ سِرَرٍ بِوَزْنِ عِنَبٍ وَكَذَا أَسَارِيرُ جَمْعُ أَسِرَّةٍ بِوَزْنِ أَزِمَّةٍ وَهُوَ جَمْعُ سِرَارٍ بِوَزْنِ زِمَامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ وَنَبَّهَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَتَرَةُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ طَرَفُ الْأَنْفِ) تَفْسِيرُ الْمَارِنِ (قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَقَوْلُهُ وَيَغْسِلُ مَا غَار مِنْ ظَاهِرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى قُصُورِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ) وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَنَبَّهَ عَلَى أَسَارِيرِ الْجَبْهَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ لَا يُدَاخِلُهَا. (قَوْلُهُ: شَعْرٍ) أَيْ مِنْ لِحْيَةٍ وَشَارِبٍ وَحَاجِبٍ وَعَنْفَقَةٍ وَهُدْبٍ (قَوْلُهُ: تَحْتَهُ) أَيْ الْكَائِنِ تَحْتَهُ فَالظَّرْفُ صِفَةٌ لِتَعْيِينِ الْمَقْصُودِ أَوْ حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا كَائِنَةً تَحْتَهُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَظْهَرُ إلَخْ لَوْ كَانَ بَعْضُهُ خَفِيفًا وَبَعْضُهُ كَثِيفًا لَكَانَ لِكُلٍّ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ) لَا إيصَالِ الْمَاءِ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيكُ الْكَثِيفَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ أَيْضًا) وَهَلْ الْخِلَافُ فِي كَثِيفِ الْمَرْأَةِ كَمَا هُوَ فِي الرَّجُلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْخَفِيفَةِ دُونَ الْكَثِيفَةِ وَعَلَى وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْكَثِيفَةِ أَوْ نَدْبِهِ وَإِنْ كَانَا ضَعِيفَيْنِ فَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّتِهِ فَقِيلَ لِدَاخِلِ الشَّعْرِ فَقَطْ وَقِيلَ بُلُوغُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ إلَخْ) كَأَنْ تَقُولَ: إنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ الَّذِي هُوَ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ إلَى حَاضِرٍ وَجَبَ تَخْلِيلُهَا وَإِنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَخَاطُبٌ وَلَا مَجْلِسُ تَخَاطُبٍ بَلْ مُجَرَّدُ مُوَاجَهَةٍ فَلَا يَجِبُ تَخْلِيلُهَا هَذَا مُرَادُهُ وَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا تَظْهَرُ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ بِدُونِ تَخَاطُبٍ وَمَجْلِسِهِ تُغْسَلُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ظُهُورُهَا عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ فَالْحَقُّ أَنَّ عِبَارَةَ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ صَوَابٌ وَأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّكَ الشَّعْرَ لِيَعُمَّ الْمَاءُ ظَاهِرَهُ وَهَذَا غَيْرُ الْقَوْلِ الَّذِي فِي الْكَثِيفَةِ الْقَائِلِ بِتَخْلِيلِهَا لِدَاخِلِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ) سَيَأْتِي رَدُّهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْمُكَلَّفِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ) لَعَلَّهُ عَلَى طَرِيقَةٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا الِاصْطِلَاحِيُّ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ الْمُهْمَلَ يَعْمَلُ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الضَّمِيرِ حَالًا وَهُوَ بَاطِلٌ لِتَعْرِيفِ الضَّمِيرِ وَلُزُومِ تَنْكِيرِ الْحَالِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْجَوَازِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمِيرَ النَّكِرَةِ نَكِرَةٌ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَثَرَ جَرْحٍ) يَقْتَضِي قِرَاءَةَ جَرْحٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَلَوْ قُرِئَ بِالضَّمِّ لَمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ لِخَفَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَطْفٌ بِاعْتِبَارِ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ عج أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ بَرِئَ مِنْهُ جُرْحٌ غَائِرٌ وَمَا خُلِقَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْبُتْ فِيهِ الشَّعْرُ وَنَبَتَ الشَّعْرُ حَوْلَهُ وَطَالَ بِحَيْثُ سَتَرَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ مَسْحُهُ وَلَا يَكْفِي مَسْحُ مَا حَوْلَهُ مِنْ الشَّعْرِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ فَيُتْرَكَ مَسْحُهُ انْتَهَى لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُفْهَمُ مِمَّا هُنَا لَا أَنَّهَا مِنْ مَشْمُولَاتِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَغْسِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعًا فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ أَوْ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَوْ جُرْحًا خُلِقَ وَالْوَاقِعُ لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْجُرْحُ إنَّمَا طَرَأَ وَلَمْ يُخْلَقْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَهُ فِي ك نَقْلًا عَنْ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ جَرْحًا بَرِئَ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ وَضَمِيرُ خُلِقَ عَائِدٌ عَلَيْهِ أَيْ لَا مَحِلَّ جَرْحٍ بَرِئَ أَوْ خُلِقَ الْمَحِلُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَهُوَ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى جُرْحًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وَقَوْلُهُ لَا جُرْحًا أَيْ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَيْ دَلْكُهُ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ نَقْلِ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ وَلَا يَخْلُوَا إمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَغْسُولٍ أَوْ مَمْسُوحٍ فَإِنْ كَانَ لِمَغْسُولٍ فَلَا يُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ النَّقْلِ يَقْتَضِي الْمَسْحَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ لِمَمْسُوحٍ فَيُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ مَسْحِ الرَّأْسِ. (ص) وَيَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَرِيضَةَ الثَّانِيَةَ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوْ الْأَيْدِي إنْ قَدَرَ مَعَ مِرْفَقَيْهِ تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ آخِرَ عَظْمِ الذِّرَاعِ الْمُتَّصِلِ بِالْعَضُدِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ يَرْتَفِقُ بِهِ إذَا أَخَذَ بِرَاحَتِهِ رَأْسَهُ مُتَّكِئًا عَلَى ذِرَاعِهِ وَدُخُولُ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْغَسْلِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لِلِاحْتِيَاطِ عَلَى قَاعِدَةِ مَا لَا يُتَوَصَّلُ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِهِ وَقَوْلُهُ وَيَدَيْهِ عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ (ص) وَبَقِيَّةِ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ (ش) هَذَا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى يَدَيْهِ فَالْفَرْضُ إمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ أَوْ غَسْلُ بَقِيَّةِ الْمِعْصَمِ إنْ سَقَطَ بَعْضُهُ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَأَمَّا نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى الْوَتَرَةِ فَغَيْرُ بَيِّنٍ لِعَدَمِ تَسَبُّبِ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْمِعْصَمِ عَنْ قَوْلِهِ غَسَلَ إلَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِمِعْصَمٍ وَلَا لِقَطْعٍ بَلْ كُلُّ عُضْوٍ سَقَطَ بَعْضُهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِبَاقِيهِ غَسْلًا وَمَسْحًا (ص) كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ (ش) الْكَفُّ الْيَدُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ خُلِقَ لَهُ كَفٌّ فِي مَنْكِبِهِ وَلَمْ يُخْلَقْ لَهُ عَضُدٌ وَلَا سَاعِدٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْكَفِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَكَفٍّ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ لَهُ قِطْعَةُ لَحْمٍ بِمَنْكِبِهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَلَوْ كُشِطَ جِلْدُ الذِّرَاعِ وَتَعَلَّقَ بِهِ أَوْ بِالْمِرْفَقِ غُسِلَ وَإِنْ جَاوَزَهُ إلَى الْعَضُدِ فَلَا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الذِّرَاعِ اعْتِبَارًا بِمَحِلِّهَا وَيَكُونُ لِلذِّرَاعِ جِلْدَةٌ أُخْرَى. (ص) بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ (ش) لَمَّا كَانَ فِي الْيَدِ مَا قَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ كَمَا فِي الْوَجْهِ نَبَّهَ عَلَى بَعْضِهِ بِهَذَا وَالْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلُ أَيْ الْفَرْضُ غَسْلُ يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ بِالْوَاوِ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى غَسْلُ أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَعِيَّةِ أَيْ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ يُرِيدُ وَمَعَ التَّحَفُّظِ أَيْضًا عَلَى عَقْدِ الْأَصَابِعِ مِنْ ظَاهِرِهَا بِأَنْ يَحْنِيَ الْمُتَوَضِّئُ أَصَابِعَهُ وَعَلَى بَاطِنِهَا وَرُءُوسِهَا بِأَنْ يَجْمَعَ رُءُوسَ الْأَصَابِعِ وَيَحُكَّهَا عَلَى الْكَفِّ (ص) لَا إجَالَةِ خَاتَمِهِ (ش) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى تَخْلِيلٍ أَيْ وَغَسْلُ يَدَيْهِ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ لَا مَعَ إجَالَةِ أَيْ إدَارَةِ وَتَحْرِيكِ خَاتَمِهِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْخَاتَمِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ سَوَاءٌ كَانَ   [حاشية العدوي] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَيُجْعَلُ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى جُرْحٍ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَقَطَ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ) فَلَوْ نَزَلَ مَطَرٌ عَلَى عُضْوٍ فَغَسَلَهُ لَكَفَى (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْمُتَوَضِّئُ مَسْحَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ غَسْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْلُ بَلْ يَجْزِي إنْ لَاقَى الْمَطَرَ أَوْ مِيزَابًا أَوْ نَحْوَهُمَا (قَوْلُهُ: مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْلِ فِي الْمَسْحِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي ك (أَقُولُ) هَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ. (قَوْلُهُ: مِرْفَقَيْهِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا فِيمَا لَوْ خُلِقَتْ يَدُهُ كَالْعَصَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَيْدِي إنْ قَدَرَ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى يَدَيْهِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَعَكْسُهُ قُرِئَ بِهِمَا (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ) صِفَةٌ لِآخِرِ (قَوْلُهُ: مُتَّكِئًا عَلَى ذِرَاعِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُتَّكِئًا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مِرْفَقِهِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةِ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ) أَيْ بَعْضُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَقِيَّةِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْقَطْعِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَقِيَّةِ لِأَنَّ مَا خُلِقَ فِيهِ نَاقِصًا لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ وَمِعْصَمٍ وَإِنْ نَقَصَ لَشَمِلَ مَا خُلِقَ نَاقِصًا لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمِعْصَمُ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ السِّوَارِ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَرَادَ بِهِ السَّاعِدَ الَّذِي رَأْسُهُ الزَّنْدَانِ وَمُنْتَهَاهُ الْمِرْفَقُ فَهُوَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ فَيَجِبُ غَسْلُ بَاقِيهِ وَأَوْلَى لَوْ بَقِيَ وَقُطِعَ الْكُوعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: إنْ قُطِعَ أَيْ بَعْضُهُ أَيْ بَعْضُ الْمِعْصَمِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ بِلَا كَفٍّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مِعْصَمٌ ثُمَّ قُطِعَ بَعْضُهُ فَيَكُونُ صُورَةُ مَقْطُوعِ الْكَفِّ وَحْدَهُ مَفْهُومَةً أَوْلَى وَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَ بِكَفٍّ ثُمَّ قُطِعَ الْكَفُّ مَعَ بَعْضِ الْمِعْصَمِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ) فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَنْكِبٍ فَإِنْ كَانَ لَهَا مِرْفَقٌ غُسِلَتْ الْيَدُ مُطْلَقًا لِتَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ فَإِنْ كَانَتْ بِالذِّرَاعِ أَوْ فِي الْعَضُدِ وَامْتَدَّتْ إلَى الذِّرَاعِ غُسِلَتْ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ لَمْ تُغْسَلْ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّهُ إذَا نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ لَا تُغْسَلُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ وَالظَّاهِرُ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُغْسَلُ الْمُحَاذِي لِلْفَرْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمِرْفَقِ غُسِلَ) أَيْ الْجِلْدُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ فِي الْمَحِلِّ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ) شَامِلٌ لِلْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ أَحَسَّ بِهَا أَمْ لَا وَيُخَلِّلُ كُلَّ يَدٍ بِالْأُخْرَى وَالْأُولَى مِنْ ظَاهِرِهَا لِأَنَّهُ أَمْكَنَ لَا لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِنِهَا تَشْبِيكٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلَ وَالتَّخْلِيلُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ حَتَّى تُعَدَّ الْمَرَّةُ غَسْلَةً (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى غَسْلُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ تَخْلِيلَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مُسْتَقِلٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ التَّحَفُّظِ عَلَى عَقْدِ الْأَصَابِعِ) أَيْ وُجُوبًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَارِحُ الْوَغْلِيسِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ ظَاهِرِهَا) مِنْ بِمَعْنَى عَلَى فَيَكُونُ هِيَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَعَلَى بَاطِنِهَا بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ عَقْدِ الْأَصَابِعِ وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعُقَدِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى وَالسُّفْلَى (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيكِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَاتَمِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَلَعَلَّ مَنْ جَوَّزَ فِيهِ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ رَاعَى نُسْخَةَ الْبِسَاطِيِّ مِنْ رَفْعِ تَخْلِيلٍ وَنَصْبِهِ أَمَّا مَا لَا يُبَاحُ لُبْسُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَنَقَصَ غَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِيَدِهِ (ص) وَنَقْصِ غَيْرِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى الْمِعْصَمِ أَيْ وَيَجِبُ غَسْلُ بَقِيَّةِ الْمِعْصَمِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ وَنَقْصِ غَيْرِهِ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَنَقْصُ غَيْرِ الْمِعْصَمِ كَذَلِكَ أَيْ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَ فَنَقْصُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لَكِنْ هَذَا الضَّبْطُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمَنْقُوصَ أَيْ السَّاقِطَ بِتَمَامِهِ لَا يُتَوَهَّمُ غَسْلُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى النَّصِّ عَلَى عَدَمِ غَسْلِهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْغَسْلِ فِي السَّاقِطِ بَعْضُهُ لَا يَغْسِلُ بَقِيَّتَهُ إجْمَاعًا بَلْ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ أَوْ النَّائِبِ وَغَيْرِهِ مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ وَالضَّمِيرُ لِلْخَاتَمِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ أُضِيفَ فَيَعُمُّ أَيْ وَنَقْضِ غَيْرِ الْخَاتَمِ مِنْ كُلّ حَائِلٍ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَا يَجْعَلُهُ الرُّمَاةُ وَغَيْرُهُمْ فِي أَصَابِعِهِمْ مِنْ عَظْمٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِهِ إنْ كَانَ ضَيِّقًا أَوْ إجَالَتِهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَدْخُلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ص) وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى غَسْلُ أَيْ وَمِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مَسْحُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْجُمْجُمَةِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ عَلَى أَنَّ عَلَى حَرْفُ جَرٍّ أَوْ مَا صَعِدَ وَارْتَفَعَ عَلَى الْجُمْجُمَةِ عَلَى أَنَّهَا فِعْلٌ مَاضٍ وَيُطْلَبُ أَنْ يَكُونَ مَسْحُ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهِ كَفِعْلِهِ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ فَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ وَهَذَا حَيْثُ وَجَدَ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ وَإِذَا جَفَّتْ الْيَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْمَسْحِ حُدِّدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَفَّتْ فِي الرَّدِّ فَلَا (ص) بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي (ش) الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مُصَاحِبًا لِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي مِنْ الشَّعْرِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَالدَّلَّالِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ كَالْحُكْمِ لِمَا خَرَجَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ) أَيْ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ الْخَاتَمِ الذَّهَبِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ غَيْرُهُ مِنْ أَسَاوِرَ وَحَدَائِدَ فِي الْعُضْوِ فَلَا يَجِبُ إزَالَةُ ذَلِكَ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهَا كَالْخَاتَمِ الذَّهَبِ أَمْ لَا فَيَجِبُ نَزْعُ ذَلِكَ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَمْرُهُ أَخَفُّ مِنْ هَذَا كَمَا أَشَارَ لَهُ ز لَكِنْ قَالَ ق وَالتَّنْظِيرُ لَا مَحِلَّ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فَهُوَ كَالْخَاتَمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي اتِّخَاذِهِ لَا يَجِبُ إجَالَتُهُ كَانَ ضَيِّقًا أَوْ وَاسِعًا وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا نَزَعَهُ وَكَانَ ضَيِّقًا غَسْلُ مَا تَحْتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ تَحْتَهُ كَمَا أَفَادَهُ عج ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ يَجْزِي مَعَ أَنَّ فِيهِ تَرْكَ الدَّلْكِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّلْكَ لَيْسَ وَاجِبًا فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. الثَّانِي أَنَّ الدَّلْكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مُبَاشَرَةُ الْيَدِ فَذَلِكَ مِنْ بَابِ الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ الَّتِي فِي الْيَدِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِيَدِهِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ يُقَالُ يَكْفِي تَحْرِيكُهُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ دَلْكٍ بِيَدٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى الْمِعْصَمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَرْجِيعَ الضَّمِيرِ لِلْمِعْصَمِ يَقْضِي بِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَبَقِيَّةِ مِعْصَمٍ لَا بِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ (قَوْلُهُ: الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْمِعْصَمِ) هَذَا الْكَلَامُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ فُرِضَ عَطْفُ قَوْلِهِ وَنَقْضُ غَيْرِهِ عَلَى إجَالَةِ خَاتَمِهِ، وَأَمَّا حَيْثُ عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ لَا يَأْتِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَنَقْصُ غَيْرِهِ) أَيْ وَالْعُضْوُ النَّاقِصُ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَوَهَّمُ) نَقُولُ لَهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ لَفْظُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَا يَجْعَلُهُ الرُّمَاةُ) أَيْ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ خَاتَمُ الذَّهَبِ وَخَاتَمُ الْفِضَّةِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ وَخَاتَمُ الْحَدِيدِ إلَخْ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي اتِّخَاذِهِ أَيْ الَّذِي نَدَبَ إلَيْهِ الشَّارِعُ لَا يُطْلَبُ بِنَزْعِهِ مُطْلَقًا ضَيِّقًا أَوْ وَاسِعًا، وَأَمَّا مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ أَوْ يُبَاحُ كَخَاتَمِ الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَشَبِ فَيُنْزَعُ إنْ كَانَ ضَيِّقًا وَيَكْفِي تَحْرِيكُهُ إنْ كَانَ وَاسِعًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ كَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ مَثَلًا فَقَالَ عج إنَّهُ لَا بُدَّ مَنْ نَزْعِهِ وَلَوْ وَاسِعًا وَمُفَادُ نَقْلِ الْحَطَّابِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ يَكْفِي تَحْرِيكُهُ إذَا كَانَ وَاسِعًا وَبَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ مَا تَحْتَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْيَدِ مَعَ إمْكَانِهِ بِهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا كَالدَّلْكِ بِالْيَدِ مَجْعُولًا عَلَيْهَا خِرْقَةً (وَأَقُولُ) وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مُفَادِ الْحَطَّابِ لِكَوْنِ النَّقْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَرِيحًا فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَقَالَةِ عج. (قَوْلُهُ: مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى جَعْلِ عَلَا فِعْلًا وَبِالْجَرِّ عَلَى جَعْلِهَا حَرْفًا وَالْجُمْجُمَةُ عَظْمُ الرَّأْسِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الدِّمَاغِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا عَلَى الْقَفَا مِنْ الشَّعْرِ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ لِأَنَّهُ تَحْتَ الْجُمْجُمَةِ. انْتَهَى. وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الرَّأْسَ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ إلَخْ) وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ جَوَازِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَكَانَ يَحْصُلُ بِهِ تَعْمِيمُ الْمَسْحِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ: بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ) أَيْ مَسْحِ نَبْتِ عَظْمٍ وَمَحِلُّ النَّبْتِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ كَالنَّبْتِ كَمَا أَنَّ الصَّلَعَ فِي الرَّأْسِ كَالشَّعْرِ فِيهَا وَإِنَّمَا قُدِّرَ نَبْتٌ لِاقْتِضَائِهِ بِدُونِهِ أَنْ يَمْسَحَ الصُّدْغَ كُلَّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ عج وَالصُّدْغُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَدَالٍ سَاكِنَةٍ وَتُضَمُّ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْعَظْمِ الْأَعَمِّ مِنْ الشَّعْرِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَشَعْرِ الرَّأْسِ مِنْ مُقَدَّمِ الْأُذُنِ وَمُحَاذِيهِ مِنْ خَلْفِهَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ جُزْءًا مِنْ الرَّأْسِ. انْتَهَى. نَقَلَهُ فِي ك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 عَنْ الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِيهِ بِحُكْمِ الْحَرَمِ فَلَا يُعَارَضُ بِصَيْدِ طَائِرٍ عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ حَيْثُ لَمْ يُوجِبُوا فِيهِ جَزَاءً لِأَنَّ وِزَانَ مَا طَالَ مِنْ الشَّعْرِ طَرَفُ الْغُصْنِ لَا الطَّائِرُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ مَسْحُ الْمُسْتَرْخِي نَظَرًا إلَى أَنَّ شَعْرَ الرَّأْسِ لَيْسَ بِأَصْلٍ. (ص) وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ (ش) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَى رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ نَقْضُ مَضْفُورِهِمَا أَيْ شَعْرِهِمَا الْمَضْفُورِ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَقَوْلُهُ (رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) رَاجِعٌ إلَى الْمَاسِحِ يَعْنِي وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَعْنِي مَسْحَ الْجَمِيعِ وَالصُّدْغَيْنِ وَالْمُسْتَرْخِي وَعَدَمَ نَقْضِ الضَّفْرِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (ص) وَيُدْخِلَانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ (ش) أَيْ إنَّ الرِّجَالَ وَالْمَرْأَةَ إذَا مَسَحَ كُلٌّ الشَّعْرَ الْمَسْدُولَ أَوْ الْمَضْفُورَ أَوْ الْمَعْقُوصَ فَإِنَّهُمَا يُدْخِلَانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ وُجُوبًا فِي رَدِّ الْمَسْحِ لِأَجْلِ مَا غَابَ عَنْهُمَا فَالْإِدْخَالُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّعْمِيمُ وَاجِبٌ كَمَا فِي الشَّعْرِ الطَّوِيلِ وَيُخَاطَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ بَقِيَ بَلَلٌ مِنْ مَسْحِ الْفَرْضِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ سَوَاءٌ طَالَ الشَّعْرُ أَوْ لَا يَعْنِي بَعْدَ حُصُولِ التَّعْمِيمِ إذْ قَبْلَهُ لَا يَتَأَتَّى الرَّدُّ وَاسْتَظْهَرَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ الرَّدَّ فِيمَا ذُكِرَ سُنَّةٌ لِأَنَّ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ بِمَثَابَةِ الْبَاطِنِ وَالْبَاطِنُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُ. (ص) وَغَسْلُهُ مُجْزٍ (ش) أَيْ وَغَسْلُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ فِي وُضُوءِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الْوَاجِبِ مَسْحُهُ مُجْزٍ عَنْ مَسْحِهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ (ص) وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ (ش) هَذِهِ هِيَ الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ الْفَرَائِضِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَهِيَ غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَهُمَا الْمُرْتَفِعَانِ فِي مَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَاحِدُ مَفَاصِلَ الْأَعْضَاءِ وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْعَقِبِ تَحْتَهُ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مَا ذُكِرَ لِأَخْذِهِمَا مِنْ التَّكَعُّبِ وَهُوَ الظُّهُورُ وَالِارْتِفَاعُ وَمِنْهُ الْكَعْبَةُ وَامْرَأَةٌ كَاعِبٌ إذَا ارْتَفَعَ ثَدْيُهَا وَإِيرَادُ بَعْضِهِمْ إنْ عُدَّ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي الْفَرَائِضِ مَعَ جَوَازِ تَرْكِهِ وَمَسْحِ الْخُفِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ الْفَرْضُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا الْغُسْلُ عَلَى التَّعْيِينِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ رُخْصَةٌ لَا وَاجِبٌ بَلْ الْوَاجِبُ الْغَسْلُ وَوُجُوبُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَيْسَ بِأَصْلٍ) أَيْ فِي الْمَسْحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ) حَيْثُ كَانَ مَضْفُورًا بِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَدَّ وَفِي الْغُسْلِ إنْ اشْتَدَّ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مَضْفُورًا بِخَيْطٍ أَوْ خَيْطَيْنِ، فَإِنْ اشْتَدَّ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مَضْفُورًا بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ كَثَلَاثَةٍ فَمَا فَوْقُ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِهِ فِيهِمَا مُطْلَقًا اشْتَدَّ أَمْ لَا وَالضَّفْرُ فَتْلُ الشَّعْرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالْعَقْصُ مَا ضُفِّرَ قُرُونًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَيْ جَمْعُ مَا ضَفَرَ بِإِدْخَالِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ كَمَا يُضْفَرُ مِنْ الْخُوصِ وَبِالْعِقَاصِ عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالرِّسَالَةُ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ نَقْضِ الضَّفْرِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: نَقْضُ مَضْفُورِهِمَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ وَهُوَ ضَفْرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالنَّقْضِ إنَّمَا هُوَ الْمَضْفُورُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ نَقْضُهُ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ وَفِي نَقْضِ الشَّعْرِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَاسِحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَاعِلُ مَسْحُ وَأَنَّهُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَيَكُونُ فِي الْمَعْنَى مُتَقَدِّمًا وَيَكُونُ فَاعِلُ يَنْقُضُ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى ذَلِكَ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَهَذَا بَعِيدٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَاعِلُ يَنْقُضُ إلَّا أَنْ يُقَالَ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَاعِلُ يَنْقُضُ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَضْفُورِ إلَخْ) تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَضْفُورِ وَالْمَعْقُوصِ (قَوْلُهُ: وَيُخَاطَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ) وَتَكُونُ بِمَرَّتَيْنِ بَدْءًا وَعَوْدًا (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ إلَخْ) الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ز وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَتَأْوِيلُ شَارِحِنَا بَعِيدٌ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ) كَذَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالْقَوْلَانِ بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالْكَرَاهَةُ فَصَارَ حَاصِلُ الْأَقْوَالِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْإِجْزَاءُ الثَّانِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ الثَّالِثُ الْكَرَاهَةُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُنَافِي الْإِجْزَاءَ فَلَا تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ إلَّا أَنَّهُ فِي ك أَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَعَلَيْهِ تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ بِاعْتِبَارِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ) أَيْ مَحَلُّ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ وَقَوْلُهُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ حُصُولِ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْفَاصِلِ فَالْكَعْبَانِ وَإِنْ كَانَا فَاصِلَيْنِ السَّاقَ مِنْ الْعَقِبِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ فَصْلُهُمَا عَنْ الْقَدَمِ كَذَلِكَ الْعُرْقُوبُ فَاصِلٌ أَيْضًا لِلسَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ (قَوْلُهُ: وَإِيرَادُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَدْفُوعٌ، وَأَمَّا خَبَرُ قَوْلِهِ: أَنَّ عَدَّ قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ وَضَمِنَ يَنْبَغِي مَعْنَى يَقْتَضِي. (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) أَيْ وَلَا يُكْتَرَثُ بِمَنْ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ كَالرَّوَافِضِ فِي وُجُوبِ الْمَسْحِ وَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ فِي الْآيَةِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ بِأَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِمَسْحِ الرَّأْسِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْجَرِّ فَظَاهِرُهَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْمَسْحِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ إلَّا الْغَسْلُ فَيُجَابُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى الرَّأْسِ وَإِنَّمَا هِيَ مَخْفُوضَةٌ عَلَى الْجُوَارِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمُحَقِّقُونَ وَرَأَوْا أَنَّ الْخَفْضَ عَلَى الْجُوَارِ لَا يَحْسُنُ فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ حَاجِزٌ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ وَمُبْطِلٌ لِلْمُجَاوَرَةِ وَرَأَوْا أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ حَمْلٌ عَلَى شَاذٍّ يَنْبَغِي صَرْفُ الْقُرْآنِ عَنْهُ وَقَالُوا: إنَّ الْخَفْضَ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ بِالْعَطْفِ عَلَى لَفْظِ الرُّءُوسِ فَقِيلَ إلَّا رِجْلٍ مَغْسُولَةٍ لَا مَمْسُوحَةٍ فَأَجَابُوا بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَسْحَ هُنَا هُوَ الْغَسْلُ كَمَا يُقَالُ تَمَسَّحْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وَالْقِيَاسِ وَقِرَاءَةُ الْجَرِّ فِي الْآيَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. (ص) وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا (ش) أَيْ وَنُدِبَ عَلَى الْمَشْهُورِ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهِمَا بِخِنْصَرِهِ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِالْمُسَبِّحَةِ بَادِئًا بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى خَاتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّحْرِ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ لِعَدَمِ شِدَّةِ اتِّصَالِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فَأَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ فِيمَا بَيْنَهُمَا. (ص) وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَفِي لِحْيَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ لَا يُعِيدُ غَسْلَ مَوْضِعِ الظُّفْرِ وَلَا مَسْحَ بَشَرَةِ الشَّعْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ بِغَسْلِهِ أَوْ مَسْحِهِ فَلَا يَعُودُ بِزَوَالِهِ كَمَا إذَا مَسَحَ وَجْهَهُ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ غَسَلَهُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ قُطِعَ أَنْفَهُ وَاخْتُلِفَ إذَا حَلَقَ الشَّخْصُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لِحْيَتَهُ أَوْ شَارِبَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ مَوْضِعِهَا أَوْ لَا قَوْلَانِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ اللِّحْيَةُ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْوُجُوبِ نَظَرَ إلَى سَتْرِ الشَّعْرِ لِلْمَحَلِّ وَقَدْ زَالَ فَيُغْسَلُ ذَلِكَ الْمَحَلُّ وَمِثْلُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ مَنْ حَفَرَ عَلَى شَوْكَةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَحِلِّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ نَقَلَهُمَا شَارِحُ الْوَغْلِيسِيَّةِ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ زَوَالِ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ أَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ فَسَقَطَ عِنْدَ حُضُورِ مُبْدَلِهِ وَالْجَبِيرَةُ مَقْصُودَةُ الْمَسْحِ فَزَوَالُهَا زَوَالٌ لِمَا قُصِدَ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْفَرَائِضِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا أَتْبَعَهُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَبَدَأَ مِنْهَا بِالدَّلْكِ فَقَالَ (وَالدَّلْكُ) أَيْ وَالْفَرِيضَةُ الْخَامِسَةُ الدَّلْكُ وَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِنَاءً عَلَى شَرْطِيَّتِهِ فِي حُصُولِ مُسَمَّى الْغَسْلِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِانْغِمَاسِ لُغَةً وَقِيلَ وَاجِبٌ لَا لِنَفْسِهِ بَلْ لِتَحَقُّقِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ فِيهِ مَثَلًا وَقِيلَ بَلْ يُسَنُّ أَوْ يُسْتَحَبُّ وَالْخِلَافُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ سَوَاءٌ.   [حاشية العدوي] لِلصَّلَاةِ وَيُرَادُ الْغَسْلُ وَخُصَّتْ الرِّجْلَانِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَغْسُولَاتِ بِاسْمِ الْمَسْحِ لِيُقْتَصَدَ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِمَا مَظِنَّةً لِلْإِسْرَافِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَوْلُهُ النَّاتِئَيْنِ تَفْسِيرٌ لِلْكَعْبَيْنِ وَهُوَ بِالْهَمْزِ وَالْإِبْدَالِ يَاءً لِوُقُوعِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ الْمُرْتَفِعَيْنِ مِنْ نَتَأَ إذَا ارْتَفَعَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَفْصِلٍ إلَخْ لِلظَّرْفِيَّةِ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسِ) يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ لِلْقِيَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَأَيْضًا قَدْ تَسَاوَى غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى الْغَسْلِ فَجَعْلُ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ تَحَكُّمٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِمَا خِلَافٌ مِنْ أَحَدٍ بِخِلَافِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ خِلَافُ الرَّوَافِضِ إذْ قَدْ قَالُوا بِوُجُوبِ الْمَسْحِ فَصَحَّ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَاسَ الرِّجْلَانِ عَلَى الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَخْلِيلُ إلَخْ) فَلَوْ تَرَكَ التَّخْلِيلَ لَمْ يَضُرَّ إذَا وَصَلَ الْمَاءُ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ: أَيْ وَنُدِبَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ وَقَدْ رُجِّحَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّحْرِ) أَيْ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ يُسَمَّى بِالنَّحْرِ، وَأَمَّا تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيُسَمَّى بِالذَّبْحِ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ مَوْضِعَ الذَّبْحِ أَعْلَى وَمَوْضِعَ النَّحْرِ أَسْفَلَ فَلِذَلِكَ وَقَعَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْغُسْلِ فَقَوْلَانِ بِالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَلَّمَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ مَعَ الْوَاحِدِ وَتَشْدِيدِهَا لِأَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَفِي لِحْيَتِهِ قَوْلَانِ) وَمِثْلُ اللِّحْيَةِ فِي الْخِلَافِ التَّحْذِيفُ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْمَغَارِبَةُ فِي الْعَارِضَيْنِ وَالشَّوَارِبِ قَالَهُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْقُرْطُبِيَّةِ وَانْظُرْ هَلْ الْعَنْفَقَةُ كَالشَّوَارِبِ أَمْ لَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَظْفَارِهِ) جَمْعُ ظُفُرٍ بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَالْفَاءِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَفِيهِ سُكُونُ الْفَاءِ مَعَ ضَمِّ الظَّاءِ وَكَسْرِهَا وَفِيهِ أُظْفُورٌ كَعُصْفُورٍ. (تَنْبِيهٌ) : مَحِلُّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ مَوْضِعِ التَّقْلِيمِ مَا لَمْ يَطُلْ طُولًا مُتَفَاحِشًا بِحَيْثُ يَنْثَنِي عَلَى الْأَصَابِعِ، فَإِنَّهُ إذَا قَلَّمَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَلْمُهُ وَلَوْ طَالَ وفِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَلْمُهُ إذَا طَالَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْثَنِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إذَا حَلَقَ الشَّخْصُ) وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً (قَوْلُهُ: بَدَلٌ) عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ فَسَقَطَ أَيْ مَسْحُ الرَّأْسِ عِنْدَ حُضُورِ أَيْ عِنْدَ ظُهُورِ مَحِلِّ بَدَلِهِ (قَوْلُهُ: مَقْصُودَةُ الْمَسْحِ) أَيْ مَقْصُودٌ مَسْحُهُمَا أَيْ إنَّ الْمَسْحَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا بِالْمَوْضِعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَسْحُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا لُوحِظَ أَنَّهُ مَسْحُ الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْمَسْحِ عِنْدَ سُقُوطِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ مَالِكٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى شَرْطِيَّتِهِ فِي حُصُولِ مُسَمَّى الْغَسْلِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] أَيْ فَلَا يُسَمَّى غَسْلًا إلَّا مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ بَاطِنُ الْكَفِّ وَلَا يَسْقُطُ أَيْ الدَّلْكُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ الْإِمْرَارُ مُقَارِنًا لِلصَّبِّ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَغَيْرَ مُقَارِنٍ قَبْلَ ذَهَابِ الْمَاءِ عَنْ الْعُضْوِ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ قَبْلَ ذَهَابِ رُطُوبَةِ الْمَاءِ عَنْهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَاءِ بَاقِيًا بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ فَقَطْ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ وَهُوَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ. (تَنْبِيهٌ) : وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَنَّ الدَّلْكَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا يَكْفِي الِانْغِمَاسُ أَوْ الصَّبُّ مُجَرَّدًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إمْرَارِ الْيَدِ إمْرَارًا مُتَوَسِّطًا وَلَوْ لَمْ تُزَلْ الْأَوْسَاخُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَجَسِّدَةً فَتَكُونَ حَائِلًا كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى بِهِ لِفَسَادِهِ وَكَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَتَقْدِيرُهُ فَمَتَى تَحَقَّقَ إيصَالُ الْمَاءِ بِهِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ أَجْزَأَهُ (أَقُولُ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْغَسْلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَدِّهِ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 (ص) وَهَلْ الْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (ش) الْفَرِيضَةُ السَّادِسَةُ الْمُوَالَاةُ وَهِيَ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْمُجَاوَرَةِ فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَمَاكِنِ مَجَازٌ فِي الْأَفْعَالِ وَمِنْهُ الْوَلَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالتَّوَالِي وَشَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِأَفْعَالِ الطَّهَارَةِ فِي زَمَنٍ مُتَّصِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فَاحِشٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْفَوْرِ وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَسَدُّ لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرِيَّةَ فِيمَا بَيْنَ الْأَعْضَاءِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ تُعْطِي وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْمُوَالَاةِ بِالسُّنِّيَّةِ وَسَيَأْتِي وَبِالْوُجُوبِ فِي الْمَغْسُولِ وَالْمَمْسُوخِ الْبَدَلِيِّ وَالْأَصْلِيِّ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدَّرَ سَاقِطَةً مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ كَمَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَّرَ عَدَمَ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا مَعَ أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا فِي حَقِّهِ وَاجِبَةٌ وَإِلَّا كَانَ يَبْنِي أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَمْ يَبْنِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ بِخِلَافِ النَّاسِي (ص) وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ لُمْعَةً مِنْهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى وُضُوئِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَغْسِلُ ذَلِكَ الْعُضْوَ أَوْ اللُّمْعَةَ وُجُوبًا طَالَ أَوْ لَمْ يُطِلْ يُرِيدُ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَوْ تِلْكَ اللُّمْعَةِ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَفْرُوضَةً كَانَتْ أَوْ مَسْنُونَةً هَذَا إنْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ قَبْلَ جَفَافِ أَعْضَائِهِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الطُّولِ بِجَفَافِ أَعْضَائِهِ لَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ وَلَا مَا بَعْدَ تِلْكَ اللُّمْعَةِ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا التَّفْصِيلِ بِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْكَلَامِ مِنْ إعَادَةِ الْمُنَكِّسِ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا فَيُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُنَكِّسِ وَالْمَنْسِيِّ فِي الْإِعَادَةِ سَوَاءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحُكْمَ إعَادَةِ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيِّ السُّنِّيَّةُ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ حُصُولِ التَّرْتِيبِ وَشَرْطُ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ بِنِيَّةِ هَذَا حُكْمُ النَّاسِي وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ إكْمَالِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فِي الْمُجَاوَرَةِ) أَيْ وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَالْأَمَاكِنِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَأَرَادَ بِهَا بُقَعَ الْأَرْضِ كَأَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْبُقْعَةُ تَلِي هَذِهِ الْبُقْعَةَ وَيَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْأَمَاكِنَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ أَنَّهَا الْفَرَاغَاتُ الْمُتَوَهَّمَةُ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْأَفْعَالِ) أَيْ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ كَأَنْ تَقُولَ: هَذَا الْفِعْلُ يَلِي هَذَا الْفِعْلَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْمُوَالَاةِ أُخِذَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ الْوَلَاءُ تَقُولُ: وَالَى بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مُوَالَاةً وَوَلَاءً تَابَعَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالَاهُ مُوَالَاةً وَوَلَاءً مِنْ بَابِ قَاتَلَ تَابَعَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّوَالِي) تَقُولُ تَوَالَى تَوَالِيًا أَيْ تَتَابَعَ فَالتَّوَالِي التَّتَابُعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ فِعْلُهُ لَازِمٌ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَفِعْلُهُ أُتِيَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: مُتَّصِلٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فَاحِشٍ أَيْ بِدُونِ تَفْرِيقٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ تَفْرِيقٍ غَيْرِ مُتَفَاحِشٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ عَمْدًا اتِّفَاقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ فَيُكْرَهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يُحَدُّ هَذَا الْيَسِيرُ هُنَا بِعَدَمِ الْجَفَافِ كَمَا فِي حَقِّ الْعَاجِزِ بَلْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ عُذْرِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ عَدَمِ الْبَيَانِ وَرَدَّهُ عج بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الشُّيُوخِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطُّولَ فِي حَقِّ الْعَامِدِ كَالْعَاجِزِ. (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرِيَّةَ فِيمَا بَيْنَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَاعَلَةِ الْمُقْتَضِي لِتَوَالِي أُمُورٍ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ الْأَوَّلِ) فِي كَوْنِهِ يُوَالِي غَيْرَهُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِمْ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ الْفَوْرِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ بِفِعْلٍ فَوْرًا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ يَبْنِي أَيْضًا) أَيْ مَعَ الطُّولِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ عَلَى مَا يَأْتِي مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ إذْ لَا عَجْزَ حَقِيقَةً نَعَمْ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ أَوْ أَهْرَاقَهُ غَيْرُهُ أَوْ غَصَبَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيطٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا يُقَالُ عَجَزْت بِفَتْحِ الْجِيمِ أَعْجِزُ بِكَسْرِهَا هَذِهِ لُغَةُ الْقُرْآنِ وَيُقَالُ بِعَكْسِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْنِي مَعَ الْقُرْبِ فَالنِّيَّةُ مُسْتَصْحَبَةٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بَنَى وَالْبَاءُ فِي بِجَفَافِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَا لَمْ يَطُلْ طُولًا مُقَدَّرًا بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ وَكَذَا قَوْلُهُ بِزَمَنِ أَوْ أَنَّ بَاءَ بِجَفَافِ لِلْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ بِزَمَنٍ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ التَّقْرِيرِ الْحَطَّابَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي وَيَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِ الْمُوَالَاةِ بَلْ صُورَةُ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ كَمَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَحْصُلُ لَهُ نِسْيَانٌ فَيَتْرُكُ الْغَسْلَ فَيَبْنِي مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ عَاجِزًا فَيَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْنِي) أَيْ يُبَاحُ لَهُ الْبِنَاءُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ السُّنِّيَّةَ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْإِبَاحَةُ فَلَا يُسَنُّ الْبِنَاءُ بَلْ وَلَا يُنْدَبُ. (تَنْبِيهٌ) : اُخْتُلِفَ هَلْ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ ثَانِيًا خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ وَأَنَّ مَنْ نَسِيَ ثَانِيًا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَامِدِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا طَالَ تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ (قَوْلُهُ: مَفْرُوضَةً) الْأَوْلَى مَفْرُوضًا أَيْ كَانَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ مَفْرُوضًا أَوْ مَسْنُونًا لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ التَّبَعِ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّهُ لَا يُعِيدُ لِذَلِكَ وَحُكْمُهُ إعَادَةُ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيِّ أَيْ مَرَّةً فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَاجِزُ) حَاصِلُ مَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ النَّاسِيَ وَمِثْلَهُ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّفْرِيقِ وَانْظُرْ بِمَاذَا يَكُونُ الْإِكْرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ يَبْنِيَانِ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا وَمَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا وَمِثْلُهُ ظَنًّا فَلَا يَبْنِي طَالَ أَمْ لَا وَمِثْلُهُمَا مَنْ تَعَمَّدَ التَّفْرِيقَ، وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَصُورَتَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وُضُوئِهِ بِأَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ أَوْ أَهْرَاقَهُ هُوَ غَيْرُ مُتَعَمِّدٍ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ ظَنَّ كِفَايَتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَقَصَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي أَيْضًا عَلَى وُضُوئِهِ الْمُتَقَدِّمِ مَا لَمْ يُطِلْ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَإِنْ كَانَ اللَّخْمِيُّ حَكَى الِاتِّفَاقَ وَغَيْرُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِنَاءَ فِيمَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ أَوْ أَهْرَاقَهُ هُوَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ أَوْ غَصَبَهُ وَإِنْ طَالَ كَالنَّاسِي. وَفَرَّقَ الْفَاكِهَانِيُّ بِأَنَّ النِّسْيَانَ يَتَعَذَّرُ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ وَالْإِهْرَاقِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ وَأَمَّا مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا فَلَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ فَلَا يَبْنِي طَالَ أَمْ لَا وَالطُّولُ الْمَذْكُورُ الْمَانِعُ فِي صُوَرِ الْعَجْزِ قِيلَ يُحَدُّ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ بِجَفَافِ الْأَعْضَاءِ الْمُعْتَدِلَةِ فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَاعْتِدَالُ الْأَعْضَاءِ فِي الْمِزَاجِ لَا كَوْنُ الشَّخْصِ بَيْنَ الشَّبُوبَةِ وَالشُّيُوخَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ اعْتِدَالِ الْمِزَاجِ غَالِبًا وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ فَقِيَامُ الْبَلَلِ عِنْدَهُمْ دَلِيلُ بَقَاءِ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَيَتَّصِلُ الْأَخِيرُ بِأَثَرِ الْغَسْلِ السَّابِقِ وَحُكْمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى عَدَمِ الْمُوَالَاةِ كَحُكْمِ النِّسْيَانِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (أَوْ سُنَّةٌ) خِلَافٌ وَشَهَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَعَلَيْهِ إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَرَّقَ عَامِدًا فَقَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَيْضًا أَبَدًا كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا لِأَنَّهُ كَاللَّاعِبِ الْمُتَهَاوِنِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ. (ص) وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ   [حاشية العدوي] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا عِنْدَهُ عَلَى عَدَمِ الْبِنَاءِ مَعَ الطُّولِ وَيَبْنِي مَعَ عَدَمِ الطُّولِ وَهُوَ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ وَثَلَاثُ صُوَرٍ مَحِلُّ خِلَافٍ فَقِيلَ يَبْنِي مُطْلَقًا كَالنَّاسِي وَقِيلَ يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ وَشَارِحُنَا رَجَّحَ الثَّانِيَ إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْبِنَاءُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَهُوَ كَالنَّاسِي ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ اعْتَمَدَ عج أَنَّ الْعَامِدَ كَالْعَاجِزِ يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ بِالْجَفَافِ الْآتِي. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَجْدِيدَ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي النَّاسِي فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ صُوَرِ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ) وَجَعَلَ عج مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا أَعَدَّ مَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ فِي الْكِفَايَةِ فَلَا يَبْنِي مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْعَامِدَ قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَبْنِي وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا قَطَعَ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ فِي الْكِفَايَةِ فَنِيَّتُهُ مُتَزَلْزِلَةٌ بِخِلَافِ الْعَامِدِ أَيْ مُعْتَمِدِ التَّفْرِيقِ فَلَيْسَ عِنْدَهُ تَزَلْزُلٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَارِحَنَا ذَكَرَ أَنَّهُ فِي الشَّاكِّ يَبْنِي مَعَ عَدَمِ الطُّولِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِتَزَلْزُلِ النِّيَّةِ كَمَا قُلْنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْكِفَايَةِ أَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ أَوْ شَكَّ، فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ عب مُضْطَرِبَةٌ مُخَالِفَةٌ لِمَا قُلْنَا وَلَا تَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ) أَيْ وَالْمَكَانِ الْمُعْتَدِلِ (قَوْلُهُ: فِي الْمِزَاجِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ. (قَوْلُهُ: لَا كَوْنُ الشَّخْصِ بَيْنَ الشَّبُوبَةِ وَالشُّيُوخَةِ) أَيْ إنَّ اعْتِدَالَ الْأَعْضَاءِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمِزَاجِ لَا كَوْنُهُ فِي السِّنِّ بَيْنَ الشُّيُوخَةِ وَالشَّبُوبَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَيْ كَوْنُهُ بَيْنَ إلَخْ أَيْ كَوْنُهُ فِي هَذَا السِّنِّ مُتَّصِفًا بِالْحَالَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ أَيْ لَا حَارًّا وَلَا بَارِدًا إنَّمَا هُوَ مِنْ صُوَرِ اعْتِدَالِ الْمِزَاجِ غَالِبًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْتَدِلْ الْمِزَاحُ بِأَنْ غَلَبَتْ الْحَرَارَةُ أَوْ الْبُرُودَةُ فَلَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ: غَالِبًا يَقْتَضِي أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ تُوجَدُ إذَا لَمْ يَعْتَدِلْ الْمِزَاجُ وَلَعَلَّهُ نَادِرًا أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْفَرْضِ نَعَمْ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَعْضَاءُ الشَّابِّ الْمُعْتَدِلَةُ لَا تَكُونُ كَأَعْضَاءِ الشَّيْخِ الْمُعْتَدِلِ أَوْ الْكَهْلِ الْمُعْتَدِلِ فَاعْتِدَالُ كُلِّ شَخْصٍ بِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ: فَقِيَامُ الْبَلَلِ) أَيْ فِي الْعُضْوِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَثَرِ الْوُضُوءِ هُوَ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: فَيَتَّصِلُ الْأَخِيرُ بِأَثَرِ الْغَسْلِ السَّابِقِ) أَرَادَ بِالْأَخِيرِ مَا بَعْدَ الَّذِي كَانَ وَقَعَ بَعْدَهُ التَّرْكُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَا دَامَ الْبَلَلُ مَوْجُودًا يُغْتَفَرُ الْفَصْلُ فَلَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَحَصَلَ فَصْلٌ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ قَبْلَ جَفَافِ الْيَدَيْنِ وَبَعْدَ جَفَافِ الْوَجْهِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا) أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَبْطُلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَكَذَلِكَ هُنَا مَنْ تَرَكَ الْمُوَالَاةَ عَمْدًا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ هَذَا مَعْنَى الْعِبَارَةِ تَحْقِيقًا. (قَوْلُهُ: مَعْنَوِيٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ النَّاسِيَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ يَبْنِي وَالْبِنَاءُ هُوَ إعَادَةُ فِعْلِ مَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ الْمُخِلِّ بِالْمُوَالَاةِ وَحْدَهُ إنْ حَصَلَ التَّذَكُّرُ بَعْدَ الْجَفَافِ، وَإِنْ حَصَلَ قَبْلَهُ فَهُوَ إعَادَتُهُ وَإِعَادَةُ مَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَأَيْضًا الْعَامِدُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ فِي إعَادَتِهِ خِلَافٌ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فَيُعِيدُ أَبَدًا حَيْثُ حَصَلَ الطُّولُ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَأَيْضًا الْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ يَقُولُ يَأْثَمُ الْعَامِدُ بِتَرْكِهِ فِعْلَ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا الْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ، فَإِنَّمَا هُوَ لِتَهَاوُنِهِ بِهَا كَذَا ذَكَرَهُ عج وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ الْإِثْمَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ أَعْظَمُ مِنْ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَتَأَمَّلْ فِي قَوْلِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ الْوُضُوءَ وَلَا يَصِحُّ بَلْ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ وَلَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ: الْخُلْفُ لَفْظِيٌّ أَيْ إنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ فَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالسُّنِّيَّةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ بِالْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات إلَّا أَنَّ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ تَرْفَعُ الْحَدَثَ أَيْ مَنْعَ الصِّحَّةِ أَيْ تَرْفَعُ مَنْعَ الصِّحَّةِ وَتُثْبِتُ الصِّحَّةَ وَنِيَّةُ غَيْرِهَا تَرْفَعُهُ أَيْ مَنْعَ الْكَمَالِ أَيْ تَرْفَعُ مَنْعَ الْكَمَالِ وَتُثْبِتُ الْكَمَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي وُضُوءِ الْمُحْدِثِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَرْضًا وَغَيْرَهُ، وَوُضُوءُ التَّجْدِيدِ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ الصِّحَّةِ وَمَنْعَ الْكَمَالِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ نِيَّةُ الْوُضُوءِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَرْضًا وَسُنَّةً وَمَنْدُوبًا كَانَ الْوُضُوءُ فَرْضًا أَوْ مَنْدُوبًا وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 عِنْدَ وَجْهِهِ أَوْ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الْفَرِيضَةُ السَّابِعَةُ النِّيَّةُ وَكَانَ حَقُّهَا التَّقْدِيمَ كَمَا فَعَلَ غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَلِكَثْرَةِ تَشَعُّبَاتِهَا أَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا لِيَتَفَرَّغَ مِنْ غَيْرِهَا لَهَا وَهِيَ فَرْضٌ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وَفِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهُمَا أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ الثَّانِي أَنْ يَنْوِيَ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَيْ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ وَتَدْخُلُ السُّنَنُ وَالنَّوَافِلُ بِالتَّبَعِيَّةِ ثَالِثُهَا أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَمْنُوعٍ مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالطَّهَارَةِ وَمَتَى خَطَرَ ذِكْرُ جَمِيعِ الثَّلَاثَةِ تَلَازَمَتْ وَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ بَعْضُهَا أَجْزَأَ عَنْ جَمِيعِهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ حُصُولِ الْآخَرِ كَأَنْ يَقُولَ: أَرْفَعُ الْحَدَثَ لَا أَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ أَوْ الْعَكْسَ فَتَبْطُلُ النِّيَّةُ وَتَكُونُ عَدَمًا لِلتَّنَافِي وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ صَحَّ وَلَعَلَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ إذَا نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَإِنْ أَشْرَكَهُ مَعَ نِيَّةِ تَعْلِيمٍ أَوْ تَبَرُّدٍ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَيْسَتْ مُضَادَّةً لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرَةً فِي نِيَّةِ التَّطْهِيرِ مِنْ الْحَدَثِ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى تَبَرُّدٍ لِيَشْمَلَ التَّدَفِّيَ وَالنَّظَافَةَ لَكَانَ أَحْسَنَ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ يَتَضَمَّنُ التَّبَرُّدَ فَإِذَا نَوَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرًا فِيهِ كَمَا مَرَّ وَتَكُونُ النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِأَنْوَاعِهَا عِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ وَهُوَ غَسْلُ وَجْهِهِ إنْ بَدَأَ بِهِ لَا عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ إلَى الْكُوعَيْنِ وَإِنْ اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِئَلَّا تَعْرَى السُّنَنُ السَّابِقَةُ لِلْوَجْهِ عَنْ نِيَّةٍ بَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ يَنْوِي لَهَا نِيَّةً مُنْفَرِدَةً كَمَا سَيَأْتِي. (ص) أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوئِهِ الظُّهْرَ دُونَ الْعَصْرِ أَوْ يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ دُونَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَيُبَاحُ لَهُ فِعْلُ الْمَنْوِيِّ وَغَيْرِهِ إذْ لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَقْطَعَ مُسَبَّبَاتِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْهَا كَقَوْلِهِ: أَتَزَوَّجُ وَلَا يَحِلُّ لِي الْوَطْءُ وَأَوْلَى لَوْ نَوَى شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْ غَيْرَهُ (ص) أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لَا أَخْرَجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَحْدَثَ أَحْدَاثًا فَنَوَى حَدَثًا مِنْهَا نَاسِيًا غَيْرَهُ أَوْ ذَاكِرًا لَهُ   [حاشية العدوي] أَنْ يُرَادَ بِالْمَنْعِ مَا يَشْمَلُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَوْ نَوَى الْأَكْبَرَ مَنْ لَزِمَهُ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ هَلْ يُجْزِئُهُ لِانْدِرَاجِ الْجُزْءِ تَحْتَ الْكُلِّ أَوْ لَا لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَنِ الشَّرْعِ وَإِفْسَادِهِ الْأَوْضَاعَ الشَّرْعِيَّةَ بِالْقَلْبِ وَالتَّغْيِيرِ فَصَارَ كَالْعَابِثِ مِنْ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْضِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَدَاءِ الْفَرْضِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا أَحَدُ إطْلَاقَيْهِ وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ أَيْ أَصْلِهَا وَكَمَا لَهَا لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَالْوُضُوءَ لِلسُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ وَوُضُوءَ الصَّبِيِّ وَالْمُجَدِّدِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِهِ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَشْمَلُ الْأَخِيرَ قَطْعًا إلَّا أَنْ تُعَمِّمَ فِي الْعِقَابِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ التَّأْدِيبَ فِي الدُّنْيَا بِاعْتِبَارِ الصَّبِيِّ، وَكَذَا الْأَوَّلَانِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْعِقَابُ أَنَّهُ لَوْ تَلَبَّسَ بِالْعِبَادَةِ بِدُونِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مُعَيَّنًا لَصَحَّ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ يَعْلَمُ أَنَّ صِحَّةَ الْعِبَادَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ، وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ اتِّسَاعِهِ فَيَصِحُّ إرَادَةُ الْمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوُجُوبَ قَدْ حَصَلَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اتِّسَاعٌ أَفَادَ ذَلِكَ عج رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ) أَيْ أَوْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ كَمَالًا فَيَشْمَلُ الْوُضُوءَ الْمُجَدَّدَ أَوْ صِحَّةٍ فَيَشْمَلُ الْوُضُوءَ الْأَصْلِيَّ، وَالْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُتَوَضِّئِ دُونَ مَنْ يُوَضِّئُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ) وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا تَوَضَّأَ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّبَرُّدُ لَا حَارٍّ نَوَى بِهِ التَّبَرُّدَ أَوْ عَكْسِهِ لِتَلَاعُبِهِ لَكِنْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَذَا فِي شَرْحِ عب ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَلَفَّظَ بِنِيَّتِهِ ثُمَّ كَلَامُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّبَرُّدُ لِأَنَّ مَعَ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْبُوعِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ مَعَهُ كَتَبَرُّدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: وَلِكَثْرَةِ تَشَعُّبَاتِهَا) أَيْ تَفَرُّعَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ فَرْضٌ اتِّفَاقًا) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ (قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ فَإِذَنْ يَكُونُ مَعْنَى مُخْلِصِينَ أَيْ نَاوِينَ الْعِبَادَةَ لَهُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ صَلَاةَ الْمُرَائِي بَاطِلَةٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَقَدْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْحَطَّابُ عَلَى الرِّسَالَةِ ثُمَّ ظَهَّرَ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: أَيْ امْتِثَالَ) أَيْ إطَاعَةَ أَمْرِ اللَّهِ لَا يَخْفَى أَيْ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا بِالْحَقِيقَةِ بَلْ التَّفْسِيرُ بِالْحَقِيقَةِ أَيْ يَنْوِي أَدَاءَ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ السُّنَنُ أَيْ سُنَنُ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ: وَالنَّوَافِلُ أَيْ مُسْتَحَبَّاتُهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى مَا فَسَّرْته بِهِ تَكُونُ دَاخِلَةً قَصْدًا لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهَا (قَوْلُهُ: ذِكْرُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ " ذِكْرُ " أَيْ مَتَى خَطَرَتْ الثَّلَاثَةُ، وَقَوْلُهُ: تَلَازَمَتْ أَيْ صَارَ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَدَمًا) قَالَ فِي كَبِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لَا أَخْرَجَهُ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ عَامِدًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ) وَهُوَ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ نَفْسُ نِيَّةِ الْفَرْضِ بِالْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ جَزْمًا وَلَعَلَّهُ أَتَى بِالتَّرَجِّي تَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُؤَثِّرَةً) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَعْرَى) عِلَّةٌ لِاسْتَظْهَرَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَهُوَ أَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ وَعَلَى هَذَا فَلِلْوُضُوءِ نِيَّتَانِ لَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَقُولُ عِنْدَ شُرُوعِهِ نَوَيْت سُنَنَ الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ نَوَى حَدَثًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ لَا أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَحْدَثَ أَحْدَاثًا إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ نَوَى نَفْسَ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ: الْأَفْرَادُ أَيْ أَفْرَادُ الْخَارِجِ، وَقَوْلُهُ: الْمَاهِيَّةُ أَيْ الْمَاهِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ أَيْ مَاهِيَّةُ الْخَارِجِ الشَّامِلَةُ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهَا مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَدَثِ فِي الْمُصَنِّفِ الْمَنْعُ أَوْ الْوَصْفُ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْخَارِجِ الْمَخْصُوصِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَوْ نَوَى مَنْعًا أَوْ وَصْفًا يَتَرَتَّبُ عَلَى خُصُوصِ الْبَوْلِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ أَيْ بِأَنْ حَصَلَ مِنْهُ بَوْلٌ وَغَائِطٌ مَثَلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وَلَمْ يُخْرِجْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْوِيُّ هُوَ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ إذَا كَانَ مُوجِبُهَا وَاحِدًا وَاجْتَمَعَتْ تَدَاخَلَ حُكْمُهَا وَنَابَ مُوجِبُ أَحَدِهَا عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا الْأَفْرَادُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُوصَفُ بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاهِيَّةُ وَلِذَا أَعَادَهُ نَكِرَةً بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ مَعْرِفَةً وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ نَوَى حَدَثًا غَيْرَ مُخْرِجٍ سِوَاهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ مَنْ نَسِيَ حَدَثًا وَذَكَرَ غَيْرَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَآخِرُهُ مُتَعَارِضَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومٌ آخِرَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أُخْرِجُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ بَلْ لَوْ تَذَكَّرَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. (ص) أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى بِطُهْرِهِ مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الْأَعَمَّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ صَرْفُ النِّيَّةِ لِلْخَبَثِ لَمْ يَرْتَفِعْ الْحَدَثُ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ لَا بِقَيْدِ الْأَعَمِّيَّةِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ لِأَنَّ قَرِينَةَ فِعْلِهِ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَلِذَا قَالَ فِيهَا مَنْ تَوَضَّأَ لِيَكُونَ عَلَى طُهْرٍ أَجْزَأَهُ. (ص) أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا نُدِبَتْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ فِعْلِ مَا نُدِبَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ النَّوْمِ وَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ يَصِحُّ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ فَلَمْ يَتَضَمَّنْ الْقَصْدُ إلَيْهِ الْقَصْدَ لِرَفْعِ الْحَادِثِ كَمَا تَضَمَّنَهُ الْقَصْدُ إلَى مَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ وَلَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ اسْتِبَاحَةً مُسَامَحَةً لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِدُونِ الطَّهَارَةِ وَمَا نُدِبَتْ لَهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِدُونِهَا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. (ص) أَوْ قَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْأَكْبَرِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا فَتَطَهَّرَ وَعَلَّقَ نِيَّتَهُ وَلَمْ يَجْزِمْهَا وَقَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ هَذَا الطُّهْرُ فَلَا يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيُجْزِئُ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ   [حاشية العدوي] وَنَوَى الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْبَوْلِ وَأَخْرَجَ الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْغَائِطِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ بِأَنْ يُقَالَ: نَوَى حَدَثًا أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصْفِ أَوْ الْمَنْعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: مُوجِبُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ وَقَوْلُهُ وَنَابَ مُوجِبُ إلَخْ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: الْأَفْرَادُ) أَيْ أَفْرَادُ الْخَارِجِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: الْمَاهِيَّةُ) أَيْ مَاهِيَّةُ الْخَارِجِ الْكُلِّيَّةُ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ وَهُوَ الْمَنْعُ أَوْ الْوَصْفُ الْكُلِّيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاهِيَّةُ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفَرْضُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنْعِ أَوْ الْوَصْفِ الْجُزْئِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: نَسِيَ حَدَثًا وَذَكَرَ غَيْرَهُ) تَيَقَّنَ حُصُولَهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِمَا أَوْ تَيَقَّنَ حُصُولَ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي الْآخَرِ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ حَصَلَ الْحَدَثَانِ دُفْعَةً أَوْ تَرَتَّبَا وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ الَّذِي حَصَلَ ثَانِيًا فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ مَعَ أَنَّ الْإِيجَابَ إنَّمَا هُوَ بِالْأَوَّلِ أَنَّهُ يَكُونُ مُوجِبًا بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ حَصَلَ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الْأَعَمَّ) صِفَةٌ لِمُطْلَقَ أَيْ نَوَى هَذَا الْكُلِّيَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي ذَلِكَ الْفَرْدِ وَذَاكَ الْفَرْدِ فَقَوْلُهُ: الْأَعَمَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْوِيِّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ نَوَى هَذَا الْكُلِّيَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ إلَخْ فَلَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ خَطَرَ بِبَالِهِ خُصُوصُ الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ لَا بِقَيْدِ تَحَقُّقِهِ فِي هَذَا أَوْ هَذَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ الْأَمْرَ الْكُلِّيَّ مُلَاحِظًا تَحَقُّقَهُ فِي ضِمْنِ الْفَرْدَيْنِ أَوْ الْحَدَثَ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُضِرُّ هُوَ مُلَاحَظَةُ الْمَاهِيَّةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ أَوْ خُصُوصُ تَحَقُّقِهَا فِي الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ صَرْفُ النِّيَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي صُورَةِ الْإِجْزَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: إنْ أَمْكَنَ أَيْ إمْكَانًا وُقُوعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ التَّقْدِيرِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا) أَيْ بِدُونِ الْمُصْحَفِ نَعَمْ مَنْ نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ جَنَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ لَوْ نَوَى قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَمَا تَضْمَنَّهُ) أَيْ تَضَمَّنَ رَفْعَ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ إلَى مَا تَجِبُ أَيْ إلَى اسْتِبَاحَةِ مَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّاكِّ الْوُضُوءُ فَالْحَدَثُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ أَوْ الْمَنْعِ قَامَ بِهِ تَحْقِيقًا فَلِذَلِكَ فَلَنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ هَذَا الطُّهْرِ لَا يُجْزِئُهُ مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ الْمَنْعُ وَلَا الْوَصْفُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ إلَخْ أَيْ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ يَقُومُ بِالشَّاكِّ تَحْقِيقًا، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: الشَّاكُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ الَّذِي هُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ الْمَنْعُ وَلَا الْوَصْفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ مَرْعِيٍّ لَا أَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جَازِمَ النِّيَّةِ) لَا يَسْلَمُ أَنَّهُ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ أَيْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحْدَثَ فَلَهُ هَذَا الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا فَحُكِمَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِلتَّرَدُّدِ الْحَاصِلِ فِي النِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ وُضُوءُ الشَّاكِّ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ وُضُوءَهُ قَدْ بَطَلَ بِالشَّكِّ وَأَنَّهُ صَارَ مُحْدِثًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَيَنْوِي حِينَئِذٍ رَفْعَ الْحَدَثِ جَزْمًا فَهَذَا يُجْزِئُهُ وُضُوءُهُ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيُجْزِئُ لَا يَسْلَمُ. وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الشَّاكَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ آتٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ وَوُجُوبِ وُضُوئِهِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَرَّرَهُ الْحَطَّابُ إلَّا أَنَّ عج لَمْ يَرْتَضِهِ فَقَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاكَّ إنْ قَالَ إنَّ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ، فَإِنْ كَانَ حِينَ نِيَّتِهِ مُسْتَحْضِرًا أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 فَهَذَا مَشْهُورٌ وَمَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَمَعَهُ ظَنُّ الطَّهَارَةِ فَالْوُضُوءُ الثَّانِي لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ. (ص) أَوْ جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ بِنِيَّةِ التَّجْدِيدِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ بِوُضُوئِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْفَضِيلَةَ فَقَوْلُهُ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لِتَرَدُّدِ نِيَّتِهِ. (ص) أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَغْسُولِ الْوُضُوءِ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولًى فَانْغَسَلَتْ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ فَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، فَإِنْ أَخَّرَ جَرَى عَلَى الْمُوَالَاةِ وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضْلِ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ فَالْمُرَادُ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ النِّيَّةُ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ فِعْلِ الْفَضِيلَةِ لَا نِيَّةُ الْفَضْلِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فَانْغَسَلَتْ وَلَا لِقَوْلِهِ الْفَضْلِ إذْ مَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ فَانْمَسَحَتْ بِنِيَّةِ السُّنِّيَّةِ كَذَلِكَ. (ص) أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ فَصُورَةُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ أَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ وَلَيْسَ صُورَتُهَا أَنَّهُ جَعَلَ رُبْعَ نِيَّتِهِ مَثَلًا لِوَجْهِهِ وَرُبْعَهَا لِيَدَيْهِ وَهَكَذَا فَإِنَّ هَذِهِ تَجْزِئَةٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَجَزَّأُ (ص) وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ (ش) ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى مِنْهُمَا عُزُوبُ النِّيَّةِ وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ عَائِدٌ إلَى الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الذُّهُولَ عَنْ النِّيَّةِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي مَحِلِّهَا عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ مُغْتَفَرٌ لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رَفْضُ النِّيَّةِ وَهُوَ لُغَةً التَّرْكُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا تَقْدِيرُ مَا وُجِدَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالنِّيَّةُ كَالْعَدَمِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ مُغْتَفَرٌ أَيْضًا بَعْدَ كَمَالِ الْوُضُوءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ إذَا رَجَعَ وَكَمَّلَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بِالْقُرْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا إنْ لَمْ يُكْمِلْهُ أَوْ كَمَّلَهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَالْحَجُّ كَالْوُضُوءِ عَكْسُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَإِنَّ رَفْضَ النِّيَّةَ فِيهِمَا غَيْرُ مُغْتَفَرٍ وَالْفَرْقُ   [حاشية العدوي] الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ نَاقِضٌ كَتَحَقُّقِهِ كَانَتْ نِيَّتُهُ جَازِمَةً لَا تَرَدُّدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ دَالًّا عَلَى التَّرَدُّدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحْضِرٍ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَرَدِّدًا فِيهَا، فَإِنْ قُلْت: قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ فَالْخَلَلُ إنَّمَا جَاءَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَهَارَتَهُ عَلَى حُصُولِ الْحَدَثِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَإِنَّمَا حَصَلَ الشَّكُّ فِيهِ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ حَاصِلٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ النَّاقِضَ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَدَثَ الْمُقَابِلَ لِلسَّبَبِ فَهُوَ مَعَ بُعْدِ إرَادَتِهِ الشَّكُّ فِيهِ كَتَحَقُّقِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ انْتَهَى (أَقُولُ) أَوْ يُرَادُ بِالْحَدَثِ الْوَصْفُ أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الشَّكِّ وَهُوَ حَاصِلٌ قَطْعًا فَقَدْ عَلَّقَ هَذَا الْوُضُوءَ عَلَيْهِ فَلَا تَرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا ظَاهِرِيًّا وَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ كَمَا قُلْنَا وَمَا قَالَهُ عج وَمَا قُلْنَاهُ أَحْسَنُ مِمَّا قَالَهُ الْحَطَّابُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ وُضُوءِ الشَّاكِّ (قَوْلُهُ: فَالْوُضُوءُ الثَّانِي لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَيَبْطُلُ الْوُضُوءُ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ رَفْعَ الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً) اللُّمْعَةُ الْمَوْضِعُ لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ قَالَ عج وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ نِيَّةَ الْفَضْلِ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ تَعُمَّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ وَأَمَّا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ سَنَدٍ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الْفَضْلِ لَا يُعْمَلُ بِهَا إلَّا إذَا عَمَّتْ الْأُولَى فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَغْسِلَ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ (فَائِدَةٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا لَمْ يَسْبُغْ فِي الْأُولَى وَأَسْبَغَ فِي الثَّانِيَةِ كَانَ بَعْضُهَا فَرْضًا وَهُوَ إسْبَاغُ مَا عَجَزَتْ عَنْهُ الْأُولَى وَبَقِيَّتُهَا فَضِيلَةٌ وَهُوَ مَا تَكَرَّرَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أُسْبِغَ أَوَّلًا وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَابِعَةٍ يَخُصُّ بِهَا مَوْضِعَ عَجْزِ الْأُولَى وَلَا يَعُمُّ فَيَدْخُلُ فِي الْأُولَى وَيُعِيدُ اللُّمْعَةَ ثَلَاثًا وَمَا بَعْدَهَا إنْ قَرُبَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَ مَا عَدَا الْعُضْوَ الْأَخِيرَ وَهُوَ رِجْلُهُ الْيُسْرَى بِنِيَّةٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ فِي إتْمَامِ الْوُضُوءِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ الْإِتْمَامِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى إتْمَامَ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَيُكْمِلُ وُضُوءَهُ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا أَيْ بَلْ هَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَضُرُّ فِعْلُهُ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَّةِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ. (تَنْبِيهٌ) : الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ أَوْ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِتَمَامِ الطَّهَارَةِ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَجَزَّأُ إلَخْ) أَشَارَ لِذَلِكَ تت اسْتِظْهَارًا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عج وَقَدْ يُبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْ مَوْضُوعَاتِهَا (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِهَا) قَالَ فِي ك وَتُسَمَّى حِينَئِذٍ نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُضَادٌّ لَهَا مِنْ نِيَّةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ أَوْ اعْتِقَادِ انْقِضَاءِ الطَّهَارَةِ وَكَمَالِهَا وَقَدْ تَرَكَ بَعْضَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُمَا إذَا كَانَ الرَّفْضُ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: وَالْحَجُّ كَالْوُضُوءِ إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ مُسْتَوِيَانِ فِي رَفْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْأَثْنَاءِ لَا بَعْدُ، وَأَمَّا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَلَا يَرْتَفِضَانِ مُطْلَقًا وَقَعَ الرَّفْضُ فِي أَثْنَائِهِمَا أَوْ بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ فِيهِمَا غَيْرُ مُغْتَفَرٍ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أَنَّ الْوُضُوءَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَلِذَا قِيلَ بِعَدَمِ إيجَابِ النِّيَّةِ فِيهِ وَالْحَجُّ مُحْتَوٍ عَلَى عَمَلٍ مَالِيٍّ وَبَدَنِيٍّ فَلَمْ تَتَأَكَّدْ فِيهَا النِّيَّةُ وَدَفْعُ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ عَلَى تَقْدِيرِ رَفْضِهِ وَلِاسْتِوَاءِ صَحِيحِهِ مَعَ فَاسِدِهِ فِي التَّمَادِي فِيهِ وَرَجَّعْنَا ضَمِيرَ بَعْدَهُ لِلْوَجْهِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ وَرَجَّعَهُ لِبَعْضِهِمْ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوُضُوءِ وَأَنَّ الرَّفْضَ فِي الْأَثْنَاءِ مُضِرٌّ وَرَجَّحَهُ هـ. (ص) وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي النِّيَّةِ إذَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ مَحِلِّهَا بِيَسِيرٍ عَلَى قَوْلَيْنِ وَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَتْ بِكَثِيرٍ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ مَحِلِّهَا لِخُلُوِّ الْمَفْعُولِ عَنْ النِّيَّةِ إلَّا عَلَى مَا رُوِيَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا مَرَّ وَحْدُ الْيَسِيرِ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْحَمَّامِ وَالْمُرَادُ بِالْحَمَّامِ حَمَّامُ مِثْلِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فَالْمُرَادُ حَمَّامُ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ. وَلَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَبَدَأَ مِنْهَا بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ لِشَرَفِهِ بِالْحَوَاسِّ وَالنُّطْقِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ لِكَثْرَةِ مُزَاوَلَةِ أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ بِهِمَا ثُمَّ الرَّأْسِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَى الْمُدْرِكَةِ وَالْحِكْمَةِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ، وَأَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا بِذِكْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْهَا شَرَعَ فِي سُنَنِهِ وَعَدَّهَا ثَمَانِيًا بِقَوْلِهِ (ص) وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثَلَاثًا تَعَبُّدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ غَسْلَ يَدَيْهِ الطَّاهِرَتَيْنِ وَلَوْ جُنُبًا أَوْ مُجَدِّدًا تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ مُنْتَبِهًا مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ الْغَسْلُ لِلْيَدَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى نَهْرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا قَيْدٌ فِي سُنِّيَّةِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ أَوَّلًا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ السُّنِّيَّةُ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِي تَحَقُّقِهَا ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ جَارِيًا مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَالْمِهْرَاسِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَدْرَ آنِيَةِ   [حاشية العدوي] وَأَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ التَّيَمُّمَ وَالِاعْتِكَافَ مِثْلُ الْوُضُوءِ فَيَرْتَفِضَانِ فِي الْأَثْنَاءِ لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ. (تَنْبِيهٌ) : يَجُوزُ رَفْضُ الْوُضُوءِ كَمَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى اللَّمْسِ وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي الْحَجِّ نَظَرٌ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ فَلَا كَلَامَ فِي الْحُرْمَةِ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّفْضِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَالْوُضُوءُ عَمَلٌ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ: إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْمَالِ الْمَقَاصِدُ لَا الْوَسَائِلُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْوُضُوءَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى) أَيْ فَالْوُضُوءُ لِلنَّظَافَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَجَّ مُحْتَوٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْوُضُوءَ، وَقَوْلُهُ: وَدَفْعَ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّ الْحَجَّ مُحْتَوٍ عَلَى عَمَلٍ مَالِيٍّ إلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجَّ وَالْفَرْقَ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ وَقَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ رَفْضِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْمَشَقَّةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَلَمْ تَتَأَكَّدْ فِيهِمَا النِّيَّةُ لِمَا ذُكِرَ وَلِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ مَحِلِّهَا بِيَسِيرٍ) أَيْ وَذُهِلَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَيَّ شَيْءٍ تَفْعَلُهُ يَقُولُ لَا أَدْرِي وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلَيْنِ) أَيْ مَشْهُورَيْنِ وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ هُوَ الْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ. (قَوْلُهُ: لِشَرَفِهِ بِالْحَوَاسِّ) أَيْ حَاسَّةِ السَّمْعِ وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ وَالْبَصَرِ (قَوْلُهُ: أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ) أَيْ أَعْمَالٍ هِيَ الطَّاعَاتُ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَى الْمُدْرِكَةِ) أَيْ الَّتِي زَعَمَهَا الْحُكَمَاءُ وَهِيَ الْقُوَّةُ الْعَاقِلَةُ وَالْقُوَّةُ الْوَهْمِيَّةُ وَقُوَّةُ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ وَالْقُوَّةُ الْمُفَكِّرَةُ، فَأَمَّا الْقُوَّةُ الْعَاقِلَةُ فَهِيَ الْمُدْرِكَةُ لِلْكُلِّيَّاتِ وَالْقُوَّةُ الْوَهْمِيَّةُ هِيَ الْمُدْرِكَةُ لِلْمَعَانِي الْجُزْئِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَحْسُوسَاتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَأَدَّى إلَيْهَا مِنْ طُرُقِ الْحَوَاسِّ كَإِدْرَاكِ الشَّاةِ مَعْنًى فِي الذِّئْبِ وَقُوَّةُ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ هِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي يَجْمَعُ فِيهَا صُورَةَ الْمَحْسُوسَاتِ وَتَبْقَى فِيهَا بَعْدَ غَيْبُوبَتِهَا عَنْ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ وَهِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي يَتَأَدَّى إلَيْهَا صُوَرُ الْمَحْسُوسَاتِ مِنْ طُرُقِ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَالْمُفَكِّرَةُ الْقُوَّةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفْصِيلُ وَالتَّرْكِيبُ بَيْنَ الصُّوَرِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَعَانِي الْمُدْرَكَةِ بِالْوَهْمِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُجَوِّزُونَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَالتَّعَدُّدَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ وَالْجَعْلِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرُوا. (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الرَّأْسِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ (قَوْلُهُ: غَسْلُ يَدَيْهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ أَيْ الشَّارِعِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الَّذِي يُرِيدُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ غَسْلَهُمَا قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي النَّهْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّحَيُّلِ وَلِذَا قَرَّرَ عج خِلَافَهُ وَهُوَ مَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ سُنَنِ أَيْ غَسْلُ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قِيلَ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَالِثًا وَهُوَ إنْ كَانَ عَهْدُهُ بِالْمَاءِ قَرِيبًا فَمُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَسُنَّةٌ أَوْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ أَيْ وَكُرِهَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْغَسْلُ لِلْيَدَيْنِ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَلَّ إعْرَابٍ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوَّلًا خَبَرٌ لِكَانَ مَحْذُوفٌ أَيْ وَيَكُونُ الْغَسْلُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالسُّنِّيَّةِ أَوَّلًا أَيْ لَا تَحْصُلُ السُّنِّيَّةُ إلَّا بِالْغَسْلِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ وَبِتَفْسِيرِ أَوَّلًا بِقَبْلَ الْإِدْخَالِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يُجْعَلُ أَوَّلًا مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مَعَ جَعْلِ تَرْتِيبِ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ مُسْتَحَبًّا، فَإِذَا تَمَضْمَضَ أَوَّلًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ فَغَايَةُ مَا حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَهُ بِأَوَّلًا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ جَعْلَهُ أَوَّلَ مَا يَغْسِلُ يَدَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ فَمَنْ غَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ سَوَاءٌ جَعَلَ ذَلِكَ أَوَّلَ فِعْلِهِ أَوْ قَدَّمَ عَلَيْهِ الْمَضْمَضَةَ لَكِنْ إذَا قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ عَلَى غَسْلِ يَدَيْهِ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ وَتَرَكَ فَضِيلَةَ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَارِيًا مُطْلَقًا) أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: كَالْمِهْرَاسِ) هُوَ الْحَوْضُ الصَّغِيرُ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ أَيْ، فَإِنْ كَانَ ظَرْفُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَحُفْرَةٍ فِيهَا مَاءٌ قَلِيلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الْوُضُوءِ أَوْ الْغَسْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ يَدَيْهِ إنْ كَانَتَا طَاهِرَتَيْنِ أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَتَا نَجِسَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَتَنَجَّسُ بِدُخُولِهِمَا فِيهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى الْمَاءِ بِغَيْرِ إدْخَالِهِمَا فِيهِ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ وَيَتَيَمَّمُ كَعَادِمِ الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَنَجَّسُ، فَإِنَّهُ يُدْخِلُهُمَا فِيهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ السُّنَّةُ تَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مُسْتَحَبٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَشَفْعَ غَسْلَهُ وَتَثْلِيثَهُ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَقَوْلُهُ: تَعَبُّدًا مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ رَاجِعٌ لِلْغَسْلِ (ص) بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ مُتَفَرِّقَيْنِ (ش) هَذَا مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ تَعَبُّدًا وَالْمَعْنَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَلَوْ كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَيَغْسِلُهُمَا أَيْضًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا وَمِنْ شَأْنِ التَّعَبُّدِ أَيْضًا أَنْ يَغْسِلَهُمَا مُفْتَرِقَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ. (ص) وَمَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ السُّنَنِ الْمَضْمَضَةُ وَهِيَ لُغَةً التَّحْرِيكُ وَشَرْعًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ إدْخَالُ الْمَاءِ فَاهُ فَيُخَضْخِضُهُ وَيَمُجُّهُ ثَلَاثًا قَالَ شَارِحُهُ لَفْظُ الْإِدْخَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ فِي إدْخَالِهِ، وَإِنْ دَخَلَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَاعِلٍ فَلَا يُعَدُّ مَضْمَضَةً وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجِّ وَالْخَضْخَضَةِ، وَإِنْ عُدِمَ وَاحِدٌ فَلَمْ تَتَقَرَّرْ السُّنَّةُ فِي الْمَضْمَضَةِ انْتَهَى وَمِنْ السُّنَنِ الِاسْتِنْشَاقُ مِنْ التَّنَشُّقِ وَهُوَ لُغَةً الشَّمُّ وَشَرْعًا جَذْبُ الْمَاءِ إلَى الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ، وَالنُّشُوقُ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ وَلَا بُدَّ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ النِّيَّةِ بِخِلَافِ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ فَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَيْهَا وَنِيَّةُ الْفَرْضِ تَتَضَمَّنُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ) ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا إذَا غَسَلَهُمَا خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُدْخِلُ يَدَيْهِ) أَيْ وَيَغْسِلُهُمَا فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ) أَيْ بِأَنْ يَتَحَيَّلَ بِفِيهِ أَوْ بِثَوْبٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُدْخِلُهُمَا فِيهِ) أَيْ وَهَلْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَيُّلُ عَلَى الْمَاءِ بِفَمِهِ أَوْ كُمِّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَاجِيِّ أَوْ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ التَّحَيُّلِ وَإِلَّا قَدَّمَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا لِلْبَاجِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت: إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْبَاجِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مَكْرُوهًا إذَا كَانَ قَدْرَ آنِيَةِ الْغُسْلِ قُلْنَا إنَّمَا يَكُونُ مَكْرُوهًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا إلَخْ) وَقَالَ عج وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُ السُّنَّةِ عَلَى تَثْلِيثِ غَسْلِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: تَعَبُّدًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْغُسْلَ مُعَلَّلٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» وَالتَّعَبُّدُ هُوَ الَّذِي لَمْ تُعْرَفْ عِلَّتُهُ وَحُمِلَتْ حَالَةُ غَيْرِ النَّوْمِ عَلَى حَالَةِ النَّوْمِ وَانْظُرْ لِمَ حَمَلُوا الْغَسْلَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى السُّنَّةِ دُونَ الْوُجُوبِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَكَّ هَلْ أَصَابَهَا شَيْءٌ أَمْ لَا فَكَانَ الْوَاجِبُ الْغَسْلُ أَوْ النَّضْحُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَهَلْ الْجَسَدُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سُنِّيَّةُ الْغَسْلِ مُرَاعًى فِيهَا الْقَوْلُ بِالتَّعَبُّدِ. (فَائِدَةٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّعَبُّدَاتِ الْأَحْكَامُ الَّتِي لَا عِلَّةَ لَهَا بِحَالٍ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ فَهِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي لَمْ يَقُمْ عَلَى إدْرَاكِ عِلَّتِهَا دَلِيلٌ لَا الَّتِي لَا عِلَّةَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ كُلُّ حُكْمٍ لَهُ عِلَّةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ارْتَبَطَ بِهَا شَرْعًا تَفَضُّلًا لَا عَقْلًا وَلَا وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحْدَثَ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا بَعْدَ لَوْ فَلَيْسَ فِيهِ عَطْفُ فِعْلٍ عَلَى اسْمٍ لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ وَهُوَ نَظِيفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ نَظِيفَتَيْنِ وَمَسْأَلَةِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ أَيْ فَيَقُولُ إذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ لَا يَغْسِلُ وَكَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ كَمَا أَفَادَهُ تت إلَّا أَنَّهُ يُبْحَثُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَنَّ لِتَنْظِيفِ الْيَدِ الْغَسْلُ وَلَوْ كَانَتْ نَظِيفَةً كَمَا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ شُرِعَ أَوَّلًا لِلنَّظَافَةِ مَعَ أَنَّا نَأْمُرُ بِهِ نَظِيفَ الْجَسَدِ فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ شَأْنِ التَّعَبُّدِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: لِلنَّظَافَةِ فَيَغْسِلُهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، وَصِفَةُ التَّفْرِيقِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ فَيُفْرِغَهُ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَيَغْسِلَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يُفْرِغَ ثَانِيًا ثُمَّ ثَالِثًا ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَيَغْسِلَهَا بِالْيُمْنَى ثَلَاثًا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُفْتَرِقَيْنِ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ بَلْ مُسْتَحَبٌّ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاسْتِحْبَابَ تَعَبُّدٌ لَا مُعَلَّلٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ صِفَةُ غَسْلِهِمَا فَعَلَى التَّعَبُّدِ يَغْسِلُ كُلَّ يَدٍ عَلَى حِدَتِهَا؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ التَّعَبُّدِ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَعَلَى التَّنْظِيفِ يَغْسِلُهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِأَنَّ الْغَسْلَ تَعَبُّدٌ وَهُوَ نَصُّ الْحَطَّابِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت مَا يُفِيدُ صِحَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ عِيَاضٌ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِابْنِ عَرَفَةَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ قَالَ الْقَاضِي إدْخَالُ الْمَاءِ فَاهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُرَادِ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْقَاضِي فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَشَارِحُنَا ذَهَبَ لِطَرِيقَةِ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: قَالَ شَارِحُهُ) أَيْ شَارِحُ التَّعْرِيفِ وَهُوَ الرَّصَّاعُ شَارِحُ تَعَارِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ وَضَمِيرُ فَاهُ يَعُودُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجِّ) فَلَوْ ابْتَلَعَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فَاهُ حَتَّى نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ مَجٍّ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَضْمَضَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِقُوَّةِ الْفَمِ أَوْ بِالْأُصْبُعِ لَكِنْ اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَتْ بِالْإِصْبَعِ أَنْ تَكُونَ الْيُمْنَى لَا الشِّمَالَ؛ لِأَنَّهَا مَسَّتْ الْأَذَى وَقَالَ الْحَطَّابُ بَعْدَ كَلَامٍ تَقَدَّمَ لَهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ الْخَضْخَضَةِ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يُعَارِضُهُ إلَّا مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إلَى مَذْهَبِنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّمُّ) تَقُولُ اسْتَنْشَقْت الشَّيْءَ إذَا شَمَمْته (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا جَذْبُ الْمَاءِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْأَنْفِ وَأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْفِ ثُمَّ جَذَبَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الْفَرْضِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 نِيَّتَهُمَا كَنِيَّةِ بَاقِي السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ ثُمَّ إنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ كَالْيَدَيْنِ يَجْرِي فِيهِمَا وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ وَيَأْتِي فِيهِمَا وَفِي الْيَدَيْنِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ. (ص) وَبَالَغَ مُفْطِرٌ (ش) أَيْ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْمُبَالَغَةُ وَهِيَ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقَاصِي الْحَلْقِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ جَذْبُهُ لِأَقْصَى الْأَنْفِ وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ لِلصَّائِمِ خِيفَةَ أَنْ يَغْلِبَهُ الْمَاءُ فَيَدْخُلَ جَوْفَهُ، فَإِنْ وَقَعَ وَسَبَقَهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ كَفَّرَ (ص) وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ فِعْلَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَلَى فَوْرٍ بِيُمْنَاهُ وَبِسِتِّ غَرَفَاتٍ أَفْضَلُ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ كَذَلِكَ (ص) وَجَازَ أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ كَذَلِكَ أَوْ يَتَمَضْمَضَ وَاحِدَةً وَيَسْتَنْشِقَ أُخْرَى وَهَكَذَا أَوْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقَ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا وَبَقِيَ صِفَةٌ أُخْرَى الظَّاهِرُ جَوَازُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا وَهِيَ تَمَضْمُضُهُ مِنْ غَرْفَةٍ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ ثَانِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا مَرَّةً ثُمَّ اثْنَتَيْنِ مِنْ ثَالِثَةٍ ثُمَّ إنَّهُ أَنَّثَ فِي قَوْلِهِ أَوْ إحْدَاهُمَا رَعْيًا إلَى السُّنَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ جَازَتَا لِأَنَّهُ رَاعَى فِي ذَلِكَ كَوْنَهُمَا عُضْوَيْنِ وَالْغَرْفَةُ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا وَقِيلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَغْرُوفِ (ص) وَاسْتِنْثَارٌ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ الِاسْتِنْثَارُ وَهُوَ نَثْرُ الْمَاءِ أَيْ طَرْحُهُ مِنْ أَنْفِهِ بِنَفْسِهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَعْلَاهُ يَمُرُّ بِهِمَا عَلَيْهِ لِآخِرِهِ وَيُكْرَهُ دُونَ الْيَدِ كَفِعْلِ الْحِمَارِ مَأْخُوذٌ مِنْ تَحْرِيكِ النَّثْرَةِ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ وَلَا خَرَجَ بِرِيحِ الْأَنْفِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ بِنَفْسِهِ فَلَا يُسَمَّى هَذَا اسْتِنْثَارٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْأُصْبُعَيْنِ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى أَخْذِهِ فِي تَعْرِيفِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاذِلِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ. (ص) وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ مَسْحُ ظَاهِرِ كُلِّ أُذُنٍ وَبَاطِنِهَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْوَجْهِ عَلَى الْبَاطِنِ وَذِكْرُ كُلِّ لِئَلَّا   [حاشية العدوي] الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ مُبَايِنَةً لِنِيَّةِ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ تِلْكَ السُّنَنُ أَوْ الْمُسْتَحَبَّاتُ فِي خِلَالِ الْفَرَائِضِ صَارَتْ النِّيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفَرَائِضِ مُتَعَلِّقَةً بِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ نِيَّةَ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ يَشْمَلُ السُّنَنَ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ (قَوْلُهُ: بَاقِي السُّنَنِ) لَمْ يَبْقَ مِنْ السُّنَنِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا التَّجْدِيدَ وَالتَّرْتِيبَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَهَلْ تُكْرَهُ إلَخْ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَبَالَغَ مُفْطِرٌ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا تَبَعًا لِبَهْرَامَ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالِاسْتِنْشَاقِ وَمِثْلُ هَذَيْنِ لَا يُعْدَلُ عَنْهُمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: أَيْ إدَارَةُ الْمَاءِ) أَيْ جَعْلُ الْمَاءِ دَائِرًا فِي أَقَاصِي الْحَلْقِ جَعْلُ أَقْصَى الْحَلْقِ مُتَعَدِّدًا فَهُوَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ ثُمَّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقَاصِي الْفَمِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقَاصِي الْفَمِ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْقُرْطُبِيَّةِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْمُبَالَغَةُ بِرَدِّ الْمَاءِ إلَى الْغَلْصَمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ خَوْفًا مِمَّا يَصِلُ إلَى حَلْقِهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَسَبَقَهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَعَمَّدْ كَفَّرَ اهـ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَيْ فِي أَقَاصِي مُجَاوِرِ الْحَلْقِ وَهُوَ الْفَمُ، وَقَوْلُهُ: بَعْدُ فَيَدْخُلُ جَوْفَهُ أَيْ فَيَدْخُلُ مُجَاوِرَ جَوْفِهِ وَهُوَ حَلْقُهُ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِنْشَاقِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: جَذْبُهُ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَجَذْبُهُ مَعْطُوفًا عَلَى إدَارَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى ذِكْرِهِمْ لِلثَّانِيَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأُولَى وَقَالَ اللَّقَانِيِّ كَلَامُهُمْ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا فَاضِلَةٌ وَأُخْرَى مَفْضُولَةٌ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُمَا فَاضِلَتَانِ اهـ. وَصَادِقٌ بِأَزْيَدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ شب. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَفْعَلُهُمَا بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ فَعَلَهُمَا بِسِتٍّ مِنْ الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأُولَى لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ، فَإِنَّ الْجَوَازَ مَتَى قُوبِلَ بِالْأَفْضَلِ فَالْمُرَادُ بِهِ خِلَافُ الْأُولَى وَعِبَارَةُ عب غَيْرُ حَسَنَةٍ (قَوْلُهُ: كَوْنَهُمَا عُضْوَيْنِ) أَيْ مُتَعَلِّقَيْ عُضْوَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَغْرُوفِ) وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: بِالسَّبَّابَةِ) أَيْ مُسْتَعِينًا عَلَى ذَلِكَ بِالسَّبَّابَةِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ حَذَفَ الْعَاطِفَ وَعِبَارَةُ تت بِأَنْ يَنْثُرَ الْمَاءَ بِنَفْسِهِ وَأُصْبُعَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ) وَيُقَالُ لَهَا أَرْنَبَةٌ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ الْمَذْكُورَ فِي الْأَنْفِ لِيُزِيلَ مَا بِهِ مِنْ الْمُخَاطِ وَالْوَسَخِ (قَوْلُهُ وَلَا خَرَجَ بِرِيحِ الْأَنْفِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ خَرَجَ بِرِيحِ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ) وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مُتَمَسِّكًا بِعِبَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ وَضْعَ أُصْبُعَيْهِ أَيْ فِي الِاسْتِنْثَارِ تَرَكَ مُسْتَحَبًّا وَكَوْنُ الْمَوْضُوعِ أَصَابِعَ الْيُسْرَى مُسْتَحَبٌّ وَكَذَا كَوْنُهُ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا كَوْنُهُ مِنْ أَعْلَاهُ. (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ وَصِفَةُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ أَنْ يَجْعَلَ بَاطِنَ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى ظَاهِرِ الشَّحْمَتَيْنِ وَآخِرَ السَّبَّابَتَيْنِ فِي الصِّمَاخَيْنِ وَهُمَا ثُقْبَا الْأُذُنِ وَوَسَطُهُمَا مُلَاقِيًا لِلْبَاطِنِ دَائِرَيْنِ مَعَ الْإِبْهَامَيْنِ لِلْآخَرِ وَكُرِهَ تَتَبُّعُ غُضُونِهِمَا (قَوْلُهُ: مَسْحُ ظَاهِرِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ مَا كَانَ ظَاهِرًا وَاخْتُلِفَ فَقِيلَ الظَّاهِرُ مَا يَلِي الرَّأْسَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ: مَا يُوَاجِهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إلَى ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَهِيَ أَنَّهَا كَالْوَرْدَةِ فَانْفَتَحَتْ وَإِلَى الْحَالِ إذْ الظَّاهِرُ الْآنَ كَانَ بَاطِنًا وَالْبَاطِنُ ظَاهِرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 يَتَوَالَى تَثْنِيَتَانِ لَوْ قَالَ وَجْهَيْ أُذُنَيْنِ (ص) وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ فَإِذَا مَسَحَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ أَتَى بِسُنَّةِ الْمَسْحِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهُوَ التَّجْدِيدُ. (ص) وَرَدَّ مَسْحَ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ رَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْفَوْدَيْنِ وَيُكْرَهُ تَكْرِيرُ الْمَاءِ لِلرَّدِّ وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَهُ حَتَّى أَخَذَ الْمَاءَ لِرِجْلَيْهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ لِلشَّعْرِ وَجْهَيْنِ فَالْمَمْسُوحُ ثَانِيًا غَيْرُهُ أَوْ لَا غَالِبًا وَمَنْ لَا شَعْرَ لَهُ تَبَعٌ لِمَنْ لَهُ انْتَهَى وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ حَتَّى فِي الْمُسْتَرْخِي وَبِعِبَارَةٍ وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ سُنَّةٌ وَلَوْ طَالَ الشَّعْرُ بَعْدَ تَعْمِيمِهِ بِالْمَسْحِ فَمَنْ طَالَ شَعْرُهُ بِحَيْثُ لَا يَعُمُّ مَسْحُهُ إلَّا بِإِدْخَالِ يَدَيْهِ تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ إذَا عَمَّ الْمَسْحُ أَنْ يَرُدَّ وَهَذَا مُرَادُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِأَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ وَلَوْ فِي الشَّعْرِ الطَّوِيلِ أَيْ بَعْدَ التَّعْمِيمِ إذْ لَا يَسَعُ أَحَدًا مِمَّنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الرَّدَّ قَبْلَ التَّعْمِيمِ سُنَّةٌ. (ص) وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ تَرْتِيبُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ وَجْهِهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسْحِ رَأْسِهِ قَبْلَ رِجْلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَدَلَ عَنْ حَرْفَيْ التَّرْتِيبِ إلَى الْوَاوِ الَّتِي لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أُبَالِي إذَا أَتْمَمْت وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْت (ص) فَيُعَادُ الْمُنَكِّسُ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ وَقَدْ طَالَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ جَفَّتْ الْأَعْضَاءُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكِّسَ وَحْدَهُ بِدُونِ تَابِعِهِ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ سَاهِيًا، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بَلْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَمَا بَعْدَهُ شَرْعًا لَا فِعْلًا فَإِذَا بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ بِوَجْهِهِ ثُمَّ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِرِجْلَيْهِ وَبَعُدَ الْأَمْرُ أَعَادَ ذِرَاعَيْهِ فَقَطْ لِيَقَعَا بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ الْأَمْرُ أَعَادَ ذِرَاعَيْهِ مَعَ مَا بَعْدَهُمَا شَرْعًا وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَقَوْلُهُ الْمُنَكَّسَ أَيْ الْفَرْضَ الْمُنَكَّسَ لَا السُّنَّةَ، وَقَوْلُهُ: إنْ بَعُدَ أَيْ بَعُدَ زَمَنُ تَرْكِهِ مِنْ زَمَنِ تَذَكُّرِهِ أَيْ إنْ طَالَ مَا بَيْنَ تَرْكِهِ وَتَذَكُّرِهِ وَقَوْلُهُ بِجَفَافٍ تَفْسِيرٌ لِلْبُعْدِ أَيْ إنْ بَعُدَ بُعْدًا مُقَدَّرًا بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا أَيْ مَعَ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ فِي الْمُوَالَاةِ أَنَّ التَّفْرِيقَ عَمْدًا لَا يُحَدُّ بِالْجَفَافِ بَلْ بِدُونِهِ فَيَنْبَغِي هُنَا ذَلِكَ أَيْ فَالْجَفَافُ هُنَا فِي حَقِّ مَنْ نَكَّسَ نَاسِيًا وَحُكْمُ إعَادَةِ الْمُنَكِّسِ السُّنِّيَّةُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ إلَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا صَرَّحَ بِهِ. (ص) وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ أَوْ سُنَّةً فَلَعَلَّهَا لِمَا يَسْتَقْبِلُ (ش) لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْمَنْسِيِّ عِنْدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي مَسْحُهُمَا بِمَا بَقِيَ مِنْ بَلَلٍ بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ لَا مِنْ الرَّأْسِ وَلَا مِنْ الْجَسَدِ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: مَائِهِمَا) أَيْ مَاءٍ لَهُمَا فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ. (قَوْلُهُ: وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) وَمَحِلُّ كَوْنِ الرَّدِّ سُنَّةً حَيْثُ بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ مِنْ الْمَسْحِ الْوَاجِبِ وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ يَكْفِي بَعْضَ الرَّدِّ أَنَّهُ يُسَنُّ بِقَدْرِ الْبَلَلِ فَقَطْ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ» (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ مُقَابِلِ جِهَةِ الْبَدْءِ وَأَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى قَالَ الْحَطَّابُ رَدُّ الْيَدَيْنِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْفَوْدَيْنِ) تَثْنِيَةُ فَوْدٍ جَانِبِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: فَالْمَمْسُوحُ ثَانِيًا غَيْرُهُ أَوَّلًا) هَذِهِ الْعِلَّةُ ضَعِيفَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُنْتِجُ وُجُوبَ الرَّدِّ وَقَدْ يُقَالُ تَعْلِيلُهُمْ بِهَذَا مَعَ الْحُكْمِ بِسُنِّيَّةِ الرَّدِّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَأَنَّ الْفَرْضَ إنَّمَا هُوَ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُمْسَحُ فِي الرَّدِّ غَيْرَ الَّذِي يُمْسَحُ فِي الْبَدْءِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَا يُؤَوَّلُ كَمَا أَوَّلَهُ عج وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرُدَّ وَهَذَا مُرَادُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ السُّنَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ السُّنَّةِ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنْ قُلْت: بَلْ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ قُلْت: التَّرْتِيبُ اللَّفْظِيُّ لَا يَخْلُو عَنْ حِكْمَةٍ وَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ الِاسْتِحْبَابُ وَقَدْ يُقَالُ: السَّنَدُ فِي السُّنَّةِ فِعْلُ النَّبِيِّ الْمُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ الْمُنَكِّسُ) أَيْ الْفَرْضُ الْمُنَكِّسُ هُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى مَوْضِعِهِ الْمَشْرُوعِ لَهُ عَادَةً فَيُعِيدُهُ مَعَ الْبُعْدِ مَرَّةً عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ أَيْ إذَا كَانَ نَاسِيًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَعَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بُعْدٌ بَلْ بِالْقُرْبِ فَيُعِيدُ الْمُنَكَّسَ ثَلَاثًا اسْتِنَانًا مَعَ تَابِعِهِ نَدْبًا مَرَّةً مَرَّةً لِيَسَارَةِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ النَّاسِي وَغَيْرِهِ هَكَذَا قَرَّرَهُ عج وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَاَلَّذِي فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَالطِّخِّيخِيِّ يُعَادُ الْمُنَكَّسُ مَرَّةً مَرَّةً وَاعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ) أَيْ لَا الصَّلَاةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُعِيدُهُ وَلَا الصَّلَاةَ وَقِيلَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِقَبُولِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ أَنَّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ مُرَغَّبٌ فِيهَا بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْدِيدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُصَلُّوا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» ، وَإِنْ نَصَّ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَقَوْلُهُ: بَلْ بِدُونِهِ صَاحِبُ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ الدُّونَ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي الْعَامِدِ وَالْعَاجِزِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدُّ بِالْجَفَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) فِيهِ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَحْدَهُ عِنْدَ الْجَفَافِ يُعْلَمُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْجَفَافِ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ وَكَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إعَادَتِهِ أَصْلًا لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ وَمَعَ بَعْضِ تَابِعِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ أَيْ مَعَ كُلِّ تَابِعِهِ. (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) وُجُوبًا بِنِيَّةِ إكْمَالِ الْوُضُوءِ إنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا مُطْلَقًا كَعَامِدٍ أَوْ جَاهِلٍ أَوْ عَاجِزٍ لَمْ يَطُلْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِيهِمَا، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 ابْنِ الْقَاسِمِ حُكْمَ الْمُنَكَّسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَتْبَعَهُ بِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ غَيْرَ النِّيَّةِ يَقِينًا أَوْ شَكًّا غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ مَغْسُولًا أَوْ مَمْسُوحًا عُضْوًا أَوْ لُمْعَةً عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَتَى بِهِ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مَغْسُولًا وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا بِذَلِكَ الْوُضُوءِ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا وَفِي اسْتِئْنَافِهِ الْوُضُوءَ فِي الْعَمْدِ وَبِنَائِهِ فِي السَّهْوِ وَابْتِنَائِهِ بِنِيَّةٍ وَمَا فَعَلَ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ وَالتَّنْكِيسِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ تَرَكَ سُنَّةً يَقِينًا أَوْ شَكًّا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ وَلَمْ يُعَوِّضْ مَحَلَّهَا وَلَا يُوقِعُ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي مَكْرُوهٍ وَهِيَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَالتَّرْتِيبُ وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا فِي الْوُضُوءِ وَمَسْحُ صِمَاخِهِمَا فِي الْغُسْلِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِدُونِ الْوُضُوءِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَلَوْ قَرِيبًا لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى فِي وَقْتٍ وَلَا بَعْدَهُ اتِّفَاقًا فِي السَّهْوِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْعَمْدِ لِضَعْفِ أَمْرِ الْوُضُوءِ وَلِكَوْنِهِ وَسِيلَةً عَنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا مَقْصِدًا، وَأَمَّا مَا عَوَّضَ عَنْهُ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ أَوْ أَوْقَعَ إعَادَتُهُ فِي مَكْرُوهٍ كَرَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ لِرِجْلَيْهِ وَالِاسْتِنْثَارِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا فَهَذَا مَا يُفْعَلُ مِنْ السُّنَنِ وَمَا لَا يُفْعَلُ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ خِلَافًا لِطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ بِالْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ أَتَى مَحَلَّهَا بِعِوَضٍ أَمْ لَا ثُمَّ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَرِينَةٌ تَحْمِلُ التَّرْكَ عَلَى السَّهْوِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فَهُوَ خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ فِيهَا إنْ تَرَكَ الْفَرْضَ عَمْدًا أَعَادَ الْوُضُوءَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَتَى بِهِ أَيْ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَإِذَا تَرَكَهُ عَمْدًا وَأَتَى بِالْوُضُوءِ فَقَدْ صَدَقَ أَنَّهُ أَتَى بِهِ أَيْ بِالْفَرْضِ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ. (تَنْبِيهٌ) :   [حاشية العدوي] الْوُضُوءَ كَمَا إذَا طَالَ تَذَكُّرُهُ بَعْدَ نِسْيَانِهِ وَنُدِبَ إتْيَانُهُ بِمَا بَعْدَهُ فِي الْأَحْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ إنْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ، فَإِنْ بَعُدَ أَتَى بِهِ وَحْدَهُ فِي النِّسْيَانِ وَبَطَلَ فِيمَا سِوَاهُ وَيَأْتِي بِهِ هُوَ فِيمَا لَا بُطْلَانَ فِيهِ ثَلَاثًا وَبِمَا بَعْدَهُ مَرَّةً مَرَّةً إنْ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ أَوْ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِلَّا فِيمَا يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَلَا يُقَالُ: إذَا كَانَ فَعَلَ مَا بَعْدَهُ ثَلَاثًا فَفِعْلُهُ الْآنَ مَرَّةً يَدْخُلُ فِي وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا يُطْلَبُ بِهَا لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا طَلَبٌ بِهَا لِأَجْلِهِ. (تَنْبِيهٌ) : حُكْمُ إعَادَةِ مَا بَعُدَ مَعَ الْقُرْبِ النَّدْبُ ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ (قَوْلُهُ: غَيْرَ النِّيَّةِ) أَمَّا النِّيَّةُ، فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ شَكَّ فِي تَرْكِهَا أَعَادَ الْوُضُوءَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ شَكًّا غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ) قَابَلَ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ فَيَدْخُلُ فِيهِ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالظَّنُّ خِلَافًا لِمَا فِي عب (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ ثَلَاثًا) سَوَاءٌ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُنَكِّسِ، فَإِنَّهُ قَدْ فَعَلَ (قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِئْنَافِهِ الْوُضُوءَ فِي الْعَمْدِ) أَيْ إذَا طَالَ بِحَيْثُ جَفَّتْ الْأَعْضَاءُ، وَقَوْلُهُ: وَبِنَائِهِ فِي السَّهْوِ طَالَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَابْتِنَائِهِ بِنِيَّةٍ أَيْ فِي السَّهْوِ، وَأَمَّا الْعَمْدُ وَالْعَجْزُ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَلَا نِيَّةَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى مُنْسَحِبَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا فَعَلَ بَعْدَهُ) مَا مُقَدَّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفَعَلَ مَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ حَتَّى يَتَّضِحَ مَعْنَاهَا وَالتَّقْدِيرُ وَيَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ وَالتَّنْكِيسِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ مِنْ اسْتِئْنَافِهِ الْوُضُوءَ فِي الْعَمْدِ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَفِي بِمَعْنَى مِنْ بَيَانٌ قُدِّمَ عَلَى مُبَيِّنِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مِنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: يَقِينًا أَوْ شَكًّا) يُقَيَّدُ الشَّكُّ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْتِيبُ) سُنَّةُ التَّرْتِيبِ قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِعَادَةِ مَا بَعْدَهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ هُنَا خِلَافًا لِابْنِ فُجْلَةَ وَإِيَّاهُ تَبِعَ الشَّارِحَ وَسُنَّةُ تَجْدِيدِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ مِمَّا يُوقِعُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي مَكْرُوهٍ فَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا أَيْضًا وَلَكِنَّهُ تَابِعٌ فِي ذِكْرِهَا لِابْنِ فُجْلَةَ أَيْضًا وَهُوَ خِلَافُ مَا عِنْدَ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ) أَيْ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَهَذَا الْفِعْلُ قِيلَ سُنَّةً وَقِيلَ نَدْبًا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ بَلْ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى طَهَارَةٍ وَلَوْ أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَأَوْلَى إذَا أَرَادَ النَّقْضَ، فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ الطَّوْلِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الْقُرْبِ أَيْ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا إذَا أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ أَرَادَ الصَّلَاةَ أَمْ لَا لَا إنْ أَرَادَ النَّقْضَ وَمَا يُفْهَمُ مِنْ عب مِنْ أَنَّ الطَّوْلَ هُوَ تَمَامُ الْوُضُوءِ وَعَدَمَهُ عَدَمُ تَمَامِ الْوُضُوءِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا كَتَبْنَاهُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَمَّا إذَا كَانَ تَرَكَ التَّرْتِيبَ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُعَادُ الْمُنَكَّسُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا أَرَادَ بَقَاءَ الطَّهَارَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا قُرْبَةً أَوْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ نَقْضَهَا عَقِبَ فِعْلِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِعَوْدِ مَا ذُكِرَ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرِيبًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ انْتِقَالٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مَعَ عَدَمِ الْقُرْبِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) أَيْ يَفْعَلُهَا لِمَا يَسْتَقْبِلُ إنْ كَانَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْعَمْدِ) وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْعَمْدِ فِي الْوَقْتِ وَرُجِّحَ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ لِرِجْلَيْهِ) الْأَنْسَبُ لِأُذُنَيْهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرَّدِّ بِمَاءٍ جَدِيدٍ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ لَا يَكُونُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَدَلَ لِذَلِكَ لِكَوْنِهِ اللَّازِمَ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ ثُمَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَدَّ مَسْحِ الرَّأْسِ مِمَّا عُوِّضَ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ: قُلْتُمَا هُوَ الْمَكْرُوهُ قُلْت التَّجْدِيدُ لِلرَّدِّ وَقَوْلُهُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ إلَخْ أَيْ فَيُؤَدِّي لِتَكَرُّرِ الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) وَجْهُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ حَكَمَتْ بِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالْمُصَنِّفُ حَكَمَ بِأَنَّهُ يُعِيدُ الْفَرْضَ الْمَتْرُوكَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) أَيْ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ كَلَامُهُ فِي الْإِتْيَانِ الْوَاجِبِ لَا فِي الْإِتْيَانِ الْمُسْتَحَبِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يَأْتِي بِمَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ مَعَ الْقُرْبِ وَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ هِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ وَالْعَجْزِ مَعَ الْقُرْبِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَرَكَهُ عَمْدًا وَأَتَى بِالْوُضُوءِ) الْأَوْلَى أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وَلَا يُعِيدُ مَا بَعْدَ السُّنَّةِ الْمَتْرُوكَةِ مَعَ الْقُرْبِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ السُّنَنِ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرَائِضِ مُسْتَحَبٌّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولَاتِ تُكْرَهُ وَقِيلَ: تَحْرُمُ، وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِعْلُهَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ أَعَادَهَا، وَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْدَ لَيْسَ لَهُ ابْتِدَاءٌ وَلَا سَبْقٌ لِحَدِيثِ الْجَهَنَّمِيِّينَ عَادُوا حِمَمًا وَلَمْ يَكُونُوا قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى السُّنَنِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْفَضَائِلِ جَمْعُ فَضِيلَةٍ وَهِيَ مَا فِي فِعْلِهِ أَجْرٌ وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِهِ فَقَالَ (ص) : وَفَضَائِلُهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ فَضَائِلَ الْوُضُوءِ أَيْ خِصَالَهُ وَأَحْوَالَهُ الْفَاضِلَةَ الَّتِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَوْضِعٌ طَاهِرٌ فَلَا يُوقِعُ فِي مَوْضِعِ الْخَلَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ النَّجِسَةِ خَوْفَ الْوَسْوَسَةِ وَمِنْهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَمِنْهَا اسْتِشْعَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِهِ وَمِنْهَا الْجُلُوسُ الْمُتَمَكِّنُ وَمِنْهَا الِارْتِفَاعُ عَنْ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ مَا يَنْزِلُ عَلَى الْأَرْضِ وَمِنْهَا قِلَّةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ مَعَ الْأَحْكَامِ وَالتَّعْمِيمُ بِلَا حَدٍّ بِسَيَلَانٍ أَوْ تَقْطِيرٍ عَنْ الْعُضْوِ لَا الْمَاءِ الْمُعَدِّ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا كَانَ تَارِكًا لِلْفَضِيلَةِ إذَا تَوَضَّأَ مِنْ بَحْرٍ مَثَلًا وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ فِي اسْتِحْبَابِ كَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ وَتَقْلِيلِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْقَرَوِيِّينَ وَنَقَلَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (ص) وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ، وَإِنَاءٍ إنْ فَتَحَ وَبَدْءٌ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَشَفْعِ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ الْبَدْءُ بِيَمِينِ أَعْضَائِهِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ دُونَ الْأُذُنَيْنِ وَالْخَدَّيْنِ وَالصُّدْغَيْنِ وَالْفَوْدَيْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ تَثْنِيَةُ فَوْدٍ جَانِبَا الرَّأْسِ لِاسْتِوَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَنَافِعِ فَلَمْ تُقَدَّمْ الْيُمْنَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى يُسْرَاهُ وَمِنْ الْفَضَائِلِ أَنْ يَكُونَ الْإِنَاءُ عَلَى يَمِينِ الْمُتَوَضِّئِ إنْ كَانَ مَفْتُوحًا بِحَيْثُ يَتَّسِعُ بِإِدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ كَالطَّشْتِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَأَمَّا مَا كَانَ كَالْإِبْرِيقِ فَيُجْعَلُ عَلَى الْيَسَارِ لِيَصُبَّ الْمَاءَ بِيَسَارِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُتَوَضِّئُ فِي مَسْحِ رَأْسِهِ بِمُقَدَّمِهِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّأْسِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ فَلَوْ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِهِ أَوْ الذَّقَنِ أَوْ الْمِرْفَقَيْنِ أَوْ الْكَعْبَيْنِ وُعِظَ وَقُبِّحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَالِمًا وَعَلِمَ الْجَاهِلُ وَلَوْ قَالَ وَبَدْءٌ بِأَوَّلِ أَعْضَائِهِ كَانَ أَشْمَلَ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلُ عُرْفًا فَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ عُرْفًا   [حاشية العدوي] يَقُولُ: وَإِذَا أَتَى بِالْفَرْضِ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ فَقَدْ أَتَى بِالْوُضُوءِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ وَقَدْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا قِيلَ يَتَمَادَى فَيَفْعَلُهُمَا بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ لِفِعْلِهَا وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ الْوَجْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَامِدًا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِفِعْلِهَا وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُرْبِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ح (قَوْلُهُ: حِمَمًا إلَخْ) مُفْرَدُهُ حُمَمَةٌ وِزَانُ رُطَبَةٍ مَا أُحْرِقَ مِنْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: الَّتِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهَا) هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ السُّنَّةَ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْأَقْدَمِينَ، وَأَمَّا لَوْ عَرَّفَ تَعْرِيفًا مُسَاوِيًا لَقَالَ وَهِيَ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ وَخَفَّفَ أَمْرَهُ وَلَمْ يُؤَكِّدْهُ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَهِيَ مَا أُكِّدَ أَمْرُهُ وَأُعْظِمَ قَدْرُهُ (قَوْلُهُ: مَوْضِعٌ طَاهِرٌ إلَخْ) أَيْ إيقَاعُهُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ أَيْ طَاهِرٍ بِالْفِعْلِ وَشَأْنُهُ الطَّهَارَةُ فَيَخْرُجُ مَحَلُّ الْخَلَاءِ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ وَلَوْ طَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَقِلَّةُ) أَيْ وَتَقْلِيلُ (قَوْلُهُ: الْجُلُوسُ الْمُتَمَكِّنُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَوَصْفُ الْجُلُوسِ بِالْمُتَمَكِّنِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَكِّنَ مِنْ صِفَاتِ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ: بِلَا حَدٍّ بِسَيَلَانٍ) أَيْ عَنْ الْعُضْوِ، وَأَمَّا السَّيَلَانُ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيعَابِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَإِلَّا كَانَ مَسْحًا وَيُسَامَحُ لِلْمُوَسْوِسِ زِيَادَةً عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهِ وَلَيْسَ النَّاسُ فِي التَّقْلِيلِ سَوَاءً لِاخْتِلَافِ عَادَتِهِمْ إذْ مِنْهُمْ عَظِيمُ الْجِسْمِ الْكَثِيرُ الشَّعْرِ الْيَابِسُ الْبَشَرَةِ وَمِنْهُمْ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَكْفِي الثَّانِيَ لَا يَكْفِي الْأَوَّلَ وَقَوْلُهُ أَوْ تَقْطِيرٍ عَطْفٌ مُغَايِرٍ؛ لِأَنَّ التَّقْطِيرَ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ الْعُضْوِ قَطْرَةً قَطْرَةً، وَأَمَّا السَّيَلَانُ عَنْهُ فَهُوَ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ الْعُضْوِ كَالْخَيْطِ وَأَتَى بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَسِيلَ الْمَاءُ أَوْ يَقْطُرَ عَنْ الْعُضْوِ ذَكَرَهُ شب (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ) أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغُسْلَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنَاءٍ إنْ فَتَحَ) لَا مَفْهُومَ لِإِنَاءٍ مَعَ قَيْدِ الِانْفِتَاحِ إذْ الْبَحْرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَفَعَ غَسْلُهُ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَخْلِيلٍ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَعْدَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى فَرْضَهُ وَقِيلَ: لَا يَنْوِي شَيْئًا مُعَيَّنًا وَيُصَمَّمُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِمُسْبَغَةٍ فَهُوَ فَضِيلَةٌ وَاسْتَظْهَرَهُ سَنَدٌ وَصَحَّحَهُ الْقَرَافِيُّ وَأَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُذُنَيْنِ) أَيْ فَالتَّنْوِينُ فِي أَعْضَاءٍ لِلتَّعْظِيمِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20] أَيْ الْأَعْضَاءُ الْعَظِيمَةُ الْمُحْتَاجُ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِمَا فِي الْيَدِ الْيُمْنَى مِنْ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ وَوُفُورِ الْخَلْقِ وَالصَّلَاحِيَّةِ لِلْأَعْمَالِ مَا لَيْسَ فِي الْيَسَارِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَاتَمَ يَضِيقُ فِيهَا وَيَتَّسِعُ فِي الْيَسَارِ (قَوْلُهُ: فَوْدٍ) بِلَا هَمْزٍ (قَوْلُهُ: لِاسْتِوَاءِ مَا ذُكِرَ) مُفَادُهُ أَنَّ الْجَنِينَ لَيْسَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ فَيَحْمِلُ عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ مَا لَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَفْتُوحًا) بِحَيْثُ يَتَّسِعُ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفْتُوحِ الْوَاسِعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَاءٍ إنْ وَسِعَ وَإِلَّا فَالْإِبْرِيقُ مَفْتُوحٌ وَفِي تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَتَحَ الْمَعْنَى عَلَى الْمُضِيِّ لَا الْمُسْتَقْبَلِ الْمُشْعِرِ بِهِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُعْتَادِ أَوْ الْأَضْبَطِ أَمَّا الْأَعْسَرُ فَيَضَعُهُ عَلَى يَسَارِهِ. (قَوْلُهُ: بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ) وَمُؤَخَّرِهِ بِفَتْحِ ثَانِيهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ وَالْخَاءِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى مُقْدِمُ وَمُؤْخِرُ مُخَفَّفٌ وَالثَّالِثُ مَكْسُورٌ نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّأْسِ) قَالَ فِي ك إنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الرَّأْسَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَخْفَى مُقَدَّمُهَا أَوْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فَفِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَقُبِّحَ عَلَيْهِ) أَيْ لِيمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ عُرْفًا) أَيْ لَا لُغَةً (قَوْلُهُ: فَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ عُرْفًا) الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ كِلَاهُمَا سُنَّةٌ وَقِيلَ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ فَضِيلَةٌ وَنَقَلَ الزَّنَاتِيُّ عَنْ أَشْهَبَ فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ (ص) وَهَلْ الرَّجُلَانِ كَذَلِكَ أَوْ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الرِّجْلَيْنِ غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ هَلْ هُمَا كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ بَعْدَ إحْكَامِ الْأُولَى كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالرِّسَالَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ الْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الْإِنْقَاءُ لِكَوْنِهِمَا مَحِلَّ الْأَوْسَاخِ غَالِبًا وَالْأَقْذَارِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَشَهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ ابْنِ رَاشِدٍ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ أَمَّا إذَا كَانَتَا نَقِيَّتَيْنِ فَكَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ اتِّفَاقًا وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُؤَلِّفِ بِالْإِنْقَاءِ. (ص) وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ تُكْرَهُ الْغَسْلَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِ الْمُوعِبَةِ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ السَّرَفِ فِي الْمَاءِ وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ تُمْنَعُ وَهُوَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فَقَوْلُهُ خِلَافٌ رَاجِعٌ لَهُمَا حُذِفَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَالْأَنْسَبُ لَوْ عَبَّرَ فِي الثَّانِيَةِ بِتَرَدُّدٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ الْمَذْكُورِينَ نَقَلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَشَهَرَ مِنْهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَوْ قَالَ الزِّيَادَةُ عِوَضُ الرَّابِعَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِمَا زَادَ عَلَى الرَّابِعَةِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِاخْتِصَارِ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّجْدِيدَ بَعْدَ صَلَاةِ نَفْلٍ بِهِ مَمْنُوعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ أَمَّا لَوْ قَصَدَ إزَالَةَ الْأَوْسَاخِ لَجَازَ. (ص) وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ الْفَضَائِلِ تَرْتِيبُ سُنَنِ الْوُضُوءِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِأَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَهِيَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ عَلَى الِاسْتِنْثَارِ وَهُوَ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ تَرْتِيبُ سُنَنِهِ مَعَ فَرَائِضِهِ بِأَنْ يُقَدِّمَ السُّنَنَ الْأُوَلَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْفَرَائِضَ الثَّلَاثَ عَلَى الْأُذُنَيْنِ فَلَوْ ذَكَرَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ فَهُوَ كَمَنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْوَسَطَ حَتَّى فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَيَتَمَادَى وَيَفْعَلُهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ فِيمَا بَيْنَهَا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ مَعَ أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَمَعَ فَرَائِضِهِ بِإِسْقَاطِ هَمْزَةِ أَوْ كَانَ أَحْسَنَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ تَرْتِيبَ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرَائِضِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ بِانْفِرَادِهِ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْعَطْفِ بِأَوْ. (ص) وَسِوَاكٌ (ش) أَيْ وَمِنْ الْفَضَائِلِ السِّوَاكُ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ عَنْهَا وَيَسْتَاكُ بِالْيُمْنَى وَيَكُونُ قَبْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَمِنْ الْفَضَائِلِ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِحْبَابِ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَا الْمَجْمُوعُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَوْ الْأُولَيَيْنِ وَالثَّالِثَةِ كَمَا يُوهِمُهُ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَشَفْعَ غَسْلِهِ أَيْ الْوُضُوءُ وَفُهِمَ مِنْ إضَافَةِ شَفْعَ لِلْغَسْلِ أَنَّ تَكْرَارَ الْمَمْسُوحِ كَالْأُذُنَيْنِ لَيْسَ بِفَضِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ، وَالتَّكْرَارُ يُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَيُكْرَهُ تَتَبُّعُ غُضُونَاتِ الْأُذُنَيْنِ (قَوْلُهُ: فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَسُنِّيَّةَ الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ) وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي قَوْلِهِ: فِي الثَّانِي وَشَهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَطْلُوبُ الِاتِّقَاءُ) أَيْ مِنْ الْقَاذُورَاتِ الْغَيْرِ الْمُتَجَسِّدَةِ، وَأَمَّا الْمُتَجَسِّدَةُ الَّتِي تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ فَهِيَ مِمَّا تَجِبُ إزَالَتُهَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْذَارِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ: وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ) قَالَ فِي ك وَنَقْلُ الْإِجْمَاعِ طَرِيقَةٌ اهـ. أَيْ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحَ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ بِالْأَوَّلِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ بِالْمُجَدَّدِ تَمَامُ تَثْلِيثِ الْأَوَّلِ فَلَا مَنْعَ وَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: نَاحِيَةِ السَّرَفِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَإِذَا حَقَّقْت النَّظَرَ تَجِدُ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدَ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَسِيلَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاةِ نَفْلٍ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ قَبْلُ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ قَالَ الشَّارِحُ وَلَوْ نَافِلَةً (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ رَأْسًا كَقَصْدِ التَّعَبُّدِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَصَدَ إزَالَةَ الْأَوْسَاخِ) وَمِثْلُ قَصْدِ إزَالَةِ الْأَوْسَاخِ قَصْدُ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّعْلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى الِاسْتِنْثَارِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ اسْتِنْثَارٌ قَبْلَ اسْتِنْشَاقٍ (قَوْلُهُ: وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ) فَلَوْ حَصَلَ مِنْهُ تَنْكِيسٌ بَيْنَ السُّنَنِ أَوْ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ لَمْ تُطْلَبْ الْإِعَادَةُ لِلتَّرْتِيبِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ ذَكَرَ الْمَضْمَضَةَ) صَرِيحٌ فِي النَّاسِي وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْعَامِدِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ ذَلِكَ الْقَائِلِ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِأَوْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ فَالتَّصْوِيبُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُسْتَحَبَّاتٍ قَصَدَ بَيَانَهَا مَعْطُوفًا بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ فَقَوْلُهُ وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَيْ مَعَ بَعْضِهَا إشَارَةً لِصُورَةٍ وَعَطَفَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةَ وَهِيَ تَرْتِيبُ السُّنَنِ مَعَ الْفَرَائِضِ بِقَوْلِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السِّوَاكَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْآلَةُ كَمَا أَفَادَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ فَأَرَادَ بِهِ هُنَا الْمَصْدَرَ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَاكَ أَيْ دَلَّكَ أَوْ تَمَايَلَ مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَتْ الْإِبِلُ تُسَاوِكُ أَيْ تَتَمَايَلُ فِي الْمَشْيِ مِنْ ضَعْفِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الْوُضُوءِ وَيَتَمَضْمَضُ بَعْدَهُ وَالْأَرَاكُ أَفْضَلُ وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ وَالْأَخْضَرُ لِلْمُفْطِرِ وَيَحْصُلُ بِكُلِّ عُودٍ وَأَفْضَلُهُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الشِّدَّةِ وَالرَّخْوَةِ وَكَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِعُودِ الرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ لِتَحْرِيكِهِمَا عِرْقَ الْجُذَامِ وَلَا يَسْتَاكُ بِعُودٍ مَجْهُولٍ وَلَا بِالْحَلْفَاءِ وَقَصَبِ الشَّعِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْأَكَلَةَ وَالْبَرَصَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالسِّوَاكِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ وَطُولًا فِي اللِّسَانِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَسِوَاكٌ الْفِعْلُ وَهُوَ الِاسْتِيَاكُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِأُصْبُعٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا قَالَ الْأَبِيُّ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاكًا فَأُصْبُعُهُ تُجْزِئُهُ، فَإِنْ اسْتَاكَ بِهَا فَلَا يُدْخِلُهَا الْإِنَاءَ خَوْفَ إضَافَةِ الْمَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِالْيَمِينِ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ بِالشِّمَالِ لِأَنَّهَا مَسَّتْ الْأَذَى انْتَهَى وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْآلَةَ لَقَالَ: وَإِنْ أُصْبُعًا أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ أُصْبُعًا وَفِي كَلَامِ التَّتَّائِيِّ نَظَرٌ (ص) كَصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ (ش) أَيْ كَاسْتِحْبَابِهِ لِصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْ السِّوَاكِ بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ لَا مِنْ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ سِوَاكٍ. (ص) وَتَسْمِيَةٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهَا مِنْ الْفَضَائِلِ وَرُوِيَ الْإِنْكَارُ وَالْإِبَاحَةُ وَمِنْ الْفَضَائِلِ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ بِأَنْ «يَقُولَ وَهُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ» وَمَا يُقَالُ عِنْدَ فِعْلِ كُلِّ عُضْوٍ فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَقَوْلُ الْأَقْفَهْسِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذَكَاةٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لِمَنْزِلٍ وَمَسْجِدٍ وَلُبْسٍ وَغَلْقِ بَابٍ وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ وَوَطْءٍ وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ (ش) أَيْ وَكَمَا تُشْرَعُ التَّسْمِيَةُ نَدْبًا فِي الْوُضُوءِ تُشْرَعُ نَدْبًا أَيْضًا فِي غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَيَزِيدُ وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا، وَإِنْ كَانَ لَبَنًا قَالَ وَزِدْنَا مِنْهُ وَيَجْهَرُ بِهَا لِيَتَذَكَّرَ الْغَافِلُ وَيَعْلَمَ الْجَاهِلُ، وَإِنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِهِ قَالَ فِي الْأَثْنَاءِ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى فَرَغَ قَرَأَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ وَتُشْرَعُ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ فِي ذَكَاةٍ بِأَنْوَاعِهَا   [حاشية العدوي] كَقِطْعَةِ جُبَّةٍ (قَوْلُهُ: وَيَتَمَضْمَضُ) الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَرَاكُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْوَاحِدَةُ أَرَاكَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْضَرُ) كَأَنَّهُ يَقُولُ وَأَفْضَلُ السِّوَاكِ الْأَرَاكُ أَخْضَرَ أَوْ يَابِسًا وَلَكِنَّ الْأَخْضَرَ الَّذِي يَجِدُ لَهُ طَعْمًا أَفْضَلَ لِلْمُفْطِرِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ فِي الْإِنْقَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ شب لَا الصَّائِمِ فَيُكْرَهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْأَوْلَى الْأَرَاكُ ثُمَّ جَرِيدُ النَّخْلِ ثُمَّ الزَّيْتُونُ ثُمَّ غَيْرُهُ مِمَّا لَهُ رِيحٌ طَيِّبٌ ثُمَّ غَيْرُ الْعِيدَانِ إلَى آخِرِ مَا قَالُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا لَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إلَخْ) سَوْقُهُمْ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مَا تَعَرَّضَ لِهَذَا الْحُكْمِ إلَّا ابْنُ حَبِيبٍ فَلْيُتَّبَعْ (قَوْلُهُ: بِعُودٍ مَجْهُولٍ) أَيْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُحَذَّرِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: يُورِثُ الْأَكْلَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ دَاءٌ فِي الْعُضْوِ يَأْتَكِلُ مِنْهُ أَيْ يَتَحَتَّتُ مِنْهُ الْعُضْوُ (قَوْلُهُ: عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ) أَيْ لِسَلَامَةِ اللِّثَةِ مِنْ التَّقَطُّعِ وَالْإِدْمَاءِ وَلِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَاكُ فِيهَا طُولًا وَكَذَا مَنْ لَا سِنَّ لَهُ يُطْلَبُ مِنْهُ الِاسْتِيَاكُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِأُصْبُعٍ) أَيْ مَعَ الْمَضْمَضَةِ لِيَكُونَ ذَلِكَ كَالدَّلْكِ قَالَ فِي ك وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصْبُعُ لَيِّنَةً أَوْ خَشِنَةً وَيَنْبَغِي بِالْأُصْبُعِ السَّبَّابَةِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرِّسَالَةِ الْأُصْبُعَيْنِ وَيَعْنِي بِذَلِكَ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُدْخِلُهَا الْإِنَاءَ) أَيْ لِغَسْلِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَدُلُّ) أَيْ قَوْلُهُ فَلَا يُدْخِلُهَا الْإِنَاءَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الدُّخُولِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ الدُّخُولِ وَوُقُوعِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْيُمْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الِاسْتِيَاكَ بِالْيُمْنَى أَيْ بِأُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ: وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ بِالشِّمَالِ) أَيْ بِأُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الشِّمَالِ كَمَا نُدِبَ مَسْكُ السِّوَاكِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ لَا بِالشِّمَالِ؛ لِأَنَّهَا مَسَّتْ الْأَذَى (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ حَيْثُ يُفِيدُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسِّوَاكِ الْآلَةَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَفِعْلُ سِوَاكٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ بِأُصْبُعٍ (قَوْلُهُ: كَاسْتِحْبَابِهِ لِصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي. (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةٌ) وَهَلْ يَزِيدُ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ الْإِنْكَارُ) أَيْ فَلَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ مَكْرُوهَةً (قَوْلُهُ: وَالْإِبَاحَةُ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ تَصَوَّرَ الْإِبَاحَةَ مَعَ رُجْحَانِ الذِّكْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَاحَ وُقُوعُ الذِّكْرِ الْخَاصِّ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَاتِ الْخَاصَّةِ أَمَّا نَفْسُ الذِّكْرِ فَرَاجِحُ الْفِعْلِ فَمَحَلُّ الْإِبَاحَةِ غَيْرُ مَحَلِّ النَّدْبِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَذَا رِوَايَةُ الْإِنْكَارِ لَا تَتَوَجَّهُ لِلذِّكْرِ بَلْ لِاعْتِقَادِ رُجْحَانِهِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ الْخَاصِّ (قَوْلُهُمْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ إلَخْ) التَّوَّابُ هُوَ الَّذِي يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ وَالْمُتَطَهِّرُ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ هَؤُلَاءِ وَلَا تُخْرِجْنِي عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدًّا) أَيْ وَإِذَا كَانَ ضَعِيفًا جِدًّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ بِالضَّعِيفِ إذَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ. (قَوْلُهُ: وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ غُسْلٍ وَلَوْ مِنْ حَرَامٍ (قَوْلُهُ: فِي أَكْلٍ وَشُرْبٍ) هِيَ سُنَّةٌ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الشُّرْبِ وَالْأَكْلِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي الْأَكْلِ وَقِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، وَأَمَّا فِي الشُّرْبِ فَهِيَ عَيْنٌ اتِّفَاقًا وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تُشْرَعُ؛ لِأَنَّهَا فِي بَعْضِ مَا ذُكِرَ وَاجِبَةٌ كَعِنْدَ الذَّبْحِ وَسُنَّةٌ كَالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَبَعْضُهَا مُسْتَحَبٌّ كَالْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَلُبْسٍ) لِثَوْبٍ إزَارٍ أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ رِدَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَحْدِهِ) أَيْ إلْحَادِهِ فِي قَبْرِهِ أَيْ إرْقَادِهِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ وَبَارِكْ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَيَزِيدُ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَبَنًا قَالَ وَزِدْنَا مِنْهُ» أَيْ وَلَا يَقُولُ: خَيْرًا مِنْهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خَيْرَ مِنْ اللَّبَنِ مَعَ أَنَّ الْوَارِدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَطْعِمَةِ اللَّحْمُ وَيَلِيهِ اللَّبَنُ وَيَلِيهِ الزَّيْتُ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا وَرَدَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ) لَعَلَّ الْفَائِدَةَ فِي ذَلِكَ لُحُوقُ بَرَكَتِهِ لِلْآكِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ النَّحْرُ وَالذَّبْحُ وَالْعَقْرُ وَمَا يَمُوتُ بِهِ كَقَطْعِ جَنَاحٍ لِنَحْوِ جَرَادٍ كَمَا يَأْتِي وَتُشْرَعُ نَدْبًا فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا فِي رُكُوبِ سَفِينَةٍ وَعِنْدَ دُخُولٍ وَخُرُوجٍ لِمَنْزِلٍ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا فِي دُخُولِ مَسْجِدٍ وَخُرُوجٍ مِنْهُ وَعِنْدَ لُبْسٍ وَعِنْدَ النَّزْعِ وَعِنْدَ غَلْقِ بَابٍ وَعِنْدَ إطْفَاءِ مِصْبَاحٍ وَفَتْحِ الْبَابِ وَوَقِيدِ الْمِصْبَاحِ كَذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا فِي وَطْءٍ مُبَاحٍ، وَأَمَّا الْوَطْءُ الْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَقِيلَ تُكْرَهُ فِيهِمَا وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقِيلَ تَحْرُمُ وَقِيلَ تُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ وَتَحْرُمُ فِي الْمُحَرَّمِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْوَطْءِ الْمَكْرُوهِ وَطْءُ الْجُنُبِ ثَانِيًا قَبْلَ غَسْلِ فَرْجِهِ وَوَطْؤُهُ الْمُؤَدِّي إلَى انْتِقَالِهِ إلَى التَّيَمُّمِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ وَجِمَاعِ مُغْتَسِلٍ إلَّا لِطَوْلٍ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا عِنْدَ صُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ النَّوْمِ وَابْتِدَاءِ صَلَاةِ نَافِلَةٍ وَطَوَافٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لِخَلَاءٍ وَعِنْدَ السِّوَاكِ وَلَا تُشْرَعُ فِي حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَذَانٍ وَذِكْرِ صَلَاةٍ وَدُعَاءٍ وَتُكْرَهُ فِي الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَلِلْقَرَافِيِّ تَحْرُمُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا قَالَ وَتُشْرَعُ أَيْ وَتُطْلَبُ شَرْعًا وَلَمْ يَقُلْ وَتُنْدَبُ لِيَشْمَلَ الْوَاجِبَ وَالْمَسْنُونَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَبَعْضُهُمْ رَجَّحَ سُنِّيَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَيْنًا وَقِيلَ كِفَايَةً فِي الْأَكْلِ. (ص) وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ (ش) الْمُرَادُ بِإِطَالَةِ الْغُرَّةِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى مَحِلِّ الْفَرْضِ أَيْ وَلَا تُنْدَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى غَسْلِ مَحِلِّ الْفَرْضِ وَلَا يُقَالُ قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ زَادَ فِي مَغْسُولِ الْوُضُوءِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَ وُضُوءَ الرَّسُولِ غَيْرُهُ وَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَلَكِنْ عَمِلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ فِي الْحَدِيثِ إدَامَةُ الْوُضُوءِ أَيْ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُدِيمَ وُضُوءَهُ فَلْيَفْعَلْ. (ص) وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ وَتَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ (ش) أَيْ وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا مَسْحُ الرَّقَبَةِ بِالْمَاءِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِي وُضُوئِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا يُنْدَبُ تَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ أَيْ تَنْشِيفُهَا بِخِرْقَةٍ مَثَلًا بَلْ يُبَاحُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِهِمْ تَرْكَ ذَلِكَ أَوْ كَرَاهَتِهِمْ لَهُ (ص) ، وَإِنْ شَكَّ فِي ثَالِثَةٍ فَفِي كَرَاهَتِهَا قَوْلَانِ (ش) أَيْ، وَإِنْ شَكَّ مُرِيدُ الْإِتْيَانِ بِغَسْلَةٍ فِي كَوْنِهَا ثَالِثَةً أَوْ رَابِعَةً فَفِي كَرَاهَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا تَرْجِيحًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتِحْبَابُ الْإِتْيَانِ بِهَا اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ إذْ الْمُحَقَّقُ اثْنَتَانِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ عَنْ الشُّيُوخِ وَالْخِلَافُ عَامٌّ فِي السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِمَا (ص) قَالَ كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ هَلْ هُوَ الْعِيدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَازِرِيَّ خَرَّجَ قَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ   [حاشية العدوي] خَارِجَ الْإِنَاءِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ غَلْقِ بَابٍ) وَسِرُّهَا دَفْعُ وَسْوَسَةِ مَنْ يُرِيدُ فَتْحَهُ مِنْ السُّرَّاقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءِ صَلَاةِ نَافِلَةٍ) أَيْ جَائِزَةٌ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ إلَخْ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْمَشْرُوعِ مَا يَشْمَلُ الْجَائِزَ (قَوْلُهُ: وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ) أَيْ فَالدُّخُولُ لِلْكَنِيفِ مِنْ حَيْثُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ أَمْرٌ ذُو بَالٍ فَطُلِبَتْ التَّسْمِيَةُ وَمِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ غَيْرُ ذِي بَالٍ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَدَّمَ الدُّخُولَ بِالْيُسْرَى فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَتَقُولُهَا عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْرَعُ فِي حَجّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَعِنْدَ الذِّكْرِ وَعِنْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَعِنْدَ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةٍ) أَيْ فَرْضٍ؛ لِأَنَّهَا تُكْرَهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى مَحِلِّ الْفَرْضِ) هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ الْيَدُ مِنْ الْأَصَابِعِ لِلْمَنْكِبِ وَالرِّجْلُ مِنْهَا إلَى الْفَخِذِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي مِثْلِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُمَا مَحْدُودَانِ هَذَا مَا قُرِّرَ وَنَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حَدِّهِمَا عَدَمُ كَوْنِ الْغُرَّةِ تَزِيدُ عَلَى حَدِّهِمَا فَهُمَا، وَإِنْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ تُفْعَلُ الزِّيَادَةُ خَارِجَةً عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَهُ لَعَمِلَ بِهِ فَيَرِدُ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ يُرَجَّحُ قَوْلُ الْإِمَامِ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا مُشْكِلُ الْغَايَةِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ) أَيْ بِإِطَالَةِ الْغُرَّةِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغُرَّةَ هِيَ الْوُضُوءُ وَإِطَالَتُهَا عَلَيْهِ إدَامَتُهُ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْحُكْمِ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ) مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: أَوْ كَرَاهَتِهِمْ) أَيْ فَلَهُمْ قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ مَكْرُوهًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقُولُ يُكْرَهُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ: فَفِي كَرَاهَةِ) قَالَ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: قَالَ كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ) قَالَ ق إنَّمَا ذَكَرَ الصَّوْمَ، وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ لَا فَائِدَةَ فِي الشَّكِّ فِي الْيَوْمِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الصَّوْمِ فِيهِ وَعَدَمِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ صَوْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ كَشَكِّهِ) هُوَ هُنَا لِمُجَرَّدِ الْحِكَايَةِ لَا لِلتَّرْجِيحِ أَيْ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ الْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ أَنَّ صَوْمَهُ مَنْدُوبٌ فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ عِنْدَهُ فِي السَّابِقَةِ النَّدْبَ (قَوْلُهُ: يَوْمِ عَرَفَةَ) احْتِمَالًا (قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ الْعِيدُ) بَدَلٌ مِنْ شَكَّ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الْفُقَهَاءِ خِلَافًا لِقَاعِدَةِ النُّحَاةِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْكَافِ مُشَبَّهٌ بِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ لَيْلَةٍ هَلْ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الْمَطْلُوبِ صَوْمُهُ لِغَيْرِ الْحَاجِّ فَيُنْدَبُ أَنْ يُبَيِّتَ صَوْمَهُ بِنَاءً عَلَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ أَوْ صَبِيحَتَهَا الْعِيدُ فَيُكْرَهُ صَوْمُهُ مَخَافَةَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ قَوْلَانِ وَنَصَّ الْمَازِرِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ فَفِي فِعْلِهَا نَقْلَا الْمَازِرِيِّ عَنْ الشُّيُوخِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ أَصْلِ الْعَدَمِ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَتَرْجِيحًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ مَمْنُوعٍ عَلَى تَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ وَخَرَّجَ عَلَيْهِمَا صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ عَاشِرًا اهـ. . (فَصْلٌ) . يَذْكُرُ فِيهِ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ يَجُوزُ تَفْرِقَتُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَلَا يُعَدُّ فِي سُنَنِهِ وَلَا فِي فَرَائِضِهِ وَلَا فِي مُسْتَحَبَّاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إنْقَاءُ الْمَحِلِّ مِنْ النَّجَاسَةِ خَاصَّةً لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُضُوءِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ (ص) نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ جُلُوسٌ وَمُنِعَ بِرَخْوٍ نَجِسٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمُرِيدِ الْبَوْلِ إذَا كَانَ الْمَكَانُ رَخْوًا طَاهِرًا الْجُلُوسُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلسَّتْرِ وَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ إذَا أَمِنَ الِاطِّلَاعَ، وَإِنْ كَانَ رَخْوًا نَجِسًا مُنِعَ الْجُلُوسُ لِئَلَّا يُنَجِّسَ ثَوْبَهُ وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ حَيْثُ أَرَادَ الْبَوْلَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الصُّلْبِ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ وَقَوْلُنَا: لِمُرِيدِ الْبَوْلَ احْتِرَازٌ مِنْ مُرِيدِ الْغَائِطِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ. (ص) وَاعْتِمَادٌ عَلَى رِجْلٍ وَاسْتِنْجَاءٌ بِيَدٍ يُسْرَيَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يَعْتَمِدَ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَإِنَّمَا ثَنَّى الْيُسْرَيَيْنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ وَظَاهِرُهُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ صَوْمُهُ) رَتَّبَهُ عَلَى كَوْنِ صَبِيحَتِهَا الْعِيدَ فَنَقُولُ: إنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ صَبِيحَتِهَا الْعِيدَ حُرْمَةُ الصَّوْمِ لَا كَرَاهَتُهُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَدْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِ الْغَدِ الْعِيدَ فَقِيلَ يُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْغَدُ الْعِيدَ وَقِيلَ بِعَدَمِهَا لِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَالْمُوجِبُ لِلْكَرَاهَةِ احْتِمَالُ كَوْنِ الْغَدِ الْعِيدَ لَا كَوْنُهُ الْعِيدَ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ الْعِيدَ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ: فَفِي فِعْلِهَا) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَفِي فِعْلِهَا أَيْ فَفِي نَدْبِ فِعْلِهَا وَكَرَاهَتِهِ فَقَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَفِي فِعْلِهَا وَقَوْلُهُ وَتَرْجِيحًا رَاجِعٌ لِلْمَحْذُوفِ أَيْ الَّذِي هُوَ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَّجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ خَرَّجَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ. [فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ] (قَوْلُهُ: آدَابَ إلَخْ) جَمْعُ أَدَبٍ وَهُوَ مَا يُسْتَحْسَنُ التَّحَلِّي بِهِ إمَّا فِعْلٌ وُجُوبًا كَقَوْلِهِ وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ وَنَدْبًا كَالِاعْتِمَادِ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَجَوَازًا كَقَوْلِهِ وَجَازَ بِمَنْزِلٍ وَطْءٌ إلَخْ وَإِمَّا تَرْكٌ تَحْرِيمًا كَقَوْلِهِ لَا فِي الْفَضَاءِ وَقَوْلُهُ: وَمَا مَعَهُ أَيْ وَآدَابُ مَا مَعَهُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الِاسْتِجْمَارُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ الِاسْتِنْجَاءَ وَمَا مَعَهُ دَاخِلًا فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ نُدِبَ لِقَاضِي إلَخْ، فَإِنَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ الِاسْتِنْجَاءَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ وَمِثْلُهُ الِاسْتِجْمَارُ أَوْ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُعَدُّ مَرْفُوعٌ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَكَانِ عَطْفُ مَلْزُومٍ عَلَى لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّفْرِقَةِ فِي الْمَكَانِ التَّفْرِقَةُ فِي الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ فَلَا يُعَدُّ فِي السُّنَنِ إلَخْ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعَ الْمَنْعِ صِحَّةً وَكَمَا لَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ اتِّقَاءُ الْمَحِلِّ وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ هُوَ نَفْسُ اتِّقَاءِ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ: لِقَاضِي الْحَاجَةِ) فِيهِ مَجَازٌ أَيْ لِمُرِيدِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِمُرِيدِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: رَخْوًا طَاهِرًا) كَرَمْلٍ أَوْ تُرَابٍ طَاهِرٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ) أَيْ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: مُنِعَ الْجُلُوسُ) أَيْ كُرِهَ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ) أَيْ نُدِبَ نَدْبًا مُؤَكَّدًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ الْقِيَامُ وَمِثْلُهُ بَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالْخَصِيِّ وَالْخُنْثَى حَيْثُ بَالَ مِنْ الْفَرْجِ إلَّا أَنَّ ابْنَ نَاجِي فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَبَادِرَةُ فَقَالَ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ أَيْ فِي الْغَائِطِ خَلِيلٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ. وَبِمَا قَرَّرْتُهُ مِنْ حَمْلِ عَدَمِ الْجَوَازِ عَلَى الْكَرَاهَةِ يَحْصُلُ وِفَاقٌ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْكَرَاهَةُ وَبِالتَّعَيُّنِ أَوْ اللُّزُومِ النَّدْبُ الْمُتَأَكِّدُ اهـ. لَفْظُهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتِمَادٌ عَلَى رِجْلٍ) وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ مُعْظَمَ قُوَّتِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَرْفَعَ عُرْقُوبَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى عَلَى صَدْرِهَا، وَالِاسْتِحْبَابُ مَصَبُّهُ يُسْرَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِنْجَاءٌ) الْمُرَادُ بِهِ إزَالَةُ مَا فِي الْمَحَلِّ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ الْإِزَالَةَ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: يُسْرَيَيْنِ) نَعْتٌ لِيَدٍ وَرِجْلٍ وَيَتَعَيَّنُ قَطْعُهُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ لِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ وَلَا يُقَالُ نَعْتُ النَّكِرَةِ إذَا كَانَ وَاحِدًا لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا نَعْتٌ مُقَدَّرٌ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا هُنَا إذْ التَّقْدِيرُ بِيَدٍ مِنْهُ وَرِجْلٍ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نَعْتَهَا يُقْطَعُ، وَإِنْ اتَّحَدَ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ ذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ رُجُوعِهِ لِلْيَدِ وَالرِّجْلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَهْوَنُ فِي خُرُوجِ الْحَدَثِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعِدَةَ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ، فَإِذَا اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ صَارَ الْمَحِلُّ كَالْمَزْلَقِ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ فَهِيَ شَبَهُ الْإِنَاءِ الْمَلْآنِ الَّذِي أُقْعِدَ عَلَى جَنْبِهِ لِلتَّفْرِيغِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُقْعِدَ مُعْتَدِلًا وَمِنْ الْمَنْدُوبِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِلْحَاجَةِ جِهَتُهُ الْيُمْنَى أَعْلَى مِنْ الْجِهَةِ الْيُسْرَى شَيْئًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ أَيْضًا وَاسْتُحِبَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى تَكَرُّمَةً لِلْيُمْنَى، فَإِنْ فَعَلَ بِهَا كُرِهَ إلَّا لِقَطْعٍ أَوْ شَلَلٍ كَامْتِخَاطٍ وَغَسْلِ بَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا) جَالِسًا وَقَائِمًا عِنْدَ اللَّقَانِيِّ وَمُفَادُ عج أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إذَا كَانَ جَالِسًا. وَأَمَّا إذَا بَالَ قَائِمًا فَيُفَرِّجُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَيَعْتَمِدُهُمَا مَعًا وَسَكَتَ عَنْ الْغَائِطِ قَائِمًا وَكَلَامُ اللَّقَانِيِّ ظَاهِرٌ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعِلَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 خِلَافُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْغَائِطِ (ص) وَبَلُّهَا قَبْلَ لُقِيِّ الْأَذَى وَغَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ بَلُّ بَاطِنِ الْيَدِ الْيُسْرَى قَبْلَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لِيَسْهُلَ إزَالَةُ مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ الرَّائِحَةِ لِأَنَّهَا إذَا لَاقَتْ النَّجَاسَةَ وَهِيَ جَافَّةٌ تَعَلَّقَتْ الرَّائِحَةُ بِالْيَدِ وَتَتَمَكَّنُ مِنْهَا وَيُنْدَبُ أَيْضًا غَسْلُ الْيَدِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِتُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْلَعُ الرَّائِحَةَ، وَإِنَّمَا قَالَ وَبَلُّهَا وَلَمْ يَقُلْ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَيَغْسِلُ الْيُسْرَى لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْغَسْلِ بَلْ الْبَلُّ كَافٍ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ. (ص) وَسَتْرٌ إلَى مَحِلِّهِ وَإِعْدَادُ مُزِيلِهِ وَوِتْرِهِ، وَتَقْدِيمُ قُبُلِهِ وَتَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ وَاسْتِرْخَاؤُهُ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يُدِيمَ السَّتْرَ إلَى مَحِلِّ خُرُوجِ الْأَذَى فَيُدِيمُهُ إلَى دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى ثِيَابِهِ وَإِلَّا رَفَعَ قُبُلَهُ مَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَإِلَّا وَجَبَ السَّتْرُ وَمِنْ الْآدَابِ إعْدَادُ الْمُزِيلِ مِنْ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ تَعَدَّتْ إلَى ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ وَمِنْ الْآدَابِ كَوْنُ الْمُزِيلِ الْجَامِدِ وِتْرًا مِنْ ثَلَاثٍ إلَى سَبْعٍ ثُمَّ لَا يَطْلُبُ إلَّا الْإِنْقَاءَ وَيَحْصُلُ فَضْلُ الْإِيتَارِ بِحَجَرٍ لَهُ شُعَبٌ ثَلَاثٌ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَأَبِي الْفَرَجِ وَمِنْ الْآدَابِ تَقْدِيمُ إنْقَاءَ الْقُبُلِ اسْتِنْجَاءً وَاسْتِجْمَارًا عَلَى دُبُرِهِ خَوْفَ التَّلَوُّثِ لَوْ عَكَسَ إلَّا إنْ كَانَ بَوْلُهُ يَقْطُرُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمَاءِ لِدُبُرِهِ، فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْقُبُلَ وَمِنْ الْآدَابِ تَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ عِنْدَ الْبَوْلِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِسْهَالِ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَمِنْ الْآدَابِ اسْتِرْخَاؤُهُ قَلِيلًا كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا ضِدُّ الِانْقِبَاضِ وَالتَّكَمُّشِ وَمِنْ الْآدَابِ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَلَوْ بِكُمِّهِ خَوْفًا مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِالشَّعْرِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ وَمِنْ الْآدَابِ عَدَمُ الْتِفَاتِهِ بَعْدَ قُعُودِهِ وَعَدَمُ نَظَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَالْعَبَثِ بِيَدِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ قُعُودِهِ فَيُنْدَبُ الْتِفَاتُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا خَوْفًا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيهِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الِالْتِفَاتِ بَعْدَ قُعُودِهِ لِئَلَّا يَرَى مَا يُؤْذِيهِ فَيَقُومَ وَيَقْطَعَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهَا ابْتِدَاءً ثُمَّ اسْتَنْجَى بِدُونِ اسْتِجْمَارٍ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ بَلِّهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا وَإِذَا اسْتَجْمَرَ ابْتِدَاءً بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ اسْتَنْجَى فَلَا يُطْلَبُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إلَى مَحِلِّ خُرُوجِ الْأَذَى) أَيْ فَالضَّمِيرُ فِي مَحِلِّهِ فِي الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِخُرُوجِ الْأَذَى لَا لِقَاضِي الْحَاجَةِ فَيَكُونُ ظَاهِرًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إلَى مَحَلِّ مَا يُلْقَى فِيهِ الْأَذَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ خُرُوجِ الْأَذَى لِلدُّبُرِ وَالْمَقْصُودُ ظَاهِرٌ وَالْأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرَادَ بِمَحَلِّهِ دُنُوُّهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَيُدِيمُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنْ يُدِيمَهُ إلَى دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَاقِفًا عَلَى الْحُفْرَةِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سِتْرٌ إلَى مَحَلِّ لُقِيِّ الْأَذَى (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْكَنِيفِ الَّذِي عَلَيْهِ بَابٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْكَنِيفِ أَوْ فِيهَا إلَّا أَنَّهَا لَا بَابَ لَهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْإِسْبَالِ عِنْدَ الْقِيَامِ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَرَأَيْت عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إسْبَالُ الثَّوْبِ إذَا فَرَغَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ تَنَجُّسَ ثَوْبِهِ، فَإِنْ خَافَهُ رَفَعَ قَدْرَ حَاجَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ وَتَحَرَّكَ لِتَحْصِيلِ الْمُزِيلِ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَلَا يَكْفِيهِ إلَّا الْمَاءُ وَكَانَ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَوْ أَعَدَّ حَجَرًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ تَعَدَّتْ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَلَاثٍ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوْ وِتْرًا أَيْ إعْدَادُ الْمُزِيلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْجَامِدِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ لَا شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ كَمَا فِي عب؛ لِأَنَّ شِبْهَ الِاسْتِخْدَامِ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى ثُمَّ تَذْكُرَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ بِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَقُولَ عِنْدِي عَيْنٌ فَأَنْفَقْت الْعَيْنَ حَيْثُ تُرِيدُ بِالْعَيْنِ الْأُولَى الْجَارِيَةَ وَتُرِيدُ بِالثَّانِيَةِ الذَّهَبَ وَمَحَلُّ نَدْبِ الْوِتْرِ حَيْثُ أَنْقَى بِالشَّفْعِ، فَإِنْ أَنْقَى بِالْوِتْرِ تَعَيَّنَ فَلَمْ يَتَأَتَّ النَّدْبُ وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَاحِدُ دَاخِلًا فِي الْوِتْرِ فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوِتْرُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وِتْرٌ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْهَالِ) أَيْ انْطِلَاقِ الْبَطْنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: اسْتِرْخَاؤُهُ قَلِيلًا) أَيْ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي غُضُونِ الْمَحَلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ ذُو غُضُونٍ تَنْقَبِضُ عِنْدَ حِسِّ الْمَاءِ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ فَإِذَا اسْتَرْخَى تَمَكَّنَ مِنْ الْإِنْقَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِجْمَارِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الِاسْتِرْخَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا إلَخْ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْقُلَّةِ فِي الْغُسْلِ بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي النَّجَاسَةِ فِي الْجَسَدِ أَشَدُّ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ الَّتِي بِدَاخِلِ الْفَمِ وَبِدَاخِلِ الْأَنْفِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) أَيْ حَالَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَتَعَلُّقِهَا كَحَالِ الِاسْتِنْجَاءِ وَنَحْوِهِ لِلْحَطَّابِ بَلْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ شَامِلٌ لِحَالِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكُمِّهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ وَغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِلْخَلَاءِ حَاسِرًا، وَأَمَّا فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ بِالسَّتْرِ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ إذَا خَلَوْتُمْ إنِّي لَأَذْهَبُ إلَى حَاجَتِي فِي الْخَلَاءِ مُتَقَنِّعًا بِرِدَائِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي اهـ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ رَأْسُهُ مَسْتُورًا (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِالشَّعْرِ) أَيْ فَتَضُرُّهُ (أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتُرَ لِحْيَتَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُغَطِّ رَأْسَهُ أَصَابَهُ مَرَضٌ يُقَالُ لَهُ اللَّوَى يَمْنَعُ الْخَارِجَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرَى مَا يُؤْذِيهِ) أَيْ غَيْرَ قَادِمٍ عَلَيْهِ يُؤْذِيهِ وَمِنْ الْآدَابِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْفَضْلَةِ وَأَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ قِيلَ مَنْ أَدَامَ النَّظَرَ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْوَجْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 بَوْلَهُ فَيُنَجِّسَ ثَوْبَهُ. (ص) وَذِكْرُ وِرْدٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ (ش) أَيْ وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ غُفْرَانَك أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا» وَفِي رِوَايَةٍ «الَّذِي رَزَقَنِي لَذَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ» وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَفِي أُخْرَى الْكَنِيفَ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» وَيَجْمَعُ مَعَ التَّعَوُّذِ دُخُولًا وَخُرُوجًا التَّسْمِيَةَ كَمَا مَرَّ وَحِكْمَةُ تَقْدِيمِ هَذَا الذِّكْرِ مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «سِتْرُ أَيْ بِكَسْرِ السِّينِ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ» وَخَصَّ هَذَا الْمَوْضِعَ بِالِاسْتِعَاذَةِ لِأَنَّهُ خَلَاءٌ وَلِلشَّيْطَانِ فِيهِ تَسَلُّطٌ وَقُدْرَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْمَلَاءِ وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ قَذِرٍ يُنَزَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ فَيَغْتَنِمُ الشَّيْطَانُ عَدَمَ ذِكْرِهِ فَأَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ عِصْمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى يَخْرُجَ. وَأَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَقَبْلَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) ، فَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ (ش) أَيْ، فَإِنْ فَاتَ الذِّكْرُ الْقَبْلِيُّ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُهُ فِي الْمَحِلِّ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْحَدَثِ، فَإِنْ أُعِدَّ كَالْكَنِيفِ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: غُفْرَانَك) بِالنَّصْبِ أَيْ أَسْأَلُك أَوْ اغْفِرْ غُفْرَانَك، وَالْوَجْهُ فِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى عَادَتِهِ إذْ كَانَ مِنْ دَأْبِهِ الِاسْتِغْفَارُ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ حَتَّى إنَّهُ لَيُعَدُّ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ خُرُوجُ الْأَخْبَثَيْنِ بِسَبَبِ خَطِيئَةِ آدَمَ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ حَيْثُ جُعِلَ مُكْثُهُ فِي الْأَرْضِ وَمَا تَنَالُ ذُرِّيَّتُهُ فِيهَا عِظَةٌ لِلْعِبَادِ وَتَذْكِرَةٌ لِمَا تَئُولُ إلَيْهِ الْمَعَاصِي فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ حِينَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ رِيحَ الْغَائِطِ قَالَ أَيْ رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ تَعَالَى هَذَا رِيحُ خَطِيئَتِك فَكَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلَاءِ غُفْرَانَك» الْتِفَاتًا إلَى هَذَا الْأَصْلِ وَتَذْكِيرًا لِأُمَّتِهِ بِهَذِهِ الْعِظَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ: سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا) أَيْ أَدْخَلَهُ فِي جَوْفِي طَيِّبًا (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا) الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ خُرُوجِهِ وَكَوْنِهِ خَبِيثًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَدَمِ خُرُوجِهِ وَمِنْ خُرُوجِهِ غَيْرَ خَبِيثٍ حَالَةٌ مُضِرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ) أَيْ الْمَشَقَّةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِ مُكْثِهِ (قَوْلُهُ: قُوَّتَهُ) أَيْ الْخَاصَّةَ الَّتِي تَقُومُ بِالْبَدَنِ وَلَا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الْإِنْسَانِ إلَّا الثِّقَلَ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا رِوَايَاتٌ ثَلَاثٌ فَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَالْخَلَاءُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ الْمَكَانُ الَّذِي لَا أَحَدَ فِيهِ نَقْلٌ لِمَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَبِالْقَصْرِ الرَّطْبُ مِنْ الْحَشِيشِ وَالْخِلَاءُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ فِي النُّوقِ كَالْحُرُنِ فِي الْخَيْلِ (قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ» ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَيُرْوَى بِسُكُونِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْفَارَابِيُّ وَالْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْكَارُ الْخَطَّابِيِّ لَهُ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ، وَإِنَاثُهُمْ وَقِيلَ: الْخُبْثُ الْكُفْرُ وَالْخَبَائِثُ الشَّيَاطِينُ وَقِيلَ الْخُبْثُ الشَّرُّ وَالْخَبَائِثُ الْمَعَاصِي وَفِي الْمَدْخَلِ زِيَادَةُ: الرِّجْسُ النَّجِسُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ، وَنَحْوِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَيُقْرَأُ النِّجْسُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مُوَافَقَةً لِلرِّجْسِ زَادَ فِي الزَّاهِي بَعْدَ قَوْلِهِ الرِّجْسُ النَّجِسُ الضَّالُّ الْمُضِلُّ (قَوْلُهُ: وَيَجْمَعُ مَعَ التَّعَوُّذِ إلَخْ) قَالَ عج بَعْدَ كَلَامٍ فَاسْتُفِيدَ مِنْ جَعْلِ التَّسْمِيَةِ مُسْتَحَبًّا بِانْفِرَادِهَا أَنَّ الْآتِيَ بِهَا وَبِالذِّكْرِ أَوَّلًا آتٍ بِمُسْتَحَبَّيْنِ وَكَذَا ثَانِيًا ثُمَّ فِيهِ أَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا يَتَعَوَّذُ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْخُرُوجِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ وَيَأْتِي بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَحْوِ غُفْرَانَك إلَخْ قَالَ ح وَيَبْدَأُ بِالتَّسْمِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَقَالَ: إنَّهُ فِي حَالِ تَقْدِمَتِهِ لِلرَّجُلِ الْيُسْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّعَوُّذَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ رِجْلَهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَيَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِ إلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَدَثِ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُنْدَبُ فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَلَا فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَذَكَرَ تت عِنْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهَا لَا تُنْدَبُ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ وَالْحَطَّابُ يَقُولُ تُقَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ: سِتْرٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ مَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) أَيْ وَالذِّكْرُ (قَوْلُهُ: الْمَلَاءِ) أَيْ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ) أَيْ ذُو شَيْطَانٍ أَيْ ذُو وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ يُوَسْوِسُ لَهُ أَوْ كَالشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِسُوءٍ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَزْجُرُهُ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ أَيْ ذُو شَيْطَانَيْنِ أَيْ ذُو وَسْوَسَةِ شَيْطَانَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوَسْوِسُ لَهُ شَيْطَانُهُ أَوْ كَالشَّيْطَانَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُحَدِّثُ كُلُّ وَاحِدٍ نَفْسَهُ بِفِعْلِ سُوءٍ فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ إذَا أَرَادَ أَحَدٌ سُوءًا بِصَاحِبِهِ رُبَّمَا زَجَرَهُ الثَّالِثُ فَقَوْلُهُ رَكْبٌ أَيْ جَمَاعَةٌ مَأْمُونَةٌ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ مَا نَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الِانْفِرَادَ وَالذَّهَابَ فِي الْأَرْضِ عَلَى سَبِيلِ الْوَحْدَةِ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ أَيْ فِعْلٌ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَكَذَا الرَّاكِبَانِ وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اجْتِمَاعِ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ) أَيْ فَيُذْكَرُ فِيهِ جَوَازًا قَالَهُ تت وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ النَّدْبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ اللَّخْمِيَّ صَرَّحَ بِالِاسْتِحْبَابِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ مُرَادُ تت بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِهِ) كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا حَالَ الْجُلُوسِ فَلَا؛ لِأَنَّ الصَّمْتَ حِينَئِذٍ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِ اهـ. (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ عَوْرَتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 فَلَا يَذْكُرُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أُعِدَّ مُنِعَ أَيْ كُرِهَ وَهَذَا إذَا دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَ رِجْلًا وَاحِدَةً فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (ص) وَسُكُوتٌ إلَّا لِمُهِمٍّ (ش) أَيْ وَمِنْ الْآدَابِ السُّكُوتُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ إلَّا لِأَمْرٍ مُهِمٍّ فَلَا يُنْدَبُ السُّكُوتُ حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ لِتَعَوُّذٍ قَدْ يَجِبُ كَتَحْذِيرٍ مِنْ حَرْقٍ أَوْ أَعْمَى يَقَعُ أَوْ دَابَّةٍ وَمِنْ الْمُهِمِّ طَلَبُ مَا يُزِيلُ بِهِ الْأَذَى وَلِذَلِكَ طَلَبَ مِنْهُ إعْدَادَ الْمُزِيلِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا طُلِبَ السُّكُوتُ وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَحِلَّ مِمَّا يُطْلَبُ سَتْرُهُ وَإِخْفَاؤُهُ وَالْمُحَادَثَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ ذَلِكَ. (ص) وَبِالْفَضَاءِ تَسَتُّرٌ وَبُعْدٌ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الْفَضَاءِ أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِكَشَجَرَةٍ وَأَنْ يَبْعُدَ حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ وَلَا يُرَى لَهُ عَوْرَةٌ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ بِمَكَّةَ يَخْرُجُ نَحْوَ الْمِيلَيْنِ مِنْ مَكَّةَ» مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ تَعْظِيمِ الْحَرَمِ لَا لِلسَّتْرِ. (ص) وَاتِّقَاءُ حَجَرٍ وَرِيحٍ وَمَوْرِدٍ وَطَرِيقٍ وَظِلٍّ وَصُلْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ لِقَاضِي الْحَاجَةِ لَا بِقَيْدِ الْفَضَاءِ اتِّقَاءُ الشَّقِّ مُسْتَدِيرًا أَوْ مُسْتَطِيلًا خَوْفًا مِنْ خُرُوجِ الْهَوَامِّ الْمُؤْذِيَةِ مِنْهُ أَوْ لِكَوْنِهِ مَسَاكِنَ الْجِنِّ وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ مَهَابِّ الرِّيحِ وَلَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الَّتِي لَهَا مَنْفَذٌ يَدْخُلُ الْهَوَاءُ فِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ وَيَخْرُجُ مِنْ آخَرَ مَخَافَةً مِنْ رَدِّ الرِّيحِ بَوْلَهُ عَلَيْهِ وَلْيَبُلْ فِي وِعَاءٍ وَيُفْرِغْهُ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْ الْمِرْحَاضِ وَيَسِيلُ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ زِيَادَةِ شَطٍّ إنْ فُسِّرَ الْمَوْرِدُ بِمَا يُمْكِنُ الْوُرُودُ مِنْهُ لَا بِمَا اُعْتِيدَ لِلْوُرُودِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ مَوْضِعِ وُرُودِ الْمَاءِ مِنْ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ وَلَعَلَّهُ اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ الشَّطِّ وَهُوَ جَانِبُ النَّهْرِ وَكَذَا الْإِبَاحَةُ لِذِكْرِ الْمَاءِ الدَّائِمِ إذْ هُوَ أَحْرَى مِنْ الْمَوْرِدِ وَالشَّطِّ وَمِنْ الْآدَابِ   [حاشية العدوي] فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنْ يَقُولَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا فِي حَالَةِ جُلُوسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ مَا لَمْ يَكْشِفْ عَوْرَتَهُ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَقُولُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ الْحَدَثُ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَشَفَ وَمَا قُلْنَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِتَعَوُّذٍ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى الْكَافِ فَلَمْ تَتِمَّ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى فَيَجُوزُ التَّكَلُّمُ لِأَجْلِ تَعَوُّذٍ أَيْ تَحْصِينٍ أَيْ عِنْدَ الِارْتِيَاعِ (قَوْلُهُ: كَتَحْذِيرٍ مِنْ حَرْقٍ) أَوْ خَوْفِ تَلَفِ مَالٍ وَقَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ بِكَوْنِهِ لَهُ بَالٌ قَالَ تت وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ مُهِمًّا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا لَهُ بَالٌ فَالْقَيْدُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْمَى) أَيْ كَتَحْذِيرِ أَعْمَى. (قَوْلُهُ: وَبِالْفَضَاءِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ عَامٍّ أَيْ نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ كَذَا وَكَذَا بِكُلِّ مَكَان وَنُدِبَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ بِالْفَضَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِكَشَجَرَةٍ) بِحَيْثُ لَا تُرَى جُثَّتُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ) فَيُنْظَرَ فِيهِ لِحَالِهِ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْحَدِّ بِأَنْ كَانَ لَهُ رِيحٌ قَوِيٌّ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَبْعُدُ بِحِسَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَى لَهُ عَوْرَةٌ) إنْ قُلْت: إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ قُلْت إنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ فَالْمُرَادُ يَبْعُدُ بِحَيْثُ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ لَا تُرَى عَوْرَتُهُ فَلَوْ أَنَّهُ جَلَسَ فِيمَا يَحْتَمِلُ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ إلَّا إذَا رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ بِالْفِعْلِ فَظَهَرَ مَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ: الشَّقِّ مُسْتَدِيرًا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ مَعْنًى لُغَوِيًّا إذْ مَعْنَى الْجُحْرِ لُغَةً الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُقَالُ لَهُ سَرَبٌ قَالَ الْحَطَّابُ جُحْرٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَهُوَ الثُّقْبُ الْمُسْتَدِيرُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْمُسْتَطِيلُ وَيُسَمَّى السَّرَبُ بِفَتْحٍ وَقَالَ فِي ك، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجُحْرِ، وَإِنْ كَانَ السَّرَبُ كَذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَلِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُعِدَّ مَا يَبُولُ فِيهِ لَيْلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَبُولُ فِي مِرْحَاضٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَضْرِبَ بِرِجْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لِتَنْفِرَ الْهَوَامُّ مَخَافَةَ أَنْ تُؤْذِيَهُ أَوْ تُنَجِّسَهُ (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ فَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بَعْضُ الْهَوَامِّ فَيُشَوِّشُ عَلَيْهِ (فَإِنْ قُلْت) إنَّ الشَّيَاطِينَ يُحِبُّونَ النَّجَاسَاتِ (قُلْت) نَعَمْ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ التَّلَطُّخَ بِهَا فَأَنْتَ تُحِبُّ الْعَسَلَ هَلْ تُحِبُّ أَنْ تَتَلَطَّخَ بِهِ (قَوْلُهُ: اتِّقَاءُ مَهَابِّ الرِّيحِ) عَامٌّ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ الرَّقِيقِ قَالَ فِي ك وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يُطْلَبُ بِاتِّقَاءِ الرِّيحِ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ اتِّقَاءُ مَهَابِّهَا مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَدْخَلِ اتِّقَاءُ مَهَابِّهَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا وَقَعَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الشَّطَّ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ لِلْوُرُودِ وَلَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ يَجْتَنِبُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ خُصُوصًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِ عِمَارَةٍ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَأُلْحِقَ بِهِ شَاطِئُ النَّهْرِ حَيْثُ يَقْصِدُهُ النَّاسُ اهـ. (أَقُولُ) إذَا كَانَ يَقْصِدُهُ النَّاسُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْرِدِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الشَّطِّ) أَيْ إنْ قُلْنَا الْمُرَادُ مَكَانُ الْوُرُودِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ أَحْرَى مِنْ النَّهْرِ) فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَإِرْشَادٍ وَهُوَ فِي الْقَلِيلِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَقِيلَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَفْسُدُ لِتَكَرُّرِ الْبَائِلِينَ وَيَظُنُّ الْمَارُّ أَنَّهُ تَغَيَّرَ مِنْ قَرَارِهِ وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ فِيهِ التَّغَوُّطُ فِيهِ وَصَبُّ النَّجَاسَةِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ: إنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي الْقَلِيلِ إذْ قَدْ يَتَغَيَّرُ مِنْهُ فَيُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ قَرَارِهِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِبَعْضِهِمْ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَعَلَى بَابِهَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَقَوْلُهُ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا أَيْ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا كَالْمُسْتَبْحِرِ كَمَا فِي التَّلْقِينِ وَصَرَّحُوا بِجَوَازِهِ فِي الْجَارِي ذَكَرَهُ فِي ك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 اتِّقَاءُ طَرِيقٍ وَظِلٍّ يَسْتَظِلُّ بِهِ النَّاسُ وَيَتَّخِذُونَهُ مَقِيلًا وَمُنَاخًا عِيَاضٌ وَلَيْسَ كُلُّ ظِلٍّ يَحْرُمُ الْقُعُودُ عَنْهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَقَدْ قَضَاهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَحْتَ حَائِشٍ أَيْ نَخْلٍ مُلْتَفٍّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهُ ظِلًّا وَمِنْ الْآدَابِ تَجَنُّبُ بِيَعِ الْيَهُودِ وَكَنَائِسِ النَّصَارَى خَوْفَ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ بِمَسَاجِدِنَا وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي مَخَازِنِ الْغَلَّةِ وَفِي الْأَوَانِي النَّفِيسَةِ وَيَحْرُمُ فِي النَّقْدَيْنِ وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ الْمَوْضِعِ الصُّلْبِ النَّجِسِ، وَأَمَّا الطَّاهِرُ فَيَتَعَيَّنُ الْجُلُوسُ فِيهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لَهُ وَالصُّلْبُ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَوْ فَتْحِهَا مُشَدَّدَةً وَبِفَتْحِهِمَا الْمَوْضِعُ الشَّدِيدُ. (ص) وَبِكَنِيفٍ نُحِّيَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْدِيمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا عَكْسُ مَسْجِدٍ وَالْمَنْزِلُ يُمْنَاهُ بِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ إرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَنْ يُنَحِّيَ أَيْ يُبْعِدَ ذِكْرَ اللَّهِ الْكَائِنَ مَعَهُ بِوَرَقَةٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ خَاتَمٍ إنْ أَمْكَنَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَسْتُورًا وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ بِغَيْرِ الْمَسْتُورِ وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَرَزَ بِسَاتِرِ مَا يُوَافِقُهُ وَمِنْ الْآدَابِ تَقْدِيمُ يُسْرَاهُ عِنْدَ الدُّخُولِ لِلْكَنِيفِ وَيُمْنَاهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ تَكْرِيمًا لَهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: اتِّقَاءُ طَرِيقٍ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْرِدَ طَرِيقُ النَّهْرِ وَطَرِيقُ الْعَيْنِ وَطَرِيقُ الْبِئْرِ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَائِطُ أَشَدَّ مِنْ الْبَوْلِ وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت هَذَا فَنَقُولُ: إنَّ قَوْلَ عِيَاضٍ يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ وَمِنْ الْآدَابِ إلَخْ وَيُنَافِي قَوْلَ النَّوَادِرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَغَوَّطَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ. قَالَ عج وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَيْهِ إذْ فَاعِلُ الْمَكْرُوهِ لَا يُلْعَنُ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ» وَالْبِرَازُ اسْتَصْوَبَ النَّوَوِيُّ كَسْرَ مُوَحَّدَتِهِ الْغَائِطُ وَالْمَلَاعِنُ عَنْ جَمْعِ مَلْعَنَةٍ وَهِيَ الْفَعْلَةُ الَّتِي يُلْعَنُ فَاعِلُهَا كَأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّعْنِ وَمَحَلٌّ لَهُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَأْتُونَ إلَيْهَا فَيَجِدُونَ الْعَذِرَةَ فَيَلْعَنُونَ فَاعِلَهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عُمُومُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَفِي الْحَدِيثِ تَخْصِيصُهُ بِالْغَائِطِ قَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ وَمِثْلُ الظِّلِّ الشَّمْسُ أَيَّامَ الشِّتَاءِ أَيْ وَنَحْوُهَا كَالْقَمَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ نَخْلٍ مُلْتَفٍّ) قَالَ الْحَطَّابُ كَأَنَّهُ لِالْتِفَافِهِ يَحُوشُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ: خَوْفَ فِعْلِهِمْ بِمَسْجِدِنَا) أَيْ لِاحْتِمَالِ، وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ فَيَجِبُ التَّرْكُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي مَخَازِنِ الْغَلَّةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْغَلَّةُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِصَدَدِ الْوَضْعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَانِي النَّفِيسَةِ أَيْ كَالصِّينِيِّ، وَقَوْلُهُ: يَحْرُمُ فِي النَّقْدَيْنِ إمَّا لِإِهَانَةِ مَا أَعَزَّهُ اللَّهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُمَا وَهُوَ حَرَامٌ وَهَذَا أَظْهَرُ (قَوْلُهُ اتِّقَاءُ الْمَوْضِعِ الصُّلْبِ النَّجِسِ) أَيْ جُلُوسًا وَقِيَامًا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ صُلْبًا نَجِسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَقْصِدَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَامَ خَافَ أَنْ يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَلَسَ خَافَ أَنْ يَتَلَطَّخَ بِنَجَاسَةِ الْمَوْضِعِ اهـ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ صُلْبًا نَجِسًا لَا يَخْشَى التَّلَطُّخَ بِنَجَاسَةِ الْمَوْضِعِ إنَّمَا يَخْشَى مِنْ رَشَاشِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الطَّاهِرُ فَيَتَعَيَّنُ الْجُلُوسُ فِيهِ) أَيْ يُنْدَبُ نَدْبًا أَكِيدًا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْمَنُ مِنْ التَّلَطُّخِ بِالنَّجَاسَةِ إنْ جَلَسَ وَلَا يَأْمَنُ إنْ قَامَ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الصَّادِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَتْحُ الصَّادِ وَسُكُونُ اللَّامِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الصِّحَاحُ وَالْقَامُوسُ وَلَكِنَّ الْمَحْفُوظَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَتْحُ الصَّادِ وَسُكُونُ اللَّامِ وَبَيَّنَ فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ الصُّلْبَ الْمَوْضِعُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ. (قَوْلُهُ: وَبِكَنِيفٍ إلَخْ) حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى وَرِقَةٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ خَاتَمٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ وَسَكَتَ عَنْ نَفْسِ الذِّكْرِ قِرَاءَةً وَالْقُرْآنُ كَتْبًا وَقِرَاءَةً بَعْضًا وَكُلًّا، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ تَنْحِيَةُ الْقُرْآنِ وَيُنْدَبُ تَنْحِيَةُ غَيْرِهِ مِنْ الذِّكْرِ نُطْقًا بِأَنْ يَسْكُتَ لِحُرْمَةِ نُطْقِهِ فِيهِ بِقُرْآنٍ وَكَرَاهَتِهِ بِذِكْرٍ وَكَتْبًا وُجُوبًا فَيَجِبُ تَنْحِيَةُ كَامِلِ مُصْحَفٍ وَلَوْ مَسْتُورًا كَانَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْكَتْبِ حَالَ نُزُولِ خَبَثٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَبَعْدَهُمَا وَقَبْلَهُمَا وَمِنْ الْمُحَرَّمِ أَيْضًا مَا إذَا أَحْدَثَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ مُعَدًّا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَمَّا تَمَّ حَاجَتَهُ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ وَهَذَا مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ مِنْ ارْتِيَاعٍ أَوْ خَوْفِ ضَيَاعٍ فَيَجُوزُ وَيُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي مَحَلِّ الْخَلَاءِ بِشَيْءٍ فِيهِ قُرْآنٌ أَوْ ذِكْرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ مَا لَمْ تَدْعُ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ غَيْرَ مَسْتُورٍ خِلَافًا لعب وَيَجُوزُ التَّحَرُّزُ بِبَعْضِ قُرْآنٍ مَسْتُورًا لَا بِجَمِيعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ لَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ كَامِلًا حِرْزًا هَلْ يَجُوزُ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِهِ بِالسَّاتِرِ أَمْ لَا وَرَجَّحَ الْحَطَّابُ الْكَرَاهَةَ بِاسْتِنْجَاءٍ بِيَدٍ فِيهَا خَاتَمٌ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْجَوَازِ وَأُنْكِرَ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ (فَإِنْ قُلْت) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَكْتُوبِ وَهُوَ يُرَجِّحُ الْقَوْلَ بِحُرْمَةِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْخَاتَمِ الْمَكْتُوبِ. (قُلْت) : يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِامْتِهَانَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَشَدُّ مِنْ الِامْتِهَانِ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الدُّخُولَ بِبَعْضِ قُرْآنٍ لَيْسَ كَالدُّخُولِ بِكُلِّهِ الظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ صَحِيفَةٍ فِيهَا آيَاتٌ لَا مِثْلِ جَزْءٍ، فَإِنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ كُلِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (تَنْبِيهٌ) : نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الذِّكْرَ فِي حَالَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْجِمَاعِ لَا يُكْرَهُ بِالْقَلْبِ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ يُسْرَاهُ) وَبَدَلِهَا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَيَلْحَقُ بِهَا الْعَصَا عِنْدَ قَطْعِهَا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى يُوَرِّثُ الْفَقْرَ وَقَوْلُهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ يُقَدِّمُ دُخُولَ يُسْرَاهُ وَإِمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ فِي الدُّخُولِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ وَإِمَّا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لِمُقَدَّرٍ أَيْ خَارَجَ خُرُوجًا وَدَاخَلَ دُخُولًا أَوْ عَلَى الْحَالِيَّةِ مُؤَوَّلَيْنِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَإِعْرَابُهُ تَمْيِيزًا فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ لَيْسَ مَنْسُوبًا لِلْيُسْرَى وَالْيُمْنَى، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ: عَكْسَ مَسْجِدٍ) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ عَكْسَ فِعْلِ مَسْجِدٍ أَوْ مَرْفُوعٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ عَكْسُ فِعْلِ مَسْجِدٍ وَالْمَنْزِلُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ وَالْمَنْزِلُ يُقَدِّمُ لَهُ يُمْنَاهُ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: مَا يُوَافِقُهُ) أَيْ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْقُرْطُبِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الدُّخُولِ لِلْكَنِيفِ) قَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الْأَدَبَ خَاصٌّ بِالْكَنِيفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وَمِثْلُ الْكَنِيفِ الْمَكَانُ الدَّنِيءُ كَالْحَمَّامِ وَمَوَاضِعِ الظُّلْمِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي الدُّخُولِ وَالْيُسْرَى فِي الْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ يَضَعُ يُسْرَاهُ عَلَى ظَاهِرِ نَعْلِهِ لِيَلْبَسَ الْيُمْنَى قَبْلَهَا وَفِي الدُّخُولِ يَخْلَعُ يُسْرَاهُ قَبْلَ يُمْنَاهُ وَيَضَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ نَعْلِهِ لِتَسْتَمْتِعَ يُمْنَاهُ بِاللُّبْسِ ثُمَّ يَخْلَعُ يُمْنَاهُ وَيُقَدِّمُهَا فِي الدُّخُولِ، وَأَمَّا الْمَنْزِلُ فَيُقَدِّمُ يُمْنَاهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا إذْ لَا أَذَى وَلَا عِبَادَةَ. (ص) وَجَازَ بِمَنْزِلٍ وَطْءٌ وَبَوْلٌ مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرَهَا، وَإِنْ لَمْ يَلْجَأْ وَأَوَّلَ بِالسَّاتِرِ وَبِالْإِطْلَاقِ لَا فِي الْقَضَاءِ وَبِسَتْرٍ قَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحِلُّ فِي الْمَنَازِلِ مِنْ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى الْوَطْءُ وَالْفَضْلَةُ مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرًا سَوَاءٌ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَمَرَاحِيضِ الْمُدُنِ الَّتِي يَعْسُرُ التَّحَوُّلُ فِيهَا أَوْ أَمْكَنَ التَّحَوُّلُ كَفَضَاءِ الْمُدُنِ وَمَرَاحِيضِ السُّطُوحِ وَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ حَالَ عَدَمِ الْإِلْجَاءِ وَإِمْكَانِ التَّحَوُّلِ بِالسَّاتِرِ كَمَا هُوَ رَأْيُ أَبِي الْحَسَنِ وَحَمَلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ قَائِلًا لَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ عِنْدِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَطْحٍ مَسْتُورٍ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ، وَأَمَّا الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَطْءِ وَالْفَضْلَةِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ فِي الْفَضَاءِ فَحَرَامٌ وَحُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَلْ الْعِلَّةُ طَلَبُ السِّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ وَعَلَيْهَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ لَجَازَ لِوُجُودِ السِّتْرِ أَوْ تَعْظِيمًا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَعَلَيْهَا فَالْمَنْعُ مُطْلَقٌ لِوُجُودِ الْقِبْلَةِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مَعَ السَّاتِرِ التَّرْكُ حَتَّى فِي فَضَاءِ الْمَنَازِلِ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذْ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ مُخْتَصٌّ بِفَضَاءِ الصَّحَارِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا التَّرْكُ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الْوَطْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ فِي الْوَطْءِ الْجَوَازَ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ. الثَّانِي: ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَا عَدَا الْمِرْحَاضَ، فَإِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِيهِ اخْتِيَارٌ وَتَلْخِيصُ مَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا صُورَةً وَاحِدَةً وَهِيَ   [حاشية العدوي] بَلْ صَرَّحَ بِهِ الْبِسَاطِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَهَذَا الْأَدَبُ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَيَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ بَلْ يُقَدِّمُ الْيُسْرَى إذَا بَلَغَ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ قَدَّمَ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَنْزِلُ فَيُقَدِّمُ إلَخْ) هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مَنْزِلُهُ بِالْمَسْجِدِ فَيُقَدِّمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَيَظْهَرُ أَنَّ عِلَّةَ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ تَكْرِمَتُهَا بِتَقَدُّمِهَا. (قَوْلُهُ: وَبِالْإِطْلَاقِ) لَمْ يَقُلْ وَأُوِّلَ بِالسَّاتِرِ أَيْضًا إشَارَةً لِقُوَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَبِسِتْرٍ قَوْلَانِ) السِّتْرُ بِكَسْرِ السِّينِ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ وَبِفَتْحِهَا الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَدَائِنِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: مَنْزِلٍ الْمَنْزِلَ الْمَعْرُوفَ بَلْ مَا قَابَلَ الْفَضَاءَ فَكَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مُجَامَعَةٍ إلَّا فِي الْفَوَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى وَالْمَرَاحِيضِ الَّتِي عَلَى السُّطُوحِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَلَيْسَتْ مِنْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّبْعِيضِ بَلْ بَيَانِيَّةٌ أَفَادَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أُلْجِئَ إلَى ذَلِكَ) بِأَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ إلَّا مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَيَعْسُرُ عَلَيْهِ التَّحَوُّلُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَضْلَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ بَوْلٍ وَفَضْلَةٍ لِشُمُولِهَا لِلْغَائِطِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ شُمُولِهِ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ مِنْ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: كَفَضَاءِ الْمُدُنِ وَمَرَاحِيضِ السُّطُوحِ) بَلْ كَذَلِكَ السُّطُوحُ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَطَّابِ جَرَيَانُهَا فِي فِعْلِ مَا ذُكِرَ بِسَطْحٍ كَانَ فِيهِ مِرْحَاضٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأُوِّلَ بِالسَّاتِرِ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ (قَوْلُهُ: طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ) أَيْ الْمُصَلِّينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ فَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحَارِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ إلَيْهِمْ اهـ. أَقُولُ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي الْفَضَاءِ لِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ لِوُجُودِ ذَلِكَ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ فِي خُصُوصِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالِاسْتِدْبَارِ فَإِذَنْ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْظِيمًا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ) أَقُولُ قَضِيَّتُهَا الْمَنْعُ وَلَوْ فِي فَضَاءِ الْمُدُنِ فَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي ارْتَضَاهَا وَهِيَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ تَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ فَضَاءُ الْمُدُنِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى فَقَطْ لَا فِي الصَّحْرَاءِ وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ لَهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ) الْأُولَى لِلْمَازِرِيِّ فِي الْمُعَلِّمِ يَجُوزُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ وَقَالَهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَالثَّانِيَةُ لِعَبْدِ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ وَقَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا لَا يَجُوزُ وَزَعْمُهُ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ مُوَافِقٌ لَهَا بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: إمَّا اتِّفَاقًا) قَطْعًا وَهِيَ صُورَةُ مَا إذَا كَانَ بِمِرْحَاضٍ وَمَعَهُ سَاتِرٌ أَوْ لَا قَطْعًا كَالصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ) فِي صُوَرٍ أَرْبَعٍ الْأُولَى مَا إذَا كَانَ بِمِرْحَاضٍ وَلَا سَاتِرَ فَالْجَوَازُ إمَّا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ بِهِ سَاتِرٌ وَهُوَ غَيْرُ مِرْحَاضٍ كَالْمُدُنِ وَالْقُرَى أَيْ شَوَارِعِهَا وَدَاخِلِ الْمَنْزِلِ أَوْ سَطْحِهِ الثَّالِثَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِدُونِ سَاتِرٍ الرَّابِعَةُ فِي الْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ إمَّا اتِّفَاقًا إمَّا قَطْعًا فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ بِمِرْحَاضٍ وَسَاتِرٍ أَوْ لَا قَطْعًا فِي صُورَةِ الْمِرْحَاضِ بِدُونِ سَاتِرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إمَّا قَطْعًا فِي الثَّلَاثَةِ صُوَرٍ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْأَرْبَعِ أَوْ لَا قَطْعًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْهَا وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ صَالِحِي الْجِنِّ الْمُصَلِّينَ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مَا يَرِدُ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأُولَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ وَلَا سَاتِرَ فَمَمْنُوعَةٌ قَطْعًا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ فِي غَيْرِ فَضَاءٍ اسْتِقْبَالٌ وَاسْتِدْبَارٌ بِوَطْءٍ وَفَضْلَةٍ كَبَّهُ بِسَاتِرٍ وَإِلَّا مُنِعَ لَوَفَّى بِهَذَا وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بِمَنْزِلٍ إلَى قَوْلِهِ التَّرْكُ (ص) لَا الْقَمَرَيْنِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا فِي الْفَضَاءِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ لِلْقِبْلَةِ لَا الْقَمَرَيْنِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِلَّا فَنَفْيُ الْحُرْمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَقْدُورَ يَحْرُمُ وَلَمْ نَجْعَلْهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ لَا لَا يُعْطَفُ بِهَا بَعْدَ النَّفْيِ وَمِثْلُ الْقَمَرَيْنِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قِبْلَةً فَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ وَلَا اسْتِدْبَارُهُ بِوَطْءٍ أَوْ فَضْلَةٍ وَفِي قَوْلِهِ الْقَمَرَيْنِ تَغْلِيبٌ لِلْأَشْرَفِ لِأَنَّ الْقَمَرَ مُذَكَّرٌ وَلِلْخِفَّةِ. (ص) وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَتْرٍ خَفَّا (ش) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ أَيْ اسْتِخْرَاجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ وَيَجِبُ ذَلِكَ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ أَيْ مَدِّهِ وَسَحْبِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْنَ سَبَّابَةِ وَإِبْهَامِ يُسْرَاهُ وَيُمِرَّهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إلَى الْكَمَرَةِ وَنَتْرُ أَيْ جَذْبُ وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ السَّاكِنَةِ وَالرَّاءِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ خَفِيفًا فَلَا يَسْلُتُهُ بِقُوَّةٍ لِأَنَّهُ كَالضَّرْعِ كُلَّمَا سَلَتَ أَعْطَى النَّدَاوَةَ فَيَتَسَبَّبُ عَدَمُ التَّنْظِيفِ وَلَا يَنْتُرُهُ بِقُوَّةٍ فَيُرْخِيَ الْمَثَانَةَ أَيْ مُسْتَقِرُّ الْبَوْلِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَيَزِيدُ إنْ احْتَاجَ أَوْ يُنْقِصُ إلَى حُصُولِ الظَّنِّ بِالنَّقَاءِ حَسَبَ عَادَتِهِ وَمِزَاجِهِ وَمَأْكَلِهِ وَزَمَنِهِ فَلَيْسَ أَكْلُ الْبِطِّيخِ كَأَكْلِ الْخُبْزِ وَلَا الشَّابُّ كَالشَّيْخِ وَلَا الْحَرُّ كَالْبَرْدِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِاسْتِفْرَاغٍ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ كَمَا قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ بَاءُ التَّصْوِيرِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا صُورَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ صُورَتُهُ اسْتِفْرَاغُ أَخْبَثَيْهِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ أَوْ مُصَوَّرٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ أَوْ بَاءُ التَّجْرِيدِ كَأَنَّهُ جَرَّدَ مِنْ   [حاشية العدوي] يَنْبَغِي لِلشَّخْصِ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا مُطْلَقًا إلَّا لِضَرُورَةٍ لِمَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَحَلِّهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ» . (تَتِمَّةٌ) ابْنُ نَاجِي لَمْ أَقِفْ عِنْدَنَا عَلَى مِقْدَارِ قَدْرِ السُّتْرَةِ وَلِلنَّوَوِيِّ هِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا، فَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى ذَلِكَ حَرُمَ قَالَ الْأَبِيُّ عَنْهُمْ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ إذَا أَرْخَى ذَيْلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَفَى (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ خِلَافُ الْأُولَى كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ الْمُعَلَّى وَالْجُزُولِيُّ (قَوْلُهُ: بَيْتِ الْمَقْدِسِ) الْمُرَادُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ الصَّخْرَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ قِبْلَةً أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَا لَا يُعْطَفُ بِهَا عِنْدَ النَّفْيِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ سَابِقًا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ وَهُوَ لِلْقِبْلَةِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ تَقْدِيرُ لَا يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ يَحْرُمُ (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَةِ الْجَزَائِرِيَّةِ أَنَّ جِرْمَ الشَّمْسِ وَحْدَهَا قَدْرُ الْأَرْضِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَسِتًّا وَسِتِّينَ مَرَّةً وَثُلُثَ مَرَّةٍ وَفِي طَبَقَاتِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَعَةُ الشَّمْسِ سَعَةُ الْأَرْضِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَسَعَةُ الْقَمَرِ سَعَةُ الْأَرْضِ وَمَا ذَكَرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ التَّتَّائِيُّ هُنَا، فَإِنَّهُ قَالَ وَالشَّمْسُ كَوْكَبٌ ذُو إشْرَاقٍ يَعْقُبُ الْإِصْبَاحَ وَهِيَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ظَهْرُهَا يَلِي سَمَاءَ الدُّنْيَا هِيَ قَدْرُ الدُّنْيَا مِائَةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَالْقَمَرُ كَوْكَبٌ يُهْتَدَى بِهِ فِي تَمْيِيزِ الْأَشْهُرِ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَهُوَ قَدْرُ الدُّنْيَا مِائَةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً (قَوْلُهُ: وَلِلْخِفَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ شَمْسٌ أَخَفُّ لِسُكُونِ مِيمِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ) أَيْ مِنْ الثُّقْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ ذَلِكَ مَعَ سَلْتِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السَّلْتَ وَالنَّتْرَ وَاجِبَانِ قَالَ الْحَطَّابُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذُكِرَ مِنْ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَإِنَّهَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى عَانَتِهَا وَيَقُومُ لَهَا ذَلِكَ مَقَامَ النَّتْرِ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ، وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيَفْعَلُ مَا تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ احْتِيَاطًا اهـ. وَهَلْ الْيَدُ الْيُسْرَى أَوْ وَلَوْ الْيُمْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْبَوْلِ، وَأَمَّا الْغَائِطُ فَيَكْفِي أَنْ يَحِسَّ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِيهِ مِمَّا هُوَ بِصَدَدِ الْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهُ غَسْلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ بِاللِّوَاطِ (فَائِدَةٌ) إنَّمَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْخُلُوصُ مِنْ الْحَدَثِ الْمُنَافِي لِلطَّهَارَةِ مِنْهُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ اتِّفَاقًا وَأَمَّا النَّجَاسَةُ، فَإِنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِطَهَارَةِ الْخَبَثِ وَفِي وُجُوبِهَا الْمُقَيَّدِ بِالذَّكَرِ وَالْقُدْرَةِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ) فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «إذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا وَيَجْعَلْهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ» قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصَابِعِ يُسْرَاهُ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ مُتَعَيَّنًا إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ الْأَسْهَلَ (قَوْلُهُ: وَيُمِرَّهُمَا) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ كُلُّ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ النَّتْرَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ خَفِيفًا وَغَيْرَ خَفِيفٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَصْفُ النَّتْرِ بِالْخِفَّةِ مِنْ بَابِ الْوَصْفِ بِالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ النَّتْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ هُوَ جَذْبٌ بِخِفَّةٍ (قَوْلُهُ: الْمُثَانَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ ثُمَّ أَلِفٌ ثُمَّ نُونٌ مُخَفَّفَةٌ ثُمَّ هَاءٌ (قَوْلُهُ: يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَى حُصُولِ الظَّنِّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الظَّنِّ بِالنَّقَاءِ فَإِذَنْ لَا يُشْتَرَطُ التَّنَشُّفُ فَلَوْ مَكَثَ مُدَّةً بِحَيْثُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ السَّلْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي، وَإِنْ لَمْ يَسْلُتْ أَوْ يَنْتُرْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ اسْتَحْدَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا أَنَّهُ عَرَبِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصَوَّرٌ إلَخْ) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاءُ التَّجْرِيدِ) فِيهِ أَنَّ بَاءَ التَّجْرِيدِ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُجَرَّدِ مِنْهُ كَمَا فِي قَوْلِك مَرَرْت بِزَيْدٍ أَسَدًا أَيْ جَرَّدْت مِنْ زَيْدٍ أَسَدًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ جَرَّدَ مِنْ اسْتِفْرَاغِ الْأَخْبَثِينَ شَيْئًا وَسَمَّاهُ الِاسْتِبْرَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 الِاسْتِبْرَاءِ شَيْئًا وَسَمَّاهُ بِاسْتِفْرَاغِ الْأَخْبَثَيْنِ عَلَى حَدٍّ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28] إذْ هِيَ دَارُ الْخُلْدِ فَجَرَّدَ مِنْهَا دَارًا وَسَمَّاهَا بِذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْآلَةِ وَلَا لِلسَّبَبِيَّةِ كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَعَانَ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَعَانِ عَلَيْهِ وَالْآلَةُ غَيْرُ الْفِعْلِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ وَهُنَا اسْتِفْرَاغُ الْأَخْبَثَيْنِ هُوَ الِاسْتِبْرَاءُ. (ص) وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ ثُمَّ مَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُسْتَنْجِي الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَلَوْ عَذْبًا وَالْحَجَرِ لِإِزَالَتِهِمَا الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ وَلِأَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا فَمَدَحَهُمْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] وَقَالَ تَعَالَى {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْمَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ الْأَفْضَلَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَخَصَّصَ مَا وَرَدَ بِالسَّفَرِ وَعَدَمَ مَاءٍ وَقَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِعْدَادُ مُزِيلِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْحَجَرِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَكُلِّ يَابِسٍ طَاهِرٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي كَافٍ فِي الِاسْتِحْبَابِ. (ص) وَتَعَيَّنَ فِي مَنِيٍّ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يَكْفِي فِيهَا الْأَحْجَارُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْمَاءُ أَمَّا فِي الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِعُذْرٍ أَوْ عَدَمِ مَا يَكْفِي غُسْلَهُ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَإِلَّا فَغَسْلُ الْبَدَنِ كُلِّهِ وَاجِبٌ مِنْ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ دُونَ الْحَجَرِ فِي مَنِيٍّ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ السَّلَسِ كَمَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غُسْلَهُ أَوْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى كَمَا يَأْتِي وَيُصَوَّرُ بِالْأَوَّلَيْنِ قَوْلُهُ وَدَمُ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ، وَأَمَّا صَحِيحٌ وَجَبَ غَسْلُ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَوَجَدَ الْمَاءَ الْكَافِيَ فَيَغْسِلُ الْجَمِيعَ وَلَوْ مَرَّةً يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَالْخَبَثَ وَمَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ كَالْبَوْلِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ ظَاهِرَةٍ، وَأَمَّا بِغَيْرِهَا فَلَا اسْتِنْجَاءَ كَالرِّيحِ وَيُعْفَى عَنْ خَفِيفِ الْبِلَّةِ كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ. (ص) وَبَوْلِ مَرْأَةٍ (ش) يَعْنِي وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ بَوْلُ الْمَرْأَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَالْخَصِيِّ لِتَعَدِّيهِ مِنْهُمَا مَخْرَجَهُ إلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَبَوْلِ مَرْأَةٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ (ص) وَمُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا (ش) أَيْ وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي حَدَثٍ مُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا مِنْ بَوْلٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْآلَةِ إلَخْ) أَرَادَ بِالْآلَةِ هُنَا مَا يَكُونُ حُصُولُ الْفِعْلِ بِهِ وَهُوَ آلَةٌ لَهُ وَأَرَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي حُصُولِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ آلَةً (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ) مُفَادُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَاءَ الْآلَةِ مِنْ جُمْلَةِ بَاءِ الِاسْتِعَانَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَذْبًا) أَفَادَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَقُولُ يُكْرَهُ الْمَاءُ الْعَذْبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَطْعُومِ بَلْ قَالَ بَعْضٌ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلَا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ كَمَا لَا تُزَالُ النَّجَاسَةُ بِالطَّعَامِ (قَوْلُهُ: لِإِزَالَتِهِمَا الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ) أَيْ الْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُمَا يَزُولَانِ بِالْمَاءِ فَلَا دَاعِيَ إلَى الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] إلَخْ) أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ وَالتَّوَّابُ الَّذِي كُلَّمَا أَذْنَبَ جَدَّدَ تَوْبَةً (قَوْلُهُ {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] أَيْ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقِيلَ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ الشِّرْكِ وَقِيلَ هُمْ الَّذِينَ لَمْ يُصِيبُوا الذُّنُوبَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَالَى) أَيْ فِي حَقِّ أَهْلِ قُبَاءَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَجْزَأَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَوْ عَرِقَ الْمَحَلُّ وَأَصَابَ الثَّوْبَ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ) أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْحَجَرِ آلَةً (قَوْلُهُ: كَافٍ فِي الِاسْتِحْبَابِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ بَلْ الْمَرَاتِبُ خَمْسٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ ثُمَّ الْمَاءِ وَالْجَامِدِ غَيْرِهِ ثُمَّ الْمَاءِ ثُمَّ الْحَجَرِ ثُمَّ غَيْرِهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمَرَاتِبَ خَمْسٌ. (قَوْلُهُ: فِي مَنِيٍّ) ثُمَّ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْمَنِيِّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ كُلَّهُ إمَّا تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْيِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي الْمَنِيِّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بَرَكَاتٌ الْحَطَّابُ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ) أَيْ، وَأَمَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ مِنْ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَ) أَيْ أَوْ مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَرْضُهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: وَمَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَعِبَارَةُ سَنَدٍ أَمَّا مَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ فَكَالْبَوْلِ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ أَوْجَبَ تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَحْتَاجُ لِغَسْلٍ أَيْضًا حَيْثُ لَازِمٌ كُلَّ يَوْمٍ نَقَضَ الْوُضُوءَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُعْفَى عَنْ خَفِيفِ الْبِلَّةِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِجْمَارِ (قَوْلُهُ: كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ) أَيْ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْ عَرَقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَبَوْلِ مَرْأَةٍ إلَخْ) وَمِثْلُ بَوْلِ الْمَرْأَةِ مَنِيُّ الرَّجُلِ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا بَعْدَ غَسْلِهَا؛ لِأَنَّهُ كَبَوْلِهَا فَلَا يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ الْبَوْلُ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْأَحْجَارُ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَوْلُ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الْغَائِطِ حُكْمُ الرَّجُلِ وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ كُلَّ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَ جُلُوسِهَا وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعَذِرَةِ كَالْحَيْضِ وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بَيْنَ شَفْرَتَيْهَا كَفِعْلِ اللَّاتِي لَا دِينَ لَهُمْ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ شِرَارِهِنَّ وَكَذَا يَحْرُمُ إدْخَالُ أُصْبُعٍ بِدُبُرٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَا يُقَالُ الْحُقْنَةُ مَكْرُوهَةٌ فَمَا الْفَرْقُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْحُقْنَةُ شَأْنُهَا أَنْ تَفْعَلَ التَّدَاوِيَ (قَوْلُهُ: وَالْخَصِيِّ) أَرَادَ بِهِ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ قُطِعَ أُنْثَيَاهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَمُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا) يَغْسِلُ الْكُلَّ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى غَسْلِ مَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَغْتَفِرُونَ الْيَسِيرَ مُنْفَرِدًا دُونَهُ مُجْتَمِعًا هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ عج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 أَوْ غَائِطٍ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَبَوْلِ امْرَأَةٍ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ، وَقَوْلُهُ: كَثِيرًا أَيْ انْتِشَارًا كَثِيرًا وَمِنْ حَدِّ الْيَسِيرِ وَهُوَ مَا حَوْلَ الْمَخْرَجِ وَمَا قَارَبَهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ يُعْلَمُ حَدُّ الْكَثِيرِ أَيْ وَمُتَجَاوِزٍ عَنْ مَخْرَجٍ تَجَاوُزًا كَثِيرًا أَيْ جَاوَزَ الْمَخْرَجَ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِأَنْ وَصَلَ إلَى الْأَلْيَتَيْنِ مَثَلًا. (ص) وَمَذْيٍ بِغَسْلِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ (ش) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ أَيْضًا فِي مَذْيٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عِنْدَ اللَّذَّةِ بِالْإِنْعَاظِ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ أَوْ التَّذْكَارِ مَعَ غَسْلِ ذَكَرِهِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ كُلِّهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَيُسْتَحَبُّ اتِّصَالُ الْغُسْلِ بِوُضُوئِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَعَبُّدًا أَشْبَهَ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَذْيِ الْخَارِجِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَمَّا مَا خَرَجَ بِغَيْرِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى حُكْمِ الْمَنِيِّ الْخَارِجِ بِلَا لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِيهِ. وَلَمَّا اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ اسْتِيعَابَ الذَّكَرِ بِالْغَسْلِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ فَيَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ أَوْ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ مَادَّةِ الْمَذْيِ فَهُوَ كَغَسْلِ النَّجَاسَاتِ لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ (ص) فَفِي النِّيَّةِ وَبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا أَوْ تَارِكِ كُلِّهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ أَوْ لَا تَجِبُ فِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لَوْ تَرَكَهَا وَغَسَلَهُ كُلَّهُ فَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ لَا وَكَذَا لَوْ تَرَكَ غَسْلَ ذَكَرِهِ كُلِّهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَحِلِّ الْأَذَى سَوَاءٌ غَسَلَهُ بِنِيَّةٍ أَمْ لَا فَقِيلَ: تَبْطُلُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْعِرَاقِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِالِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ مَحَلِّ الْأَذَى وَعَلَيْهِ فَيُكْمِلُ غَسْلَ ذَكَرِهِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِلْإِبْيَانِيِّ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَمُخَالِفُهُ فِي الْأَوَّلِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ، وَإِنَّمَا خَصَّ الذَّكَرَ بِالذِّكْرِ هُنَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُشَارِكُ الرَّجُلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَغْسِلُ مِنْهُ جَمِيعَ الذَّكَرِ وَالْمَرْأَةُ تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَرْأَةُ لَهَا مَذْيٌ وَوَدْيٌ وَمَذْيُهَا بِلَّةٌ تَعْلُو فَرْجَهَا تَخْرُجُ عِنْدَ اللَّذَّةِ وَالظَّاهِرُ افْتِقَارُ غَسْلِ مَحَلِّ الْأَذَى بِالنِّسْبَةِ إلَى مَذْيِ الْمَرْأَةِ لِنِيَّةٍ. (ص) وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ رِيحٍ (ش) هُوَ نَفْيٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ رِيحٍ» أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَانْظُرْ هَلْ النَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمَنْعِ وَالرِّيحُ طَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيُّ (ص) وَجَازَ بِيَابِسٍ طَاهِرٍ مُنَمَّقٍ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ (ش) أَيْ وَجَازَ الِاسْتِجْمَارُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهَذَا يُغْنِي إلَخْ) وَجْهُ الْإِغْنَاءِ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ الْمَخْرَجِ كَثِيرًا بَوْلَ الْمَرْأَةِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِغْنَاءِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحُكْمِ ثَابِتٌ وُجِدَ فِيهِ انْتِشَارٌ أَمْ لَا وَلَوْ قُلْنَا بِالْإِغْنَاءِ لَاقْتَضَى أَنَّ بَوْلَ الْمَرْأَةِ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ إذَا قُدِّرَ فِيهِ عَدَمُ الِانْتِشَارِ. (قَوْلُهُ: بِالْإِنْعَاظِ) أَيْ بِسَبَبِ الْإِنْعَاظِ مَعَ اللَّذَّةِ وَقَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِنْعَاظِ فَافْهَمْ وَالْإِنْعَاظُ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَعَهَا إنْعَاظٌ (قَوْلُهُ: كُلِّهِ) يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَائِدٌ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا خَرَجَ بِغَيْرِهَا) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ مَتَى جَاءَ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُطْلَبُ حَجَرٌ وَلَا مَاءٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَغَسْلِ النَّجَاسَاتِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِغَسْلِهِ كُلِّهِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَعَبُّدٌ فَيُحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِقَطْعِ مَادَّةِ الْأَذَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ هَذَا حَاصِلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ كُلِّهِ لَا يَقْطَعُ مَادَّةَ الْأَذَى الَّذِي فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّ الَّذِي ذَهَبَ إلَى غَسْلِهِ كُلِّهِ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُوَ مَا فِي نَصِّ الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِوُجُوبِ غَسْلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ تَجِبُ النِّيَّةِ فِي الْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لِتَعْدِيَةِ الْغَسْلِ مَحَلَّ الْأَذَى وَقِيلَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَتَعْدِيَةُ مَحَلِّهِ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْيِ اهـ. وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: فَفِي النِّيَّةِ قَوْلَانِ) أَيْ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا) الرَّاجِحُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ لَا تَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً مُرَاعَاةً لِعَدَمِ وُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَرَكَ) هَاتَانِ صُورَتَانِ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةِ غَسْلِ بَعْضِهِ بِلَا نِيَّةٍ قَوْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الْأَذَى) ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ ظَاهِرَةٌ فِي سَلْبِ الْعُمُومِ لَا فِي عُمُومِ السَّلْبِ (قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِلْعِرَاقِيِّينَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَائِلِينَ بِغَسْلِهِ كُلِّهِ وُجُوبًا اخْتَلَفُوا فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَعْضِ وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالصِّحَّةِ رَاعَوْا مَنْ يَقُولُ بِغَسْلِ الْبَعْضِ وَفِي التَّوْضِيحِ وَأَجْرَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْجَمِيعِ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِيمَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ وَفِيمَنْ غَسَلَ بَعْضَهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: كُلِّهِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَكُلُّ مَا كَانَ تَعَبُّدًا فِي النَّفْسِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ وَهُنَا كَذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ قَوْلِهِ فَفِي النِّيَّةِ قَوْلَانِ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلِّهِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ كُلِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُكْمِلُ غَسْلَ ذَكَرِهِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) وَهَلْ يُعِيدُ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَصَلَّى أَيْضًا فَفِيهِ قَوْلَانِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج خِلَافُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ فَلَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ تَعَبُّدٍ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا) ، فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَا النُّكْتَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُوهِمِ قُلْنَا النُّكْتَةُ هِيَ التَّنْفِيرُ عَنْ التَّلَبُّسِ بِتِلْكَ الْحَالَةِ فَكَأَنَّهُ يُلْتَفَتُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى السُّنَّةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: أَيْ وَجَازَ الِاسْتِجْمَارُ) أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ يُطْلَقُ عَلَى إزَالَةِ مَا فِي الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الثَّانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ بِمَا ذُكِرَ وَالْمُرَادُ بِالْيَابِسِ هُنَا الْجَافُّ لَا مَا فِيهِ صَلَابَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِجْمَارِ وَالتَّيَمُّمِ فِي اخْتِصَاصِهِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ دُونَ غَيْرِهِ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ رُخْصَةٌ وَهِيَ تَعُمُّ وَالتَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَلَا تَعُمُّ وَأَيْضًا الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ إزَالَةُ الْعَيْنِ وَهِيَ تُزَالُ بِكُلِّ جَامِدٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ طَهَارَةٌ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِطَهُورٍ وَجِنْسُ الْأَرْضِ مُطَهِّرٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . وَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرْ الْمُؤَلِّفُ مَفْهُومَ غَيْرِ الشَّرْطِ لُزُومًا أَخْرَجَ مَفَاهِيمَ الْأَوْصَافِ مِنْ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَصْدُقُ حُكْمُ الْمُخْرَجِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَبَيَّنَهُ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا فَقَالَ (ص) لَا مُبْتَلٍّ وَنَجِسٍ وَأَمْلَسَ وَمُحَدَّدٍ وَمُحْتَرَمٍ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجِدَارٍ وَرَوْثٍ وَعَظْمٍ (ش) أَيْ لَا يَسْتَجْمِرُ بِالْمُبْتَلِّ لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ وَأَحْرَى الْمَائِعُ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الْمَحَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ، وَإِنْ صَلَّى عَامِدًا قَبْلَ غَسْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَا قِيلَ فِي الْمُبْتَلِّ يُقَالُ فِي النَّجِسِ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ بِالْأَمْلَسِ كَالزُّجَاجِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَرَّفٍ، وَأَمَّا الْمُحَرَّفُ مِنْهُ وَمِنْ الْقَصَبِ فَيَدْخُلُ فِي الْمُحَدَّدِ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ بِالْمُحْتَرَمِ إمَّا لِطَعْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ أَوْ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَالْأَوَّلُ كَالْمَطْعُومِ وَلَوْ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالْعَقَاقِيرِ وَغَيْرِ الْخَالِصِ مِنْ النُّخَالَةِ وَالْمِلْحِ وَالْوَرَقِ الْمُنَشَّى وَالثَّانِي كَالْمَكْتُوبِ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَلَوْ بَاطِلًا كَالسِّحْرِ وَلَوْ تَوْرَاةً، وَإِنْجِيلًا مُبَدَّلَةً لِمَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَاؤُهُ لَا تُبَدَّلُ إنَّمَا الْبَاطِلُ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ تَحْرِيفٍ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ لِلسَّرَفِ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ بِمِلْكِهِ لِإِهَانَةِ الْمَسْجِدِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَجْمِرَ فِي حَائِطٍ يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُصِيبُهُ بَلَلٌ فَيَلْتَصِقُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِجِدَارِهِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ عَلَيْهِ فَتُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ وَخَوْفًا مِنْ إذَايَةِ عَقْرَبٍ بِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ الِاسْتِجْمَارُ بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ طَاهِرَيْنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَلَفُ دَوَابِّ الْجِنِّ وَالثَّانِي طَعَامُهُمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهِيَ تَعُمُّ) فِيهِ أَنَّ الرُّخْصَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُخْصَةٌ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ وَحَيْثُ كَانَتْ رُخْصَةً فِي الْفِعْلِ فَتَعُمُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَصْبَغَ يَخُصُّ الِاسْتِجْمَارَ بِالْأَحْجَارِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ» فَقَصَرَ الِاسْتِجْمَارَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لَا يَتَعَدَّى بِهَا مَا وَرَدَ وَقَاسَ الْمَشْهُورَ غَيْرَهَا مِنْ كُلِّ جَامِدٍ عَلَى الصِّفَةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهِيَ تَعُمُّ أَيْ الرُّخْصَةُ حَيْثُ كَانَتْ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ فَهِيَ تَعُمُّ حِينَئِذٍ فَتَدَبَّرَ أَيْ وَقَوْلُهُ: الْأَحْجَارُ مَفْهُومُهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَحْجَارَ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ وُجُودًا (قَوْلُهُ: ضَرُورِيَّةٌ) أَيْ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَيْ فَهِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَا يُعْدَلُ عَمَّا وَرَدَتْ فِيهِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَيْسَ رُخْصَةً بَلْ عَزِيمَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ، وَإِنْ كَانَ رُخْصَةً إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً فَلِذَلِكَ تُوُسِّعَ فِيهِ بِكُلِّ شَيْءٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ رُخْصَةً إلَّا أَنَّهُ ضَرُورِيَّةٌ فَلَمْ يُتَوَسَّعْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَجِنْسُ الْأَرْضِ مُطَهِّرٌ) أَيْ لَا غَيْرُهُ (فَإِنْ قُلْت) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْأَرْضُ فِي قَوْلِهِ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ لَقَبٌ وَمَفْهُومُهُ لَا يُعْتَبَرُ (قُلْت) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَتَى عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ كَمَا هُنَا لَكِنْ يُقَالُ إنَّ الِاسْتِجْمَارَ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لُزُومًا) أَفَادَ أَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ لَكِنْ لَا لُزُومًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ فَيَكُونَ مَنْدُوبًا أَوْ مُرَادُهُ الِاقْتِصَارَ فَيَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَالْعَقَاقِيرِ) جَمْعُ عَقَّارٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ وَهُوَ عَطْفُ مُغَايِرٍ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ تِلْكَ الْعَقَاقِيرِ وَمِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ إذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَقَالَ عج سَوَاءٌ كَانَ الْكَتْبُ بِالْخَطِّ الْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ وَفَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ اخْتِصَاصُ الْحُرْمَةِ بِمَا فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَا فِيهِ اسْمُ نَبِيٍّ كَذَلِكَ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِأَسْمَاءِ اللَّهِ فَيُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ آخِرَ الْعِبَارَةِ مَيْلٌ لِكَلَامِ الدَّمَامِينِيِّ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَلِمَا فِيهِمَا لِتُنَاسِبَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ: وَأَسْمَاؤُهُ لَا تُبَدَّلُ) أَيْ إنَّ شَأْنَهُمْ لَا يُبَدِّلُونَ أَسْمَاءَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا الْبَاطِلُ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ تَحْرِيفٍ) أَيْ إنَّ مَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ مَا حَرَّفُوهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِشَأْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (فَرْعٌ) اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ تِلْمِسَانَ فِي الْوَرَقِ الَّذِي يَجْعَلُهُ السَّفَّارُونَ فِي الْجُلُودِ هَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صِيَانَةٌ لَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْآلَةِ فَهُوَ امْتِهَانٌ انْتَهَى (أَقُولُ) وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: لِلسَّرَفِ) بِالسِّينِ (قَوْلُهُ: فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ) كَانَ مِنْ دَاخِلٍ أَوْ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بِمِلْكِهِ) ظَاهِرُهُ مِنْ دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَصَرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ دَاخِلٍ وَإِلَّا حَرُمَ (وَأَقُولُ) يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْتِصَاقُ النَّاسِ بِهِ فَيَحْرُمُ وَإِلَّا كُرِهَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ) قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَافِي مَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيُكْرَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ لَا لِلتَّرَدُّدِ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْحَطَّابُ أَوْ يُمْنَعُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَلَفُ دِرَابِ الْجِنِّ) فَيَصِيرُ الرَّوْثُ شَعِيرًا أَوْ تِبْنًا أَوْ عَلَفًا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي طَعَامُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَادُ بِأَوْفَرِ مَا كَانَ أَيْ يُعَادُ أَعْظَمَ مَا كَانَ مِنْ اللَّحْمِ ثُمَّ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 أَمَّا النَّجِسُ مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمُخْرَجَاتِ وَهُوَ صَادِقٌ بِحُرْمَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا الرَّوْثَ وَالْعَظْمَ الطَّاهِرَيْنِ وَجِدَارَ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا، وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَمُحْتَرَمٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ بَيَانَهُ (ص) ، فَإِنْ أَنْقَتْ أَجْزَأَتْ كَالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ (ش) أَيْ، فَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَجْزَأَهُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ كَمَا لَوْ أَنْقَى بِالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَقَوْلُنَا فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ احْتِرَازٌ مِنْ الْمُبْتَلِّ وَالنَّجِسِ إذْ هُمَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُمَا الْإِنْقَاءُ بَلْ يَنْشُرَانِ النَّجَاسَةَ وَكَذَا الْأَمْلَسُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي النَّجِسِ حَيْثُ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِلَّا أَجْزَأَ حَيْثُ أَنْقَى. (فَصْلٌ) . ذَكَرَ فِيهِ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ فَقَالَ (ص) نَقْضُ الْوُضُوءِ (ش) وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَعْبِيرُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالنَّوَاقِضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِأَنَّ النَّاقِضَ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الْمُوجِبِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ اهـ. وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِالنَّوَاقِضِ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى السَّابِقِ وَعَلَى الْمُتَأَخِّرِ وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالنَّقْضِ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ وَإِذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ بِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ وَلِهَذَا قَالَ سَنَدٌ لَا نَقُولُ: إنَّ الطَّهَارَةَ بَطَلَتْ بِالْحَدَثِ وَلَكِنْ انْتَهَى حُكْمُهَا كَمَا يَنْتَهِي حُكْمُ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَلِهَذَا إذَا تَوَضَّأَ إنَّمَا يَتَوَضَّأُ لِلْحَدَثِ الثَّانِي لَا لِلْحَدَثِ الْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) بِحَدَثٍ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ لَا حَصًى وَدُودٌ وَلَوْ بِبِلَّةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ الْخَارِجُ خَرَجَ بِهِ الدَّاخِلُ مِنْ حُقْنَةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ لِإِيجَابِهِمَا هُوَ أَعَمُّ   [حاشية العدوي] الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّوْثَ يَكُونُ طَاهِرًا كَرَوْثِ مُبَاحِ الْأَكْلِ وَنَجِسًا كَرَوْثِ غَيْرِهِ وَهَلْ الَّذِي يُعَادُ تِبْنًا أَوْ غَيْرَهُ خُصُوصُ رَوْثِ الْمُبَاحِ أَوْمَا هُوَ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ) لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ التَّفْصِيلُ فَيُقَالُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْتَرَمِ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَكِنْ إذَا أُنْقِيَ يُجْزِئُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَدَّدِ، فَإِنَّهُ إذَا آذَاهُ إذَايَةً شَدِيدَةً وَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُؤْذِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا أُنْقِيَ أَوْ لَمْ يُنَقَّ وَأَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ وَإِلَّا حَرُمَ، وَأَمَّا الْأَمْلَسُ، فَإِنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يَحْرُمُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَأَمَّا الْمُنَجَّسُ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ عَيْنَ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَأُنْقِيَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يُزِيدُ الْحُرْمَةَ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إلَّا حُرْمَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا الْمُتَنَجِّسُ، فَإِنَّهُ إذَا أَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ جَازَ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُرْمَةُ لَا ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ وَأَمَّا الْمُبْتَلُّ، فَإِنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ حَرُمَ مِنْ جِهَةِ الِاقْتِصَارِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَذَا مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ) أَيْ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى مِنْ الْيُسْرَى وَيُكْرَهُ بِالْيُمْنَى وَيُؤْمَرُ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا تَنْتَشِرَ النَّجَاسَةُ بِالرُّطُوبَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اتِّبَاعَهَا بِالْمَاءِ مِنْ ك (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ) إذْ أَنْقَتْ أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ) أَيْ فَالْحَجَرُ الْوَاحِدُ يَكْفِي إذَا أُنْقِيَ وَكَذَا الِاثْنَانِ إذَا حَصَلَ إنْقَاءٌ وَأَوْجَبَ أَبُو الْفَرَجِ الثَّلَاثَ. [فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ] (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَاقِضًا أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُوجِبًا أَنْ يَكُون نَاقِضًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُوجِبِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ) أَيْ كَمَا فِي الْبُلُوغِ وَكَلَامُنَا فِيمَا كَانَ مُتَأَخِّرًا لَا مَا كَانَ مُتَقَدِّمًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَرْضَى بِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي أَرْضَى بِهِ خِلَافُهُ فَأَقُولُ وَكَأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَيْ فَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِذِكْرِ النَّقْضِ ذَكَرَهَا مُتَأَخِّرَةً وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ التَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبَاتِ أَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى) لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ، وَإِنْ صَدَقَ بِالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ إلَّا إنْ قَصَدَ بَيَانَ مَا كَانَ مُتَأَخِّرًا فَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْعِلَّةُ تَامَّةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّقْضَ قَدْ تُعُورِفَ فِي الِانْتِهَاءِ فَلَا تَوَهُّمَ بَعْدَ هَذَا التَّعَارُفِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهَا إذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: انْتَهَى حُكْمُهَا) حُكْمُهَا هُوَ إبَاحَةُ الْقُدُومِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَصِحَّتُهَا (قَوْلُهُ: حُكْمُ النِّكَاحِ) أَيْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَلُزُومِ الْإِنْفَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْحَدَثِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي فَعَلَ بَعْدَهُ الطَّهَارَةَ الَّتِي انْتَقَضَتْ (قَوْلُهُ: أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ) أَيْ وَلَا أَحْدَاثَ وَلَا أَسْبَابَ كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَالرِّدَّةِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ دَاخِلٌ فِي الْأَحْدَاثِ، وَالشَّكَّ فِي السَّبَبِ دَاخِلٌ فِي الْأَسْبَابِ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَدَثَ نَاقِضٌ إمَّا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ أَوْ الشَّكُّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ الدَّاخِلُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ خَرَجَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْجِنْسَ يُقَالُ خَرَجَ عَنْهُ لَا خَرَجَ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْ حُقْنَةٍ) هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ بِالْآلَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ قَوْلَهُمْ إنَّ الْحُقْنَةَ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَعَ أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الدُّبُرِ تَخْرُجُ مِنْهُ وَرُبَّمَا صَحِبَهَا الْأَذَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ خَارِجٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ (قَوْلُهُ: وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ) مَصْدَرُ غَابَتْ الْحَشَفَةُ أَيْ وَغَيْبَةِ حَشَفَةٍ أَيْ وَحَشَفَةٍ غَائِبَةٍ فِي الْفَرْجِ أَوْ أَنَّ مَغِيبَ بِمَعْنَى غَائِبٍ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: لِإِيجَابِهِمَا هُوَ أَعَمُّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَشَفَةَ خَرَجَتْ بِالْخَارِجِ سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ مَا هُوَ أَعَمُّ أَوْ لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا بَلْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ الشَّدِيدَانِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ: الْمُعْتَادُ مِنْ بَوْلٍ وَوَدْيٍ وَرِيحٍ مَا لَيْسَ مُعْتَادًا كَالْحَصَى وَالدُّودِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا أَذًى وَالرِّيحَ مِنْ قُبُلٍ وَلَوْ قُبُلَ امْرَأَةٍ لِأَنَّهُ كَالْجُشَاءِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْهَادِي كَمَا يَأْتِي آخِرَ بَابِ النِّفَاسِ فَقَوْلُهُ وَهُوَ الْخَارِجُ تَعْرِيفٌ لِنَوْعٍ مِنْ الْحَدَثِ، وَقَوْلُهُ الْخَارِجُ لَا الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ أَوْ الصِّفَةُ وَيُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْخَارِجِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ صِفَةُ الْخَارِجِ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْضُ بِالْخَارِجِ وُجِدَ النَّقْضُ بِالْخُرُوجِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: الْمُعْتَادُ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ فِيهِ بِوَطْئِهِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُعْتَادٌ أَيْ غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ فَرْجَهَا بِلَا وَطْءٍ ثُمَّ خَرَجَ فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَرَضُ فِي أَقْسَامِ السَّلَسِ وَقَوْلُهُ لَا حَصًى مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُهُ أَيْ لَا إنْ كَانَ الْخَارِجُ حَصًى لَا عَلَى حَدَثٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَزَهُ وَجَرَتْ عَادَةُ الْمُؤَلِّفِ بِعَطْفِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَى مُحْتَرَزَاتِهَا كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَعَدَمُ نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ. (ص) وَبِسَلَسٍ فَارِقٌ أَكْثَرُ (ش) لَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ السَّلَسُ تَفْصِيلٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَغَارِبَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ بِالسَّلَسِ مُطْلَقًا وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ بَيَّنَ الْمَشْهُورَ بِقَوْلِهِ وَبِسَلَسٍ أَيْ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ   [حاشية العدوي] وَإِنَّمَا صَحَّ إخْرَاجُهَا مِنْ الْحَدَثِ لِإِيجَابِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ وَفِيهِ أَنَّ إيجَابَهَا مَا هُوَ أَعَمُّ لَا يُنَافِي دُخُولَهَا فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى لَا تُنَافِي الصُّغْرَى (قَوْلُهُ: وَالْقَرْقَرَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الدَّاخِلُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ خَرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْ حُقْنَةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ وَهُمَا دَاخِلَانِ وَمَا لَيْسَ بِخَارِجٍ وَلَا دَاخِلٍ كَالْقَرْقَرَةِ وَالْحَقْنِ الشَّدِيدَيْنِ فَلَا يَنْقُضَانِ الْوُضُوءَ إذَا تَمَّ مَعَهُمَا الْأَرْكَانُ عَلَى مَا يَأْتِي وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالْقَرْقَرَةِ وَالْحَقْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا مَنَعَا الْأَرْكَانَ أَوْ كَانَ يَحْصُلُ بِهَا مَشَقَّةٌ بِحَيْثُ يَصِيرُ يَضُمُّ الْوَرِكَيْنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَقْنُ) حَبْسُ الْبَوْلِ وَيُقَالُ لِمُدَافِعِ الْغَائِطِ الْحَاقِبُ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَوْلٍ وَوَدْيٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ وَدْيَ الْمَرْأَةِ يَخْرُجُ أَيْضًا بِأَثَرِ الْبَوْلِ إلَّا أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا حُكْمَ لَهُ نَعَمْ يَكُونُ نَاقِضًا فِيمَا إذَا خَرَجَ بِأَثَرِ سَلَسِ بَوْلٍ أَوْ خَرَجَ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ (قَوْلُهُ: وَرِيحٍ) أَيْ وَدَمِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَمَنِيٍّ خَارِجٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَمَّا خَرَجَ بِالْخَارِجِ الْمُعْتَادِ الْمَنِيُّ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَاسْتِثْنَاءُ التَّتَّائِيِّ دَمَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَاسْتِظْهَارُ الشَّارِحِ فِي الْمَنِيِّ فِي بَابِ الْغُسْلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى تُنَافِي الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ إدْرَاكُهَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَنَافِيَيْنِ لَا يُدْرَجُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا أَذًى) أَيْ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ مَعَ بِلَّةِ الْأَذَى وَهُوَ الْبَوْلُ فِي مَحَلِّهِ وَالْعَذِرَةُ فِي مَحَلِّهَا أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَيُعْفَى عَمَّا خَرَجَ مَعَهُمَا حَيْثُ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ يَحْصُلَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ حَيْثُ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ أَيْ بِحَسَبِ مَحَلِّهِ لَا بِحَسَبِ إصَابَتِهِ لِلثَّوْبِ وَالْمُرَادُ بِالْحَصَى الْمُتَخَلِّقُ فِي الْبَطْنِ، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً وَنَزَلَتْ كَمَا هِيَ فَتَنْقُضُ كَمَاءٍ شَرِبَهُ وَنَزَلَ بِصِفَتِهِ وَمِثْلُ الْحَصَى وَالدُّودِ الدَّمُ وَالْقَيْحُ إنْ كَانَا خَالِصَيْنِ مِنْ أَذًى وَإِلَّا نَقَضَا وَالْفَرْقُ أَنَّ حُصُولَ الْفَضْلَةِ مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ يَغْلِبُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ حُصُولِهِمَا مَعَ دَمٍ وَقَيْحٍ (قَوْلُهُ: لِنَوْعٍ مِنْ الْحَدَثِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَدَثَ كُلِّيٌّ وَتِلْكَ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ جُزْئِيَّاتٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَدَثِ وَهُوَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّقْضَ بِالْخَارِجِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ خُرُوجُهُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَقَوْلُهُ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْضُ بِالْخَارِجِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ فِيهِ بِوَطْئِهِ) وَكَانَتْ اغْتَسَلَتْ بَعْدَهُ أَوْ تَوَضَّأَتْ وَنَوَتْ رَفْعَ الْأَصْغَرِ بَلْ لَوْ لَمْ تَنْوِ رَفْعَ الْأَصْغَرِ بَلْ غَسَلَتْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَرَادَتْ رَفْعَ الْأَكْبَرِ فَقَطْ أَوْ تَقْتَصِرُ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ فَيُنْتَقَضُ الْأَصْغَرُ بِالْمَنِيِّ الَّذِي خَرَجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ غَالِبًا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْحَمْلِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لَا يَخْرُجُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ (قَوْلُهُ: فِي أَقْسَامِ السَّلَسِ) ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ أَقْسَامَهُ أَرْبَعَةٌ وَعَدَمَ النَّقْضِ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَزَهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْمُعَرَّفُ وَالِاحْتِرَازَاتُ إنَّمَا تَكُونُ لِأَجْزَاءِ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ بِهَا الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ لَا الْمُعَرَّفَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهِ إدْخَالٌ وَلَا إخْرَاجٌ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى حَدَثٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ مَا عُرِّفَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَصَى وَالدُّودَ مُحْتَرَزُهُ قَطْعًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الْأَحْكَامِ) جَمْعُ حُكْمٍ مُرَادٌ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَشَرْطٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ نَهْيٍ إلَخْ، فَإِنَّهُ فِي قُوَّةٍ مِنْ الشُّرُوطِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمُ نَهْيٍ أَيْ لَا وُجُودُهُ كَنَهْيِ كَلْبِ صَيْدٍ أَيْ كَالنَّهْيِ الْمُتَعَلِّقِ بِكَلْبِ الصَّيْدِ مِنْ حَيْثُ بَيْعُهُ أَوْ نَقُولُ كَنَهْيِ بَيْعِ كَلْبِ صَيْدٍ، وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الْمَحْكُومُ بِهِ بِأَنْ تُقَدِّرَ الْمَشْرُوطَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمَ نَهْيٍ وَكَذَا وَكَذَا وَظَهَرَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَعْطُوفَ مُقَدَّرٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى مُحْتَرَزَاتِهَا) أَيْ مُخَالَفَاتِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِسَلَسٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْخَارِجِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِكَسْرِهَا الشَّخْصُ الَّذِي قَامَ بِهِ السَّلَسُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ السَّلَسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قِيلَ الْمَعْطُوفُ مُقَيَّدٌ بِالْمُفَارَقَةِ فَهُوَ خَاصٌّ دَائِمًا فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ خَارِجٌ عَنْ الْمَعْطُوفِ وَنُكْتَةُ الْعَطْفِ ذِكْرُ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الدَّوَامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا إنْ لَازَمَ جَمِيعَهُ أَوْ أَكْثَرَهُ أَوْ نِصْفَهُ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ خِلَافَ اسْتِظْهَارِ ابْنِ هَارُونَ بِالنَّقْضِ فِي الْمُسَاوِي وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا بِسَلَسٍ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ الصِّحَّةِ وَيَقُولُ لَازَمَ أَكْثَرَ بَدَلَ فَارَقَ أَكْثَرَ، وَتُسْتَفَادُ مِنْهُ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَقَوْلُهُ: فَارَقَ مَفْهُومُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ لَا نَقْضَ فِيهَا (ص) كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّقْضِ لَا فِي التَّفْصِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ بِهِ سَلَسُ مَذْيٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى رَفْعِهِ بِتَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ تَدَاوٍ أَوْ صَوْمٍ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءَهُ وَمَفْهُومُ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ بِمَا ذُكِرَ لَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْلَاسِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَالْمُرَادُ بِسَلَسِ الْمَذْيِ أَنَّهُ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَذَكَّرَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ أَمَذْي وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ دَائِمًا (ص) وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ لَا إنْ شَقَّ (ش) لَمَّا دَلَّ مَفْهُومُ الصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَارَقَ أَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ فِيمَا عَدَاهَا بَيَّنَ مَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوُضُوءُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ وَنُدِبَ الْوُضُوءُ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ وَأَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الصِّفَةِ السَّابِقَةِ وَمَحِلُّ الِاسْتِحْبَابِ إذَا لَمْ يَشُقَّ، فَإِنْ شَقَّ بِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ وَكَذَا إنْ دَامَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ، وَتَخْصِيصُ النَّدْبِ بِالْوُضُوءِ دُونَ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ يُشْعِرُ بِنَفْيِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ قَالَ: لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ الْحَدَثِ وَاسْتَحَبَّهُ فِي الطِّرَازِ. (ص) وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي قَصْرِ اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ مِنْ قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ أَوْ تَوَسُّطٍ عَلَى الْمَوْجُودِ مِنْ السَّلَسِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَطْ وَيُلْغَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا عَنْ الِاعْتِبَارِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ جَمَاعَةَ وَمُخْتَارُ ابْنِ هَارُونَ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَالشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ قَائِلًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُؤْخَذَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى عُمُومِهَا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِتْيَانُ وَالِانْقِطَاعُ مُخْتَلِفًا غَيْرَ مُنْضَبِطٍ فَيُقَدِّرُ بِذِهْنِهِ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَلَوْ انْضَبَطَ الْإِتْيَانُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ أَخَّرَهَا أَوْ بِآخِرِهِ قَدَّمَهَا أَوْ اعْتِبَارِ جَمِيعِ نَهَارِهِ وَلَيْلِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَصْرٍ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَوْلُ الْبُرْزُلِيِّ وَمُخْتَارُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (ص) مِنْ مَخْرَجَيْهِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ وَالضَّمِيرُ لَهُ وَبِهَذَا يُسَاوِي قَوْلَهُمْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ لَا لِلشَّخْصِ وَلَا لِلْمُتَوَضِّئِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجَيْهِ شَيْءٌ نُقِضَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالضَّمِيرُ أَحْرَزَ وَصْفًا مُقَدَّرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَتُسْتَفَادُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَازَمَ نِصْفَ الزَّمَانِ يَنْقُضُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِهِ سَلَسُ مَذْيٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَوْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ إذْ كُلُّ سَلَسٍ مِنْ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنِيُّ الْخَارِجُ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ فَلَا يُوجِبُ غُسْلًا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْهُ خُرُوجُهُ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَمَا فِي تت عَلَى الرِّسَالَةِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْيَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ نَاقِضٌ لَكِنْ لَا يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ الذَّكَرِ بِنِيَّةٍ إلَّا إذَا خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، وَأَمَّا بِغَيْرِهَا فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَرٍّ أَوْ تَدَاوٍ) وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنُ التَّدَاوِي وَزَمَنُ شِرَائِهِ سُرِّيَّةً يَتَدَاوَى بِهَا وَاسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنَّهُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ السَّلَسِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ وَكَذَا زَمَنُ طَلَبِ النِّكَاحِ، فَإِنْ وَجَدَهَا مِمَّنْ تَحِيضُ كُلَّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً فَانْظُرْ هَلْ يُغْتَفَرُ لَهُ أَيْضًا أَوْ يُلْزَمُ بِشِرَاءِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ إنَّهُ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَذَكَّرَ أَوْ لَمَسَ أَمَذْي) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْمُنَاسِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَمَرَّ بِهِ نُزُولُ الْمَذْيِ كُلَّ الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ وَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ ذَلِكَ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ فَلَا نَقْضَ، وَأَمَّا مَا صُوِّرَ بِهِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي) بَلْ آكَدُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَارِضُ) الْعِبَارَةُ تُوهِمُ أَنَّ لِلْمُعَارَضَةِ وَجْهًا فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَازَمَ النِّصْفَ لَا نُدِبَ مَعَ وُجُودِ الطَّلَبِ وَإِذَا انْتَفَى النَّدْبُ وَقَدْ وُجِدَ الطَّلَبُ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ وَمُرَادُنَا بِنُدِبَ مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فَيُنَافِي مَفْهُومَ قَوْلِهِ: إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَفْهُومَهُ أَوْلَوِيٌّ بِقَرِينَةِ مَا سَبَقَ لَا وَاجِبٌ وَإِلَّا لَوُجِدَ التَّنَافِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنَّمَا نُدِبَ مَخَافَةَ أَنْ يُخَالِطَ مَا كَانَ مِنْ مَرَضٍ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْفَضَلَاتِ النَّاقِضَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ) فِي الْأَكْثَرِ وَالْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِنَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ النَّدْبِ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّهُ) أَيْ غَسْلَ الذَّكَرِ فِي الطِّرَازِ. (قَوْلُهُ: وَفِي قَصْرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَهَذَا التَّرَدُّدُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ اللُّزُومَ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَوْ الْيَوْمَ قَوْلَا شَيْخَيْ شُيُوخِنَا ابْنِ جَمَاعَةٍ والبوذري وَالْأَظْهَرُ عَدَدُ صَلَوَاتِهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَغَيْرَ وَقْتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ فَأَتَاهُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُنْقَضُ لِمُفَارَقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَنِ لَا عَلَى الثَّانِي لِمُلَازَمَتِهِ أَكْثَرَ قَالَهُ عج فِي كَبِيرِهِ وَالْأَحْسَنُ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّ الْقَائِلِينَ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ اخْتَلَفُوا عَلَى فِرْقَتَيْنِ الْأُولَى تَقُولُ: يُنْسَبُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ إلَى أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ مُطْلَقًا الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ الْآتِي وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا يُنْسَبُ إلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تُؤْخَذَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بَلْ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَقْضَهُ بِخُرُوجِ رِيحٍ مِنْ ذَكَرٍ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ أَحْرَزَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يُسَاوِي إلَخْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 مَخْرَجَيْهِ الْمُعْتَادَيْنِ أَوْ غَيْرَ الْمُعْتَادَيْنِ إنْ انْسَدَّا. وَلَمَّا أَوْهَمَ أَنَّ خُرُوجَ خَارِجِ الثُّقْبَةِ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إنْ انْسَدَّا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) أَيْ وَكَذَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ ثُقْبَةٍ أَيْ خَرْقٍ إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ، فَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْسِدَادِ الْمَخْرَجَيْنِ أَوْ لَمْ يَنْسَدَّا وَهِيَ فَوْقَهَا أَوْ تَحْتَهَا فَقَوْلَانِ بِالنَّقْضِ وَعَدَمِهِ وَالْمُرَادُ بِمَا تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَبِمَا فَوْقَهَا مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِانْسَدَّا وَلِتَحْتِ الْمَعِدَةِ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّا أَوْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ انْسَدَّا أَمْ لَا (ص) وَبِسَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ، وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ وَلَوْ قَصُرَ لَا خَفَّ وَنُدِبَ إنْ طَالَ (ش) لَمَّا كَانَ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَحْدَاثًا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَأَسْبَابًا لِتِلْكَ الْأَحْدَاثِ مُؤَدِّيَةً إلَيْهَا وَلَيْسَتْ نَاقِضَةً بِنَفْسِهَا كَالنَّوْمِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ الرِّيحِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ الْمُؤَدِّيَانِ لِلْمَذْيِ أَعْقَبَ الْكَلَامَ عَلَى الْأَسْبَابِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ الْأَسْبَابِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ اسْتِتَارُ الْعَقْلِ، وَإِنْ كَانَ اسْتِتَارُهُ بِنَوْمٍ ثَقِيلٍ وَلَوْ كَانَ قَصِيرًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَامَةُ النَّوْمِ الثَّقِيلِ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ أَوْ انْحِلَالُ حُبْوَتِهِ أَوْ سَيَلَانُ رِيقِهِ أَوْ بُعْدُهُ عَنْ الْأَصْوَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ لَا إنْ خَفَّ النَّوْمُ فَلَا يُنْقَضُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الْحَدَثِ وَلَوْ طَالَ لَكِنْ يُنْدَبُ الْوُضُوءُ مَعَ الطُّولِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ، وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ أَنَّ غَيْرَ النَّوْمِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِثْقَالُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ ثَقُلَ صِفَةٌ لِنَوْمٍ. وَقَوْلُهُ: خَفَّ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ هُوَ الْمَعْطُوفُ وَلَيْسَ الْمَعْطُوفُ خَفَّ أَيْ لَا بِنَوْمٍ خَفَّ فَلَا اعْتِرَاضَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى حَذَفَ الْمَوْصُولَ وَأَبْقَى صِلَتَهُ فَلَمْ تَعْطِفْ لَا إلَّا مُفْرَدًا أَيْ لَا مَا خَفَّ أَيْ النَّوْمَ الَّذِي خَفَّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ أَنْ لَا لَا تَعْطِفُ إلَّا الْمُفْرَدَاتِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ لَا خَفَّ يَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى ثَقُلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ مُقَابِلُهُ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى قَصُرَ وَلَا يُقَالُ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ لِأَنَّا نَقُولُ لَا لَا تَعْطِفُ الَّتِي لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ أَمَّا الَّتِي لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ فَتَعْطِفُهَا فَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ وَحَقِيقَةُ النَّوْمِ حَالَةٌ تَعَرُّضٍ لِلْحَيَوَانِ مِنْ اسْتِرْخَاءِ أَعْصَابِ الدِّمَاغِ مِنْ رُطُوبَاتِ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ بِحَيْثُ تَقِفُ الْمَشَاعِرُ عَنْ الْإِحْسَاسِ رَأْسًا وَقِيلَ رِيحٌ تَأْتِي الْإِنْسَانَ إذَا شَمَّهَا أَذْهَبَتْ حَوَاسَّهُ كَمَا تَذْهَبُ الْخَمْرَةُ بِعَقْلِ شَارِبِهَا وَقِيلَ انْعِكَاسُ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ إلَى الْبَاطِنَةِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَرَى الرُّؤْيَا وَالسِّنَةُ مَا تَقَدَّمَ النَّوْمَ مِنْ الْفُتُورِ وَحِكْمَةُ ذِكْرِ النَّوْمِ بَعْدَ السِّنَةِ فِي الْآيَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَمَّا أَوْهَمَ إلَخْ) أَيْ أَوَّلَ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَاكِتٌ عَمَّا إذَا كَانَتْ فِي الْمَعِدَةِ وَجَعَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حُكْمَ مَا إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ وَمُفَادُ شَارِحِنَا أَنَّ الْمَعِدَةَ نَفْسُ السُّرَّةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّوَوِيِّ. قَالَ وَحُكْمُ الْمُنْفَتِحِ فِي السُّرَّةِ وَمَا حَاذَاهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا وَجَعَلَ شَارِحُنَا مَحَلَّ الْخِلَافِ ثَلَاثَ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّا أَوْ لَمْ يَنْسَدَّا وَهِيَ فَوْقُ أَوْ تَحْتُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ تَحْتُ وَلَمْ يَتَنَزَّلُوا لَهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَجَعَلَهُ عج مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ قَالَ مُحَشِّي تت وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعِدَةَ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ إلَى مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ فَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَتَعْبِيرُنَا بِالظَّاهِرِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِالْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً لِلْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّ الدَّمِيرِيَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ. وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا الْمَكَانُ الْمُنْخَسِفُ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَالْأَطِبَّاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ اهـ. قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَقِفْ لِلْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ عج وَالْمُرَادُ بِالْمَعِدَةِ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ حَتَّى مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ وَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَهَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمُ النَّقْضِ إلَّا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْسَدَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا دَائِمًا وَإِلَّا فَيُنْقَضُ نَظِيرَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَلْقِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ أَصْلًا نُقِضَ، وَأَمَّا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الْخُرُوجِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَلَا نَقْضَ بِمَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَالْفَارِقُ بَيْنَ مَا فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَمَا تَحْتَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَيُنْقَضُ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَوْ دَائِمًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِيهَا فَلَا نَقْضَ إلَّا إذَا انْسَدَّا دَائِمًا وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُمْ مَتَى قَالُوا فَوْقَ الْمَعِدَةِ فَمُرَادُهُمْ نَفْسُ الْمَعِدَةِ فَلَا تَظْهَرُ التَّفْرِقَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. (تَنْبِيهٌ) : الْمَعِدَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا مِعْدَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: اسْتِتَارُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ زَوَالَهُ حَقِيقَةً إذْ لَوْ زَالَ لَمَا رَجَعَ (قَوْلُهُ: سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْعُرْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: حُبْوَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْعُرْ طَالَ أَمْ لَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحُبْوَةَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمُرَادُ احْتَبَى بِيَدَيْهِ بِأَنْ يَجْلِسَ قَائِمَ الرُّكْبَتَيْنِ جَامِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُشَبِّكًا أَصَابِعَهُ أَوْ مَاسِكًا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا لَوْ احْتَبَى بِحَبْلٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمْسِكَهُ بِيَدَيْهِ فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَنِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَيَلَانُ رِيقِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْعُرْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ عَدَمُ سَمَاعِهِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ) أَيْ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى بِنَوْمٍ (أَقُولُ) يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَذْفُ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ اسْمَ مَجْرُورٍ بِمَنْ كَقَوْلِهِ مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ (قَوْلُهُ: حَذَفَ الْمَوْصُولَ) أَيْ أَوْ الْمَوْصُوفَ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى قَصُرَ) غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَلَوْ قَصُرَ الثَّقِيلُ لَا إنْ كَانَ الثَّقِيلُ خَفِيفًا وَهَذَا تَنَافٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ) مُرْتَبِطٌ بِالْأَمْرَيْنِ عَطْفُهُ عَلَى ثَقُلَ أَوْ عَطْفُهُ عَلَى قَصُرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الَّتِي لَهَا مَحَلٌّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمَشَاعِرُ) أَيْ الْحَوَاسُّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ رِيحٌ إلَخْ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِالثِّقَلِ أَثَرَهُ أَوْ هُوَ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: إلَى الْبَاطِنَةِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 لِدَفْعِ أَنَّ النَّوْمَ أَقْوَى مِنْ السِّنَةِ فَيَأْخُذُهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. (ص) وَلَمْسٌ يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً (ش) هَذَا هُوَ السَّبَبُ الثَّانِي وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى زَوَالٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ اللَّمْسُ وَهُوَ مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِآخَرَ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ أَوْ صَلَابَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَتِهِ وَالْمَسُّ تَلَاقِيهِمَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الذَّكَرِ لَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ قَصْدًا وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ الْمَسُّ فَيَشْمَلُ اللَّامِسَ وَالْمَلْمُوسَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَادَةً مِنْ الْمُحَرَّمِ فَلَا نَقْضَ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ اللَّمْسُ مِنْ الْأَسْبَابِ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْحَدَثِ وَهُوَ خُرُوجُ الْمَذْيِ وَحِينَئِذٍ فَلَمْسُ الْمُرَاهِقِ غَيْرُ نَاقِضٍ لِوُضُوئِهِ وَوَطْؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ اللَّمْسِ وَاسْتِحْبَابُ الْغُسْلِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْوُضُوءِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (ص) وَلَوْ كَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ (ش) لَمَّا كَانَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِسْمِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ قَالَ وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ كَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ أَيْ مُتَّصِلَيْنِ لَا مُنْفَصِلَيْنِ لِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ بِهِمَا عَادَةً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِاللَّامِ أَيْ وَلَوْ كَانَ مَسُّ اللَّامِسِ لِظُفْرٍ وَفِي بَعْضِهَا بِالْبَاءِ أَوْ شَعْرٍ أَوْ سِنٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَاقَاةِ جِسْمٍ. (ص) أَوْ حَائِلٍ وَأُوِّلَ بِالْخَفِيفِ وَبِالْإِطْلَاقِ (ش) أَيْ أَوْ كَانَ اللَّمْسُ فَوْقَ حَائِلٍ، فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُوِيَ عَلَى إنْ كَانَ خَفِيفًا وَأَنَّ الْكَثِيفَ لَا يَنْقُضُ اللَّمْسَ مِنْ فَوْقِهِ وَأُوِّلَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِالْخَفِيفِ بِجَعْلِ رِوَايَةِ عَلِيٍّ تَفْسِيرًا لَهُ وَحَمَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ رِوَايَةَ عَلِيٍّ عَلَى الْخِلَافِ وَأَوَّلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَفِي إطْلَاقِ التَّأْوِيلِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَعَ اللَّمْسِ ضَمٌّ أَوْ قَبْضٌ وَإِلَّا نُقِضَ اتِّفَاقًا (ص) إنْ قَصَدَهُ لَذَّةً أَوْ وَجَدَهَا لَا انْتَفَيَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّقْضَ بِاللَّمْسِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا اتِّفَاقًا أَوْ لَمْ يَجِدْهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ أَوْ وَجَدَهَا فَقَطْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا أَمَّا إنْ انْتَفَتْ اللَّذَّةُ مَعَ قَصْدِهَا فَلَا نَقْضَ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ أَيْ صَاحِبُهُ السَّابِقُ مِنْ لَامِسٍ وَمَلْمُوسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَجَدَهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ وَجَدَ أَنَّ اللَّذَّةَ هُنَا نَاقِضًا مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الطَّلَبِ وَكَانَتْ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحُكْمِ. (ص) إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ، وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ اسْتِغْفَالٍ لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: لَا انْتَفَيَا أَيْ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقَصْدِ وَاللَّذَّةِ اتِّفَاقًا إلَّا الْقُبْلَةَ عَلَى فَمٍ وَلَوْ مِنْ مَحْرَمٍ فَتَنْقُضُ   [حاشية العدوي] ظَاهِرُهُ إلَى الْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ أَيْ إلَى أَحَدِهَا وَهُوَ الْحِسُّ الْمُشْتَرَكُ أَوْ خِزَانَتُهُ أَوْ إلَى الْبَاطِنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ) اللَّامُ زَائِدَةٌ أَيْ دَفْعُ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَتْ السِّنَةُ لَا تَأْخُذُهُ؛ لِأَنَّهَا نَقْصٌ فِي حَقِّهِ فَأَوْلَى النَّوْمُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ تَسْلِيمُ مَا ذُكِرَ وَلَكِنْ ذُكِرَ لِنُكْتَةٍ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ النَّوْمَ يَأْخُذُهُ لِثِقَلِهِ. (قَوْلُهُ: عَادَةً) وَدَخَلَ فِي الْمُعْتَادِ الْأَمْرَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ حَقِيقَتَهُ) كَأَنْ يَلْمِسَهُ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ جَسَدُ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَظْمٌ أَوْ لَحْمٌ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ اللَّامِسَ وَالْمَلْمُوسَ) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى اللَّامِسِ، وَأَمَّا الْمَلْمُوسُ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إنْ وُجِدَ نَقْضٌ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ قَصَدَ صَارَ لَامِسًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَظُفْرٍ إلَخْ) أَيْ مُتَّصِلَيْنِ لَا مُنْفَصِلَيْنِ وَلَوْ الْتَذَّ وَهَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى شَيْءٍ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ فِي حَالِ انْفِصَالِهِ أَمْ لَا وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَنْظُرَ كَمَا لَوْ انْفَصَلَ شَعْرُهَا أَوْ فَرْجُهَا أَوْ شَيْءٌ مِنْ مَحَاسِنِهَا مِمَّا هُوَ عَوْرَةٌ لَهَا فَالظَّاهِرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ تَمَزَّقَ. (فَائِدَةٌ) لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِلْمَصْلُوبِ وَلَا لِلْمَخْزُوقِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا بِالْبَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِظُفْرٍ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يُشْتَرَطُ فِي اللَّمْسِ كَوْنُهُ بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ بَلْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا لَا إحْسَاسَ لَهُ حَيْثُ انْضَمَّ لَهُ قَصْدُ لَذَّةٍ أَوْ وِجْدَانٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسِّ الذَّكَرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ أَفَادَهُ عج وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اللَّمْسِ كَوْنُ الْعُضْوِ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا لَهُ إحْسَاسٌ لِمَا انْضَمَّ لَهُ مِنْ قَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ الْوِجْدَانِ بِخِلَافِ مَسِّ الذَّكَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ كَانَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ لَهُ إحْسَاسٌ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالْخَفِيفِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: تَجَوُّزٌ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ حَقِيقَةٌ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُقِضَ اتِّفَاقًا) أَيْ مَعَ الْقَصْدِ وَالْوِجْدَانِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ لَذَّةً) ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ اللَّمْسَ، فَإِنْ وُجِدَ نُقِضَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَهَا) أَيْ حِينَ اللَّمْسِ، فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدُ كَانَتْ مِنْ الْفِكْرِ الَّذِي لَا يَنْقُضُ. (قَوْلُهُ: لَا انْتَفَيَا) أَيْ لَا إنْ انْتَفَيَا فَحَذَفَ بَعْضَ الْمَعْطُوفِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَصْدِهَا) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ قَصْدِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ لَامِسٍ إلَخْ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى لَامِسٍ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّذَّةَ بِفُرُوجِ الدَّوَابِّ مِنْ الْمُعْتَادِ لَا بِأَجْسَادِهَا أَيْ غَيْرِ آدَمِيَّةِ الْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ يَجْرِي فِي تَقْبِيلِ فَمِهَا مَا فِي تَقْبِيلِ فَمِ الْإِنْسَانِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ) أَيْ قُبْلَةَ مَنْ يَلْتَذُّ بِهِ عَادَةً فَلَا تَنْقُضُ قُبْلَةُ صَغِيرَةٍ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ بَالِغًا (قَوْلُهُ: لَا لِوَدَاعٍ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ أَوْ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ أَيْ إلَّا الْقُبْلَةَ لِغَيْرِ وَدَاعٍ لَا لِوَدَاعٍ إلَخْ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ الْوِشَاحِ مَا نَصُّهُ وَفِي كِتَابِ الْأَنْقَابِ لِلشِّيرَازِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ النَّظَّامِ إذَا لَمَسَ الْعُضْوُ الْعُضْوَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ اللَّذَّةِ مَا إذَا قَبَّلَ الْفَمُ الْفَمَ قَالَ: لِأَنَّ الْفَمَ طِبْقُ الْقَلْبِ وَالْقَلْبُ مَسْكَنُ الْحُبِّ فَإِذَا انْطَبَقَ الطِّبْقَانِ سَكَنَ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ لَذَّةِ الْحُبِّ (قَوْلُهُ: عَلَى فَمٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي بِفَمٍ بِمَعْنَى عَلَى وَلَا يَظْهَرُ بَقَاؤُهَا عَلَى بَابِهَا لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا كَاشِفًا وَالْأَصْلُ فِي الْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ مُخَصَّصًا الثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهُ عَلَى يَدِهِ يُنْقَضُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْمُلَامَسَةِ. (تَنْبِيهٌ) : لَا نَقْضَ فِي تَقْبِيلِ شَيْخٍ لِشَيْخٍ وَأَوْلَى شَابٌّ لِشَيْخٍ وَكَذَا تَقْبِيلُ ذِي لِحْيَةٍ لَا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ تَقْبِيلِ شَيْخٍ لِشَيْخَةٍ فَيُنْقَضُ وَلَمْ يَجِدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وُضُوءُهُمَا لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّقْضِ بِالْقُبْلَةِ طَوْعٌ وَلَا عِلْمٌ فَمَنْ قَبَّلَتْهُ زَوْجَتُهُ كَارِهًا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَّلَهَا مُكْرَهَةً قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا قَبَّلَهَا فِي الْفَمِ مُكْرَهَةً أَوْ طَائِعَةً فَلْيَتَوَضَّآ جَمِيعًا وَمَحِلُّ نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ فِي الْفَمِ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ وَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ أَمَّا إنْ كَانَتْ لِقَصْدِ وَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ أَيْ شِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا نَقْضَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ وَجَعَلَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ فِي حَيِّزِ الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا انْتَفَيَا دَلِيلًا عَلَى هَذَا الْقَيْدِ (ص) وَلَا لَذَّةَ بِنَظَرٍ كَإِنْعَاظٍ أَوْ لَذَّةٍ بِمَحْرَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) لَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ لَا لِوَدَاعٍ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْقُبْلَةِ بِالْفَمِ وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَذَّةٌ بِنَظَرٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَأَنْعَظَ إنْعَاظًا كَامِلًا وَلَوْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْإِمْذَاءُ عَقِبَهُ مَا لَمْ يَنْكَسِرْ عَنْ مَذْيٍ وَلَا يَنْتَقِضُ أَيْضًا بِلَمْسِ جَسَدِ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا أَوْ لَذَّةٍ بِمَحْرَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ خِلَافَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْمَازِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ مَعَ اللَّذَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحْرَمِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْحَقُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ بِلَذَّةِ الْمَحْرَمِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ مَعَ وُجُودِ اللَّذَّةِ بَيْنَ ذَوَاتِ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهَا وَمَعَ الْقَصْدِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِقِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحْرَمِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَصْدُهَا مِنْ الْفَاسِقِ فِي الْمَحْرَمِ نَاقِضٌ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ مِثْلُهُ يَلْتَذُّ بِمَحْرَمِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ فَلَوْ قَصَدَ لَمْسَهَا لِظَنِّهِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا مَحْرَمٌ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَمَحْرَمٍ بِإِسْقَاطِ لَذَّةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ رَاجِعٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. (ص) وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ الْمُتَّصِلِ وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا بِبَطْنٍ أَوْ جَنْبٍ لِكَفٍّ أَوْ أُصْبُعٍ، وَإِنْ زَائِدًا أَحَسَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْأَسْبَابِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ مَسُّ ذَكَرِهِ نَفْسِهِ الْمُتَّصِلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا قَصَدَ اللَّذَّةَ أَمْ لَا وَلَوْ عِنِّينًا لَا يَأْتِي النِّسَاءُ مَسَّهُ مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ الْعَسِيبِ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا تَخْرِيجًا عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ وَالنَّقْضُ بِمَسِّ الذَّكَرِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ بِبَاطِنِ كَفِّهِ أَوْ جَنْبِهِ أَوْ بِبَاطِنِ أَوْ جَنْبِ أَوْ رَأْسِ أُصْبُعٍ، وَإِنْ كَانَ الْأُصْبُعُ زَائِدًا إنْ أَحَسَّ وَتُصْرَفُ كَإِخْوَتِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهَا فَلَا يَنْقُضُ مَسُّهُ وُضُوءَهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ وَعَدَمِهِ نَقَضَ مَسُّهُ الْوُضُوءَ كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَمُطْلَقُ مَعْطُوفٌ عَلَى زَوَالُ أَيْ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِحَدَثٍ وَسَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ وَلَمْسٌ وَمُطْلَقُ مَسِّ   [حاشية العدوي] الْحَطَّابُ نَصًّا فِي تَقْبِيلِ الْمَرْأَةِ مِثْلَهَا وَاسْتَظْهَرَ النَّقْضَ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَفِي اسْتِثْنَاءِ الْقُبْلَةِ فِي الْفَمِ دُونَ الْقُبْلَةِ فِي الْفَرْجِ تَنْبِيهٌ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ اللَّذَّةَ بِفَرْجِ الصَّغِيرَةِ نَاقِضٌ إلَّا أَنَّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ يُفِيدُ عَدَمَ الْأَشَدِّيَّةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي لَذَّةِ فَرْجِ الصَّغِيرَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ شِدَّةٍ) تَفْسِيرٌ لِرَحْمَةٍ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ مَرِيضَةً وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ شَفَقَةٍ بِشِدَّةٍ فَتَفْسِيرُهَا بِالشِّدَّةِ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا) أَيْ نَحْوِ الشِّدَّةِ أَيْ كَشِدَّةِ اشْتِيَاقٍ لِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ) هَذَا فِي غَنِيَّةٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ انْتِفَاؤُهُمَا أَيْ الْقَصْدِ وَالْوِجْدَانِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَقْصِدْ اللَّذَّةَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَاصِدٌ الْوَدَاعَ فَلَا يَكُونُ قَاصِدَ اللَّذَّةِ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ يَقْصِدُهُمَا (قُلْت) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَقَعُ عَادَةً أَوْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالْجَلَّابُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَيْ وَهَذَا أَيْ كَوْنُ النَّاقِضِ هُوَ الْوِجْدَانَ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ أَيْ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَالْقَصْدُ فِيهِ وَحْدَهُ نَاقِضٌ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْفَاسِقَ مَنْ سَبَقَ مِنْهُ فِسْقٌ سَابِقًا وَسَيَأْتِي تَتِمَّتُهُ وَنُسْخَةُ الشَّيْخِ النَّفْرَاوِيِّ، وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ وَهُوَ تَصْلِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي كَبِيرِهِ وَلَفْظُهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ مِثْلُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ حَيْثُ عَلَّقَ الْقَصْدَ بِأَنْ وَقَعَ مِنْ فَاسِقٍ أَنَّ الْفِسْقَ سَابِقٌ عَلَى الْقَصْدِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِنْدَ عج الْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ يَتَّصِفُ بِالْفِسْقِ لِقَصْدِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ سَبَقَ لَهُ الْفِسْقُ أَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءً اللَّذَّةَ بِمَحْرَمِهِ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِسْقٌ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَاسِقًا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ قَصْدِهِ الْآنَ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَلْتَذُّ بِمَحْرَمِهِ لَا يُعَدُّ فَاسِقًا فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَالْمُتَعَيَّنُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ مَنْ ثَبَتَ لَهُ فِسْقٌ قَبْلَ ذَلِكَ الْقَصْدِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمَحْرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ) أَيْ إثْبَاتًا وَنَفْيًا فَصَحَّ التَّمْثِيلُ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْقَصْدِ فَقَطْ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ فَاسِقٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ حِلُّهُ الْأَوَّلُ مِنْ رُجُوعِ الْأَصَحِّ حَتَّى لَلْأُولَى وَكَأَنَّ فِيهَا تَقْرِيرَيْنِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ أَوْ حَائِلٍ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: ذَكَرِهِ) أَيْ جِنْسُ ذَكَرِهِ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا تَعَدَّدَ ذِكْرُهُ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: كَإِخْوَتِهِ) أَيْ حِسٌّ كَإِخْوَتِهِ وَتَصَرُّفٌ كَإِخْوَتِهِ أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَالشَّكُّ فِي الْمُسَاوَاةِ يَنْقُضُ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَالْمُخْتَارُ إنْ سَاوَتْ غَيْرَهَا فِي الْإِحْسَاسِ وَالتَّصَرُّفِ النَّقْضُ لَا إنْ لَمْ تُسَاوِ وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحْسَاسِ فِي الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَيَرْجِعُ قَوْلُهُ حِسٌّ لِلزَّائِدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ) أَيْ فِي مُسَاوَاتِهِ وَكَذَا إنْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ وَالْمُسَاوَاةِ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ وَجَازِمٌ بِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ وُجُودِهِ لَا مُسَاوَاةَ قَالَ نُقِضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 ذَكَرِهِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ مَسَّهُ مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ الْعَسِيبِ كَانَ مَسُّهُ لَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَاحْتَرَزَ بِذَكَرِهِ مِنْ ذَكَرِ غَيْرِهِ، فَإِنْ مَسَّهُ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْمُلَامَسَةِ الْمَازِرِيُّ وَذَكَرُ الْبَهِيمَةِ كَذَكَرِ الْغَيْرِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ الْمُتَّصِلِ مِمَّا لَوْ مَسَّهُ بَعْدَ أَنْ انْفَصَلَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ وَلَوْ الْتَذَّ بِهِ. (ص) وَبِرِدَّةٍ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَحْدَاثِ وَالْأَسْبَابِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْهُمَا مُعِيدًا لِلْعَامِلِ وَهُوَ شَيْئَانِ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ وَبِرِدَّةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِحَدَثٍ فَهُوَ لَيْسَ بِحَدَثٍ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَا سَبَبَ لِإِعَادَةِ الْعَامِلِ أَيْ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ بِرِدَّةٍ إذَا تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ حُصُولِ مُوجِبِهِمَا لِتَقْدِيرِهِ كَافِرًا أَصْلِيًّا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ إسْلَامٌ وَكَأَنَّ وُضُوءَهُ وَغُسْلَهُ السَّابِقَيْنِ مِنْهُ كَانَا حَالَ الْكُفْرِ فَيُعِيدُهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمَا عَمَلٌ حَبِطَ بِالرِّدَّةِ وَذَكَرَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ. (ص) وَبِشَكٍّ فِي حَدَثٍ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي طَرَيَانِ الْحَدَثِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِطُهْرٍ سَابِقٍ، فَإِنَّ وُضُوءَهُ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ يَشُمَّ فِي كُلِّ وُضُوءٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ يَطْرَأَ لَهُ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا أَثَرَ لِشَكِّهِ الطَّارِئِ بَعْدَ عِلْمِ الطُّهْرِ وَلَا يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرٍ بِهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا يَنْضَبِطُ لَهُ الْخَاطِرُ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِهِ وَالْوُجُودُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى بِنَائِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي طُرُوِّ الْحَدَثِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَنْ شَكَّ فِي طُرُوِّ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلَا يُعِيدُهَا إلَّا بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ تَيَقُّنِ سَلَامَةِ الْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَبِشَكٍّ أَيْ وَأَوْلَى لَوْ تَرَجَّحَ احْتِمَالُ الْحَدَثِ وَهُوَ الظَّنُّ وَمَعَ رُجْحَانِ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَأَمَّا عَكْسُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ حَدَثٍ عُلِمَ كَمَنْ اعْتَقَدَ حَدَثَ نَفْسِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي رَفْعِهِ أَوْ اعْتَقَدَ عَدَمَ غَسْلِ عُضْوٍ ثُمَّ شَكَّ فِي غَسْلِهِ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ) هَذَا غَيْرُ نَاهِضٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ لِمَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ كَاللَّذَّةِ بِفُرُوجِ الدَّوَابِّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَبِرِدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَكَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنَّهَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ شَعْبَانَ خِلَافًا لِابْنِ جَمَاعَةَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ عج وَخُلَاصَةُ مَا رَأَيْت أَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُ الْغُسْلِ أَيْضًا وَكَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِجَلْبِ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي طَرَيَانِ الْحَدَثِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ السَّبَبَ وَأَمَّا لِشَكٍّ فِي الرِّدَّةِ فَلَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ فِي كُلِّ وُضُوءٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْوُضُوءِ يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الشَّكُّ فِي الْوَسَائِلِ لَا يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الْمَقَاصِدِ فَالشَّكُّ فِي الْوُضُوءِ يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الْغُسْلِ وَلَا يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَطْرَأُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ) وَيُتَصَوَّرُ عِلْمُهُ ذَلِكَ بِحُصُولِ ذَلِكَ لِمُوَافِقٍ لَهُ فِي مِزَاجِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَرُدَّ ذَلِكَ بِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْمِزَاجِ غَالِبًا (أَقُولُ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَتَى عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ عَادَةً فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ عب أَنْ يَجْرِيَ فِي الشَّكِّ هُنَا مَا جَرَى فِي السَّلَسِ، فَإِنْ زَادَ مِنْ إتْيَانِهِ عَلَى زَمَنِ انْقِطَاعِهِ أَوْ تَسَاوَيَا فَمُسْتَنْكِحٌ، وَإِنْ قَلَّ فَلَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِزَمَنِ إتْيَانِهِ الْوَقْتَ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ بَلْ جَمِيعُ الْيَوْمِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي زَمَنِ انْقِطَاعِهِ أَيْ فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ يَوْمًا كَانَ مُغْتَفَرًا بِمَنْزِلَةِ إتْيَانِ السَّلَسِ نِصْفَ الزَّمَنِ وَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَلَا (قَوْلُهُ: خَاطِرَيْهِ) الْمَحْفُوظُ عَلَى الْأَلْسُنِ ضَبْطُ خَاطِرَيْهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ فَجَعَلُوا مَا وَقَعَ بِفِكْرِ الْإِنْسَانِ أَوَّلًا خَاطِرًا أَوَّلَ وَسَمَّوْا مَا وَقَعَ بَعْدَ هَذَا الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ خَاطِرًا ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ الْمُسْتَنْكِحُ مَنْ وَقَعَ لَهُ خَاطِرَانِ اثْنَانِ بَلْ هِيَ خَوَاطِرُ كَثِيرَةٌ تَقُومُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ خَاطِرِيهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لَكِنَّهُ جَمَعَهُ جَمْعَ مُذَكَّرٍ سَالِمٍ لِكَوْنِهِ قَائِمًا بِالْعَاقِلِ قَالَ تَعَالَى {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِشَكٍّ فِي حَدَثٍ يُعَدُّ نَاقِضًا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُعَدُّ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ سَلَامَةِ الْعِبَادَةِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا كَانَ فِيهَا أَيْ وَهُوَ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ وَلَا يُعِيدُهَا إذَا كَانَ بَعْدَهَا لِمَا تَقَدَّمَ وَيُوَافِقُ الطَّرَفُ الثَّانِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَمَا يَأْتِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُعْلَمُ هَذَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ مِنْ مُحَشِّي تت وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَلَا يَتَمَادَى حَكَاهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَهَذَا الْحَلُّ مِنْ الشَّارِحِ يُوجِبُ الْمُنَافَاةَ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ هُنَا وَبِشَكٍّ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَالْوُضُوءُ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنَّنَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ التَّمَادِيَ فِي الثَّانِيَةِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْعِبَادَةِ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ النَّقْضَ مَوْجُودٌ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ وَلِذَلِكَ الْحَطَّابُ حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى مَا عَدَا بَعْدَ الْفَرَاغِ الشَّامِلِ لِقَبْلِ الدُّخُولِ وَفِي الْأَثْنَاءِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ إلَخْ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ الثَّانِيَةِ وَكَذَا بِاعْتِبَارِ الْأُولَى وَيُرَادُ بِسَلَامَةِ الْعِبَادَةِ إمَّا كُلُّهَا بِالنَّظَرِ لِلثَّانِيَةِ أَوْ أَوَّلُهَا بِالنَّظَرِ لِلْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُطَالَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 مُسْتَنْكِحٌ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يُطَالَبُ بِالْيَقِينِ وَيُلْغَى شَكُّهُ اتِّفَاقًا وَيَغْسِلُهُ اتِّفَاقًا قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ. (ص) وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا (ش) أَيْ وَنُقِضَ الْوُضُوءُ بِالشَّكِّ فِي السَّابِقِ مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَدَثِ مَعَ تَيَقُّنِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الطُّهْرُ وَالْحَدَثُ الْمَشْكُوكُ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ. (ص) لَا بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ فَرْجِ صَغِيرَةٍ وَقَيْءٍ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ النَّوَاقِضِ أَتْبَعَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى بِحَدَثٍ لَا بِمَسِّ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنْهَا مَسُّ الدُّبُرِ وَمِنْهَا مَسُّ الرُّفْغِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَعْلَى أَصْلِ الْفَخِذِ مِمَّا يَلِي الْجَوْفَ وَقِيلَ الْعَصَبُ الَّذِي بَيْنَ الشَّرَجِ وَالذَّكَرِ وَمِنْهَا مَسُّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا بِمَسِّ أَلْيَتَيْهِ أَوْ الْعَانَةِ وَلَوْ الْتَذَّ فِي الْجَمِيعِ وَمِنْهَا مَسُّ فَرْجِ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ مَا لَمْ يَلْتَذَّ أَوْ يَقْصِدْ اللَّذَّةَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْفَرْجِ فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ الْتَذَّ لِأَنَّ هَذَا لَا يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ عَادَةً وَمِنْهَا خُرُوجُ قَيْءٍ وَقَلْسٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (ص) وَأَكْلِ جَزُورٍ وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ وَمَسِّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ (ش) أَيْ وَمِمَّا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ أَيْ إبِلٍ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَمِنْهَا ذَبْحٌ وَمَسُّ وَثَنٍ وَقَلْعُ سِنٍّ أَوْ ضِرْسٍ، وَإِنْشَادُ شِعْرٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَمِنْهَا حِجَامَةٌ مِنْ حَاجِمٍ وَمُحْتَجِمٍ وَفَصَادَةٌ وَخُرُوجُ دَمٍ وَمِنْهَا قَهْقَهَةٌ بِصَلَاةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَبِغَيْرِهَا اتِّفَاقًا وَمِنْهَا مَسُّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا أَيْ قُبُلَهَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا أَلْطَفَتْ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ لِأَنَّ فَرْجَهَا لَيْسَ بِذَكَرٍ فَيَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهَا الْوُضُوءَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَرُوِيَ عَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ تُلْطِفَ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ أَوْ لَا فَلَا يَجِبُ وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا بَيْنَ   [حاشية العدوي] بِالْإِعَادَةِ إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ لَا إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ (قَوْلُهُ: وَيُلْغَى شَكُّهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يُطَالَبُ بِالْيَقِينِ وَقَوْلِهِ وَيَغْسِلُهُ أَيْ وَيَغْسِلُ الْمَتْرُوكَ إمَّا الْعُضْوَ أَوْ كُلَّ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَانْطَبَقَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي رَفْعِهِ أَوْ اعْتَقَدَ. (قَوْلُهُ: وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) الْمُرَادُ بِهِ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ كَذَا ادَّعَى عب إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ بَلْ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَمَنْ ظَنَّ تَأَخُّرَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ وَتَوَهَّمَ تَأَخُّرَ الْحَدَثِ عَنْهَا فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَمَنْ ظَنَّ تَأَخُّرَ الْحَدَثِ عَنْ الطَّهَارَةِ وَتَوَهَّمَ تَأَخُّرَ الطَّهَارَةِ عَنْهُ، فَإِنَّ طَهَارَتَهُ تُنْتَقَضُ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ ثُمَّ يُقَيَّدُ هَذَا بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ عب وَارْتَضَى مُحَشِّي تت خِلَافَهُ وَهُوَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ قَائِلًا: وَتَأْخِيرُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَهُ وَبِشَكٍّ عَنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَقْيِيدِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ فِي نُكَتِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يَقِينٌ قَبْلَ هَذَا الشَّكِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا، وَإِنْ تَيَقَّنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا مَسُّ الدُّبُرِ) وَكَذَا ثُقْبَةٌ عِنْدَ انْسِدَادِ الْمَخْرَجَيْنِ، وَوُجُوبُ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَصْلِ الْفَخِذِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَعِبَارَةُ تت مَسُّ أَعْلَى الْفَخِذِ (قَوْلُهُ: الشَّرَجِ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ وَالْجِيمِ تَشْبِيهًا بِشَرَجِ السُّفْرَةِ وَهُوَ مُجْتَمَعُهَا وَالْجَمْعُ أَشْرَاجٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالشَّرَجُ حَلْقَةُ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ) وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ اللَّذَّةَ) كَذَا فِي شب وَلَكِنْ الَّذِي ارْتَضَاهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عج أَنَّ الْقَصْدَ لَا يَضُرُّ هُنَا وَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ وُجُودُ اللَّذَّةِ بَلْ قَالَ بَعْضٌ وَلَوْ الْتَذَّ فَلَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَطَّابِ فَقَدْ قَالَ: وَلَا بِمَسِّ فَرْجِ صَغِيرَةٍ وَكَذَا فَرْجُ صَغِيرٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ. وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فَرْجُ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمَلْمُوسَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً وَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ لِجَدِّ عج وَأَنْ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبَهْرَامَ وَالْقَرَافِيِّ عَدَمُ النَّقْضِ وَلَوْ كَانَ بِلَذَّةٍ كَذَا قَالَ الْبَدْرُ (أَقُولُ) وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَتَسْمِيَةُ الْفَرْجِ بِالْكُسِّ لَيْسَ عَرَبِيًّا فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَذَّ) وَلَوْ الْفَمَ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ اللَّذَّةَ (قَوْلُهُ: مَسُّ وَثَنٍ) هُوَ الضَّمُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْشَادُ شِعْرٍ) أَيْ شِعْرٍ مَخْصُوصٍ لَا مُطْلَقِ شِعْرٍ، وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِقَوْمٍ أَيْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهَا اتِّفَاقًا) الْأَوْلَى وَبِغَيْرِهَا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ اتِّفَاقُ الْمَذْهَبِ وَالْإِجْمَاعَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ. (قَوْلُهُ: فَيَتَنَاوَلَهُ) بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ) الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ لَا مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ؛ لِأَنَّ هَذَا يَشْمَلُهَا وَالْمَشْهُورُ يَقُولُ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْجِ الذَّكَرُ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا إلَخْ) كَذَا قَالَ بَهْرَامُ فِي كَبِيرَةٍ بِالتَّثْنِيَةِ وَفِي الْمَوَّاقِ يَدَهَا بِالْإِفْرَادِ وَفِي تت وَسَأَلَ مَالِكًا أَيْ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فَقَالَ أَنْ تُدْخِلَ الْأُصْبُعَ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَالْفَظِّ بَهْرَامُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ تُلْطِفَ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَسَأَلَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ مَالِكًا عَنْ الْإِلْطَافِ فَقَالَ: أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا اهـ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ النَّاقِلَ عَنْ مَالِكٍ تَفْسِيرَ الْإِلْطَافِ بِمَا ذَكَرَ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهَا إنْ أَلْطَفَتْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَبَضَتْ بِيَدِهَا عَلَيْهِ يُنْتَقَضُ (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ رِوَايَةُ الْأُصْبُعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقُولُ بِالنَّقْضِ فِي الْأُصْبُعِ فَأَوْلَى الْيَدُ وَالْيَدَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْأُصْبُعِ فِي رِوَايَةِ النَّقْضِ أَوْلَى وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوُضُوءُ يُنْتَقَضُ بِإِدْخَالِ إصْبَعٍ فَأَوْلَى الْيَدُ وَالْيَدَانِ وَذِكْرُ يَدَيْهَا فِي رِوَايَةِ عَدَمِ النَّقْضِ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَقَضُ بِإِدْخَالِ الْيَدَيْنِ فَأَوْلَى الْأُصْبُعُ وَلَا تَرْجِيحَ لِرِوَايَةِ يَدِهَا بِوَجْهٍ فَتَدَبَّرْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 شَفْرَيْهَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي إبْقَاءِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ جَعْلِ التَّفْصِيلِ تَفْسِيرًا لِلْقَوْلَيْنِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِالنَّقْضِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَلْطَفَتْ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُلْطِفْ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا. (ص) وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِكُلِّ أَحَدٍ وَيَتَأَكَّدُ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ غَسْلُ يَدٍ وَفَمٍ مَنْ غَمَرِ نَحْوِ لَحْمٍ وَمَسِّ إبِطٍ وَنَتْفِهِ وَغَسْلِ ثَوْبٍ مِنْ رَوَائِحَ مُسْتَكْرَهَةٍ كَبَيْضٍ وَمَضْمَضَةٍ مِنْ نَحْوِ لَبَنٍ مُطْلَقًا وَقَيَّدَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِالْحَلِيبِ وَقَدْ تَمَضْمَضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ السَّوِيقِ وَهُوَ أَيْسَرُ مِنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَمَسَحَ عُمَرُ يَدَهُ بِبَاطِنِ قَدَمِهِ فِيمَا لَا دَسَمَ لَهُ وَلَا وَدَكَ كَالتَّمْرِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ الَّذِي يُذْهِبُهُ أَدْنَى الْمَسْحِ وَالْغَمَرُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمِيمِ الْوَدَكُ مَا فِيهِ دُسُومَةٌ، وَإِنْ سُكِّنَتْ الْمِيمُ فَمَعَ فَتْحِ الْغَيْنِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ وَمَعَ ضَمِّهَا الرَّجُلُ الْبَلِيدُ وَمَعَ كَسْرِهَا الْحِقْدُ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِمُتَوَضِّئٍ تَجْدِيدُ وُضُوءٍ لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ إنْ صَلَّى بِهِ أَوَّلًا وَلَوْ نَافِلَةً أَوْ طَافَ أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَفْتَقِرُ إلَى الطَّهَارَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ صَلَّى بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالطَّوَافِ لَا كَمَسِّ الْمُصْحَفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ عِبَادَةً يُطْلَقُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ صَلَاةً وَمَفْهُومُ إنْ صَلَّى بِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ لَا يَجِدْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ أَوَّلًا وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ أَيْ فَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ بِحَيْثُ يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ وَانْظُرْ لَوْ تَيَمَّمَ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ إعَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا نَوَاهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ لَا لِأَنَّ السَّرَفَ مُنْتَفٍ مِنْهُ أَوْ فِيهِ وَانْظُرْ مَا الَّذِي يَنْوِيهِ بِهَذَا الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمُجَدَّدِ إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ الْفَضِيلَةَ. (ص) وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ بِيَقِينٍ ثُمَّ شَكَّ فِيهَا هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ الْمُحَقَّقِ أَمْ لَا وَتَمَادَى فِيهَا وَبَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهَا أَوْ فِيهَا بِأَنَّ لَهُ الطُّهْرَ لَمْ يُعِدْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهَا نَافِلَةً قَالَ مَالِكٌ لِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ فَقَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَيْ هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ الْمُحَقَّقِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي وُضُوئِهِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَسْتَخْلِفُ إنْ كَانَ إمَامًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِالتَّمَادِي مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثَةٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّوَايَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ فَبَعْضُهُمْ يُبْقِي الرِّوَايَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ الَّذِي يُبْقِي الْمُدَوَّنَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبَعْضُهُمْ يُؤَوِّلُ الْمُدَوَّنَةَ بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ وَتَرْجِعُ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثَةُ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَأُوِّلَتْ أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: غَسْلُ فَمٍ) الْغَسْلُ وَضْعُ الْمَاءِ مَعَ التَّدْلِيكِ وَالْمَضْمَضَةُ مُجَرَّدُ وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَيُخَضْخِضُهُ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّكْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ أَيْ ظَاهِرِ الْفَمِ لَا دَاخِلِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ غَسْلُ يَدٍ وَفَمٍ أَيْ مِنْ خَارِجٍ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَحَلُّهَا عِنْدَ إرَادَةِ الطَّهَارَةِ نَاسَبَ ذِكْرَهَا هُنَا (قَوْلُهُ: نَحْوِ لَحْمٍ) وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ إبِطٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى فَمٍ أَيْ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ مِنْ مَسِّ إبِطٍ وَنَتْفِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: كَبَيْضٍ) أَيْ كَرَائِحَةِ بَيْضٍ (قَوْلُهُ: وَمَضْمَضَةٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَضْعُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَلَّكْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ لَبَنٍ) وَدَخَلَ تَحْتَهُ اللَّحْمُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ خَارِجِ الْمَطْلُوبِ الْغَسْلُ وَمَا كَانَ دَاخِلًا فَالْمَضْمَضَةُ تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَمَضْمَضَ) كَالدَّلِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: السَّوِيقِ) شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَهُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَا دَسَمَ لَهُ) أَيْ شَيْءٌ لَا دَسَمَ لَهُ وَقَوْلُهُ وَلَا وَدَكَ أَيْ فِي شَيْءٍ لَيْسَ وَدَكًا وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الدُّسُومَةَ صِفَةُ الْوَدَكِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ غَسْلُ فَمٍ وَلَا يَدٍ مِمَّا لَا دَسَمَ فِيهِ وَلَا وَدَكَ كَالتَّمْرِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ إلَّا أَنَّ عُمَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ صَلَّى بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ صَلَّى بِهِ فِي الْمَاضِي (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ) أَيْ وَمِثْلُهَا النَّافِلَةُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا مَسَّ مُصْحَفٍ) وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ وَلَوْ مَسَّ مُصْحَفٍ يُنْدَبُ لَهُ التَّجْدِيدُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فَقَطْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ خِلَافُ مَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّجْدِيدَ يُؤَدِّي إلَى إعَادَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْمَنْعِ أَيْ إنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ، وَإِنْ كَانَ يُكْرَهُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إعَادَةَ مَسْحِ الرَّأْسِ مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ كَمَا لَوْ نَسِيَ عُضْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَغَسَلَهُ وَمَا بَعْدَهُ لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ مِنْهُ أَوْ فِيهِ) تَنْوِيعٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الطُّهْرُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ وُجُوبًا وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ مُتَعَمِّدًا لِلْحَدَثِ (قَوْلُهُ: بِيَقِينٍ) الْمُرَادُ بِهِ اعْتِقَادُ الطَّهَارَةِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَكَّ فِيهَا) أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ ظَنَّ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ وُضُوئِهِ الْمُحَقَّقِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ الطُّهْرَ) أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بِالْوُضُوءِ أَوْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ لَمْ يُعِدْهَا لِكَوْنِهِ طَاهِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ) أَيْ الْقَائِلَيْنِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: فِي وُضُوئِهِ) أَيْ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ) أَيْ مَطْلُوبٌ بِالتَّمَادِي وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فِي التَّفْرِيقِ إلَخْ) فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي بَيَانِهِ لَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 شَكَّ خَارِجَهَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَلَوْ قَوِيًّا فَمَنْ ظَنَّ النَّقْضَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ فَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا قَابَلَ الْجَزْمَ. (ص) وَمَنَعَ حَدَثٌ صَلَاةً وَطَوَافًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّوَافَ وَلَوْ نَفْلًا وَالصَّلَاةَ كُلَّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا مِنْ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ وَنَفْلٍ وَسُجُودِ الْقُرْآنِ لَا يَجْزِي إلَّا بِوُضُوءٍ وَأَنَّ الْحَدَثَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا وَفِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ يَرْفَعُ الْحَدَثُ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْأَعْضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ نَاشِئًا عَنْ حَدَثٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَخَصَّ تت الْحَدَثَ بِالْأَصْغَرِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الزَّرْقَانِيِّ وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْحَدَثِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ كَذَلِكَ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي. (ص) وَمَسَّ مُصْحَفٍ (ش) أَيْ وَمَنَعَ الْحَدَثُ مَسَّ مُصْحَفٍ مَكْتُوبٍ بِالْعَرَبِيِّ غَيْرِ مَنْسُوخٍ لَفْظُهُ فَآيَةُ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا، وَآيَةُ الرَّضَاعِ لَيْسَ لَهُمَا حُكْمُ الْمُصْحَفِ وَلَوْ دَلَّا عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَالْأَخْبَارِ الْإِلَهِيَّةِ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَأَمَّا مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ فَكَغَيْرِهِ إجْمَاعًا وَلِجَلْدِهِ حُكْمُهُ وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ وَمَا بَيْنَ الْأَسْطُرِ وَسَوَاءٌ مَسَّهُ بِيَدٍ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ وَلَوْ لَفَّ خِرْقَةً عَلَى عُضْوِهِ وَشَمِلَ الْمُصْحَفَ الْكَامِلَ وَالْجُزْءَ وَالْوَرَقَةَ فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ وَمِثْلُهُ اللَّوْحُ وَالْكَتِفُ وَكَتْبُهُ كَمَسِّهِ إلَّا الْآيَةَ فِي الْكِتَابِ وَالْبَسْمَلَةَ وَشَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمَوَاعِظِ فِي الصَّحِيفَةِ وَمَا يُعَلَّقُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْحَائِضِ وَالْحَامِلِ إذَا أُحْرِزَ عَلَيْهِ أَوْ فِي شَمْعٍ لَا دُونَ سَاتِرٍ وَخَوْفَ غَرَقِهِ أَوْ حَرْقِهِ أَوْ يَدِ كَافِرٍ يُبِيحُ مَسَّهُ. (ص) وَإِنْ بِقَضِيبٍ وَحَمْلِهِ، وَإِنْ بِعَلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ، وَإِنْ عَلَى كَافِرٍ (ش) أَيْ وَكَمَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ الْمُصْحَفِ يَمْنَعُ مَا فِي حُكْمِهِ كَمَسِّهِ بِعُودٍ أَوْ تَقْلِيبِ أَوْرَاقِهِ بِهِ وَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ بِعَلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مُثَلَّثَةُ الْوَاوِ وَهِيَ الْمُتْكَأَةُ لَكِنْ إذَا مُنِعَ مَسُّهُ بِقَضِيبٍ فَأَوْلَى حَمْلُهُ بِعَلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا لِيُسْتَثْنَى قَوْلُهُ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وَحْدَهَا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ حَمْلُهَا لِلْحَدَثِ، وَإِنْ حُمِلَتْ عَلَى كَافِرٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ الْمُصْحَفُ   [حاشية العدوي] لِخَبَرِ «أَنَّ الشَّيْطَانَ يَفْسُو بَيْنَ أَلْيَتَيْ أَحَدِكُمْ إذَا كَانَ يُصَلِّي فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ وَهُوَ فَرْقٌ بَيِّنٌ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ أَنَّ النَّقْضَ حَاصِلٌ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَكِنْ إنَّمَا أَمَرْنَاهُ بِالِاسْتِمْرَارِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْعِبَادَةِ بِدُخُولِهَا مُتَيَقِّنَ الطَّهَارَةِ وَمُقْتَضَى فَرْقِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ كَانَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْتَقَضْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ حَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الشَّكِّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ إلَّا لِنَقْضِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّك تَجِدْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَيِّنًا (قَوْلُهُ: الظَّنَّ) أَيْ ظَنَّ الْحَدَثِ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ بَعْدَ شَكِّهِ الْمُسْتَوِي فَقَدْ بَانَ لَهُ الطُّهْرُ. (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) لَا يَخْفَى شُمُولُهُ لِصُورَةِ وَهْمِ الْحَدَثِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ فِيهَا (قَوْلُهُ: اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا) أَيْ أَوْصَافِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَجْزِي إلَخْ) كَذَا فِي ك أَيْ لَا يَجْزِي مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدَثُ هُنَا عَلَى الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُوَ التَّحْرِيمُ فَيَئُولُ الْمَعْنَى: وَمَنَعَ الْمَنْعُ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا عَلَى الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ (قَوْلُهُ: وَخَصَّ تت الْحَدَثَ إلَخْ) يُقَالُ: إذَا كَانَ التَّتَّائِيُّ خَصَّ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَمَا الْعُدُولُ عَنْ قَوْلِهِ: إلَى التَّعْمِيمِ. (قَوْلُهُ: وَمَسَّ مُصْحَفٍ) وَلَوْ لِنَاسِخٍ (قَوْلُهُ: مَكْتُوبٍ بِالْعَرَبِيِّ) وَمِنْهُ الْخَطُّ الْكُوفِيُّ لَا مَكْتُوبٍ بِغَيْرِ عَرَبِيٍّ فَيَجُوزُ وَلَوْ لِجُنُبٍ كَتَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ وَزَبُورٍ لِمُحْدِثٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ مَنْسُوخٍ لَفْظُهُ) ، وَأَمَّا الْمَنْسُوخُ لَفْظُهُ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحُكْمَ بَاقٍ (قَوْلُهُ: فَآيَةُ الشَّيْخِ) أَيْ فَآيَةُ هِيَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ وَالْمُرَادُ الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ (قَوْلُهُ وَآيَةُ الرَّضَاعِ) عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ (وَأَقُولُ) وَخَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ مَنْسُوخَةٌ عِنْدَنَا أَيْضًا فَذِكْرُهَا هُنَا لَا يُنَاسِبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ آيَةَ الرَّضَاعِ مَنْسُوخَةٌ لَفْظًا وَحُكْمًا عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ) كَآيَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ} [البقرة: 240] (قَوْلُهُ: وَلِجِلْدِهِ حُكْمُهُ) هَذَا ظَاهِرٌ قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَوْ انْفَصَلَ الْجِلْدُ مِنْهُ هَلْ يَجُوزُ مَسُّهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا نَظَرًا لِمَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ) الْخَالِي عَنْ كِتَابَةٍ. (فَائِدَةٌ) ذَكَرَهَا التَّتَّائِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْبُصَاقُ طَاهِرٌ وَلَكِنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ وَلِذَا اشْتَدَّ نَكِيرُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عَلَى مُلَطِّخِ صَفَحَاتِ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ بِهِ وَكَذَا كُلُّ كِتَابٍ لِيَسْهُلَ قَلْبُهَا قَائِلًا إنَّا لِلَّهِ عَلَى غَلَبَةِ الْجَهْلِ الْمُؤَدِّي لِلْكُفْرِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ لَا يَجُوزُ مَسْحُ لَوْحِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بِالْبُصَاقِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْكَتِفِ) عِبَارَةُ تت الْكَتِفُ الْمَكْتُوبَةُ أَيْ التَّمَائِمُ وَالْحُرُوزُ اهـ. وَهَذَا مَعْنًى مُرَادٌ وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْعَظْمُ الَّذِي لِلْبَعِيرِ أَوْ الشَّاةِ كَانُوا إذَا جَفَّ كَتَبُوا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْآيَةَ فِي الْكِتَابِ) أَيْ الْمَكْتُوبِ رِسَالَةً وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَقَوْلُهُ: وَالْبَسْمَلَةَ وَشَيْئًا إلَخْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَالْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ عِنْدَنَا فَجَوَازُ الْمَسِّ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُعَلَّقُ عَلَى الصَّبِيِّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُرِّزَ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: يُبِيحُ مَسَّهُ) أَيْ بِدُونِ وُضُوءٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ) إنْ لَمْ تُجْعَلْ حِرْزًا وَإِلَّا جَازَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَنْعُ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الْمُصْحَفِ وَصُرِفَ لِجِهَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تَنْتَهِضُ فِي الْكَامِلِ وَظَاهِرُ الْحَطَّابِ اسْتِوَاءُ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتْكَأَةُ) وَقَالَ السُّودَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الْعِيدَانِ الَّتِي يُجْعَلُ عَلَيْهَا الْمُصْحَفُ وَهَذَا أَصْرَحُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وَحْدَهَا) وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 لَا الْمُصْحَفُ أَمَّا لَوْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ بِالْحَمْلِ أَوْ مَعَ الْأَمْتِعَةِ فَيُمْنَعُ حَمْلُهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُرْتَضَى (ص) لَا دِرْهَمٍ وَتَفْسِيرٍ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَمَنَعَ حَدَثٌ كَذَا وَكَذَا لَا دِرْهَمٍ وَنَحْوِهِ مَكْتُوبٍ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ فَيَجُوزُ مَسُّهُ وَلَوْ لِكَافِرٍ وَكَذَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ التَّفْسِيرِ وَلَوْ كَتَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْآيَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ. (ص) وَلَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ، وَإِنْ حَائِضًا (ش) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مَسَّ لَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ يُصْلِحُهُ وَمُتَعَلِّمٍ صَبِيٍّ أَوْ رَجُلٍ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَإِنْ امْرَأَةً حَائِضًا مِنْ مُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَلِّمِ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَ اللَّوْحِ كَانَ جَالِسًا لِلتَّعْلِيمِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ أَيْ حَالَ التَّعَلُّمِ أَوْ التَّعْلِيمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ (ص) وَجُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ، وَإِنْ بَلَغَ (ش) أَيْ وَجَازَ مَسُّ جُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ صَبِيٍّ بَلْ وَلَوْ بَلَغَ وَالْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا قَابَلَ الْكَامِلَ لَكِنْ جُزْءٌ لَهُ بَالٌ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ لِلْمُتَعَلِّمِ مَسَّ الْكَامِلِ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْكَامِلِ (ص) وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ، وَإِنْ لِحَائِضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحِرْزَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ عَلَى الشَّخْصِ وَلَوْ بَالِغًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا حَامِلًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ جُنُبًا وَكَذَا عَلَى الْبَهِيمَةِ لِعَيْنٍ حَصَلَتْ لَهَا أَوْ لِخَوْفِ حُصُولِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْحِرْزُ بِسَاتِرٍ يُكِنُّهُ وَيَقِيهِ مِنْ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ أَذًى قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يَنْبَغِي مِنْ غَيْرِ سَاتِرٍ. (فَصْلٌ) . لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى مُوجِبَاتِ الْكُبْرَى أَيْ أَسْبَابِهَا الَّتِي تُوجِبُهَا وَوَاجِبَاتِهَا أَيْ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَهِيَ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ لِلْفِعْلِ وَبِالْفَتْحِ لِلْمَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَبِالْكَسْرِ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ أُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ إيصَالُ الْمَاءِ لِجَمِيعِ الْجَسَدِ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الدَّلْكِ وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبَ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةِ غَيْرِ خُنْثَى أَوْ مِثْلِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَصَدَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِقَصْدِهِ فَقَطْ أَنْ يَكُونَ حَمْلُ الْأَمْتِعَةِ لِأَجْلِ حَمْلِهِ فَقَطْ وَلَوْلَا حَمْلُهُ مَا حَمَلَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُرْتَضَى) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَوَازِ حَيْثُ قُصِدَا مَعًا فَجَعَلَ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالنَّصْبِ، وَالرَّسْمُ بِمَنْعِهِ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُصْحَفٍ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْآيَ) الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ قَصَدَ الْآيَ وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُبَالَغَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ كَتَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْحٍ إلَخْ) الْمُرَادُ جِنْسُ اللَّوْحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعَلِّمِ وَالْوَاحِدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَعَلِّمِ وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ الْمُعَلِّمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَائِضًا) قَالَ فِي ك وَتَخْصِيصُ الْحَائِضِ بِالذِّكْرِ يُخْرِجُ الْجُنُبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رَفْعَ حَدَثِهِ بِيَدِهِ وَلَا يَشُقُّ كَالْوُضُوءِ وَقَالَ عج أَيْ وَلَوْ كَانَ حَائِضًا وَجُنُبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ انْتَهَى (أَقُولُ) : وَالْأَظْهَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي ك وَقَالَ أَيْضًا فِي ك وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ الْمُحْتَاجُ إلَى الْكَشْفِ عَنْ آيَةٍ تَوَقَّفَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) كَحَالِ الذَّهَابِ بِهِ إلَى وَضْعِهِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ) ، وَإِنْ حَائِضًا (قَوْلُهُ: مَا قَابَلَ الْكَامِلَ) لِمَا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ وَلَوْ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ مَثَلًا وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَفَادَكَ أَنَّ الْمُرَادَ جَزْءٌ لَهُ بَالٌ عُرْفًا كَأَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ أَحْزَابٍ مَثَلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ مَا قَابَلَ الْكَامِلَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَحَدُ أَجْزَائِهِ ثَلَاثِينَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَالَ مَا قَابَلَ الْكَامِلَ وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ شُمُولُهُ لِتِسْعَةِ أَعْشَارِهِ مَثَلًا قَالَ لَكِنْ جَزْءٌ لَهُ بَالٌ فِي الْعُرْفِ فَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ جُزْءٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ مَسُّ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَأَفَادَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمُعَلِّمَ كَالْمُتَعَلِّمِ فِي جَوَازِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَسَّ الْكَامِلِ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ) أَيْ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا إلَخْ) نَقَلَهُ عج وَاعْتَرَضَهُ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ جَوَازُ تَعْلِيقِهِ عَلَى الْكَافِرِ بَلْ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ عَلَى الْكَافِرِ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْحِرْزُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ مَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ لِلتَّعَوُّذِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ لَا يَجُوزُ. [فَصَلِّ الْغُسْلُ] (قَوْلُهُ: الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى) أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ الصُّغْرَى مَا تَنْشَأُ عَنْهُ وَهُوَ الْوُضُوءُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّهَارَةَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَى مُوجِبَاتِ الْكُبْرَى أَيْ مَا تَنْشَأُ عَنْهُ الْكُبْرَى أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا التَّطْهِيرُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) مُقَابِلُ الْأَشْهَرِ قَوْلَانِ الْعَكْسُ وَالْفَتْحُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: أُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا تَعْرِيفُهُ لُغَةً فَهُوَ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: إيصَالُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُعَانَاةٍ فِي الْوُصُولِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَالِسًا وَنَزَلَ عَلَيْهِ مَطَرٌ كَثِيرٌ وَتَدَلَّكَ لَا يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُ نَظَرَ لِلْغَالِبِ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيصَالِ الْوُصُولَ إلَّا أَنَّهُ مَجَازٌ يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ وَقَوْلُهُ: مَعَ الدَّلْكِ يُفِيدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِلْإِيصَالِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبَ الْغُسْلِ) فَصَوَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْمَنِيِّ إلَخْ) فَالْمَرْأَةُ لَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ إلَى خَارِجِ فَرْجِهَا وَالْمُرَادُ بِهِ وُصُولُهُ إلَى مَحَلِّ مَا تَغْسِلُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ مَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ) أَيْ بِسَبَبِ لَذَّةٍ أَيْ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَغِيبُ) أَيْ وَغَيْبُوبَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى حَشَفَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ غَيْرِ خُنْثَى وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ عَلَى مَنْ هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: غَيْرِ خُنْثَى قَيْدٌ فِي الْقُبُلِ لَا فِي الدُّبُرِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ اسْتِثْنَاءَ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ تَخْرِيجَهُمَا حَشَفَتَهُ وَفَرْجَهُ عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ إغَابَتِهَا مِنْهُ أَوْ فِيهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ (ش) أَيْ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ أَيْ انْفِصَالِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَوْ لَمْ تُقَارِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ بِالْإِحْسَاسِ وَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ لِأَنَّ عَادَتَهُ يَنْعَكِسُ إلَى دَاخِلِ الرَّحِمِ لِيَتَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا بَاءُ الْآلَةِ وَلَا بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ وَلَا بَاءُ الْمُلَابَسَةِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى. وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ انْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يُعَدُّ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ خَارِجًا وَذَلِكَ بِانْفِصَالِهِ عَنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَبِإِحْسَاسِ الْمَرْأَةِ بِانْفِصَالِهِ إلَى دَاخِلٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَذَّتْ فِي الْيَقَظَةِ أَمَّا إذَا الْتَذَّتْ فِي النَّوْمِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْرُزَ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ هُنَا لِتَكُونَ الْعَلَامَةُ وَإِلَيْهِ لِصَاحِبِهَا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوجِبَاتِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ ثُمَّ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا (ص) ، وَإِنْ بِنَوْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي حَالَةِ النَّوْمِ، فَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ فِي النَّوْمِ وَخَرَجَ الْمَنِيُّ مَعَهَا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ فِي النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْوُجُوبُ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَنِيَّ وَلَمْ يَذَّكَّرْ أَنَّهُ احْتَلَمَ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ كَمَا نَقَلَهُمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فِي دُبُرٍ) بِالتَّنْوِينِ أَيِّ دُبُرٍ كَانَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الدُّبُرُ أَوْ الْقُبُلُ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بَهِيمَةٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مِنْ بَهِيمَةٍ هَذَا إذَا كَانَتْ حَيَّةً بَلْ وَلَوْ مَاتَتْ وَقَوْلُهُ: غَيْرَ خُنْثَى سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِدُخُولِ الذَّكَرِ فِي فَرْجِ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هِيَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ وَهُوَ مُوجِبٌ أَيْ الْمَغِيبُ مُوجِبٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ مَغِيبٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَصْدِيقًا وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ أَوْ نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ نَقُولُ تَصْدِيقٌ لَمْ يُقْصَدْ لِذَاتِهِ بَلْ قُصِدَ مِنْهُ التَّصَوُّرُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هِيَ إلَخْ) أَيْ عَلَى إنْسَانٍ الْحَشَفَةُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَابَتْ فِيهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى هِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الَّذِي هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ إغَابَتِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا حَشَفَةَ الْخُنْثَى لِقَوْلِهِ أَوْ فِيهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: جَمِيعِ ظَاهِرِ إلَخْ) وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْمُضَافِ بِإِضَافَةِ ظَاهِرِ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ فَشَمِلَ أَصَابِعَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأَرْجَحِ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَأْخُذْ الْعُمُومَ مِنْ أَلْ فِي الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ لَا الِاسْتِغْرَاقِ وَمَعْنَى الْعَهْدِ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَيْسَ مِنْ الظَّاهِرِ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ، وَأَمَّا فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَمِنْهُ وَأَمَّا التَّكَامِيشُ الَّتِي فِي الدُّبُرِ، فَإِنَّهَا مِنْ الظَّاهِرِ هُنَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُغْتَسِلِ أَنْ يَسْتَرْخِيَ (قَوْلُهُ: انْفِصَالُهُ) أَيْ انْفِصَالُهُ عَنْ مَحَلِّهِ، وَإِنْ رُبِطَ بِقَصَبَةِ الذَّكَرِ أَوْ تَعَسَّرَ بِكَحَصًى، وَأَمَّا إنْ وَصَلَ لِلْقَصَبَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا جَنَابَةَ قَالَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ) وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَادَتَهُ إلَخْ) وَكَوْنُهَا تُحْمَلُ أَوْ لَا تُحْمَلُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لَا بَاءُ الْآلَةِ) ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَاءُ الْمُلَابَسَةِ إلَخْ) الْمُصَاحَبَةُ تُفِيدُ الِاقْتِرَانَ بِأَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مُقَارِنًا لِلْغُسْلِ بِخِلَافِ الْمُلَابَسَةِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ لِتَحَقُّقِهَا وَلَوْ بَعْدَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّ لَيْسَ آلَةً وَلَا مُصَاحِبَةً لِلْغُسْلِ وَلَا مُلَابِسًا (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ) أَيْ، فَإِنَّ ظَاهِرَ أَقْوَالِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بُرُوزُهُ إلَى خَارِجِ الْفَرْجِ وَلَا يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ الْإِحْسَاسُ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ كَلَامُ سَنَدٍ ظَاهِرٌ نَقُولُ مَعْنَاهُ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَيْ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ عِلَّتُهُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَشْهُورَ لَا وَجْهَ لَهُ حَيْثُ كَانَ يُسَلِّمُ عِلَّةَ سَنَدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عِلَّةُ سَنَدٍ فَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ إلَخْ) هَذَا آتٍ عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إلَّا وَقَدْ انْفَصَلَ مِنْهَا عَنْ مَحَلِّهِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا عَلَى قَوْلِ سَنَدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَا خَرَجَ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَوْ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ فَأَوْجَبَ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ أَجْلِ الْمَاءِ أَيْ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ الْمَنِيُّ وَلَمْ يَذَّكَّرْ أَنَّهُ احْتَلَمَ) فَحِينَئِذٍ مَنْ رَأَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ فِي نَوْمٍ بِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ أَوْ حَكٍّ لِجَرَبٍ وَنَزَلَ الْمَنِيُّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّوْمِ وُجُودُ لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ لُدِغَ أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ أَوْ ضُرِبَ فَأَمْنَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ خِلَافًا لِلْحَطَّابِ وَالتَّتَّائِيِّ وَكَذَلِكَ إنْ رَأَى مَنِيًّا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا رَآهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لُدِغَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ ضُرِبَ فَلَمْ يَتَنَبَّهْ مِنْ نَوْمِهِ، وَإِنَّمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ كَالْحُلْمِ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ الضَّرْبَةِ وَاللَّدْغَةِ (قَوْلُهُ: فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 ابْنُ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَقْلُ الْقَرَافِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ هَذَا، وَإِنَّمَا بَالَغَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حَالَةِ النَّوْمِ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ النَّائِمَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ فِيهَا. (ص) أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلَا جِمَاعٍ وَلَمْ يَغْتَسِلْ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِنَوْمٍ أَيْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ مَنِيٍّ، وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ غَيْرَ مُقَارِنٍ لِلَّذَّةِ بَلْ حَصَلَ بَعْدَ ذَهَابِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ غَيْرِ جِمَاعٍ بَلْ بِمُلَاعَبَةٍ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ غُسْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَإِنْ كَانَتْ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ جِمَاعِهِ بِأَنْ أَغَابَ الْحَشَفَةَ وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ أَنْزَلَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يَكُنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ مُوجِبِ الْغُسْلِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَلَوْ اغْتَسَلَ أَوْ لَا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَمَفْهُومُ بِلَا جِمَاعٍ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ بِجِمَاعٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا اغْتَسَلَ. (ص) لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَيَتَوَضَّأُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: بِمَنِيٍّ أَيْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ لَا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ كَمَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَأَمْنَى أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ أَوْ نَزَلَ فِي مَاءٍ حَارٍّ فَأَمْنَى، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِخُرُوجِ هَذَا الْمَنِيِّ يَتَوَضَّأُ لِأَنَّ لِذَلِكَ الْخَارِجِ تَأْثِيرًا فِي الْكُبْرَى فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى (فَائِدَةٌ) اللَّدْغَةُ مِنْ الْعَقْرَبِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَعَكْسُهُ مِنْ النَّارِ وَبِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ مَتْرُوكٌ (ص) كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى (ش) مُشَبَّهٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَوُجُوبِ الْوُضُوءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَغَابَ حَشَفَتَهُ فَاغْتَسَلَ لِحُصُولِ سَبَبِهِ ثُمَّ أَمْنَى فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا يَتَكَرَّرُ غُسْلُهَا وَلَكِنْ يَتَوَضَّأُ وَمِثْلُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا مَاءُ الرَّجُلِ بَعْدَ الْغُسْلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَشْمَلُهُمَا (ص) وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ (ش) يَعْنِي لَوْ صَلَّى الْمُتَلَذِّذُ بِلَا جِمَاعٍ أَوْ بِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بَالَ أَوْ لَا ثُمَّ خَرَجَ أَوْ بَقِيَّتُهُ وَقُلْنَا يَغْتَسِلُ الْأَوَّلُ وَيَتَوَضَّأُ الثَّانِي فَقَطْ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ السَّابِقَةَ وَاحِدٌ مِنْهَا. (ص) وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ (ش) الْمُوجِبُ الثَّانِي لِلْغُسْلِ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَنِيٍّ أَيْ وَيَجِبُ الْغُسْلُ بِسَبَبِ مَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ عِيَاضٌ الْحَشَفَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْكَمَرَةُ وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ بِذَكَرِ الْبَهِيمَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ بِمَغِيبِ جَمِيعِ حَشَفَةٍ إنْسِيٍّ حَيٍّ بَالِغٍ بِغَيْرِ حَائِلٍ كَثِيفٍ لَا صَغِيرٍ وَلَوْ رَاهَقَ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ لَا بَعْضِهَا وَلَوْ الثُّلُثَيْنِ وَلَا بِلِفَافَةٍ كَثِيفَةٍ وَلَا إنْ رَأَتْ إنْسِيَّةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ) الْمُنَاسِبُ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ: بِلَا لَذَّةٍ) بَلْ سَلَسًا فَلَا يَجِبُ مِنْهُ غُسْلٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِتَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ بِصَوْمٍ لَا يَشُقُّ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ تت بِشَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ (أَقُولُ) مَنْ حَفِظَ حُجَّةً فَالظَّاهِرُ الْمَسِيرُ إلَى مَا قَالَهُ تت (قَوْلُهُ: الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ) الَّتِي هِيَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَالْمَوْصُوفُ هُوَ الْمَنِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ هَزَّتْهُ دَابَّةٌ فَأَمْنَى، فَإِنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَيُقَيَّدُ هَزُّ الدَّابَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يُحِسَّ بِمُبَادِي اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمُ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْغُسْلُ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ مَنْ نَزَلَ فِي مَاءٍ حَارٍّ أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ، فَإِنْ أَحَسَّ بِهَا وَاسْتَدَامَ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ عج قِيَاسَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا أَقَلَّ) أَيْ أَيَنْتَفِي الْأَقَلُّ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي الْكُبْرَى وَهُوَ التَّأْثِيرُ فِي الصُّغْرَى أَيْ لَا يَنْتَفِي فَظَهَرَ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ وَحَذْفِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الصُّغْرَى بَيَانٌ لِلْأَقَلِّ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: يَتَوَضَّأُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَشْمَلُهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا تَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُعَدُّ بِخُرُوجِ مَنِيِّ الرَّجُلِ مُتَّصِفَةً بِخُرُوجِ مَنِيِّهَا قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْتَظِرَ بِالْغُسْلِ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ فَرْجِهَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ قَدْ تَمَّ حُكْمُهَا فَتَغْتَسِلُ فَلَوْ جُومِعَتْ خَارِجَهُ وَدَخَلَ مَاؤُهُ فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا وُضُوءٌ وَلَوْ سَاحَقَتْ أُخْرَى ثُمَّ دَخَلَ مَاءُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَاغْتَسَلَا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمَا بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ لَهُمَا ثُمَّ خَرَجَ مَاءُ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ قِيَاسًا عَلَى جِمَاعِهَا بِفَرْجِهَا أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى جِمَاعِهَا دُونَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَغِيبُ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ الْبَوْلِ أَمَّا لَوْ غَيَّبَهَا بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَلَمْ يُدْخِلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ غَيَّبَهَا فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: حَشَفَةٍ) فَلَوْ كَانَ ذَكَرُهُ كُلُّهُ بِصِفَةِ الْحَشَفِيَّةِ فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيبِهَا كُلِّهَا أَوْ يُرَاعَى قَدْرُهَا مِنْ الْمُعْتَادِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بَالِغٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْبُلُوغُ فِي دُخُولِ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ كَحِمَارٍ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِانْتِشَارٍ أَمْ لَا طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا عَامِدًا أَمْ لَا وَشَمِلَ أَيْضًا الْوُجُوبَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْبَالِغِ فَإِذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ ذَكَرَ نَائِمٍ بَالِغٍ وَأَدْخَلَتْهُ فِي فَرْجِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: الْكَمَرَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ بِمَغِيبِ جَمِيعِ) لَا بَعْضِهَا وَلَوْ الثُّلُثَيْنِ وَالْمُبَالَغَةُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَ أَكْثَرَ يَجِبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْسِيٍّ) التَّقْيِيدُ بِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَأَتْ يَقِظَةً جِنِّيًّا يَطَؤُهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلِفَافَةٍ كَثِيفَةٍ) أَيْ فَيَجِبُ مَعَ الْخَفِيفَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَا حَصَلَ مَعَهَا اللَّذَّةُ وَلَيْسَتْ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْحَشَفَةِ بِمَثَابَةِ الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ مَعَهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا لَذَّةٌ عَظْمِيَّةٌ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ رَأَتْ) قَالَ فِي ك وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْفَلَاسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ حَقِيقَتِهِمْ، وَإِنَّمَا هُمْ تَخَيُّلَاتٌ لَا عَلَى مَذْهَبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 مِنْ جِنِّيٍّ مَا تَرَاهُ مِنْ إنْسِيٍّ مِنْ الْوَطْءِ وَاللَّذَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ حَشَفَةَ الْبَالِغِ تُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَقَوْلُهُ فِي فَرْجٍ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ. (ص) لَا مُرَاهِقٍ (ش) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ كَمَا مَرَّ (ص) أَوْ قَدْرِهَا (ش) أَيْ وَكَذَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَغِيبِ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مِمَّنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ أَوْ مِمَّنْ خُلِقَتْ لَهُ وَلَمْ تُقْطَعْ وَثَنَّى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا أَدْخَلَ بَعْضَهُ مُثَنِّيًا طُولَهَا لَوْ انْفَرَدَ أَوْ طُولُهَا مُثَنِّيًا وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ (ص) فِي فَرْجٍ، وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَغِيبَ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجٍ مِنْ قُبُلٍ وَلَوْ لِخُنْثَى مُشْكِلٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ فِي بَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيْتَةِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ فَقَوْلُهُ فِي فَرْجٍ إلَخْ هُوَ الْمَغِيبُ فِيهِ، وَأَمَّا الْمَغِيبُ فَمِنْ بَهِيمَةٍ لَا مِنْ مَيِّتٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمَغِيبِ فِيهِ، وَأَمَّا الْمَغِيبُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَقَوْلُهُ فِي فَرْجٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبٍ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجِنِّيُّ (ص) وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا بَالِغٌ (ش) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لِأَجْلِ وَطْءِ مُرَاهِقٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَنُدِبَ الْغُسْلُ لِكُلٍّ مِنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا لِأَجْلِ وَطْءِ مُرَاهِقٍ كَنَدْبِهِ لِصَغِيرَةٍ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَطِئَهَا بَالِغٌ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَشْهَبَ وَابْنِ سَحْنُونَ قَالَا: وَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ غُسْلٍ أَعَادَتْ وَعَنْ سَحْنُونَ تُعِيدُ بِالْقُرْبِ وَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ بَالِغَانِ بَالِغٌ وَصَغِيرَةٌ صَغِيرٌ وَكَبِيرَةٌ صَغِيرٌ إنْ شَمِلَ الْأَوَّلَيْنِ قَوْلُهُ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ وَأَفَادَ   [حاشية العدوي] أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ لَهَا قُوَّةُ التَّشَكُّلِ وَلَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ جَوَازِ نِكَاحِ الْجِنِّ لَكِنَّ النَّصَّ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج مُوَافِقًا لِلْبَدْرِ أَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجَةً لِلْإِنْسِيِّ فَالْغُسْلُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا خِلَافَ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا فَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَزَادَ الْحَطَّابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ وَاعْتَرَضَ الْبَدْرُ عَلَى ابْنِ نَاجِي بِأَنَّ قَوَاعِدَنَا لَا تُوَافِقُ مَذْهَبَ الْحَنِيفَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَلَا نُسَاوِي الْحَنَفِيَّةَ وَارْتَضَى أَنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ فِي ك لَكِنَّ النَّصَّ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا أَيْ نَصَّ ابْنِ نَاجِي الَّذِي قَالَهُ اسْتِظْهَارًا لَا أَنَّهُ نَصٌّ قَدِيمٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ) زَادَ فِي ك وَنَفْيُ الْوُجُوبِ لَا يُنَافِي النَّدْبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجُ الْمَغِيبُ فِيهِ مِنْ بَهِيمَةٍ مُطِيقَةٍ (قَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبِ وَلَوْ لِخُنْثَى مُشْكِلٍ حَيْثُ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ فِي فَرْجِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي فَرْجِ نَفْسِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَجُرْحٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: مِنْ قُبُلٍ) أَيْ بِشَرْطِ الْإِطَاقَةِ وَكَذَا الدُّبُرُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إطَاقَةٌ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: أَوْ دُبُرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قُبُلٍ وَلَوْ دُبُرَ نَفْسِهِ وَيُعَزَّرُ وَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي بَهِيمَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَطِبْقِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ) ، فَإِنْ قُلْت هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حِينَ غُسْلِهِ أَوَّلًا قُلْت؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَغِيبُ) فَإِذَا كَانَ بَهِيمَةً لَوَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَيِّتًا أَيْ بِأَنْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ إلَّا أَنْ تُنْزِلَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَلَامُهُ فِي الْمَغِيبِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجِنِّيُّ) هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْبَدْرِ وَعِجْ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ: وَإِنْ مُبَالَغَةً فِي حَشَفَةٍ وَفِي فَرْجٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَهِيمَةِ وَقَوْلُهُ: مَيِّتٍ مُبَالَغَةً فِي فَرْجٍ وَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ إشَارَةً لَهُ إلَّا أَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ آخِرًا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمَغِيبِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ) أَيْ أَوْ مَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ كَبِيرَةً بَالِغَةً أَوْ مُرَاهِقَةً أَوْ مَأْمُورَةً بِالصَّلَاةِ أَوْ وَطِئَهُ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: كَصَغِيرَةٍ) تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ كَصَغِيرَةٍ أَيْ مُطِيقَةٍ فَيَجِبُ عَلَى الْبَالِغِ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا إنْ كَانَتْ تُطِيقُ وَإِلَّا لَا شَيْءَ عَلَى الْبَالِغِ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ فَلَوْ ظَهَرَ بِمَنْ وَطِئَهَا الْمُرَاهِقُ حَمْلٌ فَتُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ لَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَطِئَهَا بَالِغٌ) عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُمِرَتْ بِالْوُضُوءِ لِيُسْرِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: أَعَادَتْ) ظَاهِرُهُ أَبَدًا وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونَ فِي الْإِعَادَةِ بِالْقُرْبِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ نَقْلِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ سَحْنُونَ تُعِيدُ بِالْقُرْبِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَيْ مَا لَمْ يَطُلْ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ الصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ أَرْبَعٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ الثَّانِي عَكْسُهُ أَنْ يَكُونَا غَيْرَ بَالِغَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْمُرَاهِقِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا غُسْلَ وَقَدْ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْوَاطِئُ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تُنْزِلَ. الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الْمَوْطُوءَةُ غَيْرَ بَالِغَةٍ وَهِيَ مِمَّنْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُمِرَتْ بِالْوُضُوءِ لِيُسْرِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهَا اهـ. أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ يُخَالِفُ كَلَامَ شَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ لِأَجْلِ وَطْءِ مُرَاهِقٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ وَاعْتَمَدَ عج كَلَامَ الْحَطَّابِ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ الْمَأْمُورَةِ بِالصَّلَاةِ يُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ مِنْ وَطْءِ الْبَالِغِ دُونَ الْكَبِيرَةِ مِنْ وَطْءِ الْمُرَاهِقِ لَعَلَّهُ طَلَبُ تَمْرِينِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ أَطْرَافِ عج (قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ) ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا غَيَّبَ حَشَفَةَ بَالِغٍ فِي بَالِغَةٍ أَوْ فِي صَغِيرَةٍ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ لَا مُرَاهِقٍ وَمِنْ قَيْدِ الْبَالِغِ يُفْهَمُ الرَّابِعُ وَهُوَ لَوْ وَطِئَهَا صَغِيرٌ مِثْلُهَا فَلَا غُسْلَ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ ابْنُ بَشِيرٍ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. (ص) لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ وَلَوْ الْتَذَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَا الْوُضُوءُ بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ الْتَذَّتْ إلَّا أَنْ تُنْزِلَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ الْغُسْلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجَبْ الْوُضُوءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا يَنْقُضُهُ. (ص) وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ وَبِغَيْرِهِ لَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ (ش) الْمُوجِبُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى بِمَنِيٍّ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْحَيْضَ وَهُوَ دَمٌ خَرَجَ مِنْ قُبُلِ مُعْتَادٍ حَمْلُهَا، وَالنِّفَاسُ وَأَرَادَ بِهِ تَنَفُّسَ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ فَلِذَا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ بِدَمٍ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ لِأَجْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَلَوْ أَرَادَ بِهِ الدَّمَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ فَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ قَالَ لِأَنَّ اغْتِسَالَهَا لِلدَّمِ لَا لِلْوَلَدِ وَلَوْ اغْتَسَلَتْ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ لَا لِلدَّمِ لَمْ يُجْزِهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ بِالْوُجُوبِ وَاسْتَظْهَرَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلِذَا قَالَ هُنَا وَاسْتُحْسِنَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَحَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلَيْنِ: وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي حَالِ خُرُوجِ الْوَلَدِ بِلَا دَمٍ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى إعْطَاءِ الصُّورَةِ النَّادِرَةِ حُكْمَ غَالِبِهَا وَأَنَّ النِّفَاسَ تَنَفُّسُ الرَّحِمِ وَقَدْ وُجِدَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْغُسْلِ هَلْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ أَمْ لَا قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرِّسَالَةِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ بِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ، وَأَمَّا انْقِطَاعُ دَمِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ فَيَتَّفِقُ كَلَامُهُ هُنَا مَعَ مَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ لَا بِاسْتِحَاضَةٍ مَفْهُومُ حَيْضٍ صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ وَاللَّامُ فِي لِانْقِطَاعِهِ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ وَالصَّوَابُ فِي تَعْلِيلِ نَدْبِ الْغُسْلِ عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ أَنْ يُقَالَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَالَطَ الِاسْتِحَاضَةَ حَيْضٌ وَلَا تَشْعُرُ. (ص) وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذُكِرَ وَصَحَّ قَبْلَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا الْإِسْلَامُ إلَّا لِعَجْزٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْكَافِرَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا أَسْلَمَ وَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إذَا تَقَدَّمَ لَهُ سَبَبٌ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْغُسْلِ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ وَيُسْتَحَبُّ فَقَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِسَبَبِ حُصُولِ مَا ذُكِرَ سَابِقًا مِنْ الْمُوجِبَاتِ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَاغْتَسَلَ مِنْ مُوجِبٍ تَقَدَّمَ   [حاشية العدوي] بَالِغٌ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْطُوءَةِ إنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَصَغِيرَةٍ (قَوْلُهُ: ابْنُ بَشِيرٍ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ غَيْرُ مَنْقُولٍ، وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ عج أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ مُرَاهِقًا أَمْ لَا إذَا وَطِئَ مُرَاهِقَةً أَوْ بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَيُنْدَبُ لَهُ وَلَا يُنْدَبُ لَهَا خِلَافًا لِقَوْلِ شَارِحِنَا لِأَجْلِ مُرَاهِقَةٍ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ: فَلَا غُسْلَ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَيْ عَلَى الِاثْنَيْنِ مَعًا فَلَا يُنَافَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ لَا لَهَا فَالتَّضْعِيفُ الْمُتَعَلِّقُ بِكَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ) أَيْ مِنْ وَطْءٍ خَارِجَ الْفَرْجِ مَا لَمْ تُنْزِلْ أَوْ تَحْمِلْ، وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ يَوْمِ وُصُولِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا، وَأَمَّا لَوْ جَلَسَتْ عَلَى مَنِيِّ رَجُلٍ فِي حَمَّامٍ مَثَلًا فَشَرِبَهُ فَرْجُهَا فَحَمَلَتْ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتُحْسِنَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِنِفَاسٍ بِدَمٍ وَبِغَيْرِهِ أَيْ فَالرُّجْحَانُ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ) ضَعِيفٌ بَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهَا) أَيْ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ جَافًّا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَأَنَّ النِّفَاسَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَيُرَادُ بِالنِّفَاسِ إمَّا الدَّمُ وَتُعْطَى الصُّورَةُ النَّادِرَةُ حُكْمَ غَالِبِهَا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاسِ تَنَفُّسُ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) وَنُدِبَ اتِّصَالُهُ بِالصَّلَاةِ إنْ حُمِلَ عَلَى انْقِطَاعٍ يَعُودُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَّفِقُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مُضَافٌ وَالتَّقْدِيرُ وَبِانْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ فِي تَعْلِيلِ نَدْبِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عِنْدَ، وَأَمَّا عَلَى جَعْلِ اللَّامِ لِلتَّعْلِيلِ فَيَكُونُ مَا ذَكَرَهُ تَعْلِيلًا لِلْعِلِّيَّةِ وَلَعَلَّ مُقَابِلَ الصَّوَابِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ تت بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ خَارِجٌ مِنْ الْقُبُلِ وَالْغُسْلُ لَا يَزِيدُهَا إلَّا خَيْرًا. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ) وَلَمْ يَقُلْ وَغُسْلُ كَافِرٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ عَطْفِهِ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ نُدِبَ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِيهِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ قَبْلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ عَلَمًا عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: لَا الْإِسْلَامُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي صَحَّ أَيْ لَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ قَبْلَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا لِعَجْزٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَزَمَ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَجْمَعَ الْمُفَادُ مِنْ النُّقُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ صَدَقَ بِقَلْبِهِ إلَّا أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى التَّصْدِيقِ وَنَاوٍ لَهُ بَلْ مُصَدِّقٌ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ عج أَنَّ الْمُرَادَ الْعَزْمُ عَلَى التَّصْدِيقِ وَلَمْ يَكُنْ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ أَيْ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَقَوْلُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 لَهُ أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الْجَنَابَةَ أَوْ الْإِسْلَامَ لِأَنَّهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ عَلَى طُهْرٍ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مِنْهُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْمَانِعِ، وَاعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ يُصَحِّحُ الْقُرْبَةَ بِهِ وَتَيَمُّمُهُ لِلْإِسْلَامِ كَغُسْلِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ نَوَى التَّنْظِيفَ وَزَوَالَ الْأَوْسَاخِ، فَإِنَّهُ نُظِرَ فِي قَوْلِ اللَّخْمِيِّ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ بِعَزْمِهِ عَلَيْهِ دُونَ تَلَفُّظٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِخَوْفٍ أَوْ خَرَسٍ فَيَصِحُّ إسْلَامُهُ وَيُصَدَّقُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَغَيْرِهِ إنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ قَامَتْ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ لَا يُقَالُ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ حَرَكَةِ لِسَانِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ الْخَوْفِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ عُذْرًا لِأَنَّا نَقُولُ جَعْلُ الْخَوْفِ مِنْ الْعُذْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْ يَرَى أَنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ إسْمَاعٍ لَا تَنْفَعُ أَوْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إجْرَاءُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِإِسْمَاعِ الْغَيْرِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ بِمَا ذُكِرَ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فِي فَصْلِ الْوُضُوءِ. (ص) ، وَإِنْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ (ش) أَيْ، وَإِنْ شَكَّ أَحَدٌ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ اغْتَسَلَ مَا لَمْ يَسْتَنْكِحْ أَوْ فِي شَيْءٍ رَآهُ فِي ثَوْبِهِ أَمَذْيٌ مَثَلًا أَمْ مَنِيٌّ وَلَمْ يَشُكَّ فِي ثَالِثٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنَامُ فِيهِ أَوْ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ يَنَامُ دُونَ غَيْرِهِ اغْتَسَلَ وُجُوبًا وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجْزِمُ بِنِيَّتِهِ فَلَوْ نَوَى إنْ كَانَ أَجْنَبَ فَلَهُ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ جَزْمِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: سَوَاءٌ نَوَى الْجَنَابَةَ) أَيْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى بِهِ الْإِسْلَامَ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ نَوَيْت الْإِسْلَامَ الْكَامِلَ نَوَيْت أَنْ أَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ أَيْ نَزَاهَةٍ مِنْ كُلِّ قَذَرٍ كُنْت فِيهِ كَانَ قَذَرَ كُفْرٍ أَوْ جَنَابَةٍ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نِيَّةٍ إلَخْ يَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ ارْتِفَاعِ الْوَصْفِ وَهُوَ الْجَنَابَةُ الْمَانِعُ مِنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ أَيْ مِنْ اسْتِلْزَامِ الْكُلِّ لِجُزْئِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ قَذَرٍ مِنْ الْأَقْذَارِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتِقَادَ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَاعْتِقَادَهُ وَعَزْمَهُ عَلَى أَنَّهُ يَنْطِقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ (قَوْلُهُ: الْقُرْبَةِ بِهِ) أَيْ التَّقَرُّبِ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْغُسْلِ الْمَنْوِيِّ وَإِلَّا فَالْقُرْبَةُ نَفْسُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى التَّنْظِيفَ وَزَوَالَ الْأَوْسَاخِ) مَعَ نِيَّةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الْحَطَّابُ وَنَصُّهُ الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْوِ جَنَابَةً، وَإِنَّمَا يَعْتَقِدُ التَّنْظِيفَ وَزَوَالَ الْأَوْسَاخِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ اهـ. وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ إذَا اغْتَسَلَ نَوَى الْجَنَابَةَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ وَنَوَى بِهِ الْإِسْلَامَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الطُّهْرَ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِيهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ حَيْثُ نَوَى الْإِسْلَامَ بِغُسْلِهِ وَلَوْ نَوَى مَعَهُ التَّنْظِيفَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَوَى الْإِسْلَامَ وَالتَّنْظِيفَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِعَزْمِهِ عَلَيْهِ) فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ فَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِهِ الْمُقْتَضِي لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الِانْقِيَادُ الظَّاهِرِيُّ وَالْبَاطِنِيُّ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ عَزْمِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ الْخَوْفَ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ أَيْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُ دَعْوَاهُ الْخَوْفَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ قَامَتْ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ لِلْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ كَانَ خَائِفًا بِأَنْ يَدَّعِيَ إرْثًا مِنْ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ تَلَفُّظِهِ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقَرَائِنِ وَيُحْكَمُ بِإِرْثِهِ هَذَا حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَاجِيًا عِنْدَ اللَّهِ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ بَلْ وَلَا بِالنُّطْقِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ الْغَيْرُ وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكُونُ نَاجِيًا عِنْدَ اللَّهِ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ، وَأَمَّا النُّطْقُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي إجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَالْمُنَاسِبُ الْجَوَابُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْلَامِ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ أَيْ إجْرَاءُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرِيَّةِ إلَّا لِعَجْزٍ عَنْ النُّطْقِ فَتَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الظَّاهِرِيَّةُ. وَخُلَاصَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَوَابِ أَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ فِي حَالِ إيمَانِهِ الَّذِي يُنْجِيهِ عِنْدَ اللَّهِ لَا فِي حَالِ إسْلَامِهِ الْمُقْتَضِي لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ فَوَقَعَ فِي حَالِ كُفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ وَالنُّطْقُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ الْمُنْجِي مِنْ نُطْقٍ وَإِسْمَاعِ الْغَيْرِ لَمْ نَرَهُ فِي كُتُبِ الْكَلَامِ فَالظَّاهِرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُقَرَّرُ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ التَّصْدِيقَ الْقَلْبِيَّ لَا يَكْفِي فِي الْخَلَاصِ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا لِعَجْزٍ (وَأَقُولُ) وَيُحْمَلُ الْعَجْزُ عَلَى خُصُوصِ الْخَرَسِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْدَفِعَ الْبَحْثُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَطَّابَ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ صَدَّرَ بِذِكْرِ الْقَوْلِ بَابَ: الرِّدَّةُ لَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ وَتَصْدِيرُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَرْجَحِيَّتُهُ إلَّا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ) أَيْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ وَحْدَهُ بَلَلًا وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا أَوْ مَذْيًا أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَأَوْلَى لَوْ تَرَجَّحَ جَانِبُ كَوْنِهِ مَنِيًّا، وَأَمَّا لَوْ تَرَجَّحَ كَوْنُهُ مَذْيًا، فَإِنَّهُ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ بِنِيَّةٍ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ لَبِسَا ثَوْبًا وَنَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ وَلَمْ يُحْتَمَلْ لُبْسُ غَيْرِهِمَا لِذَلِكَ الثَّوْبِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ) هَذِهِ صُورَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ خُرُوجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الشَّخْصَيْنِ إنْ اُحْتُمِلَ أَنَّ غَيْرَهُ يَلْبَسُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى كُلٍّ كَمَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُتَعَلِّقٌ بِالطَّرَفَيْنِ قَوْلُهُ اغْتَسَلَ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى وَمُقَابِلُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ زِيَادٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَ الثَّانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وَسَوَاءٌ ذَكَرَ احْتِلَامًا أَمْ لَا وَعَنْ ابْنِ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ وَأَخْرَجَ بِالشَّكِّ التَّجْوِيزَ الْمَرْجُوحَ فَلَا غُسْلَ وَلَوْ اغْتَسَلَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ جَنَابَتَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي ثَالِثٍ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَمَذْيٌ أَمْ مَاءٌ أَمْ مَنِيٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مَنِيًّا كَمَا لَوْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَاءٌ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ بِنِيَّةٍ (ص) وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ (ش) أَيْ وَأَعَادَ مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ مَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ إنْ صَلَّى بَعْدَ تِلْكَ النَّوْمَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ يَنْزِعُهُ أَمْ لَا وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ فِيهَا وَقِيلَ بِالْفَرْقِ، وَشَكُّهَا فِي وَقْتِ حَيْضٍ رَأَتْهُ فِي ثَوْبِهَا كَشَكِّهَا فِي الْجَنَابَةِ فَتَغْتَسِلُ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالصَّوْمُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُعِيدُ صَوْمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَانْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) كَتَحَقُّقِهِ (ش) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَنِيِّ الْأَقْرَبِ مَذْكُورٌ وَالتَّشْبِيهُ فِي الْإِعَادَةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْغُسْلُ هُنَا اتِّفَاقًا. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ مُوجِبَاتِهِ شَرَعَ فِي وَاجِبَاتِهِ فَقَالَ (ص) وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ (ش) أَيْ وَوَاجِبُ الْغُسْلِ أَرْبَعٌ اثْنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا تَعْمِيمُ الْجَسَدِ وَتَقَدَّمَ هَذَا أَوَّلَ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَبَقِيَ لَهُ تَتِمَّةٌ تَأْتِي وَثَانِيهِمَا نِيَّةٌ وَخَرَجَ فِيهَا الْخِلَافُ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ذَكَرَ احْتِلَامًا) أَيْ اغْتَسَلَ وُجُوبًا وَسَوَاءٌ ذَكَرَ أَتَى بِذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ ذَاكِرًا احْتِلَامًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ يَنْزِعُهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ اللُّبْسِ السَّابِقَةِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْفَرْقِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يَسْتَمِرَّ لَابِسًا فَيُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهُ فَمِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَإِذَا تَأَمَّلْت فِي ذَلِكَ تَجِدُ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهُ فَمِنْ آخِرِ لُبْسَةٍ لَا مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ فِي تِلْكَ اللُّبْسَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ مُطْلَقًا أَيْ كَأَنْ يَنْزِعَهُ أَيَّامَ لُبْسِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْ فِيهِ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قُلْت وَالْفَرْقُ هُوَ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ فِيمَا قَبْلُ حَائِضًا فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ عَنْهَا وَإِلَّا فَقَدْ صَلَّتْهَا وَالصَّوْمُ فِي ذِمَّةِ الْحَائِضِ قَضَاؤُهُ اهـ. (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا كَانَتْ فِيمَا قَبْلُ حَائِضًا فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ مَا قَبْلُ قَدْرَ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَرَأَتْ دَمًا يَتَحَقَّقُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ عَادَتِهَا أَوْ رَأَتْ دَمًا قَلِيلًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْرِقَ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: وَالصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْ فِيهِ ظَاهِرُهُ أَيَّامُ عَادَتِهَا فَلَوْ اطَّلَعَتْ عَلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّهْرِ مَثَلًا وَكَانَتْ عِدَّتُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّهَا تُعِيدُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ ذَلِكَ عَادَتَهَا أَنْ تُعِيدَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ هَذَا الدَّمُ الَّذِي رَأَتْهُ يُجْزَمُ بِأَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ أَيَّامَ عَادَتِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ نُقْطَةً وَانْقَطَعَتْ مَكَانَهَا كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ مَا عَدَا ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ نُقْطَةُ الدَّمِ؛ لِأَنَّهَا صَائِمَةٌ فَالْمُنَاسِبُ مَا تَقْضِي إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا حَيْثُ كَانَتْ تُبَيِّتُ كُلَّ لَيْلَةٍ وَيُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَى مَا إذَا نَوَتْ نِيَّةً وَاحِدَةً أَيْ فَيَكُونُ صَوْمُهَا فِي يَوْمِ الْحَيْضِ بَاطِلًا لِوُجُودِ الْحَيْضِ وَفِيمَا بَعْدُ بَاطِلًا لِفَقْدِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُعِيدُ صَوْمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّمَ انْقَطَعَ مَكَانُهُ وَلَوْ دَامَ لَمْ يَجِفَّ وَصَارَتْ كَالْجُنُبِ وَقِيلَ هُوَ أَقْيَسُ وَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ بِأَنَّ الْحَيْضَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَرَفْعَ النِّيَّةِ فَقَدْ صَامَتْ بِلَا نِيَّةٍ فَوَجَبَ إعَادَةُ الْجَمِيعِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَعْلَمْ بِهِ، فَإِنَّهَا عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى لَمْ تَرْفَعْهَا فَلَا تُبْطِلُ التَّتَابُعَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَشَكُّهَا فِي وَقْتِ حَيْضٍ رَأَتْهُ إلَخْ وَهُوَ تَابِعٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ رَأَتْ بِثَوْبِهَا حَيْضًا لَا تَدْرِي وَقْتَ إصَابَتِهِ إنْ كَانَتْ لَا تَتْرُكُهُ وَيَلِي جَسَدَهَا أَعَادَتْ الصَّلَاةَ مُدَّةَ لُبْسِهِ، وَإِنْ نَزَعَتْهُ فَمُدَّةَ آخِرِهِ وَتُعِيدُ صَوْمَ مَا تُعِيدُ صَلَاتَهُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ عَادَتَهَا اهـ. قَالَ عج ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَا إذَا لَمْ تَنْزِعْهُ أَنَّهَا تُعِيدُ الصَّلَاةَ مُدَّةَ لُبْسِهِ وَفِيمَا إذَا نَزَعَتْهُ أَنَّهَا تُعِيدُ صَلَاتَهَا مُدَّةَ آخِرِ لُبْسِهِ شُمُولُ ذَلِكَ لِأَيَّامِ عَادَةِ حَيْضِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُهَا صَلَاةُ مَا فِيهِ حَيْضُهَا وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهَا لَا تُعِيدُ صَلَاةَ أَيَّامِ عَادَتِهَا (فَإِنْ قُلْت) : لَعَلَّ وَجْهَ إعَادَتِهَا صَلَاةَ أَيَّامِ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ احْتِمَالُ أَنَّ الدَّمَ جَاءَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَانْقَطَعَ (قُلْت) فَحِينَئِذٍ يُقَالُ لِمَ لَزِمَهَا قَضَاءُ صَوْمِ أَيَّامِ عِدَّتِهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الْبَابَيْنِ وَهُنَا أُمُورٌ: الْأَوَّلُ مَحَلُّ قَضَاءِ صَوْمِ أَيَّامِ عَادَتِهَا مِنْ الْحَيْضِ دُونَ غَيْرِهَا حَيْثُ كَانَتْ تُبَيِّتُ الصَّوْمَ كُلَّ لَيْلَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ صَوْمُ غَيْرِ أَيَّامِ عَادَتِهَا بِنِيَّةٍ صَحِيحِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تَصُمْهَا كَذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا صَامَتْهُ لِبُطْلَانِ النِّيَّةِ بِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ بِالْحَيْضِ الثَّانِي إنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ تُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ يَوْمِ لُبْسِهِ حَيْثُ لَمْ تَنْزِعْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ الَّذِي لَا يَنْزِعُهُ يُعِيدُ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ رُبَّمَا يَحْصُلُ مِمَّا لَا تَشْعُرُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ الثَّالِثُ مَحَلُّ قَضَاءِ صَوْمِ أَيَّامِ عَادَتِهَا إذَا كَانَ الدَّمُ يُمْكِنُ حُصُولُهُ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهَا تَقْضِي يَوْمًا وَاحِدًا وَكَذَا يُقَالُ فِي سُقُوطِ صَلَاةِ أَيَّامِ عَادَتِهَا اهـ. كَلَامُ عج. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ تُبَيِّتُ لَيْسَ بِلَازِمٍ التَّبْيِيتُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُنْسَحِبَةٌ حُكْمًا وَقَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي جَزْءٍ مِنْ يَوْمٍ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا شَيْءٌ أَبَدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَابِسًا فَمِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ هُنَا اتِّفَاقًا) وَيَجْزِي عَنْ الْوُضُوءِ اتِّفَاقًا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُسْقِطَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ فَمَعَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا أُتِيَ بِهَذِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَعَ التَّحَقُّقِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ لَهُ تَتِمَّةٌ تَأْتِي) هِيَ قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ فِيهَا خِلَافٌ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَجْرَى الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْغُسْلِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الْوُضُوءِ وَفُرِّقَ بِظُهُورِ التَّعَبُّدِ هُنَا لِتَعَلُّقِ الْغُسْلِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَالنَّظَافَةِ هُنَاكَ لِتَعَلُّقِهِ بِأَعْضَاءِ الْأَوْسَاخِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِمَا أَحَدُهُمَا الْمُوَالَاةُ وَالثَّانِي الدَّلْكُ الْآتِي وَقَوْلُهُ كَالْوُضُوءِ وَيَرْجِعُ لِلنِّيَّةِ وَالْمُوَالَاةِ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ مِنْ كَوْنِهَا عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبٍ وَكَوْنِ الْمَنْوِيِّ رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَوْ مَا يُغْسَلُ لَهُ كُلُّ الْجَسَدِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا أَوْ اسْتِبَاحَةَ كُلِّ مَوَانِعِهَا أَوْ بَعْضِهَا وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ أَوْ نِسْيَانُ بَعْضِ الْأَحْدَاثِ وَيَضُرُّ إخْرَاجُهُ وَيَجْرِي فِي تَقَدُّمِهَا وَتَأَخُّرِهَا مَا مَرَّ عَنْهُ وَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الطَّهَارَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِيهِ وَلِلثَّانِي بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ وَالْحُكْمِ مِنْ سُنَّةٍ وَوُجُوبٍ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبِنَاءِ مَعَ النِّسْيَانِ مُطْلَقًا أَوْ الْعَجْزِ بِشَرْطِ عَدَمِ الطَّوْلِ فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ. (ص) ، وَإِنْ نَوَتْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ أَوْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ أَوْ نِيَابَةً عَنْ الْجُمُعَةِ حَصَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ الْجُنُبَ تَقَدَّمَ الْحَيْضُ أَوْ تَأَخَّرَ إذَا نَوَتْهُمَا عِنْدَ غُسْلِهَا حَصَلَا مَعًا بِلَا إشْكَالٍ أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا إمَّا الْحَيْضُ نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَوْ الْجَنَابَةُ نَاسِيًا لِلْآخَرِ حَصَلَا أَيْضًا فِي الْأُولَى عَلَى الْمَنْصُوصِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِكَثْرَةِ مَوَانِعِ مَا نَوَتْ وَالْقَاعِدَةُ جَعْلُ مَا قَلَّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ نَاسِيَةً بَلْ الذِّكْرُ لَا يَضُرُّ إذْ لَا يَضُرُّ إلَّا الْإِخْرَاجُ عَلَى مَا مَرَّ أَوْ نَوَى الشَّخْصُ الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ وَخَلَطَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ حَصَلَا لِأَنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ أَوْ نَوَى الْوَاجِبَ مِنْهُمَا وَقَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ حَصَلَا، وَإِنْ نَوَى الْجُمُعَةَ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ أَوْ ذَكَرَهَا وَلَمْ يَنْوِهَا لَكِنْ قَصَدَ نِيَابَةَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ انْتَفَيَا أَيْ مَا نَوَاهُ وَمَا نَسِيَهُ وَالنَّائِبَ وَالْمَنُوبَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ أَوْ قَصَدَ نِيَابَةً عَنْهُ انْتَفَيَا) وَلَا مَفْهُومَ لِلْجُمُعَةِ بَلْ كُلُّ غُسْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ. (ص) وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ وَضِغْثُ مَضْفُورِهِ لَا نَقْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ مَعَ تَخْلِيلِ شَعْرٍ وَضَغْثِهِ حَيْثُ كَانَ مَضْفُورًا أَيْ ضَمِّهِ وَجَمْعِهِ وَتَحْرِيكِهِ وَلَا يُكَلَّفُ مُرِيدُ الْغُسْلِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً بِنَقْضِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ حَيْثُ كَانَ مَرْخُوًّا يَدْخُلُ الْمَاءُ وَسَطَهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِّهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْلِيلَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ بِخِلَافِ التَّحْرِيكِ، فَإِنَّهُ جَسُّهُ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ وَنَكَّرَهُ لِيَشْمَلَ شَعْرَ الرَّأْسِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَاجِبٍ وَهُدْبٍ وَإِبِطٍ وَعَانَةٍ كَثِيفٍ أَوْ خَفِيفٍ   [حاشية العدوي] فِي النِّيَّةِ فِي الْغُسْلِ كَالْخِلَافِ الَّذِي فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّخْرِيجُ بَلْ نَقُولُ إنَّ الْغُسْلَ تَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ) فَقَطْ أَيْ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبٍ) وَلَوْ مَمْسُوحًا كَمَنْ فَرْضُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ لِعِلَّةٍ وَقَوْلُهُ: وَكَوْنِ الْمَنْوِيِّ إلَخْ وَيَجْرِي أَيْضًا وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُغْسَلُ لَهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْجَنَابَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: رَفْعَ مَا يُغْسَلُ لِأَجْلِهِ كُلُّ الْجَسَدِ كَالْحَدَثِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: كُلِّ مَوَانِعِهَا) أَيْ الْمَمْنُوعَاتِ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ سُنَّةٍ وَوُجُوبٍ) بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَقَوْلُهُ وَالْبِنَاءُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلصِّفَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ) وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ نِيَّةِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَيْ مِنْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَكُلِّ غُسْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ عَلَى نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ صَحَّا إلَى حَصَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّحَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ بِخِلَافِ مَا قَالَ، وَأَمَّا عُدُولُهُ عَنْ بَطَلَا إلَى انْتَفَيَا لِمُقَابَلَتِهِ بِحَصَلَا ذَكَرَهُ فِي ك وَقَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ حَصَلَ ثَوَابُهُمَا وَيُخَصُّ هَذَا التَّقْدِيرُ بِقَوْلِهِ أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ إلَخْ فَتَأَمَّلَ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ فِي هَذَا الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. (تَنْبِيهٌ) : يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ نِيَّةِ فَضْلِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَثَلًا مَعَ نِيَّةِ صَوْمِهِ قَضَاءً وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَيَقُومُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِهَا الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِذَلِكَ الْفَرْضَ وَالرَّدَّ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْحَيْضُ أَوْ تَأَخَّرَ) مُفَادُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمَانِعَيْنِ حَصَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَنَوَتْ مِنْ الْآخَرِ نِسْيَانًا فَهَلْ يُجْزِئُ غَسْلُهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ وَرُبَّمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ أَمْ لَا قَالَهُ عج، وَأَمَّا عَمْدًا فَمُتَلَاعِبَةٌ فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا كَذَا يَنْبَغِي وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَالْوُضُوءِ فَهُوَ إيضَاحٌ (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ مَوَانِعِ مَا نَوَتْ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ مِنْ الصَّوْمِ وَالْوَطْءِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ، فَإِنْ قُلْت الْجَنَابَةُ تَمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ قُلْت لَمَّا كَانَ رَفْعُ الْجَنَابَةِ مُمْكِنًا لَهُ فَتُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ كَأَنَّ الْجَنَابَةَ لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً (قَوْلُهُ: وَخَلَطَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي قَلْبِهِ: نَوَيْت الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ أَفْرَدَ كُلًّا بِنِيَّةٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ الْجَنَابَةَ مِنْهُمَا) أَيْ الْكَائِنَةَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْجَنَابَةُ وَالْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ) أَيْ جَعَلَ نِيَّةَ الْغُسْلِ خَاصَّةً بِالْجَنَابَةِ وَعَلَّقَ بِالْجُمُعَةِ نِيَّةً أُخْرَى وَهِيَ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَالنَّائِبُ وَالْمَنُوبُ) عَيَّنَ مَا قَبْلَهُ لَكِنْ اخْتَلَفَ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ الْعُنْوَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِلْجُمُعَةِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِيَّةَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَالْمَنْدُوبِ مَعًا أَوْ نِيَابَةَ مَسْنُونٍ عَنْ مَنْدُوبٍ يَحْصُلَانِ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ. (قَوْلُهُ: مَعَ تَخْلِيلِ شَعْرٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ فَهِيَ وَاوُ الْمَعِيَّةِ لَا وَاوُ الْعَطْفِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَخْلِيلَ الشَّعْرِ لَيْسَ مِنْ غَسْلِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجَمْعِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مَرْخُوًّا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ ثَلَاثَةٍ فَمَا فَوْقُ يُنْقَضُ مُطْلَقًا قَوِيَ الشَّدُّ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ خَيْطَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْوَ الشَّدُّ فَلَا يُنْقَضُ وَإِلَّا نُقِضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 عَلَى الْأَشْهَرِ وَأَحْرَى الشُّقُوقُ وَمَا غَارَ مِنْ الْبَدَنِ مَا لَمْ يَشُقَّ فَيَعُمُّهُ بِالْمَاءِ وَيُدَلِّكُهُ، وَأَمَّا الْخَاتَمُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُهُ كَالْوُضُوءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ. (ص) وَذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى نِيَّةٍ يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ أَنْ يُدَلِّكَ جَسَدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِلْمَاءِ بَلْ يَكْفِي وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ قَبْلَ سَيَلَانِهِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ الْبَدَنِ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي اشْتِرَاطِهِ الْمَعِيَّةَ وَفِيهِ حَرَجٌ وَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ وَيُعِيدُ تَارِكُهُ أَبَدًا وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ لِطُولِ مُكْثٍ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ الْغُسْلِ فَيُغْنِي عَنْهُ وَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا رَوَاهُ مَرْوَانُ الظَّاهِرِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الدَّلْكِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بَلْ الْيَقِينُ إلَّا الْمُسْتَنْكِحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ بِالْمُبَالَغَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمُصَاحَبَةُ. (ص) أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّلْكُ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّلْكَ إذَا أَمْكَنَ بِالْيَدِ أَوْ بِالْخِرْقَةِ أَوْ بِالِاسْتِنَابَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَلَا يَسْقُطُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَلْ هُوَ سَاكِتٌ عَنْ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا اسْتَنَابَ مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا تُجْزِئُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْخِرْقَةِ وَيَكْفِي الدَّلْكُ بِالْخِرْقَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَنْظِيرُ الزَّرْقَانِيِّ فِي ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَمَعْنَى الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُدَلِّكُ بِهِ كَفُوطَةٍ يَجْعَلُ طَرَفَهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالْآخَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَيُدَلِّكُ بِوَسَطِهَا، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ شَيْئًا بِيَدِهِ وَدَلَّك بِهِ كَكِيسٍ يُدْخِلُهُ فِي يَدِهِ وَيُدَلِّكُ بِهِ، فَإِنَّ الدَّلْكَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ بِالْيَدِ. (ص) ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ (ش) أَيْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الدَّلْكُ بِكُلِّ وَجْهٍ سَقَطَ وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ إمْكَانُهُ بِحَائِطٍ يَمْلِكُهُ الْمُغْتَسِلُ حَيْثُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالدَّلْكِ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ حَائِطَ حَمَّامٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ مِلْكَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِدَلْكِهِ أَوْ حَائِطَ حَمَّامٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَلْكُهُ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ التَّعَذُّرِ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) أَيْ إنَّ تَخْلِيلَ مَا ذُكِرَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَشْهَرِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ قَوْلَانِ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشُقَّ) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ وَأَحْرَى الشُّقُوقُ وَمَا غَارَ مِنْ الْبَدَنِ فَيَعُمُّهُ بِالْمَاءِ وَيُدَلِّكُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ فَيَفْعَلُ الْمُتَيَسِّرَ مِنْ تَعْمِيمٍ بِدُونِ دَلْكٍ إنْ أَمْكَنَ التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُهُ كَالْوُضُوءِ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَنْزِلْ تَحْتَهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي إلَخْ) أَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ بَعْدَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ يَكْفِي وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ وَاحْتَاجَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الدَّلْكُ وَاجِبٌ هَذَا إذَا كَانَ مُقَارِنًا لِلصَّبِّ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ الصَّبِّ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهُ بَعْدَ الصَّبِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَنَفْيُ الْوُجُوبِ يُجَامِعُ الْإِجْزَاءَ مَعَ أَنَّ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِلَوْ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَانْفِصَالِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. عِبَارَةُ تت أَحْسَنُ وَنَصُّهُ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ وَانْفِصَالِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَالْمَعِيَّةُ عِنْدَهُ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ اهـ. وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي الدَّلْكُ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ انْغَمَسَ فِي الْحَوْضِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ شَارِحِنَا أَنَّهُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْحَوْضِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَصَارَ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْجَسَدِ إلَّا أَنَّهُ مُبْتَلٌّ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ تت وَمَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ) هَذَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ سَيِّدِي أَحْمَدَ زَرُّوقٍ وَانْظُرْهُ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا فَأَوْلَى الدَّلْكُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ تَكْفِي، وَقَوْلُهُ: بَلْ الْيَقِينُ أَرَادَ بِهِ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لَا الْعِلْمَ الَّذِي هُوَ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ عَنْ دَلِيلٍ الَّذِي هُوَ الْمَعْرِفَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) أَيْ إنَّ الْمُسْتَنْكِحَ يَكْفِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ مُتَحَيِّرٌ فَشَأْنُهُ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ لَا يَعْمَلُ عَلَى شَكِّهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ خِلَافَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى شَكِّهِ الْمَذْكُورِ وَيُطَالَبُ بِالتَّدْلِيكِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّدْلِيكِ غَلَبَةُ الظَّنِّ لِمَا قُلْنَا وَأَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَنْكِحًا لَا يَعْمَلُ عَلَى التَّرَدُّدِ عَلَى السَّوَاءِ بَلْ يُلْغِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الدَّلْكُ بِخِرْقَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الدَّلْكُ بِيَدٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ الدَّلْكُ بِخِرْقَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَيُجْزِئُ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ وَقَدْ نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ سَحْنُونَ وَاعْتَمَدَهُ عب وَرَدَّ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الِاعْتِمَادَ (قَوْلُهُ: وَتَنْظِيرُ ز فِي ذَلِكَ قُصُورٌ) وَنَصُّهُ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ وَدَلَّكَ بِالْخِرْقَةِ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الدَّلْكَ إنَّمَا هُوَ بِالْيَدِ) وَقَيَّدَهُ عج بِمَا إذَا كَانَ خَفِيفًا (أَقُولُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الْقَيْدِ بَلْ وَلَوْ كَانَ كَثِيفًا؛ لِأَنَّ الْمُعَانَاةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالْيَدِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ) أَيْ إنْ تَضَرَّرَ بِدَلْكِهِ بِهِ لَا إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّخْصِ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ نَفْعِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ كَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ وَاسْتِصْبَاحٍ أَوْ انْتِفَاعٍ بِنُورِ مِصْبَاحِهِ كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْيَدِ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونَ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ضَعْفِ اسْتِظْهَارِهِ بِقَوْلِهِ قِيلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّوَابُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَالْأَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ كَلَامِ سَحْنُونَ حَيْثُ قَالَ يَسْقُطُ كَمَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْأَخْرَسِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ اتِّخَاذُ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَشَاعَ مِنْ فِعْلِهِمْ اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وَسُنَنُهُ: غَسْلِ يَدَيْهِ أَوَّلًا وَصِمَاخِ أُذُنَيْهِ، وَمَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ (ش) أَيْ وَسُنَنُ الْغُسْلِ أَرْبَعٌ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ وَهَذَا مَصَبُّ السُّنِّيَّةِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ فِي نَفْسِهِ فَوَاجِبٌ وَالثَّانِيَةُ مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ وَهُوَ الثُّقْبُ الدَّاخِلُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ، وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَرَّةً مَرَّةً كَمَا يَأْتِي وَسَكَتَ عَنْ الِاسْتِنْثَارِ وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ لِاسْتِلْزَامِ الِاسْتِنْشَاقِ لَهُ أَوْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّتَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَإِنْ لَمْ يَمْشِ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَعَلَى هَذَا فَالِابْتِدَاءُ هُنَا حَقِيقِيٌّ وَفِي قَوْلِهِ: وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى إضَافِيٌّ وَهَكَذَا حَلُّ السَّنْهُورِيِّ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وُضُوءًا كَامِلًا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً مَرَّةً وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ ظَهَرَ أَنَّ الْيَدَيْنِ يُغْسَلَانِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَسُنَنُهُ) أَيْ الْغُسْلِ وَلَوْ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا) قَالَ فِي ك وَانْظُرْ هَلْ يُطْلَبُ بِتَخْلِيلِ يَدَيْهِ فِي غَسْلِهِمَا أَوْ لَا اهـ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطْلَبُ وَقَوْلُهُ وَصِمَاخُ أُذُنَيْهِ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى " غَسْلُ " بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ مَسْحُ صِمَاخِ أُذُنَيْهِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ أَنَّ هَذَا الثُّقْبَ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْبَاطِنِ هُنَا لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَدَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْغُسْلِ مَسْحُ الصِّمَاخِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ مَسْحِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنَّ مَسْحُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُمَا يُغْسَلَانِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ اهـ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ) أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَصَبُّ السُّنِّيَّةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَنْوِي رَفْعَ حَدَثِ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ أَوَّلًا بِحَيْثُ يَقَعُ غَسْلُهُمَا فَرْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ النِّيَّةُ بَعْدَ نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ بَعْدَ فِعْلِ السُّنَنِ وَأَنْ نِيَّةَ السُّنَّةِ سَابِقَةٌ عَلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ قَالَ مُحَشِّي تت لِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَيْ تت مِنْ أَنَّ مَصَبَّ السُّنَّةِ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ لَقَالُوا تَقْدِيمُ غَسْلِهِمَا سُنَّةٌ وَذَكَرَ النَّصَّ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الثُّقْبِ الَّذِي فِي مُقَعَّرِ الْأُذُنَيْنِ وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ طَرَفُ الْإِصْبَعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يُسَنُّ مَسْحُهُ لَا غَسْلُهُ وَلَا صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، وَأَمَّا مَا يَمَسُّهُ رَأْسُ الْإِصْبَعِ خَارِجًا عَنْ الثُّقْبِ الْمَذْكُورِ فَمِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ: مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ يَتَمَضْمَضُ مَرَّةً وَيَسْتَنْشِقُ مَرَّةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِ الِاسْتِنْشَاقِ لَهُ) غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِنْثَارَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الِاسْتِلْزَامَ عَادَةً أَيْ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ مَنْ يَسْتَنْشِقُ يَسْتَنْثِرُ وَعَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ الِاسْتِلْزَامِ لَهُ نَقُولُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَلْزُومَ وَاللَّازِمَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ عَلَى حِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُقَالُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْ الِاسْتِنْثَارِ وَالْحَالُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ إلَخْ نَقُولُ لَهُ أَيْضًا وَهَذَا الْإِطْلَاقُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى هَذَا حَلٌّ آخَرُ مُغَايِرٌ لِلْحَلِّ الْأَوَّلِ الْمُصَدَّرِ بِهِ وَالتَّحْقِيقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْبَحْثِ مِنْ حَيْثِيَّةِ كَوْنِهِ ادَّعَى أَنَّ غَسْلَهُمَا وَاجِبٌ. الْمُفِيدُ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُك مَعْنًى أَوَّلًا قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِإِزَالَةِ الْأَذَى وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ هُنَا أَوَّلِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَمَا سَيَأْتِي أَوَّلِيَّةٌ إضَافِيَّةٌ فَلَا تَعَارُضَ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحْقِيقَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ «مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ أَدْنَيْت لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ» إلَخْ وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَوْنُنَا نَقُولُ مَعْنَاهُ أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى أَيْ وَقَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ) أَيْ ثُمَّ يَأْخُذُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْوُضُوءِ أَيْ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ الذَّكَرِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَفِي الْحَقِيقَةِ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ سَابِقَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْوُضُوءِ لَكِنْ هَذَا فِي وُضُوءٍ لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ لَصَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ عَلَى ذَكَرِهِ وَشَرَعَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَغَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ بَلْ أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَالْغُسْلُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ لِرُجُوعِهِ ثَانِيًا لِغَسْلِ ذَكَرِهِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ نَعَمْ إنْ مَسَّهُ بِحَائِلٍ كَثِيفٍ يُصَلِّي بِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُنَا وُضُوءًا كَامِلًا مَرَّةً. (قَوْلُهُ: يُغْسَلَانِ أَوَّلًا) أَيْ ثَلَاثًا وَثَانِيًا أَيْ مَرَّةً لِقَوْلِهِ وُضُوءًا كَامِلًا مَرَّةً بَلْ وَيُفِيدُ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ فَقَدْ قَالَ فِي ك فِي الْقَوْلَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ إنَّ مَصَبَّ النَّدْبِ التَّكْمِيلُ غَسْلًا وَمَسْحًا تَكْرِيمًا لَهَا أَيْ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَغْسِلُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقَدِّمُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى تَأْخِيرِهِمَا فَفِي تَرْكِ مَسْحِ الرَّأْسِ رِوَايَتَانِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالتَّرْكِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ يُغْسَلُ حِينَئِذٍ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَخَرَجَتْ الرِّجْلَانِ بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي الرِّجْلَيْنِ بِالْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا غُسْلُ الْجُمُعَةِ مَثَلًا فَيُقَدِّمُهُمَا قَطْعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 إنَّمَا يُفْعَلَانِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ خَاصَّةً قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يُزِيلَ الْأَذَى عَنْهُ ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ اهـ. وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا وَفِي شَامِلِهِ وَكَذَا ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ سُنِّيَّةَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ كَسُنِّيَّةِ غَسْلِهِمَا فِي الْوُضُوءِ فَيَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَكَوْنِهِ ثَلَاثًا وَكَوْنِهِ أَوَّلًا كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ كُلٍّ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحَ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلَهُ الْوُضُوءَ الْمُسْتَحَبَّ، فَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لَا الْغُسْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ. (ص) وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً وَأَعْلَاهُ وَمَيَامِنِهِ وَتَثْلِيثِ رَأْسِهِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي مَنْدُوبَاتِ الْغُسْلِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْهَا الْبُدَاءَةُ قَبْلَ هَذِهِ السُّنَنِ بِغَسْلِ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ ثُمَّ بِإِزَالَةِ الْأَذَى عَنْ مَحَلٍّ هُوَ فِيهِ لِيَقَعَ الْغُسْلُ عَلَى أَعْضَاءٍ طَاهِرَةٍ   [حاشية العدوي] ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ وَالْغُسْلَ تَابِعٌ مَنْدُوبٌ فَيَكُونُ فَاصِلًا مُخِلًّا بِالْفَوْرِ وَقَطَعَ بِذَلِكَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِيهِ بَحْثٌ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبَحْثِ أَنَّ هَذَا فَصْلٌ خَفِيفٌ لَا إخْلَالٌ فِيهِ بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ وَقَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْغُسْلِ مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْوُضُوءِ مَسْحُ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَصِمَاخِهِمَا وَهَذَا فِي غَيْرِ وُضُوءِ الْجَنَابَةِ، وَأَمَّا فِيهِ فَهَلْ السُّنَّةُ مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ الَّذِي هُوَ سُنَّةُ الْغُسْلِ لَوْ بَدَأَ بِهِ أَوْ السُّنَّةُ فِيهِ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَصِمَاخِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَوَضَّأَ وَأَتَى بِسُنَنِ الْوُضُوءِ انْدَرَجَ فِيهَا سُنَنُ الْغُسْلِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ نَقَلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ نَقِفَ عَلَى مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الصَّعْبِ ثُمَّ نَرْجِعُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ يُغْسَلَانِ أَوَّلًا وَثَانِيًا رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ فِي وُضُوءِ الْجَنَابَةِ لِجَعْلِهِمْ السُّنَّةَ غَسْلَهُمَا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ بَعْدَ حُصُولِ السُّنَّةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِتَقَدُّمِهِ وَلَا يَنْقُضُ غَسْلَهُمَا مَسُّ فَرْجِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْجَلَّابِ وَصِفَةُ غَسْلِ الْجَنَابَةِ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى إنْ كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ كَامِلًا وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يُزِيلَ الْأَذَى عَنْهُ ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ: وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَانِيًا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُفْعَلَانِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ خَاصَّةً) وَلَا يُعِيدُ فِعْلَهُمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْمَلُ إلَخْ) تَحْتَهُ صِفَةٌ كَامِلَةٌ لَا أَكْمَلُ يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ لِلْكُوعَيْنِ ثَلَاثًا وَيُزِيلُ الْأَذَى وَيَغْسِلُ الذَّكَرَ ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَمْسَحُ الصِّمَاخَيْنِ وَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا، وَأَمَّا الصِّفَةُ النَّاقِصَةُ فَكَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ) أَيْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ) أَيْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: فَيَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) أَيْ نِيَّةِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا وَهَذَا مَصَبُّ السُّنِّيَّةِ إلَخْ غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنِهِ ثَلَاثًا) وَلَا يُعَارِضُ سُنِّيَّةَ التَّثْلِيثِ هُنَا قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَيْسَ شَيْءٌ فِي الْغُسْلِ يُنْدَبُ فِيهِ التَّكْرَارُ غَيْرَ الرَّأْسِ اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ وَالتَّثْلِيثُ هُنَا مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مَسْحَ الصِّمَاخِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَسْحِ الصِّمَاخِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدُ عج فِي ذَلِكَ وَجَزَمَ الشَّارِحُ بِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ فَهُوَ صُورَةُ وُضُوءٍ فَكَوْنُهَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ فَتَدَبَّرْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَارِحَ التَّلْقِينِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ هَذَا أَيْضًا إنَّمَا هُوَ بَعْضُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَالْفَضِيلَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْبُدَاءَةِ بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ لِشَرَفِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى) أَيْ النَّجَاسَةِ عَنْ جَسَدِهِ فَرْجِهِ أَوْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَاءَ وَإِلَّا وَجَبَ الْبَدْءُ بِهِ وَإِلَّا كَانَ الْغُسْلُ بَاطِلًا كَذَا فِي عب وَيُبْحَثُ فِيهِ بِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْوُجُوبِ بَلْ يُقَالُ يُطْلَبُ الْمَاءُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَرَابِعًا حَتَّى لَا يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى إزَالَةِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ نُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى ثُمَّ يَغْسِلُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ وَقُدِّرَ غَسْلُ تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ أَكْثَرُ وَقَدْ تُقَدَّرُ طَهَارَةٌ فَلَا تَغْلِيبَ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ تَقْدِيرِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا وُضُوءُ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: مَرَّةً مَرَّةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لِلْعَدَدِ أَيْ وَيَمُرُّ مَرَّةً وَقَوْلُهُ وَأَعْلَاهُ هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى إزَالَةِ أَيْ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِذَلِكَ قَالَهُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى نُسْخَةِ ك (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْمَنْدُوبَاتِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْمَنْدُوبَاتِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ التَّسْمِيَةُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْمَوْضِعِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُمْكِنُ جَرَيَانُهُ هُنَا وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِالْكَثِيرِ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: هَذِهِ السُّنَنِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا إلَخْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ قَبْلَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ أَيْ أَنَّ الْبَدْءَ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ مَنْدُوبٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ سُنَّةٌ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فَمَنْدُوبٌ فَلَوْ أَخَذَ الْمَاءَ أَوَّلًا بِفِيهِ فَتَمَضْمَضَ ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى بِسُنَّةٍ إلَّا أَنَّهُ أَخَلَّ بِمَنْدُوبٍ وَهُوَ الْبُدَاءَةُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ الْأَذَى فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ثُمَّ يَغْسِلُ ذَلِكَ الْمَحِلَّ فَرْجًا أَوْ غَيْرَهُ بِنِيَّةِ غَسْلِ الْجَنَابَةِ لِيَأْمَنَ مِنْ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ ذَكَرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ ثَانِيًا لِيَعُمَّ جَسَدَهُ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ فَيَنْوِي بَعْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ ثُمَّ لَا يَمَسُّهُ حِفْظًا لِلْوُضُوءِ فَيُؤَدِّي لَبُطْلَان الْغُسْلِ لِعُرُوِّ غَسْلِ الْفَرْجِ عَنْ نِيَّةٍ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ فِي حِينِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَغَسَلَ غُسْلًا وَاحِدًا أَجْزَأَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى يَأْتِي بِالسُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْمِلَ الْمُرُورَ عَلَى أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَرَّةً مَرَّةً بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ عَنْهَا وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْأَصْغَرِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ ذَاكِرًا لِلْأَكْبَرِ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ فَنِيَّةُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّتَّائِيِّ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ أَعْلَاهُ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ وَتَقْدِيمُ مَيَامِنِهِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ عَلَى مَيَاسِرِهِ مِنْهُمَا وَالضَّمِيرُ فِي مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسِلِ وَفِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسِلِ وَمِنْهَا تَثْلِيثُ غَسْلِ رَأْسِهِ بِأَنْ يَعُمَّهَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَمِنْهَا قِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ بِصَاعٍ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَيُغْتَفَرُ السَّرَفُ لِلْمُوَسْوِسِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ لِابْتِلَائِهِ وَيَكْفِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ: وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ لِيُشَبِّهَ بِهِ وَهَذَا بَابُهُ. (ص) كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ بِالْجِمَاعِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْبَابِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ إلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْجِمَاعَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَفِي الْغَسْلِ فَوَائِدُ تَقْوِيَةُ الْعُضْوِ وَإِتْمَامُ اللَّذَّةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْأُنْثَى غَسْلُ فَرْجِهَا كَالذَّكَرِ فَقَوْلُهُ كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (ص) وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ لَا تَيَمُّمٍ (ش) أَيْ وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ وُضُوءُ الْجُنُبِ وَلَوْ أُنْثَى لِلنَّوْمِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِيَأْمَنَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ فَرْجًا لَا غَيْرَهُ فَلَا تَنْطَبِقُ الْعِلَّةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَغْسِلْهُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ لَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ فَيُنْقَضُ وُضُوءُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا بَاشَرَ ذَكَرَهُ بِيَدِهِ بِدُونِ حَائِلٍ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ بَعْدَ غَسْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَرْجًا أَوْ غَيْرَهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي هِيَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَرَّةً عَلَى مَا قَالَ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَعْدَ فَرْضِ أَنَّهُ نَوَى الْجَنَابَةَ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ لَكِنْ يَأْتِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: أَعْلَاهُ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ) أَيْ يُقَدِّمُ أَعْلَاهُ الْمُلْتَبِسَ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ أَيْ الْأَعْلَى الَّذِي فِي الْمَيَامِنِ وَالْمَيَاسِرِ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ فِيهِمَا بِمَعْنَى أَنَّ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ يُقَدَّمُ عَلَى أَسْفَلِ الْأَيْمَنِ وَأَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ يُقَدَّمُ عَلَى أَسْفَلِ الْأَيْسَرِ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسِلِ) لَا لِلْمُغْتَسِلِ حَاصِلُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسِلِ وَفِي مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسِلِ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ بِتَمَامِهِ عَلَى الْأَيْسَرِ بِتَمَامِهِ ثُمَّ يَلِيهِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الظَّهْرَ ثُمَّ بَعْدَهُ الْبَطْنَ وَالصَّدْرَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَمَا بَعْدَهُ الصَّدْرُ ثُمَّ الْبَطْنُ فَالصَّدْرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَطْنِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْمُغْتَسِلِ وَقُدِّرَ مُضَافٌ أَيْ جَانِبُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَكُونَ الضَّمَائِرُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَرَّحَ شب بِأَنَّ الْأَعْلَى يَنْتَهِي إلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي أَعْلَاهُ لِلْمُغْتَسِلِ كَالضَّمِيرِ فِي مَيَامِنِهِ لَأَفَادَ أَنَّ الْأَعْلَى أَيْسَرُ وَأَيْمَنُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ أَيْمَنَ وَأَيْسَرَ وَحِينَئِذٍ فَيَغْسِلُ أَوَّلًا الشِّقَّ الْأَيْمَنَ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْسَرِ إلَى الرُّكْبَةِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ مِنْ الرُّكْبَةِ لِلْأَسْفَلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ مِنْ الرُّكْبَةِ لِلرِّجْلِ، وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي مِنْ تَرْجِيحِ الضَّمِيرِ لِلشَّخْصِ رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ بَطْنًا وَظَهْرًا إلَى الرُّكْبَتَيْنِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَغْسِلُ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُمْنَى لِلْأَسْفَلِ ثُمَّ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُسْرَى لِلْأَسْفَلِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعُمَّهَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ) هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَبِهِ الْفَتْوَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مُسْتَحَبًّا وَاحِدًا وَمُقَابِلُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ غُرْفَتَانِ لِشِقَّيْ الرَّأْسِ، وَالثَّالِثَةُ لِأَعْلَاهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ غَسَلَهُ ثَلَاثًا وَعَلَى الثَّانِي جَعَلَهَا أَثْلَاثًا. (قَوْلُهُ: قِلَّةُ مَاءٍ) أَيْ تَقْلِيلُ مَاءٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ) يَقُولُ لَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ (قَوْلُهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ) أَيْ سَرَفًا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ وَهِيَ حَالٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى أَيْ حَالَةَ كَوْنِ السَّرَفِ سَرَفًا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ وَأَرَادَ بِهِ الْمُسْتَنْكِحَ، وَقَوْلُهُ: وَيَكْفِيهِ أَيْ الْمُوَسْوِسَ غَلَبَةُ الظَّنِّ هَذَا عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَنْكِحِ وَلِذَا قُلْنَا أَرَادَ بِهِ الْمُسْتَنْكِحَ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيُشَبِّهَ بِهِ إلَخْ) هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْغُسْلِ مُشَبَّهًا بِهِ وَالْوُضُوءُ مُشَبَّهٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْغُسْلِ ذِكْرٌ (فَإِنْ قُلْت) حَالُهُ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (قُلْت) وَحَالُ الْوُضُوءِ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ أَتَى بِالْغُسْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِغَرَضِ أَنَّهُ كَالْوُضُوءِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي بَابِهِ لِكَوْنِهِ الْبَابَ الْمَفْهُومَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَإِتْمَامُ اللَّذَّةِ) ثَمَرَةُ تَقْوِيَةِ الْعُضْوِ وَظَاهِرُهُ النَّدْبُ عَادَ لِلْمَوْطُوءَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْأُولَى، وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فَيَجِبُ غَسْلُ فَرْجِهِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهَا نَجَاسَةُ الْغَيْرِ قَالَهُ عب وَهَذِهِ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ إذْ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَلَطُّخُ الْغَيْرِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْأُنْثَى) تَبِعَ فِيهِ الزَّرْقَانِيَّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَصَرُوهُ عَلَى الذَّكَرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْجِمَاعَ فَلْيَتَوَضَّأْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وَلَوْ نَهَارًا وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا وَكَذَا غَيْرُ الْجُنُبِ مِنْ كُلِّ مُرِيدِ النَّوْمِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَامَ عَلَى طَهَارَةٍ سَجَدَتْ رُوحُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ» وَلَا يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً أَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِلْجُنُبِ فَقِيلَ لِيَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ وَقِيلَ لِلنَّشَاطِ أَيْ لِلْعِلَّةِ يَحْصُلُ لَهُ نَشَاطٌ لِلْغُسْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اللَّامَ فِي لِنَوْمٍ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَوُضُوئِهِ لِأَجْلِ نَوْمٍ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي بِجَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عِنْدَ أَيْ عِنْدَ نَوْمٍ، وَكَوْنُ الْعِلَّةِ النَّوْمَ عَلَى الطَّهَارَةِ أَوْ النَّشَاطَ شَيْءٌ آخَرُ وَقَوْلُهُ: لَا تَيَمُّمٍ مُفَرَّعٌ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّعَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لَا مُطَهِّرٌ. (ص) وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُضُوءَ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ لَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ مِنْ مُبْطِلَاتِ الْوُضُوءِ إلَّا الْجِمَاعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لِرَفْعِ حَدَثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ فَلَا يَنْقُضُهَا إلَّا مَا فُعِلَتْ لِأَجْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَلَمْ يُبْطِلْ أَجْرَ وُضُوءِ الْجُنُبِ إلَّا الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مُبْطِلَاتِ وُضُوءِ غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا حَتَّى يُقَالَ بَطَلَ حُكْمُهُ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ لِلْأَجْرِ لَا لِلْوُضُوءِ، وَأَمَّا وُضُوءُ النَّوْمِ لِغَيْرِ الْجُنُبِ فَيُبْطِلُهُ كُلُّ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُ كَمَا قَالَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ عِيَاضٍ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ قُلْت وَهَذَا الْوُضُوءُ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا الْوَاقِعُ بَعْدَهُ اهـ. (ص) وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَالْقِرَاءَةَ إلَّا كَآيَةٍ لِتَعَوُّذٍ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنَابَةَ تَمْنَعُ كُلَّ مَا يَمْنَعُهُ الْأَصْغَرُ مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَتَزِيدُ أَشْيَاءُ مِنْهَا الْقِرَاءَةُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَّا الْحَائِضَ كَمَا يَأْتِي وَمَحَلُّ مَنْعِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ عِنْدَ رَوْعٍ أَوْ نَوْمٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مَنْ نَامَ عَلَى طَهَارَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ فَإِذَنْ إذَا مَاتَ مَاتَ طَاهِرًا وَهَذِهِ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَمَرَ بِهَا الشَّرْعُ غَيْرُ الطَّهَارَةِ الْمُعَرَّفَةِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ الْمُتَقَدِّمَ لِلطَّهَارَةِ تَعْرِيفٌ لِنَوْعٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِيَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ) وَعَلَيْهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ حَيْثُ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي وُضُوءَهُ وَجَدَ مَاءً لِلْغُسْلِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِلنَّشَاطِ) أَيْ الْغُسْلُ الْآنَ لَا أَنَّ مُرَادَهُ يَغْتَسِلُ وَلَوْ آخِرَ اللَّيْلِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ لِغُسْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالتَّعْلِيلُ الثَّانِي وَهُوَ النَّشَاطُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُنَاسِبُهُ إخْرَاجُ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ دَاخِلَةٌ فَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الْبَدْرُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ فَحِينَئِذٍ فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّعْلِيلِ بِالنَّوْمِ عَلَى طَهَارَةٍ وَإِخْرَاجِ الْحَائِضِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ اللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ قَصْدُهُ إلَّا عَلَى مُلَاحَظَةِ عَدُوٍّ لَهُ عَنْ جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: لَا مُطَهِّرٌ) ، فَإِنْ قُلْت تَعْرِيفُهُ بِأَنَّهُ طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُطَهِّرٌ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّهَارَةَ تُطْلَقُ بِمَعْنًى أَعَمَّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْجِمَاعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ يَبْطُلْ إلَخْ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَجْرَ الْأَوَّلِ بَطَلَ أَصْلًا بِالْجِمَاعِ الثَّانِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يُطَالَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ يَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ عَلَيْهِ وَاللَّوْمُ عَلَى تَرْكِهِ فَعَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْوُضُوءِ الثَّانِي ثَوَابُ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ مُرَادُهُ طَلَبُ وُضُوءٍ آخَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَا حَذْفَ وَأَنْ يُقَالَ مَعْنَى بُطْلَانِهِ انْتِهَاءُ حُكْمِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطَالَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَالَ بَطَلَ حُكْمُهُ) لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (قَوْلُهُ: لِلْأَجْرِ لَا لِلْوُضُوءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَجْرَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْوُضُوءِ لَكِنْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَجْرِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَيُبْطِلُهُ كُلُّ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُ) أَيْ مِنْ كُلِّ نَاقِضٍ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْهُ مَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ قَوْلَ عِيَاضٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ مَعَ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُفَادَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فِي أَيِّ وَقْتٍ، وَمُفَادَ عِيَاضٍ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فِي أَيِّ وَقْتٍ بَلْ يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فِيمَا قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ) أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ النَّاقِضِ أَوْ خُصُوصَ الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ حِينَئِذٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ وَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ، وَأَمَّا وُضُوءُ غَيْرِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ وَلَا يَنْقُضُهُ الْحَدَث الْوَاقِعُ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ (قَوْلُهُ: لَا الْوَاقِعُ بَعْدَهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّوْمِ عَلَى طَهَارَةٍ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عب أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَاللَّاحِقِ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ) أَيْ مَمْنُوعَاتِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَسْمَعُ نَفْسَهُ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ الْقَلْبُ أَيْ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَنْعِ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) مَحَلُّ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إلَخْ خَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ وَهُوَ الْآيَةُ الْوَاحِدَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَالْآيَةِ الثَّلَاثُ فَحِينَئِذٍ أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْآيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ التِّلَاوَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ أَيْ أَنَّ الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ فَلَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ هَذَا مُفَادُهُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي حَالِ التَّعَوُّذِ يُعَدُّ قَارِئًا مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَارِئًا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ فِي ك أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمُصَنِّفِ مُنْقَطِعٌ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا يُبَاحُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْقِرَاءَةِ بَلْ عَلَى مَعْنَى التَّعَوُّذِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَنَحْوِهِ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَوْعٍ) أَيْ خَوْفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوْمٍ إلَخْ) أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 أَوْ عَلَى وَجْهِ الرُّقَى وَالِاسْتِدْلَالُ لِمَشَقَّةِ الْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا يُعَدُّ قَارِئًا وَلَا لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بَحْثٌ إذْ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَعًا لِقَوْلِهِ يَقْرَأُ الْيَسِيرَ وَلَا حَدَّ فِيهِ تَعَوُّذًا بَلْ رُبَّمَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ قِرَاءَةَ {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا يَسِيرًا لِكَتَعَوُّذٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ. (ص) وَدُخُولَ مَسْجِدٍ وَلَوْ مُجْتَازًا (ش) أَيْ وَكَذَا يُمْنَعُ الْجُنُبُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتِهِ أَوْ مُسْتَأْجَرًا يَرْجِعُ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَانُوتًا وَلَوْ عَابِرًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَابِرُ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ الْمُسَافِرُ أَيْ {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] فَبِالتَّيَمُّمِ وَقِيلَ الْمُرَادُ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ إلَّا مُجْتَازِينَ وَهُوَ وَجْهُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ (ص) كَكَافِرٍ، وَإِنْ أَذِنَ مُسْلِمٌ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي مَنْعِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْكَافِرِ أَنْ يَدْخُلَ أَيَّ مَسْجِدٍ كَانَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُسْلِمُ فِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهُ إذْنُهُ مَا لَمْ تَدَعُ ضَرُورَةٌ كَبِنَاءٍ وَاسْتُحِبَّ أَنْ يَدْخُلَ الْكَافِرُ لِلْعِمَارَةِ مِنْ جِهَةِ عَمَلِهِمْ. (ص) وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي ذِكْرِ عَلَامَاتِ الْمَنِيِّ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنِيَّ إذَا كَانَ رَطْبًا مِنْ صَحِيحِ الْمِزَاجِ فَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفِيهِ لُغَةٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الرُّقِيِّ إلَخْ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ الرُّقِيِّ مَا يُقَالُ عِنْدَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ مِمَّا يَدْفَعُ عَنْهَا مَشَقَّةَ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُقْصَدُ بِالرُّقْيَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالِاسْتِدْلَالِ كَآيَةِ الدَّيْنِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى الْكَلَامِ فِي الدَّيْنِ وَهِيَ مِنْ يَا أَيُّهَا إلَى عَلِيمٌ. (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ الْمَنْعِ) أَيْ مَحَلِّ الْمَنْعِ فِي كَذَا وَكَذَا الْمَشَقَّةُ الْمَنْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَدُّ قَارِئًا) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُعَدُّ قَارِئًا أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ) عَلَّلَ عج كَوْنَهُ لَيْسَ لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّ الثَّوَابَ مَنُوطٌ بِالْقَصْدِ امْتِثَالًا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعَوُّذَ مَأْمُورٌ بِهِ فَيَحْصُلُ بِقَصْدِ الِامْتِثَالِ بِقِرَاءَتِهِ لِلتَّعَوُّذِ فَلَوْ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ قَارِئًا لِمَا تَقَدَّمَ لَكَانَ أَحْسَنَ، فَإِذَنْ يَكُونُ لَهُ ثَوَابٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّعَوُّذِ إذَا تَعَوَّذَ امْتِثَالًا، وَأَمَّا إذَا تَعَوَّذَ مُطْلَقًا فَهَلْ لَهُ ثَوَابُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا يَفْتَحُ عَلَى إمَامٍ وَقَفَ فِي فَاتِحَةٍ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ كَذَا يَفْتَحُ فِي سُورَةِ سُنَّةٍ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بَحْثٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُبْتَكِرًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى، وَأَمَّا إذَا كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الدَّوَاوِينِ فَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تَوَجُّهُ الْبَحْثِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ ارْتِضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ الْمُحَصِّنَتَيْنِ أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا (قَوْلُهُ: تَعَوُّذًا) أَيْ يَقْرَأُ لِأَجْلِ التَّعَوُّذِ (قَوْلُهُ: بَلْ رُبَّمَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ قِرَاءَةَ قُلْ أُوحِيَ) بِأَنْ يُرَادَ الْيَسَارَةُ النِّسْبِيَّةُ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَسَارَةُ تَنْصَرِفُ لِلْيَسَارَةِ فِي النَّفْسِ أُتِيَ بِلَفْظِ رُبَّمَا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الشُّمُولِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَلَا بُدَّ فِيمَا يُقْرَأُ لِلتَّعَوُّذِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُتَعَوَّذُ بِهِ لَا نَحْوَ آيَةِ الدَّيْنِ وَكَذَا يَجْرِي نَحْوُهُ فِيمَا يُرْقَى بِهِ أَوْ يُسْتَدَلُّ (قَوْلُهُ: إلَّا يَسِيرًا لِكَتَعَوُّذٍ إلَخْ) يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ أَيْضًا التَّبَرُّكُ فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ تَعَوُّذًا أَوْ تَبَرُّكًا وَلَهُ أَنْ يُكَرِّرَ عِنْدَ تَكَرُّرِ الرَّوْعِ وَالْخَوْفِ أَوْ الرُّقِيِّ أَوْ التَّبَرُّكِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ) الْأَخْصَرِيَّةُ ظَاهِرَةٌ لِكَوْنِهِ يُحْذَفُ وَنَحْوُهُ وَالْأَحْسَنِيَّةُ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِقِرَاءَةِ قُلْ أُوحِيَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ وَلَوْ مَغْصُوبًا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَأْجَرًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَابِرًا) أَيْ وَلَوْ مُجْتَازًا مُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَابِرُ السَّبِيلِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْآيَةُ تُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْعَابِرَ يَجُوزُ لَهُ بِدُونِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا جُنُبًا إلَخْ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ وَلَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ فِي حَالِ كَوْنِكُمْ جُنُبًا بِإِيلَاجٍ أَوْ إنْزَالٍ يُقَالُ رَجُلٌ جُنُبٌ وَامْرَأَةٌ جُنُبٌ وَرِجَالٌ وَنِسَاءٌ جُنُبٌ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْمَصْدَرِ لَا أَنَّهُ مَصْدَرٌ بَلْ هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ حُرُوفَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ أَجْنَبَ فَمَصْدَرُهُ إجْنَابًا لَا جُنُبًا وَأَصْلُ الْجَنَابَةِ الْبُعْدُ وَسُمِّيَ جُنُبًا؛ لِأَنَّهُ يَجْتَنِبُ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ أَوْ بِمُجَانَبَتِهِ النَّاسَ وَبُعْدَهُ عَنْهُمْ حَتَّى يَغْتَسِلَ (قَوْلُهُ: إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ فَبِالتَّيَمُّمِ) أَيْ إنَّ الْمُسَافِرَ إذَا كَانَ جُنُبًا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ لَكِنْ مَعَ التَّيَمُّمِ فَالسَّبِيلُ الطَّرِيقُ وَالْمُسَافِرُ عَابِرُهَا أَيْ مُجْتَازٌ فِيهَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّهُ غَيَّاهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى تَغْتَسِلُوا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُرَادُ إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَوَافَقَهُ مِنْ أَئِمَّتِنَا ابْنُ مَسْلَمَةَ. (تَنْبِيهٌ) : لَيْسَ لِلصَّحِيحِ الْحَاضِرِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَدْخُلَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ الْمَاءَ إلَّا فِي جَوْفِهِ أَوْ يَلْتَجِئَ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ أَوْ يَكُونَ بَيْتُهُ دَاخِلَهُ وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ فَلَهُمَا دُخُولُهُ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْكَافِرِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَبِنَاءٍ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ الْكَافِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْكَافِرُ هُوَ الَّذِي يُحْسِنُ الْبِنَاءَ دُونَ الْمُسْلِمِ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَأْخُذُ أُجْرَةً أَقَلَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِلَّةً خَفِيفَةً لَا يُبَاحُ لَا إنْ كَثُرَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَثْرَةَ تُعْتَبَرُ فِي نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ اسْتَحَبَّ بِالتَّاءِ وَالْحَاءِ أَيْ نُدِبَ أَيْ فَلَيْسَ الدُّخُولُ مِنْ جِهَةِ عِلْمِهِمْ بِوَاجِبٍ. (قَوْلُهُ: تَدَفُّقٌ) قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ التَّدَفُّقَ فِيهِمَا وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ يَسِيلُ وَلَا يَتَدَفَّقُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَجِينٍ) قَالَ الْمَوَّاقُ وَيَقْرَبُ مِنْ رَائِحَةِ الطَّلْعِ وَالْعَجِينِ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ تَقْدِيرٍ قَالَهُ عج أَيْ قَرِيبُ رَائِحَةِ طَلْعٍ إلَخْ وَعِبَارَةٌ أُخْرَى قَوْلُهُ أَوْ عَجِينٍ أَيْ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَإِذَا يَبِسَ كَانَ كَرَائِحَةِ الْبَيْضِ (قَوْلُهُ: مِنْ صَحِيحِ الْمِزَاجِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وَهُوَ أَوَّلُ حَمْلِ النَّخْلِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ غُبَارُهُ وَتَقْيِيدُنَا بِرَطْبًا احْتِرَازًا مِنْ الْيَابِسِ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ وَبِصَحِيحِ الْمِزَاجِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا، فَإِنَّهُ يَتَغَيَّرُ مَنِيُّهُ وَتَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ لَوْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ عَلِمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ، وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ فِي بِلَادِهِمْ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (ص) وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ (ش) أَيْ وَتُجْزِئُ نِيَّةُ الْغُسْلِ الْأَكْبَرِ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ إنْ كَانَ جُنُبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ، وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ اغْتِسَالِهِ عَدَمَ جَنَابَتِهِ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: فَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُتَطَهِّرُ عَلَى الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا فِي الْغُسْلِ الْوَاجِبِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَيُغْنِي عَنْ الْوُضُوءِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الْوُضُوءُ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِهِ ثُمَّ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ كَامِلَةً (ص) وَغَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ (ش) أَيْ وَيُجْزِئُ الْغُسْلُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْ الْغُسْلِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا غَسَلَ   [حاشية العدوي] الطَّبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ حَمْلِ النَّخْلِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا رَائِحَةُ مَنِيِّ الرَّجُلِ كَرَائِحَةِ طَلْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَالْأُنْثَى وَلَكِنَّ الْغُبَارَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ طَلْعِ الذَّكَرِ لَا عَنْ طَلْعِ الْأُنْثَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ طَلْعَ الذَّكَرِ يَنْشَأُ عَنْهُ غُبَارٌ أَيْ شَيْءٌ كَالدَّقِيقِ وَذَلِكَ الْغُبَارُ هُوَ الَّذِي يُطْرَحُ عَلَى الْأُنْثَى حَتَّى يَصِحَّ ثَمَرُهَا (قَوْلُهُ: أَشْبَهُ شَيْءٍ) أَيْ أَشْبَهُ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَشْبَهُ شَيْءٍ مُبَيِّنًا ذَلِكَ الشَّيْءَ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ أَيْ مِنْ فُصُوصِ الْبَيْضِ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ إنَّهُ إذَا طَارَ أَوْ أُزِيلَ عِنْدَ يُبْسِهِ يُشْبِهُ فَصَّ الْبَيْضِ أَيْ الْقِطْعَةَ مِنْ الْبَيَاضِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ فَصَّ الْخَاتَمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ فِي بِلَادِهِمْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ: وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي بِلَادِ إمَامِهِمْ أَيْ الْمَدِينَةِ أَيْ أَكْثَرُ وُجُودًا ثُمَّ أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ أَنْ لَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ. (فَائِدَةٌ) مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَاءٌ أَصْفَرُ رَقِيقٌ وَمَنِيُّ الرَّجُلِ أَبْيَضُ ثَخِينٌ وَمَاءُ الرَّجُلِ مُرٌّ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ مَالِحٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ الْإِنْسَانَ يُشْبِهُ التَّمْرَةَ؛ لِأَنَّ لَهَا سَبْعَ دَرَجَاتٍ طَلْعٌ وَإِغْرِيضٌ وَبَلَحٌ وَزَهْوٌ وَبُسْرٌ وَرُطَبٌ وَتَمْرٌ وَالْإِنْسَانُ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] الْآيَةَ. (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ) ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ يُجْزِئُ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الشَّارِحِ أَجْزَأَتْ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ عَكْسَ الْآتِيَةِ وَدَلَّ قَوْلُهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُعْتَقَدُ تَلَبُّسِهِ بِالْأَكْبَرِ فَنَوَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْأَكْبَرِ وَنَوَاهُ بَدَلًا عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ الَّذِي لَزِمَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَنِ الشَّرْعِ وَإِفْسَادِ الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ) أَيْ الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ كَأَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ أَوَّلًا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يُزِيلَ الْأَذَى ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ بِنِيَّةٍ ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ وَيَسْتَنْثِرَ ثُمَّ يَمْسَحَ صِمَاخَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ يُفِيضَ الْمَاءَ إلَخْ وَلَمْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا فِي آخِرِ غُسْلِهِ فَهَذَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَوْ انْتَقَضَ بَعْدَ فَرَاغِ غُسْلِهِ لَطُلِبَ بِالْوُضُوءِ قَطْعًا بِنِيَّةٍ فَلَوْ انْتَقَضَ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَقَبْلَ فَرَاغِ غُسْلِهِ فَاتَّفَقَ الْقَابِسِيُّ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَمُرَّ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ إلَّا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَالْقَابِسِيُّ يَقُولُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ الَّذِي وَصَفَ الْغُسْلَ بِكَوْنِهِ يُغْنِي عَنْهُ الْوُضُوءُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْغُسْلِ لَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَ الْغُسْلَ الَّذِي يُصَلِّي بِهِ يُطْلَبُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِوُضُوءٍ إذَا عَلِمْت هَذَا لَك أَنْ تَقُولَ لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ وُضُوءٍ حَدَثَ بَعْدَ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ هِيَ نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَهُوَ إذَنْ قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ فَلَا يَظْهَرُ مَعْنًى لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اغْتَسَلَ لَا يُطَالَبُ بَعْدُ بِالْوُضُوءِ بَلْ يُصَلِّي بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَا رَفَعَ إلَّا الْجَنَابَةَ فَقَطْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَا نَعَمْ مَا كَانَ يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ وُضُوءٌ حَقِيقَةً بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ الْوُضُوءِ) أَيْ وَغَسْلُ مَحَلِّ الْوُضُوءِ إلَخْ فِي الْأَصْغَرِ أَيْ بِنِيَّتِهِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ فِي الْأَكْبَرِ أَيْ الْغَسْلِ الْأَصْلِيِّ احْتِرَازًا عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ إمَّا حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى فَلَمْ يَنُبْ وَاجِبٌ عَنْ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ عَالِمًا بِجَنَابَتِهِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ وَمُبَالَغَتُهُ عَلَى النِّسْيَانِ تُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ الْعِلْمِ أَوْلَوِيٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ بِحَدَثِ الْجَنَابَةِ كَأَنَّهُ نَاوَلَهَا مَعْنًى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاوِيًا لَهَا حَقِيقَةً بِخِلَافِ صُورَةِ النِّسْيَانِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ قَاصِدًا فِيهَا غَسْلَ أَعْضَائِهِ لِلْجَنَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَغَسْلُ الْوُضُوءِ الْوُضُوءُ السَّابِقُ عَلَى الْغُسْلِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ سَاكِتًا عَنْ الْوُضُوءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْغُسْلِ مَعَ كَوْنِهِ يَكْفِي أَيْضًا فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِمَا هُوَ أَعَمُّ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَغْنِي عَنْ قَوْلِهِ كَلُمْعَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ، فَإِنْ قُلْت مَا الْمُحْوِجُ لِجَعْلِهِ عَامًّا مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ قَوْلِهِ كَلُمْعَةٍ إلَخْ قُلْت لَوْ قَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَأَوْهَمَ. قَوْلُهُ: كَلُمْعَةٍ مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ الْمُتَأَخِّرُ مَعَ أَنَّهُ يُجْزِئُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ صَالِحَةٌ لِلصُّورَتَيْنِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمُتَأَخِّرِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّأَخُّرِ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ هَذَا إذَا كَانَ مُعْتَمِدًا لِجَنَابَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَغْسِلُهَا بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ تُجْزِئُ عَنْ الْغُسْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ بِخِلَافِ تَيَمُّمِ الْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُ عَنْ تَيَمُّمِ الْغُسْلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغُسْلَ فِيهِ نِيَابَةُ أَصْلٍ عَنْ أَصْلٍ وَالتَّيَمُّمَ فِيهِ نِيَابَةُ بَدَلٍ عَنْ بَدَلٍ وَإِطْلَاقُ الْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِ أَعْضَائِهِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مَجَازٌ لَا شَكَّ فِيهِ إذْ هُوَ صُورَةُ وُضُوءٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَزْءٌ مِنْ الْغُسْلِ الْأَكْبَرِ وَانْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ. (ص) كَلُمْعَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ الْجَنَابَةِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ غُسِلَتْ فِي الْوُضُوءِ بِنِيَّتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَلَوْ كَانَتْ اللُّمْعَةُ الَّتِي فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَنْ جَبِيرَةٍ مَسَحَ عَلَيْهَا فِي غُسْلِهِ ثُمَّ سَقَطَتْ أَوْ بَرِئَتْ فَغُسِلَتْ فِي الْوُضُوءِ بِنِيَّتِهِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ غُسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُمَا فَرْضَانِ فَأَجْزَأَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْوُضُوءِ نَاسِيًا الْجَنَابَةَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْوُضُوءِ نَائِبٌ عَنْ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَتَيَمُّمَ الْجَنَابَةِ نَائِبٌ عَنْ غَسْلِ جَمِيعِ الْجَسَدِ فَلَا يُجْزِئُ مَا نَابَ عَنْ غَسْلِ بَعْضِ الْجَسَدِ عَمَّا يَنُوبُ عَنْ جَمِيعِهِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ صُغْرَى وَكُبْرَى شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَائِبِ الصُّغْرَى وَهُوَ خَاصٌّ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ مَسْحُ الْخُفِّ وَلَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ شَارِحُ الْحُدُودِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ حَدَّهُ إمْرَارُ الْيَدِ الْمَبْلُولَةِ فِي الْوُضُوءِ عَلَى خُفَّيْنِ مَلْبُوسَيْنِ عَلَى طُهْرِ وُضُوءٍ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ قَالَ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِطُهْرِ الْوُضُوءِ مَعَ أَنَّ طُهْرَ الْغُسْلِ يُصَحِّحُ الْمَسْحَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُ الْمَسْحُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَدْخُلُ لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ وُضُوءٍ إذْ يَصْدُقُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ أَنَّهُ لَبِسَهُمَا عَلَى طُهْرٍ وَهُوَ الطُّهْرُ الْأَكْبَرُ فَأَخْرَجْت هَذِهِ الصُّورَةَ بِقَوْلِي عَلَى طُهْرِ وُضُوءٍ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ إخْرَاجَ هَذِهِ خَرَجَتْ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مَنْ تَطَهَّرَ لِلْأَكْبَرِ وَلَمْ يُحْدِثْ فَلَبِسَهُمَا مَعَ صِحَّةِ الْمَسْحِ فِيهَا أَيْ فَتَخْرُجُ أَيْضًا إنْ قَيَّدْنَا بِالْوُضُوءِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ الْمَسْحُ كَمَا ذَكَرْنَا فَجَعْلُهُ الْحَدَّ مَانِعًا يُصَيِّرُهُ غَيْرَ جَامِعٍ فَلَوْ قَالَ مَلْبُوسَيْنِ عَلَى غَيْرِ حَدَثٍ كَانَ جَامِعًا مَانِعًا (فَصْلٌ) (ص) رُخِّصَ (ش) هَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْحِ فَمَعْنَى رُخِّصَ أُبِيحَ وَجُوِّزَ فَالرُّخْصَةُ هُنَا مُبَاحَةٌ فَالْمَسْحُ مُبَاحٌ وَالْغَسْلُ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ مُبَاحًا مَعَ أَنَّ ابْنَ نَاجِي صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ بِلَا خِلَافٍ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَهَلْ يَكُونُ الشَّيْءُ وَاجِبًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَيَمُّمٍ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ مُحْتَرَزَاتِ الْمُصَنِّفِ إذْ بَقِيَ مِنْ مُحْتَرَزَاتِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ بِحَسَبِ الْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ لَا بِحَسَبِ الْقِسْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ إذْ هُوَ صُورَتَانِ فَقَطْ الْأُولَى مَسْحُ الْوُضُوءِ عَنْ مَسْحِ مَحَلِّهِ كَمَنْ بِهِ نَزْلَةٌ فِي رَأْسِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهِ فِي الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ يَمْسَحُهُ، فَإِنْ مَسَحَهُ فِي الْوُضُوءِ فَيُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْ مَسْحِ مَحَلِّهِ فِي الْغُسْلِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ دُونَ أَشْيَاخِهِ قُلْت وَكَلَامُهُ هُوَ الظَّاهِرُ الثَّانِيَةُ مَسْحُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا كَمَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ فِي الْغُسْلِ وَهَاتَانِ مُمْكِنَتَانِ شَرْعًا الثَّالِثَةُ الْعَقْلِيَّةُ فَقَطْ غَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ مَسْحِ مَحَلِّهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ مُتَأَصِّلًا فِي الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ هَذِهِ لَا وُجُودَ لَهَا فِي الشَّرْعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: كَلُمْعَةٍ، وَإِنْ فِي صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُبَالَغَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ وَلَا شَكَّ أَنَّ نِيَابَةَ غَسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي عُضْوٍ صَحِيحٍ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِمَّا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ ذَلِكَ فِي عُضْوٍ مَرِيضٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهِمَا وَاحِدٌ) وَهُوَ الْغَسْلُ إلَخْ أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا فَرْضَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ فَالْمَجْمُوعُ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَّحِدْ الْفِعْلُ أَوْ يَتَّحِدُ وَلَمْ يَكُونَا فَرْضَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَرْضًا وَالْآخَرُ سُنَّةً أَوْ مُسْتَحَبًّا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي التَّيَمُّمِ فَلِذَلِكَ أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَالْتَفَتَ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إلَخْ فَلَمْ يَكُنْ عَجُزُ الْعِبَارَةِ عَلَى نَسَقِ صَدْرِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ أَحْسَنُ. [فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ] (فَصْلُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي كِتَابِهِ الْفِقْهِيِّ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ النَّظَرَ مُتَوَجِّهٌ عَلَيْهِ حَيْثُ أَتَى بِقَوْلِهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا إلَخْ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ الطُّهْرُ النَّاشِئُ عَنْ وُضُوءٍ لَا عَنْ غُسْلٍ وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ: وَمُرَادِي بِطُهْرِ الْوُضُوءِ الطُّهْرُ الَّذِي يَصِحُّ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ لَمَا وَرَدَ شَيْءٌ (قَوْلُهُ رُخِّصَ إلَخْ) الرُّخْصَةُ فِي اللُّغَةِ التَّيْسِيرُ وَالسُّهُولَةُ وَشَرْعًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ سَهْلٌ اُنْتُقِلَ إلَيْهِ مِنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ صَعْبٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحَكَمِ الْأَصْلِيِّ فَالْحُكْمُ الصَّعْبُ هُنَا وُجُوبُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ حُرْمَةُ الْمَسْحِ وَالْحُكْمُ السَّهْلُ جَوَازُ الْمَسْحِ لِعُذْرٍ وَهُوَ مَشَقَّةُ النَّزْعِ وَاللُّبْسِ وَالسَّبَبُ لِلْحَكَمِ الْأَصْلِيِّ كَوْنُ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلْغَسْلِ وَمُمْكِنَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا سَقَطَ (قَوْلُهُ: أُبِيحَ) أَيْ لَا أُوجِبَ وَلَا غَيْرُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَارَةً تَكُونُ وُجُوبًا كَوُجُوبِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَتَارَةً تَكُونُ نَدْبًا كَنَدْبِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَتَارَةً تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى كَخِلَافِ أَوْلَوِيَّةِ فِطْرِ مُسَافِرٍ فِي رَمَضَانَ وَتَارَةً تَكُونُ إبَاحَةً كَإِبَاحَةِ السَّلَمِ وَالرُّخْصَةُ هُنَا مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ (قَوْلُهُ: فَالرُّخْصَةُ هُنَا مُبَاحَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ بِالرُّخْصِ نَفْسُ الْمَسْحِ وَلَيْسَ هُنَا الرُّخْصَةُ بِالْمَعْنَى الْمُعَرَّفِ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِهِ الْحُكْمَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالرُّخْصَةُ هُنَا إبَاحَةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَمُتَعَلَّقُ الرُّخْصَةِ (قَوْلُهُ: وَالْغَسْلُ أَفْضَلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ إذَا ذُكِرَتْ فِي شَأْنِ الرُّخْصَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَفْضَلُ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَسْحَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَفِطْرِ الْمُسَافِرِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ فَالْمَسْحُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ الْمَسْحُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ) أَيْ يَنْوِي بِالْمَسْحِ الْفَرْضَ أَيْ يَنْوِي الْوَاجِبَ أَيْ أَدَاءَ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يَقْتَضِي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 مُبَاحًا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَسْحَ هُنَا مُبَاحٌ وَوَاجِبٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إذْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ لَهُ جِهَتَانِ يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ مِنْ جِهَةٍ وَبِالْوُجُوبِ مِنْ جِهَةٍ كَمَا فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ لِفِعْلِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَبِالْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ تُؤَدَّى بِهِ الْعِبَادَةُ الْمَخْصُوصَةُ فَقَدْ وَقَعَ وَاجِبًا وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ الْمُبَاحَ إنَّمَا هُوَ الِانْتِقَالُ فَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ الْمَفْعُولُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ قَصَرَ رُخْصَةِ الْمَسْحِ عَلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُضْطَرُّ إلَى أَسْبَابِهِ غَالِبًا نَصَّ هُنَا عَلَى التَّعْمِيمِ فَقَالَ (ص) لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (ش) أَيْ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى فَيَشْمَلُ الْمُكَلَّفَ وَغَيْرَهُ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَإِنْ مُسْتَحَاضَةً) مُلَازَمَةَ الدَّمِ لَهَا أَكْثَرَ أَوْ مُسْتَوِيَةً أَوْ دَائِمَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرُّخْصَتَيْنِ لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ حُكْمًا، وَالْمَعْرُوفُ جَوَازُ الْمَسْحِ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ) وَقِيلَ بِالسَّفَرِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْحَضَرَ عَلَى السَّفَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ اهْتِمَامًا بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ دُونَ السَّفَرِ وَكَأَنَّهُ اقْتَدَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] فَقَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْوَصِيَّةَ عَلَى الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ آكَدَ مِنْهَا اهْتِمَامًا بِأَمْرِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةً فِي الشَّرْعِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَهَا هُنَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ كَالدَّيْنِ الْمَعْلُومِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَقَوْلُهُ بِحَضَرٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ أَوْ بِمَسَحَ وَهَذَا أَوْلَى (ص) مَسْحُ جَوْرَبٍ جِلْدٍ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ (ش) هَذَا نَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ بِتَضْمِينِهِ أُبِيحَ أَوْ أُجِيزَ وَإِلَّا فَرُخِّصَ إنَّمَا يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِفِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْمُرَخَّصَ فِيهِ يُتَعَدَّى إلَيْهِ بِفِي وَالْمُرَخَّصُ لَهُ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ كَقَوْلِهِ رَخَّصْت لِزَيْدٍ فِي كَذَا عَنْ كَذَا أَيْ رُخِّصَ فِي مَسْحِ جَوْرَبٍ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ   [حاشية العدوي] أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْوِي بِهِ أَدَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَقْصِدْ إلَّا مُجَرَّدَ الْمَسْحِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوُضُوءِ إلَخْ) فَنَقُولُ هُنَا الْمَسْحُ مُبَاحٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ فِعْلَهُ وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْغُسْلُ وَاجِبٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ كَمَا فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُقَالُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِبَاحَةِ غَيْرُ مَحَلِّ الْوُجُوبِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ إنَّمَا هُوَ الْمَفْعُولُ هَكَذَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ ثُمَّ إنَّ الْأَشْيَاخَ قَدِيمًا يَعْتَرِضُونَ تِلْكَ الْعِبَارَةَ وَيَقُولُونَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ لِقَوْلِ ابْنِ السُّبْكِيّ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ أَيْ وَالِانْتِقَالُ لَيْسَ بِفِعْلٍ لِلْمُكَلَّفِ (وَأَقُولُ) تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْفِعْلَ تَارَةً يُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَتَارَةً بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَمَرْجِعُ الْأَوَّلِ إلَى تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ بِالْمَقْدُورِ وَإِنْ شِئْت قُلْت إلَى مُقَارَنَةِ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ بِالْمَقْدُورِ وَكَالْحَرَكَةِ، وَمَرْجِعُ الثَّانِي إلَى الْحَرَكَةِ فَالْحَرَكَةُ هِيَ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ هِيَ الْمُكَلَّفُ بِهِ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا لَيْسَ بِمَحَلِّ تَحْقِيقٍ لِذَلِكَ وَالْفِعْلُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى مَفْعُولُ الْعَبْدِ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ مُتَعَلَّقُ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَفْعُولٌ فَصَدَقَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ الْمَفْعُولُ وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ لِمَا قُلْنَا فَافْهَمْ فَالتَّعْبِيرُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى دِقَّةِ الشَّارِحِ وَدِقَّةِ مَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: أَسْبَابِهِ) أَيْ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِهِمَا أَيْ يُضْطَرُّ إلَى أَسْبَابِهِ وَفِي عِبَارَةِ تَبْيِينِ الْأَسْبَابِ بِقَوْلِهِ مِنْ شُغُلٍ وَخَوْفِ فَوَاتِ رُفْقَةٍ (قَوْلُهُ: نَصَّ هُنَا عَلَى التَّعْمِيمِ) أَيْ لِدَفْعِ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ وَتَوْطِئَةً فَقَوْلُهُ وَتَوْطِئَةً مَعْطُوفٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمُكَلَّفَ وَغَيْرَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشُّمُولَ لِلْمُكَلَّفِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: مُلَازَمَةُ الدَّمِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ أَكْثَرُ خَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ وَهُوَ التَّنْصِيصُ عَلَى التَّعْمِيمِ مَعَ عِلَّتِهِ وَهِيَ التَّوْطِئَةُ أَيْ عِلَّتُهُ الْمَعْطُوفَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ) عِلَّةٌ لِلْجَمْعِ إلَخْ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لَا يَكُونُ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ نَاقِضًا لِوُضُوئِهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ إلَّا أَنَّهَا طَهَارَةٌ غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ بَلْ حُكْمِيَّةٌ فَإِذَنْ تَكُونُ صَلَاتُهَا بِالدَّمِ رُخْصَةً وَلَوْ كَانَتْ طَهَارَةً حَقِيقَةً لَانْتَفَتْ الرُّخْصَةُ فَلَوْ أَبَحْنَا لَهَا مَسْحَ الْخُفَّيْنِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لَاجْتَمَعَ لَهَا الرُّخْصَتَانِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْجَمْعِ فَبَالَغَ لِدَفْعِ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ وَأَنَّهُ يُسَوَّغُ لَهَا الْجَمْعُ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ حَقِيقَةً فَاعْلَمْ وَالرُّخْصَةُ مُتَحَقِّقَةٌ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ قَالَ الشَّيْخُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى ك وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُلَازَمَتُهُ لَهَا أَقَلَّ فَيُنْقَضُ الْوُضُوءُ وَلَا رُخْصَةَ وَتَكُونُ كَغَيْرِهَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهَا رُخْصَتَانِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ وَيُعْقَلُ وُجُودُ الرُّخْصَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ طَلَبِ الصَّلَاة مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الدَّمِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ لَوْ كَانَ حَيْضًا أَنْ يَمْنَعَ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةً فِي الشَّرْعِ) لَمْ يُرِدْ بِالشَّرْعِ شَرْعَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ الشَّرْعِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةً فِي الشَّرَائِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْ فَلَمْ تَكُنْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَعْلُومَةً عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ أَيْ مِنْ الْأُمَمِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ فِي الشَّرَائِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ احْتِبَاكًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) إنَّمَا كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ التَّرْخِيصَ الصَّادِرَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ تَجْوِيزَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا بَلْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ الْحَصْرُ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَعَيِّنًا لَا أَوْلَى قُلْت يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِرُخِّصَ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الشَّارِعَ سَهَّلَ لِلْإِنْسَانِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ أَنْ يَمْسَحَ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ أَتَمَّ فَائِدَةً مِنْ الْأُولَى ذَكَرَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 جِلْدُ ظَاهِرِهِ وَهُوَ مَا يَلِي السَّمَاءَ وَبَاطِنِهِ وَهُوَ مَا يَلِي الْأَرْضَ وَهُوَ الْجُرْمُوقُ عَلَى تَفْسِيرِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجُرْمُوقُ بِالْجَوْرَبِ وَقِيلَ الْجُرْمُوقُ نَعْلَانِ غَلِيظَانِ لَا سَاقَيْنِ لَهُمَا وَالْجُرْمُوقُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَقَوْلُهُ مَسْحُ إلَخْ نَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ خَبَرٌ عَنْ رُخِّصَ فِيهِ تَجَوُّزٌ وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَبَرِ الْمُتِمَّ الْفَائِدَةَ لَا الْخَبَرَ الِاصْطِلَاحِيَّ أَوْ بِمَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْحَدَثُ صَحَّ وُقُوعُهُ خَبَرًا وَمُبْتَدَأً وَمَفْعُولًا. (ص) وَخُفٌّ وَلَوْ عَلَى خُفٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُرَخَّصُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ جَوْرَبًا عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ خُفًّا عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ خُفًّا أَوْ جَوْرَبًا عَلَى لَفَائِفَ أَوْ خُفًّا أَوْ جَوْرَبًا عَلَى خُفٍّ فِي الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا فِي الْجَمِيعِ وَالْأَخِيرَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ وَشَرْطُ مَسْحِهِ عَلَى الْأَعْلَيَيْنِ أَنْ يَكُونَ لَبِسَهُمَا وَهُوَ عَلَى الطُّهْرِ الَّذِي لَبِسَ بَعْدَهُ الْأَسْفَلَيْنِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ وَمَسَحَ عَلَى الْأَسْفَلَيْنِ أَمَّا لَوْ لَبِسَ الْأَسْفَلَيْنِ عَلَى طُهْرٍ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَبِسَ الْأَعْلَيَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَمْسَحَ عَلَى الْأَسْفَلَيْنِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْأَعْلَيَيْنِ (ص) بِلَا حَائِلٍ كَطِينٍ إلَّا الْمِهْمَازَ (ش) هَذَا حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ خُفٌّ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْخُفِّ كَائِنًا بِلَا حَائِلٍ عَلَيْهِ فِي أَسْفَلِهِ أَوْ أَعْلَاهُ كَطِينٍ وَزِفْتٍ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَائِلُ مِهْمَازًا فَلَا يُطْلَبُ بِنَزْعِهِ كَانَ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَيْ لِلرَّاكِبِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ: بِلَا حَائِلٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَسَحَ، وَالْبَاءُ بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ أَيْ أَنْ يَمْسَحَ مَسْحًا مُصَاحِبًا لِعَدَمِ الْحَائِلِ لَا حَالٌ. (ص) وَلَا حَدَّ (ش) أَيْ وَلَا حَدَّ وَاجِبٌ لِمِقْدَارِ زَمَنِ مَسْحِ الْخُفِّ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى وَنَفْيُ الْحَدِّ الْوَاجِبِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْحَدِّ مُطْلَقًا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ التَّحْدِيدِ الْمَنْدُوبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ (ص) بِشَرْطِ جِلْدٍ طَاهِرٍ خَرَزٍ وَسَتْرِ مَحَلِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجُرْمُوقُ) أَيْ أَنَّ الْجُرْمُوقَ هُوَ الْجَوْرَبُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ جِلْدًا ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ فَإِذَنْ كَانَ الْأَفْضَلُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِكَوْنِهِ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ: لَا سَاقَيْنِ لَهُمَا) قَالَ شب مِثْلُ الْمُسَمَّى عِنْدَ النَّاسِ بِالْجَزْمَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ انْتَهَى وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ) أَيْ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: الْمُتِمُّ الْفَائِدَةِ) أَيْ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ) خُلَاصَتُهُ أَنْ يُرَادَ بِالْخَبَرِ الِاصْطِلَاحِيِّ فَيَكُونُ " رُخِّصَ " مُبْتَدَأً بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْحَدَثِ مِنْهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ سَابِكٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ التَّرْخِيصُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ إذَنْ لِأَنَّ التَّرْخِيصَ لَيْسَ هُوَ الْمَسْحَ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُؤَوَّلُ بِجَعْلِهِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ مُبْتَدَأٌ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْمًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إلَّا أَنَّهُ مُشَابِهٌ لِلْمَبْنِيِّ صُورَةً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَتَانِ) حَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ صُورَتَانِ فُرَادَى وَهِيَ الْخُفُّ فَقَطْ وَالْجَوْرَبُ فَقَطْ وَسِتٌّ جَمْعًا وَهِيَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بَلْ وَلَوْ إلَخْ جَوْرَبٌ عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ لَفَائِفُ خُفٍّ عَلَى خُفٍّ أَوْ جَوْرَبٍ أَوْ لَفَائِفَ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَتَانِ وَهِيَ خُفٌّ عَلَى خُفٍّ أَوْ جَوْرَبٌ عَلَى خُفٍّ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْأَخِيرَتَانِ يُشْعِرُ بِأَنَّ بَقِيَّةَ السِّتِّ لَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ وَقَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ إلَخْ يَقْتَضِي تَسَاوِيَ السِّتِّ فِي الْخِلَافِ وَيَقْتَضِي أَنَّ الْجَوْرَبَ وَحْدَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي ك لَمَّا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبِ وَكَانَ الْمَذْهَبُ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَازُهُ اهْتَمَّ بِهِ فَقَدَّمَهُ وَعَطَفَ عَلَيْهِ بِالْجَرِّ، قَوْلُهُ: وَخُفٌّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْجَوْرَبُ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ الْخِلَافُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ فِيهِ الْخِلَافُ فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ غَيْرُهُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَرْبَعَ مِنْ هَذِهِ السِّتِّ دَاخِلَةً فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَيَكُونُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ سِتَّ صُوَرٍ. (فَائِدَةٌ) الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: بِلَا حَائِلٍ) أَيْ عَلَى الْخُفِّ وَأَمَّا الْحَائِلُ الَّذِي عَلَى الرِّجْلِ تَحْتَ الْخُفِّ مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بِطَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ (قَوْلُهُ: كَطِينٍ) مَثَّلَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الْمُسَامَحَةِ فِيهِ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ شَعْرُ الْجِلْدِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِشَرْطِ جِلْدٍ إلَخْ يَشْمَلُ مَا بِهِ شَعْرٌ وَغَيْرُهُ وَلَكِنَّهُ يَبْعُدُ فِيمَا كَثُرَ شَعْرُهُ كَالْغَنَمِ وَالْمَعْزِ فَإِنْ مَسَحَ فَوْقَ الطِّينِ فَكَمَنْ تَرَكَ مَسْحَ أَسْفَلِهِ إنْ كَانَ الطِّينُ أَسْفَلَ وَأَعْلَاهُ إنْ كَانَ الطِّينُ أَعْلَى (قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ خُفٍّ) فِيهِ أَنَّ خُفًّا نَكِرَةٌ. (فَائِدَةٌ) الْخُفُّ يُقَالُ لِلْفَرْدَتَيْنِ فَهُوَ مُثَنَّى فِي الْمَعْنَى مُفْرَدٌ فِي اللَّفْظِ وَلَا يُقَالُ خُفَّانِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْفَرْدَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمِهْمَازَ) هَذَا فِي مِهْمَازٍ لَهُ اتِّسَاعٌ بِحَيْثُ يَكُونُ سَاتِرًا لِبَعْضِ الْخُفِّ لَا شَوْكَةَ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ لَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ مُغَشَّى بِهِمَا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي شَرْحِ عب ثُمَّ مَنْ كَانَ زَمَنَ رُكُوبِهِ غَالِبًا يَمْسَحُ عَلَيْهِ رَكِبَ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا وَمَنْ زَمَنُ رُكُوبِهِ نَادِرًا يَمْسَحُ عَلَيْهِ إنْ رَكِبَ لَا إنْ لَمْ يَرْكَبْ وَيَبْقَى مَا إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ أَرْبَعَةٌ: السَّفَرُ وَكَوْنُهُ مُبَاحًا وَرَاكِبٌ وَمُحْتَاجٌ لَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ يَحْضُرُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ قَاصِرٌ عَلَى السَّفَرِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَمْسَحَ مَسْحًا مُصَاحِبًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا مُتَعَلِّقٌ بِمَسَحَ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ أَيْ أَنْ يَمْسَحَ مَسْحًا مُصَاحِبًا فَيَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِكَائِنٍ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ تَجِدُ الثَّانِيَ هُوَ التَّحْقِيقَ (قَوْلُهُ لَا حَالٌ) أَيْ كَمَا فِي هُوَ فِي الْحَلِّ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ يَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ إتْيَانُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ. (فَائِدَةٌ) عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِنَخْسِ الدَّابَّةِ حَتَّى يُدْمِيَهَا أَيْ لِأَجْلِ سُرْعَةِ السَّيْرِ وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لَا بَأْسَ أَنْ يَنْخُسَهَا إنْ حَرَنَتْ عِنْدَ السَّيْرِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ رَبَّهَا. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ شَرْطِ الشَّارِعِ جِلْدًا وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَشُرِطَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَعْنَى اشْتِرَاطٍ وَعَلَى الثَّانِي مَشْرُوطٌ (قَوْلُهُ: طَاهِرٌ) اعْتَرَضَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 الْفَرْضِ وَأَمْكَنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ الَّذِي يَمْسَحُ عَلَيْهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ جِلْدًا لَا مَا صُنِعَ عَلَى هَيْئَةِ الْخُفِّ مِنْ قُطْنٍ وَنَحْوِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا نَجِسًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ وَلَوْ دُبِغَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا مُتَنَجِّسًا وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ خَرَزًا لَا مَا لُصِقَ عَلَى هَيْئَةٍ بِنَحْوِ رَسْرَاسٍ لِلسُّنَّةِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ وَهُوَ الْكَعْبَانِ لَا مَا نَقَصَ عَنْهُ لِأَنَّهُ إنْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْحِ نَقَصَ الْبَدَلُ عَنْ مُبْدَلِهِ وَالْأَصْلُ الْمُسَاوَاةُ وَإِنْ جَمَعَ مَعَهُ الْغَسْلَ جَمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَمِنْهَا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْمَشْيِ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ وَاسِعًا وَلَا ضَيِّقًا جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ لُبْسِهِ فَلَا يَمْسَحُ حِينَئِذٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ وَالْبَاءُ هُنَا لِلْمَعِيَّةِ وَفِي بِحَضَرٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِطَهَارَةٍ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ جِلْدُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ أَيْ حَالَ كَوْنِ هَذِهِ الْأُمُورِ مُصَاحِبَةً لِطَهَارَةِ مَاءٍ كَمُلَتْ وَقَوْلُهُ: بِلَا تَرَفُّهٍ حَالٌ أَيْضًا. (ص) بِطَهَارَةِ مَاءٍ كَمُلَتْ بِلَا تَرَفُّهٍ وَعِصْيَانٍ بِلُبْسِهِ أَوْ سَفَرِهِ (ش) لَمَّا قَدَّمَ شُرُوطَ الْمَمْسُوحِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شُرُوطِ الْمَاسِحِ وَهِيَ خَمْسَةٌ أَيْضًا مِنْهَا أَنْ يَلْبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ فَلَا يَمْسَحُ لَابِسُهُ عَلَى حَدَثٍ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ طَهَارَةً مَائِيَّةً وَلَوْ غَسْلًا فَلَا يَمْسَحُ لَابِسُهُ عَلَى طَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لُبْسُهُ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ حِسًّا بِأَنْ تَمَّ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ قَبْلَ لُبْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ أَوْ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا كَمَا يَأْتِي وَمَعْنَى: بِأَنْ كَانَ يُسْتَبَاحُ بِهَا الصَّلَاةُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ قَصَدَ دُخُولَ السُّوقِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لُبْسُهُ لَا بِقَصْدِ تَرَفُّهٍ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لُبْسُهُ خَالِيًا عَنْ عِصْيَانٍ أَمَّا إنْ وُجِدَ الْعِصْيَانُ فَلَا يَمْسَحُ سَوَاءٌ كَانَ الْعِصْيَانُ بِلُبْسِهِ كَرَجُلٍ مُحْرِمٍ أَوْ سَفَرِهِ كَآبِقٍ حَتَّى يَتُوبَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: بِطَهَارَةِ مَاءٍ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ إنْ عُلِّقَتْ بِشَرْطِ جِلْدٍ إلَخْ بِهِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ بِمَسَحَ إنْ عُلِّقَتْ بِشَرْطِ جِلْدٍ إلَخْ بِهِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهَا بِرُخِّصَ أَوْ بِمَسَحَ مَعَ اتِّحَادِ مَعْنَى الْبَاءِ   [حاشية العدوي] مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي عِنْدَ ذَلِكَ شَرْطًا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ شَرْطًا إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِالْبَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فَمَا هُنَا يَجْرِي عَلَى ذَلِكَ فَمَا يُفِيدُهُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى غَيْرِ الطَّاهِرِ بَاطِلٌ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُبِغَ) أَيْ إلَّا الْكِيمَخْتَ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُتَنَجِّسًا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَخُفٍّ وَنَعْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلسُّنَّةِ) ذَكَرَ تِلْكَ الْعِلَّةَ هُنَا دُونَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِي تِلْكَ الشُّرُوطِ وَلَمَّا لَمْ تَظْهَرْ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ أَيْ مَانِعٌ مِنْ لَصْقِ الْخُفِّ بِرَسْرَاسٍ وَنَحْوِهِ فَقَالَ لِلسُّنَّةِ (أَقُولُ) : إنَّ الْعِلَّةَ قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ اللَّصْقَ بِرَسْرَاسٍ بِصَدَدِ الزَّوَالِ فَظُهُورُ الرِّجْلِ مُتَرَقَّبٌ فَيَنْزِلُ ذَلِكَ الْخُفُّ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: لَا مَا نَقَصَ عَنْهُ) أَيْ لَا مَا نَقَصَ عَنْهُ بِذَاتِهِ فَيَدْخُلُ مَا يَنْزِلُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِثِقَلِ خِيَاطَتِهِ بِسِرْوَالٍ وَيُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ مَعَ سَتْرِهِ أَصَالَةً لِمَحَلِّهِ فَيَرْفَعُهُ حَالَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ لُبْسِهِ) أَيْ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ نُقِلَ فِي ك مَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ وُسْعِهِ وَأَمَّا انْتِفَاءُ ضَيِّقِهِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَمَتَى أَمْكَنَ لُبْسُهُ مُسِحَ وَإِلَّا فَلَا وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (تَنْبِيهٌ) : الْمُرَادُ بِتَتَابُعِ الْمَشْيِ بِهِ عَادَةً بِالنِّسْبَةِ لِذَوِي الْمُرُوآتِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ عَادَةً لِذَوِي الْمُرُوآتِ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ ذُو الْمُرُوءَةِ وَلَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ) عَلَيْهِ نَقُولُ: إنَّ شَرْطَ مَعْنَاهُ اشْتِرَاطٌ أَيْ رُخِّصَ تَرْخِيصًا مُصَاحِبًا لِاشْتِرَاطٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي بِحَضَرَ لِلظَّرْفِيَّةِ) فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ (قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ جِلْدٌ إلَخْ) أَيْ حَالٌ مِنْ مَضْمُونِ قَوْلِهِ جِلْدٌ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ التَّجْلِيدِ الْمَذْكُورِ لِطَهَارَةِ مَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَالٌ أَيْضًا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا وَاحِدٌ وَهُوَ التَّجْلِيدُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ بِشَرْطِ جِلْدٍ إلَخْ ثُمَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَطَهَارَةُ مَاءٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ فِي الْمَسْحِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ: الْأَرْخَصُ مَسْحٌ إلَخْ فَلَا يُقَالُ: إنَّمَا غَايَرَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ شُرُوطُ الْمَاسِحِ. وَهَذَا شُرُوطُ الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ: قَصْدُ دُخُولِ السُّوقِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ دُخُولَ السُّوقِ بِمَظِنَّةِ أَنْ يُصَابَ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُضِرَّةِ فَبِالْوُضُوءِ يَحْصُلُ صَوْنٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ أَيْ كَدُخُولٍ عَلَى سُلْطَانٍ أَوْ إرَادَةِ الْقِرَاءَةِ ظَاهِرًا أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ دُخُولِ مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سَفَرِهِ) الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ يَمْسَحُ عَلَى خُفِّهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ بَلْ تَكُونُ فِي الْحَضَرِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْعِصْيَانَ بِالسَّفَرِ وَالْمُرَادُ بِهِ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي رُخْصَةٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ كَقَصْرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الرُّخْصَةُ الَّتِي تَكُونُ فِيهِ وَفِي الْحَضَرِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَلَا أَثَرَ لِلْعِصْيَانِ بِالسَّفَرِ فِيهَا وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ بِغَيْرِ السَّفَرِ كَلُبْسِ خُفٍّ لِمُحْرِمٍ فَتُمْنَعُ رُخْصَتُهُ الَّتِي تَكُونُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ السَّابِقُ وَإِنْ صَحَّ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَاءُ فِي بِطَهَارَةٍ وَيُوَافِقُ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ: سَابِقٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ وَالْبَاءُ هُنَا لِلْمَعِيَّةِ إلَّا أَنَّك إذَا عَلَّقْت الْبَاءَ فِي بِشَرْطِ بِرُخِّصَ مَعَ كَوْنِ الْبَاءِ بِمَعْنَى مَعَ تُؤَوَّلُ شُرِطَ بِاشْتِرَاطٍ أَيْ رُخِّصَ مَعَ اشْتِرَاطِ جِلْدٍ أَيْ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِطَهَارَةٍ سَبَبِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي بِشَرْطٍ لِلسَّبَبِيَّةِ مَعَ تَأْوِيلِ شُرِطَ بِاشْتِرَاطٍ وَصِحَّةُ الْبَاءِ فِي بِطَهَارَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا إذَا جُعِلَتْ شَرْطًا بِمَعْنَى مَشْرُوطٍ وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ فَيَصِحُّ الْعَكْسُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَسَحَ إنْ عُلِّقَتْ إلَخْ) أَيْ وَالْبَاءُ فِي بِاشْتِرَاطٍ لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ وَالْبَاءُ فِي بِطَهَارَةٍ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ رُخِّصَ الْمَسْحُ بِسَبَبِ شَرْطٍ أَيْ مَشْرُوطٍ هُوَ طَهَارَةٌ وَهَذَا أَقْرَبُ مَا يُقَالُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (ص) فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ (ش) لَمَّا أَكْمَلَ الشُّرُوطَ تَرَكَ الْكَلَامَ عَلَى مَفْهُومِ الْوَاضِحِ مِنْهَا وَتَكَلَّمَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَذَكَرَ أَنَّ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ تَتَابُعِ الْمَشْيِ لَا يُمْسَحُ خُفٌّ وَاسِعٌ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فِيهِ بِسُهُولَةٍ غَالِبًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ الْمُحْتَرِزَاتِ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ لَكِنْ عَطَفَهَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ اتِّكَالًا عَلَى ذِهْنِ السَّامِعِ اللَّبِيبِ. (ص) وَمُخَرَّقٌ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ (ش) أَيْ وَبِسَبَبِ اشْتِرَاطِ سَتْرِهِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ لَا يُمْسَحُ مُخَرَّقٌ كَثِيرًا قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ لَا ثُلُثِ جَمِيعِ الْخُفِّ سَوَاءٌ ظَهَرَ مِنْهُ الْقَدَمُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ أَسْفَلِهِ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ يَمْنَعُ الْمَسْحَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِشَكٍّ) هَلْ بَلَغَ الثُّلُثَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَسْلَ أَصْلٌ، وَالشَّكُّ فِي الرُّخْصَةِ يُبْطِلُهَا ثُمَّ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ بِشَكٍّ إنْ الْتَصَقَ وَفِي بَعْضِهَا بَلْ دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ أَيْ الثُّلُثُ وَفِي بَعْضِهَا إلَّا دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ وَفِي بَعْضِهَا لَا أَقَلَّ إنْ الْتَصَقَ وَمَعْنَى الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ أَيْ أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَى الْخَرْقِ الَّذِي يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ مُلْتَصِقًا بَعْضُهُ بِبَعْضِهِ كَالشِّقِّ وَقَوْلُهُ (كَمُنْفَتِحِ صِغَرٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ بَلْ دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ بِالْجَوَازِ وَهُوَ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَيُحْمَلُ الصِّغَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَصِلُ بَلَلُ الْيَدِ فِي الْمَسْحِ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ إنْ الْتَصَقَ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَلْتَصِقْ فَلَا يُمْسَحُ كَمُنْفَتِحٍ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ وَهُوَ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا إذَا كَانَ يَصِلُ بَلَلُ الْيَدِ فِي الْمَسْحِ إلَيْهِ وَمَا حَلَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. (ص) أَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ أَوْ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا حَتَّى يَخْلَعَ الْمَلْبُوسَ قَبْلَ الْكَمَالِ (ش) أَفَادَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا كُمِّلَتْ بِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ أَوَّلًا وَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ وُضُوءَهُ أَوْ لَمْ يُنَكِّسْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا غَسَلَ رِجْلًا مِنْ رِجْلَيْهِ أَدْخَلَ فِيهَا الْخُفَّ قَبْلَ غَسْلِهِ الْأُخْرَى فَلَا يَمْسَحُ إذَا أَحْدَثَ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ قَبْلَ طَهَارَةِ مَاءٍ غَيْرِ كَامِلَةٍ وَمِثْلُهُمَا مَا إذَا لَبِسَ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ ذَكَرَ لَمْعَةً فَأَتَى بِهَا فَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ وَخَلَعَ الْمَلْبُوسَ قَبْلَ الْكَمَالِ وَهُوَ الرِّجْلَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ لَبِسَ مَا خَلَعَهُ فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ إذَا أَحْدَثَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَهُمَا بَعْدَ الْكَمَالِ فَقَوْلُهُ أَوْ غَسَلَ إلَخْ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ فَاعِلٍ لِمَحْذُوفٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ أَيْ وَلَا يُمْسَحُ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا إلَخْ ثُمَّ إنَّ " لَبِسَ " بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ لَبِسَ يَلْبَسُ لُبْسًا وَعَكْسُهُ مِنْ لَبَسَ الْأَمْرُ إذَا اخْتَلَطَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] . (ص) وَلَا مُحْرِمٌ لَمْ يُضْطَرَّ (ش) أَفَادَ بِهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَعِصْيَانٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُحْرِمَ إذَا لَبِسَ خُفًّا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِلُبْسِهِ فَإِنْ لَبِسَهُ لِضَرُورَةٍ   [حاشية العدوي] عَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِهِمَا بِمَسَحَ يَصِحُّ الْعَكْسُ بِجَعْلِ الْبَاءِ فِي بِشَرْطِ لِلْمَعِيَّةِ وَفِي بِطَهَارَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَدَارُ عَلَى التَّغَايُرِ (تَنْبِيهٌ) : هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ بِطَهَارَةٍ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ: جِلْدٌ ظَاهِرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ) أَيْ لَا يَسْتَقِرُّ جَمِيعُ الْقَدَمِ أَوْ جُلُّهَا فِي مَحَلِّهِ مِنْ الْخُفِّ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَمُخَرَّقٌ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ) الْمُرَادُ ثُلُثُ مَحَلِّ الْمَسْحِ فَمَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْخَرْقِ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: كَثِيرًا) كَذَا فِي ك بِالْكَافِ وَالثَّاءِ وَالْيَاءِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ الْمُنَاسِبِ لِقَوْلِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ أَنْ يَقُولَ كَبِيرًا لِأَنَّ مَرْجِعَهُ لِلْكَيْفِيَّةِ، وَالْكَثْرَةُ تَرْجِعُ لِلْكَمِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ نَحْوُهُ لِابْنِ بَشِيرٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَسْكَرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ الْكَثِيرَ هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ جُلُّ الْقَدَمِ وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْمَنْصُوصِ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ أَسْفَلِهِ) وَلَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ: وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ لَا أَسْفَلَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ مِنْ شُرُوطِ الْمَسْحِ سَتْرَ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَمَا فِيهِ الْخَرْقُ الْكَثِيرُ قَدْ انْتَفَى فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشَكٍّ إلَخْ) قَالَ عج وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ أَوْ أَنَّ الْوَهْمَ يُلْغِي وَلَوْ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَيُلْغِي الْوَهْمَ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَا يُؤَثِّرُ فَإِغْيَاؤُهُ هُنَا فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ بِشَكٍّ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمَسْحُ رُخْصَةً ضَعِيفَةً يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ سَابِقًا لَهَا الشَّكُّ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْخَرْقُ فِي الْخُفِّ لُفِّقَ (قَوْلُهُ: إنْ الْتَصَقَ إلَخْ) أَيْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ عِنْدَ الْمَشْيِ بِهِ وَعَدَمِهِ فَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْفَتِحُ وَاتَّفَقَ انْفِتَاحُهُ بَعْدَ مَا مَسَحَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْتَصَقَ فَكَالْجَبِيرَةِ إذَا دَارَتْ لَا يَبْطُلُ مَسْحُهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِشَكٍّ إنْ الْتَصَقَ أَصْلُهُ لَا دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ وَمَسَحَهُ بَلْ دُونَهُ أَيْ بَلْ يُمْسَحُ دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ فَقَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ الشَّرْطُ وَلَعَلَّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَطْفَ بِلَا بَعْدَ النَّفْيِ يَمْتَنِعُ إلَّا أَنْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ الصِّغَرُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَى الْمُنْفَتِحِ إنْ صَغُرَ وَلَوْ تَعَدَّدَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ وَضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ لَكَانَ ثُلُثًا انْتَهَى لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ فِي ك (قَوْلُهُ: فَلَبِسَهُمَا) ثَنَّى بِاعْتِبَارِ فَرْدَتَيْ الْخُفِّ وَلَوْ أَفْرَدَ لَكَانَ أَخْصَرَ لِأَنَّ الْخُفَّ اسْمٌ لِلْفَرْدَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَخْلَعَ الْمَلْبُوسَ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ لَا يُقَالُ فِي الْأَخِيرَةِ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْبَدْءِ بِالْيُمْنَى فِي اللُّبْسِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدْخَلَةَ قَبْلَ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ أَوَّلًا الْبَدْءُ بِهَا وَالنَّزْعُ لِلضَّرُورَةِ فَأَشْبَهَ نَزْعَ الْيُمْنَى لِأَجْلِ عَوْدٍ فِي خُفِّهِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْكَمَالِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ تُضْطَرَّ لِأَنَّ إحْرَامَهَا فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ. (ص) وَفِي خُفٍّ غُصِبَ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا غَصَبَ خُفًّا وَلَبِسَهُ فَهَلْ يَجُوزُ مَسْحُهُ عَلَيْهِ أَوْ يُمْنَعُ الْأَوَّلُ لِلْقَرَافِيِّ، وَالثَّانِي لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ ثُمَّ إنَّ التَّرَدُّدَ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ وَعَدَمِهِ لَا يُنَافِي الِاتِّفَاقَ عَلَى مَنْعِ لُبْسِهِ، وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ وَقَعَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ أَمَّا إنْ وَقَعَ عَلَى خُفٍّ أَعْلَى مَمْلُوكٍ لِلْمَاسِحِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ قَوْلًا وَاحِدًا. (ص) وَلَا لَابِسٍ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَوْ لِيَنَامَ وَفِيهَا يُكْرَهُ (ش) أَفَادَ بِهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَتَرَفُّهٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَبِسَ خُفًّا لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ كَرَاهَةَ مَشَقَّةِ الْغَسْلِ فَقَطْ أَوْ لِحِنَّاءٍ فِي رِجْلَيْهِ أَوْ لِخَوْفِ عَقَارِبَ أَوْ لَبِسَهُ لِيَنَامَ فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ لِوُجُودِ التَّرَفُّهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُعِيدُ أَبَدًا وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَفَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَهُ لِدَفْعِ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَقَارَنَهُ قَصْدُ الْمَسْحِ وَغَيْرُهُ لَا يَضُرُّ وَانْظُرْ الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَكُرِهَ غَسْلُهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَكْرُوهَاتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمُبْطِلَاتِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِهِ وَبَعْضِ مَفَاهِيمِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلَابِسِ الْخُفِّ غَسْلُهُ لِئَلَّا يُفْسِدَهُ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْغَسْلِ فَيَقَعُ الْمَأْمُورُ بِهِ تَبَعًا وَالْأَصْلُ كَوْنُهُ مَقْصُودًا وَيُجْزِيهِ أَنَّ غَسْلَهُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْمَسْحُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ لِيَأْتِيَ بِالْأَصْلِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ لَوْ غَسَلَهُ أَوْ مَسَحَهُ لِطِينٍ بِهِ نَاوِيًا مَسْحَهُ فِي الْوُضُوءِ فَنَسِيَ وَصَلَّى فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَيَمْسَحُهُ وَيُعِيدُ وَلَوْ نَوَى بِغَسْلِهِ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ أَوْ الطِّينِ وَرَفْعَ الْحَدَثِ جَمِيعًا أَجْزَأَ. (ص) وَتَكْرَارُهُ تَتَبُّعُ غُضُونِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلَابِسِ الْخُفِّ تَكْرَارُ الْمَسْحِ   [حاشية العدوي] يَتَعَلَّقُ بِالْمَلْبُوسِ لَا بِيَخْلَعُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَفِي خُفٍّ غُصِبَ تَرَدُّدٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجُوزُ مَسْحُهُ أَوْ يُمْنَعُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَوْ صَلَّى بَعْدَ مَا مَسَحَ عَلَيْهِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَوْ لَا اسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الصِّحَّةَ إلَّا أَنَّ حَلَّ تت وَفِي إجْزَائِهِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى هَذَا الْحَلِّ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ فَإِنْ قُلْت مَا الظَّاهِرُ مِنْ الْحَلَّيْنِ قُلْت حَلُّ شَارِحِنَا وَوَجْهُ الْإِجْزَاءِ عَلَى حَلِّ تت أَنَّ الْغَاصِبَ مَأْذُونٌ فِي الْمَسْحِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْمَنْعُ عَارِضٌ أَدْرَكَهُ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَأَشْبَهَ غَاصِبَ مَاءِ الْوُضُوءِ وَمُدْيَةِ الذَّبْحِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ فَيَأْثَمُونَ وَيَصِحُّ فِعْلُهُمْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ الْمَسْحُ أَلْبَتَّةَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تَبْقَى مَعَ الْمَعْصِيَةِ وَتِلْكَ الْمَسَائِلُ عَزَائِمُ تُجَامِعُ الْمَعْصِيَةَ وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ آكَدُ وُجِدَ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ آكَدُ مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ أَيْضًا فَهُوَ أَوْلَى فَالْقِيَاسُ صَحِيحٌ قَالَهُ فِي ك قَالَ الْبَدْرُ (تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ الْخُفَّ الْمَسْرُوقَ هَلْ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاء لِكَوْنِ الْغَاصِبِ لَهُ شُبْهَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّارِقِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالْقِيمَةِ فِي الْجُمْلَةِ لِضَمَانِهِ لَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَذَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي. (قَوْلُهُ: أَوْ لِخَوْفِ عَقَارِبَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَنَامَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ لَبِسَهُ لِيَنَامَ فِيهِ وَإِذَا قَامَ نَزَعَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَهَذَا لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَبِسَهُ لِيَنَامَ فِيهِ خَوْفًا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ فِي الْبَابِ وَإِذَا كَانَ لَبِسَهُ وَإِذَا قَامَ مَسَحَهُ فَهَذَا لَابِسٌ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَفَادَهُ فِي ك وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ لِحِنَّاءٍ أَوْ لِيَنَامَ أَوْ تَقُولُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَابِسُهُ لِلْمَسْحِ كَالْمَرْأَةِ لِلْحِنَّاءِ، وَالرَّجُلِ لِيَنَامَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَيْ خَوْفًا مِنْ مَشَقَّةِ الْغَسْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِيَنَامَ أَيْ لَبِسَهُ لِيَنَامَ أَيْ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ النَّوْمِ خَوْفًا مِنْ أَكْلِ بَرَاغِيثَ فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ قَوْلَهُ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْكَرَاهَةَ إلَخْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِهَا) لِأَنَّهَا قَالَتْ لَا يُعْجِبُنِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْكَرَاهَةِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا يُكْرَهُ أَيْ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَقَارَنَهُ قَصْدُ الْمَسْحِ) أَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا لَابِسَ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ مَعْنَاهُ وَلَا لَابِسٌ لِلْمَسْحِ الْمُجَرَّدِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةُ مُخَصِّصَةٌ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّنْ لَبِسَهُ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ لَبِسَهُ لِدَفْعِ ضَرُورَةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَقَارَنَهُ قَصْدُ الْمَسْحِ. (تَتِمَّةٌ) يَمْسَحُ أَيْضًا مَنْ اعْتَادَ لُبْسَهُ أَوْ لَبِسَهُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْأَسْئِلَةَ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ الْمَأْمُورُ تَبَعًا) كَأَنَّهُ يَقُولُ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ أَوَّلُ جَزْءٍ يَقَعُ مِنْ الْغَسْلِ أَيْ فَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ الْغَسْلِ فَقَدْ وَقَعَ الْمَأْمُورُ بِهِ تَبَعًا أَيْ فِي الْقَصْدِ لَا فِي الْوُجُودِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَسْحَ سَابِقٌ فِي الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِيهِ أَنَّ غَسْلَهُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ أَوْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ قَصَدَ بِغَسْلِهِ مَسْحَهُ وَأَمَّا إنْ غَسَلَهُ لَا لِشَيْءٍ أَصْلًا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا نُسَلِّمُ لَهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا غَسَلَهُ وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ فَهُوَ نَاوٍ لِلْمَسْحِ ضِمْنًا وَأَمَّا إنْ مَسَحَهُ فَإِنْ مَسْحَهُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ انْضَمَّ لِذَلِكَ نِيَّةُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا وَإِذَا مَسَحَهُ بِنِيَّةِ إزَالَةِ الطِّينِ فَقَطْ أَوْ النَّجَاسَةِ الَّتِي يُعْفَى عَنْهَا إذَا دُلِكَتْ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا مَسَحَهُ بِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 بِمَاءٍ جَدِيدٍ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَمِمَّا يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَتَبَّعَ غُضُونَ خُفِّهِ بِالْمَسْحِ أَيْ تَجْعِيدَاتِهِ لِمُنَافَاتِهِ التَّخْفِيفَ فَالضَّمِيرُ فِي تَكْرَارِهِ لِلْمَسْحِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ عَوْدَهُ لِلْغَسْلِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَغَسْلُهُ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْمَسْحِ. (ص) وَبَطَلَ بِغَسْلٍ وَجَبَ (ش) أَيْ انْتَهَى حُكْمُهُ كَذَا قِيلَ وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا حَقِيقَةَ الْبُطْلَانِ وَلَوْ أَتَى بِإِلَى لِيَكُونَ غَايَةً لِلْمَسْحِ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ غَايَةُ الْمَسْحِ إلَى غَسْلٍ وَاجِبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَسْحَ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْغُسْلُ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَبَطَلَ بِمُوجِبِ غُسْلٍ أَيْ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ أَمْ لَا (ص) وَبِخَرْقِهِ كَثِيرًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَرَأَ عَلَى الْخُفِّ خَرْقٌ كَثِيرٌ وَتَقَدَّمَ حَدُّهُ فَإِنَّهُ يَنْزِعُ خُفَّيْهِ مَعًا وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَهَا فَلَا يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ وَمُخَرَّقٌ قَدْرَ الثُّلُثِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ وَهَذَا فِي الدَّوَامِ (ص) وَبِنَزْعِ أَكْثَرِ رِجْلٍ لِسَاقِ خُفِّهِ لَا الْعَقِبِ (ش) أَيْ وَبَطَلَ الْمَسْحُ بِنَزْعِ أَكْثَرِ قَدَمِ رِجْلِهِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ لِمَحَلِّ سَاقِ خُفِّهِ بِأَنْ صَارَ سَارِقُ الْخُفِّ تَحْتَ الْقَدَمِ وَأَحْرَى كُلُّهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الْجَلَّابِ تَفْسِيرٌ لَهَا لِأَنَّ شَرْطَ الْمَسْحِ كَوْنُ الرِّجْلِ فِي الْخُفِّ وَأَمَّا نَزْعُ الْعَقِبِ وَالْقَدَمِ كَمَا هِيَ فِي الْخُفِّ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ سَوَاءٌ نَزَعَ الْعَقِبَ بِقَصْدِ أَنْ يَنْزِعَ الْخُفَّ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَدَّهُ أَوْ مِنْ حَرَكَةِ الْمَشْيِ وَقَوْلُهُ وَبِنَزْعٍ وَأَوْلَى انْتِزَاعٌ وَحُكْمُ نَزْعِ النِّصْفِ مِنْ الْقَدَمِ كَحُكْمِ الْعَقِبِ اعْتِبَارًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَكْثَرِ رِجْلٍ ثُمَّ إنَّهُ أَطْلَقَ الرِّجْلَ هُنَا عَلَى الْقَدَمِ وَقَوْلُهُ لَا الْعَقِبِ مَعْطُوفٌ عَلَى أَكْثَرَ لَا عَلَى رِجْلٍ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ (ص) وَإِذَا نَزَعَهُمَا أَوْ أَعْلَيَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا بَادَرَ لِلْأَسْفَلِ كَالْمُوَالَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّابِسَ لِلْخُفَّيْنِ إذَا مَسَحَ عَلَيْهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ ثُمَّ نَزَعَهُمَا أَوْ عَلَى مُزْدَوِجَيْنِ ثُمَّ نَزَعَ أَعْلَيَيْهِ جَمِيعًا أَوْ نَزَعَ أَحَدَ الْمُنْفَرِدَيْنِ أَوْ أَحَدَ الْمُزْدَوِجَيْنِ وَأَبْقَى الْآخَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْمُبَادَرَةُ إلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَيَجِبُ نَزْعُ الْفَرْدَةِ الْأُخْرَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ وَإِلَى مَسْحِ الْأَسْفَلَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي الرَّابِعَةِ وَلَا يَجِبُ فِيهَا نَزْعٌ إلَّا عَلَى الْآخَرِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ بَقَاءُ الْبَدَلِيَّةِ هُنَا وَبُطْلَانُهَا هُنَاكَ وَلَوْ أَعَادَ لُبْسَ الْأَعْلَى بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَى الْأَسْفَلِ جَازَ لَهُ إذَا أَحْدَثَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَادَرَ لَوْ أَخَّرَ الْغَسْلَ أَوْ الْمَسْحَ بَنَى أَوْ اسْتَأْنَفَ كَالتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْمُوَالَاةِ مِنْ نِسْيَانٍ وَعَجْزٍ وَعَمْدٍ وَتَحْدِيدٍ بِجَفَافٍ وَعَدَمِهِ وَيُقَدَّرُ بِزَمَنٍ لَوْ كَانَ هَذَا الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا. (ص) وَإِنْ نَزَعَ رِجْلًا وَعَسُرَتْ الْأُخْرَى وَضَاقَ الْوَقْتُ فَفِي تَيَمُّمِهِ أَوْ مَسْحِهِ عَلَيْهِ أَوْ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا مُزِّقَ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: تَكْرَارُ الْمَسْحِ) وَهُوَ بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَسْحِ لَا عَلَى الْخُفِّ لِئَلَّا يُنَافِيَ قَوْلَهُ وَخُفٌّ وَلَوْ عَلَى خُفٍّ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا فِي أَوْقَاتٍ لِئَلَّا يُعَارِضَ وَنُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ وَبَطَلَ بِغَسْلٍ وَجَبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ جَدِيدٍ) وَأَمَّا بِدُونِهِ فَلَا فَلَوْ جَفَّتْ يَدُ الْمَاسِحِ أَثْنَاءَ الْمَسْحِ لَمْ يُجَدِّدْ وَكُمِّلَ الْعُضْوُ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْجَفَافُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ ثُمَّ إنْ كَانَ الثَّانِيَ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ بَلْهَا لِلثَّانِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّجْدِيدِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ الْفَرْضُ إذَا جَفَّتْ فَيُعِيدُهُ وَبَيْنَ عَدَمِ التَّجْدِيدِ هُنَا لِلرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ أَنَّ الْمُطَهَّرَ الرِّجْلُ وَالْخُفُّ لَيْسَ الْمُطَهَّرَ أَصَالَةً وَلَا يُشْتَرَطُ نَقْلُ الْمَاءِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا حَقِيقَةَ الْبُطْلَانِ) يُجَابُ بِأَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى بِإِلَى) الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِفَاءِ التَّفْرِيغِ أَيْ فَلَوْ أَتَى وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ وَبَطَلَ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ بِمُوجِبِ إلَخْ) ثَمَرَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي وُضُوءِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ حَدُّهُ) وَهُوَ الثُّلُثُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي حُكْمِهِ كَالْأَقَلِّ مِنْهُ الْمُنْفَتِحِ الَّذِي لَمْ يُصَغَّرْ جِدًّا فَإِنْ خَيَّطَ الْخُفَّ وَرَدَّ الرِّجْلَ مَكَانَهَا فَوْرًا أَعَادَ الْمَسْحَ (قَوْلُهُ: لِمَحَلِّ سَاقِ الْخُفِّ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ لِمَحَلٍّ هُوَ سَاقُ الْخُفِّ (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْقَدَمِ) الْمُنَاسِبُ تَحْتَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْجَلَّابِ تَفْسِيرٌ) أَيْ مُبَيِّنٌ لِلْمَقْصُودِ أَيْ بِأَنْ تَقُولَ: وَمِثْلُ الْكُلِّ الْأَكْثَرُ ثُمَّ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا شَهَرَهُ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ تَقَدَّمَ عَلَى تَشْهِيرِ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى انْتِزَاعٌ) غَيْرُ مُنَاسِبٍ بَلْ هُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَصْدِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ نَزَعْتُهُ قَلَعْتُهُ وَحَوَّلْتُهُ وَانْتَزَعْتُهُ مِثْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْظُرْ لِكَلَامِ الصِّحَاحِ لَكَانَ الَّذِي يُفْهَمُ أَنَّ الِانْتِزَاعَ مُطَاوِعُ نَزَعَ فَلَا تَظْهَرُ تِلْكَ الْأَوْلَوِيَّةُ إلَّا عَلَى فَرْضِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُعَبِّرُ بِانْتِزَاعٍ فَيُقَالُ وَأَوْلَى نَزَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَاسِدٌ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ وَيَنْزِعُ أَكْثَرَ رِجْلٍ لِسَاقِ خُفِّهِ لَا أَكْثَرَ الْعَقِبِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْعَقِبُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِي جَعْلِهِ فَاسِدًا تَسَمُّحٌ لِأَنَّا نَقُولُ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ الْمُنْفَرِدَيْنِ وَلَوْ قَالَ نَزَعَهُ بِالْإِفْرَادِ أَيْ الْخُفَّ كَفَلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْلَيَيْهِ) أَيْ أَعْلَى الشَّخْصِ أَوْ أَعْلَى جِنْسِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يَنْزِعُ الْأُخْرَى وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْمُنَاسِبُ بَيْنَهَا بِالْإِفْرَادِ أَيْ الرَّابِعَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَ رِجْلًا) أَيْ جَمِيعًا أَوْ الْجُلَّ (قَوْلُهُ: وَعَسُرَتْ الْأُخْرَى) أَيْ عَسُرَ عَلَيْهِ نَزْعُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَسْحِهِ عَلَيْهِ) ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِهِ وَاحْتَاجَ لِطَهَارَةٍ أُخْرَى أَيْ قَبْلَ نَقْضِ الطَّهَارَةِ الْأُخْرَى هَلْ يَلْبَسُ الْمَنْزُوعَةَ وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا أَوْ يَنْزِعُ الَّتِي عَسُرَتْ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَلَكِنَّهُ خِلَافُ قَاعِدَتِهِ وَقَاعِدَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَنَّ الثَّالِثَ هُوَ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ قَيْدٍ وَلَوْ جَرَى عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ لَقَالَ فَفِي مَسْحِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَيَمُّمِهِ أَوْ إنْ كَثُرَتْ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهِيَ قَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٍ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمُتَابِعِينَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَإِلَّا فَهَلْ يَقْبَلُ الدَّفْعَ أَوْ فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ أَوْ لَا أَقْوَالٌ (قَوْلُهُ: مُزِّقَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 اللَّابِسَ لِلْخُفَّيْنِ إذَا نَزَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ فَرْدَةِ الْخُفِّ وَعَسُرَ نَزْعُ الْأُخْرَى وَخَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَهَلْ يَتَيَمَّمُ إعْطَاءً لِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ حُكْمَ مَا تَحْتَ الْخُفِّ وَتَعَذُّرُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَتَعَذُّرِ جَمِيعِهَا نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ أَوْ يَغْسِلُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الْخُفَّ وَيَمْسَحُ الْأُخْرَى قِيَاسًا عَلَى الْجَبِيرَةِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ مَا تَحْتَ الْحَائِلِ مِنْ غَيْرِ تَمْزِيقٍ حِفْظًا لِلْمَالِيَّةِ قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ يُمَزِّقُهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ إنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ وَيَمْسَحُ عَلَيْهِ إنْ كَثُرَتْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِعَلَى رَاجِعٌ إلَى الْخُفِّ الَّذِي تَعَذَّرَ خَلْعُهُ مِنْ إحْدَى الرَّجُلَيْنِ وَلَا إشْكَالَ فِي غَسْلِ الْمَنْزُوعَةِ وَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهَا فَقَوْلُهُ: أَقْوَالٌ هُوَ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ فَفِي كَذَا وَحُذِفَ الْمُضَافُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ إذْ التَّقْدِيرُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَمَفْهُومُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ إذَا اتَّسَعَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّزْعِ كَمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ قِلَّةَ الْقِيمَةِ وَكَثْرَتَهَا بِحَسَبِ الشَّخْصِ وَيُحْتَمَلُ تَحْدِيدُهَا بِمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ بِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَقِيلَ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْخُفِّ. (ص) وَنُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلَابِسِ الْخُفِّ نَزْعُهُ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ لِأَجْلِ غَسْلِهَا وَيُسْتَحَبُّ نَزْعُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَيْضًا مُرَاعَاةً لِأَحْمَدَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَمْ لَا (ص) وَوَضَعَ يُمْنَاهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَيُسْرَاهُ تَحْتَهَا وَيُمِرُّهُمَا لِكَعْبَيْهِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ أَيْضًا وَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى طَرَفِ أَصَابِعِهِ مِنْ ظَاهِرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى وَوَضْعُ الْيُسْرَى تَحْتَ أَصَابِعِهِ مِنْ بَاطِنِ خُفَّيْهِ فَيُمِرُّهُمَا إلَى حَدِّ الْوُضُوءِ وَاخْتُلِفَ فِي مَسْحِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى هَلْ يَضَعُ يَدَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ أَصَابِعِهَا أَوْ فَوْقَهَا لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ الْيُسْرَى كَذَلِكَ أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا تَأْوِيلَانِ (ش) وَقِيلَ يَبْدَأُ فِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ الْيَدُ الْيُمْنَى مِنْ الْأَصَابِعِ وَالْيُسْرَى مِنْ الْعَقِبِ وَيُمِرُّهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ وَهَلْ يَأْتِي فِيهِمَا الْخِلَافُ فِي وَضْعِ الْيُسْرَى فَعَلَى إتْيَانِهِ يَتَحَصَّلُ سِتُّ صِفَاتٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي صِفَتِهِ بَعْدَ زَوَالِ طَيَّتِهِ سِتٌّ الْكَافِي وَكَيْفَمَا مَسَحَ أَجْزَأَ اهـ. (ص) وَمَسَحَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ (ش) أَيْ وَنُدِبَ مَسْحُ أَعْلَاهُ مَعَ أَسْفَلِهِ يَعْنِي أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالتَّلْقِينِ وَالْمَعُونَةِ قَالَ الشَّبِيبِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَوُجُوبُ مَسْحِ الْأَعْلَى يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ لَا أَسْفَلَهُ فَفِي الْوَقْتِ أَيْ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَاسِحِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ أَسْفَلِ خُفِّهِ وَصَلَّى لَا إنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ أَعْلَاهُ وَتَرَكَ مَسْحَ أَسْفَلِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَتَرْكُ بَعْضِ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ كَتَرْكِهِ كُلِّهِ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي مَسْحِ الْأَسْفَلِ بِالْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الْوُضُوءِ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ وَبَعْضُهُمْ عَلَّلَ إعَادَةَ الْوُضُوءِ بِأَنَّهُ لَمَّا تَرَكَ مَسْحَ الْأَسْفَلِ جَاهِلًا حَتَّى طَالَ كَانَ فِيهِ خَرْمُ الْمُوَالَاةِ الْمُشْتَرَطَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ الطَّهَارَةَ الْمَائِيَّةَ بِقِسْمَيْهَا صُغْرَى وَكُبْرَى وَمَا يَنُوبُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ فِي   [حاشية العدوي] وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ: خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ) الْمُعْتَمَدُ أَنْ نَقُولَ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارٌ أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: إذْ التَّقْدِيرُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ) فَإِنْ قُلْت: إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِكَوْنِهِ عُطِفَ بِأَوْ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ غُسْلِهَا) يُطَالَبُ بِهِ مَنْ يَطْلُبُ بِالْجُمُعَةِ وَلَوْ نَدْبًا كَمَا قَالَهُ الْجِيزِيُّ ثُمَّ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ قَصْرُ النَّدْبِ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْغُسْلَ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ نَدْبُ نَزْعِهِ مُطْلَقًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ عُرْيًا مِنْ الرُّخْصَةِ قَالَهُ زَرُّوقٌ (فَإِنْ قُلْت) لِمَ لَمْ يُسَنَّ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لِمَنْ يُسَنُّ لَهُ غَسْلُهَا لِأَنَّ الْوَسِيلَةَ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا (قُلْت) سُنِّيَّةُ الْغُسْلِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَابِسًا خُفًّا وَإِلَّا نُدِبَ لَكِنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ نَزْعُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَيْ عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَزَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا لَوْ نَزَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِنَزْعِهِ تَمَامَ الْأُسْبُوعِ مِنْ لُبْسِهِ (قَوْلُهُ: وَوَضْعُ يُمْنَاهُ إلَخْ) أَشْعَرَ نَدْبُ مَا ذُكِرَ إجْزَاءَ الْمَسْحِ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ إنْ عَمَّ كَرَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمِرُّهُمَا) مِنْ أَمَرَّ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْيُسْرَى كَذَلِكَ) هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ شَبْلُونٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْفِيشِيُّ وَاخْتَارَ سَنَدٌ تَأْوِيلَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَرَجَّحَهُ بِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَوَهَمَ ابْنُ شَبْلُونٍ فِي تَأْوِيلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ أَرْجَحُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَقِبِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعَقِبِ. (قَوْلُهُ: وَمَسَحَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَجْنَابَ الرِّجْلَيْنِ كَالْأَعْلَى لِأَنَّ الْأَبْوَابَ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الظَّاهِرُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِالْأَعْلَى يُلْحَقُ فِيهَا الْأَجْنَابُ بِالْأَعْلَى كَأَجْنَابِ اللِّحْيَةِ وَكَأَجْنَابِ الْأَصَابِعِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا قَارَبَ الْأَسْفَلَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَمَا عَدَاهُ يُعْطَى حُكْمَ الْأَعْلَى وَلَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ أَيْ عِنْدَ تَرْكِ مَسْحِ الْأَعْلَى تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا نَعَمْ لَهُ الْبِنَاءُ فِي النِّسْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الْعَمْدِ وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ إذَا لَمْ يَطُلْ وَأَمَّا إذَا طَالَ فَيَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ) أَيْ حَيْثُ تَرَكَ مَسْحَ الْأَسْفَلِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا أَوْ عَجْزًا وَطَالَ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ فَقَطْ وَكَذَا إنْ كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا طَالَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ) أَيْ مَا دَامَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الْوُضُوءِ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَجْدِيدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّجْدِيدَ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْبَابِ فَذِكْرُهُ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) وَجْهُهُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ الْمُشْتَرَطَةَ وُجُوبًا إنَّمَا تَكُونُ فِي فَرَائِضَ، وَمَسْحُ الْأَسْفَلِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِالْمَشْرُوطِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاجِبِ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ كَانَ فِيهِ حَرَّمَ الْمُوَالَاةَ الْمُشْتَرَطَةَ أَيْ مُرَاعًى فِيهِ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الصُّغْرَى شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَنُوبُ عَنْ جَمِيعِهَا فِيهِمَا وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَمَسْحُ الْجَبَائِرِ فَقَالَ (فَصْلٌ فِي مُتَعَلِّقَاتِ التَّيَمُّمِ) مِنْ أَعْذَارٍ نَاقِلَةٍ إلَيْهِ وَمُتَيَمَّمٍ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ وَلَمْ يَجِدْهُ ابْنُ عَرَفَةَ شَرْعًا وَنَقَلَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَانَ جَلِيًّا لَمْ أَجِدْهُ اهـ. وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ زَادَ ابْنُ نَاجِي تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَزَادَ التَّادَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِنَا طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمَا تُرَابِيَّةٌ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُتَيَمَّمُ عَلَى الْجِيرِ وَغَيْرِهِ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا كَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ مُحْرِزٍ ضَرُورِيَّةٌ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يُغْنِي عَنْهُ اهـ. وَقَوْلُهُ عَلَى الْجِيرِ يُرِيدُ قَبْلَ طَبْخِهِ كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ جِنْسُ الْأَرْضِ وَذَلِكَ أَعَمُّ لَا خُصُوصُ التُّرَابِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمَا وَالتَّيَمُّمُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَقَسْمُ الْغَنَائِمِ وَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَالْوُضُوءُ عَلَى مَا مَرَّ وَالسِّوَاكُ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «هَذَا سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَالسُّحُورُ وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْوَطْءُ لَيْلًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَانَ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا بَعْدَ النَّوْمِ وَكَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّيَمُّمِ مُعَبِّرًا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ فَقَالَ (ص) يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ وَسَفَرٍ أُبِيحَ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَفَرًا جَائِزًا وَلَوْ قَصَرَ لِلْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ اسْتِقْلَالًا وَتَبَعًا وَيَتَيَمَّمُ مَائِدُ الْبَحْرِ الَّذِي لَا يَمْسِكُ نَفْسَهُ لِلْوُضُوءِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَكَذَا مَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ مِنْ صَحِيحٍ مُقِيمٍ وَكَذَا مَنْ عَظُمَتْ بَطْنُهُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ تَنَاوُلَ الْمَاءِ وَلَا يَجِدَ   [حاشية العدوي] [فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ] (فَصْلُ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الْجَبَائِرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى التَّيَمُّمِ وَأَرَادَ بِالْجَمِيعِ الْكُلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ فَالْكُلُّ بِالنَّظَرِ لِلتَّيَمُّمِ وَالْأَكْثَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَبَائِرِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ أَوْ أَقَلُّهُ وَلَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ وَقَوْلُنَا الْأَكْثَرُ بِالنَّظَرِ لِلْجَبَائِرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الصُّوَرِ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا يَنُوبُ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّائِبِ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ جَلِيًّا لَمْ أَحُدَّهُ) إنْ أَرَادَ الْهَيْئَةَ الْمُشَاهَدَةَ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ أَرَادَ الْحَقِيقَةَ فَلَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: طَهَارَةٌ) لَمْ يُرِدْ بِالطَّهَارَةِ الصِّفَةَ الْحُكْمِيَّةَ بَلْ أَرَادَ بِهَا الْهَيْئَةَ الْمُحْتَوِيَةَ عَلَى مَسْحٍ وَنِيَّةٍ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ وَهَذَا إطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ يُفِيدُهُ بَعْضُ حَوَاشِي التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: زَادَ ابْنُ نَاجِي إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ نَاجِي لَمْ يُعَرِّفْ بِهَذَا التَّعْرِيفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بَلْ قَالَ فِي تَعْرِيفِهِ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَزَادَ التَّادَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِنَا طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمَا تُرَابِيَّةٌ إلَخْ فَقَوْلُهُ اهـ أَيْ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي فَإِذَا عَلِمْت كَلَامَ ابْنِ نَاجِي ظَهَرَتْ لَك هَذِهِ الْعِبَارَةُ فَضَمِيرُ شَيْخِنَا لِابْنِ نَاجِي لِأَنَّ الشَّبِيبِيَّ شَيْخَ ابْنِ نَاجِي وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِنَا أَيْ مَعْشَرَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ مَسْبُوقٌ بِهِ ابْنُ نَاجِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: زَادَ الثَّانِي فِعْلٌ مَاضٍ مَفْعُولُهُ لَفْظَتَانِ: تُرَابِيَّةٌ وَضَرُورِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمَا أَيْ التَّادَلِيِّ وَالشَّبِيبِيِّ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا إلَخْ وَيَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ الْقَدِيمُ وَهُوَ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَأَمَّا زَادَ الْأَوَّلُ فَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ لَفْظُ طَهَارَةٍ فَقَطْ وَهُوَ لَيْسَ التَّعْرِيفَ الْقَدِيمَ بَلْ هُوَ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ جِنْسُ الْأَرْضِ) شُرُوعٌ فِي جَوَابِ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمْ صَلَاةً عَلَى الْجِنَازَةِ لَكِنْ لَا عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَكَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ كَالتَّوْضِيحِ يُنَافِيهِ فَقَدْ قَالَ وَهُوَ أَيْ التَّيَمُّمُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ وَكَذَا الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْغَنَائِمُ وَفِي ك وَأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَقَسْمُ إلَخْ فَهَذَا يُنَافِيهِ فَالظَّاهِرُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ لِإِيهَامِهَا وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِانْصِبَابِ الْقَاعِدَةِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ لَا عَلَى الْقَيْدِ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: وَقَسْمُ الْغَنَائِمِ) قَدْ كَانَتْ الْغَنَائِمُ لَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبْلَنَا تَنَاوُلُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهَا بَلْ إنْ قُبِلَتْ نَزَلَتْ نَارٌ فَأَحْرَقَتْهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ إلَى أَنْ تَذْهَبَ وَتَبْلَى وَقَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِ الطَّاعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْوُضُوءُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ قَائِلًا وَالصَّحِيحُ اخْتِصَاصُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ لَا بِالْوُضُوءِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ فِي ك. (قَوْلُهُ: وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ لَا أُمَمِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالسُّحُورُ إلَخْ) أَيْ وَنُدِبَ السُّحُورُ وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ) أَيْ وَجَوَازُ الْأَكْلِ وَمِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْغُسْلُ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ لَا لِأُمَمِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُبَاحُ) أَيْ يَجِبُ وُجُوبًا عَزْمِيًّا أَوْ وُجُوبًا تَرْخِيصِيًّا فَالتَّيَمُّمُ وَاجِبٌ وَالْخِلَافُ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ وُجُوبَ الْعَزَائِمِ أَوْ وُجُوبَ الرُّخَصِ اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجِبُ وُجُوبًا تَرْخِيصِيًّا هَذَا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ مُعَبِّرًا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ وَالْحَقُّ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِبَاحَةِ الْإِذْنُ الشَّامِلُ لِلْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ الشَّارِحِ فِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصُرَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا لَمْ تُقْصَرْ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ إلَخْ) يُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ قَالَ بَعْضٌ وَعُدُولُ الْمُؤَلِّفِ عَنْ مَرِيضِ الْأَخْصَرِ إلَى قَوْلِهِ: ذُو مَرَضٍ لِيَشْمَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 مُوَضِّئًا وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مَا قَابَلَ الْمُحَرَّمَ وَالْمَكْرُوهَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَاحُ كَسَفَرِ التَّجْرِ لِمَا هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ تَحْصِيلِهِ وَالْوَاجِبُ كَالسَّفَرِ لِحَجِّ الْفَرِيضَةِ وَيَخْرُجُ الْمُحَرَّمُ كَالسَّفَرِ لِمَعْصِيَةٍ وَالْمَكْرُوهُ كَسَفَرِ اللَّهْوِ وَالْحُكْمُ فِي الْعَاصِي بِالسَّفَرِ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَصَلَّى فَيُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ كَرَاهَةُ التَّيَمُّمِ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُثِيبُهُ عَلَى هَذَا التَّيَمُّمِ فَإِنْ قِيلَ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ مَثَلًا إذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ كَانَ عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ فَلِمَ لَمْ يُبَحْ لِلْمُسَافِرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ السَّفَرَ لَمَّا كَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ خَوْفِ الْفَوَاتِ وَهُوَ عَاصٍ بِهِ لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالنَّفْلِ مَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْجُمُعَةَ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ إذَا حَضَرَهَا. (ص) وَحَاضِرٌ صَحَّ لِجِنَازَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الَّذِي لَيْسَ بِمُسَافِرٍ وَهُوَ صَحِيحٌ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَعَدِمَ الْمَاءَ أَوْ خَشِيَ بِتَشَاغُلِهِ فَوَاتَ وَقْتٍ يَتَيَمَّمُ لِلْجِنَازَةِ إنْ تَعَيَّنَتْ بِأَنْ لَا يُوجَدَ مُتَوَضِّئٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يُحَصِّلَ الْمَاءَ أَوْ يَمْضِيَ إلَيْهِ (ص) وَفَرْضُ غَيْرِ جُمُعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ لِلْجِنَازَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ وَلِلْفَرَائِضِ الْخَمْسِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا إذَا خَشِيَ فَوَاتَهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ بِنَاءً عَلَى بَدَلِيَّتِهَا عَنْ الظُّهْرِ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِهَا وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. (ص) وَلَا يُعِيدُ (ش) أَيْ إذَا تَيَمَّمَ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ لَا يُعِيدُ وَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ مِمَّا لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ بِهِ (ص) لَا سُنَّةً (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى جِنَازَةٍ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ لَا يَتَيَمَّمُ لِسُنَّةٍ عَيْنِيَّةٍ كَالْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ أَوْ كِفَايَةٍ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا وَأَرَادَ بِالسُّنَّةِ مَا يَشْمَلُ الْفَضِيلَةَ كَالرَّوَاتِبِ وَمَا يَشْمَلُ الرَّغِيبَةَ كَالْفَجْرِ (ص) إنْ عَدِمُوا مَاءً كَافِيًا (ش) الضَّمِيرُ   [حاشية العدوي] مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ جَوَازِ تَيَمُّمِ الْحَاضِرِ الْوَاجِدِ لِلْمَاءِ الصَّحِيحِ الْخَائِفِ الْمَرَضِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَقَوْلُهُ ذُو مَرَضٍ حَاصِلٍ أَوْ يَتَوَقَّعُ وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَائِدَ الْبَحْرِ وَمَنْ عَظُمَتْ بَطْنُهُ وَمَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ ذُو مَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ الْمُحْرِمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ السَّفَرِ وَأَمَّا الْمَرَضُ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ بِاعْتِبَارِ تَشَاغُلِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا تَعَسُّرُ زَوَالِ الْمَرَضِ دُونَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَتَابُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ لَا تَكُونُ إلَّا إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ وَلَا يُسْتَتَابُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا ظُهُورَ لَهُ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَيُقْتَلُ حِينَئِذٍ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ تَيَمُّمُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَنَدٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ التَّيَمُّمِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَاصِي يَتَيَمَّمُ كَمَا قُلْنَا فَأَوْلَى الْمَكْرُوهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُثِيبُهُ) أَيْ لَا بِمَعْنَى تَيَمُّمُهُ مَكْرُوهٌ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُثِيبُهُ وَإِنْ كَانَ التَّيَمُّمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ الْمَاءَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ إفَادَةَ الْحُكْمِ بِالْوُجُوبِ أَوْ الْإِذْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْإِبَاحَةِ مَا قَابَلَ التَّحْرِيمَ فَيَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا مُعْتَمِدًا عَلَى بَعْضِ النُّقُولِ رَأَيْت الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ هُنَا الْجَوَازَ لِيَدْخُلَ الْمَكْرُوهُ وَالْمَطْلُوبُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: وَحَاضِرٌ صَحَّ لِجِنَازَةٍ إلَخْ) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ سُنَّةَ عَيْنٍ أَصَالَةً وَهُوَ قَدْ قَالَ لَا سُنَّةٌ وَتُدْفَنُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ) أَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ الضَّرَرَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ يَتَيَمَّمُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَوَاتَ وَقْتٍ) بِأَنْ خَشِيَ الْإِسْفَارَ أَوْ الِاصْفِرَارَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُوجَدَ مُتَوَضِّئٌ إلَخْ) الصَّوَابُ مَا فِي الشَّارِحِ وتت بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مُصَلٍّ غَيْرُهُ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْحَطَّابَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ حَاضِرٌ صَحِيحٌ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ وَمَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَانْتَصَرَ مُحَشِّي تت لِمَا فِي الشَّارِحِ بِأَنَّهُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ سَنَدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفَرْضُ غَيْرِ جُمُعَةٍ) وَيُفْعَلُ بَدَلُهَا بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَنَّ فَرْضَهُ حِينَئِذٍ الظُّهْرُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ) أَيْ الَّذِي عَدِمَ الْمَاءَ أَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ الْمَرَضَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ يَتَيَمَّمُ لِلْجُمُعَةِ وَالسُّنَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَقْلٌ) يَعْنِي وَأَمَّا هُوَ فَقَوْلُهُ كَمَا يَقُولُ الْمَشْهُورُ عَلَى نَقْلِهِ فَيُعِيدُ الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ) وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْبَدَلِيَّةِ أَنْ يَتَيَمَّمَ لَهَا كَمَا يَتَيَمَّمُ لِلظُّهْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا هِيَ بَدَلٌ عَنْهُ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَلَا يُقَالُ قِيَاسٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ أَبَدًا ابْنُ حَبِيبٍ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ (قَوْلُهُ: إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ) أَيْ بِوَقْتٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومُ الصِّفَةِ) الَّتِي هِيَ فَرْضٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَرْضٌ فِي مَعْنَى صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ عَدِمُوا) مِنْ أَفْرَادِ عَدَمِ الْمَاءِ الْحَقِيقِيِّ مَا إذَا وَجَدُوا مَاءً غَيْرَ مُطْلَقٍ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ أَوْ مُسْبَلًا لِلشُّرْبِ خَاصَّةً وَمِثْلُهُ مَا إذَا الْتَبَسَ الْمُسْبَلُ لِلشُّرْبِ بِغَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: إنْ عَدِمُوا قَالَ عج جَزْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 فِي عَدِمُوا عَائِدٌ إلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْحَاضِرِ الصَّحِيحِ وَيُصْرَفُ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ إلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَعْنِي أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ التَّيَمُّمِ لَهُمْ أُمُورٌ الْأَوَّلُ مِنْهَا: عَدَمُ الْمَاءِ الْكَافِي لِمَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَوْ وَجَدَ الْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ مَا لَا يَكْفِي أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَكْبَرَ مَا لَا يَكْفِي جَمِيعَ بَدَنِهِ وَلَوْ كَفَى وُضُوءُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِعْمَالٌ دُونَ الْكَافِي مَعَ التَّيَمُّمِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (ص) أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا خَافَ كُلٌّ مَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَرَضًا مِنْ نَزْلَةٍ أَوْ حُمَّى وَاسْتَنَدَ فِي خَوْفِهِ إلَى سَبَبٍ كَتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُقَارِبٍ لَهُ فِي الْمِزَاجِ أَوْ خَبَرٍ صَادِقٍ بِالطِّبِّ يَتَيَمَّمُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَكَذَا يَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ إذَا خَافَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ زِيَادَةَ مَرَضٍ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْئِهِ وَدَوَامَ عِلَّتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَدِمُوا عَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ الْعَدَمَ مُخْتَلِفٌ فَفِي حَقِّ الْمَرِيضِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَفِي خَافُوا عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ الصَّحِيحِ وَجَمْعُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ زِيَادَتَهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَيُقَدَّرُ مُفْرَدًا وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَرَضًا أَيْ أَوْ خَافَ الْمَرِيضُ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ فَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ عَائِدٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَالثَّانِي عَلَى اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ عَلَى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ هُنَا الْعِلْمُ وَالظَّنُّ وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ وَالْوَهْمِ خِلَافًا لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (ص) أَوْ عَطَشٌ مُحْتَرَمٌ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إذَا خَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ عَطَشَ نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ فِي رُفْقَتِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَهْلِكُ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَضَرَّرُ ضَرَرًا يُشْبِهُ الْمَوْتَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ أَوْ يَخْشَى مَرَضَهُ فَيَجُوزُ وَعَطَشٌ خَفِيفٌ لَا يُخْشَى عَاقِبَتُهُ لَغْوٌ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَأَمَّا الْقِرْدُ وَالدُّبُّ فَلَا يَخْرُجُ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِرْدِ قَوْلٌ بِحُرْمَةِ أَكْلِهِ (ص) أَوْ بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُنْقَلُ لِلتَّيَمُّمِ أَنْ يَخَافَ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لِلْمَاءِ بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ وَالْمَالُ كَثِيرٌ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ أَوْ غَلَبَ عَنْ ظَنِّهِ أَمَّا إنْ شَكَّ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. (ص) أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ (ش) مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ تَلَفَ مَالٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا إنْ تَشَاغَلَ بِطَلَبِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَخْشَى فَوَاتَ الْوَقْتِ قَبْلَ صِحَّتِهِ   [حاشية العدوي] إنْ عَدِمُوا جَزْمًا أَوْ ظَنًّا (تَتِمَّةٌ) الْمُرَادُ بِالْكِفَايَةِ مَا يَكْفِيهِ لِلْفُرُوضِ الْقُرْآنِيَّةِ وَلَا نَظَرَ لِلسُّنَّةِ فَإِذَا وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِلْفَرَائِضِ الْقُرْآنِيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَإِذَا وَجَدَ مَا يَكْفِي الْوَجْهَ وَإِذَا جَمَعَهُ كَفَى الْيَدَيْنِ وَالرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ وَجَبَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ نَزْلَةٍ) بِفَتْحِ النُّونِ كَمَا هُوَ مَضْبُوطٌ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَرٌ صَادِقٌ بِالطِّبِّ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَيُوَافِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ وَإِنْ مُشْرِكِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا فَقَدَ ذَلِكَ كَهَذِهِ الْأَزْمِنَةِ يُعَوَّلُ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ (قَوْلُهُ: فَفِي حَقِّ الْمَرِيضِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ خَافَ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخَّرَ بُرْءٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ تَرْجِعُ لِذَلِكَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ عَادِمُ الْمَاءِ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَهَذَا بِمَثَابَةِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَطَشٌ) اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ الْعَطَشَ، وَالْمُتَعَلِّقُ إمَّا مَوْتٌ أَوْ مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْهُ أَذًى شَدِيدٌ أَوْ خَفِيفٌ فَفِي الْأَوَّلَيْنِ يَجِبُ وَفِي الْأَخِيرِ يَجُوزُ فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَنْشَأُ عَنْ الْعَطَشِ الْمُتَيَقَّنِ أَوْ الْمَظْنُونِ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي الْعَطَشِ أَوْ تَوَهَّمَ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأَقْسَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ سِتَّةَ عَشَرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ إدْرَاكَهُ إمَّا جَزْمٌ أَوْ ظَنٌّ أَوْ شَكٌّ أَوْ تَوَهُّمٌ وَمُتَعَلِّقُهُ إمَّا هَلَاكٌ أَوْ مَرَضٌ مَعَهُ أَذًى شَدِيدٌ أَوْ خَفِيفٌ أَوْ مُجَرَّدُ مَشَقَّةٍ خَفِيفَةٍ بِدُونِ مَرَضٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْعَطَشِ بِالْفِعْلِ فَالْخَوْفُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ الْمَرَضُ أَوْ التَّلَفُ أَفَادَهُ عج حَاصِلُهُ اثْنَا عَشَرَ وَذَلِكَ أَنَّ إدْرَاكَهُ إمَّا جَزْمٌ أَوْ ظَنٌّ أَوْ شَكٌّ أَوْ وَهْمٌ وَالْمُتَعَلِّقُ إمَّا هَلَاكٌ أَوْ شَدِيدُ أَذًى أَوْ مَرَضٌ خَفِيفٌ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَتَيَمَّمُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ فَالْجُمْلَةُ سِتَّةُ عَشَرَ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا تَلَبَّسَ بِالْعَطَشِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَنِدَ فِي خَوْفِهِ إلَى قَوْلِ حَكِيمٍ أَوْ تُجْزِيهِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَتَلَبَّسْ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ) وَمِثْلُهُ الْخِنْزِيرُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِمَا وَإِلَّا تَرَكَ الْمَاءَ لَهُمَا وَلَا يُعَذَّبَانِ بِالْعَطَشِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ تَعْذِيبٌ لَهُ بِالْعَطَشِ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ قَتْلُهُ عَاجِلًا إمَّا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَالِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ فِي نَحْوِ الْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَيَقُومُ مَقَامَ الْإِمَامِ نَائِبُهُ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُونَ مَقَامَهُمَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا أَوْ عَادِيٍّ كَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى قَتْلِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي الْقِرْدِ قَوْلٌ) بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُحْتَرَمًا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ صَارَ حِينَئِذٍ لَا انْتِفَاعَ بِهِ رَأْسًا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ أَكْلِهِ فَفِيهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ حَيْثُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخَافَ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لِلْمَاءِ تَلَفَ مَالٍ) وَالْخَوْفُ الِاعْتِقَادُ أَوْ الظَّنُّ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ) أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ شَكَّ) سَكَتَ عَنْ الظَّنِّ الْغَيْرِ الْقَوِيِّ وَحُكْمُهُ كَالْغَالِبِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَيْسَ إلَخْ) سَيَأْتِي نِسْبَةُ هَذَا لِلْحَطَّابِ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَيَرُدُّهُ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ خَاصًّا بِذَلِكَ) أَيْ الَّذِي تَشَاغَلَ بِطَلَبِ الْمَاءِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَصْدُهُ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 إنْ كَانَ مَرِيضًا وَقَبْلَ وُجُودِ الْمَاءِ إنْ كَانَ صَحِيحًا وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَنْ لَا يُدْرِكَ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً (ص) كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ (ش) قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَقَدْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ اهـ. وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ مَتَى تَشَاغَلَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِضِيقِهِ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ أَوْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ لِعَدَمِ الْآلَةِ الَّتِي تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ كَالدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ عَادِمَ الْآلَةِ أَوْ الْمُنَاوِلِ يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ عَادِمِ الْمَاءِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَالرَّاجِي يَتَيَمَّمُ آخِرَهُ وَالْآيِسُ أَوَّلَهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطَهُ وَمَا فِي الْحَطَّابِ مِنْ أَنَّهُ فِيمَا إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ يَتَيَمَّمُ خِلَافُ النَّقْلِ. (ص) وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَلَوْ أَكْبَرَ الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَإِنْ تَيَمَّمَ أَدْرَكَهُ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّونِسِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقَامَهُ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ يَتَوَضَّأُ وَلَوْ فَاتَهُ الْوَقْتُ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَلِذَا قَالَ خِلَافٌ. (ص) وَجَازَ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٌ وَطَوَافٌ وَرَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إنْ تَأَخَّرَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَأَحْرَى لِسُنَّةٍ جَازَ أَنْ يَسْتَبِيحَ بِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ غَيْرَ الْمُتَعَيِّنَةِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ وَالسُّنَّةُ كَالْوِتْرِ وَنَحْوِهِ وَأَحْرَى غَيْرُ السُّنَّةِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالطَّوَافُ غَيْرُ الْوَاجِبِ وَرَكْعَتَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ الْمُتَيَمَّمِ لَهُ أَنْ تَتَأَخَّرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَنْهُ فَلَوْ تَقَدَّمَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَيْهِ صَحَّ فِي نَفْسِهِ وَأَعَادَ تَيَمُّمَهُ لِلْفَرْضِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ   [حاشية العدوي] خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْت إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي يَتَشَاغَلُ بِطَلَبِ الْمَاءِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ التَّيَمُّمُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خَوْفُ فَوَاتِ الْوَقْتِ فَأَفَادَ أَنَّ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ مُتَيَمِّمٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ بَارِدِ الْمَاءِ وَخَافَ مِنْ تَسْخِينِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ آلَةٍ) أَيْ عَدَمِ آلَةٍ وَيَشْمَلُ مَا لَوْ عُدِمَتْ حَقِيقَةً وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ كَانَتْ لِلْغَيْرِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ رِضَاهُ بِاسْتِعْمَالِهَا وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (قَوْلُهُ: لِضِيقِهِ) أَيْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِأَجْلِ ضِيقِ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ خَوْفُ الْفَوَاتِ لِضِيقِهِ بَلْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ وَهَكَذَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ إلَخْ لَيْسَ لِلتَّشَاغُلِ بِالِاسْتِعْمَالِ بَلْ لِلِاشْتِغَالِ بِالِانْتِظَارِ فَيُقَدَّرُ مَعْطُوفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ مَتَى خَافَ بِالِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِعْمَالِ لِلْمَاءِ أَوْ بِانْتِظَارِ الْمَاءِ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ لِضِيقِهِ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ نَاظِرٌ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالرِّشَاءِ) أَيْ الْحَبْلِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ عَادِمَ الْمَاءِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَصْحِيحِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْحَطَّابُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَاسِبٌ لِنُسْخَةِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ: لِعَدَمِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَلْ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ إلَّا كَوْنُ عَادِمِ الْمُنَاوِلِ أَوْ الْآلَةِ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ) لَا يَخْفَى أَنَّك إذَا نَظَرْتَ لِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ الَّذِي هُوَ كَلَامُ الْحَطَّابِ الَّذِي رَدَّهُ بِهَذَا نَجِدُهُ صَوَابًا وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مُتَيَمِّمٍ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إنَّمَا يُقْدِمُ عَلَى التَّيَمُّمِ لِكَوْنِهِ يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَيْ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْآيِسَ يَتَيَمَّمُ أَوَّلَهُ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا سَاغَ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَهُ إلَّا لِكَوْنِهِ يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ يَنْقَسِمُ إلَى آيِسٍ وَغَيْرِهِ، وَلَفْظُ الْحَطَّابِ قَوْلُهُ: كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ أَيْ وَكَذَا يُبَاحُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ تَنَاوُلِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ أَوْ لَمْ يَجِدْ آلَةً يَتَنَاوَلُ بِهَا وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إنْ اشْتَغَلَ بِرَفْعِهِ مِنْ الْبِئْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا وَبِطَلَبِهِ خُرُوجَ وَقْتٍ، وَقَوْلِهِ: أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَبْعُدْ الْمَسَافَةُ، وَقَوْلِهِ: أَوْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ تَأَخُّرُ الْمَجِيءِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ) أَيْ ظَنَّ فَوَاتَهُ أَوْ اعْتَقَدَ (قَوْلُهُ: الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ إلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا تَبَيَّنَ لَهُ بَقَاءُ الْوَقْتِ أَوْ خُرُوجُهُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ أَوْلَى إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ، وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَوَضَّأُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَلَا أَقَلَّ) أَيْ أَفَلَا أَقَلَّ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ أَيْ أَيَنْتَفِي الْأَقَلُّ مِنْ الِاتِّفَاقِ وَذَلِكَ الْأَقَلُّ هُوَ كَوْنُهُ مَشْهُورًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ وَأَنَّ " مِنْ " فِي كَلَامِهِ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى لِسُنَّةٍ) قَدْ يُقَالُ مُقَابَلَةُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ تُؤْذِنُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّفْلِ مَا عَدَا الْفَرْضَ فَيَصْدُقُ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُتَعَيِّنَةِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ يُصَلِّيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) أَيْ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَقِرَاءَةِ جُنُبٍ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ الْجِنَازَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الطَّوَافِ هَلْ يَفْعَلُ بِهِ بَاقِيَهَا وَالنَّفَلَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا تَيَمُّمُهُ لِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَهُوَ مِمَّا يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَانْظُرْ إذَا تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ وَصَلَّى بِهِ النَّفَلَ فَهَلْ يَفْعَلُ بَاقِيَهَا وَالنَّفَلَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ. وَانْظُرْ إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا وَأَخْرَجَ غَيْرَهُ هَلْ يَجْرِي فِيهِ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ أَمْ لَا اهـ. وَالظَّاهِرُ الْجَرَيَانُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْفَاضِلُ مَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ قِرَاءَةَ جُنُبٍ وَلَوْ كَآيَةٍ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ إقْدَامِهِ عَلَى فِعْلِهَا قَبْلَ الْفُرَضِ بِتَيَمُّمِهِ هَلْ يَكْرَه أَوْ يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ لِلصُّبْحِ، وَتَقْيِيدُ الطَّوَافِ وَالْجِنَازَةِ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا فَرْضٌ آخَرُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ النَّفْلِ عَنْ النَّفْلِ الْمَنْوِيِّ بِخُصُوصِهِ وَيُصَلِّي السُّنَّةَ بِتَيَمُّمِ النَّفْلِ وَعَكْسُهُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْوِتْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَعَ بِهِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ فَلَهُ أَنْ يُوتِرَ بِهِ فَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ أَيْ وَجَازَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ وَصَحَّ الْفَرْضُ إنْ تَأَخَّرَتْ فِي الْفِعْلِ لَا إنْ تَقَدَّمَتْ فَلَا يَصِحُّ الْفَرْضُ وَصَحَّتْ فِي نَفْسِهَا فَهُنَا قَيْدَانِ أَحَدُهُمَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَهُوَ الْجَوَازُ وَالْآخَرُ ضِمْنِيٌّ وَهُوَ صِحَّةُ الْفَرْضِ الَّذِي اسْتَلْزَمَهُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ فَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ شَرْطٌ فِي الْقَيْدِ الضِّمْنِيِّ فَمَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ فِي نَفْسِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ إيقَاعِ الْغَرَضِ بِتَيَمُّمِهِ وَمَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَأَمَّا شَرْطُ نِيَّةِ النَّافِلَةِ عِنْدَ تَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ فَضَعِيفٌ وَفِي شَرْطِ الِاتِّصَالِ قَوْلَانِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَلَزِمَ مُوَالَاتَهُ اشْتِرَاطُهُ وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ مِثْلَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَالتَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَالْعُذْرُ لِلْحَطَّابِ فِي قَوْلِهِ فِي مَظِنَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّ مَظِنَّتَهُ التَّيَمُّمَ. ، وَأَمَّا شَرْطُ أَنْ لَا يُكْثِرَ جِدًّا فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ جِدًّا أَنَّ مُجَرَّدَ الْكَثْرَةِ لَا تَضُرُّ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ وَمَا حَدَّ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ الْكَثْرَةَ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِنَا (ص) لَا فَرْضٌ آخَرُ وَإِنْ قَصَدُوا بَطَلَ الثَّانِي وَلَوْ مُشْتَرَكَةً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَرْضَانِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ قُصِدَا مَعًا عِنْدَ التَّيَمُّمِ وَإِذَا وَقَعَ بَطَلَ الثَّانِي وَلَوْ لِمَرِيضٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَنْذُورَةٌ أَوْ فَائِتَةٌ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ مَعَ الْأُخْرَى فِي الْوَقْتِ كَظُهْرَيْنِ وَعِشَاءَيْنِ وَأَعَدَّاهَا أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَصْبُغُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ثَانِيَةَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَغَيْرِهَا أَبَدًا وَصَحَّ الْأَوَّلُ (ص) لَا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَرْضٍ آخَرَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَاللَّامُ مُقْمَحَةٌ أَيْ لَا يُفْعَلُ فَرْضٌ آخَرُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ وَلَا يُفْعَلُ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ غَيْرُهُ بِتَيَمُّمِ مُسْتَحَبٍّ كَالتَّيَمُّمِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لِنَوْمِ الْجُنُبِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ اللَّامَ أَصْلِيَّةً وَنُرِيدُ بِالْمُسْتَحَبِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَبِالنَّفَلِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلِ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا مُنَافَاةَ. (ص) وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ (ش) أَيْ مَا فُعِلَ لَهُ وَيَسْتَلْزِمُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ   [حاشية العدوي] الْأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فَهُنَا قَيْدَانِ) أَيْ مُقَيَّدَانِ أَيْ حُكْمَانِ مُقَيَّدَانِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَ إنَّمَا هُوَ الصِّحَّةُ فَقَطْ وَلَوْ عَبَّرَ بِ " حُكْمَانِ " كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَلْزَمَهُ الْجَوَازُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ لِأَنَّ الْجَوَازَ مَحَلُّهُ النَّفَلُ وَالصِّحَّةُ مَحَلُّهَا الْفَرْضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا لَوْ كَانَ تَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ إنْ تَأَخَّرَتْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الِاتِّصَالِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ مُتَتَابِعَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَوْ وَلَوْ حَصَلَ تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ اتِّصَالُهَا بِالْفَرْضِ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا فَصَلَهُ بِطُولٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَعَادَ تَيَمُّمَهُ وَيَسِيرُ الْفَصْلِ مُغْتَفَرٌ وَمِنْهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَقِّبَاتُ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِنَا أَيْ مَا فَعَلَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا الشَّرْطُ) أَيْ شَرْطُ نِيَّةِ النَّافِلَةِ عِنْدِ الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ: فَالْعُذْرُ لِلْحَطَّابِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَطَّابَ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ ابْنَ رُشْدٍ نَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ إنِّي سَبَرْت كُتُبَ ابْنِ رُشْدٍ فَلَمْ أَجِدْهُ ذَكَرَ الْقَيْدَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ ذَكَرَهُ فَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ الْحَطَّابِ بِأَنَّ مَقْصُودَهُ فَتَّشْت فِي مَظِنَّةِ ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْهُ وَهُوَ قَدْ صَدَقَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْحَطَّابُ لَمْ يَقُلْ فِي مَظِنَّةِ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْعُذْرُ لِلْحَطَّابِ فِي قَوْلِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ الثَّانِي) ذِكْرُهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فَرْضًا وَقَالَ مُشْتَرِكَةٌ نَظَرًا لِكَوْنِهَا صَلَاةً وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِأَنَّ الصَّلَاتَيْنِ اشْتَرَكَتَا فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ الثَّانِيَ فِي الْفِعْلِ فِي الْفَوَائِتِ وَفِي الْمَشْرُوعِيَّةِ فِي الْحَاضِرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى الثَّانِيَةَ نَاسِيًا لِلْأُولَى وَقَدْ تَيَمَّمَ بِقَصْدِهِمَا وَهُوَ نَاسٍ لِلْأُولَى عِنْدَ فِعْلِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فَعَلَ الْأُولَى بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فِي الْفِعْلِ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ أَمَّا لَوْ تَيَمَّمَ بِقَصْدِ صَلَاةٍ فَتَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يَصِحُّ صَلَاةُ التَّيَمُّمِ نَوَاهُ لِغَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرِكَةٌ مَعَ الْأُخْرَى) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ الْمُصَنِّفِ مُشْتَرِكَةٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَصِحُّ الْفَتْحُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ شَارَكَتْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَرْضٍ) أَيْ عَلَى مَعْنَى فَرْضٍ أَيْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُفْعَلُ فَرْضٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَوَهَّمُ الْمُنَافَاةَ عَلَى الْحَلِّ الثَّانِي، وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى الْحَلِّ الثَّانِي نَفْسُ النَّافِلَةِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجِنَازَةَ وَالسُّنَّةَ وَمَسَّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرَ ذَلِكَ تُفْعَلُ بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ وَالْحَلُّ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدْخُلُ فِيهِ تَيَمُّم الْجُنُبِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ) لَمْ يَقُلْ وَاجِبُهُ كَمَا فِي الْغُسْلِ وَلَا فَرَائِضِهِ كَالْوُضُوءِ لِإِدْخَالِهِ هُنَا مَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي مَاهِيَّتِه كَأَخْذِهِ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَلْزِمُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ تَسْتَلْزِمُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ أَفْعَالِهِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَمَا فُعِلَ لَهُ بَلْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مَثَلًا وَمَا فُعِلَ لَهُ فَتَدَبَّرْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصُّورَةُ دَاخِلَةً فِي الْمُصَنَّفِ أَيْضًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اُشْتُرِطَ اتِّصَالُ النَّافِلَةِ بِالْفَرِيضَةِ وَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مُتَرَاخِيًا وَلَمَّا كَانَ اتِّصَالُهُ بِمَا فَعَلَ لَهُ شَرْطًا كَانَ تَفْرِيقُهُ وَلَوْ نَاسِيًا مُبْطِلًا لَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَالَاةِ كَالْوُضُوءِ بَلْ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الِاتِّصَالِ الْمُخْتَصِّ بِهِ التَّيَمُّمُ كَمَا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَلِذَا لَمْ يُشَبِّهْهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُمَا. (ص) وَقَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ لَا ثَمَنٍ (ش) أَيْ وَلَزِمَ أَيْضًا فَاقِدَ الْمَاءِ قَبُولُ هِبَةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ لِقُوَّةِ الْمِنَّةِ هُنَا دُونَ الْأَوَّلِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِاتِّهَابٍ فَقَالَ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ وَاتِّهَابُ مَاءٍ كَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ قَبُولُ الْهِبَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِأَنَّ الِاتِّهَابَ طَلَبُ الْهِبَةِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمِنَّةَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمُنُّ بِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمِنَّةُ يَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ وَأَمَّا التَّافِهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (ص) أَوْ قَرْضُهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَرْضِهِ إمَّا رَاجِعٌ لِلْمَاءِ أَوْ الثَّمَنِ وَفِي كُلٍّ إمَّا مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى قَبُولٍ أَوْ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى هِبَةٍ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى ثَمَنٍ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الثَّمَنِ وَلَا قَرْضُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا بِبَلَدِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَرْضُهُ وَقَبُولُ قَرْضِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا رَجَعَ ضَمِيرُ قَرْضِهِ لِلثَّمَنِ إذْ رُجُوعُهُ لِلْمَاءِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَرْضُهُ وَقَبُولُ قَرْضِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ. (ص) وَأَخْذُهُ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُوَالَاتِهِ أَيْ وَلَزِمَ مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ وَوَجَدَهُ يُبَاعُ أَخْذُهُ إنْ بِيعَ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ فِي مَوْضِعِهِ وَمَا قَارَبَهُ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لِلثَّمَنِ لِنَفَقَةِ سَفَرِهِ وَنَحْوِهِ وَلِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْقِسَامِ الْبَيْعِ إلَى مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ فَلَا مَعْنَى لِانْحِصَارِهِ فِي أَحَدِهِمَا قَالَ (وَإِنْ بِذِمَّتِهِ) لِأَنَّهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ أَشْبَهَ وَاجِدَ الثَّمَنِ وَهُوَ أَحْرَى مِنْ لُزُومِ الْقَرْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُشَاحَةِ وَفِي الْقَرْضِ مِنْ الْمِنَّةِ فَلَوْ بِيعَ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ بِأَنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ كَثُرَتْ دَرَاهِمُهُ كَمَا وَضَّحْنَاهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ قَوْلِهِ وَإِنْ بِذِمَّتِهِ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِأَنَّ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ فَرْعُ الْوُجُودِ وَمَا فِي ذِمَّتِهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِذِمَّتِهِ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ اُعْتِيدَ أَيْ وَأَخَذَهُ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ وَإِنْ بِذِمَّتِهِ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ حَيْثُ كَانَ مَعَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّمْ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِذِمَّتِهِ عَلَى لَمْ يَحْتَجْ لَهُ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِثَمَنٍ (ص) وَطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ لَا تَحَقَّقُ عَدَمِهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ أَيْ وَلَزِمَ مُرِيدَ التَّيَمُّمِ طَلَبُ الْمَاءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ تُسَاوِي الثَّمَنَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ بِهِ وَإِنْ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ وَأَوْلَى إذَا ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِي الْوُجُودِ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الطَّلَبُ مَعَ التَّوَهُّمِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ فَلَأَنْ يَلْزَمَهُ الطَّلَبُ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَمَّا مَعَ تَحَقُّقِ الْعَدَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الطَّلَبِ (ص) طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ (ش) هُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَامِلُهُ الْمَصْدَرُ أَيْ طَلَبَهُ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ فَلَيْسَ الرَّجُلُ وَالضَّعِيفُ كَالْمَرْأَةِ وَالْقَوِيِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَلِأَجْلِ ذَلِكَ) أَيْ فَلِأَجْلِ لُزُومِ مُوَالَاتِهِ مَعَ مَا فُعِلَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ: مُتَرَاخِيًا أَيْ بَيْنَ أَجْزَائِهِ أَيْ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ فَالتَّفْرِيعُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ شَرْطًا) أَيْ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ وَاتِّصَالُ أَجْزَائِهِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَقَوْلُهُ شَرْطًا كَانَ ذَكَرًا قَادِرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلِذَا لَمْ يُشَبِّهْهُ بِالْوُضُوءِ) أُجِيبَ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالنَّظَرِ لِحَالَةِ الْعَامِدِ وَالْعَاجِزِ لَا النَّاسِي. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمِنَّةَ) أَيْ يَجْزِمْ بِهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْمُقْرِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الظَّنِّ لِأَنَّ الظَّنَّ فِي تِلْكَ الْأَبْوَابِ يُعْطَى حُكْمُ التَّحَقُّقِ أَيْ مَا لَمْ يَظُنَّ الْمِنَّةَ أَوْ يَجْزِمْ بِهَا بِقَرِينَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ كَأَنْ يَكُونَ مَثَلًا بِمَحَلٍّ لَهُ قِيمَةٌ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: إمَّا رَاجِعٌ لِلْمَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا رَجَعَ لِلْمَاءِ يَكُونُ صُورَةً مَفْهُومَةً بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: هِبَةِ مَاءٍ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا مِنَّةَ فِيهِ كَالْهِبَةِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْحَطَّابَ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ أَيْ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَأَحْرَى عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ فِيهِ تَعْمِيرَ الذِّمَّةِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ قَرِيبٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لَهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاجِ هَلْ مَا يَحْتَاجُ لِقِيَامِ بِنْيَتِهِ أَوْ لِنَفَقَتِهِ الْمُعْتَادَةِ غَيْرَ سَرَفٍ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَوِّمُ بِنْيَتَهُ لِشُمُولِ النَّفَقَةِ الْكِسْوَةَ أَوْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ وَلَوْ كَانَ سَرَفًا وَالظَّاهِرُ الْوَسَطُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِنَفَقَةِ سَفَرِهِ تَبِعَ فِيهِ بَهْرَامَ وَهِيَ مُطْلَقَةٌ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ تُعْتَبَرُ حَالًا أَيْ فِي حَالَةِ السَّفَرِ أَيْ لَا بَعْدُ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالثَّمَنِ مَا اُعْتِيدَ أَنْ تُبَاعَ الْقِرْبَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَعْدُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُ هَذَا تَفْسِيرًا لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ يَصْدُقُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَشَارِحُنَا تَبِعَ الْجَلَّابَ وَعَبْدَ الْحَقِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوِّنَةِ وَأَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ لَا يَلْزَمُهُ فَمَا قَالَ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَكَذَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ التُّرَابِ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ (مَسْأَلَةٌ) الْمَاءُ إذَا كَانَ مِلْكَ عَبْدِهِ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ انْتِزَاعُهُ وَبِتَيَمُّمٍ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ فَرْعُ الْوُجُودِ) لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَكُونُ الشَّخْصُ لَيْسَ عِنْدَهُ الشَّيْءُ وَلَا يَحْتَاجُ لَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) هَذَا إذَا كَانَ التَّوَهُّمُ قَبْلَ الطَّلَبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ وَطَلَبَ ثُمَّ تَوَهَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ (قَوْلُهُ: لَا يُحَقِّقُ عَدَمَهُ) الْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) لَكِنَّ مَحَلَّ الطَّلَبِ حَيْثُ كَانَ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ وَحَدَثَ مَا يَقْتَضِي الطَّلَبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ) هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فَذَكَرَ أَنَّ الْمُتَوَهِّمَ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 الْمَشَقَّةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي الْبَيَانِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إلَى الْمَاءِ عَنْ طَرِيقِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقَالُوا فِي الْمِيلَيْنِ كَثِيرٌ وَفِي الْمِيلِ وَنِصْفٍ مَعَ الْأَمْنِ أَنَّهُ يَسِيرٌ وَذَلِكَ لِلرَّاكِبِ وَلِلرَّاجِلِ الْقَوِيِّ الْقَادِرِ انْتَهَى (ص) كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ (ش) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ مِنْ رُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ كَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ كَانَتْ حَوْلَهُ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلَانِ وَشِبْهُهُمَا فَلْيَعُدْ أَبَدًا لِكَثْرَةِ الرَّجَاءِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ رُفْقَةٍ حَوْلَهُ كَثِيرَةٍ كَالْأَرْبَعِينَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ وَمَحَلُّ لُزُومِ الطَّلَبِ مِمَّنْ ذُكِرَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْإِعْطَاءَ أَوْ يَظُنَّ أَوْ يَشُكَّ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ فَيَشْمَلُ مَا ذُكِرَ أَمَّا إنْ عَلِمَ بُخْلَهُمْ فَلَا. (ص) وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةُ أَكْبَرَ إنْ كَانَ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ فَرْضِهَا إنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ إنْ كَانَ جُنُبًا وَلَا بُدَّ فِي تَيَمُّمِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ مِنْ نِيَّتِهِ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ بِفَرَاغِ كُلِّ صَلَاةٍ يَعُودُ جُنُبًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَزِمَهُ عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَمِثْلُهَا فَرْضُ التَّيَمُّمِ وَيُسْتَحَبُّ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الَّتِي يُرِيدُ فِعْلَهَا بِعَيْنِهَا مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ هُمَا عَلَى الْعُمُومِ لَا اسْتِبَاحَةُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ   [حاشية العدوي] وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ حُكْمُ الطَّلَبِ فَطَلَبُ الظَّانِّ لَيْسَ كَطَلَبِ الشَّاكِّ وَالْمُتَوَهِّمِ وَكَذَا طَلَبُ الشَّاكِّ لَيْسَ كَطَلَبِ الْمُتَوَهِّمِ (قَوْلُهُ وَقَالُوا فِي الْمِيلَيْنِ كَثِيرٌ) خُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ مِيلَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا شَقَّ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ حَيْثُ شَقَّ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا وَيَلْزَمُهُ حَيْثُ لَا يَشُقُّ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَرُفْقَةٍ) مُثَلَّثُ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ) أَيْ أَوْ حَوْلَهُ مِنْ رُفْقَةٍ كَثِيرَةٍ كَالْأَرْبَعِينَ بِحَيْثُ يَكُونُ مَنْ حَوْلَهُ مِنْهَا كَالْقَلِيلَةِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ شب (قَوْلُهُ: وَشِبْهُهُمَا) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ وَتَرَكَ السُّؤَالَ فَلْيَعُدْ أَبَدًا وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَأَكْثَرَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ قَلِيلُونَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الْأَرْبَعَةِ مِمَّا يَضْعُفُ الرَّجَاءُ فِي الطَّلَبِ مِنْهُمْ دُونَ الثَّلَاثَةِ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَ الْحُكْمُ بَعِيدٌ وَقَوْلُهُ فَقَدْ أَسَاءَ أَيْ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَا إعَادَةَ لِأَنَّ كَثْرَةَ الرُّفْقَةِ مَظِنَّةُ الِاحْتِجَاجِ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ وَبَعْدُ فَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ فِي الرُّفْقَةِ الْقَلِيلَةِ أَوْ الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِعْطَاءَ أَوْ ظَنَّهُ فَلْيُعِدْ أَبَدًا وَإِنْ شَكَّ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ تَوَهَّمَ فَلَا إعَادَة أَصْلًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَبَيَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ وُجُودِهِ فَلَا إعَادَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ: كَالْأَرْبَعِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ وَنَحْوَ الْخَمْسَةِ عَدَدٌ كَثِيرٌ فَلَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهُ هَلْ يُعَدُّ مِنْ الرُّفْقَةِ الْقَلِيلَةِ أَوْ الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ لِلْعَشَرَةِ مِنْ الْقَلِيلَةِ وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ مِنْ الْكَثِيرَةِ فَتُلْحَقُ بِالْأَرْبَعِينَ وَقَالَ عج وَلَوْ قِيلَ بِإِلْحَاقِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِلْأَرْبَعِينَ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا بِالْأَرْبَعِينَ مَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَشُكَّ) أَيْ أَوْ يَتَوَهَّمَ كَمَا أَفَادَهُ تت وَأَيْضًا هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا إنْ عَلِمَ إلَخْ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّوَهُّمِ فَظَاهِرُ شَارِحِنَا حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ صُورَةَ التَّوَهُّمِ الْمَيْلُ لِابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِيهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ اسْتِبَاحَةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ أَيْ مَفْرُوضٍ هُوَ الصَّلَاةُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَوْ نَسِيَ لَمْ يَضُرَّ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ) فَلَوْ تَرَكَهَا فَتَيَمُّمُهُ بَاطِلٌ كَانَ التَّرْكُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنْ نَوَى الْأَكْبَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَصْغَرُ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ تَيَمُّمُهُ وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِيهِ فَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ فَتَيَمُّمُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ مَا قَالُوهُ وَلَوْ نَوَى رَفْعًا مُقَيَّدًا. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْوِ فَرْضَ التَّيَمُّمِ فَيُجْزِيهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ) بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ تَرْجِيحُ الضَّمِيرِ لِلطَّهَارَةِ التُّرَابِيَّةِ أَوْ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى النِّيَّةِ أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى) هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ اللُّمَعِ وَقَالَ زَرُّوقٌ مَحَلُّ النِّيَّةِ الْوَجْهُ بِلَا خِلَافٍ أَيْ وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ نَقْلِ الْمَاءِ لِلْعُضْوِ كَمَا أَنَّ الصَّعِيدَ الطَّاهِرَ بِمَثَابَةِ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْوُضُوءُ كَذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ بِيَسِيرٍ لِضَعْفِهِ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلُ الْجَائِزُ ذَلِكَ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ شَارِحُ اللُّمَعِ (قَوْلُهُ: مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) أَيْ كَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ صَلَاةَ الْوِتْرِ مَثَلًا فَالتَّعَيُّنُ شَخْصِيٌّ لَا أَنَّهُ نَوْعِيٌّ كَأَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ مُطْلَقَ صَلَاةِ نَفْلٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لَهُ إلَّا أَنَّ التَّعْيِينَ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلشَّخْصِيِّ وَأَيْضًا فَإِنَّ عِبَارَاتِهِمْ تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُمَا عَلَى الْعُمُومِ) أَيْ الشُّمُولِ أَيْ أَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ وَالنَّوَافِلَ التَّابِعَةَ لَهُ مَثَلًا فَمَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ لَمْ يُصَلِّ بِهِ غَيْرَهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ بِكَوْنِهِ ظُهْرًا مَثَلًا صَلَّى بِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ وَلَا يُصَلِّي بِهِ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ. (قَوْلُهُ: لَا اسْتِبَاحَةُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ) عَبَّرَ بِمُطْلَقٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ بِدُونِ أَنْ يُلَاحَظَ مُطْلَقٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنْ قِيلَ الصَّلَاةُ تَشْمَلُ الْفَرِيضَةَ وَالنَّافِلَةَ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي مَعَ الْإِطْلَاقِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرِيضَةَ أَقْوَى مِنْ النَّافِلَةِ مَعَ أَنَّهَا الْمُتَبَادَرَةُ فَلِذَلِكَ انْصَرَفَتْ النِّيَّةُ إلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الصَّالِحَةِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ فَيَكُونُ كَمَنْ نَوَى النَّفَلَ فَلَا يُصَلِّي بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْفَرْضَ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ تَيَمُّمَهُ صَحِيحٌ وَيَفْعَلُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ غَيْرَ الْفَرْضِ (ص) وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ بَلْ يُبِيحُ الْعِبَادَةَ وَقِيلَ يَرْفَعُهُ وَعَلَيْهِ عَدَمُ كَرَاهَةِ إمَامَةِ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِينَ وَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا فِيهِمَا وَاخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْقَرَافِيُّ فِي أَنَّهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَيْ لَا يَرْفَعُهُ مُطْلَقًا بَلْ إلَى غَايَةٍ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ النَّقِيضَانِ إذْ الْحَدَثُ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ حَاصِلَةٌ مُتَحَقِّقَةٌ إجْمَاعًا فَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ يَرْفَعُهُ لَكَانَ يُصَلِّي بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَرَى الْوُضُوءَ كَذَلِكَ وَهُوَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ إجْمَاعًا. (ص) وَتَعْمِيمُ وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ لِكُوعَيْهِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ تَعْمِيمُ مَا ذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَا يَتَتَبَّعُ غُضُونَ الْوَجْهِ وَيُرَاعِي الْوَتَرَةَ وَحَجَاجَ الْعَيْنِ وَالْعَنْفَقَةَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَعْرٌ وَيُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى شَعْرِ لِحْيَتِهِ الطَّوِيلَةِ وَيَبْلُغُ بِهِمَا حَيْثُ مَا يَبْلُغُ بِهِمَا فِي غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَا لَا يُجْزِيهِ فِي الْوُضُوءِ لَا يُجْزِيهِ فِي التَّيَمُّمِ (ص) وَنَزَعَ خَاتَمَهُ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ نَزْعُ خَاتَمِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا فِي لُبْسِهِ أَوْ مُتَّسِعًا لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ فَلَا يَجْزِيهِ تَيَمُّمُهُ (ص) وَصَعِيدٌ طَهِرٌ كَتُرَابٍ (ش) أَيْ وَمِنْ لَوَازِمِ التَّيَمُّمِ الصَّعِيدُ وَهُوَ مَا صَعِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْزَائِهَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الطَّيِّبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُنْبِتُ وَهُوَ التُّرَابُ لَا مَا لَا يُنْبِتُ نَبَاتًا كَالرَّمْلِ وَالسِّبَاخِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الطَّاهِرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيَتَيَمَّمُ بِكُلِّ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ وَعَدَمِهِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ فِي تَخْصِيصِ التُّرَابِ كَالشَّافِعِيِّ وَلِابْنِ حَبِيبٍ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَشَمِلَ التُّرَابُ تُرَابَ ثَمُودَ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحِجْرِ وَاسْتَثْنَاهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ انْتَهَى وَسَمَّى الْبِسَاطِيُّ هَذِهِ الْكَافَ بِالْمُسْتَقْصِيَةِ لِاسْتِقْصَائِهَا جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّعِيدِ مِنْ حَجَرٍ وَرَمْلٍ وَنَحْوِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ) أَرَادَ بِالْخُصُوصِ الْإِضَافِيَّ أَيْ مَا عَدَا نِيَّةَ الصَّلَاةِ بِمُلَاحَظَةِ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ الْفَرْضُ عِنْدَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الْمُطْلَقِ الْمُتَحَقَّقِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَنْفِيَّ مُلَاحَظَةُ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِي الْعِبَارَةِ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فَقَالَ وَفَائِدَةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ وَطْءُ الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ بِهِ وَلُبْسُ الْخُفَّيْنِ بِهِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَهُ وَإِمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِينَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ زَادَ ابْنُ شَاسٍ وَالتَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَتَكُونُ خَمْسَةً (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) تَبْيِينٌ لِإِجْمَالِ لَا (قَوْلُهُ قَالَ الْقَرَافِيُّ) شُرُوعٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ يَرْفَعُهُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَلِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهِ الثَّمَرَةَ، وَاقْتِصَارُهُ هُنَا عَلَى الْمَازِرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ الْعَرَبِيِّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ بَلْ يَقُولُ إنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تت وَاعْلَمْ أَنَّ حُذَّاقَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنْ الشُّيُوخِ مَنْ قَالَ الْخِلَافُ فِيهَا لَفْظِيٌّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلَ انْتَهَى ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْبَدْرُ وَكَذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْخِلَافَ مَعْنَوِيُّ وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ اللَّائِقُ أَنْ يُقَالَ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَالْإِبَاحَةِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ كَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ لِمَنْ اسْتَجْمَرَ بِالْحِجَارَةِ مَعَ الْمَانِعِ وَهُوَ وُجُودُ حُكْمِ النَّجَاسَةِ لِأَجْلِ الرُّخْصَةِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُنَافَاةَ مَوْجُودَةٌ لِأَنَّ الْحَدَثَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَهِيَ تَنَافِي الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ عَلِيًّا) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَرْفَعُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ لِأَنَّ مَوْلَانَا عَلِيًّا كَانَ يَرَى إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِهِ يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُطْلَقًا عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ: وَتَعْمِيمُ وَجْهِهِ) لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ تَعْمِيمَ وَجْهِهِ بِمَسْحِهِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَلَوْ مَسَحَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ بَلْ وَلَوْ بِإِصْبَعٍ قَالَهُ سَنَدٌ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ رُبِطَتْ يَدَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُيَمِّمُهُ يَكْفِيهِ تَمْرِيغُ وَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ مَحَلَّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَكَفَّيْهِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُرَاعِي الْوَتْرَةَ) مُثْبِتٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَدْرِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى لَا يَتَتَبَّعُ غُضُونَ (قَوْلُهُ: وَحَجَاجَ الْعَيْنِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الْعُضْوُ الْمُسْتَدِيرُ بِالْعَيْنِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُجْزِيهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ التَّعْمِيمِ لَا مِنْ حَيْثُ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَلَا مِنْ حَيْثُ تَتَبُّعُ الْأَسَارِيرِ إذْ لَا يُطْلَبَانِ فِي التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فِيهِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَإِنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ ضَعِيفَةٌ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْخَاتَمِ الضَّيِّقِ مَعَ أَنَّ الْوُضُوءَ يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ) أَرَادَ بِالنَّزْعِ مَا يَشْمَلُ مَا لَوْ نَقَلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَمَسَحَ مَا تَحْتَهُ ثُمَّ رَدَّهُ وَمَسَحَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَاهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَخْ) كَلَامُ تت يُفِيدُ ضَعْفَ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تُرَابُ دِيَارِ ثَمُودَ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ لَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ وَاسْتَثْنَاهَا مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَكَانَ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ قَالَ الْحَطَّابُ وَانْظُرْ التَّيَمُّمَ عَلَى تُرَابِ الْمَسْجِدِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا لَمْ أَرَ نَصًّا صَرِيحًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَيِّبًا طَاهِرًا نَظِيفًا جَائِزٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْصَائِهَا جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّعِيدِ) هَذَا خِلَافُ مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ أَنَّ الْكَافَ الِاسْتِقْصَائِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وَشَمِلَ قَوْلُهُ: وَصَعِيدٌ طَهِرٌ مَا اُحْتُفِرَ مِنْ بَاطِنِ الْأَرْضِ كَالطِّفْلِ الَّذِي تَأْكُلُهُ النِّسَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ حَجَرٌ لَمْ يَشْتَدَّ تَصَلُّبُهُ وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا مَدْفُونًا بِالْأَرْضِ وَقِيلَ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ طَعَامٌ قَالَ النَّوَوِيُّ التُّرَابُ اسْمُ جِنْسٍ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهُ أَتْرِبَةٌ وَتِرْبَانٌ وَتَوَارِبُ وَمِنْ أَسْمَائِهِ الرَّغَامُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَمِنْهُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ بِالرَّغَامِ وَلَمَّا أَثْبَتَ لِلتُّرَابِ حُكْمَ الْجَوَازِ أَثْبَتَ لَهُ حُكْمًا آخَرَ وَهُوَ كَوْنُهُ أَفْضَلَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لَا مُتَعَيِّنٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ) ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْجَوَازُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نُقِلَ) دُونَ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ إذْ مَعَ النَّقْلِ يَكُونُ غَيْرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَمِثْلُ التُّرَابِ فِي النَّقْلِ السِّبَاخُ وَالرَّمْلُ وَالْحَجَرُ وَالْمَغْرَةُ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ هُنَا أَنْ يَجْعَلَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ لَا بِأَنْ يُنْقَلَ مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَقْلٍ هُنَا وَسَيَأْتِي مَعْنَى النَّقْلِ فِي الشَّبِّ وَنَحْوِهِ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ بُكَيْرٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ حَيْثُ نَقَلَ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (ص) وَثَلْجٍ وَخَضْخَاضٍ (ش) أَيْ وَجَازَ التَّيَمُّمُ عَلَى ثَلْجٍ وَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ يَتَيَمَّمُ عَلَى طِينِ خَضْخَاضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَاءٍ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ تُرَابٍ أَوْ جَبَلٍ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ: وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ أَنْكَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ، وَتَقْدِيرُنَا الْعَامِلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الصَّعِيدِ (ص) وَفِيهَا جَفَّفَ يَدَيْهِ رُوِيَ بِجِيمٍ وَخَاءٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِيهَا يَتَيَمَّمُ عَلَى الْخَضْخَاضِ مِمَّا لَيْسَ بِمَاءٍ وَيُخَفِّفُ وَضْعَ يَدَيْهِ رُوِيَ بِخَاءٍ وَرُوِيَ بِالْجِيمِ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْكَبِيرِ يُخَفِّفُ وَضْعَ يَدَيْهِ وَيُجَفِّفُهُمَا قَلِيلًا فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا (ص) وَجِصٍّ لَمْ يُطْبَخْ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ جَائِزٌ عَلَى حِجَارَةِ الْجِيرِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يُشْوَ وَإِلَّا فَلَا إذْ بِالشَّيْءِ يَخْرُجُ عَنْ مَاهِيَّةِ الصَّعِيدِ وَظَاهِرِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالطَّبْخِ الشَّيُّ لِأَنَّ الْجِصَّ لَا يُطْبَخُ وَإِنَّمَا يُشْوَى (ص) وَمَعْدِنٍ (ش) عُطِفَ عَلَى تُرَابٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِبَاءٍ جَارَّةٍ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَجَازَ التَّيَمُّمُ بِمَعْدِنٍ أَيْ أَوْ وَلَزِمَ التَّيَمُّمُ بِهِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً وَأَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ أَيْ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ وَجَازَ التَّيَمُّمُ بِمَعْدِنٍ أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تُرَابٍ عَطْفَ الْجُمَلِ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُتَيَمَّمُ بِالتُّرَابِ وَبِالْمَعْدِنِ ثُمَّ وَصَفَ الْمُؤَلِّفُ الْمَعْدِنَ بِصِفَاتٍ ثَلَاثٍ سَلْبِيَّةٍ دَلَّ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ نَقْدٍ) كَتِبْرِ ذَهَبٍ وَنِقْرِ فِضَّةٍ فَيُمْنَعُ بِهِ التَّيَمُّمُ وَعَلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَجَوْهَرٍ) أَيْ وَغَيْرِ جَوْهَرٍ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ تَوَاضُعٌ كَيَاقُوتٍ وَنَحْوِهِ وَعَلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَمَنْقُولٍ) أَيْ وَغَيْرِ مَنْقُولٍ. أَمَّا مَا نُقِلَ وَأُبِينَ عَنْ مَوْضِعِهِ وَبَقِيَ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَالْعَقَاقِيرِ فَلَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِمَنَافِعِ   [حاشية العدوي] لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَقَدْ أَدْخَلْت هُنَا غَيْرَ التُّرَابِ مِنْ الْحَجَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَاحَظَ الِاسْتِقْصَاءَ لُغَةً وَلَمْ يَنْظُرْ لِاصْطِلَاحِهِمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَجَرٌ) أَيْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَجَرٌ ثُمَّ مَا قَالَهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ لَيْسَ بِحَجَرٍ لِأَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي الْمَاءِ لَذَابَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَعَامٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الطَّعَامَ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ أَوْ شُرْبِهِ وَالْمَاءُ لَيْسَ بِطَعَامٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ وَقَوْلُهُ وَتِرْبَانٌ بِكَسْرِ التَّاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ عَلَى مَا رَأَيْته مَضْبُوطًا بِالْقَلَمِ مِنْ نُسْخَةٍ يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَخَضْخَاضٍ) هُوَ الطِّينُ اللَّيِّنُ جِدًّا قَالَهُ تت (قَوْلُهُ: أَوْ جَبَلٍ) هُوَ الْحَجَرُ كَمَا فِي مُحَشَّى تت (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) فَقَدْ قَالَ فِيهَا إذَا وُجِدَ الطِّينُ وَعُدِمَ التُّرَابُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَخَفَّفَ مَا اسْتَطَاعَ وَتَيَمَّمَ بِهِ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَيْفَ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الثَّلْجِ وَلَا تَظْهَرُ فِي الْخَضْخَاضِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ قَطْعًا فَإِذَنْ يُقَالُ مَا وَجْهُ كَوْنِ الَّذِي مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فُقِدَ غَيْرُهُ وَهُوَ الْخَضْخَاضُ وَاَلَّذِي لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ قَطْعًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت شَيْخَنَا أَفَادَ أَنَّ الثَّلْجَ يُشَابِهُ التُّرَابَ بِجُمُودِهِ بِخِلَافِ الْخَضْخَاضِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يُقَالُ هُوَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِأَنَّا نُقُولُ لَمَّا جَمَدَ عَلَيْهَا الْتَحَقَ بِأَجْزَائِهَا. (قَوْلُهُ: رُوِيَ بِجِيمٍ وَخَاءٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مَنْدُوبٌ وَلِذَلِكَ قَالَ عب وَعَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ لَا بُدَّ مِنْ التَّجْفِيفِ بِالْجِيمِ وَكَانَ الْفَصْلُ بِمُدَّتِهِ لَا تُبْطِلُ الْمُوَالَاةَ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: رُوِيَ بِالْجِيمِ اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَضْعُ يَدَيْهِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ يُجَفِّفُ يَدَيْهِ الْمَوْضُوعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَجِصٍّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ وَإِطْلَاقُ الْجِصِّ عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّيْءِ مَجَازُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَالْجِبْسُ هِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي إذَا شُوِيَتْ صَارَتْ جِيرًا انْتَهَى وَعَلَى كَلَامِهِ أَنَّ إطْلَاقَ الْجِصِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّيِّ مَجَازٌ فَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَذَهَبَ الْجِيزِيُّ لِمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الْجِصَّ بِالذِّكْرِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِجَارَةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخْرِجُهُ الطَّبْخُ عَنْ مَاهِيَّةِ الصَّعِيدِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً) الْأَصْلُ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تُرَابٍ عَطْفَ الْجُمَلِ أَيْضًا) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ بَلْ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ (قَوْلُهُ: بِأَوْصَافٍ ثَلَاثٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ غَيْرًا مُسَلَّطَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ فَهِيَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ تَسَلُّطَ غَيْرٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَحَصَلَ تَعْدَادٌ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يَقَعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ جَوْهَرٍ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ تَوَاضُعٌ وَجْهُ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَتَّصِفْ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ لَمْ يُبَايِنْ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ فَسَاغَ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ وَمَا اتَّصَفَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ بَايَنَ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِمَنَافِعِ النَّاسِ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 النَّاسِ ثُمَّ مَثَّلَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَبِمَا خَرَجَ عَنْهَا إلَى الطَّعْمِيَّةِ لِيُلْحِقَ بِهِمَا مَا شَابَهَهُمَا فَقَالَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ (كَشَبٍّ) وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَزِئْبَقٍ وَكِبْرِيتٍ وَكُحْلٍ (وَمِلْحٍ) مَعْدِنِيٍّ وَمَصْنُوعٍ وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا الرُّخَامُ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يُمْنَعُ مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ كَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَبَعْضُهُمْ يَفْصِلُ بَيْنَ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ وَغَيْرِ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ وَالْمُرَادُ بِنَقْلِ الشَّبِّ وَالْمِلْحِ وَنَحْوِهِمَا إنْ تَبَيَّنَ عَنْ الْأَرْضِ وَتَصِيرُ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَالْعَقَاقِيرِ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يُنْقَلْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَأَمَّا إذَا نُقِلَتْ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا. (ص) وَلِمَرِيضٍ حَائِطُ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلْمَرِيضِ وَكَذَلِكَ الصَّحِيحُ إذَا فَقَدَ الْمَاءَ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَلَى حَائِطِ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ الْحَرْقُ فَيَصِيرَ جِيرًا أَوْ جِبْسًا أَوْ آجُرًّا أَوْ يَكُونَ بِهِ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلِاهْتِمَامِ لَا لِلِاخْتِصَاصِ (ص) لَا بِحَصِيرٍ وَخَشَبٍ (ش) أَيْ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِمَا ذَكَرْنَا لَا بِحَصِيرٍ وَلَبَدٍ وَبُسُطٍ إلَّا أَنْ يُكْثِرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ فَيَتَنَاوَلُهُ الصَّعِيدُ وَخَشَبٌ وَحَشِيشٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَمْكَنَ قَلْعُهُ أَمْ لَا وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا وَيُعِيدُ أَبَدًا. (ص) وَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ فِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ وَمِنْهُ يُفْهَمُ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ ذِكْرُهَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الْفَرَاغُ مِنْ غُسْلِهِ أَوْ تَيَمُّمِهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ (ص) فَالْآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ وَالْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ أَوْ وُجُودِهِ وَسَطَهُ وَالرَّاجِي آخِرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْتَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَيَمِّمِينَ فَالْآيِسُ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ لُحُوقِهِ أَوْ زَوَالِ مَانِعِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ   [حاشية العدوي] فَخَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَالذَّهَبُ وَالْجَوْهَرُ خَرَجَا بِسَبَبِ كَوْنِهِمَا فِي غَايَةِ الشَّرَفِ (قَوْلُهُ: لِيَلْحَقَ بِهِمَا مَا شَابَهَهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا مَا شَابَهُ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَهُوَ الشَّبُّ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ مَا شَابَهَهُ بِقَوْلِهِ وَنُحَاسٌ أَيْ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمِلْحُ فَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُشَابِهٌ وَمِثْلُ الْمِلْحِ النَّطْرُونُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمِلْحِ وَالشَّبِّ فَلْيَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ) أَيْ الْمُرَتَّبِ أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ كَشَبٍّ مِثَالٌ لِمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ وَمِلْحٌ مِثَالٌ لِمَا خَرَجَ (قَوْلُهُ: وَمَصْنُوعٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حَلْفَاءٍ بَلْ مِنْ تُرَابٍ أَوْ مَاءٍ وَجَمْدٍ كَذَا فِي عب وَهُوَ اسْتِظْهَارٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ ذَكَرَ أَقْوَالًا أَرْبَعَةً أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ فِي الْمِلْحِ ثَالِثُهَا الْمَعْدِنِيُّ وَرَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ بِأَرْضِهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَيْرِهِ انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْهَا وَالْقَوْلُ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَعْدِنِيِّ وَالْمَصْنُوعِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ كَالْجَوَاهِرِ) أَيْ فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَصَوَّبَهُ بَعْضٌ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ يَجْعَلْهُ كَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ. (قَوْلُهُ: يَفْصِلُ بَيْنَ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ إلَخْ) أَيْ كَالنَّشْرِ وَالصَّقْلِ أَيْ لَا الطَّبْخِ وَرُجِّحَ ذَلِكَ الْقَوْلُ لِاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْمَصْنُوعِ وَاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ كَذَا ذَكَرُوا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْمَصْنُوعِ لِأَنَّهَا صَنْعَةٌ لَمْ تُخْرِجْهُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالطَّبْخِ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَعْلِيلِهِ لِاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَى الْمَنْعِ وَلَمْ يَقُلْ لِكَوْنِ الصَّنْعَةِ أَخْرَجَتْهُ عَنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الَّتِي فِي الرُّخَامِ لَيْسَتْ الطَّبْخَ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى مَعْدِنِ النَّقْدِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهَا بِمَعْدِنِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَتَيَمَّمُ عَلَى النَّقْدِ وَالْجَوْهَرِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ بِمَعْدِنِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِمَرِيضٍ حَائِطُ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ) خُلَاصَةُ كَلَامِ شب أَنَّهُ إذَا خُلِطَ بِتِبْنٍ فَيَضُرُّ إذَا كَانَ أَغْلَبَ لَا إنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا إنْ خُلِطَ بِنَجِسٍ فَيَضُرُّ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ الْكَثْرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ وَعِبَارَةُ عب وَلَمْ يُخْلَطْ بِنَجَسٍ أَوْ طَاهِرٍ كَتِبْنٍ وَإِلَّا لَمْ يَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ عج تُفِيدُ النَّجَسَ بِالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ إلَخْ) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا الصَّحِيحُ أَيْ فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى حَائِطٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَحَائِطُ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ لِمَرِيضٍ فَقُدِّمَ وَالتَّقْدِيمُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ التَّقْدِيمَ لِلْحَصْرِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِلصَّحِيحِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ التَّقْدِيمُ لِلِاهْتِمَامِ لَا لِلْحَصْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ أَمْكَنَ قَلْعُهُ أَمْ لَا) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَلْعُهُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عب جَعَلَ الْمَشْهُورَ عَدَمَ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا كَشَارِحِنَا وَأَنَّ كَلَامَ الْمُقَابِلِ ضَعِيفٌ وَلَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ عج التَّيَمُّمُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُفْهَمُ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِمُلَاحَظَةِ عَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ فَيَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى أَنَّهُ إذَا فُعِلَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُفْصَلُ عَمَّا فُعِلَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ الْقَصْدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَالِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا النَّوَافِلُ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَالْوِتْرَ بِتَيَمُّمِ الْوِتْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْوِتْرِ إنَّ مَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ عج وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَازَتْ جِنَازَةٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا صَلَّى الْوِتْرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَذَكَرَهُ عَنْ نَصٍّ فَانْظُرْ سَنَدٌ عج فِيمَا قَالَهُ وَنَصَّ الشَّيْخُ سَالِمٌ هُنَاكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْوِتْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْآيِسَ صُورَتَانِ مَنْ يَجْزِمُ بِعَدَمِ الْوُجُودِ أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا وَفَسَّرَ الرَّاجِي بِأَنَّهُ الَّذِي يَجْزِمُ بِالْوُجُودِ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْوُجُودُ فَيَكُونُ أَيْضًا صُورَتَيْنِ: الْجَزْمَ بِالْوُجُودِ أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا الْوُجُودَ فَيَكُونُ الْمُتَرَدِّدُ عَلَى هَذَا مَنْ تَرَدَّدَ فِي الْوُجُودِ وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَمَنْ يَظُنُّ الْوُجُودَ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَوْ يَظُنُّ عَدَمَهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ فَتَكُونُ صُوَرُهُ ثَلَاثًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سَبْعَةٌ فِي الْوُجُودِ وَقُلْ مِثْلَهَا فِي اللُّحُوقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ يُعْطَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 يَتَيَمَّمُ اسْتِحْبَابًا أَوَّلَ الْمُخْتَارِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِهِ إذَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْمَاءِ، وَالْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ مَعَ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ أَوْ فِي وُجُودِهِ لِلْجَهْلِ بِهِ وَسَطَهُ بِحَيْثُ يُوقِعَانِ الصَّلَاةَ فِي آخِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمَا الْفَضِيلَتَانِ، وَمِثْلُهُمَا الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ وَنَحْوِهَا، وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ مُنَاوِلًا وَالْمَسْجُونُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ وَنَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي فِي الرَّاجِي الْآتِي قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ خِلَافُ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ إعَادَةِ الْمُخَالِفِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْوُجُوبُ (ص) وَفِيهَا تَأْخِيرُهُ الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ (ش) أَيْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَأْخِيرُ الرَّاجِي الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا كَالنَّقْضِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا يَكُونُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لَا الضَّرُورِيِّ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مُقَدَّرٌ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ لِأَجْلِ إدْرَاكِ الْمَاءِ يُوجِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَثَلًا إلَى الْغُرُوبِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ الِاخْتِيَارِيَّ مُمْتَدٌّ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَسَتَأْتِي فِي بَابِهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْآيِسِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ أَمَّا لَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ تَيَمَّمَ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ آيِسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (ص) وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ وَإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ وَاجِبَاتِ التَّيَمُّمِ شَرَعَ فِي سُنَنِهِ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا: التَّرْتِيبَ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْوَجْهِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ كَالْوُضُوءِ، وَكَوْنَهُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَتَجْدِيدَ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ لِيَدَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنَّتَيْهِمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَفْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ فَإِنْ مَسَحَ بِهِمَا عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ تَرْكُ مَسْحِ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ   [حاشية العدوي] حُكْمَ الْقَوِيِّ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيَكُونُ الْمُتَرَدِّدُ مَنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ اللُّحُوقِ وَعَدَمِهِ أَوْ الْوُجُودِ وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَصُوَرُهُ اثْنَانِ وَصُوَرُ الْآيِسِ سِتَّةٌ بَيَانُهَا جَازِمٌ بِعَدَمِ الْوُجُودِ أَوْ بِاللُّحُوقِ غَالِبٌ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ مَعَ الْغَلَبَةِ غَالِبٌ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ بِدُونِ غَلَبَةٍ وَقَلَّ مِثْلُهَا فِي الرَّاجِي وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ قَوْلَهُ: وَالرَّاجِي إلَخْ عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَيْهَا عَبَّرَ بِالْيَقِينِ وَكَذَلِكَ اخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَاخْتَصَرَهَا حَمْدِيسٌ وَهُوَ يَطْمَعُ وَفِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ كَانَ يَظُنُّ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ مَعَ الْعِلْمِ بَعِيدٌ أَبَدًا انْتَهَى فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: الْخَائِفُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا ذُكِرَ وَهُوَ الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ إلَخْ يَتَيَمَّمَانِ وَسَطَهُ وَلَوْ مَعَ الْيَأْسِ قَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ إنْ كَانَ الْفِقْهُ هَكَذَا فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ الْجَرَيَانُ بَيْنَ الْيَأْسِ وَغَيْرِهِ وَحَاصِلُ مُرَادِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ يَتَيَمَّمَانِ وَسَطَ الْوَقْتِ أَيْ نَدْبًا، فَإِذَا قَدَّمُوا عَنْ وَسَطِهِ أَعَادُوا فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ تَأْخِيرَ الْمُتَرَدِّدِ لِوَسَطِ الْوَقْتِ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: فِي الرَّاجِي الْآتِي) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّاجِي آخِرَهُ وَكَانَ آتِيًا بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهَا فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ آخِرَهُ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إنْ وَجَدَ مَاءً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُسَافِرٍ وَحَاضِرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) نَقُولُ لَهُ لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لِأَنَّ هُنَاكَ مَسَائِلَ وَجَدْنَا الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ فِيهَا مَعَ مُخَالَفَةِ النَّدْبِ (قَوْلُهُ: كَالنَّقْضِ) قَالَ كَالنَّقْضِ وَلَمْ يَقُلْ نَقْضٌ كَمَا تَقَدَّمَ لِمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارَ مُمْتَدٌّ لِمَغِيبِ الشَّفَقِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَمَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِهِ فَهُوَ نَقْضٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَهُوَ كَالنَّقْضِ فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَهَذَا كَالنَّقْضِ أَيْ وَلَيْسَ بِنَقْضٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُبَيَّنَةٌ إلَخْ وَعِبَارَةُ شب بَعْدَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ إلَّا أَنَّ لَهُ قُوَّةً فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَكَذَا فِي الْجَمْعِ الصُّورِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) فَإِنْ نَكَّسَ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ مَعَ الْقُرْبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا بَعْدُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ الْمُوَالَاةِ مُبْطِلَةٌ لَهُ ثُمَّ مَحَلُّ إعَادَتِهِ لَمْ يَكُنْ صَلَّى بِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ وَأَعَادَهُ اسْتِحْبَابًا بِتَمَامِهِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ النَّوَافِلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ) هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَسُنَّ مَسْحُ الزَّائِدِ عَلَى الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ) جُنُبًا أَمْ لَا تَيَمَّمَ عَلَى تُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ كَانَ التُّرَابُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ) أَيْ بِقَوْلِنَا صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِكَذَا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ تَعَقَّبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْكُوعَيْنِ بِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْمَسْحِ لِلْمِرْفَقَيْنِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْكُوعَيْنِ وَصَلَّى فَالْمَشْهُورُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إلَخْ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنَّتَيْهِمَا أَيْ سُنِّيَّةِ الْمَسْحِ لِلْكُوعَيْنِ وَالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْبِسَاطِيِّ مُتَوَجِّهٌ فِي الْأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ مُتَوَجِّهٌ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَسْحِ إلَى الْكُوعَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ إلَخْ) هَذَا نُكْتَةُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: صَحَّ تَيَمُّمُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ قَوِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِصِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْحَجَرِ فَمَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْحُ قَوِيًّا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ كَمَا فِي الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزْبَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَقْلُ تَرْكُ) تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ الْمُطَابِقِيَّ رَفْعُهُ إلَى الْوَجْهِ وَيَلْزَمُ مِنْ نَقْلِهِ إلَى الْوَجْهِ عَدَمُ مَسْحِهِ إذْ لَوْ مَسَحَهُ لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى الْوَجْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 فَلَا يُنَافِي قَوْلَ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِمَا شَيْءٌ نَفَضَهُ نَفْضًا خَفِيفًا وَالْمُرَادُ بِالضَّرْبِ الْوَضْعُ وَقَالَ لِيَدَيْهِ رَدًّا عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَمْسَحُ بِالثَّانِيَةِ الْوَجْهَ أَيْضًا مَعَ الْيَدَيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَمْسَحُ بِالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ يَدَيْهِ فَقَطْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَمْسَحُ الْوَاجِبَ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ لِأَنَّا نَقُولُ: أَثَرُ الْوَاجِبِ بَاقٍ مِنْ الضَّرْبَةِ الْأُولَى مُضَافًا إلَيْهِ الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا وَفَعَلَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مَعًا بِالْأُولَى أَجْزَأَهُ. (ص) وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ (ش) زَادَ فِي الْمَدْخَلِ فِي قَضَائِهِ السِّوَاكَ وَالصَّمْتَ وَذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِقْبَالَ لِلْقِبْلَةِ وَلَا يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْمُتَوَضِّئُ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُفْعَلُ بِهِ دُونَ الْوُضُوءِ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْوُضُوءِ وَهِيَ التَّطَايُرُ. (ص) وَبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ لِآخِرِ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ (ش) الْبَاءُ الْأُولَى بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} [الإنسان: 6] أَيْ مِنْهَا وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ أَيْ وَنُدِبَ بَدْءٌ مِنْ مُقَدَّمِ ظَاهِرِ يُمْنَاهُ، وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ بَاءُ الْآلَةِ كَقَوْلِهِ كَتَبْت بِالْقَلَمِ وَنَجَرْت بِالْقَدُومِ وَقَطَعْت بِالسِّكِّينِ لِأَنَّ الْيُسْرَى آلَةُ الْمَسْحِ وَيَنْعَكِسُ مَعْنَى الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ فَتَصِيرُ بَاءُ الْيُمْنَى بَاءَ الْآلَةِ وَبَاءُ الْيُسْرَى بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَلَا اعْتِرَاضَ، وَكَوْنُ الْمَنْدُوبِ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ لَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُ الْإِفْرَادِ فُرُوضًا. (ص) وَبَطَلَ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ وَبِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا إلَّا نَاسِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ يُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ السَّابِقَ فِي نَوَاقِضِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ أَيْضًا بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ مِنْ خِفَّةِ وُضُوئِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: نَفَضَهُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالضَّرْبِ الْوَضْعُ) وَهُوَ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ وَهَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يَكْفِي إلْقَاءُ الرِّيحِ فِيهِمَا تُرَابًا سَتَرَهُمَا نَاوِيًا التَّيَمُّمَ أَوْ يَكْفِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عج أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا غَيْرُ مُبَيَّنَةِ الْحُكْمِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فَلِذَا أَعَادَهَا هُنَا وَيَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ فِيهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ إلَخْ) أَيْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ الْمُعَقِّبَاتِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَلَوْ وَقَعَ وَذَكَرَهُ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: وَبَدْءٌ) أَيْ يَجْعَلُ أَصَابِعَهُ فَقَطْ دُونَ بَاطِنِ كَفِّهِ عَلَى ظَاهِرِ يُمْنَاهُ ثُمَّ فِي عَوْدِهِ عَلَى بَاطِنِ الذِّرَاعِ يَمْسَحُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ كَذَا فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمِرْفَقِ) أَيْ مُنْتَهِيًا إلَى الْمِرْفَقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَدْءٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى بِظَاهِرٍ وَالْبَدْءُ بِاعْتِبَارِهِ إضَافِيٌّ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمِرْفَقَيْنِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا مُسْتَقِلًّا مَعَ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْفُوظَ فِيهِ الْجَرُّ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ بَاءُ الْآلَةِ) وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ مَاسِحًا لَهَا بِيُسْرَاهُ فَيَجْعَلُ بَاطِنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَوْقَ ظَاهِرِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّهُمَا مُنْتَهِيًا إلَى الْمِرْفَقِ وَيَجُوزُ كَوْنُ الْأُولَى لِلْإِلْصَاقِ (قَوْلُهُ: بِالْقَدُومِ) بِالْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ وَالدَّالِ الْمَضْمُومَةِ الْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّ فِيهِ تَعَلُّقَ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ الَّذِي هُوَ بَدْءٌ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْبَاءَ الْأُولَى بِمَعْنَى مِنْ وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ لِلْآلَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْمَنْدُوبِ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ مَا تَرَكَّبَ مِنْ أَفْرَادٍ هِيَ أَجْزَاءُ تِلْكَ الْمَاهِيَّةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَجْزَاءِ بَدَلَ الْأَفْرَادِ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ لِلْكُلِّيِّ لَا لِلْكُلِّ، وَقَوْلُهُ: (فُرُوضٌ) أَيْ بَعْضُهَا فُرُوضٌ وَبَعْضُهَا سُنَّةٌ وَبَعْضُهَا مُسْتَحَبٌّ إذْ الْمَسْحُ لِلْمِرْفَقَيْنِ سُنَّةٌ وَإِلَى الْكُوعَيْنِ فَرْضٌ وَتَقْدِيمُ ظَاهِرِ الْيُمْنَى عَلَى الْبَاطِنِ مَنْدُوبٌ فَالِاسْتِحْبَابُ قَدْ تَوَجَّهَ لِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَقَوْلُهُ وَالْأَفْرَادُ فُرُوضٌ أَيْ بَعْضُ الْأَفْرَادِ فُرُوضٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْصَبَّ النَّدْبُ عَلَى الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالتَّرْتِيبِ مِنْ كَوْنِهِ يَبْدَأُ مِنْ مُقَدَّمِ ظَاهِرِ الْيُمْنَى مُنْتَهِيًا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ مِنْ الْمِرْفَقِ مُنْتَهِيًا إلَى الْأَصَابِعِ وَكَذَا فِي الْيُسْرَى فَلَمْ يَتَعَلَّقْ النَّدْبُ بِذَاتِ الْمَسْحِ بَلْ ذَاتُ الْمَسْحِ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا مِنْ وُجُوبٍ وَسُنَّةٍ فَافْهَمْ. (تَنْبِيهٌ) : لَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ التَّعَرُّضَ لِلُزُومِ التَّخْلِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى ذَلِكَ وَلِذَلِكَ تَبَرَّأَ مِنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ قَالُوا وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا نَاسِيهِ) غَيْرُ مَنْصُوبٍ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُفَرَّغٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْأَصْلُ لَا عَالِمًا فِيهَا إلَّا نَاسِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَثَمَرَتُهُ أَيْ يَنْوِي التَّيَمُّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَعُودُ جُنُبًا يَنْوِي التَّيَمُّمَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَادَ جُنُبًا لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَعُودُ يَقْرَؤُهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: اتَّسَعَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ) كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَعَلَيْهِ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ فِي الضَّرُورِيِّ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ انْتَبَهَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَكَانَ مُتَّسِعًا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ بِفِعْلِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ خِفَّةٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّ خِفَّةَ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَغِّبَةٌ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ مُرَاعَاةُ تَرْكِ الْوَسْوَسَةِ لَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ زَمَنًا قَلِيلًا جِدًّا مُشَابِهًا لِمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 لَا عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ تَرَاخٍ وَوَسْوَسَةٍ وَإِنْ ضَاقَ صَلَّى بِهِ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَاضِي مِنْهَا وَلَوْ قَلَّ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَهَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي رَحْلِهِ فَيَتَيَمَّمُ وَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَذْكُرُهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ بِمَنْزِلَةِ وُجُودِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ شَامِلٌ لِلشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَيَجْرِي فِيهِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ وَانْظُرْ لَوْ تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ هَلْ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ أَوْ يُعْطَى حُكْمَ مَا نَابَ عَنْهُ فَلَا تُبْطِلُهُ الرِّدَّةُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ، وَوُجُودَ رُفْقَةٍ مَعَهُمْ الْمَاءُ كَوُجُودِ الْمَاءِ، وَمِثْلُ وُجُودِ الْمَاءِ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ لِلْعَاجِزِ عَنْهُ وَلَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ فَقَصَدَهُ فَرَأَى مَانِعًا مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ لِلْمَاءِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ. (ص) وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ فِي الْوَقْتِ (ش) هَذِهِ تَرْجَمَةٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ بَابُ إعَادَةِ الْمُقَصِّرِ فِي الْوَقْتِ وَأَلْ فِي الْمُقَصِّرِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ كُلُّ مُقَصِّرٍ وَقَوْلُهُ (وَصَحَّتْ: إنْ لَمْ يُعِدْ) أَيْ وَلَوْ عَامِدًا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا لِأَنَّ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يُعِدْ وَلِلرَّدِّ صَرِيحًا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ نَاسِيَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُ أَبَدًا انْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ كَالْمُخَالِفِ لِمَا أُمِرَ بِهِ فَعُوقِبَ بِطَلَبِ الْإِعَادَةِ أَبَدًا وَلَمْ يَرَ النِّسْيَانَ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ التَّفْرِيطَ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ مَا عَدَا الْمُعِيدَ لِتَيَمُّمِهِ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ، وَالْمُتَيَمِّمَ لِإِعَادَةِ الْحَاضِرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى يَسِيرِ الْمَنْسِيَّاتِ وَلَوْ عَمْدًا وَمَنْ قَدَّمَ إحْدَى الْحَاضِرَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى نَاسِيًا وَالْمُعِيدَ لِصَلَاتِهِ لِنَجَاسَةٍ فَإِنَّ الْوَقْتَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الضَّرُورِيُّ وَكُلُّ مَنْ أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ بِالْوُضُوءِ إلَّا الْمُقْتَصِرَ عَلَى كُوعَيْهِ أَوْ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ وَلَوْ بِتَيَمُّمٍ وَفِي مَسَائِلَ أُخْرَى اُنْظُرْهَا فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ أَوْ رَحْلِهِ (ش) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْمُقَصِّرِ لَا تَشْبِيهٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ فَصَلَّى بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمَاءَ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْمَاضِي إلَخْ) هَذَا إذَا شَرَعَ آيِسًا مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَيَمَّمَ وَهُوَ يَرْجُوهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ بُنِيَتْ عَلَى تَخْمِينٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ قَالَهُ سَنَدٌ بِحَمْلِ الْإِيَاسِ فِي كَلَامِ سَنَدٍ عَلَى مَا عَدَا الرَّجَاءَ فَيَشْمَلُ الشَّكَّ الَّذِي هُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالظَّاهِرُ إبْقَاءُ النَّقْلِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَوْ دَخَلَ رَاجِيًا فَلَا يَقْطَعُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصِدِ يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّاجِيَ يُنْدَبُ لَهُ التَّأْخِيرُ وَلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ) وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُبْطِلُهُ الرِّدَّةُ) أَيْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ فَإِذَنْ يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ يُصَلِّي بِهِ وَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيُسَوَّغُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا، وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهَذَا التَّيَمُّمِ قَطْعًا وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ إذَا اغْتَسَلَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَوُضُوءُهُ يَبْطُلُ وَغُسْلُهُ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ وُجُودِ الْمَاءِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ أَيْضًا وُجُودُ رُفْقَةِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَوْ تَيَمَّمَ فَطَلَعَ عَلَيْهِ رَكِبَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ ظَنَّ مَعَهُمْ الْمَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ مَعَهُمْ أَعَادَ تَيَمُّمَهُ لِأَنَّ الطَّلَبَ لَمَّا وَجَبَ كَانَ مُبْطِلًا لِلتَّيَمُّمِ وَلِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ بِالصَّلَاةِ فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا مُتَفَاحِشًا لَمْ يُجْزِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ فَرَأَى مَانِعًا إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَلَيْسَ فِيهَا فَقَصَدَهُ وَهِيَ مُلْحَقَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمَوْجُودَةٌ فِي الْحَطَّابِ فَقَدْ قَالَ وَكَذَا لَوْ رَأَى مَاءً فَقَصَدَهُ فَحَالَ دُونَهُ مَانِعٌ نَقَلَهُ سَنَدٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فَإِنَّ الطَّلَبَ إذَا وَجَبَ كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ انْتَهَى (أَقُولُ) يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ شَرْطًا. (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ الْمُقَصِّرُ عَنْ الطَّلَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعِدْ) سَهْوًا كَعَامِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: يُعِيدُ أَبَدًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ صَارَ كَالْمُخَالِفِ) (أَقُولُ) وَيَكُونُ الْعَامِدُ أَوْلَوِيًّا (أَقُولُ) مُفَادُهُ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَيُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ وُجُوبًا وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ بُطْلَانُ الْأُولَى وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ غَايَةٌ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت الطِّخِّيخِيَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّوْضِيحَ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الصَّلَاةَ مُسْتَوْفَاةُ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَإِنَّمَا الْخَلَلُ فِي بَعْضِ كَمَالِهَا فَأَمَرَ بِاسْتِدْرَاكِهَا فِي الْوَقْتِ فَلَوْ أَمَرَ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا لَلَزِمَ انْقِلَابُ النَّفْلِ فَرْضًا وَكَأَنَّهُ يَرَاهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ وَتَرَكَ صَارَ كَالْمُخَالِفِ لِمَا أَمَرَ بِهِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ الْإِشْكَالُ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَيَمِّمَ لِإِعَادَةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ: وَالْمُتَيَمِّمَ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا (قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى يَسِيرِ الْمَنْسِيَّاتِ) أَيْ وَلَوْ عَمْدًا (قَوْلُهُ: إحْدَى الْحَاضِرَتَيْنِ) أَيْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعِيدَ لِصَلَاتِهِ) أَيْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَفِي مَسَائِلَ أُخْرَى) تِلْكَ الْمَسَائِلُ الْأُخْرَى هِيَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاثْنَتَانِ أُخْرَيَانِ مِنْ بَعِيدٍ فِي جَمَاعَةٍ وَمَنْ نَكَّسَ تَيَمُّمَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَسَائِلُ سَبْعَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ رَحْلِهِ إلَخْ) قَالَ عج شَامِلٌ لِمَنْ نَسِيَهُ وَلِمَنْ جَهِلَهُ كَمَا إذَا وَضَعَتْهُ زَوْجَتُهُ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ هَذَا شَامِلًا لَهُمَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَأَقُولُ) وَلَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَنَاسٍ ذَكَرَ بَعْدَهَا بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ النِّسْيَانِ لِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ طَلَبَ وَقَصَّرَ فِي الطَّلَبِ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى عَيْنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ مَا سَيَأْتِي لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الطَّلَبُ أَبَدًا إنَّمَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمَاءَ) فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَتَيَمُّم وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ قُرْبِهِ وَرَحْلِهِ صُوَرٌ وَهِيَ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَأْمُورَ بِطَلَبِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ طَلَبًا لَا يُشَقُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 بِقُرْبِهِ أَيْ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي طَلَبَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يُعِدْ وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهِ بِقُرْبِهِ أَنْ يَجِدَهُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَطْلُبُهُ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا تَتَكَرَّرُ مَسْأَلَةُ النِّسْيَانِ الْآتِيَةُ مَعَ هَذِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَمْدِ. (ص) لَا إنْ ذَهَبَ رَحْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَلَّ رَحْلُهُ فِي الرِّحَالِ وَبَالَغَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (ص) وَخَائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ الْمَمْنُوعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ كَخَائِفِ تِمْسَاحٍ إنْ دَخَلَ النَّهْرَ وَخَائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَوَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِأَنْ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا فَلَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ الْمَاءَ أَوْ وَجَدَ غَيْرَ الْمَاءِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (ص) وَمَرِيضٍ عَدِمَ مُنَاوِلًا (ش) فِيهَا الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ أَوْ سِبَاعٍ عَلَى الْمَاءِ يَتَيَمَّمُ فِي وَسَطِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ الَّذِي يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ، وَالْخَائِفُ الَّذِي يَعْرِفُ مَوْضِعَ الْمَاءِ وَيَخَافُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ ثُمَّ إنْ وَجَدُوا يَعْنِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوا ابْنُ يُونُسَ، وَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَرِيضٍ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُونَ عَدِمَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ مُنَاوِلًا إذْ لَوْ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ فَلَيْسَ بِمُقَصِّرٍ. (ص) وَرَاجٍ قَدَّمَ وَمُتَرَدِّدٌ فِي لُحُوقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاجِيَ لِلْمَاءِ إذَا تَيَمَّمَ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَرْجُوهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِوُجُودِهِ وَتَيَمَّمَ فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهُ وَهُوَ الْوَسَطُ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَحْرَى إذَا قَدَّمَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَرَدِّدِ فِي وُجُودِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَيَمَّمَ فِي وَقْتِهِ أَوْ قَدَّمَ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ (ص) وَنَاسٍ ذَكَرَهَا بَعْدَهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاسِيَ لِلْمَاءِ إذَا عَلِمَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَمِثْلُ نَاسِيهِ لَوْ طَلَبَهُ مِنْ رُفْقَتِهِ فَنَسُوهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ تَذَّكَّرُوهُ وَظَنَّ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوهُ لَمْ يَمْنَعُوهُ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوهُ مَنَعُوهُ لَمْ يُعِدْ وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ جَعَلَتْهُ زَوْجَتُهُ أَوْ رَقِيقُهُ   [حاشية العدوي] بِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَيْدٌ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَهُ طَلَبًا يَشُقُّ فَلَا إعَادَةَ رَأْسًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ غَيْرَ أَنَّ عج قَدْ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهِ بِقُرْبِهِ أَنْ يَجِدَهُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَطْلُبُهُ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ انْتَهَى فَمُفَادُهُ أَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَكُونُ قَيْدًا فَلَا تَكُونُ الصُّوَرُ أَرْبَعًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهَا مَفْهُومًا فَتَكُونُ أَرْبَعًا بَلْ يَتَعَيَّنُ وَيُفَسَّرُ قَوْلُهُ لَا يُشَقُّ بِهِ أَيْ طَلَبَهُ طَلَبًا مَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الطَّلَبِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَبًا لَا يُشَقُّ بِهِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي أَفْرَادِ الْمُقَصِّرِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا لَا تَتَكَرَّرُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا حَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ فَإِذَنْ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَمْدِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي طَلَبَهُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَرَّرَهُ اللَّقَانِيِّ فَقَدْ قَالَ كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ وَقَدْ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا تَتَكَرَّرُ مَسْأَلَةُ النِّسْيَان الْآتِيَةُ مَعَ هَذِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ وُجُودًا أَوْ لُحُوقًا هَذَا قَيْدٌ وَقَوْلُهُ كَخَائِفِ تِمْسَاحٍ أَيْ جَزْمًا أَوْ غَلَبَةَ ظَنٍّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الظَّنُّ مِثْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ قَيْدٌ ثَانٍ، وَقَوْلُهُ: وَوَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ إلَخْ قَيْدٌ ثَالِثٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَالَ الْمَانِعُ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَتَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ قَيْدٌ رَابِعٌ، وَقَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَوَجَدَ الْمَاءَ وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ اثْنَيْنِ وَنُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَتَبَيَّنَ عَدَمُ الْمَانِعِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ وُجُودُ الْمَانِعِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا إعَادَةَ أَصْلًا أَوْ كَانَ خَوْفُهُ شَكًّا أَوْ وَهْمًا فَيُعِيدُ أَبَدًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ صَادِقٌ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَوْ بِالظَّنِّ وَبِالشَّكِّ وَمُفَادُهُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ هُنَا لَا تُعْطَى هُنَا حُكْمَ الْيَقِينِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُعْطَى حُكْمَ الْيَقِينِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ الْخَائِفِ مِمَّا ذُكِرَ مُقَصِّرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّغْرِيرُ بِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ وَكَانَ خَوْفُهُ كَلَا خَوْفٍ فَعِنْدَهُ تَقْصِيرٌ فِي عَدَمِ تَثَبُّتِهِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ تَيَمُّمُهُ لِخَوْفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِتَقْصِيرِهِ كَكَسَلٍ أَعَادَ أَبَدًا كَمَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ) أَيْ بِقَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ أَيْ مَالِكٍ أَوْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَالْخَائِفُ الَّذِي يَعْرِفُ الْمَاءَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَرِيضِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ الَّذِي يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ وَالْخَائِفُ الَّذِي يَعْلَمُ وَيَخَافُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ وَكَذَلِكَ الْخَائِفُ مِنْ سِبَاعٍ أَوْ لُصُوصٍ فِي وَسَطِ كُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ اهـ. نَقُولُ أَرَادَ بِالْخَائِفِ الَّذِي يَعْلَمُ مَوْضِعَ الْمَاءِ الْمُتَرَدَّدِ فِي اللُّحُوقِ، وَقَوْلُهُ: وَيَخَافُ أَنْ يَبْلُغَهُ بَيَانٌ لِجِهَةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ وُجِدَ) هَذَا لَفْظُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ. إذَنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) وَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُقَصِّرِ. (قَوْلُهُ: وَرَاجٍ قَدَّمَ) فِيهِ أَنَّهُ تَرَكَ مَنْدُوبًا وَلَا إعَادَةَ فِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ تَأَخُّرِ الرَّاجِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُتَرَدِّدِ فِي وُجُودِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَرَدِّدِ فِي اللُّحُوقِ وَبَيْنَ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ أَنَّ ذَاكَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَقْصِيرٍ فَلِذَا طُلِبَ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْمَطْلُوبِ بِالتَّأْخِيرِ فِيهِ بِخِلَافِهِ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ فَإِنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ وَفِي عب أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ فِي الْوُجُودِ إذَا قَدِمَ يُعِيدُ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا تَبِعَ فِيهِ التَّوْضِيحَ وَالشَّامِلَ وَارْتَضَى كَلَامَهُمَا الْحَطَّابُ وَمَا قَالَهُ عب تَبِعَ فِيهِ ابْنَ فَرْحُونٍ وَرَأَيْت تَضْعِيفَ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ) قَدْ يُقَالُ هُوَ مَعْذُورٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ وَضْعَ زَوْجَتِهِ كَوَضْعِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ شَأْنَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ بِشَأْنِهِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 فِي رَحْلِهِ (ص) كَمُقْتَصِرٍ عَلَى كُوعَيْهِ لَا عَلَى ضَرْبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ وَاقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى كُوعَيْهِ وَصَلَّى أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ لِقُوَّةِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْمَسْحِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ بِخِلَافِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ عَمَّمَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى مِرْفَقَيْهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَا فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الثَّانِيَةِ. (ص) وَكَمُتَيَمَّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ وَأُوِّلَ بِالْمَشْكُوكِ وَبِالْمُحَقَّقِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْتِ لِلْقَائِلِ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى صَعِيدٍ مُتَنَجِّسٍ بِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَاسْتُشْكِلَ بِتَفْسِيرِ الطَّيِّبِ بِالطَّاهِرِ وَبِأَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَاعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأُمُورٍ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ أَوَّلَا قَوْلَهَا مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَلْيُعِدْ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ بِالْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهَا وَلَوْ تَحَقَّقَهَا لَأَعَادَ أَبَدًا كَالْوُضُوءِ وَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ بِمُحَقَّقِ الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ وَالْوُضُوءِ وَاقْتُصِرَ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْوَقْتِ دُونَ الْوُضُوءِ مُرَاعَاةً لِلْقَائِلِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْيَقِينَ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَمَّا لَوْ تَيَمَّمَ مُتَيَقِّنُ الْإِصَابَةِ لَأَعَادَ أَبَدًا اهـ. (ص) وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ إلَّا لِطُولٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُمْنَعُ الرَّجُلُ الْمُتَوَضِّئُ أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ وَتُمْنَعُ الْمَرْأَةُ أَنْ تُقَبِّلَ زَوْجَهَا وَهِيَ مُتَوَضِّئَةٌ وَكَذَا غَيْرُ   [حاشية العدوي] أَيْ لَمْ يُعْلَمْ فِي مِلْكِهِ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّاسِي لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجَاهِلَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسِيَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَلَى كُوعَيْهِ) أَيْ عَلَى مَسْحِ كُوعَيْهِ. (قَوْلُهُ: مُصَابِ بَوْلٍ) اسْمُ مَكَان أَيْ عَلَى مَوْضِعٍ أَصَابَهُ بَوْلٌ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: بِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَوْلٌ وَلَمْ يَقُلْ لِأَرْضٍ مُتَنَجِّسَةٍ لِلِاخْتِصَارِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَوْلَ بِالذِّكْرِ لِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ هُنَاكَ غَيْرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ اعْتَذَرَ بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يَنْتَقِلُ لِمَا هُوَ طَاهِرٌ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ يُدْرِكُ مَعْرِفَتَهُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُتَيَمِّمُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ لِتُرَابٍ آخَرَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ ظَنًّا فَنَجَسُ الْمَاءِ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِطَهُورٍ يَقِينًا وَالصَّعِيدُ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِطَاهِرٍ ظَنًّا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ وَبِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْفِي عَلَيْهَا الرِّيَاحُ التُّرَابَ فَيَخْتَلِطُ بِالنَّجَسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهَا) أَيْ وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ: لَأَعَادَ أَبَدًا كَالْوُضُوءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَنَجُّسَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ بِمُحَقِّقِ الْإِصَابَةِ) أَيْ فَلَا إعَادَةَ مَعَ الشَّكِّ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَسَنُ) أَيْ الْبَصْرِيُّ وَقَوْلُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ ابْنُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ وَأُمُّهُ مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ فَلِذَا قِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُمَا مُجْتَهِدَانِ وَوَافَقَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ أَخَذَ عَنْ مَالِكٍ الْمُوَطَّأَ وَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْرَأُ فِيهِ حَدِيثَ مَالِكٍ تَزْدَحِمُ النَّاسُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ تت وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا دُونَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ طَهَارَتَهَا ثَبَتَتْ بِطَرِيقٍ ظَنِّيٍّ وَطَهَارَةُ التُّرَابِ الْمُتَيَمَّمِ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ بِطَرِيقٍ قَطْعِيٍّ وَمَا ثَبَتَ بِطَرِيقٍ ظَنِّيٍّ لَا يَقُومُ مَقَامَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ لِلْقَائِلِ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ حَصَلَ إلَخْ) أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْيَقِينَ الْحَاصِلَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِمَثَابَةِ الَّذِي قَبْلَ التَّيَمُّمِ فَالصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ فِيمَنْ تَيَقَّنَ الْإِصَابَةَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي كَلَامِ عج مَا يُفِيدُهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ وَشَارِحُنَا الطِّخِّيخِيُّ وَضُعِّفَ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ وَجَدَ طَاهِرًا غَيْرَهُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ تَيَمُّمُهُ بِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيهِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ لِأَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمَا تَأْوِيلٌ إنَّمَا لَهُمَا طَرِيقَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَقَدْ قَالَ فِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ وَمَنْ تَيَمَّمَ بِصَعِيدٍ نَجِسٍ عَالِمًا بِنَجَاسَتِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ وَمَنْ تَيَمَّمَ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَإِنْ عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّأْوِيلُ الْأَوْلَى لِأَبِي الْفَرَجِ فَقَدْ قَالَ: إنَّ الْمُدَوَّنَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَلَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً كَانَتْ كَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِنَجَاسَةٍ تُعَادُ مِنْهُ أَبَدًا وَأَمَّا عِيَاضٌ فَيَجْعَلُ مُقَابِلَ أَبِي الْفَرَجِ مَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ ظَاهِرَةً فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ لَيْسَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ تَأْوِيلٌ وَإِنَّمَا لَهُمَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا فِيهَا وَأَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ، وَالثَّانِيَ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ وَهُوَ مَعْنَى الْمَشْكُوكِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: إنَّهَا ظَاهِرَةٌ فَأَبُو الْفَرَجِ يَقُولُ عُلِمَتْ نَجَاسَتُهَا لَكِنَّهَا لَمْ تَظْهَرْ فَتَكُونُ كَالْمَاءِ الْوَاقِعِ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ وَقَدْ عَبَّرُوا عَنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فَكَذَا التُّرَابُ قَالَ مُحَشِّي تت حِينَ أَفَادَ مَا قُلْنَا فَإِنْ قُلْت هَلْ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالنَّجَاسَةِ حَالَ التَّيَمُّمِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَمْ لَا قُلْت بَلْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَجَعَلُوا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ. (قَوْلُهُ: وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ) الْمُرَادُ مَنْ هُوَ بِحَالِ الْمُغْتَسِلِ اغْتَسَلَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُسْلٌ (قَوْلُهُ: إلَّا لِطُولٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ لَا لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ التَّقْبِيلِ وَأَيْضًا الْجِمَاعُ يَحْصُلُ بِهِ انْكِسَارُ شَهْوَتِهِ وَيَسْكُنُ مَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ التَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ هَيَجَانَهُ وَتَحْرِيكَ شَهْوَتِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِتَضَرُّرٍ بَدَلَ طُولٍ فَقَالَ إلَّا لِتَضَرُّرٍ كَانَ أَوْلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 التَّقْبِيلِ مِمَّا لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى تَرْكِهِ كَالْبَوْلِ إنْ خَفَّتْ حَقْنَتُهُ خِفَّةً لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَيَمَّمَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَدَخَلَ الْوَقْتُ وَأَهْرَاقَهُ فَهُوَ عَاصٍ وَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ إذَا كَانَ طَاهِرًا مِنْ الْجِمَاعِ فَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ حِينَئِذٍ مِنْ نَفْسِهَا إلَّا لِطُولٍ يَضْرِبُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ يَخْشَى الْعَنَتَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَطَأَهَا وَلَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ وَيَنْتَقِلَانِ لِلتَّيَمُّمِ لَا مُجَرَّدَ شَهْوَةِ النَّفْسِ، وَقَوْلُهُ: تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ لِمَفْعُولِهِ أَيْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ الْمُتَوَضِّئُ أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ وَتُمْنَعُ هِيَ أَنْ تُقَبِّلَ زَوْجَهَا وَهِيَ مُتَوَضِّئَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْأَصْلِ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ صَارَ لِلْأَكْبَرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ لِلْأَصْغَرِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَنْعِ مَا ذُكِرَ وَجَوَازِ السَّفَرِ فِي طَرِيقٍ يَتَيَقَّنُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ طَلَبًا لِلْمَالِ وَرَعْيِ الْمَوَاشِي كَمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالْبَاجِيُّ لِوُجُودِ الْفَرْقِ بَيْنَ تَجْوِيزِ تَرْكِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِهِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ بَعْدَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَنْعَ عَلَى النَّدْبِ وَقِيلَ عَلَى التَّحْرِيمِ. (ص) وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ تَيَمَّمَ خَمْسًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَدْرِي مَا هِيَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَتَيَمَّمُ لَهُنَّ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ (ص) وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ كَكَوْنِهِ لَهُمَا وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (ش) يَعْنِي إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْمَاءِ وَمَعَهُ شَخْصٌ حَيٌّ مُحْدِثٌ جُنُبٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْمَيِّتَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُحْدِثِ الْحَيِّ لِحَقِّيَّةِ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْحَيِّ الْعَطَشَ فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَحَقَّ مِنْ صَاحِبِهِ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ يُقَدَّمُ الْحَيُّ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ عَطَشًا لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالشَّرِكَةِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ فَقَوْلُهُ وَقُدِّمَ أَيْ فِي مَائِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَمَعَهُ جُنُبٌ فَلَوْ قَالَ: وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ ذُو مَانِعٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ وَقَوْلُهُ كَكَوْنِهِ لَهُمَا تَشْبِيهٌ فِي تَقْدِيمِ الْحَيِّ لَا بِقَيْدِ خَوْفِ الْعَطَشِ وَقَوْلُهُ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَضَمِنَ الْمُقَدَّمُ فِي الْأُولَى بِقَيْدِهِ قِيمَةَ كُلِّ الْمَاءِ وَفِي الثَّانِيَةِ قِيمَةَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ مُرَاعَى فِيهَا الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالْحَالُ مِنْ كَثْرَةِ النَّفَقَةِ وَقِلَّتِهَا وَكَثْرَةِ الطُّلَّابِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهَا ضَمَانُ الْمِثْلِ لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ مِثْلَهُ لَضَمِنَهُ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهَا اخْتِلَالُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَخَفْ بِأَنْ لَزِمَ عَلَيْهَا عَدَمُ تَكْمِيلِ أَرْكَان الصَّلَاةِ أَوْ تَكْمِيلِهَا مَعَ مَشَقَّةٍ كَأَنْ صَارَ بِضَمِّ وَرِكَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَاصٍ) هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَخْشَى الْعَنَتَ) وَلَوْ بِدُونِ طُولٍ وَلِذَا قُلْنَا لَوْ قَالَ إلَّا لِتَضَرُّرٍ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْفَاعِلِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَمُنِعَ تَقْبِيلُ شَخْصٍ مُتَوَضِّئٍ غَيْرَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُبَيِّنْ إضَافَتَهُ إلَى الْمَفْعُولِ وَنُبَيِّنُهَا فَنَقُولُ وَمُنِعَ تَقْبِيلُ إنْسَانٍ غَيْرِ مُتَوَضِّئٍ مُتَوَضِّئًا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُقَبِّلِ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَضِّئًا، وَالْمُقَبَّلِ إنْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّقْبِيلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ لِلْأَكْبَرِ) فَإِنْ قُلْت الصِّفَةُ وَاحِدَةٌ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْأَصْغَرِ نَابَ عَنْ الْبَعْضِ، وَالتَّيَمُّمُ لِلْأَكْبَرِ نَابَ عَنْ الْكُلِّ فَفِيهِ زِيَادَةُ طَهَارَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْبَاجِيُّ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَبُو عُمَرَ وَالْبَاجِيُّ هُوَ الْإِمَامُ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ أَبُو الْوَلِيدِ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَيُّوبَ أَصْلُهُ مِنْ مَدِينَةِ بَطَلْيُوسَ وَانْتَقَلَ جَدُّهُ إلَى مَدِينَةِ بَاجَةَ الَّتِي بِقُرْبِ إشْبِيلِيَّةَ وَنُسِبَ إلَيْهَا وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَاجَةَ الْقَيْرَوَانِ الَّتِي يُنْسَبُ إلَيْهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ الْحَافِظُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: تَرْكِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِهِ) وَهُوَ الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّتِي كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَصِّلَهَا أَيْ بِسَفَرِهِ فِي طَرِيقٍ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ بِعَدَمِ سَفَرِهِ رَأْسًا وَقَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ مِنْهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْحُصُولِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ الْقَائِمَةُ بِالشَّخْصِ الَّتِي مَنَعَتْهُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ خُلُوًّا عَنْ طَهَارَةٍ إلَّا أَنَّهُ يُسَامَحُ فِي الْخُلُوِّ عَنْهَا قَبْلَ حُصُولِهَا كَمَسْأَلَةِ السَّفَرِ وَلَا يُسَامَحُ فِي الْخُلُوِّ عَنْهَا بَعْدَ حُصُولِهَا كَمَسْأَلَتِنَا الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا وَلَهُ نَظِيرٌ كَمَنْ يَتْرُكُ السَّبَبَ الْمُحَصِّلَ لِلدِّرْهَمِ فَلَا يُلَامُ بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى السَّبَبَ وَحَصَّلَهُ وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ فَيُلَامُ فَالْخُلُوُّ عَنْ الدِّرْهَمِ مَوْجُودٌ فِي الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خُلُوٌّ قَبْلَ الْحُصُولِ فَلَا يُلَامُ وَفِي الثَّانِي خُلُوٌّ بَعْدَ الْحُصُولِ فَيُلَامُ (قَوْلُهُ: الْمَنْعَ عَلَى النَّدْبِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي كَوْنَ التَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ مَكْرُوهًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالثَّانِي ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) أَيْ وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى النَّهَارِيَّاتِ صَلَّى ثَلَاثًا وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى اللَّيْلَتَيْنِ صَلَّى اثْنَتَيْنِ وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَا فَرْضٌ آخَرُ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْضُ بِذَاتِهِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: ذُو مَاءٍ مَاتَ) أَيْ فِي مَائِهِ لَا فِي مَائِهِ وَغَيْرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَكَوْنِهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ الْحَاجَةِ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ مِثْلِ الْعَطَشِ كَ (قَوْلِهِ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ) وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ لِأَنَّ ذَاكَ مُضْطَرٌّ وَهَذَا أَخَفُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْحَيِّ الْعَطَشَ) أَيْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مُحْتَرَمٍ فَيُقَدَّمُ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْعَطَشُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ) أَيْ لِشُمُولِهِ الْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ، وَالْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ وَلِمَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَانِعُ أَوْ تَعَدَّدَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَأَمَّا الْأَخْصَرِيَّةُ فَلَمْ تَظْهَرْ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَكَانَ أَخْصَرَ أَيْ عَلَى فَرْضِ أَنْ لَوْ قَالَ وَمَعَهُ جُنُبٌ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ مِنْ كَثْرَةِ النَّفَقَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّنَا إذَا نَظَرْنَا إلَى الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى كَثْرَةِ النَّفَقَةِ وَلَا إلَى قِلَّتِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مُرَاعَاةُ كَثْرَةِ الطُّلَّابِ وَقِلَّتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا ضَمَّنَّاهُ الْقِيمَةَ وَلَمْ نُضَمِّنْهُ الْمِثْلَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ لَوْ ضُمِّنَ الْمِثْلَ إمَّا أَنْ يُضَمَّنَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 مَوْضِعَ التَّحَاكُمِ وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ هُنَاكَ أَوْ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَبْنًا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَأَيْضًا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ الْمِثْلَ لَكَانَ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ وَذَلِكَ غَايَةُ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ لِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الْمَاءِ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ غَالِبًا فِي كُلِّ وَقْتٍ. (ص) وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالصَّعِيدَ كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ أَوْ مَصْلُوبٍ لَا يَصِلُ إلَى الْمَاءِ أَوْ فَوْقَ شَجَرَةٍ تَحْتَهَا مَانِعٌ مِنْ الْمَاءِ أَوْ مَرِيضٍ لَا يَجِدُ مُنَاوِلًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عَنْهُ فِي الْوَقْتِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ أَيْضًا قَضَاؤُهَا بَعْدَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَكَذَا بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَمْكَنَهُ أَنْ يُومِئَ إلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطُ أَدَاءً وَقَدْ عُدِمَ وَشَرْطُ الْقَضَاءِ تَعَلُّقُ الْأَدَاءِ بِالْقَاضِي. وَلَمَّا كَانَتْ النَّظَائِرُ الَّتِي لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ ثَلَاثَةً وَتَرْجِعُ إلَى مَا يَنُوبُ عَنْ الْكُلِّ وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَعَنْ الْبَعْضِ وَهُوَ مَسْحُ الْخُفِّ وَالْجَبَائِرِ وَفَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ خَتَمَ بِالثَّالِثِ وَفَصَّلَهُ عَنْ الْخُفِّ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ بِالتَّيَمُّمِ لِيَجْمَعَهُ مَعَهُ فِي الْعُذْرِ الْمُبِيحِ لَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي إنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ كَالتَّيَمُّمِ فَيَصِيرُ حَوَالَةً عَلَى مَعْلُومٍ بِخِلَافِ لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى التَّيَمُّمِ فَيَصِيرُ حَوَالَةً عَلَى مَجْهُولٍ وَجَمَعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ الْخُفِّ نَظَرًا إلَى الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ (فَصْلٌ) (ص) وَإِنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ كَالتَّيَمُّمِ مَسَحَ جَبِيرَتَهُ ثُمَّ عِصَابَتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ فِي أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ فِي جَسَدِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ مَوْضِعٌ مَأْلُومٌ مِنْ جُرْحٍ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَجَبَ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ بِالْمَاءِ خَوْفًا كَالْخَوْفِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فِي التَّيَمُّمِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخَّرَ بُرْءٍ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْمَأْلُومِ مُبَاشَرَةً فَإِنْ خَافَ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ فِي الْمَسْحِ ضَرَرًا كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يَجْعَل عَلَيْهِ جَبِيرَةً ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَيْهَا   [حاشية العدوي] فِي مَحَلِّهِ وَذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ بِإِيصَالِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَأَمَّا فِي مَوْضِعِ التَّحَاكُمِ أَيْ عِنْدَ الْقُدُومِ لِبَلَدٍ فِيهَا قَاضٍ يَحْكُمُ وَذَلِكَ غَبْنٌ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ هُنَاكَ هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ لَيْسَ فِي مَوْضِعِ التَّحَاكُمِ بَلْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُخِذَ فِيهِ وَلَكِنَّ مَحَلَّ غُرْمِ الْقِيمَةِ إنْ طَلَبَ بِهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ وَتَغَيَّرَ الْحَالُ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَيَغْرَمُ الْمِثْلَ وَمَحَلُّ غُرْمِ الْقِيمَةِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَهُ فِي مَحَلِّ الْأَخْذِ قِيمَةٌ وَإِلَّا غَرِمَ الْمِثْلَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَأَيْضًا لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا فَرْقَانِ مَعَ أَنَّهُ فَرْقٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَ شَجَرَةٍ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت تُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْحَشِيشِ أَوْ الْخَشَبِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي قَوْلِهِ لَا بِحَصِيرٍ وَخَشَبٍ حَتَّى قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الشَّجَرَةَ بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ) يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ) رَدٌّ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْقَابِسِيِّ قَوْلًا خَامِسًا وَهُوَ أَنَّ الْمَرْبُوطَ يُومِئُ لِلتَّيَمُّمِ لِلْأَرْضِ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ كَإِيمَائِهِ إلَيْهَا لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ أَيْضًا قَضَاؤُهَا ثُمَّ إذَا عَلِمْت مَا قَالَهُ مَالِكٌ فَنَقُولُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي وَيَقْضِي احْتِيَاطًا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤَدِّي وَلَا يَقْضِي وَأَصْبَغُ يَقْضِي وَلَا يُؤَدِّي وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْأَرْبَعَةَ الْأَقْوَالِ فَقَالَ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا مُتَيَمَّمًا فَأَرْبَعَةُ الْأَقْوَالِ يَحْكِينَ مَذْهَبًا يُصَلِّي وَيَقْضِي عَكْسُ مَا قَالَ مَالِكٌ وَأَصْبَغُ يَقْضِي، وَالْأَدَاءُ لِأَشْهَبَا وَذَيَّلَ التَّتَّائِيُّ هَذَا الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ وَلِلْقَابِسِيِّ ذُو الرَّبْطِ يُومِي لِأَرْضِهِ بِأَيْدٍ وَوَجْهٍ لِلتَّيَمُّمِ مَطْلَبًا وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (تَنْبِيهٌ) : اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأُصُولِ هَلْ مِنْ شَرْطِ الْقَضَاءِ تَعَلُّقُ الْأَدَاءِ بِالْقَاضِي أَوْ تَعَلُّقُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ عَلَى الثَّانِي، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فِي جَانِبِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ أَضْعَفُهَا، وَقَوْلُ أَشْهَبَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ بِفِعْلِ الْمُمْكِنِ مِنْهُ، وَالْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ، وَالطَّهَارَةِ وَتَعَذَّرَتْ الطَّهَارَةُ فَيَفْعَلُ الصَّلَاةَ وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ لَا تَبْطُلُ بِسَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ. [فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة] (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ النَّظَائِرُ الَّتِي لَا تُرْفَعُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نَظِيرَةُ الْأُخْرَى وَثَمَرَةُ عَدَمِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَنَّهَا لَوْ أُزِيلَتْ لَطَلَبَ الشَّخْصُ بِطَهَارَةِ مَا تَحْتَهُ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ الْخُفِّ) وَلَمْ يُقَدِّمْ الْخُفَّ بَلْ أَخَّرَ الْخُفَّ عَنْ التَّيَمُّمِ وَذَكَرَ بَعْدَ الْخُفِّ الْجَبَائِرَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ إحَالَةٌ كَالْمُصَنِّفِ لَك أَنْ تَقُولَ لَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ التَّيَمُّمَ عَلَى الْخُفِّ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ الْخُفِّ الْجَبَائِرَ لَصَحَّتْ الْإِحَالَةُ مَعَ الْجَمْعِ (فَصْلُ الْجَبِيرَةِ) (قَوْلُهُ: جُرْحٌ) بِالضَّمِّ الِاسْمُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُمْسَحُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عِصَابَتَهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَا ضَبَطَهُ مُحَشِّي تت وَوَجَّهَهُ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ جُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَالشَّجَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْحَاصِلَ فِي الْبَدَنِ إنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ قِيلَ شَجَّةٌ وَفِي الْجِلْدِ خَدْشٌ أَيْ وَجَحْشٌ وَفِيهِ وَفِي اللَّحْمِ جُرْحٌ، وَالْقَرِيبُ الْعَهْدِ لَمْ يَقِحْ خُرَاجٌ بِوَزْنِ غُرَابٍ وَمَا قَيَّحَ قُرْحٌ وَفِي الْعَظْمِ كَسْرٌ وَفِي الْعَصَبِ عَرْضًا بَقْرٌ وَطُولًا شَقٌّ وَمَا يَتَعَدَّدُ كَثِيرًا شَدْخٌ وَفِي الْأَوْرِدَةِ، وَالشَّرَايِينِ أَيْ الْعُرُوقِ الضَّوَارِبِ انْفِجَارٌ (قَوْلُهُ: كَالْخَوْفِ الَّذِي فِي التَّيَمُّمِ) الْمَشَقَّةُ هُنَا لَا تَكْفِي وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْخَوْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ طَبِيبٍ حَاذِقٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ إنْ سَبَقَتْ لَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ إخْبَارِ مَنْ هُوَ قَرِيبٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ) أَيْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ وُجُوبًا إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَنَدْبًا إنْ خَافَ أَذًى غَيْرَ شَدِيدٍ (قَوْلُهُ: يَمْسَحُ) أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْسِلُ ثَلَاثًا وَلَا بُدَّ أَنْ يُعَمِّمَ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ بِخِلَافِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجْعَلُ عَلَيْهِ جَبِيرَةً) قَالَ اللَّقَانِيِّ الْجَبِيرَةُ مَا يُطَيَّبُ بِهِ الْجُرْحُ كَانَ ذَرُورًا أَوْ أَعْوَادًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وَيَسْتَوْعِبُهَا بِالْمَسْحِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ خَافَ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَا مَرَّ أَوْ خَافَ مِنْ حَلِّ الْعِصَابَةِ الْمَرْبُوطَةِ عَلَى الْجَبِيرَةِ إفْسَادَ الدَّوَاءِ أَوْ تَعَذَّرَ حَلُّهَا فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ الْمَرْبُوطَةِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَهَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ الْعَصَائِبُ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمَسْحُ عَلَى مَا تَحْتَهَا عَبْدُ الْحَقِّ مَنْ كَثُرَتْ عَصَائِبُهُ وَأَمْكَنَهُ مَسْحُ أَسْفَلِهَا لَمْ يُجْزِهِ عَلَى مَا فَوْقَهُ (ص) كَفَصْدٍ (ش) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ أَيْ وَكَذَلِكَ يَمْسَحُ عَلَى مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ جُرْحًا أَيْ يُشْبِهُ فِي الْمَسْحِ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ مَحَلُّ الْفَصْدِ لِأَنَّ فَصْدًا مَصْدَرٌ وَهُوَ لَا يُمْسَحُ (ص) وَمَرَارَةٍ وَقِرْطَاسِ صُدْغٍ وَعِمَامَةٍ خِيفَ بِنَزْعِهَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى جَبِيرَةٍ أَيْ وَيَمْسَحُ عَلَى الْمَرَارَةِ تُجْعَلُ عَلَى الظُّفْرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ يُمْسَحُ عَلَى الْقِرْطَاسِ يُلْصَقُ عَلَى الصُّدْغِ لِصُدَاعٍ وَكَذَلِكَ يُمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ إذَا خَافَ بِنَزْعِهَا ضَرَرًا وَيَدْخُلُ فِي عِصَابَتِهِ الْأَرْمَدُ يُمْسَحُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى الْقُطْنَةِ أَوْ عَلَى الْعِصَابَةِ وَلَا يَتَيَمَّمُ فَلَوْ أَمْكَنَهُ مَسْحُ بَعْضِ رَأْسِهِ فَعَلَ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَنَقَلَ بَعْضٌ الِاسْتِحْبَابَ (ص) وَإِنْ بِغُسْلٍ أَوْ بِلَا طُهْرٍ وَانْتَشَرَتْ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَسْحَ وَتَرْتِيبَهُ السَّابِقَ جَازَ بِغُسْلٍ وَجَبَ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَوَقَعَ الْغُسْلُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَلَبِّسٍ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَا دَاخِلٍ فِيهَا فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْمَسْحُ وَإِنْ وُضِعَتْ الْجَبَائِرُ بِلَا طُهْرٍ وَإِنْ انْتَشَرَتْ الْعَصَائِبُ وَجَاوَزَتْ مَحَلَّ الْأَلَمِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الشَّدِّ بِخِلَافِ الْخُفِّ الْمُشْتَرَطِ لُبْسُهُ عَلَى طَهَارَةٍ لِاضْطِرَارِهِ لِشَدِّهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ (ص) إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ أَوْ أَقَلُّهُ وَلَمْ يَضُرَّ غَسَلَهُ وَإِلَّا فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ كَأَنْ قَلَّ كَيَدٍ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْمَأْمُومِ وَغَسْلِ مَا سِوَاهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ جُلُّ جَسَدِهِ صَحِيحًا وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ جَمِيعُهُ فِي الْغُسْلِ وَأَعْضَاءُ الْوُضُوءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْفَرْضُ أَوْ يَكُونُ أَقَلُّ الْجَسَدِ صَحِيحًا أَيْ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ غَسْلَ الصَّحِيحِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا يَضُرُّ الْجَرِيحَ أَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحُ وَتَعَذَّرَ الْغَسْلُ أَوْ ضَرَّ غَسْلُ الصَّحِيحِ الْجَرِيحَ فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ أَيْ الْفَرْضُ لَهُ لَا الْفَرْضُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ كَمَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ إذَا قَلَّ الصَّحِيحُ جِدًّا كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ الْجَرِيحَ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْوَاسِطَةَ وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ جُلًّا وَلَا أَقَلَّ كَالنِّصْفِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا صَحَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ مِنْ حَلِّ الْعِصَابَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ خَافَ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ فَإِنْ خَافَ مِنْ حَلِّ الْعِصَابَةِ مَسَحَ عَلَى عِصَابَةٍ أُخْرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ جُرْحًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ فَصْدًا أَيْ أَنَّ الْفَصْدَ يُشْبِهُ الْجُرْحَ فِي الْمَسْحِ بِقُيُودِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْجُرْحِ عَادَةً غَيْرُ الْفَصَادَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَصْدًا مَصْدَرٌ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي لِلْفَصْدِ ذَاتُ الْفَاعِلِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَثَرُ فَصْدٍ (قَوْلُهُ: وَمَرَارَةٍ) وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَمَرَارَةٍ مِنْ مُبَاحٍ وَمَكْرُوهٍ كَمُحَرَّمٍ وَتَعَذَّرَ قَلْعُهَا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمَرَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً تَحْتَ الْجَبِيرَةِ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَرَى أَنَّهَا مِنْ الْمُبَاحِ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِرْطَاسٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: عِمَامَةٍ خِيفَ بِنَزْعِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَوْفَ هُنَا كَالتَّيَمُّمِ أَيْ مِنْ خَوْفِ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ الْبُرْءِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ مَسَحَ وَيَكْفِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ مَسْحٌ عَلَى الْعِرْقِيَّةِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُزَوَّجَةِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعِمَامَةِ كَذَا يَنْبَغِي فَمَرْتَبَةُ الْعِمَامَةِ مُتَأَخِّرَةٌ هَذَا إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ نَقْضُ الْعِمَامَةِ وَعَوْدُهَا لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ شَقَّ وَكَانَ لُبْسُهُ لَهَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لِضَرَرٍ فَهَلْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَا لِلْعِزِّيِّ أَمْ لَا وَهُوَ مَا لِغَيْرِهِ وَهَذَا حَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِنَقْضِهَا وَعَوْدِهَا وَإِلَّا مَسَحَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى جَبِيرَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْجَبِيرَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهَا. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وُجِدَ الْمُبَاحُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّكْمِيلُ عَلَى نَقْلِ الطِّخِّيخِيِّ عَنْ الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ بَعْضٌ الِاسْتِحْبَابَ) أَيْ اسْتِحْبَابَ التَّكْمِيلِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَهُوَ لِصَاحِبِ الطِّرَازِ عَلَى نَقْلِ الشَّاذِلِيِّ وَنَقَلَ الطِّخِّيخِيُّ عَنْهُ أَيْ عَنْ الطِّرَازِ عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ عَكَسَ النَّقْلَ وَقَالَ بَعْضٌ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْنَى كَلَامِ الطِّخِّيخِيِّ لَا يَمْسَح عَلَى عِمَامَتِهِ لَا يَمْسَحُ عَلَى مَوْضِعِ عِمَامَتِهِ الْمُقَابِلِ لِمَا مُسِحَ مِنْ رَأْسِهِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْعِمَامَةِ فَيَنْبَغِي مَسْحُهُ وَفِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّكْمِيلَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَاجِبٌ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ وَكَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ فَهُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: فَوَقَعَ الْغُسْلُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ احْتِوَاؤُهُ عَلَى الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَجَاوَزَتْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: لِاضْطِرَارِهِ لِشَدِّهَا) أَيْ بِلَا طَهَارَةٍ وَلَوْ تَأَخَّرَ لِتَحْصِيلِهَا لَحَصَلَ ضَرَرٌ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حَلِّهَا مَشَقَّةٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بِفَكِّهَا الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: كَيَدٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ فَلَوْ خُلِقَ لِشَخْصٍ وَجْهٌ وَرَأْسٌ وَيَدٌ وَاحِدَةٌ وَكَانَتْ هِيَ الصَّحِيحَةَ لَكَانَ حُكْمُهُ التَّيَمُّمَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ فِي الْوُضُوءِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ فَانْظُرْ هَلْ مِنْ طَرَفِ الْأَصَابِعِ إلَى الْإِبِطِ أَوْ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَكَذَا نَظَرَ مَا الْمُرَادُ بِالرِّجْلِ هَلْ مَا يَجِبُ غَسَلَهُ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ هَذَا فِي الْوُضُوءِ وَهَلْ الْغُسْلُ كَذَلِكَ أَوْ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا عَلَى جَعْلِ الْقَيْدِ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْبَعْضُ كَبَهْرَامَ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مُخْتَلِفًا وَأَمَّا عَلَى جَعْلِهِ قَيْدًا فِيهِمَا فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا هَذَا مُفَادُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 جُلُّ جَسَدِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَابَلَ الْجُلَّ بِالْأَقَلِّ عُلِمَ أَنَّ النِّصْفَ دَاخِلٌ فِيهِ (ص) وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ (ش) أَيْ وَإِنْ تَكَلَّفَ مَنْ فَرْضُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ التَّيَمُّمِ فِيمَا عَدَاهُمَا وَغَسْلِ الْجَمِيعِ الْمَأْلُومِ وَغَيْرِهِ أَجْزَأَ لِإِتْيَانِهِ بِالْأَصْلِ كَصَلَاةِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْجُلُوسُ قَائِمًا (ص) وَإِنْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا وَهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ (ش) الضَّمِيرُ فِي مَسَّهَا عَائِدٌ عَلَى الْجَرَّاحِ يَعْنِي أَنَّ الْجَرَّاحَ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا بِوَجْهٍ وَهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهَا بِلَا غَسْلٍ وَلَا مَسْحٍ كَعُضْوٍ قُطِعَ وَغَسَلَ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ تَرَكَهَا أَيْضًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوُضُوءَ النَّاقِصَ أَوْلَى مِنْ التَّيَمُّمِ النَّاقِصِ وَلَوْ قَالَ وَغَسَلَ مَا سِوَاهَا كَابْنِ الْحَاجِبِ لَشَمِلَ الطُّهْرَيْنِ الْأَصْغَرَ وَالْأَكْبَرَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِيَعُمَّ مَا فَرْضُهُ الْغَسْلُ وَمَا فَرْضُهُ الْمَسْحُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغُسْلِ فَتُعْلَمُ بِالْمُقَايَسَةِ وَمِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِغُسْلٍ وَالْمُرَادُ بِأَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ الْوَجْهُ وَالْمِرْفَقَانِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ مِنْ الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ الْجِيزِيُّ وَمَفْهُومُ تَعَذُّرِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ مَسُّهَا بِالتُّرَابِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهَا وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ (ص) وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَتَيَمَّمُ إنْ كَثُرَ وَرَابِعُهَا يَجْمَعُهُمَا (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجِرَاحُ الْمُتَعَذِّرُ مَسُّهَا فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ بِأَنْ كَانَتْ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ يَتَيَمَّمُ كَثُرَتْ الْجِرَاحُ أَوْ قَلَّتْ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ وَالثَّانِي يَغْسِلُ مَا صَحَّ وَيُسْقِطُ مَحَلَّ الْجِرَاحِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَالثَّالِثُ يَتَيَمَّمُ إنْ كَثُرَتْ الْجِرَاحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ وَإِنْ قَلَّ غَسَلَ مَا عَدَاهُ، وَالرَّابِعُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بِأَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ وَيَتَيَمَّمَ لِلْجَرِيحِ وَهُوَ أَحْوَطُ وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَالثَّانِيَ لِغَيْرِهِ وَالثَّالِثَ لِنَقْلِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالرَّابِعَ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَمَفْهُومُ إنْ كَثُرَ أَنَّهُ إنْ قَلَّ غَسَلَ مَا عَدَاهُ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فَصَدْرُ الثَّالِثِ هُوَ الْأَوَّلُ وَمَفْهُومُ عَجْزِهِ هُوَ الثَّانِي (ص) وَإِنْ نَزَعَهَا لِدَوَاءٍ أَوْ سَقَطَتْ وَإِنْ بِصَلَاةِ قَطَعَ وَرَدَّهَا وَمَسَحَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَزَعَ الْأُمُورَ الْحَائِلَةَ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ مِنْ جَبِيرَةٍ وَمَرَارَةٍ وَقِرْطَاسٍ وَعِمَامَةٍ اخْتِيَارًا أَوْ لِدَوَاءٍ أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا رَدَّهَا وَمَسَحَ   [حاشية العدوي] مَا ذَكَرُوا. (وَأَقُولُ) لَعَلَّ كَلَامَ بَهْرَامَ أَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الضَّرَرَ وَعَدَمَهُ إنَّمَا يُنْظَرُ لَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ صَحِيحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ صَحِيحًا فَالشَّأْنُ عَدَمُ الضَّرَرِ فَكَلَامُهُ بِالنَّظَرِ لِلشَّأْنِ فَقَطْ لَا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلَفٌ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَوْنِ فَرْضِهِ التَّيَمُّمَ عِنْدَ الضَّرَرِ إذَا كَانَ غَسْلُ كُلِّ جَزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّحِيحِ يَضُرُّ بِالْجَرِيحِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الصَّحِيحِ إذَا غُسِلَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ مَا يَضُرُّ وَيَغْسِلُ مَا لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْقَلِيلِ جِدًّا وَأَمَّا لَوْ خَالَفَ فَرْضَهُ فِي الْقَلِيلِ جِدًّا بِأَنْ غَسَلَ الْقَلِيلَ جِدًّا وَمَسَحَ الْجَرِيحَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْأَصْلِ وَلَا بِالْبَدَلِ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَأَمَّا لَوْ غَسَلَ الْجَمِيعَ فِي هَذِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ الْوُضُوءُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُمْكِنْ لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ أَوْ يَأْتِي بِتَيَمُّمٍ نَاقِصٍ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ يَأْتِي بِتَيَمُّمٍ نَاقِصٍ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إلَخْ) أَيْ أَوْ اسْتَطَاعَ بِمَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ: لِيَعُمَّ مَا فَرْضُهُ الْغَسْلُ) أَيْ كَالرِّجْلَيْنِ وَمَا فَرْضُهُ الْمَسْحُ كَالرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَالْمِرْفَقَانِ) تَبِعَ فِيهِ الْحَطَّابَ وَضَعَّفَهُ عج وَاعْتَمَدَ أَنَّهُ لِلْكُوعَيْنِ تَابِعًا لِبَعْضِ الشَّارِحِينَ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُبِيحَ لِلتَّيَمُّمِ عَدَمُ الْمَاءِ الْكَافِي لِلْفَرَائِضِ وَلَا يُعْتَبَرُ السُّنَنُ فَإِنْ وُجِدَ كَافِيًا لِلْفَرَائِضِ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْمَسْحِ هُنَا انْتَهَى (أَقُولُ) وَفِيهِ شَيْءٌ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ كَلَامُ الْحَطَّابِ وَذَلِكَ لِأَنَّ سُنَنَ الْوُضُوءِ مُتَّفَقٌ عَلَى سُنِّيَّتِهَا، وَأَمَّا الْمَسْحُ لِلْمِرْفَقَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فَرْضٌ قَوِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ تَعَذُّرِ) اُنْظُرْ لِمَ جَزَمُوا هُنَا بِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ مَسُّهَا بِالتُّرَابِ يَتَيَمَّمُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ التُّرَابِيَّةَ الْكَامِلَةَ أَوْلَى مِنْ الْمَائِيَّةِ النَّاقِصَةِ وَحَكَوْا فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْجِرَاحُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَتَيَمَّمَ فَقَطْ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُسْتَوِيَةٌ وَهِيَ تُرَابِيَّةٌ كَامِلَةٌ أَوْلَى مِنْ مَائِيَّةٍ نَاقِصَةٍ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَثْرَةِ الْجَرِيحِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الصَّحِيحِ لَا كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ الصَّحِيحِ وَسَكَتَ عَنْ صُورَةِ التَّسَاوِي وَمُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ الْجَرِيحُ أَكْثَرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَتُفَسَّرُ بِالنِّصْفِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: لِلْجَرِيحِ) أَيْ لِأَجْلِ الْجَرِيحِ وَتُقَدَّمُ الْمَائِيَّةُ عَلَى التُّرَابِيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بَيْنَ التُّرَابِيَّةِ وَبَيْنَ مَا يُفْعَلُ بِهَا وَانْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ لَوْ كَانَ يَخْشَى مِنْ الْوُضُوءِ الْمَرَضَ وَنَحْوَهُ هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ كَعَادِمِ الْمَاءِ، وَالصَّعِيدِ أَوْ يُكْتَفَى بِالتَّيَمُّمِ وَيَجْرِي هَذَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي لَكِنْ فِي ابْنِ فَرْحُونٍ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي قَطْعًا وَانْظُرْ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَلْ يَجْمَعُهُمَا لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى فَقَطْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أُخْرَى تَيَمَّمَ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ الْوُضُوءُ بَاقِيًا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ عِنْدَهُ مَجْمُوعُهُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزْءٌ لَهَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: فَصَدْرُ الثَّالِثِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ تَيَمَّمَ فِي ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَيْدِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ التَّيَمُّمُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ عَجُزِهِ هُوَ الثَّانِي) لِأَنَّ مَفْهُومَ إنْ كَثُرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ فَالْوَاجِبُ الْغُسْلُ خُذْ الْغُسْلَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَيْدِهِ تَجِدْهُ الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَهَا لِدَوَاءٍ) شَرْطٌ جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ رَدَّهَا وَمَسَحَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ قَطَعَ إلَخْ فَجَوَابُ إنْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِصَلَاةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ قُطِعَ جَوَابَ إنْ الْأُولَى بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِصَلَاةٍ بِجَعْلِهَا لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَوْلُهُ: وَرَدَّهَا وَمَسَحَ جَوَابٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا. (تَنْبِيهٌ) : يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَوْ دَارَتْ لَا يَكُونُ حُكْمُهَا كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ قَالَهُ عج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ وَرَدَّهَا وَمَسَحَ وَإِنْ أَخَّرَ الْمَسْحَ جَرَى عَلَى الْمُوَالَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ قَوْلِهِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ كَانَ مَغْسُولًا وَإِنَّمَا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ بِسُقُوطِهَا تَعَلَّقَ الْحَدَثُ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَمْ يَبْقَ شَرْطُ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْهَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِقَطَعَ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ وَإِلَّا فَتَعْبِيرُهُ بِالْبُطْلَانِ أَلْيَقُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَإِنْ نَزَعَهَا لِدَوَاءٍ بَلْ لَوْ نَزَعَهَا عَمْدًا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَيَمْسَحُ (ص) وَإِنْ صَحَّ غَسَلَ وَمَسَحَ مُتَوَضِّئٌ رَأْسَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ إذَا صَحَّ جُرْحُهُ غَسَلَهُ إذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ مَغْسُولًا رَأْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا إذَا كَانَ عَنْ جَنَابَةٍ أَوْ مَسَحَهُ إذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ مَمْسُوحًا رَأْسًا أَوْ غَيْرَهُ كَالْأُذُنَيْنِ كَمَا إذَا كَانَ عَنْ وُضُوءٍ وَإِنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى ذِكْرِ الرَّأْسِ لِكَوْنِهِ فَرْضًا وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْأَصْلِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَشَمِلَ الْأُذُنَيْنِ وَمَسْحَ الرَّأْسِ لِلْمُغْتَسِلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهَا وَلَوْ صَحَّ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ وَمَسَحَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وَنَائِبِهِمَا كُلًّا وَبَعْضًا وَتَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْكُبْرَى دُونَ الِاسْتِحَاضَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَةِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ مُدَّةٍ وَعَلَامَةٍ وُجُودًا وَانْتِهَاءً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَبَدَأَ بِالْحَيْضِ لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَالَ فَصْلٌ الْحَيْضُ دَمٌ (ش) الْحَيْضُ أَعَمُّ مِنْ الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَهَا طُهْرٌ فَاصِلٌ وَتَأَخَّرَهَا طُهْرٌ فَاصِلٌ وَهُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ مِنْ قَوْلِهِمْ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ ثُمَّ إنَّ أَلْ فِي الْحَيْضِ لِلْحَقِيقَةِ وَالطَّبِيعَةِ أَيْ حَقِيقَةِ الْحَيْضِ وَطَبِيعَتِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَصُفْرَةِ أَوْ كُدْرَةً) إلَى أَنَّهُمَا حَيْضٌ كَالدَّمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةٍ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ حَيْضٌ وَإِنْ لَمْ تَرَ مَعَهُ دَمًا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الصُّفْرَةُ شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَلْوَانِ الدِّمَاءِ الْقَوِيَّةِ وَالضَّعِيفَةِ، وَالْكُدْرَةُ بِضَمِّ الْكَافِ شَيْءٌ كَدِرٌ لَيْسَ عَلَى أَلْوَانِ الدِّمَاءِ لَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ الْحَيْضُ صُفْرَةٌ أَوْ كُدْرَةٌ كَدِرٌ فَيُشَبِّهُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ سَلَكَ مَسْلَكَ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ لَيْسَا حَيْضًا (ص) خَرَجَ بِنَفْسِهِ مِنْ قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ الدَّمِ وَمَا مَعَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ لَا بِسَبَبِ وِلَادَةٍ وَلَا عِلَاجٍ وَأَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ غُسْلٌ) وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ صَارَ يَسْتَطِيعُ الْمَسْحَ عَلَى نَفْسِ الْجُرْحِ مُبَاشَرَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ يَجِبُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِمَسْحِ نَفْسِ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى عِصَابَةٍ وَصَارَ يَسْتَطِيعُ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ يَنْتَقِلُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ عَنْ جَنَابَةٍ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ رَأْسًا (قَوْلُهُ: وَمَسَحَ الرَّأْسَ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ اغْتَسَلَ وَمَسَحَ عَلَى الْعِرْقِيَّةِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ دُونَ الْغَسْلِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَهَذِهِ صُورَةٌ لَمْ يَكُنْ الْمَاسِحُ مُتَوَضِّئًا بَلْ مُغْتَسِلًا نَعَمْ هَذَا لَيْسَ بِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ صَحَّ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ صَحَّ صِحَّةً تَامَّةً وَيُرَادُ الْأَصْلُ وَلَوْ نِسْبِيًّا (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهَا) الصَّوَابُ غَسْلِهِ لِأَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ الْهَامَةِ أَوْ الْبِضْعَةِ [فَصَلِّ فِي الْحَيْض] (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لِلْمُسْتَحَاضَةِ مُدَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ لِلنِّفَاسِ، وَالِاسْتِحَاضَةِ عَلَامَةً فِي الِانْتِهَاءِ إنَّمَا ذَكَرَ الْعَلَامَةَ فِي الِانْتِهَاءِ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: عَلَامَةٍ وُجُودًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْعَلَامَةَ مِنْ حَيْثُ الْوُجُودُ نَعَمْ ذَكَرَ الْعَلَامَةَ مِنْ حَيْثُ الِانْتِهَاءُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ ذَلِكَ) مَا قِيلَ إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِاجْتِمَاعِ لِأَنَّ الْحَيْضَ، وَالْمَحِيضَ مُجْتَمَعُ الدَّمِ (فَصْلُ الْحَيْضِ) (قَوْلُهُ: طُهْرٌ فَاصِلٌ) أَيْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَيْضٍ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَرْأَةَ حَاضَتْ مَثَلًا فِي عُمْرِهَا ثَلَاثَ حَيْضَاتٍ فَكُلٌّ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ حَيْضٌ، وَأَمَّا حَيْضَةٌ فَلَا تُقَالُ إلَّا لِلْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: وَالطَّبِيعَةِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ: كَصُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ إلَخْ) وَبَقِيَ التَّرِيَةِ بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَهِيَ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ دُونَ الصُّفْرَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا سَكَتَ عَنْ التَّرِبَّةِ مَعَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا حَيْضٌ إلَّا لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ كَصُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ لِأَنَّ التَّرِبَّةَ دَمٌ فِيهِ غُبْرَةٌ تُشْبِهُ لَوْنَ التُّرَابِ فَإِنْ اصْفَرَّ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ كَصُفْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَصْفَرَّ وَتَكَدَّرَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ قَوْلَانِ أَوْ كُدْرَةٍ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) هُوَ الْمَشْهُورُ مُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ إنَّهُمَا لَغْوٌ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ فَحَيْضٌ وَإِلَّا فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ، وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ الْحَيْضِ زَمَنُ إتْيَانِ الْحَيْضِ الْمُعْتَادِ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ أَيَّامِهِ زَمَنُ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ الْمُعْتَادِ فَإِذَنْ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ جَاءَتْهَا الصُّفْرَةُ أَوْ الْكُدْرَةُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ بَدَلَ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ فَلَوْ أَتَتْ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَهُوَ حَيْضٌ أَيْضًا وَثَمَرَتُهُ أَنَّهَا تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا بَعْدُ يَكُونُ اسْتِحَاضَةً وَكَذَا لَوْ أَتَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ الْكُدْرَةُ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ حَيْضٌ مَعَ أَنَّهَا فِي غَيْرِ زَمَنِ حَيْضِهَا (قَوْلُهُ: شَيْءٌ قَذِرٌ إلَخْ) لَيْسَ بِأَبْيَضَ خَالِصٍ وَلَا أَسْوَدَ خَالِصٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ سَلَكَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِنَفْسِهِ) الْبَاءُ إمَّا لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ خُرُوجًا مُلْتَبِسًا بِنَفْسِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ خَرَجَ دَمُ النِّفَاسِ، وَالِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّ النِّفَاسَ سَبَبُهُ الْوِلَادَةُ، وَالِاسْتِحَاضَةُ سَبَبُهَا انْقِطَاعُ عِرْقٍ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَلَا عِلَاجٍ) أَيْ قَبْلَ أَوَانِهِ وَأَمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَتْ دَوَاءً لِلْإِتْيَانِ فِي زَمَانِهِ أَوْ اُسْتُعْمِلَتْ دَوَاءً لِيَأْتِيَ بَعْدَ أَنْ تَأَخَّرَ فَالْخَارِجُ فِيهِمَا حَيْضٌ، وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ أَوَانِهِ سُئِلَ عَنْهَا الْمَنُوفِيُّ فَقَدْ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ عَالَجَتْ دَمَ الْحَيْضِ قَبْلَ أَوَانِهِ هَلْ تَبْرَأُ مِنْ الْعِدَّةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ وَتَوَقَّفَ عَنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ قَالَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 يَكُونَ مِنْ قُبُلٍ لَا مِنْ دُبُرٍ أَوْ ثُقْبَةٍ وَأَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مِمَّنْ تَحْمِلُ عَادَةً لَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ كَسَبْعِينَ سَنَةً وَيَسْأَلُ النِّسَاءَ فِي خَمْسِينَ. (ص) وَإِنْ دُفْعَةً (ش) لَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ بِالزَّمَانِ بَيَّنَ أَقَلَّهُ بِالْمِقْدَارِ وَهِيَ دُفْعَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَهِيَ مِنْ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ وَالدَّفْعَةُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمَرَّةُ وَكِلَاهُمَا هُنَا صَحِيحٌ فَهِيَ حَيْضٌ تَحْرُمُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَبَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ وَيَجِبُ بِانْقِطَاعِهَا الْغُسْلُ وَلَيْسَتْ حَيْضَةً يُحْتَسَبُ بِهَا فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالشَّافِعِيُّ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (ص) وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَئَةٍ نِصْفُ شَهْرٍ (ش) لَمَّا كَانَتْ النِّسَاءُ مُسْتَوِيَاتٍ فِي أَقَلِّهِ مُفْتَرِقَاتٍ فِي أَكْثَرِهِ مِنْ مُبْتَدَأَةٍ وَحَامِلٍ بَيَّنَ مَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَبَدَأَ بِالْمُبْتَدَأَةِ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا حَيْضٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهُوَ مُرَادُهُ بِنِصْفِ شَهْرٍ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِتَمَادِيهِ اسْتِغْرَاقَهُ النَّهَارَ وَلَيْلَهُ بَلْ لَوْ رَأَتْ مِنْ الدَّمِ فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ قَطْرَةً حَسِبَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَوْمَ دَمٍ. (ص) كَأَقَلِّ الطُّهْرِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّحْدِيدِ لِأَقَلِّ الطُّهْرِ فِيمَا لَوْ حَاضَتْ مُبْتَدَأَةٌ وَانْقَطَعَ عَنْهَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ عَاوَدَهَا قَبْلَ تَمَامِ طُهْرٍ تَامٍّ فَتَضُمُّ هَذَا الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ لِتُتِمَّ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِمَثَابَةِ مَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ هُوَ دَمُ عِلَّةٍ وَإِنْ عَاوَدَهَا بَعْدَ تَمَامِ الطُّهْرِ فَهُوَ حَيْضٌ مُؤْتَنِفٌ (ص) وَلِمُعْتَادٍ ثَلَاثَةٌ اسْتِظْهَارًا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ ثُمَّ هِيَ طَاهِرٌ (ش)   [حاشية العدوي] ، وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ قَالَ الْحَطَّابُ: قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَائِهِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ إلْغَاؤُهُ فِي بَابِ الْعِبَادَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَإِذَا جَعَلَ لَهُ دَوَاءً لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إلَّا بِالدَّوَاءِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُلْغِيَ لِأَنَّ اسْتِعْجَالَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ كَإِسْهَالِ الْبَطْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُلْغِيَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ عج: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ حَيْضًا وَتَقْضِيهِمَا لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّ الطَّلَاقَ إذَنْ لَيْسَ كَالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَمَا قُلْنَاهُ عَنْ الْمَنُوفِيِّ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِعَجِّ وَتِلْمِيذِهِ عب فَإِنَّهُمَا قَدْ رَدَّا عَلَى الْمَنُوفِيِّ وَجَعَلَا الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةً، وَإِنَّ تَوَقُّفَ الْمَنُوفِيِّ قُصُورٌ وَأَنَا أَقُولُ: الْحَقُّ مَعَ الْمَنُوفِيِّ، وَالنَّصُّ الَّذِي رَدَّا بِهِ عَلَى الْمَنُوفِيِّ إنَّمَا هُوَ مَوْضُوعٌ آخَرُ وَهُوَ مَا إذَا فَعَلَتْ دَوَاءً لِرَفْعِهِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ طَاهِرًا فَالرَّدُّ بِهِ عَلَى الْمَنُوفِيِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَهُوَ مَا إذَا فَعَلَتْ دَوَاءً لِجَلْبِهِ لَا يَظْهَرُ وَبَقِيَ مَا إذَا اسْتَعْمَلَتْ مَا يَرْفَعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ يُقِلُّهُ، وَالْحُكْمُ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ قَطْعَ النَّسْلِ أَوْ قِلَّتَهُ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ: أَوْ ثُقْبَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَحْت الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدَثِ إمْكَانُ عَدَمِ الْحَيْضِ رَأْسًا بِخِلَافِ الْحَدَثِ خُرُوجُهُ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: لَا صَغِيرَةٍ إلَخْ) الَّذِي يَتَلَخَّصُ أَنَّ دَمَ بِنْتٍ أَقَلَّ مِنْ تِسْعٍ لَيْسَ بِحَيْضٍ قَطْعًا، وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ بِنْتَ تِسْعٍ إنْ جَزَمَ النِّسَاءُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ شَكَكْنَ فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحَيْضٍ، وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِأَوَّلِ التِّسْعِ أَوْ وَسَطِهَا أَوْ آخِرِهَا أَقْوَالٌ، وَكَذَا بِنْتُ سَبْعِينَ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَبِنْتُ خَمْسِينَ يُسْأَلُ النِّسَاءُ، فَإِنْ جَزَمْنَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ شَكَكْنَ فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُرَاهِقَةُ وَمَا بَعْدَهَا لِلْخَمْسِينَ يُجْزَمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَلَا سُؤَالَ. وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ، وَالْعَادَةُ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً، وَالْحَمْلُ عَادَةً يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَلِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَعْجَلُ النِّسَاءِ حَيْضًا نِسَاءُ تِهَامَةَ فَإِنَّهُنَّ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ هَكَذَا سَمِعْت وَرَأَيْت جَدَّةً لَهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً فَالْوَاجِبُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذَلِكَ إلَى مَعْرِفَةِ النِّسَاءِ فَهُنَّ عَلَى الْفُرُوجِ مُؤْتَمَنَاتٌ، فَإِنْ شَكَكْنَ أُخِذَ بِالْأَحْوَطِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ بِالزَّمَانِ) وَلِأَكْثَرِهِ حَدٌّ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ، فَإِنْ قُلْت الدُّفْعَةُ تَسْتَلْزِمُ زَمَنًا قَرِيبًا أَقَلَّ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِذَلِكَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالدُّفْعَةِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّفْعَةَ بِمَعْنَى الْمَرْأَةِ تُصَدَّقُ بِالِاسْتِمْرَارِ، فَقَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا هُنَا صَحِيحٌ لَا يَظْهَرُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ أَيْ الْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِمْرَارِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَقَلِّهِ بِالْمِقْدَارِ) وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ بِاعْتِبَارِهِ، وَأَمَّا الطُّهْرُ فَلَهُ أَقَلُّ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا حَدَّ لَهُ بِاعْتِبَارِ أَكْثَرِهِ لِجَوَازِ أَنْ لَا تَحِيضَ فِي عُمْرِهَا (قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِ الدَّالِ) أَيْ مِنْ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ الْمَرَّةُ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ) لَفْظُ لِمُبْتَدَأَةٍ حَالٌ إمَّا مِنْ الْمُبْتَدَإِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أَوْ مِنْ الْخَبَرِ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَادَةٍ لِذَاتِهَا وَهُنَّ أَتْرَابُهَا وَذَوَاتُ أَسْنَانِهَا أَوْ دُونَ ذَلِكَ طَهُرَتْ وَإِنْ تَمَادَى بِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ تَغْتَسِلُ مَكَانَهَا وَقِيلَ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ تُجَاوِزْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. (قَوْلُهُ: حَسِبْت إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْهَا رَأْسًا، فَإِذَا كَانَ يَأْتِيهَا كُلَّ يَوْمٍ نُقْطَةُ دَمٍ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَانْقَطَعَ الدَّمُ رَأْسًا، فَإِنَّهَا تَتَطَهَّرُ وَتُصَلِّي الظُّهْرَ وَغَيْرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَتَحْتَسِبُ بِذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمَ حَيْضٍ، وَثَمَرَتُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَكُونُ دَمَ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ نَزَلَ عَلَيْهَا قَطْرَةُ دَمٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَحْسِبُ صَبِيحَةَ ذَلِكَ يَوْمَ حَيْضٍ وَإِنْ صَامَتْهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ حَاضَتْ مُبْتَدَأَةٌ) أَيْ مَثَلًا فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ مِنْ فَوَائِدِ تَحْدِيدِ أَقَلِّ الطُّهْرِ فِي الْعِبَادَةِ لَغْوُ الدَّمِ الْعَائِدِ قَبْلَهُ مِمَّنْ بَلَغَتْ أَكْثَرَ حَيْضِهَا مِنْ مُبْتَدَأَةٍ وَغَيْرِهَا وَحُكِمَ بِطُهْرِهَا فَلَا تَتْرُكُ لَهُ الْعِبَادَةَ وَاعْتِبَارُهُ بَعْدَهُ فَتَتْرُكُهَا وَفِي الْعِدَّةِ، وَالِاسْتِبْرَاءِ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِدُونِهِ طُهْرًا فَلَا تَحِلُّ لِزَوْجٍ وَلَا لِمُشْتَرٍ عَاوَدَهَا عِنْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقَلِّهِ مِنْ طُهْرِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ لِإِضَافَتِهِ الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ فَالْجَمِيعُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ مُطَلِّقٌ تَخَلَّلَهُمَا طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ: وَلِمُعْتَادَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى وَلِمُبْتَدَأَةٍ وَثَلَاثَةٌ مَعْطُوفٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 أَيْ وَأَكْثَرُ لِمُعْتَادَةٍ غَيْرِ حَامِلٍ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَلَوْ مَرَّةً ثَلَاثَةٌ اسْتِظْهَارًا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا أَيَّامًا لَا وُقُوعًا فَإِنْ اخْتَلَفَ وَإِنْ كَانَتْ تَارَةً ثَلَاثًا وَتَارَةً أَرْبَعَةً وَتَارَةً خَمْسًا، وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ أَكْثَرُ وُقُوعًا اسْتَظْهَرَتْ عَلَى الْخَمْسَةِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُهَا أَيَّامًا وَمَحَلُّ الِاسْتِظْهَارِ مَا لَمْ تُجَاوِزْ نِصْفَ شَهْرٍ فَإِنْ تَجَاوَزَتْهُ طَهُرَتْ حِينَئِذٍ فَتَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا وَبِيَوْمَيْنِ إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَبِيَوْمٍ إنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا اسْتِظْهَارَ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طَاهِرًا فَتَصُومُ وَتَطُوفُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَلَا يُجْبَرُ مُطَلِّقُهَا عَلَى الرَّجْعَةِ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ الْآنَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا قَضَاءُ الصَّوْمِ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِزَوْجِهَا عَدَمُ إتْيَانِهَا (ص) وَلِحَامِلٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ النِّصْفُ وَنَحْوُهُ وَفِي سِتَّةٍ فَأَكْثَرَ عِشْرُونَ يَوْمًا وَنَحْوُهَا وَهَلْ مَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ كَمَا بَعْدَهَا أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ قَوْلَانِ (ش) لَمَّا كَانَتْ الْحَامِلُ عِنْدَنَا تَحِيضُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَدَلَالَةُ الْحَيْضِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ظَنِّيَّةٌ اكْتَفَى بِهَا الشَّارِعُ رِفْقًا بِالنِّسَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ أَوَّلُ الْحَمْلِ كَآخِرِهِ وَلِذَلِكَ كَثُرَتْ الدِّمَاءُ بِكَثْرَةِ أَشْهُرِ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا عَظُمَ الْحَمْلُ كَثُرَ الدَّمُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَامِلَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ تَمْكُثُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَفِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ إلَى غَايَةِ حَمْلِهَا تَمْكُثُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَاخْتُلِفَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ مِنْ حَمْلِهَا وَتَمَادَى بِهَا هَلْ تَمْكُثُ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فِي ثَلَاثَةٍ إلَى سِتَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْإِبْيَانِيِّ أَوْ كَغَيْرِ الْحَامِلِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْحَمْلِ فِي الشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَتَمْكُثُ الْمُعْتَادَةُ عَادَتَهَا وَلَا اسْتِظْهَارَ، وَالْمُبْتَدَئَةُ الَّتِي حَمَلَتْ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَيْضٍ نِصْفَ شَهْرٍ فَقَطْ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ يُونُسَ فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَكَيْفَ يُقَالُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَنَحْوَهَا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَةَ هَذَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا صَامَتْ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا حَيْثُ كَانَتْ مُبْتَدَئَةً أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ حَيْثُ مَكَثَتْ عَادَتَهَا وَاسْتَظْهَرَتْ فَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ الْحَمْلُ تَقْضِي الصَّوْمَ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ، أَوْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الْحَامِلَ بِعِلْمِهَا بِالْحَمْلِ بِقَرِينَةٍ كَالْوَحَمِ الْمَعْلُومِ عِنْدَ النِّسَاءِ لِظُهُورِ الْحَمْلِ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الْحَامِلَ إذَا ظَهَرَ الْحَمْلُ وَهُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الثَّالِثِ وَمَا بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ فَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ مُخْتَلِفٌ (ص) وَإِنْ تَقَطَّعَ طُهْرٌ لَفَّقَتْ أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَتَاهَا الْحَيْضُ فِي وَقْتِهِ وَانْقَطَعَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ سَاعَةٍ وَأَتَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ فَإِنَّهَا تُلَفِّقُ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ عَلَى تَفْصِيلِهَا السَّابِقِ فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً فَتُلَفِّقُ عَادَتَهَا وَاسْتِظْهَارَهَا وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَئَةً لَفَّقَتْ نِصْفَ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَتْ   [حاشية العدوي] عَلَى نِصْفٍ فَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَاشٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَاسْتِظْهَارًا تَمْيِيزٌ غَيْرُ مُحَوَّلٍ عَلَى حَدِّ امْتَلَأَ الْإِنَاءُ مَاءً أَوْ حَالٌ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنْ يُقَدَّرَ مُبْتَدَأً تَقْدِيرُهُ: وَأَكْثَرُهُ لِمُعَادَةٍ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ اسْتِظْهَارًا) وَلَوْ عَلِمْت عَقِبَ حَيْضِهَا أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ بِأَنْ مَيَّزَتْ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا) ، فَإِذَا كَانَ لَهَا عَادَةٌ وَاحِدَةٌ اسْتَظْهَرَتْ عَلَيْهَا وَصَارَ الِاسْتِظْهَارُ عَادَةً لَهَا وَمَحَلُّ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْأَكْثَرِ مَا لَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُجَاوِزْ) أَيْ مُدَّةُ الِاسْتِظْهَارِ نِصْفَ شَهْرٍ فَيَسْقُطُ الزَّائِدُ، وَكَذَا إذَا زَادَ جَمِيعَ مُدَّةِ الِاسْتِظْهَارِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ طَاهِرٌ) أَيْ الْمُعْتَادَةُ الَّتِي اسْتَظْهَرَتْ فِيمَا بَيْنَ الِاسْتِظْهَارِ وَتَمَامِ الْخَمْسَةِ الْعَشَرَ، وَقَوْلُهُ: طَاهِرٌ أَيْ حَقِيقَةً وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَيَّامٍ إلَخْ) أَيْ طَاهِرًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: بَلْ يُسْتَحَبَّانِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهَا طَاهِرٌ حُكْمًا وَعَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ يُمْنَعُ وَطْؤُهَا وَطَلَاقُهَا وَيُجْبَرُ مُطَلِّقُهَا عَلَى الرَّجْعَةِ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتَغْتَسِلُ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَقْضِي الصَّوْمَ وُجُوبًا وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ طَاهِرًا فَقَدْ صَلَّتْهَا أَوْ حَائِضًا فَلَمْ تُخَاطَبْ بِهَا (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَيْ بَعْدَ أَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ ثَالِثِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالدُّخُولُ يَتَحَقَّقُ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ مَا قَبْلَ دُخُولِ ثَالِثِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا بَعْدَهَا) أَيْ مَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيْ مَا بَعْدَ دُخُولِ ثَالِثِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ كَالْحَائِلِ أَيْ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ سِتَّةٍ) تَبِعَ هَذَا الشَّارِحُ عج كَغَيْرِهِ ف ` جَعَلُوا السِّتَّةَ حُكْمَ الثَّلَاثَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ شَبْلُونٍ وَرَجَعَ إلَى مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ شُيُوخِ أَفْرِيقِيَّةَ أَنَّ السِّتَّةَ كَمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ صَارَتْ فِي أَحْكَامِهَا كَالْمَرِيضَةِ وَقَوَّى مُحَشِّي تت ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ عَلَى عج (قَوْلُهُ: تَمْكُثُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا) أَيْ فَنَحْوُ الْعِشْرِينَ الثَّلَاثُونَ وَقِيلَ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِظْهَارُ) هَذَا نَصُّ ابْنِ يُونُسَ الَّذِي ذَهَبَ لِلْقَوْلِ الثَّانِي فَمَا مَشَى عَلَيْهِ عج وَتَبِعَهُ عب وَرَدَّا عَلَى تت غَيْرُ مَرَضِيٍّ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَرُبَّمَا تُوهِمُ الْعِبَارَةُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ مُخْتَلِفٌ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا يُعْتَرَضُ أَنَّ مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ مُخْتَلِفٌ حَتَّى عَلَى الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : الْعَادَةُ ثَبَتَتْ عِنْدَنَا بِمَرَّةٍ كَالشَّافِعِيِّ وَرَاجِعْ عب (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ وَاسْتَمَرَّتْ بِهَا مُدَّةَ عَادَتِهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ ثُمَّ انْقَطَعَ وَعَاوَدَهَا هَلْ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً كَالْمُبْتَدَأَةِ إذَا تَمَادَى بِهَا الْحَيْضُ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 حَامِلًا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَفَّقَتْ نِصْفَ شَهْرٍ وَنَحْوَهُ وَبَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَفَّقَتْ عِشْرِينَ يَوْمًا وَنَحْوَهَا وَفِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَفَّقَتْ مَا يَلْزَمُهَا عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَلْغَتْ فِي الْجَمِيعِ أَيَّامَ الطُّهْرِ إنْ نَقَصَتْ عَنْ أَيَّامِ الدَّمِ اتِّفَاقًا إذْ لَا يَكُونُ الطُّهْرُ أَقَلَّ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ أَصْلًا وَكَذَا إنْ سَاوَتْ أَوْ زَادَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَيَّامِ الدَّمِ مَا حَصَلَ فِيهِ الدَّمُ أَوْ فِي لَيْلِهِ وَلَوْ قَطْرَةً لَا اسْتِيعَابُ جَمِيعِهِ وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَلِأَقَلِّ الطُّهْرِ حَدٌّ حَسُنَ إضَافَةُ التَّقَطُّعِ إلَيْهِ دُونَ الدَّمِ، فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ نِسْبَةِ التَّقَطُّعِ لِلطُّهْرِ يُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَتَقَطَّعُهُ وَمَنْعَهُ كَالْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ نِسْبَةَ التَّقَطُّعِ لِلْحَيْضِ قُلْت لَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ تُقْطَعُ بِالْآخَرِ فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى ذَلِكَ (ص) ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ حَصَلَ مِنْ ضَمِّ أَيَّامِ الدَّمِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ مَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ يُعَاوِدُهَا أَمْ لَا وَتَصُومُ وَتَبْرَأُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّ الدَّمَ يَعُودُ إلَيْهَا لَمْ تُؤْمَرْ بِالِاغْتِسَالِ حَيْثُ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْقُرْبِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ كُلَّمَا انْقَطَعَ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ إتْيَانَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ بِهِ لَأَفَادَ ذَلِكَ. (ص) وَالْمُمَيِّزُ بَعْدَ طُهْرٍ ثُمَّ حَيْضٍ (ش) الْمُسْتَحَاضَةُ إنْ لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهَا عَلَى حُكْمِ الطَّاهِرِ وَلَوْ أَقَامَتْ طُولَ عُمْرِهَا وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُرْتَابَةِ وَإِنْ كَانَتْ تُمَيِّزُهُ فَالْمُمَيَّزُ مِنْ الدَّمِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ وَلَا حُكْمَ لَهُ وَأَمَّا بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ مِنْ يَوْمِ حُكِمَ لَهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ فَالْمُمَيَّزُ حَيْضٌ فِي الْعِبَادَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الْعِدَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ: وَالْمُمَيَّزُ بِفَتْحِ الْيَاءِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَالدَّمُ الْمُمَيَّزُ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِقَّةٍ أَوْ ثِخَنٌ لَا بِكَثْرَةٍ أَوْ قِلَّةٍ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مُمَيَّزٌ لَوْ لَمْ يُمَيَّزْ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ طُهْرٍ أَنَّ الْمُمَيَّزَ قَبْلَ طُهْرٍ ثُمَّ اسْتِحَاضَةٍ (ص) وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) أَيْ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الدَّمَ الْمُمَيَّزَ بَعْدَ طُهْرٍ تَمَّ حَيْضٌ وَاسْتَمَرَّ بِهَا فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَكْثَرَ عَادَتِهَا فَقَطْ وَتَرْجِعُ مُسْتَحَاضَةً كَمَا كَانَتْ قَبْلَ التَّمْيِيزِ وَلَا تَحْتَاجُ لِاسْتِظْهَارٍ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِحَاضَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا دَامَ مَا مَيَّزَتْهُ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا لَا بِصِفَةِ الْحَيْضِ أَمَّا إنْ دَامَ بِصِفَةِ الْحَيْضِ الْمُمَيَّزِ فَإِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ بَعْدَ مُضِيِّ عَادَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ (ص) وَالطُّهْرُ بِجُفُوفٍ أَوْ قَصَّةٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَلَامَةِ انْتِهَاءِ الْحَيْضِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى ابْتِدَائِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي أَوَّلُهُ دَمٌ ثُمَّ صُفْرَةٌ ثُمَّ تَرِيَّةٌ ثُمَّ كُدْرَةٌ   [حاشية العدوي] انْقَطَعَ ثُمَّ أَتَاهَا قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ أَوْ يُقَالُ تَحْتَاجُ لِاسْتِظْهَارٍ بِمَثَابَةِ مَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ أَيَّامَ الطُّهْرِ إذَا سَاوَتْ أَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ تَكُونُ حَائِضًا يَوْمَ الْحَيْضِ وَطَاهِرًا يَوْمَ الطُّهْرِ حَقِيقَةً وَلَوْ أَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةَ عُمْرِهَا (قَوْلُهُ: قُلْت لَا شَكَّ إلَخْ) هَذَا يُنَكِّدُ عَلَى قَوْلِهِ حَسُنَ إضَافَةُ التَّقْطِيعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ) أَيْ فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ (قَوْلُهُ وَتَبْرَأُ) أَيْ مِنْ الصَّوْمِ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا لَا تُوطَأُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمْت أَنَّ الدَّمَ يَعُودُ إلَيْهَا) مُفَادُهُ أَنَّهَا إذَا جَزَمَتْ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ أَوْ ظَنَّتْ أَوْ شَكَّتْ عَدَمَ إتْيَانِهِ، فَإِنَّهَا تُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تُؤْمَرْ بِالِاغْتِسَالِ حَاصِلُهُ: إنْ كَانَتْ فِي الِاخْتِيَارِيِّ وَعَلِمَتْ أَيْ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يَعُودُ فِيهِ لَا تُطَالَبُ وَكَذَا إنْ كَانَتْ فِي الضَّرُورِيِّ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ يَعُودُ فِيهِ لَا تُطَالَبُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ يَعُودُ فِي الضَّرُورِيِّ فَتُطَالَبُ، فَإِنْ اغْتَسَلَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَالَةِ الْعِلْمِ بِالْعَوْدِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا وَصَلَّتْ وَلَمْ يَأْتِهَا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَهَلْ تَعْتَدُّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهَا صَلَّتْهَا وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ بِهَا أَمْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهَا صَلَّتْهَا وَهِيَ لَمْ تَكُنْ مُطَالَبَةً بِهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهَذَا إذَا جَزَمَتْ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ تَرَدَّدَتْ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ) بَيَانٌ لِلْقُرْبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) لَا حَاجَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ الطُّهْرُ اللُّغَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَالْمُمَيِّزُ مِنْ الدَّمِ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ الْمُمَيِّزِ مِنْ الصُّفْرَةِ، وَالْكُدْرَةِ فَلَا تَخْرُجُ بِهِمَا عَنْ كَوْنِهَا مُسْتَحَاضَةً إذْ لَا أَثَرَ لَهُمَا كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَيَّزَتْ أَنَّهُمَا حَيْضٌ أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَالْمُمَيَّزُ مَعْنَاهُ، وَالدَّمُ الْمُمَيَّزُ كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعِدَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَسْتَظْهِرُ إلَخْ) لِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ فِي غَيْرِهَا رَجَاءُ أَنْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِمْرَارُهُ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ: لَا بِصِفَةِ الْحَيْضِ إلَخْ) أَيْ بَلْ تُغَيِّرُ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ دَامَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ يَوْمِ مِيزَتِهِ، فَإِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ، وَأَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ الَّذِي مَيَّزَتْهُ بَعْدَ تَمَامِ عَادَتِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَسْتَظْهِرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا تَسْتَظْهِرُ حَيْثُ تُغَيِّرُ مُلَفَّقَةً أَمْ لَا مُعْتَادَةً أَمْ لَا وَغَيْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَسْتَظْهِرُ مُلَفَّقَةً أَمْ لَا كَانَ بِصِفَةِ الْحَيْضِ أَمْ لَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَمَّا تَقَدَّمَ لَهَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ ثُمَّ بَعْدَمَا مَيَّزَتْ أَنَّهُ حَيْضٌ عَاوَدَهَا بَعْدَ تَمَامِ عَادَتِهَا دَمٌ يُشْبِهُ الْأَوَّلَ تَقَوَّى جَانِبُ الِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. (فَائِدَةٌ) يُسْتَحَبُّ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ تَطْيِيبُ فَرْجِهَا ثَلَاثًا فَقِيلَ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى لِنَتْنِ الْفَرَجِ بِالدَّمِ أَوْ لِرَخَاوَةِ الْفَرْجِ بِالدَّمِ أَقْوَالٌ بِأَنْ تَأْخُذَ قِطْعَةَ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ مُمْسِكَةٍ وَتَضَعَهُ فِي فَرْجِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ صُفْرَةٌ ثُمَّ تَرِيَّةٌ إلَخْ) لَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ النِّسَاءِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ أَنْوَاعٌ لِلْحَيْضِ (قَوْلُهُ: تَرِيَّةٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ شَيْءٌ يُشْبِهُ غُسَالَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 يُعْرَفُ بِإِحْدَى عَلَامَتَيْنِ الْجُفُوفِ أَوْ الْقَصَّةِ وَمَعْنَى الْأُولَى أَنْ تَخْرُجَ الْخِرْقَةُ جَافَّةً مِنْ الدَّمِ وَمَا مَعَهُ وَلَا يَضُرُّ بَلَلُهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ رُطُوبَاتِ الْفَرْجِ إذْ لَا يَخْلُو عَنْهَا غَالِبًا، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مَاءٌ كَالْجِيرِ فَالْقَصَّةُ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْجِيرُ لِأَنَّهَا مَاءٌ يُشْبِهُهُ وَقِيلَ يُشْبِهُ الْعَجِينَ وَقِيلَ شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْبَوْلِ وَعَلِيٌّ كَالْمَنِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَلُ اخْتِلَافُهَا بِاعْتِبَارِ النِّسَاءِ وَأَسْنَانِهِنَّ وَالْفُصُولِ وَالْبُلْدَانِ إلَّا أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ بَعْضُ النِّسَاءِ يُشْبِهُ الْمَنِيَّ (ص) وَهِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا فَتَنْتَظِرُهَا لِآخِرِ الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ أَيْ أَقْطَعُ لِلشَّكِّ وَأَحْصَلُ لِلْيَقِينِ فِي الطُّهْرِ مِنْ الْجُفُوفِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ بَعْدَهَا دَمٌ، وَالْجُفُوفُ قَدْ يُوجَدُ بَعْدَهُ وَأَبْلَغِيَّةُ الْقَصَّةِ لَا تَتَقَيَّدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمُعْتَادَتِهَا فَقَطْ بَلْ هِيَ أَبْلَغُ مِنْ الْجُفُوفِ لِمُعْتَادَتِهَا وَلِمُعْتَادَتِهِمْ اوَلِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ لَكِنْ إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ الْجُفُوفَ فَتَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ فَلَا تَسْتَغْرِقُ الْمُخْتَارَ بِالِانْتِظَارِ بَلْ تُوقِعُ الصَّلَاةَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُطَابِقُ فَرَاغَهَا لِآخِرِهِ وَمَعْنَى أَبْلَغِيَّةِ الْقَصَّةِ لِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِرُؤْيَتِهَا قَبْلَهُ وَلَا تَنْتَظِرُهُ لَا أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ إذَا رَأَتْهُ إذْ مَنْ اعْتَادَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ إذَا رَأَتْ عَادَتَهَا طَهُرَتْ اتِّفَاقًا وَلَا تَنْتَظِرُ شَيْئًا فَلَا مَفْهُومَ لِتَقْيِيدِ الْمُؤَلِّفِ الْأَبْلَغِيَّةَ لِلْقَصَّةِ بِمُعْتَادَتِهَا لَكِنْ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ ثَمَرَتَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَنْتَظِرُهَا أَيْ اسْتِحْبَابًا لِآخِرِ الْمُخْتَارِ إذْ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي مُعْتَادَتِهَا فَقَطْ أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ كَمَا قَرَّرْنَا لَا فِي مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مُعْتَادَتِهِمَا أَوْ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ بَلْ الْأَبْلَغِيَّةُ مُطْلَقَةٌ كَمَا مَرَّ. (ص) وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي عَلَامَةِ طُهْرِ الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ قِيلَ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لَا فِي أَبْلَغِيَّةِ عَلَامَةِ طُهْرِ الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ فَإِنَّ الْبَاجِيَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوْ الْقَصَّةَ طَهُرَتْ فَعَلَى نَقْلِ الْبَاجِيِّ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَعَلَى نَقْلِ الْمَازِرِيِّ الْجُفُوفُ وَالْقَصَّةُ سَوَاءٌ. (ص) وَلَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ وَالصُّبْحِ (ش) أَيْ وَلَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا وَمَا بَعْدَهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا النَّظَرُ عِنْدَ النَّوْمِ وَعِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ لَكِنْ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ مَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي فَيَجِبُ وُجُوبًا مُضَيَّقًا ثُمَّ إذَا شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَتْ عَنْهَا الصُّبْحُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الصَّوْمِ وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقَضَائِهَا وَهُوَ حَاصِلٌ، وَمُوجِبُ الْقَضَاءِ وَهُوَ الطُّهْرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّمَا تُمْنَعُ مِنْ أَدَائِهِ لَا مِنْ قَضَائِهِ. (ص) وَمَنَعَ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَوُجُوبَهُمَا (ش) الضَّمِيرُ فِي مَنَعَ عَائِدٌ عَلَى الْحَيْضِ أَيْ وَمَنَعَ الْحَيْضُ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَدَاءً وَقَضَاءً وَيَمْنَعُ أَيْضًا وُجُوبَ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا وَوُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَاؤُهُ دُونَ الصَّلَاةِ بِالسُّنَّةِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ وَخِفَّةِ مَشَقَّتِهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ (ص) وَطَلَاقًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى صِحَّةٍ فَهُوَ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ   [حاشية العدوي] اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقَصِّ) أَيْ مُشْتَقَّةٌ اشْتِقَاقًا أَكْبَرَ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ) وَهُوَ هَارُونُ (قَوْلُهُ: وَأَسْنَانِهِنَّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الْفَقِيهِ سَنَدٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْجُفُوفَ أَبْلَغُ وَهُوَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ لِلدَّاوُدِيِّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ انْتِظَارُ الْأَقْوَى اُنْظُرْ تت (قَوْلُهُ: فَتَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: إذْ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ تَرْكُ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ لَا فِيهِ وَلَا فِي مُعْتَادَتِهِمَا مَعًا لَوْ يُنَافِيهِ صَدْرُ الْعِبَارَةِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الِاعْتِرَاضَ مُتَوَجِّهٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُفِيدُ قَصْرَ الْأَبْلَغِيَّةِ عَلَى مُعْتَادَةِ الْقَصَّةِ فَقَطْ لَا فِي مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ وَلَا فِيمَنْ اعْتَادَتْهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ) ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ مُشْكِلٌ مَعَ كَوْنِ الْقَصَّةِ أَبْلَغَ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ النَّوْمِ) لِتَعْلَمَ حُكْمَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ الصُّبْحَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ هَكَذَا أَوَّلُوا الْعِبَارَةَ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ إذْ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّهَا تَشُكُّ فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فِي آخِرِهِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَا أَوْجَبَهُ إلَّا قَوْلُ الشَّارِحِ الصُّبْحُ وَإِلَّا فَالنَّصُّ لَيْسَ فِيهِ الصُّبْحُ فَالْمَعْنَى عَلَيْهِ تَسْقُطُ عَنْهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الطُّهْرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْحَيْضَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَاصِلٌ اسْتِصْحَابًا وَهُوَ يُجَامِعُ الشَّكَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّوْمُ، فَإِنَّمَا تُمْنَعُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُقَالُ وَاَلَّذِي حَاصِلٌ بِالِاسْتِصْحَابِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إمْسَاكٌ وَقَوْلُهُ وَقَضَاؤُهُ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ بِالسَّنَةِ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَقَضَاؤُهُ دُونَ الصَّلَاةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِالسَّنَةِ إلَخْ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ الْحَيْضُ يُسْقِطُ وُجُوبَ الصَّوْمِ فَمَا وَجْهُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَهُوَ أَمْرُ الشَّارِعِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ الْأَوَّلَ الْمُكَلَّفَ بِهِ سَقَطَ بِالْحَيْضِ، وَإِنْ قُلْنَا الْوُجُوبُ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهَا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا الْفِعْلُ فَالْقَضَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَوَجِّهًا عَلَيْهَا اهـ. مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى صِحَّةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْمَنْعَ فِي الصِّحَّةِ بِمَعْنَى الرَّفْعِ وَفِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى التَّحْرِيمِ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ابْتِدَاءً وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُرَّهُ عَطْفًا عَلَى صَلَاةٍ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ عَدَمَ الصِّحَّةِ إنْ وَقَعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ حَرَامٌ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَى الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ اعْتِدَادِهَا بِهَذَا الْحَيْضِ بَلْ بِالطُّهْرِ بَعْدَهُ قِيلَ لِلتَّعَبُّدِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ. (ص) وَبَدْءَ عِدَّةٍ (ش) أَيْ وَمَنَعَ الْحَيْضُ بَدْءَ أَيْ ابْتِدَاءَ عِدَّةٍ فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِالْإِقْرَاءِ فَلَا تُحْتَسَبُ بِأَيَّامِ الْحَيْضِ مِنْهَا بَلْ يَكُونُ مَبْدَؤُهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَ الْحَيْضِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ (ص) وَوَطْءَ فَرْجٍ (ش) أَيْ وَكَذَا يَمْنَعُ الْحَيْضُ الْوَطْءَ إجْمَاعًا وَتَجِبُ مِنْهُ التَّوْبَةُ لِمُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ وَيُجْبِرُهُنَّ الزَّوْجُ عَلَى الْغُسْلِ لِحِلْيَةِ الْوَطْءِ وَيَحِلُّ وَطْؤُهُنَّ بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَلَوْ لَمْ تَنْوِهِ لِأَنَّهُ لِحِلْيَةِ الْوَطْءِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلِلصَّلَاةِ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ (ص) أَوْ تَحْتَ إزَارٍ وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ وَتَيَمُّمٍ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَا تَحْتَ إزَارٍ أَيْ وَمَنَعَ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا تَحْتَ إزَارٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ هُمَا خَارِجَانِ وَيَجُوزُ بِمَا فَوْقَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحَائِضُ تَشُدُّ إزَارَهَا وَشَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا» قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا أَيْ يُجَامِعُهَا فِي أَعْكَانِهَا وَبَطْنِهَا أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا هُوَ أَعْلَاهَا اهـ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَازُ اسْتِمْنَائِهِ فِي يَدِهَا وَلَا شَكَّ وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ لِمَا ذُكِرَ وَلَوْ حَصَلَ النَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ التَّيَمُّمُ الْمُحِلُّ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَتْ بِهِ الصَّلَاةُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْمَشْهُورِ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ يَرَيْنَ الطُّهْرَ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ بِالْمَاءِ (ص) وَرَفْعَ حَدَثِهَا وَلَوْ جَنَابَةً (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْحَائِضَ إذَا تَطَهَّرَتْ فِي حَالِ حَيْضِهَا لِرَفْعِ حَدَثِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ أَمَّا حَدَثُ الْحَيْضِ أَوْ الْأَصْغَرِ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الرَّفْعِ وَأَمَّا حَدَثُ الْجَنَابَةِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ تَأَخَّرَتْ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ حَدَثَ الْحَيْضِ جَنَابَةٌ   [حاشية العدوي] أَيْ رَفْعُ صِحَّةِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَجُرْمٍ طَلَاقًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ) أَيْ فِي زَمَنٍ يُضَافُ الدَّمُ فِيهِ لِلدَّمِ الْأَوَّلِ أَيْ أَنَّ مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا وَقُلْنَا تُلَفِّقُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي يَوْمِ الطُّهْرِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِأَنَّ أَيَّامَ التَّلْفِيقِ تُعَدُّ أَيَّامَ حَيْضٍ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الطُّهْرِ، وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَتَحْسِبُ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَكُونُ مَبْدَؤُهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدُ إلَخْ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَقْرَاءُ عِنْدَنَا هِيَ الْأَطْهَارَ فَتَعْلَمُ قَطْعًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنَعَ الْحَيْضُ ابْتِدَاءً عِدَّةٍ (قَوْلُهُ: لِمُسْلِمَةٍ) أَيْ كَانَ الْوَطْءُ فِي مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَيُجْبِرُهُنَّ) أَيْ الْمُسْلِمَةَ، وَالْكِتَابِيَّةَ أَيْ، فَإِذَا امْتَنَعَتْ الْمُسْلِمَةُ، وَالْكِتَابِيَّةُ، وَالْمَجْنُونَةُ يُجْبِرُهُنَّ وَلَوْ بِإِلْقَائِهِنَّ فِي الْمَاءِ قَهْرًا عَلَيْهِنَّ وَيُسَوَّغُ لَهُ الْوَطْءُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِلْحِلْيَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ جَبْرَهَا عَلَى الْغُسْلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ وَهِيَ لَا تَصِحُّ مِنْهَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ فِيهِ خِطَابَانِ خِطَابُ وَضْعٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي إبَاحَةِ الْوَطْءِ وَخِطَابُ تَكْلِيفٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عِبَادَةٌ وَعَدَمُ النِّيَّةِ يَقْدَحُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا الْجَوَابُ لِلْقَرَافِيِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ. لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَلِذَلِكَ لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ الْمُسْلِمَةُ وَلَا الْكِتَابِيَّةُ إذَا أَسْلَمَتْ وَلَا الْمَجْنُونَةُ إذَا أَفَاقَتْ حَتَّى يَغْتَسِلْنَ لِرَفْعِ حَدَثِ الْحَيْضِ بِنِيَّةٍ وَيَبْقَى الزَّوْجُ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَلَا يَجْبُرُ الْمُسْلِمُ الْكِتَابِيَّةَ عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِجَوَازِ وَطْئِهَا كَذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَيُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ إذَا كَانَ فِي جَسَدِهَا نَجَاسَةٌ اهـ. وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا فِي الطِّرَازِ فَقَدْ قَالَ: فَإِذَا أَسْلَمَتْ بَقِيَ زَوْجُهَا عَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَلَا تَسْتَبِيحُ بِهِ غَيْرَهُ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَالتَّكْلِيفِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِعْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَ إزَارٍ) أَيْ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهِ فَوْقَ الْإِزَارِ وَتَحْتَهُ بِوَطْءٍ وَبِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَيُبَاحُ التَّمَتُّعُ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ مَا زَادَ عَنْ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ مِمَّا فَوْقَ السُّرَّةِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ الرُّكْبَةِ وَطْئًا أَوْ غَيْرَهُ بِحَائِلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ أَيْ، وَأَمَّا النَّظَرُ فَقَطْ لِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: أَعْكَانِهَا) جَمْعُ عُكْنَةٍ الطَّيَّةُ فِي الْبَطْنِ مِنْ السِّمَنِ، وَالْجَمْعُ عُكَنٌ كَغَرْفَةٍ وَغُرَفٍ رُبَّمَا قِيلَ أَعْكَانٌ أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا شَاءَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عُكْنَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ النَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ) رَدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ بَعْدَ النَّقَاءِ وَعَلَى ابْنِ بُكَيْرٍ الْقَائِلِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّيَمُّمُ) رُدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ إذَا كَانَ يَتَيَمَّمُ لِعُذْرٍ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ يَضُرُّ بِهِ وَإِلَّا فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ أَنْ يَتَيَمَّمَ اسْتِحْبَابًا (قَوْلُهُ: أَمَّا حَدَثُ الْحَيْضِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ. وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَدَثُ الْجَنَابَةِ أَيْ حَدَثٌ هُوَ الْجَنَابَةُ فَالْجَنَابَةُ اسْمٌ لِلْوَصْفِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْقِرَاءَةِ، وَالطَّوَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) كَذَا قَالَ بَهْرَامُ فَمُفَادُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ بَالَغَ عَلَى الْجَنَابَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّم خُرُوجُهَا، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ مَنْعُ الْقِرَاءَةِ إنْ قُلْنَا لَا تَرْتَفِعُ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا قَالَ تت لَكِنَّ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ وَصَوَّبَهُ أَنَّهَا تَقْرَأُ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ قَائِلًا لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ يَرْتَفِعُ مَعَ الْحَيْضِ وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَدَثَ الْحَيْضِ جَنَابَةٌ) أَيْ حَدَثٌ هُوَ جَنَابَةٌ بِمَعْنَى الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ حَدَثَ الْحَيْضِ جَنَابَةٌ أَنَّهَا لَوْ طَهُرَتْ مِنْهُ قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِأَنَّهُ جَنَابَةٌ قُلْنَا أَبَحْنَا لَهَا الْقِرَاءَةَ لِعُذْرٍ وَهُوَ خَوْفُ النِّسْيَانِ مَعَ عَدَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 بِدَلِيلِ لَوْ طَهُرَتْ مِنْهُ مُنِعَتْ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَإِذَا كَانَ حَدَثُهُ جَنَابَةً فَلَا تَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ مَعَ قِيَامِهِ إذْ هُمَا كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَأَحَدُهُمَا يَمْنَعُ الْآخَرَ وَنِيَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ عَنْهُمَا (ص) وَدُخُولَ مَسْجِدٍ (ش) أَيْ وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ دُخُولَهَا الْمَسْجِدَ لِمُكْثٍ أَوْ مُرُورٍ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ الِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ وَلِذَلِكَ قَالَ (فَلَا: تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ) لِأَنَّهُمَا كَالْمُسَبَّبِ عَمَّا قَبْلَهُ إذْ لَا يُوقَعَانِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَكْتَفِ عَنْهُمَا بِمَنْعٍ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَخَّصُ لَهَا فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِعُذْرٍ كَخَوْفِ سِبَاعٍ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا تَعْتَكِفُ وَتَطُوفُ مُدَّةَ إقَامَتِهَا (ص) وَمَسَّ مُصْحَفٍ لَا قِرَاءَةٌ (ش) أَيْ أَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَلَا يَمْنَعُ الْقِرَاءَةَ ظَاهِرًا أَوْ فِي الْمُصْحَفِ دُونَ مَسٍّ خَافَتْ النِّسْيَانَ أَمْ لَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهَا مِنْ الْغُسْلِ وَلِذَا تُمْنَعُ مِنْ الْوُضُوءِ لِلنَّوْمِ فَلَوْ طَهُرَتْ مُنِعَتْ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا تَنَامُ حَتَّى تَتَوَضَّأَ كَالْجُنُبِ. (ص) وَالنِّفَاسُ دَمٌ خَرَجَ لِلْوِلَادَةِ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْحَيْضِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى النِّفَاسِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ لُغَةً وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ لَا نَفْسُ الدَّمِ وَلِذَا يُقَالُ دَمُ النِّفَاسِ وَالشَّيْءُ لَا يُضَافُ لِنَفْسِهِ وَشَرْعًا دَمٌ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ خَرَجَ لِلْوِلَادَةِ بَعْدَهَا اتِّفَاقًا وَمَعَهَا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقَبْلَهَا لِأَجْلِهَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِلشُّيُوخِ حَكَاهُمَا عَنْ عِيَاضٍ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الدَّمِ الْخَارِجِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ لِأَجْلِهَا أَوْ الْخَارِجِ مَعَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَتَهُ تَظْهَرُ فِي ابْتِدَاءِ زَمَنِ النِّفَاسِ فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ نِفَاسٌ يَكُونُ أَوَّلُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ تُحْسَبُ سِتِّينَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ لَا يَكُونُ ابْتِدَاءُ النِّفَاسِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ (ص) وَلَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ (ش) التَّوْأَمَانِ هُمَا الْوَلَدَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَوْ اللَّذَانِ بَيْنَ وَضْعِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ نِفَاسٌ وَقِيلَ حَيْضٌ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَتَجْلِسُ أَقْصَى أَمَدِ النِّفَاسِ وَعَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ فَتَجْلِسُ كَمَا تَجْلِسُ الْحَامِلُ فِي آخِرِ حَمْلِهَا عِشْرِينَ يَوْمًا وَنَحْوِهَا عَلَى مَا مَرَّ وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ نِفَاسًا وَاحِدًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَرَادِعِيُّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَرَادِعِيُّ مُوَافِقٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا أَيْ الْأَكْثَرُ فَنِفَاسَانِ   [حاشية العدوي] الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّفْعِ وَإِذَا انْقَطَعَ صَارَتْ قَادِرَةً عَلَى الرَّفْعِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْحَيْضَ، وَالْجَنَابَةَ يَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَلَا يَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ وُجُودِ الثَّانِي لِلتَّنَافِي (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ وَلَوْ طَهُرَتْ مِنْهُ مُنِعَتْ مِنْ الْقِرَاءَةِ) ارْتَضَى ذَلِكَ الْحَطَّابُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَيْ وَأُبِيحَ لَهَا حَالَةَ الْحَيْضِ خَوْفَ النِّسْيَانِ وَارْتَضَى عج قَوْلَ الْبَاجِيِّ أَنَّهَا تَقْرَأُ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ حَدَثُهُ جَنَابَةً) أَيْ بِمَعْنَى الْوَصْفِ الْمَانِعِ مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَقَوْلُهُ إذْ هُمَا أَيْ الْجَنَابَةُ وَحَدَثُ الْحَيْضِ كَالْبَوْلِ، وَالْغَائِطُ أَيْ كَالْحَدَثِ النَّاشِئِ عَنْ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَقَوْلُهُ: فَأَحَدُهُمَا أَيْ فَوُجُودُ أَحَدِهِمَا يَمْنَعُ رَفْعَ الْآخَرِ أَيْ فَوُجُودُ الْوَصْفِ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ إلَّا حَدٌّ يَمْنَعُ رَفْعَ الْآخَرِ أَيْ رَفْعَ الْوَصْفِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْآخَرِ، وَقَوْلُهُ: وَنِيَّةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ نِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَصْفِ مِنْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ اسْتِمْرَارِهِ تَكْفِي عَنْ نِيَّةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْوَصْفَيْنِ مَعًا الْمُتَرَتِّبَيْنِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَنْدَرِجُ فِيهِ الِاعْتِكَافُ) أَيْ وَيَنْدَرِجُ فِي الدُّخُولِ لِلْمَسْجِدِ لِلِاعْتِكَافِ، وَالطَّوَافِ أَوْ يَنْدَرِجُ فِي الْمُكْثِ الْمُكْثُ لِلِاعْتِكَافِ، وَالطَّوَافِ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ أَيْ فَلَا تَدْخُلُ لِاعْتِكَافٍ أَوْ طَوَافٍ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا أَيْ الدُّخُولَ لِلِاعْتِكَافِ، وَالطَّوَافَ (قَوْلُهُ: كَالْمُسَبَّبِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُمَا أَيْ النَّهْيَ عَنْ الدُّخُولِ لَهُمَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ مَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَنْدَرِجُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُوقَعَانِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنَّهْيُ عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ نَهْيٌ عَنْ الدُّخُولِ لَهُمَا أَيْ النَّهْيُ عَنْ الدُّخُولِ لَهُمَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ النَّهْيِ عَنْ الدُّخُولِ لِلْمَسْجِدِ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ بَدَلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِذَا نُهِيَتْ عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ لِأَنَّ مِنْ لُزُومِهَا دُخُولَ الْمَسْجِدِ وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ يَنْتَفِي الْمَلْزُومُ فَيَظْهَرُ كَوْنُ النَّهْيِ عَنْ الِاعْتِكَافِ، وَالطَّوَافِ مُسَبَّبًا عَنْ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نُبِّهَ عَلَى هَذَا) إنَّمَا يُتِمُّ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا تَعْتَكِفُ وَبَعْدَ أَنْ فَرَغَ لَا يَأْتِي هَذَا بَلْ يُفِيدُ ضِدَّ هَذَا (قَوْلُهُ: مُنِعَتْ مِنْ الْقِرَاءَةِ) اعْتَمَدَ عج خِلَافَ هَذَا وَهُوَ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْرَأُ فِي حَالِ السَّيَلَانِ مُطْلَقًا خَافَتْ النِّسْيَانَ أَمْ لَا كَانَتْ جُنُبَا أَمْ لَا وَبَعْد انْقِطَاعِهِ تَقْرَأُ أَيْضًا إلَّا أَنْ تَكُونَ جُنُبًا فَلَا تَقْرَأُ، وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَالشَّيْءُ لَا يُضَافُ لِنَفْسِهِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُضَافُ إلَخْ هَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ، وَمَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ يَجُوزُ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهَا لِأَجْلِهَا) الرَّاجِحُ أَنَّهُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اللَّذَانِ) هَذَا تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ نِفَاسًا وَاحِدًا) مُرْتَبِطٌ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ نِفَاسٌ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إذَا وَضَعْت الثَّانِيَ بَعْدَ أَنْ جَلَسْت لِلْأَوَّلِ أَقْصَى أَمَدِ النِّفَاسِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا، وَأَمَّا إذَا وَضَعَتْ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْأَوَّلِ مَثَلًا فَوَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّهُ نِفَاسٌ فَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَرَادِعِيُّ إلَى أَنَّهَا تَضُمُّ الدَّمَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ الْوَلَدِ الثَّانِي لِلدَّمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ كَمَالِ سِتِّينَ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ تَحِلُّ، وَهَذَا مَا لَمْ يَأْتِ طُهْرٌ تَامٌّ بَعْدَ الدَّمِ وَقَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي وَإِلَّا كَانَ لِلثَّانِي نِفَاسٌ مُسْتَقِلٌّ وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ إلَى أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَإِذَنْ يَكُونُ هُوَ الْأَقْوَى خِلَافَ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 فَاعْتُبِرَ فِي الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سِتُّونَ يَوْمًا لَا أَقَلُّ (ص) وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا (ش) لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ كَالْحَيْضِ وَإِنْ دُفْعَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا أَكْثَرُ زَمَنِهِ إذَا تَمَادَى مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا سِتُّونَ يَوْمًا عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى السِّتِّينَ كَبُلُوغِ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُعَوِّلُ عَلَى عَادَتِهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِرْشَادِ (ص) فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا فَنِفَاسَانِ (ش) الْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ لِلسِّتِّينَ، وَالْمَفْعُولُ الْبَارِزُ لِلتَّوْأَمَيْنِ أَيْ فَإِنْ تَخَلَّلَ السِّتُّونَ التَّوْأَمَيْنِ فَنِفَاسَانِ فَتَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا كَمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ فِي بَطْنِهَا آخَرُ فَلَمْ تَضَعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلِلْوَلَدِ الثَّانِي نِفَاسٌ آخَرُ أَمَّا إنْ تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا فَنِفَاسٌ وَاحِدٌ فَتَبْنِي بَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَضَعَتْ الثَّانِيَ قَبْلَ السِّتِّينَ بِيَسِيرٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا النَّقَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ حَصَلَ لَهَا النَّقَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ لَهُ نِفَاسًا لِانْقِطَاعِ حُكْمِ النِّفَاسِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (ص) وَتَقَطُّعُهُ وَمَنْعُهُ كَالْحَيْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَقَطُّعَ أَيَّامِ دَمِ النِّفَاسِ قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ كَتَقَطُّعِ أَيَّامِ دَمِ الْحَيْضِ فَتُلَفِّقُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ سِتِّينَ يَوْمًا وَتَلْغِي أَيَّامَ الِانْقِطَاعِ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ لَا قِرَاءَةً، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا تَقْرَأُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ جَمَاعَةَ التُّونِسِيَّ فِي كِتَابِهِ فَرْضُ الْعَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ (ص) وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَادِيَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِنْ الْحَامِلِ يُجْمَعُ فِي وِعَاءٍ عِنْدَ وَضْعِ الْوَلَدِ أَوْ السِّقْطِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ هُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ وَسَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ الْحَمْلِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا غَلَبَةً فَهُوَ فِي حُكْمِ السَّلَسِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ وَأَرَى أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ نَفْيُهُ أَيْ نَفْيُ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ فَإِنْ لَازَمَ الْمَرْأَةَ وَخَافَتْ خُرُوجَ الْوَقْتِ صَلَّتْ بِهِ. (بَابٌ) لَمَّا أَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَى كِتَابِ الطَّهَارَةِ الَّذِي أَوْقَعَ الْبَابَ مَوْقِعَهُ إذْ هِيَ آكَدُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ اتَّبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمُبْطِلَاتِهَا وَتَرْجَمَ عَنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِبَابٍ مَكَانَ تَرْجَمَةِ غَيْرِهِ عَنْهَا بِكِتَابٍ وَحَذَفَ الْمُتَرْجَمَ لَهُ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْبَابُ فَلَمْ يَقُلْ بَابُ الصَّلَاةِ كَقَوْلِ غَيْرِهِ كِتَابُ الصَّلَاةِ اخْتِصَارًا وَالصَّلَاةُ لُغَةً الدُّعَاءُ وَبِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ فَمُفَادُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سِتُّونَ فَالْجَمِيعُ نِفَاسٌ وَاحِدٌ وَلَا اسْتِئْنَافَ (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ دَفْعَةً مَعْنَاهُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَفْعَةً بَلْ وَإِنْ دَفْعَةً (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ يُسْأَلُ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا فِي الْإِرْشَادِ) أَيْ يَقُولُ تُعَوِّلُ عَلَى عَادَتِهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَضَعَتْ إلَخْ) قَالَ فِي ك يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَ الْوَضْعِ قَبْلَ تَمَامِ السِّتِّينَ مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ كَحُكْمِ وِلَادَتِهَا بَعْدَ تَمَامِ السِّتِّينَ فَتَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا. (تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَهُمَا حَمْلَانِ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَمْلٌ وَاحِدٌ فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إلَّا بِوَضْعِ الثَّانِي، وَفَائِدَةُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مَعَ شَغْلِ بَطْنِهَا حَرَامٌ عَدَمُ لُحُوقِ الثَّانِي بِمَنْ لَحِقَ بِهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَتُلَفِّقُ) مَحَلُّ التَّلْفِيقِ مَا لَمْ يَجْرِ الدَّمُ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ حَيْضًا (قَوْلُهُ التُّونِسِيُّ) بَدَلٌ مِنْ ابْنِ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافٌ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَقْرَأُ (فَإِنْ قُلْت) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قُلْت) تَكْرَارُ الْحَيْضِ وَنَدُورُ النِّفَاسِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هُوَ الْوِعَاءُ) أَيْ الْوِعَاءُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ الْحَمْلِ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ عِنْدَ صَيْرُورَتِهِ عَلَقَةً فَمَا بَعْدَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَوَّلِيَّةِ أَوْ الْوَسَطِ لَا يَكُونُ إلَّا سَقْطًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَكَلَامِ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إلَخْ) كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ السَّلَسِ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّلَسَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يُلَازِمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِ السَّلَسِ أَيْ أَنَّهُ فِي حُكْمِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقُلْ فَهُوَ مِنْ السَّلَسِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَيْ خَارِجٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَيْ لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ الْمُتَكَرِّرَةُ كُلَّ وَقْتٍ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُعْتَادٌ لِلْحَوَامِلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَازَمَ الْمَرْأَةَ) أَيْ سَاعَةَ نُزُولِهِ. [بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار] (قَوْلُهُ: لَمَّا أَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَى كِتَابِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَصْلَ التَّعْبِيرِ بِكِتَابٍ إمَّا لِأَنَّهُ طَرِيقَةُ الْأَوَائِلِ فَتُتَّبَعُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلُّ بَابٍ يُقْصَدُ بِالذَّاتِ بِحَيْثُ يَصِحُّ أَنْ يُفْرَدَ عَلَى حِدَةٍ نَاسَبَ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِكِتَابٍ (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ آكَدُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَكْمَلَ بِمُلَاحَظَةِ قَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَمَّا أَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى بَقِيَّةٍ (قَوْلُهُ: عَنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ) أَيْ عَنْ دَالِّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ الْقَضَايَا لِأَنَّ مُسَمَّى التَّرَاجِمِ الْأَلْفَاظُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ لُغَةً الدُّعَاءُ) أَيْ وَبِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الرَّحْمَةِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَتُسْتَعْمَلُ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت إلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لِأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ» ، فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ أُمِرْت لِأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَ وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُرْبَةٌ فِعْلِيَّةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ أَوْ سُجُودٍ فَقَطْ فَيَدْخُلُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ اهـ. وَافْتَتَحَ الْمُؤَلِّفُ كِتَابَ الصَّلَاةِ بِوَقْتِهَا لِأَنَّهُ إمَّا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَوُجُوبِهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ سَبَبٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ خِطَابِ الْمُكَلَّفِ بِالصَّلَاةِ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ خِطَابِ الْمُكَلَّفِ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِتَأْخِيرِهِ الشُّرُوطَ عَنْهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ ثُمَّ ذَكَرَ الشُّرُوطَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: شَرْطٌ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ هَلْ سَتْرٌ عَوْرَتِهِ إلَخْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ شَرْطًا لَصَرَّحَ بِشَرْطِيَّتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَوَاقِي وَمَعْرِفَتُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْقَرَافِيِّ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَفَرْضُ عَيْنٍ عِنْدَ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ دُخُولَ الْوَقْتِ (ص) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ لِآخِرِ الْقَامَةِ (ش) بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِبَيَانِ الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ وَبَدَأَ مِنْهُ بِاخْتِيَارَيْهِ وَبَدَأَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالظُّهْرِ لِأَنَّهَا «أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ» وَالْمَعْنَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ مَيْلِ قُرْصِ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ بِأَنْ يُقَامَ عُودٌ مُسْتَقِيمٌ فَإِنْ تَنَاهَى الظِّلُّ فِي النُّقْصَانِ وَشَرَعَ فِي الزِّيَادَةِ فَذَلِكَ وَقْتُ الزَّوَالِ وَيَنْتَهِي آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ الْمُخْتَارُ لِآخِرِ الْقَامَةِ وَقَامَةُ الْإِنْسَانِ سَبْعَةُ أَقْدَامٍ بِقَدَمِ نَفْسِهِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِهِ (ص) بِغَيْرِ ظِلِّ   [حاشية العدوي] أَيْ أَبِي أَوْفَى نَفْسِهِ فَآلٌ زَائِدَةٌ وَبِمَعْنَى الدُّعَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أَيْ اُدْعُ لَهُمْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سُجُودٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا عَطْفًا عَلَى ذَاتٍ وَأَنْ يَكُونَ مَخْفُوضًا عَطْفًا عَلَى إحْرَامٍ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَوْلُهُ: فَقَطْ كَلِمَةٌ تُذْكَرُ لِلِانْتِهَاءِ عَنْ الزِّيَادَةِ وَهِيَ اسْمُ فِعْلٍ أَيْ انْتَهِ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى لَفْظِ السُّجُودِ وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ دُخُولُ الْفَاءِ عَلَيْهَا إمَّا لِأَنَّهَا جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَإِمَّا زَائِدَةٌ وَإِمَّا عَاطِفَةٌ (فَإِنْ قُلْت) لِمَ لَمْ يَقُلْ وَحْدَهُ (قُلْت) كَلِمَةُ فَقَطْ أَخْصَرُ (قَوْلُهُ: فَدَخَلَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ سُجُودٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي قَوْلِهِ ذَاتُ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ أَوْ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ الْمُمْتَنِعِ كَوْنُهُ فِي الْحُدُودِ بَلْ هِيَ لِلتَّنْوِيعِ وَقَوْلُهُ ذَاتُ إحْرَامٍ لَا إلَخْ يُنَافِي أَنَّهَا ذَاتُ شَيْءٍ آخَرَ كَالدُّعَاءِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَامِلٍ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ ذَاتُ دُعَاءٍ أَيْضًا ثُمَّ نَقُولُ أَرَادَ بِعَدَمِ الْإِحْرَامِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَكْبِيرَةٌ زَائِدَةٌ مُقْتَرِنَةٌ بِنِيَّتِهَا غَيْرُ تَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ وَإِلَّا فَالنِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّقَانِيِّ عَلَى نَقْلِ الْفِيشِيِّ وَتَكْبِيرَةُ الْهُوِيِّ لَا بُدَّ مِنْهَا بِمَعْنَى أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ (فَإِنْ قُلْت) مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ الْعَاجِزُ عَنْ النُّطْقِ فِعْلُهُمَا وَقُرْبَتُهُمَا صَلَاةٌ وَلَمْ تُوجَدْ خَاصِّيَّةُ الْمَحْدُودِ (قُلْت) الصَّوَابُ أَنْ يُزَادَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْخَوَاصِّ اللَّازِمَةِ، وَالسَّلَامُ فِي الصَّلَاةِ لَازِمٌ وَفِي الْحَجِّ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) وَعَبَّرَ غَيْرُهُ بِالصَّحِيحِ أَيْ لِصِدْقِ حَدِّ السَّبَبِ عَلَيْهِ أَيْ سَبَبٍ فِي الْوُجُوبِ وَشَرْطٍ فِي الصِّحَّةِ، وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. (فَائِدَةٌ) الصَّلَاةُ قَالَ النَّوَوِيُّ الْأَشْهَرُ الْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الصَّلَوَيْنِ بِفَتْحِ الصَّادِ، وَاللَّامِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي الرِّدْفِ عَنْ يَمِينِ الذَّنَبِ وَشِمَالِهِ يَنْحَنِيَانِ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ وَلِذَلِكَ كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِالْوَاوِ وَقِيلَ: إنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ صَلَيْت الْعُودَ إذَا قَوَّمْتُهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَحْمِلُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَتَرُدُّ عَنْ الْمَعْصِيَةِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] وَقِيلَ: إنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا تَصِلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَخَالِقِهِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُدْنِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَتُقَرِّبُهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَحَقَّقَ) أَيْ يَجْزِمَ بِدُخُولِهِ أَيْ فَمَنْ قَالَ فَرْضُ عَيْنٍ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا إذَا جَزَمَ بِدُخُولِهِ وَلَوْ مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْرِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ يَكْفِي فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ وَيَأْتِي هَذَا الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: الْوَقْتُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ الْمُقَدَّرِ لِلْعِبَادَاتِ لَا الْمُقَدَّرِ لِغَيْرِهَا مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ مُطَالَعَةٍ، فَإِنَّهَا وَقْتٌ عَادِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَقْتَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّوْقِيتِ وَهُوَ التَّحْدِيدُ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الزَّمَانِ فَكُلُّ وَقْتٍ زَمَانٌ وَلَيْسَ كُلُّ زَمَنٍ وَقْتًا، وَالزَّمَانُ لُغَةً الْمُدَّةُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَاصْطِلَاحًا مُقَارَنَةُ مُتَجَدِّدٍ مَوْهُومٍ لِمُتَجَدِّدٍ مَعْلُومٍ إزَالَةً لِلْإِيهَامِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إذَا اقْتَرَنَ خَفِيٌّ بِجَلِيٍّ سُمِّيَ الْجَلِيُّ زَمَانًا نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَقِيلَ الزَّمَانُ مِقْدَارُ حَرَكَةِ الْفَلَكِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا، وَأَمَّا اللَّيْلُ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ إلَخْ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِكْمَةِ الْأَوَّلِيَّةِ احْتِيَاجُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى تَعْلِيمِ جِبْرِيلَ لِكَيْفِيَّتِهَا، وَالتَّعْلِيمُ فِي أَظْهَرِ الْأَوْقَاتِ أَظْهَرُ وَأَبْلَغُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَامَ عُودٌ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ وَيُصَوِّرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَرَعَ فِي الزِّيَادَةِ) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بَيِّنَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ نَقَصَ الظِّلُّ، فَإِذَا وَصَلَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ كَمُلَ نُقْصَانُهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ وَقَدْ لَا تَبْقَى وَذَلِكَ بِمَكَّةَ وَزُبَيْدٍ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَالْآخَرُ قَبْلَهُ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَبِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ يَوْمٌ فِي السَّنَةِ وَهُوَ أَطْوَلُ يَوْمٍ فِيهَا، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ بِجَانِبِ الْمَغْرِبِ حَدَثَ الْفَيْءُ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَزَادَ إنْ كَانَ وَتَحَوَّلَ لِجِهَةِ الْمَشْرِقِ فَحُدُوثُهُ أَوْ زِيَادَتُهُ هُوَ الزَّوَالُ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ سَالِبَةٌ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَيَدْخُلُ الْإِقْلِيمُ الَّذِي لَا ظِلَّ لِلزَّوَالِ كَالْإِقْلِيمِ الَّذِي فِي خَطِّ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ) أَيْ الَّذِي أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِيهِ إلَى خِيرَةِ الْمُكَلَّفِ أَيْ أَنَّ الْمُكَلَّفَ مُخَيَّرٌ فِي إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي أَيِّ جَزْءٍ مِنْهُ مَعَ التَّوْسِعَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْجِيرٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: سَبْعَةُ أَقْدَامٍ) هَذَا هُوَ الْأَجْوَدُ وَقِيلَ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَثُلُثَا قَدَمٍ وَقِيلَ سِتَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الزَّوَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّلَّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَا اعْتِدَادَ بِهِ فِي الْقَامَةِ بَلْ يُعْتَبَرُ ظِلُّ الْقَامَةِ مُفْرَدًا عَنْ الزِّيَادَةِ فَقَوْلُهُ لِلظُّهْرِ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ وَلِآخِرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْخَبَرُ وَبِغَيْرِ حَالٍ مِنْ ضَمِيرٍ مُتَعَلِّقِ الْخَبَرِ أَيْ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ كَائِنٌ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا لِلظُّهْرِ كَائِنٌ لِآخِرِ الْقَامَةِ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ أَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ يُسَمَّى ظِلًّا وَهُوَ مُرْتَضَى النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا يُسَمَّى فَيْئًا وَمَا قَبْلَهُ ظِلٌّ فَقَطْ. (ص) وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلِاصْفِرَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ آخِرَ الْقَامَةِ بِعَيْنِهِ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ الْمُخْتَارِ إلَى الِاصْفِرَارِ فِي الْأَرْضِ وَالْجُدُرِ وَهُوَ وَقْتُ التَّطْفِيلِ أَيْ مَيْلُ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ وَمِنْهُ طَفَّلَ اللَّيْلُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَقْبَلَ ظَلَامُهُ لَا فِي عَيْنِ الشَّمْسِ إذْ لَا تَزَالُ نَقِيَّةً حَتَّى تَغْرُبَ (ص) وَاشْتَرَكَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا وَهَلْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى أَوْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَإِذَا كَانَ آخِرُ الْقَامَةِ هُوَ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ لَزِمَ قَطْعًا حُصُولُ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا لَكِنْ اُخْتُلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُشَارَكَةِ لِمَنْ هِيَ مِنْهُمَا هَلْ لِلْعَصْرِ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ أَوْ لِلظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ بِقَدْرِهَا وَشَهَرَهُ سَنَدٌ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ خِلَافٌ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ فِيمَا لَوْ أَوْقَعَ الظُّهْرَ فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ وَفِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فِيمَا لَوْ أَوْقَعَ الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى ثُمَّ فِي قَوْلِهِ وَاشْتَرَكَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا إشْعَارٌ بِأَنَّ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ إنَّمَا يُدْرَكُ بِإِيقَاعِ جَمِيعِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُمَا الشَّارِحُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ مَا يُوَافِقُهُ وَمُخْتَارُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ كَالضَّرُورِيِّ. (ص) وَلِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ   [حاشية العدوي] أَقْدَامٍ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ: مُفْرَدًا عَنْ الزِّيَادَةِ) ، وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ مُفْرَدًا عَمَّا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ. (قَوْلُهُ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ) نَاظِرٌ لَهُ بَعْدَ حَذْفِ الْمُتَعَلِّقِ وَتَحَمَّلَ الْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ الضَّمِيرَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مُتَعَلِّقِ الْخَبَرِ فَنَاظِرٌ لَهُ قَبْلَ حَذْفِ الْمُتَعَلِّقِ إلَّا أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ قَدْ حُذِفَ فَمَا يَكُونُ إلَّا كَوْنُهُ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ لَا غَيْرُ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْخَبَرُ يُؤْذِنُ بِاتِّحَادِ مُتَعَلِّقٍ مِنْ زَوَالٍ وَلِآخِرِ الْقَامَةِ وَعِنْدَ الْبَيَانِ تَبَيَّنَ مِنْهُ أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ لِآخِرِ الْقَامَةِ غَيْرُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ قَالَ كَائِنٌ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ ثُمَّ قَالَ كَائِنٌ لِآخِرِ الْقَامَةِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا اتَّحَدَ اللَّفْظَانِ صَارَا بِمَثَابَةِ لَفْظٍ وَاحِدٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْمَجْرُورَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَبَرَ مَجْمُوعُ الْكَائِنَيْنِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَهُنَاكَ حَلٌّ أَسْهَلُ وَهُوَ أَنَّ الظُّهْرَ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَقْتِ أَوْ الْمُخْتَارِ وَهُوَ أَوْلَى وَقَوْلَهُ: مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ وَتُكْرَهُ الْإِقَامَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْآذَانِ قَوْلُهُ: لِآخِرِ الْقَامَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَانْتِهَاؤُهُ وَلِآخِرِ الْقَامَةِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لِآخِرِ ظِلِّ الْقَامَةِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى لِأَنَّ مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ يُقَابِلُهَا إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَالْغَايَةُ دَاخِلَةٌ وَأَلْ فِي الْقَامَةِ لِلْجِنْسِ أَيْ لِآخِرِ جِنْسِ كُلِّ قَامَةٍ تُفْرَضُ (قَوْلُهُ: كَمَا يُسَمَّى فَيْئًا إلَخْ) مَعْنَى الظِّلِّ السِّتْرُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ أَنَا فِي ظِلِّك وَمِنْهُ ظِلُّ الْجَنَّةِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَيْئًا لِأَنَّهُ ظِلٌّ فَاءَ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ أَيْ رَجَعَ، وَالْفَيْءُ الرُّجُوعُ وَمُقَابِلُهُ مَا ارْتَضَاهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ فَمَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ ظِلٌّ وَمَا بَعْدَهُ فَهُوَ فَيْءٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ آخِرَ الْقَامَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَصْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الظُّهْرِ فَيَكُونُ فِيهِ إيمَاءٌ إلَى تَرْجِيحِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَلِذَلِكَ أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَقَالَ هُوَ الْأَرْجَحُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَمِنْ عِبَارَةِ الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ حُكِيَ الْخِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَلِكَ وَقْتُ الِاشْتِرَاكِ، فَإِذَا بَيَّنَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَكَا (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَكَا بِقَدْرِ إلَخْ) أَيْ بِقَدْرِ فِعْلِ إحْدَاهُمَا إنْ سَفَرِيَّتَيْنِ فَسَفَرِيَّتَيْنِ وَإِنْ حَضَرِيَّتَيْنِ فَحَضَرِيَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ اُخْتُلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ يَحْتَمِلُ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِذَا كَانَ آخِرَ الْقَامَةِ نَصٌّ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ دُخُولُ الْعَصْرِ عَلَى الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: فِي الْمُشَارَكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الِاشْتِرَاكِ أَيْ لَكِنْ اُخْتُلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُشَارَكَةِ أَهِيَ لِمَنْ هِيَ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ هَلْ لِلْعَصْرِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِمَنْ هِيَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: هَلْ لِلْعَصْرِ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى) وَعَلَى هَذَا فَهَذَا الْوَقْتُ ضَرُورِيٌّ لِلْعَصْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى اخْتِيَارِيِّهَا وَهَلْ ثَمَرَةُ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا أَنَّهُ يَحْرُمُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ لَا وَانْظُرْ عَلَى هَذَا مَا ثَمَرَةُ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: أَوْ لِلظُّهْرِ إلَخْ) وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ أَوَّلُ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ اخْتِيَارِيًّا لِلظُّهْرِ وَإِلَى مَا قُلْنَا يُشِيرُ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ إلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: إشْعَارٌ إلَخْ) لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ الْإِشْعَارُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى أَوْ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَصَادِقٌ بِأَنْ تُوقَعَ فِيهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضُهَا أَمْرٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ) أَيْ الشَّارِحُ فَقَدْ قَالَ مَا نَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ آثِمًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي نَحْوُهُ فِي الْعِشَاءَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ لِلشَّفَقِ وَهُوَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الشَّفَقِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْعِشَاءَ تَدْخُلُ عَلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْمَغْرِبَ تَدْخُلُ عَلَى الْعِشَاءِ فَيَكُونُ بِمِقْدَارِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَغْرِبِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلظُّهْرِ، وَقَوْلُهُ غُرُوبِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ زَوَالٍ، وَالْمَعْنَى الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلْمَغْرِبِ مِنْ غُرُوبِ قُرْصِ الشَّمْسِ إلَى انْتِهَاءِ وَقْتٍ يُحَصِّلُهَا وَشُرُوطُهَا وَقَوْلُهُ يُقَدَّرُ حَالٌ إشَارَةً إلَى انْتِهَاءِ الْوَقْتِ إذْ غُرُوبُ الشَّمْسِ صَادِقٌ بِهَذَا وَبِأَزْيَدَ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 شُرُوطِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ ابْتِدَاءً الْمُخْتَارِ لِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ عَمَّنْ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ فِي الْعَيْنِ الْحَمِئَةِ وَيُقْبَلُ السَّوَادُ مِنْ الْمَشْرِقِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَغِيبِهَا عَمَّنْ فِي الْأَرْضِ خَلْفَ الْجِبَالِ بَلْ الْمُعْتَمَدُ دَلِيلًا عَلَى غَيْبُوبَتِهَا إقْبَالُ الظُّلْمَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» وَلَا يَضُرُّ أَثَرُ الْحُمْرَةِ وَلَا بَقَاءُ شُعَاعِهَا فِي الْجُدْرَانِ وَيَنْتَهِي مُخْتَارُ الْمَغْرِبِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَسَعُ شُرُوطَهَا مِنْ طَهَارَتَيْ خَبَثٍ وَحَدَثٍ كُبْرَى وَصُغْرَى مَائِيَّةٍ وَتُرَابِيَّةٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَاسْتِقْبَالِ قِبْلَةٍ وَيُزَادُ عَلَى شُرُوطِهَا الْآذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَيَجُوزُ لِمُحَصِّلِ الشُّرُوطِ التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ تَحْصِيلِهَا أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحَصِّلٍ لَهَا وَلَوْ قَالَ وَلِلْمَغْرِبِ قَدْرُ مَا يَسَعُ فِعْلَهَا وَشُرُوطَهَا وَأَذَانًا وَإِقَامَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ أَنَّ الْمُحَصِّلَ لِلشُّرُوطِ لَهُ التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ تَحْصِيلِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا لَهَا وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ. (ص) وَلِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ الْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ بَقَايَا شُعَاعِ الشَّمْسِ مُمْتَدٌّ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إلَى النِّصْفِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْبَيَاضِ الْبَاقِي فِي نَاحِيَةِ الْغُرُوبِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْبَيَاضُ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ عَنْ غُرُوبٍ وَحُمْرَةِ الشَّفَقِ ابْنُ نَاجِي وَنَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَ مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَا أَعْرِفُهُ (ص) وَلِلصُّبْحِ مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِلصُّبْحِ مِنْ حِينِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ مُمْتَدٌّ إلَى الْإِسْفَار الْأَعْلَى وَهُوَ الَّذِي تَتَرَاءَى فِيهِ الْوُجُوهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَمَّنْ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ) أَيْ بِحَيْثُ إنَّ مَنْ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ لَا يَرَاهَا (قَوْلُهُ: فِي الْعَيْنِ الْحَمِئَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِغُرُوبٍ أَيْ غُرُوبِ جَمِيعِ الْقُرْصِ فِي الْعَيْنِ الْحَمِئَةِ أَيْ ذَاتِ الْحَمْأَةِ وَهِيَ الطِّينُ الْأَسْوَدُ أَيْ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ الْأَرْضِ فَهِيَ قَدْرُهَا مِائَةَ مَرَّةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ مَرَّةً وَثُلُثًا (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَغِيبِهَا) أَيْ لَا يُعَوَّلُ وَلَا يُعْتَمَدُ مَنْ فِي الْأَرْضِ عَلَى مَغِيبِهَا خَلْفَ الْجِبَالِ بَلْ لَا يُعْتَمَدُ إلَّا عَلَى إقْبَالِ الظُّلْمَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَاهُنَا) وَأَشَارَ إلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ: وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا) وَأَشَارَ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) أَيْ فَقَدْ حَلَّ فِطْرُهُ (قَوْلُهُ: حَدَثٌ كُبْرَى وَصُغْرَى) وَكَذَا التَّصْرِيحُ بِصُغْرَى وَكُبْرَى فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ وَعِجْ فَإِذَنْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ صُغْرَى، فَإِذَا كَانَتْ الْكُبْرَى قَائِمَةً بِهِ يُقَدَّرُ لَهُ بِحَسَبِهَا وَكَذَلِكَ الصُّغْرَى، وَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ التُّرَابِ يُقَدَّرُ لَهُ بِحَسَبِ التُّرَابِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا مُغْتَسِلًا يُقَدَّرُ لَهُ بِمِقْدَارِ الْكُبْرَى فَلَوْ كَانَ مُغْتَسِلًا غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ يُقَدَّرُ لَهُ مِقْدَارُ الصُّغْرَى كَمَا قَرَّرْنَا. (فَإِنْ قُلْت) يُقَدَّرُ لَهُ مِقْدَارُ الْكُبْرَى لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ (قُلْنَا) لَوْ قَدَّرْنَا لَهُ مِقْدَارَ الْكُبْرَى لَاسْتَغْنَى عَنْ مِقْدَارِ الصُّغْرَى لِانْدِرَاجِهَا فِيهِ كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ صُغْرَى وَكُبْرَى فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ صُغْرَى أَوْ كُبْرَى (فَإِنْ قُلْت) بَلْ يُقَدِّرُهُمَا مَعًا لِاتِّسَاعِ الزَّمَنِ (قُلْنَا) لَا وَجْهَ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْكُبْرَى تُغْنِي عَنْ الصُّغْرَى فَإِذَنْ الْوَقْتُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُصَلِّينَ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمُلَخَّصُ مَا يُفِيدُهُ لَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْأَبِيِّ اعْتِبَارُ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مُطْلَقًا كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ كَانَ فَرْضُهُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ أَوْ التَّيَمُّمَ فَالْوَقْتُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُصَلِّينَ، وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ آخِرِ وَقْتِهَا آخِرَ مَا يَسَعُهُ بِغُسْلِهَا وَلَفْظُ الْأَبِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَمْتَدُّ فَيُزَادُ عَلَى قَدْرِ مَا يَسَعُهَا مِقْدَارُ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ وَلَا يَجِبُ قَبْلَ الْوَقْتِ اهـ. وَالْمُرَادُ مِنْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ، وَالْخَبَثِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمُعْتَادِ لِغَالِبِ النَّاسِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَطْوِيلُ مُوَسْوِسٍ وَلَا تَخْفِيفُ مُسْرِعٍ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ كَذَا اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ قَالَ عج وَيُرَاعَى قَدْرُ الِاسْتِبْرَاءِ الْمُعْتَادِ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَطُولَ اسْتِبْرَاؤُهُ بِحَيْثُ لَوْ بَالَ عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَتِمَّ اسْتِبْرَاؤُهُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا مَعَ الْحَقْنِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبُولَ وَيَسْتَبْرِئَ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَتِهِ الْحَدَثَ وَلَكِنْ لَا يَأْتِي مَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ فَرَائِضِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ حُرْمَةِ بَوْلِهِ حِينَئِذٍ اهـ. وَمُفَادُ عج حَيْثُ قَالَ اُحْتِيجَ لَهُ أَنَّ الْوَقْتَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالظَّاهِرُ إسْقَاطُهَا وَأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ كَمَا أَنَّ الطَّهَارَةَ مُعْتَبَرَةٌ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ غُرُوبُ الشَّمْسِ إلَخْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِيمِينَ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُونَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمُدُّوا الْمِيلَ وَنَحْوَهُ ثُمَّ يَنْزِلُونَ وَيُصَلُّونَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الثَّانِي مَا ذُكِرَ مِنْ وَقْتِهَا إنَّمَا هُوَ وَقْتُ افْتِتَاحِهَا لِقَوْلِ سَنَدٍ أَمَّا وَقْتُ امْتِدَادِهَا فَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ امْتِدَادِهَا إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَلَا يَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ لِمَا بَعْدَ الشَّفَقِ إجْمَاعًا وَيَجُوزُ مَا دَامَ الشَّفَقُ إجْمَاعًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوز التَّطْوِيلُ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ الثَّالِثُ: يُنْدَبُ تَقْدِيمُ شُرُوطِ الْمَغْرِبِ عَلَى وَقْتِهَا (فَائِدَةٌ) إنَّمَا سُمِّيَتْ الْمَغْرِبُ مَغْرِبًا لِإِيقَاعِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْعِشَاءِ إلَخْ) اشْتِقَاقُهَا مِنْ الْعَشِيِّ وَهُوَ ضَعْفُ الْبَصَرِ لِوُجُودِ ذَلِكَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: حُمْرَةُ الشَّفَقِ) قَالَ فِي الطِّرَازِ لَا يَخْتَلِفُ أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الِاخْتِيَارِيَّ لَا يَكُونُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ الَّذِي هُوَ الْحُمْرَةُ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ إضَافَةَ حُمْرَةٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَفِي شب مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ: لِلثُّلُثِ) أَيْ لِانْتِهَائِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلصُّبْحِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الصَّبَاحِ وَهُوَ أَوَّلُ النَّهَارِ أَوْ مِنْ الْحُمْرَةِ الَّتِي فِيهِ كَصَبَاحَةِ الْوَجْهِ لِحُمْرَةٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِلْإِسْفَارِ) أَيْ لِدُخُولِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى، وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي تَتَرَاءَى فِيهِ الْوُجُوهُ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْبَصَرُ الْمُتَوَسِّطُ فِي مَحَلٍّ لَا سَقْفَ فِيهِ وَلَا غِطَاءَ كَمَا قَالَ عج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وَالْإِسْفَارُ الظُّهُورُ وَالْأَعْلَى الْبَيِّنُ الْوَاضِحُ وَاحْتُرِزَ بِالصَّادِقِ وَهُوَ الْمُسْتَطِيرُ بِالرَّاءِ أَيْ الْمُنْتَشِرِ مِنْ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ لِتَغْرِيرِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ بِاللَّامِ لِصُعُودِهِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الطَّيْلَسَانِ وَيُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ بِكَسْرِ السِّينِ الذِّئْبُ وَالْأَسَدُ لِظُلْمَةِ لَوْنِهِ وَبَيَاضِ بَاطِنِ ذَنَبِهِ وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْمُحْلِفَ كَأَنَّ حَالِفًا يَحْلِفُ لَطَلَعَ الْفَجْرُ وَآخَرَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ (ص) وَهِيَ الْوُسْطَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى فِي قَوْله تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] هِيَ الصُّبْحُ خُصَّتْ بِالتَّأْكِيدِ لِتَضْيِيعِ النَّاسِ لَهَا بِنَوْمِهِمْ عَنْهَا وَعَجْزِهِمْ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الْوُسْطَى تَأْنِيثُ الْأَوْسَطِ بِمَعْنَى الْمُخْتَارِ، وَالْأَفْضَلُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَقَالَ تَعَالَى {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: 28] وَمَعْلُومٌ فَضْلُ الصُّبْحِ وَقَدْ تَفْضُلُ مَصْلَحَةُ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ كَالْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ وَالْوِتْرِ عَلَى الْفَجْرِ وَاَللَّهُ يُفَضِّلُ مَا يَشَاءُ عَلَى مَا يَشَاءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا وَسَطُ الصَّلَوَاتِ أَوْ بِمَعْنَى التَّوَسُّطِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّهَا بَيْنَ نَهَارِيَّتَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ يُجْمَعَانِ وَلَيْلَتَيْنِ كَذَلِكَ وَهِيَ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَقِيلَ هِيَ الْعَصْرُ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ وَمَا مِنْ صَلَاةٍ إلَّا قِيلَ إنَّهَا الْوُسْطَى. (ص) وَإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ بِلَا أَدَاءً لَمْ يَعْصِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ الِاخْتِيَارِيُّ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ أَدَائِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ آثِمًا سَوَاءٌ ظَنَّ الصِّحَّةَ أَمْ لَا إلَّا إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ لِأَنَّ الْوَقْتَ الْمُوَسَّعَ صَارَ فِي حَقِّهِ مُضَيَّقًا فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفِعْلِ قَالَهُ السَّنْهُورِيُّ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ وَلَمْ يَمُتْ وَأَوْقَعَهَا فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ آثِمًا وَالنَّقْلُ أَنَّهُ آثَمُ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى ظَنِّهِ لَكِنَّهَا أَدَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا قَضَاءٌ عَمَلًا بِمَا فِي ظَنِّهِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ فَالْمُرَادُ بِالْوَسَطِ الْأَثْنَاءُ وَيَجُوزُ فِيهِ تَحْرِيكُ سِينِهِ وَتَسْكِينُهَا عَلَى مَا لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْإِسْفَارُ الظُّهُورُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى لِلظُّهُورِ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ أَيْ لِلظُّهُورِ الظَّاهِرِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَالْإِسْفَارُ الضَّوْءُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لِلضَّوْءِ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ أَيْ الَّذِي لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِتَغْرِيرِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ الْكَاذِبِ (قَوْلُهُ: كَبِدِ) أَيْ وَسَطِ (قَوْلُهُ: كَهَيْئَةِ الطَّيْلَسَانِ) أَيْ فِي الطُّولِ (قَوْلُهُ: الذِّئْبُ، وَالْأَسَدُ) أَيْ فَيَكُونُ السِّرْحَانُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الذِّئْبِ، وَالْأَسَدِ (قَوْلُهُ لِظُلْمَةِ لَوْنِهِ) أَيْ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ جُرْمٌ مُظْلِمٌ مُمْتَدٌّ وَلَهُ ذَنَبٌ وَظَاهِرُهُ أَسْوَدُ وَبَاطِنُهُ أَبْيَضُ وَأَنَّ ذَنَبَ السِّرْحَانِ أَسْوَدُ وَآخِرَ بَاطِنِهِ أَبْيَضُ وَأَنَّ الْأُسُودَ، وَالذِّئَابَ كُلَّهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ غَالِبَهَا، وَالظَّاهِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ نَفْسُ الْبَيَاضِ الْمُمْتَدِّ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ اتِّسَاعٌ (قَوْلُهُ: وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْمُحَلِّفَ) أَيْ لِأَنَّهُ يَبْعَثُ النَّاسَ عَلَى الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: الْوُسْطَى إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْوُسْطَى بِمَعْنَى الْفُضْلَى (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَفْضُلُ) أَيْ وَلَا غَرَابَةَ لِأَنَّهُ قَدْ تَفْضُلُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ) الْأَوْلَى فَلَيْسَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْنَى) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَعْنَى الْمُخْتَارِ وَكَأَنَّهُ قَالَ حَافِظُوا عَلَى الْمُتَوَسِّطَةِ أَيْ لِأَجْلِ فَضْلِهَا وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ أَوْ بِمَعْنَى التَّوَسُّطِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: الْمُتَوَسِّطَ بِالْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ بِحَسَبِ مَا أُسِّسَ مِنْ الْقَوَاعِدِ فَقَدْ قَالَ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَصَارَ مَذْهَبُهُ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَمَذْهَبُهُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَنَّهَا الصُّبْحُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ بِأَنَّهَا الْعَصْرُ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ فَضْلُ الصُّبْحِ، فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّ فَضْلَ الصُّبْحِ الَّذِي تَمَيَّزَتْ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا يُنْكِرُهُ وَمُقْتَضَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا الْعَصْرُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ بَلْ الْعَصْرُ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ وَعَلَى أَنَّ الْعَصْرَ هِيَ الْوُسْطَى، فَإِنْ قُلْنَا بِمَعْنَى الْفُضْلَى فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ قُلْنَا الْمُتَوَسِّطَةُ فَلِأَنَّهَا تَوَسَّطَتْ بَيْنَ نَهَارِيَّتَيْنِ وَلَيْلِيَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَا مِنْ صَلَاةٍ) أَيْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ قِيلَ: إنَّهَا الظُّهْرُ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ وَقِيلَ الْعِشَاءُ وَقِيلَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَقِيلَ مُبْهَمَةٌ وَقِيلَ الصُّبْحُ، وَالْعَصْرُ وَقِيلَ الْجُمُعَةُ وَقِيلَ الْعِشَاءُ، وَالصُّبْحُ وَقِيلَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ صَلَاةُ الْخَوْفِ وَقِيلَ صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى وَقِيلَ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ وَقِيلَ الْوِتْرُ وَقِيلَ صَلَاةُ الضُّحَى وَقِيلَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَزْمُ عَلَى الْأَدَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) يَقْتَضِي أَنَّ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ يُوجِبُ الْإِثْمَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِلْحَطَّابِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَأْثَمُ) أَيْ إثْمٌ كَبِيرٌ لِكَوْنِهِ تَرَكَ صَلَاةً مِنْ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ السَّنْهُورِيُّ) أَيْ الشَّيْخُ عَلِيٌّ أَيْ الَّذِي هُوَ شَيْخُ أَبِي الْحَسَنِ شَارِحِ الرِّسَالَةِ وَشَيْخُ تت، وَأَمَّا الشَّيْخُ سَالِمٌ فَيُشِيرُ إلَيْهِ بس (قَوْلُهُ: وَيُفْهَمُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: وَإِذَا مَاتَ فَجَعَلَ الْمَوْضُوعَ الْمَوْتَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا أَدَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهَا أَدَاءً أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِغَيْرِهِ فِيمَنْ شَارَكَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَمُقَابِلُ الْجُمْهُورِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ قَالَ قَضَاءً نَظَرًا لِمَا اقْتَضَى الضِّيقَ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْوَسَطِ الْأَثْنَاءُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَمَاتَ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَسَطِ حَقِيقَتَهُ، وَالْأَثْنَاءُ شَامِلٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخِلَالُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ فِي الْأَثْنَاءِ التَّوَسُّطُ فَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْخِلَالِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ) أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَهُ خَالَفَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ يَتَعَيَّنُ التَّحْرِيكُ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ عَلَى مَا أَفَادَهُ عج وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الصِّحَاحِ نَصَّ عَلَى الْأَمْرَيْنِ السُّكُونِ، وَالْفَتْحِ وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَنَّ وَسَطَ بِالسُّكُونِ ظَرْفٌ وَبِالتَّحْرِيكِ اسْمٌ وَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ ظَرْفٌ مُلَازِمٌ لِلظَّرْفِيَّةِ لَا يَتَصَرَّفُ وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَّهُ ظَرْفٌ مُتَصَرِّفٌ وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ مَذْهَبِنَا أَنَّ ظَنَّ بَاقِي الْمَوَانِعِ مِنْ حَيْضٍ وَجُنُونٍ وَنِفَاسٍ لَيْسَ كَظَنِّ الْمَوْتِ وَالْفَرْقُ أَنَّ غَيْرَ الْمَوْتِ قَدْ يَزُولُ فِي الْوَقْتِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ وَلَوْ مَعَ ظَنِّهِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ مَعَ الْمَوْتِ (ص) وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَوَاتِ صُبْحًا أَوْ ظُهْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا فِي صَيْفٍ أَوْ شِتَاءٍ فِي أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِهِ وَتَمَكُّنِهِ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ الَّتِي لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا كَأَهْلِ الرَّبْطِ مِنْ غَيْرِ مُبَادَرَةٍ جِدًّا لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْخَوَارِجِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا الْإِتْيَانُ بِهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا لِلْفَذِّ وَلَوْ عَلَى التَّنَفُّلِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَفِعْلُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ الْفَرْضِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا بَادَرَ بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ فَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ فِي حَدِيثِ «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ وَقْتِهَا» أَمْرٌ نِسْبِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ (ص) وَعَلَى جَمَاعَةٍ آخِرَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَشْعَرَ بِهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا عَلَى تَأْخِيرِهَا مُنْفَرِدًا وَعَلَى تَأْخِيرِهَا جَمَاعَةً يَرْجُوهَا آخِرَهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَعَلَى جَمْعِهِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ مُضَافٌ إلَى ضَمِيرِ الْفَذِّ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ جَمَاعَةً آخِرَ الْوَقْتِ أَنْ يُعِيدَهَا مَعَهَا لِأَنَّهُ بِالتَّقْدِيمِ حَصَلَ لَهُ فَضْلُهُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي مُغْنِيهِ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَلِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ   [حاشية العدوي] جِهَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ الظَّرْفُ يُقَالُ فِي مُنْفَصِلِ الْأَجْزَاءِ كَجَلَسْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَأَمَّا التَّحَرُّكُ فَيَكُونُ فِي مُتَّصِل الْأَجْزَاءِ كَالدَّارِ، وَالْوَقْتِ فَإِذَنْ يَقْرَأُ الْمَتْنَ بِالتَّحْرِيكِ لَا غَيْرُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ عج أَنْ ظَنَّ بَاقِي الْمَوَانِعِ الَّتِي طُرُوءُهَا يَسْقُطُ كَالْحَيْضِ كَذَلِكَ وَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ عَلِمَتْ بِمَجِيءِ الْحَيْضِ وَأَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَالِمَةً عَامِدَةً فَأَتَاهَا الْحَيْضُ بِحَيْثُ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ أَنَّهَا لَا تَقْضِي لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْإِثْمَ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ ظَنَّ بَاقِي الْمَوَانِعِ لَيْسَ كَظَنِّ الْمَوْتِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَنْتَظِرُ إلَخْ) ، وَأَمَّا الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ إلَخْ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهَا بِمَعْنَى التَّقْدِيمِ الْحَقِيقِيِّ لَا النِّسْبِيِّ وَقَوْلُهُ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَذَا يُنَافِي حِلَّهُ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْحِلَّ قَاضٍ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهَا أَيْ تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ التَّنَفُّلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الْآذَانِ فَالْأَفْضَلُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ وَجْهٌ آخَرُ يُفِيدُ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج ارْتَضَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مَعْنَاهُ تَقْدِيمُهَا تَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا فَلَا يَتَنَفَّلُ أَصْلًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَأَكُّدِ التَّنَفُّلِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَمْ لَا وَالْحَطَّابُ ارْتَضَى أَنَّهُ تَقْدِيمٌ نِسْبِيٌّ فَلَا يُنَافِي نَدْبَ تَقْدِيمِ النَّفْلِ عَلَى الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُبَادَرَةٍ جِدًّا لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْخَوَارِجِ) أَيْ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا لَا يَجُوزُ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: أَمْرٌ نِسْبِيٌّ) أَيْ مَعَ تَخْصِيصِهِ بِالظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمَا اللَّتَانِ يَنْتَقِلُ قَبْلَهُمَا دُونَ الْمَغْرِبِ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ قَبْلَ صَلَاتِهِ وَدُونِ الصُّبْحِ لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا إلَّا الْفَجْرَ، وَالْوِرْدَ بِشَرْطِهِ، وَالشَّفْعَ، وَالْوِتْرَ وَدُونَ الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ بِخُصُوصِيَّةِ النَّفْلِ قَبْلَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا مَرَضِيُّ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ) الْمُنَاسِبُ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى جَمَاعَةٍ آخِرُهُ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ التَّحَفُّظَ عَلَى الْجَمَاعَةِ مَطْلُوبٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمْعَ شُرِعَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فِي جَمْعِ الْعِشَاءِ لِلْمَطَرِ، فَإِذَا كَانَ يُصَلِّي مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَلَأَنْ يُؤَخِّرَ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ لِفَضْلِهَا أَوْلَى وَأَحْرَى وَأَيْضًا الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَضِيلَةٌ وَفِي الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَوْ اتَّفَقَ أَهْلُ حِصْنٍ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لَمْ يُقَاتَلُوا وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ قُوتِلُوا وَلِذَلِكَ قِيلَ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالصُّبْحِ وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ قَبْلَ الْإِسْفَارِ لِلْمُنْفَرِدِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً بَعْدَهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ أَنَّ الْإِسْفَارَ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ لِلصُّبْحِ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ حَرَامٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ أَفْضَلُ بَلْ تَكُونُ صَلَاتُهَا قَبْلَ الْإِسْفَارِ وَاجِبَةٌ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ يَمْتَدُّ لِلطُّلُوعِ وَلِذَا قَالَ مُحَشِّي تت أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ، وَالرِّوَايَةُ إنَّمَا هِيَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَرَدَّهُ وَعَلَى تَسْلِيمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ مُرَجِّحُ التَّأْخِيرِ كَرَجَاءِ الْمَاءِ، وَالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ أَوْ مُوجِبِهِ كَذِي نَجَاسَةٍ يَرْجُو مَا يُزِيلُهَا بِهِ عَنْ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَنْ بِهِ مَانِعُ الْقِيَامِ يَرْجُو زَوَالَهُ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فَصَلَاتُهُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ وَلَا مَانِعَ أَيْ فَيَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْفَضِيلَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا إلَّا فَضِيلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ إنَّ هَذَا يُقَيَّدُ بِمَا إذَا صَلَّى الْأُولَى جَازِمًا بِأَنَّهَا فَرْضُهُ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي مُغْنِيهِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلْجَمَاعَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْفَذِّ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الْأَفْضَلُ وَتَقْدِيمُ مَعْطُوفٍ عَلَى تَقْدِيمٍ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الْمُبْتَدَأُ فَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولِ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغَايُرَ بِالِاعْتِبَارِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّغَايُرِ بِالذَّاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 غَيْرِ الظُّهْرِ وَتَأْخِيرُهَا لِرُبْعِ الْقَامَةِ وَيُزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْجَمَاعَةِ الْمُنْتَظِرَةِ غَيْرَهَا تَقْدِيمُ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ كَالْمُنْفَرِدِ وَتَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى رُبْعِ الْقَامَةِ يُرِيدُ بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ صَيْفًا وَشِتَاءً، وَذِرَاعُ الْإِنْسَانِ رُبُعُ قَامَتِهِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ لِلْإِبْرَادِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ بِهَا إيقَاعُهَا وَفِي وَقْتِ الْبَرْدِ وَالْمُرَادُ بِفَيْحِ جَهَنَّمَ نَفَسُهَا وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ» فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْإِبْرَادِ وَكَذَا حَدِيثُ خَبَّابٍ «شَكَوْنَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يَشْكُنَا أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا» فَقَالَ النَّوَوِيُّ حَدِيثُ التَّعْجِيلِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ الْإِبْرَادِ وَقِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْخِيرًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْإِبْرَادِ. (ص) وَفِيهَا نَدْبُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ قَلِيلًا (ش) أَيْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا يُؤَخِّرُونَ غَيْرَ الظُّهْرِ وَهُوَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِأَهْلِ الْقَبَائِلِ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ بَعْدَ الشَّفَقِ قَلِيلًا لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا مَرَّ عَلَى غَيْرِ مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْحُرُسِ وَمَا هُنَا عَلَى مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْحُرُسِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَالْقَبَائِلُ هِيَ الْأَرْبَاضُ وَالْحُرُسُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ هُمْ الْمُرَابِطُونَ وَأَصْحَابُ الْمَحَارِسِ. (ص) وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِرُبْعِ الْقَامَةِ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ قَامَةُ الْوَسَطِ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ شِدَّةِ الْحَرِّ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْعَصْرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ لَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيمَهَا عَلَى النَّفْلِ لِأَنَّهُ لَا نَفْلَ قَبْلَهَا لِمَا تَقَدَّمَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَوَّلِهِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْعَصْرِ فَبِهَذَا الْمَعْنَى وَبِمَعْنَى عَدَمِ تَقَدُّمِ النَّفْلِ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَرَى طَلَبَ التَّنَفُّلِ مَعَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ عج هَذَا كُلُّهُ عَلَى غَيْرِ مُفَادِ أَبِي الْحَسَنِ وَالْحَطَّابِ، وَأَمَّا عَلَى مَا أَفَادَاهُ فَيُرَادُ بِالتَّقْدِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ لِكَوْنِهِ يُتَنَفَّلُ قَبْلَهَا التَّقْدِيمُ النِّسْبِيُّ أَيْ بَعْدَ النَّفْلِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْفَذِّ الَّذِي مِثْلُهُ الْجَمَاعَةُ الَّتِي لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا، وَالتَّقْدِيمُ فِي الْجَمَاعَةِ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا بِمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ عَلَى مَا أَفَادَهُ عج بِنَاءً فِي الثَّانِي عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَرَى طَلَبَ التَّنَفُّلِ مَعَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ الْحَثِّ عَلَى النَّفْلِ فَيُحْمَلُ عَلَى مُنْفَرِدٍ انْتَظَرَ جَمَاعَةً بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ، وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ وَعَلَى مَنْ يَرَى طَلَبَ التَّنَفُّلِ مَعَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَلِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ وَبِمَعْنَى النِّسْبِيِّ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَأَبُو الْحَسَنِ وَأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الْعَصْرِ مُطْلَقًا وَفِي الظُّهْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي تَطْلُبُ غَيْرَهَا فَيَنْتَقِلُ قَبْلَهُ قَطْعًا لِأَنَّهُمْ يُؤَخَّرُونَ لِرُبْعِ الْقَامَةِ بِاتِّفَاقِ الْحَطَّابِ وَعِجْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُضَيَّقٌ فَمَعْنَى أَفْضَلِيَّةِ تَقْدِيمِ الْمَغْرِبِ تَقْدِيمُ شُرُوطِهَا عَلَى الْغُرُوبِ لِتَقَعَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْعِشَاءُ) فِي شَرْحِ شب تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ مَغْرِبًا اتِّفَاقًا أَوْ عِشَاءً أَوْ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا شِتَاءً أَوْ صَيْفًا بِرَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ اهـ. وَنُقِلَ عَنْ الدُّرَرِ لِابْنِ فَرْحُونٍ يُنْدَبُ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لَا غَيْرِهِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ فِي الْفُطُورِ (قَوْلُهُ: لِلْإِبْرَادِ) أَيْ إلَى غَايَةٍ وَهِيَ الْإِبْرَادُ أَيْ دُخُولُ الْإِبْرَادِ، وَقَوْلُهُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ أَيْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ إنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ شِدَّةِ الْحَرِّ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْخُشُوعِ كَذَا عَلَّلَ اللَّقَانِيِّ عَلَى نَقْلِ الْفِيشِيِّ وَأَقُولُ زِيَادَةً وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِالذَّهَابِ لِلْمَسْجِدِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شِدَّةَ الْبَرْدِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِيهَا تَرْكَ الْخُشُوعِ وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ الْبَرْدَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا إذْ ذَاكَ لَا يَزُولُ (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ) الْبَاجِيُّ نَحْوُ الذِّرَاعَيْنِ ابْنُ حَبِيبٍ فَوْقَهُمَا بِيَسِيرٍ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا عَنْ وَقْتِهَا وَأَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا إلَى مَا أَخَّرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَسَطُ الْوَقْتِ وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: الدُّخُولُ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ) أَيْ كَأَتْهَمَ وَأَنْجَدَ وَأَصْبَحَ وَأَمْسَى إذَا دَخَلَ تِهَامَةَ وَنَجْدًا وَفِي الصَّبَاحِ، وَالْمَسَاءِ فَحَصَلَ لِلظُّهْرِ تَأْخِيرَانِ أَحَدُهُمَا لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ، وَالْآخَرُ لِلْإِبْرَادِ كَذَا فِي تت. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وَهَذَا خَاصٌّ بِالْجَمَاعَةِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ إذْهَابُ الْخُشُوعِ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْفَذِّ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ وَلَا يُصِيبُهُ الْحَرُّ فَلَا يَذْهَبُ خُشُوعُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي إدْرَاجِهِ إيَّاهُ فِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا وَمَوْجُودٌ فِي الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فِي الْحَرِّ فَيَذْهَبُ خُشُوعُهُمْ انْتَهَى لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا أَمْ لَا وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمُنْتَظِرَةِ غَيْرَهَا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي لَمْ تَنْتَظِرْ غَيْرَهَا بِمَثَابَةِ الْفَذِّ كَمَا قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الرَّمْضَاءِ) الرَّمْضَاءُ هِيَ الْحِجَارَةُ الْحَامِيَةُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْكُنَا) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَقِيلَ: إنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْخِيرًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْإِبْرَادِ. (قَوْلُهُ: قَلِيلًا) أَيْ تَأْخِيرًا قَلِيلًا أَوْ زَمَنًا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَلِذَلِكَ قَالَ عج، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِقَدْرِ مَا يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ غَالِبًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِشَاءِ فِي حُكْمِ التَّقْدِيمِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِشَاءِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: هِيَ الْأَرْبَاضُ) أَيْ الْأَمَاكِنُ الَّتِي حَوْلَ الْبَلَدِ خَلْفَ السُّورِ قَوْلُهُ، وَالْمَحَارِسُ جَمْعُ مَحْرَسٍ يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْآذَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَعَدُّدُهُ بِمَعْنَى: مَحَلُّ حِرَاسَةٍ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا إنَّ أَهْلَ الرُّبُطِ مُلْحَقُونَ بِالْمُنْفَرِدِ فِي عَدَمِ التَّأْخِيرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى رُبُطٍ لَيْسَ أَهْلُهَا شَأْنُهُمْ التَّفَرُّقُ لِأَجْلِ الْحِرَاسَةِ وَهَا هُنَا عَلَى أَهْلِ رُبُطٍ شَأْنُهُمْ التَّفَرُّقُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَبَعْدُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْحَاءِ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ (ش) لَمَّا كَانَ دُخُولُ الْوَقْتِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَوُجُوبِهَا أَشَارَ إلَى هَذَا الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِئُ مَنْ صَلَّاهَا وَهُوَ شَاكٌّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ لِتَرَدُّدِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مَعَ حُرْمَةِ ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِالشَّكِّ حَيْثُ أَطْلَقُوهُ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ انْتَهَى فَيَشْمَلُ الظَّنَّ وَالْوَهْمَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْوَقْتِ بِالتَّحْقِيقِ وَلَا يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا شَكَّ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ فِي دُخُولِهِ وَعَدَمِ دُخُولِهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ فَلَا يَضُرُّ إذَا تَبَيَّنَ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ مِنْهُ بَعْدَ الْوَقْتِ. (ص) وَالضَّرُورِيُّ بَعْدَ الْمُخْتَارِ لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ وَلِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلْفَجْرَيْنِ فِي الْعِشَاءَيْنِ (ش) الْمُرَادُ بِالْبَعْدِيَّةِ هُنَا التِّلْوُ وَالْعَقِبُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ   [حاشية العدوي] ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالرَّاءِ فَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ خِلَافُ الْأَشْهَرِ وَإِنْ رُوِيَ بِكُلٍّ. (قَوْلُهُ: كَوُجُوبِهَا) أَيْ كَمَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ سَبَبٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَيْ بِحُكْمِهِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا تُجْزِئُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ إذًا تَبَيُّنُ وُقُوعِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ بَعْدَ الْوَقْتِ) كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ كَمَا فِي السُّودَانِيِّ هَذَا بَقِيَّةُ كَلَامِهِ فِي ك (أَقُولُ) وَحَيْثُ قَالَ كَذَلِكَ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ كَحُكْمِهِ إذَا شَكَّ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ مِنْهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَضُرُّ وَقَالَ عج مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ قَبْلُ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ يَضُرُّ مُطْلَقًا بِأَقْسَامِ الشَّكِّ الثَّلَاثَةِ: الظَّنِّ، وَالشَّكِّ، وَالْوَهْمِ تَبَيَّنَ الْفِعْلُ خَارِجَ الْوَقْتِ أَوْ دَاخِلَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَهَذِهِ ثَمَانُ عَشْرَةَ صُورَةً، وَأَمَّا إذَا شَكَّ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فَعَلَ فِي الْوَقْتِ فَلَا ضَرَرَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ أَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَيَضُرُّ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا وَعِجْ يَتَّفِقَانِ فِيمَا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَيَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ تَبَيَّنَ لَك الْحُكْمُ وَشَارِحُنَا تَبِعَ السُّودَانِيَّ وَاعْتَرَضَهُ عج قَائِلًا وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ فِي أَثْنَائِهَا لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ لَيْسَ كَالشَّكِّ فِي السَّبَبِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ فِيهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَإِنَّمَا كَانَ السَّبَبُ مُخَالِفًا لِلشَّرْطِ لِقُوَّتِهِ عَلَى الشَّرْطِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ فَمَنْ تَوَهَّمَ عَدَمَ دُخُولِهِ وَظَنَّ دُخُولَهُ لَا يُصَلِّي بِخِلَافِ الشَّرْطِ، فَإِنَّ مَنْ تَوَهَّمَ عَدَمَ الْوُضُوءِ وَظَنَّ الْوُضُوءَ وَيُصَلِّي وَأَيْضًا الشَّكُّ فِي الْوُضُوءِ لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء بِخِلَافِ السَّبَبِ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقِيَاسُ الشَّكِّ فِي الْوَقْتِ فِي أَثْنَائِهَا عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الشَّرْطِ فِي أَثْنَائِهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ كَمَا فَعَلَ السُّودَانِيُّ شَارِحُهُ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ مِنْ كَلَامِ عج وَشَارِحِنَا فَقَدْ رَدَّهُ مُحَشِّي تت وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ بَلْ كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي مُطْلَقُ الظَّنِّ وَنَصُّ مُحَشِّي تت وَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِهِمْ فَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فَيَجْتَهِدُ وَيَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ وَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ ضَوْءُ الشَّمْسِ فَلْيَسْتَدِلَّ بِالْأَوْرَادِ وَأَعْمَالِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَيَحْتَاطُ انْتَهَى وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ قَالَ وَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تَجُزْ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ الْأَوْرَادِ وَعَمَلِ الصَّنَائِعِ وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ مَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تُجْزِهِ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ الْوُقُوعُ قَبْلَهُ أَعَادَ قَالَهُ شَارِحُهُ زَرُّوقٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ لَمْ تَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ لَكِنَّ مَسَائِلَهُمْ عَلَى اعْتِبَارِ الظَّنِّ الَّذِي فِي مَعْنَى الْقَطْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ انْتَهَى. الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ مُحَشِّي تت وَلَمْ يُكْمِلْ كَلَامَ زَرُّوقٍ وَبَقِيَّةَ كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَعَ التَّحْقِيقِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، فَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَلَى خِلَافِهِ بَطَلَتْ كَمَا إذَا صَلَّى شَاكًّا وَلَوْ صَادَفَ انْتَهَى وَأُفِيدُك أَنَّ النُّقُولَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ يَقْتَضِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِهِ أَنَّ مُطْلَقَ الظَّنِّ يَكْفِي كَمَا تَقَدَّمَ فَقَوْلُ مُحَشِّي تت وَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا لَك الْعِبَارَةَ بِطُولِهَا وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الِاخْتِصَارُ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ لِأَجْلِ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَى النُّصُوصِ فَيَحْصُلُ لَك طُمَأْنِينَةٌ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت مَا إذَا شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَيَنْوِي الْأَدَاءَ كَمَا فِي عج لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ عَصْرَيْهِ لَا يَنْوِي أَدَاءً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مَعَ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْفِعْلِ حِرْصًا عَلَى الْوَقْتِ فَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ لِظَنِّهِ بَقَاءَ الْوَقْتِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خُرُوجُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَهُ مِثْلُهُ. () (قَوْلُهُ: وَالضَّرُورِيُّ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْمُخْتَارِ خَبَرٌ، وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ هُنَا الْحَاجَةُ وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى الِاضْطِرَارِ (قَوْلُهُ: لِلطُّلُوعِ) أَيْ أَوَّلَ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الْأُفُقِ (قَوْلُهُ: لِلْغُرُوبِ) لَا يُرِيدُ مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُهُ مِنْ امْتِدَادِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِلْغُرُوبِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ إذْ الْمَعْرُوفُ اخْتِصَاصُ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ إذَا ضَاقَ عَنْ إدْرَاكِهِمَا ك وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْعِشَاءَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَقِيلَ الْعَصْرُ لَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ يَحْيَى عَنْهُ تَخْتَصُّ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَدْ عَلِمْت الْمَعْرُوفَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْبَعْدِيَّةِ هُنَا التُّلُوُّ إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ بَعْدُ ظَرْفًا مُتَّسِعًا، فَإِذَا قُلْت آتِيكَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَالْمَعْنَى آتِيك بَعْدَ الْعَصْرِ لَكِنْ بِمُهْلَةٍ، فَإِنْ أَرَدْت الْقُرْبَ قُلْت بُعَيْدَ بِالتَّصْغِيرِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الْمِصْبَاحُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الْمُخْتَارِ يُوهِمُ أَنَّ بَيْنَ الضَّرُورِيِّ، وَالِاخْتِيَارِيِّ مُدَّةً مُتَّسِعَةً مَعَ أَنَّهُ مُلَاصِقٌ لَهُ وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 مُضَافٌ أَيْ وَابْتِدَاءُ الضَّرُورِيِّ تِلْوَ الْمُخْتَارِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَأَثِمَ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مُؤَدِّينَ فَيَمْتَدُّ الضَّرُورِيُّ مِنْ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الظُّهْرِ الْخَاصِّ ضَرُورِيَّتُهُ بِهَا مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ وَهُوَ أَوَّلُ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ الِاشْتِرَاكِ مِنْهَا إلَى الِاصْفِرَارِ مُنْتَهَى مُخْتَارِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَحْصُلُ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ فِي الضَّرُورِيِّ لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ مِنْ مُضِيِّ مِقْدَارِ مَا يَسَعُهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا إلَى مُضِيِّ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مُنْتَهَى مُخْتَارِ الْعِشَاءِ ثُمَّ يَحْصُلُ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ فِي الضَّرُورِيَّةِ لِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ. (ص) وَتُدْرَكُ فِيهِ الصُّبْحُ بِرَكْعَةٍ لَا أَقَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْتَ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ فِي آخِرِهِ بِسَجْدَتَيْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ الظُّهْرِ كَمَا يَأْتِي وَفَائِدَتُهُ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجِهِ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يُدْرَكُ الْوَقْتُ الِاخْتِيَارِيُّ بِرَكْعَةٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَا يَأْتِي فِي الِاخْتِيَارِيِّ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى كَمَا يَأْتِي فِي الضَّرُورِيِّ لِأَنَّهُمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِي الِاخْتِيَارِيِّ وَعَلَى إدْرَاكِ الِاخْتِيَارِيِّ بِرَكْعَةٍ كَالضَّرُورِيِّ فَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِيهِ وَبَاقِيهَا فِي الضَّرُورِيِّ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَأْثَمُ وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: لَا أَقَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَهُوَ أَشْهَبُ الْقَائِلُ بِإِدْرَاكِ الصُّبْحِ لِلْوَقْتِ بِالرُّكُوعِ فَقَطْ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ وَلِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ وَإِنَّمَا خُصَّ الصُّبْحُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ غَيْرَهَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ (ص) وَالْكُلُّ أَدَاءٌ   [حاشية العدوي] هُنَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ بَلْ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ وَهُوَ التِّلْوُ، وَالْعَقِبُ (قَوْلُهُ أَيْ وَابْتِدَاءُ الضَّرُورِيِّ) فَقَوْلُهُ لِلطُّلُوعِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِابْتِدَاءِ الْمَحْذُوفِ بَلْ هُوَ حَالٌ مِنْ الضَّرُورِيِّ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الضَّرُورِيِّ مُمْتَدًّا لِلطُّلُوعِ أَيْ إلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: تِلْوُ الْمُخْتَارِ) أَيْ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ وَمُسَافِرٍ يَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَهُوَ قَبْلَ مُخْتَارِ الثَّانِيَةِ لَهُمَا وَبَعْدَ دُخُولِ مُخْتَارِ الْأُولَى لَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَالْمَعْذُورُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ، وَالْمُسَافِرُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَرُخِّصَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَصْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ دُخُولِ إلَخْ، وَالْمَعْنَى مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ أَوْ مِنْ بَعْدِ مُضِيِّ إلَخْ أَيْ عَلَى أَنَّ الظُّهْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ وَلَوْ حَذَفَ بَعْدُ لَكَانَ أَوْضَحَ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الظُّهْرِ مِنْ دُخُولِ الْمُخْتَارِ الْعَصْرِ أَوْ مِنْ مُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ الِاشْتِرَاكِ أَيْ مُضِيِّ زَمَنِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُضِيٍّ (قَوْلُهُ: إلَى الِاصْفِرَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَمْتَدُّ أَيْ إلَى دُخُولِ الِاصْفِرَارِ، وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَحْصُلُ مِنْهُ أَيْ مِنْ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ امْتِدَادًا مُشَابِهًا لِامْتِدَادِ ضَرُورِيِّ الظُّهْرِ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا وَقَوْلُهُ مِنْ مُضِيٍّ مُتَعَلِّقٌ بِيَمْتَدُّ (قَوْلُهُ: إلَى مُضِيِّ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ) أَيْ إلَى فَرَاغِهِ وَفَرَاغُهُ بِفَرَاغِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَانْقِضَائِهِ فَتَكُونُ الْغَايَةُ خَارِجَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَحْصُلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُضِيِّ (قَوْلُهُ: بِرَكْعَةٍ) أَيْ بِسَجْدَتَيْهَا مَعَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ قِرَاءَةً مُعْتَدِلَةً وَمَعَ طُمَأْنِينَةٍ بِرُكُوعٍ وَرَفْعٍ مِنْهُ وَسُجُودٍ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْنِ وَمَعَ اعْتِدَالٍ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ لَا عَلَى سُنِّيَّتِهِ كَالْفَاتِحَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا فِي الْجُلِّ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ تُؤَخَّرَ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الصُّورَةُ فَيَجِبُ تَرْكُهَا عَلَى مَنْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خُرُوجُ الْوَقْتِ بِقِرَاءَتِهَا فِي رَكْعَةٍ اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ، وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيَقُولُ تُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُدْرَكُ الِاخْتِيَارِيُّ إلَخْ) قَالَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ لِدَلَالَةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِالْإِحْرَامِ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُدْرَكُ إلَّا بِفِعْلِ جَمِيعِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ فِيهِ لِلْوَقْتِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يُدْرَكُ الضَّرُورِيُّ بِرَكْعَةٍ مَعَ أَنَّ مَا عَدَا مَا فَعَلَهُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فَأُولَى الِاخْتِيَارِيُّ إذْ فِعْلُ مَا عَدَا الرَّكْعَةَ فِيهِ وَاقِعٌ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِي الِاخْتِيَارِيِّ) أَيْ لَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ بِحَيْثُ يَسَعُهُمَا أَوْ يَسَعُ وَاحِدَةً وَرَكْعَةً مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الِاخْتِيَارِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الظُّهْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ إذْ لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ وَقْتَ الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورَ اخْتِيَارِيٌّ لَهُمَا مَعًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَسَعُ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: لِلْمُبَالَغَةِ) أَيْ وَأَمَّا أَصْلُ الرَّدِّ فَقَدْ حَصَلَ بِقَوْلِهِ بِرَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّكْعَةِ الرُّكُوعُ كَمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ كَذَا ذَكَرَ شب (أَقُولُ) إذَا كَانَ تُطْلَقُ الرَّكْعَةُ عَلَى الرُّكُوعِ عِنْدَهُمْ فَلَا تَنْبِيهَ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَنَّ الْمَعْنَى لَا أَقَلَّ أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إلَخْ وَلَا ظُهُورَ لَهُ لِأَنَّ عَدَمَ الِاعْتِبَارِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلتَّصْرِيحِ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنَّمَا صَحَّ التَّصْرِيحُ فَيَكُونُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خُصَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتُدْرَكُ الصُّبْحُ بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُصُورٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ إنَّمَا خَصَّ الصُّبْحَ لِأَنَّ غَيْرَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ إذْ غَايَةُ مَا قَالَ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى وَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ لَا يُفْهَمُ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَتْ مُتَعَدِّدَةَ الْحُكْمِ مَا قَالَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَعَدِّدَةً فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِهَا كُلِّهَا خُصُوصًا مَعَ قِصَرِ الرَّكْعَةِ عَلَى الصُّبْحِ هُنَا. (تَنْبِيهٌ) : كَوْنُ الْوَقْتِ لَا يُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ مُمْتَدٌّ لِلطُّلُوعِ، وَالْغُرُوبِ، وَالْفَجْرِ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِإِدْرَاكِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ (قَوْلُهُ: وَالْكُلُّ أَدَاءٌ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَكَمَّلَ الْبَاقِيَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْت فَإِنَّ الْكُلَّ أَدَاءٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَاضَتْ امْرَأَةٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا سَقَطَتْ عَنْهَا تِلْكَ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا حَاضَتْ فِي وَقْتِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أُغْمِيَ عَلَى شَخْصٍ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّا نَشْتَرِطُ الْمُوَافَقَةَ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ كُلُّهَا أَدَاءٌ عَكْسُ الْمَأْمُومِ وَجَزَمَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ بِصِحَّةِ دُخُولِ الْمَأْمُومِ مَعَهُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ قَدَّاحٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَدَاءٌ حُكْمًا وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا (ص) وَالظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى لَا الْأَخِيرَةِ (ش) أَيْ وَتُدْرَكُ الْمُشْتَرَكَتَانِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ الْأُولَى عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى فِعْلًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَسَحْنُونٍ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِالثَّانِيَةِ وَيَفْضُلُ عَنْهَا لِلْأُولَى رَكْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأَخِيرَةُ اتِّفَاقًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي شَخْصٍ حَائِضٍ حَاضِرٍ سَافَرَ فَطَهُرَ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ تُدْرِكُ الْأَخِيرَةُ وَعَلَى الثَّانِي تُدْرِكُهُمَا بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْعِشَاءِ الْمَقْصُورَةِ وَلِأَرْبَعٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ حَصَلَ الْوِفَاقُ وَقَادِمُ طُهْرٍ أَيْضًا لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْمَغْرِبِ لِلْعِشَاءِ وَعَلَى الثَّانِي تُدْرِكُ الْعِشَاءَ فَقَطْ وَتُسْقِطُ الْمَغْرِبَ إذْ لَمْ يَفْضُلْ لَهَا فِي التَّقْدِيرِ شَيْءٌ وَبِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا وَلِثَلَاثٍ سَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا فِيهِمَا وَلَوْ حَاضَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سَقَطَ مُدْرَكُهُ كَمَا يَأْتِي فَتَمْثِيلُ الْمُؤَلِّفِ لِمَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ (كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) مُشْكِلٌ إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ لِلتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ بِالثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ إذْ الْمُسَافِرُ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ سَفَرِيَّةً عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ. وَكَذَا لِأَقَلَّ لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ وَالْقَادِمُ لِأَرْبَعٍ قَبْلَهُ يُصَلِّي الْعِشَاءَ حَضَرِيَّةً عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا لِأَقَلَّ كَمَا مَرَّ هَذَا فِي الصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ، وَأَمَّا النَّهَارُ فَلَا يَظْهَرُ لِلتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ بِالثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِتَسَاوِي الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ قَصَرَ الْعَصْرَ بِاتِّفَاقٍ أَوْ قَدِمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ لِرَكْعَةٍ أَتَمَّهَا كَذَلِكَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّمْثِيلَ بِمَا نَصَّهُ كَمَنْ طَهُرَتْ أَوْ حَاضَتْ كَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ   [حاشية العدوي] أَيْ مُؤَدَّى فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا) الْأَوْلَى حَقِيقَةً لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ حَاضَتْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا فَهُوَ قَضَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ حَقِيقَةً، فَإِنْ قُلْت مَا ثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَدَاءِ حُكْمًا قُلْت رَفْعُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَوَرَدَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ قَدَّاحٍ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ مُخَالِفَةٌ لِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَاوٍ الْأَدَاءَ، وَالْمَأْمُومُ نَاوٍ الْقَضَاءَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْقَضَاءِ تَنُوبُ عَنْ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ عَلَى مَا قَالَ الْبُرْزُلِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُهُ فِعْلُ ذَلِكَ عَمْدًا مُتَلَاعِبًا أَوْ سَهْوًا لَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ الْأَدَاءُ أَوْ ضِدُّهُ مِمَّا يُفِيدُ خِلَافَهُ ثُمَّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ قَدَّاحٍ يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ حَالَةَ الشَّكِّ وَكَذَا إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ الطَّرِيقَتَيْنِ فَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَحْكُمُ بِأَنَّ الْكُلَّ أَدَاءٌ حَقِيقَةً وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَبَنَى الشَّارِحُ عَلَيْهَا مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ كَوْنِهَا إذَا حَاضَتْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهَا سَقَطَ وَمِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِيهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ مُؤَدٍّ حَقِيقَةً، وَالْمَأْمُومُ لِكَوْنِهِ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَاضٍ حَقِيقَةً، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ قَدَّاحٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الْكُلَّ أَدَاءٌ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ حَقِيقَةً وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَيْضًا قَضَاءُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِمَنْ حَاضَتْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهَا وَهِيَ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَدَاءٌ حُكْمًا يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ وَأَنَّهُ طَرِيقَةٌ فِقْهِيَّةٌ يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَسُقُوطِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِذَنْ يَكُونُ الرَّاجِحُ هُوَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْفِقْهِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُصُولِيَّةِ، فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْت مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي قَضَاءِ الْحَائِضِ هَلْ لِلْقُدَمَاءِ فِيهِ نَصٌّ أَوْ لَا قُلْت نَعَمْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا قَضَاءَ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ وَقَالَ الظَّاهِرُ تَقْضِي انْتَهَى (أَقُولُ) كَلَامُ أَصْبَغَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ وَكَلَامُ سَحْنُونَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ وَمُفَادُ كَلَامِ الْمُنْتَقَى تَرْجِيحُ مَا جَاءَ عَلَى طَرِيقَةِ الْأُصُولِيِّينَ وَقَدْ اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالظُّهْرَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: فِي شَخْصٍ حَائِضٍ حَاضِرٍ سَافَرَ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الْإِشْكَالِ الَّذِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَتَمْثِيلُ الْمُؤَلِّفِ لِمَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ كَحَاضِرٍ سَافَرَ إلَخْ مُشْكِلٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَحَاضِرٍ إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى إنْسَانٍ حَائِضٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ طَهُرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْحَيْضِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الطُّهْرِ، وَالْحَيْضِ لَا عَلَى السَّفَرِ، وَالْقُدُومِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مُشْكِلٌ أَيْ بِدُونِ ذَلِكَ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: هَذَا فِي الصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةٌ فِي النَّهَارِيَّتَيْنِ حَضَرًا وَسَفَرًا كَانَ عُذْرٌ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَكَذَا اللَّيْلِيَّتَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا فَهَذِهِ صُورَتَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عُذْرٌ كَحَيْضٍ فَتَظْهَرُ فِيهِ الثَّمَرَةُ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ: سِتَّةٌ لَا تَظْهَرُ لَهَا ثَمَرَةٌ وَاثْنَتَانِ تَظْهَرُ لَهُمَا ثَمَرَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَاضَتْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَأُسْقِطَ عُذْرٌ حَصَلَ غَيْرَ نَوْمٍ إلَخْ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى يَقُولُ كَذَا وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ وَأُسْقِطَ عُذْرٌ حَصَلَ إلَخْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ص) وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ وَإِنْ بِرِدَّةٍ وَصِبًا وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ وَنَوْمٍ وَغَفْلَةٍ كَحَيْضٍ لَا سُكْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِي بَيَانُهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ آثِمًا وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا فَمِنْ الْأَعْذَارِ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ أَوْ الطَّارِئُ بِرِدَّةٍ وَمِنْهَا الصَّبَا وَمِنْهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالنَّوْمُ وَالْغَفْلَةُ أَيْ النِّسْيَانُ وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَغْمِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ أَوْ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ أَوْ النَّاسِي أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ أَدَّوْا الصَّلَاةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ لِعَدَمِ تَسَبُّبِ الْمُكَلَّفِ فِي غَالِبِهَا وَهُوَ مَا عَدَا الْكُفْرَ وَكَذَا لَا يُعْذَرُ بِمَا هُوَ مِنْ سَبَبِهِ كَالسَّكْرَانِ فَإِنَّهُ إذَا أَفَاقَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ فِيهِ مَعَ الْإِثْمِ أَمَّا الدَّاخِلُ عَلَيْهِ السُّكْرُ غَلَبَةً كَغَيْرِ الْعَالِمِ فَكَالْمَجْنُونِ وَإِنَّمَا عَذَرَ الشَّارِعُ الْكَافِرَ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَانِعُ مِنْ الْإِثْمِ لَيْسَ الْكُفْرَ بَلْ الْإِسْلَامُ الَّذِي عَقَبَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] (ص) وَالْمَعْذُورُ غَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا يَقَعُ بِهِ الْإِدْرَاكُ فِي حَقِّ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ يُقَدَّرُ بَعْدَ حُصُولِ الطَّهَارَةِ إلَّا فِي حَقِّ الْكَافِرِ لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ بِتَرْكِهِ الْإِسْلَامَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ مَا أَدْرَكَ وَقْتَهُ مِنْ حِينِ يُسْلِمُ وَمَا بِهِ الْإِدْرَاكُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتُدْرَكُ الصُّبْحُ فِيهِ بِرَكْعَةٍ لَا أَقَلَّ وَالظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالرَّكْعَةُ الَّتِي بِهَا الْإِدْرَاكُ تُعْتَبَرُ سَعَةُ الْوَقْتِ لَهَا مَعَ تَقْدِيرِ الطُّهْرِ لِذِي عُذْرٍ غَيْرِ كُفْرٍ وَأَمَّا الْكُفْرُ فَلَا يُقَدَّرُ فِيهِ طُهْرٌ وَفَائِدَةُ التَّقْدِيرِ السُّقُوطُ وَعَدَمُهُ وَالْإِدْرَاكُ وَعَدَمُهُ (ص) وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا فَرَكَعَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَضَى الْأَخِيرَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْعُذْرِ الْمُسْقَطَ عُذْرُهُ إذَا زَالَ عُذْرُهُ وَظَنَّ إدْرَاكَ صَلَاتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَثَلًا بِأَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُ التَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِهِ لَا بِشَرْطِ الْعَزْمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ: لِعُذْرٍ) أَيْ إلَّا لِأَجْلِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: بِكُفْرٍ) أَيْ بِسَبَبِ كُفْرٍ سَوَاءٌ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ خِلَافًا لِحُلُولُو فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِخِطَابِهِمْ بِهَا (قَوْلُهُ: وَصِبًا) ، فَإِذَا بَلَغَ فِي الضَّرُورِيِّ وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ صَلَّاهَا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ نَوَى حِينَ صَلَّاهَا صَبِيًّا الْفَرْضَ بِحَسَبِ زَعْمِهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْكَافِي إذْ لَا يَنُوبُ تَطَوُّعٌ عَنْ وَاجِبٍ فِي مِثْلِ هَذَا، فَإِذَا بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا بِكَإِنْبَاتٍ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَمَّلَهَا نَافِلَةً ثُمَّ صَلَّاهَا فَرْضًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ وَابْتَدَأَهَا وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ قَطْعًا حَيْثُ لَمْ يَنْتَقِضْ لِأَنَّ الْبُلُوغَ بِكَإِنْبَاتٍ لَيْسَ مِنْ نَوَاقِضِهِ (قَوْلُهُ: وَنَوْمٍ) قَالَ عج يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَنَامَ بِاللَّيْلِ وَإِنْ جُوِّزَ أَيْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ نَوْمَهُ يَبْقَى حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ إذْ لَا يَتْرُكُ أَمْرًا جَائِزًا لِشَيْءٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَأَمَّا النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتَهَى أَيْ مَا لَمْ يُوَكِّلْ مَنْ يُوقِظُهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْخُرُوجِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَهَلْ يَجِبُ إيقَاظُ النَّائِمِ لَا نَصَّ صَرِيحٌ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّ الْقُرْطُبِيَّ قَدْ قَالَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْوَاجِبِ وَمَنْدُوبٌ فِي الْمَنْدُوبِ لِأَنَّ النَّائِمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا لَكِنَّ مَانِعَهُ سَرِيعُ الزَّوَالِ فَهُوَ كَالْغَافِلِ وَتَنْبِيهُ الْغَافِلِ وَاجِبٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَا سُكْرٍ) وَمِثْلُهُ مَا يُشْبِهُهُ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْعَقْلِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الصَّبَا) بِفَتْحِ الصَّادِ، وَالْمَدِّ وَبِكَسْرِهَا، وَالْقَصْرِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ أَيْ النِّسْيَانُ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ السَّهْوَ بَلْ فِي اللُّغَةِ غَفَلَ عَنْهُ أَيْ سَهَا، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُ الشَّيْءِ مِنْ الْمُدْرِكَةِ، وَالْحَافِظَةِ، وَالسَّهْوُ زَوَالُ الشَّيْءِ مِنْ الْمُدْرِكَةِ لَا مِنْ الْحَافِظَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ النُّفَسَاءُ) وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِتَآخِيهِ مَعَ الْحَيْضِ فِي الْأَحْكَامِ لَا أَنَّ الْكَافَ مُدْخِلَةٌ لَهُ لِأَنَّهَا تَشْبِيهِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَكَالْمَجْنُونِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالطَّلَاقِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ صَلَاةُ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَغْرَقَهُ بِنَوْمِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَانِعُ إلَخْ) أَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إلَّا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ الْمُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْإِسْقَاطِ الْكُفْرُ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِهِ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْإِسْقَاطِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ) أَيْ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ وَإِلَّا قُدِّرَ لَهُ الطُّهْرُ بِالتُّرَابِ سَوَاءٌ تَطَهَّرَ أَمْ لَا أَيْ طُهْرَ شَخْصٍ وَسَطٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الطُّهْرَ بِالْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ إذَا خَشِيَ شَخْصٌ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ خُرُوجَ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ يُخَاطَبُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَلِذَا إذَا تَحَقَّقَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ قَدَّرَ أَنَّهُ إنْ تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ وَإِنْ تَيَمَّمَ أَدْرَكَهَا، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ بَعْدَ حُصُولِ الطَّهَارَةِ) أَيْ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَالْأَكْبَرِ لَا مِنْ الْخَبَثِ عَنْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ لِأَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَلَا يُقَدَّرُ لَهُ سِتْرُ عَوْرَةٍ وَلَا اسْتِقْبَالٌ وَلَا اسْتِبْرَاءٌ وَاجِبٌ أَنْ لَوْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهُ كَذَا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: وَالْإِدْرَاكُ) نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَعَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ السُّقُوطِ أَيْ وَإِذَا كَانَ لَا يَسْقُطُ فَيُطَالَبُ بِالْإِدْرَاكِ، وَقَوْلُهُ وَعَدَمُهُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ، وَالسُّقُوطُ أَيْ وَإِذَا كَانَ يَسْقُطُ فَلَا يُطَالَبُ بِالْإِدْرَاكِ إلَّا أَنَّ الْمُطَالَبَةَ لَيْسَتْ عَيْنَ عَدَمِ السُّقُوطِ فَالْإِتْيَانُ فِيهَا بِالْفَاءِ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ السُّقُوطِ فَهُوَ عَيْنُ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُنَا فَلَا يُطَالَبُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ لَا التَّفْرِيعُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا) مَفْهُومُهُ لَوْ ظَنَّ إدْرَاكَ الثَّانِيَةِ وَشَكَّ فِي إدْرَاكِ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِهِمَا مَعًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى يُخَاطَبُ بِالثَّانِيَةِ، فَإِذَا فَعَلَهَا وَبَانَ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِالْأُولَى أَتَى بِهَا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَتَى بِهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَا يُخَاطَبُ بِشَيْءٍ بَلْ يَصِيرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ شَيْءٌ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ خُرُوجِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ أَفَادَهُ عج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 قَدَّرَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَصَلَّى رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الظُّهْرِ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يَقْضِي الْعَصْرَ وَيُضِيفُ إلَى هَذِهِ الرَّكْعَةِ أُخْرَى وَتَكُونُ نَافِلَةً وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَابِعَةٍ وَتَكُونُ نَافِلَةً لِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى (ص) وَإِنْ تَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ أَوْ ذَكَرَ مَا يُرَتَّبُ فَالْقَضَاءُ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَعْذُورَ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ كَانَ مَظِنَّةَ سُؤَالٍ وَهُوَ هَلْ يُقَدَّرُ وَلَوْ تَكَرَّرَ فَأَجَابَ أَنَّهُ لَا مُصَوِّرًا ذَلِكَ بِصُورَتَيْنِ: مَنْ زَالَ عُذْرُهُ وَظَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَتَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا قَبْلَ فِعْلِ مَا ظَنَّهُ أَوْ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ بِأَنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُضَافًا أَوْ نَجِسًا فَظَنَّ فِيهِمَا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ ثَانِيَةٍ مَائِيَّةٍ أَوْ تُرَابِيَّةٍ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ ظَنُّهُ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ عَلَى حَسَبِ التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ مِنْ طَهَارَةٍ ثَانِيَةٍ وَجَمَعَ مَعَهُمَا صُورَةً ثَالِثَةً تُشَارِكُهُمَا فِي الْحُكْمِ وَهِيَ مَا إذَا ذَكَرَ مِنْ الْفَوَائِتِ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ فَأَتَى بِهِ فَخَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَيْضًا عَلَى حَسَبِ التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ مِنْ الْفَوَائِتِ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَخِلَافًا لَهُ وَوِفَاقًا لِسَحْنُونٍ وَتَصْحِيحُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوُسْطَى وَالْمُقَابِلِ لِمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ يُعِيدُ الطَّهَارَةَ وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّامِلِ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ. (ص) وَأَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ الْمُدْرَكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُذْرَ الْمُسْقِطَ إذَا طَرَأَ فِي الْوَقْتِ الْمُدْرَكِ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ أَسْقَطَهُ فَكَمَا تُدْرِكُ الْحَائِضُ مَثَلًا الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ بِطُهْرِهَا لِخَمْسٍ، وَالثَّانِيَةَ فَقَطْ لِطُهْرِهَا لِدُونِ ذَلِكَ كَذَلِكَ يَسْقُطَانِ إذَا حَصَلَ الْحَيْضُ لِخَمْسٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ تَسْقُطُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَتَتَخَلَّفُ الْأُولَى عَلَيْهَا إنْ حَاضَتْ لِدُونِ ذَلِكَ وَلَوْ أَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَامِدَةً كَمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الْمُسَافِرُ وَلَوْ أَخَّرَهَا عَامِدًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَمِثْلُ الْحَيْضِ الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ، وَأَمَّا الصِّبَا فَلَا يَتَأَتَّى لِأَنَّهُ لَا يَطْرَأُ وَأَخْرَجَ النَّائِمَ وَالنَّاسِيَ فَلَا يُسْقِطَانِ الْمُدْرَكَ لَكِنْ يُسْقِطَانِ الْإِثْمَ كَمَا مَرَّ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَوْقَاتِ وَعَلَى إثْمِ الْمُؤَخَّرِ عَنْ الِاخْتِيَارِيِّ لِغَيْرِ عُذْرٍ إلَى الضَّرُورِيِّ وَأَوْلَى عَنْهُمَا وَكَانَ الْإِثْمُ فَرْعَ التَّكْلِيفِ كَانَ مَظِنَّةَ سُؤَالِ سَائِلٍ هَذَا حُكْمُ الْمُكَلَّفِ فَمَا حُكْمُ غَيْرِهِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ (ص) وَأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ وَضُرِبَ لِعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى يُؤْمَرُ نَدْبًا كَالْوَلِيِّ عَلَى الصَّحِيحِ بِالصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ فِي سَبْعِ سِنِينَ وَهُوَ سِنُّ الْإِثْغَارِ أَيْ نَزْعِ الْأَسْنَانِ لَا إنْبَاتِهَا مَعَ أَنَّهُ يُقَالُ أَثْغَرَ الصَّبِيُّ إذَا سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ وَإِذَا نَبَتَتْ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ وَإِذَا دَخَلَ فِي عَشْرِ سِنِينَ وَلَمْ يَمْتَثِلْ بِالْقَوْلِ ضُرِبَ ضَرْبًا خَفِيفًا مُؤْلِمًا حَيْثُ عُلِمَ إفَادَتُهُ وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ الضَّرْبِ بِحَالِ الصِّبْيَانِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْت إلَخْ) أَيْ فَالْمَدَار عَلَى ظَنِّ إدْرَاكِهِمَا فَبَانَ أَنَّ الْمُدْرَكَ الثَّانِيَةُ فَيَقْضِيهَا فَقَطْ فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا قَضَى الْأَخِيرَةَ بِمُجَرَّدِ رَكْعَةٍ مِنْ الْأُولَى فَأَوْلَى مَعَ صَلَاتِهَا بِتَمَامِهَا أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّهُ إنْ أَكْمَلَ مَا هُوَ فِيهِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَجَبَ الْقَطْعُ وَصَلَّى الثَّانِيَةَ. (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ نَافِلَةً) ، فَإِنْ قُلْت: التَّنَفُّلُ بِأَرْبَعٍ مَكْرُوهٌ فِي الْمَذْهَبِ قُلْت إذَا كَانَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَمْدًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْعِبَارَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَمْدًا فَبِاتِّفَاقٍ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُضَافًا أَوْ نَجَسًا) أَرَادَ بِالنَّجَسِ مَا يَشْمَلُ الْمُتَنَجِّسَ وَنَجَسُ الْعَيْنِ كَالْبَوْلِ إذَا عَدِمَ الطُّهُورِيَّةَ صَادَقَ بِكُلِّ ذَلِكَ وَبَقِيَ ثَالِثٌ يَفْصِلُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُضَافٌ فَالْقَضَاءُ، وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَجِسٌ أَوْ غَيْرُ مَاءٍ كَلَبَنٍ، فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ لَهُ الطُّهْرَ. الْفَرْقُ أَنَّ النَّجِسَ وَكَذَا نَحْوُ اللَّبَنِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ التَّطْهِيرِ بِهِمَا بِخِلَافِ مَا يَسْلُبُ الطُّهُورِيَّةَ عِنْدَنَا كَمَاءِ الْوَرْدِ فَظَهَرَ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلَيْنِ بِالتَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: وَظَنَّ فِيهِمَا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ) فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَقْدِيرِ الطَّهَارَةِ لَا بِاعْتِبَارِ حُصُولِهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الطَّرَفَيْنِ) فَمُقَابِلُهُ فِي الْأَوَّلِ مَا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ قَوْلًا بِسُقُوطِ الْقَضَاء وَمُقَابِلُهُ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَسْقَطَهُ) أَيْ أَسْقَطَ الْوَقْتَ الْمُدْرَكَ هَذَا مَعْنَاهُ فَجَعَلَ مَصْدُوقَ الْمُدْرَكِ الْوَقْتَ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفَرْضُ أَيْ أَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ غَيْرَ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ الْفَرْضَ الْمُدْرَكَ أَيْ الْمُدْرَكَ وَقْتُهُ قَالَ عج، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ الطُّهْرُ فِي جَانِبِ الْإِسْقَاطِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ لِأَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ مِنْ اللَّخْمِيِّ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ الْأَئِمَّةِ رَاجِعْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ بِصَلَاةِ الْفَرْضِ سَيَأْتِي أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَا يُطْلَبُ إلَّا مِنْ الْبَالِغِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَالنَّافِلَةِ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي ك (أَقُولُ) الَّذِي سَيَأْتِي أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُطَالَبُ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ سُنَّةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُطَالَبُ بِهَا نَدْبًا كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَإِذَنْ يُطَالَبُ بِالنَّافِلَةِ نَدْبًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِالْمَنْدُوبِ، وَالْمَكْرُوهِ (قَوْلُهُ: لِسَبْعٍ) أَيْ لِلدُّخُولِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِعَشْرٍ) أَيْ لِلدُّخُولِ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ مُحْتَمِلَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يُؤْمَرُ نَدْبًا (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ فِي سَبْعِ سِنِينَ) أَيْ لَا آخِرِهَا وَلَا وَسَطِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِإِنْبَاتِهَا أَيْ إنَّمَا احْتَجْت لِقَوْلِي لِإِنْبَاتِهَا لِأَنَّهُ يُطْلَقُ بِالْمَعْنَيَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَنْفِ هَذَا لِرُبَّمَا تُوُهِّمَ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ بِالْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: خَفِيفًا) أَيْ غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَهْشِمُ لَحْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً (قَوْلُهُ: حَيْثُ عُلِمَ إفَادَتُهُ) قَيْدٌ فِي الضَّرْبِ قَالَ عج وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الضَّرْبَ لَا يُفِيدُ، فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إذْ الْوَسِيلَةُ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا مَقْصِدُهَا لَا تُشْرَعُ اهـ. (أَقُولُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا عُلِمَ إفَادَتُهُ لَا يُشْرَعُ (قَوْلُهُ، وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ الضَّرْبِ) أَيْ لَا مَا قَالَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَالْأَمْرُ لِلصَّبِيِّ بِالْفِعْلِ وَلِوَلِيِّهِ بِالْأَمْرِ بِهَا مِنْ الشَّارِعِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَالصَّوَابُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْوَلِيَّ مَنْدُوبَانِ مَأْجُورَانِ وَقِيلَ الْمَأْجُورُ الْوَلِيُّ فَقَطْ وَلَا ثَوَابَ لِلصَّبِيِّ عَلَى فِعْلِهِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْعِبَادَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْلَاحِ كَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَعَلَيْهِ فَقِيلَ ثَوَابُهُ لِوَالِدَيْهِ قِيلَ عَلَى السَّوَاءِ وَقِيلَ ثُلُثَاهُ لِلْأُمِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ وَتُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَاتُ، وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ التَّفْرِقَةَ فِي الْمَضَاجِعِ لِعَشْرٍ لَا عِنْدَ الْإِثْغَارِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَعْنَى التَّفْرِقَةِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَتَجَرَّدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ أَبَوَيْهِ وَلَا مَعَ غَيْرِهِمْ إلَّا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَوْبٌ حَائِلٌ وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُفْرَشُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِرَاشٌ عَلَى حِدَةٍ سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ حُكْمَ التَّفْرِقَةِ الِاسْتِحْبَابُ، فَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ التَّفْرِقَةُ وَتَلَاصَقَا بِعَوْرَتَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ اللَّذَّةِ وَوُجُودِهَا، وَأَمَّا مُلَاصَقَةُ الْبَالِغَيْنِ لِعَوْرَتَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا فَحَرَامٌ، وَأَمَّا بِغَيْرِهَا مِنْ جَسَدَيْهِمَا فَمَكْرُوهٌ، فَإِنْ تَلَاصَقَ الْبَالِغَانِ بِعَوْرَتَيْهِمَا مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا فَمَكْرُوهٌ أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ قَصْدُ اللَّذَّةِ أَوْ وُجُودُهَا وَإِلَّا حَرُمَ وَإِنْ تَلَاصَقَ بَالِغٌ وَغَيْرُهُ بِعَوْرَتَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ أَوْ بِحَائِلٍ، فَإِنَّهُ يَجْرِي الْحُكْمُ فِي الْبَالِغِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَا حُرْمَةَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالتَّفْرِقَةِ وَالْمَرْأَتَانِ كَالرَّجُلَيْنِ فِيمَا مَرَّ. (ص) وَمُنِعَ نَفْلٌ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ (ش) لَمَّا كَانَ كُلُّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ إلَى هُنَا خَاصًّا بِالْفَرِيضَةِ الْوَقْتِيَّةِ وَكَانَ يَجُوزُ إيقَاعُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ قَضَائِهَا أَخَذَ الْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّافِلَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْفَرَائِضِ الْخَمْسَةِ لِيَشْمَلَ الْجِنَازَةَ وَقَضَاءَ النَّفْلِ الْمُفْسَدِ وَالنَّفَلِ الْمَنْذُورِ رَعْيًا لِأَصْلِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إيقَاعُ   [حاشية العدوي] الْجُزُولِيُّ مِنْ كَوْنِهِ يُضْرَبُ عَلَى الظَّهْرِ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ أَوْ تَحْتَ الْقَدَمِ عُرْيَانًا ثَلَاثًا أَيْ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا كَانَ قِصَاصًا، فَإِنْ نَشَأَ عَنْ ذَلِكَ شَيْنٌ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْقَرَافِيِّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ مَأْمُورٌ مِنْ الشَّارِعِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَكُونُ الصَّبِيُّ مَأْمُورًا مِنْ وَلِيِّهِ مِنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: مَأْجُورَانِ) لَازِمٌ لِقَوْلِهِ مَنْدُوبَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْعِبَادَةِ) أَيْ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ الْوَلِيُّ بِالْعِبَادَةِ لِأَجْلِ الْإِصْلَاحِ فَإِضَافَةُ سَبِيلِ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ كَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ) أَيْ تَذْلِيلِهَا وَخُلَاصَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِرِيَاضَتِهَا تَذْلِيلُهَا أَيْ جَعْلُهَا سَهْلَةَ الِانْقِيَادِ وَهُوَ عَيْنُ الصَّلَاحِ فَلَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ كَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ لِأَجْلِ صَلَاحِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ كَضَرْبِ الدَّابَّةِ لِأَجْلِ صَلَاحِهَا الَّذِي هُوَ تَذْلِيلُهَا أَيْ كَوْنُهَا سَهْلَةَ الِانْقِيَادِ (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ رُفِعَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ الْمَأْمُورُ الْوَلِيُّ فَقَطْ وَفِيهِ أَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ لَا عَلَى عَدَمِ الثَّوَابِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْأَمْرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ تُسَاوِيهِمَا فِي الْكَتْبِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ الْوَلِيُّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ ثَوَابُهُ) الْأَوْلَى حَذْفُ قِيلَ وَيَقُولُ وَعَلَيْهِ فَثَوَابُهُ لِوَالِدَيْهِ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ إلَخْ) رُجُوعٌ لِلْمُعْتَمَدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَالصَّوَابُ إلَخْ فَعَدَمُ كَتْبِ السَّيِّئَاتِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالنِّزَاعُ فِي كَتْبِ الْحَسَنَاتِ فَمَصَبُّ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ وَتُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَاتُ قَالَ فِي ك وَيُثَابُ الصَّبِيُّ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ وَعَلَى تَرْكِ الْمَكْرُوهَاتِ وَرُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ فِي الْوَاجِبِ، وَالْحَرَامِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْأَبَ، وَالْوَصِيَّ، وَالْحَاضِنَ، وَالْحَاضِنَةَ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَيُفْهَمُ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِثَوْبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ لَابِسًا ثَوْبًا كَفَى وَيُفْهَمُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَوْبٍ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ هَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ كَمَا أَفَادَهُ عج وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: يُفْرَشُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِرَاشٌ) قَالَ عج يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ غِطَاءٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْأَقْوَالَ بِحَسَبِ حَالِ وَلِيِّ الطِّفْلِ مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ، فَإِذَا كَانَ مُتَّسِعًا فَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَإِلَّا فَقَوْلُ غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَتَلَاصَقَا بِعَوْرَتِهِمَا) هَذَا يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْأَسْعَدُ بِسُهُولَةِ الشَّرْعِ خُصُوصًا، وَالْفُقَرَاءُ أَكْثَرُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ) بَلْ وَهُمْ أَيْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُلَاصَقَةُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ اجْتِمَاعُ رَجُلَيْنِ تَحْتَ كِسَاءٍ حَيْثُ لَا يَحْصُلُ تَمَاسٌّ وَلَا رُؤْيَةٌ (قَوْلُهُ: فَمَكْرُوهٌ) أَيْ إلَّا لِقَصْدِ لَذَّةٍ أَوْ وُجْدَانٍ، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّ عَشْرَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَمْنُوعَةٌ وَصُورَتَانِ مَكْرُوهَتَانِ وَصُورَةٌ جَائِزَةٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ مَتَى كَانَ مَعَ قَصْدِ لَذَّةٍ أَوْ وُجْدَانِهَا أَوْ هُمَا مَعًا حَرُمَ كَانَ تَلَاصُقُهُمَا بِعَوْرَتَيْهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا بِحَائِلٍ وَبِغَيْرِهِ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَإِذَا عَدِمَ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ تَلَاصَقَا بِعَوْرَتَيْهِمَا بِلَا حَائِلٍ حَرُمَ وَبِحَائِلٍ كُرِهَ وَإِنْ تَلَاصَقَا بِغَيْرِهِمَا إنْ كَانَ بِلَا حَائِلٍ كُرِهَ وَإِنْ كَانَ بِحَائِلٍ جَازَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ الْحُرْمَةُ فِي عَوْرَةِ الْبَالِغِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَائِلِ وَكَذَا مَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ عِنْدَ قَصْدِ لَذَّةٍ أَوْ وُجْدَانِهَا وَمَعَ فَقْدِهِمَا الْكَرَاهَةُ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا مَعَ قَصْدِ اللَّذَّةِ يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَبِدُونِهَا يُكْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْحَائِلِ وَيَجُوزُ مَعَ الْحَائِلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُمَكِّنَ الْبَالِغَ مِنْ أَنْ يُلْصِقَ ذَكَرَهُ بِدُبُرِ ابْنِهِ الْغَيْرِ الْبَالِغِ الَّذِي تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُمَكِّنَ الْبَالِغَ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا بِمَنْ فِي حِجْرِهِ. (قَوْلُهُ: الْوَقْتِيَّةِ) أَيْ الَّتِي لَهَا وَقْتٌ مُحَدَّدٌ مُعَيَّنٌ احْتِرَازًا عَنْ فَرِيضَةٍ غَيْرِ وَقْتِيَّةٍ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ: رَعْيًا لِأَصْلِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقَضَاءُ النَّفْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 النَّفْلِ الْمَدْخُولِ عِنْدَ ثَلَاثَةِ أَوْقَاتِ إجْمَاعًا أَحَدُهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَيْ ظُهُورِ حَاجِبِهَا مِنْ الْأُفُقِ حَمْرَاءَ إلَى بَيَاضِهَا بِارْتِفَاعِ جَمِيعِهَا وَثَانِيهَا عِنْدَ غُرُوبِهَا أَيْ اسْتِتَارِ طَرَفِهَا الْمُوَالِي لِلْأُفُقِ إلَى ذَهَابِ جَمِيعِهَا لِخَبَرِ لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَيْ شَيْطَانٍ أَوْ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَقِيلَ قَرْنَاهُ جَانِبَا رَأْسِهِ وَقِيلَ مَعْنَى الْقَرْنِ الْقُوَّةُ أَيْ تَطْلُعُ حِينَ قُوَّةِ الشَّيْطَانِ وَالرَّاجِحُ كَوْنُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ جَانِبَا رَأْسِهِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُدْنِيَ رَأْسَهُ إلَى الشَّمْسِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِيَصِيرَ السَّاجِدُ لَهَا كَالسَّاجِدِ لَهُ، وَثَالِثُهَا عِنْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ خَوْفًا مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَسَوَاءٌ الدَّاخِلُ وَالْجَالِسُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ بَلْ وَقْتَ جُلُوسِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ صُعُودِهِ لِلْمِنْبَرِ. وَإِنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي جَمْعِ النَّظَائِرِ وَاتِّكَالًا عَلَى مَا يُحَرِّرُهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُرْمَةَ النَّفْلِ حِينَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ النَّفْلِ بِهِ وَلِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِوَقْتٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِوُجُوبِ الِاشْتِغَالِ بِالْمُقَامَةِ وَلِئَلَّا يُطْعَنَ فِي الْإِمَامِ فَهُوَ لِأَمْرٍ آخَرَ كَنَفْلِ مَنْ خَشِيَ خُرُوجَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ وَلَا يُقَالُ النَّفَلُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ أَيْضًا لَيْسَ لِخُصُوصِ الْوَقْتِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ هُوَ السَّمَاعُ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُنْضَبِطَةً بِوَقْتٍ وَتُكَرَّرُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَاخْتَصَّ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالنَّفْلِ شَابَهَتْ الْوَقْتَ الْمَحْدُودَ وَالْمُخْتَصَّ بِذَلِكَ (ص) وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قَيْدَ رُمْحٍ وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ الْمُقَابِلِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَبَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَصْرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قُدِّمَتْ عَلَى الْوَقْتِ كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَلَا بَأْسَ بِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّهِ وَقَدْ صَلَّاهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ بَلْ إمَّا حِمَايَةُ التَّطَرُّقِ إلَى الصَّلَاةِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ أَوْ حَقًّا لِلْفَرْضَيْنِ لِيَكُونَ مَا بَعْدَهُمَا مَشْغُولًا بِمَا يَتْبَعُهُمَا مِنْ دُعَاءٍ وَنَحْوِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَشْفَعُ مَنْ ذُكِرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنَّهُ صَلَّاهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ نَفْلًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ تَقْيِيدِنَا أَوَّلًا النَّفَلَ بِالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ وَيَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ   [حاشية العدوي] الْمُفْسَدِ، وَالنَّفَلِ الْمَنْذُورِ (قَوْلُهُ: النَّفْلِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ عَصْرِهِ أَنَّهُ صَلَّاهُ، فَإِنَّهُ يُشَفِّعُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ نَفْلًا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا تَتَحَرَّوْا) بِفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: بِقَرْنَيْ شَيْطَانٍ إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ: قِيلَ مَعْنَى الْقَرْنِ الْقُوَّةُ) فَتَكُونُ التَّثْنِيَةُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى قُوَّةِ تِلْكَ الْقُوَّةِ كَأَنَّهَا قُوَّتَانِ، وَاسْتِعْمَالُ الْقَرْنِ فِي الْقُوَّةِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ السَّبَبِ فِي الْمُسَبَّبِ لِأَنَّهُ يَتَسَبَّبُ عَنْ الْقَرْنِ الْقُوَّةُ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ إلَّا لِدَاعٍ وَلَا دَاعِيَ هُنَا (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ عِنْدَهَا (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبَ) أَيْ عَنْ اسْتِمَاعِهَا الْوَاجِبَ وَأَرَادَ بِهِ السُّكُوتَ فَلَوْ تَفَكَّرَ بِدُونِ كَلَامٍ حَتَّى لَمْ يَسْمَعْ مَا قَالَ الْإِمَامُ فَلَا يَأْثَمُ رَاجِعْ بَابَ الْجُمُعَةِ وَاحْتُرِزَ بِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ عَنْ خُطْبَةِ غَيْرِهَا فَالصَّلَاةُ وَقْتَهَا مَكْرُوهَةٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ: بَلْ وَقْتَ جُلُوسِهِ) وَكَذَلِكَ عِنْدَ صُعُودِهِ أَيْ الْمُعْتَادِ فَلَوْ جَاءَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ بِأَنْ بَادَرَ فَيُعْتَبَرُ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فِي جَمْعِ النَّظَائِرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ إلَّا نَظَائِرَ تَكُونُ مُتَوَافِقَةً عَلَى الْحُكْمِ فِيهَا وَلَا يُسَلِّمُ أَيْ فَسُكُوتُهُ عَنْ وَقْتِ الْجُلُوسِ، وَالصُّعُودِ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مَعَ أَنَّ السُّيُورِيَّ يَقُولُ الرُّكُوعُ لِلدَّاخِلِ وَقْتَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ النَّفْلِ بِهِ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ، وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ أَيْ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ مَقْصُورَةً عَلَى النَّفْلِ بَلْ الْفَرْضُ كَذَلِكَ وَذُكِرَ لِكَوْنِهَا بِمَعْنَى الْمَنْعِ أَيْ كَمَا يَحْرُمُ النَّفَلُ يَحْرُمُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِوَقْتٍ) أَيْ أَنَّ تَحْرِيمَ النَّفْلِ وَقْتَ الْإِقَامَةِ لَيْسَ مُعَيَّنًا فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ كَكَوْنِهِ عَقِبَ الزَّوَالِ مَثَلًا بِحَيْثُ يَكُونُ تَحْرِيمُهُ لِذَاتِ الْوَقْتِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَيْسَ لَهَا زَمَنٌ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ لِوُجُوبِ الِاشْتِغَالِ بِالْإِقَامَةِ) أَيْ بِذَاتِ الْإِقَامَةِ أَوْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ الْمُقَامَةَ أَيْ الصَّلَاةَ الْمُقَامَةَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ الْمُقَامَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ: يَطْعَنُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ النَّفَلُ) أَيْ حُرْمَةُ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُنْضَبِطَةً بِوَقْتٍ) أَيْ وَهُوَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَتَكَرَّرَ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَاخْتَصَّ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالنَّفْلِ شَابَهَتْ أَيْ شَابَهَ وَقْتُهَا الْوَقْتَ الْمَحْدُودَ الْمُخْتَصَّ بِذَلِكَ أَيْ بِتَحْرِيمِ النَّفْلِ فَكَانَ التَّحْرِيمُ لِذَاتِ الْوَقْتِ وَلَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ آخَرَ هُوَ السَّمَاعُ (قَوْلُهُ: بِالنَّفْلِ) أَيْ دُونَ الْفَرْضِ فَالْحَصْرُ إضَافِيٌّ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ غَيْرُ النَّفْلِ، وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُور عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ) وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ وَقَوْلُهُ وَفَرْضُ عَصْرٍ لَا بَعْدَ أَذَانِهِ وَقَبْلَ صَلَاتِهِ وَهَذَا حِكْمَةُ قَوْلِهِ وَفَرْضُ عَصْرٍ دُونَ وَعَصْرٍ. (قَوْلُهُ: قِيدَ رُمْحٍ) أَيْ قَدْرَ رُمْحٍ وَمُرَادُهُ أَرْمَاحُ الْعَرَبِ وَقَدْرُهُ اثْنَا عَشَرَ شِبْرًا أَيْ بِالشِّبْرِ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَقًّا لِلْفَرْضَيْنِ إلَخْ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ كَمَا يَتْبَعُهُمَا دُعَاءٌ وَغَيْرُهُ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ يَتْبَعُ غَيْرَهُمَا الثَّانِي: أَنَّ النَّفَلَ بَعْدَ الْفَرْضِ حِكْمَتُهُ كَوْنُهُ جَابِرًا لِلْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي لَا يَقْصِدُهُ فَهَذِهِ تَبَعِيَّةٌ تُؤَكِّدُ طَلَبَهُ أَعْظَمَ مِنْ الدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَأَكُّدَ الدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ بَعْدَهُمَا آكَدُ وَأَزْيَدُ مِنْ نَفْسِهِ بَعْدَ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلَيْنِ إلَخْ) أَيْ فِي الْعِلَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ غَيْرَ أَنَّ الْأَبِيَّ كَمَا فِي الْحَطَّابِ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ) وَلَوْ ذَكَرَ قَبْلَ رُكُوعِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ قَطْعُهُ وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَ إحْرَامِهِ فِيمَا يَجُوزُ النَّفَلُ بَعْدَهُ جَرَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 إلَى أَنْ يَطْلُعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ إلَى أَنْ يَتَكَامَلَ جَمِيعُ قُرْصِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ عَنْ الْأُفُقِ قَيْدَ رُمْحٍ طَوِيلٍ مِنْ أَرِمَاحِ الْقَنَا. وَالْقِيدُ بِكَسْرِ الْقَافِ الْقَدْرُ وَطُولُ الرُّمْحِ اثْنَا عَشَرَ شِبْرًا مِنْ الْأَشْبَارِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَتَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ أَدَاءِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ طَرَفِ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ إلَى اسْتِتَارِ جَمِيعِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تُصَلَّى الْمَغْرِبُ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتَيْ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِوَقْتِ الْمَنْعِ فَلَا يَغْفُلُ عَنْهُ فَقَوْلُهُ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَجْرِ وَقَوْلُهُ وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَفَرْضُ عَصْرٍ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ وَلَوْ فِي الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ لِلْمُزْدَلِفَةِ (ص) إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْوِرْدَ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ فَجْرٍ أَيْ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْوِرْدَ اللَّيْلِيَّ فَلَا بَأْسَ بِإِيقَاعِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَرْضِ، فَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ فَاتَ الْوَرْدُ وَأَخَّرَ الْفَجْرَ إلَى حِلِّ النَّافِلَةِ وَمِثْلُ الْفَجْرِ الشَّفْعُ وَالْوِتْرُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَأَمَّا جَوَازُ الْوَرْدِ فَلِنَائِمٍ عَنْهُ خَاصَّةً وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ الِانْتِبَاهُ آخِرَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ وَمِثْلُهُ النَّاعِسُ وَالسَّاهِي فَلَوْ أَخَّرَهُ عَمْدًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يُصَلِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ بِتَشَاغُلِهِ بِهِ فَوَاتَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَظَاهِرُهُ الْبُدَاءَةُ بِهِ لِلْمُنْفَرِدِ عَلَى الْفَرْضِ وَلَوْ أَدَّى إلَى تَأْخِيرِهِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ الْمُخْتَارِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ فِي أَنَّهُ يُبَادِرُ لِفَرْضِهِ وَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ أَصْبَحَ يَنْتَظِرُ جَمَاعَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ لِذِكْرِهِ لَهُمَا فِي بَابِ النَّفْلِ وَلَا صَلَاةَ الْخُسُوفِ لِكَوْنِهَا لَا تُصَلَّى بَعْدَ الْفَجْرِ. (ص) وَجِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ أَيْ أَنَّ الْجِنَازَةَ الَّتِي لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهَا وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ يُفْعَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَبْلَ الْإِسْفَارِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: قَبْلُ أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ إذْ فِعْلُهُمَا حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ لَا مَمْنُوعٌ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ فِعْلُهُمَا عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ حُكْمُ النَّفْلِ فَلَوْ صُلِّيَتْ فِي وَقْتِ الْمَنْعِ أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُعَادُ وَلَوْ لَمْ تُدْفَنْ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ صُلِّيَتْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُعَادُ بِحَالٍ (ص) وَقَطَعَ مُحْرِمٌ بِوَقْتِ نَهْيٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي حُرُمَاتِ صَلَاةِ نَافِلَةٍ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا قَطَعَ وُجُوبًا فِي وَقْتِ الْمَنْعِ وَنَدْبًا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ إذْ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قُطِعَ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ، وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَنْبَغِي شُمُولُهُ لَهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْقَطْعِ مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَا لِذَاتِ الْوَقْتِ وَلَا لِمَعْنًى فِي ذَاتِ الْعِبَادَةِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهِ بَلْ لِمَعْنًى خَارِجٍ عَنْ الذَّاتِ فَلَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ وَقَطَعَ وَلَمْ يَقُلْ بَطَلَتْ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ النَّهْيُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: الْقَنَا) جَمْعُ قَنَاةٍ وَهِيَ الرُّمْحُ فَإِضَافَةُ الْأَرْمَاحِ لَلْقَنَا إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُضَيَّقٌ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ شُرُوطِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ كَانَ مُحَصِّلًا لِشُرُوطِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ تَحْصِيلِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ فَلَنَا ثُمَّ عَنْهُ خَاصَّةً) هَذَا شَرْطٌ أَوَّلُ وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ شَرْطٌ ثَانٍ وَأَنْ لَا يَخَافَ فَوَاتَ جَمَاعَةٍ وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ بَعْدُ وَأَنْ لَا يَخَافَ دُخُولَ إسْفَارٍ (قَوْلُهُ: النَّاعِسُ) هُوَ غَيْرُ النَّائِمِ أَيْ مَنْ قَامَ بِهِ سِنَةُ النَّوْمِ أَيْ مَبْدَأُ النَّوْمِ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَلِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِلْجَلَّابِ فِي إلْحَاقِهِ بِالنَّائِمِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ) كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي رُجُوعَ ذَلِكَ لِلْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فَقَطْ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ رُجُوعُهُ لِلْوِرْدِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَجِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ أَيْ بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ كَمَا فِي تت وَمَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ مَا لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الِاصْفِرَارِ أَيْ وَمَا لَمْ يَخْشَ التَّغَيُّرَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُدْفَنْ) أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَلَمْ يُسَوَّ التُّرَابُ أَوْ بِشَرْطِ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ وَلَوْ لَمْ تُكْمِلْ أَوْ بِشَرْطِ الْكَمَالِ، وَالظَّاهِرُ الْوَسَطُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُعَادُ وَلَوْ لَمْ تُدْفَنْ) كَأَنَّهُ قَالَ لَا تُعَادُ دُفِنَتْ أَوْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يَفْصِلُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ التَّغَيُّرِ وَحَاصِلُهَا أَنَّهَا لَا تُعَادُ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ دُفِنَتْ أَمْ لَا، وَأَمَّا وَقْتُ الْمَنْعِ فَتُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنْ وَاقْتُصِرَ فِي الطِّرَازِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ قَائِلًا إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا) أَيْ مَحَلُّ الْمَنْعِ، وَالْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَيُصَلِّي عَلَيْهَا وَلَا إعَادَةَ دُفِنَتْ أَمْ لَا كَأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ مَنْعٍ أَوْ كَرَاهَةٍ فَظَهَرَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ قَالَ فِي ك وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَوْ الْإِسْفَارِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُصَلَّى وَقْتُ الْمَنْعِ وَلَوْ خِيفَ التَّغَيُّرُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مُرَاعَاةٌ لِلْقَوْلِ بِالْفَرْضِ (قَوْلُهُ وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ) أَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا إلَّا مَنْ دَخَلَ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَحْرَمَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي أَمْرِ الدَّاخِلِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ بِالنَّفْلِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَارِي عَلَى تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ، فَإِنْ قُلْت مَا تَقَدَّمَ دَخَلَ ابْتِدَاءً قَاصِدًا فَرْضًا وَمَا هُنَا قَاصِدًا نَفْلًا قُلْت آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ نَفْلٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَمَنْ يُحْرِمُ بِنَفْلٍ سَاهِيًا (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِانْعِقَادِهِ) وَالشَّيْخُ يَحْيَى الشَّاوِي حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيِّنُ. (قَوْلُهُ: بَلْ لِمَعْنًى خَارِجٍ) هُوَ الِاشْتِغَالُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَلِدُنُوِّ الشَّيْطَانِ قَرْنَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 لِمَعْنًى فِي ذَاتِ الْعِبَادَةِ أَوْ لِذَاتِ الْوَقْتِ أَوْ الْيَوْمِ كَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَاللَّيْلِ وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ فَيُمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ لِذَاتِ الْيَوْمِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَمَلْنَا قَوْلَهُ: مُحْرِمٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ دَخَلَ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ لَا مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لِيَشْمَلَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي وَقْتِ نَهْيٍ. (ص) وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ بِمَرَابِضِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَالْمَرْبِضُ اسْمُ مَكَانِ الرُّبُوضِ بِمَعْنَى الْبُرُوكِ بِوَزْنِ مَفْعِلٍ كَمَقْعِدٍ وَجَمْعُهُ أَرْبَاضٌ وَمَرَابِضُ يُقَالُ لِكُلِّ ذِي حَافِرٍ وَلِلسِّبَاعِ، وَرَبْضُ الْبَطْنِ مَا يَلِي الْأَرْضَ مِنْ الْبَقَرِ وَالشَّاةِ وَدَلِيلُهُ فِي الثَّانِي شَرْعًا وَلُغَةً حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ» فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْمُسْتَعْمَلُ لِلْغَنَمِ الْمَرَاحُ مَرْدُودٌ. (ص) كَمَقْبَرَةٍ وَلَوْ لِمُشْرِكٍ وَمَزْبَلَةٍ وَمَجْزَرَةٍ وَمَحَجَّةٍ إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْأَحْسَنِ إنْ لَمْ تُحَقَّقْ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَجُوزُ فِي الْمَقْبَرَةِ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً تَيَقَّنَ نَبْشَهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ جُعِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ أَمْ لَا كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِمُشْرِكٍ وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَمَرَ بِنَبْشِ مَقْبَرَتِهِمْ   [حاشية العدوي] مِنْ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: كَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ زَمَنِ الْحَيْضِ) رَاجِعٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَاللَّيْلُ رَاجِعٌ لِلنَّهْيِ لِذَاتِ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ رَاجِعٌ لِلنَّهْيِ لِذَاتِ الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الْوَقْتِ ثُمَّ تَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لِمَعْنًى فِي ذَاتِ الْعِبَادَةِ فَتَقُولُ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ مُرَادُ ذَلِكَ الْخَاصِّ وَإِضَافَةُ ذَاتٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَكَأَنَّهُ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ النَّهْيُ لِلْعِبَادَةِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَرْحَ جَمْعِ الْجَوَامِعِ يُفِيدُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ النَّهْيَ لِذَاتِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِعْرَاضُ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ أَمْرٌ لَازِمٌ لِذَاتِ الصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِذَاتِ الْيَوْمِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْ كَانَ النَّهْيُ لِلَازِمِ ذَاتِ الْيَوْمِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ فَهُوَ لَازِمٌ لِذَاتِ الْيَوْمِ أَيْ لِصِيَامِ ذَاتِ الْيَوْمِ لَكِنْ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ الطُّلُوعِ، وَالْغُرُوبِ، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِلَّازِمِ لَهَا وَهُوَ وَقْتُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت كِتَابَةً قَدِيمَةً أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ الْبُطْلَانُ بِالنِّسْبَةِ لِنَهْيِ التَّحْرِيمِ وَرَأَيْت الْمَحَلِّيَّ سَوَّى بَيْنَ صَوْمِ النَّحْرِ، وَالْأَوْقَاتِ فَقَالَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى النَّهْيِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ سَوَاءٌ رَجَعَ النَّهْيُ فِيمَا ذَكَرَ إلَى نَفْسِهِ كَصَلَاةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا أَمْ لَازِمِهِ كَصَوْمِ النَّحْرِ لِلْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ وَكَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِفَسَادِ الْأَوْقَاتِ اللَّازِمَةِ لَهَا بِفِعْلِهَا فِيهَا. وَلِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ لَهَا بِفِعْلِهَا فِيهِ لِجَوَازِ ارْتِفَاعِ النَّهْيِ عَنْهُ قَبْلَ فِعْلِهَا فِيهِ كَأَنْ جَعَلَ الْحَمَّامَ مَسْجِدًا وَلَا يَضُرُّ زَوَالُ الِاسْمِ لِأَنَّ الْمَكَانَ بَاقٍ بِحَالِهِ مَعَ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُطْلَقَ لَازِمٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَقَّتَهَا بِهِ بِخِلَافِ الْمَكَانِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِي حُرُمَاتِ إلَخْ) جَمْعُ حُرْمَةٍ بِمَعْنَى مُحْتَرَمَةٍ أَيْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ الْمُحْتَرَمَةِ أَيْ الْمُوَقَّرَةِ الْمُعَظَّمَةِ بِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِخِلَافِهَا. (قَوْلُهُ: يُقَالُ لِكُلِّ ذِي حَافِرٍ) أَيْ لِمَوْضِعِ بُرُوكِ كُلِّ ذِي حَافِرٍ وَلِلسِّبَاعِ أَيْ وَلِلْغَنَمِ (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُهُ فِي الثَّانِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْغَنَمُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ (قَوْلُهُ: شَرْعًا وَلُغَةً) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الصَّحْبِ جَارٍ عَلَى أُسْلُوبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَيُسْتَدَلُّ بِكَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ هَذَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَحَيْثُ كَانَ يُسْتَدَلُّ بِكَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ فَكَيْفَ يُقَالُ الدَّلِيلُ اثْنَانِ: الشَّرْعُ، وَاللُّغَةُ (قَوْلُهُ مَرَاحٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَحَلُّ قَيْلُولَةِ الْغَنَمِ وَمَبِيتِهَا، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلسُّرُورِ، وَالْفَرَحِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ عج وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ أَنَّ الْمَرْبِضَ وِزَانُ مَجْلِسٍ هُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ، فَإِنَّ اسْمَ الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ مِمَّا مُضَارِعُهُ عَلَى يَفْعِلُ مَكْسُورُ الْعَيْنِ بِوَزْنِ مَجْلِسٍ وَفِي تت مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ اُسْتُعْمِلَ لَهُمَا أَيْ الْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ مَرْبِضٌ كَمَقْعِدٍ وَمَجْلِسٍ ابْنُ دُرَيْدٍ وَيُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ حَافِرٍ وَلِلسِّبَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ: مَقْبَرَةٌ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَحَلُّ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِلدَّفْنِ وَلَمْ يُدْفَنْ فِيهِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: مَزْبَلَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتُضَمُّ بَاؤُهَا وَتُفْتَحُ مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ (قَوْلُهُ: وَمَجْزَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ مَوْضِعُ الْجَزْرِ قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ وَفِي تت أَنَّهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتُفْتَحُ زَايُهَا وَتُكْسَرُ (قَوْلُهُ: إنْ أُمِنَتْ) كَمَوْضِعٍ بِهَا عَالٍ لَا يَصِلُ لَهُ نَجَاسَةٌ أَيْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهَا كَمَا فِي شب وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الظَّنُّ، وَالْمُرَادُ الْبُقْعَةُ الَّتِي صَلَّى فِيهَا لَا جَمِيعُ الْمَوَاضِعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ) أَيْ أَبَدِيَّةً هَذَا فِي غَيْرِ مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ إذَا صَلَّى فِيهَا لِضِيقِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ جَائِزَةٌ لَا إعَادَةَ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: تَجُوزُ فِي الْمَقْبَرَةِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ، وَالصَّلَاةُ تَسْتَلْزِمُ الْمَشْيَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْكَلَامُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ كَانَ الْقَبْرُ غَيْرَ مُسَنَّمٍ، وَالطَّرِيقُ دُونَهُ قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ) قَالَ الْمَازِرِيُّ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهَا وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يَجُوزُ إذَا كَانَ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ لَا إنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَجُوزُ وَكَأَنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّبَهِ بِمَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ وَكَأَنَّ الْقَبْرَ مَعْبُودُهُ فَعَلَى هَذَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ عِنْدَ صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ وَحَرَّرَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ فِي التَّعْمِيمِ الْأَوَّلِ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ صَلَّى فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ، فَإِنْ كَانَتْ عَامِرَةً أَعَادَ أَبَدًا أَوْ دَارِسَةً فَلَا إعَادَةَ وَفِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لَا إعَادَةَ مُطْلَقًا وَمُقَابِلُ التَّعْمِيمِ الثَّانِي مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ تُكْرَهُ فِي الْجَدِيدِ مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي الْقَدِيمَةِ إنْ كَانَتْ مَنْبُوشَةً مَا لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَصِيرًا وَتُكْرَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَمُقَابِلُ التَّعْمِيمِ الثَّالِثِ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَيْثُ قَالَ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَصِيرًا وَمُقَابِلُ التَّعْمِيمِ الرَّابِعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَجَعَلَ مَسْجِدَهُ مَوْضِعَهَا» وَبَنَاهُ مَالِكٌ عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَحَمَلَ مَالِكٌ حَدِيثَ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ» عَلَى جُلُوسِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ مَوْضِعِ طَرْحِ الزِّبْلِ وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي الْمَجْزَرَةِ مَوْضِعِ الْجَزْرِ وَهُوَ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ أَيْ الْمَحَلُّ بِتَمَامِهِ أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِلذَّبْحِ فَيُعْدَلُ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَيُصَلِّي وَالْمُؤَلِّفُ قَالَ: إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ، وَالْمَحَلُّ بِتَمَامِهِ قَدْ يُؤْمَنُ مِنْ النَّجَسِ يَتَنَحَّى عَنْ مَحَلِّ الدَّمِ وَيُصَلِّي لَا مَحَلِّ تَعْلِيقِ اللَّحْمِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ. وَتَجُوزُ أَيْضًا الصَّلَاةُ فِي مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ وَهِيَ وَسَطُ الطَّرِيقِ وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ أَعْلَاهُ أَيْ جَانِبُهُ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ أُمِنَتْ الْبِقَاعُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ النَّجَسِ وَإِنْ شَكَّ فِي النَّجَاسَةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ تَحَقَّقَتْ أَعَادَ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ أَبَدًا وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ تُؤْمَنْ نَجَاسَتُهَا بِأَنْ شَكَّ فِيهَا فَلَا إعَادَةَ أَيْ أَبَدِيَّةً فَلَا يُنَافِي الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ. (ص) وَكُرِهَتْ بِكَنِيسَةٍ وَلَمْ تُعَدْ (ش) أَيْ وَكُرِهَتْ الصَّلَاةُ بِكَنِيسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا هُوَ مُتَعَبَّدُ الْكَفَرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُضْطَرَّ لِلنُّزُولِ بِهَا كَبَرْدٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ لِذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الدَّارِسَةِ وَكَذَلِكَ فِي الْعَامِرَةِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْعَامِرَةِ وَلَوْ اُضْطُرَّ لِلنُّزُولِ بِهَا ثُمَّ إنْ حَمَلَ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ تُعِدْ عَلَى نَفْيِ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الدَّارِسَةِ مُطْلَقًا وَعَلَى الْعَامِرَةِ حَيْثُ اُضْطُرَّ لِلنُّزُولِ بِهَا أَوْ نَزَلَهَا اخْتِيَارًا وَصَلَّى عَلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ وَإِنْ حَمَلَ عَلَى نَفْيِ الْإِعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِالْعَامِرَةِ اخْتِيَارًا وَصَلَّى بِأَرْضِهَا أَوْ عَلَى فِرَاشِهَا الْغَيْرِ الطَّاهِرِ وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَالزَّرْقَانِيِّ وَابْنِ غَازِيٍّ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا وَذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. (ص) وَبِمَعْطِنِ إبِلٍ وَلَوْ أَمِنَ وَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِمَعْطِنِ الْإِبِلِ أَيْ مَوْضِعِ مَبَارِكِهَا عِنْدَ الْمَاءِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَلَوْ بَسَطَ عَلَيْهِ شَيْئًا طَاهِرًا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَمِنَ مِنْ نَجَاسَتِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْضِعَ مَبِيتِهَا لَيْسَ بِمَعْطِنٍ وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَهَلْ الْكَرَاهَةُ تَعَبُّدٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ لِشِدَّةِ نِفَارِهَا فَلَا يَخْرُجُ عَلَيْهَا الْبَقَرُ نَعَمْ خَرَجَ عَلَيْهَا الْمَازِرِيُّ الْجَوَازَ بَعْدَ انْصِرَافِهَا وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَصَلَّى فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَهَلْ يَعْبُدُ فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ خَاصَّةً بِالنَّاسِي، وَأَمَّا الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ فَيُعِيدُ أَبَدًا   [حاشية العدوي] مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَنَصُّهُ وَقِيلَ تَجُوزُ بِمَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَتُكْرَهُ بِمَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ اهـ.، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ كَانَ الْقَبْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ لَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ النِّظَامُ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْأَصْلِ) هُوَ الطَّهَارَةُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ الَّذِي هُوَ النَّجَاسَةُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا إنَّمَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي مُحَقِّقِ الطُّهْرِ أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ الشَّكِّ فَلَا إعَادَةَ أَبَدِيَّةً تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ، وَأَمَّا لَوْ نَظَرْنَا لِلْغَالِبِ فَيُعِيدُ أَبَدًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَا قَبْلَهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ الْعَامِدُ، وَالْجَاهِلُ أَبَدًا، وَالْأَوَّلُ رَاعَى الْأَصْلَ وَابْنُ حَبِيبٍ رَاعَى الْغَالِبَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَقَّقَتْ) أَيْ أَوْ ظَنَّتْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ إذْ كَيْفَ تُعْقَلُ الْكَرَاهَةُ مَعَ وُجُودِ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الدَّارِسَةِ مُطْلَقًا) فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الدَّارِسَةَ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلَا إعَادَةَ لِلصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا (قَوْلُهُ: وَذُكِرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ قَالَ إنْ عَلَّلْنَا بِالصُّوَرِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالنَّجَاسَةِ قَالَ سَحْنُونَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ، وَالْجَهْلِ اهـ. وَالتَّعْلِيلُ بِالنَّجَاسَةِ أَظْهَرُ اهـ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَعْتَمِدْ الشَّارِحُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَوْضِعِ مَبَارِكِهَا عِنْدَ الْمَاءِ) لِتَشْرَبَ عَلَلًا وَهُوَ الشُّرْبُ الثَّانِي بَعْدَ نَهَلٍ وَهُوَ الشُّرْبُ الْأَوَّلُ اهـ. قَالَهُ تت وَظَاهِرُ الْحَطَّابِ اعْتِمَادُهُ خِلَافَ تَقْيِيدِ ابْنِ الْكَاتِبِ، فَإِنَّهُ قَالَ إنَّمَا نَهَى عَنْ الْمَعَاطِنِ الَّتِي مِنْ عَادَةِ الْإِبِلِ تَغْدُو وَتَرُوحُ إلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ بَاتَتْ فِي بَعْضِ الْمَنَاهِلِ لَجَازَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى إلَى بَعِيرِهِ فِي السَّفَرِ» اهـ. وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ بَاتَتْ إلَخْ يَشْمَلُ مَا لَوْ بَاتَتْ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُكْرَهُ فِي مَحَلِّ النُّزُولِ فِي الْعَقَبَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ إنَّ تَقْيِيدَ ابْنِ الْكَاتِبِ جَارٍ فِي تَفْسِيرِ الْمَعْطِنِ بِمَحَلِّ بُرُوكِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ شُرْبِهَا عَلَلًا وَنَهَلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَاجِبَةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةً وَلَمْ تُوجَدْ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْضِعَ إلَخْ) هَكَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَاقْتَصَرَ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَفِي شب وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ مَحَلُّ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ بُرُوكِهَا مُطْلَقًا فَاعْتُمِدَ كَلَامُ ابْنِ الْكَاتِبِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْرُجُ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِشِدَّةِ النَّفْرِ فَلَا يَخْرُجُ فَلِذَلِكَ قَالَ تت وَخَرَجَ عَنْ التَّعْلِيلِ بِنِفَارِهَا الْبَقَرُ (أَقُولُ) وَأَوْلَى الْخُرُوجُ عَنْ التَّعَبُّدِ وَقِيلَ فِي الْعِلَّةِ غَيْرُ ذَلِكَ فَقِيلَ الْعِلَّةُ كَثْرَةُ نِزَائِهَا وَقِيلَ وَسَخِهَا لِأَنَّهَا تَقْصِدُ السُّهُولَ فَتَجْمَعُ النَّجَاسَةَ فِيهَا وَقِيلَ سَوَاءٌ رَائِحَتُهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) اسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ إنْ عَلَّلْنَاهُ بِالنَّجَاسَةِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ أَوْ لِسُوءِ رَائِحَتِهَا أَوْ تَعَبُّدٌ فَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ أَبَدًا) مُقْتَضَى قَوْلِهِ بِنَاءً إلَخْ أَنَّ الْإِعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ وُجُوبًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَسَطَ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ تُحْمَلَ الْأَبَدِيَّةُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَقَوْلُهُ وَفِي الْإِعَادَةِ وَفِي حَدِّ الْإِعَادَةِ أَوْ كَيْفِيَّتِهَا أَوْ مُنْتَهَاهَا قَوْلَانِ هَلْ تُحَدُّ بِالْوَقْتِ مُطْلَقًا أَوْ تُحَدُّ بِالْوَقْتِ فِي النَّاسِي لَا فِي غَيْرِهِ. (ص) وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا وَلَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ صَلَاةِ فَرْضٍ وَأَقَرَّ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يُهَدَّدُ وَيُضْرَبُ وَلَمْ نَزَلْ مَعَهُ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ وَلَا طُمَأْنِينَةٍ لِلْخِلَافِ، فَإِنْ قَامَ لِلْفِعْلِ لَمْ يُقْتَلْ وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ فِي الْحَالِ يُضْرَبُ عُنُقُهُ حَدًّا لَا كُفْرًا عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ مَعَ تَمَادِيهِ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يَشْرَعْ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى التَّأْخِيرِ حَتَّى تَصِيرَ فَائِتَةً فَلَا يُقْتَلُ بِهَا إذْ لَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ بَيْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ قَوْلًا وَفِعْلًا أَوْ يَمْتَنِعَ فِعْلًا كَمَا لَوْ وَعَدَ بِهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا لِأَنَّ عَدَمَ امْتِنَاعِهِ بِالْقَوْلِ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنَّمَا يُقْتَلُ لِأَجْلِ التَّرْكِ وَالتَّرْكُ مُحَقَّقٌ مِنْهُ فَيُلْحَقُ بِمَا قَبْلَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا قَالَ أَنَا أَفْعَلُ لَا يُقْتَلُ وَيُبَالَغُ فِي أَدَبِهِ (ص) وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَتْلِهِ حَدًّا لَا كُفْرًا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَدَمُ إخْفَاءِ قَبْرِهِ بَلْ يُسَنَّمُ كَغَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ إخْفَاءِ قَبْرِهِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ عَدَمُ الْجَمِيعِ (ص) لَا فَائِتَةً عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ) وَهُوَ الطَّهَارَةُ وَقَوْلُهُ: وَالْغَالِبِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا شَيْئًا طَاهِرًا (قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الْإِعَادَةِ) أَيْ فِيمَا تُحَدُّ بِهِ الْإِعَادَةُ وَتُضْبَطُ بِهِ الْإِعَادَةُ وَهُوَ يَرْجِعُ لِلْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَيْفِيَّتُهَا) أَيْ صِفَتُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مُنْتَهَاهَا) أَيْ انْتِهَائِهَا أَيْ الْحَالَةُ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا وَتَتَّصِفُ بِهَا وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: هَلْ تُحَدُّ) أَيْ تُضْبَطُ وَتُعَيَّنُ. (قَوْلُهُ وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا) أَيْ مِنْ الْخَمْسِ وَطُلِبَ بِفِعْلِهِ بِسَعَةِ وَقْتِهِ وَلَوْ ضَرُورِيًّا طَلَبًا مُتَكَرِّرًا، فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِسَعَتِهِ، وَإِنَّمَا طُلِبَ بِضِيقِهِ لَمْ يُقْتَلْ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ تَرَكَ فَرْضَيْنِ وَقَدْ أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَاصِلِهِ وَلَوْ تَرَكَ فَرْضَيْنِ مُشْتَرِكَيْ الْوَقْتِ فَيُقَدَّرُ لَهُمَا بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ فِي النَّهَارِيَّتَيْنِ، وَاللَّيْلِيَّتَيْنِ أَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ فَوَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ إلَّا رَكْعَةٌ فَلَوْ أَخَّرَ لِبَقَاءِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا يُقْتَلَ بِالظُّهْرِ لِأَنَّهَا صَارَتْ فَائِتَةً لِكَوْنِ الْوَقْتِ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ، وَالْفَائِتَةُ لَا يُقْتَلُ بِهَا، وَأَمَّا الْعِشَاءَانِ فَلِأَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ فَلِلْعِشَاءِ أَرْبَعٌ وَلِلْمَغْرِبِ رَكْعَةٌ لِأَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ، وَالْفَائِتَةُ لَا يُقْتَلُ بِهَا وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِالثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَخَّرَ) أَيْ أَخَّرَ وُجُوبًا أَيْ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ، فَإِنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَخَّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ لَهُ الطَّهَارَةُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ الطَّهَارَةُ إذْ الصَّلَاةُ لَا تَكُونُ بِدُونِهَا وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُقَدَّرُ لَهُ الطَّهَارَةُ التُّرَابِيَّةُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ أَوْ الْمَائِيَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَعَلَيْهِ، فَإِذَا قُدِّرَتْ الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ وَخَافَ بِاسْتِعْمَالِهَا فَوَاتَ الرَّكْعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِالتَّيَمُّمِ انْتَهَى وَفِي تَقْرِيرِ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِتَقْدِيرِ الطَّهَارَةِ أَصْلًا الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ) أَيْ إنْ كَانَ مَاءً أَوْ صَعِيدًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ) إشَارَةٌ إلَى إضْمَارِ فِي الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ فَرْضًا أَيْ أَقَرَّ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يُهَدَّدُ) أَيْ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا طُمَأْنِينَةٍ) أَيْ وَلَا اعْتِدَالٍ (قَوْلُهُ يُضْرَبُ عُنُقُهُ) لَا أَنَّهُ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّهُ يُنْخَسُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ (قَوْلُهُ: حَدًّا) يَرِدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَدًّا لَسَقَطَ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَبَعْضِ الْحُدُودِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ عِصْيَانَهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ تَرْكِ الْفِعْلِ فَتَوْبَتُهُ إنَّمَا تَكُونُ بِالشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ قَوْلِهِ تُبْت وَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) ، فَإِنَّهُ يَقُولُ يُقْتَلُ كُفْرًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى التَّأْخِيرِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وَجَبَ قَتْلُهُ فَحَصَلَ تَوَانٍ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُقَالُ لِأَنَّهَا فَائِتَةٌ الَّتِي لَا يُقْتَلُ بِهَا فَائِتَةٌ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا طَلَبٌ فِي وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْفَاضِلِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ زَجْرًا لِأَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ فَيَنْبَنِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ الْمُعْتَمَدِ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا غَيْرَ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: لَا فَائِتَةٍ) أَيْ فَائِتَةٍ لَمْ يُطْلَبْ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَدَّى إلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ أَحَدٌ لِأَنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ رَكْعَةٍ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ فَيَفُوتُ الْوَقْتُ فَنَقُولُ لَا قَتْلَ بِالْفَائِتَةِ هَكَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَقْدِيرُ الطُّهْرِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت عَدَمَ ظُهُورِ قَوْلِ عج إنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى يَأْتِي بِهَا الْمُصَلِّي خَالِيًا مِنْ فَاتِحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ بِهَا الْوَقْتَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ الطُّهْرُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّهْرِ، فَإِذَا تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ لِكَوْنِهِ فَرْضَهُ مَثَلًا فَاتَ الْوَقْتُ وَحَيْثُ فَاتَ الْوَقْتُ فَمَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ تُصَلِّيَ صَلَاةً كُلُّهَا بِطُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) لَوْ قَالَ عَلَى الْمَقُولِ يَدُلُّ عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ تَرْجِيحَ هَذَا الْقَوْلِ إنَّمَا هُوَ لِلْمَازِرِيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُؤَلِّفُ إنَّمَا الْتَزَمَ حَيْثُ أَشَارَ بِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ وَبِالتَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ وَبِالظُّهُورِ لِابْنِ رُشْدٍ وَبِالِاخْتِيَارِ لِلَّخْمِيِّ وَلَمْ يَلْتَزِمْ أَنَّهُ مَتَى وَجَدَ قَوْلًا لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُشِيرَ لَهُ بِمَادَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَادِّ كَمَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا إلَخْ) التَّقْدِيرُ عَلَيْهِ وَقُتِلَ فِي الْفَرْضِ لَا فِي الْفَائِتَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ الْفَائِتَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْفَرْضِ فَلَا يَظْهَرُ الْعَطْفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الضَّمِيرِ الْمُقَدَّرِ مَعَ جَارِّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَتْلُ أَيْ فِيهِ لَا فَائِتَةٍ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى فَرْضًا بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ أَيْ فَرْضًا حَاضِرًا لَا فَائِتَةً وَالدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ حَاضِرًا قَوْلُهُ أَخَّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ إلَخْ وَرَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى أَيْ الْفَرْضُ الْحَاضِرُ يُقْتَلُ تَارِكُهُ لَا فَائِتَةٌ فَلَا يُقْتَلُ تَارِكُهَا (ص) وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ (ش) أَيْ وَالتَّارِكُ الْجَاحِدُ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ مَشْرُوعِيَّةِ رُكُوعٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ وُضُوءٍ وَلَيْسَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ كَافِرٌ اتِّفَاقًا بَلْ إجْمَاعًا وَيُسْتَتَابُ كَالْمُرْتَدِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْوَقْتِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُعْلَمُ بِهِ دُخُولُهُ فَقَالَ. (فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَمَا يَتْبَعُهُ وَهُوَ لُغَةً الْإِعْلَامُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، مُشْتَقٌّ مِنْ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ أَوْ مِنْ الْأُذُنِ بِالضَّمِّ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَا عَلِمَهُ أُذُنَ صَاحِبِهِ وَأَذَّنَ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ أَعْلَمَ وَأَذِنَ بِفَتْحِ وَكَسْرٍ أَبَاحَ وَاسْتَمَعَ، وَمِنْهُ حَدِيثُ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» وَفِي الْأَذَانِ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ الْأَذِينُ. (ص) سُنَّ الْأَذَانُ لِجَمَاعَةٍ طُلِبَتْ غَيْرُهَا فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ فِي الْمِصْرِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْجَمَاعَةِ لَا لِلْفَذِّ الَّتِي تُطْلَبُ غَيْرُهَا فِي فَرْضٍ لَا غَيْرِهِ وَقْتِيٍّ أَدَائِيٍّ اخْتِيَارِيٍّ وَلَوْ حُكْمًا لَا يُخْشَى خُرُوجُهُ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَدَاءِ الْفَائِتَةُ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا لَا بِالْوَقْتِيِّ إذْ هُوَ وَقْتِيٌّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وَقْتَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ» وَبِالِاخْتِيَارِيِّ الضَّرُورِيُّ فَلَا يُؤَذَّنُ فِيهِ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ بِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَدَخَلَ بِقَوْلِنَا وَلَوْ حُكْمًا الصَّلَاةُ الْمَجْمُوعَةُ   [حاشية العدوي] أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي وَجْهِ النَّصْبِ عَطْفًا عَلَى فَرْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَصَبَهُ عَطْفًا عَلَى فَرْضًا بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ) أَيْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى فَرْضًا بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ حَاضِرًا، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةٍ فَرْضًا أَيْ فَرْضًا حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَرَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى) أَيْ عَطْفَ جُمَلٍ وَفِيهِ أَنْ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ بَلْ الْمُفْرَدَاتِ (قَوْلُهُ: حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ حَدِيثَ عِلْمٍ بِالْإِنْصَافِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَالْمُرْتَدِّ) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ كَالْمُرْتَدِّ أَيْ غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْعَاطِفِ أَيْ وَعَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ آتِيًا عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ. [فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ] (فَصْلُ الْأَذَانِ) . الْأَذَانُ اسْمُ مَصْدَرِ أَذَّنَ يُقَالُ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلَوَاتِ أَعْلَمَ بِهَا، وَالْفَعَالُ بِالْفَتْحِ يَأْتِي اسْمًا مِنْ فَعَّلَ بِالتَّشْدِيدِ مِثْلُ وَدَعَ وَدَاعًا وَسَلَّمَ سَلَامًا وَكَلَّمَ كَلَامًا وَزَوَّجَ زَوَاجًا وَجَهَّزَ جَهَازًا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (فَائِدَةٌ) الْأَذَانُ شُرِعَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ وَعَلَيْهِ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِالْقُرْآنِ وَقِيلَ فِي مَكَّةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. (فَائِدَةٌ أُخْرَى) لَا يُقَالُ أَذَّنَ الْعَصْرَ بَلْ أَذَّنَ بِالْعَصْرِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ الْإِعْلَامُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ اسْمُ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ) وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. (فَائِدَةٌ) حَاصِلُ مَا ارْتَضَاهُ عج أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَيَلِي الْإِمَامَةَ الْأَذَانُ ثُمَّ الْإِقَامَةُ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ أَيْ نِيَّةِ الْفِعْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَلَوْ بَدَأَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ وَلَا يَبْنِي عَلَى التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ لِوُقُوعِهِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ. (قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ) أَرَادَ بِهِ الِاشْتِقَاقَ الْأَكْبَرَ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ) تَوْجِيهٌ لِأَخْذِهِ مِنْ الْأُذُنِ وَلَمَّا كَانَ تَوْجِيهُ أَخْذِهِ مِنْ الِاسْتِمَاعِ ظَاهِرًا لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَذَّنَ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ وَأَذِنَ بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ) قَصَدَ اسْتِيفَاءَ تَصَرُّفِ تِلْكَ الْمَادَّةِ (قَوْلُهُ أَبَاحَ) هَذَا مَعْنَى عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَعَ مَعْنًى آخَرُ عَلَى حِدَتِهِ وَيَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ كَوْنِهِ بِمَعْنَى اسْتَمَعَ (قَوْلُهُ مَا أَذِنَ اللَّهُ) بِكَسْرِ الذَّالِ لِشَيْءٍ أَيْ مَا اسْتَمَعَ قَالَ الْهَرَوِيُّ مَعْنَاهُ مَا اسْتَمَعَ وَاَللَّهُ لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ أَرَادَ بِهِ لَازِمَهُ مِنْ الْقَبُولِ وَالرِّضَا (قَوْلُهُ كَإِذْنِهِ) بِفَتْحِ الذَّالِ (قَوْلُهُ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ تَحْرِيرُ الْقِرَاءَةِ وَتَرْقِيقُهَا وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ جَائِزَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيُكْرَهُ فَعَلَى مَذْهَبِنَا يُفَسَّرُ يَتَغَنَّى بِيَسْتَغْنِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ تَفْسِيرُ التَّغَنِّي بِالِاسْتِغْنَاءِ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» مَقْلُوبٌ أَيْ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ (قَوْلُهُ الْأَذِينُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ (قَوْلُهُ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ) تَلَاصَقَ الْمَسْجِدَانِ أَوْ تَقَارَبَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ الَّذِي قَسَّمَهُ أَهْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ الْقَسْمُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهُمْ بِالتَّحْبِيسِ. (قَوْلُهُ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْبَلَدِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ بِاعْتِبَارِ كُلِّ مَسْجِدٍ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يُقَاتَلُونَ لِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ لَا لِلْفَذِّ) فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ الَّتِي تُطْلَبُ غَيْرُهَا) فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَأَمَّا الَّتِي لَا تُطْلَبُ غَيْرُهَا فَيُكْرَهُ لَهَا الْأَذَانُ (قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ) احْتَرَزَ بِهِ مِنْ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَالْأَذَانُ لَهُمَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ وَقْتِيٌّ) خَرَجَتْ الْجِنَازَةُ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَذَانَ فِي الضَّرُورِيِّ كَالْأَذَانِ لِلْفَوَائِتِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْأَذَانُ فِي الْجَمْعِ كَانَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَإِنَّهُ أَذَانٌ فِي غَيْرِ اخْتِيَارِيٍّ مَعَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ بِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ حُكْمًا (قَوْلُهُ إذْ هُوَ وَقْتِيٌّ) أَيْ إذْ الْفَرْضُ الْفَائِتُ وَقْتِيٌّ أَيْ ذُو وَقْتٍ وَهُوَ وَقْتُ ذِكْرِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَذَّنُ) أَيْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) بِأَنْ ظَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِهِ فَيَحْرُمُ بَقِيَ مَا إذَا شَكَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَفِي مَسَائِلِ الشَّيْخِ ابْنِ هِلَالٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فَيُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُؤَذَّنُ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَيْ يُكْرَهُ كَالْأَذَانِ لِلسُّنَّةِ كَمَا اُسْتُظْهِرَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ جُمُعَةً) إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ فِيهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. (ص) وَهُوَ مُثَنًّى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ بِاعْتِبَارِ جُمَلِهِ السَّبْعَ عَشْرَةَ أَوْ التِّسْعَ عَشْرَةَ فِي الصُّبْحِ مُثَنًّى بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ مَا عَدَا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهَا مُفْرَدَةٌ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَتَخْفِيفٍ الْمَعْدُولُ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ الزِّيَادَةَ عَلَى اثْنَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ لِجَمِيعِ الْكَلِمَاتِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الْمَشْرُوعَةُ فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ خَاصَّةً فَيُثَنِّيهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فِي إفْرَادِهَا وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا فِي الصُّبْحِ صَادِرٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ حِينَ جَاءَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا كَرِهَ مَالِكٌ التَّلْبِيَةَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ اهـ. وَاتَّكَلَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى شُهْرَةِ اخْتِصَاصِهَا بِنِدَاءِ الصُّبْحِ فَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مُبْتَدَأُ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةُ أَيْ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُثَنَّى هَذَا اللَّفْظَ. (ص) مُرَجِّعُ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَوَّلًا وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا يَحْتَمِلُ لِلشَّهَادَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ لِلتَّكْبِيرِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّكْبِيرِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي الشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ لَهُمَا إسْمَاعًا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا طُلِبَ التَّرْجِيعُ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ أَبَا مَحْذُورَةَ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ أَوْ؛ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ أَخْفَى صَوْتَهُ بِهِمَا حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ   [حاشية العدوي] لَا بَأْسَ بِالْأَذَانِ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ وَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا اُسْتُظْهِرَ) رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ أَيْ قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ وُجُوبِ الْأَذَانِ الثَّانِي فِعْلًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ مَشْرُوعِيَّةً فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَذَانَيْنِ مَعًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ) أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلًا الْفِعْلُ وَتَرْجِيعُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْكَلِمَاتِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ جَمَلِهِ) أَيْ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ كَلِمَاتِهِ فَهِيَ ثَمَانٍ وَسِتُّونَ كَلِمَةً فِي غَيْرِ الصُّبْحِ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَكَلِمَاتُهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِكُلِّ كَلِمَاتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَدْ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ فَهُوَ وِزَانُ قَوْلِك جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي التَّرْبِيعَ لَوْ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى التَّكْبِيرِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ أَوْ شَفَعَ الْإِقَامَةَ وَلَوْ غَلَطًا لَمْ يَجْزِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وِتْرَ أَكْثَرِهِ كَوِتْرِ جَمِيعِهِ وَانْظُرْ لَوْ أَوْتَرَ نِصْفَهُ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يُغْتَفَرُ كَوِتْرِ أَقَلِّهِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي شَفْعِ الْإِقَامَةِ. (قَوْلُهُ صَادِرٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ حَيْثُ قَالَهَا بِلَالٌ فَأَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ لَا مِنْ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ مِنْ عُمَرَ (قَوْلُهُ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ) أَيْ لَا تَشْرِيعٌ لَهَا بِجَعْلِهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ بِحَيْثُ يَكُونُ هُوَ الْمُشَرِّعُ. (قَوْلُهُ مُرْجَعُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ وَهُوَ مُرْجَعُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا اسْمَ فَاعِلٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْأَذَانِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِ سُنَّ الْأَذَانُ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ مُرْجَعَ الشَّهَادَتَيْنِ أَيْ الْفَاعِلُ اللُّغَوِيُّ لَكِنْ فِي جَعْلِهِ حَالًا شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا فَيَقْتَضِي أَنَّ السُّنَّةَ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّرْجِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَالَ بَعْضٌ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يُرَجِّعُ الْأُولَى قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ يُرَجِّعُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ بِأَرْفَعَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَرْفَعُ أَوَّلًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ دُونَ رَفْعِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَمَعْنَى أَرْفَعَ أَعْلَى مِنْ الِارْتِفَاعِ وَهُوَ الْعُلُوُّ لَا مِنْ الرِّفْعَةِ وَهِيَ الرِّقَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خَفْضَ صَوْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِهِ فَقَوْلُ الْأَبِيِّ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَوْنُهُ رُكْنًا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ أَنْ يُرَجِّعَ إلَخْ) أَيْ إنَّ التَّرْجِيعَ سُنَّةٌ وَلَوْ مِنْ الْمُؤَذِّنِ الْمُنْفَرِدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرْجِيعَ اسْمٌ لِلْعَوْدِ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ صَرِيحُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ ظَاهِرٌ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَأْتِي بِهِ أَوْ لِلْمَجْمُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَعْلَى أَيْ فَيَرْفَعُ أَوَّلًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِمُنْتَهَاهُ ثُمَّ يَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ التَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ النَّاسَ ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا بِحَيْثُ يُسَاوِي رَفْعَهُ بِالتَّكْبِيرِ أَوْ أَعْلَى كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجِّعَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ لَا قَوْلٌ وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلٌ وَهُوَ الْحَقُّ بَلْ هُمَا قَوْلَانِ يَحْتَمِلُهَا الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ) أَيْ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ. (قَوْلُهُ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيعَ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ حَقِيقَةِ الْأَذَانِ فَيَنُوبُ عَنْ الَّذِي أَخْفَاهُ أَوَّلًا فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِسُنَّةِ التَّرْجِيعِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ مُلَاحَظٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَصْلِ الْأَذَانِ بَلْ مِنْ كَمَالِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَا تَضُرُّ فِي كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الْأَذَانِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ: وَرُبَّمَا غَلِطَ بَعْضُ الْعَوَامّ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ فَيُخْفِي صَوْتَهُ حَتَّى لَا يُسْمَعُ وَهَذَا غَلَطٌ اهـ. (قَوْلُهُ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ) أَيْ بِإِظْهَارِ تَوْحِيدِ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 بُغْضِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَرَكَ أُذُنَهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ وَلَا يَنْتَفِي هَذَا بِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ كَالرَّمَلِ فِي الْحَجِّ (ص) مَجْزُومٌ (ش) أَيْ مَوْقُوفُ الْجُمَلِ سَاكِنُهَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَزَمَ الْحَرْفَ أَسْكَنَهُ وَعَلَيْهِ سَكَتَ الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ اهـ. فَلَيْسَ الْجَزْمُ مِنْ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ مِثْلِ الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْأَذَانُ مَبْنِيًّا لِامْتِدَادِ الصَّوْتِ فِيهِ وَأُعْرِبَتْ الْإِقَامَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِرَفْعِ صَوْتٍ لِلِاجْتِمَاعِ عِنْدَهَا وَالسَّلَامَةُ مِنْ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبٌّ. (ص) بِلَا فَصْلٍ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ نِظَامِهِ فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهَا بِسَلَامٍ وَلَا رَدٍّ وَلَا بِإِشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا الْوَصْفِ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا مُتَّصِلًا عَلَى وَتِيرَةِ الْأَوْصَافِ قَبْلَهُ لِمُنَاسِبَةِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ أَوْ حَاجَةٍ أَيْ وَيَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا يَرُدُّ الْمَسْبُوقُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ حَاضِرًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ الرَّدُّ إشَارَةً فِي الصَّلَاةِ دُونَ الْأَذَانِ هُوَ أَنَّ الْأَذَانَ عِبَادَةٌ لَيْسَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ فَلَوْ أُجِيزَ فِيهِ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ لَتَطَرَّقَ إلَى الْكَلَامِ لَفْظًا وَالصَّلَاةُ لِعِظَمِهَا فِي النُّفُوسِ لَا يَتَطَرَّقُ فِيهَا مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى الْكَلَامِ وَالْمُلَبِّي مُلْحَقٌ بِالْمُؤَذِّنِ. (ص) وَبَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ (ش) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِمَّا سَبَقَ أَوْ غَيْرُهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْأَذَانَ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِ الْأَذَانِ وَتَخْلِيطِهِ عَلَى السَّامِعِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ الْحُكْمِ فِي فَصْلِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ مِنْ كَرَاهَةٍ أَوْ حُرْمَةٍ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا كَلَامُهُ فَمَكْرُوهٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ الْكَلَامِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِي الْعُمْدَةِ وَيُمْنَعُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْكَلَامُ وَرَدُّ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةَ. (ص) غَيْرَ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ إلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ أَنْ لَا يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَقْتِ إجْمَاعًا لِفَوَاتِ فَائِدَتِهِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِهِ فَيُعَادُ بَعْدَهُ لِيَعْلَمَ مَنْ قَدْ صَلَّى مِنْ أَهْلِ الدُّورِ أَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَّا الصُّبْحَ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا بِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ كَمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَقِيلَ إنَّ الْأَذَانَ الْمُقَدَّمَ هُوَ السُّنَّةُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ سَنَدٍ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فَمُسْتَحَبٌّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا أَذَانٌ ثَانٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَكَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُطْلَبُ لَهَا أَذَانٌ ثَانٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الصُّبْحُ عَنْ أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ لِلْأَذَانِ   [حاشية العدوي] وَانْفِرَادِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ سَاكِنُهَا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَوْقُوفُ الْجَمَلِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ سَكَتَ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي السُّكُوتَ. (قَوْلُهُ اخْتَارَ شُيُوخُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جَمِيعِ جَمَلِهِ وَخَصَّ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ إلَّا مَوْقُوفًا اهـ. (قَوْلُهُ وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ وَعَدَمِهِ جَائِزٌ أَيْ لَا يَخْتَلُّ بِتَرْكِهِ الْأَذَانُ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الْجَمَلِ فِي الْأَذَانِ سَاكِنَةً. (قَوْلُهُ الْوَاجِبَةِ) أَيْ الَّتِي يَخْتَلُّ الْأَذَانُ بِتَرْكِهَا. (قَوْلُهُ مِثْلِ الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ) أَيْ جِنْسِ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ مَثْنَى وَقَوْلُهُ وَاللَّاحِقَةِ كَقَوْلِهِ بِلَا فَصْلٍ إلَخْ عَلَى مَا بَيَّنَ. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ وَبَطَلَ الْأَذَانُ أَيْ فَلَيْسَ الْأَذَانُ كَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فِي حُرْمَةِ قَطْعِهَا. (قَوْلُهُ أَيْ وَيَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ) وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا وَأُسْمِعَهُ إنْ حَضَرَ وَلَا يَكْتَفِي بِإِشَارَةٍ فِي حَالَةِ الْأَذَانِ وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا يَقُولُ الشَّارِحُ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْفَصْلَ فِي الْأَذَانِ إذَا طَالَ يَبْطُلُ بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ وَأَيْضًا التَّلْبِيَةُ اسْتِمْرَارُهَا بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ اهـ. وَتَأَمَّلْ وَلَا رَدَّ عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ أَوْ مُجَامِعٍ وَلَوْ بَقِيَ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ شَارَكَا الْمُلَبِّيَ وَالْمُؤَذِّنَ فِي كَرَاهَةِ السَّلَامِ عَلَيْهِمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَةٍ تُنَافِي الذِّكْرَ. (قَوْلُهُ حَيْثُ أُبِيحَ الرَّدُّ) أَيْ أُذِنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ) أَيْ تَأْثِيرٌ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِ قَطْعِهِ لَيْسَ بِحَرَامٍ. (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ إلَخْ) كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. (قَوْلُهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الطُّولَ مَا يَحْصُلُ بِهِ لِلسَّامِعِ اعْتِقَادٌ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فَيَبْتَدِئُ غَيْرُهُ وَلَا يَبْنِي عَلَى أَذَانِ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَرُبَ وَالْإِقَامَةُ مِثْلُ الْأَذَانِ أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ عج. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ) أَيْ يُكْرَهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَصْلَ بِكُلٍّ مِنْ الْكَلَامِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ يُكْرَهُ وَلَا حُرْمَةَ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى أَوْ دَابَّةٍ أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ وَشِبْهُهُ أَوْ خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلْيَتَكَلَّمْ وَيَبْنِي إنْ قَرُبَ وَيَبْتَدِئُ إنْ بَعُدَ. (قَوْلُهُ غَيْرُ مُقَدَّمٍ إلَخْ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ حَالٌ. (قَوْلُهُ إلَّا الصُّبْحَ) يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالنَّصْبُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْفِيٍّ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ إلَخْ) أَيْ فَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج. (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا أَذَانٌ وَاحِدٌ قُدِّمَ عَلَى مَوْضِعِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فَمُسْتَحَبٌّ) فِي الْعِبَارَةِ مُضَارَبَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ يُفِيدُ أَنَّ سَنَدًا يَقُولُ بِأَنَّ لَهَا أَذَانَيْنِ الْأَوَّلُ هُوَ السُّنَّةُ وَالثَّانِي مُسْتَحَبٌّ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ يُؤَذَّنُ بِأَنَّهُ أَذَانٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ تَقْدِيمَهُ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهَا تُدْرِكُ النَّاسَ وَهُمْ نِيَامٌ فَيَحْتَاجُونَ إلَى التَّأَهُّبِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَفَضِيلَةِ التَّغْلِيسِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهَا تُدْرِكُهُمْ مُتَصَرِّفِينَ فِي أَشْغَالِهِمْ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ الْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ الَّتِي يُخِلُّ عَدَمُهَا بِالصِّحَّةِ وَقَدْ لَا يُخِلُّ شَرَعَ فِي شُرُوطِهِ الَّتِي يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ بِقَوْلِهِ (ص) وَصِحَّتُهُ بِإِسْلَامٍ وَعَقْلٍ وَذُكُورَةٍ وَبُلُوغٍ (ش) أَيْ وَشَرْطُ صِحَّةِ الْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مُسْلِمًا مُسْتَمِرًّا عَاقِلًا ذَكَرًا مُحَقِّقًا بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ إذْ لَا يُقْتَدَى بِخَبَرِهِ وَتَشَهُّدُهُ لَغْوٌ لَا يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: يَكُونُ مُسْلِمًا وَارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ وَعَلَى أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُرْتَدًّا إنْ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ مِنْ مَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ وَصَبِيٍّ لَا مَيْزَ لَهُمْ وَلَا يَصِحُّ مِنْ امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعَ نِسَاءٍ وَفِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ فِيهِ وَقِيلَ إنْ كَانَ ضَابِطًا وَأَذَّنَ تَبَعًا لِبَالِغٍ وَهَذَا الْأَخِيرُ عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلَّخْمِيِّ قَالَ الْحَطَّابُ قُلْت لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ اهـ. وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ   [حاشية العدوي] يَقُولَ فِي السُّنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ تَتَحَقَّقُ بِجَعْلِ الْأَوَّلِ سُنَّةً وَالثَّانِي مُسْتَحَبُّ بَلْ أَقُولُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ يُفِيدُ تَعَدُّدَ الْأَذَانِ فِي سُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ وَالسُّنَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي أَوْقَاتُهَا تَمْتَدُّ فَيُؤَذِّنُونَ فِي الظُّهْرِ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَفِي الْعَصْرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْخَمْسَةِ وَفِي الْعِشَاءِ كَذَلِكَ وَالصُّبْحُ يُؤَذَّنُ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ سُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ الْأَخِيرَ يُؤَذِّنُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُطْلَبُ لَهَا أَذَانٌ ثَانٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا عَلِمْت. وَقَالَ عج: الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَذَانَيْنِ سُنَّةٌ كَمَا فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الثَّانِيَ آكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ. (أَقُولُ) وَهُوَ يَرْجِعُ لِكَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي زِيَادَةٍ يَنْبَغِي إلَخْ وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ وَالثَّانِيَ هُوَ السُّنَّةُ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ السُّنَّةُ فَقَطْ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةً لَكَانَ أَذَانُ الصُّبْحِ حَاصِلًا فِي وَقْتِهَا كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ حَاصِلٌ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ يَقُولُوا أَذَانُ الصُّبْحِ يُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا ذَلِكَ وَلَكَانُوا نَبَّهُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ فَإِذَنْ الْمَقَالَاتُ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ لَهَا إلَّا أَذَانٌ وَاحِدٌ يُقَدَّمُ لَهَا أَذَانَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي مُسْتَحَبٌّ وَعَكْسُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا ارْتَضَاهُ مُحَشِّي تت مِنْ كَوْنِ الْأَوَّلِ سُنَّةً وَالثَّانِي مُسْتَحَبًّا وَقَدْ عَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِسَنَدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ قُوَّتُهُ وَشَارِحُنَا عَزَا لَهُ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ إلَخْ تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ وَاعْتَمَدَهُ. (وَأَقُولُ) وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ سَنَدٍ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ بَلْ فِي شَارِحِنَا الْإِشَارَةُ إلَى الْأَمْرَيْنِ فَقَوْلُهُ إنَّ الْأَذَانَ الْمُتَقَدِّمَ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ لَهَا أَذَانًا ثَانِيًا يَأْتِي عَلَى فَهْمِ الْحَطَّابِ وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى إلَخْ يَأْتِي عَلَى الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فَهْمُ اللَّقَانِيِّ وَوَرَدَ مَا يُفِيدُ مَشْرُوعِيَّةَ الْأَذَانَيْنِ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا تُدْرَكُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ التَّأَهُّبِ) أَيْ الِاسْتِعْدَادِ. (قَوْلُهُ وَفَضِيلَةِ التَّغْلِيسِ) أَيْ الظُّلْمَةِ أَيْ الصَّلَاةِ فِي الظُّلْمَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ إلَخْ) أَقُولُ هَلَّا أَدْرَجَ مَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِهِ بِأَنْ يَقُولَ وَصِحَّتُهُ بِعَدَمِ تَقَدُّمٍ عَلَى الْوَقْتِ وَكَذَا خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ. (قَوْلُهُ مُسْتَمِرًّا إلَخْ) فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْأَذَانِ فَإِنَّهُ يُعَادُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ نَعَمْ بَطَلَ ثَوَابُهُ كَذَا قَالَ عج. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ ثَمَرَتَهُ حَصَلَتْ وَهِيَ الْإِعْلَامُ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُمْ إنْ أَعَادُوا الْأَذَانَ فَحَسَنٌ وَإِنْ اجْتَزَءُوا بِذَلِكَ أَجْزَأَهُمْ اهـ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نَقْلُ عج يُفِيدُ ضَعْفَهُ. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ) هُوَ الرَّاجِحُ وَمُرْتَضَى عج قَائِلًا فَلَوْ أَذَّنَ الْكَافِرُ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ) أَيْ عَرَفَ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ مِنْ وُجُوبِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا نَعَمْ إنْ ادَّعَى عُذْرًا وَقَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبٌ) الظَّاهِرُ حَذْفٌ الْوَاوِ وَيَكُونُ خَبَرُ عَدَمُ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ نِسَاءٍ وَفِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ أَمْ لَا كَانَ ضَابِطًا أَمْ لَا أَذَّنَ تَبَعًا لِبَالِغٍ أَمْ لَا. (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ عَدَمِ الضَّبْطِ وَمَعَ عَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لِأَذَانِ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ؟ (قُلْت) لَعَلَّ الصِّحَّةَ لِكَوْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَابِطًا وَافَقَ مَا فِي نَفْسِ الْآمِرِ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَكَانَ ضَابِطًا تَبَعًا لِبَالِغٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ ضَابِطًا) أَيْ لِلْأَوْقَاتِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ. (أَقُولُ) اتَّفَقُوا عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَوْنُهُ ضَابِطًا لِلْأَوْقَاتِ وَيُؤَذِّنُ تَبَعًا لِأَذَانِ بَالِغٍ. (أَقُولُ) هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذَّنَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ حَيْثُ لَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الْأَذَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ أَذَّنَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَيْ تَبَعًا لِأَذَانِ بَالِغٍ غَيْرِهِ أَوْ تَابِعًا لِمِيقَاتِيٍّ آخَرَ. (فَإِنْ قُلْت) الْحُكْمُ ظَاهِرٌ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي وَهُوَ مَنْ كَانَ تَابِعًا لِبَالِغٍ وَأَمَّا الطَّرَفُ الْأَوَّلُ أَعْنِي كَوْنَهُ ضَابِطًا فَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ بَالِغٍ (قُلْت) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُ الْأَذَانِ وَإِلَّا فَإِقَامَتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى إقَامَةِ مَنْ تُعْتَبَرُ إقَامَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ ضَابِطًا. (ص) وَنُدِبَ مُتَطَهِّرٌ صَيِّتٌ مُرْتَفِعٌ قَائِمٌ إلَّا لِعُذْرٍ مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ أَنْ يُؤَذِّنَ مُتَطَهِّرٌ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّهُ دَاعٍ إلَى الصَّلَاةِ فَيُبَادِرُ إلَيْهَا فَيَكُونُ كَالْعَالِمِ الْعَامِلِ إذَا تَكَلَّمَ انْتَفَعَ النَّاسُ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ وَاسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِلْمُقِيمِ آكَدُ لَهَا وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْجُنُبِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَالْكَرَاهَةُ لِلْمُقِيمِ أَشَدُّ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ حُسْنُ الْهَيْئَةِ فَلَا يَفْعَلَانِ فِي ثِيَابٍ مِنْ شَعْرٍ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَوْ سَرَاوِيلَ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ فِي الْإِقَامَةِ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَا ثَوَابَ فِيهِ وَلَا عِقَابَ قُلْت لَعَلَّ فَائِدَتُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ يَكُونُ الثَّوَابُ فِي تَرْكِهِ أَكْثَرُ مِنْ الثَّوَابِ فِي تَرْكِ مَا لَمْ تَشْتَدَّ كَرَاهَةُ فِعْلِهِ أَوْ أَنَّ الْمُعَاتَبَةَ عَلَى مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ آكَدُ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ عَلَى مَا دُونَهُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ صَيِّتًا أَيْ حَسَنَ الصَّوْتِ مُرْتَفِعَهُ لَكِنْ بِغَيْرِ تَطْرِيبٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ ابْنُ رَاشِدٍ كَأَذَانِ مِصْرَ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيَحْرُمُ التَّتَّائِيُّ وَانْظُرْ مَا حَدُّ التَّفَاحُشِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. وَالتَّطْرِيبُ هُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ وَتَرْعِيدُهُ أَصْلُهُ خِفَّةٌ تُصِيبُ الْمَرْءَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ وَالْحُزْنِ مِنْ الِاضْطِرَابِ أَوْ الطَّرَبَةِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَحَّانًا وَكَوْنُهُ يَقُومُ بِأُمُورِ الْمَسْجِدِ وَيُرَاشِي الْغَرِيبَ وَلَا يَغْضَبُ عَلَى مَنْ أَذَّنَ مَوْضِعَهُ أَوْ جَلَسَ فِيهِ صَادِقَ الْقَوْلِ حَافِظًا لِحَلْقِهِ مِنْ ابْتِلَاعِ الْحَرَامِ مُحْتَسِبًا أَذَانَهُ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا عَلَى مَحَلٍّ إنْ أَمْكَنَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْبُيُوتِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا طُلِبَ الْقِيَامُ لِمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي السَّمَاعِ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَذَانَ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَائِمِ بَلْ أَبْلَغُ فِي السَّمَاعِ. وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ أَيْ فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ اهـ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَّا لِإِسْمَاعِ النَّاسِ فَيَدُورُ   [حاشية العدوي] الْفَرْضُ أَنَّهُ ضَابِطٌ وَعُلِمَ بِالصِّدْقِ فَلَا مَانِعَ حِينَئِذٍ مِنْ تَقْلِيدِهِ هَكَذَا ظَهَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُ الْأَذَانِ) أَيْ تَحَقَّقَ دُخُولُ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِإِقَامَتِهِ ثُمَّ هَذَا مُشْكِلٌ وَهُوَ أَنَّ إقَامَةَ الصَّبِيِّ مُسْتَحَبَّةٌ وَإِقَامَةَ الْبَالِغِينَ سُنَّةٌ فَكَيْفَ يُجْزِئُ الْمُسْتَحَبُّ عَنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ ضَابِطًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَابِطًا حَيْثُ لَمْ يَأْتِ فِيهَا بِخَلَلٍ. (قَوْلُهُ مُتَطَهِّرٌ) أَيْ تَطْهِيرُ مُتَطَهِّرٍ وَفِيهِ مَجَازُ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَالْعَالِمِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مُتَطَهِّرٌ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ انْتَفَعَ النَّاسُ بِعِلْمِهِ) أَيْ فَإِنْ تَطَهَّرَ مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَأَذَّنَ تَبَادَرَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَذَانِ) فَلَا يُكْرَهُ بَلْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فِي ثِيَابٍ مِنْ شَعْرٍ) الْأَوْلَى فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْحَطَّابِ وَالتُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ سِرْوَالٌ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ يَكُونُ لِلْفَلَّاحِينَ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ أَوْ سَرَاوِيلَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تُبَّانٍ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ. (قَوْلُهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ) أَيْ فِي فِعْلِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا عِقَابَ فِيهِ أَيْ فِي فِعْلِهِ (قَوْلُهُ قُلْت لَعَلَّ فَائِدَتَهُ) تُرْجَى تَحَاشِيًا مِنْ الْجَزْمِ وَشِدَّةَ تَوَرُّعٍ وَإِلَّا لَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ مَا ضَرَّهُ (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَاللَّامُ زَائِدَةٌ أَيْ مَا تَقَرَّرَ. (قَوْلُهُ أَيْ حَسَنَ الصَّوْتِ إلَخْ) جَعَلَ الشَّارِحُ صَيِّتًا مُفَسَّرًا بِأَمْرَيْنِ الْحُسْنِ وَالِارْتِفَاعِ وَقَصَرَهُ الْحَطَّابُ عَلَى الِارْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (فَرْعٌ) وَيَجُوزُ الْكَلَامُ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ تَفْعَلُهُ نَقَلَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ) إحَالَةٌ عَلَى جَهَالَةٍ. (قَوْلُهُ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ) أَيْ تَمْدِيدُهُ وَتَمْطِيطُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ التَّطْرِيبُ مَدُّ الْمَقْصُورِ وَقَصْرُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَتَرْعِيدُهُ) أَيْ بِأَنْ يَحْصُلَ فِيهِ اضْطِرَابٌ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُ التَّطْرِيبِ خِفَّةٌ أَيْ نَشَأَ مِنْ خِفَّةٍ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى الْأَصْلِيَّ لَهُ خِفَّةٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ طَرِبَ طَرَبًا فَهُوَ طَرِبٌ مِنْ بَاب تَعِبَ وَطَرُوبٌ مُبَالَغَةٌ وَهُوَ خِفَّةٌ تُصِيبُهُ لِشِدَّةِ حُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ وَالْعَامَّةُ تَخُصُّهُ بِالسُّرُورِ وَطَرَّبَ فِي صَوْتِهِ رَجَّعَهُ وَمَدَّهُ (قَوْلُهُ مِنْ الِاضْطِرَابِ) أَيْ أَنَّ التَّطْرِيبَ مَأْخُوذٌ أَيْ مُشْتَقٌّ الِاشْتِقَاقَ الْأَكْبَرَ مِنْ الِاضْطِرَابِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّطْرِيب (قَوْلُهُ أَوْ الطَّرَبَةُ) أَيْ أَوْ مَأْخُوذ مِنْ الطَّرَبَةِ كَأَنَّهُ مَصْدَرُ طَرِبَ مَبْنِيًّا عَلَى التَّاءِ لَا أَنَّهُ وَاحِدَةُ الْإِطْرَابِ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَحَّانًا) اللَّحْنُ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَحَّانٌ أَيْ يُخْطِئُ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُلَحِّنَ فَلَيْسَتْ الْمُبَالَغَةُ مَقْصُودَةً حَتَّى يُفِيدَ أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى عَدَمِ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَيُرَاشِي الْغَرِيبَ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ لِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَنَقَلَهَا الْحَطَّابُ وَهِيَ وَيُؤَانِسُ الْغَرِيبَ مِنْ الْمُؤَانَسَةِ. (قَوْلُهُ مُحْتَسِبًا أَذَانَهُ) أَيْ قَاصِدًا أَجْرَهُ عَلَى اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ لَمْ يُعْطَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوَقْفِ لَا يَتْرُكُ الْأَذَانَ فَيَكُونُ الْمُحْتَرَزُ مِنْهُ أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ الْمُصَلِّينَ أَوْ مِنْ الْوَقْفِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ إذَا لَمْ يُعْطِ مِنْ ذَلِكَ يَتْرُكُ الْأَذَانُ. (قَوْلُهُ وَيَنْدُبُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا) فَأَذَانُهُ جَالِسًا لِغَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ فِي السَّمَاعِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَأَرَادَ الْإِسْمَاعَ (قَوْلُهُ أَذَانُ الرَّاكِبِ) هَذَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِإِسْمَاعِ النَّاسِ فَيَدُورُ) أَيْ جَوَازًا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ اسْتِحْبَابُهُ لِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِسْمَاعِ فَهُوَ مَشْرُوعٌ وَقَدْ يُقَالُ الْمَشْرُوعِيَّةُ تُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وَيُؤَذِّنُ كَيْفَ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهَا كَالْمُؤَلَّفِ جَوَازُ الدَّوَرَانِ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِلْكَلِمَةِ وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ لَمْ يُنْقِصْ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَجَائِزٌ أَنْ يَبْتَدِئَ الْأَذَانَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. (ص) وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ حِكَايَةُ الْأَذَانِ لِسَامِعِهِ بِأَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ لِخَبَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» خَرَّجَهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ عِنْدَنَا لَكِنَّ الْقَرِينَةَ الصَّارِفَةَ عَنْهُ تَبَعِيَّةُ قَوْلِ الْحَاكِي لِلْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ الَّذِي هُوَ الْأَذَانُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَيُتَابِعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمُنْتَهَى لَفْظِ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّشَهُّدَ لَفْظٌ هُوَ فِي عَيْنِهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَمْجِيدٌ وَتَوْحِيدٌ وَالْحَيْعَلَةُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ وَالسَّامِعُ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَيْهَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ طَلَبُ حِكَايَةِ الْأَذَانِ جَمِيعِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِوُرُودِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُبْدِلُ عَنْ الْحَيْعَلَتَيْنِ الْحَوْقَلَةَ أَيْ يُعَوِّضُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِقَوْلِهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَيُكَرِّرُ الْحَوْقَلَةَ أَرْبَعًا عَلَى عَدَدِ الْحَيْعَلَةِ وَيَحْكِي مَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَالْحِكْمَةُ فِي الْإِبْدَالِ أَنَّ غَيْرَ الْحَيْعَلَتَيْنِ مِنْ أَلْفَاظِهِ ذِكْرٌ يُفِيدُ حَاكِيهِ الثَّوَابَ كَالْمُؤَذِّنِ، وَالْحَيْعَلَةُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ وَالْفَلَاحُ لَا يَحْصُلُ الْأَجْرُ فِيهِ إلَّا بِالْإِسْمَاعِ وَذَلِكَ لِلْمُؤَذِّنِ دُونَ الْحَاكِي فَأُمِرَ الْحَاكِي بِتَعْوِيضِهَا بِالْحَوْقَلَةِ الَّتِي يُؤْجَرُ قَائِلُهَا أَعْلَنَهَا أَوْ أَخْفَاهَا وَلِمُنَاسَبَتِهَا دُعَاءَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا التَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ عَلَى إتْيَانِ الصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ إلَّا بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ وَهِيَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» أَيْ أَجْرُهَا مُدَّخَرٌ لِقَائِلِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ وَفِي خَبَرٍ «إذَا قَالَهَا الْعَبْدُ قَالَ اللَّهُ أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ» وَالْحَوْقَلَةُ مُؤَلَّفَةٌ مِنْهَا فَالْحَاءُ وَالْوَاوُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقَافُ مِنْ الْقُوَّةِ وَاللَّامُ مِنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى (ص) مُثَنًّى (ش) أَيْ حَالَ كَوْنَ لَفْظِ   [حاشية العدوي] أَعَمُّ مِنْ الْمَطْلُوبِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ نَقَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الَّذِي أَقُولُ: إنَّهُ إذَا كَانَ يَلْتَفِتُ لِلْإِسْمَاعِ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّرَدُّدِ. (قَوْلُهُ جَوَازُ الدَّوَرَانِ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِذْنُ لِمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ وَأَنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَبْتَدِئَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَذَانُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَقْبِلًا فَيَكُونُ قَصَدَ أَنَّ خِلَافَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ لِسَامِعِهِ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ سَمِعَ الْحَاكِيَ لِلْأَذَانِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ السَّامِعِ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْحِكَايَةُ وَإِنْ أُخْبِرَ بِالْأَذَانِ أَوْ رَأَى الْمُؤَذِّنَ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُؤَذِّنٌ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ سَمَاعِهِ لِعَارِضٍ كَصَمَمٍ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فَإِنَّهُ يَحْكِي الْأَوَّلَ إنْ تَرَتَّبَ الْأَذَانُ وَإِلَّا حَكَى أَذَانَ وَاحِدٍ وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِي مُتَابَعَةُ الْمُؤَذِّنِ فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ أَتَى بِمُسْتَحَبٍّ وَهُوَ الْحِكَايَةُ وَتَرْكُ آخَرَ، وَقَوْلُهُ لِسَامِعِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْكِي أَذَانَ نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَحْكِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ نَفْسَهُ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ مُؤَذِّنًا آخَرَ سَمِعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ. (قَوْلُهُ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ) ظَاهِرٌ فِي حِكَايَةِ كُلِّ الْأَذَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَصْدُقُ بِالشَّيْئَيْنِ عِنْدَ الْعَرَبِ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَفِي الْبَعْضِ فَالْمِثْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَذَانِ إنْ حُمِلَ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ قَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ أَوْ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ كَفَى التَّشَهُّدُ خَاصَّةً وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَفَادَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ) الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. (قَوْلُهُ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّشَهُّدَ) أَيْ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ إلَخْ فَهُوَ تَهْلِيلٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَتَشْهَدُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ أَشْهَدُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمْجِيدٌ) أَيْ تَعْظِيمٌ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ. (قَوْلُهُ وَتَوْحِيدٌ) أَيْ إفْرَادُ الْإِلَهِ تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. (قَوْلُهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَالْفَلَاحِ أَيْ وَدُعَاءٌ إلَى الْفَلَاحِ أَيْ الْفَوْزِ بِالْمَطَالِبِ فَكَانَ الدُّعَاءُ إلَى الصَّلَاةِ دُعَاءَ الْفَوْزِ بِجَمِيعِ الْمَطَالِبِ وَفِعْلُهَا عَلَى وَجْهِهَا سَبَبٌ فِي الْفَوْزِ بِجَمِيعِ الْمَآرِبِ. (تَنْبِيهٌ) : أَقُولُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَلْ تَرْكُ الْحِكَايَةِ فِي بَقِيَّتِهِ أَوْلَى أَوْ جَائِزَةٌ ذَكَرَ فِي ك مَا يُفِيدُ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَقِفْ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْحَاكِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ فَقَالَ يَقُولُ صَدَقْت وَبَرِرْت بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَقِيلَ يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. (قَوْلُهُ زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) قَالَ الْحَطَّابُ قُلْت وَلَمْ أَرَ زِيَادَةَ قَوْلِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُحَوْقِلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدْرِي مَا تَفْسِيرُهَا قُلْت لَا قَالَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبِي وَقَالَ هَكَذَا أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» وَقِيلَ مَعْنَى الْحَوْلِ الْحَرَكَةُ أَيْ لَا حَرَكَةَ وَلَا اسْتِطَاعَةَ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَكَذَا قَالَ ثَعْلَبٌ وَآخَرُونَ وَكَلَامُ شَارِحِنَا يُمْكِنُ إتْيَانُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) قَالَ الْحَطَّابُ وَفِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ إشَارَةٌ إلَى عِظَمِ الثَّوَابِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهَا وَنَفَاسَتِهِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الثَّوَابِ مُدَّخَرٌ فِي الْآخِرَةِ. (قُلْت) وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ أَجْرُهَا مُدَّخَرٌ لِقَائِلِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى عِظَمِ ذَلِكَ الْأَجْرِ. (قَوْلُهُ أَسْلَمَ عَبْدِي) أَيْ انْقَادَ عَبْدِي وَسَلَّمَ لِي الْأَمْرَ وَقَوْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الشَّهَادَتَيْنِ مُثَنًّى أَيْ لَا مُرَجِّعًا فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ فَيَصِيرُ بِذَلِكَ مُرَجِّعًا لِحُصُولِ الْمِثْلِيَّةِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مِثْلَ مَا يَقُولُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ» وَلِأَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا هُوَ لِلْإِسْمَاعِ وَالْحَاكِي غَيْرُ مُسْمِعٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ يَحْكِي فِي التَّرْجِيعِ وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ (ص) وَلَوْ مُتَنَفِّلًا لَا مُفْتَرِضًا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْحِكَايَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ يُصَلِّي النَّافِلَةَ وَتُكْرَهُ لِمَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُصَلِّيَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا يَحْكِيهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ التَّشَهُّدَيْنِ فَإِنْ تَجَاوَزَهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْدِلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِالْحَوْقَلَتَيْنِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا بِمَا لَمْ يُشْرَعْ خَارِجَهَا فَأَحْرَى أَنْ لَا يُشْرَعَ فِيهَا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ لَا مُفْتَرِضًا الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ وَالْمَنْذُورَ وَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَمُرَادُهُ بِالنَّفْلِ مَا قَابَلَ الْفَرْضَ. (ص) وَأَذَانُ فَذٍّ إنْ سَافَرَ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِجَمَاعَةٍ طُلِبَتْ غَيْرُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِلْفَذِّ إنْ سَافَرَ عَنْ الْحَاضِرَةِ أَيْ إنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّفَرِ السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ بَلْ اللُّغَوِيَّ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدٍ بْن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى بِأَرْضٍ فَلَاةٍ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْفَذِّ وَكَذَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا فَيُنْدَبُ لَهُمْ الْأَذَانُ فِي السَّفَرِ وَأَمَّا إنْ طُلِبَتْ غَيْرُهَا فَيُسَنُّ فِي حَقِّهِمْ الْأَذَانُ (ص) لَا جَمَاعَةٌ لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْحَاضِرِينَ الَّتِي لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا كَأَهْلِ الرُّبُطِ وَالزَّوَايَا لَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِمْ أَذَانٌ وَكَذَلِكَ الْفَذُّ الْحَاضِرُ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَا أُحِبُّ الْأَذَانَ لِلْفَذِّ الْحَاضِرِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَرَّةً أُخْرَى إنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ وَلَا يُنْهَى عَنْ الذِّكْرِ مَنْ أَرَادَهُ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ عَلَى مَعْنَى لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ كَمَا تُؤْمَرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ اهـ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مُسَافِرَةً فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْأَذَانُ كَمَا اُسْتُحِبَّ لِلْفَذِّ كَمَا مَرَّ. (ص) وَجَازَ أَعْمَى (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِيمَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَذَانُ الرَّجُلِ الْأَعْمَى كَمَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ إذَا كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا وَيَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ أَوْ لِمَعْرِفَةِ ثِقَةٍ وَفَضَّلَهُ أَشْهَبُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ عَلَى   [حاشية العدوي] وَاسْتَسْلَمَ فَسَّرَهُ فِي الْمُخْتَارِ بِانْقَادَ فَيَكُونُ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَسِّرَهُ بِمَا هُوَ أَخَصُّ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى فِي الْجُمْلَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ أَتَمُّ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَقَامِ بِأَنْ يُقَالَ وَزَادَ فِي الِانْقِيَادِ لِأَمْرِي. (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمِثْلِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي حِكَايَةِ التَّرْجِيعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا مُفْتَرِضًا) مَعْطُوفٌ عَلَى مُتَنَفِّلًا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ إذْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ خِلَافًا إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولُ وَخِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يَحْكِي فِي الْفَرْضِ. (فَإِنْ قُلْت) جَعْلُ لَا مُفْتَرِضًا دَاخِلًا فِي الْمُبَالَغَةِ يُورِثُ رِكَّةً ظَاهِرَةً كَمَا يَظْهَرُ. (قُلْت) يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَتَجَاوَزُ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحِكَايَةَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَذَكَرَ نُقُولًا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ أَوْ حَمِدَ أَوْ شَكَرَ فِي صَلَاتِهِ لَا تَبْطُلُ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ تُبْت إلَى اللَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ تَبْطُلُ اهـ. قَالَ فِي الطِّرَازِ وَهَلْ يَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْ الْفَرِيضَةِ الظَّاهِرُ أَنْ يَحْكِيَهُ كَمَا يَرُدُّ الْمُؤَذِّنُ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ اهـ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ نَاسِبًا لِلطِّرَازِ. (قَوْلُهُ السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَسَافَةُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. (قَوْلُهُ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ) بِوَزْنِ حَصَاةٍ لَا مَاءَ فِيهَا وَالْجَمْعُ فَلًا كَحَصًى وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَفْلَاءٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٌ. (قَوْلُهُ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا الْحَافِظَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَكَانَهُمَا مِنْ الْمُكَلَّفِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِالْمَلَائِكَةِ وَحُكْمُ الْآدَمِيِّينَ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى مَعَهُ رَجُلَانِ قَامَا وَرَاءَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ إلَخْ أَنَّ الْمَلَكَيْنِ وَرَاءَهُ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا مَائِلٌ لِجِهَةِ الْيَمِينِ وَالْآخَرَ لِجِهَةِ الْيَسَارِ وَفِي السُّيُوطِيّ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَقَدْ وَرَدَ مَوْصُولًا وَمَرْفُوعًا فَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي أَرْضٍ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ صَلَّى خَلْفَهُ مَلَكَانِ فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يَرَاهُ طَرَفَاهُ يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ» ذَكَرَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ. (قَوْلُهُ لَا جَمَاعَةٌ لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا) قَالَ الْحَطَّابُ هَلْ مَكْرُوهٌ أَوْ مُبَاحٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْفَذُّ الْحَاضِرُ إلَخْ) فَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ إلَخْ) أَيْ حَتَّى لَا يَحْصُلَ تَعَارُضٌ بَيْنَ كَلَامَيْ الْإِمَامِ الْمُوجِبِ لِلتَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ لَا يُؤْمَرُونَ إلَخْ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ أَعْمَى) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ أَذَانُ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى. (قَوْلُهُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ أَيْ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ وَذَلِكَ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَحَقَّقُ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْجَوَازِ فَبِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ الْجَائِزُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ مَرْتَبَةٌ فَوْقَ الصِّحَّةِ وَتَحْتَ الْكَمَالِ أَيْ فَوْقَ الصِّحَّةِ لَا مُطْلَقًا بَلْ الصِّحَّةُ الْمُجَامِعَةُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ إذَا كَانَ ثِقَةً) أَيْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ بِحَيْثُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ أَخْبَرَهُ أَحَدٌ بِالْوَقْتِ يَضْبِطُهُ أَيْ يَتَيَقَّنُهُ فِي صَدْرِهِ وَلَا يَتَشَكَّكُ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ) بِأَنْ يَسْمَعَ أَذَانَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِمَعْرِفَةِ ثِقَةٍ) أَيْ بِالْوَقْتِ بِأَنْ يُخْبِرَهُ إنْسَانٌ بِأَنَّ الْوَقْتَ دَخَلَ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الْعَبْدِ ثُمَّ الْعَبْدُ الرَّضِيُّ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ هُوَ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا. (ص) وَتَعَدُّدُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ مَسْجِدًا أَوْ مَرْكَبًا أَوْ مَحْرَسًا بَحْرًا أَوْ بَرًّا سَفَرًا أَوْ حَضَرًا فَإِنْ قِيلَ الْمَسْجِدُ لَا يَتَأَتَّى فِي السَّفَرِ وَلَا فِي الْبَحْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعَدُّ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَيَتَأَتَّى فِيمَا ذُكِرَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تَعَدُّدُهُ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ مَرَّاتٍ فِي الْمَسْجِدِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَكِنْ نَصَّ سَنَدٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ تَعَدُّدُهُ لِلْأَذَانِ أَيْ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْأَذَانِ فِي الْبَلَدِ بِعَدَدِ مَسَاجِدِهِ الْمُتَبَاعِدَةِ أَوْ الْمُتَقَارِبَةِ وَالْمُتَرَاكِبَةِ بِالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ وَيُرَجِّحُ الْحَمْلَ الْأَوَّلَ. قَوْلُهُ (وَتَرَتُّبُهُمْ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ جَازَ تَرَتُّبُهُمْ فِيهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْآتِي وَيَكُونُ عَلَى حَسَبِ سِعَةِ الْوَقْتِ مِنْ الْخَمْسَةِ إلَى الْعَشَرَةِ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ وَفِي الْعَصْرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْخَمْسَةِ (إلَّا الْمَغْرِبَ) فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا إلَّا وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ وَلَوْ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِهَا احْتِيَاطًا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا لَوْ خِيفَ بِالتَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ غَيْرِهَا الْفَاضِلِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمَغْرِبِ وَصْلُ الْإِقَامَةِ بِالْأَذَانِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِهَا لِانْتِظَارِ النَّاسِ وَمِنْ بَرَكَةِ التَّرْتِيبِ وَحِكْمَتِهِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ إدْرَاكُ حِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ الثَّانِي مَثَلًا لِمَنْ فَاتَهُ الْأَوَّلُ لِعُذْرٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَيَحْصُلُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْمُؤَذِّنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ إذْ لَوْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً دَفْعَةً فَاتَهُ ذَلِكَ (ص) وَجَمْعُهُمْ كُلٌّ عَلَى أَذَانِهِ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي الْأَذَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى أَذَانِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كُرِهَ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ اسْمِ نَبِيِّهِ وَإِلَّا مُنِعَ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْكِي وَلَا يُكْرَهُ لِلْجَالِسِ عِنْدَهُ التَّنَفُّلُ وَهَلْ كَذَلِكَ إذَا كُرِهَ أَمْ لَا وَفِي الْمَدْخَلِ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ الْآنَ لَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ السُّنَّةِ وَلَا يَحْكِي أَذَانَهُمْ مَنْ سَمِعَهُ وَرُبَّمَا يَمْتَنِعُ فَإِنَّهُ قَالَ وَالسُّنَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يُؤَذِّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ وَأَذَانُهُمْ جَمَاعَةً عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ وَالِاتِّبَاعُ فِي الْأَذَانِ وَغَيْرِهِ مُتَعَيِّنٌ وَفِي الْأَذَانِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ أَعْلَامِ الدِّينِ وَفِي الْأَذَانِ جَمَاعَةً مَفَاسِدُ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَيِّتًا حَسَنَ الصَّوْتِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فِي الْأَذَانِ خَفِيَ أَمْرُهُ فَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَفْهَمُ السَّامِعُ مَا يَقُولُونَ وَالْغَالِبُ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْأَذَانِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَنَفَّسَ فَيَجِدَ غَيْرَهُ قَدْ سَبَقَهُ فَيَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَى صَوْتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ فَيَتْرُكَ مَا فَاتَهُ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ جَمَاعَةً هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. اهـ. (ص) وَإِقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ (ش) أَيْ يَجُوزُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ. (ص) وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ (ش) أَيْ يَجُوزُ لِسَامِعِ الْأَذَانِ إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ ابْتِدَاءً أَنْ يَحْكِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ بِبَاقِي كَلِمَاتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الذِّكْرُ وَالتَّحْمِيدُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِسَبْقِهِ وَالْعَمَلُ يُقَوِّيهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْأَذَانِ أَيْ قَبْلَ النُّطْقِ بِمَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ أَوْ قَبْلَ الْمُؤَذِّنِ أَيْ   [حاشية العدوي] شَارِحِنَا وَيَكُونُ تَابِعًا إلَخْ مَا نَصُّهُ كَانَ شَيْخُنَا يَحْكِي أَنَّهُ كَانَ بِجَامِعِ الْقَيْرَوَانِ صَاحِبُ الْوَقْتِ أَعْمَى وَكَانَ لَا يُخْطِئُ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ يَشُمُّ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ رَائِحَةً اهـ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَادَةً فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ الْعَبْدِ الرَّضِيِّ) أَيْ ذُو الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا) أَيْ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا أَيْ إذَا كَانَ الْأَعْرَابِيُّ رَضِيًّا كَمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي كَلَامِ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تَعَدُّدُهُ إلَخْ) لَا يَدْخُلُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا وَأَذَّنَ فِي بَعْضِ جِهَاتِهِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ أَيْ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْأَذَانِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَنْدُوبًا مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْجَائِزِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ بَلْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَالْجَمْعَ مُسْتَوِيَانِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْخَمْسَةِ إلَى الْعَشَرَةِ) قَصَرَ الْعَدَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَا يُخِلُّ بِكَوْنِهِ يُؤَدِّي لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَقْتِ الْأَفْضَلِ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ إلَّا الْمَغْرِبَ فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا إلَّا وَاحِدٌ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَرَتُّبُهُمْ إنْ أَدَّى لِخُرُوجِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَمِثْلُ الْمَغْرِبِ غَيْرُهَا إذَا خَافَ خُرُوجَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ التَّرْتِيبُ إلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَرَتُّبُ الْأَذَانِ فِي غَيْرِهَا إذَا أَدَّى إلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ فِي الْحَدِيثِ أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَانْظُرْ مَا قَدْرُهُ مِنْ الْوَقْتِ قَالَهُ عج. (تَنْبِيهٌ) : إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَذَانِ فِي الْمَغْرِبِ أَوْ غَيْرِهَا قُدِّمَ الْأَوْرَعُ ثُمَّ حَسَنُ الصَّوْتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا اقْتَرَعُوا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ. (قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ إذَا كُرِهَ) أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب قَالَ مَا نَصُّهُ وَحِكَايَتُهُ أَيْ الْأَذَانِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْمَنْدُوبِ لَا الْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ فَلَا يُحْكَى وَانْظُرْ مَا حُكْمُ النَّهْيِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْمَدْخَلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّرْتِيبِ وَالْجَمْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ الْمُخَالَفَةُ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْجَمْعَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْكِي أَذَانَهُمْ مَنْ سَمِعَهُ) لَمْ يَقُلْهَا صَاحِبُ الْمَدْخَلِ. (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَمْتَنِعُ) أَيْ الْأَذَانُ. (قَوْلُهُ وَالِاتِّبَاعُ) أَيْ اتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ. (قَوْلُهُ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ) هَذِهِ مَفْسَدَةٌ أُولَى. (قَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ إلَخْ) مَفْسَدَةٌ ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَفْهَمُ السَّامِعُ مَا يَقُولُونَ) مَفْسَدَةٌ ثَالِثَةٌ (قَوْلُهُ وَالْغَالِبُ عَلَى بَعْضِهِمْ) مَفْسَدَةٌ رَابِعَةٌ. . (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ) أَيْ يَجُوزُ لِسَامِعِ الْأَذَانِ حِكَايَتُهُ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى إذْ الْمُتَابَعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ كَانَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا) كَانَ الْمُؤَذِّنُ بَطِيئًا فِي أَذَانِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَالْعَمَلُ يُقَوِّيهِ) أَيْ الْجَوَازَ أَيْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيمَا يَظْهَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 قَبْلَ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِبَاقِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِهِ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَإِطْلَاقُ الْحِكَايَةِ عَلَى مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ مَا لِلْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ مَحْكِيٌّ. (ص) وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلَاةِ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ وَحْدَهُ أَوْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَحْدَهَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا مَعَ الصَّلَاةِ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ أَوْ مِنْ آحَادِ النَّاسِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَنَعَهَا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ عَلَى الْأَذَانِ. (ص) وَكُرِهَ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ إمَامَتِهَا مُفْرَدَةً فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ فِي الْمَكْتُوبَةِ عِنْدِي أَشَدُّ كَرَاهِيَةً وَإِنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ وَحُكِمَ بِهَا كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ وَأَجَازَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ كَالْأَذَانِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَأَمَّا إذَا أُخِذَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (ص) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ كَمُلَبٍّ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي وَالْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى رَدِّهِ بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي فَلَا يُكْرَهُ كَمَا مَرَّ. (ص) وَإِقَامَةُ رَاكِبٍ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُؤَذِّنُ رَاكِبًا وَلَا يُقِيمُ إلَّا نَازِلًا وَإِنَّمَا كُرِهَ لِنُزُولِهِ بَعْدَهَا وَعَقْلُ دَابَّتِهِ وَهُوَ طُولٌ وَالسُّنَّةُ اتِّصَالُ الْإِقَامَةِ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ فَعَلَ وَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ شُغْلٍ أَجْزَأَهُ (ص) أَوْ مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ كَأَذَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إقَامَةُ الْمُعِيدِ لِصَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ أَذَانُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ صَلَاةٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ لَهَا أَوْ يُؤَذِّنَ لَهَا سَوَاءٌ أَذَّنَ لَهَا أَوْ لَا، أَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لَهَا الْإِقَامَةَ وَلَوْ قَرُبَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيَجُوزُ أَذَانُهُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ لَهَا وَلَمْ يُصَلِّهَا. (ص) وَتُسَنُّ إقَامَةٌ مُفْرَدَةٌ وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ وَإِنْ قَضَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِقَامَةَ لِلْفَرْضِ وَلَوْ قَضَاءً سُنَّةٌ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ وَتَكُونُ مُفْرَدَةً إلَّا التَّكْبِيرَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ فَيُثَنَّى لَكِنْ لِلْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْكِفَايَةِ وَلِلْمُنْفَرِدِ عَلَى وَجْهِ الْعَيْنِيَّةِ فَلَوْ شَفَعَهَا غَلَطًا لَمْ تَجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ قَلِيلًا بَعْدَ الْإِقَامَةِ بِقَدْرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةُ خَطْفُهُ الْإِحْرَامَ وَالسَّلَامَ أَيْ إسْرَاعُهُ بِهِمَا لِئَلَّا يُشَارِكَهُ الْمَأْمُومُ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَالثَّالِثَةُ تَقْصِيرُ الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى. (ص) وَصَحَّتْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا (ش) أَيْ وَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ وَلَوْ عَمْدًا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِفَسَادِهَا فَكَذَلِكَ بِتَرْكِهَا وَلِأَنَّ مَا لَا يُوجِبُ سَهْوُهُ سُجُودًا لَا يُوجِبُ عَمْدُهُ إعَادَةً وَمُقَابِلُهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ وَلَمَّا قَوِيَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِ الْإِقَامَةِ اعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِرَدِّهِ بِلَوْ وَلَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ فِي الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْبُطْلَانِ لِتَرْكِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ مَرْوِيًّا عَنْ مَالِكٍ. (ص) وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا فَحَسَنٌ (ش) أَيْ وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا حَالَ انْفِرَادِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِهِ إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بمَنْدُوبِيَّتِها فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي عب. (تَنْبِيهٌ) : لَا تَفُوتُ الْحِكَايَةُ بِفَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ فَيَحْكِي وَلَوْ انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ. (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ مَا لِلْجُزْءِ) أَيْ أَوْ مِنْ بَابِ مَجَازِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَحْدَهَا) أَيْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا مَعَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ هُمَا مَعًا مَعَ الصَّلَاةِ أَيْ وَكَانَ الْأَجْرُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْقِيَامِ بِالْمَسْجِدِ لَا عَلَى الصَّلَاةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْمَكْتُوبَةِ عِنْدِي أَشَدُّ كَرَاهَةً) وَوَجَّهَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ وَإِنْ كَانَتْ تَلْزَمُهُ لَا فِي مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ فَيَلْزَمُهُ مِنْ مُرَاعَاةِ أَوْقَاتِهَا وَحُدُودِهَا مَا يَخْشَى أَنْ يَكُونَ لَوْلَا الْأُجْرَةُ لَقَصَّرَ فِي بَعْضِهَا وَالنَّافِلَةُ لَا تَلْزَمُهُ أَصْلًا وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا أَخَفَّ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى فِعْلِ مَا لَا يَلْزَمُ الْأَجِيرَ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ قُرْبَةٌ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهَا ابْنُ حَبِيبٍ) أَيْ مَنَعَ الْأُجْرَةَ عَلَى الصَّلَاةِ كَالْأَذَانِ قَالَ الْحَطَّابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي) أَيْ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَمُلَبٍّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَيْ كَمَا يُكْرَهُ سَلَامُ مُلَبٍّ فَالْمُلَبِّي يُكْرَهُ السَّلَامُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ ذَرِيعَةٌ إلَى رَدِّهِ) أَيْ فِي الْأَذَانِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي فَلَا يُكْرَهُ وَمِثْلُهُ الْمُتَطَهِّرُ وَالْمُتَوَضِّئُ. (قَوْلُهُ وَعَقْلُ دَابَّتِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَلَا يَرُدُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خَادِمٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهَا أَمْ لَا) أَيْ وَقَعَ إذْنٌ لَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ وَسَوَاءٌ أَرَادَ إعَادَتَهَا أَمْ لَا أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ هُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعِيدِ مَنْ يُطْلَبُ بِالْإِعَادَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ صَلَاةٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا أَوْ يُقِيمَ سَوَاءٌ أَرَادَ إعَادَتَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَذَانُهُ) أَيْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ أَذَّنَ لَهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ لَهَا أَيْ فَيُؤَذِّنُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ لِفَرْضٍ) أَيْ عَيْنِيٍّ لَا كِفَائِيٌّ وَلَا السُّنَّةُ وَلَوْ رَاتِبَةً كَالْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُنْفَرِدِ) أَيْ الْمُنْفَرِدِ عَنْ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ فَيَصْدُقُ بِالْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَمَنْ يَؤُمُّ النِّسَاءَ فَقَطْ وَلَوْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا لَسُنَّتْ فِي حَقِّ الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا) أَيْ هَذَا إذَا تُرِكَتْ سَهْوًا اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا. (قَوْلُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَامِدُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُحْرَمُ التَّقَرُّبَ بِالطَّاعَاتِ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى ذُنُوبٍ سَلَفَتْ مِنْهُ وَيُعَانُ عَلَيْهَا بِطَاعَتِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 فَحَسَنٌ أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِقَامَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَرِهَ لَهَا أَشْهَبُ الْإِقَامَةَ فَالْحُسْنُ رَاجِعٌ إلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ لَا إلَى قَيْدِهِ فَقَطْ وَهُوَ السَّرِيَّةُ إذْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ الْمُقَيَّدِ فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ الْجَهْرَ أَحْسَنُ بَلْ قَبِيحٌ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقَيَّدْنَا حُسْنَ إقَامَتِهَا بِحَالِ انْفِرَادِهَا إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُقِيمَةً لِلْجَمَاعَةِ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِإِقَامَتِهَا لَهُمْ كَالْأَذَانِ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَتَقْيِيدُهُ الْإِسْرَارَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ الْمُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُنْفَرِدٍ وَلَوْ رَجُلًا الْإِسْرَارُ، وَإِنَّمَا لَمْ تُطْلَبْ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِ الْإِقَامَةِ كَالْأَذَانِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَحُضُورِ الْجَمَاعَةِ وَمَشْرُوعِيَّتهَا لِإِعْلَامِ النَّفْسِ بِالتَّأَهُّبِ لِلصَّلَاةِ فَطُلِبَتْ مِنْ الْجَمِيعِ وَلَوْ صَبِيًّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَإِذَا صَلَّى الصَّبِيُّ لِنَفْسِهِ فَلْيُقِمْ. (ص) وَلْيُقِمْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ فِي وَقْتِ قِيَامِ الْمُصَلِّينَ لِلصَّلَاةِ حَالَ الْإِقَامَةِ كَمَا يَقُولُ غَيْرُنَا وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ فَمِنْهُمْ الْقَوِيُّ وَمِنْهُمْ الضَّعِيفُ وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي مَعَهَا لِقَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهَا بَعِيدٌ وَالْقَرِيبُ قَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْإِقَامَةِ إلَخْ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا بِهِ الْإِعْلَامُ وَكَانَ الدُّخُولُ فِيهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهَا بَلْ عَدَّ بَعْضُهُمْ الْوَقْتَ شَرْطًا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالرُّكْنِ خُرُوجُهُ عَنْ الْمَاهِيَّةِ وَدُخُولُ الْفَرْضِ فِيهَا فَقَالَ. (فَصْلٌ) شُرِطَ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ (ش) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي صَلَاةٍ أَيْ فِي صِحَّةِ صَلَاةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلِ صَلَاةٍ لَكِنْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَشْرُوطُ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ تُغَايِرُ الْمَعْلُولَ فَتُجْعَلُ اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَيْ شُرِطَ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ حَاضِرَةٍ أَوْ فَائِتَةٍ ذَاتِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَمْ لَا اتِّفَاقًا طَهَارَةُ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ بِمَاءٍ أَوْ بَدَلِهِ مِنْ تَيَمُّمٍ وَمَسْحٍ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَعَدَمِهِمَا، فَلَوْ صَلَّى مُحْدِثًا أَوْ طَرَأَ حَدَثُهُ فِيهَا وَلَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً بَطَلَتْ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ إلَّا فِي حَالِ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ كَذِكْرِهَا فِيهَا، فَإِطْلَاقُهُ هُنَا فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ الشَّرْطِيَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا سَبَقَ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَالْوُجُوبِ الْمَذْكُورِ فِي الطَّهَارَةِ مُقَيَّدٌ بِالشَّرْطِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فَلَيْسَا قَوْلَيْنِ كَمَا قِيلَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاجِبِ الشَّرْطِ وَالْوَاجِبِ غَيْرِ الشَّرْطِ أَنَّ الْوَاجِبَ الشَّرْطِ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ غَيْرِ الشَّرْطِ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ الْخَبَثِ وَكَانَ الرُّعَافُ مُنَافِيًا لِذَلِكَ وَلَهُ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ شَرَعَ يُبَيِّنُهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَقَالَ (ص) وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَهَا وَدَامَ أَخَّرَ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَصَلَّى (ش) قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ يُقَالُ رَعَفَ يَرْعُفُ بِفَتْحِ الْمَاضِي وَضَمِّ الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْفُصْحَى وَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَأَصْلُ اشْتِقَاقِهِ مِنْ السَّبْقِ لِسَبْقِ الدَّمِ إلَى أَنْفِهِ وَمِنْهُ رَعَفَ فُلَانٌ الْخَيْلَ إذَا تَقَدَّمَهَا، وَيُقَالُ مِنْ الظُّهُورِ اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا لُغَتَيْنِ رَعَفَ يَرْعُفُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ) فَالْإِقَامَةُ بِوَصْفِ السِّرِّيَّةِ مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِقَامَةِ وَالسِّرِّيَّةِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى حِدَةٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا صَلَّتْ وَحْدَهَا وَأَمَّا إذَا صَلَّتْ مَعَ جَمَاعَةٍ فَتَكْتَفِي بِإِقَامَتِهِمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ صَوْتَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ يَعْرِضْ مُوجِبُ التَّحْرِيمِ شَيْخُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَجَازَ شِرَاؤُهَا وَالْأَخْذُ مِنْهَا لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْمَعْنَى عُلُوُّ صَوْتِهَا عَوْرَةٌ وَقَدْ عَلِمْت مَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بَلْ الْمُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُنْفَرِدٍ) فَالذَّكَرُ الْمُنْفَرِدُ إذَا أَقَامَ سِرًّا أَتَى بِسُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَأْتِي بِمُسْتَحَبٍّ أَوْ بِاثْنَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَحُضُورِ) عَطْفًا عَلَى الْإِعْلَامِ. (قَوْلُهُ فَلْيُقِمْ) أَيْ نَدْبًا. . (قَوْلُهُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ) قَصَدَ بِذَلِكَ التَّنْبِيهَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَقُومُ عِنْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَقَوْلُ سَعِيدٍ يَقُومُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوَّلَهَا اللَّهُ أَكْبَرُ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي مَعَهَا لِقَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ) نَقُولُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَفْظُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ [فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة] (قَوْلُهُ وَمَا بِهِ الْإِعْلَامُ) وَهُوَ الْأَذَانُ وَأَرَادَ بِالْإِعْلَامِ الْعِلْمَ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ هُوَ الْإِعْلَامُ الْمَخْصُوصُ. (قَوْلُهُ بَلْ عَدَّ بَعْضُهُمْ الْوَقْتَ شَرْطًا) فَنَاسَبَ ذِكْرَ الشَّرْطِ بَعْدَ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ شَرَعَ يُنَاسِبُ مَا قَبْلَ الْإِضْرَابِ (فَصْلُ شَرْطٍ لِصَلَاةٍ) . (قَوْلُهُ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ أَيْ طَهَارَةٌ مَنْسُوبَةٌ لِحَدَثٍ وَخَبَثٍ كَقَوْلِك غُلَامُ زَيْدٍ أَيْ غُلَامٌ مَنْسُوبٌ لِزَيْدٍ وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ مَنْسُوبَةٍ لَهُ فَشَيْءٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَشْرُوطُ) أَيْ الْمَشْرُوطُ لَهُ فَقَدْ حَذَفَ الْمُتَعَلِّقَ أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فَإِنَّك تَقُولُ أَكْرَمْت لِأَجْلِ زَيْدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَمُ إنْسَانًا آخَرَ غَيْرَ زَيْدٍ، فَقَوْلُهُ هُنَا شُرِطَ لِأَجْلِ صَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ مُحْتَمِلٌ؛ لَأَنْ يَكُونَ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ شَرْطًا فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الصَّلَاةِ وَالْعِلَّةُ فِي الشَّرْطِيَّةِ الصَّلَاةُ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ وَالْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ الصَّلَاةُ لَا شَيْءٌ آخَرُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ تُغَايِرُ الْمَعْلُولَ) مُفَادُهُ أَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ لِلتَّعْلِيلِ لَا تَكُونُ الْعِلَّةُ مُغَايِرَةً لِلْمَعْلُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعِلَّةُ مُغَايِرَةٌ لِلْمَعْلُولِ بِلَا رَيْبٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ مُبَيَّنٌ بِالشَّرْطِيَّةِ) نَقُولُ إنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ وَاجِبًا شَرْطًا بِقَوْلِهِ وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَأَصْلُ اشْتِقَاقِهِ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَفْهُومِ مَعْنًى وَهُوَ الرُّعَافُ. (قَوْلُهُ مِنْ السَّبْقِ) أَيْ مِنْ الرَّعْفِ بِمَعْنَى السَّبْقِ. (قَوْلُهُ وَيُقَالُ مِنْ الظُّهُورِ) أَيْ مِنْ الرَّعْفِ بِمَعْنَى الظُّهُورِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 كَنَصَرَ يَنْصُرُ وَرَعُفَ يَرْعُفُ كَكَرُمَ يَكْرُمُ وَذَكَرَ فِي الصِّحَاحِ اللُّغَاتِ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ وَهِيَ فَتْحُ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالشَّاذُّ ضَمُّهَا فِيهِمَا، وَذَكَرَهَا فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا وَزَادَ رَعِفَ يَرْعَفُ كَسَمِعَ يَسْمَعُ وَرُعِفَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ بِمَعْنًى، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ قَسَّمَهُ إلَى قِسْمَيْنِ مُشِيرًا إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ رَعَفَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مُرِيدَ الصَّلَاةِ إذَا رَعَفَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَدَامَ بِالْفِعْلِ فَإِنْ رَجَا انْقِطَاعَهُ أَخَّرَ وُجُوبًا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَخَشِيَ خُرُوجَهُ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْهَا أَوْ كُلَّهَا عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ الِاخْتِيَارِيَّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ أَوْ بِالْجَمِيعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُعْتَبَرُ لَهُ مِقْدَارُ الطَّهَارَةِ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ كَمَا يُصَلِّي عَلَى حَالَتِهِ إذَا لَمْ يَرْجُ انْقِطَاعَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَحَيْثُ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لِضَرَرٍ بِهِ أَوْ خَشْيَةِ تَلَطُّخٍ أَوْ مَأْثَمٍ إنْ انْقَطَعَ دَمُهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ الْوَقْتِ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ. (ص) أَوْ فِيهَا وَإِنْ عِيدٌ أَوْ جِنَازَةٌ وَظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ أَتَمَّهَا إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ قَبْلَهَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَظُنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ أَوْ لَا يَظُنَّ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الدَّوَامَ لَهُ فَسَيَأْتِي وَإِنْ ظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ وَلِخَوْفِ فَوَاتِ غَيْرِهِ مِنْ عِيدٍ وَجِنَازَةٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الِاخْتِيَارِيِّ وَلَوْ مَعَ النَّجَاسَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بَعْدَهُ، وَصَلَاةُ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ مَعَ الرُّعَافِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِمَا بِخِلَافِ عَادِمِ الْمَاءِ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهُمَا لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ لَهُمَا فِي الْحَضَرِ، وَكَذَا لَوْ رَأَى نَجَاسَةً فِي ثَوْبِهِ وَخَافَ فَوَاتَهُمَا بِانْصِرَافِهِ لِغَسْلِهِ أَتَمَّهُمَا بَلْ وَيَبْتَدِئُهُمَا كَذَلِكَ وَمَحَلُّ الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ أَوْ مَعَهُ مَا يَفْرِشُهُ عَلَى فِرَاشِ الْمَسْجِدِ الْمُحَصَّبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِضَمِّ الرَّاءِ إلَخْ) هُوَ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لَفْظًا لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ حَقِيقَةً وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى أَيْ وَذَلِكَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اللُّغَاتِ بِمَعْنًى (قَوْلُهُ وَدَامَ بِالْفِعْلِ) أَيْ لَا أَنَّ الْمُرَادَ ظَنُّ الدَّوَامِ (قَوْلُهُ إنْ رَجَا انْقِطَاعَهُ) أَيْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَخَّرَ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ مَعْنَاهُ أَخَّرَهُ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ أَخَّرَ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جُمُعَةً كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ فَإِنْ انْقَطَعَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَخَشِيَ خُرُوجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَبْقَى) تَصْوِيرٌ لِخَشْيَةِ الْخُرُوجِ. (قَوْلُهُ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ) أَيْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ أَيْ الْمُقَارِبِ آخِرَهُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ فِيهِ رَكْعَةً فَالْمُرَادُ الْآخِرُ وَلَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَرْجُ انْقِطَاعَهُ) بِأَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ أَوْ شَكَّ فِيهِ كَذَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الشَّاكَّ يُؤَخِّرُ كَمَنْ رَجَا انْقِطَاعَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ بَلْ يُصَلِّي أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ رَعَفَ قَبْلَهَا وَدَامَ فَصُوَرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً وَذَلِكَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ انْقِطَاعَهُ أَوْ يَظُنَّهُ أَوْ يَشُكَّ فِيهِ أَوْ يَعْتَقِدَ عَدَمَ انْقِطَاعِهِ أَوْ يَظُنَّهُ وَالدَّمُ فِي كُلٍّ إمَّا سَائِلٌ أَوْ قَاطِرٌ أَوْ رَاسِخٌ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ آخِرَ الْوَقْتِ أَخَّرَ وُجُوبًا وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ انْقَطَعَ آخِرَ الْوَقْتِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ آخِرَ الْوَقْتِ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ) إمَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ إنْ كَانَ رَجَا الِانْقِطَاعَ أَوْ لَا ثُمَّ لَمْ يَنْقَطِعْ وَإِمَّا فِي أَوَّلِهِ إذَا لَمْ يَرْجُ الِانْقِطَاعَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ خَشْيَةَ تَلَطُّخٍ) أَيْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ الَّذِي يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ لَا جَسَدِهِ وَلَا الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَخْشَى تَلَطُّخَ جَسَدِهِ فَيُصَلِّي بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَإِذَا كَانَ يَخْشَى تَلَطُّخَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا انْقَطَعَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَقُلْنَا يُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ رَعَفَ قَبْلَ دُخُولِهِ لِصَلَاةِ عِيدٍ أَوْ جِنَازَةٍ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ خَافَ فَوَاتَهُمَا أَمْ لَا وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِهِ عَدَمُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا فِي هَذَا الْقِسْمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ إنْ خَافَ فَوَاتَهُمَا (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ إلَخْ) وَنَفْيُهَا لَا يَنْفِي اسْتِحْبَابَهَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُهُ. (قَوْلُهُ أَوْ فِيهَا) مُحَصِّلُهُ سِتُّ صُوَرٍ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّمَ إمَّا سَائِلٌ أَوْ قَاطِرٌ أَوْ رَاشِحٌ وَهُوَ فِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ الدَّوَامَ أَوْ يَظُنَّهُ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ) وَلَوْ بِدُونِ دِرْهَمٍ فَإِنْ خَشِيَ تَلَطُّخَهُ بِذَلِكَ قَطَعَ وَخَرَجَ مِنْهُ صِيَانَةً لَا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ حَتَّى يَتَقَيَّدَ بِالزِّيَادَةِ عَنْ الدِّرْهَمِ وَلَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ إذْ لَا يُبَاحُ تَلَطُّخُهُ بِضِيقِهِ وَكَفُرُشِهِ بَلَاطُهُ أَوْ أَنَّهُ فَرْشٌ حُكْمًا. (قَوْلُهُ وَلِخَوْفِ فَوَاتِ غَيْرِهِ مِنْ عِيدٍ وَجِنَازَةٍ) قَالَ عج وَنَصُّ مَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَوْفِ فَوَاتِهِمَا مَعَ الْإِمَامِ خَوْفُ أَنْ لَا يُدْرِكَ مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَأَنْ لَا يُدْرِكَ مَعَهُ تَكْبِيرَةً غَيْرَ الْأُولَى مِنْ الْجِنَازَةِ فَمَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ وَكَذَا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْجِنَازَةِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَا ذُكِرَ وَخَافَ إنْ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ لَا يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَلَا تَكْبِيرَةً أُخْرَى مِنْ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ إنْ حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِيدِ أَوْ بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَكَذَا إنْ حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ ذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّهُ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَتَكْبِيرَةً مِنْ الْجِنَازَةِ غَيْرَ الْأُولَى اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ وَيَبْتَدِئُهُمَا كَذَلِكَ) أَيْ فَيَدْخُلُ فِيهِمَا إنْ خَافَ الْفَوَاتَ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَلَا يَدْخُلُ خَافَ الْفَوَاتَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ) أَوْ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَفْرُوشٍ بِأَنْ كَانَ مُحَصَّبًا أَوْ مُتَرَّبًا وَمِثْلُهُمَا لِقِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 أَوْ الْمُتَرَّبِ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ مَفْرُوشٍ يَخْشَى تَلَوُّثَهُ قَطَعَ وَلَا يُتِمُّهَا إيمَاءً كَمَا قِيلَ فَقَوْلُهُ دَوَامَهُ لَهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَظَنَّ فِي الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ دَوَامَهُ لِلْفَرَاغِ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُلَطِّخْ قَيْدٌ فِي الْإِتْمَامِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ عَمَّا إذَا خَشِيَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَخْ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الصَّغِيرِ مِنْ أَنَّهُ يَخْرُجُ حِينَئِذٍ وَلَا يُتِمُّهَا وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ حَسَنٌ. (ص) وَأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيه أَوْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ لَا جَسَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ فِي الصَّلَاةِ إنْ خَشِيَ ضَرَرًا بِجِسْمِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْمَأَ لَهُمَا لَكِنْ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَلِلسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَكَذَا يُومِئُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إنْ خَشِيَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا تَلَطُّخَ ثِيَابِهِ الَّتِي يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ وَإِنْ خَشِيَ تَلَطُّخَ جَسَدِهِ بِالدَّمِ لَمْ يُومِ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا. (ص) وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ وَرَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَظَنَّ دَوَامَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَظُنَّ دَوَامَ الدَّمِ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّمُ رَاشِحًا أَيْ يَزُولُ بِالْفَتْلِ أَوْ لَا يَزُولُ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ قَاطِرًا أَوْ سَائِلًا فَإِنْ كَانَ رَاشِحًا فَلَا يَقْطَعُ وَلْيَفْتِلْهُ بِأَنَامِلِ يَدِهِ الْخَمْسِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِأَنَامِلِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَإِنْ تَجَاوَزَ الْأَنَامِلَ الْأُوَلَ وَحَصَلَ فِي الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى أَزْيَدُ مِنْ دِرْهَمٍ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا فِي الْأَنَامِلِ الْأُوَلِ وَلَوْ زَادَ مَا فِيهَا عَنْ دِرْهَمٍ. فَقَوْلُهُ (فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ) أَيْ فَإِنْ زَادَ مَا فِي الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ أَيْ بَطَلَتْ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْقَطْعِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ خَوْفِ التَّلَطُّخِ لَا تَبْطُلُ (ص) كَأَنْ لَطَّخَهُ   [حاشية العدوي] الدَّمِ عَنْ فُرُشِ الْمَسْجِدِ بِكَخِرْقَةٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ مَفْرُوشٍ) وَيَدْخُلُ فِي الْفَرْشِ الْبَلَاطُ (قَوْلُهُ وَظَنَّ فِي الْعِيدِ إلَخْ) أَيْ وَيُقَالُ فِي الْعِيدِ وَظَنَّ إلَخْ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَحْصُلُ لَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَتَارَةً يَحْصُلُ لَهُ الرُّعَافُ فِيهِمَا فَإِذَا حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِمَا فَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يَدْخُلُ فِيهِمَا عَلَى حَالَتِهِ مِنْ التَّلَبُّسِ بِالرُّعَافِ خَافَ الْفَوَاتَ أَمْ لَا وَأَمَّا عِنْدَ أَشْهَبَ فَيَدْخُلُ فِيهِمَا عَلَى حَالَتِهِ إنْ خَافَ الْفَوَاتَ لَا إنْ لَمْ يَخَفْ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ عَلَى حَالَتِهِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ وَأَمَّا مَنْ حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ فِيهِمَا فَإِنَّهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ خَافَ الْفَوَاتَ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَشْهَبَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِغَسْلِ الدَّمِ إنْ لَمْ يَخَفْ الْفَوَاتَ فَإِنْ خَافَ الْفَوَاتَ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَيُصَلِّي عَلَى حَالَتِهِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ إلَخْ) وَالْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ دَوَامَ الدَّمِ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَقَوْلُهُ لَا جَسَدَهُ أَيْ فَيُصَلِّي بِالدَّمِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ؛ لِأَنَّ الْجَسَدَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَلَوْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ خِلَافًا لعب وشب تَبَعًا لعج. (قَوْلُهُ أَوْمَأَ لَهُمَا) إلَّا أَنَّ الْإِيمَاءَ وَاجِبٌ مَعَ ظَنٍّ أَوْ جَزْمِ أَذًى شَدِيدٍ وَأَوْلَى هَلَاكًا وَمَنْدُوبٌ مَعَ شَكِّهِ وَكَذَا جَزْمٌ أَوْ ظَنٌّ أَوْ شَكُّ أَذًى غَيْرِ شَدِيدٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ اسْتِظْهَارًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيمَاءُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ مُحَافَظَةً عَلَى صَوْنِ النَّفْسِ وَقَالَ فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا مُطْلَقُ الْخَوْفِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِتَجْرِبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يُقَارِبُهُ أَوْ لِقَوْلِ عَارِفٍ، وَأَمَّا مَعَ تَوَهُّمِهِ فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَعَدَمَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِوَقْتٍ حَيْثُ أَوْمَأَ ثُمَّ ارْتَفَعَ الدَّمُ عَنْهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ أَوْمَأَ لَهُمَا) يُنَاسِبُ الْأَوْلَى وَكَذَا قَوْلُهُ لَكِنْ لِلرُّكُوعِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ إلَخْ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ) إنْ كَانَ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَتْلَ وَاجِبٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَطَعَ أَفْسَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ) جَعَلَ الدِّرْهَمَ هُنَا مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَفِي الْمَعْفُوَّاتِ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ وَالرَّاجِحُ فِي الْبَابَيْنِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ أَيْ بَطَلَتْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت فَقَالَ قَوْلُهُ قَطَعَ هَكَذَا عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَلْيَقْطَعْ وَيَبْتَدِئْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِذَلِكَ حَامِلَ نَجَاسَةٍ وَكَذَا الْبَاجِيُّ وَاللَّخْمِيُّ بَلْ جَمِيعُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يُعَبِّرُونَ بِالْقَطْعِ إذَا تَلَطَّخَ بِغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَهُوَ الدِّرْهَمُ أَوْ دُونَهُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ لِلْأَنَامِلِ الْوُسْطَى وَكَذَلِكَ السَّائِلُ وَالْقَاطِرُ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْقَطْعِ إشَارَةٌ لِصِحَّتِهَا وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْمُوَافِقُ لِلْمَذْهَبِ فِي الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ وَغَيْرَهَا عَبَّرُوا فِي ذَلِكَ بِالْقَطْعِ وَتَقَدَّمَ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ فَكَذَلِكَ يُقَالُ هُنَا بَلْ هُنَا مِنْ بَابِ أَوْلَى لِلضَّرُورَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُؤَلِّفِ بِالْبُطْلَانِ مُسْتَدْرَكٌ وَأَمَّا هُنَا فَصَوَابٌ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ أَوْلَى هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ وَاضِحٌ إلَى آخِرِ مَا قَالَ. (قَوْلُهُ كَأَنْ لَطَّخَهُ) حَمَلَهُ شَارِحُنَا عَلَى مَا إذَا خَشِيَ تَلَطُّخَهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ أَيْ وَكَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا لُطِّخَ بِالْفِعْلِ بِمَا زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَهَذَا فِي السَّائِلِ وَالْقَاطِرِ عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّ الدَّوَامِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَطْعُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْبُطْلَانِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ وَحَقِيقَةً بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَإِنْ لَمْ يَرْشَحْ ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَأَنْ لَطَّخَهُ لَيْسَ فِي السَّائِلِ وَالْقَاطِرِ مَعَ أَنَّهُ فِيهِمَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَلَطَّخْ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَخْشَ تَلَوُّثَ الْمَسْجِدِ فَلَهُ الْقَطْعُ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظُنَّ الدَّوَامَ وَكَانَ فِيهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدَ الِانْقِطَاعِ أَوْ يَظُنَّهُ أَوْ يَشُكَّ وَفِي كُلٍّ إمَّا رَاشِحٌ أَوْ سَائِلٌ أَوْ قَاطِرٌ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ فَالرَّاشِحُ بِأَقْسَامِهِ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَشَحَ، وَالسَّائِلُ بِأَقْسَامِهَا السِّتَّةِ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ لَطَّخَهُ إلَخْ وَالرَّاشِحُ هُوَ الَّذِي يَنْبُعُ مِنْ الْأَنْفِ مِثْلُ الْعَرَقِ وَالسَّائِلُ وَهُوَ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهُ مِثْلُ الْخَيْطِ وَالْقَاطِرُ هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْقَطْعِ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ فِي الصَّلَاةِ إذَا خَشِيَ بِتَمَادِيهِ تَلَطُّخَهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْ الدَّمِ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَادِي (ص) وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَنُدِبَ الْبِنَاءُ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْشَحْ بَلْ سَالَ أَوْ قَطَرَ وَلَمْ يَتَلَطَّخْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاتَهُ وَيَغْسِلَ وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ عَمَلَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ الْآخِرِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَرَجَّحَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ وَالْقِيَاسُ. (ص) فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ لِيَغْسِلَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ قَرُبَ وَيَسْتَدْبِرُ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ وَيَطَأُ نَجِسًا وَيَتَكَلَّمُ وَلَوْ سَهْوًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا فَعَلَ مَا هُوَ الْمَنْدُوبُ وَهُوَ الْبِنَاءُ فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ أَوْ مِنْ أَعْلَاهُ وَهُوَ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْبِسَ الدَّمَ لِيَغْسِلَ الدَّمَ وَيَبْنِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَجِدَ الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ فَيَتَجَاوَزَهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى جَاوَزَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَأَتَى بِأَقْرَبَ مَعَ قُرْبٍ لِصِدْقِهِ عَلَى قَرِيبٍ غَيْرُهُ أَقْرَبُ مِنْهُ وَعَلَى بَعِيدٍ وَغَيْرُهُ أَقْرَبُ مِنْهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُمْكِنٍ مِنْ غَيْرِ الْمُمْكِنِ فَإِنَّ مُجَاوَزَتَهُ لَا تَضُرُّ فِي الْبِنَاءِ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ وَإِذَا اسْتَدْبَرَهَا لِطَلَبِ الْمَاءِ لَمْ تَبْطُلْ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَطَأَ نَجَاسَةً فَإِنْ وَطِئَ نَجِسًا رَطْبًا أَوْ يَبَسًا بَطَلَتْ أَيْ حَيْثُ عَلِمَ بِهَا فِيهَا لَا بَعْدَهَا لَكِنْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا وَلَوْ رَطْبَةً إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِتَقَدُّمِهِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا فَإِنْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتَلَفُوا إذَا تَكَلَّمَ نَاسِيًا فَهَلْ تَبْطُلُ أَيْضًا أَمْ لَا وَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي ذَهَابِهِ أَوْ عَوْدِهِ. (ص) إنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَفِي بِنَاءِ الْفَذِّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ صَلَّى مَعَ جَمَاعَةٍ إمَامًا كَانَ أَوْ   [حاشية العدوي] الَّذِي يَقْطُرُ قَطْرَةً بَعْدَ قَطْرَةٍ مِثْلُ مَاءِ الْمَطَرِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ رَشَحَ إذْ الْقَاطِرُ إذَا كَانَ ثَخِينًا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ الْفَتْلُ وَأَمَّا السَّائِلُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَرْسِلُ وَكَذَا الْقَاطِرُ الرَّقِيقُ وَالرَّاشِحُ إذَا كَثُرَ بِحَيْثُ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَرَشَحَ وَأَمْكَنَهُ فَتْلُهُ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ) أَيْ وَلَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مُحَصَّبٍ وَلَا مُتَرَّبٍ وَأَمَّا الْمُحَصَّبُ أَوْ الْمُتَرَّبُ غَيْرُ الْمَفْرُوشِ فَيَفْتِلُ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَفْتُولُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْقَطْعُ) أَيْ نُدِبَ الْقَطْعُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَمَالِكًا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ الْقَطْعِ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ يُنْدَبُ الْبِنَاءُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُنْدَبُ الْقَطْعُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ يُوجِبُهُ النَّظَرُ) أَيْ الْفِكْرُ وَقَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَمْلُ مَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي حُكْمِهِ لِعِلَّةٍ مَوْجُودَةٍ فِي الْمَقِيسِ بَلْ مُرَادُهُ الْقَاعِدَةُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَطْفُ الْقِيَاسِ عَلَى النَّظَرِ تَفْسِيرًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ تت بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّلَاةِ اتِّصَالُ عَمَلِهَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِهَا بِشُغْلٍ وَلَا انْصِرَافٍ عَنْ الْقِبْلَةِ لَكِنْ اُنْظُرْ كَيْفَ يَعْدِلُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. (قَوْلُهُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ) لَيْسَ مَسْكُهُ شَرْطًا فِي الْبِنَاءِ إنَّمَا هُوَ إرْشَادٌ لِمَا يُعِينُهُ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تَمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ وَمَنْ عَدَّهُ شَرْطًا لَا يُرِيدُهُ بِخُصُوصِهِ بَلْ الشَّرْطُ عِنْدَهُ التَّحَفُّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَلَوْ لَمْ يُمْسِكْهُ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُحْبَسَ الدَّمُ) أَيْ فَلَا يَخْرُجُ أَصْلًا أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَسَكَهُ مِنْ أَسْفَلَ لَانْحَبَسَ الدَّمُ. (قَوْلُهُ لِصِدْقِهِ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ النُّصُوصِ الْمُفِيدَةِ لِلْوُقُوفِ عَلَى الْحَقِّ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ عَبَّرَ بِأَقْرَبَ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ لِشُمُولِهِ لِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُرَادَةٌ وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ مُرَادَةٍ وَذَلِكَ أَنَّ أَقْرَبَ بِحَسَبِ الْعَرَقِ يَصْدُقُ بِمَكَانَيْنِ بِعِيدَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ مِنْ الْآخَرِ وَيَصْدُقُ بِمَكَانَيْنِ قَرِيبِينَ وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ مِنْ الْآخَرِ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْقُرْبِ فِي نَفْسِهِ فَاحْتَاجَ الْمُصَنِّفُ لِقُرْبٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ الْأَقْرَبِيَّةِ الْقُرْبُ فَإِذَا وُجِدَ الْبُعْدُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَقْرَبِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَقُلْنَا بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَأَمَّا بِحَسَبِ اللُّغَةِ فَيَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي الْقُرْبِ فِي نَفْسِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِصِدْقِهِ أَيْ صِدْقِ أَقْرَبَ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ وَأَتَى بِقُرْبٍ مَعَ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّ أَقْرَبَ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُرَادَةٌ وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ مُرَادَةٍ فَلِذَا أَتَى بِقُرْبٍ لِيَكُونَ نَصًّا فِي الْمُرَادَةِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا فِيهَا فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَتَبْطُلُ مُطْلَقًا كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ أَوْ لَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ أَوْ أَبْوَالُهَا فَتَبْطُلُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا إذَا عَلِمَ بِهَا فِيهَا قَالَ عج مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَ نَجَاسَةً فَلَا يَخْلُو حَالُهُ تَارَةً يَكُونُ عَالِمًا مُخْتَارًا وَتَارَةً يَكُونُ عَالِمًا غَيْرَ مُخْتَارٍ وَتَارَةً يَكُونُ نَاسِيًا، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَتَبْطُلُ مُطْلَقًا أَرْوَاثُ دَوَابَّ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ وَلَوْ كَانَتْ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ يَابِسَةً وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لِعُمُومِهِ وَانْتِشَارِهِ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ حَيْثُ كَانَتْ أَرْوَاثَ دَوَابَّ وَأَبْوَالَهَا وَلَوْ رَطْبًا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَلَا تَبْطُلُ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ عَاجِزًا وَإِنَّمَا فَارَقَ رَوْثُ الدَّوَابِّ وَبَوْلُهَا النَّجِسَ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مِمَّا يُعْفَى عَنْهُمَا فِي مِثْلِ هَذَا كَانَا فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ فَإِنْ وَطِئَ نَاسِيًا فَإِنْ كَانَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهَا وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ فِيمَنْ رَأَى بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِمَحَلِّ سُجُودِهِ نَجَاسَةٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْبِنَاءَ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 مَأْمُومًا لَكِنْ إنْ كَانَ إمَامًا يَسْتَخْلِفُ اسْتِحْبَابًا وَإِلَّا اسْتَخْلَفُوا إنْ شَاءُوا وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا أَفْذَاذًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِخْلَافُ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا الْفَذُّ فَهَلْ لَهُ الْبِنَاءُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ أَوْ لَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ فَيَقْطَعُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَشَهَّرَهُ الْبَاجِيُّ خِلَافٌ مَنْشَؤُهُ هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (ص) وَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ قَدْ تَمَّتْ بِسَجْدَتَيْهَا فَيَعْتَدُّ بِهَا وَيَبْتَدِئُ مِنْ أَوَّلِ الَّتِي تَلِيهَا فَيَشْرَعُ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا يَرْجِعُ لِمَحَلِّ السُّجُودِ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَلَا يَعْتَدُّ بِإِجْزَاءِ الرَّكْعَةِ وَلَكِنْ يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ وَيَبْتَدِئُ الْقِرَاءَةَ (ص) وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ إذَا خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَهُ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَظُنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَالْأُخْرَى أَنْ يَظُنَّ بَقَاءَهُ أَوْ يَشُكَّ فَإِنْ ظَنَّ فَرَاغَهُ أَتَمَّ فِي مَكَانِ غَسْلِ الدَّمِ إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَأَقْرَبُ الْمَوَاضِعِ الْمُمْكِنَةِ إلَيْهِ يُرِيدُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بَقَاءُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ مُطَالَبٌ بِهِ وَلَا يُكَلَّفُ بِغَيْرِهِ وَإِنْ ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ شَكَّ فِيهِ رَجَعَ وَلَوْ كَانَ ظَنُّهُ أَوْ شَكُّهُ أَنَّهُ فِي تَشَهُّدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ مُتَابَعَتِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِعِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ وَهَذَا التَّقْسِيمُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا يَلْزَمُهُ مِنْ الرُّجُوعِ مَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ وَأَمَّا الْفَذُّ فَيُتِمُّ مَكَانَهُ. (ص) وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا لِأَوَّلِ الْجَامِعِ وَإِلَّا بَطَلَتَا وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ (ش) مَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ فَرَاغِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا هِيَ إذَا رَعَفَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَيُلْزَمُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْجَامِعِ الْأَوَّلِ وَلَوْ ظَنَّ فَرَاغَهُ لِيُصَلِّيَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَإِنْ أَتَمَّ مَكَانَهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَعَ ظَنِّهِ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ شَكِّهِ أَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَلَوْ مَعَ ظَنِّ الْفَرَاغِ بَطَلَتَا فَالضَّمِيرُ فِي بَطَلَتَا رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ شَكَّ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ هَذَا كُلُّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ بَعْدَ كَمَالِ رَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ   [حاشية العدوي] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْبِنَاءِ مِنْ أَصْلِهِ لَا فِي نَدْبِ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ إمَامًا يَسْتَخْلِفُ اسْتِحْبَابًا) إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَخْلِفُ بِغَيْرِ الْكَلَامِ فَإِنْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ دُونَهُمْ إنْ كَانَ سَهْوًا وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا اسْتَخْلَفُوا إنْ شَاءُوا) أَيْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِخْلَافُ عَلَيْهِمْ) أَيْ لَا عَلَى الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ قَدْ تَمَّتْ بِسَجْدَتَيْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَمَالَ لَا يَكُونُ بِالسَّجْدَتَيْنِ فَقَطْ بَلْ تَمَامُ الرَّكْعَةِ بِالْجُلُوسِ إنْ كَانَ يَقُومُ مِنْهُ لِجُلُوسٍ وَيَكُونُ بِالْقِيَامِ إنْ كَانَ يَقُومُ مِنْهُ لِلْقِيَامِ فَلَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَبْلَ الْجُلُوسِ أَوْ الْقِيَامِ رَعَفَ فَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ) هَذَا قَاصِرٌ عَلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَمَّا لَوْ قَدَرَ أَنَّهُ كَانَ شَارِعًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَفَعَلَ بَعْضَهَا فَنَقُولُ يَبْنِي عَلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهَكَذَا (قَوْلُهُ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ) أَيْ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ) وَأَوْلَى إذَا اعْتَقَدَ فَرَاغَ إمَامِهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِاعْتِقَادَ وَذَلِكَ إمَّا بِتَقْدِيرٍ وَاجْتِهَادٍ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ مَكَانَهُ أَوْ فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ) أَيْ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يَصِحُّ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِهِ إلَخْ فَإِنْ تَعَدَّى الْمَوْضِعَ الَّذِي يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِأَنْ يَسْمَعَ أَقْوَالَ الْمُبَلِّغِينَ أَوْ يَرَى أَفْعَالَ الْمَأْمُومِينَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَقَاءٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا يَتَشَهَّدُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَعَهُ التَّشَهُّدُ وَظَنَّ أَنَّهُ يَحْصُلُ مَعَهُ السَّلَامُ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ أَتَمَّ فِي مَكَانِ غَسْلِ الدَّمِ) حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَكَانَهُ عَلَى مَكَانِ غَسْلِ الدَّمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ رَجَعَ لِظَنِّ بَقَائِهِ فَعَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ أَنَّهُ فَرَغَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِي مَكَانِ عِلْمِهِ فَإِنْ تَعَدَّاهُ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بَقَاءُ الْإِمَامِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ قَبْلَ إمَامِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّاعِفَ يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ بِخُرُوجِهِ لِلرُّعَافِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ وَإِذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ بَاقٍ وَلَكِنَّهُ يَفْرُغُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ وُصُولِ الْمَأْمُومِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَلَوْ سَبَقَ الْإِمَامَ بِالْفِعْلِ وَالسَّلَامِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ ظَنَّ فَرَاغَهُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ لِأَوَّلِ الْجَامِعِ) أَيْ لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْجَامِعِ الَّذِي ابْتَدَأَهَا فِيهِ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ أَمْكَنَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا يَنْتَقِلُ لِدَاخِلٍ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّلَاةِ خَارِجًا وَلَا يَكْفِي رُجُوعُهُ لِرِحَابِهِ وَطُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ وَلَوْ ابْتَدَأَهَا بِهَا لِضِيقٍ حَيْثُ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ لِلْجَامِعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرُّجُوعِ لِلْجَامِعِ مَعَ الْإِمْكَانِ حَتَّى لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَامِعِ حَائِلٌ أَضَافَ رَكْعَةً إلَى مَا مَعَهُ وَابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ وَظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَتِهَا الثَّانِيَةِ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا وَتَخَلَّفَ ظَنَّهُ قَطَعَ وَابْتَدَأَ وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى أَرْبَعًا قَالَ الْحَطَّابُ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا. (قَوْلُهُ ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ) أَيْ فِي أَيِّ مَكَان بِنَاءً عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْجُمُعَةِ لَا تَنُوبُ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ إلَى الْجَامِعِ الْأَوَّلِ) يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِأَوَّلِ الْجَامِعِ مِنْ إضَافَةِ الصُّفَّةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ أَيْ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ احْتِرَازًا عَنْ الَّذِي لَمْ يُصَلِّ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَصْدُقُ بِالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ أَوَّلِ الْجَامِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةً وَالْمَعْنَى كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا حَصَلَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ وَيَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فِي الْجُمُعَةِ ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ بِأَيِّ مَكَان شَاءَ. (ص) وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ (ش) قَالَ فِيهَا: وَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ رَعَفَ الْمَأْمُومُ سَلَّمَ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا قَبْلَهُ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ رَعَفَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ انْصَرَفَ فَغَسَلَ الدَّمَ ثُمَّ رَجَعَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ اهـ. وَهَذَا مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ عَقِبَ رُعَافِهِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ وَإِلَّا سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ انْصِرَافٍ كَمَنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ وَحَمَلَهُ الشُّيُوخُ عَلَى التَّفْسِيرِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ وَهَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ لَوْ رَعَفَ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبِنَائِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَالْإِمَامُ وَالْفَذُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَحْلِفُ بِهِمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ التَّشَهُّدَ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْفَذُّ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيُتِمُّ مَكَانَهُ. (ص) وَلَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ سَبْقِ حَدَثٍ أَوْ تَذَكُّرِهِ أَوْ سُقُوطِ نَجَاسَةٍ أَوْ تَذَكُّرِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ بَلْ يَقْطَعُهَا وَيَسْتَأْنِفُهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْبِنَاءِ مَعَ الْحَدَثِ الْغَالِبِ وَلِأَشْهَبَ فِي بِنَاءِ مَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ نَجَاسَةً أَوْ أَصَابَهُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ الْبِنَاءُ بَعْدَ حُصُولِ الْمُنَافِي فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْمَزْحُومُ وَالنَّاعِسُ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُمَا يَبْنِيَانِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِمَا. (ص) كَظَنِّهِ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ رَعَفَ فَخَرَجَ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الرُّعَافِ فَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَعِنْدَ سَحْنُونَ يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الرُّعَافِ وَفَاعِلُ خَرَجَ هُوَ الْمُصَلِّي فَقَوْلُهُ كَظَنِّهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ حُذِفَ فَاعِلُهُ أَيْ كَظَنِّ الْمُصَلِّي الرُّعَافَ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ إمَامًا وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ أَيْضًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِ ثَلَاثَةٍ. (ص) وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ (ش) ذَرَعَهُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ غَلَبَهُ وَالْمَعْنَى إنَّ مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ أَوْ قَلْسٌ أَوْ بَلْغَمٌ يَسِيرٌ طَاهِرٌ وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ   [حاشية العدوي] بِإِحْرَامٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْجُمُعَةِ لِلْجَامِعِ إلَّا إذَا كَانَ حَصَلَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةٌ أَوْ يَظُنُّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ. (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ) أَيْ لِخِفَّةِ سَلَامِهِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى خُرُوجِهِ وَالِاسْتِخْفَافُ فِيمَا ذُكِرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ لِغَسْلِ الدَّمِ هُوَ الْأَصْلُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ الطَّلَبِ فَإِنْ قُلْت مَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ وَانْصَرَفَ قُلْت الرَّدُّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ يَعُودُ فَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. (قَوْلُهُ فَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ إلَخْ) أَيْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَلَوْ كَانَ فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَجْهُ إعَادَتِهِ أَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالسَّلَامِ وَقَدْ حَصَلَ فَصْلٌ كَثِيرٌ بَيْنَهُمَا فَأُمِرَ بِإِعَادَتِهِ ثَانِيًا لِيَتَّصِلَ بِالسَّلَامِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ انْصِرَافِهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ هَلْ هُوَ التَّحَوُّلُ عَنْ مَحَلِّ جُلُوسِهِ وَتَوَجُّهِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ مُجَرَّدُ قِيَامِهِ أَوْ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ فِعْلٌ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَاسْتِدْبَارٍ أَوْ مَشْيٍ كَثِيرٍ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا أَنَّ السُّودَانِيَّ يَقُولُ لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَسَمِعَ الْإِمَامَ سَلَّمَ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ الشُّيُوخُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّ الشُّيُوخَ حَمَلُوا كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ عَلَى التَّقْيِيدِ لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ لَا عَلَى الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ) وَلَوْ مَعَ الدَّمِ فَإِنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ نَقُولُ هَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِبَعْضِهِ وَأَنَّ هَذَا الْبَعْضَ لَهُ حَدٌّ مَحْدُودٌ مَعَ أَنَّهُ يُخَالِفُهُ مَا فِي ك عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ حُصُولِ السُّنَّةِ بِبَعْضِ التَّشَهُّدِ خِلَافًا لِابْنِ نَاجِي فِي كِفَايَةِ بَعْضِهِ قِيَاسًا عَلَى السُّورَةِ اهـ. (أَقُولُ) إلَّا أَنَّ الَّذِي يَكْفِي مِنْ السُّورَةِ أَقَلُّهُ آيَةٌ لَا بَعْضُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ كَبَعْضِ آيَةِ الدَّيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ هُنَا أَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضٍ لَهُ بَالٌ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ نَاجِي قِيَاسًا عَلَى السُّورَةِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ) وَيَأْتِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ إلَخْ وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ الْإِمَامُ وَلَوْ رَعَفَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ لِخِفَّةِ سَلَامِهِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي لَكِنْ رُوعِيَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ السُّنَنِ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَالَ عج قُلْت قَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّشَهُّدَ كَمَا هُوَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ هُوَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ وَقَدْ دَلَّ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إلَخْ أَنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَتْرُكُ التَّشَهُّدَ فَالْفَذُّ وَالْإِمَامُ كَذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَحْمِلُ عَنْهُ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ. . (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَبْنِيَانِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا مُنَافٍ مِنْ حَدَثٍ وَنَحْوِهِ أَيْ وَأَمَّا النُّعَاسُ وَالِازْدِحَامُ فَغَيْرُ مُنَافٍ؛ لِأَنَّ النُّعَاسَ خَفِيفٌ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ مَا كَانَ مُنَافِيًا فَلَا يَرِدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ) ضَمِيرُ بِغَيْرِهِ وَضَمِيرُ ظَنَّهُ وَضَمِيرُ نَفْيُهُ (قَوْلُهُ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ إلَخْ) قَدْ عَرَفْت قَوْلًا وَالْقَوْلَانِ الْبَاقِيَانِ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ إنْ كَانَ مَعْذُورًا بِأَنْ كَانَ فِي لَيْلٍ لَمْ تَبْطُلْ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ يَسِيرٌ طَاهِرٌ) هَذَانِ الْقَيْدَانِ ظَاهِرَانِ فِي الْقَيْءِ وَالْقَلْسِ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ الْقِلَّةُ وَالْغَلَبَةُ وَالطَّهَارَةُ وَأَنَّهُ مَتَى فُقِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَا بِظَاهِرَيْنِ فِي الْبَلْغَمِ؛ لِأَنَّ الْبَلْغَمَ لَا يَكُونُ إلَّا طَاهِرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَثْرَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَعَمَّدُ إخْرَاجَهُ لَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَزْدَرِدْ) أَيْ وَلَمْ يُرْجِعْ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ إمْكَانِ طَرْحِهِ ظَاهِرٌ فِي الْقَيْءِ وَالْقَلْسِ وَأَمَّا الْبَلْغَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 إلَى مَحَلٍّ يُمْكِنُ طَرْحُهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ تَعَمَّدَ الْقَيْءَ أَوْ الْقَلْسَ أَوْ رَدَّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ طَائِعًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا وَفِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ لِابْتِلَاعِهِ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ يُونُسَ فِي النِّسْيَانِ إلَّا أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَوْ كَثُرَ أَبْطَلَ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ الْقَلْسُ مَاءٌ حَامِضٌ طَاهِرٌ تَقْذِفُهُ الْمَعِدَةُ وَلَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْقَلْسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَجِسًا إلَّا إذَا شَابَهُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ. (ص) وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ مُسَافِرٍ أَوْ خَوْفٍ بِحَضَرٍ قَدَّمَ الْبِنَاءَ وَجَلَسَ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتُهُ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْبِنَاءَ كَمَا قَالَهُ الْأَشْيَاخُ عِبَارَةٌ عَمَّا فَاتَ الْمَسْبُوقَ فِعْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَهُ وَالْقَضَاءُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَأْتِي بِهِ عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَالْبَاءُ لِلْبَاءِ وَالْقَافُ لِلْقَافِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ لِاجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ خَمْسَ صُوَرٍ وَإِنَّ الْمَشْهُورَ تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونَ يُقَدَّمُ الْقَضَاءُ الْأَوْلَى أَنْ يُدْرِكَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مَعًا وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْوُسْطَيَيْنِ، وَيَعْنِي بِهِ أَنَّ الْإِمَامَ سَبَقَ الْمَأْمُومَ بِرَكْعَةٍ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَأَدْرَكَ مَعَهُ الْوُسْطَيَيْنِ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَلَمَّا خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فَاتَتْهُ الرَّابِعَةُ. فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ سِرًّا وَيَجْلِسُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَبْلَ النُّهُوضِ لِيُحَاكِيَ بِهَا فِعْلَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهَا رَابِعَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَأْمُومِ ثَالِثَةً وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ سُنَّتُهُ أَنْ يَكُونَ عَقِبَ جُلُوسٍ، ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ يَجْهَرُ إنْ كَانَتْ جَهْرِيَّةً وَتُلَقَّبُ بِأُمِّ الْجَنَاحَيْنِ لِثِقَلِ طَرَفَيْهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَعِنْدَ سَحْنُونَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ ثُمَّ بِرَكْعَةِ الْبِنَاءِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ الثَّانِيَةُ أَنْ تَفُوتَهُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَيُدْرِكُ الثَّالِثَةَ وَتَفُوتُهُ الرَّابِعَةُ بِالرُّعَافِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ اتِّفَاقًا ثُمَّ بِرَكْعَتَيْ الْقَضَاءِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهِمَا وَعِنْدَ سَحْنُونَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَتُسَمَّى الْحُبْلَى عَلَى هَذَا لِثِقَلِ وَسَطِهَا بِالْقِرَاءَةِ الثَّالِثَةُ أَنْ تَفُوتَهُ الْأُولَى وَيُدْرِكَ الثَّانِيَةَ وَتَفُوتَهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ. فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ نَفْسِهِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ، وَيَجْلِسُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ   [حاشية العدوي] فَقَدْ عَلِمْت مِنْ بَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ ابْتِلَاعُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ أَمْكَنَ طَرْحُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّلَاةَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ فَلَمْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا فِي صِيَامِهِ اهـ. وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَنْ تَقَيَّأَ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ) إلَّا أَنَّ الْقَوْلَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي الْغَلَبَةِ وَأَمَّا فِي النِّسْيَانِ فَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ هَذَا فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْقَضَاءِ فِيهِمَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصَّوْمِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَتَمَادَى) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَمْ يَسْتَثْنِ قَوْلًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا شَابَهُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَنْجُسُ بِمُجَرَّدِ التَّغَيُّرِ وَإِنْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا غَلَبَهُ شَيْءٌ مِنْهُ وَكَانَ يَسِيرًا طَاهِرًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ نَجِسًا بَطَلَتْ وَكَوْنُ النَّجَاسَةِ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْرٌ آخَرُ فَيُمْكِنُ جَرَيَانُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فَإِذَنْ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ أَنَّ الْأَوَّلَ جَارٍ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْت مَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَمَّا فَاتَ الْمَسْبُوقَ فِعْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَشْمَلُ مَا إذَا أَدْرَكَ حَاضِرٌ ثَانِيَةَ صَلَاةِ مُسَافِرٍ فَالتَّعْرِيفُ الشَّامِلُ أَنْ يُقَالَ الْبِنَاءُ مَا اُبْتُنِيَ عَلَى الْمُسْتَدْرَكِ وَالْقَضَاءُ مَا اُبْتُنِيَ عَلَيْهِ الْمُدْرَكُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يُجَامِعْ فِعْلُهُ فِعْلَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ فَالْبَاءُ لِلْبَاءِ) أَيْ فَالْكَلِمَةُ الَّتِي فِيهَا الْبَاءُ وَهِيَ الْبِنَاءُ لِلْبَاءِ أَيْ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْبَاءُ وَهِيَ الْفَوَاتُ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ وَالْقَافُ لِلْقَافِ) أَيْ وَالْكَلِمَةُ الَّتِي فِيهَا الْقَافُ وَهِيَ الْقَضَاءُ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْقَافُ وَهِيَ أَنْ يَفُوتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ تَقْدِيمُ الْبِنَاءِ) وَوَجْهُ تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ انْسِحَابُ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَقَالَ سَحْنُونَ يُقَدَّمُ الْقَضَاءُ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلُ أَوَّلِ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ حَاصِلُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْبِنَاءِ هُوَ أَنْ يَفْعَلَ أَوَّلًا مِثْلَ مَا فَعَلَ الْإِمَامُ مِنْ قِرَاءَةٍ وَجُلُوسٍ فَيُحَاكِي الْإِمَامَ وَتَقْدِيمُ الْقَضَاءِ أَنْ يَفْعَلَ أَوَّلًا مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى صِفَةِ مَا فَعَلَ الْإِمَامُ فَمَا كَانَ مِنْ سُورَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ أَتَى بِهِ كَذَلِكَ وَمَا جَلَسَ فِيهِ الْإِمَامُ يَجْلِسُ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ جُلُوسٍ لَهُ وَمَا لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ الْإِمَامُ لَا يَجْلِسُ فِيهِ الْمَأْمُومُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ جُلُوسٍ لَهُ كَأَنْ تَكُونَ ثَانِيَةً لَهُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامُهُ جَلَسَ فِيهَا تَرْجِيحًا لِجَانِبِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ) أَيْ الرَّكْعَةَ الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَجْلِسُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ عَلَى الْمَشْهُورِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهِ الْمَشْهُورُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ فَفِي جُلُوسِهِ فِي آخِرَةِ إمَامِهِ قَوْلَانِ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِعَدَمِ الْجُلُوسِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ دَاخِلَتَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ إحْدَاهُمَا الرَّابِعَةُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَاضِرُ مِنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَتَفُوتَهُ الْأُولَى قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ أَوَّلًا قَضَاءٌ وَالْأَخِيرَتَيْنِ بِنَاءٌ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ إذَا صَلَّى خَلْفَ الْمُسَافِرِ لَا يَقْصُرُ. وَكَذَلِكَ حُكْمُ الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ وَهِيَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ تُجَاهَ الْعَدُوِّ ثُمَّ يُصَلِّي بِالثَّانِيَةِ الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَإِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ مَعَهُمْ فَقَدْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فَالرَّكْعَةُ الْأُولَى قَضَاءً لِفَوَاتِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْأَخِيرَتَانِ بِنَاءً لِفَوَاتِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ، قَوْلُهُ لِرَاعِفٍ وَكَذَا النَّاعِسُ وَمَزْحُومٌ فَلَوْ قَالَ لِكَرَاعِفٍ لَكَانَ أَشْمَلَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا قَصَدَهُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ فَقَالَ. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْخَلَلُ فِي الثَّغْرِ وَغَيْرِهِ وَمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ وَمِنْهُ عَوِرَ الْمَكَانُ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13] أَيْ خَالِيَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْفَسَادُ وَالْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ لِتَوَقُّعِ الْفَسَادِ مِنْ رُؤْيَتِهَا أَوْ سَمَاعِ كَلَامِهَا لَا مِنْ الْعَوْرِ بِمَعْنَى الْقُبْحِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ فِي الْجَمِيلَةِ مِنْ النِّسَاءِ لِمَيْلِ النُّفُوسِ إلَيْهَا إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْقُبْحِ مَا يُسْتَقْبَحُ شَرْعًا وَإِنْ مِيلَ إلَيْهِ طَبْعًا. (ص) هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِكَثِيفٍ (ش) افْتَتَحَ الْمُؤَلِّفُ بِالِاسْتِفْهَامِ عَلَى لِسَانِ سَائِلٍ وَجَوَابُهُ قَوْلُهُ خِلَافٌ أَيْ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَسَتْرُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ شَرْطٌ وَقَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ مُتَعَلِّقٌ بِسَتْرُ أَيْ هَلْ سَتْرُ عَوْرَةِ الْمُكَلَّفِ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ أَوْ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ وَاجِبٌ فَقَطْ فَلَا خِلَافَ فِي الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الشَّرْطِيَّةِ وَعَدَمِهَا وَسَتَأْتِي فَائِدَتُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيفِ مَا لَا يَشُفُّ الْبَدَنَ أَيْ مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ لَوْنُ الْجَسَدِ فَالشَّافُّ كَالْعَدَمِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ كَالْبُنْدُقِيِّ الرَّفِيعِ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ التَّابِعَ لِابْنِ بَشِيرٍ فِي أَنَّ الشَّافَّ كَالْعَدَمِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاصِفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ لَا بِرِيحٍ مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ عَزَا لِابْنِ الْقَاسِمِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِلِاصْفِرَارِ وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ النَّوَادِرِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَتَابِعِيهِ مَا يَشُفُّ كَالْعَدَمِ وَمَا يَصِفُ لِرِقَّتِهِ يُكْرَهُ وَهْمٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِرِوَايَةِ الْبَاجِيِّ التَّسْوِيَةَ بَيْنِهِمَا أَيْ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَوَفَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ الْكَثِيفُ الصَّفِيقُ أَيْ بِسَاتِرٍ كَثِيفٍ أَيْ صَفِيقٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّافِّ الَّذِي تَبْدُو مِنْهُ الْعَوْرَةُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الشَّافَّ كَالْعَدَمِ وَأَمَّا الشَّافُّ الَّذِي لَا تَبْدُو مِنْهُ الْعَوْرَةُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ مَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ تت هُنَا صُوَرًا اُخْتُلِفَ فِيهَا بِالْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ يُدْرِكَ الْأُولًى وَيَرْعُفَ فِي الثَّانِيَةِ وَيُدْرِكَ الثَّالِثَةَ وَتَفُوتَهُ الرَّابِعَةُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الرَّابِعَةَ بِنَاءٌ وَاخْتُلِفَ فِي الثَّالِثَةِ فِي كَوْنِهَا بِنَاءً أَوْ قَضَاءً. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ الرَّابِعَةُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَاضِرُ مِنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ الرَّكْعَةَ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا بِنَاءٌ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ حَاضِرٍ فَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الْبِنَاءِ بِأَنَّهُ مَا فَاتَ الْمَأْمُومَ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ كَانَ مَفْعُولًا لِلْإِمَامِ أَمْ لَا لَا تَفْسِيرُهُ بِمَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. [فَصْلٌ فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةُ السَّاتِرِ] (فَصْلٌ سَتْرُ الْعَوْرَةِ) . (قَوْلُهُ فِي الثَّغْرِ) الثَّغْرُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ هُجُومُ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الثَّغْرِ كَالْخَلَلِ فِي الدَّارِ (قَوْلُهُ وَمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ كَالْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ عَوِرَ الْمَكَانُ) أَيْ وَمِنْ الَّذِي يُتَوَقَّعُ مِنْهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ قَوْلُهُمْ عَوِرَ الْمَكَانُ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا صَارَ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ. (قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ لِتَوَقُّعِ الْفَسَادِ مِنْ رُؤْيَتِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَصْلِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ وَلَوْ شَرْعِيًّا، فَيَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْلِ فَأَيْنَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَأَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ خِلَافَ الْأَصْلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِالْخُصُوصِ حَيْثُ يُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُخَفَّفَةَ وَالْمُغَلَّظَةَ وَالسَّوْأَتَانِ حَيْثُ يُرَادُ الْمُغَلَّظَةُ. (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْعَوَرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَالْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ مِنْ الْعَوَرِ بِمَعْنَى تَوَقُّعِ الْفَسَادِ مِنْ رُؤْيَتِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلُّغَةِ لَا لِلشَّرْعِ (قَوْلُهُ هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ) وَحُكْمُ سَتْرِ بَعْضِ الْعَوْرَةِ كَحُكْمِ سَتْرِهَا كُلِّهَا. (قَوْلُهُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ إذَا صَلَّى عُرْيَانًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَلِأَشْهَبَ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا وَلِسَحْنُونٍ يُعِيدُ بِالْقُرْبِ لَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ الصَّفِيقِ وَلَوْ غَيْرَ كَثِيفٍ. (قَوْلُهُ وَتَابِعَيْهِ) بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ وَالتَّابِعُ لِابْنِ بَشِيرٍ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَهُ ابْنُ عب. (قَوْلُهُ وَوَفَّقَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ عَلَى مَا زَعَمَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ يَشِفُّ وَلَوْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ لِغَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ فَضْلًا عَنْ الْمُتَأَمِّلِ، وَلَوْ صَلَّتْ الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ مِشْمِشِيٍّ فَصَلَاتُهَا صَحِيحَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَهُ ابْنُ عب عَلَى مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 قَالَ إنَّ الشَّافَّ تَصِحُّ فِيهِ الصَّلَاةُ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. (ص) وَإِنْ بِإِعَارَةٍ أَوْ طَلَبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّتْرَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ كَانَ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ لِغَيْرِهِ وَأَعَارَهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولَهُ كَهِبَةِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ لِقِلَّةِ الْمَانِيَّةِ وَطَلَبُهُ بِاسْتِعَارَةٍ مِمَّنْ جَهِلَ بُخْلَهُ بِهِ أَوْ شِرَاءٍ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِإِعَارَةٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَا بَعْدَهُ (ص) أَوْ نَجِسٍ وَحْدَهُ (ش) هَذَا لَيْسَ مُغَايِرًا لِكَثِيفٍ حَتَّى يُعْطَفَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُبَالَغَةٌ فِيهِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْكَثِيفُ بِنَجِسٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُحَقَّقًا فِي النَّجِسِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْكَثِيفُ نَجِسًا فِي ذَاتِهِ كَجِلْدِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا أَوْ حَشِيشًا أَوْ طِينًا وَالْمُتَنَجِّسُ أَوْلَى (ص) كَحَرِيرٍ وَهُوَ مُقَدَّمٌ. (ش) يَعْنِي وَكَذَا إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا حَرِيرًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ النَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ قُدِّمَ الْحَرِيرُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَرِيرِ وَالصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ وَلِأَنَّ لُبْسَهُ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ أَصْبُغُ يُقَدَّمُ النَّجِسُ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ يُمْنَعُ لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَالنَّجِسُ إنَّمَا يُمْنَعُ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَمْنُوعُ فِي حَالَةٍ أَوْلَى مِنْ الْمَمْنُوعِ مُطْلَقًا. (ص) شَرْطٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَإِنْ بِخَلْوَةٍ لِلصَّلَاةِ خِلَافٌ (ش) هَذَا خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ سَتْرٌ يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ لِلصَّلَاةِ بِخَلْوَةٍ أَوْ بِجِلْوَةٍ فِي ضَوْءٍ أَوْ ظَلَامٍ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ الْأَرْدِيَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِقِلَّةِ الْمَانِيَّةِ إلَخْ) أَفَادَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْمِنَّةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمَاءَ لَهُ بَدَلٌ وَأَنَّهُ يَقِلُّ بِالِاسْتِعْمَالِ وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَتَعَافُهُ النُّفُوسُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ. (قَوْلُهُ وَطَلَبُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَبُولُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَتَفَرَّعُ هَذَا عَلَيْهِ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ) أَفَادَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ بِثَمَنٍ مُعْتَادٍ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَإِنْ بِذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ يَطْلُبُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَمِنْ رُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ الذَّاتِ لِوُجُودِ الْمَانِيَّةِ الْقَوِيَّةِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّتْرُ مُتَلَبِّسًا بِإِعَارَةُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ أَفَادَ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا يَرِدُ عَنْ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ فِيهِ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَعْطِفَ عَلَيْهِ) كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ. (قَوْلُهُ مُحَقَّقًا فِي النَّجِسِ) مِنْ تَحَقُّقِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَالْمَنْظُورُ لَهُ ذَلِكَ الْخَاصُّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ جَوَازُ السَّتْرِ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ إلَى آخِرِ الذَّاتِ لَكِنْ اُنْظُرْ نَصَّ تت قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ وَجَدَ جِلْدَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ السَّتْرُ بِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَمَّا مَا نَقَلَهُ تت عَنْ الذَّخِيرَةِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَيْسَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ أَوْ حَشِيشًا أَوْ طِينًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَجِسًا أَيْ وَإِنْ كَانَ الْكَثِيفُ حَشِيشًا أَوْ طِينًا أَيْ إلَّا أَنَّ فِي الطِّينِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْآخَرُ لَا يَسْتَتِرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ يُبْسِهِ وَتَطَايُرِهِ فَيَنْكَشِفُ وَهُمَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَمَا يُفِيدُ الشَّارِحُ وَفِي عِبَارَةِ شب، وَأَمَّا الِاسْتِتَارُ بِالْمَاءِ لِمَنْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءُ رُكُوعًا وَسُجُودًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالطِّينِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءَ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عُرْيَانًا قَائِمًا رَاكِعًا سَاجِدًا (قَوْلُهُ وَالْمُتَنَجِّسُ أَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالنَّجِسِ فَأَوْلَى الْمُتَنَجِّسُ وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَيُقَدَّمُ الْمُتَنَجِّسُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهَلْ يُقَدَّمُ الْمُتَنَجِّسُ عَلَى النَّجِسِ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ مَطْلُوبٌ مَعَ الْإِمْكَانِ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا قَالُوا فِيمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِمَحْرَمِهِ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا عَارِضَةٌ تَزُولُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ لِأَصَالَةِ حُرْمَتِهِ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الْإِكْرَاهِ بِالزِّنَا. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ تَشْبِيهًا فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ وَكَلَامُهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَعَصَى وَصَحَّتْ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ فَيَكُونُ تَشْبِيهًا فِي الْمُقَيَّدِ بِدُونِ قَيْدِهِ وَأَمَّا الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ فَمِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُصَلِّي عُرْيَانًا وَلَا يُصَلِّي بِالْحَرِيرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَرِيرِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ طَاهِرٌ وَشَأْنُ الطَّاهِرِ أَنْ يُصَلَّى بِهِ دُونَ النَّجِسِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لُبْسَهُ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ) يُعَارِضُ ذَلِكَ أَنَّ النَّجِسَ يُلْبَسُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يُقَدَّمُ النَّجِسُ) ضَعِيفٌ اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا قِيلَ أَنَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ يُصَلَّى بِهِ اتِّفَاقًا وَفِي الْحَرِيرِ الْخِلَافُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ جَائِزٌ لُبْسُهُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَا يُقَدَّمُ الْحَرِيرُ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَ الْعَكْسُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى بِالنَّجِسِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ تَبْطُلُ وَأَمَّا الْحَرِيرُ فَلَا بُطْلَانَ. (قَوْلُهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) وَقَالَ مُحَشِّي تت ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ قَيْدِ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَطَاءِ اللَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ غَيْرُهُ بِالذِّكْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُزُولِيُّ فَإِنَّ السَّتْرَ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا بِغَيْرِ ثَوْبٍ وَلَا مِئْزَرٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى سَتْرِهَا نَاسِيًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا أَعَادَ أَبَدًا اهـ. وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَعُدُّوا هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (قَوْلُهُ {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَقَطْ دُونَ الشَّرْطِيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ فِي كُلِّ وَاجِبٍ أَنْ يَحْصُلَ الِاخْتِلَالُ بِتَرْكِهِ وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ الْأَرْدِيَةُ) فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْأَمْرُ نَدْبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وَالْمَسَاجِدِ الصَّلَوَاتُ أَوْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ وَقِيلَ نَزَلَتْ رَدًّا لِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الطَّوَافِ عُرَاةً أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَشُهِّرَ وَهَذَا مَطْوِيٌّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ النَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَهَّرْ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَعَلَى الشَّرْطِيَّةِ يُعِيدُ أَبَدًا وَعَلَى نَفْيِهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَيْ مَعَ الْعِصْيَانِ. (تَنْبِيهٌ) : الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ وَأَمَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ فِي الْعَوْرَةِ الشَّامِلَةِ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ ثُمَّ إنَّ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ الرَّجُلِ هِيَ السَّوْأَتَانِ وَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الْمُقَدِّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَمِنْ الدُّبُرِ مَا بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُعِيدُ لِكَشْفِ الْفَخِذِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهَا تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِكَشْفِ الْفَخِذِ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعِيدَ لِكَشْفِ الْفَخِذَيْنِ كَذَلِكَ فِي الْوَقْتِ وَأَنْ تُعِيدَ أَبَدًا فِي كَشْفِ بَعْضِ الْأَلْيَتَيْنِ وَيَأْتِي مَا يُعِيدُ الرِّجَالُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فِي كَشْفِ صَدْرِهَا أَوْ بَعْضِهِ أَوْ أَطْرَافِهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ فِي مَجْمُوعِ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ وَأَنَّهَا تُعِيدُ فِي كَشْفِ مَا هُوَ فَوْقَ الْمَنْحَرِ فِي الْوَقْتِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ كَكَبِيرَةٍ إنْ تَرَكَا الْقِنَاعَ وَأَنَّهَا تُعِيدُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَنَحْوُهُ لِلتَّتَّائِيِّ. (ص) وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ وَأَمَةٍ وَإِنْ بِشَائِبَةٍ وَحُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ أَمَةٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٌ مِنْ أُمُومَةِ وَلَدٍ فَمَا دُونَهَا مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَلِلصَّلَاةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ مَعَ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُمَا خَارِجَانِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَيْ الْعَوْرَةُ الشَّامِلَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْمَسَاجِدِ الصَّلَوَاتُ) مِنْ قَبِيلِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا لِلثَّانِي فَقَطْ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنْدَبُ الرِّدَاءُ إلَّا لِمَنْ يُصَلِّي فِي الْمَسَاجِدِ فَقَطْ بِخِلَافِهِ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ فَيُفِيدُ الْإِطْلَاقَ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ نَزَلَتْ رَدًّا لِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الطَّوَافِ عُرَاةً) أَقُولُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ أَيْ عِنْدَ كُلِّ طَوَافٍ. (قَوْلُهُ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ) هَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ لَا مَعَ عَدَمِهِمَا فَفِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ السَّوْأَتَانِ) سُمِّيَتَا بِالسَّوْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يُسِيءُ بِصَاحِبِهِمَا وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ كَدَرًا وَحُزْنًا (قَوْلُهُ وَمِنْ الدُّبُرِ) أَيْ الْمُؤَخَّرِ. (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فَمُ الدُّبُرِ. (قَوْلُهُ لَا يُعِيدُ لِكَشْفِ الْفَخِذِ) أَيْ وَلَوْ تَعَمَّدَ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَلَا يُعِيدُ لِكَشْفِ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ أَوْ بَعْضِهِمَا أَوْ هُمَا أَوْ كَشْفِ عَانَةٍ وَمَا فَوْقَهَا لِسُرَّةٍ أَبَدًا فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ فِي الْوَقْتِ كَذَا قَرَّرَ وَفِيهِ بَحْثٌ، قَالَ عج: وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ الْبَحْثُ وَحَاصِلُ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ مِنْ الْعَانَةِ وَمَا حَاذَى ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى مَا قَابَلَ السُّرَّةَ مِنْ الْخَلْفِ يُعِيدُ فِيهِ الرَّجُلُ فِي الْوَقْتِ وَالسُّرَّةُ وَمَا حَاذَاهُ مِنْ الْخَلْفِ خَارِجَانِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ فِي السَّوْأَتَيْنِ الْإِعَادَةَ أَبَدًا وَلَا إعَادَةَ فِي الْفَخِذِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبَحْثِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ عج أَنَّ مَا فَوْقَ الْعَانَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْفَخِذِ فَلَا إعَادَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَمَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأَمَةِ الْأَلْيَتَانِ وَمِنْ مُقَدَّمِهَا فَرْجُهَا وَمَا وَالَاهُ كَذَا يَنْبَغِي وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْدِيرِ فِي الرَّجُلِ أَنْ تَقُولَ إلَى السُّرَّةِ وَيَكُونُ مِنْ خَلْفِهَا مَا قَابَلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فِي كَشْفِ صَدْرِهَا أَوْ بَعْضِهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا حَاذَاهُ مِنْ الظَّهْرِ. (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا تُعِيدُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا) قَالَ عب وَالْمُغَلَّظَةُ لِحُرَّةٍ بَطْنُهَا وَسَاقَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا حَاذَى ذَلِكَ خَلْفَهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ بَدَا صَدْرُهَا أَوْ شَعْرُهَا أَوْ قَدَمَاهَا أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَبَدًا اهـ. وَمِثْلُ الصَّدْرِ الظَّهْرُ فِي الْإِعَادَةِ بِوَقْتٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِلِالْتِذَاذِ بِهِ اهـ. قُلْت نَظَرَ عج فِي السَّاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الصَّدْرِ وَمَا حَاذَاهُ مِنْ الظَّهْرِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ لَا يُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ فَقَدْ قَالَ عج: الظَّاهِرُ أَنَّهَا إذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الْكَفِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُقَابِلُ الصَّدْرَ تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ إنْ بَدَا بَعْضُ رَأْسِهَا أَوْ ذِرَاعَيْهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي تت أَنَّهَا لِكَشْفِ الْبَطْنِ أَبَدًا. (تَنْبِيهٌ) : النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ مَسْتُورَةً جَائِزٌ وَجَسُّهَا مِنْ فَوْقِ سَاتِرٍ لَا يَجُوزُ قَالَهُ عج وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ أَيْ مَا دَامَتْ مُتَّصِلَةً وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَتْ فَلَا يَحْرُمُ جَسُّهَا خِلَافٌ لِلشَّافِعِيَّةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. (قَوْلُهُ عَوْرَةَ الرَّجُلِ إلَخْ) أَيْ الشَّخْصِ الذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا فَالْجِنُّ عَوْرَتُهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُمْ هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَفُونَ بِذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ بَلْ وَلَا عِلْمٍ لَنَا بِحَقِيقَتِهِمْ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَلِلصَّلَاةِ) الْأَحْسَنُ قَصْرُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْحَالَةُ فِيهَا وَاحِدَةٌ فَلَا يُقَالُ فِيهَا مَعَ مِثْلِهِ وَلَا يُقَالُ فِيهَا مَعَ رَجُلٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إلَخْ) أَيْ عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَعَ مِثْلِهِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مِنْ حُرْمَةِ النَّظَرِ لِفَخِذِ الرَّجُلِ وَشَهَّرَ فِي الْمَدْخَلِ الْكَرَاهَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّظَرَ لِفَخِذِ الْأَمَةِ حَرَامٌ بِلَا نِزَاعٍ شب وَأَمَّا مَعَ الْمَرْأَةِ فَمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَاخْتَلَفَ عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَعَ مِثْلِهِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعَوْرَةُ الْأَمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قُلْنَا الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ مَا تَظْهَرُ إلَّا فِي الرُّؤْيَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَافِرَةً) أَيْ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا إلَّا وَجْهَهَا وَأَطْرَافَهَا بَيْنَ يَدَيْ حُرَّةٍ كَافِرَةٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْكَشْفِ كَوْنُ ذَلِكَ عَوْرَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ مِنْ رَجُلٍ مَعَ غَيْرِ أَجْنَبِيَّةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا مَعَ غَيْرِ أَجْنَبِيَّةٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ إنَّمَا تَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَإِنْ قُلْت هَذَا بَيَانٌ لِلْعَوْرَةِ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الصَّلَاةِ لَا لَهَا وَلِلْعَوْرَةِ الَّتِي لَا تُرَى قُلْت يَرُدُّهُ قَوْلُهُ وَحُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ فَإِنَّهُ فِي الْعَوْرَةِ الَّتِي لَا تُرَى إذْ عَوْرَةُ الْحُرَّةِ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعُ جَسَدِهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا كَمَا يَأْتِي وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ وَالْجَوَابَ عَمَّا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ مَعَ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ جَمِيعُ بَدَنِهَا حَتَّى دَلَالِيّهَا وَقُصَّتُهَا مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا فَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهُمَا بِلَا لَذَّةٍ وَلَا خَشْيَةِ فِتْنَةٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ شَابَّةً وَقَالَ مَالِكٌ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ وَمَعَ غُلَامِهَا وَقَدْ تَأْكُلُ مَعَ زَوْجِهَا وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يُؤَاكِلُهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِيهِ إبَاحَةُ إبْدَاءِ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا لِلْأَجْنَبِيِّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْأَكْلُ إلَّا هَكَذَا اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا لَا يُعَارِضُ مَنْعَ أَكْلِ الزَّوْجِ مَعَ مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَنْعِ خَاصًّا بِالْمُطَلِّقِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ لَهَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالْأُلْفَةِ سَابِقًا فَشَدَّدَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُشَدِّدْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. (ص) وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (ش) لَمَّا كَانَتْ عَوْرَةُ الْحُرَّةِ تَنْقَسِمُ كَانْقِسَامِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ إلَى مُغَلَّظَةٍ كَالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ وَمُخَفَّفَةٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهَا مَعَ حُكْمِهَا بِقَوْلِهِ وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّةَ إذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ فَقَطْ أَوْ الْأَطْرَافِ فَقَطْ أَوْ هُمَا فَإِنَّهَا تُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الْآتِي بَيَانُهُ وَمِثْلُ الْحُرَّةِ أُمُّ الْوَلَدِ فِي أَنَّهَا تُعِيدُ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا فِي الْوَقْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَسَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُمَا كَشْفُ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا وَالْمُرَادُ بِأَطْرَافِهَا ظُهُورُ قَدَمَيْهَا وَكُوعَيْهَا وَشَعْرِهَا وَظُهُورُ بَعْضِ هَذِهِ كَظُهُورِ كُلِّهَا وَفِي الْأَبِيِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَعَ غَيْرِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ مَعَ غَيْرِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ كَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ مَعَ رَجُلٍ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ مَحْرَمٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ وَأَمَّا مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَالْأَجْنَبِيَّةُ وَلَوْ أَمَةً لَا تَرَى مِنْهُ إلَّا مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ مَعَ مَحْرَمِهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْفَرْقُ قُوَّةُ دَاعِيَتِهَا لِلرَّجُلِ وَضَعْفُ دَاعِيَتِهِ إلَيْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مَعَ الْكَافِرَةِ غَيْرِ أَمَتِهَا جَمِيعُ جَسَدِهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَأَمَّا عَوْرَتُهَا مَعَ أَمَتِهَا الْكَافِرَةِ فَكَعَوْرَتِهَا مَعَ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ جَمِيعُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرَكِبَتْهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَلَكِنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ عَوْرَتَهَا مَعَ الْكَافِرَةِ كَعَوْرَتِهَا مَعَ الْمُسْلِمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَكْشِفَ لَهَا أَزْيَدَ مِنْ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْكَشْفِ كَوْنُهُ عَوْرَةً. (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) هَذَا سُؤَالٌ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إلَخْ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّؤْيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ قُلْت يَرُدُّهُ إلَخْ) أَيْ وَيَصِحُّ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَالصَّلَاةِ هَذَا مُفَادُ أَوَّلِ كَلَامِهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْعَوْرَةِ الَّتِي لَا تُرَى يَقْصِرُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ إلَخْ) وَنَصُّهُ وَاعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَرَبِيَّةً؛ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تَقَعُ خَبَرًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الظُّرُوفِ اللَّازِمَةِ وَالْآخَرُ أَنَّ كَلَامَهُ لَا يَصْدُقُ إلَّا بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْنِيَّةِ الْوَسَطُ تَقُولُ دَارُ زَيْدٍ بَيْنَ دَارِ عَمْرٍو يَعْنِي وَسَطَهَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ بَيْنَ فِيهَا لُغَةٌ أَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ وَعَلَيْهَا جَاءَ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بِالرَّفْعِ غَايَتُهُ أَنَّهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ أَوْ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ أَوْ مَوْصُوفٌ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَلَوْ زَادَ لَفْظَةَ مَا انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضَانِ فَتُجْعَلُ خَبَرًا وَيَشْمَلُ مَا لَمْ يَشْمَلْهُ بَيْنَ؛ لِأَنَّ مَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَعَلَى حَذْفِهَا رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَمَا مِنْ الْمَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ يَجُوزُ حَذْفُهُ وَالْقَرِينَةُ هُنَا مَوْجُودَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ اهـ. وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ صَرَّحَ فِي تَسْهِيلِهِ بِأَنَّ بَيْنَ مِنْ الظُّرُوفِ الْمُتَصَرِّفَةِ وَمَثَّلَ شُرَّاحُهُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بِالرَّفْعِ وقَوْله تَعَالَى {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] بِالْخَفْضِ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي ذَلِكَ وَلَا جَعَلُوهُ لُغَةً قَلِيلَةً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْجَوَابِ الْأَوَّلِ إذَا أُعْرِبَ بَيْنَ بِالرَّفْعِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْرَبَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ عَلَى جِهَةِ الْخَبَرِ بِالظَّرْفِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ. (أَقُولُ) يَرِدُ أَنَّ جَعْلَ بَيْنَ صِلَةً لِمَحْذُوفٍ لَا يُرْفَعُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي أَجْزَاءِ الْوَسَطِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ مَعَ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ) كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ كَشْفِهَا لِلْكَافِرِ أَنْ تَكُونَ عَوْرَةً خِلَافًا لعب وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تُبْدِيَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا وَلَوْ وَجْهًا أَوْ يَدًا لِكَافِرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً فَالْأَوْلَى التَّعْمِيمُ كَمَا قُلْنَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ حَتَّى دَلَالِيّهَا) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ عَوْرَةً شَرْطُ اتِّصَالِهِ لَا كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ عَوْرَةٌ وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ شَرْحِ شب وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَوْرَةُ الْمُسْلِمَةِ مَعَ عَبْدِهَا الْكَافِرِ كَعَوْرَتِهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا خَشْيَةَ فِتْنَةٍ) فَسَّرَ الْمِصْبَاحُ الْفِتْنَةَ بِالْمِحْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ وَالْمُرَادُ هُنَا ابْتِلَاءٌ خَاصٌّ وَهُوَ الِابْتِلَاءُ بِاللَّذَّةِ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا) الصَّدْرُ لَيْسَ مِنْ الْأَطْرَافِ بِدَلِيلِ تَغَايُرِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ بِوَقْتٍ) هُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ اللَّيْلُ كُلُّهُ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ. (قَوْلُهُ ظُهُورُ قَدَمَيْهَا) يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ بُطُونَ قَدَمَيْهَا لَا تُعِيدُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوْرَتِهَا. (قَوْلُهُ وَكُوعَيْهَا) الْأَوْلَى وَكُوعَاهَا بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى ظُهُورُ وَكَذَا تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الْكَتِفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُقَابِلُ الصَّدْرَ فِي الْوَقْتِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 ذِرَاعَيْهَا بَدَلَ كُوعَيْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ كَفَّاهَا لِكُوعَيْهَا لَيْسَا مِنْ عَوْرَتِهَا (ص) كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخِذًا لَا رَجُلٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ إذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الْفَخِذِ فَإِنَّهَا تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَغْلَظَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَشْفُ فِيهِمَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَخِذَيْنِ كَالْفَخِذِ فِيهِمَا. (ص) وَمَعَ مَحْرَمٍ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ مَعَ الرَّجُلِ الْمَحْرَمِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ جَمِيعُ بَدَنِهَا إلَّا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَهِيَ مَا فَوْقَ الْمَنْحَرِ وَهُوَ شَامِلٌ لِشَعْرِ الرَّأْسِ وَالْقَدَمَانِ وَالذِّرَاعَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرَى ثَدْيَهَا وَصَدْرَهَا وَسَاقَهَا وَالْعَبْدُ الْوَغْدُ مَعَ سَيِّدَتِهِ كَالْمَحْرَمِ يَرَى مِنْهَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَتَرَى مِنْهُ مَا تَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهَا كَمَا سَيَأْتِي. (ص) وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ وَمِنْ الْمَحْرَمِ كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّةَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ الْمُتَقَدِّمَةَ الَّتِي يَرَاهَا الْمَحْرَمُ مِنْ مَحْرَمِهِ إذْ مَا ذُكِرَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَتَرَى مِنْ مَحْرَمِهَا مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ مِنْ مِثْلِهِ وَهُوَ جَمِيعُ الْبَدَنِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ أَوْ الرُّكْبَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ وَتَرَى الْمَرْأَةَ وَلَوْ أَمَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْحَطَّابِ وَالْمَوَّاقِ خِلَافًا لِمَا فِي تت مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْحُرَّةِ وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَالْحَطَّابُ فَالْأَمَةُ تَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَلَا تَرَى مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَيَرَى مِنْهَا هُوَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ الْعَكْسَ قُوَّةُ دَاعِيَتِهَا لِلرَّجُلِ وَضَعْفُ دَاعِيَتِهِ لَهَا. (ص) وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ تَحْدِيدَ عَوْرَةِ الْأَمَةِ الْوَاجِبِ سَتْرُهَا أَشَارَ لِحُكْمِ مَا عَدَاهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ وَمَنْ فِيهَا بَقِيَّةُ رِقٍّ مِنْ مُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَا تُطْلَبُ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ بِخِلَافِ سَتْرِ جَمِيعِ الْجَسَدِ فَمَطْلُوبٌ لَهَا. (ص) وَنُدِبَ سَتْرُهَا بِخَلْوَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَيُكْرَهُ التَّجَرُّدُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إذْ كَفَّاهَا لِكُوعَيْهَا) يُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّ الْكُوعَيْنِ لَيْسَا مِنْ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ كَكَشْفِ أَمَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَشْفَهُ مِنْ حُرَّةٍ تُعِيدُ أَبَدًا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِهِ بِإِعَادَةِ الْأَمَةِ فِي الْوَقْتِ مَعْنًى. (قَوْلُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَالْقَدَمَانِ) عَطْفٌ عَلَى مَا فَوْقَ الْمَنْحَرِ أَيْ ظَهْرًا وَبَطْنًا فَخَالَفَ الْأَطْرَافُ هُنَا الْأَطْرَافَ الْمُتَقَدِّمَةَ. (قَوْلُهُ وَالذِّرَاعَانِ) مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى طَرَفِ الْإِصْبَعِ الْوُسْطَى يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ فِي جَامِعِ الْكَافِي وَنَصُّهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِ أُمِّ امْرَأَتِهِ وَشَعْرِهَا وَكَفَّيْهَا وَكَذَا زَوْجَةُ أَبِيهِ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ وَلَا يَنْظُرُ مِنْهُنَّ إلَى مِعْصَمٍ وَلَا سَاقَ وَلَا جَسَدٍ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَجُوزُ تَرْدَادُ النَّظَرِ وَإِدَامَتُهُ إلَى امْرَأَةٍ شَابَّةٍ مِنْ مَحَارِمِهِ أَوْ غَيْرِهِنَّ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالضَّرُورَةِ فِي الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ تَرْدَادِ النَّظَرِ وَإِدَامَتِهِ وَمَفْهُومُ الشَّابَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمُتَجَالَّةِ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ. . (قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَحْرَمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ قُوَّةُ دَاعِيَتِهَا) أَيْ غَيْرَ أَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُ مِنْ التَّسَلُّطِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فَالذَّكَرُ أَكْثَرُ تَسَلُّطًا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهَا فِي الدَّاعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ حَيَاءٌ مِثْلُهَا. (قَوْلُهُ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ الْآتِيَ ذِكْرُهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ الصَّلَاةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ مَقْصُورٌ عَلَى خُصُوصِ الصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ قَالَ تت وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ فِي صَلَاتِهَا نَدْبًا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ لَا تُغَطِّيَهُ كَالرَّجُلِ وَإِذَا صَلَّتْ بِغَيْرِهِ لَمْ تُعِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَمَطْلُوبٌ لَهَا) أَيْ نَدْبًا فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَغَيْرَهَا اشْتَرَكَتَا فِي وُجُوبِ سَتْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَفِي نَدْبِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا الرَّأْسَ وَاخْتَلَفَتَا فِي الرَّأْسِ فَأُمُّ الْوَلَدِ يُنْدَبُ لَهَا وَغَيْرِهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ بِالْجَوَازِ وَنَدْبُ التَّغْطِيَةِ وَنَدْبُ عَدَمِهَا أَفَادَهُ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قُلْنَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا قَالَ عِيَاضٌ الصَّوَابُ نَدْبُ تَغْطِيَتِهَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَلَا يَنْبَغِي الْيَوْمَ الْكَشْفُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ الْفَسَادِ فِي أَكْثَرِ النَّاسِ فَلَوْ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَزِقَّةِ لَوَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَيُلْزِمَ الْإِمَاءَ بِهَيْئَةٍ تُمِيزُهُنَّ مِنْ الْحَرَائِرِ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ جَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَامًّا فَقَالَ وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا بَلْ تُنْدَبُ بِعَدَمِ التَّغْطِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ نَاجِي وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَضْرِبُ مَنْ تُغَطِّي رَأْسَهَا مِنْ الْإِمَاءِ لِئَلَّا يَشْتَبِهْنَ بِالْحَرَائِرِ وَصَوَّبَ سَنَدٌ الْجَوَازَ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ كَالرَّجُلِ فَإِذَا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ كَشْفُ رَأْسِهِ بَلْ يَجُوزُ فَفِي الْأَمَةِ أَوْلَى. . (قَوْلُهُ الْمُغَلَّظَةِ) قَالَ عج الَّذِي عَلَيْهِ مُعْظَمُ أَشْيَاخِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ وَهِيَ مَا تُعَادُ الصَّلَاةُ لِكَشْفِهِ أَبَدًا عَلَى تَفْصِيلِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ مُسْتَنَدًا وَفَسَّرَهَا اللَّخْمِيُّ بِالسَّوْأَتَيْنِ خَاصَّةً وَظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلْحُرَّةِ وَغَيْرِهَا وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْعَوْرَةُ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ السَّوْأَتَانِ وَمَا وَالَاهُمَا خَاصَّةً وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْفَخِذُ مِنْ الرَّجُلِ اهـ. فَزَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مَا وَالَى السَّوْأَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ الْبَطْنُ مِنْ الْمَرْأَةِ خَارِجٌ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ بِخِلَافِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْحَصْرَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَخِذِ لِلرَّجُلِ أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ عج وَقَدْ اقْتَصَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا. (قُلْت) مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَمَةِ يَدْخُلُ وَعَلَى هَذَا فَالْعَوْرَةُ هُنَا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ وَلَا مَا يَشْمَلُهَا وَيَشْمَلُ الْمُخَفَّفَةَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا عَوْرَةٌ خَاصَّةٌ انْتَهَى فَالْمَقَالَاتُ أَرْبَعٌ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 ص) وَلِأُمِّ وَلَدٍ وَصَغِيرَةٍ سَتْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْحُرَّةِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى سَتْرِهَا أَيْ وَنُدِبَ لِحُرَّةٍ صَغِيرَةٍ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ تُرَاهِقْ وَلِأُمِّ وَلَدٍ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ السَّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ مِنْ قِنَاعٍ وَدِرْعٍ يَسْتُرُ ظُهُورَ الْقَدَمَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ سَتْرُ الزَّائِدِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَسَتْرُ عَوْرَتِهِمَا وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ الْوَاجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ جَمِيعُ بَدَنِهَا. (ص) وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ لِلِاصْفِرَارِ كَكَبِيرَةٍ إنْ تَرَكَا الْقِنَاعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا رَاهَقَتْ كَبِنْتِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَالْكَبِيرَةَ الْحُرَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ إذَا تَرَكَ كُلٌّ الْقِنَاعَ وَصَلَّتْ بَادِيَةَ الشَّعْرِ فَلْتُعِدْ كُلًّا مِنْ الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَالصُّبْحِ لِلشَّمْسِ وَالظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ بِنْتَ ثَمَانٍ كَانَ أَمْرُهَا أَخَفَّ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ لِإِعَادَةِ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ لَا لِلْغُرُوبِ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَهِيَ كَالنَّافِلَةِ وَلَا تُصْلَيْ نَافِلَةً عِنْدَ الِاصْفِرَارِ وَلَوْ قَالَ كَأُمِّ وَلَدٍ لَكَانَ أَنْسَبَ لِلِاخْتِصَارِ وَلِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ الْكَبِيرَةِ أَنَّهَا تُعِيدُ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (ص) كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ وَإِنْ انْفَرَدَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى بِحَرِيرٍ أَوْ بِذَهَبٍ لَابِسًا لِكُلٍّ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ انْفَرَدَ بِاللُّبْسِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِإِعَادَتِهِ أَبَدًا وَيُحْتَمَلُ وَإِنْ انْفَرَدَ فِي الْوُجُودِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ حِينَ صَلَّى بِهِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى حَامِلًا لَهُ فِي كُمِّهِ أَوْ فِي جَيْبِهِ أَوْ فِي فَمِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ (ص) أَوْ بِنَجِسٍ بِغَيْرٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُعِيدُ إلَى الِاصْفِرَارِ إذَا صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ ذَاتًا أَوْ عَارِضًا لَابِسًا لَهُ أَوْ حَامِلًا وَيُعِيدُ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ حَرِيرٍ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ بِشَيْءٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ وَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ فِي الْآخَرِ إذَا صَلَّى بِأَحَدِهِمَا وَالْبَاءُ فِي بِحَرِيرٍ وَبِنَجِسٍ وَبِغَيْرٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَحَذَفَ الْمُضَافَ مَعَ غَيْرٍ اخْتِصَارًا وَذَلِكَ جَائِزٌ أَيْ يُعِيدُ فِي غَيْرِ النَّجِسِ وَفِي غَيْرِ الْحَرِيرِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَعَادَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ (ص) أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ حَيْثُ وَجَدَ مَا يُطَهِّرُ بِهِ الثَّوْبَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ فَقَوْلُهُ بِغَيْرٍ رَاجِعٌ لِلْحَرِيرِ وَلِلنَّجَسِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ رَاجِعٌ لِلنَّجَسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ. (ص) وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ وَصَلَّى بِطَاهِرٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَصَلَّى بِثَوْبٍ طَاهِرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا ثَالِثَ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ لَمْ تَقَعْ جَابِرَةً لِلْأُولَى فَيَأْتِي بِثَالِثَةٍ لِلْجَبْرِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ مُبَالَغَةٌ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ   [حاشية العدوي] أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا السَّوْأَتَانِ وَمَا قَارَبَهُمَا فِي مُطْلَقِ شَخْصٍ. (قَوْلُهُ وَصَغِيرَةٍ سَتْرٌ وَاجِبٌ) وَمِثْلُ الصَّغِيرَةِ الصَّغِيرُ فِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ السَّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُرَاهِقْ إلَخْ) حَاصِلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ يُسْتَحَبُّ لَهَا السَّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ وَإِنْ لَمْ تُرَاهِقْ وَأَمَّا الْإِعَادَةُ عِنْدَ تَرْكِ الْقِنَاعِ فَشَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ مُرَاهِقَةً هَذَا تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ بِحَسَبِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ إلَّا أَنَّهُ فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ بِأَنَّ مَنْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ تُعِيدُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُرَاهِقَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا صَلَّتْ الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَهِيَ مِمَّنْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَتُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَمَّا الْمُدَوَّنَةُ فَلَمْ تَذْكُرْ الْإِعَادَةَ وَإِنَّمَا قَالَتْ: وَالْحُرَّةُ الْمُرَاهِقَةُ وَمَنْ تُؤْمَرُ مِنْهُنَّ بِالصَّلَاةِ فِي السَّتْرِ كَالْبَالِغَةِ انْتَهَى فَإِنْ أُخِذَ الْإِعَادَةُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْبَالِغَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ وَمِثْلُهَا قَدْ أُمِرَتْ بِالصَّلَاةِ وَقَدْ بَلَغَتْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الصَّلَاةِ مَا تَسْتُرُهُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا الْإِعَادَةَ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا مُعْتَمَدَهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَوْضِيحِهِ فَيُقَيَّدُ أَيْضًا قَوْلُهُ وَصَغِيرَةٍ بِالْمُرَاهِقَةِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَيَكُونُ جَزْمُهُ بِالْإِعَادَةِ لَا دَلِيلَ فِيهِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ تُوضِحِيهِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ قَوْلَ أَشْهَبَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَلَى وَجْهِهِ بَلْ نَقَلَهُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُرَاهِقَةِ فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت وَقَدْ نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَالْمَوَّاقُ مُقَلِّدِينَ لَهُ وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَهُ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ يَسْتُرُ ظُهُورَ الْقَدَمَيْنِ) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ عَوْرَتَهَا مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ فَيَدْخُلُ بُطُونُ الْقَدَمَيْنِ فَالْعِبَارَةُ الَّتِي بَعْدَهَا تُخَالِفُهَا وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ فِي عب نِسْبَةُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى هُنَا لِلْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ غَيْرَ أَنَّ شَيْخَنَا السَّيِّدَ أَفَادَ أَنَّ بُطُونَ الْقَدَمَيْنِ مِنْ الْوَاجِبِ سَتْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ فِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فَسَتْرُ عَوْرَتِهِمَا) أَيْ عَوْرَةِ الْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ وَعَوْرَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْوُجُوبُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ بِاعْتِبَارِ وَلِيِّهَا. (قَوْلُهُ إنْ تَرَكَا الْقِنَاعَ) ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا شَخْصَيْنِ. (قَوْلُهُ وَالْكَبِيرَةَ الْحَرَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ) إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَحْمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ الْكَبِيرَةَ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لِلِاخْتِصَارِ) لَا اخْتِصَارَ إنْ كَانَ يَذْكُرُ الشَّرْطَ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِأُمِّ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ) إلَّا أَنَّ فِي الْحَرِيرِ مُطْلَقًا وَفِي النَّجِسِ إذَا كَانَ عَاجِزًا أَوْ نَاسِيًا وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ فَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ فَصَلَّى بِثَوْبٍ طَاهِرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَصَلَّى بِطَاهِرٍ أَوْ غَيْرِ حَرِيرٍ لِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ أَشَارَ إلَى أَنَّ مِثْلَ مَسْأَلَةِ النَّجِسِ مَسْأَلَةُ الْحَرِيرِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَصَلَّى بِثَوْبٍ طَاهِرٍ أَوْ غَيْرِ حَرِيرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 ص) لَا عَاجِزٌ صَلَّى عُرْيَانًا (ش) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا وَبِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُصَلٍّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ السَّتْرِ بِكُلِّ شَيْءٍ إذَا صَلَّى عُرْيَانًا ثُمَّ وَجَدَ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ فِي الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافَهُ وَجَعَلَ الْمَازِرِيُّ الْمَذْهَبَ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى تَقْدِيمِ النَّجِسِ وَالْحَرِيرِ عَلَى التَّعَرِّي؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْ الْإِعَادَةُ مَنْ صَلَّى فِيهِمَا مَعَ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى التَّعَرِّي فَلْتَلْزَمْ مَعَ التَّعَرِّي الْأَضْعَفَ مِنْهُمَا أَحْرَى وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيمِ التَّعَرِّي عَلَيْهِمَا فَلَا إشْكَالَ (ص) كَفَائِتَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى فَائِتَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِنَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ فَلَا يُعِيدُهَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِانْقِضَاءِ وَقْتِهَا بِفَرَاغِهَا. (ص) وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ (ش) أَيْ وَكُرِهَ مَا يُحَدِّدُ الْعَوْرَةَ أَيْ يَصِفُ جُرْمَهَا كَالْحِزَامِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالثَّوْبِ الرَّقِيقِ الصَّفِيقِ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَصْفُ بِسَبَبِ رِيحٍ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (لَا بِرِيحٍ) وَمِثْلُهُ الْبَلَلُ ثُمَّ إنَّ كَرَاهَةَ مَا يُحَدِّدُ فِي غَيْرِ الْمِئْزَرِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ بِخِلَافِ السِّرْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ الْعَرَبِ وَالسَّلَفِ وَالْمُرَادُ بِالْمِئْزَرِ الْمِلْحَفَةُ أَيْ مَا يُلْتَحَفُ بِهِ وَيَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَإِنْ كَانَ مُحَدِّدًا وَأَمَّا لَوْ صَلَّى بِمِئْزَرٍ وَلَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ شَيْءٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثِّيَابِ فَيُكْرَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَهُوَ وَاضِحٌ كَمَا فِي الْحَطَّابِ. (ص) وَانْتِقَابُ مَرْأَةٍ كَكَفِّ كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ وَتَلَثُّمٌ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ وَأَوْلَى الرَّجُلُ الِانْتِقَابُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ بِالنِّقَابِ وَاللِّثَامِ تَغْطِيَةُ الشَّفَةِ السُّفْلَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَلَا إعَادَةَ عَلَى فَاعِلِهِ وَفِي النِّهَايَةِ اللَّثْمُ سَدُّ الْفَمِ بِاللِّثَامِ وَالنِّقَابُ مَا يَصِلُ إلَى الْعُيُونِ انْتَهَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ النِّقَابُ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي تَشْمِيرُ كُمِّهِ وَضَمُّهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرْبًا مِنْ تَرْكِ الْخُشُوعِ وَأَوْلَى ذَيْلُهُ عَنْ السَّاقِ وَمِثْلُهُ إذَا صَلَّى مُحْتَزِمًا أَوْ جَمَعَ شَعْرَهُ وَهَذَا إذَا فَعَلَهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاسَهُ أَوْ كَانَ لِأَجْلِ شُغْلٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَلَا أَكْفِتُ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» فَأَخْبَرَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إذَا قَصَدَ بِهِ الصَّلَاةَ وَالْكَفْتُ مَعْنَاهُ الضَّمُّ وَرُوِيَ إذَا سَجَدَ الْإِنْسَانُ فَسَجَدَ مَعَهُ شَعْرُهُ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ. (ص) كَكَشْفِ مُشْتَرٍ صَدْرًا أَوْ سَاقَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُرِيدِ شِرَاءِ أَمَةٍ أَنْ يَكْشِفَ صَدْرَهَا أَوْ سَاقَهَا أَوْ مِعْصَمَهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ فِي الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَنْظُرُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّ وَنَحْوَهُمَا كَزَوَاجِ الْحُرَّةِ، فَإِنْ قُلْت: النَّظَرُ لِهَذَيْنِ بِلَا شَهْوَةٍ جَائِزٌ فَلِمَ كُرِهَ كَشْفُهُمَا؟ قُلْت لَمَّا كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ الْجَارِي إلَخْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَى عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَيُقَالُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنَّ الْمُصَلِّيَ مُكَلَّفٌ مَعَهُمَا بِالسَّتْرِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ مَعَ التَّعَرِّي فَلَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ حَرِيرٍ) لَا تَتَقَيَّدُ الصَّلَاةُ فِي الْحَرِيرِ بِالنِّسْيَانِ خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ ظَاهِرِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ) أَيْ لُبْسُ مُحَدِّدٍ (قَوْلُهُ أَيْ يَصِفُ جُرْمَهَا) أَيْ لِرِقَّتِهِ أَوْ إحَاطَتِهِ بِهَا (قَوْلُهُ كَالْحِزَامِ) أَيْ عَلَى ثَوْبٍ رَقِيقٍ وَأَمَّا الْحِزَامُ عَلَى الْقُفْطَانِ فَلَا تَحْدِيدَ لِلْعَوْرَةِ أَيْ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا كَرَاهَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَوْرَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُغَلَّظَةَ وَالْمُخَفَّفَةَ كَالْأَلْيَتَيْنِ فَيَكُونُ الْحِزَامُ عَلَى الْقُفْطَانِ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ لَا بِرِيحٍ) أَيْ يَضُرُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ الْعَرَبِ وَالسَّلَفِ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّلَفَ يُقْتَدَى بِهِمْ وَأَمَّا الْعَرَبُ فَلَا يُقْتَدَى بِهِمْ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِ السَّلَفِ وَافَقَتْ الْعَرَبَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ صَلَّى بِمِئْزَرٍ إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِهَذَا الْمِئْزَرِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ بِالتَّحْدِيدِ بَلْ الْكَرَاهَةُ إنَّمَا تَحَقَّقَتْ بِاعْتِبَارِ كَشْفِ الْكَتِفِ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْمِئْزَرِ مَا هُوَ أَعَمُّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِصَلَاةٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ لَا لِلْمُحَدِّدِ أَيْضًا خِلَافًا لِمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ لِصَلَاةٍ عَنْ قَوْلِهِ وَتَلَثُّمٌ لِيَرْجِعَ لَهُ أَيْضًا لَكَانَ أَوْلَى لِيَخْرُجَ مَنْ عَادَتُهُ ذَلِكَ كَالْمُرَابِطِينَ وَمَنْ عَمِلَهُ لِشُغْلٍ. (قَوْلُهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ) ظَاهِرُهُ كُلُّهُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَعْضِ الْوَجْهِ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ قَوْلَيْنِ لَا ذَاتَ أَقْوَالٍ أَوْ نَقُولُ تَغْطِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ وَاللِّثَامُ تَغْطِيَةُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَذَا يُكْرَهُ التَّلَثُّمُ وَهُوَ تَغْطِيَةُ الشَّفَةِ السُّفْلَى بِاللِّثَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ) أَيْ الزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ الَّذِي لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ السَّمْحَاءُ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ النِّقَابُ تَغْطِيَةُ) أَيْ ذُو تَغْطِيَةٍ. (قَوْلُهُ وَضَمُّهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى ذَيْلُهُ) أَيْ تَشْمِيرُ ذَيْلِهِ فِي حَالِ نُزُولِهِ لِلسُّجُودِ مَكْرُوهٌ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضٌ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاسَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الِانْتِقَابِ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ عَادَ لِمَا كَانَ الْكَشْفُ لَهُ مِنْ الشُّغْلِ أَمْ لَا لَكِنَّ الْأَفْضَلَ إرْسَالُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ كَرَاهَةُ الِانْتِقَابِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَهَا. (قَوْلُهُ وَلَا أَكْفِتُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ. (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ إذَا قَصَدَ بِهِ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْكَفْتِ مُقْتَرِنًا لِلسُّجُودِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَرَوَى إلَخْ) أَتَى بِهِ لِبَيَانِ حِكْمَةِ النَّهْيِ عَمَّا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ إذْ يَحْتَمِلُ خِلَافَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُرِيدِ إلَخْ) أَيْ رَجُلٍ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا إلَّا أَنْ تَشْتَرِيَ عَبْدًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَرَى صَدْرَهُ. (قَوْلُهُ لِمَرِيدِ شِرَاءِ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى بِالْفِعْلِ فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ أَنْ يَكْشِفَ إلَخْ) أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةً مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا كَرَاهَةَ وَأَمَّا جَسُّهُ بِالْيَدِ فَحَرَامٌ. (قَوْلُهُ وَنَحْوَهُمَا) أَيْ كَظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ وَلَا يُرَادُ بِالنَّحْوِ بَقِيَّةُ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّهُ يُنَكِّدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ مِعْصَمَهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ كَزَوَاجِ الْحُرَّةِ) لَيْسَ التَّشْبِيهُ تَامًّا؛ لِأَنَّ زَوَاجَ الْحُرَّةِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَجْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 كَشْفُهُمَا فِعْلًا لَهُ وَأَفْعَالُ الْعُقَلَاءِ تُصَانُ عَنْ الْعَبَثِ وَالْغَالِبُ إنَّمَا يُقْصَدُ هَاهُنَا التَّلَذُّذُ حُمِلَ الْكَشْفُ عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْكَشْفَ مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ بِخِلَافِ النَّظَرِ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ وَأَمَّا جَسُّهُ بِالْيَدِ فَحَرَامٌ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ كَكَشْفِ مُسْدَلٍ بَدَلَ مُسْتِرٍ وَصَوَابُهُ سَادِلٌ مِنْ سَدَلَ ثُلَاثِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ أَسْدَلَ أَيْ كَكَرَاهَةِ صَلَاةِ شَخْصٍ كَشَفَ صَدْرَهُ أَوْ سَاقَهُ فِي حَالِ سَدْلِ رِدَائِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَكَشْفِ مُسْتَرٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّاءِ أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ كَانَ مُسْتَتِرًا أَنْ يَكْشِفَ فِي الصَّلَاةِ صَدْرًا أَوْ سَاقًا. (ص) وَصَمَّاءُ بِسِتْرٍ وَإِلَّا مُنِعَتْ (ش) أَيْ وَكُرِهَ فِي الصَّلَاةِ الِاشْتِمَالُ بِالصَّمَّاءِ إنْ كَانَتْ مَعَ سِتْرٍ تَحْتَهَا مِنْ مِئْزَرٍ أَوْ ثَوْبٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَإِنْ بَاشَرَ بِهِمَا انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَإِنْ عُدِمَ السَّاتِرُ مُنِعَتْ لِحُصُولِ الْكَشْفِ حِينَئِذٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَكُرِهَ فِي الصَّلَاةِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ يُلْقِيهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُخْرِجًا يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ أَوْ مُخْرِجًا إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ وَهَذَا الثَّانِي ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وَإِنَّمَا كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ يَبْدُو مَعَهُ جَنْبُهُ فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ كَكَشْفِ الْكُلِّ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَفَسَّرَ أَوَّلَ كَلَامِهِ الصَّمَّاءَ بِالِاضْطِبَاعِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَصَمَّاءُ بِسِتْرٍ أَيْ وَيُكْرَهُ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ إذَا كَانَتْ مَعَ سَاتِرٍ غَيْرِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَرْتَدِيَ الرَّجُلُ فَيُبْدِيَ كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ وَيُسْدِلَ الطَّرَفَ الْأَيْسَرَ وَفِي الْبُخَارِيِّ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ   [حاشية العدوي] وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالْغَالِبُ إنَّمَا يُقْصَدُ هَهُنَا التَّلَذُّذُ) أَيْ بِحَسَبِ الْمَظِنَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ (فَإِنْ قُلْت) هُوَ عَيْنُ مَا بَعْدَهُ عَلَى هَذَا. (قُلْت) الَّذِي بَعْدَهُ لَمْ تُرَاعَ فِيهِ غَلَبَةٌ ثُمَّ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْغَالِبَ مَعْرِفَةُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْحَالَةِ لَا اللَّذَّةِ. (قَوْلُهُ فِي حَالِ سَدْلِ رِدَائِهِ) أَيْ أَنَّهُ اتَّصَفَ بِكَشْفِ الصَّدْرِ وَالسَّاقِ فِي حَالِ سَدْلِ الرِّدَاءِ مَعَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَشْفَ الْمَذْكُورَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ لَمْ يَسْدُلْ الرِّدَاءَ. (قَوْلُهُ كَكَشْفِ مُسْتِرٍ صَدْرًا إلَخْ) أَيْ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ مُسْتَتِرًا بِشَيْءٍ عَلَى جَسَدِهِ الشَّامِلِ لِصَدْرِهِ وَسَاقَهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكْشِفَ لَهُ صَدْرًا أَوْ سَاقًا إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مُسْتِرٍ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَصَمَّاءُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ شَمْسُ الدِّينِ تِلْمِيذُ الْبِسَاطِيِّ إنَّهُ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ (قَوْلُهُ سِتْرٍ) يَحْتَمِلُ قِرَاءَتَهُ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا لِقَوْلِ الْمِصْبَاحِ السِّتْرُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ كَقَتْلٍ أَيْ فِعْلِ السَّاتِرِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مَعَ سِتْرٍ تَحْتَهَا مِنْ مِئْزَرٍ أَوْ ثَوْبٍ) أَيْ فَالثَّوْبُ الَّذِي اشْتَمَلَ بِهِ اشْتِمَالَ الصَّمَّاءِ مُحْتَوٍ عَلَى الْبَدَنِ فَوْقَ الْمِئْزَرِ وَالثَّوْبِ وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَفَّ الثَّوْبَ الَّذِي فِيهِ طُولٌ عَلَى جَمِيعِ أَكْتَافِهِ وَجَعَلَهُ مُحِيطًا بِهِ صَارَ كَالْمَرْبُوطِ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ الْأَرْضَ إلَخْ) أَيْ بِيَدَيْهِ مَعًا فَيَكُونُ الثَّوْبُ مُحِيطًا بِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَتَكُونُ يَدَاهُ مَسْتُورَتَيْنِ تَحْتَ الثَّوْبِ الْمُحِيطِ بِهِ وَقَوْلُهُ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا انْكِشَافَ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَ السَّاتِرَ يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الثَّوْبَ الْمُحْتَبَى بِهِ عَلَى الْأَعَالِي فَقَطْ وَأَمَّا الْأَسَافِلُ فَالْإِزَارُ سَاتِرٌ فَعَلَى تَقْدِيرِ لَوْ عَدِمَ الْإِزَارَ تَكُونُ الْعَوْرَةُ مَكْشُوفَةً بِالْفِعْلِ فَيَرِدُ أَنْ يُقَالَ فَلَا تَكُونُ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ الصَّمَّاءِ بَلْ مِنْ حُصُولِ الْكَشْفِ ابْتِدَاءً إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَيُفْرَضُ الْكَلَامُ فِي سَاتِرٍ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ مُحِيطٍ بِالْيَدَيْنِ وَلَيْسَ هُنَاكَ سَاتِرٌ وَمُنِعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاشَرَ كَمَا هُوَ مَطْلُوبٌ لَحَصَلَ الْكَشْفُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَاتِرٌ يَحْصُلُ الِانْكِشَافُ عِنْدَ حُصُولِ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ الْمَطْلُوبُ فَلِذَلِكَ مُنِعَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَنْعُ عِنْدَ حُصُولِ الْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ لَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْأُولَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تُفِيدُ أَنَّ الثَّوْبَ مُحِيطٌ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ سَاتِرٌ لِيَدَيْهِ مَعًا وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ اشْتِمَالِ الثَّوْبِ عَلَى الْيَدَيْنِ مَعًا بَلْ عَلَى إحْدَاهُمَا فَعَلَى تَقْدِيرِ إذَا عَدِمَ السَّاتِرَ يَكُونُ مَكْشُوفًا تَحْقِيقًا. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ) أَيْ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَفَسَّرَهَا فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ بِأَنْ يَرُدَّ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرُدُّهُ ثَانِيَةً مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا مَعًا انْتَهَى. (أَقُولُ) هَذَا التَّفْسِيرُ مُفَادُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ يُلْقِيهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَا يَكُونُ الرِّدَاءُ مُحِيطًا بِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَلْ مِنْ جَانِبِ الْيُمْنَى فَقَطْ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الثَّانِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَالرِّدَاءُ مُحِيطٌ بِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى عَلَى هَذِهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُبَاشِرُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ أَيْ مَعًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُبَاشِرٌ بِوَاحِدَةٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ السَّاتِرِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْدُو إلَخْ هَذَا إذَا كَانَ السِّتْرُ مِئْزَرًا أَوْ سِرْوَالًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَلَا تُتِمُّ تِلْكَ الْعِلَّةُ نَعَمْ تَأْتِي الْعِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ ثُمَّ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاتِرٍ فَالْحُرْمَةُ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ) وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجَنْبَ مِنْ الْكَتِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنَّ كَشْفَ الْجَنْبِ كَكَشْفِ الْكَتِفِ. (قَوْلُهُ فَسَّرَ أَوَّلَ كَلَامِهِ الصَّمَّاءَ بِالِاضْطِبَاعِ) أَيْ فَلَمْ يُصِبْ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ حَقِيقَتِهِ. (قَوْلُهُ وَيَسُدُّ الطَّرَفَ) أَيْ عَلَى الطَّرَفِ الْأَيْسَرِ حَاصِلُ الِاضْطِبَاعِ عَلَى مَا أَفَادَهُ فِي ك أَنْ يَرْتَدِيَ بِرِدَاءٍ أَيْ صَغِيرٍ وَيُخْرِجَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى لِيَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّمَّاءَ اشْتِمَالٌ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ بِخِلَافِ الِاضْطِبَاعِ كَالْفُوطَةِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ) يُفْرَضُ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ غَطَّى الشِّقَّ الْأَيْسَرَ بِطَرَفِ الرِّدَاءِ الصَّغِيرِ ثُمَّ غَرَزَهُ تَحْتَ الرِّدَاءِ بِحَيْثُ صَارَ الطَّرَفُ مَشْدُودًا عَلَى الْأَيْسَرِ بَلْ وَالْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ بُدُوُّ الْكَتِفِ الْأَيْمَنِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ السَّاتِرُ مِئْزَرًا أَوْ سِرْوَالًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الْمَنْدُوبِ ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَيُخْرِجَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ إنْ كَانَ مَعَهُ سَاتِرٌ ثُمَّ كَرِهَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ لِلْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِضَيِّقٍ إذَا كَانَ مُؤْتَزِرًا قَالَ مَالِكٌ وَالِاضْطِبَاعُ أَنْ يَرْتَدِيَ وَيُخْرِجَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ انْتَهَى أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ الْمُسْتَتِرَةَ بِالْإِزَارِ انْكَشَفَ جَنْبُهُ وَأَمَّا التَّوَشُّحُ وَهُوَ أَخْذُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى لِيَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى وَأَخْذُ الطَّرَفِ الْآخَرِ مِنْ تَحْتِ الْيُسْرَى لِيَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى فَهُوَ جَائِزٌ. (ص) كَاحْتِبَاءٍ لَا سِتْرَ مَعَهُ (ش) جَوَّزَ الشَّارِحُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِيمَا بَعُدَ وَإِلَّا وَهُوَ الْمَنْعُ حَيْثُ لَا سَتْر مَعَهُ وَإِلَّا جَازَ كَالتَّوَشُّحِ كَمَا مَرَّ وَالِاحْتِبَاءُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ إدَارَةُ الْجَالِسِ بِظَهْرِهِ وَرَكِبَتَاهُ إلَى صَدْرِهِ ثَوْبَهُ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ وَأَجَازَ الْبِسَاطِيُّ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلُ وَإِلَّا وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الِاحْتِبَاءَ الَّذِي لَا سَتْرَ مَعَهُ مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ الثَّوْبُ الْمُحْتَبَى بِهِ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ خَوْفَ سُقُوطِ حَبْوَتِهِ فَيُؤَدِّي إلَى انْكِشَافِ فَرْجِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ مَعَ وُجُودِ السَّتْرِ وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ. (ص) وَعَصَى وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ الذَّكَرَ إذَا لَبِسَ حَرِيرًا خَالِصًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ مَعَ عِصْيَانِهِ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى حُرْمَةِ لُبْسِ خَالِصِهِ عَلَى الرِّجَالِ انْتَهَى وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ لِحَكَّةٍ أَوْ جِهَادٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَكَذَا افْتِرَاشُهُ وَالِارْتِفَاقُ بِهِ خِلَافًا لَهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ تَعْلِيقَهُ سِتْرًا كَالْبُشْخَانَاتِ حَيْثُ لَا يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الرِّجَالُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ لِبَاسٌ لِمَا سُتِرَ بِهِ مِنْ الْحِيطَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَاعْتُرِضَتْ حِكَايَةُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ مَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ أَجَازَ الْكُلُّ خَطَّ الْعَلَمِ   [حاشية العدوي] ثَوْبًا فَلَا بُدُوَّ لِلْكَتِفِ الْأَيْمَنِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُضْطَبَعُ بِهِ فِي الْأَعْلَى فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ كَرِدَاءٍ كَبِيرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فَلَا حُرْمَةَ عِنْدَ عَدَمِ السَّاتِرِ تَحْتَهُ ثُمَّ نَقُولُ إنَّ الْكَرَاهَةَ حَاصِلَةٌ بِدُونِ الِالْتِفَاتِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ مَكْشُوفٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّفْسِيرُ بِالْحَقِيقَةِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحِيطًا بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ عَوْرَتُهُ وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَكْشُوفَةٌ فَالْمَنْعُ لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ مِئْزَرٌ أَيْ وَلَا ثَوْبَ وَلَا لِبَاسَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ كَرِهَهُ) أَيْ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلِذَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) مُرَادُهُ بِالْأَحَبِّيَّةِ الْوُجُوبُ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِضَيِّقٍ) أَيْ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَعَدَمُ الْحُرْمَةِ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَيَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَوْ لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَصْلًا فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَرْتَدِيَ) أَيْ بِرِدَاءٍ صَغِيرٍ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ انْكَشَفَ جَنْبُهُ) لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّلْ هُنَا بِالرَّبْطِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ سَابِقًا وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا جَاءَتْ مِنْ كَشْفِ الْجَنْبِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْكَتِفَيْنِ مَسْتُورٌ وَالْجَنْبِ مَسْتُورٌ. (قَوْلُهُ جَازَ كَالتَّوَشُّحِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَفِي تت أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ إدَارَةُ الْجَالِسِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ ثَوْبَهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ يَجْعَلُ الْجَالِسُ ثَوْبَهُ مُحِيطًا بِظَهْرِهِ وَقَوْلُهُ وَرَكِبَتَاهُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ إلَى صَدْرِهِ خَبَرٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رُكْبَتَيْهِ مَضْمُومَتَانِ لِصَدْرِهِ وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي ثَوْبٍ مَسْلُوكٍ فِي الْعُنُقِ بَلْ فِي مِثْلِ مِلْحَفَةٍ مَثَلًا وَحَاصِلُ تَقْرِيرِ بَهْرَامَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ تَحْتَ ذَلِكَ كَلِبَاسٍ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَتْ لِعَدَمِ السَّاتِرِ لِلْعَوْرَةِ. (أَقُولُ) فَالْحُرْمَةُ إذَنْ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهَا وَالْبِسَاطِيُّ يَقُولُ لَا حُرْمَةَ بَلْ الْكَرَاهَةُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِسَاتِرٍ كَلِبَاسٍ أَيْ وَيَجْعَلُ الْحَبْوَةَ سَاتِرَةً بِنَفْسِهَا وَهَذَا أَقْرَبُ فَإِنْ قُلْت هَلَّا جَعَلَتْ كَلَامَ بَهْرَامَ حُرْمَةً وَجَوَازًا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْحَبْوَةُ سَاتِرَةً وَتَكُونُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ عَدَمِ السَّاتِرِ لِخَوْفِ سُقُوطِ الْحَبْوَةِ قُلْت مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ تت. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا الِاحْتِبَاءُ يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ وَفِي صَلَاةٍ فِي بَعْضِ أَفْعَالِهَا كَالتَّشَهُّدِ وَالظَّاهِرُ تَقْرِيرُ الْبِسَاطِيِّ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَكَوْنُ الِاحْتِبَاءِ بِالثَّوْبِ هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَيَدَاهُ كَالثَّوْبِ. (قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الصَّمَّاءِ وَالْحَبْوَةِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ حَتَّى عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ بَهْرَامَ؛ لِأَنَّ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْحَبْوَةِ عَلَى الْأَوَّلِ الْجَوَازُ لَا الْكَرَاهَةُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ كَالتَّوَشُّحِ. (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ لِحَكَّةٍ) مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِلدَّوَاءِ وَإِلَّا جَازَ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ) مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ فِيهِ الْمُبَاهَاةَ وَالْإِرْهَابَ فِي الْحَرْبِ وَبِأَنَّهُ يَقِي عَنْهُ الْقِتَالَ مِنْ النَّبْلِ. (قَوْلُهُ وَالِارْتِفَاقُ) أَيْ كَالِاسْتِنَادِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَالْبُشْخَاناتِ) بِضَمِّ الْبَاءِ الْبُشْخَانَةُ هِيَ النَّامُوسِيَّةُ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ سِتْرٌ لِمَا يُسْتَرُ بِهِ مِنْ الْحِيطَانِ لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ مِنْ الْحَطَّابِ وَاعْتُرِضَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ خَطَّ الْعَلَمِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ خَطٌّ هُوَ الْعَلَمُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ وَإِنْ عَظُمَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الرُّخْصَةِ فِيهِ وَالصَّلَاةِ بِهِ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَصَابِعَ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ إصْبَعَيْنِ وَقِيلَ اصْبَعِينِ وَقِيلَ إصْبَعٌ وَأَمَّا السِّجَافُ فَيَجُوزُ الْقَلِيلُ وَالْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَالْكَثِيرُ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ فِي غَالِبِ الْمَسَائِلِ تَقْرِيرُ شَيْخِ بَعْضِ شُيُوخِنَا الزَّرْقَانِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَلَمَ أَشَدُّ اتِّصَالًا بِالثَّوْبِ وَبَعْضُهُمْ قَاسَ السِّجَافَ عَلَى خَطِّ الْعَلَمِ فَلِذَلِكَ جَزَمَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِحُرْمَةِ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَنَظَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ فِي خَيْطِ السَّبْحَةِ وَرَأَيْت تَقْرِيرًا بِجَوَازِهِ وَأَمَّا الذَّهَبُ فَلَمْ يُجَوِّزُوا مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ وَأَمَّا مَا يُجْعَلُ فِي أَرْيَافِ مِصْرَ مِنْ جَعْلِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْجِمَالِ خُصُوصًا الْحُجَّاجَ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَالْخِيَاطَةَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالرَّايَةَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الْمَازِرِيِّ وَالطَّوْقَ وَاللِّبْنَةَ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَيْبَ وَالزِّرَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ إبَاحَةَ تَبَعِيَّةِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ وَجَزَمَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ نَاجِي بِالْمَنْعِ هَذَا حُكْمُ خَالِصِهِ وَأَمَّا الْخَزُّ وَهُوَ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ وَبَرٌ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي طُعْمُهَا قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ أَنَّ لُبْسَهَا مَكْرُوهٌ يُؤْجَرُ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا يَأْثَمُ فِي فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ الْمُتَكَافِئَةِ أَدِلَّةُ حِلِّهَا وَحُرْمَتِهَا الَّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ اتَّقَاهَا فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا حُكِيَ عَنْ لِبَاسِ مَالِكٍ كِسَاءُ إبْرَيْسَمٍ كَسَاهُ إيَّاهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ انْتَهَى وَأَوَّلُ لُبْسِ الْمُسْلِمِينَ الْحَرِيرَ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ الْخَزَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ. (ص) أَوْ ذَهَبًا أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا لَبِسَ ذَهَبًا خَاتَمًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ سَرَقَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ نَظَرَ فِيهَا إلَى مُحَرَّمٍ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا وَتَنَازَعَ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ قَوْلَهُ فِيهَا وَيُعِيدُ فِي الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ فِي الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُ قَوْلِ مَنْ قَالَ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ فِي دَارِ مَغْصُوبَةٍ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الصَّلَاةُ فِي أَرَاضِيِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ مَا لَمْ تَحُزْهُ الْغُصَّابُ بِبِنَاءٍ أَوْ حَوْزٍ انْتَهَى وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا مَنْ نَظَرَ عَوْرَةَ نَفْسِهِ أَوْ عَوْرَةَ إمَامِهِ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَإِنْ نَظَرَ عَوْرَةَ غَيْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ ذَلِكَ أَوْ يَتَلَذَّذْ بِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِغَالِ الِاشْتِغَالُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ خَلَلًا بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَكِنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ صَلَاةٍ وَمَنْ نَظَرَ عَوْرَةَ نَفْسِهِ أَوْ عَوْرَةَ إمَامِهِ حَيْثُ كَانَ النَّظَرُ عَمْدًا وَإِنْ نَسِيَ كَوْنَهُ فِي صَلَاةٍ بِالنَّظَرِ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِعَوْرَةِ نَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَمْدِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ فَثَالِثُهَا يُخَيَّرُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْعُرْيَانُ سَاتِرًا لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَ الْفَرْجَيْنِ الْقُبُلَ أَوْ الدُّبُرَ فَهَلْ يَسْتُرُ الْقُبُلَ لِشِدَّةِ فُحْشِهِ أَوْ الدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ عَوَرًا خُصُوصًا عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ يُوَارِي أَيُّهُمَا شَاءَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ وَلَا قَوْلٌ مُرَجِّحٌ   [حاشية العدوي] الظَّاهِرُ الْمَنْعُ كَذَا قُرِّرَ وَانْظُرْهُ وَيُصَوَّرُ خَطُّ الْعَلَمِ فِي الْحَبْكَةِ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْفُوطَةِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَالْخِيَاطَةَ بِهِ) أَيْ بِالْحَرِيرِ. (قَوْلُهُ وَالرَّايَةَ) أَيْ رَايَةَ الْحَرْبِ وَأَمَّا الَّتِي لِلْمَشَايِخِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ بِهِ الْفَخْرَ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ وَاللِّبْنَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ فِي الْقَامُوسِ لِبْنَةُ الْقَمِيصِ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالنَّيْفَقِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْخَزُّ إلَخْ) قَالَ فِي ك وَأَمَّا مَا لُحْمَتُهُ حَرِيرٌ وَسَدَاهُ وَبَرٌ وَنَحْوُهُ فَحَرَامٌ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَفِي بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ) اعْلَمْ أَنَّ الْخَزَّ عِبَارَةٌ عَمَّا كَانَ سَدَاهُ مِنْ الْحَرِيرِ وَاللَّحْمَةُ مِنْ الْوَبَرِ فَقَطْ وَأَمَّا إذَا لُحِمَ بِغَيْرِهِ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ فَلَا يُقَالُ فِيهِ خَزٌّ وَفِي الْجَمِيعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَوَّلُهَا لُبْسُهَا جَائِزٌ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ مَنْ لَبِسَهَا لَمْ يَأْثَمْ بِلُبْسِهَا وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يُؤْجَرْ عَلَى تَرْكِهَا. الثَّانِي: أَنَّ لِبَاسَهَا غَيْرُ جَائِزٍ فَمَنْ لَبِسَهَا أَثِمَ وَمَنْ تَرَكَهَا نَجَا. الثَّالِثُ: أَنَّ لِبَاسَهُ مَكْرُوهٌ فَمَنْ لَبِسَهُ لَمْ يَأْثَمْ وَمَنْ تَرَكَهُ أُجِرَ وَهَذَا هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ. الرَّابِعُ: الْفَرْقُ بَيْنَ ثِيَابِ الْخَزِّ وَسَائِرِ الثِّيَابِ فَيَجُوزُ لِبَاسُ الْخَزِّ وَلَا يَجُوزُ لِبَاسٌ سِوَاهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ كَذَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِحَذْفِ بَعْضٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَيْ وَمَا فِي مَعْنَى الْخَزِّ أَيْ فَالْخَزُّ قَاصِرٌ عَلَى نَوْعٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَا كَانَ سَدَاهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ مِنْ وَبَرٍ. (قَوْلُهُ كِسَاءَ إبْرَيْسَمٍ) يَجُوزُ فَتْحُ السِّينِ وَضَمُّهَا الْإِبْرَيْسَمُ مَا كَانَ سَدَاهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ مِنْ قُطْنٍ. (فَائِدَةٌ) ذَكَرُوا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ الْمَلْبُوسِ خُصُوصًا فِي حَالِ صَلَاتِهِ وَأَفْضَلُهُ الْبَيَاضُ غَيْرُ الْخَلِقِ فَيُكْرَهُ كَمَا كَرِهَ مَالِكٌ لُبْسَ الصُّوفِ خَوْفَ الشُّهْرَةِ؛ لِأَنَّ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْقُطْنِ وَنَحْوِهِ مَا يُغْنِي عَنْهُ، وَقَالُوا يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَلْبَسَ مَا يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَأَجَازَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لُبْسَ الْأَحْمَرِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ جَوَازُ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَحُزْهُ الْغُصَّابُ بِبِنَاءٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ الْخَالِيَةَ مِنْ الْبِنَاءِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا مَا لَمْ يَبْنِهَا الْغَاصِبُ فَإِذَا بَنَاهَا حَرُمَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدُّورِ الْمَغْصُوبَةِ لَا تَجُوزُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ صَحَّتْ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَنْعُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْأَسْوَاقِ الْمَغْصُوبَةِ بَلْ وَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِي الدُّورِ الْمَغْصُوبَةِ. (قَوْلُهُ مَنْ نَظَرَ عَوْرَةَ نَفْسِهِ) فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُحَرَّمِ قُلْت: الْمُحَرَّمُ الْمُتَعَلِّقُ بِذَاتِ الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا كَمَا ذَكَرُوا مِثْلَهُ فِي قَصْدِ الْكِبْرِ بِالْعُلُوِّ فِيهَا أَوْ بِالْإِمَامَةِ ك (قَوْلُهُ أَوْ يَتَلَذَّذُ) قَالَ فِي ك: وَهَلْ يُقَيِّدُ الْبُطْلَانَ بِتَعَمُّدِ النَّظَرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا؟ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ النَّظَرُ عَمْدًا وَإِنْ نَسِيَ كَوْنَهُ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ النَّظَرِ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ وَالنَّظَرِ لِعَوْرَتِهِ هُوَ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ نَظَرَهُ لِعَوْرَةِ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ عَوْرَةِ نَفْسِهِ مَعَ مُلَاحَظَةِ شِدَّةِ ارْتِبَاطِهِ بِصَلَاةِ إمَامِهِ وَأُورِدَ عَلَى الْفَرْقِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ إمَامًا لِزَوْجَتِهِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهَا إنْ تَعَمَّدَتْ نَظَرَ عَوْرَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا نَظَرُ عَوْرَةِ زَوْجِهَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ نَظَرُهَا لِعَوْرَتِهِ مَظِنَّةَ تَلَذُّذِهَا وَاشْتِغَالِهَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ إمَامٍ غَيْرِ زَوْجٍ، وَأَمَّا النَّظَرُ لِعَوْرَةِ نَفْسِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَنُقِلَ عَنْ التِّرْمِذِيِّ الْحَكِيمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ اُبْتُلِيَ بِالزِّنَا. (قَوْلُهُ لِشِدَّةِ فُحْشِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّفْضِيلِ أَيْ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ فُحْشًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشَدُّ عَوَرًا) أَيْ أَشَدُّ فُحْشًا فَكَأَنَّ الْقَائِلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا يُسَلِّمُ لِصَاحِبِهِ عِلَّتَهُ. (قَوْلُهُ خُصُوصًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِي غَيْرِ الْحَالَتَيْنِ مَسْتُورٌ بِالْأَلْيَتَيْنِ فَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْقَوْلُ بِسَتْرِ الْقُبُلِ؛ لِأَنَّ الدُّبُرَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَالَتَيْنِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ أَوْ يُوَارِي أَيُّهُمَا شَاءَ) كَأَنَّهُ اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْأَقْوَالِ إذَا سَاوَى كَشْفُ كُلٍّ كَشْفَ الْآخَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 عِنْدَهُ أَطْلَقَ الْأَقْوَالَ. (ص) وَمَنْ عَجَزَ صَلَّى عُرْيَانًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ السَّتْرِ بِهِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي عُرْيَانًا قَائِمًا وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ شَرْطِيَّةِ السَّتْرِ أَوْ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ لِلصِّحَّةِ لَا لِلْوُجُوبِ فَلَا يَشْكُلُ بِعَادِمِ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ. (ص) فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَامٍ فَكَالْمَسْتُورِينَ وَإِلَّا تَفَرَّقُوا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَلَّوْا قِيَامًا غَاضِّينَ إمَامَهُمْ وَسَطَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُرَاةَ إذَا اجْتَمَعُوا فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ أَوْ لِظُلْمَةِ مَكَان فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَيَتَقَدَّمُهُمْ إمَامُهُمْ فَإِنْ كَانَ الِاجْتِمَاعُ فِي ضَوْءٍ كَنَهَارٍ أَوْ لَيْلٍ مُقْمِرٍ فَإِنَّهُمْ يَتَفَرَّقُونَ إنْ أَمْكَنَ وَيُصَلُّونَ أَفْذَاذًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَفَرُّقُهُمْ لِخَوْفٍ عَلَى مَالٍ أَوْ نَفْسٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِضِيقِ مَكَان صَلَّوْا قِيَامًا غَاضِّينَ أَبْصَارَهُمْ وَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَإِمَامُهُمْ وَسْطَهُمْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نِسَاءٌ انْبَغَى أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ ثُمَّ النِّسَاءُ وَتَصْرِفُ كُلُّ طَائِفَةٍ وَجْهَهَا عَنْ الْأُخْرَى وَلَوْ تَرَكُوا التَّفَرُّقَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ فَيُعِيدُ أَبَدًا وَمِثْلُهُ لَوْ تَرَكُوا غَضَّ الْبَصَرِ وَلَا يُقَالُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَظَرَ عَوْرَةَ إمَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ السَّتْرِ وَهَذَا مَعَ فَقْدِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ. (ص) وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ أَوْ وَجَدَ عُرْيَانٌ ثَوْبًا اسْتَتَرَا إنْ قَرُبَ وَإِلَّا أَعَادَا بِوَقْتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِصَلَاةِ فَرْضٍ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَوْ السَّاقِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أُخْبِرَتْ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى إحْرَامِهَا أَوْ مُتَأَخِّرًا فَإِنَّهَا تَسْتَتِرُ إنْ وَجَدَتْ عِنْدَهَا شَيْئًا قَرِيبًا تَسْتَتِرُ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي تَنَاوُلِهِ فِعْلٌ كَثِيرٌ كَالصَّفَّيْنِ وَلَا تُبْطِلُ مَا سَبَقَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا أَوْ وَجَدَتْ شَيْئًا بَعِيدًا فَإِنَّهَا تُكْمِلُ صَلَاتَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَتُعِيدُهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ وَمِثْلُ الْأَمَةِ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا لِعَدَمِ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَخَذَهُ وَاسْتَتَرَ بِهِ وَكَمَّلَ صَلَاتَهُ وَإِلَّا كَمَّلَهَا وَأَعَادَهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا عَاجِزٌ صَلَّى عُرْيَانًا فَقَوْلُهُ مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ إلَخْ فَاعِلُ عَلِمَتْ وَقَوْلُهُ اسْتَتَرَا جَوَابُ الشَّرْطِ وَأَتَى بِهِ مُذَكَّرًا تَغْلِيبًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْتَتِرَا   [حاشية العدوي] وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَسَاوَ كَشْفُهُمَا كَمَا لَوْ صَلَّى إلَى حَائِطٍ سَتْرًا لِدُبُرٍ أَوْ خَلْفَهُ سَتْرًا لِقُبُلٍ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ) أَيْ مَعَ الذَّكَرِ وَالْقُدْرَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَشْكُلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ كَمَا أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ كَذَلِكَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ وَقَدْ قَالُوا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عِنْدَ فَقْدِ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَقُولُوا هُنَا تَسْقُطُ مَعَ فَقْدِ السَّاتِرِ بَلْ قَالُوا يُطَالَبُ بِهَا عُرْيَانًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّتْرَ غَيْرُ شَرْطٍ أَصْلًا بَلْ سُنَّةٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَهُمَا قَوْلَانِ أَوْ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ، وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَشَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَيْ وَالصِّحَّةِ أَيْ فَرُوعِيَ طَرَفُ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَامٍ إلَخْ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ بِطَفْءِ السِّرَاجِ. (قَوْلُهُ صَلَّوْا قِيَامًا) أَيْ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ غَاضِّينَ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ مُغِضِّينَ أَبْصَارَهُمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَرَاهَةُ غَضِّ الْبَصَرِ فِي غَيْرِ هَذَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ إمَامُهُمْ وَسْطَهُمْ) بِسُكُونِ السِّينِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ بَيْنَ كَوَسْطِ الْقَوْمِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ النِّسَاءُ) أَيْ فُرَادَى أَيْ قَائِمَاتٍ رَاكِعَاتٍ سَاجِدَاتٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ لَوْ تَرَكُوا غَضَّ الْبَصَرِ) أَيْ عَلَى الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ السَّتْرِ وَهَذَا مَعَ فَقْدِهِ) أَيْ فَجُعِلَ الْغَضُّ بِمَثَابَةِ سَاتِرٍ أَيْ فَإِذَا تَرَكُوا الْغَضَّ صَارُوا بِمَثَابَةِ الَّذِي لَمْ يَسْتَتِرْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغَضَّ وَالتَّفَرُّقَ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا الْحُرْمَةُ فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَا لِكَوْنِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ السَّاتِرِ وَعِبَارَةُ شب وتت بَلْ الظَّاهِرُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَهُنَا مَعَ فَقْدِهِ انْتَهَى وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ) أَيْ مَثَلًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ عُرْيَانٌ) سَوَاءٌ كَانَ مَا وَجَدَهُ قَدْ نَسِيَهُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ اسْتَتَرَا) أَيْ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَعَادَا) أَيْ نَدْبًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِتَارِ وَاجِبًا ابْتِدَاءً وَبَعْدَ ذَلِكَ تُنْدَبُ الْإِعَادَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَ الْإِعَادَةِ لَا يَتَضَمَّنُ نَفْيَ وُجُوبِ الْفِعْلِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي تَرَتُّبِ الْفَوَائِتِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً وَكَمَا فِي مَسْأَلَةِ كَشْفِ صَدْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أُخْبِرَتْ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ) أَيْ أُعْلِمَتْ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ. (قَوْلُهُ كَالصَّفَّيْنِ) وَلَا تَحْسِبُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَلَا الَّذِي أَخَذَ السَّاتِرُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا إلَخْ) حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ قَرُبَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ السَّاتِرُ بَعِيدًا أَوْ لَمْ تَجِدْ سَاتِرًا أَصْلًا وَيَصْدُقُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّاتِرُ قَرِيبًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا أَصْلًا أَوْ مَوْجُودًا مَعَ الْبُعْدِ؛ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُرْيَانِ فَجَعَلَ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُ صُورَةً وَاحِدَةً وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بَعِيدًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ سَاتِرًا أَصْلًا فَلَا إعَادَةَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ الْحَطَّابَ. (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ مُخَالِفٌ مُفَادَ الْحَلِّ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْقُرْبِ وَلَمْ تَأْخُذْ السَّاتِرَ فَقَطْ وَنَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوَافِقُهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْأَمَةِ تَعْتِقُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَرَأْسُهَا مُنْكَشِفٌ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهَا خِمَارًا وَلَا وَصَلَّتْ إلَيْهِ لَمْ تُعِدْ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى أَخْذِهِ وَلَمْ تَأْخُذْهُ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الْعُرْيَانُ يَجِدُ ثَوْبًا ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يَجُوزُ لَهَا فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا إعَادَةٌ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَى الْخِمَارِ فَلَمْ تَسْتَتِرْ بِهِ أَعَادَتْ؛ لِأَنَّهَا قَدَرَتْ عَلَى اسْتِتَارٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 مَعَ الْقُرْبِ أَعَادَ بِوَقْتٍ لِوُجُوبِ السَّتْرِ عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَلَمْ يُعِيدَا أَبَدًا لِدُخُولِهِمَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّتَّائِيِّ أَنَّ نُسْخَتَهُ أَعَادَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ بِالْإِفْرَادِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ اسْتَتَرَا كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ إنْ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ تَمَادَى وَيُعِيدُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْحَطَّابُ وَرَجَّحَهُ بَعْضٌ وَقِيلَ يَقْطَعُ وَهُمَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ لِلِاصْفِرَارِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ لَوْ عَلِمَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا يَجْرِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا إلَخْ، وَالْبَاءُ فِي بِوَقْتٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَهَذَا بِخِلَافِ وَاجِدِ الْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِهِ وَتَيَمُّمِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الشُّرُوطِ إلَّا بِإِبْطَالِ مَا هُوَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (ص) وَإِنْ كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ صَلَّوْا أَفْذَاذًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ يَمْلِكُونَ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ أَوْ بَعْضٌ يَمْلِكُ ذَاتَه وَبَعْضٌ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى السَّتْرِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ كَمَا لَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ وَانْظُرْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْقُرْعَةِ فِي هَذَا أَوْ فِي غَيْرِهِ مِمَّا تُطْلَبُ فِيهِ. (ص) أَوْ لِأَحَدِهِمْ نُدِبَ لَهُ إعَارَتُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّوْبَ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْعُرَاةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ تَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَلَا يَجِبُ إذْ لَا يُحَبُّ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِغَيْرِهِ زَادَ فِي الطِّرَازِ فَلَوْ أَعَارَهُ لِجَمَاعَةٍ وَضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى مَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَيْهِ عُرْيَانًا وَأَعَادَ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ فَفِي جَبْرِهِ عَلَى إعَارَةِ الْفَضْلِ وَاسْتِحْبَابِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ. وَلَمَّا أَتَمَّ الْكَلَامَ عَلَى الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا أَرَادَ، شَرَعَ فِي الرَّابِعِ فَقَالَ. (فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] إلَى قَوْلِهِ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَتَهُ نَزَلَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ «صَلَّى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا» فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِذَلِكَ وَحُوِّلَتْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الظُّهْرِ فَجَمَعَ فِيهَا بَيْنَ الْقِبْلَتَيْنِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ إنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ صَلَاةٍ تَامَّةٍ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ فَحُوِّلَتْ فِي رُكُوعِ الْعَصْرِ وَسُمِّيَتْ الْقِبْلَةُ قِبْلَةً؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ   [حاشية العدوي] مِنْ غَيْرِ بُطْلَانِ مَا تَقَدَّمَ لَهَا فَخَالَفَتْ وَاجِدَ الْمَاءِ فِي هَذَا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّي تت قَوَّى كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ دُونَ الْأُولَى وَالْحَطَّابُ اعْتَمَدَ الْحَلَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْإِعَادَةُ مَعَ الْبُعْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ إلَّا إذَا كَانَ السَّاتِرُ قَرِيبًا وَلَمْ تَسْتَتِرْ بِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعِيدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ أَصْلًا فَلَا تُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ أَيْ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ بَعْضٌ) وَهُوَ عج وَانْظُرْ لَوْ وَجَدَ مُصَلٍّ بِنَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ لِفَقْدِ طَاهِرٍ ثَوْبًا طَاهِرًا فِي صَلَاةٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ بَطَلَتْ كَذَاكِرٍ نَجَاسَةً فِيهَا أَوْ سُقُوطَهَا فِيهَا وَإِلَّا تَمَادَى اهـ. مِنْ عب وَفِيهِ شَيْءٌ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي عُرْيَانًا الْمُتَذَكِّرِ الثَّوْبَ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَنَازُعٌ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ) أَيْ بِدُونِ ضِيقٍ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إذَا ضَاقَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّشَاحُحِ لَا نَظَرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الطِّرَازِ إذْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّسْلِيمُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي عُرْيَانًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ مِنْ صَلَاةٍ بِدُونِ سِتْرٍ وَعِنْدَهُ يَتْرُكُونَ وَيُصَلُّونَ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ فَقْدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلُ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَجِبُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِغَيْرِهِ) اُنْظُرْ لَوْ انْتَفَتْ عِلَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا إذَا كَانَ مَعَ زَوْجَتِهِ هَلْ تَجِبُ الْإِعَارَةُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعِلَلَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَلْزَمُ الْمُعَارَ الْقَبُولُ لِقِلَّةِ الْمَانِيَّةِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ صَلَّى مَنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) أَيْ بِضَرْبِ الْقُرْعَةِ وَلَمْ تَأْتِ لَهُ هَذَا عَلَى الظَّاهِرِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ لِكَوْنِ الثَّوْبِ تَنَاوَلَهُ غَيْرُهُ بِالِاخْتِيَارِ عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ لِلظَّاهِرِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ أَعَارَهُ لِجَمَاعَةٍ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ عَدَمِ التَّنَازُعِ وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ اعْتَقَدَ الضِّيقَ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الضِّيقِ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ) بِأَنْ كَانَ حَرَامًا ذَا فَلَقَتَيْنِ أَوْ حَرَامًا طَوِيلًا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِبَعْضِهِ وَيُعْطِيَهُ الْبَعْضَ الْآخَرَ يَسْتَتِرُ بِهِ وَهُوَ سَاتِرٌ لِعَوْرَتِهِ. (قَوْلُهُ فَفِي جَبْرِهِ عَلَى إعَارَةِ الْفَضْلِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ وَاسْتِحْبَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ. [فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة] (فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ) . عَرَّفَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الِاسْتِقْبَالَ بِأَنَّهُ إيقَاعُ الشَّخْصِ صَلَاتَهُ إلَى جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ مَعَ الْأَمْنِ وَالِاخْتِيَارِ وَعَرَّفَ الْقِبْلَةَ بِأَنَّهَا جِهَةٌ مَخْصُوصَةٌ يُوقِعُ مُرِيدُ الصَّلَاةِ إلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا مَعَ الْأَمْنِ وَالِاخْتِيَارِ فَدَخَلَ فِي الْجِهَةِ الْمَخْصُوصَةِ صَوْبَ السَّفَرِ لِرَاكِبِ الدَّابَّةِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَبِقَوْلِنَا مَعَ الْأَمْنِ خَرَجَتْ صَلَاةُ الِالْتِحَامِ وَقَوْلُنَا وَالِاخْتِيَارِ خَرَجَتْ صَلَاةُ الْعَاجِزِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْجُلُوسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِيهِ فَائِدَتَانِ طِبِّيَّةٌ وَشَرْعِيَّةٌ فَالْأُولَى أَنَّ الْجُلُوسَ لِلْقِبْلَةِ يُنَوِّرُ الْبَصَرَ وَمِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَلِقَوْلِهِ خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ بِهِ الْقِبْلَةَ (قَوْلُهُ نَزَلَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ) أَيْ الْأُولَى الصَّوَابُ أَنَّ التَّحْوِيلَ إنَّمَا وَقَعَ فِي رَجَبٍ وَبَدْرٌ بَعْدَهُ فِي رَمَضَانَ هَذَا مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَفِي الْمُوَطَّأِ حُوِّلَتْ الْقِبْلَةُ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ (قَوْلُهُ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا شَكٌّ أَوْ حِكَايَةُ خِلَافٍ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِذَلِكَ) هَذَا نَسْخُ فِعْلٍ بِقَوْلٍ وَكَانَ قَبْلَ صَلَاتِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ يُصَلِّي إلَى الْكَعْبَةِ. (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 يُقَابِلُهَا وَتُقَابِلُهُ وَهِيَ أَقْسَامٌ: قِبْلَةُ تَحْقِيقٍ وَهِيَ قِبْلَةُ الْوَحْيِ كَقِبْلَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقِبْلَةُ إجْمَاعٍ وَهِيَ قِبْلَةُ جَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهَا، وَقِبْلَةُ اسْتِتَارٍ وَهِيَ قِبْلَةُ مَنْ غَابَ عَنْ الْبَيْتِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ عَنْ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقِبْلَةُ اجْتِهَادٍ وَهِيَ قِبْلَةُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَقِبْلَةُ بَدَلٍ وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَصَوْبَ سَفَرِ قَصْرٍ إلَخْ، وَقِبْلَةُ تَخْيِيرٍ وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ، وَقِبْلَةُ عِيَانٍ. وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْآنَ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا لَهُ عَلَى طَهَارَةِ حَدَثٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ فَإِنْ شَقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ (ش) أَيْ وَشَرْطٌ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ وَمَعَ الْقُدْرَةِ مُسَامَتَةُ بِنَاءِ ذَاتِ الْكَعْبَةِ تَيَقُّنًا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ لِمَنْ هُوَ بِمَكَّةَ اتِّفَاقًا وَلَا يَكْفِي الِاجْتِهَادُ وَلَا جِهَتُهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ الْمُعَرَّضَ لِلْخَطَأِ فَلَوْ صُفَّ صَفٌّ مَعَ حَائِطِهَا فَصَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْهَا وَلَوْ بِبَعْضِ بَدَنِهِ بَاطِلَةٌ فَيُصَلُّونَ دَائِرَةً أَوْ قَوْسًا وَالْعَاجِزُ عَنْ ذَلِكَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَعَادِمِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي الْآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ وَالرَّاجِي آخِرَهُ وَلَكِنْ يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ كَصَحِيحٍ لَيْسَ بِمَكَّةَ أَخْطَأَ. وَلَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّحَوُّلِ أَوْ التَّحْوِيلِ أَعَادَ أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْ وَيُصَلِّي الْمُتَرَدِّدُ وَسَطَهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُسَامَتَةِ بِوَجْهِهِ اسْتَدَلَّ بِالْمَطَالِعِ وَالْمَغَارِبِ كَمَنْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ وَلَكِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهَا لِكَوْنِهِ مَرِيضًا أَوْ شَيْخًا يَحْتَاجُ لِصُعُودِ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ حَرَجٌ فَفِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ بِالْمَطَالِعِ وَنَحْوِهَا كَمَنْ بِغَيْرِهَا لِانْتِفَاءِ الْحَرَجِ مِنْ الدِّينِ وَمَنَعَهُ مِنْهُ نَظَرًا إلَى الْقُدْرَةِ ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ نَظَرٌ أَيْ تَرَدُّدٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ. (ص) وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ جِهَتُهَا اجْتِهَادًا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ وَلَا بِالْمَدِينَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْجِهَةِ لَا السَّمْتِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَبَدًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَوَجَّهَ ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَةَ شَطْرِهِ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» إذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْوَحْيِ) أَيْ الْإِيحَاءِ أَيْ الْقِبْلَةُ الْحَاصِلَةُ بِسَبَبِ إيحَاءِ اللَّهِ جِبْرِيلَ أَيْ فَيَكُونُ الْمَوْلَى قَالَ لِجِبْرِيلَ قُلْ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَعْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَسَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ) فَقَدْ وَقَفَ عَلَى جَامِعِ عَمْرٍو ثَمَانُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ. (قَوْلُهُ مَنْ غَابَ عَنْ الْبَيْتِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ فِي مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ. (قَوْلُهُ وَقِبْلَةُ عِيَانٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قِبْلَةَ الْعِيَانِ بِالْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرَهَا بِهِ تَشْمَلُ قِبْلَةَ الِاسْتِتَارِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ قِبْلَةُ التَّقْلِيدِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَقَلَّدَ غَيْرَهُ. . (قَوْلُهُ وَمَعَ الْأَمْنِ) يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْعِطْفِ أَيْ وَشُرِطَ مَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ شُرِطَ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَأَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ فِي أَوَّلِ الْقَصَائِدِ وَفُصُولِ الْمُصَنَّفِينَ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَمَعَ الْأَمْنِ) أَيْ وَالْقُدْرَةِ كَمَا زَادَهُ الشَّارِحُ خَرَجَ بِالْأَمْنِ الْمُسَايَفَةُ حَالَ الِالْتِحَامِ وَكَذَا الْخَائِفُ مِنْ سَبُعٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَالْقُدْرَةِ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ التَّحْوِيلُ وَلَا التَّحَوُّلُ وَالْمَرْبُوطُ وَمَنْ تَحْتَ الْهَدْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الِاسْتِقْبَالُ. (قَوْلُهُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ إلَخْ) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي سَرَبٍ أَوْ مُطَّمَرٍ تَحْتَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ لِمَنْ بِمَكَّةَ) أَيْ وَمَنْ كَانَ بِجِوَارِهَا لِمَنْ يُمْكِنُهُ الْمُسَامَتَةُ يَقِينًا (قَوْلُهُ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ) أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُسَامَتَةِ يَقِينًا. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَسِبَاعِ. (قَوْلُهُ تَيَقُّنًا) بِالْمُشَاهَدَةِ لِمَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمُرَادُ بِالْمُشَاهَدَةِ الْإِحْسَاسُ فَيَشْمَلُ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) فَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ عُضْوٌ عَنْ الْكَعْبَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ الْمُعَلَّى. (قَوْلُهُ أَوْ قَوْسًا) نِصْفُ الدَّائِرَةِ (قَوْلُهُ وَالْعَاجِزُ عَنْ ذَلِكَ لِمَرَضٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي مَكَّةَ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ) إذَا صَلَّى فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ فَلَوْ صَلَّى الْمُتَرَدِّدُ قَبْلَ الْوَسَطِ فَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ نُدِبَ الْإِعَادَةُ وَقَوْلُهُ وَالرَّاجِي آخِرَهُ هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَنْ كَانَ أَخَّرَهُ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ وَافَقَ فَرَاغُهُ مِنْهَا دُخُولَ الْوَقْتِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا) أَيْ صَلَّى الْمَرِيضُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَرِيضٌ عَاجِزٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا التَّحْوِيلِ وَهَذَا مَرِيضٌ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ عَلَى التَّحَوُّلِ) أَيْ تَحَوُّلِهِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّحْوِيلِ أَيْ كَوْنِ الْغَيْرِ يُحَوِّلُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُسَامَتَةِ) وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فِي مَكَّةَ أَيْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَطْلُعَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ اسْتَدَلَّ بِالْمَطَالِعِ) أَيْ بِالْكَوَاكِبِ الطَّالِعَةِ وَالْغَارِبَةِ عَلَى سَمْتِ الْكَعْبَةِ. (قَوْلُهُ كَمَنْ بِغَيْرِهَا) أَيْ يَسْتَدِلُّ عَلَى الْجِهَةِ فَلَمْ يَكُنْ التَّشْبِيهُ تَامًّا. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَمْ يَتَعَذَّرْ الِاسْتِقْبَالُ وَالْمُرَادُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ وَلَيْسَتْ هِيَ خَوْفُ الْمَرَضِ وَلَا زِيَادَتُهُ. (قَوْلُهُ فَفِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ) أَيْ عَلَى الْعَيْنِ لَا عَلَى الْجِهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُسَامَتَةِ يَقِينًا. (فَإِنْ قُلْت) سَيَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ الْقِيَامِ يَسْقُطُ بِالْمَشَقَّةِ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ قُلْنَا قَدْ يَفُوقُ الشَّرْطُ الرُّكْنَ فِي الْقُوَّةِ كَمَا هُنَا وَكَالِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَالْقِيَامُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرِيضَةِ. (تَنْبِيهٌ) : كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ. (قَوْلُهُ كَمَنْ بِغَيْرِهَا) التَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهَا يَجْتَهِدُ عَلَى الْعَيْنِ وَاَلَّذِي بِغَيْرِهَا يَجْتَهِدُ عَلَى الْجِهَةِ لَا عَلَى الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ اجْتِهَادًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ أَوْ مُحَوَّلٌ عَنْ الْخَبَرِ أَيْ فَالْأَظْهَرُ الِاجْتِهَادُ فِي الْجِهَةِ أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِالِاجْتِهَادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 تَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَيْتِ اهـ. وَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا فُسِّرَ الشَّطْرُ بِالْجِهَةِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِسَمْتِ عَيْنِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنْ يُقَدِّرَ أَنَّهَا بِمَرْأًى لَهُمْ لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ تُرَى وَأَنَّ الرَّائِيَ يَتَوَهَّمُ الْمُقَابَلَةَ وَالْمُحَاذَاةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا فَكُلُّهُمْ يُحَاذِي بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ فَإِنَّ الْكَعْبَةَ طُولُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ وَقَوْلُنَا وَلَا بِالْمَدِينَةِ احْتِرَازٌ عَمَّنْ فِي الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِمِحْرَابِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ أَيْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ هَذَا مِحْرَابُهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي إلَيْهِ وَهُوَ مُسَامِتٌ قَطْعًا إمَّا؛ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِوَحْيٍ أَوْ بِإِقَامَةِ جِبْرِيلَ (ص) كَأَنْ نُقِضَتْ (ش) هَذَا اسْتِظْهَارٌ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَنْ قَالَ الْوَاجِبُ تَيَقُّنُ اسْتِقْبَالٍ أَيْ كَمَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُ الْجِهَةِ إذَا نُقِضَتْ اتِّفَاقًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا وَلِهَذَا قَالَ س فِي شَرْحِهِ ثُمَّ شَبَّهَ بِمُتَّفَقٍ عَلَيْهِ فَقَالَ كَأَنْ نُقِضَتْ الْكَعْبَةُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَإِنَّهُ يُصَلَّى إلَى جِهَتِهَا اجْتِهَادًا وَأَمَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ عَرَفَ الْبُقْعَةَ بِإِمَارَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُهَا أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمُسَامَتَةِ. (ص) وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا وَصَلَّى إلَى غَيْرِهَا مُتَعَمِّدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ (وَإِنْ صَادَفَ) الْقِبْلَةَ فِي الْجِهَةِ الْمُخَالَفِ إلَيْهَا وَيُعِيدُ أَبَدًا، أَمَّا لَوْ صَلَّى إلَى جِهَةِ اجْتِهَادِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَإِنْ كَانَ تَحَرِّيهِ مَعَ ظُهُورِ الْعَلَامَاتِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إنْ اسْتَدْبَرَ أَيْ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِهَا فَلَا إعَادَةَ قَالَهُ الْبَاجِيُّ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْعَمْدِ نَحْوُهُ لِلتَّتَّائِيِّ وَالزَّرْقَانِيِّ وَزَادَ، وَأَمَّا لَوْ خَالَفَهَا نِسْيَانًا وَصَادَفَهَا فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَمَا يَأْتِي فِي النِّسْيَانِ حَيْثُ أَخْطَأَ اهـ. أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي النَّاسِي مِنْ الْخِلَافِ. (ص) وَصَوْبُ سَفَرِ قَصْرٍ لِرَاكِبٍ دَابَّةً فَقَطْ وَإِنْ بِمَحْمِلٍ بَدَلٌ فِي نَفْلٍ وَإِنْ وِتْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ جِهَةَ السَّفَرِ لِلْمُسَافِرِ عِوَضٌ لَهُ عَنْ تَوَجُّهِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي النَّوَافِلِ وَإِنْ وِتْرًا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ وَأَحْرَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ وَأَنْ يَكُونَ لِرَاكِبٍ دَابَّةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا) احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي لِجِهَةِ سَفَرِهِ أَيْ فِي النَّافِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ إلَخْ) فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ الطَّوِيلِ يُقَدِّرُ أَنَّهُ مُسَامِتٌ وَمُقَابِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ مُسَامِتِينَ. (أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُقَدِّرُ الْمُسَامَتَةَ بَلْ يَقُولُ يَكْفِي أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ فَرَضَ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ مُسَامِتًا وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي اعْتِقَادُ أَنَّ الْقِبْلَةَ هِيَ الْجِهَةُ الَّتِي هِيَ أَمَامَهُ وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ أَنَّهَا مُقَابِلَةٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ جِدًّا فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُقَابِلُهَا إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْجِسْمَ الصَّغِيرَ إذَا بَعُدَ تَحْصُلُ لَهُ مُسَامَةُ الْجُمْلَةِ الْكَثِيرَةِ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ أَلْفٍ. (قَوْلُهُ طُولُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ طُولَهَا سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْمُرَادُ طُولُهَا مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِمِحْرَابِهِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَقُولُ بَلْ وَكَذَا فِي قِبْلَةِ مِصْرَ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَعَمْ الْفَرْقُ يَظْهَرُ فِي الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ وَالصَّلَاةِ نَاسِيًا. (قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ) هَذَا التَّرْدَادُ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْطِئُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي اجْتِهَادِهِ خَطَأٌ مَا فَضْلًا عَنْ وُقُوعِهِ وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ شَيْخُنَا سَيِّدٌ (قَوْلُهُ هَذَا اسْتِظْهَارٌ) أَيْ اسْتِعْلَاءٌ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ أَيْ ذُو اسْتِعْلَاءٍ أَيْ دَلِيلٍ يُفِيدُ اسْتِعْلَاءً وَقُوَّةً عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ مُسَامَتَةِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ س فِي شَرْحِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنْ قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ وَيُوجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ مَعْلُومًا وَلَيْسَ الْقَصْدُ الْإِفَادَةَ بِمَضْمُونِهِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ الْإِلْحَاقَ بِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَكَّةَ عِنْدَ النَّقْضِ يَجْتَهِدُ فِي الْجِهَةِ وَلِذَلِكَ كَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي إلَى جِهَتِهَا اجْتِهَادًا أَيْ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَوْلَى غَيْرُهَا إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَكَّةَ يَسْتَقْبِلُ السَّمْتَ بِاجْتِهَادٍ وَإِذَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا يَسْتَقْبِلُ الْجِهَةَ اجْتِهَادًا فِي الْخَارِجِ عَنْ مَكَّةَ الَّذِي قِبْلَتُهُ اجْتِهَادٌ. (قَوْلُهُ الَّتِي أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ لَا فِي قِبْلَةِ الْقَطْعِ وَلَا الْإِجْمَاعِ وَإِلَّا فَيَقْطَعُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُعِيدُ أَبَدًا. (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّوَجُّهَ لِلشَّرْقِ وَالْغَرْبِ مِنْ الِانْحِرَافِ الْكَثِيرِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِهَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْمُتَحَيِّرُ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَخْطَأَ) أَيْ وَهَذَا نَسِيَ وَصَادَفَ وَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ لِلْمُصَادَفَةِ. (قَوْلُهُ وَصَوْبُ) وَيَعْمَلُ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهَا مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ مَسْكِ عِنَانٍ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَتَحْرِيكِ رِجْلٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَلْتَفِتُ. (قَوْلُهُ دَابَّةً) عُرْفًا رُكُوبًا مُعْتَادًا خَرَجَ بِقَوْلِنَا عُرْفًا الْآدَمِيُّ لَكِنَّ مُقْتَضَى جَعْلِهِمْ السَّفِينَةَ وَالْمَاشِيَ مُحْتَرَزَ الدَّابَّةِ شُمُولُ دَابَّةٍ لِلْجَمَلِ وَالْآدَمِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَمَا تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا سَفِينَةً عَدَمُ تَسْهِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَخَرَجَ الرُّكُوبُ مَقْلُوبًا أَوْ بِجَنْبٍ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ صَوْبَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَدَلٌ بِمَعْنَى عِوَضٌ خَبَرٌ عَنْ صَوْبٍ وَقَدَّمَ مُتَعَلِّقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ لِرَاكِبٍ لِيَجْمَعَ الْقُيُودَ بَعْضَهَا مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ وِتْرًا) وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ وِتْرَهُ بِالْأَرْضِ وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَتَنَقَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ إلَخْ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ مَحَلِّ ابْتِدَاءِ الْقَصْرِ أَوْ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 فَلَا يُرَخَّصُ فِي ذَلِكَ فِي حَضَرٍ وَلَا فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ سَفَرٍ غَيْرِ مُبَاحٍ وَلَوْ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَا لِمَاشٍ وَلَا لِرَاكِبٍ سَفِينَةً، وَالْمَحْمِلُ كَالدَّابَّةِ وَهُوَ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقْدُفٍ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا اسْتَوْفَى هَذِهِ الشُّرُوطَ فَلَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ تَنَفُّلَهُ إلَى جِهَةِ سَفَرِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَهُ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ. (وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَقْطُورَةً أَوْ وَاقِفَةً خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي إيجَابِهِ الِابْتِدَاءَ مُسْتَقْبِلًا حِينَئِذٍ وَلَوْ انْحَرَفَ بَعْدَ إحْرَامِهِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْقِبْلَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَظَنِّهِ أَنَّهَا طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ دَابَّتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَصَلَ مَنْزِلَ إقَامَةٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ عَنْهَا وَأَتَمَّ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا إلَّا عَلَى مَنْ يَجُوزُ الْإِيمَاءُ فِي النَّفْلِ لِلصَّحِيحِ فَيُتِمُّ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلَ إقَامَةٍ خَفَّفَ الْقِرَاءَةَ وَأَتَمَّ عَلَيْهَا لِيَسَارَتِهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِمَنْزِلِ الْإِقَامَةِ مَا يُقِيمُ بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَوْ مَحَلُّ سَكَنِهِ وَبِهِ يُشْعِرُ التَّعْلِيلُ (ص) لَا سَفِينَةٌ فَيَدُورُ مَعَهَا إنْ أَمْكَنَ. (ش) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الرَّابِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ أَيْ إنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ يُمْنَعُ مِنْ تَنَقُّلِهِ صَوْبَ سَفَرِهِ كَالْفَرْضِ لِتَيَسُّرِ اسْتِقْبَالِهِ بِدَوَرَانِهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا أَدَارَتْ عَنْهَا مَعَ إمْكَانِهِ، وَالْأَصْلِيُّ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ كَالدَّابَّةِ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ لَكِنْ لَا يُصَلِّي إيمَاءً وَالْفَرْضُ وَالنَّفَلُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَالضَّمِيرُ فِي مَعَهَا لِلْقِبْلَةِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَلَا إشْكَالَ، أَوْ لِلسَّفِينَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: يَدُورُ مَعَ دَوَرَانِهَا أَيْ: يُصَاحِبُ دَوَرَانُهُ دَوَرَانَهَا إلَّا أَنَّ السَّفِينَةَ تَدُورُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَدُورُ إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ فَالْأَوْلَى عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْقِبْلَةِ أَيْ فَيَدُورُ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا دَارَتْ عَنْهَا عَلَى نُسْخَةِ إسْقَاطٍ مَعَهَا. (ص) وَهَلْ إنْ أَوْمَأَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يُمْنَعُ النَّفَلُ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مَعَ تَرْكِهِ الدَّوَرَانَ الْمُمْكِنَ لَهُ إنْ كَانَ يُصَلِّي إيمَاءً لِعُذْرٍ اقْتَضَى صَلَاتَهُ إيمَاءً لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَيُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الدَّوَرَانُ أَوْ مُنِعَ النَّفَلُ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مَعَ تَرْكِ الدَّوَرَانِ الْمُمْكِنِ لَهُ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ فِي فَهْمِ سَبَبِ مَنْعِ النَّفْلِ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ مَعَ إمْكَانِ الدَّوَرَانِ هَلْ كَوْنُهُ يُصَلِّي إيمَاءً أَوْ كَوْنُهُ يُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْإِيمَاءَ جَائِزٌ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ مَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ يُبِيحُهُ كَمَا قَدْ يُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ وَقَرَّرَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَلَا قَائِلَ بِهِ. (ص) وَلَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا إلَّا لِمِصْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ لَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَظُهُورِ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ مَانِعَةٌ مِنْ تَقْلِيدِهِ إذْ التَّقْلِيدُ فَرْعٌ عَنْ   [حاشية العدوي] وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِيمَا بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ وَابْتِدَائِهِ مَحَلَّ الْقَصْرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الدَّابَّةُ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَالْمَحْمِلُ كَالدَّابَّةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَعَكْسِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ هَكَذَا قَالَ تت وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ فَقَالَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَكْسَ جَائِزٌ فِي الْمَحْمِلِ الَّذِي يُرْكَبُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَكْسُ خَاصٌّ بِعَلَّاقَةِ السَّيْفِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَشَقَّةٍ أَوْ مُوهِيَةٍ أَوْ مُقَتَّبٍ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمِحَفَّةُ أَوْ هِيَ كَالسَّفِينَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَحْمِلَ مَا يَحْمِلُ وَلَوْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دَابَّةٍ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ قَرَّرَ أَنَّهَا تَكُونُ كَالسَّفِينَةِ إذَا قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهَا بِجَمِيعِ فُرُوضِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَصَوْبُ إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يُومِئُ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى الدَّابَّةِ وَيُومِئُ أَيْ لِنَاحِيَةِ الْأَرْضِ وَإِذَا قُلْنَا يُومِئُ لِنَاحِيَةِ الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ طَاهِرَةً لَا نَجَاسَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْبُقْعَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَعْضَاءُ تَمَاسُّهَا وَمَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِ الْإِيمَاءِ لِلْأَرْضِ هُوَ الصَّوَابُ وَلَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَقَالَ سَحْنُونَ لَا يُجْزِئُهُ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ وَقَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَلَا يُنَافِيَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ رَاكِعًا وَسَاجِدًا) أَيْ وَمُسْتَقْبِلًا. (قَوْلُهُ لِلصَّحِيحِ) أَيْ الْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ لِيَسَارَتِهِ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى السَّيْرِ وَهُوَ التَّعْلِيلُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَبِهِ يُشْعِرُ التَّعْلِيلُ. (أَقُولُ) التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ لَا يُشْعِرُ بِمَا قَالَ بَلْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِقَامَةِ إقَامَةٌ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَيُعْطَى حُكْمَ الْمُقِيمِينَ وَلَا يَتَّصِفُ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ أَنْ يَنْزِلَ مَثَلًا زَمَنًا قَلِيلًا وَيَشْرَعَ فِي السَّيْرِ. (قَوْلُهُ أَيْ فَيَدُورُ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَالْمُنَاسِبُ أَوْ فَيَدُورُ. (قَوْلُهُ هَلْ كَوْنُهُ يُصَلِّي إيمَاءً) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الرُّخْصَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت حَالَ النَّفْلِ وَأَمَّا الْفَرْضُ فَيُصَلِّيهِ بِالسَّفِينَةِ وَيَدُورُ إنْ أَمْكَنَ مُطْلَقًا أَيْ أَوْمَأَ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يُومِئْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَلَّاهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَتْ بِالضِّيقِ وَلَعَلَّهُ لِلنَّدَبِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْإِيمَاءَ جَائِزٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَخْ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إنْ أَوْمَأَ لِغَيْرِ مَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ أَيْ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَهَلْ مَحَلُّ الْمَنْعِ إنْ أَوْمَأَ لِعُذْرٍ؟ هَذَا حَاصِلُهُ وَالصَّوَابُ مَعَ ذَلِكَ الْقَائِلِ قَالَهُ مُحَشِّي تت فَإِنَّهُ أَفَادَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّحِيحِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ عِلَّةُ الْمَنْعِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ الْإِيمَاءُ فَإِذَا كَانَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَتَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ عِلَّةُ الْمَنْعِ كَوْنُهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَلَوْ كَانَ يُصَلِّي لِلْقِبْلَةِ إيمَاءً فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ التَّبَّانِ. (قَوْلُهُ إذْ التَّقْلِيدُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَانِعَةٌ إلَخْ أَيْ وَلَا يَعْدِلُ لِلْفَرْعِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا كَانَ التَّقْلِيدُ فَرْعًا عَنْ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مُجْتَهِدٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 الِاجْتِهَادِ وَيَسْتَأْنِفُ الِاجْتِهَادَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ كَانَ الْوَقْتَانِ يَخْتَلِفُ فِيهِمَا الْأَدِلَّةُ بِأَنْ كَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَحَلٍّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ الْأَدِلَّةُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا قَلَّدَ مُجْتَهِدًا غَيْرَهُ وَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ سَأَلَ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَإِنْ بَانَ لَهُ صَوَابُ اجْتِهَادِهِ اتَّبَعَهُ وَإِلَّا انْتَظَرَ ظُهُورَ الْأَدِلَّةِ مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُقَلِّدُهُ وَلَا يُقَلِّدُ أَيْضًا مِحْرَابًا يُرِيدُ إنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ خَرَابًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَلَدُ عَامِرًا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيَعْلَمُ أَنَّ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نَصَبَ مِحْرَابَهُ أَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى نَصْبِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمِصْرٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ. (ص) وَإِنْ أَعْمَى وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَلَكِنْ يَسْأَلُ الْمُكَلَّفَ الْعَارِفَ الْعَدْلَ الرِّوَايَةِ عَنْ الْأَدِلَّةِ كَسُؤَالِهِ عَنْ الْقُطْبِ فِي أَيِّ جِهَةٍ أَوْ عَنْ الْكَوْكَبِ الْفُلَانِيِّ. (ص) وَقَلَّدَ غَيْرُهُ مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا (ش) يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ الْمُتَأَهِّلِ لِلِاجْتِهَادِ وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ وَالْقُوَّةِ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى يُقَلِّدُ مِحْرَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَارِيبِ مِصْرٍ أَوْ مُكَلَّفًا بَالِغًا عَاقِلًا عَارِفًا بِطَرِيقِ الْقِبْلَةِ لَا جَاهِلًا، زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ مُسْلِمًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَدْلًا اهـ. أَيْ عَدْلَ رِوَايَةٍ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بَدَلَ مُكَلَّفًا بِعَدْلِ رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ تَسْتَلْزِمُ التَّكْلِيفَ وَتَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ أَيْضًا وَلَا تَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَأَوْفَى أَوْ مِحْرَابًا مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ فَلَوْ اجْتَمَعَا مَا ضَرَّ وَقَوْلُهُ مُكَلَّفًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ قَلَّدَ وَحَذَفَ مِثْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يَرْتَضِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِالتَّعْمِيمِ. (ص) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ لَهُ جِهَةً مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَيُصَلِّي إلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَزَاهُ سَنَدٌ لِلْكَافَّةِ وَمِثْلُهُ إذَا تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ بِأَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ لِسِجْنٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ حِجَابٍ مَنَعَهُ   [حاشية العدوي] فَالْمُجْتَهِدُ أَصْلٌ وَالْمُقَلِّدُ فَرْعٌ. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَحَلٍّ) أَيْ مُتَبَاعِدٍ لَا إنْ كَانَ قَرِيبًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْأَدِلَّةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ سَأَلَ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ) أَيْ عَنْ كَيْفِيَّةِ الِاجْتِهَادِ. (فَإِنْ قُلْت) إذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ بِأَنْ كَانَ غَيْمٌ مَثَلًا فَمُتَحَيِّرٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا تَحَيَّرَ يَتَخَيَّرُ وَلَا يُقَلِّدُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا وَهُنَا وَجَدَ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ خَرَابًا) أَيْ مَعَ جَهْلِ نَاصِبِ مِحْرَابِهِ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ خَطَؤُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّاصِبُ لَهُ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى نَصْبِهِ وَتَكَرَّرَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ فَهُوَ كَالْعَامِرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَامِرَةَ وَالْخَارِبَةَ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُسْتَوٍ كَمَا عَلِمْت مَا لَمْ يُقْطَعْ بِخَطَأِ كُلٍّ فَلَا يُقَلِّدُ وَلَا فَرْقَ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِصْرًا أَوْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَلَدُ عَامِرًا إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِمِصْرٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ الْمِصْرِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ النَّصُّ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَنَصُّ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَهُوَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَحَارِيبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَكَرَّرَتْ صَلَوَاتُهَا وَنَصَبَتْهَا الْأَئِمَّةُ اهـ. فَهُوَ كَمَا تَرَى مُطْلَقٌ صَادِقٌ بِكَوْنِ الْبَلَدِ عَامِرَةً أَوْ خَارِبَةً مِصْرًا وَغَيْرَهَا (قَوْلُهُ يَتَكَرَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ) وَأَمَّا إذَا لَمْ تَتَكَرَّرْ فِيهَا الصَّلَاةُ فَلَا تُقَلَّدُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّكْرِيرِ يُؤْذِنُ بِاخْتِلَالٍ فِيهَا. (قَوْلُهُ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ الِاعْتِنَاءُ بِالدِّينِ. (قَوْلُهُ أَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ الَّذِينَ يُظَنُّ بِهِمْ الْمَعْرِفَةُ وَأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَ قِبْلَةً إلَّا عَنْ مَعْرِفَةٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمِصْرٍ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمِصْرِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ وَالْقُوَّةِ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُوَّةِ لَكَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَاجِزًا بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا بِالْفِعْلِ وَلَا الْعَكْسُ كَالْأَعْمَى الَّذِي خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ فَإِنَّهُ عَاجِزٌ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا بِالْقُوَّةِ فَلَا يُقَلِّدُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْبَصِيرُ الْجَاهِلُ بِالْأَدِلَّةِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ لَاهْتَدَى لَزِمَهُ السُّؤَالُ وَلَا يُقَلِّدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يَهْتَدِي لَزِمَهُ التَّقْلِيدُ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَارِيبِ مِصْرٍ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُجْتَهِدُ عَلَى مِحْرَابِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَمِحْرَابُ الْمِصْرِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ اهـ. (قَوْلُهُ زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ مُسْلِمًا) بِجَعْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَوْصُوفَهُ مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَدْلًا) اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا عَدْلُ الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ بِالتَّعْمِيمِ) أَيْ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ قَالَ وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا أَنْ يَسْأَلَ مُكَلَّفًا. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ) هُوَ الْأَعْمَى الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْمَى وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ هُوَ الْبَصِيرُ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مُقَلِّدَهُ وَلَا مِحْرَابًا أَيْ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلِذَا قَالَ بَهْرَامُ: يُرِيدُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْأَعْمَى الْعَاجِزُ وَالْبَصِيرُ الْجَاهِلُ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ الْتَبَسَتْ الْأَمَارَةُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فَتَحَيَّرَ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ جِهَةً وَيُصَلِّي إلَيْهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَوْ الْبَصِيرُ الْجَاهِلُ الَّذِي لَمْ يَجِدْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ لَهُ جِهَةً إلَخْ) وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ لِآخِرِ الْوَقْتِ رَجَاءَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُصَلِّي لِأَيِّ جِهَةٍ شَاءَ مِنْ غَيْرِ رُكُونِ نَفْسِهِ لِجِهَةٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ يَتَحَرَّى جِهَةً تَرْكَنُ إلَيْهَا نَفْسُهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ وَعَزَاهُ سَنَدٌ لِلْكَافَّةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ خَفِيَتْ) عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ حَمَلَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ مَعَ ظُهُورِهَا وَقَالَ قَبْلَهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ الْمُجْتَهِدِ تَخْفَى عَنْهُ الْأَدِلَّةُ، وَنَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ يُقَلِّدُ أَيَّ مِحْرَابٍ كَانَ بَلْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ يُقَلِّدُ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ يَتَخَيَّرُ وَلَا يُقَلِّدُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِالتَّقْلِيدِ مُقَابِلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 مِنْ النَّظَرِ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأَعْيَانِهَا أَوْ نِسْيَانِهِ لِأَعْيَانِهَا وَقِيلَ يُقَلِّدُ كَالْعَاجِزِ الْجَاهِلِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقِيلَ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا) لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً احْتِيَاطًا (لَحَسَنٌ) عِنْدَ ابْنِ الْحَكَمِ (وَاخْتِيرَ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا إذَا شَكَّ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي جِهَتَيْنِ صَلَّى صَلَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً صَلَّى ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ. (ص) فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٍ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهَا وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ ابْتِدَاءً شَرَعَ فِيهِ دَوَامًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَلِّدَ أَوْ الْمُجْتَهِدَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فِي اسْتِقْبَالِهِ فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَلَوْ كَثُرَ انْحِرَافُهُ أَوْ بَصِيرًا مُنْحَرِفًا يَسِيرًا فَإِنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الْقِبْلَةَ وَيَبْنِيَانِ عَلَى صَلَاتِهِمَا، أَمَّا الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَبْتَدِئُ بِإِقَامَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَعْمَى أَوْ مُنْحَرِفٍ يَسِيرًا بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا مُنْحَرِفًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا مَا دَامَ الْوَقْتُ. وَأَمَّا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا فَلَا يُعِيدَانِ الصَّلَاةَ الْمُتَبَيِّنَ لَهُمَا بَعْدَهَا خَطَؤُهُمَا فَقَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، أَيْ: وَإِنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ حَيْثُ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا وَهُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَطْعُ فِيهَا وَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْخَطَأِ فِيهَا كَظُهُورِهِ فِي الدَّلِيلِ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمِ وَبَعْدَهَا كَظُهُورِهِ فِيهِ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ جِهَةٌ لَتَمَادَى؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ. وَلَوْ رَجَعَ لِلْأَعْمَى بَصَرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَشَكَّ تَحَرَّى وَبَنَى كَالشَّاكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَالَهُ سَنَدٌ وَقَوْلُنَا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ احْتِرَازًا عَمَّنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَجَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِمِصْرَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ يَقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ الِانْحِرَافُ فِيهَا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا أَعْمَى أَوْ غَيْرَهُ. (ص) وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ هَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ أَبَدًا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الرِّوَايَةُ فِيهِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: لِأَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عِلْمُ الْمُكَلَّفِ أَوْ فِي الْوَقْتِ   [حاشية العدوي] وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَإِنْ بَانَ لَهُ صَوَابُ اجْتِهَادِهِ إلَخْ وَحَمْلُ مَا هُنَا مَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا آخَرَ يُعَانِدُهُ مُقَابَلَتُهُ لِلْقَوْلِ بِالتَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ يُقَلِّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأَعْيَانِهَا إلَخْ) أَيْ وَيَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ حَتَّى يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَعْلَمُ عَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَيَجْهَلُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا إلَخْ) أَيْ الْمُتَخَيِّرُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الشَّامِلِ لِلْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَالْمُجْتَهِدُ الْمُتَحَيِّرُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ عج فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقِيلَ يُصَلِّي أَرْبَعًا إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ رَاجِعٌ لَهُ وَلِلْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مِحْرَابًا وَالْأَعْمَى الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَلِّدَ إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ وَالْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا إعَادَةَ، وَأَمَّا فِي الْأَثْنَاءِ فَهَلْ كَالْأَعْمَى فَلَا يَقْطَعُ وَلَوْ انْحَرَفَ كَثِيرًا أَوْ كَالْبَصِيرِ كَذَا نَظَرَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَجَعَلَ عب كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَفِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ يَقْطَعُ غَيْرُ الْأَعْمَى وَالْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُعِيدُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا فِي الْوَقْتِ إلَّا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ، وَأَمَّا الَّذِي فِي قِبْلَةِ التَّخْيِيرِ بِقِسْمَيْهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا كَذَا قَالَ عج تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا كَذَلِكَ أَيْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الْقِبْلَةَ) فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِقْبَالٌ مِنْهُمَا فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ فِي الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَفِي الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا كَذَا فِي عب، وَالْمُنَاسِبُ فِي الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ الْكَثِيرَ يُبْطِلُ مَعَ الْأَعْمَى بَعْدَ الْعِلْمِ وَحُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ الْحُرْمَةُ فَلَا نَظَرَ. (قَوْلُهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ) فَالْعِشَاءَانِ لِلْفَجْرِ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ وَالظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ كَظُهُورِ الْخَطَأِ فِي الدَّلِيلِ) هَذَا يَظْهَرُ فِي الْمُجْتَهِدِ الْقَاضِي يَحْكُمُ بِشَيْءٍ بِمُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَقَدْ انْقَضَى الْأَمْرُ وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يَحْكُمُ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمُقَلِّدِ الَّذِي أُعْطِيَ مَلَكَةَ التَّرْجِيحِ. (تَنْبِيهٌ) : نَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ فَقَدْ انْحَرَفَ كَثِيرًا وَنَصُّهَا " مَنْ اسْتَدْبَرَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ وَيَظُنُّ أَنَّهَا الْقِبْلَةُ وَعَلِمَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ وَابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِإِقَامَةٍ، وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ عَلِمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ قَطَعَ وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ انْحَرَفَ يَسِيرًا فَلْيَنْحَرِفْ لِلْقِبْلَةِ وَيَبْنِي " اهـ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا) أَيْ النَّاسِي الَّذِي تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَخْطَأَ خَطَأً لَوْ تَبَيَّنَ فِيهَا لَأَبْطَلَهَا وَهُوَ الِانْحِرَافُ الْكَثِيرُ (قَوْلُهُ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالَ) أَيْ سَهَا بِأَنْ زَالَ مِنْ مُدْرِكَتِهِ وَكَانَ بَاقِيًا فِي حَافِظَتِهِ لَا أَنَّهُ زَالَ مِنْ الْحَافِظَةِ وَإِلَّا كَانَ جَاهِلًا حُكْمَ الِاسْتِقْبَالِ فَتَبْطُلُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحُكْمِ وَسَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ غَفَلَ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهَا أَنَّهُ صَلَّى لِلْقَلْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عِلْمُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ أَنَّ الشَّأْنَ فِيهَا ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالصَّلَاةُ بِدُونِهِ فَاسِدَةٌ مَعَ النِّسْيَانِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي شُرُوطٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى اجْتِهَادٍ مِنْ غَيْرِ تَعَيُّنِ خِلَافٍ فِي التَّشْهِيرِ وَمَحَلُّهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا إعَادَةَ وَفِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّخْيِيرِ وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ لِلْقِبْلَةِ أَيْ جِهَتِهَا، وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَيُعِيدُ أَبَدًا قَوْلًا وَاحِدًا. (ص) وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَنْعُ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ فِيهَا ابْتِدَاءً وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَالسُّنَنِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ النَّفْلِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فِيهَا بَلْ يُنْدَبُ لِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَكَالنَّفَلِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ فِي الْجَوَازِ فِيهَا رُكُوعُ الطَّوَافِ غَيْرُ الْوَاجِبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَ جَمِيعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَنْ يُصَلِّيَ لِأَيِّ جِهَةٍ وَلَوْ لِجِهَةِ بَابِهَا مَفْتُوحًا. وَأَمَّا حُكْمُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي الْكَعْبَةِ فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُهَا فِيهَا وَلَا فِي الْحِجْرِ وَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا عَلَى الْإِقَامَةِ هُنَاكَ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَةِ السُّنَّةِ وَأَحْرَى غَيْرُهَا وَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مَا لِأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَإِنْ قُلْت لَوْ عَبَّرَ بِهَا لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَى فَاعِلِ صَحَّتْ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ لَا فَرْضٌ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِصَحَّتْ الصِّحَّةُ التَّامَّةُ الَّتِي لَا إعَادَةَ مَعَهَا، وَنَفْيُ الصِّحَّةِ الْمَذْكُورَةِ صَادِقٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبِالصِّحَّةِ الَّتِي مَعَهَا الْإِعَادَةُ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ. وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى مَعْنَى نَفَذَتْ وَقَوْلُهُ لِأَيِّ جِهَةٍ رَاجِعٌ لِلْكَعْبَةِ دُونَ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَهُ أَيْضًا لَأَوْهَمَ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِيهِ وَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا شَهَّرَ هَذَا الْقَوْلَ وَلَمْ يُشَهِّرْ الْأَوَّلَ فَجَعْلُهُ مُشَهِّرًا لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي غَيْرُ مُنَاسِبٍ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَيُّنٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ تَعَيُّنٍ بِالتَّاءِ وَالْعَيْنِ وَالصَّوَابُ يَقِينٍ بِيَاءٍ وَقَافٍ أَيْ أَنَّهُ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ جِهَةُ الْقِبْلَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ يَقِينًا بَلْ غَلَبَةُ ظَنٍّ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ) وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَيُعِيدُ أَبَدًا كَمَا فِي شب وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى إلَخْ. (قَوْلُهُ وَفِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّخْيِيرِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَشَرْحِ شب وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالتَّقْلِيدُ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى عَلَى قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ أَيْ وَأَمَّا قِبْلَةُ التَّخْيِيرِ فَلَا إعَادَةَ بَعْدَهَا، وَأَمَّا شب فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى أَنَّهُ قَالَ وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَهَا فِي قِبْلَةِ التَّخْيِيرِ فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ) لَا يَخْفَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّاسِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ وَبَقِيَ قِسْمَانِ مِنْهُ الْأَوَّلُ نَاسِي عَيْنِ الْأَدِلَّةِ وَيَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَعْرِفَتِهَا بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَرَكَهُ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَمُجْتَهِدٌ تَحَيَّرَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا الثَّانِي عَالِمٌ بِالْأَدِلَّةِ إلَّا أَنَّهُ نَاسٍ لِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ وَتَقَدَّمَ التَّفْصِيلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الصَّلَاةِ فَيَقْطَعَ أَوْ بَعْدَهَا فَيُعِيدَ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ أَيْ جِهَتَهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقَالُ إذَا كَانَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ مِحْرَابًا فَقَدْ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ جَزْمًا نَظِيرُ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُقَلِّدُهُ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ يَتَخَيَّرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ بَعْدَهَا أَوْ إعَادَةَ فِي الْوَقْتِ لَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا مُقَلِّدًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ حَيْثُ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَهَا، وَأَمَّا الْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ فَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَتُجْعَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهَا حُكْمُ الْجَاهِلِ وَالْعَامِدِ. وَبَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْجَاهِلِ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ جَاهِلُ عَيْنِ الْأَدِلَّةِ وَيَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ، الثَّانِي: عَكْسُهُ. وَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَمَا فِي النَّاسِي وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ نُبَيِّنُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ فِي حَاشِيَةِ عب. (قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَنْعُ النَّفْلِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَنْعِ الْحُرْمَةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي ك وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَوْلَيْنِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْكَرَاهَةُ فَإِذَا كَانَ الْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةَ فِي الْفَرْضِ فَالنَّفَلُ الْمُؤَكَّدُ مِنْ بَابِ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ الْكَرَاهَةَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ لِصَلَاتِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّافِلَةَ غَيْرَ الْمُؤَكَّدَةِ إذْنٌ فِي مُطْلَقِ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى فِيهَا عَلِمَ أَنَّ اسْتِقْبَالَ حَائِطٍ مِنْهَا يَكْفِي لَا جُمْلَتِهَا وَإِذَا كَفَى اسْتِقْبَالُ حَائِطٍ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلْيَكُنْ الْبَاقِي كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَجَازَ جَمِيعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ) قُلْت وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُهَا إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ الْحُرْمَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهَا الْقَوْلَيْنِ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَيْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ وَأَمَّا الْكِفَائِيُّ كَالْجِنَازَةِ فَعَلَى الْفَرْضِيَّةِ يُعَادُ وَعَلَى السُّنِّيَّةِ لَا يُعَادُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ) أَيْ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ وَالنُّزُولَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ) أَيْ قَبْلَ الْجَوَابِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ وَأَمَّا بَعْدَ الْجَوَابِ فَلَا اعْتِرَاضَ أَيْ بِأَنَّهُ مَاشٍ عَلَى الضَّعِيفِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يَدْفَعُ الْإِيرَادَ. (قَوْلُهُ الَّتِي لَا إعَادَةَ مَعَهَا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ التَّامَّةَ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَامِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ مَعَهَا فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى مَعْنَى نَفَذَتْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ إذَا شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَيْ اسْتَقْبَلَ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ لَا يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا لِلْكَعْبَةِ بَلْ إمَّا عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 عَنْهُ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ وَاَلَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَأَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ وَيَسْتَقْبِلَ الشَّامَ أَوْ يَجْعَلَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ وَيُحْرِمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْهُ مَنْ فَعَلَهُ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ. (ص) وَبَطَلَ فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى فَرْضًا عَلَى ظَهْرِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَيُعِيدُهُ أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ قِطْعَةٌ مِنْ سَطْحِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ جُمْلَةُ الْبِنَاءِ لَا بَعْضُهُ وَلَا الْهَوَاءُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اعْتِبَارِ الْهَوَاءِ وَاكْتِفَائِهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا وَمِنْ لَازِمِ الْبُطْلَانِ عَلَى ظَهْرِهَا الْمَنْعُ، وَيُفْهَمُ مِنْ تَخْصِيصِ الْفَرْضِ بِالْبُطْلَانِ صِحَّةُ مَا عَدَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وِفَاقًا لِلْجَلَّابِ قَائِلًا لَا بَأْسَ بِتَنَفُّلِهِ عَلَيْهَا اهـ. لَكِنْ نَصَّ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ فِي تَارِيخِهِ شِفَاءِ الْغَرَامِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ السُّنَنِ وَالنَّافِلَةِ الْمُتَوَكِّدَةِ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ عَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ قَائِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. فَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُقَابِلٌ لِإِطْلَاقِ الْجَلَّابِ أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ؟ وَأَمَّا الصَّلَاةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ كَمَا لَوْ حَفَرَ حُفْرَةً تَحْتَهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ نَفْلًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ (ص) كَالرَّاكِبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْقِعَ لِلْفَرْضِ عَلَى الدَّابَّةِ يُعِيدُ أَبَدًا حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا آمِنًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) إلَّا لِالْتِحَامٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ وَإِنْ لِغَيْرِهَا (ش) أَيْ إلَّا لِأَجْلِ الِالْتِحَامِ فِي قِتَالِ عَدُوٍّ كَافِرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ قِتَالٍ جَائِزٍ الذَّبُّ بِهِ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ أَوْ هَزِيمَةٍ جَائِزَةٍ أَوْ لِأَجْلِ خَوْفٍ مِنْ افْتِرَاسِ سَبُعٍ أَوْ لُصُوصٍ إنْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ فَيُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ إنْ قَدَرَ أَوْ إنْ تَعَذَّرَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا صَلَّيَا لِغَيْرِهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إلَّا لِالْتِحَامٍ مِنْ صَلَاةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِيهَا شَرْطٌ. (ص) وَإِنْ أَمِنَ أَعَادَ الْخَائِفُ بِوَقْتٍ   [حاشية العدوي] أَوْ يَسَارِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ ح وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ لِنَصِّ الْمَالِكِيَّةِ كَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِيهِ كَالْبَيْتِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى الْجَوَازِ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ لِبَابِهِ مَفْتُوحًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ شَيْئًا فَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِجْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّشْبِيهُ اهـ. (قَوْلُهُ أَدِينُ اللَّهَ) أَيْ أَتَدَيَّنُ بِهِ أَيْ أَتَعَبَّدُ بِهِ اللَّهَ وَقَوْلُهُ وَأَعْتَقِدُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ قَالَ الْحَطَّابُ رَدًّا عَلَى بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِي زَمَنِهِ صَلَّى مُسْتَقْبِلَ الْحِجْرِ مُسْتَدْبِرَ الْبَيْتِ كَمَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَيِّ جِهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْحِجْرِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَقْبِلُ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ فِي حَالَة اسْتِقْبَالِهِ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ لَا يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا لِلْكَعْبَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ شِمَالِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْعَطْفِ مَعَ أَنَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلَ الشَّرْقِ أَوْ الْغَرْبِ فَلَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهِيَ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ فِي نَقْلَيْهِمَا أَنَّ قِطْعَةً مِنْ سَطْحِهَا كَجَوْفِهَا ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ رَدَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ فِي اعْتِبَارِ الْهَوَاءِ إلَخْ) هَذَا يُشْعِرُ بِالْمُنَافَاةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ الْهَوَاءِ مُطْلَقٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قِطْعَةٌ مِنْ سَطْحِهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَكْفِي قِطْعَةٌ مِنْ سَطْحِهَا لَا يُلْتَفَتُ لِلْهَوَاءِ وَكَأَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُلَفَّقَةٌ مِنْ قَوْلَيْنِ فَإِنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ نَقَلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقُولُ بِاكْتِفَائِهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْهَوَاءِ لَا يَكْفِيهِ وَبَعْضُهُمْ يَنْقُلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ بِاكْتِفَائِهِ بِالْهَوَاءِ أَيْ فَلَا يَلْتَفِتُ لِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا (قَوْلُهُ صِحَّةُ مَا عَدَاهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الْهَوَاءِ أَوْ اكْتِفَائِهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا. (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْجَلَّابِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا كَانَ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ بِصِحَّةِ مَا عَدَا الْفَرْضَ مُؤَكَّدًا وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّ لِلْفَرْضِ قُوَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ إلَخْ) لَكِنْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مُقَابِلَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا الْتِفَاتَ لَهُ بِوَجْهٍ فَأَفَادَ أَنَّهُ قَوْلٌ قَوِيٌّ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ هَلْ هُوَ مُقَابِلٌ لِإِطْلَاقِ الْجَلَّابِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ عب وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَنْعُ مَا عَدَا الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ وَالْفَرْضُ عَلَى ظَهْرِهَا مَمْنُوعٌ ابْنُ حَبِيبٍ وَالنَّفَلُ الْجَلَّابُ لَا بَأْسَ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ) بِأَنْ نَقُولَ مَا أَفَادَهُ إطْلَاقُ الْجَلَّابِ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا عَدَا الْفَرْضَ يَخْرُجُ مِنْهُ السُّنَنُ وَالنَّوَافِلُ الْمُؤَكَّدَةُ فَيَبْقَى النَّوَافِلُ الْغَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ فَهِيَ الَّتِي تَصِحُّ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الصَّلَاةُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَى الْكَعْبَةِ وَإِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ طَفِقَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ تَحْتَ الْكَعْبَةِ وَأَفَادَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَلَا تَصِحُّ بِحَالٍ فَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْكَعْبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْجِدَ يُعْطَى أَعْلَاهُ حُكْمَهُ فِي التَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ تَحْتٍ فَلَا يُعْطَى حُكْمَهُ بِحَالٍ (قَوْلُهُ كَالرَّاكِبِ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ بَاطِلٌ إذَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى الصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ أَوْ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ جَالِسًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ كَامِلَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ سَنَدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا) أَيْ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا لِمَرَضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ وَقَوْلُهُ آمِنًا لِقَوْلِهِ إلَّا لِالْتِحَامٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِالْتِحَامٍ أَيْ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ قِتَالٍ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ جَائِزٍ الذَّبُّ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ ذَبَّ عَنْ حَرِيمِهِ ذَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ حَمَى وَدَفَعَ. (قَوْلُهُ أَوْ هَزِيمَةٍ جَائِزَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كُلِّ قِتَالٍ أَوْ مِنْ هَزِيمَةٍ جَائِزَةٍ كَمَا إذَا كَانَتْ لِتَحَرُّفٍ لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ أَيْ فَيُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً فِي حَالِ تَحَرُّفِهِ وَتَحَيُّزِهِ. (قَوْلُهُ فَيُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا إيمَاءً) أَيْ إلَى الْأَرْضِ أَيْ إيمَاءً إلَى الْأَرْضِ لَا إلَى قربوسها. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِيهَا شَرْطٌ) كَذَا فِي تت وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُمْ الْقَسْمُ بِدُونِ الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُمْ لَا يَقْسِمُونَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَائِفَ مِنْ السَّبُعِ أَوْ اللِّصِّ إذَا حَصَلَ لَهُ الْأَمْنُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ وَقْتُهُ لِلْغُرُوبِ لَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْوَقْتِ فِي مَسَائِلِ التَّيَمُّمِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَأَمَّا الْخَائِفُ مِنْ الْعَدُوِّ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَبَعْدَهَا لَا إعَادَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَمَا وَقَعَ فِيهِ النَّصُّ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِهَا وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي تَيَقُّنِ الْخَوْفِ أَوْ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ مُرَادُهُ النَّفْسُ وَمُرَادُ اللِّصِّ الْمَالُ غَالِبًا فِيهِمَا وَحُرْمَةُ النَّفْسِ أَعْلَى مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ فَأَمْرُ الْعَدُوِّ أَشَدُّ. (ص) وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا أَخَذَهُ الْوَقْتُ فِي طِينٍ خِضْخَاضٍ وَلَا يَجِدُ أَيْنَ يُصَلِّي وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَلْيَنْزِلْ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُصَلِّي فِيهِ قَائِمًا يُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ، وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ بِكَوْنِهِ يَخَافُ الْغَرَقَ وَأَمَّا خَشْيَةُ تَلَوُّثِ الثِّيَابِ فَلَا تُوجِبُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ مُبِيحَةٌ لِلصَّلَاةِ إيمَاءً فِي الْأَرْضِ، وَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ فِي شَرْحِهِ نَظَرٌ حَيْثُ جَعَلَا أَنَّ خَشْيَةَ تَلَوُّثِ الثِّيَابِ مُبِيحَةٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ وَانْظُرْ النَّصَّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَفَرْضُ الرِّسَالَةِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُسَافِرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ. (ص) أَوْ لِمَرَضٍ وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ فَلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي يُطِيقُ النُّزُولَ عَنْ الدَّابَّةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُ مُسْتَوِيَةً بِأَنْ كَانَ إذَا نَزَلَ لِلْأَرْضِ يُومِئُ كَمَا إذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ وَيُومِئُ لِلْأَرْضِ بِالسُّجُودِ لَا إلَى كُورِ الرَّاحِلَةِ، وَمَفْهُومُ التَّسْوِيَةِ مَنْعُهَا عَلَى الدَّابَّةِ إنْ كَانَتْ بِالْأَرْضِ أَتَمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا عَلَيْهَا وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَوْنُهُ يُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا ذَلِكَ عَادَةً وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَحَلُّ الْإِعَادَةِ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ مَا خَافَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَيْسَ بِمُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ يُعِيدُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ. (قَوْلُهُ وَقْتُهُ لِلْغُرُوبِ) أَيْ يَنْتَهِي لِلْغُرُوبِ فَالْغُرُوبُ خَارِجٌ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ فِي الِاصْفِرَارِ خِلَافَ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ عَلَيْهِ فِي الِاصْفِرَارِ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ} [البقرة: 239] إلَخْ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فَإِنْ خِفْتُمْ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ غَيْرِهِ فَرِجَالًا أَيْ صَلُّوا رَاجِلِينَ جَمْعُ رَاجِلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ رُكْبَانًا وُحْدَانًا بِإِيمَاءٍ {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 239] زَالَ خَوْفُكُمْ {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 239] صَلُّوا صَلَاةً إلَّا مِنْ حَاصِلِ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ النَّصُّ الصَّرِيحُ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ إعَادَةً دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا إعَادَةَ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ النَّصُّ وَهُوَ الْخَائِفُ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ فَلَمْ يُرِدْ نَصٌّ صَرِيحٌ بِصَلَاتِهِمَا عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً إلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ بِالصَّلَاةِ فِيهِمَا إيمَاءً فَاحْتِيطَ بِالْإِعَادَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْأَمْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الثَّابِتُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَدَمَ طَلَبِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْخَوْفُ فِي الْعَدُوِّ وَالْخَوْفُ فِيمَا عَدَاهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَدُوَّ مُرَادُهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الْخَوْفِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ اسْتَوَيَا. (قَوْلُهُ وَمُرَادُ اللِّصِّ إلَخْ) زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالسِّبَاعُ رُبَّمَا تَفَرَّقَتْ وَذَهَبَتْ عَنْهُ وَرُبَّمَا قَدَرَ عَلَى الِانْحِرَافِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَلَا تَتْبَعُهُ وَالْعَدُوُّ لَيْسَ كَذَلِكَ غَالِبًا فَكَانَ حُكْمُهُ أَشَدَّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ) هُوَ الطِّينُ الْمُخْتَلِطُ بِمَا لَا يَغْمُرُهُ مِنْ الْمَاءِ وَمِثْلُ الْخِضْخَاضِ الْمَاءُ وَحْدَهُ فِي النُّزُولِ وَعَدَمِهِ ك. (قَوْلُهُ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ) هَذَا فِيمَا كَانَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ لَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْآيِسِ وَالْمُتَرَدِّدِ وَالرَّاجِي الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّيَمُّمِ وَكَذَلِكَ الْخَائِفُ مِنْ سِبَاعٍ أَوْ لُصُوصٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ يُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَإِلَّا رَكَعَ وَلِذَلِكَ قَالَ بَهْرَامُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْكَعُ مِنْ قِيَامٍ وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ انْتَهَى (قَوْلُهُ اُنْظُرْ النَّصَّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ) أَيْ النَّصَّ الْمُصَرِّحَ بِكَوْنِ الْخَوْفِ مِنْ الْغَرَقِ وَنَصُّهُ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ لِكَوْنِهِ يَخَافُ الْغَرَقَ كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ قَوْلَ الرِّسَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ أَيْ الْخِضْخَاضِ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ وَقَدْ فَسَّرَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ انْتَهَى. (ثُمَّ أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْحَطَّابُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ نَاجِي وَادَّعَى فِيهِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَالْمُسَافِرُ يَأْخُذُهُ الْوَقْتُ إلَخْ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَخْشَى عَلَى ثِيَابِهِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ يَسْجُدُ وَإِنْ تَلَطَّخَتْ ثِيَابُهُ انْتَهَى فَكَيْفَ يَعْدِلُ عَمَّا قَالَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَيُبَيِّنُ لَك أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَمَّا اسْتَوَى الْإِيمَاءُ بِالْأَرْضِ مَعَ الْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ جَوَّزَ الْإِيمَاءَ عَلَى الدَّابَّةِ فَأَيُّ فَرْقٍ وَعَلَى ذَلِكَ هَلْ تُقَيَّدُ الثِّيَابُ بِفَسَادِهَا بِالْغَسْلِ أَوْ لَا الثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصًّا وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ تَخْرِيجًا وَهُوَ يُفِيدُ ضَعْفَهُ انْتَهَى عج. (قَوْلُهُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ) التَّشْبِيهُ مَقْلُوبٌ وَالْأَصْلُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَعَلَيْهَا أَيْ وَهُوَ يُؤَدِّيهَا. (قَوْلُهُ فَلَهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ الْخِضْخَاضِ وَالْمَرِيضِ ك (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُ مُسْتَوِيَةً) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا أَوْ جَالِسًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إيمَاءً عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ كَانَ إذَا نَزَلَ عَلَى الْأَرْضِ لَا يُصَلِّي إلَّا إيمَاءً اُنْظُرْ عب وَنُحَقِّقُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ عب إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 الْخَضْخَاضِ فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ تَبَعًا لِلشَّارِحِ أَوْ لِمَرَضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (ص) وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ (ش) يَعْنِي فِي الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَخِيرِ أَيْ مِنْ الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْخَارِجَةِ عَنْ مَاهِيَّتِهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَرَائِضِهَا الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالْأَرْكَانِ الدَّاخِلَةِ فِي مَاهِيَّتِهَا مُتْبِعًا ذَلِكَ بِذِكْرِ سُنَّتِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ. (فَصْلٌ) (ص) فَرَائِضُ الصَّلَاةِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ وِفَاقًا وَخِلَافًا خَمْسَةَ عَشَرَ أَوَّلُهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ مَأْمُومًا فَلَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ كَمَا يَحْمِلُ الْفَاتِحَةَ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا وَأَمَّا مَا يَخْتَصُّ بِالْفَرْضِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ وَفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ أَيْ مَفْرُوضَاتُ الصَّلَاةِ لَا جَمْعُ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ جَمْعَ فَعْلٍ عَلَى فَعَائِلَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ وَإِضَافَةُ فَرَائِضَ لِلصَّلَاةِ مِنْ إضَافَةِ الْبَعْضِ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ بَعْضُ الصَّلَاةِ وَإِضَافَةُ التَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ كَيَدِ زَيْدٍ إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِحْرَامَ مُرَكَّبٌ مِنْ التَّكْبِيرِ وَالنِّيَّةِ وَالِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْحُرُمَاتِ وَلَا يَحْصُلُ الدُّخُولُ فِي الْحُرُمَاتِ إلَّا بِالثَّلَاثَةِ أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْمُصَاحِبِ لِلْمُصَاحَبِ مِثْلُ طَيْلَسَانِ الْبَرْدِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِحْرَامَ النِّيَّةُ وَالتَّوَجُّهُ إلَى الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ بَيَانِيَّةً خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (ص) وَقِيَامٌ لَهَا (ش) ثَانِيهَا الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ فَلَا يُجْزِئُ إيقَاعُهَا جَالِسًا أَوْ مُنْحَنِيًا اتِّبَاعًا لِلْعَمَلِ وَقَيَّدْنَا بِالْفَرْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ وَبِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ. (ص) إلَّا لِمَسْبُوقٍ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِيَامَ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا أَوْ وَاجِبٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ؟ وَأَمَّا الْقِيَامُ فِي حَقِّهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَعَلَ بَعْضَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي حَالِ قِيَامِهِ وَأَتَمَّهُ فِي حَالِ انْحِطَاطِهِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ أَجْزَائِهِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَوْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالتَّأْوِيلَانِ جَارِيَانِ فِيمَنْ نَوَى بِتَكْبِيرَةِ الْعَقْدِ أَوْ نَوَاهُ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ) لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَالشَّدِيدُ الْمَرَضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ أَنْ يَجْلِسَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ فِي الْمَحْمِلِ لَكِنْ فِي الْأَرْضِ فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا صَنَعَ الْمُؤَلِّفُ وَابْنُ رُشْدٍ وَالتُّونِسِيُّ عَلَى الْمَنْعِ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ يُونُسَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ جَازَ وَعَزَاهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَالْخِلَافُ فِي حَالٍ انْتَهَى فَيَرِدُ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُعْجِبُنِي وَاخْتُلِفَ فِي حَمْلِهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ وَلَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَلْ مُقْتَضَى عَزْوِ الْمَنْعِ لِابْنِ رُشْدٍ وَالتُّونِسِيِّ قُوَّتُهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْكَرَاهَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَفِيهَا فِي الْأَخِيرِ لَا يُعْجِبُنِي لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى ك. [فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة] (فَصْلُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ) . (قَوْلُهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) . (فَرْعٌ) مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ شَكَّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ شَكُّهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَ بِغَيْرِ سَلَامٍ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ وَإِذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ شَكِّهِ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ جَرَى عَلَى مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ وَإِنْ كَانَ الشَّاكُّ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونَ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ فَإِنْ قَالُوا أَحْرَمَتْ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادَ جَمِيعُهُمْ ذَكَرَهُ اللَّقَانِيِّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وِفَاقًا) أَيْ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ وَخِلَافًا أَيْ كَالطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا) وَيَصْرِفُ كُلَّ فَرْضٍ إلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَالْقِيَام لِلْفَاتِحَةِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ فِي الْفَرْضِ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي النَّفْلِ. (قَوْلُهُ وَفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ) وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَإِلَّا لَخَرَجَتْ صَلَاةُ الصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِحْرَامَ إلَخْ) جَعَلَهُ زَرُّوقٌ هُوَ التَّحْقِيقُ. (قَوْلُهُ وَالِاسْتِقْبَالُ) فِي عَدِّهِ الِاسْتِقْبَالَ بَحْثٌ إذْ الِاسْتِقْبَالُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ إلَخْ) هَذَا لَا يُنْتِجُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْتِجُ تَوَقُّفَ الْإِحْرَامِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْحُرُمَاتِ أَيْ التَّلَبُّسِ بِالْحُرُمَاتِ أَيْ الدُّخُولِ فِي ذِي الْحُرُمَاتِ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ وَالْحُرُمَاتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ حُرْمَةٍ؛ لِأَنَّهَا يَحْرُمُ فِيهَا التَّكَلُّمُ وَنَحْوُهُ. (قَوْلُهُ طَيْلَسَانُ الْبَرْدِ) ؛ لِأَنَّ الطَّيْلَسَانَ يُصَاحِبُ الْبَرْدَ أَيْ لُبْسَهُ وَالطَّيْلَسَانُ اسْمٌ لِلشَّالِ الَّذِي يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ. (قَوْلُهُ وَالتَّوَجُّهُ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ بَيَانِيَّةً) أَيْ لِلْبَيَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَإِنَّمَا قُلْنَا لِلْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ الْبَيَانِيَّةَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ نَحْوُ خَاتَمِ حَدِيدٍ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) وَأَمَّا مَعَهُ فَتَبْطُلُ (قَوْلُهُ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الصَّلَاةِ أَيْ الدُّخُولُ فِيهَا. (قَوْلُهُ أَوْ نَوَاهُ وَالرُّكُوعَ) أَيْ قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِهِمَا يَنْصَرِفُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَتَرَكَ ثَلَاثَ صُوَرٍ الصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ فِي اثْنَتَيْنِ وَبَاطِلَةٌ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَيْ الثَّلَاثُ إذَا كَبَّرَ فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ وَأَتَمَّهُ فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ أَوْ مَعَ فَصْلٍ أَيْ طَوِيلٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي الْأُولَيَيْنِ بَاطِلَةٌ فِي الثَّالِثَةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ بَاطِلَةٌ فِي اثْنَتَيْنِ مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الرَّكْعَةِ وَصَحِيحَةٌ فِي اثْنَتَيْنِ مَعَ الْخِلَافِ فِي الِاعْتِدَادِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ. (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ تَصِحُّ الصَّلَاةُ دُونَ الرَّكْعَةِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الْإِحْرَامِ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي إحْرَامِهَا بِتَرْكِ الْقِيَامِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 ص) وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ (ش) لَمَّا كَانَ مَعْنَى التَّكْبِيرِ التَّعْظِيمَ فَيُتَوَهَّمُ إجْزَاءُ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ انْحِصَارِ الْمُجْزِئِ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ كُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ إلَّا لَفْظُ " اللَّهُ أَكْبَرُ " لَا غَيْرُهُ مِنْ: اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ أَوْ الْكَبِيرُ أَوْ الْأَكْبَرُ لِلْعَمَلِ، وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ تَوْقِيفٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفًا أَوْ أَشْبَعَ الْبَاءَ أَوْ أَتَى بِمُرَادِفِ ذَلِكَ مِنْ لُغَةٍ أَوْ لُغَتَيْنِ كخداي أَكْبَرُ لَمْ يَجْزِهِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَقَوْلُ الْعَامَّةِ " اللَّهُ وَكْبَرُ " لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْجَوَازِ لِجَوَازِ قَلْبِ الْهَمْزَةِ وَاوًا إذَا وَلِيَتْ ضَمَّةً انْتَهَى وَنَقَلَ ابْنُ جُزَيٍّ فِي قَوَانِينِهِ لَا بِقَيْدِ الْعَامَّةِ فَقَالَ مَنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَارُ بِالْمَدِّ لَمْ يَجْزِهِ وَإِنْ قَالَ اللَّهُ وَكْبَرُ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ وَاوًا جَازَ انْتَهَى، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ فَقَالَ اللَّهُ وَأَكْبَرُ. (ص) فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِالتَّكْبِيرَةِ كَامِلَةً لِخَرَسٍ أَوْ عُجْمَةٍ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهَا أَوْ مُرَادِفِهَا مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النُّطْقُ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمُرَادِفِ وَلَا بِالْبَعْضِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ كَمَقْطُوعِ اللِّسَانِ الْمُسْتَطِيعِ النُّطْقَ بِالْبَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النُّطْقُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى نَحْوِ الْبَاءِ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ بِأَكْثَرَ مِنْ حَرْفٍ، فَإِنْ كَانَ مَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ يُعَدُّ تَكْبِيرًا عِنْدَ الْعَرَبِ لَزِمَهُ النُّطْقُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ إنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَأَنْ يَدُلَّ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أَمْ لَا وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ. (ص) وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ (ش) ثَالِثُهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا أَوْ وِتْرًا أَوْ فَجْرًا أَوْ كُسُوفًا فَلَا يَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ   [حاشية العدوي] التَّالِيَةِ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ فَكَأَنَّ الْإِحْرَامَ حَصَلَ فِيهِ فَيَكُونُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ لِكَوْنِهِ مَأْمُومًا وَلَا يُقْدَحُ فِيهِ بِمَا إذَا كَانَ دُخُولُ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ قِيَامٍ بِتَكْبِيرٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِمَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ حَيْثُ أُلْغِيَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ) بِشُرُوطٍ اثْنَيْ عَشَرَ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ ابْنِ عب وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يَجْزِيهِ إلَخْ إلَّا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ عَلَيْهِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا الرَّابِعُ تَقْدِيمُ الْجَلَالَةِ الْخَامِسُ مَدُّهَا مَدًّا طَبِيعِيًّا السَّادِسُ عَدَمُ مَدٍّ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَبَيْنَ لَامِ اللَّهِ لِإِيهَامِ الِاسْتِفْهَامِ السَّابِعُ عَدَمُ مَدِّ بَاءِ أَكْبَرُ الثَّامِنُ عَدَمُ تَشْدِيدِ رَائِهَا التَّاسِعُ عَدَمُ وَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ الْعَاشِرُ عَدَمُ وَقْفَةٍ طَوِيلَةٍ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ فَلَا تَضُرُّ يَسِيرَةٌ. الْحَادِيَ عَشَرَ: دُخُولُ وَقْتِ الْفَرْضِ فِي الْفَرَائِضِ وَوَقْتُ غَيْرِهَا كَوِتْرٍ وَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَفَجْرٍ، الثَّانِي عَشَرَ: تَأْخِيرُهَا عَنْ تَكْبِيرَةِ إمَامٍ فِي حَقِّ مَأْمُومِهِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ شَرْطًا إنْ اخْتَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ جَزْمِ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرُ كَذَا فِي شَرْحِ عب بِزِيَادَةِ قَوْلِي الْعَاشِرُ الثَّامِنُ إلَخْ. (قَوْلُهُ لِلْعَمَلِ) أَيْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ وَالْمَحَلُّ. . . إلَخْ وَجْهٌ ثَانٍ وَمَعْنَى تَوْقِيفٍ تَعْلِيمٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ وَاحِدًا فَالشَّافِعِيُّ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ التَّكْبِيرِ إلَّا أَنَّهُ يُجَوِّزُ اللَّهُ الْأَكْبَرُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ اللَّهُ الْعَظِيمُ. (قَوْلُهُ كخداي أَكْبَرُ) هَذَا مِنْ لُغَةٍ (قَوْلُهُ لَهُ مَدْخَلٌ) أَيْ لَهُ دُخُولٌ فِي الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ لِجَوَازِ قَلْبِ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الشَّيْءِ فِي اللُّغَةِ جَوَازُهُ فِي الشَّرْعِ لِجَوَازِ وَجْهٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَقْرَأْ بِهِ أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْجَوَازِ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْمَدْخَلِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الِارْتِكَابِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَهُ وَجْهٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْوَجْهِ ثُبُوتُهُ (قَوْلُهُ جَزَّى) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ. (قَوْلُهُ أَكْبَارُ بِالْمَدِّ لَمْ يَجْزِهِ) قَالَ فِي الطِّرَازِ فَإِنَّ أَكْبَارَ جَمْعُ كَبَرٍ وَالْكَبَرُ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ. قَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ: وَسَمِعْت مِنْ الْأَشْيَاخِ أَنَّهُ إذَا قَالَ: اللَّهُ أَكْبَارُ، فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ. وَقَالَ أَيْضًا: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّشْدِيدُ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ الْوَقْفَ مَعَ التَّضْعِيفِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ. (قَوْلُهُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ إلَخْ) كَذَا قَالَ الْفِيشِيُّ عَلَى الْعَشْمَاوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَنَظَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَحْثٌ لَهُ وَلَمْ نَرَهُ فِي شُرَّاحِ الْمُخْتَصَرِ وَيُقَالُ أَيْضًا أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَكْبَارِ بِالْمَدِّ فَإِنَّ أَكْبَارَ كَمَا يُوهِمُ أَنَّهُ جَمْعُ كَبَرٍ نَقُولُ وَأَكْبَرُ يُوهِمُ أَنَّ لِلْمَوْلَى شَرِيكًا عُطِفَ عَلَيْهِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مَثَلًا مَوْجُودَانِ وَأَيْضًا قَدْ تَقَدَّمَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِتْيَانِ بِوَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى فَأَوْلَى فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ زِيَادَةُ الْوَاوِ مُتَوَسِّطَةً. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ) وَسَقَطَ الْقِيَامُ لَهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ طَلَبُهُ وَدَخَلَ بِالنِّيَّةِ لَا بِمُرَادِفِهِ عَرَبِيَّةٌ وَلَا بِمُرَادِفِهِ مِنْ لُغَةٍ فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ مِنْ لُغَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِعَجَمِيَّةٍ وَكَذَا قَالَ شَيْخُ بَعْضِ شُيُوخِنَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمُرَادِفِ مَا قَدْ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَإِلَّا فَكَانَ يَقُولُ وَيَبْطُلُ الْإِتْيَانُ بِالْمُرَادِفِ. (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ) وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ يُعَدُّ تَكْبِيرًا عِنْدَ الْعَرَبِ) أَيْ كَمَا إذَا أَسْقَطَ الرَّاءَ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيِّنُ لِلْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَتِهِ) أَيْ كَبِرٍّ (قَوْلُهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُبْطِلُ الصَّلَاةَ) أَيْ كَكَرٍّ مَثَلًا. (قَوْلُهُ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 الْفَرْضِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ فَتُجْزِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيمَنْ ظَنَّ الظُّهْرَ جُمُعَةً وَعَكْسُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورُهَا تَجْزِي فِي الْأُولَى قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ أَخَصُّ مِنْ شُرُوطِ الظُّهْرِ وَنِيَّةُ الْأَخَصِّ تَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْأَعَمِّ. (ص) وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ (ش) هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ لَفْظُ النَّاوِي أَوْ الْمُصَلِّي وَاسِعٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَلَفَّظَ بِقَصْدِهِ بِأَنْ يَقُولَ قَدْ نَوَيْت فَرْضَ الْوَقْتِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ فَلَا مَدْخَلَ لِلِّسَانِ فِيهَا فَإِنْ تَلَفَّظَ فَوَاسِعٌ وَقَدْ خَالَفَ الْأَوْلَى. (ص) وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ (ش) أَيْ وَإِنْ خَالَفَتْ نِيَّتُهُ لَفْظَهُ فَالْعِبْرَةُ بِالنِّيَّةِ دُونَ اللَّفْظِ كَنَاوِي ظُهْرٍ تَلَفَّظَ بِعَصْرٍ مَثَلًا وَهَذَا إذَا تَخَالَفَا سَهْوًا، وَأَمَّا إنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ مُتَلَاعِبٌ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَالْأَحْوَطُ الْإِعَادَةُ أَيْ فِيمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَهْوًا قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِهِ لِلْخِلَافِ فِي الشُّبْهَةِ؛ إذْ يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُ النِّيَّةِ بِمَا سَبَقَ إلَيْهِ لِسَانُهُ انْتَهَى. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِعَادَةِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إنْ تَذَكَّرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْهَا وَإِعَادَةُ النِّيَّةِ إنْ تَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا انْتَهَى. (ص) وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّفْضَ لِلصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا كَالصَّوْمِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْحَجِّ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا ضَيَاعُ مَالٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ الرَّفْضَ مُبْطِلٌ لَهَا كَانَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي بَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ إذَا رَفَضَهُ بَعْدَ الْفِطْرِ لَا يَرْتَفِضُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ أَوْ رَفْعُ نِيَّةٍ نَهَارًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ إذَا رُفِضَا قَبْلَ تَمَامِهِمَا يَبْطُلَانِ وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِهِمَا فَقَوْلَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا وَفِي الشَّامِلِ أَنَّهُمَا إذَا رُفِضَا بَعْدَ تَمَامِهِمَا فَلَا يَرْتَفِضَانِ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ سَنَدٌ وَابْنُ جَمَاعَةٍ وَابْنُ رَاشِدٍ   [حاشية العدوي] وَالنَّوَافِلِ الْمُتَقَيِّدَةِ بِأَسْبَابِهَا فَقَوْلُهُ أَوْ كُسُوفًا أَيْ مَثَلًا لِيَدْخُلَ الِاسْتِسْقَاءُ أَوْ أَزْمَانُهَا كَالْوِتْرِ وَالْفَجْرِ أَيْ مَثَلًا لِيَدْخُلَ الْعِيدُ فَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِهَؤُلَاءِ لَمْ تَجُزْ، وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَيُّنُ وَيَكْفِي نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِذَا صَلَّى مَثَلًا قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ أَوْ بَعْدَ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ انْصَرَفَ ذَلِكَ إلَى نَافِلَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَلَا تَتَضَمَّنُ النِّيَّةُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ الثَّوَابَ نَعَمْ نِيَّةُ الْفِعْلِ بِقَصْدِ الِامْتِثَالِ تَتَضَمَّنُ الثَّوَابَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ) أَيْ عِنْدَ الِالْتِبَاسِ لَا عِنْدَ التَّعَمُّدِ فَلَا تَجْزِي لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ دَخَلَ إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَكَانَ الْمَطْلُوبُ حَقًّا الدُّخُولَ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَتَكُونُ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَعَكْسَهَا) الْمُنَاسِبُ وَعَكْسَهُ أَيْ عَكْسَ الظَّنِّ. (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ الْأَخَصِّ) أَيْ مَا شُرُوطُهُ أَخَصُّ وَقَوْلُهُ وَنِيَّةَ الْأَعَمِّ أَيْ مَا شُرُوطُهُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ التَّلَفُّظُ أَيْ تَلَفُّظُ النَّاوِي أَوْ الْمُصَلِّي أَيْ أَنَّ الضَّمِيرَ يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلنَّاوِي الْمَأْخُوذِ مِنْ نِيَّةٍ وَلِلْمُصَلِّي الْمَأْخُوذِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْبَاعِثُ عَلَى كَوْنِهِ أَرَادَ بِاللَّفْظِ التَّلَفُّظَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مِنْ جَوَازٍ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ أَوْصَافٌ لِلْفِعْلِ. (قَوْلُهُ وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَائِزَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَبِمَعْنَى مَا قَابَلَ الْمَكْرُوهَ فَيَصْدُقُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى فَإِذَنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَوْلُهُ فَوَاسِعٌ أَيْ جَائِزٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَسْوِسًا وَهَذَا التَّقْرِيرُ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ هُوَ الْمَرْضِيُّ وَخِلَافُ ذَلِكَ تَقْرِيرُ أَنَّ أَوَّلَهُمَا أَنَّ مَعْنَى وَاسِعٌ غَيْرُ ضَيِّقٍ فِيمَا يُعَبَّرُ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ أُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَوَيْت أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثَانِيهِمَا التَّلَفُّظُ وَعَدَمُهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ فَالْعَقْدُ) أَيْ فَالْعِبْرَةُ بِمَا عَقَدَهُ أَيْ نَوَاهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَالْعِبْرَةُ بِالنِّيَّةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ لِلْخِلَافِ فِي الشُّبْهَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ مِنْ الِاشْتِبَاهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلْخِلَافِ وَالشُّبْهَةِ كَذَا فِي زَرُّوقٍ عَلَى الْإِرْشَادِ أَيْ إنَّ بَعْضَهُمْ حَكَمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَعَ النِّسْيَانِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَقْتَضِي هَذَا التَّفْصِيلَ. (قَوْلُهُ وَإِعَادَةُ النِّيَّةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مَعَ اعْتِدَادِهِ بِمَا فَعَلَ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالْعَقْدُ وَيَحْتَمِلُ إعَادَةَ النِّيَّةِ مَعَ عَدَمِ اعْتِدَادِهِ بِمَا فَعَلَ مِنْ الرَّكَعَاتِ قِيلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ فِي كَلَامِ الْإِرْشَادِ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِضْرَابِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْعَقْدُ بِجَعْلِهِ هُوَ الْأَحْوَطَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إعَادَةُ اللَّفْظِ مُوَافِقًا لِلنِّيَّةِ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّ نِيَّتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا عَلَيْهِ وَالْمُخَالَفَةُ فِي اللَّفْظِ فَقَطْ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّنَا قَدْ نَهَيْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ إعَادَةُ النِّيَّةِ خَالِيَةً عَنْ مُخَالَفَةٍ فَتَصْدُقُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا بِدُونِ تَلَفُّظٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَعْنَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا. (فَإِنْ قُلْت) إنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا فَقَدْ أَعَادَ الصَّلَاةَ فَلَا تَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ لِقَوْلِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ إلَخْ. (قُلْت) لَا؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِقَوْلِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ يُفِيدُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ تَمَّتْ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَمْ تَتِمَّ فَلِذَلِكَ قَالَ إعَادَةُ النِّيَّةِ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ يَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ. (قُلْت) وَسَكَتَ عَنْ الْجَاهِلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَالنَّاسِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالْأَحْسَنُ لِمَا سَيَأْتِي فِي تَرْكِ الْفَاتِحَةِ أَنَّ الْمُرَادَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَيُعِيدُهَا بَعْدُ وَانْتَهَى الْأَوَّلُ مَعْنَاهُ انْتَهَى كَلَامُ زَرُّوقٍ وَانْتَهَى الثَّانِي انْتَهَى كَلَامُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى كَلَامِ زَرُّوقٍ وَأَظُنُّهُ عج. (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ سَنَدٌ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْوُضُوءَ يَرْتَفِضُ فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ وَمِثْلُهُ الْغُسْلُ وَالِاعْتِكَافُ وَالتَّيَمُّمُ وَأَمَّا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَلَا يَرْتَفِضَانِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ فَيَرْتَفِضَانِ فِي الْأَثْنَاءِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وَاللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِتَأْثِيرِهِ (ص) كَسَلَامٍ أَوْ ظَنِّهِ فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ إنْ طَالَتْ أَوْ رَكَعَ وَإِلَّا فَلَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا اثْنَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ مَثَلًا ظَانًّا الْإِتْمَامَ وَلَا إتْمَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ لِظَنِّهِ الْإِتْمَامَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا شَيْءٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثُمَّ قَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى نَافِلَةٍ أَحْرَمَ بِهَا أَوْ فَرْضٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا تَبْطُلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ طَالَتْ قِرَاءَتُهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا بِأَنْ خَرَجَ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ رَكَعَ فِيهَا بِالِانْحِنَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَطُلْ وَلَا يُقَالُ الرُّكُوعُ يَسْتَلْزِمُ الطُّولَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ إذْ قَدْ تَكُونُ الْقِرَاءَةُ سَاقِطَةً عَنْهُ لِعَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُنْدَبُ الْفَصْلُ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ. وَإِذَا حُكِمَ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا أَتَمَّ النَّفَلَ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقَطَعَ غَيْرَهُ وَهُوَ الْفَرْضُ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ السَّهْوِ فَمَنْ فُرِضَ أَنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ وَأَتَمَّ النَّفَلَ وَقَطَعَ غَيْرَهُ إلَخْ. ثُمَّ إنَّ إتْمَامَ النَّفْلِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي " وَأَتَمَّ النَّفَلَ إلَخْ " مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ، فَإِنْ ضَاقَ قَطَعَهَا وَهَذَا مَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً، فَإِنْ عَقَدَهَا أَتَمَّهُ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ. وَأَمَّا الْفَرْضُ فَإِنَّهُ لَا يَشْفَعُهُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً إلَّا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي " وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إلَخْ " خَاصٌّ بِالْفَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا انْحِنَاءٌ فَلَا بُطْلَانَ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ وَلَكِنْ يُلْغِي مَا عَمِلَهُ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ وَيَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ الصَّلَاةَ فِيهَا فَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ كَمَا مَرَّ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ أَيْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ إحْرَامُهُ بِالنَّافِلَةِ وَشُرُوعُهُ فِيهَا إتْمَامًا لِصَلَاتِهِ فِي الصُّورَةِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِتْمَامِ وَلَوْ عَبَّرَ بِشَرَعَ لَكَانَ أَظْهَرَ. (ص) كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ أَوْ عَزَبَتْ أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ أَوْ الْأَدَاءَ أَوْ ضِدَّهُ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَظُنَّ السَّلَامَ بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ وَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ إلَيْهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَيَجْزِيهِ فِي هَذِهِ مَا فَعَلَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهَا أَنَّهُ فِيهِمَا قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْفَرْضِ حِينَ عَلِمَ السَّلَامَ أَوْ ظَنَّهُ وَفِي هَذِهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ بِأَنْ غَفَلَ عَنْهَا بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي مَحَلِّهَا؛ إذْ فِي اسْتِصْحَابِهَا مَشَقَّةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّاغِلُ عَنْهَا دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا مُتَقَدِّمًا عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ طَارِئًا مَعَ كَرَاهَةِ التَّفَكُّرِ بِدُنْيَوِيٍّ. وَكَذَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ تَسْتَلْزِمُ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا وَعَلَى هَذَا يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَنْوِ فِي الْحَاضِرَةِ أَوْ الْفَائِتَةِ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً لِاسْتِلْزَامِ الْوَقْتِ الْأَدَاءَ وَعَدَمِهِ الْقَضَاءَ لَكِنْ لَا تَنُوبُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ عَنْ الْأَدَاءِ وَلَا عَكْسِهِ لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّوْمِ " لَوْ بَقِيَ الْأَسِيرُ سِنِينَ يَتَحَرَّى فِي صَوْمِ رَمَضَانَ شَهْرًا وَيَصُومُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ صَامَ قَبْلَهُ لَمْ يَجْزِهِ وَلَا يَكُونُ رَمَضَانُ عَامَ قَضَاءٍ عَنْ رَمَضَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَسَلَامٍ) أَيْ تَحَقُّقِ السَّلَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ ظَنِّهِ أَيْ كَتَحَقُّقِ سَلَامٍ مَعَ سَهْوِهِ عَنْ عَدَمِ إكْمَالِ صَلَاتِهِ فَهُوَ سَاهٍ غَيْرُ سَاهٍ أَيْ سَاهٍ عَنْ عَدَمِ إكْمَالِ الصَّلَاةِ غَيْرُ سَاهٍ بِاعْتِبَارِ صُدُورِ السَّلَامِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ سَلَّمَ سَاهِيًا أَيْ عَنْ الْإِتْمَامِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَحَقِّقُ السَّلَامِ (قَوْلُهُ فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ يَتَنَفَّلُ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ الَّتِي بَطَلَتْ فَإِنْ لَمْ يَتَنَفَّلْ قَبْلَهَا كَمَغْرِبٍ لَمْ يُتِمَّهُ كَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِنَفْلٍ بَلْ وَكَذَا لَوْ أَتَمَّ بِفَرْضٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَرَغَ مِنْهَا فَيُوَافِقُ قَوْلَ اللَّقَانِيِّ وَالطُّولُ بِتَمَامِ الْفَاتِحَةِ وَجَعَلَ عج قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لَيْسَتْ بِطُولٍ وَلِذَا قَالَ تِلْمِيذُهُ عب إنْ طَالَتْ قِرَاءَتُهُ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ مِمَّا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ إذْ هِيَ لَيْسَتْ طُولًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ وَيُحْتَمَلُ خَرَجَ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَيُخَالِفُ كَلَامَ اللَّقَانِيِّ وعج وَالظَّنُّ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُمَا إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ قَرِيبٌ لِمُرَادِ اللَّقَانِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الدُّخُولِ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ الرُّكُوعُ يَسْتَلْزِمُ الطُّولَ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ طَالَتْ (قَوْلُهُ أَتَمَّ النَّفَلَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُتِمُّ النَّفَلَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَيَشْفَعُ فِي الْفَرْضِ فِي وَاحِدَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ أَنَّ الْفَرْضَ يُقْضَى وَالنَّافِلَةُ لَا تُقْضَى. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ أَوْ عَزَبَتْ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ يَظُنَّهُ إلَخْ أَيْ وَكَأَنْ عَزَبَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ نَوَى مَا ذَكَرَ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ لَكِنَّ الْأَكْمَلَ نِيَّةُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيَجْزِيهِ مَا فَعَلَهُ فِي هَذِهِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ) هَذَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَتَرَجَّحَ عِنْدَ الشَّارِحِ هَذَا الْقَوْلُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ فَأَتَمَّ ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ فَقَالَ أَشْهَبُ تَجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا تَجْزِيهِ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً) لَفٌّ وَنَشْرٌ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَعْيِينُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ كَذَا رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَنُوبُ إلَخْ) وَمَثَّلَهُ اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ بَقِيَ يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيَّامًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ ظُهْرَ جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَلَا يَحْتَسِبُ بِظُهْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهَا فِي وَقْتِهَا بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ فِي الْوَاقِعِ نَعَمْ لَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لِظَنِّهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِيهِ فَصَحِيحٌ وَكَذَا عَكْسُهُ بِخِلَافِ لَوْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَهُوَ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (فَإِنْ قُلْت) أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قُلْت) إنَّ مَسْأَلَتَيْ الْإِجْزَاءِ اتَّحَدَ الْمَوْصُوفُ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَالصَّلَاةُ الَّتِي تَعْتَقِدُ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَيْنُ الصَّلَاةِ الَّتِي تَبَيَّنَ أَنَّهَا قَضَاءٌ عِنْدَهُ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتَيْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي اعْتَقَدَ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَبَيَّنَ أَنَّهَا قَضَاءٌ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 قَبْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ " وَكَمَا لَا يَلْزَمُ نِيَّةٌ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً لَا يَلْزَمُ نِيَّةُ الْأَيَّامِ اتِّفَاقًا وَسَيَأْتِي فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَيْ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ مَا يَتَخَرَّجُ مِنْهُ خِلَافٌ فِي ذَلِكَ (ص) وَنِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ (ش) رَابِعُهَا نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ بِصَلَاةِ إمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ إلَّا فِي مَسَائِلَ تَأْتِي وَقَالَ التَّتَّائِيُّ: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِي: قَدْ اسْتَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ مَشَايِخِنَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ أَيْ: قَوْلِهِ الْآتِي، وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ لِمَا قِيلَ لَهُ كَيْفَ تَجْعَلُونَ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ تَارَةً رُكْنًا وَتَارَةً شَرْطًا وَالرُّكْنُ دَاخِلُ الْمَاهِيَّةِ وَالشَّرْطُ خَارِجَهَا؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رُكْنِيَّتَهَا مَأْخُوذَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطِيَّتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاقْتِدَاءِ وَهَذَا جَلِيٌّ مِنْ كَلَامِهِمْ انْتَهَى. (ص) وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ (ش) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ عَامًّا خَصَّصَهُ بِهَذَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَأْمُومَ الْمُسَافِرَ أَوْ الْمُقِيمَ إذَا وَجَدَ إمَامًا وَلَا يَدْرِي أَهُوَ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ وَيُحْرِمَ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ وَيَجْزِيهِ مَا صَادَفَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ حَضَرِيَّةٍ أَوْ سَفَرِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ جَامِعًا وَوَجَدَ إمَامَهُ مُحْرِمًا وَلَا يَدْرِي أَحْرَمَ بِجُمُعَةٍ أَوْ بِظُهْرٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَيَجْزِيهِ مَا صَادَفَ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ وَيَجْزِي كُلًّا مِنْ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مَا تَبَيَّنَ مِنْ سَفَرِيَّةٍ أَوْ حَضَرِيَّةٍ وَإِنْ خَالَفَ حَالُهُ حَالَ الْإِمَامِ لَكِنْ يُتِمُّ الْمُقِيمُ بَعْدَ الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ مَعَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ انْتَهَى. بِخِلَافِ لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهَا إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا فَصَادَفَ الْأُخْرَى فَلَا تَجْزِيهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ فِيمَنْ ظَنَّ الظُّهْرَ جُمُعَةً وَعَكْسَهَا وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَنْ ظَنَّ الْقَوْمَ سَفْرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ وَعَكْسُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ نَوَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَنْ عَيَّنَ شَيْئًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِإِمَامِهِ فِي نِيَّتِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى خُصُوصِ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَبَعًا لِلْمَنْقُولِ خِلَافًا لِمَنْ عَمَّمَ. (ص) وَبَطَلَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاقْتِدَاءِ) أَيْ تَبَعِيَّةِ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ فِي شَرْحِ عب بَعْدَ قَوْلِهِ وَهَذَا جَلِيٌّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَفِيهِ شَيْءٌ نَاقِلًا لَهُ عَنْ تت ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الشَّيْءِ أَنَّ الْجِهَةَ وَالْحَيْثِيَّةَ وَاحِدَةٌ إذْ هِيَ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ إنَّمَا يَخْتَلِفُ الِاعْتِبَارُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْحَيْثِيَّةِ وَلَا اخْتِلَافَ هُنَا مَعَ مُرَاعَاةِ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ انْتَهَى كَلَامُ عب وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ مَا هُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّهَا رُكْنٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَصِحُّ دُونَهَا وَشَرْطٌ بِالنَّظَرِ لِلِاقْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا دُونَهَا انْتَهَى. (وَأَقُولُ) إذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ لِلسُّؤَالِ وُرُودًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي الِاقْتِدَاءِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ بِأَنَّهُ أَشَارَ إلَى قَوْلَيْنِ بِالرُّكْنِيَّةِ وَالشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ خَصَّصَهُ بِهَذَا) التَّخْصِيصُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ دَاخِلٌ عَلَى الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ وَالْمَجْهُولُ لَهُ إنَّمَا هُوَ صِفَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلَبَّسَ بِهَا الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْرِي أَهُوَ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ) أَيْ وَلَا يَدْرِي جَوَابَ أَهُوَ لَا يَخْفَى حَالُهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ هُنَا عَلَى أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّهَا حَضَرِيَّةٌ أَوْ سَفَرِيَّةٌ فَهَوَّنَا وَالصَّلَاةُ الْمُعَيَّنَةُ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ مِمَّا يَحُلُّ بِهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ وَيَجْزِي كُلًّا إلَخْ) الْإِجْزَاءُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ الْمُسَافِرِ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهَا حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِيمِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَضَرِيَّةٌ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ تَبَيُّنِ أَنَّهَا سَفَرِيَّةً فَمِنْ حَيْثُ الِاعْتِدَادُ بِمَا فَعَلَ مَعَ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا) أَيْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهَا جُمُعَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا ظُهْرٌ. (قَوْلُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَرَادَ بِهِمَا مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا جُمُعَةٌ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ فِي ذَلِكَ لَا مَا يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ مَا إذَا ظَنَّ الظُّهْرَ جُمُعَةً وَعَكْسَهُ وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ مُسَافِرٌ وَعَكْسَهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ تَقَدَّمَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا تَجْزِيهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْوَجْهَيْنِ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الظُّهْرَ جُمُعَةً وَنَوَى الْجُمُعَةَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ أَخَصُّ مِنْ شُرُوطِ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَقَدَّمَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْطُوفِ لَمْ يَتَقَدَّمْ فَلَوْ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَجْزِيهِ فِي الْأُولَى، وَكَذَا الثَّانِيَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَشْهَبَ لَكَانَ أَحْسَنَ فَالْأَوْلَى هِيَ مَا أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَأْمُومَ الْمُسَافِرَ أَوْ الْمُقِيمَ إلَخْ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ جَامِعًا إلَخْ وَالشَّاهِدُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفَرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ أَعَادَ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا كَعَكْسِهِ إذْ مَفْهُومُ مُسَافِرًا لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَا تَبْطُلُ فَالشَّاهِدُ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ عَمَّمَ) وَهُوَ عج فَزَادَ ثَالِثَةً وَهِيَ إنْ شَكَّ هَلْ هُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْعَصْرِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ هُوَ الَّذِي عَلَى الْمَأْمُومِ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ فَظَاهِرٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ مُخَالَفَتُهُ لَهُ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ نَافِلَةٌ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الظُّهْرَ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا حَيْثُ الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَلَوْ صَلَّاهَا بَعْدَ أَذَانِ الْعَصْرِ وَلَا يُتَوَهَّمُ سُقُوطُ الْعَصْرِ عَنْ الْمَأْمُومِ حِينَئِذٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ مُسَاوَاةِ الْمَأْمُومِ لِلْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَمَا هُنَا كُلُّهُ عَلَى جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الدُّخُولِ وَأَمَّا الْإِجْزَاءُ وَعَدَمُهُ فَقَدْرٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ الْمَأْمُومُ الظُّهْرَ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَإِذَا هُوَ فِي الْعَصْرِ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ صَحِيحَةٌ وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا تَمَادَى عَلَيْهَا وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ الَّتِي عَلَيْهِ وَيَسْتَثْنِي هَذِهِ مِنْ كَوْنِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ وَاجِبًا شَرْطًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فَلَيْسَتْ بَاطِلَةً بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَتَذَكَّرَ وَهُوَ فِيهَا أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَإِنَّ الْعَصْرَ تَبْطُلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 بِسَبْقِهَا إنْ كَثُرَ وَإِلَّا فَخِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ إذَا سَبَقَتْ أَيْ تَقَدَّمَتْ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ إنْ بَعْدَ السَّبْقِ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ سَبْقُ النِّيَّةِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بَلْ تَقَدَّمَتْ عَنْهَا بِيَسِيرٍ فَخِلَافُ الْبُطْلَانِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَيُشْتَرَطُ الْمُقَارَنَةُ وَعَدَمُهُ لِابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِيَسِيرٍ جَائِزٌ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عِنْدَنَا وَالصَّوْمِ عِنْدَ الْجَمِيعِ. (تَنْبِيهٌ) : الْيَسِيرُ أَنْ يَنْوِيَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ تَذْهَبَ عَنْهُ النِّيَّةُ حِينَ يَتَلَبَّسُ بِالتَّكْبِيرِ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّادِقِ بِبَعْدِ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ حَاصِلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يَضُرُّ عُزُوبُهَا بَعْدَ قَصْدِهِ الْمَسْجِدَ لَهَا مَا لَمْ يَصْرِفْهَا لِغَيْرِهِ. (ص) وَفَاتِحَةٌ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ (ش) خَامِسُهَا قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَوْ بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ لَا عَلَى الْمَأْمُومِ لِخَبَرِ «قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ» وَسَوَاءٌ السَّرِيَّةُ وَالْجَهْرِيَّةُ كَانَ الْإِمَامُ يَسْكُتُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي السَّرِيَّةِ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُسْمِعَ أُذُنَيْهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، فَقَوْلُهُ وَفَاتِحَةٌ أَيْ وَقِرَاءَةُ فَاتِحَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ؛ لِأَنَّ فَاتِحَةً جَامِدٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ وَهَلْ تَجِبُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَوْ عَلَى مَنْ يَلْحَنُ فِيهَا أَمْ لَا؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْنَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ تَجِبُ إذْ هِيَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا لَحْنَ فِيهَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يَقْرَؤُهَا وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَلْحَنُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ مَا لَا لَحْنَ فِيهِ وَيَتْرُكَ مَا يَلْحَنُ فِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا يَلْحَنُ فِيهِ مُتَوَالِيًا وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَتْرُكُ الْكُلَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ. (ص) وَقِيَامٌ لَهَا (ش) سَادِسُهَا الْقِيَامُ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا لِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ وَلَوْ قَدَرَ فِي أَثْنَائِهَا وَجَبَ الْقِيَامُ، وَقِيلَ: الْقِيَامُ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يَسْقُطُ الْقِيَامُ عَمَّنْ عَجَزَ عَنْ قِرَاءَتِهَا وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا ابْنُ يُونُسَ لَمَّا جَوَّزُوا لَهُ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ اهـ. أَيْ جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ مِنْ حَيْثُ الْمُخَالَفَةُ لِإِمَامِهِ، وَقَوْلُهُ وَقِيَامٌ لَهَا أَيْ لِلْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ (ص) فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا ائْتَمَّ (ش) الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ فَيَجِبُ   [حاشية العدوي] وَلَوْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ بِسَبْقِهَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِسَبْقِهَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى النِّيَّةِ أَيْ بِسَبْقِهَا إيَّاهَا أَيْ سَبْقِ النِّيَّةِ الصَّلَاةَ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ بِسَبْقِ الصَّلَاةِ النِّيَّةَ وَكِلَاهُمَا فَصِيحٌ شَائِعٌ هَذَا إذَا ذُكِرَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَأَمَّا إنْ ذُكِرَا مَعًا فَالشَّائِعُ الْفَصِيحُ إضَافَتُهُ إلَى الْفَاعِلِ وَأَمَّا إنْ أَضَفْته إلَى الْمَفْعُولِ ثُمَّ جِئْت بِالْفَاعِلِ فَضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ ضَرُورَةٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَخِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ الْإِجْزَاءُ كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَتْ) أَيْ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ خُلَاصَتُهُ أَنَّ لِلنِّيَّةِ أَحْوَالًا الْمُقَارَنَةُ وَالتَّقَدُّمُ بِيَسِيرٍ أَوْ بِكَثِيرٍ وَالتَّأَخُّرُ كَذَلِكَ فَتَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ التَّأَخُّرُ سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَالسَّبْقُ إذَا كَانَ بِكَثِيرٍ وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا، وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ فَهِيَ حَالُ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ اتِّفَاقًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَ الْمُتَأَخِّرِينَ تُشْتَرَطُ الْمُقَارَنَةُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مُصَاحِبَةً لَهُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَذْهَبُ عَنْهُ النِّيَّةُ حِينَ تَلَبُّسِهِ بِالتَّكْبِيرِ) أَيْ فَقَطْ أَيْ وَتَأْتِي بَعْدَ التَّلَبُّسِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ أَوْ يَسْتَمِرُّ الذَّهَابُ وَالزَّوَالُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ الصَّادِقِ اسْتِمْرَارُهُ بِبَعْدِ الْفَرَاغِ. (قَوْلُهُ وَفَاتِحَةٌ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) بِجَمِيعِ حُرُوفِهَا وَشَدَّاتِهَا وَحَرَكَاتِهَا قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فَالْوَاجِبُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ بِجَمِيعِ حُرُوفِهَا وَحَرَكَاتِهَا وَشَدَّاتِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ فِي مَحَلِّ الْمُبَالَغَةِ وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْغَيْرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ بِدُونِ سَمَاعِ الْغَيْرِ فَيُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ احْتِرَازًا عَنْ الْقِرَاءَةِ بِقَلْبِهِ فَيَصْدُقُ بِسَمَاعِ نَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ السَّرِيَّةُ وَالْجَهْرِيَّةُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي لُزُومِهَا لَهُ فِي السَّرِيَّةِ. (قَوْلُهُ كَانَ الْإِمَامُ يَسْكُتُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ يَقْرَؤُهَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْكُتُ. (قَوْلُهُ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ مَذْهَبِيًّا مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا مَذْهَبِيٌّ أَيْضًا فَكَانَ الْأَوْلَى الْإِتْيَانَ بِلَوْ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَائِنًا بِحَرَكَةِ لِسَانٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنَّمَا يُقَدِّرُ قِرَاءَةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَرَ فِي أَثْنَائِهَا إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِبَعْضِهَا فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَأْتِي بِهَا كُلِّهَا مِنْ جُلُوسٍ أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا وَيَجْلِسُ فِي غَيْرِهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ فِيمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِذَلِكَ ثَمَرَةٌ خَارِجِيَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَنَدَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ إلَى عَمُودٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْبِنَاءُ لَسَقَطَ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ لَوْ اسْتَنَدَ ذَلِكَ الِاسْتِنَادَ صَحِيحَةٌ لَا بَاطِلَةٌ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَانْظُرْ مَا قَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إلَخْ. (فَائِدَةٌ) لَا يَجِبُ مِنْ الْعَالِمِ التَّعْلِيمُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 بِسَبَبِ وُجُوبِهَا تَعَلُّمُهَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقَبِلَ التَّعْلِيمَ وَوَجَدَ مَنْ يُعَلِّمُهُ فَإِنْ فَرَّطَ فِي التَّعَلُّمِ قَضَى مِنْ الصَّلَوَاتِ مَا صَلَّى فَذًّا بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ مَا يَتَعَلَّمُ فِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِوُجُوبِ التَّعْلِيمِ فَانْظُرْ هَلْ يَسْتَلْزِمُهُ وُجُوبُ التَّعْلِيمِ أَمْ لَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَإِلَّا فَوَاجِبٌ مُوَسَّعٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّعْلِيمُ لِعَدَمِ مَا تَقَدَّمَ ائْتَمَّ بِمَنْ يُحْسِنُهَا إنْ وَجَدَهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا وَاجِبَةٌ وَلَا يُتَوَصَّلُ لِلْوَاجِبِ حِينَئِذٍ إلَّا بِهِ فَإِنْ صَلَّى فَذًّا بَطَلَتْ. (ص) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ بِمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُمْكِنْ الِائْتِمَامُ لِعَدَمِ مُقْتَدًى بِهِ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِسُقُوطِ الْقِيَامِ وَبَدَلِ الْفَاتِحَةِ مِنْ ذِكْرٍ وَنَحْوِهِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونَ يَجِبُ قِيَامُهُ بِقَدْرِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الذِّكْرِ، وَلَوْ طَرَأَ عَلَى الْأُمِّيِّ قَارِئٌ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ سَمِعَ مَنْ قَرَأَهَا فَعَلِقَتْ بِحِفْظِهِ مِنْ مُجَرَّدِ السَّمَاعِ لَمْ يَقْطَعْ وَيُتِمُّهَا كَعَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا فَالضَّمِيرُ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا لِلتَّعَلُّمِ وَالِائْتِمَامِ وَلَوْ أَسْقَطَ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ بَلْ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَاسِمٍ الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالْإِفْرَادِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَائِدًا عَلَى الِائْتِمَامِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ، فَقَدْ اُسْتُفِيدَ عَدَمُ إمْكَانِ الشَّيْئَيْنِ وَرَجَعْنَا ضَمِيرَ سُقُوطِهِمَا لِلْقِيَامِ وَلِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ لَا لِلْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لَا يَقُولُ بِعَدَمِ سُقُوطِهِمَا إذْ لَا قَائِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا. (ص) وَنُدِبَ فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ (ش) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ وُجُوبِ بَدَلِ الْفَاتِحَةِ عَلَى مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهَا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ بِوُقُوفٍ مَا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ بَدَلِهَا فَالْفَصْلُ مَوْجُودٌ قَطْعًا فَلَا يُتَصَوَّرُ نَدْبُهُ وَقَوْلُهُ فَصْلٌ صَادِقٌ بِالسُّكُوتِ وَبِالتَّسْبِيحِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى التَّسْبِيحِ، وَلَمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ فِي وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ وَعَدَمِهِ فَقِيلَ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ لِحَمْلِ الْإِمَامِ لَهَا وَهُوَ لَا يَحْمِلُ فَرْضًا قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ، وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَالِكٍ نَحْوَهُ فَقَالَ عَنْهُ: مَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي صَلَاةٍ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَعَلَى وُجُوبِهَا، فَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ مَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ الرَّكَعَاتِ عَلَى أَقْوَالٍ حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْهَا ثَلَاثَةً أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْمَشْهُورِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ. (ص) وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ الْجُلِّ خِلَافٌ (ش) الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ خِدَاجٌ خِدَاجٌ» أَيْ غَيْرُ تَمَامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ كُلُّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ إذْ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ مِنْ الصَّلَاةِ كُلُّ قِيَامٍ فَهُوَ كَمَا قِيلَ كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يَرْكَعْ فِيهَا أَوْ لَمْ يَسْجُدْ وَقِيلَ تَجِبُ فِي الْجُلِّ وَتَسُنُّ فِي الْأَقَلِّ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَشَهَّرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَهُوَ ابْنُ عَسْكَرٍ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَقِيلَ يُكْتَفَى بِهَا فِي رَكْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ الْمُؤَلِّفُ خِلَافٌ مَعَ أَنَّهُ ضَعَّفَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُتَقَيِّدٌ بِالتَّشْهِيرِ الْمَوْجُودِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إنْ تَرَكَهَا سَهْوًا وَلَمْ يُمْكِنْ تَلَافِيهَا   [حاشية العدوي] لِلطُّرْطُوشِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ زَرُّوقٌ (قَوْلُهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ إلَخْ) قَصْدُهُ بَيَانُ إمْكَانِ التَّعْلِيمِ فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَاجِزَ لِخَرَسٍ وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ شَيْءٍ وَنَفْيَهُ إنَّمَا يَكُونَانِ فِيمَا يَقْبَلُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْأَخْرَسُ فَلَا يَقْبَلُ ذَلِكَ فَإِذَنْ لَا يَكُونُ الِائْتِمَامُ فِي حَقِّهِ وَاجِبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاجِبٌ مُوَسَّعٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا فَوَاجِبٌ مُوَسَّعٌ أَوْ كِفَائِيٌّ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. (قَوْلُهُ إلَّا بِهِ) أَيْ إلَّا بِالِائْتِمَامِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إمَّا بِاعْتِبَارِ الصُّدُورِ عَنْ الْمُصَلِّي أَوْ الْحَمْلِ عَنْهُ كَمَا هُنَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِي قَوْلِهِ وَجَبَ أَنْ يُعَلِّمَهُ. (قَوْلُهُ يَجِبُ قِيَامُهُ بِقَدْرِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الذِّكْرِ) أَيْ مَعَ وُجُوبِ الذِّكْرِ لَا كَمَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ وَيُتِمُّهَا) أَيْ بِقِرَاءَةٍ (قَوْلُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَاسِمٍ) أَيْ الْمَالِكِيُّ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فَصْلٌ إلَخْ) لِئَلَّا يَلْتَبِسَ تَكْبِيرُ الْقِيَامِ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ قَالَهُ فِي ك. (فَائِدَةٌ) الْأَعْجَمِيُّ لَا يَقْرَأُ بِالْأَعْجَمِيَّةِ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ قَالَهُ الْجِيزِيُّ نَقَلَهُ عَنْ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى التَّسْبِيحِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبِّحَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْفَصْلَ مُسْتَحَبٌّ وَالتَّسْبِيحَ مُسْتَحَبٌّ وَعِبَارَتُهُ تُفِيدُ أَنَّهُمَا مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا ثَلَاثَةً) وَهِيَ الْوُجُوبُ فِي الْكُلِّ وَالْوُجُوبُ فِي الْجُلِّ وَالْوُجُوبُ فِي رَكْعَةٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْهَا يَقْتَضِي أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقِيلَ إنَّهَا تَجِبُ فِي النِّصْفِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْجُلِّ تَكُونُ فِي الزَّائِدِ سُنَّةً كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ تَمَامٍ) أَيْ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَكَرَّرَهُ لِتَأْكِيدِ الْفَسَادِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ إرَادَةِ عَدَمِ الْكَمَالِ مَعَ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ) أَيْ مِنْ ظَاهِرِ سِيَاقِ الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ إذْ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ إذْ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ مِنْ الصَّلَاةِ كُلُّ قِيَامٍ) أَيْ فَالْمَنْظُورُ لَهُ كُلُّ قِيَامٍ وَهُوَ الرَّكْعَةُ. (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا قِيلَ كُلُّ صَلَاةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِالصَّلَاةِ الرَّكْعَةَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلِّ صَلَاةٍ كُلُّ رَكْعَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ ضَعَّفَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ) وَنَصُّهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا كُلُّ رَكْعَةٍ وَيَحْتَمِلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ الصَّلَاةَ بِتَمَامِهَا فَيُكْتَفَى بِهَا فِي رَكْعَةٍ كَقَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ فِي الْأَكْثَرِ لَمْ يَأْخُذْ بِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَوَجْهُهُ عَلَى ضَعْفِهِ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ فِي الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَيْ وَعَلَى أَحَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 بَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَلَافِيهَا وَتَلَافَاهَا صَحَّتْ وَإِنْ لَمْ يَتَلَافَاهَا أَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ كُلُّهَا وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَعَ طُولِهِ ضَعِيفٌ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ وَبَنَى إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ أَوْ الْجُلِّ أَيْ وَتُسَنُّ فِي الْأَقَلِّ لَكِنْ لَا كَحُكْمِ السُّنَنِ فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا. وَقَالَ التَّتَّائِيُّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْجُلِّ أَنَّ الْمَتْرُوكَ مِنْهَا الْقِرَاءَةُ ثُلَاثِيَّةٌ أَوْ رُبَاعِيَّةٌ وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ أَوْ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حَكَى فِي تَوْضِيحِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ أَشْهُرُهُمَا يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَثَانِيهِمَا لِأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُلْغِي مَا تَرَكَ مِنْهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ احْتِيَاطًا اهـ. (ص) وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ (ش) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ الْجُلِّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَيْ وَإِنْ تَرَكَ مِنْ الْفَاتِحَةِ آيَةً سَهْوًا وَلَمْ يُمْكِنْ التَّلَافِي بِأَنْ رَكَعَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهَا تَلَافَى، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةً فِي الْأَقَلِّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ لَكِنَّهَا سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا وَجُزْءُ السُّنَّةِ سُنَّةٌ. (ص) وَرُكُوعٌ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ (ش) سَابِعُهَا الرُّكُوعُ وَهُوَ لُغَةً انْحِنَاءُ الظَّهْرِ، وَأَمَّا شَرْعًا فَأَقَلُّهُ الَّذِي لَا يُسَمَّى رُكُوعًا إلَّا بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ انْحِنَاءٌ مَعَ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى آخِرِ فَخِذَيْهِ بِحَيْثُ تَقْرُبُ بَطْنَا كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَلَوْ قَصَّرَتَا لَمْ يَزِدْ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا وَضَعَ الْأُخْرَى عَلَى رَكِبَتْهَا قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَقَوْلُهُ رَاحَتَاهُ   [حاشية العدوي] الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ وَالتَّفْصِيلُ) صَدَقَ الشَّارِحُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ وَذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُعَيِّنُ تَقْدِيرَ أَحَدِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ يَسْجُدُ فِي الْعَمْدِ تَرَكَهَا كُلَّهَا فِي رَكْعَةٍ أَوْ بَعْضَهَا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ بَعْضِهَا عَمْدًا قَطْعًا. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ لَكِنَّهُ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي لِهَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا) أَنَّهُ يُلْغِي تَحْرِيرَ الْقَوْلِ بِالسُّجُودِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِإِلْغَاءِ مَا سَقَطَتْ فِيهِ الْفَاتِحَةُ مِنْ الرَّكَعَاتِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا مِنْ أَوَّلِ الرُّبَاعِيَّةِ وَثَانِيَتِهَا يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ تَرَكَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ الْمُغِيرَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عج. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى كَلَامِ تت لِبَيَانِ أَنَّهُ نَاقِصٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ آيَةً) أَيْ أَوْ بَعْضَ آيَةٍ وَيَصْدُقُ الْمُؤَلِّفُ بِمَا إذَا تَرَكَهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مُرَاعَاةُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بَلْ قَالَ عج وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ تَرَكَ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا وَلَوْ فِي جُلِّ صَلَاتِهِ لَطَابَقَ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ مَنْ تَرَكَهَا فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ يَسْجُدُ وَمَا رَجَّحَهُ الْفَاكِهَانِيُّ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ مَنْ تَرَكَهَا فِي جُلِّ صَلَاتِهِ يَسْجُدُ، وَرَجَّحَ ابْنُ رَاشِدٍ الْبُطْلَانَ فِيمَا شَهَّرَ فِيهِ التَّوْضِيحُ السُّجُودَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: تَرْكُ بَعْضِهَا تَرْكُ كُلِّهَا إمَّا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَالتَّرْكُ سَهْوًا فِيهِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ مُطْلَقًا تَرْكُ بَعْضِهَا أَوْ كُلِّهَا فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ كَمَا شَهَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَوْ ثَلَاثٍ كَمَا فِي الْفَاكِهَانِيِّ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ، الثَّالِثَةُ: تَرْكُهَا كُلِّهَا عَمْدًا فِي رَكْعَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ هَلْ تَبْطُلُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ أَوْ لَا؟ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَبْطُلُ قَطْعًا، الرَّابِعَةُ: تَرْكُ بَعْضِهَا عَمْدًا فَالْقَوْلَانِ عَلَى الْجُلِّ وَالْبُطْلَانُ عَلَى الْكُلِّ هَكَذَا يَنْبَغِي فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهَا عَمْدًا كَتَرْكِ كُلِّهَا عَمْدًا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ عَلَى الْجُلِّ وَيَتَّفِقُ الْبُطْلَانُ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْكُلِّ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَنُفِيدُك أَنَّ عج فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعَادَةِ احْتِيَاطًا اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَرَدَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْمِلُ صَلَاتَهُ وَيُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا فَأَمَرَ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيُعِيدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وَجَبَتْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي كُلِّ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا سَهْوًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي تَرْكِ الْفَاتِحَةِ سَهْوًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ تت. (قَوْلُهُ فَأَقَلُّهُ الَّذِي لَا يُسَمَّى رُكُوعًا إلَّا بِهِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ وَاجِبٌ وَأَنَّهُ لَوْ سَدَلَهُمَا مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ لَبَطَلَتْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الزُّغْبِيِّ وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ وَابْنُ نَاجِي اسْتِحْبَابَ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فَلَوْ سَدَلَهُمَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَأَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ تَقْرُبُ أَيْ إنْ لَوْ وُضِعَتَا. (قَوْلُهُ بِحَيْثُ تَقْرُبُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِقْدَارُ الْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَمْ لَا. وَهَا هُنَا مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا أَحْرَمَ الْمَسْبُوقُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْحَنِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَكِنْ يَخِرُّ سَاجِدًا وَلَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَلَا يُقَالُ: هُوَ قَاضٍ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُعَدُّ قَاضِيًا إذَا كَانَ مَا يَفْعَلُهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ كَذَا أَفَادَهُ ك. (قَوْلُهُ تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ) نَظَرًا لِمَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلَا يُنَكِّسُهُ وَأَحْسَنُهُ اعْتِدَالُ ظَهْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وَالْجَمْعُ رَاحٍ بِلَا تَاءٍ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ لَمْ يَكُنْ رُكُوعًا وَإِنَّمَا هُوَ إيمَاءٌ وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ خِلَافُ الْأُولَى وَأَكْمَلَهُ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا وَبَيْنَهُمَا كَيْفِيَّةٌ فَوْقَ الْأُولَى وَدُونَ الثَّانِيَةِ وَهِيَ وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَيْفِيَّةُ رُكُوعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَحْمُولَةٌ عِنْدَنَا عَلَى الْكَمَالِ وَرَفْعُ الْعِجْزَةِ سُنَّةٌ. (ص) وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا وَنَصْبُهُمَا (ش) أَيْ وَنُدِبَ تَمْكِينُ رَاحَتَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَنَصْبُ رُكْبَتَيْهِ أَيْ اسْتِوَاؤُهُمَا مُعْتَدِلَتَيْنِ فَلَا يُبْرِزُهُمَا إلَّا قَدْرَ مَا يُمْكِنُ وَضْعُ كَفَّيْهِ عَلَيْهِمَا وَلَا يُذَبِّحْ بِرَأْسِهِ وَلَا يَرْفَعْهُ وَالذَّبْحُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ تَنْكِيسُ الرَّأْسِ وَرَفْعُ الْعِجْزَةِ بَلْ يَجْعَلُ الظَّهْرَ مُسْتَوِيًا. (ص) وَرَفْعٌ مِنْهُ (ش) ثَامِنُهَا الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ عَلَى الْمَشْهُورِ ابْنُ عَرَفَةَ فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ وَيَرْجِعُ مَحْدُودِيًّا فِي السَّهْوِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا الْمَأْمُومَ فَيَحْمِلُهُ الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مَحْدُودِيًّا وَرَجَعَ قَائِمًا أَعَادَ صَلَاتَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. (ص) وَسُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ (ش) تَاسِعُهَا السُّجُودُ وَهُوَ لُغَةً الِانْخِفَاضُ إلَى الْأَرْضِ سَجَدَتْ النَّخْلَةُ مَالَتْ وَأَمَّا شَرْعًا فَأَقَلُّهُ الْوَاجِبُ لُصُوقٌ بِالْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ سُطُوحِ غُرْفَةٍ أَوْ سَرِيرِ خَشَبٍ أَوْ شَرِيطٍ لِلْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنْ النُّزُولِ إلَى الْأَرْضِ كَائِنًا ذَلِكَ اللُّصُوقُ عَلَى أَدْنَى جُزْءِ جَبْهَتِهِ وَهِيَ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ، وَيُسْتَحَبُّ إلْصَاقُهَا عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ بِحَيْثُ تَسْتَقِرُّ مُنْبَسِطَةً وَكَرِهَ مَالِكٌ شَدَّ الْجَبْهَةِ بِالْأَرْضِ وَأَنْكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَلَى مَنْ ظَهَرَ أَثَرُهُ فِيهَا. (ص) وَأَعَادَ لِتَرْكِ أَنْفِهِ بِوَقْتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْجَبْهَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ وَاجِبٌ خَفِيفٌ فَإِنْ قُلْت لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يُطْلَبْ مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ بِالسُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ بَلْ طُلِبَ بِالْإِيمَاءِ وَجَرَى فِي صَلَاتِهِ نِزَاعٌ حَيْثُ سَجَدَ عَلَى الْأَنْفِ كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّ السُّجُودَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ قُلْت؛ لِأَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ إنَّمَا هُوَ مَطْلُوبٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْجَبْهَةِ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِيمَاءِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ مُسْتَحَبٌّ وَالْإِعَادَةُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِتَرْكِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَلَوْ تَرَكَ السُّجُودَ عَلَيْهِ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ. (ص) وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ كَيَدَيْهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ) أَيْ جَمْعُ الْمُفْرَدِ وَهُوَ رَاحَةٌ لَا جَمْعُ الْمُثَنَّى كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْكَمَالِ) أَيْ فَقَدْ وَرَدَ فِي كَيْفِيَّةِ رُكُوعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ إذَا رَكَعَ وَطَّأَ ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ كُوزٌ مِنْ مَاءٍ لَمْ يَهْرَقْ مِنْهُ شَيْءٌ» تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مُعْتَدِلَتَيْنِ) حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ اسْتِوَاؤُهُمَا مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُبْرِزُهُمَا) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ فَرْحُونٍ قَدْ قَالَ يُقِيمُهُمَا مُعْتَدِلَتَيْنِ أَيْ بِدُونِ إبْرَازٍ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ يُبْرِزُهُمَا قَلِيلًا مُسْتَوِيَتَيْنِ لِيُمْكِنَ وَضْعُ كَفَّيْهِ عَلَيْهِمَا وَضَعَّفَ كَلَامَ الْبِسَاطِيِّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُ تَفْرِيعَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَالذَّبْحُ) الْمُنَاسِبُ التَّدْبِيحُ فِي الْمُخْتَارِ دَبَّحَ الرَّجُلُ تَدْبِيحًا إذَا بَسَطَ ظَهْرَهُ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ فَيَكُونُ رَأْسُهُ أَشَدَّ انْخِفَاضًا مِنْ أَلْيَتِهِ اهـ. فَيُقْرَأُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ لَا غَيْرُ فَانْظُرْ كَلَامَ الشَّارِحِ مَعَ هَذَا. (قَوْلُهُ تَنْكِيسُ الرَّأْسِ وَرَفْعُ الْعِجْزَةِ) أَيْ فَمَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الذَّبْحُ. (قَوْلُهُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ) الصَّوَابُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ بِالْمُهْمَلَةِ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ أَعَادَ صَلَاتَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ عَمْدًا وَإِلَّا أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ مِنْ سُطُوحِ غُرْفَةٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِسُطُوحِ الْغُرْفَةِ الْجَوَاهِرُ الْفَرْدَةُ الْمَضْمُومَةُ بَعْضُهَا بِلَصْقِ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ سَرِيرٍ أَيْ سُطُوحِ سَرِيرٍ، ثُمَّ أَقُولُ وَمُفَادُهُ أَنْ يَكُونَ مَا تَمَاسُّهُ الْجَبْهَةُ مِنْ سَطْحِ مَحَلِّ الْمُصَلِّي إلَخْ فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ مَسَّ الْأَرْضَ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ سَطْحِ مَحَلِّ الْمُصَلِّي كَالسَّرِيرِ بِالْجَبْهَةِ فَإِذَنْ لَا يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى كُرْسِيٍّ أَوْ حَجَرٍ حَفَرَ لَهُ فِي الْأَرْضِ حُفْرَةً وَوَضَعَهُ فِيهَا بِحَيْثُ صَارَ مُسَاوِيًا لِلْأَرْضِ، وَأَوْلَى لَوْ كَانَ مُرْتَفِعًا وَلَا عَلَى مِفْتَاحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْتَزَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ شَارِحُ تَعَارِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّارِحَ قَالَ وَفِي ذَلِكَ بَحْثٌ وَذَكَرَ عب فِي شَرْحِهِ أَنَّ تَعْرِيفَ ابْنِ عَرَفَةَ يُجْعَلُ تَعْرِيفًا لِلْمَاهِيَّةِ الْكَامِلَةِ، وَذَكَرَ شب أَنَّهُ لَوْ حَذَفَ سَطْحَ لَكَانَ أَوْلَى فَمُفَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى مَا ذُكِرَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَعْرِيفَ شَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ فِيهِ: وَأَقَلُّهُ الْوَاجِبُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ وَتَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يُجْعَلْ تَعْرِيفًا لِلْمَاهِيَّةِ الْكَامِلَةِ فَإِذَا جُعِلَ تَعْرِيفًا لِلْمَاهِيَّةِ الْكَامِلَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فَيُفِيدُ الصِّحَّةَ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ شب لَوْ حَذَفَ سَطْحَ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ شَرِيطٍ لِلْمَرِيضِ) أَيْ لَا لِلصَّحِيحِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ أَيْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَرِيضَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى الْأَرْضِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ صَلَاةُ الصَّحِيحِ أَوْ الْمَرِيضِ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى الشَّرِيطِ بَاطِلَةً وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مُسَلَّمٌ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ عَلَى أَدْنَى جُزْءِ جَبْهَتِهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَمْكِينُ جَمِيعِهَا فَبَعْضُهَا يَكْفِي. (قَوْلُهُ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ) فَلَوْ سَجَدَ عَلَى مَا فَوْقَ الْحَاجِبِ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ إلَى النَّاصِيَةِ) هِيَ شَعْرُ مُقَدِّمِ الرَّأْسِ. . (قَوْلُهُ وَأَعَادَ لِتَرْكِ أَنْفِهِ بِوَقْتٍ) ظَاهِرُهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِي وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ جَرَى خِلَافٌ فِي تَارِكِ السُّنَّةِ عَمْدًا فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ كَتَارِكِ السُّنَّةِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِشْكَالَ لَا يَدْفَعُ الْأَنْقَالَ أَيْ وَظَاهِرُ النَّقْلِ أَنَّ فِيهِ السُّجُودَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ بَعْضٌ) وَهُوَ عج أَيْ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ. (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاخْتِيَارِيُّ فِي الْعَصْرِ وَإِلَى الِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرِ وَالْفَجْرُ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَالطُّلُوعُ فِي الصُّبْحِ. (قَوْلُهُ وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ سُنَّةٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ كَذَا نَظَرَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا ذَكَرَ سُنَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ السُّنَنِ غَيْرِ الْخَفِيفَةِ وَيَنْبَغِي فِي تَرْكِ أَحَدِ أَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ إحْدَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ السُّجُودُ عَلَى أَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ بِأَنْ يُبَاشِرَ بِأَصَابِعِهِمَا الْأَرْضَ وَيَجْعَلَ كَعْبَيْهِ أَعْلَى وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ السُّجُودِ عَلَى ظُهُورِهِمَا وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، كَمَا يُسَنُّ السُّجُودُ عَلَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْأَوَّلَيْنِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ الَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ سُنَّةٌ اهـ. وَفِي الثَّالِثِ لِقَوْلِ سَنَدٍ الْأَصَحُّ إعَادَةُ مَنْ تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى يَدَيْهِ اهـ. أَيْ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يُعَادُ لِتَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ الْفَرَائِضِ إنَّمَا هُوَ السُّنَنُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. (ص) وَرَفْعٌ مِنْهُ (ش) عَاشِرُهَا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا تُتَصَوَّرُ سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَصْلِ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَا اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ فَرْضِيَّةَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ رَأَى أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا هُوَ الِاعْتِدَالُ مِنْ رَفْعِ السُّجُودِ فَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ بِذِكْرِ الِاعْتِدَالِ فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ. (ص) وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ (ش) حَادِي عَشَرَتِهَا الْجُلُوسُ لِأَجْلِ إيقَاعِ السَّلَامِ فَالْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ الْجُلُوسِ الَّذِي يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ فَرْضٌ وَمَا قَبْلَهُ سُنَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ إيقَاعُ فَرْضٍ فِي سُنَّةٍ بَلْ فِي فَرْضٍ فَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَدَلَ جَالِسًا وَسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ الْجُلُوسُ هُوَ الْوَاجِبُ وَفَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَلَوْ جَلَسَ ثُمَّ تَشَهَّدَ كَانَ آتِيًا بِالْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ. (ص) وَسَلَامٌ عُرِّفَ بِأَلْ (ش) ثَانِي عَشَرَتِهَا السَّلَامُ الْمُعَرَّفُ بِأَلْ لَا بِالْإِضَافَةِ كَسَلَامِي أَوْ سَلَامِ اللَّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ لِلْقَادِرِ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَضْدَادِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا؛ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ مَصْحُوبٍ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَلَا بُدَّ فِي السَّلَامِ أَنْ يَكُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ   [حاشية العدوي] الرُّكْبَتَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ عَدَمُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ بَعْضُ سُنَّةٍ. (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي رُجُوعٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ قَاعِدَتِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَصَّارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَجْمُوعَ السُّجُودِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ سُنَّةٌ لَا كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقَعُ فِي الذِّهْنِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ سُنَّةٌ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ سَنَدُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ فَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ عِرَاقِيٌّ وَعِنْدَهُمْ السُّنَّةُ وَالْمُسْتَحَبُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْمَغَارِبَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ سَلَكَ طَرِيقَتَهُمْ. (قَوْلُهُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ السُّجُودَ عَلَى الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِفَرْضٍ مُطْلَقًا وَقَدْ حَكَمَ بِأَنَّ فِي تَرْكِ السُّجُودِ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَيْ فِي الْوَقْتِ وَلَا إعَادَةَ فِي الْمُسْتَحَبِّ فَلْيَكُنْ السُّجُودُ عَلَى ذَلِكَ سُنَّةً عَلَى الْأَصَحِّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إنَّ عِبَارَةَ سَنَدٍ الْأَصَحُّ عَدَمُ الْإِعَادَةِ أَيْ فَلَا تَكُونُ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً بَلْ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ لِلْفَرْضِ السُّنَّةُ. (ثُمَّ أَقُولُ) سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ تَصِحُّ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يَقُولُوا بِالْإِعَادَةِ أَصْلًا فَذِكْرُ الْإِعَادَةِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ وَرَفْعٌ مِنْهُ) قَالَ عب وَفِي إجْزَاءِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ الرَّفْعِ الْفَرْضِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ اهـ. أَيْ إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَدَّ ذَلِكَ، وَقَالَ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. (قَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهُ سُنَّةٌ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ عَقِبَ التَّشَهُّدِ أَوْ عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ سَلَّمَ بَعْدَ أَنَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا فَمَا قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ الْجُلُوسِ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) فَلَا يَجْزِي مَا نُوِّنَ سَوَاءٌ مَعَ التَّعْرِيفِ أَوْ بِدُونِهِ وَبَعْضُهُمْ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ وَعَلَّلَ الْفَاكِهَانِيُّ الْبُطْلَانَ بِلَحْنِهِ قَالَ تت وَيَنْبَغِي إجْرَاؤُهُ عَلَى اللَّحَّانِ اهـ. وَمِثْلُ أَلْ أَمْ فِي لُغَةِ حِمْيَرَ وَلَوْ قَدَّمَ عَلَيْكُمْ لَمْ يَجْزِهِ كَمَا إذَا أَسْقَطَ الْمِيمَ مِنْ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ لِلْقَادِرِ) أَيْ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَضْدَادِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا حَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَأَنْكَرَ نِسْبَتَهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ مَصْحُوبٍ) تَوْجِيهٌ لِلْإِتْيَانِ بِالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ وَأَرَادَ جِنْسَ الْمَصْحُوبِ الْمُتَحَقِّقِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَالْمُرَادُ مَصْحُوبٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ تت حَيْثُ قَالَ: إذًا لَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ مَصْحُوبٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ الَّذِينَ لَا يُفَارِقُونَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيَدْخُلُ فِي خِطَابِهِ الْمَلَائِكَةُ أَيْ الْحَفَظَةُ وَمَنْ صَلَّى مَعَهُ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى مَعَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ» . (ثُمَّ أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُشْتَرَطَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَطْ لَا مِنْ حَيْثُ السَّلَامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَلَا عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَحَكَى الزَّنَاتِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ بِحَسَبِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ مِنْ إفْرَادٍ وَتَثْنِيَةٍ وَجَمْعٍ وَتَذْكِيرٍ وَتَأْنِيثٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ لَمْ تَضُرَّهُ) أَيْ لَمْ تَضُرَّهُ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَحْرُمْ وَبَعْدُ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 بِبَعْضِهِ وَكَانَ لَهُ مَعْنًى لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الصَّلَاةِ أَتَى بِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. (ص) وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ لِتَمَيُّزِهِ عَنْ جِنْسِهِ كَافْتِقَارِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَيْهَا لِتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَلَوْ سَلَّمَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يَجْزِهِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لِانْسِحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ: الْمَشْهُورُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى الِاشْتِرَاطِ يَنْوِي الْإِمَامُ بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَأْمُومُ يَنْوِي بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ وَالْفَذُّ يَنْوِي بِهِ التَّحْلِيلَ وَالْمَلَائِكَةَ وَعَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِلَا نِزَاعٍ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّكْبِيرَ لَمَّا وُجِدَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ بِذَاتِهِ كَافِيًا بِخِلَافِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ فِي الصَّلَاةِ إلَّا فِي هَذَا الْمَحَلِّ صَارِدًا لَا بِذَاتِهِ عَلَى التَّحَلُّلِ (ص) وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمِهِ الرَّدُّ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْك السَّلَامُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ تَسْلِيمَةً غَيْرَ التَّحْلِيلِ كَالتَّحْلِيلِ فَلَوْ وَقَعَتْ تَسْلِيمَةُ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ عَلَى مَنْ بِالْيَسَارِ بِقَوْلِهِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْك أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَتَجْزِي. (ص) وَطُمَأْنِينَةٌ (ش) ثَالِثُ عَشَرَتِهَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهِيَ اسْتِقْرَارُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا مَا زِيَادَةً عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَاجِبُ مِنْ اعْتِدَالٍ وَانْحِنَاءٍ، وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ فَبِأَنْ لَا يَكُونَ مُنْحَنِيًا فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ. (ص) وَتَرْتِيبُ أَدَاءً (ش) رَابِعُ عَشَرَتِهَا تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ لِأَقْوَالِهَا وَأَفْعَالِهَا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْقِرَاءَةَ عَلَى الرُّكُوعِ وَهُوَ عَلَى السُّجُودِ وَالْمُرَادُ تَرْتِيبُ الْفَرَائِضِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ فُرِّعَ فِي لُزُومِ تَرْتِيبِ الْفَاتِحَةِ مَعَ السُّورَةِ قَوْلَانِ فَلَوْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَعَادَ، وَلَوْ فَاتَ مَحَلُّ التَّلَافِي فَكَإِسْقَاطِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ التَّرْتِيبِ اهـ. مِنْ شَرْحِ الْوَغْلِيسِيَّةِ. (ص) وَاعْتِدَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ (ش) خَامِسُ عَشَرَتِهَا الِاعْتِدَالُ فِي فَصْلِ الْأَرْكَانِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِ فَرْضِيَّةِ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ سُنَّةٌ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى سَجَدَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَلَا يُعِيدُ وَلَمْ يَجْمَعْ الِاعْتِدَالَ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ لِيَرْجِعَ الْأَصَحُّ لَهُمَا خَشْيَةَ رُجُوعِ قَوْلِهِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ لَهُمَا أَيْضًا وَعَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ فَإِنْ سَهَا عَنْهُ سَجَدَ لِسَهْوِهِ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ. (ص) وَسُنَنُهَا سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (ش) لَمَّا انْقَضَى كَلَامُهُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَكَانَ مِنْهَا مَا يَعُمُّ الْفَرْضَ وَغَيْرَهُ وَمَا يَخُصُّهُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْقِيَامِ وَكَانَتْ السُّنَنُ كَذَلِكَ شَرَعَ فِيهَا الْآنَ وَالْمَعْنَى أَنَّ قِرَاءَةَ شَيْءٍ مَا وَلَوْ آيَةً بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ الْوَقْتِيِّ الْمُتَّسِعِ وَقْتُهُ سُنَّةٌ وَإِكْمَالَ السُّورَةِ مُسْتَحَبٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ إذَا   [حاشية العدوي] فَلَوْ أَتَى بِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ فَذَكَرَ عج فِي تَقْرِيرِهِ الْبُطْلَانَ وَتَقَدَّمَ عَنْهُ نَظِيرُهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِبَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ مَعْنًى لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ إلَخْ) كَالسَّلَامِ أَوْ سَلَامٍ. (قَوْلُهُ عَنْ جِنْسِهِ) أَيْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِهِ كَالسَّلَامِ الْوَاقِعِ تَحِيَّةً. (قَوْلُهُ لِانْسِحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى) فِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى نِيَّةُ مَدْخَلِهِ وَلَا يُنَاسِبُ السَّلَامَ الَّذِي بِهِ الْخُرُوجُ إلَّا نِيَّةٌ مُخْرِجَةٌ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَالْمَلَائِكَةِ) الْحَفَظَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ وَالسَّلَامَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانُوا عَلَى يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ وَلَمْ يَقُلْ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ الَّذِينَ عَلَى يَمِينِهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ) أَيْ عَلَى الْإِمَامِ أَيْ وَبِالثَّالِثَةِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ نِيَّتَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْمَأْمُومِينَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ اللَّفْظِ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) أَخَذَهُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَجْزَأَ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ) مُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ فَضِيلَةٌ. (قَوْلُهُ وَتَرْتِيبُ أَدَاءً) أَيْ مُؤَدًّى وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ إلَخْ) ثُمَّ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ أَعَادَ) أَيْ السُّورَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَاتَ مَحَلُّ التَّلَافِي) أَيْ بِأَنْ انْحَنَى (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ التَّرْتِيبِ) أَيْ لَا تَصِحُّ سُنَّةُ السُّورَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَأَعَادَ مَعَ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ فِي فَصْلِ الْأَرْكَانِ) أَيْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تت فَهِيَ فَاصِلَةٌ مَثَلًا بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (قَوْلُهُ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا) الْمُنَاسِبُ جَالِسًا بَدَلَ قَوْلِهِ سَاجِدًا (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ) هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَطَّابِ إلَّا أَنَّ فِي شَرْحِ شب أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ سُورَةٌ) لَا اثْنَتَيْنِ أَوْ سُورَةٌ وَبَعْضُ أُخْرَى فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالسُّنَّةُ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَالْكَرَاهَةُ تَعَلَّقَتْ بِالثَّانِيَةِ وَجَوَّزَهُ الْبَاجِيُّ وَالْمَازِرِيُّ فِي النَّافِلَةِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ تَكْرِيرَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي رَكْعَةٍ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ إنْ كَانَ يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا قَرَأَهَا بِدُونِ فَاتِحَةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ لَا سُنَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ آيَةً) أَيْ وَلَوْ قَصِيرَةً كَمُدْهَامَّتَانِ وَأَفَادَ أَنَّ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ آيَةٍ لَا يَكْفِي إلَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ طَوِيلَةً كَآيَةِ الدَّيْنِ فَيَكْفِي بَعْضُهَا الَّذِي لَهُ بَالٌ وَلَوْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ فَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَرَاهَةَ تَكْرَارِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَتَجْزِي وَانْظُرْ هَلْ يَجْزِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِكْمَالُ السُّورَةِ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ وَتَرْكُ إكْمَالِهَا مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّمَا لَمْ يَسْجُدْ لِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 قَرَأَ وَلَوْ آيَةً وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ مَا عَدَاهُ فَإِنَّ قِرَاءَةَ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ مُسْتَحَبٌّ وَبِالْوَقْتِيِّ مَا لَا وَقْتَ لَهُ كَالْجِنَازَةِ فَلَا فَاتِحَةَ فِيهَا فَضْلًا عَنْ السُّورَةِ وَبِالْمُتَّسِعِ وَقْتُهُ مَا لَا يَتَّسِعُ وَقْتُهُ فَلَا سُورَةَ فِيهِ خَشْيَةَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَقَوْلُهُ سُورَةٌ فِيهِ تَجُوزُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ السُّنَّةَ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَلَوْ آيَةً. (ص) وَقِيَامٌ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِيَامَ لِلسُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُنَّةٌ لَا لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ فَهُوَ كَذَلِكَ فَيَرْكَعُ مَنْ عَجَزَ عَنْ السُّورَةِ إثْرَ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَقُومُ قَدْرَهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْقِيَامِ لِلسُّورَةِ سُنَّةً أَنَّهُ لَوْ اسْتَنَدَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهَا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقِيَامَ لَهَا وَاجِبٌ فَلَوْ اسْتَنَدَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذَا. (ص) وَجَهْرٌ أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَسِرٌّ بِمَحَلِّهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ الْجَهْرُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ كَأُولَتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، وَالسِّرُّ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَخِيرَتَيْ الْعِشَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى السِّرِّ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ لَمْ يَجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قِرَاءَةً بِدَلِيلِ جَوَازِهَا لِلْجُنُبِ وَأَعْلَاهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَقَطْ وَأَدْنَى الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَأَعْلَاهُ لَا حَدَّ لَهُ وَالْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ فِي الْجَهْرِ بِأَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا فَقَطْ فَيَكُونُ أَعْلَى جَهْرِهَا وَأَدْنَاهُ وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا يَسْتَوِي فِي حَقِّهَا السِّرُّ وَالْجَهْرُ أَيْ مَعَ سِرِّ الرَّجُلِ إذْ أَعْلَاهُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَرُبَّمَا كَانَ فِتْنَةً، وَلِذَلِكَ لَا تُؤَذِّنُ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّ مَطْلُوبِيَّةِ الْجَهْرِ إنْ كَانَ وَحْدَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ مُصَلٍّ آخَرُ فَحُكْمُهُ فِي جَهْرِهِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيُبَالِغُ فِي رَفْعِ صَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ. (ص) وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ إلَّا الْإِحْرَامَ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مِنْ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهَا فَرْضٌ كَمَا مَرَّ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْكُلُّ الْجَمِيعِيُّ أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ التَّكْبِيرِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ الْأَبْهَرِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ قَوْلُهُ إلَّا الْإِحْرَامَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْجَمِيعِ لَا مِنْ الْمَجْمُوعِ فَحَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُتَعَيِّنٌ. (ص) وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ (ش) أَيْ وَكُلُّ لَفْظٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عِنْدَ رَفْعِ الرُّكُوعِ لِإِمَامٍ وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا وَفَذٍّ وَيَزِيدُ اسْتِحْبَابًا رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْحَثُّ عَلَى التَّحْمِيدِ فَجَاوَبَ الْإِمَامَ مَأْمُومُهُ وَلَا مُجَاوِبَ لِلْفَذِّ فَجَاوَبَ نَفْسَهُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَأْمُومِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ فَمُسْتَحَبٌّ كَمَا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ «أَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ تَفُتْهُ صَلَاةٌ خَلْفَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ يَوْمًا   [حاشية العدوي] خَفِيفَةٌ وَكُرِهَ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي ثَالِثَةِ ثُلَاثِيَّةٍ وَأَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَا سُورَةَ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ قِرَاءَةُ سُورَةٍ فِيهِ وَلَا يُكْرَهُ تَخْصِيصُ صَلَاتِهِ بِسُورَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي كَلَامِ بَعْضٍ مَا يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا لِابْنِ عَرَفَةَ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ فِي قِرَاءَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ فِيهَا وَقَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَنَدَ تَفْرِيعٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ لَا أَنَّهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ) وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَهْرَ جَمِيعَهُ فِي مَحَلِّهِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا السِّرُّ وَعَلَيْهِ حَلَّ الْمَوَّاقُ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُنَّةٌ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ الْجَهْرِ أَوْ السِّرِّ فِي رَكْعَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ بَعْضِ سُنَّةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَرْكَ الْبَعْضِ الَّذِي لَهُ بَالٌ كَتَرْكِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ) هَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ أَعْلَى السِّرِّ هُوَ أَقْوَاهُ أَيْ غَايَتُهُ وَهُوَ أَنْ يُبَالِغَ فِيهِ جِدًّا وَأَدْنَاهُ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ) أَيْ بِأَنْ قَرَأَ بِقَلْبِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ سِرِّ الرَّجُلِ) حَاصِلُهُ إفَادَةُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: سِرُّهَا أَيْ أَعْلَى سِرِّهَا وَجَهْرِهَا، الثَّانِي: سِرُّ الرَّجُلِ إذَا أَعْلَاهُ. فَقَوْلُهُ مَعَ سِرِّ الرَّجُلِ مَعْنَاهُ إذَا أَعْلَاهُ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَانْظُرْ مَا الْحَامِلُ عَلَى هَذَا فَكَانَ يَكْتَفِي بِمُلَاحَظَةِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ أَعْلَى سِرِّهَا وَجَهْرِهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَشَيْخُنَا الصَّغِيرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَنَصُّ النَّاصِرِ رَفْعُ صَوْتِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُخْشَى التَّلَذُّذُ بِسَمَاعِهِ لَا يَجُوزُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا فِي الْجِنَازَةِ وَلَا فِي الْأَعْرَاسِ سَوَاءٌ كَانَ زَغَارِيتَ أَمْ لَا وَرُؤْيَةُ مَنْ يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ حَرَامٌ، وَأَمَّا الْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُ أَصْوَاتِهِنَّ وَأَمَّا مُصَافَحَةُ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ فَلَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ فَحَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُتَعَيِّنٌ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ وَلِذَا أَمَرَ بِالسُّجُودِ فِي الِاثْنَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ مَجْمُوعُ التَّكْبِيرِ هُوَ السُّنَّةُ لَمْ تَأْمُرْهُ بِالسُّجُودِ وَقَوْلُهُ مُتَعَيِّنٌ قَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ. (قَوْلُهُ وَكُلُّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَكْبِيرَةٍ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ تَسْمِيعَةٍ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُقَابِلِ وَهُوَ أَنَّ الْمَجْمُوعَ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْحَثُّ عَلَى التَّحْمِيدِ) أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّرْغِيبُ فِي التَّحْمِيدِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ يَحُضُّ نَفْسَهُ عَلَى الْحَمْدِ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ وَمَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ إنْ كَانَ إمَامًا وَإِلَيْهِ مَالَ الْحُذَّاقُ. كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ إنَّ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ سَمِعَ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ فَتَكُونُ اللَّامُ زَائِدَةً وَهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ بِمُرَادٍ قَطْعًا فَلْيَكُنْ الْمُرَادُ مِنْ السَّمَاعِ الِاسْتِجَابَةَ مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ السَّبَبِ فِي الْمُسَبِّبِ أَيْ: إنَّ اللَّهَ اسْتَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ؛ لِأَنَّ الْحَامِدَ طَالِبٌ بِحَمْدِهِ الْمَزِيدَ مِنْ رَبِّهِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَعْنَى مَقْصُودَ الْإِخْبَارِ بِهِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةً لَفْظًا وَمَعْنًى، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ طَلَبَ التَّحْمِيدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَسَبَّبُ عَنْ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى اللَّهُمَّ اسْمَعْ لِمَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَظَنَّ أَنَّهَا فَاتَتْهُ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ وَهَرْوَلَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُكَبِّرًا فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَبَّرَ خَلْفَ الرَّسُولِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَالنَّبِيُّ فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُلْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَالَهَا عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَرْكَعُ بِالتَّكْبِيرِ وَيَرْفَعُ بِهِ» فَصَارَ سُنَّةً مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِبَرَكَةِ أَبِي بَكْرٍ. (ص) وَكُلُّ تَشَهُّدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ تَشَهُّدٍ سُنَّةٌ عَلَى مَا شَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْ عُمَرَ أَمْ بِغَيْرِهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ، وَسَوَاءٌ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَمَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسَائِلَ اجْتِمَاعِ الْقَضَاءِ وَالْبِنَاءِ فَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِقُصُورِهِ. (ص) وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُلُوسَ جَمِيعَهُ سُنَّةٌ إلَّا قَدْرَ مَا يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ مِنْ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ إذْ السَّلَامُ فَرْضٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ وَلَيْسَ مَحَلُّهُ إلَّا الْجُلُوسُ إجْمَاعًا وَمَا لَا يَتِمُّ الْفَرْضُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ مِنْ مَقْدُورِ الْمُكَلَّفِ فَهُوَ وَاجِبٌ (ص) وَعَلَى الطُّمَأْنِينَةِ (ش) أَيْ وَالزَّائِدُ عَلَى مِقْدَارِ الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ، وَانْظُرْ مَا قَدْرُ هَذَا الزَّائِدِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ وَهَلْ هُوَ مُسْتَوٍ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَفِي غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ كَالرَّفْعِ عَنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. (ص) وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ ثُمَّ يَسَارِهِ وَبِهِ أَحَدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَدَّ الْمَأْمُومِ بَعْدَ تَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ عَلَى إمَامِهِ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ يَخُصُّهُ بِهَا مُشِيرًا بِهَا إلَيْهِ بِقَلْبِهِ لَا بِرَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ إمَامَهُ، ثُمَّ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ إنْ كَانَ بِهِ أَحَدٌ سُنَّةٌ، وَفُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِنَا بِمُدْرِكٍ رَكْعَةً عَدَمُ رَدِّ مَنْ أَدْرَكَ دُونَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ إمَامٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ يُسَلِّمُ سَلَامَ الْفَذِّ قَالَهُ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً لَيْسَ بِإِمَامٍ لَهُ وَلِذَا لَا يَسْجُدُ بِسَهْوِهِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ تَسْلِيمُ الْمُقْتَدِي عَلَى إمَامِهِ رَدًّا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقْصِدُ بِسَلَامَةِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْمَلَائِكَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَسَلَامُهُمْ عَلَيْهِ رَدٌّ لِسَلَامِهِ عَلَيْهِمْ وَالْفَذُّ يَقْصِدُ الْخُرُوجَ وَالْمَلَائِكَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الرَّدُّ عَلَى الْإِمَامِ فَرْضًا كَالرَّدِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ سَلَامِ الْمُصَلِّي الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّحِيَّةُ تَبَعٌ وَلِذَا يُطْلَبُ الرَّدُّ مِنْ الْمَأْمُومِينَ عَلَى إمَامِهِمْ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا السَّلَامَ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ عَلَى إمَامِهِ سَوَاءٌ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ أَوْ انْصَرَفَ مِنْهُ عِنْدَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَسَارِهِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ أَيْ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى مَنْ فِي يَسَارِهِ أَوْ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَبِهِ أَحَدٌ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ كَوْنُهُ بِهِ أَيْ فِي يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي أَدْرَكَهُ هَذَا الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي صِفَةِ صَلَاته كَالصَّبِيِّ وَسَوَاءٌ بَقِيَ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] حَمِدَك أَيْ اسْتَجِبْ لَهُ. (قَوْلُهُ وَهَرْوَلَ) أَيْ بِلَا خَبَبٍ (قَوْلُهُ مُكَبِّرًا فِي الرُّكُوعِ) وَانْظُرْ هَلْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ قُلْت: الرَّفْعُ بِالتَّكْبِيرِ ذِكْرٌ أَيْضًا قُلْت؛ لِأَنَّهَا ذِكْرٌ وَحَثٌّ عَلَى التَّحْمِيدِ وَشُكْرٌ لَهُ يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ كَذَا فِي عب أَيْ بِخِلَافِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهَا حَثٌّ عَلَى التَّحْمِيدِ وَقَوْلُهُ وَشُكْرٌ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ ذِكْرٍ شُكْرٌ فَتَكُونُ مَزِيَّةُ التَّسْمِيعِ بِكَوْنِهِ حَثًّا عَلَى التَّحْمِيدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَكُلُّ تَشَهُّدٍ سُنَّةٌ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالتَّشَهُّدِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ تَشَهُّدٍ سُجُودُ السَّهْوِ ك (قَوْلُهُ عَلَى مَا شَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ) وَمُقَابِلُهُ وُجُوبُ الْأَخِيرِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ الْأَوَّلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ طَلَبُهُ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَنِسْيَانِهِ لَهُ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ فَلْيَقُمْ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَكَنِسْيَانِهِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَانْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ وَلَوْ تَحَوَّلَ فِيهِ يَسِيرًا. (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ) سُنَّةٌ تَاسِعَةٌ وَالزَّائِدُ سُنَّةٌ عَاشِرَةٌ. (قَوْلُهُ أَنَّ الْجُلُوسَ جَمِيعَهُ) أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ وَغَيْرِهِ سُنَّةٌ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ سُنَّةٌ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَالِاسْتِثْنَاءُ نَاظِرٌ لِلثَّانِي غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ شَامِلٌ لِجُلُوسِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلدُّعَاءِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ حُكْمَ الظَّرْفِ حُكْمُ الْمَظْرُوفِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْجُلُوسَ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْجُلُوسَ لِلدُّعَاءِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ وَلَهُ بَعْدَهُ مَكْرُوهٌ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ سُنَّةٌ إعْطَاءً لِلظَّرْفِ حُكْمَ الْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَخِيرِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِي الْأَخِيرَ فَيَشْمَلُ مَا فِيهِ تَشَهُّدَانِ وَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَحَلُّهُ إلَّا الْجُلُوسَ) أَيْ بِحَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الشَّرْعِ. (قَوْلُهُ وَمَا لَا يَتِمُّ الْفَرْضُ الْمُطْلَقُ إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْفَرْضِ الْمُقَيَّدِ وُجُوبُهُ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالزَّكَاةِ وُجُوبُهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ فَلَا يُخَاطَبُ بِحُصُولِهِ. (قَوْلُهُ كَالرَّفْعِ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ وَفِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي إلَخْ) فَلَوْ أَطَالَ فِيهِ جِدًّا وَأَفْرَطَ بِحَيْثُ يَعْتَقِدُ النَّاظِرُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَكِنْ مَا قَالَهُ فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ مَحْدُودٌ بِأَنْ لَا يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِفِعْلٍ بَعْدَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ كَذَا فِي عج. (قَوْلُهُ وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ) سُنَّةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَسَارِهِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ رَدُّهُ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ كَوْنُهُ بِهِ) أَيْ فِي يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَظَاهِرُهُ مُسَامَتَتُهُ لَهُ لَا تَقَدُّمُهُ أَوْ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا قَرُبَ مِنْهُ أَوْ بَعُدَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَرَجُلٍ يُصَلِّي أَوْ كُرْسِيٍّ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي إلَخْ) مُحْتَرَزُهُ مَا إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَهَلْ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ نَظَرًا لِاشْتِرَاكِهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الْأَحَدُ أَوْ انْصَرَفَ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ الرَّادُّ أَوْ لَا سَبَقَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَسَوَاءٌ سَبَقَ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ بِالسَّلَامِ أَوْ تَأَخَّرَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ سَلَامِهِ وَلَا يُطْلَبُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِتَسْلِيمِهِ رَدَّهُ فِي سَلَامِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِهِ أَحَدٌ مُطْلَقُ أَحَدٍ عَلَى يَسَارِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِ بِهِ بَقَاءَهُ إلَى حِينِ الرَّدِّ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ بَلْ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا وَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ حَتَّى ذَهَبَ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ فَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ يَتَضَمَّنُ دُعَاءً وَهُوَ تَحِيَّةٌ تَقَدَّمَتْ مِنْهُمْ يَجِبُ رَدُّهَا انْتَهَى وَمُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ التَّأَكُّدُ وَالِاهْتِمَامُ. (ص) وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ جَهْرُ الْمُصَلِّي إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ لِيُعْلَمَ بِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي بِهَا الرَّدَّ بِخِلَافِ السَّلَامِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ رَدٌّ فَلَا يَسْتَدْعِيهِ فَلَا يُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْفَذِّ قَالَ الْحَطَّابُ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ الْآنَ مَنْقُولًا فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَنْ الْجَهْرِ فِي تَسْلِيمِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمَأْمُومِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِجَهْرِهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَهْرُهَا أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ ظَاهِرُهُ تَسْوِيَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ انْتَهَى أَيْ: فِي الْعَوْدِ أَيْ عَوْدِ السَّلَامِ لَا فِي الْجَهْرِيَّةِ. (ص) وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَلَّمَ مِنْ إمَامٍ أَوْ فَذٍّ عَلَى الْيَسَارِ عَمْدًا قَاصِدًا التَّحْلِيلَ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ التَّيَامُنَ وَهُوَ فَضِيلَةٌ وَكَذَا لَوْ سَهَا الْمَأْمُومُ عَنْ الْأُولَى وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ بِالثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ عَنْ الْيَسَارِ لِلْفَضْلِ عَامِدًا وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ لِلْأُولَى أَوْ سَاهِيًا يَظُنُّ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرَى أَنَّ تَسْلِيمَةَ الْيَسَارِ فَضِيلَةٌ لَا تُخْرِجُ مِنْ الصَّلَاةِ فَطَالَ الْأَمْرُ قَبْلَ عَوْدِهِ لِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ بَطَلَتْ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمُقْتَضَى   [حاشية العدوي] فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى بِإِمَامٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُسَلِّمَ مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ إذَا سَلَّمَ وَعَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى سَلَّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ سَلَّمَ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ الْمُتَرَتِّبَ مَعَ الْأُولَى يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَذَا تَرَدَّدَ عج. (أَقُولُ) بَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا وَكَانَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ فَاتَتْ إنْسَانًا لِرُعَافٍ مَثَلًا أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَنْتَظِرَ بِتَسْلِيمِهِ رَدَّهُ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِإِضَافَةِ تَسْلِيمٍ إلَى الضَّمِيرِ وَقَوْلُهُ رَدَّهُ مَفْعُولُ يَنْتَظِرَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُ فِي وَرَدَّهُ وَيَقُولُ أَنْ يَنْتَظِرَ بِتَسْلِيمِهِ سَلَامَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الشَّارِحَ تَسَاهَلَ بِعَدَمِ كَتْبِ النُّقْطَتَيْنِ فَتَكُونُ تَسْلِيمَةٌ مُضَافَةً لِرَدِّهِ وَقَوْلُهُ فِي سَلَامِهِ لَفْظُ فِي زَائِدٌ وَسَلَامَهُ مَفْعُولُ يَنْتَظِرُ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحَالُ كَوْنُهُ بِهِ أَيْ فِي يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَ إلَخْ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُفَرَّعِ مُفَرَّعٌ فَأَمَّا الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فَقَدْ عَلِمْت فِيهِ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ وَأَمَّا هَذَا الْمَعْطُوفُ فَالْمُفَرَّعُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَا يَطْلُبُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ (قَوْلُهُ التَّأَكُّدُ وَالِاهْتِمَامُ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَةَ الرَّدِّ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ بَلْ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) وَأَمَّا الْجَهْرِيَّةُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ التَّكْبِيرِ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ السِّرُّ وَالْفَذُّ مِثْلُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ زَرُّوقٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ نُدِبَ الْجَهْرُ وَتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ حَيْثُ سُنَّ الْجَهْرُ أَنَّ الْأُولَى صَاحَبَتْهَا النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ جَزْمًا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ مَعَهَا خِلَافٌ وَأَيْضًا انْضَمَّ إلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَالتَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ لِيُعْلَمَ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي بِهَا الرَّدَّ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ) وَالْأَفْضَلُ إسْرَارُهُ. (قَوْلُهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا) أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ آخَرُ فَالْعِلَّةُ الْأُولَى ظَاهِرَةٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِجَهْرِهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ) هَذَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ يَكُونُ مَسْبُوقًا فَيَقُومُ لِيَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَيْ عَوْدِ السَّلَامِ) أَيْ الْإِسْرَارِ فِي عَوْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ تت وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي كَوْنِ الرَّدِّ يَكُونُ سِرًّا لَا فِي نَفْسِ الْعَوْدِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّحْلِيلَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ فَسَوَاءٌ تَكَلَّمَ أَوْ لَا فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانٌ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ قَالَ عب وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ لَمْ تَبْطُلْ وَالْأَوْلَوِيَّةُ لَا ظُهُورَ لَهَا هُنَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ نَاوٍ الْخُرُوجَ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْعِلْمُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا. (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ لِلْأُولَى) فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ يَظُنُّ أَنَّهُ سَلَّمَ) أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَلَّمَ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرَى أَيْ يَعْتَقِدُ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى أَيْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى وَكَانَ يَرَى أَنَّ تَسْلِيمَةَ الْيَسَارِ وَاجِبَةً تُخْرِجُ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِلْأُولَى وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ سَلَّمَ إلَخْ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ بِالْبُطْلَانِ وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَيْ فَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَجْهٍ وَمَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَجْهٍ وَقَدْ ارْتَضَى كَلَامَ اللَّخْمِيِّ التَّوْضِيحُ وَالشَّارِحُ وَالتَّتَّائِيُّ وَحَلَّ الْحَطَّابُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِوَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ إلَخْ يُرِيدُ أَنَّهُ سَلَّمَ قَاصِدًا التَّحْلِيلَ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ الْفَضِيلَةَ فَتَبْطُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ. أَيْ وَلَمْ يَرْتَضِ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ فَطَالَ الْأَمْرُ) فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ بِأَنْ قَرُبَ لَمْ تَبْطُلْ وَلَيْسَ التَّسْلِيمُ الثَّانِي لِلْفَضِيلَةِ عَلَى الْيَسَارِ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ تَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَعَلَهُ مَعَ قَصْدِ الْإِتْيَانِ بِتَسْلِيمِهِ التَّحْلِيلِ عَقِبَهُ صَارَ كَمَنْ قَدَّمَ فَضِيلَةً عَلَى فَرْضٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَحَثَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَالتَّتَّائِيِّ اعْتِمَادُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ إنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ خَاصٌّ بِالْمَأْمُومِ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ إلَّا الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ. (ص) وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ إنْ خَشِيَا مُرُورًا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ السُّتْرَةَ أَيْ الِاسْتِتَارَ وَلَوْ فِي النَّفْلِ تُسَنُّ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ إنْ خَشِيَ كُلٌّ الْمُرُورَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَخْشَيَا فَلَا يُطْلَبَانِ بِالسُّتْرَةِ وَمَفْهُومُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُطْلَبُ بِالسُّتْرَةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ فَفِي كَلَامِ مَالِكٍ حَذْفُ مُضَافٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ أَوْ مُخْتَلِفٌ فَيَبْقَى كَلَامُ مَالِكٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ كَمَا يَمْتَنِعُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ فِيهِمَا وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُرُورٍ بَيْنَ السُّتْرَةِ وَالْمُصَلِّي وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ سُتْرَةً لِلصُّفُوفِ كُلِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُمْ فَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ سُتْرَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هِيَ سُتْرَةُ الْإِمَامِ لَا الْإِمَامُ نَفْسُهُ وَقَدْ حَالَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ الْإِمَامُ. (ص) بِطَاهِرٍ ثَابِتٍ غَيْرِ مُشْغِلٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِسُتْرَةٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى صِفَتِهَا وَأَشَارَ إلَى قَدْرِهَا بِقَوْلِهِ (فِي غِلَظِ رُمْحٍ وَطُولِ ذِرَاعٍ) وَاحْتَرَزَ بِطَاهِرٍ مِنْ النَّجِسِ كَقَنَاةِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهَا وَمِثْلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (لَا دَابَّةٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْبَغْلُ وَنَحْوُهُ مِمَّا بَوْلُهُ نَجِسٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُحْتَرَزٌ ثَابِتٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُحْتَرَزُهُمَا مَعًا، وَيُكْرَهُ الِاسْتِتَارُ بِالْحَجَرِ الْوَاحِدِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَحَجَرٍ وَاحِدٍ) وَأَمَّا الْأَحْجَارُ فَجَائِزٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَجَرِ الْوَاحِدِ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَلَا يَصْمُدْهُ صَمْدًا وَكَذَا كُلُّ سُتْرَةٍ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَاحْتَرَزَ بِثَابِتٍ مِنْ السَّوْطِ الْجِلْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى الْأَرْضِ كَالْخَطِّ فِي الْأَرْضِ طُولًا أَوْ عَرْضًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَخَطٍّ)   [حاشية العدوي] عج بِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِقَصْدِهِ بِهِ الْفَضِيلَةَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ نَعَمْ لَا يَأْتِي إلَّا إذَا كَانَ خَالِيَ الذِّهْنِ فِي حَالِ سَلَامِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ يَرَى إلَخْ أَيْ يَعْتَقِدُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ الْآنَ خَالِي الذِّهْنِ قَالَ عج: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَلَامِهِ تَحْلِيلًا وَلَا رَدًّا فَإِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَلَّمَ لِلْفَضِيلَةِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَلَّمَ لِلتَّحْلِيلِ. (قَوْلُهُ أَيْ الِاسْتِتَارَ) إنَّمَا أَوَّلَ السُّتْرَةَ بِالِاسْتِتَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِطَاهِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَائِنَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى كَوْنِ سُتْرَةٍ بِمَعْنَى الذَّاتِ الْمُسْتَتَرِ بِهَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي النَّفْلِ) أَيْ أَوْ فِي سُجُودِ سَهْوٍ أَوْ تِلَاوَةٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا صَلَاةٌ (قَوْلُهُ تُسَنُّ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السُّتْرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَفَائِدَتُهَا قَبْضُ الْخَوَاطِرِ عَنْ الِانْتِشَارِ وَكَفُّ النَّفْسِ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ مُجْتَمِعًا لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ كُلٌّ الْمُرُورَ) أَيْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا لَا وَهْمًا فَلَا يُطْلَبُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ كُلٌّ الْمُرُورَ بِأَنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ لَا يَمُرُّ بِهَا أَحَدٌ أَوْ بِمَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَالْمُرُورُ فِي أَسْفَلِهِ تت. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الصُّفُوفَ يُعْتَبَرُ مَبْدَؤُهَا مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ. (فَإِنْ قُلْت) الْمَشْيُ بَيْنَ الصَّفِّ الثَّانِي مَثَلًا وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا الْإِمَامُ أَوْ سُتْرَةُ الْإِمَامِ مَشَى بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ وَقَدْ قُلْتُمْ بِجَوَازِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ السُّتْرَةَ لِمَنْ يَلِيهِ سُتْرَةٌ لَهُ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَاجِزٌ سُتْرَةٌ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُرُورُ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَفِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُ هَذَا. (قَوْلُهُ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِسُتْرَةٍ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ سُتْرَةً بِمَعْنَى الِاسْتِتَارِ. (قَوْلُهُ فِي غِلَظِ رُمْحٍ إلَخْ) أَيْ إنَّ أَقَلَّ مَا تَكُونُ أَنْ تَكُونَ فِي غِلَظِ رُمْحٍ إلَخْ وَأَوْلَى إذَا كَانَ أَغْلَظَ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْ غِلَظِ رُمْحٍ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَطْلُوبُ، وَقَوْلُهُ وَطُولِ ذِرَاعٍ وَأَوْلَى أَطْوَلُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَحْصُلُ النَّدْبُ. (قَوْلُهُ كَقَنَاةِ الْبَوْلِ) أَيْ جَعَلَ سُتْرَتَهُ قَنَاةَ بَوْلٍ مُرْتَفِعَةً قَدْرَ طُولِ ذِرَاعٍ فَسَّرَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ مَا بَيْنَ طَرَفِ الْمِرْفَقِ إلَى طَرَفِ الْإِصْبَعِ الْوُسْطَى اهـ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ أَنَّ السُّتْرَةَ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّجُلِ وَهِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) وَهُوَ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ خُلَاصَتُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالدَّابَّةِ الدَّابَّةَ عُرْفًا وَهِيَ الْفَرَسُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ لَا لُغَةً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِظَهْرِ الرَّجُلِ وَيَلْحَقُ بِالدَّابَّةِ عُرْفًا كُلُّ مَا رَجِيعُهُ نَجِسٌ كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُسْتَتَرُ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ؛ لِأَنَّ أَبْوَالَهَا نَجِسَةٌ بِخِلَافِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُحْتَرَزٌ ثَابِتٌ) هَذَا عَلَى فَرْضِ أَنْ لَا تُرْبَطَ الدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَتِرَ بِهِ يُشْبِهُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَجْعَلُونَ وَثَنَهُمْ حَجَرًا وَاحِدًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَحَجَرٍ إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي جُعِلَ مُحْتَرَزَ دَابَّةٍ مَذْكُورٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَكُونُ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ مُحْتَرَزَهُ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُشْغِلِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَشْبَهَ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ أَيْ إنَّ الْمُسْتَتِرَ بِهِ أَشَدُّ شَبَهًا بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصْمُدُهُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْ وَلَا يَجْعَلُهُ تُجَاهَهُ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ كَخِرْقَةٍ (قَوْلُهُ كَالْخَطِّ فِي الْأَرْضِ طُولًا أَوْ عَرْضًا) كَأَنَّهُ أَرَادَ بُطُولًا مَا إذَا جَعَلَهُ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِهَا وَأَرَادَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 مِثْلُهُ الْوَادِي وَالْحُفْرَةُ وَالْمَاءُ وَالنَّارُ وَلَا يُصَلِّي لِمُشْغِلٍ كَنَائِمٍ وَحِلَقِ الْمُحَدِّثِينَ وَمَأْبُونٍ وَلَا إلَى مَنْ يُوَاجِهُهُ وَلَا إلَى ظَهْرِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَجْنَبِيَّةٍ) وَأَرَادَ بِهَا مَا عَدَا الْمَحْرَمَ وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِتَارِ بِظَهْرِ الرَّجُلِ إذَا رَضِيَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ الْوُضُوءِ وَاخْتَارَ أَبُو مَهْدِيٍّ أَنَّ الرِّدَاءَ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِهِ يُعْمَلُ سِتْرًا لِلْبَابِ يَكْفِي فِي السُّتْرَةِ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ مِتْرًا كَمَا عَلَى بَعْضٍ وَقَيَّدْنَا عَدَمَ الِاسْتِتَارِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ بِالظَّهْرِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِتَارَ بِالْوَجْهِ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا بِهِ بَلْ الرَّجُلُ لَا يُسْتَتَرُ بِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُشْغِلِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِظَهْرِ الْمَحْرَمِ أَوْ يُكْرَهُ قَوْلَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ) أَيْ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا بِوَجْهِهَا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا فِي مَنْعِ الِاسْتِتَارِ بِهِ وَأَيْضًا هُوَ قَدْ دَخَلَ فِي الْمُشْغِلِ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْمَحْرَمَ بِنَسَبٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ. (ص) وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَارَّ إذَا كَانَ لَهُ سِعَةٌ فِي تَرْكِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَمَرَّ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ كَانَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي سُتْرَةٌ أَمْ لَا تَعَرَّضَ الْمُصَلِّي أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَالْمُصَلِّي هُوَ الَّذِي تَعَرَّضَ لِلْمُرُورِ بِأَنْ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ بِمَحَلٍّ يُخْشَى بِهِ الْمُرُورُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الِانْحِيَازِ إلَى شَيْءٍ فَلَا إثْمَ عَلَى الْمَارِّ وَيَأْثَمُ الْمُصَلِّي فَقَطْ حَيْثُ حَصَلَ الْمُرُورُ لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا إثْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُرُورِ مَنْ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَلَا تَعَرُّضَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَأْثَمَانِ وَعَكْسُهُ يَأْثَمُ الْمَارُّ لَا الْمُصَلِّي وَعَكْسُهُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ السُّتْرَةِ مَنْدُوبَةً وَبَيْنَ الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا إذْ النَّدْبُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِهَا وَالْإِثْمُ بِالْمُرُورِ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ قَوْلُهُ وَأَثِمَ مَا رَأَى غَيْرَ مُصَلٍّ وَطَائِفٍ؛ لِأَنَّ مُرُورَ الطَّائِفِينَ وَحَرَكَةَ مُصَلٍّ آخَرَ وَمُرُورَهُ لَا تَضُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ وَلِغَيْرِهَا إنْ كَانَ الْمَارُّ مُصَلِّيًا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ الْمَارُّ طَائِفًا وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَارُّ غَيْرَ مُصَلٍّ وَلَا طَائِفٍ   [حاشية العدوي] بِالْعَرْضِ مَا كَانَ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَخَطٌّ بِأَنْ يَخْتَطَّ الْإِنْسَانُ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَوْ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُحْتَرَزٌ ثَابِتٌ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي عَدَمِ الِاسْتِتَارِ لَا فِي عَدَمِ الثَّبَاتِ وَأَلْحَقَهَا بِهِ مَعَ أَنَّ لَهَا ثَبَاتًا نَظَرًا لِمُشَابِهَتِهَا لِلْخَطِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا ارْتِفَاعَ لَهَا. (قَوْلُهُ الْوَادِي) الْمَوْضِعُ الْمُنْخَفِضُ مِنْ الْأَرْضِ كَالْبِرْكَةِ. (قَوْلُهُ كَنَائِمٍ) أَيْ فَهُوَ مُشْغِلٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي أَوْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَحِلَقِ الْمُحَدِّثِينَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْحَلْقَةُ بِالتَّسْكِينِ حَلْقَةُ الْبَابِ وَحَلْقَةُ الْقَوْمِ وَالْجَمْعُ الْحَلَقُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ حَلْقَةٌ كَبَدْرَةٍ وَبِدَرٍ وَقَصْعَةٍ وَقِصَعٍ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ أَيْ حِلَقُ الْمُحَدِّثِينَ فِي فِقْهٍ وَغَيْرِهِ لِاشْتِغَالِ بَالِهِ، مَفْهُومُهُ لَوْ كَانُوا سَاكِتِينَ يَسْتَتِرُ بِهِمْ وَلِذَا ذَكَرَ الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِالْحِلَقِ إذَا كَانَ أَهْلُهَا سُكُوتًا أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ وُجُوهُ بَعْضِهِمْ إلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْغِلٌ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: وَلَا بَأْسَ بِالسُّتْرَةِ بِالْمُتَحَدَّثِينَ مَا لَمْ يَكُونُوا مُتَحَلِّقِينَ. (قَوْلُهُ وَمَأْبُونٍ) أَيْ فِي دُبُرِهِ كَمَا فِي تت أَيْ يُفْعَلُ بِهِ فِي دُبُرِهِ وَمِثْلُهُ الْكَافِرُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الزَّوْجَةَ وَالْأَمَةَ وَقَوْلُهُ وَأَرَادَ بِهَا إلَخْ يُنَافِيهِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ جَمِيلًا وَإِلَّا فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَرْأَةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ مَعَ الْمَرْأَةِ شَيْطَانٌ وَاحِدٌ وَمَعَ الْجَمِيلِ شَيْطَانَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ الْوُضُوءِ) كَذَا فِي ك وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ عج وَنَصُّهُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ النَّجِسِ أَيْ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمَ التَّحَفُّظِ أَيْ فَحِينَئِذٍ لَا يُشْتَرَطُ الْجَزْمُ أَوْ الظَّنُّ بِطَهَارَةِ بَدَنِهِ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ بَدَنِهِ أَوْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ فَهَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِطَاهِرٍ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ لَا يُغْتَفَرُ وَحَرِّرْ وَخَفَّفَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ إلَى الطَّائِفِينَ وَرَآهُمْ فِي مَعْنَى الْمُصَلِّينَ وَانْظُرْ هَلْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى سُتْرَةٍ؟ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ وَالْمَيِّتُ وَلَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ هُوَ السُّتْرَةُ؛ لِأَنَّ سِرَّ وَضْعِ السُّتْرَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَهُ نَقَلَهُ عج عَنْ الْأَبِيِّ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى سَرِيرٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْأَرْضِ فَلَمْ نَجْعَلْهُ كَالْخَطِّ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقْوَى مِنْهُ وَلَا أُبَالِي بِكَوْنِ الْمَيِّتِ صَارَ نَجِسًا بِالْمَوْتِ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا بِكَوْنِ طُولِهَا ذِرَاعًا لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ بِهِ عُمُومُ قَوْلِهِ بِطَاهِرٍ وَقَوْلُهُ وَطُولِ ذِرَاعٍ قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ عج. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي مَهْدِيٍّ قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَمَا قَالَهُ فِي الزَّرْعِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الرِّدَاءُ وَشِبْهُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ لِرِقَّتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مِتْرًا كَمَا) بِالْمِيمِ كَمَا فِي نُسْخَةِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَحْرَمِ) أَيْ الْأُنْثَى خَاصَّةً وَأَمَّا الْمَحْرَمُ مِنْ الرِّجَالِ فَيُسْتَتَرُ بِهِ إنْ كَانَ بِظَهْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَرْأَةِ هَلْ تَسْتَتِرُ بِمَحْرَمِهَا كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِهَا أَيْ بِظَهْرِهِ؟ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْجَوَازُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَسْتَتِرُ بِالْأَجْنَبِيِّ كَمَا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَسْتَتِرُ بِهَا وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ وَأَثِمَ مَارٌّ إلَخْ) وَكَذَا مُنَاوِلٌ آخَرَ شَيْئًا وَمُكَلِّمٌ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ. (قَوْلُهُ صَلَّى لِسُتْرَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَظُنُّ فِيهِ الْمُرُورَ وَصَلَّى لِسُتْرَةٍ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ أَوْ لَمْ يُصَلِّ لِسُتْرَةٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ لَمْ يُطَالَبْ بِهَا أَوْ قَصَّرَ فِيهَا. (قَوْلُهُ تَعَرَّضَ الْمُصَلِّي إلَخْ) بِأَنْ صَلَّى بِمَوْضِعٍ يَخْشَى فِيهِ الْمُرُورَ بِدُونِ سُتْرَةٍ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَيْ بِأَنْ صَلَّى بِمَوْضِعٍ لَا يَخْشَى فِيهِ الْمُرُورَ أَوْ بِمَوْضِعٍ يَخْشَى فِيهِ الْمُرُورَ وَصَلَّى لِسُتْرَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَحَدَ التَّعْمِيمَيْنِ يَكْفِي فَلَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَكَفَاهُ بَلْ لِرُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ التَّعَرُّضَ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ مَعَ السُّتْرَةِ فَيُنَافِي مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ تَفْسِيرًا لِلتَّعَرُّضِ. (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا) أَيْ مَعَ تَرْكِهَا فَلَيْسَتْ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْإِثْمِ بَلْ السَّبَبُ فِي الْإِثْمِ الْمُرُورُ مُصَاحِبًا لِتَرْكِهَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي إلَخْ) هَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ الْمَارُّ طَائِفًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 فَيَحْرُمُ مُرُورُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُطْلَقًا وَبِهِ إنْ صَلَّى لِسُتْرَةٍ فَإِنْ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ لَمْ يَحْرُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَأَثِمَ مَارًّا إلَخْ أَيْ مَارٌّ غَيْرُ مُصَلٍّ وَلَا طَائِفٍ، وَهَذَا مَا لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ. (ص) وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِنْصَاتَ لِلْإِمَامِ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ سُنَّةٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ وُجُوبِ إنْصَاتِ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا لِقَوْلِ سَنَدٍ الْمَعْرُوفُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ وَقِيلَ يَقْرَأُ (ص) وَنُدِبَتْ إنْ أَسَرَّ (ش) أَيْ وَنُدِبَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ فِي مَحَلِّهَا الْمَفْهُومَةُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ إنْ أَسَرَّ الْإِمَامُ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ سَرِيَّةً وَلَوْ قَالَ وَنُدِبَتْ فِي السِّرِّ كَانَ أَقْعَدَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَرُ فِي السَّرِيَّةِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا مَثَلًا. (ص) كَرَفْعِ يَدَيْهِ مَعَ إحْرَامِهِ حِينَ شُرُوعِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّدْبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي رَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَ إحْرَامِهِ حِينَ يَشْرَعُ فِي التَّكْبِيرِ يُحَاذِي بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ قَائِمَتَيْنِ رُءُوسُ أَصَابِعِهِمَا مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ عَلَى صُورَةِ النَّابِذِ لِلشَّيْءِ لَا عَلَى صُورَةِ الرَّاهِبِ بِأَنْ يَجْعَلَ ظُهُورَهُمَا مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ وَبُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَلَا الرَّاغِبِ بِأَنْ تَكُونَ الْيَدَانِ قَائِمَتَيْنِ يُحَاذِي كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ وَأَصَابِعُهُ أُذُنَيْهِ وَجَعَلَ فِي شَرْحِهِ كَوْنَ الرَّفْعِ عَلَى صُورَةِ الرَّاهِبِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَإِنَّمَا كَانَ الرَّفْعُ حِينَ الشُّرُوعِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ لِئَلَّا تَفُوتَ فَائِدَةُ الرَّفْعِ وَحِكْمَتُهُ وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ مَقْرُونًا بِحَرَكَاتِ أَرْكَانِهَا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رُكُوعٌ شُرِعَ مَعَهَا حَرَكَةُ الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانَتْ تَحْمِلُ الْأَصْنَامَ تَحْتَ آبَاطِهَا فَأُمِرَ الْمُصَلِّي بِالرَّفْعِ لِلْيَدَيْنِ فَهُوَ مِمَّا زَالَ سَبَبُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ كَالرَّمَلِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ   [حاشية العدوي] أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ صَلَّى لِسُتْرَةٍ أَيْ وَأَمَّا بِغَيْرِ سُتْرَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ لِلطَّائِفِ مَنْدُوحَةٌ وَلَا حُرْمَةَ عَلَى ذَلِكَ الْمُصَلِّي وَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا صَلَّى لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ فَيُكْرَهُ إذَا صَلَّى لِسُتْرَةٍ، وَأَمَّا إذَا صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ فَيَجُوزُ. (قَوْلُهُ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ) بَلْ يَجُوزُ الْمُرُورُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحُرْمَةِ الْجَوَازُ مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَلْ يَجُوزُ كَانَ الْمَارُّ طَائِفًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَيْسَ لِلْمُصَلِّي الدَّرْءُ فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُصَلِّي إنْ كَانَ الْمَارُّ غَيْرَ طَائِفٍ لَا إنْ كَانَ طَائِفًا وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ لِغَيْرِ سُتْرَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّائِفِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَارِّينَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي إجَازَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهِمْ أَنَّ الطَّائِفِينَ مُصَلُّونَ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ وَإِنْ جَازَ فِيهِ الْكَلَامُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى طَهَارَةٍ وَأَمَّا إذَا صَلَّى لِسُتْرَةٍ أَيْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الطَّائِفِينَ وَعَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّينَ الْمُرُورُ وَيُكْرَهُ لِلطَّائِفِ إنْ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَيَجُوزُ لِلْمُصَلِّي فَإِنْ قُلْت فِي صُورَةِ كَرَاهَةِ مُرُورِ الطَّائِفِ هَلْ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَهُ أَوْ لَا قُلْت الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَدْرَؤُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ اثْنَا عَشَرَ: أَرْبَعَةٌ فِي الْمَارِّ الطَّائِفِ، وَأَرْبَعَةٌ فِي الْمَارِّ الْمُصَلِّي، وَأَرْبَعَةٌ فِي الْمَارِّ غَيْرِ الْمُصَلِّي وَالطَّائِفِ وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَكَذَا لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَصَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَصَلَّى فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا كَمَا إذَا كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَصَلَّى لِسُتْرَةٍ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَثِمَ مَارٌّ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْحَالُ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَانَ الْمَارُّ مُصَلِّيًا أَوْ طَائِفًا أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ الدُّنُوُّ مِنْ السُّتْرَةِ قِيلَ شِبْرٌ وَقِيلَ ذِرَاعٌ وَقِيلَ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ وَفِي كَوْنِ حَرِيمِ الْمُصَلِّي بِغَيْرِهَا قَدْرُ رَمْيَةِ حَجَرٍ أَوْ سَهْمٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ قَدْرُ مُضَارَبَةِ السَّيْفِ أَوْ قَدْرُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِيُسْرِ الدِّينِ أَقْوَالٌ وَيَدْفَعُ الْمُصَلِّي الْمَارَّ دَفْعًا خَفِيفًا لَا يَشْغَلُهُ، فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ وَلَوْ دَفَعَهُ فَسَقَطَ مِنْهُ دِينَارٌ أَوْ انْخَرَقَ ثَوْبُهُ ضَمِنَ وَلَوْ دَفْعًا مَأْذُونًا فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ مَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ كَانَ كَالْخَطَإِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْتَلْ فِيهِ وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. (قَوْلُهُ إنْصَاتُ مُقْتَدٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِنْصَاتِ السُّكُوتُ مَعَ الِاسْتِمَاعِ؛ لِأَنَّ فِي الْمُبَالَغَةِ حِينَئِذٍ شَيْئًا إذْ لَا اسْتِمَاعَ مَعَ سُكُوتِ الْإِمَامِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُبَالَغَةُ ظَاهِرَةٌ وَيَنْدَرِجُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ وُجُوبِ إنْصَاتٍ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَيَقْرَأُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ يَقْرَأُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْمِعُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْفَاتِحَةِ) أَيْ الْقِرَاءَةُ لِلْفَاتِحَةِ أَوْ إنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ الْقِرَاءَةُ لِشَيْءٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ. (قَوْلُهُ يُحَاذِي بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ قَائِمَتَيْنِ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ بُطُونُهُمَا لِخَلْفٍ وَظُهُورُهُمَا لِأَمَامٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَضِيَّةِ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إذَا نَبَذَ شَيْئًا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا (قَوْلُهُ يُحَاذِي كَفَّاهُ) الْمُتَبَادَرُ بُطُونُ كَفَّيْهِ فَيَرْجِعُ لِصُورَةِ النَّابِذِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَحْتَمِلُ لِلْبَطْنِ وَالظَّهْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْأَحْسَنُ مَا فِي عِبَارَةِ شب وَنَصُّهُ وَقِيلَ بِرَفْعِهِمَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَبُطُونُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ وَظُهُورُهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَهَذِهِ صِفَةُ الرَّاغِبِ وَقَدْ فَسَّرَ بِهَا قَوْله تَعَالَى {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90] وَمِثْلُهُ فِي عب. (قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رُكُوعٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَرَكَةُ رُكْنٍ (قَوْلُهُ كَالرَّمَلِ فِي الْحَجِّ) فَإِنَّ حِكْمَتَهُ قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ إنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَأُمِرُوا بِالرَّمَلِ تَكْذِيبًا لَهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 أَوْ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ رَفَضَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. (ص) وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ صُبْحٍ وَالظُّهْرُ تَلِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْفَذِّ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِسُورَةٍ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَالظُّهْرُ تَلِيهَا فِي الطُّولِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ أَشْهَبَ مِثْلُهَا وَطِوَالُ الْمُفَصَّلِ قِيلَ مِنْ الْحُجُرَاتِ وَقِيلَ مِنْ شُورَى إلَى عَبَسَ وَسُمِّيَ بِالْمُفَصَّلِ لِكَثْرَةِ فَصْلِ سُوَرِهِ أَوْ لِقِلَّةِ مَنْسُوخِهِ وَمِثْلُ الْفَذِّ فِي اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ مَا ذُكِرَ الْإِمَامُ إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ الْجَمَاعَةُ التَّطْوِيلَ أَوْ فَهِمَ مِنْهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ التَّقْصِيرُ. (ص) وَتَقْصِيرُهَا بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ كَتَوَسُّطِ بِعِشَاءٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ وَأَوَّلُهَا مِنْ الضُّحَى إلَى الْآخِرِ كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْعِشَاءِ بِمَا بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَأَوَّلُهُ مِنْ عَبَسَ إلَى الضُّحَى وَهَذَا مَعَ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا مَعَ الضَّرُورَةِ كَسَفَرٍ أَوْ إضْرَارٍ فَالتَّخْفِيفُ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ انْتَهَى. (ص) وَثَانِيَةٍ عَنْ أَوْلَى (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْمُضَافِ وَهُوَ الْهَاءُ مِنْ تَقْصِيرِهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ مَالِكِ حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا أَيْ وَنُدِبَ فِي الْفَرْضِ تَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ عَنْ أَوْلَى، وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي تَقْصِيرِهَا عَنْهَا فَالْأَقَلِّيَّةُ بِنَقْصِ الرُّبْعِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ قَالَهُ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ وَيُكْرَهُ كَوْنُ الثَّانِيَةِ أَطْوَلَ مِنْ الْأُولَى قَالَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَانْظُرْ الْمُسَاوَاةَ قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَلَهُ أَنْ يُطَوِّلَ قِرَاءَةَ الثَّانِيَةِ فِي النَّافِلَةِ إذَا وَجَدَ الْحَلَاوَةَ. (ص) وَجُلُوسٍ أَوَّلٍ (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ تَقْصِيرُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ عَنْ الثَّانِي فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ثَانِيَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا عَدَا الْجُلُوسَ الْأَخِيرَ. (ص) وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ فِي الصَّلَاةِ قَوْلُ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَالَ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ فَذِكْرُ الْفَذِّ هُنَا وَهُنَاكَ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ وَمُخَاطَبٌ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ فَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَهُمَا مَعًا لِيَأْتِيَ بِالسُّنَّةِ وَالْمَنْدُوبِ، وَانْظُرْ حُكْمَ التَّرْتِيبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْفَذَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَاوِ وَلَك الْحَمْدُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِدُونِهَا جُمْلَتَانِ جُمْلَةُ النِّدَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُنَادَى مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَجُمْلَةُ لَك الْحَمْدُ وَمَعَ الْوَاوِ ثَلَاثُ جَمَلٍ جُمْلَةُ النِّدَاءِ وَجُمْلَةُ لَك الْحَمْدُ وَجُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ هِيَ جَوَابُ النِّدَاءِ وَالْوَاوُ مُنَبِّهَةٌ عَلَيْهَا أَيْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ وَلَك الْحَمْدُ وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِحِ وَالْجَوَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَتَسْبِيحٍ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ (ش) أَيْ وَنُدِبَ تَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ نَحْوِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ رَفَضَ الدُّنْيَا) هَذَا يَكُونُ عَلَى صُورَةِ النَّابِذِ. (قَوْلُهُ وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ صُبْحٍ إلَخْ) فَإِنْ ابْتَدَأَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ قَطَعَهَا وَشَرَعَ فِي طَوِيلَةٍ إلَّا لِضَرُورَةِ سَفَرٍ أَوْ خَوْفِ خُرُوجِ وَقْتٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ مِنْ الْحُجُرَاتِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ إلَى عَبَسَ) الْغَايَةُ خَارِجَةٌ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ فَصْلِ سُوَرِهِ) أَيْ إنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ السُّوَرِ كَثِيرٌ بِكَثْرَةِ السُّوَرِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِقِلَّةِ مَنْسُوخِهِ) أَيْ لِقِلَّةِ الْمَنْسُوخِ فِيهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ مَنْسُوخًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْقِلَّةِ الْعَدَمُ وَقَوْلُهُ وَالظُّهْرُ تَلِيهَا أَيْ فَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الظُّهْرِ مِنْ قِصَارِ طِوَالِهِ اهـ شب. (قَوْلُهُ إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ الْجَمَاعَةُ التَّطْوِيلَ) أَيْ وَكَانُوا مَحْصُورِينَ وَعَلِمَ قُدْرَتَهُمْ فَإِنْ عَلِمَ عُذْرَهُمْ أَوْ جَهِلَهُ أَوْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَالتَّخْفِيفُ أَحْسَنُ كَذَا مُفَادُ عب وَالْأَظْهَرُ أَنَّك تَقُولُ: إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ الْجَمَاعَةُ التَّطْوِيلَ أَوْ فَهِمَهُ مِنْهُمْ وَكَانُوا مَحْصُورِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ عُذْرَهُمْ فَهُمْ عِنْدَ الْجَهْلِ مَعَ الطَّلَبِ أَوْ الْفَهْمِ يُحْمَلُونَ عَلَى الْقُدْرَةِ خِلَافًا فَالْمُفَادُ عب. (قَوْلُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ) لَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَغْرِبَ أَطْوَلُ أَوْ الْعَصْرُ أَطْوَلُ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ زَرُّوقٌ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقِيلَ الْعَصْرُ أَطْوَلُ مِنْ الْمَغْرِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ وَقِيلَ الْعَصْرُ دُونَ الْمَغْرِبِ. (قَوْلُهُ انْتَهَى) كَذَا فِي ك أَيْ انْتَهَى مَا نَقَلْته مِنْ بَعْضِ الشُّرُوحِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَائِلَهُ لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا لَا يُتَوَهَّمُ فِي قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ تَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَتَقْصِيرُهَا أَيْ تَقْصِيرُ نَفْسِ الْقِرَاءَةِ لَا تَقْصِيرُ الزَّمَنِ فَعَلَى مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ لَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ قِرَاءَةً أَكْثَرَ مِنْ الْأُولَى وَلَكِنَّهُ تَدَبَّرَ فِي قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولًى فَأَطَالَ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ أَكْثَرَ مِنْ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمُرَادَ تَقْصِيرُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى فِي الزَّمَنِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِي الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى بِأَنْ رَتَّلَ فِي الْأُولَى وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي عب. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الْمُسَاوَاةَ) أَيْ اُنْظُرْ هَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى؟ هَذَا مَعْنَاهُ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ وَجُلُوسٍ أَوَّلٍ) وَأَمَّا تَقْصِيرُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولًى فَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ نَقْلًا عَنْ الْجُزُولِيِّ لَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا. (قَوْلُهُ جُمْلَةُ جَوَابِ النِّدَاءِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ رَبَّنَا فِي قُوَّةِ اقْبَلْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ وَقَوْلُهُ وَالْوَاوُ مُنَبِّهَةٌ عَلَيْهَا أَيْ لِكَوْنِ الْوَاوِ عَاطِفَةً فَتُؤْذِنُ بِأَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا مَعْطُوفًا عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ مُخْتَلِفَةٌ فِي إثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَلَى إثْبَاتِهَا وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَعْنَاهَا الدُّعَاءُ وَعَلَى حَذْفِهَا فَتَكُونُ جُمْلَةُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ إمَّا خَبَرِيَّةٌ أَوْ مَعْنَاهَا الْحَثُّ عَلَى التَّحْمِيدِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إلَخْ) وَنَصُّهُ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِثْبَاتُ الْوَاوِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ جُمْلَتَانِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَلَامُ مَعَ الْوَاوِ ثَلَاثُ جَمَلٍ وَهِيَ الْمُنَادَى وَجَوَابُهُ الْمَحْذُوفُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْوَاوُ وَالْمُبْتَدَأُ وَخَبَرُهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُك وَلَك الْحَمْدُ وَيُمْكِنُ الْتِمَاسُ وَجْهٍ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ أَنْ تَجْعَلَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيرًا وَيَصِيرُ قَوْلُهُ جُمْلَتَانِ أَيْ مَلْفُوظٌ بِهِمَا وَالْأُخْرَى مَحْذُوفَةٌ دَلَّ عَلَيْهَا الْوَاوُ. (قَوْلُهُ وَتَسْبِيحٍ بِرُكُوعٍ إلَخْ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ بِوَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَلَا مَخْصُوصٍ بِلَفْظٍ مُعَيَّنٍ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَقَلُّهُ ثَلَاثٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وَبِحَمْدِهِ وَسُجُودٍ نَحْوِ سُبْحَانَك رَبِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَعَمِلْت سُوءًا فَاغْفِرْ لِي وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَلَا دُعَاءً مَخْصُوصًا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أَعْرِفُ قَوْلَ النَّاسِ فِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَفِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ أَنْكَرَ وُجُوبَهُ وَتَعَيُّنَهُ لَا أَنَّ تَرْكَهُ أَحْسَنُ مِنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ. (ص) وَتَأْمِينِ فَذٍّ مُطْلَقًا وَإِمَامٍ بِسِرٍّ وَمَأْمُومٍ بِسِرٍّ أَوْ جَهْرٍ إنْ سَمِعَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِسْرَارِهِمْ بِهِ (ش) أَيْ إنَّهُ يُنْدَبُ عَلَى الْمَذْهَبِ تَأْمِينُ الْفَذِّ أَيْ قَوْلُهُ آمِينَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ فِي قِرَاءَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِرَاءَةُ الصَّلَاةِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا كَمَا يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ التَّأْمِينُ عَلَى قِرَاءَتِهِ فِي السَّرِيَّةِ وَكَذَا مَأْمُومُهُ، وَأَمَّا فِي الْجَهْرِيَّةِ فَلَا يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ وَيُنْدَبُ لِلْمَأْمُومِ إنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَمِّنٌ حِينَئِذٍ عَلَى دُعَائِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَلَا عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ دُعَاءٌ يُؤَمِّنُ عَلَيْهِ لَا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ وَلَا لِإِمَامِهِ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ، وَالتَّأْمِينُ إجَابَةٌ وَهِيَ فَرْعُ السَّمَاعِ فَلَوْ تَحَرَّى كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ لِرُبَّمَا أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَرُبَّمَا صَادَفَ آيَةَ عَذَابٍ، وَكُلُّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ التَّأْمِينُ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِسْرَارُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ فَالضَّمِيرُ فِي إنْ سَمِعَهُ لِلْجَهْرِ أَيْ إنْ سَمِعَ جَهْرَ الْإِمَامِ بِآخِرِ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى التَّأْمِينِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ. (ص) وَقُنُوتٍ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ (ش) هُوَ أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ أَيْ وَنُدِبَ الْقُنُوتُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ لُغَةً الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} [النحل: 120] وَالسُّكُوتُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] وَالْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ» وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سِرًّا وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الصُّبْحِ لَا فِي وِتْرٍ وَلَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ، قَالَهُ سَنَدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ الْكَرَاهَةُ وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّفْقِ بِالْمَسْبُوقِ وَعَدَمِ الْفَصْلِ بِهِ بَيْنَ رُكْنَيْ الصَّلَاةِ وَلَوْ نَسِيَ الْقُنُوتَ حَتَّى انْحَنَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَبِحَمْدِهِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ وَذَلِكَ بِحَمْدِهِ أَيْ بِسَبَبِ تَوْفِيقِهِ وَإِعَانَتِهِ عَلَى التَّسْبِيحِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ وَقِيلَ الْبَاءُ بِمَعْنَى الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لَهُ وَهُوَ قَوْلٌ لَا نَظِيرَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ شب. (قَوْلُهُ فَاغْفِرْ لِي) هَذَا دُعَاءٌ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ فِي السُّجُودِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّعَاءَ فِي السُّجُودِ مُسْتَحَبٌّ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْدُوبَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ وَلَا دُعَاءً مَخْصُوصًا) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَدًّا شَامِلٌ لِلتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ. (فَإِنْ قُلْت) كَلَامُنَا فِي التَّسْبِيحِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ وَلَا دُعَاءً (قُلْت) الْمَقُولُ فِي السُّجُودِ كَمَا تَبَيَّنَ لَك تَضَمَّنَ التَّسْبِيحَ وَالدُّعَاءَ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَهُ) هُنَا تَمَّ الْكَلَامُ أَيْ إنَّ الْإِمَامَ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ ابْنُ رُشْدٍ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: مَعْنَى إنْكَارِ الْإِمَامِ ذَلِكَ إنْكَارُ تَعَيُّنِهِ وَأَنَّهُ قَدْرٌ لَا يَتَعَدَّى فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى ذَلِكَ أَيْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ فِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَفِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ السُّجُودَ أَشْرَفُ مِنْ الرُّكُوعِ وَسُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى أَشْرَفُ مِنْ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ فَأَعْطَى الْأَشْرَفَ لِلْأَشْرَفِ وَغَيْرَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ) أَرَادَ بِهَا الطَّرِيقَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ يُنْدَبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَجُوزُ وَهُوَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَوْ يُخَيَّرُ وَهُوَ لِابْنِ بُكَيْرٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَلَا عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ فَلَا يُؤَمِّنُ عَلَى الْأَظْهَرِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَظْهَرِ لَيْسَ رَاجِعًا لِلْمَنْطُوقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَمِعَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّأْمِينِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَيَتَعَيَّنُ رُجُوعُهُ لِلْمَفْهُومِ أَيْ: لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّأْمِينِ مَعَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِعَدَمِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابًا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّأْمِينُ (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا صَادَفَ آيَةَ عَذَابٍ) أَيْ مُتَعَلِّقَةً بِالْمُؤْمِنِينَ أَيْ أَوْ بِالْكَافِرِينَ مِنْ حَيْثُ تَرَجِّي إيمَانِهِمْ. (قَوْلُهُ أَيْ إنْ سَمِعَ جَهْرَ الْإِمَامِ بِآخِرِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ وَلَا الضَّالِّينَ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْإِمَامِ أَيْ إنْ سَمِعَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ الْفَاتِحَةِ قَالَ عب وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ وَتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ لَمْ يَسْمَعْ لِسُنَّتِهِ فَإِنْ سَمِعَ تَأْمِينَ مَأْمُومٍ لَا يُؤَمِّنُ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِجَعْلِ ابْنِ عَرَفَةَ التَّحَرِّيَ مُقَابِلًا أَوْ يُؤَمِّنُ؛ لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْإِمَامِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ وَقُنُوتٍ) هُوَ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ لُغَةً الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ) هُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ الِانْقِيَادُ وَالْخُضُوعُ أَيْ وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْعِبَادَةَ أَخَصُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ مُطْلَقًا وَالْعِبَادَةَ مَا تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ فَتَنْفَرِدُ الطَّاعَةُ فِي النَّظَرِ الْمُوصِلِ لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَعَانٍ لُغَوِيَّةٌ إلَّا مَا ذُكِرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مِنْ مَعَانِيهِ اللُّغَوِيَّةِ الْإِقْرَارُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالصَّمْتُ وَالْخُشُوعُ. (قَوْلُهُ وَالسُّكُوتُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِلدُّعَاءِ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ يُقَالُ قَنَتَ لَهُ وَعَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ. (قَوْلُهُ بَيْنَ رُكْنَيْ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَلَمْ يَنْظُرْ لِلرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَى رُكْنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى انْحَنَى) أَيْ شَرَعَ فِي الِانْحِنَاءِ أَوْ انْحَنَى وَلَمْ يَطْمَئِنَّ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْبُطْلَانُ وَأَمَّا لَوْ انْحَنَى وَاطْمَأَنَّ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِتْيَانِ بِهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ إنْ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 لَمْ يَرْجِعْ لَهُ وَيَقْنُتُ بَعْدَ رَفْعِهِ فَلَوْ رَجَعَ لَهُ بَطَلَتْ لَا يُقَالُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الرَّاجِعِ لِلْجُلُوسِ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ أَشَدُّ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لِلْجُلُوسِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَقَوْلُهُ سِرًّا أَيْ وَنُدِبَ كَوْنُهُ سِرًّا؛ لِأَنَّهُ عَادَ وَهُوَ يُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِهِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ، وَقَوْلُهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ لَمَّا كَانَ السِّرُّ صِفَةً ذَاتِيَّةً لِلْقُنُوتِ لَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ وَأَقَامَ الْحَالِيَّةَ مَقَامَهُ، وَلَمَّا كَانَ كَوْنُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَيْسَ صِفَةً ذَاتِيَّةً لَهُ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ. (ص) وَلَفْظُهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ الْمَنْدُوبِ كَوْنُ الْقُنُوتِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَلَوْ دَعَا بِغَيْرِهِ مِثْلِ اللَّهُمَّ اهْدِنَا إلَى آخِرِهِ لَأَتَى بِمَنْدُوبٍ وَأَخَلَّ بِآخَرَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ الرَّابِعُ وَلَفْظُهُ الْوَارِدُ فِيهِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ تَقْدِيمًا لِرِوَايَةِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَوُثُوقًا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِهِ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ وَرَدَ فِيهِ نَحْوُ عِشْرِينَ رِوَايَةً لَكِنْ قَدَّمَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ لِمَا مَرَّ وَأَصْلُ اللَّهُمَّ يَا اللَّهُ حُذِفَتْ الْيَاءُ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْمِيمُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْمِيمِ إنَّا نَسْتَعِينُك أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْعَوْنَ وَحَذَفَ مُتَعَلِّقَهُ لِيَعُمَّ وَلَمَّا كَانَ مَشْهُورًا شُهْرَةً تُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَى آخِرِهِ وَنَسْتَغْفِرُك أَيْ نَطْلُبُ مَغْفِرَتَك أَيْ: سَتْرَك عَلَى مَعَاصِينَا وَتَرْكَ مُؤَاخَذَتِك وَالْمُتَعَلِّقُ مَحْذُوفٌ لِلتَّعْمِيمِ، وَنُؤْمِنُ بِك أَيْ نُصَدِّقُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ آيَاتِك، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك أَيْ نُفَوِّضُ أُمُورَنَا إلَيْك، وَنَخْنَعُ أَيْ نَخْضَعُ وَنَذِلُّ لَك، وَنَخْلَعُ أَيْ: الْأَدْيَانَ كُلَّهَا لِوَحْدَانِيَّتِك، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك أَيْ نَتْرُكُ مُوَالَاةَ مَنْ يَجْحَدُ نِعْمَتَك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ أَيْ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاكَ الْمَعْمُولُ لِلتَّخْصِيصِ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: لَا نُصَلِّي وَلَا نَسْجُدُ وَلَا نَسْعَى أَيْ نُبَادِرُ فِي طَاعَتِك وَعِبَادَتِك إلَّا لَك   [حاشية العدوي] يَرْكَعْ ثَانِيًا فَإِنْ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ فَلَوْ رَجَعَ لَهُ بَطَلَتْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَقْنُتُ لَهُ بَعْدَهُ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ الرُّكُوعِ إذَا تَذَكَّرَهُ فَإِنْ رَجَعَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ فَرْضٍ لِمُسْتَحَبٍّ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْجُلُوسِ تَرْكُ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَمِنْ تَرْكِ السُّجُودِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ثَلَاثِ سُنَنٍ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا طُلِبَ مِنْ كُلِّ مُصَلٍّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ يَبْعُدُ خَوْفُ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّ الرِّيَاءَ إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ بِشَيْءٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ النَّاسِ. (قَوْلُهُ صِفَةً ذَاتِيَّةً) فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ كَوْنَهُ سِرًّا صِفَةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ وَكَذَا كَوْنُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَكَذَا كَوْنُهُ بِصُبْحٍ وَجُعِلَ " سِرًّا " صِفَةً وُجُودِيَّةً يُؤَدِّي لِقِيَامِ الْمَعْنَى بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ وَأَقَامَ الْحَالِيَّةَ إلَخْ) فِي الْحَالِيَّةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ لِعَامِلِهَا وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا فَيُفِيدُ أَنَّ الْقُنُوتَ بِقَيْدِ كَوْنِهِ سِرًّا مَنْدُوبٌ أَوْ إنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى السَّرِيَّةِ فَلَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْقُنُوتِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ لَأَتَى بِمَنْدُوبٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَتَى بِمُطْلَقِ قُنُوتٍ فِي ضِمْنِ الْفَرْدِ الَّذِي أَتَى بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَأْتِي بِأَكْثَرَ بِالنَّظَرِ لِصِفَاتِهِ سِرًّا مَثَلًا. (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ الرَّابِعُ) بَلْ الْمُسْتَحَبُّ الْخَامِسُ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ فِي ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ وَكَوْنُهُ سِرًّا مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ وَكَوْنُهُ بِصُبْحٍ مُسْتَحَبٌّ ثَالِثُ وَكَوْنُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ مُسْتَحَبٌّ رَابِعٌ وَكَوْنُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ مُسْتَحَبٌّ خَامِسٌ وَلَعَلَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَرَى أَنَّ مَجْمُوعَ الْقُنُوتِ وَكَوْنَهُ سِرًّا مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ. (قَوْلُهُ رَوَاهُ مَالِكٌ) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ الصَّحْبِ أَوْ التَّابِعِينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ غَيْرُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اخْتَارَهُ لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: إنَّ أَصْلَهُ سُورَتَانِ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَمِنْ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى قَوْلِهِ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك سُورَةٌ وَبَاقِيهِ سُورَةٌ رَاجِعْ ك. (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْمِيمِ) مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا اشْتِغَالُ الْمَحَلِّ بِحَرَكَةِ الِادِّغَامِ وَكَانَتْ فَتْحَةً لِلتَّخْفِيفِ وَوَجْهُ تَقْدِيرِهَا عَلَى الْمِيمِ أَنَّ الْمِيمَ لَمَّا زِيدَتْ كَأَنَّهَا لَفْظٌ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَمَّا كَانَ حَرْفُ النِّدَاءِ فِي صُورَةِ حَرْفَيْنِ عَوَّضَ عَنْهُ حَرْفٌ مُشَدَّدٌ بِحَرْفَيْنِ. (قَوْلُهُ نَطْلُبُ مِنْك الْعَوْنَ) اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَعَانَ أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْإِعَانَةَ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ لِلطَّلَبِ. (قَوْلُهُ وَتَرْكَ مُؤَاخَذَتِك إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ سَتْرَ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالسَّتْرِ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الصُّحُفِ وَفِيهِ إظْهَارُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَحْوُ. (قَوْلُهُ وَالْمُتَعَلِّقُ مَحْذُوفٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّتْرَ إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَعْصِيَةِ وَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّارِحُ سَوَاءٌ حُذِفَ أَوْ ذُكِرَ فَهُوَ غَيْرُ مُتَفَاوِتٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ وَقَالَ عَلَى مَعَاصِينَا لَوَقَعَ فِي الْوَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ مَعَاصٍ مَعْهُودَةٌ وَعِنْدَ الْحَذْفِ فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ احْتِمَالِ الْعَهْدِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الذِّكْرِ وَأَمَّا عِنْدَ الْحَذْفِ فَلَا احْتِمَالَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَكَابِرُ. (قَوْلُهُ نُصَدِّقُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ آيَاتِك) يَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ وَالْمَعْنَى عَلَيْهَا ظَاهِرٌ وَمِنْ لِلْبَيَانِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَلَامَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُودِهِ وَصِفَاتِهِ وَيُحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ نُصَدِّقُ بِمَدْلُولِ مَا ظَهَرَ أَوْ الْمُرَادُ نُصَدِّقُ بِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى وُجُودِهِ وَصِفَاتِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ. (قَوْلُهُ نُفَوِّضُ أُمُورَنَا إلَيْك) أَيْ وَمِنْ شَأْنِ الْكَرِيمِ الْقَوِيِّ إذَا فُوِّضَ الْأُمُورُ إلَيْهِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ. (قَوْلُهُ وَنَذِلُّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ نَذِلُّ لَك (قَوْلُهُ وَنَخْلَعُ) أَيْ نَخْلَعُهَا مِنْ أَعْنَاقِنَا فَقَدْ شَبَّهَ الْأَدْيَانَ بِحَبْلٍ لَازِمٍ لِلْعُنُقِ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ لِوَحْدَانِيِّتِك) أَيْ لِكَوْنِك وَاحِدًا فِي الْأُلُوهِيَّةِ لَا مُشَارِكَ لَك فِيهَا. (قَوْلُهُ مَنْ يَجْحَدُ نِعْمَتَك) أَيْ لَا يَشْكُرُهَا وَلَوْ مُؤْمِنًا عَاصِيًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُفْرِ حَقِيقَتَهُ بَلْ جَحْدُ النِّعْمَةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَوْ أَرَادَ النِّعْمَةَ الْعُظْمَى وَهِيَ بَعْثَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا النِّعْمَةُ الْعُظْمَى فَالْجَحْدُ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [المجادلة: 22] الْآيَةَ وَلَا يَرِدُ جَوَازُ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ أَنَّ فِي نِكَاحِهَا مَيْلًا لَهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَاتِ وَالْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ بُغْضُ الدِّينِ. (قَوْلُهُ وَعِبَادَتِك) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ إلَّا لَك) أَيْ فَلَسْنَا قَاصِدِينَ بِطَاعَتِك وَعِبَادَتِك رِيَاءً وَسُمْعَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وَخَصَّ السُّجُودَ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الصَّلَاةِ لِشَرَفِهِ؛ إذْ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَمَعْنَى نَحْفِدُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ نَخْدُمُ وَنُبَادِرُ إلَى طَاعَتِك وَعِبَادَتِك وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَدَمُ حَفَدَةً لِمُسَارَعَتِهِمْ وَلِمُثَابَرَتِهِمْ عَلَى الْخِدْمَةِ، نَرْجُو رَحْمَتَك؛ لِأَنَّ أَعْمَالَنَا لَا تَفِي بِشُكْرِ نِعْمَتِك فَمَا لَنَا مَلْجَأٌ إلَّا رَجَاءُ رَحْمَتِك، وَنَخَافُ عَذَابَك أَيْ: نَحْذَرُ عِقَابَك فَنَحْنُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْقَادِرِ أَنْ يُرْجَى فَضْلُهُ وَيُخَافَ عَذَابُهُ، الْجِدَّ بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْحَقُّ ضِدُّ الْهَزْلِ أَوْ الثَّابِتُ أَوْ الدَّائِمُ، إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ أَوْ مُلْحِقٌ بِهِمْ الْهَوَانَ وَبِفَتْحِهَا اسْمُ مَفْعُولٍ وَالْفَاعِلُ هُوَ اللَّهُ أَوْ الْمَلَائِكَةُ. وَزَادَ فِي التَّلْقِينِ بَعْدَ نَحْفِدُ " اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت، وَعَافَنَا فِيمَنْ عَافَيْت، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت، تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ. (ص) وَتَكْبِيرُهُ فِي الشُّرُوعِ إلَّا فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَلِاسْتِقْلَالِهِ (ش) لَمَّا مَرَّ أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ وَتَحْمِيدَةٍ سُنَّةٌ بَيْنَ مَحَلِّ التَّكْبِيرِ الْأُولَى بِهِ وَقِيسَ عَلَيْهِ التَّحْمِيدُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُهُ وَتَحْمِيدُهُ وَاقِعًا فِي حَالِ الشُّرُوعِ فِي الْأَرْكَانِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِيَامٍ مُعَمِّرًا بِهِ الرُّكْنَ مِنْ أَوَّلِهِ لِآخَرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِيَامُهُ لِثَالِثَةٍ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُكَبِّرَ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا لِلْعَمَلِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً وَلِذَا قِيلَ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَخَصَّ السُّجُودَ) أَقُولُ أَيْ وَخَصَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الْعِبَادَةِ لِشَرَفِهَا (قَوْلُهُ: إذْ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) أَيْ: إذْ أَقْرَبُ أَحْوَالِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ كَائِنٌ فِي حَالِ كَوْنِهِ سَاجِدًا (فَإِنْ قُلْت) إنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ هُوَ السُّجُودُ وَاللَّفْظُ يَقْضِي بِخِلَافِهِ. (قُلْت) لَا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَالِ السُّجُودِ زَمَنُ السُّجُودِ وَالْحَاصِلُ فِي زَمَنِ السُّجُودِ هُوَ السُّجُودُ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَقْرَبُ أَحْوَالِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ سُجُودُهُ وَالسِّرُّ فِي الْعُدُولِ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا ذُكِرَ لِتَذْهَبَ النَّفْسُ كُلَّ مَذْهَبٍ مُمْكِنٍ حَتَّى تَقَعَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فَيَتَمَكَّنُ فِي النَّفْسِ شِدَّةَ تَمَكُّنٍ. (قَوْلُهُ نَخْدُمُ وَنُبَادِرُ) عَطْفُ الْمُبَادَرَةِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْخِدْمَةِ الْمُبَادَرَةُ لِطَاعَتِك وَظَهَرَ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ عَطَفَ نَحْفِدُ عَلَى نَسْعَى مُرَادِفٌ. (قَوْلُهُ وَلِمُثَابَرَتِهِمْ عَلَى الْخِدْمَةِ) أَيْ لِمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَى الْخِدْمَةِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمِينَ عَلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ نَرْجُو رَحْمَتَك) أَيْ إحْسَانَك الَّذِي لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ (قَوْلُهُ نِعْمَتِك) أَيْ أَنْعَامِك (قَوْلُهُ مَلْجَأٌ) أَيْ مَحَلٌّ يُلْتَجَأُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَنَحْنُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ) أَيْ مُتَرَدِّدُونَ بَيْنَهُمَا أَيْ تَارَةً نَرْجُو وَتَارَةً نَخَافُ فَنَنْتَقِلُ مِنْ هَذَا إلَى هَذَا وَبِالْعَكْسِ فَلَا نُلَازِمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَفِيهِ إشَارَةٌ لِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْخَوْفِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْآخَرِ فِي حَالِ الْمَرَضِ وَهُوَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَالْكَسْرُ أَشْهُرُ اهـ. فَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ أَشْهُرُ فَلَا يُنَافِي صِحَّةَ الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ ضِدُّ الْهَزْلِ) فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَقِّ الْمُتَحَقِّقُ أَيْ الثَّابِتُ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسُ الْأَمْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ الثَّابِتُ هُوَ بِمَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ) فَيَكُونُ مُلْحَقٌ مِنْ أَلْحَقَ بِمَعْنَى لَحِقَ اللَّازِمُ أَيْ إنَّ الْعِقَابَ يَطْلُبُ الْكُفَّارَ بِنَفْسِهِ لَا بِوَاسِطَةٍ تُوصِلُهُ إلَيْهِمْ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي ارْتِبَاطِ الْعَذَابِ بِهِمْ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُلْحِقٌ بِهِمْ الْهَوَانَ فَيَكُونُ مِنْ أَلْحَقَ الْمُتَعَدِّيَ وَكَذَا جَعْلُهُ اسْمَ مَفْعُولٍ. (قَوْلُهُ وَزَادَ فِي التَّلْقِينِ) كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ صَغِيرٌ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ بَعْدَ نَحْفِدُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ نَرْجُو رَحْمَتَك إلَخْ (قَوْلُهُ اهْدِنَا إلَخْ) أَيْ وَصِلْنَا لِلْمَطْلُوبِ مَعَ مَنْ هَدَيْت فَفِي بِمَعْنَى مَعَ وَكَذَا مَا بَعْدُ وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِفِي إشَارَةً إلَى قُوَّةِ ارْتِبَاطِ هِدَايَتِهِ بِهِدَايَتِهِمْ الَّتِي تُفِيدُهُ الظَّرْفِيَّةُ أَوْ إنَّ الْمُرَادَ اهْدِنَا حَالَةَ كَوْنِنَا دَاخِلِينَ فِي جُمْلَةِ مَنْ هَدَيْت وَهُوَ أَبْلَغُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَعَافِنَا وَحَاصِلُ ذَلِكَ طَلَبُ الْعَافِيَةِ فِي الْآخِرَةِ وَفِي الدُّنْيَا وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ. (قَوْلُهُ وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يُقَدِّرُ الْمَكْرُوهَ بِعَدَمِ دُعَاءِ الْعَبِيدِ الْمُسْتَجَابِ فَإِذَا اسْتَجَابَ دُعَاءَهُمْ لَمْ يَقَعْ الْقَضَاءُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَلَيْسَ هُوَ رَدُّ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ أَوْ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الدُّعَاءِ التَّخْفِيفُ فِيهِ وَمِنْهُ صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرَ وَالرِّزْقِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّ بَعْضَهُ غَيْرُ كَافٍ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الطَّلَبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ إنَّك تَقْضِي إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَيْسَ مَقْصُودًا بَلْ الْقَصْدُ وَصْفُ الْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّأْكِيدِ وَالتَّحْقِيقِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْقَطِعَ الْعَبْدُ عَمَّا سِوَاهُ وَيَلْتَجِئَ إلَيْهِ الْتِجَاءً غَيْرَ مَشُوبٍ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ تَقْضِي) أَيْ تَحْكُمُ عَلَى مَنْ تُرِيدُهُ مِنْ عِبَادِك بِمَا تُرِيدُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْك) أَيْ غَيْرُك لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْك بِأَمْرٍ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَالْعَجْزُ لَازِمٌ لَهُ. (قَوْلُهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت) أَيْ لَا يُهَانُ مَنْ قُمْت بِأَمْرِهِ وَتَدْبِيرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَعِزُّ) أَيْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِزُّ أَيْ الْقُوَّةُ وَالْغَلَبَةُ (قَوْلُهُ عَادَيْت) أَيْ لَمْ تَقُمْ بِأَمْرِهِ وَتَدْبِيرِهِ (قَوْلُهُ مَنْ عَادَيْت) أَيْ بِخُذْلَانِكَ (قَوْلُهُ تَبَارَكْت) أَيْ تَعَاظَمْت بِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ (قَوْلُهُ وَتَعَالَيْتَ) أَيْ تَنَزَّهْت عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِك فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (تَتِمَّةٌ) لَوْ صَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ يَجْهَرُ بِالْقُنُوتِ قَنَتَ مَعَهُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ فَلِاسْتِقْلَالِهِ) فَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ فَفِي إعَادَتِهِ بَعْدَهُ قَوْلَانِ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَأْمُومِ تَأْخِيرُ قِيَامِهِ إلَى انْتِصَابِ إمَامِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ فَيَشْتَمِلُ مَا لَوْ حَصَّلَ الْمَأْمُومُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا يُكَبِّرُ حَالَ الْقِيَامِ فَالظَّاهِرُ صَبْرُ الْمَأْمُومِ لِتَكْبِيرِهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ بَعْدَهُ قَائِمًا (قَوْلُهُ وَتَحْمِيدُهُ) أَيْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (قَوْلُهُ لِيَعْمُرَ بِهِ الرُّكْنُ) ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ كَعِظَامٍ وَالذِّكْرُ كَمُخِّهَا وَلَا عِبْرَةَ بِعَظْمٍ لَيْسَ فِيهِ مُخٌّ (قَوْلُهُ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا أَدْرَكَ مَأْمُومٌ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَامَ لِثَالِثَةٍ يُكَبِّرُ بَعْدَ أَنْ يَسْتَقِلَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُرَادُ لِثَالِثَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ كَانَتْ لِلْمَأْمُومِ ثَانِيَةً أَوْ ثَالِثَةً فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِلْعَمَلِ) أَيْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى قِيَامِ الرَّبَاعِيَةِ. (ص) وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ (ش) هَذَا إشَارَةٌ لِبَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ إذْ قَدَّمَ بَيَانَ حُكْمِهِ أَيْ وَهَيْئَةُ الْجُلُوسِ كُلِّهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدَيْنِ بِأَنْ يُفْضِيَ أَيْ يُوصِلَ وَرِكَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَأَلْيَتَيْهِ لِلْأَرْضِ وَيَنْصِبَ جَانِبَ قَدَمِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَصِيرُ الْوَرِكُ الْأَيْمَنُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ وَيُفْضِي بِبَاطِنِ إبْهَامِ الْيُمْنَى وَبَعْضِ أَصَابِعِهَا لِلْأَرْضِ فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ إلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَقُعُودُهُ عَلَى طَرَفِ الْوَرِكِ الْأَيْسَرِ. (ص) وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ مُجَافِيًا ضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يَضُمُّهُمَا وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ، وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَفْظِ رُكُوعٍ وَجَرِّ لَفْظِ وَضْعُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى فَهُوَ مِنْ إتْمَامِ صِفَةِ الْجُلُوسِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِي عِبَارَةٍ وَلَيْسَ قَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ آخِرَ أَعْلَى مِنْ هَذَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَيْفِيَّاتِ ثَلَاثَةٌ وَاحِدَةٌ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهِيَ قَوْلُهُ " تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ " وَاثْنَتَانِ مُسْتَحَبَّتَانِ وَهُمَا قَوْلُهُ " وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا " وَقَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ إلَخْ. لَكِنْ الْأُولَى أَعْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ فَوْقَ رُكْبَتَيْهِ أَيْ عَلَى الْعُضْوِ الَّذِي فَوْقَ رُكْبَتَيْهِ وَالْعُضْوُ الَّذِي فَوْقَ رُكْبَتَيْهِ هُمَا رَأْسَا فَخِذَيْهِ فَعَلَى هُنَا بِمَعْنَى فَوْقَ فَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ يَقُولُ أَعْلَى رُكْبَتَيْهِ. (ص) وَوَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا بِسُجُودٍ (ش) فِيهَا لِمَالِكٍ يَتَوَجَّهُ بِيَدَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَحُدَّ أَيْنَ يَضَعُهُمَا الرِّسَالَةُ تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَالرِّسَالَةِ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِمَا مِقْدَارُ الْقُرْبِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْمُحَاذَاةِ فِي النَّدْبِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَكُونُ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ مُحَاذِيَةً لَهُمَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ. (ص) وَمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنِهِ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الرُّبَاعِيَّةِ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً مَعَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ. (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ نُدِبَ وَقَوْلُهُ وَهَيْئَةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَعَلَى هَذَا فَالْبَاءُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِفْضَاءٍ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوِّرَةٌ تِلْكَ الْهَيْئَةَ بِكَذَا وَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ وَتَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْجُلُوسِ مُقَارِنًا لِهَذِهِ الْهَيْئَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَارِنًا حَصَلَ السُّنَّةُ وَفَاتَ الِاسْتِحْبَابُ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ هَذِهِ الْهَيْئَةُ حَتَّى يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ لِلْقِبْلَةِ وَمِنْ هُنَا يُكْرَهُ إزَالَةُ رِدَائِهِ أَوْ ثِيَابِهِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَكُونَ مُصَلِّيَةً فَيَحْصُلَ لَهَا بَرَكَةُ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَفِي التَّشَهُّدَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي اخْتِيَارِهِ فِي تَشَهُّدٍ غَيْرِ الْأَخِيرِ كَوْنَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى. (قَوْلُهُ وَرِكَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ وَأَلْيَتَيْهِ) أَيْ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُ هَذِهِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ يَحْتَمِلُ وَأَلْيَتَاهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْأَرْضِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ كَذَا فِي عب وَيُبْحَثُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ سَاقَ الْيُمْنَى فَوْقَ قَدَمِ الْيُسْرَى لَا تَكُونُ أَلْيَتَاهُ إلَّا عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ جَانِبِ) الْأَوْلَى حَذْفُ جَانِبٍ وَقَدَمٍ وَيَقُولُ وَيَجْعَلُ سَاقَ الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْيُمْنَى مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ؛ إذْ يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى إفْضَاءٍ وَالتَّقْدِيرُ وَيَجْعَلُ الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى بِدُونِ تَقْدِيرِ وَرِكٍ وَالْمُرَادُ جَعَلَ سَاقَ الْيُمْنَى عَلَى قَدَمِ الْيُسْرَى فَيَكُونُ قَدَمُ الْيُسْرَى تَحْتَ سَاقِهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَقِيلَ يَجْعَلُهُ تَحْتَ فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ وَقِيلَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ. (أَقُولُ) وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفَرُّشَ وَهُوَ كَوْنُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَيُفْضِي هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِبْهَامِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْيُسْرَى أَيْ وَيُفْضِي بِإِبْهَامِهَا إلَى الْأَرْضِ لَكِنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَيْثُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ فِيهَا ثَلَاثَةُ إضَافَاتٍ مُقَدَّرَةٍ وَهِيَ هَيْئَةٌ وَوَرِكٌ وَبَاطِنٌ وَمَوْصُوفٌ وَهُوَ الرِّجْلُ وَمَعْطُوفٌ وَهُوَ أَلْيَتَيْهِ وَيُقَدَّرُ مَعْطُوفٌ آخَرُ وَهُوَ تَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ وَتَقْدِيرُ عَامِلٍ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَانْظُرْ مَا قَدْرُ التَّفْرِيجِ. (قَوْلُهُ مُجَافِيًا) هَذَا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَضُمُّهُمَا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ حَالَ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ وَهَذَا تَكْرَارٌ) سَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِفْضَاءٍ) أَيْ عَلَى إفْضَاءٍ مِنْ قَوْلِهِ بِإِفْضَاءٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ إتْمَامٍ) أَيْ فَذِكْرُهُ مِنْ إتْمَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ إلَخْ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ جَارِيًا عَلَى بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ قَوْلِهِ بِرُكُوعِهِ فَيَلْزَمُ الْمُصَنِّفَ أَنْ يَقُولَ أَعْلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ يَضَعُ يَدَيْهِ فِي أَعْلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَيْ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ هَذَا مُرَادُهُ إلَّا أَنَّ اللَّفْظَ لَا يُؤَدِّيهِ؛ لِأَنَّ أَعْلَى الرُّكْبَتَيْنِ هُوَ الْجُزْءُ الْعَالِي مِنْهُمَا الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ جُزْءٌ أَعْلَى مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَعْلَى الدَّارِ هُوَ الْجُزْءُ الْعَالِي الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ جُزْءٌ فَأَعْلَى الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَصْدُ خِلَافُ ذَلِكَ كَمَا تَبَيَّنَ. (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ عَنْ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ فَتَكُونُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَفِي ك وشب أَنَّ أَوْ تَنْوِيعِيَّةٌ إشَارَةٌ لِقَوْلٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ) بِأَنْ تَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ أَنْزَلَ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) مِرْفَقَيْهِ مَعْطُوفٌ عَلَى بَطْنِهِ وَرُكْبَتَيْهِ مَعْطُوفٌ عَلَى فَخِذَيْهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جَائِزٌ وَالْمُجَافَاةُ الْمُبَاعَدَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 يُفَرِّقَ بَيْنَ بَطْنِهِ وَفَخِذَيْهِ وَبَيْنَ مِرْفَقَيْهِ وَجَنْبَيْهِ وَبَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، وَمُجَافَاةُ مِرْفَقَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ تُفِيدُ مُجَافَاةَ ذِرَاعَيْهِ لِفَخِذَيْهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ الَّتِي لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا وَلَهُ أَنْ يَضَعَ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ فِي النَّوَافِلِ وَبَطْنِهِ بِالْجَرِّ بَدَلَ مِنْ رَجُلٍ أَيْ مُجَافَاةُ بَطْنِ رَجُلٍ وَفَخِذَيْهِ مَفْعُولُ مُجَافَاةُ وَبِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لِمَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ مُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ قِيلَ لَهُ مَا مَعْنَى مُجَافَاتُهُ فَقَالَ يَجْعَلُ بَطْنَهُ مُجَافِيًا فَخِذَيْهِ فَنَصَبَ فَخِذَيْهِ بِمُجَافَاةِ الْمُقَدَّرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِمُجَافَاةِ وَالْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ أَيْ وَيُنْدَبُ أَيْضًا مُجَافَاةُ مِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يَضَعُهُمَا وَلَا ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِذِكْرِ الرَّجُلِ عَنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي صَلَاتِهَا مُنْضَمَّةً مُنْزَوِيَةً وَقِيلَ هِيَ كَالرَّجُلِ فِي ذَلِكَ. (ص) وَالرِّدَاءُ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ الرِّدَاءُ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الِاسْتِحْبَابُ فِي الرِّدَاءِ عَلَى مَرَاتِبَ أَرْبَعَةٍ آكَدُهَا صَلَاةُ الْأَئِمَّةِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ بِالْأَرْدِيَةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْغَفَائِرِ وَالْبَرَانِسِ وَيَلِيهَا فِي الِاسْتِحْبَابِ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَمَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ بِالرِّدَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَيَلِي ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْبَابِ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي دَارِهِ أَوْ فِنَائِهِ بِالرِّدَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَيَلِي ذَلِكَ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي دَارِهِ أَوْ فِنَائِهِ بِالرِّدَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ أَدْنَى مَرْتَبَةِ الِاسْتِحْبَابِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ. وَقَدْ أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا طَلَبَهُ ابْتِدَاءً وَأَفَادَ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ حُكْمَ مَا إذَا تُرِكَ، وَالرِّدَاءُ فِي النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ هُوَ الثَّوْبُ أَوْ الْبُرُدُ يَضَعُهُ عَلَى عَاتِقَيْهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمَدْخَلِ، وَزَادَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ وَنَحْوُهَا دُونَ أَنْ يُغَطِّيَ بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهَا بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. (ص) وَسَدْلُ يَدَيْهِ (ش) أَيْ يُنْدَبُ لِكُلِّ مُصَلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ سَدْلُ أَيْ إرْسَالُ يَدَيْهِ إلَى جَنْبَيْهِ مِنْ حِينِ يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ ظَاهِرُهُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُكْرَهُ الْقَبْضُ فِي الْفَرْضِ. (ص) وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ أَوْ إنْ طُوِّلَ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ فِي الْفَرْضِ لِلِاعْتِمَادِ أَوْ خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ أَوْ إظْهَارَ خُشُوعٍ؟ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ هَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ لِكُوعِ يَدِهِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ فِي النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ طُولٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؟ أَوْ إنْ طُوِّلَ فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قُصِّرَ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؟ وَهُمَا تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا سَبَبُ كَرَاهَةِ الْقَبْضِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ فِي الْفَرْضِ فَفِيهِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ قِيلَ لِلِاعْتِمَادِ إذْ هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُسْتَنِدِ وَهُوَ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فَلَوْ فَعَلَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ تَسَنُّنًا لَمْ يُكْرَهْ وَأُخِذَ مِنْهُ جَوَازُهُ فِي النَّفْلِ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقِيلَ خِيفَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ بَطْنِهِ وَفَخِذَيْهِ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُجَافَاةُ رِجْلٍ فِيهِ بَطْنَهُ. (قَوْلُهُ وَبَيْنَ مِرْفَقَيْهِ وَجَنْبَيْهِ) صُورَةٌ خَارِجَةٌ وَكَذَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمُجَافَاةَ بَيْنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ تُؤْخَذُ لُزُومًا مِنْ مُجَافَاةِ الْمِرْفَقَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ إذَا جَعَلَ الْمِرْفَقَيْنِ فِي حَالِ الْمُجَافَاةِ لِلرُّكْبَتَيْنِ مُحَاذِيَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ فَتَدَبَّرْ. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمُصَنِّفِ هِيَ مَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَمُجَافَاةُ مِرْفَقَيْهِ إلَخْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَيِّنَهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى ثُمَّ يَقُولَ: وَمُجَافَاةُ كَذَا تَسْتَلْزِمُ كَذَا (قَوْلُهُ تُفِيدُ) كَذَا فِي ك وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمُبَاعَدَةُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ يَكُونُ الْمِرْفَقَانِ مُحَاذِيَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَبَطْنِهِ بِالْجَرِّ بَدَلٌ) هَذَا الْإِعْرَابُ لِلْبِسَاطِيِّ جَعَلَهُ اللَّقَانِيِّ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ بَطْنَهُ يَصِيرُ فَاعِلًا مَعَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ وَفَخِذَيْهِ تَثْنِيَةُ فَخِذٍ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَا بَيْنَ الرُّكْبَةِ وَالْوَرِكِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ فَتْحُ الْفَاءِ وَكَسْرُ الْفَاءِ مَعَ سُكُونِ الْخَاءِ وَفَتْحُ الْفَاءِ وَكَسْرُ الْخَاءِ وَالْفَاءِ (قَوْلُهُ يَجْعَلُ بَطْنَهُ إلَخْ) فَفِيهِ حَذْفُ عَامِلَيْنِ (أَقُولُ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَطْنُهُ مَعْمُولُ مُجَافَاةٍ وَقَوْلُهُ فَخِذَيْهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ يُجَافِي الرَّجُلُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَضَعُهُمَا) أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَخْ هَذَا لَازِمٌ لِمُجَافَاةِ الْمِرْفَقَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ حَيْثُ تَكُونُ الْمُجَافَاةُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ الْمُسَامَتَةِ. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ) أَيْ إلَّا الْمُسَافِرَ (قَوْلُهُ آكَدُهَا) أَيْ أَكْثَرُهَا ثَوَابًا (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْقَبَائِلِ وَفِي الدَّارِ وَالْفِنَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فَوْقَ الْفَذِّ وَدُونَ الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كَالْفَذِّ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ وَأَفَادَ فِيمَا سَيَأْتِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا سَيَأْتِي قَاصِرٌ عَلَى الْإِمَامِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِي حَقِّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ هُوَ الثَّوْبُ أَوْ الْبُرْدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْبُرْدُ مِنْ الثِّيَابِ جَمْعُهُ بُرُودٌ وَأَبْرَادٌ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُرَبَّعٌ اهـ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ (قَوْلُهُ عَاتِقَيْهِ) يُقَالُ لِمَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ عَاتِقٌ وَهُوَ مَوْضِعُ الرِّدَاءِ وَالْمَنْكِبُ كَالْمَجْلِسِ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَلَى كَتِفَيْهِ وَتَبَيَّنَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعَاتِقَ وَالْكَتِفَ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ) أَيْ طُولُهُ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ أَئِمَّتِنَا أَنَّ طُولَهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ هَكَذَا قَالَ عج أَيْ فَكَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ لَيْسَ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّتِنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْقَبْضُ فِي الْفَرْضِ) وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ بَلْ تَسَنُّنًا لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي السُّنَّةِ وَنَفْيُ الْكَرَاهِيَةِ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَحَيْثُ كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بَقِيَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَا اعْتِمَادًا وَلَا تَسَنُّنًا وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى التَّسَنُّنِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فَيُحْمَلُ خَالِي الذِّهْنِ عَلَيْهِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَصْدُ الِاعْتِمَادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ الْجُهَّالُ وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَضَعَّفَ هَذَا التَّأْوِيلَ بِتَفْرِقَتِهِ فِيهَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَعَ تَأْدِيَتِهِ إلَى كَرَاهَةِ كُلِّ الْمَنْدُوبَاتِ وَقِيلَ خِيفَةَ إظْهَارِ خُشُوعٍ لَيْسَ فِي الْبَاطِنِ وَقَدْ تَعَوَّذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ وَهُوَ لِعِيَاضٍ وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ، قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَنَحْوُهُ فِي التَّتَّائِيِّ وَعَلَيْهِ فَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ لَيْسَ تَعْلِيلًا بِالْمَظِنَّةِ، فَإِذَا انْتَفَى الِاعْتِمَادُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ لَا يُكْرَهُ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الثَّالِثُ فَبِالْمَظِنَّةِ أَيْ إنَّهُ مَظِنَّةُ إظْهَارِ الْخُشُوعِ، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الثَّانِي فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَظِنَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَالْأَوَّلِ وَعَلَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَظِنَّةُ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ أَوْ مَظِنَّةُ خَوْفِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ؟ وَفُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْفَرْضِ مَكْرُوهٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافَ فِي النَّفْلِ الْقَبْضُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. (ص) وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ تَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ أَيْ إذَا هَوَى لَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) أَيْ وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ. (ص) وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ فِي تَشَهُّدَيْهِ الثَّلَاثِ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْقِدَ فِي تَشَهُّدِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرَ وَالْخِنْصَرَ مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ تَحْتَ السَّبَّابَةِ وَلَا يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ أَصَابِعِ الْيُسْرَى وَلَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى ثُمَّ فِيهِ إجْمَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ هُوَ صُورَةُ عِشْرِينَ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّلَاثَ صِفَةُ تِسْعَةٍ وَهُوَ جَعْلُهَا عَلَى طَرَفِ الْكَفِّ فَيَصِيرَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا وَسَطَ الْكَفِّ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا وَسَطَ الْكَفِّ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صِفَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الثَّلَاثِ وَلَا كَيْفِيَّةُ حَالِ الْإِبْهَامِ مَعَ السَّبَّابَةِ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ عَلَى هَيْئَةِ عَدَدِ التِّسْعِ   [حاشية العدوي] مَكْرُوهٌ قَصَدَ التَّسَنُّنَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مَنْدُوبٌ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَالتَّأْوِيلَانِ بَعْدَهُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِتَفْرِقَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَجَوَّزَ فِي النَّفْلِ (قَوْلُهُ مَعَ تَأْدِيَتِهِ إلَى كَرَاهَةِ كُلٍّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ خِيفَةَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ تُمْكِنُ فِي جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ فَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ خِيفَةَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ النِّفَاقِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُعَالِجُ الشَّخْصُ نَفْسَهُ فِي التَّرْكِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ) بَلْ النَّفَلُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ أَيْ فَهَذَا التَّعْلِيلُ ضَعِيفٌ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ كُلِّهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ) بَلْ يُنْدَبُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَظِنَّةُ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ) أَيْ مَظِنَّةُ اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ الْوُجُوبَ أَوْ مَظِنَّةُ غَيْرِهِ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْحُكْمَ أَيْ فِي فَاعِلٍ يَعْرِفُ الْحُكْمَ أَيْ مَحَلٌّ لِلِاعْتِقَادِ فَفِيهِ تَجْرِيدٌ. (قَوْلُهُ أَوْ مَظِنَّةُ خَوْفِ إلَخْ) أَيْ مَظِنَّةٌ لِكَوْنِ النَّاسِ يَخَافُونَ أَيْ يَظُنُّونَ أَنَّ الْفَاعِلَ يَعْتَقِدُ الْوُجُوبَ فَيَتْبَعُونَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَذُمُّونَهُ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ أَوْ مَظِنَّةٌ لِكَوْنِ الْفَاعِلِ يَظُنُّ مِنْ أَجْلِ فِعْلِهِ أَنَّ النَّاسَ يَعْتَقِدُونَ الْوُجُوبَ فَيَتْبَعُونَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا مَظِنَّةُ الِاعْتِقَادِ أَيْ فَيَكُونُ الْمُتَرَقَّبُ نَفْسَ الِاعْتِقَادِ إمَّا مِنْ الْفَاعِلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةُ الْخَوْفِ فَالْمُتَرَقَّبُ الْخَوْفُ لَا الِاعْتِقَادُ وَالْخَوْفُ إمَّا مِنْ الْفَاعِلِ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ الِاعْتِقَادَ أَوْ الْخَوْفُ مِنْ الْغَيْرِ عَلَى الْفَاعِلِ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مُعْتَقِدًا الْوُجُوبَ فَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَحَلٌّ لِخَوْفِ الِاعْتِقَادِ أَيْ مَحَلٌّ لِظَنِّ الِاعْتِقَادِ فَتُفَسَّرُ الْمَظِنَّةُ بِمَوْضِعِ الظَّنِّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ الظَّنِّ بِالْخَوْفِ لِكَوْنِ الْخَوْفِ أَعَمَّ مِنْ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الشَّكَّ وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ عَلَى هَذَا تَجْرِيدٌ. . (قَوْلُهُ أَيْ إذَا هَوَى لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي سُجُودِهِ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ فِي رَفْعِهِ مِنْ سُجُودِهِ. (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) عَكْسُ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ فِي نُزُولِهِ وَقِيَامِهِ أَيْ عَكْسُ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ اللَّتَيْنِ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يَقُومُ عَلَيْهِمَا وَلَكِنْ يُقَدِّمُ زَحْزَحَتَهُ بِمُؤَخِّرِ رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْقِيَامِ قَبْلَ أَنْ يَمُدَّ يَدَيْهِ لِلْقِيَامِ فَرُكْبَتَاهُ مُؤَخَّرَتَانِ فِي الْقِيَامِ وَالْإِنْسَانُ رُكْبَتَاهُ مُقَدَّمَتَانِ وَفِي حَالَةِ النُّزُولِ رُكْبَتَا الْإِنْسَانِ مُؤَخَّرَتَانِ وَرُكْبَتَا الْبَعِيرِ مُقَدَّمَتَانِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي عب وَنَصُّهُ عَكْسُ الْبَعِيرِ فِي نُزُولِهِ وَقِيَامِهِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَمَّا نُزُولُهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا قِيَامُهُ فَمَعْنَاهُ عَكْسُ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ فِي يَدَيْهِ لِقِيَامِهِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَحْرِيكِ رِجْلَيْهِ. . (قَوْلُهُ الثَّلَاثِ) بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ يُمْنَاهُ مُقَدَّرٌ فِيهِ الضَّمِيرُ بِرَبْطِ الْبَعْضِ بِكُلِّهِ أَيْ أَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ أَيْ عَقْدُهُ بَعْضَ يُمْنَاهُ الثَّلَاثِ فَالثَّلَاثُ بَدَلٌ مِنْ بَعْضٍ وَبَدَلُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ضَمِيرٌ. (قَوْلُهُ مَادًّا السَّبَّابَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُشِيرُ بِهَا لِلسَّبِّ (قَوْلُهُ وَالْإِبْهَامُ تَحْتَ السَّبَّابَةِ) أَيْ إلَى جَانِبِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُنْخَفِضٌ عَنْ السَّبَّابَةِ كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَتَكُونُ مَمْدُودَةً عَلَى الْوُسْطَى فَيُوَافِقُ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ أَيْ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثٍ) الْأَفْضَلُ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثٍ فَتَكُونُ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ وَهِيَ صِفَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ وَضْعَ الثَّلَاثَةِ الْأَصَابِعِ بِثَلَاثَةٍ وَيَكُونُ وَضْعُ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى مَعَ مَدِّ السَّبَّابَةِ بِخَمْسِينَ هَذَا مُفَادُهُ إلَّا أَنَّهُ مُنَافٍ لِمَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي جَعَلْنَاهَا مُوَافِقَةً لِلْأُولَى؛ لِأَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ ذَلِكَ لِلْعِشْرِينِ لَا لِلْخَمْسِينَ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ أَيْ رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى بِحَيْثُ تَكُونُ الْإِبْهَامُ مُنْحَنِيَةً هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ صِفَةَ عِشْرِينَ أَيْ بِدُونِ انْحِنَاءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وَالْعِشْرِينَ فَيَكُونُ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ وَالْوُسْطَى أَطْرَافُهُنَّ عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ الْإِبْهَامِ وَيَبْسُطُ الْمُسَبِّحَةَ وَيَجْعَلُ جَنْبَهَا إلَى السَّمَاءِ وَيَمُدُّ الْإِبْهَامَ بِجَانِبِهَا عَلَى الْوُسْطَى. (ص) وَتَحْرِيكُهَا دَائِمًا (ش) أَيْ وَنُدِبَ تَحْرِيكُ السَّبَّابَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا نَاصِبًا حَرْفَهَا إلَى وَجْهِهِ كَالْمُدْيَةِ دَائِمًا أَيْ مِنْ أَوَّلِ التَّشَهُّدِ لِآخَرِهِ وَهُوَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَالْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي عِلَّةِ تَحْرِيكِهَا أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى السَّلَامِ وَلَوْ طَالَ التَّشَهُّدُ. (ص) وَتَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ التَّيَامُنُ بِالسَّلَامِ ابْنُ عَرَفَةَ سَلَامُ غَيْرِ الْمَأْمُومِ قُبَالَتَهُ مُتَيَامِنًا قَلِيلًا عِيَاضٌ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَهُ الْبَاجِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَذَّ وَالْإِمَامَ يُسَلِّمُ قُبَالَتَهُ مُتَيَامِنًا قَلِيلًا، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ بُدَاءَتُهُ بِالسَّلَامِ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَيَكُونُ التَّيَامُنُ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ. (ص) وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي وَمَحَلُّهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ طُولُ الْجُلُوسِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا يَزِيدُ فِيهِ عَلَى التَّشَهُّدِ. (ص) وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّشَهُّدَ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ سُنَّةٌ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَ هُنَا الْخِلَافَ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْآتِي بَيَانُهُ الَّذِي عَلِمَهُ النَّاسُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ سُنَّةٌ فَيَصِيرُ الْآتِي بِهِ آتِيًا بِسُنَّتَيْنِ أَوْ فَضِيلَةٍ، وَالسُّنَّةُ مُطْلَقُ لَفْظٍ تَيَسَّرَ وَعَلَى كُلٍّ يُسْتَحَبُّ إسْرَارُهُ وَالْجَهْرُ بِهِ بِدْعَةٌ وَجَهْلٌ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَيِّ لَفْظٍ سُنَّةٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ مَا فِي الْخَبَرِ كَمَا يَأْتِي أَوْ فَضِيلَةٌ كَمَا شَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ خِلَافٌ وَمَحَلُّهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ الدُّعَاءِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ إنَّمَا هِيَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ دُعَاءٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَأَنْ يُتَمَّمَ بِذَلِكَ وَلَفْظُ التَّشَهُّدِ الْمُخْتَارُ لِمَالِكٍ هُوَ التَّحِيَّاتُ أَيْ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمِلْكِ مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى الزَّاكِيَاتُ النَّامِيَاتُ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ أَيْ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهِيَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا وَالَاهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لِلَّهِ، وَقِيلَ كُلُّ الصَّلَوَاتِ وَقِيلَ الْأَدْعِيَةُ وَقِيلَ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا، السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَيْ اللَّهُ عَلَيْك حَفِيظٌ وَرَاضٍ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ الْمُرَادُ مَا تَجَدَّدَ مِنْ نَفَحَاتِ إحْسَانِهِ وَزَادَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُوَطَّأِ وَبَرَكَاتُهُ أَيْ خَيْرَاتُهُ الْمُتَزَايِدَةُ السَّلَامُ أَيْ اللَّهُ شَهِيدٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَالْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي عِلَّةِ تَحْرِيكِهَا) الْعِلَّةُ أَنَّهَا تُذَكِّرُ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ فَلَا يُوقِعُهُ الشَّيْطَانُ فِي سَهْوٍ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ بِالْإِشَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ عُرُوقَهَا مُتَّصِلَةٌ بِنِيَاطِ الْقَلْبِ وَإِذَا حُرِّكَتْ انْزَعَجَ الْقَلْبُ فَيَتَنَبَّهُ لِذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُحَرِّكُهَا إلَى السَّلَامِ جِهَةَ الْيُمْنَى وَالْيَسَارِ لَا فَوْقَ وَتَحْتَ كَمَا قِيلَ بِهِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ طَالَ التَّشَهُّدُ) الْمُنَاسِبُ وَلَوْ طَالَ الْجُلُوسُ. (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ) يُرَادُ بِهِ تَشَهُّدُ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ ثَانِيًا أَوْ رَابِعًا وَيَدْخُلُ فِي الدُّعَاءِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافًا لِمَا فِي عب. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ التَّشَهُّدَ) الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْفَضْلِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي أَصْلِ التَّشَهُّدِ وَأَمَّا كَوْنُهُ بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لَا غَيْرُ وَذَكَرَ النَّقْلَ الْمُؤَيِّدَ لِذَلِكَ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ بِهِ بِدْعَةٌ) أَيْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ مَا فِي الْخَبَرِ كَمَا يَأْتِي) وَعَدَّ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَذَا فِي عب تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ قَالَ ابْنُ عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ فِي الْبُخَارِيِّ ذَكَرَ الْآلُ فِي الْمَحَلَّيْنِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِهَا سَاقِطَةٌ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ هَذَا تَقْصِيرٌ مِنْ الرُّوَاةِ وَأَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى بِالْآلِ فِي الْمَحَلَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ «لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ قَالَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحَابَةُ نَحْنُ أَمَرَنَا اللَّهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، أَمَّا السَّلَامُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ وَمَا الصَّلَاةُ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» اهـ. (قَوْلُهُ يُتَمَّمَ بِذَلِكَ) أَيْ بِكَوْنِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمِلْكِ) كَقَوْلِهِ {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة: 107] (قَوْلُهُ مُسْتَحَقَّةٌ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَسْتَحِقُّ الْمَوْلَى أَنْ يَتَّصِفَ بِمَدْلُولِهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ) أَيْ تَامٌّ ثَوَابُهَا (قَوْلُهُ لِلَّهِ) أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إلَّا لَهُ (قَوْلُهُ وَمَا وَالَاهُ) نَاسَبَهُ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ كُلُّ الصَّلَوَاتِ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا) فَيَدْخُلُ الزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ فَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ. (قَوْلُهُ عَلَيْك) مُتَعَلِّقٌ بِحَفِيظٌ وَرَاضٍ أَمَّا تَعَلُّقُهُ بِرَاضٍ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ عَلَى تَأْتِي بِمَعْنَى عَنْ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ إذَا رَضِيت عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ وَأَمَّا تَعَلُّقُهُ بِحَفِيظٌ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا بِجَعْلِ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَحَفِيظٌ مُبَالَغَةُ حَافِظٍ أَيْ حَافِظٌ لَك مِنْ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ أَوْ مِنْ الْمُضَارَّةِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ (قَوْلُهُ أَيُّهَا النَّبِيُّ) يُلَاحَظُ كَأَنَّهُ يُخَاطِبُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَنْ يُلَاحِظُ الرَّوْضَةَ الشَّرِيفَةَ (قَوْلُهُ نَفَحَاتِ إحْسَانِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ النَّفْحَةُ الْعَطِيَّةُ وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ نَفَحَتْ الرِّيحُ هَبَّتْ وَكَأَنَّ النَّفْحَةَ اسْمٌ لِلْعَطِيَّةِ الَّتِي بِهَا ارْتِيَاحُ الْقُلُوبِ كَارْتِيَاحِهَا بِالرِّيحِ الطَّيِّبَةِ وَإِضَافَةُ نَفَحَاتٍ لِلْإِحْسَانِ مِنْ إضَافَةِ الْمُتَعَلَّقِ بِفَتْحِ اللَّامِ لِلْمُتَعَلِّقِ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ الْمُتَزَايِدَةُ) أَيْ الْآخِذَةُ فِي الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيَظْهَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 عَلَيْنَا أَنَّا قَدْ آمَنَّا بِكَ وَاتَّبَعْنَاك وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَمَانُ أَيْ أَمَانُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ أَشْهَدُ أَيْ أَتَحَقَّقُ أَنْ لَا إلَهَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللَّهُ وَزَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَشْهَدُ أَيْ أَتَحَقَّقُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (ص) وَلَا بَسْمَلَةَ فِيهِ (ش) أَيْ وَلَا بَسْمَلَةَ فِي التَّشَهُّدِ أَيْ يُكْرَهُ وَلَوْ تَشَهُّدَ نَفْلٍ، وَأَمَّا حُكْمُ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ وَكُرِهَا بِفَرْضٍ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا بَسْمَلَةَ فِيهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ عَلَى الْفَاتِحَةِ كَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ لَا مُطْلَقًا وَرَجَعَهُ الْبِسَاطِيُّ لِلصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ قَالَ وَعَلَى هَذَا فَالنَّفْيُ لِلْوُجُوبِ وَالسُّنَّةِ وَالِاسْتِحْبَابِ اهـ. وَيَشْمَلُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ الَّتِي بَعْدَهَا كَمَا فِي الرِّسَالَةِ عَلَى كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَهُوَ حَسَنٌ. (ص) وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ (ش) أَيْ وَجَازَتْ الْبَسْمَلَةُ فِي النَّفْلِ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّعَوُّذُ وَظَاهِرُهُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ السُّورَةِ جَهْرًا أَوْ سِرًّا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَكُرِهَا بِفَرْضٍ (ش) أَيْ وَكُرِهَتْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ فِي الْفَرْضِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ سِرًّا وَجَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ مَالِكٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَقِيلَ بِالْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ لَكِنْ مِنْ الْوَرَعِ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ بِالْبَسْمَلَةِ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ وَيُسِرُّهَا وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهَا وَلَا يُقَالُ قَوْلُهُمْ يُكْرَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الْفَرِيضَةِ يُنَافِي قَوْلَهُمْ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مُتَعَلِّقُ الْكَرَاهَةِ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى وَجْهِ أَنَّهَا فَرْضٌ أَوْ عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا وَمُتَعَلِّقُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِتْيَانُ بِهَا دُونَ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّفَلِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا. (ص) كَدُعَاءٍ قَبْلَ قِرَاءَةٍ وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ وَأَثْنَاءَهَا وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ وَرُكُوعٍ وَقَبْلَ تَشَهُّدٍ   [حاشية العدوي] أَنْ يَكُونَ عَطْفُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ عَلَيْنَا إلَخْ) يَرِدُ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا شَهِدَ بِالْإِيمَانِ فَهِيَ شَهَادَةٌ لَنَا لَا عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْنَا مُضِرَّةٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ وَجْهَ الْإِتْيَانِ بِعَلَى الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّهَ رَقِيبٌ عَلَيْنَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ. (قَوْلُهُ أَيْ أَمَانُ اللَّهِ عَلَيْنَا) أَيْ تَأْمِينُهُ مُسْبَلٌ عَلَيْنَا فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْنَا اخْتِلَالُ حَالٍ. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الْمُؤْمِنُونَ إلَخْ) احْتِرَازٌ عَنْ الصَّالِحِينَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلَيْسَ شَامِلًا لِلْمَلَائِكَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: 130] قَالَ الْمُفَسِّرُ أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ. (قَوْلُهُ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَلِلْبَيَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَلَائِكَةِ. (قَوْلُهُ مَعْبُودَ بِحَقٍّ) تَفْسِيرٌ لِإِلَهٍ لَا أَنَّهُ الْخَبَرُ بَلْ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَوْجُودٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ فِي أَفْعَالِهِ) لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ بَلْ مِنْ التَّفْسِيرِ أَيْ فِي أَفْعَالِهِ وَتَفْسِيرُ الشَّهَادَةِ بِالتَّحَقُّقِ قُصُورٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَلْبِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ أَيْ أُقِرُّ بِلِسَانِي وَأَتَحَقَّقُ بِقَلْبِي إلَخْ (قَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ فِي النَّفْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْبَسْمَلَةُ فِي الْفَرْضِ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَكُرِهَا بِفَرْضٍ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَهُ الْبِسَاطِيُّ لِلصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ) أَيْ الْمَعْهُودَةِ خَارِجًا ذُكِرَا فِي قَوْلِهِ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَالنَّفْيُ إلَخْ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ هَذَا يُجَامِعُ الْجَوَازَ الَّذِي فِي النَّفْلِ وَالْكَرَاهَةَ الَّتِي فِي الْفَرْضِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت الْبِسَاطِيَّ يُفِيدُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَفَوْزًا لَدَيْهِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ وَأَمَّا عَلَى فِيهِ الْعَائِدُ عَلَى التَّشَهُّدِ فَلَيْسَ الْمَعْنَى هَكَذَا بَلْ الْمُرَادُ يُكْرَهُ فَظَهَرَ اخْتِلَافُ الْمَعْنَى عَلَى النُّسْخَتَيْنِ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ. (قَوْلُهُ وَجَازَتْ) أَيْ الْبَسْمَلَةُ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ إنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ فِي الْجَهْرِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِهِ أَيْ بِالتَّعْوِيذِ وَمُفَادُ شب تَرْجِيحُهُ. (قَوْلُهُ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا) كَذَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ قَائِلًا قَالَ زَرُّوقٌ الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّورَةَ كَالْفَاتِحَةِ فِي الْكَرَاهَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَشْهُورُ أَيْ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَيْ ذُو تَحْصِيلِ مَذْهَبِهِ أَوْ أَرَادَ بِالتَّحْصِيلِ أَثَرَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ حَاصِلُ مَذْهَبِهِ. (قَوْلُهُ يُسِرُّهَا) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَا يَكْفِي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْحَطَّابُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَعَلَّقُ بِثَلَاثَةِ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ عِنْدَنَا مِنْ الْحَمْدِ وَلَا مِنْ سَائِرِ الْقُرْآنِ إلَّا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ الثَّانِي أَنَّ قِرَاءَتَهَا فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَفْتِحَ بِالْحَمْدِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَهَا لَمْ يَجْهَرْ بِهَا فَإِنْ جَهَرَ بِهَا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ اهـ. (قَوْلُهُ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ صِحَّةَ إلَخْ) يَرْجِعُ لِلَّذِي قَبْلَهُ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَمُتَعَلِّقُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِتْيَانُ بِهَا إلَخْ) أَيْ مُلَاحِظًا نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعَهَا كَرَاهَةٌ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَلَا يَقْصِدَ فَرْضِيَّةً وَلَا غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْفَرْضِيَّةَ لَكَانَ آتِيًا بِمَكْرُوهٍ وَلَوْ قَصَدَ النَّفْلِيَّةَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُقَالُ لَهُ إنَّهُ مُرَاعٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ حَاصِلَةٌ بِنِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ أَوْ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ وَكَذَا يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا لَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَلَمْ يَقْصِدْ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ) هَكَذَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُشْغِلُ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ بِمَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الطِّرَازِ فَقَدْ قَالَ فِيهِ وَيَدْعُو بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ إنْ أَحَبَّ قَبْلَ السُّورَةِ وَقَدْ دَعَا الصَّالِحُونَ اهـ. قَالَ الْحَطَّابُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُوَافِقُ مَا فِي الطِّرَازِ مَا ذَكَرَهُ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَقَبْلَ السُّورَةِ مُبَاحٌ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَكَذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ فِي النَّافِلَةِ وَكَذَا بَعْدَ السُّورَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الدُّعَاءُ كَمَا تُكْرَهُ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ فِي الْفَرْضِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَأَثْنَاءَهَا وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ هُوَ فِي الْفَرْضِ، وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَجَائِزٌ نَصَّ عَلَيْهِ سَنَدٌ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ والتِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَمَا عَدَا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ الثَّمَانِيَةَ لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَلَا بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَقَبْلَ السُّجُودِ وَلَا فِي السُّجُودِ وَلَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. (ص) لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ (ش) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَاسْتِحْبَابِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَا بِغَيْرِهَا لِيَشْمَلَ الدُّعَاءَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَبَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَفِي حَالِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَفِي السُّجُودِ وَفِي الرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: إنَّ الدُّعَاءَ لَا يُكْرَهُ فِي وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ لَكِنْ مِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ. (ص) وَدَعَا بِمَا أَحَبَّ وَإِنْ لِدُنْيَا (ش) أَيْ حَيْثُ جَازَ الدُّعَاءُ دَعَا الشَّخْصُ الْمُصَلِّي بِمَا أَحَبَّ مِمَّا هُوَ مُمْكِنٌ مِنْ أَمْرِ أُخْرَاهُ أَوْ دُنْيَاهُ كَتَوْسِعَةِ رِزْقٍ وَزَوْجَةٍ حَسَنَةٍ وَقَوْلُنَا مِمَّا هُوَ مُمْكِنٌ احْتِرَازًا مِنْ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا أَوْ عَادَةً فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ. (ص) وَسَمَّى مَنْ أَحَبَّ (ش) أَيْ وَلِلْمُصَلِّي أَنْ يُسَمِّيَ مَنْ أَحَبَّ الدُّعَاءَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَقَدْ «دَعَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَسَمَّاهُ وَقَالَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَدَعَا عَلَى آخَرِينَ فَقَالَ وَعُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اللَّهُمَّ الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ وَالْعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ ثُمَّ سَجَدَ» كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. (ص) وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا لَمْ تَبْطُلْ (ش) هَذَا إذَا قَالَهُ لِغَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ لَمْ يَقْصِدْ مُكَالَمَتَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ سَالِمٍ. (ص) وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ لَا حَصِيرٍ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ (ش) أَيْ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خُشُونَةِ أَرْضٍ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ امْرَأَةً السُّجُودُ بِالْجَبْهَةِ وَالْكَفَّانِ تَبَعٌ لَهَا عَلَى ثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ مِنْ قُطْنٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ رَفَاهِيَةٌ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ كَحُصُرِ السَّامَّانِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ السُّجُودِ عَلَى الْحَصِيرِ الْحَلْفَاءِ أَوْ الْأَدِيمِ وَنَحْوِهِ   [حاشية العدوي] وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ) وَلَوْ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إنْ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ تَحَوُّلًا يَسِيرًا (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ أَيْ وَقَبْلَ سُورَةٍ بِدَلِيلِ مَا هُنَا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ وَفِي الرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ) لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الْحَطَّابِ وَلَعَلَّ عَدَمَ ذِكْرِهَا لِكَوْنِ الْمَحَلِّ مَشْغُولًا بِالتَّكْبِيرِ مَعَ التَّشَهُّدِ إذَا كَانَ يَعْقُبُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ تَشَهُّدٌ وَبِالتَّكْبِيرِ إذَا كَانَ يَعْقُبُهَا قِيَامٌ مُعَمِّرًا بِهِ الرُّكْنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ رُبَّمَا يُفِيدُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا سِوَى الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ مِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ) وَهُوَ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَمِنْهُمَا هُوَ مَنْدُوبٌ بِخَاصٍّ كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِرَبِّنَا وَلَك الْحَمْدُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَامِدَ لِرَبِّهِ طَالِبٌ مِنْهُ الْمَزِيدَ وَبِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ كَالسُّجُودِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) كَوْنُ الدُّعَاءِ جَائِزًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَعِيدٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ مُخُّ الْعِبَادَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ جَائِزًا إنَّمَا الْقَصْدُ أَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ لَا أَنَّهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْإِجَابَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ مَنْدُوبٌ وَقَوْلُ عب مَنْدُوبٌ بِخَاصٍّ أَيْ وَهُوَ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَذَا فِي عج ذَاكِرًا مَا يُفِيدُهُ وَفِي شَارِحِ الْجَلَّابِ مَا ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ (قَوْلُهُ مِمَّا هُوَ مُمْكِنٌ) أَيْ عَادَةً وَشَرْعًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْمُمْتَنِعِ شَرْعًا أَوْ عَادَةً إلَّا لِوَلِيٍّ فِيمَا إذَا كَانَ مُمْتَنِعًا عَادَةً وَفِي عب وَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْمُمْتَنِعِ شَرْعًا لَا عَادَةً اهـ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُمْتَنِعًا عَقْلًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ غِفَارٌ) قَبِيلَةٌ وَكَذَا أَسْلَمُ وَقَوْلُهُ سَالَمَهَا اللَّهُ الْمُسَالَمَةُ الْمُتَارَكَةُ أَيْ لَمْ يُلْحِقْ اللَّهُ بِهَا مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ عُصَيَّةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ قَبِيلَةٌ (قَوْلُهُ لِحْيَانَ) بِفَتْحِ اللَّامِ قَبِيلَةٌ (قَوْلُهُ رِعْلًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالصَّوَابُ رِعْلًا بِحَذْفِ النُّونِ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا مُسَلِّمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ صَبَاحًا يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَلِحْيَانَ وَعُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فَفِي ذَيْنِك الرِّوَايَتَيْنِ تَصْرِيحٌ بِدُعَائِهِ عَلَى عُصَيَّةَ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِدُعَائِهِ عَلَى عُصَيَّةَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِخْبَارَ عَنْهَا بِالْعِصْيَانِ يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ عَلَيْهَا وَفِيهِ بُعْدٌ. (تَنْبِيهٌ) : يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ بِعَزْلِهِ كَانَ ظَالِمًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْأَوْلَى عَدَمُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعُمَّ ظُلْمُهُ فَإِنْ عَمَّ فَالْأَوْلَى الدُّعَاءُ وَيُنْهَى عَنْ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِذَهَابِ أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ بِالْوُقُوعِ فِي مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ أَوْ بِمُؤْلِمَاتٍ تَحْصُلُ لَهُ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَفِي جَوَازِ الدُّعَاءِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ قَوْلَانِ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُ الْمَنْعُ خِلَافًا لِلْبَرْزَلِيِّ. (قَوْلُهُ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ) أَيْ إنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ أَيْ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ التَّوَاضُعِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَالْكَفَّانِ تَبَعٌ لَهَا) أَفْرَدَ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْأَوْلَى تَابِعَانِ لَهَا وَمُقْتَضَى التَّبَعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَدَيْنِ كَرَاهَةٌ اسْتِقْلَالًا فَمُقْتَضَاهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ بِجَبْهَتِهِ دُونَ يَدَيْهِ لَا كَرَاهَةَ وَظَاهِرٌ النَّقْلِ الْكَرَاهَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَّصِلًا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَطَرَفِ كُمٍّ. (قَوْلُهُ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ) قُصُورٌ بَلْ كُلُّ مَا فِيهِ رَفَاهِيَةٌ أَيْ تَنَعُّمٌ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَحُصُرِ السَّامَّانِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ السُّمْرِ الْمَعْرُوفِ. (قَوْلُهُ أَوْ الْأَدِيمِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِمَعْنَى الْجِلْدِ وَاَلَّذِي فِي شب الدَّوْمُ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَعَلَّهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَدِيمَ أَوْلَى فِي الْكَرَاهَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 فَلَا يُكْرَهُ لَكِنْ تَرْكُ السُّجُودِ عَلَى ذَلِكَ أَحْسَنُ (ص) وَرَفْعُ مُومٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى سُجُودٌ أَيْ وَكَرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ وَرَفْعُ أَوْ نَصْبُ مُصَلٍّ مُومٍ لِعَجْزِهِ عَنْ السُّجُودِ شَيْئًا أَتَى جَبْهَتَهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُعِدْ وَهَذَا إذَا نَوَى بِإِيمَائِهِ الْأَرْضَ فَإِنْ نَوَى بِهِ مَا رَفَعَهُ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يَجْزِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (ص) وَسُجُودٌ عَلَى كُورِ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفِ كُمٍّ وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ لَهُ بِمَسْجِدٍ وَقِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (ش) أَيْ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَيْضًا السُّجُودُ عَلَى كُورِ أَيْ طَاقَاتِ عِمَامَتِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا إذَا كَانَ قَدْرُ الطَّاقَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا أَعَادَ التُّونِسِيُّ هُوَ تَفْسِيرٌ وَكَذَا يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى طَرَفِ كُمٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَلْبُوسِهِ فَالْمُرَادُ بِالْكُمِّ شَيْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْمُصَلِّي، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَنْقُلَ حَصْبَاءَ أَوْ تُرَابًا مِنْ مَوْضِعِ ظِلٍّ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ السُّجُودِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ شَمْسٍ لِتَحْفِيرِهِ وَإِذَايَةِ الْمَاشِي وَالْمُصَلِّي فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي فِعْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ. وَكَذَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السُّجُودُ لِخَبَرِ «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ اجْتَهَدُوا فِيهِ بِالدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ فَخُصَّتَا بِالذِّكْرِ فَكُرِهَ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَالضَّمِيرُ فِي " لَهُ " رَاجِعٌ لِلسُّجُودِ أَيْ: وَكُرِهَ نَقْلُ الْحَصْبَاءِ مِنْ مَوْضِعِ الظِّلِّ لِأَجْلِ السُّجُودِ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ لَكِنْ مَا أَدَّى لِلتَّحْفِيرِ مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ لِلسُّجُودِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ الْخُصُوصَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَرَاهَةَ نَقْلِهِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى. (ص) وَدُعَاءٌ خَاصٌّ (ش) أَيْ وَكُرِهَ أَنْ يَدْعُوَ الْمُصَلِّي بِدُعَاءٍ لَا يَدْعُو بِغَيْرِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى كَثِيرَةٌ وَمُسَمَّاهَا وَاحِدٌ سَمَّى   [حاشية العدوي] أَيْ كَبِسَاطٍ لَمْ يُعَدَّ لِفَرْشٍ بِمَسْجِدٍ فِي صَفٍّ أَوَّلٍ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ كَانَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ رِيعِ وَقْفِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَفَهُ لِيُفْرَشَ بِصَفٍّ أَوَّلٍ لِلُزُومِ وَقْفِهِ إنْ جَازَ أَوْ كُرِهَ؛ لِأَنَّ التَّزَاحُمَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَطْلُوبٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا فُرِشَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ سُجُودٌ بِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ وَسَجَدَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَرَفْعٌ أَوْ نَصْبٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّفْعَ لَيْسَ فِيهِ اتِّصَالٌ بِالْأَرْضِ بِخِلَافِ النَّصْبِ فَفِيهِ اتِّصَالٌ فَحَيْثُ كَانَ فِيهِ اتِّصَالٌ فَيَكُونُ سُجُودًا حَقِيقَةً فَلَا يَرْجِعُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا نَوَى إلَخْ لَهُ بَلْ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا رَفَعَ حَجَرًا بِدُونِ اتِّصَالٍ خِلَافًا لِمَا فِي عب وَلَا يُشْتَرَطُ فِي السُّجُودِ ارْتِفَاعُ أَسَافِلِهِ عَلَى أَعَالِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ يُقَالُ أَيْضًا إنَّهُ إذَا كَانَ رَفَعَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا نَوَى بِإِيمَائِهِ الْأَرْضَ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ رَفَعَ شَيْئًا أَيْ بِقَصْدِ السُّجُودِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِهَا وَجَهِلَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ لِلَّخْمِيِّ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ الْتِئَامِهِ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ السُّجُودِ) أَوْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَاَلَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ جَاهِلٍ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَغَيْرُهُ وَنَسَبَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ إنْ كَانَ عَامِدًا لَا جَاهِلًا وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج بُطْلَانُ صَلَاةِ الصَّحِيحِ بِفِعْلِ ذَلِكَ مُطْلَقًا جَاهِلًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ عَامِدًا. (قَوْلُهُ أَيْ طَاقَاتِ عِمَامَتِهِ) الْقَصْدُ الْجِنْسُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَهَذَا إذَا كَانَ قَدَرَ إلَخْ وَالطَّاقَةُ التَّعْصِيبَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْ طَيَّاتٍ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْكُورُ كَثِيفًا لَمْ يَقُلْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا كَانَ الطَّاقَتَانِ كَثِيفَتَيْنِ فَفِيهِ الْإِعَادَةُ ثُمَّ ظَاهِرُهُ الْإِعَادَةُ أَبَدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا مَشْدُودَةٌ عَلَى الْجَبْهَةِ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ فَفِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ تت فِي كَبِيرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا كَانَ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إنْ مَسَّ أَنْفُهُ الْأَرْضَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا شُدَّ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَمَّا مَا بَرَزَ عَنْهَا حَتَّى مَنَعَ لُصُوقَهَا بِالْأَرْضِ فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا وَقَوْلُهُ تَفْسِيرٌ أَيْ إنَّ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَا خِلَافٌ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى طَرَفِ كُمٍّ إلَخْ) أَيْ إلَّا لِضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فِي كِتَابِ ابْنِ بَشِيرٍ وَيُكْرَهُ سَتْرُ الْيَدَيْنِ بِالْكُمَّيْنِ فِي السُّجُودِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةُ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ اهـ. (قَوْلُهُ لِتَحْفِيرِهِ) أَيْ إنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْفِيرِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلتَّحْفِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ) أَيْ بِالتَّسْبِيحِ نَحْوِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ فِي السُّجُودِ مَعَ أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّسْبِيحُ فِيهِ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي السُّجُودِ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ. (قَوْلُهُ فَقَمِنٌ) أَيْ فَحَقِيقٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا طُلِبَ التَّعْظِيمُ وَالدُّعَاءُ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَقَوْلُهُ فَخُصَّتَا بِالذِّكْرِ أَيْ وَالدُّعَاءِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ الْوَاوِ وَمَا عَطَفَتْ. (قَوْلُهُ فَخُصَّتَا بِالذِّكْرِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَالَتَا ذُلٍّ أَيْ، وَالْقُرْآنُ يَنْبَغِي تَرَفُّعُهُ حِسًّا وَمَعْنًى وَلَيْسَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ تَرَفُّعٌ لَهُ حِسًّا وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ أَيْ إنَّهُمَا خَاصَّتَانِ بِالذِّكْرِ لَا يَتَجَاوَزَانِهِ إلَى الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَالْقُرْآنُ يَنْبَغِي تَرَفُّعُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذِّكْرَ يُنَاسِبُ الذُّلَّ بِانْخِفَاضِ الْحَالِ وَالْقُرْآنُ بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ فَكُرِهَ) أَيْ وَحَيْثُ خُصَّتَا بِالذِّكْرِ حُكِمَ بِكَرَاهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ نَصًّا لِمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ حُكِمَ بِكَرَاهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ لِلْخَالِقِيَّةِ والْمَخْلُوقيَّةِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَالَتَا ذُلٍّ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَلْتَفِتْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَفِيَ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ مَا أَدَّى لِلتَّحْفِيرِ مَكْرُوهٌ) فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلتَّحْفِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ الْمُصَلِّي) بَلْ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ رُكُوعٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلُّ دُعَاءٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ كَثِيرَةٌ وَمُسَمَّاهَا وَاحِدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِشَيْءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 بِهَا نَفْسَهُ لِيَتَّسِعَ مَجَالُ الدَّاعِينَ بِهَا وَتَنْفَتِحَ لَهُمْ أَبْوَابُ الْخَيْرَاتِ كَالْأَبْوَابِ إذْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الدَّاعِينَ فَرُبَّمَا صَلَحَ الدُّعَاءُ بِبَعْضِهَا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ لِكَوْنِهِ جَادًّا فِي خَاصِّيَّتِهِ لَا يَصْلُحُ الدُّعَاءُ بِهِ لِفَاتِرٍ فِي شَأْنِهِ ضَعِيفٍ فِي أَحْوَالِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ دُونَ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الدُّعَاءَ كُلَّمَا عَمَّ نَفَعَ. (ص) أَوْ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ (ش) أَيْ وَكُرِهَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ دُعَاءٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِحْرَامٍ وَحَلِفٌ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ لِلْعَاجِزِ. (ص) وَالْتِفَاتٌ (ش) أَيْ وَكُرِهَ لِلْمُصَلِّي الْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. (ص) وَتَشْبِيكُ أَصَابِعَ وَفَرْقَعَتُهَا (ش) أَيْ وَكُرِهَ فِي الصَّلَاةِ خَاصَّةً وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَشْبِيكُ أَصَابِعَ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَمِثْلُ التَّشْبِيكِ الْفَرْقَعَةُ لِلْأَصَابِعِ وَوَقَعَ فِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ   [حاشية العدوي] خَاصٍّ أَيْ كَرَزَّاقٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّزْقِ وَعَالِمٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمٍ وَهَكَذَا (أَقُولُ) إنْ كَانَ الْمُسَمَّى شَيْئًا وَاحِدًا فَقَدْ ضَاقَ مَجَالُ الدَّاعِينَ؛ لِأَنَّ الِاتِّسَاعَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَعَدَّدَ مُسَمَّاهَا وَأَيْضًا فِي الْوَاقِعِ أَنَّ مُسَمَّاهَا مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّ عَالِمَ ذَاتٌ ثَبَتَ لَهَا الْعِلْمُ وَوَهَّابٌ ذَاتٌ ثَبَتَ لَهَا كَثْرَةُ الْهِبَةِ وَهَكَذَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ مَرْجِعَ مُسَمَّاهَا إلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ تَتَّصِفُ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَالِاتِّسَاعُ مِنْ حَيْثُ الصِّفَاتُ الْمُتَعَدِّدَةُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِيَتَّسِعَ) عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ سَمَّى نَفْسَهُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ الْكَثِيرَةِ (قَوْلُهُ مَجَالُ الدَّاعِينَ) أَيْ مَحَلُّ جَوَلَانِهِمْ أَيْ مَحَلُّ دُعَائِهِمْ أَيْ مَا يَدْعُونَ بِهِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ كَالْأَبْوَابِ) أَيْ فَهِيَ لِلدَّاعِينَ كَالْأَبْوَابِ وَالطُّرُقِ الْمُوصِلَةِ لِلْمَقْصُودِ أَيْ الْأَبْوَابِ الْحِسِّيَّةِ (قَوْلُهُ إذْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ) عِلَّةٌ لِلْعَلِيَّةِ أَيْ إنَّمَا سَمَّى نَفْسَهُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ الْكَثِيرَةِ لِأَجْلِ الِاتِّسَاعِ إذْ قَدْ يَكُونُ إلَخْ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَثِيرَةً لَأَدَّى لِلضِّيقِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا أَقْرَبَ إلَخْ. (قَوْلُهُ جَادًّا فِي خَاصِّيَّتِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ بِذَلِكَ أَوْ يُعْلِمْهُ أَحَدٌ بِذَلِكَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ خُصُوصَ الْمَدْعُوِّ بِهِ بِخُصُوصِ الِاسْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى وَالْمَنْظُورُ لَهُ خُصُوصُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ فِي الْمَكْرُوهِ مَا لَوْ كَانَ يَدْعُو بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ بِالِاسْمِ الْجَامِعِ لِلصِّفَاتِ كَلَفْظَةِ الْجَلَالَةِ فَلَوْ لَمْ يَقِفْ عَلَى الدُّعَاءِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ بِالِاسْمِ الْجَامِعِ كَأَنْ دَعَا فَقَالَ يَا اللَّهُ اُرْزُقْنِي يَا اللَّهُ نَوِّرْ قَلْبِي بِالْعِلْمِ وَهَكَذَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ بِدَعَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِاسْمِ الْجَلَالَةِ فَقَطْ أَوْ بِأَسْمَاءٍ مُنَاسِبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَامَّةِ النَّاسِ نَعَمْ التَّعْمِيمُ أَفْضَلُ كَمَا أَفَادَهُ عب قَائِلًا وَلَعَلَّ كَرَاهَةَ الْخَاصِّ الَّذِي لَا يَدْعُو بِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقُهُ عَامًّا كَسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ مَعَ كِفَايَةِ هَمِّهِمَا فَلَا كَرَاهَةَ فِي مُلَازَمَةِ ذَلِكَ كَمَا شَاهَدْت عج يَدْعُو بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ لِفَاتِرٍ فِي شَأْنِهِ) أَيْ شَأْنِ ذَلِكَ الِاسْمِ أَيْ حَالِهِ أَيْ خَاصَّتِهِ وَقَوْلُهُ ضَعِيفٍ فِي أَحْوَالِهِ أَيْ ذَلِكَ الِاسْمُ وَالْمُرَادُ بِهِ خَوَاصُّهُ فَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إلَخْ) وَتَتَأَكَّدُ كَرَاهَتُهُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ خِيَانَةٌ لِلْمَأْمُومِينَ قَالَهُ فِي الْمَدْخَلِ وَيَحْتَمِلُ الصُّورَتَيْنِ مَعًا. (قَوْلُهُ دُعَاءٌ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ الْجَوَازُ خَارِجَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِحْرَامٌ) ظَاهِرُهُ إحْرَامُ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ فَلَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَمَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى قَوْلٍ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَانْظُرْ هَذَا أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ مَعَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الطِّرَازِ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ دَعَا أَوْ سَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ غَيْرَ قَادِرٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا اهـ. ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فَهَذَا مِمَّا يُفِيدُ وُجُودَ الْخِلَافِ وَحَمْلُ إحْرَامٍ فِي عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْحَجِّ وَإِنْ أَمْكَنَ بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ وَحَلِفٌ بِعَجَمِيَّةٍ) رَأَيْت فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْعَرَبِيَّةِ (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي بَابِ الْيَمِينِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ عَدَمِ دُخُولِهِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِعَجَمِيَّةٍ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بِالصِّيغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْوَارِدَةِ مِنْ عب. (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُقَيَّدْ بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ فَيُكْرَهُ الْكَلَامُ أَيْضًا بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الْمَسَاجِدِ لِمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَرَبِيَّةِ لِنَهْيِ عُمَرَ عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ وَقَالَ إنَّهَا خِبٌّ أَيْ مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ ابْنُ يُونُسَ نَهْيُ عُمَرَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسَاجِدِ وَقِيلَ إنَّمَا هُوَ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَنَاجِي اثْنَيْنِ دُونَ ثَالِثٍ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَتُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُمْ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ الْتِفَاتٌ) وَلَوْ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ حَيْثُ بَقِيَتْ رِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ بِلَا حَاجَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا التَّصَفُّحُ يَمِينًا وَشِمَالًا بِخَدِّهِ فَفِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ إلَّا أَنَّ الْحَطَّابَ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ وَأَمَّا بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَهُوَ مِنْ الِالْتِفَاتِ إلَخْ وَإِذَا كَانَ مِنْ الِالْتِفَاتِ فَهُوَ بِالْخَدِّ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْعُنُقِ وَلَيُّ الْعُنُقِ أَخَفُّ مِنْ الصَّدْرِ وَالصَّدْرُ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْبَدَنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ) أَيْ اسْتِلَابٌ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ أَيْ إنَّ الِالْتِفَاتَ سَلْبٌ قَوِيٌّ فَالْعَيْنُ وَالتَّاءُ لِلتَّأْكِيدِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذُو اسْتِلَابٍ. (قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ) أَيْ خُشُوعًا أَوْ كَمَالًا أَوْ ثَوَابًا مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ كَمَالًا أَوْ خُشُوعًا ذَلِكَ الِاخْتِلَاسُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ. (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي غَيْرِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا رَأَيْت مِمَّا يُفِيدُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاؤُلِ بِاشْتِبَاكِ الْأُمُورِ إلَّا أَنَّهُ صَحَّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ تَشْبِيكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْفَرْقَعَةُ) التَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ فِي الْكَرَاهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُهُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 اتَّفَقَا عَلَى كَرَاهَةِ فَرْقَعَةِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (ص) وَإِقْعَاءٌ (ش) أَيْ وَكُرِهَ إقْعَاءٌ فِي التَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلِمَنْ صَلَّى جَالِسًا وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ. (ص) وَتَخَصُّرٌ وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ وَرَفْعُهُ رِجْلًا وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى وَإِقْرَانُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّخَصُّرَ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ فِي الْقِيَامِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهُ تُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَغْمِيضُ الْبَصَرِ خَوْفَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَتْحُهُ يُشَوِّشُهُ وَمِنْ ذَلِكَ خَوْفُ نَظَرِهِ إلَى مَا يَحْرُمُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ رَفْعُهُ إلَى السَّمَاءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَضَعُ بَصَرَهُ أَمَامَهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ بَصَرَهُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَقَطْ قَالَ الْأَبِيُّ وَكَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ إنَّمَا الْمَعْنَى إذَا رَفَعَ بَصَرَهُ لِغَيْرِ الِاعْتِبَارِ فَأَمَّا لِلِاعْتِبَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَصَرَ اسْمٌ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ رَفْعُهُ رِجْلًا وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْأُخْرَى. وَكَذَلِكَ وَضْعُ قَدَمٍ عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبَثِ وَكَذَلِكَ إقْرَانُ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الصَّفْدُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ عِيَاضٌ هُوَ ضَمُّ الْقَدَمَيْنِ كَالْمُكَبَّلِ أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَنْ يَجْعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ الْقِيَامِ سَوَاءً رَاتِبًا دَائِمًا يَرَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ مَتَى شَاءَ رَوَّحَ وَاحِدَةً وَقَامَ عَلَى الْأُخْرَى لَجَازَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِهَا ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ. (ص) وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّفْكِيرُ بِدُنْيَوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الضَّبْطِ وَقِلَّةِ الْخُشُوعِ وَمَا كَانَ مُشْغِلًا بِحَيْثُ لَا يَدْرِي مَا صَلَّى فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ بِأُخْرَوِيٍّ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ   [حاشية العدوي] وَنَصُّهُ وَأَمَّا فَرُقْعَةُ الْأَصَابِعِ فَتُكْرَهُ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَخَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكَرَاهَةَ بِالْمَسْجِدِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَغَيْرُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْفَرْقَعَةِ وَالتَّشْبِيكِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُرَادُ بِالصَّدْرِ مَا وَالَى أَصَابِعَ الرِّجْلَيْنِ مِنْ فَوْقُ بِمِقْدَارِ خَمْسِ قَرَارِيطَ فَتَبْقَى الْأَصَابِعُ وَالِيَةً لِلْأَرْضِ وَيُفْضِي بِأَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ. (قَوْلُهُ الْخَاصِرَةِ) أَرَادَ بِهَا وَسَطَ الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهُ تُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلَاةِ) وَقِيلَ لِلتَّشْبِيهِ بِالْيَهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ فِي صَلَاتِهِمْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ الَّذِي يُشَوِّشُهُ خَوْفٌ وَالْأَوْلَى حَذْفُ خَوْفٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ نَظَرَهُ إلَى مَا يَحْرُمُ يُشَوِّشُهُ أَيْ يَضُرَّهُ أُخْرَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشْوِيشِ الضَّرَرُ دُنْيَوِيٌّ أَوْ أُخْرَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ رَفْعُهُ إلَى السَّمَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا. (فَائِدَةٌ) جَوَّزَ الْأَكْثَرُ رَفْعَ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ وَكَرِهَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْقَاضِي شُرَيْحٌ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ وَوَجْهُ الثَّانِي إيهَامُ الْجِهَةِ. (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ بَصَرَهُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَقَطْ) خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يَضَعُ بَصَرَهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ فَقَطْ قَالَ مَالِكٌ يَنْظُرُ أَمَامَهُ فَإِنَّهُ إذَا أَحْنَى رَأْسَهُ ذَهَبَ بَعْضُ الْقِيَامِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِ فِي الرَّأْسِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ أَقَامَ رَأْسَهُ وَتَكَلَّفَ النَّظَرَ بِبَعْضِ بَصَرِهِ إلَى الْأَرْضِ فَتِلْكَ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ وَحَرَجٌ وَإِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ جِهَةَ الْكَعْبَةِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّ الْمُصَلِّيَ يَجْعَلُ بَصَرَهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالصُّوفِيَّةُ بِأَسْرِهِمْ فَإِنَّهُ أَحْضَرُ لِلْقَلْبِ وَأَجْمَعُ لِلْفِكْرِ اهـ. (قَوْلُهُ إنَّمَا الْمَعْنَى) أَيْ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَصَرَ اسْمٌ لِلرُّؤْيَةِ) أَيْ الرُّؤْيَةِ بِالْعَيْنِ أَيْ فَأَطْلَقَ اسْمَ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ مَجَازًا مُرْسَلًا (قَوْلُهُ وَرَفْعُهُ رِجْلًا وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى الْأُخْرَى) أَيْ إلَّا لِطُولِ قِيَامٍ أَوْ شِبْهِهِ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّفْدُ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ لَا بِالنُّونِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْفَاءِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ (أَقُولُ) عِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَكَرِهَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَقْرِنَ رِجْلَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ الصَّفْدُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ فَالشَّارِحُ أَسْقَطَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ الْإِقْرَانُ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ أَوْ الصَّفْدُ وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ عب وشب أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ ضَمُّهُمَا كَالْمُكَبَّلِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِمَا دَائِمًا وَاعْتِقَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ أَيْ اعْتِقَادُ أَنَّهُ السُّنَّةُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّقَانِيِّ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا إذَا رَوَّحَ بِأَنْ اعْتَمَدَ عَلَى وَاحِدَةٍ تَارَةً وَعَلَى أُخْرَى أُخْرَى أَوْ عَلَيْهِمَا لَا دَائِمًا فَيَجُوزُ وَقَالَ عج ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَوْسِيعَهُمَا عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ كَإِقْرَانِهِمَا فَيُكْرَهُ. (قَوْلُهُ كَالْمُكَبَّلِ) أَيْ الْمُقَيَّدِ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ عَيْنُ الَّذِي قَبْلَهُ إلَّا أَنَّك بَعْدَ أَنْ عَلِمْت الْإِسْقَاطَ يَكُونُ هَذَا أَعَمَّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ) كَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلِاعْتِمَادِ الْمَحْذُوفِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ دَائِمًا) تَفْسِيرٌ لِرَاتِبًا (قَوْلُهُ يَرَى إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْتَقِدْهُ لَا يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيِّ) أَيْ بِسَبَبِ دُنْيَوِيٍّ أَوْ فِي دُنْيَوِيٍّ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَدْرِي مَا صَلَّى) أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَمْ أَقَلَّ أَمْ أَكْثَرَ فَلَا يَبْنِي عَلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ تَفَكُّرَهُ كَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَأَمَّا شُغْلُهُ بِهِ زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَيَدْرِي مَا صَلَّى فَتُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَأَمَّا إنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَقَطْ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ بِأُخْرَوِيٍّ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا فِي أَثَرِ أَنَّ عُمَرَ جَهَّزَ جَيْشًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ قَيْدُ التَّفَكُّرِ بِدُنْيَوِيٍّ الَّذِي فِيهِ الْإِعَادَةُ وَأَمَّا التَّفْكِيرُ الْمُتَعَلِّقُ بِالصَّلَاةِ فَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَيْدُ فَيَبْنِي عَلَى النِّيَّةِ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمَحْكُومِ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ وَالْحَاصِلُ كَمَا ظَهَرَ لِي أَنَّ التَّفَكُّرَ فِي الْأُخْرَوِيِّ لَا يُكْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ بِحَيْثُ صَارَ لَا يَدْرِي أَصَلَّى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى وَاحِدَةٍ فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي وَاحِدَةٍ أَوْ أَقَلَّ بَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ وَأَنَّ التَّفَكُّرَ بِالدُّنْيَوِيِّ مَكْرُوهٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ. (ص) وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ (ش) الْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي فَمِهِ شَيْئًا وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ وَكُمُّهُ مَحْشُوَّةٌ بِخُبْزٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ وَفِي فَمِهِ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إعَادَةَ قَالَ سَنَدٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَمْنَعُهُ الدِّرْهَمُ مَخَارِجَ الْحُرُوفِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنْ خَشِيَ تَجَنَّبَهُ، وَمِثْلُهُ لِلشَّبِيبِيِّ فِي حَمْلِهِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى مَنْ يُشَوَّشُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْخُبْزِ عَلَى الْمَخْبُوزِ بِغَيْرِ نَجِسٍ وَأَصْلُ أَشْيَاءَ شَيْئَاءُ عَلَى وَزْنِ فَعْلَاءَ كَحَمْرَاءَ كَرِهُوا اجْتِمَاعَ هَمْزَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلْفٌ فَقَلَبُوا اللَّامَ وَهِيَ الْهَمْزَةُ الْأُولَى إلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ فَقَالُوا أَشْيَاءُ عَلَى وَزْنِ لَفْعَاءُ فَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَلْفِ التَّأْنِيثِ وَإِنْ كَانَ اسْمَ جَمْعٍ لَا جَمْعًا لِشَيْءٍ. (ص) وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ تَزْوِيقُ قِبْلَةِ الْمُصَلِّي لِئَلَّا يَشْغَلَهُ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ إذَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ. (ص) وَتَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِيهِ لِيُصَلِّيَ لَهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهِ رَاجِعٌ لِلْمِحْرَابِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ رَاجِعٌ لِلْمُصْحَفِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى أَيْ وَكُرِهَ جَعْلُ الْمُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ مُصْحَفًا لِيُصَلِّيَ إلَيْهِ إلَى جِهَتِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا حُكْمُ الْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ نَدْبِ نَفْلٍ بِقَوْلِهِ وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ أَوْ أَثْنَاءَ نَفْلٍ لَا أَوَّلَهُ. (ص) وَعَبَثٌ بِلِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (ش) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ تَحْوِيلُ خَاتَمِهِ مِنْ إصْبَعٍ لِآخَرَ لِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ خَوْفَ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ. (ص) كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ (ش) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ بِنَاءُ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ لِعَدَمِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِيهِ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَلِذَا قَالَ وَفِي كُرْهِ الصَّلَاةِ بِهِ قَوْلَانِ وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُرَبَّعِ مَا إذَا كَانَ مُرَبَّعًا لَكِنْ قِبْلَتُهُ فِي بَعْضِ زَوَايَاهُ، فَلَوْ قَالَ كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ لَمْ تَسْتَوِ فِيهِ الصُّفُوفُ لَكَانَ أَشْمَلَ. وَلِمَا قَدَّمَ أَنَّ بَعْضَ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ يَجِبُ فِيهِ الْقِيَامُ وَكَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِصَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ غَيْرِهَا وَكَانَ لِذَلِكَ الْقِيَامِ مَرَاتِبُ وَلَهُ بَدَلٌ لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا سَبَقَ عَقَدَ لِذَلِكَ تَرْجَمَةً فَقَالَ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا (ص) يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ إلَّا لِمَشَقَّةٍ أَوْ لِخَوْفِهِ بِهِ فِيهَا أَوْ قَبِلَ ضَرَرًا كَالتَّيَمُّمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ الْقِيَامُ لِلْفَرْضِ كَالْفَاتِحَةِ وَقِيَامِ الْهَوِيِّ لِلرُّكُوعِ وَلَوْ لِلْمَأْمُومِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَّا لِمَشَقَّةٍ   [حاشية العدوي] مَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَجُرُّهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَدْرِي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَجُرُّهُ لِذَلِكَ لَكِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَجَرَّهُ فَالْبُطْلَانُ وَلَا حُرْمَةَ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا ظَنَّ أَنَّ الْأُخْرَوِيَّ مُطْلَقًا يَجُرُّهُ إلَى أَنَّهُ صَارَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَالْمُتَعَلِّقُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَأَنْ يُفَكِّرَ فِي تَجْهِيزِ جَيْشٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالصَّلَاةِ كَالتَّفَكُّرِ فِي أَرْكَانِهَا مَثَلًا هَذَا كُلُّهُ ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَكُمُّهُ مَحْشُوٌّ بِخُبْزٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ وَفِي فَمِهِ دِرْهَمٌ) أَيْ حَيْثُ لَا يَمْنَعُهُ إخْرَاجَ حُرُوفِ قِرَاءَةٍ (قَوْلُهُ مَنْ يَمْنَعُهُ) أَيْ جَزْمًا (قَوْلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُهُ) أَيْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَنْعِ فَمَنْ خَشِيَ تَجَنَّبَهُ أَيْ شَكَّ تَجَنَّبَهُ أَيْ نَدْبًا وَكُرِهَ لَهُ فِعْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ فَيَجِبُ (قَوْلُهُ فِي حَمْلِهِ الْمُدَوَّنَةَ) أَيْ الْحَاكِمَةَ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَمْنَعُهُ تَحْقِيقًا لَمَا كُرِهَ بَلْ يَحْرُمُ هَذَا هُوَ الْمُطَابِقُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ التَّشْوِيشُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الْكَمَالَ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ النَّجِسِ) أَقُولُ بَلْ وَبِالنَّجِسِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ (قَوْلُهُ مَوْضِعِ الْفَاءِ) أَيْ قُرْبِ مَوْضِعِ الْفَاءِ وَهُوَ مَا كَانَ قَبْلَ الْفَاءِ بِلَصْقِ الْفَاءِ. (قَوْلُهُ وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ) بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا كِتَابَةٌ بِالْقِبْلَةِ وَتَزْوِيقُ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا تَحْسِينُ بِنَائِهِ وَتَجْصِيصُهُ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ (قَوْلُهُ إذَا سَاءَ إلَخْ) سَاءَ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ لِلذَّمِّ وَلَا ذَمَّ فِي الْمَكْرُوهِ بَلْ لَوْمٌ فَكَأَنَّهُ تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ اللُّوَّمِ الشَّدِيدِ. (قَوْلُهُ لِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ لِيَعْلَمَ كَمْ صَلَّى وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ عَدُّ تَكْبِيرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَصَابِعِهِ كَأَنْ يَعْقِدَ إصْبَعًا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يَعْقِدَ غَيْرَهُ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ لِأَجْلِ مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ زَوَايَاهُ) أَيْ أَرْكَانِهِ. (فَائِدَةٌ) الصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَبْنِيَّةِ بِالْمَالِ الْحَرَامِ مَكْرُوهَةٌ وَكَذَلِكَ الْحَوَانِيتُ الْمَبْنِيَّةُ بِالْحَرَامِ مَكْرُوهَةٌ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا سَبَقَ) الْمُتَبَادَرُ لَمْ يُعْلَمْ الْبَدَلُ مِمَّا سَبَقَ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ أَيْ الَّذِي هُوَ الْخُصُوصُ بِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَكَوْنُهُ الْقِيَامَ لَهُ مَرَاتِبُ وَكَوْنُهُ لَهُ بَدَلٌ وَأَطْلَقَ الْجَمْعَ وَأَرَادَ بِهِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ كَمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ تَرْجَمَةً) أَيْ فَصْلًا. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا] (فَصْلٌ يَجِبُ بِفَرْضٍ) . الْمُرَادُ بِهِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ الصَّبِيِّ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ قِيَامٌ) أَيْ: مُسْتَقِلٌّ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَالنَّعْتُ إذَا عُلِمَ يَجُوزُ حَذْفُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طُمَأْنِينَةٌ وَاعْتِدَالٌ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طُمَأْنِينَةٌ وَاعْتِدَالٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُمَا وَقَدَرَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا وَجَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَقِيَامِ الْهَوِيِّ لِلرُّكُوعِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِمَّا سَبَقَ لِأَنَّهُ فِيمَا سَبَقَ خَاصٌّ بِفَرْضَيْنِ وَهُمَا الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْقِيَامُ لِلْفَاتِحَةِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْهُمَا فَيَشْمَلُهُمَا وَيَشْمَلُ الْقِيَامَ لِغَيْرِهِمَا كَالرُّكُوعِ فَلَا تَكْرَارَ سَلَّمْنَاهُ فَنَقُولُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ إلَّا لِمَشَقَّةٍ بَقِيَ أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قِيَامٍ وَهَوِيٍّ لِأَنَّ الْهَوِيَّ الِانْحِدَارَ إلَى أَسْفَلَ وَهُوَ الرُّكُوعُ لِأَنَّهُ الِانْحِنَاءُ. (قَوْلُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ بِفَرْضٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ فِي أَيِّ صَلَاةٍ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ يَجِبُ بِفَرْضٍ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ وَهَذَا إذَا حَمَلْت الْفَرْضَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَجْزَاءِ الْفَرْضِيَّةِ أَيْ: الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْعِبَادَةِ كَالْفَاتِحَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 فَادِحَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ فَيَسْقُطُ حِينَئِذٍ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْقُدْرَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَكَذَا يَسْقُطُ الْقِيَامُ لَوْ خَافَ الْمُصَلِّي بِالْقِيَامِ ضَرَرًا كَإِغْمَاءٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْخَوْفُ بِمَا ذُكِرَ بِسَبَبِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهَا بِتَجْرِبَةِ الْعَادَةِ وَحَمَلْنَا الْفَرْضَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَمَا مَعَهَا أَيْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْضِ؛ لِئَلَّا يَشْمَلَ غَيْرَ الْمُرَادِ فَإِنَّ الْقِيَامَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ يَشْمَلُ الْقِيَامَ لِلسُّورَةِ مَعَ أَنَّ الْقِيَامَ لَهَا سُنَّةٌ. وَقَدْ يُقَالُ: يَمْنَعُ الشُّمُولَ تَقَدُّمُ الْحُكْمِ بِالسُّنِّيَّةِ لِقِيَامِ السُّورَةِ وَلِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِلرُّكُوعِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَهُ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ قَوْلُهُمْ مَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ يَرْجِعُ قَائِمًا. (ص) كَخُرُوجِ رِيحٍ (ش) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَثْنَى وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ إلَّا لِمَشَقَّةِ أَوْ خَوْفِ ضَرَرٍ أَوْ خُرُوجِ رِيحٍ بِالْقِيَامِ وَالْأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ بِالْقُعُودِ فَيُصَلِّي قَاعِدًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذْ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الشَّرْطِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الرُّكْنِ الْوَاجِبِ فِي الْجُمْلَةِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ سَنَدٍ لِمَ لَا يُصَلِّي قَائِمًا وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَصِيرُ كَالسَّلَسِ فَلَا يُتْرَكُ الرُّكْنُ لِأَجْلِهِ كَالْعُرْيَانِ يُصَلِّي قَائِمًا بَادِي الْعَوْرَةِ. (ص) ثُمَّ اسْتِنَادٌ لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الْقِيَامُ مُسْتَنِدًا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ قِيَامِهِ مُسْتَقِلًّا مُحَافَظَةً عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِ مَا أَمْكَنَ وَيَسْتَنِدُ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ جَمَادٍ وَحَيَوَانٍ لَا لِزَوْجَةٍ وَأَمَةٍ وَأَجْنَبِيَّةٍ وَلَا لِجُنُبٍ مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ حَائِضٍ وَإِذَا خَالَفَ وَاسْتَنَدَ لَهُمَا أَعَادَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَنِدُ عَلَيْهِ غَيْرَهُمَا وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ لِأَنَّ الِاسْتِنَادَ   [حاشية العدوي] وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَافِلَةً كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ شب وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّارِحُ كَمَا تَبَيَّنَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ بِفَرْضٍ الْعِبَادَةَ الْمَفْرُوضَةَ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْفَرْضِ الْمَنْذُورِ إنْ نَذَرَ فِيهِ الْقِيَامَ وَالْكِفَائِيِّ كَالْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا لَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا فَيُنْدَبُ الْقِيَامُ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِنَا فِي الْفَرْضِ أَيْ كَالْفَاتِحَةِ لَا السُّورَةِ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ عب (قَوْلُهُ فَادِحَةٍ) كَذَا قَيَّدَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مَرِيضًا، وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ بِالْمَشَقَّةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهِيَ غَيْرُ خَوْفِ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ لِذِكْرِهِ لَهُ بَعْدُ وَلَيْسَ حُصُولُ الدَّوْخَةِ أَوْ السُّقُوطِ أَوْ الْإِغْمَاءِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْفَادِحَةِ بَلْ مِنْ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ أَوْ إكْرَاهٌ إلَخْ) اُنْظُرْ الْإِكْرَاهَ هُنَا يَكُونُ بِمَاذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ قَالَهُ عب وَاَلَّذِي أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ أَوْ الضَّرْبِ الْمُؤْلِمِ فَإِنَّهُ مِثْلُ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْقُدْرَةِ) أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ مَعَ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَالتَّيَمُّمِ مَعْنَاهُ كَالضَّرَرِ الْمُوجِبِ لِلتَّيَمُّمِ وَهُوَ خَوْفُ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ الْبُرْءِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ تت وَقَالَ عج يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ خَوْفِهِ وَلِقَوْلِهِ ضَرَرًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مُسْتَنِدًا لِإِخْبَارِ عَارِفٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا ذُكِرَ بِاللَّامِ الَّتِي لِلتَّقْوِيَةِ أَيْ: سَوَاءٌ حَصَلَ الْخَوْفُ لِلْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ الْإِغْمَاءِ عَلَى أَنَّ الْإِغْمَاءَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَرَضِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ بِسَبَبِ الْقِيَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي الصَّلَاةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَصَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ بِتَجْرِبَةِ الْعَادَةِ) أَيْ: فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مُقَارِبٍ لَهُ فِي الْمِزَاجِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إخْبَارُ الطَّبِيبِ الْعَارِفِ وَقَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ الْخَوْفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَشُقُّ فِي الصَّلَاةِ فَيُعْتَبَرُ مُطْلَقُ الْخَوْفِ الْحَاصِلِ كَذَا فِي عب. (قَوْلُهُ وَلِلْعِلْمِ بِهِ) اللَّامُ زَائِدَةٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ إلَخْ أَيْ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ بِفَرْضٍ أَيْ بِصَلَاةِ فَرْضٍ أَيْ: مَا عَدَا السُّورَةَ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ قَائِمًا) أَيْ: لِيَأْتِيَ بِالرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ الْعِبَادَةِ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ كَالْقِيَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ وَاجِبًا فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ: بِقَوْلِنَا إذْ الْمُحَافَظَةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ لِمَ لَا يُصَلِّي قَائِمًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ بَحْثٍ مِنْ سَنَدٍ وَفِي ك وشب وَذَهَبَ سَنَدٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ تَقْدِيمًا لِلرُّكْنِ عَلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ لَا يَتْرُكُ الرُّكْنَ لِأَجْلِهِ) نَقُولُ لَهُ: إنَّهُ بِمَثَابَةِ سَلَسٍ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ وَلِسَنَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ إلَّا بِالْجُلُوسِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا وَالْمَمْنُوعُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (قَوْلُهُ كَالْعُرْيَانِ) الْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ تَنْظِيرًا ثَانِيًا فَيَقُولُ وَلِأَنَّهُ كَالْعُرْيَانِ بِجَامِعِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الرُّكْنِ وَتَرْكِ الشَّرْطِ وَالْجَوَابِ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ فَسَتْرُ الْعَوْرَةِ قِيلَ غَيْرُ شَرْطٍ وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ اسْتِنَادٌ) عُطِفَ عَلَى قِيَامٌ مَعَ مُرَاعَاةِ مَحْذُوفٍ وَمُضَافٍ دَلَّ عَلَيْهِمَا الْكَلَامُ أَيْ: قِيَامُ مُسْتَقِلٌّ وَهَذَا هُوَ الْمَحْذُوفُ ثُمَّ ذُو اسْتِنَادٍ وَهَذَا هُوَ الْمُضَافُ. (قَوْلُهُ لِكُلِّ شَيْءٍ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ أَيْ: يَسْتَنِدُ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ جَمَادٍ لَا لِجُنُبٍ إلَخْ وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ بِلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهُ لَا دَاخِلًا فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُقَدَّرُ صِفَةً أَيْ: وَيَسْتَنِدُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ وَلَا يُقَدَّرُ لَا يَصِحُّ فَيُنَافِيه قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ (قَوْلُهُ لَا لِزَوْجَةٍ وَأَمَةٍ إلَخْ) هَذَا إذَا تَحَقَّقَ حُصُولَ اللَّذَّةِ أَوْ الِاشْتِغَالِ الَّذِي تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُنَّ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ بَلْ تَحَقَّقَ خِلَافَهُ أَوْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَيْهِنَّ وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَجَدَ غَيْرَهُنَّ أَمْ لَا وَالسُّرِّيَّةُ مِثْلُ الزَّوْجَةِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأُولَى حَذْفُ ذِكْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَيَذْكُرُهُ عَلَى حِدَتِهِ بِتَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ أَوْ حَائِضٍ) أَيْ: مَحْرَمٍ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي رَجُلًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي امْرَأَةً فَنَقُولُ لَا لِجُنُبٍ مِنْ ذَكَرٍ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ امْرَأَةٍ مُطْلَقًا أَيْ: مِنْ مَحَارِمِهَا أَمْ لَا أَوْ حَائِضٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَعَادَ إلَخْ) أَيْ: لِبُعْدِهِمَا عَنْ الصَّلَاةِ أَيْ: مِنْ الْكَرَاهَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَاجِبُ. (ص) ثُمَّ جُلُوسٌ كَذَلِكَ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِنَادِ يَجِبُ جُلُوسٌ كَذَلِكَ أَيْ كَالْقِيَامِ بِحَالَتَيْهِ وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِهِ مُسْتَقِلًّا ثُمَّ مُسْتَنِدًا لَا لَجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ قَائِمًا وَالْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّ تَرْتِيبَيْهِمَا مُسْتَحَبٌّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَالشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. (ص) وَتَرَبَّعَ كَالْمُتَنَفِّلِ وَغَيَّرَ جِلْسَتَهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ (ش) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا يُصَلِّي الْفَرْضَ جَالِسًا عَلَى أَيِّ حَالٍ فَيُسْتَحَبُّ التَّرَبُّعُ كَجُلُوسِ الْمُتَنَفِّلِ فَيُخَالِفُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَيَجْعَلُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَلَمَّا كَانَ تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ يُوهِمُ وُجُوبَ التَّرَبُّعِ قَالَ كَالْمُتَنَفِّلِ لِأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرَبُّعُ لِأَنَّ حُكْمَهُ يُعْلَمُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَالْمُؤَلِّفُ لَمْ يَذْكُرْهُ فَيَقْرَأُ مُتَرَبِّعًا وَيَرْكَعُ كَذَلِكَ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَرْفَعُ كَذَلِكَ ثُمَّ يُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ اسْتِحْبَابًا أَيْ هَيْئَتَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ بِأَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي سُجُودِهِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَيَفْعَلُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَفِي الرَّفْعِ مِنْهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ مُتَرَبِّعًا لِلْقِرَاءَةِ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ كَجُلُوسِ الْقَادِرِ. فَإِذَا كَمَّلَ تَشَهُّدَهُ رَجَعَ مُتَرَبِّعًا قَبْلَ التَّكْبِيرِ الَّذِي يَنْوِي بِهِ الْقِيَامَ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى قَائِمًا لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَتَرَبُّعُهُ بَدَلُ قِيَامِهِ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِتَغْيِيرِ الْجِلْسَةِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّغْيِيرِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا مُتَرَبِّعًا وَأَمَّا تَغْيِيرُهُ فِي السُّجُودِ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ وَهُوَ سُنِّيَّةُ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ قَدِّمِيهِ. (ص) وَلَوْ سَقَطَ قَادِرٌ بِزَوَالِ عِمَادٍ بَطَلَتْ وَإِلَّا كُرِهَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا إذَا اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ سَقَطَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ سَقَطَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ اسْتَنَدَ سَهْوًا فَإِنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ تَبْطُلُ وَتُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ هَذَا فِي قِيَامِ الْفَاتِحَةِ وَأَمَّا قِيَامُ السُّورَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قِيَامَهَا سُنَّةٌ لَا شَيْءٌ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَلَوْ كَانَ الْمَفْعُولُ فِيهِ الِاسْتِنَادُ نَافِلَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِنَادُ خَفِيفًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْمُسْتَنَدُ إلَيْهِ لَا يَسْقُطُ صَاحِبُهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ. (ص) ثُمَّ نُدِبَ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ جُلُوسٌ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ جُلُوسٌ أَيْ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْحَالَاتِ الْأَرْبَعِ وَقَدَرَ عَلَى حَالَاتِ الِاسْتِلْقَاءِ الثَّلَاثِ يُنْدَبُ لَهُ الْبُدَاءَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا يُفْعَلُ بِهِ فِي لَحْدِهِ ثُمَّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَنْدُوبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَانْظُرْ الْكَلَامَ عَلَى عَطْفِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِوَقْتٍ) هُوَ فِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَلِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ وَلِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ. (قَوْلُهُ وَتَرَبُّعٌ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَسُمِّيَ الْمُتَرَبِّعُ مُتَرَبِّعًا لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ أَرْبَاعًا الْفَخِذَانِ وَالسَّاقَانِ أَيْ: جَعَلَ نَفْسَهُ أَرْبَاعًا عَلَى الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ تَحْتَ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى) أَيْ: أَوْ تَحْتَ وِرْكِهِ الْيُسْرَى أَوْ تَحْتَ سَاقِهِ أَوْ بَيْنَ سَاقِهِ وَوَرِكِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْأَصْلُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ يُعْلَمُ إلَخْ) يُقَالُ وَكَذَا حُكْمُ الْمُتَرَبِّعِ يُعْلَمُ مِنْ خَارِجٍ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ. (قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ كَذَلِكَ) أَيْ: مُتَرَبِّعًا (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ) لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ لَا الْمَرَّةُ حَتَّى يَكُونَ بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ اسْتِحْبَابًا) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ فِي حَالِ السُّجُودِ سُنَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ) تَفْسِيرٌ لِيُغَيِّرَ إلَّا أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَا فِي حَالِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ فِي سُجُودٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَثْنِي لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِيُغَيِّرَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ (قَوْلُهُ وَفِي الرَّفْعِ مِنْهَا إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ حَتَّى يَقُولَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يُغَيِّرُ فِي حَالِ التَّشَهُّدِ وَفِي حَالِ السُّجُودِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَفِي حَالِ سُجُودِهِ وَتَشَهُّدِهِ لَكِنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِي جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسُّنِّيَّةَ فِي حَالِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ حُكْمُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالتَّشَهُّدِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ) أَرَادَ بِهِ خِلَافَ الْأُولَى (قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ إلَخْ) لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ الضَّرُورِيُّ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَالْفَجْرِ وَبَعْضُ الضَّرُورِيِّ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالِاخْتِيَارِيُّ فَقَطْ فِي الْعَصْرِ لِأَنَّهُ يُعِيدُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ نُدِبَ عَلَى أَيْمَنَ) قَالَ اللَّقَانِيِّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ أَيْ: مُسْتَقِلًّا ثُمَّ مُسْتَنِدًا لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ النَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَأَحَدُ الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ وَاجِبٌ لَا بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى جُلُوسٍ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ بَلْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ مَعَ عَاطِفٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ اضْطِجَاعٌ وَنُدِبَ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ وَوَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِهِ) لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْبَطْنِ وَحَالَاتِ الِاضْطِجَاعِ الثَّلَاثِ وَاجِبٌ فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ظَهْرٍ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: ثُمَّ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ ثُمَّ صَلَّى عَلَى ظَهْرٍ وَلَوْ جُعِلَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ لَاقْتَضَى أَنَّ تَقْدِيمَ الظَّهْرِ عَلَى الْبَطْنِ مَنْدُوبٌ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَإِذَا صَلَّى عَلَى الْبَطْنِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ كَالسَّاجِدِ عَكْسُ الظَّهْرِ إذَا عَجَزَ عَنْ صَلَاتِهِ عَلَى ظَهْرٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ. {تَنْبِيهٌ} : قَالَ عج وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ عَشْرُ صُوَرٍ فَصُوَرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهْرٍ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَمَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ فَقَادِرٌ عَلَيْهِ يَفْعَلُ صَلَاتَهُ كُلَّهَا مِنْ قِيَامٍ وَيُومِئُ لِسُجُودِهِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ الْجُلُوسِ أَيْضًا أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَيَمُدُّ يَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ فِي إيمَائِهِ وَيَجْلِسُ وَيُومِئُ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ جُلُوسٍ. ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مُتَعَلِّقِ عَاجِزٌ؛ إذْ الْمَعْنَى وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَحْدَهُ فَلَيْسَ عَاجِزًا عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَمَعَ الْجُلُوسِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ وَحْدَهُ الْمُقَدَّرِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ وَأَوْمَأَ الثَّانِي لِأَنَّ أَوْمَأَ الْأَوَّلُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْمَعْطُوفِ وَإِنْ قُدِّرَ شَرْطٌ انْتَفَى أَيْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ نُكْتَةَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ أَوْمَأَ ثَانِيًا لِرَفْعِ إيهَامِ أَنَّهُ يُومِئُ مِنْ قِيَامٍ مُطْلَقًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَحَلُّ الشَّارِحِ غَيْرُ مَعْقُولٍ. (ص) وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيُجْزِئُ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَأْوِيلَانِ الْأُولَى هَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى إيمَاءً مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ بِوُسْعِهِ بِحَيْثُ لَا يُطِيقُ زَائِدًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَصَرَ عَنْ طَاقَتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَاسْتُظْهِرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْأَصْلِ أَوْ يَكْفِي مَا يُسَمَّى إيمَاءً مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِنِهَايَةِ وُسْعِهِ وَأَخَذَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ تَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ، فَلَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنَّمَا يُومِئُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْإِيمَاءِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَمْ لَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَشْيَاخِ هُوَ مُوَافِقٌ لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِحَدٍّ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَوْ قَارَبَ الْمُومِئُ الْأَرْضَ أَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا فَزِيَادَةُ إمْسَاسِ الْأَرْضِ بِالْأَنْفِ لَا تُؤَثِّرُ مَعَ أَنَّ الْإِيمَاءَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ وَمَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ وَرَكِبَ الْمَشَقَّةَ فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ كَمُتَيَمِّمٍ أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِعُذْرٍ فَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَاغْتَسَلَ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ وَمَا قَبْلَهُ أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ. (ص) وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ بِسُجُودٍ تَأْوِيلَانِ   [حاشية العدوي] الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ أَرْبَعَةٌ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ صُوَرُهُ ثَلَاثٌ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا وَالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ صُوَرُهُ اثْنَانِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ صُوَرُهُ وَاحِدَةٌ وَكُلُّهَا مَا عَدَا التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَالْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا وَاجِبٌ وَأَمَّا بَيْنَهُمَا فَمُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ) أَيْ اسْتِقْلَالًا وَاسْتِنَادًا (قَوْلُهُ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ) أَيْ: وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ يُومِئُ لِلسُّجُودِ) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَنَّ هَذَا الْإِيمَاءَ لِلسُّجُودِ أَوْ لِلرُّكُوعِ مَثَلًا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوَّلًا كَافِيَةٌ هَكَذَا نَظَرَ عج خِلَافًا فِي عب وَسَكَتَ عَنْ حَالِ الْيَدَيْنِ هَلْ يُومِئُ بِهِمَا لِلْأَرْضِ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَضْعِ لِلْأَرْضِ وَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ إذَا كَانَ يَقْدِرُ مَعَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَالَةِ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ وَحْدَهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَوْ هُوَ مَعَ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْمَعْطُوفِ) فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَالْعَاجِزُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ مَعَ الْجُلُوسِ يُومِئُ لِلسُّجُودِ مَعَ جُلُوسٍ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ (قَوْلُهُ انْتَفَى) أَيْ: الْإِشْكَالُ (قَوْلُهُ إيهَامٌ أَنَّهُ يُومِئُ مِنْ قِيَامٍ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ أَوْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ ثُمَّ اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ لِلسُّجُودِ مِنْهُ وَتَسْلِيطُ أَوْمَأَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَالْعَاجِزُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَحْدَهُ أَيْ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا أَوْ اسْتِنَادًا أَوْ هُوَ مَعَ الْجُلُوسِ يُومِئُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ يُومِئُ مِنْ قِيَامٍ مُطْلَقًا وَالثَّانِيَ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَلِلسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ (قَوْلُهُ وَحَلُّ الشَّارِحِ غَيْرُ مَعْقُولٍ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ الْعَاجِزَ يُبَاحُ لَهُ الْإِيمَاءُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ جَالِسًا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْوِفَاقِ أَيْ: أَوْ لَا يُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ اعْتِبَارًا بِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ طَارِحًا لِكَلَامِ أَشْهَبَ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُطِيقُ زَائِدًا) أَيْ: وَلَا يُبَالِي بِمُسَاوَاةِ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ لِلْإِيمَاءِ فِي السُّجُودِ وَعَدَمِ تَمْيِيزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذَا فَعَلَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا هَكَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَكْفِي مَا يُسَمَّى إيمَاءً) وَلَا يَجِبُ أَنْ يَبْذُلَ وُسْعَهُ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ الرُّكُوعِ عَنْ السُّجُودِ أَيْ: يَبْقَى فِي وُسْعِهِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَمْيِيزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وُسْعِهِ) أَيْ: طَاقَتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) فِيمَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ تَمْنَعُهُ السُّجُودَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى الْأَنْفِ. (قَوْلُهُ وَمَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ وَرَكِبَ الْمَشَقَّةَ) أَيْ: تَرَكَهَا وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ لِتَدْخُلَ تِلْكَ الصُّورَةُ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسْجُدْ بِجَبْهَتِهِ إلَى الْأَرْضِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَأَمَّا لَوْ أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الِانْحِنَاءِ يُشِيرُ بِيَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ وَفِي حَالَةِ الْجُلُوسِ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ قَالَ عج وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَضَعُهُمَا) الْمُنَاسِبُ الْوَاوُ (قَوْلُهُ كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ إلَخْ) اشْتَرَطَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 (ش) مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَيَانٌ لِأَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَنْ يُومِئُ لِلسُّجُودِ وَهُوَ أَنَّ الْمُومِئَ لِلسُّجُودِ إذَا أَوْمَأَ لَهُ مِنْ قِيَامٍ أَوْمَأَ بِيَدَيْهِ وَإِنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَضَعَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يَفْعَلُ السَّاجِدُ غَيْرُ الْمُومِئِ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ اتِّفَاقًا كَمَا يَفْعَلُ السَّاجِدُ غَيْرُ الْمُومِئِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا كَالطَّاقَةِ وَالطَّاقَتَيْنِ فَيُكْرَهُ فَقَطْ. وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مَطْوِيٌّ تَقْدِيرُهُ أَوْ لَا يُومِئُ بِهِمَا فِي حَالِ قِيَامِهِ وَلَا يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ فِي حَالِ جُلُوسِهِ بَلْ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَيْثُ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْجَبْهَةِ فِي السُّجُودِ وَهِيَ لَمْ تَسْجُدْ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَتَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ مَعَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَإِلَى مَا ذَكَرَهُ وَطَوَاهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَأْوِيلَانِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَسْأَلَةُ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ فَقَوْلُهُ بِسُجُودٍ يَتَنَازَعُهُ الْعَوَامِلُ الثَّلَاثُ أَيْ وَهَلْ يُومِئُ مَعَ إيمَائِهِ بِظَهْرِهِ وَرَأْسِهِ لِلسُّجُودِ بِيَدَيْهِ أَيْضًا إذَا صَلَّى قَائِمًا وَيَضَعُهُمَا إنْ صَلَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ فِي إيمَاءِ السُّجُودِ إنْ قَدَرَ كَمَا يَحْسُرُ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ فِي إيمَائِهِ لَهُ أَيْ أَوْ لَا يَفْعَلُ بِالْيَدَيْنِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ إيمَاءٍ قَائِمًا، أَوْ وَضْعٍ لَهُمَا جَالِسًا بَلْ يَجْعَلُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ التَّشْبِيهِ. (ص) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكُلِّ وإنْ سَجَدَ لَا يَنْهَضُ أَتَمَّ رَكْعَةً ثُمَّ جَلَسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى جَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مِنْ الْقِيَامِ وَقِرَاءَةِ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا وَالْجُلُوسِ إلَّا أَنَّهُ إذَا جَلَسَ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ لِلْقِيَامِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْأُولَى قَائِمًا بِكَمَالِهَا وَيُتِمُّ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ جَالِسًا وَإِلَيْهِ مَالَ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونِسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ يُصَلِّي جُمْلَةَ صَلَاتِهِ قَائِمًا إيمَاءً إلَّا الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فِيهَا. (ص) وَإِنْ خَفَّ مَعْذُورٌ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى (ش) أَيْ وَإِنْ خَفَّ فِي الصَّلَاةِ مَعْذُورٌ عَنْ حَالَةِ عَجْزٍ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ إيمَاءٍ انْتَقَلَ وُجُوبًا عَنْ حَالَتِهِ تِلْكَ لِلْأَعْلَى مِنْهَا مِنْ جُلُوسٍ وَقِيَامٍ وَإِتْمَامٍ وَلَا يُجْزِئُهُ إتْمَامُهَا عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى، وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا فِي الصَّلَاةِ لِيَخْرُجَ مَنْ خَفَّ بَعْدَهَا فَلَا يُعِيدُ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى. (ص) وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ (ش) يَعْنِي إذَا عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فِي حَالِ الْقِيَامِ وَلَا يَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ جَالِسًا فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ قِيَامِهِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَدْرَ مَا يُطِيقُ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَيَأْتِي بِمَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْهَا جَالِسًا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ يَقُومُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَعْجُوزُهُ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَيَجْلِسُ وَيَأْتِي بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَاتِحَةً عَمَّا لَوْ عَجَزَ عَنْ السُّورَةِ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُهَا وَيُصَلِّي قَائِمًا وَيَرْكَعُ إثْرَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ   [حاشية العدوي] الْحَسْرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ طَهَارَةَ الْبُقْعَةِ الَّتِي يُومِئُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ السُّجُودَ فَرْضٌ قَطْعًا وَطَهَارَةُ الْبُقْعَةِ قِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ كَمَا يَفْعَلُ السَّاجِدُ غَيْرُ الْمُومِئِ) أَفَادَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْفِعْلِ وَلَمْ يَتَنَزَّلْ لِلْحُكْمِ وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ عج بِقَوْلِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ وَضْعِهِمَا فِي السُّجُودِ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ لُزُومُ ذَلِكَ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا) أَيْ: الَّذِي عَلَى جَبْهَتِهِ الْمَفْهُومُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُومِئُ بِهِمَا فِي حَالِ قِيَامِهِ) أَيْ: بَلْ يُرْسِلُهُمَا إلَى جَانِبِهِ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّ الشُّيُوخِ الْعَارِفِينَ عَلَى عج (قَوْلُهُ بَلْ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) اُنْظُرْهُ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَنْ ذَلِكَ الْقَائِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ الْعَوَامِلُ الثَّلَاثُ) أَيْ الَّتِي هِيَ يُومِئُ وَيَضَعُهُمَا وَحَسْرٌ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلسُّجُودِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُومِئُ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَفْعَلُ بِالْيَدَيْنِ شَيْئًا) حَاصِلُهُ أَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ مَحْذُوفٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ فَفِيمَا إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ وَقَوْلُهُ أَوْ يَضَعُهُمَا فِيمَا إذَا أَوْمَأَ مِنْ جُلُوسٍ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَضَعُهُمَا بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِأَوْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَفْرُوضَانِ فِيمَنْ يُصَلِّي جَالِسًا أَحَدُهُمَا مَذْكُورٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهِمَا سَجَدَ وَإِلَّا أَوْمَأَ وَالثَّانِي تَأْوِيلٌ مَحْذُوفٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ بِهِمَا شَيْءٌ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَجَدَ) أَيْ: وَإِنْ جَلَسَ وَسَجَدَ لَا يَنْهَضُ (قَوْلُهُ ثُمَّ جَلَسَ) أَيْ: اسْتَمَرَّ جَالِسًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا جَلَسَ) زَادَ شب وَسَجَدَ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ إضْمَارًا وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ جَلَسَ وَسَجَدَ لَا يَنْهَضُ وَاقْتَصَرَ شَارِحُنَا عَلَى ذِكْرِ وَجَلَسَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَسَجَدَ كَمَا فَعَلَ شب وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي تَفْسِيرِ سَجَدَ بِجَلَسَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ مِنْ كَوْنِهِ إذَا سَجَدَ لَا يَنْهَضُ مِنْ السُّجُودِ بَلْ يَسْتَمِرُّ سَاجِدًا غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ بِالسُّجُودِ الْجُلُوسُ الشَّامِلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ أَحْوَالِ الْجُلُوسِ. (قَوْلُهُ انْتَقَلَ وُجُوبًا إلَخْ) أَيْ: أَوْ نَدْبًا فِيمَا التَّرْتِيبُ فِيهِ مَنْدُوبٌ فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَهُ (قَوْلُهُ مِنْ جُلُوسٍ) أَيْ: إذَا كَانَ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَقَوْلُهُ أَوْ قِيَامٍ إذَا كَانَ يُصَلِّي مِنْ جُلُوسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ إتْمَامٍ أَيْ: إذَا كَانَ يُصَلِّي قَائِمًا بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَيَأْتِي بِهِمَا هَذَا مَعْنَى الْإِتْمَامِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ) وَأَمَّا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَمِنْ قِيَامٍ أَيْ: عَجَزَ لِدَوْخَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَنْ عَجَزَ عَنْهَا جَالِسًا وَقَدَرَ عَلَيْهَا مُضْطَجِعًا فَإِنَّهُ يَضْطَجِعُ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا لَهَا وَيَقْدِرُ عَلَى قِرَاءَتِهَا فِي مُصْحَفٍ جَالِسًا (قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ يَقُومُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ فَيَجْلِسُ وَيَأْتِي بِبَعْضِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْكُلِّ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وَأَحْرَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ طِوَالِ السُّورَةِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ أَوْ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرْفٍ فَقَالَ وَغَيْرُهُ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ، أَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْإِيمَاءِ بِطَرْفٍ أَوْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فِي الْأُولَى لَا نَصَّ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ أَحْوَطُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ عِنْدَهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ لَا نَصَّ وَقَطَعَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الثَّانِيَةِ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ حَاكِيًا عَدَمَ الْخِلَافِ فِيهِ وَلِلْمَازِرِيِّ أَنْ لَا يُسَلِّمَ لَهُ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَقَالَ وَغَيْرُهُ لَا نَصَّ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ: فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ لَكِنَّ ابْنَ بَشِيرٍ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ صَرِيحًا وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ ضِمْنًا وَالْمَازِرِيُّ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ ضِمْنًا وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ صَرِيحًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوِّشًا وَبِهِ يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَيْ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوِّشًا بِالنَّظَرِ لِلْقَائِلِ وَالْمَقُولِ وَمُرَتَّبًا بِالنَّظَرِ لِلتَّصْوِيرِ وَالْمَقُولِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ هُوَ ابْنُ بَشِيرٍ. (ص) وَجَازَ قَدْحُ عَيْنٍ أَدَّى لِجُلُوسٍ لَا اسْتِلْقَاءٍ فَيُعِيدُ أَبَدًا (ش) يُرِيدُ أَنَّ إخْرَاجَ الْمَاءِ مِنْ الْعَيْنِ لِوَجَعِ صُدَاعٍ وَنَحْوِهِ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجُلُوسِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ وَفِي جَوَازِهِ لِعَوْدِ إبْصَارِهِ فَقَطْ وَصَلَاتُهُ كَذَلِكَ وَمَنْعُهُ وَوُجُوبُ قِيَامِهِ وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ رِوَايَتَانِ ابْنَ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِلْقَاءِ امْتَنَعَ وَإِنْ فَعَلَ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وظَاهِرُهُ طَالَ زَمَنُهُ أَوْ قَلَّ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِتَرَدُّدِ النَّجْحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُشَاهَدَ حُصُولُهُ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَالتُّونِسِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَجَوَازِ التَّدَاوِي فَيَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى الِاضْطِجَاعِ كَمَا يَجُوزُ بِالْقَصْدِ الِانْتِقَالُ مِنْ الْغَسْلِ إلَى مَسْحِ مَوْضِعِ الْفَرْضِ وَمَا يَلِيه مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ رِبَاطِهِ ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْفَتْوَى بِإِفْرِيقِيَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّحَ عُذْرَهُ أَيْضًا) كَعُذْرِ الْجَالِسِ وَفَرَّقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ بَيْنَ اضْطِجَاعِهِ يَوْمًا وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَنَحْوَهَا فَلَا. (ص) وَلِمَرِيضٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِطَرْفٍ) الطَّرْفُ الْعَيْنُ وَلَا يُجْمَعُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ فَيَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَرِجْلٍ أَوْ رَأْسٍ (أَقُولُ) فِي هَذَا التَّعْمِيمِ نَظَرٌ إذْ هَذَا لَيْسَ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْمَازِرِيِّ وَقَدْ قَصَرَهَا عَلَى الطَّرْفِ وَالْحَاجِبِ وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَرِيضُ أَنْ يُومِئَ بِرَأْسِهِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُومِئُ بِطَرْفِهِ وَحَاجِبِهِ وَيَكُونُ مُصَلِّيًا بِهِ مَعَ النِّيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: قَوْلُهُ وَهُوَ أَحْوَطُ يَتَضَمَّنُ أَنَّ إلَخْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ أَحْوَطُ يَتَضَمَّنُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ بَلْ سَيَأْتِي أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ أَقَرَّ بِالْعَجْزِ عَنْ دَلِيلٍ يَقْتَضِيه وَحَيْثُ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَا مُقْتَضَى فِي الْمَذْهَبِ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الثَّانِيَةِ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ) أَيْ: قَاطِعًا بِالْحُكْمِ بِهَا فِي الْمَذْهَبِ مُوَافِقًا لَلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَسْقُطُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ تَكَلَّمَ عَلَى الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْإِيمَاءِ بِطَرْفٍ أَوْ حَاجِبٍ مَعَ النِّيَّةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْيِ وُجُودِهِ فِي الْمَذْهَبِ جُمْلَةً بَلْ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَابْنُ بَشِيرٍ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْإِيمَاءِ بِطَرْفٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا خِلَافَ أَيْ: فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُومِئُ وَإِنَّمَا نَفَى النَّصَّ عَنْ الْعَاجِزِ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ سِوَى النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ وَلَمْ يَقُلْ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ بَلْ أَقَرَّ بِالْعَجْزِ عَنْ دَلِيلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَحَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَجَوَابُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَكَيْفَ يَنْسِبُ كُلًّا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْ الشَّيْخَيْنِ؟ هَذَا مَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّنَا نَدَّعِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ قَالَ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَنُعَمِّمُ فِي الْقَوْلِ فَنَقُولُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ الصَّرَاحَةِ وَالضِّمْنِيَّةِ وَاعْتِرَاضُك يَا ابْنَ غَازِيٍّ نَاظِرٌ إلَى الْقَوْلِ صَرَاحَةً، الثَّانِي: أَنَّ فِي الْكَلَامِ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوِّشًا إلَّا أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ الثَّانِي لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابَيْنِ. (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْقَائِلِ وَالْمَقُولِ) الْقَائِلُ هُوَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَقُولُ الَّذِي هُوَ لَا نَصَّ إلَخْ. فَلَا نَصَّ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَقَالَ. (قَوْلُهُ وَمُرَتَّبًا) أَيْ: وَمُرَتَّبًا بِالنَّظَرِ لِلتَّصْوِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ أَوْ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرْفٍ وَقَدْ عَرَفْت الْمَقُولَ. (قَوْلُهُ وَجَازَ قَدْحُ عَيْنٍ) أَيْ إخْرَاجُ مَاءٍ مِنْ الْعَيْنِ لِعَوْدِ الْبَصَرِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَيْنِ بَلْ مُدَاوَاةُ سَائِرِ الْجَسَدِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِهِ لِعَوْدِ إبْصَارِهِ) الْأَوْلَى حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ الْقَدْحُ لِلْأَبْصَارِ؛ لِأَنَّ الْقَدْحَ لِذَهَابِ الْوَجَعِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ أَدَّى لِلِاسْتِلْقَاءِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْبِسَاطِيُّ وَالْبَرْزَلِيُّ. (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: جَالِسًا (قَوْلُهُ رِوَايَتَا ابْنُ وَهْبٍ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتِّبٌ فَابْنُ وَهْبٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَفِي جَوَازِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَمَنَعَهُ. (قَوْلُهُ بِتَرَدُّدِ النَّجْحِ) أَيْ: النَّفْعِ أَيْ: لَمْ يَقْطَعْ بِحُصُولِ النَّفْعِ. (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ) جَوَابٌ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ كَعُذْرِ الْجَالِسِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذَفَ لَفْظَةَ أَيْ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ: كَعُذْرِ الْجَالِسِ فَهُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَى أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ إلَخْ) كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّحْوِ الزَّائِدُ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَا كَانَ أَقَلَّ فَنُظْهِرُ لَهُ فَائِدَةً وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْإِتْسَاعِ بَيْنَ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَالثَّلَاثِينَ فَلَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِنَحْوِ الْيَوْمِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فَأَقَلَّ وَأَرَادَ بِنَحْوِ الْأَرْبَعِينَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ وَلِمَرِيضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ وَالتَّقْدِيرُ وَيَجُوزُ لِمَرِيضٍ وَلَامُ لَيُصَلِّي لَامُ الْعِلَّةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَفْرُوشِ عَلَى النَّجَسِ أَنْ لَا يَكُونَ قِطْعَةً مِنْ ثَوْبِ الْمُصَلِّي وَأَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 سَتْرُ نَجَسٍ بِطَاهِرٍ لِيُصَلِّيَ كَالصَّحِيحِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ وَكَذَا الصَّحِيحُ أَنْ يُصَلِّي عَلَى فِرَاشٍ نَجَسٍ إذَا بَسَطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا طَاهِرًا كَثِيفًا، وَأَمَّا الْحَرِيرُ فَلَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ وَلَوْ سُتِرَ بِكَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ النَّجَسِ لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحَرِيرَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّجَسِ وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ وَمَا هُنَا فِي حَالِ عَدَمِهَا. (ص) وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِتْمَامِ لَا اضْطِجَاعٌ وَإِنْ أَوَّلًا (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلْمُتَنَفِّلِ الْجُلُوسُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً قَائِمًا وَأَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوَّلًا مُلْتَزِمَ الْقِيَامِ بِأَنْ نَدَرَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ وَأَمَانِيَّهُ ذَلِكَ فَلَا تَكْفِي كَمَا هُوَ الْمُرْتَضَى وَإِنْ خَالَفَ وَأَتَمَّ جَالِسًا بَعْدَ أَنْ الْتَزَمَ الْإِتْمَامَ قَائِمًا أَثِمَ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَذَا يَنْبَغِي وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ مُضْطَجِعًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا فَوْقَهُ وَإِنْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلًا وَابْتَدَأَ النَّافِلَةَ بِهِ وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ قَصْدًا فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا فِي نَفْسِهَا وَمَعَ غَيْرِهَا وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا أَوْ فِي عَيْنِهَا أَوْ فِي تَرْتِيبِهَا وَانْجَرَّ بِهِ الْكَلَامُ إلَى بَيَانِ حُكْمِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ فَقَالَ مُشِيرًا لِلْحُكْمِ الْعَامِّ بِقَوْلِهِ. (ص) {فَصْلٌ وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقًا} (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ قَضَاؤُهَا فَوْرًا سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَسَوَاءٌ تَرَكَهَا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ وَالْمُؤَلِّفُ   [حاشية العدوي] يَكُونَ كَثِيفًا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا مَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَفْرُوشُ قِطْعَةً مِنْ ثَوْبِ الْمُصَلِّي وَقَدْ مَالَ إلَيْهِ شَيْخُ بَعْضِ شُيُوخِنَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ كَالصَّحِيحِ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ: إلَّا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الصَّحِيحِ تَنْظِيفُ ثِيَابِهِ وَمُبَاعَدَتُهَا عَنْ النَّجَاسَةِ وَبَدَنِهِ وَمَكَانِهِ وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُحَرِّكًا لِتِلْكَ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ) أَيْ أَوْ أَرْضٍ مُتَنَجِّسَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُرْمَةً إلَخْ) هَذَا إذَا وَجَدَ مَكَانًا يُصَلِّي فِيهِ غَيْرَ الْمَفْرُوشِ بِالْحَرِيرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاهُ صَارَ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَيَجُوزُ بِالسِّتْرِ عَنْدَ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ السِّتْرِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُتَنَفِّلِ) الْمُرَادُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ إلَّا فِي السُّنَّةِ فَإِنَّ الْجُلُوسَ فِيهَا مَكْرُوهٌ كَذَا فِي عج وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَتْرِ وَغَيْرِهِ وَيُوَافِقُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ) أَيْ وَالِاسْتِنَادِ أَحْرَى وَقَوْلُهُ وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَأَوْلَى عَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ لِلْأَعْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي النَّافِلَةِ تَكَرُّرُ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَهَلْ يُقَيِّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَشْرُوعٌ فِيهَا وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَنْبَغِي مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى حَدِّ اللَّعِبِ (قَوْلُهُ بِأَنْ نَذَرَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ) بِأَنْ قَالَ نَذْرٌ عَلَيَّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ، وَأَمَّا إنْ قَالَ: نَذْرٌ عَلَيَّ صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِقِيَامٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِيَامُ وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِفِعْلِهِ جَالِسًا مَعَ عَدَمِ الْأَثِمِ وَالْأَفْضَلُ الْفِعْلُ مِنْ قِيَامٍ لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ الْجَالِسِ فِي النَّفْلِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا نِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ نِيَّةُ النَّفْلِ قَائِمًا فَلَا تَكْفِي فِي وُجُوبِ الْقِيَامِ إلَّا إذَا نَذَرَهُ بِالْخُصُوصِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَفَّلَ مُضْطَجِعًا) بَلْ لَا تَصِحُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - [فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا] (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ بِفَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَيْ: مِنْ سُنَنٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ شَرَعَ قَصْدًا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا شَرَعَ فِيهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ (بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَانْجَرَّ بِهِ الْكَلَامُ إلَخْ) (قَوْلُهُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ لَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَى ذَلِكَ وَنَحْنُ نُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ إنَّ الشَّخْصَ إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ صَلَاةً عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَأَمَّا عِنْدَ الشَّكِّ فَيَتَوَقَّى أَوْقَاتَ النَّهْيِ وُجُوبًا فِي الْمُحَرَّمِ وَنَدْبًا فِي الْمَكْرُوهِ وَيَفْعَلُهُ فِيمَا عَدَاهُمَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْتَنِدَ لِعَلَامَةٍ لَا لِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي تَرْتِيبِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي شَكَّ فِي تَرْتِيبِهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَلَا الشَّارِحُ وَنُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ الْكَلَامِ عَلَى قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ الْكَلَامُ إلَخْ. (أَقُولُ) وَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَقْصُودًا ابْتِدَاءً وَلَا يُنَافِي فِي ذَلِكَ كَوْنُ الْمُصَنِّفِ صَدَّرَ الْبَابَ بِبَيَانِ حُكْمِ الْفَوَائِتِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهَا أَكْثَرُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْتُ ابْنَ الْحَاجِبِ إنَّمَا عَقَدَ هَذَا الْفَصْلَ لِلْفَوَائِتِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ الْحَاضِرَتَيْنِ نَعَمْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ مَقْصُودَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَجَعَلَ الْبَابَ مَقْصُودًا لَهُ دُونَ الْحَاضِرَتَيْنِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ وَلِمَ لَمْ يَقْصِدْ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا. (قَوْلُهُ لِلْحُكْمِ الْعَامِّ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَجَبَ إلَخْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً عَلِمَ تَرْتِيبَهَا مِنْ الْأُخْرَى أَمْ لَا كَانَ مَعَهَا حَاضِرَةٌ أَمْ لَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ {فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ} . (قَوْلُهُ فَائِتَةٍ) أَيْ: مُحَقَّقَةِ الْفَوَاتِ أَوْ مَظْنُونَتِهِ أَوْ مَشْكُوكَتِهِ وَأَمَّا الْوَهْمُ وَالتَّجْوِيزُ الْعَقْلِيُّ فَلَا كَمَا إذَا بَلَغَ وَتَوَهَّمَ أَوْ جَوَّزَ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً كَمَا ذَكَرَهَا الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَوْرًا) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَعَاشِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اُنْظُرْ هَلْ دَرْسُ الْعِلْمِ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَمُرَادُهُ بِالْعِلْمِ غَيْرُ الْعَيْنِيِّ، وَأَمَّا الْعَيْنِيُّ فَيُقَدَّمُ مُطْلَقًا وَكَذَا التَّمْرِيضُ وَإِشْرَافُ الْقَرِيبِ وَنَحْوُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ إنْ قَضَى فِي كُلِّ يَوْمٍ يَوْمَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا لَا يَوْمٌ فَلَا إلَّا لِمَنْ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ يُصَلِّي مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ صَلَاةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا أَيْ: مَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 تَكَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ مَسَائِلَ: قَضَاءُ الْفَوَائِتِ، وَتَرْتِيبُ الْحَوَاضِرِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا، وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ مَعَ الْحَوَاضِرِ فَأَشَارَ إلَى الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ وَيَسِيرُهَا مَعَ حَاضِرَةٍ وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَالْفَوَائِتُ فِي أَنْفُسِهَا وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَمَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا، وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ هُنَا وَجَبَ قَضَاءٌ إلَخْ. (ص) وَمَعَ ذِكْرٍ تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا (ش) أَيْ وَوَجَبَ مَعَ الذِّكْرِ ابْتِدَاءً وَفِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الْمَعْرُوفِ تَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَيُقَدِّمُ الظُّهْرَ عَلَى الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبَ عَلَى الْعِشَاءِ فَلَوْ بَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ نَاسِيًا لِلْأُولَى أَعَادَ الْأَخِيرَةَ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى فَلَوْ بَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ وَهُوَ مُتَذَكِّرٌ لِلْأُولَى أَوْ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ أَعَادَ الْأَخِيرَةَ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى. (ص) وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى حَاضِرَتَيْنِ فَقَيْدُ الذِّكْرِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ أَيْ وَوَجَبَ مَعَ الذِّكْرِ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ مُتَمَاثِلَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً فِي أَنْفُسِهَا لَكِنْ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ فَلَا يُعِيدُهَا أَصْلًا لَوْ خَالَفَ وَنَكَّسَ لَوْ عَامِدًا إذْ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا خَرَجَ وَقْتُهَا. (ص) وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا وَهَلْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ (ش) هُوَ أَيْضًا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا قَبْلُهُ أَيْ: وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ لَا شَرْطًا أَيْضًا تَرْتِيبُ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ أَصْلًا أَوْ بَقَاءً إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْحَاضِرَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي أَكْثَرِ الْيَسِيرِ هَلْ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ أَوْ خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَازِرِيُّ، وَتُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِالْحَاضِرَةِ مَعَ الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَإِلَّا وَجَبَ. (ص) فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا أَعَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ خِلَافٌ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَسِيرُهَا مَعَ حَاضِرَةٍ إلَخْ أَيْ فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ اسْتِحْبَابًا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِيَسِيرِ الْفَوَائِتِ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ الْمُدْرَكِ فِيهِ رَكْعَةٌ بِسَجْدَتَيْهَا فَأَكْثَرَ وَهُوَ الْغُرُوبُ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالْفَجْرُ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَالطُّلُوعُ فِي الصُّبْحِ، كَمَا لَوْ خَالَفَ نَاسِيًا فِي الْحَاضِرَتَيْنِ وَهَلْ يُعِيدُ مَأْمُومُ الْإِمَامِ الْمُعِيدِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ خَلَلٍ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ خَلَلٌ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَى مَأْمُومِهِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَطَائِفَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ لِخَلَلٍ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا وَهُنَا لَا خَلَلَ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْيَسِيرُ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْحَاضِرَةُ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْإِعَادَةُ. (ص) وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةٍ قَطَعَ فَذٌّ   [حاشية العدوي] الْأَشْغَالِ الْحَاجِيَّةِ أَيْ: أَنَّهُ مَعَ الْأَشْغَالِ الْحَاجِيَّةِ أَقَلَّ مَا يَقْضِي كُلَّ يَوْمٍ يَوْمَانِ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَيَجِبُ قَضَاءُ الْمُمْكِنِ وَحَرَّرَ وَلَا تَجُوزُ نَافِلَةٌ لِمَنْ عَلَيْهِ الْفَوَائِتُ إلَّا فَجْرُ يَوْمِهِ وَالشَّفْعُ وَالْوَتْرُ لَا غَيْرُهُ كَالتَّرَاوِيحِ فَإِنْ فَعَلَ أُجِرَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاعَةً وَأَثِمَ مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرُ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ تَرَكَهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَائِتَةٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ أَيْضًا لِقَضَاءٍ أَيْ: قَضَاءٍ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْمَشْكُوكَةُ. (قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرٍ) أَيْ وَقُدْرَةٍ وَلَا يَأْتِي الْعَجْزُ إلَّا بِالْإِكْرَاهِ وَلَا يَأْتِي فِي النَّهَارِيَّتَيْنِ بَلْ فِي اللَّيْلِيَّتَيْنِ فَإِنْ زَالَ الْإِكْرَاهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَعَادَ اسْتِحْبَابًا مَا دَامَ الْوَقْتُ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ، وَإِنْ زَالَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْإِكْرَاهِ كَالذِّكْرِ (قَوْلُهُ شَرْطًا) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وُجُوبًا شَرْطِيًّا وَأَعْرَبَهُ بَهْرَامُ حَالًا مِنْ تَرْتِيبٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِهِمَا بِحَيْثُ صَارَ مَا يَسَعُ مِنْهُ فِعْلُ الْأُولَى فَقَطْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ لَا لِلْأَوَّلِ فَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى وُجُوبِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ وَإِنَّهُ إنْ خَالَفَ أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِلَا خِلَافٍ، وَمُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الظُّهْرَ فِي عَصْرِ يَوْمِهِ فَإِنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ الْآتِيَ فِيمَا لَوْ ذَكَرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ فِي حَاضِرَةٍ. (قَوْلُهُ وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ لَا شَرْطًا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ وَقْتَيْنِ وَقْتِ الْفَائِتَةِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ تَذَكُّرِهَا وَوَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَلَمَّا تَعَارَضَ الْوَقْتَانِ قَدَّمَ وَقْتَ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى وَقْتِ الْحَاضِرَةِ. (قَوْلُهُ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ اسْتِحْبَابًا بَعْدَ إتْيَانِهِ إلَخْ) وَلَوْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً بَعْدَ وَتْرٍ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ خَلَلٍ إلَخْ) وَقَدْ حَصَلَ الْخَلَلُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَلْيَكُنْ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ وَهُنَا لَا خَلَلَ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ لِلْبِسَاطِيِّ وَنَصُّهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَلَلِ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا وَهُنَا الصَّلَاةُ نَفْسُهَا لَا خَلَلَ فِيهَا اهـ. فَزَادَ الشَّارِحُ مَا تَرَى وَهُوَ مُضِرٌّ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ أَنَّ الْإِعَادَةَ لِلْخَلَلِ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا أَيْ: لِكَوْنِهِ اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ وَهُنَا لَمْ يَخْتَلَّ مِنْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَوْفِيَةُ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْإِعَادَةُ) ضَعِيفٌ بَلْ الرَّاجِحُ كَمَا قَرَّرَهُ الْأَشْيَاخُ وَاعْتَمَدُوهُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ. {تَنْبِيهٌ} : إنَّمَا جَرَى خِلَافٌ فِي إعَادَةِ الْمَأْمُومِ وَجَزَمُوا بِإِعَادَةِ مَأْمُومٍ الْمُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ حَيْثُ يُعِيدُ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ الَّذِي يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ أَشَدُّ مِنْ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) أَيْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ مَا عَدَا الْجِنَازَةَ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَلَا يَلْحَقُ بِهَا عِيدٌ وَلَا كُسُوفٌ وَلَا اسْتِسْقَاءٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ جُمُعَةٍ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهَا؛ لِأَنَّ الْفَذَّ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ جُمُعَةٌ أَوْ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِمَامٍ وَمَأْمُومِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِذَكَرِهَا ثَانِيًا (قَوْلُهُ قَطَعَ فَذٌّ) وُجُوبًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْبَابِ مُشْكِلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 وَشَفْعٌ إنْ رَكَعَ وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جُمُعَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا إذَا تَذَكَّرَ صَلَاةً يَجِبُ تَرْتِيبُهَا مَعَ مَا هُوَ فِيهِ كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا عَلَى الْخِلَافِ إلَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ يُؤْمَرُ بِقَطْعِ مَا هُوَ فِيهِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ رَكَعَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا شَفَعَهَا أَيْ كَمَّلَهَا رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً وَسَلَّمَ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ فِيهَا مَا خَرَجَ وَقْتُهُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ ذَكَرَ ظُهْرَ يَوْمِهِ فِي عَصْرِهِ لَكِنْ إنْ تَمَادَى بَعْدَ ذِكْرِهِ صَحَّتْ فِي غَيْرِ مُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ شَرْطًا فِي غَيْرِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ تَبْطُلُ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَإِذَا قُلْنَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ وَلَوْ جُمُعَةً فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَلَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ وَيُعِيدُ غَيْرَ الْمُشَارِكَةِ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْيَسِيرَةِ وَأَبَدًا فِي الْمُشَارِكَةِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِمُشَارِكَتِهَا الشَّرْطِيَّةِ تَرْتِيبُهُمَا مَعَ الذَّكَرِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ التَّمَادِيَ مُشْكِلٌ؛ إذْ فِيهِ مُرَاعَاةُ حَقِّ الْإِمَامِ بِالتَّمَادِي عَلَى صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إعَادَتُهَا وَلَا حَقَّ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي تَمَادِي الْمَأْمُومِ وَإِعَادَةِ مَا هُوَ بِهَا فِي الْوَقْتِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَيُعِيدُهَا جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا ظُهْرًا؛ إذْ هِيَ بَدَلُهَا فَيَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَصْلِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ فِي الْفَرْضِ. وَأَمَّا النَّفَلُ فَيَقْطَعُهُ رَكَعَ أَمْ لَا فَيَظْهَرُ تَأْثِيرُ الذِّكْرِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَمَّلَهُ أَرْبَعًا لَمْ يَظْهَرْ لِلذِّكْرِ تَأْثِيرٌ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِيهِ الْأَثَرُ وَهُوَ شَفْعُهُ نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِلْفَذِّ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَأَخَّرَ قَوْلَهُ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ وَعَلَيْهِ حَلَّ حُلُولُو وَهُوَ نَصُّ ابْنِ فَرْحُونٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ التَّهْذِيبِ أَنَّ الْإِمَامَ وَمَأْمُومَهُ كَالْفَذِّ فِي التَّفْصِيلِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي كَلَامِهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَوْ يَأْتِي بِالْكَافِ فَيَقُولُ كَإِمَامٍ وَمَأْمُومِهِ لِيُؤْذِنَ بِالتَّفْصِيلِ. (ص) وَكَمَّلَ فَذٌّ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَذَّ إذَا ذَكَرَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَوَائِتِ بَعْدَ مَا أَتَمَّ مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُكَمِّلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْلٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ النَّفَلُ قَبْلَهَا وَلِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَهَذَا هُوَ الْعِلَّةُ فِي قَوْلِهِ (كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ: كَمَا يُكْمِلُ غَيْرَ الْمَغْرِبِ إذَا ذَكَرَ الْيَسِيرَ بَعْدَ مَا كَمَّلَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ فِي مُشْتَرِكَتَيْ الْوَقْتِ ثُمَّ بَعْدَ التَّكْمِيلِ يُغْفَلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِعَادَةِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ وَعَلَى هَذَا التَّعْمِيمِ دَرَجَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ وَنَظَرَ فِيهِ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ إنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ وَأَيْضًا لَا مَعْنَى لِوُجُوبِ تَكْمِيلِ صَلَاةٍ تَجِبُ إعَادَتُهَا أَبَدًا وَلَيْسَ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ، وَأَيْضًا كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّكْمِيلِ بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَنْ تَذَكَّرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ. (ص) وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ مُطْلَقًا صَلَّى خَمْسًا وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ سَوَاءٌ فَاتَتْهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ) أَيْ: اسْتِحْبَابًا كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ أَوْ وُجُوبًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ فِي الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ كَالْمَغْرِبِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْإِتْمَامُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَطْعُ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. {تَنْبِيهٌ} : مَحَلُّ كَوْنِهِ يَشْفَعُ إنْ رَكَعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ وَقْتِ الْمَذْكُورَةِ فَيَحْرُمُ الشَّفْعُ وَيَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ كَانَ الْوَقْتُ ضَرُورِيًّا كَمَا إذَا ذَكَرَ الظُّهْرَ فِي الْعَصْرِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْغُرُوبِ رَكْعَةٌ أَوْ اخْتِيَارِيًّا وَيُتَصَوَّرُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ كَمَا إذَا حَصَلَ الْعَصْرُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ تَذَكَّرَ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْعَصْرَ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ خَشْيَةَ خُرُوجِ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ لَا مُؤْتَمٌّ) أَيْ: فَلَا يَقْطَعُ إلَّا أَنَّهُ يُعِيدُهَا ظُهْرًا مَا دَامَ الْوَقْتُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ جُمُعَةً) قَالَ بَهْرَامُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ وَيُعِيدُهَا ظُهْرًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا قَطَعَ وَصَلَّى الْمَنْسِيَّةَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ قَطَعَ وَإِلَّا تَمَادَى وَلَا يُعِيدُ ظُهْرًا اهـ. وَفِي شب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَإِنْ لَمْ يُوقِنْ ذَلِكَ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَأَعَادَ ظُهْرًا أَرْبَعًا عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهُ أَيْ: عَنْ أَشْهَبَ وَمُفَادُ هَذَا كُلُّهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ جُمُعَةً رَاجِعٌ لِلْمَأْمُومِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَطْعِ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ وَتَمَادِي الْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ (وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَمَادَى) وَهُوَ مُسَلَّمٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّهُ يَتَمَادَى أَيْضًا إذَا ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ وَإِنْ كَانَ يُعِيدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ كَمَّلَ أَرْبَعًا إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ لَوْ كَمَّلَ اثْنَتَيْنِ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ وَقْفَةٌ مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَأَتَمَّ النَّفَلَ وَقَطَعَ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ) أَيْ: الْمُوَافَقَةَ الَّتِي شَرَحَ بِهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ حَلَّ حُلُولُو) أَيْ: عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ فَرْحُونٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَكَمَّلَ فَذٌّ بَعْدَ شَفْعٍ) وَيُعِيدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا إلَخْ وَالْإِمَامُ أَوْلَى مِنْ الْفَذِّ بِهَذَا الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ: تَامَّتَيْنِ (قَوْلُهُ كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ: أَتَمَّ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِسَجْدَتَيْهَا أَيْ: لِفِعْلِهِ الْمُعَظَّمَ فَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ) أَيْ: مِنْ التَّكْمِيلِ بَعْدَ الثَّلَاثِ مِنْ غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَكَمَّلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ الْإِعَادَةُ الْوَاجِبَةُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مُشْتَرِكَتَيْ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ فَاتَتْهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا) إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَنْسِيَّةٌ أَيْ طَرَأَ لَهَا النِّسْيَانُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُرِكَتْ فِي الْأَوَّلِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 لَا يَدْرِي مَا هِيَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إذْ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إلَّا بِهَا إذْ هُوَ مَطْلُوبٌ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَنْسِيَّةُ أَوْ الْمَتْرُوكَةُ فَصَارَ عَدَدُ حَالَاتِ الشَّكِّ خَمْسًا فَوَجَبَ اسْتِيفَاؤُهَا وَيَجْزِمُ النِّيَّةَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ بِأَنَّهَا هِيَ فَلَا يُقَالُ النِّيَّةُ مُتَرَدِّدَةٌ هَذَا إذَا كَانَ الْجَهْلُ لِلْفَائِتَةِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ لَيْلِيَّةً صَلَّى اثْنَتَيْنِ. فَإِنْ عَلِمَ الْفَائِتَةَ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا إلَّا أَنَّهُ جَهِلَ يَوْمَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ أَهُوَ السَّبْتُ أَوْ الْأَحَدُ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ يَوْمِهَا مَجْهُولًا؛ إذْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ بِحَسَبِ عَدَدِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ؛ إذْ لَا تَخْتَلِفُ الصَّلَاةُ الْمُعَيَّنَةُ بِاخْتِلَافِ الْأَيَّامِ فَإِذَا نَوَى بِهَا يَوْمَهَا الَّذِي تُرِكَتْ فِيهِ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ؛ إذْ لَوْ كَرَّرَهَا لَا يُحِيلُ فِي نِيَّتِهِ إلَّا عَلَى يَوْمٍ مَجْهُولٍ فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحَالَةِ عَلَى مَجْهُولٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّكْرَارِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ أَيْ: صَلَّاهَا نَاوِيًا بِهَا الْيَوْمَ الَّذِي يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا لَهُ وَإِلَّا فَالْيَوْمُ الْمَجْهُولُ لَا يُنْوَى. (ص) وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا صَلَّى سِتًّا وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَنْسِيَّةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْمَنْسِيَّ إذَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَلَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَالصَّلَاتَانِ إمَّا مُعَيَّنَتَانِ أَوْ لَا وَغَيْرُ الْمُعَيَّنَتَيْنِ إمَّا أَنْ تُعْرَفَ مَرْتَبَةُ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى أَمْ لَا فَإِنْ عُرِفَتْ مَرْتَبَتُهُمَا فَإِمَّا مِنْ يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَا مِنْ يَوْمٍ فَهِيَ إمَّا ثَانِيَتهَا أَوْ ثَالِثَتُهَا أَوْ رَابِعَتُهَا أَوْ خَامِسَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ يَوْمٍ فَالثَّانِيَةُ إمَّا مُمَاثِلَتُهَا وَهِيَ سَادِسَتُهَا وَحَادِيَةَ عَشْرَتَهَا وَسَادِسَةَ عَشْرَتَهَا وَحَادِيَةُ عِشْرِينِهَا وَسَادِسَةُ عِشْرِينِهَا وَحَادِيَةُ ثَلَاثِينِهَا وَإِلَّا فَهِيَ سَمِيَّةٌ أَيْ مُمَاثِلَةٌ لِثَانِيَتِهَا أَوْ ثَالِثَتِهَا أَوْ رَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتِهَا. فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَعَرَفَ مَرْتَبَةَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْأُولَى بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَسِيَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ مِنْهَا اثْنَتَانِ لَيْلِيَّتَانِ وَمِنْهَا ثَلَاثٌ نَهَارِيَّاتٌ وَلَا يَدْرِي أَهُمَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ أَوْ هُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَالْأُخْرَى مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَا يَدْرِي هَلْ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ أَوْ النَّهَارُ سَابِقُ اللَّيْلِ فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُمَا ظُهْرًا وَعَصْرًا أَوْ عَصْرًا وَمَغْرِبًا أَوْ مَغْرِبًا وَعِشَاءً أَوْ عِشَاءً وَصُبْحًا أَوْ صُبْحًا وَظُهْرًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي سِتَّ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ يَخْتِمُ بِمَا بَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ الْمَتْرُوكَ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَيَأْتِي بِأَعْدَادٍ تُحِيطُ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ. وَيُسْتَحَبُّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ كُلِّهَا أَنْ يَبْدَأَ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمَ بِهَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ نَكَّسَ الْفَوَائِتَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذْ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا خَرَجَ وَقْتُهَا وَتَرْتِيبُ الْمَفْعُولَاتِ إنَّمَا هُوَ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ فَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ تَحْصُلُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ فَصَلَاتُهُ السَّادِسَةُ إنَّمَا هِيَ لِحُصُولِ التَّرْتِيبِ وَقَدْ عَلِمْت سُقُوطَ طَلَبِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ فِي الْفَوَائِتِ يُعِيدُ أَبَدًا فَلَا إشْكَالَ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْفَرْعِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي وَمِنْهُ قَوْلُهُ وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ إلَخْ. (ص) وَفِي ثَالِثَتِهَا أَوْ رَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتِهَا كَذَلِكَ يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ صَلَاةً وَثَالِثَتَهَا وَلَا يَدْرِي مَا هُمَا أَوْ صَلَاةً وَرَابِعَتَهَا أَوْ خَامِسَتَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي سِتَّ صَلَوَاتٍ كَمَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا إلَّا أَنَّ صِفَةَ الْقَضَاءِ مُخْتَلِفَةً فَفِي الْأُولَى يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيُثَنِّي بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الْمَغْرِبُ وَيُثَلِّثُ بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الصُّبْحُ وَيُرَبِّعُ بِثَالِثَتِهَا   [حاشية العدوي] هَذَا إذَا كَانَ الْجَهْلُ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ جَهِلَ وَيَصِحُّ لِقَوْلِهِ مَنْسِيَّةٌ أَيْ: جَهِلَ جَهْلًا مُطْلَقًا أَوْ نَسِيَ نِسْيَانًا مُطْلَقًا يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ الْمُقَيَّدِ بِذَلِكَ وَإِنْ شِئْت قُلْت فِي تَفْسِيرِهِ عَلِمَ يَوْمَهَا أَوْ جَهِلَهُ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ فِي الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ لَا يَدْرِي مَا هِيَ) تَفْسِيرٌ لِلْجَهْلِ أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْلِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ الشَّامِلُ لِلشَّكِّ وَالظَّنِّ وَالْوَهْمِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) إلَّا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِاللَّيْلِيَّتَيْنِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اللَّيْلَ وَتُقَدَّمَ النَّهَارِيَّاتُ إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَهَا وَإِنْ شَكَّ خُيِّرَ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ وَإِلَّا كَانَ مُصَادَرَةً (قَوْلُهُ فَإِذَا نَوَى بِهَا يَوْمَهَا) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْيَوْمِ. (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ: أَمْ لَا تُعْرَفُ مَرْتَبَةُ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى هَذِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَلَا الشَّارِحُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا تَرَكَ صَلَاتَيْنِ لَا يَدْرِي مَا هُمَا وَلَا يَدْرِيَ نِسْبَةَ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَاللَّيْلَةَ الَّتِي تَلِيه أَوْ الَّتِي تَلِيهَا أَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ أَوْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَهُمَا صُبْحٌ وَظُهْرٌ أَوْ صُبْحٌ وَعَصْرٌ أَوْ صُبْحٌ وَمَغْرِبٌ أَوْ صُبْحٌ وَعِشَاءٌ أَوْ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ أَوْ ظُهْرٌ وَمَغْرِبٌ أَوْ ظُهْرٌ وَعِشَاءٌ أَوْ عَصْرٌ وَمَغْرِبٌ أَوْ عَصْرٌ وَعِشَاءٌ أَوْ مَغْرِبٌ وَعِشَاءٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسًا يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ وَيَخْتِمُ بِالْعِشَاءِ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ اللَّيْلُ مُتَأَخِّرًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا كَمَا إذَا كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالظُّهْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالْعَصْرُ أَوْ الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ أَوْ الْعِشَاءُ وَالظُّهْرُ أَوْ الْعِشَاءُ وَالْعَصْرُ أَوْ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ أَوْ الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ أَوْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ؟ فَإِنَّهُ يُصَلِّي سِتًّا يَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا مِنْ يَوْمَيْنِ أَوْ لَا يَعْلَمُ هَلْ هُمَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ سَمِيَّةٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُمَاثِلَتهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ كُلِّهَا) هَذِهِ الْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ لِمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت سُقُوطَ طَلَبِهِ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ: فَيَكُونُ مُشْكِلًا (قَوْلُهُ فَهُوَ مَشْهُورٌ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ أَيْ: فَالْحُكْمُ بِكَوْنِهِ يُصَلِّي سِتًّا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وَهِيَ الْعَصْرُ وَيُخَمِّسُ بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الْعِشَاءُ وَيُسَدِّسُ بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الظُّهْرُ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ثُمَّ يُثَنِّي بِعِشَاءِ الْآخِرَةِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالصُّبْحِ ثُمَّ بِالْمَغْرِبِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ثُمَّ يُثَنِّي بِالصُّبْحِ ثُمَّ بِعِشَاءِ الْآخِرَةِ ثُمَّ بِالْمَغْرِبِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ فَقَوْلُهُ يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ أَيْ: يُثَنِّي بِثَانِي الْمَنْسِيِّ أَيْ: بِالثَّانِي مِنْ الْمَنْسِيِّ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ الْمَعْنَى إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْأُولَى وَثَالِثَتَهَا أَوْ رَابِعَتَهَا أَوْ خَامِسَتَهَا كُلٌّ مِنْهَا مَنْسِيٌّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَعَلَّ التَّثْنِيَةَ بِالنَّظَرِ إلَى فِعْلِ كُلِّ صَلَاةٍ وَالصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَقَطْ أَيْ: يُوقِعُ الْمَنْسِيَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا انْفَصَلَ عَنْ فِعْلِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ يُثَنِّي ضِدَّ يُثَلِّثُ وَلَا ضِدَّ يُرَبِّعُ وَلَا ضِدَّ يُخَمِّسُ وَلَا ضِدَّ يُسَدِّسُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُوقِعُهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِيُثَنِّيَ بَلْ يُثَلِّثُ وَيُرَبِّعُ وَيُخَمِّسُ وَيُسَدِّسُ وَبِأَنَّ عَيْنَ الْمَنْسِيَّ مَجْهُولَةٌ فَكَيْفَ يَقُولُ يُثَنِّي الْمَنْسِيَّ ثُمَّ التَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ لِتَمَامِ الْمَنْسِيِّ بَلْ بِبَعْضِهِ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّةَ هُوَ مَجْمُوعُ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ فِي الْكَلَامِ مُضَافًا مُقَدَّرًا أَيْ: بِبَاقِي الْمَنْسِيِّ. (ص) وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ فِي سَادِسَتِهَا وَحَادِيَةَ عَشْرَتَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَسِيَ صَلَاةً وَسَادِسَتَهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا هُمَا أَوْ صَلَاةً وَحَادِيَةَ عَشْرَتَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا مُتَوَالِيَةً وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ لِأَنَّهُمَا مُتَمَاثِلَتَانِ مِنْ يَوْمَيْنِ لِأَنَّ سَادَتَهَا وَهِيَ مُمَاثِلَةُ الْمَنْسِيَّةِ مِنْ يَوْمٍ ثَانٍ وَحَادِيَةَ عَشْرَتَهَا هِيَ مُمَاثِلَةُ الْمَنْسِيَّةِ مِنْ يَوْمٍ ثَالِثٍ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مُتَمَاثِلَتَيْنِ كَسَادِسَةِ عَشْرَتَهَا وَحَادِيَةِ عِشْرِينِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخَمْسُ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَدْرِي عَيْنَهَا فَيُصَلِّي لِكُلِّ مَنْسِيَّةٍ خَمْسًا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأُولَى ظُهْرًا فَحَادِيَةَ عَشْرَتَهَا ظُهْرُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَسَادِسَةَ عَشْرَتَهَا ظُهْرُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَحَادِيَةُ عِشْرِينِهَا ظُهْرُ الْخَامِسِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَهِيَ ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ مَغْرِبٌ أَوْ عِشَاءٌ أَوْ صُبْحٌ فَمُمَاثِلَتُهَا كَذَلِكَ وَلِذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمَنْسِيَّةَ ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ مَغْرِبٌ أَوْ عِشَاءٌ أَوْ صُبْحٌ أَوْ حَادِيَةَ عَشْرَتَهَا أَوْ سَادِسَةَ عَشْرَتَهَا إلَخْ صَلَّى ظُهْرَيْنِ فَقَطْ أَوْ عَصْرَيْنِ أَوْ مَغْرِبَيْنِ أَوْ عِشَاءَيْنِ أَوْ صُبْحَيْنِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَتَيْنِ كَصَلَاةٍ وَسَابِعَتِهَا إلَى عَاشِرَتِهَا وَكَصَلَاةٍ وَثَانِيَةَ عَشْرَتَهَا إلَى خَامِسَةَ عَشْرَتَهَا وَهَكَذَا وَالظَّاهِرُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ صَلَاةِ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ أَنَّهُمَا مَجْهُولَتَانِ مِنْ يَوْمَيْنِ فَيُصَلِّي لِكُلِّ مَجْهُولَةٍ خَمْسًا كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ الْحَطَّابُ يُصَلِّي سِتًّا يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَفِي صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ صَلَّاهُمَا وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ بِالثَّانِي مِنْ الْمَنْسِيِّ) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِثَانِي الْمَنْسِيِّ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ الثَّانِيَ خَارِجٌ عَنْ الْمَنْسِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ غَيْرُ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مَنْسِيًّا دَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَيْ: بِالثَّانِي مِنْ الْمَنْسِيِّ مُفِيدًا أَنَّ الْمُغَايَرَةَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ (قَوْلُهُ إذْ الْفَرْضُ) بَيَانٌ لِإِرْشَادِ الْمَعْنَى وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِنَا لَعَلَّ التَّثْنِيَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) بَلْ الْمُرَادُ بِهِ ضِدُّ يُثَلِّثُ إلَخْ وَصَحَّ؛ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ بِاعْتِبَارِ مَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يُثَنِّي؛ لِأَنَّهُ يُثَنِّي وَيُثَلِّثُ وَيُرَبِّعُ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِرَاضَ كَمَا أَفَادَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ يَنْدَفِعُ بِمَا قَالَ دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ عَيْنَ الْمَنْسِيِّ) أَيْ: جِنْسُ الْمَنْسِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّ اثْنَانِ لَا وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ لَيْسَتْ لِتَمَامِ الْمَنْسِيِّ بَلْ بِبَعْضِهِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاللَّامُ فِي لِتَمَامِ بِمَعْنَى الْبَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَلْ بِبَعْضِهِ أَيْ: التَّثْنِيَةِ إنَّمَا هِيَ بِبَعْضِ الْمَنْسِيِّ أَيْ بِجُزْئِهِ. (قَوْلُهُ هُوَ مَجْمُوعُ الْمَعْطُوفِ إلَخْ) أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي ثَالِثَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَفِي صَلَاةٍ وَثَالِثَتِهَا فَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَالْمَعْطُوفُ هُوَ قَوْلُهُ وَثَالِثَتُهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ سَابِقًا بِالثَّانِي مِنْ الْمَنْسِيِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ عِبَارَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْأُولَى وَلَا يُعْتَرَضُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعِبَارَةُ وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ) مُحْتَمِلٌ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ مُتَوَالِيَةً وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ فَيُصَلِّيَ الصُّبْحَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ الظُّهْرَ كَذَلِكَ، وَهَكَذَا لِلْعِشَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ فَإِنْ قَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لِاخْتِيَارِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ يُرَادُ بِالْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ شَارِحُنَا حَيْثُ قَالَ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يُعِيدَهَا. (قَوْلُهُ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ) وَوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ أَنَّ الْبَرَاءَةَ يَقِينًا بِسِتِّ صَلَوَاتٍ فَيُثَنِّي فِيهَا بِالْمَنْسِيِّ فَلَا يُكَلَّفُ عَشْرًا فَيَصِيرُ سَابِعَتُهَا بِمَنْزِلَةِ ثَانِيَتِهَا وَثَامِنَتُهَا بِمَنْزِلَةِ ثَالِثَتِهَا وَتَاسِعَتُهَا بِمَنْزِلَةِ رَابِعَتِهَا وَعَاشِرَتُهَا بِمَنْزِلَةِ خَامِسَتِهَا. وَهَكَذَا يُقَالُ فِي ثَانِيَةَ عَشْرَتَهَا وَسَائِرِ مَا هُوَ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ وَهُوَ غَيْرُ مُمَاثِلٍ لَهَا فَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَمُمَاثِلَةَ ثَانِيَتِهَا وَهِيَ سَابِعَتُهَا يُصَلِّي سِتَّ صَلَوَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ مُرَتَّبَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا، وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَمُمَاثِلَ ثَالِثَتِهَا وَهِيَ ثَامِنَتُهَا يُصَلِّي صَلَوَاتٍ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَالِثَتَهَا فَيُصَلِّي صَلَاةً ثُمَّ يَتْرُكُ ثَانِيَتَهَا ثُمَّ يُصَلِّي ثَالِثَةَ ثَانِيَتِهَا وَهَكَذَا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ سِتَّ صَلَوَاتٍ، وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَمُمَاثِلَ تَالِيَةِ تَالِيَةِ تَالِيَتِهَا وَهِيَ تَاسِعَتُهَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَرَابِعَتَهَا يُصَلِّي صَلَاةً وَيَتْرُكُ تَالِيَتَهَا وَتَالِيَةَ تَالِيَتِهَا ثُمَّ يُصَلِّي صَلَاةً وَيَتْرُكُ تَالِيَةَ تَالِيَةِ تَالِيَتِهَا وَهَكَذَا أَيْ: فَيُصَلِّي صَلَاةً وَيَتْرُكُ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي صَلَاةً وَيَتْرُكُ اثْنَتَيْنِ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يُتِمَّ سِتَّ صَلَوَاتٍ. (قَوْلُهُ وَفِي صَلَاتَيْنِ) أَيْ: وَفِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ اسْمٌ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي صَلَاتَيْنِ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ فِعْلٌ عَامِلٌ فِي ضَمِيرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّاهُمَا فَجُمْلَةُ صَلَّاهُمَا مُفَسِّرَةٌ لِلْعَامِلِ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَفِي صَلَاتَيْنِ إلَخْ إذْ تَقْدِيرُهُ وَصَلَّى فِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ) وُجُوبًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إعَادَةِ الْمَفْعُولِ هُنَا وُجُوبًا وَبَيْنَ إعَادَتِهَا اسْتِحْبَابًا فِي قَوْلِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا أَعَادَ بِوَقْتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 (ش) أَيْ: وَفِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ مَثَلًا مِنْ يَوْمَيْنِ لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ السَّابِقَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ يَعْلَمُهُ وَلَا يَدْرِي أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ لَهُ صَلَّاهُمَا وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ حَتَّى يَصِيرَ ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ أَوْ عَصْرًا بَيْنَ ظُهْرَيْنِ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْيَوْمَانِ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ تَعَيَّنَا كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّابِقَ مِنْهُمَا فَمُعَيَّنَتَيْنِ بِالتَّاءِ صِفَةٌ لِصَلَاتَيْنِ حَقُّهُ أَنْ يَتَّصِلَ بِمَوْصُوفِهِ لَا مُذَكِّرُ صِفَةٍ لِيَوْمَيْنِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْيَوْمَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ عَرَفَ الْيَوْمَيْنِ كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ فَيُصَلِّي ظُهْرًا وَعَصْرًا لِلسَّبْتِ وَظُهْرًا وَعَصْرًا لِلْأَحَدِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنَيْنِ بِالتَّذْكِيرِ صِفَةٌ لِصَلَاتَيْنِ أَيْضًا، وَذَكَّرَ الصَّفَّةَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الصَّلَاتَيْنِ بِمَعْنَى الْفَرْضَيْنِ وَيُفْهَمُ الْإِطْلَاقُ فِي الْيَوْمَيْنِ صَرِيحًا عَلَى هَذَا الضَّبْطِ أَيْضًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ. (ص) وَمَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ أَعَادَ إثْرَ كُلِّ حَضَرِيَّةٍ سَفَرِيَّةً (ش) يَعْنِي فَإِنْ شَكَّ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَصْرِ أَيْ: نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْهُمَا وَشَكَّ مَعَ ذَلِكَ هَلْ كَانَ التَّرْكُ لَهُمَا فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا حَضَرِيَّةً ثُمَّ هِيَ سَفَرِيَّةً ثُمَّ عَصْرًا حَضَرِيَّةً ثُمَّ هِيَ سَفَرِيَّةً ثُمَّ ظُهْرًا حَضَرِيَّةً ثُمَّ هِيَ سَفَرِيَّةً وَلَيْسَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْحَضَرِيَّةِ مُتَعَيِّنَةٌ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بَلْ يَصِحُّ الْعَكْسُ لَكِنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْحَضَرِيَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مُجْزِئَةٌ سَوَاءٌ كَانَ تَرَتُّبُهَا فِي الذِّمَّةِ حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إثْرَ بَلْ الْمُرَادُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِثْرِ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ. وَلَوْ أَبْدَلَ إثْرَ بِبَعْدَ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْفَوْرِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةُ تَصْدُقُ بِالتَّرَاخِي وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقْصَرَانِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِإِعَادَتِهِمَا كَمَا هُوَ قَوْلٌ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ. (ص) وَثَلَاثًا كَذَلِكَ سَبْعًا وَأَرْبَعًا ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسًا إحْدَى وَعِشْرِينَ (ش) هَذَا   [حاشية العدوي] الضَّرُورَةِ أَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُهُ بِكُلِّ وَجْهٍ إلَّا بِإِعَادَةِ الْمَفْعُولِ فَكَانَ مِمَّا لَا يَتَّصِلُ إلَى الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي الْجَوَابِ اهـ ك. (قَوْلُهُ لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْ الصَّلَاةِ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْإِفْرَادِ وَالْمُنَاسِبُ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ السَّابِقَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ: بِأَنْ عَرَفَ بِأَنَّ الظُّهْرَ لِلسَّبْتِ وَالْعَصْرَ لِلْأَحَدِ وَلَا يَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَعْلَمُهُ أَيْ: يَعْلَمُ السَّابِقَ أَيْ: بِأَنْ عَرَفَ أَنَّ السَّبْتَ سَابِقٌ عَلَى الْأَحَدِ لَكِنْ لَا يَدْرِي الظُّهْرَ لِلسَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ. (قُلْت) وَخُلَاصَةُ هَذَا أَنَّ الْيَوْمَيْنِ مُعَيَّنَانِ فَتَبْقَى ثَالِثَةُ الْيَوْمَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنَيْنِ، كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَأَنَّهُمَا مِنْ يَوْمَيْنِ لَكِنْ لَا يَدْرِي أَيَّ الْيَوْمَيْنِ، فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْيَوْمَانِ اتِّفَاقًا لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ إلَّا إذَا كَانَ مَا قَبْلَهُ يَدْخُلُ فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةُ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَا عَدَمَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّابِقَ مِنْهُمَا) أَيْ: وَعَرَفَ مَا لِكُلِّ يَوْمٍ لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَيُّنَهُمَا لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ بَلْ هُوَ شَامِلٌ لِصُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا عَلِمَ السَّابِقَ مِنْهُمَا وَلَا يَدْرِي أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ لَهُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَوْضُوعُ الْخِلَافِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ عَرَفَ الْيَوْمَيْنِ إلَخْ) قَصَرَهُ عَلَى صُورَةٍ وَهُوَ مَا إذَا عَرَفَ أَنَّهُمَا السَّبْتُ وَالْأَحَدُ وَلَا يَدْرِي أَيَّ الصَّلَاةِ لِهَذَا أَوْ لِهَذَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ السَّبْتَ سَابِقَ عَلَى الْأَحَدِ، وَأَمَّا لَوْ عَرَفَ أَنَّ لِلسَّبْتِ الظُّهْرَ وَلِلْأَحَدِ الْعَصْرَ وَلَا يَدْرِي مَا هُوَ السَّابِقُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ يُصَلِّي لِكُلٍّ مِنْهُمَا ظُهْرًا وَعَصْرًا. (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ) حَاصِلُ اعْتِرَاضِهِ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ أَوْ عَصْرًا بَيْنَ ظُهْرَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْيَوْمَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْيَوْمَانِ مُعَيَّنَيْنِ يُصَلِّي لِكُلِّ يَوْمٍ صَلَاتَيْنِ فَالْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنَيْنِ قَدْ جَاءَ عَلَى غَيْرِ مُخْتَارِ ابْنِ يُونُسَ فَيَكُونُ ذَاهِبًا لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُ مُعَيَّنَيْنِ لَيْسَ صِفَةً لِيَوْمَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ بَلْ صِفَةٌ لِصَلَاتَيْنِ بِمَعْنَى فَرْضَيْنِ. (وَأَقُولُ) حَامِدًا لِلَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا أَعْتَرِضُ عَلَى جَعْلِهِ صِفَةً لِيَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْيَوْمَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَأَوْلَى مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَالصَّحِيحُ) وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يُصَلِّي ظُهْرًا وَعَصْرًا تَامَّتَيْنِ ثُمَّ مَقْصُورَتَيْنِ ثُمَّ تَامَّتَيْنِ وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) بَلْ وَإِعَادَةُ الْحَضَرِيَّةِ سَفَرِيَّةً لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا قَالَ فِي ك؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ سُنَّةٌ لَا يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ سُنَّةً كَالْقَصْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا بِدْعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ أَوَّلًا سُنَّةً وَالْإِعَادَةُ مُسْتَحَبَّةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا اشْتَغَلَ فِي صَلَاةٍ عَنْ فِعْلِ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَحَيْثُ حَكَمُوا بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ تَكُونُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ نَاشِئَةٌ عَنْ تَرْكِ وَاجِبٍ كَمَا قَالُوهُ إذَا تَرَكَ مَسْحَ أَسْفَلِ الْخُفِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَسْحَ الْأَسْفَلِ وَاجِبٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الْإِعَادَةِ لَهَا سَفَرِيَّةً إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ مَنْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ مُسْتَحَبَّةٌ فِي الْوَقْتِ وَلَا وَقْتَ هُنَا فَاَلَّذِي يَأْتِي هُنَا عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ أَنْ يُصَلِّيَ حَضَرِيَّاتٍ لَيْسَ إلَّا وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ فِيهَا فِي الْوَقْتِ وَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا إعَادَةَ إنَّمَا هِيَ إذَا أُمِرَ فِيهَا بِالْقَصْرِ فَخَالَفَ وَأَتَمَّهَا وَهَذِهِ إنَّمَا أُمِرَ بِإِتْمَامِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَأُمِرَ بِالْإِتْيَانِ بِهَا سَفَرِيَّةً لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ لَهُ سُنَّةُ الْقَصْرِ فَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ بَقَاءُ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَثَلَاثًا كَذَلِكَ إلَخْ) مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ: وَإِنْ ذَكَرَ ثَلَاثًا حَالَةَ كَوْنِهَا كَذَلِكَ أَيْ: مُعَيَّنَاتٍ وَلَا يَدْرِي السَّابِقَةَ صَلَّى سَبْعًا وَقَوْلُهُ أَرْبَعًا فِيهِ حَذْفٌ أَيْ كَذَلِكَ أَيْ: وَإِنْ ذَكَرَ أَرْبَعًا فِي حَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَفِي صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ إلَخْ أَيْ: أَنَّ مَنْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ وَعَصْرٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي سَبْعًا الثَّلَاثَةُ مُرَتَّبَةٌ وَيُعِيدُهَا ثُمَّ يُعِيدُ الْمُبْتَدَأَةَ ثَالِثَةً لِيُحِيطَ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ؛ لِأَنَّهَا إنْ فَاتَتْهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ فَقَدْ بَرِئَ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الصُّبْحَ آخِرُهَا وَأَوَّلُهَا الظُّهْرُ وَأَوْسَطُهَا الْعَصْرُ فَيُعِيدُ الصُّبْحَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الظُّهْرَ آخِرُهَا فَيُعِيدُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْعَصْرَ بَعْدَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الصُّبْحِ فَيُعِيدُ الْعَصْرَ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الصُّبْحَ مُتَوَسِّطَةٌ بَعْدَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ فَيُعِيدُ الصُّبْحَ ثَلَاثَةً وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ صَلَاةً الْأَرْبَعَةُ مُرَتَّبَةٌ وَيُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا ثُمَّ يُعِيدُ مَا ابْتَدَأَ بِهِ لِيُحِيطَ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ. وَإِنْ نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ وَصُبْحٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ صَلَّى إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً الْخَمْسَةَ مُرَتَّبَةً وَيُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا ثُمَّ يُعِيدُ مَا ابْتَدَأَ بِهِ لِيُحِيطَ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ أَيْ: مُعَيَّنَاتٍ كَانَتْ الْأَيَّامُ مُعَيَّنَةً أَمْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مَعَ الشَّكِّ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ فِي قَوْلِهِ كَذَلِكَ أَيْ: مُعَيَّنَاتٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (ص) وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ مِنْ يَوْمٍ   [حاشية العدوي] كَوْنِهَا كَذَلِكَ صَلَّى ثَلَاثَةَ عَشْرَ وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. {تَنْبِيهٌ} : كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَمَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ عَنْ قَوْلِهِ وَخَمْسًا تِسْعًا فَيَذْكُرَهَا آخِرَ الْبَابِ لِجَرَيَانِهَا فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إنْ فَاتَتْهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ فَقَدْ بَرِئَ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّلَوَاتِ الثَّلَاثِ فِيهِ سِتُّ احْتِمَالَاتٍ اثْنَانِ مَعَ التَّقَدُّمِ وَاثْنَانِ مَعَ التَّأَخُّرِ وَاثْنَانِ مَعَ التَّوَسُّطِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَقَدُّمِ الصُّبْحِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَعْدَهُ الظُّهْرُ ثُمَّ الْعَصْرُ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ أَيْ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا الْعَصْرُ ثُمَّ الظُّهْرُ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَوَسُّطِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَبْلَهَا الظُّهْرُ وَاَلَّذِي بَعْدَهَا الْعَصْرُ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَأَخُّرِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ الظُّهْرُ ثُمَّ الْعَصْرُ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَهِيَ احْتِمَالَاتٌ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. وَلَا يَجْمَعُ تِلْكَ الِاحْتِمَالَاتِ إلَّا إذَا صَلَّاهَا سَبْعًا فَنُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ: إنَّهُ إذَا صَلَّاهَا سَبْعًا صَلَّاهَا أَوَّلًا مَرْتَبَةً ثُمَّ صَلَّاهَا ثَانِيًا كَذَلِكَ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَدْ حَصَلَ لِلصُّبْحِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ التَّقَدُّمُ عَلَى الظُّهْرِ ثُمَّ الْعَصْرِ وَعِنْدَ حُصُولِ التَّرْتِيبِ الثَّانِي حَصَلَ لَهَا التَّقَدُّمُ عَلَى الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَلَا يُنْظَرُ لِلتَّوَسُّطِ ثُمَّ الظُّهْرُ الْحَاصِلُ فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي وَحَصَلَ لَهَا التَّوَسُّطُ بَيْنَ الظُّهْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي، وَحَصَلَ لَهَا التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَالظُّهْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ فَقَدْ حَصَلَ لَهَا التَّوَسُّطَانِ وَحَصَلَ لَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا أَوَّلَ التَّرْتِيبِ الثَّانِي التَّأَخُّرُ عَنْ الظُّهْرِ ثُمَّ الْعَصْرِ أَيْ فَاَلَّذِي قَبْلَهَا بِاللَّصْقِ الْعَصْرُ وَقَبْلَ الْعَصْرِ الظُّهْرُ، وَحَصَلَ لَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا آخِرًا التَّأَخُّرَ عَنْ الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الظُّهْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي، وَحَصَلَ لِلظُّهْرِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ التَّقَدُّمُ عَلَى الصُّبْحِ الْكَائِنِ فِي أَوَّلِ التَّرْتِيبِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي، وَحَصَلَ لَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ التَّقَدُّمُ عَلَى الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الصُّبْحِ الْكَائِنِ فِي أَوَّلِ التَّرْتِيبِ الثَّانِي هَذَانِ التَّقَدُّمَانِ لِلظُّهْرِ. وَحَصَلَ لَهَا أَيْ: لِلظُّهْرِ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَالتَّوَسُّطُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي بَيْنَ الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَالصُّبْحِ الْأَخِيرَةِ، وَحَصَلَ لَهَا أَيْ لِلظُّهْرِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي التَّأَخُّرُ عَنْ الْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الصُّبْحِ الْكَائِنِ فِي أَوَّلِ التَّرْتِيبِ الثَّانِي، وَحَصَلَ لَهَا فِي حَالِ كَوْنِهَا فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي التَّأَخُّرُ عَنْ الصُّبْحِ الْكَائِنِ فِي أَوَّلِ التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الْعَصْرِ كَذَلِكَ أَيْ: الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ حَالَ الْعَصْرِ وَقَدْ أَعْطَيْنَاك الضَّابِطَ. (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الصُّبْحَ آخِرُهَا) هَذَا أَحَدُ التَّأْخِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ أَعْلَمْنَاك بِهِمَا (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الظُّهْرَ آخِرُهَا) وَقَبْلَهَا بِلَصْقِهَا الصُّبْحَ وَقَبْلَهَا أَيْ: الصُّبْحِ بِلَصْقِهَا الْعَصْرَ فَهَذَا أَحَدُ الْمُتَأَخِّرَيْنِ وَالتَّأَخُّرُ الثَّانِي هُوَ التَّأَخُّرُ عَنْ الْعَصْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ الصُّبْحُ أَيْ: الصُّبْحُ الْكَائِنُ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْعَصْرَ بَعْدَ الظُّهْرِ وَقَبْل الصُّبْحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّوَسُّطُ الَّذِي لِلْعَصْرِ مُحَقَّقٌ بِالصُّبْحِ الَّتِي فُعِلَتْ فِي أَوَّلِ التَّرْتِيبِ الثَّانِي فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الصُّبْحَ مُتَوَسِّطَةٌ بَعْدَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّوَسُّطَ قَدْ تَحَقَّقَ لَهَا بِفِعْلِ الْعَصْرِ فِي الدَّوْرِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الظُّهْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الْكَائِنِ فِي التَّرْتِيبِ الثَّانِي وَالضَّابِطُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ فِي أَقَلَّ مِنْهَا بِوَاحِدٍ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا وَاحِدًا أَوْ تَضْرِبُهَا فِي مِثْلِهَا ثُمَّ تُنْقِصُ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ إلَّا وَاحِدًا أَوْ تَضْرِبُ عَدَدَهَا إلَّا وَاحِدًا فِي مِثْلِهِ وَتَزِيدُ عَلَى الْمُجْتَمِعِ عَدَدُهَا أَوْ تَضْرِبُ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ فِي أَقَلَّ مِنْهَا بِاثْنَيْنِ وَتَزِيدُ عَلَى الْخَارِجِ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ وَوَاحِدًا وَهَذِهِ الضَّوَابِطُ تَأْتِي فِيمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا إذَا تَرَكَ سِتَّ صَلَوَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ مِنْ سِتَّةِ أَيَّامٍ وَلَا يَدْرِي السَّابِقَةَ أَوْ تَرَكَ سَبْعًا كَذَلِكَ وَهَكَذَا وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ. (قَوْلُهُ وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ إلَخْ) مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَحَقُّهُ أَنْ يَصِلَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا ارْتَكِبَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُشْبِهَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى سِتًّا قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي ثَالِثَتِهَا أَوْ رَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتِهَا كَذَلِكَ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 لَا يَعْلَمُ الْأُولَى سَبْعًا وَأَرْبَعًا ثَمَانِيًا وَخَمْسًا تِسْعًا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ يُصَلِّي خَمْسًا وَمَنْسِيَّةً وَثَانِيَتَهَا يُصَلِّي سِتًّا وَكَانَ الضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ وَاحِدَةً زَادَهَا عَلَى الْخَمْسِ الثَّابِتَةِ لِلْوَاحِدَةِ فَإِذَا نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً أَيْ: مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأُولًى مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً؛ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الثَّلَاثِ خَمْسًا فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالْعَصْرِ وَإِذَا نَسِيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً أَيْ: مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأُولًى مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي ثَمَانِ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً؛ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الْأَرْبَعِ خَمْسًا وَإِذَا نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأُولًى مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي تِسْعَ صَلَوَاتٍ؛ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الْخَمْسِ خَمْسًا فَقَوْلُهُ هُنَا مِنْ يَوْمٍ أَيْ وَلَيْلَةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَعْلَمَ سَبْقَ اللَّيْلِ لِلْيَوْمِ وَعَكْسِهِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَعْيَانَ الصَّلَوَاتِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَقْرِيرٍ وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ إلَخْ. مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الثَّلَاثُ مِنْ النَّهَارِ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ وَلَا يَدْرِي هَلْ اللَّيْلُ سَابِقٌ أَوْ النَّهَارُ؟ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا مِنْ اللَّيْلِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ حِينَئِذٍ بِسِتِّ صَلَوَاتٍ فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةٌ مِنْ النَّهَارِ وَاثْنَتَانِ مِنْ اللَّيْلِ وَعَكْسِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ هَذِهِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهَذَا عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ النَّهَارِ سَابِقًا عَلَى اللَّيْلِ، وَأَمَّا عَلَى احْتِمَالِ تَأَخُّرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَلَا عَكْسَهُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِأَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِي الْمَوْضُوعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا مِنْ اللَّيْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ كُلُّهَا مِنْ النَّهَارِ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسًا فَقَطْ اهـ. ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا قَصَدَهُ مِنْ أَحْكَامِ السَّهْوِ عَنْ الصَّلَاةِ كُلِّهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّهْوِ عَنْ بَعْضِهَا فَقَالَ: {فَصْلٌ} يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالسَّهْوُ الذُّهُولُ عَنْ الشَّيْءِ تَقَدَّمَهُ ذِكْرٌ أَوْ لَا، وَأَمَّا النِّسْيَانُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ ذِكْرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ أَنَّ الْغَفْلَةَ تَكُونُ عَمَّا لَا يَكُونُ وَالسَّهْوُ يَكُونُ عَمَّا يَكُونُ تَقُولُ غَفَلْت عَنْ هَذَا الشَّيْءِ حَتَّى كَانَ وَلَا تَقُولُ سَهَوْت عَنْهُ حَتَّى كَانَ؛ لِأَنَّك إذَا سَهَوْت عَنْ الشَّيْءِ لَمْ يَكُنْ وَيَجُوزُ أَنْ تَغْفُلَ عَنْهُ وَيَكُونُ وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْغَفْلَةَ تَكُونُ عَنْ فِعْلِ الْغَيْرِ تَقُولُ كُنْت غَافِلًا عَمَّا كَانَ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْهَى عَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَرْبَعًا ثَمَانِيًا إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ أَرْبَعًا وَخَمْسًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ نَسِيَ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا أَيْ: حَالَ كَوْنِهَا كَذَلِكَ أَيْ مُرَتَّبَةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى صَلَّى ثَمَانِيًا وَإِنْ نَسِيَ خَمْسًا أَيْ: فِي حَالِ كَوْنِهَا كَذَلِكَ أَيْ: مُرَتَّبَةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى صَلَّى تِسْعًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعًا وَخَمْسًا مَنْصُوبَيْنِ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ أَيْ: وَفِي أَرْبَعٍ يُصَلِّي ثَمَانِيًا وَفِي خَمْسٍ يُصَلِّي تِسْعًا، قَالَ الْمُرَادِيُّ: وَشَذَّ صَرْفُ ثَمَانٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِجَوَارٍ وَالْمَعْرُوفُ عَدَمُ الصَّرْفِ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حَذْفِ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ يَوْمٍ فَيَكُونُ أَرَادَ بِالْيَوْمِ النَّهَارَ فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا بِمُتَعَيِّنٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك إذْ قَدْ يُطْلَقُ الْيَوْمُ وَيُرَادُ بِهِ الْفَرْدُ الْكَامِلُ مِنْهُ وَهُوَ النَّهَارُ مَعَ اللَّيْلِ وَهُوَ دَوْرَةُ الْفَلَكِ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ الْعُهْدَةِ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِأَرْبَعِ صَلَوَاتٍ) فَإِذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ بَدَأَ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالْعِشَاءِ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ فَيَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ وَيَخْتِمُ بِالظُّهْرِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ كُلُّهَا إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَلِمَ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَإِذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ فَيَبْدَأُ بِالصُّبْحِ وَيَخْتِمُ بِالْعِشَاءِ وَإِذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ فَيَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ وَيَخْتِمُ بِالْعَصْرِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّيهَا إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ يُصَلِّي خَمْسًا صَادِقًا بِالْبُدَاءَةِ بِالظُّهْرِ الَّذِي عُهِدَ فِي الْبَابِ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِهِ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً فَيَبْدَأُ بِالصُّبْحِ فِيمَا إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ وَيَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ) لَعَلَّ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالصُّبْحِ وَحَرِّرْ. [فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] {فَصْلٌ سُجُودُ السَّهْوِ} . (قَوْلُهُ حُكْمُ السَّهْوِ) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا النِّسْيَانُ إلَخْ) أَيْ فَيَتَقَرَّرُ بَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرُوا مِنْ أَنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الْمَعْلُومِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ فَقَطْ وَالنِّسْيَانَ زَوَالُ الْمَعْلُومِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ وَالْحَافِظَةِ مَعًا. (قَوْلُهُ عَمَّا لَا يَكُونُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا (قَوْلُهُ وَالسَّهْوُ يَكُونُ عَمَّا يَكُونُ) الْأَوْلَى إثْبَاتُهَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ تَقُولُ غَفَلْت إلَخْ) مِنْ بَابِ دَخَلَ فَهُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ عَنْ هَذَا الشَّيْءِ) أَيْ عَنْ فَسَادِ أَمْرٍ حَتَّى كَانَ أَيْ حَتَّى حَصَلَ فَلَمْ أَتَهَيَّأْ لِعَدَمِ حُصُولِهِ أَيْ فَالْغَفْلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّك إذَا سَهَوْت عَنْ الشَّيْءِ لَمْ يَكُنْ) أَيْ: لِأَنَّك إذَا سَهَوْت عَنْ أَمْرٍ لَمْ يَتَقَرَّرْ خَارِجًا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ سَهَا عَنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا سَهَا عَنْ فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ لَهُ لَا يَكُونُ أَيْ: بِوَصْفِ كَوْنِهِ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَكُونُ لَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ الْغَفْلَةَ تَكُونُ عَنْ فِعْلِ الْغَيْرِ) أَيْ وَالسَّهْوُ عَنْ فِعْلِ النَّفْسِ بِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مُلَازِمٌ لِلْفَرْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ مُوَضِّحٌ لَهُ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ تَقْرِيرِنَا وَيَظْهَرُ بِذَلِكَ التَّبَايُنُ بَيْنَ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ، وَأَمَّا بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْغَفْلَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا التَّبَايُنُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَكُونُ عَنْ فِعْلِ النَّفْسِ تَقُولُ: نَسِيت أَنْ أَفْعَلَ نَسِيت أَنْ آكُلَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِلْغَفْلَةِ لَا يَظْهَرُ يَرُدُّهُ مَا ذُكِرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 فِعْلِ الْغَيْرِ وَقَدْ سَهَا عَنْ الشَّيْءِ فَهُوَ سَاهٍ وَلَمَّا وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ اخْتِلَافٌ فِي حُكْمِهِ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَوُجُوبُ الْقَبْلِيِّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَسُنِّيَّتُهُ عَمَّا دُونَهَا وَكَانَ الرَّاجِحُ سُنِّيَّتَهُ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا مُطْلَقًا عَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (ص) سُنَّ لِسَهْوٍ إلَخْ (ش) أَيْ: سُنَّ لِسَهْوٍ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ سَجْدَتَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمَسْبُوقَ إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكَحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَفِي غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ شَكٍّ مُسْتَنْكَحٍ وَإِلَّا فَالسُّجُودُ لَهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَمَّا السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّوْضِيحَ لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ فَإِنَّ شِهَابَ الدِّينِ الْفِيشِيَّ الْكَبِيرَ نَقَلَ عَنْ الطِّرَازِ وَأَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْوُجُوبَ فِي السُّجُودِ الْبَعْدِيِّ. وَلَمَّا كَانَ السَّهْوُ قَدْ يَتَكَرَّرُ مِنْ الْمُصَلِّي أَخَّرَ الشَّارِعُ سُجُودَهُ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُؤْتَى بِالْجَابِرِ عِنْدَ مَجْبُورِهِ لَكِنْ لَوْ أَتَى لِكُلِّ سَهْوٍ بِسُجُودِهِ عِنْدَهُ لَرُبَّمَا تَكَرَّرَ سَهْوُهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ فَخُفِّفَ عَنْهُ لُطْفًا بِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَكَرَّرَ أَيْ السَّهْوُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ إجْمَاعًا أَوْ أَكْثَرَ كَنَقْصٍ وَزِيَادَةٍ وَقُلْنَا بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ لِيَشْمَلَ الطُّولَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ الطُّولُ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ وَلَا سَهْوَ هُنَا بَلْ هُوَ عَمْدًا عَلَى مَا يَأْتِي وَهَذَا إذَا كَانَ التَّكْرَارُ قَبْلَ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ، أَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ السُّجُودِ فَإِنَّ السُّجُودَ يَتَكَرَّرُ كَمَا إذَا سَجَدَ الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ الْقَبْلِيِّ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَلَا يَجْتَزِئُ بِسُجُودِهِ السَّابِقِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ تَكَلَّمَ الْمُصَلِّي بَعْدَ سُجُودِهِ الْقَبْلِيِّ وَقَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْضًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِسَهْوٍ لِلتَّعْلِيلِ مَعَ مُلَاحَظَةِ سَجْدَتَانِ؛ لِأَنَّهُ فِي نِيَّةِ التَّقْدِيمِ أَيْ: سُنَّ الْإِتْيَانُ بِسَجْدَتَيْنِ أَوْ طُلِبَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ الْإِتْيَانُ بِسَجْدَتَيْنِ لِأَجْلِ جَبْرِ أَوْ دَفْعِ خَلَلِ سَهْوٍ أَوْ جَبْرِ أَوْ دَفْعِ خَلَلِ شَكٍّ فَتَغَلَّبَ هُنَا فِي السَّهْوِ فَجَعَلَهُ شَامِلًا لِلشَّكِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مُبَالَغَةً فِي سَجْدَتَانِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ لَا فِي سُنَّ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ الْمُكَرَّرَ لَا يُتَوَهَّمُ فِي أَصْلِ السُّجُودِ لَهُ حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَهَّمُ السَّهْوُ الْمُنْفَرِدُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ فَكَانَ يَقُولُ وَإِنْ انْفَرَدَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ سَجْدَتَانِ فِي نِيَّةِ التَّقْدِيمِ بَالَغَ عَلَيْهِ. (ص) بِنَقْصِ سُنَّةٍ   [حاشية العدوي] فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَفَلَ عَنْ ذَكَرِهِ الْغَافِلُونَ وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُفِيدُ تَرَادُفُ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ فَإِنَّهُ قَالَ: غَفَلَ عَنْهُ سَهَا (قَوْلُهُ سَهَا عَنْ الشَّيْءِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَيْ: أَصَالَةً وَإِلَّا فَالْمَأْمُومُ يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ الْكَبِيرُ) وَهُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْفِيشِيُّ احْتِرَازًا عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْفِيشِيِّ شَارِحِ الْعِزِّيَّةِ وَدَأْبُهُمْ أَنَّ شِهَابَ الدِّينِ لَقَبٌ لِمَنْ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَشَمْسُ الدِّينِ لَقَبٌ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ. (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ وَهَلْ أَشَارَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ أَشَارَ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى جَوَابِ لَمَّا وَهُوَ أَخَرَّ وَحَذَفَ الْعَاطِفَ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ إلَخْ) أَيْ: فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامُ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ فِيهِ تَنَافٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا: يُفِيدُ أَنَّ عِلَّةَ السُّجُودِ السَّهْوُ حَيْثُ قَالَ لِسَهْوٍ، وَقَوْلُهُ " وَإِنْ تَكَرَّرَ " يُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ مَا هُوَ أَعَمُّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلسَّهْوِ وَيَكُونُ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ أَيْ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ سَهْوٌ فَتَارَةً يَسْجُدُ كَمَا إذَا طَوَّلَ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ تَفْسِيرٌ لِسَهْوٍ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ سُنَّ لِسَهْوٍ (قَوْلُهُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ) أَيْ: نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) هَكَذَا حَكَى الْبِسَاطِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ التَّعَدُّدِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ كَنَقْصٍ وَزِيَادَةٍ) أَيْ: فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ، وَمُقَابَلَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ بِأَنْ يَسْجُدَ قَبْلُ وَبَعْدُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ) أَيْ: لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَلْزِمَ تَرْكَ سُنَّةٍ كَالطُّولِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا إنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكَ مُسْتَحَبٍّ كَتَطْوِيلِ الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى (قَوْلُهُ كَمَا إذَا سَجَدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ تَكَلَّمَ الْمُصَلِّي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّبَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ السَّهْوَ الْمُتَكَرِّرَ سَبَبًا فِي سَجْدَتَيْنِ فَقَطْ فَتَكُونُ السَّجْدَتَانِ بَعْدَ السَّهْوِ الْمُتَكَرِّرِ، فَإِذَا طَرَأَ سَهْوٌ آخَرُ بَعْدَ السُّجُودِ فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُقَيِّدُ بِكَذَا؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِكَذَا إنَّمَا يَكُونُ لَوْ كَانَ الْمُصَنِّفُ مُحْتَمِلًا لِغَيْرِ التَّقْيِيدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ سَجَدَ لِنَقْصٍ قَبْلَ سَلَامِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَتَمَّهُ وَسَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ لِلتَّعْلِيلِ) أَيْ: التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ سُنَّ (قَوْلُهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ) أَيْ: فَالْمُعَلَّلُ لَيْسَ السُّنِّيَّةُ فَقَطْ بَلْ سَنَّ السَّجْدَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ طُلِبَ) هَذَا فِي الْمَعْنَى تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: طُلِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجْهِ السُّنِّيَّةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَفَائِدَتُهَا الْإِجْمَالُ ثُمَّ التَّفْصِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ (قَوْلُهُ أَوْ دَفْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ دَفْعَ خَلَلِ السَّهْوِ جَبْرٌ فَهُوَ تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَتَغَلَّبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ لَا يُنْتِجُ ذَلِكَ إنَّمَا يَنْتِجُ أَنَّ فِي الْمُصَنَّفِ حَذَفَ الْعَاطِفَ وَالْمَعْطُوفَ، ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُبْقِيَ الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ تَشْبِيهٌ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي أَصْلِ السُّجُودِ لَهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَدَمُهُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ السُّجُودِ لَهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَكَرَّرَ إلَخْ مِنْ نَوْعَيْنِ وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ خَارِجِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِأَنْ يَسْجُدَ قَبْلُ وَبَعْدُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ. (قَوْلُهُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ) أَيْ: سَهْوٍ مُتَلَبِّسٍ بِنَقْصِ سُنَّةٍ وَتَلَبُّسُهُ بِنَقْصِ السُّنَّةِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ وَهُوَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ وَإِضَافَةُ نَقْصٍ إلَى سُنَّةٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا نَقَصَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً دَاخِلَةً الصَّلَاةَ سَهْوًا كَالزَّائِدِ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ نَقَصَ سُنَّةً وَلَوْ خَفِيفَةً كَتَكْبِيرَةٍ مَعَ زِيَادَةٍ كَقِيَامِهِ مَعَ ذَلِكَ لِخَامِسَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ سَلَامِهِ سَجْدَتَيْنِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ النَّقْصِ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّقْصِ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ مُتَرَدَّدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا تَيَقَّنَ مُوجِبَ السُّجُودِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ هَلْ هُوَ قَبْلِيٌّ أَوْ بَعْدِيٌّ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَيُغَلِّبُ جَانِبَ النَّقْصِ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّقْصِ مَعَ الزِّيَادَةِ مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَفِي صُوَرِ الشَّكِّ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ تَحَقَّقَتْ الزِّيَادَةُ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَبَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي فَالصُّوَرُ تِسْعٌ بِصُورَةِ الْقَرَافِيِّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا وَاحْتَرَزَ بِالسُّنَّةِ مِنْ الْفَرْضِ وَبِالْمُؤَكَّدَةِ مِنْ الْخَفِيفَةِ كَتَكْبِيرَةٍ وَتَسْمِيعَةٍ وَبِدَاخِلَةِ الصَّلَاةِ مِمَّا هُوَ خَارِجُهَا كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَبِالسَّهْوِ عَمَّا إذَا كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا فَلَا سُجُودَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْفَرْضِ الْمَتْرُوكِ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ بِأَنْ لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَدَارَكَهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا، وَيَأْتِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ إذَا سَجَدَ لِسُنَّةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَجَدَ لِتَرْكِ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهَا وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ النَّقْصَ مَعَ الزِّيَادَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَنْ نَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ (ش) أَيْ: وَيَسْجُدُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ فِي الْجَامِعِ الْأَوَّلِ إذَا تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصٍ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَسَهَا عَنْ السُّورَةِ مَثَلًا وَلَا يَسْجُدُهُ فِي غَيْرِهِ وَمُقْتَضَى سِيَاقِ هَذَا هُنَا أَنَّ السُّجُودَ قَبْلِيٌّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَامِعِ لَا يُعَدُّ طُولًا وَإِنَّمَا الطُّولُ بِالْعُرْفِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ مِنْ الْجُمُعَةِ فَيَسْجُدُهُ فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ.   [حاشية العدوي] لِلْمَفْعُولِ أَيْ نَقْصِ الْمُصَلِّي سُنَّةً أَوْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا (قَوْلُهُ سَجْدَتَانِ) فَلَا تُجْزِئُ الْوَاحِدَةُ فَلَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً وَتَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى فَإِنْ كَانَ سَلَّمَ سَجَدَ الْأُخْرَى وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَوْ سَجَدَ ثَلَاثًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا وَخَالَفَ اللَّخْمِيُّ فِي الْقَبْلِيِّ فَقَالَ إنْ سَجَدَ ثَلَاثًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ: وَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ يَكْفِي وَيَكْفِيه لَهُ وَلِلصَّلَاةِ تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ مُؤَكَّدَةٍ) يَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ الْفَاتِحَةُ فِي الْأَقَلِّ إذَا سَهَا عَنْهَا فِي أَقَلِّ الصَّلَاةِ وَأَتَى بِهَا فِي جُلِّهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا وَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ خَفِيفَةً) عَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى مُؤَكَّدَةٍ أَيْ: أَوْ سُنَّةٍ مُطْلَقًا مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) هَذَا حَيْثُ لَمْ يُصَلِّ خَلْفَ مَنْ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِلَّا فَلَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّ الْخِلَافَ شَرٌّ اهـ. (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ النَّقْصِ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَرَكَاتٍ مِنْ تَغْلِيبِهِ الزِّيَادَةَ وَأَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَرَدَّدًا بَيْنَهُ) أَيْ: أَوْ النَّقْصِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ هَذَا مَعْنَاهُ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ فَلْيَرْجِعْ الضَّمِيرُ لِلنَّقْصِ لَا بِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ بَلْ بِمَعْنَى الْخَلَلِ، وَالْمَعْنَى أَوْ تَرَدَّدَ الْخَلَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً أَيْ: تَيَقَّنَ حُصُولَ خَلَلٍ وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ شَاكٌّ هَلْ زَادَ أَمْ لَا وَهَلْ نَقَصَ أَمْ لَا؟ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ أَيْ: شَكَّ فِي كُلٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ أَيْ: بِالْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا أَيْ: هَلْ زَادَ أَمْ لَا وَهَلْ نَقَصَ أَوْ لَا؟ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً أَيْ: بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُتَيَقَّنًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا التَّمْثِيلَ لَا يُطَابِقُ الْمُمَثَّلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُمَثَّلَ لَهُ تَيَقَّنَ مُوجِبَ السُّجُودِ أَيْ: تَيَقَّنَ حُصُولَ خَلَلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْخَلَلِ هَلْ هُوَ نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ؟ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَفِي صُوَرِ الشَّكِّ) أَيْ: الشَّكِّ فِي النَّقْصِ أَوْ هُوَ مَعَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ عَمَّا إذَا كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا) سَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ إذَا سَجَدَ إلَخْ) أَيْ: إذَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ مُتَعَمِّدًا لَا بَعْدَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَنْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ. (قَوْلُهُ وَبِالْجَامِعِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَبِالْجَامِعِ وَحْدَهُ فِي الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ إذَا تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصٍ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجُمُعَةِ فَيَسْجُدُهُ عِنْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلُ الصَّلَاةِ بَلْ وَلَوْ أَخَّرَهُ، وَكَذَلِكَ الْبَعْدِيُّ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ صَلَاةِ فَرْضٍ وَاخْتُلِفَ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ نَفْلٍ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْجُدُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَوَّلًا صَلَّى فِي الْجُمُعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السُّجُودُ فِي الرَّحْبَةِ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ عج أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ ضِيقٌ وَلَا اتِّصَالُ صُفُوفٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَصِحُّ السُّجُودُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِمَا فَأَوْلَى السُّجُودُ. {تَنْبِيهٌ} : قَالَ عج لَوْ سَجَدَ سَجَدَ الْجُمُعَةَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إذَا طَالَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ ثَلَاثٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ) فَقَدْ نَصَّ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِقَوْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي صَلَّى فِيهِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي فِعْلُهُ فِي الزَّوَايَا الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ دُونَ الْجُمُعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 ص) وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ (ش) أَيْ: وَأَعَادَ عَلَى الْمَشْهُورِ السَّاجِدُ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ تَشَهُّدَهُ اسْتِحْبَابًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّشَهُّدِ أَيْ: وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ تَشَهُّدَهُ أَنَّهُ لَا يَدْعُو فِيهِ وَلَا يُطِيلهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا أَحَدُ مَوَاضِعَ لَا يُطْلَبُ فِي تَشَهُّدِهَا الدُّعَاءُ وَمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ فِي تَشَهُّدِ نَافِلَةٍ وَمَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ إعَادَةَ التَّشَهُّدِ لِلسُّجُودِ الْقَبْلِيِّ مُسْتَحَبٌّ تَبِعَنَا فِيهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَمِنْ صَنِيعِ حُلُولُو أَنَّ إعَادَتَهُ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاسْتِحْبَابِ مُقَابِلًا، وَأَمَّا التَّتَّائِيُّ فَقَدْ قَرَّرَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالِاسْتِحْبَابِ قَالَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْ فِيهِ وَيُكَبِّرْ لِكُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فَهِيَ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ اسْمٌ لِلتَّحِيَّاتِ لِلَّهِ إلَى قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (ص) كَتَرْكِ جَهْرٍ وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ وَتَشَهُّدَيْنِ (ش) هَذَا مِثَالٌ لِنَقْصِ السُّنَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلسُّجُودِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مَعَ السُّورَةِ وَأَبْدَلَهُ بِأَدْنَى السِّرِّ أَوْ تَرَكَ السُّورَةَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَرَكَ حَتَّى انْحَنَى أَوْ تَرَكَ لَفْظَ التَّشَهُّدَيْنِ وَلَوْ فِي نَفْلٍ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِيمَا ذُكِرَ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَوْلُنَا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مَعَ السُّورَةِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ وَأَبْدَلَهُ بِأَقَلِّ السِّرِّ فِي السُّورَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ فِي رَكْعَتَيْنِ. وَقَوْلُنَا وَأَبْدَلَهُ بِأَقَلِّ السِّرِّ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا أَتَى بِأَعْلَى السِّرِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَعْدُ أَوْ تَرْكُ سِرٍّ أَيْ: وَأَتَى بِأَعْلَى الْجَهْرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَشَهُّدَيْنِ أَيْ: وَأَتَى بِالْجُلُوسِ يَشْمَلُ النَّفَلَ لِإِتْيَانِهِ بِهِ بَعْدَ الْقَيْدِ. (ص) وَإِلَّا فَبَعْدَهُ (ش) أَيْ:   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ: وَأَعَادَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ إعَادَةِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ لِمَالِكٍ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ أَيْ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ) لَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَفْهُومًا مِنْ الْمُصَنِّفِ زَادَهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ تَشَهُّدَهُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُطِيلُهُ) بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ أُقِيمَتْ إلَخْ) أَيْ: وَكَذَا مَنْ أُقِيمَتْ إلَخْ الَّذِي هُوَ بَقِيَّةُ الْمَوَاضِعِ. (قَوْلُهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ التَّشَهُّدَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ تَشَهُّدَهُ أَنَّهُ لَا يَدْعُو فِيهِ وَلَا يُطِيلُهُ فَتَدَبَّرْ إلَّا أَنَّ فِي شَرْحِ شب خِلَافُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ التَّابِعُ فِيهِ لِلْحَطَّابِ وَنَصُّ شَرْحِ شب فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْعِلْمِيَّ الْجِنْسِيَّ الْفِقْهِيَّ فَهُوَ عَلَمٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ أَرَادَ لَفْظَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَرَجَ التَّحِيَّاتُ اهـ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَهَلْ التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ؟ " إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ حَتَّى انْحَنَى) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ فَبِالِانْحِنَاءِ كَسَرٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَبْدَلَهُ بِأَقَلِّ السِّرِّ) أَيْ: بِحَرَكَةِ لِسَانٍ (قَوْلُهُ بِأَعْلَى السِّرِّ) وَهُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِقُرْبِ أَعْلَى السِّرِّ مِنْ الْجَهْرِ أَوْ؛ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِأَعْلَى السِّرِّ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ جَهْرًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ يُسْمِعُ غَيْرَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَقَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَاشْتَهَرَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ أَعْلَى الشَّيْءِ هُوَ الْوَجْهُ الْأَكْمَلُ مِنْهُ فَأَعْلَى السِّرِّ حَرَكَةُ اللِّسَانِ لِإِسْمَاعِ النَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُصْطَلَحٌ لَهُمْ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الَّذِي يَأْتِي لَهُ أَنَّ يَسِيرَ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ حَالَةٌ وُسْطَى كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ أَيْ: وَأَتَى بِأَعْلَى الْجَهْرِ) وَهُوَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَيَزِيدَ عَلَى سَمَاعِ مَنْ يَلِيه أَيْ: وَأَمَّا لَوْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ. (قَوْلُهُ وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَتَرْكِ جَهْرٍ أَوْ سُورَةٍ بِفَرْضٍ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ لِأَجْلِ إفَادَةِ أَنَّ تَرْكَ الْجَهْرِ مِنْ رَكْعَةٍ مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ لَهُ بَالٌ فَيُطْلَبُ بِالسُّجُودِ لَهُ وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَهْرَ جَمِيعُهُ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَالَ عج فَالْحَقُّ أَنَّ السُّجُودَ لِبَعْضِ السُّنَّةِ أَيْ: لِتَرْكِهِ قَدْ يَكُونُ مَطْلُوبًا كَتَرْكِ الْجَهْرِ فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ يَكُونُ مُبْطِلًا كَالسُّجُودِ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّيْءَ يَعْظُمُ وَيَتَأَكَّدُ بِتَأَكُّدِ مَحَلِّهِ فَالْجَهْرُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ كَانَ بَعْضُ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ إلَّا أَنَّهُ شَرُفَ بِشَرَفِ الْفَاتِحَةِ فَتَقَوَّى عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَدَبَّرْ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهُ لَوْ أَبْدَلَ السِّرَّ بِأَعْلَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ فِي السُّورَةِ لَكِنْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ أَسَرَّ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ كَالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مِنْ السُّورَةِ فَقَطْ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَا سُجُودَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ وَتَشَهُّدَيْنِ) يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ حَيْثُ يَجْلِسُ ثَلَاثًا فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ كَمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ أَيْضًا ثُمَّ بِثَالِثَةٍ وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ فَإِذَا نَسِيَ تَشَهُّدَيْنِ مِنْ هَذِهِ سَجَدَ وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا يَأْتِي فِي النَّقْلِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَشَهُّدَيْنِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْوَاحِدَ لَا يَسْجُدُ لَهُ وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ: وَأَتَى بِالْجُلُوسِ) وَأَوْلَى إنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ (قَوْلُهُ يَشْمَلُ النَّفَلَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِي النَّفْلِ تَرْكُ تَشَهُّدَيْنِ بِحَيْثُ يُطَالَبُ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُصَلِّي النَّفَلَ أَرْبَعًا عِنْدَ مَنْ يَزِيدُهُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَإِنْ سُنَّ فِي حَقِّهِ مُؤَكَّدًا تَشَهُّدُهُ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ إلَّا أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَهُ قَبْلَ فَوَاتِ مَحَلِّهِ فَيَفْعَلُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ التَّرْكَ عَلَى التَّرْكِ حَقِيقَةً وَالتَّرْكِ حُكْمًا وَذَلِكَ إذَا أَخَّرَ الثَّانِيَ عَنْ أَوَّلِ جُلُوسِهِ وَقَدْ تَرَكَ الْأَوَّلَ حَقِيقَةً نَعَمْ رَأَيْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وَإِنْ انْتَفَى النَّقْصُ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ مِنْ تَيَقُّنٍ أَوْ شَكٍّ انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا بَلْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ وَتَحَقَّقَتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنِّيِّ فَيَشْمَلُ تَسْلِيمَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الزِّيَادَةَ بِالْيَسِيرَةِ احْتِرَازًا مِنْ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَيَطُولُ أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِثْلُ أَنْ يَنْسَى أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْكَثِيرَةُ مِنْهُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَقَوْلُنَا فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِهَا كَالسُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَالسُّورَةِ مَعَ السُّورَةِ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ (ش) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَةِ فَأَحْرَى الْمُحَقَّقَةُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمُصَلِّي إذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَلَمْ يَكُنْ مُوَسْوِسًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ الْمُحَقَّقِ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْمَأْتِيِّ بِهِ. وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ مُسْتَنْكَحًا وَمَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ تَرْكِ قِرَاءَتِهِمَا وَالْجُلُوسِ بَعْدَهُمَا وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ أَيْ: نَقْصِ السُّورَةِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَهْمَ مُعْتَبَرٌ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ غَيْرِهَا فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَمِلَ عَلَى الْوَهْمِ، وَإِذَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِشَكٍّ لَيْسَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِمُتِمٍّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُتِمُّ شَكَّهُ أَيْ: يَزِيدُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُتِمٍّ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِتْمَامُهُ لِأَجْلِ دَفْعِ شَكٍّ أَوْ يُؤَوَّلُ شَكٌّ بِمَشْكُوكٍ أَيْ كَمُتِمٍّ لِفِعْلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَى نَظَرٍ فِيهِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ. وَوَجْهُ تَنْظِيرِهِ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الرَّكْعَةُ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الشَّكُّ وَالْإِتْمَامُ إنَّمَا هُوَ وَاقِعٌ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِمُتِمٍّ تَكُونُ اللَّامُ صِلَةً مُتَعَدِّيَةً لِمُتِمٍّ وَالْأَوْلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ وَمِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ مَنْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ   [حاشية العدوي] مَا يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَكُونُ سِتًّا وَيَكُونُ ثَمَانِيًا قَالَ عج وَأَشَارَ لَهُ بَعْضُ حُذَّاقِ أَشْيَاخِي بِقَوْلِهِ إنَّ تَأْخِيرَ الثَّانِي عَنْ مَحَلِّهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَرْكِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ السُّجُودَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَهِيَ تَأْخِيرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِقُرْبِ السَّلَامِ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ كَمَا قَالَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ السَّلَامَ يَفُوتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَانِعٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ عَقِبَ السَّلَامِ أَوْ بِقُرْبِهِ وَلَا بُدَّ فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنْ دَعْوَى أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَتَّى يَكُونَ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَشَهُّدَيْنِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةِ السَّلَامِ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ بَلْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ صَادِقٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّهْوُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَرْضٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ) أَيْ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْ: فَمَتَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا سَهْوًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ سُجُودُهُ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ أَحَدَهُمَا نَاسِيًا فَيُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَسْجُدُ خُلَاصَتُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا لَا تُوجِبُ سُجُودًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ) هَذَا إذَا شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَقَالَ الْهَوَّارِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُؤَثِّرُ طُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ وَقِيلَ يُؤَثِّرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ مِنْ تُرْكِ قِرَاءَتِهِمَا) قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَيَقُّنُ سَلَامَتِهِمَا مِنْ تَرْكِ قِرَاءَةِ وَمِنْ تَرْكِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ السَّلَامَةَ كَمَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ سَهَا عَنْ سُجُودٍ الْأَوْلَى مَثَلًا أَوْ لَا فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَرْجِعُ أُولَى وَالثَّالِثَةَ تَرْجِعُ ثَانِيَةً وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ سَلَامَتَهُمَا مِنْ تَرْكِ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّهُ شَكَّ فِي تَرْكِ السُّورَةِ فَإِنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا انْقِلَابَ. (قَوْلُهُ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ) ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا وَجْهُ الِانْقِلَابِ نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ الْجُلُوسَ؛ لِأَنَّهُ لَا انْقِلَابَ مَعَ تَرْكِ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ) أَيْ: فَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ الْحَمْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ لُبَابَةَ يَقُولُ يَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا إذَا صَلَّى وَشَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» اهـ. أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ مَحْضُ تَعَبُّدٍ (قَوْلُهُ فِي الْفَرَائِضِ) أَيْ: فِي الْأَجْزَاءِ الْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ أَيْ: يَزِيدُ فِيهِ) أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِتْمَامِهِ أَنَّ لَهُ حَدًّا مَخْصُوصًا وَقَدْ كَانَ نَقَصَ عَنْهُ فَيُطَالَبُ بِإِتْمَامِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِتْمَامِهِ وَتَقْدِيرُ دَفْعٍ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَّقْته بِمُتِمٍّ أَوْ بِإِتْمَامٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ إلَخْ) أَيْ الْمَحْكُومُ بِصِحَّتِهِ بِتَأْوِيلِ شَكٍّ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ: أَنَّ الِاعْتِرَاضَ وَإِنْ انْدَفَعَ بِالتَّأْوِيلِ يَنْدَفِعُ بِكَوْنِ اللَّامِ بِمَعْنَى مَعَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ صِحَّةُ التَّعْلِيلِ بِدُونِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: وَإِنَّ وُجُودَ الشَّكِّ وَتَحَقُّقَهُ مُوجِبٌ لِلْإِتْمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ السُّورَةَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا وَيُعِيدُ السُّورَةَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ. (ص) وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْرِ أَشَرَعَ فِي الْوَتْرِ أَوْ هُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ إلَى الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى شَفْعٍ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا وَقَوْلُهُ شَكَّ أَهُوَ بِهِ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِمُضَافٍ مُقَدَّرٍ قَبْلَ مُقْتَصِرٍ تَقْدِيرُهُ وَكَشَكِّ مُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ وَصُورَةُ شَكِّهِ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوَتْرٍ وَقَوْلُهُ وَمُقْتَصِرٍ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ إذَا فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّاكَّ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَالنَّافِلَةُ فِي ذَلِكَ كَالْفَرِيضَةِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا يَقْتَصِرُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْمُتَبَقِّيَتَيْنِ فَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا شَفْعَهُ وَمَا قَبْلَهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بَلْ يَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ عَبَّرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يُنَاسِبُ حُكْمَهُ فَحَصَلَ التَّقَابُلُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ. (ص) أَوْ تَرْكُ سِرٍّ بِفَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَرَكَ السِّرَّ فِي الْفَرْضِ وَالْمَقْرُوءُ فَرْضٌ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ أَوْ مَعَ السُّورَةِ وَأَبْدَلَهُ بِأَعْلَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، أَمَّا لَوْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَلَا سُجُودَ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ أَوْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ بِفَرْضٍ قَصْدًا لِلِاخْتِصَارِ. (ص) أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهَى عَنْهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لَكِنْ اسْتِحْبَابًا إذَا اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ أَيْ: دَاخَلَهُ وَكَثُرَ مِنْهُ بِأَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ وَفِي كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ هِيَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بِالْحَرْفِ إلَى قَوْلِهِ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ. أَقُولُ اُنْظُرْ كَيْفَ يَأْتِي هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لِشَارِحِنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ لَا تُوجِبُ سُجُودًا أَيْ: الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ فِي السُّنَنِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ سَهْوًا يُوجِبُ السُّجُودَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ السُّورَةَ إلَخْ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ السُّجُودَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ تَكَرَّرَتْ احْتِمَالًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَلَّلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ فَقَالَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ نِسْيَانِ الْفَاتِحَةِ فَتَكُونُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا لِلْفَاتِحَةِ إلَخْ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي عَدَمِ السُّجُودِ فَقَالَ: وَلَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ رَجَعَ لِأُمِّ الْقُرْآنِ وَأَعَادَ السُّورَةَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَقَرَأَهَا وَأَعَادَ السُّورَةَ فَلَا سُجُودَ اهـ. وَذَكَرَ عب الْحُكْمَ عِنْدَ تَقْدِيمِ السُّورَةِ بِالسُّجُودِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مُسْتَشْكِلًا عَلَى كَوْنِ الزِّيَادَةِ الْقَوْلِيَّةِ لَا سُجُودَ فِيهَا فَلَعَلَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ بِالسُّجُودِ ضَعِيفٌ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ عب. (قَوْلُهُ أَشَرَعَ فِي الْوِتْرِ) أَيْ: جَوَابُ أَشَرَعَ فِي الْوَتْرِ إلَخْ هَذَا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ شَكَّ فِي حَالِ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ فِي حَالِ قِيَامِهِ أَوْ جُلُوسِهِ أَوْ سُجُودِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي وَتْرِهِ فَيَشْفَعَهُ بِسَجْدَتَيْنِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» . (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا) أَيْ: بَيَانٌ لِكَوْنِهِ يُطْلَبُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الشَّفْعِ أَيْ: بِجَعْلِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَقَوْلُهُ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مُتِمٍّ لِشَكِّ الَّذِي قَدْ جُعِلَ تَمْثِيلًا لِمَا يَسْجُدُ لَهُ بَعْدُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ لِمُضَافٍ مُقَدَّرٍ) الظَّاهِرُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُتِمَّ لِلشَّكِّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَذَلِكَ هُنَا أَيْ الْمُقْتَصِرُ فَيُؤَوَّلُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ لِلتَّنَاسُبِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ. (قَوْلُهُ وَالنَّافِلَةُ) أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَمُقْتَصِرٌ إلَخْ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ النَّافِلَةَ كَالْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا يَقْتَصِرُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ إنَّ قَوْلَهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ مُقْتَصِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ عَبَّرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يُنَاسِبُ) أَيْ: بِلَفْظٍ يُنَاسِبُ حُكْمَهُ فَعَبَّرَ فِي الثَّانِي بِلَفْظٍ مُقْتَصِرٍ الْمُنَاسِبِ لِحُكْمِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ يَقْتَصِرُ مِنْ مُنَاسَبَةِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ وَعَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِلَفْظِ مُتِمٍّ الْمُنَاسِبِ لِحُكْمِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ يُتِمُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ) أَرَادَ الْجِنْسَ إذْ هُنَا عِبَارَتَانِ مُتِمُّ الشَّكِّ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ أَوْ الْمَعْنَى أَوْجَزُ عِبَارَةٍ فِي كُلِّ هَذَا أَوْضَحُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ) بِأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه هَذَا مَا حَلَّ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ أَبْدَلَهُ بِحَالَةٍ وُسْطَى. (قَوْلُهُ وَلَهَى عَنْهُ) أَيْ عَنْ مُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ اسْتِحْبَابًا) كَذَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ شب وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ الْبَغْدَادِيِّينَ وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ هَذَا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ انْضِمَامَ الشَّكِّ فِي الْوَسَائِلِ لِلشَّكِّ فِي الْمَقَاصِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) لَمْ يُتَمِّمْ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَتَمَامُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ عج فَقَوْلُهُ فِي كُلِّ ضَوْءٍ أَيْ: سَوَاءٌ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ إتْيَانِهِ فِيهِ كَأَنْ يَأْتِيه مَرَّةً فِي نِيَّتِهِ وَمَرَّةً فِي مَسْحِ رَأْسِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ يُفِيدُ أَنَّ مَا أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي يَوْمَ انْقِطَاعِهِ أَوْ يَوْمَيْ انْقِطَاعِهِ أَوْ أَيَّامَ انْقِطَاعِهِ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَأَمَّا مَا أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ إتْيَانِهِ فَهَلْ يَكُونُ مُسْتَنْكِحًا لِثُبُوتِهِ لَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ إنَّمَا يَكُونُ مُسْتَنْكِحًا فِي الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمَيْ إتْيَانِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يُحَرَّرْ قُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إذَا أَتَاهُ فِي يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وَأَضْرَبَ عَنْهُ وُجُوبًا أَيْ: لَا يُصْلِحُ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ فَإِذَا شَكَّ فِيمَا صَلَّاهُ هَلْ اثْنَتَانِ أَمْ ثَلَاثٌ أَوْ ثَلَاثٌ أَمْ أَرْبَعٌ بَنَى عَلَى ثَلَاثٍ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فِيهِمَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ يُؤَدِّي إلَى الشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، وَاسْتِنْكَاحُ الْوُضُوءِ كَالصَّلَاةِ سَوَاءٌ ابْنُ نَاجِي وَقَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الشَّكُّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ انْتَهَى فَقَوْلُهُ وَلَهَى عَنْهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكَحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكَحُ هُوَ أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنَّ الشَّكَّ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَلَا يَتَيَقَّنُ شَيْئًا يَبْنِي عَلَيْهِ حُكْمَهُ أَنَّهُ يَلْهُو عَنْهُ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهَى عَنْهُ وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ كَمَنْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَحُكْمُهُ وَاضِحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ إلَخْ. وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ هُوَ الَّذِي يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيُصْلِحُ وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَيَسْجُدُ حَسْبَمَا سَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ سُنَّ لِسَهْوٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالشَّكِّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَضْبِطُ مَا تَرَكَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي. (ص) كَطُولٍ بِمَحِلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) أَيْ: إذَا طَوَّلَ مُتَفَكِّرًا لِشَكٍّ حَصَلَ عِنْدَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ فَإِنَّهُ إنْ طَوَّلَ بِمَحِلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَنْ اسْتَوْفَرَ لِلْقِيَامِ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ طَوَّلَ بِمَحِلٍّ يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ أَيْ: يَكُونُ التَّطْوِيلُ فِيهِ قُرْبَةً كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّهِ فَلْيُسْجَدْ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا طَوَّلَ فِي الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ التَّطْوِيلَ فِيهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ يُكْرَهُ مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ الصَّوَابُ لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ   [حاشية العدوي] مُسْتَنْكِحًا إنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَيْضًا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ لَا يَأْتِيه فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ إتْيَانُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْتَنْكِحٌ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ مَا جَرَى فِي مَسْأَلَةِ السَّلَسِ فَإِذَا زَادَ مِنْ إتْيَانِهِ عَلَى زَمَنِ عَدَمِ إتْيَانِهِ أَوْ تَسَاوَيَا فَهُوَ مُسْتَنْكِحٌ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ إتْيَانِهِ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِزَمَنِ إتْيَانِهِ الْوَقْتُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ بَلْ جَمِيعُ الْيَوْمِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ يُعَدُّ يَوْمًا فَيَوْمُ انْقِطَاعِهِ هُوَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا أَوْ أَتَاهُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ يَوْمًا مُسْتَنْكِحٌ فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ بَلْ الَّذِي تَقْتَضِيه الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْتَنْكِحِ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي الشَّكِّ فِي الْوُضُوءِ وَفِي الصَّلَاةِ مَا تَشُقُّ مَعَهُ الصَّلَاةُ. (قَوْلُهُ وَأَضْرَبَ) تَفْسِيرٌ لِلَهِيَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ هَذَا لُغَةُ جَمِيعِ الْعَرَبِ مَا عَدَا طَيِّئًا فَإِنَّهَا بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وُجُوبًا) فَلَوْ خَالَفَ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ السُّجُودُ مُشْكِلٌ لِبِنَائِهِ عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا مُوجِبَ لِلسُّجُودِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَضْرَبَ (قَوْلُهُ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ) أَيْ: بِسَبَبِ هَذِهِ أَيْ: قَصَرَ عَلَى مَا عَدَا هَذِهِ بِسَبَبِ إخْرَاجِ هَذِهِ (قَوْلُهُ كَثِيرًا) أَيْ: إتْيَانًا كَثِيرًا (قَوْلُهُ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ) مَسْأَلَتَانِ أَيْ: هَلْ زَادَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ نَقَصَ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ كَطُولٍ) أَيْ: عَمْدًا؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ إنَّمَا اسْتَظْهَرَ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا سَهْوًا فَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَيْ: أَنَّهُ يَسْجُدُ أَيْ: إذَا طَوَّلَ سَهْوًا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَسْتَظْهِرَهُ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ طَوَّلَ طُولًا زَائِدًا عَلَى طُمَأْنِينَةٍ وَاجِبَةٍ وَسُنَّةٍ وَمَحَلُّ السُّجُودِ فِي كَلَامِهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَقَطْ كَتَطْوِيلٍ بِجِلْسَةٍ وُسْطَى فَتَرْكُهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ قُلْت حِينَئِذٍ كَانَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَنَاطَهُ الطُّولُ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَضَمَّنَ تَرْكَ سُنَّةٍ فَتَضَمُّنُ تَرْكِ سُنَّةٍ شَرْطٌ فِي كَوْنِ الطُّولِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ بِهِ مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ أَفَادَهُ عب. (قَوْلُهُ إذَا طَوَّلَ) فَلَوْ لَمْ يُطَوِّلْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُنْتَفِي مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَتَذَكَّرَ أَيْ: مَا سَهَا عَنْهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ وَإِلَّا عَمِلَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَنْكَحَ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ مَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ فَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَى عَلَيْهِ السُّجُودَ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ يَرَى عَلَيْهِ السُّجُودَ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فَرَأَى عَلَيْهِ السُّجُودَ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَعَدَمُهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ. (قَوْلُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ) أَيْ فَتَفَكَّرَ فِيمَا يُزِيلُهُ، وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيهِ عَبَثًا أَوْ لِلتَّذَكُّرِ فِي شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ صَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ وَمِنْ الْعَبَثِ التَّفَكُّرُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالظَّاهِرُ لَا بُطْلَانَ بَلْ السُّجُودُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا لَمْ يَخْرُجُ عَنْ الْحَدِّ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسِ) أَيْ: الثَّانِي. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّهِ) قَالَ عج: وَانْظُرْ مَا حَدُّهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ بِهِ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ طَوَّلَ فِيهِ عَبَثًا أَوْ لِتَذَكُّرِ شَيْءٍ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ أَفَادَهُ عج. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَيْضًا لَا بُطْلَانَ بَلْ يَسْجُدُ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونَ يَسْجُدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 لِأَنَّ تَقْصِيرَهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا سُجُودَ فِي تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ كَلَامِهِ فَيَقُولُ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ إلَّا الْجِلْسَةُ الْوُسْطَى عَلَى الْأَظْهَرِ (ص) وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَبَعْدَهُ أَيْ: وَإِلَّا سَجَدَ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ سُجُودُهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَنُسْخَةُ حُلُولُو وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّهْرِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الطُّولِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. فَإِنْ قُلْت: لِمَ أَمَرَ بِالسُّجُودِ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَيْسَ هُوَ بِفَرْضٍ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّافِلَةَ لَا تُقْضَى؟ فَالْجَوَابُ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ جَابِرًا لِلْفَرْضِ أُمِرَ بِهِ لِلتَّبَعِيَّةِ لَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ قُلْت هَذَا الْجَوَابُ فِيهِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ الْمَجْبُورَةُ فَرِيضَةً مَعَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ جَارٍ فِيمَا إذَا كَانَتْ نَافِلَةً وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لَمَّا كَانَ جَابِرًا لِلْفَرْضِ إلَخْ شَامِلٌ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ صَارَتْ فَرْضًا بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَلَا إشْكَالَ وَإِنَّمَا كَانَ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَنْ سُنَّتَيْنِ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ لَا يُؤْتَى بِهِ مَعَ الطُّولِ وَالْبَعْدِيُّ يُؤْتَى بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ وَالْقَبْلِيُّ جَابِرٌ وَالتَّرْغِيمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ الْجَابِرِ وَلِأَنَّ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ آكَدُ مِنْ الْقَبْلِيِّ الْمَذْكُورِ وَلِذَا قِيلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَنَقْصِ تَكْبِيرَتَيْنِ. (ص) بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ جَهْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ أَوْ الْقَبْلِيَّ إذَا أُخِّرَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إحْرَامٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ الْإِحْرَامَ وَلَيْسَ لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ، وَهَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِهَذَا الْإِحْرَامِ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَإِلَى تَشَهُّدٍ وَإِلَى سَلَامٍ يَجْهَرُ بِهِ كَسَلَامِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ إذَا أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إحْرَامٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ إنَّ السَّلَامَ فِي السُّجُودِ الْبَعْدِيِّ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَأَحْرَى أَنْ لَا تَبْطُلَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَفِي الطِّرَازِ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّشَهُّدَ لَهُمَا لَيْسَ شَرْطًا أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ فَلَوْ تَرَكَ الثَّلَاثَةَ وَهِيَ الْإِحْرَامُ أَيْ: التَّكْبِيرُ وَالتَّشَهُّدُ وَالسَّلَامُ وَأَتَى بِنِيَّةٍ   [حاشية العدوي] وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرْكَ التَّطْوِيلِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ وَكَذَا بَيْن السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهُنَا أَمَرَانِ الْأَوَّلُ تَقَدَّمَ أَنَّ الزَّائِدِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ فَتَكُونُ السُّنَّةُ تَرْكَ التَّطْوِيلِ الزَّائِدِ عَلَى مَا هُوَ سُنَّةٌ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حَدَّ الزَّائِدِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ وَلَا حَدَّ التَّطْوِيلِ عَلَيْهِ الَّذِي يُوجِبُ السُّجُودَ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ هَذَا قَدْرُ التَّشَهُّدِ ثَانِيهِمَا إنْ تَرَكَ التَّطْوِيلَ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ السُّجُودِ لَهُ وَلَا التَّطْوِيلُ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْمُنْضَمَّ لِلزِّيَادَةِ جَرَى خِلَافٌ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي مُؤَكَّدَةٍ أَمْ لَا كَذَا قَالَ عج. وَأَقُولُ النَّقْصُ هُنَا لَمْ يُؤْخَذْ جُزْءًا بَلْ أُخِذَ شَرْطًا بَلْ قَدْ يُقَالُ التَّطْوِيلُ فِي ذَاتِهِ هُوَ تَرْكُ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ تَأْخِيرِهِ مُدَّةً مَا عَنْ الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ مَتَى مَا ذَكَرَهُ إلَّا فِي صَلَاةٍ وَلَوْ تَرَتَّبَ فِي صَلَاةِ جُمُعَةٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ذَكَرَ سُجُودًا بَعْدِيًّا مِنْ صَلَاةٍ قَدْ مَضَتْ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ لَمْ تَفْسُدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا هُوَ فِيهِ سَجَدَهُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ كِنَايَةٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ كِنَايَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ) أَيْ بِالطُّولِ وَقَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ صَارَتْ فَرْضًا إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَتَى مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ وَقْتَ نَهْيٍ وَلَوْ مُرَتَّبًا عَنْ نَافِلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُهُمَا فِي وَقْتِ نَهْيٍ وَلَوْ كَانَ مُرَتَّبًا عَنْ فَرِيضَةٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ فَانْظُرْهُ فِي شَرْحِهِ لِلرِّسَالَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ فَرْضٍ أَتَى بِهِ حَيْثُمَا ذَكَرَ وَعَنْ نَفْلٍ فَفِي الْوَقْتِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ) وَكَوْنُهُ فِيهِ تَرْغِيمُ الشَّيْطَانِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ جَابِرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْبَعْدِيِّ شَيْئَيْنِ كَوْنُهُ جَابِرًا وَمُرْغِمًا لِلشَّيْطَانِ فَرَاعَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ وَالْقَبْلِيُّ جَابِرٌ) وَالْجَابِرُ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْمَجْبُورِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَابِرِ) أَيْ: الْمَحْضِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَرْغِيمٌ وَهُوَ الْقَبْلِيُّ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ أَوَّلُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَبْرَ يَصِحُّ وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَالْآخَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا مَعَ الْقُرْبِ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ: وَلِكَوْنِهَا آكَدُ (قَوْلُهُ قِيلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ) أَيْ: الْقَبْلِيِّ يُعَارِضُ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِبَعْضِ صُوَرِ تَرْكِ الْقَبْلِيِّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ فَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَبْلِيَّ آكَدُ. (قَوْلُهُ وَتَشَهُّدٍ) أَيْ: تَشَهُّدِ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لِلْإِحْرَامِ لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْإِحْرَامِ أَنْ يَنْوِيَ بِتَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ الْإِحْرَامَ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ عج حَيْثُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْإِحْرَامِ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَعْدِيِّ النِّيَّةُ مَعَ تَكْبِيرَةِ السُّجُودِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ السُّجُودِ سُنَّةٌ أَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا. (قَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ وَإِلَى تَشَهُّدٍ) أَيْ: عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ وَيَجْهَرُ بِهِ) أَيْ: سُنَّةً وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْجَهْرَ بِهِ سُنَّةٌ كَسَلَامِ الْفَرِيضَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إحْرَامٍ) إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ إنْ أُرِيدَ بِالْإِحْرَامِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ النِّيَّةُ مَعَ التَّكْبِيرِ كَمَا هُوَ مُفَادُ عِبَارَةِ عج الْمُتَقَدِّمَةُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَمَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ مَنْقُولٌ عَنْ الْهَوَّارِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ: فَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ مُنْسَحِبَةٌ عَلَيْهِ أَيْ: فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَتَى بِالسَّجْدَتَيْنِ ذَاهِلًا عَنْ كَوْنِهِ سَاجِدًا لِلسَّهْوِ لَصَحَّتَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ عب وَأَمَّا الْقَبْلِيُّ فَالسَّلَامُ لِلصَّلَاةِ وَيَحْتَاجُ لِتَكْبِيرَةِ هَوِيٍّ مَعَ نِيَّةٍ اهـ. لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ. (قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ) الْمُنَاسِبُ السُّجُودُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ السُّجُودَ لَا الصَّلَاةَ التَّابِعَ لَهَا السُّجُودُ. (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ فِي صِحَّةِ السُّجُودِ لَا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ التَّابِعِ لَهَا السُّجُودُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ. (ص) وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ (ش) الضَّمِيرُ مُوَزَّعٌ إذْ الْمَعْنَى وَصَحَّ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ وَلَوْ عَمْدًا رَعْيًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ رَعْيًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُكْرَهُ ابْتِدَاءٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ إلَخْ أَيْ: عَمْدًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّاهِي لَا يَتَّصِفُ بِصِحَّةٍ وَلَا فَسَادٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. (ص) لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيُصْلِحُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ: كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ أَبَدًا السَّهْوَ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونَ عَادَتُهُ نِسْيَانَ السُّجُودِ ثُمَّ شَكَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ صَلَاتَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّقْصِ وَالتَّقْدِيرُ سُنَّ لِنَقْصٍ لَا لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ إلَخْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُصْلِحُ أَيْ: يَأْتِي بِمَا سَهَا عَنْهُ أَيْ: يُصْلِحُ مَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ مَثَلًا ثُمَّ رَكَعَ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَّا الْفَرْضُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَصَحَّ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ) وَلَوْ كَانَ الْمُقَدِّمُ لَهُ الْمَأْمُومُ دُونَ إمَامِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ لَا مَسْبُوقٌ. (قَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ) وَلَوْ الْمَأْمُومُ بِأَنْ سَجَدَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ فِي مَحَلِّهِ وَأَخَّرَهُ الْمَأْمُومُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ قِيلَ يُقَدِّمُ الْمَأْمُومُ وَقِيلَ يُؤَخِّرُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّاهِي لَا يَتَّصِفُ بِصِحَّةٍ إلَخْ) ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيه مَا وَقَعَ مِنْ سُجُودِ سَهْوٍ وَيُطَالَبُ بِإِعَادَتِهِ. أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَاهٍ عَنْ كَوْنِهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا مَعَ كَوْنِهِ قَاصِدًا فِعْلَهُ وَحَيْثُ إنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ تَعَلَّقَ بِتَقْدِيمِهِ لَا بِذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِحَسَبِهَا. (قَوْلُهُ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ إلَخْ) سَيَأْتِي يُبَيِّنُ الشَّارِحُ وَجْهَ عَطْفِهِ وَيَجُوزُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ حَصَلَ مَا تَقَدَّمَ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فَفِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهُ مِمَّا فِيهِ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ السُّجُودِ بِالْكُلِّيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ لِاحْتِمَالِ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعِيدًا إذْ لَا نَقْصَ هُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِمَا حَصَلَ مِنْ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَزِيَادَةٍ عِنْدَ انْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ لِلْحَرَجِ اللَّاحِقِ (قَوْلُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ أَبَدًا السَّهْوُ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يُكْتَفَى مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً مِنْ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَكَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ) كَذَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَنْكَحَ يَضْبِطُ مَا فَعَلَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ صَلَاتَهُ) أَمَّا إصْلَاحُ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ إذَا لَمْ يُفَارِقْ أَوْ يُفَارِقْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ وَأَمَّا إصْلَاحُ الثَّانِي بِأَنْ يَتَذَكَّرَ تَرْكَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ مَا حُكْمُ سُجُودِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلِيًّا وَالثَّانِي إنْ كَانَ بَعْدِيًّا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَالَ عج فَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالسُّجُودِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِسُجُودِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا أَصْلَحَ مَا سَهَا عَنْهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّارِكِ لَهُ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَسْتَنْكِحْهُ السَّهْوُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ اهـ. أَيْ: وَهُوَ السُّجُودُ فَقَوْلُهُمْ السَّاهِي الْمُسْتَنْكَحُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْإِصْلَاحِ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْإِصْلَاحُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَمْكَنَهُ إصْلَاحٌ أَمْ لَا فَتَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِيمَا نَظَرَ فِيهِ عج. (قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ) مِثَالٌ لِتَرْكِ السُّنَّةِ وَتَرَكَ مِثَالَ مَا إذَا تَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ وَأَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ وَنَقُولُ مِثَالُهُ مَا إذَا تَرَكَ الْقُنُوتَ حَتَّى انْحَنَى فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ بِأَنْ يَقْنُتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. (قَوْلُ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ) هَذَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الرُّكُوعِ عَلَى تَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا سَدَلَ يَدَيْهِ يَصِحُّ رُكُوعُهُ، ثُمَّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى: مَا إذَا انْحَنَى وَلَمْ يَضَعْ، الثَّانِيَةَ: أَنْ يَكُونَ وَضَعَ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ السُّورَةَ تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِ شب كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ مَثَلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَأْتِي بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَوَاتِ بِالِانْحِنَاءِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ شب بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ فَبِالِانْحِنَاءِ وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ لِشَارِحِنَا، وَالتَّحْقِيقُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَوَاتَ يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ) مِثَالٌ لِمَا إذَا تَرَكَ الْفَرْضَ وَقُلْنَا يَأْتِي بِهِ مَعَ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِهِ بَلْ أَتَى بِالرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمَقَامِ أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ بَلْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِالرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا) أَيْ: فَإِذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا فَيَأْتِي بِهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ فِعْلًا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ سَاهٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ شَرْحٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ مِنْ أَنَّهُ يُصْلِحَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيُجَابُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِأَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَنْكَحًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّ مَعَهُ زِيَادَةٌ وَهِيَ الرَّكْعَةُ الَّتِي فَاتَتْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْيَانُ بِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهَا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ حَتَّى لَا يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ السُّورَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِمَا كَأَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ لَكَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ هَذِهِ الرَّكْعَةَ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَا صَحَّ أَوَّلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُصْلِحُ إذَا أَمْكَنَهُ بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا لَوْ سَهَا عَنْ الْجُلُوسِ وَالتَّكْبِيرَةِ لَهُ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا سُجُودَ لِعَدَمِ خِطَابِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ بِمُفَارَقَتِهِ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَوْ اسْتَقَلَّ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَسْتَنْكِحْ يَفُوتُ بِذَلِكَ. (ص) أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَوْ سَلَّمَ؟ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ سَهَا عَنْ شَيْءٍ أَمْ لَا فَتَفَكَّرَ قَلِيلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ سَلَّمَ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْهَا سَجَدَ أَوْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ تَوَسَّطَ أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي فِي نَاسِي السَّلَامِ، وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُعَادِلَهُمَا تَقْدِيرُهُ هَلْ سَهَا أَوْ لَمْ يَسْهَ أَوْ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ. (ص) أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فِي شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ (ش) يُرِيدُ إذَا شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هَلْ سَجَدَهُمَا أَوْ إنَّمَا سَجَدَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ أُخْرَى عَلَى الْمُحَقَّقِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُمِرَ بِذَلِكَ لَأَمْكَنَ أَنْ يَشُكَّ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ وَقَدْ يَشُكَّ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ أَيْضًا فَيَتَسَلْسَلُ ذَلِكَ وَلَوْ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ ثَلَاثًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ كَانَ بَعْدِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ زَادَ سُورَةً فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَدَلَّ كَلَامُهُ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ زَادَهَا فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّارِحِ مَا لَمْ يَكُنْ افْتَتَحَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي صَلَاةٍ شُرِعَ فِيهَا التَّطْوِيلُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا إلَى سُورَةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا فِي الْجَلَّابِ. (ص) أَوْ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ (ش) أَيْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَرَجَ غَلَبَةً، وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الصِّيَامُ فَإِنْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى طَرْحِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا تَمَادَى فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ. (ص) وَلَا لِفَرِيضَةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ اسْتَنْكَحَهُ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ أَيْ: وَلَا يَسْجُدُ لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى نَقْصٍ إلَخْ وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْفَاتِحَةِ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إنَاطَةِ السُّجُودِ بِتَرْكِ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ. (ص) أَوْ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ كَتَشَهُّدٍ (ش) أَيْ: وَلَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ كَلَفْظِ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ جَلَسَ لَهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ كَالطِّرَازِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ   [حاشية العدوي] صَلَاتِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ إذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا سَهْوًا مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ تَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى) التَّعْوِيلُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَلَا سُجُودَ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. (قَوْلُهُ بِإِنْ كَانَ بَاقِيًا) يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ دُونَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَجْلِ أَنْ يُنَاسِبَ قَوْلُهُ وَتَذَكَّرَهُ قَبْلَ مُفَارَقَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْإِصْلَاحِ بِمُفَارَقَةِ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يُسْتَنْكَحْ يَفُوتُ بِذَلِكَ) هَذَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا فَلَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا فِي السَّهْوِ وَإِلَّا رَجَعَ لِلْإِصْلَاحِ. (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِالْفَرَائِضِ مُطَلَّقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلْوَهْمِ. (قَوْلُهُ فَتَفَكَّرْ قَلِيلًا) بَلْ وَكَذَا لَوْ طَالَ التَّفَكُّرُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ بِانْفِرَادِهِ لَا يُوجِبُ سُجُودَ سَهْوٍ وَتَطْوِيلُ التَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ السُّجُودُ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أُصُولُ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَكِنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَأَمَّا بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ ذَلِكَ فَيَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: سَجَدَ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ هَلْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِشَكِّهِ أَيْ صُورَةُ شَكِّهِ فَقَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا صُورَةُ شَكِّهِ فَلَيْسَتْ الْوَاحِدَةُ هِيَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ أَيْ: أَنَّ الْحُكْمَ إذَا شَكَّ هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ فَيَتَسَلْسَلُ) أَيْ فَتَحْصُلُ الْمَشَقَّةُ الْكُبْرَى وَلَا تَقُلْ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّ التَّسَلْسُلَ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ لَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ) أَيْ: يُكْرَهُ فَقَدْ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ لِتَغْيِيرِ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَالتَّخْلِيطِ عَلَى الْمُسْتَمِعِ إنْ كَانَ وَكَلَامُ الشَّارِحِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّهْوِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب وَكَذَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ تَعَمُّدُ الْخُرُوجِ مِنْ رِوَايَةٍ كَانَ فِي آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ يُؤْذَنُ لَهُ بِمَعْنَى يُنْدَبُ. (قَوْلُهُ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ طَاهِرًا يَسِيرًا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ نَجِسًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ سُنَّ لِسَهْوٍ سَجْدَتَانِ بِنَقْصِ فَرْضٍ وَلَا يَسْجُدُ لِفَرِيضَةٍ وَالْمُنَاسِبُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ) وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْكُلِّ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ فِي الْجُلِّ وَالْوُجُوبِ فِي رَكْعَةٍ وَتَقَدَّمَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ. (قَوْلُهُ جَلَسَ لَهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَأَمَّا لَوْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ مُكَبِّرًا وَبِمُجَرَّدِ أَنْ اطْمَأَنَّ بِالرَّفْعِ مِنْهُ سَلَّمَ لَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ لَفْظَ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسَ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وَغَيْرُهُمَا مِنْ إيجَابِ السُّجُودِ وَجَعَلَهُ ابْنُ جُزَيٍّ وَغَيْرُهُ الْمَشْهُورُ وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ الْمَوْصُوفَ وَهُوَ سُنَّةٌ كَمَا قَرَّرْنَا لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ فَوْقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ أَيْ: بِانْفِرَادِهَا، وَأَمَّا مَعَ زِيَادَةٍ فَيَسْجُدُ. (ص) وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَى مَنْ اقْتَصَرَ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ جَهْرٍ بِأَنْ لَا يُبَالِغَ فِيهِ بِأَنْ يَنْزِلَ عَنْ أَقَلِّ الْجَهْرِ بِأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ لَا مَنْ يَلِيه وَيَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ أَوْ اقْتَصَرَ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ سِرٍّ بِأَنْ لَا يُبَالِغَ فِيهِ بِأَنْ يَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ وَيَنْزِلَ عَنْ أَدْنَى الْجَهْرِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ وَقَوْلُهُ (وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَشَهُّدٍ أَوْ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى إعْلَانٍ فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمٍ فَيَدْخُلُ بِالْكَافِ الْإِسْرَارُ بِكَآيَةٍ فَلَا يَكُونُ سَاكِتًا عَنْهُ أَيْ: وَكَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ وَكَإِسْرَارٍ بِكَآيَةٍ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْإِعْلَانُ وَالْإِسْرَارُ بِكَآيَةٍ تَكْرَارًا مَعَ يَسِيرِ جَهْرٍ وَسِرٍّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَهَذَا فِي بَعْضِهَا وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قِيلَ إنَّ الْمُؤَلِّفَ سَاكِتٌ عَنْ الْإِسْرَار بِنَحْوِ الْآيَةِ. (ص) وَإِعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا (ش) أَيْ وَلَا سُجُودَ فِي إعَادَةِ السُّورَةِ لِأَجْلِ الْجَهْرِ أَوْ السِّرِّ حَيْثُ قَرَأَهَا عَلَى خِلَافِ سُنَّتِهَا وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ فَرَجَعَ وَأَتَى بِهَا عَلَى سُنَّتِهَا لِخِفَّةِ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ مِمَّا لَوْ أَعَادَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةَ أَوْ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَطْ لِلسِّرِّ حَيْثُ قَرَأَهَا جَهْرًا أَوْ لِلْجَهْرِ حَيْثُ قَرَأَهَا سِرًّا وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، وَلَوْ كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ سَهْوًا سَجَدَ بِخِلَافِ السُّورَةِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ عَمْدًا. (ص) وَتَكْبِيرَةٍ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي تَرْكِ تَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ تَكْبِيرِ الْعِيدِ وَإِلَّا سَجَدَ لِتَرْكِ وَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. (ص) وَفِي إبْدَالِهَا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَعَكْسِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا أَبْدَلَ التَّكْبِيرَ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عِنْدَ الْخَفْضِ لِلرُّكُوعِ وَفَاتَ التَّدَارُكُ بِأَنْ تَلَبَّسَ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَلِيه أَوْ أَبْدَلَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عِنْدَ الرَّفْعِ بِالتَّكْبِيرِ وَفَاتَ التَّدَارُكُ فَفِي سُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ ذِكْرًا وَزَادَ آخَرَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مِنْ إيجَابِ السُّجُودِ) إمَّا؛ لِأَنَّهُ مُحْتَوٍ عَلَى سُنَّتَيْنِ وَكَوْنُهُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ أَوْ أَنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ ابْنُ جُزَيٍّ وَغَيْرُهُ الْمَشْهُورَ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دَلَالَةٌ وَقَوْلُهُ فَوْقَ ذَلِكَ أَيْ إنَّ قَوْلَهُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ فَوْقَ قَوْلِهِ وَغَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَيْ: مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَذَفَ الْعَاطِفَ أَيْ: أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ أَيْ: وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ. {تَنْبِيهٌ} : تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ سَجَدَ لِلسُّنَّةِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ قِيلَ أَيْ: عَمْدًا وَيَلْزَمُ مِنْ الْبُطْلَانِ الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ وَيَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ إلَخْ) الَّذِي هُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ حَاصِلُهُ أَنَّهَا حَالَةٌ وُسْطَى بَيْنَ أَعْلَى السِّرِّ وَهُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَأَدْنَى الْجَهْرِ وَهُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيه فَتَكُونُ تِلْكَ الْحَالَةُ وُسْطَى يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَيَزِيدُ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا أَيْ لَكِنْ لَا يُسْمِعُهَا مَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُبَالِغَ فِيهِ) أَيْ: السِّرِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ) الَّذِي هُوَ سَمَاعُ النَّفْسِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَيَنْزِلَ عَنْ أَدْنَى الْجَهْرِ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيهِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى سَمَاعِ النَّفْسِ وَلَكِنْ لَا يَصِلُ لِسَمَاعِ مَنْ يَلِيهِ فَهِيَ حَالَةٌ وُسْطَى فَرَجَعَ يَسِيرُ الْجَهْرِ وَيَسِيرُ السِّرِّ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا قَالَ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَجَمِيعِ الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ لِأَجْلِ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ عَلَى أَنَّ الْحَالَ مُفْتَرَقٌ بِنَفْسِ هَذَا التَّصْوِيرِ وَحَلَّ عب الْمُصَنِّفُ بِحَلٍّ آخَرَ فَقَالَ يَسِيرُ جَهْرٍ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَتَرَكَ الْمُبَالَغَةَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاقْتَصَرَ فِي السَّرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ سِرٍّ بِأَنْ حَرَّكَ لِسَانَهُ فَقَطْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ فَيُسْمِعُ نَفْسَهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِتَقْرِيرِ شَارِحِنَا وَمُخَالِفٌ لِحَلِّ عج أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَيْ فِي مَحَلِّ السِّرِّ أَيْ: لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ أَتَى بِأَقَلِّ الْجَهْرِ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ، وَقَوْلُهُ يَسِيرُ سِرٍّ أَيْ: أَتَى بِأَعْلَى السِّرِّ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَلْحَقُ بِالْجَهْرِ بِالْآيَةِ وَنَحْوِهَا إذَا جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ جَهْرًا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ جِدًّا أَوْ أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ سِرَّا لَيْسَ بِالشَّدِيدِ جِدًّا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَرْكُ سِرٍّ أَيْ: وَأَتَى بِأَعْلَى الْجَهْرِ لَا بِأَقَلِّهِ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ النَّفْسِ وَمَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَشَهُّدٍ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى تَشَهُّدٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِلسُّنَّةِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ. (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْكَافَّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ أَوْ وَيَقُولُ وَالْكَافُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَافَ إذَا كَانَتْ دَاخِلَةً عَلَى إعْلَانٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْلَانَ بِآيَتَيْنِ لَيْسَ كَالْإِعْلَانِ بِالْآيَةِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مِثْلَ الْإِعْلَانِ بِالْآيَةِ الْإِتْيَانِ وَانْظُرْ هَلْ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ تَكْرَارًا) أَقُولُ لَا يُتَوَهَّمُ تَكْرَارٌ بِدُونِ ذَلِكَ بَلْ التَّصْوِيرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيِّنٌ فِي نَفْسِهِ مُحَقِّقٌ لِلْمُغَايَرَةِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا تَعْلَمُ) أَيْ: بِقَوْلِنَا مُؤَخَّرَةً مِنْ تَقْدِيمِ. (قَوْلُهُ أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي إعَادَةِ السُّورَةِ) أَيْ مَعَ طَلَبِهِ بِالْإِعَادَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى سُنَّتِهَا (قَوْلُهُ وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ لِتَحْصِيلِ السِّرِّ أَوْ الْجَهْرِ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ فَإِنْ انْحَنَى فَاتَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَتَرْكِ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ فِيمَا يَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ) أَيْ: بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ خِلَافٌ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ) فَلَوْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 أَوْ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَلَمْ يَزِدْ مَا يُوجِبُ زِيَادَتُهُ السُّجُودَ كَمَنْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ تَأْوِيلَانِ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَعًا لَسَجَدَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يَفُتْ التَّدَارُكُ وَأَتَى بِالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الصَّوَابَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَعَكْسُهُ أَنْ يَكُونَ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ وَكَأَنَّ الْعُذْرَ لَهُ اتِّبَاعُ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِي الرِّوَايَةِ. (ص) وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ أَيْ: وَلَا سُجُودَ لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ إلَى يَمِينِهِ أَوْ خَلْفِهِ لِقَضِيَّةِ «ابْنِ عَبَّاسٍ حَيْثُ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدَارَهُ عَنْ يَمِينِهِ» لَكِنْ وَقَعَ وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَخَذَ بِيَدِي أَوْ عَضُدِي» وَفِي رِوَايَةٍ بِرَأْسِي وَفِي رِوَايَةٍ بِأُذُنِي كُلُّهَا فِي الْبُخَارِيِّ. (ص) وَإِصْلَاحِ رِدَاءٍ أَوْ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ لِإِصْلَاحِ رِدَاءٍ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ أَوْ لِإِصْلَاحِ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ سَنَدٌ هَذَا إذَا كَانَ جَالِسًا يَمُدُّ يَدَهُ فَيُقِيمُهَا، أَمَّا إنْ كَانَ قَائِمًا يَنْحَطُّ لِذَلِكَ فَثَقِيلٌ إلَّا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ بِمَثَابَةِ انْحِطَاطِهِ لِأَجْلِ حَجَرٍ يَرْمِي بِهِ الْعَقْرَبَ. (ص) أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ أَوْ دَفْعِ مَارٍّ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي مَشْيِ الْمُصَلِّي الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ سُتْرَةٍ يَسْتَتِرُ بِهَا أَوْ لِأَجْلِ فُرْجَةٍ يَسُدُّهَا أَوْ لِأَجْلِ دَفْعِ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ بَعُدَ أَشَارَ إلَيْهِ فَالْكَافُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُضَافِ وَهُوَ مَشْيٌ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَتَدْخُلُ الثَّلَاثَةُ كَمَا ذَكَرْنَا وَيُحْتَمَلُ إبْقَاءُ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَيَدْخُلُ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْفِعْلِ الْيَسِيرِ أَيْ: كَمَشْيٍ أَوْ غَمْزٍ أَوْ حَكٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ الشَّأْنُ فِي الصَّلَاةِ سَدُّ الْفُرَجِ فَإِذَا رَأَى وَهُوَ يُصَلِّي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ وَجِيهٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) وَإِنْ أَبْدَلَ إحْدَى تَكْبِيرَتَيْ السُّجُودِ خَفْضًا أَوْ رَفْعًا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَسْجُدْ فَإِنْ أَبْدَلَهُمَا مَعًا بِهَا سَجَدَ كَذَا يَنْبَغِي. (قَوْلُهُ وَكَأَنَّ الْعُذْرَ لَهُ اتِّبَاعُ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ) أَيْ: لِأَنَّ الْوَاوَ الْأَكْثَرُ فِي رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ رُوِيَتْ بِالْوَاوِ وَرُوِيَتْ بِأَوْ وَالْغَالِبُ رِوَايَةُ الْوَاوِ اعْلَمْ أَوَّلًا نَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَطَّلِعَ بِهِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ وَنَصُّهَا وَإِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ أَوْ الْفَذُّ مَوْضِعَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ مَوْضِعَ اللَّهُ أَكْبَرُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَلْيَرْجِعْ وَيَقُولُ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَمَضَى سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ أَسْقَطَهَا ابْنُ عَرَفَةَ رَوَاهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِأَوْ ورَوَاهَا الْأَكْثَرُ بِالْوَاوِ، ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقُ وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ بَدَّلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ خَاصَّةً فَقِيلَ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قُصَارَى مَا فِيهِ أَنَّهُ أَخَلَّ بِتَكْبِيرَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا سُجُودَ لِذَلِكَ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يَقُولَ فَلَمْ يَفْعَلْ وَزَادَ الْقَوْلَ الَّذِي وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ اهـ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ غَيْرُ رُكْنٍ وَلَيْسَ فِيهَا سُجُودٌ فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ السُّجُودِ وَعَلِمْت مِنْ هَذَا النَّصِّ أَنَّ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَأْوِيلَانِ إنَّمَا هُوَ خِلَافٌ لَا تَأْوِيلَانِ وَعَلِمْت أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَبَّرَتْ بِالْوَاوِ فِي غَالِبِ رِوَايَاتِهَا وَعَلِمْت صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ. (قَوْلُهُ وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ) اعْلَمْ أَنَّ عج قَدْ قَالَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ؛ مِنْهُ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ. (قَوْلُهُ فَأَدَارَهُ عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ عَضُدِي) لِلشَّكِّ فِي الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَكُلُّهَا فِي الْبُخَارِيِّ) لَعَلَّ الْوَاقِعَةَ تَعَدَّدَتْ أَوْ أَنَّهَا وَاقِعَةٌ وَاحِدَةٌ وَاتَّفَقَ فِيهَا الْأَخْذُ بِالْكُلِّ وَظَهَرَ أَنَّهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. (قَوْلُهُ إصْلَاحِ رِدَاءٍ) أَيْ: سَهْوًا؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ مَطْلُوبٌ وَمَا يُطْلَبُ عَمْدُهُ لَا يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي إدَارَةِ الْمُؤْتَمِّ وَسَدِّ الْفُرْجَةِ أَيْ: مَا يُطْلَبُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْفَرِيضَةِ حَتَّى لَا تَرِدَ الْفَاتِحَةُ فَإِنَّ عَمْدَهَا مَطْلُوبٌ وَيُتَصَوَّرُ فِي سَهْوِهَا السُّجُودُ كَمَا إذَا أَعَادَهَا سَهْوًا وَإِصْلَاحُ الرِّدَاءِ مُسْتَحَبٌّ إنْ خَفَّ إصْلَاحُهُ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُنْهَى عَنْهُ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ لِإِصْلَاحِ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ) أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ إصْلَاحُهَا إنْ خَفَّ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ فَثَقِيلٌ) أَيْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ) هَذَا إذَا كَانَ مَرَّةً فَإِنْ انْحَطَّ مَرَّتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ وَانْظُرْ هَلْ تَكْرَارُ الْإِدَارَةِ كَذَلِكَ أَمْ وَكَذَا النَّظَرُ فِيمَا بَعْدَهُ. {تَنْبِيهٌ} : حَيْثُ كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ يُطْلَبُ عَمْدُهَا لِكَوْنِهَا طَاعَةٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ سُجُودٌ لَهَا حَالَةَ السَّهْوِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى نَفْيِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَثَابَةِ انْحِطَاطِهِ لِحَجَرٍ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ الَّتِي تُرِيدُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْحَطَّ فَيَكُونُ هَذَا بِمَثَابَتِهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ السُّجُودِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يُكْرَهُ بِشِدَّةٍ وَمَسْأَلَةُ الْعَقْرَبِ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا حَيْثُ أَرَادَتْهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ لِسُتْرَةٍ) أَيْ: كَمَسْبُوقٍ سَلَّمَ إمَامُهُ فَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَيَنْحَازُ لِمَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ السَّوَارِي يَسْتَتِرُ بِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ جَعَلَ الْمَشْيَ لِكَصَفَّيْنِ فِي الْكُلِّ وَهُوَ إنَّمَا هُوَ وَارِدٌ فِي الْفُرْجَةِ فَقَطْ عَلَى الْخِلَافِ أَمَّا السُّتْرَةُ فَقَدْ حُدَّ الْقُرْبُ فِيهَا بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَيْ: فَلَا يُحَدُّ بِالصَّفَّيْنِ وَلَا بِالثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَسَّرَ الْعُرْفَ بِالثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ كَصُفُوفِ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا دَفْعُ الْمَارِّ فَإِنَّمَا قَيَّدَ أَشْهَبُ فِيهَا كَمَا تَبَيَّنَ بِالْقُرْبِ وَكَذَا الْمُدَوَّنَةُ نَصَّتْ فِي الدَّابَّةِ بِالْقُرْبِ الَّذِي فَسَّرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْيَسَارَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَسَّرَ الْقُرْبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَجْلِ فُرْجَةٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ لِفُرْجَةِ الْحَائِطِ وَأَمَّا لِلتَّفَصِّي مِنْ الْأَمْرِ فَمُثَلَّثُهَا ثُمَّ إنَّ تَقْيِيدَ الْمَشْيِ لِلْفُرْجَةِ بِالصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ غَيْرُ الصَّفِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَغَيْرُ الصَّفِّ الَّذِي فِيهِ الْفُرْجَةُ وَفِي عب وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ الْفُرْجَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ بَعُدَ أَشَارَ إلَيْهِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 فُرْجَةً أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ حَيْثُ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى سَدِّهَا فَلْيَتَقَدَّمْ إلَيْهَا يَسُدُّهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرِقَ إلَيْهَا صُفُوفًا رِفْقًا وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ مَنْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعٍ فَرَأَى فُرْجَةً مَشَى لِيَسُدَّهَا إنْ قَرُبَتْ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ بَعُدَتْ صَبَرَ حَتَّى يَسْجُدَ وَيَقُومَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَشُقُّ إلَيْهَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ صَفَّانِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ سَدَّ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةً وَبَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ بَيْتًا» . (ص) أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِسُتْرَةٍ أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ لِدَابَّتِهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا قَالَ فِيهَا فَإِنْ تَبَاعَدَتْ الدَّابَّةُ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَطَلَبَهَا قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا إذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ وَإِلَّا تَمَادَى وَإِنْ ذَهَبَتْ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَفَازَةٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ تَرَكَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيُّ (ص) وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ (ش) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهُ كَمَا أَنَّ التَّحْدِيدَ بِالصَّفَّيْنِ فِيهَا جَمِيعًا وَالصَّوَابُ قَهْقَرَى بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ لَا بِتَائِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْمُؤَلِّفِ تَدَارُكُ مَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ خَلَلٍ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فِي اللَّفْظِ أَوْ فِي الْحُكْمِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَسَمِعَ بَعْضٌ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ. (ص) وَفَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَى مُصَلٍّ فِي فَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَائِزٌ إنْ وَقَفَ وَاسْتَطْعَمَ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى أُخْرَى فَيُكْرَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَلَا تَفْسُدُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَيْ وَاسْتَطْعَمَ أَوْ تَرَدَّدَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَيَجِبُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ وَنَفْثٍ   [حاشية العدوي] شَيْخِنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشْهَبُ إنْ كَانَ قَرِيبًا مَشَى إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَشَارَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ صُفُوفًا) هَذَا جَمْعُ كَثْرَةٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ أَفْرَادِ الْقِلَّةِ ثَلَاثَةٍ وَأَوْلَى أَقَلُّ. (قَوْلُهُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ) هَذَا قَوْلٌ آخَرُ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَايَةُ مَا حَدَّدَ فِيهِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّفِّ وَلَا بِأَكْثَرَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَالْأُولَى إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقُرْبَ بِالصَّفِّ وَالْبُعْدَ بِالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج اغْتِفَارُ مَا إذَا حَصَلَ مَشْيٌ لِكُلٍّ مِنْ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ كَمَسْبُوقٍ مَشَى لِفُرْجَةٍ ثُمَّ لِسُتْرَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي إصْلَاحِ الرِّدَاءِ مَعَ إصْلَاحِ السُّتْرَةِ اهـ. وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اغْتِفَارِ أَزْيَدَ مِنْ اثْنَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) يَرْجِعُ هَذَا لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ وَيَكُونُ ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ الثَّلَاثَةَ مِثْلَ الِاثْنَيْنِ وَإِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ صَفَّانِ مَعْنَاهُ أَيْ: أَوْ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ) وَمِثْلُ دَابَّتِهِ دَابَّةُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي مَشَى إلَيْهَا فِيمَا قَرُبَ إنْ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَطَعَ إنْ بَعُدَتْ وَطَلَبَهَا اهـ فَأَنْتَ تَرَاهَا قَيَّدَتْ بِالْقُرْبِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّتِهِ بَلْ كَذَلِكَ دَابَّةُ غَيْرِهِ وَمِثْلُ الدَّابَّةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ الْمَالُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا أَيْ: يُضِرُّ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا فَلَا يَقْطَعُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَيَقْطَعُ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَمَّا إذَا ضَاقَ فَلَا يَقْطَعُ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا فَلَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ: هَلَاكًا أَوْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ وَالْمَالُ كَالدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيُّ) الظَّاهِرُ مَا هُوَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ) رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ يَضُرُّ وَلَوْ لِعُذْرٍ وَفِي الرُّعَافِ لَا يَضُرُّ مَعَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا أَوْلَى قَالَهُ عج قَالَ عب هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَهَابِ الدَّابَّةِ لِلضَّرُورَةِ فَيَسْتَدْبِرُ لَهَا فَقَطْ دُونَ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ وَدَفْعِ الْمَارِّ اُنْظُرْهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ أَيْ: يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَقَوْلُهُ أَوْ قَهْقَرَةٍ وَهِيَ الرُّجُوعُ إلَى خَلْفٍ وَوَجْهُهُ مُسْتَقْبِلٌ إمَامَهُ. (قَوْلُهُ تَدَارُكُ) أَرَادَ بِهِ الْإِتْيَانَ بِالصَّوَابِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّدَارُكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الصَّوَابُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ إمَامِهِ وَهَذَا نَاظِرٌ لِمَفْهُومِ مَا سَيَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ مَفْهُومُ مَا هُنَا وَإِنَّهُ إنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَاعْتِبَارُ مَفْهُومِ مَا هُنَا ارْتَضَاهُ عج وَارْتَضَى الشَّيْخُ سَالِمٌ مَفْهُومَ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ: مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ أَوْ السُّنَّةَ وَهَذَا فِي السُّورَةِ لِمَا يَأْتِي فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَطْعَمَ) أَيْ: طَلَبَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ كَوْنِهِ اسْتَطْعَمَ بِقَرِينَةٍ فَلَوْ جَهِلَ الْأَمْرَ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ إذْ لَعَلَّةُ فِي فِكْرِهِ فِيمَا يَقْرَأُ. (قَوْلُهُ أَوْ تَرَدَّدَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ وَقَفَ أَيْ: أَوْ لَمْ يَقِفْ بَلْ تَرَدَّدَ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 6] {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7] أَيْ: فَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ الَّذِي بَعْدَ الْمُفْلِحُونَ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَرَّرَ آيَةً. (قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَتْحُ إلَخْ) لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ طَلَبَ الْفَتْحِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيُطْلَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ) إمَّا سُنَّةٌ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الْفَتْحِ حُصُولُ سُنَّةٍ أَوْ نَدْبٌ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ حُصُولُ مَنْدُوبٍ كَإِكْمَالِ السُّورَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ) أَيْ: بِأَنْ انْتَفَى الْوَقْفُ وَالتَّرَدُّدُ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا أَوْ وَقَفَ وَلَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ الِاسْتِطْعَامَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَقَفَ أَوْ لَا بِأَنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَرَأَ لَهُ الْعَجْزُ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ لَا أَوْ يُفَصَّلُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ تَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ) قَالَ عج السَّدُّ مَطْلُوبٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي سَدِّ فِيهِ لِأَجْلِ تَثَاؤُبٍ أَوْ نَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ وَالنَّفْثُ رِيحٌ كَالنَّفْخِ بِغَيْرِ بُصَاقٍ كَنَافِثِ عَجَمِ الزَّبِيبِ وَالتَّفْلُ بِالْبُصَاقِ وَفِي عِبَارَةٍ النَّفْثُ هُوَ الْبُصَاقُ بِلَا صَوْتٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوْ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَنَفَثَ بِثَوْبٍ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: النَّفْثُ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ وَقِيلَ مَعَهُ رِيقٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ انْتَهَى. فَلَا يُنَاسِبُ مَا هُنَا إذْ النَّفْخُ بِالْفَمِ مُبْطِلٌ سَوَاءٌ لَطُفَ أَمْ لَا وَحُكْمُ النَّفْثِ الْجَوَازُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ الْبُصَاقِ «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا، وَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ فِيهِ» دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبُصَاقِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَالنَّفْخِ الْيَسِيرِ إذَا لَمْ يَصْنَعْهُ عَبَثًا إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْبُصَاقِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّنَحْنُحُ وَالتَّنَخُّمُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِتَثَاؤُبٍ أَنَّهُ لَوْ سَدَّهُ لِغَيْرِهِ لَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ مَعَ أَنَّ هَذَا فِعْلٌ خَفِيفٌ فَلَا سُجُودَ فِيهِ مَعَ السَّهْوِ ولَا بُطْلَانَ مَعَ الْعَمْدِ وَمَفْهُومُ لِحَاجَةٍ أَنَّ النَّفْثَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِيهِ السُّجُودُ مَعَ السَّهْوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ النَّفْخَ فَيَسْجُدُ بِسَبَبِهِ إنْ كَانَ سَهْوًا وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ كَانَ عَمْدًا انْتَهَى. {تَنْبِيهٌ} : التَّثَاؤُبُ هُوَ النَّفْثُ الَّذِي يَنْفَتِحُ مِنْهُ الْفَمُ لِدَفْعِ الْبُخَارَاتِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ امْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ وَثِقَلَ الْبَدَنِ وَسُوءَ الْفَهْمِ وَالْغَفْلَةَ قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ. (ص) كَتَنَحْنُحٍ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِحَاجَةٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا سُجُودَ فِيهِ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَاخْتُلِفَ إذَا تَنَحْنَحَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ هَلْ يَكُونُ كَالْكَلَامِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ عَلَى التَّنَحْنُحِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِغَيْرِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لِحَاجَةٍ، وَظَاهِرُ قَوْلُهُ لِغَيْرِهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَوْ فَعَلَهُ عَبَثًا وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ فِعْلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُهَا وَبَعْضُهُمْ حَمَلَ قَوْلَهُ لِغَيْرِهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَبَثِ كَأَنْ يَفْعَلَهُ لِيُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ فَعَلَهُ عَبَثًا فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ لَا يُفْسِدُ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ وَنَحْوُهُ فِي الزَّرْقَانِيِّ. (ص) وَتَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّسْبِيحَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ عَرَضَتْ فِي الصَّلَاةِ لَا سُجُودَ فِيهِ   [حاشية العدوي] لِلتَّثَاؤُبِ وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَغَيْرُ مَطْلُوبٍ وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ أَمْ لَا وَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَسَدَّ بِيُمْنَى مُطْلَقًا بِظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَبِظَاهِرِ الْيُسْرَى لَا بِبَاطِنِهَا لِمُلَاقَاتِهَا الْأَنْجَاسِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَعَلَّ حُكْمَ السَّدِّ بِالْبَاطِنِ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ أَوْ نَفْثٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالنَّفْثِ إلَخْ وَالتَّقْدِيرُ وَالنَّفْثُ رِيحٌ بِغَيْرِ بُصَاقٍ هَذَا التَّعْرِيفُ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ النَّفْثُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ كَنَافِثِ عَجَمِ الزَّبِيبِ وَالتُّفْلُ بِالْبُصَاقِ اهـ. (قَوْلُهُ الْبُصَاقُ بِلَا صَوْتٍ) أَيْ: وَأَمَّا بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَيَسْجُدُ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا لَا مَأْمُومًا وَكَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفَادُ مِنْ عب وَمِمَّا كَتَبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ بِالثَّوْبِ إلَّا الْبُصَاقَ أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ الصَّادِقُ بِالْقَوْلَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ إنَّهُ وُفِّقَ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْفَرْضِ وَقَوْلُ ابْنِ شَبْلُونٍ فِي النَّفْلِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ) هَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ مُحْتَوٍ عَلَى قَوْلَيْنِ فَالْأَقْوَالُ خَمْسَةٌ وَلَا تَقُلْ: قَوْلُ بَعْضِهِمْ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِالنَّفْخِ بَلْ قَالَ رِيحٌ كَالنَّفْخِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ وَحُكْمُ النَّفْثِ الْجَوَازُ) أَيْ: فِي حَالَةِ الْعَمْدِ أَيْ حُكْمُ الْبُصَاقِ إذَا صَدَرَ عَمْدًا الْجَوَازُ. (قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبُصَاقِ) وَهُوَ «فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ أَيْ: فِي صَلَاتِهِ فَلِيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَالنَّفْخِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْبُصَاقِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ الْبَعْضِ أَنَّ النَّفْثَ نَفْخٌ لَطِيفٌ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ لِحَاجَةٍ. (قَوْلُهُ فَيَسْجُدُ بِسَبَبِهِ إنْ كَانَ سَهْوًا) أَيْ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا كَانَ عَمْدًا أَيْ: أَوْ جَهْلًا وَهَذَا إذَا كَانَ بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ بِلَا صَوْتٍ بِغَيْرِ حَاجَةٍ سَهْوًا لَا سُجُودَ فِيهِ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ مُتَعَمِّدًا وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ النَّفْثُ) أَيْ: الرِّيحُ (قَوْلُهُ الْبُخَارَاتِ إلَخْ) أَيْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَالدُّخَانِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَقِنَةِ) أَيْ الْمُجْتَمِعَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ جَمْعُ عَضَلَةٍ وَالْعَضَلَةُ كُلُّ لَحْمَةٍ مُجْتَمِعَةٍ مُكْتَنِزَةٍ فِي عَصَبَةٍ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ الْفَكِّ) اللَّحْيُ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ: التَّثَاوُبُ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ) أَيْ: امْتِلَاءُ الْمَعِدَةِ. (قَوْلُهُ الْكَرْمَانِيُّ) فِي اللُّبِّ الْكَرْمَانِيُّ بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةٌ إلَى كَرْمَانِ مَحَلَّةٌ بِنَيْسَابُورَ اهـ. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سَمْعَانَ تَصْحِيحُ فَتْحِهَا قَالَ الْعَيْنِيُّ وَقَدْ ضُبِطَ بِالْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ كَتَنَحْنُحٍ) وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» فَإِنْ كَانَ التَّنَحْنُحُ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ وُجُوبًا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَنَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْقِرَاءَةُ الْغَيْرُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ) فَقَدْ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَإِنْ فَعَلَ أَيْ: التَّنَحْنُحَ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ تَنَحْنَحَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا كَلَامًا مَنْهِيًّا عَنْهُ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ هُوَ مَا حَلَّ بِهِ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُهَا) أَيْ فَقَوْلُهُ وَلَوْ عَبَثًا يُقَيَّدُ بِمَا قَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 كَانَتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا أَوْ لَا وَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَذَكَرَ قَصْدَ التَّفْهِيمِ بِهِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَى مَا عَدَا التَّسْبِيحَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّسْبِيحِ فِي الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَضُعِّفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ بِحَدِيثِ التَّسْبِيحِ وَهُوَ قَوْلُهُ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» ؛ لِأَنَّ مَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَقَوْلُهُ: «إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ أَيْ: لِلَّفْظِ الْعَامِّ فَقَدَّمَ الظَّاهِرَ عَلَى الْمُحْتَمَلِ انْتَهَى، أَيْ: قَدَّمَ ظَاهِرَ مَنْ نَابَهُ إلَخْ عَلَى مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا وَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَمًّا وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ. ثُمَّ الْمُرَادُ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ وَلِذَا قَالَ (وَلَا يُصَفِّقْنَ) بِضَمِيرٍ جَمْعِ النِّسْوَةِ وَالْمُرَادُ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (ص) وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مِنْ مَأْمُومٍ لِإِمَامِهِ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَإِمَامٍ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَفْقَهْ التَّسْبِيحَ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ بَقِيَّتَهُمْ فَصَدَّقُوهُ أَوْ زَادَ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَمْ يَفْقَهْ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ كَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً فَلْيَدْنُ مِنْهُ وَيُخْبِرْهُ كَلَامًا ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُخْلِفَ سَاعَةَ دُخُولِهِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِمَا صَلَّى الْإِمَامُ السُّؤَالُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ وَمِنْ إمَامٍ بَعْدَ سَلَامٍ   [حاشية العدوي] وَإِلَّا أَبْطَلَ إذْ فِعْلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا كَثِيرُهُ. (قَوْلُهُ كَانَتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا) كَقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ لِيُنَبِّهَ إمَامَهُ عَلَى سَهْوِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي حُفْرَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ) أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ لِمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ سُبْحَانَ اللَّهِ. (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ إلَخْ) فَيُقَالُ قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ تَسْبِيحٌ (قَوْلُهُ وَضُعِّفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ) أَيْ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ» (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَضُعِّفَ وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تَقْتَضِي التَّضْعِيفَ وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ قُلْت الْقَاعِدَةُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ فَالْقِيَاسُ إخْرَاجُ النِّسَاءِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَيُصَفِّقْنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ مَالِكًا ضَعَّفَ الْعَمَلَ بِالتَّصْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْلَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ حَدِيثُ هَيْئَةِ التَّصْفِيقِ وَإِنْ كَانَ صَحَّحَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِيهِ قَادِحٌ لَمْ يَرَهُ الْمُصَحِّحُ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا التَّصْفِيقُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَلْصِقِهِ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عب فَقَالَ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَضَعَّفَ مَالِكٌ أَمْرَ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ بِحَدِيثِ التَّسْبِيحِ إلَخْ هُوَ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» وَمَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ. (قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ) أَيْ ذَمِّ النِّسَاءِ بِارْتِكَابِهِنَّ التَّصْفِيقَ وَتَرْكِ التَّسْبِيحِ ثُمَّ إنَّ فِي هَذَا شَيْئًا وَهُوَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ يُفَسِّرُ بَعْضَهَا بَعْضًا وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الذَّمَّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ إلَخْ) أَيْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ عَبَثًا لَا لِحَاجَةٍ لَهُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَكَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَصْلًا لَمْ يَضُرَّ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ كَذَلِكَ أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَا قَالَ وَلَا يُصَفِّقْنَ بِضَمِيرِ جَمْعِ النِّسْوَةِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ الْمُصَلِّي أَيْ: مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْأَةِ جِنْسُ الْمَرْأَةِ الْمُصَلِّيَةُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يُصَفِّقْنَ مُرَادًا مِنْهُ الْمُصَلِّيَةُ مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَصِيغَةُ الْجَمْعِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَتَكَلَّمُ عَلَى الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ أَنَّ التَّصْفِيقَ مَكْرُوهٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك، فَإِنْ قُلْت: إنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ عَلَى مَا فِيهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ جَهْرِهَا بِالصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَبِالْإِقَامَةِ وَلَعَلَّهُ لِلضَّرُورَةِ هُنَا وَالْمُخْتَارُ فِي لَفْظِ التَّسْبِيحِ سُبْحَانَ اللَّهِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ» وَصِفَةُ التَّصْفِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَنْ تَضْرِبَ بِظُهْرِ أُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى بَاطِنِ كَفِّهَا الْيُسْرَى، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّسْبِيحَ مُسْتَحَبٌّ وَغَيْرَهُ مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ جَائِزٌ عج (قَوْلُهُ وَكَلَامٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ أَوْ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّأْنَ فِي الْعَمْدِ عَدَمُ السُّجُودِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ السُّجُودُ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَلَا خَلَلَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا غَيْرَ أَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفْيِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) أَيْ وَقَبْلَ السَّلَامِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّف بَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ (قَوْلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ) تَمْثِيلٌ لِمَا إذَا وَقَعَ الْكَلَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّ هَذَا مُحْتَوٍ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَفْقَهْ التَّسْبِيحَ) أَيْ بِالتَّسْبِيحِ (قَوْلُهُ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِذَلِكَ قَالَ فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَفْقَهْ أَيْ فَسَبَّحُوا لَهُ وَلَمْ يَفْقَهْ بِهِ (قَوْلُهُ فَلْيَدْنُ مِنْهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ مَعَ أَنَّهُ شَرَطَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنْ لَا يَفْهَمَ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بِتَرَاجُعِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِإِرَاءَةِ النَّجَاسَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْفَى وَيُلْحَقُ مَا لَمْ يَخْفَ بِمَا خَفِيَ فَإِنْ قُلْت: هَلَّا اُكْتُفِيَ بِالْإِخْبَارِ بِدُونِ الدُّنُوِّ؟ قُلْت: إنَّهُ عِنْدَ الدُّنُوِّ لَا يُحْتَاجُ لِرَفْعِ صَوْتٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ السُّجُودِ شُرُوطٌ أَنْ لَا يُفْهَمَ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بِتَرَاجُعِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَنَشَأَ شَكُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ. (قَوْلُهُ يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُخْلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَأْمُومٌ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ فَيُكَلِّمُهُمْ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: كَمْ صَلَّى؟ وَلَمْ يَقُلْ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَيْسَ بِمَحَلِّ تَسْبِيحٍ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ: إذَا أَشَارَ لَهُمْ فَأَشَارُوا إلَيْهِ وَلَمْ يَفْهَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا التَّمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ بَعْدَهُ كَانَ سَلَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَالْمَشْهُورُ مَنْعُ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الشَّكِّ مُخَاطَبٌ بِالْيَقِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ السُّؤَالُ حَيْثُ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ قَبْلَ سَلَامِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ وَكَذَا مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ سَأَلَ بِالْكَلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا نَصَّ عَلَى عَدَمِ السُّجُودِ فِي الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ السَّلَامِ لِإِصْلَاحِهَا لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ. (ص) وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ لَا غَيْرَهُ مِنْ فَذٍّ وَمَأْمُومٍ إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ مِنْ مَأْمُومِيهِ بِالْإِتْمَامِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا فِيمَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا فِيهِ رَجَعَ لِيَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُمَا وَلَا وَلِأَكْثَرَ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَتْرُكُ يَقِينَهُ وَيَرْجِعُ لَهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوهُ بِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ. وَتَقْرِيرُنَا صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ الْعَدْلَانِ بِالتَّمَامِ هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَيَقُّنِهِ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ النَّقْصِ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَارَ شَاكًّا فِي النَّقْصِ بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ أَوْ لَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ نَفْسِهِ بِلَا إخْبَارِ أَحَدٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ عَدَالَةٌ وَلَا أَنْ يَكُونُوا مَأْمُومِينَ حِينَئِذٍ. (ص) وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ مُبَشَّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا حَمِدَ لِعُطَاسِهِ أَوْ بِشَارَةٍ بُشِّرَ بِهَا أَوْ اسْتَرْجَعَ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا لَا سُجُودَ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] بِالْإِشَارَةِ هَذَا إذَا قُرِئَ يَفْهَمُ مَنْ فَهِمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ إذَا لَمْ يُفْهِمْ مِنْ أَفْهَمَ أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إفْهَامُهُمْ السُّؤَالَ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ) مِنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَيْ: فَيَسْأَلُ غَيْرَهُمْ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ مَأْمُومِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضِهِمْ أَيْ: يَسْأَلُ بَقِيَّتَهُمْ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إمَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلرَّدِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ لَا يَكُونُ بِنَفْيِ السُّجُودِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِثْبَاتِ الْجَوَازِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ حَدِيثَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الْكَلَامَ وَالْحَدِيثُ هُوَ «أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» . (قَوْلُهُ مِنْ فَذٍّ وَمَأْمُومٍ) فَالْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ يَعْمَلَانِ عَلَى مَا قَامَ عِنْدَهُمَا كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَنْظُرَانِ لِقَوْلِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَيَرْجِعُ لَهُ وَيَتْرُكُ يَقِينَهُ (قَوْلُهُ مِنْ مَأْمُومِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الصَّلَاةِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ س فِي شَرْحِهِ وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مَأْمُومِيهِ أَمْ لَا وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ قَالَ فِي ك وَعَلَيْهِ يَنْظُرُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ وَكَذَا يَرْجِعُ لَهُمَا إنْ أَخْبَرَاهُ بِنَقْصٍ وَهُوَ مُسْتَنْكَحٌ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا) أَيْ: بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ هُنَا الْجَزْمُ لَا الْعِلْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ فَالْأَوْضَحُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ بَيَانًا لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا (قَوْلُهُ رَجَعَ لِيَقِينِهِ) فَإِنْ عَمِلَ عَلَى كَلَامِهِمَا وَكَلَامِ نَحْوِهِمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ثُمَّ إذَا عَمِلَ عَلَى يَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لِقَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ فَعَلَا مَعَهُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَيَا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ وَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ فَكَإِمَامٍ لِخَامِسَةٍ فَيَأْتِي فِيهَا تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ) هَذَا التَّعْمِيمُ مُحَقَّقٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا جِدًّا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ أَخْبَرُو بِالتَّمَامِ أَوْ أَخْبَرُوا بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ تَيَقَّنَ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ أَوْ شَكَّ. (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ إلَخْ) فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ حَيْثُ تَعْدَادُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ وَهِيَ أَنَّك تَقُولُ: إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَ خَبَرِهِمَا بَلْ شَكَّ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ أَوْ بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَخْبَرَاهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ مُنْقَطِعٌ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ تَيَقَّنَ لَمْ يَرْجِعْ لِعَدْلَيْنِ وَلَا لِأَكْثَرَ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا. (قَوْلُهُ لِعُطَاسِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ مَصْدَرٌ كَمَا هُوَ مُفَادُهُ فَهُوَ أَحَدُ الْمَصْدَرَيْنِ لِعَطَسَ وَالثَّانِي عَطْسٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الطَّاءِ إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ وَالْعُطَاسُ بُخَارٌ فَيُنَافِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بُخَارٌ أَيْ: ذُو بُخَارٍ (قَوْلُهُ أَوْ بِشَارَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِعُطَاسِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْحَمْدِ وَاقِعًا مِنْ الْمُبَشَّرِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَبِشَارَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفِعْلُ بَشَّرَ وَالْمَصْدَرُ التَّبْشِيرُ، وَقَوْلُهُ بُشِّرَ بِهَا أَيْ: بِمُتَعَلِّقِهَا أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامًا أَطْلَقَ الْبِشَارَةَ أَوَّلًا بِمَعْنَى التَّبْشِيرِ، ثُمَّ رَجَعَ الضَّمِيرُ لَهَا بِمَعْنَى الْمُبَشَّرِ بِهِ، ثُمَّ إنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةً إلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ أَيْ بِعِلِّيَّةِ الْمَأْخَذِ الَّذِي هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ الْحَمْدِ سِرًّا وَجَهْرًا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْرَأَ مُبَشَّرٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْبِشَارَةُ لِلْحَامِدِ فَقَطْ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَلْ الْحَمْدُ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي وَالْعُطَاسُ بُخَارٌ يَطْلُعُ بِسُرْعَةٍ مِنْ الْخَيْشُومِ يَنْدَفِعُ بِهِ مَضَرَّةٌ. (ص) وَلَا لِجَائِزٍ كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ أَوْ حَاجَةٍ (ش) يَعْنِي وَلَا سُجُودَ فِي ارْتِكَابِ جَائِزٍ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ لِنَفْسِهِ لَا لِإِصْلَاحِهَا فَمِنْ ذَلِكَ الْإِنْصَاتُ الْيَسِيرُ لِسَمَاعِ مُخْبِرٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ طَالَ الْإِنْصَاتُ جِدًّا أَبْطَلَ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ إنْ كَانَ سَهْوًا وَالطُّولُ وَالْقِلَّةُ وَالتَّوَسُّطُ بِالْعُرْفِ كَذَا يَنْبَغِي وَمِنْ ذَلِكَ تَرْوِيحُ الرِّجْلَيْنِ وَلَمَّا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى رِجْلٍ وَرَفْعُ الْأُخْرَى احْتَاجَ لِمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ طُولٌ إذْ هُوَ مَعَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إحْدَى الرِّجْلَيْنِ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْأُخْرَى وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ مَا يُحَاذِرُ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ قَتْلُهُ لَهَا وَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ وَيُكْرَهُ قَتْلُ مَا عَدَا الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مِنْ طَيْرٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ ذَرَّةٍ أَوْ نَحْلَةٍ أَوْ بَعُوضَةٍ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا فِيهِ شُغْلٌ كَثِيرٌ ثُمَّ الْمُرَادُ بِإِرَادَةِ الْعَقْرَبِ لَهُ أَنْ تَأْتِيَ مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّهَا عَمْيَاءُ لَا تَقْصِدُ أَحَدًا وَلِأَنَّ الْإِرَادَةَ مِنْ صِفَاتِ الْعُقَلَاءِ وَمِنْ ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ لِسَلَامٍ رَدًّا وَابْتِدَاءً قَالَهُ سَنَدٌ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِوُجُوبِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلْيَرُدَّ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ أَيْ لِرَدِّ سَلَامٍ لَا ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَتَرْكُهُ عِنْدِي صَوَابٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْجَائِزِ اهـ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الْإِشَارَةِ لِلْحَاجَةِ رَدًّا وَطَلَبًا ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِمُخْبِرٍ بِالْكَسْرِ اسْمُ فَاعِلٍ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْإِنْصَاتُ مِنْ الْمُخْبَرِ بِالْفَتْحِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ قُرِئَ بِالْفَتْحِ فَلَا يَشْمَلُ الثَّانِيَ وَقَيَّدْنَا الْجَائِزَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِنَا فِي   [حاشية العدوي] الْمَصْدَرُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي عُطَاسٍ وَأَمَّا بِشَارَةٌ فَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ بَشَّرَ التَّبْشِيرُ وَيُجَابُ بِأَنَّ اسْمَ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ الْحَمْدِ) وَكَذَا تَرْكُ الِاسْتِرْجَاعِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أُخْبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يَسُرُّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَوْ بِمُصِيبَةٍ فَاسْتَرْجَعَ أَوْ بِشَيْءٍ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوْ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ فَلَا يُعْجِبنِي وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ. (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْرَأَ مُبَشِّرٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ يُحْتَمَلُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا حَلٌّ آخَرُ غَيْرُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِشَارَةٍ بُشِّرَ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ فَالْأَوْضَحُ لِقَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَأَ أَنْ يَقُولَ أَوَّلًا بَدَلَ قَوْلِهِ بِشَارَةٍ إلَخْ أَوْ بِشَارَةِ مُبَشِّرٍ بِكَسْرِ الشِّينِ كَانَتْ الْبِشَارَةُ لِلْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي) قَوْلُهُ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ أَوْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَجْهُهُ أَنَّ نَفْيَ الْعَجَبِ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالْحُرْمَةَ وَهِيَ لَا تُتَوَهَّمُ فَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ الْكَرَاهَةُ. (فَإِنْ قُلْت) مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى (قُلْت) إنَّ أَلْفَاظَ الْإِمَامِ أَوْ تَابِعِهِ بِمَنْزِلَةِ أَلْفَاظِ الشَّارِعِ وَالنَّفْيُ بِمَنْزِلَةِ النَّهْيِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالنَّهْيِ بَلْ إنَّمَا أَخَذَ مِنْ لَفْظِ الْأَوَامِرِ بِالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ الْخَيْشُومِ) أَقْصَى الْأَنْفِ. (قَوْلُهُ وَإِشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ) أَيْ وَأَمَّا الرَّدُّ بِاللَّفْظِ فَيُبْطِلُ عَمْدًا وَجَهْلًا لَا سَهْوًا فَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ لَا لِإِصْلَاحِهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ جَائِزٌ لِفِعْلِهِ لِأَجْلِ حَاجَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ الْإِنْصَاتُ جِدًّا أَبْطَلَ صَلَاتَهُ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ: إنْ كَانَ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الِاعْتِمَادُ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِالطُّولِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ) الْحَيَّةُ تَكُونُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْهَاءُ لِلْإِفْرَادِ كَبَغْلَةٍ وَدَجَاجَةٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ الْعَرَبِ رَأَيْت حَيًّا عَلَى حَيَّةٍ أَيْ ذَكَرًا عَلَى أُنْثَى قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْعَقْرَبُ يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ وَالْأُنْثَى عَقْرَبَةٌ وَعَقْرَبَاءُ مَفْتُوحٌ مَمْدُودٌ غَيْرُ مَصْرُوفٍ وَالذَّكَرُ عُقْرُبَانٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ. (قَوْلُهُ وَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ كَمَا يُفِيدُهُ عج وَتَبِعَهُ عب وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ السُّجُودُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ عَلَى سُنَنٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخِلَافُ مَعَ السَّهْوِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَوَجَبَ فِعْلُهُ بِقَتْلِ حَيَّةٍ أَرَادَتْهُ وَلَمْ يَسْجُدْ وَإِذَا كَرِهَ قَتْلَهَا وَلَمْ تُرِدْهُ فَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ اهـ. فَهَذَا ظَاهِرٌ ظُهُورًا قَوِيًّا فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي السُّجُودِ فِي حَالَةِ الْكَرَاهَةِ وَلَا تُوجَدُ الْكَرَاهَةُ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ بِأَنَّ السَّهْوَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلسُّجُودِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِثْلُ الطُّولِ فِي مَحَلٍّ لَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ بَلْ فَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ عَمْدًا فِيهِ السُّجُودُ. (قَوْلُهُ أَوْ ذَرَّةٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الذَّرُّ جَمْعُ ذَرَّةٍ وَهِيَ أَصْغَرُ النَّمْلِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْلَةٍ) الْوَاحِدَةُ مِنْ النَّحْلِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعُوضَةٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَالْبَعُوضُ الْبَقُّ الْوَاحِدَةُ بَعُوضَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِرَادَةَ مِنْ صِفَاتِ الْعُقَلَاءِ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْعُقَلَاءَ مُطْبِقُونَ عَلَى وَصْفِ الْحَيَوَانِ بِأَنَّهُ الْمُتَحَرِّكُ بِالْإِرَادَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ إنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ بِوُجُوبِهِ) أَيْ: الرَّدِّ وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الْإِشَارَةِ لِلْحَاجَةِ رَدًّا وَطَلَبًا) إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالْخَفِيفِ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْإِنْصَاتُ إلَخْ) أَيْ: وَتُجْعَلُ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ قُرِئَ بِالْفَتْحِ إلَخْ) وَاللَّامُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِنْصَاتٍ وَاقِعٍ مِنْ مُخْبَرٍ أَوْ ثَابِتٍ لِمُخْبِرٍ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 أَوَّلِ حَلِّهَا لِنَفْسِهِ لَا لِإِصْلَاحِهَا احْتِرَازًا عَمَّا سَبَقَ مِنْ الْجَائِزِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ لِلْإِصْلَاحِ كَالْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ وَالتَّسْبِيحِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَا لِجَائِزٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مَعَ الْجَائِزِ مِنْ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا مَطْلُوبٌ كَمَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ إلَخْ مَكْرُوهٌ. (ص) لَا عَلَى مُشَمِّتٍ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ الْجَوَازِ أَيْ: لَا الرَّدِّ عَلَى مُشَمِّتٍ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: يُكْرَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ: إشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ لَا إشَارَةٍ لِلرَّدِّ عَلَى مُشَمِّتٍ أَيْ: فَلَيْسَ مِنْ الْجَائِزِ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ شَمَّتَهُ إشَارَةً كَانَ فِي فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ اهـ الْوَانُّوغِيُّ وَفِي تَصْوِيرِ التَّشْمِيتِ عَلَى الْمَشْهُورِ عُسْرٌ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ سَمَاعِ الْحَمْدِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَحْمَدُ فَكَيْفَ يَرُدُّ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إذَا عَطَسَ وَحَمِدَ جَهْرًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ فَشَمَّتَهُ صَدَقَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَرُدَّ اهـ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ كَرِهْتُمْ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشَمِّتِ فِي النَّافِلَةِ وَأَجَزْتُمْ حِكَايَةَ الْأَذَانِ فِيهَا قِيلَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ وَالتَّشْمِيتُ قَوْلُ مَنْ سَمِعَ حَمْدَ الْعَاطِسِ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ مِنْ السَّمْتِ وَهُوَ الْهُدَى أَيْ: جَعَلَك اللَّهُ عَلَى هُدًى وَسَمْتٍ حَسَنٍ وَبِالْمُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ أَبْعَدَ اللَّهُ عَنْك الشَّمَاتَةَ {فَائِدَةٌ} أَوَّلُ مَنْ عَطَسَ آدَم وَهُوَ مِنْ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ مُخَفَّفًا عَلَى وَزْنِ تَفَاعُلٍ وَلَا يُقَالُ تَثَاوُبٌ بِالْوَاوِ قَالَهُ الْجَوَاهِرِيُّ وَقَالَ عِيَاضٌ يُقَالُ تَثَاوَبَ بِالْوَاوِ تَثَاوُبًا وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّثَاؤُبُ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ يُقَالُ تَثَاءَبَ تَثَاؤُبًا إذَا فَتَحَ فَاهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَتَوَّبَ إذَا أَصَابَهُ الْكَسَلُ وَهُوَ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ أَوْ يَشْرَبُهُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ فَتْرَةً كَفَتْرَةِ النُّعَاسِ. وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ قِيلَ إنَّ الْعُطَاسَ مِنْ اللَّهِ وَمَعْنَاهُ مِنْ حَيِّزِ الْخَيْرِ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ الدِّمَاغَ وَيُسَهِّلُ بَعْضَ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْفَالِجِ وَالسُّعَالُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْبَرَصِ وَالزُّكَامُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْجُذَامِ وَالرَّمَدُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْعَمَى» وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ عَاطِسًا فَسَبَقَهُ بِالْحَمْدِ كَانَ آمِنًا مِنْ الشَّوْصِ وَرَأَيْت فِي جِدَارِ زَمْزَمَ مَكْتُوبًا مَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ عِنْدَ عُطَاسِهِ أَمِنَ مِنْ قَلْعِ أَضْرَاسِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ «الدُّعَاءَ عِنْدَ الْعُطَاسِ مُسْتَجَابٌ» وَقَدْ شَرَدَ عَنِّي مَحَلُّ نَقْلِهِ فَابْحَثْ عَنْهُ اهـ قُلْت   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْإِصْلَاحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَيْ: بَعْضُ الَّذِي تَقَدَّمَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ لِلْإِصْلَاحِ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ مَا تَقَدَّمَ جَائِزٌ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا بَعْضُهُ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ) يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْجَوَابِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ مَعَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُرَادٌ بِهِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ حَيْثِيَّةُ الِاسْتِوَاءِ لَيْسَتْ مُرَادَةً الثَّانِي أَنَّهُ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ إذَا أَرَادَتْهُ. (قَوْلُهُ هَذَا مُخْرَجٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي دُخُولَ الشَّيْءِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْمُشَمَّتِ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ احْتِمَالًا مَنْظُورًا فِيهِ لِلظَّاهِرِ بَقِيَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: مُخْرَجٍ مِنْ ذِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ بَعْضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّسَامُحِ فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِشَارَةُ (قَوْلُهُ فِي تَصْوِيرِ) الْمُرَادُ بِهِ التَّصْدِيقُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ الْحَمْدُ قِيلَ سِرًّا وَجَهْرًا. (قَوْلُهُ عُسْرٌ) أَرَادَ بِهِ التَّعَذُّرَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ عَدِمَ التَّعَسُّرَ بِالنِّسْبَةِ لِحَالَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ) فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَحَمِدَ قُلْنَا: إنَّ حَمْدَ الْعَاطِسِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَهُوَ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَتَشْمِيتُهُ عَدَمٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ رَدًّا وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ رَدِّ السَّلَامِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: مِنْ قَبِيلِ الْمُحَادَثَةِ. (قَوْله وَسَمْتٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالسَّمْتُ هُوَ الْهَيْئَةُ فَإِنْ قُلْت أَيُّ مُنَاسَبَةٍ فِي الدُّعَاءِ بِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّ الْعَاطِسَ حِينَ عُطَاسِهِ تَتَغَيَّرُ هَيْئَتُهُ (قَوْلُهُ الشَّمَاتَةَ) أَيْ: فَرَحَ الْأَعْدَاءِ بِبَقَاءِ تَغَيُّرِ هَيْئَتِك الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْعَاطِسِ. {تَنْبِيهٌ} : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الشَّيْنُ الْمُعْجَمَةُ أَعْلَى فِي كَلَامِهِمْ وَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ أَوَّلُ مَنْ عَطَسَ آدَم) بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ (قَوْلُهُ وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ) أَيْ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ الشَّرِّ أَوْ أَصْلُ سَبَبِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقُ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ هَذِهِ) أَيْ: وَأَخْذُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ (قَوْلُهُ فَتْرَةٌ) هِيَ الِانْكِسَارُ وَالضَّعْفُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَيُسَهِّلُ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ بَعْضَ الْعِبَادَاتِ) مَصْدُوقُ الْبَعْضِ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى فِكْرَةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا نَحْوُ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ عِرْقَ الْفَالِجِ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِعِرْقِ الْفَالِجِ مُدَّةً فِي الْعِرْقِ يَنْشَأُ مِنْهَا هَذَا الْفَالِجُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْفَالِجُ مَرَضٌ يَحْدُثُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا فَيُبْطِلُ إحْسَاسَهُ وَحَرَكَتَهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الشِّقَّيْنِ وَيَحْدُثُ بَغْتَةً اهـ. (قَوْلُهُ «وَالرَّمَدُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْعَمَى» ) وَكَانَ الْعَمَى الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ حُصُولِ الرَّمَدِ لِأُمُورٍ تَعْرِضُ إذْ ذَاكَ وَإِلَّا فَالرَّمَدُ سَبَبٌ فِي جَلَاءِ الْبَصَرِ حَسْبَ مَا قَالَ (قَوْلُهُ وَقَدْ شَرَدَ عَنِّي مَحَلُّ نَقْلِهِ) شَرَدَ مِنْ بَابِ دَخَلَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَصْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْمَذْكُورُ ثَلَاثٌ أَوَّلُهَا وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ إلَخْ الثَّانِي وَرَأَيْت فِي جِدَارِ زَمْزَمَ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ الْعُطَاسِ مُسْتَجَابٌ إلَخْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 حَدِيثُ اللَّوْصِ رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بِلَفْظٍ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَاللَّوْصِ وَالْعِلَّوْصِ» وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَجَعُ الضِّرْسِ وَقِيلَ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ وَالثَّانِي وَجَعُ الْأُذُنِ وَقِيلَ وَجَعُ الْمُخِّ وَالثَّالِثُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الثَّقِيلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ مِنْ التُّخَمَةِ وَحَدِيثُ الْعَاطِسِ خَرَّجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَادِ وَأَبُو عَلِيٍّ وَلَفْظُهُ «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حَقٌّ» وَخَرَّجَهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ إنَّهُ مُنْكَرٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَهُ أَصْلٌ أَصِيلٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مَرْفُوعًا «أَصْدَقُ الْحَدِيثِ مَا عُطِسَ عِنْدَهُ» وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَمُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْعُطَاسُ عِنْدَ الدُّعَاءِ» قَالَهُ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ. (ص) كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ السُّجُودِ لَا فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْهُ غَلَبَةً فَلَا يَتَّصِفُ بِجَوَازٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلِذَا حَسَنُ التَّشْبِيهُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ دُونَ الْعَطْفِ فَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ، وَأَمَّا الْبُكَاءُ الْمَسْمُوعُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ يُلْحَقُ بِالْكَلَامِ فَيُبْطِلُ عَمْدُهُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ غَلَبَةً وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ. (وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) وَالْمُرَادُ بِالتَّخَشُّعِ الْخُشُوعُ فَلَيْسَ التَّفَعُّلُ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إظْهَارُ التَّخَشُّعِ فِي الصَّلَاةِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِالْغَلَبَةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْأَنِينِ وَالْبُكَاءِ أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ أَنَّ لِغَيْرِ وَجَعٍ أَوْ بَكَى لِغَيْرِ الْخُشُوعِ كَمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَكَالْكَلَامِ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَكَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ. (ص) كَسَلَامٍ عَلَى مُفْتَرِضٍ (ش) أَيْ: وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي فِي فَرْضٍ وَلَا نَافِلَةٍ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا فِي الْجَوَازِ الْمَنْفِيِّ عَنْهُ السُّجُودُ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِمُصَلٍّ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَلِذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ مَا سَلَكَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ تَرْكِ الْعَاطِفِ وَلَوْ قَالَ عَلَى مُصَلٍّ بَدَلَ مُفْتَرِضٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ. (ص) وَلَا لِتَبَسُّمٍ (ش) أَيْ: لَا سُجُودَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ التَّبَسُّمَ حَرَكَةُ الشَّفَتَيْنِ فَهُوَ كَحَرَكَةِ الْأَجْفَانِ وَالْقَدَمَيْنِ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ انْبِسَاطُ الْوَجْهِ وَاتِّسَاعُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى مِنْ غَيْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ حَدِيثُ اللَّوْصِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَدِيثُ الشَّوْصِ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ «كَانَ آمِنًا مِنْ الشَّوْصِ» . (قَوْلُهُ فِي الْبَطْنِ) أَيْ: وَإِذَا كَانَ الْوَجَعُ فِي الْبَطْنِ فَالْبَطْنُ مَوْجُوعَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ التُّخَمَةِ) مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ الْعُطَاسِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ شَأْنَ مَا كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ حَقًّا أَنْ يُسْتَحَبَّ عِنْدَهُ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ الْأَفْرَادِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ فَرْدٍ (قَوْلُهُ أَصِيلٌ) تَأْكِيدٌ لِأَصْلٍ أَيْ: أَصْلٍ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ شَوَاهِدُ) جَمْعُ شَاهِدٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُوَافِقُ فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَوَاهِدَ جَمْعٌ وَهَذَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْجِنْسَ (قَوْلُهُ عُطِسَ عِنْدَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ) اسْمُ كِتَابٍ. (قَوْلُهُ كَأَنِينٍ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالْأَنِينِ بِقَيْدِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْأَصْوَاتِ الْمُلْحَقَةِ بِالْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ) عِبَارَتُهُ صَوَابُهُ وَكَأَنِينٍ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى كَإِنْصَاتٍ إذْ هُوَ مِمَّا انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ اهـ. وَحَاصِلُ رَدِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْجَائِزِ، وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّ هَذَا الْأَنِينَ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْمَرِيضِ تَارَةً يَصِلُ إلَى حَدِّ الْغَلَبَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْمَلْجَأِ الِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَتَارَةً يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارٌ فِيهِ أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ) أَيْ: لَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْطُوقَ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ غَلَبَةً) وَأَمَّا إذَا كَانَ اخْتِيَارًا فَيُبْطِلُ وَسَكَتَ عَنْ السَّهْوِ فَهَلْ كَالْغَلَبَةِ لَا سُجُودَ فِيهِ أَوْ فِيهِ السُّجُودُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) أَيْ: فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَلَبَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَكَالْكَلَامِ كَانَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ وَكَانَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِالْغَلَبَةِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ) أَيْ: فَإِذَا كَانَ عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَكَذَا إنْ كَانَ غَلَبَةً (قَوْلُهُ وَكَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ) أَيْ: وَكَثِيرُ السَّهْوِ وَقَلِيلُهُ فَإِذَا كَانَ كَثِيرُ السَّهْوِ فَيُبْطِلُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلُهُ لَا يُبْطِلُ. {تَنْبِيهٌ} : هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا صَوْتَ فِيهِ لَا يُبْطِلُ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً تَخَشُّعًا أَمْ لَا وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الِاخْتِيَارِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُكَاءَ إنْ حَصَلَ بِلَا صَوْتٍ لَا يُبْطِلُ مُطْلَقًا اخْتِيَارِيًّا أَوْ غَلَبَةً تَخَشُّعًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِيِّ، وَأَمَّا بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَبْطَلَ مُطْلَقًا كَانَ لِتَخَشُّعٍ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً إنْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ لَمْ يُبْطِلْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَ شَرْحُ عب وَسَكَتَ عَنْ السَّهْوِ وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ إلَخْ) صَادِقٌ بِالسُّنَّةِ وَالْجَوَازِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إشْغَالًا. . (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ) وَيَنْبَغِي إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْيَسِيرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَ سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ حَيْثُ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَهَا فَلَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَإِنْ تَوَسَّطَ سَجَدَ فِي سَهْوِهِ كَمَا يَنْبَغِي وَانْظُرْ إذَا كَانَ عَمْدًا كَمَا فِي ك وَالشَّأْنُ أَنَّ مَا كَانَ السُّجُودُ فِي سَهْوِهِ فَالْبُطْلَانُ فِي عَمْدِهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَيْخَنَا عَبْدَ اللَّهِ كَتَبَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْبُطْلَانُ مُعَلِّلًا بِتِلْكَ الْعِلَّةِ (قَوْله بِأَنَّهُ انْبِسَاطٌ إلَخْ) لَيْسَ هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ بَلْ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى) كَأَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 صَوْتٍ وَقِيلَ هُوَ أَوَّلُ الضَّحِكِ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل: 19] فَتَبَسَّمَ سُلَيْمَانُ ابْتِدَاءً ضَاحِكًا انْتِهَاءً مِنْ قَوْلِهَا أَيْ النَّمْلَةِ {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} [النمل: 18] إلَخْ. (ص) وَفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ (ش) أَيْ: فَلَا سُجُودَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ سَهْوًا وَتَقَدَّمَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ بِلَا حَاجَةٍ الْجَوَازُ مَعَهَا. (ص) وَتَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي ذَلِكَ قَالَ فِيهَا إنْ ابْتَلَعَ حَبَّةً بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيُحْتَمَلُ الْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلِذَلِكَ طُولِبَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ خَشْيَةَ التَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّي بِمَا يَبْقَى بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الصَّوْمُ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَضْغَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ كَبَلْعِهِ بِلَا مَضْغٍ، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَبَّةً مِنْ الْأَرْضِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي وَكَذَا فِي الصَّوْمِ عَلَى مَا بَحَثَ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ نَاجِي أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي الصَّوْمِ فِي فِعْلِ ذَلِكَ سَهْوًا وَهُوَ الْكَفَّارَةُ فِي فِعْلِهِ عَمْدًا. (ص) وَحَكِّ جَسَدِهِ (ش) أَيْ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَهَذَا إذَا كَانَ يَسِيرًا جِدًّا وَفَوْقَهُ يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يُبْطِلُ مُطْلَقًا. (ص) وَذِكْرٍ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا قَصَدَ بِالذِّكْرِ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ كَاسْتِئْذَانٍ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ لِقَصْدِ الْإِذْنِ لَهُ أَوْ رَفَعَهُ بِتَكْبِيرٍ أَوْ تَحْمِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ مَا عَدَا التَّسْبِيحَ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِيُوقِفَ الْمُسْتَأْذِنَ أَوْ قَصَدَ أَمْرًا غَيْرَهُ كَأَخْذِهِ كِتَابًا وَهُوَ يَقْرَأُ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ لَيُنَبِّهَ عَلَى مُرَادِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ بَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّسْبِيحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَعْنَى تَجَرُّدِهِ لِلتَّفْهِيمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْرَأْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ اهـ زَادَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ اسْتِئْذَانَ الْمُسْتَأْذِنِ عَلَى الْمُصَلِّي فَرَاغَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَشَرَعَ يَقْرَأُ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] قَاصِدًا بِهِ التَّفْهِيمَ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ قَصَدَ قِرَاءَةَ هَذِهِ الْآيَةِ أَمْ لَا فَالْمُوَافِقُ لِهَذَا أَنْ يُفَسِّرَ قَوْلَهُ بِمَحَلِّهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ أَوْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَتِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ بِأَنْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِهِ لِلسَّبِيبَةِ وَفِي بِمَحَلِّهِ لِلظَّرْفِيَّةِ وَالضَّمِيرُ فِيهِمَا رَاجِعٌ لِلذِّكْرِ. (ص) كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الذِّكْرِ الَّذِي قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ إنْ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَفْتَحُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَجِبُ وَمَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ هُوَ غَيْرُ الْإِمَامِ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُصَلِّيًا أَوْ تَالِيًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ أَوَّلُ الضَّحِكِ) أَيْ: قَبْلَ الضَّحِكِ (فَإِنْ قُلْت) مَا الْمَانِعُ لَك مِنْ أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُ أَوَّلُ الضَّحِكِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الضَّحِكِ (قُلْت) الْمَانِعُ لَهُ قَوْلُهُ وَمَعْنَى إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ) أَقُولُ لَا يُتَوَهَّمُ السُّجُودُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْقَعَةَ وَالِالْتِفَاتَ إنْ كَثُرَ أَبْطَلَ مُطْلَقًا وَإِذَا تَوَسَّطَ أَبْطَلَ عَمْدُهُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْيَسِيرِ. (قَوْلُهُ وَتَعَمُّدِ بَلْعِ) وَمِثْلُ بَلْعِ مَا بَيْنَهَا بَلْعُ تِينَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ لُقْمَةٍ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِفَمِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَضْغُ التِّينَةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا؛ لِأَنَّ الْمَضْغَ لَا يُغْتَفَرُ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَمَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي تَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ فِيهِ أَنَّ الْعَمْدَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ السُّجُودُ حَتَّى يُنْفَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَعَمُّدُهُ فِي ذَاتِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ اللَّفْظِ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ عَمْدَهُ مِثْلُ الطُّولِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِعَمْدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى السَّهْوِ وَإِذَا تَغَيَّرَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ دَمِ اللِّثَةِ فَلَا يَجُوزُ بَلْعُهُ. (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ طُولِبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَمُّدَ بَلْعِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالْأَكْلِ يُتَوَهَّمُ الْبُطْلَانُ فِي عَمْدِهِ وَالسُّجُودُ فِي سَهْوِهِ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا سُجُودَ، وَطَلَبُ السِّوَاكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ خَشْيَةُ التَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّي بِمَا يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْقُوَّةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَلَكُ الَّذِي يَضَعُ فَاهُ عَلَى فَمِ قَارِئِ الْقُرْآنِ. (قَوْلُهُ يَسِيرًا جِدًّا) الْأَوْلَى حَذْفُ جِدًّا (قَوْلُهُ وَفَوْقَهُ يُبْطِلُ عَمْدُهُ) أَيْ: وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يُبْطِلُ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي عب. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَخْ) لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّفْهِيمَ بِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ تَسْبِيحًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ مَا عَدَا التَّسْبِيحَ) أَيْ: لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ بَلْ مَحَلُّهُ جَمِيعُ الصَّلَاةِ وَمِثْلُ التَّسْبِيحِ إبْدَالُهُ بِحَوْقَلَةٍ أَوْ تَهْلِيلٍ كَمَا لِابْنِ حَبِيبٍ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ تَفْهِيمٍ لِحَاجَةٍ وَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مَحَلٌّ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ لَا لِحَاجَةٍ بَلْ عَبَثًا بَطَلَتْ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ بَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلُ ذَلِكَ الصِّحَّةِ مَعَ كَرَاهَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَتِهِ) أَيْ: بِقِرَاءَةِ الْمَحَلِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِشَيْءٍ أَصْلًا أَوْ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ الْمَحَلِّ أَوْ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ يُكَمِّلُهَا ثُمَّ يَقُولُ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْمَحَلِّ قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِطَرْدِ الْهِرِّ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ الْمَحَلِّ إعَادَةُ اُدْخُلُوهَا إلَخْ إذَا كَانَ قَرَأَهَا ثُمَّ طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِيمَا بَعْدَهَا فَلَوْ شَرَعَ فِيمَا بَعْدَهَا فَاتَ مَحَلُّهَا (قَوْلُهُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 وَلَا إشْكَالَ فِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ فَتْحُهُ عَلَى الْإِمَامِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ الْمَفْتُوحُ عَلَيْهِ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أَبْطَلُوا فِيهِ صَلَاتَهُ إذَا فَتَحَ عَلَى مَنْ هُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مَوْجُودٌ هُنَا كَمَا أَشَارَ لِهَذَا الْبَرْمُونِيُّ فَاعْتُبِرَ مَفْهُومُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَتَحَ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ اهـ. وَارْتَضَاهُ هـ فِي شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّا شَرْحَنَا أَوَّلًا عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ مَا هُنَا تَبَعًا لِ س فِي شَرْحِهِ. (ص) وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِسَبَبِ الْقَهْقَهَةِ وَهِيَ تَقَلُّصُ الشَّفَتَيْنِ مَعَ التَّكَشُّرِ عَنْ الْأَسْنَانِ عِنْدَ الْإِعْجَابِ مَعَ الصَّوْتِ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّحِكُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا لِكَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَبَةً فَذًّا كَانَ الْمُصَلِّي أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَكِنْ إنْ كَانَ فَذًّا قَطَعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ إمَامًا قَطَعَ أَيْضًا وَيَقْطَعُ مَنْ خَلْفَهُ أَيْضًا وَلَا يَسْتَخْلِفُ، وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ فِي النِّسْيَانِ وَالْغَلَبَةِ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا قَطَعَ إنْ تَعَمَّدَهَا وَإِنْ نَسِيَ أَوْ غَلَبَهُ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ وَيُعِيدُ أَبَدًا هَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي يَضْحَكُ مُخْتَارًا وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ أَمْسَكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَصَلَ لَهُ الضَّحِكُ أَوَّلًا غَلَبَةً ثُمَّ تَمَادَى عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ تَرْكُهُ بَعْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَمَادَى الْمَأْمُومُ الْوُجُوبُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لِلتَّمَادِي، وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَمَحَلُّ التَّمَادِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَهَذِهِ يَنْبَغِي قِيَاسُهَا عَلَى تِلْكَ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَرْمُونِيُّ. (ص) كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ (ش) لَمَّا كَانَ لِلْمَأْمُومِ الْمُقَهْقِهِ حُكْمَانِ: الْبُطْلَانُ وَوُجُوبُ التَّمَادِي شَبَّهَ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ التَّمَادِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى الْمَأْمُومُ إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ أَدْرَكَ   [حاشية العدوي] الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ لِمَا وَرَدَ فِيهِ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ تت فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَتْحٌ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ إلَخْ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فَلُبِّسَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَبِي أَصْلَيْت مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا مَنَعَك» . (قَوْلُهُ أَبْطَلُوا فِيهِ) هَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِفِي الظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ بِمَعْنَى بَاءَ السَّبَبِيَّةِ أَيْ: أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أَبْطَلُوا بِسَبَبِهِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَالْمُحَادَثَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ: ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ فَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَتَحَ مَأْمُومٌ عَلَى مَأْمُومٍ مَعَهُ فِي صَلَاةِ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ سُرُورًا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْجَنَّةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ) مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ تَقَلَّصَ) أَيْ: تَبَاعَدَ (قَوْلُهُ مَعَ التَّكَشُّرِ) أَيْ بُدُوِّ الْأَسْنَانِ وَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْقَهْقَهَةُ كُلَّمَا صَلَّى فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَالَتِهِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلَا يُقَدِّمُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُلَازِمُ فِي إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ أَوْ يُؤَخِّرُ أَشَارَ لَهُ عج وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ كُلٍّ مَنْ إذَا صَامَ عَطِشَ أَوْ جَاعَ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّحِكُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الضَّحِكَ لَيْسَ مَعَهُ صَوْتٌ فَيَكُونُ التَّبَسُّمُ عَيْنَ الضَّحِكِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُزُولِيُّ فَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: التَّبَسُّمُ هُوَ الضَّحِكُ وَانْشِرَاحُ الْوَجْهِ وَإِظْهَارُ الْفَرَحِ اهـ. وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِهَا الضَّحِكُ عَلَى وَجْهَيْنِ بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ وَبِصَوْتٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَهَا وَلَمْ يَعُدْ الْوُضُوءُ اهـ. وَمَا تَقَدَّمَ لَهُ يُفِيدُ الْمُبَايَنَةَ بَيْنَ التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ قَطَعَ مُطْلَقًا) أَيْ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا) وَأَعَادَ أَبَدًا وَهَلْ يُعِيدُ مَأْمُومُهُ أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا) رَعْيًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا لَا فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَأَنْ ضَحِكَ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ وَانْقَطَعَ الضَّحِكُ فَالْمَعْنَى وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنْ كَانَ الضَّحِكُ فِيهَا غَلَبَةً مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَكَذَا فَاعِلُهُ نِسْيَانًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ أَوْ آخِرَهَا قَطَعَ وَابْتَدَأَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ ثُمَّ نَقُولُ إنَّهُ اعْتَمَدَ فِي الْوُجُوبِ لِلظَّاهِرِ لَا لِنَصٍّ مَعَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ فَقَالَ الزَّنَاتِيُّ تَمَادَى وُجُوبًا وَأَعَادَ اسْتِحْبَابًا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: تَمَادَى اسْتِحْبَابًا وَأَعَادَ وُجُوبًا قَالَ مُحَشِّي تت وَقَوْلُ الزَّنَاتِيِّ بَعِيدٌ اهـ. عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ يَتَمَادَى وُجُوبًا إلَّا بِضَمِيمَةِ أَنَّهُ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ التَّمَادِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) وَيُقَيِّدُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ بِتَمَادِيهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا قَطَعَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَى بَقَائِهِ ضَحِكُ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ بِظَنِّ ذَلِكَ فَمَجْمُوعُ الْقُيُودِ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا وَاحِدًا وَالشَّارِحُ وَاحِدًا وَذَكَرْنَا الْبَقِيَّةَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ نَاسِيًا وَالْكَلَامِ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ لَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهَا فِي الصَّلَاةِ فَمُنَافَاتُهَا أَشَدُّ وَالْكَلَامُ مَشْرُوعٌ جِنْسُهُ فِيهَا كَالْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِئَلَّا تَفُوتُهُ. (قَوْلُهُ شَبَّهَ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ التَّمَادِي) أَيْ: وُجُوبُ التَّمَادِي أَيْ: بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ تَشْبِيهٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 فِيهَا الْإِمَامَ أُولَى أَوْ غَيْرِهَا نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ، الثَّانِيَةُ مَنْ ذَكَرَ فِي صَلَاتِهِ صَلَاةً فَائِتَةً أَوْ حَاضِرَةً مُشَارِكَةً لِمَا هُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى لَكِنَّ التَّمَادِيَ فِي ذِكْرِ الْفَائِتَةِ فِي الْحَاضِرَةِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ، وَأَمَّا فِي ذِكْرِ الْحَاضِرَةِ فِي الْحَاضِرَةِ فَعَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْمُؤَلِّفِ التَّشْبِيهُ فِي التَّمَادِي لَا فِي الْبُطْلَانِ كَوْنُهُ لَمْ يَعْطِفْهُمَا عَلَى قَوْلِهِ بِقَهْقَهَةٍ بَلْ قَرَنَ الْأُولَى بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَجَرَّدَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْبَاءِ فَلَمَّا رَجَعَ لِلْعَطْفِ عَلَى الْقَهْقَهَةِ كَرَّرَ الْبَاءَ فَقَالَ وَبِحَدَثٍ إلَخْ، وَأَمَّا الْبُطْلَانُ وَعَدَمُهُ فِيهِمَا فَقَدْ أَتْقَنَ كُلًّا فِي مَحَلِّهِ بِكَلَامٍ شَافٍ فَقَالَ فِي الْأُولَى فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ: وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي فَصْلِ الْفَوَائِتِ وَمَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا إلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ فَذٌّ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جُمُعَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَرَّرَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ التَّمَادِي فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ. (ص) وَبِحَدَثٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بِقَهْقَهَةٍ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِاتِّصَافِ الْمُصَلِّي بِالْحَدَثِ فِيهَا أَعَمُّ مِنْ حُصُولِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَتَذَكَّرَ فِيهَا. (ص) وَبِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ وَلَوْ كَثُرَتْ كَقُنُوتٍ وَتَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَعَادَ أَبَدًا أَيْ: إذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يَسْجُدُ لِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَيَسْجُدُ مَعَهُ. (ص) أَوْ لِتَكْبِيرَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ سُنَّةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ لِتَرْكِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْإِقَامَةِ أَعَادَ أَبَدًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِكَتَكْبِيرَةٍ لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ سُنَّتَيْنِ تَبْطُلُ وَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالرَّافِعُ لِهَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ وَتَشَهُّدَيْنِ إذْ هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ؛ إذْ الْمَعْنَى كَتَشَهُّدَيْنِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِمِثْلِ التَّكْبِيرَةِ التَّحْمِيدَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالتَّشَهُّدَ فَلَا إشْكَالَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ لَأَغْنَاهُ عَنْ ذِكْرِ الْبُطْلَانِ بِسُجُودِ الْفَضِيلَةِ لِفَهْمِ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ فَنَصَّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ. (ص) وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى   [حاشية العدوي] فِي الْحُكْمَيْنِ مَعًا الْبُطْلَانُ وَوُجُوبُ التَّمَادِي فَلَا يُنَافِي آخِرَ الْعِبَارَةِ ثَمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْحُكْمِ فِي قَوْلِهِ كَتَكْبِيرِهِ إلَخْ وُجُوبُ التَّمَادِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَلَّابِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. (قَوْلُهُ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ) حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ احْتِمَالَيْنِ: أَوَّلُهُمَا إذَا كَبَّرَ بِقَصْدِ الرُّكُوعِ ذَاهِلًا عَنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَمْ تَقَعْ مِنْهُ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ أَيْ: وَإِنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ عَنْهُ نِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ هَذَا مَعْنَى عِبَارَتِهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ ثُمَّ كَبَّرَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ التَّكْبِيرُ لِلرُّكُوعِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ مَعْنَاهُ أَيْ: نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ وَإِذَا حُكِمَ بِالصِّحَّةِ فِي الثَّانِي لِهَذَا الْمَعْنَى فَلْيَكُنْ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ ذَاهِلًا عَنْ النِّيَّةِ رَأْسًا هَذَا خُلَاصَةُ مَا يُفْهَمُ مِنْ شَارِحِنَا هُنَا وَفِي ك وَمُعْتَمَدُ عج الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَلَكِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ النُّقُولِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَتَكْبِيرِهِ إلَخْ أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ إلَّا أَنَّهُ كَبَّرَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِي كَلَامِ شَارِحِنَا الَّذِي حَكَمَ فِيهِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ وَيَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فَاتَّبِعْ الْحَقَّ وَاطَّلِعْ تَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قُلْنَا وَلِذَلِكَ أَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ نَاقِلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ مَا نَصُّهُ وَلَا يُقَالُ هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي عَيْنُ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّرَ بِأَنَّ التَّمَادِيَ لَا يُفِيدُ الْبُطْلَانَ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّيْخُ حَفِظَهُ اللَّهُ فِي الشَّرْحِ إنَّمَا قَصْدُ النَّصِّ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي هَذَا الْفَرْعِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَادِي بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الصَّلَاةِ صَحِيحَةً أَوْ بَاطِلَةً إذْ مَعْرِفَةُ هَذَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ تَفْصِيلُهُ اهـ.، وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الشُّرَّاحِ فَرَضُوا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمُنْفَرِدِ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ لِكَوْنِهِ لَا يَجِدُ مَنْ يُعَلِّمُهُ أَوْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَفَادَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ) لَمَّا كَانَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِحَدَثٍ أَنَّ الْمُرَادَ وَبِوُجُودِ حَدَثٍ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ أَوَّلَ الشَّارِحُ الْعِبَارَةَ فَقَالَ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِاتِّصَافِ الْمُصَلِّي بِالْحَدَثِ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا مَعَ عَدَمِ تَوَهُّمِ الصِّحَّةِ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ صَلَاتِهِ كَالرُّعَافِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْتَدِ إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ فِي السُّجُودِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَإِنْ خَالَفَهُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَالَ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذِكْرِ الْحَدَثِ أَوْ حُصُولِهِ. (قَوْلُهُ إذْ الْمَعْنَى كَتَشَهُّدَيْنِ) أَيْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ جَلَسَ لَهُمَا وَذَهَبْنَا إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَخْصُوصَ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنَّهُ تَرَكَ أَرْبَعَ سُنَنٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ التَّشَهُّدِ مُسْتَحَبًّا أَوْ سِتَّ سُنَنٍ إنْ قُلْنَا: إنَّ لَفْظَ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ أَيْ: اللَّفْظَ الْمَخْصُوصَ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِلْفَضِيلَةِ خِلَافٌ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ أَعَادَ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ إذَا سَجَدَ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ أَيْ لِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 بِقَهْقَهَةٍ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِمُلَابَسَةٍ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ كَحَقْنٍ أَيْ: مَحْصُورٍ بِبَوْلٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ أَوْ غَثَيَانٍ مَنَعَهُ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا هُوَ فَرْضٌ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَلَ الْمَحْدُودَ الَّذِي لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَذَلِكَ. وَأَمَّا مَا لَا وَقْتَ لَهُ مُعَيَّنٌ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ فَضِيلَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَعَنْ سُنَّةٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُ وَقَوْلُهُ وَعَنْ سُنَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُشْغِلٍ الْمُقَدَّرُ وَالتَّقْدِيرُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ بِمُشْغِلٍ عَنْ سُنَّةٍ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَكُلُّ هَذَا هُرُوبٌ مِنْ عَطْفٍ عَنْ سُنَّةٍ عَلَى عَنْ فَرْضٍ الْمُتَسَلِّطُ عَلَيْهِ الْبُطْلَانُ فَيَتَنَاقَضُ الْكَلَامُ، وَمُشْغِلٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَشْغَلَ رُبَاعِيًّا وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ شَاغِلٌ لَكِنْ نَقَلَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَصَدَّرَ بِأَنَّهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ وَثَنَّى بِالْقَوْلِ بِأَنَّهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَثَلَّثَ لُغَةٌ بِأَنَّهَا رَدِيئَةٌ. (ص) وَبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ لَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مُتَيَقَّنَةٍ سَهْوًا كَالثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا أَقَلَّ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا الثُّنَائِيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ كَالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْمَقْصُورَةِ رَعْيًا لِأَصْلِهَا فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ هِيَ الْأَصْلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجُمُعَةَ يُبْطِلُهَا رَكْعَتَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَقِينِ مَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَمَّا النَّافِلَةُ الْمَحْدُودَةُ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (ص) وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَةً عَمْدًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِمُلَابَسَةِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُبْطِلَ إنَّمَا هُوَ مُلَابَسَةُ الْمُشْغِلِ عَنْ الْفَرْضِ لَا ذَاتُهُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَلَا تُفْهَمُ أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي بِمُشْغِلٍ لِلْمُلَابَسَةِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِهِ عَلَى حَالَةٍ غَيْرِ مُرْضِيَةٍ بِأَنْ يَضُمَّ وِرْكَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ وَلَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ إلَّا بِصُعُوبَةٍ شَدِيدَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِهَا بِالْمُشْغِلِ إذَا دَامَ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ ثُمَّ زَالَ فَلَا إعَادَةَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ. (قَوْلُهُ أَيْ مَحْصُورٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَيْ: حُصِرَ، وَأَمَّا مَحْصُورٌ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْحَاقِنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاقِنَ هُوَ الْمَحْصُورُ بِالْبَوْلِ وَالْحَاقِبُ هُوَ الْمَحْصُورُ بِالْغَائِطِ وَالْمَحْصُورُ بِهِمَا يُقَالُ لَهُ حَاقِمٌ وَأَمَّا الْمَحْصُورُ بِالرِّيحِ فَيُقَالُ لَهُ حَازِقٌ كَذَا فِي الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَازِقَ هُوَ الَّذِي ضَاقَ خُفُّهُ فَخَرَجَ قَدَمُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّيحِ حَافِزٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَثَيَانٍ) هُوَ ثَوَرَانُ النَّفْسِ وَانْدِفَاعُ الْأَمْعَاءِ إلَى خَارِجٍ فَيَصِيرُ مُشْرِفًا عَلَى التَّقَايُؤِ وَلَا يَتَقَايَأُ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ) ضَرُورِيًّا كَانَ أَوْ اخْتِيَارِيًّا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ) كَذَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا دَاخِلٌ عَلَى إتْيَانِهِ بِالسُّنَّةِ قَالَهُ الْبَدْرُ وَقَالَ الْبَدْرُ أَيْضًا وَبِمُشْغِلٍ عَنْ سُنَّةٍ أَيْ: بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ كَمَا فِي س بِالْقَطْعِ وَخَرَجَتْ الْفَضِيلَةُ. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُ) أَيْ: يُقَدِّرُ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ وَذَلِكَ الْمُقَدَّرُ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ. (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ إلَخْ) أَيْ: مُشْغِلٌ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْفَصِيحُ شَاغِلٌ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ: فِي مُشْغِلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ كَلَامِهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُشْغِلٍ كَوْنُهُ مِنْ أَشْغَلَ اسْمُ فَاعِلٍ قِيَاسًا فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْقَامُوسَ جَعَلَ اللُّغَاتِ ثَلَاثًا فِي أَشْغَلَ وَنَصُّهُ وَأَشْغَلَهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (أَقُولُ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ. (قَوْلُهُ كَالثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ اثْنَتَيْنِ قَالَ فِي ك وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْمَغْرِبُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا بَلْ بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَالرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ وَبِكَوْنِهَا لَا تُعَادُ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَوِيَ أَمْرُهَا بِهَذَا الْمُوجِبِ قَالَ عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ هُنَا رَفْعُ الرَّأْسِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فِي ثَامِنَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ سَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ فِي رَابِعَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ: مُقَابِلِ فَرْضِ يَوْمِهَا وَهُوَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ) أَيْ: كَوْنُهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي إلَخْ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُفَارِقُ الشَّكُّ الْيَقِينَ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ أَجْزَأَهُ سُجُودُ السَّهْوِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ تَيَقُّنِهَا وَإِذَا كَثُرَ الشَّكُّ لَهِيَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ بِرَكْعَتَيْنِ) وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صِفَةِ الْكُسُوفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا النَّافِلَةُ غَيْرُ الْمَحْدُودَةِ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُهُ بِرَكْعَتَيْنِ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا سَهْوًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ فِي نَافِلَةٍ رَجَعَ وَلَا يُكْمِلُهُ سَادِسَةً وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَادَّةُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي النَّافِلَةِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ الْخَامِسَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ. مِنْ عب وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عج وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَتِمُّ بِهِ الْمُرَادُ فِي حَاشِيَةِ عب (قَوْلُهُ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ النَّفَلَ الْمَحْدُودَ يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كَوْنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً أَمْرٌ غَيْرُ غَالِبٍ وَالْكَثِيرُ إمَّا رَكْعَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَمَّا زَادَ فِي الْوَتْرِ وَاحِدَةً رَجَعَ لِمَا هُوَ الْغَالِبُ وَالرَّكْعَتَانِ هُمَا مِنْ الْغَالِبِ فَيُبْطِلُهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُمَا مِنْ الْغَالِبِ حِينَئِذٍ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ عَمْدًا) أَيْ: أَوْ جَهْلًا وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْمَحْدُودِ كَالشَّفْعِ وَانْظُرْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فَقَوْلُهُ كَسَجْدَةٍ أَيْ: مِنْ كُلِّ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مَدْخُولَ الْكَافِ رُكْنًا فِعْلِيًّا لَا مُطْلَقَ فِعْلٍ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ قَوْلُهُ أَوْ نَفْخٍ إلَخْ مَعَهُ وَخَرَجَ بِتَمْثِيلِهِ بِالرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ الْقَوْلِيُّ كَتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الذِّكْرِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ وَاعْتَمَدَ (هـ) فِي شَرْحِهِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَيْضًا. (ص) أَوْ نَفْخٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ النَّفْخِ مِنْ الْفَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مِنْ الْأَنْفِ قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبْطَالِ بِالنَّفْخِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَالْمُخَالِفُ اهـ وَكَأَنَّ مُرَادُهُ بِبَعْضِ عُلَمَائِنَا ابْنُ قَدَّاحٍ؛ لِأَنَّ الْأَبِيَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ النَّفْخَ الَّذِي هُوَ كَالْكَلَامِ مَا نَطَقَ فِيهِ بِأَلْفٍ وَفَاءٍ اهـ. (ص) وَبِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ قَيْءٍ (ش) أَيْ وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ إخْرَاجِ الْقَيْءِ أَوْ الْقَلْسِ لِتَلَاعُبِهِ. (ص) أَوْ كَلَامٍ وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ أَيْ: الصَّوْتَ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ أَمْ لَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إذَا وَقَعَ عَمْدًا وَإِنْ قَلَّ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مُكْرَهًا اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَمْ لَا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِتَخْلِيصِ أَعْمَى وَنَحْوِهِ مِنْ مَهْوَاةٍ أَوْ لِإِجَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (ص) إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمُّدُ الْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِإِصْلَاحِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّسْبِيحِ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعْرِضٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْإِصْلَاحِ وَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ. (ص) وَبِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ وَهَلْ اخْتِلَافٌ أَوْ لَا لِلسَّلَامِ فِي الْأُولَى أَوْ الْجَمْعِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِوُقُوعِ السَّلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ سَهْوًا وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ الشُّرْبِ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي هَكَذَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ لِمَالِكٍ أَيْضًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي إنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ بَلْ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ فَهَلْ مَا فِي أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُنَاقِضٌ لِمَا فِي الْآخَرِ مِنْهَا إذْ الْمُنَافِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَاصِلٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ فَالْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ دُونَ الْآخَرِ   [حاشية العدوي] غَيْرَهُ هَذَا مُلَخَّصُ عج (قَوْلُهُ مَدْخُولَ الْكَافِ) أَيْ: مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ) ظَاهِرُهُ تَقَدَّمَ فِي مُطْلَقِ الذِّكْرِ خِلَافٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ إنَّمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَيْضًا) لَفْظُ أَيْضًا مُرْتَبِطٌ بِفَاعِلِ اعْتَمَدَ أَيْ وَاعْتَمَدَ أَيْضًا كَمَا اعْتَمَدْنَا فِي قَوْلِنَا وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ النَّفْخَ فِيهِ حُرُوفٌ هِيَ كَالْكَلَامِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْأَنْفِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرُوفَ فِيهِ. (فَإِنْ قُلْت) مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَى أَلِفٍ وَفَاءٍ قُلْت مَا خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ؛ لِأَنَّ الْمَخَارِجَ الَّتِي لِلْحُرُوفِ لَيْسَ هِيَ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْأَنْفِ. (فَإِنْ قُلْت) الصَّوْتُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْحَرْفِ يُبْطِلُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ قُلْت الصَّوْتُ خَارِجٌ مِنْ مَحَلِّ الْكَلَامِ بِحُرُوفٍ بِخِلَافِ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْأَنْفِ بِغَيْرِ الْعَبَثِ فَإِنْ عَبِثَ جَرَى عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ اهـ. قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَالْمُخَالِفُ) أَيْ: خَارِجُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ أَوْ شُرْبٍ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ أَنْفٍ مَا لَمْ يَكُنْ غَلَبَةً قَالَهُ عج وَتَبْطُلُ إذَا وَجَبَ أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ لِإِنْقَاذِ نَفْسِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَلَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ أَيْ: الصَّوْتَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ بِالْكَلَامِ حَقِيقَتَهُ بَلْ مُطْلَقَ الصَّوْتِ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ أَمْ لَا فَإِذَا نَهَقَ كَالْحِمَارِ أَوْ نَعَقَ كَالْغُرَابِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِي إلْحَاقِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مُكْرَهًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ أَنَّ مَا يَتْرُكُ مِنْهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَيُؤْتِي بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكَلَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَنِسْيَانِهِ أَنَّ النَّاسِيَ لَا شُعُورَ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ الْأَعْمَى أَيْ: مِنْ صَغِيرٍ وَمُصْحَفٍ وَمَالٍ وَدَابَّةٍ كَمَا فِي ك فَلَوْ أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ الْكَافَ عَلَى قَوْلِهِ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى لَشَمِلَ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْكَلَامُ لِتَلَفِ الْمَالِ مُطْلَقًا حَيْثُ خَشِيَ بِتَلَفِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ أَوْ الْمَشَقَّةَ الشَّدِيدَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَإِنْ كَثُرَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَادِي فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْكَلَامُ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ مِنْ مَهْوَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ حُفْرَةٍ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ دِيَةَ خَطَأٍ كَذَا وَجَدْت وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِإِجَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ) أَيْ: كَمَا كَانَ يَقَعُ لِلْمُرْسِي مِنْ اجْتِمَاعِهِ بِهِ فِي الْيَقِظَةِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا تَبْطُلُ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْفَاذِ أَعْمَى) لَعَلَّ عَطْفَهُ عَلَى ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا وَاجِبٌ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكَلَامٍ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) وَأَوْلَى بِكَثِيرٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا. وَأَقُولُ بَلْ وَلَوْ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ وَكَذَا كَثِيرُ فِعْلِ جَوَارِحٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَفِعْلِ قَلْبٍ حَيْثُ لَا يَدْرِي مَعَهُ قَدْرَ مَا صَلَّى مِنْ عب. (قَوْلُهُ وَبِسَلَامٍ) أَيْ: مِنْ صَلَاتِهِ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ النُّطْقَ بِهِ (قَوْلُهُ وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: مَعَ السَّلَامِ (وَقَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي) أَيْ: تَعَدُّدِهِ ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ) أَيْ: فَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَيْ: وَلَا بِالْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ وَالسَّلَامُ وَأَوْلَى وُجُودُ أَمْرَيْنِ بَلْ يُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَتَبْطُلُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالسَّلَامِ أَيْ: أَوْ السَّلَامِ أَيْ: وَبِالْأَكْلِ وَحْدَهُ وَبِالشُّرْبِ وَحْدَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 اخْتِلَافٌ أَوْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ وَإِنَّمَا جَاءَ الْبُطْلَانُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ السَّلَامِ مَعَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ وَأَوْ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ سَلَامٌ لَاسْتَوَى الْجَوَابُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ أَوْ إنَّمَا جَاءَ الْبُطْلَانُ فِي الْأَوَّلِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ فَقَطْ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ جَعَلَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ خِلَافًا نَظَرَ إلَى حُصُولِ الْمُنَافِي بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ فَفِي مَحَلٍّ قَالَ: إنَّ حُصُولَ الْمُنَافِي الْمَخْصُوصِ سَوَاءٌ كَانَ سَلَامًا وَأَكْلًا وَشُرْبًا أَوْ أَحَدُهَا فَقَطْ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا مُبْطِلٌ وَعَلَى هَذَا فَالْخِلَافُ جَارٍ فِي حُصُولِ الْأَكْلِ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبِ وَحْدَهُ أَوْ السَّلَامِ وَحْدَهُ أَوْ السَّلَامِ مَعَ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ فِي الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا مَنْ وَفَّقَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ سَلَامٌ فَعِنْدَهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ حَيْثُ حَصَلَ السَّلَامُ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَا يَحْصُلُ بِالسَّلَامِ وَحْدَهُ وَلَا بِحُصُولِ الْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ وَمَنْ وَفَّقَ بِالْجَمْعِ أَيْ: بِجَمْعِ الْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ فَيَقُولُ بِبُطْلَانِهَا بِالسَّلَامِ مَعَ أَحَدِهِمَا بِالْأَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْ الْأَكْلِ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبِ وَحْدَهُ فَإِذَا حَصَلَ الثَّلَاثَةُ اتَّفَقَ الْمُوَفِّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ، وَكَذَا إذَا حَصَلَ السَّلَامُ مَعَ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ وَإِذَا حَصَلَ الْأَكْلُ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبُ وَحْدَهُ أَوْ السَّلَامُ وَحْدَهُ اتَّفَقَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِذَا حَصَلَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا سَلَامٍ اخْتَلَفَ الْمُوَفِّقَانِ فَمَنْ أَنَاطَ الْبُطْلَانَ بِالسَّلَامِ يَقُولُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَمَنْ أَنَاطَهُ بِالْجَمْعِ قَالَ بِالْبُطْلَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ. (ص) وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَانْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ وَالْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ الْإِعْرَاضُ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَزُلْ عَنْ مَكَانِهِ. (ص) كَمُسَلِّمٍ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ الْإِتْمَامَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ الْكَمَالُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِمُخَالَفَتِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَأَوْلَى لَوْ ظَهَرَ النُّقْصَانُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلسَّلَامِ وَهُوَ يَضُرُّ وَمُقَابِلُهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ. (ص) وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا لَمْ يَلْحَقْ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَسَجَدَ مَعَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لِسَهْوٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُومٍ حَقِيقَةً وَلِذَا لَا يَسْجُدُ بَعْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِ أَيْضًا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَبِسُجُودِ إلَخْ هُوَ   [حاشية العدوي] وَبِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ مَوْجُودٌ (قَوْلُهُ مَعَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ) مَفْهُومُ لَقَبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ مَوْجُودٌ مَعَ الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ) صِفَةٌ لِأَحَدِ الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ سَلَامٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَتْ ذَاتُهُ عَلَامَةً عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَوْ وُجِدَ أَكْلٌ وَشُرْبٌ مَعًا فَلَا بُطْلَانَ أَقُولُ هَذَا التَّأْوِيلُ غَفْلَةٌ عَنْ تَعْلِيلِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْلِيلَ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ وَتَرْجِيحِ الْوِفَاقِ بِالْجَمْعِ (قَوْلُهُ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ فَقَطْ) وَسَكَتَ عَنْ رِوَايَةِ أَوْ وَعَلَى هَذَا أَقُولُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ إنَّمَا حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَيْ: بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَصْدُقُ بِجَمْعِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ وَسَلَامٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ سَلَامٍ وَأَوْلَى اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَعْلِيلِ الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ إلَخْ) هَذَا كَالْحَاصِلِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَفِي مَحَلٍّ قَالَ) أَيْ: فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَيْ: عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ وَأَوْ (قَوْلُهُ أَيْ: بِجَمْعِ الْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَأَمَّا مَنْ وَفَّقَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَكَمَا أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي السَّلَامِ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَوْجُودٌ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ فَيَبْطُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْ الْأَكْلِ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبِ) وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَشَدَّ مُنَافَاةً أَنَّهُ جُعِلَ عَلَمًا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فَإِذَا حَصَلَ الثَّلَاثَةُ اتَّفَقَ الْمُوَفِّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ السَّلَامَ وُجِدَ مَعَ الْوَاحِدِ وَمَعَ الِاثْنَيْنِ وَلِوُجُودِ الْجَمْعِ بَيْنَ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ فَمَنْ أَنَاطَ الْبُطْلَانَ بِالسَّلَامِ) أَيْ: مَعَ غَيْرِهِ لَا وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ) أَيْ: فِيمَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ وَأَمَّا مَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ مَثَلًا فَالْإِمَامُ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ إلَخْ) قَالَ عج وَهَذِهِ تُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرُّعَافِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الرُّعَافِ مَا ضَرَّهُ (قَوْلُهُ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ كَمُسَلِّمٍ) مِنْ صَلَاتِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَأَمَّا سَهْوًا فَإِنْ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ أَصْلَحَ بِأَنْ يُعِيدَ السَّلَامَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَإِنْ تَذَكَّرَ عَنْ بُعْدٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ عَدَمُ الْيَقِينِ وَأَوْلَى لَوْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا عَدَمَ التَّمَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْمَانِعِ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ هُوَ الْإِتْمَامُ وَالْمَانِعُ هُنَا عَدَمُ الْإِتْمَامِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ السَّبَبِ لَا يُعَدُّ مَانِعًا فَالْمَانِعُ هُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ، فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ: إنَّهَا جَائِزَةٌ كَمُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَةٍ لَا يَدْرِي أَزَوْجُهَا حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ؟ ثُمَّ انْكَشَفَ مَوْتُهُ وَانْقِضَاءُ عِدَّتِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِهِ الْقَبْلِيِّ لَا الْبَعْدِيِّ وَقَالَ سُفْيَانُ يَتَّبِعُهُ فِيهِمَا اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 قَوْلُهُ وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ لَكِنْ أَعَادَهَا إمَّا؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ لَا يُفْهَمُ مِمَّا سَبَقَ وَإِمَّا لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَإِلَّا سَجَدَ وَقَوْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ بِالتَّبَعِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً قَيْدٌ فِي الْقَبْلِيِّ، وَأَمَّا الْبَعْدِيُّ فَتَبْطُلُ بِسُجُودِهِ وَلَوْ لَحِقَ رَكْعَةً كَمَا قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ. (ص) وَإِلَّا سَجَدَ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَحِقَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ السُّجُودُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى إمَامِهِ قَبْلِيًّا سَجَدَهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ السُّجُودَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ سَهْوَ إمَامِهِ بِأَنْ كَانَ سَهْوُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْفَائِتَةِ أَوْ الرَّكَعَاتِ الْفَائِتَاتِ، وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْإِمَامِ بَعْدِيًّا فَلَا يَسْجُدُهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِمَا عَلَيْهِ وَسَلَامِهِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي سَهْوٌ بِنَقْصٍ سَجَدَ لِزِيَادَةِ الْإِمَامِ وَنَقْصِ نَفْسِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ سَهَا بِزِيَادَةٍ سَجَدَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَوْ قَدَّمَ الْبَعْدِيَّ عَمْدًا بَطَلَتْ وَجَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالنَّاسِي وَقَالَ عِيسَى: تَبْطُلُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا وَعَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَهْلِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النَّاسِي مُرَاعَاةً لِلْقَائِلِ بِوُجُوبِ سُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ. وَلَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ وَسَجَدَهُ بَعْدَ السَّلَامِ هَلْ يَفْعَلُهُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ؟ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ وَمَا صَدَّرَ بِهِ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ أَوْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُسْتَخْلَفِ وَعَجُزِ كَلَامِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ أَوْ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَارْتَضَاهُ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ لَقِيَهُ وَشَيْخُهُ أَبُو مَهْدِيٍّ وَانْظُرْ تَحْقِيقَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَى مَأْمُومٍ وَلَوْ عَنْ سُنَنٍ كَثِيرَةٍ حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ السَّهْوُ فِي حَالِ اقْتِدَائِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَبِتَعَمُّدٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ أَفْرَادِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ إلَخْ أَقُولُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُصَنِّفُ الْمَعِيَّةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَافَقَهُ فِي السُّجُودِ إمَّا قَبْلُ أَوْ بَعْدُ لَا خُصُوصُ الْمُقَارَنَةِ. (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْقَبْلِيِّ) الْأَوْلَى رُجُوعُ الشَّرْطِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ الْوُجُوبُ وَالْأَصْلُ فِي مُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ الْبُطْلَانُ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ سَجَدَ الْبَعْدِيَّ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَوْلَى إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً، وَأَمَّا تَرْجِيحُ الشَّرْطِ لِلثَّانِيَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ أَيْ: الْبَعْدِيَّ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا لَحِقَ رَكْعَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ السُّجُودَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ رَأْيًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ يَسْجُدُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ) فَإِنْ أَخَّرَهُ لِتَمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ فِي الْأَفْعَالِ لَا سَهْوًا فَلَا تَبْطُلْ قَدَّمَهُ حِينَئِذٍ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ أَخَّرَهُ كَذَا ذَكَرَهُ عب وَفِي شَرْحِ شب وَلَوْ خَالَفَ فِي الْقَبْلِيِّ وَأَخَّرَهُ إلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَسَجَدَهُ صَحَّتْ فَهُوَ مُخَالِفٌ عب (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ السُّجُودَ لَهُ) وَكَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ الْفَاعِلِ وَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى قَاعِدَةِ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ. {تَنْبِيهٌ} : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ فِي مَحَلِّهِ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَقَطْ كَشَافِعِيٍّ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ قُنُوتٍ فَيَتَّبِعُهُ الْمَالِكِيُّ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ السُّجُودِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ السُّجُودُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْإِمَامِ بَعْدِيًّا فَلَا يَسْجُدُهُ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ) وَالْمُرَادُ بَعْدِيٌّ وَلَوْ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ بَعْدِيًّا أَصَالَةً وَقَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ تَارَةً قَبْلَ السَّلَامِ وَتَارَةً بَعْدُ فَهَلْ يَسْجُدُهُ مَعَهُ الْمَأْمُومُ نَظَرًا لِفِعْلِهِ أَوْ لَا يَسْجُدُهُ مَعَهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ دَائِمًا قَبْلَ السَّلَامِ كَالشَّافِعِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَهُ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ. (قَوْلُهُ وَعَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَهْلِ) وَحَلُّ عب يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَوْلَ عِيسَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ هَلْ يَفْعَلُهُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ) أَيْ: قَبْلَ سَلَامِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَهُ لِانْقِطَاعِ قُدْوَتِهِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ تَأَخُّرَ السُّجُودِ عَنْ مَحَلِّهِ أَضْعَفَ تَأَكُّدَهُ وَأَلْحَقَهُ بِالْبَعْدِيِّ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ قَدَّمَهُ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا نَظَرَ عج وَأَقُولُ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ) وَفِيهِ أَنَّهُ اخْتَارَهُ فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِأَفَادَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ قِيَامِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ فَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ عَنْ نَقْصٍ وَلَا يَضُرُّهُ تَأْخِيرُ الْإِمَامِ لَهُ إذْ هُوَ مِنْهُمَا حَقِيقَةً وَمُرَادُهُ الْمُسْتَخْلَفَ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلِهِ سُجُودٌ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاةِ أَصْلِهِ وَقَبْلَ إكْمَالِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمَّا نَابَ عَنْ الْإِمَامِ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ فِيمَا يَفْعَلُهُ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا هَذِهِ (قَوْلُهُ فَالثَّانِي) أَيْ: لِأَنَّ الَّذِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ كَجُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سَجْدَةٍ مِنْهَا فَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيَتَّبِعُهُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ أَقُولُ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا سَهْوَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُ عَنْهُ نَقْصَ السُّنَنِ عَمْدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ حَالَةَ الْقَدْوَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ فَقَطْ وَذَلِكَ أَنَّ مُثَلَّثَ الْقَافِ هُوَ الشَّخْصُ الْمُقْتَدَى بِهِ وَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى الِاقْتِدَاءِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الشَّخْصُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ خَلْفَ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ حَالَةَ الْقَدْوَةِ مَنْصُوبٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ أَشْعَرَ بِهِ الْكَلَامُ تَقْدِيرُهُ إذَا عَرَضَ لَهُ سَبَبٌ وَمُوجِبٌ حَالَةَ الْقَدْوَةِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 بِالْإِمَامِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِخَبَرِ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» أَيْ لِلْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ لَا بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ زَيْدٍ لَا تُجْزِئُ عَنْ عَمْرٍو إجْمَاعًا أَمَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْإِمَامَ فَلَا يَحْمِلُ سَهْوَهُ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ وَصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا فَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ السُّجُودُ لَا السَّهْوُ؛ لِأَنَّهُ سَاهٍ. (ص) وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ لَا أَقَلَّ فَلَا سُجُودَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ إذَا كَانَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ قَوْلِيَّةً كَثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مَعَ تَسْمِيعَةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ كَتَرْكِ الْجُلُوسِ غَيْرِ الْأَخِيرِ كَمَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْجُلُوسَ قَوْلِيٌّ وَفِعْلِيٌّ أَوْ قَوْلِيَّةٌ وَفِعْلِيَّةٌ كَتَرْكِ السُّورَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا وَالْقِيَامِ لَهَا وَصِفَتِهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ فِي هَذِهِ لَا إنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَلَا تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالطُّولُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ فَإِنْ صَلَّى عِنْدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ يَسْجُدُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مِنْ الصُّفُوفِ مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِصَلَاتِهِمْ وَمِثْلُ الطُّولِ مَا إذَا حَصَلَ مَانِعٌ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ قَالَ ابْنُ هَارُونَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ لَابَسَ نَجَاسَةً أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ عَامِدًا انْتَهَى. (ص) وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ وَبَطَلَتْ فَكَذَا كُرْهًا (ش) اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ سُجُودِ سَهْوٍ قَبْلِيٍّ أَوْ بَعْدِيٍّ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ لَا يَقْطَعُ ذَاكِرُهُ فِي صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بَلْ يَتَمَادَى ثُمَّ يَأْتِي بِالْبَعْدِيِّ وَيَسْقُطُ الْقَبْلِيُّ وَلَا يُفْسِدُ ذِكْرُهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَاحِدَةً مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا ذِكْرُهُ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرْكُهُ وَهُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ سُجُودَ السَّهْوِ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ حَتَّى أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى فَذَكَرَهُ فِيهَا وَقَدْ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْأُولَى بِأَنْ طَالَ مَا بَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَالذِّكْرِ فَكَذَاكِرِ صَلَاةٍ فِي أُخْرَى، وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي الْفَوَائِتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ فَذٌّ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ إلَخْ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ لَا عَنْ أَقَلَّ تَفْرِيعُهُ الْبُطْلَانَ عَلَى الطُّولِ أَوْ الرُّكُوعِ وَعَدَمَهُ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ عَنْ أَقَلَّ مُنْتَفٍ فِيهِ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَالْوَاوُ فِي وَبَطَلَتْ وَاوُ الْحَالِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْأُولَى بَطَلَتْ أَيْ: حُكِمَ بِبُطْلَانِهَا لِلطُّولِ وَالطُّولُ فِي هَذِهِ خَارِجُ الصَّلَاةِ وَفِي الْآتِيَةِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ فِي قَوْلِهِ فَكَذَا كُرْهًا عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا هِيَ الْمَذْكُورُ فِيهَا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ دُونَ قَيْدِهِ (ص) وَإِلَّا فَكَبَعْضٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِبُطْلَانِ الْأُولَى لِسَهْوٍ وَانْتِفَاءِ طُولٍ وَحَدَثٍ فَهُوَ كَذَاكِرِ بَعْضِ صَلَاةٍ كَرُكُوعٍ أَوْ رَكْعَةٍ وَنَحْوِهِمَا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْأُولَى لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَالثَّانِيَةَ كَذَلِكَ فَأَشَارَ إلَى كَوْنِ الْأُولَى   [حاشية العدوي] سُجُودَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُهُ بَعْدَ حَالَةِ الْقُدْوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِلْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ) أَيْ: سُجُودِ سَهْوِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ لَا بِالذِّمَّةِ) أَرَادَ بِالذِّمَّةِ أَيْ: بِحَيْثُ يَحْمِلُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي الْأَرْكَانِ وَلَوْ قَالَ لَا لِلْأَرْكَانِ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلِيٍّ أَنَّ الْبَعْدِيَّ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ يَسْجُدُهُ مَتَى ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَطَالَ) إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا، وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ قَطْعًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ شَامِلٌ لِلتَّرْكِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا لَكِنَّ التَّرْكَ سَهْوًا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ وَطَالَ دُونَ الْعَمْدِ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: لَا فَرْقَ فِي التَّرْكِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْجُلُوسَ قَوْلِيٌّ) وَهُوَ التَّشَهُّدُ وَالْمُرَادُ أَنَّ تَرْكَ الْجُلُوسِ مُحْتَوٍ عَلَى قَوْلِيٍّ وَهُوَ التَّشَهُّدُ وَفِعْلِيٍّ وَهُوَ ذَاتُهُ فَذَاتُهُ سُنَّةٌ وَالتَّشَهُّدُ فِي ذَاتِهِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُ بِاللَّفْظِ الْمَخْصُوصِ سُنَّةٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ فِي هَذِهِ) أَيْ: فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْقِيَامَ لَهَا وَسِرَّهَا أَوْ جَهْرَهَا مِنْ صِفَتِهَا فَإِذَا تَرَكَهَا مَعَ الْقِيَامِ لَهَا فَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا سُنَّةً وَاحِدَةً فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ السُّجُودِ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ مُؤَكَّدَةً وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْقِيَامُ لَهَا سُنَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى السُّورَةِ وَالسِّرُّ أَوْ الْجَهْرُ كَذَلِكَ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ السُّجُودِ حَيْثُ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَكَلَامُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ رُبَّمَا يُؤْذِنُ بِتَرْجِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ) لَمْ يَقُلْ فَلَا سُجُودَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إشَارَةً إلَى الْبَحْثِ مَعَهُ إذْ لَا مُلَاءَمَةَ بَيْنَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَتَرْكِ السُّجُودِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَاوِ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ: لَا أَقُلْ فَلَا بُطْلَانَ وَلَا سُجُودَ وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْبَعْدِيِّ وَلَوْ طَالَ وَسَجَدَهُ مَتَى ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُرْتَبِطَةٌ بِالصَّلَاةِ وَتَابِعَةٌ وَمِنْ حُكْمِ التَّابِعِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَتْبُوعِ بِالْقُرْبِ فَإِذَا بَعُدَ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْجُدُ وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مِنْ الصُّفُوفِ مَا لَا) أَيْ: صُفُوفًا لَا يَنْبَغِي أَيْ: لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَانٍ يَلِي مَكَانَ صَلَاتِهِمْ أَيْ: الصُّفُوفَ جَمْعُ صَفٍّ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمُصْطَفَّةِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَالْمُرَادُ الصُّفُوفُ وَلَوْ مُقَدَّرَةً وَلَوْ قَالَ مَا لَمْ يَأْتِ مَكَانًا لَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ بِالْإِمَامِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ عَامِدًا) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ فِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَيْدَ الْعَمْدِ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ اهـ. أَيْ: الَّتِي هِيَ التَّكَلُّمُ وَمُلَابَسَةُ النَّجَاسَةِ وَاسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ) صِفَةٌ مُخَصِّصَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْقَبْلِيِّ وَكَاشِفَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْبَعْدِيِّ (قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) أَيْ: لَا مِنْ الْمَذْكُورِ مِنْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْمَذْكُورِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْأُولَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ حَالٌ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ أَيْ: الْمَذْكُورُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمَذْكُورِ مِنْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُبْرِزَ وَيَقُولَ وَبَطَلَتْ هِيَ (قَوْلُهُ تَفْرِيعُهُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا هِيَ الْمَذْكُورُ فِيهَا) فِيهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ أَيْ الصَّلَاةُ الْمَتْرُوكُ مِنْهَا السُّجُودُ فَلَيْسَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ فَكَذَا كُرْهًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 فَرِيضَةً وَتَحْتَهُ وَجْهَانِ بِقَوْلِهِ. (ص) فَمِنْ فَرْضٍ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ وَأَتَمَّ النَّفَلَ وَقَطَعَ غَيْرُهُ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَرِيضَةً وَتَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ الْقَبْلِيِّ مِنْهَا فَذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ أَوْ بَعْدَ الِانْحِنَاءِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ كَمَأْمُومٍ أَوْ أُمِّيٍّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَ مِنْهَا وَهِيَ الْأُولَى تَبْطُلُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ إلَخْ، مَعَ كَوْنِ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا طُولَ؛ لِأَنَّ الطُّولَ الْمُنْتَفِيَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ السَّابِقُ الْخَارِجُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالطُّولُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهَا. ثُمَّ حَيْثُ بَطَلَتْ الْأُولَى لِوُجُودِ الطُّولِ أَوْ الِانْحِنَاءِ فِي الْمَشْرُوعِ فِيهَا لَا تَخْلُو الثَّانِيَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا أَتَمَّهَا إنْ كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ رَكَعَ أَمْ لَا فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ قَطَعَ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا قَطَعَ بِسَلَامٍ لَكِنْ يُنْدَبُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ شَفْعٍ وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ لَا الْمَأْمُومِ فَلَا يَقْطَعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَوَائِتِ لَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ هُنَا وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إلَخْ بِقَوْلِهِ فِي الْفَوَائِتِ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ يُنْدَبُ فَبَيَّنَ الْحُكْمَ هُنَا الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْ هُنَاكَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْإِشْفَاعُ، وَأَمَّا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَالْمَحَلَّانِ مُفْتَرِقَانِ وَلَا إشْكَالَ وَعَقَدَ الرَّكْعَةَ هُنَا بِإِتْمَامِهَا بِسَجْدَتَيْهَا وَمَحَلُّ الْإِشْفَاعِ حَيْثُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ قَالَهُ حُلُولُو. (ص) وَإِلَّا رَجَعَ بِلَا سَلَامٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ طُولٌ وَلَا انْحِنَاءٌ رَجَعَ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى وَلَوْ مَأْمُومًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ السَّلَامِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِئَلَّا يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّلَامِ زِيَادَةً وَلِانْسِحَابِ حُكْمِ الصَّلَاةِ الْأُولَى عَلَيْهِ وَلِهَذَا رَجَعَ هُنَا وَلَوْ مَأْمُومًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَإِذَا أَصْلَحَ الْأُولَى سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْبِسَاطِيِّ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِلَا سَلَامٍ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَلَامٍ فِيهِ نَظَرٌ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِالسَّلَامِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْبُطْلَانُ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا رَجَعَ بِالسَّلَامِ حَيْثُ كَانَ الْمَتْرُوكُ غَيْرَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ لَا يَمْنَعُ مِنْ سُجُودِهِ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ. (ص) وَمِنْ نَفَلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى كَفِي نَفْلٍ إنْ أَطَالَهَا أَوْ رَكَعَ (ش) أَشَارَ إلَى الْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى نَفْلًا وَالثَّانِيَةُ الْمَشْرُوعُ فِيهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرَكَهُ أَوْ الْبَعْضَ كَرُكُوعٍ وَنَحْوِهِ مِنْ نَفْلٍ وَقَدْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ تَمَادَى فِيهِ طَالَ أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَهُ لِحُرْمَةِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ، ثُمَّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ إبْطَالَهُ، كَمَا يَتَمَادَى أَيْضًا إذَا ذَكَرَهُ فِي نَفْلٍ مِثْلِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ مَحَلَّ التَّمَادِي هُنَا إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ وَإِلَّا رَجَعَ لِإِصْلَاحِ النَّفْلِ الْأَوَّلِ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَابْتَدَأَ النَّافِلَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا إنْ شَاءَ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَا ظَنَّهُ فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ وَلَا يَتَمَادَى فِي الثَّانِي وَلَوْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْضِ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ. (ص) وَهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ لَا؟ وَلَا سُجُودَ خِلَافٌ (ش) أَيْ: وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ   [حاشية العدوي] لِلصَّلَاةِ الْمَذْكُورِ فِيهَا رَاجِحًا حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَمِنْ فَرْضٍ إلَخْ) الْفَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ جَوَابُهُ بَطَلَتْ وَقَوْلُهُ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ شَرْطٌ فِي الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ بَطَلَتْ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ) هَذَا إذَا كَانَ قَدْ سَلَّمَ مِنْهَا أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ وَيَرْجِعُ لِإِتْمَامِهَا وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فِي الْمَذْكُورِ فِيهَا وَيَجْعَلُهُ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى وَهَذَا فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَكَبَعْضٍ وَلَا يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمُشَبَّهِ وَهُوَ نَقْصُ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا حَصَلَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الْأُولَى وَلَا ظَنَّهُ (قَوْلُهُ وَأَتَمَّ النَّفَلَ) أَيْ: الْمُقَابِلَ لِلْفَرْضِ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَالْمَنْدُوبَ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ غَيْرَهُ) أَيْ بِسَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَغْرِبُ فَلَا يَشْفَعُهَا وَالصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا كَمَّلَ مِنْ كُلٍّ رَكْعَةً أَتَمَّهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَشْفَعُهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا يُسْتَثْنَيَانِ. وَانْظُرْ هَلْ النَّفَلُ الْمَنْذُورُ كَالْفَرْضِ أَوْ كَالنَّفْلِ؟ (قَوْلُهُ لَا الْمَأْمُومُ فَلَا يَقْطَعُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ التَّذَكُّرُ قَبْلَ الْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَاوِي الْفَذَّ وَالْإِمَامَ فِي الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَيْسَ مِنْ مَسَاجِينِهِ (قَوْلُهُ فَالْمَحَلَّانِ مُفْتَرَقَانِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَارَ الْمَحَلُّ وَاحِدًا كَمَا أَفَادَهُ عج فَالْحَقُّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِالْحُكْمِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فَمِنْ فَرْضٍ إلَخْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا طَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ انْحَنَى بَطَلَتْ الْأُولَى وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي صَلَاةٍ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةً قَطَعَ إلَى أَنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا مُؤْتَمٌّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ يَكُونُ عَلَى قِسْمَيْنِ إنْ ذَكَرَ فَائِتَةً مِنْ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَإِنْ ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرٍ تَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَلَمَّا كَانَ الْمُصَلِّي هُنَا مَأْمُورًا بِالتَّلَافِي أُمِرَ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَمِنْ نَفْلٍ) وَلَوْ مُؤَكَّدًا وَقَوْلُهُ كَفِي نَفْلٍ أَيْ وَلَوْ دُونَ الْمَذْكُورِ مِنْهُ (قَوْلُهُ إذَا سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ) أَيْ: مِنْ النَّفْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ مِنْ جِنْسِ الْمَتْرُوكِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ فِي هَذِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ سُجُودَ سَهْوٍ قَبْلِيٍّ فَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ رَكْعَةٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ) أَيْ: فِي النَّفْلِ الثَّانِي لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ نَفْلًا وَالثَّانِي فَرْضًا وَلَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 مُؤَكَّدَةٍ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَشَهَّرَهُ فِي الْبَيَانِ لِتَلَاعُبِهِ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ قَدْ حُوفِظَ عَلَى أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ لِلسَّهْوِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَمِلُ وَحْدَةَ السُّنَّةِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدَّمَاتِ، وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ بَطَلَتْ وَيَحْتَمِلُ الْجِنْسَ فَيَتَنَاوَلُ السُّنَّةَ وَلَوْ كَثُرَتْ كَمَا ذَكَرَ سَنَدٌ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ تَرَكَ السُّورَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَمْدًا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ق وَزَادَ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تُشْهَرْ فَرْضِيَّتُهَا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهَا اتِّفَاقًا كَالْفَاتِحَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ أَيْ: وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ جَمِيعَ السُّنَنِ عَمْدًا قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ انْتَهَى وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَا سُجُودَ مَعَ أَنَّهُ لَا نِسْيَانَ هُنَا رَدًّا لِلْقَوْلِ بِالسُّجُودِ الَّذِي صَحَّحَهُ الْجَلَّابُ وَالْخِلَافُ خَاصٌّ بِسُنَنِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا سُنَنُ الْوُضُوءِ فَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ تَرَكَهَا كُلَّهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ سُنَنَ الْوُضُوءِ وَسِيلَةٌ وَسُنَنَ الصَّلَاةِ مَقْصِدٌ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْوَسِيلَةِ. (ص) وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الصَّلَاةِ سَهْوًا وَطَالَ بِحَيْثُ لَا يَتَدَارَكُهُ إمَّا بِالْعُرْفِ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَأَمَّا مَعَ الْعَمْدِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالطُّولِ. (ص) كَشَرْطٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ أَيْ: وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي أَبْوَابِ الشُّرُوطِ مِنْ تَرْكِهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْ مَعَ الْعَجْزِ وَمِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ الْمَتْرُوكِ طَهَارَةَ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ أَوْ سِتْرًا أَوْ اسْتِقْبَالًا فَرَاجِعْهُ. (ص) وَتَدَارَكَهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا (ش) هَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَطَالَ كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُطِلْ فَإِنَّهُ يَتَدَارَكُهُ سَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ التَّدَارُكِ فِي قَوْلِهِ وَتَارِكِ رُكُوعٍ إلَخْ فَمَعْنَى تَدَارُكِهِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَكْعَةٍ فَإِنْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَتَى بِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ التَّارِكُ نَفْسُهُ، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ سَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَّرِفٍ وَأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقِيلَ سَلَامُ الْإِمَامِ حَائِلٌ فَلَا يَسْجُدُ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ الْإِتْمَامَ فَاتَ تَدَارُكُهُ، وَيَسْتَأْنِفُ رَكْعَةً إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ هُنَا وَإِنْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَتَى بِهِ إنْ لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا مِنْ رَكْعَةٍ أَصْلِيَّةٍ تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ فَإِنْ عَقَدَهُ أَلْغَى رَكْعَةَ النَّقْصِ وَقَامَتْ الْمَعْقُودَةُ مَقَامَهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا، وَعَقْدُ الْإِمَامِ يُفَوِّتُ تَلَافِيَ مَأْمُومِهِ وَفِي الْبَرْمُونِيِّ وَلَمْ يَعْقِدْ التَّارِكُ لِلرُّكْنِ   [حاشية العدوي] الْأَوَّلِ وَلَا ظَنَّهُ فَيُكْمِلُ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ) كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ق) أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَتْ تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ الْقَبْلِيِّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَأَحْرَى أَنْ تَبْطُلَ بِتَرْكِ الثَّلَاثِ سُنَنٍ عَمْدًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُنْزِلُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ مَنْزِلَةَ الْفَرْضِ وَقَالَ الْبَدْرُ: إنَّ فِي تَرْكِ السُّجُودِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ تَرْكُ أَمْرَيْنِ: السُّجُودُ وَمُوجِبُهُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ قُيُودٍ: وَهُوَ أَنَّ الْمَتْرُوكَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ تُشَهَّرْ فَرْضِيَّتُهَا وَالْمُصَلِّي فَذٌّ أَوْ إمَامٌ وَهُنَاكَ قَيْدٌ خَامِسٌ هُوَ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ دَاخِلَةً فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ كَذَا قِيلَ وَيُفِيدُهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ) أَيْ: بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَاهِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ وَطَرَأَ عَلَيْهِ نَقْصٌ. (قَوْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ) أَيْ: أَنَّ قَوْلَنَا لَا بِقَيْدِ الطُّولِ لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ وَتَدَارَكَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ رُكْنٌ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَالنِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ: أَصْلًا أَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَلَطًا فَيَأْتِي بِهِ كَسَجْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَتَى بِهِ) أَيَّ أَخِيرَةٍ وَلَوْ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الرَّابِعَةِ أَيْ: مَثَلًا لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَا إذَا سَلَّمَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مُعْتَقِدًا الْإِتْمَامَ وَقَدْ فَاتَتْهُ سَجْدَةٌ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ تَدَارُكُهُ لِذَلِكَ بِتَسْلِيمِهِ مُعْتَقِدًا الْإِتْمَامَ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَلَامُ الْإِمَامِ حَائِلٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ الْإِتْمَامَ) تَقَدَّمَ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ فَاتَ تَدَارُكُهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُلُوسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ بِأَنْ يُسَلِّمَ سَهْوًا وَهُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ فَلَا يُفِيتُهُ السَّلَامُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَجْلِسُ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدُ لِسَهْوِهِ إنْ قَرُبَ تَذَكُّرُهُ فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ رَكْعَةً أَصْلِيَّةً) خَرَجَ بِقَيْدِ الْأَصْلِيَّةِ عَقْدُهُ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا تَلِي الرَّكْعَةَ الَّتِي نَقَصَ مِنْهَا فَلَا يَمْنَعُ عَقْدُ رُكُوعِهَا تَدَارُكَ مَا تَرَكَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهَا حُرْمَةٌ فَيَرْجِعُ يُكْمِلُ رَكْعَةَ النَّقْصِ وَقَبْلَ عَقْدِهَا يُمْنَعُ كَالْأَصْلِيَّةِ فَتَبْطُلُ الرَّابِعَةُ وَهَلْ يَقْضِيهَا أَوْ تَكُونُ الْخَامِسَةُ قَضَاءً قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ عَقْدُ الْإِمَامِ يُفَوِّتُ إلَخْ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَكَذَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَيُقَيِّدُ اعْتِمَادَهُ وَنَصُّهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ فَذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلْيَرْجِعْ جَالِسًا ثُمَّ يَسْجُدُهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَيَتَّبِعْهُ فِيهَا وَيَقْضِي رَكْعَةً اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَرْمُونِيِّ وَلَمْ يَعْقِدْ التَّارِكُ لِلرُّكْنِ) هَذَا خِلَافُ مَا قَبْلَهُ إلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فَقَالَ أَيْ: وَلَمْ يَعْقِدْ التَّارِكُ رُكُوعًا احْتِرَازًا مِمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وَأَمَّا عَقْدُ الْإِمَامِ فَيُفَوِّتُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَوَّتَ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسٍ أَوْ نَحْوِهِ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى اهـ. (ص) وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ إلَّا لِتَرْكِ الرُّكُوعِ فَبِالِانْحِنَاءِ كَسِرٍّ وَتَكْبِيرِ عِيدٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَذِكْرِ بَعْضٍ وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ الْمُفِيتَ لِتَدَارُكِ الرُّكْنِ الْمُوجِبِ لِبُطْلَانِ رَكْعَتِهِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ إلَّا فِي عَشْرِ مَسَائِلَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا يَقُولُ أَشْهَبُ مِنْهَا إذَا نَسِيَ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي رُكُوعِهِ مِنْ الَّتِي تَلِيهَا وَمِنْهَا مَنْ تَرَكَ السِّرَّ أَوْ الْجَهْرَ أَوْ السُّورَةَ أَوْ التَّنْكِيسَ بِأَنْ يُقَدِّمَ السُّورَةَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهَا إذَا نَسِيَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَكِنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَرَأَهَا فِيهَا كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَكِنْ يَأْتِي بِهَا فِي النَّافِلَةِ فَقَطْ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ يَسْجُدُ وَبِكَثِيرِ يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ مَا لَمْ يَنْحَنِ وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْكِ جُمْلَةِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَمِنْهَا إذَا ذَكَرَ بَعْضًا مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى   [حاشية العدوي] إذَا عَقَدَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُهُ التَّدَارُكُ إلَى إنْ قَالَ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ وَانْقَضَتْ صَلَاتُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصْلِحَ الَّتِي نَعَسَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِهَا وَذَهَبَ عب وشب إلَى كَلَامِ الْبَرْمُونِيِّ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ) بِأَنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الرُّكُوعَ وَقَالَ لَا أَفْعَلُ أَيْ: لَا أَرْكَعُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّ عَقْدَ الْإِمَامِ يُفِيتُ تَدَارُكَ ذَلِكَ الرُّكْنَ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ مَعَ الْعَمْدِ هَكَذَا مُرَادُهُ أَيْ: وَالرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عج وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عج أَنَّهَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَّتَ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الْأَوْلَى كَمَا إذَا زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ الْأُولَى حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُفِيتُ تَدَارُكُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ أَوْلَى فَلَا يَكُونُ عَقْدُ الرُّكُوعِ وَهُوَ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ مُفَوِّتًا بَلْ لَا يُفَوِّتُ إلَّا الرَّفْعُ مِنْ سُجُودِهَا (قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) أَيْ فَعَلَ كَفِعْلِهِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْ: وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يَتَّبِعُهُ أَيْ: فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَبَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. {تَنْبِيهٌ} : لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ أَيْ: كَلَامَ الْبَرْمُونِيِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ، وَأَمَّا هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا عَقْدُ الْإِمَامِ فَيُفَوِّتُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي رَكْعَةِ النَّقْصِ لَا فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ فَتَدَبَّرَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ) أَيْ: مُطْمَئِنًّا مُعْتَدِلًا فَإِذَا رَفَعَ دُونَهُمَا يَكُونُ كَمَنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا مُجَرَّدَ انْحِنَاءٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ. (قَوْلُهُ إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ) وَتَرْكُ الرُّكُوعِ يَسْتَلْزِمُ الرَّفْعَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ فَقَطْ فَيَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءُ وَإِنَّمَا يُفِيتُهُ رَفْعُ رَأْسِهِ مِنْ الَّتِي تَلِي مَا تَرَكَهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ فَبِالِانْحِنَاءِ) عِبَارَةُ عج فَبِالِانْحِنَاءِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ تَبِعَهُ عب وَإِنَّمَا كَانَ تَرْكُهُ يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ لِلْأَوَّلِ فَقَدْ أَبْطَلَ هَذَا وَإِنْ اعْتَدَّ بِهَذَا بَطَلَ الْأَوَّلُ فَلَا بُدَّ مِنْ إبْطَالِ أَحَدِ الرُّكُوعَيْنِ وَإِبْقَاءُ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِهِ انْتَهَى إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُنَافِيه قَوْلُ الشَّارِحِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْوَضْعَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَعِبَارَتُهُ فِي ك ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَفُوتُ التَّدَارُكُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَالْأَنْسَبُ حَلُّهُ بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ فِي انْعِقَادِ الرَّكْعَةِ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي مَسَائِلَ بَلْ فِي عِبَارَتِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ لَا عَلَى خُصُوصِ الرُّكْبَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إنْ طَلَعَ إلَى فَوْقِ الرُّكْبَتَيْنِ يَسِيرًا أَوْ نَزَلَ عَنْهُمَا كَذَلِكَ كَفَى فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَكَانَ مُفَوِّتًا لِلنَّدْبِ فَقَطْ اهـ. وَعِبَارَةُ تت بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَبِالِانْحِنَاءِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَعِبَارَةُ الْبِسَاطِيِّ ابْنِ يُونُسَ جَعَلَ مَالِكٌ عَقْدَ الرَّكْعَةِ إمْكَانَ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي الَّذِي نَسِيَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَاَلَّذِي نَسِيَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَاَلَّذِي ذَكَرَ سُجُودَ سَهْوٍ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ فَرِيضَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ وَاَلَّذِي نَسِيَ السُّورَةَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ فِي ك وَلَوْ رَجَعَ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسَ بِالْفَرْضِ إلَى السُّنَّةِ وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ رَجَعَ لِتَرْكِ الْجُلُوسِ بَعْدَ أَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ التَّلَبُّسُ بِالرُّكْنِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَمَامِ الْقِرَاءَةِ لِلْفَاتِحَةِ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ نُقُولِهِمْ الْمُصَرِّحَةِ بِالْوَضْعِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِانْحِنَاءِ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الِانْحِنَاءَ وَظَاهِرُ شب فِيمَا تَقَدَّمَ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ (قَوْلُهُ كَسِرٍّ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْمَسَائِلِ وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلتَّمْثِيلِ لِلتَّرْكِ الْمُطْلَقِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ كَالْمَلْغِيِّ الَّذِي هُوَ رُكُوعٌ فَهُوَ فِي غَايَةِ التَّكَلُّفِ. (قَوْلُهُ عَشْرِ مَسَائِلَ) أَيْ فَالتَّرْكُ لِلسِّرِّ صُورَةٌ وَلِلْجَهْرِ صُورَةٌ وَلِلسُّورَةِ صُورَةٌ وَالتَّنْكِيسُ كَذَلِكَ وَيَكُونُ عَدُّ ذِكْرِ الْبَعْضِ صُورَتَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَسُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ أَوْ التَّنْكِيسَ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ تَرْكُ السُّورَةِ فَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا ذَكَرَ بَعْضًا مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى) أَيْ: بَعْدَ أَنْ رَكَعَ بِالِانْحِنَاءِ إنْ كَانَ لَا يَقْرَأُ لِكَوْنِهِ أُمِّيًّا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ أَطَالَ بِأَنْ كَانَ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ إنْ كَانَ يَقْرَأُ؛ لِأَنَّ طُولَ الْقِرَاءَةِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الرُّكُوعِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 كَرَكْعَةٍ وَنَحْوِهَا وَيَشْمَلُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ هَذَا هُوَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ الِانْحِنَاءَ الْمَذْكُورَ يُفِيتُ الْقَطْعَ وَالدُّخُولَ مَعَ الْإِمَامِ وَمَا فِي الشَّارِحِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ وَقَدْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَصَوَابُهُ الثَّالِثَةُ وَقَوْلُنَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَلَاتَيْنِ مَعًا إنَّمَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ إقَامَةِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا هُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ إلَّا أَنْ يُتِمَّ رَكْعَتَيْنِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُفَوِّتُ بِالِانْحِنَاءِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الرَّكْعَتَيْنِ مُفَوِّتٌ لِلْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ لِلثَّالِثَةِ وَإِنَّمَا مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ قَصْدًا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَهُوَ لِأَجْلِهِ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ ضَبَطَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضٌ إقَامَةَ مَغْرِبٍ عَلَى أَنَّ ذَكَرَ فِعْلٌ مَاضٍ وَبَعْضٌ فَاعِلُهُ وَإِقَامَةً مَفْعُولُهُ وَهُوَ تَكَلُّفٌ مُنْقِصٌ لِفَرْدٍ مِنْ النَّظَائِرِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَغْرِبِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا. (ص) وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ سَلَّمَ بَنَى إنْ قَرُبَ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أَوْلَى إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَتَدَارَكُ مَا فَاتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ سَلَامٌ إنْ كَانَ النَّقْصُ مِنْ الْأَخِيرَةِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ سَلَامٌ فَاتَ التَّدَارُكُ لِلْأَبْعَاضِ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَأَلْغَى رَكْعَةَ النَّقْصِ إنْ قَرُبَتْ مُفَارَقَتُهُ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنْ انْضَمَّ إلَى سَلَامِهِ بُعْدٌ أَوْ خُرُوجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ لِحُصُولِ الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إمَّا لِلْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ حَرْفِ التَّفْسِيرِ عَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَيْ: الْقُرْبُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ تَارِكًا لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ إنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ أَيْ: وَبَنَى إنْ قَرُبَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا وَالْقُرْبُ مَحْدُودٌ بِالْعُرْفِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَفِي حَدِّ الْبِنَاءِ قَوْلَانِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ الْمَحَلُّ الْمَحْصُورُ فَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ مَحَلٍّ مَحْصُورٍ كَالصَّحْرَاءِ مَثَلًا فَبِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الْمَسْجِدِ طُولٌ جِدًّا بِالْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ. (ص) بِإِحْرَامٍ وَلَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ (ش) هَذَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْبِنَاءِ يَعْنِي إذَا بَنَى مَعَ الْقُرْبِ وَلَوْ جِدًّا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ أَيْ: بِتَكْبِيرٍ وَنِيَّةٍ وَيُنْدَبُ لَهُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حِينَ شُرُوعِهِ فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ: نِيَّةِ إتْمَامِ مَا بَقِيَ وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا اتِّفَاقًا وَإِذَا قِيلَ بِالْإِحْرَامِ فَهَلْ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ لِتَحْصُلَ لَهُ النَّهْضَةُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ صَاحِبِ اللُّبَابِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لَا يَجْلِسُ وَيَتَمَادَى عَلَى حَالِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ إلَى الرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ أَمْ لَا وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. ص (وَجَلَسَ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ش أَيْ:   [حاشية العدوي] فَوَاتِ التَّلَافِي كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَمِنْ فَرْضٍ. {تَنْبِيهٌ} : يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضٌ سِتَّ صُوَرٍ وَهِيَ مِنْ فَرْضٍ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ فِي نَفْلٍ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَفِي السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ ثَلَاثٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ) إشَارَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ أَيْ: وَمُقْتَضَى إقَامَةُ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا مِنْ الْقَطْعِ وَالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَقْطَعُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فَسَقَطَ تَحَيُّرُ بَعْضِهِمْ فِي عَطْفِهِ عَلَى مَاذَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْحَنِ فَلَا يَفُوتُ مَا يَقْتَضِيه إقَامَتُهَا عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا فَيَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ ضَبَطَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَدَّعِي أَنَّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ زَائِدَةٌ أَوْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي نُسْخَتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مَا يُعَدُّ خُرُوجًا عُرْفًا فَالْخَارِجُ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ لَا يُعَدُّ خُرُوجًا عُرْفًا وَهَذَا إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَسَيَأْتِي الشَّارِحُ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ آخِرَ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ فَبِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَرَى أَفْعَالَ الْإِمَامِ وَلَا الْمَأْمُومِينَ وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ وَلَا قَوْلَهُمْ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَحْصُلُ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِمْ. (قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ صَلَّى بِأَوْ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْهَمْزَةِ بِأَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا وَصَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِتَرْكِهِ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ ذَكَرَ الْإِحْرَامَ أَوَّلًا بِمَعْنًى وَهُوَ النِّيَّةُ وَالتَّكْبِيرُ وَرَجَعَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ التَّكْبِيرُ وَحُكْمُ التَّكْبِيرِ وَحْدَهُ إمَّا الْوُجُوبُ أَوْ السُّنِّيَّةُ كَذَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب وَالظَّاهِرُ السُّنِّيَّةُ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَوَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ النَّهْضَةُ) أَيْ: الْقِيَامُ نَهَضَ قَامَ وَبَابُهُ قَطَعَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ) أَيْ التَّحَرُّكَ لِلرُّكْنِ وَهُوَ الْقِيَامُ مَقْصُودٌ أَيْ: التَّحَرُّكُ لِلْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا لِلصَّلَاةِ مَقْصُودٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقِيَامُ مَقْصُودًا لِلصَّلَاةِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ وَجَلَسَ) أَيْ: وُجُوبًا عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِوَاجِبٍ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 وَجَلَسَ مَنْ تَذَكَّرَ قَائِمًا لِلْإِحْرَامِ أَيْ: لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ؛ لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ مِنْهَا الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ نَهْضَتَهُ قَبْلُ لَمْ تَكُنْ لَهَا قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ مَنْ قَالَ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ يَجْلِسُ؛ لِأَنَّ نَهْضَتَهُ لَمْ تَكُنْ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى وَهَذَا فِيمَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَقَامَ، وَأَمَّا مَنْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ كَذَلِكَ، وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْقِيَامُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ وَجَلَسَ لَهُ أَيْ: لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ لَا جَلَسَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ قِيَامٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. (ص) وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ (ش) لِمَا قُدِّمَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الْأَخِيرَةِ يَتَدَارَكُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ وَأَنَّ السَّلَامَ يُفِيتُ التَّدَارُكَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ حَصَلَ بَعْدَ رَكْعَةِ السَّهْوِ فَأَشْبَهَ عَقْدَ مَا بَعْدَهَا كَانَ مَظِنَّةَ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ فَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ هُوَ السَّلَامُ نَفْسُهُ الَّذِي لَا رُكْنَ بَعْدَهُ فَمَا الَّذِي يَفُوتُ تَدَارُكُهُ فَأَجَابَ مُشِيرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ بِقَوْلِهِ وَأَعَادَ إلَخْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ السَّلَامَ سَهْوًا وَطَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَوْضِعَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ بِإِحْرَامٍ مِنْ جُلُوسٍ لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا لَكِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ طُولٍ وَلَا مُفَارَقَةِ مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَعْتَدِلُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ وَلَا يَحْتَاجُ هَذَا إلَى تَكْبِيرٍ وَلَا إعَادَةِ تَشَهُّدٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْحَرِفْ فِي هَذَا الْقِسْمِ عَنْ الْقِبْلَةِ سَلَّمَ فَقَطْ وَلَا سُجُودَ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ فَقَوْلُهُ وَأَعَادَ إلَخْ هَذَا إذَا طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَوْضِعَهُ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ عَوْدِهِ بِإِحْرَامٍ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ اتِّكَالًا عَلَى الْعُمُومِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ بِإِحْرَامٍ وَسَكَتَ عَنْ سُجُودِهِ لِوُضُوحِ الزِّيَادَةِ، وَدَلِيلُ أَنَّ مُرَادَهُ هَذَانِ الْقِسْمَانِ دُونَ قِسْمِ الطُّولِ جِدًّا الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ وَدُونَ قِسْمِ الْقُرْبِ جِدًّا الَّذِي لَا إحْرَامَ فِيهِ وَلَا تَشَهُّدَ قَوْلُهُ وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ إلَخْ. (ص) وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَا سُجُودَ وَإِلَّا فَلَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ السُّنَنَ الَّتِي يَفُوتُ تَدَارُكُهَا بِالرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ عَقَدَ بَعْدَهَا وَكَانَ مِنْ السُّنَنِ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالرُّكْنُ بَعْدَهُ الْقِيَامُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَفُوتُهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَجَعَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ سَهْوًا فَذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ دُونَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِرُكْبَتَيْهِ دُونَ يَدَيْهِ أَوْ فَارَقَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِرُكْبَتَيْهِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَبْقَى فِي الْأَرْضِ إحْدَى الْيَدَيْنِ فَقَطْ أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ فَقَطْ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيمَا ذُكِرَ الرُّجُوعُ لِيَأْتِيَ بِهِ مَعَ التَّشَهُّدِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي تَزَحْزُحِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّزَحْزُحَ الْمَذْكُورَ لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. وَمَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ تَمَادَى وَلَمْ يَرْجِعْ لَمْ تَبْطُلْ فِي السَّهْوِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَجْرِي الْعَامِدُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ مُتَعَمِّدًا وَالْمَشْهُورُ إلْحَاقُ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ انْتَهَى فَإِنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ مَعًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَقَلَّ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الرُّجُوعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ إلَخْ السُّنِّيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَعَمُّدَ تَرْكِ الْجُلُوسِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَعَلَى مُقَابِلِهِ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ أَوْ التَّشَهُّدُ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ جُلُوسِ السَّلَامِ لِيَشْمَلَ الْأَوَّلَ وَغَيْرَهُ مَا عَدَا جُلُوسَ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ الْأَرْضُ أَوْ السَّرِيرُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ص (وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ   [حاشية العدوي] الْمَقْصِدِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ مِنْ قِيَامٍ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ يُحْرِمُ قَائِمًا. {تَنْبِيهٌ} : لَا يُكَبِّرُ لِجُلُوسِهِ لِلْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا يَجْلِسُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَإِذَا جَلَسَ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ يَقُومُ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ فَارَقَ الصَّلَاةَ مِنْ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ) هَذَا الظَّاهِرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى حَالِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَهَا فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ تَذَكَّرَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ الْمُعْتَمَدِ يُرَادُ بِالْجُلُوسِ مَا عَدَا الْقِيَامَ فَيَشْمَلُ حَالَةَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ فِي الْوَاحِدَةِ وَالثَّالِثَةِ وَإِلَّا أَشْكَلَ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ) أَيْ: عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَقُولَ فِي مَقَامِ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ) بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِالْخُرُوجِ بِكُلِّ مُنَافٍ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الطُّولُ الْمُتَوَسِّطُ وَمُفَارَقَةُ الْمَوْضِعِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ) أَيْ: كَثِيرًا الَّذِي يُبْطِلُ عَمْدُهُ؛ لِأَنَّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَأَمَّا يَسِيرًا فَلَا كَمَنْ لَمْ يَنْحَرِفْ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ اتِّكَالًا عَلَى الْعُمُومِ السَّابِقِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْإِحْرَامَ فِيمَا إذَا تَرَكَ رُكْنًا يَعْقُبُهُ سَلَامٌ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ بُعْدٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ يَحْرُمُ وَرُبَّمَا يَقْتَضِيه نَقْلُ الْمَوَّاقِ أَوْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَأَبْقَى فِي الْأَرْضِ إحْدَى الْيَدَيْنِ فَقَطْ) هَذَا فِيمَا إذَا فَارَقَ بِرُكْبَتَيْهِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ) هَذَا فِيمَا إذَا فَارَقَ بِيَدَيْهِ وَإِحْدَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ تَرَكَ فِيهِ يَدًا وَاحِدَةً وَرُكْبَةً وَاحِدَةً مَعًا. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) بَلْ الظَّاهِرُ السُّنَّةُ مُطْلَقًا وَبَعْدَ ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ هَلْ تَرْكُ السُّنَّةِ عَمْدًا مُبْطِلٌ أَمْ لَا خِلَافٌ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطِي حُكْمَ مَقْصِدِهَا. {تَنْبِيهٌ} : إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ لِلسُّورَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الرُّكُوعِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِخِلَافِ قِيَامِهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ لِلْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا بِكُلِّ رَكْعَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وَلَوْ اسْتَقَلَّ) ش تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَإِلَّا فَلَا أَيْ: فَإِنْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّمَادِي وَرَجَعَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ وَلَوْ عَمْدًا اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ سَهْوًا، وَأَمَّا عَمْدًا فَالْمَشْهُورُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لَلْفَاكِهَانِيِّ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ وَالْجَاهِلُ كَالْعَامِدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِخَطَأِ فِعْلِهِ خِلَافًا لِسَنَدٍ وَإِذَا رَجَعَ فَلَا يَنْهَضُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِهَذَا يَنْقَلِبُ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ بَعْدِيًّا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وَسَجَدَ بَعْدَهُ (ش) أَيْ: وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ فِي قِيَامِهِ وَرُجُوعِهِ كَانَ رُجُوعُهُ مَشْرُوعًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ دُونَ الْإِمَامِ أَوْ الْعَكْسِ وَإِذَا اعْتَدَّ بِرُجُوعِهِ فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَهِيَ قِيَامُهُ سَهْوًا فَلِذَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَالَ أَشْهَبُ رُجُوعُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَهُوَ لَمْ يَأْتِ بِمَا طُلِبَ مِنْهُ مِنْ الْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ إذْ مَا فَعَلَهُ مِنْهُمَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَمَعَهُ نَقْصُ التَّشَهُّدِ وَزِيَادَةٌ، وَهُوَ الْقِيَامُ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِينَ أَنْ يُسَبِّحُوا قَبْلَ اتِّبَاعِهِ مَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَإِلَّا فَلَا يَفْعَلُوا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِوَاءِ قَائِمًا مُفَارَقَةُ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ. (ص) كَنَفْلٍ لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ وَالسُّجُودِ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً ثُمَّ قَامَ سَاهِيًا إلَى ثَالِثَةٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِلَّا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ التَّزَحْزُحُ وَهُوَ لَا يُسْجَدُ لَهُ كَمَا مَرَّ هَذَا إنْ لَمْ يَعْقِدْ الثَّالِثَةَ فَإِنْ عَقَدَهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا فَإِنَّهُ يُكْمِلُ مَا هُوَ فِيهِ أَرْبَعًا فِي غَيْرِ الْفَجْرِ، فَإِنْ صَلَّى النَّافِلَةَ أَرْبَعًا وَقَامَ لِخَامِسَةٍ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ عَقَدَهَا أَمْ لَا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ سَجْدَتَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ، وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ وَانْظُرْ الرَّدَّ وَالْجَوَابَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ   [حاشية العدوي] بَلْ فِيهِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقَلَّ) بَلْ لَوْ قَرَأَ إلَّا أَنْ يُتِمَّهَا كَمَا فِي طخ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِتَمَامِهَا هَلْ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ أَوْ هِيَ وَالسُّورَةُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ فَقَدْ يَكُونُ قِرَاءَةُ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي التَّشَهُّدَ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ كَذَا فِي عب وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا اللَّازِمَةُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ سَهْوًا) هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ حِينَ تَذَكَّرَ وَقُلْنَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ قَدْ يَتَذَكَّرُ وَيَتَمَادَى ثُمَّ يَنْسَى فَيَرْجِعُ ثُمَّ إذَا رَجَعَ فَنَسِيَ التَّشَهُّدَ فَقَامَ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا إنْ رَجَعَ ثَانِيًا لِعَدَمِ اغْتِفَارِهِمْ النِّسْيَانَ الثَّانِي كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ) مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَقَلَّ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اتِّفَاقُ طَرِيقَةٍ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا) أَيْ: الْجَاهِلُ هَذَا مَدْلُولُ اللَّفْظِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَكُونُ عَالِمًا بِخَطَأِ فِعْلِهِ هُوَ الْمُتَعَمِّدُ وَالْعَامِدُ فِيهِ الْخِلَافُ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ وَسَنَدٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ وَنَصُّ سَنَدٍ وَإِنْ رَجَعَ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ خَطَأٌ وَيَفْعَلُهُ فَهَذَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا رَيْبٍ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يَنْهَضُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ) فَإِنْ قَامَ عَمْدًا قَبْلَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهَا بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ أَيْ: وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ لَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ كَانَ رُجُوعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ مَشْرُوعًا كَمَا إذَا كَانَ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) بِأَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرُّجُوعَ عِنْدَ الِانْتِصَابِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَأَمَّا دُونَهُ فَقَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ كَمَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ مَشْرُوعًا كَمَا إذَا لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ إنَّمَا قَصَدَ بِهِ تَوْضِيحَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَّبِعُ إمَامَهُ وَلَوْ خَالَفَ فِعْلُهُ فِعْلَ إمَامِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَهِيَ قِيَامُهُ سَهْوًا) سَكَتَ عَنْ رُجُوعِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَهْوًا كَمَا يَكُونُ عَمْدًا وَلَعَلَّهُ لَمَّا كَانَ وَسِيلَةً لِفِعْلِ السُّنَّةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سُجُودٌ (قَوْلُهُ رُجُوعُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ رُجُوعُهُ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ لَا يَكُونُ مُطَالَبًا بِالتَّشَهُّدِ فَيَكُونُ زِيَادَةً عَبَثًا غَيْرَ مُبْطِلَةٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا السُّجُودُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ السُّجُودُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ التَّقَارِيرِ عَلَى تت الْكَبِيرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَزِيَادَةٌ وَهُوَ الْقِيَامُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ زِيَادَةً غَيْرَ الْقِيَامِ وَهِيَ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِوَاءِ قَائِمًا) جَوَابٌ عَمَّا يَقُولُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا صَادِقٌ بِمَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ قَائِمًا مَعَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُسَبِّحُونَ لَهُ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ وَقَائِمًا حَالٌ مُؤَسَّسَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ يَتَحَقَّقُ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ وَحَالَةِ الْقِيَامِ فَأَفَادَك أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِوَاءُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ قَائِمًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا) ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ مَالِكٍ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا) فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْفَرِيضَةُ كَالنَّافِلَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ مَا هُوَ فِيهِ) هَذَا إنْ قَامَ لِلثَّالِثَةِ سَاهِيًا وَأَمَّا لَوْ قَامَ عَمْدًا فِي ثَالِثَةِ النَّفْلِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِتَعَمُّدٍ كَسَجْدَةٍ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ) اعْلَمْ أَنَّ الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ وَالِاسْتِسْقَاءَ كَالْفَجْرِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ مِثْلِهَا يُبْطِلُهَا بَلْ فِي الطِّرَازِ إذَا صَلَّى الْفَجْرَ ثَلَاثًا اُخْتُلِفَ فِي بُطْلَانِهِ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ حَدَّهُ بِاثْنَتَيْنِ فَفِعْلُهُ أَرْبَعًا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ أَيْ: فِي الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ: الرَّدِّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّمَا يَسْجُدُ قَبْلُ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ وَنَقَضَهُ اللَّخْمِيُّ بِلُزُومِهِ فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقَدْ نَقَصَهُ فِي مَحَلِّهِ وَفَعَلَهُ بَعْدَ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّ التَّأْخِيرَ نَقْصٌ مَعَ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي هَذِهِ بَعْدُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِاسْتِقْلَالِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي النَّفْلِ أَيْ: بِالسَّلَامِ وَنَفْيِهِ فِي خَامِسَةِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ خَامِسَةَ الظُّهْرِ مُتَّفَقٌ عَلَى نَفْيِهَا فَهِيَ مَحْضُ زِيَادَةٍ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ عَقَدَ الْخَامِسَةَ أَمْ لَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ الْفَرْضَ فِي الْإِطْلَاقِ لِئَلَّا يُنَافِيَهُ، قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ إذْ الْفَرْضُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فَإِنَّمَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ الْمَحْضَةِ فَضَمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ لِلنَّفْلِ الْمُكَمِّلِ أَرْبَعًا وَلِمَنْ رَجَعَ فِيهِ مِنْ الْخَامِسَةِ عَقَدَهَا أَمْ لَا وَلَك أَنْ تُعَمِّمَ فِي الْإِطْلَاقِ وَتُخَصِّصَ، قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا أَيْ: فِي مَسْأَلَتَيْ النَّفْلِ فَقَطْ دُونَ الْفَرْضِ. (ص) وَتَارِكِ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِمًا وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ فِي صَلَاةٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ سَجَدَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ قَائِمًا لِيَنْحَطَّ لَهُ مِنْ قِيَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُحْدَوْدِبًا وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ انْحِطَاطِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ فَاتِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الرُّكُوعِ أَنْ يَعْقُبَ قِرَاءَةً فَإِنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا - لَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَتَى بِالسَّجْدَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ كَمَا ذَكَرَهُ ح، وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ إلَى الرُّكُوعِ مُحْدَوْدِبًا ثُمَّ يَرْفَعُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْقِيَامِ مُعْتَدِلًا لَأَبْطَلَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَائِمًا كَالرُّكُوعِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ رَفْعِ الرُّكُوعِ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ فَإِذَا رَجَعَ قَائِمًا وَانْحَطَّ لِلسُّجُودِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ انْتَهَى وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَقْرَأُ فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ يَرَى رَأْيَ ابْنِ حَبِيبٍ فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الرُّكُوعِ عَنْ ذِكْرِ الرَّفْعِ. (ص) وَسَجْدَةً يَجْلِسُ لَا سَجْدَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ بِخِلَافِ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ قِيَامِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِمَا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بَلْ يَنْحَطُّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ كَمَنْ لَمْ يَنْسَهُمَا وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَجْلِسُ لِتَرْكِ سَجْدَةٍ وَلَوْ كَانَ جَلَسَ أَوَّلًا وَتَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَأْتِي   [حاشية العدوي] النَّفْلِ فَثَمَّ مَنْ يَقُولُ فِي النَّفْلِ أَرْبَعٌ وَعِنْدَنَا اثْنَتَانِ فَهُوَ نَقْصُ السَّلَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ عِنْدَنَا حَالَ تَكْمِيلِهِ أَرْبَعًا وَلَا يُنْقَضُ بِأَنَّ السَّلَامَ فَرْضٌ وَلَا يَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ رَعْيَ كَوْنِ النَّفْلِ أَرْبَعًا يَصِيرُ بِسَلَامِ الرَّكْعَتَيْنِ كَسُنَّةٍ وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَتَى بِنَقْصٍ وَزِيَادَةٍ وَالنَّقْصُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ عَقَدَ الْخَامِسَةَ أَمْ لَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْخِلَافِ إلَّا مَا قَوِيَ وَاشْتَهَرَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَرْبَعِ قَوِيٌّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ تَارِكُ رُكُوعٍ) يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ انْحِطَاطُهُ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ وَنَسِيَ الرُّكُوعَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ فَاتِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) الصَّوَابُ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ بَلْ يَقْرَأُ غَيْرَهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ تَكْرِيرُ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ لَا يُكَرِّرُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْحَطَّابِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَا يُنْدَبُ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. أَقُولُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مَحَلَّ سُورَةٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْقِيَامِ مُعْتَدِلًا لَأَبْطَلَ) وَجْهُهُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ الرَّفْعَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْت فِي عب مَا نَصُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا أَتَى بِزِيَادَةٍ بِخِلَافِ مَنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا فِي تَرْكِ الرُّكُوعِ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهُ يَخُصُّ قَوْلَهُ عَلَى هَذَا وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ بِالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَبِأُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ الِانْتِصَابِ قَائِمًا يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ رَأَى إلَخْ وَلِذَلِكَ كَتَبَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَقْرَأُ وَكَذَلِكَ لَا يَقْرَأُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَطُّ مِنْ قِيَامٍ لِلسُّجُودِ وَإِنَّمَا الْقِرَاءَةُ لِمَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِهَذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يَخِرُّ سَاجِدًا بَعْدَ الرَّفْعِ لَا أَنَّهُ بَعْدُ يَرْكَعُ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَقْرَأُ) بَلْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَقْرَأُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الرُّكُوعِ عَنْ ذِكْرِ الرَّفْعِ) أَيْ: فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتَارِكُ الرُّكُوعِ مَا يَشْمَلُ تَارِكَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَيَخُصُّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ بِحَالَةِ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ وَسَجْدَةٍ) عُطِفَ عَلَى رُكُوعٍ وَقَوْلُهُ يَجْلِسُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَرْجِعُ الْوَاقِعُ خَبَرًا عَنْ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ تَارِكُ فَقَدْ عَطَفَتْ الْوَاوُ شَيْئَيْنِ وَصَحَّ هَذَا الْعَطْفُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَارِكُ أَيْ: وَمُصَلٍّ تَارِكٌ وَهُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ كَذَلِكَ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مُخْتَلِفًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغَايُرَ بِالِاعْتِبَارِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّغَايُرِ بِالذَّاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ بَاقِيًا عَلَى جَرِّهِ وَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ الْمَعْطُوفَ لَفْظُ تَارِكٍ وَهُنَا الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ لَفْظُ تَارِكٍ. (قَوْلُهُ نَسِيَ سَجْدَةً) أَيْ: تَذَكَّرَهَا وَلَمْ يَعْقِدْ الَّتِي تَلِيَهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ) فَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضٌ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ) أَرَادَ بِالرُّكْنِ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَصْدَ الثَّانِيَةِ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ أَتَى بِهَا مِنْ قِيَامٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَصْدَ الثَّانِيَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا ثَانِيَةً إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَتَيْنِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ لَوْ ذَكَرَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنَّهُ يَقُومُ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ مُنْحَطًّا لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ الِانْحِطَاطِ لَهُمَا فَالِانْحِطَاطُ لَهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ أَقُولُ كَوْنُهُ يُكْرَهُ التَّعَمُّدُ وَفِي حَالَةِ السَّهْوِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ إنَّمَا يَكُونُ لِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَتَرْكُهَا عَمْدًا يُؤْثِمُ لَا يُكْرَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْقَائِلِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ) أَيْ: أَنَّهُ قَيَّدَ فِي تَوْضِيحِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ جَلَسَ أَوَّلًا وَإِلَّا لَخَرَّ بِغَيْرِ جُلُوسٍ اتِّفَاقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي الْجُلُوسِ أَوَّلًا وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ وَلَا لِحِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةِ. (ص) وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعٌ أَوْلَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ (ش) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْأُولَى سُجُودَهَا كُلَّهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ حَلُّ حُلُولُو لَا الْمَوَّاقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لِسُجُودِ السَّهْوِ هَلْ هُوَ قَبْلِيٌّ أَوْ بَعْدِيٌّ أَوْ التَّفْصِيلُ قَالَ حُلُولُو فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا نَسِيَ السُّجُودَ مِنْ الْأُولَى وَالرُّكُوعَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ فَيَسْجُدُ لِلْأُولَى وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا يُضِيفُ إلَيْهَا مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا نَصُّ التَّهْذِيبِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْأُمِّ السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ: وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ كَمَا هُوَ فَقَدْ نَقَصَ النُّهُوضَ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَامَ لِيَأْتِيَ بِالسُّجُودِ مِنْ الْقِيَامِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَجَدَ بَعْدُ وَلِهَذَا يُتَعَقَّبُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ انْتَهَى فَالْمُؤَلِّفُ مَاشٍ عَلَى مَا فِي الْأُمِّ أَيْ فَيَجْرِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالسُّجُودِ لِيُصْلِحَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ التَّدَارُكَ لَمْ يَفُتْ إلَّا بِرُكُوعٍ وَلَا رُكُوعَ هُنَا، وَفِي عَكْسِ صُورَةِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ أَنْ يَنْسَى مِنْ الْأُولَى الرُّكُوعَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ السُّجُودَ لَا جَبْرَ لِسُجُودِ الْأُولَى بِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا فَالْوُجُوبُ تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ إجْمَاعًا فَالْمُؤَلِّفُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ الْمَفْعُولَ بَعْدَ رُكُوعٍ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَجْبُرُهُ. (ص) وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْأُوَلُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَيْ: مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً مِنْ الرَّبَاعِيَةِ فَإِنَّ الثَّلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُوَلَ تَبْطُلُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ تَدَارُكِ إصْلَاحِ كُلِّ رَكْعَةٍ بِعَقْدِ مَا بَعْدَهَا فَتَصِيرُ الرَّابِعَةُ أُولَى ثُمَّ يَأْتِي بِثَانِيَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةً وَهِيَ إلْغَاءُ الْأَوَّلِ وَنَقْصًا وَهِيَ السُّورَةُ مِنْ الرَّابِعَةِ الَّتِي صَارَتْ أُولَى وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الثَّمَانِ سَجَدَاتٍ أَصْلَحَ رُكُوعَ الرَّابِعَةِ بِسَجْدَتَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ بِالسَّلَامِ فَاتَ تَدَارُكُ الْأَخِيرَةِ. (ص) وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا أَيْ: فَإِنْ عَقَدَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ بَطَلَتْ الْأُولَى وَرَجَعَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ أُولَى وَتَنْقَلِبُ الرَّكَعَاتُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَأْمُومُهُ تَبَعٌ لَهُ وَقِيلَ لَا انْقِلَابَ فَعَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعُ أَوَّلَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ) أَيْ الرُّكُوعِ الْحَاصِلِ مِنْهُ أَوَّلًا لَا يُضَمُّ إلَيْهِ سُجُودُ ثَانِيَتِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَجْمُوعُ كُلُّهُ رَكْعَةً فَأَرَادَ بِالْجَبْرِ الضَّمَّ. (قَوْلُهُ لَا الْمَوَّاقِ) وَنَصَّ الْمَوَّاقُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى وَالرُّكُوعَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا فَلْيَأْتِ بِسَجْدَةٍ يُصْلِحُ بِهَا الْأُولَى وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا يُضِيفُ إلَيْهَا مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ فِي هَذَا السُّجُودِ إنَّمَا كَانَ لِرَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ لِرَكْعَتِهِ الْأُولَى اهـ. وَدَأْبُهُ يَحِلُّ الْمُصَنِّفُ بِالنُّقُولِ. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) فَإِنْ قُلْت لِمَ تَرَتَّبَ السُّجُودُ هُنَا مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَمْدٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ أَشْبَهَتْ السَّهْوَ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ سُنَّ لِسَهْوٍ أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا هُنَا كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْأُمِّ) كَذَا بِوَاوِ الْجَمْعِ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ الْوَاوِ أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ سَحْنُونَ فِي الْأُمِّ الَّتِي هِيَ الْمُدَوَّنَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ سَحْنُونًا لِعِظَمِ شَأْنِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ جَمَاعَةٍ وَأَمَّا التَّهْذِيبُ فَهُوَ لِلْبَرَادِعِيِّ وَهُوَ مُخْتَصَرُهَا (قَوْلُهُ فَسَجَدَ كَمَا هُوَ إلَخْ) أَيْ: كَمَا هُوَ جَالِسٌ لِنَقْصِ النُّهُوضِ أَيْ: فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ تَرَكَ ذَلِكَ سَهْوًا وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ) أَيْ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَامَ أَيْ: أَوْ ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ قَامَ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ وَقَوْلُهُ سَجَدَ بَعْدُ أَيْ لِمَا مَعَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَهِيَ السَّجْدَتَانِ الْوَاقِعَتَانِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يُتَعَقَّبُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ) أَيْ: الَّذِي هُوَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ. {تَنْبِيهٌ} : إذَا ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ سَاجِدٌ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْأُولَى السُّجُودَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ الرُّكُوعَ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْجَبْرِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلْقِيَامِ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ مُنْحَطٌّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَسَجَدَهُمَا فَقَدْ نَقَصَ الِانْحِطَاطَ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ اهـ. (قَوْلُهُ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الثَّمَانِ سَجَدَاتٍ أَصْلَحَ رُكُوعَ الرَّابِعَةِ بِسَجْدَتَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهَا وَلَا مَفْهُومَ لِسَجَدَاتٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَالرَّكَعَاتُ وَالْقِيَامَاتُ كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبِنَاءُ وَقَوْلُهُ بِأَرْبَعٍ أَيْ: بِتَرْكِ أَرْبَعٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلْأَرْبَعِ وَلَا لِلْأُوَلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بِالسَّلَامِ فَاتَ التَّدَارُكُ) قَالَ الْحَطَّابُ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ أَرْبَعًا سَهْوًا وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْبِنَاءِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَبْنِي هُنَا وَلَوْ سَلَّمَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَبْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ أَرْبَعًا سَهْوًا. (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى) وَكَذَا لَوْ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَرَجَعَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً ثُمَّ مَحَلُّ انْقِلَابِ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ إنْ وَافَقَهُ بَعْضُ مَأْمُومِيهِ عَلَى السَّهْوِ وَإِلَّا لَمْ تَنْقَلِبْ بِبُطْلَانِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إنْ يُتَمِّمْ لِأَجْلِ يَقِينِهِ وَعَدَمِ انْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِالسَّجْدَةِ لِمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُوَافِقُوهُ لَمْ تَنْقَلِبْ بَلْ يَصِيرُ قَاضِيًا وَعِنْدَ الِانْقِلَابِ يَصِيرُ بَانِيًا فَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ آتٍ بِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ لَكِنْ هَلْ هِيَ بِنَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكْثُرْ وَاجِدًا وَإِلَّا فَلَا بِنَاءَ وَلَا قَضَاءَ. (قَوْلُهُ بِبُطْلَانِهَا) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَوْلُهُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَنَازَعَهُ قَوْلُهُ رَجَعَتْ وَقَوْلُهُ بِبُطْلَانِهَا وَأُعْمِلَ الثَّانِي وَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ أَيْ: وَرَجَعَتْ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ. (قَوْلُهُ وَتَنْقَلِبُ الرَّكَعَاتُ بِالْمَنْسِيَّةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ) أَيْ: وَإِذَا انْقَلَبَتْ رَكَعَاتُ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ نَقْصٌ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ. {تَنْبِيهٌ} : إنَّمَا أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَرَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 الْمَشْهُورِ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِنَاءً يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي بِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَعَلَى الشَّاذِّ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَى يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَمَفْهُومُهُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ أَنَّ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ لَا تَنْقَلِبُ حَيْثُ لَمْ تَنْقَلِبْ رَكَعَاتُ إمَامِهِ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا فَيَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَطَلَ عَلَى صِفَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْخَلَلُ يَأْتِي بِبَدَلِهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ جَهْرِيَّةً وَسِرًّا إنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً. (ص) وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا سَجَدَهَا وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيَامِ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ وَرَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ وَتَشَهُّدٍ (ش) لَمَّا كَانَتْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الشَّكَّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ فَرَّعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا ذُكِرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ هَلْ أَتَى بِهَا أَمْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهَا لَمْ يَدْرِ تَعْيِينَ مَحِلِّهَا الْمَتْرُوكَةِ مِنْهُ أَيْضًا أَيَّ: رَكْعَةٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالسَّجْدَةِ الْآنَ عَلَى أَيِّ حَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحْرَى لَوْ تَيَقَّنَ تَرْكَهَا وَشَكَّ فِي مَحَلِّهَا فَقَطْ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَحَلُّهَا وَمَتَى أَمْكَنَ وَضْعُ الرُّكْنِ فِي مَحَلِّهِ تَعَيَّنَ فَبِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي مَحَلِّ ذِكْرِهَا تَيَقَّنَ سَلَامَتَهَا فَصَارَ الشَّكُّ فِيمَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ الشَّكِّ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ. فَإِنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الرَّابِعَةَ الَّتِي لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا الْمُحْتَمَلُ كَوْنُ السَّجْدَةِ مِنْهَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ إحْدَى الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَلَا يَتَشَهَّدُ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ إذَا شَكَّ سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّانِيَةَ الَّتِي لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا الْمُحْتَمَلُ كَوْنُ السَّجْدَةِ مِنْهَا يَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَيَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ السَّجْدَةِ مِنْ الْأُولَى وَقَدْ بَطَلَتْ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ فِي الَّتِي قَامَ لَهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ بَعْدَهَا ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَمِثْلُ هَذِهِ السُّورَةِ سَوَاءٌ لَوْ تَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي قِيَامِ رَابِعَتِهِ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّالِثَةَ الْمُحْتَمَلَ كَوْنُ السَّجْدَةِ مِنْهَا يَتَشَهَّدُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ بِتَمَامِهَا ثَبَتَ لَهُ رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مُحَقَّقٌ الْآنَ سِوَى رَكْعَتَيْنِ وَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ بِرَكْعَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي مَحَلِّهَا فَالشَّكُّ مَعَ كَوْنِ التَّرْكِ مُحَقَّقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِسَجْدَةٍ أَيْ: شَكَّ فِي سَجْدَةٍ مَجْهُولَةِ الْمَحَلِّ فَهُوَ شَاكٌّ فِي السَّجْدَةِ وَفِي مَحَلِّهَا وَحُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ. وَقَالَ زَ قَوْلُهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ أَيْ: بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَتَى بِهَا بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ مَعَ كَوْنِ الرَّكَعَاتِ لَا تَنْقَلِبُ فِي حَقِّهِ   [حاشية العدوي] رُكُوعًا مَعَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِهِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ إلَخْ لِيُنَاسِبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْأُوَلُ كَأَنْ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَمَا وَرَاءُ ذَلِكَ فَقَالَ تَرْجِعُ الرَّابِعَةُ أُولَى كَمَا أَنَّهُ إذَا بَطَلَتْ الْأُولَى تَرْجِعُ الثَّانِيَةُ أُولَى أَيْ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ الِانْقِلَابُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ بِلَصْقِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِبُطْلَانِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فَكَيْفَ يُقَالُ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ) إلَى قَوْلِهِ سَجَدَهَا هُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَهُوَ بَيَانٌ لِقَاعِدَةٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ تَفْصِيلٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا قَصَدَ بِهِ إيضَاحَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا لَا حَالٌ وَقَوْلُهُ سَجَدَهَا فَإِنْ تَرَكَ الْإِتْيَانَ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إبْطَالَ رَكْعَةٍ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهَا وَإِنْ تَحَقَّقَ تَمَامَهَا لَمْ يَسْجُدْ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) يَتَبَيَّنُ لَك الْمُقَابِلُ بِمَا يَأْتِي عِنْدَ تَبَيُّنِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَفِي الْأَخِيرَةِ بِالْفَاءِ التَّفْصِيلِيَّةِ. (قَوْلُهُ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْأَخِيرَةِ أَيْ: وَفِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الرَّابِعَةَ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُخَالِفُهُ أَصْبَغُ وَأَشْهَبُ فَقَالَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ رَفْعُ الشَّكِّ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَرْتَفِعُ بِهِ الشَّكُّ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الصَّلَاةِ يَجِبُ إطْرَاحُهُ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَقَابَلَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ عَلَى كُلِّ مَا قَالَهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ فَزَادَ التَّشَهُّدَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ إنَّمَا هُوَ مُصَحِّحٌ لِلرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدُ مِنْ تَمَامِهَا وَرَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ (قَوْلُهُ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ) هَذَا مَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْتِي بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّانِيَةَ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُخَالِفُ لَهُ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ فَقَالَا إنَّهُ يَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّالِثَةَ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ مِنْ كَوْنِهِ يَبْنِي عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّالِثَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ عَرَفْت مُقَابِلَهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ تت وَبَهْرَامُ. (قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي مَحَلِّهَا) بَدَلَ كُلٍّ لَا بَدَلَ اشْتِمَالٍ وَالْأَوْلَى أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَأْتِيُّ بِهَا بَعْدَ السَّلَامِ زَائِدَةً، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِي الْأَخِيرَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِيَأْتِي وَيَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى فِي سَجْدَةٍ وَقَوْلُهُ وَقِيَامُ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ أَيْ: فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثَمَّ بِالرَّكْعَتَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ بِمَثَابَةِ مَنْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَلَا يَسْجُدُ لِفَوَاتِ التَّدَارُكِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ وَالْجُلُوسِ فِي مَحَلِّهِ مَعَ الزِّيَادَةِ وَقَوْلُهُ وَفِي قِيَامِ رَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَ السَّجْدَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا أَيْضًا فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِالسَّجْدَةِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. (ص) وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً لَمْ يُتَّبَعْ وَسَبَّحَ بِهِ فَإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا كَقُعُودٍ بِثَالِثَةٍ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ وَأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَسَجَدُوا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَقَامَ سَهْوًا سَوَاءٌ انْفَرَدَ بِالسَّهْوِ أَوْ شَارَكَهُ فِيهِ بَعْضٌ فَلَا يَتَّبِعُهُ الْمَأْمُومُ الْعَالِمُ بِسَهْوِهِ فِي قِيَامِهِ وَتَرَكَ السَّجْدَةَ وَيُسَبَّحُ بِهِ، فَإِذَا رَجَعَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَخَافُوا أَنْ يَعْقِدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ قَامُوا مَعَهُ وَكَانَتْ أُولَى لَهُمْ وَلَا يَسْجُدُوا لِأَنْفُسِهِمْ السَّجْدَةَ وَإِنْ سَجَدُوهَا لَمْ تُجْزِهِمْ نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونَ لَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَلَعَلَّهُ لِأَجْلِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا الْإِمَامُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ سُجُودُهَا مَعَهُ، فَإِذَا جَلَسَ بَعْدَ هَذِهِ الرَّكْعَةِ الَّتِي يَظُنُّهَا ثَانِيَتَهُ كَانَ كَإِمَامٍ جَلَسَ بَعْدَ الْأُولَى فَلَا يُتَّبَعُ وَيَقُومُونَ وَلَا يُسَاعِدُوهُ عَلَى جُلُوسٍ أَخْطَأَ فِيهِ وَكَمَا أَنَّهُمْ لَا يَتَّبِعُونَهُ فِي هَذَا الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ لِخَطَئِهِ فِيهِ لَا يَتَّبِعُونَهُ فِي الْأَخِيرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَظُنُّهَا رَابِعَةً فَإِذَا تَذَكَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَى بِرَكْعَةٍ يُتَابِعُهُ فِيهَا الْقَوْمُ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَسَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ طَالَ وَأَتَوْا بِرَكْعَةٍ فَوْرًا لِأَنْفُسِهِمْ أَفْذَاذًا إنْ شَاءُوا وَصَحَّتْ لَهُمْ وَإِنْ شَاءُوا أَمَّهُمْ فِيهَا أَحَدُهُمْ؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] يَقُولَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ تَعَذَّرَ تَلَافِي الثَّانِيَةِ تَشَهَّدَ عَقِبَ الثَّالِثَةِ وَتَصِيرُ لَهُ ثَانِيَةً مَعَ أَنَّهَا بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مَعَ الزِّيَادَةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ إلَّا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّنَا قَدْ أَمَرْنَاهُ بِطَلَبِهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ) أَقُولُ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِعَدَمِ التَّشَهُّدِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً إلَخْ) فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى فِي الرُّبَاعِيَّةِ لِيَتَأَتَّى لَهُ هَذَا الْعَمَلُ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ إذَا سَجَدَ سَجْدَةً وَتَرَكَ الْأُخْرَى مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ كَانَتْ الْأُولَى وَقَامَ لِلثَّانِيَةِ أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَامَ لِلثَّالِثَةِ أَوْ مِنْ الثَّالِثَةِ وَقَامَ لِلرَّابِعَةِ لَمْ يُتَّبَعْ وَسُبِّحَ لَهُ (قَوْلُهُ وَسُبِّحَ بِهِ) الْمُرَادُ التَّسْبِيحُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّنْبِيهُ غَالِبًا أَوْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سُبِّحَ لِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ فَإِنْ رَجَعَ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ فَإِنْ تَرَكُوا التَّسْبِيحَ بَطَلَتْ وَيُكْتَفَى بِهِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ: لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَهُ لَا بِهِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ لَهُ إلَى بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَنْزِيهُهُ يُقَالُ سَبَّحَ لَهُ إذَا نَزَّهَهُ أَيْ: تَنْزِيهُ الْإِمَامِ مِمَّا لَا يَلِيقُ مِنْ النَّقْصِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ سُجُودُهَا) أَيْ: وَلَا يَعْتَدُّونَ بِسُجُودِهِمْ لَهَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُسَاعِدُوهُ عَلَى جُلُوسٍ أَخْطَأَ فِيهِ) زَادَ فِي ك لَكِنْ اُنْظُرْ هَلْ يُسَبِّحُونَ لَهُ كَإِمَامٍ جَلَسَ فِي أُولَاهُ وَتَرَكَ جُلُوسَ ثَانِيَتِهِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُمْ لَا يُكَلِّمُونَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ وَقَالَ عب وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ لَا يُعِيدُونَ التَّسْبِيحَ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ سَحْنُونَ وَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَتَنَبَّهْ بِالتَّسْبِيحِ الْحَاصِلِ عَقِبَ التَّرْكِ فَلَا يَتَنَبَّهُ بِالْوَاقِعِ بَعْدَ طُولٍ اهـ. وَانْظُرْ لَوْ أَعَادُوا التَّسْبِيحَ هَلْ تَبْطُلُ وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَقُعُودِهِ إلَخْ) وَسَكَتَ عَمَّا إذَا تَرَكَ الْقُعُودَ فِي ثَانِيَتِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَهُ فِي قِيَامِهِ ك (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ طَالَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ فِي هَذِهِ عِنْدَ سَحْنُونَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا بِالْقُرْبِ فَيَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ وَبَنَى إنْ قَرُبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَتَوْا بِرَكْعَةٍ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ بِمِقْدَارِ مَا يَرْجِعُ وَيَبْنِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ سَلَامَهُ عِنْدَ سَحْنُونَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ وَتَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ إذَا سَهَا الْإِمَامُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَامَ وَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ قِيلَ يَسْجُدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَتُجْزِيِهِمْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَلَا يَتَّبِعُونَ الْإِمَامَ فِيهَا إذَا رَجَعَ فَسَجَدَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ أَيْ: إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَمَذْهَبُ سَحْنُونَ أَنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ وَلَوْ سَجَدُوهَا لَمْ يَعْتَدُّوا بِهَا وَإِذَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ اتَّبَعُوهُ فِيهَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ تَعَمُّدَهُمْ لِسُجُودِهَا لَا يَضُرُّهُمْ وَكَأَنَّهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ الِاخْتِلَافُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَهَا الْإِمَامُ عَنْهَا وَحْدَهُ أَوْ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَعَلَيْهِ فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا سَهَا عَنْهَا الْإِمَامُ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ، وَأَمَّا إذَا سَهَا وَحْدَهُ فَلَا يَتَّبِعُونَهُ فِيهَا وَيَسْجُدُونَهَا وَتُجْزِيهِمْ وَإِنْ اتَّبَعُوا الْإِمَامَ فِي تَرْكِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ بِاتِّفَاقِهِمْ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 سَلَامَهُ كَحَدَثِهِ أَيْ: فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْمَأْتِيَّ بِهَا بِنَاءً؛ لِأَنَّ الْأُولَى حِينَ بَطَلَتْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ عِوَضًا عَنْهَا وَلِذَا سَجَدُوا قَبْلَ السَّلَامِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ فِي السُّورَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ وَالْجِلْسَةِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَمَّا بَطَلَتْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ عِوَضًا عَنْهَا فَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَسْقَطَ الْجُلُوسَ الْوَسَطَ نَاسِيًا عَقِبَ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالسُّورَةُ مِنْ الَّتِي رَجَعَتْ ثَانِيَةً وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِمَامِ يُوجِبُ السُّجُودَ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْمَأْمُومُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا. (ص) وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسٍ أَوْ نَحْوُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ مَعَ إمَامِهِ أَوْ نَعَسَ أَوْ سَهَا أَوْ غَفَلَ أَوْ اشْتَغَلَ بِحَلِّ أَزْرَارِهِ وَشِبْهِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا فَاتَهُ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ وَقَضَاهُ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ إنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا فِي رُكُوعِ ثَانِيَتِهِ أَوْ ثَالِثَتِهِ أَوْ رَابِعَتِهِ مُدَّةَ كَوْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَوْلُهُ اتَّبَعَهُ أَيْ: فَعَلَ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْ أَوْلَى الْمَأْمُومِ لَا الْإِمَامِ، وَأَمَّا إنْ فَوَّتَهُ مَا ذُكِرَ رُكُوعَ أُولَاهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ بَلْ يَخِرُّ فِيهَا سَاجِدًا وَلَا يَرْكَعُ وَيُلْغِي هَذِهِ الرَّكْعَةَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ زُوحِمَ أَيْ: بِوَعْدٍ فَعَدَّاهُ بِعَنْ؛ لِأَنَّ زُوحِمَ يَتَعَدَّى بِعَلَى يُقَالُ ازْدَحَمُوا عَلَى الْمَاءِ وَقَوْلُهُ مُؤْتَمٌّ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَوْ حَصَلَ نَحْوُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَفُ الِاسْمُ عَلَى الْفِعْلِ إلَّا إذَا أَشْبَهَهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: أَوْ فَعَلَ نَحْوَهُ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَقَوْلُهُ اتَّبَعَهُ أَيْ فَعَلَ مَا فَعَلَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اتَّبَعَهُ وَتَرَكَ مَا فَعَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ لَوْ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَهُ فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي السُّجُودِ وَيَصِيرُ كَمَسْبُوقٍ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ وَلَا يَفْعَلُ مَا زُوحِمَ عَنْهُ وَلَا بِتَقَيُّدِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِذِي الْعُذْرِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ ذَا الْعُذْرِ لَا يَأْثَمُ وَيَأْثَمُ غَيْرُهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ نَفِيسَةً. (ص) أَوْ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ تَمَادَى   [حاشية العدوي] قَوْلِ سَحْنُونَ وَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا سَهَا مَعَ الْإِمَامِ غَيْرُهُ، وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ بِالسَّهْوِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْجُدُوا السَّجْدَةَ الَّتِي تَرَكَهَا الْإِمَامُ وَيَجْلِسُونَ مَعَهُ حَيْثُ جَلَسَ وَلَا يَقُومُونَ لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ عج خِلَافُ مَذْهَبِ سَحْنُونَ وَأَنَّهُمْ إذَا خَافُوا عَقْدَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ الَّتِي سَهَا الْإِمَامُ وَيَعْتَدُّونَ بِهَا وَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَهَا وَعَادَ لِسُجُودِهَا فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَافِقَهُ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ فِي السَّهْوِ عَنْ السَّجْدَةِ أَمْ لَا وَلَكِنْ تَنْقَلِبُ رَكْعَةُ الْإِمَامِ وَلَا تَنْقَلِبُ رَكَعَاتُهُمْ، قَالَ عج: وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ إنَّمَا تَضُرُّ الْمُخَالَفَةُ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا إنَّمَا يَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَعْدَ تَسْبِيحِهِمْ وَخَوْفِ عَقْدِ الْإِمَامِ كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ. (أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عج أَنَّهُمْ لَا يُكَلِّمُونَهُ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ سَحْنُونَ فَانْظُرْهُ وَقَالَ عج وَإِذَا تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّسْبِيحَ بَطَلَتْ صَلَاةُ جَمِيعِهِمْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَرَكُوهُ سَهْوًا لَكِنَّ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ نِسْيَانًا كَمَا سَيَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سُبِّحَ وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَهُ رَدُّ إمَامِهِ عَنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُتَسَبِّبًا فِيهِ. (قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِهِ الْأُولَى فَلَوْ لَمْ يَتَّبِعْهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا) ظَاهِرُ سُجُودِهَا كُلِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ سُجُودُهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ السَّجْدَتَيْنِ مَعًا عُمُومًا شُمُولِيًّا فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ كُلِّ سُجُودِهَا وَأَعَادَ الضَّمِيرَ مُؤَنَّثًا مَعَ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِكَوْنِ الْغَيْرِ وَاقِعًا عَلَى الرَّكْعَةِ فَرَاعَى الْمَعْنَى أَوْ اكْتَسَبَ لَفْظَ غَيْرِ التَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. وَالْمُرَادُ مُدَّةُ غَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مِنْ تَمَامِ سُجُودِهَا بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ إنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِابْتِدَاءِ الِاتِّبَاعِ أَشْكَلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسَّجْدَتَيْنِ لِكَوْنِهِ فِي ابْتِدَاءِ الِاتِّبَاعِ لَمْ يَكُنْ رَافِعًا رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْبَرْمُونِيِّ قَالَ: فَلَوْ اتَّبَعَهُ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَخِرَّ سَاجِدًا فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ هَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا وَيَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْ الْإِمَامَ، أَوْ يَلْحَقُ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَيَتْرُكُ السَّجْدَتَيْنِ لَا أَحْفَظُ فِيهَا نَصًّا وَإِنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِانْتِهَاءِ الِاتِّبَاعِ أَشْكَلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا كَانَ يُدْرِكُهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ وَيَفْعَلُ الثَّانِيَةَ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُهُ مَعَ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ لَمْ يَفْعَلْ مَا زُوحِمَ عَنْهُ وَقَضَى رَكْعَةً فَإِنْ خَالَفَ وَأَدْرَكَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِذَا فَعَلَ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ وَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ أَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ التَّكْمِيلِ وَقَضَى رَكْعَةً فَإِنْ قُلْت تَدَارُكُهُ لِمَا ذُكِرَ قَضَاءٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قُلْت خَفَّفَ ذَلِكَ فِعْلُ الْإِمَامِ لَهُ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ مَعَهُ وَالْقَضَاءُ الَّذِي لَا يَقْضِيه إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ هُوَ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ ك. (قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِذِي الْعُذْرِ) أَيْ وَلِذَلِكَ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ اشْتَغَلَ بِحَلِّ أَزْرَارِهِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ عُذْرًا إذَا كَانَ عَمْدًا كَذَا قَالَ بَعْضٌ، وَنَازَعَهُ عج بِأَنَّ كَلِمَةَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اتَّفَقَتْ كَالْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ تَفْصِيلَ الْمَذْكُورِ هُنَا فِي ذِي الْعُذْرِ وَهُوَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاةِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ) قَدَّمَ النَّفْيَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَإِنْ طَمِعَ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ سَجَدَهَا وَإِلَّا تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ لَكَانَ مُسَاوِيًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وَقَضَى رَكْعَةً وَإِلَّا سَجَدَهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ أَوْ نَحْوَهُ عَنْ سَجْدَةٍ مَعَ الْإِمَامِ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ لِمَا يَلِيهَا فَإِنْ لَمْ يَقْوَ رَجَاؤُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا أَوْ بِهِمَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ مَا يَلِيَهَا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَتَرَكَ السَّجْدَةَ أَوْ الِاثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا أَوْ بِهِمَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ سِوَى رَكْعَةٍ مَعَ وُقُوعِهِ فِي مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فَأُمِرَ بِالتَّمَادِي لِيَسْلَمَ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مَعَ حُصُولِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ لَهُ وَيَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً بَدَلَ رَكْعَةِ النَّقْصِ يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُولَى إذَا بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ لَمْ تَنْقَلِبْ الثَّانِيَةُ أُولَى كَالْإِمَامِ وَالْفَذِّ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا أُولَى، وَيَجْهَرُ فِيهَا إنْ كَانَتْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ إنْ تَيَقَّنَ تَرْكَ السَّجْدَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ يَحْمِلُهَا عَنْهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ تَرْكِهَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ تَمَامِ صَلَاتِهِ فَالرَّكْعَةُ الْمَأْتِيُّ بِهَا بَعْدَ الْإِمَامِ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ فِي حُكْمِهِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا عَمْدٌ وَلَا سُجُودَ فِي الْعَمْدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ كَمَنْ لَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنْ قَوِيَ رَجَاؤُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي الْإِتْيَانِ بِالسَّجْدَةِ أَوْ السَّجْدَتَيْنِ قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ وَهُوَ رَفْعُ رَأْسَهُ سَجَدَهَا أَوْ سَجَدَهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى صَلَاتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَفْصِلُ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا كَمُزَاحَمَتِهِ عَنْ الرُّكُوعِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَجْدَةً إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى رُكُوعٍ وَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا وَانْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ وَإِلَّا اتَّبَعَهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا بَطَلَتْ فِيهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَامَ لِزَائِدَةٍ كَخَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ رَجَعَ مَتَى عَلِمَ وَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ عِلْمِهِ أَبْطَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَمَأْمُومُهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ تَوْضِيحِهِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: مُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَمُتَيَقِّنٌ مُوجِبَهَا لِعِلْمِهِ بُطْلَانَ إحْدَى الْأَرْبَعِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبُطْلَانِ وَظَانٌّ الْمُوجِبَ وَظَانٌّ عَدَمَهُ وَشَاكٌّ فِي الْمُوجِبِ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ لِكَمَالِ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ إمَامِهِ يَجْلِسُ وُجُوبًا وَيُسَبِّحُ فَإِنْ لَمْ يَفْقَهْ كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا مَنْ تَيَقَّنَ ثُبُوتَ الْمُوجِبِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ شَكَّ   [حاشية العدوي] لِمَا فَعَلَهُ مَعَ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ إذْ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِتَرْكِ السَّجْدَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ تَقْيِيدُهُ هُنَا بِقَوْلِهِ إنْ تَيَقَّنَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَانَ يَقُولُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إذْ التَّيَقُّنُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَالطَّمَعُ هُوَ الرَّجَاءُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الظَّنِّ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) تَفْسِيرٌ لِقُوَّةِ الرَّجَاءِ فَحِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِمَا إذَا تَيَقَّنَ عَدَمَ الْإِتْيَانِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ الْإِتْيَانَ فَإِذًا يَكُونُ مُخَالِفًا فِي ك الْمُتَقَدِّمِ وَلَعَلَّ مَا فِي ك أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ إضَافَةَ غَلَبَةٍ إلَى الظَّنِّ إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ وَيُرَادُ بِالرَّجَاءِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ، وَوُجِدَ فِي نَصِّ الْمَوَّاقِ التَّعْبِيرُ تَارَةً بِالْعِلْمِ وَتَارَةً بِالظَّنِّ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى عج تَفْسِيرُ الطَّمَعِ بِالظَّنِّ وَأَوْلَى الْعِلْمُ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّمَعَ هُوَ الرَّجَاءُ وَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ أَوْلَى إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَاحَمَةِ عَنْ السَّجْدَةِ وَعَنْ الرُّكُوعِ أَنَّ السَّجْدَةَ حَصَّلَتْ لَهُ أَحْكَامَ الْمَأْمُومِيَّةِ بِمُجَرَّدِ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْمُزَاحَمَةُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُفَصَّلُ) فَيُقَالُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعَهَا، وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يَتَّبِعُهُ حَيْثُ زُوحِمَ عَنْ السُّجُودِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا) أَيْ: فَإِنَّهُ عَطَفَ أَوْ نَعَسَ عَلَى زُوحِمَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ أَوْ سَجْدَةً؛ لِأَنَّهُ أَعْنِي سَجْدَةً مَعْطُوفٌ عَلَى رُكُوعٍ وَالرُّكُوعُ مَعْمُولٌ لِزُوحِمَ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمَعْمُولِ مَعْمُولٌ فَلَزِمَ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا. {تَتِمَّةٌ} لَوْ زُوحِمَ أَوْ حَصَلَ لَهُ نُعَاسٌ عَنْ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَهَلْ هُوَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ السَّجْدَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْبَيِّنُ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ. (قَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا) أَيْ: عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ إمَامِهِ أَيْ: جَازِمٌ بِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ سَحْنُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ كُلُّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ فَلَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءُ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ أَيْ: عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَقْسَامِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا اتَّبَعَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي سَهْوِ الْإِمَامِ فِي الْأَرْكَانِ هَلْ يَسْرِي لِلْمَأْمُومِ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِفِعْلِهِ أَمْ لَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَتَفَرَّعُ كُلُّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ إلَخْ. (قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ) وُجُوبًا ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ قِيَامُ إمَامِهِ لِمُوجِبٍ فَوَاضِحٌ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخَامِسَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ لِمُوجِبٍ وَإِنَّمَا قَامَ سَهْوًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُتَّبِعُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا) أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا كَجَهْلِ غَيْرِ مُتَأَوِّلٍ (قَوْلُهُ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ) تَصْوِيرٌ لِتَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ. (قَوْلُهُ يَجْلِسُ وُجُوبًا وَيُسَبِّحُ) لَا يَخْفَى أَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ مَشْرُوطَةٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يُسَبِّحَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ إنْ سَبَّحَ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: وَإِذَا كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ إنْ تَيَقَّنَ صِحَّتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي التَّيَقُّنِ وَكَذَا فِي الشَّكِّ إنْ أَجْمَعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فَإِنْ تَيَقَّنَ خِلَافَ خَبَرِهِمْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَجِبُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّكِّ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكْثُرُوا جِدًّا فَهَلْ يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ أَوْ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يَتَّبِعَهُ فِي قِيَامِهِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إنَّمَا يُعْتَدُّ مِنْ صَلَاتِهِ بِمَا تَيَقَّنَ أَدَاءَهُ فَإِنْ خَالَفَ مَنْ أُمِرَ بِالْجُلُوسِ وَتَبِعَهُ عَمْدًا أَوْ جَلَسَ مَنْ أُمِرَ بِالْقِيَامِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاةُ كُلٍّ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مَا فَعَلُوهُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمَّا إنْ تَبَيَّنَ لِمَنْ حُكْمُهُ الْقِيَامُ فَجَلَسَ مُوَافَقَةَ فِعْلِهِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ تَبَيَّنَ لَهُ وَلِلْإِمَامِ عَدَمُ الْمُوجِبِ وَزِيَادَةُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَقَالَ ح الظَّاهِرُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَلَا تَضُرُّهُ الْمُخَالَفَةُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا انْتَهَى، وَأَمَّا مَنْ حُكْمُهُ الْجُلُوسُ فَقَامَ عَمْدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ قَامَ لِمُوجِبٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَتَّبِعْ مِنْ قَوْلِهِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاتَّبَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْبُطْلَانَ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَهَلْ تَنُوبُ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَنْ رَكْعَةِ الْخَلَلِ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْآتِيَةِ أَوْ يَقْضِيهَا قَوْلَانِ وَثَانِيهِمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولَاهُ لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا. (ص) لَا سَهْوًا فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ (ش) أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ حُكْمُهُ الْجُلُوسُ فَقَامَ سَهْوًا وَلَا صَلَاةُ مَنْ حُكْمُهُ الْقِيَامُ فَجَلَسَ سَهْوًا لَكِنْ يَأْتِي الْجَالِسُ سَهْوًا عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى اعْتِقَادِهِ ذَلِكَ وَيُعِيدُ الرَّكْعَةَ الْمُتَّبِعَ لِلْإِمَامِ فِيهَا سَهْوًا عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ لِتَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ خَطَأُ يَقِينِهِ وَلَا تُجْزِئُهُ رَكْعَةُ السَّهْوِ عَلَى أَصْلِ الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ وَهُوَ الْجَارِي مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ أَيْ: أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَقَوْلُهُ عَمْدًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَنْ خَالَفَ جَهْلًا فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ، ثُمَّ الْأَفْصَحُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ خَالَفَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ فَالْأَفْصَحُ الْمُطَابَقَةُ وَتَقَدَّمَ تَقْيِيدُ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا بِمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مَا فَعَلَهُ كُلٌّ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَوْلُهُ بَطَلَتْ أَيْ: تَهَيَّأَتْ لِلْبُطْلَانِ لَا بَطَلَتْ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَوَرَدَ عَلَيْهِ صُورَةُ الصِّحَّةِ. (ص) وَإِنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ اللَّازِمِ لِلْمَأْمُومَيْنِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ جُلُوسٍ وَاتِّبَاعٍ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِهِمْ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَالَ وَإِنْ قَالَ إلَخْ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ بَعْدَ السَّلَامِ لِمَنْ اتَّبَعَهُ فِي الْخَامِسَةِ وَلِمَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ: إنَّمَا قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنِّي أَسْقَطْتُ الْفَاتِحَةَ وَنَحْوَهَا وَلَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ سَهْوًا فَإِنَّ الْحُكْمَ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْمَأْمُومِينَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مَنْ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَتَبِعَهُ كَمَا مَرَّ يُرِيدُ أَوْ جَلَسَ سَهْوًا لَكِنْ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ كَمَا مَرَّ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ مَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَجَلَسَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمَا مَعًا، لَكِنَّ صِحَّةَ صَلَاةِ مَنْ جَلَسَ لِتَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ يُسَبَّحَ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُ أَبَدًا وَيُزَادُ شَرْطٌ عَلَى التَّسْبِيحِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَخْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى يَقِينِهِ وَتَكْذِيبِ الْإِمَامِ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ فَإِنْ تَغَيَّرَ يَقِينُهُ فَهُوَ قَوْلُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ فَقَوْلُهُ إنْ سُبِّحَ قَيْدٌ فِي مُقَابِلِهِ فَقَطْ خِلَافًا لتت. (ص) كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) لَمَا قُدِّمَ أَنَّ مَنْ خَالَفَ   [حاشية العدوي] لِسَهْوِهِ قَوْلَانِ. {تَنْبِيهٌ} : مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ يُكَلِّمُهُ بَعْضُهُمْ اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ يُشِيرُونَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِهِ كَلَّمُوهُ فَمَرْتَبَةُ الْكَلَامِ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاةُ كُلٍّ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ) بِهَذَا يُفْهَمُ أَنَّ قَوْلَهُ بَطَلَتْ أَيْ تَهَيَّأَتْ لِلْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ) قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ أَمْ لَا أَيْ: لَمْ يَعْرِفْ مَا عِنْدَهُ، أَمَّا إذَا قَالَ الْإِمَامُ بَعْدَ ذَلِكَ قُمْت لِغَيْرِ مُوجِبٍ أَيْ: عَلِمَ عَدَمَ الْمُوجِبَ لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ) أَيْ: إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِتْيَانَ لِمُوجِبٍ وَمِثْلُهُ الشَّكُّ لَا إنْ عَلِمَ عَدَمَ الْمُوجِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا أَيْ: أَوْ جَهْلًا غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ فِي الْجَاهِلِ إلَخْ. . (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ إلَخْ) قَالَ عج اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا يَجِبُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْوَاوِ عَنْ مَحَلِّهَا وَإِدْخَالُهَا عَلَى صَحَّتْ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَلَامُهُ هَكَذَا وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ إنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَيْ: وَتَغَيَّرَ اعْتِقَادُهُ عَمَّا كَانَ أَوَّلًا وَصَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ، وَأَمَّا إبْقَاءُ الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ فَفِيهِ خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ حَيْثُ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَهَذَا إنْ وَافَقَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ هَارُونَ وَهُوَ الْمُرْتَضَى الثَّانِي أَنَّهُ يُفِيدُ أَوْ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ فِيمَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ؛ إذْ الْمُتَبَادَرُ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ جَوَابِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ سَبَّحَ هَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا ك وَيُفِيدُهُ عج، وَانْظُرْ هَلْ يَكْفِي أَنْ يُسَبِّحَ الْبَعْضُ كَذَا فِي ك إلَّا أَنَّ فِي عب فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّهُ يَكْفِي تَسْبِيحُ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُ أَبَدًا) أَيْ: إذَا تَرَكَهُ عَمْدًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ سَوَاءٌ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ أَمْ لَا وَبَعْضُ مَنْ كَتَبَ يَقُولُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قُمْت لِمُوجِبٍ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُؤَثِّرُ وُجُودُ الْمُوجِبِ وَلَوْ وَهْمًا كَانَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ أَتَى بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَ الْمَأْمُومِ مَا ذُكِرَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقٍّ مُتَيَقِّنٍ انْتِفَائِهِ اهـ. (قَوْلُهُ كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا كَمَا عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ وَقَامَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ الْعَامِدَ وَالْجَاهِلَ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ إلْحَاقِ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ أَفَادَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ فِيهِ الصِّحَّةَ فَشَبَّهَ بِقَوْلِهِ صَحَّتْ إلَخْ قَوْلُهُ كَمُتَّبِعٍ إلَخْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَتَبِعَهُ جَهْلًا مُتَأَوِّلًا وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ كَمُتَّبِعٍ أَيْ: كَصِحَّةِ صَلَاةِ مُتَّبِعٍ فَقَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُضَافِ الْأَوَّلِ. (ص) لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَلَسَ مُتَيَقِّنًا أَيْ: مُعْتَقِدًا انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ ثُمَّ لَمْ يَصْدُقْ ظَنُّهُ وَتَبَيَّنَ لَهُ خَطَأُ نَفْسِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ فَبِهَذَا يُفَارِقُ قَوْلُهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سُبِّحَ أَيْ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ تَيَقُّنُهُ وَهَذَا تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ أَوَّلًا يَعْتَقِدُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِالظَّاهِرِ تَارَةً وَبِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أُخْرَى. (ص) وَلَمْ تُجِزْ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِخَامِسِيَّتِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ إذَا اتَّبَعَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا سَاهِيًا وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا خَامِسَةٌ لِإِمَامِهِ لَمْ تَنُبْ لَهُ عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي سَبَقَهُ بِهَا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَقَالَ ز ضَمِيرُ تُجِزْ عَائِدٌ عَلَى الرَّكْعَةِ لَا الصَّلَاةِ أَيْ: وَلَمْ تُجِزْ الرَّكْعَةُ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً لِاعْتِقَادِهِ الْكَمَالَ بِحُضُورِهِ الْإِمَامَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَسَمَاعِهِ قِرَاءَةَ السَّرِيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ وَقَامَ عَامِدًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ قَطْعًا وَقَامَ عَالِمًا بِهَا فَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا فَلِذَلِكَ اُغْتُفِرَ فِي حَقِّهِ الْقِيَامُ بِخِلَافِ مَنْ قَامَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَطْعًا فَإِنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ تَعَمَّدَ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ فَيُقَيَّدُ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِآخِرِهِ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِمَا إذَا اتَّبَعَ مُتَأَوِّلًا كَمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّنْهُورِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ وَالْمُلْجِئُ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ الْمُعَارَضَةُ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ عَنْهَا. (ص) وَهَلْ كَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ تُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ قَوْلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا تَبِعَ الْإِمَامَ فِي الْخَامِسَةِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِذَلِكَ فَهَلْ لَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ سَوَاءٌ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا؟ أَوْ تُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي أَجْزَائِهَا وَعَدَمِهِ حَيْثُ أَجْمَعَ   [حاشية العدوي] خَاصٌّ بِمَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ وَعَلَيْهِ شَيْخُ عج وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَهُ قَوْلُ الْإِمَامِ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَيْ لِسَبَبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بِأَنْ أَثَّرَ قَوْلُ الْإِمَامِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَعَلَى أَنَّ السَّاهِيَ يُعِيدُ فَالْمُعْتَمَدُ أَوْلَى وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ فَيَجْرِي فِي الْمُتَأَوِّلِ الْقَوْلَانِ هَلْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ تَنُوبُ عَنْ رَكْعَةِ الْخَلَلِ أَوْ يَقْضِيهَا. {تَنْبِيهٌ} : يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ حُلُولُو أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا يَظُنُّ أَنَّ عَلَيْهِ اتِّبَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ حَدِيثُ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَنَحْوُهُ. (قَوْلُهُ كَصِحَّةِ صَلَاةٍ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ صِحَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ هِيَ مُفَادُ التَّشْبِيهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَّبِعْ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلِهِ هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فَرْعُ الدُّخُولِ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ هُوَ مُحْتَرَزُهُ وَالتَّقْدِيرُ وَصَحَّتْ لِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ اعْتِقَادُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا إنْ تَغَيَّرَ اعْتِقَادُهُ. (قَوْلُهُ أَيْ مُعْتَقِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ لِلْحَقِّ عَنْ دَلِيلٍ بَلْ الْمُرَادُ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَلَمْ تُجِزْ مَسْبُوقًا عَلِمَ إلَخْ) هَذَا حُكْمٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا (قَوْلُهُ بِخَامِسِيَّتِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْمَ إذَا زِيدَ فِيهِ يَاءُ النِّسْبَةِ وَتَاءُ التَّأْنِيثِ صَارَ مَصْدَرًا دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ أَيْ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَلَوْ قَالَ بِخَامِسِهَا أَوْ بِخَامِسَتِهَا لَمْ يُسْتَفَدْ هَذَا الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ قَامَ لَهَا سَاهِيًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ لَمْ تَنُبْ لَهُ عَنْ الرَّكْعَةِ) أَيْ: فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ أُخْرَى وَيُفْرَضُ ذَلِكَ بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُوجِبَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْ الْمَسْبُوقَ فَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ الْمَسْبُوقُ بِهَا وَاَلَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْخَلَلُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الرَّكَعَاتِ الَّتِي حَصَّلَهَا مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ عَنْ مَالِكٍ بُطْلَانُ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ كُلُّ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَالَ: قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَالْبُطْلَانُ فِيمَا سَبَقَ لَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ فِيهِ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَيْ: فَلَمْ يَتَغَيَّرْ اعْتِقَادُ الْمَأْمُومِ الْمَذْكُورِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْكَلَامِ الْآتِي حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَالْمُلْجِئُ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ حَمْلُ السَّنْهُوريِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ عَنْهَا) أَيْ: بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ. (قَوْلُهُ فَهَلْ لَا تُجْزِئُهُ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِزِيَادَةِ لَا (قَوْلُهُ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَلَا يَأْتِي إلَّا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ فَهَلْ تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَمَّا سُبِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ تُجْزِئُ مُطْلَقًا أَوْ تُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ إلَخْ. وَانْظُرْ لِمَ جَرَى خِلَافٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَطْلَقَ الْقَوْلَ فِيهَا وَالْقِيَاسُ خِلَافُهُ لِمَا سَبَقَ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إذَا كَثُرُوا جِدًّا يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُلْغِي نَفْسَهُ وَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ، وَقِيَاسُ هَذَا لَا تُجْزِئُهُ الرَّكْعَةُ حَيْثُ كَثُرُوا جِدًّا وَسَبَقَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكْثُرُوا جِدًّا مَعَ تَيَقُّنِهِ خِلَافَ قَوْلِهِمْ وَعَدَمِ شَكِّهِ مِنْهُ فَلَا يَرْجِعُ وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةُ صَحِيحَةً لِقَوْلِ الْإِمَامِ قُمْتُ لِمُوجِبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى ذَلِكَ فَتُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَهَذَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ إذْ لَيْسَ ثَمَّ قَوْلٌ بِعَدَمٍ الْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ أَجْمَعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: وَهَلْ تُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ قَوْلَانِ لَطَابَقَ الْمَنْقُولَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْي الْمُوجِبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْيِهِ عَنْ إمَامِهِمْ وَهَذَا عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَاعِدَةِ كُلِّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ لَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ، وَأَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ فِي مَسْأَلَةِ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً الْمُخَالِفُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِجَمْعِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ إمَامِهِمْ. (ص) وَتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولَاهُ لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا سَهْوًا نَحْوَ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مَثَلًا وَفَاتَ التَّدَارُكُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاعْتَقَدَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ يَظُنُّهَا زَائِدَةً فَإِذَا عَلَيْهِ مِثْلُهَا لَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ الْخَامِسَةُ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ الرَّابِعَةُ فِي ثُلَاثِيَّةٍ إنْ تَعَمَّدَهَا عِنْدَ سَحْنُونَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَاعِبٌ، أَمَّا لَوْ صَلَّى خَامِسَةً أَوْ رَابِعَةً سَاهِيًا وَذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ اهـ. وَعُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِنَا لِلْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَذَكَّرَ السَّجْدَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ كَأُولَاهُ بَعْدَ مَا عَقَدَ الرَّكْعَةَ الزَّائِدَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي بِهِ زَائِدًا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا حَصَلَ فِيهِ الْخَلَلُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَإِلَّا فَهُوَ الْفَرْعُ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَامِسَةٍ. وَلَمَّا كَانَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ لَهُ شَبَهٌ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْمَحْدُودَةِ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ أَتْبَعَهُ بِهِ مُعَبِّرًا بِجُمْلَةٍ لَفْظُهَا الْخَبَرُ وَمَعْنَاهَا الطَّلَبُ فَقَالَ (ص) {فَصْلٌ سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ} (ش) فَاعِلُ سَجَدَ فِي كَلَامِهِ هُوَ قَارِئٌ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطٍ وَبِلَا إحْرَامٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِسَجَدَ وَالْأُولَى مِنْهُمَا تُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْدِيَةِ وَالْمَعْنَى سَجَدَ الْقَارِئُ مَعَ حُصُولِ شَرْطِ الصَّلَاةِ لَهَا أَوْ بِسَبَبِ حُصُولِ شَرْطِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَبِهَذَا شَابَهَتْ الصَّلَاةَ وَلَمَّا كَانَتْ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ كَانَ لَهَا بِهَا أَيْضًا شَبَهٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَلِذَا قَالَ (بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ قَارِئٌ) أَيْ: وَبِلَا رَفْعِ يَدَيْنِ أَيْ: بِلَا إحْرَامٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ هَذَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ) أَيْ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالِاتِّفَاقِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ الرَّكْعَةُ - اتِّفَاقًا فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ يَظُنُّهَا زَائِدَةً) أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَائِدَةً عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ غَلَّابِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ: مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ أَيْ: مِنْ الْبُطْلَانِ فِيهَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا هُنَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ يُرَاعُونَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي الْحَطَّابِ عَنْ الْهَوَّارِيِّ الْمَشْهُورُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَمَا لِابْنِ غَلَّابٍ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُجْزِئُ السَّاهِي وَلَعَلَّهُ لِفَقْدِ قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَمَّدَهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي زَائِدًا) فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ الْخَلَلَ قَبْلَ عَقْدِهَا لَا تَكُونُ خَامِسَةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ رَابِعَةً إذْ قَدْ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَفْعَلَهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَلَلِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَإِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَلَا تَضُرُّ هَذِهِ النِّيَّةُ كَنِيَّةِ الْإِمَامِ أَنْ لَا يَحْمِلَ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا يَحْمِلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ) أَقُولُ بَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الْمَسْبُوقِ أَيْضًا وَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ. [فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ] {فَصْلٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ} (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ) وَذَلِكَ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَبَعْضُ أَفْرَادِ سُجُودِ السَّهْوِ تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ) أَيْ: الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ إذْ يَجُوزُ أَنْ تُفْعَلَ عَلَى الدَّابَّةِ أَيْ: لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَفِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الدَّوَرَانُ. (قَوْلُهُ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ) الْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ وَلَا تَظْهَرُ السَّبَبِيَّةُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ لَيْسَ سَبَبًا لِلسُّجُودِ وَإِنَّمَا سَبَبُ السُّجُودِ الْقِرَاءَةُ أَوْ السَّمَاعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَعْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ يُنَافِي أَنَّ مَدْخُولَهَا شُرُوط (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْدِيَةِ) لَا يَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُلَابَسَةِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ سَجَدَ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ) أَيْ: فَيَحْتَاجُ إلَى إحْرَامٍ وَسَلَامٍ وَرَفْعِ يَدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلِّمٍ فِي الْكُلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يَرْفَعُهُمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَكَمَا لَا يَحْتَاجُ هُنَا لِتَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ لَا يَحْتَاجُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إلَى تَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ. نَعَمْ سُجُودُ السَّهْوِ يَحْتَاجُ لِسَلَامٍ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَإِنْ قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْإِحْرَامِ النِّيَّةَ أَيْ: فَيَحْتَاجُ لَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَيْ: الْبَعْدِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ عج قَدْ قَالَ لَا تُطْلَبُ مِنْهُ النِّيَّةُ فِي سُجُودِهِ لَا نِيَّةُ الْفِعْلِ وَلَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لِمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 فَقَوْلُهُ سَجَدَ جُمْلَةً خَبَرِيَّةً لَفْظًا إنْشَائِيَّةً مَعْنًى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ أَيْ طَلَبُ سُجُودِ قَارِئٍ وَمُسْتَمِعٍ أَوْ سَجَدَ عَلَى وَجْهِ الْمَطْلُوبِيَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ سُجُودِ قَارِئٍ وَمُسْتَمِعٍ فِيمَا مَضَى إذْ لَا مَعْنَى لَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الْمَطْلُوبِيَّةَ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ أَوْ الْفَضِيلَةِ وَقَوْلُهُ سَجَدَ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ إيجَادُ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ فِي أَقَلِّ أَفْرَادِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَقُلْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ مَثَلًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْفِعْلَ يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ؛ إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ لَهُ حُكْمُ النَّكِرَاتِ فَفِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِقَيْدِ الْوَاحِدَةِ. {فَائِدَةٌ} إنَّمَا قَالُوا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يَقُولُوا سُجُودُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ أَخَصُّ مِنْ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَكُونُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقِرَاءَةُ تَكُونُ فِيهَا تَقُولُ قَرَأَ فُلَانٌ اسْمَهُ وَلَا تَقُولُ تَلَا اسْمَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِك تَلَا الشَّيْءَ يَتْلُوهُ إذَا تَبِعَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْكَلِمَةُ تَتْبَعُ أُخْتَهَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ فِيهَا التِّلَاوَةَ وَيَسْتَعْمِلُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ اسْمٌ لِجِنْسِ هَذَا الْفِعْلِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ كُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَيْ: يَعْرِفُهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قَارِئٌ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِهَا وَلَوْ مَاشِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَنْحَطُّ مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَجْلِسُ لَهَا مِنْ قِيَامٍ وَارْتَضَى بَعْضٌ أَنَّ شَرْطَ سُجُودِ التَّالِي بُلُوغُهُ، وَكَذَا شَرْطُ سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ إذْ لَا يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ إلَّا الْبَالِغُ. (ص) وَمُسْتَمِعٌ فَقَطْ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ وَلَمْ يَجْلِسْ لِيَسْمَعَ (ش) مُسْتَمِعٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَارِئٍ الْمَهْمُوزِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَارٍ مَنْقُوصًا عُومِلَ مُعَامَلَةَ قَاضٍ بَعْدَ قَلْبِ هَمْزَتِهِ يَاءً فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْتَمِعَ يُخَاطَبُ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا يُخَاطَبُ بِهَا الْقَارِئُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِسُجُودِ الْمُسْتَمِعِ شُرُوطُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ مِنْ الْقَارِئِ الْقُرْآنَ أَوْ أَحْكَامَهُ مِنْ إدْغَامٍ وَإِظْهَارٍ وَنَحْوِهِمَا لَيَصُونَ قِرَاءَتَهُ عَنْ اللَّحْنِ فَلَا يَسْجُدُ جَالِسٌ لِمُجَرَّدِ ابْتِغَاءِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَخَرَجَ بِمُسْتَمِعٍ وَهُوَ قَاصِدُ السَّمَاعِ السَّامِعُ الَّذِي طَرَقَ أُذُنَهُ السَّمَاعُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَمُخْتَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ السُّجُودَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ لَا يُسْقِطُ مَطْلُوبِيَّةَ الْآخَرِ مِنْهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيَتَّبِعُهُ عَلَى تَرْكِهِ بِلَا خِلَافٍ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِفِعْلِهَا دُونَ إمَامِهِ دُونَ الْعَكْسِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ الَّذِي يَسْمَعُ الْمُسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَكُونَ ذَكَرًا بَالِغًا مُحَقَّقًا عَاقِلًا غَيْرَ فَاسِقٍ فَلَا يَسْجُدُ مُسْتَمِعٌ قِرَاءَةَ أَضْدَادِهِمْ وَقَوْلُنَا فِي الْجُمْلَةِ لِيَدْخُلَ مَا إذَا كَانَ الْقَارِئُ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ سُجُودُ مُسْتَمِعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَى مُسْتَمِعٍ غَيْرِ مُتَوَضِّئٍ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالشَّاذِلِيُّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْقَارِئُ جَلَسَ لِيُسْمِعَ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ مِنْهُ لِمَا دَخَلَ قِرَاءَتَهُ مِنْ الرِّيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اخْتِصَاصِ هَذَا الشَّرْطِ بِسُجُودِ الْمُسْتَمِعِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَعَلَيْهِ قَرَّرَ   [حاشية العدوي] قُلْت يَبْعُدُ ذَلِكَ غَايَةَ الْبُعْدِ كَيْف يَعْمِدُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ بِدُونِ نِيَّةٍ خُصُوصًا وَقَدْ ذَكَرَ عج فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ فَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ. أَقُولُ وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى ذَلِكَ. {تَنْبِيهٌ} : قَوْلُهُ بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ أَيْ: إلَّا لِقَصْدِ خُرُوجٍ مِنْ خِلَافٍ عَلَى أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْهَا كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ) أَيْ مَعْنَى صَحِيحٍ فَالْمَنْفِيُّ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ فِي أَقَلِّ أَفْرَادِهَا) أَيْ: لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ (قَوْلُهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَكْفِي سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَكْفِي فِي تَحْقِيقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ فَيَسُوقُهُ مَسَاقَ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا لَمْ يَنْظُرْ لِمَجْمُوعِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَفِيهِ التَّعَرُّضُ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ فَقَدْ قَالَ فِيمَا يَأْتِي: وَجَهْرُهَا وَتَكْرِيرُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إذَا تَبِعَهُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ تَلَوْت الرَّجُلَ أَتْلُوهُ تِلْوًا إذَا تَبِعْته اهـ. (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) وَلِذَلِكَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ مَشْرُوعِيَّتِهَا (قَوْلُهُ إذْ لَا يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ إلَّا الْبَالِغُ) أَيْ: بِحَسَبِ الْمَنْقُولِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ أَيْ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يُخَاطَبُ نَدْبًا وَلَا سُنَّةً بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ هَذَا مَعْنَاهُ. أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَيَأْتِي يَذْكُرُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهَا عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصِّبْيَانَ مُكَلَّفُونَ بِالْمَنْدُوبِ. ن (قَوْلُهُ إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ) أَيْ: فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَسْجُدُ مَنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ غَيْرِ بَالِغٍ (قَوْلُهُ الْقُرْآنَ) يَشْمَلُ أَوْجُهَ الْقِرَاءَةِ كَقِرَاءَةِ وَرْشٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْكَامَهُ) بَلْ وَمَا كَانَ جَائِزًا كَمَدِّ نَسْتَعِينُ وَقَصْرِهِ عِنْدَ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) عِبَارَةُ تت كَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى نَقْلِ الْأَكْثَرِ فَيُفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمُسْتَمِعٍ إلَخْ) أَقُولُ إذًا لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَقَطْ وَالْمُخْلِصُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ فَقَطْ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَمُسْتَمِعٍ وَسَامِعٍ. (قَوْلُهُ وَمُخْتَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ) فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ عب فِي الْجُمْلَةِ لِإِدْخَالِ سُجُودِ مُسْتَمِعٍ غَيْرِ عَاجِزٍ مِنْ مُتَوَضِّئٍ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ وَمُسْتَمِعٍ مَكْرُوهِ الْإِمَامَةِ وَكَذَا مِنْ فَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ غَيْرَ فَاسِقٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ مِنْ الرِّيَاءِ) أَيْ بِحَسَبِ الْمَظِنَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 الشَّارِحُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ السَّنْهُورِيُّ مِنْ جَعْلِهِ شَرْطًا فِي سُجُودِ الْقَارِئِ أَيْضًا وَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْلِسْ لِيَسْمَعَ شَرْطًا فِيهِمَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الْمُسْتَمِعِ فَقَطْ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْتَمِعِ ثُمَّ لَوْ قَالَ وَصَلُحَ لِيَؤُمَّ لَكَانَ أَخَصْرَ وَقَالَ السَّنْهُورِيُّ فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَعْطِفْ صَلُحَ عَلَى جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا شَرْطٌ فِيهِ؟ قُلْت: يَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى لَمَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ صَارَا لِذَلِكَ كَاَللَّذَيْنِ لَا اشْتَرَاكَ بَيْنَهُمَا فَتَرَكَ الْعَطْفَ لِذَلِكَ اهـ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] . ثُمَّ لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ صَلُحَ لِيَؤُمَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الصَّلَاحِيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ تَرَكَ الْقَارِئُ وَصَلُحَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لِيُسْمِعَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَلِلْفَاعِلِ وَقَصَرَهُ تت عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ قُصُورٌ. (ص) فِي إحْدَى عَشْرَةَ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ: سَجَدَ قَارِئٌ وَمُسْتَمِعٌ فِي إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ فِي مَا ضَرَّهُ؛ إذْ هُوَ مَفْعُولُ سَجَدَ الْمُتَعَدِّي وَلَعَلَّ فِي هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ الْحَدِيثَ، وَإِلَّا فَالظَّرْفِيَّةُ فِيهِ مَجَازِيَّةٌ وَهِيَ الْعَزَائِمُ أَيْ: الْمَأْمُورَاتُ الَّتِي يَعْزِمُ النَّاسُ بِالسُّجُودِ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَلَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْإِحْدَى عَشْرَةَ هِيَ آخِرُ الْأَعْرَافِ وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ وَخُشُوعًا فِي سُبْحَانَ وَبُكِيًّا فِي مَرْيَمَ وَمَا يَشَاءُ فِي الْحَجِّ وَنُفُورًا فِي الْفُرْقَانِ وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ فِي السَّجْدَةِ وَأَنَابَ فِي ص وَتَعْبُدُونَ فِي حم السَّجْدَةَ. وَمَا يُرْوَى زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ مِنْ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إحْدَى عَشْرَةَ وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ أَرْبَعًا رَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ صَرِيحًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي النَّجْمِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ عِنْدَهَا وَهِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ أَعْلَنَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَرَمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْجِنُّ وَالْمُشْرِكُونَ غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ رَفَعَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ إلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ يَكْفِي هَذَا إلَّا أَنَّ إجْمَاعَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَقُرَّائِهَا عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ فِيهَا مَعَ تَكْرَارِ الْقِرَاءَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ إذْ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَا فِي الِانْشِقَاقِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] وَلَا فِي الْعَلَقِ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ عَلَى الْحَدِيثِ. (ص) وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ (ش) هَذِهِ جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ قَصَدَ بِهَا تَفْصِيلَ الْحُكْمِ الَّذِي أَجْمَلَهُ فِي قَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ وَهَلْ هَذَا الطَّلَبُ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْفَضِيلَةُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ قَاعِدَتُهُ تَشْهِيرُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ) أَيْ: مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَخَصْرَ) جَوَابُ ذَلِكَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ) أَيْ: الْفَاعِلُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ اللَّهُ إلَخْ) أَيْ: فَلَمْ يَعْطِفْ إنْ كَانَ اللَّهُ عَلَى إنْ أَرَدْتُ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ وَصَلَحَ لِيَؤُمَّ فَيَحْذِفُ إنْ (أَقُولُ) فَإِذًا تَفُوتُ النُّكْتَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. (قَوْلُهُ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ إلَخْ) وَلَوْ سَجَدَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَمَا بَعْدَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يَسْجُدُهَا وَتَبِعَهُ فَلَا بُطْلَانَ فَلَوْ سَجَدَهَا دُونَ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَرَكَ اتِّبَاعَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ عج لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ أَنْ يُكْرَهَ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ يُمْنَعُ مَعْنَاهُ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ وَالنَّجْمَ مَعْطُوفٌ عَلَى ثَانِيَةِ أَيْ: وَلَا سَجْدَةَ النَّجْمِ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ إذْ هُوَ مَفْعُولُ سَجَدَ) يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَسْجُدُ بِسَبَبِ قِرَاءَتِهِ ثَانِيَةَ الْحَجِّ فَالْمُنَاسِبُ كَوْنُ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: سَجَدَ بِسَبَبِ قِرَاءَتِهِ آيَاتِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً (قَوْلُهُ يَعْزِمُ) أَيْ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالسُّجُودِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ هِيَ) أَيْ الْعَزَائِمُ مَا ثَبَتَ إلَخْ الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً تُسَمَّى عَزَائِمُ فَقَدْ قَالَ عج وَسُمِّيَتْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ عَزَائِمَ مُبَالَغَةً فِي فِعْلِ السُّجُودِ مَخَافَةَ أَنْ تَتْرُكَ اهـ. وَاخْتُلِفَ فِي الْعَزَائِمِ فَقِيلَ هِيَ الْمَأْمُورَاتُ وَقِيلَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا عَدَا الْإِحْدَى عَشْرَةَ لَمْ يَخْلُ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُشْرِكُونَ) أَيْ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهُ مَدَحَ آلِهَتَهُمْ بِقَوْلِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19] {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: 20] وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ صَوْتًا مِثْلَ صَوْتِهِ سَمِعُوهُ تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا رَدَّ هَذَا بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَسَبَبُ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَدْحُ آلِهَتِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19] {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: 20] {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} [النجم: 21] {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 22] (قَوْلُهُ اُنْظُرْ وَجْهَهُ إلَخْ) قَالَ فِي ك لَكِنْ قَالَ هـ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الصَّوَابَ غَيْرُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بَدَلُ غَيْرِ أَبِي لَهَبٍ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. (قَوْلُهُ تَفْصِيلَ) أَيْ: تَبْيِينَ لَا ذِكْرَ تَفَاصِيلَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ سُنَّةٌ) وَمُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْفَضِيلَةِ لَمْ يُشْهَر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 مَا صُدِّرَ بِهِ خِلَافٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُنَافِي الْفَضِيلَةَ وَالشَّيْءُ إنَّمَا يُقَابَلُ بِمَنَافِيهِ فَلَا يُقَالُ فِي الشَّيْءِ إنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يُجَامِعُ الْجَائِزَ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُخَاطَبُ بِهَا نَدْبًا وَمَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ إلَّا كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَقِلَّتُهُ، وَأَمَّا السُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ أَنَّهُ يَسْجُدُهَا فِي الْفَرْضِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يَسْجُدُهَا فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَكَبَّرَ لِخَفْضٍ وَرَفْعٍ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ (ش) قُلْ فِيهَا وَيُكَبِّرُ إذَا سَجَدَهَا وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا وَهَذَا فِي الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا وَفِي غَيْرِهَا اخْتِلَافٌ وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ التَّكْبِيرُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ التَّكْبِيرِ السُّنِّيَّةُ كَتَكْبِيرِ الصَّلَوَاتِ، وَإِذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ التَّكْبِيرَ لِلسَّجْدَةِ رَفْعًا وَخَفْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ خَارِجُهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَوَّاقِ ظَهَرَ لَك صَوَابُ الْمُبَالَغَةِ وَبَطَلَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ لِلذِّهْنِ قَلْبُهَا. (ص) وص وَأَنَابَ وَفُصِّلَتْ تَعْبُدُونَ (ش) أَيْ: وَمَحَلُّ سَجْدَةِ ص هَذَا الْمَوْضِعُ فَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ وَأَنَابَ هُوَ الْخَبَرُ وَلَمَّا كَانَتْ مَوَاضِعُ السُّجُودِ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقِسْمِ الَّذِي اُتُّفِقَ عَلَى مَحَلِّ السُّجُودِ فِيهِ وَذَكَرَ مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ سَجْدَةُ ص وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عِنْدَ وَأَنَابَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] وَقِيلَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] وَالثَّانِي سَجْدَةُ حم فُصِّلَتْ وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] لَا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ أَبَيْنُ لَا يُقَالُ: قَدْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي سَجْدَةِ النَّمْلِ فَقِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ الْعَظِيمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل: 74] فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُبَيِّنَ مَحَلَّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ وَهَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الثَّانِي فَقَالَ وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَنَقْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَحَلَّهَا مِنْهُ {وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل: 74] وَهْمُ. (ص) وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ أَوْ زَلْزَلَةٍ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ عَلَى الْمَشْهُورِ سُجُودُ شُكْرٍ عِنْدَ بِشَارَةٍ بِمَسَرَّةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ لِلْعَمَلِ وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَهُمْ سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ حِينَ بُشِّرَ بِقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ قَائِلًا مَا سَمِعْته قَطُّ وَأَرَاهُمْ كَذَبُوا عَلَيْهِ، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ فَمَا سَمِعْت أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَجَدَ وَكَذَا يُكْرَهُ لِزَلْزَلَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُكْرَهُ بَلْ تُطْلَبُ. (ص) وَجَهْرٌ بِهَا بِمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إظْهَارُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ بِمَعْنَى إشْهَارِهَا وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا خَوْفَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا، وَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ الْآنَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَيُؤَوَّلُ جَهْرٌ بِإِظْهَارٍ وَإِشْهَارٍ وَمُدَاوَمَةٍ كَمَا أَشَارَ تت. وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالسَّجْدَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا مَنْصُوصًا لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ مُؤَخَّرًا عَنْ قَوْلِهِ وَقِرَاءَةٍ بِتَلْحِينٍ لَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهَا عَائِدًا عَلَى الْقِرَاءَةِ إلَخْ وَفِي حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ بُعْدٌ مِنْ وُجُوهٍ لَا تَخْفَى وَهُوَ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ وَمَعَ مَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا تُنَافِي الْفَضِيلَةَ إلَخْ) بَلْ تُنَافِي؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تُرَادِفُ الْمُسْتَحَبَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ يُجَامِعُ الْجَائِزَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَائِزَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ وَبِمَعْنَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَبِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى فَالْمُجَامَعَةُ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ (قَوْلُهُ إلَّا كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَقِلَّتُهُ) أَيْ: لَا مَا قَالَهُ الْبَعْضُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَبَطَلَ مَا قِيلَ الْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ قَلْبُهَا) وَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي الذِّهْنِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي صَلَاةٍ فَلَا تَفْتَقِرُ لِلتَّكْبِيرِ الَّذِي يُقَرِّبُهَا مِنْ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَتَفْتَقِرُ إلَى التَّكْبِيرِ الَّذِي يُقَرِّبُهَا بِهَا حَتَّى يَسْجُدَ لَهَا هَذَا غَايَةُ مَا يُفْهَمُ فَبَيَّنَ الشَّارِحُ بِالنَّقْلِ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ وَهِمَ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ إنَّ التَّوْهِيمَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اعْتَمَدَهُ وَرَجَّحَهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَنْقُولًا فِي الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ عَلَى الْمَشْهُورِ سُجُودُ شُكْرٍ إلَخْ) أَيْ وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ كُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ) أَيْ: وَكَذَا صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ بِمَسَرَّةٍ) أَيْ مَا يُسَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ) أَيْ: يَوْمَ وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ وَهِيَ بِلَادٌ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (قَوْلُهُ شَدِيدَةٍ) رَاجِعٌ لِلرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ. (قَوْلُهُ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ) أَيْ: لِلزَّلْزَلَةِ وَنَحْوِهَا أَيْ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الصَّلَاةُ لِدَفْعِ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ أَجْلِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ شَهَادَةٌ لِغَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ فَلَا يُكْرَهُ فَيُصَلُّونَ أَفْذَاذًا أَوْ جَمَاعَةً إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمْ الْإِمَامُ أَوْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَكْعَتَانِ وَلَمْ أَرَهُ اهـ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْوُجُوبُ إذَا جَمَعَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا شُرِعَتْ الصَّلَاةُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يُخَافُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَدَلَّ كَلَامُهُ إلَخْ) لَا دَلَالَةَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ لَا يُعْتَبَرُ. (قَوْلُهُ إشْهَارِهَا وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَعَمُّدِهَا بِفَرِيضَةٍ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالسَّجْدَةِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: فِعْلُهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَرْجِيحِ الضَّمِيرِ لِلْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ لَا تَخْفَى) إلَى هُنَا انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْوُجُوهِ التَّكْرَارُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّكْرَارُ إلَّا أَنَّهُ مُتَعَدِّدٌ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْوُجُوهِ مِنْ حَيْثُ تَعَدُّدُ التَّكْرَارِ وَأَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَيَظْهَرُ وَجْهُ التَّعَدُّدِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الضَّمِيرِ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى مُتَقَدِّمٍ وَتَرْجِيعُهُ لِمُتَأَخِّرٍ خِلَافُ الْأَصْلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 مِنْ كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِالْقُرْآنِ فَعَلَى جَوَابِ تت فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْرِ الْإِظْهَارُ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ. (ص) وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينِ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ أَيْ: تَطْرِيبِ الصَّوْتِ أَيْ تَرْجِيعِهِ تَرْجِيعًا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْقُرْآنِ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَدِّ الْمَقْصُورِ وَفَكِّ الْمُدْغَمِ وَعَكْسِهِمَا. (ص) كَجَمَاعَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ ابْنُ يُونُسَ وَكَرِهَ مَالِكٌ اجْتِمَاعَ الْقُرَّاءِ يَقْرَءُونَ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَرَآهَا بِدْعَةً وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الْوَاقِفُ وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ بَنَى كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ قِرَاءَةُ السُّبْعِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ. (ص) وَجُلُوسٌ لَهَا لَا لِتَعْلِيمٍ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ جُلُوسٌ لِلسَّجْدَةِ فَقَطْ أَيْ: لَيْسَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْجُلُوسِ إلَّا السَّجْدَةُ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَهَا فَقَطْ لَا لِتَعْلِيمٍ يُرِيدُ وَلَا لِثَوَابٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ غَيْرَهُ (ش) أَيْ: أَنَّ الْقَارِئَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ وَغَيْرِهِ يُقَامُ نَدْبًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِهَا وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُ الدُّنْيَا بِذَلِكَ وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَيَجِبُ فِعْلُهُ. (ص) وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ (ش) أَيْ: وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ: مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ دَفْعَةً عَلَى الْوَاحِدِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَفُوتُهُ مَا يَقْرَأُ بَعْضُهُمْ بِالْإِصْغَاءِ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ يُخْطِئُ فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ فَيَحْمِلُ عَنْهُ الْخَطَأَ وَيَظُنُّهُ مَذْهَبًا لَهُ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا لِلْمَشَقَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْقُرَّاءِ بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ إذْ قَدْ يَكْثُرُونَ فَلَا يَعُمُّهُمْ فَجَمْعُهُمْ أَحْسَنُ مِنْ الْقَطْعِ بِبَعْضِهِمْ رِوَايَتَانِ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَلَا يَرَاهُ صَوَابًا ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ. (ص) وَاجْتِمَاعٌ لِدُعَاءٍ يَوْمَ عَرَفَةَ (ش) أَيْ وَيُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِدُعَاءٍ أَيْ: بِأَيِّ دُعَاءٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَقَامُ الرَّجُلِ فِي مَنْزِلِهِ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ الَّتِي لَمْ تَرِدْ عَنْ السَّلَفِ فَقَوْلُهُ لِدُعَاءٍ بِالتَّنْوِينِ لَا بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ لَهُ دُعَاءً خَاصًّا وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَّا لِلدُّعَاءِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ تَخُصَّ كَرَاهَةَ الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ بِمَنْ يَفْعَلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ   [حاشية العدوي] الَّذِي يُوصَفُ بِأَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَازِمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ) أَيْ: مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ شَبَّهَ الْإِشْهَارَ وَالْمُدَاوَمَةَ بِالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ بِجَامِعِ اطِّلَاعِ الْغَيْرِ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) فِيهِ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ مُؤَخَّرًا لَأَمْكَنَ وَعَلَى تَقْدِيرِ لَوْ حَمَلَ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ بُعْدٌ مِنْ وُجُوهٍ. (قَوْلُهُ وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى جَوَازِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَلْ قَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ اسْتَحْسَنَهُ وَسَمَاعُهُ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقِرَاءَةِ وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقُلُوبَ خَشْيَةً. (قَوْلُهُ مِنْ الْمَكْرُوهِ قِرَاءَةُ السُّبْعِ) أَيْ: وَمِنْ أَفْرَادِ مَا حُكِمَ بِكَرَاهَتِهِ الَّذِي هُوَ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْمَكْرُوهِ قِرَاءَةُ السُّبْعِ وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُورَةً أُخْرَى فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ وَاحِدٌ رُبْعَ حِزْبٍ ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمُدَارَسَةِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَهَا وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَاقِفٌ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ أَوْ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ وَاقِفِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ الزَّائِدَةِ مَا لَمْ يَقْرَأْ كُلُّ وَاحِدٍ سُورَةً مُسْتَقِلَّةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ لِلْفَصْلِ بِالسُّوَرِ كَمَا لَا نَكْرَهُ الْمُدَارَسَةَ بِالْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يُدَارِسُ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَمَضَانَ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَإِعَادَةِ النَّبِيِّ عَيْنَ مَا قَرَأَهُ جِبْرِيلُ. (قَوْلُهُ لَا لِتَعْلِيمٍ) أَطْلَقَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ إفَادَةُ الْغَيْرِ وَمَجَازُهُ وَهُوَ التَّعَلُّمُ الَّذِي هُوَ الْإِفَادَةُ مِنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ وَلَا لِثَوَابٍ) وَهَذَا عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ يُقَامُ نَدْبًا) هَذَا إذَا قَرَأَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَإِلَّا وَجَبَتْ إقَامَتُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ) فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَامُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِشَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَأَنْ يَقْصِدَ دَوَامَ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ وَفِعْلُ ذَلِكَ لَا عَلَى الدَّوَامِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا لَكِنْ لَا يُقَامُ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَيُؤْمَرُ بِالسُّكُوتِ أَوْ الْقِرَاءَةِ سِرًّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُ الدُّنْيَا) هَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتِجُ الْإِقَامَةَ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الدَّوَامَ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا لِلْمَشَقَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْقُرَّاءِ بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ إذْ قَدْ يَكْثُرُونَ فَلَا يَعُمُّهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ إذْ قَدْ يَكْثُرُونَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْمَشَقَّةِ أَيْ: لِمَظِنَّةِ الْمَشَقَّةِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ مُطْلَقًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ مَشَقَّةٌ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ بِاتِّفَاقٍ اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ) أَيْ: تَخْفِيفًا وَصَلَ إلَى دَرَجَةِ الرَّاجِحِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَحْسَنُ (فَإِنْ قُلْت) حَيْثُ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ كَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ بِمَثَابَةِ النَّسْخِ قُلْت: الْمَرْجُوعُ عَنْهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ قَوَاعِدِهِ لَمْ يَلِغْ أَصْلًا كَمَا ذَكَرُوا. (قَوْلُهُ وَاجْتِمَاعٍ لِدُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ وَمَقَامٍ) بِمَعْنَى وَإِقَامَةٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ دُعَاءٌ خَاصٌّ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ هَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشِيَّةَ عَرَفَةَ اللَّهُمَّ إنَّك تَرَى مَكَانِي وَتَسْمَعُ كَلَامِي إلَى آخَرِ مَا هُوَ حَاشِيَةُ عب، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْمَجْمُوعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ لَهُ دُعَاءٌ خَاصٌّ أَيْ: مُتَحَتِّمٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ دُعَاءً خَاصًّا أَوْلَوِيًّا وَهُوَ مَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ إذَا فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ التَّضْحِيَةِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 فِي نَحْوِ قَوْلِ الْمُضَحِّي اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ ثُمَّ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ وَمِنْهُ مَا يُفْعَلُ بِمَسَاجِدِ الْقَرَافَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَسَاجِدِ. (ص) وَمُجَاوَزَتُهَا لِمُتَطَهِّرٍ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا أَوْ الْآيَةَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ مُجَاوَزَتُهَا أَيْ: تَعَدِّي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِمَنْ قَرَأَ مَحَلَّهَا فِي وَقْتِ جَوَازِ لَهَا وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ وَأَمَّا مَنْ تَرَكَهُ فَلَيْسَ بِمُجَاوِزٍ لَهَا وَقَدْ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ عَدَمُ تَوَالِي آيَاتِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا أَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْسَ وَقْتَ جَوَازٍ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا وَلَا الْوَقْتُ وَقْتَ جَوَازِ لَهَا فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا فَقَطْ فَيُجَاوِزُ {مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] فِي الْحَجِّ {وَأَنَابَ} [ص: 24] فِي ص وَهَكَذَا أَوْ يُجَاوِزُ الْآيَةَ كُلَّهَا تَأْوِيلَانِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ فَجَعَلَ فِيهِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ: مَحَلُّ ذِكْرِهَا أَيْ السَّجْدَةِ وَيَأْتِي بِمَحَلِّ فِعْلِهَا وَفِيهِ بَحْثٌ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ فَإِنَّ فِيهِ كَلَامًا نَفِيسًا. (ص) وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا وَأَوَّلَ بِالْكَلِمَةِ وَالْآيَةِ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ حَيْثُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنَّمَا كُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ السَّجْدَةَ لَا التِّلَاوَةَ وَهُوَ خِلَافُ الْعَمَلِ قَالَهُ أَشْهَبُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَسْجُدُ حَيْثُ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتُهَا خَاصَّةً لَا قَبْلَهَا شَيْءٌ وَلَا بَعْدَهَا شَيْءٌ ثُمَّ يَسْجُدُهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا قَرَأَ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ مِثْلَ {وَاسْجُدُوا} [فصلت: 37] لَا الْآيَةَ بِجُمْلَتِهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَالِيًا لِذَلِكَ وَحَكَى فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قِرَاءَةُ جُمْلَةِ الْآيَةِ مِثْلَ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التِّلَاوَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَسْتَمِرُّ عَلَى قِرَاءَةِ الْآيَاتِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مِنْك) أَيْ: مِنْ إحْسَانِك وَقَوْلُهُ وَإِلَيْك أَيْ: وَمُتَقَرَّبٌ بِهِ إلَيْك. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّاقِ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَلِّي فِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَفِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا لَازِمًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْكَرَاهَةِ بِكَوْنِهِ إذَا فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُكْرَهُ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَسَاجِدِ) لَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مُعَدٌّ لِدَفْنِ الْأَمْوَاتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَشْهَبَ كَانَ يَقُولُ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقَدُ أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَكَانَ يَفْعَلُهُ بِجَامِعِ مِصْرَ قَالَ سَحْنُونَ فَحَضَرْتُهُ وَكَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَالِسًا وَفِي جَانِبِهِ صُرَّةٌ يُعْطِي مِنْهَا السُّؤَالَ فَإِذَا بِهِ أَعْطَى سَائِلًا دِينَارًا فَذَكَرْته لَهُ فَقَالَ أَوْ مَا كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَكَانَ بِيَدِهِ خَرَاجُ مِصْرَ وَمَرَّ يَوْمًا عَلَى بَغْلَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [الفرقان: 20] ثُمَّ رَضِيَ بِالْحَالِ قَالَهُ عِيَاضٌ. (قَوْلُهُ وَقْتَ جَوَازٍ) أَيْ: وَقْتَ جَوَازِ السَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجُوزُ وَلَا تَجُوزُ النَّافِلَةُ كَبَعْدِ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا لَمْ يَقْرَأْ بِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَقْتَ نَهْيٍ وَإِلَّا سَجَدَهَا (قَوْلُهُ عَدَمُ تَوَالِي آيَاتِ الْقُرْآنِ) أَيْ: فَعَدَمُ تَوَالِي آيَاتِ الْقُرْآنِ مَكْرُوهٌ وَعَدَمُ تَوَالِي الْكَلِمَاتِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ أَوْ يُجَاوِزُ الْآيَةَ كُلَّهَا) ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى اهـ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ تَغَيُّرُ الْمَعْنَى لَكِنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي مِثْلِ تَرْكِ آخِرِ الْأَعْرَافِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ. {تَنْبِيهٌ} : إذَا قُلْنَا بِالتَّأْوِيلَيْنِ فَلَا يَرْجِعُ لِقِرَاءَتِهَا إذَا تَطَهَّرَ أَوْ زَالَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ لِنَصِّ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ شِعَارِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلْجَلَّابِ وَكَذَا الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْهَا بِوَقْتِ نَهْيٍ وَفَعَلَهَا فِيهِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ أَيْ: مَحَلَّ ذِكْرِهَا أَيْ السَّجْدَةِ) وَيَأْتِي بِمَحَلِّ فِعْلِهَا أَيْ: فَيَسْقُطُ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَيَأْتِي بِقَوْلِهِ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] (قَوْلُهُ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجَاوِزُ مَحَلَّ ذِكْرِهَا وَيَأْتِي بِمَحَلِّ فِعْلِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْضِعُ ذِكْرِ السَّجْدَةِ غَيْرَ مَوْضِعِ فِعْلِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَفْظَ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [فصلت: 37] وَيَقْرَأُ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَجَاوَزُ مَحَلَّ السُّجُودِ وَهُوَ تَعْبُدُونَ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ حَمْلَ الْبَعْضِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي بَيَانِ النَّظَرِ أَنَّ ظَاهِرَهُ وَلَوْ كَانَ حَذْفُ مَحَلِّ ذِكْرِهَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَيَّدَهُ سَنَدٌ بِأَنْ لَا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْحَجِّ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ} [الحج: 18] وَيَصِلُهُ بِقَوْلِهِ {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الحج: 18] وَيَحْذِفُ {يَسْجُدُ لَهُ} [الحج: 18] . (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ) أَيْ: بِالْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّجْدَةَ أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ فَلَا كَرَاهَةَ ظَاهِرُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَصْدَهُ السَّجْدَةَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَعُودُ بِالتَّعْكِيرِ عَلَى قَوْلِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ حَالَةً وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ يَقْتَضِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ) أَيْ: قَصْدُ السَّجْدَةِ لَا التِّلَاوَةِ خِلَافُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ حَيْثُ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ) أَيْ: مَا يُكْرَهُ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ السَّجْدَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ (قَوْلُهُ مِثْلُ وَاسْجُدُوا) فِيهِ أَنَّ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ هُوَ قَوْلُهُ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] لَا قَوْلُهُ وَاسْجُدُوا وَنَصُّ الْمَوَّاقِ يُرِيدُ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ فَقَطْ لَا آيَتَهَا الْمَازِرِيُّ وَقِيلَ آيَتُهَا اهـ. وَكَذَا فِي بَهْرَامَ فَلَمْ يَقَع مِنْهُ التَّمْثِيلُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ مِنْ تَقْرِيرِهِ الَّذِي كَتَبَهُ الْفِيشِيُّ (قَوْلُهُ وَحَكَى) أَيْ: عَبْدُ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ تَهْذِيبَ الطَّالِبِ لِعَبْدِ الْحَقِّ تَحْقِيقًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 الْكَثِيرَةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَلِمَاتِ السَّجْدَةِ أَوْ جُمْلَةِ الْآيَةِ وَذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا خِلَافًا وَإِنَّمَا هُوَ فَهْمٌ لِشُيُوخِهَا أَتَى بِلَفْظِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَا مِنْ خِلَافٍ حَقِيقِيٍّ قَالَهُ تت أَيْ: فَتَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ز وَهُوَ مُخْتَارٌ مِنْ الْخِلَافِ فَلَوْ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ عَلَى الْمَقُولِ كَانَ مُنَاسِبًا لِاصْطِلَاحِهِ انْتَهَى. وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْآيَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا لَا يَسْجُدُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَسْجُدُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْكَلِمَةِ لَا يَسْجُدُ بِاتِّفَاقِهِمَا. (ص) وَتَعَمُّدِهَا بِفَرِيضَةٍ أَوْ خُطْبَةٍ لَا نَفْلٌ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَعَمُّدُ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فِي الْفَرِيضَةِ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ، وَإِنْ سَجَدَ زَادَ فِي أَعْدَادِ سُجُودِهَا، وَكَذَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي الْخُطْبَةِ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِهَا وَلَعَلَّ نُزُولَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَسُجُودَهُ اتِّفَاقِيٌّ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَتَرْكٌ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ وَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي النَّفْلِ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ جَهْرًا أَوْ سِرًّا فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ مُتَأَكِّدًا أَوْ غَيْرَ مُتَأَكِّدٍ خَشِيَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ التَّخْلِيطَ أَمْ لَا. (ص) وَإِنْ قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ سَجَدَ لَا خُطْبَةٍ وَجَهَرَ إمَامُ السَّرِيَّةِ وَإِلَّا اتَّبَعَ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السَّجْدَةَ تُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا فِي الْفَرِيضَةِ وَالْخُطْبَةِ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّجُودِ وَعَدَمِهِ مُسْتَوٍ فَذَكَرَ أَنَّ قَارِئَهَا فِي الْفَرِيضَةِ يَسْجُدُ لَا خُطْبَةً وَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَإِذَا وَقَعَ وَسَجَدَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْخُطْبَةُ لِزَوَالِ نِظَامِهَا أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَسَجَدَ وَلَوْ فِي وَقْتِ حُرْمَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ الْقَبْلِيِّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَقَالَ تت يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ أَيْ: فِي وَقْتِ النَّهْيِ تَأَمَّلْ وَإِذَا قُلْنَا يَسْجُدُ فِي الْفَرِيضَةِ فَإِنْ كَانَ إمَامًا وَالصَّلَاةُ سِرِّيَّةٌ جَهَرَ نَدْبًا لِيُعْلِمَ الْمَأْمُومِينَ وَلَوْ نَفْلًا، وَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ وَسَجَدَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتَّبَعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّهْوِ وَقَالَ سَحْنُونَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَّبِعُوهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَوْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ. (ص) وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ يَسْجُدُ وَبِكَثِيرٍ يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ مَا لَمْ يَنْحَنِ وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَارِئَ السَّجْدَةِ إذَا جَاوَزَهَا بِيَسِيرٍ كَالْآيَةِ وَنَحْوِهَا يَسْجُدُهَا مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَتَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَيْ: الْمَازِرِيُّ اخْتَارَهُ فَهُوَ قَطْعًا اخْتِيَارٌ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخِلَافُ اخْتِلَافًا فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ لَا خِلَافًا خَارِجِيًّا. (قَوْلُهُ دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ) الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] . (أَقُولُ) إلَّا أَنَّهُ وَعِيدٌ بِالنَّظَرِ لِتَرْكِ السَّجْدَةِ وَعِيدُ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ زَادَ فِي أَعْدَادِ سُجُودِهَا) فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةِ مَوْجُودَةٌ فِي النَّافِلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السُّجُودَ لَمَّا كَانَ نَافِلَةً وَالصَّلَاةُ نَافِلَةً صَارَ كَأَنَّهُ لَيْسَ زَائِدًا بِخِلَافِ الْفَرْضِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى الزِّيَادَةِ فِي الْفَرْضِ الْبُطْلَانُ فَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا طَلَبَهَا مِنْ كُلِّ قَارِئٍ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ مَحْضَةٍ خُصُوصًا وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي النَّفْلِ. (قَوْلُهُ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِهَا) أَيْ إخْلَالًا يُؤَدِّي لِلْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقِيٌّ) أَيْ: لَمْ يَقْصِدْ تَشْرِيعًا ثُمَّ أَقُولُ هَذَا لَا مَعْنًى لَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالِاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ) أَيْ: لِبَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ أَقُولُ لَا يَخْفَى بُعْدَ هَذَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى دَلِيلٍ. (قَوْلُهُ وَتَرْكٌ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ) أَقُولُ إذَا كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَتَرْكٍ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي النَّفْلِ) قَالَ فِي ك وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالنَّفْلِ الَّذِي يَجُوزُ عَمْدُهَا فِيهِ هَلْ مَا قَابَلَ الْفَرِيضَةَ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ أَوْ الْمُطْلَقَ، وَأَمَّا الْخُطْبَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ خَشِيَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخَشْيَةَ تُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِ الْعِبَادَةِ فَكَيْفَ يَرْتَكِبُ أَمْرًا غَيْرَ وَاجِبٍ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَرَأَهَا) أَيْ: وَإِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيَ وَهَلْ سُجُودُهُ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ غَيْرَ جِنَازَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ جِنَازَةً فَلَا يَسْجُدُهَا فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي سَجْدَةِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ) الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَحِينَئِذٍ لَا بُطْلَانَ. (قَوْلُهُ الْقَبْلِيِّ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْقَبْلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ) هَذَا تَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَا مِنْ كَلَامِ تت وَقَوْلُهُ تَأَمَّلْ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَأَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ أَيْ: فِي وَجْهِ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَمُّدِهِ يُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِمَثَابَةِ مَنْ زَادَ وَقَوْلُهُ نَدْبًا فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى الْإِعْلَامِ السُّنِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ السُّجُودَ سُنَّةٌ فَيَكُونُ وَسِيلَتُهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتَّبَعُ) فِي ك الظَّاهِرُ الْوُجُوبُ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ الِاتِّبَاعُ وَاجِبًا مَا جَازَ لَهُمْ التَّرْكُ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِرَعْيِ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ يُعِيدُهَا) أَيْ يُعِيدُ مَحَلَّ السُّجُودِ أَيْ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ (قَوْلُهُ وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ) أَيْ: وَيَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَتِهِ اُنْظُرْ مَا حُكْمَ إعَادَةِ قِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَةِ النَّفْلِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ ابْتِدَاءً هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ شَارِحَنَا حَكَمَ بِالنَّدْبِ وَقَوْلُهُ فَفِي فِعْلِهَا أَيْ: السَّجْدَةِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِآيَتِهَا. (قَوْلُهُ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَهَا حَتَّى قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَعَلَهَا بَعْدَهَا بَلْ وَكَذَا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الِانْحِنَاءِ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ قَدَّمَهَا فَهَلْ يَكْتَفِي بِهَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يُعِيدُهَا فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ فَاتَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا جَاوَزَهَا) أَيْ: مَحَلَّهَا أَيْ: مَحَلَّ السَّجْدَةِ (قَوْلُهُ كَالْآيَةِ وَنَحْوِهَا) نَحْوُ الْآيَةِ الْآيَتَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 لِقِرَاءَتِهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ جَاوَزَهَا بِكَثِيرٍ رَجَعَ إلَيْهَا فَقَرَأَهَا وَسَجَدَهَا ثُمَّ عَادَ إلَى حَيْثُ انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ وَسَوَاءٌ مَنْ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَكِنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَا لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ فَإِنْ انْحَنَى فَاتَتْهُ فَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ قِرَاءَتِهَا فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَبِالنَّفَلِ يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَتِهِ اسْتِحْبَابًا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ يَسْجُدُهَا قَبْلَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا أَوْ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَمَشْرُوعِيَّتهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ قَوْلَانِ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَقَوْلُهُ بِكَثِيرٍ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ بِالْفَرْضِ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ مُمَاثِلٍ لِلْمَذْكُورِ أَيْ: وَيُعِيدُ بِالْفَرْضِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَاذَا يَفْعَلُ إذَا جَاوَزَهَا بِكَثِيرٍ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَقَوْلُهُ بِالنَّفْلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْفَرْضِ فَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ وَهُوَ مُجَاوَزَتُهَا بِكَثِيرٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُهَا الْمَذْكُورُ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ فِي مَسْأَلَةِ مُجَاوَزَتِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ. (ص) وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ وَلَا سَهْوَ (ش) أَيْ: إذَا انْحَطَّ بِنِيَّةِ السَّجْدَةِ فَلَمَّا وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ذَهِلَ عَنْهَا وَنَوَى الرُّكُوعَ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَيَرْفَعُ لَهُ وَفَاتَتْ السَّجْدَةُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَلَا يُعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا، فَإِنْ اطْمَأَنَّ مُنْحَنِيًا أَوْ رَفَعَ أَوْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ أَلْغَاهَا وَيَسْجُدُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ. (ص) بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا أَوْ سُجُودٍ قَبْلَهَا سَهْوًا (ش) قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ سَجَدَ السَّجْدَةَ ثُمَّ سَجَدَ مَعَهَا ثَانِيَةً سَهْوًا فَلْيَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ: وَلَوْ سَجَدَ فِي آيَةٍ قَبْلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا السَّجْدَةَ فَلْيَقْرَأْ السَّجْدَةَ فِي بَاقِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُهَا ثُمَّ يَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ. (ص) قَالَ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ تَكْرِيرُهَا إنْ كَرَّرَ حِزْبًا إلَّا الْمُعَلِّمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَالَ عَائِدٌ عَلَى الْمَازِرِيِّ قَالَ فِي الْقَارِئِ إذَا قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بَعْدَ مَا سَجَدَ فِيهَا أَنَّهُ يَسْجُدُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ تَكْرَارِ السُّجُودِ هُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فَفِيهِ قَوْلَانِ إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَسْجُدَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَأَمَّا قَارِئُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ جَمِيعَ سَجَدَاتِهِ انْتَهَى الشَّارِحُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا الْمُعَلِّمَ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ الْمَازِرِيِّ فَيَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ عَزَا هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمَقُولِ وَالْمُرَادُ بِالْحِزْبِ الْوَرْدُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ لَا الْحِزْبُ الْمَعْلُومُ الَّذِي مِنْ تَجْزِئَةِ سِتِّينَ. (ص) وَنُدِبَ لِسَاجِدِ الْأَعْرَافِ قِرَاءَةً قَبْلَ رُكُوعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ أَوْ غَيْرَهَا وَسَجَدَ سَجَدْتَهَا أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ الْأَنْفَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا بَعْدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا) أَيْ: يُكْرَهُ فَإِنْ سَجَدَهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَتِهَا لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ بِالِانْحِنَاءِ وَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ هَلْ يَسْجُدُهَا) أَيْ: هَلْ يَقْرَأُ آيَتَهَا فَيَسْجُدُهَا (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَمُجَاوِزُهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ ذَهَلَ عَنْهَا) ذَهَلَ عَنْ الشَّيْءِ نَسِيَهُ وَغَفَلَ عَنْهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ وَذَهِلَ أَيْضًا بِالْكَسْرِ ذُهُولًا مُخْتَارٌ وَقَوْلُهُ أَوْ رَفَعَ أَوْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُهَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا تَفُوتُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَلْغَاهَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا إلَّا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَمَنْ شَكَّ هَلْ سَجَدَهَا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الزِّيَادَةِ كَتَحَقُّقِهَا. (قَوْلُهُ سَهْوًا) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَإِضَافَةُ تَكْرِيرٍ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَكْرِيرُ الْمُكَلَّفِ إيَّاهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّكَرُّرِ أَخْصَرُ وَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ لَكِنْ لَمَّا أَسْنَدَ الْفِعْلَ فِيمَا تَقَدَّمَ لِلشَّخْصِ نَاسَبَ أَنْ يُسْنِدَ لَهُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَلْيَقْرَأْ السَّجْدَةَ فِي بَاقِي صَلَاتِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَظَاهِرُهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مَعَ أَنَّ تَعَمُّدَهَا بِالْفَرْضِ مَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اتَّفَقَ أَنَّهُ قَرَأَ الْآيَةَ قَبْلَهَا فَلْيُؤْمَرْ بِقِرَاءَةِ مَا يَلِيهَا وَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ عج كَمَا لَوْ سَجَدَهَا فِي آيَةٍ قَبْلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا مَحَلُّهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ سَجَدَهَا عِنْدَ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا أَمْ لَا اهـ. (قَوْلُهُ كَالْمُعَلِّمِ) أَيْ بِسَمَاعِهِ وَالْمُتَعَلِّمِ بِقِرَاءَتِهِ عَلَى السَّامِعِ الْمَذْكُورِ الْبَالِغِينَ إذَا قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ بِتَمَامِهِ مَثَلًا أَوْ كَرَّرَ سُورَةً سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا قَالَ عب، ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ كَتَبَ مُوَافِقًا لِصَدْرِ عِبَارَةِ عب فَقَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَلِّمَ أَوْ الْمُتَعَلِّمَ إذَا كَرَّرَا سُورَةً وَاحِدَةً مِرَارًا لِلْحِفْظِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَسْجُدَانِ لِلتَّكْرَارِ وَإِنَّمَا يَسْجُدَانِ الْمَرَّةَ الْأُولَى وَكَذَلِكَ إذَا قَرَأَ الْمُتَعَلِّمُ سُوَرًا مُتَعَدِّدَةً فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لَا يَسْجُدُ إلَّا عِنْدَ سَجْدَةِ السُّورَةِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ الْمُعَلِّمُ أَيْضًا مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ عج. أَقُولُ بَلْ الَّذِي يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ يَسْجُدُ الْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ عِنْدَ كُلِّ سَجْدَةٍ حَيْثُ كَانَا قَارِئِينَ لِتِلْكَ السُّورَةِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِهَا كَمَا هُوَ نَصُّ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ انْتَهَى الشَّارِحُ أَيْ: مِنْ الشَّارِحِ ثُمَّ إنَّهُ يُرَدُّ أَنَّ الْمُعَلِّمَ سَامِعٌ وَالسَّامِعُ لَا يَسْجُدُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَلِّمًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَسْجُدُ مَعَ كَوْنِهِ سَامِعًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ: أَوْ لِيُعَلِّم فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى عب فِي قَوْلِهِ إلَّا الْمُعَلِّمُ بِسَمَاعِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ: لِكَوْنِ الْمَازِرِيِّ اخْتَارَهُ مِنْ خِلَافٍ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِ لَيْسَ مُخْتَارًا مِنْ خِلَافٍ فَنَاسَبَ التَّعْبِيرَ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَآخِرُهَا مُخْتَارٌ مِنْ خِلَافٍ فَالْمُنَاسِبُ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ: مِمَّا يَلِيَهَا عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ لَا مَا يَشْمَلُ قَبْلَهَا وَإِلَّا كَانَ تَنْكِيسًا مَكْرُوهًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 قِيَامِهِ مِنْهَا وَقَبْلَ رُكُوعِهِ لِيَكُونَ الرُّكُوعُ وَاقِعًا عَلَى سُنَّتِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَعْدَ قِرَاءَةٍ وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَعْرَافَ بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي الْأَعْرَافِ عَدَمُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ عَدَمَ الِاقْتِصَارِ عَلَى سُورَةٍ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى سُورَةٍ وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَاكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ قِرَاءَةً لِسُنَّةِ الصَّلَاةِ. (ص) وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ (ش) أَيْ: وَلَا يَكْفِي عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ رُكُوعٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَرْكَعُ بِهَا فِي صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا أَيْ: لَا يَرْكَعُ بَدَلَهَا فِي صَلَاةٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ: لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. (ص) وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ السَّجْدَةَ عَمْدًا أَوْ قَصَدَ جَعْلَ الرُّكُوعِ عِوَضًا عَنْهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِبَيَانِ أَنَّ الرُّكُوعَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ صَحِيحٌ مُعْتَدٌّ بِهِ وَفِي كَلَامِ ز إشَارَةٌ إلَى هَذَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا تَرَكَهَا وَقَصَدَ الرُّكُوعَ وَلَمْ يَقْصِدْ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْهَا أَنَّهُ صَحِيحٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَقَوْلُهُ صَحَّ أَيْ: صَحَّ رُكُوعُهُ وَكُرِهَ فِعْلُهُ الْمَذْكُورُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى قَصْدِهِ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ قَصْدُ الرُّكُوعِ وَيَأْتِي نَصُّهُ. (ص) وَسَهْوًا اعْتَدَّا بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ السَّجْدَةَ سَهْوًا وَرَكَعَ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا حِينَ وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ اعْتَدَّ بِالرُّكُوعِ وَيَمْضِي عَلَى رَكْعَتِهِ وَيَرْفَعُ لِرَكْعَتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ فَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَعُ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ طَالَ فِي انْحِنَائِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ) وَكَذَا لَوْ رَفَعَ مِنْهُ بَلْ هُوَ أَحْرَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّ الرَّكْعَةَ أَلْغَاهَا وَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ انْحَطَّ لِلسَّجْدَةِ وَهُنَا لِلرُّكُوعِ سَاهِيًا عَنْهَا لَكِنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الْخِلَافَ يَجْرِي فِيهِمَا وَاقْتِصَارُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي تِلْكَ وَتَقْدِيمُهُ لَهُ فِي هَذِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِيَّتِهِ وَإِلَّا لَقَالَ خِلَافٌ أَوْ قَوْلَانِ كَمَا أَشَارَ لَهُ س فِي شَرْحِهِ لَكِنْ اُنْظُرْ قَوْلَهُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيهِمَا مَعَ نَقْلِ الطِّخِّيخِيِّ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُوَافِقُ مَالِكًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ وَانْظُرْ نَصَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ) أَطْلَقُوا الرُّكُوعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ خَفْضٌ وَرُكُوعٌ (قَوْلُهُ أَيْ: لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ) أَيْ: تِلْكَ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ أَيْ: بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قَصَدَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ السَّجْدَةَ فَقَدْ غَيَّرَهَا عَنْ صِفَتِهَا، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا؟ رَأَيْت أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَدْ قَالَ عَقِبَ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا أَشْرَكَهَا فِي رُكُوعِهِ لِصَلَاتِهِ، وَأَمَّا لَوْ خَصَّهَا بِالرُّكُوعِ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ صَلَاتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَإِنْ قَصَدَ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنَّ مُفَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْإِجْزَاءُ وَلَا بُطْلَانَ اُنْظُرْ عج. (قَوْلُهُ صَحَّ وَكُرِهَ) يُقَوِّي الطَّرَفَ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ عَلَى الطَّرَفِ الثَّانِي غَيْرُ جَائِزٍ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ فَإِذْنِ يُفِيدُ الْبُطْلَانَ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَصَدَ جَعْلِهَا) يُحْتَمَلُ وَقَصَدَ تِلْكَ الْهَيْئَةَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ نَائِبًا عَنْهَا. . (قَوْلُهُ يُوَافِقُ مَالِكًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَالْأَوْلَى دَعْوَى التَّكْرَارِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِاتِّفَاقِ الْإِمَامَيْنِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الطِّخِّيخِيِّ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا نِسْيَانًا وَيَرْكَعَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ الِانْحِطَاطِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا عَمْدًا وَيَقْصِدَ الرُّكُوعَ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَهَا أَوَّلًا وَيَنْحَطَّ بِنِيَّتِهَا فَلَمَّا وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ذَهَلَ عَنْهَا فَنَوَى الرُّكُوعَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ بِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَرَكَةِ الَّتِي هِيَ لِلرُّكْنِ وُجِدَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ أَيْضًا لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فَيَعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَحُكْمِهَا) وَأَتْبَعَ هَذَا الْفَصْلَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الْمُشَابَهَةِ فِي الْحُكْمِ. وَالنَّفَلُ لُغَةً: الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ؛ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ. وَاصْطِلَاحًا: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ وَهَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ نَحْوِ الرُّكُوعِ قَبْلَ الظُّهْرِ لِمَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ» . وَالسُّنَّةُ لُغَةً: الطَّرِيقَةُ. وَاصْطِلَاحًا: مَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ. وَالْمُؤَكَّدُ مِنْ السُّنَنِ مَا كَثُرَ ثَوَابُهُ كَالْوِتْرِ وَنَحْوِهِ. وَالرَّغَائِبُ: جَمْعُ رَغِيبَةٍ وَهِيَ لُغَةً: التَّحْضِيضُ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ. وَاصْطِلَاحًا: مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّارِعُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فِي جَمَاعَةٍ كَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَانْظُرْ بَسْطَ ذَلِكَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) نُدِبَ نَفْلٌ   [حاشية العدوي] [فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَحُكْمِهَا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (فَصْلٌ: صَلَاةُ النَّافِلَةِ) (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ) أَيْ: فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ مِنْ تَأَكُّدِهَا قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَمِنْ نَدْبِ السِّرِّ نَهَارًا وَالْجَهْرِ لَيْلًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَحُكْمِهَا أَيْ: وَهُوَ النَّدْبُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ " نُدِبَ نَفْلٌ " (قَوْلُهُ: لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ إلَخْ) أَيْ: لِمَا بَيْنَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الْمُشَابَهَةِ فِي الْحُكْمِ أَيْ: وَهُوَ النَّدْبُ. وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَقُولَ: لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الِاتِّحَادِ فِي الْحُكْمِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَاحَظَ الْمُغَايَرَةَ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ فَالنَّدْبُ بِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ لِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ مُغَايِرٌ لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ السُّنَّةَ وَالرَّغِيبَةَ فَلَيْسَ بِقَاصِرٍ عَلَى صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ الْكَلَامُ فِيهَا أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا إلَخْ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ) اُسْتُشْكِلَ بِإِثْبَاتِ عَمَلِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يَقْطَعَهُ رَأْسًا (قَوْلُهُ: نَحْوِ الرُّكُوعِ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَدْخَلَ " بِنَحْوِ " الرُّكُوعَ قَبْلَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي آدَابِ طَالِبِ الْعِلْمِ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشُدَّ يَدَهُ عَلَى مُدَاوَمَتِهِ عَلَى فِعْلِ السُّنَنِ وَالرَّوَاتِبِ وَمَا كَانَ مِنْهَا تَبَعًا لِلْفَرَائِضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِظْهَارُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ كَمَا كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَفْعَلُ عَدَا مَوْضِعَيْنِ كَانَ لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا فِي بَيْتِهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ أَمَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ: فَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِأَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ إلَّا خَلْفَ إمَامٍ مَعْصُومٍ. وَأَمَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ: فَشَفَقَةً عَلَى الْأَهْلِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ صَائِمًا فَيَنْتَظِرُهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ لِلْعَشَاءِ وَيَتَشَوَّفُونَ إلَى مَجِيئِهِ فَلَا يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ) أَيْ: صَلَّاهُ فِي جَمَاعَةٍ ك (أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَالْعِيدَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فِيهَا (قَوْلُهُ: التَّحْضِيضُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا نَفْسُ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْمَصْدَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ الشَّيْءُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالرَّغِيبَةُ: الْعَطَاءُ الْكَثِيرُ وَلَعَلَّهُ فَسَّرَهَا بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا وَانْظُرْهُ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّغِيبَةَ فِي اللُّغَةِ مَا رُغِّبَ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْخَيْرِيَّةِ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمُرَغِّبِ (قَوْلُهُ: مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّارِعُ وَحَدَّهُ) فِيهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ رَغَّبَ فِيهِ وَحَدَّهُ فَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» . وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ وَحَدَّهُ أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَسَدَ، وَالنَّفَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ كَظُهْرٍ وَقَبْلَهَا كَعَصْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّنَفُّلَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَجُوزُ إيقَاعُهُ فِيهِ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَيْ: وَبَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ عَقِبَهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيَّ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ» وَكَذَلِكَ يَتَأَكَّدُ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَصْرِ كَمَا جَاءَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَلِخَبَرِ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» وَدُعَاؤُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُسْتَجَابٌ، فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَتَأَكَّدَ أَيْ: النَّدْبُ، وَعَوْدُهُ إلَى النَّفْلِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَهُوَ النَّدْبُ، فَعَوْدُهُ عَلَى النَّدْبِ ابْتِدَاءً أَوْلَى. وَفِي التَّوْضِيحِ حِكْمَةُ تَقْدِيمِ النَّوَافِلِ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرِهَا عَنْهَا أَنَّ الْعَبْدَ مُشْتَغِلٌ بِأُمُورِ الدُّنْيَا فَتَبْعُدُ النَّفْسُ بِذَلِكَ عَنْ حُضُورِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَقَدَّمَتْ النَّافِلَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ تَأَنَّسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ فَكَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ لِحُضُورِ الْقَلْبِ. وَأَمَّا التَّأْخِيرُ: فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّوَافِلَ جَابِرَةٌ لِنُقْصَانِ الْفَرَائِضِ اهـ. فَهِيَ لِتَكْمِيلِ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَقَصَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ وَنِيَّتُهُ ذَلِكَ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، قَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ أَنْ يَتَنَفَّلَ وَيَقُولَ: أَخَافُ أَنِّي نَقَصْتُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَمَا سَمِعْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ يَفْعَلُهُ اهـ. مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ (ص) بِلَا حَدٍّ (ش) أَيْ: إنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُتَأَكِّدَ مِنْ النَّوَافِلِ التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَدٍ خَاصٍّ بِحَيْثُ تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَوْ النَّقْصُ عَنْهُ مُفَوِّتًا لَهُ أَوْ يَكُونُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى. وَالْأَعْدَادُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَحَادِيثِ لَيْسَتْ لِلتَّحْدِيدِ فَقَوْلُهُ " بِلَا حَدٍّ " أَيْ: بِلَا حَدٍّ لَازِمٍ لَا يَتَعَدَّاهُ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ . (ص) وَالضُّحَى (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي تَأَكَّدَ كَمَا قَالَهُ تت أَيْ: وَتَأَكَّدَ هُوَ وَالضُّحَى فَهُوَ أَرْفَعُ مِنْ النَّفْلِ وَالْفَصْلُ مَوْجُودٌ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَعَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْلٍ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَطْفُ   [حاشية العدوي] الْمُرَغَّبُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَ الرَّغِيبَةَ بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مِنْهُ سِوَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ك (قَوْلُهُ: كَظُهْرٍ) أَيْ: بَعْدَ ظُهْرٍ وَقَوْلُهُ " وَقَبْلَهَا " مَعْطُوفٌ عَلَى " بَعْدَ " الْمُقَدَّرَةِ أَيْ: بِشَرْطِ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ: وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَلْيَبْدَأْ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِخُصُوصِ الثَّنَاءِ الْمَعْهُودِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ أَيْ: الثَّنَاءُ الْمَعْهُودُ الْمُبَيَّنُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَتَأَكَّدُ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ فِعْلِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى أَنْ تُقَامَ الْفَرِيضَةُ سَوَاءٌ كَانَ أَذَانَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ الْأَذَانِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ دَاخِلًا فَلَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا تُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَحُقُوقَ الْعِبَادِ مَعَ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُكَفَّرُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ أَوْ عَفْوِ اللَّهِ، وَحَقَّ الْعِبَادِ لَا يُكَفَّرُ إلَّا بِإِعْطَائِهِ أَوْ مُسَامَحَتِهِ أَوْ إرْضَاءِ اللَّهِ خُصَمَاءَهُ عَنْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ حَافَظَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ كَمَالِ الْخُشُوعِ وَإِتْقَانِ الْعِبَادَةِ. وَالْمُحَافَظَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَكُونُ مِنْ مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ وَعَلَى فَرْضِ وُقُوعِهَا فَتَكُونُ سَبَبًا فِي عَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَالتَّكْفِيرُ بِعَفْوِ اللَّهِ، وَنِسْبَةُ التَّحْرِيمِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سَبَبٌ فِي الْعَفْوِ. (تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ النَّفْلِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ. وَأَمَّا النَّفَلُ قَبْلَهَا فَلَمْ يَرِدْ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيهِ شَيْءٌ. وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ: وَلَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فِي النَّفْلِ قَبْلَ الْعِشَاءِ إلَّا عُمُومَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ. وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالْمَغْرِبُ مُسْتَثْنَاةٌ (قَوْلُهُ: مُفَوِّتًا لَهُ) أَيْ: لِثَوَابِهِ أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ لِلتَّحْدِيدِ) أَيْ: بِحَيْثُ يُقَالُ: لَا ثَوَابَ أَصْلًا فِي أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ أَيْ: بَلْ لِلْفَضْلِ الْخَاصِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا أَيْ: إنَّ الْخَاصَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا لَا يَكُونُ عَلَى أَنْقَصَ مِنْهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهَا يَكُونُ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّقْصَ عَنْهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى، أَقَلُّ مَا يَكُونُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَدَّاهُ) أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ تَعَدَّاهُ أَيْ: زَادَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ ثَوَابٌ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ " وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ " أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ نَقَصَ عَنْهُ لَانْتَفَى عَنْهُ الثَّوَابُ أَصْلًا فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ ثُمَّ أَقُولُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ هَذَا مُنَافٍ لِلتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ أَيْ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِاللُّزُومِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ بِأَنْ يُفَسَّرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " بِحَيْثُ يَكُونُ إلَخْ ". (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا تُطْلَبُ الرَّوَاتِبُ الْقَبْلِيَّةُ مِمَّنْ يَنْتَظِرُ جَمَاعَةً لَا مِنْ الْفَذِّ وَلَا مِمَّنْ لَا يَنْتَظِرُهَا وَلَا تُطْلَبُ إلَّا مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهَا إنْ ضَاقَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَتَأَكَّدَ هُوَ وَالضُّحَى) لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الضُّحَى وَالنَّفَلِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا مُتَأَكِّدٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا آكَدُ. وَنَقُولُ: إنَّ الضُّحَى آكَدُ مِنْ النَّفْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى نَفْلٍ وَاسْتَشْكَلَهُ بِعَطْفِهِ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ عَلَى نَفْلٍ وَهُوَ نَكِرَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ وَالْعَكْسُ بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ تَأَكَّدَ وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ يُفَوِّتُ إفَادَةَ التَّأْكِيدِ، وَعَطَفَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى الظَّرْفِ وَالتَّقْدِيرُ: وَتَأَكَّدَ أَيْ: النَّفَلُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَفِي وَقْتِ الضُّحَى وَعَلَيْهِ فَالضُّحَى اسْمٌ لِلْوَقْتِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي تَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ. وَكَوْنُ الضُّحَى مِنْ النَّوَافِلِ الْمُتَأَكِّدَةِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَمُنْتَهَاهَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: ثَمَانٍ، وَأَقَلُّهَا: رَكْعَتَانِ. وَأَوْسَطُهَا: سِتٌّ. فَمَا زَادَ عَلَى الْأَكْثَرِ يُكْرَهُ، وَسُمِّيَتْ ضُحًى بِاسْمِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ فَأَوَّلُهَا: ضَحْوَةٌ وَذَلِكَ عِنْدَ الشُّرُوقِ. وَثَانِيهَا: ضُحًى مَقْصُورٌ وَذَلِكَ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ. وَثَالِثُهَا: ضَحَاءٌ بِالْمَدِّ وَذَلِكَ إلَى الزَّوَالِ. وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ وَهُوَ مَقْصُورٌ . (ص) وَسَرَّ بِهِ نَهَارًا وَجَهَرَ لَيْلًا (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا السِّرُّ بِالنَّوَافِلِ نَهَارًا وَالْجَهْرُ بِهِ لَيْلًا فَقَوْلُهُ " وَسَرَّ " إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ؛ بِدَلِيلِ وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِإِسْرَارٍ وَإِجْهَارٍ لَكَانَ أَظْهَرَ. وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ نَهَارًا قَوْلَانِ. وَأَمَّا السِّرُّ لَيْلًا فَجَائِزٌ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالسِّرُّ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْوِتْرُ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الْجَهْرُ فِي اللَّيْلِ قِيلَ: لِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُظْلِمَةِ فَيُنَبِّهُ بِالْجَهْرِ الْمَارَّةَ أَنَّ هَاهُنَا جَمَاعَةٌ تُصَلِّي وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ إذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ لَغَوْا فِيهِ فَأَمَرَ بِالْجَهْرِ وَقْتَ اشْتِغَالِهِمْ بِالنَّوْمِ وَتَرْكِ الْجَهْرَ فِي حُضُورِهِمْ، وَإِنَّمَا جَهَرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِحُضُورِ أَهْلِ الْبَوَادِي وَالْقُرَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيهِ تَسْلِيمُ امْتِنَاعِ عَطْفِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ) أَيْ: الشَّارِحِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى نَفْلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الصَّلَاةُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّكَّةِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْمَعَاطِيفِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ثَمَانٍ) وَفِي خَارِجِ الْمَذْهَبِ اثْنَا عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَأَوْسَطُهَا سِتٌّ) وَانْظُرْ مَا حِكْمَتُهُ مَعَ أَنَّ الْوَسَطَ مَا يَنْقَسِمُ بِمُتَسَاوِيَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَوْسَطُهُ فِي الْفَضْلِ لَا فِي الْعَدَدِ مَثَلًا بِأَنْ يُقَالَ: إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِذَا صَلَّى سِتًّا يَحْصُلُ لَهُ عِشْرُونَ وَإِذَا صَلَّى ثَمَانِيًا يَحْصُلُ لَهُ أَرْبَعُونَ إلَّا أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ. (قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ عَلَى الْأَكْثَرِ يُكْرَهُ) أَيْ: إنْ صَلَّاهُ بِنِيَّةِ الضُّحَى لَا بِنِيَّةِ نَفْلٍ مُطْلَقٍ كَذَا فِي عب وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْتَ يَصْرِفُهُ لِلضُّحَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَصْرِفُهُ لِلضُّحَى إذَا لَمْ يُصَلِّ فِيهِ الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ الَّذِي هُوَ الثَّمَانُ. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ ضُحًى بِاسْمِ وَقْتِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى الزَّوَالِ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ عِنْدَ الشُّرُوقِ) أَيْ: شُرُوقِ الشَّمْسِ، ظَاهِرُهُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ أَيْ: عِنْدَ طُلُوعِهَا كَمَا يُفِيدُهُ الْمُخْتَارُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ) أَيْ: وَقْتَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ عَنْ الْأُفُقِ أَوْ قَيْدَ رُمْحٍ أَيْ: لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ هَذَا ظَاهِرُهُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَى الزَّوَالِ) أَيْ: مُبْتَدَأٌ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ هَذَا ظَاهِرُهُ فَيَكُونُ الضُّحَى بِالْقَصْرِ بَعْضَ الضَّحَاءِ بِالْمَدِّ وَيَحْتَمِلُ وَذَلِكَ مُبْتَدَأٌ مِنْ بَعْدِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى الزَّوَالِ فَيُفِيدُ الْمُبَايَنَةَ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُفِيدُ الْمُدَّعِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ وَقْتَهَا يَسْتَمِرُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى الزَّوَالِ وَقَدْ عَلِمْت مِقْدَارَ الضُّحَى بِالْقَصْرِ، وَفِي الْقَامُوسِ الضَّحْوُ وَالضَّحْوَةُ وَالضَّحِيَّةُ كَعَشِيَّةٍ ارْتِفَاعُ النَّهَارِ وَالضُّحَى فُوَيْقَهُ وَالضَّحَاءُ بِالْمَدِّ إذَا قَرُبَ انْتِصَافُ النَّهَارِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ لَا يَخْفَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ " وَذَلِكَ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ " بَيَانٌ لِلْمَبْدَأِ أَيْ: وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ لِلزَّوَالِ إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْقَامُوسِ. وَقَوْلُهُ " وَذَلِكَ إلَى الزَّوَالِ " أَيْ: مُبْتَدَأٌ مِمَّا بَعْدَهُ أَيْ: مِمَّا يُقَارِبُ نِصْفَ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَامُوسُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَصْلُهَا لِلْأَقْفَهْسِيِّ وَالْأَحْسَنُ حَذْفُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَاسِبُ الْمَعْنَى الْمُرَادَ . (قَوْلُهُ: وَسَرَّ بِهِ نَهَارًا) النَّهَارُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاللَّيْلُ مِنْ غُرُوبِ قُرْصِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: كَانَ أَظْهَرَ) أَيْ: لِأَنَّ النَّدْبَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ. (أَقُولُ) أَمَّا جَهْرٌ فَهُوَ صَحِيحٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ لِلتَّأْوِيلِ فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ جَهَرَ الشَّيْءُ يَجْهَرُ بِفَتْحَتَيْنِ جَهْرًا وَأَجْهَرْتُهُ بِالْأَلِفِ أَظْهَرْته وَيُعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْضًا وَبِالْبَاءِ فَيُقَالُ: جَهَرْته وَجَهَرْت بِهِ وَقَالَ الصَّغَانِيُّ وَأَجْهَرَ بِقِرَاءَتِهِ وَجَهَرَ بِهَا وَأَمَّا السِّرُّ فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ السِّرُّ مَا يُكْتَمُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِعْلَانِ اهـ. فَانْظُرْ الْمُقَابَلَةَ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ خِلَافَ الْإِعْلَانِ أَنْ يَكُونَ سِرٌّ بِمَعْنَى إسْرَارٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ " مَا يُكْتَمُ " إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَفِيهِ بُعْدٌ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ: بِالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى إلَّا الْوِرْدَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْ: فَيَجْهَرُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَجَائِزٌ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْوِتْرُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ: إنَّ الْإِسْرَارَ فِيهِ جَائِزٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ الْإِبْيَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ فَيَقُولُ: إذَا أَسَرَّ فِيهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَعَادَهُ وَإِنْ أَسَرَّ نَاسِيًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ. ثُمَّ أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ كَوْنِ الْجَهْرِ يَتَأَكَّدُ بِالْوِتْرِ أَنْ يَكُونَ السِّرُّ مَكْرُوهًا لَا خِلَافَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَنَّ هَاهُنَا جَمَاعَةً تُصَلِّي) أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ لَا يَمُرُّوا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَقْتَدُوا بِهِمْ أَيْ: يَفْعَلُوا مِثْلَ أَفْعَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ إلَخْ) هَذَا لَا يُفِيدُ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: لِحُضُورِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ اللَّغْوَ يُوجَدُ حِينَئِذٍ وَالْجَوَابُ لَا بَلْ يَقِلُّ أَوْ يَنْعَدِمُ حِينَ يَحْضُرُ مَا ذُكِرَ وَأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ أَقْوَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 كَيْ يَسْمَعُوهُ فَيَتَعَلَّمُوهُ وَيَتَّعِظُوا بِهِ. (ص) وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ (ش) أَيْ: وَتَأَكَّدَ الْجَهْرُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ بِوِتْرٍ، وَأَمَّا الشَّفْعُ: فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ " وَجَهَرَ لَيْلًا " وَإِنَّمَا تَأَكَّدَ الْجَهْرُ بِالْوِتْرِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الَّذِي فِيهِ فَقَدْ قَالَ الْإِبْيَانِيُّ: إذَا أَسَرَّ فِيهِ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَمْدًا وَجَهْلًا أَعَادَهُ وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْجَهْرَ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ مِنْ بَاقِي السُّنَنِ كَالْعِيدَيْنِ لَيْسَ بِمُتَأَكِّدٍ وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَهْرِ فِي سَائِرِ النَّوَافِلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي السِّرِّ فِي السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ . (ص) وَتَحِيَّةُ مَسْجِدٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ أَيْ: نُدِبَ تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ لِدَاخِلٍ مُتَوَضِّئٍ يُرِيدُ جُلُوسًا فِيهِ وَقْتَ جَوَازِهِ. قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ كَثُرَ دُخُولُهُ كَفَاهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَلَّابِ ابْنُ نَاجِي وَلَوْ صَلَّاهَا ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ وَرَجَعَ بِالْقُرْبِ فَلَا تَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. وَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ قَبْلَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ طُلِبَتْ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ، وَذَكَرَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَامَتْ مَقَامَ التَّحِيَّةِ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ اهـ. وَهُوَ حَسَنٌ اهـ. قَالَهُ ح فَإِنْ قُلْت: فِعْلُ التَّحِيَّةِ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ؟ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّحِيَّةَ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَفِي وَقْتِ الْجَوَازِ غَيْرَ أَنَّهَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا صَلَاةً وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا ذِكْرًا أَوْ أَنَّ فِعْلَهَا ذِكْرًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا مَطْلُوبَةٌ وَقْتَ النَّهْيِ. (ص) وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ (ش) أَيْ: وَهُوَ الَّذِي لَا يُرِيدُ الْجُلُوسَ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِجَوَازِ الْمُرُورِ بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ وَإِنَّمَا جَازَ تَرْكُ الْمَارِّ التَّحِيَّةَ لِلْمَشَقَّةِ وَلَهَا نَظَائِرُ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ سُقُوطُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمُتَرَدِّدِينَ لِمَكَّةَ بِالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْمَارُّ فِي السُّوقِ لَا يَلْزَمُهُ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَهُ، وَسُقُوطُ إعَادَةِ الْوُضُوءِ عَنْ مَاسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ مُعَلِّمٍ أَوْ نَاسِخٍ وَسُقُوطُ غَسْلِ ثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ وَصَاحِبِ الْقُرْحَةِ وَالْجَزَّارِ وَيَسِيرِ الدَّمِ اهـ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَارَّ مُخَاطَبٌ بِالتَّحِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ " وَلَكِنْ صَرَّحَ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَارَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ إلَّا مِنْ الدَّاخِلِ الْمُرِيدِ لِلْجُلُوسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ صَلَّاهَا الْمَارُّ تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (ص) وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ لَيْسَتَا مُرَادَتَيْنِ لِذَاتِهِمَا إذْ الْقَصْدُ مِنْهُمَا تَمْيِيزُ الْمَسَاجِدِ عَنْ سَائِرِ الْبُيُوتِ؛ فَلِذَا إذَا صَلَّى صَلَاةً أَجْزَأَتْهُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي الْقِيَامِ مَقَامَهَا فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ مَعَ حُصُولِ ثَوَابِهَا إذَا نَوَى بِالْفَرْضِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نَوَى نِيَابَةَ الْفَرْضِ عَنْهَا كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ) أَيْ: سَوَاءٌ فَعَلَهُ لَيْلًا أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ الضَّرُورِيِّ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ: أَعَادَهُ) أَيْ: لِكَوْنِهِ تَرَكَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ فِيهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَتَرْكُهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا يُبْطِلُ وَسَهْوًا يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ . (قَوْلُهُ: تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ) أَيْ: تَحِيَّةُ رَبِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَلِكِ إنَّمَا يُحَيِّي الْمَلِكَ لَا بَيْتَهُ فَيَنْوِي بِتِلْكَ التَّحِيَّةِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ لَا الْمَسْجِدِ وَنُكِّرَ مَسْجِدٌ لِيَشْمَلَ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْجِدٍ لُغَةً فَيَشْمَلُ مَا يَتَّخِذُهُ مَنْ لَا مَسْجِدَ لَهُمْ مِنْ بَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَنْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا لَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدَ الْمَعْرُوفَ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَلَهُ أَنْ يَرْكَعَهَا حَيْثُ أَرَادَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ. وَقِيلَ: إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَ عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يَمْشِيَ إلَى حَيْثُ شَاءَ. وَاقْتَصَرَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ: إنْ قَرُبَ رُجُوعُهُ لَهُ عُرْفًا وَإِلَّا طُلِبَ بِهَا ثَانِيًا وَكَلَامُ ابْنِ نَاجِي الْآتِي مُبَيِّنٌ لِهَذَا. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الْخِلَافِ) أَيْ: لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَيْ: لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِطَلَبِهَا وَقْتَ النَّهْيِ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: فِعْلُ التَّحِيَّةِ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ لَا وُرُودَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِوُجُودِ الْخِلَافِ " أَيْ: إنَّمَا قُلْنَا يُسْتَحَبُّ هَذَا الذِّكْرُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُفْعَلُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ صَلَاةً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ) أَيْ: كُرِهَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَهَذَا كَمَا فِي تت إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ السَّلَامُ) أَيْ: لَا يُطْلَبُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ لَازِمًا فَأَرَادَ بِاللُّزُومِ مُطْلَقَ الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُعَلِّمٍ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلِّمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا عَلَى الرَّاجِحِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَاسِخٍ. ضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْرَارُ الْوُضُوءِ عِنْدَ إرَادَةِ مَسِّهِ. (قَوْلُهُ: وَصَاحِبِ الْقَرْحَةِ) فِي الْمُخْتَارِ الْقَرْحَةُ وَاحِدَةُ الْقَرْحِ بِوَزْنِ الْفَلْسِ وَالْقُرُوحِ أَيْ: الْجِرَاحِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَزَّارِ) أَيْ: وَالْكَنَّافِ أَيْ: إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَجْتَهِدُ فِي دَرْءِ الْأَذَى. (قَوْلُهُ: تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) أَيْ: لَا تَحِيَّةً. وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا التَّحِيَّةَ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ قَالَ عج إنَّمَا يَفْتَرِقُ كَوْنُ مَا صَلَّاهُ الْمَارُّ هَلْ تَحِيَّةٌ أَوْ نَفْلٌ مُطْلَقٌ إنْ قِيلَ: إنَّ التَّحِيَّةَ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا أَوْ يُفَرَّقُ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْجُلُوسِ بَعْدَ صَلَاتِهِمَا فَعَلَى أَنَّهُ تَحِيَّةٌ أَجْزَأَتْ لَا عَلَى خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى نِيَابَةَ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ طُلِبَتْ لَا إنْ صَلَّاهُ بِوَقْتِ نَهْيٍ. وَأَمَّا إذَا نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وَلَمْ يَنْوِ مَعَهُ التَّحِيَّةَ وَلَا نِيَابَةً عَنْ التَّحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ " نَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ " فَإِنْ قُلْت إذَا فَعَلَ الْفَرْضَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَنَوَى مَعَهُ التَّحِيَّةَ فَهَلْ يَحْصُلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 وَالْجُمُعَةِ، وَلَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ كَذَلِكَ وَكَذَا الرَّغِيبَةُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَأَدَّتْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَأَوْلَى بِجِنْسِهَا. (ص) وَبَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ش) أَيْ: وَنُدِبَ بَدْءٌ بِتَحِيَّةِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ حَقُّ اللَّهِ، وَالسَّلَامَ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَالْأَوَّلُ آكَدُ مِنْ الثَّانِي. فَقَوْلُهُ وَبَدْءٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ لَا عَلَى فَاعِلِ جَازَ. (ص) وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُ النَّفْلِ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُصَلَّاهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ مَالِكٍ لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ الْمُخَلَّقَةَ كَانَتْ مُصَلَّاهُ وَكَانَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ يُصَلُّونَ وَيَجْلِسُونَ عِنْدَهَا وَصَلَّى لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَقَدَّمَ لِمُصَلَّاهُ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ. قُلْت: يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى أَوْ عَلَى مَا صَلَاتُهُ بِمَسْجِدِهِ بِخُصُوصِهِ أَوْلَى كَمُطْلَقِ التَّنَفُّلِ لِلْغُرَبَاءِ. (ص) وَالْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ. (ش) الْفَرْضُ مَخْفُوضٌ عَطْفًا عَلَى نَفْلٍ الْمَخْفُوضِ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنْ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا فِي مُصَلَّاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا زِيدَ فِيهِ لَهُ حُكْمُهُ فَأَوْلَى الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَنْ لَا يَرَى مُسَاوَاةَ مَا زِيدَ فِيهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ يَرَى تَفْضِيلَ مَا فُعِلَ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَوْ بِآخِرِ صَفٍّ مِنْهُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الزِّيَادَةِ وَإِلَيْهِ نَحَا ابْنُ عَرَفَةَ.   [حاشية العدوي] بِذَلِكَ ثَوَابُهَا كَمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ لَا يَحْصُلُ ثَوَابُهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ خَلَلِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِهَا. وَفِي ك لَهُ الثَّوَابُ وَالظَّاهِرُ لَا ثَوَابَ فَإِنْ قُلْت: لَا فَائِدَةَ فِي تَأْدِيَةِ التَّحِيَّةِ بِالْفَرْضِ مَعَ عَدَمِ ثَوَابِهَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّحِيَّةَ. قُلْت: لَا بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ عَدَمُ اللَّوْمِ عَلَى تَارِكِهَا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَكْفِي عَنْ التَّحِيَّةِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ وَلَا سُجُودُ تِلَاوَةٍ وَلَا شُكْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَكْفِي. وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ مَذْهَبِنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ إلَخْ) وَهَلْ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْضِ مِنْ أَنَّ الثَّوَابَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ السُّنِّيَّةِ وَالتَّحِيَّةِ أَوْ نِيَابَةِ السُّنَّةِ عَنْ التَّحِيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ حَقُّ اللَّهِ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ إذَا دَخَلْت مَسْجِدًا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ فَلَا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَأْتِيَ بِالتَّحِيَّةِ كَمَا ذَكَرُوهُ. (قَوْلُهُ: وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِمَسْجِدِ الرَّسُولِ وَقَوْلُهُ: بِمُصَلَّاهُ. بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ لِلْمُبْدَلِ مِنْهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَبِمُصَلَّاهُ. فَيَأْتِيَ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ) يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّهُ لِلْعَمُودِ الْمُخَلَّقِ وَالْمَعْنَى: لَكِنْ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ أَيْ: إلَى الْمُصَلَّيْ الَّذِي عِنْدَ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ، إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ تُفِيدُ الْأَوَّلَ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ: الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ لَيْسَ هُوَ قِبْلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى مُصَلَّاهُ، خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ أَيْ: بِالزَّعْفَرَانِ هُوَ مُصَلَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ مُصَلَّاهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُصِيبٌ. وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ الْمُخَلَّقَةَ أَيْ: الَّتِي يَقُولُ بِهَا مَالِكٌ وَقَوْلُهُ: بِمُصَلَّاهُ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ أَيْ: الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَمُودَ الْمُخَلَّقَ غَيْرُ الْأُسْطُوَانَةِ وَتُسَمَّى تِلْكَ الْأُسْطُوَانَةُ أُسْطُوَانَةَ عَائِشَةَ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لِلصَّحَابَةِ. وَعِبَارَةُ اللَّقَانِيِّ تُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ: وَبَدْءٌ بِمُصَلَّاهُ هُوَ مَجْهُولٌ حَتَّى فِي زَمَنِ عَائِشَةَ وَلَمْ تُعْلِمْ النَّاسَ بِالْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهَا خَشْيَةَ الِافْتِتَانِ وَالنِّزَاعِ عَلَيْهَا وَلِذَا قَالَتْ: لَوْ عَرَفَهَا النَّاسُ لَضَرَبُوا عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَهَا السُّهْمَانَ أَيْ: الْقُرْعَةَ، وَالْقُرْعَةُ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأَيْضًا الْمَسْجِدُ حُرِقَ وَغُيِّرَ وَبُدِّلَ فَعَلَى هَذَا الِاحْتِيَاطُ الْآنَ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْبُقْعَةِ الَّتِي هِيَ مُصَلَّاهُ بِالنَّفْلِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعَمُودِ الْمُخَلَّقِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى مُصَلَّاهُ أَيْ: بِحَسَبِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَلِي الْحُجْرَةَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ قَرِيبًا مِنْ حُجْرَتِهِ، وَالْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ عَائِشَةَ وَإِنَّمَا عَرَفَتْهَا دُونَ النَّاسِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ أَدْرَى. (قَوْلُهُ: بِضْعَةَ عَشَرَ) الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إلَى التِّسْعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى) أَيْ: وَهُوَ الرَّوَاتِبُ أَوْ النَّوَافِلُ النَّهَارِيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ فِي بَيْتِهِ صَلَاةُ النَّفْلِ نَهَارًا فَقَدْ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْبَابَ النَّفْلِ نَهَارًا فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْلًا فِي الْبَيْتِ ابْنُ رُشْدٍ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ فِي النَّهَارِ بِأَهْلِهِ فَإِنْ أَمِنَ فَالْبَيْتُ أَفْضَلُ، وَتَنَفُّلُ الْغَرِيبِ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ، وَغَيْرُهُ بِبَيْتِهِ، وَأَكْرَهُ تَطْوِيلَ سُجُودِ النَّفْلِ بِالْمَسْجِدِ لِلشُّهْرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمُطْلَقِ التَّنَفُّلِ) أَيْ: رَوَاتِبَ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ نَهَارِيَّةٍ وَلَيْلِيَّةٍ، وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مُطْلَقُ التَّنَفُّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَبَاءِ بِالْمَدِينَةِ فَفِي تت وَلِمَالِكٍ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْغُرَبَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهَا فِي بُيُوتِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ: بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَيْهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُضَافُ. (قَوْلُهُ: لَا فِي مُصَلَّاهُ) الْمُنَاسِبُ لَا مِنْ مُصَلَّاهُ. (تَنْبِيهٌ) : وَهَلْ النَّفَلُ إذَا صُلِّيَ جَمَاعَةً كَالتَّرَاوِيحِ يَكُونُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ كَالْفَرْضِ؟ نَظَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْفَرْضِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَوْ لَا كَمَا تَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ اسْتِوَاءِ صُفُوفِهَا فِي الْفَضْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ثَلَاثًا عَلَى أَهْلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَوَاحِدَةً عَلَى مَا يَلِيهِ. (ص) وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ. (ش) أَيْ: لِلْقَادِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ إفَاضَةٍ أَوْ الْمُقِيمِ الَّذِي يُرِيدُ الطَّوَافَ، أَمَّا مَنْ دَخَلَهُ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلْمُشَاهَدَةِ فَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ تَحِلُّ فِيهِ النَّافِلَةُ وَإِلَّا جَلَسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ . (ص) وَتَرَاوِيحُ وَانْفِرَادٌ فِيهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ. (ش) أَيْ: وَتَأَكَّدَ تَرَاوِيحُ قِيَامِ رَمَضَانَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيلُونَ الْقِيَامَ فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئِينَ يُصَلُّونَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَيَقْضِي مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَوَقْتُهَا وَقْتُ الْوِتْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِاسْتِمْرَارِ الْعَمَلِ عَلَى الْجَمْعِ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ، وَالِانْفِرَادُ فِيهَا طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ أَفْضَلُ وَالْمُرَادُ بِالِانْفِرَادِ فِيهَا فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَوْ جَمَاعَةً هَذَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ فَإِنْ خِيفَ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي التَّرَاوِيحِ التَّعْطِيلُ فَالْمَسَاجِدُ أَفْضَلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَفْضَلِ الْكَرَاهَةُ فَلَوْ، قَالَ: وَفِعْلُهَا بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ إنْ لَمْ تُعَطَّلْ أَيْ: الْمَسَاجِدُ لَوَفَّى بِالْمُرَادِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِتَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ عَنْ صَلَاتِهَا فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ عَنْ صَلَاتِهَا فِيهَا جُمْلَةً. وَالثَّانِي: اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ السَّنْهُورِيُّ وَبَقِيَ لِلِانْفِرَادِ شَرْطَانِ: أَنْ لَا يَكُونَ فَاعِلُهَا آفَاقِيًّا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وَإِنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ، وَأَنْ يَنْشَطَ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَأَكُّدِ التَّرَاوِيحِ تَبِعَنَا فِيهِ الْبِسَاطِيُّ وَالسَّنْهُورِيُّ وَس فِي شَرْحِهِ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ وَتَبِعَهُ تت وَقَوْلُ عُمَرَ " نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ " يَعْنِي بِالْبِدْعَةِ جَمْعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ مُوَاظَبَةً فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يُصَلُّونَ أَوْزَاعًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَقَدْ وَرَدَ إنَّ اللَّهَ) بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا مِنْ الْحَدِيثِ. (تَنْبِيهٌ) : الْمَشْهُورُ أَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ وَبِصَلَاةِ الرِّجَالِ دُونَ الْإِنَاثِ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِعْلَ النَّوَافِلِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ وَنَهَى النِّسَاءَ عَنْ حُضُورِ جَمَاعَتِهِنَّ فِي مَسْجِدِهِ لِكَثْرَةِ الْمُزَاحَمَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لِلْقَادِمِ بِحَجٍّ) أَيْ: لِلْقَادِمِ الْمُتَلَبِّسِ بِحَجٍّ أَوْ الْمُتَلَبِّسِ بِعُمْرَةٍ. وَقَوْلُهُ: أَوْ إفَاضَةٍ. مَعْطُوفٌ عَلَى حَجٍّ وَالْمَعْنَى: لِلْقَادِمِ الْمُتَلَبِّسِ بِإِرَادَةِ طَوَافِ إفَاضَةٍ. هَذَا مَعْنَاهُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ أَوْ إفَاضَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَلَبِّسِ بِالْحَجِّ شَامِلٌ لِلْإِفَاضَةِ كَمَا أَنَّهُ شَامِلٌ لِلْقُدُومِ وَالْوَدَاعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْآفَاقِيِّ وَغَيْرِهِ وَظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَنْ طُلِبَ بِالطَّوَافِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا تَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُقِيمِ الَّذِي يُرِيدُهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُطَالَبًا بِالطَّوَافِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مُتَلَبِّسًا بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ يُفَصَّلُ فِيهِ إنْ أَرَادَ الطَّوَافَ فَتَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ إنْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمَّا جُعِلَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمُقِيمِ أَفَادَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ: وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ الطَّوَافُ مُطْلَقًا أَرَادَهُ أَمْ لَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ طُلِبَ بِالطَّوَافِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ فَتَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ آفَاقِيًّا أَمْ لَا وَكَذَا إنْ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ فَهَذِهِ خَمْسٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ مُقِيمٌ فَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ . (قَوْلُهُ: تَرَاوِيحُ قِيَامِ رَمَضَانَ) أَيْ: تَرَاوِيحُ هِيَ قِيَامُ رَمَضَانَ فَالْإِضَافَةُ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ لِلْخَاصِّ وَشَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ لِلْبَيَانِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّرَاوِيحَ لَا تَخْتَصُّ بِالْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ وَإِنَّمَا الْخَاصُّ بِرَمَضَانَ التَّأَكُّدُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئِينَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَالْكَسْرُ أَنْسَبُ بِالْمُفْرَدِ وَهُوَ مِائَةٌ وَكَسْرُ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانُ التَّحْتِيَّةِ أَيْ: السُّوَرُ الَّتِي تَلِي السَّبْعَ الطِّوَالَ أَوْ الَّتِي أَوَّلُهَا مَا يَلِي الْكَهْفَ لِزِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مِائَةِ آيَةٍ أَوْ الَّتِي فِيهَا الْقَصَصُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَهَلْ الْجَمَاعَةُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ الثَّلَاثُ فَمَا فَوْقَ. (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهَا وَقْتُ الْوِتْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ: بَعْدَ الْعِشَاءِ وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالصَّيْفِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ) فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَرَاهَةِ صَلَاةِ النَّفْلِ جَمَاعَةً فَهِيَ كَصَلَاةِ الْعِيدِ تُصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالِانْفِرَادُ فِيهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الِانْفِرَادُ أَفْضَلَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهًا فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ قُلْت: لَا وُرُودَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مَنُوطٌ بِالْفَاعِلِينَ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: إنَّ الْفَاعِلِينَ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ يُنْدَبُ لَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ الذَّهَابِ لِلْمَسْجِدِ وَيَفْعَلُهَا فِي بَيْتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالِانْفِرَادِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا بِالْحَقِيقَةِ فَلِذَا قَالَ: وَلَوْ قَالَ: وَفِعْلُهَا إلَخْ. أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا فِي إرَادَةِ الْمَقْصُودِ مِنْ أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْبُيُوتِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَفْضَلِ الْكَرَاهَةُ) أَيْ: حَيْثُ قُلْنَا: فَالْمَسَاجِدُ أَفْضَلُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ مَكْرُوهًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى فَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ تَصْرِيحٌ بِالْمُرَادِ بَلْ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَمُحْتَمِلٌ لِخِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: جَمْعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ) أَيْ: صَلَاتَهَا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ مَعَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْزَاعًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَأَلِفٌ فَعَيْنٌ مُهْمَلَةٌ جَمَاعَاتٌ مُتَفَرِّقُونَ أَيْ: فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ أَيْ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ؛ لِأَنَّهُ أَنْشَطُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُمَا: اسْتَنْبَطَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ذَلِكَ مِنْ تَقْرِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ صَلَّى مَعَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَإِنْ كَانَ كَرِهَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 لَا أَنَّ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا بِدْعَةً؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا جَمْعًا بِالنَّاسِ ثُمَّ تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمِنُوا تِلْكَ الْعِلَّةَ وَمِنْ تَجَدُّدِ الْأَحْكَامِ بِوَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلُوا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ كَانَ مَقْصُودَهُ، فَوَقَعَتْ الْمُوَاظَبَةُ فِي الْجَمْعِ بِهِمْ بِدْعَةً وَإِلَّا فَلَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ بِدْعَةً؛ لِأَنَّ لَهَا أَصْلًا فِي الْجَوَازِ. (فَائِدَةٌ) تَرَاوِيحُ عَلَى وَزْنِ مَفَاعِيلَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِصِيغَةِ مُنْتَهَى الْجُمُوعِ وَالرَّاجِحُ أَفْضَلِيَّةُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ. (ص) وَالْخَتْمُ فِيهَا وَسُورَةٌ تُجْزِئُ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ خَتْمُ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي التَّرَاوِيحِ أَيْ: فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ إنْ أَمْكَنَ لِيُوقِفَ الْمَأْمُومِينَ عَلَى سَمَاعِ جَمِيعِهِ، وَالسُّورَةُ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ تَكْفِي عَنْ طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ بِذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِجْزَاءِ. (ص) ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ. (ش) هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ تَرَاوِيحَ أَيْ: بَدَلٌ مُطَابِقٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ وَإِذَا كَانَ بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ مِنْ تَرَاوِيحَ فَإِدْخَالُ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ فِيهَا فِيهِ تَجَوُّزٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَوْنُهَا ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ آخَرُ وَلَوْ قَالَ وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ لَكِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ يَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي التَّرَاوِيحِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَيْضًا " وَانْفِرَادٌ فِيهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ " وَأَنَّ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ يُنْدَبُ فِعْلُهُ فِي الْجَمَاعَةِ كَالتَّرَاوِيحِ وَأَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا. وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي جَعْلِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ بَدَلًا مِنْ تَرَاوِيحَ وَكَذَا عَلَى جَعْلِهِ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَغَّبَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَقَامَ النَّاسُ وُحْدَانًا مِنْهُمْ   [حاشية العدوي] ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنَّمَا كَرِهَ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا مَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ فَأَقَامَهَا وَأَحْيَاهَا سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَّ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْت لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . (قَوْلُهُ: لَا أَنَّ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا) أَيْ: بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي جَمَاعَةٍ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَرَكَهَا) أَيْ: تَرَكَهَا أَصْلًا وَرَأْسًا أَيْ: تَرَكَ فِعْلَهَا فِي جَمَاعَةٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي صَلَّاهَا عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ) اسْتَشْكَلَ الْخَطِيبُ أَصْلَ هَذِهِ الْخَشْيَةِ مَعَ مَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» فَإِذَا أُمِنَ التَّبْدِيلُ فَكَيْفَ يَقَعُ الْخَوْفُ مِنْ الزِّيَادَةِ. وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ خَافَ جَعْلَ التَّهَجُّدِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّنَفُّلِ بِاللَّيْلِ وَيُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «خَشِيت أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ» فَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ مِنْ اشْتِرَاطِهِ وَأَمِنَ مَعَ إذْنِهِ فِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ افْتِرَاضِهِ عَلَيْهِمْ. الثَّانِي: أَنَّهُ خَافَ افْتِرَاضَهُ كِفَايَةً لَا عَيْنًا فَلَا يَكُونُ زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ بَلْ هُوَ نَظِيرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ قَوْمٌ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ خَافَ فَرْضَ قِيَامِ رَمَضَانَ خَاصَّةً وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِدْعَةً) حَالٌ أَيْ: فَوَقَعَتْ الْمُوَاظَبَةُ فِي الْجَمْعِ بِهِمْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُوَاظَبَةِ بِدْعَةً. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ بِدْعَةً) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ. (قَوْلُهُ: تَكْفِي عَنْ طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ) أَيْ: تَكْفِي عَنْ جِنْسِ طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَقَوْلُهُ: فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ أَيْ: جِنْسُهُ كَذَلِكَ لَا الْجِنْسُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي طَلَبِ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ وَلَا الْجُزْئِيُّ الَّذِي هُوَ طَلَبُ قِرَاءَةِ الْخَتْمِ. (قَوْلُهُ: خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ) أَيْ: وَهِيَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ فَإِدْخَالُ إلَخْ) أَقُولُ: بَلْ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: فِيهِ تَجَوُّزُ) أَيْ: مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ الْأَغْلَبِ عَلَى الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ) أَيْ: بِلَا كُلْفَةٍ فِي فَهْمِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي وَاحِدٍ) أَيْ: إنَّ الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ لَا يُطْلَبُ فِيهِمَا جَمَاعَةٌ بَلْ فُرَادَى، كَانَ ذَلِكَ عَقِبَ تَرَاوِيحَ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ السُّنَّةِ وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ: لَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ مَشْرُوعَةً فِي الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَيْسَ الِانْفِرَادُ بِقَيْدِهِ مَطْلُوبًا فِيهِمَا وَلَيْسَا مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ فَهُوَ أَعْلَى مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا رَغِيبَةٍ. وَأَمَّا الشَّفْعُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَهَلْ هُوَ مُؤَكَّدٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ شَرْطَ كَمَالٍ أَوْ شَرْطَ صِحَّةٍ فِي الْوِتْرِ الْقَوْلَانِ الْمَعْرُوفَانِ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِنْ النَّفْلِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: فَالْمَعْنَى لَيْسَا مَعًا مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّفْعَ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَعَلَى الثَّانِي: فَالْمَعْنَى لَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ بَلْ الْوِتْرُ مِنْ السُّنَنِ وَالشَّفْعُ مِنْ النَّفْلِ الْخَالِي عَنْ التَّأْكِيدِ. نَعَمْ مَا وَرَدَ مِنْ كَوْنِ التَّرَاوِيحِ تُصَلَّى ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ يُفِيدُ أَنَّ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ يُصَلَّيَانِ جَمَاعَةً. (قَوْلُهُ: بَدَلًا) أَيْ: أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ. (قَوْلُهُ: رَغَّبَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ) أَيْ: صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ الْحَاصِلِ بِهَا قِيَامُ اللَّيْلِ كَالتَّهَجُّدِ أَيْ: بِقَوْلِهِ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» اهـ. أَيْ: ذَنْبُهُ الْمُتَقَدِّمُ كُلُّهُ، فَمِنْ لِلْبَيَانِ لَا لِلتَّبْعِيضِ أَيْ: الصَّغَائِرُ لَا الْكَبَائِرُ كَمَا قَطَعَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْفُقَهَاءُ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ قَوْمٌ: تَدْخُلُ فِيهِ الْكَبَائِرُ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا تَدْخُلُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّوْبَةَ وَالنَّدَمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِبَهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَتَرْغِيبٍ كَذَا قَالَهُ شُرَّاحُ الْمُوَطَّأِ. (قَوْلُهُ: وُحْدَانًا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 فِي بَيْتِهِ وَمِنْهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ فَمَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى ذَلِكَ. وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ رَأَى عُمَرُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ عَلَى إمَامٍ فَأَمَرَ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يُصَلِّيَا بِهِمْ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ يَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ فَخُفِّفَ فِي الْقِيَامِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ فَكَانُوا يَقُومُونَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ وَكَانَ يَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَرُبَّمَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَقِيلَ: كَانَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً إلَى عِشْرِينَ إلَى يَوْمِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ طُولُ الْقِيَامِ فَنَقَصُوا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ فَجُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرُ بِثَلَاثٍ، فَمَضَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ جُعِلَتْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ جُعِلَتْ إلَخْ وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْدَادِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَزِدْ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ، وَحِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ أَنَّهُ الْبَاقِي مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لِاكْتِنَافِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ فَنَاسَبَ أَنْ يُحَاكِيَ مَا عَدَاهُمَا. (ص) وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مُخَفَّفَةً وَيَلْحَقَ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلِابْنِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِي مَا وَقَعَ فِيهِ السَّبْقُ وَلَوْ الْأَخِيرَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ حِينَئِذٍ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ . (ص) وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ وَالْكَافِرُونَ وَوِتْرٍ بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ قِرَاءَةُ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي أُولَى الشَّفْعِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى   [حاشية العدوي] جَمْعُ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَاحِدُ أَوَّلُ الْعَدَدِ وَالْجَمْعُ وُحْدَانٌ كَشَابٍّ وَشُبَّانٍ وَرَاعٍ وَرُعْيَانٍ. اهـ. وَأَرَادَ بِالْوُحْدَانِ مَعْنَى الْأَوْزَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ: وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (قَوْلُهُ: وَصَدْرًا إلَخْ) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ " فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ " وَالْمَعْنَى فَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي صَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ أُبَيًّا) أَيْ: أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ اخْتَارَ أُبَيًّا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ» أَيْ: أَمَرَ أُبَيًّا أَنْ يُصَلِّيَ بِالرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: وَتَمِيمًا) هُوَ ابْنُ أَوْسِ بْنِ خَارِجَةَ. (قَوْلُهُ: الدَّارِيَّ) نِسْبَةٌ إلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى الدَّارِ بْنِ هَانِئٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ: إلَى دَارِينَ مَكَان عِنْدَ الْبَحْرَيْنِ أَيْ: أَنْ يُصَلِّيَ بِالنِّسَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَجُمِعَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قَالَ الْبَاجِيُّ: لَعَلَّ عُمَرَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِي حَدِيثِ «عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ صَلَاتِهِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» . (قَوْلُهُ: فِي ثَمَانِيِ رَكَعَاتٍ) لِحَدِيثِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقِيَامِ» . (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا قَامَ إلَخْ) وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي مَبْلَغِ الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ كَانَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً) أَيْ: فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي هَذَا تَبْيِينُ مَا يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ) أَيْ: فِي زَمَنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَالْحَرَّةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ وَالْجَمْعُ حِرَارٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى " وَالْحَرَّةُ " بِفَتْحِ الْحَاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْعَقِيقِ وَقِصَّتُهَا أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَيْعَةَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَخْرَجُوا عَامِلَهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَجَهَّزَ إلَيْهِمْ الْيَزِيدُ جَيْشًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَلَمَّا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ نَادَاهُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مَا تَصْنَعُونَ أَتُسَلِّمُونَ أَمْ تُحَارِبُونَ قَالُوا: بَلْ نُحَارِبُ فَوَقَعَ الْقِتَالُ بِالْحَرَّةِ وَكَانَتْ الْهَزِيمَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبَاحَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ لِيَزِيدَ عَلَى أَنَّهُمْ عَبِيدٌ لَهُ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ. اُنْظُرْ تَمَامَ الْقِصَّةِ. (قَوْلُهُ: فَجُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّكَعَاتِ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ كُلُّ تَرْوِيحَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَفْرَادًا وَكَانُوا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالتَّرَاوِيحِ وَلَا بَيْنَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنْ يُسَاوُوهُمْ فِي الْفَضِيلَةِ فَجَعَلُوا مَكَانَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً فَحَصَلَ أَرْبَعُ تَرْوِيحَاتٍ وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً تُضَمُّ إلَى الْعِشْرِينَ تَصِيرُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَمَعَ رَكَعَاتِ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ الثَّلَاثِ تَصِيرُ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْدَةِ وَالْجَاعِلُ لَهُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقِيلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ أَقْوَالٌ. (قَوْلُهُ: لِاكْتِنَافِهِمَا) أَيْ: لِإِحَاطَتِهِمَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، عِلَّةٌ لِلْإِسْقَاطِ أَيْ: فَلَمْ يُعْتَبَرَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ. (قَوْلُهُ: فَنَاسَبَ أَنْ يُحَاكَى مَا عَدَاهُمَا) وَهُوَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي اللَّيْلَةِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً لِأَجْلِ أَنْ تُحَاكَى بِالْفَرَائِضِ وَأَسْقَطَ مِنْ ذَلِكَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ لِاكْتِنَافِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ أَيْ: فَلَمْ يَكُونَا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ مِنْ النَّهَارِيَّاتِ. (تَنْبِيهٌ) : الَّذِي صَارَ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَاسْتَمَرَّ إلَى زَمَانِنَا فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ هُوَ مَا جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ النَّاسَ وَهُوَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ) هَذَا مُرْتَضَى عج، وَالْأَوَّلُ مُرْتَضَى اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ تت فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَحِقَ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ فَالتَّرْوِيحَةُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ . (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُصَلَّى بَعْدَهُ الْوِتْرُ لَا مُطْلَقُ شَفْعٍ فَلَا يُنْدَبُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ. (قَوْلُهُ: بِسَبِّحْ) أَدْخَلَ حَرْفَ الْجَرِّ عَلَى سَبِّحْ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ التِّلَاوَةِ فِعْلًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ اسْمٌ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ لَفْظُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْكَافِرُونَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ بِهَذِهِ السُّوَرِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حِزْبٌ أَيْ: قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ فِي نَافِلَةٍ يَفْعَلُهَا لَيْلًا فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَالْمُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ حِزْبِهِ فِي شَفْعِهِ وَوِتْرِهِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ تَابِعٌ لِبَحْثِ الْمَازِرِيِّ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نُقُولِ الْأَئِمَّةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ إلَى بَحْثِ الْمَازِرِيِّ هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ. (ص) وَفِعْلُهُ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدَّمٌ ثُمَّ صَلَّى وَجَازَ. (ش) وَهَذَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ لِلْوِتْرِ وَسَيَأْتِي وَقْتُهُ الِاخْتِيَارِيُّ وَالضَّرُورِيُّ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فِعْلُ الْوِتْرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِمَنْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ مِنْ نَفْسِهِ الِانْتِبَاهُ آخِرَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ آخِرِهِ مَشْهُودَةٌ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الِانْتِبَاهِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ تَقْدِيمُهُ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَكَلَامُ الرِّسَالَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ عِنْدَهُ يُؤَخِّرُ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ أَخَّرَ تَنَفُّلَهُ وَوِتْرَهُ إلَخْ فَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُ إلَّا مَنْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْتَبِهَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُقَدِّمْ وِتْرَهُ، وَنَحْوُ مَا فِي الرِّسَالَةِ لِابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَإِذَا قَدَّمَ الْوِتْرَ ثُمَّ صَلَّى نَافِلَةً فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ لِخَبَرِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» تَقْدِيمًا لِخَبَرِ النَّهْيِ عَلَى خَبَرِ الْأَمْرِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا. وَيَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ حَيْثُ حَدَثَتْ لَهُ نِيَّتُهُ، أَمَّا مَنْ نَوَى جَعْلَ الْوِتْرِ أَثْنَاءَ تَنَفُّلِهِ فَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ بَدَا لَهُ نِيَّةُ النَّفْلِ أَنْ يَفْصِلَ نَفْلَهُ عَنْ وِتْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَهُ تَرَبَّصَ قَلِيلًا وَإِنْ انْصَرَفَ بَعْدَ وِتْرِهِ إلَى بَيْتِهِ تَنَفَّلَ مَا أَحَبَّ انْتَهَى. وَيُكْرَهُ بِلَا فَاصِلٍ عَادِيٍّ قَالَهُ سَيِّدِي زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ عَطْفُ الْمُؤَلِّفِ صَلَّى بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلْمُهْلَةِ عَلَى مُقَدَّمٍ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْمُشْبِهِ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات: 3] {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] وَقَوْلُهُ " آخِرَ اللَّيْلِ " يَتَنَازَعُهُ كُلٌّ مِنْ الْمَصْدَرِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ فِعْلُهُ وَمُنْتَبِهٌ، وَأَعْمَلَ الثَّانِيَ أَيْ: وَفِعْلُهُ آخِرَ اللَّيْلِ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ. فَقَوْلُهُ " وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدَّمٌ " أَيْ: يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ " ثُمَّ صَلَّى " أَيْ: حَيْثُ حَدَثَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الْوِتْرَ ثُمَّ أَوْقَعَ نَافِلَةً لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَلِكَ هَلْ حُكْمُ إيقَاعِ النَّافِلَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْجَوَازُ أَمْ لَا. أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْجَوَازُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) أَيْ: هَذَا الْفِعْلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ أَيْ: يُسْتَحَبُّ، وَمَحَلُّهُ إذَا طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ أَوْ فِيهِ فَإِنْ طَرَأَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ تَنَفُّلُهُ بَعْدَهُ جَائِزًا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ مَكْرُوهًا، وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا طَرَأَتْ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْوِتْرِ فَهِيَ كَطُرُوئِهَا بَعْدَهُ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ جَعْلُ الْوِتْرِ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَهِيَ وِتْرٌ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ آخِرُهُ وِتْرًا أَيْضًا. (ص) وَعَقِيبَ شَفْعٍ. (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " آخِرَ اللَّيْلِ " أَيْ: نُدِبَ فِعْلُ الْوِتْرِ عَقِيبَ شَفْعٍ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُسْتَحَبُّ اتِّصَالُهُ بِهِ فَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الشَّفْعِ، وَشَهَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّ كَوْنَهُ عَقِيبَ شَفْعٍ شَرْطُ صِحَّةٍ وَعَلَيْهِ فَفِي شَرْطِ اتِّصَالِهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ   [حاشية العدوي] بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى بَحْثِ الْمَازِرِيِّ) أَيْ: إلَى مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فَلَمْ يُرِدْ بِالْبَحْثِ الْمُنَاقَشَةَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مُوَافِقًا لتت وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْعَرَبِيِّ، خِلَافُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ شَارِحِنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَازِرِيَّ قَدْ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْبَحْثِ، وَنَصُّ الْمَوَّاقِ الْمَازِرِيِّ: وَقَعَ فِي نَفْسِي عَدَمُ تَعَيُّنِ قِرَاءَةٍ إثْرَ تَهَجُّدٍ فَأَمَرْت بِهِ إمَامَ تَرَاوِيحِ رَمَضَانَ ثُمَّ خِفْت انْدِرَاسَ الشَّفْعِ عِنْدَ الْعَوَامّ إنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِقِرَاءَةٍ فَرَجَعْت لِلْمَأْلُوفِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدَّمٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ التَّنَفُّلِ مَكْرُوهًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صَلَاةَ آخِرِهِ مَشْهُودَةٌ) أَيْ: مَحْضُورَةٌ تَحْضُرُهَا الْمَلَائِكَةُ. (قَوْلُهُ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُنْتَبِهٍ أَيْ: الْغَالِبُ عَلَيْهِ الِانْتِبَاهُ أَيْ: لِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الِانْتِبَاهُ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُ عَدَمَ الِانْتِبَاهِ كَنَوْمٍ بِمَحَلٍّ يَكْثُرُ فِيهِ الْمُسَبِّحُونَ بِالصَّوْتِ الرَّفِيعِ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ لِذَلِكَ النَّائِمُ وَلَوْ ثَقُلَ نَوْمُهُ غَالِبًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الِانْتِبَاهِ كَالْإِفْرَاطِ فِي الشِّبَعِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَالْأَفْضَلُ التَّقَدُّمُ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الرِّسَالَةِ إلَخْ) كَلَامُ الرِّسَالَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ جَعَلَ الْوِتْرَ أَثْنَاءَ تَنَفُّلِهِ) أَيْ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ ثُمَّ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ) أَيْ: فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَشِّيَ تت نَقَلَ نُقُولًا اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ أَعْنِي قَوْلَهُ " حَيْثُ حَدَثَتْ إلَخْ " غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَفَعَلَهُ آخِرَ اللَّيْلِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ التَّنَازُعِ وَإِلَّا فَعِنْدَ إعْمَالِ الثَّانِي يَقُولُ: وَفَعَلَهُ فِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ بِالْأَرْضِ وَأَمَّا الْمُسَافِرُ إذَا صَلَّى الْعِشَاءَ بِالْأَرْضِ وَنِيَّتُهُ الرَّحِيلُ وَالتَّنَفُّلُ عَلَى دَابَّتِهِ فَاسْتَحَبَّ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُصَلِّيَ وِتْرَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ يَتَنَفَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ وَنِيَّتُهُ التَّنَفُّلُ وَيُقَدِّمُ الْوِتْرَ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ فَيُقَدِّمُ الْوِتْرَ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ وَلَوْ عَقِبَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوِتْرِ) أَيْ: أَوْ فِي الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) أَقُولُ إذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَيَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ صَلَّى إخْبَارٌ بِحَسَبِ مَا اتَّفَقَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تُفِيدُ، ثُمَّ إنَّ الْمَطْلُوبَ تَأَخُّرُ صَلَاةِ النَّفْلِ عَنْ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ فِعْلُ الْوِتْرِ عَقِيبَ شَفْعٍ) وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ الشَّفْعُ لِنِيَّةٍ خَاصَّةٍ بَلْ يَكْتَفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نُدِبَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَشَهَرَ الْبَاجِيُّ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ " وَعَقِيبَ " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ عَقِبَ بِحَذْفِهَا. (ص) مُنْفَصِلٍ بِسَلَامٍ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ وَكُرِهَ وَصْلُهُ وَوِتْرٌ بِوَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ وَيُكْرَهُ وَصْلُهُ مَعَ الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ لَا شَفْعَ قَبْلَهَا لِحَاضِرٍ أَوْ مُسَافِرٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ. قَالَ سَنَدٌ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَشْفَعُهُ انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ وِتْرَهُ بِإِثْرِ شَفْعٍ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ. وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ خَلْفَ مَنْ يَفْصِلُ بِسَلَامٍ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ بِسَلَامٍ بَلْ يَتْبَعُهُ لِمَا يُؤَدِّي فَصْلُهُ إلَى السَّلَامِ قَبْلَ الْإِمَامِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُسَلِّمُ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ " وَمُنْفَصِلٍ " بِالْوَاوِ لَكَانَ صَرِيحًا فِي كَوْنِ الِانْفِصَالِ مُسْتَحَبًّا مُسْتَقِلًّا إذْ وَصْلُهُ مَكْرُوهٌ وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ يَصِلُ الشَّفْعَ بِالْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَصِلُ يَتْبَعُهُ أَنْ لَا يُكْرَهَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ يَغْتَفِرُونَ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَغْتَفِرُونَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ كَرَاهَتَهُ . (ص) وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ. (ش) يَعْنِي إذَا صَلَّى اثْنَانِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَقْرَأَ مِنْ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي انْتَهَتْ إلَيْهِ قِرَاءَةُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَخَيَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ أَعْشَارًا تُوَافِقُ صَوْتَهُ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ سَمَاعُ الْمُصَلِّينَ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ انْتِهَاءَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَحْتَاطُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ سَمَاعُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ. (ص) وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْمُصَلِّي فِي الْمُصْحَفِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهِ لِاشْتِغَالِهِ غَالِبًا وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ إذَا ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ فَكُرِهَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ " أَوْ أَثْنَاءَ نَفْلٍ لَا أَوَّلَهُ ". (فَائِدَةٌ) جُمْلَةُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْآيِ سِتَّةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ آيَةً أَلْفٌ مِنْهَا أَمْرٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا نَهْيٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا وَعِيدٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا عِيَادَةُ الْأَمْثَالِ وَأَلْفٌ مِنْهَا قَصَصٌ وَأَخْبَارٌ وَخَمْسُمِائَةٍ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَمِائَةٌ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ وَإِلَّا فَلَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ اجْتِمَاعُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ فِي النَّافِلَةِ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ اجْتِمَاعُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ كَالثَّلَاثَةِ لَكِنْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ، وَأَمَّا بِمَكَانٍ غَيْرِ مُشْتَهِرٍ فَلَا كَرَاهَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ حِينَ دُخُولِهِ مَعَهُ أَنَّهُ يُوصِلُ وَصَلَ مَعَهُ وَلَكِنْ يَنْوِي بِالْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوِتْرَ وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ بِالثَّلَاثِ الْوِتْرَ وَلَا تَضُرُّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ كَنِيَّةِ ظُهْرٍ خَلْفَ جُمُعَةٍ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ دُخُولِهِ أَنَّهُ يُوصِلُ وَنَوَى خَلْفَهُ الشَّفْعَ فَقَطْ أَحْدَثَ نِيَّةَ الْوِتْرِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِهِ عِنْدَ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. وَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْوَاصِلِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ صَارَ وِتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ وَفِي الثَّالِثَةِ صَارَ وِتْرُهُ قَبْلَ شَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ سَلَّمَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَلَوْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ شَفَعَهَا وَلَوْ سَلَّمَ إنْ كَانَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سَلَّمَ عَامِدًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتِ بِالشَّفْعِ الَّذِي قَدْ طُلِبَ بِهِ صَارَ سَلَامُهُ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُؤَثِّرُ بُطْلَانَهَا. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وِتْرَهُ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ) وَحِينَئِذٍ فَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ الْوَاصِلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ وِتْرَهُ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِجُلُوسٍ وَيَكُونَانِ شَفْعَهُ وَيُلْغَزُ فَيُقَالُ: صَلَّى شَفْعَهُ بَعْدَ وِتْرِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتْبَعُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ فَلَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ أَوْ تَصِحُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرَّرَهُ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ شَفْعٍ قَبْلَ الْوِتْرِ سَلَّمَ مِنْهُ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ يَتْبَعُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ كَرَاهَتَهُ) وَنَصَّهُ الْجَلَّابُ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ بَعْدَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مِنْهُمَا بِتَسْلِيمَةٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي آخِرِهَا اهـ. فَإِفَادَةُ الْكَرَاهَةِ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ . (قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ حَتَّى فِي النَّفْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَلْفٌ مِنْهَا عِيَادَةُ الْأَمْثَالِ) وَالْمُرَادُ الْأَمْثَالُ الْمُتَكَرِّرَةُ وَالْأَمْثَالُ جَمْعُ مَثَلٍ وَالْعِيَادَةُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَلْفٌ مُكَرَّرٌ مُتَمَاثِلٌ وَتَكْرَارُهُ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ لَا أَنَّهُ تَكْرَارٌ خَالٍ عَنْ الْفَائِدَةِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ تَتَوَقَّفْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَّا بِالِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ بَلْ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَّا جَالِسًا فَعَلَهُ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ) فِيهِ حَذْفُ مَعْطُوفٍ عَلَى كَثِيرٍ " وَمَكَانٍ " صِفَةٌ لَهُ أَيْ: قَلِيلٍ كَائِنٍ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ) أَيْ: مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ) أَيْ: لِأَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي ثَوَابِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ) وَهَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَنْدُوبٌ اُنْظُرْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي كَرَاهَتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فِي أَيِّ مَكَان كَانَ لَكِنْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «فَضْلُ صَلَاةِ الْخَلْوَةِ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى صَلَاةِ الْعَلَانِيَةِ كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرِيضَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ» . (ص) وَكَلَامٌ بَعْدَ صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ لَا بَعْدَ فَجْرٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا لَا يُكْرَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَمَّا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَيُكْرَهُ إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَيُسْتَحَبُّ بِإِثْرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبِ طُلُوعِهَا لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ» وَإِنَّمَا وَرَدَ الْحَثُّ عَلَى الذِّكْرِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَى الطُّلُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَحِيفَةِ الْيَوْمِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ إلَى الْغُرُوبِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ كَانَ أَوَّلُ صَحِيفَتِهِ حَسَنَاتٍ وَفِي آخِرِهَا حَسَنَاتٌ مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا» . (ص) وَضَجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُكْرَهُ أَيْضًا الضِّجْعَةُ بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حَيْثُ فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهِيَ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالْكَسْرِ الْهَيْئَةُ وَبِهِ يُضْبَطُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو وَالضِّجْعَةُ بَعْدَهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ لَا الْمَرَّةُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصُبْحٍ لَأَفَادَ الْمُرَادَ . (ص) وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ. (ش) إنَّمَا عَطَفَ بِثُمَّ إشَارَةً مِنْهُ إلَى أَنَّ مَرَاتِبَ هَذِهِ السُّنَنِ تَتَفَاوَتُ فَآكَدُهَا الْوِتْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِالْأَوْصَافِ الْآتِيَةِ، وَيَلِي الْوِتْرَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَلِيهِمَا صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءُ، وَيَأْتِي أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ اتِّخَاذُهُمْ ذَلِكَ سُنَّةً. (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ: إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ تَرْكُ الْمَكَانِ الْمُشْتَهِرِ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ: رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ رُبَّمَا يُفِيدُ كَرَاهَةَ صَلَاةِ الْوَاحِدِ فِي الْمَكَانِ الْمُشْتَهِرِ حَيْثُ قَالَ: كَفَضْلِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُشَبَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (فَائِدَةٌ) الْجَمْعُ فِي الرَّغِيبَةِ كَالْجَمْعِ فِي النَّافِلَةِ. (قَوْلُهُ: فِي أُمُورِ الدُّنْيَا) أَيْ: الْكَلَامُ الْمُبَاحُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْهِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَبِغَيْرِ الْعِلْمِ بِالْمَسْجِدِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا قَالَ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَ مَالِكٌ يَتَحَدَّثُ وَيُسْأَلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ ثُمَّ لَا يُجِيبُ مَنْ يَسْأَلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَلْ يُقْبِلُ عَلَى الذِّكْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. (قَوْلُهُ: التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْقُرْآنِ أَوْلَى مِنْهُ وَسُئِلَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَيُّمَا أَفْضَلُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ الْقُرْآنُ أَوْ الذِّكْرُ؟ فَقَالَ: تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ إلَّا أَنَّ هَدْيَ السَّلَفِ الذِّكْرُ. وَقَالَ التَّادَلِيُّ: يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَالذِّكْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْعِلْمِ فِيهِ. وَقَالَ الْأَشْيَاخُ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ فِيهِ أَوْلَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يُفْتِي لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِنَا لِقِلَّةِ الْحَامِلِينَ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَذَا قَالَ ابْنُ نَاجِي. (قَوْلُهُ: إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ " لِقُرْبِ الطُّلُوعِ " فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ لِلطُّلُوعِ. قُلْت: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْقُرْبِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) أَيْ: وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الضُّحَى كَمَا فِي الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ: تَامَّتَيْنِ) بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ قَالَ: تَامَّتَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَحِيفَةِ الْمُؤْمِنِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنْزِلَانِ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوَّلُ مَا يَكْتُبُونَ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَكِنْ يَرِدُ أَنْ يَكُونَ صَحِيفَةُ اللَّيْلِ آخِرُهَا غَيْرُ حَسَنَاتٍ إذَا تَكَلَّمَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: آخِرُهَا مَا يُذْكَرُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا مَا قَبْلَهُ مِنْ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ مَلَكَيْ اللَّيْلِ يَنْزِلَانِ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ نَعَمْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُمَا يَنْزِلَانِ عِنْدَ الْغُرُوبِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْجَوْهَرَةِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعَانِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ» قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ بِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إنَّمَا تَنْزِلُ وَالنَّاسُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَحِينَئِذٍ تَصْعَدُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ ضِدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إنَّمَا تَنْزِلُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ: مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: مِنْ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ. (قَوْلُهُ: الِاسْتِرَاحَةِ) بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، وَعِبَارَةُ عج تُفِيدُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: أَبِي عَمْرٍو) بِوَاوٍ بَعْدَ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ) أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ الضِّجْعَةُ الَّتِي عَلَى الْيَمِينِ فَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ لِلْمُقَابِلِ وَهُوَ كَوْنُ الِاضْطِجَاعِ عَلَى يَمِينِهِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ يَمِينِهِ فَلَمْ يَقُلْ الْمُخَالِفُ بِنَدْبِهِ. (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ الْهَيْئَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَبِهِ يَضْبِطُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ الْأَوْلَى بِالِالْتِفَاتِ لِضَبْطِهِ. قَالَ فِي ك وَانْظُرْ هَلْ كَرَاهَةُ الضِّجْعَةِ خَاصَّةٌ بِالضِّجْعَةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَأَمَّا لَوْ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا اسْتِنَانًا أَوْ الْكَرَاهَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ الْمُرَادَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهِيَ لَا تَكُونُ بَعْدَ الصُّبْحِ بَلْ تَكُونُ قَبْلَهُ ثُمَّ أَقُولُ: وَكَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْ ثَانِي يَوْمٍ بَعِيدٌ، أَوْ كَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ الصُّبْحُ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 صَلَاةَ خُسُوفِ الْقَمَرِ مَنْدُوبَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنَّمَا كَانَ الْوِتْرُ آكَدَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْعِيدُ آكَدَ مِمَّا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الْكُسُوفُ آكَدَ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّهَا لَا تُفْعَلُ. ثُمَّ إنَّ الْعُمْرَةَ آكَدُ مِنْ الْوِتْرِ كَمَا أَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَذَلِكَ وَانْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعُمْرَةِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَهِيَ دُونَ الْوِتْرِ وَآكَدُ مِنْ الْعِيدِ. (ص) وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ وَضَرُورِيُّهُ لِلصُّبْحِ. (ش) أَيْ: وَوَقْتُ الْوِتْرِ الِاخْتِيَارِيُّ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ وَالشَّفَقِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَوْ سَهْوًا وَلَا بَعْدَ عِشَاءٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَقَبْلَ الشَّفَقِ كَلَيْلَةِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْعِشَاءَ قُدِّمَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَرَفْعِ الْمَشَقَّةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْوِتْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ " مِنْ بَعْدِ " كَمَا قَالَ فِي الْأَوْقَاتِ " مِنْ زَوَالِ "؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَبْدَأِ هُنَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ تَعْيِينِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِكَوْنِ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَفْضَلَ. وَقَدْ عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمِثْلِ مَا هُنَاكَ فَقَالَ: وَوَقْتُهُ مِنْ بَعْدِ الشَّفَقِ وَالْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ كَمَا قَالَهُ " ز " وَفِي قَوْلِهِ " لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَبْدَأِ هُنَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ " فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنَّمَا غَايَرَ بَيْنَهُمَا تَفَنُّنًا وَيَمْتَدُّ اخْتِيَارِيُّ الْوِتْرِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ وَالشَّفَقِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَضَرُورِيُّهُ مِنْ الْفَجْرِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَيْ: لِلشُّرُوعِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلِانْقِضَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ، وَالْمَأْمُومُ كَالْإِمَامِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَأْمُومَ كَالْفَذِّ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْقَطْعُ فَلَا يَفُوتُ الْوَقْتُ بِالشُّرُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ بِهِ لَزِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ، تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ تَأْخِيرَ الْوِتْرِ لِوَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ مَكْرُوهٌ. (ص) وَنُدِبَ قَطْعُهَا لَهُ لِفَذٍّ لَا مُؤْتَمٍّ، وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ. (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لِلْوِتْرِ وَقْتًا ضَرُورِيًّا يَعْنِي إذَا نَسِيَ الْوِتْرَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى شَرَعَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنْ كَانَ فَذًّا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ خِلَافًا لِابْنِ زَرْقُونٍ، وَيَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ،   [حاشية العدوي] بَعِيدٌ أَيْضًا. . (قَوْلُهُ: بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ) أَيْ: خَارِجَ الْمَذْهَبِ. وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ: فِي الْمَذْهَبِ فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَوْ فِي الْخَارِجِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكِفَائِيِّ وَلَوْ فِي الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ أَيْ: فَكَوْنُهُ بِلَا نِزَاعٍ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَيْ: فَبَعْضُهُمْ حَكَى أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ ادَّعَى أَنَّهُ مَشْهُورٌ لَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلِذَا قَالَ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْعُمْرَةَ آكَدُ مِنْ الْوِتْرِ) أَيْ: لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا فِي الْمَذْهَبِ دُونَ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعُمْرَةِ) فِي عب وَآكَدُ مِنْ الْعُمْرَةِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ لِجَزْمِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فِي الْعُمْرَةِ بِالسُّنِّيَّةِ، وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْوُجُوبِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ دُونَ الْوِتْرِ) اسْتَظْهَرَ عب أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي سُنِّيَّتِهَا وَوُجُوبِهَا بِهَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ. (أَقُولُ) بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يَجْزِمَ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ. (فَإِنْ قُلْت) مَا وَجْهُ مَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ. (قُلْت) لِأَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَعْيَانِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْمَذْهَبِ وَالْعَيْنِيَّةِ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ تُقَدَّمُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَوْ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمُخَالِفُ لِهَذَا لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَلَيْلَةِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ لَيْلَةَ الْجَمْعِ، إذَا قُدِّمَ الْفَرْضُ فَأَحْرَى غَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْعِشَاءَ قُدِّمَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَلِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ إيقَاعِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَلَا يَكُونُ تَقْدِيمُهُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ الِاخْتِيَارِيِّ أَفْضَلَ. (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ: بَلْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَيْ: فَيَكُونُ فِعْلُ الْوِتْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: بَلْ إنَّمَا غَايَرَ تَفَنُّنًا) وَتَعَيُّنُ الْمَبْدَأِ ظَاهِرٌ بِدُونِ مِنْ. (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ الصُّبْحِ) أَيْ: لِوَقْتٍ يُدْرِكُ الصُّبْحَ فِي مُخْتَارِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ لِنَائِمٍ عَنْهُ أَوْ نَاسِيهِ مَثَلًا كَتَارِكِهِ اخْتِيَارًا مَعَ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِ لِلْفَجْرِ كَذَا فِي عب. وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: لِوَقْتٍ يُدْرِكُ الصُّبْحَ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَخْ. مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ. (قَوْلُهُ: عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ بِنَدْبِ قَطْعِ الصُّبْحِ وَرِوَايَةٌ بِجَوَازِ الْقَطْعِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ إبَاحَةَ الْقَطْعِ لَا تُفَوِّتُ الْوَقْتَ بِالشُّرُوعِ هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ حِكَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ نَعَمْ يَصِحُّ عَلَى حِلِّ الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَقْطَعُ الْإِمَامُ إلَّا إنْ أَسْفَرَ جِدًّا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا يَقْطَعُ. فَعَلَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ هَذَا يَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَيْ: الْقَائِلَةِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْإِمَامِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: اسْتِحْبَابُ الْقَطْعِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَالنَّهْيُ عَنْ الْقَطْعِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُغِيرَةِ قَائِلًا: لَا يَقْطَعُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ. وَالتَّخْيِيرُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْبَاجِيِّ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ الثَّلَاثَ رِوَايَاتٍ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا سِوَى أَنَّهُ قَدَّمَ الْأَوَّلَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِانْقِضَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ، وَقَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومِ أَيْ: عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ ثُمَّ رَجَعَ فَقِيلَ بِجَوَازِ الْقَطْعِ وَقِيلَ بِنَدْبِ عَدَمِ الْقَطْعِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ جَوَازُ التَّمَادِي لَا نَدْبُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت وَالرَّاجِحُ جَوَازُ التَّمَادِي لَا نَدْبُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَأْمُومَ كَالْفَذِّ) أَيْ: مَعْنًى أَيْ: بِقَوْلِهِ إلَى الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُبَاحُ) الْمُرَادُ بِهَا الْإِذْنُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ قَابِلًا لِلْبَحْثِ كَمَا رَأَيْت. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا) صَادِقٌ بِأَنْ لَا يُسْفِرَ أَوْ يُسْفِرَ لَا جِدًّا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ زَرْقُونٍ) فَإِنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَإِنْ اقْتَصَرَ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِالشَّفْعِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ قَدَّمَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ كَمَا لَوْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَيَأْتِي بِهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ، ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ سَحْنُونَ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ: الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُعِيدُهَا إنَّمَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ قَطْعُ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ بَلْ يُنْدَبُ تَمَادِيهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ وَصَلَّاهَا أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِسَنَدٍ وَإِنْ كَانَ إمَامًا فَهَلْ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا أَوْ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ رِوَايَتَانِ. وَلَوْ ذَكَرَ الْوِتْرَ فِي الْفَجْرِ فَهَلْ يَقْطَعُهَا؟ لَهُ قَوْلَانِ لِابْنِ نَاجِي وَشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ. وَإِنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ أَتَى بِهِ وَأَعَادَ الْفَجْرَ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَهُ لَا لِثَلَاثٍ وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَلَوْ قَدَّمَ وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ. (ش) الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ وَنَامَ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِقْدَارُ مَا يُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ وَهُوَ رَكْعَتَانِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْوِتْرَ وَالشَّفْعَ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُؤَخِّرُ الْفَجْرَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْوِتْرِ فَقَطْ مَعَ الصُّبْحِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَيْ: وَكَذَا الْأَرْبَعُ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ فَقَالَ أَصْبَغُ: يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ أَيْضًا وَيَتْرُكُ الْفَجْرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَ أَيْ: صَلَّى الشَّفْعَ وَتَرَكَ الْفَجْرَ وَلَوْ قَدَّمَ نَفْلًا بَعْدَ الْعِشَاءِ أَيْ: أَوَّلَ اللَّيْلِ لِانْفِصَالِهِ وَالْمَطْلُوبُ اتِّصَالُهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: إنْ قَدَّمَ أَشْفَاعًا فَلَا يُعِيدُ الشَّفْعَ بَلْ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَدَلَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُمَا وَهُمَا تَابِعَتَانِ لِلْفَرْضِ، وَالشَّفْعُ مِنْ تَوَابِعِ الْوِتْرِ وَإِذَا كَانَ الصُّبْحُ أَوْلَى عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ كَانَ تَابِعُهُ أَوْلَى. وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ اللَّائِقُ بِالْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لَكِنْ نُوزِعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الِاتِّفَاقِ انْتَهَى. وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِسَبْعٍ صَلَّى الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالصُّبْحَ، وَمَفْهُومُ لِسَبْعٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِسِتٍّ لَا يَزِيدُ الْفَجْرَ بَلْ يَفْعَلُ الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَالصُّبْحَ وَيَقْضِي بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَتَبْقَى رَكْعَةٌ ضَائِعَةٌ. وَقَوْلُنَا " الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ " يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ فَيُصَلِّي هَذِهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ لِلطُّلُوعِ، هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّاذِلِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ . (ص) وَهِيَ رَغِيبَةٌ. (ش) الضَّمِيرُ فِي هِيَ رَاجِعٌ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ أَيْ: وَصَلَاةُ الْفَجْرِ رَغِيبَةٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ بِقَوْلِهِ " وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مِنْ الرَّغَائِبِ " وَقِيلَ: مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْقَوْلَيْنِ عَنْ أَصْبَغَ وَأَشْهَبَ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا. (ص) تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى نِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ تُمَيِّزُهَا عَنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ كَافْتِقَارِ السُّنَنِ لِذَلِكَ. قَالَ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِهَا وَيُعِيدُ الْفَجْرَ) أَيْ: وَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: لَا يُعِيدُهَا) أَيْ: الْفَجْرَ. الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ بِمَنْزِلَةِ أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ مِنْ الصُّبْحِ فَالْخَلَلُ فِي الصُّبْحِ خَلَلٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ) وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَنَدٍ) فَإِنْ قَالَ: مَحَلُّ كَوْنِ الْمَأْمُومِ لَا يَقْطَعُ إذَا كَانَ بِقَطْعِهِ وَوِتْرِهِ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْجَمْعِ فَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَانَ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهَا قَطَعَ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْفِرْ الْوَقْتُ جِدًّا) أَيْ: بِحَيْثُ يُخْشَى أَنْ يُوقِعَهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا خَارِجَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ خِلَافًا لعب. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ) أَيْ: بَلْ يَجُوزُ لَهُ. (قَوْلُهُ: رِوَايَتَانِ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ تَرْجِيحُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ عَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَعَزَا الثَّانِيَةَ لِلْبَاجِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِابْنِ نَاجِي وَشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ) قَالَ ابْنُ نَاجِي كُنْت أَقُولُ إنَّهُ يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقْطَعُ الصُّبْحَ فِي قَوْلٍ فَأَحْرَى أَنْ يَقْطَعَ هُنَا وَكَانَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ لَا يَرْتَضِي ذَلِكَ وَيَعْتَلُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْطَعْ فِي الصُّبْحِ فَاتَ الْوِتْرُ وَهَا هُنَا إذَا تَمَادَى عَلَى الْفَجْرِ لَا يَفُوتُ بَلْ يُعِيدُهُ. (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الصُّبْحَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِأَصْبَغَ يَأْتِي بِالْوِتْرِ وَيُصَلِّي رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَرَكْعَةً بَعْدَهَا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بَعْضَ الْفَرْضِ لِأَجْلِ سُنَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَرْبَعُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَمُقَابِلُهُ يَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ فَاتَتْ رَكْعَةٌ مِنْ الصُّبْحِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَفَّلَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " وَلَوْ قَدَّمَ " لَيْسَ عَائِدًا عَلَى الشَّفْعِ الْمَخْصُوصِ بَلْ عَائِدٌ عَلَيْهِ لَا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ بِمَعْنَى النَّفْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَفْرُوضٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا قَدَّمَ النَّفَلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ أَيْ: أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نُوزِعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الِاتِّفَاقِ) أَقُولُ: أَقَلُّ مَا هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ الْحَطَّابَ قَدْ قَالَ: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَوْ ذَكَرَهُ مَعَ ذِكْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُرَاعَى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يُتْرَكُ لِأَجْلِ الشَّفْعِ مَثَلًا؟ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ قَدْ رُجِّحَ أَوْ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ مُقَابِلِهِ . (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَغِيبَةٌ) بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ: مُرَغَّبٌ فِيهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينَا وَمَا فِيهَا» فَإِنْ قُلْت: قَدْ رُغِّبَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا قُلْت: كَانَ التَّرْغِيبُ فِيهَا أَشَدَّ وَبَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا. وَالرَّغِيبَةُ مَرْتَبَتُهَا دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ الْفَضِيلَةِ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 الطِّرَازِ: النَّوَافِلُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَزْمَانِهَا أَوْ بِأَسْبَابِهَا كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ وَالْفَجْرِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ التَّعْيِينِ فَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِهَذِهِ لَمْ تُجْزِهِ. وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَاهَا يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سُمِّيَتْ قِيَامًا وَعِنْدَ أَوَّلِ النَّهَارِ سُمِّيَتْ ضُحًى وَعِنْدَ دُخُولِ مَسْجِدٍ سُمِّيَتْ تَحِيَّةً وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صَوْمٍ لَا يَفْتَقِرُ مُطْلَقُهَا إلَى التَّعْيِينِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْعِبَادَةِ. (ص) وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنْ يَقَعَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تُجْزِئُ إذَا تَقَدَّمَتَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْإِحْرَامِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ تَحَرَّى الْفَجْرَ فِي غَيْمٍ فَرَكَعَ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَهُمَا بَعْدَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِتَحَرٍّ) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُعِيدُهُمَا بَعْدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَالتَّحَرِّي الِاجْتِهَادُ وَهُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ لِتَحْصِيلِ الظَّنِّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ. وَلَا يُعْتَرَضُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تُجْزِئْ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ " لِأَنَّ ذَاكَ فِي الشَّاكِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ. وَلَا يُقَالُ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ الْأَمْرُ فِيهِمَا أَخَفُّ مِنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُخْتَلِفٌ إذْ فَرْقٌ بَيْنَ الشَّاكِّ وَالْمُجْتَهِدِ. (ص) وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُمَا مَعَ الصُّبْحِ كَرُبَاعِيَّةٍ رَكْعَتَانِ بِالْحَمْدُ وَسُورَةٍ وَرَكْعَتَانِ بِالْحَمْدُ فَقَطْ وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِيهِمَا الْإِسْرَارُ، وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا إيقَاعُهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ مُحَصِّلٌ لِلتَّحِيَّةِ بِخِلَافِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مُخِلٌّ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ اسْتِحْبَابَ إيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فَالْمُؤَلِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى نِيَابَتِهَا عَنْ التَّحِيَّةِ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ لَا فِي الثَّوَابِ مَا لَمْ يَنْوِ التَّحِيَّةَ بِهَا، فَإِنْ قُلْت: التَّحِيَّةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَالثَّوَابُ يَتْبَعُ الطَّلَبَ قُلْت: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِطَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَنَّهُ فِيمَا إذَا صَلَّى الْفَجْرَ بَعْدَ الشَّمْسِ قَضَاءً. (ص) وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ وَصَلَّى الْفَجْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَمْ يَرْكَعْ بَلْ يَجْلِسُ مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ أَيْ: لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَيْ: لَمْ يُعِدْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَرْكَعُ غَيْرَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ. (ش) هَذَا مِمَّا لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِمَّا عَدَا الْفَرَائِضَ وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمُسْتَثْنَى إنْ وَقَعَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ) الْعِيدَيْنِ - وَهُمَا اثْنَتَانِ - وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) أَيْ: الْإِجْمَالُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ) أَيْ: فِي لَيْلِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ) فَإِنْ قُلْت: الضُّحَى مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ: بِقَيْدِ كَوْنِهَا السُّنَنَ الْخَمْسَ وَالْفَجْرَ أَوْ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ وَالضُّحَى وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا عِبَادَةٌ مُتَمَاثِلَةٌ رَكْعَتَانِ نَافِلَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِالصِّفَةِ بِخِلَافِ السُّنَنِ الْخَمْسِ وَالرَّغِيبَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَاهَا أَيْ: مَا عَدَا الْخَمْسَ وَالْفَجْرَ. (قَوْلُهُ: لَا يَفْتَقِرُ مُطْلَقُهَا إلَى التَّعْيِينِ) وَأَمَّا مُقَيَّدُهَا كَالْحَجِّ النَّذْرِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَانْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ صُدُورَ نِيَّةِ الْحَجِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَعْدَ حُصُولِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يُحَصِّلُ التَّمَتُّعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِحَجِّهِ خُصُوصَ التَّمَتُّعِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ أَيْ: مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ الْمُقَيَّدَاتِ بِأَزْمَانِهَا وَكَأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ مُعَيَّنًا صَارَا مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ: إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ) أَيْ: لَيْسَ بِمُتَحَرٍّ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْ: الْمُتَحَرِّي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَحَرِّيَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً تُجْزِئُ فِي صُورَتَيْنِ وَلَا تُجْزِئُ فِي وَاحِدَةٍ وَمِثْلُهُ الْمُتَيَقِّنُ أَيْ: الْجَازِمُ. وَأَمَّا الشَّاكُّ فَلَا تُجْزِئُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَالصُّوَرُ تِسْعَةٌ. جَعَلَ عج مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الْجَزْمَ وَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا فَالْأَوْلَى جَعْلُهَا لِلْحَالِ. وَصُورَةُ الْجَزْمِ تُفْهَمُ مِنْ صُوَرِ التَّحَرِّي أَيْ: الظَّنِّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُتَحَرِّيَ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ تَبَيَّنَ التَّأَخُّرُ عَنْ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَقَدْ قَرَّرَ الْحَطَّابُ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: وَهُمَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْوَقْتَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ) أَيْ: وَمَا كَانَ يَتِمُّ مَا ذُكِرَ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مُتَّفِقًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَصُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُصَنِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هَذَا مَشْهُورٌ مُرَاعًى فِيهِ الضَّعِيفُ وَهُوَ أَنَّهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ إظْهَارَ السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنْ كِتْمَانِهَا لِيَقْتَدِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ كَذَا لِمَالِكٍ وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ الْفَرِيضَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ جَمَاعَةً وَلَوْ لَزِمَ صَلَاةُ أَهْلِ بَيْتِهِ فُرَادَى لَا إنْ لَزِمَ عَدَمُ صَلَاتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ إلَخْ. يُفِيدُ طَلَبَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهَا رَغِيبَةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَتَبْت هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت جَعَلَ الصَّوَابَ حَذْفَهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْمُوَافَقَةِ وَنَقَلَ النَّقْلَ الَّذِي يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَعْطُوفٌ إلَخْ أَيْ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَيْ: لَمْ يُعِدْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَرْكَعُ غَيْرَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْغَيْرُ هُوَ التَّحِيَّةُ وَقِيلَ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ: يَحْرُمُ، كَذَا كَتَبَ وَالِدُ عب. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ أَيْ: مِنْ الَّتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 بِغَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ أَوْ مَعْطُوفٍ عَلَى الْمُسْتَثْنَى أَيْ: لَا يَقْضِي مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا الْفَرَائِضَ وَالْفَجْرَ فَيَقْضِي حَقِيقَةً مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: إنَّهَا لَيْسَتْ قَضَاءً حَقِيقَةً بَلْ رَكْعَتَانِ تَنُوبَانِ عَنْهُمَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَيُقَدَّمُ الصُّبْحُ عَلَيْهِمَا لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ وَالْفَجْرَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ. وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الْفَجْرَ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ. (ص) وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ تَرَكَهَا، وَخَارِجَهُ رَكَعَهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْ رَحْبَتِهِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَكَعَ الْفَجْرَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَيَدْخُلُ مَعَ الْجَمَاعَةِ ثُمَّ يَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ وَلَا يُصَلِّيهِمَا حَالَةَ الْإِقَامَةِ، وَلَوْ كَانُوا يُطِيلُونَهَا، وَلَا يَخْرُجُ لِيَرْكَعَهُمَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ وَلَا يُسْكِتُ الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنَ لِيَرْكَعَهُمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَيُسْكِتُهُ لِيُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَهُوَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْ: وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ رَكَعَهُمَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الصُّبْحِ أَيْ: إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ . (ص) وَهَلْ الْأَفْضَلُ كَثْرَةُ السُّجُودِ أَوْ طُولُ الْقِيَامِ قَوْلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ الْأَفْضَلُ فِي النَّفْلِ كَثْرَةُ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ أَوْ طُولُ الْقِيَامِ بِالْقِرَاءَةِ قَوْلَانِ. وَمَحَلُّهُمَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ كَعَشْرِ رَكَعَاتٍ فِي عَشْرِ دَرَجٍ وَأَرْبَعٍ فِيهَا، وَأَمَّا مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ كَأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي عَشْرِ دَرَجٍ وَعَشْرٍ فِي خَمْسِ دَرَجٍ أَوْ عَكْسِهِ فَالْأَطْوَلُ زَمَنًا أَفْضَلُ سَوَاءٌ كَانَ كَثْرَةَ السُّجُودِ أَوْ طُولَ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَفِي ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّوَافَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَذَلِكَ انْتَهَى. وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي الطَّوَافِ بِحَسَبِ تَمَهُّلِهِ فِي الْمَشْيِ وَعَدَمِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الصِّيَامِ، وَذَلِكَ بِفِعْلِهِ الْقَلِيلَ مِنْهُ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ كَشَهْرِ بَؤُنَةَ وَفِعْلِ سِتَّةِ أَيَّامٍ فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ حَيْثُ يَكُونُ زَمَنُهَا كَزَمَنِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الطُّولِ أَمْ لَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ ح الْأَوَّلُ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى النَّفْلِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْفَرَائِضِ شَرَعَ فِيمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا مِنْ الْجَمَاعَةِ وَأَرْكَانِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَآدَابِهِمَا فَقَالَ. (فَصْلٌ الْجَمَاعَةُ بِفَرْضٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ سُنَّةٌ) . (ش) يَعْنِي أَنَّ اجْتِمَاعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرْضِ   [حاشية العدوي] قَدْ تَكُونُ أَدَاةَ اسْتِثْنَاءٍ وَإِلَّا فَهِيَ الْآنَ نَائِبُ فَاعِلٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَقِيقَةً وَقَوْلُهُ: مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّهَا لَيْسَتْ إلَخْ مُقَابِلُ الْأَوَّلِ وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهَا تُقْضَى فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَيُقَدَّمُ الصُّبْحُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) الْخَوْفُ كَالْخَشْيَةِ يَشْمَلُ الظَّنَّ وَالشَّكَّ وَالْوَهْمَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ) فِيهِ مُوَافَقَةٌ لعج وَمُخَالَفَةٌ لعب فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الطُّرُقَ الْمُتَّصِلَةَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَا قَالَهُ بِكَلَامِ الْبَاجِيِّ وَالْفِيشِيِّ وَاسْتَدَلَّ فِي ك عَلَى مَا قَالَهُ هُنَا بِنَقْلِ الْمَوَّاقِ مَعَ أَنَّ حَاصِلَ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَوْ لَا فِي أَنَّهُ إنْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ بَلْ يُصَلِّيهَا خَارِجًا عَنْ الْأَفْنِيَةِ الَّتِي هِيَ الرِّحَابُ. (قَوْلُهُ: حَالَةَ الْإِقَامَةِ) أَيْ: حَالَةَ الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ وَلَوْ كَانُوا يُطِيلُونَهَا. وَعِبَارَةُ شب وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ كَإِمَامِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِإِطَالَتِهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوِتْرِ) أَيْ: فَيَخْرُجُ لِيَرْكَعَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخَافَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ يَفُوتُ بِالصُّبْحِ بِخِلَافِ الْفَجْرِ يُؤَخَّرُ وَيُفْعَلُ وَلَا يَفُوتُ . (قَوْلُهُ: أَوْ طُولُ الْقِيَامِ) اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ: لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ أَيْ: الْقِيَامِ وَيَشْهَدُ لَهُ خَبَرُ الْمُوَطَّأِ «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا» وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ وَخَبَرُ «مَنْ رَكَعَ رَكْعَةً أَوْ سَجَدَ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» اهـ. وَقَالَ فِي ك: قَدْ دَلَّ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ السُّجُودَ أَشْرَفُ أَرْكَانِهَا وَرُبَّمَا أَشْعَرَ تَقْدِيمُهُ هُنَا الْقَوْلَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ بِذَلِكَ إذَا التَّقْدِيمُ فِي الذِّكْرِ لَهُ مَزِيَّةٌ وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْأَكْثَرُ ثَوَابًا وَلِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ أَفْضَلَ أَرْكَانِ الْحَجِّ الطَّوَافُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْأَطْوَلُ زَمَنًا أَفْضَلُ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ الْقَلِيلُ مِنْ الْعَدَدِ كَالصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ فِيهِ الْكَثِيرُ مِنْهُ كَالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ عَكْسُهُ وَهُوَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي خَمْسِ دَرَجٍ وَعَشْرُ رَكَعَاتٍ فِي عَشْرِ دَرَجٍ. (قَوْلُهُ: تَمَهُّلِهِ فِي الْمَشْيِ) أَيْ: الْمُعْتَادِ. [فَصْلٌ صَلَاة الْجَمَاعَةُ] . (قَوْلُهُ: النَّفْلِ الْمُنْفَصِلِ إلَخْ) أَيْ: فَلَمْ يُرِدْ بِالنَّفْلِ الْعِبَادَةَ الْمُسْتَقِلَّةَ بَلْ الْأَمْرَ الْمَطْلُوبَ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ سَوَاءٌ كَانَ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً أَمْ لَا كَالْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانِهَا) لَمْ يَتَكَلَّمْ الشَّارِحُ عَلَى أَرْكَانِهَا وَهِيَ إمَامٌ وَمَأْمُومٌ أَزْيَدُ مِنْ اثْنَيْنِ فِي بَلَدٍ وَإِنْ كَانَا أَقَلَّ الْجَمْعِ لِعَدَمِ الشُّهْرَةِ بِهِمَا فِيهَا وَمُؤَذِّنٌ أَيْ: عَارِفُ وَقْتٍ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَمَسْجِدٌ بُنِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْجَمَاعَةِ جَبْرًا عَلَيْهِمْ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أُجْرَةَ إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ جَعْلِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ ابْتِدَاءً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ خِفَّةُ مُؤْنَةِ أُجْرَتِهِمَا دُونَ بِنَائِهِ (فَصْلٌ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ اجْتِمَاعَ الْجَمَاعَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السُّنِّيَّةَ وَصْفٌ لِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ لَا لِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَّصِفُ بِهَا. (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْضِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ مِنْهُ مَا الْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ كَتَرَاوِيحَ وَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَمِنْهُ مَا يُكْرَهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَجَمَعَ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ رَغِيبَةٌ وَسُنَّةٌ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ كَفَجْرٍ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ إلَّا أَنَّ عِيَاضًا قَدْ صَرَّحَ فِي قَوَاعِدِهِ بِسُنِّيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَاسْتَظْهَرَهُ مُحَشِّي تت لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَفِعْلِهِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 الْعَيْنِيِّ الْحَاضِرِ أَوْ الْفَائِتِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً إلَّا فِي الْجُمُعَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ حَتَّى فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ فَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ خِلَافُ مَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ الْأَقْوَالِ مِنْ كَوْنِهَا فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ سُنَّةً فِي كُلِّ مَسْجِدٍ فَضِيلَةً لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّتِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ هَذِهِ خِلَافُ طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ وَعَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى إقَامَتِهَا بِكُلِّ مَسْجِدٍ لَا عَلَى إقَامَتِهَا بِالْبَلَدِ وَلَا عَلَى إيقَاعِ الرَّجُلِ صَلَاتَهُ فِي الْجَمَاعَةِ. (ص) وَلَا تَتَفَاضَلُ. (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشُمُولِ الدُّعَاءِ وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ، لَكِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى جَعْلِ هَذِهِ الْفَضَائِلِ سَبَبًا لِلْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الَّتِي شَرَعَ اللَّهُ لَهَا الْإِعَادَةَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا تَتَفَاضَلُ أَيْ: تَفَاضُلًا يُطْلَبُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِهِ الْإِعَادَةُ فَلَيْسَ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَنْ يُعِيدَ فِي أُخْرَى أَفْضَلَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا تَتَفَاضَلُ مِنْ حَيْثُ وَصْفِهَا بِالْكَثْرَةِ أَوْ الصَّلَاحِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا تَتَفَاضَلُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جَمَاعَةٌ لَا مِنْ حَيْثُ وَصْفِهَا بِالصَّلَاحِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا تَتَفَاضَلُ بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ وَإِنْ تَفَاضَلَتْ بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ. (ص) وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ. (ش) أَيْ: إنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ الْمَوْعُودُ بِهِ لِخَبَرِ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةَ» أَيْ: صَلَاةٌ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ: فَضْلَهَا وَحُكْمَهَا أَيْضًا فَلَا يُقْتَدَى بِهِ وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَيَلْزَمُهُ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ وَالْبَعْدِيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى إمَامِهِ وَيُسَلِّمُ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً لَا يَحْصُلُ لَهُ حُكْمُهَا فَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا فَضْلُهَا أَيْ: الْمَوْعُودُ بِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَإِلَّا فَلَا نِزَاعَ أَنَّ مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ لَهُ أَجْرٌ وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فِي   [حاشية العدوي] جَمَاعَةٍ فَحَقِيقَةُ السُّنِّيَّةِ صَادِقَةٌ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْعَيْنِيِّ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلِلَّخْمِيِّ سُنَّةٌ فَإِنْ صَلَّوْا عَلَيْهِ وُحْدَانًا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً وَلِابْنِ رُشْدٍ شَرْطٌ كَالْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كُلِّ مَسْجِدٍ وَعَنْ كُلِّ إنْسَانٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: سُنَّةٌ فِي الْبَلَدِ عَلَى الْإِجْمَالِ أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كُلِّ مَسْجِدٍ. (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ: الْمُنْفَرِدِ الَّذِي لَمْ يُصَلِّ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَحْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْفَرْضُ وَاَلَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ طَلَبُ الْجَمْعِ نَدْبًا فَلْيَكُنْ الَّذِي لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْفَرْضُ أَقْوَى، وَالْوُجُوبُ مُنْتَفٍ قَطْعًا فَتَبْقَى السُّنِّيَّةُ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَقْوَالِ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا أَقْوَالٌ فَقِيلَ فَرْضٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ فَأَرَادَ ابْنُ رُشْدٍ أَنْ لَا يَجْعَلَ الْخِلَافَ حَقِيقِيًّا بَلْ لَفْظِيًّا فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهَا فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: فِي الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: فَضِيلَةً لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّتِهِ) أَيْ: الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ إقَامَتِهَا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَ غَيْرِهِ فَالْجَمَاعَةُ لِذَلِكَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْعُلَمَاءِ وَالْكَثِيرِ إلَخْ) الْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: لِشُمُولِ الدُّعَاءِ) أَيْ: عُمُومِهِ أَيْ: كَثْرَتِهِ وَقَوْلُهُ: وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ مِنْ عَطْفِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَقَوْلُهُ: وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ أَيْ: الدُّعَاءِ، وَقَبُولُ الدُّعَاءِ أَعَمُّ مِنْ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ قَبُولُ الشَّفَاعَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ الشَّفَاعَةِ سُرْعَةُ الْإِجَابَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْقَبُولُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الَّتِي شَرَعَ اللَّهُ لَهَا الْإِعَادَةَ) وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ أَوْ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ بِجَعْلِ الْفَضَائِلِ سَبَبًا لِلْإِعَادَةِ كَمَا أَفَادَهُ ح. (قَوْلُهُ: تَفَاضُلًا يُطْلَبُ لِأَجْلِهِ إلَخْ) أَيْ: لِكَوْنِ التَّفَاضُلِ الَّذِي يُطْلَبُ لِتَحْصِيلِهِ الْإِعَادَةُ زِيَادَةً فِي الْكَمِّيَّةِ وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ بِالصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ التَّفَاضُلُ فِي الْكَيْفِيَّةِ. (قَوْلُهُ: تَتَفَاضَلُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهَا بِالْكَثْرَةِ) أَيْ: فِي الْكَيْفِيَّةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جَمَاعَةٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْكَمِّيَّةَ وَاحِدَةٌ لَا تَزَايُدَ فِيهَا فَظَهَرَ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَخِيرَ مُبَيِّنٌ لِلْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَهِيَ أَوْجُهٌ مُتَغَايِرَةٌ مَفْهُومًا فَقَطْ فَظَهَرَ أَنَّ مَرْجِعَ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: بِرَكْعَةٍ) بِأَنْ يُمَكِّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ مِمَّا قَارَبَهُمَا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ رَفْعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ سَجْدَتَيْهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ عَنْهُمَا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَفَعَلَهُمَا بَعْدَ سَلَامِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَمَنْ فَعَلَهُمَا مَعَهُ فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي. (قَوْلُهُ: بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ) وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسِ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ بِأَنَّ الْجُزْءَ أَكْبَرُ مِنْ الدَّرَجَةِ أَوْ أَخْبَرَهُ أَوَّلًا بِالْأَقَلِّ ثُمَّ تَفَضَّلَ بِالزِّيَادَةِ فَأَخْبَرَهُ بِهَا ثَانِيًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُزْءِ وَالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجُزْءِ جَزْءَ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ لَا جَزْءَ ثَوَابِ الْفَذِّ فَالْأَعْدَادُ الْوَارِدَةُ كُلُّهَا أَعْدَادُ صَلَوَاتٍ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَاحِدَةٌ لِصَلَاةِ الْفَذِّ وَسَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى رِوَايَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَعْدَادِ الْوَارِدَةِ فِي الرِّوَايَاتِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْتَدِي بِهِ) يَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهِ: وَحُكْمَهَا إلَخْ فَهِيَ فِي الْمَعْنَى تَعْيِينٌ لِلْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ إلَخْ) قَالَ عج مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى إحْرَامِهِ فَذًّا أَوْ يَقْطَعَ وَيُدْرِكَ جَمَاعَةً أُخْرَى إنْ رَجَاهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجُهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ فَذًّا اتِّفَاقًا. وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّخُولِ إلَخْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ مَا لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا؛ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ. (ص) وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ لَا امْرَأَةٍ أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا مَأْمُومًا وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ رَكْعَةً أَوْ صَلَّى مَعَهُ صَبِيٌّ أَنْ يَطْلُبَ جَمَاعَةً يُعِيدُ مَعَهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ امْرَأَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ لِحُصُولِ فَضْلِهَا لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَطْلُوبِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ مَنْ فَاتَتْهُمْ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ مَطْلُوبِيَّتُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى فَذًّا؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ مَخْصُوصَةٌ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَنْوِي بِالْمُعَادَةِ الْفَرِيضَةَ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ إلَى اللَّهِ فِي جَعْلِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ إمَامًا بَلْ إنَّمَا يُعِيدُ مَأْمُومًا؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ بِصَلَاتِهِ أَوَّلًا فَأَشْبَهَتْ الْمُعَادَةَ النَّفَلَ، وَلَا يَؤُمُّ مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ وَيُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مَعَ إمَامٍ رَاتِبٍ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ غَيْرِ رَاتِبٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهُ صَارَا جَمَاعَةً؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا أُعِيدَتْ لِلْفَضْلِ وَهُوَ يَحْصُلُ مَعَ وَاحِدٍ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَ الْقَابِسِيِّ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا لِمَسْجِدٍ. وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَ الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ. وَقَوْلُنَا " فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ " احْتِرَازًا مِمَّا إذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَحَدِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا مُنْفَرِدًا يُعِيدُ فِيهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً يُعِيدُ فِيهَا جَمَاعَةً وَلَا يُعِيدُهَا مُنْفَرِدًا. (ص) غَيْرَ مَغْرِبٍ كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْمُنْفَرِدِ مَعَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ الصَّحِيحِ، أَمَّا هُمَا فَلَا يَجُوزُ أَيْ: يَحْرُمُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِمَا بِالْمَنْعِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَصَرَّحَ أَبُو إِسْحَاقَ بِكَرَاهَةِ إعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدْ الْمَغْرِبُ لِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ وَصْفَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا إنْ أُعِيدَتْ صَارَتْ شَفْعًا وَهِيَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِتُوتَرَ عَدَدُ رَكَعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ إعَادَتِهَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إعَادَتِهَا التَّنَفُّلُ بِثَلَاثٍ وَهُوَ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا الْعِشَاءُ بَعْدَ الْوِتْرِ فَلِاجْتِمَاعِ وَتْرَيْنِ فِي لَيْلَةٍ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُعِيدُ الْوِتْرَ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يُعِيدُهُ فَقَدْ خَالَفَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» . (ص) وَإِنْ أَعَادَ وَلَمْ يَعْقِدْ قَطَعَ وَإِلَّا شَفَعَ وَإِنْ أَتَمَّ وَلَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ) بَلْ يُؤْمَرُ بِعَدَمِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا مَنْ صَلَّاهَا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فَرَوَى أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا إذَا شَكَّ فَلَا يَدْخُلُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ مَعَهُ شَيْئًا فَإِنْ اقْتَحَمَ وَدَخَلَ شَفَعَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَقَطَعَ بَعْدَهُمَا سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ، وَمَحَلُّ شَفْعِهِ إنْ كَانَ وَقْتَ نَفْلٍ وَإِلَّا قَطَعَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ إلَّا إذَا فَاتَهُ لِعُذْرٍ، وَأَمَّا لَوْ فَاتَهُ وَلَوْ رَكْعَةً اخْتِيَارًا فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَقَيَّدَ الْحَفِيدُ أَيْ: بِأَنْ يَفُوتَهُ اضْطِرَارًا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لَكِنْ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ، وَظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ كَظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَكَذَا فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ) تَحْقِيقًا لَا شَكًّا فِيمَا يَظْهَرُ تَقْدِيمًا لِلْحَظْرِ. (قَوْلُهُ: مَخْصُوصَةٌ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) وَلَوْ الضَّرُورِيَّ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ. وَأَمَّا بِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ مُفْرَدًا فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ مَعَ إمَامِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَسَمِعَ الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا وَيُقَيِّدُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِأَنْ يَطْرَأَ لَهُ نِيَّةُ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْأُولَى لِجَزْمِهِ بِهَا حِينَ نِيَّتِهِ أَنَّهَا الْفَرْضُ احْتِرَازًا مِنْ نِيَّةِ إعَادَتِهَا جَمَاعَةً قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِهَا مُفْرَدًا مَعَ جَزْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ الْفَرْضِ أَوْ تَرَدُّدٍ أَوْ عَدَمِ نِيَّةٍ فَتَبْطُلُ وَتَكُونُ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ الْفَرْضَ إنْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ لَا تَفْوِيضًا فَقَطْ فَلَا تُجْزِئُهُ كَالْأُولَى كَذَا فِي عب وَقَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ. غَيْرُ لَازِمٍ إذْ يَكْفِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي بِالْمُعَادَةِ الْفَرِيضَةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ مُتَضَمِّنَةٌ لِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ عج الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّفْوِيضِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إمَّا عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ أَوْ شَطْرٌ كَمَا عَلَيْهِ مُعْظَمُ مَشَايِخِنَا. وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ سَوَاءٌ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِهَا أَوَّلًا لَمْ تُحْمَلْ نِيَّتُهُ هُنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ) فَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ وَنَوَى الْفَرْضَ صَحَّتْ وَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الثَّانِيَةُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ) حَيْثُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا أَعْرِفُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً) وَيُعِيدُ فِي أَحَدِهَا جَمَاعَةً وَلَوْ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا صَلَّى فِيهِ مُنْفَرِدًا. (قَوْلُهُ: لِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ وَصْفَيْنِ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَلِاجْتِمَاعِ وِتْرَيْنِ) قَالَ الْمَوَّاقُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ وَأَوْتَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ لَا يَدْرِي أَيَّتُهَا صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ هِيَ صَلَاتَهُ بَطَلَ وِتْرُهُ فَإِنْ هُوَ أَعَادَهَا فَقَالَ سَحْنُونَ يُعِيدُ الْوِتْرَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُعِيدُهُ اهـ. (أَقُولُ) هَذَا النَّصُّ يُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ احْتِمَالُ كَوْنِ الْعِشَاءِ تَصِيرُ بِلَا وِتْرٍ لَا مَا قَالَهُ شَارِحُنَا. (أَقُولُ) حَاصِلُ مَا يُقَالُ: إنَّ ذِكْرَ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا يَأْتِي بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أَيْ: فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَأَعَادَ فَقَوْلَانِ لَا الْعِلَّةُ الْمُرَادَةُ. وَالْمُنَاسِبُ لِمُلَاحَظَةِ الْعِلَّةِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَعَادَ) أَيْ: شَرَعَ فِي الْإِعَادَةِ. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ) أَيْ: وُجُوبًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 سَلَّمَ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ. (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ يَعْنِي إذَا بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ فَأَخْطَأَ وَأَعَادَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ رَفَضَ الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً بِرَفْعِ رَأْسِهِ قَطَعَ وَيَخْرُجُ وَيَجْعَلُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ مَخَافَةَ الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ بِخُرُوجِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً شَفَعَهَا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى مَعَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ وَتَصِيرُ نَافِلَةً، وَإِنْ أَتَمَّ الْمَغْرِبَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَابِعَةٍ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَلْ وَإِنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ إنْ قَرُبَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَصِيرُ مُصَلِّيًا لِمَا لَمْ يَنْوِهِ فَإِنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَخَصَّصْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْمَغْرِبِ دُونَ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ؛ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ " لَمْ أَرَ هَذَا التَّفْرِيعَ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ وَلَا أَذْكُرُهُ الْآنَ فِي الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ اهـ. وَتَعْمِيمُ بَعْضِهِمْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْمِيمُ إلَّا فِي صَدْرِ كَلَامِهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ. وَعَلَى عَدَمِ التَّعْمِيمِ مَا حُكْمُ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ هَلْ يَشْفَعُهَا مُطْلَقًا أَوْ يَقْطَعُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْعِشَاءَ الَّتِي أَوْتَرَ بَعْدَهَا قَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ فِيهَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ . (ص) وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا أَفْذَاذًا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعَادَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ مُؤْتَمًّا ثُمَّ ذَهَبَ إمَامُهُ مَثَلًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا فَاعْتَقَدَ شَخْصٌ أَنَّهُ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَاقْتَدَى بِهِ وَصَلَّى فَإِنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَذًّا وَكَذَا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَصَلَّى إمَامًا فَإِنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُعِيدُ. قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلَبْ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ قَدْ حَصَلَ لَهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ هَذِهِ فَرْضَهُ قَالَهُ النَّاصِرُ فَقَوْلُهُ " وَأَعَادَ: إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ " مَأْمُومًا " وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَإِنْ أَعَادَ إمَامًا فَمَا الْحُكْمُ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَأَعَادَ إلَخْ وَبِمُعِيدٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِمُؤْتَمٍّ وَأَبَدًا ظَرْفٌ لِأَعَادَ، وَأَفْذَاذًا حَالٌ مِنْ " مُؤْتَمٌّ " وَجَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ " مُؤْتَمٌّ " أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلنَّوْعِيَّةِ أَيْ: نَوْعِ الْمُؤْتَمِّ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ مُطَابَقَةُ الْحَالِ لِصَاحِبِهَا اهـ. وَإِنَّمَا أُعِيدَتْ أَفْذَاذًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ هَذِهِ صَلَاتَهُ فَصَحَّتْ لَهُمْ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا جَمَاعَةً وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ الْأُولَى صَلَاتَهُ وَهَذِهِ نَافِلَةً فَاحْتِيطَ لِلْوَجْهَيْنِ. (ص) وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا أَجْزَأَتْ. (ش) هَذَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ " وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا " أَيْ: إنَّمَا يُعِيدُ الْمُؤْتَمُّونَ بِالْمُعِيدِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْمُعِيدِ عَدَمُ صَلَاتِهِ الْأُولَى بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا أَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْأُولَى بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ لِانْحِصَارِ فَرْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَأْتَمُّوا بِمُتَنَفِّلٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا عَمَّا قَبْلَهُ وَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِ " وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا " أَيْ: وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الصَّلَاةِ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا فِيمَنْ أَعَادَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ الثَّانِيَةُ إنْ نَوَى الْفَرْضَ أَوْ التَّفْوِيضَ لَا إنْ نَوَى الْفَضْلَ أَوْ الْإِكْمَالَ وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ فَسَادُ الثَّانِيَةِ فَتُجْزِئُ الْأُولَى بِالْأَوْلَى. وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ: أَتَى بِرَابِعَةٍ أَيْ: وُجُوبًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَإِلَّا شَفَعَ. أَنَّهُ يَشْفَعُهَا مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ النَّوَادِرِ قَالَهُ ك. (قَوْلُهُ: فَأَخْطَأَ وَأَعَادَ) أَيْ: سَهْوًا احْتِرَازًا عَنْ إعَادَتِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ يَرْفُضْ الْأُولَى فَيَقْطَعُ عَقْدَ رَكْعَةٍ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: شَفَعَهَا) أَيْ: إنْ شَاءَ وَالْقَطْعُ أَوْلَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً شَفَعَهَا فَإِنْ قَطَعَهَا كَانَ أَحَبَّ إلَى ابْنِ رُشْدٍ. اسْتِحْبَابُهُ الْقَطْعَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَعْنِي فِيمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَهُوَ بِهَا اهـ. وَفِي حَمْلِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ اعْتِمَادًا عَلَى السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَتَرْكِهِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنْ أَعَادَهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْفَعَهَا اهـ. غَايَةُ الْقُصُورِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَوَّاقِ كَيْفَ غَفَلَ عَنْ نَصِّهَا مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال بِكَلَامِهَا وَأَعْجَبُ مِنْهُ تَقْلِيدُ الزَّرْقَانِيِّ وَح لَهُ اهـ. مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ: حَيْثُ أَتَى بِالرَّابِعَةِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يُسَلِّمْ وَأَتَى بِرَابِعَةٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَذًّا) بَلْ وَجَمَاعَةً. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ) هَذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ أَنْ يُحَلَّ بِهَا لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّهَا الشَّارِحُ أَوَّلًا عَلَى مَا عَلِمْت؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُعِيدِ أَنْ يُعِيدَ مَأْمُومًا لَا إمَامًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) أَيْ: إلَّا أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالِ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُعِيدَتْ أَفْذَاذًا إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّهَا تُعَادُ جَمَاعَةً لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ خَلْفَ الْمُعِيدِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى حِلِّ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ) وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ التَّفْوِيضَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ تَتَضَمَّنُ نِيَّةَ الْفَرْضِ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْوِي بِالْمُعَادَةِ الْفَرْضَ إلَخْ فَإِنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ تَفْسِيرَ التَّفْوِيضِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ الْأَشْيَاخِ الْمُتَقَدِّمِينَ حَيْثُ قَالُوا الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: قَوْلُهُ: أَوْ التَّفْوِيضَ أَيْ: مَعَ نِيَّةِ الْفَرْضِ أَيْضًا وَأَمَّا نِيَّةُ الْفَرْضِ بِدُونِ نِيَّةِ التَّفْوِيضِ فَلَا تُجْزِئُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي ك إنَّ اعْتِبَارَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي التَّفْوِيضِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ أَوْ جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَتِهِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ قَسِيمًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُ الشَّيْءِ مُفْرَدًا اهـ. (قَوْلُهُ: احْتِمَالٌ آخَرُ إلَخْ) هُوَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ أَتَمَّ لَكِنْ حَيْثُ سَلَّمَ أَيْ: إنَّهُ إذَا سَلَّمَ سَوَاءٌ أَتَى بِرَابِعَةٍ أَمْ لَا ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَاءِ الْأُولَى فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُجْزِئُهُ، وَكَذَا إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ عَدَمَ إجْزَاءِ الْأُولَى وَسَلَّمَ. وَأَمَّا إنْ أَتَى بِرَابِعَةٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ إجْزَاءِ الْأُولَى فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 ص) وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ. (ش) أَيْ: يُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ وَرَاءَهُ مَأْمُومٌ أَنْ يُطِيلَ رُكُوعًا أَوْ غَيْرَهُ لِدَاخِلٍ أَوْ غَيْرِهِ رَآهُ أَوْ أَحَسَّ بِهِ. وَكَوْنُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ بَنَى يُطَالُ لِلْمَفْعُولِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُطِيلَ مَنْ هُوَ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ جَوَابٌ عَنْ الْمُؤَلِّفِ عَنْ اعْتِرَاضِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ فِي الْكَبِيرِ فَإِنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ الْفَذَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ التَّطْوِيلِ مَفْسَدَةٌ كَعِلْمِ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ يَعْتَدُّ الدَّاخِلُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا أَوْ يَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ مِنْ الدَّاخِلِ . (ص) وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ كَجَمَاعَةٍ. (ش) أَيْ: إنَّ الْإِمَامَ الْمُنْتَصِبَ لِلْإِمَامَةِ الْمُلَازِمَ لَهَا فِي مَسْجِدٍ أَوْ مَكَان جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْجَمْعِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ رَاتِبًا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ أَوْ بَعْضِهَا إذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ زَادَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ فِي الْفَضِيلَةِ وَلَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَا تُعَادُ بَعْدَهُ وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ حَاصِلَةٌ فِي حَقِّهِ، وَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَزِيدُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ. وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا وَقَالَ يَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ. قَالَ سَنَدٌ: وَإِذَا أَقَامَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ طَلَبُ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ . (ص) وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ. (ش) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ مُنْفَرِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا أَنْ يَبْتَدِئَ صَلَاةَ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِنْ أَفْنِيَتِهِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ بَعْدَ الْأَخْذِ فِي الْإِقَامَةِ وَبِالْمَنْعِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْكَرَاهَةِ وَحَمَلَهَا شُرَّاحُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ» أَيْ: الْحَاضِرَةُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمُقَامَةَ فَرْضٌ وَأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَا إقَامَةَ لَهَا لَيْسَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ، فَمَنْ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ يُصَلِّي وَالْإِمَامُ يُصَلِّي مَا لَا إقَامَةَ لَهُ كَالتَّرَاوِيحِ وَالْعِيدَيْنِ. وَذَكَرَ الْحَطَّابُ قَوْلَيْنِ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي صَلَاةِ السُّنَّةِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي النَّافِلَةَ عَنْ الزَّنَاتِيِّ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ لِقُرْبِ الدَّرَجَةِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ. اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ. (ص) وَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ. (ش) لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا اُبْتُدِئَتْ قَبْلَهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ زِيَادَةُ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ عَمْدًا وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا بِهَا. وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ فَسَادَ الْأُولَى بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ مَثَلًا وَشَفَعَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فَلَا تُجْزِئُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ . (قَوْلُهُ: رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ) أَيْ: فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَمَاعَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يُطِيلُ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كَلَامَهُ) الْمُنَاسِبُ بِأَنَّ كَلَامَهُ. (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ الْفَذَّ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَذَّ يَجُوزُ لَهُ التَّطْوِيلُ فَالْكَرَاهَةُ خَاصَّةٌ بِالْإِمَامِ أَيْ: لِأَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ أَعْظَمُ حَقًّا مِمَّنْ يَأْتِي أَوْ لِصَرْفِ نُفُوسِهِمْ إلَى انْتِظَارِ الدَّاخِلِ. (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ) وَانْظُرْ هَلْ الضَّرَرُ الْقَتْلُ أَوْ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: الْمُنْتَصِبَ لِلْإِمَامَةِ) أَيْ: مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ مِنْ وَاقِفٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ الْمَكْرُوهَ مَضَى وَكَذَا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا إذَا أَمَرَ بِمَكْرُوهٍ تَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْإِذْنُ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ كَذَا فِي عج وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَوْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَنَوَى الْإِمَامَةَ) وَلَوْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَمَيَّزُ صَلَاتُهُ فَذًّا عَنْ صَلَاتِهِ إمَامًا إلَّا بِالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَأَذَّنَ وَأَقَامَ) أَيْ: إذَا حَصَلَ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَالْمَقْصُودُ تَحْصِيلُ الْفِعْلِ بِدُونِ تَعْيِينِ الْفَاعِلِ. وَمُفَادُ غَيْرِ شَارِحِنَا اعْتِمَادُ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْفَضِيلَةِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ " فِيمَا هُوَ " بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ نَفْسُ الصَّلَوَاتِ وَأَرَادَ بِالْفَضِيلَةِ سُنَّةَ الْجَمَاعَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَلَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ مُغَايِرٌ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ فِي الْمَسْجِدِ لِلشَّفَقِ أَنْ يُعِيدَ الْعِشَاءَ كَالْجَمَاعَةِ إذَا اسْتَمَرُّوا بِهِ لِلشَّفَقِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا كُلٌّ مِنْ حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَحُكْمِهَا كَمَا فِي شب وَلَا يُعْطَى حُكْمَ الْإِمَامِ فِي التَّخْفِيفِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ . (قَوْلُهُ: مِنْ أَفْنِيَتِهِ إلَخْ) قَالَ عج وَالْمُرَادُ بِأَفْنِيَتِهِ رِحَابُهُ فَقَطْ لَا هِيَ وَطُرُقُهُ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْحَطَّابُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ الزَّنَاتِيِّ قَوْلَيْنِ نَاقِلًا لَهُمَا عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ: قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ. (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ السُّنَّةِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي النَّافِلَةَ) بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ وَنَحْوَهُ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ نَافِلَةً وَالْإِمَامُ يُصَلِّي نَافِلَةً كَقِيَامِ رَمَضَانَ فَفِي الْحَطَّابِ آخِرَ الْقَوْلَةِ مَا يُفِيدُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ أَيْ: وَيَكُونُ الْأَصَحُّ الْمَنْعَ فِي هَذِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ الدَّرَجَةِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ) أَيْ: لِقُرْبِ دَرَجَةِ السُّنَّةِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي سُنَّةً وَهُوَ يُصَلِّي نَافِلَةً وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي صَلَاةٍ) أَيْ: بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ إلَّا مَنْ كَانَ يُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ كَانَتْ لَا تُعَادُ كَمَغْرِبٍ أَوْ عِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ وَقَدْ كَانَ شَرَعَ فِي نَفْلٍ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فَهَلْ يَقْطَعُ عِنْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ أَوْ يُكْمِلُهَا؟ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي عب تَبَعًا لعج. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشَّارِحِينَ الْقَطْعُ قَائِلًا الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ؛ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ أَمْرَانِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الطَّعْنُ عَلَى الْإِمَامِ وَحَقُّ اللَّهِ وَهُوَ لُزُومُ النَّافِلَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَيُرَجَّحُ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 الْإِمَامُ الرَّاتِبُ الصَّلَاةَ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَ الَّتِي أُقِيمَتْ كَمَا لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ وَهُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ هِيَ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ الْمَغْرِبِ أَوْ هِيَ الْمَغْرِبُ فَإِنْ خَشِيَ مِنْ التَّشَاغُلِ بِإِتْمَامِ مَا هُوَ فِيهِ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ إتْمَامُ رَكْعَتَيْنِ مِمَّا هُوَ فِيهِ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَالْخُرُوجِ عَنْ نَفْلٍ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ " فِي صَلَاةٍ " صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمُقَامَةُ عَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ غَيْرَهُ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً، وَصَادِقٌ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ الَّتِي هُوَ فِيهَا مَغْرِبًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنْ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَغْرِبًا تَفْصِيلٌ مُسْتَفَادٌ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ بِسُجُودِهِمَا فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا مَغْرِبًا وَلَا يَقْطَعُهَا لِخَوْفِ فَوَاتِ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ. (ص) وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا. (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْشَ بِإِتْمَامِ مَا هُوَ فِيهِ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَ الْمُقَامَةِ أَتَمَّهَا سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا. (ص) وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا. (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً غَيْرَ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَلْ هِيَ هِيَ وَلَيْسَتْ مَغْرِبًا وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ قَبْلَ عَقْدِهَا رَجَعَ فَجَلَسَ وَسَلَّمَ عَنْ شَفْعٍ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا إذَا عَقَدَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ عَنْ شَفْعٍ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْهَا قَطَعَ، وَأَمَّا الْمَغْرِبُ: فَالْمَشْهُورُ يَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً لِئَلَّا يَصِيرَ مُتَنَفِّلًا فِي وَقْتٍ نُهِيَ فِيهِ عَنْ التَّنَفُّلِ، وَمِثْلُ الْمَغْرِبِ الصُّبْحُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ مَنْ ذَكَرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ إنْ رَكَعَ وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ فِيهِ صَلَاةَ صُبْحٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مَغْرِبًا فَلَا يَشْفَعُ كَمَا هُنَا فَإِنْ عَقَدَ الثَّالِثَةَ فَإِنَّهُ يُكْمِلُهَا فَرِيضَةً وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً كَمَا يُكْمِلُ الْمَغْرِبَ بَعْدَ تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فَهَذِهِ كَمَسْأَلَةِ مَنْ ذَكَرَ فَائِتَةً الْمُشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ " سَابِقًا " وَكَمَّلَ فَذٌّ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا. (ص) وَالْقَطْعُ بِسَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ. (ش) أَيْ: وَالْقَطْعُ حَيْثُ قِيلَ بِهِ يَكُونُ بِسَلَامٍ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ فِيهِ أَوْ مُنَافٍ لَهُ مِنْ كَلَامٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الرَّفْضُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. (ص) وَإِلَّا أَعَادَ. (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَعَادَ كُلًّا مِنْ الصَّلَاتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ. (ص) وَإِنْ أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ عَلَى مُحَصِّلِ الْفَضْلِ وَهُوَ بِهِ خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَلَا غَيْرَهَا. (ش) الْمُرَادُ بِمُحَصِّلِ الْفَضْلِ مَنْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ خَرَجَ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ فِي جُلُوسِهِ حِينَئِذٍ فِي الْمَسْجِدِ طَعْنًا عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يُصَلِّهَا لِئَلَّا يُعِيدَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَلَا غَيْرَهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَلَاتَيْنِ فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا دَخَلَ مَعَهُمْ، وَكَذَا يُصَلِّي فِيهَا فَذًّا عَلَى مَا مَرَّ. (ص) وَإِلَّا لَزِمَتْهُ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى. وَقَوْلُهُ: فِي صَلَاةٍ إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ بَلْ يُفَصَّلُ فَيُقَالُ: قَطَعَ إنْ خَشِيَ بِتَمَادِيهِ عَلَى إتْمَامِهَا إنْ كَانَتْ نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَ الْمُقَامَةِ كَظُهْرٍ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ عَصْرٌ وَبِالْخُرُوجِ عَنْ شَفْعٍ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُقَامَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُقَامَةِ يُطْلَبُ تَمَادِيهَا إنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ عَنْ شَفْعٍ قَبْلَ فَوَاتِ رَكْعَةٍ، وَالْمُقَامَةُ يُطْلَبُ بِتَشْفِيعِهَا إنْ أَمْكَنَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَلِذَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَامَةِ وَغَيْرِهَا فَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ) وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَتَمَّ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ: كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا) وَعَقْدُ الرَّكْعَةِ هُنَا بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَانْعِقَادُ الرَّكْعَةِ هُنَا بِتَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِرَفْعِ الرَّأْسِ عِنْدَ أَشْهَبَ اهـ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَذَا فِي شب إنْ كَانَ ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ الرَّاجِحَ فِي الْمَذْهَبِ يُتِمُّ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: قَبْلَ عَقْدِهَا) أَيْ: الثَّالِثَةِ فَإِنْ عَقَدَ الثَّالِثَةَ بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا بِمَا قَبْلَهُ بِمَعْنَى رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ كَمَّلَهَا فَرِيضَةً بِرَكْعَةٍ وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا أُمِرَ بِالْقَطْعِ إنْ لَمْ يَعْقِدْ الْأُولَى وَلَمْ يَشْفَعْهَا كَالنَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ إذَا قَطَعَهَا أَبْطَلَهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَرِيضَةَ يَأْتِي بِهَا عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ وَبِأَنَّ نِيَّةَ النَّافِلَةِ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَفِي الْفَرِيضَةِ تَغَيَّرَتْ إلَى النَّفْلِ فَضَعُفَتْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ) وَلَا تَكُونُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ كَافِيَةً فِي الرَّفْضِ لِلْأُولَى مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ كَبَّرَ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ بِغَيْرِ سَلَامٍ فَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَتَمَادَى مَعَهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ اهـ. فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ تَكْفِي فِي الْمُنَافَاةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ فَكَبَّرَ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ إحْرَامًا مُقَيَّدًا بِتَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ فَلَمَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ الْقَيْدِ عُدِمَ مُقَيَّدُهُ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ بِصَلَاةٍ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَلَا غَيْرَهَا) فَإِنْ أُقِيمَتْ عَصْرٌ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَرَجَ أَيْضًا وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ هَذَا قَوْلٌ وَثَمَّ قَوْلٌ آخَرُ يَدْخُلُ مَعَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَرْبَعًا وَقَدَّمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ) أَيْ: مِنْ رِحَابِهِ لَا طُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ وُجُوبًا) أَيْ: وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَمَا فِي شب. (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرَهَا) أَيْ: فَرْضًا إذَا لَوْ صَلَّى خَلْفَهُ نَفْلًا جَازَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُصَلِّي فِيهَا فَذًّا إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَتْهُ) فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً أَوْتَرَ بَعْدَهَا خَرَجَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 وَبِبَيْتِهِ يُتِمُّهَا. (ش) أَيْ: وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صَبِيٍّ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا يَلْزَمُ الدُّخُولُ مَعَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا أَصْلًا حَيْثُ كَانَتْ تَلْزَمُهُ بِعَيْنِهَا خَوْفَ الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ بِخُرُوجِهِ أَوْ مُكْثِهِ، فَلُزُومُهَا لَهُ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يُخَالِفُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ، وَالْإِعَادَةُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ مُسْتَحَبَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً أَوْتَرَ بَعْدَهَا خَرَجَ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِنَا " وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ "، وَقَوْلُنَا " حَيْثُ كَانَتْ تَلْزَمُهُ بِعَيْنِهَا " احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَلْزَمُهُ بِعَيْنِهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِإِقَامَتِهَا كَمَا فِي الْمُسَافِرِ وَنَحْوِهِ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ، وَأَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِصَلَاةٍ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وُجُوبًا وَلَا يَقْطَعُهَا لِلدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ أَمْ لَا كَانَتْ الْمُقَامَةُ هِيَ الَّتِي هُوَ فِيهَا أَوْ غَيْرَهَا، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ " وَإِلَّا لَزِمَتْهُ " لَفُهِمَ مِنْهُ حُكْمُ قَوْلِهِ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَكِنْ قَصْدُهُ الْإِيضَاحُ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ. وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ الَّتِي تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ . (ص) وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا. (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ بِذِكْرِ مُقَابِلِهَا وَهُوَ حَسَنٌ فِي الِاخْتِصَارِ فَذَكَرَ أَنَّ مَنْ اقْتَدَى بِشَخْصٍ فَبَانَ كَافِرًا بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَيُعِيدُهَا أَبَدًا لِفَقْدِ شَرْطِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَكُونُ بِصَلَاتِهِ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَسْجِدٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُقِمْ الصَّلَاةَ أَوْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ النُّطْقُ فِيهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُسْلِمًا كَمَا إذَا أَذَّنَ كَمَا مَرَّ فِي الْأَذَانِ. (ص) أَوْ امْرَأَةٍ. (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَنْصُوبِ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى بِقَوْلِهِ " أَوْ مَجْنُونًا إلَخْ " ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَى بِاقْتِدَاءٍ أَعَادَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ " وَبِعَاجِزٍ " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ سَوَاءً أَمَّتْ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ. (ص) أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا. (ش) أَيْ: وَبَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ خُنْثَى مُشْكِلًا لِفَقْدِ تَحَقُّقِ الذُّكُورَةِ وَلَوْ أَمَّ مِثْلَهُ، وَصَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ. (ص) أَوْ مَجْنُونًا. (ش) أَيْ: وَبَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ مَجْنُونًا مُطْبِقًا أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَلَوْ أَمَّ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّهُ لِاحْتِمَالِ طُرُوِّ الْجُنُونِ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ، وَحَمَلَ س فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ " أَوْ مَجْنُونًا " حَالَ جُنُونِهِ . (ص) أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ. (ش) أَيْ: إنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَدَى بِفَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ بَاطِلَةٌ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ لَمْ تُكَفِّرْ أَوْ صَغِيرَةٍ. لَكِنَّ ابْنَ بَزِيزَةَ التَّابِعُ لَهُ الْمُؤَلِّفُ قَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا كَانَ الْفِسْقُ بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُسَافِرِ وَنَحْوِهِ) أَيْ: الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ أَيْ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِإِقَامَتِهَا كَمَا فِي شب وَانْظُرْهُ فَإِنَّ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَالطَّعْنُ حَاصِلٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت رَدَّ كَلَامَ الشَّارِحِ قَائِلًا: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اللُّزُومُ بِالْإِقَامَةِ لِلْمُسَافِرِ أَوْ نَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ) أَيْ: لَا حَقِيقَتُهُ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا . (قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَشَرًا فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَقَوْلُ الْمَشَذَّالِيِّ لَمْ يُرْسَلْ إلَى الْمَلَائِكَةِ. هَذَا قَوْلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} [الأنبياء: 29] الْآيَةَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورٌ بِتَبْلِيغِ مَا نُزِّلَ عَلَيْهِ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَلَّغَهُمْ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْسَلٌ إلَيْهِمْ لَكِنَّا لَمْ نَعْلَمْ عَيْنَ مَا كُلِّفُوا بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ فِي الِاخْتِصَارِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَشَرْطُ صِحَّتِهِ إسْلَامٌ وَذُكُورَةٌ إلَخْ لَكَانَ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ بِصَلَاتِهِ مُسْلِمًا) وَيُنَكَّلُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت: مَا فَائِدَةُ كَوْنِهِ بِصَلَاتِهِ مُسْلِمًا. قُلْنَا: فَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ حَيْثُ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَكُونُ مُسْلِمًا) أَيْ: وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ أَقَامَ لَا إنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهَا لِتَقَدُّمِ جُزْءٍ مِنْهَا حَالَ الْكُفْرِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَذَّنَ) وَكَذَا إذَا كَثُرَتْ مِنْهُ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثْرَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: كَافِرًا مُتَّفَقًا عَلَى كُفْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ وَإِعْرَابُهُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ وَالتَّقْدِيرُ بَانَ كُفْرُهُ أَوْ بَانَ كَوْنُهُ امْرَأَةً وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ بَانَ فِعْلٌ لَازِمٌ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ بِهِ وَلَا أَنْ يَكُونَ حَالًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَانَ أَنَّهُ كَافِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِقَوْلِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: أَوْلَى بِسَبَبِ قَوْلِهِ أَوْ مَجْنُونًا وَأَوْلَى أَيْضًا بِمُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِهِ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْطِفَ عَلَى بِاقْتِدَاءٍ) الْأَوْلَى الْعَطْفُ عَلَى بِمَنْ. (قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ) أَيْ: وَصَلَاتُهَا صَحِيحَةٌ وَلَوْ نَوَتْ الْإِمَامَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَهَلْ يُقَالُ فِي الْخُنْثَى كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) وَلَوْ اتَّضَحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ذُكُورَتُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُشْكِلِ فَلَهُ حُكْمُ مَا اتَّضَحَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) قَالَ عج وَلَوْ اسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ خُنْثَى مُشْكِلًا لَا غِنًى عَنْ قَوْلِهِ " امْرَأَةٍ " وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يُسَلَّمُ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَبْحُ الْخُنْثَى وَلَا يُكْرَهُ ذَبْحُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَامِلَةٌ فِي جِنْسِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ) أَيْ: مَوْضِعٌ يُظَنُّ فِيهِ وُجُودُهُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ الْمَظِنَّةُ أَقْوَى مِنْ الِاحْتِمَالِ فَمَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ طُرُوِّ الْجُنُونِ لَهُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَالْجُنُونُ فِيهِ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ حِينَئِذٍ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ س فِي شَرْحِهِ إلَخْ) الْحَقُّ كَلَامُ س وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاقْتِدَاءِ إذَا كَانَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعُقَلَاءِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 كَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَوْ بِشُرُوطِهَا أَوْ لَا كَزِنًا وَغِيبَةٍ وَعُقُوقٍ وَدَفْعِ دَرَاهِمَ لِزَوْجَتِهِ تَدْخُلُ بِهَا الْحَمَّامَ مُتَجَرِّدَةً مَعَ نِسَاءٍ مُتَجَرِّدَاتٍ وَإِمَامٍ أَوْ كَاتِبٍ لِظَالِمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ قَوْلٌ بِكُفْرِهِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الرَّاجِحِ وَلَمْ يَقَعْ قَوْلٌ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ بِكُفْرِ الْفَاسِقِ بِجَارِحَةٍ إلَّا تَارِكَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَكْرُوهٌ حَيْثُ كَانَ فِسْقُهُ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِهَا كَقَصْدِ الْكِبْرِ بِعُلُوِّهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ. وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ فَاسِقَ الْجَارِحَةِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ بَحْثٌ اُنْظُرْ اسْتِدْلَالَهُ وَرَدَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ . (ص) أَوْ مَأْمُومًا. (ش) أَيْ: وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ مَأْمُومًا لِفَقْدِ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ وَهُوَ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ لِغَيْرِهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ إذْ الْإِمَامَةُ أَنْ يَتْبَعَ مُصَلٍّ آخَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ غَيْرَ تَابِعٍ غَيْرَهُ، فَتَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ غَيْرَهُ مُبْطِلَةٌ لِصَلَاةِ مَأْمُومِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا قَامَ يَقْضِي، أَوْ يَقْتَدِي مُصَلٍّ بِمَنْ يَعْتَقِدُ إمَامَتَهُ وَهُوَ مَأْمُومٌ . (ص) أَوْ مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا صَلَّى بِمَنْ خَلْفَهُ عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَتَمَادَى جَاهِلًا أَوْ مُسْتَحِيًا فَإِنَّ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ كَمَا إذَا تَعَمَّدَ الْحَدَثَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ بَلْ نَسِيَهُ لَكِنْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ بِحَدَثِ إمَامِهِ حَالَ ائْتِمَامِهِ وَتَمَادَى فَإِنْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ حَدَثَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا فَاسْتَخْلَفَ أَوْ اسْتَمَرَّ نَاسِيًا لِلْحَدَثِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ دُونَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ قَرَأَ الْمَأْمُومُ أَمْ لَا   [حاشية العدوي] الشَّارِحُ عَاطِفًا عَلَى شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَعَقْلِهِ رَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ ائْتَمَّ بِسَكْرَانَ أَعَادَ أَبَدًا، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَؤُمُّ الْمَعْتُوهُ سَحْنُونَ وَيُعِيدُ مَأْمُومُهُ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْمَجْنُونِ حَالَ إفَاقَتِهِ اهـ. وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَعْتُوهَ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَمْ يَكُنْ مُقَابِلًا لِمَا قَبْلَهُ بَلْ فَرْعٌ آخَرُ . (قَوْلُهُ: كَالتَّهَاوُنِ بِهَا) أَيْ: بِحَيْثُ يُخِلُّ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِشُرُوطِهَا. كَأَنْ يَتَسَاهَلَ بِالصَّلَاةِ بِدُونِ وُضُوءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَدَفْعِ دَرَاهِمَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّهَا عَلَى الدُّخُولِ لِلْحَمَّامِ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهَا دَرَاهِمَ. (قَوْلُهُ: مُتَجَرِّدَةً مَعَ نِسَاءٍ مُتَجَرِّدَاتٍ) أَوْ كَانَتْ مُتَجَرِّدَةً فَقَطْ أَوْ هُنَّ مُتَجَرِّدَاتٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِمَامٍ أَوْ كَاتِبٍ لِظَالِمٍ) قَالَ عب وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَكِتَابَةِ مَا يُظْلَمُ فِيهِ لَا كِتَابَةِ كِتَابٍ بِأُجْرَةٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يُخَالِطْهُ كَالْإِمَامِ وَقَوْلُهُ: وَإِمَامٍ أَوْ كَاتِبٍ أَيْ: وَإِمَامَةِ إمَامٍ أَوْ كِتَابَةِ كَاتِبٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى زِنًا. (قَوْلُهُ: الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَكْرُوهٌ) وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: يَحْرُمُ الدُّخُولُ مَعَهُ ابْتِدَاءً وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِلْإِمَامَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِفِسْقِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَقَصْدِ الْكِبْرِ بِعُلُوِّهِ) أَيْ: أَوْ يَكُونُ مُتَهَاوِنًا بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى وَبِهِ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الصِّحَّةِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ الْإِعَادَةُ أَبَدًا وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ مُقَابِلًا لِلْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ اسْتِدْلَالَهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فَاسِقَ الْجَارِحَةِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ فِسْقَ الِاعْتِقَادِ لَا يَنْفِي ظَنَّ صِدْقِ الْفَاسِقِ أَلَا تَرَى اتِّفَاقَ أَصْحَابِ كُتُبِ الصِّحَاحِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ التَّحْدِيثِ مِنْ الْمُبْتَدِعِ الَّذِي يُحَرِّمُ الْكَذِبَ وَلَمْ يَكُنْ دَاعِيًا إلَى مَذْهَبِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَا رَوَاهُ يُقَوِّي مَذْهَبَهُ بِخِلَافِ فِسْقِ الْجَوَارِحِ اهـ. فَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ غَيْرُ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرِ فِي قَبُولِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصِّدْقُ وَالْأَوَّلُ مَوْجُودٌ فِي فِسْقِ الْجَارِحَةِ أَقْوَى مِنْ وُجُودِهِ مِنْ فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ، وَالثَّانِي بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِمَامَةِ وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ وَوُجُودُهُ فِي فَاسِقِ الْجَارِحَةِ قَطْعًا وَاخْتُلِفَ فِي وُجُودِهِ فِي فَاسِدِ اعْتِقَادٍ. وَأَمَّا الصِّدْقُ فَوُجُودُهُ فِي فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ الَّذِي يُحَرِّمُ الْكَذِبَ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا يُؤَيِّدُ بِدْعَتَهُ مَعَ اتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ قَبُولِ الرِّوَايَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي فَاسِقِ الْجَارِحَةِ فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ وَلَوْ بِالشُّهْرَةِ، وَالظَّنُّ بِذَلِكَ يَكْفِي وَأَمَّا صَلَاتُهُ فَصَحِيحَةٌ بِلَا خِلَافٍ اهـ. . (قَوْلُهُ: آخَرَ) الْأَوْلَى حَذْفُ آخَرَ وَقَوْلُهُ: مُصَلٍّ نَائِبُ فَاعِلِ يُتْبَعَ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ يَتْبَعَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَمُصَلٍّ فَاعِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْرِيفًا لِلْمَأْمُومِيَّةِ لَا الْإِمَامِيَّةِ . (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا) يُمْكِنُ شُمُولُ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ أَوْ مُحْدِثٌ إنْ تَعَمَّدَ أَيْ: تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ مُحْدِثًا وَقَوْلُهُ: كَمَا إذَا تَعَمَّدَ الْحَدَثَ فِيهَا أَيْ: إخْرَاجَهُ فِيهَا هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ مَا يَشْمَلُ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ. (قَوْلُهُ: وَتَمَادَى) مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لعج وَتَبِعَهُ عب فَعِنْدَهُ مُجَرَّدُ عِلْمِ الْمَأْمُومِ مُبْطِلٌ وَلَوْ أَعْلَمَهُ فَوْرًا إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ قَالَ: أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ أَيْ: قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَعَمِلَ مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْمَلْ مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ أَوْ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحَ. وَكَمَا تَبْطُلُ مَعَ عِلْمِهِ فِي الصَّلَاةِ وَتَمَادَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَبْطُلُ لَوْ عَلِمَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي صَلَاتِهِ بِحَدَثِ إمَامِهِ وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ بَاطِلَةٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ. وَمِثْلُ ذَلِكَ شَكُّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مَعَ حُرْمَةِ الدُّخُولِ مَعَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ: وَيَجِبُ التَّمَادِي فَتَبْطُلُ إنْ تَبَيَّنَ الْحَدَثُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ قَرَأَ الْمَأْمُومُ) أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ إذَا قَرَأَ الْمَأْمُومُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 كَانَتْ جُمُعَةً أَمْ لَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَتَى عَمِلَ عَمَلًا بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدَثِ تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانَ الْعَمَلُ السَّلَامَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. فَقَوْلُهُ " أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ " أَيْ: عَلِمَ بِحَدَثِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِمَامُ غَيْرُ عَالِمٍ؛ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ. وَأَمَّا عِلْمُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَا يَضُرُّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ عِلْمَ الْمَأْمُومِ يُبْطِلُ صَلَاتَهُ وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا لِتَفْرِيطِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فَلَيْسَ هَذَا كَالنَّجَاسَةِ إذَا عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسِيَهَا حِينَ الدُّخُولِ فِيهَا . (ص) وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ. (ش) أَيْ: وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءِ الْقَادِرِ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا مِنْ فَاتِحَةٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودِهِ، فَالْجَالِسُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ اخْتِيَارًا أَوْ لِعَجْزٍ لَا يَأْتَمُّ بِهِ مُفْتَرِضٌ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لَا قَائِمًا وَلَا جَالِسًا وَلَا مُتَنَفِّلٌ قَائِمًا، وَيَأْتَمُّ بِهِ الْمُنْتَفِلُ جَالِسًا فَإِنْ عَرَضَ لِإِمَامٍ مَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ فَلْيَسْتَخْلِفْ مَنْ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَيَرْجِعُ هُوَ إلَى الصَّفِّ فَيُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ. (ص) أَوْ عَلِمَ. (ش) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ قَوْلِهِ " وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ " عَنْ هَذَا لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَالْمَعْنَى: وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِجَاهِلٍ يَعْلَمُ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ وَمَا تَبْطُلُ الْمَازِرِيُّ. مِنْ مَوَانِعِ الْإِمَامَةِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِمَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَفِقْهٍ، وَلَا يُرَادُ بِالْفِقْهِ هُنَا مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ السَّهْوِ فَإِنَّ صَلَاةَ مَنْ جَهِلَ أَحْكَامَ السَّهْوِ صَحِيحَةٌ إذَا سَلِمَتْ لَهُ مِمَّا يُفْسِدُهَا وَإِنَّمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ. (ص) إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ الِاقْتِدَاءِ بِالْعَاجِزِ مَا لَمْ يُسَاوِ الْمَأْمُومَ فِي الْعَجْزِ فَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْعَجْزِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ وَيَشْمَلُ الْمُومِئَ بِمِثْلِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى وَشُهِرَ، ثُمَّ إنَّ مُفَادَ الِاسْتِثْنَاءِ الصِّحَّةُ، فَقَوْلُهُ فَجَائِزٌ قَيْدٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: إلَّا كُلَّ شَخْصٍ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ وَمُمَاثَلَةِ شَخْصٍ آخَرَ فِي الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ الرُّكْنِ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَمَاثَلَا فِي الرُّكْنِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ كَعَجْزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْقِيَامِ وَالْآخَرِ عَنْ الْجُلُوسِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. وَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَانَتْ جُمُعَةً أَمْ لَا) خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَتَمَادَى حَتَّى سَلَّمَ مُتَعَمِّدًا أَرَى أَنْ تُجْزِئَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَأْمُومَ مُحْدِثٌ فَهَلْ يُعِيدُ الْإِمَامُ فِي جَمَاعَةٍ أَيْ: نَظَرًا لِمَا تَبَيَّنَ أَوْ لَا أَيْ: نَظَرًا لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَإِنْ نَوَاهَا فَقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ أَوْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ مُحْدِثًا وَمِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ السَّلَامُ . (قَوْلُهُ: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ) ظَاهِرُهُ شَامِلٌ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ لَكِنْ يَقُومُ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا أَوْ لِعَجْزٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نَفْلٍ. (قَوْلُهُ: لَا يَأْتَمُّ بِهِ مُفْتَرِضٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَالْجَالِسُ فِي فَرْضٍ. وَقَوْلُهُ: وَلَا مُتَنَفِّلٌ. رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نَفْلٍ أَيْ: وَلَا يَأْتَمُّ بِهِ الْمُتَنَفِّلُ قَائِمًا. (قَوْلُهُ: وَفِقْهٍ) أَيْ: كَمَعْرِفَةِ مَفْرُوضِهَا مِنْ مَسْنُونِهَا وَمَعْرِفَةِ شُرُوطِ صِحَّتِهَا وَوُجُوبِهَا لِيُحَصِّلَهُمَا وَمَنْ جَهِلَ فَرْضَهَا مِنْ مَسْنُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَضْلًا عَنْ إمَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرْضَهَا مِنْ سُنَنِهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمَيِّزَ الْمَفْرُوضَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَخَذَ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ فَأَحَدُهُمَا يَكْفِي وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ) أَيْ: الصِّفَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ لَا كَمَالُهَا وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّتِهَا أَيْ: الصَّلَاةِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ مَعْرِفَةُ الْكَيْفِيَّةِ الْمُصَاحِبِ لَهَا حُصُولُهَا لَا مَعْرِفَتُهَا بِدُونِ حُصُولِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَاجِبَاتِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَغَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَأَتَى بِالْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ كَمَا قَالَ زَرُّوقٌ وَحَاصِلُ مَا فِي عج أَنَّ عِلْمَ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْعِلْمُ الْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ، وَالْعِلْمُ الْحُكْمِيُّ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ مَيَّزَ بَيْنَ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا أَمْ لَا فَكَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ بِأَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يَعْتَبِرْ عج مَا اعْتَبَرَهُ زَرُّوقٌ مِنْ كَوْنِهِ يَأْخُذُ وَصْفَهَا عَنْ عَالِمٍ فَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا كُلَّهَا سُنَنٌ أَوْ فَضَائِلُ بَطَلَتْ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا كُلَّهَا فَرَائِضُ فَهَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا إذَا سَلِمَتْ مِمَّا يُبْطِلُهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَجْرِي عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السُّنَّةَ أَوْ الْفَضِيلَةَ فَرْضٌ أَوْ الْفَرْضَ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ) الِاسْتِثْنَاءُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا إنْ قَدَّرْنَا الْأَوَّلَ عَامًّا بِأَنْ قُلْت: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُؤْتَمُّ الْإِمَامَ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا بِأَنْ يُقَدَّرَ الْأَوَّلُ شَيْئًا خَاصًّا بِأَنْ يُقَالَ: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَأْمُومِ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُومِئَ بِمِثْلِهِ) كَمَرِيضٍ مُضْطَجِعٍ صَلَّى بِمَرِيضٍ مُضْطَجِعٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى) أَيْ: ابْنِ مُعَاوِيَةَ أَيْ: سَمَاعِهِ ابْنَ الْقَاسِمِ أَيْ: بِأَنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ الْإِمَامَةِ أَيْ: لِعَدَمِ انْضِبَاطِ فِعْلِ الْإِمَامِ، وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: وَإِمَامَةُ الْمُضْطَجِعِ الْمَرِيضِ بِالْمُضْطَجِعِ الْمَرِيضِ فَمِنْ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ) وَعَلَيْهِ مَشْي عب فَقَالَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ كَمَا فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ مِثْلَهُ فِي الْإِيمَاءِ كَمَا لَا يَؤُمُّ مَنْ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ زَائِدٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَحُكْمٌ زَائِدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ) أَيْ: وَأَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ شَيْخُ الْقُورِيِّ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَاكِعٌ وَرَجَّحَهُ عج وَمُفَادُ كَلَامِ بَعْضِ شُيُوخِنَا اعْتِمَادُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 بِصِحَّةِ إمَامَةِ شَيْخٍ مُقَوَّسِ الظَّهْرِ مِنْ السَّالِمِينَ ذَلِكَ قَالَ ق: وَهُوَ الصَّحِيحُ. (ص) أَوْ بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ. (ش) الْمُرَادُ بِالْأُمِّيِّ مَنْ لَا يَقْرَأُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْأُمِّيَّ إذَا أَمَّ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ تَبْطُلُ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ يَحْمِلُهَا الْإِمَامُ فَلَمَّا أَمْكَنَ الِائْتِمَامُ بِقَارِئٍ صَارَا تَارِكَيْنِ لَهَا اخْتِيَارًا وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. فَإِنْ عُدِمَ الْقَارِئُ صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ سَحْنُونَ إذَا خِيفَ فَوَاتُ الْوَقْتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَقْطَعُ لِإِتْيَانِ قَارِئٍ. قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. (ص) أَوْ قَارِئٍ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ. (ش) عَطَفَ عَلَى أُمِّيٍّ وَالْمُرَادُ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ كُلُّ شَاذٍّ مُخَالِفٍ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ كَقِرَاءَةِ عُمَرَ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ. وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ. وَأَمَّا مَا وَافَقَ الرَّسْمَ وَقُرِئَ بِهِ شَاذًّا فَإِنَّ صَلَاةَ فَاعِلِهِ لَا تَبْطُلُ وَلَا يَبْطُلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ بِهِ. وَأَمَّا مَا وَافَقَ الرَّسْمَ وَلَمْ يَقْرَأْ بِهِ فِي الشَّاذِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ فَيَجْرِي عَلَى اللَّحْنِ كَذَا يَنْبَغِي. وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ صِحَّةَ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا قُلْنَا: إنَّ ثَمَّ مَا يُوَافِقُ الرَّسْمَ وَلَمْ يُقْرَأْ بِهِ. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ كُلَّ مَا يُوَافِقُ الرَّسْمَ يُقْرَأُ بِهِ فَيَكُونُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بُطْلَانُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّيِّ أَنَّ الْأُمِّيَّ لَمْ يَأْتِ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِهِ مِنْ شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ. (ص) أَوْ عَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَدَى بِعَبْدٍ وَلَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ حُرِّيَّةٍ فِي الْجُمُعَةِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ إمَامَتِهَا الْحُرِّيَّةُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِخُصُوصِهَا بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. وَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْعَبْدِ فِيهَا وَلَا إعَادَةَ لَكِنَّهَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا فَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ " وَعَبْدٌ بِفَرْضٍ " مِنْ أَنَّ مِثْلَ الْفَرْضِ الْعِيدُ فِيهِ بَحْثٌ؛ إذْ فِي الْعِيدِ الْكَرَاهَةُ حَاصِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ. (ص) أَوْ صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ وَبِغَيْرِهِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ. (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى فِي فَرْضٍ بِصَبِيٍّ لِفَقْدِ شَرْطِ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ فِي النَّفْلِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَيُصَرِّحُ بِجَوَازِهَا لِمِثْلِهِ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا لَمْ تَجُزْ إمَامَةُ الصَّبِيِّ لِلْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ إذْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ شَهَادَتَهُ إنَّمَا رُدَّتْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَشْهَدَ بِالزُّورِ إذْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَتَعَرَّضُ الصَّبِيُّ فِي صَلَاتِهِ لِفَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ وَإِنَّمَا يَنْوِي فِعْلَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَالَهُ سَنَدٌ. (ص) وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ. (ش) أَيْ: وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَكَسْرِ كَافِ إيَّاكَ وَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَمْ لَا وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا أَوْ إنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي الْفَاتِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا؟ قَوْلَانِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْأُمِّيِّ مَنْ لَا يَقْرَأُ إلَخْ) وَأَمَّا قَوْلُهُمْ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَعْنَاهُ مَنْ لَا يَقْرَأُ الْخَطَّ وَلَا يَكْتُبُ لِبَقَائِهِ عَلَى حَالِ وِلَادَةِ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمَا صَارَا تَارِكَيْنِ لَهَا اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ الشَّخْصُ بِكَوْنِهِ تَارِكًا لِشَيْءٍ اخْتِيَارًا إلَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَحَمْلُ الْإِمَامِ الْقِرَاءَةَ قَدْرٌ زَائِدٌ جَارٍ عَلَى الْعُمُومِ فِي الْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ. (قَوْلُهُ: خِيفَ فَوَاتُ الْوَقْتِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي مَا فِي التَّيَمُّمِ فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ فَكَلَامُ سَحْنُونَ تَقْيِيدٌ لِلَّامِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا وَافَقَ الرَّسْمَ وَقُرِئَ بِهِ شَاذًّا) أَيْ: كَقِرَاءَةِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] بِضَمِّ التَّاءِ فِي الْجَمِيعِ. وَالشَّاذُّ عِنْدَ ابْنِ السُّبْكِيّ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ وَعِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أُصُولِهِ مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ. وَقَوْلُ ابْنِ السُّبْكِيّ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأُصُولِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ فِيهَا فَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ لَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَى مَذْهَبٍ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ فِي اللَّحْنِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِهِ يَجْرِي عَلَى اللَّحْنِ مِنْ الْخِلَافِ، وَمُفَادُ ابْنِ عَرَفَةَ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ: مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ) فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا ائْتَمَّ مُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ جَوَازِ إمَامَتِهِ فِي النَّافِلَةِ. (قَوْلُهُ: بِجَوَازِهَا لِمِثْلِهِ) أَيْ: فِي الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُؤْمَنُ) تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَرَّضُ الصَّبِيُّ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فَإِنْ تَعَرَّضَ لِلنَّفْلِ لَمْ تَبْطُلْ وَلِلْفَرْضِ فَكَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا مَضَرَّةَ فِيهِ وَبَعْضٌ اسْتَظْهَرَ الْبُطْلَانَ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا) قَالَ الْحَطَّابُ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ نَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْقَابِسِيِّ وَزَادَ فِيهِ إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا قُلْت: وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي قَوْلِ ابْنِ اللَّبَّادِ أَيْ: الَّذِي هُوَ الثَّانِي مِنْ الْمُصَنِّفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلْيُعِدْ يُرِيدُ أَنْ لَا تَسْتَوِيَ حَالَتُهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ: فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا هَذَا عَلَى تَقْيِيدِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ " وَمَحَلُّ الْخِلَافِ " وَإِلَّا فَظَاهِرُ النَّقْلِ الْإِطْلَاقُ. وَأَرَادَ بِالْقَوْلِ جِنْسَ الْقَوْلِ الْمُتَحَقِّقِ فِي ثَلَاثٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالصِّحَّةِ مَعَ الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ. وَنُبَيِّنُ الْأَقْوَالَ فِي ذَلِكَ فَنَقُولُ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَثَالِثُهَا الْبُطْلَانُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى لَا إنْ لَمْ يُغَيِّرْ كَكَسْرِ دَالِ الْحَمْدُ وَرَابِعُهَا أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَخَامِسُهَا يُمْنَعُ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَيَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهُوَ مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ فَابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مُتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَمُخْتَلِفَانِ فِي الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَسَادِسُهَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً. قَالَ الْحَطَّابُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 أَرْجَحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ تَعَلُّمِ الصَّوَابِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِعَدَمِ مَنْ يُعَلِّمُهُ مَعَ قَبُولِ التَّعْلِيمِ وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ اللَّحْنَ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ بَاطِلَةٌ بِلَا نِزَاعٍ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِكَلِمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي صَلَاتِهِ وَمَنْ فَعَلَهُ سَاهِيًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ قَطْعًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَهَا عَنْ كَلِمَةٍ فَأَكْثَرَ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَجْزًا بِأَنْ لَا يَقْبَلَ التَّعْلِيمَ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَلْكَنِ كَمَا يَأْتِي، وَسَوَاءٌ وَجَدَ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ عَجْزُهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِعَدَمِ مَنْ يُعَلِّمُهُ مَعَ قَبُولِهِ التَّعْلِيمَ فَإِنْ كَانَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الْإِمَامِ فِي اللَّحْنِ أَمْ لَا. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ مِثْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ بِأَنْ كَانَ يَنْطِقُ بِالصَّوَابِ فِي كُلِّ قِرَاءَتِهِ أَوْ صَوَابُهُ أَكْثَرُ مِنْ صَوَابِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ. (ص) وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ. (ش) أَيْ: وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ مَا لَمْ تَسْتَوِ حَالَتُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْقَابِسِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ؟ وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَصَحِيحَةٌ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَوْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَهُوَ الَّذِي حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. (خِلَافٌ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ التَّعْلِيمِ وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ أَيْ: ائْتَمَّ بِهِ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، هَذَا وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْمَوَّاقِ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا فِي الْفَاتِحَةِ. وَذَكَرَ الْحَطَّابُ وَالنَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ. وَحَكَى الْمَوَّاقُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَحُكْمُ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّادِ وَالسِّينِ كَمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَأَلْكَنُ وَكَذَا بَيْنَ الزَّايِ وَالسِّينِ " . (ص) وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ كَحَرُورِيٍّ أَوْ قَدَرِيٍّ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ. وَحَرُورِيٌّ وَاحِدُ الْحَرُورِيَّةِ وَهُمْ قَوْمٌ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ بِحَرُورَاءَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْكُوفَةِ نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي التَّحْكِيمِ وَكَفَّرُوا   [حاشية العدوي] وَالضَّعِيفُ مِنْهَا السَّادِسُ وَبَقِيَّتُهَا مُرَجَّحَةٌ وَأَرْجَحُهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا وَهُوَ الرَّابِعُ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْخَامِسُ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ، ثُمَّ إنَّ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَلَّلَ مَا قَالَهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الْقَارِئَ لَا يَقْصِدُ مَا يَقْتَضِيهِ اللَّحْنُ بَلْ يَعْتَقِدُ بِقِرَاءَتِهِ مَا يَعْتَقِدُ بِهَا مَنْ لَا يَلْحَنُ فِيهَا. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَا يُخْرِجُهُ لَحْنُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا وَلَمْ يَقْصِدْ مُوجِبَ اللَّحْنِ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ عَجَزَ) أَيْ: فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ: عَجْزٌ عَنْ تَعَلُّمِ الصَّوَابِ لِضِيقِ وَقْتٍ أَوْ لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ وَقَوْلُهُ: مَعَ قَبُولِ التَّعْلِيمِ ثَانٍ وَقَوْلُهُ: وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ ثَالِثٌ وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ رَابِعٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ اللَّحْنَ) مُحْتَرَزُ عَجَزَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَتَى بِكَلِمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي صَلَاتِهِ) هَذَا مَوْجُودٌ فِي حَالَةِ الْعَجْزِ فَنَقُولُ: أَتَى بِكَلِمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ مُتَعَمِّدًا فَكَانَ يُعَلَّلُ بِتَلَاعُبِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ فَعَلَهُ سَاهِيًا هُوَ مُحْتَرَزُ عَاجِزٍ، فَمَفْهُومُ عَاجِزٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَقْبَلَ) أَيْ: بِسَبَبِ عَدَمِ قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِثْلَهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ) هَذَا الْكَلَامُ لعج وَالْخِلَافُ الْمَعْلُومُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ. وَإِنَّ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ اللَّحْنَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ) أَيْ: التَّمْيِيزَ الْمَأْخُوذَ مِنْ مُمَيِّزٍ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَرْكَ التَّمْيِيزِ عَمْدًا يَسْتَلْزِمُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ: فَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ: هُوَ قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ الثَّانِي: هُوَ قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ الثَّالِثُ: هُوَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ وَالرَّابِعُ: هُوَ قَوْلُهُ: وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُكُمْ عَجَزَ لِعَدَمِ مَنْ يُعَلِّمُهُ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ مُشْكِلٌ؛ إذْ هَذَا الَّذِي ائْتَمَّ بِهِ يُعَلِّمُهُ هَكَذَا تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَعَ مَشَايِخِهِ. (أَقُولُ) يُفْرَضُ فِيمَا إذَا كَانَ لَك الْإِمَامُ يَتَعَذَّرُ مِنْهُ التَّعْلِيمُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. (قَوْلُهُ: وَحَكَى الْمَوَّاقُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ) فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَيْ: فَالصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَمْ لَا قَبِلَ التَّعْلِيمَ أَمْ لَا . (قَوْلُهُ: نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي التَّحْكِيمِ) هُوَ بِالْمِيمِ بَعْدَ الْقَافِ أَيْ: عَابُوا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا نَقَمُوا} [التوبة: 74] وَمَنْ قَرَأَهُ بِالضَّادِ فَقَدْ صَحَّفَ وَذَلِكَ لَمَّا طَالَ الْحَرْبُ بِصِفِّينَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ اتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى التَّحْكِيمِ فَرَضِيَ جَيْشُ عَلِيٍّ بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَجَيْشُ مُعَاوِيَةَ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْمَصِيرُ بِمَا حَكَمَا بِهِ فَعَابَ الْخَوَارِجُ عَلَى عَلِيٍّ فِي التَّحْكِيمِ وَكَفَّرُوهُ قَائِلِينَ: أَنْتَ عَلَى الْحَقِّ فَلِمَ تُحَكِّمُ. لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَنْبًا كَفَرَ فَقَوْلُهُ: كَفَّرُوا بِالذَّنْبِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ مُشَدَّدُ الْفَاءِ وَحَاصِلُهَا كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْكِيمِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ جِهَةِ عَلِيٍّ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ جِهَةِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عَمْرُو لِأَبِي مُوسَى قُمْ فَأَعْلِمْ النَّاسَ بِمَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ فَخَطَبَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِي هَذِهِ فَلَمْ نَرَ أَمْرًا أَصْلَحَ لَهَا وَلَا أَلَمَّ شَعَثًا مِنْ رَأْيٍ اتَّفَقْت أَنَا وَعَمْرٌو عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّا نَخْلَعُ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ وَنَتْرُكُ الْأَمْرَ شُورَى وَتَسْتَقْبِلُ الْأُمَّةُ هَذَا الْأَمْرَ فَيُوَلُّونَ عَلَيْهِمْ مَنْ أَحَبُّوهُ، وَإِنِّي قَدْ خَلَعْت عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ ثُمَّ تَنَحَّى فَجَاءَ عَمْرٌو فَقَامَ مَقَامَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذَا قَدْ قَالَ مَا سَمِعْتُمْ وَإِنَّهُ قَدْ خَلَعَ صَاحِبَهُ وَإِنِّي قَدْ خَلَعْته كَمَا خَلَعَهُ وَأُثَبِّتُ صَاحِبِي مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ وَلِيُّ عُثْمَانَ وَالْمَطَالِبُ بِدَمِهِ وَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ. (فَائِدَةٌ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 بِالذَّنْبِ يَتَعَاقَدُ فِيهَا الْخَوَارِجُ، بُعْدُهَا مِنْ الْكُوفَةِ مِيلَانِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ سَائِرَ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ بِبِدْعَتِهِ، وَخَرَجَ الْمَقْطُوعُ بِكُفْرِهِ كَمُنْكِرِ عِلْمِ اللَّهِ أَيْ: إنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ مُفَصَّلَةً. فَإِنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ. وَأَمَّا مَنْ يُنْكِرُ صِفَةَ الْعِلْمِ وَيَقُولُ إنَّهُ عَالِمٌ بِالذَّاتِ فَهُوَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ وَخَرَجَ بِهِ الْمَقْطُوعُ بِعَدَمِ كُفْرِهِ كَذِي هَوًى خَفِيفٍ . (ص) وَكُرِهَ أَقْطَعُ وَأَشَلُّ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْأَقْطَعِ أَوْ الْأَشَلِّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا وَالْمُرَادُ بِالْأَقْطَعِ غَيْرُ الْأَعْوَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي " وَجَازَ أَعْمَى " فَالْأَعْوَرُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَالشَّيْخُ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ، وَالْمَذْهَبُ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْأَقْطَعِ وَلَا بِالْأَشَلِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ إنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ كَرَاهَةِ الْأَشَلِّ بِمَا إذَا كَانَ لَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي أَقْطَعِ الْيَدِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت. (ص) وَأَعْرَابِيٌّ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إمَامَةُ الْأَعْرَابِيِّ لِلْحَضَرِيِّ وَلَوْ فِي سَفَرٍ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ خَوْفَ الطَّعْنِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ أَوْ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا لِجَهْلِهِ بِالسُّنَّةِ كَمَا قِيلَ وَإِلَّا مُنِعَتْ إمَامَتُهُ. وَقَوْلُهُ (لِغَيْرِهِ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ السَّلِيمُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْحَضَرِيُّ فِي الثَّالِثِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقْرَأَ مِنْ غَيْرِهِ) ثَمَّ يَحْتَمِلُ كَوْنَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ أَوْ كَوْنَهُ أَفْصَحَ وَأَقْدَرَ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ عَالِمًا بِتَفَاصِيلِهَا. (ص) وَذُو سَلَسٍ وَقُرُوحٍ لِصَحِيحٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِصَاحِبِ السَّلَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي طَهَارَةِ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ وَصَاحِبِ الْقُرُوحِ السَّائِلَةِ أَنْ يَؤُمَّا الْأَصِحَّاءَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَدِّي الرُّخَصِ عَنْ ذِي السَّلَسِ وَالْقَرْحِ مَحَالَّهَا أَيْ: إنَّ الْعَفْوَ مُخْتَصٌّ بِذِي السَّلَسِ وَالْقَرْحِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ بَلْ سَائِرُ الْمَعْفُوَّاتِ كَذَلِكَ فَمَنْ تَلَبَّسَ بِشَيْءٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ. (ش) أَيْ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ ذَوُا الْفَضْلِ   [حاشية العدوي] قَالَ الْبَدْرُ: الْمُعْتَزِلَةُ الْقَائِلُونَ بِالْمَنْزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةُ أَصْحَابُ أَبِي جَهْمٍ مُنْكِرِ الرُّؤْيَةِ وَيَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَالْإِمَامِيَّةُ قَدَّمُوا إمَامَةَ عَلِيٍّ عَلَى غَيْرِهِ وَالْخَوَارِجُ مَنْ خَرَجَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالرَّوَافِضُ مَنْ رَفَضَ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَكَفَّرَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: يَتَعَاقَدُ فِيهَا الْخَوَارِجُ) أَيْ: يَتَعَاهَدُ فِيهَا الْخَوَارِجُ عَلَى مُحَارَبَةِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ وَقَوْلُهُ: كَذِي هَوًى خَفِيفٍ أَيْ: كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ . (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ أَقْطَعُ) وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ قُطِعَ مِنْ جِنَايَةٍ أَوْ لَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا بِالْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ، وَالشَّلَلُ يُبْسٌ فِي الْيَدِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ إمَامًا) أَيْ: لَوْ لِمِثْلِهِ. (تَنْبِيهٌ) : يَلْزَمُ مِنْ كَرَاهَةِ إمَامَةِ مَنْ ذُكِرَ كَرَاهَتُهُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَمِنْ جَوَازِهَا جَوَازُهُ وَكَذَا الْعَكْسُ وَلِذَا عَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ بِجَوَازِ الِائْتِمَامِ بِهِ قَائِلًا بِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: لَا أَرَى أَنْ يَؤُمَّ. فَقَوْلُ عج لَا يَلْزَمُ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِمَامَةِ كَرَاهَةُ الِاقْتِدَاءِ. غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَقْطَعِ غَيْرُ الْأَعْوَرِ) . (أَقُولُ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَقْطَعَ غَيْرُ الْأَعْوَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ كَنَّى بِأَقْطَعَ عَنْ مُخْتَلِّ عُضْوٍ فَصَحَّ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي أَقْطَعِ الْيَدِ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا الْمِعْصَمَ فَبَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَعْرَابِيٌّ إلَخْ) الْبَدْوِيُّ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ خَوْفَ الطَّعْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ تَرْكِهِ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ الْمُؤْذِنُ بِأَنَّهُ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: لَا لِجَهْلِهِ بِالسُّنَّةِ) أَيْ: أَحْكَامِ الصَّلَاةِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَالْغِلْظَةِ وَالْإِمَامُ شَافِعٌ وَالشَّافِعُ ذُو اللِّينِ وَالرَّحْمَةِ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ) وَيُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْجَفَاءُ وَالْغِلْظَةُ، وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنَّ كَرَاهَةَ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ وَلَوْ لِمِثْلِهِمَا فَلَا يَرْجِعُ لِغَيْرِهِ لَهُمَا بَلْ يُقْصَرُ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ. (قَوْلُهُ: وَصَاحِبِ الْقُرُوحِ السَّائِلَةِ) الْقَرْحُ وَيُضَمُّ عَضُّ السِّلَاحِ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَدِّي) مُقْتَضَى ذَلِكَ الْمَنْعُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ارْتِبَاطٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ التَّعَدِّي قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ التَّعَدِّي أَيْ: وَعَلَيْهِ فَتَجُوزُ الْإِمَامَةُ لِغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمُؤَلِّفُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ ضَعْفُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيرِ الْقَرَافِيِّ بِمُقَابِلِهِ ضَعْفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِهِ عِنْدَ الْقَرَافِيِّ ضَعْفُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَالْمَشْهُورُ الْكَرَاهَةُ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ تَقْرِيرًا أَنَّ الْكَرَاهَةَ ثَابِتَةٌ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَدِّي. (تَنْبِيهٌ) : التَّقْيِيدُ بِالصَّحِيحِ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَوَافَقَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي تَوْضِيحِهِ تَعَقَّبَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي إمَامَتِهِ عَنْ عِيَاضٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِإِمَامَةِ الصَّحِيحِ وَهُوَ خِلَافُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ فَانْظُرْهُ. (فَائِدَةٌ) تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِ وَإِمَامَةُ مَاسِحِ الْجَبِيرَةِ لِغَيْرِهِ أَيْ: إذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا وُضُوءًا كَامِلًا، وَاقْتِدَاءُ مَاسِحِ الْخُفِّ بِمَاسِحِ الْجَبِيرَةِ وَكَذَلِكَ اقْتِدَاءُ الْمَاسِحِ بِالْمُتَيَمِّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاسِحَ مُتَوَضِّئٌ وَقَدْ كَرِهُوا اقْتِدَاءَ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ. وَأَمَّا اقْتِدَاءُ مَاسِحِ الْجَبِيرَةِ بِمَاسِحِ الْخُفِّ فَلَا كَرَاهَةَ وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِمَاسِحِ الْخُفِّ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَالْمُتَيَمِّمُ دُونَ الْمُتَوَضِّئِ وَمَاسِحُ الْجَبِيرَةِ دُونَ مَاسِحِ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ بَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَرِهَهُ النَّفَرُ الْيَسِيرُ مِنْهُمْ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالنُّهَى وَأَمَّا إنْ كَرِهَهُ جَمِيعُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ ذَوُو الْفَضْلِ وَالنُّهَى مِنْهُمْ وَإِنْ قَلُّوا حَرُمَ تَقَدُّمُهُ، وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي كَرَاهَتِهِمْ لَهُ وَعَدَمِهَا فَيَسْتَأْذِنُ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ دُونَ الطَّارِئِينَ. (تَنْبِيهٌ) : الْأَصْلُ فِيمَا كُرِهَ لِشَخْصٍ فِعْلُهُ كُرِهَ لِغَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وَالنُّهَى مِنْهُمْ وَإِنْ قَلُّوا . (ص) وَتَرَتُّبُ خَصِيٍّ وَمَأْبُونٍ. (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ بِحَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ أَيْ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْخَصِيُّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْفَرَائِضِ أَوْ السُّنَنِ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ فِي الْعِيدِ، وَظَاهِرُهَا فِي غَيْرِهِ وَاَلَّذِي عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَأْبُونِ الَّذِي يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَ بِقَوْلِهِ " وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ كَرَاهَةَ إمَامَةِ الْمَأْبُونِ لَا أَعْرِفُهُ وَهُوَ أَرْذَلُ الْفَاسِقِينَ " بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُتَكَسِّرُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ تَكَلَّفَهُ لَا فِيمَنْ ذَلِكَ طَبْعُهُ أَوْ مَنْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ بِحَيْثُ يَشْتَهِي ذَلِكَ أَوْ مَنْ بِهِ دَاءٌ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ أَوْ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ ثُمَّ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ الْأَلْسُنُ تَتَكَلَّمُ فِيهِ أَوْ الْمُتَّهَمُ وَهُوَ أَبْيَنُ لِمُسَاعَدَتِهِ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ، فَفِي الْبُخَارِيِّ مَا كُنَّا نَأْبِنُهُ بِرُقْيَةٍ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: أَبَنَهُ بِشَيْءٍ يَأْبِنُهُ اتَّهَمَهُ بِهِ وَالرُّقْيَةُ نَوْعٌ مِنْ الرُّقَى. (ص) وَأَغْلَفَ. (ش) أَيْ: وَكُرِهَ تَرَتُّبُ أَغْلَفَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْقَافِ بَدَلَهَا وَهُوَ مَنْ لَمْ يَخْتَتِنْ لِنَقْصِ سُنَّةِ الْخِتَانِ وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ. (ص) وَوَلَدِ زِنًا. (ش) أَيْ: وَكُرِهَ تَرَتُّبُ وَلَدِ زِنًا خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِلْقَوْلِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ مَوْضِعُ رِفْعَةٍ. (ص) وَمَجْهُولِ حَالٍ. (ش) وَهُوَ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ وَمِثْلُ مَجْهُولِ الْحَالِ مَجْهُولُ الْأَبِ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ لِئَلَّا يُؤْذَى بِالطَّعْنِ فِي النَّسَبِ. (ص) وَعَبْدٌ فِي فَرْضٍ. (ش) أَيْ: وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ الْعَبْدُ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْفَرْضِ أَيْ: غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا هِيَ فَلَا تَصِحُّ وَيُعِيدُ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ أَبَدًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا الْحُرِّيَّةُ. وَقَوْلُهُ " بِفَرْضٍ " رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ وَمِثْلُهُ السُّنَنُ لَا كَتَرَاوِيحَ . (ص) وَصَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ وَهِيَ السَّوَارِي مَكْرُوهَةٌ إذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ، إمَّا لِتَقْطِيعِ الصُّفُوفِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِقَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ " مَوْضِعُ السَّوَارِي لَيْسَ بِفُرْجَةٍ. أَوْ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ جَمْعِ النِّعَالِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ أَوْ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَالْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُقْتَدِي وَالْمُقْتَدَى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالنُّهَى) جَمْعُ نُهْيَةٍ وَهُوَ الْعَقْلُ؛ لِأَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْقَبِيحِ . (قَوْلُهُ: خَصِيٍّ) فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَأَصْلُهُ خَصِيْيٌ بِيَاءَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ فَأُدْغِمَتْ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ مِثْلَيْنِ كَذَلِكَ وَأَطْلَقَهُ هُنَا عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَجْبُوبَ فَالْمَدَارُ عَلَى النَّقْصِ فِي الْخِلْقَةِ كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النَّقْصِ. (قَوْلُهُ: فِي الْعَبْدِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: أَحَدِ الْعَبِيدِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي السَّفَرِ) أَيْ: إنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْخَصِيُّ وَوَلَدُ الزِّنَا وَالْمَأْبُونُ وَالْأَغْلَفُ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْفَرْضِ وَالْعِيدَيْنِ بِخِلَافِ السَّفَرِ وَقِيَامِ رَمَضَانَ اهـ. وَقَدْ اقْتَصَرَ عب عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لَكِنَّ النَّصَّ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ خِلَافُهُ. أَفَادَهُ عج ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى الشَّارِحِ لَازِمُهُ فَهُوَ غَيْرُ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَرْذَلُ الْفَاسِقِينَ) فَتَكُونُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ بَاطِلَةً عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ كَرَاهَةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَتَكُونُ إمَامَةُ مَنْ يُؤْتَى فِي دُبُرِهِ مَكْرُوهَةً وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُتَكَسِّرُ فِي كَلَامِهِ) وَهُوَ صَالِحُ الْحَالِ فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ كَانَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْمُتَكَسِّرُ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَشْتَهِي ذَلِكَ) أَيْ: يَشْتَهِي الْفِعْلَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: يَنْفَعُهُ ذَلِكَ) أَيْ: الْفِعْلُ فِيهِ وَلَا يَنْفَعُهُ غَيْرُهُ، تَحَرَّزَ عَنْ دَفْعِ دَاءِ أُبْنَتِهِ بِخَشَبَةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ اللَّعِينُ أَبُو جَهْلٍ لِابْتِلَائِهِ بِهَا فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ الْمُنْدَفِعُ عَنْهُ بِالْخَشَبَةِ مِمَّنْ يُكْرَهُ تَرَتُّبُ إمَامَتِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ بِهِ دَاءٌ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ يَتَضَرَّرُ بِهِ بِخِلَافِ الشَّهْوَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْفِعْلِ فِيهِ ثُمَّ تَابَ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَّهَمُ) أَيْ: بِالْفِعْلِ فِيهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ عج. (قَوْلُهُ: نَأْبِنُهُ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ فِي «الَّذِي رَقَى سَيِّدَ الْحَيِّ الَّذِي لُدِغَ فَقَالَ رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبِنُهُ بِرُقْيَةٍ» . (قَوْلُهُ: وَالرُّقْيَةُ نَوْعٌ مِنْ الرُّقَى) الْأَحْسَنُ وَاحِدَةُ الرُّقَى كَمَا فِي عب. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَرَتُّبُ أَغْلَفَ) هَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ الَّذِي فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ كَرَاهَةُ إمَامَتِهِ مُطْلَقًا أَيْ: رَاتِبًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَمَجْهُولِ حَالٍ) أَيْ: وَكُرِهَ الِائْتِمَامُ بِشَخْصٍ مَجْهُولِ حَالَ لَا إنْ كَانَ رَاتِبًا فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُؤْتَمَّ بِهِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ يُقَيَّدُ بِكَوْنِ تَوْلِيَةِ ذَلِكَ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ. (تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مِثْلُهُ جَازَتْ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: هَلْ هُوَ عَدْلٌ أَيْ: جَوَابُ هَلْ هُوَ عَدْلٌ. (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ السُّنَنُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ كَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْفَرَائِضِ وَفِي السُّنَنِ كَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ أَمَّهُمْ فِي جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ أَعَادُوا قَالَ مُحَشِّي تت فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ إذْ هُوَ أَعْلَمُ بِخَبَايَا الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي الْعِيدِ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّ الْحَطَّابِ عَلَيْهِ فَتَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ إمَامَتَهُ فِي الْعِيدِ إمَّا بَاطِلَةٌ أَوْ مَكْرُوهَةٌ لَا بِقَيْدِ التَّرْتِيبِ اهـ. كَلَامُ مُحَشِّي تت . (قَوْلُهُ: وَهِيَ السَّوَارِي) أَيْ: الْأَعْمِدَةُ. (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ السَّوَارِي لَيْسَ بِفُرْجَةٍ) قَالَ عب وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَفِيفَةُ كَأَعْمِدَةِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا الْكَثِيفَةُ كَأَعْمِدَةِ الْبُرْقُوقِيَّةِ وَلَا بِنَاءٌ عَلَى صُورَةِ الْأَعْمِدَةِ كَمَا فِي جَامِعِ عَمْرٍو وَطَالُونَ وَالْحَاكِمِ بِمِصْرَ فَفُرْجَةٌ فَاصِلَةٌ قَطْعًا بَيْنَ الصَّفِّ غَيْرِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَوَّلَ مَا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَلَوْ فُصِلَ بِمَقْصُورَةٍ أَوْ مِنْبَرٍ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ. (أَقُولُ) هَذَا التَّرَجِّي لَا يَظْهَرُ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْعُمُومُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ جَمْعِ النِّعَالِ) أَيْ: فَلَا يَخْلُو مِنْ نَجَاسَةٍ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ) أَيْ: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 مَأْوَى الشَّيَاطِينِ. وَانْظُرْ قَوْلَ بَعْضِهِمْ أَمَّا الْوَاحِدُ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَعَ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ. (ص) أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الصَّلَاةَ أَمَامَ إمَامِهِ أَوْ مُحَاذَاتَهُ مَكْرُوهَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَضِيقٍ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ (بِلَا ضَرُورَةٍ) يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا تَقَدَّمَ كُلُّ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَلَا إثْمَ. وَعِلَّةُ كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ خَوْفُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مَا لَا يَعْلَمُونَهُ مِمَّا يُبْطِلُهَا وَقَدْ يُخْطِئُونَ فِي تَرْتِيبِ الرَّكَعَاتِ إذَا تَقَدَّمُوهُ. (ص) وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ مَنْ يَكُونُ فِي أَعْلَاهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ تَدُورُ فَيَخْتَلُّ عَلَيْهِمْ أَمْرُ صَلَاتِهِمْ وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ الْأَسْفَلُونَ فِي الْوَقْتِ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ كَالدُّكَّانِ يَكُونُ فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ قَوْمٌ وَأَسْفَلَ قَوْمٌ فَافْتَرَقَا انْتَهَى. لَا يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُنَا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ عُلُوَّ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ بِمَحَلِّ كِبْرٍ، وَأَيْضًا عُلُوُّ الْإِمَامِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ " وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ " أَيْ: فَيَجُوزُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى جَعْلِهِ مَفْهُومَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ الَّتِي نَقَلَهَا تت هُنَا مُحَرَّفَةٌ فَلْيُرَاجَعْ الْأَصْلُ. (ص) كَأَبِي قُبَيْسٍ. (ش) أَيْ: كَكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لِلْبُعْدِ انْتَهَى. فَالْمُقْتَدِي كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ إلَيْهِ وَبِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ . (ص) وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَبِالْعَكْسِ. (ش) أَيْ: وَيُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَصَلَاةُ امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ وَلَا تُفْسِدُ عَلَى الرِّجَالِ صَلَاتَهُمْ وَلَا عَلَى نَفْسِهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَدَاخُلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ " الرَّجُلُ مُفْرَدٌ وَالنِّسَاءُ مُتَعَدِّدَةٌ، وَقَوْلَهُ " وَبِالْعَكْسِ " الْمَرْأَةُ مُفْرَدَةٌ وَالرِّجَالُ مُتَعَدِّدَةٌ فَأَحَدُهُمَا لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ " يُكْرَهُ صَلَاةُ الرَّجُلِ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ إلَخْ " فَإِنَّهُ مُتَدَاخِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صَلَاتِهِ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّهُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ . (ص) وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ رِدَاءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ طُولُهُ وَأَقْسَامُهُ. (ص) وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ. (ش) أَيْ:   [حاشية العدوي] السَّلَفِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَدْخُلُونَ بِالنِّعَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ) أَيْ: فَلَا يَخْلُو مِنْ عَبَثِهِمْ أَوْ وَسْوَسَتِهِمْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَاحِدُ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ الَّذِي لَيْسَ بِجَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ) وَفِي بَهْرَامَ إنْ تَقَدَّمُوا كُلُّهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ اتِّفَاقًا وَفِي ك كَذَا فِي صَغِيرِهِ وَفِي كَبِيرِهِ إجْمَاعًا زَادَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: خَوْفَ أَنْ يَطْرَأَ) فَإِنْ قُلْت: هَذَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ لَا الْكَرَاهَةَ بَلْ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا حَيْثُ خِيفَ بِالتَّقَدُّمِ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَدُورُ إلَخْ) أَيْ: لَا بِسَبَبِ الدَّوَرَانِ بَلْ بِسَبَبِ عَدَمِ مُرَاعَاةِ الْإِمَامِ فَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْعُلُوِّ وَهَذَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْمِرْسَاةِ فَيُوَافِقُ تَقْيِيدُ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ الْمُصَنِّفَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْمِرْسَاةِ. (قَوْلُهُ: يُعِيدُ الْأَسْفَلُونَ فِي الْوَقْتِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعُلُوِّ طَائِفَةً. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَالدُّكَّانِ) أَيْ: لِأَنَّ الدُّكَّانَ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةُ الْمَوْجُودَةُ فِي السَّفِينَةِ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ قَوْمٌ وَأَسْفَلَ قَوْمٌ) مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ أَحَدٌ لَمْ تُجْزِئْ إلَّا أَنَّ التُّونِسِيَّ قَالَ: لَوْ انْتَدَبَ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ عَلَى دُكَّانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَصَلَّى أَسْفَلَ مِنْهُ لَجَازَتْ صَلَاتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ وَكَذَا لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لِضِيقٍ. (قَوْلُهُ: فَافْتَرَقَا) أَيْ: فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي السَّفِينَةِ) أَيْ: فَيُقَيَّدُ مَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَ الْعُلُوُّ مَظِنَّةَ كِبْرٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلَ إلَخْ " ثُمَّ يُشْكِلُ الْكَلَامُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ فِي قَوْلِهِ " وَاقْتِدَاءٌ إلَخْ " لَا بِالْجَوَازِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ قَطَعَ الْمَأْمُومُ وَلَا يَبْنِي لِنَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِمَامِ اهـ. أَيْ: الْإِمَامِ الَّذِي فِي الْعُلُوِّ . (قَوْلُهُ: أَيْ: وَيُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ إلَخْ) قَالَ فِي ك ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَلَّى كُلٌّ دَاخِلَ صَفِّ الْآخَرِ أَوْ بَيْنَ صُفُوفِهِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ وَإِلَّا كَانَ عَيْنَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُ) فَإِنَّهُ يَقُولُ: تَفْسُدُ صَلَاةُ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهَا وَآخَرَ عَنْ شِمَالِهَا وَعَلَى مَنْ خَلْفَهَا مَنْ يُقَابِلُهَا إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَعَلَى نَفْسِهَا إنْ نَوَى الْإِمَامُ دُخُولَهَا فِي إمَامَتِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ وَالْمَرْأَةُ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) وَجْهُ اللُّزُومِ أَنَّهُ يُعِدُّ ذَلِكَ الرَّجُلَ صَفًّا وَقَوْلُهُ: صَلَاةُ الْمَرْأَةِ أَيْ: جِنْسُ الْمَرْأَةِ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ الصَّفُّ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى صُفُوفِ النِّسَاءِ وَالرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ صَفًّا تَسَمُّحًا. (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ إنَّ الظَّنَّ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابِعٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصُّفُوفِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ فَيَكُونُ عَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ صُفُوفِ نِسَاءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَالْمُدَوَّنَةَ يُمْكِنُ حَمْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صُورَتَيْنِ بِأَنْ يَقِفَ الرَّجُلُ بَيْنَ صَفِّ النِّسَاءِ أَوْ صُفُوفِهِنَّ وَالْمَرْأَةُ يُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَقِفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ أَوْ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ . (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ) وَأَمَّا الْمَأْمُومُ وَالْفَذُّ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَكَذَا الْأَئِمَّةُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ كَسَفَرٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ) أَيْ: مِحْرَابِ الْإِمَامِ أَيْ: مَوْضِعِ الصَّلَاةِ كَانَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ شب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَكُرِهَ تَنَفُّلُ الْإِمَامِ بِمِحْرَابِ الْمَسْجِدِ وَكَذَا جُلُوسُهُ فِيهِ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْأُولَى إمَّا خَوْفَ الْإِلْبَاسِ عَلَى الدَّاخِلِ فَيَظُنُّهُ فِي الْفَرْضِ فَيَقْتَدِي بِهِ أَوْ خَوْفَ الرِّيَاءِ أَوْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْمَكَانَ إلَّا فِي وَقْتِ الْإِمَامَةِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِتَغْيِيرِ هَيْئَتِهِ لِخَبَرِ «كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ» قَالَ الثَّعَالِبِيُّ وَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ أَبِي جَمْرَةَ وَصَاحِبِ الْمَدْخَلِ. لَا مَا يَرَاهُ بَعْضُ أَهْلِ التَّشْدِيدِ فِي الدِّينِ مِنْ قِيَامِهِ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ كَأَنَّمَا ضُرِبَ بِشَيْءٍ يُؤْلِمُهُ وَيَفُوتُهُ بِذَلِكَ خَبَرُ اسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَمُخَالَفَتَهُ السُّنَّةَ انْتَهَى . (ص) وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ وَإِنْ أَذِنَ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يَجْمَعُوا فِي مَسْجِدٍ وَمَا تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ كُلِّ مَكَان جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْجَمْعِ فِيهِ كَسَفِينَةٍ أَوْ دَارٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلَوْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلشَّرْعِ غَرَضًا فِي تَكْثِيرِ الْجَمَاعَاتِ لِيُصَلِّيَ الشَّخْصُ مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالْجَمَاعَاتِ وَحَضَّ عَلَيْهَا فَإِذَا عَلِمُوا بِأَنَّهَا لَا تُجْمَعُ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ تَأَهَّبُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْ فَضْلِهِ شُرِعَ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي الْجَمَاعَةِ مَغْفُورٌ لَهُ ثُمَّ شُرِعَ الْعِيدُ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ الْمُتَقَارِبَةِ ثُمَّ شُرِعَ الْمَوْقِفُ الْأَعْظَمُ إذْ يَجْتَمِعُ فِيهِ أَهْلُ الْأَقْطَارِ وَفِيهِ اعْتِنَاءٌ بِالْعَبْدِ، وَاحْتَرَزَ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ جَمْعِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ تَعَمُّدُهُ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ بِتَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَيُمْنَعُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " إمَامٌ رَاتِبٌ " مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ تُجْمَعَ فِيهِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِعَادَةِ الْفِعْلُ أَيْ: كُرِهَ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ لَا فَذٍّ بَعْدَ الرَّاتِبِ وَلَوْ قَالَ: وَإِقَامَةُ. كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُعِيدِينَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِعَادَةُ أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَهُمْ لَيْسُوا مُعِيدِينَ. (ص) وَلَهُ الْجَمْعُ إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ ثَانِيًا فِي مَسْجِدِهِ إذَا جَمَعَ غَيْرُهُ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَضُرُّ بِهِمْ انْتِظَارُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي الْجَمْعِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَجْمَعَ بَعْدَهُمْ أَيْ: يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِسُقُوطِ مُرَاعَاةِ حَقِّهِ وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ ". (ص) وَخَرَجُوا إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا. (ش) أَيْ: إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْجِدٍ صَلَّى رَاتِبُهُ خَرَجُوا نَدْبًا مِنْهُ لِيَجْمَعُوا مَعَ رَاتِبٍ آخَرَ أَوْ فِي مَسْجِدٍ لَا رَاتِبَ لَهُ وَلَا يُصَلُّونَ بِهِ أَفْذَاذًا لِفَوَاتِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعُهُمْ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا لِفَضْلِ فَذِّهَا عَلَى جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا هَذَا إنْ دَخَلُوهَا فَوَجَدُوا إمَامَهَا صَلَّى وَإِلَّا صَلَّوْا جَمَاعَةً خَارِجَهَا وَلَا يُؤْمَرُونَ بِدُخُولِهَا. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ قَائِلًا: إنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ خَوْفَ الرِّيَاءِ) أَيْ: كَأَنَّهُ يُظْهِرُ أَنَّهُ فِي عِبَادَةٍ. (قَوْلُهُ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ) أَيْ: وَلَا يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ فَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْإِمَامِ أَنْ يَنْحَرِفَ أَيْ: يُشَرِّقَ أَوْ يُغَرِّبَ وَلَا يَسْتَقْبِلَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ جِهَةَ الْمَغْرِبِ وَيَمِينَهُ جِهَةَ الْمُصَلِّينَ وَيَسَارَهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْهَيْئَاتِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي غَيْرِ الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ أَمَّا الْمُصَلِّي بِهَا فَإِنَّهُ يَجْعَلُ وَجْهَهُ قُبَالَةَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَيَسَارَهُ جِهَةَ الْمُصَلِّينَ وَيَمِينَهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ النَّفْرَاوِيِّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَيْخِهِ عب. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ) أَيْ: تَغْيِيرُ الْهَيْئَةِ. (قَوْلُهُ: خَبَرُ) هَكَذَا فِي خَطِّهِ بِكَبِيرِهِ بِنُقْطَةٍ فَوْقَ الْحَرْفِ الْأَوَّلِ وَنُقْطَةٍ تَحْتَ الْحَرْفِ الثَّانِي فَإِذًا يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ: مَدْلُولُ خَبَرٍ وَقَوْلُهُ: وَمُخَالَفَةُ السُّنَّةِ أَيْ: وَيَلْزَمُهُ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ وَفِي الْحَطَّابِ: خَيْرَانِ وَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ لَيْسَتْ خَيْرًا إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ: عَدَمُ مُخَالَفَةٍ وَفِي عج بِخَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ " خَيْرُ " بِخَاءٍ وَيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتُ وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ. (تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ لِلْمَأْمُومِ تَنَفُّلُهُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ فَرِيضَتِهِ قَالَ الْحَطَّابُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ يُنْدَبُ تَحْوِيلُهُ إلَى مَكَان آخَرَ كَمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ لِلنَّافِلَةِ إثْرَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ أَيْ: بِالْمُعَقِّبَاتِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ أَيْ: يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمُنْفَرِدِ . (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّاتِبِ) وَكَذَا قَبْلَهُ وَأَمَّا مَعَهُ فَحَرَامٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ مَغْفُورٍ) أَيْ: ظَنًّا لَا تَحْقِيقًا أَيْ: وَالْمُصَلِّي مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ مَغْفُورٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ فَضْلِهِ) أَيْ: الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي الْجَمَاعَةِ مَغْفُورٌ لَهُ) أَيْ: وَيَكُونُ فِي الْجَمْعِ فِي الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شُرِعَ الْعِيدُ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي الْجُمُعَةِ مَغْفُورٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شُرِعَ الْمَوْقِفُ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي الْعِيدِ مَغْفُورٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِالْعَبْدِ) مِنْ الْعُبُودِيَّةِ لَا الْعِيدِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: وَمِثْلُ التَّأْخِيرِ كَثِيرًا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج تَرَدَّدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي فِي حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى بَعْدَ الرَّاتِبِ أَوْ قَبْلَهُ وَلِبَعْضِهِمْ نَفْيُهُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ تُنَافِيهِ وَلِبَعْضِهِمْ يَحْصُلُ وَالْكَرَاهَةُ لَا لِذَاتِ الْجَمَاعَةِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ الْإِقْدَامُ اهـ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي الْحَرَامِ كَالصَّلَاةِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ غَيْرَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ الرَّاتِبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَمَاعَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَعْدَ غَيْرِهِ أَيْ: لِأَنَّ الْغَرَضَ تَكْثِيرُ الْجَمْعِ فَقَالَ: وَلَهُ الْجَمْعُ أَوْ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَفْهُومِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ أَنَّ لِلرَّاتِبِ الْجَمْعَ بَعْدَ غَيْرِهِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ كَثِيرًا لَا يَجْمَعُ فَقَالَ: وَلَهُ الْجَمْعُ وَيَكُونُ الِاسْتِدْرَاكُ بِآخِرِ الْعِبَارَةِ لَا بِأَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ) الْجَوَابُ أَنَّهُمْ إذَا دَخَلُوهَا تَقَوَّى جَانِبُهَا بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِيهَا فَنَاسَبَ أَنْ تُوقَعَ فِيهَا بَعْدَ حُصُولِ الْجَمْعِ فِيهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلُوهَا فَلَمْ يَتَقَوَّ جَانِبُهَا بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَمْ يُطْلَبُوا بِالدُّخُولِ مَعَ إرَادَةِ مَنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ بِهَا الْجَمْعَ بِغَيْرِهَا وَلِذَلِكَ إنَّ فِي مَفْهُومِ دُخُولِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 كَانَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلَ تَرَجَّحَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْذَاذًا دَخَلُوهَا أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلَ فَلَا تَتَرَجَّحُ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْذَاذًا دَخَلُوهَا أَمْ لَا . (ص) وَقَتْلُ كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ. (ش) أَيْ: وَكُرِهَ قَتْلُ بُرْغُوثٍ وَبَقٍّ وَبَعُوضٍ وَقَمْلٍ بِمَسْجِدٍ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ، مَا عَدَا الْقَمْلَةَ وَإِنَّمَا كُرِهَ قَتْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ رَحْمَةٍ وَكَذَا إلْقَاؤُهَا فِيهِ وَيُصِرُّهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ؛ لِقَوْلِهَا " وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَةَ وَلَا يُلْقِيهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ابْنُ نَاجِي. وَتَتَفَاوَتُ الْكَرَاهَةُ فَفِي الْقَمْلَةِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ لَهَا نَفْسًا سَائِلَةً ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا قَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ يَقْذُرُ الْمَسْجِدَ وَتَقْذِيرُهُ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَيْتَةٍ - مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ - طَاهِرًا، وَتَعْفِيشُ الْمَسْجِد بِالطَّاهِرِ مَكْرُوهٌ لَكِنَّ الِاسْتِقْذَارَ حَرَامٌ، وَفَرْقٌ بَيْنَ التَّعْفِيشِ وَالِاسْتِقْذَارِ، لَا يُقَالُ: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْأَحْيَاءِ حَيْثُ قَالَ عَاطِفًا عَلَى الْمَمْنُوعِ: وَمُكْثٌ بِنَجِسٍ يَقْتَضِي حُرْمَةَ قَتْلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِنَجَاسَةِ الدَّمِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: خُفِّفَ مَا ذُكِرَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ يُقَالُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُكْثَ بِالنَّجِسِ مَكْرُوهٌ. وَكَلَامُ الْحَطَّابِ فِيمَا يَأْتِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ. (ص) وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ، وَاسْتَشْكَلَ. (ش) أَيْ: لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ حُرْمَتَهُ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا قَلَّ مَنْ تَلْدَغُهُ إلَّا مَاتَ، وَالضَّمِيرُ فِي " طَرْحُهَا " لِلْقَمْلَةِ الَّتِي دَخَلَتْ تَحْتَ الْكَافِ، وَأَمَّا طَرْحُهَا فِيهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالنَّاسِ فَتُؤْذِيهِمْ كَمَا قَالَهُ ق وَفِي شَرْحِ (هـ) وَأَمَّا طَرْحُهَا فِيهِ فَيُكْرَهُ؛ لِقَوْلِهِ فِيهَا " وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلْيَصُرَّهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ . (ص) وَجَازَ اقْتِدَاءٌ بِأَعْمَى وَمُخَالِفٍ فِي الْفُرُوعِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ «لِاسْتِنَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزَوَاتِهِ بِضْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً يَؤُمُّ النَّاسَ» وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ إمَامَةَ الْبَصِيرِ أَفْضَلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَكَذَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ كَصَلَاةِ الْمَالِكِيِّ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُقْتَدِي عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَمِثْلُهُ لِلْقَرَافِيِّ فِي الْفُرُوقِ. وَأَحْسَنُ الطُّرُقِ طَرِيقُ سَنَدٍ وَنَصُّهُ " وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ فِعْلُهُ لِلشَّرَائِطِ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا كَمَا لَوْ   [حاشية العدوي] تَفْصِيلًا فَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِغَيْرِهَا جَمَاعَةً فَلَا يُطَالَبُونَ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَإِلَّا طُلِبُوا بِالدُّخُولِ، وَصَلَاتُهُمْ فِيهَا أَفْذَاذًا وَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْقَمْلَةَ) أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَمْلَةَ إذَا كَانَتْ فِي صَلَاةٍ تَكُونُ أَشَدَّ كَرَاهَةً اهـ. وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: مَا عَدَا الْقَمْلَةَ أَيْ: إنَّهَا تَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهَا) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ بُرْغُوثٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَيْتَتَهَا طَاهِرَةٌ مَا عَدَا الْقَمْلَةَ وَعِبَارَةُ تت: وَكُرِهَ قَتْلُ بُرْغُوثٍ وَقَمْلَةٍ وَبَقٍّ وَذُبَابٍ وَنَحْوِهِ بِمَسْجِدٍ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلْقَاؤُهَا) أَيْ: الْقَمْلَةِ لَا كُلِّ مَا ذُكِرَ، كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا إلْقَاءُ الْبُرْغُوثِ فِي الْمَسْجِدِ حَيًّا فَجَائِزٌ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَمِثْلُهُ مَا يُشْبِهُهُ مِنْ بَقٍّ وَنَحْوِهِ. وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ طَرْحَ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ حَيَّةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالنَّاسِ فَتُؤْذِيهِمْ. (قَوْلُهُ: وَيُصِرُّهَا) أَيْ: الْقَمْلَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ كَمَا هُوَ مُفَادُ تت؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُلْقِيهَا فِيهِ حَيَّةً وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ. (أَقُولُ) إنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ عَنْ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْإِيذَاءُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نُظِرَ لِكَوْنِ الْإِلْقَاءِ فِعْلًا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَنْبَغِي التَّنَزُّهُ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَةَ. (فَإِنْ قُلْت) أَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْقَمْلَةِ. (قُلْت) أَتَى بِهَا لِلْمُبَالَغَةِ. (تَنْبِيهٌ) : طَرْحُ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ قَتْلِهَا الْمَكْرُوهِ حَرَامٌ، وَصَرُّهَا بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ ارْتِكَابُ مَكْرُوهِ قَتْلِهَا فِيهِ، وَأَمَّا رَمْيُ الْقِشْرِ فَمَهْمَا حُكِمَ عَلَى مَيْتَةِ الْقَمْلَةِ بِالنَّجَاسَةِ فَرَمْيُهَا فِيهِ مَيِّتَةً حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَرَمْيُ قِشْرِ الْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِ حَرَامٌ إنْ لَزِمَ عَنْهُ تَقْذِيرٌ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالتَّعْذِيبِ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ لِلْقَمْلَةِ بِذَلِكَ اهـ. وَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا أَيْ: إنْ فُرِضَ أَنَّهَا لَمْ تَمُتْ. وَقَوْلُهُ: قَلَّ مَنْ لَدَغَتْهُ إلَّا إلَخْ أَيْ: انْتَفَى عَنْهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا مَوْتَهُ فَلَمْ يَنْتِفْ فَهُوَ ثَابِتٌ تَحْقِيقًا . (قَوْلُهُ: بِضْعَ عَشْرَةَ) مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى) أَيْ: وَالْمُرَادُ بِلَفْظِ الْجَوَازِ مَعْنًى يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى أَيْ: وَالْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْمَعْنَى الَّذِي يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى شَيْءٌ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ: لِتَوَقِّيهِ النَّجَاسَةَ لِرُؤْيَتِهِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى أَفْضَلُ لِقِلَّةِ شَوَاغِلِ فِكْرِهِ. الثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُقْتَدِي) أَيْ: بِأَنْ رَآهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهِ لِكَوْنِهِ شَافِعِيًّا أَوْ يُقَبِّلُ زَوْجَتَهُ لِكَوْنِهِ حَنَفِيًّا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ ابْنِ نَاجِي وَالْقَرَافِيِّ: الْمَذْكُورِ فِي الْحَطَّابِ مُوَافَقَتُهُ لِمَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ مِنْ أَنَّ مَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ كَمَا صَوَّرْنَا وَيَكُونُ سَاكِتًا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الِائْتِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَمَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ. بِشُمُولِهِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الِائْتِمَامِ كَأَنْ يَجْعَلَهُ إمَامًا وَهُوَ مُتَنَفِّلٌ لِمَنْ يُصَلِّي فَرْضًا فَعَلَيْهِ يَكُونُ طَرِيقَةً ثَالِثَةً مُغَايِرَةً لِلْعَوْفِيِّ وَسَنَدٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَأَحْسَنُ الطُّرُقِ. حَيْثُ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنُ الطُّرُقِ) سَيَأْتِي أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ فَتِلْكَ الْأَحْسَنِيَّةُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ مَنْ رَجَّحَ كَلَامَ سَنَدٍ. (قَوْلُهُ: لِلشُّرُوطِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْأَرْكَانَ هُوَ مَا تَخْتَلُّ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 مَسَحَ الشَّافِعِيُّ جَمِيعَ رَأْسِهِ، وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ سُنِّيَّتِهِ بِخِلَافِ لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ مَسَحَ رِجْلَيْهِ انْتَهَى. وَذَكَرَ الْعَوْفِيُّ ضَابِطًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ مَطْلُوبًا بِهَا فِي نَفْسِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ فِيهَا صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مُتَنَفِّلًا فَلَا يَأْتَمَّ بِهِ مُفْتَرِضٌ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ هَذَا كَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي الِاقْتِدَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الشَّرَائِطُ مُعْتَبَرَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ مِثْلَ الْمُتَدَلِّكِ بِمَنْ لَا يَرَاهُ أَوْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ الْقُبْلَةِ أَوْ اللَّمْسِ فَإِنَّ هَذِهِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُصَلِّي لَا فِي صِحَّةِ الِائْتِمَامِ بِهِ أَيْ: فَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ الْإِمَامِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ كَلَامُ الْعَوْفِيِّ مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبِ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " فِي الْفُرُوعِ " عَنْ الْمُخَالِفِ فِي الْأُصُولِ فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ صَحِيحٌ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ " وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ مَا لَمْ يَكْفُرْ بِبِدْعَتِهِ ". (ص) وَأَلْكَنَ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِأَلْكَنَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ لُكْنَتُهُ فِي الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ أَلْبَتَّةَ أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُغَيَّرًا فَيَشْمَلُ التَّمْتَامَ وَهُوَ الَّذِي يَنْطِقُ أَوَّلَ كَلَامِهِ بِتَاءٍ مُكَرَّرَةٍ، وَالْأَرَتَّ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ اللَّامَ تَاءً أَوْ مَنْ يُدْغِمُ حَرْفًا فِي حَرْفٍ وَالْأَلْثَغَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ مَنْ يُحَوِّلُ اللِّسَانَ مِنْ السِّينِ إلَى الثَّاءِ أَوْ مِنْ الرَّاءِ إلَى الْغَيْنِ أَوْ اللَّامِ أَوْ الْيَاءِ أَوْ مِنْ حَرْفٍ إلَى حَرْفٍ أَوْ مَنْ لَا يُتِمُّ رَفْعَ لِسَانِهِ لِثِقَلٍ فِيهِ وَالطِّمْطَامَ مَنْ يُشْبِهُ كَلَامُهُ كَلَامَ الْعَجَمِ وَالْغِمْغَامَ مَنْ لَا يَكَادُ صَوْتُهُ يَنْقَطِعُ بِالْحُرُوفِ وَالْأَخَنَّ وَهُوَ الَّذِي يَشُوبُ صَوْتَ خَيَاشِيمِهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَلْقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (ص) وَمَحْدُودٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْدُودَ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إذَا تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ. (ص) وَعِنِّينٍ. (ش) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَالَةٍ ظَاهِرَةٍ تَقْرُبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِ الْخِصَاءِ ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ فَسَّرَهُ بِالْمُعْتَرَضِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ وَبَعْضُهُمْ بِمَنْ لَهُ ذَكَرٌ صَغِيرٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِهِمَا. (ص) وَمُجَذَّمٍ إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ فَلْيُنَحَّ. (ش) الْجُذَامُ دَاءٌ مَعْرُوفٌ يَأْكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ الْمَوَّاقُ ابْنُ رُشْدٍ إمَامَةُ الْمَجْذُومِ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ جُذَامُهُ وَعَلِمَ مِنْ جِيرَانِهِ أَنَّهُمْ يَتَأَذَّوْنَ بِهِ فِي مُخَالَطَتِهِ لَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامَةِ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ " فَيَنْبَغِي إلَخْ " يُفِيدُ عَدَمَ وُجُوبِ تَنَحِّيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ) أَيْ: أَمَّ فِي صَلَاتِنَا خَلْفَهُ الْفَرِيضَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ نَاوٍ النَّافِلَةَ أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ مُعِيدًا أَيْ: فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلْعَوْفِيِّ فِي أَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسَحَ رِجْلَيْهِ) أَيْ: فِيمَنْ يَرَى أَنَّ مَسْحَ الرِّجْلَيْنِ كَافٍ عَنْ غَسْلِهِمَا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ مَسْحِ الشَّافِعِيِّ بَعْضَ رَأْسِهِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْعَوْفِيِّ فِيمَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَوْفِيَّ يَقُولُ: مَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ فَإِذَا رَآهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهِ فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ سَنَدٍ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ أَيْضًا بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاعْتِقَادُ أَيْ: فَالشَّافِعِيُّ لَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ لَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَسْحَ الْكُلِّ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ: الْعَوْفِيُّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ نِسْبَةٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. (قَوْلُهُ: مِثْلُ الْمُتَدَلِّكِ بِمَنْ لَا يَرَاهُ) أَوْ صَلَّى الْمَالِكِيُّ خَلْفَ الْحَنَفِيِّ الَّذِي لَا يَرْفَعُ مِنْ الرُّكُوعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَرِيقَةَ الْعَوْفِيِّ التَّفْصِيلُ وَقَدْ عَلِمْتهَا. وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا أَيْ: فِيمَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَمَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ إلَّا أَنَّهُ فِيمَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالْعِبْرَةُ بِالْفِعْلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ فَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُنْتَفِلِ وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ الَّذِي يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهِ فَطَرِيقَةُ ابْنِ نَاجِي وَالْقَرَافِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا أَيْ: فِيمَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَمَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الِائْتِمَامِ. (قَوْلُهُ: مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبِ) أَيْ: لِلرَّاجِحِ أَيْ: بَلْ هُوَ الْمَذْهَبُ أَيْ: الرَّاجِحُ . (قَوْلُهُ: التَّمْتَامُ) بِفَتْحَةٍ عَلَى التَّاءِ الْأُولَى كَمَا رَأَيْتُهُ فِي الْقَامُوسِ فِي نُسْخَةٍ يُظَنُّ صِحَّتُهَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَرَثَّ) رَأَيْت بِخَطِّهِ بِنُقَطٍ ثَلَاثٍ فَوْقَ الْحَرْفِ الْأَخِيرِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ اللَّامَ تَاءً وَجَدْت بِخَطِّهِ نُقْطَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى قَوْلِهِ " تَاءً " وَكَذَا فِيمَا رَأَيْته فِي بَعْضِ نُسَخِ تت الْكَبِيرِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ وَرَأَيْت فِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ " وَالْأَرَتَّ " بِنُقْطَتَيْنِ فَوْقَ الْحَرْفِ الْأَخِيرِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ تَاءً. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يُدْغِمُ حَرْفًا فِي حَرْفٍ) إشَارَةٌ لِخِلَافٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَقِيلَ هُوَ مَنْ يُدْغِمُ حَرْفًا فِي حَرْفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ حَرْفٍ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: وَالطَّمْطَامَ مَنْ يُشْبِهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ مَنْ يُشْبِهُ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عِبَارَةُ تت؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ كَلِمَاتٌ يَشْمَلُهَا الْأَلْكَنُ. (قَوْلُهُ: مَنْ يُشْبِهُ كَلَامُهُ كَلَامَ الْعَجَمِ) أَيْ: لِعَدَمِ تَبَيُّنِ الْحُرُوفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ تَمَامِ رَفْعِ اللِّسَانِ مِنْ لَازِمِهِ، شَبَّهَ كَلَامَهُ بِكَلَامِ الْعَجَمِ وَقَوْلُهُ: لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ بِالْحُرُوفِ. اللَّامُ فِي لَا يَكَادُ زَائِدَةٌ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: مَنْ يَقْرَبُ صَوْتُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ. وَقَوْلُهُ: بِالْحُرُوفِ أَيْ: بِعَدَمِ تَتَابُعِ الْحُرُوفِ وَقَوْلُهُ: يَشُوبُ صَوْتَ خَيَاشِيمِهِ شَيْءٌ إلَخْ أَيْ: فَهُوَ مَنْسُوبٌ لِلْخَيَاشِيمِ وَالْحَلْقِ إلَّا أَنَّ جُلَّهُ مِنْ الْخَيَاشِيمِ وَالْخَيَاشِيمُ عُرُوقٌ فِي بَاطِنِ الْأَنْفِ كَمَا أَفَادَهُ الْقَامُوسُ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ ذَلِكَ) وَهُوَ الْأَغَنُّ بِالْغَيْنِ وَالنُّونِ وَهُوَ الَّذِي يَشُوبُ صَوْتَهُ شَيْءٌ مِنْ الْخَيَاشِيمِ وَهُوَ سَابِعُهَا، وَالْفَأْفَاءُ وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالْأَعْجَمِيُّ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَاللُّكْنَةُ تَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ لِلزَّجْرِ لَا لِلتَّكْفِيرِ مِنْ الذَّنْبِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ إذْ الرَّاجِحُ أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ فَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَيْ: بِالْمَحْدُودِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ تَابَ مِمَّا حُدَّ فِيهِ أَوْ لَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 الْمُرَادَ بِجِيرَانِهِ مَنْ يُجَاوِرُهُ مِمَّنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُشِيرُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ " وَعَلِمَ مِنْ جِيرَانِهِ إلَخْ " تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ جُذَامُهُ " وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ " فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ أَيْ: الْجُذَامُ وَتَضَرَّرَ مَنْ خَلْفَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَى إلَخْ جُبِرَ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ (هـ) . وَيَنْبَغِي أَنَّ الْبَرَصَ مِثْلُ الْجُذَامِ . (ص) وَصَبِيٌّ بِمِثْلِهِ. (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَؤُمَّ أَمْثَالَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ. (ص) وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوَهُ. (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ أَنْ يَقِفَ مَكَانَهُ وَلَا يَلْتَصِقُ بِمَنْ خَلْفَهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِمَنْ حَذْوَهُ، وَمَعْنَى الْجَوَازِ هُنَا الْمُضِيُّ إذَا وَقَعَ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (فَائِدَةٌ) يَسَارٌ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا يَاءٌ مَكْسُورَةٌ إلَّا قَوْلَهُمْ يِسَارٌ لِلْيَدِ . (ص) وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الصَّفِّ وَلَا يَجْذِبَ إلَيْهِ أَحَدًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ فَعَلَ وَأَطَاعَهُ الْآخَرُ فَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ الْجَاذِبِ لِفِعْلِهِ وَالْمَجْذُوبِ لِإِطَاعَتِهِ وَيُقَالُ: جَبَذَ وَجَذَبَ لُغَتَانِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَلَيْسَتْ مَقْلُوبَةً وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ وَفِي قَوْلِهِ " وَلَا يَجْذِبُ إلَخْ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا فِي الصَّفِّ وَإِلَّا كُرِهَ. وَقَوْلُهُ " وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ إلَخْ " مَعَ حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَفَوَاتِ فَضِيلَةِ الصَّفِّ حَيْثُ كُرِهَ فِعْلُهُ وَإِلَّا حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ نَاوِيًا الدُّخُولَ فِيهِ. (ص) وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِسْرَاعُ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُهَرْوِلَ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْخَبَبِ وَإِنَّمَا جَازَ الْإِسْرَاعُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى الطَّاعَةِ وَالِاهْتِمَامَ بِهَا مَطْلُوبٌ. وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الْخَبَبِ أَيْ: نَهْيَ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَالسَّكِينَةَ وَقَالَ فِي التَّكْمِيلِ: لَا بَأْسَ بِإِسْرَاعِ الْمُصَلِّي لِلصَّلَاةِ مَا لَمْ يُسْرِعْ بِخَبَبٍ وَلَا بَأْسَ بِتَحْرِيكِ دَابَّتِهِ لِيُدْرِكَ الصَّلَاةَ ابْنُ رُشْدٍ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ إسْرَاعُهُ عَنْ السَّكِينَةِ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا انْتَهَى . (ص) وَقَتْلُ عَقْرَبٍ أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ. (ش) هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَصُّهُ: وَيَجُوزُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِإِيذَائِهِمَا وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُمَا فِي الْحَرَمِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَا يُقَالُ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ السَّهْوِ " وَقَتْلُ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِيمَا لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَلَا سُجُودَ فِيهِ وَهُنَا ذَكَرَ الْحُكْمَ وَهُوَ الْجَوَازُ وَقِيلَ بِالِاسْتِحْبَابِ لِإِيذَائِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ قَتْلَ الْفَأْرِ فِي الْمَسْجِدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَأَنَّ قَتْلَ الْعَقْرَبِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزٌ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَأَمَّا لِمَنْ فِي الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ تُرِيدَهُ فَيَجُوزَ وَإِلَّا كُرِهَ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْفَأْرِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْعَقْرَبِ؟ قُلْت: لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ وَالْعَقْرَبُ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ خَاصٌّ وَلَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ تُرِدْهُ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ وَكُرِهَ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ؟ قُلْت: لِأَنَّ ضَرَرَهَا أَشَدُّ فَإِنْ. قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْفَأْرِ وَكُرِهَ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ؟   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُصَلِّي إلَخْ) لِلتَّبْعِيضِ أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِقُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ خَلْفَهُ. (قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ إلَخْ) أَيْ: إنَّ ضَابِطَ التَّفَاحُشِ كَوْنُهُ يُعْلَمُ مِنْ جِيرَانِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ) الْمُخَالَفَةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّنَحِّيَ عَلَى كَلَامِ ق عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ وَإِنْ كَانَ عَبَّرَ بِيَنْبَغِي لِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَبَى جُبِرَ. وَأَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ يَنْبَغِي فِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَإِنْ قُلْت) إنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّفَاحُشَ عَلَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ عِلْمُ التَّأَذِّي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ كَلَامِ بَهْرَامَ فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِالْكَثْرَةِ. (قُلْت) ذَلِكَ يُمْكِنُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ التَّفَاحُشِ الْكَثْرَةَ وَقَدْ فُسِّرَ بِالْعِلْمِ الْمَذْكُورِ فَيُمْكِنُ تَفْسِيرُ الْكَثْرَةِ بِذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إلْصَاقِ إلَخْ) صُورَتُهُ: خَلْفَهُ وَاحِدٌ مُحَاذٍ لَهُ وَعَلَى يَمِينِهِ وَاحِدٌ وَعَلَى يَسَارِهِ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي الصَّفِّ الَّذِي حَذْوَهُ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَنْ لَا يَلْتَصِقَ بِمَنْ حَذْوَهُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ: يَعْنِي إذَا وَقَفَتْ طَائِفَةٌ حَذْوَ الْإِمَامِ أَيْ: خَلْفَهُ ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ فَوَقَفَتْ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَلَمْ تَلْتَصِقْ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْجَوَازِ هُنَا الْمُضِيُّ) أَيْ: بِمَعْنَى: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ الْأَحْسَنُ قَوْلُ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: وَعَدَمُ أَيْ: وَجَازَ جَوَازًا غَيْرَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَازَ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى فَقَطْ لَا مَا يَشْمَلُ الْكَرَاهَةَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ يُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ الْكَرَاهَةُ . (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ إلَخْ) أَيْ: إذَا عَسِرَ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ فِي الصَّفِّ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا) قَالَ تت: وَلَمْ يَذْكُرُوا عَيْنَ الْحُكْمِ هَلْ الْكَرَاهَةُ أَوْ الْمَنْعُ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ كَمَا قُيِّدَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مَقْلُوبَةً) أَيْ: وَلَيْسَ جَذَبَ مَقْلُوبَ جَبَذَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ: كُرِهَ لَهُ جُلُوسُهُ خَارِجَ الصَّفِّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كُرِهَ فِعْلُهُ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَمَ بِالْجَوَازِ وَهَذِهِ مَكْرُوهَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: وَفِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجْذِبُ إلَخْ. بَقِيَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَقَوْلُهُ: وَلَا يَجْذِبُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الْمَعْنَى وَهُوَ الْمَظْرُوفُ فِي اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ) وَأَمَّا إنْ خَافَ بِتَرْكِ الْخَبَبِ فَوَاتَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجِبُ. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: فِي إسْرَاعِ الدَّابَّةِ وَإِسْرَاعِ الرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا) وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ اللَّخْمِيُّ: السَّكِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ، وَإِدْرَاكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ السَّكِينَةِ اهـ. فَإِدْرَاكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ الرَّكْعَةِ . (قَوْلُهُ: بِالْمَسْجِدِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْفَأْرِ وَكُرِهَ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ جَوَابُهُ مِنْ الْعِلْمِ يَكُونُ الْفَأْرُ أَشَدَّ مِنْ الْعَقْرَبِ مِنْ حَيْثُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 قُلْت: لِأَنَّ الْفَأْرَ مِنْ الْفَوَاسِقِ الَّتِي يُبَاحُ قَتْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ . (ص) وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ. (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ إحْضَارُ الصَّبِيِّ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: الْوَصْفُ بِقَوْلِهِ لَا يَعْبَثُ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ نَكِرَةٍ أَيْ: يَمْتَثِلُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَشَأْنُهُ أَنْ لَا يَلْعَبَ. وَثَانِيهِمَا: الْحَالُ بِقَوْلِهِ " وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ " أَيْ: يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ الْعَبَثِ مِنْهُ يَمْتَنِعُ إذَا نُهِيَ عَنْهُ بِأَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ الْعَبَثُ أَوْ عَدَمُ الْكَفِّ عِنْدَ النَّهْيِ حَرُمَ إحْضَارُهُ، فَقَوْلُهُ " بِهِ " بِمَعْنَى فِي وَالْوَاوُ فِي وَيَكُفُّ وَاوُ الْحَالِ لَا وَاوُ الْعَطْفِ عَلَى جُمْلَةِ يَعْبَثُ أَيْ: وَإِجَازَةُ إحْضَارِ صَبِيٍّ فِي الْمَسْجِدِ بِقَيْدَيْنِ: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَعْبَثُ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَعْبَثَ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَإِنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ . (ص) وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِبَ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ ثُمَّ قَدَمِهِ ثُمَّ يَمِينِهِ ثُمَّ أَمَامَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ الْمُحَصَّبِ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يَبْصُقَ أَوْ يَتَنَخَّمَ فِيهِ فَوْقَ حَصْبَائِهِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ دَفْنٌ فِي الْحَصْبَاءِ فَعَلَ مَا ذُكِرَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى وَالْيَسَارِ، وَجِهَةُ الْيَسَارِ فِي مَرْتَبَةِ الْقَدَمِ، ثُمَّ جِهَةَ يَمِينِهِ ثُمَّ أَمَامَهُ. وَأَمَّا الْمَخْطُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَضْمَضَةِ   [حاشية العدوي] عُمُومُ أَذِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَوَاسِقِ) فَسَقَ يَفْسُقُ فُسُوقًا مِنْ بَابِ قَعَدَ خَرَجَ عَنْ الطَّاعَةِ فَقِيلَ لِلْحَيَوَانَاتِ الْخَمْسِ فَوَاسِقُ اسْتِعَارَةً وَامْتِهَانًا لَهُنَّ لِكَثْرَةِ خُبْثِهِنَّ وَإِيذَائِهِنَّ حَتَّى قِيلَ: يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ مِصْبَاحٌ . (قَوْلُهُ: أَيْ: يَمْتَثِلُ مَا أُمِرَ بِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهَا مِنْ تَفْسِيرِ لَا يَعْبَثُ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ قَوْلِهِ " وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ " فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِالنَّهْيِ. (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا الْحَالُ) أَيْ: مِنْ صَبِيٍّ وَإِنَّمَا صَحَّ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ صَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ وُصِفَ بِقَوْلِهِ: لَا يَعْبَثُ. وَالتَّقْدِيرُ وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ. مَوْصُوفٍ بِعَدَمِ الْعَبَثِ فِي حَالِ كَوْنِهِ يَنْكَفُّ عَنْ الْعَبَثِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ إذَا نُهِيَ أَيْ: بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ الْمُنْتَفِي عَادَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُ الْكَفِّ عِنْدَ النَّهْيِ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْعَبَثِ. (قَوْلُهُ: لَا وَاوُ الْعَطْفِ) أَقُولُ: لَا مَانِعَ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى جُمْلَةِ " لَا يَعْبَثُ "؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْآتِيَ عَلَى الْحَالِيَّةِ آتٍ مَعَ الْعَطْفِ إذْ الْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ: وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ لَا يَعْبَثُ وَمَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ يَنْكَفُّ عِنْدَ وُجُودِ الْعَبَثِ بِتَقْدِيرِ إذَا نُهِيَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بِشَرْطَيْنِ. فَتِلْكَ الشَّرْطِيَّةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْعَطْفِ وَكَذَا قَوْلُهُ: بِقَيْدَيْنِ. ظَاهِرٌ فِي الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ يَعْبَثُ وَلَا يَنْكَفُّ إذَا نُهِيَ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا أَيْ: بِأَنْ كَانَ يَعْبَثُ وَكَانَ إذَا نُهِيَ يَنْتَهِي أَوْ كَانَ لَا يَعْبَثُ وَبِتَقْدِيرِ إذَا عَبِثَ وَنُهِيَ لَا يَنْتَهِي. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ ضَعُفَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ أَيْ: فَالْمَعْنَى عَلَى أَوْ أَيْ: فَمَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَعْبَثَ وَلَا يَكُفَّ إذَا نُهِيَ لَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ، وَأَمَّا مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَعْبَثَ وَلَكِنَّهُ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَكُفَّ إذَا نُهِيَ فَفِي ابْنِ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ حُضُورُهُ، وَلَكِنْ مُفَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنِ عَرَفَةَ جَوَازُهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا . (قَوْلُهُ: وَبَصْقٌ) أَيْ: أَوْ تَنَخُّمٌ. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: إنْ حُصِبَ) أَيْ: فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ فَيَبْصُقُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ وَيَدْفِنُهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) سَيَأْتِي يَقُولُ الشَّارِحُ: إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ فَوْقَ حَصْبَائِهِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ فَمُفَادُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي حَصِيرِهِ يَرْجِعُ لِلْمُحَصَّبِ أَيْ: فَمُفَادُهُ اخْتِصَاصُ جَوَازِ الْبَصْقِ تَحْتَ الْحَصِيرِ بِالْمُحَصَّبِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْمُحَصَّبِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَدَمِهِ) أَيْ: ثُمَّ تَحْتَ قَدَمِهِ، وَلَفْظُ " قَدَمِهِ " مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ فَهُوَ شَامِلٌ لِقَدَمِ الْيُمْنَى وَقَدَمِ الْيُسْرَى قَالَ فِي ك: وَتَقْدِيرُ تَحْتَ قَدَمِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُرَادًا يُوجِبُ عَطْفَهُ عَلَى حَصِيرِهِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَمِينَهُ ثُمَّ أَمَامَهُ عَطْفٌ عَلَى تَحْتَ فَأَنْتَ تَرَاهُ عَطَفَ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ ثُمَّ عَادَ لِلْعَطْفِ عَلَى الْمُضَافِ فَفِيهِ قَلَقٌ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي الْإِتْيَانِ بِثُمَّ نَظَرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَحْتَ الْحَصِيرِ مَرْتَبَةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقَدَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَرَاتِبُ الْقَدَمِ وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا هِيَ فِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ حَصِيرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْجِدَ إمَّا مُبَلَّطٌ أَوْ مُحَصَّبٌ أَوْ مُتَرَّبٌ فَالْمُبَلَّطُ لَا يُبْصَقُ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ بِحَصِيرٍ أَوْ لَا. وَأَمَّا الْمُحَصَّبُ وَالْمُتَرَّبُ فَإِنْ كَانَ بِحَصِيرٍ فَيَبْصُقُ تَحْتَ حَصِيرِهِ وَلَا تَأْتِي الْمَرَاتِبُ فِيهِ وَإِنَّمَا تَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَكُونَا بِحَصِيرٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَوَّلًا يَبْصُقُ فِي ثَوْبِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَتَحْتَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى أَوْ الْيَسَارِ، وَجِهَةُ الْيَسَارِ فِي مَرْتَبَةِ الْقَدَمِ فَالثَّلَاثَةُ أَيْ: تَحْتَ الْقَدَمِ الْيُمْنَى وَتَحْتَ الْقَدَمِ الْيُسْرَى وَجِهَةَ الْيَسَارِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالظَّاهِرُ تَأْخِيرُ الْقَدَمِ الْيُمْنَى عَنْ الْقَدَمِ الْيُسْرَى وَجِهَةِ الْيَسَارِ ثُمَّ يَمِينِهِ ثُمَّ أَمَامَهُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْإِتْيَانِ بِثُمَّ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ قَبْلَ الْقَدَمِ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى وَهِيَ تَحْتَ حَصِيرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا أَفَادَهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ يَكُونُ فِي الَّذِي حُصِبَ وَغَيْرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ هُوَ قَاصِرٌ عَلَى الْمُحَصَّبِ أَوْ الْمُتَرَّبِ الْخَالِي عَنْ حَصِيرٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَبَصْقٌ بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ كَفِي طَرَفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ عَلَى يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ ثُمَّ يَمِينَهُ ثُمَّ أَمَامَهُ فِي مُحَصَّبٍ فَقَطْ لَا حَصِيرَ بِهِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَنَخَّمَ) أَيْ: لَا يَمْتَخِطَ فَيُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: فَوْقَ حَصْبَائِهِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ فَوْقَ تُرَابِهِ وَيَدْفِنُهُ فِي الْحَصْبَاءِ أَوْ التُّرَابِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ الْمَرَاتِبُ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) أَيْ: الْمُحَصَّبِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ دَفْنٌ فِي الْحَصْبَاءِ) هَذَا حِلُّ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي أَنَّ قِبَلَ الْقَدَمِ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَوْلُهُ: قَدَمِهِ ثُمَّ يَمِينَهُ إلَخْ تَفْصِيلٌ فِي الْمُحَصَّبِ الْخَالِي مِنْ الْحَصِيرِ فَلَوْ حَذَفَ ثُمَّ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُحَصَّبِ الْمَذْكُورِ مَرْتَبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَصْقِ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ قِبَلَ الْقَدَمِ الَّذِي قَبْلَهُ مَرْتَبَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْبَصْقُ فِي الثَّوْبِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَخْطُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الَّذِي يَظْهَرُ حُرْمَةُ الْمَخْطِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ أَيْ: لِمُشَاهَدَةِ إيذَاءِ الْغَيْرِ بِالْمَخْطِ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 كَمَا قَالَهُ ح أَيْ: فَتُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَوْلُهُ " إنْ حُصِبَ " أَيْ: فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ " عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: وَبَصَقَ بِهِ فَوْقَ حَصْبَائِهِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ فِي الْمُحَصَّبِ، وَالْجَوَازُ فِي الْبَصْقِ وَالنُّخَامَةِ مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ لَا أَكْثَرَ لِتَأْدِيَتِهِ لِتَقْطِيعِ حُصُرِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ لِاسْتِجْلَابِ الدَّوَابِّ فَإِنْ أَدَّى إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ حَائِطَ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا مُنِعَ كَذَا يَنْبَغِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: هَذِهِ الْمَرَاتِبُ مُسْتَحَبَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ لَا خَارِجَهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَبْصُقَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَصَّبٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يَبْصُقُ فِي الْمُحَصَّبِ أَيْضًا فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ لَكِنْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّرْتِيبُ الَّذِي فِي الْمُصَلِّي . (ص) وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَشَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ وَيُنْدَبُ لِلْمُتَجَالَّةِ الْمُسِنَّةِ الَّتِي لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَحْرَى لِلْفَرْضِ، أَمَّا مُتَجَالَّةٌ لَمْ يَنْقَطِعْ أَرَبُ الرِّجَالِ مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ، وَيَجُوزُ جَوَازًا مَرْجُوحًا لِلشَّابَّةِ أَنْ تَخْرُجَ لِلْمَسْجِدِ فِي الْفَرْضِ وَجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا لَا لِذِكْرٍ وَمَجَالِسِ عِلْمٍ وَإِنْ انْعَزَلَتْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ بَادِيَةً فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجُ أَصْلًا وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ بِالْخُرُوجِ لِلْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) أَيْ: لَا فَوْقَهَا وَإِنْ دَلَكَهُ فِيهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَإِذَا بَصَقَ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ دَفَنَهُ بِهَا وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ فِيهِ وَإِنْ غَطَّاهَا بِالْحَصْبَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النُّخَامَةِ أَنَّهَا تَكْثُرُ وَتَتَكَرَّرُ فَيَشُقُّ الْخُرُوجُ لَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ كَرَاهَتِهَا بِهِ فِي مَحَلٍّ مُعَدٍّ لِلْوُضُوءِ حَيْثُ يَكُونُ لِلْمَاءِ سَرَبٌ بِالْأَرْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ النَّهْيُ بِبَلَّاعَةٍ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ ذَكَرَهُ عب. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ، الْمُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ أَيْ: الْمُحَصَّبِ. (قَوْلُهُ: مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ) قَالَ عب وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَفِي يَوْمٍ فَقَطْ وَأَمَّا مَرَّةً مِنْ وَاحِدٍ وَمِثْلُهُ لِغَيْرِهِ، فَفَعَلَ كَثِيرٌ، فَلَا يَجُوزُ لِتَأَذِّي النَّاسِ غَالِبًا بِذَلِكَ أَمْ لَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ لِتَأْدِيَتِهِ) أَيْ: لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَنُهَا مِنْ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِجْلَابِ الدَّوَابِّ) أَيْ: إنَّمَا يُؤْذِي لِاسْتِقْذَارِهِ لِاسْتِجْلَابِ الدَّوَابِّ وَقَوْلُهُ: إنْ أَدَّى إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ وَكَذَلِكَ الْمَخْطُ وَالْمَضْمَضَةُ إنَّمَا يُكْرَهَانِ فَقَطْ مَا لَمْ يُؤَدِّيَا لِلِاسْتِقْذَارِ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا إذَا كَانَ يَتَأَذَّى بِهِمَا الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ حَائِطَ الْمَسْجِدِ) إذَا كَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَصْقِ فِي الْمُحَصَّبِ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ الْحَصِيرِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ أَمَامَهُ مِنْ أَنَّهُ يَبْصُقُ بِحَائِطِ الْقِبْلَةِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا فِي حَائِطِ الْقِبْلَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ أَيْ: مُطْلَقًا أَيْ: فِي مُحَصَّبٍ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ التَّرْتِيبَ وَتُفِيدُ أَنَّ الْأَصْلَ الْخَلْفُ مَعَ أَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَسَارِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ أَيْ: لِقِلَّةِ الْحَصْبَاءِ وَقِلَّةِ التُّرَابِ فَيَبْصُقُ تَحْتَ الْقَدَمِ لِيَعْرُكَهَا بِقَدَمِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنْ يُقَدِّمَ الْبَصْقَ بِثَوْبِهِ عَلَى الْمُحَصَّبِ أَوْ الْمُتَرَّبِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوْبَ يُطْلَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَيَتَعَيَّنُ فِي غَيْرِ الْمُحَصَّبِ وَهُوَ الْمُبَلَّطُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَصْقُ فِيهِ بِحَالٍ لَا عَلَى بَلَاطِهِ وَلَا فِي فُرُشِهِ اهـ. إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ فَيَتَنَخَّمُ أَمَامَهُ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّمَ فِي وَجْهِهِ فَإِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّمْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ» اهـ. يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَصَّبٍ) أَيْ: وَلَا مُتَرَّبٍ أَيْ: بِأَنْ كَانَ مُبَلَّطًا كَانَ لَهُ حَصِيرٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا) أَيْ: وَلَيْسَ لَهُ حَصِيرٌ. . (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ) هَذَا حُكْمٌ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَائِزِ فَيُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ جَائِزٌ غَيْرُ مَنْدُوبٍ مَعَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: لَا أَرَبَ) أَيْ: لَا حَاجَةَ. (قَوْلُهُ: تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ) أَيْ: جَوَازًا مَرْجُوحًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّصُّ بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ فِي الْفَرْضِ وَغَيْرِهِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فَفَارَقَتْ الشَّابَّةَ الْغَيْرَ الْمُتَجَالَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَثْرَةَ التَّرَدُّدِ مَكْرُوهَةٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَوَازًا مَرْجُوحًا) أَيْ: فَذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ شب. (قَوْلُهُ: وَجِنَازَةِ أَهْلِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَقَرَابَتِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: لَا لِذِكْرٍ وَمَجَالِسِ عِلْمٍ) أَيْ: فَيُمْنَعُ كَمَا فِي شب فَقَالَ: وَيُمْنَعُ خُرُوجُهَا لِمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالْوَعْظِ وَإِنْ بَعُدَتْ وَإِنْ كَانَتْ مُنْعَزِلَةً عَنْ الرِّجَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ وَشَرَطَ الْعُلَمَاءُ فِي خُرُوجِهَا أَنْ تَكُونَ بِلَيْلٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ خُرُوجُهُنَّ لَيْلًا وَإِنَّمَا يَكُونُ نَهَارًا وَيُمْكِنُ اخْتِلَافُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَأَنْ يَكُنَّ غَيْرَ مُزَيَّنَاتٍ وَلَا مُتَطَيِّبَاتٍ وَلَا مُزَاحِمَاتٍ لِلرِّجَالِ، وَفِي مَعْنَى الطِّيبِ إظْهَارُ الزِّينَةِ وَأَنْ تَخْرُجَ فِي خَشِنِ ثِيَابِهَا وَأَنْ لَا تَتَحَلَّى بِحُلِيٍّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ لِلرِّجَالِ بِنَظَرٍ أَوْ صَوْتٍ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَنْ لَا يَبْقَى بِالطَّرِيقِ مَا يُتَّقَى مَفْسَدَتُهُ عِيَاضٌ. وَإِذَا مُنِعْنَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجْنَ فِي غَيْرِ اللَّيَالِيِ الْمَقْصُودَةِ بِالْخُرُوجِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَيَنْبَغِي فِي زَمَانِنَا الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: بَادِيَةً) أَيْ: ظَاهِرَةً. (قَوْلُهُ: وَالنَّجَابَةِ) أَيْ: الْكَرَمِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ وَالْمُرَادُ الْحُسْنُ تَقُولُ: امْرَأَةٌ كَرِيمَةٌ أَيْ: حَسَنَةٌ وَمِنْهُ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ لِخِيَارِهَا وَحُسْنِهَا، وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 طَلَبَتْهُ بِخِلَافِ الْمُتَجَالَّةِ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُفِيدُهُ وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ الْقَضَاءِ وَلَوْ اشْتَرَطَ لَهَا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ مُتَجَالَّةً، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ أَنَّ النِّسَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ . (ص) وَاقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ بِإِمَامٍ. (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَهْلِ السُّفُنِ الْمُتَقَارِبَةِ أَنْ يَقْتَدُوا بِإِمَامٍ وَاحِدٍ إنْ كَانُوا بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ تَكْبِيرَهُ وَيَرَوْا أَفْعَالَهُ وَسَوَاءٌ كَانُوا فِي الْمَرْسَى أَوْ سَائِرِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوِّ مَا يُفَرِّقُهُمْ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ اسْتَخْلَفُوا وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا وُحْدَانًا فَلَوْ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا لِإِمَامِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا عَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا فَلَا يَرْجِعُوا إلَيْهِ وَلَا يَلْغُو مَا عَمِلُوا بِخِلَافِ مَسْبُوقٍ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ فَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَتَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيُلْغِي مَا فَعَلَهُ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ، فَلَوْ اسْتَخْلَفُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا فَلَا يَرْجِعُوا أَيْضًا، وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ إمَامَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ التَّفْرِيقَ ثَانِيًا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ. (ص) وَفَصْلُ مَأْمُومٍ بِنَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ مِنْ نَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ مَا يَأْمَنُونَ مَعَهُ عَدَمَ سَمَاعِ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ مَأْمُومِهِ أَوْ رُؤْيَةَ فِعْلِ أَحَدِهِمَا، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلَّ فَاصِلٍ. (ص) وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ وَلَوْ بِسَطْحٍ لَا عَكْسُهُ. (ش) يُرِيدُ أَنْ يَجُوزَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان مُرْتَفِعٍ وَلَوْ كَانَ سَطْحًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ عَنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَكْسِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ أَيْ: وَكَانَ يَضْبِطُ أَحْوَالَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرٍ فَلَا يُشْكِلُ بِكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ضَبْطُ أَحْوَالِ إمَامِهِ فَلَوْ فُرِضَ التَّعَذُّرُ أَوْ عَدَمُهُ فِيهِمَا اسْتَوَيَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ " وَلَوْ بِسَطْحٍ " هُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْكَرَاهَةُ نَعَمْ مَا نَقَلَهُ تت عَنْ صَاحِبِ الْإِشْرَافِ الْمَنْعُ فَقِفْ عَلَيْهِ. (ص) وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَصَدَ بِالِارْتِفَاعِ وَلَوْ يَسِيرًا التَّكَبُّرَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ أَوْ قَصَدَ الْمَأْمُومَ بِهِ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ فَلَا بُطْلَانَ لَا لِإِمَامٍ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا كَمَا يَأْتِي فَيَجُوزَ، وَلَا لِمَأْمُومٍ مَعَ جَوَازِهِ لَهُ وَإِنْ كَثُرَ. وَأَحْسَنُ النُّسَخِ نُسْخَةُ " لِقَصْدِ " بِاللَّامِ وَيَلِيهَا نُسْخَةُ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَقْبَحُهَا نُسْخَةُ الْكَافِ عَلَى جَعْلِهَا لِلتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْعُلُوِّ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ وَهُوَ قَوْلٌ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَتَصِحُّ عَلَى جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] . وَقَوْلُهُ " بِهِ " أَيْ: بِالْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ لَا الْعُلُوِّ بِسَطْحٍ، وَقَوْلُهُ " إلَّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَبِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَقُولُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَطَ لَهَا فِي الْعَقْدِ) أَيْ: وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي كَمَا فِي السَّمَاعِ أَنْ يَفِيَ بِهِ لِخَبَرِ " أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ " وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: وَلَا يُقْضَى. بِأَنَّ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمُ مَنْعِهَا لِخَبَرِ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» وَهُوَ مَعَ الشَّرْطِ آكَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَجَالَّةً) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ: وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ. يَقْضِي بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا. قَاصِرٌ عَلَى الشَّابَّةِ. وَقَوْلِهِ: وَلَوْ مُتَجَالَّةً. يَقْتَضِي أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا شَابَّةً وَغَيْرَهَا. الْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا . (قَوْلُهُ: وَيَرَوْا أَفْعَالَهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ: أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ. وَحَذَفَ النُّونَ عَلَى لُغَةٍ كَقَوْلِهِ: وَتُسَلِّمُوا عَلَى فُلَانٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ فِي الْمَرْسَى لَا فِي حَالِ السَّيْرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونُوا عَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ: كَرُكُوعٍ لَا كَقِرَاءَةٍ فَهُمْ عَلَى مَأْمُومِيَّتِهِمْ فَيَتَّبِعُونَهُ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَ هُوَ قَدْ عَمِلَ بَعْدَهُمْ عَمَلًا وَيَجْتَمِعُ لَهُمْ حِينَئِذٍ الْبِنَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْحَاصِلُ كَمَا كَتَبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُمْ إذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَوْ اسْتَخْلَفُوا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا لَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَإِنْ رَجَعُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا وَلَمْ يَسْتَخْلِفُوا وَجَبَ رُجُوعُهُمْ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي الَّتِي تَلِي الْقِبْلَةَ وَانْظُرْ لَوْ حَصَلَ تَفْرِيقُ الرِّيحِ لَهَا بَعْدَمَا قَرَأَ الْإِمَامُ هَلْ يُعْتَدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَأْمُومِيَّةِ لَمْ يَزَلْ مُنْسَحِبًا عَلَيْهِمْ إلَى وَقْتِ التَّفْرِيقِ بَلْ وَبَعْدَهُ أَيْضًا حَيْثُ اجْتَمَعْنَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ وَحُصُولِ عَمَلٍ أَوْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْبُوقٍ ظَنَّ إلَخْ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَفْرِيقَ السُّفُنِ ضَرُورِيٌّ فَلِذَا اعْتَدُّوا بِمَا فَعَلُوا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّ مُفَارَقَتَهُ لِلْإِمَامِ نَاشِئَةٌ عَنْ نَوْعِ تَفْرِيطٍ فِيهِ وَأَيْضًا لَا يُؤْمَنُ تَفْرِقَتُهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْفَصْلُ بِالْكَبِيرِ غَيْرَ جَائِزٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا وَبَطَلَتْ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ بِقُيُودٍ ثَلَاثٍ أَنْ لَا يَكُونَ لِتَعْلِيمٍ وَأَنْ يَكُونَ دَخَلَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ ضَرُورَةً فَإِنْ كَانَ لِتَعْلِيمٍ كَصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ فَجَاءَ مَنْ صَلَّى أَسْفَلَ مِنْهُ أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ لِضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ جَازَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَعَذَّرُ إلَخْ) فَالتَّعَذُّرُ مُحْتَمَلٌ وَلِذَلِكَ كُرِهَ وَلَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَرُمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ) ضَعِيفٌ إذَا الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنُ النُّسَخِ نُسْخَةُ لِقَصْدِ بِاللَّامِ) لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي التَّعْلِيلِ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِلتَّعْلِيلِ فَمَا وَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّامَ ظَاهِرَةٌ فِي التَّعْلِيلِ ظُهُورًا قَوِيًّا بِخِلَافِ كَوْنِ الْبَاءِ لِلسَّبَبِيَّةِ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَأْتِي لِغَيْرِهَا كَالتَّعْدِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِهِ أَيْ: بِالْعُلُوِّ) ظَاهِرُهُ لَوْ قَصَدَ الْكِبْرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 بِكَشِبْرٍ " مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " لَا عَكْسُهُ " سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى وَصْلُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْكِبْرِ، وَفِي كَلَامِ الطِّخِّيخِيِّ نَظَرٌ حَيْثُ جَعَلَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَصْدِ الْكِبْرِ وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِهِ وَلَوْ بِالْعُلُوِّ الْيَسِيرِ ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الشِّبْرِ عَظْمُ الذِّرَاعِ مِنْ طَيِّ الْمِرْفَقِ إلَى مَبْدَأِ الْكَفِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الذِّرَاعُ الْمُتَوَسِّطُ. (ص) وَهَلْ يَجُوزُ إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ. (ش) أَيْ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ " لَا عَكْسُهُ " سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ اُخْتُلِفَ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَوْ كَانَ وَحْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَوْ مَحَلُّ النَّهْيِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَلَا مَنْعَ حَيْثُ كَانَ الْغَيْرُ لَا مِنْ الْأَشْرَافِ بَلْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُهُ فَخْرًا وَعَظَمَةً وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ " . (ص) وَمُسَمِّعٌ وَاقْتِدَاءٌ بِهِ أَوْ بِرُؤْيَتِهِ وَإِنْ بِدَارٍ. (ش) أَيْ: وَجَازَتْ صَلَاةُ مُسَمِّعٍ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ بِصَوْتِ الْمُسَمِّعِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ صَوْتَهُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمُسَمِّعِ فَإِنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ وَكَمَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِصَوْتِ الْمُسَمِّعِ وَأَوْلَى صَوْتُ الْإِمَامِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي فِي الْأَرْبَعِ بِدَارٍ وَالْإِمَامُ خَارِجَهَا بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ، فَقَوْلُهُ " وَمُسَمِّعٌ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: جَازَتْ صَلَاةُ مُسَمِّعٍ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " وَاقْتِدَاءٌ بِهِ " وَمِنْ لَازِمِ جَوَازِهَا صِحَّتُهَا لَا الْعَكْسُ فَلِهَذَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصِحُّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِالتَّكْبِيرِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مُجَرَّدَ إسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُمْ فَصَّلُوا تَفْصِيلًا لَا نَقُولُ بِهِ، وَفِي قَوْلِهِ " وَاقْتِدَاءٌ بِهِ " مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ إنَّمَا هُوَ بِالْإِمَامِ أَيْ: وَجَازَ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَعْتَمِدَ فِي انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ عَلَى صَوْتِ الْمُسَمِّعِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامِ أَتْبَعَهَا بِشُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُتَابَعَةُ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ. وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ. (ص) وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ. (ش) أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ نِيَّةُ اتِّبَاعِ إمَامِهِ أَوَّلًا فَلَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَنْتَقِلَ لِلْجَمَاعَةِ وَلَا الْعَكْسُ، فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الشَّرْطِ إلَّا فِي عَدَمِ الِانْتِقَالِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ " وَلَا يَنْتَقِلُ إلَخْ " بِالْفَاءِ عَلَى هَذَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الِاقْتِدَاءِ بِدُونِ نِيَّةٍ فَإِنَّ مَنْ وَجَدَ شَخْصًا يُصَلِّي وَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ مَأْمُومٌ وَحَصَلَتْ لَهُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ نَوَى أَنَّهُ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ إنْ قَرَأَ وَإِلَّا بَطَلَتْ مِنْ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا لِتَرْكِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَفِي أَيِّ صُورَةٍ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مَأْمُومٌ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (ص) بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَلَوْ بِجِنَازَةٍ. (ش) أَيْ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَلَيْسَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَلَوْ جِنَازَةً إذْ الْجَمَاعَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا بَلْ شَرْطُ كَمَالٍ. (ص) إلَّا جُمُعَةً وَجَمْعًا   [حاشية العدوي] بِتَقَدُّمِهِ لِلْإِمَامَةِ أَوْ قَصَدَ الْكِبْرَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى آخَرَ فَلَا تَكُونُ بَاطِلَةً وَالتَّعْلِيلُ بِفِسْقِ الْمُتَكَبِّرِ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. . (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَجَازَتْ. بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى بِمَعْنَى أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِصَوْتِ الْمُسَمِّعِ) هَذِهِ مَرْتَبَةٌ وَقَوْلُهُ: وَأَوْلَى صَوْتُ الْإِمَامِ مَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ، وَرُؤْيَةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَرْتَبَتَانِ إلَّا أَنَّ أَعْلَاهَا رُؤْيَةُ فِعْلِ الْإِمَامِ، فَسَمَاعُ قَوْلِهِ، فَرُؤْيَةُ فِعْلِ الْمَأْمُومِينَ، فَسَمَاعُ قَوْلِهِمْ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيِّ وَحَكَى الْبُرْزُلِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الصِّحَّةَ فِي الْأَرْبَعِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الصِّحَّةَ إلَّا فِيمَنْ لَيْسَ مُصَلِّيًا أَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ. (قَوْلُهُ: فَصَّلُوا تَفْصِيلًا لَا نَقُولُ بِهِ) أَيْ: فَقَالُوا: إنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ أَوْ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَانَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ فَبَاطِلَةٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مُسَامَحَةٌ) أَيْ: لَوْ أُرِيدَ بِهِ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا حَيْثُ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَا مُسَامَحَةَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَشَرْطُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وُقُوعُهُ أَوَّلًا، وَمَصَبُّ الشَّرْطِيَّةِ قَوْلُهُ: أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَفَرِّعَ الصُّورَتَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الثَّانِيَةُ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) تَعْلِيلُ التَّقْدِيرِ أَوَّلًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ الِاقْتِدَاءِ بِدُونِ نِيَّةٍ فَكَيْفَ يَقُولُ: وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ الْمُفِيدُ إمْكَانَ وُجُودِ الِاقْتِدَاءِ بِدُونِ نِيَّةٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَأْمُومٌ) أَيْ: مُقْتَدًى بِهِ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْفَرِدٌ أَيْ: لَيْسَ بِمُقْتَدٍ وَقَوْلُهُ: وَحَصَلَتْ لَهُ نِيَّةُ إلَخْ. الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَصَلَ الِاقْتِدَاءُ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْفَرِدٌ أَيْ: وَلَمْ يَحْصُلْ الِاقْتِدَاءُ. (قَوْلُهُ: فَفِي أَيِّ صُورَةٍ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ أَيْ: لَا تُوجَدُ صُورَةٌ. (تَنْبِيهٌ) : نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي كَانْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ بِالْإِحْرَامِ وَلَوْ سُئِلَ حِينَئِذٍ عَنْ سَبَبِ الِانْتِظَارِ لَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ وَالْأَوْلَى أَنَّ " نِيَّةُ " مُبْتَدَأٌ " وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ " خَبَرُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ إذَا كَانَا مَعْرِفَتَيْنِ أَنْ يُجْعَلَ الْأَعْرَفُ مُبْتَدَأً، وَنِيَّتُهُ أَعْرَفُ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ لِلضَّمِيرِ " وَشَرْطٌ " مُضَافٌ لِلْمُحَلَّى بِأَلْ، وَالضَّمِيرُ أَعْرَفُ مِنْ الْمُحَلَّى بِأَلْ وَهَذَا عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي أَقَلِّهَا وَشُرِطَ لِلِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ بِجَعْلِ شُرِطَ فِعْلًا مَبْنِيًّا لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ) أَيْ: بِخِلَافِ إمَامَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُقَابِلُ الِاقْتِدَاءَ الْإِمَامَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا جُمُعَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي فَتَقَدُّمُ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ وَالِاسْتِخْلَافُ دَالٌّ عَلَيْهَا فَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ وَفِي حُصُولِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 وَخَوْفًا وَمُسْتَخْلَفًا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ أَحَدُهَا: إذَا كَانَ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِ لِانْفِرَادِهِ وَعَلَيْهِمْ لِبُطْلَانِهَا عَلَيْهِ. ثَانِيهَا: الْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يَجْمَعُ وَحْدَهُ وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا خُصُوصِيَّةٌ لِلْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْجُمُوعِ كَالْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ إذْ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَلْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مُشْتَرَطَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَقِيلَ: تَكُونُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجَمْعِ فِيهَا. وَقِيلَ: فِي الصَّلَاتَيْنِ إذْ لَا يُعْقَلُ الْجَمْعُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ الثَّانِي فَلَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَبَطَلَتَا مَعًا عَلَى الثَّانِي. ثَالِثُهَا: الصَّلَاةُ فِي الْخَوْفِ الَّذِي أُدِّيَتْ فِيهِ عَلَى هَيْئَتِهَا بِطَائِفَتَيْنِ إذْ لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ إلَّا بِجَمَاعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بَطَلَتْ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ وَعَلَى الْإِمَامِ. رَابِعُهَا: الْإِمَامُ الْمُسْتَخْلَفُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ نِيَّةِ الْإِمَامِيَّةِ والْمَأْمُومِيَّةِ إذْ شَرْطُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهُ خَلِيفَةَ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِلتَّلَاعُبِ. وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمَّا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا بِحَيْثُ تَنْعَدِمُ بِعَدَمِهِ، وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ يَنْعَدِمُ حُصُولُ الْفَضْلِ لِلْإِمَامِ بِعَدَمِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا، وَالتَّشْبِيهُ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ صَحَّ تَشْبِيهُهُ بِهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بِقَوْلِهِ " كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ " أَيْ: شَرْطُ حُصُولِ الْفَضْلِ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ سَوَاءٌ كَانَ رَاتِبًا أَمْ غَيْرَهُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ " كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ " خِلَافُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَأَنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ يَحْصُلُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ. (ص) وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ بِظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ. (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى نِيَّتِهِ أَيْ: وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ وَمُسَاوَاةٌ وَمُتَابَعَةٌ أَيْ: مُسَاوَاةٌ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمُقْتَدَى بِهِ فِيهَا إلَّا مَا يَسْتَثْنِيهِ بَعْدُ فَلَا يُصَلَّى فَرْضٌ خَلْفَ نَفْلٍ وَظَاهِرُهُ لَا يُصَلِّي نَاذِرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ خَلْفَ مُفْتَرِضٍ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ خَلْفَ فَرْضٍ مُغَايِرٍ لَهُ، وَأَمَّا الْمَنْذُورَةُ خَلْفَ النَّافِلَةِ فَلَا تَصِحُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَازِرِيِّ تَرَدَّدَ أَصْحَابُنَا فِي نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ صَلَّاهُمَا خَلْفَ مُتَنَفِّلٍ وَأَجْرَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ، وَرُدَّ بِاتِّحَادِ نِيَّةِ الْفَرْضِ وَلَا يُصَلَّى ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ فَلَوْ ظَنَّ الْمُسَاوَاةَ فَأَحْرَمَ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ كَظَانِّ الْإِمَامِ فِي ظُهْرٍ فَأَحْرَمَ فَإِذَا هُوَ فِي عَصْرٍ فَقِيلَ: يَقْطَعُ وَيَسْتَأْنِفُ   [حاشية العدوي] فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الِانْفِرَادَ. (قَوْلُهُ: نِيَّةَ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى) فَلَوْ تَرَكَهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ) أَيْ: فِيهِمَا فَإِنْ تَرَكَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا قَبْلَ الشَّفَقِ أَيْ: لِلْفَصْلِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الَّتِي بَطَلَتْ، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهَا فِي الْأُولَى وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إذْ صِحَّتُهَا مَشْرُوطَةٌ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ هَذَا مَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ) وَذَكَرَ عج خِلَافَهُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِكَوْنِهِ مُسْتَخْلَفًا يَقْتَضِي نِيَّتَهَا فَعَدَمُهَا يُنَافِيهِ دُونَهُمْ لِجَوَازِ إتْمَامِهِمْ أَفْذَاذًا وَلَا يَضُرُّهُمْ فِي ذَلِكَ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ. وَفِي الْبَرْمُونِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ بَاطِلَةٌ وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَصَحِيحَةٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ. غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يُعْزَ كُلٌّ لِنَقْلٍ وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لِرَبْطِ صَلَاتِهِمْ بِصَلَاتِهِ حِينَ الِاسْتِخْلَافِ. (قَوْلُهُ: لِتَلَاعُبِهِ) أَيْ: لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ خَلِيفَةً يُنَافِي كَوْنَهُ مُلَاحِظًا أَنَّهُ مَأْمُومٌ، وَمُلَاحَظَةُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ تُنَافِي كَوْنَهُ خَلِيفَةَ الْإِمَامِ. نَقُولُ: كَذَا رِضَاهُ بِالِاسْتِخْلَافِ نِيَّةُ إمَامَةٍ فَعَدَمُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ مُنَافٍ لَهُ فَهُوَ تَلَاعُبٌ فَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ. زَادَ فِي ك فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ قَصْدِهِ الْإِمَامَةَ رَفْضَ الْمَأْمُومِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إنْ اقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ) الْأَحْسَنُ بِالْمُسْتَخْلَفِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ) أَيْ: إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى الِانْفِرَادَ ثُمَّ جَاءَ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ حَصَلَ لِلْمَأْمُومِ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ) وَهُوَ عَدَمُ شَيْءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهٌ وَعَدَمَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَجْهٌ آخَرُ وَعَدَمَ شَيْءٍ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْمُرَادُ. (تَنْبِيهٌ) : أَلْزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَنْ يُعِيدَ الْإِمَامُ فِي جَمَاعَةٍ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا أَحَدَ يَقُولُ بِذَلِكَ وَالْأَرْجَحُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالظَّاهِرُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ فَدَخَلَ مَعَهُ آخَرُ فَنَوَى أَنْ يَؤُمَّهُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ) أَيْ: وَإِمَامَةُ الصَّبِيِّ الْبَالِغِينَ فِي الْفَرْضِ فِيهَا قَوْلَانِ بِالصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِاتِّحَادِ) أَيْ: بِأَنَّ هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ إمَامَةَ الصَّبِيِّ نِيَّةَ الْفَرْضِ مُتَّحِدَةٌ وَنُوقِشَ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَوْنِهَا فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ أَوْ الْمُرَادُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَأْنِفُ) أَيْ: الصَّلَاتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ. (أَقُولُ) ذَكَرَ عب فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ فَقِيلَ: يَخْرُجُ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَقِيلَ: يَدْخُلُ مَعَهُ حِينَئِذٍ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَرْبَعًا اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ وَيَسْتَأْنِفُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَذْكُرُ الظُّهْرَ وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعَصْرِ يَتَمَادَى هَذَا إلَى تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ ثَلَاثٍ شَفَعَهَا بِأُخْرَى. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَكَمَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إذَا حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمُقْتَدِي فِيهَا لِصَلَاةِ إمَامِهِ كَمَا مَرَّ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَيْضًا إذَا اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ لَكِنْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ كَظُهْرِ أَمْسِ خَلْفَ ظُهْرِ الْيَوْمِ وَعَكْسِهِ أَوْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بِظُهْرَيْنِ مَثَلًا فَاثْنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَا يُصَلِّي قَاضِي ظُهْرِ السَّبْتِ خَلْفَ قَاضِي ظُهْرِ الْأَحَدِ وَلَا عَكْسُهُ، وَيُعِيدُ الْمَأْمُومُ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ " وَمُسَاوَاةٌ " أَيْ: فِي الصَّلَاةِ أَيْ: فِي عَيْنِهَا وَفِي زَمَنِهَا وَفِي صِفَتِهَا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً. فَقَوْلُهُ " وَإِنْ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ " مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ " وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ " أَيْ: فَإِنْ حَصَلَتْ مُخَالَفَةٌ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ وَإِنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِسَبَبِ ظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِظُهْرَيْنِ وَلَوْ عَبَّرَ بِصَلَاتَيْنِ كَانَ أَعَمَّ. وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ لِقَوْلِهِ " أَوْ بِظُهْرَيْنِ " بِالصِّحَّةِ بُعْدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الصَّغِيرِ. (ص) إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ. (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ " أَيْ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّحِدَ فَرْضُهُمَا إلَّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِارْتِفَاعِ رُتْبَةِ الْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي سَفَرٍ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا خَلْفَ أَخِيرَتَيْ الظُّهْرِ وَلَا يُصَلِّي النَّافِلَةَ أَرْبَعًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَيْ: إنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالْوَاصِلِ   [حاشية العدوي] الصَّلَاتَيْنِ أَيْ: خَارِجَ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَمَادَى إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ وَمَا هُنَا يَتَمَادَى إلَى تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَإِلَّا شَفَعَهَا بِأُخْرَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّمَادِي إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ أَنْ يَتَمَادَى هَذَا إلَى تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ. إنَّمَا هُوَ إتْيَانٌ فِي الْجُمْلَةِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا تَمَادَى لِتَمَامِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ مُخَالِفَةٌ لِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فَقَدْ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَلَا يُقَاسُ عَلَى مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ خَلْفَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَذْكُرُ الظُّهْرَ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مُوَافِقَةٌ لِنِيَّةِ إمَامِهِ بِخِلَافِ تِلْكَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَقَوْلُهُ: فِي الَّذِي يَذْكُرُ الظُّهْرَ. حَالٌ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْحُكْمِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَارِدًا فِي شَأْنِ الَّذِي يَذْكُرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: يَتَمَادَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْحَدَثُ. وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ التَّمَادِي وَقَوْلُهُ: أَنْ يَتَمَادَى خَبَرُ الَّذِي. (قَوْلُهُ: حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَاقْتِدَاءِ مَالِكِيٍّ فِي ظُهْرٍ بِشَافِعِيٍّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ اهـ. وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ الظُّهْرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَضَاءٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَأَنَّ اقْتِدَاءَهُ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ كَانَتْ مَسْبُوقَةً بِغَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي عَيْنِهَا) أَيْ: كَظُهْرٍ وَظُهْرٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: وَفِي زَمَنِهَا كَيَوْمِ أَحَدٍ مَثَلًا وَفِي صِفَتِهَا أَدَاءً وَقَضَاءً فَإِذَا كَانَتْ ظُهْرًا مِنْ يَوْمِ الْأَحَدِ مَثَلًا وَصَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ بَعْدَ الْعَصْرِ مَثَلًا فَصَلَاةُ الْمَالِكِيِّ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَا فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ وَفِي زَمَنِهَا إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَاضٍ وَالْمَالِكِيَّ يُؤَدِّي، ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ إلَخْ) نَصُّهُ فِي الصَّغِيرِ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَتَّحِدَا فِي الْقَضَاءِ الْمُقْتَدَى بِهِ اهـ. وَقَالَ فِي الْأَوْسَطِ: أَيْ: وَمِمَّا هُوَ شَرْطٌ فِي الِاقْتِدَاءِ أَنْ تَتَّحِدَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَلَا يُصَلِّي فَائِتَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي وَقْتِيَّةً وَلَا الْعَكْسُ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا فَائِتَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ظُهْرًا فَائِتَةً وَلَوْ كَانَا مِنْ يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي الْفَوَاتِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى وَقَالَ سَنَدٌ: لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْكَبِيرِ قَالَ الْحَطَّابُ: وَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَيْنِ الشَّرْحَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَمُسَاوَاةٌ) أَيْ: مِنْ مَفْهُومِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْفَرْضِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عِنْدَ عَدَمِهِ إلَّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَّحِدَ فَرْضُهُمَا) الْمُنَاسِبُ صَلَاتُهُمَا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: كَيْفَ يُعْقَلُ نَفْلٌ خَلْفَ فَرْضٍ إذْ الْفَرْضُ الَّذِي يَأْتِي وَقْتَ النَّافِلَةِ لَا يَكُونُ إلَّا أَرْبَعَةً مَعَ أَنَّ عِنْدَنَا النَّفَلَ اثْنَتَانِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: بِنَاءً عَلَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ) أَيْ: جَوَازِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِأَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ عِيَاضًا فِي قَوَاعِدِهِ جَعَلَ السَّلَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ النَّفْلِ وَفِي التَّلْقِينِ الِاخْتِيَارُ فِي النَّفْلِ مَثْنَى مَثْنَى قَالَهُ مُحَشِّي تت وَتَأَمَّلْهُ. وَقَالَ عب: بِنَاءً يُحْتَمَلُ عِنْدَنَا وَيُحْتَمَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتَضِي) أَيْ: مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُمَا جَوَازُ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي سَفَرٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا إلَخْ) الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ هَذَا حُكْمُ الْإِقْدَامِ وَأَمَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَيَصِحُّ فَإِذَا نَوَاهَا أَرْبَعًا خَلْفَ أَخِيرَتَيْ الظُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا وَيُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا فِي النَّقْلِ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فَإِذَا دَخَلَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِهَا أَتَمَّ أَرْبَعًا وَكَذَا إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ فِي أَوَّلِهَا فَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ يَظُنُّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُقِيمٌ أَتَمَّ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ أَرْبَعًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ أَوْ يُحْدِثُ نِيَّةً كَمَا إذَا اقْتَدَى بِوَاصِلِ وِتْرٍ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَدْ نَوَى الشَّفْعَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَا يُصَلِّي النَّافِلَةَ أَرْبَعًا إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ يَقْتَضِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَنَاهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالْوَاصِلِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 وَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ هُنَا وَمِنْ ظَاهِرِ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وتت وَبَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَ ابْنِ غَازِيٍّ وَابْنِ عَرَفَةَ بِنَاءً إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ الْجَوَازَ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ الصِّحَّةَ فَلَا يَظْهَرُ. (ص) وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ وَفِي مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ قَوْلَانِ. (ش) أَيْ: إنَّمَا لَمْ يَنْتَقِلْ الْمُنْفَرِدُ لِلْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ فَاتَ مَحَلُّهَا وَهُوَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْعَكْسُ وَهُوَ كَوْنُ مَنْ فِي الْجَمَاعَةِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الِانْفِرَادِ عَنْهَا فَلِأَنَّهُ قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ حُكْمَ الِاقْتِدَاءِ وَبِقَوْلِنَا لَا يَنْتَقِلُ مَنْ فِي الْجَمَاعَةِ عَنْهَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِمَا لَوْ طَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ عُذْرٌ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَأْمُومِيهِ أَنْ يُتِمُّوا أَفْذَاذًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَقِلُوا عَنْ الْجَمَاعَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمَرِيضِ إذَا اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ الْمَأْمُومُ فَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ الِائْتِمَامُ مَعَهُ قَائِمًا لِدُخُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ عَنْهُ وَيُتِمُّ مُنْفَرِدًا إذْ لَا يَقْتَدِي قَادِرٌ بِعَاجِزٍ قَوْلَانِ لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَسَحْنُونٍ وَقَوْلُ تت " وَجَوَازُهُ وَيُتِمُّهَا فَذًّا " خِلَافُ النَّقْلِ. وَقَوْلُهُ " وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ " مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ " لَيْسَ لَهُ مُحْتَرَزٌ إلَّا هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ " كَالْعَكْسِ " لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّفْرِيعِ وَالِاحْتِرَازِ. وَقَوْلُهُ " كَالْعَكْسِ " أَيْ: لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إلَى الِانْفِرَادِ أَيْ: مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِمَسَائِلِ الْخَوْفِ وَالِاسْتِخْلَافِ وَالسَّهْوِ وَالرُّعَافِ. وَقَوْلُهُ " وَفِي مَرِيضٍ إلَخْ " جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِ كَالْعَكْسِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (ص) وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ. (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ أَيْ: بِأَنْ يَفْعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ، وَلَمَّا كَانَ عَدَمُ الْمُتَابَعَةِ يَصْدُقُ بِصُورَةِ السَّبْقِ الْمُتَّفَقِ عَلَى الْبُطْلَانِ فِيهَا وَبِصُورَةِ التَّسَاوِي الْمُخْتَلَفِ فِيهَا ذَكَرَ مُخْتَارَهُ مِنْ ذَلِكَ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ. (فَالْمُسَاوَاةُ) لِلْإِمَامِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ   [حاشية العدوي] أَيْ: بِمَنْ يُصَلِّي النَّفَلَ أَرْبَعًا أَيْ: يَصِلُ النَّفَلَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَيَصِلُ رَكْعَتَيْنِ بِرَكْعَتَيْنِ وَلَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُمَا وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ أَيْ: مِنْ تَشْبِيهِ بَابِ الِاقْتِدَاءِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ هُنَا الْإِمَامُ مُفْتَرِضٌ لَا مُتَنَفِّلٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَظْهَرُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى كَذَا فَيَقْتَضِي أَنَّ خِلَافَ كَذَا هُوَ الْأَقْوَى. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى صِحَّةُ هَذَا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَالَ: إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ ثُمَّ قَالَ بِنَاءً إلَخْ يَكُونُ مُفَادُهُ إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ فَجَائِزٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ أَيْ: إنَّ الْجَوَازَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: عَلَى مَا يَظْهَرُ قَدْ ظَهَرَ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ظَاهِرِ نَقْلِ الْمَوَّاقِ) نَصُّ الْمَوَّاقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ التَّلْقِينُ لِلْمَأْمُومِ الْمُتَنَفِّلِ أَنْ يَأْتَمَّ بِمُفْتَرِضٍ ابْنُ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي سَفَرٍ اهـ. فَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ جُمْلَةِ نَقْلِ الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وتت مِنْ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ) فِيهِ أَنَّ تت نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ بِذَاتِهِ فَكَيْفَ يَظْهَرُ هَذَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. فَمُسَلَّمٌ وَنَصُّهُ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي: وَجَائِزٌ لِلْمُتَنَفِّلِ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ يُصَلِّي الْفَرْضَ. (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ الْجَوَازَ) وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ فَجَائِزٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ فَيَكُونُ مَشْهُورًا مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ الصِّحَّةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَمُسَاوَاةٌ " مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " نِيَّةُ " أَيْ: وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّةٌ وَمُسَاوَاةٌ أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ حُكْمَ الِاقْتِدَاءِ) أَيْ: حُكْمًا هُوَ الِاقْتِدَاءُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْتَقِلُ مَنْ فِي الْجَمَاعَةِ عَنْهَا) سَيَأْتِي أَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا هُوَ بِزِيَادَةٍ أَيْ: مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ لَا بِمُجَرَّدِ الِانْتِقَالِ عَنْ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَقِلُوا عَنْ الْجَمَاعَةِ) فِيهِ أَنَّهُمْ انْتَقَلُوا عَنْ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ إلَّا بِزِيَادَةٍ أَيْ: مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُتِمُّ مُنْفَرِدًا) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا قَامَ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " بِمِثْلِهِ " أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا اقْتَدَى بِصَحِيحٍ ثُمَّ صَحَّ الْمُقْتَدِي وَأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ الْإِمَامُ وَأَنَّ الصَّحِيحَ إذَا اقْتَدَى بِمِثْلِهِ ثُمَّ مَرِضَ الْمَأْمُومُ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ. وَأَمَّا الصَّحِيحُ إذَا اقْتَدَى بِمِثْلِهِ ثُمَّ مَرِضَ الْإِمَامُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ إمَامَهُ عَاجِزٌ عَنْ رُكْنٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ) أَيْ: بِأَنْ يُحَوِّلَ نِيَّتَهُ مِنْ الْفَذِّيَّةِ إلَى الْمَأْمُومِيَّةِ وَأَمَّا انْتِقَالُ الْمُنْفَرِدِ لِلْجَمَاعَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ إمَامًا فَجَائِزٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ الْمُنْفَرِدُ لِجَمَاعَةٍ وَعَكْسُهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ قَالَ عج: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ صَلَاةِ مُنْفَرِدٍ دَخَلَ خَلْفَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ انْتِقَالُ مُنْفَرِدٍ لِجَمَاعَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ نِيَّةِ الِانْتِقَالِ لَمْ يَكُنْ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ جَمَاعَةً لِتَوَقُّفِ الْجَمَاعَةِ عَلَى إمَامٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْتَقَضُ بِمَسَائِلِ الْخَوْفِ) أَيْ: فَإِنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى انْتَقَلَتْ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِلِانْفِرَادِ لَكِنْ لَيْسَ مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِخْلَافِ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يُتِمَّ مُنْفَرِدًا فَهُوَ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلِانْفِرَادِ مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالسَّهْوِ) مِنْ أَفْرَادِهِ مَا إذَا سَهَا حَتَّى صَلَّى الْإِمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي مَا عَلَيْهِ مُنْفَرِدًا فَهُوَ انْتَقَلَ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِلِانْفِرَادِ لَكِنْ لَيْسَ مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالرُّعَافِ) كَمَا إذَا ذَهَبَ يَغْسِلُ الدَّمَ وَظَنَّ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ لَا يُدْرِكُ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِي مَوْضِعِ غَسْلِ الدَّمِ مُنْفَرِدًا فَهُوَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَائِهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ انْقَضَتْ صَلَاتُهُمْ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: إنَّ مَعْنَى الْعَكْسِ لَا يَنْتَقِلُ مَنْ كَانَ فِي الْجَمَاعَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا انْتَقَلَ عَنْ الْجَمَاعَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَهَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 أَنْ يَصْحَبَ نُطْقُ الْمَأْمُومِ نُطْقَ إمَامِهِ بِأَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ تَمَامِ الْإِمَامِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ . (ص) وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ مُبْطِلَةٌ. (ش) بِأَنْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا كَرَجُلَيْنِ ائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَشَكَّا فِي تَشَهُّدِهِمَا فِي الْإِمَامِ مِنْهُمَا وَسَلَّمَا مَعًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ تَعَاقَبَا صَحَّتْ لِلثَّانِي فَقَطْ. وَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا دُونَ الْآخَرِ وَسَلَّمَ الشَّاكُّ قَبْلَ سَلَامِ الْآخَرِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّكِّ الْمَذْكُورَةِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ فِيهَا الْإِجْزَاءَ مَعَ الْمُسَاوَاةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ كُلٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إمَامًا. وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ وَهُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ ابْتَدَأَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَتَمَّ بَعْدَهُ وَإِنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ بِأَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَأَتَمَّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَجْزَأَهُ قَوْلًا وَاحِدًا فِيهِمَا، وَإِنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ فَأَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ وَالرَّاجِحُ الْبُطْلَانُ. وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ. قَالَهُ مَالِكٌ وَحُكْمُ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْإِحْرَامِ. (ص) لَا الْمُسَاوَقَةُ. (ش) هَذَا إخْرَاجٌ مِنْ حُكْمِ الْمُسَاوَاةِ أَيْ: إنَّ الْمُسَاوَاةَ مُبْطِلَةٌ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ دُونَ الْمُسَاوَقَةِ فِيهِمَا وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. (ص) كَغَيْرِهِمَا لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَإِلَّا كُرِهَ. (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِلْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَهُوَ مُشَبَّهٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ غَيْرَ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِمَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَدَمِ الْمُتَابَعَةِ فِيهِ كَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُسَاوَقَةِ لَكِنْ سَبْقُهُ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ وَمُسَاوَاتُهُ فِيهَا   [حاشية العدوي] الْجَوَابُ لَا يَظْهَرُ فَلَوْ قَالَ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً بَلْ أَغْلَبِيَّةً لَكَانَ أَحْسَنَ. (تَنْبِيهٌ) : وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيُخَصَّصُ قَوْلُهُ: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ بِمَا إذَا دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْرَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْمُصَاحَبَةِ تَفْسِيرُ مُرَادٍ لَا تَفْسِيرُ حَقِيقَةٍ قَالَ فِي ك: وَمَا فَسَّرْنَا بِهِ الْمُسَاوَاةَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ انْقِضَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ أَوْ سَلَامِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِحَيْثُ لَوْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ صَحَّتْ وَإِنْ أَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا " فَأَتَى بِالْفَاءِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّعْقِيبِ فَإِذَا شَرَعَ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ كَانَ مُسَاوَاةً اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُسَاوَاةِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ مَعْنَى السَّبْقِ أَنْ يَفْعَلَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَإِنْ شَرَعَ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ أَيْ: وَيُتِمُّ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ كَانَ مُسَاوَاةً، هَذَا عَلَى غَيْرِ كَلَامِ الْبَيَانِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ الْآتِي فَالسَّبْقُ أَنْ يَسْبِقَ نُطْقُهُ نُطْقَ الْإِمَامِ، وَالْمُسَاوَاةُ أَنْ يُقَارِنَ فِي الزَّمَنِ نُطْقُهُ نُطْقَ الْإِمَامِ، وَالْمُتَابَعَةُ أَنْ يَسْبِقَهُ إمَامُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَفِي السَّلَامِ كَذَلِكَ بِقَيْدِ أَنْ يَخْتِمَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ) هَذَا إذَا كَانَ جَازِمًا بالْمَأْمُومِيَّةِ قَالَ فِي ك: وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هَلْ عَلَى بَابِهِ مِنْ أَنَّهُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ أَوْ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ أَطْلَقُوهُ، قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ. (قَوْلُهُ: مُبْطِلَةٌ) أَشْعَرَ بِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى سَلَامٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ لَا بُدَّ مِنْ السَّلَامِ لِهَذَا الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا) أَيْ: أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا إلَخْ. وَمَفْهُومُ ذَلِكَ لَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامَةِ وَالْفَذِّيَّةِ لَا تَبْطُلُ بِسَلَامِهِ قَبْلَ الْآخَرِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ وَنَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا إمَامَةَ الْآخَرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ سَلَامُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَمْ لَا وَهَذَا مَا لَمْ يَقْتَدِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ) وَنَصُّهُ: هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُتَابَعَةِ فِيهِمَا مُنَافِيَةٌ لِلِاقْتِدَاءِ فَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُسَاوَاةِ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَتَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَهُ فَأَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَ بِهَا قَبْلُ فَلَا تُجْزِئُهُ وَإِنْ انْتَهَى بَعْدَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ قَالَهُ مَالِكٌ إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ: وَحَاصِلُهُ إلَخْ. لَمْ يَظْهَرْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ قَوْلًا وَاحِدًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى مَتَى شَرَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ تَمَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا خَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَقَطْ فَالصُّورَتَانِ الْمَحْكُومُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِمَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَكَيْفَ يَقُولُ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلًا وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَيْ: الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا صَاحِبُ الْبَيَانِ. (تَنْبِيهٌ) : تِلْكَ الصُّوَرُ التِّسْعُ عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ جَارِيَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا مُطْلَقًا وَفِي السَّاهِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِحْرَامِ فَيُلْغَى إحْرَامُهُ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ سَهْوًا وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ قَبْلَهُ سَهْوًا فَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَيَحْمِلُ الْإِمَامُ السَّهْوَ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ إلَّا مَعَ الطُّولِ بَطَلَتْ. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَوْ أَتَمَّ قَبْلَهُ فَسَدَتْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا) أَيْ: يَأْتِي الْمَأْمُومُ بِالْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ انْتِهَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ لَطِيفٍ فَلَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ أَيْ: وَالْمُخْتَارُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُحْرِمَ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُسَاوَقَةِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ سَبْقُهُ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ) وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ حَيْثُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 مَكْرُوهَةٌ كَسَبْقِهِ فِي الْأَقْوَالِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَيُدْرِكَهُ فِيهَا، فَقَوْلُهُ " كَغَيْرِهِمَا " تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ أَيْ: كَعَدَمِ مُتَابَعَةِ غَيْرِهِمَا أَيْ: غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ كَالرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ، وَعَدَمُ الْمُتَابَعَةِ هُوَ الْمُسَاوَقَةُ وَالْمُسَاوَاةُ. وَقَوْلُهُ " لَكِنْ سَبْقُهُ " مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ أَيْ: سَبْقُ الْمَأْمُومِ أَوْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مَمْنُوعٌ أَيْ: فِعْلُهُ عَمْدًا لَا سَهْوًا أَوْ غَفْلَةً؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَّصِفَانِ بِالْمَنْعِ . (ص) وَأُمِرَ الرَّافِعُ بِعَوْدِهِ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ لَا إنْ خَفَضَ. (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السَّبْقَ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ لَا يُبْطِلُ ذَكَرَ مَا يَفْعَلُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " وَأُمِرَ إلَخْ " وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ يَظُنُّ أَنْ إمَامَهُ رَفَعَ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ أَنْ يَرْجِعَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَا يَقِفَ يَنْتَظِرَهُ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَفَضَ قَبْلَ إمَامِهِ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بَعْدَ أَخْذِهِ فَرْضَهُ مِنْ الْقِيَامِ الْمَخْفُوضِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ بَلْ يَثْبُتُ كَمَا هُوَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْخَفْضَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ. وَقَوْلُهُ " وَأُمِرَ الرَّافِعُ " أَيْ: سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ " لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَإِلَّا كُرِهَ " وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ. وَقَوْلُهُ " لَا إنْ خَفَضَ " أَيْ: وَهُوَ يَعْلَمُ إدْرَاكَهُ فِيمَا فَارَقَهُ مِنْهُ وَإِلَّا اسْتَوَتْ الْمَسْأَلَتَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَنَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَلَكِنْ مُقْتَضَى مَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقِ أَنَّ الْخَفْضَ كَالرَّفْعِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ الرَّفْعِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا كَانَ كَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ رُكْنٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَسَهْوًا كَانَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْهُ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " وَإِنْ زُوحِمَ إلَخْ " . (ص) وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ ثُمَّ رَبِّ مَنْزِلٍ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ عَبْدًا كَامْرَأَةٍ وَاسْتَخْلَفَتْ ثُمَّ زَائِدِ فِقْهٍ ثُمَّ حَدِيثٍ ثُمَّ قِرَاءَةٍ ثُمَّ عِبَادَةٍ ثُمَّ بِسِنِّ إسْلَامٍ ثُمَّ بِنَسَبٍ ثُمَّ بِخَلْقٍ ثُمَّ بِخُلُقٍ ثُمَّ بِلِبَاسٍ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ جَمَاعَةٍ كُلٌّ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ تَقْدِيمُ   [حاشية العدوي] فَتَبْطُلُ. وَوَضَّحَ ذَلِكَ عج بِقَوْلِهِ: فَبَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ الْإِمَامَ فِي فِعْلِ الرُّكْنِ عَمْدًا كَأَنْ يَفْعَلَ الِانْحِنَاءَ لِلرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الِانْحِنَاءِ لِلرُّكُوعِ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَوْ يَفْعَلَ الرَّفْعَ بَعْدَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ يَنْحَنِيَ بَعْدَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ وَيَرْفَعَ قَبْلَ رَفْعِهِ فِيهِمَا وَلَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ مَعَهُ فِيهِمَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ خَفْضُهُ لِلرُّكُوعِ فِيهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهَذَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فَالِاطْمِئْنَانُ هُوَ أَخْذُ الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: سَبْقُ الْمَأْمُومِ) هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْإِمَامِ. هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: لَا سَهْوًا أَوْ غَفْلَةً) جَعَلَ السَّهْوَ وَالْغَفْلَةَ مُتَبَايِنَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ هُنَا فَالْأَحْسَنُ الذَّهَابُ إلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ . (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ) قَالَ عج: وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) سَيَأْتِي مُقَابِلُهُ وَأَنَّ مُقَابِلَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ) أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ الْمَقْصُودُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَلَا يَرْجِعُ حَيْثُ انْخَفَضَ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ يُؤْمَرُ الرَّافِعُ بِالْعَوْدِ لِأَجْلِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِتِلْكَ التَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا مُفِيدَةٌ لِلْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؛ لِأَنَّ الرَّافِعَ إذَا رَجَعَ يَرْجِعُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِذَا انْخَفَضَ يَخْفِضُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَخَذَ فَرْضَهُ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: قِيلَ يُسَنُّ وَقِيلَ يَجِبُ قَالَ عج: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ إمَامِهِ سَوَاءٌ خَفَضَ لَهُمَا أَيْضًا قَبْلَهُ أَمْ لَا فَتَارَةً يَكُونُ رَفْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ مِنْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ بَعْدَ أَخْذِ فَرْضِهِ مَعَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ فَعَلَ كُلًّا مِنْ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ عَمْدًا وَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ بِشَرْطِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ تَرْكَ رُكْنٍ حَيْثُ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَ وَلَمْ يُعِدْهُ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَأَعَادَهُ فَقَدْ تَعَمَّدَ زِيَادَةَ رُكْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ خَفْضُهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ سَهْوًا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زُوحِمَ عَنْهُ سَوَاءٌ خَفَضَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَإِنْ كَانَ رُكُوعًا فَيَأْتِي بِهِ حَيْثُ كَانَ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ مِنْهَا تَرَكَهُ وَفَعَلَ مَعَ الْإِمَامِ مَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِهِ إنْ كَانَ سُجُودًا مَا لَمْ يَعْقِدْ الْإِمَامُ رُكُوعَ الَّتِي تَلِيهَا، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ رَفَعَ قَبْلَ إمَامِهِ سَهْوًا فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لَهُ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَيَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَكَانَ قَدْ أَخَذَ فَرْضَهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالرَّكْعَةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا انْحَنَى قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بَعْدَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَسَوَاءٌ رَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ: انْحَنَى قَبْلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ انْحَنَى بَعْدَهُ وَرَفَعَ قَبْلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ. . (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَبُّ مَنْزِلٍ) يَجُوزُ رَفْعُهُ وَجَرُّهُ. (قَوْلُهُ: كُلٌّ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ) أَيْ: لِاسْتِحْقَاقِهَا لِدُخُولِ الْمَرْأَةِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ مُبَاشَرَةً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَهُ أَفْقَهُ وَأَفْضَلُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلَا نَائِبُهُ فَرَبُّ الْمَنْزِلِ الْمُجْتَمَعِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ مِنْهُ وَأَفْضَلَ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِقِبْلَتِهِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنْ يَؤُمَّ أَحَدٌ فِي الْمَسْجِدِ عَنْ إمَامِهِ الرَّاتِبِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَفِي دَارِهِ أَوْلَى، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَالِكُ لِلذَّاتِ مَعَ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ قُدِّمَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لِخِبْرَتِهِ بِعَوْرَةِ مَنْزِلِهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَنْزِلِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً لَكِنْ الْعَبْدُ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ مُبَاشَرَةً وَالْمَرْأَةُ اسْتِنَابَةً وَلِذَا تَسْتَخْلِفُ مَنْ شَاءَتْ، وَغَيْرُهَا مِنْ الذُّكُورِ الْمَمْنُوعِ الْإِمَامَةِ كَذَلِكَ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ مَنْزِلٍ بِأَنْ اجْتَمَعُوا فِي غَيْرِهِ فَزَائِدُ فِقْهٍ وَإِنْ كَانَ الْمُحَدِّثُ أَفْضَلَ مِنْهُ لِأَعْلَمِيَّتِهِ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَحَقُّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَبَ وَالْعَمَّ عَلَى زَائِدِ الْفِقْهِ فَيَقُولَ: ثُمَّ أَبٌ وَعَمٌّ ثُمَّ زَائِدُ فِقْهٍ ثُمَّ عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْفِقْهِ يُقَدَّمُ زَائِدُ حَدِيثٍ أَيْ: وَاسِعُ الرِّوَايَةِ وَالْحِفْظِ ثُمَّ مَعَ تَسَاوِيهِمْ حَدِيثًا وَمَا قَبْلَهُ فَيُقَدَّمُ زَائِدُ قِرَاءَةٍ أَيْ: أَدْرَى بِالْقِرَاءَةِ وَأَمْكَنُ فِي الْحُرُوفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ قُرْآنًا أَوْ أَشَدَّ إتْقَانًا؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مُضَمَّنَةٌ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ ثُمَّ مَعَ تَسَاوِيهِمْ قِرَاءَةً وَمَا قَبْلَهَا يُقَدَّمُ زَائِدُ عِبَادَةٍ مِنْ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ أَشَدُّ خَشْيَةً وَوَرَعًا وَتَنَزُّهًا ثُمَّ مَعَ تَسَاوِيهِمْ عِبَادَةً وَمَا قَبْلَهَا يُقَدَّمُ بِسِنِّ إسْلَامٍ لِزِيَادَةِ أَعْمَالِهِ ثُمَّ بِشَرَفِ نَسَبٍ لِدَلَالَتِهِ عَلَى صِيَانَةِ الْمُتَّصِفِ بِهِ عَمَّا يُنَافِي دِينَهُ وَيُوجِبُ لَهُ أَنَفَةً عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ بِكَمَالِ خَلْقٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الصُّورَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ وَالْخَيْرَ يَتْبَعَانِهَا غَالِبًا ثُمَّ بِحُسْنِ خُلُقٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ صِفَاتِ الشَّرَفِ وَقَدَّمَهُ بَعْضٌ عَلَى كَمَالِ الصُّورَةِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ هُنَا بِعَكْسِ الضَّبْطِ،   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) فِيهِ حَمْلُ السُّلْطَانِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ كَانَ السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي وَالْبَاشَا وَنَحْوُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ شب فَإِنْ اجْتَمَعَا فَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الْبَاشَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنَّ غَيْرَهُ أَفْقَهُ وَأَفْضَلُ) وَسَيَأْتِي فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَهُمَا طَرِيقَتَانِ جُمِعَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي السُّلْطَانِ مِنْ أَنَّهُ سَيَأْتِي يَحْكِي خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَدْرَى بِقِبْلَتِهِ) نَقُولُ: وَالْأَفْقَهُ أَدْرَى بِأَحْوَالِ الصَّلَاةِ، وَكَأَنَّهُ وَجْهُ مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَهُ تَعْلِيلًا ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ) قَالَ عب: احْتِرَازًا عَنْ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ بِعَارِيَّةٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ رَبِّهِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَا وَاقِفِ مَسْجِدٍ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ بَيْتٍ مَثَلًا اهـ. وَقَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ: الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمُسْتَعِيرِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ، وَقَوْلُ عب فَإِنَّ الظَّاهِرَ. لَا يُسَلَّمُ لَهُ. (قَوْلُهُ: عَبْدًا إلَخْ) أَيْ: فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ بِبَيْتِهِ غَيْرَ سَيِّدِهِ وَإِلَّا قُدِّمَ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: وَلِذَا تَسْتَخْلِفُ مَنْ شَاءَتْ) وُجُوبًا كَمَا فِي تت وَنَدْبًا كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَلَا تَنَافِيَ إذْ مَعْنَى قَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّمُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا أَنْ تُقَدِّمَ رَجُلًا. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا مِنْ الذُّكُورِ) أَيْ: مَا عَدَا الْكَافِرَ وَمَا عَدَا الْمَجْنُونَ وَمَا عَدَا الْمَغْمِيَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الذَّكَرِ الْمَمْنُوعِ الْإِمَامَةِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ. (قَوْلُهُ: فَزَائِدُ فِقْهٍ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى: أَنْ يَشْتَرِكَا فِي مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ وَأَحَدُهُمَا أَزْيَدُ فِقْهًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْتَرِكَا فِي مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ فَقَطْ وَيَزِيدَ أَحَدُهُمَا فِي الْفِقْهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَبٌ وَعَمٌّ) أَيْ: فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ كَانَ ابْنُهُ أَزْيَدَ مِنْهُ فِقْهًا وَيُقَدَّمُ الْعَمُّ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلَوْ كَانَ ابْنُ أَخِيهِ أَزْيَدَ فِقْهًا مِنْ شَرْحِ شب. وَمَعْنَى هَذَا كُلِّهِ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَيُقَدَّمُ زَائِدُ الْفِقْهِ مِنْ ابْنٍ وَابْنِ أَخٍ عَلَى أَبٍ وَعَمٍّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ أَيْضًا وَلَا عُقُوقَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الرِّضَا وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَبِ وَالْعَمِّ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ وَابْنَاهُمَا حُرَّانِ وَأَمَّا الْأَبُ وَالْعَمُّ فَهُمَا أَخَوَانِ فَيُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمُوجِبٍ مِنْ الْمُوجِبَاتِ الْآتِيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَاسِعُ الرِّوَايَةِ) أَيْ: النَّقْلِ عَنْ الثِّقَاتِ، وَعَطْفُ الْحِفْظِ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ وَاسِعَ الرِّوَايَةِ كَمَا يَصْدُقُ بِهِ يَصْدُقُ بِكَثِيرِ مَا كَتَبَهُ عَنْ الْأَشْيَاخِ وَضَبَطَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا؛ لِأَنَّ الضَّبْطَ قِسْمَانِ: ضَبْطُ صَدْرٍ وَضَبْطُ كِتَابٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَشَدَّ إتْقَانًا) أَيْ: حِفْظًا وَانْظُرْ لَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْفَظُ الْبَعْضَ وَهُوَ مُتْقِنٌ مِنْ جِهَةِ الْمَخَارِجِ، وَالثَّانِي أَكْثَرُ قُرْآنًا وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ. وَانْظُرْ لَوْ كَانَ كُلٌّ يَحْفَظُ الْبَعْضَ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ مَعْرِفَةً فِي الْمَخَارِجِ وَالثَّانِيَ أَشَدُّ حِفْظًا وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ مَحْفُوظُ الثَّانِي أَكْثَرَ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَحْفَظُ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَشَدُّ حِفْظًا وَالثَّانِيَ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ مَحْفُوظَهُ أَكْثَرُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مُضَمَّنَةٌ بِالصَّلَاةِ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ زَائِدِ الْقِرَاءَةِ يَلِي مَا قَبْلَهُ وَيُقَدَّمُ عَلَى زَائِدِ الْعِبَادَةِ أَيْ: لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ جُعِلَتْ كَافِلَةً لِلصَّلَاةِ أَيْ: جُعِلَتْ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهَا كَفِيلَةٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَكَمَالِهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ) فَلَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: خَشْيَةً) هِيَ خَوْفٌ مَعَ تَعْظِيمٍ لِلْمَخُوفِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَتَنَزُّهًا) أَيْ: وَتَبَاعُدًا عَمَّا يُخِلُّ بِدِينِهِ. (قَوْلُهُ: بِسِنِّ إسْلَامٍ لِزِيَادَةِ أَعْمَالِهِ) فَإِذَا وُجِدَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً إلَّا أَنَّ إسْلَامَهُ مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَابْنُ خَمْسِينَ سَنَةً مُسْلِمًا أَصْلِيًّا فَيُقَدَّمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَزْيَدُ مِنْ حَيْثُ الْإِسْلَامُ. (قَوْلُهُ: أَنَفَةً) أَيْ: تَبَاعُدًا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَارِحَنَا حَمَلَ قَوْلَهُ " ثُمَّ بِنَسَبٍ " عَلَى مَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ شَرَفُ النَّسَبِ وَكَذَا فِي تت إلَّا أَنَّ فِي عب وشب إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بِنَسَبٍ أَيْ: مَعْرُوفِ الْأَصْلِ كَانَ بِشَرَفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ قَصَرَ الدَّلِيلُ وَهُوَ خَبَرُ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا عَلَى الْأَوَّلِ» لِقِيَاسِ الثَّانِي عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَقْلَ) أَيْ: الْعَقْلَ الْكَامِلَ. (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهُ بَعْضٌ) أَيْ: وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ بِعَكْسِ الضَّبْطِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَهُ وَجْهًا مَرْجُوحًا مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ اسْتِظْهَارِ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَجْعَلُهُ وَجْهًا رَاجِحًا إذْ خَيْرُ مَا فَسَّرْته بِالْوَارِدِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ شَارِحَنَا اعْتَمَدَ فِي قُوَّةِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَكَذَا تَلَقَّاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَيْخِهِ كَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 ثُمَّ بِجَمِيلِ لِبَاسٍ؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَى شَرَفِ النَّفْسِ وَالْبُعْدِ عَنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ عَبْدًا إلَخْ " فِي مُقَدَّرٍ لَا فِي اسْتِحْبَابِ التَّقْدِيمِ أَيْ: وَمُسْتَحِقُّ أَمْرِ الْإِمَامَةِ رَبُّ الْمَنْزِلِ وَإِنْ عَبْدًا كَامْرَأَةٍ وَأَمْرُ الْإِمَامَةِ يَشْمَلُ مُبَاشَرَتَهَا وَالنِّيَابَةَ فِيهَا وَلَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ مُبَالَغَةً فِي اسْتِحْبَابِ التَّقْدِيمِ. وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ لَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِمَامَةِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا مُبَاشَرَةً وَلَا اسْتِنَابَةً. (ص) إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ. (ش) قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " ثُمَّ زَائِدُ فِقْهٍ إلَخْ " أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ مَنْ ذُكِرَ بِشَرْطِ أَنْ تَنْتَفِيَ الْأَوْصَافُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَالْأَوْصَافُ الْمَكْرُوهَةُ فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُ بَلْ الْحَقُّ لَهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعْطَفَ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ فَإِنَّ الشَّرْطَ انْتِفَاؤُهُمَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَحَدُّ الدَّائِرُ وَانْتِفَاؤُهُ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَإِنْ قُلْت: هَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ " إنْ عُدِمَ نَقْصٌ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ. (وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ) فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ حَيْثُ قَامَ بِهِ الْمَانِعُ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ أَيْ: وَنُدِبَ اسْتِنَابَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِلْإِمَامَةِ النَّاقِصِ نَقْصًا تَجُوزُ مَعَهُ إمَامَتُهُ كَامِلًا بِأَنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ رَبِّ الْمَنْزِلِ فَيُنْدَبُ لَهُمَا أَنْ يَأْذَنَا لَهُ، فَاسْتِنَابَةُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ نُدِبَ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَجَعَلَهُ بَعْضٌ مَعْطُوفًا عَلَى " نَقْصُ مَنْعٍ " نَائِبِ فَاعِلِ عُدِمَ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ وَعُدِمَ اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ غَيْرَهُ، أَمَّا إذَا اسْتَنَابَ النَّاقِصُ فَنَائِبُهُ أَحَقُّ بِمَرْتَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ نَقْصُ الْمُسْتَنِيبِ أَوْجَبَ مَنْعًا أَوْ كُرْهًا وَفِيهِ بَعْدَ التَّكَلُّفِ مَا فِيهِ وَلَكِنْ عَلَى هَذِهِ التَّمْشِيَةِ يَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِرَبِّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " وَلِلسُّلْطَانِ وَصَاحِبِ   [حاشية العدوي] وَإِنْ كَانَ اسْتَظْهَرَ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِجَمِيلِ لِبَاسٍ) أَيْ: الْجَمِيلِ شَرْعًا لَا كَحَرِيرٍ وَالْجَمِيلُ شَرْعًا هُوَ الْأَبْيَضُ فَإِذَا اجْتَمَعَ شَخْصَانِ أَحَدُهُمَا لَابِسٌ ثَوْبًا أَبْيَضَ وَالْآخَرُ غَيْرَ أَبْيَضَ وَكِلَاهُمَا نَظِيفٌ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ وَمَا قَالَهُ عب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَمِيلُ شَرْعًا وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ، يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَغَيْرُهَا مِنْ الذُّكُورِ إلَخْ " قَوْلٌ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَذَكَرَ عب خِلَافَهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ " غَيْرَ أَنَّ الْكَافِرَ مُتَّفَقٌ عَلَى خُرُوجِهِ، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْكَافِرِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الذَّكَرِ الْمَمْنُوعِ الْإِمَامَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ) أَيْ: مِنْ فِسْقٍ وَعَجْزٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ كُرْهٍ) أَيْ: مِنْ قَطْعٍ وَشَلَلٍ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ) أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ مَعَ أَنَّهَا قَامَ بِهَا نَقْصُ الْمَنْعِ أَيْ: وَالسُّلْطَانُ مِثْلُهَا أَوْ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَيْ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ مَنْ ذُكِرَ) مِنْ زَائِدِ الْفِقْهِ وَمَا بَعْدَهُ إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ فَإِذَا قَامَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا حَقَّ لَهُ مُبَاشَرَةً وَلَا اسْتِنَابَةً، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانُ لَهُمَا حَقٌّ وَلَوْ قَامَ بِهِمَا نَقْصُ الْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ، وَغَيْرَهُمَا لَا حَقَّ لَهُ أَصْلًا عِنْدَ وُجُودِ نَقْصِ الْمَنْعِ وَالْكُرْهِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: النَّقْصُ الْمَانِعُ مِنْ الْإِمَامَةِ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: شَرْطُ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى قِسْمَانِ قِسْمٌ يُشْتَرَطُ فِي ابْتِدَائِهَا وَدَوَامِهَا وَقِسْمٌ يُشْتَرَطُ فِي ابْتِدَائِهَا وَإِذَا طَرَأَ لَا يُوجِبُ الْعَزْلَ كَأَخْذِ الْأَمْوَالِ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْحَقُّ لَهُ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي زَائِدِ الْفِقْهِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ إذَا قَامَ بِهِ نَقْصُ الْمَنْعِ أَوْ الْكُرْهِ سَقَطَ حَقُّهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ) مِنْ وَادِي مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ: وَنُدِبَ إلَخْ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فِي ذَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ فِي زَائِدِ الْفِقْهِ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ السُّلْطَانِ) قَدْ أَفَدْنَاك أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُوَافِقَ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَصَرَ الْكَلَامَ عَلَى نَقْصِ الْمَنْعِ أَوْ الْكُرْهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ النَّقْصَ إذَا كَانَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ السُّلْطَانِ إلَخْ. لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ نَقْصِ الْمَنْعِ أَوْ الْكُرْهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ بَعْدَ التَّكَلُّفِ مَا فِيهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ شَيْئَيْنِ التَّكَلُّفَ وَأَمْرًا آخَرَ أَمَّا التَّكَلُّفُ فَبِأَنْ تُرِيدَ بِالنَّاقِصِ فِي قَوْلِهِ: اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ. شَخْصًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطْت فِيهِ عَدَمَ النَّقْصِ وَإِلَّا أَشْكَلَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا تَكَلُّفٌ. وَأَمَّا الْآخَرُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: فِيهِ مَا فِيهِ. أَنَّهُ يَفُوتُهُ الْإِخْبَارُ بِنَدْبِ الِاسْتِنَابَةِ مِنْ النَّاقِصِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ عَلَى هَذِهِ التَّمْشِيَةِ) وَجْهُ الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ فِي الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّسَاوِي فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا تَسَاوِيَ بَلْ يَنْبَغِي عَلَى هَذِهِ التَّمْشِيَةِ إلَخْ. وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ التَّمْشِيَةِ فَلَا يَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِرَبِّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانِ مَعَ أَنَّهُ يَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِهِمَا عَلَى هَذِهِ التَّمْشِيَةِ وَعَلَى غَيْرِهَا وَهُوَ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ. (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ إلَخْ. شَرْطًا فِي الْكُلِّ مِنْ السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ مِنْ حَيْثُ الْمُبَاشَرَةُ أَيْ: إنَّهُ يُنْدَبُ تَقْدِيمُ السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُبَاشَرَةً إنْ عُدِمَ نَقْصُ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ، وَيُخَصَّصُ قَوْلُهُ: وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ بِالسُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ. (قَوْلُهُ: ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ) لَمْ يَشْرَحْ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ تِلْكَ الْعِبَارَةَ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ بِمَعْنَى الْإِذْنِ الشَّامِلِ لِخِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمُسْتَحَبِّ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُسْتَحَبِّ فِي حَالَةِ نَقْصِ الْكُرْهِ، وَالْوُجُوبِ فِيمَا إذَا كَانَ نَقْصُ مَنْعٍ وَبِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى فِيمَا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِمَا نَقْصُ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْوُجُوبِ فِي عِبَارَةِ مَنْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ فِي نَقْصِ الْمَنْعِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 الْمَنْزِلِ الِاسْتِنَابَةُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا ". (ص) كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ. (ش) يُرِيدُ كَمَا يُنْدَبُ اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ يُنْدَبُ وُقُوفُ ذَكَرٍ بَالِغٍ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَإِنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَدَارَهُ إلَى يَمِينِهِ مِنْ خَلْفِهِ. (ص) وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُ، وَصَبِيٌّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ كَالْبَالِغِ وَنِسَاءٍ خَلْفَ الْجَمِيعِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاثْنَيْنِ مِنْ الذُّكُورِ فَصَاعِدًا يَقُومُونَ وَرَاءَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْفِيفَ مَطْلُوبٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» وَالصَّبِيُّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْقُرْبَةَ كَالْبَالِغِ فَيَقِفُ وَحْدَهُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَمَعَ رَجُلٍ خَلْفَهُ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيَقِفْنَ خَلْفَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ فَقَوْلُهُ " وَصَبِيٌّ " مُبْتَدَأٌ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ وَصْفُهُ بِقَوْلِهِ " عَقَلَ الْقُرْبَةَ " أَيْ: ثَوَابَهَا بِأَنْ لَا يَذْهَبَ وَيَتْرُكَ مَنْ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ " كَالْبَالِغِ " خَبَرُهُ . (ص) وَرَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى شَخْصٌ مِنْ رَبِّ دَابَّةٍ حَمَلَهُ مَعَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا - بِكَسْرِ الدَّالِ مُخَفَّفَةً وَفَتْحِهَا مُشَدَّدَةً - لِعِلْمِهِ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا كَعِلْمِ رَبِّ الدَّارِ بِقِبْلَتِهَا وَلِذَا يُقْضَى بِالدَّابَّةِ عِنْدَ تَنَازُعِ الرَّاكِبَيْنِ لِمَنْ بِمُقَدَّمِهَا كَمَا يُقْضَى لِكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ بِتَقَدُّمِ شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ وَكُلُّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ لِأَعْلَمِيَّتِهِ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ وَمَفَاسِدِهَا. (ص) وَالْأَوْرَعُ وَالْعَدْلُ وَالْحُرُّ وَالْأَبُ وَالْعَمُّ عَلَى غَيْرِهِمْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَوْرَعَ يُقَدَّمُ نَدْبًا عَلَى الْوَرِعِ وَهُوَ التَّارِكُ لِبَعْضِ الْمُبَاحِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، وَأَنَّ الْعَدْلَ يُقَدَّمُ نَدْبًا عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ، وَأَنَّ الْحُرَّ يُقَدَّمُ نَدْبًا عَلَى ذِي الرِّقِّ، وَأَنَّ الْأَبَ وَالْعَمَّ يُقَدَّمَانِ نَدْبًا عَلَى الِابْنِ وَابْنِ الْأَخِ وَلَوْ كَانَا زَائِدَيْنِ فِي الْفَضْلِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي تَقْدِيمِهِ ابْنَ الْأَخِ الْأَفْضَلَ عَلَى عَمِّهِ وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْأَبِ لِزِيَادَةِ حُرْمَتِهِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلَ أَيْ: وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْأَعْدَلِ عَلَى الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ يُنْدَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ كَمَا مَرَّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ هُنَا عَدْلُ الشَّهَادَةِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ فَاسِقًا كَمَا قَابَلُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْمُغَفَّلِ وَهُوَ لَيْسَ بِفَاسِقٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا وَمِنْ كَلَامِ تت الْمُقَابِلِ لَهُ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُقَابَلُ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُقَابَلُ بِنَقِيضِهِ أَوْ الْمُسَاوِي لِنَقِيضِهِ وَالْمَجْهُولُ لَيْسَ نَقِيضًا لِلْعَدْلِ . (ص) وَإِنْ تَشَاحَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ) وَيُنْدَبُ تَأَخُّرُهُ قَلِيلًا وَتُكْرَهُ الْمُحَاذَاةُ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنْدَبُ لِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَلِيلًا حَتَّى يَكُونَا خَلْفَهُ فَقَوْلُهُ: وَاثْنَيْنِ أَيْ: ابْتِدَاءً أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ. (قَوْلُهُ: عَقَلَ الْقُرْبَةَ) أَيْ: الطَّاعَةَ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا أَيْ: عَقَلَ أَنَّ الطَّاعَةَ يُثَابُ عَلَيْهَا أَيْ: يَحْصُلُ الثَّوَابُ لِفَاعِلِهَا وَأَنَّ الْمَعْصِيَةَ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا أَيْ: يَحْصُلُ الْعِقَابُ لِفَاعِلِهَا إلَّا الصَّبِيَّ. (قَوْلُهُ: وَنِسَاءٍ خَلْفَ الْجَمِيعِ) فَتَقِفُ خَلْفَ إمَامٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهَا وَخَلْفَ رَجُلَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ بِشَرْطِهِ وَقَفَتْ خَلْفَهُمَا أَيْ: بِحَيْثُ يَكُونُ بَعْضُهَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَبَعْضُهَا خَلْفَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ لَا خَلْفَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك: وَيَقِفُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. (قَوْلُهُ: «أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» ) أَيْ: بِبَصِيرَتِي رُؤْيَةً كَرُؤْيَةِ الْبَصَرِ أَوْ بِبَصَرِي خَرْقُ عَادَةٍ وَمَا قِيلَ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنَانِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَسَمِّ الْخِيَاطِ يَرَى بِهِمَا وَلَا تَحْجُبُهُمَا الثِّيَابُ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الْهَمْزِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَذْهَبَ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أَيْ: عَقَلَ ثَوَابَهَا بِسَبَبِ كَوْنِهِ لَا يَذْهَبُ. (قَوْلُهُ: وَيَتْرُكَ مَنْ مَعَهُ) أَيْ: كَوْنُهُ لَا يَذْهَبُ سَبَبٌ فِي الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ عَقَلَ الثَّوَابَ، وَيُرَدُّ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ ذَهَابِهِ اسْتِحْيَاءً مِنْ النَّاسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: تَصْوِيرِ الشَّيْءِ بِثَمَرَتِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَالَ عج: وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ الْقُرْبَةَ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَيَقِفُ حَيْثُ شَاءَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الشَّاذِلِيُّ. . (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِكَوْنِهِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا الْمُبَيَّنِ بِعِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُقْضَى لِكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ) رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ غَيْرَهُ يُشَارِكُهُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ وَهُوَ عِلْمُ مَدْلُولِ كَلِمَاتِ الْوَثِيقَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمَشَذَّالِيُّ اهـ. وَرَدَّهُ فِي ك بِأَنَّ الْقَارِئَ رُبَّمَا غَفَلَ عَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ الَّتِي فِيهَا بِخِلَافِ الْكَاتِبِ فَإِنَّهُ نَاظِرٌ لِكُلِّ حَرْفٍ فَهُوَ أَقْوَى عِلْمًا وَلِذَا عَبَّرَ بِأَعْلَمَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَرِعِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِقْهًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّارِكُ) رَاجِعٌ لِلْوَرِعِ، وَأَمَّا الْأَوْرَعُ فَهُوَ الَّذِي يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. (وَأَقُولُ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِأَوْرَعَ أَيْ: إنَّ الْأَوْرَعَ هُوَ الَّذِي يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحِ وَأَوْلَى بِتَرْكِهِ الْمُشْتَبِهُ وَأَمَّا الْوَرِعُ فَهُوَ الَّذِي يَتْرُكُ الْمُشْتَبِهَ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عَنْ بَعْضِهِمْ مَا قُلْته وَهُوَ أَنَّ الْوَرِعَ تَارِكُ الشُّبَهِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: نَدْبًا عَلَى ذِي الرِّقِّ) أَيْ: غَيْرِ زَائِدٍ فِي الْفِقْهِ إلَّا مَعَ سَيِّدِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ رَقِيقٍ ذِي شَائِبَةٍ كَمُبَعَّضٍ فَلَا يُقَدَّمُ مُبَعَّضٌ عَلَى خَالِصٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا زَائِدَيْنِ فِي الْفَضْلِ) وَلِذَا قَالَ عج: وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ تَقْدِيمُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ حُرًّا أَوْ زَائِدَ فِقْهٍ وَالْأَبُ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ زَائِدِ فِقْهٍ وَكَذَا الْعَمُّ. وَفِي عج إنَّ مَرْتَبَةَ الْأَبِ وَالْعَمِّ بَعْدَ رَبِّ الْمَنْزِلِ وَقِيلَ: زَائِدِ الْفِقْهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَبًا اهـ. (تَنْبِيهٌ) : تَقْدِيمُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ حُرًّا أَوْ زَائِدَ فِقْهٍ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الِابْنِ الْحُرِّ أَوْ زَائِدِ الْفِقْهِ وَلَا عُقُوقَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: يُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْأَعْدَلِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ زَائِدَ فِقْهٍ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلَ. (قَوْلُهُ: لَا يُقَابَلُ بِالْمَجْهُولِ) أَيْ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْهُولُ عَدْلًا. (قَوْلُهُ: لَيْسَ نَقِيضًا) وَلَا مُسَاوِيًا لِلنَّقِيضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبَرٍ اقْتَرَعُوا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ وَاسْتَوَوْا فِي مَرَاتِبِ الْإِمَامَةِ وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ مَطْلُوبُهُمْ حِيَازَةَ فَضْلِ الْإِمَامَةِ لَا لِطَلَبِ الرِّيَاسَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُمْ مِنْ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ فُسَّاقٌ . (ص) وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِسُجُودٍ أَوْ رُكُوعٍ بِلَا تَأْخِيرٍ لَا لِجُلُوسٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا وَجَدَ الْإِمَامَ سَاجِدًا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ يُرِيدُ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يَرْفَعَ وَكَذَلِكَ يُكَبِّرُ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ رَاكِعًا تَكْبِيرَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلْإِحْرَامِ وَالْأُخْرَى لِلرُّكُوعِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ. وَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ جَالِسًا فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ ثُمَّ يَجْلِسُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ بِلَا تَأْخِيرٍ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ " بِلَا تَأْخِيرٍ " ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ مَالِكٌ وَلَا يَرْفُقُ فِي مَشْيِهِ لِيَقُومَ الْإِمَامُ لِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . (ص) وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ الْجُلُوسَ الَّذِي فَارَقَهُ مِنْهُ فِي ثَانِيَتِهِ هُوَ بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَخِيرَتَيْ الثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ وَافَقَ مَحَلَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ وَقَدْ رَفَعَ بِتَكْبِيرٍ جَلَسَ بِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ هَذَا فِي غَيْرِ مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَمَّا هُوَ فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فِي ثَانِيَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمِثْلُهُ مُدْرِكُ السُّجُودِ الْأَخِيرِ وَيُقَيَّدُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ " إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ " بِمَا إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ وَأَمَّا مَا دَامَ مَعَ الْإِمَامِ فَيُكَبِّرُ فِي ثَانِيَتِهِ وَغَيْرِهَا مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ " ثَانِيَتِهِ " أَيْ: ثَانِيَةِ نَفْسِهِ لَا إمَامِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " ثَانِيَةٍ " بِدُونِ الضَّمِيرِ وَالْأُولَى أَوْلَى . (ص) وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا أَدْرَكَ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَامَ لِإِكْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاضِيًا فِي الْأَقْوَالِ بَانِيًا فِي الْأَفْعَالِ، وَالْقَضَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَالْبِنَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ. وَالْمُرَادُ بِالْأَقْوَالِ الْقِرَاءَةُ خَاصَّةً وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَقْوَالِ فَهُوَ بَانٍ فِيهِ كَالْأَفْعَالِ فَلِذَا يَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ فَإِنْ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ قَنَتَ فِي فِعْلِ الْأُولَى عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَهُ كُلٌّ مِنْ الْجُزُولِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: إنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْأُولَى وَلَا قُنُوتَ فِيهَا إلَخْ " فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي يُقْضَى هُوَ الْقِرَاءَةُ فَقَطْ . (ص) وَرَكَعَ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دُونَ الصَّفِّ إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ يَدِبُّ كَالصَّفَّيْنِ لِآخِرِ فُرْجَةٍ   [حاشية العدوي] مِثَالُ النَّقِيضِ كَمَا إذَا قُلْت: الْمَوْجُودُ إمَّا قَدِيمٌ أَوْ لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَمِثَالُ الْمُسَاوِي: الْمَوْجُودُ إمَّا قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَطْلُوبُهُمْ حِيَازَةَ فَضْلِ الْإِمَامَةِ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَشَاحُحُهُمْ لِلتَّقَدُّمِ فِي الْوَظِيفَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْفَقْرِ وَيُقَدَّمُ بِهِ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يَرْفَعَ) أَيْ: فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا أَخَّرَ دُخُولَهُ فِيهِ كَالتَّشَهُّدِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ الْأَخِيرَ، وَهَلْ وُجُوبًا لِلنَّهْيِ عَنْ إيقَاعِ صَلَاةٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشُكَّ فِي الْإِدْرَاكِ فَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَرْكَ إحْرَامِهِ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) مُسَلَّمٌ أَنَّ ظَاهِرَهُ الْوُجُوبُ إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ فِي الرُّكُوعِ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا فِي السُّجُودِ فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي السُّجُودِ مَكْرُوهٌ بِقَيْدِهِ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ: أَوْ رُكُوعٍ. لَكَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُطْلَبُ تَكْبِيرُهُ لِلسُّجُودِ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَأَوْلَى الرُّكُوعُ. (فَائِدَةٌ) تَقْدِيمُ الْغَيْرِ فِي الطَّاعَاتِ وَالْخَيْرِ لَا يَنْبَغِي كَمَا يَقَعُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْإِمَامَةِ فَيَرَى مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَيُقَدِّمُهُ لِلْإِمَامَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي بَلْ يَتَقَدَّمُ بِنَفْسِهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: وَيُكَبِّرُ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ رَفَعَ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: مِنْ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا خَرَّجَهُ سَنَدٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ أَنَّهُ يَقُومُ هُنَا أَيْضًا بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُدْرِكُ السُّجُودِ) الْمُرَادُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً. (قَوْلُهُ: فَيُكَبِّرُ فِي ثَانِيَتِهِ وَغَيْرِهَا) مِثَالُ ثَانِيَتِهِ مَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّ ثَانِيَتَهُ الثَّالِثَةُ فَيُكَبِّرُ فِي قِيَامِهِ مِنْهَا أَيْ: مِنْ ثَالِثَةِ الْإِمَامِ الَّتِي هِيَ ثَانِيَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فَيُكَبِّرُ فِي ثَانِيَتِهِ أَيْ: فِي قِيَامِهِ مِنْ ثَانِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ) اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا ذَهَبَ إلَى الْقَضَاءِ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَقْوَالِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى الْقَضَاءِ فِيهِمَا وَالشَّافِعِيُّ إلَى الْبِنَاءِ فِيهِمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ خَبَرُ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَرُوِيَ فَاقْضُوا. فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِرِوَايَةِ فَأَتِمُّوا وَأَبُو حَنِيفَةَ بِرِوَايَةِ فَاقْضُوا وَمَالِكٌ بِكِلْتَيْهِمَا لِقَاعِدَةِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ جُمِعَ فَجَعَلَ رِوَايَةَ فَأَتِمُّوا فِي الْأَفْعَالِ وَرِوَايَةَ فَاقْضُوا فِي الْأَقْوَالِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ أَدْرَكَ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ فَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَجْلِسُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَعَلَى مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ فِيهِمَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَعَلَى مَا لِمَالِكٍ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَجْلِسُ؛ لِأَنَّهُ بَانٍ فِي الْفِعْلِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ أَيْضًا جَهْرًا؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا يَجْمَعُ إلَخْ) فَلَوْ قُلْنَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تُقْضَى لَاقْتَصَرَ عَلَى رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ عب. (قَوْلُهُ: دُونَ الصَّفِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَرَكَعَ. (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ) أَيْ: الصَّفِّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا لَا سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا جَاءَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَخَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ فَلْيَرْكَعْ بِقُرْبِ الصَّفِّ حَيْثُ يَطْمَعُ إذَا دَبَّ رَاكِعًا وَصَلَ إلَى الصَّفِّ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الرَّكْعَةِ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الصَّفِّ، أَمَّا إنْ كَانَ إذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ لَا يُدْرِكُ الْوُصُولَ إلَيْهِ رَاكِعًا حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَيَتَمَادَى إلَيْهِ وَإِنْ فَاتَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ وَإِلَّا رَكَعَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقِيلَ: يُحْرِمُ مَكَانَهُ تَرْجِيحًا لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ. وَقِيلَ: لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ مِنْ الصَّفِّ أَوْ يُقَارِبَهُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ، يَدِبُّ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْفُرَجُ دَبَّ لِآخِرِ فُرْجَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى جِهَةِ الدَّاخِلِ وَهِيَ الَّتِي بِالنِّسْبَةِ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، وَإِذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ فَلَمْ يُدْرِكْ الصَّفَّ فِي دَبِيبِهِ رَاكِعًا دَبَّ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَدِبُّ فِي قِيَامِ رُكُوعِهِ هَذَا الْمَسْبُوقِ فِيهِ كَمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَلَّابِ وَيَدِبُّ رَاكِعًا فِي أُولَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا إذْ لَوْ فَعَلَ تَجَافَتْ يَدَاهُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَأَمَّا سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا فَلَا يَدِبُّ لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ. (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ يَظُنُّ إدْرَاكَ الصَّفِّ قَبْلَ الرَّفْعِ أَنْ يَظُنَّ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ إنْ تَمَادَى لِلصَّفِّ. (قُلْت) أُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا: وَعَلَيْهِ نَقْتَصِرُ أَنْ يَظُنَّ إدْرَاكَ الصَّفِّ قَبْلَ الرَّفْعِ إنْ خَبَّ وَيَظُنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَيَرْكَعَ قَبْلَ الصَّفِّ؛ لِأَنَّ الْخَبَبَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ إذْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ قَبْلَ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ خَبَبٌ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ . (ص) وَإِنْ شَكَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: رَاكِعًا فَقَائِمًا. فَيَأْتِي بِالْفَاءِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّعْقِيبِ أَيْ: رَاكِعًا فِي الْأُولَى فَقَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَخَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ) أَيْ: غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: فَلْيَرْكَعْ) أَيْ: نَدْبًا. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الصَّفِّ) فِيهِ أَنَّهُ يُحَصِّلُ الصَّفَّ وَالرَّكْعَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا أَحْسَنُ مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا الَّذِي هُوَ الصَّفُّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ: يُكْرَهُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا) أَيْ: اتِّفَاقًا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُحْرِمُ مَكَانَهُ فَهَذَا مُقَابِلُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يُحْرِمُ. هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُ لَا فِي ضِدِّهِ فَلَمْ يُقَابِلْ الَّذِي قَبْلَهُ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسَاءَ) أَيْ: ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ) فَلَوْ شَكَّ أَهِيَ الْأَخِيرَةُ أَمْ لَا فَيَحْتَاطُ بِجَعْلِهَا الْأَخِيرَةَ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَأْخُذَ مَقَامَهُ مِنْ الصَّفِّ. (قَوْلُهُ: يَدِبُّ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ) الْكَافُ فِي الْمُصَنِّفِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَلَمْ تُدْخِلْ شَيْئًا فَقَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةَ. الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدِبُّ فِي قِيَامِ رُكُوعِهِ) وَانْظُرْ لَوْ دَبَّ فِي رَفْعِهِ الْمَذْكُورِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ أَنَّ الدَّبَّ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي الْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدِبُّ إلَخْ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَدِبُّ فِي رُكُوعِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فَيُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَدِبُّ فِي رُكُوعِ أُولَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا. (قَوْلُهُ: وَيَدِبُّ رَاكِعًا فِي أُولَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ) عِبَارَةُ بَهْرَامَ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا؛ لِأَنَّ يَدَيْهِ حِينَئِذٍ تُجَافِي رُكْبَتَيْهِ اهـ. (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ يَدِبُّ قَائِمًا وَهَلْ فِي الرَّفْعِ أَوْ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ؟ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَشْهَبَ رَوَى لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ مَقَامَهُ مِنْ الصَّفِّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ فَيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ إلَخْ. وَيُجَابُ عَنْ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَدِبُّ لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ) وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ نَقْتَصِرُ إلَخْ) أَيْ: وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الطُّمَأْنِينَةُ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ظَنِّ إدْرَاكِ الصَّفِّ قَبْلَ الرَّفْعِ وَبَيْنَ ظَنِّ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ يَحْصُلُ لَهُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي حَالِ الدَّبِّ، وَإِذَا تَمَادَى إلَى الصَّفِّ يُدْرِكُ الرُّكُوعَ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ قَبْلَ الرَّفْعِ، وَمِنْهَا إنْ خَشِيَ بِمَعْنَى تَوَهَّمَ فَهُوَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَدَبَّ لَهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَالصَّفَّ قَبْلَ الرَّفْعِ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلظَّنِّ وَالشَّكِّ وَالْوَهْمِ فَهِيَ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي خَمْسَةِ حَالَاتِ الدُّخُولِ وَهِيَ مَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَوْ تَحَقَّقَ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ وَيُطْلَبُ بِالرَّفْعِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَمَا أَفَادَهُ عج وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ عِنْدَ الدُّخُولِ مُتَرَدِّدًا بِصُوَرِهِ الثَّلَاثِ أَوْ جَازِمًا بِالْإِدْرَاكِ أَوْ جَازِمًا بِعَدَمِ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِدْرَاكِ فَتُجْزِئُ الرَّكْعَةُ قَطْعًا وَيَرْفَعُ بِرَفْعِهِ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ آخِرَ الْأَمْرِ فَيَرْفَعُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ حَالَةَ الدُّخُولِ الَّتِي هِيَ: تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ، تَحَقَّقَ عَدَمَهُ، ظَنَّ الْإِدْرَاكَ، تَوَهَّمَهُ، شَكَّ. وَيُطْلَبُ بِالرَّفْعِ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ لَمْ تَبْطُلْ، وَبِعَدَمِ الرَّفْعِ عِنْدَ زَرُّوقٍ فَإِنْ رَفَعَ بَطَلَتْ وَيُطَالَبُ بِالرَّفْعِ فِي تَحَقُّقِ الْإِدْرَاكِ وَظَنِّهِ فَقَطْ عِنْدَ الْهَوَّارِيِّ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا بُطْلَانَ لَا إنْ تَحَقَّقَ الْعَدَمَ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ بَطَلَتْ. الرَّابِعُ إنْ جَزَمَ حَالَ انْحِنَائِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا. (ش) لَمَّا كَانَ الْمَسْبُوقُ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ الْإِمَامِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَإِذَا اتَّبَعَهُ فِي الرُّكُوعِ وَتَيَقَّنَ إدْرَاكَهُ بِأَنْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ رَأْسِهِ اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ الْمَذْكُورِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْرِمَ فَإِنْ فَعَلَ أَلْغَاهَا وَتَمَادَى مَعَهُ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَمَنْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا . (ص) وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ سَوَاءٌ كَانَ مَسْبُوقًا أَمْ لَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي حَالِ انْحِطَاطِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ وَنَوَى بِهَا الْعَقْدَ أَيْ: تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ دُونَ الرُّكُوعِ أَوْ نَوَاهُمَا أَيْ: تَكْبِيرَةَ الْعَقْدِ وَالرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَجْزَأَ فِي الْجَمِيعِ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ " لِرُكُوعٍ " بِمَعْنَى فِي أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ " وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ ". (ص) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ. (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمُصَلِّي بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ إلَّا هُوَ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَإِنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا قَطَعَ مَتَى ذَكَرَ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى وُجُوبًا وَيُعِيدُهَا وُجُوبًا كَمَا فِي الْجَلَّابِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ تت. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَمَفْهُومُ " نَاسِيًا " قَطْعُ الْعَامِدِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَادَى النَّاسِي مُرَاعَاةً لِقَوْلِ سَنَدٍ وَابْنِ شَعْبَانَ بِالْإِجْزَاءِ. (ص) وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ تَرَدُّدٌ. (ش) مَحَلُّهُ حَيْثُ كَبَّرَ لِلسُّجُودِ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ وَعَقَدَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنْ لَمْ يَعْقِدْهَا فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى الْقَطْعِ أَيْ: إذَا كَبَّرَ لِلسُّجُودِ نَاسِيًا الْإِحْرَامَ فَهَلْ يَتَمَادَى إنْ عَقَدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَعْدَ هَذَا السُّجُودِ وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ سَنَدٍ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْقَطْعِ حَيْثُ لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعَ مَا بَعْدَهَا وَأَمَّا إذَا كَبَّرَ لِلسُّجُودِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا فَإِنَّهُ كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ . (ص) وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ اسْتَأْنَفَ. (ش) أَيْ: إنَّ مَنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ أَصْلًا نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ بِإِحْرَامٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى سَلَامٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا.   [حاشية العدوي] بِالْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ رَفَعَ بِرَفْعِ الْإِمَامِ وَلَا تَبْطُلُ بِعَدَمِهِ وَإِنْ جَزَمَ بِعَدَمِهِ أَوْ ظَنَّ بَطَلَتْ إنْ رَفَعَ بِرَفْعِهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ الْمَذْكُورِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْرِمَ) لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا. بَلْ أَرَادَ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ الْمَذْكُورُ فِي حَالِ قُدُومِهِ عَلَى الْإِمَامِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ الْمَذْكُورَ الَّذِي الْمُصَنِّفُ بِصَدَدِهِ وَاقِعٌ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ خَارِجٌ حَتَّى يَأْتِيَ مَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَسْبُوقًا أَمْ لَا) أَيْ: مَسْبُوقًا بِرَكْعَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ) تَفْسِيرٌ لِلْعَقْدِ فَالْمَعْنَى نَوَى بِتَكْبِيرِهِ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَيْ: الْإِحْرَامَ وَهِيَ أَوْلَى أَيْ: قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: تَكْبِيرَةَ الْعَقْدِ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا فَيَنْصَرِفُ لِلْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: إلَّا هُوَ) أَيْ: الرُّكُوعَ. (قَوْلُهُ: نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ) أَيْ: نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ إمَامًا إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ إلَخْ. فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْفَذِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَأْمُومِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ يُعْقَلُ ذَلِكَ فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ. (قُلْت) يُعْقَلُ نِسْيَانًا أَوْ فِي الَّذِي تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَقَوْلُهُ: قَطَعَ مَتَى ذَكَرَ. يُشْعِرُ بِالِانْعِقَادِ وَالظَّاهِرُ لَا، فَلَعَلَّهُ تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ بَطَلَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ تت) عِبَارَةُ تت ظَاهِرُ قَوْلِهِ: تَمَادَى الْمَأْمُومُ وُجُوبُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ الْجَلَّابِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ: تَمَادَى بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَفِي الْجَلَّابِ وُجُوبُهَا اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ تت أَيْ: مِنْ أَنَّ التَّمَادِيَ عِنْدَ الْجَلَّابِ مُسْتَحَبٌّ مَعَ أَنَّ التَّمَادِيَ عِنْدَ الْجَلَّابِ وَاجِبٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ قَوْلُهُ: يُوهِمُهُ أَيْ: يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ أَيْ: الذِّهْنَ وَذَلِكَ يَصْدُقُ بِالْجَزْمِ لَا مُجَرَّدِ الْوَهْمِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ تت صَرِيحٌ فِي الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ الْجَلَّابِ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ الْجَلَّابِ فَتَعْلَمُ الْحَقَّ وَلَوْ قَالَ: تَمَادَى وُجُوبًا عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ تت مِنْ عَدَمِ الرُّجْحَانِ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا) مِثَالُ الْغَيْرِ كَمَا لَوْ فَاتَتْ الْأُولَى وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ فَنَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَيَتَمَادَى وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ وَيُعِيدُ هَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَقْطَعُ بِغَيْرِ سَلَامٍ وَيَبْتَدِئُ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ أَوْ لَا وَتَأَمَّلْ وَجْهَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ فِي الْجُمُعَةِ بِسَلَامٍ ثُمَّ يُحْرِمُ لِحُرْمَةِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ. هَذِهِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ قَبْلُ فِي قَوْلِهِ: كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ. ذَكَرَهَا هُنَاكَ لِلنَّظَائِرِ وَذَكَرَ عج أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ تت وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الرَّاجِحَ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ تَرَدُّدٌ) يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِالتَّمَادِي أَيْ: بِشَرْطِهِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْقَطْعِ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ: نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ وَعَقَدَ إلَخْ) أَيْ: نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَاوٍ الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَقِيلَ لَا يَجْزِيهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَذَكَّرَ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهِ دُونَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ أَيْضًا أَوْ بَعْدَ سُجُودِهِ دُونَ تَكْبِيرٍ لَهُ أَصْلًا أَوْ بَعْدَ مَا كَبَّرَ لَهُ وَقَبْلَ عَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهِ، وَفِي قَوْلِهِ: اسْتَأْنَفَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْدُوبَاتِ الْإِمَامِ وَكَانَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ طُولٌ أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ لِذِكْرِ حُكْمِهِ وَأَسْبَابِهِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالشُّرُوطِ وَصِفَةِ الْمُسْتَخْلَفِ وَفِعْلِهِ وَبَدَأَ بِحُكْمِهِ مُضَمِّنًا لَهُ أَسْبَابَهُ فَقَالَ. (فَصْلٌ) نُدِبَ لِإِمَامٍ خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ. (ش) أَيْ: يُنْدَبُ لِمَنْ تَحَقَّقَتْ إمَامَتُهُ وَثَبَتَتْ الِاسْتِخْلَافُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ: إذَا خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَانْفِلَاتِ دَابَّةٍ أَوْ نَفْسٍ كَخَوْفٍ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ نَارٍ فَلَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ أَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ إمَامَتُهُ بَلْ وَلَا دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " مَالٍ " سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَافِرًا وَلِذَلِكَ نَكَّرَ مَالًا كَمَا نَكَّرَ نَفْسًا لِيَشْمَلَ نَفْسَهُ وَنَفْسَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَافِرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَالٍ لَهُ بَالٌ أَيْ: بِحَسَبِ الْأَشْخَاصِ أَيْ: بِحَسَبِ كُلِّ شَخْصٍ فِي نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ " لِإِمَامٍ " مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَهُمْ أَيْ: وَنُدِبَ لَهُمْ لَا بِاسْتِخْلَافٍ خِلَافًا لتت؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ عَلَيْهِ مَعَ كَثْرَةِ الْفَصْلِ وَمَعْمُولُ الْمَصْدَرِ اُغْتُفِرَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ ظَرْفًا أَوْ جَارًّا وَمَجْرُورًا لَكِنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ مَعَ الْفَصْلِ وَفِيهَا إيهَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّدْبَ لِلْمُسْتَخْلِفِ أَوْ الْمُسْتَخْلَفِ وَمَصَبُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ " اسْتِخْلَافٌ " وَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَهُوَ وَاجِبٌ. (ص) أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ. (ش) الْمَوْضِعُ الثَّانِي إذَا طَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مَا يَمْنَعُ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ عَنْ رُكْنٍ كَعَجْزِهِ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ. وَأَمَّا عَجْزُهُ عَنْ السُّورَةِ فَلَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الِاسْتِخْلَافِ. (ص) أَوْ الصَّلَاةَ بِرُعَافٍ أَوْ سَبْقِ حَدَثٍ أَوْ ذَكَرَهُ. (ش) الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: إذَا طَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ كَرُعَافٍ يُبِيحُ الْبِنَاءَ لَهُ فِيهَا أَوْ يَمْنَعُهُ مِنْ جُمْلَتِهَا لِبُطْلَانِهَا كَسَبْقِ حَدَثٍ أَصْغَرَ كَرِيحٍ أَوْ أَكْبَرَ كَمَنِيٍّ لِنُعَاسٍ خَفِيفٍ حَصَلَ فِيهَا أَوْ ذِكْرِ حَدَثٍ كَذَلِكَ وَأَحْرَى لَوْ شَكَّ فِي وُضُوئِهِ، وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى رُعَافٍ يُبِيحُ الْبِنَاءَ تَبَعًا لس فِي شَرْحِهِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إذْ هُوَ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِلصَّلَاةِ؛ لِزَوَالِهِ بِغَسْلِهِ أَوْ بِفَتْلِهِ بَلْ مَانِعٌ لِلْإِمَامَةِ وَانْظُرْ الْجَوَابَ مَعَ أَسْئِلَةٍ وَأَجْوِبَةٍ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. وَقَوْلُهُ (اسْتِخْلَافٌ) نَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ وَهُوَ مُتَوَّجُهُ النَّدْبِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ وَلَهُ تَرْكُ الِاسْتِخْلَافِ وَيَدَعُ الْقَوْمَ هَمَلًا، فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ عِنْدَ عَدَمِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى " اسْتِخْلَافٌ " نَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ أَيْ: يُنْدَبُ الِاسْتِخْلَافُ لِمَا ذُكِرَ وَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَسْبَابِ يُمْنَعُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ فَلَوْ قَالَ: صَحَّ لِإِمَامٍ خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ إلَخْ اسْتِخْلَافٌ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا نُدِبَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ فَهُوَ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ تَرْكُهُ إلَى التَّنَازُعِ فِيمَنْ يَتَقَدَّمُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، وَإِنَّمَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ نَدْبًا إذَا تَعَدَّدَ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنْ كَانَ   [حاشية العدوي] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُ عَنْ الْمَأْمُومِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَلْ حَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ [فَصْلٌ الِاسْتِخْلَافُ فِي الصَّلَاةِ] (فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِخْلَافِ) (قَوْلُهُ: الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالشُّرُوطِ) أَيْ: فِي كُتُبِهِمْ وَقَوْلُهُ: وَفِعْلِهِ. عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى صِفَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ وَقَرَأَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ قَرَّرْنَا سَابِقًا خِلَافَ ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا أَحْسَنُ. (قَوْلُهُ: مُضَمِّنًا لَهُ أَسْبَابَهُ) أَيْ: ضَامًّا لَهُ أَسْبَابَهُ. (قَوْلُهُ: خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ) الْخَشْيَةُ فِي عُرْفِهِمْ الظَّنُّ فَمَا دُونَهُ كَذَا قِيلَ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لُغَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَثَبَتَتْ) تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَالٍ لَهُ بَالٌ) أَيْ: وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَمَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ فَظَهَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَلِيلًا لَا يَقْطَعُ وَيَسْتَخْلِفُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ وَأَمَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا فَيُفَصَّلُ، هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْقَطْعُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَا كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي الْقَطْعِ وَعَدَمِهِ الْمَأْمُومُ وَالْفَذُّ وَاخْتُصَّ الْإِمَامُ بِنَدْبِ الِاسْتِخْلَافِ. (قَوْلُهُ: مَعَ كَثْرَةِ الْفَصْلِ) عَبَّرَ بِالْكَثْرَةِ لِلْوَاقِعِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى الْفَصْلِ كَمَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ حَيْثُ قَالَ: لَكِنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ مَعَ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْمُسْتَخْلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خُرُوجُهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْعِبَارَةِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنَّ النَّدْبَ يَنْصَبُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الِاسْتِخْلَافَ مُتَضَمِّنٌ لِلْخُرُوجِ فَصَحَّ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى لَوْ شَكَّ فِي وُضُوئِهِ) قَالَ فِي ك: وَانْظُرْ هَذَا مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَإِنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ مِنْ صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ فَيُنَافِي جَعْلَهُمْ هُنَا الشَّكَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ أَسْبَابِهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا أَنَّهُ شَكَّ هَلْ حَصَلَ وُضُوءٌ أَمْ لَا وَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ شَكَّ فِي طُرُوِّ النَّاقِضِ فَلَا مُنَافَاةَ اهـ. وَلِذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ شَكُّهُ فِي الصَّلَاةِ هَلْ دَخَلَ بِوُضُوءٍ أَمْ لَا فَيَسْتَخْلِفُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَحْنُونَ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ الْحَدَثُ وَالْوُضُوءُ وَشَكَّ فِي صَلَاتِهِ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ: لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ جَعَلَهُ مِنْ مَوَانِعِ الْإِمَامَةِ لَا مِنْ مَوَانِعِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْجَوَابَ إلَخْ) وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَعْنَى: أَوْ مُنِعَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ إمَامًا بِرُعَافٍ وَلَا يَمْنَعُهُ عَطْفٌ سَبَقَ عَلَيْهِ إذْ تَقْدِيرُهُ بِدَلَالَةِ الْمَقَامِ أَوْ مُنِعَ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا لِأَجْلِ سَبْقِ حَدَثٍ قَالَ عج فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي الرُّعَافِ إذَا أَوْجَبَ الْقَطْعَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ قُلْت: لَعَلَّ أَمْرَ الرُّعَافِ أَشَدُّ إذْ قَدْ قِيلَ بِنَقْضِهِ الطَّهَارَةَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ جَعَلُوا لِمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ الِاسْتِخْلَافَ فَهَلَّا كَانَ الرُّعَافُ مِثْلَهُ قُلْت: لَعَلَّ مُنَافَاتَهُ أَكْثَرُ وَفِيهِ شَيْءٌ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبِنَاءَ فِي الرُّعَافِ رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَالِّهَا، وَحَمَلَ اللَّقَانِيِّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى رُعَافٍ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ كَمَا لَوْ تَكَرَّرَ كَمَا عِنْدَ ابْنِ زَرْقُونٍ أَوْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ أَوْ لَطَّخَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى اسْتِخْلَافٌ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ عُلِمَ جَوَابُهُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ) لَيْسَ هَذَا تَحْقِيقًا بَلْ مُحْتَمَلًا فَلَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 مَنْ خَلْفَهُ وَاحِدًا فَلَا إذْ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ فَيُتِمُّ وَحْدَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ: يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ. قَالَهُ أَصْبَغُ وَقِيلَ: يَعْمَلُ عَمَلَ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ فَإِذَا أَدْرَكَ رَجُلٌ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ فَاسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَكَانَ وَحْدَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ كَصَلَاةِ الْفَذِّ وَلَا يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَقْطَعُهَا وَعَلَى الثَّالِثِ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ وَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَيَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِيهَا وَإِذَا اسْتَخْلَفَ عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ مَا صَلَّى مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ بَانٍ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَعَلَى الثَّانِي فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثِ فَيَكُونُ بَانِيًا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ . (ص) وَإِنْ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَصَلَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِخْلَافِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ كَمَا يَسْتَخْلِفُ فِي الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ وَيَرْفَعُ بِهِمْ الْخَلِيفَةُ وَيَرْفَعُ الْأَوَّلُ رَأْسَهُ بِلَا تَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَقْتَدُوا بِهِ، وَمِثْلُ الرُّكُوعِ الْجُلُوسُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ " وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ وَإِنْ بِجُلُوسِهِ ". (ص) وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَهُ. (ش) الضَّمِيرُ فِي بِرَفْعِهِ لِلْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ وَأَمَّا فِي قَبْلَهُ فَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلِاسْتِخْلَافِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِرَفْعِ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمُوا بِحَدَثِهِ وَرَفَعُوا مَعَهُ تَعَمُّدًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِمَنْ عُلِمَ حَدَثَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ عِلْمُهُمْ بِحَدَثِهِ هُنَا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ عُلِمَ بِحَدَثِهِ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِهَا، وَإِذَا رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَفْعِ الْمُسْتَخْلِفِ فَإِنَّهُمْ يَعُودُونَ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ فَيَرْكَعُونَ مَعَهُ وَيَرْفَعُونَ بِرَفْعِهِ فَإِنْ لَمْ يَعُودُوا مَعَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي هَذِهِ. وَأَمَّا إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ بَعْدَمَا حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِخْلَافٌ وَاعْتَدُّوا بِرَفْعِهِمْ مَعَ الْأَوَّلِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ تَصِحُّ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَاقْتِصَارُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ يُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْبُطْلَانِ حَيْثُ اسْتَخْلَفَ وَهَذَا إذَا أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْإِمَامِ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا فَرْضَهُمْ مَعَهُ قَبْلَ حُصُولِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْعَوْدُ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ فَيَأْخُذُونَ فَرْضَهُمْ مَعَهُ فَإِنْ تَرَكُوا ذَلِكَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَلِعُذْرٍ وَفَاتَ التَّدَارُكُ بَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ. وَأَمَّا مَنْ اسْتَخْلَفَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْفَعَ وَلَوْ أَخَذَ فَرْضَهُ فِي الِانْحِنَاءِ مَعَ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ، وَرُكُوعُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَيَكُونُ هُوَ كَذَلِكَ. كَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ هـ . (ص) وَلَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لَهُمْ أَيْضًا الِاسْتِخْلَافُ إنْ خَرَجَ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَيْهِمْ أَيْ: وَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا وَلَيْسَ مُقَابِلُهُ أَنَّ لَهُمْ الِانْتِظَارَ حَتَّى يَعُودَ لَهُمْ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ تَبْطُلُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ مَبْنَى إشْكَالِ ابْنِ غَازِيٍّ. (ص) وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالِانْتِظَارِ. (ش) أَيْ: إنَّ اسْتِخْلَافَهُمْ مَنْدُوبٌ وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ الْأَوَّلُ بِالِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ وَيُتِمَّ بِهِمْ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ فِي إيجَابِ انْتِظَارِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِيهَا) أَيْ: الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِلَا تَكْبِيرٍ) أَيْ: فِي السُّجُودِ أَيْ: وَبِلَا تَسْمِيعٍ فِي الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ) وَكَذَا إنْ خَفَضُوا بِخَفْضِهِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلِاسْتِخْلَافِ) أَيْ: بِأَنْ حَدَثَ الرُّعَافُ فِي الرُّكُوعِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَرَفَعَ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِرَفْعِ الْمُسْتَخْلِفِ) فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْعُذْرُ حَصَلَ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَاسْتَخْلَفَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمُوا) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ خُرُوجِهِ) أَيْ: فَانْتِصَابُهُ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مُصَلِّيًا بَلْ بِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ) أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يَعُودُونَ إلَخْ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنْ قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لِوُجُودِ الِاسْتِخْلَافِ دُونَ الْأَوَّلِ لِعَدَمِهِ قُلْت لَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ اسْتَخْلَفَ بَعْدَ الْفَرَاغِ. (قَوْلُهُ: فَيَرْكَعُونَ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ بِالْفَتْحِ فِي الصُّورَتَيْنِ يُعِيدُ الرُّكُوعَ وَيُعِيدُونَ مَعَهُ الرُّكُوعَ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمَأْمُومِينَ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعُودُوا مَعَهُ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي هَذَا) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ رَفَعُوا إلَخْ) شُرُوعٌ فِي صُورَةٍ ثَالِثَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِخْلَافٌ) أَيْ: مِنْ الْإِمَامِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّهُ قَدْ حَصَلَ مِنْ الْمُسْتَخْلِفِ اسْتِخْلَافٌ إمَّا بَعْدَ الرَّفْعِ أَوْ قَبْلَ الرَّفْعِ وَقُلْنَا وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِخْلَافٌ مِنْ الْإِمَامِ أَصْلًا، وَهَلْ حَصَلَ مِنْهُمْ اسْتِخْلَافٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَعَ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوَّلًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ النَّقْلِ وَيَكُونُ هَذَا وَجْهَ الِاتِّفَاقِ. (قَوْلُهُ: هَذَا إلَخْ) أَيْ: مَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِدَلِيلِ آخِرِ الْعِبَارَةِ حَيْثُ قَالَ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا أَخَذُوا فَرْضَهُمْ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ رَكَعُوا وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمَانِعُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ اسْتَخْلَفَهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا بُدَّ أَنْ يَرْكَعَ وَلَوْ أَخَذَ فَرْضَهُ بِخِلَافِ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِالْعَوْدِ وَلَوْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ فَلَوْ لَمْ يَعُودُوا وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ صَحَّتْ . (قَوْلُهُ: أَيْ: وَنُدِبَ لَهُمْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَهُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ: لِإِمَامٍ. وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ أَيْ: يَدُلُّ لِذَلِكَ الْعَطْفُ الْمُقْتَضِي النَّدْبِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا) أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مَبْنَى إشْكَالِ ابْنِ غَازِيٍّ) وَنَصُّهُ يَقْتَضِي هَذَا الْإِغْيَاءَ أَنَّ عَدَمَ انْتِظَارِهِ مَنْدُوبٌ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ بَعْدُ كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 حَيْثُ أَشَارَ لَهُمْ أَنْ اُمْكُثُوا وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ انْتَظَرُوهُ حَتَّى عَادَ وَأَتَمَّ بِهِمْ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ " كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا " فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا نَدْبُ اسْتِخْلَافِهِمْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الِانْتِظَارِ بَلْ جَوَازُ عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ الصَّادِقِ بِجَوَازِ إتْمَامِهِمْ أَفْذَاذًا وَهُوَ الْمُرَادُ . (ص) وَاسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْوَالِ الْإِمَامِ وَلِيَسْهُلَ لَهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. (ص) وَتَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لَهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي اسْتِخْلَافِهِ لِعُذْرٍ مُبْطِلٍ لِصَلَاتِهِ كَحَدَثٍ سَبَقَهُ أَوْ ذَكَرَهُ لِيَسْتَتِرَ فِي خُرُوجِهِ بَلْ يُشِيرُ لِمَنْ يُقَدِّمُهُ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ رُعَافُ غَيْرِ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَتَرْكُ الْكَلَامِ وَاجِبٌ . (ص) وَتَأَخَّرَ مُؤْتَمًّا فِي الْعَجْزِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ الْإِمَامَةَ كَالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ الْأَرْكَانِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَتَأَخَّرُ وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ " بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَلَوْ جِنَازَةً إلَخْ " وَاغْتُفِرَ كَوْنُ النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ. وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، وَكَلَامُ حُلُولُو يُوهِمُ وُجُوبَ هَذَا التَّأَخُّرِ. (ص) وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لَهُ إذَا خَرَجَ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ لِيُورِيَ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ وَلَوْ كَانَ الْعُذْرُ رُعَافًا فَإِنْ قُلْت: التَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعُذْرَ إذَا كَانَ رُعَافًا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الرُّعَافِ " فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ " لِأَنَّ ذَاكَ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ هُوَ لِلسَّتْرِ بَلْ لِتَخِفَّ النَّجَاسَةُ وَهَذَا فِي رُعَافِ غَيْرِهِ قُلْت: لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ لَا يَحْصُلُ السَّتْرُ مِنْهُ إلَّا بِمَسْكِ أَنْفِهِ وَكَذَا مَنْ قَرُبَ حَيْثُ قَطَعَ لِزِيَادَةِ الرُّعَافِ عَنْ دِرْهَمٍ فِي الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى. (ص) وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَقَدُّمُ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ إلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ كَالصَّفَّيْنِ لِيَحْصُلَ لَهُ رُتْبَةُ الْفَضْلِ فَإِنْ بَعُدَ أَتَمَّ بِهِمْ مَوْضِعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ الْكَثِيرَ يُفْسِدُهَا وَيَتَقَدَّمُ لِلْقَرِيبِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي حَصَلَ اسْتِخْلَافُهُ فِيهَا. (وَإِنْ بِجُلُوسِهِ) بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ خَلْفَ الصَّفِّ فَلَا يَدِبُّ جَالِسًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ هُنَا لَهُ عُذْرًا بِخِلَافِهِ هُنَاكَ وَأَيْضًا هُنَا لِأَجْلِ التَّمْيِيزِ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَبْسٌ عَلَى الْقَوْمِ فَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا مَرَّ، ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ إنْ قَرُبَ نَفْيُ اسْتِحْبَابِ التَّقَدُّمِ مَعَ عَدَمِ الْقُرْبِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَنْعُ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ . (ص) وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ صَحَّتْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ رَجُلًا فَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ عَمْدًا أَوْ اشْتِبَاهًا كَقَوْلِهِ يَا فُلَانُ يُرِيدُ وَاحِدًا وَفِي الْقَوْمِ أَكْثَرُ مِنْهُ يُسَمَّى بِاسْمِهِ فَأَتَمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ صَحَّتْ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يَقْبَلَ وَيَفْعَلَ بَعْضَ الْفِعْلِ. (ص) كَأَنْ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ. (ش) التَّشْبِيهُ فِي الصِّحَّةِ يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ عَلَى الْقَوْمِ مَجْنُونًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ عَمَلًا فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ إمَامًا حَتَّى يَعْمَلَ بِالْمَأْمُومِينَ عَمَلًا فِي الصَّلَاةِ   [حاشية العدوي] تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ اسْتِخْلَافِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يَسْتَخْلِفُوا؛ لِأَنَّهُ لَا اتِّبَاعَ بَعْدَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَنُدِبَ اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْأَقْرَبَ خَالَفَ الْأَوْلَى شَرْحُ شب. (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ بِالْكَافِ رُعَافُ غَيْرِ الْبِنَاءِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَإِذًا فَعُذْرُهُ وَاضِحٌ بِالرُّعَافِ، وَلَا يَأْتِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعُذْرَ وَاضِحٌ فِي قُرْبٍ لَا فِي بُعْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ مَعَ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي سَبْقِ الْحَدَثِ، أَوْ ذَكَرَهُ لِكَوْنِ الِاسْتِخْلَافِ رُخْصَةً يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ. (قَوْلُهُ: وَيَتَأَخَّرُ وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ) فَإِنْ قُلْت: وُجُوبُ ائْتِمَامِهِ وَنِيَّتُهُ الِاقْتِدَاءُ يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ صَلَاتِهِمْ وُحْدَانًا؟ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ هُنَا لَوْ صَلَّى فَذًّا لَبَطَلَتْ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ لِانْفِرَادٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ إتْمَامِهِمْ وُحْدَانًا فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ زَالَتْ بِحُصُولِ الْعُذْرِ لِإِمَامِهِمْ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَوْ بَعْضُهُمْ وُحْدَانًا وَتَرَكَ الِاقْتِدَاءَ بِمَنْ أَمَّ الْبَاقِينَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأَخُّرَهُ مَكَانَةً مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ " مُؤْتَمًّا " وَأَمَّا مَكَانًا فَهُوَ مِنْ لَفْظِ تَأَخَّرَ إلَّا أَنَّ تَأَخُّرَهُ مَكَانَةً وَاجِبٌ وَمَكَانًا مَنْدُوبٌ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إنَّمَا أُمِرَ الْمُحْدِثُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ لِيُوهِمَ الْقَوْمَ أَنَّ بِهِ رُعَافًا وَهَذَا مِنْ بَابِ الْأَخْذِ بِالْأَدَبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِخْفَاءِ الْقَبِيحِ وَالتَّوَارِي بِمَا هُوَ أَحْسَنُ وَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي بَابِ الرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّجَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ النَّاسِ اهـ. وَلَا يُقَالُ هَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّتْرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا حَيْثُ خِيفَ بِتَرْكِهِ عَدَمُ السَّتْرِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ قَرُبَ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْ: فَيُمْسِكُ أَنْفَهُ لِلسَّتْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِجُلُوسِهِ) أَيْ: أَوْ سُجُودِهِ أَيْ: فِي هَيْئَةِ السُّجُودِ وَإِلَّا لَوْ كَانَ سَاجِدًا بِالْفِعْلِ لَحَصَلَتْ لَهُ الْمَشَقَّةُ الْعَظِيمَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا) وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ مَأْمُورٌ بِالتَّقَدُّمِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَحْصُلَ لَبْسٌ عَلَى الْقَوْمِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَعْيِينِ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ. (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلَ بَعْضَ الْفِعْلِ) أَيْ: بِهِمْ مَعَ اتِّبَاعِهِمْ هَكَذَا قَالَ سَحْنُونَ أَيْ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ يَصِيرُ إمَامًا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ عَالِمًا أَبْطَلَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ تَبْطُلُ وَالْمَذْهَبُ لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا عَمِلُوا مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ وَهَذِهِ لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ غَيْرُ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ) هَذَا الْحِلُّ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا قَالَ وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وَلَوْ كَانَ إمَامًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ كَمَا عِنْدَ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ لَبَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ، وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّنْ يُؤْتَمُّ بِهِ فَلَا يَضُرُّهُمْ اسْتِخْلَافُهُ حَتَّى يَعْمَلَ عَمَلًا يَأْتَمُّونَ بِهِ فِيهِ اهـ. وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ " وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ " بُطْلَانُهَا عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافُ مُقْتَضَى قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ حَتَّى يَعْمَلَ عَمَلًا يَأْتَمُّونَ بِهِ فِيهِ. اهـ. وَمَفْهُومُ " وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ " الْبُطْلَانُ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ عَالِمِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ " أَوْ مَجْنُونًا " . (ص) أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ بِإِمَامَيْنِ. (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ إذَا أَتَمُّوا وُحْدَانًا لِأَنْفُسِهِمْ وَتَرَكُوا خَلِيفَةَ الْإِمَامِ وَأَوْلَى لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضُهُمْ وُحْدَانًا وَتَرَكَ الِاقْتِدَاءَ بِمَنْ أَمَّ الْبَاقِينَ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ أَتَمُّوا بِإِمَامَيْنِ بِأَنْ قَدَّمَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ إمَامًا وَقَدْ أَسَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَةٍ وَجَدُوا جَمَاعَةً يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ بِإِمَامٍ فَقَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ وَصَلَّوْا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (إلَّا الْجُمُعَةَ) فَلَا تَصِحُّ لِلْمُتِمِّينَ وُحْدَانًا لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسُوا كَالْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً تَقَدَّمَتْ بِشَرْطِهَا بِخِلَافِهِمْ فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْمَأْتِيَّ بِهَا بِنَاءٌ وَلَا يَصِحُّ صَلَاةُ شَيْءٍ مِنْ الْجُمُعَةِ مِمَّا هُوَ بِنَاءٌ فَذًّا وَلَا تَصِحُّ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ إذْ لَا يُصَلَّى جُمُعَتَانِ فِي مَوْضِعٍ وَتَصِحُّ لِأَسْبَقِهِمَا، ثُمَّ إنَّهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ " وَأَتَمُّوا وُحْدَانًا " بِالْوَاوِ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْعَطْفِ وَالْحَالِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا الْحَالُ وَصَاحِبُهَا وَصَاحِبُ الْحَالِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ مَجْنُونًا وَهِيَ حَالٌ مُتَرَادِفَةٌ أَيْ: مُتَتَابِعَةٌ وَفِي بَعْضِهَا بِأَوْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " تَقَدَّمَ غَيْرُهُ " أَوْ عَلَى اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا، وَقَوْلُهُ " إلَّا الْجُمُعَةَ " رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ. وَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي بِشَرْطِ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ كَكَوْنِ مَنْ مَعَهُ اثْنَيْ عَشَرَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَأَمَّا الْفَرْعُ الثَّالِثُ: فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى مَعَ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ حَيْثُ قَدَّمَ أَحَدَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا وَقَدَّمُوا اثْنَيْنِ أَوْ قَدَّمَ هُوَ اثْنَيْنِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ سَبَقَ بِالسَّلَامِ بِشَرْطِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا وَيُعِيدُونَهَا جُمُعَةً مَا دَامَ وَقْتُهَا بَاقِيًا. وَقَوْلُنَا " تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ سَبَقَ بِالسَّلَامِ " مَحَلُّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَحَيْثُ بَطَلَتْ فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَةُ الثَّانِي حَيْثُ وُجِدَ شَرْطُهَا أَمْ تَبْطُلُ؟ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي شَرْحِهِ الْأَوَّلَ (ص) وَقَرَأَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ يُكْمِلُ عَلَى صَلَاةِ الْأَوَّلِ فَيَقْرَأُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْأَوَّلُ فِي الْجَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ شَيْئًا افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَوَّلِهَا فَإِنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً ابْتَدَأَ الْمُسْتَخْلَفُ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ مَكَثَ فِي قِيَامِهِ قَدْرَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَهَا أَوْ أَبْطَأَ فِي قِرَاءَتِهَا وَلَمْ يُتِمَّهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) فَإِنْ عَلِمَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْبَرَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ انْتَهَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إمَامًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ) حَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ يَقُولُ: إنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ يَصِيرُ خَلِيفَةً مُطْلَقًا أَيْ: فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَأَمَّا عَبْدُ الْحَقِّ فَقَدْ وَافَقَ بَعْضَ شُيُوخِهِ فِيمَا عَدَا الْمَجْنُونَ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ قَدْ وَافَقَ سَحْنُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ طُرُقٌ ثَلَاثَةٌ طَرِيقَةُ سَحْنُونَ وَطَرِيقَةُ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَطَرِيقَةُ عَبْدِ الْحَقِّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ طَرِيقَةٌ رَابِعَةٌ وَإِلَيْهَا ذَهَبَ عج فَقَالَ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ عَالِمِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَجْنُونًا. (قَوْلُهُ: لَبَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ) نَظَرًا لِظَاهِرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نُظِرَ لِحِلِّهِ أَوَّلًا لَقَالَ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ أَيْ: فَضْلًا عَنْ الِالْتِفَاتِ لِلْعَمَلِ حَتَّى يَقُولَ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ) أَيْ: بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَجْنُونِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا بَيَّنَّا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) رُجُوعٌ لِكَلَامِ عج وَرُجُوعٌ عَمَّا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَعْمَلَ عَمَلًا) أَيْ: فَمُجَرَّدُ الِاقْتِدَاءِ لَا يَكْفِي. (قَوْلُهُ: الْبُطْلَانُ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ الَّذِي قُلْنَا إنَّهُ كَلَامُ عج أَتَى بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّقَانِيِّ يَقُولُ: لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا عَمِلَ بِهِمْ عَمَلًا وعج يَقُولُ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ تَبْطُلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا) وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْأَصْلِيُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْأَصْلِ إلَّا إذَا اُتُّبِعَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَظَاهِرُهُ عَدَمُ إثْمِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ وُحْدَانًا) لَكِنْ يَأْثَمُ كَمَا أَفَادَهُ شب. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسَاءَتْ) أَيْ: أَثِمَتْ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا صَلَّوْا وُحْدَانًا مَعَ كَوْنِهِ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ وَصَلَّى الْمُسْتَخْلِفُ وَحْدَهُ وَلَمْ يُدْرِكُوا مَعَ الْأَصْلِيِّ رَكْعَةً فَلِكُلٍّ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَيُلْغَزَ بِذَلِكَ فَيُقَالَ: شَخْصٌ صَلَّى بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَمَأْمُومٌ صَلَّى بِنِيَّةِ الْمَأْمُومِيَّةِ وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَصِحُّ بَعْدَ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ: مُحْتَمِلَةٌ لِلْعَطْفِ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا. (قَوْلُهُ: وَالْحَالِ) فَإِنْ قُلْت: الْحَالُ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا وَالْإِتْمَامُ وُحْدَانًا لَيْسَ وَصْفًا لِلْمَجْنُونِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُقَارَنَةُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَجْنُونًا) خَبَرٌ صَاحَبَهَا قَصْدُ الْحِكَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا بِأَوْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ نُسْخَةَ أَوْ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ الْوَاوِ لِقُصُورِهَا عَلَى الْمَجْنُونِ أَيْ: لِقُصُورِ نُسْخَةِ الْوَاوِ بِخِلَافِ نُسْخَةِ أَوْ لِعُمُومِهَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " تَقَدَّمَ غَيْرُهُ إلَخْ ") لَا يَخْفَى أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى تَقَدَّمَ غَيْرُهُ يُوجِبُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةَ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا إلَخْ صَحَّتْ أَوْ إنْ صَحَّتْ الْمُتَقَدِّمُ جَوَابٌ عَنْهُمَا وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَعْطُوفِ. (قَوْلُهُ: قَدَّمَهُ الْإِمَامُ) أَيْ: إمَامُ الْمَسْجِدِ الْمُقَامِ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ إلَخْ) وَهُوَ كَوْنُ مَنْ مَعَهُ اثْنَيْ عَشَرَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ بِشَرْطِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَمَحَلُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْطَأَ فِي قِرَاءَتِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْبَدْءَ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا فِي بَهْرَامَ بِعَيْنِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَبْطَأَ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَقْرَأُ، يَقْرَأُ مِنْ بَعْدِ الْمُحَقَّقِ لَهُ آيَةً أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ) خَصَّ السِّرِّيَّةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْجَهْرِيَّةَ شَأْنُهَا الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 فِي قِرَاءَتِهِ إلَى كَذَا أَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَسَمِعَ قِرَاءَتَهُ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْإِمَامُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ. وَقَوْلُهُ " وَقَرَأَ " أَيْ: نَدْبًا قَالَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ حَيْثُ قَرَأَهَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلَاةُ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعِيدَ لِلْفَاتِحَةِ شَخْصٌ آخَرُ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ. وَقَوْلُهُ " وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ " أَيْ: وُجُوبًا . (ص) وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ. (ش) أَيْ: وَصِحَّةُ الِاسْتِخْلَافِ بِإِدْرَاكِ الْمُسْتَخْلَفِ قَبْلَ الْعُذْرِ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ وَهُوَ مَا قَبْلَ تَمَامِ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ رَفْعُ الرَّأْسِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَمَا قَبْلَهُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ. وَقُلْنَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ فَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةٍ وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا وَاسْتَمَرَّ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى قَامَ لِمَا بَعْدَهَا وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ لِإِدْرَاكِهِ مَا قَبْلَ تَمَامِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا وَهُوَ الْقِيَامُ وَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ إدْرَاكِ مَا قَبْلَهَا. (ص) وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأَوْلَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ. (ش) أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ حَقُّهُ أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ " وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ " عَلَى قَوْلِهِ " وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ " كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِلَّا فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ بِالْأُولَى اهـ. وَقَالَ بَعْضٌ: لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ نَقْصًا وَتَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا صَدَرَ مِثْلُهُ مِنْ مُخَرِّجِ مُبْيَضَّةِ الْمُؤَلِّفِ اهـ. وَنَحْنُ نَشْرَحُ عَلَى مَا صَوَّبَ وَيَكُونُ مَسَاقُهُ وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ دُونَهُ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا فَالْحَذْفُ بَعْدَ " وَإِلَّا " وَالتَّقْدِيمُ هُوَ قَوْلُهُ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَى صَحَّتْ " فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَنْ مَحَلِّهِ وَمَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ " وَالتَّأْخِيرُ هُوَ قَوْلُهُ " وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ " فَإِنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ مَحَلِّهِ وَمَحَلُّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ " فَقَوْلُهُ " وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ دُونَهُ " أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ فَاتَهُ رُكُوعُهَا إمَّا بِأَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ الرَّفْعِ أَوْ قَبْلَهُ وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَإِنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ فَلْيُقَدِّمْ هُوَ غَيْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ وَتَمَادَى بِالْقَوْمِ فِي سُجُودِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاعْتِدَادِهِمْ بِذَلِكَ السُّجُودِ وَعَدَمِ اعْتِدَادِهِ هُوَ بِهِ إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فَهُوَ كَمُتَنَفِّلٍ أَمَّ مُفْتَرِضًا فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ دُونَهُ أَيْ: دُونَ صَلَاتِهِ فَلَا تَبْطُلُ أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا فَعَلَ الْإِمَامُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا كَانَ يَأْتِي بِهِ مَعَ الْإِمَامِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: قَالَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِحُرْمَةِ التَّكْرِيرِ مُطْلَقًا أَيْ: وَلَوْ مِنْ شَخْصَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ) الْمُرَادُ يَدْخُلُ قَبْلَ التَّمَامِ مَا إذَا انْحَنَى الْإِمَامُ وَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَعَهُ وَقَبْلَ الرَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ أَوْ فِي حَالِ رَفْعِهِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ فَاسْتِخْلَافُهُ صَحِيحٌ أَوْ يَدْخُلُ فِي ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَحْصُلُ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ دُخُولِهِ وَقَبْلَ تَمَامِ رَفْعِهِ وَيَسْتَخْلِفُهُ وَيَأْتِي بِالرُّكُوعِ مِنْ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ وَاسْتَخْلَفَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ السُّجُودِ مُعْتَدٌّ بِهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا أَحْرَمَ فِي حَالِ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الِانْحِنَاءِ وَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ أَنْ انْحَنَى مَعَهُ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ فِي حَالِ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ وَقَوْلُهُ: فَمَا قَبْلَهُ أَيْ: أَوْ مَا قَبْلَهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا أَحْرَمَ قَبْلَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ ثُمَّ انْحَنَى مَعَهُ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَ الرَّفْعِ وَمَا إذَا أَحْرَمَ قَبْلَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَقَبْلَ انْحِنَائِهِ أَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَرَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ الْمَأْمُومُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ مَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ قَبْلَ الْعُذْرِ وَلَوْ فِي حَالِ شُرُوعِهِ فِي الرَّفْعِ وَيَأْتِي الْمُسْتَخْلَفُ بِالرُّكُوعِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ تَمَامِ الرَّفْعِ فَلَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ يَنْحَنِيَ مَعَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْعُذْرِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الِانْحِنَاءَ سَوَاءٌ اطْمَأَنَّ فِيهِ فِي حَالِ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا إذَا حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُدْرِكَ الِانْحِنَاءَ وَلِذَا قَالَ عج: اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى لِلْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ أَوْ غَيْرَهَا وَعَقَدَهَا هُنَا بِتَمَامِ الرَّفْعِ فَإِنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ أَدْرَكَهَا مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَهُ لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ فِي بَاقِيهَا وَلَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ مَا قَبْلَهَا فَمَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ مَا بَعْدَهَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهِ وَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ فِي حَالِ سُجُودِهَا بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهَا وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِمَا يَلِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ فِي بَقِيَّتِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ مِنْ بَقِيَّتِهَا لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَهُمْ يَعْتَدُّونَ بِهِ فَاقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ كَاقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا) بَلْ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ سُجُودَهَا وَأَدْرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ وَإِلَّا) لَيْسَ لِلَفْظَةِ إلَّا دَخْلٌ فِي التَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَقُلْ حَقُّهُ كَذَا بَلْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ يَسْتَحِيلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: صَدَرَ مِثْلُهُ) مِثْلُ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) الْقَبْلِيَّةُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ أَيْ: بِأَنْ أَحْرَمَ فِي حَالَةِ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ ثُمَّ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِهَا أَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ كَانَ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَثَلًا ثُمَّ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ لَوْ لَمْ يُحْدِثْ وَصَارَ بِاسْتِخْلَافِهِ كَأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَذْهَبْ. قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 لَهُ عُذْرٌ فَيَأْتِي بِالرَّفْعِ وَالسُّجُودِ فَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا. (ص) وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ. (ش) مَا تَقَدَّمَ حُكْمُ مَنْ جَاءَ قَبْلَ الْعُذْرِ وَأَمَّا إنْ جَاءَ أَيْ: الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ مِنْ الْإِمَامِ وَخُرُوجِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى الْقَوْمِ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّينَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ مُحْرِمُونَ قَبْلَهُ. وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ: فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَاةَ مُنْفَرِدٍ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقْبَلْ الِاسْتِخْلَافَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَا إنْ قَبِلَ الِاسْتِخْلَافَ عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بَنَى عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَابْتَدَأَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ الثَّالِثَةَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَاقْتَصَرَ كَالْإِمَامِ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْفَرِدِ لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ قِيَامِهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ) أَيْ: صَلَّى لِنَفْسِهِ بِنِيَّةِ الْفَذِّيَّةِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى بِنِيَّةِ الْمَأْمُومِيَّةِ أَيْ: بِحَسَبِ ظَنِّهِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا جَهْلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ مُؤْتَمًّا. (ص) وَإِلَّا فَلَا. (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِالْأُولَى وَلَا بِالثَّالِثَةِ بَلْ بَنَى بِالثَّانِيَةِ فِي الثُّنَائِيَّةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الثَّالِثَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ فَقَطْ أَوْ الرَّابِعَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِجُلُوسِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ جُلُوسِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَحْنُونَ " إنْ اسْتَخْلَفَ عَلَى وِتْرٍ بَطَلَتْ وَعَلَى شَفْعٍ صَحَّتْ " الْمَازِرِيُّ وَشَفْعُ الْمَغْرِبِ كَوِتْرِ غَيْرِهَا انْتَهَى. وَمَعْنَى أَنَّ شَفْعَ الْمَغْرِبِ كَوِتْرِ غَيْرِهَا أَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ أَنْ مَضَى مِنْهَا شَفْعٌ لَا بَعْدَ أَنْ مَضَى مِنْهَا رَكْعَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ مَعَ قَوْلِهِ " إنْ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى وِتْرٍ بَطَلَتْ ". (ص) كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا. (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ أَيْ: كَمَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إذَا عَادَ الْإِمَامُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ لِإِتْمَامِهَا بِهِمْ سَوَاءٌ خَرَجَ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ شَيْئًا إلَى أَنْ عَادَ أَوْ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَادَ فَأَخْرَجَ الْمُسْتَخْلَفَ وَأَتَمَّ بِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَغَيْرِهِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ كَانَ الْعُذْرُ حَدَثًا أَوْ رُعَافًا، اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ أَمْ لَا عَمِلُوا عَمَلًا بَعْدَهُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْبُطْلَانُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي حَدَثٍ أَوْ فِي رُعَافِ بِنَاءٍ وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَعَمِلُوا عَمَلًا بَعْدَهُ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا بَعْدَهُ فَلَا تَبْطُلُ . (ص) وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ كَأَنْ سُبِقَ هُوَ. (ش) لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ الْمُسْتَخْلَفِ إدْرَاكُ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِهَا بَلْ إدْرَاكُ جُزْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَنْ سُبِقَ بِمَا قَبْلَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ بَيَّنَ هُنَا كَيْفِيَّةَ فِعْلِ الْمُسْتَخْلَفِ الْمَسْبُوقِ وَالْقَوْمِ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ سَوَاءٌ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ أَمْ لَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا وَكَانَ فِي الْقَوْمِ أَيْضًا مَسْبُوقٌ فَأَتَمَّ النَّائِبُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ الْأَوَّلِ أَشَارَ إلَيْهِمْ جَمِيعًا أَنْ اجْلِسُوا وَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَجَلَسَ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمَسْبُوقِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِذَا كَمَّلَ صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ قَامُوا لِلْقَضَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ فَقَطْ مَسْبُوقًا دُونَ الْقَوْمِ فَإِنَّهُمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِالرَّفْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالرَّفْعِ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِهِ يَرْكَعُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ بَلْ يَسْجُدُ. (قَوْلُهُ: فَكَأَجْنَبِيٍّ) الْكَافُ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ مُحْرِمُونَ قَبْلَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ الْبُطْلَانَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَاةَ مُنْفَرِدٍ إلَخْ) بِأَنْ لَا يُكْمِلَ الرَّكْعَةَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ فَاعِلًا لِجَمِيعِ الرَّكْعَةِ فَصَحَّتْ صَلَاتُهُ صَلَاةَ مُنْفَرِدٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْنِ إلَخْ) لَازِمٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالْأُولَى إلَخْ ظَرْفِيَّةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ أَيْ: بَنَى حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَخْلَفًا فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَابْتَدَأَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِيهِ اسْتِظْهَارَ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ثُمَّ مُقْتَضَى الْبِنَاءِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجُلِّ وَتَرَدَّدَ فِيهِ الْحَطَّابُ. (أَقُول) وَلَا تَرَدُّدَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ جَاهِلٌ فَالْمُتَعَيَّنُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ الْفَاتِحَةَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ: الْمَأْمُومِيَّةِ) الْمُنَاسِبُ الْإِمَامِيَّةُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ مُؤْتَمًّا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا فَلَيْسَ إمَامًا. (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى وِتْرٍ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي وِتْرًا أَوْ شَفْعًا. (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ مَعَ قَوْلِهِ إنْ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى وِتْرٍ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي وِتْرًا. (أَقُولُ) بَلْ يُحْتَاجُ لَهُ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ: وَشَفْعُ الْمَغْرِبِ كَوِتْرِ غَيْرِهَا. أَنَّ الْبَاقِيَ شَفْعٌ لَا أَنَّ الْمَاضِيَ شَفْعٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اسْتَخْلَفَهُ وَكَانَ الْبَاقِي شَفْعًا أَنْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. فَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَشَفْعُ الْمَغْرِبِ كَوِتْرِ غَيْرِهَا فِي الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) هَذَا لعج مُوَافِقًا لِلَّقَانِيِّ وَهُوَ تَقْرِيرٌ آخَرُ مُغَايِرٌ لِمَا صَدَّرَ بِهِ الَّذِي نِهَايَتُهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي حَدَثٍ إلَخْ) أَيْ: مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا عَمِلُوا عَمَلًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ مَتَى رَجَعَ بَعْدَ زَوَالِ حَدَثِهِ وَأَتَمَّ بِهِمْ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ تَبْطُلُ فَقَوْلُهُ: وَاسْتَخْلَفَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ فِي رُعَافِ بِنَاءٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ فِي الْقَوْمِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَلْفَهُ مَسْبُوقِينَ وَغَيْرَهُمْ وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَجَلَسَ مَنْ خَلْفَهُ. يُنَافِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا أَيْ: وَغَيْرُهُمْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ أَيْ: وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَجَلَسَ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمَسْبُوقِينَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُسْتَخْلَفِ فِيمَا فِيهِ بَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ يَفْعَلُهُ أَمْ لَا كَمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيمَا فِيهِ قَاضٍ فَمَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا يَفْعَلُهُ قَضَاءٌ عَمَّا سَبَقَ بِهِ الْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا يَفْعَلُهُ بِنَاءٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ يَفْعَلُهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ لِلَّخْمِيِّ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَنْصَرِفَ قِيَاسًا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَوْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِهِ أَوْ يَنْتَظِرَ الْإِمَامَ فَيُسَلِّمَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا قَاضٍ وَالسَّلَامَانِ وَاحِدٌ أَوْ يَنْتَظِرَ فَرَاغَ الْإِمَامِ مِنْ قَضَائِهِ ثُمَّ يَقْضِيَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 أَيْضًا يَجْلِسُونَ يَنْتَظِرُونَ قَضَاءَهُ لِيُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ وَقَدْ حَلَّ هَذَا مَحَلَّهُ فِي الْإِمَامَةِ فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ لِغَيْرِ مَعْنًى يَقْتَضِيهِ، وَانْتِظَارُ الْقَوْمِ لِفَرَاغِهِ مِنْ الْقَضَاءِ أَخَفُّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ إمَامَتِهِ، وَقِيلَ: يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ. فَقَوْلُهُ " وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ " أَيْ: وَالْمُسْتَخْلَفُ فِي هَذِهِ أَيْضًا مَسْبُوقٌ. وَقَوْلُهُ " كَأَنْ سُبِقَ هُوَ " أَيْ: وَحْدَهُ دُونَ مَنْ خَلْفَهُ فَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ الْمُقْتَدِي لِسَلَامِهِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالِاسْتِخْلَافِ إمَامَهُ وَقَدْ سَلَّمَ قَبْلَهُ وَقَضَى فِي صُلْبِهِ أَوْ حَصَلَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ إبْرَازِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ " كَأَنْ سُبِقَ هُوَ ". (ص) لَا الْمُقِيمِ يَسْتَخْلِفُهُ مُسَافِرٌ لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ أَوْ جَهْلِهِ فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ. (ش) الْمُقِيمِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ " سَلَامِ " مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْخَافِضِ أَيْ: لَا الْإِمَامِ الْمُقِيمِ يَسْتَخْلِفُهُ إلَخْ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ إذَا اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا عَلَى مُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ وَأَكْمَلَ صَلَاةَ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ يَقُومُونَ لِإِتْمَامِ مَا عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا لِدُخُولِهِمْ عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ مَعَ الْأَوَّلِ وَالْمُسَافِرِينَ يُسَلِّمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ عِنْدَ قِيَامِ الْمُسْتَخْلَفِ الْمُقِيمِ لِمَا عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ إذْ لَمْ يَدْخُلْ هَذَا الْمُقِيمُ عَلَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْأَوَّلِ فِي السَّلَامِ وَقِيلَ: يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَقِيلَ: يَنْتَظِرُونَهُ. وَلَمَّا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْمُسَافِرُ مِثْلَهُ لِكَرَاهَةِ إمَامَةِ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْعُذْرِ بِقَوْلِهِ " لِتَعَذُّرِ اسْتِخْلَافِ مُسَافِرٍ " بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا هُنَاكَ وَلَا يَصْلُحَ لِلْإِمَامَةِ، وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ بُعْدُهُ لِإِمْكَانِ اسْتِخْلَافِهِ مَعَ صَلَاتِهِ فِي مَكَانِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، أَوْ جَهْلُهُ أَيْ: جَهْلُ تَعْيِينِهِ مِنْ الْمُقِيمِينَ أَوْ جَهْلُ أَنَّهُ خَلْفَهُ أَوْ لِكَوْنِهِ جَاهِلًا فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " أَوْ جَهْلُهُ " مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَوْ لِفَاعِلِهِ فَإِنْ قُلْت: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَهُ لِغَيْرِ تَعَذُّرِ مُسَافِرٍ وَجَهْلِهِ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ كَذَلِكَ قُلْت: مُرَادُهُ بَيَانُ الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ اسْتِخْلَافُ الْمُقِيمِ عَلَى الْمُسَافِرِينَ إذْ اسْتِخْلَافُهُ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَكِنْ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ " لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ أَوْ جَهْلِهِ " لِيَشْمَلَ مَا إذَا اسْتَخْلَفَهُ مَعَ عَدَمِ تَعَذُّرِ الْمُسَافِرِ وَجَهْلِهِ، وَيُفْهَمُ حُكْمُ مَا إذَا اسْتَخْلَفَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ السَّفَرِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ اسْتِخْلَافِهِ لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ أَوْ جَهْلِهِ. تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُسَلِّمُ وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ عِنْدَ قِيَامِ الْمُسْتَخْلَفِ الْمُقِيمِ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ يَجْلِسُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا لِسَلَامِ الْمُقِيمِ الْمُسْتَخْلَفِ . (ص) وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى أَشَارَ فَأَشَارُوا وَإِلَّا سُبِّحَ بِهِ. (ش) أَيْ: إذَا جَهِلَ الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ مَا صَلَّى الْإِمَامُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَيْهِمْ لِيُعْلِمُوهُ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمَأْمُومُونَ بِعَدَدِ مَا صَلَّى فَإِنْ فَهِمَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا سَبَّحُوا بِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ كَلَّمُوهُ وَكَلَّمَهُمْ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُبْطِلٍ. وَقَوْلُهُ " سَبَّحَ بِهِ " أَيْ: لِأَجْلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَقَدْ سَلَّمَ قَبْلَهُ إلَخْ) هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا بِأَقَلَّ مِمَّا عَلَى الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا أَيْ: الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا بِأَكْثَرَ أَوْ بِمُسَاوٍ أَوْ السَّلَامِ كَمَا إذَا كَانَ الَّذِي خَلْفَهُ غَيْرَ مَسْبُوقٍ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: مَا وَجْهُ إبْرَازِ الضَّمِيرِ) أَقُولُ: كَانَ وَجْهُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ السَّبْقَ اخْتَصَّ بِهِ وَقَدْ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: كَأَنْ سُبِقَ هُوَ أَيْ: وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى: الْمَسْبُوقُ يَجْلِسُ لِسَلَامِ الْإِمَامِ الْمَسْبُوقِ لَا لِسَلَامِ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ فَيَقْتَضِي تَقْيِيدَ هَذِهِ بِالْمَسْبُوقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهَا فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ أَيْ: الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ يَنْتَظِرُ لَا الْمُسْتَخْلَفُ الْمُقِيمُ وَفُرِّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَالسَّابِقَةِ بِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ فَلَا يَلْزَمُ انْتِظَارُ سَلَامِهِ بِخِلَافِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: يَقُومُونَ لِإِتْمَامِ مَا عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا) أَيْ: وَهِيَ بِنَاءٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِلْقَضَاءِ تَسْمَحُ. (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَدْخُلْ هَذَا الْمُقِيمُ عَلَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْأَوَّلِ فِي السَّلَامِ) أَيْ: حَتَّى يَنْتَظِرَهُ الْمُسَافِرُونَ يُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ) أَيْ: الَّذِينَ هُمْ الْمُؤْتَمُّونَ بِالْمُقِيمِ نَقُولُ وَكَذَا يُكْرَهُ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِينَ الَّذِينَ خَلْفَهُ بِالْمُسَافِرِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا هُنَاكَ) وَإِنَّمَا لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الْعَدَمِ أَصْلًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ. وَقَوْلُهُ: وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ أَيْ: لِكَوْنِهِ عَاجِزًا مَثَلًا أَوْ جَاهِلًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: أَوْ لِكَوْنِهِ جَاهِلًا. لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ إلَّا أَنْ يَخُصّ الْأَوَّلُ بِمَا عَدَا الْجَاهِلَ، بَقِيَ أَنْ يُقَالَ إنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صَحَّ الِائْتِمَامُ بِهِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا وَتَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا يَصِحَّ الِائْتِمَامُ بِهِ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ فِي أُمِّيٍّ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ: فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِفَاعِلِهِ أَيْ: فِي الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ السَّفَرِ، وَلَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ خَفَاءٌ قَالَ تَأَمَّلْ. (أَقُولُ) تَأَمَّلْنَا فَلَمْ نَجِدْ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا الْكَرَاهَةَ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ يَجْلِسُونَ) أَيْ: مُسَافِرُهُمْ وَمُقِيمُهُمْ وَلَا يَقُومُ الْمُقِيمُ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ خَلْفَ الْمُسْتَخْلَفِ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ لَيْسَ أَحَدُهُمَا نَائِبًا عَنْ الْآخَرِ نَعَمْ لَوْ جَاءَ شَخْصٌ فَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي رَكْعَتَيْ الْإِتْمَامِ فَلَهُ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ فَأَشَارُوا) أَيْ: لِيُعْلِمُوهُ بِمَا صَلَّى لَا بِمَا بَقِيَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى لِاتِّفَاقِ الْمُؤْتَمِّينَ سَوَاءٌ كَانُوا مُقِيمِينَ أَوْ مُسَافِرِينَ عَلَى مَا صَلَّى وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِيمَا بَقِيَ مَعَ أَنَّ الْعِلْمَ بِأَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِالْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُبِّحَ بِهِ) فَإِنْ قُدِّمَ التَّسْبِيحُ مَعَ الْفَهْمِ بِالْإِشَارَةِ فَقِيلَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَاسْتُظْهِرَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْإِفْهَامِ بِالتَّسْبِيحِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يُبْطِلُ وَحَيْثُ حَصَلَ الْفَهْمُ بِالْإِشَارَةِ صَارَ التَّسْبِيحُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. (قَوْلُهُ: كَلَّمُوهُ) فَلَوْ كَلَّمُوهُ مَعَ وُجُودِ الْفَهْمِ بِالْإِشَارَةِ وَالتَّسْبِيحِ لَبَطَلَتْ. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ إفْهَامِ الْمُسْتَخْلَفِ أَوْ بِسَبَبِهِ) مَرْجِعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 إفْهَامِ الْمُسْتَخْلَفِ أَوْ بِسَبَبِهِ. وَإِذَا جَهِلَ وَجَهِلُوا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الْمُحَقَّقِ وَيُلْغِي غَيْرَهُ. (ص) وَإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ: أَسْقَطْت رُكُوعًا عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ لِلْمُسْتَخْلَفِ الْمَسْبُوقِ: أَسْقَطْت رُكُوعًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُوجِبُ إبْطَالَ الرَّكْعَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَهُوَ مَنْ عَلِمَ صِحَّةَ مَقَالَتِهِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا أَوْ ظَنَّ خِلَافَهَا، وَلَا يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ عَلِمَ صِحَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَلَاةِ نَفْسِهِ بَلْ يَعْمَلُ عَلَى مَا عَلِمَ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ الْمُسْتَخْلَفَ، وَفِي لُزُومِ اتِّبَاعِ مَنْ تَيَقَّنَ صِحَّةَ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَشَكَّ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ إلَخْ " وَأَعَادَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ " وَسَجَدَ قَبْلَهُ إلَخْ " وَإِنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْمَسْبُوقِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ فِي أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ وَلَا مَفْهُومَ لِرُكُوعٍ وَلَوْ قَالَ " رُكْنًا " لَكَانَ أَشْمَلَ. (ص) وَسَجَدَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ. (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيِّ يَسْجُدُهُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَقَبْلَ تَمَامِ صَلَاتِهِ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَعْدَمَا عَقَدَ الثَّالِثَةَ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ هُنَا بَعْدَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ؛ لِأَنَّ هُنَا زِيَادَةً وَنَقْصَ السُّورَةِ لِرُجُوعِ الثَّالِثَةِ ثَانِيَةً أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا وَلَوْ فِي الْجَلْسَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى فَتَنْقَلِبَ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً وَهَذَا مَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تَتَمَحَّضُ الزِّيَادَةُ فَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَكَذَا إذَا أَخْبَرَهُ وَهُوَ فِي الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى مَثَلًا أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ هُنَا بَعْدِيٌّ لِتَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ، كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّهْوِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ يَصِيرُ مَطْلُوبًا بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ حِينَئِذٍ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ بِغَيْرِ مَا هُنَا وَحَيْثُ كَانَ السُّجُودُ بَعْدِيًّا لِتَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ سَلَامِ الْمُسْتَخْلَفِ وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِيمَا اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءُ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَجْزَأَهُ لِذَلِكَ سُجُودُ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ كَسَهْوِ الْإِمَامِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ بِنَقْصٍ فَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَنْقَلِبُ لَهُمَا قَبْلِيًّا. وَظَاهِرُ مَا فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الظَّرْفَ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " سَجَدَ " قَالَ بَعْضٌ: وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ " إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ " لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الشَّرْطِ لَهُ إذْ يَصِيرُ التَّرْكِيبُ هَكَذَا " وَسَجَدَ قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ " فَيُوهِمُ أَنَّهُ عِنْدَ تَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ يَسْجُدُ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَمَّا كَانَتْ الْفَرِيضَةُ تَقَعُ مَرَّةً تَامَّةً غَيْرَ مَجْمُوعَةٍ مَعَ فَرْضٍ آخَرَ وَمَجْمُوعَةً وَمَرَّةً مَقْصُورَةً مَجْمُوعَةً وَغَيْرَ مَجْمُوعَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ التَّامَّةِ غَيْرِ الْمَجْمُوعَةِ شَرَعَ فِيمَا عَدَاهَا مُبْتَدِئًا بِبَيَانِ حُكْمِ الْقَصْرِ فَقَالَ (فَصْلٌ) سُنَّ لِمُسَافِرٍ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ سَفَرًا طَوِيلًا   [حاشية العدوي] التَّعْلِيلِ وَالسَّبَبِيَّةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ) قَالَ عب وَيَعْمَلُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ الْعَالِمُ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ وَلَكِنْ لَا يَتْبَعُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَجْلِسُ مَعَهُ إذَا جَلَسَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجْلِسُ فِيهِ فَإِذَا اُسْتُخْلِفَ فِي ثَانِيَةِ الظُّهْرِ وَقَالَ لَهُ الْأَصْلِيُّ بَعْدَمَا صَلَّى ذَلِكَ الْمُسْتَخْلَفُ الثَّالِثَةَ: أَسْقَطْت رُكُوعًا مِنْ الْأُولًى فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ خِلَافَ قَوْلِهِ لَا يَجْلِسُ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ إذَا جَلَسَ بَعْدَ فِعْلِ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً وَيَفْعَلُ مَعَهُ الرَّابِعَةَ فَإِذَا جَلَسَ الْمُسْتَخْلَفُ بَعْدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِنَّ الْعَالِمَ خِلَافَهُ يَسْتَمِرُّ جَالِسًا حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْتَخْلَفُ بِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ فَيَتَشَهَّدَ مَعَهُ وَيُسَلِّمَ بَعْدَ سَلَامِهِ كَذَا فِي عب وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُ: فَإِذَا جَلَسَ الْمُسْتَخْلَفُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَجْلِسُ بَعْدَهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ اتِّبَاعِ) أَيْ: اتِّبَاعِ هَذَا الْمَأْمُومِ الْإِمَامَ الْمُسْتَخْلَفَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ عَقِبَ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ دُونَ بَعْدُ؛ لِأَنَّ بَعْدُ حَقِيقَةٌ فِي التَّرَاخِي قَالَ عب: فَإِنْ أَخَّرَهُ وَسَجَدَ بَعْدَ إكْمَالِهِ صَلَاةَ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: سُجُودُ الْإِمَامِ) أَيْ: الْبَعْدِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ) أَيْ: كَانَ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءٌ أَوْ كَانَ فِيمَا اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِنَقْصٍ أَيْ: كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَنْقَلِبُ لَهُمَا قَبْلِيًّا) أَيْ: لِلْقَاعِدَةِ الْمَعْلُومَةِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ يُغَلَّبُ جَانِبُ النَّقْصِ عَلَى جَانِبِ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ) أَيْ: بَلْ يَكْتَفِي بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ: الَّذِي هُوَ لِزِيَادَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ وَانْظُرْ لِمَ كَانَ النَّقْصُ الَّذِي حَصَلَ فِيمَا اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهِ يُبْقِيهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَهَلَّا فَعَلَهُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِثْلَ السَّهْوِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ لِفِعْلِهِ هُوَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي السُّجُودِ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ مِنْ كَوْنِهِ يَسْجُدُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ إنَّمَا هُوَ فِي مَحْضِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْإِمَامِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَصْلِ سُجُودًا بِنَقْصٍ ثُمَّ سَهَا الْمُسْتَخْلَفُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فِيمَا كَمَّلَهُ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ فَإِنَّ سُجُودَهُ لِإِمَامِهِ يُغْنِيهِ عَنْ سُجُودِهِ هُوَ أَيْ: بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ وَيَبْقَى مَا إذَا حَصَلَ لِلْمُسْتَخْلَفِ سَهْوٌ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً فَإِنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ هَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْحَطَّابِ [فَصْلٌ صَلَاة الْمُسَافِر] (فَصْلٌ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ) (قَوْلُهُ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ) صِفَةٌ لِمُسَافِرٍ أَيْ مُرِيدِ السَّفَرِ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ. (تَنْبِيهٌ) : السَّفَرُ لُغَةً قَطْعُ الْمَسَافَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِسْفَارِ وَمِنْهُ أَسْفَرَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا أَظْهَرَتْهُ وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ ظَهَرَ؛ لِأَنَّهُ لِمَشَقَّتِهِ يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ وَقَوْلُهُ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَعْمُولٌ لِمُسَافِرٍ وَلَوْ قَطَعَهَا فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ طَارَ مَثَلًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لَا تَقْرِيبٌ فَلَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِيمَا دُونَهَا (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 أَرْبَعَةَ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ كُلُّ مِيلٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ مَا بَيْنَ طَرَفِ طَيِّ الْمِرْفَقِ إلَى طَرَفِ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى كُلُّ ذِرَاعٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ إصْبَعًا كُلُّ إصْبَعٍ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ بَطْنُ إحْدَاهَا إلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى كُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ الرُّبَاعِيَّةَ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ أَوْ لَاهٍ فَيُمْنَعُ قَصْرُ الْعَاصِي كَالْآبِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ مَا لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ قَصَرَ وَيُنْظَرُ لِلْمَسَافَةِ مِنْ وَقْتِ التَّوْبَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ أَنَّ الْعَاصِيَ فِيهِ يَقْصُرُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَفِي قَصْرِ الْعَاصِي قَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَفِي اللَّاهِي قَوْلَانِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ فِي الْعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ فِي اللَّاهِي فَلَوْ قَصَرَ الْعَاصِي أَعَادَ أَبَدًا عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ قَصَرَ اللَّاهِي أَعَادَ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ ق (ص) وَلَوْ بِبَحْرٍ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي طَلَبِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ لَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ بِبَحْرٍ مَعَ السَّاحِلِ، أَوْ اللُّجَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْبَحْرِ سَيْرُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دُونَ الْمَسَافَةِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي اللُّجَّةِ بِالزَّمَانِ وَمَعَ السَّاحِلِ بِالْمَسَافَةِ وَلَوْ اتَّفَقَ لَهُ سَفَرُ بَرٍّ وَبَحْرٍ وَيُقْصِرُ وَيُلَفَّقُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلِابْنِ الْمَوَّازِ تَفْصِيلٌ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ شَارِحُ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ كَمَا اقْتَصَرَ بَهْرَامُ عَلَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ بِإِيهَامِهِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (ص) ذَهَابًا (ش) إمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَذْهَبُهَا ذَهَابًا فَلَوْ كَانَتْ مُلَفَّقَةً مِنْ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ لَا يَقْصُرُ أَوْ تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ أَيْ مِنْ جِهَةِ الذَّهَابِ، أَوْ حَالٌ مِنْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَكِنْ يُؤَوَّلُ ذَهَابًا بِمَذْهُوبًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مَذْهُوبًا فِيهَا (ص) قُصِدَتْ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً إذْ لَوْ قَطَعَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَمْ يَقْصُرْ كَالْهَائِمِ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ جَاوَزَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (ص) دَفْعَةً (ش) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَدْفَعُهَا دَفْعَةً وَمَعْنَى يَدْفَعُهَا يُوقِعُهَا وَإِعْرَابُهُ تَمْيِيزًا مِنْ عَدَمِ التَّمْيِيزِ لِأَنَّ دَفْعَةً وَطَوْرًا وَمَرَّةً وَنَحْوَهَا مَصَادِرُ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ قُصِدَتْ دَفْعَةً أَنْ لَا يُقِيمَ فِيمَا بَيْنَهَا إقَامَةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فَمَنْ قَصَدَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَنَوَى أَنْ يَسِيرَ مِنْهَا مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، ثُمَّ يُسَافِرَ بَاقِيَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَقْطَعَهَا عَلَى ظَهْرٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً أَيْ يَسِيرُهَا فِي سَيْرَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَدَفْعَةً بِفَتْحِ الدَّالِ (ص) إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ (ش) لَمَّا كَانَ الْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلَ وَالنِّيَّةُ لَا تَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِهَا اشْتَرَطَ مَعَهَا الشُّرُوعَ وَاشْتَرَطَ فِي الشُّرُوعِ الِانْفِصَالَ عَنْ حُكْمِ مَحَلَّتِهِ، ثُمَّ قَسَّمَ الْمَحَلَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بَلَدًا فَلَا   [حاشية العدوي] وَبِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرَ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِسَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَوْ سَفَرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْمُعْتَادِ كَمَا لِلشَّاذِلِيِّ وَظَاهِرُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الرَّاجِحُ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ، وَانْظُرْ هَلْ يُحْسَبُ الْيَوْمَانِ مِنْ الْفَجْرِ أَوْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ. (قَوْلُهُ: كُلَّ مِيلٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ) قِيلَ وَمُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمِيلَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً وَالْمُرَادُ بِهِ الذِّرَاعُ الْهَاشِمِيُّ وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَدِلَةٍ مُعْتَرِضَةٍ وَكُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ وَالذِّرَاعُ الْهَاشِمِيُّ يَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْحَدِيدِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ الثَّمَنُ فَتَكُونُ السِّتَّةُ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَسَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا بِالْحَدِيدِ (قَوْلُهُ: كُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ) كَذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشُّعَيْرَةَ بِهَذَا الْوَصْفِ وَهُوَ كَوْنُ بَطْنِ إحْدَاهُمَا لِظَهْرِ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشُّعَيْرَةَ بِهَذَا الْوَصْفِ تَكُونُ عَلَى جَنْبِهَا وَهَذَا لَا يَسَعُ السِّتَّ شَعَرَاتٍ وَإِنَّمَا يَسَعُهَا ظَهْرُهَا أَوْ بَطْنُهَا كَمَا هُوَ نَقْلُ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ) أَيْ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ سُنَّةَ عَيْنٍ مُؤَكَّدَةً وَفِي آكَدِيَّتِهَا عَلَى سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: غَيْرِ عَاصٍ بِسَفَرِهِ) وَأَمَّا الْعَاصِي فِيهِ كَالزَّانِي وَشَارِبِ الْخَمْرِ فَيُقْصِرُ اتِّفَاقًا وَلَا فَرْقَ فِي مَنْعِ الْعَاصِي مِنْ الْقَصْرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِصْيَانُهُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ أَوْ طَارِئًا فَلَوْ عَصَى بِالسَّفَرِ فِي أَثْنَائِهِ أَتَمَّ. (قَوْلُهُ: بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ) وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ الْحُرْمَةُ فِي الْعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ فِي اللَّاهِي فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَقَصَرَ فَالرَّاجِحُ لَا إعَادَةَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَصَرَ. . . إلَخْ) الرَّاجِحُ لَا إعَادَةَ فِي الْعَاصِي وَاللَّاهِي (قَوْلُهُ: وَلِابْنِ الْمَوَّازِ تَفْصِيلٌ) وَهُوَ أَنَّهُ يُلَفِّقُ تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ أَوْ تَأَخَّرَتْ حَيْثُ كَانَ السَّيْرُ فِيهِ بِمِجْذَافٍ أَوْ بِهِ وَبِالرِّيحِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرُ فِيهِ بِالرِّيحِ فَقَطْ لَمْ يَقْصُرْ فِي مَسَافَةِ الْبَرِّ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ دُونَ قَصْرٍ؛ إذْ لَعَلَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الرِّيحُ وَقَصَرَ إنْ نَزَلَهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ مَسَافَةُ قَصْرٍ لَا أَقَلُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِشَارِحِنَا وَلَا يَقْصُرُ مَا دَامَ فِي الْمَرْسَى اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: شَارِحُ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَوْفِيُّ (قَوْلُهُ: إمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلِذَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا نِسْبَةً بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَفِيهَا إبْهَامٌ كَقَوْلِك طَابَ زَيْدٌ نَفْسًا وَبُيِّنَتْ بِالتَّمْيِيزِ، وَنَقُولُ هُنَا نِسْبَةُ السَّفَرِ أَرْبَعَةٌ تِلْكَ النِّسْبَةُ الْإِيقَاعِيَّةُ فِيهَا إبْهَامٌ بُيِّنَتْ بِقَوْلِهِ ذَهَابًا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ الذَّهَابِ أَوْ الْإِيَابِ فَأَفَادَ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الذَّهَابِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُسَوِّغُ مَوْجُودٌ وَهُوَ التَّخْصِيصُ بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ. . . إلَخْ) تُرَاهُ جَعَلَ قَوْلَهُ قُصِدَتْ شَرْطًا عَلَى حِدَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ وَقَوْلُهُ دَفْعَةً شَرْطٌ وَاحِدٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهَائِمَ قَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ لِمُسَافِرٍ أَيْ لِمُرِيدِ سَفَرٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَالْهَائِمُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ إنْ كَانَ مُرِيدَ سَفَرٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَعَادَةٍ. (قَوْلُهُ إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ) أَيْ الْحَضَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَمُودِيُّ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ أَرَادَ الِارْتِحَالَ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ الْبَسَاتِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 يَقْصُرُ حَتَّى يَتَعَدَّى الْبُنْيَانَ وَالْبَسَاتِينَ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَانَتْ بَلَدَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَزَارِعِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بُنْيَانِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَيَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنُ رُشْدٍ، أَوْ خِلَافٌ وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيِّ وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلْت الْمُدَوَّنَةَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السَّفَرِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابِ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ فَكَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ هُوَ دُونَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَاضِرِ كَذَلِكَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَتَأَوَّلْت أَيْضًا عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ حَيْثُ لَا تَزِيدُ الْبَسَاتِينُ الْمَسْكُونَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَإِنْ زَادَتْ عَنْهَا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ تَزِيدُ عَلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ فَيَجْرِي فِيمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى الْبَسَاتِينِ التَّأْوِيلَانِ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَتِهَا وَعَدَمِهَا وَالْمُرَادُ بِالْمَسْكُونَةِ الْمَسْكُونَةُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْبِنَاءِ الْخَرِبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ (ص) وَالْعَمُودِيُّ حِلَّتَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ جَاوَزَ، وَفَارَقَ الْعَمُودِيُّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ حِلَّتَهُ الصِّحَاحُ هُوَ فِي حِلَّةِ صِدْقٍ أَيْ مَحَلَّةِ صِدْقٍ وَالْمَحَلَّةُ مَنْزِلُ الْقَوْمِ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ الْبُيُوتُ بِحَيْثُ يَجْمَعُهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ الْجَمِيعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ حُكْمَ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ قَصَرَ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ وَإِذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الدَّارِ دُونَ اسْمِ الْحَيِّ فَهُوَ كَمَا إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَلَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ لِكُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ دَارٌ أَنْ تُعْتَبَرَ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ لَا يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَإِلَّا فَهُمْ كَأَهْلِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) (ص) وَانْفَصَلَ غَيْرُهُمَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ لَا أَبْيَاتَ بِهَا مُتَّصِلَةٍ وَلَا بَسَاتِينَ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْ قَرْيَتِهِ وَكَذَا مَنْ كَانَ فِي الْجِبَالِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ مَحَلَّهُ (ص) قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ وَقْتِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ قَصْرُ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ الْوَقْتِيَّةِ وَلَوْ فِي الضَّرُورِيِّ فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ مَنْ سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ أَخَّرَ لَهُ عَمْدًا وَلِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى رَكْعَةٍ صَلَّى الْعَصْرَ سَفَرِيَّةً وَتَرَتَّبَتْ الظُّهْرُ حَضَرِيَّةً وَيَقْصُرُ فَائِتَةَ السَّفَرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ فَائِتَةً فِيهِ) وَلَوْ أَدَّاهَا فِي الْحَضَرِ وَخَرَجَ بِالرُّبَاعِيَّةِ الثُّلَاثِيَّةُ وَالثُّنَائِيَّةُ فَإِنَّهُمَا لَا يُقْصَرَانِ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ نَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْوَقْتِيَّةِ الْحَاضِرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ فَائِتَةٌ فِيهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِحَاضِرَةٍ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَائِتَةَ وَقْتِيَّةٌ أَيْضًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ) كَارْتِفَاقِ سَاكِنِيهَا بِأَهْلِ الْبَلَد بِنَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ وَشِرَاءٍ مِنْ سُوقِهَا وَإِذَا سَافَرَ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي لَا بَسَاتِينَ بِهِ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُجَاوِزَ قَدْرَ مَا هِيَ بِهِ أَيْ إذَا سَافَرَ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي لَا بَسَاتِينَ فِيهِ وَالْفَرْضُ الْمُحَاذَاةُ كَمَنْ سَافَرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ النَّصْرِ لِجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ إمَّا بِجَانِبِ الْبَسَاتِينِ أَوْ لَيْسَ بِجَانِبِهَا إلَّا أَنَّهُ مُحَاذِيهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبَسَاتِينُ مِنْ جِهَةِ بَابِ النَّصْرِ وَسَافَرَ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى بِأَنْ سَافَرَ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَزْبَكِيَّةِ وَفُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا بَسَاتِينُ فَيَكْفِي تَعْدِيَةُ الْبِنَاءِ. (تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الْبَسَاتِينِ الْقَرْيَتَانِ الَّتِي تَرْتَفِقُ أَحَدُهُمَا بِأَهْلِ الْأُخْرَى بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَيُنْظَرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمُفْرَدِهَا بِأَنْ كَانَ عَدَمُ الِارْتِفَاقِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ وَفِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ إذَا كَانَ بَعْضُ سَاكِنِيهَا يَرْتَفِقُ بِالْبَلَدِ كَالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ دُونَ الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كُلَّهَا كَحُكْمِ الْمُتَّصِلَةِ اهـ. يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ) تُقَامُ بِهَا وَلَوْ فِي زَمَنٍ دُونَ زَمَنٍ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنَّمَا يُحْسَبُ الْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ قَطْعًا وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَهَلْ يُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لَا؟ وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي وَصَوَّبَ بَعْضُهُمْ مَا لِشَيْخِهِ (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ) أَيْ تَقْيِيدٌ (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ) هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَتُؤُوِّلَتْ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ تُؤَوَّلْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَتُؤُوِّلَتْ. . إلَخْ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِالْفِعْلِ أَوْ مَا يُوجَدُ فِيهِ شَرْطُ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ هَكَذَا قَالَ عج وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ ظَاهِرُ النَّقْلِ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهِ التَّأْوِيلَانِ) أَيْ فَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ) وَمُجَاوَزَةُ مُقَابِلِهِ مِنْ الطَّرَفِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْعَمُودِيُّ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْتَهُ عَلَى عُمُدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلَّةِ صِدْقٍ) أَيْ مَنْزِلَةِ صِدْقٍ أَيْ مَرْتَبَةٍ هِيَ صِدْقٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الصِّدْقِ أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ مَنْزِلَةً ظَرْفًا لِلصِّدْقِ وَكَأَنَّ الصِّدْقَ جِسْمٌ مِنْ الْأَجْسَامِ مَظْرُوفًا فِي الْمَنْزِلِ وَيَكُونُ أَيْضًا كِنَايَةً عَنْ اتِّصَافِهِ بِأَعْظَمِ الصِّدْقِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ حُكْمَ الْفَضَاءِ) أَيْ وَيَكُونُ الْبُيُوتُ الْمُتَفَرِّقَةُ بِمَثَابَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الَّتِي بِلَصْقِ الْأَبْنِيَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْفَضَاءِ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ جَمِيعِ الْبُيُوتِ الْمُتَفَرِّقَةِ (قَوْلُهُ إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ) أَيْ يَنْتَسِبُونَ لِأَبٍ وَاحِدٍ كَبَنِي ثَعْلَبٍ هَذَا مَعْنَاهُ لُغَةً وَالشَّارِحُ تَبِعَ عج فِي هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ كَوْنُهُمْ مُجْتَمَعِينَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَوْ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى فَعَلَى هَذَا اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَالدَّارُ) بِأَنْ جَمَعَتْهُمْ الْجِيزَةُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مِصْرَ (قَوْلُهُ: لَا أَبْيَاتَ بِهَا مُتَّصِلَةٍ) أَيْ سَاكِنَةً أَوْ خَرِبَةً بِهِ أَيْ أَوْ مُنْفَصِلَةً مُرْتَفِقَةً (قَوْلُهُ: أَوْ فَائِتَةً فِيهِ) وَلَوْ صَلَّاهَا تَامَّةً أَجْزَأَ وَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَ وَقْتُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 لِأَنَّ الْوَقْتِيَّةَ مَنْسُوبَةٌ لِلْوَقْتِ وَكُلُّ صَلَاةٍ لَهَا وَقْتٌ وَقَوْلُهُ، أَوْ فَائِتَةٌ أَيْ، أَوْ رُبَاعِيَّةٌ فَائِتَةٌ فِيهِ (ص) وَإِنْ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ (ش) يُرِيدُ أَنْ يُسَنَّ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ نُوتِيًّا مَعَهُ أَهْلُهُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَأَحْرَى غَيْرُ النُّوتِيِّ وَالنُّوتِيُّ بِغَيْرِ أَهْلِهِ فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْقَصْرِ لِأَنَّ الْمَرْكَبَ صَارَتْ لَهُ كَالدَّارِ وَالنُّوتِيُّ خَادِمُ السَّفِينَةِ (ص) إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ لَا يَزَالُ يَقْصُرُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَصَرَ مِنْهُ فِي خُرُوجِهِ فَإِذَا أَتَاهُ أَتَمَّ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ فِي الدُّخُولِ هُوَ مَبْدَؤُهُ فِي الْخُرُوجِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَقْصُرْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ أَوْ قُرْبَهَا لِدَلَالَتِهَا أَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ لَيْسَ كَمَبْدَئِهِ وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَلِذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ فِي الذَّهَابِ لَا فِي الرُّجُوعِ أَيْ يَقْصُرُ إذَا بَلَغَ مُنْتَهَى سَفَرِهِ إلَى نَظِيرِ مَحَلِّ الْبَدْءِ أَيْ وَهُوَ الْبَسَاتِينُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ، أَوْ الْحِلَّةُ فِي الْبَدْوِيِّ وَمَحَلُّ الِانْفِصَالِ فِي غَيْرِهِمَا وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ مُنْتَهَى رُجُوعِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مُنْتَهَى رُجُوعِهِ لِئَلَّا يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (ص) لَا أَقَلَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى أَرْبَعَةَ بُرُدٍ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ لَا مَسَافَةً أَقَلَّ أَيْ لَا يُبَاحُ الْقَصْرُ فِي مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يُعْطِي إلَّا عَدَمَ سَنِّ الْقَصْرِ وَلَوْ قَالَ: وَلَا قَصْرَ بِأَقَلَّ لَأَفَادَ هَذَا فَإِنْ قَصَرَ فِي الْأَقَلِّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ قَصَرَ فِيمَا بَيْنَ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَى أَرْبَعِينَ وَفِيمَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فِي إعَادَتِهِ فِي الْوَقْتِ أَيْ وَعَدَمِ الْإِعَادَةِ أَصْلًا قَوْلَانِ وَفِيمَا دُونَ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيدٌ أَبَدًا (ص) إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ السَّفَرَ الْمُبِيحَ لِلْقَصْرِ إنَّمَا هُوَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَصَاعِدًا لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ الْمَكِّيِّ وَالْمُحَصَّبِيِّ وَالْمَنْوِيِّ وَالْمُزْدَلِفِيِّ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ وَطَنِهِ لِعَرَفَةَ لِلنُّسُكِ وَرُجُوعِهِ مِنْهَا لِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الْأَوْطَانِ لِلسُّنَّةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلَّ خَارِجٍ مِنْ وَطَنِهِ يَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ مِنْهُ وَرُجُوعِهِ إلَيْهِ لَا فِيهِ فَلَا يَقْصُرُ مَكِّيٌّ وَمَنْوِيٌّ وَمُزْدَلِفِيٌّ وَمُحَصَّبِيٌّ بِمَحَالِّهِمْ وَيَقْصُرُ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ لِمِنًى وَلَوْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا عَلَى الْأَحْسَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِعَ إلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ يَقْصُرُ حَيْثُ كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ يَعْمَلُهُ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ فَلِذَا أَتَمَّ الْمُنَاوِيُّ لِأَنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ إنَّمَا يَعْمَلُهُ بِوَطَنِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَلَا يُتِمُّ الْمَكِّيُّ فِي رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِوَطَنِهِ لَكِنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَعْمَلُهُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَرَفِيَّ فِي ذَهَابِهِ لِمِنًى لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَفِي رُجُوعِهِ لِمِنًى لِلرَّمْيِ يَقْصُرُ مَعَ أَنَّهُ يَقْصُرُ وَفِي كَلَامِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ مَا يُفِيدُهُ حَيْثُ قَالَ وَجَمَعَ وَقَصَرَ إلَّا كَأَهْلِهَا كَمِنًى وَعَرَفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ غَيْرُ ظَاهِرٍ (ص) وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ وَلَا عَادِلٍ عَنْ قَصِيرٍ بِلَا عُذْرٍ وَلَا هَائِمٍ وَطَالِبِ رَعْيٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاجِعَ إلَى مَوْضِعِهِ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى سَفَرِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ وَطَنِهِ لَا يَقْصُرُ إذَا كَانَ رُجُوعُهُ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ فِيهِ وَيَعُودُ لِإِتْمَامِ سَفَرِهِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ مُعْتَبَرٌ سَفَرًا بِنَفْسِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا رَجَعَ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ سَفَرَهُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَطَنَهُ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ فِي إتْمَامِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكَانُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَقْتِيَّةَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قُرْبَهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ قَالَ عب: دُخُولُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْبَلَدِ وَالْقُرْبُ بِهَا بِأَقَلَّ مِنْ مِيلٍ كَالْقُرْبِ مِنْ الْبَلَدِ بِأَقَلَّ مِنْهُ ثُمَّ أَوْرَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ الْقُرْبُ وَأُجِيبُ بِأَجْوِبَةٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ أَيْ أَنَّ (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْقَصْدُ التَّفْسِيرُ، الثَّانِي أَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَقَوْلُهُ أَوْ قُرْبَهَا إذَا نَزَلَ خَارِجَهَا أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ: حَتَّى يَدْخُلَ قَوْلٌ وَقَوْلُهُ أَوْ قُرْبَهَا قَوْلٌ آخَرُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ وَعَلَيْهِ الْعَصْرُ وَلَمْ يَدْخُلْ الْبَلَدَ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الْعَصْرَ سَفَرِيَّةً وَعَلَى الثَّانِي يُصَلِّيهَا حَضَرِيَّةً (قَوْلُهُ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ) أَيْ انْتِهَاءِ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ مُنْتَهَى) أَيْ انْتِهَاءُ سَفَرِهِ فَانْتِهَاءُ فَاعِلٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا قَصْرَ بِأَقَلَّ. . . إلَخْ) الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ بُرُدٍ تَحْدِيدٌ فَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَصْرِ فِيمَا دُونَهَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا وَقَعَ (قَوْلُهُ: إلَى أَرْبَعِينَ) الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ تَحْقِيقًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْنَ تَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا وَإِلَى لِلِانْتِهَاءِ فَالْمُنَاسِبُ لِلَفْظَةِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ وَأَرْبَعِينَ بَلْ يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَاَلَّذِي بَيْنَ ذَلِكَ الْأَرْبَعُونَ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ إلَى أَرْبَعِينَ أَنْ يَقُولَ عَلَى مَنْ قَصَرَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَى أَرْبَعِينَ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ وَكَذَا يُقَال فِيمَا بَعْدُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ مِيلًا هِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ (قَوْلُهُ: إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ) الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْحَطَّابِ وتت. (قَوْلٌ: أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالٌ فَقِيلَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَقِيلَ أَرْبَعُونَ مِيلًا وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ: وَيَقْصُرُ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ لِمِنًى) أَيْ قَاصِدًا عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ) وَمُقَابِلُهُ الْوَقْفُ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ: فَلِذَا أَتَمَّ الْمُنَاوِيُّ) أَيْ إذَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَيُتِمُّ فِي رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ وَهُوَ الرَّمْيُ يَعْمَلُهُ فِي بَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُتِمُّ الْمَكِّيُّ فِي رُجُوعِهِ) أَيْ مِنْ مِنًى بَعْدَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَتَوَجَّهَ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ) أَيْ إذَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ. . . إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَصْرَ مَنُوطًا بِالْخَارِجِ لِعَرَفَةَ وَالرَّاجِعِ مِنْهَا مِنْ نَحْوِ الْمَكِّيِّ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 خُرُوجِهِ وَطَنًا لَهُ وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ لَهُ إقَامَةٌ جَرَى قَصْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَقْصُرُ مِنْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ لَيْسَ فِيهَا مَسَافَةُ قَصْرٍ بِلَا عُذْرٍ إلَى طَرِيقٍ فِيهَا الْمَسَافَةُ أَمَّا إنْ كَانَ عُذْرٌ لِخَوْفٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فَقَوْلُهُ قَصِيرٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ يَبْلُغُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَإِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ وَسَلَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ هَلْ يَقْصُرُ فِي زَائِدَةٍ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي بِسَفَرِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ قَصْرِهِ أَيْ فِي زَائِدِ الطَّوِيلِ، وَأَمَّا الْهَائِمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْزِمُ عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَقْصُرُ كَالْفُقَرَاءِ الْمُتَجَرِّدِينَ فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ لِيَدُورُوا فِي الْبُلْدَانِ لَا يَقْصِدُونَ مَكَانًا مَعْلُومًا لَكِنْ كَيْفَمَا طَابَتْ لَهُمْ بَلْدَةٌ يَمْكُثُونَ فِيهَا وَمِثْلُ الْهَائِمِ طَالِبُ رَعْيٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الرُّعَاةِ يَتَّبِعُونَ الْكَلَأَ بِمَوَاشِيهِمْ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْهَائِمِ وَالرَّاعِي قَطْعَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَبْلَ الْبَلَدِ الَّذِي يَطِيبُ لَهُ الْمُقَامُ بِهِ وَقَبْلَ مَحَلِّ الرَّعْيِ يُرِيدُ وَقَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ فَيَقْصُرُ حِينَئِذٍ، ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ رَفْعُ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعٍ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يَقْصُرُ رَاجِعٌ لِدُونِهَا أَيْ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ عُطِفَ عَلَى مُسَافِرٍ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ أَقَلَّ إذْ التَّقْدِيرُ لَا مُسَافِرٍ أَقَلَّ مِنْهَا وَلَا مُسَافِرٍ رَاجِعٍ لِدُونِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَلَا عَادِلٍ وَمَا بَعْدَهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَكْسَ عُذْرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا لَهُ بَالٌ (ص) وَلَا مُنْفَصِلٍ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ بَرَزَ عَنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً لِيُسَافِرَ مَعَهُمْ فَإِنْ كَانَ جَازِمًا بِالسَّفَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسِيرُ إلَّا بِسَيْرِهِمْ فَلَا يَقْصُر حَتَّى يَسِيرُوا وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فَقَوْلَانِ وَالْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ (ص) وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَإِنْ بِرِيحٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَقَطْعُهُ رَاجِعٌ لِلْقَصْرِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لَهُ بِقَيْدِ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ السُّنَّةَ تَنْقَطِعُ وَيَبْقَى الْجَوَازُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَقَطْعُ حُكْمِ السَّفَرِ مِنْ الْقَصْرِ وَغَيْرِهِ كَفِطْرِ رَمَضَانَ دُخُولُ بَلَدِهِ الْأَعَمِّ مِنْ وَطَنِهِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَقَدَّمَتْ فِيهِ إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَانَتْ إقَامَتُهُ فِيهِ عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ أَوْ عَدَمِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنَّمَا قَطَعَ دُخُولَهُ السَّفَرَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِقَامَةِ وَإِذَا كَفَتْ نِيَّتُهَا فَفِعْلُهَا الْمَظْنُونُ أَحْرَى وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ إذَا دَخَلَهُ، وَأَمَّا إتْمَامُهُ أَوْ قَصْرُهُ فِي رُجُوعِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَلَا فَرْقَ فِي قَطْعِ حُكْمِ السَّفَرِ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ الْبَلَدَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ رَدَّهُ غَاصِبٌ لَكَانَ عَلَى الْقَصْرِ فِي رُجُوعِهِ وَإِقَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ اهـ. أَيْ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرِّيحِ وَمِثْلُ الرِّيحِ الدَّابَّةُ إذَا جَمَحَتْ بِهِ وَرَدَّتْهُ (ص) إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا وَرَجَعَ نَاوِيًا السَّفَرَ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي كَمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ اتِّخَاذِهَا وَطَنًا بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا سُكْنَاهَا وَرَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَسَافَةِ   [حاشية العدوي] لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِعَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: جَرَى قَصْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي) الْخِلَافُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ فِي الْبَلَدِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الذَّهَابِ فَيَقْصُرُ بِلَا خِلَافٍ لِمَا يَتَبَيَّنُ أَقُولُ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعَمَّ فَيُقَالُ قَوْلُهُ: وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا شَامِلٌ حَتَّى لِمَا إذَا نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ الْأَرْجَحُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُمْ) أَيْ بِعَدَمِ الْقَصْرِ فِي الطَّرِيقِ الْقَصِيرَةِ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّاهِيَ إذَا قَصَرَ الرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّ نَقْلَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ الْعَادِلَ عَنْ التَّقْصِيرِ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ حُرْمَةُ قَصْرِ اللَّاهِي (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ. . . إلَخْ) بِأَنْ يَجْزِمَ الْفَقِيرُ الْمُتَجَرِّدُ بِأَنَّهُ مِنْ مَبْدَإِ سَفَرِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ طِيبُ الْعَيْشِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ بَالٌ) أَيْ بِحَسَبِ الْأَمْتِعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا) أَيْ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ تَعَدِّيهِ مَحَلَّ بَدْءِ الْقَصْرِ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ مَجِيئُهَا لَهُ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ دُونَهَا لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَكَّ هَلْ يَلْحَقُونَهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَا أَتَمَّ (قَوْلُهُ وَالْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ) فِي ك مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. (قَوْلُهُ: الْأَعَمِّ مِنْ وَطَنِهِ) مُفَادُهُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَلَدِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ الْوَطَنُ وَهُوَ مَا اتَّخَذَ فِيهِ الْإِقَامَةَ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، الثَّانِي مَا مَكَثَ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِنِيَّةِ عَدَمِ التَّأْيِيدِ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ لِصِدْقِهِ بِصُورَتَيْنِ وَالْمُسْتَثْنَى إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَلَدِ مَا يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: بَلَدُهُ الْأَصْلِيَّةَ وَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ أَصْلًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ دُونَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ، (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَفَتْهُ نِيَّتُهَا) أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ: وَنِيَّةُ دُخُولِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ رَجَعَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ لَا) أَقُولُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يُتِمُّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدُّخُولِ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ) وَبَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ قَصْرِ مَغْلُوبِ الرِّيحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهُ) أَيْ بِحِيلَةٍ كَأَنْ يَتَشَفَّعَ بِآخَرَ أَوْ يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِأَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ بِمَظِنَّةِ عَدَمِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، بِخِلَافِ الرِّيحِ فَإِنَّهُ لَا حِيلَةَ تُفْعَلُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ وَادَّعَى شب أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُفِيدُ عَكْسَ الْمَقْصُودِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَدْخُولٍ غَيْرِ الَّذِي هُوَ اتِّخَاذُهَا وَطَنًا أَيْ أَنَّ اتِّخَاذَ الْوَطَنِ يَتَحَقَّقُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَرَفَضَ سُكْنَاهَا) وَالْحَالُ أَنَّهُ نَوَى بِسَفَرِهِ الْقَصْرَ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ رَجَعَ قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 الْقَصْرِ كَمُعْتَمِرٍ مِنْ كَالْجُحْفَةِ نَاوِيًا السَّفَرَ بِأَنْ يُقِيمَ بِهَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي إقَامَتِهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ (ص) وَقَطْعُهُ دُخُولُهُ وَطَنَهُ (ش) وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَعَمِّيَّةِ الْبَلَدِ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَقَطْعُهُ دُخُولُهُ وَطَنَهُ وَهُوَ مَوْضِعٌ نُوِيَتْ الْإِقَامَةُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِنْ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا التَّنْبِيهُ عَلَى أَصَالَتِهِ فِي قَطْعِ السَّفَرِ وَمَحَلُّ الِاسْتِيطَانِ شَبِيهٌ بِهِ فِي ذَلِكَ، أَوْ التَّنْصِيصُ عَلَى شَرْطِيَّةِ دُخُولِهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِهِ وَلَا الِاجْتِيَازِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ، أَوْ نِيَّةٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمُرُورُهُ بِوَطَنِهِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَنِيَّةِ إقَامَتِهِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مُطْلَقَ الْمُرُورَ مَانِعٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَمْنَعُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ فَقَطْ (ص) أَوْ مَكَانُ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا (ش) أَيْ وَقَطْعُهُ دُخُولُ مَكَانِ زَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا وَلِذَلِكَ قَالَ (فَقَطْ) وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلزَّوْجَةِ لِيُخْرِجَ السُّرِّيَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُخْرِجْهُمَا وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ عَرَفَةَ أَلْحَقَا السُّرِّيَّةَ بِالزَّوْجَةِ عَلِمْتَ مَا فِي الشَّارِحِ الْوَسَطِ وَلَوْ انْتَقَلَتْ الزَّوْجَةُ لِبَلَدٍ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَطَنًا أَيْضًا فَلَوْ مَاتَتْ وَعَلِمَ بِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ مَوْضِعُهَا حِينَئِذٍ إذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا غَيْرَهُ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ لِأَنَّ مَوْتَهَا كَالرَّفْضِ وَالْوَطَنُ لَا يُرْفَضُ إلَّا أَنْ يَتَوَطَّنَ غَيْرَهُ اُنْظُرْ الطِّخِّيخِيَّ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ) قَيْدُ الْغَلَبَةِ مُرَاعًى فِي الرِّيحِ السَّابِقَةِ، ثُمَّ إنَّ رِيحَ الْمُرُورِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إلَّا إذَا انْضَمَّ لِذَلِكَ دُخُولٌ، أَوْ نِيَّةُ دُخُولٍ وَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ (ص)   [حاشية العدوي] وَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ هَكَذَا فَهِمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَاءَ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ إذْ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا وَقَصْرُهُ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ لَا مِنْ مَحَلٍّ أَقَامَ بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ (قَوْلُهُ: نَاوِيًا السَّفَرَ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُرَادُ لَمْ يَكُنْ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا نَوَى السَّفَرَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ رَجَعَ نَاوِيًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْهَا لِمَحَلٍّ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يَجْلِسُ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْتَرِقُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَوَطَنِهِ وَدُخُولُهُ مَحَلًّا أَقَامَ بِهِ مَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ دُخُولَ الْأَوَّلَيْنِ يَقْطَعُ وَلَوْ دَخَلَ نَاوِيًا السَّفَرَ حَيْثُ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الرَّفْضِ حَيْثُ مَاتَ أَهْلُهُ بِهِ حِينَ الرَّفْضِ أَوْ لَا أَهْلَ لَهُ، وَأَمَّا الرَّفْضُ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ أَيْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَيُتِمُّ وَدُخُولُهُ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ لَا بِقَطْعٍ إلَّا إذَا نَوَى بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ، ثَانِيهِمَا أَنَّ نِيَّةَ دُخُولِ مَحَلِّ الْإِقَامَةِ غَيْرِ نَاوِيهَا لَا يَقْطَعُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ بِخِلَافِ نِيَّةِ دُخُولِ وَطَنِهِ وَمَا مَعَهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ) وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِالْإِتْمَامِ أَنَّهُ لَمَّا أَوْطَنَهَا وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهَا صَارَ لَهَا حُكْمُ الْوَطَنِ فَكَأَنَّهُ رَجَعَ لِوَطَنِهِ وَوَجْهُ الْقَصْرِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَطَنَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا أَتَمَّ بِمَا نَوَى الْإِقَامَةَ (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى وَطَنِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ لَا يُعْتَبَرُ الْبَسَاتِينُ فِي الْقَصْرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمَتْنِ عَلَى دُخُولِ الْمُرُورِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ. . . إلَخْ لَا حَاجَةَ لَهُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ فِي دُخُولِ رُجُوعٍ وَقَوْلُهُ وَقَطْعُهُ دُخُولُ وَطَنِهِ فِي دُخُولِ مُرُورٍ (قَوْلُهُ: فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ. . . إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ يَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ وَمَا هِيَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَصَالَتِهِ) أَيْ أَصَالَةِ ذَلِكَ الْخَاصِّ فِي قَطْعِ السَّفَرِ أَيْ وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَيْسَ مُتَأَصِّلًا فِي قَطْعِ السَّفَرِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ الِاسْتِيطَانِ فَلَمْ يُرِدْ بِالِاسْتِيطَانِ ظَاهِرَهُ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ حُكْمَ السَّفَرِ الْخَالِيَةَ عَنْ نِيَّةِ الْمُكْثِ عَلَى التَّأْبِيدِ. (فَإِنْ قُلْتَ) أَيُّ صُورَةٍ تُوجَدُ فِيهَا الْمُشَابَهَةُ مَعَ قَوْلِهِ: إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ. . . إلَخْ (قُلْت) تُوجَدُ فِيمَا إذَا رَجَعَ مُتَوَطِّنٌ لِمَكَّةَ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّنْصِيصُ عَلَى شَرْطِيَّةِ دُخُولِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ وَقَطْعُهُ دُخُولُهُ بَلَدَهُ وَالْوَطَنُ مِنْ أَفْرَادِ الْبَلَدِ وَجَعَلَ عب بَلَدَهُ مَحَلَّ إقَامَتِهِ أَصَالَةً فَقَالَ دُخُولُ بَلَدِهِ أَيْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ أَصَالَةً وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ حَيْثُ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ إقَامَتِهَا وَجَعَلَ وَطَنَهُ مَا نَوَى عَدَمَ الِانْتِقَالِ عَنْهُ بَلْ نَوَى إقَامَتَهُ بِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَيْسَ بَلَدَهُ أَصَالَةً. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: إنَّ الدُّخُولَ فِي الْبَلَدِ بِالرُّجُوعِ وَالدُّخُولَ فِي الْوَطَنِ بِالْمُرُورِ أَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْآتِيَةُ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَطْعُهُ دُخُولَ بَلَدِهِ دُخُولُ رُجُوعٍ وَقَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ وَطَنِهِ. . . إلَخْ دُخُولَ مُرُورٍ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: الِاجْتِيَازِ) هُوَ نَفْسُ الْمُرُورِ (قَوْلُهُ: عَلِمْت مَا فِي الشَّارِحِ الْوَسَطِ) مِنْ إخْرَاجِ السُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْوَطَنُ لَا يُرْفَضُ) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ رَفْضُهُ إلَّا إذَا تَوَطَّنَ غَيْرَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ غَيْرُهُ وَرَفَضَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا عَزَمَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ عَلَى السَّفَرِ فَقَالَ سَحْنُونَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَظْعَنَ كَالِابْتِدَاءِ وَابْنُ حَبِيبٍ يَقْصُرُ بِالْعَزْمِ رَفْعًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ ابْنُ نَاجِي وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ شَاهَدْتُ شَيْخَنَا يُفْتِي بِهِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعٍ ثُمَّ رَجَعَهُ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الدُّخُولُ فِي الْبَلَدِ الرُّجُوعُ، وَالدُّخُولُ فِي الْوَطَنِ الْمُرُورُ أَقُولُ يُمْكِنُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْبَلَدِ يَكُونُ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ وَالدُّخُولَ فِي الْوَطَنِ يَكُونُ فِي حَالَةِ الْمُرُورِ فَلَا اعْتِرَاضَ بَلْ هَذَا مُتَعَيِّنٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وَنِيَّةُ دُخُولٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ أَيْضًا نِيَّةُ دُخُولِ بَلَدِهِ، أَوْ وَطَنِهِ، أَوْ مَكَانِ زَوْجَتِهِ، أَوْ سُرِّيَّتِهِ، أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَيْسَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَبَيْنَ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ مِقْدَارُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مِنْ مَحَلِّ نِيَّتِّهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ، ثُمَّ يُعْتَبَرُ بَاقِي سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ وَإِلَّا أَتَمَّ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَكَانِ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ الْمَسَافَةَ قَصَرَ إلَيْهِ وَاعْتُبِرَ بَاقِي سَفَرُهُ أَيْضًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ إنْ وُجِدَتْ الْمَسَافَةُ فِيهِمَا، لَا يَقْصُرُ فِيهَا إنْ عُدِمَتْ الْمَسَافَةُ فِيهِمَا، يَقْصُرُ قَبْلَهُ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ لَا بَعْدَهُ إنْ عُدِمْت فِيهِ يَقْصُرُ بَعْدَهُ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ لَا قَبْلَهُ إنْ عُدِمَتْ فِيهِ (ص) وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ أَنْ يَنْوِيَ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي أَيِّ مَكَان مِنْ بَرٍّ، أَوْ بَحْرٍ وَإِنَّمَا قَالَ نِيَّةُ إقَامَةٍ وَلَمْ يَقُلْ إقَامَةُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ النِّيَّةِ لَا أَثَرَ لَهَا كَمَا يَأْتِي وَوَصَفَ الْأَيَّامَ بِقَوْلِهِ صِحَاحٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُلْغَى يَوْمُ دُخُولِهِ الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ وَيَوْمُ خُرُوجِهِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِاعْتِبَارِ عِشْرِينَ صَلَاةٍ وَلِابْنِ نَافِعٍ فِي تَلْفِيقِ يَوْمِ الدُّخُولِ وَالِاعْتِدَادِ بِهِ إلَى مِثْلِهِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَيَّامَ تَسْتَلْزِمُ عِشْرِينَ صَلَاةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَوْ دَخَلَ قَبْلَ الْعَصْرِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَقَدْ نَوَى عِشْرِينَ صَلَاةً وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ انْتَهَى وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الصِّحَاحِ بِلَيَالِيِهَا كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالْمَعُونَةِ وَغَيْرِهَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ إنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَيَّامَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِعِشْرِينَ صَلَاةً وَإِلَّا فَلَوْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَنِيَّتُهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ لَكَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ صِحَاحًا وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا تِسْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً فَالْإِقَامَةُ الْقَاطِعَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ عِشَاءِ الرَّابِعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَالَ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ إلَى الْفَجْرِ كَمَا يُوهِمُهُ التَّعْبِيرُ بِاللَّيَالِيِ وَقَالَ ق قَوْلُهُ صِحَاحٌ بِأَنْ يَدْخُلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَرْتَحِلَ بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ وَلَا يُعْتَبَرُ عِشْرُونَ صَلَاةً عَلَى الْمَذْهَبِ (ص) وَلَوْ بِخِلَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي قَطْعِ السَّفَرِ وَلَوْ حَدَثَتْ بِخِلَالِ السَّفَرِ أَيْ فِي أَثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهِ وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُؤَثِّرَةَ هِيَ مَا كَانَتْ فِي غَيْرِ السَّفَرِ لَا مَا كَانَتْ فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِرْجَاعُ الْمُبَالَغَةِ إلَى نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْحَادِثَةِ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ الْمَذْكُورِ أَمْسِ بِلَفْظِهِ وَأَوْلَى مِنْ إرْجَاعِهَا إلَى نَفْسِ الْإِقَامَةِ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) إلَّا الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْحَرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ تُبْطِلُ حُكْمَ سَفَرِ غَيْرِ الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا هُوَ بِهَا فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ وَإِنْ نَوَوْا إقَامَةَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ الْعَسْكَرَ إتْمَامَ الْأَسِيرِ بِدَارِهِمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِتْمَامَ الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ بِدَارِ الْحَرْبِ مَحَلُّ إقَامَةِ الْعَسْكَرِ وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَا أَمْنَ (ص) ، أَوْ الْعِلْمُ بِهَا عَادَةً (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَيْ وَمِمَّا يُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ الْعِلْمُ بِالْإِقَامَةِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْحَاجِّ إذَا نَزَلَ الْعَقَبَةَ أَوْ دَخَلَ مَكَّةَ أَنْ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَالضَّمِيرُ فِي بِهَا لِلْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ وَهُنَاكَ احْتِمَالٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَعَادَةً مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ) هَذَا تَقْرِيرٌ وَتَقْرِيرٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَيْسَ بَيْنَهُ أَيْ مَحَلِّ بَدْءِ سَفَرِهِ لَا بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ التَّقْرِيرَيْنِ فِيمَا إذَا قَصَدَ سَفَرًا زَائِدًا عَلَى بَلَدِهِ وَبَيْنَ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ وَبَلَدِهِ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَنَوَى دُخُولَهَا بَعْدَ سَفَرِهِ بَعْضَ الْمَسَافَةِ بِحَيْثُ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ نِيَّتِهِ إلَى بَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُتِمُّ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ مَحَلِّ نِيَّتِهِ وَبَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَلَى الثَّانِي يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ النِّيَّةِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فِي تَلْفِيقِ يَوْمِ الدُّخُولِ) أَيْ تَلْفِيقِ الْبَاقِي مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ إلَى مِثْلِهِ أَيْ إلَى مِثْلِ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ يَوْمِ الْخُرُوجِ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى الدُّخُولُ فِي الْبَلَدِ بِالرُّجُوعِ وَفِي الْوَطَنِ بِالْمُرُورِ أَقُولُ مُفَادُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعُهُ دُخُولُ وَطَنِهِ فِي مُرُورٍ لَا رُجُوعٍ وَلَا يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الصِّحَاحِ بِلَيَالِيِهَا) هَذَا مُعْتَمَدُ عج فَقَالَ وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَيْ مَعَ وُجُودِ عِشْرِينَ صَلَاةٍ فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ الَّتِي نَوَاهَا (قَوْلُهُ: هِيَ مَا كَانَتْ فِي غَيْرِ السَّفَرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ) أَيْ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقْطَعُ إنْ كَانَتْ فِي مُنْتَهَاهُ بَلْ وَلَوْ بِخِلَالِهِ كَمَنْ خَرَجَ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ نَاوِيًا سَيْرَ مَا لَا تَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيُقِيمُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَسِيرُ مَا بَقِيَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُلَفِّقُ مَا قَبْلُ لِمَا بَعْدَهَا وَتَصِيرُ هِيَ وَالْإِقَامَةُ سَفَرَيْنِ فَلَا تُقْصَرُ وَقَالَ سَحْنُونَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُلَفِّقُ وَيَقْصُرُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ الْإِشَارَةُ بِلَوْ إلَى خِلَافِ مَذْهَبِي لَكِنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ قُصِدَتْ دَفْعَةً (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَسْكَرُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَسْكَرُ الْعَظِيمُ قَوْلُهُ: (وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: الْعَسْكَرَ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ أَفْهَمَ قَوْلُهُ الْعَسْكَرَ. . إلَخْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعِلْمُ بِهَا عَادَةً) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّكِّ فِيهَا فَيَسْتَمِرُّ عَلَى قَصْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ خُوطِبَ بِالْقَصْرِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِتْمَامِ بِأَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ احْتِمَالٌ آخَرُ) أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُمْكِنُ عِنْدِي أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَمَا بَعْدَهُ؛ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعِلْمُ بِهِمَا بِالْعَادَةِ مَثَلًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ أَيْ وَالْعِلْمُ بِمُرُورِهِ بِالْوَطَنِ أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْوَطَنِ كَمُرُورِهِ بِهِمَا أَيْ وَيُقَيَّدُ بِأَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَعَادَةً مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ) أَيْ وَاعْتِيدَ الْعِلْمُ عَادَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَاعْتِيدَ الْعِلْمُ عَادَةً (ص) لَا الْإِقَامَةُ وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِقَامَةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا أَثَرَ لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَوْضِعٍ شُهُورًا وَإِنْ كَثُرَتْ لِحَاجَةٍ يَرْجُو قَضَاءَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَنِيَّتُهُ السَّفَرُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إقَامَةٍ أَنَّهُ يَقْصُرُ فَقَوْلُهُ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ وَرَفْعُ (سَفَرُهُ) فَاعِلٌ لَهُ هُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ وَإِنْ كَثُرَتْ وَيَصْدُقُ بِأَثْنَاءِ السَّفَرِ وَمُنْتَهَاهُ وَإِنْ قُرِئَ وَإِنْ بِآخِرِ سَفَرِهِ بِالْمُوَحَّدَةِ كَانَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِلَّا قَصَرَ أَبَدًا وَلَوْ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ وَقَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ بِوَطَنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِقَامَةِ قَصَرَ أَبَدًا وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ سَفَرِهِ كَمَا لَوْ سَافَرَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَدَخَلَهَا وَلَمْ يَنْوِ بِهَا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِهَا انْتَهَى (ص) وَإِنْ نَوَاهَا بِصَلَاةِ شَفْعٍ لَمْ تَجُزْ حَضَرِيَّةً وَلَا سَفَرِيَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ سَفَرِيَّةٍ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ فِيهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً يُرِيدُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ صَلَاتَهُ حَضَرِيَّةً لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَلَمْ تَجْزِ حَضَرِيَّةٌ إنْ أَتَمَّهَا أَرْبَعَةً وَلَا سَفَرِيَّةٌ إنْ أَضَافَ إلَى الرَّكْعَةِ أُخْرَى وَمِثْلُ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا إذَا أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَحَلًّا يَقْطَعُ دُخُولُهُ حُكْمَ السَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ وَطَنِهِ أَوْ مَحَلِّ زَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ بِصَلَاةٍ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ وَقَدْ عَقَدَ رَكْعَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ رُبَّمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ شَفَعَ نَدْبًا وَخَرَجَ عَنْ نَافِلَةٍ وَاخْتَارَ ق الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ (ص) وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي وَقْتٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِصَلَاةٍ أَيْ وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ إيقَاعِ الصَّلَاةِ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا سَفَرِيَّةً أَعَادَهَا حَضَرِيَّةً فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابًا وَاسْتُشْكِلَتْ الْإِعَادَةُ لِوُقُوعِ الصَّلَاةِ مُسْتَجْمِعَةً لِلشَّرَائِطِ قَبْلَ طُرُوِّ النِّيَّةِ فَيَكَادُ أَنْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهَا إنَّ الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَرَوٍّ قَبْلَهُ فَلَعَلَّ مَبْدَأَ النِّيَّةِ كَانَ فِيهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِالْإِعَادَةِ وَلَمَّا كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَؤُمَّ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا وَلَا عَكْسَهُ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحُ بَيَّنَ الْحُكْمَ لَوْ وَقَعَ فَقَالَ (ص) وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ فَكُلٌّ عَلَى سُنَّتِهِ وَكُرِهَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ فَرْضِهِ وَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى سُنَّتِهِ فَيُصَلِّي الْمُسَافِرُ فَرْضَهُ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَمَّ الْمُقِيمُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَذًّا وَكُرِهَ لِمُخَالَفَتِهِ نِيَّةَ إمَامِهِ (ص) كَعَكْسِهِ وَتَأَكَّدَ وَتَبِعَهُ (ش) أَيْ كَكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ مَعَ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ ذَا سِنٍّ أَوْ فَضْلٍ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا أَشَدُّ مِنْ الْأُولَى؛ لِمُخَالَفَةِ سُنَّةَ الْقَصْرِ وَلُزُومِ الِانْتِقَالِ إلَى الْإِتْمَامِ لَهُ مَعَ الْإِمَامِ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا قَصَرَ وَبَنَى عَلَى إحْرَامِهِ صَلَاةَ سَفَرٍ وَكَذَا يُتِمُّ لَوْ دَخَلَ مَعَهُ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا مَعَهُ شَيْئًا فَقَدَّمَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي حُكْمِهِ وَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ لَمْ يُصَلِّ هَذَا إلَّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِنْ قُرِئَ بِآخِرِ سَفَرِهِ بِالْمُوَحَّدَةِ) أَيْ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي آخِرِ السَّفَرِ فَقَدْ انْفَصَلَ عَنْ السَّفَرِ فَيُتِمُّ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْأُولَى نِيَّةُ السَّفَرِ الْمُوجِبِ لِلْقَصْرِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ الَّتِي حَدَثَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِتْمَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا يَضُرُّ وَيَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ سَفَرِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُقْضَى عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ ق الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً فَيَقْطَعُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُسَافِرِ يَنْوِي الْإِقَامَةَ فِي سَفَرِهِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ فَهُوَ كَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي صَلَاةٍ يَخْرُجُ عَنْ نَافِلَةٍ أَوْ يَقْطَعُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ اهـ. وَتَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ الشَّفْعِ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ وَعَلَى تَخْرِيجِ ابْنِ رُشْدٍ يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ وَالتَّكْمِيلِ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا وَقَطْعِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ) النِّيَّةُ هِيَ الْقَصْدُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ جَزْمٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذْ النِّيَّةُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْجَزْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمَعْلُومِ حَقِيقَتَهُ بَلْ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ مَجَازِيًّا بُيِّنَ بِقَوْلِهِ بِالنِّيَّةِ فَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَرَوٍّ أَيْ تَرَدُّدٍ وَقَوْلُهُ فَلَعَلَّ مَبْدَأَ النِّيَّةِ أَيْ مُقَدِّمَتَهَا؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ لَيْسَ مَبْدَأَ النِّيَّةِ بَلْ مُقَدِّمَةً لَهَا. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمُخَالَفَتِهِ نِيَّةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُقْتَدِي وَهَلْ تَتَعَلَّقُ الْكَرَاهَةُ بِالْإِمَامِ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ ذَا سِنٍّ. . . إلَخْ) فِيهِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ ذِي السِّنِّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ الثَّانِيَ أَنَّهُ كَيْفَ يَتْرُكُ سُنَّةً لِتَحْصِيلِ مُسْتَحَبٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مَعَ ذِي سِنٍّ أَوْ فَضْلٍ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ مُحَشِّيَ تت اعْتَرَضَهُ فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ س - أَيْ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَكُرِهَ كَعَكْسِهِ أَيْ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ ذَا سِنٍّ أَوْ فَضْلٍ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ اهـ. وَتَبِعَهُ ج أَيْ عج قَائِلًا هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي اقْتِدَاءِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ رَبَّ مَنْزِلٍ أَيْ وَتَبِعَهُ مِنْ بَعْدُ عَلَى ذَلِكَ فَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْحَطَّابُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تَقْيِيدًا إلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَلُزُومِ الِانْتِقَالِ. . . إلَخْ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ أَيْ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ) هَذَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا قَصَرَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَوَى الْقَصْرَ فَلَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُتِمُّ) أَيْ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا شَيْئًا) وَأَوْلَى لَوْ فَعَلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ. . . إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ غَيْرُهُ نَقُولُ بَلْ وَلَوْ كَانَ وَرَاءَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ فَالْحُكْمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَنَدٌ يُرِيدُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ وَإِلَّا صَلَّى أَرْبَعًا، ثُمَّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (ص) وَلَمْ يُعِدْ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَرْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ إذْ يُقَالُ إنَّهُ مُسَافِرٌ قَدْ أَتَمَّ وَسَيَأْتِي فِي الْمُسَافِرِ يَنْوِي الْإِتْمَامَ وَيُتِمُّ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَمَّا الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِنَّمَا لَمْ يُعِدْ هُنَا وَأَعَادَ فِي الْفَرْعِ الْآتِي مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فِيهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا قَدْ أَوْقَعَهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَضِيلَةِ الْقَصْرِ، أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهَا وَفِيمَا يَأْتِي قَدْ أَوْقَعَهَا مُنْفَرِدًا فَلِذَلِكَ لَمْ يُطْلَبْ بِالْإِعَادَةِ هُنَا وَطُلِبَ بِهَا هُنَاكَ (ص) وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا وَإِنْ سَهْوًا سَجَدَ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ إنْ تَبِعَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ (ش) الْكَلَامُ السَّابِقُ فِيمَا إذَا نَوَى فِي الصَّلَاةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَهَذَا فِيمَا إذَا نَوَى قَبْلَهَا وَلَا يُنْظَرُ لِكَثْرَةِ الصُّوَرِ وَقِلَّتِهَا إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ غَرَضٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا خَالَفَ السُّنَّةَ وَنَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا وَأَتَمَّهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ أَرْبَعًا إنْ دَخَلَ فِي الْحَضَرِ فِي وَقْتِهَا وَمَقْصُورَةً إنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ شَكَّ فِيمَا نَوَى مِنْ قَصْرٍ، أَوْ إتْمَامٍ قَالَ سَنَدٌ فَلْيُتِمَّ ثُمَّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ سَهْوًا عَنْ سَفَرِهِ أَوْ عَنْ إقْصَارِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِأَنَّ إتْمَامَهُ مِنْ مَعْنَى الزِّيَادَةِ وَسَوَاءٌ أَتَمَّ سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا وَالسُّجُودُ فِي الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَفِي الثَّانِي مُرَاعَاةً لِحُصُولِ السَّهْوِ فِي نِيَّتِهِ وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مَنْ نَوَى الْإِتْمَامَ سَهْوًا وَأَتَمَّ أَيْ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَأْمُومُهُ أَيْضًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَانَ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا لَكِنَّ الْمُقِيمَ يُعِيدُ أَرْبَعًا وَغَيْرَهُ رَكْعَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْحَضَرَ فِي وَقْتِهَا فَيُعِيدُ أَرْبَعًا وَهَلْ الْوَقْتُ فِي هَذَا الْبَابِ الِاخْتِيَارِيُّ كَمَا عِنْدَ الْإِبْيَانِيِّ، أَوْ الضَّرُورِيُّ كَمَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ لَكِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ   [حاشية العدوي] الْإِتْمَامُ حَيْثُ كَانَ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: سَنَدٌ يُرِيدُ إلَخْ) ذَكَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ سَنَدٌ قَالَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ لَظَنِّهِ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ أَيْ بِأَنْ نَوَى الْقَصْرَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَسَيَأْتِي يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ وَالْحَاصِلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِتْمَامَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لَزِمَهُ الِاتِّبَاعُ فِي الْإِتْمَامِ لَحِقَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَإِنْ نَوَى الْقَصْرَ خَلْفَهُ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ مُنْفَرِدٍ وَيَصِحُّ لَهُ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَبْتَدِئُهَا وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ خَلَفَ الْمُسَافِرِ تَارَةً يَنْوِي الْإِتْمَامَ خَلْفَهُ وَمِثْلُهُ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَتَارَةً يَنْوِي صَلَاةَ سَفَرٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُدْرِكَ مَعَهُ رَكْعَةً أَمْ لَا فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَتَّبِعُهُ مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِي إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ هَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ عج فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَنَقُولُ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَدْرَكَ مُسَافِرٌ خَلْفَ مُقِيمٍ رَكْعَةً أَتَمَّ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا قَصَرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ إمَامَهُ مُقِيمٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ ثُمَّ إنَّ مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج خِلَافُ النَّقْلِ وَأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ نَوَى الْقَصْرَ لَا الْإِتْمَامَ وَأَنَّ أَبَا الْحَسَنِ تَوَقَّفَ فِي كَوْنِهِ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ وَذَكَرَ بَعْدُ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا نُبَيِّنُهُ وَأَنَّ مَا قَالَهُ عج خِلَافُ النَّقْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا حَمَلَهُ عَلَى نِيَّةِ الْقَصْرِ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت فَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْ) هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبُهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَعَادَ فَقَطْ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ) هَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ آكَدِيَّةُ الْقَصْرِ وَالْمُسَاوَاةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَأْتِي أَوْقَعَهَا مُنْفَرِدًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فِيمَا يَأْتِي أَيْضًا أَوْقَعَهَا جَمَاعَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ وَأَجَابَ عج بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ مَنْدُوحَةٌ حَيْثُ قَصَدَ تَحْصِيلَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَفِيمَا يَأْتِي لَهُ مَنْدُوحَةٌ إذْ تَرْكُهُ الْقَصْرَ وَنِيَّتُهُ الْإِتْمَامُ حَصَلَ مِنْهُ اخْتِيَارًا وَعَنْ قَصْدِهِ وَالسَّاهِي مُلْحَقٌ بِهِ لِتَفْرِيطِهِ وَإِعَادَةُ مَأْمُومِهِ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ لِإِمَامِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يُنْظَرُ لِكَثْرَةِ الصُّوَرِ. . . إلَخْ) أَيْ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ الصُّوَرِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً بَلْ يُنْظَرُ لِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَفَهْمِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَثْرَةَ الصُّوَرِ وَقِلَّتَهَا لَازِمَةٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ مَطْلُوبٌ فَصَارَ النَّظَرُ لَهَا لَازِمًا وَالصُّوَرُ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَذَلِكَ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ فَتَارَةً يَنْوِيهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا وَإِذَا أَتَمَّ فَتَارَةً يُتِمُّ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا، وَأَرْبَعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهَا) أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ (قَوْلُهُ: سَهْوًا أَوْ عَمْدًا) أَيْ أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ السَّهْوِ فِي نِيَّتِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ الْقَوْلُ بِكَوْنِ السَّاهِي يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَمَأْمُومُهُ أَيْضًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ تَبَعًا لِإِعَادَةِ إمَامِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ اتِّفَاقًا فِيمَا عَدَا السَّهْوَ وَفِيهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَأْمُومِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا دَخَلَ عَلَى الْقَصْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُ ج أَيْ الْأُجْهُورِيِّ هَذَا إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِتْمَامَ كَمَا نَوَى الْإِمَامُ وَأَمَّا إنْ دَخَلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ كَذَلِكَ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفَرًا. . . إلَخْ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ خِلَافَ إطْلَاقَاتِهِمْ إذْ لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ أَبَدًا أَوْ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ أَمْ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 تَشْبِيهِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْمُصَلِّي بِالنَّجَسِ أَنَّهُ الِاصْفِرَارُ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ مِنْ الْمَأْمُومِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ، أَوْ السُّجُودِ فِي السَّهْوِ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ إنْ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي إتْمَامِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُونَ أَبَدًا كَانُوا مُقِيمِينَ أَوْ مُسَافِرِينَ لِمُخَالَفَتِهِمْ إمَامَهُمْ فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا أَعَادَ بِوَقْتٍ، كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِثْبَاتِ أَعَادَ بِوَقْتٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِتْمَامُ عَمْدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ سَهْوًا سَجَدَ، مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ سَهْوًا وَأَتَمَّ وَسَوَاءٌ أَتَمَّ سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا وَعَلَى إسْقَاطِ قَوْلِهِ أَعَادَ بِوَقْتٍ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَإِنْ سَهْوًا مُبَالَغَةً فَيُحْتَمَلُ فِي قَوْلِهِ نَوَى، أَوْ أَتَمَّ فَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا بَلْ وَإِنْ سَهْوًا، أَوْ إنْ أَتَمَّ عَمْدًا بَلْ وَإِنْ سَهْوًا وَجَوَابُ الشَّرْطُ سَجَدَ لَكِنْ يُشْكِلُ عُمُومُهُ بِأَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ إنَّمَا عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ وَالْمُتَأَوِّلُ (ص) كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا وَالسَّاهِي كَأَحْكَامِ السَّهْوِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ بَطَلَتْ وَقَصَرَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِهَا وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَأْوِيلًا، أَوْ سَهْوًا، ثُمَّ قَصَرَ عَمْدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُقِيمَ يَقْصُرُ صَلَاتَهُ عَمْدًا وَيُعِيدُهَا سَفَرِيَّةً لَا حَضَرِيَّةً وَإِنْ قَصَرَهَا سَهْوًا عَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ كَانَ كَأَحْكَامِ السَّهْوِ الْحَاصِلِ لِمُقِيمٍ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ وَإِنْ قَرُبَ جَبَرَهَا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَعَادَ بِالْوَقْتِ كَمُسَافِرٍ أَتَمَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْجَاهِلِ وَالْمُتَأَوِّلِ كَالْعَامِدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَاتِ إلْحَاقُهُمَا بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا فَإِنْ قُلْت يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْجَاهِلَ وَالْمُتَأَوِّلَ مُلْحَقَانِ بِالسَّاهِي فَمَا الْفَرْقُ قُلْت إنَّهُ فِيمَا يَأْتِي فِعْلُهُمَا رُجُوعٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْمَامُ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَالْمُتَأَوِّلُ هُنَا هُوَ مَنْ تَأَوَّلَ وُجُوبَ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ قَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْفَصْلِ (ص) وَكَأَنْ أَتَمَّ وَمَأْمُومُهُ بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا فَفِي الْوَقْتِ (ش) عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَإِمَّا أَنْ يُتِمَّهَا عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَأْوِيلًا، أَوْ سَهْوًا فَإِنْ أَتَمَّهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَةِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَصَلَاةُ مَأْمُومِهِ تَبَعُهُ أَمْ لَا كَانَ مَأْمُومُهُ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا سَوَاءٌ نَوَى مَأْمُومُهُ الْقَصْرَ عَمْدًا، أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ وَإِنْ أَتَمَّهَا سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَأْوِيلًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَسْجُدُ فِي حَالَةِ السَّهْوِ لِلسَّهْوِ فَقَوْلُهُ عَمْدًا مَعْمُولُ أَتَمَّ وَقَوْلُهُ وَسَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَأَوْلَى تَأْوِيلًا مَعْطُوفَانِ عَلَى عَمْدًا وَالْعَامِلُ فِيهِمَا أَتَمَّ وَالتَّأْوِيلُ هُنَا هُوَ مُرَاعَاةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَصْرَ لَا يَجُوزُ، أَوْ لِمَنْ يَرَى أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ (ص) وَسَبَّحَ مَأْمُومُهُ وَلَا يَتَّبِعُهُ وَسَلَّمَ الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ وَأَتَمَّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ أَفْذَاذًا وَأَعَادَ فَقَطْ بِالْوَقْتِ (ش) الضَّمِيرُ فِي مَأْمُومِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ عَلَى الْقَصْرِ ثُمَّ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّ مَأْمُومَهُ يُسَبِّحُ بِهِ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمْ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِمْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَصَحَّتْ وَإِنْ تَمَادَى لَمْ يَتَّبِعُوهُ كَمَا إذَا قَامَ لِخَامِسَةٍ بَلْ يَجْلِسُونَ لِفَرَاغِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ مُقِيمًا، أَوْ مُسَافِرًا فَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ الْمُسَافِرُ وَلَا يُسَلِّمْ قَبْلَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَقَامَ الْمُقِيمُ لِيَأْتِيَ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَذًّا لَا مُقْتَدِيًا بِأَحَدٍ لِامْتِنَاعِ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ وَيُعِيدُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ فِي الْوَقْتِ السَّابِقِ دُونَ الْمَأْمُومِينَ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِبَعْدَ عَائِدٌ عَلَى السَّلَامِ أَيْ وَأَتَمَّ غَيْرُ الْمُسَافِرِ وَهُمْ الْمُقِيمُونَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَفْذَاذًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ وَهَذَا ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْخَامِسَةِ وَأَرَادَ بِالْغَيْرِ الْجِنْسَ الصَّادِقَ بِمُتَعَدِّدٍ وَلِذَلِكَ قَالَ أَفْذَاذًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَنَّهُ الِاصْفِرَارُ) أَيْ أَنَّهُ يَنْتَهِي فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ أَيْ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ فَيَكُونُ فِي الْعَصْرِ الِاخْتِيَارِيُّ وَفِي الظُّهْرِ الِاخْتِيَارِيُّ وَبَعْضُ الضَّرُورِيِّ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحِ الضَّرُورِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ طَلَبُهَا فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ دُونَ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَالسُّجُودِ فِي السَّهْوِ) هَذَا حِلٌّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِسُجُودِ الْمَأْمُومِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَهُ شَرْطًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَفِي الْحَقِيقَةِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا بَطُلَتْ (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُونَ. . . إلَخْ) جَمَعَ نَظَرًا لِإِفْرَادِ الْمُؤْتَمِّ. (قَوْلُهُ: عَمْدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَتَمَّ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا) أَيْ أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ وَعَلَى إسْقَاطِ. . . إلَخْ) أَقُولُ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى نُسْخَةِ الْإِسْقَاطِ يَكُونُ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ سَهْوًا مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ. . . إلَخْ) فَيَكُونُ صُوَرُهُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَأَمَّا إذَا قَصَرَ سَهْوًا أَيْ وَكَانَ نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَالْمُتَأَوِّلُ هُنَا هُوَ. . . إلَخْ) هَذَا بِاعْتِبَارِ الْقَصْرِ لَا بِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَالَ بِهِ جَمْعٌ) وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مُتَأَوِّلًا مُلَاحَظَةُ ذَلِكَ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ الْإِتْمَامِ الْأَرْبَعِ غَيْرَ أَنَّ الْبُطْلَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِتْمَامُ عَمْدًا (قَوْلُهُ وَسَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَفِي الْوَقْتِ) أَيْ الضَّرُورِيِّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْعَامِلُ فِيهِمَا أَتَمَّ) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَيْدِ صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَتَمَّ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ أَتَمَّ سَهْوًا فَفِي الْوَقْتِ، فَالْأَوَّلُ قَيْدٌ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّانِي لَمْ يَجْرِ فِيهِ ذَلِكَ الْقَيْدُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: يُسَبِّحُ بِهِ) أَيْ تَسْبِيحًا يَحْصُلُ بِهِ الْإِفْهَامُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُونَهُ) أَيْ عِنْدَ سَحْنُونَ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ يُكَلِّمُونَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ إلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ يُشِيرُونَ لَهُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ سَبَّحَ فَإِنْ قَدَّمَ لَمْ يَضُرَّ شَيْخُنَا، فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ فَهَلْ تَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَامِسَةِ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَخَفُّ مِنْ شَرْحِ عب قَالَ عج وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ قَامَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وَانْظُرْ لَوْ تَبِعُوهُ، وَالظَّاهِرُ جَرْيُهَا عَلَى حُكْمِ وَإِنْ قَامَ إمَامُ الْخَامِسَةِ (ص) وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ أَعَادَ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَرَّ بِجَمَاعَةٍ يُصَلُّونَ فَظَنَّهُمْ مُسَافِرِينَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُسَافِرًا لِأَنَّهُ حِينَ ظَنَّهُمْ سَفَرًا نَوَى الْقَصْرَ فَإِنْ انْتَظَرَ الْإِمَامَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَسَلَّمَ مَعَهُ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا وَإِنْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَخَالَفَ فِعْلَهُ مَا أَحْرَمَ هُوَ بِهِ فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَتَمَّ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ مُقِيمًا لَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ ظَنُّ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي النِّيَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا مُخَالَفَةَ وَاحْتَرَزَ بِمَفْهُومِ ظَهَرَ خِلَافُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ بِأَنْ ظَهَرَ مَا يُوَافِقُ ظَنَّهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْبُطْلَانُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَفْهُومِ الصِّدْقَ بِالصُّورَتَيْنِ (ص) كَعَكْسِهِ (ش) الْعَكْسُ فِي الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الظَّانَّ مُسَافِرٌ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا عَنْ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا ظَنَّ الْقَوْمَ مُقِيمِينَ فَنَوَى الْإِتْمَامَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الظَّانُّ مُقِيمًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مُقِيمٌ صَلَّى خَلَفَ مُسَافِرٍ، ثُمَّ إنَّهُ لَا إعَادَةَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ نَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَعَكْسِهِ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا وَفِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا (ص) وَفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ بَلْ دَخَلَ بِنِيَّةِ   [حاشية العدوي] حَالَ قِيَامِهِ فَإِنْ رَجَعَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ يَسْأَلُونَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ إنْ قَالَ: قُمْتُ عَمْدًا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: ظَنَّهُمْ سَفْرًا) جَمْعٌ لِسَافِرٍ لَا لِمُسَافِرٍ كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ خِلَافًا لعب، وَمَفْهُومُ (ظَنَّهُمْ) أَنَّهُ إنْ شَكَّهُمْ مُسَافِرٌ سَفْرًا فَإِنْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ إمَامُهُ صَحَّتْ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ وَكَذَا مُقِيمٌ إنْ أَتَمَّ مَعَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَبَقِيَ مَا إذَا شَكَّهُمْ مُسَافِرٌ سَفْرًا فَأَحْرَمَ بِحَضَرِيَّةٍ أَوْ سَفَرِيَّةٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَضَرِيَّةٌ أَوْ سَفَرِيَّةٌ أَوْ لَا يَتَبَيَّنُ شَيْءٌ فَالصُّوَرُ سِتٌّ اُنْظُرْهَا، وَلَوْ شَكَّهُمْ مُقِيمٌ سَفْرًا صَحَّتْ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إنْ نَوَى حَضَرِيَّةً فَإِنْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ صَحَّتْ أَيْضًا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُقِيمٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَتَبْطُلُ (قَوْلُهُ: فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) أَيْ بِأَنْ ذَهَبُوا حِينَ سَلَّمُوا مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هِيَ صَلَاتُهُمْ أَوْ أَخِيرَةً تَامَّةً. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ س أَيْ الشَّيْخُ سَالِمٌ اُنْظُرْ تَعْلِيلَهُمْ الْبُطْلَانَ فِي هَاتَيْنِ بِمُخَالَفَةِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ نِيَّتَهُ وَقَوْلَهُمْ: مَتَى أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ رَكْعَةً مَعَ الْمُقِيمِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا قَصَرَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُتِمُّ مَعَ كَوْنِهِ نَوَى الْقَصْرَ بَلْ يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: وَإِلَّا قَصْرَ إذْ لَوْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ لَأَتَمَّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ أَوْ دُونَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْوِ قَصْرًا وَلَا إتْمَامًا اهـ. (قُلْت) لَا مُعَارَضَةَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَمُخَالَفَةَ النِّيَّةِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَتَارَةً يَلْغُونَهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَهُ، فَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تَعْتَبِرْهُ فِي الْمُدْرَكِ وَإِنْ اعْتَبَرَتْهُ فِي مَسَائِلَ، وَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا مُعَارَضَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِمْ مَتَى أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَعَكْسِهِ) وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا لِمُخَالَفَةِ نِيَّتِهِ لِنِيَّةِ إمَامِهِ وَمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ أَيْ إنْ صَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، فَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ مُقِيمٍ فَلَمْ يُخَالِفْ فِعْلُهُ نِيَّتَهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ الصِّحَّةَ كَمَا فِي النَّاصِرِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا كَمَا فِي هَذِهِ، وَلَوْ صَلَّى صَلَاةَ مُقِيمٍ وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ. . . إلَخْ دَخَلَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ الْمُخَالَفَةُ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى مُقِيمٌ بِإِنْسَانٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُقِيمٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي صَحِيحَةٌ مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ اللَّتَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ وَقَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ هَذَا مُعَارِضٌ صَدْرَ حِلِّهِ حَيْثُ قَالَ الْعَكْسُ فِي الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ هَكَذَا فَلَا يُقَالُ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ الْعَكْسُ فِي الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَفْعُولِهِ لَا بِاعْتِبَارِ فَاعِلِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَفِي كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ تَرْكِ. . . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَيْ وَفِي كَيْفِيَّةِ. . .، وَقَدَّرَ عب أَيْ وَفِي مُوجَبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمَا قَالَ عج وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَا قَرَّرَهُ بِهِ تت مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ عَلَى صَلَاةِ ظُهْرٍ مَثَلًا عَلَى تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ مَعًا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا وَعَدَمِ صِحَّتِهَا تَرَدُّدٌ اهـ. وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً وَإِلَّا صَحَّتْ اتِّفَاقًا وَيَجْرِي مَا قَالَهُ تت فِي الْمَأْمُومِ أَيْضًا فَإِذَا نَوَى الصَّلَاةَ وَتَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي صَلَاةَ سَفَرٍ جَرَى فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ حَضَرٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ عج فِي حَاشِيَتِهِ فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا كُلَّهُ فَنَقُولُ: قَدْ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ: الثَّالِثَةُ إنْ أَتَمَّ أَوْ قَصَرَ فَفِي الصِّحَّةِ قَوْلَانِ اهـ. وَمُرَادُهُ بِالثَّالِثَةِ أَنْ يَتْرُكَ النِّيَّتَيْنِ إمَّا سَاهِيًا أَوْ مُضْرِبًا أَيْ عَامِدًا وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَنَحْنُ فِي غُنْيَةٍ عَنْ تَقْرِيرِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ، وَالْمُنَاسِبُ حِينَئِذٍ هُوَ تَقْرِيرُ تت وَلَا يَقْصُرُ عَلَى مَا إذَا صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً كَمَا قَالَ عج لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 الظُّهْرِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ سَاهِيًا أَوْ مُعْرِضًا عَنْهَا مُتَعَمِّدًا تَرَدُّدٌ أَيْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ، أَوْ يُخَيَّرُ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (ص) وَنُدِبَ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ وَالدُّخُولُ ضُحًى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبَ لِلْمُسَافِرِ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ أَيْ الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِصْحَابُ هَدِيَّةٍ بِقَدْرِ حَالِهِ - إنْ طَالَ سَفَرُهُ - وَابْتِدَاءُ دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ وَالدُّخُولُ ضُحًى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ وَيُكْرَهُ الطُّرُوقُ لَيْلًا خَوْفَ أَنْ يَجِدَ فِي بَيْتِهِ مَا يَكْرَهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَعْلُومِ الْقُدُومِ بِوَقْتٍ وَفِي حَقِّ ذِي الزَّوْجَةِ فَالْمُرَادُ بِضُحًى أَنْ لَا يَدْخُلَ لَيْلًا لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الطُّرُوقُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لَيْلًا وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِالضُّحَى هُنَا مَا قَبْلَ الْعَشِيِّ أَيْ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْقَصْرِ شَرَعَ فِي أَسْبَابِ جَمْعِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَهِيَ سِتَّةٌ السَّفَرُ وَالْمَطَرُ وَالْوَحْلُ مَعَ الظُّلْمَةِ وَالْمَرَضُ وَعَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَتَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَسَيَذْكُرُ الْبَاقِيَ فِي مَحَلِّهِ وَالْخَوْفُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُسَافِرَ تَارَةً تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ أَوْ رَاكِبٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، أَوْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَيَجْمَعُ الْعَصْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ مَعَ الظُّهْرِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ لِلْعَصْرِ فَيُغْتَفَرُ إيقَاعُهَا فِيهِ لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ فَلَا يَجْمَعُ بَلْ يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ وُجُوبًا لِنُزُولِهِ فَيُوقِعُهَا فِي مُخْتَارِهَا وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيُخَيَّرُ فِي الْعَصْرِ إنْ شَاءَ جَمَعَهَا مَعَ الظُّهْرِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا لِنُزُولِهِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ تَقْدِيمِهَا عِنْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخُصُّهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ ذَنْبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ اهـ. وَإِنْ زَالَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ وَهُوَ سَائِرٌ فَإِنْ نَوَى النُّزُولَ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، أَوْ فِيهِ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إلَى نُزُولِهِ فَيُوقِعُهَا فِي ضَرُورِيِّهِمَا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالسَّفَرِ وَفِي مُخْتَارِ الْعَصْرِ فِي الْأُولَى وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاصْفِرَارِ وَدُخُولِ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا الْأُولَى فِي آخِرِ مُخْتَارِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ حُكْمُهُ الْجَوَازُ الْغَيْرُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ كَوْنِهِ طَوِيلًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَمْ لَا جَدَّ سَيْرُهُ فِيهِ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مِنْ مَالٍ أَوْ رُفْقَةٍ أَمْ لَا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ عَاصٍ بِهِ وَلَا لَاهٍ وَأَنْ يَكُونَ بِبَرٍّ لَا بَحْرٍ وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ) أَيْ بَعْدَ قَضَاءِ وَطَرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ طَالَ سَفَرُهُ) بِالْعُرْفِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءُ دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ) أَيْ وَلَا يَفْعَلُ فِي الْخُرُوجِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَوْ فِي غَيْرِ ذِي الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَيْ فَيَكُونُ مُقَابِلُ الْمُسْتَحَبِّ الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُهُ هَذَا أَيْ مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: خَوْفَ أَنْ يَجِدَ فِي بَيْتِهِ مَا يَكْرَهُ) أَيْ رُبَّمَا يَجِدُ أَهْلَهُ عَلَى غَيْرِ أُهْبَةٍ مِنْ التَّنَظُّفِ وَالتَّزَيُّنِ الْمَطْلُوبَيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ يَجِدُهَا عَلَى غَيْرِ حَالَةٍ مُرْضِيَةٍ وَالسِّتْرُ مَطْلُوبٌ وَاقْتَحَمَ النَّهْيَ رَجُلَانِ فَوَجَدَ كُلٌّ فِي بَيْتِهِ رَجُلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لَيْلًا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَكُلُّ مَا أَتَى لَيْلًا فَقَدْ طَرَقَ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ: لَيْلًا تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ الطُّرُوقُ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْعَشِيِّ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ) وَأَوَّلُ النَّهَارِ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا تُفِيدُهُ (فَائِدَةٌ) يُسْتَحَبُّ إذَا خَرَجَ لِلسَّفَرِ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ عَلَى إخْوَانِهِ، وَأَمَّا إذَا جَاءَ مِنْ السَّفَرِ وَقَدِمَ مِنْهُ فَإِنَّهُ الْمُسْتَحَبُّ لِإِخْوَانِهِ أَنْ يَأْتُوا إلَيْهِ وَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ عِنْدَ الْوَدَاعِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَوَقَعَ ذَلِكَ لِلتَّاجُورِيِّ وَأَنْكَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي السُّنَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ الشَّيْخُ الشَّعْرَاوِيُّ فِي ذَيْلِ الطَّبَقَاتِ وَقَالَ عج عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ التُّرْجُمَانِ بَلْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ» ، وَمِنْ الْأَحْوَالِ حَالَةُ السَّفَرِ وَمِنْ الذِّكْرِ الْقُرْآنُ بَلْ أَفْضَلُ الذِّكْرِ الْقُرْآنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] ، وَأَمَّا الْفَاتِحَةُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَطَّابُ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَا نَصَّ فِي مَذْهَبِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الشَّافِعِيَّةِ الْآنَ جَوَازُ ذَلِكَ قَالَ عج وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي مَذْهَبِنَا نَصٌّ فَنَرْجِعُ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَقُولُ بِالْحُرْمَةِ يَحْتَجُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ جَوَازُ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا أَذِنَ فِيهِ وَلَا يُتَهَجَّمُ عَلَى الْعَظِيمِ إلَّا بِمَا أَذِنَ فِيهِ وَهَذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ اهـ. [أَسْبَابِ جَمْعِ الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: وَالْخَوْفُ) أَيْ خَوْفُ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ مَشَقَّتَهُ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ وَالْمَرَضِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ كَالْمَرَضِ إنْ كَانَ خَوْفًا يُتَوَقَّعُ مَعَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ جَمَعَهُمَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ خَوْفًا يَمْنَعُ مِنْ تَكْرَارِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَالِانْفِرَادِ بِهَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. . . إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ شَهَرَ الْجَمْعَ وَاللَّخْمِيَّ اخْتَارَ التَّأْخِيرَ لِلنُّزُولِ أَيْ الْقَوْلَ بِذَلِكَ فَإِذَنْ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ قَوْلَيْنِ فَأَيْنَ التَّأْخِيرُ الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ إنَّهُ يَجْمَعُ وَيَجْعَلُهُ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ: إنْ كَانَ ارْتِحَالُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَانَ لَا يَنْزِلُ إلَّا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَدَّى الصَّلَاتَيْنِ حِينَ ارْتِحَالِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِالتَّخْيِيرِ إلَّا أَنَّ تَأْخِيرَهُ الثَّانِيَةَ أَوْلَى وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِتَأْخِيرِ الثَّانِيَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَخُصُّهَا) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ الضِّيقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَائِرٌ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ أَيْ سَائِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا بُدَّ. . . إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ) فَلَوْ كَانَ عَاصِيًا أَوْ لَاهِيًا فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْقَصْرِ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِبَرٍّ) أَيْ لَا بِبَحْرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 وَإِنْ قَصَرَ وَلَمْ يَجِدْ بِلَا كُرْهٍ وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ وَبَعْدَهُ خُيِّرَ فِيهَا وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا أَخَّرَهُمَا إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ، أَوْ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا (ش) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّرْخِيصِ أَيْ فِي جَوَازِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ رَاجِحًا أَوْ مَرْجُوحًا فَشَيْءٌ آخَرُ وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الْمَرْجُوحِيَّةَ وَقَوْلُهُ بِلَا كُرْهٍ أَيْ كَرَاهَةٍ لَا تُنَافِي الْمَرْجُوحِيَّةَ أَيْضًا وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْمُسَافِرِ السَّابِقِ لَا بِقُيُودِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ قُصِدَتْ دَفْعَةً إلَخْ بَلْ بِبَعْضِهَا وَهِيَ غَيْرُ عَاصٍ وَلَاهٍ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ بِدُونِ بَعْضِ قُيُودِهِ أَيْ رُخِّصَ لِلْمُسَافِرِ غَيْرِ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ وَاللَّاهِي بِهِ وَقَوْلُهُ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ وَبِمَنْهَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَصَرَ وَإِسْنَادُ الْجِدِّ لِلسَّيْرِ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ إسْنَادُ مَا لِلشَّيْءِ إلَى مُلَابِسِهِ وَإِلَّا فَالْمُجِدُّ إنَّمَا هُوَ الْمُسَافِرُ قَوْلُهُ بِلَا كُرْهٍ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ لَكِنَّ تَرْكَهُ أَرْجَحُ قَوْلُهُ وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ أَيْ فِي السَّيْرِ لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ بَلْ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ مِنْ مَالٍ، أَوْ رُفْقَةٍ، أَوْ مُبَادَرَةِ مَا يُخَافُ فَوَاتُهُ وَإِنْ جَمَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَنْ لَمْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ قَوْلُهُ بِمَنْهَلٍ هُوَ مَحَلُّ النُّزُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ وَقِيلَ بِرُخِّصَ وَقَالَ ز قَوْلُهُ بِمَنْهَلٍ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِبَرٍّ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ الْمُقَدَّرِ وَبِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِجَمَعَ الْمَذْكُورِ وَلَا يَكُونُ بَدَلًا لَا لِلُزُومِ تَعَلُّقِ حُرٍّ فِي جَرِّ مُتَّحِدِي الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اهـ. وَقَوْلُهُ زَالَتْ إلَخْ أَيْ زَالَتْ عَلَى الْمُسَافِرِ حَالَةَ كَوْنِهِ بِهِ أَيْ بِالْمَنْهَلِ وَهُوَ مَحَلُّ نُزُولِهِ لِأَنَّ الشَّمْسَ إنَّمَا تَزُولُ فِي السَّمَاءِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِالنُّزُولِ لَا بِنَوَى لِأَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ وَبَعْدَ مَعْطُوفَانِ عَلَى بَعْدَ، قَوْلُهُ خُيِّرَ فِيهَا أَيْ فِي الْعَصْرِ وَنُسْخَةٌ فِيهِمَا بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ فَاسِدَةٌ وَتَقْرِيرُ تت لَهَا وَمُحَاوَلَتُهُ لِتَصْحِيحِهَا غَيْرُ سَدِيدٍ قَوْلُهُ وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا إلَخْ أَيْ سَائِرٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ الْمَاشِيَ عَلَى مَا فِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ بَلْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ حُكْمَ نِيَّةِ النُّزُولِ فِي الِاصْفِرَارِ كَحُكْمِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ (ص) كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ فِي جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتَيْهِمَا وَقَوْلُهُ (وَكَالْمَبْطُونِ) ثَانِي   [حاشية العدوي] ؛ لِأَنَّا لَا نُبِيحُ الْجَمْعَ لِلْمُسَافِرِ إلَّا عِنْدَ جِدِّ السَّيْرِ خَوْفَ فَوَاتِ أَمْرٍ وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي سَفَرِ الرِّيحِ اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الْجِدَّ فِي سَفَرِ الْبَرِّ أَنْ يُبِيحَ الْجَمْعَ فِي الْبَحْرِ فَيَحْصُلُ التَّعَارُضُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ كَذَا فِي ك وشب وَقَالَ فِي ك وَالْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ الِاجْتِهَادُ وَفِي عب رَجُلٌ تَحَرَّزَ عَنْ الْمَرْأَةِ فَتَجْمَعُ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ بِهَا سَيْرٌ وَلَمْ يُخْشَ فَوَاتُ أَمْرٍ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُقَوِّيهِ (قَوْلُهُ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْجَمْعِ بِقَدْرِ مَا يَمْضِي مِنْ الزَّوَالِ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ) وُجُوبًا كَمَا قِيلَ فَإِنْ قَدَّمَهَا أَجْزَأَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعَادَ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِيهَا) وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّهَا الْأَصْلِيُّ (قَوْلُهُ أَخَّرَهُمَا. . إلَخْ) وُجُوبًا كَذَا قِيلَ وَفِيهِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّ تَأْخِيرَهُمَا جَوَازًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ الْأُولَى جَائِزٌ وَالثَّانِيَةِ وَاجِبٌ لِنُزُولِهِ بِوَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ، كَذَا كَتَبَ وَالِدُ عب وَلِلَّخْمِيِّ أَنَّ تَأْخِيرَهُمَا جَائِزٌ أَيْ وَيَجُوزُ إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ جَمْعًا صُورِيًّا وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَكِنْ إنْ وَقَعَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ وَإِعَادَةُ الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِمَعْنَى لَا يُقَدِّمُ الْعَصْرَ فَلَا يُنَافِيَ أَنَّهُ يَجُوزُ إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا وَالْجَوَازُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جَوَازِهِ) أَيْ الْجَمْعِ الْمُنَاسِبِ أَيْ فِي تَجْوِيزِهِ أَيْ تَجْوِيزِهِ الْجَمْعَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ بِأَثَرِهِ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَيْ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَبِمَنْهَلٍ. . إلَخْ) الْأَحْسَنُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ وَبِمَنْهَلٍ بَدَلٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ قَوْلُهُ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقًا بِرُخِّصَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ تَرْخِيصَ الشَّارِعِ حِينَ صَدَرَ مِنْهُ كَانَ فِي الْبَرِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ مُهِمٌّ) لَمْ يُقَيِّدْ الْأَمْرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكَوْنِهِ مُهِمًّا فَتَقْيِيدُ س وَغَيْرِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: هُوَ مَحَلُّ النُّزُولِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ، وَعِبَارَةُ عج وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَنْهَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ الْمَوْرِدُ وَهُوَ عَيْنُ مَاءٍ تَرِدُهُ الْإِبِلُ اهـ. وَعَبَّرَ بِهِ عَنْ نُزُولِ الْمُسَافِرِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مَاءٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَعْطُوفَانِ عَلَى بَعْدَ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْجَوَابِ (قَوْلُهُ فَاسِدَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَحِيحَةٌ بِتَرْجِيعِ الضَّمِيرِ لِلتَّأْخِيرِ وَعَدَمِهِ أَوْ الْجَمْعِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرُ تت) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَالثَّالِثَةُ إنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ صُورَةٌ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ خُيِّرَ فِيهِمَا بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَنْهَلِ أَوْ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ وَنَحْوِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: فَفِي وَقْتَيْهِمَا جَمْعًا صُورِيًّا) أَيْ فَهُوَ جَمْعٌ صُورَةً أَيْ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْجَمْعِ تَأْخِيرُ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ أَوْ تَقْدِيمُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى كَلَامِ ابْنِ مَسْلَمَةَ) وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ مَسْلَمَةَ يَقُولُ إنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ يُؤَخِّرْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالسَّفَرِ وَلِذَا لَا يَأْثَمُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْقِيَاسُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَجْمَعُهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ بَلْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ مَسْلَمَةَ. (قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ إلَخْ) فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: الِاصْفِرَارِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُقَارِبَ الِاصْفِرَارِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ قَبْلَهُ قَبْلِيَّةً طَوِيلَةً، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ مُقَارِبَ الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ قَبْلِيَّةً طَوِيلَةً أَيْ بِأَنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَا يَضْبِطُ) هَذَا إذَا زَالَتْ وَهُوَ رَاكِبٌ وَإِلَّا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا (قَوْلُهُ كَحُكْمِ مَا قَبْلَهُ فِي الْجَمْعِ. . إلَخْ) وَيَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَكَالْمَبْطُونِ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 أَسْبَابِ الْجَمْعِ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ وَلَيْسَ الْحُكْمُ مَخْصُوصًا بِالْمَبْطُونِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِالْوُضُوءِ أَوْ الْقِيَامِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ أَرْفَقَ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ مِنْ غَيْرِ مَخَافَةٍ عَلَى عَقْلٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ قَوْلَهَا وَسَطَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِرُبُعِ الْقَامَةِ وَقِيلَ يَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ وَكَالْمَبْطُونِ أَيْ الَّذِي لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ بَلْ إمَّا أَنْ يُقَدِّمَ أَوْ يُؤَخِّرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (ص) وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ (ش) يَعْنِي وَلِلصَّحِيحِ الْمُقِيمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعًا صُورِيًّا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا بَلْ أَوْقَعَ كُلًّا مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا إلَّا أَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ تَفُوتُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَذِي الْعُذْرِ فَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ (ص) وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَتَخْيِيرٍ فَيَنْزِلُ الْفَجْرُ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ وَالثُّلُثُ الْأَوَّلُ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الِاصْفِرَارِ فَإِذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَ الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ الِارْتِحَالِ وَإِنْ نَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا إلَى نُزُولِهِ وَإِنْ نَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَيْنَهُمَا خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ إنْ شَاءَ قَدَّمَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى نُزُولِهِ وَالْمُعَادِلُ لِهَلْ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوَّلًا أَيْ لَيْسَا كَالظُّهْرَيْنِ وَإِنَّمَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ لِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ لِأَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَا خِلَافَ أَنَّ حُكْمَهُ فِيهِمَا كَالظُّهْرَيْنِ فَيُؤَخِّرُهُمَا إنْ نَوَى الثُّلُثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ قَبْلَهُمَا وَإِنْ نَوَى بَعْدَ الْفَجْرِ فَفِي وَقْتَيْهِمَا جَمْعًا صُورِيًّا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ هُوَ التَّأْوِيلُ الْمُصَرَّحُ بِهِ لَا الْمَطْوِيُّ (ص) وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ وَالنَّافِضُ وَالْمَيْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا خَافَ الْإِغْمَاءَ، أَوْ الْحُمَّى النَّافِضَةَ أَيْ الْمُرْعِدَةَ أَوْ الدَّوْخَةَ عِنْدَ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْعَصْرَ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ أَوَّلِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَقَدَّمَ أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَجَوَازًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ ق وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْحُمَّى بِالنَّافِضَةِ لِأَنَّ الْحُمَّى غَيْرَ النَّافِضَةِ يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ الصَّلَاةِ (ص) وَإِنْ سَلَّمَ، أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِالْوَقْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ خَائِفَ الْإِغْمَاءِ وَمَنْ مَعَهُ إذَا قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى ثُمَّ لَمْ يَحْصُلْ مَا خَافَهُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ، أَوْ قَدَّمَ الْمُسَافِرُ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَاجِبًا   [حاشية العدوي] وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ. . . إلَخْ) أَيْ إذَا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَلَا تَحْصُلُ لَهُ إذَا صَلَّاهُمَا مُجْتَمِعِينَ (قَوْلُهُ: بِرُبْعِ الْقَامَةِ) أَيْ يَحْصُلُ مِنْ الظِّلِّ رُبْعُ الْقَامَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ) أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَبْطُونَ يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ لَك أَنْ تَقُولَ أَنَّ قَوْلَهُ كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَالْمَبْطُونِ أَيْ الَّذِي لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ وَالْمُغَايَرَةُ حَاصِلَةٌ تَحْقِيقًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ بِمَرْجُوحِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ. . . إلَخْ) وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَصْرِيحِهِ بِهِ وَحَذْفِ مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدِّمَ: عَلَى الْمَشْهُورِ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ مُتَعَلِّقٌ بِيُقَدِّمَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ أَيْ فَالتَّقْدِيمُ مَشْهُورٌ ثُمَّ يُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابًا وَيُحْتَمَلُ جَوَازًا أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِغْمَاءِ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى الْجَمْعِ، وَكَمَا إذَا خَافَتْ أَنْ تَحِيضَ أَوْ تَمُوتَ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهَا الْجَمْعُ ذَكَرَ ذَلِكَ بَهْرَامُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالْإِغْمَاءِ بِأَنَّ الْحَيْضَ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ قَطْعًا بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا، أَوْ أَنَّ الْحَيْضَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ الْوَقْتُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَهَذَا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الْجُنُونِ لَهُ ك (قَوْلُهُ: وَارْتَضَاهُ ق) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (أَقُولُ) ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ التَّقْدِيمُ اسْتِحْبَابًا فَفِي الْمَوَّاقِ فِيهَا لِمَالِكٍ إذَا خَافَ الْمَرِيضُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ جَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ الْغُرُوبِ اهـ. فَإِنَّ صِيغَةَ الْفِعْلِ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَيْدِ: جَمْعُهُ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَبُّ إلَيَّ مَنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا قَاعِدًا اهـ. ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْتُ مُحَشِّيَ تت قَالَ: قَالَ تت: لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ التَّقْدِيمِ سَبَقَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَعَبَّرَ س وَمَنْ تَبِعَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ. وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ التَّقْدِيمُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ نَقَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ. وَهُوَ لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ فَالصَّوَابُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ يَنْبُو عَنْ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: تَعْبِيرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ الْجَوَازُ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ مَنَعَ وَهَذَا لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ خُصُوصًا وَقَدْ عَلِمْتَ النَّصَّ الصَّرِيحَ فِي الْمَيْدِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ اقْتَصَرَ بَعْضُ شُيُوخِ الْبَدْرِ عَلَى النَّدْبِ للح. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ قَدَّمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِثْلِهِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ قَدَّمَ وَسَلَّمَ أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَاجِبًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 أَوْ جَائِزًا لِزَوَالِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ نَازِلًا وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَمْ يَرْتَحِلْ لِأَمْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ، أَوْ لِغَيْرِ أَمْرٍ، أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الزَّوَالُ رَاكِبًا وَنَزَلَ عِنْدَ الزَّوَالِ وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الِارْتِحَالِ فَظَنَّ جَوَازَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فَجَمَعَ جَهْلًا يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا جَمَعَ غَيْرَ نَاوٍ الِارْتِحَالَ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ (ص) وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِمَطَرٍ، أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ لَا لِطِينٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي الْحَضَرِ بِرُجْحَانِ جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي كُلِّ بَلَدٍ كَانَتْ الْمَدِينَةَ، أَوْ غَيْرَهَا لِأَجْلِ الْمَطَرِ الْغَزِيرِ وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، أَوْ الطِّينِ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَشْيَ بِالْمَدَاسِ مَعَ ظُلْمَةِ الشَّهْرِ لَا الْغَيْمِ، وَمِثْلُ الْمَطَرِ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ لِأَجْلِ طِينٍ فَقَطْ وَلَا لِأَجْلِ ظُلْمَةٍ وَلَوْ مَعَ رِيحٍ شَدِيدٍ فَقَوْلُهُ وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ رُخِّصَ أَيْ وَرُخِّصَ فِي جَمْعٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ الْجَمْعَ لِلْمَطَرِ وَمَا مَعَهُ مَخْصُوصٌ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا غَالِبًا بِخِلَافِ الْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُمْ لَوْ مُنِعُوا مِنْ الْجَمْعِ لَأَدَّى إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا حُصُولُ الْمَشَقَّةِ إنْ صَبَرُوا لِدُخُولِ الشَّفَقِ، أَوْ فَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ إنْ ذَهَبُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ. (تَنْبِيهٌ) : الْمَطَرُ الْمُتَوَقَّعُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّاذِلِيُّ فَإِنْ قُلْت الْمَطَرُ إنَّمَا يُبِيحُ الْجَمْعَ إذَا كَثُرَ وَالْمُتَوَقَّعُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ قُلْت يُمْكِنُ عِلْمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ وَإِنْ سَلَّمَ أَعَادَ بِوَقْتٍ وَقَوْلُهُ لَا لِطِينٍ مَعْطُوفٌ عَلَى لِمَطَرٍ وَأَعَادَ اللَّامَ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَلَوْ حَذَفَهَا مَا ضَرَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَطْفُهُ عَلَى ظُلْمَةٍ (ص) أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ وَأَخَّرَ قَلِيلًا، ثُمَّ صُلِّيَا وِلَاءً إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ وَإِقَامَةٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ فِي صِفَةِ الْجَمْعِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ عَلَى الْمَنَارِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ كَالْعَادَةِ ثُمَّ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ قَلِيلًا نَدْبًا عَلَى الرَّاجِحِ بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ وَقْتُ الِاشْتِرَاكِ لِاخْتِصَاصِ الْأُولَى بِثَلَاثٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَالَ الْغِرْيَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ يُؤَخِّرُ قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَقِيلَ قَدْرَ مَا تُحْلَبُ فِيهِ الشَّاةُ، ثُمَّ يُقِيمُ لِلْمَغْرِبِ ثُمَّ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يُؤَذِّنُ لِلْعِشَاءِ أَذَانًا مُنْخَفِضًا بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَيُقِيمُ لَهَا، ثُمَّ يُصَلِّيهَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَقَوْلُهُ، ثُمَّ صُلِّيَا أَيْ الْفَرْضَانِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الضَّمِيرَ وَوِلَاءٍ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَوْ قَالَ إلَّا بِأَذَانٍ مُنْخَفِضٍ إلَخْ بَدَلَ قَوْلِهِ قَدْرَ أَذَانٍ إلَخْ لَكَانَ   [حاشية العدوي] بَعْدَ الْغُرُوبِ وَيُرَخَّصُ لَهُ الْجَمْعُ وَالْأَوْلَى لَهُ تَرْكُ الْجَمْعِ أَيْ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ لِوَقْتِهَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ تَقْدِيمُهَا وَاجِبٌ أَيْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَنْ: يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ النُّزُولُ فِي وَقْتِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ بِمَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ) أَيْ فَإِنْ رَفَضَ السَّفَرَ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ الزَّوَالِ أَعَادَ الثَّانِيَةَ. (قَوْلُهُ: لِمَطَرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ قَبْلَ الْمَجِيءِ لِلْمَسْجِدِ وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ الْمَطَرَ الشَّدِيدَ الْمُسَوِّغَ لِلْجَمْعِ مُبِيحٌ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ التَّخَلُّفِ لَا تُنَافِي أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ إذَا لَمْ يَتَخَلَّفُوا (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْمَدِينَةَ أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَيْ أَوْ خَصَّهُ بِهِ وَبِمَسْجِدِ مَكَّةَ، وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ الْمَحَلُّ الَّذِي اتَّخَذَهُ أَهْلُ الْبَادِيَةِ لِصَلَاتِهِمْ بِهِ جَمَاعَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْزُلِيُّ (قَوْلُهُ يَحْمِلُ النَّاسَ) أَيْ أَوَاسِطَ النَّاسِ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: بِالْمَدَاسِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ إلَّا أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الطِّينُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ فَهَلْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ الْجَمْعُ تَبَعًا لِمَنْ فِي طَرِيقِهِمْ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ رِيحٍ شَدِيدٍ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الظُّلْمَةَ وَحْدَهَا لَا يُجْمَعُ لَهَا اتِّفَاقًا وَالطِّينَ وَحْدَهُ فِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَمْعِ، وَأَمَّا الظُّلْمَةُ مَعَ شِدَّةِ الرِّيحِ فَلَا يُجْمَعُ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ رُخِّصَ) لَا يَخْفَى أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ هُوَ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُسَافِرِ، وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاضِرِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَهُ بِالْمُسَافِرِ فَيُقَالُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ لَهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ عَدَّاهُ بِنَفْسِهِ وَهَلَّا عَدَّاهُ هُنَا أَيْضًا كَذَلِكَ فَيَقُولُ وَجَمْعُ الْعِشَاءَيْنِ وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَمُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ الثَّانِي فَاتَّفَقُوا عَلَى التَّعْدِيَةِ بِحَرْفِ الْجَرِّ أَيْ رُخِّصَ فِي كَذَا تَرْخِيصًا وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّ فِي جَمْعِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ بَعْدَ الْوَاوِ أَيْ وَرُخِّصَ وَالنَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَذَّنَ اهـ. أَيْ بِأَذَّنَ فِي قَوْلِهِ وَأَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ. (قَوْلُهُ: بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ كَالْعَادَةِ) أَيْ فَهُوَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: نَدْبًا عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ وُجُوبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: يُؤَخِّرُ قَلِيلًا قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ تَحْصِيلَهَا لِمَنْ كَانَ مُحَصِّلَ الشُّرُوطِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا لَهَا فَيَكُونُ قَدْرَ الثَّلَاثِ بَعْدَ مِقْدَارِ مَا يَسَعُ تَحْصِيلَهَا وَانْظُرْ مَا وَجْهُ طَلَبِ التَّأْخِيرِ قَلِيلًا فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ دُونَ الظُّهْرَيْنِ وَلَعَلَّهُ لِلرِّفْقِ بِالْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ أَذَانًا مُنْخَفِضًا) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَذَانَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي جَمَاعَةٍ تُطْلَبُ غَيْرُهَا وَلَا يَسْقُطُ بِهِ طَلَبُ الْأَذَانِ فِي وَقْتِهَا فَيُؤَذِّنُ لَهَا بِوَقْتِهَا (قَوْلُهُ: بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ) هَذَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَقِيلَ بِمِحْرَابِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيِّ أَيْ لَا بِالْمَنَارِ وَلَا بِخَارِجِ الْمَسْجِدِ؛ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَى النَّاسِ فَيَظُنُّونَ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ دَخَلَ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشْعِرُ بِحُرْمَتِهِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلِّيهَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ جَمْعٍ وَلَيْسَ خَاصًّا بِالْجَمْعِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 أَحْسَنَ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَفْظَةِ قَدْرَ مُضِرَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْأَذَانِ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ " مُنْخَفِضٍ " مُشْعِرٌ بِفِعْلِهِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ فِعْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْخَفِضًا، أَوْ مُرْتَفِعًا (ص) وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ وَلَا بَعْدَهُمَا (ش) أَيْ لَيْسَ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ إذْ لَوْ شُرِعَ تَأْخِيرُ الْجَمْعِ لِلتَّنَفُّلِ لَكَانَتْ الْعِشَاءُ فِي وَقْتِهَا أَفْضَلَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ وَتَنَفَّلَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْجَمْعُ وَلَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهُمَا أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجَمْعِ أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي الضَّوْءِ وَالنَّفَلُ يُفِيتُ ذَلِكَ قَالَ زَرُّوقٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ جَمْعٍ يَمْنَعُ التَّنَفُّلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِيهِ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَنْعِ النَّفْلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَانْظُرْ لَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ تَنَفُّلٍ فَهَلْ يَكُونُ كَالْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِهِ فَيَحْرُمُ وَلَا يُمْنَعُ الْجَمْعُ، أَوْ الْفَصْلُ بِهِ يَحْرُمُ وَيُمْنَعُ الْجَمْعُ لِأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ أَشْغَلَ الْوَقْتَ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا بِخِلَافِ الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ التَّنَفُّلُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ دَخَلَ وَقْتُ الظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: وِلَاءً ز وَأَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَيْ لَمْ يَمْنَعْ النَّفَلُ الْجَمْعَ وَقَوْلُهُ وَلَا بَعْدَهُمَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَيْنَهُمَا أَيْ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهُمَا أَيْ يُمْتَنَعُ وَهَذَا فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ وَانْظُرْ فِي جَمْعِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَهُمَا أَمْ لَا؟ كَمَا إذَا فَعَلَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا (ص) وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَذًّا، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يَجْمَعُونَ فِي الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي الْعِشَاءِ حَيْثُ كَانَ يُدْرِكُ مَعَهُمْ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِلِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ عَنْ نِيَّتِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى وَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهَا بِفِعْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ وَهَذَا يَرُدُّهُ مَا يَأْتِي مِنْ جَمْعِ الْمُنْفَرِدِ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ كَوْنَ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا مَعَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامِ فَتَكُونُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَوْلُهُ لِمُنْفَرِدٍ أَيْ عَنْ جَمَاعَةِ الْجَمْعِ فَيَصْدُقُ بِمَنْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِمْ جَمَاعَةً وَبِمَنْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا كَمَا قَرَرْنَاهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا وَوَجَدَهُمْ فِي الْعِشَاءِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُؤَخِّرُهَا لِوَقْتِهَا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ وَلَا يُصَلِّي الْأُولَى فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَاةً مَعَ صَلَاةِ الْإِمَامِ (ص) وَلِمُعْتَكِفٍ بِالْمَسْجِدِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُنْفَرِدٍ أَيْ وَجَازَ الْجَمْعُ أَيْضًا لِلْمُعْتَكِفِ، وَالْغَرِيبُ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ لِئَلَّا يَفُوتُهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَلِأَجْلِ التَّبَعِيَّةِ يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ الْمُعْتَكِفُ وُجُوبًا مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ عَلَى ظَاهِرِ التَّهْذِيبِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا لَا أَعْرِفُهُ (ص) كَأَنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ (ش) أَيْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا شَرَعُوا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْجَمْعِ وَهُوَ الْمَطَرُ فَلَمَّا صَلَّوْهَا أَوْ بَعْضَهَا ارْتَفَعَ السَّبَبُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ التَّمَادِي عَلَى الْجَمْعِ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَا جَمْعَ إلَّا بِسَبَبِ غَيْرِهِ فَالْمُرَادُ الشُّرُوعُ فِي الْأُولَى (ص) لَا إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخَّرُ لِلشَّفَقِ إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ أَيْ وَإِنْ وَجَدَهُمْ فَرَغُوا مِنْ الْعِشَاءِ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ لَا يَدُلُّ. . . إلَخْ) وَكَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْأَذَانِ لَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَذَانَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُ فِعْلِهِ. (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ) مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَكَذَا كُلُّ جَمْعٍ يُمْنَعُ التَّنَفُّلُ بَيْنَهُمَا. . . إلَخْ أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكَرَاهَةُ وَلَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ عَبَّرَ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمَشْهُورُ مَنْعُ التَّنَفُّلِ بَيْنَ جَمْعِهِمَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا يَحْرُمُ وَيُمْنَعُ الْجَمْعُ) الظَّاهِرُ لَا حُرْمَةَ وَلَا يُمْنَعُ الْجَمْعُ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فَلَوْ قَعَدُوا بَعْدَ مَا جَمَعُوا إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ أَعَادُوا الْعِشَاءَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُونَ وَقِيلَ إنْ قَعَدَ الْجُلُّ أَعَادُوا لَا الْأَقَلُّ اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَرُدُّهُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْجَوَابَ بِالِاكْتِفَاءِ يَرُدُّهُ. . . إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إمَامٌ يُكْتَفَى بِنِيَّتِهِ عَنْ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّهُ يَسُوغُ لَهُ الْجَمْعُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِتَحْصِيلِ. . . إلَخْ) أَيْ الِاسْتِحْبَابُ لِأَجْلِ التَّحْصِيلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِمُعْتَكِفٍ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَيْ وَجَازَ الْجَمْعُ قَالُوا الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا إلَخْ) قَيَّدَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا إذَا كَانَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُهُ وَإِلَّا تَقَدَّمَ، ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: إذَا شَرَعُوا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدُوا رَكْعَةً وَكَذَا إذَا انْقَطَعَ بَعْدَ تَمَامِ الْأُولَى وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إذَا شَرَعَ فِي الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ التَّمَادِي وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُمْ التَّمَادِي) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أُمِنَ عَوْدُهُ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: ظَاهِرُهُ لَا إعَادَةَ وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمُبَالَغَةَ بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ وَاَلَّذِي قَبْلَهَا بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ فَيُؤَخِّرُ) يَجُوزُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَزْمُ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ بِالْفَاءِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا إنْ يَقْتَرِنْ ... بِالْفَا أَوْ الْوَاوِ بِتَثْلِيثٍ قَمِنْ أَيْ لَا يَجُوزُ إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخِّرُ، (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً) فَلَوْ دَخَلَ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُمْ رَكْعَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْفَعَهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا مَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي مُعِيدٍ دَخَلَ مَعَ إمَامٍ بِدُونِ رَكْعَةٍ مِنْ قَوْلَيْ الْقَطْعِ وَالْإِشْفَاعِ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَوَّاقُ الثَّانِيَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُمْ فَرَغُوا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ لِنَفْسِهِ وَلَا مَعَ جَمَاعَةٍ بِإِمَامٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَادَةَ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ فَلَوْ جَمَعُوا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ لِنَفْسِهِ لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي شُرِعَ الْجَمْعُ لِأَجْلِهَا فَيُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْعِشَاءَ قَبْلَ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ حَيْثُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا وَفَاتَ جَمْعُ جَمَاعَتِهَا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ صَلَّاهُمَا أَيْضًا جَمْعًا لِعِظَمِ فَضْلِهَا عَلَى الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي غَيْرِهَا (ص) وَلَا إنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ فَرَغُوا يَعْنِي أَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ وُقُوعُ الْمَطَرِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْمَغْرِبِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ لِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ قَدْ فَاتَتْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَحَلَّهَا أَوَّلُ الْأُولَى فَلَوْ جَمَعُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالضَّعِيفَ كَذَلِكَ إذَا جَمَعَا تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ أَيْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِجَمْعِهِمَا (ص) وَلَا الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالضَّعِيفَ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الْجَمْعُ بِبَيْتِهِمَا مَعَ جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ الْمُجَاوِرَيْنِ لَهُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَالَ غَيْرُهُمَا تَجْمَعُ الْمَرْأَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ فِي الضَّعِيفِ أَيْضًا (ص) وَلَا مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِمَسْجِدٍ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ إذَا كَانَ لَا يَنْصَرِفُ مِنْهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ يَنْصَرِفُ مِنْهُ إلَى مَنْزِلِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي إيقَاعِ كُلٍّ لِوَقْتِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْجَمْعِ الْجَمَاعَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا فَيَجْمَعُ كَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ، أَوْ تُرْبَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ إذْ لَا حَرَجَ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِمْ إلَى الِانْصِرَافِ مِنْ مَكَانِهِمْ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ الِانْصِرَافِ فِي الْأَسْفَارِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ إنَّهُمْ يَجْمَعُونَ تَبَعًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ خَارِجًا عَنْهُ فَإِنَّهُمْ يَجْمَعُونَ تَبَعًا لَهُ، ثُمَّ إنَّ أَهْلَ التُّرَبِ إذَا كَثُرُوا فَيَجْمَعُونَ حِينَئِذٍ كَأَهْلِ تُرْبَةِ قَايِتْبَايْ قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ قَوْلُهُ إذَا كَثُرُوا إلَخْ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ إذَا كَانُوا فِي أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُحَرَّمَاتِهَا وَمُوجِبَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَأَعْقَبَهَا بِصَلَاةِ الْقَصْرِ لِكَوْنِهَا شِبْهَ ظُهْرٍ مَقْصُورَةٍ وَالْجُمُعَةُ بَدَلٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالظُّهْرُ بَدَلٌ مِنْهَا فِي الْفِعْلِ كَمَا هُوَ الْحَقُّ وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَدَلًا فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ أَنَّ الظُّهْرَ شُرِعَتْ ابْتِدَاءً، ثُمَّ شُرِعَتْ الْجُمُعَةُ بَدَلًا مِنْهَا وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَدَلًا مِنْهَا فِي الْفِعْلِ أَنَّهَا إذَا تَعَذَّرَ فِعْلُهَا أَجْزَأَتْ عَنْهَا الظُّهْرُ، وَالْأَشْهَرُ فِيهَا ضَمُّ الْمِيمِ وَبِهِ قَرَأَ الْجَمَاعَةُ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَقُرِئَ بِهِنَّ شَاذًّا (ص) شَرْطُ الْجُمُعَةِ وُقُوعُ كُلِّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ لِلْغُرُوبِ وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ. . . إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ دَخَلَهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهَا فَلَا يُطَالَبْ بِهِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيُصَلُّونَ أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَفَاتَ جَمْعُ جَمَاعَتِهَا) ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الْجَمَاعَةِ أُقِيمَتْ بِهَا فَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِهَا جَمَاعَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَرْأَةَ. . إلَخْ) أَيْ الْمُشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا فَيَجْمَعُ) أَيْ إذَا كَانَ يَنْصَرِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ بَلْ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي وَصَوَّبَ بَعْضُهُمْ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا أَقُولُ وَالصَّوَابُ عِنْدِي الْأَوَّلُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّاتِبَ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَتَقَدَّمُ وَيُصَلِّي تَبَعًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَكِفِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهَذَا يَذْهَبُ لِمَنْزِلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلِاسْتِخْلَافِ بَلْ يَجْمَعُ بِمُفْرَدِهِ وَيَخْرُجُ فِي الضَّوْءِ (قَوْلُهُ: إنَّهُمْ يَجْمَعُونَ تَبَعًا) أَيْ لِمَنْ يَذْهَبُ لِبَيْتِهِ وَلَيْسَ مُنْقَطِعًا بِالْمَسْجِدِ مِثْلُهُمْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانُوا فِي أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرُوا كَمَا فِي عب أَيْ فَيَجْمَعُونَ إذَا كَانَ لَهُمْ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَيَتَفَرَّقُونَ إلَى أَمَاكِنِهِمْ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا] (فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ آدَمَ مَعَ حَوَّاءَ بِالْأَرْضِ فِيهِ وَقِيلَ لِمَا جُمِعَ فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ وَقِيلَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (فَائِدَةٌ) لَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى الْعَمَلِ فِي غَيْرِهَا وَلِذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ كَانَ لِتِلْكَ الْحَجَّةِ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةٍ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَفِيهِ وَقْفَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمُنَاوِيُّ ذَكَرَهُ شب فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ الْحَقُّ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَرَافِيَّ قَدْ قَالَ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْبَدَلَ لَا يُفْعَلُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الظُّهْرِ عَلَى رَأْيٍ وَيُسْقِطَانِهَا عَلَى آخَرَ اهـ. وَقَوْلُهُ يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الظُّهْرِ عَلَى رَأْيٍ وَعَلَيْهِ فَهِيَ فَرْضُ يَوْمِهَا وَالظُّهْرُ بَدَلٌ مِنْهَا، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ: وَيُسْقِطَانِهَا عَلَى آخَرَ وَعَلَيْهِ فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنَّهُ شَاذٌّ إذْ لَوْ كَانَتْ بَدَلًا مِنْ الظُّهْرِ لَمْ يَصِحَّ فِعْلُهَا مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي وَقْتِ سَعْيِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ، إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْحَقُّ كَأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: كُلِّهَا) اسْتِعْمَالُ كُلٍّ الْمُضَافَةِ لِلضَّمِيرِ - فِي غَيْرِ الِابْتِدَاءِ وَالتَّأْكِيدِ - رَأْيُ بَعْضٍ وَعَلَى الْآخَرِ فَالْمُؤَكَّدُ مَحْذُوفٌ عَلَى قِلَّةٍ أَيْ وُقُوعُهَا كُلُّهَا (قَوْلُهُ: لِلْغُرُوبِ) حَقِيقَةٌ عَلَى الثَّانِي الْآتِي أَوْ قَبْلَهُ بِرَكْعَةٍ عَلَى الْأَوَّلِ فَأَطْلَقَ الْغُرُوبَ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ وَمَا قَبْلَهُ، أَوْ يُقَالُ جَزَمَ بِالْمَشْهُورِ أَوَّلًا ثُمَّ سَاقَ الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّقَانِيِّ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ ضَعِيفٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ كُلِّ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَهُ لَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَلْ ظُهْرًا أَوْ يَقْطَعُ مَعَ أَنَّهُ يُتِمُّهَا جُمُعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ عج وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي وُجُوبِ إقَامَتِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 الْعَصْرِ وَصَحَّحَ أَوْ لَا رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا (ش) لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا أَنْ تَقَعَ هِيَ وَخُطْبَتُهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ وَقْتِهَا ثُمَّ صَلَّى فِي وَقْتِهَا، أَوْ أَوْقَعَ الْخُطْبَةَ فِي الْوَقْتِ وَالصَّلَاةِ خَارِجَهُ لَمْ تَصِحَّ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ أَوَّلَهُ زَوَالُ الشَّمْسِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُمْتَدٌّ لِلْغُرُوبِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَهَذَا إذَا أَخَّرَهَا الْإِمَامُ وَالنَّاسُ لِعُذْرٍ أَوْ اُتُّفِقَ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ امْتِدَادُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لِلْغُرُوبِ؟ وَوُجُوبُ إقَامَةِ الْإِمَامِ لَهَا مَحَلُّهُ إنْ خَطَبَ وَصَلَّاهَا وَأَدْرَكَ بَعْدَهَا رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ وَإِلَّا صَلَّاهَا ظُهْرًا وَسَقَطَ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ وَسَمِعَهُ عِيسَى وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ عِيَاضٌ فَقَالَ هُوَ أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لِلْغُرُوبِ حَقِيقَتَهُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ شَيْءٍ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَلْ حِينَمَا أَدْرَكَ خُطْبَتَهَا وَفَعَلَهَا قَبْلَهُ وَجَبَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَحَقِيقَتُهُ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَانِ وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَصْرُ عَلَيْهِمْ أَمَّا لَوْ قَدَّمُوا الْعَصْرَ نَاسِينَ لَلْجُمُعَة فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَنْتَهِي لِلْغُرُوبِ (ص) بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ، أَوْ أَخْصَاصٍ لَا خِيَمٍ (ش) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُ كُلِّهَا بِخُطْبَتِهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى الْغُرُوبِ مَعَ الِاسْتِيطَانِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّأْبِيدِ وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَلَوْ طَالَتْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوْطِنُوا بَلَدًا، أَوْ أَخْصَاصًا وَالْأَخْصَاصُ بُيُوتٌ مِنْ قَصَبٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الثَّوَى فِيهَا وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْ غَيْرِهِمْ بِخِلَافِ الْخِيَمِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا مَا ذُكِرَ غَالِبًا وَلِشِبْهِهَا بِالسُّفُنِ لِانْتِقَالِهَا بِخِلَافِ الْأَخْصَاصِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِالْخُصِّ هُنَا الْعُرْفِيُّ أَيْ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ خُصًّا كَانَ مِنْ قَصَبٍ، أَوْ خَشَبٍ، أَوْ بِنَاءٍ صَغِيرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا خُصُوصُ الْخُصِّ اللُّغَوِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فَالْمُرَادُ بِالْأَخْصَاصِ مَا قَابَلَ الْخِيَمَ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَمِ هُنَا الْخِيَمُ الْعُرْفِيَّةُ أَيْ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ خَيْمَةً كَانَتْ مِنْ ثِيَابٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ أَوْ شَعْرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا خُصُوصُ الْخِيَمِ اللُّغَوِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فَقَوْلُهُ بِاسْتِيطَانِ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وُقُوعُهَا مَعَ اسْتِيطَانٍ لَا بِوُقُوعِ   [حاشية العدوي] ابْتِدَاءً أَيْ أَنَّهُمْ هَلْ لَا يُطَالَبُونَ بِإِقَامَتِهَا إلَّا إذَا كَانُوا مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُمْ يُدْرِكُونَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ بَعْدَ فِعْلِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْغُرُوبِ قَدْرُ مَا يَسَعُ خُطْبَتَهَا وَفِعْلَهَا فَقَطْ لَا تَجِبُ إقَامَتُهَا لَكِنْ إنْ فُعِلَتْ أَجْزَأَتْ وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوُجُوبَ مَنُوطٌ بِاعْتِقَادِ إدْرَاكِ كُلِّ الصَّلَاةِ إمَّا مَعَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ أَوْ بِدُونِهَا فَلَوْ دَخَلَ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا رَكْعَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْغُرُوبِ إلَّا رَكْعَةٌ فَلَا يُصَلِّي حِينَئِذٍ وَأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِهَا حِينَئِذٍ لَا يُعْتَدُّ بِإِحْرَامِهِ وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالْوَقْتُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ كُلُّهُ اخْتِيَارِيًّا بَلْ هِيَ فِيهِ وَفِي الضَّرُورِيِّ كَالظُّهْرِ سَوَاءً قُلْنَا بِأَنَّهَا بَدَلٌ أَوْ فَرْضُ يَوْمِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ اُتُّفِقَ عَلَى ذَلِكَ) لَكِنْ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ يَأْثَمُونَ وَمَعَ الذُّهُولِ لَا (قَوْلُهُ: وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ أَشَدُّ شَبَهًا بِهِ قَالَ الْمَوَّاقُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِهِمْ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ النَّصَّ فَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ فِيهِ ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقُ بَعْدَ قَوْلِهِ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي آخِرِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَقِيلَ مَا بَقِيَ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ إلَى الْغُرُوبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمِعَهُ عِيسَى، وَقِيلَ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ وَهِيَ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَمَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ اهـ. إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَمَعْنَى رُوِيَتْ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَتُهُ) إنْ أَرَادَ الْمُرَادَ مِنْهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ الَّذِي يُعْطِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَهُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ. . إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ: بِاسْتِيطَانِ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا اسْتِيطَانُ مَنْ تَنْعَقِدُ لِبَلَدِهَا الَّتِي تُقَامُ فِيهَا، وَأَمَّا اسْتِيطَانُ بَلَدٍ غَيْرِهَا قَرِيبَةٍ مِنْهَا كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ فَشَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت اعْتَرَضَهُ فِي عِدَّةِ الِاسْتِيطَانِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بِاسْتِيطَانِ. . . إلَخْ هُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ نَصُّ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ الْمُتَوَطِّنُ وَلَيْسَ ذِكْرُهُ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ تَجِبُ بِاسْتِيطَانِ الْبَلَدِ وَالْأَخْصَاصِ لَا الْخِيَمِ فَعَدُّ تت لَهُ مِنْ شُرُوطِ الْأَدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ. (قُلْت) : وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِشَرْطِ الصِّحَّةِ هُنَا شَرْطَ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاسْتِيطَانِ) السِّينُ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّأْبِيدِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ فَيَصْدُقُ بِاَلَّذِي لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ التَّوَطُّنُ الْإِقَامَةُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الِانْتِقَالِ وَلَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ حَقِيقَةِ الِاسْتِيطَانِ كَوْنُهُمْ يَخْرُجُونَ فِي أَيَّامِ الْمَطَرِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ فَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْجَمَاعَةِ يُقِيمُونَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِمَوْضِعٍ وَفِي آخَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَجْمَعُونَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَقَرْيَتَيْنِ إذَا دَخَلُوا بِإِحْدَاهُمَا أَقَامُوا بِهَا (قَوْلُهُ: بُيُوتٌ مِنْ قَصَبٍ) هَذَا هُوَ الْخُصُّ اللُّغَوِيُّ الَّذِي يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الثَّوَى) هَكَذَا بِخَطِّهِ بِغَيْرِ مِيمٍ وَهُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْإِقَامَةُ وَأَمَّا بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ فَهُوَ الْهَلَاكُ كَذَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ بِخَطِّ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ قَصَبٍ) وَهُوَ الْخُصُّ اللُّغَوِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لَا خُصُوصَ الْخِيَمِ اللُّغَوِيَّةِ) وَهِيَ بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ ثِيَابٍ بَلْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ ثُمَّ يُسْقَفُ بِالثُّمَامِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ وَيُسْقَفُ بِالثُّمَامِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَلَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ إلَّا مِنْ ثِيَابٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِ الْخِيَمِ إذَا كَانُوا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ مَنَارِ قَرْيَةِ جُمُعَةٍ تَبَعًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ) هَذَا يُعَارِضُ مُقْتَضَى حِلِّهِ السَّابِقِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوُقُوعُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدِي الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ اهـ. وَإِضَافَةُ اسْتِيطَانِ إلَى الْبَلَدِ عَلَى مَعْنَى فِي وَقَوْلُهُ لَا خِيَمٍ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ يُنَاسِبُهُ أَيْ لَا بِالْإِقَامَةِ فِي خِيَمٍ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِيَمَ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الِاسْتِيطَانُ (ص) وَبِجَامِعٍ (ش) هَذَا ثَالِثُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَبَاؤُهُ تَحْتَمِلُ الظَّرْفِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ وَقِيلَ شَرْطُ وُجُوبٍ وَقِيلَ شَرْطٌ فِيهِمَا ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا مَا كَانَ لَهُ سَقْفٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْدَمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَقَدْ يُوجَدُ فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْفَضَاءَ مِنْ الْأَرْضِ يَكُونُ مَسْجِدًا بِتَعْيِينِهِ إذْ لَا يَعْدَمُ مَوْضِعٌ يَصِحُّ اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا عَلَى هَذَا اهـ. وَلَا بُدَّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْجَامِعِ (ص) مَبْنِيٍّ (ش) صِفَةٌ لِجَامِعٍ أَيْ لَا يَكْفِي الْمَسْجِدُ حَتَّى يَكُونَ مَبْنِيًّا فَلَا تَصِحُّ فِي بِرَاحِ حَجَرٍ أَوْ خَطٍّ حَوْلَهُ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الْبِنَاءُ الْمُعْتَادُ لِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ فَعَلَ أَهْلُ الْأَخْصَاصِ جَامِعًا مِنْ بُوصٍ وَنَحْوِهِ فَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ (ص) مُتَّحِدٍ (ش) أَيْ لَا بُدَّ فِي الْجَامِعِ الْمَوْصُوفِ مِنْ أَنْ يَكُون مُتَّحِدًا فَلَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ فِي الْأَمْصَارِ وَفَائِدَةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ لَمْ تَكُنْ الْجُمُعَةُ إلَّا لِلْعَتِيقِ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَلِّفُ (ص) وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ (ش) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ قَدْ شَرَطْتَ فِي الْجَامِعِ أَنْ يَكُونَ مُتَّحِدًا فَمَا الْحُكْمُ إذَا تَعَدَّدَ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا عِنْدَ التَّعَدُّدِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ صَحِيحَةٌ لِأَهْلِ الْجَامِعِ الْعَتِيقِ مِنْ تِلْكَ الْجَوَامِعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَا بِاسْتِيطَانِ خِيَمٍ. (قَوْلُهُ: تَحْتَمِلُ الظَّرْفِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ) الْمُنَاسِبُ: الظَّرْفِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ شَرْطٌ فِيهِمَا) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَالصِّحَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ وَشَرْطَ الصِّحَّةِ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ اجْتِمَاعُ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ هَذَا مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا) أَيْ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ إلَّا مَا كَانَ لَهُ سَقْفٌ) أَيْ وَبِنَاءٌ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُعْدَمُ) أَيْ الْمَسْجِدُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ صَادِقٌ بِعَدَمِ وُجُودِهِ أَصْلًا وَبِوُجُودِهِ بِدُونِ سَقْفٍ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ) أَيْ مِنْ الشَّرَائِطِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ عَلَيْهَا وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُعْدَمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ شَرْطَ وُجُوبٍ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوجَدُ) أَيْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ فَيَكُونُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ شَرْطَ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَالصِّحَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِنَاءُ مَسْجِدٍ لِيُصَلُّوا فِيهِ الْجُمُعَةَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ إلَخْ وَصْفٌ كَاشِفٌ (ثُمَّ أَقُولُ) وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْوُجُوبَ وَالصِّحَّةَ بِاعْتِبَارَيْنِ لَا بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ، فَالْوُجُوبُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْعَدَمِ وَالصِّحَّةُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْوُجُودِ مَعَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ شُرُوطِهِمَا الِاعْتِبَارُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَالْعَقْلِ فَإِنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ أَيْ يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ عَلَى وُجُودِهِ فَكَذَا نَقُولُ هُنَا يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ عَلَى وُجُودِ الْجَامِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرِيٌّ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلتَّحْقِيقِ فَهُمَا اعْتِبَارَانِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ) هَذَا الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْ أَنَّ الْجَامِعَ الْمَوْصُوفَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَيْ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ حَاصِلُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ مَنُوطٌ بِوُجُودِ الْجَامِعِ وَالْجَامِعُ مَوْجُودٌ مُتَحَقِّقٌ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ وَالتَّعْيِينُ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَصَارَ الْوُجُوبُ مُتَقَرِّرًا بِالْأَصَالَةِ وَأَنَّ صِحَّتَهَا لَيْسَتْ مَنُوطَةً بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْجَامِعِ الْمُتَحَقِّقِ بِالتَّعْيِينِ بَلْ بِأَوْصَافِهِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ: مَبْنِيٌّ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ يَكُونُ مَسْجِدًا) أَيْ جَامِعًا بِتَعْيِينِهِ، أَيْ وَالْوُجُوبُ مَنُوطٌ بِهِ أَيْ فَمَا كَانَ جَامِعًا مَوْصُوفًا بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَكُونُ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْدَمُ مَوْضِعٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ. . . إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَصِحُّ اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ وَالْوُجُوبُ مَنُوطٌ بِهِ فَمَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَكُونُ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ لَا شَرْطَ وُجُوبٍ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ ثَابِتٌ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ. أَقُولُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمْ إذَا عَيَّنُوا مَوْضِعًا يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِهِمْ فَإِذَا لَمْ يُعَيَّنُوا مَوْضِعًا فَلَا تَجِبُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُكَلَّفُونَ بِبِنَائِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ فَلَا يُكَلَّفُونَ بِبِنَائِهِ نَعَمْ إذَا بَنَاهُ وَاحِدٌ وَجَبَتْ وَعَلَى هَذَا، فَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ مُخَصِّصٌ لَا كَاشِفٌ، بَقِيَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ فَقَطْ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إلَّا إذَا وُجِدَ الْجَامِعُ وَإِذَا وُجِدَ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ لَوْ وَقَعَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْمَبْنِيِّ يُسَمَّى جَامِعًا كَالْفَضَاءِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا عُيِّنَ وَحُبِسَ وَعَلَى مَنْ لَا يَرَى أَنَّ الْفَضَاءَ مِنْ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا يَكُونُ قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ صِفَةً كَاشِفَةً وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمَبْنِيُّ فَالْفَضَاءُ لَا يُسَمَّى جَامِعًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَطٍّ حَوْلَهُ) عَطْفٌ عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَلَوْ عِظَمَ رِعَايَةٍ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَجَمْعًا لِلْكُلِّ وَطَلَبًا لِجَلَاءِ صَدَأِ الْقُلُوبِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مِنْ جَوَازِ التَّعَدُّدِ إنْ كَانَتْ الْبَلَدُ ذَاتَ جَانِبَيْنِ وَمِثْلُهُ لِلْمُؤَلِّفِ فِي مِثْلِ مِصْرَ وَبَغْدَادَ قَائِلًا لَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفُ: لَا أَظُنُّهُمْ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي مِثْلِ مِصْرَ وَبَغْدَادَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ اهـ. (أَقُولُ) وَهَذَا الْمَشْهُورُ الَّذِي حَكَاهُ الشَّارِحُ قَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِخِلَافِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 بَاطِلَةٌ لِأَهْلِ الْجَدِيدِ وَهُوَ مَا حَصَلَ بِهِ التَّعَدُّدُ وَإِنْ صَلَّى فِيهِ الْإِمَامُ، وَأَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ فِي الْجَدِيدِ وَحْدَهُ صَحَّتْ وَالْمُرَادُ بِالْأَقْدَمِ مَا أُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَوَّلًا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَإِنْ تَأَخَّرَ بِنَاؤُهُ عَنْ بِنَاءِ غَيْرِهِ وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ عَتِيقًا بِالْجُمُعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ تَأَخَّرَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى فَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ عَتِيقًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً) أَيْ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً عَنْ الْجَدِيدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى الَّتِي أَثْبَتَتْ لَهُ كَوْنَهُ عَتِيقًا وَأَحْرَى إنْ سَبَقَهُ، أَوْ سَاوَاهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْجَامِعِ الْعَتِيقِ حَتَّى لَوْ تُرِكَتْ إقَامَتُهَا بِهِ وَأُقِيمَتْ بِالْجَدِيدِ وَحْدَهُ لَمْ تَصِحَّ فَإِنَّ هَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ أُنْشِئَ جَامِعَانِ فِي قَرْيَةٍ وَأُقِيمَتْ فِيهِمَا الْجُمُعَةُ فَالْجُمُعَةُ لِمَنْ صَلَّى فِيهِ بِتَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ، أَوْ نَائِبِهِ وَإِلَّا فَالسَّابِقُ بِالْإِحْرَامِ إنْ عَلِمَ فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا حُكِمَ بِفَسَادِهِمَا وَأَعَادُوا جُمُعَةً لِبَقَاءِ وَقْتِهَا وَلَا تَجْزِيهِمْ ظُهْرًا مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ حُكِمَ بِفَسَادِهِمَا أَيْضًا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ (ص) لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَيْ مَبْنِيٌّ بِنَاءً مُعْتَادًا لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَكَلَامُ ز حَيْثُ قَالَ لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ أَيْ كَمَا إذَا بُنِيَ فِي الْمَسْجِدِ حَائِطٌ مَثَلًا اهـ. لَيْسَ شَرْطًا (ص) وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ (ش) أَيْ وَقَعَ تَرَدُّدٌ فِيمَا إذَا هُدِمَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ هَلْ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا فَالْمَعْنَى وَفِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ سَقْفِهِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ مَنْ أَشَارَ إلَيْهِ بِالتَّرَدُّدِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَنَى مِنْ غَيْرِ سَقْفٍ لَمْ تَصِحَّ فِيهِ بِلَا نِزَاعٍ اُنْظُرْ السَّنْهُورِيَّ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا (ص) وَقَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ (ش) أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اُبْتُدِئَتْ فِيهِ، أَوْ نُقِلَتْ إلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى إيقَاعِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ أَمْ لَا فَذَهَبَ الْبَاجِيُّ إلَى أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ وَأَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُمْ مَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْجَامِعِ لِعُذْرٍ بِهِمْ لَمْ تَصِحَّ لَهُمْ جُمُعَةٌ فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ لَهُ الْإِمَامُ بِحُكْمِ الْجَامِعِ وَتَنْتَقِلَ الْجُمُعَةُ إلَيْهِ وَوَافَقَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَرَّةً فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَخَالَفَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ بِقُرْطُبَةَ فِي مَسْجِدِ أَبِي عُثْمَانَ دُونَ أَنْ تُنْقَلَ إلَيْهِ الْجُمُعَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَالْعُلَمَاءُ مُتَوَافِرُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ قَالَ وَلَوْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ فِي جُمُعَةٍ مِنْ الْجُمَعِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَكَانَتْ الصَّلَاةُ مُجْزِئَةً وَنَقَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ نُقِلَتْ الْجُمُعَةُ مِنْ مَسْجِدٍ إلَى آخَرَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُنْقَلْ بَلْ أُقِيمَتْ ابْتِدَاءً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَ التَّأْبِيدِ بِأَنْ يَقْصِدُوا التَّأْبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا أَصْلًا (ص) وَإِقَامَةِ الْخَمْسِ (ش) أَيْ وَفِي اشْتِرَاطِ إقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيمَا يُتَّخَذُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ) خُلَاصَةُ مَا قِيلَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لِلْعَتِيقِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلِ أَنْ تُقَامَ بِهِ وَبِالْجَدِيدِ فَإِنْ هُجِرَ الْعَتِيقُ وَصَلُّوهَا فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ صَحَّتْ، الثَّانِي أَنْ لَا يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ تَبَعًا لِنَذْرِ بَانِيهِ عِتْقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَحَكَمَ مُخَالِفٌ بِعِتْقِ الْعَبْدِ لِصِحَّتِهَا صَحَّتْ فِيهِ إذْ حُكْمُهُ الدَّاخِلُ فِي الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لِنَحْوِ عِتْقٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ لَا يُنْقَضُ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بَانٍ الْجَامِعِ: إنْ صَحَّتْ جُمُعَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَتُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ فَيَأْتِي الْعَبْدُ إلَى مَنْ يَقُولُ بِالتَّعَدُّدِ كَالْحَنَفِيِّ فَيُثْبِتُ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ جُمُعَةً صَحِيحَةً فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِتْقِهِ: لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ ضِمْنًا فَتَصِيرُ حِينَئِذٍ الصَّلَاةُ بِالْجَامِعِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ صَحِيحَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغُورِيَّ حِينَ بَنَى مَسْجِدَهُ أَرْسَلَ لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ لَهُ: أَفْتِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَيْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ لَهُ النَّاصِرُ: قُلْ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدِي هَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّهُ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي الَّذِي يَرَى صِحَّةَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّعَدُّدُ وَهُوَ الْحَنَفِيُّ فَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْعِتْقِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ لِحُكْمٍ آخَرَ تَبَعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُدْخِلُ الْعِبَادَاتِ إلَّا تَبَعًا وَحَقَّقَهُ الْقَرَافِيُّ وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَاشِدٍ فَجَوَّزَ دُخُولَهُ فِيهَا اهـ. وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ الْمَذْكُورُ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمُطَابَقَةِ أَوْ التَّضَمُّنِ أَوْ الِالْتِزَامِ كَحُكْمِهِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِنَقْضِ الْعِتْقِ الثَّالِثِ أَنْ لَا يَحْتَاجُوا لِلْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ عَنْهُمْ وَإِلَّا صَحَّتْ فِي الْجَدِيدِ وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاحْتِيَاجُ؛ لِأَنَّهُ يُوَسَّعُ، وَيُجْبَرُ مَنْ بِجَانِبِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ وَقْفًا لِلتَّوْسِعَةِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَأْتِي مِنْ حَيْثُ إذَا وُسِّعَ لَرُبَّمَا تَعَدَّدَ الْمُسْمَعُ فِيهِ فَيَحْصُلُ الْخَلَلُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِفَسَادِهَا) إلَّا أَنَّهُمْ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ يُعِيدُونَهَا ظُهْرًا لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْمُعِيدِ وَالْجُمُعَةُ لَا تُصَلَّى مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ شَرْطًا. . . إلَخْ) نَقُولُ وَالزَّرْقَانِيُّ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ كَمَا إذَا بَنَى إلَخْ حَيْثُ أَتَى بِالْكَافِ وَبِمَثَلًا. (قَوْلُهُ: بِلَا نِزَاعٍ) أَيْ أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّوَامِ وَعَدَمِهِ وَأَمَّا سَقْفُهُ ابْتِدَاءً فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ هَذَا تَقْرِيرُ السَّنْهُورِيِّ، وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَالتَّتَّائِيُّ وَالْأُجْهُورِيُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْحَطَّابُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: عَدَمَ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ) الْمُرَادُ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ سَقْفُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ غَالِبًا وَهِيَ الْقِبْلَةُ وَمَا وَالَاهَا لَا صِحَّتُهُ إذْ هُوَ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْحَطَّابِ. (قَوْلُهُ وَتُنْقَلُ الْجُمُعَةُ. . . إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ وَقَوْلُهُ وَتُنْقَلُ الْجُمُعَةُ أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: دُونَ أَنْ تُنْقَلَ) أَيْ أَنَّهَا نُقِلَتْ مِنْ مَسْجِدٍ كَانَ فِي قُرْطُبَةَ بِهَذَا الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: مُتَوَافِرُونَ) أَيْ مُجْتَمِعُونَ (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَوْ نَقَلَ الْإِمَامُ. . . إلَخْ) أَيْ بِدُونِ أَنْ يَقْصِدُوا التَّأْبِيدَ أَيْ وَلَا قَصَدُوا عَدَمَهُ أَيْ كَمَا فَعَلَ بِمَسْجِدِ قُرْطُبَةَ أَيْ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. . . إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ خِلَافَ الْحَلِّ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَإِقَامَةُ الْخَمْسِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ: الْخَمْسُ أَنَّ جُلَّ الْخَمْسِ لَيْسَ كَالْخَمْسِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 لِخُصُوصِهَا وَتُعَطَّلُ الْخَمْسُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ سَمِعْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الصَّفُّ دَائِمًا فِيهِ إلَّا أَنْ تُزِيلَهُ الْأَعْذَارُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَسَكَتَ غَيْرُهُ عَنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ فَنَزَّلَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَصَحَّ قَوْلُهُ (تَرَدُّدٌ) لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ ذَكَرَ سَنَدٌ عَنْ الْمُخْتَصَرِ مَا يُوَافِقُهُ فَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ لَا أَعْرِفُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِغَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ (ص) وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ وَطُرُقٍ بِهِ مُتَّصِلَةٍ إنْ ضَاقَ، أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لَا انْتَفَيَا (ش) أَيْ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ لِلْمُقْتَدِي فِي رِحَابِ الْجَامِعِ وَطُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ أَيْ الَّتِي لَمْ يَحُلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهِ غَيْرُهُ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ الْمَذْكُورَةِ إنْ ضَاقَ الْجَامِعُ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ أَمْ لَا أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ مِنْ غَيْرِ ضِيقٍ وَالْمُرَادُ بِالرِّحَابِ مَا زِيدَ خَارِجَ مُحِيطِهِ لِتَوْسِعَتِهِ كَالسِّنَانِيَّةِ بِبُولَاقَ وَلَا رَحْبَةَ لِلْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لِأَنَّ مَا زِيدَ خَارِجَ بَابِهِ الْكَبِيرِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ لَا لِتَوْسِعَتِهِ فَهُوَ مِنْ الطُّرُقِ فَإِنْ انْتَفَى الضِّيقُ وَالِاتِّصَالُ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (ص) كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَسَطْحِهِ وَدَارٍ وَحَانُوتٍ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ لَا تَصِحُّ لَهُ جُمُعَةٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الضِّيقِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ فِي الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ الْمَحْجُورِينَ وَلَوْ أَذِنَ أَهْلُهُمَا وَأَمَّا الْحَوَانِيتُ وَالدُّورُ الَّتِي تُدْخَلُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ رِحَابِ الْمَسْجِدِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ هَكَذَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ أَوْ لَا بِلَا حَدٍّ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِجَامِعٍ وَالْبَاءُ فِيهِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ وَشَرْطُ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا فِي الْجَامِعِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ فِي جَامِعٍ وَجَمَاعَةٍ تَسْتَغْنِي وَتَأْمَنُ بِهِمْ قَرْيَةٌ بِأَنْ يُمْكِنَهُمْ الثَّوَى بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْإِقَامَةُ فِيهَا صَيْفًا وَشِتَاءً وَالدَّفْعُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْأُمُورِ الْكَثِيرَةِ لَا النَّادِرَةِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْجِهَاتِ مِنْ كَثْرَةِ الْخَوْفِ وَالْفِتَنِ وَقِلَّتِهَا بِلَا حَدٍّ مَحْصُورٍ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ عَشَرَةٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ اهـ. فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ أَيْ فِيمَا بَعْدَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَاشْتِرَاطُ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ بَلْ تَجُوزُ فِيمَا بَعْدَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجُمُعَةَ الْأُولَى بَلْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَيَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا أَحْرَارٍ ذُكُورٍ مُتَوَطِّنِينَ غَيْرِ الْإِمَامِ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا أَيْ مَعَ صِحَّةِ   [حاشية العدوي] وَلَعَلَّهُ مِثْلُهُ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ قَالَهُ فِي ك، غَيْرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا يُتَّخَذُ لِخُصُوصِهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْخَمْسِ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ وَأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لَا يُمْنَعُ إلَّا فِيمَا اُتُّخِذَ لِخُصُوصِ الْجُمُعَةِ وَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَتُعَطَّلُ الْخَمْسُ أَيْ كُلُّ خَمْسٍ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ صَلَاةً وَاحِدَةً مِنْ الْخَمْسِ فَتَكُونُ صَحِيحَةً بِاتِّفَاقٍ فَيُحَرَّرُ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِ إقَامَةِ الْخَمْسِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ) أَيْ لِمُقْتَدٍ لَا لِإِمَامٍ فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَلَا لَهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْخُطْبَةِ لَيْسَ إلَّا الْمَسْجِدَ وَلَوْ مَعَ الضِّيقِ أَوْ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ (قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةٌ) أَيْ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهِ غَيْرُهُ وَلَوْ فِيهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا وَمِثْلُهُ الْمَدَارِسُ الَّتِي حَوْلَ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِالْقَاهِرَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطُّرُقِ حَوَانِيتُ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِمِصْرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَابَيْ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَقْصُورَةِ لَا تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ نَظَرَ فِيهَا، نَعَمْ إذَا صَلَّى فِي نَفْسِ مَصَاطِبِ الْحَوَانِيتِ جَازَ (قَوْلُهُ: إنْ ضَاقَ. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضِّيقَ يَسْتَلْزِمُ اتِّصَالَ الصُّفُوفِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ اللَّقَانِيِّ قَالَ مَا نَصُّهُ وَتَصَوُّرُ ضِيقِ الْمَسْجِدِ مَعَ عَدَمِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ لَا يُعْقَلُ وَمَعْنَى اتِّصَالِ الصُّفُوفِ أَنْ يَكُونَ صَفًّا يَلِي صَفًّا وَقَالَ الْبَدْرُ وَالْمُرَادُ اتِّصَالُهَا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَتَأَمَّلْ. وَقَالَ عج وَالْمُرَادُ اتِّصَالُهَا بِرَحْبَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ) أَيْ اتِّصَالًا مُعْتَادًا أَوْ كَالْمُعْتَادِ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ الْجُمُعَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) هَذَا ضَعِيفٌ فَفِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ رُشْدٍ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الضِّيقِ وَالِاتِّصَالِ وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ (قَوْلُهُ: كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ) وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ بَيْتٌ بُسْطُهُ وَسِقَايَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحُوزٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الضِّيقِ وَنَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا قُصِرَ عَلَى بَعْضِ مَصَالِحِهِ (قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ) سَوَاءٌ ضَاقَ أَوْ لَا كَانَ الْمُؤَذِّنَ أَوْ غَيْرَهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ صِحَّتُهَا بِدَكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّطْحِ وَالطُّرُقِ أَنَّ الطُّرُقَ الْمُتَّصِلَةِ مُتَّصِلَةٌ بِأَرْضِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَشْرَةٍ) يَقْتَضِي أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْعَشَرَةِ إذَا تَقَرَّتْ بِهِمْ قَرْيَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ. . . إلَخْ) أَيْ أَفْهَمَ مِنْ كَوْنِهِ جَعَلَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كَافِيَةً فِي غَيْرِ الْأُولَى فَيَقْتَضِي أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَا تَكْفِي فِي الْأُولَى (أَقُولُ) : وَلَا يَخْفَى مُنَافَاةُ هَذَا لِقَوْلِهِ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ عَشْرَةً كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِدْرَاكِ كَأَنْ يَقُولُ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيمَا بَعْدُ يُفْهِمُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ. . . إلَخْ ثُمَّ أَقُولُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَالثَّلَاثَةَ عَشَرَ، عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا بُدَّ مِمَّنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ اثْنَيْ عَشَرَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَمَاعَةٍ عَظِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُمْكِنُهُمْ الثَّوَى فِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ) أَحْرَارًا ذُكُورًا مُتَوَطِّنِينَ بِهَا مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ، كَشَافِعِيِّينَ قَلَّدُوا وَاحِدًا مِنْهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَا إنْ لَمْ يُقَلِّدُوا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْمَالِكِيِّ بِاثْنَيْ عَشَرَ شَافِعِيِّينَ لَمْ يُقَلِّدُوا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ يَحْفَظُونَ الْفَاتِحَةَ بِشَدَّاتِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 صَلَاتِهِمْ فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ أَوَّلُ جُمُعَةٍ تُقَامُ مُطَابِقٌ لِمَا فَهِمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَرَّرَ بَعْضٌ الْأَوَّلِيَّةَ عَلَى أَوَّلِيَّةِ إحْرَامِهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا أَيْ تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ أَوَّلًا أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا لَا دَوَامًا فَلَوْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَتَمَّهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ ح وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي صِحَّتِهَا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ فَمَتَى وُجِدَتْ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْقَرْيَةِ وَجَبَتْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَصَحَّتْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ إلَّا اثْنَا عَشَرَ وَالْإِمَامُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) بِإِمَامٍ مُقِيمٍ (ش) هَذَا حَالٌ مِنْ جَمَاعَةٍ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ الْمُقَابِلَةُ لِلسَّفَرِ فَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَوْطِنٍ مِمَّنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ إذْ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِإِمَامٍ مُقِيمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَطِّنًا فَتَصِحُّ إمَامَةُ الْمُسَافِرِ فِي الْجُمُعَةِ بِمَحَلٍّ نَوَى بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَكَذَا الْخَارِجِ مِنْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ عَلَى كَفَرْسَخٍ، وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ عَلَاقٍ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَفِي حَاشِيَةِ الطَّرَابُلُسِيِّ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْجُمُعَةِ (ص) إلَّا الْخَلِيفَةَ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَبِغَيْرِهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الْوَصْفِ أَيْ فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمُسَافِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ خَلِيفَةً وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إلَّا الْإِمَامَ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ تَقْتَضِي تَعْمِيمَ ذَلِكَ فِي كُلِّ أَمِيرٍ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي أَهْلِهَا فَلْيَجْمَعْ بِهِمْ أَمَّا لَوْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ فِي أَهْلِهَا فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَهْلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَالْمُرَادُ بِالْخَلِيفَةِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالصَّلَاةُ وَأَمَّا الْقُضَاةُ الْآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ نِيَابَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَيُخْطَبُ بِحَضْرَتِهِمْ (ص) وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ إلَّا لِعُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ غَيْرُ مَنْ خَطَبَ إلَّا إنْ حَصَلَ لِلْخَاطِبِ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ. . . إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ رُعَافٌ بِنَاءً لِأَحَدِهِمْ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَوَّلِيَّةِ إحْرَامِهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا. . . إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا فِي الْبَلَدِ بَلْ أَوَّلَ الشُّرُوعِ فِيهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ حُضُورِ كُلِّ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِ وَلَوْ حَصَلَ انْفِضَاضُ بَعْضِهِمْ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَبْقَ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا اثْنَا عَشَرَ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ح وَاَلَّذِي يَظْهَرُ. . . إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَمَتَى وُجِدَتْ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحَّ بِالْقَرْيَةِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَلَوْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ جَمَاعَةٌ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ ثُمَّ سَافَرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ فَإِنْ سَافَرُوا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ سَقَطَتْ الْجُمُعَةُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ سَافَرُوا بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ أَيْ حَيْثُ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ وَالْإِمَامَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا دُونَ ذَلِكَ وَجَاءَ مَنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ مَا يَكْمُلُ بِهِ الْعِدَّةُ الْمَطْلُوبَةُ وَلَوْ جَاءَ عَلَى الْعَوْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُمْ بِهِمْ الِاسْتِعَانَةُ حَيْثُ اسْتَعَانُوا بِهِمْ وَيَحْصُلُ بِهِمْ كَفُّ الْأَذَى مِمَّنْ يُرِيدُهُمْ رَهْبَةً مِمَّنْ بِالْمَحَلِّ الْقَرِيبِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ. . . إلَخْ) فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ غَيْرَ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي بِأَنْ تَفَرَّقُوا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثِ فَتُحْمَلُ الْأَوَّلِيَّةُ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَوَّلِيَّةِ إقَامَتِهَا وَوُجُوبُهَا عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ وَخِطَابُهُمْ بِهَا أَيْ شَرْطُ خِطَابِهِمْ بِهَا أَوَّلَ أَمْرِهِمْ كَوْنُهُمْ مِمَّنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي حَاضِرِهَا فَمَعْنَى: وَإِلَّا عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَالْخِطَابِ بَلْ وَقْتَ الْحُضُورِ فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ. (قَوْلُهُ بِإِمَامٍ مُقِيمٍ) وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي الْإِمَامِ الْإِقَامَةُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الِاسْتِيطَانُ كَمَا اُشْتُرِطَ فِي جَمَاعَتِهَا؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْخَلِيفَةِ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَامَةُ (قَوْلُهُ: بِمَحَلٍّ نَوَى إلَخْ) أَيْ نَوَى لَا لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ فَقَطْ فَتَصِحُّ وَلَوْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ طُرُوِّ عُذْرٍ بَعْدَهَا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ إلَّا الْخَلِيفَةَ) أَيْ الْمُسَافِرَ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَدِمَ بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ فَلَا يُقِيمُهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ حَضَرُوا لَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِحْرَامِ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ تَبْطُلُ وَيُصَلِّي هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ تَصِحُّ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ تَقْتَضِي. . . إلَخْ) ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِمَامَ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ إلَّا أَنْ يَمُرَّ بِمَدِينَةٍ فِي عَمَلِهِ أَوْ بِقَرْيَةٍ تُجْمَعُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَيَجْمَعُ بِأَهْلِهَا وَمَنْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَافَقَ الْجُمُعَةَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا خَلْفَ عَامِلِهِ اهـ. فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْخَلِيفَةُ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ غَيْرَهُ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ وَأَيْضًا قَوْلُهُ: فِي كُلِّ أَمِيرٍ لَا يَظْهَرُ مَعَ كَوْنِهَا فِي الْخَلِيفَةِ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَلْيَجْمَعْ بِهِمْ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَلِيفَةِ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَلِيفَةِ السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ بَلْ كُلَّ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآنَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ الْآنَ كَالْقَاضِي لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ وَالصَّلَاةُ مِنْ السُّلْطَانِ بَلْ مَا جَعَلَ لَهُمْ السُّلْطَانُ إلَّا الْحُكْمَ فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ. . . إلَخْ إنَّمَا يَكُونُ فِي نَحْوِ الْقَاضِي وَالْبَاشَا وَأَمَّا السُّلْطَانُ فَمِنْ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ وَالصَّلَاةَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ) وَصْفٌ ثَانٍ لِإِمَامٍ أَيْ إمَامٍ مُقِيمٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ (قَوْلُهُ: لِعُذْرٍ) أَيْ حَصَلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ احْتِرَازًا مِنْ عُذْرٍ حَصَلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَيَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ قَدْرُ مَا يُدْرِكُونَهَا جُمُعَةً إنْ قَدَرُوا عَلَى الْجَمْعِ دُونَهُ وَإِلَى مَا يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يُصَلُّونَ بِهِ الظُّهْرَ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْجَمْعِ دُونَهُ وَيُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 أَوْ جُنَّ أَوْ نَحْوِهِمَا فَهُوَ وَصْفٌ ثَانٍ لِلْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ تَقَعَ بِإِمَامٍ مُقِيمٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ فَلَا يُصَلِّي غَيْرُهُ إلَّا لِعُذْرٍ (ص) وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ وَلَا يَنْتَظِرُوهُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ عَرَضَ بَيْنَهُمَا عُذْرٌ وَيَزُولُ عَنْ قُرْبٍ فَفِي اسْتِخْلَافِهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ الِاسْتِخْلَافِ وَوُجُوبُ انْتِظَارِهِ وَهُوَ لِابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ انْتَهَى وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِسَحْنُونٍ قَالَ بَعْضٌ وَعَزَاهُ سَنَدٌ لِلْجَلَّابِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُوَازِيَةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَكَانَ صَاحِبُ الطِّرَازِ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْكَدُوفِ فِي الْوَافِي فَلِذَلِكَ صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ وَيَسْتَخْلِفُ أَوْ يَسْتَخْلِفُونَ قَرُبَ الْعُذْرُ أَوْ بَعُدَ اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْرُبْ لَا يَجِبُ انْتِظَارُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِخْلَافُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَالْقُرْبُ قَدْرُ أُولَتَيِ الرُّبَاعِيَّةِ وَقِرَاءَتِهِمَا (ص) وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ (ش) هُوَ أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ أَيْ وَمَنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ الْخُطْبَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ تَرَكَهُمَا، أَوْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَصِحَّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِسُنِّيَّتِهِمَا وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَحْدَهَا وَفِي أَبِي دَاوُد كَانَتْ الْخُطْبَةُ بَعْدُ وَإِنَّمَا رُدَّتْ قَبْلُ مِنْ حِينِ انْفَضُّوا (ص) مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً (ش) أَيْ وَالْمُجْزِئُ مِنْ الْخُطْبَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ تَكُونَ مُتَّصِفَةً بِمَا ذُكِرَ ابْنُ بَزِيزَةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ مُسَجَّعٌ يُخَالِفُ النَّظْمَ وَالنَّثْرَ يَشْتَمِلُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّذْكِرَةِ فَإِنْ هَلَّلَ وَكَبَّرَ لَمْ يَجْزِهِ وَفِي قَوْلِهِ مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً إشْعَارٌ بِأَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إذْ غَيْرُهَا لَا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي (ص) تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حُضُورُ الْخُطْبَتَيْنِ مُسْتَمِعِينَ لَهُمَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ شَرْطِهِمَا اتِّصَالُهُمَا بِالصَّلَاةِ وَاسْتِمَاعُهُمَا فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْجَمَاعَةِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ سَنَدٍ فَلَوْ فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ خَطَبَ وَإِلَّا انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ وَعَبَّرَ هُنَا بِالْحُضُورِ دُونَ السَّمَاعِ وَعَبَّرَ فِي بَابِ   [حاشية العدوي] لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ الْجَمْعُ تَشْبِيهًا لَهُمْ بِمَنْ فَاتَتْهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا) فَإِنْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافِ أَحَدٍ صَحَّتْ (قَوْلُهُ تَفْسِيرًا) أَيْ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ بِأَنْ تُحْمَلَ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى حَالَةِ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِخْلَافُ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَدْبِهِ فَهُوَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَالْقُرْبُ قَدْرَ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ) اُنْظُرْ هَلْ الْعَصْرُ أَوْ الظُّهْرُ أَوْ الْعِشَاءُ، وَالظَّاهِرُ الْعِشَاءُ. (قَوْلُهُ: وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَا فِي الْمَسْجِدِ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُمَا عَلَى الْمِنْبَرِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ) مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ أَقَلُّهُ حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ وَقُرْآنٌ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنِ مُسْتَحَبٌّ وَسَيَأْتِي يُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِاسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلصَّحْبِ فَبِدْعَةٌ مُسْتَحْسَنَةٌ، وَأَمَّا ذِكْرُ السَّلَاطِينِ وَالدُّعَاءُ لَهُمْ فَبِدْعَةٌ لَكِنْ بَعْدَ إحْدَاثِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ فِي الْخُطَبِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ بِحَيْثُ يُخْشَى عَلَى الْخَطِيبِ غَوَائِلُهُ وَلَا تُؤْمَنُ عَاقِبَتُهُ صَارَ رَاجِحًا أَوْ وَاجِبًا مَا لَمْ يَكُنْ مُجَاوَزَةً فِي وَصْفِهِ إذْ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بِصَلَاحِ السَّلَاطِينِ (قَوْلُهُ: مُسَجَّعٍ) فَإِنْ أَتَى بِكَلَامٍ نَثْرٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعِيدُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَيَجْزِي بَعْدَهَا وَهَلْ كَذَا إذَا كَانَتْ نَظْمًا أَوْ يُقَالُ إنَّ النَّظْمَ قَرِيبٌ مِنْ السَّجْعِ؟ حَرِّرْ. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ) فَوُقُوعُهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَغْوٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَمَاعَةِ مَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَالْخَطِيبُ يَعْرِفُهَا وَجَبَتْ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْخَطِيبُ عَرَبِيَّةً لَمْ تَجِبْ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ جَهْرًا فَإِسْرَارُهَا كَعَدَمِهَا وَتُعَادُ جَهْرًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا لَهَا بَالٌ، وَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى لَكَفَى كَمَا أَفَادَهُ فِي ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْكَانَهَا ثَلَاثَةٌ كَلَامٌ مُسَجَّعٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَحْذِيرٍ وَتَبْشِيرٍ وَكَوْنُهَا بِالْعَرَبِيِّ وَكَوْنُهَا جَهْرًا فَإِسْرَارُهَا كَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ) الْأَنْسَبُ جَعْلُ الْجُمْلَةِ حَالًا؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ خُصِّصَتْ. (قَوْلُهُ: الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ) قَالَ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَتَيْنِ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ زَادُوا عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَفَرْضُ عَيْنٍ إنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَمِعِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِمَاعَ هُوَ الْإِصْغَاءُ وَاَلَّذِي مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ الْحُضُورُ لَا الْإِصْغَاءُ فَمَتَى حَصَلَ الْحُضُورُ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إصْغَاءٌ؛ إذْ لَوْ تَمَّ ذَلِكَ لَمَا كَانَ فَرْقٌ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ فَإِنَّهُ فِي الْعِيدِ عَبَّرَ بِالسَّمَاعِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاسْتِمَاعُ فَالْأَحْسَنُ آخِرُ الْعِبَارَةِ الْمُفِيدُ أَنَّ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ الْحُضُورُ فَقَطْ بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ الِاسْتِمَاعُ وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ الْحُضُورُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَمِعُوا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ بِالِاسْتِمَاعِ بَعْدُ لَا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى كَوْنِهَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرَى كَمَا أَفْصَحَ بِهِ شب (قَوْلُهُ تَنْعَقِدُ بِهِمْ) هَذَا مَحَلُّ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ هُنَا بِالْحُضُورِ. . . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالْحُضُورِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْحُضُورِ وَلَوْ لَمْ يُصْغِ بِأَنْ اشْتَغَلَ فِي قَلْبِهِ بِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 الْعِيدَيْنِ بِالسَّمَاعِ حَيْثُ قَالَ وَسَمَاعُهُمَا فَأَفْهَمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَمَاعُ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْوَاجِبُ الْحُضُورُ فِي الْجَامِعِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْعِيدَيْنِ السَّمَاعُ وَلَا يَكْفِي فِي الِاسْتِحْبَابِ الْحُضُورُ فِي الْجَامِعِ (ص) وَاسْتَقْبَلَهُ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ (ش) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ اسْتِقْبَالَ الْإِمَامِ بِوُجُوهِهِمْ عَلَى أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَسْمَعُهُ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ وَمَنْ يَرَاهُ وَمَنْ لَا يَرَاهُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُ مَنْ هُوَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِانْتِقَالِهِمْ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيتَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ وَخِلَافَ نَصِّ الْمُوَطَّأِ؛ لِقَوْلِهِ فِيهِ مَنْ يَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرِهَا اهـ. (ص) وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لِلْخُطْبَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ كَمَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَسُنِّيَّتِهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَكْثَرِ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ مَعَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: السُّنَّةُ الْقِيَامُ فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ (ص) وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ الْحَرَّ الذَّكَرَ بِلَا عُذْرٍ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصِّحَّةِ - وَهِيَ عَلَى مَا تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ خَمْسَةٌ - شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهِيَ أَيْضًا خَمْسَةٌ فَمَتَى وُجِدَتْ لَزِمَتْ وَوَجَبَ إثْمُ تَارِكِهَا وَعُقُوبَتُهُ وَهَلْ يَفْسُقُ بِتَرْكِهَا وَلَوْ مَرَّةً، أَوْ ثَلَاثًا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ وَلَزِمَتْ إلَخْ أَيْ وَلَزِمَتْ الْجُمُعَةُ عَيْنًا الْمُكَلَّفَ وَلَوْ كَافِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَهَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْجُمُعَةِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ فِي شُرُوطِهَا بَلْ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِتَتْمِيمِ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِهَا وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: الْحُرُّ لَا الرَّقِيقُ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ وَلَوْ أَذِنَ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِوُجُودِ بَدَلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَظَاهِرُ هَذَا الشَّرْطِ وَمَا بَعْدَهُ نَفْيُ الْوُجُوبِ عَنْ أَضْدَادِهَا عَيْنًا وَتَخْيِيرًا وَإِنَّمَا تُجْزِئُ حَاضِرَهَا مِنْهُمْ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ وَلِلْقَرَافِيِّ هُنَا كَلَامٌ اُنْظُرْهُ وَرَدَّهُ فِي شَرْحِنَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِالسَّمَاعِ) أَيْ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِصْغَاءِ كَمَا يَقُولُ حَضَرَهَا مُتَفَكِّرًا فِي أَمْرٍ فَلَمْ يَأْتِ بِالْمُسْتَحَبِّ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحُضُورِ وَعَدَمِ وُجُودِ مَا يَشْغَلُ مِنْ كِتَابَةٍ وَقِرَاءَةٍ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَقْبَلَهُ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ) أَيْ عِنْدَ نُطْقِهِ بِالْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَهَا) فِي عب أَنَّ غَيْرَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ يَسْتَقْبِلُونَ ذَاتَه وَجِهَتَهُ، وَأَمَّا الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَيَسْتَقْبِلُ جِهَتَهُ لَا ذَاتَهُ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ فِي اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا أَعْرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تُسْتَقْبَلُ ذَاتُهُ أَوْ تَكْفِي الْجِهَةُ أَقُولُ وَفِي كَلَامِ عج مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ تُسْتَقْبَلُ ذَاتُهُ فَيُغَيِّرُونَ جِلْسَتَهُمْ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِبْلَةِ بَلْ التِّلِمْسَانِيُّ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِقْبَالُ الذَّاتِ هَذَا، وَالْقَوْلُ الْقَوِيُّ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَمَا تُفِيدُهُ النُّقُولُ بَلْ سُنَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُوَطَّأُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ بِالِاسْتِحْبَابِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: لِلْأَكْثَرِ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ أَيْ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ر قَوْلُهُ: وَابْنُ الْعَرَبِيِّ رَاجِعٌ لِلسُّنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَعْطِفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مَعَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَهُ لِتَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَسَاءَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ الْحُرْمَةَ، وَحُرِّرَ، وَإِذَا كَانَ الْمَازِرِيُّ مُوَافِقًا لِلْأَكْثَرِ فَأَيُّ دَاعٍ لِانْفِرَادِهِ وَهَلَّا اكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَكْثَرِ عَنْهُ وَيَكُونُ مُنْدَرِجًا فِيهِمْ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَجِلَّةِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ اشْتَهَرَ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ أَوْ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ لَا قَوْلُ الْأَقَلِّ، وَكَانَ قَدْ اخْتَارَهُ وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الْقَصَّارِ بِعَطْفِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ؛ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِ الْقَوْلِ اشْتَهَرَ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. (قَوْلُهُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ بَلْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي ك وَنَصُّهُ: وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ، وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا كَسَلًا لَا يُقْتَلُ وَلَيْسَتْ كَالظُّهْرِ يُؤَخَّرُ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ قَالَ سَحْنُونَ وَلَا يُجْرَحُ إلَّا مَنْ تَرَكَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بِلَا عُذْرٍ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّ تَرْكَ الْفَرِيضَةِ مَرَّةً وَثَلَاثًا سَوَاءٌ فِي الْعِصْيَانِ وَتَعَدِّي الْحُدُودِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا مَرَّةً ابْنُ رُشْدٍ، وَقَوْلُ سَحْنُونَ بِاشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ أَظْهَرُ إذْ لَا يَسْلَمُ الْمُسْلِمُ مِنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْرَحَ الْعَدْلُ بِمَا دُونَ الْكَبَائِرِ إلَّا أَنْ تَكْثُرَ مِنْهُ فَيُعْلَمَ تَهَاوُنُهُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الصَّغَائِرِ، وَلَا يُفَسَّقُ إلَّا بِتَرْكِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ (قَوْلُهُ: لِتَتْمِيمِ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِهَا) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجُمُعَةِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: عَيْنًا وَتَخْيِيرًا) أَيْ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْأَضْدَادِ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً تَخْيِيرًا بِأَنْ نَقُولَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْجُمُعَةُ وَالظُّهْرُ كَالْكَفَّارَةِ الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأُمُورِ (فَإِنْ قُلْتَ) إنَّ كَلَامَهُ لَا يُفْهِمُ إلَّا نَفْيَ الْوُجُوبِ عَنْ أَضْدَادِهَا عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَلَزِمَتْ الْحُرَّ. . . إلَخْ أَيْ عَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْعَبْدِ فَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عَيْنًا فَكَيْفَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَيْ لَزِمَتْ الْحُرَّ لَا الْعَبْدَ فَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الْإِطْلَاقُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْوُجُوبِ الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: وَلِلْقَرَافِيِّ هُنَا كَلَامٌ. . . إلَخْ) وَنَصُّهُ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ اللُّزُومِ الْعَيْنِيِّ وَبَقَاءُ الْوُجُوبِ الْمُخَيَّرِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مَثَلًا إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ وَالْخِيَرَةُ لَهُ فِي التَّعْيِينِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالتَّعْيِينِ فَقَطْ، وَالْحُرُّ مَفْرُوضٌ عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ إجْزَاءِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ وَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ اهـ. وَالظُّهْرُ وَالْجُمُعَةُ لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ إذْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ لَا الْجُمُعَةُ إذْ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِهَا بِخِلَافِ الظُّهْرِ أَقُولُ: وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِ أَحَدِ أَفْرَادِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 الْكَبِيرَ الذَّكَرَ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَإِنْ حَضَرَتْهَا أَجْزَأَتْهَا إجْمَاعًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ إلَى أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ إنَّمَا تَكُونُ مُوجِبَةً لِلْجُمُعَةِ حَيْثُ انْتَفَى الْعُذْرُ، وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا وَسَتَأْتِي الْأَعْذَارُ الْمُسْقِطَةُ لَهَا (ص) الْمُتَوَطِّنَ (ش) هُوَ أَيْضًا مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهَا الِاسْتِيطَانُ بِبَلَدٍ يُتَوَطَّنُ فِيهِ وَيَكُونُ مَحَلًّا لِلْإِقَامَةِ يُمْكِنُ الثَّوَاءُ فِيهِ وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُ مِنْ الْمَنَارِ سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ لَا وَلَوْ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ سِتَّةٍ بِإِجْمَاعٍ فَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ وَلَا مُقِيمٍ وَلَوْ نَوَى إقَامَةً زَمَنًا طَوِيلًا إلَّا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ الْمُتَوَطِّنَ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا بِاسْتِيطَانٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) وَإِنْ بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ بِكَفَرْسَخٍ (ش) أَيْ تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَوْطِنِ وَإِنْ كَانَ تَوَطُّنُهُ بِقَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمَا قَارَبَهَا مِنْ رُبْعِ مِيلٍ أَوْ ثُلُثِهِ وَابْتِدَاءُ الْفَرْسَخِ (مِنْ الْمَنَارِ) وَانْظُرْ لَوْ تَعَدَّدَ الْمَنَارُ هَلْ الْمُعْتَبَرُ الْمَنَارُ الَّذِي يُصَلِّي فِي جَامِعِهِ مَنْ يَسْعَى، أَوْ الْمُعْتَبَرُ الْمَنَارُ الَّذِي فِي وَسَطِ الْبَلَدِ (ص) كَأَنْ أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ النِّدَاءَ قَبْلَهُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْجُمُعَةِ لِلنَّائِي بِالْفَرْسَخِ وَالْمُسَافِرَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالنِّدَاءُ بِكَسْرِ النُّونِ وَقَدْ تُضَمُّ بِالْمَدِّ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَذَانُ الثَّانِي وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مُسْتَوْطِنٌ بِهَا وَأَدْرَكَهُ النِّدَاءُ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ فَرْسَخٍ وَكَانَ يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً إنْ رَجَعَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَمْلِ الْمُسَافِرِ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ السَّفَرَ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ وَطَنِهِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ، وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ بِبَلَدِ إقَامَةٍ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهَا وَسَمِعَ النِّدَاءَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْفَرْسَخِ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِالرُّجُوعِ (ص) أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَدِمَ (ش) عَطَفَ عَلَى أَدْرَكَ يُرِيدُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ فَذًّا، أَوْ صَلَّاهَا مَعَ الْعَصْرِ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ وَطَنَهُ، أَوْ غَيْرَهُ نَاوِيًا إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ فَيَجِدُ النَّاسَ لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ لِتَبَيُّنِ اسْتِعْجَالِهِ (ص) ، أَوْ بَلَغَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ تَمَامِ فِعْلِ الْجُمُعَةِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ لِأَنَّ مَا أَوْقَعَهُ نَفْلٌ وَبِالْبُلُوغِ خُوطِبَ بِهِ (ص) ، أَوْ زَالَ عُذْرُهُ (ش) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَدْرَكَ أَيْ وَكَانَ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمُصَلِّي وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ لِعُذْرٍ مِنْ سِجْنٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ رِقٍّ، ثُمَّ زَالَ   [حاشية العدوي] الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ فَتَدَبَّرْ. (فَائِدَةٌ) إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَدُونَ رَكْعَةٍ أَتَمَّهَا ظُهْرًا (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ بِهِ الْعُذْرُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحْضُرَهَا. (قَوْلُهُ: الثَّوَاءُ) بِالْمُثَلَّثَةِ، وَأَمَّا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَهُوَ الْهَلَاكُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَعَادَ. . إلَخْ) فِيهِ تَنَافٍ؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ تُبْعِدُ التَّكْرَارَ؛ لِأَنَّ بِالْمُبَالَغَةِ يَكُونُ هَذَا أَعَمَّ مِنْ الَّذِي تَقَدَّمَ وَدَفَعَ التَّكْرَارَ عب بِجَعْلِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ النَّائِيَةِ بِأَقَلَّ مِنْ كَفَرْسَخٍ وَلِذَا قَرَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ خِلَافَ شَارِحِنَا وَأَنَّ الصَّوَابَ لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ الْمُتَقَدِّمَ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ اسْتِيطَانُ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَلِذَا قِيلَ هُنَاكَ أَنَّ التَّنْوِينَ فِي قَوْلِهِ بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ اسْتِيطَانِ بَلَدِهَا، وَأَمَّا الِاسْتِيطَانُ الَّذِي ذُكِرَ هُنَا فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ الْمُتَوَطِّنُ فَهُوَ اسْتِيطَانُ بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهَا بَلْ خَارِجٌ عَنْ بَلَدِهَا وَلَكِنْ دَاخِلٌ كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ فَهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ. وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: الْمُتَوَطِّنُ هُوَ الْمُسْتَوْطِنُ السَّابِقُ وَأَعَادَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ بِاعْتِبَارِ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ وَالْمُتَوَطِّنُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُتَوَطِّنُ بِالْفِعْلِ فَهُنَاكَ عَزْمٌ وَهُنَا فِعْلٌ (قَوْلُهُ: مِنْ رُبْعِ مِيلٍ أَوْ ثُلُثِهِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَشْهَدُهَا مَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ أَزْيَدَ يَسِيرًا مِنْ الْمَدِينَةِ ابْنُ نَاجِي فَسَّرَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَغْرِبِيُّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ بِرُبْعِ مِيلٍ وَثُلُثِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ تَحْقِيقًا لِلثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ اهـ. أَقُولُ قَضِيَّتُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى طَرَفِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ مُفَادُ مَا نَقَلَهُ عب عَنْ عج فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ أَدْرَكَ. . . إلَخْ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا قَرَّرَ بِهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى حَالَ كَوْنِهَا فِي كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْقَرْيَةُ دَاخِلَةً فِي كَفَرْسَخٍ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى طَرَفِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، غَيْرُ مُرْتَضًى كَلَامُ عج (تَنْبِيهٌ) : يُرَاعَى شَخْصُهُ لَا مَسْكَنُهُ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ مَسْكَنِهِ الدَّاخِلِ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فَأَخَذَهُ الْوَقْتُ خَارِجَهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَتَجِبُ عَلَى مَنْ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الثَّلَاثَةِ وَأَخَذَهُ الْوَقْتُ دَاخِلَهَا وَخَالَفَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي الثَّانِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا دَخَلَ مُقِيمًا لَا مُجْتَازًا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُعْتَبَرُ الْمَنَارُ الَّذِي فِي وَسَطِ الْبَلَدِ. . . إلَخْ) فِي شَرْحِ شب مِنْ الْمَنَارِ الَّذِي فِي طَرَفِ الْبَلَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدِهِ أَوْ وَطَنِهِ) الْبَلَدُ غَيْرُ الْوَطَنِ؛ لِأَنَّ الْوَطَنَ هُوَ مَا سَكَنَ فِيهِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالْبَلَدُ مَا كَانَ مَنْشَأً لَهُ وَلِأَصْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْفَرْسَخِ) أَيْ لَا قَبْلَ كَفَرْسَخٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِصِدْقِهِ بِالرُّجُوعِ حَيْثُ أَدْرَكَهُ النِّدَاءُ فِي مَسَافَةٍ قَدْرَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ الرُّجُوعِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَجَعَلَ شب أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ أَحْمَدَ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ قَالَ عج: وَقَدْ يُقَالُ مَنْ أَدْرَكَهُ النِّدَاءُ بَعْدَ الْفَرْسَخِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ رُبْعِ الْمِيلِ أَوْ ثُلُثِهِ كَالسَّاكِنِ بِمَحَلٍّ كَذَلِكَ أَوْ أَوْلَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ. إلَخْ) فَإِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ يُعِيدُ الْعَصْرَ اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ نَاسِيًا اهـ. فَإِنْ لَمْ يُعِدْهَا مَعَهُمْ فَهَلْ يُعِيدُهَا ظُهْرًا قَضَاءً عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ إعَادَتِهَا جُمُعَةً أَوْ لَا لِتَقَدُّمِ صَلَاتِهِ لَهَا قَبْلَ لُزُومِهَا لَهُ جُمُعَةً وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي: وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى. . . إلَخْ الثَّانِي لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ الَّذِي أَوْقَعَهَا بِهِ (قَوْلُهُ وَيَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ بَلَغَ) مَفْهُومُهُ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ بَلَغَ وَوَجَدَ جُمُعَةً أُخْرَى فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جُمُعَةً أُخْرَى صَلَّاهَا ظُهْرًا (قَوْلُهُ: أَوْ زَالَ عُذْرُهُ) اُنْظُرْ مَنْ صَلَّى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 عُذْرُهُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِأَنْ خُلِّيَ سَبِيلُ الْمَسْجُونِ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ، أَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ أَسْفَرَتْ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا وَعَطَفَهُمَا الْبِسَاطِيُّ عَلَى قَدِمَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الضَّمِيرِ (ص) لَا بِالْإِقَامَةِ إلَّا تَبَعًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَزِمَتْ بِالِاسْتِيطَانِ لَا بِالْإِقَامَةِ أَيْ مَنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَتِمُّ الْعَدَدُ إلَّا بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَلَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ وَأَمَّا إمَامَتُهُ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَلَاقٍ وَهُوَ الْبَيِّنُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَجَزَمَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ (ص) وَنُدِبَ تَحْسِينُ هَيْئَةٍ وَجَمِيلُ ثِيَابٍ وَطِيبٌ وَمَشْيٌ وَتَهْجِيرٌ وَإِقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ مُطْلَقًا لِوَقْتِهَا وَسَلَامُ خَطِيبٍ لِخُرُوجِهِ لَا صُعُودِهِ وَجُلُوسُهُ أَوَّلًا وَبَيْنَهُمَا وَتَقْصِيرُهُمَا وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ وَرَفْعُ صَوْتِهِ وَاسْتِخْلَافُهُ لِعُذْرٍ حَاضِرَهَا وَقِرَاءَةٌ فِيهِمَا وَخَتْمُ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأَجْزَأَ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ وَتَوَكُّؤٌ عَلَى كَقَوْسٍ وَقِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لِمَسْبُوقٍ وَهَلْ أَتَاك وَجَازَ بِالثَّانِيَةِ سَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ وَحُضُورُ مُكَاتَبٍ وَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا (ش) هَذِهِ مُسْتَحَبَّاتٌ لِلْجُمُعَةِ مِنْهَا تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ لِمُرِيدِ حُضُورِهَا مِنْ قَصِّ شَارِبٍ وَظُفْرٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَسِوَاكٍ وَنَحْوِهَا لِمَنْ كَانَ لَهُ أَظْفَارٌ تَحْتَاجُ إلَى الْقَصِّ وَشَارِبٌ يَحْتَاجُ إلَى الْقَصِّ، أَوْ يَكُونُ لَهُ شَعْرُ عَانَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَهَا بِأَنْ كَانَتْ هَيْئَتُهُ حَسَنَةً فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا التَّحْسِينُ إذْ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ وَمِنْهَا لُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ شَرْعًا وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمِيلَةِ فِيهِ الْجَمِيلَةُ عِنْدَ النَّاسِ وَمِنْهَا التَّطَيُّبُ بِأَيِّ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ وَلَوْ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّسَاءِ وَمِنْهَا الْمَشْيُ فِي غَدْوَةٍ لِلْجُمُعَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَمِنْهَا التَّهْجِيرُ وَهُوَ الرَّوَاحُ فِي الْهَاجِرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَخِيفَةُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْمُرَادُ بِالْهَاجِرَةِ الْإِتْيَانُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَالْمُرَادُ بِالسَّاعَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» أَجْزَاءَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَشَهَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ خِلَافًا لِاخْتِيَارِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ   [حاشية العدوي] الْجُمُعَةَ بِمَحَلِّ إقَامَةٍ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ تَبَعًا ثُمَّ قَدِمَ وَطَنَهُ قَبْلَ إقَامَتِهَا فِيهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا (قَوْلُهُ أَسْفَرَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظْرِ عَنْ الضَّمِيرِ) أَيْ الَّذِي فِي قَدِمَ أَيْ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ قَدِمَ لِلْمُسَافِرِ وَالضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ زَالَ عُذْرُهُ لِمَنْ قَامَ بِهِ الْعُذْرُ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَلَّى عَائِدٌ عَلَى الْمُصَلِّي الْمُطْلَقِ، وَيُصْرَفُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ لِمَا يُنَاسِبُ بِأَنْ تَقُولَ ثُمَّ قَدِمَ أَيْ الْمُسَافِرُ وَقَوْلُهُ أَوْ زَالَ عُذْرُهُ أَيْ عُذْرُ ذِي الْعُذْرِ. (قَوْلُهُ: وَجَمِيلُ ثِيَابٍ) أَيْ وَلُبْسُ جَمِيلِ ثِيَابٍ وَقَوْلُهُ وَطِيبٌ أَيْ وَاسْتِعْمَالُ طِيبٍ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ) أَيْ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِالثَّانِيَةِ) أَيْ وَجَازَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ بِسَبِّحْ الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ سَبِّحْ بِدُونِ بَاءٍ (قَوْلُهُ وَسِوَاكٌ) أَيْ مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ مِنْ تَحْسِينِ الْهَيْئَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَنْظِيفَ الْفَمِ مِنْ اللُّزُوجَاتِ، وَقَدْ يَجِبُ إنْ أَكَلَ كَثُومٍ يَوْمَهَا وَتَوَقَّفَتْ إزَالَةُ رَائِحَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُزِلْهَا سَقَطَ حُضُورُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ لَهُ شَعْرُ عَانَةٍ) هَذَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَلُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَمِيلُ ثِيَابٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ) يَقْتَضِي أَنَّ الْجَمِيلَ شَرْعًا يَكُونُ أَبْيَضَ وَغَيْرَ أَبْيَضَ إلَّا أَنَّ الْأَبْيَضَ أَفْضَلُ وَفِيهِ شَيْءٌ بَلْ الْجَمِيلُ شَرْعًا هُوَ الْأَبْيَضُ خَاصَّةً وَإِنْ عَتِيقًا بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ بِمَعْنَى ذُو الْبَيَاضِ (قَوْلُهُ: الْجَمِيلَةُ عِنْدَ النَّاسِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَلَوْ أَسْوَدَ فَالثِّيَابُ الْجَمِيلَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ بِخِلَافِ الْعِيدِ فَلِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ لَبِسَ الْجَدِيدَ غَيْرَ الْأَبْيَضِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَالْأَبْيَضَ بَعْدَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ) أَيْ كَالْمِسْكِ وَالْمُذَكَّرِ كَالْوَرْدِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ) الْقَبْلِيَّةُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ مَا قَبْلَهُ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا طُلِبَ الطِّيبُ وَالسِّوَاكُ يَوْمَهَا لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَكُونُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَرُبَّمَا صَافَحُوهُ أَوْ لَمَسُوهُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ» (قَوْلُهُ: وَمَشَى فِي ذَهَابِهِ) إذْ هُوَ عَبْدٌ ذَاهِبٌ إلَى مَوْلَاهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّوَاضُعَ لَهُ لِيَكُونَ سَبَبًا لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ بِقَبُولِهِ صَلَاتَهُ وَدُعَاءَهُ، وَأَمَّا فِي الرُّجُوعِ فَلَا يُطَالَبُ بِالْمَشْيِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ قَدْ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ: مَنْ اغْبَرَّتْ) أَيْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ وَشَأْنُ الْمَشْيِ الِاغْبِرَارُ وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُ الِاغْبِرَارِ فِيمَنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبٌ وَاغْبِرَارُ قَدَمَيْ الرَّاكِبِ نَادِرٌ أَوْ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ ذَلِكَ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ نَقْضًا (قَوْلُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) أَيْ كَانَ سَبَبًا بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَاصِدًا امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ كَانَ سَبَبًا فِي عَفْوِ اللَّهِ عَنْ ذُنُوبِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ أَوْ عَفْوُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَخِيفَةَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ) أَيْ أَوْ السُّمْعَةِ فَالْأَوَّلُ فِيمَنْ يَرَاهُ وَالثَّانِي فِيمَنْ يَسْمَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: غُسْلَ الْجَنَابَةِ) أَيْ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: أَجْزَاءَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. . . إلَخْ) خَبَرٌ الْمُرَادُ لَا السَّاعَاتُ الْمُتَعَارَفَةُ الْمُنْقَسِمَةُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (فَإِنْ قُلْتَ) : حَمْلُ السَّاعَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَجْزَاءِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ مَجَازٌ فَلَا قَرِينَةَ وَحَمْلُهَا عَلَى سَاعَاتِ النَّهَارِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ حَمْلٌ لَهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَجَازَ لَازِمٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 أَنَّهُ تَقْسِيمٌ لِلسَّاعَةِ السَّابِعَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ مَنْ فِي السُّوقِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ لِئَلَّا يَشْغَلَ مَنْ تَلْزَمُهُ أَوْ يَسْتَبِدَّ بِالْأَرْبَاحِ، ثُمَّ إنَّ اللَّامَ فِي لِوَقْتِهَا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيلَ وَالظَّرْفِيَّةَ أَيْ لِأَجْلِ وَقْتِهَا، أَوْ عِنْدَهُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ فَالْإِقَامَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَمَّا قِيَامُ مَنْ تَلْزَمُهُ إذَا خَشَى فَوَاتَهَا فَهُوَ وَاجِبٌ وَالنَّفَلُ كَذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِ: إقَامَةٍ بِمَعْنَى قِيَامٍ، أَوْ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُنْصَبٌّ عَلَى مُطْلَقًا أَيْ عَلَى الْمَجْمُوعِ اهـ. وَوَقْتُهَا هُوَ الْأَذَانُ الثَّانِي وَمِنْهَا سَلَامُ الْإِمَامِ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى النَّاسِ لِرُقِيِّ الْمِنْبَرِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ السَّلَامِ سُنَّةً وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ السَّلَامَ لِانْتِهَاءِ صُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَوْ كَانَ كَمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِعَدَمِ خَبَرِ صَحِيحٍ بِهِ فَالِاسْتِحْبَابُ مُتَعَلِّقٌ بِوُقُوعِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لَا بِأَصْلِ فِعْلِهِ فَاللَّامُ فِي لِخُرُوجِهِ بِمَعْنَى عِنْدَ، وَمِنْهَا جُلُوسُ الْخَطِيبِ بِأَثَرِ صُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِفَرَاغِ الْأَذَانِ وَكَذَلِكَ جُلُوسُهُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ لِلْفَصْلِ وَالِاسْتِرَاحَةِ مِنْ تَعَبِ الْقِيَامِ قَدْرَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] لَكِنَّ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا سُنَّةٌ اتِّفَاقًا وَأَنَّ الْجُلُوسَ فِي أَوَّلِهِمَا سُنَّةٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَمِنْهَا تَقْصِيرُ الْخُطْبَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يُخْرِجُهُمَا عَمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً وَتَقْصِيرُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى وَمِنْهَا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْخُطْبَةِ وَلِذَلِكَ اُسْتُحِبَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَكُونَ عَلَى مِنْبَرٍ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِسْمَاعِ وَمُرَادُهُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ زِيَادَةٌ عَلَى الْجَهْرِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إسْرَارُهَا كَعَدَمِهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ قَالَ فِيهَا وَأَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ وَكَذَا الْقَوْمُ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا حَاضِرَهَا فَقَوْلُهُ   [حاشية العدوي] عَلَى كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ حَمَلَ السَّاعَاتِ عَلَى سَاعَاتِ النَّهَارِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَالرَّوَاحَ عَلَى الْغُدُوِّ أَوَّلَ النَّهَارِ وَهُوَ مَجَازٌ، وَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الذَّهَابُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قُرْبَهُ وَالسَّاعَاتِ عَلَى أَجْزَاءِ السَّاعَةِ فَتَحَقَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي لَفْظِ السَّاعَاتِ وَتَجُوزُ فِي الرَّوَاحِ وَتَحَقَّقَ مَالِكٌ فِي الرَّوَاحِ وَتَجُوزُ فِي السَّاعَاتِ وَرَجَحَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] . . . الْآيَةُ، وَالنِّدَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبِالْعَمَلِ أَيْضًا وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ بَعْدَ الْكَبْشِ بَطَّةٌ ثُمَّ دَجَاجَةٌ ثُمَّ بَيْضَةٌ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ دَجَاجَةٌ ثُمَّ عُصْفُورٌ ثُمَّ بَيْضَةٌ وَإِسْنَادُهُمَا صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ السَّاعَاتُ سِتًّا وَفِي النَّوَوِيِّ شَرْحِ مُسْلِمٍ مَا نَصُّهُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ تُعْتَبَرُ السَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَذَا ذَكَرَهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ قَائِلًا إنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ السَّاعَاتِ عِنْدَهُمْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَطْ وَغَلِطَ مَنْ نَسَبَ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ فَقَطْ كَالْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ كِبَارِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَشْهُورٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ يَقَعَانِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِهِمْ وَالْهَاءُ فِيهِمَا لِلْوِحْدَةِ كَقَمْحَةٍ وَشَعِيرَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَالدَّجَاجَةُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: الدَّجَاجَةُ بِتَثْلِيثِ الدَّالِ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ ثُمَّ الْكَسْرُ وَإِطْلَاقُهُمْ فِي التَّهْجِيرِ يَشْمَلُ الْإِمَامَ. وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَةِ الْمُوَطَّأِ اسْتَنْبَطَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ» أَنَّ التَّبْكِيرَ لَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَالَ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ أَقْرَبِ أَبْوَابِهِ إلَى الْمِنْبَرِ وَالْمَاوَرْدِيُّ شَافِعِيٌّ فَلِذَا عَبَّرَ بِالتَّبْكِيرِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَوِزَانُهُ عَلَى مَذْهَبِنَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّهْجِيرُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضَرَتْ قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ فَقَالَ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُطْلَبُ خُرُوجُهُ أَوَّلَ السَّابِعَةِ وَبِخُرُوجِهِ تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَزْمِنَةٍ مِنْ السَّابِعَةِ فِي غَايَةِ الصِّغَرِ يَأْبَاهُ الْحَدِيثُ وَالْقَوَاعِدُ؛ لِأَنَّ الْبَدَنَةَ وَالْبَيْضَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ وَتَحَمُّلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا يَقْتَضِي هَذَا التَّفْصِيلُ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْحَدِيثِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَبِدُّ) أَيْ يَسْتَقِلُّ (قَوْلُهُ: فَالْإِقَامَةُ مُسْتَحَبَّةٌ) أَيْ كَوْنُهُ يُقِيمُ النَّاسَ أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يُقِيمَ رَجُلًا نَائِبًا عَنْهُ يُقِيمُ النَّاسَ مِنْ السُّوقِ وَقْتَهَا كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ السَّلَامِ. . . إلَخْ) أَيْ وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَرْمُونِيُّ عَلَى نَقْلِ عج، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَافِعِيًّا يَقُولُ بِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُسَلِّمُ الْخَطِيبُ وَالْمُؤَذِّنُ الَّذِي يُنَاوِلُهُ الْعَصَا إذَا دَخَلَ قَالَ بَعْضٌ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مُؤَذِّنٌ يُنَاوِلُهُ الْعَصَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ كَمَا دَخَلَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَ عَلَيْهَا فَالْكَافُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ خَبَرٍ صَحِيحٍ) قَصَدَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ كَمَا دَخَلَ فَلْيُسَلِّمْ إذَا جَلَسَ لِلْخُطْبَةِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ سَمِعَهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَرْكَعُ مَعَ النَّاسِ أَوْ لَا يَرْكَعُ لَمْ يُسَلِّمْ إذَا جَلَسَ لِلْخُطْبَةِ أَيْ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ كَانَ كَمَا دَخَلَ أَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مُحْدَثٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ اهـ. وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى وُرُودِ خَبَرٍ غَيْرِ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: لَا بِأَصْلِ فِعْلِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَصْلَ فِعْلِهِ السُّنِّيَّةُ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الْجُلُوسِ) أَيْ الْجُلُوسِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي فِيهِ اعْتِدَالٌ وَطُمَأْنِينَةٌ (قَوْلُهُ ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَرِيبٌ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ مُفَسِّرٌ لَهُ وَيُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِالْعَاطِفِ فِيهِ فَلَمْ يَقُلْ وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّقْلَ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَتَقْصِيرُ. . . إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَنْدُوبٌ آخَرُ وَكَذَا يُنْدَبُ تَقْصِيرُ صَلَاتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّخْفِيفَ لِكُلِّ إمَامٍ مُجْمَعٌ عَلَى نَدْبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ وَخَطَبَ الثَّانِي مِنْ انْتِهَاءِ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا ابْتَدَأَهَا كَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي عب. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَخْلِفُوا حَاضِرَهَا) قَالَ شب كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 حَاضِرَهَا هُوَ مَحَطُّ الِاسْتِحْبَابِ. وَأَمَّا الِاسْتِخْلَافُ مِنْ أَصْلِهِ فَوَاجِبٌ وَلَوْ قَالَ وَاسْتِخْلَافٌ إلَخْ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَتَيْنِ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي قِرَاءَةُ سُورَةٍ تَامَّةٍ فِي الْأُولَى مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ «وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ {فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] » وَمِنْهَا خَتْمُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأَجْزَأَ أَنْ يَأْتِيَ مَكَانَ ذَلِكَ قَوْلُهُ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْفَضْلِ وَتَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ بِالْإِجْزَاءِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَأَجْزَأَ فِي الِاسْتِحْبَابِ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ فِيهِ تَكَلُّفٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ الْآيَةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي خَتْمِهَا وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الْآيَةَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَ فِي الْخُطْبَةِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الْمَهْدِيُّ الْعَبَّاسِيُّ وَمِنْهَا أَنْ يَتَوَكَّأَ الْخَطِيبُ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى عَصًا، أَوْ قَوْسٍ غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ وَلَوْ خَطَبَ بِالْأَرْضِ وَيَكُونُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَفَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ خَوْفَ الْعَبَثِ بِمَسِّ لِحْيَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ كَوْنُ الْعَصَا غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ خَوْفَ سُقُوطِهِ بِخِلَافِ عُودِ الْمِنْبَرِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُرْسِلَهُ وَلَا يَسْقُطُ وَالْعَصَا أَوْلَى فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَالْقَوْسُ أَوْ السَّيْفُ وَلَوْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْعَصَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهِيَ الْأَصْلُ وَسَوَّى ابْنُ حَبِيبٍ بِهَا الْقَوْسَ. وَمِنْهَا قِرَاءَةُ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَوْ لِمَسْبُوقٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَوْلَ وَصِفَتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ بِ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَأَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا أَيْضًا بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] أَوْ الْمُنَافِقُونَ وَمِنْهَا حُضُورُ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَتَوَقَّفُ نَدْبُ حُضُورِهِ لِلْجُمُعَةِ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لِسُقُوطِ تَصَرُّفِهِ عَنْهُ بِالْكِتَابَةِ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ حُضُورُهَا لِلصَّبِيِّ أَذِنَ وَلِيُّهُ أَمْ لَا لِيَعْتَادَهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ حَيْثُ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْمُدَبَّرُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْحُضُورُ إنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ابْنُ يُونُسَ. . إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْ نَصِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قِرَاءَةٌ فِيهِمَا أَيْ فِي مَجْمُوعِهِمَا وَعِبَارَةُ شب وَاسْتَحَبَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ سُورَةً كَامِلَةً فِي الْأُولَى مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ فَخَصُّوا اسْتِحْبَابَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى وَبِكَوْنِ مَا يَقْرَؤُهُ سُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَنَحْوُهُ لِلْمَوَّاقِ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِرَاءَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] إلَخْ وَلَعَلَّهُ لِلْعَمَلِ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِعْلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْفَضْلِ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى فِي الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ بَلْ كِلَاهُمَا حَسَنٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا حَلَّلْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ مَعْنًى صَحِيحًا لَكِنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُهُ وَقَوْلُهُ وَحَمَلَهُ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِيهِ تَكَلُّفٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ، وَنَقُولُ لَا تَكَلُّفَ فِيهِ وَالْمَعْنَى وَأَجْزَأَ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ) أَيْ وَيَكُونُ مَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ: غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ وَغَيْرَ ذَلِكَ غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ (قَوْلُهُ: الْمَهْدِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْ هَلْ اتِّخَاذُهُ الْخَلْوَةَ مَنْدُوبٌ وَهَلْ تُجْعَلُ عَلَى يَسَارِ الْمِنْبَرِ أَوْ يَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ تَهْيِيبٌ لِلْحَاضِرِينَ وَإِشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَقُلْ تِلْكَ الْمَوْعِظَةَ فَلَهُ الْعَصَا فَإِنْ تَمَادَى قُتِلَ بِالسَّيْفِ أَوْ الْقَوْسِ وَالْمُرَادُ الْقَوْسُ الْعَرَبِيَّةُ لِطُولِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا بِخِلَافِ الرُّومِيَّةِ فَإِنَّهَا قَصِيرَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ فَلَوْ لَمْ يَتَوَكَّأْ فَلَا سُنَّةَ لَهُ فِيمَا يَصْنَعُ بِيَدِهِ فَإِنْ شَاءَ أَرْسَلَهَا أَوْ قَبَضَ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى أَوْ عَكْسَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ كَوْنُ الْعَصَا. . . إلَخْ) أَرَادَ بِالْعَصَا الشَّيْءَ الْمَمْسُوكَ لَا خُصُوصَ الْعَصَا؛ لِأَنَّ عُودَ الْمِنْبَرِ لَا يُقَالُ لَهُ عَصًا عُرْفًا (قَوْلُهُ: خَوْفَ سُقُوطِهِ) تَعْلِيلٌ لِلنَّفْيِ لَا مَدْخُولِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْسُ أَوْ السَّيْفُ) أَيْ فَكِلَاهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَوْلَ وَصِفَتَهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا إلَّا إذَا قَرَأَهَا الْإِمَامُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ قَرَأَهَا فَيُؤَوَّل ذَلِكَ التَّعْلِيلُ بِأَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ قَاضٍ لِلْقَوْلِ وَصِفَتِهِ الْمَنْدُوبِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ فَلَوْ فَاتَ الْإِمَامَ قِرَاءَتُهَا فِي الْأُولَى فَلَا يُنْدَبُ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ فَوْقِهَا؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْكِيسُ الْقِرَاءَةِ قَالَهُ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَجَازَ مَالِكٌ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ كَذَا فِي عب فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ اعْتَمَدَ التَّخْيِيرَ مُحَشِّي تت فَقَالَ: التَّخْيِيرُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى سَبِّحْ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْكَافِي أَقُولُ: هَذَا مَا يُفِيدُهُ شَارِحُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَفَادَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَأَجَازَ مَالِكٌ أَيْ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ وَأَنَّ كُلًّا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ النَّدْبِ لَكِنَّ: هَلْ أَتَاك أَقْوَى فِي النَّدْبِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ) وَالْأَخِيرُ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْمَضَرَّةِ فَقَدْ يَجِبُ التَّخَلُّفُ (قَوْلُهُ: الْعَبْدُ وَالْمُدَبَّرُ) وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ الْإِذْنُ لِسَيِّدِهِمَا أَمْ لَا هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةُ الْوَاجِبِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا حَضَرَهَا الْمُكَاتَبُ لَزِمَتْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يَطْعَنَ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَالْأُنْثَى وَالْعَبْدِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إذَا حَضَرُوهَا الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ هَكَذَا اسْتَظْهَرَ عب اللُّزُومَ فِي الْمُكَاتَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسَافِرِ فَتَدَبَّرْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 أَذِنَ سَيِّدُهُمَا، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيَذْهَبُ إلَى الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ (ص) وَأَخَّرَ الظُّهْرَ رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ وَإِلَّا فَلَهُ التَّعْجِيلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَعْذُورَ إذَا كَانَ يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الظُّهْرِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَعَلَّهُ أَنْ يُدْرِكَ الْجُمُعَةَ مَعَ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَ عُذْرِهِ فَلَهُ تَعْجِيلُ الظُّهْرِ (ص) وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ لَمْ تَجْزِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إذَا أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ سَعَى إلَى الْجُمُعَةِ لَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فَإِنَّ الظُّهْرَ لَا تُجْزِئُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا، وَيُعِيدُ ظُهْرًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ جُمُعَةً، وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ مُجْمِعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَمْ لَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ إحْرَامِهِ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ لَوْ سَعَى إلَيْهَا أَجْزَأَتْهُ ظُهْرَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَمْ تَجْزِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَتَنْعَقِدُ بِهِ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ كَالْمُسَافِرِ الَّذِي أَقَامَ فِي مَحَلِّ الْجُمُعَةِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْذُورِينَ، أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَتُجْزِئُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ يُدْرِكُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ (ص) وَلَا يَجْمَعُ الظُّهْرَ إلَّا ذُو عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ جَمَاعَةً مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ إلَّا ذُو عُذْرٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ حُضُورُهَا مِنْ سَفَرٍ وَمَرَضٍ وَسِجْنٍ فَلْيُطْلَبْ مِنْهُ الْجَمْعُ وَلَا يُحْرَمُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ صَبْرُهُمْ إلَى فَرَاغِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا يُؤَذِّنُوا إذَا جَمَعُوا أَمَّا مَنْ لَهُ عُذْرٌ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَيُمْكِنُ الْحُضُورُ مَعَهُ كَخَوْفِ بَيْعَةِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ أَوْ مَنْ تَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُكْرَهُ جَمْعُهُمْ وَإِنْ جَمَعُوا لَمْ يُعِيدُوا عَلَى الْأَظْهَرِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَرْجِعُ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِوَصْفٍ بِهَا فَهِيَ مُجْزِئَةٌ بِأَصْلِهَا مَكْرُوهَةٌ بِوَصْفِهَا فَالتَّنْوِينُ فِي عُذْرٍ لِلنَّوْعِيَّةِ أَيْ نَوْعٌ مِنْ الْعُذْرِ وَهُوَ الْعُذْرُ الْكَثِيرُ الْوُقُوعِ وَأَمَّا الْعُذْرُ النَّادِرُ الْوُقُوعِ مِثْلُ بَيْعَةِ الْإِمَامِ الظَّالِمِ فَلَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ (ص) وَاسْتُؤْذِنَ إمَامٌ وَوَجَبَتْ إنْ مَنَعَ وَأَمِنُوا وَإِلَّا لَمْ تَجْزِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَأْذَنَ الْإِمَامُ فِي ابْتِدَاءِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ اُسْتُؤْذِنَ فِي إقَامَتِهَا وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَتَجِبُ عَلَى النَّاسِ إنْ أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنُوا مِنْهُ لَمْ تَجْزِهِمْ سَنَدٌ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَإِذَا نَهَجَ السُّلْطَانُ فِيهِ مَنْهَجًا فَلَا يُخَالَفُ وَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ مَاضٍ غَيْرُ مَرْدُودً لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ حُكْمِ السَّلْطَنَةِ سَبَبُ الْهَرْجِ وَالْفِتْنَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَيَذْهَبُ إلَى الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِهِ) أَيْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ التَّعْجِيلُ) أَيْ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وِفَاقًا لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ: وَالْأَفْضَلُ نُفُوذُ تَقْدِيمِهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ أَيْ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ الْمُصَنِّفُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ التَّعْجِيلُ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ) فَإِنْ خَالَفَ الْمَنْدُوبَ وَقَدَّمَ الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. (قَوْلُهُ: مُدْرِكًا) حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ أَيْ مُقَدَّرًا إدْرَاكُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ إنْ صَلَّاهَا وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْخُرُوجَ لِلْجُمُعَةِ لَمْ يُعِدْهَا وَكَيْفَ يُعِيدُ أَرْبَعًا وَقَدْ صَلَّى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ: أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُجْمِعًا مَعْنَاهُ عَازِمًا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ عَامِدًا قَطْعًا. (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ وَمَرَضٍ إلَخْ) ، وَيَدْخُلُ فِي الْمَرِيضِ الْجَذْمَى فَإِنَّهُمْ يُجْمَعُونَ فِي مَوْضِعِهِمْ بِلَا إذْنٍ؛ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ حُضُورُهُمْ الْجَامِعَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى النَّاسِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَصْرُ الشَّارِحِ الْعُذْرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ الْمَرَضُ وَالسِّجْنُ وَالسَّفَرُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَطَرَ الْغَالِبَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَهْلُ الْمَطَرِ الْغَالِبُ يُجْمَعُونَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ صَبْرُهُمْ) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ: فَاتَتْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَذِّنُوا إذَا جَمَعُوا. . . إلَخْ) قَالَ عج وَهَلْ يَجُوزُ لِهَؤُلَاءِ الْجَمْعُ وَلَوْ بَعْدَ الرَّاتِبِ أَوْ يُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ نِسْيَانًا وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْإِعَادَةِ كَمَا فِي بَهْرَامَ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: لِوَصْفٍ بِهَا) وَهُوَ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ) فَإِنَّهُ لَمَّا تَخَلَّفَ خَوْفَ بَيْعَةِ الظَّالِمِ حِينَ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَلَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَجْمَعْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ كَمَنْ فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى شُهُودِهَا، وَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ فَجَمَعَ بِالْقَوْمِ وَرَآهُمْ كَالْمُسَافِرِينَ وَخَرَجَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُمْ ثُمَّ قَدِمَا عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلَاهُ فَقَالَ لَا تَجْمَعُوا وَلَا يَجْمَعُ إلَّا أَهْلُ السِّجْنِ وَالْمَرَضِ وَالْمُسَافِرُونَ فَإِنْ كَانَ ابْنُ وَهْبٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: إنْ مَنَعَ) وَأَحْرَى مَنْ أَهْمَلَ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَنْعٌ وَلَا إذْنٌ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ) أَيْ بِأَنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ الْمَنْعُ وَالْأَمْنُ أَوْ انْتَفَى الْأَمْنُ وَوُجِدَ الْمَنْعُ وَلَا يَدْخُلُ مَا إذَا وُجِدَ الْأَمْنُ وَانْتَفَى الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بِاشْتِرَاطِهِ فَقَالَ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا تُقَامُ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الْمِصْرِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ الَّذِي يُخَافُ مُخَالَفَتُهُ فَإِذَا عُدِمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً (قَوْلُهُ: لَمْ تَجْزِهِمْ) قَالَ فِي ك وَمُقْتَضَاهُ دُخُولُ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْعِبَادَاتِ اهـ. أَيْ قَصْدًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ وَانْظُرْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ إنَّ لِلسُّلْطَانِ الْمَنْعَ مِنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَئِمَّةُ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَنْعُ فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟ وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ اعْتَمَدَ عَدَمَ الْجَوَازِ وَجَعَلَهَا مُجْزِئَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَ شُيُوخِنَا قَالَ مَا نَصُّهُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ لَا عَنْ تَمَرُّدٍ وَعِنَادٍ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ الْعُمُومُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ فَلَا يَجْزِي عَنْ الْوَاجِبِ اهـ. زَادَ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ شَيْءٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ الْمُخَالِفَةَ مَعَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَمِنُوا مَعَ أَنَّ النَّصَّ وُجُوبُ إقَامَتِهَا وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَاسْتِئْذَانُ إمَامٍ بِالْمَصْدَرِ لَكَانَ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ الْمُشْعِرِ بِالْوُجُوبِ وَالصَّوَابُ ضَبْطُ لَمْ تُجْزِ بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مِنْ الْإِجْزَاءِ لَا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ كَمَا ضَبَطَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ إذْ لَا يَتَأَتَّى بَعْدُ التَّصْرِيحُ بِالضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الطِّرَازِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ تَجْزِهِمْ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ إلَخْ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الْجُمُعَةِ شَرَعَ فِي مَسْنُونَاتِهَا وَجَائِزَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَعُذْرِ تَرْكِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (ص) وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَأَعَادَ إنْ تَغَذَّى، أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا لَا لِأَكْلٍ خَفَّ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَهَا وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ مِنْ مُسَافِرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ، كَانَ ذَا رَائِحَةٍ كَالْقَصَّابِ وَالْحَوَّاتِ أَيْ اللَّحَّامِ وَالسَّمَّاكِ أَوْ لَا وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ سُنِّيَّةَ الْغُسْلِ بِمَنْ لَا رَائِحَةَ لَهُ وَإِلَّا وَجَبَ كَالْقَصَّابِ وَنَحْوِهِ وَشَرْطُ الْغُسْلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا فَلَا يَجْزِي قَبْلَ الْفَجْرِ بِنِيَّةٍ وَمُطْلَقٌ وَصِفَتُهُ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ إلَى الْجَامِعِ وَهُوَ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ فَلَا يُفْعَلُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالرَّوَاحِ إلَى الْجَامِعِ بِالْغِذَاءِ، أَوْ النَّوْمِ اخْتِيَارًا أَعَادَهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا أَمَّا لَوْ اتَّصَلَ الْغُسْلُ بِالرَّوَاحِ وَنَامَ، أَوْ تَغَذَّى فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُطْلَبُ بِإِعَادَةِ الْغُسْلِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِ شُرَّاحِهِ أَنَّ قَيْدَ الِاخْتِيَارِ رَاجِعٌ لِلنَّوْمِ فَقَطْ لَكِنْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ مَنْ أَكَلَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ لِإِكْرَاهٍ أَعْذَرُ مِمَّنْ نَامَ غَلَبَةً وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فَعَلَ مَا ذُكِرَ فِي طَرِيقِهِ، أَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأُمِّ أَنَّ فِعْلَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لَا يَضُرُّ فِي الِاتِّصَالِ لِقَوْلِهَا وَإِنْ تَغَذَّى، أَوْ نَامَ بَعْدَ غُسْلِهِ أَعَادَ حَتَّى يَكُونَ غُسْلُهُ مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ اهـ. وَكَذَا فِي السَّنْهُورِيِّ، وَأَمَّا الْأَكْلُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يُذْهِبُ الْغُسْلَ فَلَا يَضُرُّ فَقَوْلُهُ لَا لِأَكْلٍ خَفَّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ تَغَذَّى أَيْ وَأَعَادَ لِلتَّغَذِّي، أَوْ لِلنَّوْمِ لَا لِأَكْلٍ خَفَّ (ص) وَجَازَ تَخَطٍّ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلدَّاخِلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَى الْجَامِعِ تَخَطِّي رِقَابِ الْجَالِسِينَ فِيهِ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِفُرْجَةٍ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لِفُرْجَةٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ أَيْ مَضَى قَالَ وَتَوَهَّمَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إلَّا آخِرَ النَّهَارِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الرَّوَاحَ وَالْغُدُوَّ عِنْدَ الْعَرَبِ يُسْتَعْمَلَانِ فِي السَّيْرِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَيُقَالُ رَاحَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَفِي آخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ وَالْأَقْذَارِ، وَعَدَمُ الِاتِّصَالِ مُؤْذِنٌ بِحُصُولِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ وَإِنْ ذَكَرَهُ بِالْمَسْجِدِ اُسْتُحِبَّ خُرُوجُهُ لَهُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ، وَإِنْ كَانَ يَفُوتُهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجُ وَيُصَلِّي بِغَيْرِ غُسْلٍ قَالَهُ فِي تَعَالِيقِ ابْنِ هَارُونَ وَفِي الْإِكْمَالِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْخُرُوجِ لِظَاهِرِ إنْكَارِ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ؛ وَلِأَنَّ سَمْعَ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ وَلَا يُتْرَكُ لِسُنَّةٍ قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا فِي التَّعَالِيقِ جَارٍ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ) أَوْرَدَ الْبَدْرُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَمَنْ مَعَهُ مُخَاطَبٌ بِالْجُمُعَةِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْغُسْلُ سُنَّةً لِمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ اللَّحَّامُ) تَفْسِيرٌ لِلْقَصَّابِ وَقَوْلُهُ وَالسَّمَّاكُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْحَوَّاتُ يُقَالُ قَصَبْتُ الشَّاةَ قَصْبًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ: قَطَّعْتُهَا عُضْوًا عُضْوًا وَالْفَاعِلُ قَصَّابٌ أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَمَعْنَى الْقَصَّابِ الْقَطَّاعُ لِلشَّاةِ عُضْوًا عُضْوًا (قَوْلُهُ بِمَنْ لَا رَائِحَةَ لَهُ) أَيْ تَضُرُّ بِالنَّاسِ وَقَيْدُهُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَصِفَتُهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ يَكُونُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاتِّصَالَ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَشْهُورُ شَرْطُ وَصْلِهِ بِرَوَاحِهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُهُ صِفَةً لِغُسْلٍ أَيْ بِالرَّوَاحِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَنَا وَهُوَ التَّهْجِيرُ فَلَوْ رَاحَ قَبْلَهُ مُتَّصِلًا بِهِ لَمْ يَجْزِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ اغْتَسَلَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَاحَ فَلَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ مَالِكٌ: يُعْجِبُنِي. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُجْزِئُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ اهـ. وَيَسِيرُ الْفَصْلِ عَفْوٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: أَعَادَهُ) أَيْ اسْتِنَانًا وَكَذَا يُعِيدُهُ إذَا حَصَلَ عَرَقٌ أَوْ صُنَانٌ أَوْ خُرُوجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ مُتَبَاعِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَغَذَّى فِي الْمَسْجِدِ) اعْلَمْ أَنَّ الْغِدَاءَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ هُوَ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَمَّا الْغِذَاءُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ مَا يُغْتَذَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ آخِرَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى مَا إذَا كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ يَكُونُ شَامِلًا لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَا بَعْدَهُ، فَقِرَاءَتُهُ بِالْمُعْجَمَةِ أَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رُبَّمَا يُقَالُ) قَالَ عب: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأَكْلِ بِهِ أَيْضًا لِيُخْرِجَ مَنْ أَكَلَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ إكْرَاهٍ (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لَا يَضُرُّ) بَلْ وَظَاهِرُهَا أَنَّ أَكْلَهُ مَاشِيًا لَا يَضُرُّ كَشُرْبِهِ مَاشِيًا، وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَكْلُ الْخَفِيفُ) قَصَرَ الْخِفَّةَ عَلَى الْأَكْلِ وَكَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْخِفَّةِ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ فَالنَّوْمُ إذَا لَمْ يَطُلْ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَغَذَّى أَوْ نَامَ، هَذَا إذَا أَطَالَ أَمْرَهُ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا لَمْ يَعُدَّهُ وَكَذَا لَا يَبْطُلُ بِنَقْضِ وُضُوئِهِ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَاسْتُظْهِرَ نَقْضُهُ بِالْجَنَابَةِ وَكَذَا لَا يَنْتَقِضُ بِإِصْلَاحِ ثِيَابِهِ وَتَبْخِيرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا بِشِرَائِهِ مَارًّا فِي طَرِيقِهِ إنْ خَفَّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَأَعَادَ لِلتَّغَذِّي أَوْ لِلنَّوْمِ. . إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ غِذَاءٌ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لِفُرْجَةٍ) فَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي حَالِ لَغْوِهِ قَالَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا جَرَى فِي الصَّلَاةِ قَالَ عب: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ التَّخَطِّي وَهِيَ أَذِيَّةُ الْجَالِسِينَ مَوْجُودَةٌ حَتَّى حَالَ لَغْوِهِ وَعِلَّةَ جَوَازِ الْكَلَامِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَ لَغْوِهِ عَدَمُ حُرْمَتِهِ عَلَى سَامِعِيهِ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 وَأَمَّا بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَجَائِزٌ وَلَوْ لِغَيْرِ فُرْجَةٍ وَيَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَلَوْ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ (ص) وَاحْتِبَاءٌ فِيهَا (ش) أَيْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ الِاحْتِبَاءُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَذَا احْتِبَاءُ الْإِمَامِ فِي جُلُوسِهِ بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ وَالِاحْتِبَاءُ إدَارَةُ الْجَالِسِ ثَوْبَهُ بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْيَدَيْنِ عِوَضَ الثَّوْبِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهَا لِلْخُطْبَةِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ أَيْ فِي خُطْبَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] أَيْ الْعَدْلُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (ص) وَكَلَامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي حَالِ نُزُولِ الْخَطِيبِ لِزَوَالِ مَانِعِهِ وَهُوَ الِاشْتِغَالُ عَنْ الِاسْتِمَاعِ لَهَا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِ مَا ذُكِرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ أَيْ لِإِقَامَتِهَا وَيُكْرَهُ مِنْ أَخْذِهِ فِي الْإِقَامَةِ إلَى أَنْ يُحْرِمَ الْإِمَامُ وَيَحْرُمُ إذَا أَحْرَمَ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا التَّفْصِيلُ بِالْجُمُعَةِ (ص) وَخُرُوجُ كَمُحْدِثٍ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَرَأَ لَهُ حَدَثٌ فِي الْخُطْبَةِ، أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ رُعَافٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُبِيحُ لَهُ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَامِعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْإِمَامَ فَالْجَوَازُ مَصَبُّهُ قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ (ص) وَإِقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ قَلَّ سِرًّا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْبَالُ عَلَى الذِّكْرِ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ عِنْدَ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ إذَا قَلَّ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَيُمْنَعُ الْكَثِيرُ، أَوْ الْجَهْرُ بِالْيَسِيرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُهُ (كَتَأْمِينٍ وَتَعَوُّذٍ عِنْدَ السَّبَبِ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُقَيَّدَيْنِ بِالْيَسَارَةِ (ص) كَحَمْدِ عَاطِسٍ (ش) هُوَ كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ عَطَسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ حَمِدَ اللَّهَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَلَا يُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ وَفَصَلَهُ بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ جَوَازَهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ سِرًّا قَيْدٌ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ وَيُكْرَهُ جَهْرًا وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْقَانِيِّ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْوَاوُ مَكَانَ الْكَافِ لِأَنَّ الْحَمْدَ مِنْ الذِّكْرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبَّهَ بِالْمِثَالِ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْحَمْدُ مَطْلُوبٌ هُنَا (ص) وَنَهْيُ خَطِيبٍ، أَوْ أَمْرُهُ (ش)   [حاشية العدوي] أَقُولُ: الظَّاهِرُ كَلَامُ عج؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ عب مَوْجُودٌ فِيمَا بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الْخُطْبَةِ) وَيَدْخُلُ فِي: " بَعْدَ " وَقْتُ التَّرَضِّي وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ) وَكَذَا أَوْلَى فِيهِمَا إنْ خَطَبَ جَالِسًا لِعُذْرٍ كَلِغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى سُنَّةِ قِيَامِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إدَارَةُ. . . إلَخْ) أَيْ جَعْلُ الْجَالِسِ ثَوْبَهُ مُدِيرًا أَيْ مُحِيطًا بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِثَوْبِهِ بَلْ شَيْءٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثَوْبَهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُسْلَكُ فِي الْعِتْقِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ نَحْوُ مِلْحَفَةٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ) أَيْ قَرِيبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَبِخُطْبَتَيْنِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا) ، فَالْمَرْجِعُ تَقَدَّمَ مَعْنًى. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْخُطْبَةَ بَدَلٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَوْ كَانَتْ بَدَلًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ الْكَلَامُ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ وَأَفْهَمَ جَوَازَ الْكَلَامِ فِي حَالِ التَّرَضِّي عَنْ الصَّحْبِ وَالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ. (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ كَانَ؛ لِأَنَّ إمَامَ الْمَسْجِدِ لَا يُعْتَبَرُ اهـ. وَانْظُرْهُ وَفِي شَرْحِ عب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْخَطِيبِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْبَالُ عَلَى الذِّكْرِ) قَالَ عب: وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ كَمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ اهـ. وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَرَّرَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ تت فِي كَبِيرِهِ وشب (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَهْرُ بِالْيَسِيرِ) وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالْكَثِيرِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ) مُفَادُ النَّقْلِ حُرْمَةُ الْجَهْرِ اُنْظُرْ مُحَشِّيَ تت (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّة كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ النُّطْقِ بِالذِّكْرِ وَعَدَمِهِ وَاتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ النُّطْقِ بِالتَّأْمِينِ وَالتَّعَوُّذِ عِنْدَ السَّبَبِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ مِنْ سِرٍّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَصُحِّحَ، أَوْ جَهْرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ: يُؤَمِّنُ النَّاسُ وَيَجْهَرُونَ جَهْرًا لَيْسَ بِالْعَالِي، وَالرَّاجِحُ أَنَّ التَّأْمِينَ، وَالتَّعَوُّذَ عِنْدَ السَّبَبِ مُسْتَحَبٌّ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الذِّكْرِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ. (تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ التَّأْمِينِ التَّصْلِيَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ عِنْدَ سَبَبِ كُلٍّ مِنْ ذِكْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَمْرِهِ بِاسْتِغْفَارٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ) أَيْ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا؛ لِحَقِّ الْخُطْبَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ نُطْقًا أَيْ لَا يُشَمِّتُ نُطْقًا بَلْ مُشِيرًا وَكَذَا لَا يَرُدُّ السَّلَامَ نُطْقًا بَلْ يَرُدُّ مُشِيرًا بَقِيَ أَنَّ شب قَالَ: وَلَا يُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ لِحَقِّ الْخُطْبَةِ أَيْ فَمُفَادُهُ أَنَّ التَّشْمِيتَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سُنَّةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَمْدَ الْعَاطِسِ سُنَّةٌ فِي عب الرَّاجِحُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَكَذَا فِي شب إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت أَقَرَّ كَلَامَ تت الْحَاكِيَ بِالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ جَوَازَهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ) ، الرَّاجِحُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّأْمِينِ وَالتَّعَوُّذِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا الْإِقْبَالُ عَلَى الذِّكْرِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ جَهْرًا) اُنْظُرْ مَنْ نَصَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَأْتِي فِيهِ مَا فِي الذِّكْرِ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِكَوْنِهِ سُنَّةً لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ عَلَى مَا فِي عب (قَوْلُهُ: رَدُّ قَوْلِ ز. . . إلَخْ) حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ ز أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَأْمِينٍ لِلتَّمْثِيلِ وَالْحَمْدُ مِنْ جُمْلَةِ الذِّكْرِ فَيُعْطَفُ عَلَى مِثَالِ الذِّكْرِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ: كَتَأْمِينٍ؛ لِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِلذِّكْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبِّهَ) أَيْ مِثَالًا مِنْ أَمْثِلَةِ الذِّكْرِ بِمِثَالٍ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ. . . إلَخْ نَقُولُ لَهُ وَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْثِلَةَ لِلشَّيْءِ مُتَغَايِرَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْدُ مَطْلُوبٌ) يُسْتَفَادُ مِنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّ هَذَا دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 قَالَ فِيهَا وَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ لِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ وَلَا يَكُونُ لَاغِيًا، ثُمَّ قَالَ وَمَنْ كَلَّمَهُ الْإِمَامُ فَرَدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَاغِيًا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِجَابَتُهُ أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ إجَابَةُ الْخَطِيبِ فَقَوْلُهُ: وَنَهْيُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ لَا بِالْجَرِّ لِئَلَّا يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى تَأْمِينِ الَّذِي الْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَةِ الذِّكْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) وَكُرِهَ تَرْكُ طُهْرٍ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ عَائِدٌ عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ أَيْ وَكُرِهَ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَتْرُكَ الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى فِي الْخُطْبَتَيْنِ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِمَا الطَّهَارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ قُدِّمَ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْكُبْرَى مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ بِالْجَنَابَةِ فِي الْمَسْجِدِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونَ إنْ ذَكَرَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ جُنُبٌ نَزَلَ لِلْغُسْلِ وَانْتَظَرُوهُ إنْ قَرُبَ وَبَنَى وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَمَادَى فِي الْخُطْبَةِ وَاسْتَخْلَفَ فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُمْ (ص) وَالْعَمَلُ يَوْمَهَا (ش) أَيْ يُكْرَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا تَرَكَهُ تَعْظِيمًا كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِسَبْتِهِمْ وَأَحَدِهِمْ وَأَمَّا تَرْكُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَمُبَاحٌ وَتَرْكُهُ لِلِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ تَنْظِيفٍ وَنَحْوِهِ فَحَسَنٌ يُثَابُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالْعَمَلِ مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ طُهْرٌ أَيْ وَكُرِهَ تَرْكُ الْعَمَلِ يَوْمَهَا أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (ص) وَبَيْعُ كَعَبْدٍ بِسُوقٍ وَقْتَهَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَهُوَ تَرْكُ أَيْ وَكُرِهَ بَيْعُ الْعَبْدِ وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِالسُّوقِ مَعَ مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِاسْتِبْدَادِهِمْ بِالرِّبْحِ دُونَ السَّاعِينَ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ فَمُنِعُوا مِنْهُ لِصَلَاحِ الْعَامَّةِ وَهَذَا إذَا تَبَايَعُوا فِي الْأَسْوَاقِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَسْوَاقِ فَجَائِزٌ لِلْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُسَافِرِينَ أَنْ يَتَبَايَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمَفْهُومُ مَعَ مِثْلِهِ الْحُرْمَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ (ص) وَتَنَفُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا (ش) هُوَ مَرْفُوعٌ عُطِفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ وَكُرِهَ تَنَفُّلُ إمَامٍ إذَا جَاءَ وَقَدْ حَانَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ وَلْيَرْقَ الْمِنْبَرَ كَمَا يَدْخُلُ إلَّا إنْ بَكَّرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَجْلِسَ مَعَ النَّاسِ (ص) أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ (ش) هُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى إمَامٍ أَيْ وَكُرِهَ تَنَفُّلُ جَالِسٍ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لَهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ: وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْجَالِسِ التَّنَفُّلُ وَقْتَ كُلِّ أَذَانٍ لِلصَّلَوَاتِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ فَقَالَ وَيُكْرَهُ قِيَامُ النَّاسِ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ فَرَاغِ   [حاشية العدوي] الْإِنْسَانَ مَشْغُولٌ بِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ فَلَا يَحْمَدُ كَالْمُصَلِّي فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَالْحَمْدُ مَطْلُوبٌ هُنَا أَيْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوبًا فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ الْحَمْدِ سِرًّا وَجَهْرًا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ وَهُنَا انْتَهَى كَلَامُ ز. (قَوْلُهُ: وَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْخَطِيبُ فِي خُطْبَتِهِ لِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي يُخَطِّي رِقَابَ النَّاسِ: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت» (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ لَاغِيًا) أَيْ الْمُجِيبُ أَيْ لَا يَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ سَاقِطٍ بَاطِلٍ أَيْ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ مَطْلُوبَةٌ أَيْ يَجُوزُ إجَابَةُ الْإِمَامِ فِيمَا لِلْإِمَامِ التَّكَلُّمُ فِيهِ أَيْ وَجَازَ لِمَنْ كَلَّمَهُ الْخَطِيبُ فِي أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ إجَابَتُهُ فَإِجَابَتُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَإِذَا وَقَفَ الْخَطِيبُ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ إجَابَةٌ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ: الَّذِي الْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ سَابِقًا وَقَوْلُهُ أَيْ فَيَقْتَضِي. . . إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْكَافَ الدَّاخِلَةَ عَلَى تَأْمِينٍ لِلتَّمْثِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ لِلتَّشْبِيهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: نَزَلَ لِلْغُسْلِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَانْتَظَرُوهُ إنْ قَرُبَ) اُنْظُرْ هَلْ الْقُرْبُ يُحَدُّ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْقُرْبُ قَدْرُ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَقِرَاءَتِهِمَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَتَمَادَى) أَيْ مُرْتَكِبًا لِلْحُرْمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ الْكَرَاهَةُ لِجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَرَكَهُ تَعْظِيمًا) أَيْ لِلْيَوْمِ (قَوْلُهُ: لِسَبْتِهِمْ) أَيْ الْيَهُودِ (وَقَوْلُهُ: وَأَحَدِهِمْ) أَيْ النَّصَارَى ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ (كَلَامَ) الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَمِنْهُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْعَمَلُ فِي وَظَائِفِ الْجُمُعَةِ وَاشْتِغَالُهُ بِالْعِلْمِ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَعْمَلُ فِيهِ وَظَائِفَ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يَشْغَلُهُ عَنْ وَظَائِفِ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي تَرْكُهُ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَتَطَيُّبٍ. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ الضَّرَرُ) وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِلْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: الْحُرْمَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَشْغَلَ مَنْ تَلْزَمُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا تَبَايَعَ اثْنَانِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُمَا الْجُمُعَةُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُمَا الْجُمُعَةُ لَمْ يُفْسَخْ فَعَدَمُ فَسْخِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ ك. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت: اُنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي كَالْعَبْدِ مَعَ قَوْلِهَا وَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ حَرُمَ الْبَيْعُ وَمُنِعَ مِنْهُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَقَالَ الْوَانُّوغِيُّ قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْأَسْوَاقِ لِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْأَسْوَاقِ لِلْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرْفَعُ الْأَسْوَاقُ حِينَئِذٍ ابْنُ رُشْدٍ يَمْنَعُ تَبَايُعَ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ لَهَا وَيَجُوزُ لَهُمْ بِغَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَانَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ) أَيْ وَالْجَمَاعَةُ حَاضِرُونَ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ بَكَّرَ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ أَوْ جَاءَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَمْ تَحْضُرْ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ. . . إلَخْ) لَا بَأْسَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ التَّحِيَّةُ (قَوْلُهُ: الْوَقَارُ) بِفَتْحَةٍ فَوْقَ الْقَافِ بِدُونِ تَشْدِيدٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْوَقَارُ وَلَهُ مُخْتَصَرَانِ فِي الْفِقْهِ الْكَبِيرِ مِنْهُمَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ قِيَامُ النَّاسِ لِلرُّكُوعِ) قَالَ عج، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْتَهِي بِفِعْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي أَذَّنَ لَهَا أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ بِوُضُوئِهِ بِهِ وَلَوْ تَجْدِيدًا اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 الْمُؤْذِنَيْنِ مِنْ الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ يُخْشَى مِنْهُ أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمَنْدُوبِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَيُكْرَهُ أَيْ التَّنَفُّلُ لِلْجَالِسِ عِنْدَ الْأَذَانِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْتَقِدَ فَرْضِيَّتَهُ وَلَوْ فَعَلَهُ إنْسَانٌ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ اسْتِنَانًا انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَإِلَّا كُرِهَ (ص) وَحُضُورُ شَابَّةٍ (ش) أَيْ وَكُرِهَ حُضُورُ شَابَّةٍ يُرِيدُ غَيْرَ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا مُنِعَ حُضُورُهَا (ص) وَسَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَازَ قَبْلَهُ وَحَرُمَ بِالزَّوَالِ (ش) أَيْ وَكُرِهَ السَّفَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ فَجْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الصَّبْرِ لِتَحْصِيلِ هَذَا الْخَيْرِ الْعَظِيمِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَجَائِزٌ وَحَرَامٌ بِالزَّوَالِ قَبْلَ النِّدَاءِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِتَعَلُّقِ الْخِطَابِ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ عَدَمُ تَرْكِ الْجُمُعَةِ بِسَفَرِهِ لِقِصَرِ سَفَرِهِ فَيَجُوزُ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَحْصُلُ لَهُ ضَرُورَةٌ بِعَدَمِ السَّفَرِ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ ذَهَابِ مَالِهِ وَنَحْوِهِ كَذَهَابِ رُفْقَتِهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ السَّفَرُ حِينَئِذٍ ابْنُ رُشْدٍ وَيُكْرَهُ السَّفَرُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَحْرُمُ بَعْدَ طُلُوعِهَا قَالَ ح وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى لَكِنْ أَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِيدَ فَرْضُ عَيْنٍ، أَوْ كِفَايَةٍ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهَا غَيْرُهُ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ (ص) كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ بِقِيَامِهِ وَبَيْنَهُمَا وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَلَامَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ مُحَرَّمٌ لِوُجُوبِ الْإِنْصَاتِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَالضَّمِيرُ فِي خُطْبَتَيْهِ وَقِيَامِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَالْبَاءُ فِيهِ ظَرْفِيَّةٌ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا قَالَ بَعْضٌ وَالظَّاهِرُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ بِقِيَامِهِ بِقَوْلِهِ فِي خُطْبَتَيْهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْقِيَامَ يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ فِي الْخُطْبَةِ وَاخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِمَنْ خَطَبَ قَائِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ التَّكَلُّمَ فِي حَالِ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَحْرُمُ وَلَوْ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَبَيْنَهُمَا أَيْ أَنَّ الْكَلَامَ يَحْرُمُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا يَحْرُمُ فِي قِيَامِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ اسْتِمَاعُهَا وَالصَّمْتُ لَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَفِي غَيْرِ سَامِعِهِمَا وَلَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ طُرُقُ الْأَكْثَرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَنْ يَعْتَقِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمَنْدُوبِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُرَادُ. . . إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ فَعَلَهُ إنْسَانٌ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مُرَادُهُ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْتَقِدَ فَرْضِيَّتَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَعَلَهُ إنْسَانٌ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) أَيْ إنْسَانٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمَطْلُوبِ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ اسْتِنَانًا) أَيْ لَمْ يَفْعَلْهُ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَا يَنْبَغِي كَذَا قَالَ عج أَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِاسْتِنَانًا أَيْ لَمْ يَفْعَلْهُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ أَكِيدٌ زَائِدٌ عَلَى النَّدْبِ، وَأَمَّا النَّفَلُ لِغَيْرِ الْجَالِسِ عِنْدَ الْأَذَانِ كَالدَّاخِلِ لِلْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ مُتَنَفِّلًا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ وَلَوْ فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَكْثَرُ الْمُصَلِّينَ لَا كُلُّهُمْ أَوْ يَجِيءُ وَقْتُ انْصِرَافِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفُوا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي الْجَامِعِ حَتَّى يَنْصَرِفَ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ وَهُوَ لِلْإِمَامِ أَشَدُّ كَرَاهَةً اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ يَقْتَدُونَ بِهِ أَوْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ حُضُورُ شَابَّةٍ. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ الَّتِي لَا إرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا فَجَائِزٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ حُضُورُ الشَّابَّةِ لِلْجُمُعَةِ وَجَازَ حُضُورُهَا لِفَرْضٍ غَيْرِهَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ وَهُوَ مَظِنَّةٌ لِمُزَاحَمَةِ الرِّجَالِ، وَجَازَ لَهَا فَرْضُ غَيْرِهَا لِعَدَمِ الْمَظِنَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَجَالَّةَ الَّتِي لِلرِّجَالِ فِيهَا إرَبٌ كَالشَّابَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ مِنْ إبَاحَتِهِ إذْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْخِطَابُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ الْكَرَاهَةُ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: لِقِصَرِ سَفَرِهِ) أَيْ فَهُوَ عَازِمٌ وَلَوْ حُكْمًا عَلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُسَافِرُ لَهَا وَهَلْ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَنْ يَعْزِمُ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ بَلَدًا فِي طَرِيقِهِ يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَةَ فَلَا يَحْرُمُ السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَجَابَ بَعْضٌ. . . إلَخْ) مَرْدُودٌ ذَلِكَ الْجَوَابُ فَكَلَامُ الْحَطَّابِ ظَاهِرٌ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ السَّفَرُ يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: فِي خُطْبَتِهِ وَقَوْلِهِ: عَمَّا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ مَا ذُكِرَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الِاسْتِغْنَاءُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَالظَّاهِرُ حَذْفُهُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا (قَوْلُهُ: لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْقِيَامَ يَحْرُمُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِقِيَامِهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: فِي خُطْبَتَيْهِ: وَمَحَطُّ الْقَصْدِ الْبَدَلُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا الْإِيهَامَ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَيْ كَمَا قُلْنَا، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَ بِقِيَامِهِ صِفَةً لِقَوْلِهِ فِي خُطْبَتَيْهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ الْكَائِنَتَيْنِ فِي قِيَامِهِ فَيَنْتَفِي الْإِيهَامُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: يَجِبُ اسْتِمَاعُهُمَا) أَيْ الْإِصْغَاءُ لَهُمَا وَانْظُرْ هَلْ أَرَادَ بِهِ عَدَمَ التَّكَلُّمِ وَعَدَمَ الْفِعْلِ، فَلَوْ كَانَ غَافِلًا عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَفِكْرُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ لَا يَحْرُمُ أَوْ أَرَادَ بِهِ عَدَمَ الْفِكْرَةِ فِي غَيْرِهَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: طُرُقُ) لَعَلَّهَا مَا أَشَارَ لَهَا فِي التَّوْضِيحِ الْأَوْلَى الْحُرْمَةُ فِي خَارِجِ الْمَسْجِدِ رِحَابًا وَطُرُقًا مُتَّصِلَةً وَدَاخِلِهِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ الثَّانِيَةُ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، الثَّالِثَةُ يَجِبُ إذَا دَخَلَ رِحَابَ الْمَسْجِدِ الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَةَ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ عَلِمْتَ عَدَمَ ظُهُورِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ. . . إلَخْ بَلْ نَقُولُ مُرَادُهُ بِخَارِجِ الْمَسْجِدِ مَا يَشْمَلُ الطُّرُقَ الْمُتَّصِلَةَ لَا خُصُوصَ الرِّحَابِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 كَذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا انْتَهَى قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَتَى مِنْ دَارِهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ اهـ. قَوْلُهُ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَيْ عِنْدَ الضِّيقِ وَالْمُرَادُ رِحَابُهُ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ بِخَارِجِ الْمَسْجِدِ رِحَابُهُ فَقَطْ لِيُوَافِقَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ السَّمَاعِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجَ الرِّحَابِ وَلَوْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ اتِّفَاقًا (ص) إلَّا أَنْ يَلْغُوَ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْصَاتَ وَاجِبٌ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ إلَى اللَّغْوِ فَإِنْ لَغَا فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ وَيَلْغُو أَيْ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلَامِ اللَّاغِي أَيْ السَّاقِطِ مِنْ الْقَوْلِ أَيْ الْخَارِجِ عَنْ نِظَامِ الْخُطْبَةِ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى سَبِّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ، أَوْ مَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ (ص) وَكَسَلَامٍ وَرَدِّهِ (ش) ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يُشَمِّتُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ وَيَحْمَدُ الْعَاطِسُ فِي نَفْسِهِ (ص) وَنَهْيُ لَاغٍ وَحَصْبُهُ، أَوْ أَشَارَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ أَنْ يَنْهَى مَنْ لَغَا وَلَا أَنْ يَرْمِيَهُ بِالْحَصْبَاءِ زَجْرًا لَهُ عَنْ لَغْوِهِ وَلَا أَنْ يُشِيرَ لِمَنْ لَغَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اُصْمُتْ وَذَلِكَ لَغْوٌ وَكَذَا الْإِشَارَةُ لِرَدِّ السَّلَامِ (ص) وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لِدَاخِلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَطِيبَ إذَا خَرَجَ عَلَى النَّاسِ مِنْ دَارِ الْخَطَابَةِ، أَوْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ لِلْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ ابْتِدَاءُ صَلَاةِ نَفْلٍ حِينَئِذٍ وَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَوْ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ حِينَ خَرَجَ الْإِمَامُ وَهَذَا حُكْمُ النَّفْلِ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُسْتَمِعُ لِلْخُطْبَةِ مَنْسِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ إذَا ذَكَرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّهَا بِمَوْضِعِهِ وَيَقُولُ لِمَنْ يَلِيهِ: أَنَا أُصَلِّي الصُّبْحَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالضَّمِيرُ فِي خُرُوجِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى بَعْدَ أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ بِهِ تَوَجُّهُهُ إلَى الْخُطْبَةِ (ص) وَلَا يَقْطَعُ إنْ دَخَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ جَاهِلًا لِلْحُكْمِ، أَوْ غَافِلًا عَنْ كَوْنِ الْإِمَامِ يَخْطُبُ، أَوْ عَنْ خُرُوجِهِ لِلْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمُعْتَمَدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ تت (قَوْلُهُ: ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا) هَذَا مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ ابْنُ حَارِثٍ لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ كَذَلِكَ بَلْ يَقُولُ اتِّفَاقًا وَهَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَوَسَّطَ الشَّارِحُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ أَنَّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ السَّمَاعِ) أَيْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا (تَنْبِيهٌ) : يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى مَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ مَعَ مَنْ هُوَ بِأَحَدِهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نِسَاءً أَوْ عَبِيدًا أَوْ مَعَ خَارِجٍ عَنْهُمَا وَيُبَاحُ لِخَارِجَيْنِ عَنْهُمَا وَلَوْ سَمِعَا الْخُطْبَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِنْصَاتُ عِنْدَ السَّمَاعِ وَكَذَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْكَلَامِ مِنْ تَحْرِيكِ مَا لَهُ صَوْتٌ كَحَدِيدٍ وَثَوْبٍ جَدِيدٍ وَلَا يَشْرَبُ أَحَدٌ الْمَاءَ وَلَا يَدُورُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ وَمَا مَعَهُ يَجُوزُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَحَالَ جُلُوسِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَآخِرَ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ شُرُوعِ الْخَطِيبِ فِي الدُّعَاءِ لِلصَّحْبِ وَالْخَلِيفَةِ، وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ رَأَيْت الزُّهَّادَ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْكُوفَةِ إذَا بَلَغَ الْإِمَامُ الدُّعَاءَ لِلْأُمَرَاءِ أَوْ أَهْلِ الدُّنْيَا قَامُوا فَصَلَّوْا وَيَتَكَلَّمُونَ مَعَ جُلَسَائِهِمْ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمْ أَوْ فِي عِلْمٍ وَلَا يُصْغُونَ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَغْوٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَلَا التَّنَفُّلُ إذَا لَغَا الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدُ. . . إلَخْ) مُسَلَّمٌ أَنَّهُ يُفِيدُ إلَّا أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَلْغُوَ) وَمِنْ جُمْلَتِهِ الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَلَيْسَ مِنْ الْخُطْبَةِ وَكَذَا التَّرَضِّي عَلَى الصَّحْبِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي ابْتَدَعَهَا أَهْلُ الشَّامِ وَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ التَّرْقِيَةُ وَمَا يَقُولُهُ الْمُرَقِّي مِنْ: صَلُّوا عَلَيْهِ وَآمِينَ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ عِنْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ إنَّمَا تَبِعُوا فِي ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ وَخَالَفُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ عَدَمِ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَعْجَبْ الْعَجَائِبِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى سَبٍّ) أَيْ أَوْ يَخْرُجَ إلَى غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَقِرَاءَتِهِ كِتَابًا غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالْخُطْبَةِ وَكَتَكَلُّمِهِ بِمَا لَا يَعْنِي وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَدْحَ مَنْ يَجُوزُ مَدْحُهُ خُرُوجٌ عَنْ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ تَحْذِيرٍ وَتَبْشِيرٍ وَجَعْلُهُ مِنْ التَّبْشِيرِ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ يَرُدَّ. (قَوْلُهُ: وَنَهْيُ لَاغٍ) أَيْ بِالنُّطْقِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الْخَطِيبِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَأْمُرُ مَنْ لَغَا بِالتَّرْكِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِدَاخِلٍ) بَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى الْمُخَالِفِ وَدَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ مَطْلُوبٌ بِالتَّحِيَّةِ فَيَأْتِي بِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ دَارِ الْخَطَابَةِ) جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي دَارِ الْخَطَابَةِ أَهْيَبُ لَهُ مِنْ جُلُوسِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْأَهْيَبُ يُقْبَلُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ لِمَنْ يَلِيهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا الْجَالِسُ قَبْلُ فَيَقْطَعُ مُطْلَقًا ابْتَدَأَهَا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا خُرُوجَهُ أَوْ الْحُكْمَ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتٌّ هَذَا غَيْرُ مَا يُفِيدُ قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُتَعَمِّدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْجَالِسَ إذَا أَحْرَمَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ وَذَلِكَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْعِبَارَةِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْجَالِسُ وَلَوْ غَافِلًا أَوْ جَاهِلًا الْمُوَافِقُ فِيهِ لعب (قَوْلُهُ: أَوْ غَافِلًا) أَيْ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِ الْإِمَامِ. . . إلَخْ أَيْ أَوْ سَاهِيًا عَنْ الْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا كَوْنَهُ يَخْطُبُ أَوْ جَاهِلًا مَجِيئَهُ (قَوْلُهُ: عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا) هَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّ الدَّاخِلَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْطَعُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 وَأَوْلَى لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ الْمَسْجِدَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ أَنَّهُ يَتَمَادَى قَالَ سَنَدٌ اتِّفَاقًا فَمَفْعُولُ دَخَلَ يَرْجِعُ لِلصَّلَاةِ أَيْ لِصَلَاةِ النَّفْلِ وَيُحْتَمَلُ صَرْفُ قَوْلِهِ إنْ دَخَلَ لِلْمَسْجِدِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَلَا يَقْطَعُ الْمُحْرِمُ وَقْتَ الْخُطْبَةِ إنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا إنْ كَانَ جَالِسًا فِيهِ فَيَقْطَعُ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا (ص) وَفُسِخَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَتَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ وَإِقَالَةٌ وَشُفْعَةٌ بِأَذَانٍ ثَانٍ فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إذَا وَقَعَتْ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ لَا تَجُوزُ وَتُفْسَخُ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَرَدِّهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَفُتْ بِيَدِهِ فَإِنْ فَاتَتْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَمْضِي الْعَقْدُ وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ حِينَ الْبَيْعِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ فَاتَ إلَخْ كَالْمُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فُسِخَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ وَقْتَهَا بِقَوْلِهِ حِينَ الْقَبْضِ وَقَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَيْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ غَيْرَ مَا ذَكَرَ أَيْ الَّذِي مُوجِبُ فَسَادِهِ غَيْرُ وُقُوعِهِ وَقْتَ الْأَذَانِ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، أَوْ يُقَالُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهَذَا يَقْتَضِي لُزُومَ الْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ مَعَ أَنَّ هَذَا يَمْضِي بِالْقِيمَةِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ (ص) لَا نِكَاحٌ وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ وَلَا يُفْسَخُ وَإِنْ حَرُمَ ابْتِدَاءً وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَمَا مَعَهُ مِنْ أَنَّهُ يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ وَنُزِّلَ أَنَّ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ مِمَّا فِيهِ الْعِوَضُ يَرْجِعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِوَضُهُ بِالْفَسْخِ فَلَا كَبِيرَ ضَرَرٍ بِخِلَافِ مَا لَا عِوَضَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ أَصْلًا لَوْ فُسِخَ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ كَالْبَيْعِ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَالظَّاهِرُ فِيهَا مُرَاعَاةُ كَوْنِهَا مِنْ بَابِ الْعِتْقِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَيَنْبَغِي إمْضَاؤُهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (ص) وَعُذْرُ تَرْكِهَا وَالْجَمَاعَةِ شِدَّةُ وَحْلٍ وَمَطَرٌ وَجُذَامٌ وَمَرَضٌ وَتَمْرِيضٌ وَإِشْرَافُ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ (ش) لَمَّا أَجْمَلَ فِي الْعُذْرِ الْمُسْقِطِ لِفَرْضِ الْجُمُعَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ: وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ إلَى قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ أَخَذَ يُبَيِّنُهُ وَالْأَعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِتَرْكِهَا أَرْبَعَةٌ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفْسِ وَبِالْأَهْلِ وَبِالْمَالِ وَبِالدِّينِ فَقَالَ وَعُذْرُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ شِدَّةَ الْوَحْلِ وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَرْكِ الْمَدَاسِ وَمِنْهَا شِدَّةُ الْمَطَرِ وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ وَمِنْهَا شِدَّةُ الْجُذَامِ بِحَيْثُ تَضُرُّ رَائِحَتُهُ بِالنَّاسِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَوْلَى لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ) سَوَاءٌ أَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَنْ يَخْرُجَ عَلَيْهِ أَوْ جَهْلًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِصَلَاةِ النَّفْلِ) أَيْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُ جَالِسًا عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ مُتَوَجِّهًا لَهُ وَأَحْرَمَ جَاهِلًا أَوْ غَافِلًا لَا عَامِدًا وَلَا إنْ كَانَ جَالِسًا وَأَحْرَمَ حِينَئِذٍ فَيَقْطَعُ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى السِّتِّ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا وَالْمَعْنَى: وَلَا يَقْطَعُ إنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ يُصَلِّي عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا أَحْرَمَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا. (قَوْلُهُ وَإِقَالَةٌ) فِي طَعَامٍ وَنَحْوِهِ لَا فِي غَيْرِهِ إذْ هِيَ بَيْعٌ فَتَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ أَوْ يُقَالُ حَقِيقَةُ الْإِقَالَةِ غَيْرُ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ وَإِنْ نَزَلَتْ مَنْزِلَتَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شُفْعَةٌ) أَيْ أَخْذًا لَا تَرْكًا (قَوْلُهُ: بِأَذَانٍ ثَانٍ) أَيْ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي أَيْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عِنْدَ مَجَازًا وَسَمَّاهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلًا فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْأَذَانُ الثَّانِي بَعْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا هُوَ سُنَّةٌ وَالْعِبْرَةُ بِأَوَّلِهِ فَإِنْ أَذَّنَ مُتَعَدِّدُونَ اُعْتُبِرَ سَمَاعُ أَوَّلِهِمْ فِي وُجُوبِ السَّعْيِ وَحُرْمَةِ الْمَذْكُورَاتِ اُنْظُرْ ك (قَوْلُهُ: وَتُفْسَخُ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَفُتْ) أَيْ وَحَيْثُ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ وَقْتَ النِّدَاءِ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا بِالشِّرَاءِ فَيَجُوزُ وَهَلْ الْفَسْخُ وَلَوْ كَانَا مَاشِيَيْنِ لِلْجَامِعِ أَوْ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَمْضِي الْعَقْدُ) أَيْ أَنَّهُ يُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ مَضَى بِالثَّمَنِ كَذَا قَالَ الْمُغِيرَةُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ يَقُولُ لَا فَسْخَ وَالْبَيْعُ مَاضٍ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَسْخٌ الْفَوَاتُ بِالْقِيمَةِ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْفَوَاتَ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ. . . إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ لَا نِكَاحَ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعِبَادَاتِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ مِمَّا فِيهِ الْعِوَضُ يَرْجِعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِوَضُهُ) أَوْ لِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ حُصُولُ الضَّرَرِ بِفَسْخِهِ فَرُبَّمَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا عِوَضَ فِيهِ) كَالْهِبَةِ فَإِنْ قُلْت النِّكَاحُ فِيهِ الْعِوَضُ فَالْجَوَابُ لَا؛ لِأَنَّهَا تَنْتَفِعُ بِالتَّزْوِيجِ فَالْوَطْءُ لَهَا نَفْعٌ فَلَيْسَ عِوَضًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) وَهِيَ أَنَّهُ يَبْطُلُ أَصْلًا لَوْ فُسِخَ. (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةَ) إمَّا مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ أَوْ مَجْرُورٌ لِتَقْدِيرِ الْمَعْطُوفِ مُضَافًا بَعْدَ وَاوِ الْعِطْفِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَمَاعَةَ أَيْ وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ، لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْخَافِضِ أَوْ ارْتَكَبَهُ لِمَذْهَبِ الْكُوفِيِّ لِلِاخْتِصَارِ وَانْظُرْ لِمَ عَطَفَ بَعْضَ الْأَعْذَارِ بِأَوْ وَبَعْضَهَا بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ) هَكَذَا فَسَّرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فَغَيْرُ الرَّقِيقِ أَحْرَى؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ ك وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْوَحْلَ بِفَتْحِ الْحَاءِ يَأْتِي مَصْدَرًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَيَأْتِي اسْمًا فَيُجْمَعُ عَلَى أَوْ حَالٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ فِي شَرْحِ شب وَحَلٌ بِالتَّحْرِيكِ عَلَى الْأَفْصَحِ (قَوْلُهُ: تَرْكُ الْمَدَاسِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يَحْمِلُ أَوَاسِطَ النَّاسِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ (قَوْلُهُ شِدَّةُ جُذَامٍ) لَا تُشْتَرَطُ الشِّدَّةُ وَالْمَدَارُ عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهِ جُذَامًا وَلَوْ لَمْ يُتَضَرَّرْ مِنْ رَائِحَتِهِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت فَقَالَ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِيمَنْ تَضُرُّ رَائِحَتُهُ ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِ الشِّدَّةِ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ بَهْرَامُ لِلتَّضَرُّرِ بِرَائِحَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 لِئَلَّا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَتُجْمِعُ الْجَذْمَى فِي مَوْضِعِهِمْ بِلَا أَذَانٍ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَبِيبِ عَلَيْهِمْ السَّعْيَ إلَيْهَا قَالَ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فِيهَا خَاصَّةً وَلِلسُّلْطَانِ مَنْعُهُمْ مِنْ غَيْرِهَا الْمَازِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ وَهَذَا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ مَوْضِعًا يَتَمَيَّزُونَ فِيهِ أَمَّا لَوْ وَجَدُوهُ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ ضَرَرُهُمْ بِالنَّاسِ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ الْمَكَانُ تَجْرِي فِيهِ الْجُمُعَةُ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ النَّاسِ وَمِثْلُ الْجُذَامِ الْبَرَصُ الْمُضِرُّ الرَّائِحَةِ وَمِنْهَا شِدَّةُ الْمَرَضِ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ وَمِثْلُهُ كِبَرُ السِّنِّ وَمِنْهَا التَّمْرِيضُ لِمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَيُخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ لَكِنْ تَمْرِيضُ الْقَرِيبِ الْخَاصِّ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ تَمْرِيضِهِ ضَيَاعٌ، وَأَمَّا الْقَرِيبُ غَيْرُ الْخَاصِّ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ تَمْرِيضَهُ كَتَمْرِيضِ الْأَجْنَبِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ أَنَّ التَّمْرِيضَ الْمُسْقِطَ هُوَ مَا يَحْصُلُ بِتَرْكِهِ هَلَاكُ الْمَرِيضِ وَلَوْ قَرِيبًا خَاصًّا وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَمِنْهَا إشْرَافُ قَرِيبٍ عَلَى الْمَوْتِ وَنَحْوِهِ مِنْ صَدِيقٍ وَشَيْخٍ وَزَوْجَةٍ وَمَمْلُوكٍ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِأَنَّ تَخَلُّفَهُ لَيْسَ لِأَجْلِ تَمْرِيضِهِ بَلْ لِمَا عُلِمَ مِمَّا يَدْهَمُ الْقَرَابَةَ بِشِدَّةِ الْمُصِيبَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَيَجُوزُ التَّخَلُّفُ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ مَيِّتٍ مِنْ إخْوَانِهِ مِمَّا يَكُونُ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ خَافَ ضَيَاعَهُ أَوْ تَغَيُّرَهُ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِشْرَافُ قَرِيبٍ غَيْرُ قَوْلِهِ وَتَمْرِيضٍ (ص) وَخَوْفٌ عَلَى مَالٍ، أَوْ حَبْسٌ، أَوْ ضَرْبٌ (ش) أَيْ وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ الْخَوْفُ مِنْ ظَالِمٍ، أَوْ غَاصِبٍ، أَوْ نَارٍ عَلَى مَالٍ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لَهُ بَالٌ بِأَنْ يُجْحَفَ بِهِ وَكَذَلِكَ خَوْفٌ عَلَى عِرْضٍ، أَوْ دِينٍ كَخَوْفِ إلْزَامِ قَتْلِ رَجُلٍ، أَوْ ضَرْبِهِ، أَوْ يَمِينِ بَيْعَةِ ظَالِمٍ أَوْ خَوْفِ حَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ فَقَوْلُهُ، أَوْ حَبْسٌ وَمَا بَعْدَهُ بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى: خَوْفٌ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَالٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَالتَّقْدِيرُ، أَوْ خَوْفُ حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ قَالَ بَعْضٌ وَكَأَنَّ سَبَبَ عَطْفِهِمَا بِأَوْ خَوْفُ تَوَهُّمِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَكْفِي مُنْفَرِدًا (ص) وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ، أَوْ حَبْسُ مُعْسِرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ خَوْفَ الْغَرِيمِ الْمُعْسِرِ أَنْ يَسْجُنَهُ غُرَمَاؤُهُ لِيَثْبُتَ عُسْرُهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ بَاطِنِ حَالِهِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ السِّجْنُ فَهُوَ مَظْلُومُ الْبَاطِنِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ سَحْنُونَ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ بِمَا تَقَدَّمَ فَحَقُّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَتُجْمِعُ الْجَذْمَى) أَيْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ جَمَاعَةً، جَمْعُ أَجْذَمَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمَكَانُ تُجْزِئُ فِيهِ الْجُمُعَةُ) وَلَوْ الطُّرُقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجُمُعَةَ تُجْزِئُ فِي الطُّرُقِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ) تَصْوِيرٌ لِشِدَّةِ الْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ يَشُقُّ جِدًّا كَمَا فِي شَرْحِ شب وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا تَعَذَّرَ مَعَهُ الْإِتْيَانُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ كِبَرُ السِّنِّ) لَكِنْ يَنْبَغِي لُزُومُهَا لِقَادِرٍ عَلَى مَرْكُوبٍ لَا يُجْحَفُ كَالْحَجِّ قَالَهُ الْمَنُوفِيُّ (فَائِدَةٌ) الْمَرَضُ قِيلَ نُقْصَانُ الْقُوَّةِ، وَقِيلَ اخْتِلَالُ الطَّبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا أَفَادَهُ شَرْحُ شب وَالْمُرَادُ بِالضَّيْعَةِ أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ فِي نَارٍ مَثَلًا أَوْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَشُ بَلْ خَوْفُ الضَّيْعَةِ أَعَمُّ (قَوْلُهُ إشْرَافُ قَرِيبٍ) وَأَوْلَى مَوْتُ كُلٍّ قَالَ عج: وَالْحَاصِلُ أَنَّ شِدَّةَ مَرَضِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَأَوْلَى إشْرَافُ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْمَوْتِ، وَأَمَّا الصَّدِيقُ فَلَا يُبِيحُ شِدَّةُ مَرَضِهِ التَّخَلُّفَ وَيُبِيحُهُ الْإِشْرَافُ (قَوْلُهُ: مِنْ صَدِيقٍ) قَالَ تت وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الصَّاحِبُ غَيْرُ الصَّدِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ عج وَلِقَرِيبِ الْمَرِيضِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ إذَا بَلَغَهُ مَا يَخْشَى مِنْهُ الْمَوْتَ وَقَدْ اسْتَصْرَخَ عُمَرُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بَعْدَ تَأَهُّبِهِ لِلْجُمُعَةِ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إلَيْهِ بِالْعَقِيقِ اهـ. قُلْت وَفِي الْمَدْخَلِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنَهُ فَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِمَّنْ كَانَ يُحَافِظُ عَلَى السُّنَّةِ إذَا جَاءُوا بِالْمَيِّتِ إلَى الْمَسْجِدِ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَيَأْمُرُ أَهْلَهُ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى دَفْنِهِ وَيُعَلِّمُهُمْ أَنَّ الْجُمُعَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُمْ إنْ لَمْ يُدْرِكُوهَا بَعْدَ دَفْنِهِ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى مُحَافَظَتِهِ عَلَى السُّنَّةِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى الْبِدْعَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ. إلَخْ فِيهِ تَصْدِيقٌ لِقَوْلِ بَعْضِ عُلَمَاءِ عَصْرِنَا: إنَّ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ دَفْنَهُ، وَتَكْذِيبٌ لِمَنْ كَذَّبَهُ مِمَّنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ بَلْ إنَّهُ لَا أَعْلَمَ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ أَنَّ السُّنَّةَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ الضَّيَاعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِشْرَافِ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُمْ إذَا دَخَلُوا وَقْتَ الْخُطْبَةِ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالذَّهَابِ لِدَفْنِهِ وَحَرَّرَهُ قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: مِمَّا يَدْهَمُ الْقَرَابَةَ) أَيْ الْأَقَارِبَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ دَهَمَهُمْ الْأَمْرُ يَدْهَمُهُمْ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ نَفَعَ فَاجَأَهُمْ فَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَقَوْلُهُ: بِشِدَّةٍ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ لِمَا يَفْجَأُ الْأَقَارِبَ مِنْ شِدَّةِ الْمُصِيبَةِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: ابْنُ رُشْدٍ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٌ أَوْ ضَرْبٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَاصِبٌ) هُوَ نَفْسُ الظَّالِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينُ بَيْعَةِ ظَالِمٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ أَيْ كَخَوْفِ إلْزَامِ يَمِينِ بَيْعَةِ ظَالِمٍ بِأَنْ يَقُولَ الَّذِي يُرِيدُ التَّوْلِيَةَ احْلِفُوا لِي عَلَى أَنَّكُمْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْ تَحْتِ يَدِي وَلَا مِنْ تَحْتِ حُكْمِي وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلدِّينِ وَمِثَالُ الْعِرْضِ خَوْفٌ مِنْ سَبٍّ أَوْ قَذْفٍ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَوْ خَوْفٌ عَلَى حَبْسٍ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ أَيْ وَهُوَ أَظْهَرُ وَأَصَحُّ (قَوْلُهُ: لِيَثْبُتَ عُسْرُهُ) فَلَوْ كَانَ ثَابِتَ الْعُسْرِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخَلُّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ لِفَسَادِ الْحَالِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّخَلُّفُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ قَالَا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ بَاطِنِ حَالِهِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سِجْنٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] فَهُوَ مَظْلُومُ الْبَاطِنِ مَحْكُومٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 مَوْضِعَ الْأَصَحِّ الْمُخْتَارُ بَلْ لَوْ قَالَ كَحَبْسِ مُعْسِرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْمُخْتَارِ لَطَابَقَ النَّقْلَ وَكَانَ أَظْهَرَ (ص) وَعُرْيً (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ عَدَمَ وِجْدَانِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ الَّتِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا (ص) وَرَجَاءُ عَفْوِ قَوَدٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا خَشَى - إنْ ظَهَرَ - عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْإِهْلَاكِ بِسَبَبِ دَمٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَيَرْجُو بِتَخَلُّفِهِ الْعَفْوَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، ثُمَّ إنَّ الْقَوَدَ يَشْمَلُ النَّفْسَ وَغَيْرَهَا وَكَذَا سَائِرُ مَا يُفِيدُ فِيهِ الْعَفْوُ مِنْ الْحُدُودِ كَحَدِّ الْقَذْفِ عَلَى تَفْصِيلِهِ بِخِلَافِ مَا لَا يُفِيدُ فِيهِ الْعَفْوُ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا (ص) وَأَكْلُ كَثُومٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَكْلُ مَا تُؤْذِي رَائِحَتُهُ كَثُومٍ قَبْلَ إنْضَاجِهِ بِالنَّارِ وَفُجْلٍ لِإِيذَاءِ جُشَائِهِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ خَبِيثَةٌ، وَأَكْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا إذَا أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَجُوزُ لِآكِلِهِ الدُّخُولُ فِيهِ، أَوْ يُكْرَهُ قَوْلَانِ، ثُمَّ إنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ رَائِحَةَ الْمَأْكُولِ فَلَا يَحْرُمُ وَمِمَّا يُزِيلُ رَائِحَةُ الثُّومِ وَنَحْوِهِ مَضْغُ السَّعَفِ وَالسَّعْتَرِ (ص) كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ بِلَيْلٍ (ش) هَذَا مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجُمُعَةِ إذْ لَا تَكُونُ لَيْلًا (ص) لَا عِرْسٍ (ش) هُوَ بِالْكَسْرِ اسْمُ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَبِالضَّمِّ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ الْعُرُسُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِهَا الِابْتِنَاءُ بِالزَّوْجَةِ فَإِنْ قُرِئَ بِالْكَسْرَةِ فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا ابْتِنَاءِ عِرْسٍ وَإِنْ قُرِئَ بِالضَّمِّ فَلَا تَقْدِيرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ لَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ لَا حَقَّ لِلزَّوْجَةِ فِي إقَامَةِ زَوْجِهَا عِنْدَهَا بِحَيْثُ يُبِيحُ ذَلِكَ تَخَلُّفَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي حُضُورِهِ وَلَا مَضَرَّةَ عَلَيْهَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّخَلُّفِ قَالَهُ مَالِكٌ (ص) ، أَوْ عَمًى (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْعَمَى لَا يَكُونُ عُذْرًا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَهْتَدِي إلَى الْجَامِعِ أَوْ عِنْدَهُ مَنْ يَقُودُهُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ وَلَوْ وَجَدَ قَائِدًا بِأُجْرَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (ص) ، أَوْ شُهُودِ   [حاشية العدوي] عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: لَطَابَقَ النَّقْلَ) مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا لَيْسَ إلَّا مُخْتَارَ اللَّخْمِيِّ لَا مُخْتَارَ غَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ وَكَانَ أَظْهَرَ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ وَالْأَظْهَرُ. . إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِحَبْسِ الْمُعْسِرِ لَا بِمَنْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ عَدَمَ وِجْدَانِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ) قَضِيَّةُ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ السَّوْأَتَيْنِ فَقَطْ يَجِبُ عَلَيْهِ الذَّهَابُ لِلْجَامِعِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَالَ شَيْخُ عج: أَيْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ فَقَطْ إذْ هُوَ الْوَاجِبُ لَا جَمِيعَ الْجَسَدِ فَإِنْ وَجَدَهُ وَلَوْ بِكِرَاءٍ أَوْ إعَارَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَحُضُورُ الْجُمُعَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلصَّلَاةِ اهـ. (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ قَالَ عج: قُلْت: وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْعُذْرَ عَدَمُ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ فَقَطْ لَا جَمِيعَ الْجَسَدِ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ثَوْبًا يَسْتُرُ جَسَدَهُ وَلَكِنَّهُ يَزْرِي بِمِثْلِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فَمَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ. وَقَالَ مُحَشِّي تت كُلُّ مَنْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ وَغَيْرِهِمْ يُفَسِّرُونَهُ بِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَأَقُولُ مُقْتَضَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعِرْضِ صِحَّةُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ بَعْضَ مَنْ شَرَحَهُ فَسَّرَ الْعُرْيَ بِأَنَّهُ عَدَمُ مَا يُلْبَسُ مِثْلُهُ وَقَالَ بَعْضٌ: إنَّهُ مَعَ الْعُرْيِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ وَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيرَ أَوْ يَسْتَتِرَ بِالنَّجَسِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِإِعَارَةٍ أَوْ طَلَبٍ أَوْ نَجَسٍ وَحْدَهُ أَوْ لَا لِكَوْنِهَا لَهَا بَدَلٌ فَهُوَ أَخَفُّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِذَا أَعْطَى لَهُ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَلَوْ إعَارَةً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ قَبُولِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمِنَّةٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَحَدِّ الْقَذْفِ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ. (قَوْلُهُ: وَأَكْلُ كَثُومٍ) مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ الرَّائِحَةَ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ قَوْلَانِ) فَرْضُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ جَمَاعَةً مِنْ دَرْسٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَإِلَّا حَرُمَ أَيْ إذَا تَأَذَّوْا بِرَائِحَتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ بِمُزِيلٍ وَانْظُرْ وَلَوْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ أَوْ لَا لِحُرْمَتِهَا عَلَى الرَّجُلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ يُكْرَهُ أَوْ يَسْتَاكُ بِهَا لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ لِتَعَيُّنِهَا لَا لِغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ كَرَاهَةُ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالثُّومِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي عب وَفِي جَوَازِ دُخُولِ آكِلِهِ الْمَسْجِدَ بِغَيْرِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى آكِلِهِ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ. . . إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَوَرَاءَ ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُ بِهِ الرَّائِحَةَ فَتَسْقُطُ عَنْهُ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْلُ كَثُومٍ إخْرَاجُ بَذِيءِ اللِّسَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَبَعْضِ الْمُجَاوِرِينَ بِالْأَزْهَرِ وَنَقَلَهُ عَنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ (قَوْلُهُ عَاصِفَةٍ) أَيْ شَدِيدَةٍ وَلَيْسَ مِنْهَا شِدَّةُ الْبَرْدِ وَلَا شِدَّةُ الرِّيحِ وَالشَّمْسِ إلَّا أَنْ تَكُونَ رِيحًا حَارَّةً بِحَيْثُ تَذْهَبُ بِمَاءِ الْقِرَبِ وَالْأَسْقِيَةِ فَيَكُونُ عُذْرًا لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمِصْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ) رَاجِعٌ لِلطَّعَامِ فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ مُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى ذَلِكَ فِي حَالَةِ الْكَسْرِ وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ اسْمًا لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ مُؤَنَّثًا لَا غَيْرَ وَيُطْلَقُ الْعِرْسُ بِالْكَسْرِ عَلَى رَجُلِ الْمَرْأَةِ عَلَى قِلَّةٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمِصْبَاحِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ يُذَكَّرُ فَقَطْ إذَا أُرِيدَ مِنْهُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ) فِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ لَا الدَّعْوَةُ إلَى طَعَامِ وَلِيمَةٍ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا نَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا إذْ هُوَ حَقٌّ لَهَا بِالسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَهُ مَنْ يَقُودُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُرْشَدُ إلَى الْمَسَاجِدِ إذَا خَرَجَ لِسِكَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَ قَائِدًا بِأُجْرَةٍ) أَيْ لَا تُجْحِفُ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 عِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَا يُبَاحُ لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ دَاخِلَ الْبَلَدِ، أَوْ خَارِجَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (الْإِمَامُ) فِي التَّخَلُّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَيْسَ حَقًّا لَهُ وَلَمَّا كَانَ الْخَوْفُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُغَيِّرَاتِ أَيْضًا جَمَعَهُمَا لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا وَأَخَّرَهُ عَنْهَا لِشِدَّةِ تَغَيُّرِهِ وَإِبَاحَةِ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ فَقَالَ (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ حُكْمُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَصِفَتُهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنَّ لَهُ صَلَاةً تَخُصُّهُ كَالْعِيدِ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الصِّفَةُ أَيْ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ نَوْعَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) رُخِّصَ لِقِتَالٍ جَائِزٍ أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضِ قِسْمِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُبَاحُ قَسْمُ الْمُقَاتِلِينَ قِسْمَيْنِ لِقِتَالٍ وَاجِبٍ كَقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْبَغْيِ، أَوْ مُبَاحٍ كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ لَا حَرَامٍ كَقِتَالِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْهَزِيمَةِ الْمَمْنُوعَةِ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ بِبَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ عَلَى الْأَشْهَرِ بِشَرْطِ أَنْ يُمْكِنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضِ الْمُقَاتِلِينَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ عَلَى أَقْسَامِ التَّيَمُّمِ مِنْ رَاجٍ وَمُتَرَدِّدٍ وَآيِسٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّفْرِقَةُ وَخَافُوا إنْ اشْتَغَلُوا بِالصَّلَاةِ دَهَمَهُمْ الْعَدُوُّ وَانْهَزَمُوا صَلَّوْا عَلَى مَا يُمْكِنُهُمْ رِجَالًا وَرُكْبَانًا كَمَا يَأْتِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ يَمْنَةً، أَوْ يَسْرَةً، أَوْ خَلْفَ أَوْ مُقَابَلَةَ الْقِبْلَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ) أَيْ صَلَاةَ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَارِجَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ بِالصَّحْرَاءِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ كَانَ بَيْتُهُ دَاخِلَ الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ. . إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ إذْنُهُ لَهُمْ فِي التَّخَلُّفِ. وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ وَأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهُ وَعِبَارَةُ تت أَوْ شُهُودُ عِيدٍ أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إذَا وَافَقَ يَوْمَهَا لَا يُبَاحُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَسْكَنُ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ دَاخِلَ الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَهُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَعَطَاءٍ فِي الْأَوَّلِ وَلِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ فِي الثَّانِي أَيْ لِمَا فِي رُجُوعِ أَهْلِ الْقُرَى الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنْ شُغْلِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْمِصْرِ أَيْ وَكَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ دَاخِلَهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَإِذَنْ قَوْلُ الشَّارِحِ: عَلَى الْمَشْهُورِ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ دَاخِلَ الْبَلَدِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ فِي دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ، وَالتَّعْبِيرُ (بِأَنْ) يُفِيدُ أَنَّهُ خَارِجُ الْمَذْهَبِ (فَصْلٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ) [فَصْلٌ صَلَاةِ الْخَوْف] لَمْ يَحُدَّ الْمُصَنِّفُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا غَيْرُهُمَا قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَيُمْكِنُ رَسْمُهَا بِأَنَّهَا فِعْلُ فَرْضٍ مِنْ الْخَمْسِ وَلَوْ جُمُعَةً مَقْسُومًا فِيهِ الْمَأْمُومُونَ قِسْمَيْنِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَمَعَ عَدَمِهِ لَا قِسْمٌ فِي قِتَالٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ جَمَعَهُمَا لِاشْتِرَاطِ. . .) لَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَهُ عَقِبَ الْجُمُعَةِ جَمْعٌ لَهُمَا إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ جَمْعَهُمَا ذِكْرُ أَحَدِهِمَا عَقِبَ الْآخَرِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ خِلَافُهُ فَلَوْ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَالْجُمُعَةِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُغَيِّرَاتِ وَيُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ فِيهِمَا وَأَخَّرَهُ عَنْهَا لِشِدَّةِ تَغَيُّرِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يُبَاحُ. . . إلَخْ) تَبِعَ الشَّيْخَ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ جَعَلَهَا مُبَاحَةً وَقَالَ لَيْسَتْ سُنَّةً وَلَا فَرْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَقِيلَ إنَّهَا مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ قِسْمَيْنِ) تَسَاوَيَا أَوْ لَا كَثُرَا أَوْ قَلَّا كَثَلَاثَةٍ يُصَلِّي اثْنَانِ وَيَحْرُسُ الثَّالِثُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَالذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ) أَيْ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَالْبَغْيِ) أَيْ الْمُسْلِمُونَ الْبُغَاةُ أَيْ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَاحٍ كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ) فَإِنْ قُلْتَ: حِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ قُلْت مَعْنَى وُجُوبِهِ لَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بِنَحْوِ إحْرَاقٍ، وَأَمَّا تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْهُ فَلَا مَا لَمْ يَحْصُلْ مُوجِبٌ لِتَحْرِيمِهِ كَأَنْ يَخَافَ تَلَفَ نَفْسِهِ إنْ مَكَّنَ غَيْرَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْهَزِيمَةُ الْمَمْنُوعَةُ) هِيَ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ عِنْدَ بُلُوغِ الْمُسْلِمِينَ النِّصْفَ وَهُوَ الْفِرَارُ الْمُحَرَّمُ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ الْقَسْمُ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُحَرَّمِ عَنْ الْجَائِزِ وَمَثَّلَ شَيْخُنَا لَهَا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَتُصَلِّي جَمَاعَةٌ وَتَمْكُثُ جَمَاعَةٌ تَنْتَظِرُ الْعَدُوَّ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ جَاءَ لَغَزَوْا وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَزِيمَةَ الْجَائِزَةَ تَابِعَةٌ لِلْقِتَالِ لَا قِتَالٌ حَقِيقَةً، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَكْرُوهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمَتْنُ فِي الْبَاغِيَةِ بِقَوْلِهِ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَمُوَرِّثِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ شب وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تُصَلِّي فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يُمْكِنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضِ الْمُقَاتِلِينَ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: لِبَعْضِ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِأَمْكَنَ وَبِتَرْكِهِ لَكِنْ إنْ عُلِّقَ بِأَمْكَنَ كَانَ الْبَعْضُ هُنَا تَارِكًا أَيْ أَمْكَنَ لِبَعْضٍ تَرْكُهُ لِقِيَامِ الْبَعْضِ الْآخَرَ بِهِ وَإِنْ عُلِّقَ بِتَرْكٍ كَانَ الْبَعْضُ هُنَا مَتْرُوكًا إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكُهُ لِقِيَامِ بَعْضٍ بِهِ وَاللَّامُ عَلَى الْأَوَّلِ مُعَدِّيَةٌ وَعَلَى الثَّانِي لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ) أَيْ فِي الْبَعْضِ التَّارِكِ مُقَاوَمَةَ الْعَدُوِّ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّائِفَةِ الَّتِي دَخَلَتْ مَعَهُ أَوَّلًا أَيْضًا أَنَّهَا تُقَاوِمُهُ (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَ عج وَلَا تُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا حَيْثُ لَمْ يَرْجُ انْكِشَافَ الْعَدُوِّ قَبْلَ ذَهَابِ الْوَقْتِ فَإِنْ رَجَا انْكِشَافَهُ انْتَظَرَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَرُكْبَانًا. . . إلَخْ) كَمَا يَأْتِي لَكِنْ فِي حَالَةِ عَدَمِ إمْكَانِ قَسْمِهِمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا مُطْلَقًا رُكْبَانًا أَوْ مُشَاةً، وَأَمَّا فِي حَالَةِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى دَوَابِّهِمْ إيمَاءً وَبِإِمَامٍ. اعْلَمْ أَنَّ صَلَاتَهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ إنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ احْتَاجُوا لِذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُمْ وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا وَلَوْ عَلَى خُيُولِهِمْ وَإِنْ أَمْكَنَ قَسْمُهُمْ فَيُصَلُّونَ وَلَوْ بِإِمَامٍ رُكْبَانًا وَمُشَاةً (قَوْلُهُ: يَمْنَةً) أَيْ يَمْنَةَ الْقِبْلَةِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَمْنَةَ الْقِبْلَةِ، وَيَسْرَةَ الْقِبْلَةِ وَخَلْفَ الْقِبْلَةِ وَمُقَابِلَ الْقِبْلَةِ، وَمَعْنَى خَلْفَ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْعَدُوَّ مُسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةِ وَمَعْنَى مُقَابَلَةَ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْعَدُوَّ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 كَمَا كَانَ بِعُسْفَانَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُشَاةً، أَوْ رُكْبَانًا عَلَى دَوَابِّهِمْ إنْ احْتَاجُوا لِذَلِكَ وَتَكُونُ صَلَاتُهُمْ إيمَاءً وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ، أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ قِسْمَيْنِ) وَإِذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي الْحَضَرِ وَمَعَهُمْ مُسَافِرُونَ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ السَّفَرِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ حُكْمُ صَلَاتِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ أَهْلُ السَّفَرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَتَقَدَّمَ الْحَضَرِيُّ انْتَهَى. وَتَقْدِيمُ السَّفَرِيِّ يُفْهَمُ مِنْ تَأْكِيدِ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّخْصَةِ هُنَا الْإِبَاحَةُ (ص) وَعِلْمُهُمْ (ش) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْلِمَ الْقَوْمَ كَيْفَ يَفْعَلُونَ حَيْثُ خَافَ التَّخْلِيطَ كَمَا فِي ح، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَوْفَ يَشْمَلُ مَا إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ، أَوْ تَوَهَّمَهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ التَّخْلِيطَ لَا يَجِبُ وَلَكِنْ يُنْدَبُ (ص) وَصَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (ش) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعِلْمُهُمْ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ إذَا قَسَمَهُمْ فَمَا كَيْفِيَّةُ مَا يَفْعَلُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ صَلَّى وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَفَاعِلُ صَلَّى هُوَ الْإِمَامُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ز (ص) بِالْأَوْلَى فِي الثُّنَائِيَّةِ رَكْعَةً وَإِلَّا فَرَكْعَتَيْنِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِصَلَّى كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِأَذَانٍ كَذَلِكَ وَالْبَاءُ فِي بِأَذَانٍ بِمَعْنَى مَعَ وَفِي بِالْأَوْلَى لِلْمُلَابَسَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً فِيمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً كَالصُّبْحِ وَالسَّفَرِيَّةِ إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ حَاضِرًا أَوْ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي الْمُسَافِرُ مِمَّنْ خَلْفَهُ فِي السَّفَرِيَّةِ بِرَكْعَةٍ وَالْحَاضِرُ بِثَلَاثٍ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً بَلْ كَانَتْ ثُلَاثِيَّةً كَالْمَغْرِبِ، أَوْ رُبَاعِيَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ خَلْفَهُ مُسَافِرٌ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ (ص) ، ثُمَّ قَامَ سَاكِتًا، أَوْ دَاعِيًا أَوْ قَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَهُوَ   [حاشية العدوي] قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وِجَاهَ. . . إلَخْ مَعْنَاهُ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ تَشْتِيتُ الضَّمِيرِ فَالْمُنَاسِبُ تَرْجِيحُ الضَّمِيرِ لِمَنْ يَقْسِمُ وَالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ مَنْ يَقْسِمُ وَهُوَ الْإِمَامُ وَالْمُسْلِمُونَ وِجَاهَ بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا بِمَعْنَى مُسْتَقْبِلِينَ لِلْقِبْلَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَعَدُوا تُجَاهَهُ وَوُجَاهَهُ أَيْ مُسْتَقْبِلِينَ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ حِلُّ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ فَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ مَنْ يَقْسِمُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لَمْ يَلْزَمْ تَشْتِيتٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ الرَّدُّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ وَالْعَدُوُّ فِي قِبْلَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَقْسِمُونَ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ الرَّدُّ إلَّا لَوْ جُعِلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ أَيْ الْمُسْلِمُونَ الْقَاسِمُونَ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ أَيْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْعَدُوِّ لَكَانَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَهَذِهِ صُورَةُ اتِّفَاقٍ عَلَى التَّقْسِيمِ فِيهَا (قَوْلُهُ كَمَا كَانَ بِعُسْفَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَرْيَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ حِينَ كَانَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي غَزْوَةِ عُسْفَانَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ) قَالَ عج: وَإِمَامُهُمْ يُصَلِّي إيمَاءً وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَؤُمُّ الْمُومِئَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَحَاصِلُ مَا هُنَاكَ أَنَّهُمْ هُنَا يُصَلُّونَ عَلَى الدَّوَابِّ إيمَاءً مَعَ الْقَسْمِ لِإِمْكَانِهِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ أَفْذَاذًا لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ وَمَعَهُمْ مُسَافِرُونَ) أَيْ كَثِيرُونَ. (قَوْلُهُ: الْإِبَاحَةُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُنْدَبُ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُعْلِمَهُ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ كَيْفِيَّتَهَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْفَظِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى بِأَذَانٍ) فِي شَرْحِ عب وشب بِأَذَانٍ اسْتِنَانًا فِي حَضَرٍ كَسَفَرٍ إنْ كَثُرُوا أَوْ طَلَبُوا غَيْرَهُمْ وَإِلَّا فَنَدْبًا اهـ. ثُمَّ قَالَ شب وَإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ فَإِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّ الْقَوْمَ فِي السَّفَرِ يُنْدَبُ لَهُمْ الْأَذَانُ إذَا لَمْ يَطْلُبُوا غَيْرَهُمْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرُوا (قَوْلُهُ: اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا) اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ الِاسْتِئْنَافَ الْبَيَانِيَّ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ أَيْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ النَّحْوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا لِلِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ وَإِنْ أَرَادَ النَّحْوِيَّ نَافَى الْمَوْضُوعَ (قَوْلُهُ: وَفِي بِالْأُولَى لِلْمُلَابَسَةِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْمُلَابِسَ لِلشَّيْءِ مُصَاحِبٌ لَهُ فَتَرْجِعُ لِلْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَالصُّبْحِ) أَيْ وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْجُمُعَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى يُصَلُّونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَفْذَاذًا وَلَا يَسْتَخْلِفُونَ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى فَاتَهُ فِعْلُهَا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَحْدَهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْخُطْبَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ فِي الطَّائِفَتَيْنِ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِقِيَامِهِ لِلثَّانِيَةِ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِالْأُولَى بِحَيْثُ لَوْ تَعَمَّدَ مُبْطِلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْرِي الْخَلَلُ فِي صَلَاتِهِمْ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ إمَامٌ بِكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَ) أَيْ بِهِمْ مُؤْتَمِّينَ إلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ ثُمَّ يُفَارِقُونَهُ فَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ عَمْدًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ كَهُوَ وَسَهْوًا أَوْ غَلَبَةً اسْتَخْلَفَ هُوَ أَوْ هُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ ثُمَّ يَثْبُتُ الْمُسْتَخْلِفُ وَيُتِمُّ مَنْ خَلَفَهُ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْدَثَ وَلَوْ عَمْدًا بَعْدَ تَمَامِ قِيَامِهِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ دَاعِيًا) الْأَوْلَى بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فِي الثُّنَائِيَّةِ) إنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا (بَقَامَ) كَانَ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَامِ، وَإِنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا (بِقَارِئًا) أَفَادَهُ فَالْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِهِ وَلَوْ زَادَ وَاوًا فَقَالَ أَوْ وَقَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 أَنَّهُ فِي الثُّنَائِيَّةِ يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ قَائِمًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ جُلُوسٍ لَكِنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ: السُّكُوتِ وَالدُّعَاءِ وَمِثْلُهُ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ، وَالْقِرَاءَةِ بِمَا يُعْلِمُ أَنَّهُ لَا يُتِمُّهَا حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ كَالثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ فَهَلْ يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ أَيْضًا قَائِمًا وَعَلَيْهِ فَيَسْكُتُ، أَوْ يَدْعُو وَلَا يَقْرَأُ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ هُنَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَقَدْ يَفْرُغُ مِنْهَا قَبْلَ مَجِيءِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ لَا تَتَكَرَّرُ فِي رَكْعَةٍ، أَوْ يَنْتَظِرُهَا وَهُوَ جَالِسٌ لِأَنَّهُ مَحَلُّ جُلُوسٍ سَاكِتًا، أَوْ دَاعِيًا وَإِنْ كَانَ الدُّعَاءُ فِي الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ مَكْرُوهًا فَقَدْ يُتَّفَقُ هُنَا عَلَى جَوَازِهِ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ فَحَكَى صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ مُطَرِّفٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَ لِابْنِ وَهْبٍ مَعَ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى قِيَامِهِ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَعَكَسَ ابْنُ بَزِيزَةَ فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى اسْتِمْرَارِهِ جَالِسًا هُنَا وَفِي قِيَامِهِ فِي الثُّنَائِيَّةِ قَوْلَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَصَحُّ لِمُوَافَقَتِهَا الْمُدَوَّنَةَ (ص) وَأَتَمَّتْ الْأُولَى وَانْصَرَفَتْ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ (ش) هَذَا بَيَانٌ لِمَا تَفْعَلُهُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ يَعْنِي أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى إذَا صَلَّى بِهِمْ الْإِمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ وَالرَّكْعَةَ فِي الثُّنَائِيَّةِ فَإِنَّهَا تُتِمُّ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ الصَّلَاةِ أَفْذَاذًا وَسَلَّمَتْ وَانْصَرَفَتْ وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ كَمَا ذَكَرَهُ التَّتَّائِيُّ (ص) وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ أَوْ بَعْضٌ فَذًّا جَازَ (ش) لَمَّا كَانَ إيقَاعُ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ جَائِزًا اتِّفَاقًا أَشَارَ إلَى صِفَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَإِنْ كَانَتَا مُخْتَصَّتَيْنِ بِالْخَوْفِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْمَ إذَا صَلُّوا بِإِمَامَيْنِ بِأَنْ صَلَّتْ الْأُولًى بِإِمَامِهَا الصَّلَاةَ كَامِلَةً وَالْأُخْرَى وِجَاهَ الْعَدُوِّ ثُمَّ سَلَّمَتْ وَقَامَتْ وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الْأُخْرَى بِإِمَامِهَا وَصَلَّتْ الصَّلَاةَ كُلَّهَا أَوْ صَلَّى بَعْضٌ فَذًّا وَالْبَاقِي بِإِمَامٍ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ أَوْ صَلَّى الْجَمِيعُ أَفْذَاذًا جَازَ (ص) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَّرَ وَالْآخَرُ الِاخْتِيَارِيُّ وَصَلَّوْا إيمَاءً (ش) هَذَا إشَارَةٌ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ صَلَاةُ الْمُسَايَفَةِ فَهُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ سَابِقًا: أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُ الْجَمَاعَةِ وَلَا تَفْرِقَتُهُمْ لِكَثْرَةِ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ وَرَجَوْا انْكِشَافَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ بِحَيْثُ يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ أَخَّرُوا اسْتِحْبَابًا فَإِذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ صَلَّوْا إيمَاءً عَلَى خُيُولِهِمْ وَيُؤَمُّونَ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَوْ كَانُوا طَالِبِينَ لِأَنَّ أَمْرَهُمْ إلَى الْآنَ مَعَ عَدُوِّهِمْ لَمْ يَنْقَضِ وَلَا يَأْمَنُوا رُجُوعَهُمْ أَيْ فَهُمْ خَائِفُونَ فَوْتَ الْعَدُوِّ وَلِحُصُولِ الْخَوْفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ كَانُوا طَالِبِينَ لَا يُصَلُّونَ إلَّا بِالْأَرْضِ صَلَاةَ أَمْنٍ قَوْلُهُ وَصَلَّوْا إيمَاءً أَيْ مُنْفَرِدِينَ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُمْ الصَّلَاةُ رَاكِعِينَ وَسَاجِدِينَ ذَكَرَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَشَرْحِهَا وَتَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ وَانْظُرْ هَلْ بِإِمَامٍ أَوْ أَفْذَاذًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قُصُورٌ (ص) كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ يَنْتَظِرُهَا وَهُوَ جَالِسٌ) وَعَلَيْهِ فَمُفَارَقَةُ الْأُولَى بِتَمَامِ تَشَهُّدِهِ الشَّهَادَتَيْنِ كَمَا فِي تت وَيُعْلِمُهُمْ ذَلِكَ بِإِشَارَةٍ أَوْ جَهْرِهِ بِآخِرِهِ. (تَنْبِيهٌ) : لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ قِيَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفِي هَذِهِ وَجُلُوسِهِ فِيهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَعِبَارَةُ الْبَدْرِ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَوْلُهُ: وَفِي قِيَامِهِ أَيْ هَلْ يَتَعَيَّنُ الْجُلُوسُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْقِيَامُ. (قَوْلُهُ: وَانْصَرَفَتْ) وَالْمُعْتَبَرُ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ مِنْ الطَّائِفَةِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِصَلَاتِهِ مَعَ الثَّانِيَةِ إتْمَامَ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ مِنْ الْأُولَى وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ) أَيْ بِاسْتِخْلَافِهِمْ أَمْ لَا أَيْ مَعَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَكَانَ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانَ وَيُجَابُ بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ قَدْ لَا تَضُرُّ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَرْأَةِ إذَا نَوَتْ الْإِمَامَةَ، وَمَا تَأْتِي بِهِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَضَاءً لَا بِنَاءً كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ فَيَقْرَءُونَ فِيهِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ) أَيْ أَوْ بِأَئِمَّةٍ وَكَانَ يَنْبَغِي تَفْرِيعُهُ بِالْفَاءِ كَمَا هُوَ صَنِيعُ ابْنِ الْمَوَّازِ فَيَكُونُ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِ رُخِّصَ وَقَالَ عج: ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُومَ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنَّمَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ مَضَى وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ هُنَا بِمَعْنَى السُّنَّةِ، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا فَمَعْنَاهُ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى الْجَمِيعُ أَفْذَاذًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِمَامَيْنِ أَوْ بَعْضٍ فَذًّا (قَوْلُهُ: لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ) الَّذِي فِي النَّصِّ لِآخِرِ الْوَقْتِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الِاخْتِيَارِيُّ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ هَارُونَ الضَّرُورِيَّ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَيِّنَ الْمَنْصُوصَ ثُمَّ يَذْكُرَ بَحْثَهُ فَيَقُولَ لِآخِرِ الْوَقْتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الِاخْتِيَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَصَلَّوْا إيمَاءً) فَإِنْ قِيلَ لِمَ يُصَلُّونَ هُنَا إيمَاءً أَفْذَاذًا وَفِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ يُصَلُّونَ إيمَاءً مُقْتَدِينَ بِالْإِمَامِ قُلْت: لِأَنَّ مَشَقَّةَ الِاقْتِدَاءِ هُنَا أَشَدُّ مِنْ مَشَقَّتِهِ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَرَجَوْا الِانْكِشَافَ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَرْجُوا الِانْكِشَافَ فَيُقَدِّمُونَ (قَوْلُهُ: أَخَّرُوا اسْتِحْبَابًا) أَيْ كَذَا يَنْبَغِي قِيَاسًا عَلَى الرَّاجِي لِلْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ تَقْرِيرٌ لِبَعْضِهِمْ (قُلْت) وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُشَابِهَةٌ لِمَسْأَلَةِ الرُّعَافِ أَيْ بِمَنْ رَعَفَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ يُفِيدُ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ لِقَوْلِ ابْنِ نَاجِي لَا يَبْعُدُ إجْرَاؤُهُ عَلَى الرَّاعِفِ يَتَمَادَى بِهِ الدَّمُ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ: فَوْتَ الْعَدُوِّ) أَيْ خَائِفُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ الْعَدُوُّ أَيْ خَائِفُونَ أَنْ لَا يُمْكِنَهُمْ غَلَبَتُهُ وَقَهْرُهُ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْخَوْفِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ الْمَخُوفِ أَوْ مُتَعَلِّقِ الْخَوْفِ وَهُوَ فَوْتُ غَلَبَةِ الْعَدُوِّ فِي الْمُسْتَقْبِلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُنْفَرِدِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ الصَّلَاةُ قِسْمًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا حَيْثُ. . . إلَخْ) أَيْ وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ إيمَاءً حَيْثُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَنْظِيرٌ. . . إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ أَيْ حَيْثُ كَانَ فِي الرِّسَالَةِ وَشَرْحِهَا فَتَنْظِيرٌ. . . إلَخْ وَانْظُرْ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ الْقَسْمُ وَيُمْكِنُ الْقَوْمَ أَنْ يُصَلُّوا طَائِفَتَيْنِ كُلُّ طَائِفَةٍ بِإِمَامٍ وَالظَّاهِرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 (ش) يَعْنِي أَنَّهُمْ إذَا افْتَتَحُوا صَلَاتَهُمْ آمَنِينَ ثُمَّ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ فِي أَثْنَائِهَا فَبَادَرُوا إلَى رُكُوبِ دَوَابِّهِمْ فَإِنَّهُمْ يُكْمِلُونَهَا عَلَى حَسَبِ مَا يَسْتَطِيعُونَ مِنْ إيمَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْبَاءُ فِي بِهَا لِلظَّرْفِيَّةِ وَالضَّمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ ق كَأَنْ دَهَمَهُمْ أَيْ بَغَتَهُمْ وَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ فِي قَوْلِهِ رُخِّصَ لِقِتَالٍ جَائِزٍ أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضٍ وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ قَسَمَهُمْ قِسْمَيْنِ كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا أَيْ فَيَقْسِمُهُمْ قِسْمَيْنِ إنْ أَمْكَنَ وَفِي قَوْلِهِ وَصَلَّوْا إيمَاءً كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا فَيُكْمِلُونَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاتِهِمْ فَيَصِيرُ بَعْضُهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبَعْضُهَا إيمَاءً خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُمْ لَا يَبْنُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَقْطَعُونَ وَهَذَا مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَإِلَّا وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى طَائِفَةٍ وَطَائِفَةٌ تَثْبُتُ مَعَهُ (ص) وَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ مَشْيٌ وَرَكْضٌ وَطَعْنٌ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ وَكَلَامٌ وَإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَيْ وَحَلَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ مَا هُوَ حَرَامٌ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَشْيٍ كَثِيرٍ وَرَكْضٍ وَهُوَ تَحْرِيكُ الرِّجْلِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَشْيِ وَلِذَا عَطَفَهُ عَلَيْهِ وَطَعْنٌ بِرُمْحٍ وَرَمْيٌ بِنَبْلٍ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ لِلْقِبْلَةِ وَكَلَامٌ لِغَيْرِ إصْلَاحِهَا وَلَوْ كَثُرَ كَتَحْذِيرِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُرِيدُهُ أَوْ أَمْرُهُ بِقَتْلِهِ وَإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَظَاهِرُهُ كَانَ بِدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ فِي غَنِيَّةٍ عَنْهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (ص) وَإِنْ أَمِنُوا بِهَا أُتِمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ (ش) ضَمِيرُ (بِهَا) عَائِدٌ عَلَى صَلَاةِ الْخَوْفِ مُطْلَقًا كَانَتْ صَلَاةَ مُسَايَفَةٍ أَوْ قَسْمٍ وَنَائِبُ فَاعِلِ أُتِمَّتْ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ أَيْ إنْ سَفَرِيَّةً فَسَفَرِيَّةٌ وَإِنْ حَضَرِيَّةً فَحَضَرِيَّةٌ وَصَلَاةَ أَمْنٍ حَالٌ أَمَّا صَلَاةُ الْمُسَايَفَةِ فَحُكْمُهَا ظَاهِرٌ يُتِمُّ كُلُّ إنْسَانٍ صَلَاتَهُ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْقَسْمِ فَإِنْ حَصَلَ الْأَمْنُ مَعَ الْأُولَى قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا اسْتَمَرَّتْ مَعَهُ وَلَا بَأْسَ بِدُخُولِ الثَّانِيَةِ مَعَهُ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ حَصَلَ الْأَمْنُ مَعَ الثَّانِيَةِ وَقَدْ فَارَقَتْهُ الْأُولَى رَجَعَ إلَيْهِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَمَنْ أَتَمَّ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ أَجْزَأَتْهُ وَمَنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ أَمْهَلَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْإِمَامُ مَا صَلَّاهُ الْمَأْمُومُ، ثُمَّ يَقْتَدِي بِهِ (ص) وَبَعْدَهَا لَا إعَادَةَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ أَيْ وَإِنْ أَمِنُوا بَعْدَهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي إدْخَالُ الْفَاءِ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِأَنَّ حَذْفَهَا شَاذٌّ وَمِنْهُ حَدِيثُ اللُّقَطَةِ «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتَعَ بِهَا» وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْذُوفٌ مَعَ الْفَاءِ وَهُوَ غَيْرُ شَاذٍّ أَيْ فَالْحُكْمُ لَا إعَادَةَ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُبْتَدَأِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَوْ ظَاهِرًا كَمَا هُنَا (ص) كَسَوَادٍ   [حاشية العدوي] أَنَّهُ يُصَلِّي كُلُّ طَائِفَةٍ بِإِمَامٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ إيمَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) لَا يَتِمُّ مَعَ قَوْلِهِ فَبَادَرُوا إلَى رُكُوبِ دَوَابِّهِمْ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ عَلَى دَوَابِّهِمْ لَا تَكُونُ إلَّا إيمَاءً وَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ الْجَوَاهِرِ أَوْ يُقَالُ فَبَادَرُوا أَيْ جِنْسُهُمْ الْمُتَحَقِّقُ فِي الْبَعْضِ أَيْ وَالْمُرَادُ مُبَادَرَةُ الْبَعْضِ لَا حَقِيقَةُ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي) هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ بَشِيرٍ بِأَوْضَحَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ لَوْ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ أَمْنٍ فَطَرَأَ الْخَوْفُ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَالْحُكْمُ أَنْ تَقْطَعَ طَائِفَةٌ وَتَكُونُ وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِاَلَّذِي مَعَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ مَعَهُمْ عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إنْ شَرَعَ فِيهِ حَتَّى رَكَعَ أَوْ سَجَدَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ طَائِفَةٍ وَيُتِمُّ بِالْأُولَى وَتُصَلِّي الثَّانِيَةُ لِأَنْفُسِهَا إمَّا أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: كَتَحْذِيرٍ. . . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا بُدَّ أَنْ يَحْتَاجَ لَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كَالتَّحْذِيرِ وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ التَّسْجِيعُ وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَالرَّجَزُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ تَوْهِينُ الْعَدُوِّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَانَ فِي غَنِيَّةٍ عَنْهُ أَمْ لَا) إلَّا أَنَّ ابْنَ شَاسٍ قَدْ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غِنًى عَنْهُ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ، وَمَشَى عَلَيْهِ عب وَظَاهِرُ مُحَشِّي تت اعْتِمَادُهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَالَ تُصَلِّي بِإِمَامٍ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَوَجَّهَهُ فِي الطِّرَازِ بِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ الْإِحْرَامَ صَلَاةَ خَوْفٍ وَكَانَ إتْمَامُهَا أَمْنًا بِحُكْمِ الْحَالِ صَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ جَالِسًا ثُمَّ يَصِحُّ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَقَامَ فَإِنَّهُ لَا يُحْرِمُ أَحَدٌ خَلْفَهُ قَائِمًا (قَوْلُهُ: رَجَعَ إلَيْهِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَسْبُوقًا مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ) أَيْ عَقَدَ رَكْعَةً انْتَظَرَ الْإِمَامَ حَتَّى يَفْعَلَ مَا فَعَلَهُ ثُمَّ يَقْتَدِي بِهِ فِيمَا بَقِيَ وَلَوْ السَّلَامَ فَإِنْ خَالَفَ بِأَنْ فَعَلَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَلَّمَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ خَالَفَ وَأَعَادَ مَعَ الْإِمَامِ مَا فَعَلَهُ حَالَ الْمُفَارَقَةِ حَمَلَهُ الْإِمَامُ عَنْهُ إنْ كَانَ سَهْوًا لَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَذَا فِي عب وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ أَوْ سَلَّمُوا قَبْلَهُ تَبْطُلُ مُطْلَقًا عَامِدِينَ أَوْ جَاهِلِينَ أَوْ نَاسِينَ وَانْظُرْ الْفِقْهَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ الْبُطْلَانُ مَعَ النِّسْيَانِ. (تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إذَا فَرَّقَ الرِّيحُ السُّفُنَ ثُمَّ اجْتَمَعَتْ فَلَا يَرْجِعُ إلَى الْإِمَامِ مَنْ عَمِلَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا أَوْ اسْتَخْلَفَ قَالَ عج: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُمْ هُنَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِخْلَافُ كَانَ ارْتِبَاطُهُمْ بِالْإِمَامِ أَشَدَّ مِمَّنْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ فِي السُّفُنِ، وَإِذَا حَصَلَ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى سَهْوٌ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ الْإِمَامَ ثُمَّ حَصَلَ الْأَمْنُ قَبْلَ سَلَامِهِمْ وَرَجَعُوا لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُمْ وَيَسْجُدُونَ الْقَبْلِيَّ قَبْلَ سَلَامِهِمْ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ سَلَامِهِمْ، وَانْظُرْ لَوْ سَهَا الْإِمَامُ وَحْدَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ لَهُ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِ هَلْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ تَبَعًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَمْهَلَ) فِي الْمِصْبَاحِ أَمْهَلَهُ أَنْظَرَهُ فَتَقُولُ أَمْهَلْتُهُ أَيْ أَنْظَرْتُهُ أَيْ أَخَّرْتُ طَلَبَهُ اهـ. فَيَكُونُ عَلَى هَذَا اسْتَعْمَلَ الشَّارِحُ أَنْظَرَ فِي مَعْنَى انْتَظَرَ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ أَوْ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى أُنْظِرَ أَيْ أُخِّرَ أَيْ أَمَرَهُ الشَّارِعُ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ حَدِيثُ اللُّقَطَةِ) أَيْ وَمِنْ الْحَذْفِ الشَّاذِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجُمْلَةُ اسْمِيَّةً حَدِيثُ اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي الْمُبْتَدَأِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ ك وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَحْذُوفَ هُنَا الْفَاءُ مَعَ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ غَيْرُ نَادِرٍ أَيْ فَالْحُكْمُ لَا إعَادَةَ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَيْ وَإِلَّا فَأَنْتَ اسْتَمْتِعْ بِهَا وَوُقُوعُ الْجُمْلَةِ الطَّلَبِيَّةِ خَبَرًا جَائِزٌ، وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ مَا يُفِيدُ هَذَا. (تَنْبِيهٌ) : وَعَارَضَهَا ابْنُ نَاجِي بِالْمُضْطَرِّ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَفَرَّقَ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَرَدَ الْإِذْنُ فِيهَا بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 ظُنَّ عَدُوًّا فَظَهَرَ نَفْيُهُ (ش) أَيْ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْخَوْفِ مُحَقَّقًا، أَوْ مَظْنُونًا كَسَوَادٍ فُسِّرَ بِالشَّخْصِ وَبِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ وَبِالْعَامَّةِ مِنْ النَّاسِ ظُنَّ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ عَدُوًّا يُخَافُ فَصَلَّوْا صَلَاةَ الِالْتِحَامِ، أَوْ صَلَاةَ الْقَسْمِ فَظَهَرَ نَفْيُهُ أَيْ نَفْيُ الظَّنِّ، أَوْ نَفْيُ الْخَوْفِ مِنْهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ بَيْنَهُمَا نَهْرًا، أَوْ نَحْوَهُ فَلَا إعَادَةَ فَإِنْ قُلْت لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ قُلْنَا نَعَمْ فِيمَا يُؤَدِّي لِتَعْطِيلِ حُكْمٍ لَا فِيمَا غَيَّرَ كَيْفِيَّةً قُلْت فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ الْخَائِفِ مِنْ لِصٍّ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ يَظْهَرُ نَفْيُهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِشَرْطٍ (ص) وَإِنْ سَهَا مَعَ الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَهَا مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى سَهْوًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِهِ سُجُودٌ سَجَدَتْ لِلسَّهْوِ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاتِهَا لِنَفْسِهَا، الْقَبْلِيُّ قَبْلَ سَلَامِهَا وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَهُ وَجَازَ سُجُودُهَا قَبْلَ إمَامِهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ سُجُودٌ قَبْلِيٌّ وَكَانَ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا فَإِنَّهَا تُغَلِّبُ جَانِبَ النَّقْصِ (ص) وَإِلَّا سَجَدَتْ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ الثَّانِيَةَ بِأَنْ سَهَا مَعَهَا، أَوْ مَعَ الْأُولَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ لُزُومِ السُّجُودِ لِلْمَسْبُوقِ الْمُدْرِكِ لِرَكْعَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرَكْ مُوجِبُهُ سَجَدَتْ كَمَا يَسْجُدُ الْمَسْبُوقُ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ قَبْلَ إتْمَامِ مَا عَلَيْهَا وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْأُولَى سُجُودٌ لِسَهْوِهِ مَعَ الثَّانِيَةِ لِانْفِصَالِهَا عَنْ إمَامٍ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى تُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ إذَا سَهَا الْإِمَامُ مَعَهَا وَأَنَّ الثَّانِيَةَ تُخَاطَبُ بِهِ سَوَاءٌ سَهَا مَعَ الْأُولَى، أَوْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ (ص) وَإِنْ صَلَّى فِي ثُلَاثِيَّةٍ، أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلِّ رَكْعَةٍ بَطَلَتْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ الْقَسْمِ الْمَسْنُونِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ قِسْمَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَسَّمَ الْقَوْمَ أَقْسَامًا عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فِي الثُّلَاثِيَّةِ، أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْقَوْمِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ فَارَقَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ وَهِيَ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا رَكْعَتَيْنِ وَأَيْضًا فَقَدْ صَارُوا يُصَلُّونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَفْذَاذًا وَقَدْ كَانَ وَجَبَ أَنْ يُصَلُّوهَا مَأْمُومِينَ وَالطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ إذْ صَارُوا كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ فَوَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْبِنَاءِ، ثُمَّ رَكْعَةَ الْقَضَاءِ فَذًّا فَقَدْ فَعَلَ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّالِثَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ لِمُوَافَقَتِهِمْ بِهَا سُنَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الرَّابِعَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ لِأَنَّهُمْ كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَيَأْتِي بِالثَّلَاثِ رَكَعَاتٍ قَضَاءً   [حاشية العدوي] قُرْآنًا وَسُنَّةً فَلِذَلِكَ لَمْ يُعِدْ إذَا أَمِنُوا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ لِلْمُضْطَرِّ لَمْ يَرِدْ فِيهَا الْإِذْنُ بِالصَّرَاحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ بِاجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ فَلِذَلِكَ كَانَ إذَا زَالَ الِاضْطِرَارُ بِالْوَقْتِ تُصَلَّى وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَسَّرَ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ تت فَسَّرَ السَّوَادَ فِي الصِّحَاحِ بِالشَّخْصِ ثُمَّ بِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَيْضًا زَادَ فِي الْقَامُوسِ وَمِنْ النَّاسِ عَامَّتُهُمْ اهـ. وَلَعَلَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا تت وَقَرَّرَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَصِحُّ أَيُّ مَعْنًى مِنْ تِلْكَ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ، وَالْعَامَّةُ خِلَافُ الْخَاصَّةِ، وَالْجَمْعُ عَوَامُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ، قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ كَسَوَادٍ أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعَوَامّ ظُنُّوا عَدُوًّا. (قَوْلُهُ: نَفْيُهُ) أَيْ الظَّنِّ مَعْنَاهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَدُوًّا وَإِلَّا فَالظَّنُّ وَاقِعٌ وَرَفْعُهُ مُحَالٌ أَيْ فَظَهَرَ نَفْيُ مُتَعَلِّقِ الظَّنِّ أَوْ أَرَادَ بِالظَّنِّ الْمَظْنُونَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَبَيَّنَ. . . إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نَفْيُ الْخَوْفِ مِنْهُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْ تَبَيَّنَ نَفْيُ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْخَوْفُ وَاقِعٌ وَرَفْعُ الْوَاقِعِ مُحَالٌ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ. . . إلَخْ) ، وَفَرْقٌ آخَرُ بِأَنَّ الْعَدُوَّ يَطْلُبُ النَّفْسَ وَاللِّصَّ يَطْلُبُ الْمَالَ غَالِبًا وَحُرْمَةُ النَّفْسِ أَقْوَى مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ وَلَا يَرُدُّ السَّبُعَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ النَّفْسَ لَكِنَّ دَفْعَهُ عَنْ مَطْلُوبِهِ يَحْصُلُ بِأَيْسَرَ مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْعَدُوُّ فَإِنَّ السَّبُعَ يَنْدَفِعُ بِصَوْتِ الدِّيكِ وَنَحْوِهِ كَنَقْرِ الطَّسْتِ وَمِنْ الْهِرِّ وَيَتَحَيَّرُ عِنْدَ رُؤْيَةِ النَّارِ وَلَا يَدْنُو مِنْ الْمَرْأَةِ الطَّامِثِ وَلَوْ بَلَغَ الْجَهْدَ وَكَذَلِكَ بِغَضِّ الْبَصَرِ مَعَ التَّخَشُّعِ وَبِإِعْطَائِهِ مَا يُجْزِئُهُ مِنْ اللَّحْمِ وَجَرِّ حَبْلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: الْخَائِفِ مِنْ لِصٍّ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ إذَا خَافَ سَبُعًا عَلَى الْمَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا سَبُعَ. (قَوْلُهُ: سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا) فَإِنْ لَمْ يَسْجُدُوا وَسَجَدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثٍ سُنَنٍ وَطَالَ ثُمَّ إنْ كَانَ مُوجِبُ السُّجُودِ مِمَّا لَا يَخْفَى كَالْكَلَامِ أَوْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَشِبْهِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِشَارَتِهِ لَهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى أَشَارَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ سَبَّحَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بِهِ كَلَّمَهَا إنْ كَانَ النَّقْصُ مِمَّا يُوجِبُ الْبُطْلَانَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا يَنْبَغِي قَرَّرَهُ عج عب (قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبَ. . . إلَخْ) هَذَا حِلٌّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ لَا بِحَسَبِ ظَاهِرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَلَعَلَّ عُدُولَ الشَّارِحِ عَنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِكَوْنِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ تَفُوتُهُ صُورَةُ مَا إذَا سَهَا مَعَ الْأُولَى فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ فِيهَا وَلَوْ نَظَرَ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ مُخَاطَبَةُ الثَّانِيَةِ بِالسُّجُودِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَهَا مَعَهَا أَوْ مَعَ الْأُولَى) أَيْ أَوْ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَيْ بِأَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَهْوًا (قَوْلُهُ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ) وَانْظُرْ لَوْ أَخَّرَتْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْبُوقِ ثُمَّ إنَّهَا تَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ وَلَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُمْ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَقَطْ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَلَّى. إلَخْ) وَصَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بَاطِلَةٌ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: هَذَا مَفْهُومُ الْقِسْمِ الْمَسْنُونِ) الَّذِي قَدَّمَهُ الْإِبَاحَةُ فَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ جَهْلًا) أَيْ لَا سَهْوًا، لَا يَخْفَى أَنَّ صُدُورَ مِثْلِ ذَلِكَ سَهْوًا بَعِيدٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ سَحْنُونَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ الْإِمَامِ وَبَقِيَّةِ الطَّوَائِفِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُشَبِّهًا فِي الْبُطْلَانِ بِقَوْلِهِ (كَغَيْرِهِمَا عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ كَبُطْلَانِ غَيْرِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ فِيهِمَا وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّابِعَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ. وَكَذَا صَلَاةُ الْإِمَامِ أَيْضًا عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) إلَى تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِقَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَهُوَ قَصْرُ الْبُطْلَانِ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الرَّبَاعِيَةِ دُونَ مَا عَدَاهُمَا وَدُونَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوَّلِ الْمُصَدَّرُ بِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ الْمَذْهَبُ (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ صَلَاةُ الْعِيدِ حُكْمًا وَكَيْفِيَّةً وَمُخَاطَبًا بِهَا وَوَقْتًا وَمَنْدُوبًا وَمَوْضِعًا قِيلَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَالْمُعَاوَدَةُ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ لِأَوْقَاتِهِ وَلَا يَرِدُ مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ فَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدُ الْمُؤْمِنِينَ فَمِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَتَبَادَرْ الذِّهْنُ إلَى الْجُمُعَةِ أَلْبَتَّةَ إذْ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُ وَجْهِ التَّسْمِيَةِ وَقِيلَ لِعَوْدِهِ بِالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ عَلَى النَّاسِ، وَالْعِيدُ أَيْضًا مَا عَادَ مِنْ هَمٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ قُلِبَتْ يَاءً كَمِيزَانٍ وَجُمِعَ بِهَا وَحَقُّهُ أَنْ يُرَدَّ لِأَصْلِهِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ وَأَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَهِيَ سَنَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَمَشْرُوعِيَّةِ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَأَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَاسْتَمَرَّ مُوَاظِبًا عَلَيْهَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا (ص) سُنَّ لِعِيدٍ رَكْعَتَانِ لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ أَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ وَقِيلَ كِفَايَةٍ وَيُؤْمَرُ بِهَا مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَيَخْرُجُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُسَافِرُ وَمَنْ هُوَ خَارِجُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمِصْرِ فَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِمْ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَمَا يَأْتِي وَيَخْرُجُ الْحَاجُّ بِمِنًى لَكِنْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ صَلَاتُهَا لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ وُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بَلْ وَلَا لِلْمُقِيمِينَ بِمِنًى مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْحَاجَّ بِمِنًى لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ بِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْأَخَوَيْنِ) مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ [فَصْلٌ صَلَاةُ الْعِيدِ] (قَوْلُهُ: حُكْمًا) أَيْ بِقَوْلِهِ سُنَّ وَكَيْفِيَّةً بِقَوْلِهِ وَافْتَتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ. . . إلَخْ وَمُخَاطَبًا بِهَا وَهُوَ مَنْ يُؤْمَرُ بِهَا بِقَوْلِهِ لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ وَوَقْتًا بِقَوْلِهِ: مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ وَمَنْدُوبًا بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ. . . إلَخْ وَمَوْضِعًا بِأَنْ أَرَادَ مَوْضِعَ إيقَاعِهَا بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ إيقَاعُهَا بِهِ أَيْ بِالْقَضَاءِ إلَّا بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ) أَرَادَ الِاشْتِقَاقَ الْأَكْبَرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَاوَدَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ يَتَكَرَّرُ لِأَوْقَاتِهِ) أَيْ فِي أَوْقَاتِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ وَقْتٌ وَالْوَقْتُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَسَكَتَ لَكَانَ أَحْسَنَ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ فِي شَرْحِ شب لِتَكَرُّرِهِ فِي نَفْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَسَمَّحَ فِي قَوْلِهِ لِأَوْقَاتِهِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْوَقْتِ مَا لَاصَقَهُ كَآخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: فَمِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يُقَالُ بِالنَّظَرِ لِلْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ. . . إلَخْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ) أَيْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ بِدَلِيلٍ. وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ. . . إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَرِدُ. . . إلَخْ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ اطِّرَادُ وَجْهِ التَّسْمِيَةِ أَيْ عِلَّةُ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةً يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا بَلْ مُجَرَّدُ إبْدَاءِ مُنَاسَبَةٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِعَوْدِهِ بِالْفَرَحِ) أَيْ وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يَعُودَ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ النَّاسِ وَلَيْسَتْ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ مُتَبَايِنَةً (قَوْلُهُ وَالْعِيدُ أَيْضًا مَا عَادَ مِنْ هَمٍّ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى الْيَوْمِ الْمَعْرُوفِ وَعَلَى مَا عَادَ وَيَدْخُلُ فِي الْغَيْرِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ وَلَا تَقْصُرُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْفَرَحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجَازٌ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ أَوْ تَشْبِيهٌ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ (قَوْلُهُ: عِيدُ الْفِطْرِ) وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى عِيدِ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ سَنَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا. . . إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُتَقَدِّمَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ وَمَا قَدْرُ الْأَكْثَرِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: لِعِيدٍ) أَيْ فِي عِيدٍ وَفِي شَرْحِ شب لِأَجْلِ عِيدٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ أَيْ جِنْسُ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا آكَدَ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ) الْمُرَادُ مَأْمُورُهَا وُجُوبًا وَهُوَ الذَّكَرُ الْحُرُّ الْمُتَوَطِّنُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ الدَّاخِلُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ (قَوْلُهُ: سُنَّةُ عَيْنٍ) وَقِيلَ بِفَرْضِيَّتِهَا عَيْنًا وَكِفَايَةً (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُسْتَحَبُّ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اسْتِحْبَابِهَا نَظِيرَ الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ وَمَنْ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ. . إلَخْ) أَيْ وُقُوفَهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قَائِمٌ مَقَامَ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا لِلْمُقِيمِينَ بِمِنًى) ظَاهِرُهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُسَنُّ مَعَ أَنَّ أَشْهَبَ قَالَ مَنْ صَلَّاهَا مِنْ أَهْلِ مِنًى الَّذِينَ لَيْسُوا بِحُجَّاجٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى كَلَامِهِ ثُمَّ أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَوَجْهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ إلَخْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ غَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ وَلِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْحَاجِّ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَنْ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ فَإِنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا اسْتِنَانًا وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ وَقْتَ الْعِيدِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ وَهُوَ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ وَانْتِهَاؤُهُ لِلزَّوَالِ فَلَا تُقْضَى بَعْدَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَوَّلُ وَقْتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ فَاتَ قُلْت يُؤْخَذُ مِنْ اسْتِحْبَابِ إقَامَتِهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ أَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ قُلْت قَدْ يُقَالُ إنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا بِشَرْطِ إيقَاعِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَهَا لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ (ص) وَلَا يُنَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ (ش) أَيْ لَا يُنْدَبُ وَلَا يُسَنُّ بَلْ هُوَ جَائِزٌ وَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي أَنَّهُ بِدْعَةٌ يَرُدُّهُ الْحَدِيثُ فَإِنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَادَى بِهِ فِيهَا وَفِي: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ نَصْبُهُمَا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي عَلَى الْحَالِ أَيْ: الْزَمُوا الصَّلَاةَ حَالَ كَوْنِهَا جَامِعَةً، وَرَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَرَفْعُ الْأَوَّلِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَنَصْبُ الثَّانِي عَلَى الْحَالِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ الصَّلَاةُ حَضَرَتْ حَالَ كَوْنِهَا جَامِعَةً وَنَصْبُ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَرَفْعُ الثَّانِي عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الْزَمُوا الصَّلَاةَ وَهِيَ جَامِعَةٌ وَالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ نَائِبُ فَاعِلِ يُنَادَى وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى آخَرِ جُزْءٍ مِنْهُ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا اشْتِغَالُ الْمَحَلِّ بِحَرَكَةِ الْحِكَايَةِ (ص) وَافْتَتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ بِالْإِحْرَامِ، ثُمَّ بِخَمْسٍ غَيْرَ الْقِيَامِ مُوَالٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مِنْ عَلَى كَفَرْسَخٍ) أَيْ مِنْ فِي كَفَرْسَخٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ وَفِي شَرْحِ شب وَغَيْرِهِ وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ الَّذِي صَلَّاهَا عَقِبَ الطُّلُوعِ بِمَنْزِلَةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَقُولُ وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ السَّبَبِ نَعَمْ كَتَبَ شَيْخُنَا فَقَالَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ أَيُّ مَانِعٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى النَّفْلِ فَيَصِحُّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا أَنَّهَا تُكْرَهُ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ وَقْتُهَا ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ إلَخْ أَيْ وَقْتُهَا الْمُسْتَحَبُّ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لَلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ) وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوَّلُ وَقْتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ) أَيْ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ قَيْدَ رُمْحٍ لَا عِنْدَ الطُّلُوعِ وَيُسَنُّ عِنْدَهُ تَأْخِيرُهَا لِارْتِفَاعِهِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةَ عَيْنٍ لَكَانَ مَنْ فَاتَتْهُ تُسَنُّ فِي حَقِّهِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُسَنُّ بَلْ تُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ إيقَاعِهَا مَعَ الْإِمَامِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ تُسَنُّ فِي حَقِّ مَأْمُورِ الْجُمُعَةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُوقِعَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ إيقَاعَهَا مَعَ الْإِمَامِ تُسَنُّ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ إيقَاعَهَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ بَلْ تُنْدَبُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِشَرْطِ إيقَاعِهَا أَيْ إرَادَةِ إيقَاعِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالشَّيْءِ قَبْلَ حُصُولِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَكَوْنُ الْمُرَادِ تَقَعُ سُنَّةً إذَا حَصَلَ إيقَاعُهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُرَادَ الطَّلَبُ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى الْفِعْلِ وَبَعْدَ هَذَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَمَاعَةَ مَنْدُوبَةٌ فِي السُّنَنِ وَلَوْ رَاتِبَةً كَوِتْرٍ وَعِيدٍ فَلَا يَظْهَرُ جَعْلُهَا شَرْطًا فِي السُّنِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ إنَّهُ قَبْلَ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً يُسَنُّ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ وَقَعَ أَنَّهُ صَلَّاهَا وَحْدَهُ فَقَدْ فَاتَتْهُ السُّنَّةُ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُصَلَّى فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي جَمَاعَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَحَرِّرْ. (تَنْبِيهٌ) : لَا تُصَلَّى الْعِيدَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَكَمَا يُشْتَرَطُ فِي إمَامِ الْفَرِيضَةِ كَوْنُهُ غَيْرَ مُعِيدٍ كَذَلِكَ الْعِيدُ فَلَا تَصِحُّ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي مَحَلٍّ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا ثُمَّ جَاءَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أَنْ يُصَلِّيَ إمَامًا بِأَهْلِهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَقْتَدَوْا بِهِ أُعِيدَتْ مَا لَمْ يَحْصُلْ الزَّوَالُ مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ جَائِزٌ) أَيْ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ يَرُدُّهُ الْحَدِيثُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُعْقَلُ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ مَعَ فِعْلِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَفِعْلُهُ رَاجِحُ الْفِعْلِ وَفِي عج أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ مَا فِي شَارِحِنَا وَشَارِحُنَا تَابَعَ اللَّقَانِيِّ الَّذِي هُوَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا فعج يُنْكِرُهَا أَيْ يُنْكِرُ الصِّحَّةَ وَيَقُولُ بِوُرُودِهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَاللَّقَانِيُّ يُثْبِتُهَا وَحِلُّ عب يَقْتَضِي تَرْجِيحَ كَلَامِ عج وعج يَقُولُ إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَمَعْنَى الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَيْ طَالِبَةٌ جَمْعَ الْمُكَلَّفِ إلَيْهَا وَإِسْنَادُ الْجَمْعِ لَهَا مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الطَّالِبَ هُوَ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ وَافْتَتَحَ) أَيْ نَدْبًا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَجَزَمَ بِهِ اللَّقَانِيِّ وعج وَالْمُرَادُ بِالِافْتِتَاحِ الْإِتْيَانُ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَفْتَتِحُ إلَّا بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ بِخَمْسٍ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ افْتَتَحَ الثَّانِيَةَ بِخَمْسٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ غَيْرَ الْقِيَامِ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ سَابِقَةٌ عَلَى الِافْتِتَاحِ وَلَا يَتْبَعُ الْإِمَامَ إنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِ أَوْ الْخَمْسِ سَنَدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ وَالْخَطَأُ لَا يُتَّبَعُ فِيهِ وَظَاهِرُهُ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَلَا يُتَّبَعُ أَيْضًا فِي نَقْصِ التَّكْبِيرِ بَلْ يُكْمِلُ الْمَأْمُومُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِ فَفِي شَرْحِ شب الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُزِيدُ وَلَيْسَ كَتَكْبِيرِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ تَكْبِيرَ الْجِنَازَةِ انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ اهـ. أَقُولُ الظَّاهِرُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ ابْنُ نَاجِي اتَّفَقَتْ الشُّيُوخُ عَلَى قَوْلِهِمْ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا غَيْرَ الْقِيَامِ وَلَمْ يُنَاسِبُوا بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَقُولُوا يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سِتًّا غَيْرَ الْإِحْرَامِ أَوْ يَقُولُوا يُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ سِتًّا بِالْقِيَامِ وَكَانَ شَيْخُنَا يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ لَمَّا كَانَتْ يُؤْتَى بِهَا فِي حَالِ الْقِيَامِ فَهِيَ كَالْمُغَايِرَةِ لِمَا بَعْدَهَا فَنَاسَبَ التَّعْبِيرُ فِيهَا بِغَيْرِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَمَّا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالتَّكْبِيرِ وَالْجَمِيعُ مِنْ قِيَامٍ نَاسَبَ أَنْ يَجْمَعَهَا بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ فَإِنَّهَا فِي حَالِ الْقِيَامِ قَبْلَ الِاسْتِقْلَالِ وَأَيْضًا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فَرْضٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ كَوْنُهَا مِنْ التَّكْبِيرِ الْمُخْتَصِّ بِالْعِيدِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ فَنَاسَبَ إخْرَاجُهَا مِنْ نَوْعِهَا. (قَوْلُهُ مُوَالًى) أَيْ وَيَكُونُ التَّكْبِيرُ مُوَالًى أَوْ حَالٌ عَلَى مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ أَيْ حَالٌ مِنْ التَّكْبِيرِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَكِنْ لَا عَلَى لَفْظِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ وَهُوَ الْجَمْعُ وَكَأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ بِلَا قَوْلٍ وَتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ لَمْ يَسْمَعْ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ يُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبِخَمْسٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا بِمَنْ يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ كَالْحَنَفِيَّةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضٌ تَأْخِيرُهُ تَبَعًا لَهُ كَتَأْخِيرِ الْقُنُوتِ وَالسُّجُودِ الْقَبْلِيِّ لِمَنْ يَرَى ذَلِكَ وَيَكُونُ التَّكْبِيرُ مُوَالًى مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ آحَادِهِ إلَّا أَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَهَا بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمَأْمُومِ بِلَا قَوْلٍ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَيَكُونُ تَكْبِيرُ الْمَأْمُومِ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ إنْ سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمَأْمُومِ، أَوْ مِنْ الْمُسْمِعِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مِمَّنْ ذُكِرَ لِخَفَاءِ صَوْتِهِ، أَوْ بُعْدِهِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّاهُ أَيْ يُقَدِّرُ بِعَقْلِهِ وَيَفْرِضُ لِنَفْسِهِ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ كَبَّرَ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ وَأَنَّهُ فَصَلَ بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ وَهَذَا بِخِلَافِ التَّأْمِينِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَتَحَرَّاهُ وَلَا يُؤَمِّنُ خَلَفَ الْإِمَامِ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْهُ لِأَنَّهُ تَأْمِينٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَالتَّكْبِيرُ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ التَّكْبِيرُ سُنَّةً كَانَ أَقْوَى مَطْلُوبِيَّةً مِنْ التَّأْمِينِ وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُؤَلِّفُ بِكَوْنِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الِافْتِتَاحِ لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّهُ قَبْلَهَا، وَبَاءُ بِالْإِحْرَامِ لِلصَّيْرُورَةِ أَيْ صَيْرُورَةِ التَّكْبِيرِ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَيْسَ سَبَبًا لِلسَّبْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَلَا لِلْمَعِيَّةِ وَلَا لِلْمُصَاحَبَةِ وَلَا لِلْمُلَابَسَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ التَّكْبِيرَاتُ ثَمَانِيَةً كَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْمُصَاحِبَ وَالْمُلَاصِقَ وَالْمُلَابِسَ غَيْرُ الْمُصَاحَبِ وَالْمُلَاصَقِ وَالْمُلَابَسِ (ص) وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ بَعْدَهُ وَإِلَّا تَمَادَى وَسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا حَتَّى قَرَأَ فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ بِالِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى التَّكْبِيرِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْقِيَامُ وَلَمْ يَفُتْ، فَإِذَا رَجَعَ فَكَبَّرَ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ التَّكْبِيرِ وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ بِذِكْرِ السُّجُودِ لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ لَهُ غَيْرَ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ وَعَنْ تَقْيِيدِ السَّاجِدِ بِغَيْرِ الْمُؤْتَمِّ لِوُضُوحِ أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ انْحَنَى تَمَادَى إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَأَحْرَى لَوْ رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ   [حاشية العدوي] قَالَ يَجْمَعُ فِي التَّكْبِيرِ وَإِلَّا لَقَالَ مُوَالَيَاتٌ وَأَصْلُهُ مُوَالِيًا تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حُذِفَتْ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنِينَ وَهُمَا الْأَلِفُ وَالتَّنْوِينُ أَيْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ آحَادِ التَّكْبِيرِ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ) قَالَ شب فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ بِقَدْرِهِ وَلَا يُتَابِعُ خَشْيَةَ التَّخْلِيطِ عَلَى الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ بِلَا قَوْلٍ) أَيْ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ فَيُكْرَهُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَنُدِبَ مُتَابَعَةُ إمَامٍ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّهْذِيبُ (قَوْلُهُ وَتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ) اُنْظُرْ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلْمُتَابَعَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُسْمَعْ أَيْ لَا مِنْ إمَامٍ وَلَا مِنْ مَأْمُومٍ وَلَا مِنْ مُسْمِعٍ فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ تَكْبِيرِهِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ يَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ لِنَقْصِ وَاحِدَةٍ سَهْوًا قَبْلَ السَّلَامِ وَلِزِيَادَتِهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضٌ تَأْخِيرُهُ إلَخْ) الْبَعْضُ هُوَ الْحَطَّابُ وَرُدَّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَلَا يَلْتَفِتُ لِإِمَامِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ لِلْقُنُوتِ يَلْزَمُ عَلَيْهَا عَدَمُ تَبَعِيَّتِهِ فِي رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَهُوَ الرُّكُوعُ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ عج مِنْ قَوْلِهِ قُلْت ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَكْثَرِهِمْ أَوْ جَمِيعِهِمْ إلَّا مَا شَذَّ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَهَا سَوَاءٌ اقْتَدَى بِمَنْ يَزِيدُ أَوْ يُنْقِصُ وَسَوَاءٌ كَانَ يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ أَوْ لَا وَقَالَ شَارِحُنَا فِي ك وَانْظُرْ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ انْخَفَضَ لِلتَّكْبِيرِ يَنْبَغِي بُطْلَانُ صَلَاتِهِ. (تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ لَوْ نَسِيَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ حَتَّى قَرَأَ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَهَا أَوْ يَبْتَدِئُ وَهَلْ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ مَا يَأْتِي بِمَا تَرَكَهُ أَمْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ مَا حُكْمُ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ وَإِذَا ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ وَفَعَلَهُ هَلْ يَبْنِي عَلَى مَا قَرَأَ أَوْ يَبْتَدِئُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قُلْنَا بِهَا اهـ. عج (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ) يُقَالُ إنَّ الْجُزْءَ سَبَبٌ فِي الْكُلِّ أَيْ سَبَبٌ دَاخِلِيٌّ أَيْ لِأَنَّ حُصُولَ جُزْءِ الشَّيْءِ سَبَبٌ فِي حُصُولِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُصَاحِبَ وَالْمُلَاصِقَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُلَاصِقَ مُصَاحِبٌ فَلَا حَاجَةَ لَهُ (ثُمَّ أَقُولُ) لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مِنْ مُصَاحَبَةِ الْكُلِّ لِلْجُزْءِ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَمَادَى) فَإِنْ رَجَعَ لِتَكْبِيرِهِ فَانْظُرْ هَلْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ الْجُلُوسِ الْوَسَطِ سَهْوًا وَرَجَعَ لَهُ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ لِأَنَّهُ فِي هَذَا رَجَعَ مِنْ فَرْضٍ لِسُنَّةٍ أَمْ تَبْطُلُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي ك لِأَنَّ الرُّكْنَ الْمُتَلَبَّسَ بِهِ هُنَا أَقْوَى لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ الرُّكْنِ الْمُتَلَبَّسِ بِهِ هُنَاكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ) فِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ مَا حُكْمُ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ أَقُولُ الظَّاهِرُ الِاسْتِحْبَابُ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الِافْتِتَاحَ مَنْدُوبٌ بِاتِّفَاقِ اللَّقَانِيِّ وعج فَإِنْ تَرَكَ إعَادَتَهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الزَّائِدَةَ الْمُوجِبَةَ لِلسُّجُودِ هِيَ الْأُولَى وَيُوَافِقُهُ آخِرُ الْعِبَارَةِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ لَهُ غَيْرَ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ أَنَّ تَرْكَهُمَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ فَقَدْ اسْتَحَبَّهُمَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَلَمْ تَكُنْ زِيَادَتُهُمَا مُوجِبَةً لِلسُّجُودِ فَإِنْ قُلْتَ إنَّ مَنْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ يُعِيدُهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ زِيَادَةَ الْقِرَاءَةِ مَوْجُودَةٌ أَيْضًا وَالْجَوَابُ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ السُّورَةَ لَمْ يُقَدِّمْ شَيْئًا عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ بِخِلَافِ الَّذِي قَدَّمَ الْقِرَاءَةَ عَلَى التَّكْبِيرِ أَقُولُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُوجِبَ لِلسُّجُودِ زِيَادَةُ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ تَقْيِيدِ السَّاجِدِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ يُتَنَازَعُ فِيهِ قَوْلُهُ سَجَدَ بَعْدَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ لِتَرْكِ التَّكْبِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا سُجُودَ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّ إمَامَهُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ وَقَوْلُهُ وَكَبَّرَ عَلَى سَبِيلِ النِّيَّةِ وَلَا مَفْهُومَ لِنَاسِيهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى النِّسْيَانِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ (ص) وَمُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ فَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْسًا، ثُمَّ سَبْعًا بِالْقِيَامِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا جَاءَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ وَهُوَ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فَلَيْسَ قَضَاءً فِي صُلْبِ الْإِمَامِ وَأَوْلَى: مُدْرِكٌ بَعْضَ التَّكْبِيرِ، ثُمَّ يُكْمِلُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ وَمُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ مُدْرِكَ الْأُولَى وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاضِحٌ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ وَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ مُخْتَارِهِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْسًا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ اللَّخْمِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ فَتَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ سَاقِطَةٌ عَنْهُ وَيَعُدُّ الْإِحْرَامَ مِنْ السِّتِّ وَيَقْضِي سَبْعًا وَعَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ يُكَبِّرُ سَبْعًا وَيَقْضِي خَمْسًا اهـ. ثُمَّ إذَا قَامَ لِقَضَاءِ الْأُولَى قَضَى سَبْعًا بِالْقِيَامِ وَهَذَا مُشْكِلٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً لَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَهُنَا قُلْتُمْ يَقُومُ بِهِ وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْهُ بِمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَإِنْ فَاتَتْ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ وَهَلْ بِغَيْرِ الْقِيَامِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَإِنْ فَاتَتْ الثَّانِيَةُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ رُكُوعِهَا كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ وَجَلَسَ وَلَا يَقْطَعُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَامَ وَقَضَى الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِسِتِّ تَكْبِيرَاتٍ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ كَمَا يَفْعَلُ كُلُّ مَنْ أَدْرَكَ تَشَهُّدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّكْبِيرُ سَبْعًا وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ رَاشِدٍ وَسَنَدٍ أَوْ لَا يُكَبِّرُ بَلْ يَقُومُ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ وَيَأْتِي بِسِتِّ تَكْبِيرَاتٍ فَقَطْ وَيَعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي كَبَّرَهَا قَبْلَ جُلُوسِهِ فَلَا يُعِيدُهَا وَهُوَ فَهْمُ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ جَلَسَ فِي تَشَهُّدِ الْفَرِيضَةِ أَنَّهُ إذَا قَامَ هُنَا كَبَّرَ لِلْعِيدِ فَلَمْ يَخْلُ ابْتِدَاءُ قِيَامِهِ مِنْ تَكْبِيرٍ بِخِلَافِهِ فِي الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ مُبْتَدِئٌ فِيهَا بِالْقِيَامِ وَلَا بُدَّ لِمَنْ ابْتَدَأَ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ تَكْبِيرٍ فَاسْتُحِبَّ لَهُ التَّكْبِيرُ لِلْقِيَامِ انْتَهَى وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَأْوِيلَانِ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِقَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ مَوْجُودَةٌ وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ هَلْ هِيَ مَعْدُودَةٌ مِنْ السِّتِّ، أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّأْوِيلَانِ فِي وُجُودِهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ شَرَعَ فِي مَنْدُوبَاتِ الْعِيدَيْنِ فَقَالَ (ص) وَنُدِبَ إحْيَاءِ لَيْلَتِهِ وَغُسْلٌ بَعْدَ الصُّبْحِ وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ وَفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ وَخُرُوجٌ بَعْدَ الشَّمْسِ وَتَكْبِيرٌ فِيهِ حِينَئِذٍ لَا قَبْلَهُ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ وَجَهَرَ بِهِ وَهَلْ لِمَجِيءِ الْإِمَامِ، أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الْعِيدِ إحْيَاءَ لَيْلَةِ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ لِخَبَرِ «مَنْ: أَحْيَا لَيْلَتَيْ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِيَ الْأَرْبَعَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ لَيْلَةَ الْعُرُوبَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَى الْمَأْمُومِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُؤْتَمُّ فَلَا يَسْجُدُ بِسَبَبِ تَرْكِ التَّكْبِيرِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْعَمْدَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ إمَامٍ لَا يَرَى السُّجُودَ لِنَقْصِ التَّكْبِيرِ كَالشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ فَإِذَا سَهَا شَافِعِيٌّ عَنْ جَمِيعِ التَّكْبِيرِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَالِكِيِّ خَلْفَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ سَوَاءٌ أَتَى بِهِ الْمُؤْتَمُّ أَوْ تَرَكَهُ كَتَبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِنَاسِيهِ) أَيْ بَلْ وَكَذَلِكَ مُتَعَمِّدُهُ يُؤْمَرُ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَلَكِنْ لَا سُجُودَ هُنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ التَّكْبِيرَ سَهْوًا بَلْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَقُولُ إنَّ إعَادَةَ الْقِرَاءَةِ إنَّمَا هِيَ عَمْدٌ وَهُوَ مُطَالَبٌ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُنَاسِبُ صَدْرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمُوجِبَ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى الَّتِي وَقَعَتْ سَهْوًا (قَوْلُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ إلَخْ) أَيْ لَا أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِنِسْيَانٍ لَا لِتَعَمُّدٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ وَهْبٍ لَا يُكَبِّرُ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ لِأَجْلِ سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى مُدْرِكٌ) أَيْ فَيُتَابِعُهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ ثُمَّ يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ وَلَا يُكَبِّرُ مَا فَاتَهُ فِي خِلَالِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ (قَوْلُهُ وَيُعَدُّ الْإِحْرَامُ مِنْ السِّتِّ) أَيْ السِّتِّ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى يَفْتَتِحُهَا بِسَبْعٍ وَالثَّانِيَةَ بِخَمْسٍ غَيْرَ الْقِيَامِ فَيَصِيرُ بِتَكْبِيرِهِ سِتَّةً هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَيَأْتِي بِخَمْسٍ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَقَدْ حَصَلَتْ السِّتَّةُ وَتَسْقُطُ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَيَقْضِي سَبْعًا) أَيْ بِالْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَيَقْضِي خَمْسًا) أَيْ غَيْرَ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْهُ بِمَا يُعْلَمُ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا كَبَّرَ لِلْقِيَامِ لِأَجْلِ حُصُولِ عَدَدِ تَكْبِيرِ الرُّبَاعِيَّةِ بِإِسْقَاطِ تَكْبِيرَةِ الْجُلُوسِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْإِمَامِ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَاتَتْ قَضَى إلَخْ) قَالَ بَعْضٌ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ هَلْ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ أَرَ نَصًّا صَرِيحًا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ عج الظَّاهِرُ تَكْبِيرُهُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا الْأُولَى فَظَاهِرٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ وَيَجْرِي فِيهِ مَا يَأْتِي وَلَا يَحْتَسِبُ بِمَا كَبَّرَهُ حِينَ دُخُولِهِ لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ وَيَعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَرَضُ) الِاعْتِرَاضُ يَتَوَجَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ إذَا عَلِمْتَ مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ فِي الْأُولَى يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ دُونَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَغَسَلَ) وَمَبْدَأُ وَقْتِهِ السُّدُسُ الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ) كَتَبَ وَالِدُ عب يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلْأَحْيَاءِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَشَى) وَإِلَّا خَالَفَ الْأُولَى فَقَطْ بِدُونِ كَرَاهَةٍ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) وَلَوْ خَرَجَ قَبْلَ الْفَجْرِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ وَجَهَرَ) وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ (قَوْلُهُ لِمَجِيءِ الْإِمَامِ) قِيلَ لِمَحَلِّ اجْتِمَاعِ النَّاسِ بِالْمُصَلِّي وَقِيلَ لِظُهُورِهِ لَهُمْ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِهِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى (قَوْلُهُ لَيْلَةَ الْعُرُوبَةِ إلَخْ) هِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وَلَيْلَةَ عَرَفَةَ وَلَيْلَةَ النَّحْرِ وَلَيْلَةَ الْفِطْرِ» وَمَعْنَى عَدَمِ مَوْتِ قَلْبِهِ عَدَمُ تَحَيُّرِهِ عِنْدَ النَّزْعِ وَلَا فِي الْقِيَامَةِ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِوَقْتِ النَّزْعِ وَزَمَنِ الْقَبْرِ وَيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْإِحْيَاءُ يَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَمِنْهَا الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ لَيْلًا فَاتَتْهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ وَحَصَّلَ فَضِيلَةَ الْغُسْلِ، وَوَقْتُهُ وَقْتُ أَذَانِ الصُّبْحِ الْأَوَّلِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّصَالُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَمِنْهَا التَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ بِالثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ وَتَحْسِينُ هَيْئَتِهِ مِنْ قَصِّ شَارِبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ مِنْ كَمَالِ التَّطَيُّبِ بَلْ لَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إذَا كَانَ الْبَدَنُ دَنِسًا وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ النِّسَاءِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ إذَا خَرَجْنَ وَإِنْ كُنَّ عَجَائِزَ فَلَا يَتَطَيَّبْنَ وَلَا يَتَزَيَّنَّ لِخَوْفِ الِافْتِتَانِ بِهِنَّ، ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلتَّطَيُّبِ وَالتَّزَيُّنِ وَلِلْغُسْلِ وَمِنْهَا الْمَشْيُ فِي ذَهَابِهِ لِلْعِيدِ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَا فِي رُجُوعِهِ مِنْ الْمُصَلَّى لِفَرَاغِ الْعِبَادَةِ وَيُسْتَحَبُّ رُجُوعُهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الَّتِي أَتَى لِلْمُصَلَّى مِنْهَا لِشُهُودِ الطَّرِيقَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَمِنْهَا فِطْرُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الذَّهَابِ لِلْمُصَلَّى وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ بِتَمْرٍ وِتْرًا إنْ أَمْكَنَ لِيُقَارِنَ أَكْلُهُ إخْرَاجَ زَكَاةِ فِطْرِهِ الْمَأْمُورِ بِإِخْرَاجِهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمِنْهَا تَأْخِيرُهُ الْفِطْرَ فِي عِيدِ النَّحْرِ لِيَكُونَ أَوَّلُ طَعَامِهِ مِنْ لَحْمِ قُرْبَتِهِ وَمِنْهَا خُرُوجُ الْمُصَلِّي غَيْرَ الْإِمَامِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِمَنْ قَرُبَ مَنْزِلُهُ وَإِلَّا فَقَبْلَهَا بِقَدْرِ مَا يَكُونُ وُصُولُهُ الْمُصَلَّى قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبَعْدَ الشَّمْسِ بِالْوَاوِ وَلَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَإِذَا خَرَجَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّكْبِيرُ لَا إنْ خَرَجَ قَبْلَ الطُّلُوعِ لِبُعْدِ مَنْزِلِهِ وَنَحْوِهِ فَيُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُؤْتَى بِهِ إلَّا فِي وَقْتِهَا كَالْأَذَانِ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ: يُكَبِّرُ مِنْ انْصِرَافِ صَلَاةِ   [حاشية العدوي] مِنْ الْإِعْرَابِ وَهُوَ التَّحْسِينُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ إلَخْ) أَيْ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ التَّحَيُّرُ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ النَّزْعِ وَلَا فِي الْقِيَامَةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ حَالَةُ الْقَبْرِ وَقِيلَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا حَتَّى تَصُدَّهُ عَنْ الْآخِرَةِ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ مَوْتُ الْقَلْبِ بِحُبِّ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ وَالْإِحْيَاءُ يَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ) هَكَذَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ وَنَحْوُهُ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْأَذْكَارِ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِحُصُولِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ) وَيَدْخُلُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ أَعْظَمُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَحَلْقِ عَانَةٍ الْفَاكِهَانِيُّ وَالْمُرَادُ بِهَا الشَّعْرُ الَّذِي فَوْقَ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَحَوَالَيْهِ وَحَوْلَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَعَنْ ابْنِ شُرَيْحٍ أَنَّهَا الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ حَلْقَةِ الدُّبُرِ ابْنُ نَاجِي عَزَا غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْفَاكِهَانِيِّ الْخِلَافَ لِلْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ حَلْقِ حَلَقَةِ الدُّبُرِ وَلَا أَعْرِفُهُ مَنْصُوصًا فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَلِلْغُسْلِ) بَلْ وَلِلْإِحْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ وِتْرًا إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَقْدِيمُ الرُّطَبِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» وَانْظُرْ هَلْ تُفِيدُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي فِيهَا تَقْدِيمُ الرُّطَبِ بِكَوْنِهِ وِتْرًا أَوْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى التَّمْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا اُنْظُرْ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْدُوبٌ فَكَوْنُهُ بِتَمْرٍ مَنْدُوبٌ وَكَوْنُهُ وِتْرًا مَنْدُوبٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ لِيَكُونَ أَوَّلُ طَعَامِهِ مِنْ لَحْمِ قِرْبَتِهِ) أَيْ أَوَّلُ مَطْعُومِهِ أَيْ مَأْكُولِهِ مِنْ لَحْمِ قِرْبَتِهِ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يُفْطِرُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ لِيَأْكُلَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» وَهَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَبِدَ أَيْسَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ أَسْرَعُ نُضْجًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ تَفَاؤُلًا كَمَا جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ عِنْدَ دُخُولِهَا كَبِدُ الثَّوْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُ فَيُذْهِبُ ذَلِكَ عَنْهُمْ مَرَارَةَ الْمَوْتِ كَذَا قَالَ تت وَالصَّوَابُ الْحُوتُ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَفِي الْحَدِيثِ «نُزُلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ نُونٍ» وَالنُّزُلُ بِضَمِّ النُّونِ وَالزَّايِ طَعَامُ النَّزِيلِ الَّذِي يُهَيَّأُ كَذَا فِي ك ثُمَّ قَالَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ يُضَحِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا مَنْ لَا يُضَحِّي فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ حِفْظًا لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ التَّرْكِ أَشَارَ لَهُ عج (قَوْلُهُ غَيْرَ الْإِمَامِ) أَيْ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ خُرُوجَهُ عَنْ خُرُوجِ الْمَأْمُومِينَ إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ الْمُصَلَّى فَيُؤَخِّرُ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَحِلَّ النَّافِلَةُ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ قَلِيلًا إنْ كَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَأْمُومَيْنِ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ فِي الْمُصَلَّى وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ أَحَدًا بَلْ إذَا وَصَلَ صَلَّى وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا مِنْهَا أُمِرَ بِالْخُرُوجِ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ) أَيْ فَالْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالصَّحْرَاءِ مَنْدُوبٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الصَّحْرَاءِ مَنْدُوبٌ وَوَسِيلَةُ الْمَنْدُوبِ مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّكْبِيرُ) أَيْ فُرَادَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى حِدَتِهِ لَا جَمَاعَةً فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا فِي تت وَأَمَّا فِي الْمُصَلَّى فَقَالَ ابْنُ نَاجِي افْتَرَقَتْ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِمَحْضَرِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِذَا فَرَغَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ التَّكْبِيرِ سَكَتَتْ وَأَجَابَتْ الْأُخْرَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فَسُئِلَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا إنَّهُ لَحَسَنٌ وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ بِإِفْرِيقِيَّةَ بِمَحْضَرِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَكَابِرِ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ لِلصَّلَاةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَقْتُ صَلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ نَظَرَ الْمَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي مَا بَحَثْنَاهُ سَابِقًا. (قَوْلُهُ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ إلَخْ) هُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 الصُّبْحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَوْلَى لَا سِيَّمَا فِي الْأَضْحَى تَحْقِيقًا لِلشَّبَهِ بِأَهْلِ الْمَشْعَرِ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ لِلْخُرُوجِ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَفِي حِينَئِذٍ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي خِلَافِهِ لِعَدَمِ التَّكْبِيرِ لِلْخَارِجِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَيْ وَصُحِّحَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ عَدَمِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ طُلُوعِهَا بَلْ يُكَبِّرُ قَبْلُ وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ لِكُلِّ أَحَدٍ غَيْرَ النِّسَاءِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا إظْهَارًا لِلشَّعِيرَةِ وَبِذَلِكَ خَالَفَ تَكْبِيرَ الصَّلَاةِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَمِرُّ تَكْبِيرُ مَنْ بِالْمُصَلَّى لِمَجِيءِ الْإِمَامِ إلَيْهَا فَيُقْطَعُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ، أَوْ يَسْتَمِرُّ يُكَبِّرُ وَلَوْ جَاءَ إلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَقُومَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ تَأْوِيلَانِ (ص) وَنَحْرُهُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى (ش) فِيهَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ أُضْحِيَّتَهُ فَيَذْبَحَهَا، أَوْ يَنْحَرَهَا فِي الْمُصَلَّى وَيُبْرِزُهَا لِلنَّاسِ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - انْتَهَى وَهَذَا فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ وَأَمَّا الْقُرَى الصِّغَارُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ ذَبْحَهَا وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا انْتَهَى. أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (ص) وَإِيقَاعُهَا بِهِ إلَّا بِمَكَّةَ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُ الْعِيدِ بِالْمُصَلَّى وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلَّى الْفَضَاءُ وَالصَّحْرَاءُ وَصَلَاتُهَا بِالْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ هَذَا فِي غَيْرِ مَكَّةَ، وَأَمَّا مَنْ فِي مَكَّةَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ تُوقَعَ فِي الْمَسْجِدِ لَا لِلْقَطْعِ بِالْقِبْلَةِ وَلَا لِلْفَضْلِ لِانْتِقَاضِهِ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بَلْ لِمُشَاهَدَةِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ عِبَادَةٌ مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهَا لِخَبَرِ «يَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ إلَيْهِ» وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ فِي غَيْرِ مَكَّةَ الْبُرُوزُ إلَى الْمُصَلَّى «لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ حَتَّى النِّسَاءَ مِنْ الْحُيَّضِ وَرَبَّاتِ الْخُدُورِ فَقَالَتْ إحْدَاهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ: تُعِيرُهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ» وَلِخَبَرِ: «بَاعِدُوا بَيْنَ أَنْفَاسِ النِّسَاءِ وَأَنْفَاسِ الرِّجَالِ» ؛ وَلِبُعْدِهِنَّ عَنْ الرِّجَالِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ جَاءَ إلَيْهِنَّ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَلَوْ كُنَّ قَرِيبًا لَسَمِعْنَ الْخُطْبَةَ وَالْمَسْجِدُ وَلَوْ كَبُرَ يَقَعُ الْحَصْرُ فِيهِ وَفِي أَبْوَابِهِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ دُخُولًا وَخُرُوجًا فَتُتَوَقَّعُ الْفِتْنَةُ فِي مَوَاضِعِ الْعِبَادَاتِ (ص) وَرَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ فَقَطْ (ش) الضَّمِيرُ فِيهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْمُصَلِّي وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولًى وَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا فِي غَيْرُهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ تَحْقِيقًا لِلشَّبَهِ بِأَهْلِ الْمَشْعَرِ) الْحَرَامِ لِأَنَّهُمْ يُكَبِّرُونَ عِنْدَهُ لِلْأَسْفَارِ وَيَدْعُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] (قَوْلُهُ وَفِي حِينَئِذٍ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ لَا ضَمِيرَ فِيهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ النِّسَاءِ) أَيْ فَالْمَرْأَةُ تُسْمِعُ نَفْسَهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا) أَيْ فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ وَيُخْرِجُ عَنْ حَدِّ السَّمْتِ وَالْوَقَارِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُومَ لِلصَّلَاةِ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ كَذَا فَسَّرَهُ عج وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ يَقُولُ يَقْطَعُ بِحُلُولِ الْإِمَامِ مَحَلَّ صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقْطَعُ بِحُلُولِهِ مَحَلَّ اجْتِمَاعِ النَّاسِ (قَوْلُهُ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ الثَّوَابَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ جَازَ أَيْ أَذِنَ فِيهِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنَّ كُلًّا مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَذَبْحِ غَيْرِهِ مَنْدُوبٌ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ آكَدُ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْرُهُ إلَخْ فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ (قَوْله وَأَمَّا الْقُرَى الصِّغَارُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَمْصَارِ غَيْرِ الْكِبَارِ وَالْقُرَى مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَمْصَارِ الْكِبَارِ مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَبْحِهِ فِي الْبَلَدِ ذَبْحُهُ وَأَرَادَ بِالْقُرَى الصِّغَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْ ذَبْحِهِ ذَبْحُهُ (قَوْلُهُ وَالصَّحْرَاءُ) مُرَادِفٌ (قَوْله بِدْعَةٌ) أَيْ مَكْرُوهَةٌ (قَوْلُهُ لِانْتِقَاضِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا لِلْفَضْلِ (قَوْلُهُ لِانْتِقَاضِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِقِبْلَتِهِ وَمَسْجِدُهُ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ سِتُّونَ لِلطَّائِفَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْسِمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سِتُّونَ رَحْمَةً وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ «إنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى كُلِّ مُتَصَافِحَيْنِ مِائَةُ رَحْمَةٍ تِسْعُونَ لِلْبَادِئِ وَعَشْرَةٌ لِلْآخَرِ» أَفَادَهُ شب فِي شَرْحِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ تُقَسَّمُ عَلَى جَمِيعِ الطَّائِفِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ طَوَافِ كُلٍّ سِتُّونَ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سِتُّونَ وَأَرْبَعُونَ وَعِشْرُونَ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِهِ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَتْبِ حَسَنَاتٍ لِلطَّائِفِ وَالْمُصَلِّي وَالْمُشَاهِدِ (قَوْلُهُ مِنْ الْحُيَّضِ) جَمْعُ حَائِضٍ كَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَالْمُرَادُ الْحَائِضُ بِالْفِعْلِ لَا مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ وَلَمْ تَحِضْ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ لِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ هُوَ الَّذِي فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَتَّى الْحُيَّضُ وَرَبَّاتُ الْخُدُورِ مِنْ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ الْخُدُورِ) جَمْعُ خِدْرٍ وَهُوَ سِتْرٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَقْعُدُ الْبِكْرُ وَرَاءَهُ (قَوْلُهُ جِلْبَابٌ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ أَيْ تُعِيرُهَا مِنْ ثِيَابِهَا مَا لَا تَحْتَاج إلَيْهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ تُشْرِكُهَا مَعَهَا فِي لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهَا وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى تَفْسِيرِ الْجِلْبَابِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ قِيلَ هِيَ الْمُقَنَّعَةُ أَوْ الْخِمَارُ أَوْ أَعْرَضُ مِنْهُ وَقِيلَ الثَّوْبُ الْوَاسِعُ يَكُونُ دُونَ الرِّدَاءِ وَقِيلَ الْإِزَارُ وَقِيلَ الْمِلْحَفَةُ وَقِيلَ الْقَمِيصُ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ بَاعِدُوا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَمْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ وَلَوْ كَبُرَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْمُبَاعَدَةُ يُمْكِنُ وُجُودُهَا فِي الْمَسَاجِدِ الْكِبَارِ فَلَا يُنْتِجُ هَذَا الْحَدِيثُ طَلَبَ الصَّلَاةِ فِي الصَّحْرَاءِ (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْخُرُوجَ إلَى الْمُصَلَّى لِمَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ عَلَى سُنَّةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُصَلَّى بِمَوْضِعَيْنِ فِي مِصْرٍ خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ أُولَاهُ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَجَازٌ عِلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 أَوْ مَكْرُوهًا (ص) وَقِرَاءَتُهَا بِ (كَسَبِّحْ) ، (وَالشَّمْسِ) (ش) أَيْ وَنُدِبَ قِرَاءَةُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِ (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، (وَالشَّمْسِ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ (ص) وَخُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ خُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ فِي الصِّفَةِ مِنْ الْجُلُوسِ فِي أَوَّلِهِمَا وَفِي وَسَطِهِمَا وَتَقْصِيرِهِمَا وَمِنْ الْجَهْرِ بِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ هَلْ هُمَا مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ، أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَنْدُوبٌ مُسْتَقِلٌّ انْتَهَى (ص) وَسَمَاعُهُمَا (ش) أَيْ وَنُدِبَ اسْتِمَاعُهُمَا وَالْإِصْغَاءُ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُهُمَا وَلَوْ عَبَّرَ بِالِاسْتِمَاعِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ السَّمَاعَ لَيْسَ مِنْ قُدْرَتِهِ وَلَيْسَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا كَمَنْ تَكَلَّمَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (ص) وَاسْتِقْبَالُهُ (ش) أَيْ وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ مَنْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُنْتَظِرِينَ صَلَاةً بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ (ص) وَبَعْدِيَّتُهُمَا (ش) أَيْ وَيَنْدُبُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَتَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَوْ بَدَأَ بِالْخُطْبَتَيْنِ أَعَادَهُمَا اسْتِحْبَابًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَأُعِيدَتَا إنْ قُدِّمَتَا (ش) أَيْ إنْ قَرُبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ هُنَا كَالْقُرْبِ الَّذِي يُبْنَى مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَبَعْدِيَّتُهُمَا مِنْ الْمُسْتَحَبِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ إعَادَتُهُمَا سُنَّةً كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي نَحْوِ هَذَا وَلَكِنْ رَأَيْتُ فِي ابْنِ بَشِيرٍ التَّصْرِيحَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ وَهُوَ لَا يُخَالِفُ سُنِّيَّةَ بَعْدِيَّتِهِمَا كَمَا فِي إقَامَتِهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ (ص) وَاسْتِفْتَاحٌ بِتَكْبِيرٍ وَتَخَلُّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ (ش) أَيْ وَنُدِبَ اسْتِفْتَاحُ الْخُطْبَتَيْنِ وَتَخْلِيلُهُمَا بِالتَّكْبِيرِ بِلَا حَدٍّ فِي الِاسْتِفْتَاحِ بِسَبْعٍ وَالتَّخْلِيلِ بِثَلَاثٍ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ افْتِتَاحَهَا وَتَخْلِيلَهَا بِالتَّحْمِيدِ وَسَيَأْتِي أَنَّ خُطْبَةَ الِاسْتِسْقَاءِ تَكُونُ بِالِاسْتِغْفَارِ (ص) وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ (ش) أَيْ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا أَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَهَلْ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ أَفْذَاذًا قَوْلَانِ فَمَنْ أُمِرَ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا أُمِرَ بِالْعِيدِ سُنَّةً وَمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا وُجُوبًا أُمِرَ بِالْعِيدِ اسْتِحْبَابًا، وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا عَائِدٌ عَلَى الْجُمُعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ لَا عَلَى الْعِيدِ، ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا الْحُجَّاجُ فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمَرُونَ بِإِقَامَتِهَا لَا نَدْبًا وَلَا سُنَّةً (ص) وَتَكْبِيرُهُ إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً وَسُجُودُهَا الْبَعْدِيَّ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لَا نَافِلَةً وَمَقْضِيَّةً فِيهَا مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ مُسَافِرًا، أَوْ أَهْلَ بَادِيَةٍ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ وَحْدَهُ أَنْ يُكَبِّرَ عَقِبَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً وَقْتِيَّةً أَوَّلُهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَآخِرُهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا فَائِتَةً وَلَوْ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَا نَافِلَةً وَلَوْ تَابِعَةً لِلْفَرْضِ وَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَى الْمُصَلِّي لِلْفَرْضِ سُجُودٌ بَعْدِيٌّ فَإِنَّهُ يُوقِعُ التَّكْبِيرَ الْمَذْكُورَ عَقِبَ السُّجُودِ الْمَذْكُورِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِمَا مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ) زَادَ فِي ك وَلِذَلِكَ أَتَى بِالْكَافِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ. فَأَرَادَ بِالْقِصَارِ مَا عَدَا الطِّوَالَ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ أَقُولُ وَيَظْهَرُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى سَبِّحْ وَالشَّمْسِ آكَدِيَّتُهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَخُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ) ابْنُ حَبِيبٍ يَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ الْفِطْرَةُ وَفِي الْأُضْحِيَّةِ الضَّحِيَّةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَيَتَمَادَى إذَا أَحْدَثَ فِيهِمَا أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ وَحَدَّ بَعْضُهُمْ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَلْ يُتَّخَذُ لَهُمَا مِنْبَرٌ قَوْلَانِ أَقُولُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْجُلُوسُ فِي أَوَّلِهِمَا وَفِي وَسَطِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّ الْخُطْبَةَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا مَنْدُوبٌ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا هُنَا مَنْدُوبَانِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْجَهْرِ بِهِمَا) أَيْ فَإِسْرَارُهُمَا كَعَدَمِهِمَا وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ قِيَامُهُ لَهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ وَنُدِبَ اسْتِمَاعُهُمَا وَالْإِصْغَاءُ) أَيْ فَمَنْ كَانَ يَتَغَافَلُ لَمْ يَأْتِ بِالْمُسْتَحَبِّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا) أَفَادَ مُحَشِّي تت بِالنَّقْلِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ مَا قَالَهُ عج وَغَيْرُهُ وَمَا قَالَهُ ذَلِكَ الْمُحَشِّي ظَاهِرٌ مِنْ النَّصِّ الَّذِي ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ أَيْ وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُ الْإِمَامِ) أَيْ ذَاتِهِ وَلَا يَكْفِي جِهَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُنْتَظِرِينَ الصَّلَاةَ) أَيْ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ كَالْقُرْبِ الَّذِي يُبْنَى مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِالْعُرْفِ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ) أَيْ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحَ فَيُعَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْبَعْدِيَّةَ سُنَّةٌ وَالْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِزَاعِمِ ذَلِكَ وَنُدِبَ لِمُتَّبِعِيهِ تَكْبِيرُهُمْ بِتَكْبِيرِهِ فَفِي الرِّسَالَةِ وَيُكَبِّرُونَ أَيْ سِرًّا بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا) فِي ك وَيُنْدَبُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ إذْنُهُ لَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَهَلْ فِي جَمَاعَةٍ) الْقَوْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ صَحَّحَهُ فِي ك ثُمَّ إنَّ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْإِقَامَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُورِ بِالْجُمُعَةِ لَا يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ إلَيْهَا قَالَ فِيهَا وَلَا تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَلَا يُؤْمَرُونَ بِالْخُرُوجِ إلَيْهَا اهـ. فَلَوْ حَضَرَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَّا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ اهـ. (قَوْلُهُ لَا عَلَى الْعِيدِ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْعِيدِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَثْنَى إلَخْ) وَأَمَّا أَهْلُ مِنًى غَيْرُ الْحُجَّاجِ فَلَا يُقِيمُونَهَا جَمَاعَةً كَذَا فِي شب أَيْ وَيُقِيمُونَهَا أَفْذَاذًا (قَوْلُهُ لَا نَافِلَةً إلَخْ) فِي شَرْحِ شب ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْكَرَاهَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمَقْضِيَّةٌ اهـ. (قَوْلُهُ فِيهَا مُطْلَقًا) وَأَحْرَى لَوْ قَضَى فَائِتَةً أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ امْرَأَةً) وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ وَالْمَرْأَةُ تُسْمِعُ نَفْسَهَا فَقَطْ وَالرَّجُلُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 فَقَوْلُهُ وَتَكْبِيرُهُ أَيْ الْمُصَلِّي كَانَ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ إثْرَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ عَقِبَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُكَبِّرُ قَبْلَ التَّسْبِيحِ وَقَبْلَ قِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَسُجُودُهَا إلَخْ عَطَفَ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ وَإِثْرَ سُجُودِهَا الْبَعْدِيِّ وَقَوْلُهُ لَا نَافِلَةً عَطَفَ عَلَى خَمْسَ لَا عَلَى عَشْرَةَ وَلَا عَلَى فَرِيضَةً لِفَسَادِ الْمَعْنَى (ص) وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ قَرُبَ (ش) لَا مَفْهُومَ لِنَاسِيهِ وَكَذَا مُتَعَمِّدُهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ لِقَوْلِ الْجَلَّابِ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَبَّرَ إنْ كَانَ قَرِيبًا انْتَهَى. وَالْقُرْبُ هُنَا كَالْقُرْبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْمُؤْتَمُّ إنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ) لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ سَهَا عَنْهُ الْإِمَامُ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ انْتَهَى وَأَوْلَى إنْ تَعَمَّدَ الْإِمَامُ تَرْكَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ هَلْ يُنَبَّهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا؟ وَفِي الْأُمَّهَاتِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِمَامُ فَإِنَّهُمْ يُنَبِّهُونَهُ بِالْكَلَامِ لَا بِالتَّسْبِيحِ؛ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ الصَّلَاةِ (ص) وَلَفْظُهُ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا (ش) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ الطَّلَبِ بِقَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَالْحَدِيثِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ وَذَكَرَ السَّنْهُورِيُّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ الطَّلَبِ بِتَكْرِيرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ ق (ص) وَإِنْ قَالَ بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَحَسَنٌ (ش) هَذَا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ يُرِيدُ وَتَكُونُ التَّكْبِيرَةُ الثَّالِثَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى التَّهْلِيلَةِ بِالْوَاوِ وَهَذَا لَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ح (ص) وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلًّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا لَا بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا (ش) الْمَعْرُوفُ كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ بِالصَّحْرَاءِ أَيْ الْمُصَلَّى لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا؛ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فَإِنْ صُلِّيَتْ الْعِيدُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ لَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِمَنْزِلَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَمَا لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ نَافِلَةً غَيْرَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَذَا لَا يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ نَافِلَةً غَيْرَهَا، هَذَا وَجْهُ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَهَا، وَأَمَّا وَجْهُ كَرَاهَتِهِ فِيهَا بَعْدَهَا؛ فَخَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ لَهَا الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا كَغَيْرِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَلَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ يَجْرِي فِي التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ إذْ الْمَسْجِدُ يَطْلُبُ تَحِيَّتَهُ وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ عِنْدَ جَمْعٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا جَوَازُهُ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَلِأَنَّهُ يَنْدُرُ حُضُورُ أَهْلِ الْبِدَعِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَتَأَمَّلْهُ (فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَصِفَتَهُمَا وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ. يُقَالُ: كَسَفَا وَخَسَفَا مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ، وَانْكَسَفَا وَانْخَسَفَا سِتُّ لُغَاتٍ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَهُوَ ذَهَابُ كُلِّ الضَّوْءِ مِنْهُمَا، أَوْ بَعْضِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَلَا يُصَلَّى لَهُ، وَقِيلَ الْأَجْوَدُ تَبَايُنُهُمَا، فَالْكُسُوفُ التَّغَيُّرُ، وَالْخُسُوفُ الذَّهَابُ بِالْكُلِّيَّةِ   [حاشية العدوي] عَقِبَ سِتَّةَ عَشَرَ مَكْتُوبَةً يَخْتِمُ بِظُهْرِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ قَرُبَ) فِي ك وَلَا يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ إلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْأُمَّهَاتِ) هِيَ أَرْبَعٌ الْمُدَوَّنَةُ وَالْمَوَّازِيَّةُ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْوَاضِحَةُ فَالْمُدَوَّنَةُ لِسَحْنُونٍ وَالْعُتْبِيَّةُ لِلْعُتْبِيِّ وَالْمَوَّازِيَّةُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَالْوَاضِحَةُ لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ وَلَفْظُهُ إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَفْظُهُ الْإِتْيَانُ بِهَذَا اللَّفْظِ مُسْتَحَبٌّ وَالتَّكْبِيرُ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ بِأَنْ يَقُولَهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُعِيدُهَا مَرَّةً أُخْرَى فَقَطْ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ ك فَلَيْسَ قَوْلُهُ الْمَرَّةَ ظَرْفًا لِتَكْرِيرٍ وَإِلَّا اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْعُهْدَةِ إلَّا إذَا قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ تِسْعًا وَأَرَادَ بِالسَّنْهُورِيِّ عَلَى (قَوْلِهِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ ق) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَحَسَنٌ مَعْنَاهُ أَحْسَنُ إذْ لَوْ بَقِيَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمَا حَصَلَ مُنَافَاةٌ وَلَمَا صَحَّ قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا فِي ك أَنَّهُ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا وَفِي غَيْرِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّ أَفْضَلَهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ إلَخْ اهـ. فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ لِقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ) (فَرْعٌ) الْمُصَلَّى لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ الْمُكْثُ بِهَا لِلْجُنُبِ وَنَحْوِهِ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ فِي الصَّحْرَاءِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ إجَازَةِ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ أَنَّ عَدَمَ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ فِي الْمَسْجِدِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَالْمُصَلَّى وَأَجَازَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا وَقِيلَ بِالْعَكْسِ اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْ بَهْرَامَ إلَّا أَنَّ نَقْلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ الْكَرَاهَةَ هُنَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ) أَيْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ وَأَمَّا مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ التَّحِيَّةَ تُطْلَبُ وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مَعْنَاهُ أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ لِلصَّحْرَاءِ [فَصْلٌ صَلَاة الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ] (فَصْلٌ صَلَاةُ الْكُسُوفِ) (قَوْلُهُ: مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا إذَا كَانَا مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَعْلُومِ يَكُونُ كَسَفَا بِمَعْنَى انْكَسَفَا، وَإِذَا كَانَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَذْهَبُ جُمْلَةُ ضَوْئِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْخُسُوفِ مِنْ الْكُسُوفِ، فَيُقَالُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ (ص) سُنَّ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرَهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَانِ سِرًّا بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ (ش) ابْتِدَاءُ الْمُؤَلِّفِ بِبَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَالْمَشْهُورُ - كَمَا قَالَ - أَنَّهَا سُنَّةٌ، أَيْ: عَيْنٌ يُخَاطَبُ بِهَا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ الْمُكَلَّفُونَ، وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ، وَسَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْمُسَافِرُ الَّذِي لَمْ يَجِدَّ سَيْرَهُ. وَصِفَتُهَا رَكْعَتَانِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ زِيَادَةُ رُكُوعٍ وَقِيَامٍ - كَمَا يَأْتِي - يَقْرَأُ فِيهِمَا سِرًّا عَلَى الْمَشْهُورِ، إذْ لَا خُطْبَةَ لَهَا. وَعَنْ مَالِكٍ جَهْرًا، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ نَاجِي وَبِهِ عَمِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ؛ لِئَلَّا يَسْأَمَ النَّاسُ. انْتَهَى. وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ الْإِسْرَارِ فِيهِمَا كَتَأَكُّدِ نَدْبِ الْجَهْرِ فِي الْوِتْرِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ، بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ. قَوْلُهُ: سُنَّ، أَيْ سُنَّةَ عَيْنٍ حَتَّى فِي حَقِّ الصَّبِيِّ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، كَمَا هُوَ مُفَادُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مِمَّا يُسْتَغْرَبُ، وَهُوَ أَنَّ الصَّبِيَّ يُؤْمَرُ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ نَدْبًا، وَيُؤْمَرُ بِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا. فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ سُنَّ لِمَأْمُورِ الصَّلَاةِ وَإِنْ مُسَافِرًا لَمْ يَجِدَّ سَيْرَهُ، لَكَانَ أَحْسَنَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعِيدِ الَّتِي لَا يُخَاطَبُ بِهَا إلَّا مَنْ يُخَاطَبُ بِالْجُمُعَةِ، أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ صَلَاةُ رَهَبٍ لِحُدُوثِ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَيُؤْمَرُ بِهَا وَبِالدُّعَاءِ، الْعَمُودِيُّ وَغَيْرُهُ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنَّهَا صَلَاةُ شُكْرٍ يَتَجَمَّلُونَ فِيهَا بِالثِّيَابِ وَيَقْصِدُونَ الْمُبَاهَاةَ. (ص) وَرَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ لِخُسُوفِ قَمَرٍ كَالنَّوَافِلِ جَهْرًا بِلَا جَمْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ السُّنِّيَّةُ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي الْبَيَانِ وَالتَّقْرِيبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا. وَإِنَّمَا قَالَ: رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ - مُكَرِّرًا - لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ، لَأَوْهَمَ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فَقَطْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَذَكَرَ أَنَّهَا تُصَلَّى كَذَلِكَ حَتَّى تَنْجَلِيَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ، وَلَكِنَّ النَّقْلَ يُفِيدُ حُصُولَهَا بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ سَنَدٌ. وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ، فَإِنْ طَلَعَ مَكْسُوفًا بُدِئَ بِالْمَغْرِبِ، وَإِنْ كَسَفَ عِنْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُصَلُّوا، وَكَذَا لَوْ خَسَفَ نَهَارًا فَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى غَابَ بِلَيْلٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيهِمَا. وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ لَهَا؛ لِفِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ. فَقَوْلُهُ: وَرَكْعَتَانِ، نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَسُنَّ رَكْعَتَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، أَوْ وَنُدِبَ رَكْعَتَانِ لِخُسُوفِ قَمَرٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَمَا شَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ مِنْ سُنِّيَّتِهَا ضَعِيفٌ. وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَكَالنَّوَافِلِ حَالٌ. (ص) وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُتَمِّمَ الْكَلَامَ عَلَى كُسُوفِ الشَّمْسِ، ثُمَّ يَأْتِيَ بِخُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا فَعَلَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ، وَلَا نُكْتَةَ فِيمَا فَعَلَهُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ أَنْ تُفْعَلَ فِي   [حاشية العدوي] مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَفْعُولِ يَكُونُ الْفَاعِلُ بِهِمَا ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْأَصْلُ كَسَفَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْ غَيَّرَهُمَا فَظَهَرَ أَنَّ كَسَفَ يَأْتِي لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَمَا أَفَادَهُ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ اللَّامِ، وَالتَّقْدِيرُ: سُنَّ لِمَأْمُورِ الصَّلَاةِ هَذَا إذَا كَانَ بَلَدِيًّا، بَلْ وَإِنْ عَمُودِيًّا (قَوْلُهُ لَمْ يَجِدَّ سَيْرَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، أَوْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يَجِدَّ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الرِّسَالَةِ وَالسَّنْهُورِيُّ وَتت حَيْثُ قَالَ: لَا أَنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةَ مَا جَدَّ السَّيْرَ لِأَجْلِهِ، وَمُفَادُ عب أَنَّهُ الرَّاجِحُ. وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ فَنَقُولُ فَقَوْلُهُ: لَمْ يَجِدَّ سَيْرَهُ كَأَنْ جَدَّ لِقَطْعِ مَسَافَةٍ لَا لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ يَخَافُ فَوَاتَهُ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ) أَيْ: ذَهَابِ ضَوْئِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، إلَّا أَنْ يَقِلَّ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ فَلَا يُصَلَّى لَهُ (قَوْلُهُ رَكْعَتَانِ) أَيْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ) أَيْ مَعَ زِيَادَةٍ. . . إلَخْ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِأَنَّ سَنَدًا نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْقِيَامَ أَوْ الرُّكُوعَ الزَّائِدَ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَأَمَّا الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ الْأَصْلِيُّ فَهُوَ فَرْضٌ فَلَا يَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ - كَمَا قَالَ - إنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ) وَمُقَابِلُهُ: تَجِبُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ: قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ: الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا مِمَّا يُسْتَغْرَبُ) لَا غَرَابَةَ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ لِصِغَرِهِمْ وَعَدَمِ ارْتِكَابِهِمْ لِلْمُخَالَفَاتِ يُرْجَى قَبُولُ دُعَائِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ. فَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ. . . إلَخْ، هَذَا يَدْفَعُ الِاسْتِغْرَابَ (قَوْلُهُ رَهَبٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ: خَوْفٍ. (قَوْلُهُ لِحُدُوثِ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. . . إلَخْ) أَيْ: لِأَجْلِ. . . إلَخْ وَلِذَلِكَ قِيلَ سَبَبُ كُسُوفِ الشَّمْسِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَرَادَ أَنْ يُخَوِّفَ عِبَادَهُ حَبَسَ عَنْهُمْ ضَوْءَ الشَّمْسِ؛ لِيَرْجِعُوا إلَى الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ إذَا حُبِسَتْ لَمْ يَنْتَهِ زَرْعٌ وَلَمْ يَجِفَّ. (قَوْلُهُ فَيُؤْمَرُ بِهَا وَبِالدُّعَاءِ، الْعَمُودِيُّ) الْمُنَاسِبُ: أَنْ يَقُولَ فَيُؤْمَرُ بِهَا الصَّبِيُّ لِكَوْنِهِ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ يُرْجَى قَبُولُ دُعَائِهِ قَالَ فِي ك: وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ يُخَاطَبُ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهُ. (قَوْلُهُ لِخُسُوفِ قَمَرٍ) أَيْ: ذَهَابِ ضَوْئِهِ أَوْ بَعْضِهِ، إلَّا أَنْ يَقِلَّ جِدًّا. (قَوْلُهُ وَكَالنَّوَافِلِ) أَيْ: اللَّيْلِيَّةِ بِقِيَامٍ وَاحِدٍ وَرُكُوعٍ وَاحِدٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَقَوْلُهُ: كَالنَّوَافِلِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: جَهْرًا، وَبِلَا جَمْعٍ، وَمَقْصُودُهُ التَّصْرِيحُ بِالْأَحْكَامِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ عَدَمُ افْتِقَارِهَا لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا كَسَائِرِ النَّوَافِلِ، بِخِلَافِ خُسُوفِ الشَّمْسِ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ. (قَوْلُهُ حَتَّى تَنْجَلِيَ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ أَيْ: وَرَكْعَتَانِ، وَهَكَذَا فَلَيْسَ الْقَصْدُ خُصُوصَ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ النَّقْلَ يُفِيدُ. . . إلَخْ) أَيْ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ أَوْ النَّدْبِيَّةِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي طَلَبَ زَائِدٍ كَصَلَاةِ الضُّحَى فَإِنَّ أَصْلَهَا يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ مَعَ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَسُنَّ رَكْعَتَانِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ يُعْطَفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: رَكْعَتَانِ، عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَذْفُ الْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْمَعْرُوفَةِ، فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ يَجْعَلُ قَوْلَهُ: رَكْعَتَانِ مُبْتَدَأً، وَقَوْلَهُ كَالنَّوَافِلِ خَبَرًا. أَيْ: حُكْمًا وَكَيْفِيَّةً. (قَوْلُهُ وَلَا نُكْتَةَ فِيمَا فَعَلَهُ) تُجَابُ بِأَنَّ فِيهِ نُكْتَةً وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْحُكْمَيْنِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا إلَى الْفِعْلِ، أَيْ: وَنُدِبَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ تَنْجَلِيَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ إلَى الْمُصَلَّى. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ شَاءُوا فَعَلُوهَا فِي الْمُصَلَّى أَوْ فِي الْمَسْجِدِ الشَّيْخُ، وَهَذَا إذَا وَقَعَتْ فِي جَمَاعَةٍ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ. فَأَمَّا الْفَذُّ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي بَيْتِهِ، وَلَا أَذَانَ لَهَا وَلَا إقَامَةَ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَوَاصِّ الْفَرْضِ ابْنُ عُمَرَ. وَلَا يُقَالُ: الصَّلَاةَ جَامِعَةَ ابْنُ نَاجِي نَقَلَ ابْنُ هَارُونَ أَنَّهُ لَوْ نَادَى مُنَادٍ: الصَّلَاةَ جَامِعَةَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةَ، وَيُكَبِّرُ فِي افْتِتَاحِهِ كَالتَّكْبِيرِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. (ص) وَقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ ثُمَّ مُوَالَيَاتِهَا فِي الْقِيَامَاتِ (ش) يَعْنِي أَنْ يُنْدَبَ أَنْ يَقْرَأَ بِنَحْوِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ بِنَحْوِ مُوَالَيَاتِهَا - وَهِيَ: آلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ - فِي الْقِيَامَاتِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ قِيَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ كُلِّ رُكُوعٍ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ فَاتِحَةٌ، وَلِأَنَّ كُلَّ قِيَامٍ تُسَنُّ فِيهِ الْقِرَاءَةُ تَجِبُ فِيهِ الْفَاتِحَةُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا تُكَرَّرُ الْفَاتِحَةُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ لَا تُقْرَأُ فِي رَكْعَةٍ مَرَّتَيْنِ. (ص) وَوَعْظٌ بَعْدَهَا (ش) أَيْ وَنُدِبَ الْوَعْظُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْوَعْظَ إذَا وَرَدَ بَعْدَ الْآيَاتِ يُرْجَى تَأْثِيرُهُ، وَلَيْسَ هُنَا خُطْبَةٌ وَإِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمَّتْ مَا وَقَعَ مِنْ الْوَعْظِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَحَمِدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ - خُطْبَةً؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، نَقَلُوا صِفَةَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَطَبَ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَطَبَ وَأَغْفَلَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مَعَ نَقْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا تَعَلَّقَ بِتِلْكَ الْحَالِ، فَوَجَبَ حَمْلُ تَسْمِيَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - خُطْبَةً عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَتَى بِكَلَامٍ مَنْظُومٍ فِيهِ حَمْدُ اللَّهِ وَصَلَاةٌ عَلَى الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى طَرِيقِ مَا يَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ، فَلِذَلِكَ سَمَّتْهَا خُطْبَةً، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ قَوْلِهِ: وَوَعْظٌ، عَنْ قَوْلِهِ: كَالرُّكُوعِ. . (ص) وَرَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ وَسَجَدَ كَالرُّكُوعِ (ش) أَيْ: وَرَكَعَ رُكُوعًا يَقْرُبُ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَيْ: وَرَكَعَ كُلَّ رُكُوعٍ كَالْقِرَاءَةِ الَّتِي قَبْلَهُ أَيْ: قَرِيبًا مِنْهَا فِي الطُّولِ وَلَا يُسَاوِيهَا فِيهِ، وَبِهَذَا يُوَافِقُ الْمُدَوَّنَةَ. وَكَذَلِكَ يَسْجُدُ كُلَّ سُجُودٍ كَرُكُوعِهِ وَلَوْ تَرَكَ التَّطْوِيلَ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ سَهْوًا، سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ التَّطْوِيلَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَأَمَّا عَمْدًا فَيَجْرِي عَلَى تَارِكِ السُّنَنِ مُتَعَمِّدًا. وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى وَذَكَرَ صَاحِبُ اللُّبَابِ وَالشَّامِلِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا تَرَكَ التَّطْوِيلَ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ سَجَدَ.   [حاشية العدوي] مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْفِعْلِ) أَيْ: نَظَرًا لِلْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهَا وَيُسْنَدُ، فَقَوْلُهُ أَيْ: وَنُدِبَ فِعْلُهَا أَيْ: فِعْلُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَالْمُنَاسِبُ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: نَظَرًا لِفِعْلِهِمَا، وَالتَّقْدِيرُ: وَنُدِبَ فِعْلُهُمَا. بَقِيَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَافَ بِمَعْنَى الْإِيقَاعِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَنُدِبَ إيقَاعُهُمَا بِالْمَسْجِدِ فَيُرَدُّ أَنَّ الْإِيقَاعَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ مَحْضٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّدْبُ وَلَا غَيْرُهُ. وَالْجَوَابُ - كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَحَلِّيِّ - أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْنَدَ الْحُكْمُ لِلْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ. (قَوْلُهُ الشَّيْخُ وَهَذَا إذَا وَقَعَتْ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ هَذَا كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُنَادَى: الصَّلَاةَ. . . إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ) وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ قَوِيُّ الْمَدْرَكِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ مُوَالَيَاتِهَا. . . إلَخْ) وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ الثَّانِي أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ النَّصَّ نَدَبَ كَوْنَ كُلِّ قِيَامٍ أَقْصَرَ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ مَعَ إسْرَاعِ قِرَاءَتِهَا يَكُونُ قِيَامُهَا أَقْصَرَ مِنْ قِيَامِ آلِ عِمْرَانَ مَعَ التَّرْتِيلِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْمَنْدُوبُ تَقْصِيرُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى، وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ أَقْصَرُ مِنْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ. . . إلَخْ) إنَّمَا قُدِّرَ نَحْوُ - كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ - لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ أَنَّ النَّدْبَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ مُوَالَيَاتِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ قَدْرَهَا مِنْ غَيْرِهَا أَتَى بِالْمَطْلُوبِ، إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِي ك، وَنَصُّهُ: وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَإِذَا حَمَلْنَا النَّحْوَ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ يَقُومُ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، عَلَى الشَّيْءِ نَفْسِهِ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي كَلَامِ الرِّسَالَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ - فَلَا يَحْتَاجُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا إلَى تَقْدِيرٍ، وَأَنَّ قِرَاءَةَ مَا ذُكِرَ مِنْ السُّورَةِ هُوَ الْأَوْلَى، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ تُسَنُّ فِيهِ الْقِرَاءَةُ) عَلَيْهِمَا الْقَوْلَيْنِ أَنَّ تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ سُنَّةٌ، وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فَلَا. (قَوْلُهُ أَيْ وَنُدِبَ الْوَعْظُ إلَخْ) أَيْ فَيُذَكِّرُهُمْ بِالْعَوَاقِبِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إذَا وَرَدَ بَعْدَ الْآيَاتِ) أَيْ: وَرَدَ بَعْدَ الْآيَاتِ وَالصَّلَاةِ؛ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَوَعْظٌ بَعْدَهَا. أَيْ: بَعْدَ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ بَعْدَ الْآيَاتِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْكُسُوفُ. (قَوْلُهُ يَقْرُبُ مِنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ: لَا أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ وَيُسَبِّحُ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا يَدْعُو. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَسْجُدُ كُلَّ سُجُودٍ كَرُكُوعِهِ) أَيْ: يَسْجُدُ كَالرُّكُوعِ الثَّانِي أَيْ: يَقْرُبُ مِنْهُ فِي الطُّولِ، لَا أَنَّهُ كَهُوَ سَنَدٌ. وَلَا يُطِيلُ الْفَصْلَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إجْمَاعًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْإِطَالَةُ فِي السُّجُودِ دُونَ الرُّكُوعِ كَمَا فِي الرُّكُوعِ دُونَ الْقِيَامِ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ السُّجُودِ أَيْ: تَكُونُ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَالثَّالِثَةُ كَذَلِكَ، وَالرَّابِعَةُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ التَّطْوِيلَ) قَدْ أَشَارَ الْحَطَّابُ إلَى أَنَّ السُّجُودَ لِتَرْكِ التَّطْوِيلِ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ فِي السُّجُودِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ اهـ. إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ السُّجُودِ مُسْتَحَبٌّ، وَكَذَلِكَ التَّطْوِيلُ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَعَلَيْهِ فَلَا سُجُودَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّطْوِيلَ فِيهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ خِلَافًا لتت وَالْبِسَاطِيِّ وَحِّ فَقَوْلُهُ: كَالْقِرَاءَةِ، عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ. وَفِي شَرْحِ (هـ) أَنَّ التَّطْوِيلَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَأْمُومِينَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ، وَلَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ نَاجِي يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَقُومُ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوَ الْبَقَرَةِ. . . إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُطَوِّلُ الْإِمَامُ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِمَنْ خَلْفَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ. قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَبِهِ أَقُولُ. انْتَهَى. لَفْظُهُ: قُلْتُ لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ التَّطْوِيلِ مَحْدُودًا أَمْ لَا، وَأَمَّا حَيْثُ حَصَلَ الضَّرَرُ فَيُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ التَّطْوِيلِ. انْتَهَى. . (ص) وَوَقْتُهَا كَالْعِيدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ كَوَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ. (ص) وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ. (ش) أَيْ: وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْ رَكْعَتَيْهَا بِالرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرُّكُوعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَصِلُ أَوَّلَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَالرَّفْعَ مِنْهُ بِالسُّجُودِ، بِخِلَافِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَنْ الْمَسْبُوقِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَنْهُ، وَلَوْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الثَّانِي فَسَهَا عَنْ الْأَوَّلِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ وَسَهَا عَنْ الثَّانِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ، أَيْ: فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ ثَانِيَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ ثَانِيَ الْأُولَى فَاتَتْ بِالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَضَاهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، أَوْ ثَانِيَ الثَّانِيَةِ أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْإِمَامُ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ. . . إلَخْ . (ص) وَلَا تُكَرَّرُ. (ش) أَيْ: يُمْنَعُ مِنْ تَكَرُّرِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، حَيْثُ لَمْ يَتَكَرَّرْ السَّبَبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فِعْلٍ لَوْ فُعِلَ فِي غَيْرِهَا لَأَبْطَلَهَا؛ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا إلَّا فِي مَحَلِّ وُرُودِهَا. وَأَمَّا إذَا كَسَفَتْ بِيَوْمٍ وَفُعِلَتْ وَلَمْ تَنْجَلِ ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ مَكْسُوفَةً فَتُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ. وَأَمَّا لَوْ كَسَفَتْ فَصُلِّيَ لَهَا فَانْجَلَتْ، ثُمَّ كَسَفَتْ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا تُكَرَّرُ. (ص) وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ قَوْلَانِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا انْجَلَتْ كُلُّهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ هَلْ تُصَلَّى عَلَى هَيْئَتِهَا بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ، أَوْ إنَّمَا تُصَلَّى كَالنَّوَافِلِ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَاحِدٍ وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ. وَأَمَّا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا فَقَطْ أَتَمَّهَا عَلَى سُنَّتِهَا بِاتِّفَاقٍ، كَمَا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ انْجَلَتْ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا، وَأَمَّا إنْ انْجَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الشَّطْرِ فَحَكَى فِيهِ ابْنُ زَرْقُونٍ قَوْلَيْنِ: الْقَطْعَ وَإِتْمَامَهَا كَالنَّوَافِلِ. وَالرَّاجِحُ الثَّانِي لِحِكَايَةِ ابْنِ مُحْرِزٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا لَقَالَ: فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ وَقَطْعِهَا قَوْلَانِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَثْنَاءِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الشَّطْرِ فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ، أَيْ: وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا مُطْلَقًا فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ أَيْ: وَقَطْعِهَا إنْ انْجَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ شَطْرِهَا الْأَوَّلِ، أَوْ إتْمَامِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ إنْ انْجَلَتْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَالتَّفْصِيلُ فِي الْمُقَابِلِ. وَقَوْلُهُ: كَالنَّوَافِلِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْقِسْمَيْنِ، وَانْظُرْ إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَيَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ، أَوْ يُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْوَقْتِ فَقَدْ أَدْرَكَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ خِلَافًا لتت إلَخْ) وَنَصُّهُ: وَسَجَدَ كَالرُّكُوعِ يَحْتَمِلُ فِي الطُّولِ وَيَحْتَمِلُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ سَهَا عَنْ طُولِهِ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِهَا كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَقَدْ يُسَنُّ التَّقْصِيرُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ. وَالْحُكْمُ فِي تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ يَجْرِي عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي السُّجُودِ. إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ خِلَافًا لتت أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّأْكِيدِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ مُتَضَمِّنٌ لِلتَّأْكِيدِ. (قَوْلُهُ قُلْتُ. . . إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي مُشْكِلًا وَمُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ مِنْ إفَادَتِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ يُطَوِّلُ وَلَوْ أَضَرَّ بِمَنْ خَلْفَهُ، أَرَادَ عج أَنْ يَصْرِفَ الْعِبَارَةَ إلَى مَعْنًى لَا يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ الضَّرَرِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ - الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ - يَقُولُ بِالتَّطْوِيلِ وَأَنَّهُ مَحْدُودٌ، وَالثَّانِيَ يَقُولُ بِالتَّطْوِيلِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ) أَيْ: فَلَا يَقْضِي مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى شَيْئًا، وَيَقْضِي مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَقَطْ بِقِيَامَيْهَا، وَلَا يَقْضِي الْقِيَامَ الثَّالِثَ. وَمِثْلُ فَرْضِيَّةِ الرُّكُوعِ الثَّانِي الْقِيَامُ الَّذِي قَبْلَهُ. وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ كَالْقِيَامِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفَاتِحَةَ كَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الْأَوَّلِ وَفَرْضٌ فِي الثَّانِي، وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ نَاجِي فَرْضِيَّتُهَا قَطْعًا فِي أَوَّلِ كُلِّ قِيَامٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي سُنِّيَّتِهَا فِي كُلِّ قِيَامٍ ثَانٍ وَفَرْضِيَّتِهَا، كَذَا فِي شَرْحِ عب وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَوَّاقِ أَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْأَوَّلِ قَطْعًا وَأَمَّا الثَّانِي فَهَلْ يَقْرَأُ أَوْ لَا يَقْرَأُ؟ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ: فَرْضٌ فِيهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَفَرْضٌ فِي الْأَوَّلِ. وَلَا يَقْرَأُ فِي الثَّانِي الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ. قَالَ فِي ك: إنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ سُنَّةً وَالثَّانِي وَاجِبًا مَعَ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْرِيرِهَا فِي الثَّانِي؟ الْجَوَابُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْقِيَامِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الثَّانِي) يَأْتِي فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. نَعَمْ السُّجُودُ لَا يُخَاطَبُ بِهِ إلَّا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الْأُولَى إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي الْمَأْمُومِ وَلَا يَأْتِي فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ. (قَوْلُهُ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ كَوْنِهِ تَارَةً يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا، وَتَارَةً قَبْلَ تَمَامِ شَطْرِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ يُتِمُّهَا إلَخْ) أَيْ: أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ يُتِمُّهَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْقَطْعِ. أَوْ يُتِمُّهَا كَالنَّافِلَةِ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِهِ يُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَقْتَ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 الْوَقْتَ؟ (ص) وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ عِيدٌ وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْفَرْضِ الَّذِي خِيفَ فَوَاتُهُ عَلَى الْكُسُوفِ، وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ عَلَى الْعِيدِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَيُؤَخَّرُ الِاسْتِسْقَاءُ عَنْ الْعِيدِ نَدْبًا لِيَوْمٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ يَوْمُ زِينَةٍ وَتَجَمُّلٍ، وَالِاسْتِسْقَاءَ عَلَى الضِّدِّ. وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا فَرْضُ الْعَيْنِ كَفَجْءِ الْعَدُوِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: خَوْفُ الْفَوَاتِ مُتَعَسِّرٌ فِيهَا إذْ لَا تَفُوتُ بِالدَّفْنِ فَيُمْكِنُ أَنْ تُدْفَنَ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَدْ يُقَالُ: يُصَوَّرُ بِالْجِنَازَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا جَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حُصُولِ إشْرَافٍ وَتَجْهِيزٍ وَغُسْلٍ وَكَفَنٍ وَتَشْيِيعٍ وَدَفْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَا خُصُوصُ الصَّلَاةِ كَمَا فَهِمَ الْمُعْتَرِضُ. أَوْ الْمُرَادُ خُصُوصُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَاجِبَةٌ مَعَ التَّمَكُّنِ، وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ صَلَاتَهَا فَرْضٌ، وَثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ، أَيْ: ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْكُسُوفَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِيدِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَأَمَّا لَوْ اجْتَمَعَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ فَيُفْعَلَانِ مَعًا وَيُؤَخَّرُ الِاسْتِسْقَاءُ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الِاسْتِسْقَاءَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ نَاسَبَ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ فَصْلًا يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ صَلَاتِهِ وَهَيْئَتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ (فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الِاسْتِسْقَاءِ) وَهُوَ بِالْمَدِّ طَلَبُ السَّقْيِ إذْ هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ سَقَيْتُ وَيُقَالُ سَقَى وَأَسْقَى لُغَتَانِ وَقِيلَ: سَقَى نَاوَلَهُ الشِّرْبَ وَأَسْقَاهُ جَعَلَ لَهُ سُقْيًا، وَالِاسْتِفْعَالُ غَالِبًا لِطَلَبِ الْفِعْلِ، كَالِاسْتِفْهَامِ وَالِاسْتِرْشَادِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ وَالرُّشْدِ، وَشَرْعًا طَلَبُ السَّقْيِ مِنْ اللَّهِ لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الِاسْتِسْقَاءَ يَكُونُ لِأَرْبَعٍ: الْأَوَّلُ لِلْمَحْلِ وَالْجَدْبِ، وَالثَّانِي عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الشُّرْبِ لِشِفَاهِهِمْ أَوْ دَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ فِي سَفَرٍ فِي صَحْرَاءَ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أَوْ فِي الْحَضَرِ. وَالثَّالِثُ اسْتِسْقَاءُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحْلٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى الشِّرْبِ، وَقَدْ أَتَاهُمْ مِنْ الْغَيْثِ مَا إنْ اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ كَانُوا فِي دُونِ السَّعَةِ، فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْقُوا وَيَسْأَلُوا اللَّهَ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ. وَالرَّابِعُ اسْتِسْقَاءُ مَنْ كَانَ فِي خِصْبٍ لِمَنْ كَانَ فِي مَحْلٍ وَجَدْبٍ. وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْحُكْمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَالْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا، وَالثَّالِثُ مُبَاحٌ، وَالرَّابِعُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ انْتَهَى. وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى هَذَا الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ: وَاخْتَارَ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ لِمُحْتَاجٍ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا إلَى حُكْمِ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) سُنَّ الِاسْتِسْقَاءُ. (ش) أَيْ: صَلَاتُهُ لِأَحَدِ شَيْئَيْنِ بَيَّنَهُمَا بِقَوْلِهِ (لِزَرْعٍ) أَيْ: لِأَجْلِ احْتِيَاجِ زَرْعٍ، وَيُقَالُ لَهُ: مَحْلٌ وَجَدْبٌ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي احْتِيَاجِ الْحَيَوَانِ أَوْ لِآدَمِيٍّ أَيْ (أَوْ) لِأَجْلِ احْتِيَاجِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حَيَوَانٍ إلَى (شِرْبٍ بِ) سَبَبِ تَخَلُّفِ (نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ مَطَرٍ وَعَيْنٍ، وَلَا يَخْتَصُّ الِاسْتِسْقَاءُ بِمَنْ كَانَ فِي الْقُرَى وَالصَّحْرَاءِ، بَلْ يُشْرَعُ ذَلِكَ لِمَنْ فِي السَّفِينَةِ أَيْضًا عِنْدَ حُصُولِ شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَحْرٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِسَفِينَةٍ) . . وَقَوْلُهُ: (رَكْعَتَانِ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ (جَهْرًا) لِأَنَّهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ عَلَى الْعِيدِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْعِيدُ آكَدَ مِنْهَا لِخَوْفِ انْجِلَائِهَا بِتَقْدِيمِ الْآكَدِ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى إلَى تَقْدِيمِ حِكَايَةِ الْأَذَانِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَعَ أَفْضَلِيَّتِهَا عَلَى الْحِكَايَةِ؛ لِأَنَّ حِكَايَتَهُ تَفُوتُ بِاشْتِغَالِهِ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَذَلِكَ الْكُسُوفُ يُخَافُ فَوَاتُهُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ. وَاسْتُشْكِلَ اجْتِمَاعُ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ بِأَنَّ الْكُسُوفَ إنَّمَا يَكُونُ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْعِيدَ لَا يَكُونُ فِيهِ، إذْ هُوَ إمَّا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ عَاشِرُهُ، بَلْ أَحَالَ أَهْلُ الْهَيْئَةِ اجْتِمَاعَهُمَا عَقْلًا كَمَا بَيَّنَ الْقَرَافِيُّ كَلَامَهُمْ وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ كَلَامَهُمْ، بِأَنَّ لِلَّهِ أَنْ يَخْلُقَ كُسُوفَهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ أَيْ: لِأَنَّ اللَّهَ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ يَتَصَرَّفُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا يُرِيدُ. (قَوْلُهُ وَيُؤَخَّرُ الِاسْتِسْقَاءُ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يُضْطَرَّ لَهُ بِسَبَبِهِ الْآتِي وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ، بَلْ مَعَ الْكُسُوفِ أَيْضًا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ: كَإِنْقَاذِ أَعْمَى وَصَوْنِ مَالٍ خِيفَ تَلَفُهُ (قَوْلُهُ مِنْ حُصُولِ إشْرَافٍ) أَيْ: اطِّلَاعٍ مِنَّا عَلَى الْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ أَوْ الْمُرَادُ خُصُوصُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) تَذَكَّرَهَا بِهِ أَيْ: أَوْ فَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَخَافَ إنْ أَخَّرَهَا تَفُوتُ لِظَنِّ مَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ. [فَصْلٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ] (فَصْلٌ: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) (قَوْلُهُ وَسَقَى وَأَسْقَى لُغَتَانِ) وَهَلْ مَعْنَاهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ الْآتِيَيْنِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؟ (قَوْلُهُ الشِّرْبَ) بِكَسْرِ الشِّينِ: الْحَظُّ مِنْ الْمَاءِ. قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ، وَذَكَرَ أَنَّ مَصْدَرَ شَرِبَ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - شُرْبًا بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا، أَيْ: نَاوَلَهُ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَأَسْقَاهُ جَعَلَ لَهُ سُقْيًا) أَيْ: أَعَدَّ لَهُ مَا يَشْرَبُ مِنْهُ، وَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ. (قَوْلُهُ لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ. . . إلَخْ) الْقَحْطُ: احْتِبَاسُ الْمَطَرِ. (قَوْلُهُ لِلْمَحْلِ وَالْجَدْبِ) الْمَحْلُ وَالْجَدْبُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ انْقِطَاعُ الْمَطَرِ وَيُبْسُ الْأَرْضِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: يُقَالُ لِزَرْعِهِ أَصَابَهُ مَحْلٌ أَوْ جَدْبٌ، وَلَا يُقَالُ لِلْحَيَوَانِ أَصَابَهُ مَحْلٌ أَوْ جَدْبٌ، بَلْ أَصَابَهُ هُزَالٌ أَوْ ضَعْفٌ. وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: مَحَلَ الْبَلَدُ يَمْحَلُ مِنْ بَابِ تَعِبَ اهـ. فَالْحَاءُ فِي الْمَحْلِ مَفْتُوحَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْلَ وَالْجَدْبَ هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ: لِقَحْطٍ، وَمَا بَعْدَهُ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لِشِفَاهِهِمْ) جَمْعُ شَفَةٍ أَيْ: أَنْفُسِهِمْ (قَوْلُهُ خِصْبٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ. . . إلَخْ) أَيْ: فَقَوْلُهُ لِزَرْعٍ ظَرْفُ لَغْوٍ لِقَوْلِهِ الِاسْتِسْقَاءُ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ احْتِيَاجُ الزَّرْعِ لِإِنْبَاتِهِ أَوْ بَقَائِهِ. (قَوْلُهُ بِسَبَبِ. . . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: بِنَهْرٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَالْيَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ: شِرْبٍ مِنْ نَهْرٍ. (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ: بَعْضِ مَا مَرَّ وَهُوَ احْتِيَاجُ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِسَبَبِ تَخَلُّفِ مَطَرٍ. وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا ذَاتُ خُطْبَةٍ أَيْ: الصَّلَاةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 ذَاتُ خُطْبَةٍ كَالْعِيدِ، وَكُلُّ صَلَاةٍ لَهَا خُطْبَةٌ فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا إلَّا الْجُمَعَ بِعَرَفَةَ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهَا سِرًّا؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِلتَّعْلِيمِ لَا لِلصَّلَاةِ. فَقَوْلُهُ سُنَّ، أَيْ: سُنَّةَ عَيْنٍ، وَيُخَاطَبُ بِهَا الذَّكَرُ الْبَالِغُ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَيُخَاطَبُ بِهَا نَدْبًا، وَكَذَا الْمُتَجَالَّةُ. (ص) وَكَرَّرَ إنْ تَأَخَّرَ. (ش) كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ. (ص) وَخَرَجُوا ضُحًى مُشَاةً بِبِذْلَةٍ وَتَخَشُّعٍ. (ش) أَيْ: وَخَرَجُوا اسْتِحْبَابًا إلَى الْمُصَلَّى ضُحًى، أَيْ أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الْعِيدَيْنِ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى الزَّوَالِ. وَمِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تَخْرُجَ النَّاسُ مُشَاةً فِي بِذْلَتِهِمْ، لَا يَلْبَسُونَ ثِيَابَ الْجُمُعَةِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مُتَوَاضِعِينَ مُتَخَشِّعِينَ وَجِلِينَ إلَى مُصَلَّاهُمْ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ الْإِمَامُ مَاشِيًا مُتَوَاضِعًا فِي بِذْلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا رَأَى مَخَايِلَ الْعُقُوبَةِ لَمْ يَأْتِ مَوْلَاهُ إلَّا بِصِفَةِ الذُّلِّ، وَالْبِذْلَةُ: مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ. (ص) مَشَايِخُ وَمُتَجَالَّةٌ وَصِبْيَةٌ لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ، وَبَهِيمَةٌ وَحَائِضٌ، وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ وَانْفَرَدَ لَا بِيَوْمٍ. (ش) الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَخْرُجُونَ بِاتِّفَاقٍ، وَهُمْ الرِّجَالُ وَالصِّبْيَانُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ الصَّلَاةَ وَالْعَبِيدُ وَالْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ. وَقِسْمٌ لَا يَخْرُجُونَ بِاتِّفَاقٍ وَهُنَّ النِّسَاءُ فِي حَالِ حَيْضِهِنَّ وَنِفَاسِهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ مَنْجُوسَاتٌ، وَكَذَا الشَّابَّةُ النَّاعِمَةُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا يُنَافِي فِي الْخُشُوعِ. وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ وَهُمْ الْبَهَائِمُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالشَّابَّةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَاعِمَةٍ وَأَهْلُ الْكِتَابِ. انْتَهَى ابْنُ شَاسٍ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إخْرَاجَ الصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَكَذَلِكَ الشَّابَّةُ الَّتِي لَا يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ. وَأَبَاحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خُرُوجَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ، ثُمَّ إنَّا إذَا قُلْنَا بِالْإِبَاحَةِ فَهَلْ يَنْفَرِدُونَ بِيَوْمٍ أَوْ يَخْرُجُونَ مَعَ النَّاسِ وَيَكُونُونَ عَلَى جَانِبٍ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَسْبِقَ قَدَرٌ بِسَقْيِهِمْ فَيُفْتَتَنَ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ بِانْفِرَادِهِمْ بِيَوْمٍ، وَمَنَعَهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَإِذَا خَرَجُوا فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ التَّطَوُّقِ بِصُلْبَانِهِمْ، وَيَكُونُونَ فِي نَاحِيَةٍ مَفْصُولِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِهَا فِي الْأَسْوَاقِ وَفِي جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُخَاطَبُ بِهَا الذَّكَرُ الْبَالِغُ) ظَاهِرُهُ: حُرًّا أَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الصَّغِيرُ. . . إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ - حَيْثُ يُطَالَبُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ اسْتِنَانًا وَالِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةً - أَنَّ الْكُسُوفَ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ، بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ قَدْ لَا يَكُونُ عَامًّا. (قَوْلُهُ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ بِسَبَبِ الْمَارِّ فِي أَيَّامٍ لَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ فِيمَا يُنْدَبُ فِيهِ إنْ تَأَخَّرَ حُصُولُ الْمَطْلُوبِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ حَصَلَ دُونَ الْكِفَايَةِ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ: فَإِنَّهَا قَالَتْ: وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَسْقِيَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا، ثُمَّ أَقُولُ: قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ جَائِزٌ أَيْ: مَأْذُونٌ فِيهِ فَيَصْدُقُ بِالْمَطْلُوبِ الْمُرَادِ، فَلَا يُنَافِي الْمُصَنِّفَ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: وَكُرِّرَ سُنَّةً وَنَدْبًا وَجَوَازًا عَلَى أَحْوَالِ الِاسْتِسْقَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَكَتَبَ مُحَشِّي تت فَقَالَ: تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ ظَاهِرٌ فِي مَطْلُوبِيَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَسْقِيَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِهِ أَيَّامًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَيُحْمَلُ الْمُؤَلَّفُ عَلَى الْجَوَازِ، فَقَوْلُ الْحَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ: وَكَرَّرَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ خِلَافُ مَا قَالَهُ اهـ. أَقُولُ: كَوْنُ عِبَادَةٍ يَعْقِلُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مُسْتَوِيَةُ الطَّرَفَيْنِ بَعِيدٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ. (قَوْلُهُ إلَى الْمُصَلَّى) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ كَالْأَصْحَابِ فِي طَلَبِ الْخُرُوجِ، وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ بِغَيْرِ مَكَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا يَسْتَسْقُونَ فِي الْمَسْجِدِ كَالْعِيدِ. (قَوْلُهُ مُتَخَشِّعِينَ) وَهُوَ تَكَلُّفُ الْخُشُوعِ وَيَنْشَأُ مِنْهُ ظُهُورُ الْخُشُوعِ، فَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَكَلَّفُونَهُ. (قَوْلُهُ إلَى مُصَلَّاهُمْ) أَيْ: خَائِفِينَ، وَقَوْلُهُ إلَى مُصَلَّاهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ إذَا رَأَى مَخَايِلَ الْعُقُوبَةِ) أَيْ: أَمَارَاتِ الْعُقُوبَةِ، كَاحْتِبَاسِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ وَالْبِذْلَةُ مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ لِحَالِ لَابِسِهِ. قَالَهُ فِي ك. (تَنْبِيهٌ) : حَكَى السُّيُوطِيّ أَنَّ السُّلْطَانَ الْمُؤَيَّدَ خَرَجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ فِي جُبَّةٍ بَيْضَاءَ وَطَاقِيَّةٍ بَيْضَاءَ، وَلَمْ يَرْكَبْ وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَى شَيْءٍ، وَأَمَرَ الْإِمَامَ بِعَدَمِ الدُّعَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ لَا مَنْ. . . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: وَصِبْيَةٌ يَعْقِلُونَ، لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ. وَقَوْلُهُ: لَا بِيَوْمٍ، مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: انْفَرَدَ بِمَوْضِعٍ لَا بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ) أَيْ: يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ: وَانْفَرَدَ أَيْ نَدْبًا. وَقَوْلُهُ وَلَا بِيَوْمٍ أَيْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ) أَيْ: يَتَعَلَّقُ بِهِمْ الْخُرُوجُ إثْبَاتًا وَنَفْيًا. (قَوْلُهُ وَهُمْ الرِّجَالُ) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَالصِّبْيَانُ وَالْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي شَرْحِ شب أَيْ: الْمُتَجَالَّاتُ الَّتِي لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهَا، فَلَا تَخْرُجُ أَيْ: لَا تُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ فَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تُمْنَعْ. وَاعْلَمْ أَنَّ النِّسَاءَ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: مُتَجَالَّةٌ يَحْسُنُ خُرُوجُهَا، وَشَابَّةٌ طَاهِرٌ يُكْرَهُ خُرُوجُهَا وَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تُمْنَعْ، وَحَائِضٌ تُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ اهـ. وَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لِلَّخْمِيِّ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ الْخُرُوجُ، وَلَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ إذَا خَرَجَتْ لِلصَّحْرَاءِ، بَلْ الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ. نَعَمْ لَوْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ لِصَلَاةٍ لَكَانَتْ الْحُرْمَةُ ظَاهِرَةً، وَكَذَلِكَ الشَّابَّةُ النَّاعِمَةُ يَحْرُمُ خُرُوجُهَا إنْ كَانَ يُؤَدِّي لِلْفِتْنَةِ. (قَوْلُهُ فِي حَالِ حَيْضِهِنَّ. . . إلَخْ) أَيْ: حَالِ جَرَيَانِ دَمِهِنَّ، وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ، بَلْ هِيَ الْآنَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ اهـ. وَأَمَّا الْجُنُبُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ، أَوْ وَجَدَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الشَّابَّةُ) أَيْ: يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ وَأَبَاحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) الْمُرَادُ أَنْ يَسُوغَ لَنَا عَدَمُ مَنْعِهِمْ. (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ) أَصْلُ الْمَنْعِ الْحُرْمَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُونَ عَلَى جَانِبٍ) أَيْ: نَدْبًا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ وَبِانْفِرَادِهِمْ بِيَوْمٍ) أَيْ بِزَمَنٍ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَلَمْ يُرِدْ بِالْيَوْمِ الْيَوْمَ الْمَعْرُوفَ. (قَوْلُهُ مِنْ التَّطَوُّقِ) أَيْ: يَجْعَلُونَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 الِاسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ. فَقَوْلُهُ: مَشَايِخُ وَمَا بَعْدَهُ يَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ وَالرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ خَبَرُهُ، أَيْ: خَرَجُوا حَالَ كَوْنِهِمْ، أَوْ وَفِيهِمْ مَشَايِخُ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ فِي وَخَرَجُوا، أَوْ الْفَاعِلِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي: وَخَرَجُوا حَرْفٌ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْحِقُ الْفِعْلَ عَلَامَةَ جَمْعٍ أَوْ تَثْنِيَةٍ، وَهِيَ لُغَةُ: أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشَايِخِ مَا قَابَلَ الصِّبْيَةَ لَا الْمَشَايِخُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي الْوَقْفِ. . (ص) ثُمَّ خَطَبَ (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهِمَا وَوَسَطِهِمَا وَيَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا وَأَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِقَوْلِهِ (كَالْعِيدِ) وَلَا حَدَّ فِي طُولِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ وَسَطٌ، قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى قَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَيَدْعُو فِي خُطْبَتَيْهِ لِكَشْفِ مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَلَا يَدْعُو لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ مَكَانَهُ فَحَوَّلَ رِدَاءَهُ تَفَاؤُلًا بِتَحْوِيلِ حَالَتِهِمْ مِنْ الشِّدَّةِ إلَى الرَّخَاءِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ مَا عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، وَمَا عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَفْعَلْ النَّاسُ مِثْلَ الْإِمَامِ وَهُمْ جُلُوسٌ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، ثُمَّ يَدْعُو كَذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ جَهْرًا، وَيَكُونُ الدُّعَاءُ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَمِنْ دُعَائِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهِيمَتَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ.» وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ، وَرُوِيَ إلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ مِنْ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَنْصَرِفُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَبُدِّلَ التَّكْبِيرُ بِالِاسْتِغْفَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتَيْ الْعِيدِ، وَيُبَدَّلُ التَّكْبِيرُ هُنَاكَ بِالِاسْتِغْفَارِ هُنَا وَالنَّاسُ مَعَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] فَجُعِلَ الْمَطَرُ جَزَاءَ الِاسْتِغْفَارِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَبُدِّلَ نَدْبًا فِي خُرُوجِهِ وَخُطْبَتَيْهِ التَّكْبِيرُ بِالِاسْتِغْفَارِ، لَا فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْبَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لِلْمَأْخُوذِ. (ص) وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ آخِرَ الثَّانِيَةِ (ش) أَيْ: وَيُنْدَبُ مُبَالَغَتُهُ بِالدُّعَاءِ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلًا) لِلْقِبْلَةِ وَظَهْرُهُ لِلنَّاسِ (ص) ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلَا تَنْكِيسٍ وَكَذَا الرِّجَالُ فَقَطْ قُعُودًا (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ وَاسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ حَوَّلَ رِدَاءَهُ قَبْلَ الدُّعَاءِ فَجَعَلَ يَمِينَهُ يَسَارَهُ، يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ فَيَأْخُذُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيَمُرُّهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ سَاعَةَ الْجَدْبِ بِسَاعَةِ الْخِصْبِ وَسَاعَةَ الْعُسْرِ بِسَاعَةِ الْيُسْرِ، وَلَا   [حاشية العدوي] فِي طَوْقِهِمْ. (قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ) قَالَ الْبَدْرُ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ الْمُصَنِّفِ. وَقَوْلُهُ: لَا الْمَشَايِخُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَهُمْ: مَنْ بَلَغَ السِّتِّينَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ خَطَبَ) فِي ك فَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ فَيُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: خَطَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: صَلَّوْا ثُمَّ خَطَبَ، وَعَبَّرَ بِثُمَّ لِأَنَّهُ يَجْلِسُ بَعْدَ الصَّلَاةِ جَلْسَةً مُسْتَقْبِلًا النَّاسَ، ثُمَّ يَخْطُبُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْعُو لِأَمِيرِ. . . إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ: إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَ. . . إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلْفِعْلِ فِي ذَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَبْدَأَ بِجَعْلِ مَا عَلَى يَسَارِهِ عَلَى يَمِينِهِ، لَا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِجَعْلِ الَّذِي عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ. (قَوْلُهُ وَبُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ) وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِقُرْبِ أَحَدِ الْيَدَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَهَلْ يُلَاصِقُ أَوْ يُفَرِّقُ قَلِيلًا؟ خِلَافٌ بَيْنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ أَشَارَ لَهُ فِي شَرْحِ الْحِصْنِ الْحَصِينِ (قَوْلُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ) أَيْ: حَاضِرُونَ مَعَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فِي خُرُوجِهِ. . . إلَخْ رَدًّا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ: لَا يُكَبِّرُونَ فِي الْغُدُوِّ إلَيْهَا وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ إلَّا فِي الْخُطْبَةِ. قَالَ بَهْرَامُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اسْتَغْفَرَ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا كَمَا يُكَبِّرُوا مَعَهُ فِي الْعِيدِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ. . . إلَخْ) وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْرُوكِ خِلَافًا لِمَنْ عَيَّنَ دُخُولَهَا عَلَى الْمَتْرُوكِ. (قَوْلُهُ وَبَالَغَ) أَيْ: نَدْبًا الْإِمَامُ وَمَنْ بَعُدَ عَنْهُ مِنْ الْقَوْمِ، وَأَمَّا مَنْ قَرُبَ مِنْهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ (قَوْلُهُ مُبَالَغَتُهُ) أَيْ: إطَالَتُهُ أَوْ أَتَى بِأَجْوَدِهِ وَأَحْسَنِهِ أَوْ هُمَا مَعًا، وَالْمُرَادُ بِأَجْوَدِهِ وَأَحْسَنِهِ مَا جَاءَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَيَكُونُ الدُّعَاءُ جَهْرًا كَمَا فِي الطِّرَازِ، وَذَكَرَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُ يَدْعُو سِرًّا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ جُمْلَةِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا كَأَنَّهُ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ فَجَعَلَ يَمِينَهُ يَسَارَهُ. . . إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: يَمِينَهُ يَسَارَهُ. . . إلَخْ مَفْعُولٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ: يَجْعَلُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ بَعْضٍ، وَعَلَى كُلٍّ فَالضَّمِيرُ فِي يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ عَائِدٌ عَلَى الرِّدَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: يَمِينَهُ. . . إلَخْ مَنْصُوبَيْنِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: يَجْعَلُ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ. وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ لِفَاعِلِ التَّحْوِيلِ أَفَادَ كُلَّ ذَلِكَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، ثُمَّ أَقُولُ وَهَذَا بَيَانٌ لِلتَّحْوِيلِ فِي ذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِجَعْلِ مَا عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ فَيَأْخُذَ - كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ مَارًّا بِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَيَجْعَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ تَفَاؤُلًا، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّحْوِيلِ قَلْبُهُ، فَيَصِيرُ مَا يَلِي ظَهْرَهُ لِلسَّمَاءِ وَمَا يَلِيهَا عَلَى ظَهْرِهِ (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ أَنَّ التَّحْوِيلَ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ أَيْ يَبْدَأُ بِاسْتِمْتَاعِ يَمِينِهِ بِالْمُكْثِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَأْخُذَ (فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرْضِهَا شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الرِّدَاءِ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، أَوْ شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ، وَلَيْسَ فِي الْإِزَارِ إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي، ذَكَرَهُ الشبراملسي فِي حَوَاشِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 يَجْعَلُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يُحَوِّلْنَ أَرْدِيَتَهُنَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى كَشْفِهِنَّ، وَلِهَذَا قُيِّدَ التَّحْوِيلُ بِالرِّجَالِ، وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ قُعُودًا، وَلَا تُحَوَّلُ الْبَرَانِسُ وَلَا الْغَفَائِرُ أَيْ: مَا لَمْ تُلْبَسْ كَالرِّدَاءِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرُ التَّحْوِيلِ عَنْ الدُّعَاءِ وَهُوَ قَوْلٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالْمَشْهُورُ تَأْخِيرُ الدُّعَاءِ عَنْ التَّحْوِيلِ فَيَخْطُبُ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ ثُمَّ يُحَوِّلُ ثُمَّ يَدْعُو، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُرَتَّبَةٌ. (ص) وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ (ش) أَيْ: إيقَاعُ خُطْبَةٍ، وَهُوَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ أَيْ: خُطْبَتَانِ (ص) وَصِيَامُ ثَلَاثَةٍ قَبْلَهُ وَصَدَقَةٌ وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا الْإِمَامُ بَلْ بِتَوْبَةٍ وَرَدِّ تَبِعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّصَدُّقُ وَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ يَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ وَيَخْرُجُونَ لَهُ مُفْطِرِينَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ قَبْلَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالْإِقْلَاعِ عَنْ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ وَالْمَظَالِمِ، وَأَنْ يَتَحَالَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ مَعَاصِيهِمْ سَبَبَ مَنْعِ الْغَيْثِ، وَيَأْمُرَ بِالتَّقَرُّبِ بِالصَّدَقَاتِ لَعَلَّهُمْ إذَا أَطْعَمُوا فُقَرَاءَهُمْ أَطْعَمَهُمْ اللَّهُ، فَإِنَّ الْجَمِيعَ فُقَرَاءُ اللَّهِ. فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّيْخِ: إنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، بَلْ حَكَى الْجُزُولِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهَا فَلَيْسَ مِنْ سُنَّتِهَا. قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأُبَيٍّ وَالْمُغِيرَةِ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مُسَلَّمٌ فِي الصَّوْمِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَا، بَلْ يَأْمُرُ بِهَا كَمَا مَرَّ. وَتَبِعَةٌ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ: تِبَاعَةٌ. (ص) وَجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا (ش) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّنَفُّلُ بِالْمَسْجِدِ وَالْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَبَعْدَهَا بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا بِالْمُصَلَّى لَا بِالْمَسْجِدِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ الْإِقْلَاعُ عَنْ الْخَطَايَا وَالْإِكْثَارُ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ، وَلِذَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْعِتْقُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالتَّذَلُّلُ وَالدُّعَاءُ فَكَانَ التَّقَرُّبُ بِالنَّفْلِ أَلْيَقَ. (ص) وَاخْتَارَ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ لِمُحْتَاجٍ (ش) أَيْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ نَدْبَ إقَامَةِ الْمُخْصِبِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى سُنَّتِهَا بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ مُجْدِبٍ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَقَامَهَا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ مُجْتَمِعًا مَعَهُ، أَوْ أَقَامَهَا وَكُلٌّ بِمَحَلِّهِ وَلَوْ فِي زَمَنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِسَبَبِ حُصُولِ جَدْبٍ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَكَلَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ: وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَى إقَامَتِهَا بِصَلَاتِهَا دَلِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَطْلُوبًا لَفَعَلَهُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ فَمَنْ بَعْدَهُ   [حاشية العدوي] الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا الْغَفَائِرُ) هِيَ شَيْءٌ يُجْعَلُ مِنْ الْجُوخِ عَلَى شَكْلِ الْبُرْنُسِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُلْبَسْ) عَائِدٌ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْغَفَائِرِ وَالْبَرَانِسِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ظَاهِرُ. . . إلَخْ) أَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ لَا فِي الرُّتْبَةِ، وَقَدْ وَقَعَ الْجَوَابُ بِمِثْلِ هَذَا فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ اهـ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ) أَيْ: لَا بِمِنْبَرٍ فَيُكْرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ فِي ذَاتِهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَكَوْنُهَا بِالْأَرْضِ مُسْتَحَبٌّ آخَرُ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَخْرُجُونَ مُفْطِرِينَ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الظَّرْفِ (قَوْلُهُ وَالْإِقْلَاعِ عَنْ الذُّنُوبِ) مِنْ أَجْزَاءِ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ نَدَمٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لِأَجْلِ قُبْحِهَا شَرْعًا وَلَا يَضُرُّهُ اسْتِحْسَانُهَا طَبْعًا، وَعَزْمٌ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ فِي الْحَالِ. أَيْ: إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهَا. وَقَوْلُهُ: وَالْآثَامِ هِيَ مُسَبَّبَةٌ عَنْ الذُّنُوبِ أَيْ: الَّتِي هِيَ الْمَعَاصِي، وَقَوْلُهُ: وَالْمَظَالِمِ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَدِّ تَبِعَةٍ وَتُفِيدُ عِبَارَتُهُ أَنَّ رَدَّ التَّبِعَةِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّوْبَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَعَيْنُهُ بَاقِيَةٌ فَصِحَّةُ التَّوْبَةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى رَدِّهِ، وَأَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ عَيْنُهُ فَرَدُّ عِوَضِهِ وَاجِبٌ آخَرُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ يَحْتَاجُ لِتَوْبَةٍ - كَمَا أَفَادَهُ السَّنُوسِيُّ كَتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْقِصَاصِ وَالشِّرْبِ، وَكَتَسْلِيمِ مَا وَجَبَ فِي الزَّكَوَاتِ وَقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ، فَهَذَا كُلُّهُ وَاجِبٌ آخَرُ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ. وَقُلْنَا لِقُبْحِهَا شَرْعًا أَيْ: وَلَا يَضُرُّ اسْتِحْسَانُهَا طَبْعًا، وَأَمَّا النَّدَمُ لِخَوْفِ النَّارِ أَوْ لِطَمَعٍ فِي الْجَنَّةِ فَوَقَعَ تَرَدُّدٌ، وَمَبْنَى ذَلِكَ: هَلْ هُوَ نَدَمٌ عَلَيْهَا لِقُبْحِهَا أَيْ شَرْعًا وَلِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً أَمْ لَا؟ وَكَذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي النَّدَمِ عَلَيْهَا لِقُبْحِهَا وَلِأَمْرٍ آخَرَ. وَالْحَقُّ أَنَّ جِهَةَ الْقُبْحِ إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَتْ لَتَحَقَّقَ النَّدَمُ عَلَيْهَا، فَتَوْبَةٌ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ مَجْمُوعَ الْأَمْرَيْنِ، أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ النَّدَمُ، وَكَذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي التَّوْبَةِ عِنْدَ أَمْرٍ مَخُوفٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ بِإِسْلَامِهِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا، وَكَذَا الْمُسْلِمِ مِنْ عِصْيَانِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ ظَنًّا وَلَوْ أَذْنَبَ بَعْدَهَا وَلَا يَعُودُ مَحَلُّ الْقَطْعِ بِقَبُولِ تَوْبَةِ الْكَافِرِ إنْ لَمْ يُغَرْغِرْ أَيْ: يُشَاهِدْ مَلَائِكَةَ الْعَذَابِ، وَإِنْ لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ إسْلَامُهُ فِيهِمَا. وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَبَعْدَ الطُّلُوعِ، وَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ عج وَتَبِعَهُ عب مُقَابِلُهُ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْجَمِيعَ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: أَطْعَمَهُمْ اللَّهُ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ مِنْ سُنَّتِهَا) بَلْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ بَلْ يَأْمُرُ بِهَا) وَإِذَا أَمَرَ بِهَا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فَقَدْ قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمُحَرَّمٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَدْخُلُ هُوَ فِي أَمْرِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْمُتَكَلِّمُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ؟ (قَوْلُهُ وَتِبَاعَةٌ) بِكَسْرِ التَّاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ: مِنْ طَلَبِ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ فَكَانَ التَّقَرُّبُ بِالنَّفْلِ أَلْيَقَ) أَيْ لِمَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ عِظَمِ التَّذَلُّلِ وَالْخُشُوعِ الَّذِي يُرْجَى بِهِ الْإِغَاثَةُ (قَوْلُهُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ) أَيْ: فَاللَّخْمِيُّ اخْتَارَ مَا عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ وَكَلَامِ اللَّخْمِيِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّظَرَ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَامَهَا بِمَحَلِّهِ أَوْ أَتَى لِلْمَحَلِّ الْمُحْتَاجِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَجِئْ إلَيْهِ مُنْتَقِلًا، وَأَمَّا إذَا جَاءَ إلَيْهِ مُنْتَقِلًا نَاوِيًا السُّكْنَى بِهِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَى إقَامَتِهَا. . . إلَخْ) أَيْ: فَهِيَ لَا تَجُوزُ، أَوْ تُكْرَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 وَلَوْ فَعَلُوهُ لَنُقِلَ، أَمَّا دُعَاؤُهُ لَهُمْ فَمَنْدُوبٌ، وَحَمَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهَا مَعَهُ لَا بِمَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَطْلُوبَةِ - عَيْنًا فَرْضًا وَنَفْلًا - شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُطْلَبُ كِفَايَةً وَهُوَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَوْتَى مِنْ غُسْلٍ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ (فَصْلٌ) فِيمَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ دُخُولَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي رَسْمِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: ذَاتُ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ وَالْمَوْتُ كَيْفِيَّةٌ وُجُودِيَّةٌ تَضَادُّ الْحَيَاةَ فَلَا يُعَرَّى الْجِسْمُ الْحَيَوَانِيُّ عَنْهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ. وَصَرِيحُ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ عَرَضٌ لِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ عَرَضٌ، وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ مَعْنًى خَلَقَهُ اللَّهُ فِي كَفِّ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ يَجِدُ رِيحَهُ إلَّا مَاتَ، وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُتَخَلِّلٌ فِي الْبَدَنِ تَذْهَبُ الْحَيَاةُ بِذَهَابِهَا. (ص) فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ وَلَوْ بِزَمْزَمَ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَدَفْنِهِ وَكَفَنِهِ وَسُنِّيَّتِهِمَا خِلَافٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ: هَلْ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ الْمُتَقَدِّمِ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ وَلَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ وَاجِبُ كِفَايَةٍ - وَشَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ - أَوْ سُنَّةٌ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ؟ وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ هَلْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ وُجُوبَ الْكِفَايَةِ - وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَغَيْرُهُ - أَوْ سُنَّةٌ؟ وَأَمَّا دَفْنُ الْمَيِّتِ أَيْ: مُوَارَاتُهُ وَكَفَنُهُ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، إلَّا ابْنَ يُونُسَ فَإِنَّهُ حَكَى سُنِّيَّةَ كَفَنِهِ، وَلِذَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ ذِكْرَ الدَّفْنِ عَلَى الْكَفَنِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فِي الْوُجُودِ. وَيَكُونُ الْغُسْلُ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ تَعَبُّدٌ - كَمَا يَأْتِي - فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ عَلَى غَيْرِ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ. وَمَاءُ زَمْزَمَ كَغَيْرِهِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ بِالْمَوْتِ، وَعَلَى طَهَارَتِهِ يَجُوزُ ابْنُ هَارُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ، فَقَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ - لَا يُغَسَّلُ بِمَاءِ زَمْزَمَ مَيِّتٌ وَلَا نَجَاسَةٌ - إنْ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ كَانَ وِفَاقًا، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَقَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَخِلَافٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَقَوْلُهُ: بِمُطَهِّرٍ مُتَعَلِّقٌ بِغُسْلِ، وَلَوْ بِزَمْزَمَ أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ، فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ الْغَيْرِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ، أَوْ فِي الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ عَطْفٌ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ، فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ: كَدَفْنِهِ وَكَفَنِهِ تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فَقَطْ، وَهُوَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَحَمَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ. إلَخْ) أَيْ: ابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيُّ بِالْجَوَازِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ مَحَلَّهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ. [فَصْلٌ صَلَاة الْجِنَازَة] (فَصْلٌ الْجِنَازَةُ) فَائِدَةٌ: تَرَدَّدَ بَعْضٌ هَلْ شُرِعَتْ الْجِنَازَةُ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةٍ؟ وَظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ بِالْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ ذَاتُ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ) فَإِنْ قِيلَ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ قَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا إحْرَامَ لَهَا وَإِنَّمَا تَكْبِيرَاتُهَا كَالرَّكَعَاتِ وَلِذَا إذَا سَبَقَ الْإِمَامَ الْمَأْمُومُ بِتَكْبِيرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يُكَبِّرَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ قَبْلَهُ لَكَانَ قَاضِيًا فِي صُلْبِهِ فَنَتَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ فِيهَا تَسْلِيمًا فَقَطْ لَا إحْرَامًا وَسَلَامًا فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ الرَّسْمِ. قُلْنَا هَذَا لَا يَصِحُّ إيرَادُهُ لِأَنَّ تَكْبِيرَاتِ الْإِحْرَامِ غَيْرُ الْإِحْرَامِ، وَالْإِحْرَامُ وَالسَّلَامُ مَوْجُودَانِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ (قَوْلُهُ وُجُودِيَّةٌ) وَصْفٌ كَاشِفٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا وُجُودِيَّةً، وَدَلِيلُهُ: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ، إذْ الْعَدَمُ لَا يُخْلَقُ. وَرُدَّ بِأَنَّ مَعْنَى الْخَلْقِ التَّقْدِيرُ، وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ فَمُقَابَلَتُهُ لِلْحَيَاةِ مِنْ قَبِيلِ تَقَابُلِ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يُعَرَّى. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ: وَلَا يُعَرَّى بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الضِّدَّيْنِ يَجُوزُ ارْتِفَاعُهُمَا، وَالتَّفْرِيعُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ارْتِفَاعُهُمَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَعْنًى) ظَاهِرٌ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا أَيْ: مُسَبَّبُ مَعْنًى خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْتَ صِفَةٌ لِلْمَيِّتِ، وَصِفَةُ الشَّيْءِ قَائِمَةٌ بِهِ فَلَا تَكُونُ قَائِمَةً بِغَيْرِهِ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ: خَلَقَ سَبَبَهُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جُزْءُ سَبَبٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُعَالِجُ خُرُوجَهَا مِنْ الْبَدَنِ، وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَشُمُّونَ ذَلِكَ بَلْ مَنْ قَرُبَ أَجَلُهُ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُعْتَبَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا نَصَّهُ الْمَازِرِيُّ: الْمَوْتُ عَرَضٌ مِنْ الْأَعْرَاضِ عِنْدَنَا يُضَادُّ الْحَيَاةَ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ كَبْشًا وَلَا جِسْمًا مِنْ الْأَجْسَامِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَذَا التَّشْبِيهُ وَالتَّمْثِيلُ، وَقَدْ يَخْلُقُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا الْجِسْمَ ثُمَّ يُذْبَحُ وَيُجْعَلُ هَذَا مِثَالًا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَطْرَأُ عَلَى أَهْلِ الْآخِرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ جِسْمٌ لَطِيفٌ) أَيْ: فَهُوَ جِسْمٌ ذُو يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ وَعَيْنَيْنِ وَرَأْسٍ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ قُطِعَ يَدُهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَطْعُ يَدِ الرُّوحِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الشَّخْصِ الْمَقْطُوعِ بِسُرْعَةٍ بِدُونِ قَطْعٍ أَوْ مَعَ قَطْعٍ وَيَلْتَحِمُ، وَرُوحُ كُلِّ إنْسَانٍ عَلَى صِفَتِهِ (قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ. . . إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَكَفَنِهِ) أَيْ: وَضْعِهِ فِي الْكَفَنِ وَإِدْرَاجِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ الْمُسْلِمِ) أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ مِنْ مَجُوسِيٍّ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ، كَذَا فِي شَرْحِ شب وَعَبَ، وَانْظُرْ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا مَحْكُومٍ بِكُفْرِهِ (قَوْلُهُ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ مِنْ أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ قَالَ: وَيَجُوزُ غُسْلُهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الْقُرُنْفُلِ. (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ. . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا أَيْ: الْآتِيَةَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ - كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ - وَذَلِكَ لِأَنَّ السِّدْرَ يُجْعَلُ فِي وِعَاءٍ وَيُخَضُّ ثُمَّ يُعْرَكُ بِهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ ثُمَّ يُصَبُّ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ. (قَوْلُهُ وَعَلَى طَهَارَتِهِ يَجُوزُ) أَيْ: بَلْ أَوْلَى لِرَجَاءِ بَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ كَانَ وِفَاقًا) أَيْ: بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ: سَوَاءٌ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ، أَوْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ الْغَيْرِ. . . إلَخْ) الْأَوْلَى الْجَوَازُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ) أَيْ: إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ) فَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ قَائِلًا بِالْكَرَاهَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِقَوْلِهِ بَعْدَ وَسُنِّيَّتِهِمَا أَيْ: الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ. (ص) وَتَلَازَمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُتَلَازِمَانِ فَمَنْ وَجَبَ لَهُ التَّغْسِيلُ وَجَبَتْ لَهُ الصَّلَاةُ بِأَنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا حَاضِرًا تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ، وَلَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ، فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ سَقَطَا. وَلَا يَرِدُ أَنَّ مَنْ تَقَطَّعَ جَسَدُهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُغَسَّلُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ قَائِمٌ مَقَامَ الْغُسْلِ (ص) وَغُسِّلَ كَالْجَنَابَةِ (ش) الْأَجْزَاءُ كَالْأَجْزَاءِ وَالْكَمَالُ كَالْكَمَالِ إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ كَالتَّكْرَارِ، وَلَا يُكَرَّرُ وُضُوءُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُسْتَفَادُ مِمَّا قُلْنَاهُ مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْ الْمَيِّتِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى إنْ كَانَ، ثُمَّ يُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً وَيُثَلِّثُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى الْأَيْسَرِ (ص) تَعَبُّدًا (ش) أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْغُسْلِ تَعَبُّدًا، أَوْ لِأَجْلِ التَّعَبُّدِ بِدَلِيلِ تَيَمُّمِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَعَلَى التَّعَبُّدِ فَلَا يُغَسِّلُ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُسْلِمٌ. وَعَلَى النَّظَافَةِ يُغَسِّلُهُ، قَالَ مَالِكٌ يُعَلِّمُهُ النِّسَاءُ الْغُسْلَ وَيُغَسِّلُهُ. وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ وَكِتَابِيَّةٌ إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْغُسْلَ تَعَبُّدٌ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَعَبُّدٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، كَغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَالنَّضْحِ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ فِي نَفْسِهِ كَغَسْلِ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا. (ص) وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ إنْ صَحَّ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ إذَا مَاتَ الْآخَرُ يُقَدَّمُ فِي غُسْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيُقْضَى لَهُ إذَا نَازَعَهُ الْأَوْلِيَاءُ؛ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ فَالْأَصْلُ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ، هَذَا إنْ صَحَّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا حَصَلَ بِنَاءٌ أَمْ لَا، لَا إنْ فَسَدَ إذْ الْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْفَاسِدُ بِوَجْهٍ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ الْآتِيَةِ: كَالدُّخُولِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَالطُّولِ فِي بَعْضِهَا، فَيَلْحَقُ حِينَئِذٍ بِالصَّحِيحِ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الزَّوْجَانِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْحَيُّ مِنْهُمَا مُحْرِمًا وَإِلَّا فَلَا يُقَدَّمُ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسِّلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُحْرِمَيْنِ الْآخَرَ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ لَهُ، وَأَهْدَى إنْ أَمْذَى، ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ: لَا إنْ فَسَدَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ، وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ بِفَوَاتِ فَاسِدِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (ص) وَإِنْ رَقِيقًا أَذِنَ سَيِّدُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَيَّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَ رَقِيقًا يُقَدَّمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّغْسِيلِ، وَلَا يَكْفِي الْإِذْنُ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ رَقِيقًا مِثْلَهُ أَوْ حُرًّا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالْقَضَاءِ مُطْلَقًا. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ سَحْنُونَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا رَقِيقًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً وَهُوَ رَقِيقٌ وَأَذِنَ لَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَتَلَازَمَا) أَيْ: وُجُودًا وَعَدَمًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ قَائِمٌ مَقَامَ الْغُسْلِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ تُرِكَ غُسْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى، وَمَنْ تَقَطَّعَ جَسَدُهُ بِالْفِعْلِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ غُسْلُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ لِوُجُودِ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ تَقَطَّعَ جَسَدُهُ) أَيْ: خِيفَ تَقَطُّعُ جَسَدِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى الْأَيْسَرِ) فِي شَرْحِ شب وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. وَالْحَاصِلُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثُمَّ رَقَبَتَهُ ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْأَيْسَرَ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى بَطْنًا وَظَهْرًا ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُمْنَى إلَى الْأَسْفَلِ ثُمَّ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُسْرَى إلَى الْأَسْفَلِ. (قَوْلُهُ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْغُسْلِ) الْمَفْهُومُ مِنْ (غُسِّلَ تَعَبُّدًا) أَيْ: مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ: مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْلِ التَّعَبُّدِ، لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنَّمَا وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَجْلِ أَنَّنَا أُمِرْنَا بِهِ بِدُونِ عِلَّةٍ وَلَا ظُهُورٍ لَهُ، وَمُرَادُنَا بِالْعِلَّةِ الْحِكْمَةُ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ التَّعَبُّدَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مَا لَا عِلَّةَ لَهُ أَصْلًا، وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأُصُولِ مَا لَهُ عِلَّةٌ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَمِيعُ أَفْعَالِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا لَا تَخْلُو عَنْ مَصْلَحَةٍ تَفَضُّلًا مِنْهُ، أَوْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْهَا. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُسْلِمٌ) وَأَوْلَى لَوْ وُجِدَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْهُ) أَيْ: اُنْظُرْ قَوْلَهُ: تَعَبُّدًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي أَيْ: فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَأْتِي مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ) وَلَوْ أَوْصَى بِخِلَافِهِ فَإِنْ كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ اقْتَرَعْنَ فِيمَا يَظْهَرُ، كَذَا قِيلَ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ التَّشَارُكُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ تَقَدَّمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْقَضَاءِ حَيْثُ كَانَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَا يُقْضَى لَهُ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ كَنِكَاحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ ك (قَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ) وَيُنْدَبُ لَهُمَا الْمُبَاشَرَةُ (قَوْلُهُ فِي غُسْلِهِ) وَكَذَا يُقَدَّمُ الزَّوْجُ عَلَى أَوْلِيَاءِ زَوْجَتِهِ فِي إنْزَالِهَا قَبْرَهَا وَفِي لَحْدِهَا، وَيُقْضَى لَهُ بِهِمَا لَا زَوْجَةٌ فَلَا تُقَدَّمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقَدَّمُ) بَلْ الْحَقُّ لِلْأَقَارِبِ وَقَوْلُهُ (أَيْ: لَا إنْ فَسَدَ. . إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ أَيْ: لَا إنْ فَسَدَ فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَّا فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ. وَقَوْلُهُ كَالدُّخُولِ أَيْ: وَكَوِلَادَةِ الْأَوْلَادِ فِي الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَلَوْ كَانَتْ الصِّحَّةُ لِأَجْلِ فَوَاتِ الْفَاسِدِ فَفَوَاتُ الْفَاسِدِ مُوجِبٌ لِلصِّحَّةِ، فَلَا يُضْطَرُّ لِجَعْلِهِ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا كَانَ كِلَاهُمَا رَقِيقًا فَلَا يُقْضَى لِلْمَيِّتِ مِنْهُمَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً وَالزَّوْجُ حُرًّا وَمَاتَ الزَّوْجُ فَلَا يُقْضَى لَهَا بِتَغْسِيلِهِ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِي التَّغْسِيلِ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ سَحْنُونَ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْقَضَاءِ وَفِيمَا إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ. قَالَ عج: وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى مَا لِابْنِ يُونُسَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى نَقْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 سَيِّدُهُ فِي الْغُسْلِ فَيُقْضَى لَهُ. وَكَلَامُ ح يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ مُقَابِلٌ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ. (ص) أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ (ش) هَذَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ يَثْبُتُ لَهُ التَّقْدِيمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ صَارَ كَالْعَدَمِ لِفَوَاتِ الرَّدِّ، أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِتَغْسِيلِهِ وَإِنْ حَلَّتْ لِلْغَيْرِ بِالْوَضْعِ، سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ إشَارَةٌ لِلْخَوْفِ فِيهَا. (ص) وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا (ش) أَيْ: وَالْأَحَبُّ نَفْيُ الْغُسْلِ حَيْثُ مَاتَتْ فَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ، وَقَدْ تَمُوتُ أُخْتُهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ غُسْلَيْهِمَا، وَجَمْعُهُمَا يَحْرُمُ فِي الْحَيَاةِ وَيُكْرَهُ فِي الْمَمَاتِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ لَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ أُخْتَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْأَحَبَّ لَهُ نَفْيُ غُسْلِهَا أَيْضًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) إلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ: وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا وَكَانَ حَيًّا. كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِيهِ تَنْكِيتٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي عَدَمِ تَعْبِيرِهِ بِرَجَحَ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ. (ص) لَا رَجْعِيَّةٌ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: وَيُغَسِّلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ، لَا رَجْعِيَّةٌ، وَلَا تَغْسِيلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ وَفِعْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قُدِّمَ الزَّوْجَانِ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، أَيْ: وَلَا تُغَسِّلُ رَجْعِيَّةٌ، لَكِنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ، إلَّا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَكَانَ الْأَوْلَى قَرْنَهُ بِالْوَاوِ، وَيَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَيَكُونُ هَذَا مُحْتَرَزَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمُتَأَهِّلِ الْمَيِّتِ لَا رَجْعِيَّةٍ. . . إلَخْ. (ص) وَكِتَابِيَّةٌ إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ (ش) أَيْ: فَتُغَسِّلُ زَوْجَهَا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ وَيُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يُغَسِّلْهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ. وَقَوْلُهُ: إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ أَيْ: شَخْصٍ مُسْلِمٍ - ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى - عَارِفٍ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلنَّظَافَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ فَلَا تُغَسِّلُهُ وَلَوْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَالَ - فِيمَا تَقَدَّمَ - تَعَبُّدًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ حُكْمِهِ هُنَا أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ. (ص) وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِلْمَوْتِ   [حاشية العدوي] ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كِلَاهُمَا رَقِيقًا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِسَيِّدِ الْمَيِّتِ شِدَّةُ ارْتِبَاطٍ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ لِلْآخَرِ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً وَالزَّوْجُ حُرًّا فَلَا يُقْضَى لَهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَيْسَتْ لَهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَالْعِصْمَةُ بِيَدِ الزَّوْجِ وَالْغُسْلُ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْحَطَّابِ) أَيْ: وَكَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ مُقَابِلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ أَيْضًا وَلِذَا ضَعَّفَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَلَامَ سَحْنُونَ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالْمَوْتِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِدَّةِ كَالْمِيرَاثِ وَلَا يُعَلَّلُ بِأَنَّ الْغُسْلَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ لِاقْتِضَاءِ جَوَازِ رُؤْيَتِهَا لِفَرْجِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِيهِ) أَيْ: فِي التَّغْسِيلِ جَمْعًا وَلَيْسَ فِي عَدَمِهِ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ. وَمُرَادُهُ بِمُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ أَيْ: بِحَسَبِ مَا كَانَ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا حُرْمَةَ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ عِلَّةٌ كَافِيَةٌ فِي ذَاتِهَا. وَقَوْلُهُ: وَقَدْ تَمُوتُ، تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ جَمْعًا أَيْ: إنَّمَا كَانَ جَمْعًا لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ أُخْتُهَا. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ يَحْرُمُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ) أَيْ: حَيَاتِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ فِي الْمَمَاتِ) أَيْ: مَمَاتِهِمَا مَعًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْغُسْلِ جَمْعًا بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ وَلَوْ بِحَسَبِ مَا كَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ جَمْعًا لِأَنَّهُ. . إلَخْ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِعَدَمِ الْغُسْلِ خِيفَةَ أَنْ تَمُوتَ الثَّانِيَةُ فَيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَهُمَا فِي الْمَمَاتِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِمَا مَعًا وَمَمَاتِهِمَا مَعًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ إمَّا كَرَاهَةً أَوْ تَحْرِيمًا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا) أَيْ: لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةً لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَنْكِيتٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ. . . إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالِاسْمِ وَهُوَ الْأَحَبُّ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى هَذَا الْمَعْطُوفِ مَعَ أَنَّهُ رَجَّحَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ رَجَحَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِرَجَحَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، لَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ يُشِيرُ لَهُ بِالْفِعْلِ هَذَا. وَالْمَنْقُولُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهَا تُغَسِّلُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيُغَسِّلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ لَا رَجْعِيَّةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ؛ لِأَنَّ رَجْعِيَّةً مَعْطُوفٌ عَلَى (أَحَدُ) وَقَوْلُهُ: وَلَا تَغْسِيلَ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ، وَفِيهِ أَنَّ شَرْطَ مَعْطُوفِهَا أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ وَيُجَابُ بِأَنْ يُرَادَ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَيْ: زَوْجِيَّةٌ لَا خَلَلَ فِيهَا (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا تُغَسِّلُ) حَلَّ مَعْنًى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ لِلْمُصَنِّفِ. (تَنْبِيهٌ) : الْمُظَاهِرُ مِنْهَا يُقْضَى لَهَا وَلَهُ وَكَذَا الْمُولَى مِنْهَا لِأَنَّ السَّبَبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ . (قَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ) ظَاهِرُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يُغَسِّلْهَا) وَيَنْبَغِي: وَلَا يُدْخِلْهَا فِي قَبْرِهَا إلَّا أَنْ تَضِيعَ فَلْيُوَارِهَا. (قَوْلُهُ عَارِفٍ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ) زَادَ عب وَيُؤْمَنُ مَعَهُ إقْرَارُهَا عَلَى خِلَافِ مَا يُطْلَبُ فِي تَغْسِيلِهِ. (قَوْلُهُ مُشْكِلٌ. . . إلَخْ) وَالْجَوَابُ: لَا إشْكَالَ أَيْ: فَلَا مَانِعَ مِنْ مُرَاعَاةِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَتَدَبَّرْ. هَكَذَا أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، ثُمَّ إنَّ مُحَشِّيَ تت أَفَادَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ هَذَا جَارٍ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ، أَيْ: فَيَكُونُ الْغُسْلُ تَعَبُّدًا لَا يُنَافِي مُوَالَاةَ الْكَافِرِ لَهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَمَالِكٌ يَقُولُ بِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَبُّدٌ وَيَقُولُ بِتَغْسِيلِ الْكَافِرَةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ. (أَقُولُ) وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ وَإِبَاحَةُ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ بِالْفِعْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 بِرِقٍّ يُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْوَطْءُ بِسَبَبِ الرِّقِّ وَاسْتَمَرَّتْ الْإِبَاحَةُ لِلْمَوْتِ فَذَلِكَ يُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَلَهَا عَلَيْهِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَبْدًا. وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: إبَاحَةُ الْوَطْءِ، مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَأَمَةِ الْقِرَاضِ وَأَمَةِ الشَّرِكَةِ وَأَمَةِ الْمَدْيُونِ - بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ - وَالْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ، خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونَ فِيهَا. وَلَا يَضُرُّ تَحْرِيمٌ عَارِضٌ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ ظِهَارٍ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (ص) ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ وَهَلْ تَسْتُرُهُ أَوْ عَوْرَتَهُ؟ تَأْوِيلَانِ. ثُمَّ يُمِّمَ لِمَرْفِقَيْهِ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ كَانَ وَأُسْقِطَ حَقُّهُ، أَوْ غَابَ، فَالرَّجُلُ الْمَيِّتُ أَحَقُّ بِغُسْلِهِ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ عَلَى أَبْعَدِهِمْ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَالنِّكَاحِ، فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ وَالشَّقِيقُ وَعَاصِبُ النَّسَبِ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ ذُكِرَ فَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَجْنَبِيُّ فَمَرْأَةٌ مَحْرَمٌ - وَلَوْ كَافِرَةً - بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ - كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَةِ ابْنِهِ. وَيُقَدَّمُ مَحْرَمُ الرَّضَاعِ عَلَى الصِّهْرِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، لَكِنْ اُخْتُلِفَ إذَا غَسَّلَتْهُ الْمَحْرَمُ هَلْ تَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِ الْمَيِّتِ بِثَوْبٍ - وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْأُمَّهَاتِ وَاخْتَصَرُوهَا عَلَيْهِ - أَوْ إنَّمَا تَسْتُرُ عَوْرَتَهُ؟ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ عَوْرَتَهُ مَعَهُمَا كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ مَعَ مِثْلِهِ، وَهُوَ فَهْمُ التُّونُسِيِّ وَيَعْضُدُهُ جَوَازُ رُؤْيَتِهَا لِمَا عَدَاهَا فِي الْحَيَاةِ تَأْوِيلَانِ، ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَنْ تَقَدَّمَ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا النِّسَاءُ الْأَجَانِبُ يُمِّمَ لِمَرْفِقَيْهِ - عَلَى الْمَشْهُورِ - عَلَى حَدِّ مَا يَرَيْنَ مِنْهُ حَيًّا، وَقِيلَ لِكُوعَيْهِ، ثُمَّ إنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْقَرِيبِ بِالْقَضَاءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ بَعْدَ أَقْرَبِ أَوْلِيَائِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ بَعْدَ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ فَتُجْعَلُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً، وَأَقْرَبُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ أَيْ: ثُمَّ قَرِيبٌ هُوَ أَوْلِيَاؤُهُ فَيَنْتَقِلُ مِنْ الْفَسَادِ لِلْإِجْمَالِ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ، وَيُعْلَمُ التَّفْصِيلُ - وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ عَلَى أَبْعَدِ قَرِيبٍ - بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (ص) كَعَدَمِ الْمَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ يُغَسَّلُ بِهِ فَإِنَّهُ يُيَمَّمُ وَجْهُهُ وَيَدَاهُ لِمَرْفِقَيْهِ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْغُسْلَ لِلتَّعَبُّدِ لَا لِلنَّظَافَةِ. فَلَوْ يُمِّمَ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ فَإِنْ وُجِدَ قَبْلَ الصَّلَاةِ غُسِّلَ وَإِلَّا فَلَا (ص) وَتَقْطِيعِ الْجَسَدِ وَتَزْلِيعِهِ (ش) أَيْ: يُمِّمَ عِنْدَ خَوْفِ تَقَطُّعِ الْجَسَدِ وَتَزَلُّعِهِ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى تَقْطِيعِهِ انْفِصَالُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَمَعْنَى تَزْلِيعِهِ تَسْلِيخُهُ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُقَطَّعًا فَهُوَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا دُونَ الْجُلِّ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَتَقَطُّعِ وَتَزَلُّعِ بِلَا يَاءٍ (ص) وَصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ مَاءٌ كَمَجْدُورٍ إنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ (ش) يَعْنِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يُبِيحُ الْغُسْلَ. . . إلَخْ) لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَلَهَا غُسْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى عَصَبَةِ السَّيِّدِ اتِّفَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ الْغُسْلُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَحَقُّ وَيُقْضَى لِلسَّيِّدِ بِتَغْسِيلِ أَمَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ مَعَ إبَاحَةِ وَطْئِهَا لَهُ. أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَأَمَةِ الْمَدْيُونِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ) أَيْ: لِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَفِي مَنْعِهِ مِنْ تَغْسِيلِهَا نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَالْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ) وَيَنْبَغِي مَنْعُ الْمُخْدِمَةِ كَالْمُتَزَوِّجَةِ وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُولَى مِنْهَا، إنْ قِيلَ بِدُخُولِ الْإِيلَاءِ فِي الْإِمَاءِ بِمَعْنَى الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا لَا الْمُبَوَّبِ لَهُ. كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ. بَلْ الْأَمَةُ الْمُولَى مِنْهَا تُغَسِّلُهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَأَمَّا الْمُسْتَبْرَأَةُ فِي زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَتَوَاضَعُ فَلَا تُغَسِّلُ مَنْ اشْتَرَاهَا وَلَا يُغَسِّلُهَا بِخِلَافِ بَائِعِهَا أَيْ: يُغَسِّلُهَا وَلَا تُغَسِّلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُسْتَبْرَأُ فَقَطْ إنْ مَاتَتْ غَسَّلَهَا الْمُشْتَرِي، وَإِنْ مَاتَ هُوَ غَسَّلَتْهُ، وَأَمَّا الْمَبِيعَةُ بِالْخِيَارِ فَلَا يَطَؤُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَا تُغَسِّلُ الْمُشْتَرِيَ وَلَا يُغَسِّلُهَا وَلَا تُغَسِّلُ الْبَائِعَ إنْ مَاتَ، وَإِنْ مَاتَتْ غَسَّلَهَا لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمُشْتَرِي مِنْهَا بِالْمَوْتِ. (قَوْلُهُ أَوْ ظِهَارٍ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ مِثْلَهُ الْإِيلَاءُ إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت قَدْ حَقَّقَ مَنْعَ الْغُسْلِ فِي الْأَمَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَالْمُولَى مِنْهَا مُقَدِّمًا لِلْحَطَّابِ فِي اسْتِظْهَارِهِ الْمَنْعَ لِقَوْلِ النَّوَادِرِ: وَكُلُّ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا تُغَسِّلُهُ وَلَا يُغَسِّلُهَا، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا وَالْمُولَى مِنْهَا فَيُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِهِ صَاحِبَهُ بِالْقَضَاءِ. وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ أَنَّ الْغُسْلَ فِي الْأَمَةِ مَنُوطٌ بِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ وَفِي الزَّوْجَيْنِ بِعَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ . (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ) وَلَوْ كَافِرًا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ) وَلَوْ كَافِرًا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ وَهَلْ تَسْتُرُهُ أَوْ عَوْرَتَهُ؟) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سَاتِرُ عَوْرَتِهِ غَسَّلَتْهُ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ وَلَا يُتْرَكُ الْغُسْلُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ: فِي الصِّهْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِسَنَدٍ. (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَحْرَمُ الرَّضَاعِ. . . إلَخْ) أَيْ: وَمَحْرَمُ النَّسَبِ يُقَدَّمُ عَلَى مَحْرَمِ الرَّضَاعِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ لَكِنْ اُخْتُلِفَ. . . إلَخْ) قَالَ عب اُنْظُرْ الْعَزْوَ الْمُتَقَدِّمَ هَلْ يَقْتَضِي تَسَاوِيَ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ؟ (أَقُولُ) أَمَّا الْعَزْوُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ أَرْجَحُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ يُمِّمَ لِمَرْفِقَيْهِ) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَلَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ كَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَتُجْعَلُ. . . إلَخْ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ (أَقْرَبُ) مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ الْقَرِيبِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَقْرَبُ مِمَّا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْأَخِيرِ فَهُوَ قَرِيبٌ لَا أَقْرَبُ، فَأَقْرَبُ مَجَازٌ فِيهِ . (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) بِأَنْ وُجِدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا يَمَّمَتْ الرَّجُلَ الْأَجْنَبِيَّةُ ثُمَّ جَاءَ الرَّجُلُ قَبْلَ صَلَاتِهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَتَقْطِيعِ الْجَسَدِ) أَيْ: أَوْ بَعْضِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ الشَّكُّ فَمَا فَوْقَهُ لَا مَا يَشْمَلُ الْوَهْمَ وَيُرْجَعُ فِي خَوْفِ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ يُمِّمَ عِنْدَ خَوْفِ. . . إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِالنَّقْلِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّقْطِيعُ بِالْفِعْلِ لَا خَوْفُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَهُوَ مَا يَأْتِي. . . إلَخْ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْآتِيَ لَمْ يُوجَدْ كُلُّهُ بَلْ وُجِدَ بَعْضُهُ، وَمُرَادُنَا هُنَا مُقَطَّعٌ بِالْفِعْلِ وُجِدَ كُلُّهُ (قَوْلُهُ أَمْكَنَ مَاءٌ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 أَنَّ الْمَجْدُورَ وَالْمَحْصُوبَ وَالْمَجْرُوحَ وَذَا الْقُرُوحِ وَمَنْ تَهَشَّمَ تَحْتَ الْهَدَمِ وَشِبْهُهُمْ، إنْ أَمْكَنَ تَغْسِيلُهُمْ غُسِّلُوا وَإِلَّا صُبَّ عَلَيْهِمْ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ زَادَ أَمْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ خُشِيَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ تَزَلُّعٌ أَوْ تَقَطُّعٌ يُمِّمُوا، وَالْمَجْدُورُ: بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ، وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ الْجُدَرِيُّ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا. (ص) وَالْمَرْأَةُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ وَلُفَّ شَعْرُهَا وَلَا يُضَفَّرُ، ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ، ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ كَالرَّجُلِ فَيَلِي تَغْسِيلَهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ، فَإِنْ عُدِمَا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِهَا النِّسَاءِ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ فِي الرَّجُلِ، فَبِنْتُهَا فَبِنْتُ ابْنِهَا فَالْأُمُّ فَالْأُخْتُ فَبِنْتُ الْأَخِ فَالْجَدَّةُ فَالْعَمَّةُ فَبِنْتُ الْعَمِّ، وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ عَلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَقَارِبِهَا النِّسَاءِ أَحَدٌ فَالْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَلَوْ كِتَابِيَّةً بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ، ثُمَّ الْمَحْرَمُ مِنْ أَهْلِهَا الرِّجَالِ يُغَسِّلُهَا مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ، وَصِفَتُهُ - عَلَى مَا قَالَ بَعْضٌ - أَنْ يُعَلَّقَ الثَّوْبُ مِنْ السَّقْفِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْغَاسِلِ؛ لِيَمْنَعَ النَّظَرَ، وَيَلُفَّ خِرْقَةً عَلَى يَدَيْهِ غَلِيظَةً، وَلَا يُبَاشِرُهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَحْرَمٌ يُمِّمَتْ فِي وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا لِكُوعَيْهَا، وَإِنَّمَا يُمِّمَ الرَّجُلُ لِمَرْفِقَيْهِ وَالْمَرْأَةُ لِكُوعَيْهَا؛ لِأَنَّ تَشَوُّقَ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ أَقْوَى مِنْ عَكْسِهِ. وَانْظُرْ كَيْفَ جَازَ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لَمْسُ وَجْهِ الْآخَرِ بِيَدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ؟ ، فَإِنْ قُلْتَ: يُحْمَلُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً وَيَضَعَهَا عَلَى التُّرَابِ. قُلْتُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا اُقْتُصِرَ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْكُوعِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُضَفَّرُ. . . إلَخْ لِقَوْلِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الشَّعْرِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِشَعْرِهَا أَيُضَفَّرُ أَمْ يُفْتَلُ أَمْ يُرْسَلُ؟ وَهَلْ يُجْعَلُ بَيْنَ الْأَكْفَانِ أَوْ يُعْقَصُ وَيُرْفَعُ مِثْلَ مَا تَرْفَعُهُ الْحَيَّةُ بِالْخِمَارِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَفْعَلُونَ فِيهِ مَا شَاءُوا، وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ، وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَسَنٌ مِنْ الْفِعْلِ؛ لِمَا رُوِيَ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ ابْنَةُ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَمَّا غَسَّلْنَاهَا ضَفَّرْنَا شَعْرَ رَأْسِهَا فَجَعَلْنَاهُ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ: نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا مِنْ خَلْفِهَا» . وَقَدْ رُوِيَ «يُصْنَعُ بِالْمَيِّتِ مَا يُصْنَعُ بِالْعَرُوسِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْلَقُ وَلَا يُنَوَّرُ» اهـ. وَالضَّفْرُ: نَسْجُ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ عَرِيضًا. وَعَقْصُهُ: ضَفْرُهُ وَلَيُّهُ عَلَى الرَّأْسِ. (ص) وَسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ وَإِنْ زَوْجًا (ش) أَيْ: وَسَتَرَ الْغَاسِلُ الْمَيِّتَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ - وَإِنْ سَيِّدًا أَوْ زَوْجًا - لَكِنَّ السَّتْرَ وُجُوبًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَاسْتِحْبَابًا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ، فَالْمُبَالَغَةُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا السَّتْرُ فِيهِ وَاجِبٌ، إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مُعِينٌ. (ص) وَرُكْنُهَا النِّيَّةُ وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ - وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ - وَالدُّعَاءُ، وَدَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ وَالَاهُ أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَعَادَ، وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ، وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ، وَسَمِعَ الْإِمَامَ مَنْ يَلِيهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي (رُكْنُهَا) عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ: مِنْهَا النِّيَّةُ وَهِيَ قَصْدُ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ خَاصَّةً، وَاسْتِحْضَارُ   [حاشية العدوي] يُخَفْ التَّزَلُّعُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ، لَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ خُشِيَ. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ بِأَنْ يُخْشَى مِنْ صَبِّ الْمَاءِ، وَالْخَوْفُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ الْجُدَرِيُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا، وَأَمَّا الدَّالُ فَمَفْتُوحَةٌ فِيهِمَا: قُرُوحٌ تَنْفَطُ عَنْ الْجِلْدِ مُمْتَلِئَةٌ مَاءً ثُمَّ تَنْفَتِحُ - مِصْبَاحٌ. وَقَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ الْجُدَرِيُّ، أَيْ: السَّبَبُ فِي حُصُولِ هَذَا الدَّاءِ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] . . . إلَخْ لَكِنْ يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ عُذِّبَ قَوْمُ لُوطٍ ثُمَّ بَقِيَ بَعْدَهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ وَلُفَّ شَعْرُهَا) أَيْ: أُدِيرَ عَلَى رَأْسِهَا كَالْعِمَامَةِ. (قَوْلُهُ فَوْقَ ثَوْبٍ) الْمُنَاسِبُ: تَحْتَ ثَوْبٍ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِفَوْقَ، خَلْفَ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى حَالَةُ كَوْنِهِ نَاظِرًا فَوْقَ الثَّوْبِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْمَحْرَمِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَحْرَمَ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَشَوُّقَ الرَّجُلِ. . . إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّ شَهْوَةَ الْمَرْأَةِ أَقْوَى لِأَنَّ كَثْرَةَ حَيَائِهَا تَمْنَعُ مِنْ إظْهَارِ آثَارِهَا. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ كَيْفَ جَازَ لِلرَّجُلِ. . . إلَخْ) فِي عب وَإِنَّمَا جَازَ مَسُّهُمَا لِلْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْحَيَاةِ لِنُدُورِ اللَّذَّةِ هُنَا، وَلَا يَتَيَمَّمُ الْمُصَلِّي إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ تَيَمُّمِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُضَفَّرُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يُضَفَّرُ، مَعْنَاهُ لَا يُضَفَّرُ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُضَفَّرُ نَدْبًا. (قَوْلُهُ ابْنَةُ الرَّسُولِ. . . إلَخْ) هِيَ زَيْنَبُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. (قَوْلُهُ نَاصِيَتَهَا) شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، وَقَوْلُهُ: وَقَرْنَيْهَا، جَانِبَيْهَا. فَإِنْ كَانَتْ النَّاصِيَةُ شَعْرَ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فَيَكُونُ أَرَادَ بِالْقَرْنَيْنِ الشَّعْرَ الَّذِي عَلَى جَانِبَيْ الرَّأْسِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَدَّمَ الرَّأْسِ وَحْدَهُ ضَفِيرَةٌ، وَيَكُونُ أَرَادَ بِالْجَانِبَيْنِ الشَّعْرَ مِنْ النَّاحِيَتَيْنِ بِدُونِ أَنْ يَتَخَلَّلَهُمَا ضَفِيرَةٌ فَلَا وَسَطَ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْلَقُ) مِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ يَحْلِقُهُ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ. (قَوْلُهُ وَعَقْصُهُ ضَفْرُهُ وَلَيُّهُ عَلَى الرَّأْسِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّفْرَ أَعَمُّ مِنْ حَيْثُ صِدْقُهُ بِالشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الشَّعْرِ بَيْنَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَضْفُورٍ عَلَى الرَّأْسِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْعَقْصِ فَإِنَّهُ ضَفْرُهُ عَلَى الرَّأْسِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَيُّهُ، تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: ضَفْرُهُ، فَظَهَرَ أَنَّ الْعَقْصَ فِيهِ خُصُوصٌ مِنْ حَيْثُ الشَّعْرُ وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُ الشَّعْرِ مَلْوِيًّا عَلَى الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَاسْتِحْبَابًا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ) فِي عب وَإِنْ زَوْجًا وُجُوبًا، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا كَلَامُ ابْنِ نَاجِي، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ عب قَوْلُ الشَّاذِلِيِّ. (قَوْلُهُ وَاسْتِحْضَارُ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ) هُوَ وَاجِبٌ وَلَا يَضُرُّ الْغَفْلَةُ عَنْهُ - شَيْخُنَا. وَكَذَا لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُ تَرْكِهِ، زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: كَمَا لَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ فَرْضٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ قَالَ التُّونُسِيُّ: لِأَنَّ الْقَصْدَ عَيْنُ الشَّخْصِ فَلَا يَضُرُّ جَهْلُ صِفَتِهِ. (أَقُولُ) وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ فِي الذِّهْنِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ بَعْضُ رُكْنٍ لَكِنْ لَا يَضُرُّ الْغَفْلَةُ عَنْهُ نَظِيرَ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ، وَأَمَّا تَرْكُ بَعْضٍ مِنْهَا سَهْوًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: غَفَلَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَلَا يَضُرُّ إذَا غَفَلَ عَنْ هَذَا الْأَخِيرِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا أُنْثَى فَوُجِدَتْ ذَكَرًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَجْزَأَتْ، وَمِنْهَا أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْأَرْبَعِ حَتَّى صَارَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا شِعَارَ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَإِنْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً عَمْدًا أَوْ يَرَاهَا مَذْهَبًا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ قَبْلَهُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ، وَإِنْ زَادَهَا سَهْوًا انْتَظَرُوهُ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ - كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ: يَنْبَغِي - وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَنْ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ، يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ شُمُولِهِ لِمَنْ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ يَرَى الزِّيَادَةَ مَذْهَبًا أَمْ لَا. وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ إنْ زَادَ خَامِسَةً عَمْدًا وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ أَرْبَعٌ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ دُونَ صَلَاةِ مَأْمُومِهِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَمِنْهَا الدُّعَاءُ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ. فَقَوْلُهُمْ فِيمَا يَأْتِي: يُوَالِي الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَ إنْ لَمْ تُتْرَكْ. أَيْ:؛ لِئَلَّا تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ، فَاغْتَفَرُوا لِذَلِكَ تَرْكَ الدُّعَاءِ، ابْنُ نَاجِي يُحْمَلُ نَقْلُ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي قَدْرَ الدُّعَاءِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ لَا الْوُجُوبِ اهـ. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهُ   [حاشية العدوي] عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَنَّهُ يَضُرُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا أُنْثَى. . . إلَخْ) وَكَذَا لَوْ صَلَّى وَلَا يَدْرِي أَرَجُلٌ هُوَ أَوْ امْرَأَةٌ فَالصَّلَاةُ مُجْزِئَةٌ، إنْ شَاءَ ذَكَرَ وَنَوَى الشَّخْصَ أَوْ الْمَيِّتَ، وَإِنْ شَاءَ أَنَّثَ وَنَوَى الْجِنَازَةَ أَوْ النَّسَمَةَ، وَإِنْ عَلِمَ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ بِتَعْيِينِهِ خَصَّهُ فِيمَا بَقِيَ بِمَا يُدْعَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ التَّعَدُّدُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ: مَنْ أُصَلِّي عَلَيْهِ لِوُقُوعِ مَنْ عَلَى الذَّكَرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَالْخُنْثَى وَالْمُشْكِلِ حَيْثُ كَانَ خُنْثَى. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى عَلَى أَنَّهُ زَيْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَضُرُّ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ بِالْخُصُوصِ. وَفِي شَرْحِ عب وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَازَةُ وَاحِدَةً وَظَنَّ الْمَأْمُومُ كَالْإِمَامِ أَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَاحِدَ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ فَإِذَا هُمْ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهَا تُعَادُ حَتَّى مِنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ إمَامِهِمْ، وَكَذَا تُعَادُ إنْ كَانَ فِي النَّعْشِ اثْنَانِ وَظَنَّهُمَا وَاحِدًا وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَقَطْ فَتُعَادُ عَلَيْهِمَا، إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ بِاسْمِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، فَإِنْ عَيَّنَهُ أُعِيدَتْ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا أُنْثَى. . . إلَخْ) أَقُولُ مَا لَمْ يَقْصِدْ خُصُوصَ كَوْنِهَا أُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ عُمَرَ. . . إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِيهِ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعٍ ثُمَّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ عُمَرَ عَلَى أَرْبَعٍ وَإِنْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً عَمْدًا فِي شَرْحِ شب وَالزِّيَادَةُ مَكْرُوهَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ) أَيْ: لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّكَعَاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَيْضًا الْخَامِسَةُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ زَائِدَةٌ إجْمَاعًا، وَالزِّيَادَةُ هُنَا قِيلَ بِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي تَكْبِيرَاتِهَا مِنْ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعٍ، فَإِنْ اُنْتُظِرَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ، وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَهَا سَهْوًا) وَمِثْلُ السَّهْوِ الْجَهْلُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ لَمْ يُنْتَظَرْ عَلَى ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا زَادَ سَهْوًا كَمَا قَالَ عج وَكَلَامُ مُحَشِّي تت يُقَوِّي كَلَامَ السَّنْهُورِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَّا لَوْ زَادَ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ وُجُوبًا وَيُسَبَّحُ بِهِ كَمَنْ قَامَ لِخَامِسَةٍ. هَذَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ) وَهُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ. . . إلَخْ) وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ فَيَأْتِي بِمَا سُبِقَ بِهِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ، فَإِنْ انْتَظَرَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا نَقَصَ وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ، إنْ نَقَصَ اُنْتُظِرَ حَيْثُ كَانَ سَهْوًا وَلَا يُكَلِّمُونَهُ، بَلْ يُسَبِّحُونَ. قَالَ سَحْنُونَ: فَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ وَتَرَكَهُمْ كَبَّرُوا، وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ إنْ تَنَبَّهَ عَنْ قُرْبٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ تَبَعًا لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ كَذَا فِي عب وَفِيهِ خَلَلٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونَ الَّذِي لَا يَقُولُ بِالْكَلَامِ: إنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ عَنْ قُرْبٍ، وَيُكَلِّمُونَهُ عَلَى كَلَامِ غَيْرِ سَحْنُونَ فَإِنَّهُ نَقَصَ عَمْدًا وَهُوَ يَرَاهُ مَذْهَبًا لَمْ يُتَّبَعْ، وَأَتَمُّوا أَرْبَعًا. وَانْظُرْ إذَا نَقَصَ عَمْدًا دُونَ تَقْلِيدٍ فَهَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَقْصِهِ سَهْوًا؟ لِأَنَّ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ التَّكْبِيرَ ثَلَاثًا أَوْ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَتَوْا بِرَابِعَةٍ لِبُطْلَانِهَا عَلَى الْإِمَامِ اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ، مَا يُفِيدُ الثَّانِيَ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الدُّعَاءُ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ: حَتَّى مِنْ الْمَأْمُومِ فَلَيْسَ كَالْفَاتِحَةِ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ. قَالَ فِي ك: وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَالدُّعَاءُ كُلُّهُ هُوَ الْوَاجِبُ إذَا كَانَ خَاصًّا بِالْمَيِّتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْغَيْرِ فَمُسْتَحَبٌّ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ الْفَاتِحَةِ فَإِذَا قَرَأَهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ أَيْ: قَرَأَهَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَالْمُتَعَيَّنُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ بِدُعَاءٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ حَتَّى بَعْدَ الرَّابِعَةِ) أَيْ: وُجُوبًا وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اخْتِيَارَهُ؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى قُوَّتِهِ فَقَطْ فِي الْجُمْلَةِ، لَا لِكَوْنِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ الْجُمْهُورَ. (قَوْلُهُ فَاغْتَفَرُوا لِذَلِكَ تَرْكَ الدُّعَاءِ) فَإِنْ قِيلَ: الدُّعَاءُ وَاجِبٌ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَالصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ مَكْرُوهَةٌ فَكَيْفَ يُتْرَكُ الْوَاجِبُ خَوْفًا مِنْ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ؟ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ تَرْكَ الدُّعَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ) قَالَ فِي ك: ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَذَكَرَ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ غَيْرِهَا دُعَاءً يَخُصُّهُ، فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِالْكَبِيرِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيَدْعُو بِدُعَائِهِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ. قَالَ مَالِكٌ: هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ الدُّعَاءِ عَلَى الْجِنَازَةِ اهـ. وَإِنْ وَالَى التَّكْبِيرَ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُنَّ بِدُعَاءٍ - وَإِنْ قَلَّ - أَعَادَ الصَّلَاةَ مَا لَمْ تُدْفَنْ، فَإِنْ سُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أَوْ أَقَلَّ سَهْوًا وَطَالَ، أَمَّا لَوْ قَرُبَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنِّيَّةِ وَيُتِمُّ التَّكْبِيرَ، وَلَا يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ؛ لِئَلَّا يَلْزَمَ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِهِ، فَإِنْ كَبَّرَ حَسَبَهُ فِي الْأَرْبَعِ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ كَمَا فِي الْفَرِيضَةِ، وَمِنْهَا تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ يُسْمِعُ الْإِمَامُ بِهَا نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَيُسْمِعُ بِهَا الْمَأْمُومُ نَفْسَهُ فَقَطْ، وَإِذَا سَمِعَ مَنْ يَلِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الرُّكْنَ تَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الرُّكْنَ هُوَ التَّسْلِيمَةُ، وَالْخِفَّةُ مَنْدُوبَةٌ وَكَذَلِكَ تَسْمِيعُ مَنْ يَلِيهِ وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَلِيهِ جَمِيعُ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ (ص) وَصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جَاءَ شَخْصٌ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَتَبَاعَدَ بِأَنْ فَرَغَ الْمَأْمُومُونَ مِنْ التَّكْبِيرِ، فَلَا يُكَبِّرُ الْآنَ وَالْإِمَامُ مُشْتَغِلٌ بِالدُّعَاءِ بَلْ يَنْتَظِرُهُ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا إلَى أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، فَإِنْ كَبَّرَ دَخَلَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَاتِ كَالرَّكَعَاتِ وَلَا يَقْضِي رَكْعَةً كَامِلَةً فِي صُلْبِ الْإِمَامِ، وَقِيلَ: يُكَبِّرُ وَيَدْخُلُ كَصَلَاةِ الْعِيدِ. وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْنُ رُشْدٍ وَسَنَدٌ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: لِلتَّكْبِيرِ أَنَّهُ لَوْ سُبِقَ بِالرَّابِعَةِ أَيْ: سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُونَ بِتَكْبِيرِ الرَّابِعَةِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا السَّلَامُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَنَدٌ: لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّشَهُّدِ، وَالدَّاخِلُ حِينَئِذٍ كَالْقَاضِي لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ بَعْدَ السَّلَامِ. وَعَنْ مَالِكٍ يَدْخُلُ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا. (ص) وَدَعَا إنْ تُرِكَتْ وَإِلَّا وَالَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَدْعُو بَيْنَ تَكْبِيرَاتِ قَضَائِهِ إنْ تُرِكَتْ الْجِنَازَةُ، وَيُخَفِّفُ فِي الدُّعَاءِ إلَّا أَنْ يُؤَخَّرَ رَفْعُهَا فَيَتَمَهَّلَ فِي دُعَائِهِ، إنْ رُفِعَتْ فَوْرًا فَإِنَّهُ يُوَالِي بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَلَا يَدْعُو؛ لِئَلَّا تَصِيرَ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الدُّعَاءَ حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ. (ص) وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ   [حاشية العدوي] وَانْظُرْ أَدْعِيَةَ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ فِي عب. (قَوْلُهُ هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ الدُّعَاءِ) أَيْ: لِقِصَرِهِ وَإِفَادَتِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ سُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ هَلْ هِيَ تَمَامُ وَضْعِ التُّرَابِ أَوْ مُجَرَّدُ وَضْعِهِ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَضْعُ أَغْلَبِهِ. (قَوْلُهُ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ) وَلَا يُخْرَجُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ. وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِنْ دُفِنَ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ الْمُوَالَاةُ فَلَيْسَ مَعَهَا إعَادَةٌ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لتت، وَارْتَضَى ذَلِكَ مُحَشِّي تت ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الثَّانِيَةِ ضَعِيفٌ، إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا اُقْتُصِرَ عَلَى بَعْضِ التَّكْبِيرِ، أَنَّهَا تُعَادُ مَا لَمْ يُدْفَنْ، فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْمَوَّاقِ وَقَوَّاهُ مُحَشِّي تت. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَعَادَ، عَامٌّ فِي الْأُولَى وَغَيْرِهَا، وَقَوْلَهُ: وَإِنْ دُفِنَ. . إلَخْ، خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ وَمَعَ الْخُصُوصِ هُوَ ضَعِيفٌ، وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ شَارِحُنَا مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ: وَإِنْ دُفِنَ لَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ) أَيْ: أَوْ اثْنَتَيْنِ سَهْوًا وَطَالَ، وَمِثْلُهُ جَهْلًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَالَى أَوْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ مَثَلًا سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَقَرُبَ الْأَمْرُ يَرْجِعُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ، وَكَذَا عَمْدًا مُطْلَقًا. وَإِذَا قُلْنَا يَبْنِي فِي الْأُولَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ صَارَتْ أُولَى؛ لِبُطْلَانِ مَا قَبْلَهَا كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْسُبُهُ. اُنْظُرْ هَلْ رُجُوعُهُ بِتَكْبِيرٍ عَلَى الْأَوَّلِ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَكَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ نَاجِي: هَلْ رُجُوعُهُ بِتَكْبِيرٍ وَاجِبٌ أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ وَيُسْمِعُ الْإِمَامُ بِهَا نَفْسَهُ) هَذَا مَعْنَى (خَفِيفَةٌ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِفَّةَ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُسْمِعُ جَمِيعَ مَنْ خَلْفَهُ. وَارْتَضَى عج أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَلِيهِ أَيْ: فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ لَا جَمِيعُهُمْ، وَلَا يَرُدُّ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامٍ وَلَا عَنْ يَسَارٍ، وَعَلَى كَلَامِ عج فَيَصِحُّ الْوَصْفُ بِالْخِفَّةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَنْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَإِذَا سَمِعَ مَنْ يَلِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَائِزٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهٌ؛ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ الْخِفَّةَ مَنْدُوبَةٌ وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِالْخِفَّةِ أَنَّهُ يَخْطَفُهَا وَلَا يَمُدُّهَا - قَرَّرَهُ شَيْخُنَا . (قَوْلُهُ وَصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ. . . إلَخْ) وُجُوبًا أَيْ: يَصْبِرُ إذَا تَبَاعَدَ وَالْبُعْدُ فَرَاغُ الْمَأْمُومِينَ مِنْ التَّكْبِيرِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت، فَإِنْ لَمْ يَصْبِرْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ بِأَنْ فَرَغَ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَدْرَكَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ صَبْرٍ. (قَوْلُهُ كَالْقَاضِي لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ) أَيْ: فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقَطْعِ حِينَئِذٍ. وَقَوْلُهُ: عَنْ مَالِكٍ، يُدْخِلُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَذْهَبِ؛ لِئَلَّا تَتَكَرَّرَ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَالْمُفْتَتِحِ لِصَلَاةٍ عَلَى جِنَازَةٍ صَلَّى عَلَيْهَا. وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ أَهِيَ ثَالِثَةٌ أَوْ هِيَ رَابِعَةٌ هَلْ يَدْخُلُ أَوْ يَتْرُكُ لِتَحَقُّقِ أَنَّهَا رَابِعَةٌ؟ وَإِذَا دَخَلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فَانْظُرْ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ ، (قَوْلُهُ وَدَعَا إنْ تُرِكَتْ) أَيْ: وُجُوبًا كَمَا فِي شَرْحِ شب (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ يُوَالِيهِ مُطْلَقًا. وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ رُكْنٌ خَامِسٌ وَهُوَ الْقِيَامُ. وَظَاهِرُ سَنَدٍ أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاتِهَا . (قَوْلُهُ وَكُفِّنَ. . . إلَخْ) فِيهِ تَقْرِيرَانِ فِي الشَّارِحِ: حَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ كَانَ صَاحِبَ مَالٍ فَقَالَ الْقَاضِي أَوْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ: يُكَفَّنُ فِي الثِّيَابِ الشَّرِيفَةِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهَا: نُكَفِّنُهُ فِي ثِيَابٍ لَيْسَتْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَيُنْظَرُ لَهُ بِاعْتِبَارِ حَالِ حَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الشَّرِيفَةَ فِي الْجُمُعَةِ فَيُقْضَى بِثِيَابٍ شَرِيفَةٍ يُكَفَّنُ فِيهَا، وَإِلَّا فَيُقْضَى بِمَا قَالَتْهُ الْوَرَثَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 (ش) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِصِفَةِ الْكَفَنِ أَيْ: إذَا تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي الْكَفَنِ قُضِيَ بِتَكْفِينِهِ بِمَلْبُوسِهِ فِي الْجُمُعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى التَّكْفِينِ فِيهِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ: بِمِثْلِ مَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ: لِكَجُمُعَةٍ لِيَدْخُلَ ثِيَابُ جُمُعَتِهِ وَصَلَاتِهِ وَإِحْرَامُ حَجِّهِ وَأَعْيَادِهِ وَمَا شَهِدَ بِهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ، وَالِاحْتِمَالَانِ صَحِيحَانِ. (ص) وَقُدِّمَ كَمُؤْنَةِ الدَّفْنِ عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَنَ يُقَدَّمُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ - لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَلْبُوسَ جُمُعَتِهِ كَمُؤَنِ الْمُوَارَاةِ مِنْ غُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ وَحِرَاسَةٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا - عَلَى كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ الدُّيُونِ غَيْرِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ الْحَائِزِ لِرَهْنِهِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ سَوَاءٌ انْحَصَرَ فِيهَا - كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَأُمِّ الْوَلَدِ وَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ - أَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا - كَدَيْنِ الرَّهْنِ - فَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكَفَنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ. وَلَوْ كَانَ الْكَفَنُ مَرْهُونًا فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَازَهُ عَنْ عِوَضٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْحَوْزِ فَائِدَةٌ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سُرِقَ) إلَى أَنَّ الْكَفَنَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ سُرِقَ مَا كُفِّنَ بِهِ أَوْ لَا، أَوْ نُبِشَ الْقَبْرُ وَلَوْ بَعْدَ قَسْمِ الْمَالِ - ابْنُ الْقَاسِمِ. وَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. (ص) ثُمَّ إنْ وُجِدَ وَعُوِّضَ وُرِثَ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَنَ إذَا وُجِدَ بَعْدَ أَنْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ وَقَدْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ عَوَّضُوهُ، فَإِنَّهُ يُورَثُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ أَحَقُّ (ص) كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ مَعَ قَلْبِ الصُّورَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فُقِدَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ فَيُورَثُ مَعَ فَقْدِ الدَّيْنِ. (ص) وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَفَنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ يَجِبُ عَلَى الْمُنْفِقِ عَلَى الْمَيِّتِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ - مِنْ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ أَوْ ابْنٍ عَلَى أَبِيهِ - أَوْ بِسَبَبِ رِقٍّ - مِنْ قِنٍّ - أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ - وَلَوْ مُكَاتَبًا - لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ تَرَكَ لَهُ فِيهَا جُزْءًا مِنْ الْكِتَابَةِ. وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَعَبْدُهُ وَلَمْ يَخْلُفْ السَّيِّدُ إلَّا كَفَنًا وَاحِدًا كُفِّنَ بِهِ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ لَهُ حَقٌّ فِيهِ. وَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ: الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا الْجَارِيَةُ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَعْضِ مِنْ الْكَفَنِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ (ص) لَا زَوْجِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَنَ وَمَا مَعَهُ مِنْ الْمُؤَنِ لَا يَكُونُ تَابِعًا لِلنَّفَقَةِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ وَالرِّقِّ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُكَفِّنَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِسَحْنُونٍ   [حاشية العدوي] أَوْ بَعْضُهَا. الثَّانِي أَنَّ مَعْنَى كُفِّنَ أَيْ: نُدِبَ أَنْ يُكَفَّنَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ يَشْهَدُ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ وَمَاتَ وَعِنْدَهُ الثِّيَابُ الَّتِي كَانَ يَشْهَدُ فِيهَا مَشَاهِدَ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُكَفِّنُوهُ فِي تِلْكَ الثِّيَابِ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ: وَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَحِينَئِذٍ فَلَا قَضَاءَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَلَا مَعْنَى لِلْقَضَاءِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكَانَتْ قَدِيمَةً فَلَا يُقْضَى بِهَا إذَا كَانَ يَشْهَدُ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ فِي الثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا يُسْتَحَبُّ. . . إلَخْ) أَيْ: وَالنَّدْبُ فِي الْمُصَنَّفِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَرَثَةِ . (قَوْلُهُ أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ) مُحْتَرَزُ الذِّمَّةِ ، ثُمَّ فِي عِبَارَتِهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ حِلِّهِ يَقْتَضِي أَنَّ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَآخِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْأَعْيَانِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِيهِ شَائِبَتَيْنِ تَعَلُّقِ الذِّمَّةِ وَتَعَلُّقِ الْعَيْنِ، فَتَعَلُّقُ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَتَعَلُّقُ الذِّمَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ فَضَلَ لَهُ فَضْلَةٌ مِنْ دَيْنِهِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَدِينِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي فَهُوَ مُنْحَصِرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ فَضَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَضْلَةٌ لِكَوْنِ الْعَبْدِ الْجَانِي الْمُسَلَّمِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَمْ يُوفِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ بِالْفَاضِلِ. (قَوْلُهُ أَوْ نُبِشَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يُنْبَشَ . (قَوْلُهُ عُوِّضَ) مَفْهُومُهُ لَوْ وُجِدَ قَبْلَ أَنْ يُعَوَّضَ يُكَفَّنُ فِيهِ - الْبِسَاطِيُّ. إنْ أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ وَإِلَّا وُرِثَ، وَلَوْ جُمِعَ لَهُ ثَمَنُ كَفَنٍ فَكَفَّنَهُ رَجُلٌ رُدَّ مَا جُمِعَ لِأَرْبَابِهِ وَلَا يَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ وَلَا الْغُرَمَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ أَرْبَابُهُ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُهُ تُصُدِّقَ بِهِ عَنْهُمْ؛ لِقَوْلِ مَالِكٍ: وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ تُصُدِّقَ بِهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وُرِثَ، إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ) قَالَ فِي ك: إنَّمَا نُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا إرْثَ مَعَ الدَّيْنِ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ الْمَنْعُ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ عَلَى دُيُونِهِمْ لَا يَتَعَلَّقُ لَهُمْ بِهِ حَقٌّ. وَانْظُرْ هَلْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ ك. (قَوْلُهُ مِنْ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ أَوْ ابْنٍ عَلَى أَبِيهِ) فَلَوْ اجْتَمَعَا كَمَا لَوْ هَلَكَ زَمِنٌ وَلَهُ ابْنٌ وَأَبٌ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ نَفَقَتُهُ لِزَمَانَتِهِ. قَالَ الْجُزُولِيُّ: فَكَفَنُهُ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَوْ كَانَتْ أَوَّلًا عَلَى الْأَبِ لِزَمَانَةِ الْوَلَدِ ثُمَّ حَدَثَ لِلزَّمِنِ وَلَدٌ مُوسِرٌ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَنْتَقِلُ عَلَى ابْنِهِ، وَلَوْ مَاتَ وَالِدُ شَخْصٍ وَوَلَدُهُ فَقَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَغَيْرُهُ فِي النَّفَقَاتِ قِيلَ يَتَحَاصَّانِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ اهـ. وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. ثُمَّ التَّحَاصُصُ فِي الْكَفَنِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لِكُلِّ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ أَيْ: يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِمَّا يُكَفَّنُ بِهِ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ. (قَوْلُهُ كُفِّنَ بِهِ الْعَبْدُ) أَيْ: إذَا مَاتَا مَعًا أَوْ تَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ عُلِمَ عَيْنُ الْمُتَقَدِّمِ وَكَانَ الْعَبْدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ السَّيِّدَ فَيُكَفِّنُ الْعَبْدَ مَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ بِنَاءً عَلَى انْتِقَالِهَا بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ، وَكَذَا يَظْهَرُ عَلَى الْآخَرِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلَانِ فِي الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْفَقِيرُ) أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعْنَاهُ: وَالشَّخْصُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا نَفَقَتَهُ لَازِمَةٌ لِأَحَدٍ، فَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَنَفَقَتُهُ تَلْزَمُ إنْسَانًا وَلَمْ يُجْرِهَا عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ كَفَنَهُ وَمُؤَنَ تَجْهِيزِهِ تَلْزَمُ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ اعْتِبَارًا بِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ لَا بِالْإِجْرَاءِ بِالْفِعْلِ فَهُوَ لَيْسَ فَقِيرًا بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ وَلَهُ أَيْضًا، إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَنَسَبَهُ فِي الرِّسَالَةِ لِسَحْنُونٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا دَخَلَ أَوْ ادَّعَى الدُّخُولَ وَهِيَ مُطِيقَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ. وَذَكَرَ فِي ك عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 نَظَرًا إلَى انْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ. (ص) وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ (ش) هَكَذَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَنَصُّهُ: وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ يُرِيدُ، أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ، فَكَفَنُهُ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفٌ وَلَا مُرْصَدٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ وَبَدَأَ مِنْهَا بِمَنْدُوبِ الْمَرِيضِ، وَمَنْ حَضَرَ وَقْتَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ فَقَالَ (ص) وَنُدِبَ تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَتْهُ أَسْبَابُ الْمَوْتِ وَعَلَامَاتُهُ، أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - عِيَاضٌ: يُسْتَحَبُّ غَلَبَةُ الْخَوْفِ مَا دَامَ الْإِنْسَانُ فِي مُهْلَةِ الْعَمَلِ فَإِذَا دَنَا الْأَجَلُ وَانْقَطَعَ الْأَمَلُ اُسْتُحِبَّ غَلَبَةُ الرَّجَاءِ. قَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخَوْفِ تَتَعَذَّرُ حِينَئِذٍ اهـ. إنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ مُسْتَحَبًّا مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَبَدًا؛ لِأَنَّهُمَا كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ إذَا مَالَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَزِيدُ تَحْسِينَ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا تَعَارُضَ. (ص) وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ ظَهْرٍ (ش) أَيْ: وَيُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَ عِنْدَ مَرِيضٍ تَقْبِيلُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ إحْدَادِ بَصَرِهِ وَشُخُوصِهِ إلَى السَّمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ، وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ جَرْيِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْعَلُ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ، وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْأَيْسَرَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ تَفَاؤُلًا أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ لَا مِنْ أَصْحَابِ الْيَسَارِ. (ص) وَتَجَنُّبُ حَائِضٍ وَجُنُبٍ لَهُ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَجَنُّبُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالْكَلْبِ وَالتِّمْثَالِ وَكُلِّ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَعْبَثُ وَلَا يَكْفِ إذًا نَهْيٌ، لِلْمَيِّتِ. وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرٌ، وَأَنْ يُحْضَرَ عِنْدَهُ طِيبٌ، وَحُضُورُ أَحْسَنِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ سَمْتًا وَخُلُقًا وَدِينًا   [حاشية العدوي] اللَّخْمِيِّ، إنْ فُقِدَ سَاتِرُ كُلِّهِ بُدِئَ بِسَتْرِ عَوْرَتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ وَمَا فَضَلَ إلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى صَدْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا مُرْصَدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَرْصَدَ . (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَتْهُ أَسْبَابُ الْمَوْتِ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: ظَنِّهِ أَيْ: الْمَيِّتِ لَا بِمَعْنَى مَنْ قَامَ بِهِ الْمَوْتُ، بَلْ بِمَعْنَى مَنْ حَضَرَتْهُ أَسْبَابُ الْمَوْتِ وَعَلَامَاتُهُ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ مَيِّتًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ. (قَوْلُهُ وَعَلَامَاتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ غَلَبَةُ الْخَوْفِ) أَيْ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى يَأْسٍ وَإِلَّا كَانَ مَذْمُومًا وَرُبَّمَا كَانَ كُفْرًا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمُ الرَّجَاءِ مُطْلَقًا؛ لِاحْتِمَالِ طُرُوقِ الْمَوْتِ فِي كُلِّ نَفْسٍ وَهُجُومِهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهَلْ الْأَفْضَلُ لِلشَّخْصِ تَغْلِيبُ الرَّجَاءِ؛ لِئَلَّا يَغْلِبَ عَلَيْهِ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، أَوْ الْخَوْفِ؛ لِئَلَّا يَغْلِبَ عَلَيْهِ دَاءُ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، أَوْ إنْ كَانَ عَاصِيًا فَالْخَوْفُ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ مُطِيعًا فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ، أَوْ إنْ كَانَ قَبْلَ الذَّنْبِ فَالْخَوْفُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ، أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فَالْخَوْفُ أَفْضَلُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعِنْدَنَا، وَاَلَّذِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ مُسْتَوِيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَالرَّجَاءُ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ مُحْسِنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ حُسْنِ الظَّنِّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخَوْفِ تَتَعَذَّرُ حِينَئِذٍ) أَيْ: الَّتِي هِيَ الْعَمَلُ، إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعَذُّرِ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَفِي الْخَوْفُ رَأْسًا مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ أَنَّ هُنَاكَ خَوْفًا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ: الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ كَجَنَاحَيْ طَائِرٍ إذَا مَالَ أَحَدُهُمَا أَيْ: انْخَفَضَ وَتَلِفَ سَقَطَ الطَّائِرُ، كَذَلِكَ الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ إذَا مَالَ أَحَدُهُمَا أَيْ: ذَهَبَ وَتَلِفَ هَلَكَ الشَّخْصُ. (أَقُولُ) وَبَعْدُ فَهَذَا يَدُلُّ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا يَكُونَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَا لِمَذْهَبِنَا الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ أَفْضَلَ. (قَوْلُهُ وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَعِنْدَ إحْدَادِهِ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ ثَانٍ كَمَا فِي ك وَسَبَبُهُ نَظَرُ السُّلَّمِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ لِقَبْضِ الرُّوحِ، أَوْ لِأَنَّ الرُّوحَ إذَا خَرَجَتْ يَتْبَعُهَا الْبَصَرُ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَرَاهَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ وَشُخُوصِهِ) أَيْ: ارْتِفَاعِهِ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ: قَبْلَ الظَّهْرِ. (قَوْلُهُ مِنْ جَرْيِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ أَرْبَعَةٌ: قِيلَ الْجَنْبُ الْأَيْمَنُ ثُمَّ الْأَيْسَرُ ثُمَّ الظَّهْرُ. قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: الظَّهْرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَيْسَرِ. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ إنَّ الظَّهْرَ وَالْجَنْبَ الْأَيْمَنَ سِيَّانِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَقِيلَ: إنَّ الظَّهْرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ. نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَكُلُّهَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ اهـ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ ثُمَّ لَمَّا جَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ: وَكَيْفِيَّةُ التَّوَجُّهِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ: بِتَقْدِيمِ الْأَيْمَنِ عَلَى الِاسْتِلْقَاءِ أَوْ الِاسْتِلْقَاءِ فَأَشَارَ إلَى قَوْلَيْنِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ بِاعْتِبَارِ مَبْدَأِ مَا يُفْعَلُ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمَا فِي التَّوْضِيحِ. . . إلَخْ وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ جَرَى عَلَى صَلَاةِ الْمَرِيضِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَقَالَ: عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُهُ الظَّهْرَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَيَكُونُ فِي عِبَارَتِهِ حَذْفٌ أَيْ: ثُمَّ أَيْسَرَ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْأَيْسَرَ) أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ ثُمَّ ظَهْرٍ ثُمَّ أَيْسَرَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ الْحَائِضِ) وَمِثْلُهُ النُّفَسَاءُ. (قَوْلُهُ وَالْكَلْبِ) غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لِلْمَيِّتِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ مُلْحَقَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِ (تَجَنُّبُ) أَيْ: تَجَنُّبُهَا لِلْمَيِّتِ لَا الْبَيْتِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِالصَّبِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَجَنُّبِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ لَهُ، أَنْ لَا يَكُونَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي تَجَنُّبِ الْكَلْبِ وَالتِّمْثَالِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ النَّجِسُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْبَثُ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَالْمُرَادُ بِتَجَنُّبِهِمَا بُعْدُهُمَا عَنْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا أَشْبَهَهُمَا. (قَوْلُهُ كَوْنُهُ طَاهِرًا) أَيْ: مِنْ الْخَبَثِ. (قَوْلُهُ سَمْتًا) أَيْ: هَيْئَةً (قَوْلُهُ وَخُلُقًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 ، وَتَلْقِينُهُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ بِرِفْقٍ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ وَهُوَ مِنْ مَوَاطِنِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَأَنْ لَا يُتْرَكَ مَنْ يَبْكِي بِرَفْعِ صَوْتٍ، وَقَوْلُ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا، وَإِبْعَادُ النِّسَاءِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ، وَإِظْهَارُ التَّجَلُّدِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ الرِّجَالِ. (ص) وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ وَتَغْمِيضُهُ وَشَدُّ لَحْيَيْهِ إذَا قُضِيَ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ بِأَنْ يُقَالَ بِحَضْرَتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لِحَدِيثِ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» لِيَكُونَ ذَلِكَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَلِيَطْرُدَ بِهِ الشَّيَاطِينَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ لِدَعْوَى التَّبْدِيلِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُلَقَّنُ إلَّا بَالِغٌ. وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ - مُطْلَقًا - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَقِّنَهُ غَيْرُ وَارِثِهِ - إنْ وُجِدَ - وَإِلَّا فَأَرْأَفُهُمْ بِهِ، وَلَا يُلَجُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ وَيُسْكَتُ بَيْنَ كُلِّ تَلْقِينَةٍ سَكْتَةٌ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَغْمِيضُهُ؛ لِأَنَّ فَتْحَ عَيْنَيْهِ يَحْصُلُ بِهِ قُبْحُ مَنْظَرِهِ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يَشُدَّ لَحْيَيْهِ الْأَسْفَلَ مَعَ الْأَعْلَى بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ وَيَرْبِطَهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ؛ لِئَلَّا يَسْتَرْخِيَ لَحْيَاهُ فَيَفْتَحَ فَاهُ فَيَدْخُلَ الْهَوَامُّ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ وَيَقْبُحَ بِذَلِكَ مَنْظَرُهُ. فَقَوْلُهُ: إذَا قُضِيَ، رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ: إذَا تَحَقَّقَ قَضَاؤُهُ أَيْ: مَوْتُهُ وَلِذَا عُبِّرَ بِإِذَا دُونَ إنْ؛ لِأَنَّ إذَا لِلتَّحَقُّقِ. وَعَلَامَاتُ الْمَوْتِ أَرْبَعٌ: انْقِطَاعُ نَفَسِهِ وَإِحْدَادُ بَصَرِهِ وَانْفِرَاجُ شَفَتَيْهِ فَلَا يَنْطَبِقَانِ وَسُقُوطُ قَدَمَيْهِ فَلَا يَنْتَصِبَانِ. وَمِنْ عَلَامَاتِ الْبُشْرَى لِلْمَيِّتِ أَنْ يَصْفَرَّ وَجْهُهُ وَيَعْرَقَ جَبِينُهُ وَتَذْرِفَ عَيْنَاهُ دُمُوعًا. وَمِنْ عَلَامَاتِ السُّوءِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ وَتَرْبَدَّ شَفَتَاهُ وَيَغِطَّ كَغَطِيطِ الْبَكْرِ اهـ. وَتَرْبَدَّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا دَالٌ مُشَدَّدَةٌ - قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الرُّبْدَةُ بِالضَّمِّ لَوْنٌ إلَى الْغُبْرَةِ. (ص) وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ (ش) أَيْ: عَقِبَ مَوْتِهِ فَيَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ لِعَضُدَيْهِ وَفَخِذَيْهِ لِبَطْنِهِ تَسْهِيلًا عَلَى الْغَاسِلِ (ص) وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ (ش) أَيْ: كَسَرِيرٍ خَوْفَ إسْرَاعِ الْفَسَادِ وَالْهَوَامِّ فَيَحْصُلُ لَهُ التَّشْوِيهُ، وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِحِفْظِهِ قَبْلَ الدَّفْنِ (ص) وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ زِيَادَةً عَلَى مَا عَلَيْهِ حَالَ الْمَوْتِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا أُمِرَ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَغَيَّرُ تَغَيُّرًا وَحِشًا مِنْ الْمَرَضِ فَيَظُنَّ بِهِ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ. (ص) وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا وَضْعُ شَيْءٍ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ كَسَيْفٍ أَوْ حَدِيدَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ. قَالَ حُلُولُو فِي قَوْلِهِ (وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ) : مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتِ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَصْحَابِ وَهِيَ مَنْصُوصَةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمَذْهَبِ مِنْ وَضْعِ الْحَدِيدِ عَلَى بَطْنِهِ. اهـ وَمَا ذَكَرَهُ حُلُولُو أَخَصُّ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) وَإِسْرَاعُ   [حاشية العدوي] لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ وَبَعْدُ هِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا، وَفِي ك تَكْرَارُهَا فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْآخَرُ بِضَمِّهَا وَكَأَنَّ السَّمْتَ يَرْجِعُ لِسُكُونِ الْجَوَارِحِ وَالرَّزَانَةِ فَيَكُونُ مُغَايِرًا لِلْخُلُقِ بِالْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُتْرَكَ مَنْ يَبْكِي) أَيْ: يُبْعِدَهُمَا عَنْهُ لَا عَنْ الْبَيْتِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ ك. (قَوْلُهُ بِرَفْعِ صَوْتٍ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَبْكِي لَا بِرَفْعِ صَوْتٍ فَإِنَّهُ لَا يُبْعَدُ. (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ، وَآجَرَهُ بِالْمَدِّ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إذَا أَثَابَهُ. (قَوْلُهُ وَأَعْقِبْنِي) مِنْ أَعْقَبَ فَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ بِحَضْرَتِهِ) وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ؛ لِئَلَّا يُوَافِقَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: لَا لِرَدِّ فِتْنَةِ الْفَتَّانِينَ أَوْ إبْلِيسَ وَأُورِدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةٌ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْهُ قَوْلُهَا لِكُفْرِهِ، وَإِذَا قَالَهَا لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فَتُعَادَ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ لِخَبَرِ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ مِنْ الدُّنْيَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ.» وَلَا يَضْجَرُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الْمُحْتَضَرِ لِمَا يُلَقِّنُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ مَا لَا يُشَاهِدُونَهُ. (قَوْلُهُ أَشْهَدُ. . . إلَخْ) أَيْ: فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالشَّهَادَةِ الشَّهَادَتَيْنِ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى أَوْ أَنَّ الشَّهَادَةَ صَارَتْ عَلَمًا عَلَى مَجْمُوعِهِمَا مَعًا وَلَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ: أَشْهَدُ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» (تَنْبِيهٌ) : التَّلْقِينُ مَنْدُوبٌ كِفَائِيٌّ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ ثُمَّ عَلَى غَيْرِهِمْ عَلَى التَّدْرِيجِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَفَادَهُ الْأَبِيُّ. (قَوْلُهُ وَلَا يُلَقَّنُ إلَّا بَالِغٌ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، هَذَا لِلنَّوَوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ عج. (قَوْلُهُ وَلَا يُلَجُّ عَلَيْهِ) بِالْجِيمِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَغْمِيضُهُ) قَالَ فِي ك وَيَنْبَغِي أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ أَرْفَقُ أَوْلِيَائِهِ بِأَسْهَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، عَنْ النَّوَوِيِّ: مَنْ لَمْ يُغْمَضْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَقِيَ مَفْتُوحَ الْجَفْنَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ جَبَذَهُ شَخْصٌ بِعَضُدَيْهِ وَآخَرُ بِإِبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يَنْطَبِقَانِ. (قَوْلُهُ مَنْظَرِهِ) بِفَتْحِ الظَّاءِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ عَلَامَاتِ الْبُشْرَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا عَلَامَاتِ أَهْلِ الْخَيْرِ الَّذِينَ لَا يَلْحَقُهُمْ عَذَابٌ، وَأَرَادَ بِعَلَامَاتِ السُّوءِ الْمَوْتَ عَلَى الْكُفْرِ، وَيَكُونُ سَاكِنًا عَنْ عَلَامَاتِ السُّوءِ مَعَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَتَذْرِفُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ: دَمَعَتْ. (قَوْلُهُ وَيَغِطُّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ صَوَّتَ. كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ الْبَكْرِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْفَتِيُّ مِنْ الْإِبِلِ. (قَوْلُهُ خَوْفَ إسْرَاعِ الْفَسَادِ) رَدَّهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ الْفَسَادَ لَا يَتَأَتَّى إذْ لَا دَخْلَ لِوَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا عَدَمِهِ فِي الْفَسَادِ اهـ. (قَوْلُهُ وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ) أَيْ: حَتَّى وَجْهِهِ. (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا عَلَيْهِ حَالَ الْمَوْتِ) فِي عب خِلَافُهُ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ بَعْدَ نَزْعِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ قَالَهُ سَنَدٌ. وَفِي الْمَدْخَلِ يُنْزَعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا عَدَا الْقَمِيصَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ سَنَدٍ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَحِشًا) كَذَا فِي ك وَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْحَاءِ (قَوْلُهُ وَوَضْعُ ثَقِيلٍ. . . إلَخْ) خَوْفَ انْتِفَاخِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ) قَالَ فِي ك وَانْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ) مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مَذْكُورٌ لِابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ حُلُولُو) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِطَرَفٍ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 تَجْهِيزِهِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ خِيفَةَ تَغَيُّرِهِ، وَتَأْخِيرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِلِاهْتِمَامِ بِعَقْدِ الْخِلَافَةِ أَوْ لِيَبْلُغَ خَبَرُ مَوْتِهِ النَّوَاحِيَ الْقَرِيبَةَ فَيَحْضُرُوا لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِاغْتِنَامِ الثَّوَابِ. وَيَجُوزُ الدَّفْنُ لَيْلًا كَمَا فُعِلَ بِفَاطِمَةَ وَأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ قَاعِدَةِ: الْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ، سِتَّ مَسَائِلَ: التَّوْبَةُ، وَالصَّلَاةُ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا، وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَنِكَاحُ الْبِكْرِ إذَا بَلَغَتْ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ إذَا قَدِمَ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ. وَزِيدَ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ مِنْ السَّفَرِ، وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ عِنْدَ حُلُولِهَا. (ص) إلَّا الْغَرِقَ (ش) أَيْ: فَلَا يُسْرَعُ بِهِ خَوْفَ غَمْرِ الْمَاءِ قَلْبَهُ ثُمَّ يُفِيقُ، فَيُؤَخَّرُ حَتَّى يَظْهَرَ مَوْتُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الْغَرِقِ لَكَانَ أَشْمَلَ لِيَدْخُلَ الصَّعِقُ، وَمَنْ يَمُوتُ فَجْأَةً، وَمَنْ بِهِ مَرَضُ السَّكْتَةِ، وَمَنْ مَاتَ تَحْتَ الْهَدَمِ. (ص) وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِلْغُسْلِ سِدْرٌ وَهُوَ وَرَقُ شَجَرِ النَّبْقِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ بِالْيَمَنِ لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ. وَإِنَّمَا خُصَّ السِّدْرُ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ عِنْدَ عَدَمِهِ - مِنْ كُلِّ غَاسُولٍ كَأُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ أَوْ نَحْوِهِمَا - يَقُومُ مَقَامَهُ، تَفَاؤُلًا بِالْعُرُوجِ بِرُوحِهِ إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ - عِيَاضٌ. وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عِنْدَ كَافَّتِهِمْ أَنْ تُلْقَى وَرَقَاتُهُ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ فِعْلٌ مُنْكَرٌ وَمِنْ فِعْلِ الْعَامَّةِ، بَلْ يُطْحَنَ وَيُجْعَلَ فِي الْمَاءِ وَيُخَضَّ حَتَّى تَبْدُوَ لَهُ رَغْوَةٌ، وَيُعْرَكَ بِهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ. وَتَكُونُ الْغَسْلَةُ الْأُولَى - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ، وَالثَّانِيَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ لِلتَّنْظِيفِ، وَالثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ لِلتَّطْيِيبِ. (ص) وَتَجْرِيدُهُ وَوَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفِعٍ، وَإِيتَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ وَلَمْ يُعَدْ كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وَغُسِّلَتْ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَجْرِيدُهُ لِلْغُسْلِ وَوَضْعُهُ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ سَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ تَجْرِيدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ إلَّا سَاتِرَ عَوْرَتِهِ - وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَرَّدُ وَلَوْ أَنْحَلَ الْمَرَضُ جِسْمَهُ، خِلَافُ قَوْلِ عِيَاضٍ: اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ غُسْلَهُ تَحْتَ ثَوْبٍ؛ لِتَغَيُّرِهِ بِالْمَرَضِ وَكَرَاهِيَةِ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوضَعَ عَلَى مُرْتَفِعٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَلِئَلَّا يَقَعَ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ عَلَى غَاسِلِهِ شَيْءٌ. وَلَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْغُسْلِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ الْبَخُورُ؛؛ لِئَلَّا يُشَمَّ مِنْهُ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، وَاشْتِغَالُ الْغَاسِلِ بِالتَّفَكُّرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ثَقِيلٍ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ ثَقِيلَ أَعَمُّ مِنْ حَدِيدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخَصُّ فِي الْإِخْرَاجِ أَيْ: مَا خَرَجَ بِثَقِيلٍ أَخَصُّ مِمَّا خَرَجَ بِحَدِيدٍ. (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُ) اعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ ضَحْوَةَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ الْأَنْصَارُ ثُمَّ أَهْلُ الْقُرَى، وَجُمْلَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَصَلَّوْا عَلَيْهِ فُرَادَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً يُجْعَلُ إمَامًا. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الدَّفْنُ لَيْلًا) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى، فَفِي ك وَالنَّهَارُ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ اهـ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَالنَّهَارُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) أَيْ: تَقْدِيدِ اللَّحْمِ. (قَوْلُهُ إلَّا الْغَرِقَ) مُفَادُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِنَدْبِ تَأْخِيرِهِ وَوُجُوبِهِ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ الثَّانِيَ بَلْ رَأَيْتُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي ك. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ: فَيَبْقَى أَيْ: وَلَوْ أَتَى عَلَيْهِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ الصَّعِقَ) هُوَ الْمَغْشِيُّ عَلَيْهِ مِنْ سَمَاعِ صَوْتٍ شَدِيدٍ. (قَوْلُهُ فَجْأَةً) فِي الْمِصْبَاحِ (فَجِئْتُ) الرَّجُلَ (أَفْجَأُهُ) مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ جِئْتُهُ بَغْتَةً وَالِاسْمُ الْفُجَاءَةُ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ فَجْأَةً بِأَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمَنْ بِهِ مَرَضُ السَّكْتَةِ) أَيْ: فَلَا يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ غَاسُولٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَرَادَ بِالْغَاسُولِ مَا يُغَسَّلُ بِهِ، لَا خُصُوصَ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا بِالْغَاسُولِ بِمِصْرَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: كَأُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ (قَوْلُهُ كَأُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ. كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ كَوْنِ الْأُولَى بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالثَّانِيَةِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ. . . إلَخْ) وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مُطْلَقٌ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ السِّدْرَ يُنَعَّمُ وَيُجْعَلُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فَشَيْءٌ وَيُحَكُّ بِهِ جَسَدُهُ ثُمَّ يُصَبُّ الْمَاءُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إذَا وَصَلَ الْمَاءُ لِلْعُضْوِ طَاهِرًا ثُمَّ تَغَيَّرَ بِالسِّدْرِ فَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مُطْلَقًا، وَأَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَيَصْدُقُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ وَالثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ) صُورَتُهُ يُجْعَلُ الْكَافُورُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُطْلَى بِهِ. وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «وَاجْعَلْ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا» أَنْ يُخْلَطَ الْكَافُورُ بِالْمَاءِ وَيُغَسَّلَ بَدَنُ الْمَيِّتِ فَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِخِلَافِ غَسْلَةِ السِّدْرِ فَإِنَّهَا صَبُّ الْمَاءِ بَعْدَ عَرْكِ بَدَنِ الْمَيِّتِ، لَا خَلْطُهُ بِالْمَاءِ كَمَا فَهِمَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْهُ غُسْلُهُ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ كَمَذْهَبِ ابْنِ شَعْبَانَ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: خَلْطُ الْمَاءِ بِالسِّدْرِ يُضِيفُهُ وَصَبُّهُ عَلَى الْجَسَدِ بَعْدَ حَكِّهِ بِهِ لَا يُضِيفُهُ. وَاخْتَارَهُ أَشْيَاخُ ابْنِ نَاجِي فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ إذَا وَرَدَ الْعُضْوَ طَهُورًا وَانْضَافَ بِهِ لَا يَضُرُّهُ اهـ. وَهَلْ يَقُومُ الْمِسْكُ مَثَلًا مَقَامَ الْكَافُورِ، إنْ نُظِرَ إلَى مُجَرَّدِ التَّطَيُّبِ نَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ يُقَالُ: إذَا عُدِمَ الْكَافُورُ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ إذَا مَاثَلَهُ وَلَوْ بِخَاصِّيَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الْحَافِظُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ) أَيْ: وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَصْحَابِهِ تَغْسِيلُهُ فِي قَمِيصِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ هَلْ نُجَرِّدُهُ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا دَلِيلٌ لَنَا وَأَنَّ الشَّأْنَ عِنْدَهُمْ فِي زَمَنِهِ التَّجَرُّدُ وَإِنَّمَا لَمْ يُجَرَّدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْظِيمًا لَهُ وَتَوْقِيرًا. (قَوْلُهُ خِلَافُ قَوْلِ عِيَاضٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَرَّدُ. . . إلَخْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَرَّدُ وَلَوْ أَنْحَلَ الْمَرَضُ جِسْمَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِعِيَاضٍ. (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَقَعَ. . . إلَخْ) لَا تَظْهَرُ تِلْكَ الْعِلَّةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 وَالِاعْتِبَارِ، وَكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَا هَذِهِ الْأَذْكَارُ الْمُبْتَدَعَةُ لِكُلِّ عُضْوٍ فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ. وَيُكْرَهُ وُقُوفُهُ عَلَى الدَّكَّةِ وَيَجْعَلُ الْمَيِّتَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، بَلْ يَقِفُ بِالْأَرْضِ وَيُقَلِّبُهُ حِينَ غُسْلِهِ، وَهَذَا الِارْتِفَاعُ غَيْرُ الِارْتِفَاعِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لِئَلَّا تَنَالَهُ الْهَوَامُّ، وَهَذَا لِئَلَّا يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ عَلَى الَّذِي يُغَسِّلُهُ، وَلِيَتَمَكَّنَ غَاسِلُهُ مِنْ تَغْسِيلِهِ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا إيتَارُ الْغُسْلِ، وَأَحْسَنُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَيَجْعَلُ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا إنْ تَيَسَّرَ. وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَابْنُ حَبِيبٍ السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ وِتْرًا وَكَذَلِكَ غُسِّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْقَاءُ بِالسَّابِعَةِ فَلَا يُطْلَبُ بَعْدَهَا وِتْرٌ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ إيتَارُ الْكَفَنِ. قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُكَفَّنَ الْمَيِّتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ ذَلِكَ. الْإِبْيَانِيُّ يُرِيدُ غَيْرَ الْعِمَامَةِ وَالْمِئْزَرِ - ابْنُ حَبِيبٍ تُعَدُّ فِيهَا الْعِمَامَةُ وَالْمِئْزَرُ وَالْقَمِيصُ وَيُلَفُّ فِي ثَوْبَيْنِ، وَالسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ. وَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْمَيِّتِ بَعْدَ غُسْلِهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ وُطِئَتْ الْمَيِّتَةُ فَإِنَّهُ لَا يُعَادُ غُسْلُهُ وَلَا وُضُوءُهُ، بَلْ تُغْسَلُ النَّجَاسَةُ فَقَطْ عَنْ بَدَنِهِ وَكَفَنِهِ؛ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ، وَالْقَدْرُ الْمَأْمُورُ بِهِ تَعَبُّدًا قَدْ فُعِلَ (ص) وَعَصْرُ بَطْنِهِ بِرِفْقٍ وَصَبُّ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَخْرَجِهِ بِخِرْقَةٍ، وَلَهُ الْإِفْضَاءُ إنْ اُضْطُرَّ وَتَوْضِئَتُهُ وَتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ لِمَضْمَضَةٍ وَعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعِينٍ وَكَافُورٌ فِي الْأَخِيرَةِ وَنَشْفٌ وَاغْتِسَالُ غَاسِلِهِ (ش) هَذِهِ أَيْضًا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الْغُسْلِ. قَالَ فِيهَا: وَيُعْصَرُ بَطْنُهُ عَصْرًا خَفِيفًا. قَالَ أَشْهَبُ: وَإِذَا عَصَرَ بَطْنَهُ فَلْيَأْمُرْ مَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ أَنْ لَا يَقْطَعَ مَا دَامَ ذَلِكَ يُغَسِّلُ مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَيَلُفُّ عَلَى يَدَيْهِ شَيْئًا كَثِيفًا لَا يَجِدُ مَعَهُ لِينَ مَا تَمُرُّ عَلَيْهِ الْيَدُ، ثُمَّ يَغْسِلُ تِلْكَ الْخِرْقَةَ وَيَغْسِلُ يَدَهُ وَيَأْخُذُ خِرْقَةً أُخْرَى عَلَى يَدِهِ وَيُدْخِلُهَا فِي فَمِهِ؛ لِيُنَظِّفَ أَسْنَانَهُ، وَيُدْخِلُ فِي أَنْفِهِ الْمَاءَ ثَلَاثًا وَإِذَا اُضْطُرَّ إلَى الْإِفْضَاءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى الدَّكَّةِ) بِفَتْحِ الدَّالِ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَتُجْمَعُ عَلَى دِكَكٍ كَقَصْعَةٍ وَقِصَعٍ. (قَوْلُهُ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا إيتَارُ الْغُسْلِ) وَاسْتِحْبَابُ الْإِيتَارِ إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا إذَا حَصَلَ بِالسَّادِسَةِ فَتُنْدَبُ السَّابِعَةُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْقَاءُ بِالسَّابِعَةِ فَلَا يُطْلَبُ الْوِتْرُ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا) خَبَرٌ لِكَانَ مَحْذُوفَةٍ تَقْدِيرُهُ: أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا. قَالَ بَهْرَامُ: وَيُسْتَحَبُّ إيتَارُ الْغُسْلِ بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ فِي أَمْرِ ابْنَتِهِ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ، إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» . . . الْحَدِيثَ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَأَحْسَنُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ اهـ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ أَيْ: وَأَكْثَرَ إذَا احْتَاجَ الْحَالُ إلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ خِلَافَ الْأَحْسَنِ مِنْ الَّذِي جَاءَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا عَدَا الْأَخِيرَةَ بِالسِّدْرِ وَلَوْ الْأُولَى، فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ، وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ أَنَّ الْمُرَادَ مَا عَدَا الْأُولَى وَالْأَخِيرَةَ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ مَجْمُوعِ النُّصُوصِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ غُسِّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَهَلْ غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ) اخْتَلَفَ الْإِبْيَانِيُّ وَابْنُ حَبِيبٍ فِي الْأَثْوَابِ فَفَهِمَ الْإِبْيَانِيُّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ الْقَمِيصُ وَاللِّفَافَتَانِ، وَسَكَتَ الْإِمَامُ عَنْ الْعِمَامَةِ وَالْمِئْزَرِ، وَفَهِمَ ابْنُ حَبِيبٍ كَلَامَ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ الْعِمَامَةُ وَالْمِئْزَرُ وَالْقَمِيصُ، وَسَكَتَ عَنْ اللِّفَافَتَيْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُلَفُّ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا، وَمُفَادُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي فِيهَا يَعُودُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَيُعَدُّ فِيهَا كُلٌّ مِنْ الْعِمَامَةِ وَالْمِئْزَرِ وَالْقَمِيصِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالْكَفَنِ تَشْبِيهٌ فِي الْإِيتَارِ فَقَطْ لَا فِيهِ وَفِي السَّبْعِ خِلَافًا لتت إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي الرَّجُلِ لِأَنَّ كَفَنَهُ خَمْسَةٌ فَقَطْ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِيتَارُ فِيمَا زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِسَبْعٍ، مُتَعَلِّقٌ بِالْإِيتَارِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ كَالْكَفَنِ تَشْبِيهٌ فِيهِ وَفِي الْإِيتَارِ، وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى رَاجِعٌ لَهُمَا لَكِنَّهُ فِي الْكَفَنِ لِسَبْعٍ فِي الْمَرْأَةِ وَفِي الرَّجُلِ إلَى خَمْسٍ وَفِي الْغُسْلِ عَامٌّ فِيهِمَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُوَزَّعٌ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَادُ غُسْلُهُ. . . إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ بَلْ تُغْسَلُ النَّجَاسَةُ فَقَطْ) أَيْ: مِنْ بَدَنِهِ أَوْ كَفَنِهِ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ وَصَبُّ الْمَاءِ) أَيْ: وَنُدِبَ صَبُّ الْمَاءِ مُتَتَابِعًا فَالنَّدْبِيَّةُ مَصَبُّهَا التَّتَابُعُ وَإِلَّا فَأَصْلُ الصَّبِّ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ بِخِرْقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَيُغَسَّلُ وُجُوبًا بِخِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ وَيَغْسِلُ الْمَخْرَجَيْنِ بِيَسَارِهِ وَبَقِيَّةَ الْجَسَدِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ وَتَوْضِئَتُهُ) أَيْ: قَبْلَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى وَبَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى مَرَّةً (قَوْلُهُ وَتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ. . . إلَخْ) هَذَا قَبْلَ الْوُضُوءِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ) أَيْ: مَبْلُولَةٍ (قَوْلُهُ وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ) أَيْ: بِرِفْقٍ. (قَوْلُهُ لِمَضْمَضَةٍ) أَيْ: وَكَذَا الِاسْتِنْشَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ وَنَشْفٌ) وَانْظُرْ لِمَ عُدِلَ عَنْ قَوْلِهِ: وَتَنَشُّفٌ مَعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَلَفْظُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ مَا دَامَ ذَلِكَ) أَيْ: الْغَاسِلُ أَيْ: مَا دَامَ ذَلِكَ الْغَاسِلُ. (قَوْلُهُ مَا أَقْبَلَ) أَيْ: وَهُوَ الْقُبُلُ وَقَوْلُهُ وَمَا أَدْبَرَ أَيْ: وَهُوَ الدُّبُرُ وَهُوَ مَفْعُولُ قَوْلِهِ: يُغَسِّلُ. (قَوْلُهُ وَيَلُفُّ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ: فِي حَالِ غُسْلِ دُبُرِهِ وَقُبُلِهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَغْسِلُ تِلْكَ الْخِرْقَةَ) أَيْ: نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ، إمَّا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي أَمْرٍ زَائِدٍ، أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ طُرِحَتْ لَا يَنْبَغِي طَرْحُهَا وَهِيَ مُتَلَوِّثَةٌ بِالْقَذَرِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَذَى. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ لِبَهْرَامَ وَقَوْلُهُ: فِي فَمِهِ لِيُنَظِّفَ أَسْنَانَهُ أَيْ: وَكَذَا أَنْفُهُ لِيُنَظِّفَهُ، وَقَوْلُهُ: وَيُدْخِلُ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ ثَلَاثًا، الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ الِاسْتِنْشَاقِ فَتَكُونُ الْأُولَى سُنَّةً وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مُسْتَحَبَّانِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي حَالِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ لَا ذِكْرَهُ هُنَا. (قَوْلُهُ وَإِذَا اُضْطُرَّ إلَى الْإِفْضَاءِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي ك وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا غَسَّلَ الْمُحْرِمُ الْمَرْأَةَ مِنْ مَحَارِمِهِ أَوْ غَسَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا مِنْ مَحَارِمِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 وَالْمُبَاشَرَةِ لِلْعَوْرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَوْضِئَةُ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَبَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى مَرَّةً مَرَّةً، وَلَا يُكَرَّرُ الْوُضُوءُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ تَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ أَيْ: تَفَقُّدُهَا وَإِزَالَةُ مَا فِيهَا، وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ؛ لِإِزَالَةِ مَا يُكْرَهُ رِيحُهُ أَوْ رُؤْيَتُهُ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا إمَالَةُ رَأْسِهِ لِمَضْمَضَةٍ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعِينٍ لِلْغَاسِلِ لِصَبٍّ أَوْ تَقْلِيبٍ، بَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْكَرَاهَةُ، لَكِنَّ مُخَالَفَةَ الْمَنْدُوبِ تَصْدُقُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى كَمَا تَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ الْمُرَادَةِ هُنَا. فَلَوْ قَالَ: وَكُرِهَ حُضُورُ غَيْرِ مُعِينٍ، لَأَفَادَ الْمُرَادَ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ جَعْلُ كَافُورٍ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ أَيًّا كَانَتْ - ثَالِثَةً أَوْ غَيْرَهَا - وَخُصَّ الْكَافُورُ؛ لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ بَرْدِهِ لَا يَسْرُعُ بِهِ تَغَيُّرُ الْجِسْمِ، وَلِتَطِيبَ رَائِحَةُ الْمَيِّتِ لِلْمُصَلِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنَشَّفَ الْمَيِّتُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ تَغْسِيلِهِ. وَهَلْ يُنَجَّسُ الثَّوْبُ الْمُنَشَّفُ بِهِ؟ قَوْلَا ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ اللَّخْمِيُّ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ تَنَجَّسَ ثَوْبُ التَّنْشِيفِ - ابْنُ عَرَفَةَ. وَنَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ - لَا يُصَلَّى بِهِ وَلَا بِمَا أَصَابَهُ مِنْ مَائِهِ - خِلَافُ قَوْلِهِمْ فِي الْغُسَالَةِ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرَةِ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا اغْتِسَالُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَلَوْ حَائِضًا بَعْدَ فَرَاغِهِ؛ لِئَلَّا يَتَوَقَّى مَا يُصِيبُهُ مِنْهُ فَلَا يَكَادُ يُبَالِغُ فِي أَمْرِهِ لِتَحَفُّظِهِ، فَإِذَا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُسْلِ فَيُمْكِنُهُ أَكْثَرُ. فَالْمُرَادُ بِاغْتِسَالِهِ أَنْ يُغَسِّلَ جَمِيعَ جَسَدِهِ لِلتَّنْظِيفِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ، وَلَا نِيَّةَ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ. (ص) وَبَيَاضُ الْكَفَنِ وَتَجْمِيرُهُ وَعَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْغُسْلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ، إلَّا أَنْ يُوصَى فَفِي ثُلُثِهِ، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلَافٌ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الْغُسْلِ شَرَعَ فِي مُسْتَحَبَّاتِ التَّكْفِينِ، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُسْتَحَبَّاتِ التَّشْيِيعِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ بَدِيعٌ فِي التَّرْتِيبِ. مِنْهَا بَيَاضُ الْكَفَنِ - قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا - وَعَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ: وَلِلْكَفَنِ بَيَاضٌ - كَمَا قَالَ - وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ؛ لِعَدَمِ حُسْنِهِ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجْمِيرُهُ بِالْجِيمِ - وَفِيهِ شَيْءٌ - أَيْ: تَبْخِيرُهُ وِتْرًا - ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا - بِالْعُودِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عُبُوقُ الرَّائِحَةِ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْمُبَاشَرَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكَرَّرُ الْوُضُوءُ) أَيْ: يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ أَيْ تَفَقُّدُهَا وَإِزَالَةُ مَا فِيهَا) هُوَ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: يُدْخِلُهَا فِي فَمِهِ لِيُنَظِّفَ أَسْنَانَهُ. (قَوْلُهُ إمَالَةُ رَأْسِهِ لِمَضْمَضَةٍ) أَيْ: بَعْدَ تَنْظِيفِ الْأَسْنَانِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَنْظِيفَ الْأَسْنَانِ وَالْأَنْفِ يَكُونُ سَابِقًا عَلَى الْوُضُوءِ الْمُحْتَوِي عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ مُخَالَفَةَ الْمَنْدُوبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِكَوْنِ مُخَالَفَةِ الْمَنْدُوبِ تَصْدُقُ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ. . . إلَخْ) سَنَدٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ إلَّا ثِقَةً أَمِينًا صَالِحًا يُخْفِي مَا يَرَاهُ مِنْ عَيْبٍ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَحَدٌ كَانَ أَحْسَنَ ك. (قَوْلُهُ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ) كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: أَيْ يَضَعُ الْكَافُورَ فِي الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا مَاءِ الْوَرْدِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ بَرْدِهِ) مِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا تَبْلَى أَفْضَلُ عِنْدَنَا مِنْ الَّتِي تَبْلَى خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَلَائِكَةِ) أَيْ: الَّذِينَ يَحْضُرُونَ غُسْلَهُ أَوْ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَوْ يَسْأَلُونَ أَوْ الْجَمِيعِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: وَصِفَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الْكَافُورِ فَيُجْعَلَ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَيُذِيبَهُ فِيهِ ثُمَّ يُغَسِّلَ الْمَيِّتَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَغَيْرُهُ مِنْ الطِّيبِ وَلَوْ عَنْبَرًا، وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ تَقْذِفُهُ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ) الرَّاجِحُ الطَّهَارَةُ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب. وَقَوْلُهُ: وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ: الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ يُنَجَّسُ أَيْ: أَوْ لَا يُنَجَّسُ. وَقَوْلُهُ: قَوْلًا. . . إلَخْ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ بِالْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ النَّجَاسَةُ وَسَحْنُونٌ بِعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ وَنَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الشَّيْخَ إذَا أَطْلَقَ يَنْصَرِفُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَاتَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَمَوْلِدُهُ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَمَاتَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ سَنَةَ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. وَكَوْنُ الْمُرَادِ بِالشَّيْخِ شَيْخَهُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافُ عَادَتِهِ. (قَوْلُهُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ. . . إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغُسَالَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مُتَغَيِّرَةً طَاهِرَةٌ، فَحِينَئِذٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ. (قَوْلُهُ يُغَسِّلَ جَمِيعَ جَسَدِهِ) أَيْ: لِإِثْبَاتِهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ. (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ: بِالتَّنْظِيفِ . (قَوْلُهُ بَيَاضُ الْكَفَنِ. . . إلَخْ) وَمَا فِيهِ مِنْ عَلَمٍ أَوْ حَاشِيَةٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْبَيَاضِ أَيْ: يُسْتَحَبُّ جَعْلُ الْكَفَنِ أَبْيَضَ فَلَيْسَ الْمُسْتَحَبُّ نَفْسَ الْبَيَاضِ. وَقَوْلُهُ: عَدَمُ تَأَخُّرِهِ أَيْ: الْكَفَنِ بِمَعْنَى التَّكْفِينِ، فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ أَوْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: التَّكْفِينُ بِالْكَفَنِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ شَيْءٌ) أَيْ: فِي عَدَمِ حُسْنِهِ شَيْءٌ أَيْ: فِي هَذَا التَّوْجِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ حُسْنِهِ، شَيْءٌ أَيْ: بَلْ هُوَ حَسَنٌ. وَالْمَعْنَى وَنُدِبَ لِلْكَفَنِ أَيْ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَجْمِيرٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الضَّمِيرِ. (قَوْلُهُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا) أَيْ: بِحَسَبِ الْحَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى السَّبْعِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّبْخِيرَ فِي ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ وَكَوْنُهُ وِتْرًا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ. (قَوْلُهُ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ تَخْمِيرٌ) وَجْهُ التَّصْحِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ شب أَنَّ التَّخْمِيرَ التَّغْطِيَةُ وَلَا يَصْلُحُ إرَادَتُهُ هُنَا، فَإِنْ قِيلَ: يُقَالُ وُجِدَتْ خَمَرَةُ الطِّيبِ أَيْ: رِيحُهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِلَفْظِ خَمَرَةٍ وَاَلَّذِي هُنَا تَخْمِيرٌ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّصْحِيفَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ سَنَدًا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ تُبْسَطُ الْأَكْفَانُ وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْتَ: غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي مَجَازِهِ وَلَا يُعَدُّ تَصْحِيفًا، قُلْتُ: لَعَلَّهُ جَعَلَهُ تَصْحِيفًا لِكَوْنِهِ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنَّفِ تَجْمِيرٌ بِالْجِيمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا مِيمٌ، فَقَالَ: وَالْمُرَادُ جَعْلُ الثِّيَابِ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَيُدْرَجُ فِيهَا الْمَيِّتُ، وَأَفْضَلُ الثِّيَابِ الْأَبْيَضُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ، وَالْقُطْنُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَكُفِّنَ فِيهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَمِنْهَا عَدَمُ تَأْخِيرِ التَّكْفِينِ أَيْ: الْإِدْرَاجُ عَنْ الْغُسْلِ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ التَّكْفِينِ. وَحُكْمُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْغُسْلِ مَكْرُوهٌ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ هَذَا كَمَا مَرَّ. وَمِنْهَا الزِّيَادَةُ عَلَى الْكَفَنِ الْوَاحِدِ كَالثَّلَاثَةِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِالِاثْنَيْنِ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَوِتْرُهُ، أَيْ: غَيْرُ الْوَاحِدِ، فَالْوَاحِدُ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْمَرَاتِبِ فَالِاثْنَانِ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالثَّلَاثَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّانِ، وَكَذَا الْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ لِلزِّيَادَةِ وَالْوِتْرِيَّةِ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَزَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ آخَرَ، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ فِي الْوَاحِدِ وَصْمًا. وَإِذَا شَحَّ الْوَارِثُ أَوْ الْغَرِيمُ وَمَنَعَ الزَّائِدَ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ - هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَوْلُ عِيسَى بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِلْمَوَّاقِ، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالتَّكْفِينِ فِي أَزْيَدَ مِنْ وَاحِدٍ، فَفِي ثُلُثِهِ الزَّائِدُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، مَا لَمْ يُوصِ بِسَرَفٍ كَمَا أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ فَالسَّدَادُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ: وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا. وَاخْتُلِفَ هَلْ الْوَاجِبُ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَصَحَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ نَفْيَ الْخِلَافِ فِيهِ - أَوْ الْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ سَتْرُ عَوْرَتِهِ فَقَطْ - كَالْحَيِّ - وَسَتْرُ الْبَاقِي سُنَّةٌ - قَالَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَنَسَبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ؟ قَوْلَانِ. وَكَانَ اللَّائِقُ التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ لَا (بِخِلَافٌ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُشْهَرَا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُقْضَى بِسَتْرِ جَمِيعِ الْجَسَدِ - كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَقَيَّدْنَا الْخِلَافَ بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا - قَوْلًا وَاحِدًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: كَالْحَيِّ (ص) وَوِتْرُهُ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ أَيْضًا الْوِتْرُ اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا ثَلَاثًا إلَى فَوْقِ سَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ، وَلَا يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ، وَالِاثْنَانِ وَإِنْ كَانَا شَفْعًا أَوْلَى مِنْ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ وِتْرًا؛ لِأَنَّهُ يَصِفُ، وَالِاثْنَانِ أَسْتَرُ، وَثَلَاثَةٌ أَوْلَى مِنْ أَرْبَعٍ، وَخَمْسٌ أَوْلَى مِنْ سِتٍّ. وَلَا أَرَى أَنْ يُجَاوِزَ السَّبْعَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّرَفِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَالِاثْنَانِ مُقَدَّمَانِ نَدْبًا عَلَى الْوَاحِدِ، وَالثَّلَاثَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ؛ لِحُصُولِ السَّتْرِ وَالْوِتْرِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَكَذَلِكَ الْخَمْسَةُ عَلَى السِّتَّةِ، وَالسَّبْعَةُ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: وَوِتْرُهُ، مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَإِيتَارُهُ كَالْكَفَنِ وَأَعَادَهُ لِيَرْبِطَ بِهِ قَوْلَهُ وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ. . . إلَخْ (ص) وَتَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ. . . إلَخْ) مَحَطُّ الْأَفْضَلِيَّةِ قَوْلُهُ: مِنْ الْقُطْنِ؛ لِأَنَّ الْأَبْيَضِيَّةَ قَدْ تَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُهَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ) قَالَ عج فِيهِ نَظَرٌ إذْ مِنْ الْكَتَّانِ مَا يَكُونُ كَهُوَ فِي السَّتْرِ أَوْ أَسْتَرَ مِنْهُ فَلَوْ عُلِّلَتْ أَفْضَلِيَّةُ الْقُطْنِ عَلَى الْكَتَّانِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ. اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ) فِي ك لَا يُقَالُ: هَذَا مَوْجُودٌ مَعَ عَدَمِ تَأَخُّرِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ نَادِرٌ أَوْ إنَّهُ فِعْلُ مَا هُوَ الْمَقْدُورُ. وَوَجْهُ قَوْلِهِ: هُوَ نَادِرٌ أَنَّهُ إذَا بُودِرَ بِالتَّكْفِينِ يَلْزَمُ مِنْهُ عُرْفًا الْمُبَادَرَةُ بِدَفْنِهِ فَيَقِلُّ خُرُوجُ الْخَارِجِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَادِرْ فَيَتَأَخَّرَ عَنْ الدَّفْنِ فَيَحْصُلَ الْخُرُوجُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ فِعْلُ مَا هُوَ الْمَقْدُورُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْدَ التَّكْفِينِ نَجَاسَةٌ لَا تُغَسَّلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَصْمًا) أَيْ: عَيْبًا. (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. . . إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَلَا يُقْضَى عَلَى الْوَرَثَةِ بِالزَّائِدِ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا يَلْبَسُهُ فِي جُمُعَتِهِ وَأَعْيَادِهِ، إنْ شَحَّ الْوُرَّاثُ، وَأَمَّا الزَّائِدُ فِي الْعَدَدِ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ شَحَّ الْوُرَّاثُ؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ فِي ثَلَاثَةٍ حَقٌّ وَاجِبٌ لِمَخْلُوقٍ كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلُ إنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَهَلْ الْوَاجِبُ. . . إلَخْ لِحَمْلِ الْمَحَلَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ، وَهَلْ الْوَاجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ. . . إلَخْ اُنْظُرْ عب. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ كَلَامَ شَارِحِنَا وَضَعَّفَ كَلَامَ عب. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُوصِ بِسَرَفٍ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ فِي ثُلُثِهِ الزَّائِدُ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى) بَيَانٌ لِلسَّرَفِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ فَالسَّدَادُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) قَالَ فِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالسَّدَادِ الْوَاجِبُ وَهُوَ الْوَاحِدُ لِقَوْلِهِمْ: رَأْسِ مَالِهِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا. (قَوْلُهُ لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ) اسْمُ كِتَابٍ لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُقْضَى بِسَتْرِ جَمِيعِ الْجَسَدِ) قَالَ ق: الْقَوْلُ بِسَتْرِ الْجَمِيعِ هُوَ الْمَذْهَبُ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لَمْ يُشْهَرْ وَعَلَيْهِ يُقْضَى، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ: السُّنَّةُ لَا يُقْضَى بِهَا فِي سُنَّةٍ لَمْ تُشْهَرْ فَرْضِيَّتُهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: إنْ شَحَّ الْوَارِثُ أَيْ: أَوْ الْغَرِيمُ، أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشِحَّ الْوَارِثُ يُقْضَى بِالزَّائِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ مُطْلَقًا، وَأَيْضًا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ التَّشَاحُحِ، فَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ صَارَ مُشَوَّشًا، وَقَوْلُهُ: فَفِي ثُلُثِهِ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يُوصَى، إذْ الْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ اهـ. (قَوْلُهُ سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ. (قَوْلُهُ سَبْعٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ خَمْسٍ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ) بَلْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ) فِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاثْنَيْنِ وَأَوْلَى الْوَاحِدُ، وَهَلْ تَفْضُلُ الثَّلَاثَةُ السِّتَّةَ أَيْضًا؟ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ فِيهَا الْوِتْرَ وَالزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ لَا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةُ عَلَى السِّتَّةِ كَذَا فِي بَعْضِ شُرُوحِهِ (قَوْلُهُ وَتَقْمِيصُهُ) أَيْ: يُجْعَلُ لَهُ قَمِيصٌ مِنْ جُمْلَةِ أَكْفَانِهِ الْخَمْسَةِ. (قَوْلُهُ وَتَعْمِيمُهُ) وَمَوْضِعُهَا لِلْمَرْأَةِ خِمَارٌ. وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَيْفَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وَعَذَبَةٌ فِيهَا (ش) أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ مُسْتَحَبٌّ، وَالضَّمِيرُ فِي: فِيهَا لِلْعِمَامَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَعْمِيمُهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالشَّأْنُ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُعَمَّمَ - مُطَرِّفٌ وَيُعَمَّمَ تَحْتَ لِحْيَتِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْحَيِّ، وَيُتْرَكَ مِنْهَا قَدْرُ الذِّرَاعِ ذُؤَابَةً تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَذَلِكَ يُتْرَكُ مِنْ خِمَارِ الْمَيِّتَةِ كَذَلِكَ. كَذَا نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ قَالَهُ الشَّارِحُ. وَالْمُرَادُ بِالشَّأْنِ الْمُسْتَحَبُّ. (ص) وَأُزْرَةٌ وَلِفَافَتَانِ وَالسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ (ش) الْأُزْرَةُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، لَا الْهَيْئَةُ فَإِنَّهَا بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ، وَلِفَافَتَانِ يُدْرَجُ فِيهِمَا. فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عِدَّةُ أَكْفَانِ الرَّجُلِ، وَتُجْعَلُ الْعُلْيَا أَوْسَعَ مِنْ السُّفْلَى وَيَنْتَهِي كَفَنُ الْمَرْأَةِ إلَى السَّبْعِ، فَتُبَدَّلُ الْعِمَامَةُ بِخِمَارٍ وَتُزَادُ لِفَافَتَانِ، وَلَا يُحْسَبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْخِرَقُ وَلَا الْعَصَائِبُ الَّتِي تُشَدُّ عَلَى الْوَجْهِ وَالْوَسَطِ وَغَيْرِهِمَا (ص) وَحَنُوطٌ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ وَعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ وَالْكَافُورُ فِيهِ، وَفِي مَسَاجِدِهِ وَحَوَاسِّهِ وَمَرَاقِّهِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ حَنُوطٌ يُجْعَلُ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ مِنْ لَفَائِفِ الْكَفَنِ لَا فَوْقَهُ، وَيُذَرُّ مِنْهُ عَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ فِي مَنَافِذِ الْمَيِّتِ: عَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَأَنْفِهِ وَفَمِهِ وَمَخْرَجِهِ - مِنْ غَيْرِ إدْخَالٍ فِيهَا، وَيُسْتَحَبُّ الْكَافُورُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْحَنُوطُ مَا يُطَيَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ، وَلَا بَأْسَ فِيهِ بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ، وَالْكَافُورُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ طِيبًا، يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ. وَكَمَا يُجْعَلُ الْحَنُوطُ الَّذِي أَفْضَلُهُ الْكَافُورُ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ وَعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ يُجْعَلُ أَيْضًا فِي مَسَاجِدِهِ: جَبْهَتِهِ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافِ قَدَمَيْهِ فِي قُطْنٍ، وَحَوَاسِّهِ: الْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ، (وَمَرَاقِّهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الْقَافِ: مَا رَقَّ مِنْ جِلْدِهِ كَإِبْطَيْهِ وَرُفْغَيْهِ وَعُكَنِ بَطْنِهِ وَمَرْجِعِ رُكْبَتَيْهِ وَجَمِيعِ جَسَدِهِ. إنْ كَثُرَ الْحَنُوطُ، فَإِنْ ضَاقَ فَالْمَسَاجِدُ. (ص) وَإِنْ مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُطْلَبُ تَحْنِيطُ الْمَيِّتِ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَإِنْ مَاتَ مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ لِلْعَمَلِ وَلِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ، وَلِذَا لَا يَتَوَلَّى الْمُحْرِمُ وَلَا الْمُعْتَدَّةُ تَحْنِيطَ الْمَيِّتِ؛ لِبَقَاءِ التَّكْلِيفِ - وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوْجَ الْمُعْتَدَّةِ - بَلْ تُغَسِّلُهُ وَتُكَفِّنُهُ وَلَا تُحَنِّطُهُ؛ لِأَنَّهَا حَادَّةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يَتَوَلَّى تَحْنِيطَهُ، فَلْتَفْعَلْ وَتَحْتَالُ بِعُودٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَا تَمَسَّهُ بِيَدِهَا. فَقَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ أَيْ: حَيْثُ وُجِدَ غَيْرُهُمَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ، وَإِلَّا يَتَوَلَّيَاهُ وَيُحْتَالُ فِي عَدَمِ مَسِّهِ كَمَا قَالَهُ   [حاشية العدوي] يُعَمَّمُ أَيْ: هَلْ يُلَفُّ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ وَعَذَبَةٌ فِيهَا) وَأَكْثَرُهَا ذِرَاعٌ وَأَوْسَطُهَا شِبْرٌ وَأَقَلُّهَا أَرْبَعَةُ أَصَابِعَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: صَارَتْ الْيَوْمَ شِعَارَ قَوْمٍ يُسَمَّوْنَ الصُّوفِيَّةَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَهَا إلَّا مَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وَإِلَّا لَكَانَ كَاذِبًا. (قَوْلُهُ كَمَا يُفْعَلُ بِالْحَيِّ) أَيْ: كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ الَّذِينَ يَقْدَمُونَ مِصْرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَذَبَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْحَيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَذَبَةٌ فَمَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ ذُؤَابَةً) الذُّؤَابَةُ بِالضَّمِّ مَهْمُوزٌ يُطْلَقُ عَلَى الضَّفِيرَةِ مِنْ الشَّعْرِ وَعَلَى طَرَفِ الْعِمَامَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَإِذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ذُؤَابَةً حَالًا مُؤَكِّدَةً. (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي ك وَهَلْ يَخِيطُ الْقَمِيصَ وَيَجْعَلُ لَهُ أَكْمَامًا أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَأُزْرَةٌ) تَحْتَ الْقَمِيصِ وَلَوْ جَعَلَ بَدَلَ الْأُزْرَةِ سَرَاوِيلَ كَانَ أَسْتَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْأُزْرَةِ هُنَا مَا يُسْتَرُ مِنْ حَقْوَيْهِ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَمِئْزَرٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ) قَالَ ق: الْأُزْرَةُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَسْتُرُهُ مِنْ حَقْوَيْهِ إلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ كَمِئْزَرِ الْحَيِّ. وَفِي عب وَأُزْرَةٌ تَحْتَ الْقَمِيصِ أَوْ سِرْوَالٌ وَهُوَ أَسْتَرُ، وَيُزَادُ عَلَى الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ الْحِفَاظُ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَى الْقُطْنِ الْمَجْعُولِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ خِيفَةَ مَا يَنْزِلُ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ وَيُجْعَلُ أَسْفَلَهَا، أَيْ: الْمُوَالِي لِلْأَرْضِ لَا لِجَسَدِ الْمَيِّتِ أَحْسَنُهَا؛ لِأَنَّ أَحْسَنَ ثِيَابِ الْحَيِّ يَكُونُ ظَاهِرَهَا وَلَا تُخَاطُ لَفَائِفُهُ إجْمَاعًا أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ أَشْهَبُ يُشَدُّ الْكَفَنُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ يُحَلُّ ذَلِكَ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ تُرِكَ عُقَدُهُ فَلَا بَأْسَ مَا لَمْ تَنْتَشِرْ أَكْفَانُهُ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ: هَذَا أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَكْفَانِ فِي الْكَبِيرِ أَوْ الْمُرَاهِقِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَالْخِرْقَةُ تُجْزِيهِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَحَنُوطٌ) وَيُقَالُ: حِنَاطٌ بِوَزْنِ كِتَابٍ. (قَوْلُهُ وَالْكَافُورُ. . . إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ كَافُورًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ أَنْ يُجْعَلَ الْكَافُورُ فِي الْحَنُوطِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَكَوْنُهُ كَافُورًا لَكَانَ أَحْسَنَ وَجَعَلَ الْبَدْرُ ضَمِيرَ فِيهِ لِلْقُطْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَنُوطَ فِي ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ وَكَوْنُهُ كَافُورًا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ. (قَوْلُهُ وَفِي مَسَاجِدِهِ) لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: فِيهِ، بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِمَنَافِذِهِ أَيْ: يُلْصَقُ بِمَسَاجِدِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِقُطْنٍ، وَعَلَيْهِ حِلُّ شَارِحِنَا وَلَكِنْ فِي شَرْحِ عب وَشُبْ تَبَعًا لِعَجِّ أَنَّهُ بِدُونِ قُطْنٍ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَرَاقِّ، وَبِقُطْنٍ فِي الْمَنَافِذِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْحَوَاسُّ. وَعِبَارَةُ شب ثُمَّ إنَّ الْحَنُوطَ تَارَةً يَكُونُ بِدُونِ قُطْنٍ كَاَلَّذِي فِي الْمَرَاقِّ وَتَارَةً يَكُونُ بِقُطْنٍ كَاَلَّذِي فِي الْحَوَاسِّ وَبَاقِي الْمَنَافِذِ. كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ اهـ. وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ هَذِهِ الْأَمَاكِنُ بِالْحَنُوطِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ تَعْمِيمِ غُسْلِ جَسَدِهِ بِالْكَافُورِ لِمَا فِيهَا مِنْ إسْرَاعِ التَّغَيُّرِ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْجَسَدِ. فَعَلَى كَلَامِهِمْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَافِذِهِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ: وَفِي مَنَافِذِهِ لَكِنْ عَلَى قُطْنٍ وَفِي مَسَاجِدِهِ أَيْ: بِدُونِ قُطْنٍ. وَقَوْلُهُ: وَحَوَاسِّهِ أَخَصُّ مِنْ الْمَنَافِذِ لِشُمُولِهِ الْمَنَافِذَ لِلْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَلَيْسَا مِنْ الْحَوَاسِّ فَلَوْ حَذَفَ (حَوَاسِّهِ) لَكَانَ أَحْسَنَ، وَالْأَصْلُ وَمَحَلُّ حَوَاسِّهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَحَلِّ الْحَوَاسِّ حَاسَّةُ اللَّمْسِ وَمَحَلُّهَا جَمِيعُ الْبَدَنِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا. (قَوْلُهُ وَيُذَرُّ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ يُقَالُ: ذَرَّتْ الرِّيحُ التُّرَابَ إذَا فَرَّقَتْهُ. (قَوْلُهُ وَجَمِيعِ جَسَدِهِ. . . إلَخْ) هَذَا كَلَامُ أَبِي عُمَرَ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ أَبِي عُمَرَ: وَجَمِيعُ جَسَدِهِ إنْ كَثُرَ الْحَنُوطُ، فَإِنْ ضَاقَ الطِّيبُ فَالْمَسَاجِدُ اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حَادَّةٌ) أَيْ: مَطْلُوبَةٌ بِتَرْكِ الزِّينَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 عَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ (ص) وَمَشْيُ مُشَيِّعٍ وَإِسْرَاعُهُ وَتَقَدُّمُهُ وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ وَامْرَأَةٍ وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ (ش) هَذِهِ مُسْتَحَبَّاتُ التَّشْيِيعِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشَيَّعَ الْمَيِّتَ مَاشِيًا فِي ذَهَابِهِ لِلصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ، وَيُكْرَهُ الرُّكُوبُ وَلَا بَأْسَ بِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ، وَيُسْتَحَبُّ إسْرَاعُ الْمُشَيِّعِ - حَامِلًا أَوْ غَيْرَهُ - لِخَبَرِ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُ أَوْ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الْمَشْيِ بِجَنَائِزِكُمْ» لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْرَاعِ مَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ مَا يَشْمَلُ الْخَبَبَ؛ لِأَنَّ فِي شُمُولِهِ لِلْخَبَبِ مُنَافَاةً لِحَدِيثِ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَلِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْمَيِّتِ وَإِضْرَارًا بِالْمُشَيِّعِينَ. وَيُسْتَحَبُّ تَقَدُّمُ الْمُشَيِّعِ - إنْ كَانَ غَيْرَ رَاكِبٍ - وَإِلَّا تَأَخَّرَ. كَمَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ التَّأْخِيرُ وَرَاءَهَا لِلسَّتْرِ - ابْنُ شَعْبَانَ، وَيَكُنَّ وَرَاءَ الرُّكْبَانِ، فَإِذَا مَشَى الْمُشَيِّعُ وَأَسْرَعَ وَتَقَدَّمَ حَصَلَ لَهُ ثَلَاثُ فَضَائِلَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الرَّاكِبُ حَصَلَ لَهُ فَضِيلَتَانِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ حَصَلَ لَهُ فَضِيلَةُ التَّشْيِيعِ فَقَطْ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُجْعَلَ قُبَّةٌ عَلَى ظَهْرِ نَعْشِ الْمَرْأَةِ لِلسَّتْرِ، وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي نَعْشِ الرَّجُلِ، وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ آكَدُ - أَشْهَبُ. وَمَا أَكْرَهُ أَنْ يُسْتَرَ الْقَبْرُ فِي دَفْنِ الرِّجَالِ، وَأَمَّا فِي الْمَرْأَةِ فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي (ص) وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِسْرَارُ دُعَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى خَاصَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ - إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا - وَالرَّفْعُ فِي غَيْرِهَا خِلَافُ الْأَوْلَى. وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ الِابْتِدَاءُ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ بِالْحَمْدِ وَهُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا السُّورَةُ الْمَعْهُودَةُ فَإِنَّ قِرَاءَتَهَا مَكْرُوهَةٌ - الْقَرَافِيُّ، يَقْرَؤُهَا وَرَعًا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِسْرَارُ بِالدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ الْجَهْرِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَوٍ عَلَى ثَنَاءٍ وَصَلَاةٍ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِسْرَارُ بِذَلِكَ أَفْضَلُ. (ص) وَرَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى أَكُفٍّ (ش) أَيْ: يُنْدَبُ حَمْلُهُ فِي الذَّهَابِ بِهِ إلَى الْمُصَلَّى وَالْقَبْرِ عَلَى الْأَيْدِي وَلَا يُحْمَلُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ نَعْشٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرْبًا مِنْ الْمُفَاخَرَةِ. وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ مَنْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْيَدَيْنِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَادِحَةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا فِي مُسْتَحَبَّاتِ التَّشْيِيعِ لَكَانَ أَوْلَى. (ص) وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ وَمَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ وُقُوفُ إمَامٍ عِنْدَ وَسَطِ الرَّجُلِ وَعِنْدَ مَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِئَلَّا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَتَقَدُّمُهُ) أَيْ: وَشَأْنُ الشَّافِعِ أَنْ يَتَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ) أَيْ: لِيُخَفِّفَ عَنْ النَّاسِ. (قَوْلُهُ وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ) سُئِلَ بَعْضُهُمْ لِمَ اخْتَصَّتْ بِذَلِكَ وَهِيَ فِي حَيَاتِهَا لَا يَلْزَمُ إخْفَاءُ شَخْصِهَا بَلْ بِسَتْرِ جَمِيعِ جَسَدِهَا فَقَالَ: لَمَّا حُمِلَتْ عَلَى الْأَعْنَاقِ وَتَعَيَّنَ شَخْصُهَا زِيدَ فِي سَتْرِهَا حَتَّى لَا يُعْلَمَ طُولُهَا مِنْ قِصَرِهَا وَلَا هُزَالُهَا مِنْ سِمَنِهَا وَهِيَ فِي حَيَاتِهَا مُخْتَلِطَةٌ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ أَمْرَهَا فَجُعِلَ لَهَا أَتَمُّ السَّتْرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ) حَدِيثُ الْمُوَطَّأِ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُ إلَيْهِ أَوْ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» قَالَ شَارِحُنَا: بَعُدَ قَوْلُهُ: إلَيْهِ أَيْ: الْخَيْرِ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ أَوْ الْإِكْرَامِ الْحَاصِلِ لَهُ فِي قَبْرِهِ فَيُسْرَعُ بِهِ لِيَلْقَاهُ قَرِيبًا وَذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَوْ شَرٌّ. . . إلَخْ مَا نَصُّهُ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا بَعِيدَةٌ مِنْ الرَّحْمَةِ، وَجَوَابُهُ فَإِنَّمَا هُوَ أَيْ: الْإِسْرَاعُ سَبَبُ خَيْرٍ تُقَدِّمُونَ الْمَيِّتَ إلَيْهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْحَلِّ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمُتَقَابِلَيْنِ. (أَقُولُ) إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ شَارِحُنَا أَرَادَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَقَدْ أَسْقَطَ شَيْئًا مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَادَ حَدِيثًا آخَرَ وَرَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِيهِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ: تُقَدِّمُونَهُ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْمُوَافَقَةِ أَوْ لَا تَقْدِيرَ وَالْمَعْنَى فَإِنَّمَا هُوَ أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَنَائِزِ خَيْرٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَوْتِهَا مِنْ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهَا مُصِيبَةٌ، وَإِمَّا شَرٌّ أَيْ: الْجَنَائِزُ أَيْ: الْأَمْوَاتُ شَرٌّ بِاعْتِبَارِ شِقْوَتِهَا فَلَا خَيْرَ لَكُمْ فِي صُحْبَتِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ الثَّوَابَ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يُنْظَرْ لَهُ إنَّمَا نُظِرَ لِدَفْعِ الشَّرِّ لِأَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ آكَدُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي الرَّجُلِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَرْأَةِ آكَدُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ يُلْبَسُ عَلَى الْمُصَلَّى. (قَوْلُهُ وَمَا أَكْرَهُ. . . إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ جَائِزٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ) أَيْ: بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَهُوَ ابْتِدَاءٌ حَقِيقِيٌّ وَقَوْلُهُ وَصَلَاةٍ. . . إلَخْ وَهُوَ ابْتِدَاءٌ إضَافِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ يُعْجِبُهُ الرَّفْعُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْفَعُ فِي الْأُولَى لَا فِي غَيْرِهَا وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: إنْ شَاءَ رَفَعَ بَعْدَ الْأُولَى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْفَعْ فَهِيَ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ لَا السُّورَةُ الْمَعْهُودَةُ) أَيْ: الَّتِي هِيَ الْفَاتِحَةُ. (قَوْلُهُ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ: خِلَافِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْمِعَ بِهَا نَفْسَهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا لَمْ يُسْمِعْ فِيهِ نَفْسَهُ كَالْعَدَمِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ ابْنَ زِنًا؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ تُبْنَى عَلَى الْحَقَائِقِ وَأُمُورَ الدُّنْيَا تُبْنَى عَلَى الظَّوَاهِرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ نَعْشٍ) أَيْ: فَيَكُونُ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَوْنُهُ ضَرْبًا مِنْ الْمُفَاخَرَةِ إنَّمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَظِنَّةِ . (قَوْلُهُ وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ) قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا يُلَاصِقَهَا بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ. اهـ. زَادَ ق قِيلَ قَدْرُ شِبْرٍ وَقِيلَ ذِرَاعٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا كَبِيرُ تَفَاوُتٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّرَاعِ عَظْمُ الذِّرَاعِ ك. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقَدْ حَكَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقِفُ أَيْضًا عِنْدَ وَسَطِ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ اللَّخْمِيُّ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَامَ فِي امْرَأَةٍ عِنْدَ وَسَطِهَا.» قَالَ الْبَدْرُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ وَسَطِهَا كَمَا فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ اهـ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 يَتَذَكَّرَ إنْ وَقَفَ وَسَطَهَا مَا يَشْغَلُهُ أَوْ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ. وَإِنَّمَا حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ الرَّجُلَ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ. وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَصِفَةُ وُقُوفِهِ مِثْلُ الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَوُقُوفُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: وَوُقُوفُ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا صَلَّتْ عَلَى امْرَأَةٍ فَتَقِفُ حَيْثُ شَاءَتْ. وَأَمَّا عَلَى الرَّجُلِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَالتَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَقِفُ عِنْدَ مَنْكِبَيْ الرَّجُلِ. (ص) وَرَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ (ش) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَجْعَلُ رَأْسَ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيَجْعَلُ الْإِمَامُ رَأْسَ الْمَيِّتِ عَنْ يَسَارِهِ لِتَكُونَ رِجْلَاهُ لِغَيْرِ جِهَةِ قَبْرِهِ. - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ. (ص) وَرَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّمًا (ش) أَيْ: يُجْعَلُ وَسَطُهُ كَهَيْئَةِ السَّنَامِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِيُعْرَفَ بِهِ. وَإِنْ زِيدَ عَلَى التَّسْنِيمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَرَاهَةُ مَالِكٍ لِرَفْعِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى رَفْعِهِ بِالْبِنَاءِ، لَا رَفْعِ تُرَابِهِ عَلَى الْأَرْضِ مُسَنَّمًا. وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ لِأَنَّ قَبْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُسَنَّمٌ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ، وَكَذَا قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ رِوَايَةِ تَسْطِيحِهَا؛ لِأَنَّهُ زِيُّ أَهْلِ الْكِتَابِ وَشِعَارُ الرَّوَافِضِ. وَفَهِمَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى كَرَاهَةِ التَّسْنِيمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى كَرَاهَتِهِ فَيُسَطَّحُ) وَضَعَّفَهُ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ كَرَاهَةَ التَّسْنِيمِ الْمَذْكُورِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِآثَارِهَا لَا لِأَجْوِبَتِهَا، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَذْهَبِنَا جَوَازُ التَّسْنِيمِ، بَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَلَمْ يُنَصَّ فِي الْأُمَّهَاتِ عَلَى خِلَافِهِ. (ص) وَحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلَاثًا (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْقَبْرِ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَفِيرِهِ أَنْ يَحْثِيَ فِيهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ تُرَابٍ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا، وَيَقُولَ فِي الْأُولَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّانِيَةِ: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّالِثَةِ: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] ابْنُ حَبِيبٍ وَقَدْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَبْرِ ابْنِ مَظْعُونٍ - مَالِكٌ. لَا أَعْرِفُ حَثَيَاتِ التُّرَابِ عَلَيْهَا ثَلَاثًا وَلَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ، وَلَا سَمِعْت مَنْ أَمَرَ بِهِ. وَاَلَّذِينَ يَلُونَ دَفْنَهَا يَلُونَ رَدَّ التُّرَابِ عَلَيْهَا، فَانْظُرْ كَيْفَ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ مَالِكٍ، لَكِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ. قَالَ بَعْضٌ: وَإِنَّمَا نَفَى مَالِكٌ مَعْرِفَتَهُ وَسَمَاعَهُ، فَلَوْ سَمِعَهُ لَمْ يُنْكِرْهُ. (ص) وَتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ (ش) ابْنُ رُشْدٍ: إرْسَالُ الطَّعَامِ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَيِّتِهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا اجْتَمَعُوا لِلنِّيَاحَةِ مِنْ الْفِعْلِ الْحَسَنِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ. (ص) وَتَعْزِيَةٌ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَعْزِيَةٌ لِخَبَرِ: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ. ابْنُ حَبِيبٍ فِي التَّعْزِيَةِ ثَوَابٌ كَثِيرٌ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا تَهْوِينُ الْمُصِيبَةِ عَلَى   [حاشية العدوي] لِأَنَّهُ يَسْتُرُهَا عَنْ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ حَيْثُ وَقَفَ الْإِمَامُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَازَ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ: الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ التَّذَكُّرُ (قَوْلُهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ لَكَانَ أَوْلَى لِيُشْعِرَ بِالْمَنْدُوبِ . (قَوْلُهُ مُسَنَّمًا) أَيْ: وَسَطُهُ كَهَيْئَةِ السَّنَامِ أَيْ: سَنَامِ الْبَعِيرِ. (قَوْلُهُ لِيُعْرَفَ بِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَأْتِي بِالتَّسْطِيحِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ زِيدَ عَلَى التَّسْنِيمِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ التُّرَابِ بِحَيْثُ يَكُونُ جِرْمًا مُسَنَّمًا عَظِيمًا وَقَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِهِ أَيْ: أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ أَوْ جَائِزٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ: اسْتِحْبَابِ التَّسْنِيمِ كَمَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ رِوَايَةِ تَسْطِيحِهَا) أَيْ: تَسْنِيمُ قُبُورِ هَؤُلَاءِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَثْبَتُ مِنْ رِوَايَةِ تَسْطِيحِهَا أَيْ: فَقَدْ رُوِيَتْ قُبُورُ هَؤُلَاءِ بِرِوَايَتَيْنِ التَّسْطِيحِ وَالتَّسْنِيمِ، وَرِوَايَةُ التَّسْنِيمِ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ: كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ. وَقَالَ تت: وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَكْرَهُ تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَى الْبِنَاءِ الَّذِي يَكْبُرُهَا لَا ارْتِفَاعَ تُرَابِهَا عَنْ الْأَرْضِ كَالشِّبْرِ عَلَى هَيْئَةِ السَّنَامِ. وَمِمَّنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى هَذِهِ عِيَاضٌ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ تت. وَقَوْلُهُ: وَشِعَارُ الزِّيُّ وَالشِّعَارُ شَيْءٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ فَيُسَطَّحُ) أَيْ: وَلَكِنْ لَا يُسَوَّى بِالْأَرْضِ وَهَلْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا قَدْرَ مَا يُعْرَفُ. خِلَافٌ مُسْتَفَادٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَحُلُولُو ذَكَرَهُ عج وَتَبِعَهُ شب وَفِي عب وَلَكِنْ لَا يُسَوَّى بِالْأَرْضِ بَلْ بِكَثِيرٍ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ قَلِيلًا بِقَدْرِ مَا يُعْرَفُ اهـ. وَعَلَى كُلٍّ فَالرَّاجِحُ التَّأْوِيلُ بِاسْتِحْبَابِ التَّسْنِيمِ. (قَوْلُهُ لِآثَارِهَا) أَيْ: الْمَنْقُولَةِ عَنْ السَّلَفِ لِقَوْلِهَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ أَنَّ الْقُبُورَ كَانَتْ تُسَوَّى بِالْأَرْضِ. وَقَوْلُهُ: لِأَجْوِبَتِهَا أَيْ: أَجْوِبَةِ مَالِكٍ عَنْ الْأَسْئِلَةِ الَّتِي قُدِّمَتْ لَهُ أَوْ أَجْوِبَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِسَحْنُونٍ أَوْ هُمَا مَعًا أَيْ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَجْوِبَةُ لَا الْآثَارُ الَّتِي تُنْقَلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَخُلَاصَةُ مَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ لِلْمُدَوَّنَةِ لَفْظٌ وَقَعَ فِيهِ التَّأْوِيلُ وَهُوَ غَيْرُ اللَّفْظِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِكَرَاهَةِ التَّسْنِيمِ . (قَوْلُهُ وَحَثْوُ قَرِيبٍ) فِي النَّوَادِرِ مِنْ الشَّأْنِ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْقَبْرِ لِيَشْتَدَّ وَفُعِلَ ذَلِكَ بِقَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ بَعْضٌ: وَيُكْرَهُ مَسُّ الْقَبْرِ بَعْدَ رَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ) أَيْ: فَالْمُصَنِّفُ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَفَى مَالِكٌ مَعْرِفَتَهُ) اعْتِذَارٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ: كَيْفَ يَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ الْإِمَامِ وَتَرْكِ كَلَامِ الْإِمَامِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي الِاعْتِرَاضُ إلَّا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ أَنْكَرَهُ رَأْسًا وَإِنَّمَا أَنْكَرَ مَعْرِفَتَهُ. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُونُوا اجْتَمَعُوا لِنِيَاحَةٍ) أَيْ: وَإِلَّا فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُنَّ عُصَاةٌ، وَأَمَّا جَمْعُ النَّاسِ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَهُوَ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ شَيْءٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ وَلَائِمَ، وَأَمَّا عَقْرُ الْبَهَائِمِ وَذَبْحُهَا عَلَى الْقَبْرِ فَمِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْعَقْرُ الذَّبْحُ عَلَى الْقَبْرِ. (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) أَيْ: مِثْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْأَجْرِ لَا أَنَّ الْأَجْرَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي لَفْظِهَا: عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ. وَأَمَدَّهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يُعَزَّى بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 الْمُعَزَّى، وَتَسْلِيَتُهُ عَنْهَا، وَحَضِّهِ عَلَى الْتِزَامِ الصَّبْرِ وَاحْتِسَابِهِ الْأَجْرَ وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ. الثَّانِي الدُّعَاءُ بِأَنْ يُعَوِّضَهُ اللَّهُ مِنْ مُصَابِهِ جَزِيلَ الثَّوَابِ. الثَّالِثُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ لِلتَّعْزِيَةِ كَمَا فَعَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ جَاءَهُ خَبَرُ جَعْفَرٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَهُمْ بِمُؤْتَةِ. وَوَاسِعٌ كَوْنُهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَالْأَدَبُ عِنْدَ رُجُوعِ الْوَلِيِّ إلَى بَيْتِهِ. (ص) وَعَدَمُ عُمْقِهِ وَاللَّحْدُ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ عُمْقِ الْقَبْرِ، وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ اللَّحْدُ دُونَ الشَّقِّ، وَهَذَا فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ تَهَيُّلُهَا، وَإِلَّا فَالشَّقُّ: وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ أَضْيَقَ مِنْ أَعْلَاهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ، وَإِنَّمَا فَضُلَ اللَّحْدُ لِخَبَرِ: «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا.» (ص) وَضُجِعَ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلًا (ش) قَالَ فِي السُّلَيْمَانِيَّة: وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْمَجَالِسِ. وَتُحَلُّ عُقَدُ كَفَنِهِ، وَتُمَدُّ يَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ، وَيُعْدَلُ رَأْسُهُ بِالتُّرَابِ وَرِجْلَاهُ بِرِفْقٍ، وَيُجْعَلُ التُّرَابُ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ؛ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ، فَإِنْ لَمْ يُتَمَكَّنْ مِنْ جَعْلِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، فَعَلَى ظَهْرِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَيَقُولُ وَاضِعُ الْمَيِّتِ: بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ. وَإِنْ دَعَا بِغَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ فَوَاسِعٌ. (ص) وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا خُولِفَ بِهِ الْوَجْهُ الْمَطْلُوبُ فِي دَفْنِهِ وَلَمْ يَطُلْ ذَلِكَ - بِأَنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ - فَإِنَّهُ يُتَدَارَكُ اسْتِحْبَابًا، وَيُحَوَّلُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ كَمَا إذَا وُضِعَتْ رِجْلَاهُ مَوْضِعَ رَأْسِهِ. وَمِثْلُهُ مَا إذَا دُفِنَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ أَوْ صَلَاةٍ فَإِنْ سُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَاتَ التَّدَارُكُ. وَأَمَّا دَفْنُ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ، إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَإِلَّا فَلَا. فَقَوْلُهُ: وَتُدُورِكَ، أَيْ: اسْتِحْبَابًا إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ وَهِيَ عَدَمُ الْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ، وَالطُّولُ يَكُونُ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ، مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ وَقَوْلُهُ: وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ، مُشَبَّهٌ بِهِ وَمِثْلُهُ تَرْكُ الصَّلَاةِ، وَأَعَادَ الْكَافَ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا كَافُ التَّمْثِيلِ، وَعَطَفَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ: وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ. . . إلَخْ؛ لِلتَّشَارُكِ بَيْنَهُمَا فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ، وَإِنْ اُخْتُصَّ هَذَا عَمَّا قَبْلَهُ بِعَوْدِ الشَّرْطِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا فَإِنَّهُ بِشَهَادَةِ النَّقْلِ خَاصٌّ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ. وَفِي إرْجَاعِهِ لِلْجَمِيعِ كَمَا فِي الْكَبِيرِ نَظَرٌ. وَإِذَا فَاتَ التَّدَارُكُ كَمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَتَسْلِيَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ: وَاحْتِسَابِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الصَّبْرِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَمَعْنَى احْتِسَابِهِ الْأَجْرَ أَيْ: ادِّخَارِهِ الْأَجْرَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَتِلْكَ الْأَشْيَاءُ مَآلُهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ فِي الثَّالِثِ تَرْجِعُ لِأَمْرٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ: كَيْفَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا: فَلَا يُنَاسِبُ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ مُؤْتَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ . (قَوْلُهُ أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ عُمْقِ) قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا تُعَمِّقُوا قَبْرِي فَإِنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا وَشَرَّهَا أَسْفَلُهَا. وَسَيَأْتِي أَنَّ أَقَلَّهُ مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ وَحَرَسَهُ. (قَوْلُهُ أَضْيَقَ مِنْ أَعْلَاهُ) أَيْ: ثُمَّ يُغَطَّى فَمُ الشَّقِّ ثُمَّ يُصَبُّ التُّرَابُ (قَوْلُهُ اللَّحْدُ لَنَا) مَعْشَرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا) مَعْشَرَ أَهْلِ الْكِتَابِ . (قَوْلُهُ فِي السُّلَيْمَانِيَّة) تَأْلِيفٌ فِي الْفِقْهِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ الْكَحَّالَةِ مِنْ تَلَامِذَةِ سَحْنُونَ. (قَوْلُهُ فَعَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ) أَيْ: كَوَضْعِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ بِاسْمِ اللَّهِ) أَيْ: أَضَعُهُ عَلَى بِاسْمِ اللَّهِ وَمِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَيْ: مُصَاحِبًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ) أَيْ: تَقَبَّلْ عَمَلَهُ أَوْ تَقَبَّلْ ذَاتَهُ بِأَنْ تُرِيَهَا مَا يَسُرُّ تَفَضُّلًا بِدُونِ الِالْتِفَاتِ لِلْعَمَلِ . (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يُفَسِّرُهُ مَا قَالَهُ تِلْمِيذُهُ اللَّقَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْحَضْرَةِ أَنْ لَا يُفْرَغَ مِنْ تَمَامِ دَفْنِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ مُوسَى إنْ ذَكَرُوا بَعْدَ أَنْ أَلْقَوْا عَلَيْهِ يَسِيرَ تُرَابٍ أَنَّ وَضْعَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ حُوِّلَ لَهَا وَبَعْدَ فَرَاغِ دَفْنِهِ لَمْ يُنْبَشْ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ لِلْقِبْلَةِ مَطْلُوبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ. (قَوْلُهُ تَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) أَيْ: كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ فِي دَفْنِهِ بِأَنْ جُعِلَتْ مَوْضِعَ رَأْسِهِ وَجُعِلَتْ رَأْسُهُ مَوْضِعَهَا فَإِنَّهُ يُتَدَارَكُ، وَلَوْ قَالَ: كَتَنْكِيسِ رَأْسِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ سُوِّيَ عَلَيْهِ) بِأَنْ فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ. (قَوْلُهُ وَفِي إرْجَاعِهِ لِلْجَمِيعِ. . . إلَخْ) هُوَ الصَّوَابُ أَيْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ. . . إلَخْ وَأَنَّ مَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ يُخْرَجُ مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونَ وَعِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ مَعًا أَوْ الْغُسْلِ دُونَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ دُونَ الْغُسْلِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ. وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْفَوَاتَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ قَالَ مُحَشِّي تت: وَالْعَجَبُ مِنْ الْحَطَّابِ كَيْفَ يَجْعَلُ الْقَيْدَ خَاصًّا بِالْأَخِيرَةِ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَسَائِلِ تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ الَّذِي هُوَ الْحَضْرَةُ؟ وَقَالَ: اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فَقَطْ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ اهـ. ثُمَّ قَالَ مُحَشِّي تت: وَبِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ تَرْكِ الْغُسْلِ حُكْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ التَّدَارُكُ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ إذْ هُوَ حُكْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْأُجْهُورِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ تَدَارُكُ مَنْ لَمْ يُغَسَّلْ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مُحْتَجًّا بِتَلَازُمِهِمَا فَلَمَّا سَقَطَ سَقَطَتْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَلَازُمِهِمَا طَلَبًا أَيْ: مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلَا لَا أَنَّهُ مَهْمَا لَمْ يُفْعَلْ أَحَدُهُمَا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ لَا يُفْعَلُ الْآخَرُ اهـ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ تَبِعَ عج شَارِحُنَا فِي قَوْلِهِ: وَلَيْسَ مِثْلُ. . . إلَخْ وَمِثْلُ كَلَامِ مُحَشِّي تت قَرَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَيْضًا ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا، وَلَيْسَ مِثْلُ دَفْنِهِ بِغَيْرِهَا دَفْنَهُ بِلَا غُسْلٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَتَلَازَمَا. (ص) وَسَدِّهِ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ ثُمَّ قَرْمُودٍ ثُمَّ آجُرٍّ ثُمَّ قَصَبٍ وَسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ سَدُّ اللَّحْدِ بِلَبِنٍ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ كَمَا فُعِلَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اللَّبِنُ فَبِالْأَلْوَاحِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَرْمُودٌ: وَهُوَ شَيْءٌ يُجْعَلُ مِنْ الطِّينِ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ، جَمْعُهُ قَرَامِيدُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَآجُرٌّ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ فَجِيمٍ: الطُّوبُ الْمَحْرُوقُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَصَبٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَسَدُّ اللَّحْدِ بِالتُّرَابِ أَوْلَى مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ بِالتَّابُوتِ أَيْ: فِي الْخَشَبَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالسِّحْلِيَّةِ فِي زَمَانِنَا فَقَوْلُهُ: وَسَنُّ - بِفَتْحِ السِّينِ مُهْمَلَةً وَمُعْجَمَةً وَشَدِّ النُّونِ: صَبُّهُ بِبَابِ اللَّحْدِ؛ لِيُسَدَّ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا تَقَدَّمَ - أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ الْخَشَبِ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَيِّتُ. (ص) وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ابْنًا كَسَبْعٍ وَرَجُلٍ كَرَضِيعَةٍ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْمَنْدُوبَاتِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمُبَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ. فَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ تَغْسِيلِ الْمَرْأَةِ الصَّبِيَّ - كَابْنِ سِتِّ وَسَبْعِ سِنِينَ الْمَغْرِبِيُّ وَثَمَانٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ مِثْلُهُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى بَدَنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] اللَّخْمِيُّ وَالْمُنَاهِزُ كَكَبِيرٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَابَلَ الْمُنَاهِزَ لِلْحُلُمِ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِمَنْ عُمُرُهُ نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَاهِزٍ لِلْحُلُمِ، وَأَمَّا نَظَرُ غَيْرِ الْمُنَاهِزِ لِلْمَرْأَةِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَيْنِ الْحُكْمِ فِيهِ، وَفِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ نَظَرَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِنْهَا اهـ. وَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ غُسْلِ الرَّجُلِ الرَّضِيعَةَ وَمَا قَارَبَهَا اتِّفَاقًا. وَالْمُطِيقَةُ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُغَسِّلَهَا اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَيْنَهُمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ) وَنُدِبَ سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي بَيْنَ اللَّبِنِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ قَرْمُودٍ) وَمِنْهُ قَرْمَدْتُ الْبِنَاءَ طَيَّنْتُهُ بِالْقَرْمُودِ بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ: بِالْجِصِّ. بَحْرَقٌ عَلَى لَامِيَّةِ ابْنِ مَالِكٍ. كَذَا كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَضَبْطُ نُسْخَتِهِ بِفَتْحِ الْقَافِ بِالشَّكْلِ مَعَ أَنَّ الْمَحْفُوظَ إنَّمَا هُوَ الضَّمُّ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ آجُرٍّ أَيْ: ثُمَّ حَجَرٍ أَيْ: فَمَرْتَبَتُهُ بَعْدَ الْآجُرِّ، وَقَوْلُهُ: وَسَنُّ التُّرَابِ. . . إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى ثُمَّ سَنِّ قَالَ شَيْخُنَا: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّارِحِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَلَبِنٍ مُطْلَقًا مَعْمُولًا بِالْقَالِبِ أَمْ لَا وَاَلَّذِي لَيْسَ مَعْمُولًا بِالْقَالِبِ يَكُونُ قِطَعًا مُكَبَّبَةً، وَإِنَّمَا كَانَ اللَّبِنُ أَوْلَى مُطْلَقًا مِنْ الْقَرْمُودِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ قَالَ عج: وَإِنَّمَا قُدِّمَ اللَّبِنُ عَلَى الْقَرْمُودِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْنُوعًا؛ لِأَنَّ السَّدَّ بِاللَّبِنِ أَحْكَمُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ) ظَاهِرُهُ: مُطْلَقًا مَصْنُوعًا بِالْقَالِبِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ كَمَا فُعِلَ. . . إلَخْ) هَذَا تَوْجِيهٌ لِتَقْدِيمِ اللَّبِنِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ وَجْهَ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْقَرْمُودِ وَمَا وَجْهُ التَّرْتِيبِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ صَبُّهُ بِبَابِ اللَّحْدِ) وَحِينَئِذٍ لَا يَمْتَلِئُ الْقَبْرُ تُرَابًا إلَّا بَعْدَ مِلْءِ اللَّحْدِ تُرَابًا (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ) الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَيِّتُ أَيْ: فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَاتٍ: التَّابُوتُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ بَلْ مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ. وَيُكْرَهُ جَعْلُ مُضَرَّبَةٍ تَحْتَهُ أَوْ مِخَدَّةٍ تَحْتَ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ. وَمَا رُوِيَ مِنْ جَعْلِ قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْأَثْبَتُ أَنَّهَا أُخْرِجَتْ. (قَوْلُهُ الْمَغْرِبِيُّ وَثَمَانٍ) هَذَا مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَالْمَغْرِبِيُّ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ مِثْلُهُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ) أَيْ: يَجُوزُ تَغْسِيلُ الصَّبِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا فَإِنَّ الَّذِي يُؤْمَرُ مِثْلُهُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُرَاهِقُ، فَإِذَنْ تُغَسِّلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَاهِقٍ، وَأَوْلَى مَا لَمْ يَصِلْ إلَى الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَلَا تُغَسِّلُ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّهُ مُرَاهِقٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا) أَيْ: إنَّمَا جَازَ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ؛ لِأَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى بَدَنِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ. وَفِيهِ أَنَّ فِي التَّغْسِيلِ جَسًّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ التَّغْسِيلُ، فَكَلَامُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا نَظَرُ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَكِنْ تُمْنَعُ مِنْ الْجَسِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا نَظَرُ الْمُرَاهِقِ اهـ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ: يَجُوزُ نَظَرُهَا لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ أَيْ: فِي حَيَاتِهِ وَمُنِعَ فِي مَوْتِهِ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَسًّا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ النَّظَرِ اهـ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) اسْتِدْلَالٌ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ فِي جَوَازِ نَظَرِ الصَّبِيِّ لَهَا لَا فِي نَظَرِهَا لِلصَّبِيِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ طِفْلٌ لَمْ يُرَاهِقْ الْحُلُمَ، وَيَظْهَرُوا مَعْنَاهُ يُطِيقُوا الْوَطْءَ أَيْ: لَمْ يَكْشِفُوا عَنْ عَوْرَاتِهِنَّ لِلْجِمَاعِ لِصِغَرِهِنَّ وَقِيلَ: لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يُطِيقُوا النِّسَاءَ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاهِزُ كَكَبِيرٍ) أَيْ أَنَّ الْمُرَاهِقَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَالِغِ فِي وُجُوبِ السَّتْرِ وَمِثْلُهُ الشَّيْخُ الَّذِي سَقَطَتْ شَهْوَتُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الصَّبِيِّ، وَالصَّحِيحُ بَقَاءُ الْحُرْمَةِ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا مَا أَفَادَهُ شب. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَ الْمُرَاهِقَ وَلَا تَنْظُرُ لِعَوْرَتِهِ وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ لِعَوْرَتِهَا أَيْ: يُزْجَرُ وَيُضْرَبُ لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي. . . إلَخْ) وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَهِي وَقَدْ تَشْتَهِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ مَا يُفِيدُ) ظَاهِرُهُ: شُمُولُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (أَقُولُ) وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ جَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرَى مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ غُسْلِ الرَّجُلِ الرَّضِيعَةَ وَمَا قَارَبَهَا) أَيْ: كَشَهْرَيْنِ زَائِدَيْنِ إمَّا عَلَى الْحَوْلَيْنِ، وَإِمَّا عَلَى الشَّهْرَيْنِ الْمُلْحَقَيْنِ بِمُدَّةِ الرَّضَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَالْمُطِيقَةُ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُغَسِّلَهَا اتِّفَاقًا) عَبَّرَ فِي الرِّسَالَةِ مَكَانَ (الْمُطِيقَةُ) بِمَنْ تَشْتَهِي ك. (قَوْلُهُ يُمْنَعُ. . . إلَخْ) أَيْ: وَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ عَوْرَةِ الرَّضِيعَةِ وَتَغْسِيلُهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ الْمُطِيقَةِ وَمَنْ تَشْتَهِي وَأَوْلَى التَّغْسِيلُ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّضِيعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا وَلَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهَا لَا تَغْسِيلُهَا الْمَلْزُومُ لِجَسِّهَا. وَنَظَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الرِّسَالَةِ وَشَرْحِهَا أَنَّ بِنْتَ ثَلَاثٍ لَيْسَتْ كَالرَّضِيعَةِ، وَأَنَّهُ يُمْنَعُ تَغْسِيلُهَا كَمَنْ تُشْتَهَى (ص) وَالْمَاءُ الْمُسَخَّنُ وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى (ش) أَيْ: وَمِمَّا يَجُوزُ أَيْضًا غُسْلُ الْمَيِّتِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَحَبِّيَّةِ الْبَارِدِ؛ لِأَنَّهُ يُمْسِكُ الْمَيِّتَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ - إذَا كَثُرَتْ الْمَوْتَى - تَرْكُ الدَّلْكِ أَوْ الْغُسْلِ أَيْ: وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَتَلَازَمَا، فَيُقَيَّدُ مَا تَقَدَّمَ بِمَا عَدَا الْأُمُورَ الْحَادِثَةَ كَمَا قَالَهُ ق. وَفِي شَرْحِ (هـ) أَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْغُسْلُ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ التَّيَمُّمُ، وَإِلَّا يُمِّمُوا وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ. وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ، الْمُوجِبَةُ لِلْمَشَقَّةِ وَهَلْ تُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا فَادِحَةً أَمْ لَا؟ (ص) وَتَكْفِينٌ بِمَلْبُوسٍ أَوْ مُزَعْفَرٍ أَوْ مُوَرَّسٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ بِمَلْبُوسِهِ وَإِنْ كَانَ الْجَدِيدُ أَفْضَلَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ كَالْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا، وَإِلَّا كَانَ تَكْفِينُهُ فِيهِ مَنْدُوبًا كَمَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّكْفِينُ بِالْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ نَبْتٌ بِالْيَمَنِ أَصْفَرُ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْحُمْرَةُ لِلْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطِّيبِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّكْفِينُ بِكَأَخْضَرَ وَنَحْوِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ غَيْرُهُمَا إذْ لَيْسَ فِي صَبْغِهِمَا طِيبٌ (ص) وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُ النَّعْشِ عَلَى مَا أَمْكَنَ وَلَا مَزِيَّةَ لِعَدَدٍ عَلَى عَدَدٍ. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَهُ أَرْبَعَةٌ؛ لِئَلَّا يَمِيلَ وَقَدْ شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ (ص) وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ وَالْمُعَيِّنُ مُبْتَدِعٌ (ش) أَيْ: وَجَازَ فِي حَمْلِ النَّعْشِ بَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ شَاءَ الْحَامِلُ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ مِنْ مُقَدَّمِهِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ دَاخِلَ عَمُودَيْهِ أَوْ خَارِجَهُمَا، وَالْمُعَيِّنُ لِلْجِهَةِ كَقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَمِينِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مُقَدَّمُ يَسَارِ السَّرِيرِ وَيَخْتِمُ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مُقَدَّمُ يَمِينِ السَّرِيرِ. وَقَوْلُ أَشْهَبَ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَمِينِ السَّرِيرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ السَّرِيرِ ثُمَّ يَخْتِمُ بِمُؤَخَّرِهِ، مُبْتَدِعٌ بِدْعَةً مَذْمُومَةً. قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ نَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا أَوْ بَلَغَهُ وَلَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ. وَقَالَ ق مُبْتَدِعٌ لِتَخْصِيصِهِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَهَذِهِ سِمَةُ الْبِدْعَةِ، وَمَا وَقَعَ لِسْ فِي شَرْحِهِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَشْهَبَ - فِيهِ نَظَرٌ - اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي كَأَبٍ وَزَوْجٍ وَابْنِ أَخٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَجَالَّةِ وَهِيَ الَّتِي   [حاشية العدوي] الْمُرَاهِقِ لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْبَالِغَةِ يَجْرِي عَلَى نَظَرِ الْبَالِغِ لِعَوْرَةِ غَيْرِ الْبَالِغَةِ. (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ) هَذَا الْعَزْوُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت إذْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ غُسْلُ الرَّجُلِ الصَّغِيرَةَ وَإِنَّمَا فِيهَا، وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِ النِّسَاءِ الصَّبِيَّ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَشَبَهَهُ فَقَطْ، وَلَمْ أَرَ مَنْ عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ غَيْرَ الْفَاكِهَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. قَالَ الْقَلْشَانِيُّ: - فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ: لَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الصَّبِيَّةَ - قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ زَادَتْ بِهَا الرِّسَالَةُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَيْسَتْ فِيهَا اهـ. (تَنْبِيهٌ) : عَلِمْت مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ لِعَوْرَةِ الذَّكَرِ مُطْلَقًا وَحُكْمَ نَظَرِ الرَّجُلِ لِعَوْرَةِ الْأُنْثَى مُطْلَقًا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إذَا جَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ عَوْرَةَ مَنْ لَا تَشْتَهِي يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ لِعَوْرَتِهِ أَيْ: لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ عَوْرَةَ مَنْ تَشْتَهِي، وَهَلْ تُمْنَعُ هِيَ مِنْ أَنْ تَنْظُرَ لِعَوْرَتِهِ أَيْ: نَزْجُرُهَا وَنَكُفُّهَا وَإِنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؟ وَأَمَّا نَظَرُ الرَّجُلِ لِعَوْرَةِ الذَّكَرِ الْغَيْرِ الْبَالِغِ الشَّامِلِ لِلْمُرَاهِقِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ عج جَوَازُهَا وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. وَمِثْلُهُ رُؤْيَةُ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ عَوْرَةَ الْأُنْثَى الَّتِي لَيْسَتْ بِبَالِغَةٍ مُرَاهِقَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْسِكُ الْمَيِّتَ) يُخَالِفُ قَاعِدَةَ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تَبْلَى أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يُجِيبُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ: يُمْسِكُهُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ التَّغْيِيرِ قَبْلَ الدَّفْنِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِعَجِّ، وَنَصُّ كَلَامِ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَعَدَمُ الدَّلْكِ بَلْ وَعَدَمُ الْغُسْلِ أَصْلًا لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى جِدًّا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ تُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا فَادِحَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا فَادِحَةً وَالْمُرَادُ بِهَا الْخَارِجَةُ عَنْ الْمُعْتَادِ كَمَا أَفَادَهُ عج. (أَقُولُ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَشِّي تت لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى جِدًّا نُصَّ. . . إلَخْ فَيَكُونُ التَّنْظِيرُ قُصُورًا (قَوْلُهُ بِمَلْبُوسٍ) غَيْرِ وَسِخٍ وَلَمْ يُظَنَّ نَجَاسَتُهُ وَسَالِمٍ مِنْ قَطْعٍ يَكْشِفُ الْعَوْرَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ وَإِلَّا كُرِهَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمُنِعَ فِي الثَّالِثِ وَنُدِبَ فِي الرَّابِعِ. وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَمْ الْجَدِيدُ؟ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْجَدِيدَ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) ظَاهِرُهُ: جَوَازُ حَمْلِ النِّسَاءِ حَيْثُ أَنَّثَ الْعَدَدَ وَلَمْ يَقُلْ: أَرْبَعٍ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ: وَإِسْرَاعُ، كَرَاهَةُ حَمْلِهِنَّ. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ مَذْهَبِهِ كَرَاهَتَهُ. وَانْظُرْ هَلْ مَذْهَبُنَا كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَيُكْرَهُ حَمْلُهُ عَلَى الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي ك: وَأُجِيبُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُخَالِفُ بِأَنْ يَحْمِلَ اثْنَانِ ` بِقَائِمَتَيْهِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ أَوْ الْمُتَأَخِّرَتَيْنِ وَيَحْمِلَ الثَّالِثُ بَيْنَ الْقَائِمَتَيْنِ وَلَيْسَ هُنَا مَيَلَانٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ) أَيْ: بِكُلِّ نَاحِيَةٍ، وَاسْتِعْمَالُ أَيٍّ بِمَعْنَى كُلٍّ الْبَدَلِيَّةِ لَا الشُّمُولِيَّةِ مَجَازٌ، إذْ لَيْسَ مِنْ مَعَانِيهَا الْخَمْسَةِ وَهِيَ: الشَّرْطُ وَالِاسْتِفْهَامُ وَالْمَوْصُولَةُ وَالْمَوْصُوفَةُ وَوُصْلَةٌ لِنِدَاءِ مَا فِيهِ أَلْ (قَوْلُهُ وَيَخْتِمُ. . . إلَخْ) قَالَ عج: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ تَعْيِينُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ جِهَتَيْ الْمُؤَخَّرِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِجَوَازِ الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا عِنْدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ) وَنَصُّهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ قَوْلَ س فِي شَرْحِهِ: إنَّهُ يُبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَمِينِ الْمَيِّتِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ الْأَيْمَنِ أَيْ: يَمِينِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْمُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ الْمُؤَخَّرِ الْأَيْسَرِ، غَيْرُ صَوَابٍ. (قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ أَوْ بِشَابَّةٍ، إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ (قَوْلُهُ كَأَبٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَخٍ) شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَفِي شَرْحِ عج وَتَبِعَهُ شب: وَلَا تَخْرُجُ لِجِنَازَةِ عَمٍّ وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهُ كَالْأَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 قَعَدَتْ عَنْ الْمَحِيضِ الْخُرُوجُ لِجِنَازَةِ كُلِّ أَحَدٍ وَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَتَشْيِيعِهَا، وَلِلشَّابَّةِ الَّتِي لَا يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ لِجِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا بِهِ كَأَبٍ وَمَا بَعْدَهُ. وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمْ، وَيَحْرُمُ إنْ خُشِيَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ (ص) وَسَبْقُهَا وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَبْقُ الْجِنَازَةِ إلَى الْقَبْرِ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُشَيِّعِينَ لَا إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ مَعَ الْجِنَازَةِ مِنْ مَاشٍ وَرَاكِبٍ، جُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ بِالْأَرْضِ، وَلَمْ يُعَوِّلْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالْمَاشِي. (ص) وَنَقْلٌ وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ (ش) أَيْ: وَجَازَ نَقْلُ الْمَيِّتِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ قَرِيبٍ بِحَيْثُ تُرْجَى بَرَكَةُ الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوْ يَكُونُ بَيْنَ أَقَارِبِهِ، بَلْ هُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَحَبٌّ وَبِحَيْثُ لَا يَنْفَجِرُ وَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ إذَا كَانَ الْمَنْقُولُ مِنْهُ حَضَرًا لِبَدْوٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَدْوٍ لِحَضَرٍ، وَلَعَلَّ قَلْبَ الْمُبَالَغَةِ أَحْسَنُ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى. وَإِطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ تت. وَلَا يُقَالُ: يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ، مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ مُبِيحَةٌ لِنَقْلِهِ. فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَثْنَى. (ص) وَبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلٍ قَبِيحٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبُكَى عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَيَحْرُمُ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا لِخَبَرِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَخَرَقَ وَذَلَقَ وَصَلَقَ» الْأَوَّلُ حَلْقُ الشَّعْرِ وَالثَّانِي خَرْقُ الثَّوْبِ وَالثَّالِثُ ضَرْبُ الْخُدُودِ وَالرَّابِعُ الصِّيَاحُ فِي الْبُكَاءِ وَقُبْحُ الْقَوْلِ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ اجْتِمَاعِ نِسَاءٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ النَّصُّ عَلَى كَرَاهَةِ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ لِلْبُكَى. فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا ذُكِرَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (ص) وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ أَمْوَاتٍ فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ وَكَفَنٍ وَاحِدٍ لِضَرُورَةٍ مِنْ ضِيقِ   [حاشية العدوي] فِي الِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ لَا فِي الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ فَلَمْ يَكُنْ كَمَنْ ذُكِرَ، وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ مَفَادَ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ خُرُوجُهَا لِعَمِّهَا، ثُمَّ أَقُولُ وَلَمْ يُفَصِّلُوا هُنَا فِي الْمُتَجَالَّةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّتِي فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ كَالشَّابَّةِ وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) قَالَ فِي ك: وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ الْبَقَاءِ عَلَى الْقِيَامِ حَتَّى تُوضَعَ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَوِّلْ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالْمَاشِي) قَالَ تت: وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِالْمَاشِي، وَأَمَّا الرَّاكِبُ فَلَا يَنْزِلُ حَتَّى تُوضَعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ بَيْنَ أَقَارِبِهِ كَذَا صُرِّحَ فِي ك وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ. (قَوْلُهُ وَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ) أَيْ: بِحَيْثُ يَنْقُلُونَهُ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ تَحْقِيرٌ لَهُ، وَعَدَمُ الِانْتِهَاكِ يَتَحَقَّقُ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ وَإِتْمَامِ الْجَفَافِ مَعَ اللُّطْفِ فِي حَمْلِهِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَوُرُودُ مِنْ بِمَعْنَى إلَى شَاذٌّ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْفَصِيحِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ تت) فِيهِ أَنَّ تت جَزَمَ حَيْثُ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ لِنَقْلِهِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَصْلَحَةً. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَثْنَى. . . إلَخْ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَنُقِلَ وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ، وَقَوْلِهِ: مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ الَّذِي يُسْتَثْنَى أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبُكَا عِنْدَ مَوْتِهِ) قَالَ فِي ك: ثُمَّ إنَّ بُكَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَقْصُورٌ وَمَا بَعْدَهُ كَالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ بُكًا بِالْقَصْرِ اهـ. وَعَكَسَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَجَعَلَ الْمَدَّ بِلَا صَوْتٍ. قَالَ الْبَدْرُ: وَالْمَحْفُوظُ فِي الْمُصَنَّفِ الْمَدُّ وَظَاهِرُ الْقَامُوسِ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَكَذَا فِي شب وَعَبَ وَبَعْضٌ فَصَّلَ فَقَالَ: إنْ رَفَعَ صَوْتَهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ قَالَهُ التَّادَلِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الصِّيَاحُ خَلْفَهَا مَكْرُوهًا فَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ الزَّغْرِيتِ عِنْدَ حَمْلِ جِنَازَةِ الصَّالِحِ أَوْ فَرَحٍ يَكُونُ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَإِنَّهُ بِدْعَةٌ يَجِبُ النَّهْيُ عَنْهَا كَمَا نَقَلَهُ س فِي شَرْحِهِ ك وَلِبَعْضِ الْأَشْيَاخِ قَوْلُهُ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ أَيْ: عَالٍ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا، هُوَ فِي صَوْتٍ مُتَوَسِّطٍ فَلَا تَعَارُضَ. وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ الْقَبِيحَ أَيْ: كَالْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالظُّلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَرَفْعَ الصَّوْتِ مَكْرُوهٌ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ضَرْبَ الْخَدِّ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ «لَيْسَ مِنَّا» . . . إلَخْ) أَيْ: لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَطَرِيقَتِنَا وَرُبَّمَا ظَنَّ الْعَوَامُّ ظَاهِرَهُ فَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ ثَوْبِهِ بِشَقِّهِ خَرَجَ مِنْ دِينِهِ وَهُوَ ظَنٌّ فَاسِدٌ. (قَوْلُهُ وَذَلَقَ) فِي خَطِّهِ فِي ك نُقْطَةٌ فَوْقَ صُورَةِ الدَّالِ فَتَكُونُ ذَالًا مُعْجَمَةً إلَّا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي نُسْخَةِ بَعْضِ شُيُوخِنَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَيْسَ فِي الْقَامُوسِ وَمُخْتَصَرِ الصِّحَاحِ وَالْمِصْبَاحِ دَلَقَ بِمَعْنَى ضَرَبَ، لَا فِي مَادَّةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَا مَادَّةِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فَلْيُرَاجِعْ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ. نَعَمْ فِي الْقَامُوسِ نَاقَةٌ دَالِقَةٌ وَدَلْقَاءُ مُنْكَسِرَةُ الْأَسْنَانِ وَذَلِكَ فِي بَابِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِقِرَاءَةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقْرَأَ دَلَقَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. (قَوْلُهُ وَسَلَقَ) كَذَا فِي عب بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ الصَّادَ وَالسِّينَ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ، جَوَازُ صَوْتٍ خَفِيٍّ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِقَبْرٍ وَكَفَنٍ) أَيْ: بِقَبْرٍ أَوْ بِكَفَنٍ وَيَلْزَمُ مِنْ وَضْعِهِمْ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَضْعُهُمْ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لَا الْعَكْسُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ بِجَانِبِ الْأَصْلِيِّ وَجَبَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَمُّ عِظَامِهِ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً وَلَا تَقْطِيعُ الْعِظَامِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَمُّهَا. وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ بِجَانِبِهِ فَلَا يَجُوزُ وَضْعُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ يُجْعَلُ عَلَيْهِ اهـ. تَقْرِيرُهُ، وَفِي شَرْحِ شب: وَكَذَا يَجُوزُ جَمْعُهُمْ فِي كَفَنٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 أَوْ تَعَذُّرِ حَافِرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا أَجَانِبَ. وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانُوا مَحَارِمَ، وَلَا بُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ جَعْلِ شَيْءٍ مِنْ التُّرَابِ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يَكْفِي الْكَفَنُ (ص) وَوَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا جَمَعْنَا أَمْوَاتًا فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَلِي الْقِبْلَةَ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْمَرْأَةُ لِخَبَرِ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ. فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمْ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ.» وَيَجْرِي مِثْلُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَوَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ فِي تَعَدُّدِ قُبُورِهِمْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَفِي إقْبَارِهِمْ فَيُقَدَّمُ قَبْرُ الْأَفْضَلِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُقَدَّمُ إقْبَارُ الْأَفْضَلِ وَلَوْ مُؤَخَّرًا. (ص) أَوْ بِصَلَاةٍ (ش) عَطْفًا عَلَى بِقَبْرٍ لَا بِقَيْدِ الضَّرُورَةِ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ الْجَنَائِزِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ (ص) يَلِي الْإِمَامَ رَجُلٌ فَطِفْلٌ فَعَبْدٌ فَخَصِيٌّ فَخُنْثَى كَذَلِكَ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً، فَيَلِي الْإِمَامَ الْأَحْرَارُ الذُّكُورُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ أَحْرَارُ الذُّكُورِ الصِّغَارُ ثُمَّ الْعَبِيدُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ الْعَبِيدُ الصِّغَارُ ثُمَّ الْخَصِيُّ الْحُرُّ الْبَالِغُ ثُمَّ الْخَصِيُّ الْحُرُّ الصَّغِيرُ ثُمَّ الْخَصِيُّ الْعَبْدُ الْكَبِيرُ ثُمَّ الْخَصِيُّ الصَّغِيرُ ثُمَّ الْخَنَاثَى الْأَحْرَارُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ الْخَنَاثَى الْأَحْرَارُ الصِّغَارُ ثُمَّ الْخَنَاثَى الْعَبِيدُ الْكِبَارُ ثُمَّ الْخَنَاثَى الْعَبِيدُ الصِّغَارُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَرَاتِبَ النِّسَاءِ الْأَرْبَعَ لِلْعِلْمِ بِتَأَخُّرِهِنَّ عَنْ الْجَمِيعِ وَهِيَ: حُرَّةٌ بَالِغَةٌ فَصَغِيرَةٌ فَأَمَةٌ بَالِغَةٌ فَصَغِيرَةٌ، وَزَادَ ابْنُ مُحْرِزٍ بَعْدَ الْخَصِيِّ وَقَبْلَ الْخُنْثَى أَرْبَعًا لِلْمَجْبُوبِينَ فَقَالَ: فَمَجْبُوبٌ حُرٌّ رَجُلٌ فَطِفْلٌ فَعَبْدٌ رَجُلٌ فَطِفْلٌ. وَعَلَى هَذَا فَالْمَرَاتِبُ عِشْرُونَ: حُرٌّ كَبِيرٌ ثُمَّ حُرٌّ صَغِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ كَبِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ صَغِيرٌ ثُمَّ خَصِيٌّ حُرٌّ كَبِيرٌ ثُمَّ خَصِيٌّ حُرٌّ صَغِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ كَبِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ صَغِيرٌ ثُمَّ مَجْبُوبٌ حُرٌّ كَبِيرٌ ثُمَّ صَغِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ كَبِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ صَغِيرٌ ثُمَّ خُنْثَى حُرٌّ كَبِيرٌ ثُمَّ حُرٌّ صَغِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ كَبِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ صَغِيرٌ ثُمَّ حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ ثُمَّ حُرَّةٌ صَغِيرَةٌ ثُمَّ أَمَةٌ كَبِيرَةٌ ثُمَّ أَمَةٌ صَغِيرَةٌ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: رَجُلٌ حُرٌّ مُرَادُهُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ: الْجِنْسُ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالسِّنِّ قُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ أَعْلَمُهُمْ ثُمَّ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ أَسَنُّهُمْ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ: كَذَلِكَ حُرٌّ بَالِغٌ ثُمَّ صَغِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ كَبِيرٌ ثُمَّ عَبْدٌ صَغِيرٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْخَصِيِّ وَالْخُنْثَى، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ حَصَلَ تَسَاوٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أُقْرِعَ، إلَّا أَنْ يَتَرَاضَى الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أَمْرٍ. (ص) وَفِي الصِّنْفِ أَيْضًا الصَّفُّ (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ فِي الصِّنْفِ - أَيْ: الْجِنْسِ الْوَاحِدِ كَرِجَالٍ فَقَطْ أَوْ نِسَاءٍ فَقَطْ، أَحْرَارًا أَوْ أَرِقَّاءَ، الْمُخْتَلِفِ بِالصِّفَاتِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالسِّنِّ - أَنْ يُجْعَلَ مِنْ الْإِمَامِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ: يَلِي الْإِمَامَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ. وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا الصَّفُّ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ وَيَقِفُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَفْضَلِهِمْ وَعَنْ يَمِينِهِ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ - رَجُلًا - الْمَفْضُولُ عِنْدَ رَأْسِ الْفَاضِلِ   [حاشية العدوي] وَاحِدٍ لِضَرُورَةٍ وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانُوا أَجَانِبَ اهـ. وَقَرَّرَ جَدُّ عج وَكَذَلِكَ الْعَلَمِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ أَمْوَاتٍ وَلَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ حُرْمَةِ النَّبْشِ اهـ. بَدْرٌ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ أَفَادَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ) أَيْ: يَأْمُرُ بِالْجَمْعِ. (قَوْلُهُ أَيُّهُمْ) أَيُّ الْقَتْلَى كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ أَيْ: حِفْظًا لِلْقُرْآنِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَمِّيَّةُ الْمَحْفُوظِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمْ. . . إلَخْ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْإِشَارَةِ مَا يَشْمَلُ الْقَوْلَ كَمَا إذَا قِيلَ لَهُ: فُلَانٌ أَيْ: أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ. (قَوْلُهُ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ) أَيْ: قَدَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّحْدِ أَيْ: مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ أَيْ: أَمَرَ بِتَقْدِيمِهِ (قَوْلُهُ فِي تَعَدُّدِ قُبُورِهِمْ) أَيْ: فَإِذَا وَجَدْنَا قُبُورًا مُتَعَدِّدَةً فَيَلِي الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ. (قَوْلُهُ وَفِي إقْبَارِهِمْ) أَيْ: إدْخَالِهِمْ فِي الْقَبْرِ أَيْ أَنَّ الْقَبْرَ إذَا كَانَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَأَرَدْنَا إقْبَارَهُمْ فَيُقَدَّمُ إقْبَارُ الْأَفْضَلِ أَيْ: إدْخَالُهُ فِي قَبْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَخُنْثَى. . . إلَخْ) أَيْ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ، وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُتَّضِحُ، فَإِنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ فَهُوَ مِنْ الذُّكُورِ فَهُوَ إمَّا ذَكَرٌ غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ وَإِمَّا ذَكَرٌ خَصِيٌّ وَإِمَّا مَجْبُوبٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا عَبْدٌ أَوْ حُرٌّ كَبِيرٌ أَوْ صَغِيرٌ فَمَرْتَبَتُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَرْتَبَةً وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ فَمِنْ الْإِنَاثِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ إمَّا كَبِيرٌ أَوْ صَغِيرٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ الْخُنْثَى الْمُتَّضِحُ ذُكُورَتُهُ وَهُوَ لَيْسَ بِخَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْحُرِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَيْسَ بِخَصِيٍّ وَلَا خُنْثَى وَلَا مَجْبُوبٍ؟ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْحُرِّ الْكَبِيرِ الَّذِي لَيْسَ بِخَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ وَبَيْنَ الْحُرِّ الصَّغِيرِ كَذَلِكَ أَوْ يَكُونُ بَعْدَ الْحُرِّ الصَّغِيرِ وَيَجْرِي هَذَا فِي بَاقِي الْمَرَاتِبِ وَكَذَلِكَ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمُتَّضِحِ أُنُوثَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَفَاضَلُوا) أَيْ: أَصْحَابُ صِنْفٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ) أَمَّا الْعِلْمُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْفَضْلُ فَبِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ تَقْوَى، وَقَالَ فِي ك: قَوْلُهُ فَعَبْدٌ رَجُلٌ ابْنُ رُشْدٍ. فَإِنْ تَفَاضَلُوا أَيْضًا فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالسِّنِّ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحْرَارِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقَدَّمُ مَرْتَبَةٌ لَاحِقَةٌ عَلَى سَابِقَةٍ كَعَبْدٍ عَلَى حُرٍّ وَأُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ وَلَوْ فَضَلَهَا فِي الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَالسِّنِّ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَصْنَافَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ عَلَى الْأَفْضَلِ ثُمَّ الْأَفْضَلُ عَلَى الْأَسَنِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي صِنْفِ الْأَطْفَالِ الْأَحْرَارِ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ عَلَى الْأَفْضَلِ ثُمَّ الْأَفْضَلُ عَلَى الْأَسَنِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَيُقَدَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ بَعْدَهُ أَفْضَلَ فَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَوْ كَانَ أَعْلَمَ وَأَفْضَلَ مِنْ الرِّجَالِ، وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الصَّغِيرُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَعْلَمَ وَأَفْضَلَ وَأَسَنَّ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ أَيْ الْجِنْسِ. . . إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِ الصِّنْفِ بِالْجِنْسِ بَلْ يَبْقَى الصِّنْفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَوَّلَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الصِّنْفَ وَالْجِنْسَ فِي عُرْفِهِمْ بِمَعْنًى خِلَافًا لِاصْطِلَاحِ الْمَنَاطِقَةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّنْفِ وَالْجِنْسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وَمَنْ دُونَهُمَا فِي الْفَضْلِ عَنْ شِمَالِهِ، رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيْ الْأَفْضَلِ، فَإِنْ كَانَ رَابِعٌ دُونَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جُعِلَ عَنْ يَسَارِهِ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيْ الثَّالِثِ. . . إلَخْ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ الرَّسُولُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ اتَّبَعَ جِنَازَةً إيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ مِنْ الْأَجْرِ.» وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ عَنْ التَّادَلِيِّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الْقِيرَاطَ فِي الدَّفْنِ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهَا فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَسْبِقَ وَيَنْتَظِرَ ثُمَّ إنَّ حُضُورَ الْجِنَازَةِ إمَّا رَغْبَةٌ أَوْ رَهْبَةٌ أَوْ مُكَافَأَةٌ فَالْأَوَّلُ فِيهِ الْأَجْرُ وَالْآخَرَانِ لَا أَجْرَ فِيهِمَا. وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمُ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ فِي شَرْحِهِ عَلَى عُمْدَةِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي نَقْصِ الْأَجْرِ مِنْ الْقِيرَاطِ كَوْنُ الْإِنْسَانِ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ لِأَجْلِ أَقَارِبِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ فَلَا يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّ فِيهِ صِلَةَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَعْظَمَ أَجْرًا. (ص) وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ، بَلْ يُنْدَبُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ فِي الْمِقْدَارِ مِنْ الْأَيَّامِ كَيَوْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ فِي قَدْرِ الْمُكْثِ عِنْدَهَا أَوْ فِي التَّعْيِينِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِيمَا يُدْعَى بِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ رَابِعٌ دُونَ الثَّالِثِ. . . إلَخْ) زَادَ فِي ك: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ - أَيْ: ابْنِ الْحَاجِبِ كَابْنِ شَاسٍ وَاللَّخْمِيِّ - اخْتِصَاصُ الصِّنْفِ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْبَيَانِ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ اخْتِصَاصُ يَمِينِ الْإِمَامِ بِمَفْضُولٍ وَاحِدٍ وَبَاقِي الْمَفْضُولِينَ عَنْ الْيَسَارِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ رَابِعٌ جُعِلَ عَنْ يَسَارِهِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بَلْ يُفَرَّقُونَ فَعَنْ يَمِينِهِ فَعَنْ يَسَارِهِ أَبَدًا وَالرَّاجِحُ طَرِيقَةُ الْبَيَانِ، وَأَفَادَ عج أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ وَفِي الْأَصْنَافِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنَّفِ عَلَى الْأَصْنَافِ خِلَافَ مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِأَنْ يُقَالَ: وَفِي جِنْسِ الصِّنْفِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَشْمَلُ الْمَرَاتِبَ الْمُتَقَدِّمَةَ كُلَّهَا وَهِيَ الْعِشْرُونَ فَيَقِفُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَفْضَلِهِمْ وَيُجْعَلُ عِنْدَ رَأْسِهِ رِجْلَا مَفْضُولِهِ وَهُوَ الْحُرُّ الصَّغِيرُ ثُمَّ مَفْضُولُهُ عِنْدَ رِجْلَيْ الْأَفْضَلِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْمَرَاتِبِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْفِيشِيُّ دُونَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مَنْ أَتْبَعَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّاءِ (قَوْلُهُ إيمَانًا) أَيْ: مُصَدِّقًا بِالْأَجْرِ الْمَوْعُودِ، وَاحْتِسَابًا أَيْ: أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ لَا رِيَاءَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مُكَافَأَةٍ أَوْ خَوْفٍ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ) قَالَ فِي ك: وَوَقْتُ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ وَقْتُ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَوَقْتُ اسْتِحْقَاقِ الثَّانِي بِالْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (حَتَّى تُدْفَنَ) فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الْفَرَاغَ مِنْ الدَّفْنِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَالْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا خُصَّ التَّمْثِيلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ الْجِبَالِ فَإِنَّهُ بَلَغَ إلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَإِنْ كُنْت تَرَاهُ صَغِيرًا؛ لِأَنَّ كُلَّ عِرْقٍ مِنْهُ يَتَشَعَّبُ مِنْهُ عُرُوقٌ تَتَّصِلُ بِكُلِّ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الدُّنْيَا، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا الْجَبَلُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ ثَوَابُهُ مِثْلَ ثَوَابِ هَذَا الْقِيرَاطِ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ هَذَا الْجَبَلُ فِي كِفَّةٍ وَالْقِيرَاطُ فِي كِفَّةٍ لَسَاوَاهُ. قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَانْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ لِلْمُصَلِّي عَلَى الْجَمَاعَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْقَرَارِيطِ بِعَدَدِهِمْ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو عُمَرَ: أَنْ يَحْصُلَ بِكُلِّ مَيِّتٍ قِيرَاطٌ وَاحِدٌ، وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سُلَيْمَانَ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَنْ صَلَّى. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ: بِقَيْدِ الِاتِّبَاعِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: وَمُقْتَضَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهَا فَمَشَى مَعَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا أَنَّ الْقِيرَاطَ يَخْتَصُّ بِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ الْبَزَّارِ السَّابِقِ حُصُولُهُ أَيْضًا لِمَنْ صَلَّى فَقَطْ لَكِنْ يَكُونُ قِيرَاطُهُ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ شَيَّعَ مَثَلًا وَصَلَّى، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ: أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَرَارِيطَ تَتَفَاوَتُ أَيْضًا وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضًا: مَنْ صَلَّى جِنَازَةً وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ فَظَاهِرُهُ حُصُولُ الْقِيرَاطِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ اتِّبَاعٌ لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُ الِاتِّبَاعِ هُنَا عَلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا وَحَدِيثُ الْبَزَّارِ ضَعِيفٌ اهـ. قُلْت وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا الْبَحْثِ فِي قِيرَاطِ الدَّفْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَدِيثَ يُفِيدُ أَنَّ حُصُولَهُ مُقَيَّدٌ بِالِاتِّبَاعِ. وَالظَّاهِرُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي قِيرَاطِ الصَّلَاةِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ حُصُولَ الْقِيرَاطِ بِمُجَرَّدِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلُ مِنْ الْمَشْيِ وَسِيلَةٌ لَهَا. (قَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ. . . إلَخْ) أَيْ: مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ إمَّا رَغْبَةٌ) أَيْ: فِي الْأَجْرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ رَهْبَةٌ أَيْ: خَوْفًا وَقَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَيْ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي الْمُكَافَأَةِ وَالْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَسِبًا. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ خَوْفِ أَقَارِبِهَا) أَيْ: لِأَجْلِ مُكَافَأَتِهِمْ أَوْ لِأَجْلِ خَاطِرِهِمْ أَوْ لِأَجْلِ أَقَارِبِهِمْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ أَيْ: فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْبَاعِثِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ فَلَا يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ) أَيْ: بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ فِعْلَ كُلِّ مَأْمُورٍ بِهِ لَا يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلرِّيَاءِ مَحَلٌّ أَصْلًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ فِيهِ الرِّيَاءُ مَأْمُورٌ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ لِأَبِي نُعَيْمٍ) بِضَمِّ النُّونِ. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَعْظَمَ أَجْرًا) حَاصِلُهُ إذَا تَبِعَ الْجِنَازَةَ لِلْمُكَافَأَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ يَكُونُ ثَوَابُهُ أَعْظَمَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ كَانَ الْبَاعِثُ لَهُ قَصْدَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ . (قَوْلُهُ أَوْ فِي التَّعْيِينِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ زَارَ أَبَوَيْهِ كُلَّ جُمُعَةٍ غُفِرَ لَهُ وَكُتِبَ بَارًّا» وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَوْتَى يَعْلَمُونَ بِزُوَّارِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمًا قَبْلَهُ وَيَوْمًا بَعْدَهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ: عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ السَّبْتِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقُبُورِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَهَا وَبُكْرَةَ يَوْمِ السَّبْتِ فِيمَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْبَيَانِ قَدْ جَاءَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِأَفْنِيَةِ الْقُبُورِ وَأَنَّهَا تَطْلُعُ بِرُؤْيَتِهَا وَأَنَّ أَكْثَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 أَوْ فِي الْجَمِيعِ. وَبَقِيَ مِنْ الْجَائِزَاتِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الصَّلَاةُ وَالدَّفْنُ لَيْلًا كَمَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَقَدْ دُفِنَ الصِّدِّيقُ وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ لَيْلًا. وَبَقِيَ عَلَيْهِ تَقْبِيلُ الْمَيِّتِ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَدْ فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ (ص) وَكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ وَقَلْمُ ظُفْرِهِ وَهُوَ بِدْعَةٌ وَضُمَّ مَعَهُ إنْ فَعَلَ وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي مَكْرُوهَاتِ هَذَا الْبَابِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ جَائِزَاتِهِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ حَلْقُ شَعْرِ الْمَيِّتِ كَرَأْسِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ حَلْقُهُ فِي الْحَيَاةِ وَتَقْلِيمُ أَظَافِرِهِ وَنَقْيُ وَسَخِهَا، وَلَا يَفْعَلُهُ هُوَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَصْدِ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَيِّتًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَصَدَ رَاحَةَ نَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ. وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ كَرَاهَةِ شَيْءٍ بِدْعَتُهُ وَلَا مِنْ بِدْعَتِهِ كَرَاهَتُهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ لِلتَّشْرِيعِ، وَإِذَا وَقَعَ وَفَعَلَ أَوْ سَقَطَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَرَجَ فِي مُشْطٍ بِتَسْرِيحِ لِحْيَتِهِ أَوْ رَأْسِهِ ضُمَّ مَعَهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَقَالَ ق: الضَّمُّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا يَجِبُ مُوَارَاتُهَا، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الضَّمُّ وَاجِبًا حَرُمَتْ إزَالَتُهَا، وَالْمُؤَلِّفُ حَكَمَ بِالْكَرَاهَةِ. وَيُنْهَى أَنْ تُنْكَأَ قُرُوحُهُ كَدَمَامِلَ وَبَثَرَاتٍ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ مَا فِيهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ عَفْوُهَا أَيْ: يُزَالُ مِنْهَا مَا سَالَ مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِمَّا يَسْهُلُ إزَالَتُهُ وَإِنَّمَا كَانَ يُزَالُ عَفْوُهَا وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِلْحَيِّ؛ قَصْدًا لِلنَّظَافَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ عَفْوُهَا وَلَوْ كَانَ قَيْحًا دُونَ دِرْهَمٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَيِّ، وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: لِأَنَّهُ مِنْ النَّظَافَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا، أَنَّهُ يُغْسَلُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. (ص) وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ بِسُورَةِ يس أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ إذَا فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُطَافَ فِي الدَّارِ بِالْبَخُورِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) . وَأَمَّا عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَغُسْلِهِ فَمُسْتَحَبٌّ كَتَجْمِيرِ ثِيَابِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يُطَافَ فِي الدَّارِ بِالْبَخُورِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَفْعَلُهُ بِقَصْدِ زَوَالِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ غَالِبًا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِفِعْلِهِ إزَالَةَ مَا يُكْرَهُ مِنْ الرَّائِحَةِ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبَعْدَهُ وَعَلَى قَبْرِهِ) إلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ أَيْضًا مَشْرُوعَةً بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا عِنْدَ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ. (ص) وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا وَقَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا   [حاشية العدوي] اطِّلَاعِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّعْيِينِ، فَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَتَعَيَّنُ لِلزِّيَارَةِ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَفِي الْقُرْطُبِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ وَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ.» (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْجَمِيعِ) هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ الدَّفْنُ لَيْلًا) إلَّا أَنَّهُ أَفْضَلُ نَهَارًا فَيَكُونُ دَفْنُ الصِّدِّيقِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لَيْلًا لِأَمْرٍ عَرَضَ. وَقَوْلُهُ: لَيْلًا رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ صَرِيحًا. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ) أَيْ: وَخَتْنُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ جُزْءًا حَقِيقَةً كَمَا هُوَ الْحَقُّ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ بِدْعَةٌ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى تَأَكُّدِ تِلْكَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ حَلْقُهُ. . . إلَخْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ حَلْقُهُمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ بِقَصْدِ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَيِّتًا) فِي شَرْحِ عب وَغَيْرِهِ: وَيَنْبَغِي ضَمُّهُ مَعَهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ شَيْئًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ مَا إذَا قَصَدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَيِّتًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَبِدْعَةٌ قَالَ عج: لَكِنَّ الْغَرَضَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ هُنَا بِبَيَانِ حُكْمِهِ لَا بِبَيَانِ بِدْعَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ) أَيْ: فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا حَقِيقِيًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يُعْطَى حُكْمَهُمَا فَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ وَيُنْهَى أَنْ تُنْكَأَ قُرُوحُهُ) أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ وَبَثَرَاتٍ) قَالَ فِي ك: وَالْبَثْرَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الثَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْضًا خُرَّاجٌ صَغِيرٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ: خُرُوجُ مَا فِيهَا هَذَا ظَاهِرُهُ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِخْرَاجُ أَيْ: وَإِذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ مَكْرُوهًا يَكُونُ الْإِنْكَاءُ مَكْرُوهًا، وَفِيهِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ نَفْسُ الْإِنْكَاءِ. (قَوْلُهُ مَا سَالَ) أَيْ: بِغَيْرِ نَكْءٍ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِبَهْرَامَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا أَيْ: مَا سَالَ مِنْهَا مِمَّا هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ. وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَا سَالَ مِنْهَا بِنَكْءٍ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَيْ: وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ سَوَاءٌ كَانَ بِنَكْءٍ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: مِمَّا يَسْهُلُ إزَالَتُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الْعَفْوِ خُذْ الْعَفْوَ أَيْ: مَا يَسْهُلُ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَا سَالَ سَوَاءٌ كَانَ بِنَكْءٍ أَمْ لَا وَكَانَتْ تَسْهُلُ إزَالَتُهُ فَإِنَّهُ يُزَالُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْصَرْ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالظَّاهِرِ كَالْجُنُبِ وَإِنَّمَا عُصِرَ بَطْنُهُ خَشْيَةَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهَا فِي الْأَكْفَانِ وَإِذَا أُخِذَ عَفْوُ الْقُرُوحِ لَمْ يَبْقَ مَادَّةٌ بِسُرْعَةٍ لِضِيقِ مَجَارِي الدَّمِ بِذَهَابِ الْحَيَاةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَخْذَ الْعَفْوِ وَاجِبٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَيِّ) أَيْ: فَيَكُونُ زَوَالُ دُونِ الدِّرْهَمِ وَاجِبًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ. (قَوْلُهُ إذَا فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا) أَيْ: عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةِ يس سُنَّةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَنَّهَا سُنَّةٌ بَلْ قَصَدَ مُجَرَّدَ حُصُولِ الْبَرَكَةِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا عِنْدَ قَصْدِ حُصُولِ الْبَرَكَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَقْصِدُ. . . إلَخْ) مُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ شَيْئًا وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ رَائِحَةِ الْمَوْتِ) أَيْ: بِحَسَبِ مَا يُتَخَيَّلُ وَإِلَّا فَالْمَوْتُ عَرَضٌ لَا رَائِحَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رَائِحَةُ الْكَبْشِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ) أَيْ: فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فَعَلَهُ اسْتِنَانًا أَمْ لَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِرَاءَةِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَعِبَارَةُ تت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 وَانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ أَوْ بِلَا إذْنٍ إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الصِّيَاحُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ قَبِيحٍ وَإِلَّا حَرُمَ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا لِمُخَالَفَتِهِ فِعْلَ السَّلَفِ. وَمِمَّا يُكْرَهُ أَيْضًا الِانْصِرَافُ عَنْ الْجِنَازَةِ بِلَا صَلَاةٍ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلطَّعْنِ فِي الْمَيِّتِ أَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ أَهْلِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي حُضُورِهِ لِيَدْعُوَ لِمَيِّتِهِمْ وَيَكْثُرَ عَدَدُهُمْ، وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْعِبَادَةِ وَهِيَ حُضُورُ دَفْنِهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ فَيَنْصَرِفَ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَأَمَّا الِانْصِرَافُ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَمَكْرُوهٌ وَلَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهَا وَلَوْ لِحَاجَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّعْنِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَقَوْلُهُ: أَوْ بِلَا إذْنٍ أَيْ: بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا رَاجِعٌ لِلثَّانِي فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيُكْرَهُ لَهُمْ الِانْصِرَافُ قَبْلَ حُصُولِهِ وَلَوْ طَوَّلُوا. (ص) وَحَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنْ يَحْمِلَ الْجِنَازَةَ لِيَنْصَرِفَ إذَا بَلَغَتْ الْمُصَلَّى؛ لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلِانْصِرَافِ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِمَوْضِعِ الْجِنَازَةِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ لَهُ حَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ (ص) وَإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إدْخَالُ الْجِنَازَةِ الْمَسْجِدَ أَوْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، إلَّا أَنْ يَضِيقَ خَارِجَهُ بِأَهْلِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا مَنْ بِالْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، فَقَوْلُهُ: فِيهِ ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِإِدْخَالِهِ الْمَسْجِدَ لَا حَالٌ مِنْ الْهَاءِ فِي عَلَيْهِ (ص) وَتَكْرَارُهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ إعَادَةَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مَكْرُوهَةٌ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ يُسْتَحَبُّ تَدَارُكُهَا مَا لَمْ تَفُتْ بِالدَّفْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (ص) وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ (ش) هُوَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ أَيْ: يُكْرَهُ لِمَنْ يَكُونُ جُنُبًا أَنْ يُغَسِّلَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ طُهْرَهُ   [حاشية العدوي] وَكُرِهَ قِرَاءَةُ عِنْدَ مَوْتِهِ سُورَةِ يس أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَدَبُّرُ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ لِيُتَّعَظَ بِهَا وَهُوَ أَمْرٌ يَشْغَلُ عَنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ إلَى أَنْ قَالَ: وَأَجَازَهَا ابْنُ حَبِيبٍ لِخَبَرِ: «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» وَلَعَلَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ مَالِكٍ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ فَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى فِعْلِهِ اسْتِنَانًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِطْلَاقُ اهـ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الشَّيْخَ ابْنَ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: مَذْهَبُ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقُبُورِ. وَقَالَ: إنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا قِيلَ لَهُمْ وَمَا لَقُوا وَنَحْنُ مُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ اهـ. (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ الْمَقْصُودُ تَدَبُّرَ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ لِيُتَّعَظَ بِهَا فَلْتَكُنْ الْقِرَاءَةُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَكْرُوهَةً مُطْلَقًا قَصَدَ بِهِ اسْتِنَانًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ فَتَكُونُ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَلَى قَبْرِهِ وَبَعْدَهُ مُسْتَوِيَةً فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا اسْتِنَانًا أَمْ لَا، وَأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ فِي نَوَازِلِهِ: إنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَجَعَلَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِمَيِّتٍ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ وَوَصَلَ إلَيْهِ نَفْعُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْأَبِيِّ إنْ قَرَأَ ابْتِدَاءً بِنِيَّةِ الْمَيِّتِ وَصَلَ إلَيْهِ ثَوَابُهُ كَالصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَإِنْ قَرَأَ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يَصِلْ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَنَقَلَ ابْنُ الْفُرَاتِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَجِّ: وَتَطَوَّعَ وَلِيُّهُ عَنْهُ وَبِغَيْرِهِ عَنْ الْقَرَافِيِّ. الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ بَرَكَةُ الْقِرَاءَةِ كَمَا يَحْصُلُ لَهُمْ بَرَكَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُدْفَنُ عِنْدَهُمْ أَوْ يُدْفَنُونَ عِنْدَهُ، وَوُصُولُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَإِنْ حَصَلَ الْخِلَافُ فِيهَا فَلَا يَنْبَغِي إهْمَالُهَا فَلَعَلَّ الْحَقَّ الْوُصُولُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مُغَيَّبَةٌ عَنَّا وَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ إنَّمَا هُوَ فِي أَمْرِ هَلْ يَقَعُ كَذَلِكَ؟ وَكَذَا التَّهْلِيلُ الَّذِي عَادَةً النَّاسُ يَعْمَلُونَهُ الْيَوْمَ وَيُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. أَيْ: الَّذِي هُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ السَّبْعِينَ أَلْفًا الْمَعْرُوفَةَ. قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: مَنْ أَرَادَ وُصُولَ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ بِلَا نِزَاعٍ فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ دُعَاءً بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صِلْ ثَوَابَ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِ الْعَادَةِ جَارِيَةً بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ قَبِيحٍ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُنَافٍ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلٍ قَبِيحٍ وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا هُنَا مِنْ الرِّجَالِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الصِّيَاحِ مَعَ الْبُكَاءِ وَهَذَا فِي الصِّيَاحِ لَيْسَ مَعَهُ بُكَاءٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ) وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ الْحُضُورُ لِلدَّفْنِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ) وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِهَا ضَرَرٌ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الطَّعْنِ. (قَوْلُهُ مِنْ الطَّعْنِ) أَيْ: مَظِنَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْمِلَ الْجِنَازَةَ. . . إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِلْحَمْلِ بَلْ وَالذَّهَابُ مَعَهَا كَذَلِكَ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ وَإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ) وَلَوْ لِغَيْرِ صَلَاةٍ خَوْفَ انْفِجَارِهِ أَوْ لِحُصُولِ نَجَاسَةٍ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى سُهَيْلٍ بِالتَّصْغِيرِ كَمَا ضَبَطَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ ابْنُ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَصْحَبْهُ الْعَمَلُ. (قَوْلُهُ بِأَهْلِهِ. . . إلَخْ) أَهْلِ الْخَارِجِ. (قَوْلُهُ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهَا أَوَّلًا جَمَاعَةً) أَيْ: فَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا جَمَاعَةً وَأَفْذَاذًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فَذًّا أَوْ أَفْذَاذًا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ لَا فَذًّا وَلَا أَفْذَاذًا فَهِيَ أَرْبَعَةٌ فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ، وَإِنَّمَا كُرِهَ تَكْرَارُهَا؛ لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا قَامَ بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ فَكَانَتْ الصَّلَاةُ ثَانِيًا كَالنَّفْلِ وَهُوَ لَا يُتَنَفَّلُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا غُسِّلَ لَا يُعَادُ غُسْلُهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ ابْنُ رُشْدٍ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَاحِدٌ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ أَيْ: جَمَاعَةً وَاخْتُلِفَ هَلْ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ مَا لَمْ تَفُتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، أَوْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِاسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا؟ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ: الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَتَدَبَّرْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 وَلِذَا لَا يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ طُهْرَهَا كَمَا يَأْتِي. (ص) كَسِقْطٍ وَتَحْنِيطِهِ وَتَسْمِيَتِهِ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ بِدَارٍ وَلَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ (ش) هَذَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُغَسَّلَ السِّقْطُ وَالْمُرَادُ بِهِ: مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وُلِدَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَمْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ يُحَنَّطَ أَوْ يُسَمَّى أَوْ يُدْفَنَ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْبَشَ مَعَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ، لَكِنْ لَيْسَ بِعَيْبٍ إذَا وُجِدَ قَبْرُهُ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى. وَأَمَّا دَفْنُ الْكَبِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ: مَنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا فَلَا يُكْرَهُ، وَوُجُودُ قَبْرِهِ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ عَيْبٌ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ إزَالَتُهُ صَارَ ضَرُورَةً كَثِيرَةً (ص) لَا حَائِضٍ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى جُنُبٍ أَيْ: لَا يُكْرَهُ أَنْ تُغَسِّلَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِ مَانِعِهَا وَلِذَا لَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا كَانَتْ كَالْجُنُبِ. (ص) وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ (ش) صَلَاةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ أَيْ: وَكُرِهَ صَلَاةُ فَاضِلٍ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَعَالِمٍ وَصَالِحٍ عَلَى بِدْعِيٍّ كَحَرُورِيٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ مِنْ زِنًا وَنَحْوِهِ رَدْعًا لِمَنْ هُوَ بِمَثَابَتِهِمْ مَا لَمْ يَخَفْ ضَيْعَتَهُمْ (ص) وَالْإِمَامِ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِقَوَدٍ أَوْ حَدٍّ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْمُحَارِبِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ، أَوْ بِقَوَدٍ كَقَتْلِ مُكَافِئٍ. وَاحْتُرِزَ عَمَّنْ لَيْسَ حَدُّهُ الْقَتْلَ كَالْقَاذِفِ وَالزَّانِي الْبِكْرِ وَنَحْوِهِمَا إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِسَبَبِ الْحَدِّ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْإِمَامِ، وَكَذَا أَهْلُ الْفَضْلِ، وَهَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَعُلِّلَتْ بِالرَّدْعِ وَالزَّجْرِ لِأَمْثَالِهِ. وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْإِمَامَ بِالذِّكْرِ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِنْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ) أَيْ: وَإِنْ تَوَلَّى الْقَتْلَ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ أَيْ: دُونَ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُحَارِبَ إذَا قَتَلَهُ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَيْ: الْإِمَامُ. (ص) وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَمَاتَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ فَهَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ وَلَا لِأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ رَدْعًا لِغَيْرِهِ؟ تَرَدُّدٌ لِأَبِي عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيِّ (ص) وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ وَنَجَسٍ وَكَأَخْضَرَ وَمُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّكْفِينُ بِمَا ذُكِرَ حَيْثُ أَمْكَنَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. وَكَرَاهَةُ الْحَرِيرِ - وَلَوْ مَحْضًا - لِلرَّجُلِ؛ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُبَحْ لِلْمَرْأَةِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْفَخْرِ وَالْعَظَمَةِ. وَإِنَّمَا قَرِنَ الْأَخْضَرَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ؛ لِيَعُمَّ مَا عَدَا الْأَبْيَضَ مِنْ الْأَلْوَانِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ النَّصُّ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ الْمُزَعْفَرُ وَالْمُوَرَّسُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الطِّيبِ بِخِلَافِ الْمُعَصْفَرِ فَمِنْ نَاحِيَةِ الزِّينَةِ. وَقَوْلُهُ: أَمْكَنَ غَيْرُهُ، رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ أَمْكَنَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ. (ص) وَزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَهِيَ الْعِمَامَةُ وَالْمِئْزَرُ وَالْقَمِيصُ وَيُلَفُّ فِي ثَوْبَيْنِ وَصُرِّحَ بِالْكَرَاهَةِ فِي الطِّرَازِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ: لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى السَّبْعِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ سَنَدًا قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ (ص) وَاجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكَاءٍ وَإِنْ سِرًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ إرَادَةَ الِاجْتِمَاعِ لِلْبُكَاءِ مَكْرُوهَةٌ لِلنِّسَاءِ وَإِنْ سِرًّا وَبَالَغَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جَوَازُ إرَادَةِ مَا ذُكِرَ بِقَيْدِ السِّرِّ، وَحَيْثُ عُلِّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِالْإِرَادَةِ حَسُنَتْ الْمُبَالَغَةُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُنَّ لَوْ أَرَدْنَ الِاجْتِمَاعَ لَا لِبُكَاءٍ فَعَرَضَ لَهُنَّ مَا يُوجِبُهُ فَلَا كَرَاهَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالْبُكَاءُ مَمْدُودًا: الْعَوِيلُ وَالصُّرَاخُ، وَمَقْصُورًا: إرْسَالُ الدُّمُوعِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْبُكَاءُ مَقْصُورًا بِالدَّمْعِ كَانَ قَوْلُهُ:   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلِذَا لَا يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الْحَائِضِ. . . إلَخْ) وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجَنُّبُ حَائِضٍ وَجُنُبٍ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ: مُفَادُ مَا هُنَا أَنَّ تَغْسِيلَ الْحَائِضِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي حَالَةِ النِّزَاعِ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ يُغَسَّلَ السِّقْطُ) أَيْ: التَّغْسِيلَ الشَّرْعِيَّ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ السِّقْطَ يُغْسَلُ دَمُهُ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيُوَارَى، ثُمَّ إنَّ فِي سِينِ السِّقْطِ ثَلَاثَ لُغَاتٍ مَشْهُورَاتٍ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ كَانَتْ كَالْجُنُبِ) وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِعَدَمِ خَشْيَةِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ خُشِيَ بِتَشَاغُلِهِمَا بِغُسْلِهِمَا غَسَّلَهُ قَبْلُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ) وَكَذَا إذَا اُشْتُهِرَ بِهَا وَلَمْ يُظْهِرْهَا (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِأَبِي عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيِّ. . . إلَخْ) فَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَأَبُو عِمْرَانَ يَقُولُ بِهَا وَمِنْ مَشْمُولَاتِ التَّرَدُّدِ مَا إذَا مَاتَ بِالْحَبْسِ لِلْقَتْلِ الْمَذْكُورِ خِلَافًا لِعْب فَقَدْ جَعَلَهُ مَحَلَّ نَظَرٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِحَرِيرٍ) أَيْ: وَخَزٍّ وَلَوْ بِبَعْضِ الْأَكْفَانِ. (قَوْلُهُ وَنَجَسٍ) وَلَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا. (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ بِالْمَوْتِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالْحَيِّ لَا بِالْمَيِّتِ إذْ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ كَفَّنَهُ وَهُوَ مُكَلَّفٌ. (قَوْلُهُ وَقَرْنُهُ بِكَافِ التَّشْبِيهِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ لَا تَدْخُلُ شَيْئًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْرِيرُ: وَشَيْءٍ كَأَخْضَرَ. (قَوْلُهُ حَسُنَتْ الْمُبَالَغَةُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ لَا تُحَسُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ الِاجْتِمَاعُ لِلْبُكَاءِ جَهْرًا بَلْ وَلَوْ سِرًّا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ: ( «لَعَنَ اللَّهُ الصَّالِقَةَ» ) وَهِيَ الرَّافِعَةُ لِصَوْتِهَا بِالْبُكَاءِ هَذَا مَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ عَدَمَ الْحُسْنِ حَيْثُ عُلِّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِالِاجْتِمَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ، وَأَمَّا إذَا عُلِّقَتْ بِالْإِرَادَةِ فَتَحْسُنُ. (وَأَقُولُ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ وَلَوْ جُعِلَتْ الْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْإِرَادَةِ الِاعْتِرَاضُ يُتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الشَّيْءِ تُعْطَى حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِي اجْتِمَاعٍ أَوْ إرَادَتِهِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهُمَا لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا جُعِلَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 وَإِنْ سِرًّا غَيْرَ مُفِيدٍ. قُلْت: فَائِدَتُهُ التَّوْكِيدُ لِدَفْعِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الصُّرَاخُ مَجَازًا. (ص) وَتَكْبِيرُ نَعْشٍ وَفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ وَاتِّبَاعُهُ بِنَارٍ وَنِدَاءٌ بِهِ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ لَا بِكَحِلَقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إعْظَامُ النَّعْشِ بِمَا فَوْقَ الْحَاجَةَ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ فَرْشُ النَّعْشِ بِحَرِيرٍ. وَمَفْهُومُ (فَرْشُ) أَنَّ السِّتْرَ لَا يُكْرَهُ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَرَ الْكَفَنُ بِثَوْبٍ سَاجٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْزَعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ اتِّبَاعُ الْمَيِّتِ بِنَارٍ؛ لِلتَّفَاؤُلِ وَلِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى، وَإِنْ كَانَ فِيهَا طِيبٌ فَكَرَاهَةٌ ثَانِيَةٌ لِلسَّرَفِ. وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُنَادَى بِالْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى بَابِهِ، وَأَمَّا الْإِعْلَامُ بِهَا مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا بِكَحِلَقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ. وَحِلَقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَفَتْحِ اللَّامِ: جَمْعُ حَلْقَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَقِيلَ: الْجَمْعُ بِفَتْحَتَيْنِ، وَقِيلَ: بِفَتْحَتَيْنِ فِيهِمَا. وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ الْمُفَرَّقِ بَيْنَ مُفْرَدِهَا وَجَمْعِهَا بِالتَّاءِ. (فَائِدَةٌ) مَنْ رَأَى جِنَازَةً فَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ مِنْ يَوْمِ قَالَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (ص) وَقِيَامٌ لَهَا (ش) أَيْ يُكْرَهُ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْجَالِسِ تَمُرُّ بِهِ جِنَازَةٌ أَنْ يَقُومَ لَهَا. الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يَتْبَعُهَا أَنْ يَسْتَمِرَّ قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ. الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ سَبَقَهَا لِلْمَقْبَرَةِ أَنْ يَقُومَ إذَا رَآهَا حَتَّى تُوضَعَ. وَأَمَّا الْقِيَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْقَوْلُ بِنَسْخِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَفَعَلَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ: قَلِيلٌ لِأَخِينَا قِيَامُنَا عَلَى قَبْرِهِ. وَأَمَّا الْقِيَامُ لِلْحَيِّ فَقَدْ أَطَالَ الْقَرَافِيُّ فِيهِ فِي فُرُوقِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِمَنْ يُحِبُّهُ وَيُعْجَبُ بِهِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا يُحِبُّهُ وَيَتَأَذَّى مِنْهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَعْجَبُ بِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ وَالصِّهْرِ وَالْوَالِدَيْنِ وَلِمَنْ نَزَلَ بِهِ هَمٌّ فَيُعَزَّى أَوْ سُرُورٌ فَيُهَنَّأَ وَلِلْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ. وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِهِ فِتْنَةٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ. (ص) وَتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ (ش) أَيْ وَكُرِهَ تَطْيِينُ قَبْرٍ بِأَنْ يُلْبَسَ بِالطِّينِ، وَكَذَا تَبْيِيضُهُ بِالْجِيرِ وَهُوَ مَعْنَى التَّجْصِيصِ (ص) وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلَا نَقْشٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْقُبُورِ نَفْسِهَا وَالتَّحْوِيزُ لِمَوْضِعِهَا بِالْبِنَاءِ حَوْلَهَا وَهَذَا إذَا عُرِّيَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ عَنْ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَلَمْ يَبْلُغْ إلَى حَدٍّ يَأْوِي إلَيْهِ أَهْلُ الْفَسَادِ، فَإِنْ قُصِدَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّطْيِينِ فَمَا بَعْدَهُ الْمُبَاهَاةُ أَوْ رُفِعَ إلَى مَا يَأْوِي إلَيْهِ أَهْلُ الْفَسَادِ حَرُمَ وَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يُبْنَى عَلَى قَبْرِهِ بَيْتٌ ابْنُ بَشِيرٍ. وَظَاهِرُ هَذَا التَّحْرِيمِ: وَإِلَّا لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَنُفِّذَتْ الْوَصِيَّةُ أَيْ: كَمَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِضَرْبِ خِبَاءٍ عَلَى قَبْرِهِ، وَضَرْبُهُ عَلَى قَبْرِ الْمَرْأَةِ أَجْوَزُ مِنْهُ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ لِمَا يُسْتَرُ مِنْهَا عِنْدَ إقْبَارِهَا، وَقَدْ ضَرَبَهُ عُمَرُ عَلَى قَبْرِ   [حاشية العدوي] وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ: وَبُكَا بِالْقَصْرِ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ اُلْبُكَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُقَيَّدِ فِي الْمُطْلَقِ. (قَوْلُهُ بِمَا فَوْقَ الْحَاجَةِ) أَيْ: بِحَيْثُ يَكُونُ مَظِنَّةَ الْمُبَاهَاةِ أَوْ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ، فَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يُكْرَهُ فَرْشُ النَّعْشِ بِحَرِيرٍ) وَلَوْ لِمَرْأَةٍ. (قَوْلُهُ أَنَّ السَّتْرَ لَا يُكْرَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْمَرَ مُلَوَّنًا وَإِلَّا كُرِهَ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ بِثَوْبٍ سَاجٍ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَوْ بَدَلٌ وَالسَّاجُ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: السَّاجُ طَيْلَسَانٌ أَخْضَرُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مُطْلَقُ طَيْلَسَانٍ سَوَاءٌ كَانَ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَرِيرًا فَهُوَ مُحْتَرَزُ فَرْشُ (قَوْلُهُ فَكَرَاهَةٌ ثَانِيَةٌ لِلسَّرَفِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَرَاهَةٌ وَاحِدَةٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ شَارِحُ عِبَارَةِ الْمُوَطَّأِ. (قَوْلُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ) أَيْ: الِاسْتِكْثَارُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَلْ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي نَدْبَهُ؛ لِأَنَّ وَسِيلَةَ الْمَطْلُوبِ مَطْلُوبَةٌ. (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ: الْمَوْتُ أَوْ الْحَالَةُ الْقَائِمَةُ بِهَذَا وَهِيَ الْمَوْتُ. (قَوْلُهُ {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 12] جَعَلَهُ وَعْدًا لِأَنَّهُ خَيْرٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ مِنْ نِعَمِ الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] أَيْ: فِي وَعْدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ. (قَوْلُهُ إيمَانًا) أَيْ: تَصْدِيقًا بِوَعْدِكَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ وَقَوْلُهُ: وَتَسْلِيمًا أَيْ: وَانْقِيَادًا لِحُكْمِكَ بِالْمَوْتِ أَوْ لِأَحْكَامِكَ كُلِّهَا بِأَنْ نَقْبَلَهَا بِغَايَةِ الرِّضَا وَلَا نَتَكَدَّرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا. (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ قَالَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أَيْ: يُكْتَبُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ مِنْ يَوْمِ قَالَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ أَنَّ الْكِتَابَةَ الْآنَ وَكُلَّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْآتِيَةِ ظَرْفٌ لِلْإِعْطَاءِ لَا لِلْكَتْبِ وَقَوْلُهُ: إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّحْدِيدِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ عَدَمِ الِانْقِطَاعِ وَلَوْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ . (قَوْلُهُ صَادِقٌ بِصُوَرٍ ثَلَاثٍ. . . إلَخْ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: كَانَ الْقِيَامُ مَأْمُورًا بِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ نُسِخَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْقِيَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ) أَيْ: يَكُونُ قَائِمًا مُعَايِنًا مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِنْ وَضْعٍ بِقَبْرٍ وَسَدِّ لَبِنٍ وَهَذَا فِيهِ اعْتِنَاءٌ بِالْمَيِّتِ، وَلِذَا قَالَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. وَقَوْلُهُ: قَلِيلٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ أَيْ: شَيْءٌ قَلِيلٌ يُفْعَلُ لِأَجْلِ أَخِينَا وَقَوْلُهُ: قِيَامُنَا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ وَيُعْجَبُ بِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَأُعْجِبَ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ إذَا تَرَفَّعَ وَتَكَبَّرَ اهـ. فَعَلَى هَذَا يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ: يُتَكَبَّرُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُحِبُّهُ وَلَا يُعْجَبُ بِهِ فَيُكْرَهُ وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يُعْجَبُ أَنْ يَكُونَ يُحِبُّهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْجَبُ بِهِ) أَيْ: وَلَا يَتَأَذَّى مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ. . إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْ الْمَانِعِ الْمُوجِبِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ نَزَلَ بِهِ هَمٌّ. . . إلَخْ) أَيْ: كَأَنْ قَدِمَ عَلَيْكَ مَنْ قَامَ بِهِ الْهَمُّ أَوْ السُّرُورُ فَيُنْدَبُ أَنْ تَقُومَ لَهُ لِتُعَزِّيَهُ أَوْ تُهَنِّيهِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قِيَامِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ: لَا تَفْعَلُهُ قِيلَ: هِيَ مِنْ أَقْوَمِ النَّاسِ طَرِيقَةً فِي أَمْرِهَا قَالَ تُؤَدِّي حَقَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا وَلَا أُحِبُّهُ اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِهِ. . . إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ فِتْنَةٍ، إنْ لَمْ يَقُمْ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقُومُ لَهُ يُعْجَبُ بِهِ . (قَوْلُهُ أَجْوَزُ مِنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْأَجْوَزِيَّةَ تَرْجِعُ لِلنَّدْبِيَّةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. وَأَمَّا ضَرْبُهُ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ فَأُجِيزَ، وَكُرِهَ خَوْفَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِالْبِنَاءِ وَالتَّحْوِيزِ التَّمْيِيزَ جَازَ، وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً أَوْ مُبَاحَةً أَوْ مُسَبَّلَةً لِلدَّفْنِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ. وَكَمَا جَازَ الْبِنَاءُ وَالتَّحْوِيزُ لِلتَّمْيِيزِ وَأَوْلَى التَّطْيِينُ وَالتَّبْيِيضُ. يَجُوزُ وَضْعُ حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ عُودٍ عَلَى الْقَبْرِ لِيُعْرَفَ بِهِ إذَا لَمْ يُنْقَشْ فِي ذَلِكَ اسْمٌ أَوْ تَارِيخُ مَوْتٍ، وَإِلَّا كُرِهَ فَقَوْلُهُ: وَجَازَ أَيْ: الْبِنَاءُ وَيُحْتَمَلُ التَّحْوِيزُ، وَأُفْرِدَ الضَّمِيرُ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ التَّطْيِينِ وَالتَّبْيِيضِ أَحْرَى. وَقَوْلُهُ: كَحَجَرٍ. . . إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ، وَمَفْهُومُ (بِلَا نَقْشٍ) الْكَرَاهَةُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ قُرْآنًا، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ. وَلَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَكَانَا مُتَلَازِمَيْنِ كَمَا ذُكِرَ وَكَانَا مَطْلُوبَيْنِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ غَيْرِ شَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَضْدَادِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا عَنْهَا وَبِنَفْيِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ عَنْ نَفْيِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّلَاةُ، وَأَطْلَقَ النَّفْيَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِعَيْنِ الْحُكْمِ فَقَالَ (ص) وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهِيدَ الْمُعْتَرَكِ بِسَبَبِ الْكُفَّارِ - سَوَاءٌ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ لِلْغَنِيمَةِ - لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضٌ: يَنْبَغِي تَحْرِيمًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ غَزَا الْمُسْلِمُونَ الْعَدُوَّ أَوْ غَزَاهُمْ وَسَوَاءٌ الْمَقْتُولُ فِي بَلَدِنَا أَوْ فِي بَلَدِهِ أَوْ بَيْنَهُمَا. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَرَجَتَهُ انْحَطَّتْ عَنْ دَرَجَةِ الشَّهِيدِ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَ الْعَدُوِّ، وَسَوَاءٌ قَاتَلَ الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَاعِسًا أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ أَوْ رَجَعَ سَيْفُهُ عَلَيْهِ أَوْ سَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ أَوْ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَجْنَبَ) إلَى مَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الشَّهِيدَ إذَا قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ وَهُوَ جُنُبٌ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ سَحْنُونَ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَلِأَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ عِبَادَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي زَوَّجَهَا اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} [الأحزاب: 37] . . . إلَخْ. (قَوْلُهُ فَأُجِيزَ وَكُرِهَ) وَلِذَلِكَ كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَالَ: فَرْعٌ فِي ضَرْبِ الْخِبَاءِ وَالْقُبَّةِ عَلَى الْقَبْرِ قَوْلَانِ فَيُعْمَلُ بِالْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ اهـ. زَادَ فِي ك عَلَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَقَالَ: وَمِمَّنْ كَرِهَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَيُبَاتُ فِيهِ إذَا خِيفَ مِنْ نَبْشٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنُ عَتَّابٍ: وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ كَوَصِيَّةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقُبُورِ وَإِجَارَةِ الْحَجِّ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ. . . إلَخْ) أَيْ: وَشَأْنُ الَّذِي لِلتَّمْيِيزِ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا ثُمَّ نَقُولُ ذَكَرَ الْحَطَّابُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ حَوْلَ الْقَبْرِ أَيْ: أَوْ عَلَيْهِ إمَّا فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْبَانِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَذِنَ فِي الْبِنَاءِ فِيهَا أَوْ مُبَاحَةٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ لِلدَّفْنِ مُصَرَّحًا بِوَقْفِيَّتِهَا لَهُ أَوْ مُرْصَدَةٍ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِوَقْفِيَّتِهَا. وَحُكْمُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ سَوَاءٌ وَهُوَ حُرْمَةُ كَثِيرِ الْبِنَاءِ فِيهَا كَالْقُبَّةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْبَيْتِ بِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ اتِّفَاقًا وَبِغَيْرِ قَصْدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالْكَرَاهَةُ لِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَلِظَاهِرِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ لِفَتْوَاهُ بِأَنَّهَا لَا تُهْدَمُ وَيَجُوزُ الْيَسِيرُ لِلتَّمْيِيزِ اتِّفَاقًا كَالْحَائِطِ الصَّغِيرِ وَحُكْمُ الْأَخِيرَيْنِ حُرْمَةُ الْبِنَاءِ الْكَثِيرِ كَالْبَيْتِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْحَائِطِ الْكَبِيرِ فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُبَاهَاةَ، وَجَوَازُ الْيَسِيرِ لِلتَّمْيِيزِ كَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَلَكِنْ فِي الْمُحْبَسَةِ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : مَا بُنِيَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَوُقِفَ فَإِنَّ وَقْفَهُ بَاطِلٌ وَأَنْقَاضَهُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا، إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ وَيُؤْمَرُ بِنَقْلِهَا عَنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَيَسْتَأْجِرُ الْقَاضِي عَلَى نَقْلِهَا مِنْهَا ثُمَّ يَصْرِفُ الْبَاقِيَ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ بِلَا نَقْشٍ الْكَرَاهَةُ) أَيْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَعَ النَّقْشِ أَيْ: وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ. (قَوْلُهُ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا) أَرَادَ بِالضِّدِّ مُطْلَقَ الْمُنَافِي (قَوْلُهُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: مُرَادُهُ الْمَقْتُولُ بِسَبَبِ مَا هُوَ مَظِنَّةُ عِرَاكٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، لَكِنْ لَوْ قَالَ مُعْتَرَكِ الْعَدُوِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى شَهِيدِ قِتَالِ الْعَدُوِّ لِيَخْرُج مُعْتَرَكُ اللُّصُوصِ وَالْبُغَاةِ وَفَتَنَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالدَّفْعِ عَنْ الْحَرِيمِ وَالْمَالِ وَالْأَهْلِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ مُرَادُهُ مَظِنَّةَ الْعِرَاكِ لَا حُصُولَهُ بِالْفِعْلِ لِيَشْمَلَ مَنْ قَتَلَهُ الْعَدُوُّ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاقَاةٍ وَلَا عِرَاكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَسَوَاءٌ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً أَوْ صِبْيَانًا. (قَوْلُهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ) بَعْضُ الشُّرَّاحِ جَزَمَ بِالتَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي كُلِّ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ الْحَطَّابَ أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَنَازِلِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ عِرَاكٍ وَلَا مُقَاتَلَةٍ وَكَلَامُ بَهْرَامَ يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَدُوُّ شَخْصًا نَائِمًا. (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ) ظَاهِرُهُ: رُجُوعُ قَوْلِهِ: عَلَى الْأَحْسَنِ لِلْأَخِيرَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَجْنَبَ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ الْحَائِضَ كَالْجُنُبِ، وَأَمَّا مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَرَوْثٍ فَيُزَالُ بِخِلَافِ دَمِهِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ شَهِيدٌ عَلَى خَصْمِهِ وَيُنْزَعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ إجْمَاعًا. (فَائِدَةٌ) إنَّمَا لَمْ يُصَلَّ عَلَى الشَّهِيدِ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ أَوْ لِكَمَالِهِ، وَاعْتُرِضَ بِالْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ وَقَدْ غُسِّلُوا وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَزِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ اهـ. وَقَالَ فِي ك: وُجِدَ عِنْدِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْمَوْتِ. (ص) لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رُفِعَ حَيًّا مِنْ الْمُعْتَرَكِ ثُمَّ مَاتَ فِي أَهْلِهِ أَوْ فِي أَيْدِي الرِّجَالِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ حِينَ الرَّفْعِ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ) . وَقَوْلُهُ (إلَّا الْمَغْمُورَ) الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ إلَى أَنْ مَاتَ فَلَهُ حُكْمُ الشَّهِيدِ وَسَوَاءٌ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَمْ لَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا (ص) وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ وَإِلَّا زِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّهِيدَ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا - وَلَوْ نَفِيسَةً - وَتَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا، وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا شَيْئًا إنْ سَتَرَتْ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَإِلَّا زِيدَ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهُ، كَمَا أَنَّهُ يُكَفَّنُ إذَا وُجِدَ عُرْيَانًا (ص) بِخُفٍّ وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ - قَلَّ ثَمَنُهَا - وَخَاتَمٍ - قَلَّ فَصُّهُ - لَا دِرْعٍ وَسِلَاحٍ (ش) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِدُفِنَ أَيْ: دُفِنَ بِثِيَابِهِ مَصْحُوبَةً بِخُفٍّ وَقَلَنْسُوَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَقُولُ لَهَا الْعَامَّةُ الشَّاشِيَّةُ وَلَيْسَتْ هِيَ الْبَيْضَاءَ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا تُنْزَعُ، وَمِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا وَأَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً، وَخَاتَمٍ قَلَّ ثَمَنُ فَصِّهِ، وَهَلْ الْقِلَّةُ فِي هَذَا وَفِي ثَمَنِ الْمِنْطَقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ؟ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ الدِّرْعِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُتَّقَى بِهِ، وَالسِّلَاحِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُضْرَبُ بِهِ. (ص) وَلَا دُونَ الْجُلِّ (ش) أَيْ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا وُجِدَ مِنْهُ دُونَ الْجُلِّ مِنْ الْجَسَدِ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَالْجَسَدُ مَا عَدَا الرَّأْسَ، فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ جُلَّ الذَّاتِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي غُسْلَ مَا ذُكِرَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى مَا فَوْقَ نِصْفِ الْجَسَدِ وَدُونَ ثُلُثَيْهِ، وَلَكِنَّ نَصَّ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَارِحُ الرِّسَالَةِ ابْنُ عُمَرَ، يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلَّى عَلَى ثُلُثَيْ الْجَسَدِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَزَادَ عَلَى نِصْفِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الرَّأْسُ، وَإِنَّمَا صُلِّيَ عَلَى ثُلُثَيْهِ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ عَلَى غَائِبٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَاسْتَخَفُّوا إذَا غَابَ الْيَسِيرُ مِنْهُ الثُّلُثُ فَدُونَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَيْ: لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِثُلُثَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي تَعْلِيلِ تت نَظَرٌ يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. (ص) وَلَا مَحْكُومٍ بِكُفْرِهِ وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْكُومَ بِكُفْرِهِ مِنْ زِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَسَابٍ لَمْ يَتُبْ وَمُرْتَدٍّ وَلَوْ صَغِيرًا، لَا يَجُوزُ غُسْلُهُ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ سَابِيَهُ أَوْ مَالِكَهُ فِي الْإِسْلَامِ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيَهُ) أَوْ مَالِكَهُ (الْإِسْلَامَ) إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. قَالَ فِيهَا: وَمَنْ اشْتَرَى صَغِيرًا مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ فَمَاتَ صَغِيرًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى بِهِ مُشْتَرِيهِ الْإِسْلَامَ، إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ اهـ. وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ الْمُخْرَجِ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْمَفْهُومِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنَّهُ لِقُوَّتِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ مَنْطُوقٌ شُبِّهَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ (إلَّا   [حاشية العدوي] مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ نَقَلَ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الزِّيَادِيُّ أَنَّ السُّؤَالَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ شَهِيدًا إلَّا شَهِيدَ الْحَرْبِ وَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ عَدَمِ سُؤَالِ الشَّهِيدِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي الْقَبْرِ خِلَافًا لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ) الْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ لَا يُغَسَّلُ رُفِعَ مَغْمُورًا أَمْ لَا، وَكَذَا غَيْرُ مَنْفُوذِهَا وَهُوَ مَغْمُورٌ اهـ. (قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ) أَيْ: إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَمْرَةِ الْمَوْتِ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ. . . إلَخْ تَفْسِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّهِيدَ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ) أَيْ: ثِيَابِهِ الْمُبَاحَةِ وَغَيْرِ الْمُبَاحَةِ يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ: وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا) أَيْ: تُمْنَعُ الزِّيَادَةُ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا الشَّيْخُ سَالِمٌ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ تُمْنَعُ الزِّيَادَةُ أَوْ لَا بَأْسَ بِهَا؟ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الطِّرَازِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ اهـ. كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ. وَاقْتِصَارُ شَارِحِنَا عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يُفِيدُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ يُكَفَّنُ إذَا وُجِدَ عُرْيَانًا) وَلِذَلِكَ قَالَ فِي ك: وَلَوْ عَرَّاهُ الْعَدُوُّ وَجَبَ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْكَفَنِ. (قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ) أَيْ: دُفِنَ بِثِيَابِهِ مَصْحُوبَةً بِخُفٍّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَتَّتْ بَدَلًا مِنْ ثِيَابِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ دَفْنَهُ بِهَا وَاجِبٌ وَبِخُفٍّ وَمَا مَعَهُ مُسْتَحَبٌّ أَيْ: دُفِنَ بِثِيَابِهِ وُجُوبًا وَالْبَاءُ فِي بِثِيَابِهِ بِمَعْنَى فِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يُسْتَرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَهَلْ الْوَاجِبُ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ الشَّاشِيَّةُ) أَيْ: الطَّرْبُوشُ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ هِيَ الْبَيْضَاءَ) أَيْ: الَّتِي هِيَ الْخَوْدَاءُ؛ لِأَنَّهَا سِلَاحٌ (قَوْلُهُ وَخَاتَمٍ) وَلَا بُدَّ فِي الْخَاتَمِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا نُزِعَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الذَّهَبَ لَا يُدْفَنُ مَعَهُ وَلَا غَيْرَهُ أَيْ: كَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ) قَالَ فِي ك: وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ اهـ. وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى شَهِيدٍ؛ لِأَنَّ دُونَ لَا تَنْصَرِفُ فَيُجْعَلُ الْمَعْطُوفُ الْمَوْصُولَ الْمَحْذُوفَ أَيْ: وَلَا مَا دُونَ الْجُلِّ لَكِنْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ مُقَدِّمَاتِ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهَا تَنْصَرِفُ قَلِيلًا قَالَهُ ق. (قَوْلُهُ وَفِي تَعْلِيلِ تت نَظَرٌ) عِبَارَةُ تت: وَلَا دُونَ الْجُلِّ مِنْ مَيِّتٍ غَيْرِهِ وَلَوْ رَأْسًا وَنِصْفًا فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غُسِّلَ كُلُّهُ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْعُضْوِ حَيًّا فَيُصَلَّى عَلَى حَيٍّ اهـ. وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الرَّأْسُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نِصْفِ الْجَسَدِ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. لَا يُقَالُ: كَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ خَوْفَ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ إذْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِسُنِّيَّتِهَا . (قَوْلُهُ ارْتَدَّ) أَيْ:؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ لَا مِنْ حَيْثُ قَتْلُهُ لِعَدَمِ قَتْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَمَا فِي إسْلَامِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ حَيْثُ نَدْبُ الصَّلَاةِ لَهُ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ وَتَغْسِيلُهُ إذَا مَاتَ (قَوْلُهُ لَمْ يَتُبْ) رَاجِعٌ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الزِّنْدِيقِ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ الْعَدُوِّ) أَيْ: اشْتَرَاهُ مِنْ الْعَدُوِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 أَنْ يُسْلِمَ) أَيْ: فَإِنْ أَسْلَمَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ وَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِهِ مِنْ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ (كَأَنْ أَسْلَمَ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ) إلَيْنَا، لَكِنْ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ إذْ لَوْ بَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَانْظُرْ الْجَوَابَ عَنْ مُعَارَضَةِ مَا هُنَا لِمَا فِي بَابِ الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّغِيرِ لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا وَكُفِّنُوا وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي إذَا مَاتَ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ وَاخْتَلَطُوا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ بِأَنْ مَاتُوا فِي وَبَاءٍ أَوْ غَرِقُوا مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ مَا يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، لَكِنْ يُمَيَّزُ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، وَلَوْ وُجِدَ مَعَهُمْ مَالٌ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهُ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ وَوُقِفَ بَاقِيهِ، فَإِنْ اسْتَحَقَّهُ وَرَثَةُ أَحَدِهِمْ جُبِرَ لَهُ مَا كُفِّنَ بِهِ الْآخَرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَا وَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا. (ص) وَلَا سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدٌ أَيْ: وَلَا يُغَسَّلُ سِقْطٌ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَيْ: يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ وَإِنَّمَا أَعَادَهَا هُنَا؛ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا بَاقِيَ أَحْكَامِ الْمَنْفُوسِ وَهُوَ أَنَّ تَحَرُّكَهُ وَعُطَاسَهُ وَبَوْلَهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ حَرَكَتَهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِيهَا بِحَيَاةٍ وَقَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ، وَالْعُطَاسُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ، وَالْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَالْيَسِيرُ مِنْهُ لَغْوٌ وَالْكَثِيرُ مُعْتَبَرٌ، وَهُوَ مَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ إلَّا مِمَّنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (ص) وَغُسِلَ دَمُهُ وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ (ش) أَيْ: وَحَيْثُ عُدِمَتْ عَلَامَاتُ الْحَيَاةِ فِيهِ غُسِلَ دَمُهُ عَنْهُ اسْتِحْبَابًا وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ وُجُوبًا فِيهِمَا. (ص) وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ (ش) أَيْ: لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَيْ: يَحْرُمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا) فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وُجُوبًا مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفَنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ. (ص) وَلَا غَائِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى شَخْصٍ غَائِبٍ مِنْ غَرِيقٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ فَإِنْ أَسْلَمَ الصَّغِيرُ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ مَفْهُومُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ: وَلَا مَحْكُومَ بِكُفْرِهِ. . . إلَخْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِسْلَامِ أَيْ: وَأَمَّا عِنْدَ الْإِسْلَامِ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ بَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي ك بَعْدَ هَذَا: وَعَلَى هَذَا إذَا أَسْلَمَ أَوْلَادُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِمْ فِي بُيُوتِ آبَائِهِمْ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الْجَوَابَ) أَيْ: بِأَنَّ هَذَا فِي الْكِتَابِ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ مُمَيِّزًا أَمْ لَا مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ لَا يُجْبِرُهُ سَابِيهِ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَأُخِذَ بِهِ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ فَلِذَا فَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ، إنْ مَاتَ قَبْلَ النُّطْقِ يُغَسَّلُ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا يُغَسَّلُ كَذَلِكَ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا وَالْكِتَابِيَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُجْبَرُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَمَّا تَكْفِينُ الْمُسْلِمِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ أَيْ: فَلَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ غُسْلُ الْمُسْلِمِ إلَّا بِغُسْلِ الْكَافِرِ فَيَصِيرُ غُسْلُ الْكَافِرِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ جُبِرَ لَهُ مَا كُفِّنَ بِهِ الْآخَرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا ثَبَتَ الْمَالُ لِلذِّمِّيِّ، وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ الْمَالُ لِلْمُسْلِمِينَ فَهَلْ تُؤْخَذُ حِصَّةُ الذِّمِّيِّ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْ: مَالِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَهِلَّ) أَيْ: لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَهُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ مُوضِحٌ؛ لِأَنَّ السِّقْطَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَسْتَهِلَّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ سِقْطًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ: صَارِخًا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَرَّكَ) أَيْ: حَرَكَةً قَوِيَّةً؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْحَرَكَةُ الضَّعِيفَةُ فَلَا تُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ أَوْ عَطَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَلَمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ تَحَرُّكِهِ أَوْ عُطَاسِهِ أَوْ بَوْلِهِ أَوْ رَضَاعِهِ أَوْ طُولِ مُدَّتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إلَّا أَنْ تَسْتَمِرَّ الْحَيَاةُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ لَا الْمُسْتَقِرَّةُ. (قَوْلُهُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ) أَيْ: مِنْ الْهَوَاءِ الْخَارِجِيِّ لَا رِيحٍ مُنْعَقِدٍ فِي الْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ) جَمْعُ مَاسِكَةٍ أَيْ: الَّتِي تُمْسِكُ الْبَوْلَ تَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِذَهَابِ الْقُوَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِيهَا (قَوْلُهُ غُسِلَ دَمُهُ) اسْتِحْبَابًا وَبَعْضُهُمْ قَالَ: غُسِلَ دَمُهُ وُجُوبًا وَاسْتَظْهَرَهُ عج. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ . (قَوْلُهُ أَيْ: يَحْرُمُ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ ك بَعْدَ هَذَا: وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَكْرَارِ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ عَلَى قَبْرٍ صُلِّيَ عَلَى صَاحِبِهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ وُجُوبًا مَا لَمْ يَفُتْ. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ فِي ك مِنْ الْكَرَاهَةِ وَأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّكْرَارِ، وَكَوْنُ التَّكْرَارِ قَبْلَ الدَّفْنِ مَكْرُوهًا وَبَعْدَهُ حَرَامًا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ثُمَّ إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ التَّكْرَارِ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً لَا فَذًّا وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُنَا: وَالصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ مَكْرُوهَةٌ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَذًّا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ جَمَاعَةً فَيَحْرُمُ كَمَا هُوَ مَفَادُ ابْنِ عَرَفَةَ. وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّكْرَارِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ وَفِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ) الْمُوَافِقُ لِلتَّحْقِيقِ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يَقُولَ: مَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ خِيفَ التَّغَيُّرُ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفَنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) زَادَ فِي ك: وَهَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ اهـ. ك . (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى شَخْصٍ غَائِبٍ) قَالَ فِي ك: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ز لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ (هـ) فِي شَرْحِهِ اعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 وَأَكِيلِ سَبُعَ وَمَيِّتٍ فِي مَحَلٍّ أَوْ بَلَدٍ، وَصَلَاتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى النَّجَاشِيِّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ رَفَعَتْهُ لَهُ وَعَلِمَ يَوْمَ مَوْتِهِ وَنَعَاهُ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ فَأَمَّهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوَارَى، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَحَدٌ، وَلَا صَلَّى أَحَدٌ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ أَنْ وُورِيَ، وَفِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَعْظَمُ رَغْبَةٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُوصِ (ص) وَلَا تُكَرَّرُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَكَرُّرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَهَلْ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَتَكْرَارُهَا، أَوْ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يُقْبَرْ وَذَاكَ فِيمَنْ قُبِرَ أَوْ هَذَا مِنْ التَّكْرَارِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُصَلِّي ثَانِيًا عَيْنُ الْمُصَلِّي أَوَّلًا، وَذَاكَ مِنْ التَّكْرِيرِ وَهُوَ كَوْنُهُ غَيْرَهُ. (ص) وَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ وَصِيٌّ (ش) أَيْ: وَالْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ إمَامًا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ وَلِيِّهِ وَصِيٌّ أَوْصَاهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ مُوجِبُهَا عَدَاوَةٌ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ فَلَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ، وَالْوَلِيُّ أَوْلَى وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (رُجِيَ خَيْرُهُ) وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِوَصِيٍّ، وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ يُشْعِرُ بِالْعِلِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ خَيْرِهِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَاهُ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيُقَدَّمُ الْوَلِيُّ إنْ رُجِيَ خَيْرُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَصِيُّ وَلَوْ قَالَ: مُوصًى لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) ثُمَّ الْخَلِيفَةُ لَا فَرْعُهُ إلَّا مَعَ الْخُطْبَةِ (ش) أَيْ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى إلَى أَحَدٍ فَالْأَوْلَى وَالْأَحَقُّ الْخَلِيفَةُ مِنْ الْوَلِيِّ، وَأَمَّا نَائِبُهُ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ إمَارَةِ حُكْمٍ أَوْ جُنْدٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ شُرْطَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْفَرْعِ إذَا حَضَرَ مَعَ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَّاهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا فَيَكُونُ كَالْخَلِيفَةِ (ص) ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ (ش) أَيْ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةٌ وَلَا فَرْعُهُ الْمَذْكُورُ فَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ مِنْ ابْنٍ وَابْنِهِ - وَإِنْ سَفَلَ - وَأَبٍ وَأَخٍ وَابْنِهِ - وَإِنْ سَفَلَ - وَجَدٍّ وَعَمٍّ وَابْنِهِ - وَإِنْ سَفَلَ - كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالسِّنِّ فَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا - بِضَمَّتَيْنِ - فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي ذَلِكَ   [حاشية العدوي] شب وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيرُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ النَّجَاشِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَخِفَّةِ الْجِيمِ وَأَخْطَأَ مَنْ شَدَّدَهَا، وَتَشْدِيدُ آخِرِهَا هُوَ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ، وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ رَفَعَتْهُ لَهُ) أَيْ: رَفَعَتْ جِنَازَتَهُ حَتَّى شَاهَدَهَا كَمَا رُفِعَ لَهُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ حِينَ سَأَلَهُ قُرَيْشٌ عَنْ صِفَتِهِ، فَتَكُونُ صَلَاتُهُ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا كَذَا قَالَ شُرَّاحُ الْمُوَطَّأِ. وَفِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ. (قَوْلُهُ وَنَعَاهُ. . . إلَخْ) أَيْ: أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا صَلَّى أَحَدٌ عَلَى النَّبِيِّ بَعْدَ أَنْ وُورِيَ) حَكَى الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا كُفِّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْبَيْتُ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَمَا سَلَّمَا، ثُمَّ صَفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ وَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ حَتَّى صَلَّى الرِّجَالُ ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إلَى مِثْلِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَقِيلَ: مَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَصَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ فُرَادَى لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ. مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: تَعَبُّدٌ وَقِيلَ: لِيُبَاشِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَيْهِ وَلِتَكَرُّرِ صَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ حَتَّى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ. قَالَ عِيَاضٌ: الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ صَلَاةً حَقِيقِيَّةً لَا مُجَرَّدَ الدُّعَاءِ فَقَطْ اهـ. نَعَمْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يَؤُمَّهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. (قَوْلُهُ وَذَاكَ فِيمَنْ قُبِرَ) أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ حُكِمَ عَلَى التَّكْرَارِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَحُكِمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بِالْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا) فِيهِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الَّذِي تَقَدَّمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَمَا ذَكَرَهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّكْرَارِ وَالتَّكْرِيرِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عَكْسُ ذَلِكَ . (قَوْلُهُ وَالْأَحَقُّ) أَيْ: وَيُقْضَى لَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ بِمَكَانٍ فَيَجِبَ أَنْ يُتْبَعَ فَلَوْ دُفِنَ فِي غَيْرِهِ يُنْقَلُ مَا لَمْ تُنْتَهَكْ حُرْمَتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ) مُفَادُهُ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِيصَاءُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ الْأَوْلَوِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَصِيُّ) فِيهِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ مُوصًى) أَيْ: مُوصًى لَهُ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ. . . إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ وَصِيٍّ وَصِيُّهُ عَلَى التَّرِكَةِ أَوْ أَوْلَادِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ إمَارَةِ حُكْمٍ) أَيْ: إمَارَةٍ مَنُوطَةٍ بِحُكْمٍ كَالْأَمِيرِ الَّذِي يُرْسِلُهُ السُّلْطَانُ لِبَلَدٍ يَحْكُمُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: أَوْ جُنْدٍ أَيْ: إمَارَةٍ مَنُوطَةٍ بِالْجُنْدِ أَيْ: كَأَنْ يَجْعَلَهُ رَئِيسُ الْجُنْدِ يُوَصِّلُ الْأَرْزَاقَ إلَيْهِمْ وَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَضَاءٍ أَيْ: إمَارَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْقَضَاءِ وَهُوَ الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ وَقَوْلُهُ: أَوْ شُرْطَةٍ أَيْ: إمَارَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِشُرْطَةٍ فِي مَلْبَسِهِمْ أَيْ: عَلَامَةٍ يَتَمَيَّزُونَ بِهَا فِي مَلْبَسِهِمْ عَنْ غَيْرِهِمْ كَالْجَاوِيشِ فِي مِصْرَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ نَائِبُونَ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ حُكْمٌ يَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ إمَارَةِ حُكْمٍ أَوْ جُنْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لِلْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهِمْ) أَيْ: لَا لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُوَلِّيهِ عَلَى أَنْ يَخْطُبَ بِنَفْسِهِ وَيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ كَمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ بِخِلَافِ هَذَا الزَّمَنِ فَإِنَّ الْخُطْبَةَ إنَّمَا هِيَ لِلسُّلْطَانِ وَالْقُضَاةُ إنَّمَا لَهُمْ أَنْ يُقَرِّرُوا فِي الْوَظَائِفِ لِمُسْتَحِقِّهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُمْ صَلَاةٌ فَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى حُكْمٍ دُونَ الصَّلَاةِ أَوْ عَلَى الْخُطْبَةِ مَعَ الصَّلَاةِ دُونَ الْحُكْمِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْجَنَائِزِ. ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) وَظَاهِرُهُ تَقَدُّمُ الْعَاصِبِ فِي مَوْتِ الرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَرْتِيبُ الْوِلَايَةِ كَالنِّكَاحِ أَنَّ السَّيِّدَ يُقَدَّمُ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْأَوْلَادُ مَثَلًا يُقَدَّمُ أَعْلَمُهُمْ ثُمَّ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ أَسَنُّهُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وَتَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ أَقْرَبَ الْعَصَبَةِ أَحَقُّ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقْرَبَ الْعَصَبَةِ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ بَاشَرَ أَوْ أَرَادَ تَقْدِيمَ غَيْرِهِ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ حَيْثُ بَاشَرَ. (ص) وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ (ش) يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ لِجَنَائِزَ أَوْ جِنَازَةٍ فَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ مِنْ أُولَئِكَ الْأَوْلِيَاءِ، الْأَفْضَلُ بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ السَّابِقَةِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ. وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ أَبٍ وَعَمٍّ عَلَى ابْنٍ وَأَخٍ وَلَوْ كَانَا مَفْضُولَيْنِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، حَيْثُ مَنْ كَانَ فِيهِ وَصْفُ الْأَفْضَلِيَّةِ وَلِيَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، أَمَّا لَوْ كَانَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ الْأُنْثَى أَفْضَلَ مِنْ وَلِيِّ الْمَيِّتِ الذَّكَرِ فَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِالْفَضْلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِجَنَائِزِهِمْ أَهْلَ الْفَضْلِ، وَقَدَّمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلِيَّ الرَّجُلِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ الْمَيِّتِ. (ص) وَصَلَّى النِّسَاءُ دَفْعَةً وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ (ش) يَعْنِي إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا دَفْعَةً وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ تَكْبِيرِهِنَّ وَلَا لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّسْلِيمِ وَقِيلَ تَؤُمُّهُمْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ أَوْ مُرَاعَاةٍ لِمَنْ يَرَى جَوَازَ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ النِّسَاءَ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ تَرَتُّبِ صَلَاةِ النِّسَاءِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّكْرَارِ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْمَيِّتِ، وَالسُّنَّةُ التَّعْجِيلُ وَقَالَ ق وَقَوْلُهُ: وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ أَيْ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (ص) ، وَالْقَبْرُ حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ (ش) أَيْ: قَبْرُ غَيْرِ السِّقْطِ أَيْ: مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَلَوْ نَزَلَ بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَبْرُ غَيْرِ السِّقْطِ حَبْسٌ عَلَى الدَّفْنِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِيهِ - بَقِيَ أَوْ فَنِيَ - وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحْجَارِ الْمَقَابِرِ الْعَافِيَةِ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ حَرْثُهَا وَلَكِنْ لَوْ حُرِثَتْ جُعِلَ كِرَاؤُهَا فِي مُؤْنَةِ دَفْنِ الْفُقَرَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ تُحْرَثُ الْمَقْبَرَةُ إذَا ضَاقَتْ عَنْ الدَّفْنِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ إنَّ النَّهْيَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَالثَّانِيَ عَلَى التَّحْرِيمِ أَيْ: إلَّا لِنَقْلٍ وَإِلَّا فِي الْأُمُورِ الْآتِيَةِ. وَقَوْلُهُ (مَا دَامَ بِهِ) جُزْءٌ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ وَعَجَبُ الذَّنَبِ لَا يُحَسُّ وَلَا يُشَاهَدُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ، وَكَرَاهَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَإِلَّا جَازَ. (ص) إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ (ش) اسْتَثْنَى الْمُؤَلِّفُ مَوَاضِعَ يَجُوزُ فِيهَا نَبْشُ الْقَبْرِ مِنْهَا إذَا كُفِّنَ الْمَيِّتُ بِكَفَنٍ غَصَبَهُ الْمَيِّتُ أَوْ غَيْرُهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ أَهْلِ الْمَيِّتِ لَهُ وَشَحَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي شَيْئِهِ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ إلَّا أَنْ يَطُولَ بِحَيْثُ يُعْلَمُ مِنْهُ فَسَادُ الْكَفَنِ وَإِلَّا فَلَا، وَيُعْطَى رَبُّ الْكَفَنِ قِيمَتَهُ. فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: غُصِبَهُ لِلْكَفَنِ، وَأَمَّا غَصْبُ ثَمَنِهِ أَوْ مَطْلُهُ بِثَمَنِهِ، فَلَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ. . . إلَخْ) قَالَ: كَمَا يَؤُمُّ رَبَّ الْمَنْزِلِ الْعَبْدُ لِمَنْ غَشِيَهُ فِيهِ. وَفِي السُّلَيْمَانِيَّة: لَا يَتَقَدَّمُ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ عَبِيدًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ. . . إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِيَانِ أَيْضًا فِي الْخَلِيفَةِ أَوْ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَاشَرَ أَوْ أَرَادَ. . . إلَخْ) وَانْظُرْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَلْ تَقْدِيمُهُ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ حَيْثُ كَانَ يَصْلُحُ لِلْمُبَاشَرَةِ أَوْ مُطْلَقًا؟ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الْأَقْرَبُ أَيْ: وَقْتَ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ الْأَفْضَلُ بِزِيَادَةِ فِقْهٍ. . إلَخْ) فَإِنْ تَسَاوَوْا فَيَنْبَغِي إجْرَاؤُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ. . . إلَخْ قَالَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ تَقَدُّمُ أَبٍ وَعَمٍّ. . . إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَ جَنَائِزُ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْأَبُ وَلِيَ جِنَازَةً وَالِابْنُ وَلِيَ الْآخَرَ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَفْضُولًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَمِّ فَابْنِهِ. وَقَوْلُهُ: وَهَذَا. . . إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ) ضَعِيفٌ . (قَوْلُهُ وَصَلَّى النِّسَاءُ دَفْعَةً. . . إلَخْ) ثُمَّ إنْ قُدِّمَتْ وَاحِدَةٌ فَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بَعْدَهُنَّ قَالَ فِي ك: وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ تت فِي كَبِيرِهِ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا فَرَغْنَ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ فَاتَ مِنْهُنَّ صَلَاةٌ لِأَنَّهُ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ، أَنَّ الرَّجُلَ الْمُنْفَرِدَ كَالْمَرْأَةِ فِي الْكَرَاهَةِ وَيُسْتَحَبُّ - إذَا وُجِدَ الرِّجَالُ - إعَادَتُهَا جَمَاعَةً. (قَوْلُهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ) قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وُقِفَ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَنْهُ وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا. اهـ. فَإِنْ عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ فَنِيَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالدَّفْنِ وَلَا بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ حِجَارَةِ الْمَقَابِرِ الْفَانِيَةِ وَلَا أَنْ تُزَالَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِأَهْلِهَا وَلَا تُنْشَأُ مِنْهَا قَنْطَرَةٌ وَلَا مَسْجِدٌ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ حَرْثُهَا) الْمُرَادُ حَرْثُهَا لِلزِّرَاعَةِ. (قَوْلُهُ تُحْرَثُ الْمَقْبَرَةُ) أَيْ: لِلزَّرْعِ كَمَا قَالَ عج لَا لِلدَّفْنِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ فَإِنَّهُ خَطَأٌ. (قَوْلُهُ مَا دَامَ بِهِ) أَيْ: ظَنُّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ. . . إلَخْ) أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَلَا يُنْبَشُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا فِي الشَّيْئَيْنِ لَا فِي قَوْلِهِ: حَبْسٌ لِأَنَّهُ حَبْسٌ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا عَجَبُ الذَّنَبِ فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ جِدَارًا وَلَا حَرْثُهُ لِلزِّرَاعَةِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِلدَّفْنِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لِكَوْنِهِ حَبْسًا وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْغَفُورِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) وَلَوْ بِالنِّعَالِ النَّجِسَةِ كَمَا فِي ك وَشُبْ وَزَادَ ابْنُ نَاجِي وَيَجُوزُ عِنْدَنَا الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ وَمَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَكَانَ يَتَوَسَّدُهَا عَلِيٌّ وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا. قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْمَشْيِ أَمْ لَا؟ وَانْظُرْ مَشْيَ الدَّوَابِّ عَلَى الْقُبُورِ . (قَوْلُهُ غُصِبَهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْكَفَنِ وَالتَّقْدِيرُ: غُصِبَ الْكَفَنُ مِنْهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ. (قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ غُصِبَهُ) أَيْ: الْمُسْتَتِرُ وَالتَّقْدِيرُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: غُصِبَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَعُمَّ غَصْبَ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ قَبْرٍ حُفِرَ بِمِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدُفِنَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ. وَمِنْهَا إذَا نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ نَحْوُ ثَوْبٍ أَوْ خَاتَمٍ أَوْ دَنَانِيرَ، لَكِنْ إنْ كَانَ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ أُخْرِجَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ أُخْرِجَ إنْ كَانَ نَفِيسًا. (ص) وَإِنْ كَانَ بِمَا يُمْلَكُ فِيهِ الدَّفْنُ بَقِيَ وَعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ حَفَرَ شَخْصٌ قَبْرَ الْمَيِّتِ فِي مَكَان غَيْرِ مِلْكٍ لِأَحَدٍ بَلْ يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ كُلُّ أَحَدٍ فَدَفَنَ فِيهِ شَخْصٌ مَيِّتًا مُتَعَدِّيًا فَإِنَّ الْمَيِّتَ لَا يُخْرَجُ بَلْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَيَلْزَمُ الْمُتَعَدِّيَ قِيمَةُ الْحَفْرِ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: قِيمَتُهُ، عَائِدٌ عَلَى الْحَفْرِ فَقَوْلُهُ: بِمَا، أَيْ: بِمَكَانٍ وَلَوْ تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي دَفْنِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْمَقَابِرَ بِخِلَافِ تَشَاحُحِهِمْ فِي تَكْفِينِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ مَالِ بَعْضِهِمْ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ طَلَبَ تَكْفِينَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ. وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ مَسَائِلِ جَوَازِ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مَا إذَا اقْتَضَتْ ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَفِعْلِ مُعَاوِيَةَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ لَمَّا أَرَادَ إجْرَاءَ الْعَيْنِ بِجَانِبِ أُحُدٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَخْرُجْ إلَيْهِ وَلْيَنْبُشْهُ وَلْيُخْرِجْهُ وَلْيُحَوِّلْهُ. قَالَ جَابِرٌ: فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ رِطَابًا. (ص) وَأَقَلُّهُ مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ وَحَرَسَهُ (ش) أَيْ: وَأَقَلُّ الْقَبْرِ عُمْقًا مَا مَنَعَ رَائِحَةَ الْمَيِّتِ وَحَرَسَهُ مِنْ السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا. (ص) وَبُقِرَ عَنْ مَالٍ كَثُرَ (ش) الْبَقْرُ: عِبَارَةٌ عَنْ شَقِّ جَوْفِ الْمَيِّتِ، يَعْنِي أَنَّ مَنْ ابْتَلَعَ مَالًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُشَقُّ جَوْفُهُ فَيُخْرَجُ مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ بِأَنْ يَكُونَ نِصَابًا، وَهَلْ نِصَابُ الزَّكَاةِ أَوْ السَّرِقَةِ؟ قَوْلَانِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِعَدَمِ الْبَقْرِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ شَيْخُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ إذَا ابْتَلَعَهُ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِ أَوْ لِمُدَاوَاةٍ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ قَصْدًا مَذْمُومًا كَحِرْمَانِ وَارِثِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي وُجُوبِ الْبَقْرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ. وَقَيَّدَهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِمَا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يُؤَدَّى مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي اسْتِخْرَاجِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ الِابْتِلَاعُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ مَعَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَا عَنْ جَنِينٍ) أَيْ: لَا يُبْقَرُ بَطْنُ أُمِّ الْجَنِينِ عَنْهُ لِأَجْلِ إخْرَاجِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِيهَا لَا يُبْقَرُ عَنْ جَنِينِ الْمَيِّتَةِ إذَا كَانَ يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا. وَظَاهِرُهَا: وَلَوْ رُجِيَ. وَلَمَّا كَانَ الْمُؤَلِّفُ يُطْلِقُ عَلَى ظَاهِرِهَا مَقْرُونًا بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي هُوَ حَمْلُ الظَّاهِرِ عَلَى الْمُحْتَمَلِ الْمَرْجُوحِ تَأْوِيلًا تَغْلِيبًا قَالَ: (وَ) كَمَا تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى عَدَمِ الْبَقْرِ مُطْلَقًا (تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ) مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِجِهَةِ الْجَنِينِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَأَصْبَغَ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ (إنْ رُجِيَ) خَلَاصُهُ حَيًّا وَيَكُونُ فِي السَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ أَوْ الْعَاشِرِ وَحَسَّنَهُ سَنَدٌ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ فَعَلَ) إلَى مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَهُوَ أَنَّ النِّسَاءَ إذَا قَدَرْنَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِرِفْقٍ مِنْ مَخْرَجِ الْوَلَدِ كَانَ حَسَنًا اللَّخْمِيُّ وَهَذَا مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ - انْتَهَى. وَإِنَّمَا بُقِرَ عَنْ الْمَالِ وَجَرَى فِي الْجَنِينِ خِلَافٌ لِأَنَّ الْمَالَ مُحَقَّقٌ بَقَاؤُهُ وَإِخْرَاجُهُ عَلَى مَا هُوَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي جَنِينِ الْآدَمِيِّ وَأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ إذَا رُجِيَ الْوَلَدُ أَنْ يُبْقَرَ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا. (ص) وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَيِّتِهِ الْآدَمِيِّ شَيْئًا وَلَوْ كَافِرًا إذْ لَا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ آدَمِيٍّ لِآخَرَ، وَقِيلَ: يَأْكُلُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ أَكْلُهُ) خَرَجَ الْجَوَازُ عَلَى جَوَازِ الْقَوْلِ بِالْبَقْرِ قَالَ: وَالْجَوَازُ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَيَاةَ   [حاشية العدوي] غُصِبَهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أُخْرِجَ مُطْلَقًا. . . إلَخْ) مَحَلُّ إخْرَاجِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعَرْضِ وَغَيْرِهِ النَّفِيسِ مُطْلَقًا وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ لِلْغَيْرِ إذَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ يَتْلَفُ وَلَمْ يَرُحْ فِيهِمَا وَإِلَّا بُدِئَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْوَارِثِ وَلَمْ يُخْرَجْ . (قَوْلُهُ تَعَدِّيًا) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْنُ فِيهِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ) وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ مِمَّا يُفْعَلُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَفِعْلِ أَطْعِمَةٍ ثَلَاثَ جُمَعٍ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِدَفْنِهِ بِمَكَانٍ يُعْمَلُ بِوَصِيَّتِهِ كَمَا إذَا أَوْصَى لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ) أَيْ: وَأَكْثَرُهُ لَا حَدَّ لَهُ . (قَوْلُهُ وَهَلْ نِصَابُ الزَّكَاةِ. . . إلَخْ) اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الْأَوَّلَ وَهُوَ نِصَابُ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ صَحِيحٌ) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ صَحِيحٌ مِنْ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ بَشِيرٍ) أَيْ: قَيَّدَ الْخِلَافَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) ، فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَقْرِ كَذِبُهُ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَا عَنْ جَنِينٍ) وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ قَبْلَ دَفْنِهَا بِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ (قَوْلُهُ يُطْلَقُ عَلَى ظَاهِرِهَا) وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُبْقَرُ عَنْ جَنِينِ الْمَيِّتَةِ إذَا كَانَ جَنِينُهَا يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا اهـ. إذْ لَا شَكَّ أَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهَا لَا تُبْقَرُ وَلَوْ رُجِيَ. (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا) لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ اُصْطُلِحَ عَلَيْهِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ. (قَوْلُهُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى أَمَّا إذَا كَانَ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى لِنَصِّ عُلَمَاءِ الطِّبِّ أَنَّ الذَّكَرَ يَكُونُ مِنْ الْجِهَةِ الْيُمْنَى وَالْأُنْثَى مِنْ جِهَةِ الْيَسَارِ قَالَهُ عِيَاضٌ. (قَوْلُهُ وَهَذَا مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ) لِأَنَّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ وَشَرْطُ وُجُودِهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ: الْمَنْصُوصَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ أَكْلُهُ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ كَافِرًا وَانْظُرْ هَلْ يُطْبَخُ؟ وَلِلشَّافِعِيَّةِ يَحْرُمُ طَبْخُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ انْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْقِيقًا وَقَوْلُهُ: هَلْ ذَهَابُ الْجُزْءِ مَعَ تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ يُوَازِي أَيْ: فَيَجُوزُ أَوْ لَا يُوَازِي فَلَا يَجُوزُ؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 الْآدَمِيِّ مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ الْجَنِينِ، لَكِنْ هُنَا فِيهِ إذْهَابُ جُزْءٍ مِنْ الْآدَمِيِّ وَلَيْسَ فِي الْبَقْرِ إلَّا الشَّقُّ فَيُنْظَرُ هَلْ ذَهَابُ الْجُزْءِ مَعَ تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ يُوَازِي الشَّقَّ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ؟ وَالضَّمِيرُ فِي (أَكْلِهِ) عَائِدٌ عَلَى الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ الْمَفْهُومِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ. وَأَمَّا الضَّمِيرُ فِي (أَكْلُهُ) الثَّانِي فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى مَا عَادَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَيَكُونَ أَيْضًا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ: وَصُحِّحَ أَكْلُ الْمَيِّتِ لِلْمُضْطَرِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى الْمُضْطَرِّ، وَيَكُونَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ أَيْ: وَصُحِّحَ أَكْلُ الْمُضْطَرِّ الْمَيِّتَ الْآدَمِيَّ. (ص) وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكَةَ إذَا حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ زَوْجٍ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ كَيَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَجُوسِيَّةٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَ عَنْهَا، فَإِنَّهَا تُدْفَنُ بِمَقْبَرَتِهِمْ، إذْ لَا حُرْمَةَ لِجَنِينِهَا حَتَّى يُولَدَ؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا. وَحَقُّ قَوْلِهِ (وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ قِبْلَتُنَا وَلَا قِبْلَتُهُمْ) أَنْ يَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْلِمِ يُوَارِي أَبَاهُ الْكَافِرَ إذَا خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَهَذِهِ إنَّمَا يَلِي دَفْنَهَا أَهْلُ دِينِهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ وَنَحْنُ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ، فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. (ص) وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّنًا إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ (ش) أَيْ: وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا مُكَفَّنًا مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ غَيْرَ مُثْقَلٍ. قَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَعَلَى وَاجِدِهِ دَفْنُهُ بِالْبَرِّ. وَقَالَ سَحْنُونَ يُثْقَلُ هَذَا إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَدْفِنُوهُ بِالْبَرِّ، وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: مَيِّتُ الْبَحْرِ، عَلَى مَعْنَى فِي أَيْ: مَيِّتٌ فِي الْبَحْرِ أَيْ: عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ: بِهِ، أَيْ: فِيهِ. (ص) وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ مِنْ رَفْعِ صَوْتٍ أَوْ نَوْحٍ مَثَلًا إلَّا إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَمِثْلُ الْإِيصَاءِ مَا إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ يَبْكُونَ وَلَمْ يُوصِهِمْ بِتَرْكِهِ. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ الْبُكَاءِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ مَعْنَى تَعْذِيبِهِ سَمَاعُ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَالرِّقَّةُ لَهُمْ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِذَلِكَ فِي حَدِيثٍ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ. (ص) وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ (ش) أَيْ: لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْمُسْلِمِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُؤَنِ تَجْهِيزِهِ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ مِنْ غُسْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَلْ يَلِيهِ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا سَيْرُهُ مَعَهُ وَدُعَاؤُهُ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ (ص) وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُغَسِّلَ أَبَاهُ الْكَافِرَ، وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ تَطْهِيرٌ وَتَابِعٌ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِمَا. وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ بَلْ يُوكِلُهُ إلَى أَهْلِ دِينِهِ يَلُونَهُ، إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَضِيعَ بِتَرْكِ أَهْلِ مِلَّتِهِ لَهُ فَلْيُوَارِهِ بِالتَّكْفِينِ فِي شَيْءٍ، وَالدَّفْنِ لَكِنْ لَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا قِبْلَتَهُمْ؛ لِأَنَّا لَا نُعَظِّمُ قِبْلَتَهُمْ بَلْ يَقْصِدُ مُوَارَاتَهُ لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ مَعَ خَوْفِ الضَّيْعَةِ، بَلْ كُلُّ كَافِرٍ يَجِبُ أَنْ يُوَارَى وَتُسْتَرَ عَوْرَتُهُ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ وَلَوْ حَرْبِيًّا. وَقَالَ بَعْضٌ: يُتْرَكُ الْحَرْبِيُّ. (ص) وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَحَبُّ إلَى مَالِكٍ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْغَيْرُ، إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ تَسْقُطُ فَرْضِيَّتُهُ بِقِيَامِ الْغَيْرِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ) أَيْ: كَافِرَةٌ وَذَلِكَ لِمَا قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُشْرِكُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ كَافِرٍ مِنْ عَابِدِ وَثَنٍ وَصَنَمٍ وَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى مَنْ قَالَ: لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَدُفِنَتْ كَافِرَةٌ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عَنْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ شُمُولَ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِجَعْلِ قَوْلِهِ: الْمُسْلِمِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَآلًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَحَقُّ قَوْلِهِ. . . إلَخْ) وَيُمْكِنُ صِحَّةُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ كَانَ يَلْزَمُ ضَيَاعُهَا، إنْ لَمْ يُوَارِهَا الْمُسْلِمُ أَيْ: وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِالْمَذْكُورِ مِنْ الْمَرْأَةِ . (قَوْلُهُ غَيْرَ مُثْقَلٍ) اسْتَحْسَنَ هَذَا بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ . (قَوْلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَرَادَ قِيَامَتَهُ فَتَدْخُلُ مُدَّةُ الْقَبْرِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ) أَيْ: بَلْ يَجُوزُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ) هَذَا مُشْكِلٌ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ، وَالْإِيصَاءُ بِالْمُحَرَّمِ لَا يَكُونُ إلَّا مُحَرَّمًا وَالْمُحَرَّمُ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْعَذَابُ الْحَقِيقِيُّ لَا التَّأَلُّمُ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ. . . إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَى غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ إلَى مَقَابِرِهِمْ أَوْ تَقْبِيلِهِ بِقِبْلَتِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ. . . إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَلِيهِ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ، إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَيَلِيهِ الْمُسْلِمُونَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا سَيْرُهُ. . . إلَخْ) مُفَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ غُسْلَهُ وَلَا تَكْفِينَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ الْحُضُورِ لِغُسْلِهِ أَوْ تَكْفِينِهِ كَأَنْ يُعَاوِنَ بِإِتْيَانِ مَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّقَانِيِّ: قَوْلُهُ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ أَيْ: فَقَطْ، بَلْ يُشَارِكُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ أَيْ أَنَّ وَلِيَّهُ الْمُسْلِمَ يَتَوَلَّى تَغْسِيلَهُ مَثَلًا بِحَضْرَةِ وَلِيِّهِ الْكَافِرِ وَلَا يُمَكَّنُ الْكَافِرُ مِنْ ذَلِكَ. اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَضِيعَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إلَّا أَنْ يَضِيعَ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ مُوَارَاةٌ بَعْدَ الضَّيْعَةِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ بَلْ يُقْصَدُ مُوَارَاتُهُ لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ) فِيهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا قِبْلَتُهُ وَقِبْلَتُنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْفَاعِلِ اخْتِيَارِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضٌ يُتْرَكُ الْحَرْبِيُّ) اُنْظُرْ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَافِرٍ وَكَافِرٍ وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يُوجِبُ تَرْكَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُحْتَرَمًا حَالَ الْحَيَاةِ فَاسْتُصْحِبَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِحَيْثُ تَأْكُلُهُ الْكِلَابُ (قَوْلُهُ تَسْقُطُ فَرْضِيَّتُهُ بِقِيَامِ الْغَيْرِ بِهِ) أَيْ: بِالشُّرُوعِ فِي الْقِيَامِ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقُمْ بِهِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ بِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ الْغَيْرِ بِالشُّرُوعِ ضَعِيفٌ إذْ الْمَذْهَبُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْإِتْمَامِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَإِنَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ وَيَبْقَى نَدْبُهُ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ كَجَارٍ وَقَرِيبٍ وَصَدِيقٍ أَوْ مِمَّنْ تُرْجَى بَرَكَةُ مَشْهُودِهِ بِأَنْ يَكُونَ صَالِحًا، فَإِنْ عُدِمَ الْأَوَّلُ بِأَنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا الْغَيْرُ تَعَيَّنَتْ، أَوْ عُدِمَ الثَّانِي بِوَجْهَيْهِ كَانَ النَّفَلُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ - أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ - أَفْضَلَ، وَخَصَّهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الْجِنَازَةِ. وَقَالَ ق: أَحَبُّ أَيْ أَفْضَلُ أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَعْظَمِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الصَّلَاةُ شَرَعَ فِيمَا يَلِيهِ رُتْبَةً، وَهُوَ الزَّكَاةُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِفَاصِلٍ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقَعَا فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا هَكَذَا وَهِيَ لُغَةً النُّمُوُّ يُقَالُ: زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَطَابَ وَحَسُنَ وَالْبَرَكَةُ زَكَتْ الْبُقْعَةُ إذَا بُورِكَ فِيهَا وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ فُلَانٌ زَاكٍ أَيْ كَثِيرُ الْخَيْرِ وَسُمِّيَتْ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تُنْقِصُ الْمَالَ حِسًّا لِنُمُوِّهِ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَشَرْعًا اسْمًا جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ شَرْطُ وُجُوبِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ بُلُوغُ الْمَالِ نِصَابًا، وَمَصْدَرًا إخْرَاجُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ شَرْطُ وُجُوبِهِ. . . إلَخْ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُتَعَلِّقَاتُ الزَّكَاةِ شَرْعًا سِتَّةٌ الْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ وَالنَّقْدَانِ وَالتِّجَارَةُ وَالْمَعَادِنُ وَالْفِطْرُ وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ كَابْنِ شَاسٍ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ عَلَى النَّقْدِ عَكْسَ تَرْتِيبِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لِشَرَفِ مَا يَنْمُو بِنَفْسِهِ وَقَدَّمَ الْحَيَوَانَ لِشَرَفِهِ عَلَى الْجَمَادِ فَقَالَ (بَابٌ تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ) (ش) هَذَا فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: كُلُّ نِصَابٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّعَمِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَزَكَاةُ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ.   [حاشية العدوي] بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلَمْ يَبْنِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى قَامَ بِهَا أَيْ: فَرَغَ مِنْهَا. يُشْكِلُ كَيْفَ تُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ مَعَ أَنَّ تَكْرَارَهَا مَكْرُوهٌ؟ وَبِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَالُ أَيْضًا: كَيْفَ يَكُونُ النَّفَلُ أَحَبَّ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَوْ سُنَّتِهَا؟ (قَوْلُهُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ) أَيْ: الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. وَقَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَدْخَلِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ ظَاهِرُهُ: وَلَوْ جَارًا أَوْ صَالِحًا وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ جَارًا أَوْ صَالِحًا وَذَلِكَ لِأَنَّ سِيَاقَهُ فِيمَا إذَا عُدِمَ الثَّانِي بِوَجْهَيْهِ. [بَابٌ الزَّكَاةُ] [بَابٌ تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ] (بَابُ الزَّكَاةِ) (قَوْلُهُ بَعْدَ الْإِيمَانِ) أَيْ دَالُّ الْإِيمَانِ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ (قَوْلُهُ إذَا نَمَا وَطَابَ وَحَسُنَ) عَطْفُ الطِّيبِ وَالْحُسْنِ عَلَى النُّمُوِّ مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ عَلَى مُرَادِفِهِ فَلَا يُقَالُ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ النُّمُوُّ وَالطِّيبُ وَالْحُسْنُ. (وَأَقُولُ) وَأَرَادَ بِالنُّمُوِّ مَا يَشْمَلُ الْعِظَمَ وَالْحُسْنَ وَقَوْلُهُ: إذَا بُورِكَ فِيهَا أَيْ وَقَعَتْ الْبَرَكَةُ فِيهَا وَلَا تَقِلُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّهَ أَوْقَعَ الْبَرَكَةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ فَاعِلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِهِ لَا تَكُونُ الْبَرَكَةُ فَاعِلًا وَالْبَرَكَةُ فِي الْبُقْعَةِ تَرْجِعُ لِكَثْرَةِ الْخَيْرِ فِيهَا فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ النُّمُوِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ (فَإِنْ قُلْت) وَعَلَى هَذَا لَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ: وَالْبَرَكَةُ وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ لِمَا قُلْنَا إنَّهُمَا مِنْ أَفْرَادِ النُّمُوِّ (قُلْت) لِأَنَّ النُّمُوَّ فِي الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ النُّمُوُّ فِي الذَّاتِ كَنُمُوِّ الزَّرْعِ بِخِلَافِ النُّمُوِّ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ بِهِ) أَيْ وَسُمِّيَتْ الزَّكَاةُ بِمَعْنَى الْجُزْءِ، أَوْ إخْرَاجِ الْجُزْءِ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ بِلَفْظِ زَكَاةٍ (قَوْلُهُ: لِنُمُوِّهِ فِي نَفْسِهِ) أَيْ بِسَبَبِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَكَرَ الْعِنْدِيَّةَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَاتِهِ ثَوَابُهُ لَا حَقِيقَتُهُ فَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ وَكَمَا أَنَّهُ سَبَبٌ فِي الثَّوَابِ سَبَبٌ فِي عَدَمِ تَلَفِهِ حِسًّا وَمَعْنًى وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةً بِمَعْنَى مُزْكِيَةٍ أَيْ مُنْمِيَةٍ أَيْ سَبَبٌ فِي النَّمَاءِ. (قُلْت) وَهَذَا لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَسُمِّيَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ زَكَاةً، وَإِنْ كَانَ مُنْقَصًا حِسًّا لِنُمُوِّهِ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ أَيْ مِنْ التَّسْمِيَةِ بِمَجَازِ التَّشْبِيهِ أَيْ مَجَازٍ هُوَ التَّشْبِيهُ اهـ. أَيْ فَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَالزَّكَاةِ أَيْ كَالنُّمُوِّ حِسًّا وَذَلِكَ لِأَنَّ تَنْمِيَتَهَا تَرْجِعُ لِمَا قُلْنَا فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ لِلَّفْظِ زَكَاةٌ مَا نَمَا حِسًّا. (قَوْلُهُ: لُغَةً وَشَرْعًا) أَيْ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ. (قَوْلُهُ: اسْمًا) مَنْصُوبٌ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ قَالَ شَارِحُ الْحُدُودِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ وَقِيلَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَصِحُّ نَصْبُ التَّمْيِيزِ بَعْدَهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِبْهَامِ الذَّاتِيِّ وَالْإِبْهَامِ الْعَرَضِيِّ. (قَوْلُهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ) هَذَا يُنَاسِبُ الِاسْمِيَّةَ لِأَنَّهُ مِنْ مَقُولَتِهَا وَجُزْءٌ مِنْ الْمَالِ يَشْمَلُ الْخُمُسَ فِي الرِّكَازِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: شَرْطُ وُجُوبِهِ إلَخْ مَخْرَجُ الْخُمُسِ وَمَا شَابَهَهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَدِّ الثَّانِي إخْرَاجٌ مُنَاسِبٌ لِلْمَصْدَرِيَّةِ وَأَرَادَ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ النِّصَابَ سَبَبٌ فِي الْوُجُوبِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ لِأَنَّ حَدَّ الشَّرْطِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ صُورَةِ مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ إذَا بَلَغَ مَالِي عِشْرِينَ دِينَارًا خَمْسَةُ دَنَانِيرَ فَإِنْ قُلْت النِّصَابُ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلنَّاذِرِ قُلْت لَمَّا ذَكَرَ مِقْدَارَهُ بَعْدَ تَسَامُحٍ فِي ذِكْرِهِ فِي الْحَدِّ لَا يُقَالُ يَرِدُ عَلَى حَدِّهِ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا قُبِضَ مِنْهُ دُونَ النِّصَابِ بَعْدَ قَبْضِ النِّصَابِ يَصْدُقُ فِي زَكَاةِ غَيْرِ النِّصَابِ أَنَّهَا زَكَاةٌ وَلَمْ يَبْلُغْ مَالُهَا نِصَابًا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُزَكَّى مُضَافٌ لِلْمَقْبُوضِ تَقْدِيرًا قَالَهُ شَارِحُ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: سِتَّةٌ. . . إلَخْ) هَكَذَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ، أَوْ يَقُولُ سَبْعَةٌ؛ لِأَنَّ الرِّكَازَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ نِصَابٍ) هُوَ لُغَةً الْأَصْلُ وَشَرْعًا مَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَسُمِّيَ النِّصَابُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ نَصِيبًا. (قَوْلُهُ: فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ نِصَابٍ إلَخْ) أَخَذَهُ مِنْ جَعْلِ إضَافَةِ نِصَابٍ إلَى النَّعَمِ لِلْعُمُومِ وَأَفَادَ هَذَا أَنَّ النَّعَمَ اسْمُ جِنْسٍ تَحْتَهُ أَنْوَاعُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَيْ أَمْرٌ كُلِّيٌّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ اسْمُ جَمْعٍ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ هِيَ جُمُوعٌ أَيْ دَالٌّ عَلَى جَمَاعَةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِصْبَاحِ وَكَذَا الْغَنَمُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ الْمِصْبَاحِ، وَأَمَّا الْبَقَرُ فَصَرَّحَ فِي الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ وَجَعَلَ وَاحِدَهُ بَقَرَةً وَأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَرَادَ بِهِ اسْمَ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَيَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الِاسْمِيَّ، وَهُوَ الْمَالُ الْمُخْرَجُ وَلَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ. (ص) بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ كَمُلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ كَمَالُ الْمِلْكِ لِعَيْنِ النِّصَابِ، أَوْ لِأَصْلِهِ كَالْأُمَّهَاتِ الْمُكَمَّلَةِ بِالنَّسْلِ وَالْحَوْلِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِمِلْكٍ مِمَّا لَا مِلْكَ لَهُ كَالْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ وَبِمِلْكِ الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِ الدَّيْنِ كَمَنْ قَبَضَ دِيَةً أَوْ سَلَمًا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَيَسْتَقْبِلُ. وَاحْتَرَزَ بِكَمَالِ الْمِلْكِ عَنْ مِلْكِ الْغَنِيمَةِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا وَعَنْ مِلْكِ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ لِعَدَمِ تَمَامِ تَصَرُّفِهِ لَا لِتَسَلُّطِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ لِانْتِقَاضِهِ بِالْمُكَاتَبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ. وَاحْتَرَزَ بِكَمَالِ الْحَوْلِ عَنْ عَدَمِ كَمَالِهِ فَلَا تَجِبُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي، وَأَمَّا جَوَازُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ فِيمَا لَا سَاعِيَ فِيهِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَرُخْصَةٌ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ كَمَا سَيَأْتِي. (ص) ، وَإِنْ مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً (ش) لَا خِلَافَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي السَّائِمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْلُوفَةِ فِي الْحَوْلِ، أَوْ بَعْضِهِ وَالْعَامِلَةِ فِي حَرْثٍ، أَوْ حَمْلٍ وَنَحْوِهِمَا فَمَذْهَبُنَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا أَيْضًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَنَا عُمُومُ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ وَفِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ، أَوْ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعْلُوفَةً أَيْ، وَإِنْ كَانَ النَّعَمُ مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً. . . إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ فَيَقُولُ: وَإِنْ مَعْلُوفًا وَعَامِلًا لَا مِنْهُ لَكِنْ فِي اسْمِ الْجَمْعِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ وَعَلَيْهَا مَشَى الْمُؤَلِّفُ وَالْعَامِلَةُ يُقَابِلُهَا الْمُهْمَلَةُ لَا الْهَامِلَةُ وَالْهَامِلَةُ عِبَارَةٌ مُهْمَلَةٌ. (ص) وَنِتَاجًا (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نِتَاجًا فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهَا لِأَنَّ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّتَاجِ الْأَخْذُ مِنْهُ بَلْ يُكَلَّفُ رَبُّهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُجْزِئُهُ وَالنِّتَاجُ بِكَسْرِ النُّونِ لَيْسَ إلَّا يُقَالُ: نُتِجَتْ النَّاقَةُ وَالشَّاةُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ التَّاءِ تُنْتَجُ نِتَاجًا وَلَدَتْ وَقَدْ نَتَجَهَا أَهْلُهَا بِفَتْحِ النُّونِ نِتَاجًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَنِتَاجًا وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَصْلِ كَمَا لَوْ نُتِجَتْ الْإِبِلُ غَنَمًا وَعَكْسُهُ فَتُزَكَّى عَلَى حُكْمِ أَصْلِهَا. (ص) لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ (ش) أَيْ لَا مِنْ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْأَنْعَامِ وَمِنْ الْوَحْشِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ إذَا ضَرَبَتْ فَحَوْلُ الظِّبَاءِ فِي إنَاثِ الْغَنَمِ أَوْ الْعَكْسُ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي النِّتَاجِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ دُخُولِ هَذَا النَّوْعِ تَحْتَ جِنْسِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ يَشْمَلُ مَا كَانَ مِنْهُمَا مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ، أَوْ بِأَكْثَرَ. (ص) وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ وَإِنْ قَبْلَ حَوْلِهِ بِيَوْمٍ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْلَى. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعْلِيلَهُ يُنْتِجُ التَّعَيُّنَ لَا الْأَوْلَوِيَّةَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَصِحُّ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ لَكِنْ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ إخْرَاجُ زَكَاةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ تَكْلِيفٌ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ. (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ. . . إلَخْ) اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِلْكِ فَقِيلَ سَبَبٌ وَقِيلَ شَرْطٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَرْنُ الْمُؤَلِّفِ لَهُ بِالشَّرْطِ يُؤَكِّدُ كَوْنَهُ شَرْطًا وَلَا يُشْكِلُ جَعْلُ الْبَاءِ لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِعَيْنِ النِّصَابِ) أَيْ لِذَاتِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَصْلِهِ كَالْأُمَّهَاتِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَالِكٌ لِذَاتِ النِّصَابِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ فِي كَمَالِ الْمِلْكِ فَيَصْدُقُ بِآخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُودَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ. (قَوْلُهُ: عَنْ مِلْكِ الدَّيْنِ) أَيْ عَنْ مِلْكِ مَا إذَا كَانَ دَيْنًا وَقَوْلُهُ: كَمَنْ قَبَضَ دِيَةً. . . إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكَ ذَاتَ النِّصَابِ تَحْقِيقًا وَاسْتِقْبَالُهُ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ ذَاتَ النِّصَابِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَنْ لَهُ دِيَةٌ، أَوْ سَلَمٌ عِنْدَ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ لِلدَّيْنِ لَا لِلْعَيْنِ. (قَوْله عَنْ مِلْكِ الْغَنِيمَةِ) أَيْ قَبْلَ قَسْمِهَا عَلَى الْجَيْشِ وَبَعْدَ حَوْزِهَا وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا أَيْ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ مَا يَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا تَجِبُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فِيمَا فِيهِ سَاعٍ وَلَا قَبْلَ مُضِيِّ الْعَامِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ سَاعٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى) أَيْ فِي الْكَلَأِ وَالْعُشْبِ النَّابِتِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ) أَيْ شُرُوطُ الزَّكَاةِ الْمُتَقَدِّمَةُ بِقَوْلِهِ: بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ كَمُلَا. (قَوْلُهُ: لَنَا عُمُومُ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُطْلَقٌ وَمَفْهُومُ الثَّانِي مُقَيَّدٌ وَالْقَاعِدَةُ رَدُّ الْمُطْلَقِ إلَى الْمُقَيَّدِ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ كُلٍّ . (قَوْلُهُ: وَفِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: الْغَنَمُ) مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَقَوْلُهُ فِي أَرْبَعٍ. . . إلَخْ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ) أَيْ قَوْلُ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي غَنَمِ أَهْلِ الْحِجَازِ السَّوْمُ. (قَوْلُهُ لَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّعَمِ (قَوْلُهُ: عِبَارَةٌ مُهْمَلَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ وَرَدَتْ. (قَوْلُهُ وَنِتَاجًا) قَالَ دَاوُد لَا زَكَاةَ فِي النِّتَاجِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: تُنْتَجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا رَأَيْتُهُ مَضْبُوطًا بِالْقَلَمِ فِي نُسْخَةٍ يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ مِنْ الْمُخْتَارِ إلَّا أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَدَتْ. (قَوْلُهُ نَتَجَهَا أَهْلُهَا) أَيْ اسْتَوْلَدُوهَا. (قَوْلُهُ: فَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا) مَثَلًا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ نَاقَةٌ وَلَدَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَتُزَكَّى شَاةٌ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً نَظَرًا لِحَوْلِ الْأُمِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ الْفَرْعِ نَاظِرًا لِحَوْلِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ) وَقِيلَ بِالزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُمِّ وَحْشِيَّةً فَلَا زَكَاةَ وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ وَشَهَرَهُ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْأُضْحِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ) وَهِيَ هُنَا مَا تَجَدَّدَ، وَلَوْ بِشِرَاءٍ، أَوْ دِيَةٍ لَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ حَوْلَهُ) يُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمَالِكِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلنِّصَابِ قَالَ فِي كَ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ الْمُرَادُ بِالْحَوْلِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْأَهِلَّةِ فِيمَا لَا سَاعِيَ لَهُ، أَوْ مَجِيءُ السَّاعِي بِالْمَعْنَى الْآتِي. اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 لَا لِأَقَلَّ (ش) الضَّمِيرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَائِدٌ عَلَى النِّصَابِ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ ثُمَّ أَفَادَ مَاشِيَةً أُخْرَى فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُضَمُّ إلَى الْأُولَى، وَلَوْ حَصَلَ اسْتِفَادَتُهُ لَهَا قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِ الْأُولَى بِلَحْظَةٍ إذَا كَانَتْ الْأُولَى نِصَابًا وَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَلَا تُضَمُّ الثَّانِيَةُ لَهَا يُرِيدُ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ حُصُولِ الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ حَصَلَتْ الْفَائِدَةُ بِوِلَادَةِ الْأُمَّهَاتِ فَحَوْلُهَا حَوْلُهُنَّ وَإِنْ كُنَّ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنَّ ضَمَّ الْفَائِدَةِ لِلنِّصَابِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِخِلَافِ جِنْسِهِ كَإِبِلٍ وَغَنَمٍ لَكَانَ كُلُّ مَالٍ عَلَى حَوْلِهِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِئِذٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي فَائِدَةِ الْمَاشِيَةِ بِخِلَافِ فَائِدَةِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ لِمَا قَبْلَهَا، وَلَوْ نِصَابًا، بَلْ تَبْقَى عَلَى حَوْلِهَا . (ص) الْإِبِلُ فِي كُلِّ خَمْسٍ ضَائِنَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزَ وَإِنْ خَالَفَتْهُ (ش) بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِالْإِبِلِ كَمَا فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةً ضَائِنَةً وَلَا شَيْءَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَتُؤْخَذُ الضَّائِنَةُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وُجُوبًا إذَا غَلَبَ ضَأْنُ الْبَلَدِ عَلَى مَعْزِهَا أَوْ تَسَاوَيَا وَلَا يُعْتَبَرُ غَنْمُ الْمُزَكِّي، أَمَّا إذَا غَلَبَ مَعْزُ الْبَلَدِ تَعَيَّنَ أَخْذُهَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِدَفْعِ الضَّأْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ: إنْ عُدِمَ بِمَحَلِّهِ الصِّنْفَانِ طُولِبَ بِكَسْبِ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ فَقَوْلُهُ: الْإِبِلُ مُبْتَدَأٌ وَفِي كُلِّ خَمْسٍ خَبَرٌ وَضَائِنَةٌ مَعْمُولُ الظَّرْفِ، أَوْ ضَائِنَةٌ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَفِي كُلِّ خَمْسٍ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِلْأَوَّلِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْعَائِدِ وَقَالَ ز: فِي كُلِّ خَمْسٍ ضَائِنَةٌ مُبْتَدَأٌ، أَوْ خَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْهُ ضَائِنَةٌ. (ص) وَالْأَصَحُّ إجْزَاءُ بَعِيرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا دَفَعَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسِ أَبْعِرَةٍ بَدَلًا عَنْ الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ أَجْزَأَ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْقَرَوِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالْبَعِيرُ فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِجْزَاءِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ ابْتِدَاءً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ فِي الْبَعِيرِ أَنْ تَفِيَ قِيمَتُهُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ سِنُّهُ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا يُجْزِئُ بَعِيرٌ عَمَّا يُجْزِئُ فِيهِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا لِأَقَلَّ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ وَأَعَادَ الْخَافِضَ لِلُزُومِ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ. (قَوْلُهُ: لَا لِأَقَلَّ) وَلَوْ صَارَتْ أَقَلَّ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مَا يَجِيءُ السَّاعِي قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْيَوْمَ عَلَى مُطْلَقِ الزَّمَنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] . (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي فَائِدَةِ الْمَاشِيَةِ بِخِلَافِ فَائِدَةِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ لِمَا قَبْلَهَا، وَلَوْ نِصَابًا، بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ مَوْكُولَةٌ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ فَائِدَتُهَا لَزِمَ خُرُوجُ السَّاعِي أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فِي السَّنَةِ، وَهُوَ مَشَقَّةٌ وَالْعَيْنُ مَوْكُولَةٌ إلَى أَمَانَةِ أَرْبَابِهَا فَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي تَكَرُّرِ الْإِخْرَاجِ وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ فِي الْعُتْبِيَّةِ هَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِيمَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ وَلَعَلَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ هَكَذَا فِي السُّعَاةِ صَارَ أَصْلًا وَطَرْدًا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ حُكْمُ مَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ أَنْ تَبْقَى كُلُّ فَائِدَةٍ عَلَى حَوْلِهَا كَالْعَيْنِ. اهـ. مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: الْإِبِلُ) لَوْ قَرَنَهُ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهَذِهِ الْفَاءُ هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إذَا أَرَدْت تَفْصِيلَ قَوْلِنَا زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ فَالْإِبِلُ فِيهَا كَذَا. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ: ضَائِنَةٌ) بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى النُّونِ لِأَنَّهَا مِنْ الضَّأْنِ وَهُوَ مَهْمُوزٌ وَلَيْسَ هُنَا يَاءٌ خِلَافًا لِبَهْرَامَ وَمَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَتْهُ) أَيْ وَإِنْ خَالَفَتْ غَنَمُ الْمَالِكِ جُلَّ غَنَمِ الْبَلَدِ وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ إلَى جُلِّ غَنَمِ الْبَلَدِ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ كَانَ جُلُّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزَ أُخِذَتْ مِنْهُ وَإِنْ خَالَفَتْ غَنَمُ الْمَالِكِ الْجُلَّ. (قَوْلُهُ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ ضَائِنَةً تَصْدُقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَأَنَّ التَّاءَ لِلْوَحْدَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ حِلٌّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ضَائِنَةٌ الَّذِي هُوَ قَاصِرٌ عَلَى الْأُنْثَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأُنْثَى يُقَالُ لَهَا ضَائِنَةٌ وَالذَّكَرَ يُقَالُ لَهُ ضَائِنٌ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّي تت صَرَّحَ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ ضَائِنَةً فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بَلْ وَصَحِيحٌ لُغَةً أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الضَّائِنَةُ هِيَ الشَّاةُ مِنْ الْغَنَمِ خِلَافُ الْمَعْزِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ تَسَاوَيَا) يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ. . . إلَخْ سَالِبَةٌ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جُلٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِي عِبَارَتِهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ إذَا تَسَاوَيَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّأْنِ وَالْأَقْرَبُ فِي هَذِهِ تَخْيِيرُ السَّاعِي وَكَذَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَزَادَ أَوْ يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ هَذَا الِاعْتِرَاضَ ثُمَّ ارْتَكَبَهُ هُنَا قَالَهُ مُحَشِّي تت. (تَنْبِيهٌ) : لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الضَّائِنَةُ بَلَغَتْ السِّنَّ الْمُجْزِئَ بِأَنْ تَكُونَ جَذَعَةً، أَوْ جَذَعًا وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ زَرُّوقٌ وَهَلْ يُلْحَقُ غَنَمُ التُّرْكِ بِالضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ) وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَاةٌ مِنْ الضَّأْنِ فَأَخْرَجَ عَنْهَا وَاحِدَةً مِنْ الْمَعْزِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا مَفْضُولَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَزِمَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ فَالْخَبَرُ حِينَئِذٍ جُمْلَةٌ) هَذَا إذَا قَدَّرْت الْمُتَعَلِّقَ فِعْلًا فَتَكُونُ ضَائِنَةٌ فَاعِلًا وَأَمَّا إذَا قَدَّرْتَهُ اسْمًا أَيْ وَضَائِنَةٌ فَاعِلٌ بِهِ فَهُوَ مُفْرَدٌ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ز إلَخْ) هُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ) أَيْ إعَانَةٌ هَذَا التَّعْلِيلُ صَادِقٌ حَتَّى عِنْدَ زِيَادَةِ قِيمَةِ الْبَعِيرِ إذَا أُخْرِجَ عَنْ شَاتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْحَابِنَا) أَيْ مَعْشَرَ الْمَالِكِيَّةِ وَهَلْ يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ خِلَافًا. . . إلَخْ) كَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا. . . إلَخْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 شَاتَانِ، وَلَوْ وَفَّتْ قِيمَتُهُ بِقِيمَتِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (ص) إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سَلِيمَةً فَابْنُ لَبُونٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ نِصَابَ الْإِبِلِ خَمْسٌ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا شَاةٌ إلَى تِسْعٍ فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ أَصْلًا، أَوْ وُجِدَتْ مَعِيبَةً فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إنْ وُجِدَ عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَيْضًا أَتَى بِبِنْتِ مَخَاضٍ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَجُعِلَ حُكْمُ عَدَمِ الصِّنْفَيْنِ كَحُكْمِ وُجُودِهِمَا فَإِنْ أَتَاهُ بِابْنِ لَبُونٍ فَذَلِكَ إلَى السَّاعِي إنْ أَرَادَ أَخَذَهُ وَرَأَى ذَلِكَ نَظَرًا وَإِلَّا أَلْزَمَهُ ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَلَوْ لَمْ يُلْزِمْ السَّاعِي صَاحِبَ الْإِبِلِ بِالْإِتْيَانِ بِبِنْتِ مَخَاضٍ حَتَّى جَاءَ بِابْنِ اللَّبُونِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ كَانَ فِيهَا وَعَلَى أَصْلِ أَصْبَغَ لَا يُجْبَرُ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ (ص) وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَسِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَإِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَسِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ تُؤْخَذُ هِيَ، أَوْ بَدَلُهَا إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَيْهَا إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ وَلَا يُؤْخَذُ عَنْهَا حِقٌّ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إلَى سِتِّينَ فَلَوْ دَفَعَ عَنْهَا بِنْتَيْ لَبُونٍ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةٌ كَانَ السَّاعِي بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِ حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ وُجِدَا، أَوْ فُقِدَا فَيَنْظُرُ فِيمَا يَرَاهُ أَحَظَّ لِلْمَسَاكِينِ فَيَأْخُذَهُ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَإِنْ وَجَدَ أَحَدَ السِّنِينَ تَعَيَّنَ أَخْذُهُ رِفْقًا بِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي. (ص) ثُمَّ فِي كُلِّ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ وَفَّتْ قِيمَتُهُ إلَخْ) مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ مُوَاسَاةٌ بِأَكْثَرَ مَوْجُودَةٌ هُنَا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ أَنَّ سَلِيمَةً حَالٌ مِنْ فَاعِلِ تَكُنْ بِمَعْنَى تُوجَدُ وَالْمَعْنَى فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي حَالِ كَوْنِهَا سَلِيمَةً، وَهُوَ صَادِقٌ بِعَدَمِ وُجُودِهَا أَصْلًا وَبِوُجُودِهَا مَعِيبَةً، أَوْ مُشْتَرَكَةً لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ كَرِيمَةً فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِابْنِ اللَّبُونِ لِلنَّهْيِ عَنْ أَخْذِ كَرَائِمِ النَّاسِ أَوَّلًا لِإِمْكَانِ الْأَصْلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى بَدَلِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فَابْنُ لَبُونٍ) أَيْ وَيُجْزِئُ عَنْ ابْنِ لَبُونٍ بِنْتُ لَبُونٍ بِالْأَوْلَى وَهَلْ يُجْبَرُ السَّاعِي عَلَى قَبُولِهَا خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَاهُ بِابْنِ لَبُونٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: أَتَى بِبِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَحَدَ السِّنَّيْنِ تَعَيَّنَ وَإِنْ وُجِدَا مَعًا تَعَيَّنَتْ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَإِنْ فُقِدَا مَعًا كُلِّفَ رَبُّ الْمَالِ بِنْتَ مَخَاضٍ فَإِنْ أَتَى بِابْنِ لَبُونٍ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ نَظَرًا هَذَا مَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَرَأَى ذَلِكَ نَظَرًا. . . إلَخْ) أَيْ إمَّا لِأَنَّهُ أَكْثَرُ ثَمَنًا، أَوْ لِنَحْرِهِ لَهُمْ يَأْكُلُونَهُ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ لَحْمًا لِأَنَّهُ أَكْبَرُ سِنًّا وَلَيْسَ لَنَا فِي الْإِبِلِ مَا يُؤْخَذُ فِيهِ الذَّكَرُ عَنْ الْأُنْثَى إلَّا ابْنَ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُلْزِمْ السَّاعِي. . . إلَخْ) شُرُوعٌ فِي قَوْلِ اللَّخْمِيِّ مُقَابِلًا لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إنْ أَتَى بِابْنِ لَبُونٍ فَذَلِكَ لِلسَّاعِي الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ وَقَدْ تَبِعَ ح وَالشَّيْخَ سَالِمًا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُفِيدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِمَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) وَلَا يَقُومُ مَقَامَهَا حِقٌّ وَإِنَّمَا قَامَ ابْنُ اللَّبُونِ مَقَامَ بِنْتِ الْمَخَاضِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَيَرِدُ الْمَاءَ وَيَرْعَى الْعُشْبَ فَعَادَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ فَضِيلَةَ أُنُوثَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْحِقُّ لَيْسَ فِيهِ مَا يَزِيدُهُ عَلَى بِنْتِ اللَّبُونِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُعَادِلُ فَضِيلَةَ أُنُوثَتِهَا. (قَوْلُهُ: بِالْخِيَارِ لِلسَّاعِي وَتَعَيَّنَ. . . إلَخْ) فَإِنْ اخْتَارَ السَّاعِي أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ وَعِنْدَ رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الصِّنْفَ الْآخَرَ أَفْضَلُ أَجْزَأَهُ مَا أَخَذَ السَّاعِي وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ زَائِدٍ قَالَهُ سَنَدٌ، وَإِنْ وُجِدَ الصِّنْفَانِ مَعًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا كَانَ كَالْعَدَمِ وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ الْكَرَائِمِ وَيَتَعَيَّنُ الصِّنْفُ الْآخَرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْمَالِ دَفْعَ الْكَرَائِمِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ زِيَادَةُ وَاحِدَةٍ كَامِلَةٍ فَلَوْ زَادَ جُزْءٌ مِنْ بَعِيرٍ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ (قَوْلُهُ: طَرُوقَةُ الْفَحْلِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ فَعُولَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ بَلَغَتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ الْحِمْلُ بِكَسْرِ الْحَاءِ بَدَلَ الْفَحْلِ أَيْ مُطِيقَةُ الْحِمْلِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ حَمْلًا لِقَوْلِهِ: فِي الْحَدِيثِ فَمَا زَادَ أَيْ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْعَقْدِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهِ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَقَطْ إلَى تِسْعٍ حَمْلًا مِنْهُ لِقَوْلِهِ: فِي الْخَبَرِ فَمَا زَادَ عَلَى مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ لَا الْعَشَرَاتِ بَعْدَ أَنْ أَوْجَبَ فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ حِقَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) فَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى حِقَّتَيْنِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ لِنَصِّ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى حِقَّةٍ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ فِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ كَمَا عَلِمْت وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ السَّاعِيَ مُخَيَّرًا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْحَدِيثِ: فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ. وَكَانَ زِيَادَةُ الْوَاحِدَةِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الزِّيَادَةِ وَوَجَدْنَا الْوَاحِدَةَ وَالْعِشْرِينَ وَمِائَةً تَصْلُحُ فِيهَا حِقَّتَانِ وَيَصْلُحُ فِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إذْ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ وَأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ أَرْبَعِينَاتِ وَوَجَبَ تَخْيِيرُ السَّاعِي هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ (ش) أَيْ ثُمَّ فِي كُلِّ تَمَامٍ أَوْ تَحَقُّقِ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ وَصَارَتْ مِائَتَيْنِ خُيِّرَ السَّاعِي عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ، أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتَا لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا سِتُّ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا خَمْسُ حِقَاقٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَكَذَا عَلَى ضَابِطِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا يُنْتَقَضُ بِشَيْءٍ مِمَّا أُورِدَ عَلَى ضَابِطِ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِهِمَا فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا. وَقَوْلُنَا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ: ثُمَّ فِي كُلِّ تَمَامٍ، أَوْ تَحَقُّقِ عَشْرٍ إلَخْ لِيَدْخُلَ فِي كَلَامِهِ الْمِائَةُ وَالثَّلَاثُونَ فَإِنَّ الْوَاجِبَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَمَامُ عَشْرٍ. (ص) وَبِنْتُ الْمَخَاضِ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً ثُمَّ كَذَلِكَ (ش) لَمَّا ذَكَرَ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ فِي النُّصُبِ شَرَعَ فِي بَيَانِ سِنِّهِ فَذَكَرَ أَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ هِيَ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً دَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبِلَ سَنَةً تَحْمِلُ وَسَنَةً تُرَبِّي فَأُمُّهَا حَامِلٌ قَدْ مَخَضَ الْجَنِينُ بَطْنَهَا ثُمَّ كَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَسْنَانِ الْمُرَتَّبَةُ، فَبِنْتُ اللَّبُونِ مَا أَوْفَتْ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا صَارَتْ تُرْضِعُ فَهِيَ لَبُونٌ، وَالْحِقَّةُ مَا أَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْحَمْلَ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا، وَالْجَذَعَةُ مَا أَوْفَتْ أَرْبَعَةً وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ وَالذَّكَرُ جَذَعٌ؛ لِأَنَّهَا تُجْذَعُ سِنُّهَا أَيْ تَسْقُطُ. (ص) الْبَقَرُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ ذُو سَنَتَيْنِ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ذَاتُ ثَلَاثٍ (ش) الْبَقَرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَقْرِ وَهُوَ الشَّقُّ؛ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْهَاءُ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ جِنْسٍ وَالْجَمْعُ الْبَقَرَاتُ وَالْبَاقُورُ جَمَاعَةُ الْبَقَرِ مَعَ رُعَاتِهَا وَالْبَيْقُورُ الْبَقَرُ وَكَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ فِي ثَلَاثِينَ بَاقُورَةً بَقَرَةٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالتَّبِيعُ الذَّكَرُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْأُنْثَى تَبِيعَةٌ وَالْجَمْعُ تِبَاعٌ وَتَبَائِعُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: ابْنُ السَّنَةِ تَبِيعٌ وَفِي الثَّانِيَةِ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ وَفِي الثَّالِثَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ، وَهِيَ الْمُسِنَّةُ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ ثَنِيَّتَهَا وَفِي الرَّابِعَةِ رَبَاعٌ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ رُبَاعِيَّتَهَا وَفِي الْخَامِسَةِ سُدُسٌ وَسَدِيسٌ لِإِلْقَائِهَا السِّنَّ الْمُسَمَّى سَدِيسًا وَفِي السَّادِسَةِ ظَالِعٌ ثُمَّ يُقَالُ: ظَالِعُ سَنَةً وَظَالِعُ سَنَتَيْنِ. . . إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَقَرَ إذَا بَلَغَ ثَلَاثِينَ فَفِيهِ تَبِيعٌ ذُو سَنَتَيْنِ إلَى تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهِ بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ ذَاتُ ثَلَاثِ سِنِينَ إلَى تِسْعٍ وَخَمْسِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَفِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّتَانِ فَإِذَا زَادَتْ عَشَرَةٌ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ أَوْ ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ إنْ وُجِدَا أَوْ فُقِدَا تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا كَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي مِائَتَيْ الْإِبِلِ فِي أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمِائَتَيْ الْإِبِلِ) أَيْ فِي التَّخْيِيرِ وَشَبَّهَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ تَمَامٍ، أَوْ تَحَقُّقِ عَشْرٍ إلَخْ) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: خُيِّرَ السَّاعِي عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) اُخْتُلِفَ عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ قِيلَ يُرَجَّحُ جَانِبُ السَّاعِي وَقِيلَ يُرَجَّحُ جَانِبُ رَبِّ الْمَالِ وَثَالِثُهَا إنْ وُجِدَ خُيِّرَ السَّاعِي وَإِلَّا خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ وَرَابِعُهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا) أَيْ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَفُقِدَ الْآخَرُ أَخَذَ مَا وَجَدَ وَلَمْ يُكَلَّفْ مَا فُقِدَ. (قَوْلُهُ: هِيَ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً) وَتُسَمَّى قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ حِوَارًا وَلَا يَأْخُذُهَا السَّاعِي عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَعَ زِيَادَةِ ثَمَنٍ وَلَا مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ وَيُؤَدِّي الثَّمَنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: مَخَضَ الْجَنِينُ بَطْنَهَا) أَيْ تَحَرَّكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: الْبَقَرُ) إنَّمَا لَمْ يَعْطِفْهَا فَيَقُولُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ نُصُبٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَ فِيهَا تَابِعٌ وَلَا مَتْبُوعٌ قَالَ فِي ك ثُمَّ إنَّ النُّسَخَ هُنَا مُخْتَلِفَةٌ فِي نُسْخَةِ الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ وَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا تُعْطِي أَنَّ هَذَا ضَابِطٌ كُلِّيٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ نِصَابِ الْبَقَرِ وَفِي نُسْخَةٍ الْبَقَرُ كُلَّ ثَلَاثِينَ بِغَيْرِ فِي وَبِنَصْبِ كُلٍّ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ التَّقْدِيرُ: فِي كُلٍّ وَهَذِهِ كَالْأُولَى وَفِي نُسْخَةٍ كُلٍّ بِالْجَرِّ وَذَلِكَ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ وَذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ أَيْضًا وَفِي نُسْخَةٍ الْبَقَرُ فِي ثَلَاثِينَ وَهَذِهِ أَحْسَنُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: تَبِيعٌ) وَإِنْ أَعْطَى تَبِيعَةً كَانَ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ فَيُجْبَرُ السَّاعِي عَلَى قَبُولِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: ذُو سَنَتَيْنِ) أَيْ أَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَسُمِّيَ تَبِيعًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ أَوْ يَتْبَعُ قَرْنَاهُ أُذُنَيْهِ (قَوْلُهُ: ذَاتُ ثَلَاثٍ) أَيْ أَكْمَلَتْ الثَّلَاثَ. (قَوْلُهُ تَبْقُرُ الْأَرْضَ) مِنْ بَابِ قَتَلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ) جَمْعِيٍّ فَمَدْلُولُهُ جَمْعٌ (قَوْلُهُ: رُعَاتُهَا) بِضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ رَاعٍ. (قَوْلُهُ: تِبَاعٌ وَتَبَائِعُ) أَيْ كَصِحَافٍ وَصَحَائِفَ فَتِبَاعٌ بِكَسْرِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: رَبَاعٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يُعْرَبُ مَنْقُوصًا فَتَقُولُ هَذَا رَبَاعٌ وَمَرَرْت بِرَبَاعٍ وَرَكِبْت رُبَاعِيًّا وَقَدْ يُعْرَبُ إعْرَابَ التَّامِّ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ فِي الْعَيْنِ قَالَهُ فِي التَّسْهِيلِ. (قَوْلُهُ: سَدَسَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالدَّالِ. (قَوْلُهُ وَسَدِيسٌ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْمِصْبَاحِ السَّدِيسُ الْمُلْقِي سِنَّهُ بَعْدَ الرَّبَاعِيَةِ (قَوْلُهُ: ظَالِعُ سَنَةٍ) يُقَالُ ظَلَعَ الْبَعِيرُ وَالرَّجُلُ ظَلْعًا مِنْ بَابِ نَفَعَ غَمَزَ فِي مَشْيِهِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْعَرَجِ وَلِذَا يُقَالُ هُوَ عَرَجٌ يَسِيرٌ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ. (قَوْلُهُ: تَبِيعٌ ذُو سَنَتَيْنِ) يُخَالِفُ كَلَامَ الْأَزْهَرِيِّ فَتَأَمَّلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 بِمِائَتَيْ الْإِبِلِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرُ التَّخْيِيرِ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ ضَابِطِهِ الْمُتَقَدِّمِ لَهُ فِي قَوْلِهِ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَلَيْسَ فِيهِ حَوَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ . (ص) الْغَنَمُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً جَذَعٌ، أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ مَعْزًا وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثٌ وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَنَمَ إذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَفِيهِ شَاةٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَلَا زَكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ لَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ إلَّا بِزِيَادَةِ الْمِئِينِ فَيَجِبُ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ فَفِي الْخَمْسِمِائَةِ خَمْسٌ وَهَكَذَا فَقَوْلُهُ: الْغَنَمُ مُبْتَدَأٌ وَفِي أَرْبَعِينَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَشَاةٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُلْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ لِفَسَادِهِ أَيْ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الثَّمَانِينَ شَاتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت وَالتَّاءُ فِي شَاةٍ لِلْوَحْدَةِ كَتَاءِ بَقَرَةٍ لَا لِلتَّأْنِيثِ فَلِذَا أَبْدَلَ مِنْهَا الْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ بِقَوْلِهِ جَذَعٌ، أَوْ جَذَعَةٌ بِالْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ فِيهِمَا. (ص) وَلَزِمَ الْوَسَطُ، وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ، أَوْ الشِّرَارُ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ لَا الصَّغِيرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَنْعَامَ مِنْ نَوْعٍ أَوْ نَوْعَيْنِ إذَا كَانَ فِيهَا الْوَسَطُ فَلَا إشْكَالَ فِي أَخْذِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَسَطٌ، بَلْ كَانَتْ خِيَارًا كُلُّهَا كَمَاخِضٍ وَأَكُولَةٍ وَهِيَ شَاةُ اللَّحْمِ تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، أَوْ شِرَارًا كُلُّهَا كَسَخْلَةٍ أَيْ صَغِيرَةٍ وَتَيْسٍ وَهُوَ الذَّكَرُ الَّذِي لَيْسَ مُعَدًّا لِلضِّرَابِ، وَذَاتِ مَرَضٍ وَعَيْبٍ فَإِنَّ السَّاعِيَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا وَيُلْزِمُ رَبَّهَا بِالْوَسَطِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَالِكُ بِدَفْعِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ فَلَهُ أَخْذُهَا لِبُلُوغِهَا سِنَّ الْإِجْزَاءِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا لِنَقْصِهَا عَنْ السِّنِّ . (ص) وَضَمُّ بُخْتٍ لِعِرَابٍ وَجَامُوسٍ لِبَقَرٍ وَضَأْنٍ لِمَعْزٍ (ش) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى زَكَاةِ النَّعَمِ إجْمَالًا وَكَانَ تَحْتَ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا صِنْفَانِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ اجْتِمَاعِهِمَا وَكَمَالِ النِّصَابِ مِنْهُمَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُضَمُّ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ بُخْتٌ إبِلٌ ضَخْمَةٌ مَائِلَةٌ إلَى الْقِصَرِ لَهَا سَنَامَانِ أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ تَأْتِي مِنْ نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ لِعِرَابٍ بِوَزْنِ جِرَابٍ خِلَافُ الْبَخَاتِيِّ وَكَذَلِكَ يُضَمُّ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ جَامُوسٌ دُونَ نِصَابٍ كَخَمْسَةَ عَشَرَ لِبَقَرٍ مِثْلِهَا وَيَجِبُ فِيهِ تَبِيعٌ وَالْجَامُوسُ بَقَرٌ سُودٌ ضِخَامٌ صَغِيرَةُ الْأَعْيُنِ طَوِيلَةُ الْخَرَاطِيمِ مَرْفُوعَةُ الرَّأْسِ إلَى قُدَّامَ بَطِيئَةُ الْحَرَكَةِ قَوِيَّةٌ جِدًّا لَا تَكَادُ تُفَارِقُ الْمَاءَ، بَلْ تَرْقُدُ فِيهِ غَالِبَ أَوْقَاتِهَا يُقَالُ: إذَا فَارَقَتْ الْمَاءَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ هَزَلَتْ رَأَيْنَاهَا بِمِصْرَ وَأَعْمَالِهَا قَالَهُ زَرُّوقٌ. وَكَذَلِكَ يُضَمُّ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ ضَأْنٌ كَعِشْرِينَ، وَهُوَ الْحَيَوَانُ ذُو الصُّوفِ لِمَعْزٍ مِثْلِهَا وَهُوَ الْحَيَوَانُ ذُو الشَّعْرِ فَيَجِبُ فِي الْمِثَالِ شَاةٌ وَإِنَّمَا ضُمَّ مَا ذُكِرَ لِتَقَارُبِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا فِي أَنْوَاعِ الثِّمَارِ وَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: وَضُمَّ. . . إلَخْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَضْمُومَ فَرْعٌ وَالثَّانِيَ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ. (ص) وَخُيِّرَ السَّاعِي إنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا (ش) يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ صِنْفَانِ مِنْ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ، أَوْ مِنْ بُخْتٍ وَعِرَابٍ، أَوْ مِنْ جَامُوسٍ وَبَقَرٍ وَتَسَاوَيَا كَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَمِثْلِهَا مَعْزًا، أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَقَرًا وَمِثْلِهَا جَامُوسًا فَإِنَّ السَّاعِيَ يُخَيَّرُ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِبَ مِنْ أَيِّ الصِّنْفَيْنِ شَاءَ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَحَظِّ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَوْلُهُ: وَخُيِّرَ دَلِيلُ الْجَوَابِ وَقَوْلُهُ: وَخُيِّرَ. . . إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ أَيْ وَإِذَا ضُمَّ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ لِلْآخَرِ فَتَارَةً تَجِبُ وَاحِدَةٌ وَتَارَةً يَجِبُ أَكْثَرُ. (ص) وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ (ش) أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ كَعِشْرِينَ عِرَابًا أَوْ جَامُوسًا، أَوْ ثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَعَشَرَةٍ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ فَلْيَأْخُذْ بِنْتَ الْمَخَاضِ وَالتَّبِيعَ وَالشَّاةَ مِنْ الْأَكْثَرَ، وَهُوَ الْعِشْرُونَ مِنْ أَحَدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: جَذَعٌ، أَوْ جَذَعَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ، أَوْ ثَنِيٌّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ يَأْتِي هَلْ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي، أَوْ لِلْمَالِكِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ لِلسَّاعِي، أَوْ لِرَبِّهَا قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعْزًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: جَذَعٌ، أَوْ جَذَعَةٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِي الْجَذَعُ وَلَا الْجَذَعَةُ مِنْ الْمَعْزِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي) نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا ابْنُ الْمَوَّازِ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمَا وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَا رَبِّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ فِيمَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ السَّاعِي وَأَمَّا مَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ فَهُوَ رَبُّ الْمَالِ وَهَذَا سَبَبُ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي جَارٍ فِيمَا فِيهِ الْوَسَطُ وَمَا انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ أَوْ الشِّرَارِ وَتَخْصِيصُ ج بِغَيْرِ الْأَوْلَى مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَظَوَاهِرُ نُصُوصِهِمْ وَنُصُوصِ الْأَحَادِيثِ قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: كَمَاخِضٍ. . . إلَخْ) أَيْ الَّتِي ضَرَبَهَا الطَّلْقُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْمِصْبَاحِ وَأَرَادَ شَارِحُنَا الَّتِي دَنَتْ وِلَادَتُهَا لَا خُصُوصَ الَّتِي ضَرَبَهَا الطَّلْقُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّي تت فَسَّرَهَا بِاَلَّتِي دَنَتْ وِلَادَتُهَا فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَتَيْسٌ هُوَ الذَّكَرُ إلَخْ) أَيْ الذَّكَرُ مِنْ الْمَعْزِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْضَى بِهِ السَّاعِي لِأَنَّهُ دُونَ حِقِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِعَدِّهِ مَعَ ذَوَاتِ الْعَوَارِ هَكَذَا نَقْلُ الْخِطَابِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَفِي قَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْضَى بِهِ السَّاعِي نَظَرٌ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا رَأَى الْمُصَدِّقُ أَخْذَ التَّيْسِ أَوْ الْهَزِيلَةِ، أَوْ ذَاتِ الْعَوَارِ فَلَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ضَخْمَةٌ) الْغَلِيظَةُ (قَوْلُهُ: الْخَرَاطِيمِ) جَمْعُ خُرْطُومٍ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ وَالْخُرْطُومُ الْأَنْفُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ طَوِيلَةُ الْأَنْفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 الصِّنْفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الثَّالِثِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْعَشْرِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ. (ص) وَثِنْتَانِ مِنْ كُلٍّ، وَإِنْ تَسَاوَيَا، أَوْ الْأَقَلُّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقْصٍ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ (ش) فِي هَذَا التَّرْكِيبِ حَذْفُ شَرْطٍ وَجَوَابِهِ أَيْ، وَإِنْ وَجَبَتْ ثِنْتَانِ أُخِذَتَا مِنْ كُلٍّ أَيْ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ شَاةٌ إنْ تَسَاوَيَا كَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ عِرَابًا وَثَلَاثِينَ بَقَرًا وَثَمَانِينَ ضَأْنًا وَمِثْلُ ذَلِكَ بُخْتًا وَجَامُوسًا وَمَعْزًا، أَوْ لَمْ يَتَسَاوَيَا فَكَذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ نِصَابًا، وَهُوَ غَيْرُ وَقْصٍ أَيْ مُوجِبٍ لِلثَّانِيَةِ كَمِائَةِ ضَائِنَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا، أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ لَمَّا كَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي وُجُوبِ الثَّانِيَةِ صَارَ كَالْمُسَاوِي فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ دُونَ نِصَابٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ وَقْصٍ كَمِائَةٍ مِنْ الضَّأْنِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْمَعْزِ وَكَذَا إنْ كَانَ نِصَابًا، وَهُوَ وَقْصٌ بِأَنْ لَمْ يُوجِبْ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا كَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا وَكَذَا إنْ كَانَ غَيْرَ نِصَابٍ، وَهُوَ وَقْصٌ كَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَثَلَاثِينَ مَعْزًا فَتُؤْخَذُ الشَّاتَانِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ، وَلَوْ قَالَ وَثِنْتَانِ مِنْهُمَا لَكَانَ أَظْهَرَ. (ص) وَثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا فَمِنْهُمَا وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ (ش) أَيْ ثَلَاثُ فَرَائِضَ كَانَتْ مِنْ إبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ وَقَوْلُهُ: فَمِنْهُمَا أَيْ أَخَذَ ثِنْتَيْنِ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ أَيْ وَإِنْ وَجَبَتْ ثَلَاثٌ فِي حَالِ كَوْنِ الصِّنْفَيْنِ قَدْ تَسَاوَيَا فَاثْنَانِ مِنْهُمَا وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ كَمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ ضَأْنًا وَمِثْلِهَا مَعْزًا. (ص) وَإِلَّا فَكَذَلِكَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا فَإِنْ كَانَ فِي الْأَقَلِّ عَدَدُ الزَّكَاةِ وَهُوَ غَيْرُ وَقْصٍ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُوجِبَ لِلشَّاةِ الثَّالِثَةِ أُخِذَ مِنْهُ شَاةٌ وَأُخِذَ الْبَاقِي مِنْ الْأَكْثَرِ كَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ ضَائِنَةً وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَوْ بِالْعَكْسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ كَمِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ضَائِنَةٍ وَثَلَاثِينَ مَعْزًا أَوْ كَانَ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ وَهُوَ وَقْصٌ بِأَنْ لَمْ يُوجِبْ الثَّالِثَةَ كَمِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ضَائِنَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا، أَوْ بِالْعَكْسِ أُخِذَ الثَّلَاثُ مِنْ الْأَكْثَرِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ فَكَذَلِكَ أَنَّ الثَّالِثَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ بِشَرْطَيْنِ كَوْنِهِ نِصَابًا، وَغَيْرِ وَقْصٍ وَالِاثْنَانِ يُؤْخَذَانِ مِنْ الْأَكْثَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (ص) وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ كُلُّ مِائَةٍ (ش) أَيْ فَيُعْتَبَرُ الْخَالِصُ عَلَى حِدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ ضَأْنٍ وَمِنْهَا مِائَةٌ بَعْضُهَا ضَأْنٌ وَبَعْضُهَا مَعْزٌ أَخْرَجَ ثَلَاثَةً مِنْ الضَّأْنِ وَاعْتُبِرَتْ الرَّابِعَةُ عَلَى حِدَتِهَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ فَفِي التَّسَاوِي يُخَيَّرُ السَّاعِي وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاعْتُبِرَ فِي الشَّاةِ الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ كَالْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى حِدَتِهَا مِنْ خُلُوصٍ وَضَمٍّ فَالْمِائَةُ الْخَالِصَةُ تُؤْخَذُ زَكَاتُهَا مِنْهَا شَاةٌ عَنْ كُلِّ مِائَةٍ وَالْمَضْمُومَةُ يُعْتَبَرُ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ، فَإِنْ تَسَاوَى صِنْفَاهَا خُيِّرَ فِي شَأْنِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا أُخِذَتْ مِنْ أَكْثَرِهِمَا . (ص) وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً مِنْهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْجَوَامِيسِ وَعِشْرُونَ مِنْ الْبَقَرِ يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ تَبِيعًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ تَبِيعًا مِنْ الْجَوَامِيسِ سَقَطَ مَا يُقَابِلُهُ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ فَالْفَاضِلُ مِنْهَا عَشَرَةٌ وَالْبَقَرُ عِشْرُونَ وَالْحُكْمُ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ الْبَقَرُ فَيُؤْخَذُ التَّبِيعُ الثَّانِي مِنْهَا كَأَرْبَعِمِائَةٍ فَيُضَمُّ الْخَالِصُ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَالرَّابِعَةُ مُجْتَمَعَةٌ فَيُنْظَرُ فِيهَا عَلَى حِدَتِهَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ وَلِذَا عَقَّبَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ: وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ كُلُّ مِائَةٍ فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَغَيْرَ وَقْصٍ مَعَ أَنَّ الْأَقَلَّ هُنَا دُونَ نِصَابٍ قُلْت: لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ تَتَقَرَّرْ النُّصُبُ أَمَّا بَعْدَ تَقَرُّرِهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يُنْظَرُ لِكُلِّ مَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِانْفِرَادِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَكْثَرِ حَيْثُ اخْتَلَفَ عَدَدًا وَصِنْفًا وَيُخَيَّرُ حَيْثُ اسْتَوَى عَدَدًا وَاخْتَلَفَ صِنْفًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْغَنَمِ نَظَرَ لَهَا وَقَطَعَ النَّظَرَ عَنْ غَيْرِهَا لِتَقَرُّرِ النُّصُبِ بِهَا وَالْمُرَادُ بِتَقَرُّرِ النُّصُبِ أَنْ يَسْتَقِرَّ النِّصَابُ فِي عَدَدٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ . (ص) وَمَنْ هَرَبَ بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ ظَاهِرَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ كَالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ وَثِنْتَانِ. . . إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَأُخِذَ ثِنْتَانِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْأَقَلُّ نِصَابٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ كَانَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَظْهَرَ) وَذَلِكَ لِيَكُونَ نَصًّا فِي أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ ثِنْتَانِ لَا أَكْثَرُ وَلَفْظُ كُلٍّ تَصْدُقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ. . . إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ، وَهُوَ وَقْصٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَقْصًا وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ كَمِائَةٍ مِنْ الضَّأْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْمَعْزِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ مُطْلَقًا وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا تِذْكَارٌ لِقَوْلِهِ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ الْخَالِصُ) الْأَوْلَى الْوَاوُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ تَقَرُّرِهَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا عِنْدَ تَقَرُّرِهَا أَيْ انْتِهَاءً كَمَا فِي الْغَنَمِ أَوْ ابْتِدَاءً كَمَا فِي الْبَقَرِ فَإِنَّ النِّصَابَ مُسْتَقِرٌّ فِي عَدَدٍ لَا يَتَغَيَّرُ، وَهُوَ أَنَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً فَتَعَدُّدُ الْمُخْرَجِ فِي الْبَقَرِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَقَرُّرِ النَّصْبِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَقِرَّ النِّصَابُ) أَيْ الْمُوجِبُ أَيْ أَنَّ الْمُوجِبَ تَقَرَّرَ أَيْ تَحَقَّقَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَإِنَّ الْمِائَةَ مُوجِبَةٌ لِشَاةٍ وَالثَّلَاثِينَ مُوجِبَةٌ لِتَبِيعٍ وَالْأَرْبَعِينَ مُوجِبَةٌ لِمُسِنَّةٍ فَقَوْلُهُ لِكُلِّ مَا أَيْ قُدِّرَ وَقَوْلُهُ بِانْفِرَادِهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ أَيْ لِكُلِّ قَدْرٍ بِانْفِرَادِهِ . (قَوْلُهُ: بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ) الْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ لَا بَاءُ السَّبَبِيَّةِ وَلَا بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ أَيْ هَرَبَ مِنْ الزَّكَاةِ مُسْتَعِينًا عَلَى هُرُوبِهِ بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ فَالْإِبْدَالُ مَهْرُوبٌ بِهِ وَالْمَهْرُوبُ مِنْهُ الزَّكَاةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 وَهِيَ نِصَابٌ سَوَاءٌ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ أَمْ لَا بِمَاشِيَةٍ أُخْرَى مِنْ نَوْعِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا كَانَتْ نِصَابًا أَمْ لَا أَوْ عَرَضٍ، أَوْ نَقْدٍ هَرَبًا مِنْ الزَّكَاةِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ زَكَاةَ الْمُبَدَّلَةِ بَلْ يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَتْ زَكَاتُهُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُخِذَ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ بَعْدُ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْإِبْدَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَرِيبٍ فَقَوْلُهُ (وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ بِقَرِيبٍ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْإِبْدَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِالْقُرْبِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ قُلْت عَزْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُلْت: إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْعَالِمُ بِكَلَامِ ابْنِ يُونُسَ فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ لَمْ يُعْتَبَرْ أَيْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْإِبْدَالُ بِمُجَرَّدِهِ دَلِيلًا عَلَى الْهُرُوبِ، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فِي الْخَلِيطَيْنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُبَدَّلُ دُونَ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ، وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ نِصَابًا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ أَبْدَلَهَا هُرُوبًا فَسَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ. . . إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِبْدَالِ وَلَيْسَتْ فِي الْأَخْذِ بِالزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ إذْ لَا يُزَكَّى مَالٌ قَبْلَ الْحَوْلِ وَقَدْ اعْتَرَضَ قَوْلَهُ عَلَى الْأَرْجَحِ بِأَنَّ فِيهِ بَحْثًا إذْ لَيْسَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ هُنَا اخْتِيَارًا لَهُ مِنْ الْخِلَافِ، بَلْ مِنْ نَفْسِهِ مُقَابِلًا بِهِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ بِالْفِعْلِ. (ص) وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ (ش) ضَمِيرُ بَنَى رَاجِعٌ لِمُبَدِّلِ الْمَاشِيَةِ بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعِهَا، أَوْ بِمُخَالِفِهَا سَوَاءٌ كَانَ فَارًّا، أَوْ غَيْرَ فَارٍّ، وَمَا ذَكَرَهُ تت مِنْ أَنَّ فَاعِلَ بَنَى الْبَائِعُ الْغَيْرُ الْفَارِّ وَإِنْ وَافَقَ مَا فِي الشَّامِلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَا يُشَكُّ أَنَّ الْفَارَّ يَبْنِي فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّ فَاعِلَ بَنَى ضَمِيرُ الْمُبَدِّلِ الْفَارِّ لَكَانَ مُطَابِقًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَبِنَاءُ غَيْرِ الْفَارِّ مُسْتَفَادٌ مِنْ بِنَاءِ الْفَارِّ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ قَالَ بِكَعَيْبٍ وَحَذَفَ الْفَلَسَ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ يَدْخُلُ هُوَ وَالْفَسَادُ تَحْتَ الْكَافِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْفَسَادَ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ انْتَقَلَ لِلْمُشْتَرِي فِي مَسْأَلَةِ الْعَيْبِ وَالْفَلَسِ قَطْعًا بِخِلَافِ الْفَسَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَسَادُ مُخْتَلَفًا فِيهِ، أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ مَاشِيَةً بَعْدَ أَنْ مَكَثَتْ عِنْدَهُ نِصْفَ عَامٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَامَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُدَّةً ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِفَسَادٍ أَوْ رَدَّهَا الْبَائِعُ بِفَلَسِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَبْنِي عَلَى حَوْلِهَا الَّذِي عِنْدَهُ فَيُزَكِّيَهَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا، أَوْ مِنْ يَوْمِ زَكَّاهَا وَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ رُجُوعَهَا لَهُ فِيمَا ذُكِرَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) كَمَا إذَا سَمِعَ الْهَارِبَ يَقُولُ يُرِيدُ السَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنِّي الزَّكَاةَ فِي هَذَا الْعَامِ هَيْهَاتَ مَا أَبْعَدَهُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ زَكَاتُهُ أَفْضَلَ) أَيْ لِقَوْلِهِ: فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ بَاعَ بَعْدَ الْحَوْلِ نِصَابَ إبِلٍ بِنِصَابِ غَنْمٍ هَرَبًا مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَ مِنْهُ الْمُصَدِّقُ زَكَاةَ مَا أَعْطَى وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةُ الَّذِي أَخَذَ أَفْضَلَ لِأَنَّ مَا أُخِذَ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ بَعْدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَرِيبٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَبْلَ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ، وَلَوْ قُبَيْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْكَاتِبِ فِي قَوْلِهِ: إنَّمَا يُعَدُّ هَارِبًا إنْ كَانَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَارِّ وَغَيْرِهِ فِي الْأَخْذِ بِزَكَاةِ الْمُبَدَّلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي صَدْرَ عِبَارَتِهِ الْمُفِيدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِبُعْدٍ لَا يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْمُبَدَّلِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْهَرَبِ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَقُولُ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ يُفِيدُ أَنَّ الْإِبْدَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِقُرْبٍ دَالٌّ عَلَى الْهُرُوبِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الْكَاتِبِ فِي مُجَرَّدِ التُّهْمَةِ الْعَارِي مِنْ الْقَرِينَةِ فَضْلًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ قِيَاسِ ذَلِكَ عَلَى الْخَلِيطَيْنِ وَنَصُّهُ: ذَكَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ الْكَاتِبِ الْقَرَوِيُّ إنَّمَا يُعَدُّ هَارِبًا مَتَى بَاعَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا يُعَدُّ هَارِبًا بِأَقْرَبِ الْحَوْلِ أَوْ بُعْدٍ وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْخُلَطَاءِ عِنْدَ الْحَوْلِ وَقُرْبِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمَا؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ بَقِيَتْ مَوَاشِيهِمْ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى حَلَّ الْحَوْلُ وَاَلَّذِي بَاعَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي مِثْلُ بَيْعِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ إذْ حَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي فَلَا فَرْقَ وَلِأَنَّ الْمُتَخَالِطَيْنِ إنَّمَا لَزِمَا حُكْمَ الِافْتِرَاقِ لِأَنَّهُمَا أَرَادَا بِذَلِكَ إسْقَاطَ شَيْءٍ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْفَارُّ إنَّمَا أَرَادَ إسْقَاطَ الزَّكَاةِ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ نِصَابًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُبَدَّلُ دُونَ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إنْ كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ وَأَبْدَلَهَا بِنِصَابٍ فَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ وَأَبْدَلَهَا بِنِصَابٍ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْفَارِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَاشِيَةٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ هَرَبَ بِإِبْدَالِ عَيْنٍ بِعَرَضٍ قِنْيَةً لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْفِرَارِ؛ لِأَنَّ عَرَضَ الْقِنْيَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ أَفَادَهُ فِي ك وَاعْلَمْ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تَظْهَرُ لِوُجُودِهَا فِي إبْدَالِ الْمَاشِيَةِ بِعَرَضٍ قِنْيَةً. (قَوْلُهُ: وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: بَنَى أَنَّهَا رَجَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَإِنْ رَجَعَتْ بَعْدَهُ زَكَّاهَا حِينَ الرُّجُوعِ فَإِنْ زَكَّاهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّى إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ مِنْهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا أَقَامَتْ عِنْدَهُ عَامَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي رَدٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا لِكَوْنِ الْبَيْعِ فَاسِدًا فَزَكَاتُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ مِنْ حِينِ فَوَاتِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ) بَلْ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الضَّمِيرَ هُنَا عَائِدًا عَلَى غَيْرِ الْفَارِّ؛ لِأَنَّ الْفَارَّ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي غَيْرِهِ لَا أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْفَارَّ لَا يُبْنَى لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْمُبَدَّلِ إذَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَأَحْرَى إنْ رَجَعَ (قَوْلُهُ: مُخْتَلَفًا فِيهِ. . . إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَفُتْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ) عِبَارَةُ بَهْرَامَ وَعَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بَيْعٌ حَادِثٌ فَإِذَنْ يَجِبُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ حَوْلًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 بَيْعٍ الْآنَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ رَجَعَتْ إلَيْهِ. (ص) كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةً تِجَارَةً وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ، أَوْ نَوْعِهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْإِبْدَالِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْفِرَارِ، وَالتَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْبِنَاءِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا رُجُوعٌ بِعَيْبٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِإِفَادَةِ الْبِنَاءِ فِيمَا إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَبْدَلَهَا بِمُخَالِفِهَا وَرَجَعَتْ إلَيْهِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَبْنِي فِي هَذَا أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ تِجَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَمْ لَا فَإِمَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِعَيْنٍ أَوْ بِنَوْعِهَا فَإِنْ أَبْدَلَهَا بِعَيْنٍ بَنَى عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ إنْ أَبْدَلَهَا قَبْلَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِي عَيْنِهَا لِكَوْنِهَا دُونَ نِصَابٍ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعَلَى حَوْلِ زَكَاةِ عَيْنِهَا إنْ أَبْدَلَهَا بَعْدَ أَنْ زَكَّاهَا؛ لِأَنَّ تَزْكِيَةَ عَيْنِهَا أَبْطَلَتْ حَوْلَ الْأَصْلِ، وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنَوْعِهَا كَبُخْتٍ بِعِرَابٍ وَبَقَرٍ بِجَامُوسٍ وَمَعْزٍ بِضَأْنٍ بَنَى عَلَى حَوْلِ الْمُبَدَّلَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ زَكَّى عَيْنَهَا أَمْ لَا لَا عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إجْمَالًا لِاخْتِلَافِ كَيْفِيَّةِ بِنَاءِ الْمُبَدَّلِ بِعَيْنٍ وَكَيْفِيَّةِ بِنَاءِ الْمُبَدَّلِ بِنَوْعِهَا، وَقَوْلُهُ (وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ نَوْعِهَا أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِبْدَالُ بِنَوْعِهَا لِاسْتِهْلَاكٍ كَمَا إذَا أَتْلَفَهَا شَخْصٌ وَتَقَرَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَأَخَذَ عَنْهَا مَاشِيَةً مِنْ نَوْعِهَا فَكَأَنَّهُ أَبْدَلَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ أَمَّا لَوْ أَخَذَ عَنْهَا عَيْنًا فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ يَبْنِي اتِّفَاقًا وَالْمُؤَلِّفُ قَالَ: وَبِلَوْ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ اُنْظُرْ الطِّخِّيخِيَّ خِلَافًا لح فِي تَرْجِيعِهِ لِلنَّوْعِ وَالْعَيْنِ. (ص) كَنِصَابِ قِنْيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابُ مَاشِيَةٍ لِلْقِنْيَةِ فَأَبْدَلَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا قَابَلَ الْمَاشِيَةَ فَيَشْمَلُ الْعُرُوضَ وَيُشْكِلُ عَلَى دُونِ نِصَابٍ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ لَا لِأَقَلَّ وَالْمُشْتَرَاةُ فَائِدَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْمُنَاسِبُ الِاسْتِقْبَالُ لَا الْبِنَاءُ حَيْثُ كَانَتْ الْأُولَى أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ جَعَلُوا هَذِهِ الْفَائِدَةَ كَالنِّتَاجِ، أَوْ أَنَّ هُنَا خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ وَهُنَاكَ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ تَأَمَّلْهُ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ مَاشِيَةِ التِّجَارَةِ عَرَضًا فَإِنْ كَانَ عَرَضَ تِجَارَةٍ فَحَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ مَلَكَ الْعَرَضَ، وَإِنْ كَانَ عَرَضَ قِنْيَةٍ فَمِنْ يَوْمِ اشْتَرَى الْمَاشِيَةَ بِهِ تَأَمَّلْ. وَالْقِنْيَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ النُّونِ الِادِّخَارُ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ وَقَوْلُهُ: وَبَنَى) أَيْ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَبْدَلَهَا بِمُخَالِفٍ لِنَوْعِهَا وَلِمَا إذَا كَانَ الْإِبْدَالُ عَلَى وَجْهِ الْفِرَارِ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَتْلَفَهَا شَخْصٌ وَتَقَرَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ) وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ دَعْوَاهُ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى دَعْوَاهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ اتِّفَاقًا بِمَا أَخَذَهُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ أَخَذَهُ وَلَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ يَبْنِي اتِّفَاقًا) عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَخَذَ الْمَاشِيَةَ عَنْ اسْتِهْلَاكٍ كَالْمُبَدِّلِ بِهَا ابْتِدَاءً قَالَ شَارِحُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اُسْتُهْلِكَ لَهُ مَاشِيَةٌ فَأَخَذَ عَنْهَا مَاشِيَةً كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ فَأَجْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْذِهِ النَّوْعَ عَنْ نَوْعِهِ أَوْ غَيْرِ نَوْعِهِ وِفَاقًا وَخِلَافًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَخْذُ الْعَيْنِ كَالْمُبَادَلَةِ بِاتِّفَاقٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَخَذَ عَيْنًا عَنْ الْمَاشِيَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَمَا لَوْ أَبْدَلَ مَاشِيَةً بِعَيْنٍ يُبْنَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُبْنَى عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلُهُ بِاتِّفَاقٍ أَيْ أَنَّ الشُّيُوخَ اتَّفَقُوا عَلَى إجْرَاءِ خِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيهَا وَلَوْلَا الِاتِّفَاقُ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُبَادَلَةَ أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ يُوجِبُ تُهْمَةَ مَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فِي مَكَانِ التُّهَمِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْبِنَاءَ بِخِلَافِ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ كَرْهًا فَيَنْبَغِي الِاسْتِقْبَالُ. اهـ. مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْرِفُ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فَهِمَهُ شَارِحُنَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرُ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ أَنَّ شَارِحَنَا فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا عَلِمْتَهُ وَكَلَامُ شَارِحِنَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ عب تَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) : جَعَلَ شَارِحُنَا الْمُبَالَغَةَ عَلَى مَاشِيَةِ التِّجَارَةِ وَعَلَى ذَلِكَ قَرَّرَهُ الْحَطَّابُ وَأَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اُسْتُهْلِكَتْ غَنَمُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ فِي قِيمَتِهَا دَرَاهِمَ زَكَّاهَا مَكَانَهُ؛ لِأَنَّ حَوْلَهَا قَدْ تَمَّ ابْنُ يُونُسَ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَخَذَ فِيهَا نِصَابًا وَكَانَتْ الْغَنَمُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ فَهَلْ يُزَكِّيهَا مَكَانَهُ، أَوْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا قَوْلَانِ. اهـ. وَأَمَّا إذَا أَخَذَ النَّوْعَ فَفِي الْبِنَاءِ وَالِاسْتِقْبَالِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الشُّيُوخُ فَطَرِيقُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ الْخِلَافُ سَوَاءٌ ذَهَبَتْ الْعَيْنُ أَوْ لَا وَقَالَ سَحْنُونَ الْقَوْلُ بِالِاسْتِقْبَالِ أَحْسَنُ وَطَرِيقُ حَمْدِيسٍ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ اخْتَلَفَ فِي عَيْبٍ يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي أَخْذِ الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ فَتَارَةً جَعَلَ الْمَأْخُوذَ عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ فَلَا زَكَاةَ كَمَنْ أَبْدَلَ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ وَتَارَةً جَعَلَهُ عِوَضًا عَنْ الْعَيْنِ فَيَبْنِي كَمَنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَتْ الْعَيْنُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ إلَّا الْقِيمَةُ فَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ فَاتَتْ أَعْيَانُهَا لَمْ يُزَكِّ قَوْلًا وَاحِدًا وَاسْتَقْبَلَ بِالْمَأْخُوذِ حَوْلًا، وَإِنْ فَاتَتْ فَوْتًا يُوجِبُ التَّخْيِيرَ بِالرِّضَا أَوْ تَضْمِينَهُ الْقِيمَةَ فَهَاهُنَا اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَطَرِيقَةُ عَبْدِ الْحَقِّ أَيْضًا وَزَادَ هُنَا إذَا ثَبَتَ الِاسْتِهْلَاكُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا زَكَّى الْغَنَمَ الَّتِي أَخَذَ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا بَاعَ غَنَمًا بِغَنَمٍ مِنْ النُّكَتِ إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ كَابْنِ الْحَاجِبِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ عَلَى طَرِيقِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْبِنَاءِ تَبَعًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَخْذُ الْمَاشِيَةِ عِنْدَ الِاسْتِهْلَاكِ كَمُبَادَلَةٍ بِهَا ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاسْتِقْبَالِ هُوَ مُخْتَارُ سَحْنُونَ وَلِذَا تَعَقَّبَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ تَفْصِيلَ حَمْدِيسٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَلَا اقْتَصَرَ عَلَى مُخْتَارِ سَحْنُونَ وَلَا أَتَى بِقَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعًا. اهـ. . قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْحَطَّابِ) الصَّوَابُ مَا لِلْحَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 أَوْ بِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ أَيْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ رِقَابَهَا أَوْ زَكَّاهَا فَالتَّشْبِيهُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَوْ أَبْدَلَهَا بِدُونِ نِصَابٍ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا إذَا أَبْدَلَهَا بِدُونِ نِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا، وَمَفْهُومُ نِصَابٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ دُونَ النِّصَابِ لِلْقِنْيَةِ وَأَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ أَنَّهُ لَا يَبْنِي وَيَسْتَقْبِلُ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَيْنِ صَحِيحٌ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَوْعِ الْمَاشِيَةِ فَلَا، بَلْ يَبْنِي كَعِشْرِينَ بَقَرَةً لِلْقِنْيَةِ أَبْدَلَهَا بِثَلَاثِينَ جَامُوسًا فَيُزَكِّيهِ عَلَى حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ الْبَقَرَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَنْطُوقُ قَوْلِهِ: كَنِصَابِ قِنْيَةٍ مُسَلَّمٍ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ بِعَيْنٍ، أَوْ نَوْعِهَا وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ يَعْنِي: فَإِنَّهُ يَبْنِي إذَا أَبْدَلَهَا بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعِهَا، وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ وَالْبَدَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَبْدَلَ دُونَ النِّصَابِ بِعَيْنٍ اسْتَقْبَلَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَبْدَلَهُ بِنَوْعِهِ بَنَى إنْ كَانَ الْبَدَلُ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ اسْتَقْبَلَ فَلَا اعْتِرَاضَ (ص) لَا مُخَالِفِهَا (ش) هَذَا مَفْهُومُ نَوْعِهَا أَيْ إنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ التِّجَارَةِ أَوْ الْقِنْيَةِ بِنَوْعِ مُخَالِفِهَا كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ ابْنُ رُشْدٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ تُشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي الْبَدَلِ نِصَابٌ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَقَالَ التُّونِسِيُّ: يَنْبَغِي إذَا كَانَ نِصَابًا فَبَاعَهَا بِدُونِ النِّصَابِ أَنْ يُضِيفَ ذَلِكَ إلَى مَالِهِ وَيَبْنِيَ. (ص) أَوْ رَاجِعَةٍ بِإِقَالَةٍ (ش) قَالَ ق قَوْلُهُ: لَا مُخَالِفِهَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَبَنَى لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ: أَوْ نَوْعِهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ رَاجِعَةٍ بِإِقَالَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُخَرَّجِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ: بِعَيْبٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ وَالتَّقْدِيرُ: وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ لَا فِي رَاجِعَةٍ بِإِقَالَةٍ كَمُبَدِّلِهَا بِنَوْعِهَا لَا إنْ أَبْدَلَهَا بِمُخَالِفِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ رَجَعَتْ لَهُ مَاشِيَةٌ بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا بِإِقَالَةٍ مِنْ مُبْتَاعِهَا فَلَا يَبْنِي، بَلْ يَسْتَقْبِلُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ قَبْلَهُ وَمِثْلُ الْإِقَالَةِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ (ص) ، أَوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَبْدَلَ عَيْنًا نِصَابًا بِمَاشِيَةٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالْمَاشِيَةِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا لِقِنْيَةٍ، أَوْ لِتِجَارَةٍ فَقَوْلُهُ: أَوْ عَيْنًا مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ وَالتَّقْدِيرُ: أَوْ أَبْدَلَ عَيْنًا. (تَنْبِيهٌ) : الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ عِنْدَهُ فَيَشْتَرِيَ بِهَا مَاشِيَةً كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَاشِيَةٌ بَاعَهَا بِعَيْنٍ ثُمَّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، أَوْ بَعْدَهُ أَخَذَ فِيهِ مَاشِيَةً مِنْ الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةٍ بِمَاشِيَةٍ فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَلَمَّا كَانَتْ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ تُشَارِكُ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ شُرُوطٍ وَتُخَالِفُهَا فِي بَعْضٍ أَفْرَدَهَا بِالْكَلَامِ وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اجْتِمَاعُ نِصَابَيْ نَوْعِ نَعَمِ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ فِيمَا يُوجِبُ تَزْكِيَتَهُمَا عَلَى مِلْكٍ وَاحِدٍ فَقَالَ (ص) وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ كَمَالِكٍ فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ وَسِنٍّ وَصِنْفٍ (ش) .   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ رِقَابَهَا) فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الْمَاشِيَةِ الْمُتَّخَذَةِ لِلْقِنْيَةِ، وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ النِّصَابِ فِي الْإِبْدَالِ بِالْعَيْنِ فِي الْقِنْيَةِ يَدُلُّ عَلَى إلْغَاءِ الثَّمَنِ الْأَصْلِيِّ وَأَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَّا لِحَوْلِ الْمُبَدَّلِ الَّتِي هِيَ الْمَاشِيَةُ النِّصَابُ فَمَا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ مِنْ الْبَحْثِ هُنَا وَالْجَوَابُ مُعْتَمِدًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ عج لَا يَسْلَمُ وَفِي ك وَفِي شَرْحِ (هـ) مَا نَصُّهُ: وَحَاصِلُ إبْدَالِ غَيْرِ الْفَارِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَدَلُ مِنْ النَّوْعِ، وَهُوَ نِصَابٌ فَإِنَّهُ يَبْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْمُبَدَّلُ نِصَابَ تِجَارَةٍ، أَوْ دُونَهُ أَوْ نِصَابَ قِنْيَةٍ، أَوْ دُونَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ الْمُبَدَّلُ مِنْهُ نِصَابًا وَلَوْ قِنْيَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَدَّلُ دُونَ نِصَابٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ التِّجَارَةِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لِلْقِنْيَةِ اسْتَقْبَلَ وَيُشِيرُ الْمُؤَلِّفُ لِهَذَا الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ: كَثَمَنِ مُقْتَنًى وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ فَائِدَةَ الْبِنَاءِ إنَّمَا تَظْهَرُ حَيْثُ كَانَ الْبَدَلُ نِصَابًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَشْبِيهٌ) أَيْ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أُبْدِلَ بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعِهِ، وَلَوْ كَانَ الْإِبْدَالُ بِوَجْهَيْهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ كَذَا فِي مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَعْتَرِضُ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) : مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَاشِيَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نِصَابَ عَيْنٍ، وَلَوْ لِقِنْيَةٍ فَأَبْدَلَهُ بِعَيْنٍ فَيَبْنِي أَيْضًا عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْنُ دُونَ نِصَابٍ أَبْدَلَهَا بِعَيْنٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ الْأَصْلِيَّةُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ اسْتَقْبَلَ بِالْبَدَلِ (قَوْلُهُ: وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ رِوَايَتِهِ بِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُضِيفَ ذَلِكَ إلَى مَالِهِ) أَيْ الْمُوَافِقِ لِلْبَدَلِ فِي النَّوْعِ (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ) الْأَنْسَبُ الشِّرَاءُ بَدَلَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إخْرَاجٌ وَالشِّرَاءَ إدْخَالٌ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهَا رَجَعَتْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ بِخِلَافِ مَا يُبْنَى فِيهِ فَإِنَّهَا رَجَعَتْ بِالْمِلْكِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: مَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ) أَيْ لَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَبْنِي فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ) مِنْ كَوْنِهَا لِلْقِنْيَةِ. (قَوْلُهُ: اجْتِمَاعُ نِصَابَيْ. . . إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُجْتَمِعُ نِصَابًا فَقَطْ وَعِنْدَ كُلٍّ مَا يُوَفِّي لَا يَكُونُ خُلْطَةً مَعَ أَنَّهُ خُلْطَةٌ عِنْدَ سَنَدٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافَ مَا يَأْتِي عَنْ التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْخُلَطَاءُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَمَعَ بِقَوْلِهِ: خُلَطَاءَ وَثَنَّى بِقَوْلِهِ: وَاجْتَمَعَا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فِيمَا يُوجِبُ تَزْكِيَتَهُمَا) الْمُوجِبُ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ وَمَنْفَعَةٍ فِي الْأَكْثَرِ أَيْ فِي حَالَةٍ تُوجِبُ تَزْكِيَتَهُمَا إلَخْ وَلَوْ قَالَ فِيمَا يُوجِبُ تَزْكِيَةً تَعُمُّهُمَا لَكَانَ أَظْهَرَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَهُ نِصَابَانِ فَأَكْثَرُ وَخَالَطَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ بِنِصَابٍ فَقَطْ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تَزْكِيَتِهِمَا يَعُودُ عَلَى النِّصَابَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَعَلَى بِمَعْنَى فِي عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى حَالِهَا عَلَى الثَّانِي . (قَوْلُهُ مِنْ قَدْرٍ) لَا ضَرُورَةَ لِذِكْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ: فِيمَا وَجَبَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ: كَمَالِكٍ فِي الزَّكَاةِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: وَسِنٍّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا وَجَبَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 يَعْنِي أَنَّ الْخُلَطَاءَ فِي الْمَاشِيَةِ الْمُتَّحِدَةِ النَّوْعِ كَالْإِبِلِ أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ نَوْعَيْنِ كَإِبِلٍ وَغَنَمٍ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ لَكِنْ لَا فِي كُلِّ الْوُجُوهِ الَّتِي يُوجِبُهَا الْمِلْكُ مِنْ ضَمَانٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ حُكْمَ الْخُلَطَاءِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ الِانْفِرَادُ، بَلْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ كَثَلَاثَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا وَسِنٌّ كَاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّ عَلَيْهِمَا مَعًا جَذَعَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا وَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لَوْ لَمْ تُوجَدْ الْخُلْطَةُ بِنْتُ لَبُونٍ فَحَصَلَ بِهَا تَنْقِيصٌ فِي الْقَدْرِ وَتَغْيِيرٌ فِي السِّنِّ وَصِنْفٌ كَاثْنَيْنِ لِوَاحِدٍ ثَمَانُونَ مِنْ الْمَعْزِ وَلِآخَرَ أَرْبَعُونَ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّ عَلَيْهِمَا وَاحِدَةً مِنْ الْمَعْزِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَاهَا وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثٌ وَلَيْسَ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْخُلْطَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ نِصَابٍ لِمَالِكٍ، بَلْ هُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ نِصْفُ النِّصَابِ مَثَلًا لِأَحَدِ الْمَالِكَيْنِ وَلِلْآخَرِ نِصَابٌ وَنِصْفُ نِصَابٍ وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) إنْ نُوِيَتْ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شُرُوطِ الْخُلْطَةِ وَذَكَرَ أَنَّهَا سِتَّةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ أَرْبَابُهَا قَدْ نَوَوْهَا أَيْ قَصَدُوا الْخُلْطَةَ وَأَصْلُ إنْ نُوِيَتْ إنْ نَوَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَنِيَّةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَغْوٌ وَالضَّمِيرُ فِي نُوِيَتْ لِلْخُلْطَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ خُلَطَاءَ. (ص) وَكُلٌّ حُرٌّ مُسْلِمٌ (ش) الثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْخُلَطَاءِ حُرًّا فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ عَبْدٍ وَحُرٍّ وَيُزَكِّي الْحُرُّ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْعَبْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ. الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مُسْلِمًا فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ وَيُزَكِّي الْمُسْلِمُ عَلَى حُكْمِ الِانْفِرَادِ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْكَافِرِ ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي وَكُلٌّ. . . إلَخْ وَاوُ الْحَالِ وَكُلٌّ مُبْتَدَأٌ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ الْعُمُومُ، وَحُرٌّ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أَيْ إنْ نُوِيَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ فِي حَالَةِ كَوْنِهَا عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ. (ص) مَلَكَ نِصَابًا (ش) الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مَلَكَ نِصَابًا وَلَوْ لَمْ يُخَالِطْ بِجَمِيعِهِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَخَالَطَ بِبَعْضِهِ صَاحِبَ نِصَابٍ ضَمَّ مَا لَمْ يُخَالِطْ بِهِ إلَى مَالِ الْخُلْطَةِ وَزَكَّى الْجَمِيعَ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ كُلٍّ نِصَابٌ وَخَلَطَ كُلٌّ بَعْضَ نِصَابِهِ بِبَعْضِ نِصَابِ الْآخَرِ بِحَيْثُ صَارَ مَا وَقَعَ فِيهِ الْخُلْطَةُ نِصَابًا هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ: مَلَكَ نِصَابًا وَلَمْ يَقُلْ: خَالَطَ بِنِصَابٍ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ تَقْرِيرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْخُلْطَةِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ وَأَنْ يُخَالِطَ بِهِ لَكِنْ اقْتَصَرَ س فِي شَرْحِهِ عَلَى مَا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَقَوَّاهُ ق بِقَوْلِهِ قَوْلُهُ: مَلَكَ نِصَابًا، وَلَوْ خَالَطَ بِبَعْضِهِ إذَا حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَالَطَ بِنِصَابٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ وَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: اجْتِمَاعُ نِصَابَيْ مِنْ أَنَّ الْخُلْطَةَ بِجَمِيعِ النِّصَابِ فَلَيْسَ شَرْطًا (ص) بِحَوْلٍ (ش) الْبَاءُ لِلْمُجَاوَزَةِ، وَهُوَ الْخَامِسُ أَيْ مِلْكًا مُجَاوِزًا لِلْحَوْلِ وَلَوْ لَمْ يُخَالِطْ لَهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا كَأَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يُجَاوِزْ مِلْكُهُ حَوْلًا وَيُزَكِّي مُجَاوِزَهُ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ فَلَوْ زَكَّى أَحَدُهُمَا غَنَمَهُ وَلَبِثَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ خَالَطَ رَجُلًا قَدْ تَمَّ حَوْلُهُ فَأَتَى السَّاعِي فِي شَهْرِ الْخُلْطَةِ زَكَّى مَنْ تَمَّ حَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ يَوْمِ يُزَكِّي إلَّا أَنْ يُخْرِجَ غَنَمَهُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْبَاءُ فِي بِحَوْلٍ بِمَعْنَى مَعَ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَلَكَ أَيْ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَلَكَ نِصَابًا مِلْكًا مَصْحُوبًا بِمُرُورِ حَوْلٍ فَالْحَوْلُ مُصَاحِبٌ لِلْمِلْكِ لَا لِلْخُلْطَةِ فَإِذَا مَلَكَ الْمَاشِيَةَ ثُمَّ مَكَثَتْ عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ خَالَطَ بِهَا وَمَضَى سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْخُلْطَةِ زَكَّى؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ مُصَاحِبٌ   [حاشية العدوي] مِنْ سِنٍّ وَصِنْفٍ مُسْتَلْزِمٌ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ: تَنْقِيصٌ فِي الْقَدْرِ وَتَغْيِيرٌ فِي السِّنِّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: مِنْ قَدْرٍ أَيْ بِدُونِ سِنٍّ وَصِنْفٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَسِنٍّ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَصِنْفٍ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ صَادِقٌ. . . إلَخْ) قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ آخِرًا فِيمَا يُوجِبُ. . . إلَخْ يَدْفَعُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إنْ نُوِيَتْ) كَأَنَّ الْحَطَّابَ لَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنْ يَقُولَ الْمُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَنْوِيَ الْفِرَارَ، أَوْ أَحَدُهُمَا نَوَى الْخُلْطَةَ أَمْ لَا عَلَى أَنَّ تَوَجُّهَهُمَا لِلْخُلْطَةِ نِيَّةٌ لَهَا حُكْمًا وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ تَكْفِي عَلَى أَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَازِمَةٌ لِوُجُودِهَا فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْعَبْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: وَاوُ الْحَالِ) وَصَاحِبُهَا الْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ نَوَى كُلٌّ الْخُلْطَةَ فِي حَالِ كَوْنِ كُلٍّ حُرًّا مُسْلِمًا وَالْمَحْذُوفُ مُرَاعًى لَا يُقَالُ شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ وَالنِّصَابِ وَالْحَوْلِ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ إذَا اتَّصَفَ أَحَدُ الْمَالِكَيْنِ بِالشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ تَبَعًا لَهُ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ تَعَرَّضَ لِلشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَحُرٌّ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ) أَيْ الْمَجْمُوعُ مُحْتَوٍ عَلَى خَبَرٍ بَعْدَ خَبَرٍ وَزَادَ الْحَطَّابُ شَرْطًا أَيْضًا فَتَصِيرُ سَبْعَةً، وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَا بِالْخُلْطَةِ الْفِرَارَ مِنْ تَكْثِيرِ الْوَاجِبِ إلَى تَقْلِيلِهِ فَإِنْ قَصَدَا ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ وَيُؤْخَذَانِ بِمَا كَانَا عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ الْفِرَارُ بِالْقُرْبِ وَالْقَرِينَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ: لَكِنْ اقْتَصَرَ س فِي شَرْحِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْرَبُ جِدًّا) اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَقِيلَ إذَا أَظَلَّهُمْ السَّاعِي كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقِيلَ الشَّهْرُ وَقِيلَ أَقَلُّ مِنْ الشَّهْرِ وَالشَّهْرُ فَأَكْثَرُ بَعِيدٌ وَقِيلَ الْقُرْبُ شَهْرَانِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ زَكَّى أَحَدُهُمَا غَنَمَهُ وَلَبِثَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ) قَالَ فِي ك اُنْظُرْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ مَجِيءُ السَّاعِي بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا وَبَعْدَ حَوْلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ لَا يَخْرُجُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ. اهـ. شَرْحُ س حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إلَّا بِمَجِيءِ السَّاعِي وَالسَّاعِي لَا يَخْرُجُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا يَتِمُّ هَذَا الْكَلَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 لِلْمِلْكِ لَا لِلْخُلْطَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ حَوْلَيْهِمَا فَلَوْ لَمْ يَتَّفِقَا لَمْ تَصِحَّ خُلْطَتُهُمَا ذَكَرَهُ ح وَالْمَوَّاقُ. (ص) وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ مُرَاحٍ وَمَاءٍ وَمَبِيتٍ وَرَاعٍ بِإِذْنِهِمَا وَفَحْلٍ بِرَفَقٍ (ش) هَذَا هُوَ السَّادِسُ مِنْ شُرُوطِ الْخُلْطَةِ، وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ الْخَلِيطَانِ بِمِلْكٍ لِلرَّقَبَةِ، أَوْ مَنْفَعَةٍ بِإِجَارَةٍ، أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إبَاحَةٍ، وَلَوْ لِعُمُومِ النَّاسِ فِي الْأَكْثَرِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْأَوَّلُ الْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا قِيلَ هُوَ حَيْثُ تُجْمَعُ الْغَنَمُ لِلْقَائِلَةِ وَقِيلَ حَيْثُ تُجْمَعُ لِلرَّوَاحِ لِلْمَبِيتِ. الثَّانِي الْمَاءُ وَمَعْنَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمَاءِ بِالْمَنْفَعَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَا بِئْرًا عَلَى أَخْذِ قَدْرٍ مَعْلُومٍ لِكُلِّ يَوْمٍ مِائَةُ دَلْوٍ مَثَلًا أَوْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى شِرْبِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. الثَّالِثُ الْمَبِيتُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَسْرَحِ وَمَوْضِعِ الْحِلَابِ. الرَّابِعُ الرَّاعِي بِأَنْ يَكُونَ وَاحِدًا يَرْعَى الْجَمِيعَ، أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ وَيَتَعَاوَنَانِ بِالنَّهَارِ عَلَى جَمِيعِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِينَ لَهُ، أَوْ لَهُمَا فِي ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْغَنَمِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ الْقِلَّةِ بِحَيْثُ يَقُومُ كُلُّ رَاعٍ بِمَاشِيَةٍ دُونَ عَوْنِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ اجْتِمَاعُ الرُّعَاةِ عَلَى حِفْظِهَا مِنْ صِفَاتِ الْخُلْطَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ تَعَاوُنُهُمْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ أَرْبَابِهَا. قَالَهُ الْبَاجِيُّ الْخَامِسُ الْفَحْلُ بِأَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مُشْتَرَكًا، أَوْ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ فَحْلُهَا وَيَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا بِحُصُولِ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ بِرَفَقِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْخَمْسَةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْفَحْلَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ كُلُّهَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ كَضَأْنٍ، أَوْ مَعْزٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ صِنْفَيْنِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ ضِرَابُ الْفَحْلِ فِي جَمِيعِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا الْفَحْلَ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ صِنْفَيْنِ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ وَجَامُوسٍ وَبَقَرٍ وَبِهَذَا يُرَدُّ تَوَهُّمُ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ فِي الْخُلْطَةِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ دَائِمًا وَقَوْلُهُ بِرَفَقٍ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ ح وَالْمُرَادُ بِالرَّفَقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيتِ وَالْمُرَاحِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ حَيْثُ تَعَدَّدَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَاءِ الِاشْتِرَاكُ فِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ) زَادَ فِي ك فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَكُونُ الرَّجُلَانِ خَلِيطَيْنِ وَيُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ حَتَّى يَكُونَ الْحَوْلُ قَدْ حَالَ عَلَى مَاشِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَمَاشِيَةُ الْآخَرِ خَمْسُونَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْهَا شَاتَيْنِ فَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةَ مَظْلَمَةٌ وَقَعَتْ، وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِالْوَاحِدَةِ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ مَظْلَمَةً وَقَعَتْ، وَإِنْ أَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْمِائَةِ وَوَاحِدَةً مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْخَمْسِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ رُجُوعٌ بِالشَّاةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَلَا تَرَادَّ فِي هَذَا إذْ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَكَّاهَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَمَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ غَنَمِهِمَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِتَأْوِيلٍ كَالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ تَأْوِيلِ الْأَخْذِ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا. . . إلَخْ إلَّا أَنَّ أَخْذَ الزَّكَاةِ فِيهِمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: إذْ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ تَأَوُّلِ السَّاعِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِيهَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. اهـ. ك وَفِي عب الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحَطَّابِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَوْ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ حَالَ عَلَى مَالِ الْآخَرِ وَلَمْ يَأْتِ السَّاعِي إلَّا بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ الثَّانِي فَإِنَّهُمَا لَا يَكُونُ خَلِيطَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ يَعْنِي أَنْ يَمُرَّ عَلَى كُلٍّ حَوْلٌ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَوَافَقَ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْحَوْلَ اتَّفَقَ فِيهِمَا لِأَنَّ الْحَوْلَ هُوَ مَجِيءُ السَّاعِي فَحَصَلَ اتِّفَاقٌ بِاعْتِبَارِ الْعَامِ الْمَارِّ عَلَيْهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَاجْتَمَعَا) أَيْ الْمَالِكَانِ أَوْ الْخَلِيطَانِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُجْتَمِعُ فِي الْخَمْسَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا إنَّمَا هُوَ الْمَاشِيَتَانِ وَلَا يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِمَا لِعَوْدِهِ عَلَى مَا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ مَالِكِ الْغَنَمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعُمُومِ النَّاسِ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُبَاحًا وَالْمُرَاحُ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ الْمُبَاحَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تُجْمَعُ الْغَنَمُ لِلْقَائِلَةِ) الْقَائِلَةُ وَقْتُ الْقَيْلُولَةِ، وَهُوَ النَّوْمُ نِصْفَ النَّهَارِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ فَإِذَنْ تَكُونُ اللَّامُ فِي لِلْقَائِلَةِ زَائِدَةً وَهَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَيْثُ تُجْمَعُ لِلرَّوَاحِ لِلْمَبِيتِ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي تُجْمَعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ مِنْهُ لِلْمَبِيتِ كَمَا أَفْصَحَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ) أَيْ شِرْبُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَيْ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: بِالْمَسْرَحِ) مَوْضِعُ السُّرُوحِ أَيْ الْخُرُوجِ لِلْمَرْعَى قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ سَرَحَتْ الْإِبِلُ سَرْحًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَسُرُوحًا خَرَجَتْ لِلرَّعْيِ بِالْغَدَاةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى السَّرَاحُ بِفَتْحِ السِّينِ الْإِرْسَالُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ الْقِلَّةِ. . . إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ الْقِلَّةِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَعَاوُنِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ اجْتِمَاعُهَا) أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَدُّهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ حَيْثُ تَعَدَّدَ) الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ ارْتِفَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَوْضِعَيْنِ حَيْثُ تَعَدَّدَ كَمَا قِيلَ فِي الرَّاعِيَيْنِ قَالَ عج وَانْظُرْ هَلْ تَجْرِي الْإِبَاحَةُ فِي الْمَبِيتِ وَالْمُرَاحِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَرْضٍ مَوَاتٍ لَيْسَتْ بِيَدِ وَاحِدٍ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ بِالْإِجَارَةِ، أَوْ الْإِعَارَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي مَنْفَعَةِ الرَّعْيِ يُتَبَرَّعُ بِهَا لَهُمَا كَالِاشْتِرَاكِ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ، أَوْ الْإِعَارَةِ وَعَلَى هَذَا وَمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ فِي الرَّوَاحِ وَالْمَبِيتِ يَكْفِي اجْتِمَاعُهُمَا فِي السَّقْيِ مِنْ الْبَحْرِ وَكَوْنُ مُرَاحِهِمَا وَمَبِيتِهِمَا بِأَرْضٍ مَوَاتٍ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَلِمَنْفَعَةِ رَاعٍ يَتَبَرَّعُ لَهُمَا شَخْصٌ بِمَنْفَعَةِ الْفَحْلِ الَّذِي تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَاشِيَةُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ، أَوْ تَعَدَّدَ اهـ. وَقَوْلُهُ وَاجْتَمَعَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ نُوِيَتْ أَيْ هُمَا كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ إنْ نُوِيَتْ الْخُلْطَةُ وَاجْتَمَعَا فِي الْأَكْثَرِ فِي الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرًّا مُسْلِمًا. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ الِاشْتِرَاكُ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمَاءِ إلَّا اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ مُبَاحًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 مَنْفَعَةِ مَا هُوَ مُبَاحٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ وَفِي الْفَحْلِ جَعْلُ مَالِكِهِ إيَّاهُ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ وَفِي الرَّاعِي مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ التَّعَاوُنِ حَيْثُ تَعَدَّدَ وَقَوْلُهُ: وَاجْتَمَعَا. . . إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ نُوِيَتْ أَيْ هُمَا كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ إنْ نَوَيَا الْخُلْطَةَ وَاجْتَمَعَا فِي الْأَكْثَرِ مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرًّا مُسْلِمًا مَالِكًا لِنِصَابٍ حَلَّ حَوْلُهُ وَأَتَى بِالْجَمْعِ أَوَّلًا وَبِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ ثَانِيًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ وَقْصٌ لِأَحَدِهِمَا فِي الْقِيمَةِ (ش) هَذَا ثَمَرَةُ الْخُلْطَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّاعِيَ إذَا أَخَذَ مِنْ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْ مَاشِيَتِهِمَا إنْ كَانَ لِكُلٍّ وَقْصٌ اتِّفَاقًا كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ سِتٌّ فَتُقَسَّمُ الثَّلَاثُ شِيَاهٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ خُمْسٌ فَعَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى صَاحِبِ السِّتَّةِ خُمُسَاهَا وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْوَقْصِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَإِنْ أَخَذَ الشَّاتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ التِّسْعَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبُعًا مِنْ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِتِسْعَةِ أَسْبَاعٍ مِنْ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ بَعْدَ جَعْلِهِمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبُعًا، أَوْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ رَجَعَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلَى صَاحِبِهِ بِسُبُعَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ الَّتِي دَفَعَهَا وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَوْقَاصَ غَيْرُ مُزَكَّاةٍ يَكُونُ عَلَى كُلٍّ شَاةٌ وَالْمُرَاجَعَةُ تَكُونُ فِي الْقِيمَةِ لَكِنْ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ جُزْءَ شَاةٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ شَاةً كَامِلَةً لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ لَا الْعَيْنُ وَعَلَيْهِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ لَا يَوْمَ التَّرَاجُعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَرْجُوعَ عَلَيْهِ كَالْمُتَسَلِّفِ. (ص) كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الْأَخْذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي التَّرَاجُعِ بِنِسْبَةِ الْعَدَدَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّاعِيَ إذَا أَخَذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا إنْ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَأَرْبَعَةِ نَفَرٍ لِكُلٍّ عَشَرَةٌ فَأَخَذَ عَنْ الْأَرْبَعِينَ مِنْ أَحَدِهِمْ شَاةً قُوِّمَتْ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ خُلَطَائِهِ بِدِرْهَمٍ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِهِمْ شَاتَيْنِ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَظْلَمَةً وَتَرَادُّوا فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَهُمْ إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَنِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ شَاةٍ مَظْلَمَةٍ وَتَرَادُّوا النِّصْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ، أَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَلِلْآخَرِ دُونَ النِّصَابِ كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ مِنْ الْغَنَمِ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَزَادَ السَّاعِي عَلَى شَاةٍ لِلْخُلْطَةِ فَأَخَذَ شَاتَيْنِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ لُزُومُ شَاةٍ وَاحِدَةٍ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ أَخْذُهُ بِالتَّأْوِيلِ أَشْبَهَ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ لَمْ يُنْقَضْ وَيَتَرَاجَعَا فِي الشَّاتَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِمَا وَعَلَى الْآخَرِ خُمُسُهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ وَقِيلَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ شَاةٌ وَتُقَسَّمُ الثَّانِيَةُ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا تت إلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِهِ فِي بَيَانِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَحْرِيفٌ. (ص) لَا غَصْبًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ كَأَخْذِهِ تَأْوِيلًا لَا غَصْبًا فَتَكُونُ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ وَفِي الْفَحْلِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْفَحْلِ إلَّا كَوْنُهُ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ. (قَوْلُهُ: مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ التَّعَاوُنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلِاشْتِرَاكِ فِي الرَّاعِي إلَّا التَّعَاوُنُ فِيهِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُهُ: سَابِقًا بِرَفَقِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ . (قَوْلُهُ: وَرَاجِعٌ. . . إلَخْ) فَاعِلٌ بِمَعْنَى فَعَلَ إذْ هُوَ قَدْ يَأْتِي بِمَعْنَى فَعَلَ وَعَبَّرَ بِهِ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ لِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِهِ لَاحْتَاجَ إلَى أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى فَيَقُولُ وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ وَقَوْلُهُ: فِي الْقِيمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرَاجِعٍ وَقَوْلُهُ شَرِيكِهِ أَيْ خَلِيطِهِ الْمُشَارِكِ لَهُ فِيمَا أَخَذَ، وَلَوْ عَبَّرْنَا بِالْخَلِيطِ بَدَلَ الشَّرِيكِ لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ جِنْسِ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ اتِّحَادِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الشَّرْحِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ قَالَ فَلَوْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً رَجَعَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ أَتْسَاعٍ إذْ الشَّاةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا صَاحِبُ التِّسْعَةِ عَنْ خَمْسَةٍ وَيَبْقَى مَعَهُ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ مُزَكَّاةٍ مَعَ خَمْسَةِ الْآخَرِ فَأُخِذَتْ الشَّاةُ عَنْ التِّسْعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْ مَاشِيَتِهِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ جُزْءَ شَاةٍ) كَمَا إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ تِسْعَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ جُزْءُ شَاةٍ وَكَذَا عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ بِاعْتِبَارِ الزَّائِدِ عَلَى خَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ شَاةً كَامِلَةً كَمَا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ فَقَطْ وَأَخَذَ شَاتَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ) هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْلِكِ وَقَوْلُهُ: بِنَاءً. . . إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ شَيْئًا ثُمَّ عِنْدَ الْأَجَلِ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّرَاجُعِ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا يَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ لَهَا فَلَا تَرَاجُعَ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا سَبْعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ فَأَخْذُ شَاةٍ زَائِدَةٍ مَحْضُ ظُلْمٍ. (قَوْلُهُ رَجَعَ. . . إلَخْ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَرَى تَأْثِيرَ الْخُلْطَةِ بِهَا دُونَ النِّصَابِ إذَا كَمُلَتْ نِصَابًا وَقَدْ نَسَبَهُ بَهْرَامُ لِابْنِ وَهْبٍ. (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ رَبِيعَةُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ إلَخْ وَأَرَادَ بِالْمَذْهَبِ مَذْهَبَ مَالِكٍ فَالْقَائِلُ بِالزَّائِدِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَهُوَ رَبِيعَةُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِمَا) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّاتَيْنِ أُخِذَتَا عَنْ الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحَ وَلِذَا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَى صَاحِبِ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا إنَّمَا أَوْجَبَ الْخُلْطَةَ فِي الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ فِي بَيَانِ الْأَوَّلِ تَحْرِيفٌ) فَقَدْ قَالَ تت فِي بَيَانِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا نَصُّهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى خَمْسَةٍ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا وَعَلَى الْآخَرِ خُمُسُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْ نَعَمِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَالْجَاهِلُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ وَقَوْلُهُ (أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ عَلَى أَوْ مِمَّنْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ أَيْ كَأَخْذِهِ غَصْبًا أَوْ أَخْذِهِ مِمَّنْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ، كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ مَنْ أُخِذَ مِنْ غَنَمِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَالْأَخْذُ مِمَّنْ ذُكِرَ غَصْبٌ مَحْضٌ وَالْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ، وَأَمَّا فِي الْمَعْطُوفِ فَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ. (ص) وَذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ذَوِي ثَمَانِينَ، أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ شَاةٌ وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا كَانَ عِنْدَ شَخْصٍ ثَمَانُونَ مِنْ الْغَنَمِ خَالَطَ بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا صَاحِبَ أَرْبَعِينَ وَبِالْأَرْبَعِينَ الْأُخْرَى شَخْصًا لَهُ أَيْضًا أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا أَيْ بِنِصْفَيْ الثَّمَانِينَ وَهُوَ أَرْبَعُونَ وَأَرْبَعُونَ ذَوَيْ ثَمَانِينَ بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ صَاحِبَيْ ثَمَانِينَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ: إنَّ الْخَلِيطَيْنِ كَالْخَلِيطِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ فَالْوَاجِبُ شَاتَانِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ الْمَاشِيَةِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَلِيطَيْهِ نِصْفُ شَاةٍ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَوْلِ: إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ لَا يَخْتَلِفُ. اهـ. نَعَمْ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي رَجُلٍ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا خَالَطَ بِخَمْسَةٍ مِنْهَا رَجُلًا صَاحِبَ خَمْسَةٍ وَبِالْعَشَرَةِ صَاحِبَ خَمْسَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَشْهُورُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْجَمِيعِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّانِي عَلَيْهِمْ خَمْسُ شِيَاهٍ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ شَاةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا خَالَطَ مِنْ الثَّمَانِينَ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَقَطْ وَأَبْقَى الْأَرْبَعِينَ الْأُخْرَى بِيَدِهِ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ، أَوْ بَلَدَيْنِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْمَوَّازِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ) أَيْ لِأَجْلِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: ذَوِي ثَمَانِينَ إلَخْ) لَوْ قَالَ ذَوِي أَرْبَعِينَ لَكَانَ أَظْهَرَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ ثَمَانُونَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعِينَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِنِصْفَيْهَا مِمَّا لَوْ خَالَطَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا كَثَلَاثِينَ وَآخَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا كَخَمْسِينَ فَإِنَّ خُلْطَةَ الْأَوَّلِ كَالْعَدَمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ إلَخْ) وَلَمْ يَذْكُرْ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَا خُلْطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ فَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ أَيْضًا شَاةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ ثَمَانِينَ فِيهَا شَاةٌ عَلَيْهِ نِصْفُهَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ نِصْفُ شَاةٍ الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ يُعَدُّ خَلِيطًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِجَمِيعِ الثَّمَانِينَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ خَلِيطٌ لِصَاحِبِ الثَّمَانِينَ بِالْأَرْبَعِينَ فَقَطْ فَالْوَاجِبُ شَاةٌ وَثُلُثَانِ عَلَى صَاحِبِ الْأَكْثَرِ ثُلُثَا شَاةٍ وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ إذَا عُدَّ خَلِيطًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ مَا كَانَ هُوَ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا شَاةٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا يُعَدُّ مُخَالِطًا لِصَاحِبِ الثَّمَانِينَ بِالْأَرْبَعِينَ الَّتِي خَالَطَتْهُ فَقَطْ وَالْفَرْضُ أَنَّ لَهُ أَرْبَعِينَ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ يُقَدَّرُ خَلِيطًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِجَمِيعِ مَاشِيَتِهِ وَأَنَّ كُلَّ طَرَفٍ لَا خُلْطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فَالْوَاجِبُ شَاةٌ وَثُلُثٌ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَا شَاةٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى الثَّمَانِينَ مَعَ الْأَرْبَعِينَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ كَانَ الْوَاجِبُ شَاةً عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَاهَا وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ الثُّلُثُ وَكَذَا التَّقْدِيرُ مَعَ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ إنَّمَا تُرِكَ فِي فَرْضٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْخَلِيطَيْنِ كَالْخَلِيطِ) أَيْ الْخَلِيطَيْنِ أَيْ صَاحِبَيْ الْأَرْبَعِينَ أَيْ الْمُخَالِطَيْنِ لِصَاحِبِ الثَّمَانِينَ بِمَثَابَةِ الْمُخَالِطِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ خَلِيطَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرْبَعِينَ الْخَلِيطُ أَيْ صَاحِبُ الثَّمَانِينَ لِأَنَّهُ مُخَالِطٌ لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ الْأُخْرَى وَقَوْلُهُ: خَلِيطٌ أَيْ لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ الْأُخْرَى فَكَأَنَّهُمَا كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ هُمَا الْخَلِيطَانِ وَالْمُصَنِّفُ مُخَالِفُهُ لِأَنَّهُ أَسْنَدَ الْخَبَرَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ لِصَاحِبِ الثَّمَانِينَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ خَلِيطٌ مُتَعَدِّدٌ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ كَالْوَاحِدِ حُكْمًا وَلَا ظُهُورَ لَهُ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَظْهَرُ) بَلْ يَظْهَرُ الْفَرْقُ فِي أَخْذِ السَّاعِي فَإِنْ قُلْنَا إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ يَأْخُذُ مِنْ الثَّمَانِينَ مِنْهُمَا شَاتَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ ثَمَانِينَ شَاةً عَلَى حِدَتِهَا (قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ وَاحِدٍ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ خَالَطَ بِأَرْبَعِينَ ذَا أَرْبَعِينَ وَأَبْقَى الْأُخْرَى وَقَوْلُهُ: أَوْ بِبَلَدَيْنِ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعُونَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا بِبَلَدٍ وَاَلَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْمُخَالَطَةُ بِبَلَدٍ أُخْرَى وَقَدْ وُجِدَ شُرُوطُ الْخُلْطَةِ مِنْ اتِّحَادِ الرَّاعِي وَالْمُرَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي فِيهِ الْخُلْطَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ) الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةً وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ نِصْفَ شَاةٍ لِأَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ مِنْهُمَا شَاةً مِنْ الثَّمَانِينَ الْمُخْتَلِطَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ عَنْ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَا خُلْطَةَ فِيهَا نِصْفَ شَاةٍ لِأَنَّهُ يُضِيفُهَا إلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي قَدَّرَهَا مَعَ خَلِيطِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ نِصْفُ شَاةٍ وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثَا شَاةٍ فَالْوَاجِبُ شَاةٌ وَسُدُسٌ سَحْنُونَ، وَهُوَ أَحَبُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 أَنَّ الْجَمِيعَ خَلِيطٌ فَالْوَاجِبُ شَاةٌ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَاهَا وَعَلَى الْآخَرِ الثُّلُثُ الْبَاجِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ وَعَلَى عَدَمِ زَكَاتِهَا يَكُونُ عَلَى كُلٍّ نِصْفُ شَاةٍ فَقَوْلُهُ: كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَهُوَ ذُو، وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَعْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ الْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ حُكْمًا لِأَنَّ مَعَهُ خَلِيطًا وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ وَخَلِيطُ خَلِيطٍ وَهِيَ الْأَرْبَعُونَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا فَلَا يَلْزَمُ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَصْعَبَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ شَاةٌ. . . إلَخْ جَوَابُ الْأُولَى وَحُذِفَ جَوَابُ الثَّانِيَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ جَوَابِ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُقَاسَمَةَ عَلَى حُكْمِ النِّصْفِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُقَاسَمَةَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى حُكْمِ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى غَيْرِهِ أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِحُكْمِ الْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُهُ: عَلَيْهِ شَاةٌ. . . إلَخْ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِي تَرَاجُعِ الْخُلَطَاءِ وَهَذِهِ فِي السَّاعِي بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ شَاةٍ أَوْ بَعِيرٍ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ لَا جُزْءًا وَعَلَيْهِ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ، أَيْ وَإِنْ وَجَبَ لِلسَّاعِي جُزْءُ شَاةٍ، أَوْ جُزْءُ بَعِيرٍ عَلَى أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِرِ: وَنَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْسٍ . (ص) وَخَرَجَ السَّاعِي وَلَوْ بِجَدْبٍ طُلُوعَ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ (ش) أَيْ وَخَرَجَ السَّاعِي لِجِبَايَةِ الزَّكَاةِ كُلَّ عَامٍ خِصْبٍ، أَوْ جَدْبٍ لِأَنَّ الضِّيقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَشَدُّ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ وَسُنَّةُ خُرُوجِهِ طُلُوعُ الثُّرَيَّا مَعَ الْفَجْرِ فَإِنَّ الثُّرَيَّا عِدَّةُ نُجُومٍ مَعْرُوفَةٍ طُلُوعُهَا يَكُونُ تَارَةً مَعَ الْغُرُوبِ وَتَارَةً عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَتَارَةً عِنْدَ نِصْفِهِ وَتَارَةً عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ بِحَسَبِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ وَخَرِيفٍ وَرَبِيعٍ وَتَارَةً مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي أَوَّلِ الصَّيْفِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَطُلُوعُ الثُّرَيَّا هُوَ النَّجْمُ الْمَعْرُوفُ بِالْفَجْرِ حِينَ تَسِيرُ النَّاسُ بِمَوَاشِيهِمْ إلَى مِيَاهِهِمْ وَطُلُوعُهَا بِالْفَجْرِ مُنْتَصَفُ أَيَارَ   [حاشية العدوي] إلَيَّ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَمِيعَ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي خَالَطَ بِهَا وَاَلَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ) قَالَ فِي ك وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ جَوَابًا الْجَوَابُ الْحُكْمِيُّ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ إذْ لَا شَرْطَ هُنَا أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْهُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ حُكْمًا) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا قُلْنَا كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ الْحَقِيقِيِّ وَلَمْ نَقُلْ مُخَالِطًا حَقِيقِيًّا لِأَنَّهُ خَلِيطٌ حُكْمًا بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خَلِيطٌ حُكْمًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا خَلِيطٌ حُكْمًا بِاعْتِبَارِ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ لَا حَقِيقَةً وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعَهُ خَلِيطًا أَيْ حَقِيقِيًّا بِاعْتِبَارِ الَّتِي خَالَطَ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَخَلِيطُ خَلِيطٍ أَيْ خَلِيطُ الْمُخَالِطِ لِشَيْءٍ فَالْخَلِيطُ الْأَوَّلُ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا وَالْمُخَالِطُ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي خَالَطَ بِهَا وَالشَّيْءُ وَاقِعٌ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُخَالِطَ لِلْمُخَالِطِ لِشَيْءٍ مُخَالِطٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ فَنَفْسُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا مُخَالِطٌ لِنَفْسِهِ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الْأُخْرَى مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا فِي مِلْكِهِ فَعُدَّ ذَاتَيْنِ اعْتِبَارًا وَنَفْسُهُ بِاعْتِبَارِ الَّتِي خَالَطَ بِهَا خَلِيطٌ حَقِيقَةً لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا خَلِيطًا حُكْمًا لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ وَخَلِيطًا حَقِيقَةً لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي خَالَطَ بِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا فِي مِلْكِهِ فَقَدْ خَلَطَ خَمْسَةً بِخَمْسَةٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَخَمْسَةُ الثَّانِيَةِ مَخْلُوطَةٌ بِخَمْسَةِ الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَرْبَعُونَ أَيْ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا خَلِيطُ خَلِيطٍ. (قَوْلُهُ: وَخَلِيطُ خَلِيطٍ) وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَصْعَبَهُ الْبِسَاطِيُّ) أَيْ بِقَوْلِهِ: إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ لَا يَجْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُخَالِطَ لِشَيْءٍ خَالَطَ آخَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُخَالِطُ مُخَالِطًا لِآخَرَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ مُخَالِطٌ لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ قَطْعًا فَيَكُونُ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْبَعِينَ خُلْطَةَ بِنَاءٍ عَلَى أَنَّ مُخَالِطَ الْمُخَالِطِ لِشَخْصٍ مُخَالِطٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يَأْتِي هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ إلَّا مُخَالِطٌ وَاحِدٌ لِآخَرَ هَذَا بَيَانُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَيْسَ فِيهَا إلَّا خَلِيطٌ وَاحِدٌ أَيْ فَلَيْسَ فِيهَا خَلِيطُ خَلِيطٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ فِيهَا خَلِيطَ خَلِيطٍ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا وَالْحَقُّ أَنَّهُ اسْتِصْعَابُ حَقٍّ. (قَوْلُهُ: وَحُذِفَ جَوَابُ الثَّانِيَةِ) وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ حَذْفَ الْوَاوِ وَمَا عُطِفَتْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ تَقْدِيرُهُ عَلَيْهِ شَاةٌ وَثُلُثَاهَا أَيْ شَاةٌ فِي الْأُولَى وَثُلُثَاهَا فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى غَيْرِهِ. . . إلَخْ أَيْ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ وَهُوَ نِصْفُ شَاةٍ فِي الْأُولَى وَثُلُثٌ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ لَهُ جُزْءُ شَاةٍ) لَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْجُزْءِ مَعَ مَا مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا عَلَى مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَخْذُ الَّذِي هُوَ جَوَابٌ عَنْ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجَدْبٍ) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ الظَّرْفِيَّةِ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ لَا يُخْرِجُ سَنَةَ الْمَجَاعَةِ ثُمَّ فِي سُقُوطِهَا وَأَخْذِهَا سَنَةَ الْخِصْبِ لِلْعَامَيْنِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: طُلُوعُ الثُّرَيَّا. . . إلَخْ) لَيْسَ ظَرْفًا وَإِنَّمَا هُوَ مَصْدَرٌ نَائِبٌ عَنْ الظَّرْفِ أَيْ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْمَصْدَرُ يَنُوبُ عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ بِكَثْرَةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكِ: وَقَدْ يَنُوبُ. . . إلَخْ وَنَفَقَةُ السُّعَاةِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَمِنْ الزَّكَاةِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: خِصْبٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجَدْبُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَأَمَّا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا (قَوْلُهُ: وَسُنَّةُ خُرُوجِهِ) أَيْ طَرِيقَةُ خُرُوجِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ حَقِيقَتَهَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الثُّرَيَّا عِدَّةُ نُجُومٍ) أَيْ أَحَدَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَتَارَةً مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. . . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الثُّرَيَّا مَوْجُودَةٌ دَائِمًا إلَّا نَحْوَ شَهْرٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنَّهَا تَغِيبُ وَتَكُونُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ مَوْجُودَةً فِي النَّهَارِ وَتُسَمِّي الْعَامَّةُ ذَلِكَ بِالْخَمَاسِينِ (قَوْلُهُ: هُوَ النَّجْمُ الْمَعْرُوفُ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَقَوْلُهُ: حِينَ خَبَرُ قَوْلِهِ: وَطُلُوعُ وَقَوْلُهُ بِالْفَجْرِ مُتَعَلِّقٌ بِطُلُوعٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 عَلَى حِسَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَعَلَى حِسَابِ الْمَغَارِبَةِ وَالْفَلَّاحِينَ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ بَشَنْسَ وَالشَّمْسُ فِي عَاشِرِ دَرَجَةٍ مِنْ بُرْجِ الْجَوْزَاءِ، وَهُوَ أَوَّلُ فَصْلِ الصَّيْفِ وَإِنَّمَا طُلِبَ خُرُوجُ السُّعَاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ رِفْقًا بِالنَّاسِ لِاجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ فَمَنْ أَعْوَزَهُ سِنٌّ يَجِدُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَتَخِفُّ الْمَشَقَّةُ عَنْهُمْ بِحَمْلِ الزَّكَاةِ إلَى السُّعَاةِ، أَوْ تَعَبِ السُّعَاةُ بِالسَّيْرِ إلَيْهِمْ وَهُمْ مُتَفَرِّقُونَ عَلَى الْمِيَاهِ وَالْمَرَاعِي لَوْ خَرَجُوا فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ إنَاطَةَ الْأَحْكَامِ بِالسِّنِينَ الْقَمَرِيَّةِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ هُنَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَانْظُرْ نَصَّهُ وَاعْتِرَاضَ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَيْهِ وَالرَّدَّ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ فَأَصْلُ خُرُوجِ السَّاعِي وَاجِبٌ، وَأَمَّا خُرُوجُهُ فِي الْوَقْتِ الْخَاصِّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ وَالتَّأَخُّرُ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُهُ. (ص) ، وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ وَبَلَغَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ كَالنِّصَابِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إنْ كَانَ ثَمَّ سُعَاةٌ وَيُمْكِنُهُمْ الْوُصُولُ إلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي وَعَدٌّ وَأَخْذٌ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى قَوْمٍ فَالزَّكَاةُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا أَوْ وَصَلَ وَلَمْ يَعُدَّ، أَوْ عَدَّ وَلَمْ يَأْخُذْ فَزَادَتْ، أَوْ نَقَصَتْ بِمَوْتٍ، أَوْ ذَبْحٍ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْفِرَارُ فَالْمُعْتَبَرُ مَا وُجِدَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ سَأَلَ فَنَقَصَتْ، أَوْ زَادَتْ وَلَمْ يُصَدِّقْ، أَوْ صَدَّقَ وَنَقَصَتْ فَالْمَوْجُودُ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَجِيءِ السَّاعِي لَا لِخُرُوجِهِ فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَلَا لِلسَّاعِي لِأَنَّهُ اسْمُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى حِسَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ) أَرَادَ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الرُّومِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى حِسَابِ الْمَغَارِبَةِ وَالْفَلَّاحِينَ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا كَمَا اُشْتُهِرَ اصْطِلَاحٌ قِبْطِيٌّ فَكَيْفَ يُسْنِدُهُ لِلْفَلَّاحِينَ وَالْمَغَارِبَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أَرَادَ فَلَّاحِي مِصْرَ لِأَنَّهُمْ قِبْطٌ فِي الْأَصْلِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ اصْطِلَاحَهُمْ حَادِثٌ وَأَنَّ اصْطِلَاحَ الرُّومِ قَدِيمٌ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَغَارِبَةَ وَافَقَتْ أَهْلَ مِصْرَ فِي هَذَا الِاسْتِعْمَالِ. (قَوْلُهُ وَنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ) هُوَ طَلَبُ خُرُوجِ السُّعَاةِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَعْوَزَهُ) أَيْ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ أَعْوَزَهُ الشَّيْءُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَعْوَزَهُ أَعْجَزَهُ وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِحَمْلٍ. . . إلَخْ) أَيْ الْمَشَقَّةُ حَاصِلَةٌ بِسَبَبِ حَمْلِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَشَقَّةِ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) وَذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالسِّنِينَ الشَّمْسِيَّةِ إسْقَاطُ عَامٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ عَامًا قَالَ وَالصَّوَابُ الْبَعْثُ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَامِ الْقَمَرِيِّ لَا الشَّمْسِيِّ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْبَعْثَ حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَةِ الْفَرِيقَيْنِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِالْمِيَاهِ لَا أَنَّهُ حَوْلٌ لِكُلِّ النَّاسِ بَلْ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ الْقَمَرِيِّ فَاللَّازِمُ فِيمَنْ بَلَغَتْ أَحْوَالُهُ الشَّمْسِيَّةُ مَا تَزِيدُ عَلَيْهِ الْقَمَرِيَّةُ حَوْلًا كَوْنُهُ فِي الْعَامِ الزَّائِدِ كَمَنْ تَخَلَّفَ سَاعِيهِ لَا سُقُوطُهُ وَمَنْ تَخَلَّفَ سَاعِيهِ وَأَخْرَجَ أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ السَّاعِي، وَلَوْ أَدَّى إلَى إسْقَاطِ عَامٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ عَامًا أَيْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُهُ لِلْقَرَافِيِّ فِي فُرُوقِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَمَّا عَلَّقَ الْحُكْمَ هُنَا بِالسِّنِينَ الشَّمْسِيَّةِ عُلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ عَامٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ عَامًا وَبَحْثُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ اهـ. (فَائِدَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الشَّمْسِيَّةِ تَزِيدُ عَلَى السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. (قَوْلُهُ: فَأَصْلُ خُرُوجِهِ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَسِيلَةُ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ. . إلَخْ) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ سُنَّةُ السُّعَاةِ أَنْ يَخْرُجُوا أَوَّلَ الصَّيْفِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي بِمَوَاشِيهِمْ عَلَى الْمِيَاهِ لِلتَّخْفِيفِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى السُّعَاةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ طَرِيقَتُهُمْ وَقَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُهُ أَيْ تَعْلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي وَعَلَى السُّعَاةِ. (قَوْلُهُ: كَالنِّصَابِ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّ زَكَاتَهَا تَجِبُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ سَوَاءٌ جَاءَ السَّاعِي، أَوْ لَمْ يَجِئْ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النِّصَابَ شَرْطٌ مَعَ أَنَّهُ سَبَبٌ. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُهُمْ الْوُصُولُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَلَغَ مَعْنَاهُ وَأَمْكَنَ بُلُوغُهُ أَيْ وُصُولُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِهِ حَقِيقَتُهُ، وَهُوَ الْمَجِيءُ لَلَزِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ شَرْطًا فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَجِيءِ السَّاعِي. (قَوْلُهُ: وَعَدَّ وَأَخَذَ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ وَهِيَ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَخْذَهَا أَخْذٌ لَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَبْلَ عَدِّهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَخْذِهِ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ كَمَا يَأْتِي بِمَوْتِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بُلُوغِ السَّاعِي وَأَنَّهُ إذَا نَقَصَتْ وَلَوْ بِذَبْحِ فِرَارٍ قَبْلَ الْأَخْذِ لَا يُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا أَتْلَفَهُ، أَوْ ضَاعَ بِتَفْرِيطِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَامِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي بِقَصْدِ الْفِرَارِ يُؤْخَذُ بِهِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ مَا تَلِفَ، أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ، وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِ السَّاعِي وَعَدِّهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَكَذَا اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ الزَّكَاةِ فِيمَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِصُنْعِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ فِرَارٍ بَعْدَ الْعَامِ وَقَبْلَ بُلُوغِ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَخْذِهِ فَاخْتَلَفَا فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا زَكَاةَ وَابْنُ عَرَفَةَ تَجِبُ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ ضَاعَ بِتَفْرِيطِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَامِ يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، أَوْ ضَاعَ بِتَفْرِيطِهِ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي وَبَقِيَ مَا إذَا ذَبَحَ قَبْلَ الْعَامِ بِقُرْبِ فِرَارٍ فَقِيلَ بِالْوُجُوبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ فَائِدَةَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ إنَّمَا هِيَ بِالنَّظَرِ لِلزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَوْ وَصَلَ وَلَمْ يَعُدَّ. . . إلَخْ وَالْحَقُّ إسْقَاطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَعْنِي عَدَّ وَأَخَذَ وَالزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ سَأَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَجِيءَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ فِي كَلَامِهِ مَعْنًى وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 ذَاتٍ، وَهُوَ لَا يَكُونُ شَرْطًا وَإِنَّمَا الَّذِي يَكُونُ شَرْطًا اسْمُ الْمَعْنَى، أَوْ الْعَرَضِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ وَبَلَغَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عِنْدَ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ كَانَ وَلَمْ يُمْكِنْ بُلُوغُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَلَوْ أَمْكَنَ بُلُوغُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ. (ص) وَقَبْلَهُ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ وَلَا تُبْدَأُ إنْ وَصَّى بِهَا (ش) أَيْ وَإِذَا فَرَغْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطُ وُجُوبٍ فَمَاتَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي، أَوْ أَوْصَى رَبُّهَا بِإِخْرَاجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ الْإِخْرَاجُ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَيَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ حَوْلًا مِنْ الْآنَ وَلَا تَبْدَأُ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَا يُخْرَجُ قَبْلَهَا مِنْ الثُّلُثِ مِنْ فَكِّ أَسِيرٍ وَصَدَاقِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهِمَا، بَلْ تَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ الْمَعْلُومِ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْوَصَايَا فِي قَوْلِهِ: وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ. . . إلَخْ لَا يُقَالُ: هَذَا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: كَحَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَإِنْ لَمْ يُوصِ أَيْ فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ سَاعٍ وَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ سَاعٍ، أَوْ وُجِدَ وَمَاتَ بَعْدَ مَجِيئِهِ وَمَحَلُّ اسْتِقْبَالِ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْوَارِثِ نِصَابٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لَهُ وَيُزَكِّي الْجَمِيعَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ. . . إلَخْ . (ص) وَلَا تُجْزِئُ (ش) أَيْ وَلَا تُجْزِئُ زَكَاةُ مَنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلَا يَخْتَصُّ تَفْرِيعُ هَذَا عَلَى كَوْنِ مَجِيءِ السَّاعِي شَرْطَ وُجُوبٍ بَلْ وَلَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ؛ لِأَنَّ مَا فُعِلَ قَبْلَ حُصُولِ شَرْطِ الْأَدَاءِ لَغْوٌ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا سَاعِيَ لَهُمْ أَوْ لَهُمْ وَلَمْ يَبْلُغْ. (ص) كَمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً (ش) تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْمَصْدَرِ عَائِدٌ عَلَى السَّاعِي وَالْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ عَائِدٌ عَلَى الْمَاشِيَةِ أَيْ كَمُرُورِ السَّاعِي بِالْمَاشِيَةِ نَاقِصَةً عَنْ نِصَابٍ. (ص) ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ كَمُلَتْ (ش) بِوِلَادَةٍ، أَوْ إبْدَالٍ مِنْ نَوْعِهَا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبُّهَا بِهَا حَوْلًا؛ لِأَنَّ حَوْلَهَا إنَّمَا هُوَ مُرُورُهُ بِهَا بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهَا وَلَا يَنْبَغِي لِلسَّاعِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَاشِيَةِ وَلَا يَمُرُّ عَلَيْهَا فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ يَمُرَّ بِهَا ثُمَّ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ حَدٌّ وَلَا انْضَبَطَ لَهَا حَوْلٌ وَقَيَّدْنَا كَمَالَهَا بِوِلَادَةٍ أَوْ إبْدَالٍ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ مِنْ شِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ مِنْهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهَا إنْ كَمُلَتْ بِوِلَادَةٍ، أَوْ بِإِبْدَالِهَا بِمَاشِيَةٍ مِنْ نَوْعِهَا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ مِنْ يَوْمِ مُرُورِهِ لِأَنَّ مُرُورَ السَّاعِي أَوَّلًا بِمَنْزِلَةِ الْحَوْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ النِّتَاجَ حَوْلُهُ حَوْلُ أُمِّهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مُبَدِّلَ الْمَاشِيَةِ بِمَاشِيَةٍ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمُبَدَّلَةِ، وَإِنْ كَمُلَتْ بِمِيرَاثٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ مِنْ يَوْمِ كَمُلَتْ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ (ص) فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ   [حاشية العدوي] وَخَرَجَ السَّاعِي وَالْفِعْلُ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ نَحْوُ اعْدِلُوا، وَهُوَ أَيْ الْعَدْلُ ثُمَّ أَقُولُ وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ: وَبَلَغَ عَلَى مَعْنَى الْإِمْكَانِ وَالتَّقْدِيرُ: وَهُوَ أَيْ الْمَجِيءُ شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ وَأَمْكَنَهُ الْمَجِيءُ وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ حَسَنٌ وَالتَّقْدِيرُ خُرُوجُ السَّاعِي شَرْطُ وُجُوبٍ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا، بَلْ بَعْدَ وُجُودِهِ وَوُصُولِهِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَرَضِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ لَا يَكُونُ إلَّا حَادِثًا بِخِلَافِ الْمَعْنَى وَيَكُونُ قَدِيمًا (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ أَيْ فَقَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَيَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ بُلُوغِ السَّاعِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ الْإِخْرَاجُ) زَادَ فِي ك لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِخْرَاجُ فِي مَسْأَلَةِ مُوَرِّثِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ تَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الْوَصَايَا بِالْمَالِ) وَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُفَرِّقُوهَا فِي الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي قَبْضُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا إذْ حَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي مَعَ مُضِيِّ عَامٍ وَالْأَوْلَى فِي الْحِلِّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَمَاتَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ الْإِخْرَاجُ وَعَلَى فَرْضِ أَنَّهُ يُوصِي فَلَا يَجِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ نَعَمٌ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنْ فِي مَرْتَبَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ الْمَعْلُومِ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ. . . إلَخْ) لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي اسْتِقْبَالِ هَذَا الْمَالِ بِخُصُوصِهِ، وَأَمَّا الضَّمُّ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ وَقَبْلَ الْوُجُوبِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْبُلُوغِ وَالْعَدِّ وَالْأَخْذِ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْعَدِّ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْأَخْذِ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ بِمَا وَرِثَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا أَفَادَ ك الشَّارِحُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَقَبْلَهُ رَاجِعٌ لِمَجِيءِ السَّاعِي . (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْزِئُ زَكَاةُ مَنْ أَخْرَجَهَا) إذْ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ تَطَوُّعٌ عَنْ وَاجِبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَسُقْهُ تَفْرِيعًا وَإِنَّمَا سَاقَهُ حُكْمًا مُسْتَقِلًّا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْوُجُوبِ نَفْيُ الصِّحَّةِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ مَتَى فُقِدَ فُقِدَتْ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُمْ وَلَمْ يَبْلُغْ) أَيْ لَمْ يَكُنْ بُلُوغُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَوْلَهَا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يَسْتَقْبِلُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْتَقْبِلُ لِأَنَّ حَوْلَهَا مُرُورُهُ بِهَا أَيْ وَقَدْ كَانَتْ نَاقِصَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ) وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ أَيْ وَمَا مَرَّ مِنْ ضَمِّ النِّتَاجِ وَلَوْ لِأَقَلَّ فَفِيمَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَمَا مَرَّ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ، وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ يَعْنِي أَوْ نَوْعِهَا وَأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْبِنَاءِ لَا يُعَارِضُ مَا هُنَا فِي الِاسْتِقْبَالِ فِي الْإِبْدَالِ بِنَوْعِهَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا إنَّمَا حَصَلَ إبْدَالٌ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً وَمَا مَرَّ فِيهِ الْإِبْدَالُ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ مِنْ يَوْمِ كَمُلَتْ) كَتَبَ شَيْخُ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ. . . إلَخْ ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّاعِي فِي ثَانِي عَامٍ بَعْدَ أَنْ مَضَى مِنْ يَوْمِ الْكَمَالِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ جَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ جَاءَ، أَوْ أَنَّ خُرُوجَهُ وَهُوَ طُلُوعُ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ ثَانِي عَامٍ قَبْلَ تَمَامِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْخُذُ زَكَاتَهَا وَيَكُونُ بِمَثَابَةِ مَا إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ، أَوْ بِشَهْرَيْنِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهَا فِي هَذِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ السُّعَاةُ مَوْجُودِينَ وَشَأْنُهُمْ الْخُرُوجُ وَتَخَلَّفُوا فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ لِشُغْلٍ فَأَخْرَجَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَاشِيَتِهِ أَجْزَأَتْ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ عَلَى مَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَمَّا إنْ تَخَلَّفَ لَا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُمْ يُخْرِجُونَ زَكَاتَهُمْ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَعَكَسَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ فَحَكَى أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا تَخَلَّفَ لَا لِعُذْرٍ مَعَ أَنَّ الرَّجْرَاجِيَّ حَكَى فِيهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْإِجْزَاءِ. (ص) وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِلْمَاضِي بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّاعِيَ إذَا تَخَلَّفَ وَالْمَاشِيَةُ نِصَابٌ وَلَمْ تُخْرَجْ الزَّكَاةُ فِي مُدَّةِ تَخَلُّفِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى الزَّيْدِ الْمَوْجُودِ لِعَامِ مَجِيئِهِ اتِّفَاقًا وَلِلْمَاضِي مِنْ الْأَعْوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ عُرِفَ عَدَدُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ فَوَجَدَهَا عِشْرِينَ أَخَذَ سِتَّةَ عَشَرَ شَاةً وَيَعْمَلُ عَلَى النَّقْصِ أَيْضًا لِلْمَاضِي، وَلَوْ بِذَبْحٍ أَوْ بَيْعٍ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ فِرَارٌ كَمَا لَوْ تَخَلَّفَ عَنْ عِشْرِينَ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ فَوَجَدَهَا خَمْسًا فَلْيَأْخُذْ أَرْبَعَ شِيَاهٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَضْمَنُ زَكَاةَ مُدَّةِ تَخَلُّفِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا صَدَقَةَ فِيهَا وَكُلُّ ذَلِكَ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ فِي الْأَخْذِ ثُمَّ مَا بَعْدَهُ إلَى عَامِ مَجِيئِهِ وَلَا يَبْدَأُ بِعَامِ مَجِيئِهِ ثُمَّ يُطَالِبُ بِزَكَاةِ مَا قَبْلَهُ فِي ذِمَّتِهِ. اللَّخْمِيُّ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ فِيمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي وَاخْتُلِفَ قَوْلُهُ فِي الْهَارِبِ، وَلَوْ قَالَ: وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا وَجَدَ فِي الْمَاضِي لَكَانَ أَخْصَرَ وَشَمِلَ مَا إذَا وَجَدَهَا بِحَالِهَا. (ص) إلَّا أَنْ يُنْقِصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ، أَوْ الصِّفَةَ فَيُعْتَبَرُ (ش) هَذَا فَائِدَةُ الْقَوْلِ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ، وَلَوْ أَتَى بِهِ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ فَيَقُولُ فَإِنْ نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ لَكَانَ أَنْسَبَ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ عَمَّا وَجَدَهُ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ مُبْتَدِئًا بِالْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُنْقِصَ الْأَخْذُ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ النِّصَابَ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ وَجَدَهَا اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ أَوْ يُنْقِصَ الصِّفَةَ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ سِتِّينَ إبِلًا خَمْسَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ وَجَدَهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَيُعْتَبَرُ مَا بَقِيَ، فَفِي الْأَوَّلِ تَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَامِ الرَّابِعِ لِنَقْصِ النِّصَابِ بَعْدَ أَخْذِ ثَلَاثِ شِيَاهٍ لِلثَّلَاثَةِ الْأَعْوَامِ وَفِي الثَّانِي يَأْخُذُ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ عَنْ الْعَامِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ لِقُصُورِهِ عَنْ سِنِّ الْحِقَاقِ بَعْدَ أَخْذِ حِقَّتَيْنِ لِلْعَامَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً لِقُصُورِهِ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ: أَوْ الصِّفَةَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ وَالصِّفَةَ مَعًا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِعَامِ مَجِيئِهِ الْمُقَابِلِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ زَكَاتَهَا عَلَى مَا وَجَدَهَا عَلَيْهِ فِي عَامِ مَجِيئِهِ وَلَا يُرَاعَى تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ فَإِذَا كَانَتْ عَامَ مَجِيئِهِ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ شَاةً وَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْهَا أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ عَامٍ شَاةً وَلَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِأَخْذِ الثَّلَاثِ شِيَاهٍ (ص)   [حاشية العدوي] الْحَالَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إمَّا خُرُوجُهُ عِنْدَ تَمَامِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فَيَلْزَمُهُ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَأُمِرْنَاهُ بِالصَّبْرِ لِثَانِي عَامٍ فَفِيهِ ضَيَاعٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ. اهـ. وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّ الظَّاهِرَ الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَاغْتُفِرَ ضَيَاعُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ السُّعَاةِ . (قَوْلُهُ: أَجْزَأَ) أَيْ الْإِخْرَاجُ أَيْ مَعَ ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ بِدُونِهَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِجْزَاءِ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِعَدَمِهِ وَإِلَّا فَالرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِالْجَوَازِ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ: وَلَا تُجْزِئُ إنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَامِهِ وَمَا هُنَا تَخَلَّفَ (قَوْلُهُ: لِشُغْلٍ) أَيْ لِجِهَادٍ أَوْ فِتْنَةٍ. (قَوْلُهُ: وَعَكَسَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ) ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ عُرِفَ عَدَدُهَا. . . إلَخْ) وَمُقَابَلَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ كُلَّ عَامٍ مَضَى عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُهَا إنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَضْمَنُ زَكَاةَ مُدَّةِ تَخَلُّفِهِ) أَيْ لَا يَضْمَنُ رَبُّ الْمَاشِيَةِ فَلَيْسَ الْفَاعِلُ السَّاعِي وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا يَضْمَنُ زَكَاةَ مُدَّةِ تَخَلُّفِهِ وَلَا نَقْصَهَا وَلَوْ بِذَبْحٍ، أَوْ بَيْعٍ الْبَاجِيُّ مَا لَمْ يُرِدْ فِرَارًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُبْدَأُ بِعَامِ مَجِيئِهِ) أَيْ فَلَوْ قُلْنَا يُبْدَأُ بِالْعَامِ الْحَاضِرِ لَأَخَذَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ؛ لِأَنَّهَا تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْكُلَّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ التَّبْدِئَةِ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السُّعَاةُ وَأَمَّا الْهَارِبُ فَفِيهِ خِلَافٌ أَفَادَ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْهَارِبَ يُعْتَبَرُ فِيهِ تَبْدِئَةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا وُجِدَ فِي الْمَاضِي. . . إلَخْ) وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ الْمَالِكِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً قَالَهُ فِي ك قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَالظَّاهِرُ قَبُولُهُ بِبَيِّنَةٍ بِالْأَوْلَى مِنْ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْهَارِبِ. (قَوْلُهُ: هَذَا فَائِدَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ التَّفْرِيعُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِيمَا بَعْدُ فَلَوْ أَتَى بِفَاءِ التَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: عُمِلَ عَلَى الزَّيْدِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ، أَوْ الصِّفَةَ اعْتَبَرُوا إنَّمَا جَاءَ بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَالْبَيَانِ. (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ وَالصِّفَةَ) مَثَّلَهُ بَعْضٌ بِقَوْلِهِ: كَمَا لَوْ تَخَلَّفَ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ لِلْأُولَى بِنْتَ مَخَاضٍ وَلِغَيْرِهَا سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً اهـ. أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ لِتَنْقِيصِ الْأَخْذِ الصِّفَةَ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَنْقِيصُ النِّصَابِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ النِّصَابِ الَّتِي تُزَكِّي فِيهِ مِنْ نَفْسِهَا لَا أَنَّهَا نَقَصَتْ أَصْلًا. (قَوْلُهُ وَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْهَا أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ) أَيْ وَجَاءَ فِي الْعَامِ الْخَامِسِ. (قَوْلُهُ: بِأَخْذِ الثَّلَاثِ شِيَاهٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَخْذِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 كَتَخَلُّفِهِ عَنْ أَقَلَّ فَكَمُلَ وَصَدَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّاعِيَ إذَا غَابَ مُدَّةً كَثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا عَنْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ كَثَلَاثِينَ غَنَمًا ثُمَّ وَجَدَهَا كَمُلَتْ بِوِلَادَةٍ، أَوْ بَدَلٍ مِنْ نَوْعِهَا نِصَابًا صَارَتْ خَمْسِينَ مَثَلًا فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ الْكَمَالِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَيَسْقُطُ مَا قَبْلَهُ وَيُزَكِّيهَا مِنْ حِينَ كَمُلَتْ وَيَصْدُقُ رَبُّهَا فِي وَقْتِ الْكَمَالِ وَلَكِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى مَا وُجِدَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُنْقِصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ، أَوْ الصِّفَةَ فَيُعْتَبَرُ هَكَذَا يُفِيدُهُ مَا فِي ح، وَهُوَ الْمُرْتَضَى وَلَوْ كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ لَمْ تَجِبْ إلَّا مِنْ حِينِ الْكَمَالِ اتِّفَاقًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى التَّشْبِيهُ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْكَمَالِ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ تَشْبِيهٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ. . . إلَخْ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى مَا وُجِدَ وَهُوَ الْكَمَالُ هُنَا وَبِقَوْلِهِ: بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ أَعْوَامِ الْكَمَالِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَشْبِيهٌ بِمَذْكُورٍ. (ص) لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالنَّقْصُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ عَلَى النَّقْصِ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ عَلَى مَا فَرَّ بِهِ إلَّا فِي عَامِ الْقُدْرَةِ فَعَلَى مَا وُجِدَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي النَّقْصِ وَهَذَا هُوَ حِكْمَةُ تَأْخِيرِهِ لِهَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ: وَصَدَقَ بَلْ لَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أُخِذَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْفَارَّ ضَامِنٌ لِزَكَاتِهِ فَإِذَا هَرَبَ بِهَا وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ قَدَرْنَا عَلَيْهِ وَوَجَدْنَاهَا أَرْبَعِينَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى حُكْمِ مَا هَرَبَ بِهِ فِي الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ، وَأَمَّا فِي عَامِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى مَا وُجِدَ وَيُرَاعَى هُنَا كَوْنُ الْأَخْذِ يُنْقِصُ النِّصَابَ، أَوْ الصِّفَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِعَامِ الِاطِّلَاعِ لِأَنَّهُ يُعْمَلُ فِيهِ عَلَى مَا وُجِدَ قَبْلَ إخْرَاجِ مَا وَجَبَ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ فَلَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ فَإِنَّا نَأْخُذُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ شَاةً وَنَأْخُذُ عَنْ الْعَامِ الْخَامِسِ شَاةً وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِهَذَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ ح وَأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ لَا لِعَامِ الِاطِّلَاعِ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُمْ لَا يُصَدَّقُ الْهَارِبُ فِي النَّقْصِ يُرِيدُونَ إذَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا بَيِّنٌ إنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ جَاءَ تَائِبًا، أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إلَّا عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ النَّقْصِ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي التَّائِبِ وَلَمْ يَعْتَرِضْهُ فِيمَنْ قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ فَقَالَ: وَفِيهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ كَتَوْبَتِهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَصْدِيقَ التَّائِبِ دُونَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا فِي عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ وَالزِّنْدِيقِ، وَالْمَالُ أَشَدُّ مِنْ الْعُقُوبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ دُونَهُ انْتَهَى   [حاشية العدوي] أَرْبَعِ شِيَاهٍ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ مُتَّهَمًا أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي عَامِ الْكَمَالِ فَإِذَا أَخْبَرَ أَنَّهَا كَمُلَتْ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْهَا أَوْ الثَّانِي صُدِّقَ شب. (قَوْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ فَإِنَّهُ أَلْحَقَهَا فِي الْأَعْوَامِ كُلِّهَا بِالْكَامِلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ يُعْمَلُ) الْأَوْلَى الْفَاءُ وَقَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَنْقُصَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا وُجِدَ فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْكَمَالِ أَيْ لَوْ كَانَ الْكَمَالُ، وَلَوْ حَذَفَ فِي لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْقُصَ. . . إلَخْ) مِثَالُ ذَلِكَ كَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ فَكَمُلَ النِّصَابُ فِي تَخَلُّفِهِ وَصَارَتْ مَثَلًا إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَخْبَرَ أَنَّهَا كَمُلَتْ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَخَذَ مِنْهُ لِلْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَسَقَطَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ كَمَالِهِ وَالرَّابِعُ لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْكَمَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرْتَضَى) خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَتت وَنَصُّ الشَّيْخِ أَيْ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ: كَتَخَلُّفِهِ إلَخْ مُشَبَّهٌ فِي مُطْلَقِ الِاعْتِبَارِ فَإِنَّ هَذِهِ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا يُعْتَبَرُ مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّقْصِ اهـ. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ) أَيْ فِيمَا تَضَمَّنَهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْكَمَالُ هُنَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ فِيهِ كَمَالًا وَنَقْصًا لِقَوْلِهِ: عُمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ فَالْمُشَبَّهُ بِهِ الْمُتَخَلِّفُ عَنْهُ السَّاعِي لَا مَا تَضَمَّنَهُ، بَلْ هُوَ وَجْهُ شَبَهٍ وَقَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ: الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ: مِنْ الْعَمَلِ، أَوْ مِمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: بِتَبْدِئَةٍ إلَخْ وَكَوْنُنَا نَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ أَعْوَامِ الْكَمَالِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَشْبِيهٌ بِمَذْكُورٍ أَيْ فِي مَذْكُورٍ أَيْ أَنَّ الْجَامِعَ مَوْجُودٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُشَبَّهُ بِهِ الْمُتَخَلِّفُ عَنْهُ السَّاعِي. (قَوْلُهُ: بِمَا تَضَمَّنَهُ) أَيْ فِيمَا تَضَمَّنَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَجْهُ شَبَهٍ وَأَمَّا الْمُشَبَّهُ بِهِ فَهُوَ مَنْ تَخَلَّفَ السَّاعِي عَنْهُ وَهِيَ كَامِلَةٌ وَنَقَصَتْ قَالَ عج تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ مَفَادَ التَّقْرِيرَيْنِ فِي التَّشْبِيهِ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَحْسَنَ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِمَذْكُورٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ تَصْدِيقَهُ فِي تَعْيِينِ عَامِ الْكَمَالِ عَلَى التَّقْرِيرَيْنِ بِقَوْلِهِ: وَصُدِّقَ أَيْ وَصُدِّقَ فِي عَامِ الْكَمَالِ أَيْ فِي تَعْيِينِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا وُجِدَ) أَيْ عَلَى زَكَاتِهِ كُلَّ عَامٍ مِنْ يَوْمِ كَمُلَتْ عَلَى مَا وُجِدَ إلَّا أَنَّهُ يُزَكِّي كُلَّ عَامٍ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَشْبِيهٌ بِمَذْكُورٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْكَمَالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِوَقْتِ الْكَمَالِ ذِكْرٌ كَذَا قُرِّرَ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ عج أَنَّ خِلَافَ الْأَحْسَنِ تَقْرِيرُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الِاعْتِبَارِ، وَهُوَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ. (قَوْلُهُ: هَارِبًا) لَا يَتَمَشَّى عَلَى الْعَرَبِيَّةِ إلَّا بِجَعْلِهِ حَالًا سَبَبِيَّةً أَيْ هَارِبًا وَجَعْلُهَا حَالًا سَبَبِيَّةً يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَذْفُ الْفَاعِلِ وَالْفَاعِلُ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَلَوْ مَشَى عَلَى الْعَرَبِيَّةِ لَقَالَ لَا إنْ نَقَصَتْ مَاشِيَةُ الْهَارِبِ (قَوْلُهُ: هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالنَّقْصُ) الْأَوْلَى أَنَّهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ: صُدِّقَ لِيُفْهَمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَمِلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ مِنْ النَّقْصِ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْهَارِبِ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ عَلَى النَّقْصِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ عَلَى مَا هَرَبَ بِهِ فِي الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَعَامِ الْحُضُورِ يَعْمَلُ عَلَى مَا فِيهِ كَانَ عَامَ الْحُضُورِ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ وَيُرَاعَى تَبْدِئَةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَيُرَاعَى إلَخْ) مِثَالُ مَا إذَا نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَنْ يَهْرُبَ بِهَا وَهِيَ مِائَتَانِ وَشَاتَانِ ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الْخَامِسِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَتُؤْخَذُ وَاحِدَةٌ عَنْ عَامِ الِاطِّلَاعِ وَثَلَاثٌ عَنْ أَوَّلِ عَامٍ مِنْ الْأَرْبَعِ سِنِينَ قَبْلَهُ ثُمَّ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ سِنِينَ شَاتَانِ لِتَنْقِيصِ الْأَخْذِ لِنِصَابِ الثَّلَاثِ شِيَاهٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَاضِي مَعَ تَبْدِئَةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ عُقُوبَةٍ. . . إلَخْ) عُقُوبَةُ شَاهِدِ الزُّورِ وَالتَّعْزِيرُ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَعُقُوبَةُ الزِّنْدِيقِ الْقَتْلُ وَقَوْلُهُ: وَالْمَالُ وَهُوَ الزَّكَاةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: لِدَرْءِ الْحَدِّ أَرَادَ بِالْحَدِّ التَّعْزِيرَ بِالنِّسْبَةِ لِشَاهِدِ الزُّورِ وَالْقَتْلَ بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنْدِيقِ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي عُقُوبَةٍ. . . إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 كَلَامُ ح، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا لَا يُصَدَّقُ فِي النَّقْصِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي النَّقْصِ كَمَا يُصَدَّقُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ الطِّخِّيخِيُّ وَتت كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا كَمَا فَعَلَ ح وَكَذَا فَعَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فِي شَرْحِ: وَإِنْ زَادَتْ. . . إلَخْ وَلَعَلَّهُ لِفَهْمِ التَّصْدِيقِ فِي الزِّيَادَةِ حَيْثُ جَاءَ تَائِبًا إمَّا بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ، أَوْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (ص) ، وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلِّ مَا فِيهِ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ عَائِدٌ عَلَى الْهَارِبِ بِمَاشِيَتِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهَارِبَ إذَا زَادَتْ مَاشِيَتُهُ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي هَرَبَ بِهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ مِنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ مَا فِيهِ فَإِذَا هَرَبَ وَشَاؤُهُ سِتُّونَ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَتَيْ شَاةٍ ضَمَّهَا إلَيْهَا ثُمَّ أَقَامَ كَذَلِكَ سِنِينَ مَثَلًا ثُمَّ وَجَدَهُ السَّاعِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ عَامٍ زَكَاةَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ وَلَا يَأْخُذُ زَكَاةَ مَا أَفَادَ آخِرًا فِي الْعَامَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ: يُؤْخَذُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وُجِدَ وَلَا يَكُونُ الْهَارِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السُّعَاةُ قَالَ سَنَدٌ وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْآفَاقِ عَلَى خِلَافِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ فِي هَذَا الْعَامِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ أَنَّهُ يُعْمَلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ فِي عَامِ كَذَا فَهَلْ يُصَدَّقُ؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِسْقُهُ بِاَلَّذِي يُمْضِي عَلَيْهِ الدَّعَاوَى دُونَ بَيِّنَةٍ أَوْ لَا يُصَدَّقُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ سَائِرِ الْأَعْوَامِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ إلَّا عَامَ الْفِرَارِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ عَلَى مَا فَرَّ بِهِ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ يُصَدَّقُ قَوْلَانِ) وَيُعْتَبَرُ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا نَقَصَتْ هَارِبًا فَإِنْ نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ، أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَصْدِيقَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِلَا يَمِينٍ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ بِتَصْدِيقِهِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهِ حَيْثُ لَمْ يَجِئْ تَائِبًا وَإِلَّا فَيَتَّفِقَانِ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ سَابِقًا . (ص) وَإِنْ سَأَلَ فَنَقَصَتْ، أَوْ زَادَتْ فَالْمَوْجُودُ إنْ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ صُدِّقَ وَنَقَصَتْ وَفِي الزَّيْدِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّاعِيَ إذَا سَأَلَ رَبَّ الْمَاشِيَةِ عَنْ عَدَدِهَا فَأَخْبَرَهُ عَنْهَا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ لِنَقْصٍ بِمَوْتٍ، أَوْ ذَبْحٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ لِزِيَادَةٍ بِوِلَادَةٍ، أَوْ فَائِدَةٍ ثُمَّ رَجَعَ السَّاعِي فَعَدَّ عَلَيْهِ الْمَاشِيَةَ فَوَجَدَهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ عَمَّا أَخْبَرَهُ فَإِنْ كَانَ السَّاعِي لَمْ يُصَدِّقْ رَبَّ الْمَاشِيَةِ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ أَوَّلًا فَالْمُعْتَبَرُ مَا وَجَدَ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَتَغَيَّرَتْ إلَى نَقْصٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ إلَى زِيَادَةٍ فَفِي ذَلِكَ طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا صَدَّقَهُ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا وَجَدَ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالتَّرَدُّدِ وَلَعَلَّ مَنْشَأَهُ هَلْ تَصْدِيقُهُ يُعَدُّ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا؟ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْعَمَلُ بِمَا وَجَدَ. (فَرْعٌ) لَوْ عَزَلَ مِنْ مَاشِيَتِهِ شَيْئًا لِلسَّاعِي فَوَلَدَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ أَوْلَادِهَا. قَالَهُ سَنَدٌ قَالَ: وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ طَعَامًا تَعَيَّنَ   [حاشية العدوي] أَيْ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ إذَا جَاءَ تَائِبًا لَا يُعَاقَبُ وَالزِّنْدِيقُ إذَا جَاءَ تَائِبًا لَا يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ كَلَامُ الْحَطَّابِ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ. . . إلَخْ أَيْ رُجْحَانًا. (قَوْلُهُ كَمَا يُصَدَّقُ فِي الزِّيَادَةِ) أَيْ أَيْ كَمَا يُصَدَّقُ فِي الزِّيَادَةِ فَحُذِفَ لَفْظُ أَيْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي التَّائِبِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّ التَّائِبَ بِاتِّفَاقٍ يُصَدَّقُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلِّ مَا فِيهِ بِتَبْدِئَةٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بِتَبْدِئَةٍ رَاجِعٌ لِلْهَارِبِ بِوَجْهَيْهِ مِنْ نَقْصٍ وَزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: أَحْسَنَ حَالًا) لِأَنَّ الَّذِي تَخَلَّفَ عَنْهُ السُّعَاةُ لَا يُتَّهَمُ وَمَعَ هَذَا عَمِلَ عَلَى الزِّيَادَةِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ فَكَانَ هَذَا بِالْأَوْلَى مِنْهُ وَيَعْمَلُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُصَدَّقُ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَيَكْفِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ خِلَافًا لِتَنْظِيرِ الزَّرْقَانِيِّ وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْكَمَالِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ إلَّا عَامَ الْفِرَارِ شب. (قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ) وَهَذَا الْقَوْلُ رَأْيُ الْأَكْثَرِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لِمَ لَمْ يُسَاوِ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمُتَخَلِّفِ عَنْهُ السَّاعِي وَالْفَارِّ فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي التَّصْدِيقِ، بَلْ جُعِلَ الْأَوَّلُ لَا يُصَدَّقُ حَيْثُ قَالَ عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ أَيْ وَلَا يَلْتَفِتُ لِقَوْلِهِ: وَحَكَى فِي الثَّانِي قَوْلَيْنِ وَكَانَ يَنْبَغِي الْعَكْسُ اهـ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْهَارِبَ لَمَّا شُدِّدَ عَلَيْهِ حَالَ النَّقْصِ فَخُفِّفَ عَلَيْهِ حَالَ الزَّيْدِ وَاسْتَشْكَلَ الْبِسَاطِيُّ الثَّانِيَ قَائِلًا لَا أَدْرِي كَيْفَ لَا يُصَدَّقُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) فِيهِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا جَاءَ تَائِبًا. . (قَوْلُهُ: أَوْ ذَبْحٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفِرَارَ) الصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى تَصْدِيقِهِ نَقْصَهَا بِذَبْحٍ غَيْرِ فَارٍّ كَمَوْتِهَا لَا أَعْرِفُهُ إنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ نَقْصَهَا بِالْمَوْتِ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: بِوِلَادَةٍ) أَيْ، أَوْ إبْدَالٍ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا وُجِدَ) اعْلَمْ أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى مَا ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالثَّانِيَةُ تَحْكِي قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا كَالطَّرِيقَةِ الْأُولَى وَالثَّانِي الْعَمَلُ عَلَى مَا وُجِدَ فَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَذَفَ شَيْئًا مِنْ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: هَلْ تَصْدِيقُهُ. . . إلَخْ) فَإِنْ قُلْنَا تَصْدِيقُهُ يُعَدُّ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ فَيُعْتَبَرُ مَا صَدَّقَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا وُجِدَ، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا وُجِدَ (قَوْلُهُ: قَالَهُ سَنَدٌ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ لَا الزَّائِدُ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّاعِيَ أَخْذُ مَا عَزَلَهُ الْمَالِكُ بَلْ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ دَفْعُ مَا عَزَلَهُ إذْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ بَدَلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ طَعَامًا) أَيْ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا يُقَالُ لِمَ تَعَيَّنَ الْمِثْلِيُّ كَالطَّعَامِ دُونَ الْمُقَوَّمِ كَالشَّاةِ وَالْقِيَاسُ الْعَكْسُ لِأَنَّا نَقُولُ خَلَفَ ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 وَلَا يَبِيعُهُ فَإِنْ بَاعَهُ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي حُكْمِ الدُّيُونِ فَجَازَ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمُتَسَلِّفِ الْوَدِيعَةِ وَتَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ. (ص) وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَوَارِجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الَّذِينَ يَرَوْنَ مَا رَآهُ الْخَارِجُونَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا امْتَنَعُوا مِنْ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ أَعْوَامًا ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ عَنْ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلُوا فِيهَا مُعَامَلَةَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي لَا مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ وَلِهَذَا قَالَ (إلَّا أَنْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ) لِمَا عَلَيْهِمْ فَيُصَدَّقُوا، وَلَوْ فِي عَامِ الْقُدْرَةِ قَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ بِخِلَافِ الْهَارِبِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ تَصْدِيقَهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُمْ امْتِنَاعًا مِنْ دَفْعِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي الدَّفْعِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِاتِّهَامِهِمْ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلُوا حِينَئِذٍ مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ قَوْلُهُ: الْخَوَارِجُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الطَّوَائِفُ الْخَوَارِجُ جَمْعُ خَارِجَةٍ عَلَى مَعْنَى طَائِفَةٍ خَارِجَةٍ . (ص) وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا كُلٌّ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كَذَا وَكَذَا أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ - لِأَنَّهُ لَا وَقْصَ فِي الْحُبُوبِ كَالْعَيْنِ - الْعُشْرُ إنْ سُقِيَ بِلَا آلَةٍ وَنِصْفُهُ إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً، أَوْ غَيْرَ خَرَاجِيَّةٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَبْلَغُ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ سِتَّةُ أَرَادِبَ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ وَرُبُعُ إرْدَبٍّ بِأَرَادِبَ الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: حَرَّرَ كَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِمُدٍّ مُعَيَّرٍ عَلَى مُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَى. وَلَك أَنْ تَقُولَ فَوَجَدَ سِتَّةَ أَرَادِبَ وَنِصْفًا وَنِصْفَ وَيْبَةٍ وَمَبْلَغُهَا بِالْوَزْنِ أَلْفُ رِطْلٍ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ وَكُلُّ رِطْلٍ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا وَكُلُّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّعِيرِ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ سِمَنٍ وَلَا ضُمُورٍ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ وَالدِّينَارُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَمَّا كَانَ الْمَكِيلُ لَا يَنْضَبِطُ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ ضَبَطَ الْمُؤَلِّفُ النِّصَابَ بِالْوَزْنِ.   [حاشية العدوي] لُزُومَ الْوَسَطِ فِي الْمُقَوَّمِ لَا بِعَيْنِهِ وَلُزُومَ الْمُعَيَّنِ فِي الْمِثْلِيِّ {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] هَكَذَا فِي شَرْحِ عب وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: حَقَّهُ يَدُلُّ عَلَى حَقِّيَّةِ شَيْءٍ فَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ فَكَأَنَّهُ لِحَقِّيَّتِهِ انْحَصَرَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَجَازَ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَرَادِبَ قَمْحًا مَنْ سَلَمٍ فَهَيَّأَهَا لِرَبِّهَا فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا وَيُعْطِيَهُ بَدَلَهَا وَانْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنَكَّدُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ طَعَامًا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: كَمُتَسَلِّفٍ) أَيْ كَتَسَلُّفِ مُتَسَلِّفٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَسَلُّفَ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ مُقَوَّمَةً يَحْرُمُ وَيُكْرَهُ إذَا كَانَتْ نَقْدًا أَوْ مِثْلِيًّا وَهَذَا كُلُّهُ بِدُونِ إذْنِ رَبِّهَا وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَلَا تَوَهُّمَ فِيهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْحُرْمَةِ فَيَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدًا وَتَسَلَّفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ غَيْرَ مُعْدِمٍ. (قَوْلُهُ وَتَسَلَّفَ الْوَصِيُّ) اُنْظُرْهُ هَلْ هُوَ جَائِزٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَهُمْ الَّذِينَ يَرَوْنَ إلَخْ) أَيْ مِنْ النَّقْضِ فِي التَّحْكِيمِ وَالتَّكْفِيرِ بِالذَّنْبِ وَانْظُرْ أَيُّ دَاعٍ لِذَلِكَ أَيْ لِخُصُوصِ هَذَا التَّفْسِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ طَائِفَةٍ خَارِجَةٍ عَلَى الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ. . . إلَخْ) هَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ بِحَالِ الْهَارِبِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي. . إلَخْ) أَيْ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِتَبْدِئَةِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَنْقُصَ النِّصَابُ، أَوْ الصِّفَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا عَامُ الْقُدْرَةِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى مَا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ أَيْ فَيُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ) أَيْ يَدَّعُوا الْأَدَاءَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا) أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّوَائِفِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الذَّوَاتِ الْخَارِجَاتِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَعْنَى طَائِفَةٍ خَارِجَةٍ) أَيْ لَا ذَاتِ الْخَارِجَةِ وَكَانَ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُ هَذَا الْجَمْعِ فِي الطَّوَائِفِ . (قَوْلُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ عَلَى الْأَفْصَحِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَاصْطِلَاحًا مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ هُوَ سِتُّونَ صَاعًا وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ الْمُصَنِّفُ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ فَالنِّصَابُ بِالْكَيْلِ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وَهِيَ أَلْفُ مُدٍّ وَمِائَتَا مُدٍّ وَقَدْرُ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ. (قَوْلُهُ: أَلْفٌ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلنِّصَابِ بِالْوَزْنِ الشَّرْعِيِّ وَأَمَّا مِقْدَارُهُ بِالرِّطْلِ الْمِصْرِيِّ الْآنَ فَهُوَ كَمَا قَالَ عج أَلْفُ رِطْلٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ رِطْلًا وَجَزَمَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ أَنَّهَا لِلتَّقْرِيبِ حَتَّى لَوْ نَقَصَتْ الْيَسِيرَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ كَالْعَدَمِ وَالرِّطْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ: أَلْفٌ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَمَجْرُورًا عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَمَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَعْنِي عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ الَّذِينَ يَقِفُونَ فِي الْمَنْصُوبِ عَلَى السُّكُونِ وَلَا يُقَالُ، وَهُوَ لَيْسَ مَحَلُّ وَقْفٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَنْ تُكْتَبَ بِصُورَةِ لَفْظِهَا بِتَقْدِيرِ الِابْتِدَاءِ بِهَا وَالْوَقْفِ عَلَيْهَا اهـ. وَقَوْلُهُ: مِائَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا قَبْلَهُ مِنْ رَفْعٍ فَقَطْ وَقَوْلُهُ ثَمَانِيَةٌ حُذِفَ مِنْهُ الْعَاطِفُ وَهُوَ جَائِزٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّرْهَمَ الْمِصْرِيَّ يَزِيدُ عَلَى الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ بِحَبَّةِ خَرُّوبٍ وَبِعُشْرِهَا وَنِصْفِ عُشْرِهَا. (قَوْلُهُ: الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ) الْقَاهِرَةُ هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْأَزْهَرُ وَأَرَادَ بِمِصْرَ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ سِتَّةَ أَرَادِبَ وَنِصْفًا) وَالْإِرْدَبُّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ مِصْرَ وَقَالَ عِيَاضٌ بِفَتْحِهَا وَظَاهِرُ الْقَامُوسِ أَنَّ فِيهِ لُغَةَ الضَّمِّ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّعِيرِ مَعْنَاهُ مُطْلَقُ شَعِيرٍ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا ضَامِرًا أَمْ لَا عَلَى حَدِّ مُطْلَقِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَلِذَا قِيلَ إنَّ الْكَيْلَ الْآنَ كَبِرَ عَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ فَالنِّصَابُ الْآن أَرْبَعَةُ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٌ فَقَطْ. (ص) مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ فَقَطْ (ش) هَذَا صِفَةٌ لِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي عِشْرِينَ نَوْعًا فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: حَبٍّ تِسْعَةَ عَشَرَ الْقَطَانِيُّ السَّبْعَةُ الْحِمَّصُ وَالْفُولُ وَاللُّوبِيَا وَالْعَدَسُ وَالتُّرْمُسُ وَالْجُلُبَّانُ وَالْبَسِيلَةُ وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالْعَلَسُ وَالْأُرْزُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالزَّبِيبُ وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْأَرْبَعَةُ ذَاتُ الزُّيُوتِ وَهِيَ الزَّيْتُونُ وَالْجُلْجُلَانُ أَيْ السِّمْسِمُ وَحَبُّ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمُ فَهَذِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ: مِنْ حَبٍّ وَتَجِبُ أَيْضًا فِي التَّمْرِ فَهَذِهِ عِشْرُونَ فَلَا تَجِبُ فِي التِّينِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا فِي قَصَبٍ وَبُقُولٍ وَلَا فِي فَاكِهَةٍ كَرُمَّانٍ وَلَا فِي حَبِّ الْفُجْلِ وَلَا الْعُصْفُرِ وَالْكَتَّانِ وَلَا فِي التَّوَابِلِ، وَهُوَ الْفُلْفُلُ وَالْكُزْبَرَةُ وَالْأَنِيسُونَ وَالشَّمَرُ وَالْكَمُّونُ وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (ص) مُنَقًّى (ش) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مُنَقًّى مِنْ تِبْنِهِ وَصَوَّانِهِ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِ الْفُولِ الْأَعْلَى، وَأَمَّا قِشْرُهُ الَّذِي لَا يُزَايِلُهُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ حَبٍّ. (ص) مُقَدَّرِ الْجَفَافِ، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ (ش) فَيُقَالُ مَا يُنْقِصُ الْعِنَبَ وَالتَّمْرَ وَالزَّيْتُونَ إذَا جَفَّ وَفِي السُّلَيْمَانِيَّة لَا يُنْظَرُ إلَى الزَّيْتُونِ فِي وَقْتِ رَفْعِهِ حَتَّى يَجِفَّ وَيَتَنَاهَى حَالَ جَفَافِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ بَعْدَ التَّجْفِيفِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَهَذَا إذَا كَانَ عَادَتُهُ أَنْ يَجِفَّ كَالْحُبُوبِ وَتَمْرٍ وَعِنَبٍ وَزَيْتُونِ غَيْرِ مِصْرَ، بَلْ وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ كَالثَّلَاثَةِ بِمِصْرَ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ رُطَبُ هَذَا النَّخْلِ لَا يَكُونُ تَمْرًا وَلَا هَذَا الْعِنَبُ زَبِيبًا فَلْيُخْرَصْ أَنْ لَوْ كَانَ فِيهِ مُمْكِنًا فَإِنْ صَحَّ فِي التَّقْدِيرِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ كَانَ ثَمَنُ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ أَقَلَّ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَبِيبًا (ص) نِصْفُ عُشْرِهِ (ش) هَذَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الْوَاجِبُ نِصْفُ عُشْرِهِ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُخْرَجِ وَصِفَتِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ نِصْفُ الْعُشْرِ بِشَرْطِهِ الْآتِي لَكِنْ يُخْرَجُ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ اللَّذَيْنِ يَجِفَّانِ وَالْحَبِّ الَّذِي لَا زَيْتَ لِجِنْسِهِ وَأَمَّا الَّذِي لِجِنْسِهِ زَيْتٌ كَالزَّيْتُونِ فَيُخْرَجُ مِنْ زَيْتِهِ إنْ كَانَ فِي بِلَادٍ لَهُ فِيهَا زَيْتٌ، وَإِنْ كَانَ فِي بِلَادٍ لَا زَيْتَ لَهُ فِيهَا فَيُخْرَجُ مِنْ ثَمَنِهِ وَكَذَلِكَ مَا لَا يَجِفُّ كَرُطَبِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَالْفُولِ الَّذِي يُبَاعُ أَخْضَرَ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: نِصْفُ عُشْرِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْخَمْسَةَ أَوْسُقٍ قَدْرٌ أَيْ وَفِي قَدْرِ الْمَذْكُورِ نِصْفُ عُشْرِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَنَّ الْكَيْلَ الْآنَ) هَذَا تَحْرِيرُ عج فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ حَرَّرَ النِّصَابَ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَأَلْفٍ بِكَيْلِ مِصْرَ فَوَجَدَهُ أَرْبَعَةَ أَرَادِبَ وَوَيْبَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّ كَمَا تَقَرَّرَ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَقَدْ وَجَدْت الْقَدَحَ الْمِصْرِيَّ يَأْخُذُ مِلْأَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا حَرَّرْت ذَلِكَ بِأَيْدِي جَمَاعَةٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النِّصَابَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فَيَكُونُ النِّصَابُ بِالْقَدَحِ الْمِصْرِيِّ أَرْبَعَمِائَةِ قَدَحٍ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٌ (قَوْلُهُ: الْحِمَّصُ) حَبٌّ مَعْرُوفٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ لَكِنَّهَا مَكْسُورَةٌ أَيْضًا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَمَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَالتُّرْمُسُ وِزَانُ الْوَاحِدَةِ تُرْمُسَةٌ وَقَوْلُهُ وَالْكُزْبَرَةُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمِصْبَاحِ وَالْفُلْفُلُ بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ وَقَوْلُهُ: الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ هِيَ الْكَمُّونُ الْأَسْوَدُ. (قَوْلُهُ: الزَّيْتُونُ) أَدْخَلَهُ فِي الْحَبِّ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ كَأَنَّهُ أَدْرَجَ فِيهِ الزَّبِيبَ بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ لَا بِطَرِيقِ النَّصِّ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الزَّيْتُونَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَبٌّ ابْنُ يُونُسَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحُبُوبِ. (قَوْلُهُ: السِّمْسِمُ) بِكَسْرِ السِّينِ. (قَوْلُهُ: وَحَبُّ الْفُجْلِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَقَوْلُهُ أَيْ الْأَحْمَرُ صِفَةٌ لِلْفُجْلِ أَيْ احْتِرَازًا مِنْ الْفُجْلِ الْأَبْيَضِ، وَهُوَ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ آخِرَ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَا فِي حَبِّ الْفُجْلِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَبْيَضُ. (قَوْلُهُ: فِي التَّمْرِ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَعَلَيْهِ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ: مُقَدَّرُ الْجَفَافِ إلَّا بِارْتِكَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ: وَتَمْرٌ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَتَمْرٌ وَاسْتَغْنَى بِشُمُولِ الْحَبِّ لَهُ مَا ضَرَّهُ وَكَذَا لَوْ أَبْدَلَهُ بِبَلَحٍ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُقَدَّرُ جَفَافٌ مَا يَجِفُّ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ قَبْلَ جَفَافِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا يَبِسَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا إذَا أُرِيدَ أَكْلُ مَا يَجِفُّ بِالْفِعْلِ، أَوْ يَيْبَسُ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: كَقِشْرٍ إلَخْ) أَيْ إلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا. (قَوْلُهُ فَيُقَالُ. . . إلَخْ) هَذَا فِيمَا لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ أَنْ يَيْبَسَ أَوْ يَجِفَّ بِالْفِعْلِ كَرُطَبِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا، أَوْ يَكُونُ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَأُرِيدَ أَكْلُهُ قَبْلَ جَفَافِهِ كَرُطَبِ غَيْرِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَكَفُولٍ وَحِمَّصٍ أَخْضَرَيْنِ وَكَشَعِيرِ زَمَنِ مَسْغَبَةٍ وَنَحْوِهَا فَهُوَ رَاجِعٌ لِبَعْضِ مَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: مِنْ حَبٍّ، وَأَمَّا مَا يَيْبَسُ أَوْ يَجِفُّ بِالْفِعْلِ لَمْ يُؤْكَلْ قَبْلَ يُبْسِهِ وَجَفَافِهِ فَإِنَّمَا يُزَكَّى بَعْدَ يُبْسِهِ وَجَفَافِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ صَاحِبُ السُّلَيْمَانِيَّة فِي قَوْلِهِ: وَفِي السُّلَيْمَانِيَّة. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا يُنْقِصُ الْعِنَبَ وَالتَّمْرَ) لَا شَكَّ أَنَّ التَّمْرَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ لَا يُعْقَلُ فِيهِ جَفَافٌ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ رَفْعِهِ) أَيْ قَطْعِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَ. . . إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ: مِقْدَارُ الْجَفَافِ عَادَتُهُ أَنْ يَجِفَّ أَيْ وَأُكِلَ قَبْلَ جَفَافِهِ وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ، بَلْ يُنْظَرُ لَهُ بَعْدَ يُبْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَجِفَّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَلِمَ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَوْ كَانَ فِيهِ مُمْكِنًا) أَيْ أَنْ لَوْ كَانَ الْجَفَافُ فِيهِ مُمْكِنًا (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) لَوْ قَالَ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُخْرَجِ وَصِفَتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُخْرَجِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْحَبُّ الَّذِي لَا زَيْتَ لِجِنْسِهِ) كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَبَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْحُبُوبِ مَا عَدَا ذَوَاتَ الزُّيُوتِ. (قَوْلُهُ فَيُخْرَجُ مِنْ زَيْتِهِ إنْ كَانَ فِي بِلَادٍ لَهُ فِيهَا زَيْتٌ) وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبَّةٍ إلَّا السِّمْسِمَ وَالْقُرْطُمَ فَتُجْزِئُ مِنْ حَبِّهِ وَحَبِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 (ص) كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ (ش) مُشَبَّهٌ فِي نِصْفِ عُشْرِهِ لَكِنْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نِصْفِ عُشْرِ ذَاتِهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا زَيْتَ لَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ زَيْتٌ أُخْرِجَ نِصْفُ عُشْرِ زَيْتِهِ وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ وَلَا مِنْ ثَمَنِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبُ الرِّسَالَةِ حَيْثُ قَالَتْ فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ ثَمَنِهِ أَجْزَأَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ضَعِيفٌ. (ص) وَثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ وَمَا لَا يَجِفُّ وَفُولٍ أَخْضَرَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى زَيْتٍ لَا عَلَى الْهَاءِ مِنْ عُشْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ يَمْنَعُ مِنْهُ أَيْ وَنِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ مِمَّا لِجِنْسِهِ زَيْتٌ كَزَيْتُونِ مِصْرَ سَوَاءٌ بَلَغَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَمْ لَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِ مَا لَا يَجِفُّ كَرُطَبِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ أَيْ بِأَنْ يُخْرِجَ تَمْرًا، أَوْ زَبِيبًا، وَأَمَّا رُطَبًا أَوْ عِنَبًا فَلَا يُتَوَهَّمُ وَنِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِ فُولٍ أَخْضَرَ أَوْ حِمَّصٍ، أَوْ عِنَبٍ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ يُبْسُهُ وَبِيعَ أَحْضَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ يَابِسًا مِنْ جِنْسِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَفْهُومُ مَا لَا يَجِفُّ أَنَّ مَا يَجِفُّ لَا يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُخْرِجُ مِنْ حَبِّهِ سَوَاءٌ أَكَلَهُ، أَوْ بَاعَهُ وَهَذَا إذَا بَاعَهُ لِمَنْ يُجَفِّفُهُ وَأَمَّا إنْ بَاعَهُ لِمَنْ لَا يُجَفِّفُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَهَذَا فِي فُولٍ أَخْضَرَ لَا يُتْرَكُ حَتَّى يَيْبَسَ وَهُوَ الَّذِي يُسْقَى بِالسَّوَاقِي فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ الَّذِي يَيْبَسُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيُخْرِجُ عَنْهُ حَبًّا وَلَا يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ اُنْظُرْ (ز) فَإِنْ قُلْت: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْفُولِ   [حاشية العدوي] الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ مَا عَدَا الزَّيْتُونَ كَذَا فِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّا لَا زَيْتَ لَهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: إخْرَاجُ نِصْفِ عُشْرِ زَيْتِهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ وَالْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ هُوَ لَفْظُ ذَاتِهِ فَالْجَامِعُ هُوَ الْمُشَابَهَةُ فِي مُطْلَقِ أَخْذِ النِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ نِصْفَ ذَاتِ الْحَبِّ وَفِي الْمُشَبَّهِ نِصْفُ زَيْتِهِ هَذَا إذَا عَصَرَهُ، أَوْ أَكَلَهُ وَيَتَحَرَّى قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَيَخْرُجُ بِحَسَبِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحَرِّيهِ سَأَلَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْرَجَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَنْ يَعْصِرُهُ سَأَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ قَدْرِ مَا يُخْرِجُ إنْ وَثِقَ بِهِ وَإِلَّا فَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْرَفِ وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ جَزْءٍ عَلَى الظَّاهِرِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ زَكَّى ثَمَنَهُ وَظَاهِرُ التَّتَّائِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِ عج أَنَّهُ يَعْمَلُ بِتَحَرِّيهِ، بَلْ قَدَّمَهُ عَلَى سُؤَالِ الْمُشْتَرِي وَحُكْمُ مَا وَهَبَهُ لِثَوَابٍ حُكْمُ مَا بَاعَهُ وَأَمَّا حُكْمُ مَا وَهَبَهُ لِغَيْرِ الثَّوَابِ فَإِنْ وَهَبَهُ لِمَنْ يَأْكُلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا بَاعَهُ لِمَنْ يَعْصِرُهُ لَكِنْ إذَا تَعَذَّرَ تَحَرِّيهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُخْرِجُ مِنْ قِيمَتِهِ بَقِيَ مَا إذَا بَاعَ الزَّيْتُونَ الَّذِي لَهُ زَيْتٌ لِمَنْ لَا يَعْصِرُهُ وَفِيهِ تَرَدَّدَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الَّذِي يَأْكُلُهُ لَكِنْ إذَا تَعَذَّرَ التَّحَرِّي يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ جُلْجُلَانٍ فَإِنْ بَاعَهُ وَهُوَ جُلْجُلَانٌ لِمَنْ يَعْصِرُهُ فَهَلْ كَذَلِكَ، أَوْ يُجْزِئُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ مِنْ حَبِّهِ، وَلَوْ عُلِمَ قَدْرُ مَا فِيهِ مِنْ زَيْتٍ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِغَيْرِ الزَّيْتِ مِنْ زِرَاعَتِهِ وَأَكْلِهِ حَبًّا فَخُفِّفَ أَمْرُهُ قَوْلَانِ وَهَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِهِ مَعَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ مِنْ زَيْتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ تَرَدَّدَ عج. (قَوْلُهُ وَثَمَنُ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ) هَذَا إذَا بِيعَ وَكَذَا قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَبِعْ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْعِوَضُ فَيَشْمَلُ الْقِيمَةَ وَهَذَا إذَا بَلَغَ حَبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بَلَغَ ثَمَنُهُ نِصَابًا، أَوْ لَا وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ وَقِيمَتُهُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ طِيبِهِ أَوْ إزْهَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَثَمَنُ مَا لَا يَجِفُّ) أَيْ إذَا بِيعَ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ أَخْضَرَ بِلَا بَيْعٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَوَهَّمُ) أَيْ جَوَازُ الْإِخْرَاجِ أَيْ، بَلْ يَجْزِمُ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَتَعَذَّرُ يُبْسُهُ) أَيْ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ يُبْسِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ يَابِسًا مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: أَوْ عِنَبٍ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: مَا لَا يَجِفُّ فَهُوَ لَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ الَّذِي هُوَ الزَّبِيبُ وَإِنْ كَانَ يَجِفُّ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ يَابِسِهِ وَلَوْ أَكَلَهُ، أَوْ بَاعَهُ فَإِنْ تَرَكَ الْمَسْقَاوِيَّ حَتَّى يَيْبَسَ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ كَذَا فِي عب فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفُولِ الْأَخْضَرِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفُولٌ أَخْضَرُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفُولِ الْأَخْضَرِ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ قُلْت أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُمْكِنُ فِيهِ الْيُبْسُ جَازَ لَهُ النَّظَرُ وَإِلَى مَا يُشْتَرَى لَهُ مِنْ أَكْلِهِ أَخْضَرَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ أَنَّ مَا يَجِفُّ) أَيْ كَعِنَبٍ أَوْ بَلَحِ الْوَاحَاتِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا بَاعَهُ لِمَنْ يُجَفِّفُهُ) أَيْ، أَوْ أُرِيدَ أَكْلُهُ بَعْدَ التَّجْفِيفِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ لِمَنْ لَا يُجَفِّفُهُ) أَيْ، أَوْ أَرَادَ أَكْلَهُ قَبْلَ التَّجْفِيفِ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَدْ قَالَ مُحَشِّي تت مَا نَصُّهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ يَبِيعُهُ أَخْضَرَ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ؛ لِأَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ الْمُشْتَرِي لِيُبْسِهِ فَهُوَ يُنْقِصُ فِي ثَمَنِهِ لِذَلِكَ وَالْحِمَّصُ وَالْفُولُ لَا يُشْتَرَى كَذَلِكَ فَلَا نَقْصَ فِي الثَّمَنِ فَإِذَا أَعْطَى مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يُبْخَسْ الْمَسَاكِينُ. اهـ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَرْمَ وَالنَّخْلَ إذَا اشْتَرَى ثَمَرَهُمَا لَا لِلتَّيْبِيسِ حُكْمُهُمَا كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَوَّاقِ وَتَبِعَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَزَادَ الْفَرِيكَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا ذِكْرُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحَبِّ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي فُولٍ أَخْضَرَ إلَخْ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفُولٌ أَخْضَرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يَيْبَسَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَخْضَرَ، أَوْ بِيعَ لِلْأَكْلِ فَيُخْرِجُ عَنْهُ حَبًّا وَلَوْ أُكِلَ، أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسْقَاوِيَّ إذَا تَرَكَ حَتَّى يَبِسَ يُخْرِجُ مِنْ حَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ) غَيْرَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرٌ فِي ذَلِكَ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَجِفَّ وَبَاعَهُ لِمَنْ لَا يُجَفِّفُهُ يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الثَّمَنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ ذَكَرَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يَيْبَسَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ حَبًّا وَثَمَنًا كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ وَالْفَرِيكِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ: وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي كُلٍّ الْإِفْرَاكُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْإِفْرَاكَ يَكُونُ قَبْلَ الْيُبْسِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابٍ تَنَاوَلَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ: وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ أُفْرِكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ قُلْت: الرَّاجِحُ أَنَّ الْوُجُوبَ بِيُبْسِ الْحَبِّ لَا بِالْإِفْرَاكِ قُلْت هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوُجُوبَ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ . (ص) إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ (ش) هَذَا الشَّرْطُ فِي قَوْلِهِ: نِصْفُ عُشْرِهِ أَيْ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَاجِبٌ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ كَالدَّوَالِيبِ وَالْأَيْدِي وَيَدْخُلُ فِي الْآلَةِ النَّقَّالَاتُ مِنْ الْبَحْرِ. (ص) وَإِلَّا فَالْعُشْرُ، وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ، أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِيمَا لَمْ يُسْقَ بِآلَةٍ الْعُشْرُ كَامِلًا، وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ مِمَّنْ نَزَلَ بِأَرْضِهِ أَوْ أَجْرَاهُ إلَى أَرْضِهِ بِنَفَقَةٍ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ» . (ص) ، وَإِنْ سُقِيَ بِهِمَا فَعَلَى حُكْمَيْهِمَا (ش) مَعْنَاهُ إذَا تَسَاوَيَا أَيْ تَسَاوَى مُدَّةُ السَّقْيِ بِالْآلَةِ مَعَ مُدَّةِ السَّقْيِ بِغَيْرِهَا أَوْ تَسَاوَى عَدَدُ السَّقْيِ بِهِمَا عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ وَالْمُسْقَى بِهِمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَمَا قَارَبَ التَّسَاوِي، وَهُوَ مَا دُونَ الثُّلُثَيْنِ لَهُ حُكْمُ التَّسَاوِي وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَهَلْ يَغْلِبُ. . إلَخْ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَلَى حُكْمَيْهِمَا أَنْ يُقَسَّمَ الْحَرْثُ نِصْفَيْنِ فَيُؤْخَذُ مِنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ الْعُشْرُ عَلَى حُكْمِ سَقْيِهِ بِالسَّيْحِ وَمِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ نِصْفُ الْعُشْرِ. (ص) وَهَلْ يَغْلِبُ الْأَكْثَرُ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يَغْلِبُ الْأَكْثَرُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فَيُخْرِجُ مِنْ الْجَمِيعِ وَشَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، أَوْ لَا يَغْلِبُ الْأَكْثَرُ وَيُعْطَى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ وَشَهَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ خِلَافٌ. وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ مُدَّةً، وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ فِيهَا كَالسَّقْيِ فِي الْأَقَلِّ، أَوْ دُونَ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا؟ وَإِنْ قُلْت: مُدَّةً كَمَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْهَا شَهْرَانِ بِالسَّيْحِ وَأَرْبَعَةٌ بِآلَةٍ لَكِنَّ سَقْيَهُ بِالسَّيْحِ مَرَّتَانِ وَسَقْيَهُ بِالْآلَةِ مَرَّةٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّهُ كَمَا يُسْقَى بِالسَّيْحِ دَائِمًا وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُهُ وَدَرَجَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَعَزَاهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَالثَّانِي قَوْلُ الْبَاجِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ (ز) تَرْجِيحُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْمُسْقَى بِالْآلَةِ وَالسَّيْحِ زَرْعٌ وَاحِدٌ سُقِيَ كُلُّهُ مُدَّةً بِالسَّيْحِ وَمُدَّةً بِالْآلَةِ وَعَدَدُ سَقْيِهِ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ مُدَّةُ سَقْيِهِ بِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ فَأَقَلُّ . (ص) وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَطَانِيَّ يُضَمُّ فِي الزَّكَاةِ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّاهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا فِيهِ أَجْنَاسٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ كَمَا يَأْتِي وَالْقَطَانِيُّ كُلُّ مَا لَهُ غِلَافٌ كَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَاللُّوبِيَا وَالْبَسِيلَةِ وَالْجُلْجُلَانِ وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالْعَدَسِ وَالْجُلْبَانِ. (ص) كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الضَّمِّ أَيْ فَتُضَمُّ كَمَا تُضَمُّ الْقَطَانِيُّ فَمَنْ رَفَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلْيُزَكِّ وَيُخْرِجْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِهِ وَالسُّلْتُ حَبٌّ بَيْنَ الشَّعِيرِ وَالْقَمْحِ لَا قِشْرَ لَهُ وَيُعْرَفُ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ بِشَعِيرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (ص) ، وَإِنْ بِبُلْدَانٍ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَزْرُوعَةً فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَمْ بِبُلْدَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يَزْرَعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحَصْدَ فِي الْحُبُوبِ كَالْحَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي فَصْلٍ أَوْ فَصْلَيْنِ وَهَذَا الشَّرْطُ لِمُطْلَقِ الضَّمِّ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِالضَّمِّ كَانَ بِبَلَدٍ، أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لتت حَيْثُ خَصَّهُ بِمَا زُرِعَ بِبُلْدَانٍ وَالضَّمِيرُ فِي أَحَدِهِمَا لِلْمَضْمُومَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مَضْمُومًا وَمَضْمُومًا إلَيْهِ، أَوْ الطَّرَفَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ: لَهُمَا أَيْ الطَّرَفَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ أَحَدِهِمَا   [حاشية العدوي] أَنَّهُ جَارٍ فِي الَّذِي شَأْنُهُ عَدَمِ الْيُبْسِ كَالْفُولِ الْمَسْقَاوِيِّ أَيْ إذَا أَكَلَهُ أَخْضَرَ ثُمَّ وَجَدْت فِي نَصِّ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُقَوِّيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعُشْرُ) لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَمِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَمَا يُزْرَعُ مِنْ الذَّرَّةِ وَيُوضَعُ عَلَيْهِ عِنْدَ زَرْعِهِ قَلِيلُ مَاءٍ (قَوْلُهُ: السَّيْحُ) جَمْعُهُ سُيُوحٍ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَغْلِبُ الْأَكْثَرُ) الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الثُّلُثَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَيْ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُقَالُ بِالنَّظَرِ لِلْمُقَابِلِ يُخْرَجُ ثُلُثَا الزَّرْعِ وَيُخْرَجُ نِصْفُ عُشْرِهِ وَيُخْرَجُ ثُلُثُ الزَّرْعِ وَيُخْرَجُ عُشْرُهُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَيُخْرَجُ ثُلُثَا الزَّرْعِ فَيُخْرَجُ عُشْرُهُ وَالثُّلُثُ الْآخَرُ نِصْفُ عُشْرِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ز تَرْجِيحُهُ) فِيهِ أَنَّ ز إنَّمَا قَالَ ظَاهِرُ الْأَكْثَرِ فِي السَّقْيِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَبَرُ مُدَّةُ كُلٍّ مِنْ الزَّرْعِ وَالتَّمْرِ (قَوْلُهُ: وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ) أَيْ وَيُخْرَجُ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ وَلَيْسَ مَعْنَى تُضَمُّ تُخْلَطُ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا قَبْلَ الْمَعْنَى فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ فِي كُلٍّ نِصَابٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الضَّمِّ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى أَوْ الْمُسَاوِي عَنْ الْأَدْنَى أَوْ الْمُسَاوِي لَا الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى قَالَهُ ح وَظَاهِرُهُ الْقَطَانِيُّ وَغَيْرُهَا لَكِنْ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى بِالنِّصْفِ الْوَاحِدِ لَا قَمْحٌ عَنْ عَدَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَدْنَى وَالْأَعْلَى وَالْمُسَاوِي يُعْتَبَرُ مِمَّا عِنْدَ أَهْلِ مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ. (قَوْلُهُ وَبِسِيلَةٍ) بِالْيَاءِ وَبِدُونِهَا مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَالْجُلْجُلَانِ) الْمُنَاسِبُ التُّرْمُسُ وَقَوْلُهُ: وَحَبِّ الْفُجْلِ أَيْ الْأَحْمَرِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الزُّيُوتِ (قَوْلُهُ: وَالْجُلْبَانِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ) أَيْ لِيَجْتَمِعَا فِي الْحَوْلِ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي الضَّمِّ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَصْدَ فِي الْحُبُوبِ كَالْحَوْلِ أَيْ كَتَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ الْحُبُوبِ فَإِنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَصَادِ الْآخَرِ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْحَوْلِ فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ خَصَّهُ بِبُلْدَانٍ) فَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزْرَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ الطَّرَفَيْنِ. . . إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 حَتَّى يُفِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الضَّمِّ أَنْ يُجَامِعَهُ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِالْإِفْرَادِ لَمْ يُفِدْ هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ لَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَأَفَادَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْمَضْمُومَةَ يَكْفِي فِي ضَمِّهَا أَنْ يُزْرَعَ وَاحِدٌ مِنْهَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ أَيْ وَلَوْ بِالْقُرْبِ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَى حَصَادِ الثَّانِي مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْفَائِدَتَيْنِ أَنَّهُمَا يُزَكِّيَانِ إذَا جَمَعَهُمَا الْمِلْكُ وَكَمُلَ الْحَوْلُ قَالَ بَعْضٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بَقَاءُ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الثَّانِي فَقَطْ لَا إلَى حَصَادِهِ بِالْفِعْلِ. (ص) فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا (ش) أَيْ فَبِسَبَبِ اشْتِرَاطِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْأَرْضِ لَوْ كَانَتْ الزُّرُوعُ ثَلَاثَةً زَرَعَ ثَانِيَهَا قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَثَالِثَهَا بَعْدَهُ، وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي يُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا أَيْ لِلطَّرَفَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ إذَا كَانَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَسْقَانِ فَيُزَكِّي الْجَمِيعَ إنْ بَقِيَ حَبُّ السَّابِقِ لِحَصْدِ اللَّاحِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ نِصَابٌ وَفِيهِ مَعَهُمَا عَلَى الْمَعِيَّةِ نِصَابٌ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ لَا زَكَاةَ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا أَوَّلَ لِثَالِثٍ) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلٍّ وَسْقَانِ فَلَوْ كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ مَعَ الْآخَرِ قَاصِرٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَسَطِ ثَلَاثَةٌ وَفِي الْأَوَّلِ اثْنَانِ وَالثَّالِثِ وَاحِدٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَنَصُّ اللَّخْمِيِّ لَا زَكَاةَ عَلَى الْقَاصِرِ وَظَاهِرُ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ كَخَلِيطِ الْخَلِيطِ وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْوَسَطِ زَكَّى الثَّالِثَ مَعَهُمَا وَإِنْ كَمُلَ مِنْ الثَّالِثِ وَالْوَسَطِ زَكَّاهُمَا دُونَ الْأَوَّلِ قَالَ بَعْضٌ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ إذَا كَمُلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَالْأَوَّلُ مَضْمُومٌ لِلثَّانِي فَالْحَوْلُ لِلثَّانِي، وَهُوَ خَلِيطُ الثَّالِثِ وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالْمَضْمُومُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ فَالْحَوْلُ لِلثَّالِثِ وَلَا خُلْطَةَ لِلْأَوَّلِ بِهِ وَهُوَ فَرْقٌ جَيِّدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا عَلَى مَا إذَا كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ مَعَ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: لَا أَوَّلَ لِثَالِثٍ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكْمُلْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ كَمُلَ مِنْ الْوَسَطِ وَالثَّالِثِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْبَابِ. (ص) لَا لِعَلَسٍ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَأُرْزٍ وَهِيَ أَجْنَاسٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ لَا تُضَمُّ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْقَمْحِ وَمَا بَعْدَهُ وَبَعْضُهَا لَا يُضَمُّ إلَى بَعْضِ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِتَبَاعُدِ مَنَافِعِهَا فَقَوْلُهُ لَا لِعَلَسٍ. . . إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ كَقَمْحٍ. . . إلَخْ إذْ مَعْنَاهُ كَضَمِّ قَمْحِ الشَّعِيرِ لَا لِعَلَسٍ إلَخْ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَقْرَبُ مِنْ خِلْقَةِ الْبُرِّ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالسُّلْتِ يُضَمُّ لِلْقَمْحِ كَمَا قِيلَ بِهِ فَنَفَى ذَلِكَ، وَأَمَّا عَدَمُ ضَمِّهِ لِلْقَطَانِيِّ فَغَيْرُ مُتَوَهَّمٍ (ص) وَالسِّمْسِمُ وَبَزْرُ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمُ كَالزَّيْتُونِ (ش) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالسِّمْسِمُ وَبَزْرُ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمُ أَجْنَاسٌ وَيُسْقِطُ الزَّيْتُونَ أَيْ فَلَا يُضَمُّ وَاحِدٌ مِنْهَا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَحْثُ الضَّمِّ لَا الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ النَّصُّ عَلَى الزَّيْتُونِ بِالصَّرَاحَةِ فِيمَا سَبَقَ نَصَّ عَلَيْهِ هُنَا أَيْ أَنَّهُ حَبٌّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَلِح تَقْرِيرٌ آخَرُ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِهِ وَلَفْظُهُ وَلَيْسَ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ حَبٍّ بَيَانٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَدَخَلَ تَحْتَهُ الزَّيْتُونُ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ بَيَّنَ فِيهِ صِفَةَ الْمَخْرَجِ فَقَطْ وَهُنَا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ الَّذِي لَهُ زَيْتٌ غَيْرُ الزَّيْتُونِ فَقَالَ: إنَّ السِّمْسِمَ وَبَزْرَ الْفُجْلِ يَعْنِي الْأَحْمَرَ وَالْقُرْطُمَ حُكْمُهَا كَالزَّيْتُونِ لَا الْكَتَّانِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ خُصُوصًا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَكُونُ كَالزَّيْتُونِ فِي أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَبُّ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخْرِجَ مِنْ زَيْتِهِ الْعُشْرُ، أَوْ نِصْفُهُ قَلَّ الزَّيْتُ أَوْ كَثُرَ وَلَا يُرِيدُ أَنَّهُ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَتُضَمُّ. انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ . (ص)   [حاشية العدوي] فِيهِ نَظَرٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادٌ يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُجَامِعَهُ) أَيْ فِي الْحَوْلِ بِأَنْ يُزْرَعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ قَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْقُرْبِ) أَيْ بِأَنْ أُفْرِكَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ زَرْعُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ بِالْقُرْبِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَبْعُدُ. (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضٌ يَنْبَغِي. . . إلَخْ) عَلَيْهِ حُمِلَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَيْ قَوْلُهُ إلَى حَصَادِ الثَّانِي أَيْ اسْتِحْقَاقِ حَصَادِهِ وَالْحَصَادُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا فَرَجَعَ الْقَوْلَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: الِاجْتِمَاعِ فِي الْأَرْضِ) أَيْ لِيَجْتَمِعَا فِي الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ) أَيْ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ حَبُّ السَّابِقِ لِحَصْدِ اللَّاحِقِ) أَيْ بِأَنْ يَبْقَى الْأَوَّلُ لِلثَّانِي وَالثَّانِي لِلثَّالِثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ لَوْ بَقِيَ حَبُّ الْأَوَّلِ لِلثَّالِثِ (قَوْلُهُ: فَالْحَوْلُ لِلثَّانِي) أَيْ لِأَنَّهُ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَوْلَ لِلْمَضْمُومِ إلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ صَارَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَضْمُومًا إلَيْهِ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ: مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مَعَ الْأَوَّلِ هَذَا لَا يَظْهَرُ . (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا لَا تُضَمُّ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَحَكَى ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ قَوْلًا بِضَمِّهِمَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَمْحِ وَمَا بَعْدَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُضَمُّ الْعَلَسُ فَقَطْ لِمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ أَنَّهَا تُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ إنْ قُلْنَا أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: إذْ مَعْنَاهُ كَضَمٍّ) هَذَا يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ: أَوَّلًا يُعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ لِقَصْدِ إفَادَةِ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ الْمُصَنِّفُ تَمَّمَ الْحُكْمَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُتَمِّمْ الْحُكْمَ، بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الزَّيْتُونَ مُشَبَّهٌ بِهِ وَأَنَّ حُكْمَهُ مَعْلُومٌ وَحُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِهِ. (قَوْلُهُ حُكْمُهَا كَالزَّيْتُونِ) أَيْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ. (أَقُولُ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهَا كُلَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ قَوْلِهِ: مِنْ حَبٍّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 لَا الْكَتَّانِ (ش) أَيْ إنْ بَرَزَ الْكَتَّانُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا فِي زَيْتِهِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِطَعَامٍ وَلَا فِي زَيْتِ السَّلْجَمِ وَالْجَوْزِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ (ش) أَيْ حَبٌّ لِيَكْمُلَ النِّصَابُ فَإِذَا كَانَ الْأُرْزُ مَثَلًا أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ وَبِقِشْرِهِ خَمْسَةً كَانَتْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةً فِيهِ فَيُخْرَجُ مِنْهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ بَعْدَ قِشْرِهِ، أَوْ عُشْرُهُ أَوْ نِصْفُهُ بِقِشْرِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ قِشْرِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ ز. (ص) وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ (ش) أَيْ أَنَّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ بَعْدَ طِيبِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الزَّكَاةَ يُحْسَبُ وَيُخْرَجُ عَنْهُ. (ص) وَاسْتَأْجَرَ قَتًّا (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَمَا اسْتَأْجَرَ وَاسْتَأْجَرَ صِفَتُهُ أَوْ صِلَتُهُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قِشْرٌ، وَقَتًّا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِقَتٍّ، أَوْ حَالٌ وَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ أَيْ قَتًّا، أَوْ أَغْمَارًا أَوْ كَيْلًا وَيُحْسَبُ لَقَطُ اللِّقَاطِ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ لَا لَقَطُ اللِّقَاطِ الَّذِي تَرَكَهُ رَبُّهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ وَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) لَا أُكُلَ دَابَّةٍ فِي دَرْسِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ فِي حَالِ دِرَاسِهَا فَلَا يُحْسَبُ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَأُكُلِ الْوُحُوشِ وَالطَّيْرِ، وَأَمَّا مَا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ فِي حَالِ اسْتِرَاحَتِهَا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ لِيُزَكِّيَ عَنْهُ وَأُكُلُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الْمَأْكُولِ. (ص) وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ (ش) أَلْ فِي الْوُجُوبِ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَأَصْلُهُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ كَائِنٌ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ وَالْمُرَادُ بِالْإِفْرَاكِ أَنْ يَبْلُغَ حَدًّا يُسْتَغْنَى مَعَهُ عَنْ السَّقْيِ وَذَهَابِ الرُّطُوبَةِ وَعَدَمِ النَّقْصِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِيُبْسِهِ وَالْمُرَادُ بِطِيبِ الثَّمَرِ بُلُوغُهُ الْحَدَّ الَّذِي يَحِلُّ بَيْعُهُ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِهِ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ الزَّهْوُ. . . إلَخْ فَالْمُرَادُ بِالْإِفْرَاكِ الْيُبْسُ وَلِقَوْلِهِ وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ. . . إلَخْ فَائِدَتَانِ فَائِدَةٌ سَبَقَتْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ وَفَائِدَةٌ تَأْتِي وَهِيَ قَوْلُهُ. (ص) فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ قَبْلَهُمَا لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي (قَبْلَهُمَا) عَائِدٌ عَلَى إفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ وَالثَّمَرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَارِثِهِ إذَا لَمْ يَصِرْ لَهُ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَ إفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ لَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْمَتْرُوكِ وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَارِثٍ نِصَابٌ إذَا كَانَ فِي الْمَتْرُوكِ نِصَابٌ وَفِي قَوْلِهِ: عَلَى وَارِثٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ حَصَلَ لِلْوَارِثِ أَمَّا لَوْ مَاتَ قَلْبَهُمَا وَقَدْ اغْتَرَقَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ فَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُزَكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ لَا مِيرَاثَ لِلْوَارِثِ فِيهِ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مُقَدَّمًا وَقَوْلُهُ: عَلَى وَارِثٍ خَبَرُ لَا وَقَوْلُهُ: قَبْلَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِوَارِثٍ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ صِفَةٌ لِوَارِثٍ وَلَوْ قَالَ:   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلْكَتَّانِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ السَّلْجَمِ وَالْجَوْزِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَالسَّلْجَمُ بِمِصْرَ وَالْجَوْزُ بِخُرَاسَانَ (قَوْلُهُ: وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) أَيْ اللَّذَانِ يُخَزَّنَانِ بِهِ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: مُنَقًّى؛ لِأَنَّ ذَاكَ مُنَقًّى مِنْ تِبْنِهِ وَصَوَّانِهِ الَّذِي لَا يَخْتَزِنُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ إذَا كَانَ بِقِشْرِهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ: وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ) أَيْ أَوْ أَهْدَاهُ، أَوْ وَهَبَهُ لِأَحَدٍ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ طِيبِهِ أَيْ وَأَمَّا مَا كَانَ قَبْلَ الطِّيبِ فَلَا يُحْسَبُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ: الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) أَيْ مَعْطُوفٌ عَلَى قِشْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَاتِ بِالْوَاوِ تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَقَتًّا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ هُوَ نَفْسُ الْقَتِّ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْخَافِضَ بِمَعْنَى بَاءِ التَّصْوِيرِ فَالْأَظْهَرُ جَعْلُهُ حَالًا عَلَى أَنَّهُ جَامِدٌ لَا مُشْتَقٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ لَقْطُ اللِّقَاطِ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّغِيرَ اللَّقَّاطَ الَّذِي يَلْفِظُ السُّنْبُلُ مِنْ الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ مِمَّا لَا يُتَسَامَحُ فِيهِ لِغَيْرِهِ يُحْسَبُ وَيُخْرَجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أُجْرَةِ الْحَصَادِ الَّذِي يُحْصَدُ بِالْكِرَاءِ فَهِيَ إجَارَةٌ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ رَبَّ الزَّرْعِ مَا تَسَامَحَ لِلصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ اللَّقْطِ إلَّا لِكَوْنِ وَلِيِّهِ يَحْصُدُ عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا تَرَكَهُ رَبُّهُ فَلَا يُحْسَبُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَبَاحَ زَرْعَهُ كُلَّهُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ لَمْ يُطَالَبْ بِزَكَاتِهِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي تَقْرِيرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّقَانِيِّ فَإِذَا رَأَيْت خِلَافَ ذَلِكَ لَا تُعَوِّلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا أُكُلُ دَابَّةٍ فِي دَرْسِهَا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ نَسَبَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ لِلشَّارِحِ وَلَا يُلْزَمُ بِتَكْمِيمِهَا لِأَنَّهُ يَضْرِبُهَا . (فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ لَا زَكَاةَ فِيمَا يُعْطِيهِ لِلشُّرْطَةِ وَخَدَمَةِ السُّلْطَانِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَائِحَةِ. (قَوْلُهُ وَذَهَابُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَبْلُغَ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِيُبْسِهِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ أَيْ بِتَنَاهِيهِ وَبَعْدَهُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِفْرَاكِ حَقِيقَتُهُ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَوْلُهُ: وَحُسِبَ قِشْرٌ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوُجُوبُ مَنُوطًا بِالْإِفْرَاكِ وَقِشْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فِي حَالَةِ الْإِفْرَاكِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ صَارَ الْوُجُوبُ مَنُوطًا بِالْحَبِّ وَمَا كَانَ سَاتِرًا لَهُ فِي قِشْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي قِشْرِهِ الَّذِي لَا يُخْتَزَنُ بِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَصِرْ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ زَرْعٌ فَيَضُمَّهُ لَهُ وَيُزَكَّى. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ. . . إلَخْ) لِأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي الزَّرْعِ أَوْ غَيْرِهِ لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ نِصَابًا. (قَوْلُهُ لَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْمَتْرُوكِ) أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَارِثِ فِيمَا يَنُوبُهُ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الزَّرْعِ، أَوْ التَّمْرِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ وَانْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَ زَمَنُ طِيبِ زَرْعِ الْوَارِثِ وَالْمَوْرُوثِ هَلْ يُضَمَّانِ، أَوْ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ، أَوْ قُرْبَ زَمَنِ طِيبِهِمَا، أَوْ لَا حَرِّرْهُ نَقْلًا. (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ حَصَلَ لِلْوَارِثِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ. (قَوْلُهُ: حَصَلَ لِلْوَارِثِ) أَيْ وَرِثَهُ وَانْتَقَلَ لِمِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَتَيْنِ، أَوْ بَعْدَ التَّجْهِيزِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 كَوَارِثٍ كَانَ أَحْسَنَ وَيَصِيرُ الْمَعْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَى كَوَارِثٍ. . . إلَخْ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ قَبْلَهُمَا، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ، أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ أَوْ بَعْضَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، أَوْ انْتَزَعَ السَّيِّدُ مَالَ عَبْدِهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ . (ص) وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَاعَ زَرْعَهُ بَعْدَ إفْرَاكِهِ، أَوْ شَجَرَهُ بَعْدَ طِيبِهِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ لِتَعَدِّيهِ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بَعْدَ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَالْفُقَرَاءُ شُرَكَاؤُهُ فِي ذَلِكَ بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَسَوَاءٌ بَاعَ الزَّرْعَ قَائِمًا أَوْ لَا جُزَافًا، أَوْ لَا وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي مَأْمُونًا فِي قَدْرِ مَا يُوجَدُ فِي الزَّرْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَتَحَرَّى قَدْرَ ذَلِكَ وَيَزِيدَ عَلَيْهِ لِيَسْلَمَ مِنْ الْخَطَأِ فَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَتَحَرَّى ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يُخْرِجُ مِنْهُ وَيُزَكِّيهِ مِنْ عِنْدِهِ. (ص) إلَّا أَنْ يُعْدَمَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْبَائِعِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْدِمًا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ وُجِدَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الطَّعَامُ بِعَيْنِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ ابْنُ رُشْدٍ وَيَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُهُ أَيْضًا مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا فِي عَمَلِهِ. انْتَهَى أَيْ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ عَلَى الْبَائِعِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ ذَلِكَ الطَّعَامُ بِعَيْنِهِ اتَّبَعَ بِهَا الْبَائِعَ إنْ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا وَتَرْدِيدُ تت فَاسِدٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إنْ تَلِفَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَمَا فِي تت مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ . (ص) وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ بِجُزْءٍ لَا الْمَسَاكِينِ أَوْ بِكَيْلٍ فَعَلَى الْمَيِّتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَمَرِهِ، أَوْ زَرْعِهِ كَالرُّبُعِ وَنَحْوِهِ يُرِيدُ قَبْلَ طِيبِهِ فَإِنَّ نَفَقَةَ الْقَدْرِ الَّذِي وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ سَقْيٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ. . . إلَخْ) تَشْبِيهٌ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ أَيْ فَإِذَا صَارَ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ فَيُزَكَّى أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ. . . إلَخْ، وَلَوْ قَالَ لِشُمُولِهِ كَذَا وَكَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ) لِمُعَيَّنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ، أَوْ الصَّدَقَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتُزَكَّى عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ) أَيْ قَبْلَهَا فَالزَّكَاةُ الْمُوصَى لَهُ لِلْمُعَيِّنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ. . . إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ حَائِطًا أَوْ زَرْعًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَخَذَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ قَبْلَ طِيبِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ الزَّكَاةُ) أَيْ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ) فَلَوْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا فَأُعْتِقَ أَوْ أَسْلَمَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَفِي صُورَةِ الِانْتِزَاعِ لَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ مَثَلًا الْعَبْدَ كَانَ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بَعْدَ الطِّيبِ فَكَذَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَالْكَافِرُ بَعْدَ الطِّيبِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الطِّيبِ وَالْمُرَادُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ مَعَ الصِّحَّةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَالْوَاهِبُ كَانَ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بَعْدَ الطِّيبِ إذَا لَمْ يَهَبْ وَكَذَا إذَا وَهَبَ بَعْدَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَقِسْ ك . (قَوْلُهُ: وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ) دَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الزَّرْعِ فِي عَيْنِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ جَمَاعَةَ أَيْضًا وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ ثِقَةً لَا يُتَّهَمُ فِي إخْرَاجِهَا. (قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ زَرْعَهُ بَعْدَ إفْرَاكِهِ) أَيْ وَيُبْسِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ حِلَّ بَيْعِهِ، أَوْ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ الْيُبْسِ وَلَمْ يَفْسَخْهُ حَتَّى قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَفُوتُ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ وَأَمَّا لَوْ بِيعَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ الْيُبْسِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي مَأْمُونًا) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ إنْ قِيلَ كَيْفَ يُخَاطَبُ بِزَكَاةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ. (قَوْلُهُ: يَتَحَرَّى ذَلِكَ) زَادَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا سَبَقَ فِيمَا بِيعَ مِنْ ذِي الزَّيْتِ مِنْ تَحَرِّي الْبَائِعِ ثُمَّ سُؤَالِ الْمُشْتَرِي إنْ وَثِقَ بِهِ ثُمَّ سُؤَالِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَإِلَّا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ فِي ك وَيُخْرِجُ الْبَائِعُ مِنْ نَوْعِ الْمَبِيعِ عَنْهُ وَلَوْ قَدِيمًا عَنْ جَدِيدٍ وَلَا يُعْطِي شَعِيرًا عَنْ كَقَمْحٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْدَمَ) يُقَالُ أَعْدَمَ وَعَدِمَ مُجَرَّدًا وَمَزِيدًا فَيُفْتَحُ أَوَّلُ مُضَارِعِ الْمُجَرَّدِ وَيُضَمُّ فِي الْمَزِيدِ وَمَعْنَاهُ فِيهِمَا افْتَقَرَ وَلِلْمُجَرَّدِ مَعْنًى آخَرَ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا وَهُوَ الْفَقْدُ أَفَادَ ذَلِكَ الصِّحَاحُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ سَحْنُونَ هُوَ عِنْدِي صَوَابٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الطِّيبِ يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الطَّعَامُ بِعَيْنِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَكَلَهُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ مُخَالِقًا لِلتَّقْرِيرِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَتَرْدِيدُ تت فَاسِدٌ) حَاصِلُ تَرْدِيدِهِ أَنَّهُ يَقُولُ هَلْ إذَا عَدِمَ تَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ لَا وَحَاصِلُ الرَّدِّ إذَا عَدِمَ ذَلِكَ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ تَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي قَطْعًا وَتُؤْخَذُ مِنْ الْبَائِعِ، وَأَمَّا إنْ تَلِفَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي ظَاهِرُهُ وَتُؤْخَذُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ مَا حَازَهُ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ يَكُونُ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَتُؤْخَذُ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ يُسْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ وَمَا فِي تت. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ حَاصِلُ مَا فِي تت (قَوْلُهُ: أَوْ بِكَيْلٍ. . . إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْكَيْلِ قَرِينَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُؤْنَةِ مِنْ مَالِهِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ طِيبِهِ) فِي عج خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَصِيَّةِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا قَبْلَ الطِّيبِ وَقَدْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَبَيْنَ كَوْنِهَا بَعْدَ الطِّيبِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْجِيهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وَعِلَاجٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِيصَاءِ وَالْمَوْتِ يَسْتَحِقُّهُ وَلَهُ فِيهِ النَّظَرُ وَالتَّصَرُّفُ الْعَامُّ فَصَارَ شَرِيكًا، وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ بِجُزْءٍ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوهُ إلَّا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَبِقَوْلِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا لَوْ أَوْصَى بِكَيْلٍ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمَيِّتِ كَالْمَسَاكِينِ وَيَدْخُلُ فِي الْجُزْءِ وَصِيَّتُهُ لِزَيْدٍ مَثَلًا بِزَكَاةِ زَرْعِهِ أَيْ بِمِقْدَارِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: لَا الْمَسَاكِينِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِكَيْلٍ عَامٍّ فِي الْمُوصَى لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَوْ قَالَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ بِجُزْءٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَيِّتِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى مَنٍّ. اُنْظُرْ الْحُكْمَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ . (ص) وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ (ش) الْخَرْصُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَصْدَرُ خَرَصَ يَخْرُصُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنْ الرُّطَبِ تَمْرًا وَبِكَسْرِ الْخَاءِ الشَّيْءُ الْمُقَدَّرُ فِيهِ يُقَالُ: خَرَصَ هَذِهِ النَّخْلَةَ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّخْرِيصَ خَاصٌّ بِالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي إلْحَاقِ الزَّرْعِ بِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ أَمْنِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ أَوْ جَعْلِهِ أَمِينًا عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّخْرِيصِ فِيهِمَا فَقِيلَ لِحَاجَةِ أَهْلِهِمَا إلَيْهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا لَا يُخْرَصُ إلَّا الْعِنَبُ وَالتَّمْرُ لِلْحَاجَةِ إلَى أَكْلِهِمَا رَطْبَيْنِ. انْتَهَى وَعَلَى هَذَا يُلْحَقُ غَيْرُهُمَا بِهِمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا سِيَّمَا فِي سِنِي الشَّدَائِدِ وَقِيلَ لِتَيَسُّرِ حَزْرِهِمَا لِشِدَّةِ ظُهُورِهِمَا وَقِيلَ تَعَبُّدٌ لِوُرُودِهِ فِيهِمَا فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقْتَصِرُ الْقُرْعَةُ عَلَى مَحَالِّهَا وَبَنَى ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَخْرِيصِ غَيْرِهِمَا وَعَدَمِهِ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ بِالْحَاجَةِ وَإِمْكَانِ الْحَزْرِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ عَلَّلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَيْ بِمِقْدَارِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ) تَقَدَّمَ لَهُ فِي ك فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِيهَا وَمَنْ مَاتَ وَقَدْ أَوْصَى بِزَكَاةِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ قَبْلَ طِيبِهِ، أَوْ بِتَمْرِ حَائِطِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرُ مُبَدَّأَةٍ وَلَا تُسْقِطُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ عَنْ الْوَرَثَةِ زَكَاةَ مَا بَقِيَ لَهُمْ لِأَنَّهُ كَرَجُلٍ اسْتَثْنَى عُشْرَ زَرْعِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ فِي حَظِّ كُلِّ وَارِثٍ وَحْدَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زُكِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْعُشْرِ الَّذِي أَوْصَى بِهَا لِلْمَسَاكِينِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرُ زَكَّاهُ الْمُصَدِّقُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا مُدٌّ إذْ لَيْسُوا بِأَعْيُنِهِمْ وَهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ وَلَا تَرْجِعُ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ الْمُصَدِّقُ، وَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ كَشَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ فَاسْتُحِقَّ هُوَ، أَوْ بَعْضُهُ اهـ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُلْغَزُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ زُكِّيَ مَرَّتَيْنِ وَزُكِّيَ بَعْضُهُ مَرَّةً ثَالِثَةً اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْصِرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِجُزْءٍ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ. (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى مَنٍّ) وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْبَابِ ذِكْرُهَا وَهِيَ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ قَبْلَهُ وَتَأَخَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَهُ فَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا بِجُزْءٍ، أَوْ بِكَيْلٍ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ قَبْلَ الطِّيبِ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَفِي مَالِهِ أَيْضًا بِكَيْلِ لَمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنِينَ فَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ كَرُبُعٍ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَ نِصَابًا وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِمَالِهِ وَلَمَسَاكِينَ زُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ نِصَابًا وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أُخِذَ مِنْ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَفِي مَالِهِ غَيْرُ مُشْكِلٍ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَصِيَّةٌ . (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْعِنَبِ الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا يَصِيرُ تَمْرًا لِأَنَّهُ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ لَا يُخْرَصُ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فَفِي تَخْرِيصِهِ الْآنَ انْتِقَالٌ مِنْ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ وَقَدْ يُمْنَعُ ضَبْطُهُ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ، بَلْ يُضْبَطُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ، وَهُوَ تَمْرُ النَّخْلِ إذَا كَانَ رُطَبًا. اهـ. ثُمَّ نَقُولُ أَرَادَ التَّمْرَ الَّذِي لَوْ بَقِيَ تَتَمَّرَ بِالْفِعْلِ وَالْعِنَبَ الَّذِي تَزَبَّبَ بِالْفِعْلِ أَنْ لَوْ بَقِيَ فَخَرَجَ بَلَحُ مِصْرَ وَعِنَبُهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيصِهِمَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةُ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ لَتَوَقَّفَ زَكَاتُهُمَا عَلَى تَخْرِيصِهِمَا مَعَ حِلِّ بَيْعِهِمَا وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنْ قَالَ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَقْدِيرُ جَفَافِهِمَا وَفَرْقٌ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْجَفَافِ وَالتَّخْرِيصِ فَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَا يُخْرَصُ وَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَعِنَبُ مِصْرَ وَرُطَبُهَا إنْ خُرِصَ فَعَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُخْرَصْ كَيْلًا ثُمَّ قُدِّرَ جَفَافُهُمَا وَاعْتَرَضَ حَصْرَ الْمُصَنِّفِ بِالشَّعِيرِ الْأَخْضَرِ إذَا أَفْرَكَ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَبِالْفُولِ الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ وَبِالْبَلَحِ الْخُضَارَاتِ فَإِنَّ كُلًّا يُخْرَصُ كَمَا مَرَّ أُكِلَتْ الثَّلَاثَةُ، أَوْ بِيعَتْ زَمَنَ مَسْغَبَةٍ، أَوْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي كُلٍّ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ يُبْسِهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَصْرَهُ مُنْصَبٌّ عَلَى أَوَّلِ شُرُوطِهِ. اهـ. وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَخْرِيصَ الشَّعِيرِ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ آتٍ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ وَأَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ وَالزَّرْعَ لَا تَخْرِيصَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَ مَا أُكِلَ بِالتَّخْرِيصِ وَبَيْنَ خَرْصِ الشَّيْءِ قَائِمًا عَلَى أُصُولِهِ (قَوْلُهُ: خُرِصَ. . . إلَخْ) خُرِصَ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَلَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَكَسْرُهَا يُؤْذِنُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ. (قَوْلُهُ: أَوْ جُعِلَ. . . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى إلْحَاقِ حَاصِلِهِ أَنَّ هَذَا التَّخْرِيصَ لَيْسَ لِأَجْلِ احْتِيَاجِ أَهْلِ الزَّرْعِ لِلْأَكْلِ مِنْهُ كَمَا فِي التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْخَوْفِ مِنْ أَكْلِهِمْ مِنْ الزَّرْعِ فَيَضِيعُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ جَعْلُ الْأَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُلْحَقُ غَيْرُهُمَا بِهِمَا) أَيْ مِنْ الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا فِي سَنِيِّ الشَّدَائِدِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَخْرِيصَ غَيْرِهِمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَخْتَصُّ بِسِنِيِّ الشَّدَائِدِ (قَوْلُهُ: لِتَيَسُّرِ) أَيْ لِإِمْكَانِ حَزْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَيَقْتَصِرُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَيَسَّرَ حَزْرُهُمَا وَعَلَى التَّعَبُّدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُورُ تَخْرِيصُ غَيْرِهِمَا عَلَى إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا اعْتَبَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ شِدَّةَ الْحَاجَةِ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَزْمَانِ، وَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزَّيْتُونَ وَالْحَبَّ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا إذْ ذَاكَ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ الْحَزْرُ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمَا. اهـ. (ص) إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا وَاخْتَلَفَ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا (ش) هَذَا بَيَانُ وَقْتِ الْخَرْصِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُخْرَصُ الْكَرْمُ عِنَبًا إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَالنَّخْلُ إذَا زَهَتْ وَطَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا أَيْ؛ لِأَنَّ حِلِّيَّةَ الْبَيْعِ عِنْدَهَا يَحْصُلُ جُلُّ مَنْفَعَةِ أَرْبَابِ الشَّيْءِ الْمُخَرَّصِ مِنْ أُكُلٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ لَا قَبْلُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ عِلَّةَ التَّخْرِيصِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ فَمِنْهُمْ مُرِيدُ الْبَيْعِ وَمُرِيدُ الْأُكُلِ وَمُرِيدُ التَّيْبِيسِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا لَا يُخْرَصُ إلَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ لِلْحَاجَةِ إلَى أَكْلِهِمَا رَطْبَيْنِ. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَيَرُدُّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ هُنَا شَرْطًا مَعَ كَوْنِهِ عِلَّةً وَالْأَقْرَبُ نَصْبُ قَوْلِهِ (نَخْلَةً نَخْلَةً) عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِ مُفَصَّلًا مِثْلُ بَابًا بَابًا أَيْ لَا يَجْمَعُ الْخَارِصُ الْحَائِطَ فِي الْحَزْرِ وَلَا يُجْزِيهِ، بَلْ يَحْزِرُ كُلَّ نَخْلَةٍ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ أَقْرَبُ إلَى الْخَطَأِ وَأَمَّا أَكْثَرُ مِنْ نَخْلَةٍ فَإِنْ اتَّحَدَتْ فِي الْجَفَافِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. (ص) بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا لَا سَقَطِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَارِصَ يُسْقِطُ بِاجْتِهَادِهِ مَا يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ إذَا جَفَّ التَّمْرُ أَوْ الزَّبِيبُ يَنْقُصُ مِنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ نَخْلَةٍ يَقُولُ مَثَلًا: قَدْرُ مَا عَلَى هَذِهِ كَذَا وَإِذَا جَفَّ يَنْقُصُ كَذَا فَيَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ كَانَ عَدْلًا وَأَمَّا مَا يَرْمِيهِ الْهَوَاءُ أَوْ يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ لِأَجْلِهِ شَيْئًا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: لَا سَقَطِهَا وَإِذَا لَمْ يُسْقِطْ عَنْهُ هَذَا فَالْعَرِيَّةُ وَالصِّلَةُ وَالْأُكُلُ وَالْعَلَفُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْإِسْقَاطِ وَسَقَطِهَا بِفَتْحِ الْقَافِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَبِسُكُونِهَا وَيَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. (ص) وَكَفَى الْوَاحِدُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ إنْ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا «وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَحْدَهُ خَارِصًا إلَى خَيْبَرَ» بِخِلَافِ حُكْمَيْ الصَّيْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا يُخَرَّجَانِ عَنْ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَشْبَهَا الْمُقَوِّمِينَ، وَالتَّقْوِيمُ لَا يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ وَلِنَصِّ الْآيَةِ . (ص) وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْأَعْرَفُ (ش) يَعْنِي إذَا خَرَصَ ثَلَاثَةٌ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اتَّفَقُوا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ أَحَدُهُمْ مَثَلًا سِتَّةٌ وَآخَرُ ثَمَانِيَةٌ وَآخَرُ عَشَرَةٌ أُخِذَ بِقَوْلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ قَالَ إذَا عَلَّلْنَا بِالْحَاجَةِ يُخْرَصُ غَيْرُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْهُورًا لِأَنَّ الْمَشْهُورَ بِهِ صِفَةٌ زَائِدَةٌ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ كَأَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ قَالَهُ الْأَكْثَرُ، أَوْ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَرِوَايَتُهُ أَوْلَى وَنُعَمِّمُ فِي رِوَايَتِهِ أَيْ نَصًّا، أَوْ قِيَاسًا ثُمَّ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ تَخْرِيصِ الشَّعِيرِ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اعْتَبَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. . . إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يُعْتَبَرْ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ لِلْحَاجَةِ إلَى أَكْلِهِمَا رَطْبَيْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَاجَةَ الْمَنُوطَةَ بِالْعِنَبِ وَالتَّمْرِ لَا تَكُونُ إلَّا شَدِيدَةً، أَوْ أَنَّ أَلْ لِلْكَمَالِ عَلَى أَنَّهُ نَصَّ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ التَّخْرِيصِ فِيهِمَا التَّوَسُّعَةُ عَلَى أَهْلِهِمَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى أَكْلِهِمَا رَطْبَيْنِ. اهـ. فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ التَّوَسُّعَةُ وَالْحَاجَةُ عِلَّةٌ لِلتَّوَسُّعَةِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ الْعِلَّةُ التَّوَسُّعَةُ عَلَى أَهْلِهِمَا وَاخْتُصَّتْ التَّوَسُّعَةُ بِهِمَا دُونَ الْحُبُوبِ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا أَنْ يُؤْكَلَا وَيُبَاعَا قَبْلَ كَمَالِ الطِّيبِ بِخِلَافِ الْحُبُوبِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا كَمَالَ الِانْتِفَاعِ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الطِّيبِ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي نَظَرٌ) أَيْ وَفِي الْبِنَاءِ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي نَظَرٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزَّيْتُونَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَنَى عَلَى كَوْنِ الْعِلَّةِ تَيَسَّرَ الْحَزْرُ أَيْ إمْكَانُهُ أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ غَيْرُهُمَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ كَوْنُهُ لَا يُمْكِنُ تَخْرِيصُ غَيْرِهِمَا وَحَاصِلُ النَّظَرِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ بَيْعِ الزَّيْتُونِ وَالْحَبِّ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ حَزْرُهُمَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَزْرُ لَهُمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمَا وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَكَذَا الْمُقَدَّمُ وَحَيْثُ يُمْكِنُ حَزْرُ غَيْرِهِمَا فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ يَنْبَنِي عَلَى الثَّانِي عَدَمُ تَخْرِيصِ غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ وَطَابَتْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ الْحَاجَةُ عَلَى أَنَّهُ اعْتَرَضَ التَّعْلِيلَ بِاخْتِلَافِ الْحَاجَةِ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ فِي الْبَيْعِ وَأَمَّا هُنَا فَالْعِلَّةُ الْحَاجَةُ كَمَا فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ اهـ. فَالْمُتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولَ وَاحْتَاجَ أَهْلُهُمَا أَوْ لِاحْتِيَاجِ أَهْلِهِمَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَهُوَ الْوُجُودُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ الْوُجُودُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِوُجُودِ حَاجَةِ أَهْلِهِمَا عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْحَاجَةِ بِالْفِعْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُرَادُ الْمَظِنَّةُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيُرَدُّ. . . إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الشَّرْطِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِبَارِ تَوَقُّفِ الْمَعْلُولِ عَلَى عِلَّتِهِ كَتَوَقُّفِ الْمَشْرُوطِ عَلَى شَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هُنَاكَ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقِيلَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ مَحَلِّ التَّمْرِ وَقِيلَ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكُونُ التَّخْرِيصُ وَإِنَّمَا كَانَ أَقْرَبَ لِإِفَادَتِهِ التَّفْصِيلَ الْمَلْحُوظَ فِي الْمَقَامِ. (قَوْلُهُ بَلْ يُحْزَرُ) وَكَذَا يُحْزَرُ شَجَرَةً شَجَرَةً فِي الْعِنَبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّحَدَتْ فِي الْجَفَافِ) أَيْ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ. (قَوْلُهُ: وَالصِّلَةُ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا) فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا يُخَرَّجَانِ عَنْ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ إلَخْ) مِنْ بِمَعْنَى إلَى وَيُخَرَّجَانِ مِنْ خَرَّجَ أَيْ يُخَرَّجَانِ فِي حُكْمِهِمَا عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 الْأَعْرَفِ إنْ كَانَ، سَوَاءٌ رَأَى الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ. وَقَوْلُنَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا وَقَعَ التَّخْرِيصُ مِنْهُمْ فِي أَزْمَانٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ (ص) وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ جُزْءٌ (ش) أَيْ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَعْرِفَةِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ عَلَى حَسَبِ عَدَدِهِمْ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أُخِذَ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ الثُّلُثُ وَهَكَذَا فَلَوْ رَأَى أَحَدُهُمْ مِائَةً وَآخَرُ تِسْعِينَ وَآخَرُ ثَمَانِينَ يُزَكِّي عَنْ تِسْعِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ رَأَى تِسْعِينَ إنَّمَا هُوَ لِمُوَافَقَةِ ثُلُثَ مَجْمُوعِ مَا قَالُوهُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَصْدُقُ بِغَيْرِ الْمُرَادِ إذْ تَصْدُقَ بِأَخْذِ الثُّلُثِ مِنْ قَوْلِ أَحَدِهِمَا وَمِنْ الْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَمِنْ كُلٍّ بِنِسْبَةِ قَائِلِهِ لِمَجْمُوعِهِمْ. (ص) وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اُعْتُبِرَتْ (ش) الضَّمِيرُ فِي أَصَابَتْهُ لِمَا وَقَعَ فِيهِ الْخَرْصُ أَيْ، وَإِنْ أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّخْرِيصُ قَبْلَ جُذَاذِهِ اُعْتُبِرَتْ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ فَالْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ الْوُجُوبُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَارِصِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا فَإِذَا خَرَصَ الثَّمَرَةَ فَوُجِدَتْ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَصَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ زَكَاةَ الزَّائِدِ قِيلَ وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا قَالَ فِيهَا وَمَنْ خُرِصَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ فَوَجَدَ خَمْسَةً فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُزَكِّيَ لِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخُرَّاصِ الْيَوْمَ فَقَوْلُ الْإِمَامِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُزَكِّيَ حَمَلَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَلَى الْوُجُوبِ كَالْحَكَمِ يَحْكُمُ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَهَذَا حَمْلُ الْأَكْثَرِ وَحَمَلَهُ بَعْضٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ لِتَعْلِيلِهِ بِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخُرَّاصِ فَلَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوبِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إصَابَةِ الْخُرَّاصِ وَلَا إلَى خَطَئِهِمْ وَمَفْهُومُ زَادَتْ لَوْ نَقَصَتْ الثَّمَرَةُ عَنْ تَخْرِيصِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فَإِنْ ثَبَتَ النَّقْصُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا لَمْ تُنْقِصْ الزَّكَاةَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي نَقْصِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْهُ قَالَهُ الْجَلَّابُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ النَّقْصَ مِنْ خَطَأِ الْمُخَرِّصِ لَنَقَصَتْ الزَّكَاةُ وَهَذَا الْمَوْضِعُ أَحَدُ مَوَاضِعَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ حُمِلَ فِيهَا أَحَبُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَمِنْهَا وَلَا يُتَوَضَّأُ بِشَيْءٍ مِنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا وَلَا بِالْعَسَلِ الْمَمْزُوجِ وَلَا بِالنَّبِيذِ وَالتَّيَمُّمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهَا قَوْلُهَا فِي الْعَبْدِ يُظَاهِرُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ وَمِنْهَا قَوْلُهَا فِي السَّلَمِ الثَّانِي إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ الْعَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَضْمَنَ وَفِي السَّلَمِ الثَّالِثِ فِي النَّصْرَانِيِّ يَبِيعُ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِثْلِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مُسْلِمٌ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ يَغِيبُ عَلَيْهَا غَاصِبٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وَفِي الْحَجِّ الثَّالِثِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ كَسْرِ الْمَدِّ يَوْمًا وَفِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ صَلَّى بِقَرْقَرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَشْغَلُ أَحْبَبْت لَهُ الْإِعَادَةَ أَبَدًا وَفِي الْحَجْرِ وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إلَّا الْقَاضِي قِيلَ فَصَاحِبُ الشُّرْطَةِ قَالَ الْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ وَفِي السَّرِقَةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُقْطَعَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تَغْلُظُ عَلَيْهِمْ. (ص) وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ وَكَيْفَ كَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَبِّ إذَا اجْتَمَعَ مِنْ الْأَنْوَاعِ نِصَابٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: سَوَاءٌ رَأَى الْأَقَلَّ، أَوْ الْأَكْثَرَ) قَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا رَأَى الْأَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا رَأَى الْأَقَلَّ فَفِي هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَالْمَذْهَبُ فِي الشَّهَادَاتِ تَقْدِيمُ النَّافِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْأَعْرَافِ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّكَاةِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَانْظُرْ هَلْ يُسَلَّمُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ جُزْءٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَعْرِفَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِنَفْيِ الْمَعْرِفَةِ رَأْسًا وَبِنَفْيِ الْمُفَاضَلَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْرِفَةِ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ أَفَادَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّانِيَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ سَقَطَ مِنْ الْبَائِعِ مَا أُجِيحَ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَنُظِرَ لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ زَكَّى جَمِيعَ مَا بَاعَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَهَا دُونَ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ: لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا وَوَقَعَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ الْحَطَّابِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي وَمُقْتَضَاهَا الرُّجُوعُ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ بِالْفِعْلِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْبَائِعِ زَكَاةُ مَا أُجِيحَ فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ عب وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعُمُومِ فَيُقَالُ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ وَعَلَى مَا بِيعَ قَبْلُ وَعَلَى مَا لَمْ يُبَعْ أَصْلًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ يُقَالُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُؤَدِّي إلَى نَوْعِ تَكْرَارٍ مَعَ مُفَادِ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَلِفَ جَزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِبَارَ الْجَائِحَةِ وَعَدَمَهَا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا خُرِصَ قَبْلَهَا وَعَلَى تَقْرِيرِ شَارِحِنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَأْخُذَ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ) أَيْ وَعَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا أَيْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَجَبَ الْإِخْرَاجُ بِاتِّفَاقٍ. (قَوْلُهُ وَهَذَا عَلَى حَمْلِ الْأَكْثَرِ) يُعْلَمُ مِنْهُ تَرْجِيحُهُ. (قَوْلُهُ يَبِيعُ الطَّعَامَ) أَيْ يُرِيدُ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِقَوْلِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مُسْلِمٌ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْبِضَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ النَّصْرَانِيِّ يُحْتَمَلُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ مِنْ بَائِعِهِ أَيْ بِأَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ بَائِعِهِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحَالُ عَلَى قَبْضِ الْمُشْتَرِي، بَلْ يَكْفِي قَبْضُ بَائِعِهِ مِنْ بَائِعِهِ وَيُحْتَمَلُ حَتَّى يَقْبِضَهُ بَائِعُ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: مِنْ النَّصْرَانِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَأُولَى لَوْ كَانَ مُسْلِمًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 الْحَبُّ نَوْعًا وَاحِدًا كَالْقَمْحِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا، أَوْ وَسَطًا فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَمْحٌ وَشَعِيرٌ فَمِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَمْحٌ وَشَعِيرٌ وَسُلْتٌ فَمِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْوَسَطِ عَنْ الطَّرَفَيْنِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (كَالتَّمْرِ نَوْعًا، أَوْ نَوْعَيْنِ) لِقَوْلِهِ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ أَعْلَى التَّمْرِ أَوْ أَدْنَاهُ أُخِذَ مِنْهُ وَأَلْحَقَ الْمُؤَلِّفُ بِهِ النَّوْعَيْنِ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فِي الْجَوَاهِرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ عَلَى صِنْفَيْنِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقِسْطِهِ (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نَوْعَيْنِ (فَمِنْ أَوْسَطِهَا) أَيْ الْأَنْوَاعِ لِقَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَجْنَاسٌ مِنْ التَّمْرِ أُخِذَ مِنْ أَوْسَطِهَا وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَ الْأَجْنَاسَ عَلَى الْأَنْوَاعِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنْ تَكْثُرَ أَنْوَاعُ أَجْنَاسِ الْحَائِطِ مِنْ النَّخِيلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ وَسَطِهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَوَاشِي فَقَوْلُهُ: كَالتَّمْرِ. . . إلَخْ تَشْبِيهٌ فِيمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ كَالتَّمْرِ نَوْعًا، أَوْ نَوْعَيْنِ وَقَوْلُهُ: نَوْعًا حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ التَّمْرِ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ وَإِنَّمَا خَالَفَ التَّمْرُ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ التَّمْرِ مَا يَنُوبُهُ لَشَقَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مَا فِي الْحَائِطِ فَأُخِذَ مِنْ الْوَسَطِ. (ص) وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَكْثَرَ، أَوْ مُجْمَعٍ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ رُبُعُ الْعُشْرِ (ش) أَيْ وَالْوَاجِبُ رُبُعُ الْعُشْرِ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ وَقَدْ مَرَّ قَدْرُ الدِّرْهَمِ، وَهُوَ الْمَكِّيُّ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ، أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا شَرْعِيًّا وَقَدْرُ الدِّينَارِ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَخْرَجَ وَاجِبَهُ لِأَنَّهُ لَا وَقْصَ فِي الْعَيْنِ وَالْحُبُوبِ، أَوْ مُجْمَعٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ يُقَابِلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْجُزْءِ أَيْ لَا بِالْقِيمَةِ فَلَا زَكَاةَ فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ وَتِسْعَةِ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ فَأَكْثَرَ عَطْفٌ عَلَى مِائَتَيْنِ فَيَكُونُ حَذْفُهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ، أَوْ عُطِفَ عَلَى عِشْرِينَ فَحَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: بِالْجُزْءِ أَيْ بِالتَّجْزِئَةِ وَالْمُقَابَلَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ كُلُّ دِينَارٍ فِي مُقَابَلَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَيْ لَا بِالْقِيمَةِ وَلَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ ثُمَّ إنَّ ق ارْتَضَى أَنَّ النِّصَابَ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ الْمُسَمَّاةِ بِالْأَنْصَافِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَيِّدًا كَانَ، أَوْ رَدِيئًا. . . إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَيْفَ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ طَيِّبًا كُلُّهُ، أَوْ رَدِيئًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ نَوْعًا كَانَ أَوْ نَوْعَيْنِ، أَوْ أَنْوَاعًا لَكِنْ إنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَوَاضِحٌ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ صِفَتُهُ كَقَمْحٍ سَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِحِسَابِهِ مِنْ شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفٌ وَاحِدٌ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ النَّوْعَ عَلَى الصِّنْفِ أَيْ؛ لِأَنَّ التَّمْرَ نَوْعٌ وَتَحْتَهُ أَصْنَافٌ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ النَّوْعَيْنِ) بِمَعْنَى الصِّنْفَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ إلَخْ أَطْلَقَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نَوْعَيْنِ أَيْ صِنْفَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَيْ الْأَنْوَاعُ أَيْ الْأَصْنَافُ. (قَوْلُهُ: أَجْنَاسٌ مِنْ التَّمْرِ) أَيْ أَصْنَافٌ (قَوْلُهُ: أَنْوَاعُ أَجْنَاسِ الْحَائِطِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ أَنْوَاعٌ هِيَ أَجْنَاسُ الْحَائِطِ وَأَرَادَ مِنْ الْحَائِطِ التَّمْرَ وَأَرَادَ بِالْأَنْوَاعِ وَالْأَجْنَاسِ الْأَصْنَافَ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ. . . إلَخْ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَجْنَاسِ الْجِنْسُ وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ وَأَرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعَ وَبِالنَّوْعِ الصِّنْفَ فَتَدَبَّرْ وَمَحَلُّ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْوَسَطِ إنْ تَسَاوَتْ، أَوْ زَادَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ زِيَادَةً يَسِيرَةً فَإِنْ كَثُرَتْ أُخْرِجَتْ الزَّكَاةُ مِنْهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِيسَى ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْكَثِيرُ أَدْنَى وَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى. (قَوْلُهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) وَفِي عب وشب مَا حَاصِلُهُ أَنَّ النَّوْعَ الْوَاحِدَ مِنْ التَّمْرِ إذَا اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ لَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْوَسَطِ وَمِنْ تَقْدِيرِنَا يَظْهَرُ عَدَمُ مُنَاسَبَتِهِ. (تَتِمَّةٌ) الرَّاجِحُ أَنَّ الزَّبِيبَ كَالتَّمْرِ. (قَوْلُهُ: وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. . . إلَخْ) هِيَ بِدَرَاهِمِ مِصْرَ لِكِبَرِهَا عَنْ الشَّرْعِيَّةِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَثُمُنُهُ قَالَ فِي الشَّامِلِ. (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا وَقْصٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ لَمَّا كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى كَثْرَةِ كُلْفَةٍ خُفِّفَ عَنْ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الْحَرْثِ فَكُلْفَتُهُ يَسِيرَةٌ وَالْعَيْنُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ حَذْفُهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ. . . إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَجْنَبِيٍّ فَالْأَحْسَنُ الثَّانِي خُصُوصًا وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ احْتِبَاكُ حَذْفِ شَرْعِيَّةٍ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَحَذْفِ فَأَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُجْعَلَ كُلُّ دِينَارٍ. . . إلَخْ) أَيْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ فَلِذَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ أُخْرَى فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَلَا بِالْجَوْدَةِ. . . إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيمَةَ تَابِعَةٌ لِلْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَالِالْتِفَاتُ لِأَحَدِهِمَا الْتِفَاتٌ لِلْآخَرِ فَهُوَ كَعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ (فَائِدَةٌ) لَا زَكَاةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِمْ وَدَائِعُ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ ق ارْتَضَى. . . إلَخْ) وَارْتَضَى عج خِلَافَهُ فَقَالَ هِيَ بِالْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ سِتُّمِائَةٍ نِصْفٌ وَتِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ نِصْفَ فِضَّةٍ وَخَمْسَةٌ جُدُدٌ وَدِرْهَمٌ نُحَاسٌ إنْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ الْمِصْرِيَّةُ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ نِصْفًا، وَإِنْ كَانَتْ بِأَرْبَعِينَ فِضَّةً كَمَا فِي زَمَانِنَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَأَلْفٍ وَقَبْلَهُ بِيَسِيرٍ فَيَكُونُ النِّصَابُ سَبْعَمِائَةٍ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فِضَّةً وَعُثْمَانِيًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ كَالِاخْتِلَافِ فِي شَهَادَةٍ إذْ الْمَدَارُ عَلَى وَزْنِ الْمِائَةِ وَخَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ وَنِصْفٍ وَثُمُنٍ دِرْهَمٍ فَمَا يُعَادِلُهَا مِنْ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ، أَوْ قُرُوشٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِبَيْعِ الدِّرْهَمِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) : لَا زَكَاةَ فِي الْفُلُوسِ النَّحَّاسِ قَالَ فِي الطِّرَازِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ نِصْفًا وَثُلُثَا نِصْفٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَشَرَةِ أَنْصَافٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمِنْ الْقُرُوشِ الْبَنَادِقَةِ عِشْرُونَ قِرْشًا؛ لِأَنَّ كُلَّ قِرْشٍ وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَمِنْ أَبِي طَاقَةٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَمِنْ الرِّيَالِ وَالْكَلَبِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَرُبُعٌ وَالنِّصَابُ مِنْ الذَّهَبِ الشَّرِيفِيِّ وَالْإِبْرَاهِيمِيّ وَالْبُنْدُقِيِّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا إلَّا خَمْسَةَ قَرَارِيطَ وَثُلُثَ قِيرَاطٍ وَخُمُسَ ثُلُثِ قِيرَاطٍ . (ص) وَإِنْ لِطِفْلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ (ش) هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ لِهَذَا النِّصَابِ طِفْلًا، أَوْ مَجْنُونًا بِجَامِعِ عَدَمِ التَّكْلِيفِ رَدًّا لِلْخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْ الْمَذْهَبِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا حَرْثُهُمَا وَمَاشِيَتُهُمَا فَالزَّكَاةُ اتِّفَاقًا لِنُمُوِّهِمَا بِنَفْسِهِمَا. (ص) ، أَوْ نَقَصَتْ أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ، أَوْ إضَافَةٍ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ فِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا، وَلَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ نَقْصًا لَا يَحُطُّهَا عَنْ رُتْبَةِ الْكَامِلَةِ كَحَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ فِي كُلِّ الْمَوَازِينِ كَمَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا أَوْ كَانَتْ وَازِنَةً إلَّا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ مِنْ مَعْدِنِهَا وَتَنْقُصُ فِي التَّصْفِيَةِ، أَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً بِسَبَبِ إضَافَةٍ كَالْمَغْشُوشَةِ بِنُحَاسٍ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ: وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلثَّانِيَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ رَدَاءَتُهَا بِسَبَبِ أَنَّهَا تَنْقُصُ فِي التَّصْفِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا بِسَبَبِ أَنَّهَا تَنْقُصُ فِي التَّصْفِيَةِ فَإِنَّهَا تُزَكَّى وَلَوْ لَمْ تَرُجْ بِرَوَاجِ الْكَامِلَةِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَرُجْ بِأَنْ انْحَطَّتْ عَنْ الْكَامِلَةِ حَيْثُ يَكُونُ فِي الْبَلَدِ نَاقِصَةٌ وَكَامِلَةٌ سَقَطَتْ زَكَاةُ الْأُولَى اتِّفَاقًا وَحُسِبَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ الْخَالِصُ فَإِنْ بَلَغَ النِّصَابَ زَكَّاهُ وَاعْتُبِرَ مَا فِيهَا مِنْ خَالِصٍ، أَوْ غَيْرِهِ اعْتِبَارَ الْعُرُوضِ مِنْ إدَارَةٍ وَاحْتِكَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا حُسِبَ الْخَالِصُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرُجْ كَكَامِلَةٍ حُسِبَ الْخَالِصُ أَيْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ إنَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ نَقَصَتْ وَفِيمَا يَأْتِي بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَا فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ. . . إلَخْ، وَلَوْ ذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ النِّصَابِ الْمَذْكُورِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْمَقَامِ كَانَ أَخْصَرَ فَكَانَ يَقُولُ، أَوْ نَقَصَ وَرَاجَ كَكَامِلٍ وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعٍ وَمُتَّجَرٍ فِيهِ بِأَجْرٍ لَا مَغْصُوبٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ أَوْ إضَافَةٍ مَعْطُوفَانِ عَلَى مَعْنَى نَقَصَتْ أَيْ لَمْ تَكْمُلْ بِنَقْصِ وَزْنٍ، أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ أَوْ بِإِضَافَةٍ فَإِنْ قُلْت: الْإِضَافَةُ لَيْسَتْ سَبَبًا فِي النَّقْصِ، بَلْ فِي الْكَمَالِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْضَ كَوْنُهَا نَاقِصَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْ وَلَمْ تَكْمُلْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حُسِبَ كَمَالُهَا فِي الظَّاهِرِ . (ص) إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوَّلَ غَيْرُ الْمَعْدِنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) أَيْ وَزْنًا. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْقُرُوشِ الْبَنَادِقَةِ) لَمْ نَرَهَا وَلَمْ نَجْتَمِعْ بِمَنْ رَآهَا. (قَوْلُهُ وَالْإِبْرَاهِيمِيّ) بِوَاوٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّرِيفِيِّ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ وَكَذَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرِيفِيُّ اسْمًا لِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِبْرَاهِيمِيَّ وَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ لِأَصْنَافِ الشَّرِيفِيِّ وَانْظُرْهُ. . (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِطِفْلٍ إلَخْ) وَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْوَصِيِّ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَنُوطٌ بِهِ وَلَا بِمَذْهَبِ أَبِي الطِّفْلِ لِمَوْتِهِ وَانْتِقَالِ الْمَالِ عَنْهُ وَلَا بِمَذْهَبِ الطِّفْلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا فَلَا يُزَكِّيهَا الْوَصِيُّ إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى سُقُوطَهَا عَنْ الطِّفْلِ وَإِلَّا أَخْرَجَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، أَوْ كَانَ مَالِكِيًّا فَقَطْ، أَوْ مَالِكِيًّا وَحَنَفِيًّا وَخَفِيَ أَمْرُ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ وَإِلَّا رُفِعَ لِلْمَالِكِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا حَنَفِيٌّ أَخْرَجَهَا الْوَصِيُّ الْمَالِكِيُّ إنْ خَفِيَ أَمْرُ الصَّبِيِّ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَإِلَّا تُرِكَ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالْمَذْهَبِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى الْوُجُوبَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي وَإِنْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى السُّقُوطَ سَقَطَ عَنْهُ فِي الْمَاضِي وَانْظُرْ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْوَصِيِّ وُجُوبَهَا وَلَمْ يَخْرُجْهَا حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا وَمَذْهَبُهُ سُقُوطُهَا وَانْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ هَلْ تُؤْخَذُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْوَلِيِّ، أَوْ تَسْقُطُ اُنْظُرْ عج. (تَنْبِيهٌ) : يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي إخْرَاجِهَا حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ عَدَمِ التَّكْلِيفِ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ إذْ لَا مَقِيسَ عَلَيْهِ هُنَا إذْ هُمَا فِيهِمَا الْخِلَافُ. (قَوْلُهُ: لَا يَحُطُّهَا عَنْ رُتْبَةِ الْكَامِلَةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ رَاجِعٌ حَتَّى لِقَوْلِهِ: أَوْ نَقَصَتْ (قَوْلُهُ: كَحَبَّةٍ، أَوْ حَبَّتَيْنِ) أَوْ ثَلَاثَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى الرَّوَاجِ كَرَوَاجِ الْكَامِلَةِ كَثُرَ، أَوْ قَلَّ وَالْمُرَادُ كَحَبَّةٍ، أَوْ حَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ النَّصِّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ نَقْصُهُ فِي الْوَزْنِ كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا، أَوْ عَدَدًا فَإِنْ رَاجَتْ كَكَامِلَةٍ زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ نَقَصَتْ فِي الْعَدَدِ وَكَمُلَتْ فِي الْوَزْنِ زُكِّيَتْ كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ نَقَصَتْ مِنْهَا فَلَا زَكَاةَ إنْ كَانَ التَّعَامُلُ عَدَدًا بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا فَكَنَاقِصَةٍ الْوَزْنِ. (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ:. . . إلَخْ) لَا يَصِحُّ التَّفْرِيعُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا مَا يُصَحِّحُ التَّفْرِيعَ نَقْصًا لَا يَحُطُّهَا عَنْ رُتْبَةِ الْكَامِلَةِ قَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَعْنَى رَوَاجِهَا كَرَوَاجِ الْكَامِلَةِ أَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي تُشْتَرَى بِعِشْرِينَ دِينَارًا كَامِلَةً تُشْتَرَى بِعِشْرِينَ دِينَارًا نَاقِصَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلًّا يُشْتَرَى بِهِ السِّلْعَةُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الصَّرْفُ ثُمَّ إنَّ الْكَمَالَ حَقِيقِيٌّ فِي الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَتْ لَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلثَّانِيَةِ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) الْمُنَاسِبُ الْأَخِيرَةِ لِمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ اعْتِبَارَ الْعُرُوضِ وَمِنْ إدَارَةٍ وَاحْتِكَارٍ) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ يُفِيدُ عب فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعْطُوفَانِ عَلَى مَعْنَى نَقَصَتْ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ مَعْطُوفَانِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ لِطِفْلٍ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَعَاطِيفَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ حَرْفٍ مُرَتِّبٍ يَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالتَّقْدِيرُ هَذَا إذَا كَانَتْ مُلَابِسَةً لِمُكَلَّفٍ أَوْ جَيِّدٍ، بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ مُلَابِسَةً لِطِفْلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ لِرَدَاءَةِ أَصْلٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ تُكَمَّلْ بِنَقْصٍ) أَيْ بِسَبَبِ نَقْصٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ تُكَمَّلْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ بِسَبَبِ نَقْصٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَمْلُوكًا مِلْكًا تَامًّا فَلَا زَكَاةَ عَلَى غَاصِبٍ وَمُودَعٍ وَمُلْتَقِطٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعَبْدٍ وَمَدِينٍ لِعَدَمِ تَمَامِهِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ فِيمَا بِيَدِ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ لَا يُعَدُّ مَالِكًا وَلَا فِي غَنِيمَةٍ قَبْلَ قَسْمِهَا لِعَدَمِ قَرَارِهِ، وَمِنْ شَرْطِ الزَّكَاةِ أَنْ يَحُولَ عَلَى الْمَالِ حَوْلٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَعَادِنِ وَأَمَّا هِيَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَأَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ الْأَرْضِ كَحَصَادِ الزَّرْعِ، وَمِثْلُ الْمَعْدِنِ الرِّكَازُ حَيْثُ احْتَاجَ لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فَإِنَّهُ يُزَكَّى وَلَا يُشْتَرَطُ مُرُورُ الْحَوْلِ فِيهِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهِ لِنُدُورِهِ. (ص) وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَدَّدُ فِي الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ بِتَعَدُّدِ الْأَعْوَامِ، وَلَوْ غَابَ الْمُودَعُ بِهَا وَكَذَا الْمُبْضَعُ بِهَا كَمَنْ قَطَعَ مِنْ مَالِهِ قِطْعَةً وَبَعَثَ بِهَا إلَى مِصْرٍ يَبْتَاعُ بِهَا طَعَامًا لِعِيَالِهِ فَمَرَّ الْحَوْلُ قَبْلَ صَرْفِهَا وَلَا تَأْثِيرَ لِمَا نَوَى مِنْ صَرْفِهَا لِقُوتِهِ وَإِنْ بَعَثَ بِهَا لِشِرَاءِ كِسْوَةٍ لِعِيَالِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ فَإِذَا لَمْ يَنْوِ تَبْتِيلَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا وَإِلَّا فَلَا (ص) وَمُتَّجِرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ إذَا دَفَعَهَا رَبُّهَا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهَا بِغَيْرِ أَجْرٍ، أَوْ بِأَجْرٍ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَجْرًا مَعْلُومًا فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهَا كُلَّ عَامٍّ لِأَنَّ تَحْرِيكَهُ لَهَا كَتَحْرِيكِ رَبِّهَا فَهُوَ وَكِيلٌ فَإِذَا كَانَ رَبُّهَا مُدِيرًا قَوَّمَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ الْبِضَاعَةِ كُلَّ عَامٍ وَزَكَّاهَا مَعَ مَالِهِ وَإِنْ   [حاشية العدوي] فَائِدَةٌ) لَا زَكَاةَ فِي الْفُلُوسِ النَّحَّاسِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الطِّرَازِ . (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الزَّكَاةِ إلَخْ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ كَوْنِ كَمَالِ الْمِلْكِ شَرْطًا وَجَعَلَهُ الْقَرَافِيُّ سَبَبًا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ شَرْطِ تَمَامِ الْمِلْكِ عَدَمُ زَكَاةِ حُلِيِّ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ مِنْ قَنَادِيلَ وَعَلَائِقَ وَصَفَائِحِ أَبْوَابٍ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُزَكِّيهِ الْإِمَامُ كَمَوْقُوفِ الْأَنْعَامِ وَالْعَيْنِ لِلْقَرْضِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ) أَيْ مَنْ كَانَ فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَى الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ وَلَا فِي غَنِيمَةٍ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ فِي الْغَنِيمَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَامٌّ وَلِذَلِكَ زَادَ بَعْضٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِإِقْرَارِهِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَثَبَتَ قَرَارُهُ (قَوْلُهُ: كَحَصَادِ الزَّرْعِ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ حَصَادِهِ أَيْ مِنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهِ وَقِيلَ بِالتَّصْفِيَةِ وَيَأْتِي. (قَوْلُهُ حَيْثُ احْتَاجَ. . إلَخْ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْتَجْ فَفِيهِ الْخُمُسُ. (تَنْبِيهٌ) : فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ الْأَمْوَالَ الْمُجْتَمَعَةَ تَحْتَ أَيْدٍ النُّظَّارِ إنْ كَانَتْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ زُكِّيَتْ. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَدَّدُ فِي الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ تَزْكِيَتِهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ التَّنْمِيَةِ وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا. (قَوْلُهُ: بِتَعَدُّدِ الْأَعْوَامِ) أَيْ فَيُزَكِّيهَا بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ كَلَامِهِ فِي الْعَيْنِ لَا يُنَافِي تَعَدُّدَهَا فِي الْمَاشِيَةِ الْمُودَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَأْثِيرَ لِمَا نَوَى مِنْ صَرْفِهَا. . . إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا الصَّغِيرَ قَدْ قَرَّرَ لَنَا أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْفِقْهُ وَلَكِنَّ الْفَرْقَ خَفِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْفَرْقَ اخْتِصَاصُ الْكِسْوَةِ بِالْعِيَالِ دُونَ الطَّعَامِ يُشَارِكُهُمْ فِيهِ وَقَالَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ وَمُحَمَّدٌ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الطَّعَامُ لِعِيَالِهِ مَا جَاءَ هَذَا التَّعْلِيلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الطَّعَامَ يَتَيَسَّرُ غَالِبًا وَالْكِسْوَةَ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ فَالتَّأْخِيرُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ تَفْرِيطٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ تَبَيَّنَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الطَّعَامِ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا أَشْهَبُ فَقَالَ فِي سَمَاعِهِ فِي الرَّجُلِ يَقْطَعُ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَيَبْعَثَ بِهَا إلَى مِصْرٍ يُبْتَاعُ لَهُ بِهَا طَعَامٌ يُرِيدُ أَكْلَهُ لَا يُرِيدُ بَيْعًا قَالَ مَا أَرَى الزَّكَاةَ إلَّا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ وَلَا تَأْثِيرَ لِمَا نَوَاهُ مِنْ صَرْفِهِ لِقُوتِهِ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَمَسْأَلَةُ الْكِسْوَةِ مَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ سَمَاعِ أَصْبَغَ فَقَالَ مَنْ بَعَثَ دَنَانِيرَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا لِعِيَالِهِ كِسْوَةً فَإِنْ كَانَ بَتَلَهَا لَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاةٌ أَشْهَدَ أَمْ لَمْ يُشْهِدْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَبْتِيلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ بَعَثَ بِهَا لِيَشْتَرِيَ بِهَا أَثْوَابًا لِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا مَا لَمْ يُوجِبْهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِشْهَادِ. اهـ. وَفِي الشَّامِلِ لَوْ بَعَثَ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ أَثْوَابًا أَوْ لِأَهْلِهِ فَحَالَ حَوْلُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ زَكَّاهُ اهـ. يَعْنِي إذَا عَرَفَ قَدْرَهُ وَأَنَّهُ بَاقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَنَقُولُ قَدْ عَلِمْت إطْلَاقَ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي الْكِسْوَةِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الطَّعَامِ فَلَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَيَكُونُ خُلَاصَتُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الطَّعَامِ عِنْدَ أَصْبَغَ كَالْكِسْوَةِ فِي التَّفْصِيلِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ وَمَسْأَلَةُ الْكِسْوَةِ كَالطَّعَامِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي إطْلَاقِ الزَّكَاةِ وَلَا تَفْصِيلَ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْ وَمَعْنَى تَبْتِيلِهَا صَرْفُهَا وَلَا بُدَّ فِي الْكِسْوَةِ، أَوْ الطَّعَامِ فَإِنْ قُلْت بَعَثَهَا لِيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا تَبْتِيلٌ فَلَا يَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يُرْسِلَهَا مَعَ تَجْوِيزِ أَنْ يُرْسِلَ ثَانِيًا لِمَنْ أَعْطَاهَا لَهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الطَّعَامِ أَشَدُّ مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِلْكِسْوَةِ فَالشَّأْنُ التَّبْتِيلُ فَكَانَ أَوْلَى لِعَدَمِ الزَّكَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ رَبُّهَا مُدِيرًا) أَيْ وَلَوْ احْتَكَرَ الْعَامِلُ فَلَوْ كَانَ رَبُّهَا مُحْتَكِرًا زَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: قُوِّمَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا وَهِيَ عِنْدَ التَّاجِرِ حَيْثُ عَلِمَ قَدْرَهَا وَلَوْ بِالتَّحَرِّي وَكَانَ مُدِيرًا وَلَوْ احْتَكَرَ الْعَامِلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاضِ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْ رَبِّهَا فَتَحْرِيكُهُ فِيهَا كَتَحْرِيكِ رَبِّهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا الْقِرَاضُ فَتَارَةً يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ شَرِيكًا وَتَارَةً أَجِيرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُحْتَكِرًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَتَدَايَنْهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَوْ يُدَايِنُهَا لِغَيْرِهِ تَعَدِّيًا أَوْ بِإِذْنِ رَبِّهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّيهَا كَالدَّيْنِ لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 غَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا أَخَّرَ زَكَاتَهَا إلَى حُضُورِهِ فَيُزَكِّيَهَا لِمَا مَضَى بِلَا خِلَافٍ فَقَوْلُهُ: بِأَجْرٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ. (ص) لَا مَغْصُوبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ لَا زَكَاةَ عَلَى رَبِّهَا لِعَجْزِهِ عَنْ تَنْمِيَتِهَا فَإِذَا أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ سَاعَةَ يَقْبِضُهَا يُرِيدُ، وَلَوْ رَدَّهَا الْغَاصِبُ مَعَ رِبْحِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَدَيْنِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ يُزَكِّيهِ غَيْرُ الْمَدِينِ إذَا قَبَضَهُ زَكَاةً وَاحِدَةً لِمَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ وَيُزَكِّيهَا الْغَاصِبُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهَا لِضَمَانِهِ لَهَا وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ إذَا غُصِبَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى إلَّا أَنْ تَكُونَ السُّعَاةُ قَدْ زَكَّتْهَا هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهَا تُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ وَعَزَاهُ لَهَا فَقَالَ وَالنَّعَمُ الْمَغْصُوبَةُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ تُزَكَّى لِعَامٍ فَقَطْ وَلَهُ مَعَ أَشْهَبَ لِكُلِّ عَامٍ. انْتَهَى، وَأَمَّا النَّخْلُ إذَا غُصِبَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ مَعَ ثَمَرَتِهَا فَإِنَّهَا تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ بِلَا خِلَافٍ إذَا لَمْ تَكُنْ زُكِّيَتْ أَيْ يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ ذَلِكَ . (ص) وَمَدْفُونَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمَدْفُونَةَ إذَا ضَلَّ رَبُّهَا عَنْهَا وَمَرَّ عَلَيْهَا أَعْوَامٌ ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْفِنَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي غَيْرِهَا. (ص) وَضَائِعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الضَّائِعَةَ إذَا وَجَدَهَا رَبُّهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسَوَاءٌ اُلْتُقِطَتْ أَمْ لَا وَالتَّقْيِيدُ بِالِالْتِقَاطِ إنَّمَا هُوَ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ: وَمَدْفُونَةٍ؛ لِأَنَّ مَدْفُونَةً لَا مَفْهُومَ لَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَضِلَّ رَبُّهَا عَنْهَا. (ص) وَمَدْفُوعَةٍ عَلَى أَنَّ الرَّابِحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ إذَا دَفَعَهَا رَبُّهَا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهَا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ ثُمَّ قَبَضَهَا رَبُّهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْرِيكِهَا لِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَتْ اللُّقَطَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَيُزَكِّيَهَا مَعَ مَالِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَلَا فِي ضَمَانِهِ، وَإِنْ أَفَادَ فِيهَا نِصَابًا اسْتَقْبَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا فَهُوَ وَقَوْلُهُ وَمُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى الرِّبْحِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ قَدْرَهَا وَلَوْ بِالتَّحَرِّي فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) فِي عب وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عج أَنَّ الْمُتَّجِرَ فِيهَا بِدُونِ أَجْرٍ يَتَعَدَّدُ فِيهَا لَكِنْ إنَّمَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ قَبْضِهَا اهـ كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ عج خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يُزَكِّيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِصِيغَةِ إفْرَادِ الضَّمِيرِ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ فِي الْمُودَعَةِ كَذَا كُنْت كَتَبْت ثُمَّ رَأَيْت عج جَزَمَ بِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت مُحَشِّيَ تت جَزَمَ بِخِلَافِهِ وَرَدَّ عَلَى عج بِقَوْلِهِ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ اعْتِبَارَ النَّقْصِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ هُنَا فَيُزَكَّى لِمَاضِي السِّنِينَ وَلَا عِبْرَةَ بِالنَّقْصِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الْمَالِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا كَالْفَوَائِدِ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: أَنَّهُ يُزَكِّيهَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ رَدَّهَا الْغَاصِبُ مَعَ رِبْحِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ شَبِيهًا بِدَيْنِ الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَيُزَكِّيهَا الْغَاصِبُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ. . . إلَخْ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ زَكَاةً عَلَى رَبِّهَا. (قَوْلُهُ: إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ ذَلِكَ. . . إلَخْ) أَيْ رَدَّ جَمِيعَهَا فَإِنْ رَدَّ بَعْضَ ثِمَارِهَا وَكَانَ حَصَلَ فِي كُلِّ سَنَةٍ نِصَابٌ وَلَمْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ بَلْ رَدَّ مِنْهُ قَدْرَ نِصَابٍ فَأَكْثَرَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَ عَلَى سِنِينَ الْغَصْبِ لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ سَنَةٍ نِصَابًا فَفِي زَكَاتِهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا لِابْنِ الْكَاتِبِ اُنْظُرْ عب . (قَوْلُهُ: إذَا ضَلَّ رَبُّهَا عَنْهَا) وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا وَتَرَكَهَا مَدْفُونَةً اخْتِيَارًا فَيُزَكِّي لِمَاضِي الْأَعْوَامِ قَالَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَاشِيَةِ الضَّائِعَةِ حُكْمَ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ. (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ أَنْ يُزَكِّيَهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ) وَمُقَابِلُهُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ. . . إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ التَّعْمِيمِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْمَوَّازِ إنْ دَفَنَهَا فِي صَحْرَاءَ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَا يُحَاطُ بِهَا فَهِيَ كَالْمَغْصُوبَةِ وَالضَّائِعَةُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ دَفَنَهَا فِي الْبَيْتِ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُحَاطُ بِهِ زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ وَعَكْسُ هَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ وَالْمُغِيرَةُ يُزَكِّيهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لَهَا حَوْلًا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا يَقْطَعُ الرَّجَاءَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَضِلَّ رَبُّهَا عَنْهَا) أَيْ وَلَمْ تُلْتَقَطْ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَدْفُونَةُ بِالْفِعْلِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي بَهْرَامَ وَغَيْرِهِ وَلِأَجْلِ دَفْعِ التَّكْرَارِ الْحَاصِلِ عَلَى حِلِّهِ. (قَوْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ بِضَمَانٍ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ الْقِرَاضِ إلَى الْقَرْضِ وَصَارَتْ سَلَفًا فِي ذِمَّتِهِ وَدَيْنُ الْقَرْضِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُدِيرُ وَالْمُحْتَكِرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فِي جَانِبِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَهُ مَفْهُومٌ فِي جَانِبِ الْعَامِلِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ اسْتَقْبَلَ بِالرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ زَكَّى الْأَصْلَ وَالرِّبْحَ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ لِابْنِ شَعْبَانَ يُزَكِّيهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ فَيُزَكِّيهَا مَعَ مَالِهِ. . . إلَخْ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى يَعْلَمَ فَيُزَكِّيَهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 بَيْنَهُمَا فَهُوَ قَوْلُهُ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَرَادَ، أَوْ الْعَامِلُ كَمَا يَأْتِي . (ص) وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ إنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا، أَوْ لَمْ تُوقَفْ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا وَقَبْضِهَا (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْرُوثَةَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا شَرِيكٌ وَبَعْدَ قَسْمِهَا وَقَبْضِهَا إنْ كَانَ لَهُ فِيهَا شَرِيكٌ وَسَيُصَرِّحُ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا بِقَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ. . . إلَخْ فَمَا يُفِيدُهُ مَفْهُومُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا ضَعِيفٌ فَلَا مَفْهُومَ لِلْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا قَوْلُهُ: فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَوْ وَصَلَ قَوْلَهُ: إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا وَقَبْضِهَا بِقَوْلِهِ وُرِثَتْ وَأَسْقَطَ مَا بَيْنَهُمَا لَوَافَقَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فَقَطْ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا وُرِثَا فَإِنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ غَيْرِ قَيْدَيْ الْإِيقَافِ وَالْعِلْمِ لِحُصُولِ النَّمَاءِ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مُحَاوَلَةٍ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ جَارِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَنَصُّهَا: وَإِنْ وَرِثَ عَيْنًا اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ، أَوْ قَبْضِ رَسُولِهِ وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا، أَوْ عَلِمَ بِهِ أَوْ وَقَفَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. اهـ. وَلَا مَفْهُومَ لِلْإِرْثِ أَيْ أَوْ وُهِبَتْ، أَوْ أَوْصَى بِهَا. (ص) وَلَا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ أَوْ الْمَاشِيَةَ، أَوْ الْحَرْثَ إذَا أَوْصَى بِهَا إنْسَانٌ لِتُفَرَّقَ عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَأَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ بِتَفْرِقَتِهَا وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ أَعْوَامًا فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِ رَبِّهَا بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُوصِي مَاتَ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَهِيَ نِصَابٌ، أَوْ هِيَ مَعَ مَا عِنْدَهُ نِصَابٌ فَإِنَّهَا تُزَكَّى عَلَى مِلْكِهِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُفِيدُهُ، وَسَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَإِذَا فَرَّقَهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا إذَا كَانَ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ؛ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَائِدِ فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ ق اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ الذَّاتُ فَيَشْمَلُ الْعَيْنَ وَالْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ. (ص) وَلَا مَالِ رَقِيقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ لَا زَكَاةَ فِي مَالِهِ عَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ حَرْثٍ وَلَا فِيمَا يُرِيدُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ تَمَامِ تَصَرُّفِهِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ فَإِنْ انْتَزَعَهُ اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا وَكَذَا لَوْ عَتَقَ هُوَ. (ص) وَمَدِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ الْعَيْنِيِّ الْحَوْلِيِّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ زَكَاتَهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا، أَوْ عَرْضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِعَدَمِ تَمَامِ الْمِلْكِ وَأَمَّا الْمَعْدِنُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي أَعْيَانِهَا فَلَا يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى عَيْنٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْمَعَاطِيفَ إذَا تَكَرَّرَتْ تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ النَّقْدِ دُونَ النِّصَابِ كَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا لَكِنْ لِأَجْلِ سِكَّتِهِ، أَوْ حُسْنِ صِيَاغَتِهِ أَوْ جَوْدَتِهِ يُسَاوِي نِصَابًا فَإِنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ لَا تُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيَاغَةُ مُحَرَّمَةً، أَوْ جَائِزَةً فَقَوْلُهُ: وَسِكَّةٍ. . . إلَخْ أَيْ وَلَا زَكَاةَ فِي قِيمَةِ مَا ذُكِرَ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذِهِ بِقَوْلِهِ: فِيمَا مَرَّ بِالْجُزْءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُوقَفْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ إذَا بَقِيَتْ عَلَى مَعْنَاهَا لَلَزِمَ عَلَيْهِ خَلَلٌ إذْ مَنْطُوقُ الْأَوَّلِ يُخَالِفُ مَفْهُومَ الثَّانِي وَمَنْطُوقُ الثَّانِي يُخَالِفُ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي عب (أَقُولُ) وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ، أَوْ إذَا وَقَعَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ تُفِيدُ النَّفْيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِهِ زَكَّاهُ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ زَكَّاهُ لِسَنَةٍ هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: أَوْ لَمْ تُوقَفْ فَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ فِيهَا مَا قِيلَ إنْ وَقَفَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ زَكَّاهُ لِلْأَعْوَامِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ قَسْمِهَا وَقَبْضِهَا. . . إلَخْ) الْحَقُّ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت نَصًّا أَنَّ الشُّرَكَاءَ لَا يُشْتَرَطُ الْقَسْمُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يُزَكِّيَانِ مُطْلَقًا. . . إلَخْ) أَجْمَلَ فِي الْعِبَارَةِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَرْثِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ قَبْلَهُمَا لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ فَإِنْ صَارَ لَهُ نِصَابٌ فَأَكْثَرُ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ، وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ لَهُ وَلَا يُتَوَهَّمُ زَكَاتُهُ لِكُلِّ عَامٍ إذْ الْحَرْثُ الْمُزَكَّى عِنْدَ حَصَادِهِ لَا زَكَاةَ عَلَى رَبِّهِ فِيهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَهُ أَعْوَامًا نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَالزَّيْتُونِ لِأَنَّهُمَا يُثْمِرَانِ كُلَّ سَنَةٍ فَيُزَكَّيَانِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَاسْتِقْبَالُ الْمَاشِيَةِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ لَا يُنَافِي فِي زَكَاتِهَا كُلَّ عَامٍ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَقَسْمِهَا. (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ جَارِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا) أَيْ الْمَوْرُوثُ وَقَوْلُهُ: أَعْوَامًا أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ تَرَكَ النَّصَّ عَلَى الْقَسْمِ لِتَضَمُّنِ الْقَبْضِ لَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَقَفَ لَهُ أَيْ عَلَى يَدِ حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ، أَوْ الْمَاشِيَةَ أَوْ الْحَرْثَ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ يُقْصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَيْنِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَإِلَّا إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ اُنْظُرْ مُحَشِّيَ تت وَزَكَاةُ الْمُوصَى بِهَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَالْمَوْضُوعُ. . . إلَخْ) وَكَذَا إنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَلَكِنْ كَانَتْ فُرِّقَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ. (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بَهْرَامَ قَالَ يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا لِتُفَرَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِي يَدِ مَنْ قَبَضَهَا لِيُفَرِّقَهَا لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ رَبِّهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ ذَكَرَ تَعْلِيلَ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ يُفِيدُهُ أَيْ يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْمَوْضُوعُ إلَخْ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ إنَّك ذَكَرْت تَعْلِيلَ الشَّارِحِ ثُمَّ قَيَّدْت بِقَوْلِك وَالْمَوْضُوعُ فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يُفِيدُ فَكَيْفَ تَقُولُ وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ الْعَيْنِيِّ) أَيْ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي نَظِيرِهِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الدَّيْنِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ سِكَّتِهِ، أَوْ حُسْنٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ السِّكَّةَ فِي النَّقْدِ وَالصِّيَاغَةَ فِي الْحُلِيِّ فَلَيْسَ الْمَوْضُوعُ وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا زَكَاةَ فِي قِيمَةِ مَا ذُكِرَ) أَيْ فَلَيْسَ النَّفْيُ مُسَلَّطًا عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 ص) وَحَلْيٍ وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ (ش) الْحَلْيُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مُفْرَدٌ، وَأَمَّا بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَجَمْعٌ حُلِيٌّ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَأَنَّثَ الْفِعْلَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى ضَمِيرِهِ وَحَاصِلُ النَّقْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَلْيَ إذَا تَكَسَّرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَهَشَّمَ، أَوْ لَا فَإِنْ تَهَشَّمَ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إصْلَاحُهُ وَلَا يَعُودُ إلَّا بِالسَّبْكِ فَهُوَ كَالتِّبْرِ وَسَوَاءٌ نَوَى إصْلَاحَهُ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ وَعَوْدُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْوِيَ عَدَمَ إصْلَاحِهِ أَوْ لَا فَإِنْ نَوَى عَدَمَ إصْلَاحِهِ فَالزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ، وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ انْتَفَى تَهَشُّمُهُ وَنِيَّةُ عَدَمِ إصْلَاحِهِ بِأَنْ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَمَفْهُومُهُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إحْدَاهُمَا التَّهَشُّمُ وَنِيَّةُ عَدَمِ إصْلَاحِهِ ثَانِيهَا التَّهَشُّمُ مَعَ نِيَّةِ إصْلَاحِهِ ثَالِثُهَا عَدَمُ التَّهَشُّمِ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ إصْلَاحِهِ. وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ حَيْثُ عُدِمَتْ النِّيَّةُ مَعَ عَدَمِ التَّهَشُّمِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبَهَا. (ص) ، أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى تَكَسَّرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَلْيَ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ تَكَسَّرَ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ يُرِيدُ إذَا اتَّخَذَهُ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ كَزَوْجَتِهِ وَخَادِمِهِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ لِنَفْسِهِ مِنْ خَاتَمٍ وَأَنْفٍ وَأَسْنَانٍ وَحِلْيَةِ مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ اتَّصَلَتْ بِالنَّصْلِ كَالْقَبْضَةِ، أَوْ لَا كَالْغِمْدِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ السَّيْفُ مُحَلًّى وَاِتَّخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا هَلْ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا إذَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ الْحَلْيَ لِنِسَائِهِ؟ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ. اهـ. فَإِنْ اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ، أَوْ الْمَرْأَةُ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَانْظُرْ الدَّمِيرِيَّ . (ص) أَوْ كِرَاءٍ (ش) أَيْ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ الْمُتَّخَذِ لِلْكِرَاءِ وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَالِكُهُ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى عَدَمِ الزَّكَاةِ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ كَالْمَنْوِيِّ بِهِ التِّجَارَةَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مُتَّخِذُهُ لِلْكِرَاءِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى مَالِكِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: أَوْ كِرَاءٍ لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ: إلَّا مُحَرَّمَ اللُّبْسِ وَحِينَئِذٍ فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَاجِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ مَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ لِلْكِرَاءِ فِيهِ الزَّكَاةُ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ أَوْ كِرَاءٍ. (ص) إلَّا مُحَرَّمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُلِيَّ إذَا كَانَ مُحَرَّمَ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ تَجِبُ زَكَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ لِرَجُلٍ كَخَاتَمِ ذَهَبٍ وَسِوَارٍ، أَوْ لَهُمَا كَمُكْحُلَةٍ وَمِرْوَدٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ لِاقْتِنَاءٍ كَالْأَوَانِي لَهُمَا وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ اللُّبْسِ وَهِيَ مُضِرَّةٌ لِقُصُورِ الْكَلَامِ مَعَهَا وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّبْسِ مُلَابَسَةُ الِانْتِفَاعِ فَيَشْمَلُ الْأَوَانِيَ وَغَيْرَهَا. (ص) ، أَوْ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ (ش) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُلِيَّ الْمُتَّخَذَ لِلْعَاقِبَةِ أَيْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَمَا لَوْ كَانَ مُتَّخَذًا لِلِبَاسِهَا فَلَمَّا كَبِرَتْ اتَّخَذَتْهُ لِعَاقِبَتِهَا . (ص)   [حاشية العدوي] السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَرَضٌ مِنْ الْأَعْرَاضِ وَالزَّكَاةُ فِي الذَّوَاتِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِضَمِّ الْحَاءِ) زَادَ شب وَقَدْ تُكْسَرُ الْحَاءُ أَيْضًا لِمَكَانِ الْيَاءِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأُنِّثَ الْفِعْلُ لِأَنَّهُ مَجَازِيُّ التَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ لَهُ هَذَا الْحَكَمُ قَالَ فِي ك وَيَدْخُلُ فِي الْحُلِيِّ عَصَائِبُ أَهْلِ الْأَرْيَافِ إذَا كَانَتْ مَصُوغَةً أَمَّا مَا يُجْعَلُ فِي الْعَصَائِبِ مِنْ الْمَسْكُوكِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ إصْلَاحِهِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ) أَيْ بِأَنْ نَوَى إصْلَاحَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: إنْ انْتَفَى تَهَشُّمُهُ) يُشِيرُ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ. . . إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ يَتَهَشَّمْ أَيْ فَإِنْ تَهَشَّمَ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ إصْلَاحُهُ إلَّا بِسَبْكِهِ وَجَبَتْ فِيهِ لِحَوْلٍ بَعْدَ تَهَشُّمِهِ لِأَنَّهُ بِهِ انْتَقَلَ انْتِقَالًا بَعِيدًا قَرُبَ بِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ) بَلْ صَادِقٌ بِأَرْبَعَةٍ وَهِيَ صُوَرُ التَّهَشُّمِ الثَّلَاثِ نَوَى الْإِصْلَاحَ نَوَى عَدَمَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنِيَّةُ عَدَمِ الْإِصْلَاحِ مَعَ التَّكَسُّرِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. . . إلَخْ) اعْتَرَضَ مُحَشِّي تت ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّاجِحَ الزَّكَاةُ حَيْثُ عَدِمَتْ النِّيَّةُ. (قَوْلُهُ كَزَوْجَتِهِ وَخَادِمِهِ) أَيْ الْمَوْجُودَاتِ حَالًا وَصَلَحَ كُلٌّ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ لِكِبَرِهِ فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَنْ يَحْدُثُ أَوْ يَصْلُحُ بَعْدُ لَا الْآنَ لِصِغَرِهِ عَنْ التَّزَيُّنِ بِهِ فَالزَّكَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ مَا اتِّخَاذُ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ لِمَنْ يَحْدُثُ لَهَا مِنْ بِنْتٍ، أَوْ حَتَّى تَكْبَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الشَّامِلِ. (قَوْلُهُ: النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ انْتَهَى) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ لَفْظُ انْتَهَى إلَّا إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ مَعْنَاهُ قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فَإِذَنْ يَكُونُ انْتَهَى أَيْ انْتَهَى كَلَامُ النَّاقِلِ عَنْهُ وَالظَّاهِرُ الْفَرْقُ فَإِنَّ الِاتِّخَاذَ مِنْ شَأْنِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ لَا النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلُهُ أَوْ كِرَاءٍ) أَيْ حُكْمًا لَا تَنَاوُلًا وَإِلَّا فَهُوَ يَدْخُلُ فِيهِ تَنَاوُلًا. (قَوْلُهُ: مِنْ حَلْيِ النِّسَاءِ) أَيْ لَا مِنْ حُلِيِّهِ أَيْ فَلَا زَكَاةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ لِلْكِرَاءِ فِيمَا يُبَاحُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَفِيمَا اتَّخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ فِيمَا يُبَاحُ لَهَا اسْتِعْمَالُهُ لَا كَالسَّرِيرِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُخَالِفُ. . . إلَخْ) زَادَ فِي ك وَيَدْخُلُ أَيْ مَا اتَّخَذَهُ لِلْكِرَاءِ فِي قَوْلِهِ: إلَّا اللُّبْسِ أَيْ الِاسْتِعْمَالِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ ثُمَّ إنَّ مُحَشِّي تت اعْتَرَضَ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يُزَكَّى مَا لِلْكِرَاءِ مُطْلَقًا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ لَا وَأَنَّ قَوْلَهُ: إلَّا مُحَرَّمَ اللُّبْسِ أَيْ فِي غَيْرِ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُحَرَّمَ اللُّبْسِ) وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ حَلْيُ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا كَسَيْفِ الرَّجُلِ وَخَلَاخِلَ لِامْرَأَةٍ مُعَدَّيْنِ لِلْعَاقِبَةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: إلَّا مُحَرَّمًا. (قَوْلُهُ أَيْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ الْمَشْهُورِ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ سُقُوطُهَا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِلْمُتَّخَذِ لِلْعَاقِبَةِ انْتِهَاءً. (قَوْلُهُ فَلَمَّا كَبِرَتْ) فِي الْمِصْبَاحِ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَأَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ مَا عَلَى عَصَائِبِ النِّسَاءِ مِنْ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ مُطْلَقًا كَانَ لِلْعَاقِبَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 أَوْ صَدَاقٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحُلِيِّ إذَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ لِيُصْدِقَهُ لِامْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ بِهِ أَمَةً يَتَسَرَّى بِهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ . (ص) ، أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُلِيَّ الْمُتَّخَذَ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ تَجِبُ زَكَاتُهُ بِإِجْمَاعٍ سَوَاءٌ كَانَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ يُرِيدُ، وَلَوْ كَانَ أَوْ لَا لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ وَيُزَكِّيهِ لِعَامٍ مِنْ حِينَ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ أَيْ يُزَكِّي وَزْنَهُ كُلَّ عَامٍ إذَا كَانَ فِيهِ نِصَابٌ، أَوْ عِنْدَهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ (ص) وَإِنْ رَصَّعَ بِجَوْهَرٍ وَزَكَّى الزِّنَةَ إنْ نُزِعَ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا تَحَرَّى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُلِيَّ الَّذِي تَجِبُ زَكَاتُهُ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ مُرَصَّعًا بِالْجَوَاهِرِ أَيْ مُرَكَّبًا مِنْ الْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ إنْ نُزِعَ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يَحْصُلُ مِنْهُ فَسَادٌ كَكَسْرِ بَعْضِ الْجَوَاهِرِ أَوْ غُرْمٍ، فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ وَيُزَكَّى زِنَتُهُ أَيْ وَزْنُ مَا فِيهِ مِنْ الْعَيْنِ كُلَّ عَامٍ إنْ كَانَ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ وَعِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ الْمُدَارَةِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَوْهَرُ تَبَعًا لِلْحُلِيِّ أَمْ غَيْرَ تَبَعٍ وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ فَإِنَّهَا تُزَكَّى زَكَاةَ الْعُرُوضِ إدَارَةً وَاحْتِكَارًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْجَوْهَرُ لَا يُنْزَعُ مِنْ الْحُلِيِّ إلَّا بِضَرَرٍ يَحْصُلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى مَا فِيهِ مِنْ الْعَيْنِ وَيُزَكِّي زِنَتَهُ كُلَّ عَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا كَمَا مَرَّ وَزَكَاةُ الْعَرَضِ عَلَى حَالِهِ مِنْ إدَارَةٍ وَاحْتِكَارٍ . (ص) وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ (ش) الرِّبْحُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ زَائِدُ ثَمَنِ مَبِيعٍ تُجِرَ عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً إنَّمَا قَالَ زَائِدٌ وَلَمْ يَقُلْ زِيَادَةٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ الْمُرَادُ مِنْهُ اصْطِلَاحًا هُوَ الْعَدَدُ الزَّائِدُ لَا الزِّيَادَةُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ عَادَةً فِي الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ اسْمًا وَمَصْدَرًا كَمَا مَرَّ لَهُ تَأَمَّلْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: ثَمَنِ مَبِيعٍ مِنْ زِيَادَةِ غَيْرِ ثَمَنِ مَبِيعٍ كَنُمُوِّ الْمَبِيعِ وَبِقَوْلِهِ: تُجِرَ مِمَّنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَكَانَتْ لِلْقِنْيَةِ وَبِقَوْلِهِ: عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ مِنْ ثَمَنِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ إذْ نَمَا لَهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ. وَتَأَمَّلْ لِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ: ثَمَنِ مَبِيعٍ تُجِرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ زَائِدَ ثَمَنِ مَبِيعٍ قِنْيَةً لَا يُسَمَّى رِبْحًا وَلَعَلَّهُ قَصَدَ الرِّبْحَ الْمُزَكَّى   [حاشية العدوي] أَوْ لِلزِّينَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْدٌ مَسْكُوكٌ وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُلِيِّ وَأَمَّا النَّقْدُ الْعَدَدِيُّ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ . (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ سُقُوطُهَا . (قَوْلُهُ أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةَ) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ قِنْيَةً وَلَا تِجَارَةً فَالرَّاجِحُ وُجُوبُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ، أَوْ لَا لِلْقِنْيَةِ) أَيْ، أَوْ مَوْرُوثًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُصِّعَ) أَيْ أُلْزِقَ وَرُصِّعَ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ التَّرْصِيعُ التَّرْكِيبُ وَقَدْ يُقَالُ رَصَّعَ بِالْكَسْرِ وَالتَّرْصِيعُ مَصْدَرُ رَصَّعَ بِالتَّشْدِيدِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَحَرَّى) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ، أَوْ أَمْكَنَ مَعَ ضَرَرٍ قَالَ تت وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ جِدًّا. (قَوْلُهُ: تَحَرَّى) أَيْ قَدَّرَ مَا فِيهِ كُلَّ سَنَةٍ إنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ وَيُنْقِصُهُ الِاسْتِعْمَالُ وَإِلَّا اكْتَفَى بِأَوَّلِ عَامٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ غُرْمٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَسَادٍ أَيْ يُعْطَى عَلَيْهِ أُجْرَةً لِمَنْ يَنْزِعُهُ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَوْهَرُ تَبَعًا. . . إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ الْحَلْيِ سِتِّينَ دِينَارًا مَثَلًا وَقِيمَةُ الْجَوْهَرِ ثَلَاثِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْجَوَاهِرُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلْيُ تَبَعًا لِلْجَوْهَرِ، أَوْ مَتْبُوعًا وَالْعَرَضُ عَلَى حَالِهِ مِنْ إدَارَةٍ وَاحْتِكَارٍ هَذَا تَتِمَّةُ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ الْجَمِيعُ عَرَضٌ وَقِيلَ الْأَقَلُّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ قَالَ فِي ك وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ كَانَ مُحْتَكِرًا ثُمَّ بَاعَ فُضَّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْحَلْيِ وَقِيمَةِ الْحِجَارَةِ فَمَا نَابَ الْحِجَارَةَ زَكَّاهُ الْآنَ وَلَا يُزَكِّي مَا نَابَ الْحَلْيَ لِأَنَّهُ زَكَّاهُ أَوَّلًا لَا عَبْدُ الْحَقِّ فَتَصِيرُ زَكَاتُهُ أَوَّلًا عَلَى تَحَرِّي الْوَزْنِ وَفَضِّ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ عَلَى الْقِيمَةِ لَا عَلَى الْوَزْنِ اهـ. وَيَتَّضِحُ مَا قَالَ بِالْمِثَالِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحُلِيُّ خَوَاتِمَ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ اُشْتُرِيَتْ لِلتِّجَارَةِ فِيهَا فُصُوصٌ بِيعَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَزِنَةُ الْعَيْنِ خَمْسُونَ دِينَارًا فَيُقَالُ كَمْ تُسَاوِي هَذِهِ الْخَوَاتِمُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صِيَاغَتِهَا وَصِفَتِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فُصُوصٌ فَإِذَا قِيلَ سِتُّونَ قِيلَ فَكَمْ تُسَاوِي الْفُصُوصُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ مُفْرَدَةً عَنْ الْخَوَاتِمِ فَإِذَا قِيلَ عِشْرُونَ عَلِمْنَا أَنَّهَا رُبُعُ الصَّفْقَةِ فَلَهَا رُبُعُ الثَّمَنِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيُزَكِّيهَا. (قَوْلُهُ وَزَكَاةُ الْعَرَضِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْجَوْهَرُ أَيْ إذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ، وَأَمَّا مَا زُكِّيَ لِكَوْنِهِ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ وَنَحْوِهِ فَحُكْمُ عَرَضِهِ حُكْمُ عَرَضِ الْقِنْيَةِ فَلَا يُزَكِّيهِ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً عَمَّا كَانَ الرِّبْحُ عَرْضًا فَإِنَّهُ يَكُونُ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ فَالْأَوَّلُ يُقَوَّمُ دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) لَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ تَأَمَّلْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَزِيدِ. (قَوْلُهُ كَنُمُوِّ الْمَبِيعِ) أَيْ فِي ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ) يُحْتَمَلُ كُلُّ الثَّمَنِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ خَمْسَةً وَيُحْتَمَلُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَشَرَةِ فَيَكُونُ بَاعَهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْمُتَبَادِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ زِيَادَةِ ثَمَنٍ فَيُقَدَّمُ زِيَادَةً عَلَى ثَمَنٍ أَيْ أَنَّهُ إذَا زَادَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَيْ بِأَنْ لُوحِظَ نُمُوُّ الثَّمَنِ وَزِيَادَةٌ أَيْ كَوْنُهُ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ دُونَ نَظَرٍ لِكَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالْأَظْهَرُ حَذْفُ ذَلِكَ الْمُحْتَرَزُ وَلَا أَثَرَ لِتِلْكَ الْمُلَاحَظَةِ وَظَهَرَ لِي تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا أَعْطَى سِلْعَةً قَصَدَ بِهَا التِّجَارَةَ ثُمَّ بَاعَهَا فَلَا يُقَالُ فِيمَا إذَا بَاعَهَا بِأَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهَا فِيهِ أَنَّهُ رِبْحٌ وَالسَّالِبَةُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِي الْمَوْهُوبِ أَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ التِّجَارَةَ قُلْت يُتَصَوَّرُ وَلِذَلِكَ قَرَّرَ فِي ك عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرَضَ تِجَارَةٍ فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: أَوْ عَرَضَ تِجَارَةٍ سَوَاءٌ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَقَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ قَصَدَ الرِّبْحَ) أَوْ أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ فِقْهِيٌّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 فِي حَدِّهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ دُونَ النِّصَابِ مِنْ الْعَيْنِ فَاتَّجَرَ فِيهِ فَصَارَ نِصَابًا قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِتَمَامِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ كَالنِّتَاجِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَا مِنْ يَوْمِ حُصُولِ الرِّبْحِ فَلَوْ مَلَكَ دِينَارًا وَأَقَامَ عِنْدَهُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً بَاعَهَا بَعْدَ شَهْرٍ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْآنَ فَقَوْلُهُ: وَضُمَّ الرِّبْحُ أَيْ أَنَّ حَوْلَ الرِّبْحِ مَبْنِيٌّ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ وَيَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ رِبْحِ الْفَوَائِدِ إذْ هِيَ يُسْتَقْبَلُ بِرِبْحِهَا كَمَا يُسْتَقْبَلُ بِهَا وَتُضَمُّ لِرِبْحِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَقَصَتْ فَرَبِحَ فِيهِمَا، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ. . . إلَخْ. (ص) كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى عَقَارًا مَثَلًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا أَكْرَاهُ وَقَبَضَ مِنْ غَلَّتِهِ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ مَا نَقَدَ فِي كِرَائِهِ، أَوْ زَكَّاهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْغَلَّةَ رِبْحٌ لَا فَائِدَةً لَا مِنْ يَوْمِ اكْتَرَى وَلَا يَسْتَقْبِلُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَلَوْ مَلَكَ دِينَارًا أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَاكْتَرَى بِهِ دَارًا لِلْكِرَاءِ فَأَكْرَاهَا فَحَصَلَ مِنْ كَرَائِهَا بَعْدَ شَهْرٍ عِشْرُونَ دِينَارًا زَكَّى سَاعَةَ إذْ، وَلَوْ زَكَّى عِشْرِينَ دِينَارًا فِي رَمَضَانَ ثُمَّ اكْتَرَى بِهَا دَارًا لِلْكِرَاءِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَحَصَلَ مِنْ كِرَائِهَا نِصَابٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَالْحَوْلُ رَمَضَانُ وَاحْتَرَزَ بِمُكْتَرَى لِلتِّجَارَةِ عَنْ غَلَّةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ، أَوْ مُكْتَرَى لِلْقِنْيَةِ فَأَكْرَاهَا لِأَمْرٍ حَدَثَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا كَمَا يَأْتِي (ص) ، وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِالرِّبْحِ قَبْلَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا كَالِاعْتِرَاضِ أَيْ ضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ، وَلَوْ كَانَ رِبْحُ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَمَعْنَى ضَمِّهِ هُنَا أَنَّهُ يُزَكَّى لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ السَّلَفِ حَيْثُ تَسَلَّفَ الثَّمَنَ وَاشْتَرَى بِهِ، أَوْ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ حَيْثُ اشْتَرَى بِدَيْنٍ فَإِذَا تَسَلَّفَ قَدْرًا كَانَ نِصَابًا أَمْ لَا وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ بَاعَهَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا تَسَلَّفَ عِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ السَّلَفِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِقَدْرِ مَا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا تَسَلَّفَهُ نِصَابًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ عَلَى مَحَلِّ التَّوَهُّمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ عِوَضٌ عِنْدَهُ كَانَ أَحْرَى بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ . (ص) وَلِمُنْفَقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بِيَدِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ثُمَّ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ سِلْعَةً وَأَنْفَقَ الْبَعْضَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ بِمَا يُتِمُّ بِهِ النِّصَابَ إذَا ضُمَّ لِمَا أَنْفَقَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَسَوَاءٌ بَاعَ بِقُرْبِ الشِّرَاءِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَوْلَ قَدْ تَمَّ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ فَلَا ضَمَّ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُنْفَقَ وَالْمُشْتَرَى بِهِ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْحَوْلُ فَقَوْلُهُ: وَلِمُنْفَقٍ مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَصْلِهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ حَوْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُنْفَقٍ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَالِ الْمُنْفَقِ؛ لِأَنَّ مُنْفَقٌ صِفَةٌ لِمَالٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ: مَعَ أَصْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِحَوْلِهِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ: وَقْتَ الشِّرَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِمُنْفَقٍ وَصَوَابُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ وَقْتَ بِمَعْنَى بَعْدَ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ   [حاشية العدوي] لَا يُسَمَّى رِبْحًا إلَّا زَائِدُ ثَمَنِ مَبِيعِ التَّجْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِهِ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ اسْتَأْنَفَ حَوْلًا، وَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَلَا يُزَكِّي رِبْحَهُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ حَوْلٌ وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّ الرِّبْحَ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِهِ فَلَا يُضَافُ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) لَا حَاجَةَ لَهُ بَلْ الْأَوْلَى إدْخَالُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْمَعْنَى وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ فَائِدَةً أَمْ لَا أَمَّا غَيْرُ الْفَائِدَةِ فَالْأَمْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْفَائِدَةُ فَمَعْنَى الضَّمِّ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَتَى لَهُ ذَلِكَ الرِّبْحُ، بَلْ يَجْعَلُ ابْتِدَاءَ حَوْلِهِ فِيهِمَا مِنْ يَوْمِ أَتَى لَهُ الْأَصْلُ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي ك بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ أَيْ لِحَوْلِ أَصْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَوْلُ أَصْلِهِ مُسْتَقْبَلًا كَمَا فِي الْفَائِدَةِ أَمْ لَا وَفَائِدَةُ الضَّمِّ فِيمَا إذَا كَانَ مُسْتَقْبَلًا أَنَّهُ لَا يُبْتَدَأُ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ حُصُولِهِ الثَّانِي إذَا حَصَلَ الرِّبْحُ بَعْدَ حَوْلِ أَصْلِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ حَوْلُ الْأَصْلِ لِزَمَنِ حُصُولِ الرِّبْحِ كَمَا يَأْتِي فِي رِبْحِ الْفَوَائِدِ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ح وَيُشِيرُ لَهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَبَعْدَ شَهْرٍ فَمِنْهُ ك. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ أَيْ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي غَلَّتِهَا وَإِنْ أَكْرَاهَا لِلتِّجَارَةِ كَغَلَّةِ مَا اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ إنْ قُلْت: مَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ غَلَّةِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ وَالْمُكْتَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ قُلْت هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ التُّونِسِيُّ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى مَنَافِعَ الدَّارِ لِقَصْدِ الرِّبْحِ وَالتِّجَارَةِ فَإِذَا أَكْرَاهَا فَقَدْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ غَلَّةِ مَا اشْتَرَاهُ اهـ. (وَقَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالرِّبْحِ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مِنْ يَوْمِ السَّلَفِ (قَوْلُهُ: عِشْرِينَ دِينَارًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَزَّكَّى رِبْحُ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ إلَّا إذَا كَانَ نِصَابًا فَأَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْأَصْلِ لَمْ يُزَكَّ، وَلَوْ كَانَ مَعَ أَصْلِهِ نِصَابًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْأَصْلَ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَلَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى أَحَدٍ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: كَانَ أَحْرَى إلَخْ) بَلْ هِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ بِضَمِّ الرِّبْحِ لِأَصْلِهِ وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَشْهُورَ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الرِّبْحَ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ سَوَاءٌ نَقَدَ الثَّمَنَ، أَوْ بَعْضَهُ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْ شَيْئًا وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ اُخْتُلِفَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ شَيْءٍ فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لَهُ وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ رِبْحُ عَرَضٍ تَسَلَّفَهُ لِلتِّجَارَةِ، أَوْ عَرَضٌ تَسَلَّفَهُ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ التَّجْرُ فِيهِ فَالْحَوْلُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ يَوْمِ التَّجْرِ وَالثَّانِي مِنْ يَوْمِ بَيْعِ ذَلِكَ الْعَرَضِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَصْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِحَوْلِهِ) مُشْكِلٌ إذْ حَوْلُهُ اسْمٌ جَامِدٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الظَّرْفُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِضُمَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الظَّرْفِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ التَّعَلُّقُ بِالشَّأْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 كَمَا قَالَهُ ح أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَأْتِي بِمَعْنَى بَعْدَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ عَلَى أَنَّهُ تَقْدِيرُ مَعْنًى لَا تَقْدِيرُ إعْرَابٍ أَيْ وَقْتَ تَقَرُّرِ الشِّرَاءِ وَمَتَى كَانَ وَقْتُ تَقَرُّرِ الشِّرَاءِ وَكَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالضَّرُورَةِ وَلَوْ أَنْفَقَ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يُضَمَّ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ الرِّبْحِ مَوْجُودًا يَوْمَ الشِّرَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَوْمَ الْحُصُولِ وَلَا يَوْمَ الْحَوْلِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْمُغِيرَةِ فَإِذَا مَضَى لِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عِنْدَ شَخْصٍ حَوْلٌ فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ مِنْهَا سِلْعَةً ثُمَّ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، أَوْ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ عِشْرِينَ فَلَوْ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ قَبْلَ شِرَاءِ السِّلْعَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيعَهَا بِعِشْرِينَ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ الرِّبْحِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى تَصْوِيرِهَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ فَقَالَ. (ص) وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ (ش) عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْفَائِدَةَ بِقَوْلِهِ: هِيَ مَا مُلِكَ لَا عَنْ عِوَضِ مِلْكٍ لِتَجْرٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهِيَ الَّتِي تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ فَقَوْلُهُ لَا عَنْ مَالٍ خَرَجَ بِهِ الرِّبْحُ وَالْغَلَّةُ وَمَثَّلَهَا بِقَوْلِهِ: (كَعَطِيَّةٍ) أَيْ وَمِيرَاثٍ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَامِلًا لِثَمَنِ عَرَضِ الْقِنْيَةِ، وَهُوَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْفَائِدَةِ أَدْخَلَهُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى) أَيْ، أَوْ تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا عَنْ مَالٍ وَمَثَّلَهُ بِمَا لَا فَرْدَ لَهُ فِي الْخَارِجِ غَيْرُهُ فَقَالَ (كَثَمَنِ) عَرَضٍ (مُقْتَنًى) وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا تَجَدَّدَ عَنْ مَالٍ مُزَكًّى كَثَمَنِ سِلْعَةِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يُزَكَّى لِحَوْلِ أَصْلِهِ كَمَا مَرَّ وَبِمَا قَرَّرْنَا مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ: تَجَدَّدَتْ صِلَةَ مَوْصُولٍ حُذِفَ مَعَ مُبْتَدَئِهِ لَا صِفَةً لِفَائِدَةٍ، انْحَصَرَتْ الْفَائِدَةُ فِي النَّوْعَيْنِ وَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْفَائِدَةَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُقْتَنَى غَيْرَ مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ مَاشِيَةً وَأَبْدَلَهَا بِعَيْنٍ، أَوْ نَوْعِهَا بَنَى عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمُبَدَّلُ إنْ كَانَ نِصَابًا وَإِنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ فَإِنْ أَبْدَلَهُ بِعَيْنٍ اسْتَقْبَلَ، وَإِنْ أَبْدَلَهُ بِنَوْعِهِ بَنَى عَلَى حَوْلِ الْمُبَدَّلِ ثُمَّ إنَّهُ اسْتَقْبَلَ بِثَمَنِ الْمُقْتَنَى حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِنَقْدٍ وَقَبَضَهُ فَوْرًا أَوْ بَاعَهُ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ وَلَوْ فِرَارًا، أَوْ بَاعَهُ بِمُؤَجَّلٍ وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ: لَا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ فَلِكُلٍّ إشَارَةٌ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ . (ص) وَتُضَمُّ نَاقِصَةً وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ   [حاشية العدوي] وَالْقِصَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْحَوْلِ. (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ. . . إلَخْ) أَيْ الْقَائِلِ بِأَنَّ وَقْتَ بِمَعْنَى بَعْدَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَقْتَ. . . إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمُرَادُ وَقْتَ تَقَرُّرِ الشِّرَاءِ جَوَابٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: لَا يَوْمَ الْحُصُولِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ يَوْمَ الْحُصُولِ لَمْ يُضَمَّ مَا أَنْفَقَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْبَيْعِ وَلَوْ قُلْنَا يَوْمَ الْحَوْلِ يُضَمُّ مَا أَنْفَقَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَبَعْدَ الْحَوْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ أَنَّ الرِّبْحَ مَوْجُودٌ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَالْمُغِيرَةُ قَدَّرَهُ مَوْجُودًا حِينَ الْحَوْلِ وَأَشْهَبُ قَدَّرَهُ حِينَ الْحُصُولِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ شِرَاءِ السِّلْعَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يُضَمُّ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت تَعْرِيفَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَمَا عَنْ أَصْلٍ قَارَنَ مِلْكُهُ نُمُوَّهُ حَيَوَانٌ أَوْ نَبَاتٌ، أَوْ أَرْضٌ فَقَوْلُهُ: مَا نَمَا حَسَنٌ فِي الْجِنْسِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ عُرْفًا بِالْغَلَّةِ الْمَالُ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ: نَمَاءً لِأَنَّ النَّمَاءَ مَصْدَرٌ وَقَوْلُهُ: عَنْ أَصْلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْفَائِدَةَ وَقَوْلُهُ: قَارَنَ مِلْكُهُ نُمُوَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الرِّبْحَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَارِنْ نُمُوُّهُ الْمِلْكَ بَلْ النُّمُوُّ بَعْدَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثُمَّ بَيَّنَ الْأَصْلَ الَّذِي نَمَا عَنْهُ وَوَضَّحَهُ بِقَوْلِهِ: حَيَوَانٌ، أَوْ نَبَاتٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ: قَارَنَ أَيْ بِالْقُوَّةِ لِأَنَّهُ نَامٍ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَقْبَلَ إلَخْ) وَمِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا يُقْبَضُ مِنْ وَظَائِفَ وَجُوَالٍ لَمْ يَشْتَرِهَا وَإِلَّا فَمِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ وَيُحْتَمَلُ وَلَوْ اشْتَرَاهَا؛ لِأَنَّ الْمَبْذُولَ فِيهَا فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ يَدِ مَالِكِهِ كَالْمَعْدِنِ لَا شِرَاءٍ حَقِيقِيٍّ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَمِنْ الْفَوَائِدِ مَا يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَمَلٍ كَأُجْرَةِ كِتَابَةٍ، أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ إمَامَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَا عَنْ عِوَضِ مِلْكٍ لِتَجْرٍ) يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَنْ عِوَضٍ أَصْلًا، أَوْ عِوَضٍ غَيْرِ تَجْرٍ بِأَنْ يَكُونَ عَرَضَ قِنْيَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهِيَ الَّتِي تَجَدَّدَتْ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، بَلْ أَزْيَدُ مَعْنًى إلَّا أَنْ يُرِيدَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَمِيرَاثٍ) بَيَانٌ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ. (قَوْلُهُ أَدْخَلَهُ. . . إلَخْ) أَيْ أَدْخَلَهُ فِي الْفَائِدَةِ مِنْ إدْخَالِ الْجُزْئِيِّ فِي الْكُلِّيِّ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا عَنْ مَالٍ) إذْ الْمَعْنَى تَجَدَّدَتْ عَنْ غَيْرِ مَالٍ، أَوْ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لَا عَنْ مَالٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَهِيَ الَّتِي تَجَدَّدَتْ عَنْ غَيْرِ مَالٍ لَا عَنْ مَالٍ أَيْ لَا إنْ تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ فَلَا يَسْتَقْبِلُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِلَا يَجُوزُ حَذْفُهُ إذَا عُلِمَ كَقَوْلِك أَعْطَيْتُك لَا لِتُظْلَمَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى مَعْطُوفًا عَلَى الْمَحْذُوفِ وَالْمُنَاسِبُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: صِلَةُ مَوْصُولٍ) أَوْ صِفَةُ مَوْصُوفٍ وَإِنَّمَا حُذِفَ الْمُبْتَدَأُ، أَوْ الْمَوْصُولُ أَوْ الْمَوْصُوفُ لِلْعِلْمِ بِهِمَا إذْ لَيْسَ لَنَا فَائِدَةٌ غَيْرُ هَذِهِ وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا الْفَائِدَةُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَهِيَ. . إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ. . . إلَخْ) تَأَمَّلْهُ مَعَ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ مُزَكَّاةٌ أَيْ الشَّأْنُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ، أَوْ غَيْرَ مُزَكًّى فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّقْيِيدِ. (قَوْلُهُ: بَنَى عَلَى حَوْلِ الْمُبَدَّلِ. . . إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْدَالَ مِنْ النَّوْعِ شَبِيهٌ بِالنِّتَاجِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا . (قَوْلُهُ وَتُضَمُّ نَاقِصَةً) اعْلَمْ أَنَّ النَّاقِصَةَ لَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا إذَا حَصَلَ لَهَا رِبْحٌ كَمُلَ بِهِ النِّصَابُ قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ الرِّبْحُ قَبْلَ وُجُودِ الثَّانِيَةِ، أَوْ بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَ الْفَوَائِدِ أَرْبَعَةٌ إمَّا كَامِلَتَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 لِثَانِيَةٍ، أَوْ ثَالِثَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَوَائِدَ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَإِذَا اسْتَفَادَ فَائِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى نَاقِصَةً ابْتِدَاءً كَعَشَرَةٍ مَثَلًا، أَوْ كَانَتْ كَامِلَةً أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا قَبْلَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهَا فَإِنَّهُ إذَا اسْتَفَادَ مَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ فَإِنَّهَا تُضَمُّ إلَى الثَّانِيَةِ وَيَصِيرُ حَوْلُهَا مِنْ حَوْلِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ نَقَصَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ عَنْ النِّصَابِ كَخَمْسَةٍ وَخَمْسَةٍ فَإِنَّهُمَا يُضَمَّانِ إلَى ثَالِثَةٍ نَاقِصَةٍ مُكَمِّلَةٍ لَهُمَا نِصَابًا أَوْ كَامِلَةٍ كَعِشْرِينَ وَيَصِيرُ حَوْلُ الْكُلِّ مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الثَّالِثَةَ وَهَكَذَا تُضَمُّ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ إلَى مَا يُكَمِّلُ النِّصَابَ مِمَّا بَعْدَهُ فَإِذَا كَمَّلَ النِّصَابَ وَقَفَ عَنْ الضَّمِّ وَيَصِيرُ لِمَا بَعْدَهُ حَوْلٌ مُؤْتَنَفٌ فَقَوْلُهُ: وَتُضَمُّ نَاقِصَةً لِثَانِيَةٍ رِفْقًا بِرَبِّ الْمَالِ وَقَوْلُهُ: نَاقِصَةً حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلٍ تُضَمُّ أَيْ تُضَمُّ الْفَائِدَةُ حَالَ كَوْنِهَا نَاقِصَةً، أَوْ نَائِبِ فَاعِلِ تُضَمُّ أَيْ فَائِدَةٌ نَاقِصَةً وَقَوْلُهُ وَتُضَمُّ أَيْ يَجِبُ ضَمُّهَا وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ أَيْ وَقَبْلَ الْحَوْلِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ، وَإِنْ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ لَا الْحَوْلِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ وَتُضَمُّ نَاقِصَةً لِمُتَمٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ فَائِدَتِهَا بَعْدَ النِّصَابِ يُضَمُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ. (ص) إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً فَعَلَى حَوْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُولَى إذَا عَرَضَ لَهَا النَّقْصُ تُضَمُّ لِلثَّانِيَةِ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَهِيَ كَامِلَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ النَّقْصُ إنَّمَا عَرَضَ لَهَا بَعْدَ أَنْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ كَامِلَةً فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا، بَلْ تُزَكَّى عَلَى حَوْلِهَا يُرِيدُ إذَا كَانَ فِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا نِصَابٌ وَإِلَّا فَيُضَمَّانِ إلَى مَا بَعْدَهُمَا فَقَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ التَّمَامِ، وَبَعْدُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَثْنَى الْمُقَدَّرِ بَعْدَ إلَّا أَعْنِي تَنْقُصُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَيُزَكِّي الْأَوَّلَ عِنْدَ حَوْلِهَا بِالنَّظَرِ لِلثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا بِالنَّظَرِ لِلْأُولَى لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى مَا ذُكِرَ رَعَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهَا حَيْثُ زُكِّيَتْ الْأُولَى حَيْثُ لَمْ تُضَمَّ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ رُوعِيَ قَوْلُ أَشْهَبَ الَّذِي يَشْتَرِطُ الِاجْتِمَاعَ فِي الْمِلْكِ وَبَعْضِ الْحَوْلِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا) إلَى أَنَّ الْفَائِدَةَ الْأُولَى إذَا كَانَتْ كَامِلَةً مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى كَمَالِهَا فَإِنَّهَا لَا تُضَافُ إلَى مَا بَعْدَهَا وَلَا يُضَافُ إلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَهَا لِأَنَّهَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً. (ص) ، وَإِنْ نَقَصَتَا فَرَبِحَ فِيهِمَا، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ فَعَلَى حَوْلِهِمَا وَفُضَّ رِبْحُهُمَا وَبَعْدَ شَهْرٍ فَمِنْهُ وَالثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا وَعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا فَمِنْهُ كَبَعْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اسْتَفَادَ فَائِدَةً بَعْدَ أُخْرَى وَنَقَصَتَا عَنْ النِّصَابِ بَعْدَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا كَصَيْرُورَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ خَمْسَةً وَالرَّجَبِيَّةِ مِثْلَهَا فَإِنْ حَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ ثَانِيًا وَهُمَا نَاقِصَتَانِ بَطَلَ حَوْلُهُمَا وَرَجَعَتَا كَمَالٍ وَاحِدٍ لَا زَكَاةَ فِيهِ ثُمَّ إنْ أَفَادَ مِنْ غَيْرِهِمَا مَا يُتِمُّ بِهِ مَعَهُمَا مَا فِيهِ الزَّكَاةُ اسْتَقْبَلَ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الْمَالَ الثَّالِثَ هَذَا مَا لَمْ يَتَّجِرْ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا مَا يُكَمِّلُ النِّصَابَ أَمَّا لَوْ تَجَرَ فَرَبِحَ فِيهِمَا، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ فَلَا يَخْلُو وَقْتُ كَمَالِ النِّصَابِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ حَصَلَ الْكَمَالُ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى مُحَرَّمٌ، أَوْ قَبْلَهُ كَذِي الْحِجَّةِ فَعَلَى حَوْلِهِمَا مُحَرَّمٌ وَرَجَبٌ وَتَخْتَصُّ صَاحِبَةُ الرِّبْحِ بِهِ وَيُزَكِّي مَعَهَا، وَإِنْ اتَّجَرَ فِيهِمَا بَعْدَ خَلْطِهِمَا فُضَّ رِبْحُهُمَا عَلَى حَسَبِ عَدَدَيْهِمَا فَيُزَكِّي رِبْحَ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى حَوْلِهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْلِطْهُمَا زَكَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ بِرِبْحِهَا وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا مِنْ حَوْلِ الْأَوَّلِ كَرَبِيعٍ فَهِيَ مِنْهُ   [حاشية العدوي] أَوْ نَاقِصَتَانِ، أَوْ الْأُولَى كَامِلَةٌ وَالثَّانِيَةُ نَاقِصَةٌ أَوْ عَكْسُهُ كَامِلٌ لَا يُضَمُّ وَالنَّاقِصُ الَّذِي بَعْدَهُ كَامِلٌ يُضَمُّ وَالنَّاقِصُ بَعْدَ الْكَامِلِ لَا يُضَمُّ لِسَبْقِهِ بِالْكَامِلِ وَالنَّاقِصُ يُضَمُّ لِلنَّاقِصِ كَمَا يُضَمُّ لِلْكَامِلِ. (قَوْلُهُ لِثَانِيَةٍ، أَوْ ثَالِثَةٍ) الْمَعْنَى تُضَمُّ نَاقِصَةً، وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ لِثَانِيَةٍ فَقَطْ، أَوْ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ. (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ لِمَا بَعْدَهُ حَوْلٌ مُؤْتَنَفٌ) وَلَوْ كَانَ نَاقِصًا مِنْ نِصَابٍ لِأَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ يَصِيرُ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْفَوَائِدِ عَلَى حَوْلِهِ وَلَا يُضَمُّ لِمَا قَبْلَهُ وَلَا يُضَمُّ مَا قَبْلُهُ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَّا النَّاقِصُ، وَأَمَّا الْكَامِلُ فَلَا يُضَمُّ لِمَا بَعْدَهُ حَيْثُ اسْتَمَرَّ عَلَى كَمَالِهِ، أَوْ نَقَصَ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلٍ وَكَانَ فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نِصَابٌ. (قَوْلُهُ فَعَلَى حَوْلِهَا) أَيْ وَلَا تُضَمُّ لِثَانِيَةٍ يَكْمُلُ بِهَا مَعَ الْأُولَى نِصَابٌ، بَلْ تَبْقَى الْأُولَى عَلَى حَوْلِهَا وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَمُرَّ بِهَا حَوْلٌ بَلْ كَانَتْ نَاقِصَةً ابْتِدَاءً أَوْ عَرَضَ لَهَا قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ وَتُضَمُّ نَاقِصَةً وَلَكِنَّ مَحَلَّ الضَّمِّ مَا لَمْ يَتَّجِرْ فِي الْأُولَى وَيَرْبَحُ فِيهَا مَا يُكَمِّلُهَا وَإِلَّا فَتَبْقَى عَلَى حَوْلِهَا وَلَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ حَوْلُهُ حَوْلُ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَبُلُوغُ إحْدَاهُمَا نِصَابًا بِرِبْحٍ قَبْلَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي حَوْلٍ نَاقِصَتَيْنِ كَبُلُوغِهَا إيَّاهُ ابْتِدَاءً إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلِهَا وَإِلَّا فَحَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ بَلَغَتْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ فِيهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا نِصَابًا) وَلَا يُضَمُّ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْأُخْرَى. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُضَمَّانِ لِمَا بَعْدَهُمَا) هَذَا إذَا مَرَّ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ نَاقِصَتَيْنِ، وَأَمَّا إنْ كَمُلَتَا قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ بَقِيَتْ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهَا (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ، وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ نَقْصِهَا. (قَوْلُهُ رَعَى الثَّانِيَةَ قَبْلَ مُرُورٍ) كَانَ فِي أَصْلِ نُسْخَتِهِ تَزْكِيَةُ ثُمَّ صَلَّحَهَا لِلَفْظَةِ رَعَى (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مُسْتَفَادَةٌ) أَيْ بِالْأُولَى إلَّا أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ هَذِهِ كَالدَّلِيلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى حَوْلِهِمَا) أَيْ فَهُمَا بَاقِيَتَانِ عَلَى حَوْلِهِمَا، أَوْ فَيَبْقَيَانِ عَلَى حَوْلِهِمَا لَكِنَّ جَعْلَ الْجَوَابِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً أَكْثَرُ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا لَمْ يَتَّجِرْ فِيهِمَا أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ عَلَيْهِمَا نَاقِصَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْلِطْهُمَا. . . إلَخْ) فَإِنْ رَبِحَ فِي إحْدَاهُمَا وَعُلِمَتْ اخْتَصَّتْ بِهِ فَإِنْ جُهِلَ عَيْنُهَا جُعِلَ لِلثَّانِيَةِ لَا لِلْأُولَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَالثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا، وَإِنْ حَصَلَ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ رَجَبٌ انْتَقَلَتْ الْأُولَى إلَيْهِ وَزُكِّيَتَا مَعًا عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتَا أَيْ وَلَيْسَ فِيهِمَا أَيْ مَعَ مَا بَعْدَهُمَا نِصَابٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَرَبِحَ تَمَامَ نِصَابٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِمَا مَعَ مَا بَعْدَهُمَا نِصَابٌ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ حَصَلَ تَجَرَ وَرَبِحَ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتَا أَيْ رَجَعَتَا لِلنَّقْصِ بَعْدَ التَّمَامِ وَجَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا بَقِيَ كُلُّ مَالٍ عَلَى حَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاقِصَتَيْنِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْأُولَى تُضَمُّ لِلثَّانِيَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ يَجْرِي أَيْضًا فِيمَا إذَا نَقَصَتْ الْأُولَى فَقَطْ بَعْدَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَاسْتَفَادَ بَعْدَهَا فَائِدَةً نَاقِصَةً لِتَقَرُّرِ الْحَوْلِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى تَقَرُّرِ الْحَوْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَإِنْ تَقَرَّرَ الْحَوْلُ لِكُلٍّ وَرَبِحَ فِيهِمَا إلَخْ لَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَكَذَا لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا وَقَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ: إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً فَعَلَى حَوْلِهَا مَا نَصُّهُ، فَإِنْ رَبِحَ فِيهِمَا وَفِيمَا حَدَثَ بَعْدَهُمَا، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامُ نِصَابٍ إلَخْ لَأَفَادَ ذَلِكَ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَيُفْهَمُ أَنَّهَا نَقَصَتْ بَعْدَ الْكَمَالِ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: فَرَبِحَ فِيهِمَا، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ أَنَّ مَا بَعْدَهَا أُخْرَى نَاقِصَةٌ وَأَمَّا لَوْ رَجَعَتَا لِلنَّقْصِ بَعْدَ التَّمَامِ وَاسْتَمَرَّتَا عَلَى نَقْصِهِمَا حَوْلًا كَامِلًا فَإِنَّ حَوْلَهُمَا يَبْطُلُ وَيُضَمَّانِ لِمَا بَعْدَهُمَا وَكَذَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرَ مِنْ فَائِدَتَيْنِ وَانْظُرْ تَحْصِيلَ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا فَمِنْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ كَبَعْدِهِ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ النَّقْلِ إلَى الْمُتَأَخِّرِ أَيْ إذَا حَصَلَ الرِّبْحُ بَعْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ حَوْلَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الْبَعْدِ. (ص) ، وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً فَلَا زَكَاةَ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ لِشَخْصٍ فَائِدَتَانِ لَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ مَحْرَمِيَّةً حَالَ حَوْلُهَا ثُمَّ صَارَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ عَشَرَةً وَاسْتَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَجَبٍ عَشَرَةً فَإِنَّهُ إذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَعِنْدَهُ الْعِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا أَيْ الْعَشَرَةَ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَشَرَةِ الرَّجَبِيَّةِ فَإِذَا أَنْفَقَهَا بَعْدَ الزَّكَاةِ، أَوْ تَلِفَتْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِلْعَشَرَةِ الرَّجَبِيَّةِ لِقُصُورِهَا عَنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تُزَكَّى نَظَرًا لِلْأُولَى وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْفَائِدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ مِنْ أَنَّهُمَا فَائِدَتَانِ تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى لِانْتِفَاءِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ وَالْمُؤَلِّفُ أَثْبَتَ لَهَا حَوْلًا وَلَكِنَّ ح جَعَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِلصُّورَتَيْنِ. (ص) وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلَا بَيْعٍ كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَكِتَابَتِهِ وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ. . . إلَخْ فَيُشْعِرُ أَنَّهُ غَيْرُ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ مَعَ أَنَّهُ فَائِدَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا غَلَّةٌ لَا ثَمَنٌ وَحِينَئِذٍ لَا اعْتِرَاضَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَلَّةَ النَّاشِئَةَ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ قَبْلَ بَيْعِ رِقَابِهَا كَغَلَّةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ فَأَكْرَاهُ وَكَنُجُومِ كِتَابَتِهِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ النُّجُومِ غَلَّةٌ لَا ثَمَنٌ عَنْ رَقَبَتِهِ وَإِلَّا لَأَخَذَهُ الْعَبْدُ إذَا عَجَزَ، وَغَلَّةُ   [حاشية العدوي] لِئَلَّا يَلْزَمَ زَكَاتُهُ قَبْلَ حَوْلٍ مُحَقَّقٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَيْسَ فِيهِمَا أَيْ مَعَ مَا بَعْدَهُمَا) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا بَعْدُ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَ بَعْدَهُمَا شَيْءٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَبِحَ فِيهِمَا وَفِيمَا حَدَثَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ فِيمَا حَدَثَ بَعْدَهُمَا أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ بَعْدُ وَقَوْلُهُ: وَيُفْهَمُ أَنَّهَا نَقَصَتْ بَعْدَ الْكَمَالِ أَيْ بَعْدَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهَمُ. . . إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، وَهُوَ أَنَّهُ حَذَفَ قَوْلَهُ: وَإِنْ نَقَصَتَا كَمَا قُلْت لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ كَذَا (قَوْلُهُ: وَيُضَمَّانِ لِمَا بَعْدَهُمَا) أَيْ وَيَصِيرُ الْحَوْلُ مِنْ هَذَا الْبَعْدِ الْمُتَمِّمِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَحْصِيلَ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ) حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِأَيِّهِمَا بِمَعْنَى عِنْدَ أَيْ الشَّكُّ فِي الرِّبْحِ عِنْدَ حَوْلِ أَيِّهِمَا حَصَلَ هَلْ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَيْنَهُمَا، أَوْ بَعْدَهُمَا فَإِنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ حَصَلَ الرِّبْحُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَفِي النَّاقِصَتَيْنِ ابْتِدَاءً أَوْ قَبْلَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُجْعَلُ لِلثَّانِيَةِ، وَلَوْ حَصَلَ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَيْنَ الْحَوْلَيْنِ فَتُضَمُّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا دُونَ نِصَابٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهَا أَيْ الْأُولَى رِبْحٌ وَأَمَّا الرَّجْعَتَانِ بَعْدَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا، أَوْ فِي أُولَاهُمَا فَإِنَّ الرِّبْحَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ يُضَمُّ لِلثَّانِيَةِ أَيْضًا لَكِنَّ الْأُولَى لَا يَنْتَقِلُ حَوْلُهَا لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ) عِبَارَةُ ك وَأَمَّا مَا حَلَّ بِهِ الْمَوَّاقُ مِنْ أَنَّهُمَا فَائِدَتَانِ تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى فَغَيْرُ جَيِّدٍ لِانْتِفَاءِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ صَرَّحَ بِهِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ إذَا جَمَعَ الْفَائِدَتَيْنِ الْمِلْكُ وَلَمْ يَجْمَعْهُمَا الْحَوْلُ مِثْلُ أَنْ يَسْتَفِيدَ عَشَرَةً فَتَبْقَى بِيَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَفَادَ عَشَرَةً فَأَقَامَتْ بِيَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْأُولَى فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ أَقَامَتْ الثَّانِيَةُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَتَمَّ حَوْلُهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا حَوْلٌ ثُمَّ أَقُولُ وَقَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ إلَخْ لَعَلَّهُ لِانْتِفَاءِ حَوْلِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَإِضَافَةُ الْحَوْلِ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهَا لَا أَنَّهُ حَوْلُهَا شَرْعًا وَلَوْ قَالَ، وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ أَيْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَوْلًا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْأُولَى شَرْعًا. (قَوْلُهُ: عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ) وَأَوْلَى أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ الْقِنْيَةِ، أَوْ السِّلَعِ الْمُكْتَرَاةِ لِلْقِنْيَةِ وَأَمَّا الْمُكْتَرَاةُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ غَلَّتَهَا كَالرِّبْحِ. (قَوْلُهُ: هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَاسْتَقْبَلَ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ، بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِفَائِدَةٍ. (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَلِوُرُودِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي دَفْعِهِ هَذَا غَلَّةٌ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ فَلَوْ قَالَ نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا غَلَّةٌ وَحِينَئِذٍ. . . إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَخَذَهُ الْعَبْدُ. . . إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَوْ كَانَتْ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 الدُّورِ وَكَثَمَنِ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَسْتَقْبِلُ بِذَلِكَ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ حُصُولِهِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَوَائِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِذَا قَيَّدَ الْمُؤَلِّفُ بِغَلَّةِ سِلَعِ التِّجَارَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي غَلَّتِهَا هَلْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْأَرْبَاحِ، أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْفَوَائِدِ بِخِلَافِ غَلَّةِ سِلَعِ الْقِنْيَةِ فَإِنَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْفَوَائِدِ وَقَوْلُهُ: بِلَا بَيْعٍ أَيْ لِلذَّوَاتِ وَإِلَّا فَهُوَ رِبْحٌ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ وَقَوْلُهُ: بِلَا بَيْعٍ أَيْ حَقِيقِيٍّ وَالْكِتَابَةُ بَيْعٌ حُكْمِيٌّ؛ لِأَنَّهَا عِتْقٌ وَقَوْلُهُ: وَكِتَابَةٍ أَيْ وَثَمَنُ كِتَابَةٍ وَقَوْلُهُ: وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى أَيْ وَثَمَنُ ثَمَرَةٍ بَاعَهَا مُفْرَدَةً، أَوْ مَعَ الْأَصْلِ لَكِنْ إنْ بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ فُضَّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ فَمَا نَابَ الْأَصْلَ زَكَّاهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَمَا نَابَ الثَّمَرَةَ اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ فَيَصِيرُ حَوْلُ الْأَصْلِ عَلَى حِدَةٍ وَالثَّمَرَةُ عَلَى حِدَةٍ . (ص) إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ وَالصُّوفَ التَّامَّ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أُصُولًا لِلتِّجَارَةِ وَعَلَيْهَا يَوْمَ عَقْدِ الْبَيْعِ ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ، أَوْ اشْتَرَى غَنَمًا لِلتِّجَارَةِ وَعَلَيْهَا يَوْمَ عَقْدِ الْبَيْعِ صُوفٌ قَدْ تَمَّ أَيْ اسْتَحَقَّ الْجِزَازَ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ كَالْفَوَائِدِ، بَلْ يُزَكِّيهِ لِحَوْلِ أَصْلِهِ أَيْ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى أَصْلَهُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْأُصُولَ لِأَنَّهُ كَسِلْعَةٍ ثَانِيَةٍ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ وَهَذَا فِي الثَّمَرَةِ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا إمَّا لِكَوْنِهَا مِمَّا لَا تُزَكَّى كَالْخَوْخِ، أَوْ مِمَّا تُزَكَّى وَقَصُرَتْ عَنْ النِّصَابِ فَإِنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَّاهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ . (ص) وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى الْأَرْضَ بِمَالٍ التِّجَارَةِ لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَ فِيهَا أَيْضًا لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَارِجُ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى فَإِذَا بَاعَ هَذَا الْخَارِجَ بِنِصَابٍ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ تَزْكِيَةُ الْكِرَاءِ إنْ كَانَ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ فَقَوْلُهُ: زَكَّى أَيْ ثَمَنَ مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ الرِّبْحِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ النِّصَابَ لِحَوْلِ الْأَصْلِ قَالَ بَعْضٌ وَيُفْهَمُ أَنَّ الْمُزَكَّى الثَّمَنُ مِنْ فَرْضِ أَنَّ الْخَارِجَ لَا زَكَاةَ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا   [حاشية العدوي] مُقَابَلَةِ رَقَبَتِهِ لَرَجَعَ بِهَا إنْ عَجَزَ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَةَ نَفْسِهِ، بَلْ رَجَعَ عَبْدًا فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عِوَضًا عَنْ الرَّقَبَةِ وَإِنَّمَا الْكِتَابَةُ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَاةِ. . . إلَخْ) أَيْ الْمُشْتَرَى أَصْلُهَا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الشَّجَرِ وَالثَّمَرُ حَصَلَ عِنْدَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ، أَوْ حَصَلَ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَأْبُورٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَوَائِدِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: يَسْتَقْبِلُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَوَائِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا رِبْحٌ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ وَمِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ هَلْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْأَرْبَاحِ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ الْأَرْبَاحِ أَنَّ حَوْلَ الرِّبْحِ حَوْلُ أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْفَوَائِدِ أَيْ فَيُسْتَقْبَلُ ثُمَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ مُغَايِرَةٌ لِلْفَائِدَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُغَايِرَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَعَنْ كِتَابَةٍ) يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ وَكَنُجُومِ كِتَابَةٍ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ عَلَى كُلٍّ قَالَ فِي ك وَقَوْلُهُ: وَكِتَابَةٍ وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ بِقَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثَمَنَهَا غَلَّةٌ بِمَنْزِلَتِهَا فَقَوْلُهُ: وَكِتَابَتِهِ أَيْ وَثَمَنِ كِتَابَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَاعَهَا مُفْرَدَةً) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُصَنِّفِ كَانَتْ الثَّمَرَةُ إمَّا غَيْرَ مَوْجُودَةٍ أَوْ مَوْجُودَةً غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ ثُمَّ إذَا جَذَّهَا فَنَقُولُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ تِلْكَ الثَّمَرَةِ بَاعَهَا مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ الْأُصُولِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا يُزَكَّى ثَمَرَتُهُ كَنَخْلٍ وَعِنَبٍ، أَوْ لَا كَخَوْخٍ وَرُمَّانٍ سَوَاءٌ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةُ عَيْنِهَا زَكَّى لَا يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا نَابَ الْأَصْلَ فَيُزَكِّيَهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجُذَّهُ وَلَمْ يُفَارِقْ الْأُصُولَ فَإِنْ بَاعَهَا مُفْرَدَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ بَاعَهَا مَعَهَا فَهِيَ تَبَعٌ لِلْأُصُولِ إنْ بَاعَهَا قَبْلَ الطِّيبِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تُزَكَّى، أَوْ لَا وَيَكُونُ رِبْحًا يُزَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَإِنْ بَاعَهَا مَعَ الْأُصُولِ بَعْدَ الطِّيبِ فَيَسْتَقِلُّ بِثَمَنِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا مِنْ يَوْمِ التَّزْكِيَةِ إنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ. . . إلَخْ لَا يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ حَوْلًا مُطْلَقًا وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا، أَوْ لَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الثَّمَرَةَ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً أَوْ مَوْجُودَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ لِحَوْلِ الْأَصْلِ إلَّا إنْ كَانَتْ مِمَّا يُزَكَّى وَزَكَّاهَا وَبَاعَهَا فَالْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ التَّزْكِيَةِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ إلَخْ تَخْرِيجٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ حَالًا لِلْمُصَنِّفِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَثَمَرَةُ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ وَلَا ثَمَرَ فِيهِ فَأَثْمَرَ عِنْدَهُ، أَوْ فِيهِ ثَمَرٌ لَمْ يَطِبْ سَوَاءٌ أُبِّرَ أَوْ لَا ثُمَّ جَذَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَبَاعَهُ قَبْلَ الطِّيبِ، أَوْ بَعْدَهُ مُنْفَرِدًا، أَوْ مَعَ الْأَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُزَكَّى ثَمَرَتُهُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا وَلَوْ زَكَّى عَيْنَهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ لَمْ تُفَارِقْ الْأُصُولَ فَإِنْ بَاعَهَا مُفْرَدَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَهَا مَعَهَا فَهِيَ تَبَعٌ لِلْأُصُولِ إنْ بَاعَهَا قَبْلَ الطِّيبِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُزَكَّى، أَوْ لَا، أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُزَكَّى، أَوْ مَا يُزَكَّى وَقَصُرَتْ عَنْ النِّصَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا النِّصَابُ فُضَّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْأُصُولِ وَاسْتَقْبَلَ بِمَا نَابَهَا وَزَكَّى مَا نَابَ الْأُصُولَ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ الْآنَ زَكَاةُ الثَّمَرَةِ الْعُشْرُ، أَوْ نِصْفُهُ قَالَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَفَرَّقَ كَمَا تَرَى بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَغَيْرِهِ فَجَعَلَ غَيْرَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَا يَكُونُ غَلَّةً إلَّا بِالْجَذِّ وَقَبْلَهُ يَكُونُ تَابِعًا لِلْأُصُولِ وَإِنْ طَابَ وَيَبِسَ وَمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ يَكُونُ غَلَّةً بِالطِّيبِ . (قَوْلُهُ إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ. . . إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يَتَجَدَّدَا وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الثَّمَرَةِ) أَيْ فِي زَكَاةِ ثَمَنِ الثَّمَرَةِ لَا فِي الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا يَأْتِي . (قَوْلُهُ: وَإِنْ اكْتَرَى. . . إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اكْتَرَى الْأَرْضَ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ وَزَرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ أَيْضًا حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ. (قَوْلُهُ بِمَالِ التِّجَارَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ جَاءَهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 وَيُفْهَمُ أَنَّهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ لَا لِحَوْلٍ مُسْتَقِلٍّ مِنْ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ. اهـ. وَمَفْهُومُ اكْتَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، بَلْ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ فَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ ذَلِكَ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا سَبَقَ يُفِيدُ هَذَا وَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ مُعْتَرِضٌ. (ص) وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ مَا ذُكِرَ لِحَوْلِ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ أَيْضًا أَيْ الْمَبْذُورُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ بَذَرَهَا مِمَّا اتَّخَذَهُ لِلْقُوتِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ مَا حَصَلَ مِنْ زَرْعِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ وَابْنُ شَبْلُونٍ وَفَهِمَ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فَيُزَكِّيهِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِمَّا اتَّخَذَهُ لِقُوتِهِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ لِقُوتِهِ وَهُوَ رَأْيُ أَبِي عِمْرَانَ وَفَهِمَ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي رُجُوعِ قَوْلِهِمَا لِلتِّجَارَةِ لِلْجَمِيعِ، أَوْ لِلِاكْتِرَاءِ وَالزَّرْعِ فَكَانَ اللَّائِقُ بِاصْطِلَاحِهِ أَنْ يَقُولَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلُهُ: (لَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ حَوْلًا حَيْثُ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلْقِنْيَةِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَا لِلْقِنْيَةِ فَإِنْ قُلْت: مَا النُّكْتَةُ فِي التَّصْرِيحِ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ هُنَا قُلْت لَعَلَّهُ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ. (ص) وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى (ش) أَيْ، وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا بِبُلُوغِ النِّصَابِ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ مَا يُزَكَّى أَيْ فِي عَيْنِ الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ النَّمَا الْمُتَجَدِّدَةُ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ وَالْخَارِجُ مِنْ الزَّرْعِ وَالِاكْتِرَاءِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ زَكَّى الْعُشْرَ، أَوْ نِصْفَهُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. وَتَخْصِيصُ الشَّارِحِ لِهَذَا بِالْغَلَّةِ وَتَبِعَهُ تت قُصُورٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ) وَهَذَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ: إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ وَبِقَوْلِهِ: وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ أَيْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الثَّمَرِ مُؤَبَّرًا يَوْمَ الشِّرَاءِ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ فَزَكَّاهُ ثُمَّ بَاعَهُ بِنِصَابٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ إذَا مَرَّ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ زَكَّى عَيْنَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ. وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ. . . إلَخْ لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِمَا يُزَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَهُوَ مَا اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ وَمَا اشْتَرَى مُؤَبَّرًا وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الرِّبْحِ وَالْفَوَائِدِ وَالْغَلَّةِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الدَّيْنِ فَقَالَ (ص) وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَقَبَضَ عَيْنًا (ش) أَيْ أَنَّ دَيْنَ الْمُحْتَكِرِ سَوَاءٌ كَانَ عَرَضًا، أَوْ عَيْنًا إنَّمَا يُزَكَّى لِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى أَصْلَهُ، أَوْ مَلَكَهُ إنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ أَعْوَامًا بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ أَصْلُ هَذَا الدَّيْنِ عَيْنًا بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ وَكِيلِهِ فَأَقْرَضَهُ لَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ إرْثٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَرْضًا مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ لَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى. . . إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ الْغَرَضُ حُصُولُ الرِّبْحِ فِي ذَاتِهِ حَيْثُ يَبِيعُهُ، وَأَمَّا مَا نَشَأَ عَنْهُ فَهُوَ فَائِدَةٌ بِخِلَافِ مَا اكْتَرَى لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ الْغَرَضَ مَا نَشَأَ عَنْهُ وَلِذَلِكَ مَا نَشَأَ عَنْهُ رِبْحًا وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ اكْتَرَى دَارًا لِلتِّجَارَةِ وَأَكْرَاهَا مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْكِرَاءَ الْحَاصِلَ مِنْهَا رِبْحٌ فَإِذَا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْكِرَاءِ يَكُونُ فَائِدَةً. (قَوْلُهُ الْمُشْتَرَاةِ) أَيْ أُصُولِهَا (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا سَبَقَ يُفِيدُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَلَّةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ مُعْتَرَضٌ) هُوَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ. . . إلَخْ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَا عُزِلَ لِلزِّرَاعَةِ مِنْ الْحُبُوبِ جَمْعُهُ بُذُورٌ وَبِذَارٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُسْتَهْلَكٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ بَذْرَ الزَّرْعِ مُسْتَهْلَكٌ أَيْ ذَاهِبٌ فَلَا يُنْظَرُ لَهُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب قَالَ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ مُسْتَهْلَكٌ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: فِي رُجُوعِهِ قَوْلُهَا. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا وَاشْتَرَى طَعَامًا فَزَرَعَهُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ فَإِذَا حَصَدَ زَرْعَهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلْقِنْيَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ انْتَفَى كَوْنُ وَاحِدٍ لِلتِّجَارَةِ فَمُفَادُهُ، وَإِنْ كَانَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَاحِدٌ لِلتِّجَارَةِ وَوَاحِدٌ لِلْقِنْيَةِ لَا يَسْتَقْبِلُ فَيُنَافِي مُفَادَ قَوْلِهِ: وَإِنْ اكْتَرَى مَعَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ. (قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ الشَّارِحِ بِالْغَلَّةِ) أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مُرَاجَعَةِ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا خَاصٌّ. . . إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمُتَجَدِّدُ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الثَّمَنَ وَسَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُدِيرًا، أَوْ مُحْتَكِرًا . (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ دَيْنَ الْمُحْتَكِرِ. . . إلَخْ) حَمْلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ عَلَى عَرْضِ الِاحْتِكَارِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ، أَوْ عَرْضًا مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ حَمْلٌ لَهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ وَلَكِنْ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: مِنْ إدَارَةٍ أَيْ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْآتِي وَهُمَا تَقْرِيرَانِ وَالْمُنَاسِبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ دَيْنَ الْمُحْتَكِرِ سَوَاءٌ كَانَ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا) فِيهِ أَنَّ الْمُزَكَّى إنَّمَا هُوَ الْعَيْنُ فَقَطْ كَمَا يَتَبَيَّنُ. (قَوْلُهُ: لَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ إرْثٍ. . إلَخْ) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ، وَلَوْ أَخَّرَهُ فِرَارًا وَلَوْ بَقِيَتْ الْعَطِيَّةُ بِيَدِ مُعْطِيهَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ سِنِينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَلَا عَلَى الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ عِنْدَ سَحْنُونَ لِأَنَّهُ بِقَبُولِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِ الصَّدَقَةِ وَلِذَا تَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ مِنْ يَوْمِ الْعَطِيَّةِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ زَكَاتُهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ عَنْ رَبِّهَا لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِالْقَبُولِ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونَ أَنَّ الصَّدَقَةَ قَبْلَ الْقَبُولِ مَوْقُوفَةٌ فَإِذَا قَبِلَ عُلِمَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْمُتَصَدِّقِ مِنْ يَوْمِ الصَّدَقَةِ فَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ لِمَاضِي السِّنِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرْضًا مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ) قَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ سَوَاءٌ مَلَكَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 إنْ كَانَ مِنْ عُرُوضِ الْقِنْيَةِ وَالْمِيرَاثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِ ثَمَنِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ عَيْنًا لَا إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، أَوْ قَبَضَهُ عَرْضًا فَإِنَّ حَوْلَهُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الْعَرْضَ فَإِذَا بَاعَهُ زَكَّاهُ لِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُهُ كُلَّ عَامٍ وَلَا فَرْقَ فِي الْقَبْضِ بَيْنَ الْحِسِّيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) ، وَإِنْ بِهِبَةٍ (ش) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِسَبَبِ هِبَةٍ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ مِنْهَا لَا مِنْ غَيْرِهَا ابْنُ مُحْرِزٍ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَرَدْت ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ إنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي. اهـ. وَجَعْلُهُ إغْيَاءً لِلْقَبْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَوْهُوبٌ لِغَيْرِ الْمَدِينِ فَلَوْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا قَبْضَ فِيهِ، بَلْ هُوَ إبْرَاءٌ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ وَكَمَا أَنَّ الْهِبَةَ قَبْضٌ حُكْمًا كَذَلِكَ الْإِحَالَةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ إحَالَةٌ) لَكِنْ لَا بُدَّ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ مِنْ قَبْضِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْحَوَالَةُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْحَوَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُحَالُ فَإِذَا كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَلِلشَّخْصِ الْآخَرِ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ قَدْ حَالَ أَيْضًا حَوْلُهَا فَأَحَالَ بِاَلَّتِي عَلَيْهِ عَلَى الَّتِي لَهُ فَعَلَى الْمُحِيلِ زَكَاتُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِحَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِحَالَةَ قَبْضٌ بِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ ثُمَّ إنَّ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ يُزَكِّيهِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهُمْ الْمُحِيلُ لَكِنْ يُزَكِّيهِ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي الْمُحَالُ وَيُزَكِّيهِ مِنْهُ الثَّالِثُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ أَيْضًا. فَالْمُرَادُ مِنْ تَزْكِيَةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِزَكَاتِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ ثَلَاثَةٌ لَا أَنَّ الْمُرَادَ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَصَبَّ الْحَصْرِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ الْآتِي لِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ بِإِنَّمَا إنَّمَا يَكُونُ مُتَأَخِّرًا وَالْمَحْصُورُ يُزَكَّى دَيْنٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِيَدِهِ. . . إلَخْ فَهَذِهِ شُرُوطٌ لَيْسَتْ مِنْ الْمَحْصُورِ وَلَا مِنْ الْمَحْصُورِ فِيهِ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ هُوَ الْأَوْلَى وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ وَدَيْنَهُ النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ. . . إلَخْ وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَيْهِمَا يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا سَيَأْتِي . (ص) كَمُلَ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ زَكَاةِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ قَدْ كَمُلَ بِنَفْسِهِ أَيْ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ كَعِشْرِينَ دِينَارًا دَفْعَةً، أَوْ دَفَعَاتٍ كَعَشَرَةٍ وَعَشَرَةٍ وَحَيْثُ قَبَضَ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ كَمَالِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتَمِّ اسْمُ مَفْعُولٍ كَمَا إذَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةٌ فَتَلِفَتْ مِنْهُ بِضَيَاعٍ أَوْ إنْفَاقٍ ثُمَّ اقْتَضَى مِنْهُ أَيْضًا عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْعِشْرِينَ وَلَا يَضُرُّ تَلَفُ الْعَشَرَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْعَشَرَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ زَكَاةُ الْعَشَرَةِ الْأُولَى مَخَافَةَ أَنْ لَا يَقْتَضِيَ بَعْدَهَا فَيَكُونُ قَدْ خُوطِبَ بِزَكَاةِ مَا قَصُرَ عَنْ النِّصَابِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ نِصَابًا فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُزَكِّ مَا قَبَضَ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَبَضَهُ بَعْدَهُ نِصَابًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ بِالْفَتْحِ، أَيْ أَوْ الْمُتِمُّ بِالْكَسْرِ، أَوْ هُمَا. (ص) أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ (ش)   [حاشية العدوي] بِهِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَقَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ عُرُوضِ الْقِنْيَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبَضَهُ عَرْضًا فَإِنَّ حَوْلَهُ إلَخْ) وَلَوْ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا جَرَى فِي قَبْضِ ثَمَنِ عَرْضِ التِّجَارَةِ عَرْضًا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَسَيَأْتِي فَقَالَ شب فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ بِيعَ بِعَيْنٍ وَقَوْلُهُ: بِعَيْنٍ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ بِالْعَرْضِ فَالْمُحْتَكِرُ وَالْمُدِيرُ إذَا كَانَ يَبِيعَانِ الْعُرُوضَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَقْصِدَا بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا زُكِّيَ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِسَبَبِ هِبَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَبْضَ الَّذِي بِسَبَبِ الْهِبَةِ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحِسِّيِّ فَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَرَدْت ذَلِكَ) وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ حُكِمَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ فَكَذَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ إرَادَةٌ هُنَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ يَكُونُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةَ الْمَوْهُوبِ مِنْهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ الْوَاهِبُ، أَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَلَا شَرَطَ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يُزَكِّيهَا مِنْ غَيْرِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ فِي قَوْلِهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى الْمُعْرِي بِخِلَافِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ حَيْثُ نَوَى ذَلِكَ الْوَاهِبُ، أَوْ شَرَطَ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَاهِبِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ. . . إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ أَنَّ الْهِبَةَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا مِنْ فَلَسٍ، أَوْ مَوْتٍ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ أَحَدُهُمْ الْمُحِيلُ لَكِنْ يُزَكِّيهِ مِنْ مَالِهِ) وَهَذَا الَّذِي قَصَدَ بِهِ الْمَتْنُ فِي شَرْحِ شب، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاهِبُ زَكَاتَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحَالِ اتَّبَعَ شَرْطَهُ وَأُخِذَتْ مِنْهُ قَيَّدَ بِهِ مُحَمَّدٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ تت مِنْ أَنَّهُ مُقَابِلٌ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ. . . إلَخْ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمُتِمُّ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ تَسْقُطُ زَكَاتُهُ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ بَاقِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِذَاتِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ الذَّاتُ لَا النَّفْسُ الَّتِي هِيَ تَوْكِيدٌ. (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْأَدَاءِ وَعَدَمَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ هَذَا. (قَوْلُهُ: مِلْكٌ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: مِلْكٌ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَا تَكُونُ فَائِدَةً إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَالدَّيْنُ لَا يَكُونُ إلَّا مَمْلُوكًا وَقَوْلُهُ: وَحَوْلٌ أَيْ وَكُلُّ الْحَوْلِ وَقَوْلُهُ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ لِلْفَائِدَةِ عِنْدَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 عُطِفَ عَلَى كَمُلَ بِنَفْسِهِ أَيْ كَمُلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفَائِدَةٍ أَيْ بِعَيْنٍ مِنْ فَائِدَةِ جَمْعِ الدَّيْنِ وَالْفَائِدَةُ مِلْكٌ وَحَوْلٌ كَمَا إذَا أَفَادَ عَشَرَةً وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ ثُمَّ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةً بَعْدَ حَوْلٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفَ دِينَارٍ يُرِيدُ، وَلَوْ تَلِفَتْ الْفَائِدَةُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْعَشَرَةَ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ وَالْأَوْلَى إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَائِدَةِ هُنَا مَا تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ. (ص) ، أَوْ بِمَعْدِنٍ عَلَى الْمَقُولِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُضَمُّ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لِمَا أَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مِمَّا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَيُزَكَّى حِينَئِذٍ لِأَنَّ خُرُوجَ الْعَيْنِ مِنْ الْمَعْدِنِ كَمَالٍ حَالَ حَوْلُهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ مُرُورُ الْحَوْلِ فِي الْخَارِجِ مِنْهُ عَلَى مَا اسْتَحْسَنَهُ الْمَازِرِيُّ وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي عُدُولِهِ عَنْ أَنْ يَقُولَ كَمُلَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ بِفَائِدَةٍ أَوْ بِمَعْدِنٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ شَرْطَ الزَّكَاةِ كَمَالُ النِّصَابِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ . (ص) لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ يُزَكَّى زَكَاةً وَاحِدَةً إذَا قَبَضَهُ صَاحِبُهُ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ حِينَ زَكَّى أَصْلَهُ، أَوْ مَلَكَ أَصْلَهُ إنْ لَمْ تَجْرِ فِيهِ الزَّكَاةُ لَا مِنْ حِينِ قَبْضِهِ، وَسَوَاءٌ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ، أَوْ سَنَةً أَوْ بَعْضَهَا كَمَا إذَا أَقَامَ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ مَالِكِهِ بَعْدَ زَكَاتِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَمِثْلَهَا عِنْدَ الْمَدِينِ. (ص) وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ، أَوْ أَرْشٍ اسْتَقْبَلَ (ش) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَلَّحَةِ إذْ لَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ عَنْ الْمُؤَلِّفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ دَيْنَ الْمِيرَاثِ وَالْعَطِيَّةِ وَالْأَرْشِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ حَالًّا كَانَ، أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ وَعَلَى إسْقَاطِ قَوْلِهِ: اسْتَقْبَلَ يَكُونُ الْكَلَامُ مُسْتَأْنَفًا وَالشَّرْطُ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ عَمَّا ذُكِرَ وَمَفْهُومُ عَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الزَّكَاةُ لِكُلِّ عَامٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ ذَلِكَ اسْتَقْبَلَ بِهِ، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَنْ كَهِبَةٍ، أَوْ خُلْعٍ، أَوْ أَرْشٍ مِمَّا لَيْسَ أَصْلُهُ بِيَدِهِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الدَّيْنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْ غَصْبٍ وَقَرْضٍ وَتِجَارَةٍ قَالَ وَحُكْمُهَا سَوَاءٌ فِي الزَّكَاةِ لِعَامٍ وَاحِدٍ قَالَ بَعْضٌ وَتُؤْخَذُ الثَّلَاثَةُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَالْغَصْبُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا مَغْصُوبَةٍ وَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالتِّجَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَدَيْنُ الْفَائِدَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَوَّلُهَا الْمِيرَاثُ وَالْعَطِيَّةُ وَالْأَرْشُ وَالْمَهْرُ وَالْخُلْعُ وَمَا أَشْبَهَهُ فَهَذَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ حَالًّا كَانَ، أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَنْ ثَمَنِ   [حاشية العدوي] ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ مَا يُصَيِّرُهَا نِصَابًا فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّي مَا اقْتَضَاهُ إلَّا إذَا بَقِيَ لِتَمَامِ حَوْلِ الْفَائِدَةِ وَبَقِيَتْ أَيْضًا لِيَحْصُلَ جَمْعُ الْحَوْلِ لِلْفَائِدَةِ وَالِاقْتِضَاءُ رُجُوعُ الْمِلْكِ لَهُمَا فِيهِ فَلَوْ اقْتَضَى عَشَرَةً فَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا وَقَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ أَوْ اسْتَفَادَ فَأَنْفَقَ بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ فَلَا زَكَاةَ. (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى كَمَّلَ بِنَفْسِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَفَادَ عَشَرَةً. . . إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الْفَائِدَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ تَقَدَّمَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ لَكِنْ إنْ تَأَخَّرَتْ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الِاقْتِضَاءِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْدِنٍ عَلَى الْمَقُولِ) عَزَا ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلَهُ لِلصَّقَلِّيِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ. . . إلَخْ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مُرَادِهِ نُسَلِّمُ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: مِلْكٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَحَوْلٌ فَيُقَالُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الِاكْتِفَاءُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَأَيْضًا شَرْطُ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِفَائِدَةٍ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ: بِنَفْسِهِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ كَمُلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا حَوْلٌ، أَوْ بِمَعْدِنٍ لَكَانَ أَوْلَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ كَمُلَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ بِفَائِدَةٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَهُنَا لَا يَدْخُلُ. (قَوْلُهُ: لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ) حِلُّ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يُزَكِّي وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَبَضَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا مِنْ حِينِ قَبْضِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مِنْ أَصْلِهِ وَجَعَلَهُ عب مُتَعَلِّقًا بِزَكَّى وَبِقَبَضَ قَائِلًا إذْ مَا قَبَضَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ لَا يُزَكِّي وَلَا يُضَمُّ لِمَا قَبَضَ بَعْدَهَا وَظَاهِرُهَا وَلَوْ بَقِيَ أَشْهُرًا. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَبْقَ وَإِلَّا زَكَّى. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَجْرِ فِيهِ الزَّكَاةُ) فَإِنْ وَجَبَتْ قَبْلَ إقْرَاضِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا زَكَّاهُ لِمَاضِي السِّنِينَ الَّتِي قَبْلَ إقْرَاضِهِ وَيُرَاعَى فِيهَا تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابِ كَمَا ذَكَرَ تت عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الزَّكَاةُ لِكُلِّ عَامٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) حَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ عَمَّا ذُكِرَ فَفَرَّ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ سِنِينَ عِنْدَ الْمَدِينِ لَمْ يَقْتَضِهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ عَلَى رَأْيِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّيهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَتَعَقَّبَ الشُّيُوخُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُظَنُّ بِعَاقِلٍ إذْ لَوْ قَبَضَهُ وَاتَّجَرَ بِهِ لَرَبِحَ فِيهِ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ أَكْثَرَ وَقَرَّرَهُ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمُحْتَكِرِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ أَخَّرَهُ أَيْ الْمُحْتَكِرُ فِرَارًا زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ لِكُلِّ عَامٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالزَّكَاةِ لِعَامٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ مِنْ غَصْبٍ. . . إلَخْ) هَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَالرَّابِعُ مَا يُشِيرُ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَدَيْنُ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا الْمِيرَاثُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمِيرَاثَ وَمَا أَشْبَهَهُ كُلَّهُ قِسْمٌ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ: الثَّالِثُ أَيْ مِنْ الْفَائِدَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالرَّابِعُ فَهُمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَعَنْ إجَارَةٍ، أَوْ عَرْضٍ فَالثَّانِي هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَعَرْضٍ مُفَادٌ وَالرَّابِعُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَعَنْ إجَارَةٍ أَفَادَ كُلَّ ذَلِكَ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ عَنْ ثَمَنِ عَرْضٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنَ عَرْضٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 عَرْضٍ اشْتَرَاهُ لِلْقِنْيَةِ بِنَاضٍّ عِنْدَهُ فَهَذَا إنْ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ بِالتَّأْخِيرِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ حَوْلِهِ زَكَّاهُ فَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا زَكَّاهُ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلَا خِلَافَ فِي وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَإِلَى آخِرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) لَا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ فَلِكُلٍّ (ش) أَيْ لَا إنْ تَرَتَّبَ الدَّيْنُ عَنْ عَرْضٍ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ بِثَمَنٍ نَاضٍّ وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا فَيُزَكِّيهِ عِنْدَ الْقَبْضِ لِكُلِّ عَامٍ مِنْ الْمَاضِيَةِ لَكِنَّ تَقْيِيدَ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَجَلِ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ حَيْثُ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ، أَوْ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ الْغَرَضُ نَاضًّا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَلَوْ مَلَكَ عَرْضًا بِمِيرَاثٍ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ وُجُوهِ الْعَطِيَّةِ فَاشْتَرَى بِهِ عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ طَرِيقَةٌ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهَا وَأَنَّ ثَمَنَ الْمُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ بِثَمَنٍ نَاضٍّ إنَّمَا يُزَكِّيهِ إذَا قَبَضَهُ وَمَرَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِنَقْدٍ، أَوْ مُؤَجَّلٍ وَسَوَاءٌ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ حَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ . (ص) وَعَنْ إجَارَةٍ، أَوْ عَرْضٍ مُفَادٍ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَنْ إجَارَةٍ كَإِجَارَتِهِ لِعَبْدِهِ أَوْ مَتَاعِهِ مَثَلًا، أَوْ كَانَ عَنْ ثَمَنِ عَرْضٍ أَفَادَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَائِدَةِ وَتَرَكَ قَبْضَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الْإِجَارَةُ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَقِيلَ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ مَضَى وَقِيلَ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ وَمِنْ كَوْنِ الْكَلَامِ فِي الزَّكَاةِ لِمَاضِي السِّنِينَ يُعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الْأُجْرَةَ قَدْ تَرَتَّبَتْ وَأَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: فَرَّ مِنْ الزَّكَاةِ بِقَبْضِهِ وَذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ وَالتَّعَدُّدُ لِلسِّنِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقِيلَ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَيْدِ الِاسْتِيفَاءِ وَلَا عَلَى مَعْنَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ أَخْذِهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ. (ص) وَحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ فَإِنَّ حَوْلَ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتَمِّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ يَوْمِ اقْتَضَى تَمَامَ النِّصَابِ فَيُزَكِّيهِمَا جَمِيعًا حِينَئِذٍ فَإِذَا اقْتَضَى عَشَرَةً فِي مُحَرَّمٍ ثُمَّ أُخْرَى فِي رَبِيعٍ فَحَوْلُ الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي بَقَاءِ الْمَحْرَمِيَّةِ عَلَى حَوْلِهَا. (ص) لَا إنْ نَقَصَ بَعْدَ الْوُجُوبِ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا فَزَكَّاهَا ثُمَّ قَبَضَ عَشَرَةً أُخْرَى فَزَكَّاهَا ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي وَلَيْسَ فِي الْأُولَى نِصَابٌ لَكِنَّهَا مَعَ الثَّانِيَةِ نِصَابٌ فَإِنَّ الْأُولَى تَبْقَى عَلَى حَوْلِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ وَيُزَكِّيهَا عِنْدَ حَوْلِهَا مَا دَامَ النِّصَابُ فِيهِمَا فَلَوْ نَقَصَتَا عَنْهُ بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَوْلِهِ إنْ بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ. (ص) ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ، وَإِنْ قَلَّ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ وَلِقَوْلِهِ لَا إنْ نَقَصَ بَعْدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ) أَيْ اشْتَرَى الْعَرْضَ. (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ: إنْ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَى آخِرِ كَلَامِ) أَيْ الْمُشَارِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا رَاجِعٌ لِلنَّقْدِ وَالتَّأْخِيرِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ مَلَكَ عَرْضًا. . . إلَخْ) وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ اشْتَرَى الْعَرْضَ الْمَذْكُورَ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ اشْتَرَى الْأَصْلَ بِنَاضٍّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَى الْعَرْضَ الْمَذْكُورَ بِنَاضٍّ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ جَاءَهُ مِنْ عَطِيَّةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ الْعَرْضُ الْمَذْكُورُ عَطِيَّةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ كُلُّ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ لِقِنْيَةٍ دَارًا كَانَتْ، أَوْ غَيْرَهَا مِنْ السِّلَعِ ثُمَّ بَاعَهَا بِنَقْدٍ وَمَطَلَهُ بِالنَّقْدِ، أَوْ بَاعَهَا لِأَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ مَطَلَهُ بِالثَّمَنِ سِنِينَ، أَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ ثُمَّ قَبَضَهُ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ فِيمَا مَضَى كَانَ مُدِيرًا، أَوْ غَيْرَ مُدِيرٍ. اهـ. نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا حَمَلَهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الظَّاهِرِ وَقَوْلُ التَّوْضِيحِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ أَيْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى غَيْرِ قَاصِدِ الْفِرَارِ. اهـ. لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَعَ إبْقَاءِ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا عَلَى ظَاهِرِهَا. اهـ. . (قَوْلُهُ وَعَنْ إجَارَةٍ، أَوْ عَرْضٍ مُفَادُ قَوْلَانِ) مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ اتِّفَاقًا وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْفَرْعَيْنِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: وَعَنْ إجَارَةٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَا وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَلَا عَنْ إجَارَةٍ، أَوْ عَنْ عَرَضٍ فَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ فَقَطْ وَالثَّابِتُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ قَوْلَانِ خَبَرٌ بِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: أَوْ عَرَضٍ مُفَادٌ غَيْرَ قَوْلِهِ: إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ كَانَ مَقْبُوضًا بِيَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا هُنَا بَاعَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمَوْرُوثَ، أَوْ الْمَأْخُوذَ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَأَخَّرَ قَبْضَ الثَّمَنِ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ سِنِينَ وَمَا مَرَّ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ لِلشَّيْءِ الْمَأْخُوذِ مِنْ نَحْوِ إرْثٍ، أَوْ أَرْشٍ، بَلْ هِيَ عَيْنٌ مَوْهُوبَةٌ، أَوْ مَوْرُوثَةٌ وَأَخَّرَ قَبْضَهَا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيَسْتَقْبِلُ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ أَيْضًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي قَوْلِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مَعْنَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ أَخْذِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَفْظُ بَهْرَامَ يَعْنِي إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُتَرَتِّبًا مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ، أَوْ عَرَضٍ مِنْ عُرُوضِ الْفَائِدَةِ فَإِنَّهُ إنْ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ أُخِذَ بِزَكَاتِهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَقِيلَ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَقَصَتَا عَنْهُ بَقِيَ عَلَى حَوْلِهِ وَزَكَّاهُ إنْ بَقِيَ) أَيْ وَكَانَ قَبَضَ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ مَا يُكَمِّلُهُ فَلَا زَكَاةَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وَإِنْ قَلَّ) الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ مَتَى تَلِفَ قَبْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 الْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نِصَابٌ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وَلَوْ قَلَّ وَيَبْقَى كُلُّ اقْتِضَاءٍ عَلَى حَوْلِهِ سَوَاءٌ زَكَّى النِّصَابَ أَوْ لَمْ يُزَكِّهِ، وَسَوَاءٌ بَقِيَ أَوْ أَنْفَقَهُ، أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. (ص) ، وَإِنْ اقْتَضَى دِينَارًا فَآخَرَ فَاشْتَرَى بِكُلٍّ سِلْعَةً بَاعَهَا بِعِشْرِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ أَوْ يَمْلِكُ مَالًا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ إذَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ الْمَدِينِ أَوْ عِنْدَهُمَا دِينَارًا فَآخَرَ فَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَاشْتَرَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعًا سِلْعَةً أَوْ بِالدِّينَارِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي، أَوْ بِالْعَكْسِ ثُمَّ بَعْدَ اجْتِمَاعِ السِّلْعَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بَاعَ كُلًّا مِنْهُمَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا مَعًا، أَوْ سِلْعَةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ سِلْعَةَ الثَّانِي، أَوْ بِالْعَكْسِ فَصُوَرُ الْبَيْعِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي صُوَرِ الشِّرَاءِ الثَّلَاثِ بِتِسْعٍ، أَوْ اشْتَرَى بِالْأَوَّلِ وَبَاعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِالثَّانِي، أَوْ بِالْعَكْسِ وَهُمَا تَمَامُ الْإِحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً الَّتِي صَوَّرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَحَرَّرَ عَزْوَ الْأَقْوَالِ فِيهَا فَعَلَيْك بِهِ وَإِذَا عَلِمْت شُمُولَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَهَا فَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِيهَا عِنْدَهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْقَرَافِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ فِي التِّسْعِ يُزَكِّي أَرْبَعِينَ وَفِي الْبَاقِيَتَيْنِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ بَاعَهُمَا) مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَتَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا، أَوْ بِالْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي، أَوْ بِالْعَكْسِ (أَوْ) بَاعَ (إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى) بِحَيْثُ اجْتَمَعَا فِي الْمِلْكِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَةَ إمَّا سِلْعَةُ الدِّينَارِ الْأَوَّلِ أَوْ سِلْعَةُ الثَّانِي وَالشِّرَاءُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ بِهِمَا مَعًا، أَوْ بِالْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي، أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ مَعَ الثَّلَاثِ أَجَابَ عَنْ التِّسْعِ بِقَوْلِهِ: (زَكَّى الْأَرْبَعِينَ) جُمْلَةً إنْ بَاعَهُمَا مَعًا وَمُتَفَرِّقَةً إنْ بَاعَ مُفَرَّقًا فَيُزَكِّي عِنْدَ بَيْعِ الْأَوَّلِ عَنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ثَمَنَهَا مَعَ رِبْحِهِ وَعَنْ الدِّينَارِ ثَمَنَ الْأُخْرَى ثُمَّ عِنْدَ بَيْعِ الثَّانِيَةِ يُزَكِّي عَنْ تِسْعَةَ عَشَرَ رِبْحَهَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُقَدَّرُ وُجُودُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي تَقْدِيرِهِ يَوْمَ الْحُصُولِ. (ص) وَإِلَّا أَحَدًا وَعِشْرِينَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا بَاعَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى، بَلْ بَاعَ الْأُولَى مِنْهُمَا قَبْلَ شِرَاءِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَبِيعَةُ مُشْتَرَاةً بِالدِّينَارِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَهُمَا الْبَاقِيَتَانِ مِنْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ زَكَّى إحْدَى وَعِشْرِينَ حِينَ بَيْعِ الْأُولَى عِشْرِينَ ثَمَنَهَا وَالدِّينَارَ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ بِهِ ثُمَّ إذَا اشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ سِلْعَتَهُ بِعِشْرِينَ لَا يُزَكِّي التِّسْعَةَ عَشَرَ الرِّبْحَ؛ لِأَنَّهَا رِبْحُ مَالٍ زَكَا نَعَمْ حَوْلُهَا حَوْلُ أَصْلِهَا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى زَكَّى أَحَدًا وَعِشْرِينَ أَيْ وَيَسْتَقْبِلُ بِالثَّانِيَةِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَّى الْأُولَى لِأَنَّهُ رِبْحُ مَالٍ زَكَا فَيُعْتَبَرُ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ فَإِذَا مَضَى لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ زَكَّى الْأَوَّلَ وَبَاعَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عِشْرِينَ وَلَا يُزَكِّيهِ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلِهِ مِنْ يَوْمِ زَكَّى الْأُولَى . (ص) وَضُمَّ لِاخْتِلَاطِ أَحْوَالِهِ آخِرٌ لِأَوَّلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهِ أَوْقَاتُ الِاقْتِضَاءَاتِ فَإِنَّهُ يَضُمُّهَا لِلْأَوَّلِ يَعْنِي إذَا نَسِيَ أَوْقَاتَ الِاقْتِضَاءَاتِ مَا عَدَا وَقْتَ الْأَوَّلِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَضُمُّهَا لَهُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ، أَوْ لَا، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ زَمَنَ الِاقْتِضَاءَاتِ وَجَعَلَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا   [حاشية العدوي] إمْكَانِ زَكَاتِهِ لَا يُزَكَّى مَا بَعْدَهُ إلَّا إذَا بَلَغَ النِّصَابَ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ زَكَّى النِّصَابَ إلَخْ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ، وَإِنْ قَلَّ أَيْ زَكَّى الْمَقْبُوضَ، وَلَوْ قَلَّ سَوَاءٌ زَكَّى. . . إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَا يُزَكَّى حَتَّى يَقْبِضَ نِصَابًا. (قَوْلُهُ بِعِشْرِينَ) فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمُرَادُ بَاعَ بِمَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنَّمَا فَرْضُهَا فِي أَقَلِّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِيَسْهُلَ فَهْمُ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَدِئِ وَلَا مَفْهُومَ لِلتَّرْتِيبِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: فَأَخَّرَ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اقْتَضَى الدِّينَارَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَخْتَلِفُ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى جَمِيعُ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَانْظُرْ مَا النُّكْتَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالْفَاءِ دُونَ ثُمَّ. (قَوْلُهُ: فَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ) لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ: مَعًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا مُصْطَحَبَتَيْنِ فِي الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاعَهُمَا إلَخْ) ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ فِي تِسْعِ صُوَرٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيَّ وَاللَّخْمِيَّ وَابْنَ شَاسٍ لَكِنَّ الَّذِي لِصَاحِبِ النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ وَافَقَهُ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُمَا مَعًا وَبَاعَهُمَا إمَّا مَعًا أَوْ الْمَحْرَمِيَّةَ قَبْلَ الرَّجَبِيَّةِ أَوْ الرَّجَبِيَّةَ قَبْلَ الْمَحْرَمِيَّةِ وَمَا عَدَاهُمَا إنَّمَا يُزَكِّي أَحَدًا وَعِشْرِينَ لَكِنْ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُمَا مَعًا فَزَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ وَاضِحَةٌ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فَالْمُرَادُ بِزَكَاتِهِمَا أَنَّهُ يُزَكِّي رِبْحَ مَا بِيعَ ثَانِيًا عِنْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَلَا يُؤَخَّرُ زَكَاتُهُ عَامًا مِنْ يَوْمِ زَكَّى أَصْلَهُ، وَهُوَ يَوْمُ مَا بِيعَ أَوَّلًا فَإِذَا بَاعَ أَوَّلًا إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا وَالدِّينَارُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ السِّلْعَةَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ بَاعَهَا بِعِشْرِينَ زَكَّى أَحَدًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ إذَا بَاعَ الثَّانِيَةَ زَكَّى رِبْحَ مَا فِيهَا وَلَا يُؤَخِّرُ زَكَاتَهُ لِمُضِيِّ عَامٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى أَصْلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَاهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُزَكِّي حِينَ يَبِيعُ الْأُولَى أَحَدًا وَعِشْرِينَ وَحِينَ يَبِيعُ الثَّانِيَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ وَلَكِنْ لَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ وَقْتِ بَيْعِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ. . . إلَخْ) وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ فَلَا يُزَكِّي التِّسْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: أَحْوَالِهِ) أَيْ أَعْوَامِهِ الَّتِي تُزَكَّى فِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْحَالَاتِ. (قَوْلُهُ آخِرٌ لِأَوَّلٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلَ الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ وَالْآخِرَ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، بَلْ مُطْلَقُ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ الْأَعَمِّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ وَالْإِضَافِيِّ وَفِي عب فَإِنْ جُهِلَ الْأَوَّلُ ضُمَّ لِمَا بَعْدَهُ الْمَعْلُومُ وَقَوْلُهُ وَآخِرٌ بِالصَّرْفِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا أَوْ عَلِمَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَحُكْمُ مَا عَلِمَ وَقْتَهُ، أَوْ عَلِمَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا عَلِمَ وَقْتَهُ وَجَهِلَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ أَكْثَرُهَا لِأَوَّلِهَا وَمَا دُونَهُ لِثَانِيهَا وَمَا دُونَ ثَانِيهَا لِثَالِثِهَا وَهَكَذَا فَمَنْ اقْتَضَى فِي الْمُحَرَّمِ وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَفِي جُمَادَى الثَّانِيَةِ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ مَا اقْتَضَى كَأَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا عِشْرِينَ وَبَعْضُهَا عَشَرَةً وَبَعْضُهَا خَمْسَةً فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْعِشْرِينَ لِأَوَّلِهَا وَالْعَشَرَةَ لِثَانِيهَا وَالْخَمْسَةَ لِثَالِثِهَا إذْ فِي تَقْدِيمِ الْأَكْثَرِ مُرَاعَاةُ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُقْتَضَى فِي الزَّمَنِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ فِيهِ عَدَمُ مُرَاعَاةِ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ اقْتِضَائِهِ فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اقْتَضَى فِي زَمَانِهِ أَمْ لَا وَاخْتَصَّ الْأَكْثَرُ بِمُرَاعَاةِ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَقَلِّ فَلِذَا قُدِّمَ عَلَى الْأَقَلِّ فَتَأَمَّلْهُ وَقَدْ يُقَالُ: يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِأَوَّلِ الِاقْتِضَاءَاتِ كَمَا إذَا جَهِلَ وَقْتَهَا وَعَلِمَ قَدْرَهَا وَإِذَا الْتَبَسَتْ أَوْقَاتُ الْفَوَائِدِ أَيْ نَسِيَهَا مَا عَدَا وَقْتَ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجْعَلُ وَقْتَ الْأَخِيرَةِ لِلْجَمِيعِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ قَدْرَ كُلِّ فَائِدَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَوْقَاتَ الْفَوَائِدِ وَجَهِلَ قَدْرَ مَا حَصَلَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهَا فَانْظُرْ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَقَلَّ لِلْأَوَّلِ، أَوْ يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الْأَخِيرَةِ. فَقَوْلُهُ: (عَكْسُ الْفَوَائِدِ) فِي الْحُكْمِ لَا فِي التَّصْوِيرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ مَعْلُومَانِ فِي الْفَوَائِدِ وَالِاقْتِضَاءَاتُ وَالْمَنْسِيُّ مَا عَدَاهُمَا فَيُضِيفُ مَا نَسِيَ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ لِلْأَوَّلِ وَفِي الْفَوَائِدِ يُضِيفُ مَا نَسِيَ مِنْهَا لِمَا بَعْدَهُ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ فَائِدَةٍ لَا يَدْرِي حَوْلَهَا الشَّهْرَ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ الْمُتَأَخِّرَ لِلْمُتَأَخِّرِ وَإِنْ نَسِيَ الْجَمِيعَ إلَّا الْأَخِيرَ ضَمَّ الْكُلَّ لِلْأَخِيرِ وَفِي الِاقْتِضَاءَاتِ يَجْعَلُ كُلَّ اقْتِضَاءٍ لَا يَدْرِي حَوْلَهُ الشَّهْرَ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ الْمُتَأَخِّرَ لِلْمُتَقَدِّمِ. (ص) وَالِاقْتِضَاءُ لِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَضَمُّ الِاقْتِضَاءِ النَّاقِصِ عَنْ النِّصَابِ لِمِثْلِهِ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ الْمُكَمِّلَةِ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ بَقِيَتْ الِاقْتِضَاءَاتُ السَّابِقَةُ أَوْ أُنْفِقَتْ، أَوْ ضَاعَتْ تَخَلَّلَتْ بَيْنَهُمَا فَوَائِدُ أَمْ لَا وَفِيهِ مَعَ هَذَا نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ. (ص) وَالْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ (ش) أَيْ وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ سَوَاءٌ بَقِيَتْ أَوْ أُنْفِقَتْ قَبْلَ اقْتِضَائِهِ لَا لِلْمُتَقَدِّمِ الْمُنْفَقِ قَبْلَ حُصُولِهَا، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ حَوْلِهَا أَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا حَتَّى حَالَ حَوْلُهَا فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهَا. (ص) فَإِنْ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً، وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَحُكْمُ مَا عُلِمَ وَقْتُهُ. . . إلَخْ) جَوَابُ أَمَّا إلَّا أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ عِلْمُ وَقْتِ جَمِيعِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَأَنَّ هَذَا لِهَذَا وَهَكَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ عُلِمَ. . . إلَخْ مَعْنَاهُ عِلْمُ بَعْضِ أَوْقَاتِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَمَا فِيهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الظُّهُورَ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَمْ يَظْهَرْ نَعَمْ يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْأَكْثَرُ لِلْأَوَّلِ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مَثَلًا لَوْ عُلِمَ أَنَّ زَمَنَ الِاقْتِضَاءَاتِ الْقِعْدَةُ وَمُحَرَّمٌ وَرَبِيعٌ الْأَوَّلُ وَرَبِيعٌ الثَّانِي وَرَجَبٌ وَعُلِمَ مَا لِلْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَالْمُحَرَّمِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ لِرَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ وَرَبِيعٍ الثَّانِي ثَلَاثُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْأَرْبَعِينَ لِرَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَالثَّلَاثِينَ لِرَبِيعٍ الثَّانِي فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَرَفْت مَا إذَا نَسِيَ مَا عَدَا الْأَوَّلَ فَإِنَّهَا كُلَّهَا تُضَمُّ لِلْأَوَّلِ فَلَوْ عُلِمَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ دُونَ الْمُتَوَسِّطِ تُضَمُّ أَيْضًا لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: اسْتَوَيَا) أَيْ اسْتَوَى كُلٌّ وَقَوْلُهُ اُقْتُضِيَ أَيْ كُلٌّ وَهُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ أَيْ زَمَنِ نَفْسِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ اقْتَضَاهُ. (قَوْلُهُ فَانْظُرْ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَقَلُّ) الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَقَلِّ. (قَوْلُهُ عَكْسُ الْفَوَائِدِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهَذَا الْحُكْمُ عَكْسُ الْفَوَائِدِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ هَذَا الْحُكْمِ عَكْسَ الْفَوَائِدِ، أَوْ مَعْكُوسًا فَإِذَا نَسِيَ أَوْقَاتَ مَا عَدَا الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْكُلَّ أَيْ الْمَجْهُولَ لِلْأَخِيرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَوَائِدِ وَالِاقْتِضَاءَاتِ أَنَّ الْفَوَائِدَ لَمْ تَجْرِ فِيهَا الزَّكَاةُ فَلَوْ ضُمَّ آخِرُهَا لِأَوَّلِهَا كَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا، وَهُوَ عَلَى الْمَدِينِ خَوْفَ عَدَمِ الْقَبْضِ وَانْظُرْ إذَا نَسِيَ وَقْتَ آخِرِ الْفَوَائِدِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُضَمُّ لِمَا قَبْلَهُ الْمَعْلُومِ كَمَا ذَكَرَهُ عب فِي الِاقْتِضَاءَاتِ. (قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ لَا فِي التَّصْوِيرِ) أَيْ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي قَوْلِهِ: فِي التَّصْوِيرِ وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لَا فِي التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ مَعْلُومَيْنِ لَا عَكْسَ إلَّا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ يُجْعَلُ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مِنْ الْمَجْهُولِ مَضْمُونًا إلَيْهِ وَفِي الْفَوَائِدِ يُجْعَلُ مَا عَدَا الْأَخِيرَ مَضْمُومًا إلَيْهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَعْلُومَ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَفِي الْفَوَائِدِ الْآخِرُ فَقَطْ وَعَلَيْهِ يَأْتِي كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ فِي كُلٍّ، أَوْ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَبِالْأَخِيرِ فِي الْفَوَائِدِ فَلَيْسَ كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ مُتَعَيَّنًا كَمَا أَنَّ حِلَّ غَيْرِهِ لَيْسَ مُتَعَيَّنًا وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الِاقْتِضَاءَاتِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي سِيَاقِ نِسْيَانِ مَا عَدَا الْوَقْتَ الْأَخِيرَ فَلَا مُتَقَدِّمَ مَعْلُومٌ بِضَمِّ مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ قَالَ عج وَإِذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ لِلْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فَلَا يُضَمُّ إلَّا الْمُخْتَلَطُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ فَلَوْ اخْتَلَطَتْ عَلَيْهِ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فَإِنْ كَانَ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ ضُمَّ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ لِلْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرُّ الْآخِرُ عَلَى حَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَوَائِدِ ضُمَّ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ لِلْآخِرِ وَيَسْتَمِرُّ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ اهـ. وَهَذَا قَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْتَاطُ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَلِنَفْسِهِ فِي الْفَوَائِدِ. (قَوْلُهُ: نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِنَوْعٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةٍ دُونَ جِهَةٍ فَالتَّكْرَارُ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ بَقَاءً، أَوْ تَلَفًا وَعَدَمُهُ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فِي الْفَوَائِدِ تَخَلُّلًا وَعَدَمًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ وَالْأُولَى إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً (ش) هَذَا تَوْضِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ حَوْلٍ مَضَى مِنْ يَوْمِ زَكَّى دَيْنَهُ، أَوْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ وَأَنْفَقَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهَا وَأَوْلَى لَوْ أَبْقَاهَا ثُمَّ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ أَيْ الْعَشَرَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا وَحَالَ حَوْلُهَا وَالْعَشَرَةَ الَّتِي اسْتَفَادَهَا وَحَالَ حَوْلُهَا لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمِلْكِ حَوْلًا كَامِلًا وَلَا يُزَكِّي الْخَمْسَةَ الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ أَنْفَقَهَا قَبْلَ حُصُولِ الْفَائِدَةِ أَوْ قَبْلَ حَوْلِهَا لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ مِنْ الِاقْتِضَاءَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَلِذَا لَوْ اقْتَضَى خَمْسَةً أُخْرَى زَكَّى الْخَمْسَةَ الْأُولَى الْمُنْفَقَةَ قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ لِتَمَامِ النِّصَابِ بِالِاقْتِضَاءَاتِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ حَوْلَ الْمُتَمِّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّمَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ إنْفَاقِهَا قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ وَإِلَّا لَوْ بَقِيَتْ إلَى تَمَامِ حَوْلِهَا ضُمَّتْ، وَرُبَّمَا يُرْشِدُ لِلتَّقَيُّدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ قَبْلُ: أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الدُّيُونِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْ زَكَاةِ الْعُرُوضِ وَهُوَ الْمُحْتَكَرُ يُقَاسُ بِزَكَاةِ الدَّيْنِ كَمَا يَأْتِي وَإِلَى أَقْسَامِ الْعَرَضِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ. (ص) وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرَضٌ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ (ش) هَذَا هُوَ الْمَحْصُورُ وَالْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَكَالدَّيْنِ إنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ أَيْ إنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ لَيْسَ فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَمَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ كَالدَّيْنِ أَيْ يُزَكَّى لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ إنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ هُنَا مَا قَابَلَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ أَيْ ثَمَنُ عَرْضٍ، أَوْ عِوَضُ عَرْضٍ وَهُوَ قِيمَتُهُ فِي الْمُدِيرِ حَيْثُ قُوِّمَ وَثَمَنُهُ حَيْثُ بِيعَ كَالْمُحْتَكَرِ. (ص) مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ (ش) هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَرْضِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ عَلَيْهِ فَمَا مُلِكَ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الْفَوَائِدِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ حِينَ الْمِلْكِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَسْتَقْبِلَ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فِرَارًا كَمَا مَرَّ. (ص) بِنِيَّةِ تَجْرٍ، أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ، أَوْ قِنْيَةٍ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُرَجَّحُ (ش) هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَذَا الْعَرْضِ الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مَلَكَهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا غَيْرَ الْقِنْيَةِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذَا الْعَرْضِ إذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ وَالْغَلَّةَ مَعًا كَمَا إذَا نَوَى عِنْدَ شِرَائِهِ أَنْ يَكْرِيَهُ، وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذَا الْعَرْضِ إذَا نَوَى بِهِ عِنْدَ الْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهِ التَّجْرَ وَالْقِنْيَةَ مَعًا كَنِيَّةِ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهِ مِنْ وَطْءٍ أَوْ خِدْمَةٍ وَهَذَا هُوَ الْقِنْيَةُ وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَهَذَا هُوَ التِّجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ نَوْعٌ مِنْ التِّجَارَةِ عَلَى اخْتِيَارٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ فِيهِمَا وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فِي الثَّانِيَةِ وَيُحْتَمَلُ فِي الْأُولَى أَيْضًا لِأَحْرَوِيَّتِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُؤَثِّرْ مُصَاحَبَةُ نِيَّةِ الْقِنْيَةِ فِي نِيَّةِ التِّجَارَةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا تُؤَثِّرَ نِيَّةُ الْغَلَّةِ فِي نِيَّةِ التِّجَارَةِ. (ص) لَا بِلَا نِيَّةٍ، أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ أَوْ غَلَّةٍ، أَوْ هُمَا (ش) لَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرُ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهُ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ وَنِيَّةٍ مَجْرُورٌ بِإِضَافَةٍ لَا إلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَلَكَ هَذَا الْعَرْضَ بِلَا نِيَّةٍ لِشَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ وَإِلَّا زَكَّى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اقْتِضَاءِ خَمْسَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْفَائِدَةَ خَلِيطٌ لِعَشْرِ الِاقْتِضَاءِ وَعَشَرَةُ الِاقْتِضَاءِ خَلِيطٌ لِخَمْسَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَدِينِ وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ عَشَرَةِ الْفَائِدَةِ وَخَمْسَةِ الِاقْتِضَاءِ لِأَنَّهَا أُنْفِقَتْ قَبْلَ حَوْلِهَا. (قَوْلُهُ وَالْأُولَى إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً) أَيْ أَنَّهُ يُزَكِّي الْأُولَى وَالْآخِرَةَ فَقَطْ إذَا كَانَ زَكَّى الْعِشْرِينَ قَبْلَ اقْتِضَاءِ الْأَخِيرَةِ وَإِلَّا زَكَّى الْجَمِيعَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَالْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَكَالدَّيْنِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ فَلَا يَكُونُ الْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَكَالدَّيْنِ بَلْ الْمَحْصُورُ فِيهِ الشُّرُوطُ (قَوْلُهُ: وَمَا دُونَ النِّصَابِ إلَخْ) فَخَرَجَ مَا فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ كَمَاشِيَةٍ وَحَرْثٍ وَحَلْيٍ يُزَكَّى إنْ بَلَغَ كُلٌّ نِصَابًا فَلَا يُقَوَّمُ، وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ مُدِيرًا سَوَاءٌ جَاءَ وَقْتُ التَّقْوِيمِ قَبْلَ حَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ تَزْكِيَةِ عَيْنِهِ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهِ زَكَّاهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الشُّرُوطِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ: الْآتِي مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ ثَمَنُ عَرْضٍ إلَخْ) أَيْ يُقَدَّرُ ثَمَنٌ إنْ فُرِضَ الْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الْمُحْتَكَرِ، أَوْ يُقَدَّرُ قِيمَةٌ إنْ أُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إنْ رُصِدَ. . . إلَخْ يَقْصِرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: فِيمَا سَيَأْتِي وَبِيعَ بِعَيْنٍ يُفِيدُ عَدَمَ تَقْدِيرِ شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُعَاوَضَةِ أَنْ تَكُونَ مَالِيَّةً فَلَا زَكَاةَ فِيمَا أُخِذَ مِنْ خُلْعٍ أَوْ صَدَاقٍ، بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِمُعَاوَضَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ حِلُّ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ: بِمُعَاوَضَةٍ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَأَمَّا مُلِكَ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا يُزَكَّى لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ مَا يُزَكَّى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فِرَارًا) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ، وَلَوْ أَخَّرَهُ فِرَارًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ نَوْعُ. . . إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا عِنْدَ ذِكْرِ اجْتِمَاعِ التِّجَارَةِ وَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ فِي الْأُولَى أَيْضًا) عَنْ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِالتَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ نَصًّا، أَوْ قِيَاسًا أَيْ بِالنَّصِّ، أَوْ بِالْقِيَاسِ الْأَحْرَوِيَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ هُمَا) وَأَصْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُمَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ حِينَئِذٍ فَهُوَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لَا الْأَصَالَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ نِيَّةَ مَجْرُورٍ بِالْبَاءِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَنِيَّةٌ مَجْرُورٌ. . . إلَخْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ فَقَطْ، أَوْ نِيَّةِ الْغَلَّةِ فَقَطْ كَنِيَّةِ كِرَائِهِ أَوْ نِيَّةِ الْغَلَّةِ وَالْقِنْيَةِ مَعًا؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ لِلْغَلَّةِ هُوَ مَعْنَى الْقِنْيَةِ فَلَوْ قَالَ لَا بِلَا نِيَّةِ تَجْرٍ وَحَذَفَ قَوْلَهُ: أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ، أَوْ غَلَّةٍ، أَوْ هُمَا مَا ضَرَّهُ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْقِنْيَةِ تُفْهِمُ مَا بَعْدَهَا بِالْأَوْلَى . (ص) وَكَانَ كَأَصْلِهِ، أَوْ عَيْنًا (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَرْضِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ عَرْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ سَوَاءٌ كَانَ عَرْضَ قِنْيَةٍ، أَوْ تِجَارَةٍ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ فَبَاعَهُ بِعَرْضٍ يَنْوِي بِهِ التِّجَارَةَ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِإِعْطَاءِ حُكْمِ الثَّمَنِ حُكْمَ أَصْلِهِ الثَّانِي لَا أَصْلِهِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ أَصْلُهُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ نِصَابٍ إذَا بَاعَهُ بِنِصَابٍ مِنْ الْعَيْنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ قَلَّ) وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ أَصْلَهُ إذَا كَانَ عَيْنًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْعَيْنِ وَرُجُوعُهَا لِقَوْلِهِ: وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَرْضِ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا . (ص) وَبِيعَ بِعَيْنٍ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي هَذَا الْعَرْضِ أَنْ يَبِيعَهُ بِعَيْنٍ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمُدِيرِ وَالْمُحْتَكِرِ كَالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنَّ الْمُحْتَكِرَ لَا بُدَّ أَنْ يَبِيعَ بِعَيْنٍ وَهِيَ نِصَابٌ بَاعَ بِهِ فِي مَرَّةٍ، أَوْ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَبَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ يُزَكِّي مَا بِيعَ بِهِ، وَلَوْ قَلَّ وَالْمُدِيرُ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنِضَّ لَهُ أَوَّلَ الْحَوْلِ، أَوْ وَسَطَهُ، أَوْ آخِرَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبْقَى مَا نَضَّ، أَوْ يَذْهَبَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُعَاوَضَةُ اخْتِيَارِيَّةً، أَوْ اضْطِرَارِيَّةً كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ لِلْمُدِيرِ، أَوْ الْمُحْتَكِرِ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ وَدَفَعَ قِيمَتَهَا لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ لِاسْتِهْلَاكٍ) وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ بِعَرْضٍ فَمَنْ بَاعَ الْعَرْضَ بِمِثْلِهِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ: (كَالدَّيْنِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِسْقَاطِ الْفَاءِ فَيَكُونُ مَعْمُولًا لِيُزَكِّيَ أَيْ وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَالدَّيْنِ أَيْ زَكَاةً كَزَكَاةِ الدَّيْنِ وَفِي بَعْضِهَا بِثُبُوتِهَا فَتَكُونُ وَاقِعَةً فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ، وَإِنْ حَصَلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَكَالدَّيْنِ وَقَالَ ز جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَمَدْخُولُ الْفَاءِ مَحْذُوفٌ أَيْ وَإِنْ حَصَلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَزَكَاتُهُ كَالدَّيْنِ أَيْ كَزَكَاةِ الدَّيْنِ فَيُزَكِّي لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِيهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ مَسْأَلَةُ مَا إذَا فَرَّ مِنْ الزَّكَاةِ بِتَأْخِيرِ الْبَيْعِ وَالْفِرَارُ هُنَا وَفِيمَا سَبَقَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَقَوْلُهُ: (إنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ: فَكَالدَّيْنِ وَلِذَا أَخَّرَهُ عِنْدَهُ لِيَنْطَبِقَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ مَحَلًّا لِلْإِخْرَاجِ الْآتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضُ عَرْضَ احْتِكَارٍ أَوْ إدَارَةٍ، وَأَمَّا هَذَا فَشَرْطٌ لِكَوْنِ الزَّكَاةِ كَزَكَاةِ الدَّيْنِ لَا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْوُجُوبِ كَمَا قَرَّرْنَا بَيْنَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ وَالْإِدَارَةِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ أَنْ يُمْسِكَهُ إلَى أَنْ يَجِدَ فِيهِ رِبْحًا جَيِّدًا قَالَهُ فِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ لِلْغَلَّةِ هُوَ مَعْنَى الْقِنْيَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُعَكِّرُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ:؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ نَوْعٌ مِنْ التِّجَارَةِ . (قَوْلُهُ: وَكَانَ كَأَصْلِهِ إلَخْ) هَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ. (قَوْلُهُ: أَصْلُهُ عَرْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْعَرْضِ إذَا كَانَ عَرْضًا اُشْتُرِطَ فِيهِ أَنْ يُمْلَكَ بِمُعَاوَضَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَيْنًا فَأَطْلَقَ فِيهَا فَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا جَاءَتْهُ مِنْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت فَرَّقُوا بِأَنَّ الْعَيْنَ الْأَصْلُ فِيهَا التِّجَارَةُ، وَهُوَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِخِلَافِ الْعَرْضِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْقِنْيَةُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضُ قِنْيَةً. . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَالْجُمْلَةُ هُوَ أَنْ يَكُونَ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: كَانَ عِنْدَهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَيَخُصُّ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِ الْأَصْلِ عَرْضَ تِجَارَةٍ. (قَوْلُهُ: لِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ حُكْمَ أَصْلِهِ الثَّانِي) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ الثَّانِي لَا أَصْلِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى عِنْدَهُمْ إلَّا حُكْمَ أَصْلِهِ الثَّانِي وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ أَصْلِهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَمْضِ حَوْلٌ مِنْ أَصْلِهِ الثَّانِي فَلَا زَكَاةَ. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَرْضِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعْقَلُ فِي الْعَرْضِ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُدِيرُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ) أَيْ لَا أَقَلَّ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْمُدِيرُ إذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مَا، وَلَوْ دِرْهَمًا يُخْرِجُ عَمَّا قَوَّمَهُ مِنْ الْعَرْضِ ثَمَنًا عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَرْضًا بِقِيمَتِهِ وَيَكُونُ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ تَقْوِيمِ الْجَمِيعِ وَيُلْغَى الزَّائِدُ أَيْ الْوَقْتُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُعَاوَضَةُ. . . إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ إلَخْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَإِنْ لِاسْتِهْلَاكٍ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ أَيْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ فَقَوْلُهُ وَبِيعَ بِعَيْنٍ أَيْ عِوَضٍ فَالْمُرَادُ الْبَيْعُ اللُّغَوِيُّ وَإِلَّا فَالِاسْتِهْلَاكُ لَا يُقَالُ لَهُ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا) حَكَى الرَّجْرَاجِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدِيرِ وَحَكَاهُ ابْنُ جُزَيٍّ فِي الْمُحْتَكِرِ (أَقُولُ) أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ تَأْخِيرِ دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ فِرَارًا حَيْثُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فَإِنْ قُلْت: يُعَارِضُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى بِمَالِهِ عَرْضًا قَبْلَ الْحَوْلِ قَاصِدًا بِهِ الْفِرَارَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا كَمَا حَكَى ابْنُ رُشْدٍ قُلْت لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَقْدٍ اشْتَرَى بِهِ عَرْضَ قِنْيَةٍ وَمَا هُنَا فِي عَرْضِ تَجْرٍ أُبْدِلَ بِعَرْضِ تَجْرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَافِرُ) أَيْ الْكَافِرُ الَّذِي أَسْلَمَ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وَأَمَّا عَرْضُ الْكَافِرِ إلَخْ إلَّا إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْآتِي فِي كَافِرٍ مُدِيرٍ وَمَا هُنَا فِي مُسْلِمٍ مُحْتَكِرٍ فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ مَا قَالَهُ فَالْمُحْتَكِرُ يَسْتَقْبِلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: وَالْفِرَارُ هُنَا وَفِيمَا سَبَقَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْفِرَارَ بِعَدَمِ الْقَبْضِ فِيهِ قَوْلَانِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِزَكَاتِهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 التَّوْضِيحِ. انْتَهَى وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالْعَرْضِ، السُّوقَ أَيْ ارْتِفَاعُ الثَّمَنِ فَأَلْ فِي السُّوقِ لِلْكَمَالِ يَحْتَرِزُ بِهِ عَنْ الْمُدِيرِ الْآتِي . (ص) وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ وَدَيْنَهُ النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ وَإِلَّا قَوَّمَهُ (ش) هَذَا هُوَ الضَّرْبُ الثَّانِي، وَهُوَ عَرْضُ الْإِدَارَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُدِيرِ مَنْ يَبِيعُ عُرُوضَهُ بِالسِّعْرِ الْحَاضِرِ ثُمَّ يُخْلِفُهَا بِغَيْرِهَا وَلَا يَرْصُدُ نَفَاقَ سُوقٍ لِيَبِيعَ وَلَا كَسَادَهُ لِيَشْتَرِيَ فِيهِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَرْبَابُ الْحَوَانِيتِ وَالْجَالِبُونَ لِلسِّلَعِ مِنْ الْبُلْدَانِ وَلِهَذَا قَالَ وَإِلَّا أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْصُدْ بِسِلْعَةٍ الْأَسْوَاقَ زَكَّى مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَلَوْ حُلِيًّا وَيُزَكِّي وَزْنَهُ إنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ كَمَا مَرَّ وَزَكَّى عَدَدَ دَيْنِهِ النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ الْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ فَإِنْ كَانَ عَرْضًا مَرْجُوًّا، أَوْ نَقْدًا مُؤَجَّلًا مَرْجُوًّا قَوَّمَهُ بِمَا يُبَاعُ بِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ وَالنَّقْدُ بِعَرْضٍ ثُمَّ بِنَقْدٍ وَزَكَّى تِلْكَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُمْلَكُ لَوْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَسَيَأْتِي غَيْرُ الْمَرْجُوِّ وَدَيْنُ الْقَرْضِ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ لِيُسْتَوْفَى الْكَلَامُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُدِيرِ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُدِيرِ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُ قَوْلِنَا الْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ كَانَ قَرْضًا. (ص) ، وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُدِيرَ يُقَوِّمُ طَعَامَ السَّلَمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ التَّقْوِيمِ وَالْبَيْعِ وَإِنَّمَا هَذَا مُجَرَّدُ تَقْوِيمٍ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَشَبَهَهَا تُقَوَّمُ إذَا قُتِلَتْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا لَهَا. (ص) كَسِلْعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدِيرَ يُقَوِّمُ كُلَّ عَامٍ سِلَعَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَيْنٍ وَيُزَكِّي عَنْهَا فَالتَّشْبِيهُ فِي التَّقْوِيمِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بَارَتْ) إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُدِيرَ يُقَوِّمُ سِلَعَهُ، وَلَوْ بَارَتْ سِنِينَ كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ بِذَلِكَ أَيْ لَا يَنْقُلُهَا بَوَرَانُهَا إلَى حُكْمِ الْقِنْيَةِ وَلَا إلَى حُكْمِ الِاحْتِكَارِ، بَلْ تَبْقَى عَلَى إدَارَتِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاحْتِكَارِ وَالْبَوَارِ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا انْتِظَارُ السُّوقِ هُوَ أَنَّ الْمُنْتَظَرَ فِي الِاحْتِكَارِ الرِّبْحُ الَّذِي لَهُ بَالٌ وَفِي الْبَوَارِ رِبْحٌ مَا أَوْ بَيْعٌ بِلَا خَسَارَةٍ. (ص) لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ، أَوْ كَانَ قَرْضًا (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الدَّيْنَ النَّقْدَ إذَا كَانَ غَيْرَ مَرْجُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ وَهُوَ كَالْعَدَمِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا كَانَ قَرْضًا لِعَدَمِ النَّمَاءِ فِيهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ التِّجَارَةِ وَيُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالٍ عِنْدَهُ فَلَمْ يُزَكِّهِ حَتَّى أَقْرَضَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ زَكَّاهُ لِعَامَيْنِ فَأُسْقِطَ زَكَاتَهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى الْمُقْتَرِضِ قَالَ الْبَاجِيُّ لَا خِلَافَ أَنَّ الْقَرْضَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ مِنْهُ عَلَيْهَا وَالدَّيْنُ إنَّمَا يُقَوَّمُ إذَا كَانَ لِلنَّمَاءِ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى تَقْوِيمِ الْقَرْضِ لِعُمُومِ قَوْلِهَا وَالْمُدِيرُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ مَالُهُ كُلُّهُ عَيْنًا كَالْحَنَّاطِ وَالْبَزَّازِ وَاَلَّذِي يُجَهِّزُ الْأَمْتِعَةَ إلَى الْبُلْدَانِ فَيَجْعَلُ لِنَفْسِهِ فِي السَّنَةِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكِّيَ ذَلِكَ مَعَ مَا مَعَهُ مِنْ عَيْنٍ وَمَا لَهُ مِنْ دَيْنٍ يَرْتَجِي قَضَاءَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ وَهَلْ حَوْلُهُ لِلْأَصْلِ، أَوْ وَسَطٌ مِنْهُ وَمِنْ الْإِدَارَةِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ حَوْلُ الْمُدِيرِ الَّذِي يُقَوِّمُ فِيهِ عَيْنَهُ وَدَيْنَهُ وَطَعَامَهُ وَسِلَعَهُ إذَا تَقَدَّمَ وَقْتُ مِلْكِهِ الْمَالُ الَّذِي أَدَارَ بِهِ، أَوْ تَزْكِيَتُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَأْل فِي السُّوقِ لِلْكَمَالِ) أَيْ فَقَوْلُهُ: ارْتِفَاعُ الثَّمَنِ تَفْسِيرٌ لِلسُّوقِ الْمُعَرَّفِ (قَوْلُهُ: يَحْتَرِزُ بِهِ عَنْ الْمُدِيرِ) فَإِنَّهُ يَرْصُدُ السُّوقَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ ارْتِفَاعَ الثَّمَنِ . (قَوْلُهُ: وَإِلَّا زَكَّى إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ بِالسِّعْرِ الْحَاضِرِ وَيُخْلِفَهُ بِغَيْرِهِ، بَلْ رُبَّمَا بَاعَ بِغَيْرِ رِبْحٍ خَوْفَ كَسَادٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَرْضًا مَرْجُوًّا) حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَقَوْلُهُ: أَوْ نَقْدًا مُؤَجَّلًا أَيْ مَرْجُوًّا. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ) كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُكِيَ عَدَمُ التَّقْوِيمِ عَنْ الْإِبْيَانِيِّ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ تَقْدِيرُ بَيْعٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَارَتْ) مُقَابِلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ نَافِعٍ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ لِهَذَا الْبَوَارِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْدِمٍ أَوْ ظَالِمٍ فَلَا يُقَوِّمُهُ لِيُزَكِّيَهُ كُلَّ عَامٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ زَكَاتُهُ إذَا قَبَضَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالْعَيْنِ الضَّائِعَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَإِنْ رَجَاهُ بِنَقْصٍ عَنْ أَصْلِهِ زَكَّى قَدْرَ مَا رَجَا إنْ كَانَ فِيهِ زَكَاةٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ كَالْعَدَمِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا كَانَ قَرْضًا) وَمُقَابِلُهُ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُدِيرَ يُزَكِّي جَمِيعَ دُيُونِهِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا) أَيْ فَيُزَكِّيَهُ لِكُلِّ سَنَةٍ اتِّفَاقًا وَانْظُرْ هَلْ يُزَكِّيهِ حِينَئِذٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي عب وَلَفْظُهُ، أَوْ كَانَ قَرْضًا وَيُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُزَكِّيهِ لِكُلِّ سَنَةٍ اتِّفَاقًا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُزَكِّيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَدَيْنِ غَيْرِ الْمُدِيرِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَنَظِيرُهُ فِيمَا إذَا أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ فَيُزَكِّيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَغَيْرِهِ. اهـ. (أَقُولُ) وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ. (قَوْلُهُ: زَكَّاهُ لِعَامَيْنِ) هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ فَأَسْقَطَ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَفَاعِلُ أَسْقَطَ هُوَ الْإِمَامُ، أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: لَا زَكَاةَ فِيهِ. . . إلَخْ) وَهُوَ عَلَى الْمُقْتَرِضِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ مِنْهُ عَلَيْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى الْخِلَافَ دَلَّ عَلَى إبْقَاءِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ قَوْلِهَا. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: فَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَأَوَّلَ هُوَ نَفْسُ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِأَنْ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا قَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ عَدَمُ التَّقْوِيمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ حَوْلُهُ لِلْأَصْلِ) أَيْ الْحَوْلُ الْمَنْسُوبُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ أَوْ وَسَطٌ. . إلَخْ) مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ حَوْلُ الْمُدِيرِ وَسَطٌ مِنْ الْأَصْلِ وَمِنْ إدَارَةٍ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ الْأَصْلِ أَيْ أَوْ حَوْلُهُ وَسَطٌ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ مِلْكِهِ) فَاعِلُ يَتَقَدَّمُ وَالْمَالُ مَفْعُولُ مَلَكَ وَقَوْلُهُ أَوْ تَزْكِيَتُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مِلْكِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 عَلَى وَقْتِ إدَارَتِهِ كَمَا لَوْ مَلَكَ نِصَابًا، أَوْ زَكَّاهُ فِي مُحَرَّمٍ وَأَدَارَ بِهِ فِي رَجَبٍ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ، أَوْ زَكَّى، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ أَوْ حَوْلُهُ وَقْتُ وَسَطٍ مِنْ حَوْلِ الْأَصْلِ وَمِنْ حَوْلِ الْإِدَارَةِ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا رَبِيعَ الثَّانِيَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحَوْلِ الَّذِي يُقَوَّمُ عِنْدَ تَمَامِهِ. وَأَمَّا حَوْلُ نَاضِّهِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا فَإِنَّهُ حَوْلُ الْأَصْلِ قَطْعًا . (ص) ثُمَّ زِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّحَرِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدِيرَ إذَا قَوَّمَ سِلَعَهُ وَقْتَ تَقْوِيمِهَا ثُمَّ بَاعَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا قُوِّمَتْ بِهِ فَإِنَّ زِيَادَتَهُ مُلْغَاةٌ لَا تُزَكَّى لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِ سُوقٍ أَوْ رَغْبَةِ مُشْتَرٍ فَلِذَا لَوْ كَانَتْ لِتَحَقُّقِ الْخَطَأِ لَا تُلْغَى بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّحَرِّي الْمُرَصَّعِ بِالْجَوَاهِرِ إذَا زَكَّى وَزْنَهُ تَحَرِّيًا لِعَدَمِ تَيَسُّرِ نَزْعِهِ ثُمَّ نَزَعَ وَوَزَنَ فَزَادَ عَلَى مَا تَحَرَّى فِيهِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تُزَكَّى لِظُهُورِ الْخَطَأِ قَطْعًا . (ص) وَالْقَمْحُ وَالْمُرْتَجَعُ مِنْ مُفْلِسٍ وَالْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَمْحَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُعَشَّرَاتِ يُزَكَّى زَكَاةَ الْعُرُوضِ فَيُقَوِّمُهَا الْمُدِيرُ وَيُزَكِّيهِ مُضَافًا لِمَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِصَابًا وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي عَيْنِهِ فَإِذَا زَكَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَرْضِ وَكَذَلِكَ الْمَاشِيَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُهَا، وَإِنْ كَانَتْ نِصَابًا فَالْمَشْهُورُ وَيُزَكِّيهَا مِنْ رِقَابِهَا ثُمَّ إذَا بَاعَهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهَا لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى عَيْنَهَا وَفِي نُسْخَةٍ وَالْفَسْخُ بَدَلُ الْقَمْحِ أَيْ مَا رَجَعَ مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِالْفَسْخِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ إدَارَةٍ، أَوْ احْتِكَارٍ وَكَذَا مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِشَخْصٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ فَلِسَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فَيَكُونُ أَخْذُهُ لَهَا فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَتَرْجِعُ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ مِنْ إدَارَةٍ، أَوْ احْتِكَارٍ وَلَا يَنْقُلُهَا بَيْعٌ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى تَحْتَاجَ إلَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ بِهِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ وَكَذَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ عَجْزُهُ عَنْ الْكِتَابَةِ اسْتِئْنَافَ مِلْكٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَالِاغْتِلَالِ لِأَنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحُجَّةُ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ يُكَاتَبُ ثُمَّ يَعْجِزُ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَأْذُونًا كَمَا كَانَ وَلَوْ رَجَعَتْ سِلَعُ التِّجَارَةِ بِإِقَالَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ هِبَةٍ بَطَلَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ وَكَانَتْ قِنْيَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْمَقَالِ فِيهِ التِّجَارَةَ ثَانِيًا فَقَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ يُرِيدُ فِي التَّقْوِيمِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا بِعَيْنِهِ وَهِيَ الْقَمْحُ وَالْمُرْتَجَعُ مِنْ مُفْلِسٍ وَالْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ . (ص) وَانْتَقَلَ الْمَدَارُ لِلِاحْتِكَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَرْضًا بِنِيَّةِ الْإِدَارَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الِاحْتِكَارَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَيْهِ، وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ نِيَّةُ الْإِدَارَةِ بِمَا لِلِاحْتِكَارِ فَقَالَ فِي الشَّامِلِ هُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فَقَالَ فِيهِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ مِنْ التِّجَارَةِ وَهَذَا الْقِسْمُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ. انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ: فَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاحْتِكَارَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْقِنْيَةُ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْإِدَارَةِ فَإِنَّهَا لِبُعْدِهَا عَنْهُ لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالنِّيَّةِ وَقَدْ رَأَيْت فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ مَا يُرْشِدُ إلَى هَذَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ لَا يُوَافِقُ الْحُكْمَ فِيمَا قَبْلَهُ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي ز. (ص) وَهُمَا لِلْقِنْيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَرْضًا بِنِيَّةِ الْإِدَارَةِ أَوْ نِيَّةِ الِاحْتِكَارِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْتَقِلُ إلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: (بِالنِّيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِانْتَقَلَ (ص) لَا الْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ احْتِكَارًا أَوْ إدَارَةً فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَكَذَا مَا لِلِاحْتِكَارِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِدَارَةِ بِالنِّيَّةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ كَانَ أَوَّلًا لِلتِّجَارَةِ) إلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ وَقُلْتُمْ يَنْتَقِلُ بِالنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَصِيرُ كَسِلَعِ الْقِنْيَةِ أَصَالَةً؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ تُنْقَلُ لِلْأَصْلِ وَلَا تُنْقَلُ عَنْهُ وَالْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ، وَالْحُكْرَةُ تُشْبِهُهَا لِدَوَامِ ذَاتِ الْعَرْضِ مَعَهَا . (ص) وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ وَتَسَاوَيَا، أَوْ احْتَكَرَ الْأَكْثَرَ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّحَرِّي وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ أَنَّ التَّخْرِيصَ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْله كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَرْضِ) أَيْ الْمُتَّخَذِ مِنْ التِّجَارَةِ يُزَكِّيهِ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ التَّزْكِيَةِ. (قَوْلُهُ: كَالْعَرْضِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَوِّمُهُ لِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى الْأَصْلَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ. . . إلَخْ تَعْلِيلٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ. . . إلَخْ) هِيَ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ يَرْجِعُ مَأْذُونًا وَقِيلَ يَعُودُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَقِيلَ يَعُودُ مُنْتَزَعَ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: يَعْجِزُ) عَجَزَ عَنْ الشَّيْءِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ضَعُفَ عَنْهُ مِصْبَاحٌ وَحُكِيَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ عَجِزَ بِكَسْرِ الْجِيمِ يَعْجَزُ بِفَتْحِهَا . (قَوْلُهُ: وَانْتَقَلَ الْمَدَارُ لِلِاحْتِكَارِ) الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ أَيْ الْمَدَارُ بِالنِّيَّةِ، أَوْ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ ك أَيْ إلَّا لِقَصْدِ فِرَارٍ وَإِلَّا فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ وَيُقَوَّمُ كُلَّ عَامٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَوَى بِهِ الِاحْتِكَارَ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِقُرْبٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّيْخِ سَالِمٍ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَنٍ وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَحْوَهُ. (قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ الِاحْتِكَارِ إلَى الْإِدَارَةِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ الْإِدَارَةِ إلَى الِاحْتِكَارِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا لِلْقِنْيَةِ) هَلْ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ قَصْدِ فِرَارٍ كَمَا قُيِّدَتْ الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْتَقِلُ إلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ الْجَلَّابُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ وَأَنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَالٌ لِلِاحْتِكَارِ لَا يَنْتَقِلُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلتِّجَارَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 وَنَوَى بِبَعْضِهَا الْإِدَارَةَ وَبِالْبَعْضِ الْآخَرِ الِاحْتِكَارَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ فَيُقَوِّمُ الْعَرْضَ الْمُدَارَ كُلَّ سَنَةٍ وَالْعَرْضُ الْمُحْتَكَرُ يُزَكِّيهِ إذَا بَاعَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلِهِ فَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ الْمُحْتَكَرُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَرْضِ الْمُدَارِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ أَيْضًا فَيُزَكِّيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ الْمُدَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَرْضِ الْمُحْتَكَرِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي جَمِيعَ عُرُوضِهِ عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا كُلَّ عَامٍ وَيُزَكِّيهَا مَعَ مَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدِيرَ لَا يُقَوِّمُ الْأَوَانِيَ الَّتِي يُدِيرُ فِيهَا بِضَاعَتَهُ كَأَوَانِي الْعِطَارَةِ وَالزِّيَاتَةِ وَبَقَرِ الْحَرْثِ لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَأَشْبَهَتْ الْقِنْيَةَ وَلَا تُقَوَّمُ كِتَابَةُ مُكَاتَبٍ وَخِدْمَةُ مُخْدِمٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَانِي غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِلَّا زَكَّى زِنَتَهَا وَالْإِبِلُ الْمُعَدَّةُ لِلْحَمْلِ كَالْأَوَانِي لَا تُقَوَّمُ وَيُزَكَّى عَيْنُهَا حَيْثُ كَانَتْ نِصَابًا . (ص) وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ، أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَكَانَ مُدِيرًا هَلْ يُقَوِّمُ عُرُوضَهُ وَدُيُونَهُ فَيُزْكِيهَا مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ أَوْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ كَالْفَائِدَةِ؟ وَأَمَّا الْمُحْتَكِرُ إذَا أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ عُرُوضِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ قَوْلًا وَاحِدًا فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكَافِرِ الَّذِي أَسْلَمَ الْمُدِيرِ (ص) وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَدَارَا أَوْ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ بِيَدِ عَامِلِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا يُعْلَمُ تَلَفُهُ وَخُسْرُهُ وَبَقَاؤُهُ وَرِبْحُهُ لَكِنْ إذَا كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا وَرَبُّهُ مُدِيرًا أَيْضًا، أَوْ مُحْتَكِرًا فَإِنَّ رَبَّهُ يُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ بِأَنْ يُقَوِّمَ كُلَّ مَا جَاءَ شَهْرَ زَكَاتِهِ مَا بِيَدِهِ وَبِيَدِ عَامِلِهِ فِي الْأُولَى وَمَا بِيَدِ عَامِلِهِ فَقَطْ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَكِّي رَأْسَ مَالِهِ وَقَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ وَلَا زَكَاةَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ فَيُزَكِّيهَا الْعَامِلُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ كَانَا مُدِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ: وَالْقِرَاضُ أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: إنْ أَدَارَا أَوْ الْعَامِلُ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ: أَوْ الْعَامِلُ بِمَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ أَكْثَرَ وَمَا بِيَدِ الْمُحْتَكِرِ أَقَلَّ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَكْثَرَ، وَهُوَ مُدِيرٌ وَهَذَا التَّقْيِيدُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا هُنَا يَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ: وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ. . . إلَخْ وَهُوَ مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُتَعَلِّقٌ بِيُزَكِّيهِ أَيْ لَا مِنْهُ لِئَلَّا يَنْقُصَ مَالُ الْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ يَجْبُرُهُ فَفِيهِ نَقْصٌ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ بِذَلِكَ وَفِي كَلَامِ النَّاصِرِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَكِّيَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُزَكِّيَهُ مِنْهُ وَيَحْسِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ الرَّجْرَاجِيُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، أَوْ مِنْ الْمَالِ مُشْكِلٌ إذْ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ عِنْدِهِ زِيَادَةٌ فِي الْقِرَاضِ وَفِي إخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ نَقْصٌ مِنْهُ قَالَهُ ح وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَسِيرٌ وَرُبَّمَا يَكُونُ هَذَا أَمْرًا مَدْخُولًا عَلَيْهِ . (ص) وَصَبَرَ إنْ غَابَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاضَ إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً يَنْقَطِعُ خَبَرُهُ فِيهَا مِنْ بَقَاءٍ، أَوْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ عَلَى حُكْمِ الِاحْتِكَارِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ عُرُوضِهِ عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ) وَلَعَلَّهُ لِمُرَاعَاةِ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ. (قَوْلُهُ: وَيُزَكِّيهَا مَعَ مَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَبْقَى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُقَوَّمُ كِتَابَةُ مُكَاتَبٍ) أَيْ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ مِنْ عُبَيْدِ التِّجَارَةِ كَاتَبَهُ فَلَا يُقَوِّمُ كِتَابَتَهُ. (قَوْلُهُ خِدْمَةُ مُخْدِمٍ) أَيْ إذَا أَخْدَمَهُ إنْسَانٌ عَبْدًا يُعَاوِنُهُ فَإِنَّهَا لَا تُقَوَّمُ . (قَوْلُهُ: وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ) أَيْ مَنْ كَانَ كَافِرًا أَيْ الْمُدِيرُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: تَقْوِيمٌ أَيْ حَيْثُ نَضَّ لَهُ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ كَالْمُدِيرِ الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا حَوْلًا) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِصَابًا لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ. (قَوْلُهُ إنْ أَدَارَا) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدِيرَ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنِضَّ لَهُ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ فَهَلْ إذَا كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرًا يَكْفِي النَّضُوضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَدَارَ الْعَامِلُ فَقَطْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا سَيَأْتِي لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَمْ لَا قَالَهُ ز وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَيُشْتَرَطُ النَّضُوضُ فِيمَنْ لَهُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ) لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ يُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَيُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّقْيِيدِ، بَلْ الصَّوَابُ تَمْشِيَةُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّزْكِيَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاضِ الْحَاضِرِ فَحِينَئِذٍ التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ مَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا كَانَ مُدِيرًا كَالْعَامِلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا وَتَسَاوَى فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُحْتَكِرًا، أَوْ كَانَ مَا بِيَدِهِ الْأَقَلُّ لِلْإِدَارَةِ أَوْ كَانَ مَا بِيَدِهِ الْأَكْثَرُ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ نَظَرَ إلَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يُزَكِّي جَمِيعَ مَالِهِ مِمَّا كَانَ عِنْدَ الْعَامِلِ، أَوْ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِدَارَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنَّفَ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ فَلَا مُوجِبَ لِلنَّظَرِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ) وَاَلَّذِي لَمْ يُصَدِّرْ بِهِ أَنَّ كُلًّا عَلَى حُكْمِهِ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: نَقَصَ مِنْهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، أَوْ مِمَّا بِيَدِ الْعَامِلِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَسِيرٌ) أَيْ يَحْصُلُ فِي آخِرَةِ الْأَمْرِ فَلَا حُكْمَ لَهُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ أَيْ أَمْرٌ يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ شَرْعًا . (قَوْلُهُ: وَصَبْرٌ) أَيْ أُبِيحَ لَهُ الصَّبْرُ فَلَوْ أَخْرَجَهَا جَازَ فَإِنْ تَبَيَّنَ زِيَادَةَ الْمَالِ عَلَى مَا زَكَّى عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ نَقْصَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 تَلَفٍ، أَوْ رِبْحٍ، أَوْ خُسْرٍ فَإِنَّ رَبَّهُ يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ مَالُهُ، أَوْ يَعْلَمَ أَمْرَهُ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ لِاحْتِمَالِ دَيْنِ رَبِّهِ، أَوْ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّهُ بِذَلِكَ أَوْ يُؤْخَذَ بِالزَّكَاةِ فَيُجْزِئَهُ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَضَمِيرُ صَبَرَ رَاجِعٌ إلَى رَبِّ الْقِرَاضِ ثُمَّ بَعْدَ حُضُورِهِ لَا تَخْلُو السُّنُونَ الَّتِي قَبْلَ سَنَةِ الْمُفَاصَلَةِ مِنْ وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مُسَاوِيًا لَهَا، أَوْ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ بِقَوْلِهِ: (فَزَكَّى لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا) مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ وَالْمُرَادُ بِسَنَةِ الْفَصْلِ سَنَةُ حُضُورِ جَمِيعِ الْمَالِ أَيْ عِلْمِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا سَنَةَ الْمُفَاصَلَةِ وَلَا سَنَةَ النَّضُوضِ ثُمَّ لَمَّا يُزَكِّي سَنَةَ الْفَصْلِ مَا فِيهَا يَنْظُرُ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ السِّنِينَ فَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَهَا مُسَاوِيًا لَهَا زَكَّى مَا قَبْلَهَا عَلَى حُكْمِهَا وَلِوُضُوحِ هَذَا تَرَكَهُ، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهَا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَنَةِ الْفَصْلِ تَسْقُطُ زَكَاتُهُ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِهِ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَفِي الثَّانِي ثَلَاثُمِائَةٍ وَفِي الثَّالِثِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِعَامِ الِانْفِصَالِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ثُمَّ يُزَكِّي ذَلِكَ عَنْ السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إلَّا مَا نَقَصَهُ جُزْءُ الزَّكَاةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ انْتَهَى وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إلَّا الشَّيْءَ الَّذِي نَقَصَهُ جُزْءُ الزَّكَاةِ وَهُوَ سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَرُبُعُ دِينَارٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِ الَّذِي قَبْلَ عَامِ الِانْفِصَالِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَخْذُ يُنْقِصُ النِّصَابَ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَغَابَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ سِنِينَ فَانْظُرْ هَلْ يُزَكِّي عَنْ الْخَمْسِ سِنِينَ، أَوْ يُزَكِّي حَتَّى يَحْصُلَ النَّقْصُ وَمِنْ هَذَا أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عِشْرُونَ وَغَابَ عَلَيْهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا هَلْ يُزَكِّي لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ أَوْ لِسَنَةِ الِانْفِصَالِ خَاصَّةً. انْتَهَى الدَّمِيرِيُّ . (ص) وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلِّ مَا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ إذَا نَقَصَ عَنْ سَنَةِ الِانْفِصَالِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِكُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ فِيهَا كَمَا إذَا كَانَ مَالُ الْقِرَاضِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ خَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِسَنَةِ الِانْفِصَالِ خَمْسِينَ وَفِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَرْبَعِينَ وَيُزَكِّي فِي السَّنَةِ الْأُولَى ثَلَاثِينَ. (ص) وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ قَضَى بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ فِي بَعْضِ السِّنِينَ أَزْيَدَ مِنْ سَنَةِ الِانْفِصَالِ وَفِي بَعْضِهَا أَنْقَصَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا إذَا كَانَ مَالُ الْقِرَاضِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى خَمْسِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِسَنَةَ الِانْفِصَالِ أَرْبَعِينَ وَيُزَكِّي عَنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ وَعَنْ الْأُولَى ثَلَاثِينَ أَيْضًا لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا انْتَفَعَ بِهِ وَفِي مِثَالِ الشَّارِحِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِقَوْلِهِ: وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا . (ص) ، وَإِنْ احْتَكَرَا، أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَرَبُّ الْمَالِ مُحْتَكِرًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بِيَدِهِ أَيْضًا، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ فَقَطْ مُحْتَكِرًا وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرًا وَمَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إلَّا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ وَلَوْ طَالَ بِيَدِ الْعَامِلِ أَمَّا إذَا كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ هُوَ الْأَقَلَّ فَلَا يَكُونُ كَالدَّيْنِ وَيَكُونُ الْأَقَلُّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ حِينَئِذٍ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا كَانَا مُدِيرَيْنِ أَيْ فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ   [حاشية العدوي] عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ شَرْحُ شب وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا تَلِفَ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ زَكَاةَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ بِالزَّكَاةِ) أَيْ السُّلْطَانُ يَأْخُذُهُ بِالزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا سَنَةَ الْمُفَاصَلَةِ) أَيْ انْفِصَالِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ فَيُزَكِّي ذَلِكَ) أَيْ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ. . . إلَخْ) فَإِذَا زَكَّى عَنْ الْمَالِ بَعْدَ إخْرَاجِ سَنَةِ الْفَصْلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ مِائَتَيْنِ إلَّا سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَرُبُعَ دِينَارٍ أَيْ وَعَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفَ دِينَارٍ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ أَيْ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَاللَّازِمُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ دِينَارًا وَرُبُعٌ وَثُلُثُ رُبُعٍ وَشَيْءٌ يَسِيرٌ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُزَكِّي) أَيْ مِنْ الْآنِ حَتَّى يَحْصُلَ النَّقْصُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ التَّوْضِيحِ، بَلْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَدَمُ التَّنْظِيرِ بَلْ الْجَزْمُ بِأَخْذِ سَنَةِ الِانْفِصَالِ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمَا قَبْلَهُ حَتَّى يَنْقُصَ النِّصَابُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِسَنَةِ الِانْفِصَالِ خَاصَّةً) أَقُولُ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ سَنَةُ الِانْفِصَالِ خَاصَّةً. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يُبْدَأُ بِزَكَاةِ سَنَةِ الِانْفِصَالِ ثُمَّ مَا قَبْلَهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْمَاشِيَةِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَا مَعْذُورٌ وَهُنَاكَ ظَالِمٌ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي مِثَالِ الشَّارِحِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ مَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَالُ بِيَدِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ فَكَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثَةِ مِائَةً لَمْ يُزَكِّ إلَّا عَنْ مِائَةٍ لِكُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَا نَقَصَتْ الزَّكَاةُ وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ الرِّبْحِ وَقَالَ عج كَمَا إذَا غَابَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَ فِي الْأُولَى ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فِي سَنَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثَةِ عَنْ أَرْبَعِينَ إلَّا مَا نَقَصَهُ جُزْءُ الزَّكَاةِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَحْسَنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ إلَخْ عَلَى مَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ أَزْيَدَ وَأَنْقَصَ عَنْ سَنَةِ الِانْفِصَالِ وَعَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ سَنَةِ الِانْفِصَالِ فِيهِ أَزْيَدَ وَأَنْقَصَ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْأَزْيَدِ وَسَنَةُ الِانْفِصَالِ زَائِدَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ فَإِنْ قُلْت هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلِّ مَا فِيهَا قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ سَنَةِ الِانْفِصَالِ مُسْتَوِيًا فِي السَّنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ مُخْتَلِفًا وَلَيْسَ النَّاقِصُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الزَّائِدِ. (تَنْبِيهٌ) : اسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى قَوْلِ الْعَامِلِ كَانَ الْمَالُ كَذَا فِي سَنَةٍ وَهَكَذَا إذْ لَا سَبِيلَ لِذَلِكَ إلَّا كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إلَّا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَيْ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ فَكَالدَّيْنِ فَائِدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 الْمُؤَلِّفُ وَإِنَّمَا يَعْتَبِرُ مَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ كَانَ يَتَّجِرُ بِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ . (ص) وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ مُطْلَقًا وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ (ش) لَا خِلَافَ أَنَّ زَكَاةَ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ الْمُشْتَرَاةِ بِهِ، أَوْ مِنْهُ تُعَجَّلُ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا الْمُفَاصَلَةُ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَلَيْسَتْ كَالْعَيْنِ وَحُكْمُ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ كَالْمَاشِيَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا أَوْ مُحْتَكِرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا مُدِيرًا، أَوْ مُحْتَكِرًا وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَحْدَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا تُلْغَى كَالْخَسَارَةِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا اشْتَرَى بِهَا الْعَامِلُ أَرْبَعِينَ شَاةً أَخَذَ السَّاعِي مِنْهَا شَاةً تُسَاوِي دِينَارًا ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِيَ بِسِتِّينَ دِينَارًا فَالرِّبْحُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَرَأْسُ الْمَالِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ . (ص) وَهَلْ عَبِيدُهُ كَذَلِكَ، أَوْ تُلْغَى كَالنَّفَقَةِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ زَكَاةَ فِطْرِ عَبِيدِ الْقِرَاضِ تُحْسَبُ عَلَى رَبِّهِ وَلَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: كَذَلِكَ وَقِيلَ تُلْغَى كَالنَّفَقَةِ وَالْخُسْرِ وَتُجْبَرُ بِالرِّبْحِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّهَا خَاصَّةً وَأَمَّا نَفَقَتُهُمْ فَمِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَهَذَا صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ فِي زَكَاةِ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ الْحَاضِرِ هَلْ يُزَكِّيهَا رَبُّهَا مِنْهَا، أَوْ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى هَذَا فَصَوَابُ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَالَ وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ مُطْلَقًا وَأُخِذَتْ مِنْ رِقَابِهَا إنْ غَابَ وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ حَضَرَ، أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ كَزَكَاةِ فِطْرِ عَبِيدِهِ؟ تَأْوِيلَانِ . (ص) وَزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ وَإِنْ قَلَّ إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ هُوَ الَّذِي يُزَكِّي مَا نَابَهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ أَقَامَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا، أَوْ مُحْتَكِرًا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ الْمَالُ بِيَدِ الْعَامِلِ حَوْلًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ أَخَذَهُ. فَقَوْلُهُ: وَزُكِّيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فَاعِلَهُ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يُزَكِّيهِ رَبُّهُ وَهُوَ هُنَا الْعَامِلُ وَالشَّارِحُ يَقْرَأُ زَكَّى مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ وَقَوْلُهُ: إنْ أَقَامَ أَيْ مَالُ الْقِرَاضِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الرِّبْحِ وَالْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَزَكَّى الْعَامِلُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا رِبْحُهُ وَإِنْ قَلَّ لَكَانَ أَظْهَرَ . (ص) وَكَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَا أَيْ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ هَذِهِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَقَوْلُهُ: إنْ أَقَامَ إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ (ص) وَحِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابٌ (ش) الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ، وَإِنْ قَلَّ إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا وَالْحَالُ أَنَّ حِصَّةَ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ وَلَوْ بِالضَّمِّ لِمَا عِنْدَهُ نِصَابٌ وَهُوَ شَرْطٌ فِي زَكَاةِ رِبْحِ الْعَامِلِ وَالْمُرَادُ بِالْحِصَّةِ هُنَا رَأْسُ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ حِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابًا لَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ، وَلَوْ بِالضَّمِّ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَبَقِيَ شَرْطٌ سَادِسٌ، وَهُوَ نَضٌّ وَقَبْضٌ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا. (ص) وَفِي كَوْنِهِ شَرِيكًا، أَوْ أَجِيرًا خِلَافٌ (ش) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّشْهِيرِ فِي كَوْنِهِ شَرِيكًا، أَوْ أَجِيرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِمَا فَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ شَرِيكًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ حَوْلٍ لِمَالِ الْقِرَاضِ بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ يَوْمِ التَّجْرِ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ لَوْ تَلِفَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَتَقَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَ أَمَةً لِلْقِرَاضِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الزَّكَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ حِصَّتِهِ وَهَذَا مَشْهُورٌ وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ أَجِيرًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَظِّهِ مِنْ الرِّبْحِ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا إذَا كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابًا وَأَنَّ رِبْحَ الْمَالِ   [حاشية العدوي] لَا يُزَكَّى قَبْلَ رُجُوعِهِ لِيَدِ رَبِّهِ بِالِانْفِصَالِ، وَلَوْ نَضَّ بِيَدِ الْعَامِلِ وَالثَّانِيَةُ إنَّمَا يُزَكَّى بَعْدَ الِانْفِصَالِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ . (قَوْلُهُ فَالرِّبْحُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَعَلَى مُقَابِلِهِ الرِّبْحُ عِشْرُونَ وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ وَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ أَرْبَعِينَ وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةٌ فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَعَلَى الثَّانِي النَّقْصُ مِنْهُ وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ يُلْغَى كَالْخَسَارَةِ . (قَوْلُهُ: كَزَكَاةِ فِطْرِ عَبِيدِهِ) أَيْ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ إنْ حَضَرَ، وَإِنْ غَابَ أَخْرَجَهَا الْعَامِلُ وَحَسَبَهَا عَلَى رَبِّهِمْ ذَكَرَهُ شب . (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ وَمُقَابِلَهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ وَرَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَعَامٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَشْهُورِ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا كَانَ هُوَ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرَيْنِ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَالشَّارِحُ يَقْرَأُ إلَخْ) لِأَنَّهُ قَالَ يَعْنِي أَنَّ مَا يَخُصُّ الْعَامِلَ مِنْ رِبْحٍ يُزَكِّيهِ رَبُّ الْمَالِ . (قَوْلُهُ وَكَانَا حُرَّيْنِ. . . إلَخْ) اشْتِرَاطُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي رَبِّ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَفِي الْعَامِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالضَّمِّ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ حَيْثُ جَعَلَ الْحِصَّةَ شَامِلَةً لِمَا عِنْدَهُ فَلَوْ نَقَصَ مَنَابُهُ عَنْ النِّصَابِ لَمْ يُزَكِّ الْعَامِلُ، وَإِنْ نَابَهُ نِصَابٌ فَأَكْثَرُ وَيَسْتَقْبِلُ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَضٌّ) أَيْ بِيعَ بِنَقْدٍ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ. . . إلَخْ) هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ وَقَعَ فِيهَا خِلَافٌ شُهِرَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَلْ إنَّمَا ذُكِرَ مَا يَنْبَنِي عَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَأَنَّهُ مَعْمُولٌ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ أَيْ أَنَّ بَعْضَهُمْ شَهَرَ مَا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ وَبَعْضُهُمْ شَهَرَ مَا انْبَنِي عَلَى الْآخَرِ وَبَعْدُ فَالْبَحْثُ قَوِيٌّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 حَوْلُهُ حَوْلُ أَصْلِهِ وَهَذَا مَشْهُورٌ أَيْضًا وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ يَلْزَمُ مِنْ تَشْهِيرِ الْمَبْنِيِّ تَشْهِيرُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُبْنَى مَشْهُورٌ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَالرَّجَبِيَّةِ الْآتِيَةِ . (ص) وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَمَعْدِنٍ بِدَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ بِإِطْلَاقِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا، أَوْ عَرْضًا، أَوْ مَاشِيَةً أَوْ طَعَامًا لَا يُسْقِطُ زَكَاةَ الْحَرْثِ وَلَا الْمَعْدِنِ وَمِنْهُ الرِّكَازُ إذَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا الْمَاشِيَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَلِأَنَّ الْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَهِيَ مَوْكُولَةٌ إلَى الْإِمَامِ لَا إلَى أَرْبَابِهَا فَلَمْ تُؤْتَمَنْ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَهِيَ مَوْكُولَةٌ إلَى أَرْبَابِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إنَّ عَلَيْهِمْ دَيْنًا كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي دَفْعِ زَكَاتِهَا فَكَانَ الدَّيْنُ يُسْقِطُ زَكَاتَهَا كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِدَيْنٍ وَلَا فَقْدٍ وَلَا أَسْرٍ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ فَقْدٍ أَوْ أَسْرٍ) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْأَسْرَ، أَوْ الْفَقْدَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ، أَوْ لِرَبِّ الْحَرْثِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ زَكَاةِ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ أَمْرُهُمْ عَلَى الْحَيَاةِ لَا عَلَى الْوَفَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْثِ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ حُرِثَتْ أَمْ لَا. (ص) وَإِنْ سَاوَى مَا بِيَدِهِ (ش) الْمُبَالَغَةُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ الْحَرْثِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُسَاوِي مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَاشِيَةِ، أَوْ الْحَرْثِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ ذَلِكَ، بَلْ، وَلَوْ زَادَ الدَّيْنُ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ زَكَاةِ ذَلِكَ فَمَفْهُومُ الْمُسَاوَاةِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَالِغْ عَلَى الزِّيَادَةِ لِتَكُونَ الْمُسَاوَاةُ مَفْهُومَةً بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ فِيهَا الْقِيَاسُ سُقُوطُ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ، أَوْ غَارِمٌ (ص) إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ (ش) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُقَابِلُهُ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ . (ص) بِخِلَافِ الْعَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ مُطْلَقًا، أَوْ الْفَقْدَ أَوْ الْأَسْرَ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَيْ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْقَدْرِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَدِينَ لَيْسَ كَامِلَ الْمِلْكِ إذْ هُوَ بِصَدَدِ الِانْتِزَاعِ كَالْعَبْدِ، وَالْمَفْقُودُ وَالْأَسِيرُ مَغْلُوبَانِ عَلَى عَدَمِ التَّنْمِيَةِ فَأَشْبَهَ مَالُهُمْ الْأَمْوَالَ الضَّائِعَةَ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَكَّى بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَدَخَلَ فِي الْعَيْنِ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِأَنَّ الْمُزَكَّى إنَّمَا هُوَ ثَمَنُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ وَكِلَاهُمَا عَيْنٌ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّوْضِيحِ. (ص) ، وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ، أَوْ مُؤَجَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ فَإِذَا تَجَمَّدَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حَرْثٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ فَلَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ كَوْنِهِ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ عِنْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ، أَوْ أَفْلَسَ حَلَّ الْمُؤَجَّلُ ابْنُ عَرَفَةَ الدَّيْنُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا يُسْقِطُ زَكَاةَ مِقْدَارِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْمُعْتَبَرُ عَدَدُهُ لَا قِيمَتُهُ فَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ دِينَارَانِ مُؤَجَّلَانِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا دِينَارًا وَاحِدًا . (ص) أَوْ كَمَهْرٍ (ش) الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَهْرَ الزَّوْجَةِ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَنْ زَوْجِهَا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا تَمَّ حَوْلُهَا وَعَلَيْهِ لِامْرَأَتِهِ دِينَارٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ كَمَهْرٍ، وَلَوْ مُؤَجَّلًا لِمَوْتٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك. . . إلَخْ) قَالَهُ اللَّقَانِيِّ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يَشْهَدُ لِظَاهِرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّكَاةِ) إضَافَةُ حَقٍّ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْحَرْثَ. . . إلَخْ هَذِهِ الْعِلَّةُ كَالْمَنْشَأِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فَقْدٍ أَوْ أَسْرٍ) اُنْظُرْ لَوْ أُخْرِجَتْ زَكَاةُ مَاشِيَتِهِ، أَوْ حَرْثِهِ وَهُوَ مَفْقُودٌ، أَوْ مَأْسُورٌ هَلْ تُجْزِئُهُ أَمْ لَا لِفَقْدِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فَحُمِلَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ بَلْ، وَلَوْ زَادَ. . . إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَاوَاةِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قَدْرُ مَا بِيَدِهِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إنَّمَا الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ كَوْنُهُ مِنْ صِنْفِهِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ صِفَتِهَا إنَّمَا قَالَ، بَلْ. . . إلَخْ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَمَفْهُومُ الْمُسَاوَاةِ) أَيْ فَمَفْهُومٌ هُوَ الْمُسَاوَاةُ مَفْهُومَةٌ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ أَيْ مِنْ الزِّيَادَةِ فَوَرَدَ أَنْ يُقَالَ إذَنْ لَا يَنْبَغِي الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَكَّى بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ) خَالَفَهُ غَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ جَاءَ الْمَفْقُودُ وَتَخَلَّصَ الْأَسِيرُ فَلَا يُطَالَبُ مُدَّةَ فَقْدِهِ أَوْ أَسْرِهِ وَلَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلُ سُقُوطِهَا مُدَّةً بِأَنَّ رَبَّهَا مَغْلُوبٌ عَلَى عَدَمِ تَنْمِيَتِهَا فَهِيَ كَالضَّائِعَةِ يَقْتَضِي زَكَاتَهَا لِسَنَةٍ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّائِعَةِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّ رَبَّ الضَّائِعَةِ وَنَحْوِهَا عِنْدَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمَفْقُودِ وَالْمَأْسُورِ وَكُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت التَّزْكِيَةُ لِكُلِّ عَامٍ ذَاكِرًا لِلنَّصِّ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ أَعْطَيْت بِزَكَاةِ عَيْنِ الْمَفْقُودِ وَالْمَأْسُورِ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَالَ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ دَيْنٍ إلَّا مُهُورَ النِّسَاءِ إذْ لَيْسَ شَأْنُهُنَّ الْقِيَامَ إلَّا فِي مَوْتٍ، أَوْ فِرَاقٍ، أَوْ عِنْدَمَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقُوَّةِ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَجَّلًا. . . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ بِصَدَدِ الْحُلُولِ فَهِيَ أَقْرَبُ لِلْإِسْقَاطِ فَالْأَوْلَى الْمُبَالَغَةُ عَلَى غَيْرِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِرَاقِ وَشَأْنُ ابْنِ آدَمَ أَمَلُ الْحَيَاةِ. (أَقُولُ) أَوْ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ قَدْ يُقَالُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَيُجَابُ بِالتَّغَايُرِ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ الْعُنْوَانِيِّ وَالتَّأْجِيلُ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لَا مَذْهَبُنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 أَوْ فِرَاقٍ أَوْ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ. (ص) أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ مُطْلَقًا (ش) اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَنْ زَوْجِهَا سَوَاءٌ حَكَمَ بِهَا قَاضٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّقْيِيدِ الْآتِي . (ص) أَوْ وَلَدٍ إنْ حُكِمَ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَنْ وَالِدِهِ إنْ حُكِمَ بِهَا عَلَى الْوَالِدِ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا حَلَّ حَوْلُهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِوَالِدِهِ قَدْ فَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَلْيَجْعَلْ النَّفَقَةَ فِيمَا بِيَدِهِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَقَوْلُهُ: (وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ يُسْرٌ؟ تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: إنْ حُكِمَ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنْ تَقَدَّمَ أَوْ قُلْنَا إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَشُرَّاحُهُ مُطْبِقُونَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ تَسْقُطُ فَحَمْلًا عَلَى الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ فَعَلَى الْوِفَاقِ صَوَابُ كَلَامِهِ وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ يُسْرٌ بِإِسْقَاطِ لَمْ وَجُعِلَ الْفِعْلُ مَاضِيًا فَمَحَلُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْإِسْقَاطِ إنْ تَقَدَّمَ يُسْرٌ فَإِنْ تَقَدَّمَ عُسْرٌ رُجِعَ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِالْإِسْقَاطِ وَمَحَلُّ قَوْلِ أَشْهَبَ بِالْإِسْقَاطِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ يُسْرٌ أَمَّا لَوْ تَقَدَّمَ يُسْرٌ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْإِسْقَاطِ وَعَلَى الْخِلَافِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ يُسْرٌ بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلَ إنْ أَيْ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِعَدَمِ الْإِسْقَاطِ مُطْلَقًا تَقَدَّمَ يُسْرٌ أَمْ لَا وَأَشْهَبُ عَكْسُهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَوْ وَلَدٍ إنْ حُكِمَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ يُسْرٌ، أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ الْإِيضَاحِ. (ص) ، أَوْ وَالِدٍ بِحُكْمٍ إنْ تَسَلَّفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا تُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ حِينَئِذٍ كَالدَّيْنِ عَلَى الْوَلَدِ فِي ذِمَّتِهِ الثَّانِي أَنْ يَتَسَلَّفَا مَا يُنْفِقَانِ حَتَّى يَأْخُذَا بَدَلَهُ مِنْ وَلَدِهِمَا فَلَوْ أَنْفَقَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا لَمْ تَسْقُطْ، وَلَوْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ أَخَفَّ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَ يُسَامِحُ وَلَدَهُ أَكْثَرَ مِنْ مُسَامَحَةِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ. (ص) لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ، أَوْ هَدْيٍ (ش) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ لَا مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ يَعْنِي أَنَّ دَيْنَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَدَيْنَ الْهَدْيِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ لَا يُسْقِطُ أَحَدُهُمَا زَكَاةَ الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ أَنَّ دَيْنَهَا تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَيَأْخُذُهَا كَرْهًا مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ فِيهِمَا ذَلِكَ . (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُعَشَّرٌ زُكِّيَ (ش) أَيْ مَحَلُّ سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِالدَّيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَدِينِ مُعَشَّرُ زَكَاةٍ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إذَا لَمْ يُزَكِّ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ لِجَعْلِهِ الْمُعَشَّرَ فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ. (ص) أَوْ مَعْدِنٌ، أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُزَكَّى بِالْعُشْرِ، أَوْ بِنِصْفِهِ سَوَاءٌ وَجَبَتْ فِيهِ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ لَمْ تَجِبْ كَأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ مِنْ حَبٍّ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ يَكُونُ مَعَهُ مَعْدِنٌ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ مَا ذُكِرَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ النِّصَابِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجْعَلُ قِيمَةَ كِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنْ كَانَ عُرُوضًا قُوِّمَتْ بِعَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قُوِّمَتْ بِعَرْضٍ ثُمَّ قُوِّمَتْ بِعَيْنٍ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَفِي رَقَبَتِهِ فَضْلٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ سُقُوطِهَا بِذَلِكَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ) بَلْ عِبَارَةُ تت تَقْتَضِي اتِّفَاقَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ لَا خُصُوصَ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ) أَيْ حُكْمٌ بِالْمُتَجَمِّدِ لَا حُكْمٌ بِالْمُسْتَقْبِلَةِ وَلَا فَرْضَ كَمَا يَأْتِي . (قَوْلُهُ: إنْ حُكِمَ بِهَا) وَلَوْ غَيْرُ مَالِكِيٍّ مُتَجَمِّدَةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ صَيَّرَهَا كَالدَّيْنِ تَقَدَّمَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ أَمْ لَا بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حُكِمَ بِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْمُسْتَقْبَلَاتِ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَلَا فَرْضُهَا وَقَدْرُهَا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ وَتَقْدِيرَهُ لَيْسَا حُكْمًا فَلَا يَسْقُطَانِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ قَدْ فَرَضَهَا عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا صُورَتُهَا أَنَّهَا تَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى ثُمَّ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ يَرَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَلَا يَصِحُّ فَرْضُهَا إلَّا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذْ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْمُسْتَقْبَلَاتِ فَلَوْ حَكَمَ فِيهِ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ وَإِذَا مَضَى زَمَنُهَا لَا يُلْزِمُهُ الْمَالِكِيُّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُوَاسَاةٌ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا كَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا إنْ تَقَدَّمَ) أَيْ عَلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ: أَوْ قُلْنَا إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ أَيْ عَلَى تَأْوِيلِ الْخِلَافِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ الْوَاوَ فَيَقُولُ، أَوْ قُلْنَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ. (قَوْلُهُ: فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ تَسْقُطُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْإِسْقَاطِ وَأَشْهَبَ قَالَ بِالْإِسْقَاطِ وَأَطْلَقَ وَهَلْ يَقُومُ مَقَامَ الْحُكْمِ مَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْوَلَدِ شَخْصٌ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ وَانْظُرْ هَلْ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ يَقُومُ مَقَامَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ أَنَّ تَقَدُّمَ الْيُسْرِ مُوجِبٌ لِعَدَمِ الْإِسْقَاطِ وَتَقَدُّمَ الْعُسْرِ مُوجِبٌ لِلْإِسْقَاطِ قُلْت لِأَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ عُسْرٌ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ. (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِخْرَاجَ فَرْعُ الْإِدْخَالِ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى، وَلَوْ دَيْنَ زَكَاتِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى كُلِّ دَيْنٍ يُقْضَى بِهِ أَيْ تَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ بِكُلِّ دَيْنٍ يُقْضَى بِهِ لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ أَوْ هَدْيٍ (قَوْلُهُ: مُعَشَّرٌ) أَيْ، أَوْ نَعَمٌ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِمَّا أَفْهَمَتْهُ الْمُخَالَفَةُ مِنْ قَوْلِهِ: بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَانْظُرْ الْمُعَشَّرَ وَالنَّعَمَ غَيْرَ الْمُزَكَّى هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَرْضِ قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: قِيمَةٌ. . . إلَخْ) لَا قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا وَلَا عَبْدًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ. . . إلَخْ) صُورَتُهَا كَانَ عَلَيْهِ سِتُّونَ دِينَارًا وَمَعَهُ سِتُّونَ وَقُوِّمَتْ كِتَابَتُهُ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَيُزَكِّي عَنْ أَرْبَعِينَ فَقَطْ وَلَا يُزَكِّي الْعِشْرِينَ فَلَوْ عَجَزَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قِيمَةَ رَقَبَتُهُ سِتُّونَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِجَعْلِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ فِيمَا عَلَيْهِ فَذَكَرَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يُزَكِّي مِنْ مَالِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْفَضْلِ ابْنُ يُونُسَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ كَعَرْضٍ أَفَادَهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ (ص) ، أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ يَجْعَلُ قِيمَةَ مُدَبَّرِهِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا تَدْبِيرَ فِيهِ فِيمَا عَلَيْهِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَهُ. (ص) أَوْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ لِأَجَلٍ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ عَلَى غَرَرِهَا فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ. (ص) أَوْ مُخْدِمٍ أَوْ رَقَبَتِهِ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَخْدَمَهُ شَخْصٌ عَبْدًا سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ قِيمَةَ تِلْكَ الْخِدْمَةِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَقَوْلُهُ: أَوْ مُخْدِمٌ أَيْ، أَوْ قِيمَةُ خِدْمَةِ مُخْدِمٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ رَقَبَتِهِ أَيْ أَوْ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ يُقَالُ: مَا تُسَاوِي هَذِهِ الرَّقَبَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُبْتَاعُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْخِدْمَةِ. (ص) أَوْ عَدَدُ دَيْنٍ حَلَّ، أَوْ قِيمَةُ مَرْجُوٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَهُ الْحَالَّ الْمَرْجُوَّ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ يَجْعَلُ عَدَدَهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْدِمٍ فَهُوَ كَالْعَدَمِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ الْمَرْجُوُّ مُؤَجَّلًا بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا فَيَجْعَلُ قِيمَتَهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ لَكِنْ إنْ كَانَ عَرْضًا قَوَّمَهُ بِعَيْنٍ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا قَوَّمَهُ بِعَرْضٍ. (ص) أَوْ عَرْضٌ حَلَّ حَوْلُهُ (ش) بِالرَّفْعِ أَيْ أَوْ يَكُونُ لَهُ عَرْضٌ وَبِالْخَفْضِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ قِيمَةُ عَرْضٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجْعَلُ قِيمَةَ عَرْضِهِ الَّذِي حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَجْعُولُ فِي الدَّيْنِ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الْحَوْلِ فِيمَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْعَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كُلُّ مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ عَيْنًا، أَوْ غَيْرَهَا لَا بُدَّ مِنْ مُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ جَعْلِهِ فِي الدَّيْنِ وَيُمْكِنُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: حَلَّ حَوْلُهُ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَذَكَّرَهُ لِمُرَاعَاةِ مَا ذَكَرَ وَحَوْلُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَحَوْلُ الْمُعَشَّرِ طِيبُهُ وَالْمَعْدِنِ خُرُوجُهُ وَاشْتِرَاطُ مُرُورِ الْحَوْلِ فِيمَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ: وَمَدِينُ مِائَةٍ إلَخْ وَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ. (ص) إنْ بِيعَ وَقُوِّمَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مُفْلِسٍ (ش) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ يَتَعَلَّقُ بِبِيعَ وَقَوْلُهُ: قُوِّمَ وَقْتَ الْوُجُوبِ جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ بَيْنَ بِيعَ وَمَعْمُولِهِ وَأَفَادَ بِهَذَا أَنَّ مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَأَنَّ قِيمَتَهُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ تُعْتَبَرُ وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُجْعَلُ فِي دَيْنِهِ ذَكَرَ مَا لَا يُجْعَلُ فِيهِ مِمَّا فِيهِ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ بِقَوْلِهِ: (لَا آبِقٌ، وَإِنْ رُجِيَ) لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِحَالٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ لِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَقَوْلُهُ: (أَوْ دَيْنٌ لَمْ يُرْجَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْدِمٍ، أَوْ ظَالِمٍ . (ص) وَإِنْ وَهَبَ الدَّيْنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا وَهَبَ لِمَالِكِ نِصَابٍ الدَّيْنَ الَّذِي تَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ بِسَبَبِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَدِينِ فِيمَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مَنْشَأٌ لِمِلْكِ النِّصَابِ الْآنَ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِقْبَالِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْهِبَةِ. (ص) أَوْ مَا يُجْعَلُ فِيهِ وَلَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا وُهِبَ لِلْمَدِينِ عَرْضٌ يُجْعَلُ الدَّيْنُ فِيهِ وَلَمْ يَحُلْ لَهُ حَوْلٌ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْمَدِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَرْضِ الْمَجْعُولِ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ حَوْلٌ   [حاشية العدوي] فَيُزَكِّي عَنْ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَعَرْضٍ أَفَادَهُ أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي مِنْ رَقَبَتِهِ يُسَاوِي عِشْرِينَ كَعَرْضٍ أَفَادَهُ أَيْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الدَّيْنَ فِي قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا وَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ مِنْ أَنَّهُ قِيمَتُهُ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا فَيُقَالُ هَذَا مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ كَالْقِنِّ. (قَوْلُهُ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ) أَيْ بِشِرَاءٍ، أَوْ إخْدَامٍ أَيْ وَذَلِكَ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَفِي تت وَإِنَّمَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ مَنْ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا إنْ مَضَى لِرَقَبَتِهِ حَوْلٌ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُبْتَاعُ) أَيْ، أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنْ قُلْت: فِيهِ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَنْزِلَ قَبْضُ الْمُخَدَّمِ قَبْضَ الْمُشْتَرَى (قَوْلُهُ: قَوَّمَهُ بِعَرْضٍ) أَيْ ثُمَّ قُوِّمَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ. . . إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت فِيهِ نَظَرٌ لِإِحَالَتِهِ الْحَوْلَ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ عَلَى غَيْرِ مُرَادِهِمْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْعَرْضِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ، وَهُوَ مُرُورُ السَّنَةِ أَمْ لَا وَلِإِحَالَتِهِ التَّصْوِيرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الطِّيبَ فِي الْمُعَشَّرِ شَرْطٌ، بَلْ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَلِذَا خَرَّجَ الْمَازِرِيُّ الزَّرْعَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ مَا تَأَتَّى تَخْرِيجُهُ. (قَوْلُهُ: وَحَوْلُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ) أَيْ، وَهُوَ فِي خِدْمَةِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَخِدْمَةِ الْمُخَدَّمِ وَنَحْوِهِمَا أَنْ يَمُرَّ حَوْلٌ لِلْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ، أَوْ الْمُخَدَّمِ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ وَمَرْجِعُهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ الْجَاعِلُ لَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُخَدِّمِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمُرَّ لَهُ حَوْلٌ فِي مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْإِخْدَامِ، أَوْ قَبْلَ رُجُوعِ مِلْكِهِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَبِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرُورِ حَوْلٍ مِنْ وَقْتِ جَعْلِهِ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ جَعْلِهِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ حَالَ الْجَعْلِ (قَوْلُهُ: إنْ بِيعَ. . . إلَخْ) أَيْ كَعَرْضٍ وَدَارٍ وَسِلَاحٍ وَثِيَابٍ جَمَعَتْهُ إنْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ لَا ثِيَابِ جَسَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَهُوَ آخِرُ الْحَوْلِ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا، أَوْ زَادَتْ. (قَوْلُهُ: لَا آبِقٍ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ فَلَوْ قَالَ لَا كَآبِقٍ لَكَانَ أَشْمَلَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ مُطْلَقًا أَوْ فِي حَيَاتِهِ وَالدَّيْنُ سَابِقٌ عَلَى التَّدْبِيرِ . (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحِلَّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ. (قَوْلُهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْمَدِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ يُزَكَّى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 عِنْدَ الْمَدِينِ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ مُنْطَبِقٌ عَلَى هِبَةِ الدَّيْنِ وَهِبَةِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ. (ص) ، أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرِ نَفْسِهِ بِسِتِّينَ دِينَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ حَوْلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِسِتِّينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا مُعَجَّلًا وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا فَمَرَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ أَجَّرَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ السِّتِّينَ دِينَارًا لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَ مَضَى لَهَا حَوْلٌ وَاسْتَحَقَّ فِيهِ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ السِّتِّينَ وَمَلَكَهَا الْآنَ أَيْ آخِرَ الْحَوْلِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ السِّتِّينَ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ دِينَارًا دَيْنٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: (فَلَا زَكَاةَ) جَوَابُ الشَّرْطِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَإِذَا مَرَّ الْحَوْلُ الثَّانِي زَكَّى عِشْرِينَ وَإِذَا مَرَّ الثَّالِثُ زَكَّى أَرْبَعِينَ إلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاةُ وَإِذَا مَرَّ الرَّابِعُ زَكَّى السِّتِّينَ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ سِتِّينَ وَلَا لِثَلَاثِ سِنِينَ. (ص) وَمَدِينِ مِائَةٍ لَهُ مِائَةٌ مَحْرَمِيَّةٌ وَمِائَةٌ رَجَبِيَّةٌ يُزَكِّي الْأُولَى (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِائَةُ دِينَارٍ وَمَعَهُ مِائَتَا دِينَارٍ وَابْتِدَاءُ حَوْلِ إحْدَاهُمَا الْمُحَرَّمُ وَابْتِدَاءُ حَوْلِ الْأُخْرَى رَجَبٌ فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ الثَّانِي جَعَلَ الْمِائَةَ الرَّجَبِيَّةَ فِي دَيْنِهِ وَزَكَّى الْمِائَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَهِيَ الْمَحْرَمِيَّةُ وَلَا يُزَكِّي الْمِائَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ الرَّجَبِيَّةُ عِنْدَ حَوْلِهَا لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ مُرُورُ الْحَوْلِ وَهُنَا جَعَلَ مَا لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ فِي الدَّيْنِ وَهِيَ الْمِائَةُ الرَّجَبِيَّةُ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ . (ص) وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ (ش) أَيْ سَوَاءٌ وُقِفَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَتُزَكَّى حَيْثُ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا أَحَدٌ وَمَرَّ لَهَا حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا الْوَاقِفُ، أَوْ مِنْ يَوْمِ زَكَّاهَا وَإِنْ تَسَلَّفَهَا إنْسَانٌ فَإِنَّهَا تُزَكَّى إذَا قُبِضَتْ لِحَوْلٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ أَقَامَتْ أَعْوَامًا بِيَدِ الْمُقْتَرِضِ وَيُزَكِّيهَا مَنْ تَسَلَّفَهَا إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ وَيُزَكِّي الْمُتَسَلِّفُ لَهَا رِبْحَهَا أَيْضًا إذَا أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ صَارَ إلَيْهِ بِخِلَافِ رِبْحِ الْقِرَاضِ إذَا رَدَّ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ السَّنَةِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (وَقَوْلُهُ: إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا. . . إلَخْ) أَيْ مَرَّ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلَّفَ أَصْلَ الرِّبْحِ وَلَوْ رَدَّ أَصْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ لَهُ حَوْلٌ عِنْدَهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا سَبَقَ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ، وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رِبْحِ الْقِرَاضِ. . . إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْمُفَاصَلَةِ وَاحْتَرَزَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: وُقِفَتْ أَيْ حُبِسَتْ عَنْ الْمُوصَى بِتَفْرِقَتِهَا فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا وَبِقَوْلِهِ: لِلسَّلَفِ عَمَّا لَوْ وُقِفَتْ أَيْ حُبِسَتْ لِتَفَرُّقِ أَعْيَانِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ. . . إلَخْ صَرِيحٌ فِي ضَعْفِ التَّرَدُّدِ الْآتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي وَقْفٍ كَطَعَامٍ تَرَدُّدٌ وَقَوْلُهُ: وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ أَيْ زُكِّيَتْ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ أَيْ إنْ كَانَ فِيهَا نِصَابٌ وَإِلَّا فَلَا إلَّا إنْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهَا مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ. . . إلَخْ أَيْ زَكَّاهَا الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ فَإِذَا مَرَّ لَهَا حَوْلٌ مِنْ حِينِ مُلِكَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّرِ نَفْسِهِ) مَفْهُومُهُ لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ لَكَانَ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ، أَوْ بَعْضَهُ فَيُزَكِّي مَا يَنُوبُ الْعَامَ الْأَوَّلَ وَهَلْ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّهِ، أَوْ بِمُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي يُزَكِّي مَنَابَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ الْعَامِ الثَّانِي فَيَتِمُّ عَشْرٌ وَالْأَوَّلُ وَهَكَذَا يَفْعَلُ فِي الْعَامِ الثَّانِي فِي دُخُولِ الْعَامِ الثَّالِثِ طَرِيقَانِ ثُمَّ عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي إذَا تَمَّتْ زَكَاةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ بِفَرَاغِ الْعَامِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَصِيرُ حَوْلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِجُمْلَتِهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ السِّتِّينَ مَشْهُورٌ وَقَالَ مَالِكٌ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ الَّتِي حَلَّ حَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى لَا مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. . . إلَخْ مَا فِي عب وَرْد ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِالنَّصِّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ تَرْجِيحُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَ مَضَى لَهَا حَوْلٌ. . . إلَخْ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ إنْ مَلَكَ الْعِشْرِينَ آخِرَ الْحَوْلِ تَجِبُ مَعَهُ الزَّكَاةُ وَلَا يُسْقِطُهَا إلَّا الدَّيْنُ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى مَعَ أَنَّ مِلْكَهَا آخِرَ الْحَوْلِ لَا يُوجِبُ زَكَاتَهَا، بَلْ يُوجِبُ الِاسْتِقْبَالَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا آخِرَ الْحَوْلِ وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ إنْ عَلَيْهِ دَيْنًا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهَا وَهِيَ الْأَرْبَعُونَ الَّتِي عِنْدَهُ ثُمَّ أَقُولُ مُقْتَضَى كَوْنِ الْعِشْرِينَ مَلَكَهَا آخِرَ الْحَوْلِ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةً فِي الْعَامِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْأَرْبَعِينَ دَيْنًا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ لَا آخِرِ الْحَوْلِ فَهَذَا الْكَلَامُ مُشْكِلٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَإِنَّمَا زَكَّى الْعِشْرِينَ آخِرَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ بِمَثَابَةِ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَتَمَلَّكُهَا إلَّا آخِرَ الْحَوْلِ وَكَذَا الْعِشْرُونَ الثَّانِيَةُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَلَا يَتَمَلَّكُهَا إلَّا آخِرَ الْحَوْلِ الثَّانِي وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ. (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا هُنَا مَشْهُورٌ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حُلُولَ الْحَوْلِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ الْوَقْفُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ. (قَوْلُهُ: إذَا أَقَامَ) أَيْ الرِّبْحُ. (قَوْلُهُ أَيْ مَرَّ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلَّفَ أَصْلَ الرِّبْحِ، وَلَوْ رَدَّ. . . إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ مَكَثَ الْمَالُ عِنْدَهُ نِصْفَ عَامٍ ثُمَّ رَبِحَ وَرَدَّ الْأَصْلَ ثُمَّ بَقِيَ الرِّبْحُ عِنْدَهُ النِّصْفَ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُزَكَّى عِنْدَ انْقِضَاءِ النِّصْفِ الثَّانِي فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَ النِّصْفِ الثَّانِي مَرَّ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلَّفَ أَصْلَ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ مَا مَكَثَ إلَّا نِصْفَ عَامٍ وَكَذَا مَا مَكَثَ الرِّبْحُ إلَّا نِصْفَ عَامٍ وَهَذَا تَفْسِيرُ مَعْنًى، وَأَمَّا الْعِبَارَةُ فَهِيَ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَقَامَ سَوَاءٌ رَجَعَ لِلرِّبْحِ أَوْ لِلْأَصْلِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إقَامَةُ الْأَصْلِ حَوْلًا وَلَا الرِّبْحُ حَوْلًا. (قَوْلُهُ: حُبِسَتْ لِتُفَرَّقَ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى الْمُوصِي بِتَفْرِقَتِهَا. (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي ضَعْفِ التَّرَدُّدِ. . . إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يَبْنُونَ مَشْهُورًا عَلَى ضَعِيفٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 أَوْ زُكِّيَتْ فَإِنَّهَا تُزَكَّى حِينَئِذٍ وَوَقْفُهَا لَا يُسْقِطُ زَكَاتَهَا (ص) كَنَبَاتٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَالْمُرَادُ بِالنَّبَاتِ الزُّرُوعُ وَالْحَوَائِطُ كَأَنْ يُوقِفَ حَوَائِطَهُ أَوْ زُرُوعَهُ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ حَبٍّ يُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ لِلْمَسْجِدِ وَيُزَكِّي النَّبَاتَ مِنْ عَيْنِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَتِهِ نِصَابٌ ضَمَّهُ الْوَاقِفُ لِمَا يُكْمِلُهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُهُ. (ص) وَحَيَوَانٍ (ش) أَيْ وَقَفَ حَيَوَانًا أَيْ أَنْعَامًا يَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا وَصُوفِهَا وَالْحَمْلِ عَلَيْهَا وَأَوْلَادُهَا تَبَعٌ لَهَا وَلَوْ سَكَتَ عَنْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَوْقُوفًا عَلَى مَجْهُولِينَ اتِّفَاقًا، أَوْ مُعَيَّنِينَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَوْلُ أَوْلَادِهَا حَوْلُهَا. (ص) أَوْ نَسْلِهِ (ش) أَيْ وَقَفَ الْحَيَوَانَ لِيَنْتَفِعَ بِغَلَّتِهِ أَوْ بِهِ مِنْ حَمْلٍ عَلَيْهِ فِي السَّبِيلِ وَنَحْوِهِ، أَوْ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ وَقَوْلُهُ: (عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَعَلَيْهِمْ إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ وَإِلَّا إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: كَنَبَاتٍ وَلِقَوْلِهِ: أَوْ نَسْلِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الطَّرَفَيْنِ لَا إلَى الْوَسَطِ الَّذِي هُوَ الْحَيَوَانُ إذْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْإِنْقَالِ مَا يَدُلُّ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبَاتَ وَنَسْلَ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِيُفَرَّقَ إنْ كَانَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَسَاجِدَ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ، أَوْ بَنِي زُهْرَةَ، أَوْ بَنِي تَمِيمٍ فَالزَّكَاةُ فِي جُمْلَتِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُحْبِسِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَإِنْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ مِسْكِينٍ، أَوْ مَسْجِدٍ إلَّا وَسْقٌ وَاحِدٌ، بَلْ لَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ ضَمَّهُ الْمُحْبِسُ إنْ كَانَ حَيًّا إلَى بَقِيَّةِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَقَوْلَانِ الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنُ رُشْدٍ لِلْمَوَّازِيَّةِ الْمُعْتَبَرُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَنَبَاتٍ) أَيْ وَقْفُ الْحَبِّ تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ لِيَزْرَعهُ وَيُفَرِّقُ مَا يَخْرُجُ كُلَّ سَنَةٍ وَتَبْقَى الزَّرِيعَةُ فَقَطْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَلِّي أَنْ يُزَكِّيَ الْخَارِجَ كُلَّ عَامٍ وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ الْحَبَّ لِمَنْ يَتَسَلَّفُ مِنْهُ فَلَا زَكَاةَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ ذَكَرَهُ فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ وَقَوْلُهُ: وَتَبْقَى الزَّرِيعَةُ أَيْ وَالْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةٌ لَهُ، أَوْ رِزْقُهُ لِلْوَاقِفِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ حَبٍّ يُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ يُعْطِي بَعْضَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَيُمْسِكُ بَعْضَهُ لِيَكُونَ بَذْرًا لِلسَّنَةِ الْقَابِلَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُعْطِي جَمِيعَهُ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ عَيْنُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَسْجِدِ. . . إلَخْ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: الْآتِي عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنِينَ رَاجِعٌ لِهَذِهِ وَلِقَوْلِهِ: أَوْ نَسْلِهِ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَإِذَا كَانَ الْمَوَاشِي مُحْبَسَةً لِلِانْتِفَاعِ بِغَلَّتِهَا فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى مِلْكِ الْمُحْبِسِ كَانَتْ مَوْقُوفَةً لِمُعَيَّنِينَ أَوْ فِي الْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَإِنْ وُقِفَتْ لِلِانْتِفَاعِ بِنَسْلِهَا وَغَلَّتِهَا كَانَ الْحُكْمُ فِي زَكَاةِ أَوْلَادِهَا أَنَّهَا تُزَكَّى مَعَ الْأُمَّهَاتِ عَلَى حَوْلِهَا وَمِلْكِ الْمُحْبِسِ لَهَا إنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَيُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمُحْبِسِ عَلَيْهِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ وَفِيهِ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ لِيُنْتَفَعَ بِغَلَّتِهِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهِ إنَّمَا يُنَاسِبُ ذِكْرُهُ فِي وَقْفِهِ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: كَعَلَيْهِمْ) فِيهِ إدْخَالُ حَرْفِ جَرٍّ عَلَى حَرْفِ جَرٍّ لِلِاخْتِصَارِ عَلَى قَوْلٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ تَفْرِقَةَ النَّبَاتِ وَلَا سَقْيَهُ وَلَا عِلَاجَهُ، بَلْ تَوَلَّاهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُعَيَّنُونَ وَحَازُوا الْحَبْسَ اُعْتُبِرَ مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدٍ فَيُزَكَّى إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ وَانْظُرْ لَوْ تَوَلَّى الْمَالِكُ بَعْضَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بَعْضُهَا هَلْ يَغْلِبُ الْأَكْثَرُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَهَلْ يُجْعَلُ فِي الزَّكَاةِ نِصْفَيْنِ كُلَّ نِصْفٍ وَقَوْلُهُ: وَحَازُوا الْحَبْسَ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا تَوَلَّوْهَا وَلَمْ يَحُوزُوهُ بِأَنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ مَالِكِهِ فَيُزَكَّى عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَتَوَلَّى تَفْرِقَتَهُ وَسَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَحْجُوزًا وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحُوزٍ فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ يُمْكِنُ تَوْلِيَتُهُمْ مَا ذُكِرَ تَحْتَ يَدِ الْمُحْبِسِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى مَسَاجِدَ. . . إلَخْ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النَّبَاتَ كَالْحَيَوَانِ أَنْ يُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ كَانَ دُونَهُ وَالْوَاقِفُ حَيٌّ وَعِنْدَهُ مَا يَصِيرُ نِصَابًا سَوَاءٌ تَوَلَّى تَفْرِقَتَهُ أَمْ لَا وَقْفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ فَإِنْ مَاتَ زُكِّيَتْ أَيْضًا عَلَى مِلْكِهِ إذَا الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ حَيْثُ بَلَغَتْ نِصَابًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إنْ حَصَلَ. . . إلَخْ) جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ زَكَّى إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ (قَوْلُهُ: لَا إلَى الْوَسَطِ الَّذِي هُوَ الْحَيَوَانُ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَسَطَ هَذَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنْ وُقِفَ. . . إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْمَوْقُوفِ) صِفَةٌ لِلْحَيَوَانِ فَالْمَوْصُوفُ بِالْمَوْقُوفِيَّة الْحَيَوَانُ الْأَصْلُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ لَا وَقْفَ لِكَذَا وَكَذَا، أَوْ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي ك بِقَوْلِهِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَسَاجِدَ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي ذَاتِ الْحَيَوَانِ الَّذِي وُقِفَ لِيُفَرَّقَ نَسْلُهُ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُوقِفَ نَفْسَ الْأُمَّهَاتِ لِيُفَرَّقَ نَسْلُهَا مَعَ بَقَائِهَا الثَّانِي أَنْ يُوقِفَ نَفْسَ النَّسْلِ الْحَاصِلِ مِنْ الْحَيَوَانِ لِيُفَرَّقَ مَعَ كَوْنِ مَا مِنْهُ النَّسْلُ غَيْرَ وَقْفٍ لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ وَانْظُرْ هَلْ تَصِيرُ الرَّقَبَةُ حِينَئِذٍ وَقْفًا أَمْ لَا قُلْت كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الزَّكَاةِ يَقْتَضِي صِحَّةَ وَقْفِ نَسْلِ الْحَيَوَانِ مَعَ كَوْنِ أَصْلِهِ مِلْكًا هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي عج فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْأُمَّهَاتِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ نَسْلِهِ وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ وَقْفَهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ التَّصَرُّفِ الْوَقْفُ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَكَأَنَّ هَذَا مِنْ عِنْدِ جَعْلِ الْمَوْقُوفِ النَّسْلَ لَا الْأُمَّهَاتِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ) أَيْ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَأَمَّا غَيْرُ ابْنِ شَاسٍ لَا يَنْسُبُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلِذَلِكَ قَالَ وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ لَا لِابْنِ شَاسٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 الْأَنْصِبَاءُ فَمَنْ بَلَغَ حِصَّتُهُ عَلَى انْفِرَادِهِ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا كَانُوا يَسْقُونَ وَيَلُونَ النَّظَرَ لِأَنَّهَا طَابَتْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَبْسُ شَائِعًا، أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَخْلَةٌ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَ رَبُّهَا يَسْقِي وَيَلِي وَيُقَسِّمُ الثَّمَرَةَ زُكِّيَتْ بِجُمْلَتِهَا انْتَهَى أَيْ وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدٍ إلَّا وَسْقٌ وَاحِدٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ أَيْ) وَسَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ وَإِلَّا أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْمَالِكُ مَا ذُكِرَ بَلْ هُمْ يَتَوَلَّوْنَهُ فَلَا تُعْتَبَرُ جُمْلَتُهُ، بَلْ يُعْتَبَرُ الْحَاصِلُ لِكُلٍّ فَمَنْ حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ: إنْ تَوَلَّى. . . إلَخْ قَاصِرٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ وَهُمْ الْمُعَيَّنُونَ وَمِثْلُ تَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ لِلرَّجْرَاجِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالثَّانِي قَوْلُ سَحْنُونَ وَالْمَدَنِيِّينَ إنَّ الزَّكَاةَ فِي جُمْلَتِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي النَّبَاتِ وَالنَّسْلِ بِجَامِعِ التَّوَلُّدِ وَالنَّمَاءِ عَنْ الْغَيْرِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنْ وُقِفَ لِتَفَرُّقِ أَعْيَانِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَلَا زَكَاةَ فِي جُمْلَتِهِ وَلَا فِي كُلِّهِ لَا عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِتَفْرِقَةِ أَعْيَانِهِ وَلَا عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا زَكَّى وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ وُقِفَ لِيُفَرَّقَ أَثْمَانُهُ فَلَا زَكَاةَ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا وَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالثَّمَنِ وَإِنْ وُقِفَ لِيُنْتَفَعَ بِغَلَّتِهِ فَالزَّكَاةُ فِي جُمْلَتِهِ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ. (ص) وَفِي إلْحَاقِ وَلَدِ فُلَانٍ بِالْمُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي إلْحَاقِ الْحَبْسِ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ كَوَلَدِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالْحَبْسِ عَلَى مُعَيَّنِينَ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لِانْحِصَارِهِ فِي الْمُعَيَّنِينَ كَالْمُعَيَّنِينَ فَيُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهُ مِنْ تَوَلِّي الْمَالِكِ الْعِلَاجَ وَعَدَمِهِ، أَوْ إلْحَاقِهِ بِالْحَبْسِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ فَيُزَكَّى فِي جُمْلَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِجَهْلِهِمْ، وَإِنْ انْحَصَرُوا فِي مُعَيَّنٍ. قَوْلَانِ وَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ أَوْ تَمِيمٍ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ اتِّفَاقًا كَالْفُقَرَاءِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَدٍ وَلَمْ يَقُلْ بَنِي . (ص) وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ (ش) أَشَارَ بِأَدَاةِ الْحَصْرِ إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ مِنْهُمَا نِصَابٌ زُكِّيَ وَزَكَاتُهُ رُبُعُ الْعُشْرِ كَالزَّكَاةِ فَالْحَصْرُ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ عَيْنٍ أَيْ وَإِنَّمَا يُزَكَّى مِنْ الْمَعَادِنِ مَعْدِنُ عَيْنٍ دُونَ مَعَادِنِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى اشْتِرَاطُ مَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّكَاةِ وَنَفْيُ مَا يُنْفَى. (ص) وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَحُكْمُهُ يَرْجِعُ لِلْمَعْدِنِ عَيْنًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّتِهِ كَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ وَسَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَالِكَ تَوَلَّى خُصُوصَ التَّفْرِقَةِ، بَلْ تَوَلَّى التَّفْرِقَةَ وَغَيْرَهَا وَلِذَا قَالَ فِي ك كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا تَوَلَّى تَفْرِقَتَهُ وَعِلَاجَهُ فَكَأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ الْجُمْلَةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْمَالِكُ مَا ذُكِرَ كَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ الْمُسَبَّلَةِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَا يُقَالُ الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ مُطْلَقًا وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ نِصَابٌ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَبْسِ الْمَحُوزِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ فِي كَمَالِ النِّصَابِ جُمْلَتُهُ اتِّفَاقًا اهـ. ك. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي قَوْلُ سَحْنُونَ وَالْمَدَنِيِّينَ الزَّكَاةُ فِي جُمْلَتِهِ مُطْلَقًا) وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَالنَّسْلُ) بِالرَّفْعِ أَيْ وَقِيسَ النَّسْلُ عَلَى النَّبَاتِ بِجَامِعِ التَّوَلُّدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَقَعْ تَقْيِيدُهُ إلَّا فِي النَّبَاتِ وَقَاسَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ النَّسْلَ عَلَيْهِ لِلْجَامِعِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا قَدْ قَالَ إنَّهُ صَرَّحَ الْعَوْفِيُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ بِذَلِكَ فِي النَّسْلِ كَمَا فِي النَّبَاتِ وَمَا تَقَرَّرَ فِي تَفْرِقَةِ النَّسْلَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَالْمُعْتَبَرُ الْأَنْصِبَاءُ فَإِنْ بَلَغَ حِصَّةُ كُلٍّ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَفِي جُمْلَتِهَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَ ذَلِكَ نِصَابًا إذَا تَمَّ لِلْأَوْلَادِ حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَلَا زَكَاةَ إلَخْ) يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْجَوَاهِرِ إذَا وُقِفَتْ الْمَوَاشِي لِتُفَرَّقَ أَعْيَانُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَمَرَّ حَوْلٌ قَبْلَ تَفْرِقَتِهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا ثُمَّ إنَّ هَذَا لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَقَدْ قِيلَ إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي جُمْلَتِهَا إنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَفِي حَظِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنْ كَانُوا مُعَيَّنِينَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمُصَنِّفِ لَهُ وَيَكُونُ ذَاهِبًا لِذَلِكَ الْقَوْلِ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ لَمْ نَجِدْ مِنْ الْأَنْقَالِ مَا يَدُلُّ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ نَجِدْ مِنْ الْأَنْقَالِ بِالنَّظَرِ إلَى الشَّرْطِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا زَكَّى) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ مَضَى حَوْلٌ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ لِيُفَرِّقَ ثُمُنَهُ) هَذَا لَيْسَ وَقَفَا فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ لِيَنْتَفِعَ بِغَلَّتِهِ فَالزَّكَاةُ) فَإِنْ تَطَوَّعَ أَحَدٌ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْهَا، أَوْ كَانَ فِي إجَارَةِ الْإِبِلِ مَا يَشْتَرِي مِنْهُ زَكَاتَهَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ غَلَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إجَارَةٌ وَلَا تَطَوُّعُ أَحَدٍ بِمَا يُخْرِجُ عَنْهَا بِيعَ مِنْهَا وَاحِدٌ وَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً وَيَشْتَرِي بِبَاقِي الثَّمَنِ بَعِيرًا دُونَ الْبَعِيرِ، أَوْ يُشَارِكُ فِيهِ وَوَجْهُ زَكَاتِهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنْ وُقِفَ لِيُنْتَفَعَ بِغَلَّتِهِ فَالزَّكَاةُ فِي جُمْلَتِهِ مُطْلَقًا وَحَوْلُ النَّسْلِ حَوْلُ الْأُمَّهَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي إلْحَاقِ وَلَدِ فُلَانٍ بِالْمُعَيَّنِينَ) وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُمْ) تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَيُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلُهُ. . إلَخْ) أَيْ فَيُزَكَّى عَلَيْهِ إنْ تَوَلَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ فَإِنْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: كَالزَّكَاةِ) أَيْ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ) أَيْ، أَوْ نَائِبِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 أَوْ غَيْرَهَا أَيْ وَحُكْمُ الْمَعْدِنِ لَا بِقَيْدِ الْعَيْنِ لِلْإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِوَجْهِ الِاجْتِهَادِ حَيَاةَ الْمُقْطِعِ أَوْ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ، أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَلْ تَفْتَقِرُ عَطِيَّةُ الْإِمَامِ إلَى الْحَوْزِ كَسَائِرِ الْعَطَايَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ لَا تَفْتَقِرُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَصَلَ لِلْإِمَامِ مَانِعٌ قَبْلَ الْحَوْزِ كَمَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي ثُمَّ إنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَالْفَيَافِيِ أَوْ مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ اتِّفَاقًا قَالَ بَعْضٌ يُرِيدُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ الْكُفَّارُ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَسْقُطُ مِلْكُهُمْ عَنْ أَرَاضِيِهِمْ بِانْجِلَائِهِمْ. انْتَهَى. وَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ فَالْمَشْهُورُ لِلْإِمَامِ وَقِيلَ لِلْجَيْشِ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ، أَوْ إسْلَامٍ فَقَالَ مَالِكُ الْأَمْرِ فِيهِمَا الْإِمَامُ يُقْطِعُهُ لِمَنْ رَآهُ قَالَ: لِأَنَّ الْمَعَادِنَ يَجْتَمِعُ إلَيْهَا شِرَارُ النَّاسِ أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ لَأَدَّى لِلْفِتَنِ وَالْهَرْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) ، وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ (ش) فَأَحْرَى الْأَرَاضِي الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ وَقِيلَ لِلْمَالِكِ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَعْدِنِ الْعَيْنِ وَغَيْرِهِ (ص) إلَّا مَمْلُوكَةً لِمُصَالِحٍ فَلَهُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: يُزَكَّى وَمِنْ قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ أَيْ مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا أَيْ إلَّا الْأَرْضَ الْمَمْلُوكَةَ لِمُصَالِحٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلِلْمُصَالِحِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِيهَا حُكْمٌ فَإِنْ قُلْت: مَا مَعْنَى قَوْلِكُمْ إنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مَعَ الْحُكْمِ لِوَرَثَتِهِ وَالْوَارِثُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُوَرِّثُهُ مُعَيَّنًا، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ كَوْنُهُ لَيْسَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَلَا لِأَشْخَاصٍ قَلِيلِينَ بَلْ لِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ كَأَهْلِ الصُّلْحِ وَالْجَيْشِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ عَدَمِ تَعْيِينِهِمْ وَبَيْنَ الْحُكْمِ لِوَرَثَتِهِمْ بِالْمَعْدِنِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ لِمُصَالِحٍ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِإِسْلَامِهِ وَيَرْجِعُ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونَ تَبْقَى لَهُ وَلَا تَرْجِعُ لِلْإِمَامِ قَالَهُ تت وَبَيَانُ الْإِشْعَارِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ جَعَلَ الْعِلَّةَ الصُّلْحَ وَقَدْ زَالَ بِالْإِسْلَامِ . (ص) وَضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِرْقَ الْوَاحِدَ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ ذَهَبًا كَانَ، أَوْ فِضَّةً يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعِرْقُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَقْسَامُ أَرْبَعَةً بِالنَّظَرِ إلَى الْعِرْقِ وَالْعَمَلِ، وَهُوَ اتِّصَالُهُمَا وَانْقِطَاعُهُمَا وَاتِّصَالُ الْعِرْقِ دُونَ الْعَمَلِ وَعَكْسُهُ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ بِقَوْلِهِ. (ص) ، وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ (ش) بِانْقِطَاعِهِ وَالنِّيلِ أَيْ: وَالْعِرْقُ مُتَّصِلٌ وَأَحْرَى لَوْ اتَّصَلَا وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ الِاشْتِغَالُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْمَعْدِنِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ انْقِطَاعُهُ اخْتِيَارًا، أَوْ اضْطِرَارًا كَفَسَادِ آلَةٍ وَمَرَضِ الْعَامِلِ (ص) لَا مَعَادِنَ (ش) يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُ (وَلَا عِرْقَ لِآخَرَ) أَيْ فِي مَعْدِنٍ وَاحِدٍ وَيُعْتَبَرُ كُلُّ عِرْقٍ بِانْفِرَادِهِ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ نِصَابٌ زُكِّيَ ثُمَّ يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ قَلَّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُضَمُّ عِرْقٌ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُضَمَّ مَعْدِنٌ لِمَعْدِنٍ آخَرَ وَالرَّادُّ بِالتَّرَاخِي الِانْقِطَاعُ لَا الْعَمَلُ عَلَى الْهَيْئَةِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ انْقِطَاعٌ. (ص) وَفِي ضَمِّ فَائِدَةٍ حَالَ حَوْلُهَا (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ دُونَ النِّصَابِ مِنْ فَائِدَةٍ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ عِنْدَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ هَلْ يُضَمُّ ذَلِكَ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ وُجُوبًا وَيُزَكَّى أَوْ لَا؟ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فَالْقَوْلُ بِالضَّمِّ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيِّ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ لِسَحْنُونٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَعْدِنَيْنِ فَقَوْلُهُ: وَفِي ضَمِّ إلَخْ أَيْ وَفِي وُجُوبِ ضَمِّ. . . إلَخْ . (ص) وَتَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ هَلْ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: بِوَجْهِ الِاجْتِهَادِ) أَيْ وَجْهٍ هُوَ الِاجْتِهَادُ أَيْ يَقْطَعُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ (قَوْلُهُ: الْمُقْطَعِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ مِلْكُهُمْ عَنْ أَرَاضِيِهِمْ) أَيْ فَيَكُونُ مَا فِيهَا لَهُمْ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُعَيَّنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا قَالَ مُحَشِّي تت وَمُرَادُ الْعُلَمَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ وَانْقَرَضُوا لِأَنَّهُمْ مَثَّلُوا بِهِ لِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ لِأَحَدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَقْفٌ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِلْكِ فِي ذَلِكَ مِلْكُ الْإِمْتَاعِ لَا مِلْكُ الذَّاتِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُعَيَّنُ مُسْلِمًا، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ. (قَوْلُهُ الْأَرَاضِي الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ) الَّتِي هِيَ أَرْضُ الْفَيَافِي وَالْمَمْلُوكَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَمَا انْجَلَى عَنْهُ الْكُفَّارُ بِغَيْرِ قِتَالٍ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَعْدِنِ الْعَيْنِ وَغَيْرِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا فَلِلْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهُ فَلِلْمَالِكِ هَكَذَا رَأَيْت (قَوْلُهُ: لِمُصَالِحٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا قَالَ فِي ك وَمَفْهُومُ مَمْلُوكَةٍ أَنَّ مَا وُجِدَ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ أَرْضِ الصُّلْحِ كَالْمَوَاتِ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ) أَيْ وَإِلَى الْأَخِيرَيْنِ بِقَوْلِهِ: وَلَا عِرْقَ لِآخَرَ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ قَوْلَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمِّ لِسَحْنُونٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (قَوْلُهُ: وَلَا عِرْقَ لِآخَرَ) وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الضَّمِّ، وَلَوْ وَجَدَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَوَّلِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُضَمُّ حَيْثُ بَدَأَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ حَتَّى أَتَمَّ الْأَوَّلَ وَفِي بَهْرَامَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَفِي ضَمٍّ. . . إلَخْ) أَرَادَ بِهَا هُنَا أَعَمَّ مِمَّا مَرَّ فَأَرَادَ مَالٍ بِيَدِهِ نِصَابًا، أَوْ لَا وَفِي التَّعْبِيرِ بِضُمَّ إشْعَارٌ بِبَقَائِهَا حَتَّى يُخْرِجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا تَكْمُلُ بِهِ وَالْقَوْلُ بِالضَّمِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَصْفِيَتُهُ) الْمُرَادُ بِالتَّصْفِيَةِ الْحَاصِلَةُ بِسَبْكِهِ كَذَا فِي ك نَقْلًا عَنْ عج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 بِهِ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَيَتَوَقَّفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِهِ بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ مِنْ تُرَابِهِ لَا قَبْلَهُ وَفَائِدَةُ هَذَا التَّرَدُّدِ لَوْ أَنْفَقَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ هَلْ يُحْسَبُ أَمْ لَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْسَبُ لَا عَلَى الثَّانِي. (ص) وَجَازَ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِلْعَامِلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَثَلًا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأُجْرَةُ مِنْ النَّقْدِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ الْمَعْدِنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ أَمَّا إجَارَتُهُ بِنَقْدٍ فَلَا يَجُوزُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مَثَلًا خُذْ هَذَا الْمَعْدِنَ وَادْفَعْ لِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ فِي النَّقْدَيْنِ وَإِلَى الصَّرْفِ الْمُتَأَخِّرِ، وَأَمَّا وَجْهُ الْجَوَازِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ نَقْدٍ فَلِأَنَّهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ وَهِيَ تَجُوزُ مَعَ الْجَهَالَةِ. (ص) وَعَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ (ش) أَيْ وَجَازَ دَفْعُهُ أَيْضًا لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَدْفَعَهُ مَجَّانًا، أَوْ بِعِوَضٍ فَيُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَاعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ) يَعْنِي إذَا قُلْتُمْ بِجَوَازِ دَفْعِ الْمَعْدِنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ وَمَا يُخْرَجُ مِنْهُ يَكُونُ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ وَكَانَ الْعَامِلُ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي زَكَاةِ مَا يُخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ حِينَئِذٍ مِلْكُ الْعَامِلِ فَإِنْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ كِرَائِهِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مِلْكُ الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ يُزَكِّي عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ نَابَهُ نِصَابٌ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا . (ص) وَبِجُزْءٍ كَالْقِرَاضِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الْمَعْدِنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهَا بِجُزْءٍ كَالْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، أَوْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غُرُورٌ وَلِأَنَّهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يُخْرَجُ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَتَشْبِيهُهُ بِالْقِرَاضِ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَامِلَ يُزَكِّي مَا يَنُوبُهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ حَيْثُ كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ مَعَ رِبْحِهِ نِصَابًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا كَشَرِيكٍ فَلَا يُزَكِّي إلَّا إذَا بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ نِصَابًا فَلَيْسَ كَالْقِرَاضِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ (ص) وَفِي نَدْرَتِهِ الْخُمُسُ (ش) النَّدْرَةُ الْقِطْعَةُ الْخَالِصَةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى تَخْلِيصٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ نَدْرَةَ مَعْدِنِ الْعَيْنِ تُخَمَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ وَجَدَهَا حُرٌّ، أَوْ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ بَلَغَتْ نِصَابًا أَمْ لَا كَالرِّكَازِ وَحُكْمُ الْخُمُسِ لِلْإِمَامِ يَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ كَمَا فِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ أَفَادَ بِقَوْلِهِ: (كَالرِّكَازِ) الْقِيَاسَ عَلَيْهِ وَعَدَمَ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ ثُمَّ فَسَّرَ الرِّكَازَ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ حَيْثُ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ لَمْ يُزَكَّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ إلَخْ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَيْرِ نَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ حَمْلَ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: غَيْرِ نَقْدٍ وَلِذَلِكَ حَمَلَهُ عَلَيْهِ عب فَقَالَ وَجَازَ لِرَبِّ مَعْدِنٍ نَقْدٍ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْ الْعَامِلِ أَيْ وَمَا يَخْرُجُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْعَمَلِ مَضْبُوطًا بِزَمَنٍ أَوْ بِشَيْءٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ كَحَفْرِ قَامَةٍ، أَوْ قَامَتَيْنِ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَأَمَّا مَعْدِنُ غَيْرِ النَّقْدِ كَنُحَاسٍ فَيَجُوزُ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ نَقْدٍ وَيَكُونُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَا يَخْرُجُ لِجَهْلِهِ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الدَّفْعُ كَذَلِكَ فَلِمَ امْتَنَعَ حَيْثُ كَانَ الْعِوَضُ نَقْدًا قُلْت نَظَرًا إلَى وُقُوعِهِ مَدْفُوعًا فِي الْخَارِجِ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَلِذَا لَمْ يُعِيرُ بِعِوَضٍ، بَلْ بِأُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتٍ، بَلْ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالِاخْتِصَاصِ وَأَمَّا دَفْعُ مَعْدِنِ غَيْرِ الْعَيْنِ بِنَوْعِهِ فَيَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى التَّفَاضُلِ فِي النَّقْدَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ نَوْعِ الْمَعْدِنِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَى الصَّرْفِ. . . إلَخْ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ. (قَوْلُهُ: فَيُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ أَعَمَّ مِنْهُ وَالْعَامُّ يُغْنِي عَنْ الْخَاصِّ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى حَلِّ عب وَلَا يَتَأَتَّى عَلَى حَلِّهِ هُوَ فَإِنَّهُ عَلَى حَلِّهِ مِنْ عَطْفِ الْمُبَايِنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ كِرَائِهِ) أَيْ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْخَارِجُ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَابَهُ نِصَابٌ زُكِّيَ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ رَبُّ الْمَعْدِنِ وَاحِدًا وَمَا يَخْرُجُ يَكُونُ لَهُ إنْ جَاءَ فِيهِ نِصَابٌ زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا إنْ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ) أَيْ كَسُدُسٍ وَنِصْفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَجُوزُ. . . إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاضِ أَنَّ مَا فِي الْقِرَاضِ رَأْسُ مَالٍ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرَرٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ إلَّا أَنَّهُمَا رَخَّصَ فِيهِمَا الشَّارِعُ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا) فِيهِ شَيْءٌ إذْ لَيْسَ هُنَا كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ مَعَ رِبْحِهِ نِصَابًا) فِيهِ أَنَّهُ لَا رِبْحَ هُنَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَيْثُ كَانَ مَا نَابَ رَبَّهُ نِصَابًا إلَّا أَنْ يُجَابَ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِصَّةِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ وَالرِّبْحُ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ نِصَابًا) مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا أَيْ لَا أَقَلَّ وَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ: نَدْرَتُهُ) بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ فَدَالٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ. (قَوْلُهُ: الْقِطْعَةُ الْخَالِصَةُ) كَانَتْ جَامِدَةً أَوْ مَبْثُوثَةً أَيْ مُفَرَّقَةً. (قَوْلُهُ تُخَمَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الزَّكَاةُ وَإِنَّمَا الْخُمُسُ فِي الرِّكَازِ. (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْخُمُسِ لِلْإِمَامِ. . . إلَخْ) اللَّخْمِيُّ خُمُسُ الرِّكَازِ كَخُمُسِ الْغَنَائِمِ هُمَا حَلَالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ أَيْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْفُقَرَاءُ فَهُوَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَخْتَصَّانِ بِالْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: كَالرِّكَازِ) ذَكَرَ الرِّكَازَ عَقِبَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ. (قَوْلُهُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ مَعَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْفُقَهَاءِ دُخُولُهَا عَلَى الْمُشَبَّهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 (ص) وَهُوَ دِفْنٌ جَاهِلِيٌّ (ش) دِفْنٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ الْمَدْفُونُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَلَا يُرَادُ هُنَا وَالْجَاهِلِيَّةُ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْكَنْزُ يَقَعُ عَلَيْهِ وَعَلَى دِفْنِ الْإِسْلَامِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ بَعْضٌ: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ مَا عَدَا الْإِسْلَامَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ اصْطِلَاحُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ أَهْلُ الْفَتْرَةِ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ مَالٌ جَاهِلِيٌّ لَشَمِلَ الْمَدْفُونَ وَغَيْرَهُ لِقَوْلِهِ فِيهَا مَا وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ جَاهِلِيٍّ أَوْ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ تَصَاوِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلِوَاجِدِهِ يُخَمَّسُ. اهـ. لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَمُحَاذَاةً لِكَلَامِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ . (ص) وَإِنْ بِشَكٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرِّكَازَ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ وَعَلَيْهِ الْخُمُسُ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ مِنْ دِفْنِ الْإِسْلَامِ لِعَدَمِ عَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الدِّفْنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ رِكَازٌ. (ص) أَوْ قَلَّ أَوْ عَرْضًا (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الرِّكَازَ يُخَمَّسُ، وَلَوْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَرْضًا، أَوْ عَيْنًا كَالْجَوَاهِرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَرْضِ وَشَمِلَ الْعُمُدَ وَالرُّخَامَ وَالصُّخُورَ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً وَإِلَّا فَحُكْمُهَا حُكْمُ جُدُرِهَا، وَأَمَّا الْمَدْفُونَةُ مِنْ غَيْرِهَا فَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَتَنَاوَلُهُ وَيَكُونُ لِبَائِعِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ ادَّعَاهُ وَأَشْبَهَ وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ (ص) ، أَوْ وَجَدَهُ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الرِّكَازَ لَا يُشْتَرَطُ فِي وَاجِدِهِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا بَلْ يُخَمَّسُ، وَإِنْ وَجَدَهُ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ غَنِيٌّ، أَوْ فَقِيرٌ أَوْ مَدِينٌ وَيَجْرِي هَذَا فِي النُّدْرَةِ أَيْضًا. (ص) إلَّا لِكَبِيرَةِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ فَقَطْ فَالزَّكَاةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرِّكَازَ الْخُمُسُ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ فِي تَخْلِيصِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَفْسِهِ، أَوْ لِكَبِيرِ عَمَلٍ بِنَفْسِهِ، أَوْ عَبِيدِهِ فِي تَخْلِيصِهِ مِنْ الْأَرْضِ بِالْحَفْرِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ فَفِيهِ حِينَئِذٍ الزَّكَاةُ بِشُرُوطِهَا وَبَطَلَ حُكْمُ الرِّكَازِ عَنْهُ وَأَمَّا كَبِيرُ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي السَّفَرِ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّكَازِ، بَلْ فِيهِ الْخُمُسُ وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَقَطْ. (ص) وَكُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ وَالطَّلَبُ فِيهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ حَفْرَ قَبْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَلَا يُرَادُ هُنَا) أَقُولُ جَوَّزَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ الدِّفْنُ بِمَعْنَى الْمَدْفُونِ كَالدِّرْهَمِ ضَرَبَ الْأَمِيرُ بِمَعْنَى الْمَضْرُوبِ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْإِسْلَامَ) أَيْ فَيَشْمَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفُ مُرَادِفٍ لَا عَطْفَ مُغَايِرٍ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ فَتْرَةٍ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَلَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ عَلَى هَذَا، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَلَوْ قَالَ وَهُوَ مَالُ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ مَالِ كُلِّ كَافِرٍ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةً. اهـ. وَكَذَا فِي شَرْحِ شب حَيْثُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيِّ مَا عَدَا الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ. . . إلَخْ) اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَفْسِيرَ الرِّكَازِ هَكَذَا أَيْ بِكَوْنِهِ دِفْنٌ جَاهِلِيٌّ تَفْسِيرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ لَا يُقَالُ لَهُ رِكَازٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْخُمُسُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَصَاوِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) جَمْعُ تَصْوِيرٍ بِمَعْنَى صُورَةٍ هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي تَقْرِيرِهِ وَإِذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَتَكُونُ تِلْكَ التَّصَاوِيرُ مِنْ أَمْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ وَانْظُرْ لِأَيِّ شَيْءٍ خَصَّصَهَا بِكَوْنِهَا تُوجَدُ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الشَّأْنَ وُجُودُهَا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ يَقْذِفُهَا مِنْ الْأَرْضِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إلَّا أَنَّهُ بِأَوْ . (قَوْلُهُ: هُوَ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ) زَادَ عب وَيُحْتَمَلُ فِي أَرْضِهِ فَلَا يُدْرَى أَصُلْحِيَّةٌ، أَوْ عَنْوِيَّةٌ فَلِوَاجِدِهِ وَيُخَمِّسُهُ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ عَلَامَةٍ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ، أَوْ انْطَمَسَتْ أَوْ عَلَيْهِ الْعَلَامَتَانِ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ. . . إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْفُونِ فَلَا يَكُونُ عِنْدَ الشَّكِّ رِكَازًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِمَذْكُورٍ كَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّ حُكْمَ الرِّكَازِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، أَوْ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الرِّكَازَ إلَخْ) وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونَ أَنَّ الْيَسِيرَ لَا يُخَمَّسُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ عَرْضًا) وَعَنْ مَالِكٍ لَا خُمُسَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنًا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: وَالصُّخُورَ) جَمْعُ صَخْرَةٍ بِمَعْنَى الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَحُكْمُهَا حُكْمُ جُدُرِهَا) وَجُدُرُهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً كَمَا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَحْجَارُ مَوْقُوفَةً، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ فَأَحْجَارُهَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَدْفُونَةُ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: غَنِيٌّ، أَوْ فَقِيرٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ، أَوْ الْكَافِرُ غَنِيًّا، أَوْ فَقِيرًا وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ: فِي تَخْلِيصِهِ) أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ لَا تَصْفِيَتِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ. . . إلَخْ) وَأَمَّا النَّدْرَةُ فَفِيهَا الْخُمُسُ لِخِفَّةِ الْحَفْرِ عَلَيْهَا عَادَةً دُونَ الرِّكَازِ فَلِذَا فِيهِ الْخُمُسُ إلَّا فِي الْحَالَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّدْرَةَ فِيهَا الْخُمُسُ مُطْلَقًا وَالْمَعْدِنُ فِيهِ الزَّكَاةُ مُطْلَقًا وَالرِّكَازُ فِيهِ الْخُمُسُ إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ هَذَا مَا ذَكَرُوا ثُمَّ إنَّ مُحَشِّي تت رَدَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: فِي تَخْلِيصِهِ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ تَرْجِيعُهُ لِلنُّدْرَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّخْلِيصِ التَّصْفِيَةُ وَلَيْسَتْ النَّدْرَةُ خَاصَّةً بِالْقِطْعَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ فَسَّرَهَا عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ فَقَدْ فَسَّرَهَا أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ بِالتُّرَابِ الْكَثِيرِ الذَّهَبِ السَّهْلِ التَّصْفِيَةِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ وَلَا بَعْضِهِمْ يَرُدُّ تَفْسِيرَ بَعْضٍ بَلْ يُسْتَفَادُ مِنْ جَمِيعِ مَا قَالُوا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا نِيلَ مِنْ الْمَعْدِنِ بِسُهُولَةٍ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَبِتَكْلِيفٍ الزَّكَاةُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَمَّا كَبِيرُ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي السَّفَرِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 الْجَاهِلِيِّ لِأَخْذِ مَا فِيهِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ تُرَابَهُمْ نَجِسٌ وَخَوْفَ أَنْ يُصَادِفَ قَبْرَ نَبِيٍّ، أَوْ وَلِيٍّ وَكَذَا يُكْرَهُ تَتَابُعُ الْمَطَالِبِ فِيهَا لِأَجْلِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَةِ وَيُخَمَّسُ مَا وُجِدَ كَالرِّكَازِ وَمِثْلُ قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ قَبْرُ مَنْ لَا يُعْرَفُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا قَبْرُ الْمُسْلِمِينَ فَحَرَامٌ وَحُكْمُ مَا وُجِدَ فِيهِ حُكْمُ اللُّقَطَةِ فَقَوْلُهُ: وَالطَّلَبُ فِيهِ بِلَا حَفْرٍ كَفِعْلِ بِخَوَرٍ، أَوْ عَزِيمَةٍ (ص) وَبَاقِيهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (ش) أَيْ بَاقِي الرِّكَازِ سَوَاءٌ وَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ، أَوْ الزَّكَاةُ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَاقِي بَعْدَ رُبُعِ الْعُشْرِ فِي الثَّانِي لِمَالِكِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا بَاقِي النَّدْرَةِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ مَعَ كَلَامِهِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا وَأَرَادَ بِالْمَالِكِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ جَيْشًا فَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تُمْلَكُ لِلْجَيْشِ؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ تَصِيرُ وَقْفًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَالِكُ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ جَيْشًا أَوْ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَارِثِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ لِوَاجِدِهِ وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ عَنْ سَحْنُونَ أَنَّهُ كَاللُّقَطَةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَلَوْ جَيْشًا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ؛ لِأَنَّ الْجَيْشَ لَا يَمْلِكُ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ فَمَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ كَالْغَنِيمَةِ تُقَسَّمُ عَلَى الْجَيْشِ . (ص) وَإِلَّا فَلِوَاجِدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرِّكَازَ إذَا وُجِدَ فِي أَرْضٍ لَا مَالِكَ لَهَا كَمَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ، أَوْ فَيَافِي الْعَرَبِ الَّتِي لَمْ تُفْتَحْ عَنْوَةً وَلَا أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بِلَا تَخْمِيسٍ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ خُمُسٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَاقِي فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ. (ص) وَإِلَّا دِفْنُ الْمُصَالِحِينَ فَلَهُمْ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ الرِّكَازِ مَدْفُونًا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ، وَسَوَاءٌ كَانُوا هُمْ الَّذِينَ دَفَنُوهُ، أَوْ دَفَنَهُ غَيْرُهُمْ فَهُوَ لِلَّذِينَ صَالَحُوا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ وَالْمَشْهُورُ لَا يُخَمَّسُ فَإِنْ وَجَدَهُ أَحَدُ الْمُصَالِحِينَ فِي دَارِهِ فَهُوَ لَهُ بِمُفْرَدِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا فَلَهُ (ش) أَيْ رَبُّ دَارٍ مِنْ الْمُصَالِحِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْهُمْ فَهُوَ لَهُمْ لَا لَهُ فَقَوْلُهُ:   [حاشية العدوي] مَا لِأَشْهَبَ مِنْ جَوَازِ نَبْشِهِ وَأَخْذِ مَا فِيهِ مِنْ مَالٍ، أَوْ حِرْزٍ، أَوْ ثَوْبٍ وَفِيهِ الْخُمُسُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تُرَابَهُمْ نَجِسٌ) أَيْ مِنْ الصَّدِيدِ، بَلْ وَكَذَا تُرَابُ غَيْرِهِمْ نَجِسٌ مِنْ الصَّدِيدِ (قَوْلُهُ: وَخَوْفَ أَنْ يُصَادِفَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي الْحُرْمَةَ فَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَوْفٌ ضَعِيفٌ فَهُوَ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ. (قَوْلُهُ: تَتَابُعُ الْمَطَالِبِ) جَمْعُ مَطْلَبٍ بِمَعْنَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ: فِيهَا أَيْ قُبُورٍ الْمَفْهُومَةِ مِنْ ذِكْرِ مُفْرَدِهَا الَّذِي هُوَ قَبْرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ. . . إلَخْ) أَيْ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَيْ الْكُفْرِ وَكَذَا قَبْرُ الذِّمِّيِّ تَحْقِيقًا فَقَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْرُ الْمُسْلِمِينَ فَحَرَامٌ أَيْ الْمُسْلِمِينَ تَحْقِيقًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ مَا وُجِدَ فِيهِ. . . إلَخْ) وَمِثْلُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَيْ مَنْ كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا، أَوْ شُكَّ فِي كَوْنِهِ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: وَالطَّلَبُ فِيهِ بِلَا حَفْرٍ) وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى حَفْرٍ لِشَيْءٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَالثَّانِي عَلَى حَفْرٍ لِطَلَبِ مَا لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ فِي كُلٍّ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ) أَيْ بِإِحْيَائِهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ هُوَ لَهُ قَالَ بَهْرَامُ فَرْعٌ اخْتَلَفَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ أَرْضًا مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ، أَوْ الصُّلْحِ فَوَجَدَ فِيهَا رِكَازًا هَلْ يَكُونُ لَهُ، أَوْ لَهُمْ فَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَكُونُ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَحَكَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا فِي دَاخِلِهَا بِمَنْزِلَةِ مَا فِي خَارِجِهَا يُرِيدُ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصْوَبُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا) وَهُوَ مَا كَانَ مَبْثُوثًا. (قَوْلُهُ فَحُكْمُهُ كَالْمَعْدِنِ) يَكُونُ لِمَنْ أَعْطَاهُ لَهُ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَلَامِهِ أَيْ وَمَعَ كَلَامِهِ مِنْ بَابِ الشَّرِكَةِ وَمَعَ الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الشَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَيْشًا إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَأَرْضُ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الْفَتْحِ إلَّا أَنَّ الْمَعَادِنَ الْمَوْجُودَةَ فِيهَا لِلْجَيْشِ وَنِسْبَةُ الْمَلَكِيَّةِ بِاعْتِبَارِ إحْيَائِهِمْ لِزَرْعِهِمْ فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ) أَيْ فَمَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا الْقَوْلُ مُقَابِلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ جَيْشًا خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَاللُّقَطَةِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْوَارِثُ فَقَوْلَانِ الْأَوَّلُ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ فَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالثَّانِي يُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ كَمَا جَاءَ النَّصُّ صَرِيحًا عَنْ سَحْنُونَ وَعَلَّلَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الَّذِي غَنِمُوهُ لَمْ يُعْرَفُوا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَرَثَتِهِمْ أَحَدٌ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ كَانُوا قَدْ بَادُوا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ مَا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمُ اللُّقْطَةِ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: كَمَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ) وَسَكَتَ عَنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ أَيْ أَرْضٍ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَلَمْ تُفْتَحْ عَنْوَةً فَحُكْمُهَا لِلْإِمَامِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ تُفْتَحْ عَنْوَةً وَلَا أَسْلَمَ) وَصْفٌ مُوَضِّحٌ لِفَيَافِي الْفَرْقُ أَيْ أَنَّ الْفَيَافِيَ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الْعَرَبُ وَتَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعٍ لِمَوْضِعٍ وَلَمْ تَتَّصِفْ بِالْفَتْحِ عَنْوَةً وَلَا أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا كَمَا بَيْنَ إسْكَنْدَرِيَّةَ وَبَرْقَةَ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ لَا يُخَمَّسُ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ يُخَمَّسُ فَإِنْ انْقَرَضُوا كَمَالٍ جُهِلَ رَبُّهُ فِي شَرْحِ عب أَيْ فَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ) فَإِنْ أَسْلَمَ الدَّارَ عَادَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَعْدِنِ كَذَا يَنْبَغِي لِأَنَّ بَابَهُمَا وَاحِدٌ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْهُمْ) بِأَنْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْهُمْ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ. (فَهُوَ لَهُمْ لَا لَهُ) وَكَذَا فِي شَرْحِ شب وَصَوَّبَهُ بَهْرَامُ وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لِوَاجِدِهِ وَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فَوَجَدَ بِهَا دَفِينًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِبَائِعِهَا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ ادَّعَاهُ وَأَشْبَهَ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الدِّفْنُ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ وَمَا هُنَا فِي كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 وَإِلَّا دِفْنُ الْمُصَالِحِينَ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ دِفْنُ أَرْضِ الْمُصَالِحِينَ، وَلَوْ كَانَ الدَّافِنُ غَيْرَهُمْ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ حَيْثُ كَانَ هُوَ الْوَاجِدَ لَا إنْ كَانَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لِرَبِّهَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ. (ص) وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةً (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَا دَفَنَهُ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لِعَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ تُعْرَفُ عَلَى سُنَّتِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: دِفْنُ فَلَوْ قَالَ وَمَالُ مُسْلِمٍ. . . إلَخْ لَشَمِلَ غَيْرَ الْمَدْفُونِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَدْفُونِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ رِكَازٌ . (ص) وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ كَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ وَلَا يُخَمَّسُ فَلَوْ رَآهُ جَمَاعَةٌ فَبَادَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ كَالصَّيْدِ يَمْلِكُهُ الْمُبَادِرُ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَحَلِّ الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ كَعَنْبَرٍ مِمَّا لَيْسَ أَصْلُهُ مِلْكَ أَحَدٍ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لِجَاهِلِيٍّ، أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ رِكَازٌ، وَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ لُقَطَةٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا قَصَدَ مِنْ أَجْزَاءِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ تَجِبُ لَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ (فَصْلٌ) وَمَصْرِفُهَا فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ وَهُوَ أَحْوَجُ (ش) مَصْرِفُ اسْمُ مَكَان لَا مَصْدَرٌ لِأَنَّ الْأَصْنَافَ اسْمُ مَحَلِّ الزَّكَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَقِيرٌ إلَخْ. وَفِي كَلَامِهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ الْوَاقِعَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] إلَخْ لِبَيَانِ الْمَصْرِفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ وَالْمِلْكِ، وَإِلَّا لَكَانَ يُشْتَرَطُ تَعْمِيمُ الْأَصْنَافِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمِسْكِينُ أَحْوَجَ مِنْ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ مَنْ لَهُ بُلْغَةٌ لَا تَكْفِيهِ لِعَيْشِ عَامِهِ وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَكْسُهُ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَكُلُّ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَعَ الْجَلَّابِ عَلَى تَرَادُفِهِمَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ طَلَبَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا تُضَيِّعْ زَمَانَك فِي ذَلِكَ، إذْ كِلَاهُمَا يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ اهـ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْله تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] حَيْثُ أَثْبَتَ لِلْمَسَاكِينِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَسَاكِينُ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، فَلَا طَاقَةَ لَهُمْ بِدَفْعِ الْمَلِكِ عَنْ غَصْبِ سَفِينَتِهِمْ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الْغِنَى، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَانُوا أُجَرَاءَ فِي السَّفِينَةِ (ص) وَصُدِّقَا إلَّا لِرِيبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَّا لِرِيبَةٍ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ كُلٍّ مِنْهُمَا يُخَالِفُ مَا يَدَّعِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدِّقُهُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا فَأَرَادَ الْأَخْذَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى) رَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الشَّيْخَ وَأَبَا سَعِيدٍ وَقَوْلُهُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى هُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ قَالَ مُحَشِّي تت وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ اعْتِرَاضَ ح عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِهَذَا التَّعْقِيبِ وَجَعْلُ كَلَامِهِ خِلَافَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأُمِّ مُحْتَمَلٌ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَلَيْسَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ بِأَوْلَى مِنْ تَأْوِيلِ الشَّيْخِ وَأَبِي سَعِيدٍ حَتَّى يَجِبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: تُعْرَفُ عَلَى سُنَّتِهَا) لَكِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ صَاحِبِهَا، أَوْ وَرَثَتِهِ أَنْ تَكُونَ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ فَمَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ . (قَوْلُهُ: وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: كَعَنْبَرٍ) قَالَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَوَقَعَ إلَى جَزِيرَةٍ فَنَظَرَ إلَى شَجَرَةٍ مِثْلُ عِتْقِ الشَّاةِ وَإِذَا تَمْرُهَا عَنْبَرٌ قَالَ فَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَكْبَرَ فَنَأْخُذَهُ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَأَلْقَتْهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ تَبْتَلِعُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَيِّنٌ فَإِذَا ابْتَلَعَتْهُ قَلَّمَا تَسْلَمُ إلَّا قَتَلَهَا الْحَرَارَةُ الَّتِي فِيهِ فَإِذَا أَخَذَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ وَجَدَهُ فِي بَطْنِهَا فَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ ثَمَرَةٌ نَبَتَتْ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: فَلِوَاجِدِهِ) أَيْ آخِذِهِ لَا رَائِيهِ قَالَ الشَّارِحُ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا أَثَرَ لَهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْيَدِ [فَصْلٌ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ] (قَوْلُهُ: مِنْ أَجْزَاءِ الزَّكَاةِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ مِنْ رُبُعِ الْعُشْرِ وَالْعُشْرِ وَنِصْفِهِ، وَإِطْلَاقُ الْأَجْزَاءِ عَلَى الْجُزْئِيَّاتِ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا تَجِبُ فِيهِ) أَيْ: الْقَدْرُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ، أَيْ: وَهُوَ أَرْبَعُونَ فِي الْغَنَمِ وَخَمْسَةٌ فِي الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحْوَجُ) أَحْوَجُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنْ احْتَاجَ فَهُوَ شَاذٌّ قِيَاسًا لَا اسْتِعْمَالًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْنَى إلَّا مِنْ ثُلَاثِيٍّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَصَّلَ إلَى بِنَائِهِ مِنْ الْمَزِيدِ بِأَشَدَّ وَيَقُولُ: وَهُوَ أَشَدُّ حَاجَةً (قَوْلُهُ: لَا مَصْدَرٌ) أَيْ: وَلَا اسْمُ زَمَانٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي الْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْإِعْطَاءُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بُلْغَةٌ) بِضَمِّ الْبَاءِ مَا يَتَبَلَّغُ بِهِ مِنْ الْعَيْشِ وَلَا يَفْضُلُ (قَوْلُهُ: وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إلَى التَّوَاضُعِ وَإِلَى اسْتِكَانَةِ الْقَلْبِ وَلَا يَكُونُ مِنْ الْجَبَّارِينَ، لَا الْمَسْكَنَةَ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنْ الْفَقْرِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمَسَاكِينِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالصَّقَلِّيِّ) هُوَ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: تَرَادُفِهِمَا) أَيْ: بِأَنْ يُرَادَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الْمُحْتَاجُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ إلَخْ) قَدْ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ مَنْ قَالَ بِعَكْسِ الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَسَاكِينُ إلَخْ) وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَجْوِبَةِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْجَرَةً لَهُمْ كَمَا يُقَالُ: هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ إذَا كَانَ سَاكِنَهَا وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّوْا مَسَاكِينَ عَلَى جِهَةِ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِعْطَافِ، وَيَنْبَغِي لِلشَّخْصِ أَنْ يَخْتَارَ لِصَدَقَتِهِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ، فَإِنَّ سَدَّ خَلَّتِهِمْ أَوْلَى مِنْ سَدِّ خَلَّةِ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْكَنَةَ) أَيْ: أَوْ الْمَسْكَنَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ) أَيْ:، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَهَلْ يَكْفِي فِيهَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي دَعْوَى الْمَدِينِ الْعُدْمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 وَقَدَرَ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ كُشِفَ عَنْهُ وَإِلَّا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ طَارِئًا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِيَسَارٍ كُلِّفَ بَيَانَ ذَهَابِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ فِيهَا كِفَايَةٌ فَادَّعَى كَسَادَهَا صُدِّقَ، وَيُكَلَّفُ مُدَّعِي دَيْنٍ إثْبَاتَهُ وَالْعَجْزَ عَنْهُ إنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ (ص) إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا فَلَا يُعْطَى كَافِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا، أَوْ مُؤَلَّفًا، وَلَا يُعْطَى عَبْدٌ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا وَالْوَلَدِ بِوَالِدِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَلَا يَرِدُ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ كَأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ بِمُكَاتَبَتِهِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ أَسْقَطَ عَنْهُ فِي مُقَابَلَتِهَا جَانِبًا مِنْ الْكِتَابَةِ. وَتُعْطَى لِذِي هَوًى خَفِيفٍ كَمُفَضِّلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَتُجْزِئُ لِلْخَارِجِيِّ وَالْقَدَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْفِيرِهِمْ، وَيُعْطَى أَهْلُ الْمَعَاصِي مَا يَصْرِفُونَهُ فِي ضَرُورِيَّاتِهِمْ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَهَا فِي الْمَعَاصِي فَلَا يُعْطَوْا وَلَا تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ (ص) وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ، أَوْ إنْفَاقٍ، أَوْ صَنْعَةٍ (ش) أَيْ: وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلْكِفَايَةِ إمَّا بِسَبَبِ مَالٍ قَلِيلٍ مَعَهُ لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ، أَوْ إنْفَاقٍ أَيْ: عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ، أَوْ صَنْعَةٍ لَا تَكْفِيهِ   [حاشية العدوي] وَدَعْوَى الْوَلَدِ الْعُدْمَ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُمَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ لَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؟ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَ) ظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: صُدِّقَ (قَوْلُهُ: كُلِّفَ بَيَانَ ذَهَابِ مَالِهِ) وَهَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؟ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى كَسَادَهَا صُدِّقَ) وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ فِيهَا كِفَايَةٌ، أَوْ لَا صُدِّقَ، هَذَا تَمَامُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ عج: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ تُزْرِي بِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِصُدِّقَ أَوَّلًا، وَثَانِيًا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ (قَوْلُهُ: إثْبَاتُهُ إلَخْ) إثْبَاتُهُ يَحْصُلُ وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِثْبَاتُ عَجْزِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: عَنْ مُبَايَعَةٍ لَا عَنْ طَعَامٍ) أَيْ: لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَظْهَرَ، وَقَوْلُهُ: لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَخْفَى كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَيْ: فَلَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَأَكَلَهُ فَلَزِمَهُ، أَوْ افْتَرَضَهُ ثُمَّ يُقَالُ: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فِي التَّعَدِّي وَالْقَرْضِ حَتَّى قَالَ: لَا عَنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ، وَبَعْدُ فَأَقُولُ: لَعَلَّ الْعِبَارَةَ عَنْ مُبَايَعَةٍ فِي غَيْرِ طَعَامٍ لَا عَنْ طَعَامٍ مُتَّخَذٍ لِلْأَكْلِ، وَيَكُونُ الْفَرْقُ أَنَّ الطَّعَامَ الْمُتَّخَذَ لِلْأَكْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَسْتَغْنِي الْإِنْسَانُ عَنْهُ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ فِيهِ لِلْإِشْهَادِ لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ لِيَعُودَ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ مَا عَدَا الْمُؤَلَفَّةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْجَوَاهِرِ فِي شَرْطِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ذِكْرِهِ الْأَصْنَافَ، قَالَ: فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كَافِرًا، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا ذَكَرَ فِي قِسْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ اهـ. لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ أَعَادَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَصْنَافِ، وَكَذَا يُؤَخِّرُ قَوْلَهُ: وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ كَمَا أَخَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيُشْتَرَطُ خُرُوجُهُمْ عَنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: وَالضَّمِيرُ فِي خُرُوجِهِمْ لِقَوْلِهِ: فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا) قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: وَالْمَرْأَةُ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا تَجِدُ مُسَلِّفًا تُعْطَى مَا تَحْتَاجُ أَيْ: مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ بَعْضٌ: مَعْنَاهُ زَوْجُهَا مُوسِرٌ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا أُعْطِيت، وَلَوْ وَجَدَتْ مُسَلِّفًا؛؛ لِأَنَّهَا لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْطِي مِنْهَا فِي شُوَارِ يَتِيمَةٍ؛ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ. وَقَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ بِوَالِدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَالِدُ فَقِيرًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَنْهُ، كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ الْمُكَاتَبُ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ، أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ؛؛ لِأَنَّهُ مَا كَاتَبَهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا مَثَلًا إلَّا لِكَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْلَاهَا لَكَاتَبَهُ بِأَرْبَعِينَ، فَالْعَشَرَةُ الَّتِي أَسْقَطَهَا السَّيِّدُ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ تت: فَإِنْ عَجَزَ سَادَاتُهُمْ بِيعَ مِنْهُمْ مَنْ يُبَاعُ وَعُجِّلَ عِتْقُ غَيْرِهِ اهـ.، وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ سَادَاتُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ تت أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ مِنْهُمْ مَنْ تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي أُجْرَتِهِ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ، وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ وَلَا تُزَوَّجُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ مَنْ يُؤَجَّرُ إنْ كَانَ فِي أُجْرَتِهِ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُزَوَّجُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِيعَ مَا يُبَاعُ وَعَتَقَ أُمُّ الْوَلَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِذِي هَوًى خَفِيفٍ) أَيْ: بِدْعَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَقْتَضِي الْكُفْرَ، وَلَا يُعْطَى إجْمَاعًا مَنْ يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ اتِّفَاقًا كَالْقَائِلِ بِنُبُوَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَلِطَ،، وَالْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ وَالْأَنْبِيَاءَ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَهَلْ الْإِعْطَاءُ لِذِي الْهَوَى الْخَفِيفِ خِلَافُ الْأَوْلَى، أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَقَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ لِخَارِجِيٍّ وَقَدَرِيٍّ، وَهَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ . (قَوْلُهُ: فِي ضَرُورِيَّاتِهِمْ) أَيْ: فِي الْأُمُورِ الَّتِي يُضْطَرُّونَ إلَيْهَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، وَهَلْ الْمُرَادُ مَا يَلِيقُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا أَوْ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِذُلِّ الْمَعْصِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ: زَادَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ، أَيْ: إدْرَاكُ أَنَّهُمْ، أَيْ: بِأَنْ تَقَوَّى الظَّنُّ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ، أَوْ الظَّنِّ الضَّعِيفِ يُعْطَوْنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ وَحْدَهُ كَافٍ فِي عَدَمِ الْإِعْطَاءِ . (قَوْلُهُ: إمَّا بِسَبَبِ مَالٍ قَلِيلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِقَلِيلٍ لِلسَّبَبِيَّةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَدَمُ الْكِفَايَةِ بِسَبَبِ الْمَالِ الْقَلِيلِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ، بَلْ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كِفَايَةٍ فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ: بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْمِسْكِينُ، أَوْ عِنْدَهُ مَا لَا يَكْفِيهِ لِبَقِيَّةِ عَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْكِفَايَةُ بِالْقَلِيلِ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ، فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَقُولُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِصُورَتَيْهِ لِحَقِيقَةِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، فَعَدَمُ وُجُودِ شَيْءٍ أَصْلًا يَرْجِعُ لِحَقِيقَةِ الْمِسْكِينِ، وَعَدَمُ وُجُودِ مَا يَكْفِيهِ الْعَامَ يَرْجِعُ لِحَقِيقَةِ الْفَقِيرِ؛ إذْ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَكْفِيهِ الْعَامَ، وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا، كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ صِدْقِهِ بِالصُّورَتَيْنِ؟ قُلْت: لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنْفَاقٍ لَا يَكْفِيهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ يَصْدُقُ بِعَدَمِ الْقَلِيلِ مِنْ أَصْلِهِ وَبِوُجُودِهِ مَعَ عَدَمِ الْكِفَايَةِ لَكِنْ فِي الْأُولَى يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يُعْطَى تَمَامَ مَا يَكْفِيهِ (ص) وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ لَا الْمُطَّلِبِ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ آلَهُ مَنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبُ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَاشِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَّلِبَ أَخُو هَاشِمٍ وَلَهُمَا أَيْضًا أَخَوَانِ عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ، فَفَرْعُ كُلٍّ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ لَيْسَ بِآلٍ قَطْعًا، وَفَرْعُ هَاشِمٍ آلٌ قَطْعًا، وَفَرْعُ الْمُطَّلِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِآلٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَابْنُ هَاشِمٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِهَاشِمٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُطَّلِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ شَيْبَةُ وَهُوَ ابْنُ أَخِي الْمُطَّلِبِ لَا عَبْدُهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي لَوْنِهِ السُّمْرَةُ سُمِّيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَالْأَرْبَعَةُ إخْوَةٌ لِأَبٍ، وَالْمُطَّلِبُ وَهَاشِمٌ شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ مَنْ لِهَاشِمٍ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ غَيْرِ أُنْثَى فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَلَدُ بَنَاتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْغَيْرِ. وَقَوْلُهُ (كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ) مُشَبَّهٌ فِي الْمَفْهُومِ، أَيْ: فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ تَجُزْ كَحَسَبٍ لِدَيْنِهِ الْكَائِنِ عَلَى عَدِيمٍ مِنْ زَكَاتِهِ، كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَسْقَطْته عَنْك مِنْ زَكَاةِ مَالِي وَإِذَا   [حاشية العدوي] كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مُنْفِقٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا دِرْهَمًا وَلَا يَكْفِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الْكُسْوَةَ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيئًا لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَوْ لَمْ يُجْرِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ فَلَمْ يَعْدَمْ الْكِفَايَةَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا إذَا كَانَ الْمَلِيءُ لَا يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ خِلَافَهُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَيْضًا مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَنْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْسُوهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرُورِيَّاتٍ أُخَرَ لَا يَقُومُ بِهَا الْمُنْفِقُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يَسُدُّ ضَرُورِيَّاتِهِ الشَّرْعِيَّةَ كَذَا فِي عج. (فَائِدَةٌ) جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَهَابِ النَّاسِ لِلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقِيلَ: لَا يُعْطَوْنَ وَأَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ أَحَقُّ وَقِيلَ: بِالتَّفْصِيلِ إنْ أَقَامُوا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَيُعْطَوْنَ وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّوَابُ الْإِعْطَاءُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبُرْزُلِيِّ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِهَاشِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِهَاشِمٍ غَيْرَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نُظِرَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ خَارِجًا أَنَّهُ لَمْ يَعْقُبْ مِنْ هَاشِمٍ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي لَوْنِهِ السُّمْرَةُ) أَيْ: الْحُمْرَةُ أَيْ: وَيُرْدِفُهُ خَلْفَهُ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ عِلَّةُ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ) فِي شب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ أَبْنَاءُ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُمَا أَخَوَانِ لِأَبٍ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَكَانَ عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فِي كَفَالَةِ عَبْدِ مَنَافٍ وَلَيْسَا ابْنَيْهِ، وَإِنَّمَا هُمَا ابْنَا زَوْجَتِهِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ عَدَمِ إعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ إذَا أُعْطُوا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطُوهُ وَأَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أُعْطُوا مِنْهَا، وَإِعْطَاؤُهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ قَالَهُ ح فِي الْخَصَائِصِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ إعْطَاءَهُمْ بِوُصُولِهِمْ لَهَا وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ الثَّابِتِ بِالْخَبَرِ إنَّمَا يَكُونُ بِحِلِّ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي عب. (أَقُولُ) : قَدْ ضَعُفَ الْيَقِينُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَإِعْطَاءُ الزَّكَاةِ لَهُمْ أَسْهَلُ مِنْ تَعَاطِيهِمْ خِدْمَةِ الذِّمِّيِّ وَالْفَاجِرِ وَالْكَافِرِ، وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لِآلِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت نَصًّا فِي كِتَابٍ لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ يَذْكُرُ فِيهِ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُوَافِقُ مَا قُلْته وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَصُّهُ هَذَا أَيْضًا مِمَّا شَاعَ الْعَمَلُ بِهِ لِضَرُورَةِ الْوَقْتِ وَهُوَ التَّصَدُّقُ عَلَى الشُّرَفَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَخْذِهِمْ مِنْ صَدَقَةِ الصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنْ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ مَا نَصُّهُ: الرَّابِعُ يَحِلُّ لَهُمْ التَّطَوُّعُ وَالْفَرِيضَةُ وَبِهِ الْقَضَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ الْوَضْعِ خَشْيَةً عَلَيْهِمْ مِنْ الضَّيْعَةِ لِمَنْعِهِمْ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، فَأَمَّا الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ فَتَحِلُّ لَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا الصَّدَقَاتُ، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ بِوَجْهٍ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَيْضًا صَدَقَةُ الْفَرِيضَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ صِفَةٌ مِنْ بَقَايَا صِفَةِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَارِئِ وَالْأُمِّيِّ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. بِلَفْظِهِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ) تَفْسِيرٌ لِلْبُنُوَّةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا لَا الْبُنُوَّةِ بِقَيْدِ هَذَا الْمَقَامِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ لَا يَأْتِي هُنَا (قَوْلُهُ: كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى عَدِيمٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَأَوُّلًا قِيمَةٌ لَهُ، أَوْ لَهُ قِيمَةٌ دُونَ، وَدَائِمًا الدَّيْنُ قِيمَتُهُ دُونَ وَلَوْ عَلَى مَلِيءٍ وَهُوَ حَالٌّ؛؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُومُ بِدُونٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسَاوِي النَّقْدَ فَقَدْ يَكُونُ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ مَثَلًا خَمْسَةً فَيَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ أَقَلَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَحَسَبٍ عَلَى مَدِينٍ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِلَّا زَكَّى دَيْنَهُ النَّقْدَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ عَدَدُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُنَاكَ مُخْرَجٌ عَنْهُ وَهُنَا مُخْرَجٌ ك وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ " عَدِيمٍ " أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ، أَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ دَارٌ، أَوْ خَادِمٌ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ حَسَبُهُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِمَّا يُسَوَّغُ لَهُ قَبُولُهَا وَكَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ شَارِحَنَا قَدْ نَسَبَ مَا قَالَهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْحَطَّابُ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ مِنْ حَالِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْسُبْ مَا عَلَى الْعَدِيمِ مِنْ زَكَاتِهِ لَمْ يُزَكِّ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِمَا قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلٍ أَحْسَنُ مِنْ لُزُومِهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا يَحْسُبُهُ عَلَى الْمُعْدِمِ، فَهَلْ يَسْقُطُ مَا حَسَبَهُ عَلَى الْعَدِيمِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْهُ أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ (هـ) فِي شَرْحِهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ وَتَلِفَ الرَّهْنُ كَمَا سَيَأْتِي (ص) وَجَازَ لِمَوْلَاهُمْ (ش) أَيْ لِمَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَلِذَا جَمَعَ الضَّمِيرَ أَيْ وَجَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَتِيقِ بَنِي هَاشِمٍ (ص) وَقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ (ش) أَيْ وَجَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِقَادِرٍ عَلَى كَسْبِ مَا يَكْفِيهِ بِصَنْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا لَوْ تَكَلَّفَهُ لِوُجُودِ مَا يَحْتَرِفُ بِهِ بِالْمَوْضِعِ مَعَ الرَّوَاجِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ (ص) وَمَالِكِ نِصَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِمَنْ مَلَكَ نِصَابًا لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ الْخَادِمُ وَالدَّارُ الَّتِي تُنَاسِبُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْفِيَهُ الَّذِي مَعَهُ حَوْلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ (ص) وَدَفْعِ أَكْثَرِ مِنْهُ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَدْفَعَ مِنْ زَكَاتِهِ لِلْفَقِيرِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ وَلَوْ صَارَ بِهِ غَنِيًّا؛؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ بِوَصْفٍ جَائِزٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَدَفْعِ أَكْثَرِ مِنْهُ - وَلَوْ كَانَ النِّصَابُ يَكْفِيهِ سِنِينَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ، أَنَّهُ لَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كِفَايَةَ سَنَةٍ لَا أَكْثَرَ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَوْلُهُ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ، يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: وَدَفْعِ أَكْثَرِ مِنْهُ لِمَا تَقَرَّرَ، فَلِمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: دَفَعَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ لِأَجْلِ وُجُودِ دَيْنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَرُدُّ هَذَا مَا يَأْتِي لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ قَدْرَ الْمُعْطَى (ص) وَكِفَايَةِ سَنَةٍ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ دَفْعُ كِفَايَةِ سَنَةٍ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْفَقِيرِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَدْفُوعُ فَوْقَ النِّصَابِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ لَا تُدْفَعُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِلَّا أَعْطَى مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يُبَلِّغَهُ لِلْأُخْرَى (ص) وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخْذِهَا مِنْهُ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَعَ زَكَاتَهُ لِمَدِينِهِ الْمُعْدِمِ ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ فِي دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ تَرَدُّدٌ لِلْأَشْيَاخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطَهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، ثُمَّ إنَّ إتْيَانَ الْمُؤَلِّفِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرَاخِي يُرْشِدُ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَرَاخٍ بِأَنْ أَخَذَهَا عَقِبَ دَفْعِهَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ: وَالْحُكْمُ الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ لِحَمْلِهِمَا حِينَئِذٍ عَلَى التَّوَاطُؤِ (ص) وَجَابٍ وَمُفَرِّقٌ (ش) مَرْفُوعَانِ عَطْفٌ عَلَى فَقِيرٍ وَالْأَوَّلُ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ: وَهُمَا الْيَاءُ وَالتَّنْوِينُ، وَالثَّانِي بِضَمَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَابِي مَنْ لَهُ مَدْخَلِيَّةٌ فِي الزَّكَاةِ فَدَخَلَ الْكَاتِبُ وَالْحَاشِرُ، وَأَمَّا الْقَاسِمُ فَيَدْخُلُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرُوهُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ رَهْنِهِ فَلْيَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ الدَّيْنَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ الضَّمَانَ هَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ وَارْتَضَى النَّاسُ كَلَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا جَمَعَ الضَّمِيرَ) أَيْ: وَلَوْ رَجَعَ لِهَاشِمٍ لَمْ يَجْمَعْ، بَلْ لَا يَتَأَتَّى (قَوْلُهُ: قَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ: وَلَمْ يَكْتَسِبْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لَوْ تَكَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي فِعْلِهَا كُلْفَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَظَاهِرُ الْحَطَّابِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهَا كُلْفَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّأْنَ فِي ذَلِكَ الْكُلْفَةُ فَلَا خَوْفَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى خِلَافُهُ) أَيْ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يُعْطَى لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ عَنْ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: فَيُعْطَى مَا يُكْمِلُ بِهِ السَّنَةَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كِفَايَةَ سَنَةٍ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ لَا يُعْطَى مَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ فَقَوْلُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ نَشَأَ مِمَّا قَبْلُ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ) انْتِقَالٌ لِوَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ مَا كَانَ بِصَدَدِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ هَذَا مَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ: لَا يَرُدُّ هَذَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ وَمَدِينٍ أَيْ: عَنْ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا رَدَّ؛ لِأَنَّ الْمُبَيَّنَ هُنَا لَمْ يُبَيَّنْ فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَا وَدَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ . (قَوْلُهُ: وَكِفَايَةِ سَنَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ عَامٍ حَيْثُ كَانَ يُرْجَى لَهُ شَيْءٌ وَإِلَّا أُعْطِيَ مَا يُغْنِيهِ حَيْثُ كَانَ حَالَ الْأَخْذِ فَقِيرًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّنَةِ حَقِيقَتَهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا إعْطَاؤُهُ بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُعْطَى فِيهِ، ثُمَّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّاعِيَ لَا يُخْرِجُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَيُجَابُ بِفَرْضِ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْحَرْثِ كَالْقَمْحِ لَهُ أَوَانٌ، وَالذُّرَةِ لَهَا أَوَانٌ، وَالْأُرْزِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَخَذَهَا) فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَهَا لَأَجْزَأَ، أَوْ أَخَذَ دَيْنَهُ، ثُمَّ دَفَعَهَا لَأَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ لِلْأَشْيَاخِ إلَخْ) فَالْجَوَازُ رَأْيُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَنْعُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الشِّقَّيْنِ أَيْ: مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ أَخْذَهُ بَعْدَ إعْطَائِهِ بِتَطَوُّعِ الْفَقِيرِ دُونَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ أَجْزَأَهُ وَبِشَرْطٍ كَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ اهـ. أَيْ: الْجَزْمُ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَتَرَدَّدَ وَنَصَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الزَّكَاةَ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ دَيْنِهِ فَانْظُرْ قَوْلَهُ: لَوْ دَفَعَ هَلْ هُوَ عَلَى التَّوَاطُؤِ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ،. وَأَمَّا عَلَى التَّوَاطُؤِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطِ شَيْئًا فَهُوَ قَدْ تَرَدَّدَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ قَالَ مُحَشِّي تت: وَتَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ بِثُمَّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ حِينِهِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ شَرَطَ التَّرَاخِيَ اهـ. مُحَشِّي تت (. قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْجَابِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَمُفَرِّقٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَاشِرُ) هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ لِأَخْذِ مَا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَاسِمُ فَيَدْخُلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 فِي الْمُفَرِّقِ وَيَخْرُجُ الرَّاعِي وَالسَّاقِي وَالْقَاضِي وَالْعَالِمُ وَالْمُفْتِي؛ لِأَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِذَا لَوْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهُ أُعْطُوا (ص) حُرٌّ عَدْلٌ عَالِمٌ بِحُكْمِهَا (ش) أَيْ: وَكُلُّ حُرٍّ أَيْ: يُشْتَرَطُ فِي الْجَابِي وَالْمُفَرِّقِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا: الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ بِحُكْمِ الزَّكَاةِ فِيمَنْ تُدْفَعُ لَهُ، وَمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَقَدْرِ مَا يُؤْخَذُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الذُّكُورِيَّةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَذْكِيرِ الْأَوْصَافِ، وَالْبُلُوغُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ فِي السَّاعِي إذْ جَعَلَهُ حَاكِمًا وَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ: عَدَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِيمَا يَفْعَلُهُ فَعَدَالَةُ الْمُفَرِّقِ فِي تَفْرِقَتِهَا، وَالْجَابِي فِي جِبَايَتِهَا، وَهَكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: حُرٌّ وَغَيْرُ كَافِرٍ مُكَرَّرًا وَاقْتَضَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا مُرُوءَةٍ بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ إلَى آخِرِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْ: مَعَ أَنَّ ذَا لَا يُعْتَبَرُ، وَلَا عَدْلَ رِوَايَةٍ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: وَغَيْرُ كَافِرٍ مُكَرَّرًا أَيْضًا، وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَدْلُ رِوَايَةٍ (ص) غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَحَدٍ مِنْ آلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى الزَّكَاةِ وَهُمْ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُوهُمْ؛ لِأَنَّ أَخْذَهَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَيْهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَوْسَاخَ النَّاسِ وَعَنْ الْإِذْلَالِ فِي الْخِدْمَةِ لَهَا وَفِي سَبِّهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُجَاهِدِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَكَذَا فِي الْجَاسُوسِ حَيْثُ كَانَ مُسْلِمًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يُعْطَى وَلَوْ هَاشِمِيًّا لِخِسَّتِهِ بِالْكُفْرِ (ص) وَكَافِرٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى جِبَايَةِ الزَّكَاةِ وَتَفْرِقَتِهَا، وَيُعْطَى الْعَامِلُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ غَنِيًّا) ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَتُهُ فَلَا تُنَافِي الْغِنَى وَكَوْنُهَا أَوْسَاخًا يُنَافِي نَفَاسَةَ آلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (ص) وَبُدِئَ بِهِ (ش) أَيْ: بِالْعَامِلِ قَبْلَ كُلِّ الْأَصْنَافِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ حَتَّى لَوْ حَصَلَتْ لَهُ مَشَقَّةٌ وَجَاءَ بِيَسِيرٍ لَا يُسَاوِي مِقْدَارَ أُجْرَتِهِ أَخَذَ جَمِيعَهُ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفِي عِبَارَةٍ وَبُدِئَ بِهِ أَيْ: حَتَّى عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ، وَتُقَدَّمُ الْمُؤَلَّفَةُ إنْ وُجِدُوا؛ لِأَنَّ الصَّوْنَ عَنْ النَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّوْنِ عَنْ الْجُوعِ، كَمَا يَبْدَأُ بِالْغَزْوِ إذَا خَشِيَ عَلَى النَّاسِ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ السَّبِيلِ إذَا لَحِقَهُ الضَّرَرُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ اهـ. قَوْلُهُ: تُقَدَّمُ الْمُؤَلَّفَةُ إنْ وُجِدُوا أَيْ: عَلَى الْفُقَرَاءِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ: كَمَا يُبْدَأُ بِالْغَزْوِ إلَخْ الظَّاهِرُ حِينَئِذٍ يُبْدَأُ حَتَّى عَلَى الْعَامِلِ (ص) وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ (ش) : وَصْفِ الْفَقْرِ   [حاشية العدوي] فِي الْمُفَرِّقِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُفَرِّقَ كُلِّيٌّ وَالْقَاسِمَ مِنْ أَفْرَادِهِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ الرَّاعِي) وَمِثْلُهُ: الْحَارِسُ إلَخْ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ شَأْنَ الزَّكَاةِ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْجَابِي وَالْكَاتِبِ وَالْحَاشِرِ وَالْمُفَرِّقِ بِخِلَافِ الرَّاعِي وَالسَّاقِي وَالْحَارِسِ فَالشَّأْنُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمْ؛ لِكَوْنِهَا تُفَرَّقُ عِنْدَ أَخْذِهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالسَّاقِي) مِنْ السَّقْيِ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي وَالْعَالِمُ إلَخْ) أَيْ: قَاضِي الْمُسْلِمِينَ وَعَالِمُهُمْ وَمُفْتِيهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقَاضِيَ فِي الزَّكَاةِ وَالْعَالِمَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شُرُوطِ السَّاعِي عَدْلٌ عَالِمٌ، (قَوْلُهُ: وَلِذَا إذَا لَمْ يُعْطَوْا مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ فَقَدْ أَجَابَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الصَّالِحُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَوْجَلِيُّ حِينَ سُئِلَ عَنْ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِلْعَالِمِ الْغَنِيِّ وَالْقَاضِي وَالْمُدَرِّسِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِمَّنْ نَفْعُهُ عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لِلْقَارِئِ وَالْعَالِمِ وَالْمُعَلِّمِ وَمَنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ لِعُمُومِ نَفْعِهِمْ وَلِبَقَاءِ الدَّيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِهَا ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَقَدْ عَدَّهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي تُعْطَى لَهُمْ الزَّكَاةُ حَيْثُ قَالَ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] يَعْنِي: الْمُجَاهِدَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعُمُومِ نَفْعِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُعْطَى الْمُجَاهِدُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي عُمُومِ النَّفْعِ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الْعَالِمُ وَالْقَارِئُ وَالْمُعَلِّمُ وَالْمُؤَذِّنُونَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ بَقَاءَ الْإِسْلَامِ وَشُهْرَتَهُ وَتَعْظِيمَهُ وَإِرَاحَةَ الْقُلُوبِ عَلَيْهِ فَيَنْخَرِطُ ذَلِكَ فِي سِلْكِ قَوْله تَعَالَى {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] قَالَهُ مُحَمَّدٌ الصَّالِحُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَوْجَلِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الْعُلَمَاءُ أَوْلَى بِالزَّكَاةِ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْفَاسِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ قَالَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ: هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَاتِبٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَفِي أَسْئِلَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجُوزُ لِلْعُلَمَاءِ الْفُقَرَاءِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ اهـ. أَيْ: فَقَيَّدَ بِالْفُقَرَاءِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: عَدْلٌ) فِي تَفْرِقَتِهَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذًا لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ عَدْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا عَدْلَ الرِّوَايَةِ، بَلْ الْمُرَادُ الْعَدَالَةُ فِي التَّفْرِقَةِ يَشْمَلُ الْفَاسِقَ فَلَوْ قَالَ: غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَفَاسِقٍ لَكَانَ أَوْلَى لِخُرُوجِ الْكَافِرِ مِنْ بَابٍ أَحْرَى قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا فَاسِقٌ إذْ لَا أَمَانَةَ لَهُ قَالَ فِي ك فَلَا يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ وَلَا الْكَافِرُ وَلَا الْمَرْأَةُ وَلَا الصَّبِيُّ وَلَا الْفَاسِقُ فَإِنْ اُسْتُعْمِلُوا اُعْطُوا أَجْرَ مِثْلِهِمْ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ: مِنْ حَيْثُ يُعْطَى الْعُمَّالُ وَالْوُلَاةُ، وَذَلِكَ مِنْ الْفَيْءِ قَالَ بَعْضٌ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ إعْطَاءِ الْجَابِي مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ كَوْنِهِ جَابِيًا كَالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْهَاشِمِيَّةِ شَرْطَانِ فِي صِحَّةِ إعْطَائِهِ مِنْهَا ك (قَوْلُهُ: غَيْرُ هَاشِمِيٍّ) فَلَا يُسْتَعْمَلُ جَابِيًا، أَوْ مُفَرِّقًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا يُعَدُّ بِهِ عَامِلًا عَلَيْهَا أَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ الْبَاجِيُّ يُجَوِّزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْحِرَاسَةِ وَالسُّوقِ الْهَاشِمِيُّ وَالذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَحْضَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي سَبَبِهَا) عَيَّنَ قَوْلَهُ لَهَا (لَا يُسَاوِي مِقْدَارَ أُجْرَتِهِ) ، بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْرَ أُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي عِبَارَةٍ وَبُدِئَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بُدِئَ الْعَامِلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا تَقْدِيمَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ الْمُؤَلَّفَةُ) أَيْ: عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْفَقِيرِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمِسْكِينَ، وَالْخَلَّةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ) لَكِنْ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ وَكَذَا لَا يَأْخُذُ بِوَصْفِ الْغُرْمِ إذَا كَانَ مِدْيَانًا إلَّا بِإِعْطَاءِ إمَامٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْسِمُهَا فَلَا يُحْكَمُ لِنَفْسِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 وَالْعَمَلِ إنْ لَمْ يَفُتْهُ حَظُّ الْعَمَلِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَصْفَيْنِ أَوْ أَوْصَافٍ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ سَعَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِيمَا يَأْخُذُهُ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ أَوْ الْأَوْصَافِ مَا يَكْفِيهِ وَلَا يَقْصُرُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْعَامِلِ (ص) وَلَا يُعْطَى حَارِسُ الْفِطْرَةِ (ش) بَلْ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهَا، أَمَّا بِوَصْفِ الْفَقْرِ فَيُعْطَى مِنْهَا، وَكَذَا جُبَاتُهَا أَيْ: وَلَا يُعْطَى أُجْرَةَ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا مَفْهُومَ لِلْفِطْرَةِ (ص) وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ لِيُسْلِمَ وَحُكْمُهُ بَاقٍ (ش) الصِّنْفُ الرَّابِعُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وَهُمْ كُفَّارٌ يُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا عَلَى الْإِسْلَامِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ بَاقٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَكِنْ لَا يُعْطَوْنَ إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ اهـ. وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ الْحَاجَةُ إلَى دُخُولِهِمْ الْإِسْلَامَ لِإِنْقَاذِهِمْ مِنْ الْكُفْرِ، أَوْ إلَى إعَانَتِهِمْ لَنَا فَعَلَى الثَّانِي لَا يُعْطَوْنَ إلَّا إنْ اُحْتِيجَ لِإِعَانَتِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطَوْنَ إنْ عُلِمَ مِنْ حَالِ الْمُعْطَى التَّأَلُّفُ لِلْإِسْلَامِ بِالْإِعْطَاءِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ الْمُلَائِمُ لِجَعْلِهِ شَرْطًا (ص) وَرَقِيقٌ مُؤْمِنٌ وَلَوْ بِعَيْبٍ يُعْتَقُ مِنْهَا (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ الْخَامِسُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ الرَّقِيقُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُشْتَرَى مِنْ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا عَيْبًا خَفِيفًا، أَوْ ثَقِيلًا كَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْإِعَانَةِ بِخِلَافِ الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ وَفِي عِبَارَةِ التَّنْوِينِ فِي بِعَيْبٍ لِلتَّعْظِيمِ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَبَاؤُهُ لِلْمَعِيَّةِ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ: حَيْثُ عَمَّمَ فِي الْعَيْبِ فَإِنَّ الْخَفِيفَ لَا يُنَاسِبُ الْمُبَالَغَةَ، وَغَايَرَ الْمُؤَلِّفَ فِي التَّعْبِيرِ حَيْثُ عَبَّرَ هُنَا بِمُؤْمِنٍ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إنْ أَسْلَمَ تَفَنُّنًا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُسْلِمِ الْمُؤْمِنُ، وَبَنَى يُعْتَقُ لِلْمَجْهُولِ إشَارَةً إلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَهُ الْإِمَامُ، أَوْ الْمُتَصَدِّقُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ (ص) لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (ش) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي تُعْتَقُ مِنْ الزَّكَاةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ، وَيَكُونَ وَلَاءُ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُ مُدَبَّرِهِ وَلَا مُكَاتَبِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يُرَدُّ وَلَا يُجْزِئُهُ (ص) وَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ (ش) إنْ جُعِلَ مُبَالَغَةً فِيمَا قَبْلَهُ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْوَلَاءِ، وَإِنْ جُعِلَ مُسْتَأْنَفًا وَجَوَابُهُ لَمْ يُجْزِهِ الْآتِي كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَنِّي وَوَلَاؤُك لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ فَقَوْلُهُ: (أَوْ فَكَّ أَسِيرًا) عَلَى   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَصْفَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَمِدْيَانًا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا جُبَاتُهَا) أَيْ: يُعْطَوْنَ بِوَصْفِ الْفَقْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ لِلْفِطْرَةِ) بَلْ كَذَلِكَ حَارِسُ الزَّكَاةِ لَا يُعْطَى مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ إلَخْ) وَقِيلَ الْمُؤَلَّفَةُ مُسْلِمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ يُعْطَى لِيَتَمَكَّنَ إسْلَامُهُ وَبِهِ صَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى عَزْوِهِ أَنَّهُ رَاجِحٌ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ بَاقٍ) تَبِعَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالصَّحِيحُ بَقَاءُ حُكْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُ نَصَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبِعَ ابْنَ بَشِيرٍ فِي تَعْبِيرِهِ بِالصَّحِيحِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ عَلَى مَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ) أَيْ: إلَّا وَقْتَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمْ أَيْ: أَنَّ الْمُؤَلَّفَ الْكَافِرَ لَا يُعْطَى لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا وَقْتَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: الْحَاجَةُ إلَى دُخُولِهِمْ الْإِسْلَامَ أَيْ: احْتِيَاجُنَا إلَى دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ: اتِّصَافُنَا بِالِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى إعَانَتِهِمْ لَنَا، أَوْ الْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِمْ احْتِيَاجُنَا لَهُمْ فِي الْخِدْمَةِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطَوْنَ إنْ عُلِمَ أَيْ: أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا الثَّانِي أَيْ: فِي التَّفْرِيعِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُلَائِمُ أَيْ: الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِهِ شَرْطًا أَيْ: لِجَعْلِ الِاحْتِيَاجِ شَرْطًا فِي الْإِعْطَاءِ لِلْمُؤَلَّفِ لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْطَوْنَ إلَّا بِشَرْطِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مُنَاسِبًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إعْطَاءُ الْمُؤَلَّفِ لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِيهِ إلَّا اتِّصَافَنَا بِاحْتِيَاجِنَا لِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَعَلِمْنَا بِتَأْلِيفِهِ فَإِذَا لَمْ نَعْلَمْ بِالتَّأْلِيفِ فَلَا نَتَّصِفُ بِالِاحْتِيَاجِ لِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَصَارَ الْمَنْظُورُ لَهُ الْعِلْمَ بِالتَّأْلِيفِ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَلَّفَ الْكَافِرَ لَا يُعْطَى لِعِلَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِعِلْمِنَا أَنَّنَا إذَا أَعْطَيْنَاهُ يُسْلِمُ فَإِذَا لَمْ نَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا يُعْطَى وَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِيهِ احْتِيَاجَنَا لَهُ فِي الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْخِدْمَةِ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِإِسْلَامٍ وَلَا عَدَمِهِ. (ثُمَّ أَقُولُ) وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاجَةِ إلَى الْإِسْلَامِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْإِنْقَاذُ، بَلْ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا لَوْ نُظِرَ لِلْإِنْقَاذِ فَهُوَ أَمْرٌ دَائِمٌ لَا يُعْقَلُ جَعْلُهُ شَرْطًا (قَوْلُهُ: يُعْتَقُ مِنْهَا) أَيْ: يُعْتَقُ بِثَمَنٍ يُشْتَرَى مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ مَالِكُهُ بِغَيْرِ شِرَائِهِ مِنْهَا إلَّا أَنَّ اللَّخْمِيَّ سَوَّى بَيْنَ شِرَائِهِ مِنْهَا، وَعِتْقِ الْمَالِكِ بِقِيمَتِهِ عَنْ زَكَاتِهِ وَارْتَضَاهُ مُحَشِّي تت وَاسْتَظْهَرَ الْإِجْزَاءَ إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ زَكَاتِي، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ فَاشْتَرَى بِهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الدَّافِعِ بِالشِّرَاءِ وَأَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ جَازَ وَيُعْتَقُ فِي الْمُصَنَّفِ صِفَةٌ، أَوْ حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ وَأَصْلُهُ أَنْ يُعْتَقَ فَحُذِفَ النَّاصِبُ فَارْتَفَعَ الْفِعْلُ، وَالشَّاذُّ هُوَ بَقَاءُ النَّصْبِ مَعَ حَذْفِ النَّاصِبِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إعَانَةُ الْمُكَاتَبِينَ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِمْ بِمَا يُعْتَقُونَ بِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ) أَيْ: أَنَّ ذَا الْعَيْبِ أَشَدُّ احْتِيَاجًا إلَى الْعِتْقِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا صَارَ حُرًّا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَمِنْ غَيْرِهَا وَلَا يُوكَلُ أَمْرُهُ إلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَرِدُ وَلَا يُجْزِئُهُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ (قَوْلُهُ: كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعِتْقِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا إنْ اُشْتُرِطَ الْعِتْقُ لَهُ وَقَوْلُهُ وَوَلَاؤُك إلَخْ ذِكْرُهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَ مُحَشِّي تت: وَالْحَاصِلُ إنْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يُجْزِئُ سَوَاءٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 الْأَوَّلِ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ أَيْ: أَوَانَ فَكَّ أَسِيرًا، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى اشْتَرَطَهُ وَقَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: وَالْعِتْقُ وَالْفَكُّ مَاضٍ فِيهِمَا (ص) وَمَدِينٌ وَلَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ السَّادِسُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] وَالْمُرَادُ بِالْمَدِينِ هُنَا الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ فِي الْفَلَسِ فَخَرَجَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَدِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَيَأْخُذُ مِنْهَا السُّلْطَانُ لِيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَ الْمَيِّتِ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي أَخْذِهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْمَدِينِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ مِمَّا يُحْبَسُ فِيهِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُحْبَسُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا؛ لِوَفَاءِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّينَ (ص) لَا فِي فَسَادٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: قَدْ اسْتَدَانَهُ وَوَضَعَهُ فِي مَصَالِحِهِ لَا فِي فَسَادٍ: كَزِنًا وَخَمْرٍ وَقِمَارٍ وَغَصْبٍ فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ (ص) وَلَا لِأَخْذِهَا (ش) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَلَا إنْ اسْتَدَانَ لِأَخْذِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ فَاتَّسَعَ فِي الْإِنْفَاقِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ فَلَا يُعْطَى، وَأَمَّا إذَا اسْتَدَانَ لِلضَّرُورَةِ نَاوِيًا أَدَاءَ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا مَنْعَ وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتُوبَ عَلَى الْأَحْسَنِ) رَجَّعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ: لَا فِي فَسَادٍ (ص) إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْعِشْرِينَ الَّتِي بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى وَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ (ص) وَفَضَلَ غَيْرُهَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْعَيْنِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمِدْيَانَ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ الْفَاضِلِ مِمَّا بِيَدِهِ غَيْرَ الْعَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا وَيُنَاسِبُهُ دَارٌ بِثَلَاثِينَ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّارَ تُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ وَيَدْفَعُ الْفَاضِلَ: وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ يُوَفِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْفَاضِلُ يُسَاوِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَصِيرُ فَقِيرًا لَا غَارِمًا (ص) وَمُجَاهِدٌ وَآلَتُهُ وَلَوْ غَنِيًّا (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ السَّابِعُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ   [حاشية العدوي] أَطْلَقَ، أَوْ قَالَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَرَطَ وَلَاءَهُ لَهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ إنْ فَكَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَوْ يُبْعِدُ جَعْلَهُ مُسْتَأْنَفًا وَجَعْلَ أَوْ إنْ مُبَالَغَةً، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ " وَإِنْ أَيْ " شَرْطِيَّةٌ، وَقَوْلَهُ أَوْ فَكَّ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ فَكَّ أَسِيرًا أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْأَسِيرِ، أَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لَأَجْزَأَ فَالْمُرَادُ: فَكُّ أَسِيرٍ مِنْ الْعَدُوِّ بِالزَّكَاةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَكَّ لِغَيْرِهِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَأَمَّا فَكُّهُ بِزَكَاةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. (قَوْلُهُ: يُحْبَسُ فِيهِ) أَيْ: شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ فِيهِ فَدَخَلَ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ فَيَدْفَعُ الزَّكَاةَ لِلْوَالِدِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَ ابْنِهِ وَفِي الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزِّيَّةِ لَا يُعْطَى وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَدَخَلَ أَيْضًا: الدَّيْنُ عَلَى الْمُعْدِمِ فَإِنَّ شَأْنَ كُلِّ الْحَبْسِ فِيهِ وَعَرَضَ عَلَى الْحَبْسِ عَارِضُ الْأُبُوَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْعُدْمِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ دَيْنُ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كِفَايَتُهُ إلَّا أَنَّهُ اسْتَدَانَ زِيَادَةً عَلَى مَا بِهِ الْحَاجَةُ فَالزَّائِدُ لَا يُعْطَى لِأَجْلِ قَضَائِهِ، وَكَذَا لَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ أَوْ يُخَافَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةٍ نَاوِيًا إلَخْ) فِي ك، وَوَجْهُ ذَلِكَ بَيِّنٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَوَّلَ غَنِيٌّ وَاحْتَالَ لِيَكُونَ مِدْيَانًا فَهَذَا قَصْدٌ ذَمِيمٌ فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِهِ، وَالثَّانِي مَقْصِدُهُ صَحِيحٌ فَيُوَفَّى لَهُ بِقَصْدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَيَضُرُّ بِهِ أَكْلُ اللَّحْمِ الْخَشِنِ أَنَّهُ إذَا اسْتَدَانَ لِأَكْلِ الضَّأْنِ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يَصْلُحُ بِهِ لَا غَيْرُهُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: رَجَّعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ يُقَالُ التَّدَايُنُ لِأَخْذِهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّوْبَةِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَمَنْ تَدَايَنَ لِأَجْلِ أَخْذِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يُعْطَى بِحَالٍ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) : وَالظَّاهِرُ الْجَرَيَانُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْمُحَرَّمِ وَمَنْدُوبَةٌ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت فِيمَا نُقِلَ عَنْ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ يُمْكِنُ رُجُوحُهُ لِلثَّانِيَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَدَايَنَ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ كَانَ سَفِيهًا وَالسَّفَهُ حَرَامٌ اهـ. (إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَيْسَ إعْطَاءُ الْعَيْنِ وَفَضْلُ غَيْرِهَا بِالْفِعْلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقَدَّرَ إنْ لَوْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَفَضَلَ غَيْرُهَا مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهِ يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ فَلَا يُعْطَى إلَّا مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ فَيُعْطَى تَمَامَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ) فِي عب وَيَكْفِي الِاسْتِبْدَالُ بِمَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ، وَكَذَا الْمَرْكُوبُ وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَيَكْفِيهِ دَارٌ إلَخْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْكِفَايَةِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا قَالَهُ شَارِحُنَا وَفِي شَرْحِ شب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدِينَ يُعْطَى مِنْهَا وَلَوْ كَانَ هَاشِمِيًّا إذْ لَا مَذَلَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَذَلَّةَ الدَّيْنِ أَعْظَمُ مِنْ مَذَلَّةِ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ فِي دَيْنِهِ وَنُظِرَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَمِنْ الْمَدِينِ الْمُصَادَرُ مِنْ ظَالِمٍ إنْ فَكَّهُ مِنْهُ شَخْصٌ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُصَادَرِ بِالْفَتْحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 قَوْله تَعَالَى {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ: الْمُتَلَبِّسَ بِهِ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُعْطَى أَيْضًا لِأَجْلِ آلَةِ الْجِهَادِ: مِنْ سِلَاحٍ وَرُمْحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آلَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُجَاهِدِ هُنَا مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا ذَكَرًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا قَادِرًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ (ص) كَجَاسُوسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَاسُوسَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ: وَهُوَ شَخْصٌ يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ لِيَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ وَيَعْلَمَ حَالَهُمْ، ثُمَّ يُعْلِمَنَا بِذَلِكَ لِنَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ (ص) لَا سُورٍ وَمَرْكَبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّكَاةَ لَا يَجُوزُ عَمَلُ سُورٍ مِنْهَا وَلَا مَرْكَبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ السُّورِ وَالْمَرْكَبِ: الْفَقِيهُ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَاتِ فِي غَيْرِ الْوُجُوهِ الْمُبَيَّنَةِ: مِنْ عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ أَوْ بِنَاءِ الْقَنَاطِرِ أَوْ تَكْفِينِ الْمَوْتَى أَوْ فَكِّ الْأَسَارَى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ (ص) وَغَرِيبٍ مُحْتَاجٍ لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا وَهُوَ مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الصِّنْفِ الثَّامِنِ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَهُوَ آخِرُهَا، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ؛ الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ إلَى مَا يُوَصِّلُهُ إلَى وَطَنِهِ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِمَا يُوَصِّلُهُ فَلَا يُعْطَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ إيصَالُهُ إلَى بَلَدِهِ بِخِلَافِ الْمُجَاهِدِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي الْمَوْضِعِ الْمُقِيمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِرْهَابُ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ كَمَنْ خَرَجَ لِقَتْلِ نَفْسٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ. الثَّالِثُ أَنْ لَا يَجِدَ مُسَلِّفًا لَهُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَهُوَ شَرْطٌ عَدَمِيٌّ مَشْرُوطٌ بِوُجُودِيٍّ يَعْنِي إنَّمَا يُعْطَى إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُسَلِّفُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ، فَإِنْ وُجِدَ وَهُوَ غَنِيٌّ انْتَفَى أَحَدُهُمَا فَانْتَفَى لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَخْذُهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ، وُجِدَ وَهُوَ فَقِيرٌ كَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ ضِدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَهُوَ فَقِيرٌ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ، وَلَوْ قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا مُطْلَقًا أَوْ وَجَدَهُ وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمَعْنَى، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُدِّقَ) إلَى أَنَّ الْغَرِيبَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْفُقَرَاءِ إذْ لَا يَجِدُ مَنْ يَعْرِفُهُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ مَالِكٌ: وَأَيْنَ يَجِدُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ. (ص) وَإِنْ جَلَسَ نُزِعَتْ مِنْهُ كَغَازٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ وَالْغَازِي إذَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لِيَغْزُوَ بِهِ أَوْ لِيُسَافِرَ إلَى بَلَدِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ جَلَسَ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُرَدُّ إلَى مَحَلِّهَا إلَّا أَنْ يُسَوَّغَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ بِوَصْفِ الْفَقْرِ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمِدْيَانُ إذَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَلَبِّسَ بِهِ) أَيْ: فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَتَى بِاسْمِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّلَبُّسَ بِهِ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، أَوْ فِي السَّفَرِ لَهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُرَابِطُ الْمُتَلَبِّسُ بِالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي غَزْوِهِ مَا يُغْنِيهِ وَهُوَ غَنِيٌّ بِبَلَدِهِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آلَتِهِ) كَالْخَيْلِ إلَخْ وَيَبْقَى ذَلِكَ لِلْمُجَاهِدِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا جَاسُوسًا (قَوْلُهُ: لَا سُورٍ) يَتَحَفَّظُ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ وَلَا مَرْكَبٍ يُقَاتِلُونَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا أَعَمُّ مِمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ الْآنَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَنَّهُ يُنْشَأُ مِنْهَا الْمَرَاكِبُ لِلْغَزْوِ وَيُعْطَى مِنْهَا كِرَاءُ النَّوَاتِيَّةِ وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: الْفَقِيهُ) أَيْ: يُدَرِّسُ، أَوْ يُفْتِي أَيْ: إذَا كَانُوا يُعْطَوْنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَيُعْطَوْنَ، وَيُعْطَى الْفَقِيهُ وَلَوْ كَثُرَتْ كُتُبُهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ لَمْ يُعْطَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كُتُبُهُ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ وَقَوْلُهُ، وَالْإِمَامُ أَيْ: إمَامُ مَسْجِدٍ أَيْ: حَيْثُ أُجْرِيَ رِزْقُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا أُعْطُوهَا كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ: وَغَرِيبٌ) مُسْلِمٌ غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (قَوْلُهُ: لِمَا يُوَصِّلُهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِمَا يُنْفِقُهُ فَإِنْ احْتَاجَ لِمَا يُنْفِقُهُ أُعْطِيَ لَهُ أَيْضًا وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ يُجْزِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا؟ . (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَرِيبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ رَائِحَةِ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَلِيءٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ " يَجِدْ " وَهُوَ جُزْءُ شَرْطٍ لَا شَرْطٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، الْمَشْهُورُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ الْغَازِي وَضَعُفَ بِعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِرْهَابُ) أَيْ: وَبِدَفْعِ الزَّكَاةِ لَهُ بِتَقَوِّي بَأْسِهِ فَيَحْصُلُ لِلْعَدُوِّ إرْهَابٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَأَمَّا الْعَاصِي فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ إعْطَاؤُهُ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَالْقَصْرِ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ) أَيْ: وَإِلَّا أَنْ يَتُوبَ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ حُصُولَ التَّوْبَةِ مِنْهُ مُسَوِّغٌ لِإِعْطَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَذَا يَنْبَغِي، وَالْأَحْسَنُ مَا فِي شَرْحِ شب مِنْ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَقَطْ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ لَا يُعْطَى حَيْثُ خَرَجَ لِقَتْلٍ، أَوْ هَتْكِ حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ) الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْأَخْذِ وَإِذَا انْتَفَى عَدَمُ الْأَخْذِ ثَبَتَ الْأَخْذُ فَالْحُكْمُ هُنَا غَيْرُ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَوْ قَالَ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ وَهُوَ الْأَخْذُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْفَقْرُ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شَرْطِ ضِدِّهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِوُجُودِ شَرْطِ ضِدِّهِ أَيْ: لِوُجُودِ شَرْطِ الْأَخْذِ وَهُوَ الْفَقْرُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: أَنْ لَا يَجِدَ مُسَلِّفًا مُطْلَقًا، أَوْ وَجَدَ وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ بِهَا لَمْ يُعْطَ (قَوْلُهُ: إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ: مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ، وَقَوْلُهُ كَغَازٍ أُعْطِيَ بِرَسْمِ الْغَزْوِ وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِلْغُرَمَاءِ فِي دَيْنِهِ فَهَلْ يُنْتَزَعُ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (ص) وَفِي غَارِمٍ يَسْتَغْنِي تَرَدُّدٌ (ش) وَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ التَّرَدُّدِ، وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ أَنْ يَقُولَ: وَاخْتَارَ أَخْذَهَا مِنْ غَارِمٍ اسْتَغْنَى ثُمَّ إنَّ التَّعْبِيرَ بِنُزِعَتْ يَقْتَضِي أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، فَلَوْ ذَهَبَتْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَازِي فَإِنَّهَا تُنْزَعُ مِنْهُ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً، وَتَكُونُ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْأَصْنَافِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى كَيْفِيَّةِ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: (ص) وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُتَوَلِّي تَفْرِقَةُ الزَّكَاةِ إمَامًا أَوْ مَالِكًا إيثَارُ الْمُضْطَرِّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبُلْدَانِ وَالْأَصْنَافِ عَلَى بَعْضِهَا وَإِفْرَادُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى بَقِيَّتِهَا بِأَنْ يُزَادَ فِي إعْطَائِهِ، وَأَمَّا عُمُومُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَعُمَّهَا عِنْدَ وُجُودِهَا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا فَيَجُوزُ دَفْعُ جَمِيعِهَا الصِّنْفُ وَاحِدٌ مَعَ إمْكَانِ تَعْمِيمِهِمْ، وَلَوْ الْعَامِلُ إذَا أَتَى بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُسَاوِي تَعَبَهُ، وَلِشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الْآيَةَ لِبَيَانِ الْمَصْرِفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ أَيْ: إنَّمَا الصَّدَقَاتُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْإِعْطَاءُ بِالْفِعْلِ لَا لِلْمِلْكِ، أَمَّا إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَوْ شَخْصٌ مِنْهُ أَجْزَأَ الْإِعْطَاءُ لَهُ إجْمَاعًا وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ تَعْمِيمَ الْأَصْنَافِ إذَا وُجِدُوا، وَلَا يَجِبُ تَعْمِيمُ آحَادِهِمْ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَالَ: لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ مِنْ سَدِّ الْخَلَّةِ وَالْغَزْوِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِمَا يُوجِبُهُ مِنْ دُعَاءِ الْجَمِيعِ وَمُصَادَقَةِ وَلِيٍّ فِيهِ. (ص) وَالِاسْتِنَابَةُ وَقَدْ تَجِبُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ تُسْتَحَبُّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَلِيَهَا بِنَفْسِهِ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ وَالثَّنَاءِ، وَعَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ وَقَدْ تَجِبُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَ وُقُوعُ الرِّيَاءِ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ بِأَحْكَامِهَا وَمَصْرِفِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَلَبَ فَقَالَ قَدْ أَخْرَجْتهَا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ انْتَهَى. وَمِنْ آدَابِهَا دَفْعُهَا بِالْيَمِينِ، وَدُعَاءُ الْمُصَدِّقِ وَالْإِمَامِ لِدَافِعِهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَأَوْجَبَهُ دَاوُد وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ: فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ آدَابِ الزَّكَاةِ أَنْ يَسْتُرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَقَدْ قِيلَ: الْإِظْهَارُ فِي الْفَضَائِلِ أَفْضَلُ وَنَحْوُهُ لِسَيِّدِي زَرُّوقٍ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ تَرْكَهَا فَيُسْتَحَبُّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ) فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْغَارِمِ يَأْخُذُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، ثُمَّ يَسْتَغْنِي قَبْلَ أَدَائِهِ إشْكَالٌ، وَلَوْ قِيلَ يُنْزَعُ مِنْهُ لَكَانَ وَجْهًا، وَتَقَدَّمَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ كَمَا هُنَا، وَتَبَيَّنَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهَا تُنْزَعُ فَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ التَّرَدُّدِ؛ فَلِذَا قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ مَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى النِّزَاعِ (قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِهَا) بِأَنْ يُقَدِّمَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضِهَا، بِأَنْ يُقَدِّمَ هَذِهِ الْبَلَدَ عَلَى هَذِهِ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ: فُقَرَاءَ، أَوْ مَسَاكِينَ، وَيُقَدِّمَ صِنْفَ الْمَسَاكِينِ عَلَى صِنْفِ الْفُقَرَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ شِدَّةُ الِاحْتِيَاجِ. وَقَوْلُهُ: وَأَفْرَادِ كُلِّ صِنْفٍ إلَخْ فَإِنَّ الْمَسْكَنَةَ مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ، وَكَذَا الْفَقْرُ، وَقَوْلُهُ وَأَفْرَادُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْبُلْدَانِ وَقَوْلُهُ: عَلَى بَقِيَّتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: بِأَنْ يُقَدِّمَ بَعْضَهَا عَلَى بَقِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا إلَخْ) إلَّا أَنْ يَقْصِدَ رَعْيَ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَيَعُمُّ لِنَدْبِ مُرَاعَاتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يُسَاوِي تَعَبَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُسَاوِي تَعَبَهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ قَالَ فِي ك مَا نَصُّهُ قَالَ الْحَطَّابُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَوْ دُفِعَتْ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ أَيْ: وَيَجُوزُ إلَّا الْعَامِلَ فَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَتْ قَدْرَ عَمَلِهِ اهـ. قُلْت الَّذِي فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا: إنَّهَا لَا تُدْفَعُ إلَّا إذَا كَانَتْ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يُسَاوِي عَمَلَهُ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ هَذَا مَا فِي ك، وَالظَّاهِرُ مَا لِلْحَطَّابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَا كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ) أَيْ: يَذْهَبَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ آيَةَ الْقُرْآنِ نَاطِقَةٌ بِالْمَصَارِفِ فَكَيْفَ يَأْتِي النِّسْيَانُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَنْسَى وَلَوْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْسَى بِاعْتِبَارِ أَهْلِ الْقُرْآنِ، أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ. (قَوْلُهُ: خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ) أَيْ: الْحَمْدِ وَقَوْلُهُ: " وَالثَّنَاءِ " عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ: خَوْفَ حُبِّ الْمَحْمَدَةِ (قَوْلُهُ: وَعَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ) أَيْ:؛ وَلِأَنَّ عَمَلَ السِّرِّ أَفْضَلُ، وَالِاسْتِنَابَةُ نَوْعٌ مِنْ السِّرِّ، وَإِنْ كَانَ النَّائِبُ قَدْ يَجْهَرُ بِهَا لَكِنْ سَيَأْتِي، يَقُولُ: وَمِنْ آدَابِهَا سَتْرُهَا عَنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: إذَا جَزَمَ بِقَصْدِ الْمَحْمَدَةِ) أَيْ: جَزَمَ الْآنَ بِأَنَّهُ مَتَى تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ يَقْصِدُ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ أَيْ: يُحِبُّ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ، وَإِنَّمَا أَوْ لَنَا قَصْدُهُ بِحُبٍّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَيْ: جَزَمَ بِحُبِّ حَمْدِ النَّاسِ لَهُ بِحَيْثُ يَصْرِفُهُ عَلَى الْعَمَلِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَفْرَحَ بِالْمَدْحِ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188] فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْدَحَ بِمَا فَعَلَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ لِلْحَدِيثِ «إذَا مُدِحَ الْمُؤْمِنُ فِي وَجْهِهِ رَبَا الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ» وَيُفْهَمُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى الْجَوَازُ إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ إذَا تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ لَا يَقْصِدُ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ. (قَوْلُهُ: الْمُصَدِّقِ) هُوَ السَّاعِي (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ) عَطْفٌ عَلَى الدُّعَاءِ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبَهُ دَاوُد) أَيْ: أَوْجَبَ دُعَاءَ السَّاعِي وَمَنْ مَعَهُ لِدَافِعِهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ الْإِظْهَارُ إلَخْ) الْفَضَائِلُ مُقَابِلُ الْفَرَائِضِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ إظْهَارُ الْفَضَائِلِ أَوْلَى فَلْيَكُنْ إظْهَارُ الْفَرَائِضِ أَوْلَى وَأَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ: وَنَحْوُ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 الْإِظْهَارُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ. (ص) وَكُرِهَ لَهُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ يَرْجِعُ لِلنَّائِبِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْمُضَافِ يَرْجِعُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّائِبَ يُكْرَهُ لَهُ حِينَ الِاسْتِنَابَةِ أَنْ يُخَصِّصَ قَرَابَةَ رَبِّ الْمَالِ بِالزَّكَاةِ، وَكَذَا إيثَارُهُ، وَأَمَّا إعْطَاؤُهُمْ مِثْلَ غَيْرِهِمْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَلِلنَّائِبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخَصِّصَ قَرِيبَهُ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِالزَّكَاةِ فَإِنْ أَعْطَاهُ مِثْلَ غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ . (ص) وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجًا أَوْ يُكْرَهُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاتِهَا، اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي ذَلِكَ: فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُهَا وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَمَلَهَا ابْنُ زَرْقُونٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ لَهَا فِي نَفَقَتِهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا إعْطَاءُ الزَّوْجِ زَكَاتَهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ بِلَا إشْكَالٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ دَيْنٌ فَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ . (ص) وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّهَبِ زَكَاةً عَنْ الْوَرِقِ، وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَوْلَوِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ وُجِدَ مَسْكُوكٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْفُلُوسِ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (ص) بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقًا (ش) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِخْرَاجِ أَيْ: الْإِخْرَاجُ مُقَدَّرٌ بِصَرْفِ وَقْتِهِ وَافَقَ الصَّرْفَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ عَنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِينَارٌ، أَوْ خَالَفَهُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ فِضَّةً فَلْيُخْرِجْ صَرْفَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَزَادَ عَنْ الصَّرْفِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ نَقَصَ (ص) بِقِيمَةِ السِّكَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْوَرِقَ عَنْ الذَّهَبِ، أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يُرَاعِي السِّكَّةَ فَيُخْرِجُ قِيمَتَهَا فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ مَثَلًا فِي عِشْرِينَ دِينَارًا مَسْكُوكَةٍ فَإِنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ مَسْكُوكًا وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ وَرِقًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ صَرْفَهُ مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ فِي نَوْعٍ) إلَى أَنَّ السِّكَّةَ تُعْتَبَرُ وَيُخْرِجُ قِيمَتَهَا وَلَوْ فِي نَوْعٍ (وَاحِدٍ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْرَجُ فِي نَوْعِهِ فَالتَّنْوِينُ عِوَضٌ عَنْ الضَّمِيرِ كَمَا إذَا أَخْرَجَ تِبْرَ ذَهَبٍ عَنْ جُزْءِ دِينَارٍ مَسْكُوكٍ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ فِي نَوْعَيْنِ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ وَيُخْرِجُ قِيمَتَهَا كَمَا إذَا أَخْرَجَ الْوَرِقَ الْمَسْكُوكَ عَنْ جُزْءِ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ مَثَلًا (ص) لَا صِيَاغَةٍ فِيهِ (ش) صِيَاغَةٌ بِالْجَرِّ مُنَوَّنٌ عَطْفٌ عَلَى السِّكَّةِ أَيْ: لَا لِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَصُوغٌ وَزْنُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِصِيَاغَتِهِ يُسَاوِي مِائَةً وَعَشَرَةً فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْمِائَةِ فَقَطْ، وَفِي كِتَابَةٍ بِجَرِّ صِيَاغَةٍ وَتَنْوِينِهِ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ السِّكَّةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَنْ يُخَصِّصَ قَرَابَةَ رَبِّ الْمَالِ) ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ النَّائِبِ قَرِيبَ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا اسْتَنَابَهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ عب، وَاَلَّذِي فِي الْبَدْرِ أَنَّهُ يُكْرَهُ مِثْلُ قَرِيبِ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ إلَخْ) أَيْ: الْقَائِلِ بِأَنَّ إخْرَاجَ الْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ أَجْوَزُ مِنْ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوَرِقَ أَيْسَرُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَيْ:؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدِّدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَمُقَابَلَةُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، (قَوْلُهُ: الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِخْرَاجِ) وَهِيَ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ: مُتَلَبِّسًا بِصَرْفِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ السِّكَّةِ) أَيْ: فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ، وَأَمَّا قِيمَةُ السِّكَّةِ فِي الْمُخْرَجِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِ مَسْكُوكٍ قَالَ فِي ك: وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ أَنَّ السِّكَّةَ لَهَا قِيمَةٌ فَلَوْ كَانَتْ مِنْ السِّكَكِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَهُ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: بِقِيمَةِ السِّكَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَجَازَ إلَخْ، وَالتَّقْدِيرُ وَيَكُونُ الْإِخْرَاجُ مُطْلَقًا بِقِيمَةِ السِّكَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ، (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخْرِجُ صَرْفَهُ مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ قِيمَةِ السِّكَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ بِمَعْنَى مَعَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ) أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُخْرَجُ فِي نَوْعِهِ) أَيْ: مِنْ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَخْرَجَ الْوَرِقَ الْمَسْكُوكَ إلَخْ) الْمَدَارُ عَلَى إخْرَاجِ صَرْفِهِ مَسْكُوكًا أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ صَرْفُهُ بِغَيْرِ الْمَسْكُوكِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَسْكُوكِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ الْمَسْكُوكَةَ عَنْ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ أَنَّهُ يُخْرِجُ قِيمَةً غَيْرَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى صَرْفِهَا بِهَا كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِبَارَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَعَ قِيمَةِ السِّكَّةِ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ بِصَرْفِ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أُرِيدَ صَرْفُ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ بِوَصْفِ سِكَّتِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّرْفَ مُتَضَمِّنٌ لِاعْتِبَارِ قِيمَةِ السِّكَّةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمُخْرَجِ وَالْمُخْرَجُ عَنْهُ صِنْفًا كَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْكُوكًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْكُوكُ هُوَ الْمُخْرَجَ عَنْهُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ سِكَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ اُعْتُبِرَ وَزْنُ الْمُخْرَجِ عَنْهُ كَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِثْقَالُ تِبْرٍ فَلَا يُخْرِجُ عَنْهُ دِينَارًا مَسْكُوكًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ مِثْقَالِ التِّبْرِ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الدِّينَارِ أَقَلُّ مِنْ وَزْنِ مِثْقَالِ التِّبْرِ، بَلْ يُخْرِجُ عَنْهُ وَزْنَهُ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَلَا يَعْتَبِرُ زِيَادَةَ قِيمَةِ سِكَّتِهِ وَكَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رُبُعُ عُشْرِ قِطَعِ فِضَّةٍ عِنْدَهُ وَزْنُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيَّةٍ فَيُخْرِجُ عَنْهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْمَسْكُوكَةِ وَزْنَهَا وَلَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ قِيمَةِ سِكَّتِهَا اهـ. ، وَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ، بَلْ يُخْرِجُ عَنْهُ وَزْنَهُ مِنْ الْمَسْكُوكِ أَيْ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مَسْكُوكًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ لَصَحَّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْمِائَةَ فَقَطْ) وَلَوْ ذَهَبًا مَكْسُورًا أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا بِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ لَا مِنْ بَابِ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ، وَصِيَاغَةٌ اسْمُهَا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهَا وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ أَيْ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ مَوْصُوفٍ بِأَنَّهُ لَا صِيَاغَةَ فِيهِ، أَوْ بِكَوْنِهِ لَا صِيَاغَةَ فِيهِ وَهَذَا إعْرَابٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِيَاغَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ (ص) وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ: وَفِي الْمَصُوغِ غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ أَيْ: وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ الْجَائِزَةِ كَالْحُلِيِّ، أَوْ الْمُحَرَّمَةِ كَالْأَوَانِي فِي غَيْرِهِ أَيْ: فِي غَيْرِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَإِخْرَاجِ فِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ مَصُوغٍ جَائِزٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ ذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ مَصُوغَةٍ كَذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْوَزْنُ كَمَا فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ، تَرَدُّدٌ بَيْنَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي عِمْرَانَ (ص) لَا كَسْرِ مَسْكُوكٍ إلَّا لِسَبْكٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى إخْرَاجٍ أَيْ: وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ لَا كَذَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَسْكُوكَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَامِلًا، أَوْ غَيْرَ كَامِلٍ لَا يَجُوزُ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَسَادِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ نَعَمْ يَجُوزُ كَسْرُ الْمَسْكُوكِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ كَزَوْجَتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى السَّبْكِ الْجَوْهَرِيُّ: سَبَكْت الْفِضَّةَ وَغَيْرَهَا أَسْبِكُهَا سَبْكًا أَذَبْتهَا، وَالْفِضَّةُ سَبِيكَةٌ وَالْجَمْعُ سَبَائِكُ وَقَوْلُهُ: إلَّا لِسَبْكٍ أَيْ: فَيَجُوزُ وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى السَّبْكِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْعِلَّةِ لَا لِلِاحْتِرَازِ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا لِعِلَّةٍ. (ص) وَوَجَبَ نِيَّتُهَا (ش) أَيْ: عِنْدَ عَزْلِهَا، أَوْ تَفْرِقَتِهَا فَأَحَدُهُمَا كَافٍ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَتَمَّ. سَنَدٌ يَنْوِي إخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَجْزَأَتْ وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ نَاوِيًا أَجْزَأَتْ، وَلَوْ عَزَلَهَا نَاوِيًا لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْهَا أَيْ: أَوْ عَزَلَهَا وَوَجَبَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ تَسْلِيمِهَا اهـ، وَإِنَّمَا احْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ فَاحْتَاجَتْ إلَيْهَا، وَيَنْوِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَلِيُّهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ فِيمَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ جَهِلَهَا تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ. (ص) وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ الزَّكَاةِ وَاجِبَةٌ   [حاشية العدوي] لَهُ أَنْ يُخْرِجَ رُبُعَ الْعُشْرِ ذَهَبًا مَكْسُورًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَصُوغِ وَالْمَسْكُوكِ بَعْدَ أَنْ نَقُولَ: إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زِيَادَةٌ أَنَّ الْمَصُوغَ لِصَاحِبِهِ كَسْرُهُ وَإِعْطَاءُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ بَعْدَ الْكَسْرِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْفَقِيرِ حَقٌّ فِي الصِّيغَةِ، وَالسِّكَّةُ لَيْسَ لَهُ كَسْرُهَا فَلَمْ يَأْخُذْ الْفَقِيرُ مَا نَابَهُ، بَلْ دُونَهُ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ قُلْت قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ وَالْجَوْدَةَ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ قِيمَةِ السِّكَّةِ مُطْلَقًا وَقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ ذَهَبًا عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَبْلَهُ قُلْت: مُرَادُهُ مَنْ تَقَدَّمَ بِزَكَاةِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ بِقِيمَتِهَا النِّصَابَ وَلَا يُزَادُ رُبُعُ الْعُشْرِ بِهَا فَمَنْ عِنْدَهُ وَزْنُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الذَّهَبِ وَقِيمَتُهَا بِمَا فِيهِ مِنْ السِّكَّةِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّصَابِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ الْوَزْنُ لَا الْقِيمَةُ، وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَزْنًا وَسِكَّتُهَا تُسَاوِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ عُشْرِ عِشْرِينَ مَثَلًا، وَهُوَ نِصْفُ دِينَارٍ لَا رُبُعُ عُشْرِ قِيمَتِهَا وَهُوَ دِينَارٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُ رُبُعِ عُشْرِ وَزْنِهِ لَا إخْرَاجُ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَالْفُقَرَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ شُرَكَاءُ رَبِّ الْمَالِ بِرُبُعِ الْعُشْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ إنْ تِبْرًا فَتِبْرًا، وَإِنْ مَسْكُوكًا فَمَسْكُوكًا وَيَأْخُذُونَهُ بِصَنْعَتِهِ أَوْ يَأْخُذُونَ قِيمَتَهُ بِصَنْعَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِيَاغَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ وَعَدَمَهُ فِي الشَّيْءِ فَرْعُ وُجُودِهِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الصِّيَاغَةَ مُنْتَفِيَةٌ. (أَقُولُ) عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَيْسَ الِاعْتِبَارُ مُتَعَلِّقًا بِالصِّيَاغَةِ، بَلْ بِالسِّكَّةِ نَعَمْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السِّكَّةَ تُجَامِعُ الصِّيَاغَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) يَعْنِي: إذَا كَانَ لَهُ حُلِيٌّ وَزْنُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ مَصُوغًا ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ ذَلِكَ وَرِقًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يُخْرِجُ عَنْ الْوَزْنِ لَا عَنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا) لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا فِي عب، بَلْ يَجُوزُ جَعْلُهَا سَبِيكَةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى السَّبْكِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: سَبَكْت الْفِضَّةَ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالسَّبِيكَةُ الْقِطْعَةُ الْمُسْتَطِيلَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَزْلِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ عَزْلَهَا بِوَصْفِ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ) أَيْ: لَاحَظَ الزَّكَاةَ بِعُنْوَانِ زَكَاةٍ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ الْوُجُوبُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ بِمَرْجُوحِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ) فَإِذَا عَيَّنَ لِلْفُقَرَاءِ دَرَاهِمَ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ يَجِبُ إخْرَاجُهَا بِحَيْثُ لَوْ أَخْرَجَ غَيْرَهَا أَثِمَ، هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ أَرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَقُّقَ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ تَلِفَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ نَاوِيًا) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ كَدَفْعِهَا بِالْيَمِينِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي ذَلِكَ اشْتِمَالَ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الزَّكَاةِ الْكَامِلَةِ، وَيُجْعَلُ الِاشْتِمَالُ مِنْ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَيُلَاحَظُ فِي الْمُشْتَمَلِ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ وَفِي الْمُشْتَمِلِ الْإِجْمَالُ (قَوْلُهُ: نَسِيَ النِّيَّةَ) أَيْ: بِأَنْ أَخْرَجَ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ حَتَّى دَفَعَ ذَلِكَ الْجُزْءَ لِنَحْوِ فَقِيرٍ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا مُلَاحِظًا كَوْنَ هَذَا زَكَاةً فَهُوَ نِيَّةٌ وَتَكْفِي، وَلَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ عِنْدَ الدَّفْعِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ لِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ، وَنَقْلُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ خَبَرٌ أَيْ: وَهَذَا النَّقْلُ تَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُهُ فَاحْتَاجَتْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ عِبَادَةٌ وَقَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْعِلْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ قُرْبِهِ) إلَى قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا لِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُنْقَلَ إلَى مَا يَقْرُبُ مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَخُصَّ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ، وَجِيرَانَهُ بَلْ يَجُوزُ إيثَارُ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ بَلَدِهِ فَكَذَا مَا قَرُبَ مِنْهَا اهـ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ مَوْضِعُ الْمَالِكِ وَهَذَا فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ، وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهَا وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ ضَعِيفٌ، وَأَوْ فِي أَوْ قُرْبِهِ تَنْوِيعِيَّةٌ أَيْ: أَنَّ تَفْرِقَتَهَا عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٍ هُوَ مَوْضِعُ الْوُجُوبِ، وَنَوْعٍ هُوَ قُرْبُهُ وَالْمُرَادُ بِقُرْبِهِ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ وَفَضَلَ عَنْهُ أَوْ أَعْدَمَ، أَوْ مِثْلُ أَوْ دُونَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَيْهِ وَلَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ أَعْدَمَ، فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ دُونَ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْهُ لَكِنْ فِي الْمُسَاوِي تُجْزِئُ وَفِي دُونَ، لَا تُجْزِئُ وَانْظُرْ رَدَّ تَأْوِيلِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ لِكَلَامِ سَحْنُونَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) إلَّا لِأَعْدَمَ فَأَكْثَرُهَا لَهُ (ش) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ فُهِمَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَيْ: بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا لِأَعْدَمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا لَهُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ بَعْدَ صَرْفِ أَقَلِّهَا فِي مَحَلِّهَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُهُ: " أَعْدَمَ " لَهُ مَفْهُومَانِ: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ، وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَسَيَأْتِيَانِ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَكْثَرُهَا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِقَةِ الْأَقَلِّ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ (ص) بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِثْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا بِنَقْلِ الزَّكَاةِ إلَى الْبَلَدِ الْمُحْتَاجِ وَاحْتَاجَتْ إلَى كِرَاءٍ يَكُونُ مِنْ الْفَيْءِ أَيْ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا مِنْ عِنْدِ مَخْرَجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيْءٌ أَوْ كَانَ وَلَا أَمْكَنَ نَقْلُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ الْآنَ أَيْ: فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُنْقَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَ خَيْرًا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا (ص) كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّقْلِ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا (ص) وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا نُقِلَتْ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ وُجُوبًا قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ أَيْ: يُقَدِّمُهَا الْإِمَامُ بِحَيْثُ إنَّهَا تَصِلُ إلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ الَّتِي نُقِلَتْ إلَيْهَا فِي آخِرِ حَوْلِهَا فَقَوْلُهُ: وَقُدِّمَ أَيْ: وُجُوبًا وَهَذَا فِي الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ، وَأَمَّا الْحَرْثُ فَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَقَدَّمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ: الْمُزَكِّي، أَوْ الْإِمَامُ، وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الْمَالُ الْمَنْقُولُ لِلزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَيْ: دَفَعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ أَيْ:   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى الْفَوْرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُبْقِيَ زَكَاتَهُ عِنْدَهُ يُعْطِيهَا عَلَى التَّدْرِيجِ لِمَنْ يَجْتَمِعُ بِهِ مِمَّنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا (قَوْلُهُ: يُجْبَى فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْضِعُ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي مَوْضِعٍ وَالْمَالِكُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ أَحْسَنُ مِنْ الْعِبَارَةِ الَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهَا) أَيْ: الَّتِي جُبِيَتْ فِيهِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ عب (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ ضَعِيفٌ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: وَلَا تُنْقَلُ عَنْ بَلَدِهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَتْ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ أَيْ:؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ عَامَّةٌ وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَصَلَ بَيْنَ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ وَقُرْبِهِ وَالْبَعِيدِ وَأَنَّ مَوْضِعَ الْوُجُوبِ وَقُرْبَهُ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ دُونَ الْبَعِيدِ، وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ جَعَلَ حُكْمَ الْكُلِّ وَاحِدًا، (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْدَمَ، أَوْ مِثْلَ) أَيْ: أَوْ كَانَ الْقَرِيبُ أَعْدَمَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، أَوْ مِثْلَ، أَوْ دُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ رَدَّ تَأْوِيلِ) رَاجَعْت ك فَوَجَدْت عِبَارَةَ س مُوفِيَةً بِالْمُرَادِ وَنَصُّهُ: أَوْ قُرْبُهُ وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي قَوْلِ سَحْنُونَ: إنَّ الْقَرِيبَ مِقْدَارُ مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ اهـ. الْمُرَادُ مَا لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ كَالْبُيُوتِ وَالْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ لِلْعِبَارَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهِ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِأَعْدَمَ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ فَمِنْ مُقَدَّرَةٌ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ هَلْ قَوْلُهُ: الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَفِي الْعَجْمَاوِيِّ فَأَكْثَرُهَا يُنْقَلُ جَوَازًا لَهُ اهـ. فَإِنْ نُقِلَ كُلُّهَا لَهُ، أَوْ فُرِّقَ الْكُلُّ بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا مَعَ وُجُوبِ نَقْلِ أَكْثَرِهَا فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا عب (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) هَذَا إذَا نُقِلَتْ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَأَمَّا إنْ نُقِلَتْ مِنْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ إلَى قُرْبِهِ فَبِأُجْرَةٍ مِنْهَا اهـ. وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِثْلَهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا حَقِيقَتَهَا، بَلْ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا) هَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِمَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي نَقْلِهَا، أَوْ شِرَاءِ مِثْلِهَا، أَوْ بَيْعِهَا وَتَفْرِيقِ ثَمَنِهَا تَعَيَّنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي النَّقْلِ بِالْأُجْرَةِ وَفِي الْبَيْعِ بِوَجْهَيْهِ يُخَيَّرُ فِيهِمَا كَمَا يُخَيَّرُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي تَفْرِيقِهِ الثَّمَنَ، وَفِي شِرَاءِ مِثْلِهَا وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا أَيْ: إنْ كَانَ خَيْرًا (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ لَا تُقَدَّمُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَا يُرْسِلُهَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهَا، (قَوْلُهُ: إذَا نُقِلَتْ) أَيْ: أُرِيدَ نَقْلُهَا (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ أَيْ: وُجُوبًا) وَهُوَ لِلْعَلَمِيِّ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: جَوَازًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَرْثُ فَهُوَ قَوْلُهُ: إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اتَّحَدَ التَّقْدِيمُ وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا تَقْدِيمُ نَقْلٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ (قَوْلُهُ: الْمَنْقُولُ) أَيْ: الَّذِي أُرِيدَ نَقْلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 دُفِعَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا وَمَفْهُومُ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرْثًا فَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا، وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ، وَفِي قَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ تَقْدِيمُ نَقْلٍ (ص) وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَوْ دَيْنًا أَوْ، عَرْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ، أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَّا الْإِمَامَ، أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةٍ لَمْ تَجُزْ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سَبْعَ مَسَائِلَ وَأَجَابَ عَنْهَا بِجَوَابٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ مِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ حَبِّهِ وَثَمَرِهِ قَبْلَ إفْرَاكِهِ وَطَيِّبِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ أَجْزَأَتْ، وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَ حَوْلِهِ وَهَذَا فِي دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يُزَكِّي حَتَّى يَقْبِضَ، وَمِثْلُ الْمُحْتَكِرِ: دَيْنُ الْمُدِيرِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَكَذَلِكَ دَيْنُ الْقَرْضِ، وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَرْضًا وَهُوَ مَرْجُوٌّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ يُزَكِّي عَيْنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي دَيْنٍ يَتَوَقَّفُ زَكَاتُهُ عَلَى الْقَبْضِ اهـ. وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، وَمِنْهَا إذَا نُقِلَتْ الزَّكَاةُ لِدُونِ بَلَدِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ فِي الْحَاجَةِ وَلِمِثْلِهِمْ سَيَأْتِي أَنَّهَا تُجْزِئُ وَهَذَا إذَا نَقَلَهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا دُونَهَا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَمِنْهَا إذَا اجْتَهَدَ وَدَفَعَ زَكَاتَهُ لِشَخْصٍ مِنْ أَهْلِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقِّهَا: كَعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ، أَوْ غَنِيٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا، أَمَّا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّهَا فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَتُصْرَفُ فِي أَهْلِهَا، وَأَمَّا الْإِمَامُ إذَا اجْتَهَدَ فَدَفَعَهَا لِمَنْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا؛ لِأَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ نَافِذٌ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ، وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَلَوْ أَمْكَنَ رَدُّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ س فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لتت وَمِنْهَا إذَا طَاعَ بِدَفْعِهَا لِإِمَامٍ جَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَيْ: وَجَارَ وَلَمْ يَعْدِلْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْوَاجِبُ جَحْدُهَا وَالْهُرُوبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ، وَأَمَّا الْجَائِرُ فِي أَخْذِهَا بِأَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ وَلَكِنْ يَصْرِفُهَا فِي مَصْرِفِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا لَوْ كَانَ جَائِرًا فِي صَرْفِهَا، لَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ عَدَلَ فِيهِ، وَمِنْهَا إذَا طَاعَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ: حَبٍّ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ عَيْنٍ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ قَالَ: إنَّ الْمَشْهُورَ إجْزَاءُ إخْرَاجِ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ: جَوَابٌ عَنْ السَّبْعِ مَسَائِلَ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ: لَمْ تَجُزْ جَوَابًا عَنْ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْمَجْمُوعِ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِئُ (ص) لَا إنْ أُكْرِهَ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ (ش) الْأَوَّلُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِزٍ أَوْ بِقِيمَةٍ أَيْ: فَإِنْ أُكْرِهَ فِي الْحَالَتَيْنِ أَجْزَأَهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ كَخَوْفِ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِدُونِهِمْ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُسْتَغْنَى بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ هَذَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَاهُ (ص) أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سُعَاةٌ إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَرْبَابِهَا أَوْ وَكِيلٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِخِلَافِ الْحَرْثِ كَمَا أَشَارَ لَهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا إلَخْ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ: زَكَاةُ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَزَكَاةُ الدَّيْنِ الْعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالتَّقْدِيمُ هُنَا) أَيْ: فِي قَوْلِهِ، أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ، أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ يَأْتِي فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْضِ الدَّيْنِ وَقَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ أَيْ: وَبَعْدَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ التَّقْدِيمُ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطُولَ فَيَكُونُ مِمَّا قُدِّمَ عَلَى الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَمْ لَا. اعْلَمْ أَنَّهُ تَارَةً تَتْلَفُ بِسَمَاوِيٍّ، وَتَارَةً بِأَكْلِهِمْ أَوْ صَرْفِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ فَيَرُدُّوا عِوَضَهَا إنْ فَاتَتْ بِأَكْلِهِمْ أَوْ صَرْفِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَكَذَا إنْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ إنْ غَرُّوا فَتُؤْخَذُ وَتُصْرَفُ لِمُسْتَحِقِّيهَا لَا إنْ لَمْ يَغِرُّوا وَهَلْ يَغْرَمُهَا رَبُّهَا لِلْفُقَرَاءِ أَمْ لَا؟ خِلَافٌ، وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا دُفِعَتْ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ غَنِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فَقِيرٌ، أَوْ حُرٌّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَيَأْثَمُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْإِمَامَ) وَالْوَصِيَّ وَمُقَدِّمَ الْقَاضِي تُجْزِي إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا وَإِلَّا لَمْ تُجْزِئْ، فَأَقْسَامُ الدَّافِعِ ثَلَاثَةٌ: الْمُزَكِّي لَا تُجْزِئُ تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَمْ لَا، وَالْإِمَامُ تُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَمُقَدِّمُ الْقَاضِي فِيهِ التَّفْصِيلُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ) أَيْ: زَكَاةَ ثَمَنِ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ بَيْعِهِ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ أَيْ: وَقَبْلَ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَكْفِي، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: الْعَيْنِ إلَخْ) ، وَأَمَّا إعْطَاءُ الْعَرْضِ عَنْ عَيْنٍ، أَوْ حَرْثٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُ وَكَذَا حَرْثٌ، أَوْ أَنْعَامٌ عَنْ عَيْنٍ، وَلَا حَرْثٌ عَنْ أَنْعَامٍ أَوْ عَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُجْزِ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَجَوَابُ الشَّارِحِ بَعِيدٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جَعْلُ قَوْلِهِ، أَوْ بِقِيمَةٍ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَاهُ) فِيهِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّوْطِئَةِ يَقُولُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ قُدِّمَتْ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَرْبَابِهَا أَيْ: وَكِيلٍ يُفَرِّقُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُجْزِئُ) أَيْ: مَعَ كَرَاهَةِ التَّقْدِيمِ خِلَافًا لِتَشْهِيرِ ابْنِ هَارُونَ جَوَازَهُ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَاعٍ فَكَالْحَرْثِ لَا تُجْزِئُ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 وَفِي مِنْ قَوْلِهِ: فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ سَبَبِيَّةٌ أَوْ ظَرْفِيَّةٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي بِمَعْنَى عَنْ، أَوْ ظَرْفِيَّةٌ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: فِي زَكَاةِ عَيْنٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَشَهْرٍ وَهِيَ حَسَنَةٌ؛ لِأَنَّ بِهَا يُعْلَمُ التَّقْيِيدُ بِالْيَسِيرِ وَحْدَهُ، وَهُوَ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ عَلَى مَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ (ص) فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ فَعَنْ الْبَاقِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى حَوْلِهِ إذَا ضَاعَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ الَّذِي يَحْمِلُهُ لِلْأَعْدَمِ، أَوْ السَّاعِي، أَوْ الْوَكِيلِ الَّذِي دُفِعَتْ لَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ، أَوْ الْكَثِيرِ الْمَمْنُوعِ تَقْدِيمُهَا بِهِ قَبْلَ إنْفَاذِهَا لِأَهْلِهَا فَيُخْرِجُ عَنْ الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا، وَضَمَانُ مَا ضَاعَ سَاقِطٌ عَنْهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا تَوْسِعَةٌ وَرُخْصَةٌ فَإِذَا هَلَكَتْ وَلَمْ تَصِلْ إلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا بَلَغَتْ مَحَلَّهَا زَكَّى مَا بَقِيَ عِنْدَ حَوْلِهِ، وَقَيَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ بِالْأَمَدِ الْكَثِيرِ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ قَدَّمَهَا بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْوَقْتِ الَّذِي لَوْ أَخْرَجَهَا فِيهِ لَأَجْزَأَتْهُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَلَا يَلْزَمُ غَيْرُهَا، لَكِنْ قَالَ س وَتَقْيِيدُ ابْنِ الْمَوَّازِ ضَعِيفٌ . (ص) وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ بَعْدَ الْحَوْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ إذْ هُوَ يَشْعُرُ بِأَنَّهُ قَدْ خُوطِبَ، وَتَلَفُ الْمَالِ كُلِّهِ كَتَلَفِ جُزْئِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يُعْطِي مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ مِمَّا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ حُكْمُ مَا تَلِفَ بَعْدَهُ، وَلَوْ تَلِفَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهُ فِيهِ كَانَ بَعْدَ طَلَبِهِ بِهَا أَوْ قَبْلَهُ، إذْ هُوَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بِالْإِخْرَاجِ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ بِإِخْرَاجِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا قَبْلَهُ بِالْيَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَلِفَ جُزْءُ النِّصَابِ أَوْ مَا عُزِلَ مِنْ الزَّكَاةِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ (ص) كَعَزْلِهَا فَضَاعَتْ (ش) أَيْ: عَزْلِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ نَاوِيًا بِهَا الزَّكَاةَ فَضَاعَتْ أَيْ: فَإِنَّهَا تَسْقُطُ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ، وَضَاعَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا وَإِلَّا ضَمِنَهَا، وَلَوْ قَالَ: فَتَلِفَتْ كَمَا فِي النَّقْلِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الضَّيَاعَ لَا يُطْلَقُ عَلَى التَّلَفِ، وَرُبَّمَا يُطْلَقُ التَّلَفُ عَلَى الضَّيَاعِ فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا، وَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ فَقِيرًا مَدِينًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَضَاعَتْ ضَمِنَهَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِمَا سَبَقَ لَهُ بِمَا إذَا عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: سَبَبِيَّةٌ) لَا تَظْهَرُ السَّبَبِيَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَرْفِيَّةٌ) مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْكُلِّيِّ فِي الْجُزْئِيِّ، وَالْمَقْصُودُ ذَلِكَ الْجُزْئِيُّ وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَوْ قُدِّمَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى إلَخْ) لَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ بِالشَّهْرِ، فَإِمَّا أَنْ تَسْقُطَ الْكَافُ أَوْ هَذِهِ النُّسْخَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَصِيرُ مُجْمَلًا مُحْتَمِلًا لِكُلِّ قَوْلٍ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي ك: وَالْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَرْكُهُ ابْتِدَاءً، فَفِي سَمَاعِ عِيسَى وَأَرَى الشَّهْرَ قَرِيبًا عَلَى زَحْفٍ وَكُرْهٍ، وَزَحْفٌ بِالزَّايِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: اسْتِثْقَالٍ قَالَ بَعْضٌ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ) بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ وَهِيَ: الشَّهْرَانِ وَنَحْوُهُمَا، أَوْ الْيَوْمُ، أَوْ الْيَوْمَانِ، أَوْ الْعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا، أَوْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ إلَخْ . (قَوْلُهُ: إذَا ضَاعَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ الَّذِي يَحْمِلُهُ لِلْأَعْدَمِ) فِيهِ أَنَّهُ فِعْلٌ وَاجِبٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْبَاقِي فَهَذَا التَّقْرِيرُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ كَمَا أَفَادَهُ عج، وَقَوْلُهُ: أَوْ السَّاعِي مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْأَعْدَمِ لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهَا إذَا ضَاعَتْ مِنْ يَدِ السَّاعِي لَا يَلْزَمُ رَبَّهَا شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْوَكِيلِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ أَيْ: الْوَكِيلِ فِي التَّفْرِقَةِ وَقَوْلُهُ: بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَهُوَ الشَّهْرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْكَثِيرِ وَهُوَ مَا زَادَ عَنْ الشَّهْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْتِ الَّذِي إلَخْ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا أَكْثَرُ، وَهَذَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْهُ فَلَيْسَ إلَّا الْيَوْمَانِ، كَذَا قَالَ عج (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ) لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ، أَوْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، أَوْ لِغَيْبَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُجْزِئُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا، وَالْمَعْنَى: مِنْ الزَّكَاةِ الَّتِي يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْقَبْلِيَّةَ مُجْمَلَةٌ لَفْظًا بَالَغَ عَلَى أَحَدِ فَرْدَيْهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَلِفَ فِي الزَّمَنِ إلَخْ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا إذَا تَلِفَتْ قَبْلَ الزَّمَنِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ، بَلْ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُقَالُ: إنَّ الْمُبَالَغَةَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَلَا يُعْطَى مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ مِمَّا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ جُزْءُ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا ضَمَانَ وَلَا زَكَاةَ مُطْلَقًا أَيْ: فَرَّطَ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِكَثِيرٍ، أَوْ يَسِيرٍ وَلَوْ كَانَ فِي زَمَنٍ بِحَيْثُ لَوْ أَخْرَجَ يُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ مُطْلَقًا وَيُطْلَبُ بِالزَّكَاةِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنْ كَانَ مَعَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: أَيْ عَزَلَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ) أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ حَيْثُ يُطْلَبُ بِالتَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَضَاعَتْ ضَمِنَهَا) قَالَ فِي ك: مُرَادُهُ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَيَنْظُرُ لِمَا بَقِيَ بَعْدَ الضَّيَاعِ هَلْ هُوَ نِصَابٌ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ وَلَا يَنْظُرُ لِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَلَا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ حَيْثُ كَانَ ضَيَاعُهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ وَلَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ أَخْرَجَهَا فِيهِ لَأَجْزَأَتْهُ فَلَا ضَمَانَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (ص) لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَزَلَ زَكَاةَ مَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ لِمُسْتَحِقِّهَا وَقَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا ضَاعَ الْأَصْلُ وَهُوَ الْمَالُ الْمُزَكَّى فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَيُخْرِجُهَا لِأَرْبَابِهَا، وَسَوَاءٌ ضَاعَ الْأَصْلُ لِتَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا أَوْ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا بِأَنْ يُمْكِنَهُ الْأَدَاءُ وَلَمْ يَفْعَلْ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ وَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَتَلِفَ أَصْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَوَاهِرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا (ص) وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ (ش) أَيْ: وَضَمِنَ الزَّكَاةَ إذَا ضَاعَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَوْ قَبْلَهُ مَعَ الْمَالِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ: بِأَنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا عِنْدَهُ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا إلَخْ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَيَّامًا فَإِنْ كَانَ يَوْمًا وَنَحْوَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ جُزْءُ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ تَلِفَ مَا عَزَلَهُ مِنْ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَمَا فِي حُكْمِهِ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ فِي حِفْظِهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ ضَمِنَ أَيْضًا لَكِنْ فِيمَا إذَا أَخَّرَهَا أَيَّامًا لَا فِيمَا إذَا أَخَّرَهَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. (ص) أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ مُفَرِّطًا لَا مُحَصِّنًا (ش) يَعْنِي إذَا عَزَلَ عُشْرَهُ أَوْ نِصْفَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي بَيْتِهِ مُفَرِّطًا فِي عَدَمِ دَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ ثُمَّ ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ مُحَصِّنًا لَهُ حَتَّى يُفَرِّقَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ فَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَجْهَ الَّذِي أَدْخَلَ عُشْرَهُ فِيهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ ضَاعَ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّحْصِينَ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ إدْخَالِ الْبَيْتِ أَوْ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ فِي الْإِدْخَالِ وَادَّعَى التَّحْصِينَ فَهَلْ يُصَدَّقُ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إدْخَالِ عُشْرِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جُمْلَةِ زَرْعِهِ بَعْدَ حَصْدِهِ وَذَرْوِهِ . (ص) وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ (ش) أَيْ: وَأُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَيُوصِيَ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ. (ص) وَكَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ (ش) أَيْ: وَأُخِذَتْ كَرْهًا مِنْ الْمُمْتَنِعِ عِنَادًا أَوْ تَأْوِيلًا وَإِنْ بِقِتَالٍ سَنَدٌ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُمْتَنِعِ مَالٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَالِ فَلِلْإِمَامِ سَجْنُهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْفُقَرَاءِ، وَالْإِمَامُ نَاظِرٌ فِيهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْضُ الْمَالِ وَاتُّهِمَ بِإِخْفَاءِ غَيْرِهِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَحْلِفُ مَالِكٌ أَخْطَأَ مَنْ يُحَلِّفُ النَّاسَ مِنْ السُّعَاةِ وَلْيُصَدَّقُوا بِغَيْرِ يَمِينٍ اهـ. وَنِيَّةُ الْإِمَامِ نَائِبَةٌ عَنْ نِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ: (وَأُدِّبَ) مُتَعَلِّقٌ بِكَرْهًا وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا . (ص) وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَإِنْ عَيْنًا (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الزَّكَاةِ يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا . (ص) وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ فَجِنَايَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا غَرَّ مُفَرِّقَهَا: إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ بِحُرِّيَّةٍ وَأَخَذَهَا ثُمَّ ظَهَرَ رِقُّهُ وَهِيَ مَعَهُ أُخِذَتْ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (عَلَى الْأَرْجَحِ) . فَلِلسَّيِّدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَفْدِيَهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهَا وَيُبَاعَ فِيهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَبْدِ مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ لِقِيَامِ مَانِعٍ مِنْ غِنًى أَوْ كُفْرٍ أَوْ كَوْنِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَأَجْزَأَتْهُ) أَيْ: وَلَا يُطَالَبُ بِزَكَاةِ الْبَاقِي لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ ضَاعَ الْأَصْلُ بِتَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهَا) كَلَامٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ ضَاعَ الْأَصْلُ أَنْ يَقُولَ بِتَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ، فَالْكَلَامُ فِي ضَيَاعِ الْأَصْلِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا ضَيَاعَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا) ظَاهِرُهُ ضَاعَ الْأَصْلُ بِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لَهُ إنَّمَا هُوَ ضَيَاعُهَا لَا ضَيَاعُ أَصْلِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فِي إخْرَاجِهَا لَا فِي عَدَمِ إخْرَاجِهَا، وَعِبَارَةُ عب أَحْسَنُ وَنَصُّهُ ضَاعَ أَصْلُهَا بِتَقْصِيرٍ أَمْ لَا أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا قَبْلَ ضَيَاعِهِ أَمْ لَا فَلَا تَسْقُطُ وَيَجِبُ إنْفَاذُهَا، (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَخَّرَهَا) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِضَمِنَ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي حُكْمِهِ) هَذِهِ عِبَارَةُ عج وَقَدْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْعَزْلَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِالْيَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ) ، وَأَمَّا لَوْ ضَاعَ فِي الْجَرِينِ فَلَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: مُفَرِّطًا) بِأَنْ يُمْكِنَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ إدْخَالِهِ، أَوْ لَا يُمْكِنَهُ وَقَصَّرَ فِي حِفْظِهِ حَتَّى تَلِفَ (قَوْلُهُ: لَا مُحَصِّنًا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ وَتَلِفَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى التَّحْصِينِ وَالتَّفْرِيطِ فَلَا يُعْلَمُ حِينَئِذٍ كَوْنُ الْإِدْخَالِ لِلتَّحْصِينِ أَوْ عَدَمِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَرْهًا) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ: إكْرَاهًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَهُوَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ نَصْبٌ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ ضَمِيرٌ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ نَصْبُهُ فِي الْفَصِيحِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْرَبَ حَالًا؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ، لَغْوٌ تَأَمَّلْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ بِقِتَالٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَإِلَّا لَقَالَ: وَإِنْ بِقَتْلٍ اهـ. إلَّا أَنَّ نَصْبَ كَرْهًا إمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: أَخْذًا كَرْهًا، أَوْ حَالٌ فَلَمْ يَحْصُلْ تَنَاسُبٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ ظَرْفٌ - لَغْوٌ - إلَّا أَنْ يُقَالَ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَفِيهِ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ: إذَا امْتَنَعَ وَأُخِذَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَأَمَّا إذَا أُخِذَتْ بِالْقِتَالِ كَفَى بِالْقِتَالِ أَدَبًا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَلِذَلِكَ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِكَرْهًا أَيْ: مُرْتَبِطٌ بِهِ لَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِقِتَالٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) طَلَبَهَا، أَوْ لَا أَيْ: الْمُحَقَّقِ عَدَالَتُهُ (قَوْلُهُ: فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَإِنْ جَازَ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا فِي ذِمَّتِهِ) وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 كَانَ الدَّافِعُ لَهُمْ الْإِمَامَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ لَهُمْ الْوَصِيَّ أَوْ مُقَدِّمَ الْقَاضِي فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا أَجْزَأَتْ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ لَهَا رَبَّهَا أَوْ وَكِيلَهُ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ غَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً وَإِلَّا اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا بِحَالِهِ وَيَدْفَعُ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا، وَلَوْ قَائِمَةً وَلَا تُجْزِئُهُ . (ص) وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ وَمَا غَابَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا حَالَ عَلَى مَالِهِ حَوْلٌ وَبَعْضُهُ مَعَهُ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ فِي بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا مَعَهُ بِكُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ وَرَبِّهِ، وَيُزَكِّي أَيْضًا مَا غَابَ عَنْهُ فِي بَلَدِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا يُؤَخِّرُ الْإِخْرَاجَ إلَى أَنْ يَرْجِعَ اعْتِبَارًا بِمَوْضِعِ الْمَالِكِ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ أَيْضًا يُؤَخِّرُ اعْتِبَارًا بِمَوْضِعِ الْمَالِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ الْمَالِكِ أَوْ الْمَالِ: لَوْ مَاتَ شَخْصٌ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا السُّلْطَانَ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ وَمَالُهُ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ آخَرَ فَاَلَّذِي فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ: مَالُهُ لِمَنْ مَاتَ بِبَلَدِهِ وَالْخِلَافُ فِي تَزْكِيَةِ الْغَائِبِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا: خَاصٌّ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ) عَنْهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ إمَامٍ يُخْرِجُ عَمَّا بِبَلَدِهِ وَإِلَّا فَلَا لِئَلَّا يُزَكِّيَ مَرَّتَيْنِ وَيُخْرِجُ عَمَّا مَعَهُ فَقَطْ وَالثَّانِي: عَامٌّ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا ضَرُورَةَ) أَيْ: أَنَّ مَحَلَّ إخْرَاجِ الْمُسَافِرِ عَمَّا مَعَهُ وَمَا غَابَ عَنْهُ إنْ لَمْ تَدْعُهُ الضَّرُورَةُ إلَى عَدَمِ الْإِخْرَاجِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ حِينَئِذٍ لَا عَمَّا مَعَهُ وَلَا عَمَّا غَابَ عَنْهُ، وَيُؤَخِّرُ الْإِخْرَاجَ عَنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى وَطَنِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِوَطَنِهِ فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَمَا غَابَ وَقَوْلُهُ: وَلَا ضَرُورَةَ رَاجِعٌ لِمَا غَابَ وَمَا حَضَرَ وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ مَا يَشْمَلُ حَاجَتَهُ لِمَا يُنْفِقُهُ. (تَنْبِيهٌ) : أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا غَابَ: الْمَالَ الَّذِي خَلَّفَهُ عِنْدَهُ بِبَلَدِهِ، وَأَمَّا مَا دَفَعَهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ وَدِيعَةً فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ وَمُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وَمَدْفُوعَةٍ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَدَارَا إلَى أَنْ قَالَ وَصَبَرَ إنْ غَابَ إلَخْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى زَكَاةِ الْأَمْوَالِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ إضَافَتِهَا لِلْفِطْرِ فَقِيلَ: مِنْ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْدَانِ وَقِيلَ: لِوُجُوبِهَا بِالْفِطْرِ فَقِيلَ: الْفِطْرُ الْجَائِزُ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ وَقِيلَ الْوَاجِبُ بِفَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَبَنَى عَلَيْهِ الْخِلَافَ الْآتِي فِي وَقْتِ الْخِطَابِ بِهَا، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا الرِّفْقُ بِالْفُقَرَاءِ فِي إغْنَائِهِمْ عَنْ السُّؤَالِ. وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الْمُخْرِجُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَالْمُخْرَجُ بِالْفَتْحِ، وَالْوَقْتُ الْمُخْرَجُ فِيهِ، وَالْمَدْفُوعَةُ إلَيْهِ وَالْمُؤَلِّفُ أَشَارَ إلَى هَذِهِ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: عَنْهُ إلَخْ، وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ: مِنْ مُعَشَّرٍ إلَخْ، وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَخْ، وَإِلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ:، وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ إلَخْ، وَلَا يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى مَنْعِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكَلَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ: يَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ أَيْ: فِي صُورَةِ الْغُرُورِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَائِمَةً وَلَا تُجْزِئُهُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ بِحَالِهِ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ لَهُ كَأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ وَمَا غَابَ) يَشْمَلُ الْمَاشِيَةَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا بَقِيَ مِنْهَا ولعج فَتْوَى بِصَبْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا فِي غَيْبَتِهِ عب (قَوْلُهُ: مَا مَعَهُ فِي بَلَدِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ مَالُهُ فِي بَلَدِهِ، (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ بَلَدًا لَهُ سُلْطَانٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ بِغَيْرِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْبَلَدُ الَّذِي مَاتَ بِهِ، أَوْ الَّذِي بِهِ الْمَالُ؟ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَكِيلٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِخْرَاجِ يَجْرِي عَلَى مَا فِي الْأُضْحِيَّةِ وَعَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِالْوَكِيلِ وَلَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا ضَرُورَةَ) " ضَرُورَةَ " اسْمُ لَا وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ أَيْ: حَاصِلُهُ أَوْ مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَخْ) وَإِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ فَهَلْ يُؤَخِّرُ إلَى أَنْ يَجِدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيُزَكِّي، أَوْ إلَى بَلَدِهِ؟ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْهَا تَرْجِيحُ الثَّانِي وَفِي اللَّخْمِيِّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّرُورَةَ أَخَصُّ مِنْ الْحَاجَةِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ [فَصْلٌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ] (قَوْلُهُ: فَقِيلَ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ فَقِيلَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْدَانِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِطْرَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ فَظَهَرَتْ الْعِلَّةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مُشْتَقًّا اشْتِقَاقًا أَكْبَرَ مِنْ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ وَفِي ك وَالْفِطْرَةُ بِالْكَسْرِ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ حَيْثُ كَانَتْ بِمَعْنَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْخِلْقَةِ فَهِيَ عَرَبِيَّةٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ) بِتَأَمُّلِ وَجْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ إمَّا اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ، أَوْ إخْرَاجُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ، وَقَدْ جُعِلَ الْمُخْرَجُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَأَرَادَ بِالْأَرْكَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْإِخْرَاجَ الْمَوْصُوفَ بِالْوُجُوبِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاتَلُ إلَخْ) زَادَ فِي ك وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَعْضِ السُّنَنِ الَّتِي يُقَاتَلُ عَلَى تَرْكِهَا، وَانْظُرْ هَلْ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، أَوْ لَا يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَجْحَدَ مَشْرُوعِيَّتَهَا فَيَكْفُرُ وَبَيْنَ مَنْ يَجْحَدُ وُجُوبَهَا فَلَا يَكْفُرُ؛؛ لِأَنَّهُ قِيلَ قَوْلٌ بِالسُّنِّيَّةِ اهـ. وَكَذَا لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فَيُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهِمَا، وَقِيلَ فِي الْأَذَانِ: إنَّمَا قُوتِلَ عَلَى تَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَيَتَوَقَّفُ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقُهَا أَشْرَفَ مِنْ مُتَعَلِّقِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ: وَهُوَ الْأَبْدَانُ فَإِنَّهَا أَشْرَفُ مِنْ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ دِعَامَةٌ مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ، وَلَمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا وَسُنِّيَّتِهَا وَالْمَشْهُورُ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَصْلٌ) يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ (ش) أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ وُجُوبًا ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ صَاعٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِخَبَرِ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» اهـ. وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ كُلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرِّطْلَ الْمَذْكُورَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا (ص) أَوْ جُزْؤُهُ (ش) إنْ حَمَلَ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ فَاتَهُ الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ فَاتَهُ الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ، وَالْأَوْلَى كَلَامُ الْحَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ، وَلَفْظُهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ قَدْرُ صَاعٍ بِصَاعِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ جُزْءُ صَاعٍ، وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا الصَّاعُ فَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ الْقَادِرِ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كُلِّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ، وَأَمَّا جُزْءُ الصَّاعِ فَفِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا جُزْءَ صَاعٍ، وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ لَا يَتَكَرَّرُ قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الْوُجُوبِ، وَفِيمَا سَيَأْتِي فِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ أَيْ: هَلْ هُوَ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ عَلَى الْحِصَصِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى الْحِصَصِ، وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فِي بَيَانِ الْوُجُوبِ أَيْ: يَجِبُ الْإِخْرَاجُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ. (ص) عَنْهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: عَنْهُ يَرْجِعُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا، إذْ لَا بُدَّ لِلْوُجُوبِ مِنْ مُكَلَّفٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ: فَضَلَ صِفَةُ صَاعٍ وَمَعْطُوفِهِ أَيْ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ فَضَلَ عِنْدَهُ مَا ذَكَرَ مِنْ الصَّاعِ، أَوْ جُزْئِهِ عَنْ قُوتِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَوْ خَشِيَ الْجُوعَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، أَوْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ اللَّازِمِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ. (ص) وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الصَّاعُ أَوْ جُزْؤُهُ الْفَاضِلُ عَنْ قُوتِهِ أَوْ قُوتِ عِيَالِهِ حَاصِلًا بِتَسَلُّفٍ أَيْ: وَهُوَ يَرْجُو قَضَاءَهُ أَوْ يَعْلَمُ مَنْ يَتَسَلَّفُ مِنْهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ، فَلَوْ أَتَى بِلَوْ الْمُشِيرَةِ لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ لَكَانَ أَجْوَدَ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّا إذَا كُنَّا نَتَسَلَّفُ لَهَا فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ السَّابِقُ عَلَيْهَا مُسْقِطًا لَهَا مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ . (ص) وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ؟ خِلَافٌ (ش) التَّتَّائِيُّ أَيْ: وَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْخِطَابُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَمْتَدُّ بَعْدَهُ أَصْلًا؟ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ هُوَ الْفِطْرُ الْجَائِزُ، وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ بِفَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَانِ عَنْ مَالِكٍ، وَشَهَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ هُوَ الْفِطْرُ الْوَاجِبُ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، خِلَافٌ وَلَا يَمْتَدُّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: دِعَامَةٌ) أَيْ: رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ: صَاعٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ يُؤَدِّي مِنْ الْبُرِّ مُدَّيْنِ وَهُوَ نِصْفُ صَاعٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ بَهْرَامَ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاعًا إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَيْنِ مَعَ أَنَّهَا تَجِبُ فِي غَيْرِهِمَا لِكَوْنِهِ الْمَوْجُودَ إذْ ذَاكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الصَّاعِ كَائِنًا عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، (قَوْلُهُ: كُلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ) كُلُّ مُدٍّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَقَدْ حُرِّرَ الصَّاعُ فَوُجِدَ أَرْبَعَ حَفَنَاتٍ بِحَفْنَةِ الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ بِعَظِيمِ الْكَفَّيْنِ وَلَا صَغِيرِهِمَا، وَذَلِكَ قَدَحٌ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ: إنْ حُمِلَ عَلَى مَسْأَلَةِ سَنَدٍ) هِيَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كُلِّ الصَّاعِ بَلْ عَلَى جُزْئِهِ قَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الزَّكَاةِ أَخْرَجَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْوُجُوبِ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِي بَيَانِ الْوُجُوبِ مَعَ بَيَانِ كَوْنِهِ بِقَدْرِ الْحِصَصِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَشِيَ الْجُوعَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُخْرِجُهَا إذَا كَانَ لَا يَلْحَقُهُ فِي إخْرَاجِهَا مَضَرَّةٌ مِنْ فَسَادِ مَعَاشِهِ، أَوْ جُوعِهِ، أَوْ جُوعِ عِيَالِهِ يُرِيدُ وَلَوْ فَضَلَ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ صَاعٍ إذَا خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَرْجُو قَضَاءَهُ، أَوْ يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ كَانَ لَا يَرْجُو قَضَاءَهُ لَكِنْ يُعْلِمُ مَنْ أَعْلَمَ مَنْ يَتَسَلَّفُ مِنْهُ أَيْ: يُعْلِمُهُ بِأَنَّهُ يُخْرِجُهَا زَكَاةً فَإِذَا بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ يُخْرِجُهَا زَكَاةً فَيَجِبُ السَّلَفُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْقَضَاءَ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعْلَامَ وَاجِبٌ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الدُّيُونِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَى بِلَوْ إلَخْ) وَأَجَابَ عَنْهُ تت بِأَنَّهُ قَدْ يُشِيرُ بِأَنَّ لِلْمَذْهَبِيِّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ: وَبِلَوْ إلَخْ أَيْ: أَنِّي إذَا أَتَيْت بِلَوْ يَكُونُ إشَارَةً إلَى الْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ لَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ خِلَافًا مَذْهَبِيًّا أُشِيرَ لَهُ بِلَوْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ مِنْ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَيْ: عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إذْ بِهِ تَحْصُلُ فَرْحَةُ الْفِطْرِ فَنَاسَبَ الصَّدَقَةَ، أَوْ بِفَجْرِهِ لِخَبَرِ «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَنْ السُّؤَالِ» ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَارَنَتْ وِلَادَتُهُ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَمَاتَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلِدَ وَقْتَهُمَا وَمَاتَ بَعْدَهُ لَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُمَا وَأَنَّ مَنْ فُقِدَ وَقْتَهُمَا كَمَنْ فُقِدَ قَبْلُ، (قَوْلُهُ: الْفِطْرُ الْجَائِزُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْفِطْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ جَائِزًا وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَاجِبًا فَإِنْ أُرِيدَ الْفِطْرُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالنِّيَّةِ فَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 الْوَقْتُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَمَنْ قَدَّرَ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَهَلْ مَبْدَأُ الْوُجُوبِ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ؟ خِلَافٌ فَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ لِإِيهَامِ الْمَبْدَأِ بِالِامْتِدَادِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ الْغُرُوبِ وَصَارَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَقْتَ الْفَجْرِ: كَالزَّوْجَةِ تَطْلُقُ، وَالْعَبْدُ يُبَاعُ أَوْ يُعْتَقُ وَعَكْسُهُ: كَمَنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ أَيْ: وَبَقِيَتْ لِلْفَجْرِ إذْ لَوْ طَلُقَتْ أَوْ بِيعَتْ قَبْلَهُ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ الْغُرُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَقْتَ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِي سَقَطَتْ عَنْهُ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَهْلِهَا بَعْدُ فَمَنْ مَاتَ، أَوْ بِيعَ، أَوْ طَلُقَتْ بَائِنًا أَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْغُرُوبِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عَنْهُ وَعَنْ الْبَائِعِ، وَالْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ اتِّفَاقًا، وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى مَنْ ذُكِرَ اتِّفَاقًا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا الْقَوْلَانِ فَتَجِبُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَعَلَى الْمَالِكِ وَالْمُعْتِقِ وَالْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعَتِيقِ وَالْمُطَلَّقَةِ، وَتَسْقُطُ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَجَبَتْ اتِّفَاقًا، وَبَعْدَ الْفَجْرِ سَقَطَتْ اتِّفَاقًا، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا الْقَوْلَانِ الْوُجُوبُ عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ . (ص) مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تُخْرَجُ مِنْ أَغْلَبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي جَمِيعِ الْعَامِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قُوتِ الْمُخْرِجِ. وَلَمَّا كَانَ الصَّاعُ هُنَا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ عَامٍ أَتَى بِأَغْلَبِ بِالْهَمْزِ بِخِلَافِ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْمُصَرَّاةِ إنَّمَا يَقَعُ لِأَفْرَادِ النَّاسِ فَعَبَّرَ عَنْهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ " بِغَالِبِ " وَقِيلَ: تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِ " يَجِبُ " وَبِ " صَاعٌ "؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَامِدًا لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مِقْدَارٍ أَوْ مِكْيَالٍ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الِاعْتِبَارُ بِالْأَغْلَبِ مُطْلَقًا بَلْ بِكَوْنِهِ مِنْ أَصْنَافٍ مَخْصُوصَةٍ تِسْعَةٍ إذَا وُجِدَتْ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا، وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ أَغْلَبَ أَشَارَ إلَى ثَمَانِيَةٍ بِقَوْلِهِ: (مِنْ مُعَشَّرٍ) وَلَا يُرِيدُ كُلَّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ بَلْ: الْقَمْحَ، وَالشَّعِيرَ، وَالسَّلْتَ، وَالزَّبِيبَ، وَالتَّمْرَ، وَالذُّرَةَ، وَالْأُرْزَ، وَالدُّخْنَ وَإِلَى التَّاسِعِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَتُكْسَرُ الْقَافُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتُسَكَّنُ عَلَى الثَّانِي: خَاثِرُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجُ زُبْدُهُ، وَالْقَمْحُ أَفْضَلُهَا. وَلَمَّا أَرَادَ بِالْمُعَشَّرِ الثَّمَانِيَةَ الْمَذْكُورَةَ وَتَمَّمَ التَّاسِعَ فَبِهَذَا الْمُرَادِ خَرَجَ غَيْرُهَا فَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَتَى وُجِدَتْ، وَلَوْ غَلَبَ اقْتِيَاتُ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْعَلَسِ خَاصَّةً فَأَجَازَ الْإِخْرَاجَ مِنْهُ إذَا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ، وَلَوْ وُجِدَتْ التِّسْعَةُ رَوَاهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ خَصَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِالرَّدِّ فَقَالَ: (غَيْرِ عَلَسٍ) وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ الْمُعَشَّرِ وَالْأَقِطِ مِنْ عَلَسٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَغَيْرِهِمْ فَيُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الْأَنْوَاعِ التِّسْعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقُوتُ وَاحِدًا مِنْ التِّسْعَةِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقْتَتْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ وَاقْتِيتَ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ مِنْ غَيْرِ التِّسْعَةِ، أَوْ مِمَّا انْفَرَدَ بِالِاقْتِيَاتِ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا أَخْرَجَ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا وَاحِدًا، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ مِنْهَا، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ نَبَّهْنَا عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ . (ص) وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ (ش)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مِنْ أَغْلِبْ الْقُوتِ إلَخْ) نَقَلَ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْغَالِبِ، الْغَالِبُ فِيمَا يُخْرِجُهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا فِيمَا قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَغْلِبُ اقْتِيَاتُهُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَأَمَّا الْقَطَانِيُّ فَلَا تُقْتَاتُ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أَفْتَى الشَّبِيبِيُّ بِأَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ مِقْدَارَ عَيْشِ الصَّاعِ أَيْ: غَدَاؤُهُمْ وَعَشَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَرْتَضِ الْبُرْزُلِيُّ كَلَامَ الشَّبِيبِيِّ وَقَالَ الصَّوَابُ: أَنَّهُ يُكَالُ أَيْ: يُوزَنُ قَالَ الْحَطَّابُ: وَمَا قَالَهُ الشَّبِيبِيُّ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَفَنُّنًا) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبِيَّةَ وَالْغَلَبَةَ مُضَافَةٌ لِلْقُوتِ الْغَالِبِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِتَكَرُّرِ الصَّاعِ كُلَّ عَامٍ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِصَاعٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَجْرُورَاتِ بَعْدَ النَّكِرَاتِ الْمَحْضَةِ صِفَاتٌ (قَوْلُهُ: أَقِطٍ) جَمْعُهُ أَقْطَانٌ إلَخْ حَاصِلُهُ يُخْرِجُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ التِّسْعَةِ إنْ انْفَرَدَ، وَمِنْ غَالِبِهِ إنْ تَعَدَّدَ وَغَلَبَ وَاحِدٌ وَمِنْ أَيِّ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَغْلِبْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: خَاثِرُ اللَّبَنِ) جَامِدُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَمْحُ أَفْضَلُهَا) أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَدَاءُ السُّلْتِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الزَّبِيبِ، وَالزَّبِيبُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْأَقِطِ اهـ. ك (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَتَى وُجِدَتْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ النُّصُوصِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى مُحَشِّي تت أَنَّهُمْ مَتَى اقْتَاتُوا غَيْرَ التِّسْعَةِ يُعْطِي مِنْهُ إذَا كَانَ عَيْشَهُمْ، وَلَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً، أَوْ بَعْضُهَا وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُ تَبِعُوا الْحَطَّابَ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ك، ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا: أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمُعَشَّرِ الشَّامِلِ لِلْقَطَانِيِّ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ إذَا غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ، وَلَوْ وُجِدَتْ الْأَصْنَافُ التِّسْعَةُ، أَوْ أَحَدُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ خَصَّصْنَاهُ بِالْمُرَادِ وَهُوَ فِي تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ تَابِعٌ لِصَاحِبِ الْحَاوِي،، وَمِنْهَا أَنَّهُ أَخْرَجَ الْعَلَسَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِالْإِخْرَاجِ عَمَّا سِوَاهُ، وَقَدْ الْتَمَسْنَا لَهُ وَجْهًا وَهُوَ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ وَمِنْهَا الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْتَاتُوا غَيْرَهُ فَظَاهِرُهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ الْمُعَشَّرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. ، ثُمَّ إنَّ عب جَعَلَ الصُّوَرَ خَمْسًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت فَقَالَ فَعُلِمَ: أَنَّ هُنَا خَمْسَ صُوَرٍ إحْدَاهَا: وُجُودُ التِّسْعَةِ مَعَ اقْتِيَاتِ جَمِيعِهَا سَوِيَّةً فَيُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ، ثَانِيهَا وُجُودُهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ وَاحِدٍ مِنْهَا فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ، ثَالِثُهَا وُجُودُهَا، أَوْ بَعْضُهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا فَيَجِبُ مِنْهَا تَخْيِيرًا إنْ تَعَدَّدَ، وَلَا يَنْظُرُ لِمَا كَانَ غَالِبًا قَبْلَ تَرْكِهَا، وَوَاحِدٌ إنْ انْفَرَدَ وَلَوْ اُقْتِيتَ نَادِرًا، رَابِعُهَا فَقَدَ جَمِيعَهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا فَمَا غَلَبَ، خَامِسُهَا فَقَدَ جَمِيعَهَا مَعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ: عَنْهُ أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ صَاعٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَصَاعٌ عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ أَيْ: تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ شَرْعًا بِجِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالصَّاعِ الْجِنْسَ، لَا يَرِدُ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الصَّاعَ الْوَاحِدَ يُخْرِجُهُ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ: كَزَوْجَةٍ، أَوْ أَبٍ، أَوْ وَلَدٍ، أَوْ عَبِيدٍ كُفَّارٍ وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ مِثْلَ: أَنْ يَمْلِكَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَيَهُلُّ شَوَّالٌ قَبْلَ نَزْعِهِ مِنْهُ، أَوْ تُسْلِمُ أُمُّ وَلَدِهِ، أَوْ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ مُسْلِمُونَ فِي نَفَقَتِهِ كَأَبَوَيْهِ قَالَ سَنَدٌ: وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ: يَجِبُ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا لِأَحْمَدَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. ثُمَّ عَدَّدَ جِهَاتِ النَّفَقَةِ الثَّلَاثِ لِإِخْرَاجِ مَا عَدَاهَا مُشِيرًا لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (بِقَرَابَةٍ) وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَمُونُهُ فَدَخَلَ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ الذُّكُورُ حَتَّى يَحْتَلِمُوا قَادِرِينَ عَلَى الْكَسْبِ وَالْإِنَاثُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِنَّ الْأَزْوَاجُ أَوْ يَدْعُوا إلَى الدُّخُولِ، وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ زَوْجِيَّةٍ) أَيْ:، وَلَوْ أَمَةً دَخَلَ بِهَا، أَوْ دَعَا إلَى الدُّخُولِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً أَوْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً لَا بَائِنًا، وَلَوْ حَامِلًا وَلِهَذَا جَعَلَهَا سَبَبًا مُسْتَقِلًّا وَلَمْ يُلْحِقْهَا بِالْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَسَقَطَتْ بِيُسْرِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ بَالَغَ فِي الزَّوْجِيَّةِ فَقَالَ: (وَإِنْ لِأَبٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (وَخَادِمِهَا) لِلْجِهَةِ الَّتِي وَجَبَتْ بِهَا النَّفَقَةُ فَيَشْمَلُ: الْقَرَابَةَ، وَالزَّوْجِيَّةَ وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ، وَكَذَا فِطْرَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ، وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ رِقٍّ وَلَوْ مُكَاتَبًا) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ: كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رِقًّا لِسَيِّدِهِ، وَلَا بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِلْقِنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَتْ قِيمَتُهُمْ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى أَوْ زَمْنَى أَوْ ذَوِي شَائِبَةٍ، وَخَصَّ الْمُكَاتَبَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ قَالَ فِيهَا: وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبِيدِ الْعَبِيدِ أَيْ: لَا يُزَكِّي عَنْهُمْ سَيِّدُهُمْ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا سَيِّدُ سَيِّدِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَبِيدًا لَهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُمْ بِالِانْتِزَاعِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ. (ص) وَآبِقًا رُجِيَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ مُشَارِكَهُ فِي الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَمْ تَجِبْ، وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ كَذَلِكَ أَيْ: فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَمَّا فِي حَالَةِ كَوْنِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ   [حاشية العدوي] اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا مُتَعَدِّدًا مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُخَيَّرُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ بِالْمُعَشَّرِ خُصُوصُ الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ) مِنْ بَابِ الْكُلِّ الْجَمِيعِيِّ أَيْ: عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ لَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: يَمُونُهُ) صِفَةٌ لِمُسْلِمٍ أَيْ: مُسْلِمٍ مَمُونٍ لَهُ وَكَانَ الْوَاجِبُ إبْرَازَ الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ وَاللَّبْسُ مَأْمُونٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَمُونُ أَيْ: يَقُومُ بِالْإِنْفَاقِ إنَّمَا هُوَ الْمُخْرِجُ لَا الْمُخْرَجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ سَنَدٌ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا) أَيْ: بِالنَّظَرِ لِعِبَارَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ إلَخْ، كَانَ ظَاهِرُهُ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ وَأَيْنَ تُتَوَهَّمُ الْمُنَافَاةُ مَعَ انْضِمَامِ الْكَلَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ الْمُنَافَاةَ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: بِقَرَابَةٍ إلَخْ) كَالْأَوْلَادِ وَالْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ وَخَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفَقَتِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ بِالْتِزَامٍ أَوْ بِحَمْلٍ كَمَنْ طَلُقَتْ بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجِيَّةٍ) وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلزَّوْجِ الْعَبْدِ فَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ حُرَّةً عَلَيْهِ لِوُجُوبِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ، وَلَيْسَتْ عَلَى سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِهَذَا التَّعْمِيمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْقَرَابَةَ إلَخْ) أَيْ: فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ خَادِمَ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَ وَالْأُمَّ وَخَادِمَ زَوْجَةِ الْأَبِ، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ: فِي التَّبْصِرَةِ لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ خَادِمٌ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا وَهُمَا فَقِيرَانِ أَدَّى عَنْهُمَا وَعَنْ خَادِمِهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِي عِصْمَةِ الْأَبِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَكَانَا يَسْتَغْنِيَانِ بِخَادِمِ الْأَبِ عَنْ خَادِمِ الْأُمِّ أَدَّاهَا عَنْ الْجَمِيعِ لَا خَادِمِ الْأُمِّ، وَإِنْ اسْتَغْنَيَا بِخَادِمِ الْأُمِّ لَمْ يُؤَدِّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيُسْرِ الْأَبِ بِخَادِمِهِ فَعَلَيْهِ بَيْعُهَا وَيُؤَدِّي مِنْ ثَمَنِهَا عَنْهُ وَعَنْ زَوْجَتِهِ وَعَنْ خَادِمِهَا، وَالْوَلَدُ يَكُونُ لَهُ الْخَادِمُ كَذَلِكَ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : يُخْرِجُ الْأَبُ عَنْ ابْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا إنْ صَغُرَ فَإِنْ بَلَغَ أَيْ: قَادِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ النِّيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَإِعْلَامُهُ قَائِمٌ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ إلَخْ) يُوَافِقُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ عَنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ لِزَوْجَتِهِ إذَا كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَخْرَجَ عَنْ ذَلِكَ اهـ. وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ بِخَادِمِ الزَّوْجَةِ بَلْ خَادِمِ الْقَرَابَةِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) اسْمُ كَانَ عَائِدٌ عَلَى الرَّقِيقِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ يَمُونُهُ، وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْهُ حَالًا فَهِيَ مُتَوَقَّعَةٌ مَآلًا قُلْت: وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ) أَيْ: مُبَاشَرَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 فَكَمَا قَالَ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ فَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا قَبَضَهَا بَعْدَ سِنِينَ مِنْ الْغَاصِبِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ، صَحَّ تَهْذِيبٌ انْتَهَى . (ص) وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً فِيهَا مُوَاضَعَةٌ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ مِنْ وَضِيعِهِ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا وَزَكَاةَ فِطْرِهَا عَلَى بَائِعِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا عَلَى الْخِيَارِ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّ نَفَقَتَهُ وَزَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ . (ص) أَوْ مُخْدِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً فَإِنَّ زَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ لَا عَلَى مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ كَنَفَقَتِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إلَّا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدِمِهِ) إلَى أَنَّ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهُ وَزَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى مَنْ لَهُ خِدْمَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْمُخْدِمِ - بِالْكَسْرِ - كَانَ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ لَهُ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا؛ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمُوصَى لَهُ بِهَا، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَفْهُومُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِحُرِّيَّةٍ فَلَا يَكُونُ عَلَى مُخْدِمِهِ وَيُفَصَّلُ، فَإِنْ كَانَ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ لِلْمُخْدِمِ - بِالْكَسْرِ - فَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا فَعَلَيْهِ . (ص) وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ زَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ فِيهِ فَيُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: بِقَدْرِ الْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُبَعَّضُ وَهُوَ الَّذِي بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ يُخْرِجُ زَكَاةَ فِطْرِهِ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ يَعْنِي: أَنَّ صَاحِبَ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ يُخْرِجُ عَنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَأَمَّا الْجُزْءُ الْحُرُّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، أَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَإِنَّ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ حِصَّتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي حِصَّتِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَذَا لَا تَلْزَمُ الْعَبْدَ زَكَاةُ فِطْرِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ وَلَنَا عَبْدٌ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ عَنْهُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مَسْجِدٍ . (ص) وَالْمُشْتَرَى فَاسِدًا عَلَى مُشْتَرِيهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا زَكَاةُ فِطْرِهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ حَيْثُ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَأَحْرَى مِنْهُ الْمَعِيبُ . (ص) وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ يُنْدَبُ لِلْمُزَكِّي أَنْ يُخْرِجَهَا يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَوْ بَعْدَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى أَبُو الْحَسَنِ مَحَلُّ الِاسْتِحْسَانِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فَهُوَ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ انْتَهَى فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهَا الْمُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى وَبَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَكَمَا قَالَ) أَيْ: ابْنُ الْقَصَّارِ (قَوْلُهُ: فَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ) أَيْ: اعْتِبَارُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ: فَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ زَكَاةً أَيْ: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا قُبِضَتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ وَهُوَ أَنَّهَا تُزَكَّى كُلَّ عَامٍ، أَوْ عَامًا عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ: أَنَّ النَّعَمَ الْمَغْصُوبَةَ تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ فَلْتَكُنْ زَكَاةُ فِطْرَةِ الْآبِقِ إذَا قَبَضَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَحَّ تَهْذِيبٌ) اُنْظُرْ هَذَا التَّرْكِيبَ فَهَلْ فَاعِلُ صَحَّ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَالْمَعْنَى: صَحَّ هَذَا مِنْ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ: انْتَهَى كَلَامُ النَّاقِلِ لِكَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْحَقِّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَيُقَالُ لَهَا مُسْتَبْرَأَةٌ فَنَفَقَتُهَا وَزَكَاةُ فِطْرِهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ بِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْعَقْدِ فَيَجْعَلُ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) الْمُرَادُ حَتَّى تَرَى الدَّمَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِبْرَاءُ الْحَقِيقِيُّ؛ لِأَنَّهَا فِيهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُتَوَاضِعَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ، وَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: إنْ طَالَتْ فَهِيَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ الرَّقَبَةُ نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ مَفْهُومُهُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْطُوقٌ لَا مَفْهُومٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ بَابِ الْمَفْهُومِ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَنْطُوقِ فَفِي الْكَلَامِ مَنْطُوقَانِ، وَأَقُولُ: وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ فِي صُورَةِ مَا إذَا قُلْنَا كَانَ الْمَرْجِعُ لِشَخْصٍ آخَرَ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ لَا الْمُخْدِمُ - بِكَسْرِ الدَّالِ - إلَّا أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي الْمَرْجِعُ لَهُ لَا يُقَالُ لَهُ الْآنَ يَمُونُهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةً كَامِلَةً، وَقِيلَ: عَلَى الْعَدَدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُنْفِقُ إلَخْ) هَذَا لَا يُنْتِجُ عَدَمَ لُزُومِ زَكَاةِ فِطْرِ زَوْجَتِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ زَكَاةُ فِطْرِ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ قُوتِهِ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَضْلَةٌ فَيُخْرِجُ، (قَوْلُهُ: مِنْ خَرَاجِهِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَرَاجِ مَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ دِرْهَمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ وَبِالْكَسْبِ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحٍ فِي تِجَارَةٍ، كَأَنْ يُعْطِيَهُ السَّيِّدُ دَرَاهِمَ يَتَّجِرُ بِهَا وَرِبْحُهَا لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَنَا عَبْدٌ إلَخْ) قَالَ عج مَا مَعْنَاهُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ فَزَكَاةُ الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ عَلَى وَاقِفِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى فَحِينَئِذٍ يُقَالُ ذَلِكَ فِي عَبِيدِ الْعَبِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَعَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ فَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَمَّا قَوْلُهَا فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ تَنَاقُضٌ وَنَصُّهَا: وَيُسْتَحَبُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا، فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إلَى الْمُصَلَّى؛ لِيَأْكُلَ مِنْهَا الْفَقِيرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَبْلَ غُدُوِّهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَغْنُوهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ عَنْ السُّؤَالِ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] أَيْ: يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ يَغْدُو ذَاكِرًا لِلَّهِ تَعَالَى إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى (ص) وَمِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ كَانَ يَقْتَاتُ أَحْسَنَ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ، فَإِذَا كَانَ غَالِبُ الْقُوتِ الشَّعِيرَ وَهُوَ يَقْتَاتُ الْقَمْحَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُوتِهِ فَقَوْلُهُ: الْأَحْسَنِ أَيْ: مِنْ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ غَالِبِ قُوتِهِمْ . (ص) وَغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إلَّا الْغَلَثَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ الَّذِي يُخْرِجُهُ زَكَاةً عَنْ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَمْحُ غَلَثًا فَتَجِبُ غَرْبَلَتُهُ حَيْثُ كَانَ غَلَثُهُ يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ، وَيُسْتَحَبُّ حَيْثُ كَانَ غَلَثُهُ الثُّلُثَ فَمَا قَارَبَهُ بِيَسِيرٍ كَمَا فِي بَابِ الْقِسْمَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْقَمْحِ بَلْ كُلُّ مُخْرَجٍ كَذَلِكَ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوَّسُ الْفَارِغُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ الْمُتَغَيِّرِ الطَّعْمُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (ص) وَدَفْعُهَا لِزَوَالِ فَقْرٍ وَرِقٍّ يَوْمَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ يَوْمَ الْعِيدِ أَنْ يُخْرِجَ الْفِطْرَةَ وَإِنْ زَالَ فَقْرُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَنْ زَالَ رِقُّهُ بِأَنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَقَوْلُهُ: وَدَفْعُهَا إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ وَقَوْلُهُ: " لِزَوَالِ " أَيْ: لِأَجْلِ زَوَالِ فَقْرِهِ أَوْ رِقِّهِ فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْتَقِ - بِالْفَتْحِ - وَنُدِبَتْ عَلَى سَيِّدِهِ . (ص) وَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ مَشَقَّةَ دَفْعِ الْمَالِ عَلَى النَّفْسِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَخَذَهَا الْفَقِيرُ ثُمَّ اسْتَغْنَى بِهَا فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا لَكِنْ إنْ مَلَكَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِخْرَاجُ . (ص) وَعَدَمُ زِيَادَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ الصَّاعُ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بِدْعَةٌ أَيْ: الزَّائِدُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لَا ثَوَابَ فِيهِ قِيلَ لِمَالِكٍ: أَيُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ قَالَ لَا بَلْ بِمُدِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنْ أَرَادَ خَيْرًا فَعَلَى حِدَةٍ الْقَرَافِيُّ سَدًّا لِتَغَيُّرِ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ . (ص) وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ أَيْ: يَتَوَلَّى إخْرَاجَهَا عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّهِ وَلَا يُوَكِّلُهُ إلَى أَهْلِهِ لِقَوْلِهَا وَيُؤَدِّيهَا الْمُسَافِرُ حَيْثُ هُوَ، وَإِنْ أَدَّاهَا عَنْهُ أَهْلُهُ أَجْزَأَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ) إذَا تَرَكَ عِنْدَهُمْ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ، وَوَثِقَ بِهِمْ وَأَوْصَاهُمْ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ أَهْلِهِ أَخْرَجَ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ، وَإِنْ أَخْرَجُوا عَنْهُ أَخْرَجُوا مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَأْكُلُهُ انْتَهَى . (ص) وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِينَ وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ صَاعٍ وَاحِدٍ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ لِجَمَاعَةِ مَسَاكِينَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ دَفْعُ آصُعَ مِنْهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ . (ص) وَمِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ (ش) عَطْفٌ عَلَى صَاعٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَدَفْعُ صَاعٍ أَيْ: وَجَازَ دَفْعُ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ أَيْ: مِنْ قُوتِهِ الْآخَرِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِقُوتِ الْبَلَدِ، كَمَا إذَا كَانَ لَهُ قُوتَانِ أَحَدُهُمَا: مُسَاوٍ لِقُوتِ الْبَلَدِ، وَالْآخَرُ أَحْسَنُ لَا الْأَدْوَنُ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَغْلَبِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا لِعَجْزٍ عَنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْأَغْلَبِ   [حاشية العدوي] أَنْ يُؤَدِّيَ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى، فَإِنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَوَاسِعٌ اهـ. وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِأَدَائِهَا قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى» ، وَيُوَافِقُهُ نَصُّ الْمَوَّاقِ وَنَصُّهُ فِيهَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ الْفِطْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى لِقَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] إلَى فَصَلَّى أَيْ: مَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، ثُمَّ غَدَا ذَاكِرًا لِلَّهِ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا إلَخْ) هَذَا مِمَّا يُقَوِّي مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَيْ، يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ. (تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقٌّ فِي الْوَقْتِ الْمَنْدُوبِ فَعَزْلُهَا كَإِخْرَاجِهَا. (قَوْلُهُ: فَمَا قَارَبَهُ بِيَسِيرٍ) لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي بَابِ الْقِسْمَةِ أَيْ: أُرِيدَ أَنْ يُقَسَّمَ شَيْءٌ مِنْ الْقَمْحِ فِيهِ غَلَثٌ فَيَجْرِي فِيهِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) أَيْ: فَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ وَإِلَّا فَقَدْ قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ وَنَصُّهُ أَيْ: وَنُدِبَ غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ الَّذِي يُخْرِجُهُ زَكَاةً عَنْ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَمْحُ غَلَثًا فَيَجِبُ غَرْبَلَتُهُ حَيْثُ كَانَ غَلَثُهُ يَنْقُصُهُ مِنْ النِّصَابِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ وَلَا بِغَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ فَقْرٍ) وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ وَيُلْغِزُ بِهَا فَيُقَالُ زَكَاةُ فِطْرٍ أُخْرِجَتْ عَنْ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ، الزَّائِدُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ) أَيْ: حَيْثُ تَحَقَّقَ الزَّائِدُ لَا إنْ شَكَّ، (قَوْلُهُ: أَيُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ) الَّذِي هُوَ مُدُّ هِشَامٍ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ؟ (قَوْلُهُ: إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ) فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُخْرِجُ عَنْهُ أَهْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ، وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِخْرَاجُ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يُخْرِجَ أَهْلُهُ عَنْهُ، (قَوْلُهُ: إذَا تَرَكَ عِنْدَهُمْ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ) لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ حَيْثُ أَوْصَاهُمْ وَوَثِقَ بِهِمْ يَكْفِي (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ مِنْ الصِّنْفِ إلَخْ) ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُخْرِجُ - بِالْكَسْرِ - صِنْفَ مَا يَأْكُلُهُ الْمُخْرَجُ عَنْهُ أَخَّرَ الْإِخْرَاجَ حَتَّى يَعْلَمَ، كَذَا يَنْبَغِي. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَجَازَ دَفْعُ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: وَجَازَ الدَّفْعُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا لِعَجْزٍ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْحَطَّابِ نَظَرٌ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَجَازَ إخْرَاجُهَا مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ إنْ كَانَ يَقْتَاتُ ذَلِكَ لِفَقْرِهِ اتِّفَاقًا، أَوْ لِعَادَةٍ كَالْبَدْوِيِّ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ بِالْحَاضِرَةِ وَهُوَ مَلِيءٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ لَا لِشُحٍّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إلَّا لِشُحٍّ) عَلَى نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى قُوتِ الْبَلَدِ فَلَا يُجْزِيهِ، وَانْظُرْ لَوْ اقْتَاتَهُ لِكَسْرِ نَفْسِهِ . (ص) وَإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لِمُفَرِّقٍ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ فِطْرِهِ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ، وَهَلْ هَذَا الْجَوَازُ مُطْلَقًا؟ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِتَفْرِقَتِهَا صَاحِبَهَا أَوْ الْإِمَامَ أَوْ غَيْرَهُمَا وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَشُهِرَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، أَوْ الْجَوَازُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ إذَا دَفَعَهَا لِمَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَتَهَا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَوَلَّى صَاحِبُهَا تَفْرِقَتَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا تُجْزِئُهُ تَأْوِيلَانِ، وَمَحَلُّهُمَا إذَا أَتْلَفَهَا الْفَقِيرُ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، وَأَمَّا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ لَأَجْزَأَتْ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ لِدَافِعِهَا إنْ كَانَتْ لَا تُجْزِئُ أَنْ يَنْتَزِعَهَا، فَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ كَمَنْ ابْتَدَأَ دَفْعَهَا حِينَئِذٍ . (ص) وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا (ش) أَيْ: وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَمَّنْ لَزِمَتْهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ وُجُوبِهَا وَهُوَ أَوَّلُ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ فَجْرُهُ، بَلْ يُخْرِجُهَا لِمَاضِي السِّنِينَ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ عَنْهُ، وَأَمَّا لَوْ مَضَى زَمَنُ وُجُوبِهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يُخَاطَبُ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِطْرَ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ كُلَّ وَقْتٍ، وَالْأُضْحِيَّةُ لِلتَّظَافُرِ عَلَى إظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَقَدْ فَاتَتْ . (ص) وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تُدْفَعُ لِلْحُرِّ لَا لِلْقِنِّ - وَلَوْ مُكَاتَبًا -: الْمُسْلِمِ لَا الْكَافِرِ، وَلَوْ مُؤَلَّفًا، أَوْ جَاسُوسًا، الْفَقِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَا تُدْفَعُ لِمَنْ يَلِيهَا وَلَا لِمَنْ يَحْرُسُهَا وَلَا تُعْطَى لِمُجَاهِدٍ أَيْضًا، وَلَا يُشْتَرَى لَهُ بِهَا آلَةٌ وَلَا لِلْمُؤَلَّفَةِ، وَلَا لِابْنِ السَّبِيلِ إلَّا إذَا كَانَ فَقِيرًا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَيُعْطَى مِنْهَا بِوَصْفِ الْفَقْرِ، وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ، وَلَا يُشْتَرَى مِنْهَا رَقِيقٌ يُعْتَقُ، وَلَا لِغَارِمٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَقَعَا فِي الْقُرْآنِ إلَّا مَقْرُونَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ (بَابُ الصَّوْمِ) وَهُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ، وَشَرْعًا الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْفَمِ وَالْفَرْجِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا   [حاشية العدوي] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَح نَظَرٌ) عِبَارَةُ بَهْرَامَ أَيْ: إذَا كَانَ يَقْتَاتُ أَدْنَى مِنْ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِشُحٍّ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِضِيقٍ وَعَدَمِ قُدْرَةٍ عَلَى اقْتِيَاتِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُوتِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ غَيْرِهِ لَكَانَ مِنْ بَابِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَفْعَلُهُ شُحًّا عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى اقْتِيَاتِ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ اهـ. إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ قَالَ مُحَشِّي تت إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ هَكَذَا فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْغَالِبِ أَيْ: إذَا قُلْنَا بِاعْتِبَارِ غَالِبِ الْقُوتِ فَإِنْ أَعْطَى الْأَدْوَنَ لِشُحٍّ فَلَا يَجُوزُ وَلِعُسْرٍ أَوْ عَادَةٍ أَجْزَأَ، وَعَلَى هَذَا شَرَحَهُ شُرَّاحُهُ وَأَقَرُّوهُ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيُخْرِجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ قُوتُهُ دُونَهُمْ لَا لِشُحٍّ فَقَوْلَانِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ مَنْ اعْتَبَرَ الْغَالِبَ لَا يُجْزِي الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَدْوَنِ إلَّا لِعَجْزٍ كَمَا فِي ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ بِإِجْزَاءِ الْأَدْوَنِ لِغَيْرِ شُحٍّ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ لَا مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَجَازَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُغَايِرَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِشُحٍّ مِمَّا يُؤَدِّي هَذِهِ الْعِبَارَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَادَةٍ كَالْبَدْوِيِّ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَوْ اقْتَاتَهُ لِكَسْرِ نَفْسِهِ) فِي ك الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ نَقْلًا عَنْ عج (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ) كَذَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِزِيَادَةِ الْجَلَّابِ الثَّالِثَ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ: عَمَّنْ لَزِمَتْهُ) قَصْرُ الْكَلَامِ عَلَى حَالَةِ الْوُجُوبِ فِي شَرْحِ عب التَّعْمِيمَ فَقَالَ أَيْ: لَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا وُجُوبًا فِيمَا يَجِبُ وَنَدْبًا فِيمَا يُنْدَبُ سَنَدٌ وَلَا يَأْثَمُ مَا دَامَ يَوْمُ الْفِطْرِ بَاقِيًا فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَيْ: مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَثِمَ مَعَ الْقُدْرَةِ، (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) وَلَا يَقْدَحُ فِي الْفَرْقِ خَبَرُ «أَغْنُوهُمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ» لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا يُعَدُّ جَبْرًا لِمَا حَصَلَ لَهُمْ، أَوْ لِبَعْضِهِمْ مِنْ ذُلِّ السُّؤَالِ يَوْمَهَا بِعَدَمِ دَفْعِهِ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِسَدِّ الْخَلَّةِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ: الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: لِلتَّظَافُرِ) أَيْ: لِلتَّعَاوُنِ وَقَوْلُهُ: وَقَدْ فَاتَتْ أَيْ: الشَّعَائِرُ (قَوْلُهُ: فَقِيرٍ) أَيْ: فَقِيرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَتُدْفَعُ لِمَالِكِ نِصَابٍ لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا تُدْفَعُ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ» وَتُدْفَعُ لِلْمَسَاكِينِ بِالْأَوْلَى أَيْ: فَالْحَصْرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِمَنْ يَلِيهَا وَغَيْرِهِ مِمَّا عَدَا الْمَسَاكِينَ. (تَنْبِيهٌ) : لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَطْلُبَهَا كَمَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا وَلَا يَأْخُذَهَا كَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ (قَوْلُهُ: إلَّا مَقْرُونَيْنِ) هُنَا صِفَةٌ مَحْذُوفَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْ: اللَّذَيْنِ هُمَا الرُّكْنَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ إلَخْ. [بَابُ الصَّوْمِ] (بَابُ الصَّوْمِ) شُرِعَ الصَّوْمُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: الْإِمْسَاكُ) أَيْ: مُطْلَقُ الْإِمْسَاكِ وَالْكَفِّ عَنْ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ: صَمْتًا وَإِمْسَاكًا عَنْ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا هُوَ الْإِمْسَاكُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 مُخَالَفَةً لِلْهَوَى فِي طَاعَةِ الْمَوْلَى فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ النَّهَارِ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ إنْ أَمْكَنَ فِيمَا عَدَا زَمَنَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَأَيَّامَ الْأَعْيَادِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا أَيْ: الْفَمُ وَالْفَرْجُ فَيَقُومُ مَقَامَ الْفَمِ الْأَنْفُ وَنَحْوُهُ، فَإِنَّ الْوَاصِلَ مِنْهُ لِلْجَوْفِ أَوْ لِلْحَلْقِ مُفَطِّرٌ، وَيَقُومُ مَقَامَ الْفَرْجِ اللَّمْسُ الْمُوجِبُ لِلْفِطْرِ. (ص) يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ (ش) أَيْ: تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ وَتُوجَدُ فِي الْخَارِجِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ: مَعَ الْغَيْمِ أَيْ: إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مُغَيِّمَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُصْحِيَةً فَلَا يَثْبُتُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ وَيُكَذَّبَانِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ: إذَا ثَبَتَ أَوَّلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ رَمَضَانَ غَيْرَ مُضَافٍ إلَى شَهْرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ لِخَبَرِ «إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ» ، وَثَالِثُهَا يَجُوزُ بِقَرِينَةٍ كَصُمْنَا رَمَضَانَ، وَيُكْرَهُ بِدُونِهَا كَجَاءَ رَمَضَانُ؛ لِمَا قِيلَ إنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَذْهَبَانِ فَاسِدَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، فَقَدْ صَنَّفَ جَمَاعَةٌ لَا يُحْصَوْنَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُثْبِتُوهُ، وَمَا رُوِيَ فِيهِ مِنْ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ . (ص) أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ (ش) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَحَذْفِ مَفْعُولِهِ أَيْ: أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ هِلَالَهُ وَهُمَا الذَّاكِرَانِ الْمُكَلَّفَانِ الْحُرَّانِ الْمُسْلِمَانِ، فَلَا يُصَامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ، وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَةٍ، وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ خِلَافًا لِزَاعِمِيهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاسِمِ، وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ، وَنِصْفِ شَعْبَانَ وَكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِرُؤْيَتِهِ   [حاشية العدوي] لَا عَدَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَبَّدَنَا بِهِ كَالصَّلَاةِ وَأَمَرَنَا بِهِمَا فَهُوَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ كَهِيَ، وَقَدْ عُلِمَ بِالْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فَعَلَ أَمْرًا كَانَ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ نَهْيًا عَلَى الْمُخْتَارِ فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عِبَادَةٌ عَدَمِيَّةٌ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ مَنْ قَالَ عَدَمِيَّةٌ أَرَادَ أَنَّهُ لَا صُورَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ حِسِّيَّةٌ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: مُخَالَفَةً) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْإِمْسَاكِ ذَا مُخَالَفَةٍ لِلْهَوَى وَأَرَادَ بِذَلِكَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِلصَّائِمِ لَا أَنَّ الصَّوْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ لَصَحَّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: اللَّمْسُ الْمُوجِبُ لِلْفِطْرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْفِطْرَ عَلَى مَا سَيَأْتِي إلَّا الْمَذْيُ، أَوْ الْمَنِيُّ فَلَمْ يَكُنْ اللَّمْسُ هُوَ الْمُوجِبُ لِذَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَائِمًا مَقَامَ الْفَرْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاهِبًا لِقَوْلٍ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: أَيْ تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ وَتُوجَدُ) أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُسَهِّلٌ لِتَعْمِيمِهِ كَذَا قَرَّرَ، ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ فِي الْخَارِجِ أَيْ: بِحَسَبِنَا لَا بِحَسَبِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَإِلَّا فَعِنْدَ اللَّهِ قَدْ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ قَمَرٌ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ فِي الْخَارِجِ، بَلْ يُرَادُ يَثْبُتُ عِنْدَنَا أَيْ: يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الصَّوْمِ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ) ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا مُتَعَدِّدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت، وَذَكَرَ عج أَنَّهُ يُقَيِّدُ قَوْلَهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَالَ قَبْلَهُ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْكَمَالِ وَإِلَّا جُعِلَ شَعْبَانُ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى خَمْسَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ شَعْبَانَ وَلَوْ تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا، وَكَذَا مُحَشِّي تت اعْتَرَضَ عَلَى عج (قَوْلُهُ: وَيُكَذَّبَانِ) أَيْ: الشَّاهِدَانِ بِهِلَالِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ) تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلَيْنِ: عَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَالتَّفْصِيلِ فَقَدْ حُذِفَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ الْكَرَاهَةُ قَطْعًا لِدَلَالَةِ الْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِلْقَوْلِ بِالْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا وَجْهُ دَلَالَتِهِ لِلْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ فَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ إلَّا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُفِيدُ عَدَمَ إرَادَةِ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ، وَإِرَادَةِ الشَّهْرِ فَلَا ضَرَرَ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَائِهِ) قَالَ فِي ك، وَرَمَضَانُ إنْ صَحَّ أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَغَيْرُ مُشْتَقٍّ، وَرَاجِعٌ إلَى مَعْنَى الْغَافِرِ أَيْ: يَمْحُو الذُّنُوبَ وَيَمْحَقُهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ: وَالْمَذْهَبَانِ فَاسِدَانِ وَالتَّقْدِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ مَفْعُولَ رُؤْيَةٍ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ، وَهَذَا الْجَوَابُ لِلتَّتَّائِيِّ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إضَافَةُ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَحَذْفُ مَفْعُولِهِ وَهُوَ الْهِلَالُ لِوُضُوحِهِ، وَأَرَادَ بِالْعَدْلَيْنِ مَا قَابَلَ الْمُسْتَفِيضَةَ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: الْحُرَّانِ الْمُسْلِمَانِ إلَى آخِرِ مَا يَذْكُرُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ فَاسِقٍ تَارِكًا مَا لَا يَلِيقُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ هِلَالَهُ) أَيْ: لِصَوْبٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَا وَلَكِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَلَوْ ادَّعَيَا رُؤْيَتَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الطَّلَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَرَ رُؤْيَتَهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ) أَيْ: لَا يَصُومُ النَّاسُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَأَمَّا هُوَ فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَةٍ) أَيْ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ بَهْرَامُ: وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، أَوْ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ (قَوْلُهُ: وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ) هَذِهِ الْمَوَاسِمُ الْمُشَارُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاسِمِ، وَعَاشُورَاءُ وَنِصْفُ شَعْبَانَ مَوْسِمٌ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ، وَالْمَوَاسِمُ جَمْعُ مَوْسِمٍ الزَّمَنُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ وَلَمْ يُرِدْ بِعَرَفَةَ مَوْضِعَ الْوُقُوفِ بَلْ أَرَادَ بِهِ زَمَنَهُ وَهُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ بِعَاشُورَاءَ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَقَوْلُهُ: كَحُلُولِ دَيْنٍ أَيْ: كَزَمَنِ حُلُولِ دَيْنٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ إكْمَالِ الْعِدَّةِ أَيْ: زَمَنِ إكْمَالِ الْعِدَّةِ فَزَمَنُ حُلُولِ الدَّيْنِ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَزَمَنُ إكْمَالِ الْعِدَّةِ تَعَلَّقَ بِهِ حِلِّيَّةُ النِّكَاحِ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِالْهِلَالِ عِلْمُ التَّوَارِيخِ أَيْ: هَذَا إذَا أُرِيدَ بِالْهِلَالِ الزَّمَانُ الْمُتَقَدِّمُ، وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ الزَّمَانُ الْمُتَعَلِّقُ بِحُلُولِ حَادِثَةٍ كَوِلَادَةٍ، أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُبْحَثُ عَنْهُ فِي عِلْمِ التَّوَارِيخِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك الْمُسَامَحَةُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْهِلَالِ نَفْسَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ، وَعِلْمُ التَّوَارِيخِ هُوَ الْعِلْمُ الْمُبَيَّنُ فِيهِ حُدُوثُ مَا يَحْدُثُ فِي الْأَزْمِنَةِ كَمَا قُلْنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ التَّارِيخُ تَعْرِيفُ الْوَقْتِ مِنْ حَيْثُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 حُكْمٌ شَرْعِيٌّ: كَحُلُولِ دَيْنٍ أَوْ إكْمَالِ عِدَّةٍ، وَأَمَّا إنْ أُرِيدَ بِالْهِلَالِ عِلْمُ التَّوَارِيخِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ، وَيَثْبُتُ بِالْعَدْلَيْنِ فِي الْغَيْمِ وَالْبَلَدِ الصَّغِيرِ اتِّفَاقًا، وَفِي الصَّحْوِ فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ، عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِصَحْوِ مِصْرٍ) خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ وَيَعُمُّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ وَلَا يَعُمُّ إلَّا إذَا نُقِلَ عَنْهُمَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ بِرُؤْيَتِهِ وَصَدَّقَهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لَا أَوْ بِالْحُكْمِ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي النَّقْلِ عَنْهُمَا كَمَا يَأْتِي . (ص) فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا كُذِّبَا (ش) يَعْنِي: إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَمَضَى ثَلَاثُونَ يَوْمًا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ غَيْرُهُمَا الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ فَقَدْ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمَا، وَهَذَا الْحُكْمُ أَعَمُّ مِنْ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ فِي الْمِصْرِ مَعَ الصَّحْوِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِذَا كُذِّبَا فَلَا يَصُومُ النَّاسُ إنْ شَهِدَا عَلَى هِلَالِ شَعْبَانَ وَلَا يُفْطِرُوا إنْ شَهِدَا عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ فَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرَ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ، وَمِثْلُهُمَا مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الْمُسْتَفِيضَةِ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فَلَا تُكَذَّبُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرَ أَيْ: يَرَهُ غَيْرُهُمَا، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يُقْبَلَانِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمَا. (ص) أَوْ مُسْتَفِيضَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ رَمَضَانَ يَتَحَقَّقُ صَوْمُهُ أَيْضًا بِالرُّؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ أَيْ: الْمُنْتَشِرَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ خَبَرِ مَنْ يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ (ص)   [حاشية العدوي] هُوَ وَقْتٌ وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ تَوْقِيتُ الْفِعْلِ بِالزَّمَانِ لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ مَا بَيْنَ ابْتِدَائِهِ وَبَيْنَ أَيِّ غَايَةٍ فُرِضَتْ لَهُ، فَإِذَا قُلْت: كَتَبْت مِنْ يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَقُرِئَ بَعْدَ مَا كَتَبْته بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ عُلِمَ أَنَّ مَا بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَقِرَاءَتِهِ سَنَةٌ، وَاخْتَصَّتْ الْعَرَبُ بِأَنَّهَا تُؤَرِّخُ السَّنَةَ الْقَمَرِيَّةَ دُونَ الشَّمْسِيَّةِ فَلِذَلِكَ تُقَدَّمُ اللَّيَالِي فِي التَّارِيخِ عَلَى الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ الْهِلَالَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي اللَّيْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ) أَيْ: الْعَدْلُ الَّذِي لَيْسَ بِفَاسِقٍ الَّذِي هُوَ عَدْلُ الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْهِلَالَ خَبَرٌ أَيْ: ذُو خَبَرٍ أَيْ: كَلَامٌ خَبَرِيٌّ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا، بَلْ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ كَلَامٌ خَبَرِيٌّ: كَمَاتَ فُلَانٌ فِي الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: ابْنُ فَرْحُونٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) فِيهِ حَمْلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمِصْرٍ عَلَى الْكَبِيرَةِ وَأَنَّ خِلَافَ سَحْنُونَ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَبِيرَةِ فَإِنْ قُلْت أَيُّ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمِصْرُ الْكَبِيرَةُ قُلْت: إنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ الْمِصْرَ إنَّمَا يَكُونُ كَبِيرًا فَاسْتَغْنَى عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَبِأَنَّ التَّنْوِينَ لِلتَّعْظِيمِ وَالْمِصْرَ مَا احْتَوَتْ عَلَى قَاضٍ وَحَوَانِيتَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ثُبُوتِ الْأَذَانِ بِوَاحِدٍ وَالْهِلَالِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اثْنَيْنِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يُشَارِكُهُ فِي مَعْرِفَةِ الزَّوَالِ غَيْرُهُ بِحَيْثُ لَوْ أَذَّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ لَقِيمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مُدَّعِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ ك (قَوْلُهُ: وَيَعُمُّ) أَيْ: كُلَّ مَنْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ كَمَالُ شَعْبَانَ،. وَقَوْلُهُ: وَلَا يَعُمُّ أَيْ: وَلَا يَعُمُّ كُلَّ مَنْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ رُؤْيَةُ الْعَدْلَيْنِ أَيْ: بِدُونِ سَمَاعٍ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَقَلَ عَنْهُمَا أَيْ: وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَشْخَاصَ ثَلَاثَةٌ: إمَّا رَاءٍ، أَوْ سَامِعٌ مِنْ الرَّائِي، أَوْ سَامِعٌ مِنْ السَّامِعِ مِنْ الرَّائِي فَالْأَوَّلَانِ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الثَّالِثِ إلَّا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ (قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُمَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْدِيقُ حَيْثُ كَانَتْ عَدَالَتُهُمَا ثَابِتَةً (قَوْلُهُ: لَا، أَوْ بِالْحُكْمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ نَقُولُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِنَفْسِ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ لَا نَقُولُ أَوْ بِالْحُكْمِ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ . (قَوْلُهُ: صَحْوًا) حَالٌ مِنْ بَعْدَ أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْبَعْدِ صَحْوًا أَيْ: ذَا صَحْوٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَقَعُ حَالًا إلَّا بِتَأْوِيلٍ لَا حَالًا مِنْ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي الثَّلَاثِينَ أَنْ تَكُونَ مُصْحِيَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت يُقَدِّرُ مُصْحِيًا آخِرَهَا قُلْت لَا يَصِحُّ فَإِنَّ الْمُصْحِيَ إنَّمَا هُوَ الْمُجَاوِرُ لِلْآخِرِ وَهُوَ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ لَا الْآخِرُ وَهُوَ الثَّلَاثُونَ (قَوْلُهُ: كُذِّبَا) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا هُمَا فَيَعْمَلَانِ عَلَى اعْتِقَادِهِمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ اُنْظُرْ لَوْ وَقَعَ الصَّوْمُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحَكَمْنَا بِتَكْذِيبِهِمَا هَلْ يُجْزِئُ الصَّوْمُ الْوَاقِعُ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْإِجْزَاءِ لِلْمَشَقَّةِ. (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ النَّاصِرُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الْهِلَالُ إذَا رُئِيَ لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ كَبِيرًا وَلَمْ يَغِبْ إلَّا عِنْدَ الْعِشَاءِ، وَقَدْ كَانَ لَمْ يُرَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ فَهُوَ وُلِدَ لَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا يُعْتَبَرُ كِبَرُهُ وَلَا صِغَرُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمَا) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ؛ لِأَنَّ الْهِلَالَ لَا يَخْفَى مَعَ إكْمَالِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ إحْدَى وَثَلَاثِينَ، وَإِنَّمَا يَخْفَى وَيُدْرِكُهُ بَعْضُ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ مَعَ نُقْصَانِ الْأَشْهُرِ اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَقْضِيَ النَّاسُ يَوْمًا إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ، وَعَدَّ النَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ هِلَالُ ذِي الْقِعْدَةِ وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ الْحَجُّ إذَا شَهِدَا بِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ ك (قَوْلُهُ: وَإِذَا كُذِّبَا) أَيْ: حُكِمَ بِتَكْذِيبِهِمَا أَيْ: الشَّاهِدَيْنِ أَيْ: لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمَا شُهَدَاءَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: أَيْ يَرَهُ غَيْرُهُمَا) هَذَا الْقَيْدُ يُحْتَاجُ لَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا جَرَّتْ لِلشَّاهِدِ نَفْعًا، أَوْ دَفَعَتْ عَنْهُ ضُرًّا مُنِعَتْ (قَوْلُهُ الْحَاصِلَةِ مِنْ خَبَرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: الْحَاصِلَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا جَعَلَ الِاسْتِفَاضَةَ صِفَةً لِلرُّؤْيَةِ أَفَادَ أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ بِالْإِخْبَارِ بِأَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا أَنَّهُ رُئِيَ الْهِلَالُ لَيْسَتْ مُرَادَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْخَبَرِ خَبَرَ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ خَبَرِ مَنْ يَسْتَحِيلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ هُوَ الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ وَهُوَ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْمُسْتَفِيضَ هُوَ الْخَبَرُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ الْقَرِيبِ مِنْهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَشُهُودُ الْمُسْتَفِيضَةِ لَيْسَ لَهُمْ عَدَدٌ مَحْصُورٌ لَكِنَّهُمْ لَا يَنْقُصُونَ عَنْ خَمْسَةٍ فَقَدْ تَكُونُ الْخَمْسَةُ مُسْتَفِيضَةً إذَا أَفَادَ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، وَقَدْ لَا يَكُونُ إذَا لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 وَعَمَّ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا (ش) أَيْ: وَعَمَّ الْحُكْمُ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ إنْ نُقِلَ بِالْعَدْلَيْنِ أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ، وَالْحُكْمِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ لَا عَنْ رُؤْيَتِهِمَا وَإِلَّا كَانَ نَقْلُ شَهَادَتِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ النَّقْلِ وَلَا يَعُمُّ. (ص) لَا بِمُنْفَرِدٍ إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ (ش) مُخْرَجٌ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا كَأَهْلِهِ أَيْ: لَا بِرُؤْيَةِ مُنْفَرِدٍ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا كَأَهْلِهِ فَيَلْزَمُهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَنٍ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَعَلَى جَعْلِهِ مُخْرَجًا مِنْ النَّقْلِ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى ضَعِيفٍ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ مُيَسَّرٍ وَهُوَ أَنَّ نَقْلَ الْمُنْفَرِدِ يَعُمُّ سَائِرَ النَّاسِ: أَهْلَهُ وَغَيْرَهُمْ . (ص) وَعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ رَفَعَ رُؤْيَتَهُ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ وَاَلَّذِي يُرْجَى قَبُولُ شَهَادَتِهِ أَوْ يُرْجَى أَنَّ غَيْرَهُ يُزَكِّيهِ، وَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ جُرْحَةَ نَفْسِهِ إذَا رَأَى أَحَدُهُمْ الْهِلَالَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ شَهَادَتَهُ إلَى الْحَاكِمِ وَيَشْهَدَ عِنْدَهُ لَعَلَّ أَنْ يَرْفَعَ غَيْرُهُ فَتَكْمُلُ الشَّهَادَةُ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرْجُوِّ مَنْ حَالُهُ مَسْتُورٌ لَيْسَ مُنْكَشِفَ الْفِسْقِ، وَأَمَّا مَنْ حَالُهُ مُنْكَشِفٌ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ أَشْهَبَ بِاسْتِحْبَابِ رَفْعِهِ، فَعَلَى الْمُؤَلِّفِ مُؤَاخَذَةٌ مِنْ جِهَةِ إيهَامِهِ وُجُوبَ الرَّفْعِ عَلَى غَيْرِهِمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَصِحُّ فِي غَيْرِهِمَا الْجَرُّ أَيْ: وَعَلَى غَيْرِهِمَا وَالرَّفْعُ أَيْ: وَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا أَيْ: وَالْمُخْتَارُ طَلَبُ عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ وَغَيْرِهِمَا، وَالطَّلَبُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، وَفِي الثَّانِي عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ " عَلَى " فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا وَهُوَ الِاسْتِحْبَابُ أَيْ: وَعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ وُجُوبًا، وَعَلَى غَيْرِهِمَا اسْتِحْبَابًا، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ. (ص) وَإِنْ أَفْطَرُوا فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا بِتَأْوِيلٍ فَتَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَإِنْ أَفْطَرَ الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُنْفَرِدُونَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَوْ مُتَأَوِّلِينَ؛ لِأَنَّ تَأْوِيلَهُمْ بَعِيدٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ عِنْدَ عَدِّهِ لِأَصْحَابِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ حَيْثُ قَالَ: كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ، فَذِكْرُهُ هُنَا التَّأْوِيلُ بِعَدَمِ الْكَفَّارَةِ مَعَ التَّأْوِيلِ ضَعِيفٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هَذَا غَيْرُ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ ذَاكَ رَفْعٌ وَلَمْ يُقْبَلْ، وَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ مُوجِبٌ؛ لَأَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ بَعِيدًا وَهَذَا لَمْ يُرْفَعْ فَلِذَلِكَ جَرَى فِيهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْكَفَّارَةِ . (ص) لَا بِمُنَجِّمٍ (ش) يَعْنِي:   [حاشية العدوي] أَيْ: فَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَبِيدًا وَنِسَاءً فَلَا يُكْتَفَى بِهِمْ كَمَا فِي الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: وَعَمَّ الْحُكْمُ) أَيْ: وَعَمَّ الْحُكْمُ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ كُلَّ مَنْقُولٍ إلَيْهِ أَيْ: مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ قَرِيبًا، أَوْ بَعِيدًا وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ اتِّفَاقُ الْمَطَالِعِ وَلَا عَدَمُهُ وَلَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ) وَالْحُكْمِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ، وَمِثْلُهُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاكِمُ عَامًّا كَالْخَلِيفَةِ، أَوْ خَاصًّا بِنَاحِيَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ النَّقْلِ) أَيْ: لِصِحَّةِ الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا فَإِذَا نُقِلَ عَنْ الْعَدْلَيْنِ فَيَنْقُلُ عَنْهُمَا اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا، وَيَكْفِي نَقْلُ اثْنَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ، ثُمَّ هُمَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعُمُّ) أَيْ: قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِذَا نَقَلَ اثْنَانِ لِقَاضِي بَلَدٍ آخَرَ وَحَكَمَ فَيَعُمُّ، وَلَيْسَ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ وَلَا يَعُمُّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْهِلَالَ اثْنَانِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا حَكَمَ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَتَيْنِ، ثُمَّ إنَّهُ نَقَلَ عَنْ الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ اثْنَانِ آخَرَانِ لِبَلَدٍ أُخْرَى وَأَخْبَرَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ الصِّيَامُ، نَعَمْ إذَا أُخْبِرَ الْحَاكِمُ بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ الَّتِي نَقَلَا فِيهَا عَنْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّائِيَيْنِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ فَيَعُمُّ فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا كَأَهْلِهِ) الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبِيبَتَهُ كَابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا أَتَى بِالْكَافِ وَذَلِكَ؛ لِيَدْخُلَ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ كَالْخَادِمِ وَالْأَجِيرِ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَنٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَهْلُ مُعْتَنِيًا (قَوْلُهُ: عَطْفُ تَفْسِيرٍ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِكَأَهْلِهِ مَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ كَانُوا أَهْلَهُ أَمْ لَا، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَخُلَاصَتُهُ أَنْ لَا يَثْبُتَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ اعْتِنَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ أَمْ لَا، وَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ لَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ: كَأَهْلِهِ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا لِمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُؤْيَةَ الْوَاحِدِ كَافِيَةٌ فِي مَحَلٍّ لَا اعْتِنَاءَ فِيهِ بِأَمْرِ الْهِلَالِ، وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَثِقُ النَّفْسُ بِخَبَرِهِمَا وَتَسْكُنُ بِهِ لِعَدَالَةِ الْمَرْأَةِ وَحُسْنِ سِيرَةِ الْعَبْدِ كَمَا أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: ابْنُ مُيَسَّرٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ إسْكَنْدَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّ نَقْلَ الْمُنْفَرِدِ يَعُمُّ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ لَا يُعْتَنَى فِيهِ بِأَمْرِ الْهِلَالِ اتِّفَاقًا، أَوْ يُعْتَنَى عَلَى مَا عَلَيْهِ جَمٌّ غَفِيرٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ، أَوْ عَنْ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ عَنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَلَا يُعْتَبَرُ نَقْلُهُ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ أَنْفُسِهِمَا. (قَوْلُهُ: الْجَرُّ) أَيْ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلٍ أَيْ: فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَوْلُهُ: وَالرَّفْعُ أَيْ: فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَفَادَ ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَالْمُخْتَارُ طَلَبُ إلَخْ) أَيْ: فَقَدْ اسْتَعْمَلَ عَلَى فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ،. وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَعْدُ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ إلَخْ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَعَبَّرَ بِالِاسْمِ؛ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ نَدْبِ الرَّفْعِ وَلَمْ يَخْتَرْ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ وُجُوبِهِ، فَإِنْ قُلْت: أَيُّ ثَمَرَةٍ فِي رَفْعِ الْغَيْرِ مِنْ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ قَطْعًا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا فِي تَنْشِيطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَإِنْ أَفْطَرَ الْعَدْلُ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا إنْ أَفْطَرَ أَهْلُ الْمُنْفَرِدِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَأَوَّلُوا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ عَدْلَيْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ فِي رَفْعٍ وَلَمْ يُقْبَلْ) أَيْ: وَمَا رُفِعَ إلَّا لِكَوْنِهِ عِنْدَهُ شِدَّةُ جَزْمٍ. (قَوْلُهُ: فَلِذَلِكَ جَرَى فِيهِ قَوْلٌ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: لَا بِمُنَجِّمٍ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 أَنَّ الصَّوْمَ يَثْبُتُ بِمَا تَقَدَّمَ لَا بِقَوْلِ مُنَجِّمٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا فِي حَقِّهِ هُوَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ حَصَرَ الثُّبُوتَ فِي: الرُّؤْيَةِ، أَوْ الشَّهَادَةِ، أَوْ إكْمَالِ الْعَدَدِ فَلَمْ يُخْبِرْ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ الْمُنَجِّمُ مَثَلًا: الشَّهْرُ نَاقِصٌ أَوْ زَائِدٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ، وَلَا إلَى حِسَابِهِ، وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ أَمْ لَا . (ص) وَلَا يُفْطِرُ مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ، وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي الظَّاهِرِ، وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِئَلَّا يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِلْأَذَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِقَادِهِ فِي نَفْسِهِ عَدَمُ الظُّهُورِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الظُّهُورِ، وَأَمَّا الْفِطْرُ بِالنِّيَّةِ فَهُوَ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَصَوْمُ الْعِيدِ حَرَامٌ. (ص) إلَّا بِمُبِيحٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الْفِطْرِ لِلْمُنْفَرِدِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ مِنْ: مَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ سَفَرٍ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِفْطَارُ ظَاهِرًا، كَمَا يَجِبُ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ لِلْعُذْرِ . (ص) وَفِي تَلْفِيقِ شَاهِدٍ أَوَّلَهُ لِآخَرَ آخِرَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَدْلٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَشَهِدَ عَدْلٌ آخَرُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ فَهَلْ تُلَفَّقُ الشَّهَادَةُ فِي الْأَفْعَالِ؟ فَإِنْ كَانَ رُؤْيَةُ الثَّانِي بَعْدَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ رُؤْيَةِ الْأَوَّلِ فَشَهَادَتُهُ مُصَدَّقَةٌ لِلْأَوَّلِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ بَعْدَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، فَإِنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ فَقَدْ اتَّفَقَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْهُ فَيَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَلَا يُفْطِرُونَ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ لَا تُوجِبُ كَوْنَ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الشَّهْرِ كَامِلًا، وَإِنْ شَهِدَ الثَّانِي بَعْدَ ثَلَاثِينَ مِنْ رُؤْيَةِ الْأَوَّلِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَيَجِبُ الْفِطْرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ أَوْ لَا تُلَفَّقُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ بِرُؤْيَةِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الصَّوْمُ شَرْعًا؛ إذْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ فِي الرُّؤْيَةِ كَالْعَدَمِ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ التَّلْفِيقِ . (ص) وَلُزُومُهُ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ بِشَاهِدٍ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُخَالِفَ إذَا حَكَمَ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ بِهَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ صَادَفَ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ مِنْ: صَلَاةٍ، وَنَحْوِهَا فَلَيْسَ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ صَلَاةٍ وَلَا بُطْلَانِهَا، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَجَزَمَ بِهِ تِلْمِيذُهُ الْقَرَافِيُّ وَتَرَدَّدَ فِيهِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَسَنَدٌ وَقَوْلُهُ: تَرَدَّدَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ . (ص) وَرُؤْيَتُهُ نَهَارًا لِلْقَابِلَةِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْهِلَالَ إذَا رَآهُ النَّاسُ فِي النَّهَارِ فَإِنَّهُ يَكُونُ   [حاشية العدوي] هُوَ الْحَاسِبُ الَّذِي يَحْسُبُ قَوْسَ الْهِلَالِ وَنُورَهُ، وَالْكَاهِنُ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالْعَرَّافُ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ، أَوْ الْمَسْرُوقِ، أَوْ الضَّالِّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي الظَّاهِرِ) قَالَ فِي ك: الْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ مَا قَابَلَ النِّيَّةَ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اخْتَفَى عَنْ النَّاسِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ اللَّهِ كَذَلِكَ) أَيْ: بِحَسَبِ مَا يُقَدَّرُ مِنْ الظُّهُورِ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ الْعِيدِ حَرَامٌ) أَيْ: تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِيهِ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِمُبِيحٍ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْ: وَلَا بُدَّ أَنْ تُقْبَلَ دَعْوَاهُ فِي ذَلِكَ الْمُبِيحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ سَفَرٍ أَيْ: وَلَوْ أَنْشَأَهُ لِقَصْدِ السَّفَرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّائِي فَلَا يَجُوزُ لَهُ إنْشَاؤُهُ لِقَصْدِ فِطْرِهِ فَإِنْ تَلَبَّسَ بِهِ أُبِيحَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الْإِفْطَارُ ظَاهِرًا) فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ صَوَابَهُ الْجَوَازُ قَائِلًا؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ لَا يَجِبُ، بَلْ لَوْ أَمْسَكَ عَنْ الْأَكْلِ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ قَدْ بَيَّتَ الْفِطْرَ وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَتَكُونُ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ يَوْمَ الْعِيدِ لَا وُجُوبِهِ. (تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الْمُبِيحِ فِطْرُ الرَّائِي فِي وَقْتٍ يَلْتَبِسُ بِالْغُرُوبِ، أَوْ الْفَجْرِ بِحَيْثُ لَوْ ادَّعَى أَنَّ فِطْرَهُ لِظَنِّ ذَلِكَ لَقُبِلَ مِنْهُ، وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ نَسِيَ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَوْ لَا إذْ قَبُولُ قَوْلِهِ لَا يُسَوِّغُ لَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ إلَخْ) أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: بِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَإِطْلَاقُ الْآخِرِ عَلَى مُجَاوِرِهِ وَهُوَ هِلَالُ شَوَّالٍ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ (قَوْلُهُ: بِشَاهِدٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ عِنْدَنَا كَأَمَةٍ وَعَبْدٍ مَقْبُولَتَيْنِ عِنْدَ حَنْبَلِيٍّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَّفِقَ عِنْدَنَا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الصَّوْمِ بِحُكْمِهِ بِغَيْرِ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: صَادَفَ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ) أَيْ: مَحَلًّا يَجُوزُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ: مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَحْكُمَ فِيهَا بِصِحَّةٍ وَلَا بُطْلَانٍ، وَانْظُرْ إذَا قِيلَ بِلُزُومِ الصَّوْمِ فِي الثَّانِيَةِ فَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ الْفِطْرُ. (تَنْبِيهٌ) : أَوْرَدَ عَلَى الْقَرَافِيِّ فِي قَوْلِهِ الْحُكْمُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ الْقَضَاءَ بِتَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ تَعَبُّدٌ وَقَالَ الرَّصَّاعُ فِي شَرْحِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلصَّوْمِ إنَّ كُلَّ مَا تَعَبَّدَنَا اللَّهُ بِهِ كَانَ عِبَادَةً وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا: إذَا تَنَازَعَ الزَّوْجُ مَعَ عَصَبَةِ الْمَيِّتَةِ فِي مَحَلِّ الدَّفْنِ قَالَ فِي الطِّرَازِ يُقْضَى لِأَهْلِهَا (أَقُولُ) : وَأَيْضًا هَذَا يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَمَّ إنْ نَقَلَ بِهِمَا عَنْهُمَا أَيْ: عَنْ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِحَاكِمٍ إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ لَا بِوُجُوبِ الصَّوْمِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ الشَّهْرِ وُجُوبُ الصَّوْمِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلُزُومُهُ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ بِشَاهِدٍ أَنَّ حُكْمَ الْمُخَالِفِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَاهِدٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ اتِّبَاعُهُ، وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْقَرَافِيِّ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ هُنَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ فُتْيَا مَعَ أَنَّ الْمُخَالِفَ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ حُكْمٌ مُعْتَبَرٌ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُدْرِكَ هَذَا الْحُكْمِ لَمَّا كَانَ ضَعِيفًا لِكَوْنِهِ حَكَمًا فِي الْعِبَادَاتِ لَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: تَرَدَّدَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ لَا لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْفِطْرِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ، وَعَلَى الصَّوْمِ إنْ وَقَعَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَتُهُ أَيْ: فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّصَهُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ. (ص) ، وَإِنْ ثَبَتَ نَهَارًا أَمْسَكَ وَإِلَّا كَفَّرَ إنْ انْتَهَكَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ رَمَضَانَ إذَا ثَبَتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ رُئِيَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَهُوَ الْمَنْعُ وَالْكَفُّ عَنْ الْأَكْلِ فِي حَقِّ مَنْ أَكَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ فِيهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يُمْسِكْ وَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِأَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ إنْ انْتَهَكَ الْحُرْمَةَ بِعِلْمِهِ الْحُكْمَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَهِكٍ بِأَنْ تَأَوَّلَ جَوَازَ الْفِطْرِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّوْمِ فَلَا كَفَّارَةَ (ص) وَإِنْ غَيَّمَتْ وَلَمْ يُرَ فَصَبِيحَتُهُ يَوْمُ الشَّكِّ (ش) غَيَّمَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ يُقَالُ غَيَّمَتْ السَّمَاءُ تَغْيِيمًا وَأَغَامَتْ السَّمَاءُ تُغَيِّمُ إغْيَامًا إذَا عَلَاهَا الْغَيْمُ وَقَوْلُهُ: غَيَّمَتْ أَيْ: لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ لَا لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ كَمُلَتْ وَقَوْلُهُ: فَصَبِيحَتُهُ يَوْمُ الشَّكِّ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْبَعْضِ وَهُوَ الصَّبِيحَةُ بِاسْمِ الْكُلِّ وَهُوَ الْيَوْمُ، وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: فَصَبِيحَةُ صَبِيحَةِ يَوْمِ الشَّكِّ أَيْ: الْيَوْمِ الْمُسَمَّى بِيَوْمِ الشَّكِّ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ، وَلَمَّا كَانَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ بَيَّنَ وُجُوهَ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ:. (ص) وَصِيمَ عَادَةً وَتَطَوُّعًا وَقَضَاءً وَكَفَّارَةً وَلِنَذْرٍ صَادَفَ (ش) أَيْ: جَازَ صَوْمُهُ عَادَةً لِمَنْ عَادَتُهُ سَرْدُ الصَّوْمِ أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَوَافَقَهُ وَتَطَوُّعًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَاءً عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَفَّارَةً عَنْ هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَنَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَى يَوْمًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَيَوْمًا عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَيَجِبُ صَوْمُهُ لِنَذْرٍ صَادَفَ كَمَنْ نَذَرَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ فَيَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ وَيُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَفَاتَ قَالَهُ فِي التَّلْقِينِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: صَادَفَ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَوْمُ الشَّكِّ لَا يَلْزَمُ لِكَوْنِهِ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَطَوُّعًا جَوَازُ صَوْمِ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ عَلَى انْفِرَادِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَا يَرِدُ حَدِيثُ «لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا بِيَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصِلْهُ» ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا قَالَ النَّهْيُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَرِّي التَّقْدِيمِ تَعْظِيمًا لِلشَّهْرِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ عَادَةً أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَنَحْوِهَا فَوَافَقَهُ وَقَوْلُهُ: (لَا احْتِيَاطًا) أَيْ: لَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ لِأَجْلِ الِاحْتِيَاطِ فَمَنْ صَامَهُ كَذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُهُ إذَا صَادَفَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لِتَزَلْزُلِ النِّيَّةِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» فَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ وَعَلَيْهِ حَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَبُو إِسْحَاقَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَنْبَغِي صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ وَفِي الْجَلَّابِ يُكْرَهُ، ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ الْكَافَّةُ مُجْمِعُونَ عَلَى الْكَرَاهَةِ. (ص) وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ لِيَتَحَقَّقَ   [حاشية العدوي] أَيْ: فَحُذِفَ مِنْ إحْدَاهُمَا لِدَلَالَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ أَوْ حُذِفَ مِنْ أَوَّلِهِمَا لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا مَوْقِعَ لَهُ فَلَوْ قَالَ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ بَقِيَ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْقَصْدُ وَالْجَزْمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَإِنَّمَا مُتَعَلِّقُهُ الْأَمْرُ الْمَجْزُومُ بِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالنِّيَّةِ الْمَنْوِيُّ أَيْ: لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالْمَنْوِيِّ أَيْ: وَالْجَزْمُ بِهِ يَرْجِعُ إلَى النِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِعَدَمِ النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَصَبِيحَتُهُ يَوْمُ الشَّكِّ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِعَكْسِ ذَلِكَ يَوْمُ الشَّكِّ صَبِيحَةُ الثَّلَاثِينَ إذَا كَانَ صَحْوًا حَيْثُ تَحَدَّثَ فِيهَا بِالرُّؤْيَةِ مَنْ لَا تَثْبُتُ بِهِ: كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ لَا صَبِيحَةَ الْغَيْمِ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ تَفْسِيرِ الشَّافِعِيِّ لِلشَّكِّ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ إلَخْ) لَا تَسْمِيَةَ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ عَلَى الْبَعْضِ بِالْكُلِّ، وَالْحُكْمُ غَيْرُ التَّسْمِيَةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ لَصَحَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى) وَجْهُهَا كَوْنُ ذَلِكَ أَوْضَحَ مَعْنًى (قَوْلُهُ: وَصِيمَ) أَيْ: أُذِنَ فِي صَوْمِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَادَةً وَتَطَوُّعًا؛ أَوْ الْوُجُوبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَقَضَاءً (قَوْلُهُ: وَتَطَوُّعًا) أَيْ: لَا لِعَادَةٍ وَلَا لِسَرْدٍ (قَوْلُهُ: وَقَضَاءً) وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي أَثْنَائِهِ أَنَّهُ قَضَاهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَهَلْ يَقْضِيهِ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَصَوَّبَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ ظَنًّا أَنَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَطَوُّعًا عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ مَسْلَمَةَ مِنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَكَفَّارَةً عَنْ هَدْيٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَفَّارَةً عَنْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِدْيَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْفِدْيَةِ وَالْهَدْيِ لَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ لِكَوْنِهِ نَذَرَ مَعْصِيَةً) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ نَذْرُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ يَوْمَ الشَّكِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ أَيْ: أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَلَهُ الْفِطْرُ إنْ نَذَرَ صِيَامَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَوْمَ الشَّكِّ لِيَحْتَاطَ بِهِ أَيْ: عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ احْتَسَبَ بِهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ تَطَوُّعًا كَمَا فِي شَرْحِ شب قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ أَوْ بِالتَّحْرِيمِ لَا إنْ نَذَرَهُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بَلْ بِجَوَازِ التَّطَوُّعِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ نَذْرُهُ (قَوْلُهُ: لَا تُقَدِّمُوا) فِي نُسْخَةِ بَعْضِ شُيُوخِنَا بِالشَّكْلِ بِضَمَّةٍ عَلَى التَّاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا رَجُلٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ فِي تُقَدِّمُوا (قَوْلُهُ: فَلْيَصِلْهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ: فَلْيَصِلْ ذَلِكَ الصَّوْمَ (قَوْلُهُ: الْكَافَّةُ مُجْمِعُونَ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ عَصَى اللَّهَ غَيْرُ مُرَادٍ ظَاهِرُهُ بَلْ كُنِّيَ بِهِ عَنْ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: إمْسَاكُهُ) ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مُرِيدِ الصَّوْمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى يَوْمِ الشَّكِّ، وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَعْضٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُكَلَّفَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ الْإِفْطَارِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْأَمْرَ فِيهِ بِارْتِفَاعِ النَّهَارِ وَخَبَرِ الْمُسَافِرِينَ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ فَقَوْلُهُ: إمْسَاكُهُ أَيْ: يَوْمَ الشَّكِّ أَيْ: إمْسَاكُ أَوَّلِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لِيَتَحَقَّقَ فَإِنَّ التَّحَقُّقَ يَحْصُلُ بِالْبَعْضِ. (ص) لَا لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ (ش) يَعْنِي: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَاحْتَاجَ الْأَمْرُ فِيهِمَا إلَى التَّزْكِيَةِ لَهُمَا وَفِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ حِينَئِذٍ أَيْ: إمْسَاكٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ الْأَمْرُ فِيهِ، فَلَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَ الْإِمْسَاكِ فِيهِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا لِأَجْلِ تَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي نَهَارًا بِرُؤْيَتِهِ وَاحْتَاجَ إلَى الْكَشْفِ عَنْهُمَا، وَذَلِكَ يَتَأَخَّرُ فَلَيْسَ عَلَى النَّاسِ صِيَامٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ زُكِّيَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي الْفِطْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيمَا صَامُوا وَمِنْ تَقْدِيرِ اللَّامِ لِلتَّعْلِيلِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفْهَمُ التَّقْيِيدُ بِأَنَّ فِي التَّزْكِيَةِ تَأْخِيرًا وَزِيَادَةً عَلَى الْإِمْسَاكِ السَّابِقِ لِلتَّحَقُّقِ أَيْ: لَا يُسْتَحَبُّ إمْسَاكٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ لِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ، فَلَمْ يُهْمِلْ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ الْقَيْدَ كَمَا قِيلَ. (ص) أَوْ زَوَالِ عُذْرٍ مُبَاحٌ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: تَزْكِيَةِ أَيْ: لَا يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ وَلَا لِزَوَالِ عُذْرٍ إذَا كَانَ عُذْرًا يُبَاحُ مَعَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ: كَالْحَيْضِ يَزُولُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ السَّفَرِ، أَوْ الصِّبَا، وَيُبَاحُ لَهُمْ التَّمَادِي عَلَى الْفِطْرِ وَقَوْلُهُ: (كَمُضْطَرٍّ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِلْعُذْرِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ: كَمُضْطَرٍّ لِجُوعٍ أَوْ لِعَطَشٍ زَالَ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ: وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَا، وَمُرْضِعٍ مَاتَ وَلَدُهَا، وَمَرِيضٍ قَوِيَ، وَصَبِيٍّ بَلَغَ، وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَفَاقَا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَتَمَادَوْنَ عَلَى الْفِطْرِ، وَلَوْ بِالْجِمَاعِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ عَمَّنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَا مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كَالْأَكْلِ نَاسِيًا يَتَذَكَّرُ، أَوْ فِي يَوْمِ شَكٍّ ثُمَّ يَثْبُتُ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ اُنْظُرْهَا فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) فَلِقَادِمٍ وَطْءُ زَوْجَةٍ طَهُرَتْ (ش) هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ جَوَازِ التَّمَادِي عَلَى الْفِطْرِ أَيْ: فَبِسَبَبِ ذَلِكَ يُبَاحُ لِمَنْ قَدِمَ نَهَارًا مِنْ سَفَرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَقَدْ بَيَّتَهُ فِيهِ؛ وَطْءُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَاغْتَسَلَتْ، أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ، أَوْ مَجْنُونَةً، أَوْ قَادِمَةً مِثْلَهُ، أَوْ كِتَابِيَّةً وَلَوْ غَيْرَ مَعْذُورَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ صَائِمَةٍ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ . (ص) وَكَفُّ لِسَانٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ لِيَتَحَقَّقَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّائِمَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَكُفَّ لِسَانَهُ عَنْ الْإِكْثَارِ مِنْ الْكَلَامِ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا عَنْ الْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَوَاجِبٌ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ وَيَتَأَكَّدُ فِي الصَّوْمِ وَلَا يُبْطِلُهُ، وَالْأَظْهَرُ حَمْلُ كَلَامِ الرِّسَالَةِ، وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ إلَخْ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا حَمَلَهُ ابْنُ نَاجِي، وَحَمَلَهُ عَلَى النَّدْبِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ غَيْرُ ظَاهِرٍ . (ص) وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ (ش) أَيْ: يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ) أَفَادَ أَنَّ اللَّامَ فِي لِيَتَحَقَّقَ لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ: يَثْبُتَ مِنْ حَقٍّ ثَبَتَ، وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: يُتَصَوَّرُ أَيْ: يُدْرَكُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْغَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ (قَوْلُهُ: شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي نَهَارًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَ الْقَاضِي لَيْلًا وَتَزْكِيَتُهُمَا تَتَأَخَّرُ إلَى النَّهَارِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، بَلْ يُبَيِّتُ الصَّوْمَ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ الْعُمُومُ الْمُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُبَيِّتُ الصَّوْمَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ إمْسَاكٌ زَائِدٌ إلَخْ) فِي ك لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بَلْ يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَيَتَأَكَّدُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْأَمْرُ فِيهِ دُونَ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَثَّرَتْ فِيهِ رِيبَةً فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَزْكِيَةِ) لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ فِي الشَّكِّ؛ لِأَنَّ تَزْكِيَةَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِيَتَحَقَّقَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمُضْطَرٍّ إلَخْ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَتَعَاطَى أَوَّلًا مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ الْفِطْرُ لِأَجْلِهِ كَمُضْطَرٍّ لِشُرْبٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ، أَوْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ لَكِنْ قَالَ الْمَوَّاقُ: إنَّهُ إذَا بَدَأَ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهًا إلَخْ) مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ بِمُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ فَرْدًا مُغَايِرًا لِلْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ بَلَغَ) أَيْ: بَيَّتَ الْفِطْرَ أَوْ الصَّوْمَ وَأَفْطَرَ عَمْدًا قَبْلَ بُلُوغِهِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ صَوْمًا وَلَا فِطْرًا، وَأَمَّا لَوْ بَيَّتَ الصَّوْمَ وَاسْتَمَرَّ صَائِمًا حَتَّى بَلَغَ، أَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا قَبْلَ بُلُوغِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ الْإِمْسَاكُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ كَالصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَانِ يَرِدَانِ عَلَى مَفْهُومِهِ وَيَرِدُ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهُ فَإِنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِإِكْرَاهٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ مَعَ زَوَالِ عُذْرِهِ مَعَ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِيهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ، وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ فَيُنْدَبُ لَهُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَفِعْلُهُ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَكَذَا فِعْلُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ وَفِي شب التَّصْرِيحُ بِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ لَا يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ) أَيْ: أَوْ بَيَّتَتْ وَأَفْطَرَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ فِي شَرْحِ عب وَانْظُرْ لَوْ بَيَّتَتْهُ هَلْ لَهُ إبْطَالُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مَعْذُورَةٍ) أَيْ: هَذَا إذَا كَانَتْ مَعْذُورَةً بِأَنْ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ، بَلْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ صَائِمَةٍ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً لَا يُبَاحُ لَهُ مُجَامَعَتُهَا وَفِي شَرْحِ شب وَلَوْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ بِأَنْ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِالصَّوْمِ الْمَطْلُوبِ فِي دِينِهِمْ اهـ. وَلَا يُعَارِضُ هَذَا عَدَمَ مَنْعِهِ لَهَا مِنْ كَنِيسَةٍ، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَطْءِ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ، ثُمَّ وَجَدْت الْحَطَّابَ ذَكَرَ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يُوَافِقُ شَارِحَنَا نَاقِلًا لَهُ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ) قَالَ مَالِكٌ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَفِي الْحَدِيثِ بَعْدَهَا وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ مَالِكٍ عَلَى الْفِطْرِ الْخَفِيفِ كَثَلَاثِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 الْفِطْرِ بَعْدَ تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِمْسَاكُ، وَالْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ السُّنَّةُ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ الطَّرِيقَةُ فَلَا مُنَافَاةَ وَتَعْيِينُ الْحُكْمِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَنَسٍ «كَانَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمَرَاتٍ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ التَّمْرُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلَاوَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ لِلْبَصَرِ مَا زَاغَ مِنْهُ بِالصَّوْمِ كَمَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ وَهْبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ طَهُورٌ قَالَ الدَّمِيرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ تَمَرَاتٍ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ اُسْتُحِبَّ فِطْرُهُ عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ لِبَرَكَتِهِ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَحَسَنٌ. (ص) وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ (ش) أَيْ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ وَقَدْ «كَانَ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُؤَخِّرُ بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْ السُّحُورِ وَالْفَجْرِ مِقْدَارُ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً» كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ . (ص) وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِلشَّخْصِ الْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ وَسَيَأْتِي شُرُوطُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] أَيْ: وَيُكْرَهُ الْفِطْرُ، وَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْقَصْرِ وَلِسُهُولَةِ الصَّوْمِ مَعَ النَّاسِ غَالِبًا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ) إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الصَّوْمُ لِلْمُسَافِرِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ بَيْتَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِكَوْنِهِ دَخَلَ وَطَنَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلَا رُخْصَةَ لَهُ فَدَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ . (ص) وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَحُجَّ وَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ مُسْتَحَبٌّ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ، وَأَمَّا هُوَ فَيُسْتَحَبُّ فِطْرُهُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ وَقَدْ «أَفْطَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَجِّ» وَأَنَّ صِيَامَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مُسْتَحَبٌّ، وَاخْتُلِفَ فِي صِيَامِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَعْدِلُ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ سَنَةً؟ وَهَذَا مَا عَدَا الثَّامِنَ وَالتَّاسِعَ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَعْدِلُ سَنَةً، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَعْدِلُ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ إذْ الْمُرَادُ بِالْعَشْرِ: التِّسْعَةُ الْأَيَّامِ مِنْ أَوَّلِهِ، وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ   [حاشية العدوي] تَمَرَاتٍ، أَوْ زَبِيبَاتٍ، أَوْ حَسَيَاتٍ مِنْ الْمَاءِ، وَالْحَدِيثُ عَلَى الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَةَ تَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُ الْحُكْمِ) أَيْ: الْحُكْمِ الظَّاهِرِيِّ الَّذِي هُوَ السُّنَّةُ مُقَابَلَةُ الْمَنْدُوبِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. (تَنْبِيهٌ) : يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ كَالْيَهُودِ الْمُؤَخِّرِينَ وَقْتَ فِطْرِهِمْ عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ، وَأَمَّا مَنْ أَخَّرَهُ لِأَمْرٍ عَرَضَ، أَوْ اخْتِيَارًا مَعَ اعْتِقَادِ كَمَالِ صَوْمِهِ فَلَا يُكْرَهُ كَذَا قَالُوا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) يُطْلَقُ الْمَذْهَبُ وَيُرَادُ بِهِ الرَّاجِحُ وَهُوَ الْمُرَادُ، وَمُقَابِلُهُ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وَنَصَّ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَرَّرَ الْجُزُولِيُّ كَلَامَ الرِّسَالَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرَ السُّحُورِ سُنَّتَانِ وَمِثْلُهُ لِلْقَبَّابِ (قَوْلُهُ: «عَلَى رُطَبَاتٍ» ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ جَمْعُ رُطَبَةٍ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمَرَاتٍ» إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ بَعْدَ التَّمْرِ مِنْ الْحُلْوِ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ التَّمْرُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَالْمُنَاسِبُ لِتَقْدِيمِ الرُّطَبِ أَنْ يَقُولَ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الرُّطَبُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: «حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» ) فِي الْمِصْبَاحِ الْحُسْوَةُ بِالضَّمِّ مِلْءُ الْفَمِ مِمَّا يُحْسَى وَالْجَمْعُ حُسًا وَحَسَوَاتٌ مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى وَمَدَيَاتٌ، وَالْحَسْوَةُ بِالْفَتْحِ قِيلَ: لُغَةٌ، وَقِيلَ: مَصْدَرٌ اهـ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ حَسَوَاتٍ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِضَمِّهَا، وَالْمَسْمُوعُ الْفَتْحُ، وَلْتُحَرِّرْ الرِّوَايَةَ (قَوْلُهُ: مَا زَاغَ مِنْهُ بِالصَّوْمِ) أَيْ: مَا كَلَّ وَضَعُفَ مِنْهُ بِسَبَبِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ تَمَرَاتٍ) فِي شَرْحِ عب وَلَعَلَّ الرُّطَبَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَلْ عِنْدَنَا خِلَافُهُ فِي عِلْمِي. (أَقُولُ) : قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ النَّدْبُ، وَالظَّاهِرُ الْحُصُولُ بِالْأَقَلِّ وَالْأَوْلَى الثَّلَاثُ، وَكَلَامُ عب رُبَّمَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا وَلَكِنَّ الْجَمْعَ أَحْسَنُ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَمْ يَظْهَرْ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ) هُوَ بِالْفَتْحِ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَبِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِالْفِطْرِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَهُوَ الْأَكْلُ وَقْتَ السَّحَرِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ السُّحُورِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ كَانَ أَفْضَلَ، وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِنَدْبِ أَصْلِ السُّحُورِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي خَبَرِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ كَمَا أَنَّ السُّنَّةَ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مُخَالَفَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ كَذَلِكَ السُّنَّةُ تَقْدِيمُ الْإِمْسَاكِ إذَا قَرُبَ الْفَجْرُ عَنْ مَحْظُورَاتِ الصِّيَامِ (قَوْلُهُ: خَمْسِينَ آيَةً) اُنْظُرْ فَإِنَّ الْآيَاتِ فِيهَا الْقَصِيرُ وَفِيهَا الطَّوِيلُ وَلَكِنَّ الْقَصْدَ التَّقْرِيبُ (قَوْلُهُ: لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْقَصْرِ) أَيْ: وَلَمْ تَبْرَأْ الذِّمَّةُ بِالْفِطْرِ وَهَذَا فَرْقٌ وَقَوْلُهُ: وَلِسُهُولَةِ إلَخْ فَرْقٌ آخَرُ وَصُعُوبَةِ الْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ وَفَرْقٌ آخَرُ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الصَّوْمِ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَكُرِهَ لِحَاجٍّ صَوْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْفِطْرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَنُدِبَ صَوْمُ غَيْرِ عَرَفَةَ وَالتَّرْوِيَةِ وَلَوْ لِحَاجٍّ (قَوْلُهُ: هَلْ يَعْدِلُ شَهْرًا) وَهُوَ لِلشَّارِحِ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَهْرَيْنِ) وَهُوَ لِلْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَنَةً) أَيْ: كَمَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي فَيَعْدِلُ سَنَتَيْنِ إلَخْ) قَالَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ مَعْنَاهُ إنْ وَجَدَ شَيْئًا فِي الَّتِي بَعْدَهُ يُكَفِّرُهُ وَإِلَّا حَصَلَ الثَّوَابُ. وَقَالَ فِي ك: ظَاهِرُهُ حُصُولُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الثَّوَابِ وَلَوْ صَامَ مَا ذُكِرَ قَضَاءً لَكِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ يَعْنِي: تَطَوُّعًا، وَأَمَّا قَضَاءً فَلَا لِفَوَاتِ الْمَنْدُوبِ وَإِنْ لَمْ يُنَافِ الْوَاجِبَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَغْلِيبِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ) الْمُنَاسِبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 ص) وَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ (ش) عَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ أَيْضًا مَمْدُودَانِ: الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ صِيَامَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَوْمِ تَاسُوعَاءَ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَاسُوعَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالْيَتَامَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا اتِّخَاذِ ذَلِكَ سُنَّةً لَا بُدَّ مِنْهَا وَإِلَّا كُرِهَ لَا سِيَّمَا لِمَنْ يَقْتَدِي بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْلَةَ الْخِصَالِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا تُفْعَلُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً: الصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالِاكْتِحَالُ، وَالِاغْتِسَالُ، وَزِيَارَةُ عَالِمٍ، وَعِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَمَسْحُ رَأْسِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الْعِيَالِ أَيْ: وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ، وَقِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّوْمُ وَالتَّوْسِعَةُ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ الْمُرَغَّبِ فِي صَوْمِهَا يَوْمُ ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ فِيهِ دَعَا زَكَرِيَّا فَاسْتُجِيبَ لَهُ، وَسَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ فِيهِ بُعِثَ مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَخَامِسَ عَشَرَ ذِي الْقِعْدَةِ فِيهِ أُنْزِلَتْ الْكَعْبَةُ عَلَى آدَمَ وَمَعَهَا الرَّحْمَةُ، وَنِصْفُ شَعْبَانَ لِنَسْخِ الْآجَالِ، وَالْخَمِيسُ وَالِاثْنَيْنُ لِلتَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَرْضِ الْأَعْمَالِ فِيهِمَا وَعَدَّ عِيَاضٌ مِنْ الْمُرَغَّبِ فِيهِ صَوْمُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُحَرَّمِ، وَكَرِهَ بَعْضٌ صَوْمَ يَوْمِ الْمَوْلِدِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ . (ص) وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ أَوَّلُ الشُّهُورِ الْحُرُمِ، وَرَجَبٍ وَهُوَ الشَّهْرُ الْفَرْدُ عَنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَشَعْبَانَ لِخَبَرِ «عَائِشَةَ مَا رَأَيْت الْمُصْطَفَى أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» وَعَنْهَا «مَا رَأَيْت الرَّسُولَ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي   [حاشية العدوي] أَنْ يَقُولَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مَمْدُودَانِ) خَبَرُ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَيْضًا: وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ» فَلَمْ يَأْتِ الْقَابِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ فَلَمْ يَصُمْ التَّاسِعَ قَطُّ كَمَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ لَكِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَصُومُهُ» فَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُهُ ك (قَوْلُهُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ) أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ بِعَاشُورَاءَ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّ عَرَفَةَ مُحَمَّدِيٌّ وَعَاشُورَاءَ مُوسَوِيٌّ (قَوْلُهُ: الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ) أَيْ: الْإِخْوَانِ. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ: طَرِيقَةً لَا بُدَّ مِنْهَا أَيْ: كَالْأَمْرِ الْوَاجِبِ، أَوْ سُنَّةً اصْطِلَاحِيَّةً مُؤَكَّدَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ فَلَا هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ اعْتِقَادٌ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَمْ تَكُنْ مُؤَكَّدَةً (قَوْلُهُ: وَالِاكْتِحَالُ) هَذَا يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ جَوَازِهِ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ الْحُرْمَةُ إذَا كَانَ غَيْرَ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ رَأْسِ الْيَتِيمِ) ذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ رَأْسَ الْيَتِيمِ يُمْسَحُ مِنْ وَسَطِهِ إلَى نَاصِيَتِهِ وَمَنْ لَهُ أَبٌ يُمْسَحُ مِنْ نَاصِيَتِهِ إلَى وَسَطِهِ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّوْمَ وَالتَّوْسِعَةَ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» اهـ. وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَامَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ وَقَالَ «إذَا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ» اهـ. أَيْ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَاسْتِحْسَانٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: دَعَا زَكَرِيَّا) أَيْ: يَرْزُقُهُ اللَّهُ غُلَامًا كَمَا فِي الْآيَةِ. (قَوْلُهُ: فِيهِ أُنْزِلَتْ الْكَعْبَةُ عَلَى آدَمَ) . اعْلَمْ أَنَّ آدَمَ لَمَّا وَصَلَ إلَى مَكَانِ الْبَيْتِ نَزَلَ إلَيْهِ جَبْرَائِيلُ بِيَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ تَلْتَهِبُ نُورًا لَهَا بَابٌ شَرْقِيٌّ وَبَابٌ غَرْبِيٌّ مُقَابِلُهُ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ قَنَادِيلَ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ تَلْتَهِبُ نُورًا بَابُهَا مَنْظُومٌ مِنْ يَاقُوتٍ أَبْيَضَ وَالْحَجَرُ فِي الرُّكْنِ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ فَوَضَعَهَا عَلَى الْبَيْتِ بِقَدْرِهِ وَلَمْ تَزَلْ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ أَلْفُ سَنَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ وَدُفِنَ بِخَيْفِ مِنًى كَمَا قِيلَ وَرُفِعَتْ الصَّخْرَةُ بَعْدَهُ وَقِيلَ إنَّهُ بَنَى الْبَيْتَ عَلَى حُدُودِهَا، ثُمَّ رُفِعَتْ وَقِيلَ اسْتَمَرَّتْ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ حَتَّى رُفِعَتْ فِي زَمَنِ طُوفَانِ نُوحٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ النُّبْذَةِ اللَّطِيفَةِ لِلشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْقَلْيُوبِيِّ وَقَوْلُهُ: فَوَضَعَهَا عَلَى الْبَيْتِ أَيْ: مَكَانَهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: أُنْزِلَتْ الْكَعْبَةُ أَيْ: صُورَتُهَا وَفِي تَقْرِيرٍ مَعْنَى أُنْزِلَتْ هُدِيَ إلَى بِنَائِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهَا الرَّحْمَةُ) الْمَعِيَّةُ مَجَازِيَّةٌ أَيْ: وَمَعَهَا الْوَعْدُ بِالرَّحْمَةِ لِزَائِرِيهَا (قَوْلُهُ: وَنِصْفِ شَعْبَانَ لِنَسْخِ الْآجَالِ) أَيْ: فَيَكْتُبُ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِذَلِكَ مِنْ اللَّوْحِ الْوَقْتَ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ الشَّخْصُ وَالْعَامَ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ وَيُسَلِّمُهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: بِحَدِيثِ عَرْضِ الْأَعْمَالِ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ» وَقَالَ «إنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِمَا وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيهِمَا وَأَنَا صَائِمٌ» . (فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَدْرُ اُنْظُرْ لَوْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَنْ قَضَاءٍ عَلَيْهِ وَنَوَى بِهِ الْقَضَاءَ وَعَرَفَةَ مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا مَعًا قِيَاسًا عَلَى مَنْ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا مَعًا وَقِيَاسًا عَلَى مَنْ صَلَّى الْفَرْضَ وَنَوَى التَّحِيَّةَ وَانْظُرْ النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ وَنَحْوِهِمَا تَأَمَّلْ اهـ. كَلَامُ الْبَدْرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ) يَنْتَقِضُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُحَرَّمِ) مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ جَوَازُ إضَافَةِ جَمِيعِ أَعْلَامِ الشُّهُورِ إلَى شَهْرٍ قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ تُجَرَّدُ كُلُّهَا إلَّا رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ أَمَّا رَمَضَانُ فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الرَّبِيعَانِ فَلِالْتِبَاسِهِ بِفَصْلِ الرَّبِيعِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّيهِ رَبِيعًا أَوَّلًا وَالْخَرِيفَ رَبِيعًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَرَجَبٍ) ، بَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ فَرَجَبٌ فَذُو الْقِعْدَةِ فَالْحِجَّةُ (إنْ قُلْت) هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَامَ شَهْرًا مِثْلَ شَعْبَانَ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ، أَوْ إلَّا قَلِيلًا عَلَى رِوَايَتَيْنِ فَالْجَوَابُ لِاحْتِمَالِ اشْتِغَالِهِ فِي مُحَرَّمٍ، أَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِفَضْلِ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ: مَا رَأَيْت الْمُصْطَفَى إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: مَا رَأَيْت الْمُصْطَفَى إذَا كَانَ فِي غَيْرِ شَعْبَانَ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْ نَفْسِهِ إذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا» زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ وَخَبَرُ «أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا رَأَيْت الرَّسُولَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ» وَجَمَعَ بَعْضٌ بَيْنَ رِوَايَةِ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا وَكَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ بِأَنَّ لَفْظَ كُلَّهُ تَأْكِيدٌ، أَوْ يَصُومُهُ كُلَّهُ فِي سِنِينَ بِأَنْ يَصُومَ فِي سَنَةٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَفِي أُخْرَى مِنْ وَسَطِهِ، وَفِي أُخْرَى مِنْ آخِرِهِ . (ص) وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ وَقَضَاؤُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِيَظْهَرَ عَلَيْهِ صِفَاتُ الْإِسْلَامِ بِسُرْعَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا قَضَاؤُهُ . (ص) وَتَعْجِيلُ الْقَضَاءِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ؛ لِمَا تَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ صَوْمٍ مُوَسَّعٍ فِي قَضَائِهِ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ لِمُبَادَرَتِهِ لِلطَّاعَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ فِي الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ، أَمَّا مَا ضُيِّقَ فِي وَقْتِهِ كَقَضَاءِ مَا فَاتَ لِعُذْرٍ مِنْ كَفَّارَةٍ مُتَتَابِعَةٍ كَظِهَارٍ فَوَاجِبٌ تَعْجِيلُهُ وَوَصْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَتَتَابُعُهُ) أَيْ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ مُتَتَابِعًا؛ لِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ مُتَفَرِّقًا خِلَافَ مَا نَدَبْنَا إلَيْهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْقَضَاءِ لِتَرَاخِي الْآخَرِ عَنْ الْأَوَّلِ. (ص) كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الصَّوْمَ الَّذِي لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ يُسْتَحَبُّ تَتَابُعُهُ: كَصِيَامِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَصِيَامِ الْجَزَاءِ، وَالْمُتْعَةِ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَجْزَأَهُ وَبِئْسَ مَا فَعَلَ، وَأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَلْزَمُ تَتَابُعُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَتَابُعُ قَضَائِهِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: " كَكُلِّ " إلَخْ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَلِّفُ قَدْ نَصَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي بَحْثِ الْكَفَّارَةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّتَابُعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَفَّرَ بِهَا فَهُوَ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلَيْسَ هُنَا أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ . (ص) وَبَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَرْفُوعِ نُدِبَ أَيْ: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ عَلَيْهِ كَصَوْمِ تَمَتُّعٍ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ أَنْ يَبْدَأَ بِفِعْلِ صَوْمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ صَوْمِ الْقَضَاءِ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ صَوْمِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ. (ص) وَفِدْيَةٌ لِهَرَمٍ وَعَطَشٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ لِهَرَمٍ أَوْ عَطَشٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يُفْطِرُهُ مُدًّا وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا فِدْيَةَ حَمَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ وَاجِبَةٌ   [حاشية العدوي] كَانَ فِي شَعْبَانَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ أَيْ: فَهُوَ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرُ صِيَامًا (قَوْلُهُ: كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا) مِنْهُ فَلَا يَصُومُهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَصُومُ أَغْلَبَهُ (قَوْلُهُ: زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إلَخْ) قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ أَحَبُّ الشُّهُورِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَصُومَ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ» (قَوْلُهُ تَأْكِيدٌ) أَيْ: زَائِدٌ وَعَبَّرَ بِهِ دُونَ زَائِدٍ تَأَدُّبًا، إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ زَائِدَةً، وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهَا زَائِدَةٌ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهَا، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ وَهُوَ إضْرَابُ انْتِقَالٍ، قَالَ فِي الْمَصَابِيحِ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِطَرِيقٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ مَحْمُولًا عَلَى حَذْفِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُسْتَثْنَى أَيْ: إلَّا قَلِيلًا مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ إلَّا قَلِيلًا» (قَوْلُهُ: أَوْ يَصُومُهُ كُلَّهُ) كَذَا بِأَوْ فِي نُسْخَتِهِ جَمْعٌ ثَانٍ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا: قَضَاؤُهُ) وَهَلْ هُوَ خَاصٌّ بِمَا إذَا أَمْسَكَ بَقِيَّتَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْسِكْ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ؟ أَوْ فِيهِ وَفِيمَا إذَا أَفْطَرَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ أَيْ: مَعَ أَنَّ الْوُجُوبَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ زَوَالِ عُذْرٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَنُدِبَ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: وَبِئْسَ مَا فَعَلَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا صِيغَةُ ذَمٍّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُحَرَّمِ لَا فِي خِلَافِ الْمَنْدُوبِ الَّذِي هُوَ مَكْرُوهٌ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى (قُلْت) : لَعَلَّهُ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ الْكَرَاهَةِ أَيْ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَلْزَمُ تَتَابُعُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ وَقَوْلُهُ: يَلْزَمُ تَتَابُعُ قَضَائِهِ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مُقْتَضَى الِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: جُزْئِيٌّ) أَيْ: فَرْعٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّاتِ إنَّمَا تُنْسَبُ لِلْكُلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تَكْرَارٌ) أَرَادَ بِالتَّكْرَارِ لَازِمَهُ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ أَيْ: لَا يُسْتَغْنَى بِمَا يَأْتِي عَمَّا هُنَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَعَمُّ وَلَا يُسْتَغْنَى بِالْخَاصِّ عَنْ الْعَامِّ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ وَحَاصِلُهُ كَمَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِالْآتِي عَمَّا هُنَا فَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِالْخَاصِّ وَهُوَ الْآتِي عَنْ الْعَامِّ وَهُوَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَبَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ) أَيْ: أَوْ قِرَانٍ وَكُلِّ نَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ ظِهَارٍ أَصَابَ فِيهِ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى تَمَتُّعٍ وَإِنَّمَا قَدَّمَ التَّمَتُّعَ لِأَنَّهُ مُضَيَّقٌ وَالْقَضَاءَ مُوَسَّعٌ إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ الْمُضَيَّقِ عَلَى الْمُوَسَّعِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرَادًا لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يُؤَخِّرْ صَوْمَ قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنْ أَخَّرَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ عَلَى صَوْمِ التَّمَتُّعِ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ: لِهَرَمٍ، أَوْ عَطَشٍ) ظَاهِرُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالطَّاءِ، وَالْأَحْسَنُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالطَّاءِ؛ لِأَنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْهَرَمَ وَالْعَطَشَ مُلَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا فِدْيَةَ) كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْهَرَمِ لَا فِي الْهَرَمِ وَالْعَطَشِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ،. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَصَّ فِي الرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْفِدْيَةِ لِلْهَرَمِ، وَحَمَلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 أَمَّا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي زَمَنٍ أَخَّرَ إلَيْهِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا (ص) وَصَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ (ش) أَيْ: زِيَادَةً عَلَى الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ مُسْتَقِلَّانِ أَيْ: يُسْتَحَبُّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ لِخَبَرِ «أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثَةٍ لَا أَدَعُهُنَّ: بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» وَكَانَ صِيَامُ مَالِكٍ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ وَحَادِي عَشَرِهِ وَحَادِي عَشَرَيْهِ (ص) وَكُرِهَ كَوْنُهَا الْبِيضَ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ صِيَامُ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ: ثَالِثَ عَشَرَ الشَّهْرِ وَتَالِيَاهُ وُصِفَتْ اللَّيَالِي بِذَلِكَ لِبَيَاضِهَا بِالْقَمَرِ وَإِنَّمَا كُرِهَ صِيَامُهَا مَخَافَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَفِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ، وَهَذَا إذَا قَصَدَ تَعْيِينَهَا أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ فَلَا، ثَمَّ شَبَهٌ فِي الْكَرَاهَةِ قَوْلُهُ: (كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) خَوْفَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا، وَهَذَا إذَا صَامَهَا مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَوَالِيَةً مُظْهِرًا لَهَا مُعْتَقِدًا سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَيُكْرَهُ لِلضَّيْفِ أَنْ يَصُومَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَنْزِلِ وَمِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّوْمِ: الْوِصَالُ وَالدُّخُولُ عَلَى الْأَهْلِ، وَالنَّظَرُ إلَيْهِنَّ، وَفُضُولُ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَإِدْخَالُ الْفَمِ كُلَّ رَطْبٍ لَهُ طَعْمٌ، وَإِكْثَارُ النَّوْمِ نَهَارًا قَالَهُ عِيَاضٌ وَابْنُ جُزَيٍّ . (ص) وَذَوْقُ مِلْحٍ وَعِلْكٍ ثُمَّ يَمُجُّهُ (ش) ذَوْقُ الطَّعَامِ اخْتِبَارُ طَيِّبِهِ، وَالْعِلْكُ اسْمٌ يَعُمُّ كُلَّ صَمْغٍ يُمْضَغُ جَمْعُهُ عُلُوكٌ وَبَائِعُهُ عَلَّاكٌ وَقَدْ عَلَكَ يَعْلُكُ - بِضَمِّ اللَّامِ - عَلْكًا - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - أَيْ: مَضَغَهُ وَلَاكَهُ، وَمَجَّ الرَّجُلُ الشَّرَابَ مِنْ فِيهِ إذَا رَمَى بِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَنْ يَذُوقَ الْمِلْحَ لِلطَّعَامِ ثُمَّ يَمُجَّهُ خَوْفَ السَّبْقِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ ذَوْقُ الْعَسَلِ وَالْخَلِّ أَوْ مَضْغُ الطَّعَامِ لِلصَّبِيِّ أَوْ مَضْغُ اللِّبَانِ أَوْ الْعِلْكِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَمُجُّهُ فَقَوْلُهُ: وَذَوْقُ مِلْحٍ أَيْ: وَتَنَاوُلُ مِلْحٍ لِيَصِحَّ تَسَلُّطُهُ عَلَى عِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُذَاقُ وَإِنَّمَا يُمْضَغُ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا أَيْ: أَنَلْتهَا وَتَقْدِيرُ مَضْغٍ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ . (ص) وَمُدَاوَاةُ حَفَرٍ زَمَنَهُ (ش) الْحَفَرُ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَرَضٌ بِالْأَسْنَانِ وَهُوَ فَسَادُ أُصُولِهَا يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ مُدَاوَاةُ الْحُفَرِ زَمَنَ الصَّوْمِ وَهُوَ النَّهَارُ أَشْهَبُ إلَّا إذَا كَانَ فِي صَبْرِهِ إلَى اللَّيْلِ ضَرَرٌ، كَمَا أَشَارَ   [حاشية العدوي] أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْمَوَّاقِ، وَأَمَّا الْعَطَشُ فَنَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْفِدْيَةِ لَهُ، قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ مَعْنَى مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَحُكِيَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ اهـ. فَسَقَطَ تَوَرُّكُ الْمَوَّاقِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْأُجْهُورِيُّ فَقَالَ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَشْيَاخِ وَكَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الرَّاجِحَ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُتَعَطِّشِ بِحَالٍ اهـ (قَوْلُهُ: خَلِيلِي) أَيْ: الَّذِي امْتَلَأَ قَلْبِي مِنْ حُبِّهِ (قَوْلُهُ: «وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» ) أَيْ: لِكَوْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ مَشْغُولًا بِدَرْسِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ صِيَامُ مَالِكٍ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ مَالِكٌ يَصُومُ تِلْكَ الْأَيَّامَ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ بِحَسَنَةٍ وَهِيَ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْحَادِي وَالْعِشْرُونَ أَوَّلُ الثَّالِثَةِ، وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَلَا يَرِدُ النَّقْضُ بِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ، ثُمَّ يُقَالُ: لَا يَخْفَى أَنَّ فِي ذَلِكَ تَحْدِيدًا فَيُؤَدِّي إلَى اعْتِقَادِ الْعَامِّيِّ الْوُجُوبَ وَهُوَ إمَامٌ (قَوْلُهُ: صِيَامُ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ) أَيْ: فَقَدْ حُذِفَ الْمُضَافُ إلَى الْمَوْصُوفِ وَالْمَوْصُوفُ (قَوْلُهُ: كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) فِي خَبَرِ أَبِي أَيُّوبَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ تَمَامُ السَّنَةِ» الْقَرَافِيُّ الْمُرَادُ بِالدَّهْرِ عُمُرُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ الشَّارِعُ مِنْ شَوَّالٍ لِلتَّخْفِيفِ بِاعْتِبَارِ الصَّوْمِ لَا تَخْصِيصِ حُكْمِهَا بِذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا جَرَمَ أَنَّ فِعْلَهَا فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مَعَ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ فِيهِ أَحْسَنُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ حِيَازَةِ فَضْلِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ فِعْلُهَا فِي ذِي الْقِعْدَةِ حَسَنٌ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا بَعُدَ زَمَنُهُ كَثُرَ ثَوَابُهُ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ. (قَوْلُهُ: خَوْفَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا) أَيْ: أَوْ كَانَ مُقْتَدًى بِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ انْتَفَى كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا فَلَا كَرَاهَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَالِيَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُظْهِرًا لَهَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالدُّخُولُ عَلَى الْأَهْلِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ الزَّوْجَةَ وَالسُّرِّيَّةَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ السُّنِّيَّةَ، وَإِنَّمَا اعْتَقَدَ النَّدْبَ لَا يُكْرَهُ وَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مُطْلَقَ الطَّلَبِ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُجُّهُ) مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ: فَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الشَّارِحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ أَيْ: يَمُجُّهُ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ وَلَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ هَلْ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى حَلْقِهِ أَمْ لَا؟ وَعَلَكَ مِنْ بَابِ قَتَلَ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: كُلَّ صَمْغٍ يُمْضَغُ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْعِلْكُ وِزَانُ حِمْلٍ كُلُّ صَمْغٍ يُعْلَكُ مِنْ لِبَانٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَسِيلُ، وَالْجَمْعُ عُلُوكٌ وَأَعْلَاكٌ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْعِلْكِ كُلَّ شَيْءٍ وُضِعَ تَحْتَ الْأَضْرَاسِ لَا يَذُوبُ، بَلْ يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. (قَوْلُهُ: إذَا رَمَى بِهِ) أَيْ: رَمَاهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَى الشَّارِحِ فِي تَعْبِيرِهِ بِصَمْغٍ؛ لِأَنَّ الصَّمْغَ لَا يَتَنَاوَلُ اللِّبَانَ وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا أَنْ يَذُوقَ الْمِلْحَ لِلطَّعَامِ ثُمَّ يَمُجَّهُ) أَيْ: وَلَوْ لِصَانِعٍ يَحْتَاجُ لِذَوْقِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعِلْكِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْعِلْكَ عَامٌّ فَلَا يُنَاسِبُ عَطْفَهُ عَلَى اللِّبَانِ (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) لَا حَاجَةَ؛ لِأَنَّ الْعِلْكَ يَعُمُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيرُ مَضْغٍ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ) أَيْ: بِخُصُوصِهِ قَدْ يُقَالُ: عَدَمُ صِحَّةِ التَّسَلُّطِ قَرِينَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ مَضْغٍ. (قَوْلُهُ: زَمَنَهُ) مَفْهُومُ زَمَنَهُ جَوَازُ مُدَاوَاتِهِ لَيْلًا فَإِنْ وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ نَهَارًا فَهَلْ يَكُونُ كَهُبُوطِ الْكُحْلِ نَهَارًا أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هُبُوطَ الْكُحْلِ لَيْسَ فِيهِ وُصُولُ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ دَوَاءِ الْحَفَرِ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ) أَيْ: وَسُكُونِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) فِي الصَّبْرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ نَهَارًا ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ، فَإِنْ ابْتَلَعَ الدَّوَاءَ غَلَبَةً قَضَى وَفِي الْعَمْدِ الْكَفَّارَةُ، وَالْمُرَادُ بِالضَّرَرِ خَوْفُ حُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ وَمِنْهُ التَّأَلُّمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ زِيَادَةُ غَيْرِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ نَهَارًا مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخَفْ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي . (ص) وَنَذْرُ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ (ش) أَيْ: وَمِنْ الْمَكْرُوهَاتِ أَيْضًا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ كَالْخَمِيسِ وَغَيْرِهِ يُوَقِّتُهُ عَلَى نَفْسِهِ كَالْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عَلَى كَسَلٍ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ وَأَيْضًا التَّكْرَارُ مَظِنَّةُ التَّرْكِ وَلَا مَفْهُومَ لِيَوْمٍ أَيْ: أَوْ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ، وَأَمَّا يَوْمٌ أَوْ أُسْبُوعٌ أَوْ عَامٌ مُعَيَّنٌ فَلَا كَرَاهَةَ . (ص) وَمُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ (ش) يَعْنِي: أَنْ يُكْرَهَ لِلشَّابِّ وَالشَّيْخِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ أَوْ أُمَّتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ أَوْ يُبَاشِرَ أَوْ يُلَاعِبَ أَوْ يَنْظُرَ أَوْ يُفَكِّرَ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ مِنْ مَذْيٍ وَمَنِيٍّ وَإِنْعَاظٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَمَعَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُبْلَةِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْفِكْرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ أَوْ عَلَى الْفِكْرِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْقُبْلَةَ حَرَامٌ لِأَنَّهَا أَشَدُّ (ص) وَإِلَّا حَرُمَتْ (ش) أَيْ: بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ فِيهَا حَرُمَتْ وَنَحْوُهُ فِي الشَّارِحِ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ مَعَ الشَّكِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَإِنْ حَصَلَ فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْمَنِيِّ وَالْقَضَاءُ فَقَطْ فِي الْمَذْيِ أَدَامَ أَمْ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ . (ص) وَحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُكْرَهُ أَيْضًا الْحِجَامَةُ وَالْفِصَادَةُ فِي حَقِّ الصَّائِمِ مَخَافَةَ التَّغْرِيرِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى فِطْرِهِ وَهَذَا إذَا شَكَّ فِي السَّلَامَةِ وَإِنْ عُلِمَتْ جَازَتْ وَإِنْ عُلِمَ الْعَطَبُ حَرُمَتْ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ . (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: وَمِنْ الزِّيَادَةِ بِمَعْنَى الْمَزِيدِ التَّأَلُّمُ بِالْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ زِيَادَةٌ، غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ ذَلِكَ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِهِ نَهَارًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّدْبُ قَالَ فِي ك فَإِنْ قُلْت سَيَذْكُرُ فِي الْحِجَامَةِ أَنَّهَا تُكْرَهُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَافَ ضَرَرًا مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ مُدَاوَاةَ الْحُفَرِ جَائِزَةٌ مَعَ خَوْفِ الضَّرَرِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ حِجَامَةَ الْمَرِيضِ مَظِنَّةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا مِنْ الْوَهْنِ مَا لَا يَحْصُلُ مِنْ مُدَاوَاةِ الْحَفَرِ بِخِلَافِ مُدَاوَاةِ الْحَفَرِ هَذَا مَا لَمْ يَخَفْ بِتَرْكِ الْحِجَامَةِ هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى فَتَجِبُ اهـ. فَلِذَا كُرِهَ هُنَاكَ، وَلَوْ مَعَ خَوْفِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِيَوْمٍ) الْمُصَنِّفُ يُقَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى أَقَلِّ الْقَلِيلِ فَكُلَّمَا كَثُرَ الْمُكَرَّرُ كَانَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُسْبُوعٍ) أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ أُسْبُوعٍ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَهْرٍ كَأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ شَهْرِ رَجَبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَامٍ) كَأَنْ يَقُولَ: كُلَّ عَامٍ فِيهِ خِصْبٌ فَعَلَيَّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمْت السَّلَامَةَ) أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ. (قَوْلُهُ: وَالشَّيْخِ) أَيْ: الشَّخْصِ الشَّيْخِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ) أَيْ: لِقَصْدِهِ لَذَّةً، أَوْ وُجُودِهَا لَا لِوَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ أَيْ: بِدُونِ قَصْدٍ، أَوْ وُجُودٍ فَلَا كَرَاهَةَ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ قَيْدِ الِاعْتِيَادِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْإِمْسَاكُ عَنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَلَوْ لَمْ يُمْسِكْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا (قَوْلُهُ: أَوْ يُبَاشِرَ) قَالَ أَشْهَبُ لَمْسُ الْيَدِ أَخَفُّ مِنْ الْقُبْلَةِ، وَالْقُبْلَةُ أَخَفُّ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْمُبَاشَرَةُ أَخَفُّ مِنْ الْعَبَثِ بِالْفَرْجِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجَسَدِ، وَتَرْكُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَحَبُّ إلَيْنَا، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ كَوْنُهُ يَحْضُنُهَا مَثَلًا، وَالْمُلَاعَبَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعَ لَمْسٍ، أَوْ حَضْنٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْظُرَ، أَوْ يُفَكِّرَ عَلَى الْمَشْهُورِ) لَفْظَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ يَنْظُرَ، أَوْ يُفَكِّرَ، وَمُقَابِلُهُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَكْرُوهَيْنِ بِتَخْصِيصِ الْكَرَاهَةِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ، أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: وَإِنْعَاظٍ إلَخْ) أَيْ: ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالْقَضَاءِ فِي الْإِنْعَاظِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ سُقُوطُ الْقَضَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ،. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهَا حَرُمَتْ) أَيْ: وَأَمَّا إنْ تَوَهَّمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عب (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ مَعَ الشَّكِّ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْإِنْزَالِ، أَوْ يَسْلَمُ مَرَّةً وَلَا يَسْلَمُ أُخْرَى كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ السَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَنْهُ إنْزَالٌ وَلَا مَذْيٌ كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا اهـ. اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْحُرْمَةَ مَعَ الشَّكِّ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَلَامُهُ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ مَعَ عِلْمِهِ السَّلَامَةَ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَقَدْ قَدَّمَهَا فِي قَوْلِهِ وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقًا اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي فَكَّرَ، أَوْ نَظَرَ وَلَمْ يَسْتَدِمْ فَلَا قَضَاءَ أَنْعَظَ أَوْ أَمْذَى لِلْمَشَقَّةِ اهـ. أَيْ: وَأَمَّا إذَا اسْتَدَامَ فَالْقَضَاءُ (قَوْلُهُ وَحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ) احْتِرَازًا عَنْ الصَّحِيحِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ، وَأَوْلَى إنْ عَلِمَهَا فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَتْ فَيَتَّفِقُ مَعَ الْمَرِيضِ فِي حَالَتَيْ عِلْمِ السَّلَامَةِ، وَعِلْمِ عَدَمِهَا وَيَخْتَلِفَانِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَيُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ دُونَ الصَّحِيحِ كَذَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، ثُمَّ مَحَلُّ الْمَنْعِ فِيهَا إنْ لَمْ يَخْشَ بِتَأْخِيرِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُهَا، وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الْفِطْرِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَالْفِصَادَةُ كَالْحِجَامَةِ فَتُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ دُونَ الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ الْإِرْشَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا أَشَدُّ؛ لِأَنَّهَا تُسْحَبُ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْحِجَامَةِ فَمِنْ الرَّأْسِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ) وَبَحْثُ عج بِمَا حَاصِلُهُ الْمَرِيضُ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ سَلَامَةً فَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ فَيُكْرَهُ لَهُ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ كَرَاهَةُ الْحِجَامَةِ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ أَمْ لَا، وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ وَعِلْمِ السَّلَامَةِ، وَتَحْرُمُ فِي حَالَةِ عِلْمِ عَدَمِ السَّلَامَةِ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَتُكْرَهُ لَهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ، وَتَحْرُمُ فِي حَالَةِ عِلْمِ عَدَمِ السَّلَامَةِ، وَتَجُوزُ فِي عِلْمِ السَّلَامَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 وَتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ (ش) أَيْ: وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ التَّطَوُّعُ بِعِبَادَةٍ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَبْلَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ مِنْ نَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ قَضَاءٍ لِمَا عَلَيْهِ مِنْهَا لِارْتِهَانِ الذِّمَّةِ بِذَلِكَ فَيَسْعَى فِي بَرَاءَتِهَا فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ تَطَوُّعُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِشَيْءٍ مِنْهَا ثُمَّ يَأْتِي بِمَا عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَجُوزُ فِي زَمَنِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ وَانْظُرْ هَلْ تَطَوُّعُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا لِتَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِغَيْرِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّطَوُّعِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِهِ قَبْلَ زَمَنِهِ . (ص) وَمَنْ لَا تُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا كَأَسِيرٍ كَمَّلَ الشُّهُورَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الَّذِي لَا تُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ غَيْرَهُ كَأَسِيرٍ وَمَحْبُوسٍ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي حَقِّهِ أَنْ يُكْمِلَ الشُّهُورَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا لَوْ غُمَّ الْهِلَالُ أَشْهُرًا كَثِيرَةً فَإِنَّهُ يُكْمِلُ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَهَذَا إذَا عَلِمَ الْأَشْهُرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بَعْدُ وَإِنْ الْتَبَسَتْ وَظَنَّ شَهْرًا صَامَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: لَا تُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا مِنْ الَّذِي يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَطْلُوقِينَ فَيَعْمَلُ عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ. (ص) وَإِنْ الْتَبَسَتْ وَظَنَّ شَهْرًا صَامَهُ وَإِلَّا تَخَيَّرَ (ش) يَعْنِي: فَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُ الشُّهُورِ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ مَعْرِفَةِ الْأَهِلَّةِ أَوْ الْتِبَاسِهَا فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ شَهْرٌ أَنَّهُ رَمَضَانُ بَنَى عَلَى ظَنِّهِ وَصَامَهُ وَإِنْ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَاتُ تَخَيَّرَ شَهْرًا وَصَامَهُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَحْصُلُ لَهُ الظَّنُّ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الِالْتِبَاسِ وَهُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا لَبْسَ مَعَ الظَّنِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِالْتِبَاسِ عَدَمَ التَّحَقُّقِ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ شَامِلٌ لِلظَّنِّ. (ص) وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ تَخَيَّرَ ثُمَّ زَالَ الِالْتِبَاسُ بِوَجْهٍ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِهَذَا أَيْ وَأَجْزَأَ الشَّهْرُ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَهُ بَعْدَ رَمَضَانَ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ قَضَاءً عَنْهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِالْعَدَدِ) إلَى أَنَّهُ إذَا صَامَ شَهْرًا مُتَأَخِّرًا عَنْ رَمَضَانَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامُهُ كَأَيَّامِ رَمَضَانَ فِي الْعَدَدِ فَلَوْ صَامَ شَوَّالًا وَهُمَا كَامِلَانِ أَوْ نَاقِصَانِ قَضَى يَوْمًا وَالْكَامِلُ رَمَضَانُ فَيَوْمَيْنِ وَبِالْعَكْسِ لَا قَضَاءَ وَكَذَلِكَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَ ذَا الْحِجَّةِ لَا يَعْتَدُّ بِيَوْمِ الْعِيدِ وَلَا بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَعْتَبِرُ مَا بَقِيَ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ: هُنَا بِالْعَدَدِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ لِهَذَا حُكْمًا يَخُصُّهُ غَيْرَ مَا يَأْتِي فَيُجْزِئُ مَا تَبَيَّنَ، وَلَوْ نَاقِصًا لِعُذْرِهِ وَعَدَمِ تَعَمُّدِهِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ: (لَا قَبْلَهُ) أَيْ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي صَامَهُ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: عَطْفًا عَلَى مُتَعَلِّقِ الظَّرْفِ الْمَنْفِيِّ. (ص) أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ (ش) أَيْ: أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ بَلْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَلَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَكٌّ غَيْرُهُ فَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ وَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ إلَّا بِيَقِينٍ وَيُجْزِئُهُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَحَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُثْبَتِ بَعِيدٌ وَلِرَابِعِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: التَّطَوُّعُ بِعِبَادَةٍ مِنْ صَوْمٍ) أَيْ: صِيَامٍ غَيْرِ مُؤَكَّدٍ، وَأَمَّا الْمُؤَكَّدُ كَعَاشُورَاءَ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ ابْنِ رُشْدٍ فِي تَرْجِيحِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ تَطَوُّعًا، أَوْ قَضَاءً ثَالِثُهَا سَوَاءٌ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَاةٍ) أَيْ: مَنْذُورَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَوَاتٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ، وَفِي شَرْحِ شب أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، أَوْ قَضَائِهِ خَاصٌّ بِالصَّوْمِ، وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ فَهُوَ عَامٌّ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ فِي زَمَنِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ شب تُفِيدُ جَرَيَانَ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ شَهْرًا وَصَامَهُ) هَذَا إذَا تَسَاوَتْ جَمِيعُ الشُّهُورِ عِنْدَهُ فِي الشَّكِّ فِيهَا فَلَوْ شَكَّ فِي شَهْرٍ قَبْلَ صَوْمِهِ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ، أَوْ رَمَضَانُ وَقَطَعَ فِيمَا عَدَاهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ؟ صَامَ شَهْرَيْنِ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ، أَوْ رَمَضَانُ، أَوْ شَوَّالٌ؟ فَإِنَّهُ يَصُومُ شَهْرَيْنِ أَيْضًا، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَمَضَانُ، أَوْ شَوَّالٌ وَقَطَعَ فِيمَا عَدَاهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ؟ صَامَ شَهْرًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ شَوَّالًا كَانَ قَضَاءً قَالَهُ ح. اُنْظُرْ ح وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَجَبٌ، أَوْ شَعْبَانُ، أَوْ رَمَضَانُ هَلْ يُطَالَبُ بِالثَّلَاثَةِ؟ وَكَذَا يُقَالُ فِي أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِالْتِبَاسِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ يُدْفَعُ الْإِيرَادُ عَلَى التَّحْقِيقِ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا مَجَازٌ وَالْمَجَازُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ وَلَا قَرِينَةَ قُلْت: هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ وُجُودَ الْقَرِينَةِ، فَإِنْ قُلْت مَا عَلَاقَةُ الْمَجَازِ قُلْت: مَجَازًا مُرْسَلًا عَلَاقَتُهُ التَّقْيِيدُ؛ لِأَنَّ الِالْتِبَاسَ هُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونَ فَلَا يُجْزِئُ شَعْبَانُ الثَّانِيَةِ عَنْ رَمَضَانَ الْأُولَى وَلَا شَعْبَانُ الثَّالِثَةِ عَنْ رَمَضَانَ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ حَيْثُ قَدَّرَ: تَبَيَّنَ، وَالْأَوْلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا مَا قَبْلَهُ مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَوْصُوفَةٌ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى مُتَعَلِّقِ الظَّرْفِ الْمَنْفِيِّ) وَهُوَ لَا إنْ تَبَيَّنَ، وَمُرَادُهُ مُطْلَقُ الِارْتِبَاطِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِحَسَبِ تَقْدِيرِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ كَائِنٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي صَامَهُ كَائِنٌ قَبْلَ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ: فِي الظَّانِّ وَالْمُتَخَيِّرِ؛ لِأَنَّ الظَّانَّ شَاكٌّ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ لَا مَا قَبْلَهُ جَارٍ فِيهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ، ثُمَّ هَلْ فِيمَا إذَا بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ يُطَالَبُ بِالصَّوْمِ، أَوْ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْأَمْرَ؟ وَمَالَ إلَيْهِ الْبَدْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَقْلٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْأَمْرَ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَجْزِمُ بِمُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيهَا، فَإِنْ قُلْت هُوَ فِي الشَّكِّ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافَهُ قُلْت: إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ قَائِمًا عِنْدَهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَهَابُ وَقْتِهِ فَطُلِبَ مِنْهُ أَوَّلًا؛ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ وَقْتِهِ، وَثَانِيًا لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ وَقْتِهِ عَنْ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَسَلْسَلْ لِلْحَرَجِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَهُوَ عَلَى الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفًا عَلَى الْمُثْبَتِ) أَيْ: الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ: وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ وَأَجْزَأَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 بِقَوْلِهِ: (وَفِي مُصَادَفَتِهِ تَرَدُّدٌ) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا تَخَيَّرَ شَهْرًا وَصَامَهُ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَمَضَانُ فَهَلْ يُجْزِئُهُ أَمْ لَا تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْمُتَخَيِّرِ، وَأَمَّا الظَّانُّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ التَّرَدُّدُ بَلْ يُقْطَعُ فِيهِ بِالْإِجْزَاءِ تَبَعًا لِبَعْضٍ وَعَلَى إجْزَاءِ الْمُصَادَفَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ حَدَثَ لَهُ شَكٌّ هَلْ كَانَ مَا صَامَهُ رَمَضَانَ أَوْ مَا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ هُوَ أَوْ مَا قَبْلَهُ قَضَاهُ اهـ. وَعَنْ هَذَا احْتَرَزْت بِقَوْلِي وَلَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَكٌّ . (ص) وَصِحَّتُهُ مُطْلَقًا بِنِيَّةٍ مُبَيَّتَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الصَّوْمِ فَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ النِّيَّةُ الْمُبَيَّتَةُ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا الْغُرُوبُ حَتَّى الْفَجْرِ وَلَا يَضُرُّ مَا حَدَثَ بَعْدَهَا مِنْ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ وَالنَّوْمِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ قَبْلَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الْكَافَّةِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْقَصْدُ وَقَصْدُ الْمَاضِي مُحَالٌ عَقْلًا وَنَصَّ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَعَلَيْهِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّيَّةِ أَنْ تُقَارِنَ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ وَإِنَّمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ تَقْدِيمَهَا لِمَشَقَّةِ تَحْرِيرِ الِاقْتِرَانِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ جَازِمَةً لَا تَرَدُّدَ فِيهَا فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ صَوْمِ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ بَعْدَ حُصُولِ الظَّنِّ بِشَهَادَةٍ أَوْ اسْتِصْحَابٍ كَآخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ بِاجْتِهَادٍ كَأَسِيرٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا إلَى الْفَجْرِ بَلْ أَنْ لَا يَحْدُثَ مَا يَقْطَعُهَا قَبْلَهُ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ اُعْتُبِرَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ فِطْرٍ (ص) وَكَفَتْ نِيَّةٌ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ الْوَاحِدَةَ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ تَكْفِي فِي الصَّوْمِ الَّذِي يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَتِهِ وَهِيَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ فِي حَقِّ مَنْ أَبْطَلَ صَوْمَهُ مُتَعَمِّدًا كَمَا يَأْتِي وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالنَّذْرِ الْمُتَتَابِعِ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ يَجِبُ تَتَابُعُهَا يَكْفِي فِيهَا النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالِ الْحَجِّ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: كَفَتْ أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّبْيِيتُ كُلَّ لَيْلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا مَا كَانَ مِنْ الصِّيَامِ يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَصِيَامِهِ فِي السَّفَرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى فَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَقَوْلُهُ:   [حاشية العدوي] مَا ثَبَتَ أَنَّهُ بَعْدَهُ، أَوْ مَا بَقِيَ عَلَى الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَفِي مُصَادَفَتِهِ) أَيْ: وَفِي عَدَمِ إجْزَائِهِ عِنْدَ مُصَادَفَتِهِ لَهُ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَهُ يُجْزِئُ أَجَابَ تت بِأَنَّ مَا صَادَفَ مِنْ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَيُغْتَفَرُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي بَابِ الْأَدَاءِ وَإِجْزَائِهِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَفِي النَّوَادِرِ الْإِجْزَاءُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلِبَعْضٍ وَفِي إجْزَاءِ إلَخْ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ تَقْرِيرِ شَارِحِنَا، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلْقَرِيبِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلْنَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ الْعُمُومُ مِنْ الظَّنِّ وَالشَّكِّ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْبَيَانِ، وَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى إجْزَاءِ الْمُصَادَفَةِ) أَيْ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الْمُصَادَفَةِ أَيْ: أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ وَفِي مُصَادَفَتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ حَدَثَ لَهُ شَكٌّ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ إنْ حَدَثَ شَكٌّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَادَفَةِ، بَلْ الْمُرَادُ إنْ حَدَثَ شَكٌّ لِمَنْ كَانَ شَكَّ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ شَكَّ وَصَامَ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْ السِّجْنِ مَثَلًا طَرَأَ لَهُ شَكٌّ آخَرُ، فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي قَالَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمُصَادَفَةِ فَلَا يُجْزِئُهُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الْمُصَادَفَةِ فَيُجْزِئُهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَعَنْ هَذَا احْتَرَزْت) وَوَجْهُ تَغَيُّرِ الشَّكِّ أَنَّ الشَّكَّ الْأَوَّلَ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَهَذَا فِي بَعْضِهَا. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) جَوَّزَ بَعْضُهُمْ نَصْبَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ لَكِنَّ مَجِيءَ الْمَصْدَرِ حَالًا سَمَاعِيٌّ (قَوْلُهُ: نِيَّةٍ) أَيْ: نِيَّةِ الصَّوْمِ هَذِهِ أَصْلُ النِّيَّةِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ الْكَامِلَةُ فَأَنْ يَنْوِيَ الْقُرْبَةَ إلَى اللَّهِ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِغْرَاقِ طَرَفَيْ النَّهَارِ لِلْإِمْسَاكِ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ فَرْقٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ التَّلَفُّظِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ إلَخْ) فِي عب بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ فَيُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا إنْ اسْتَمَرَّا لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. وَسَيَأْتِي مَا يُثْبِتُ صِحَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَقَصْدُ الْمَاضِي) أَيْ: وَقَصْدُ صَوْمِ الْمَاضِي وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي مَضَى مِنْ الْيَوْمِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُحَالُ لَيْسَ الْقَصْدَ، بَلْ الْمَقْصُودَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) أَيْ: وَقْتَ مُصَاحَبَتِهِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَقْتَهُ فِي الْجُزْءِ مِنْ اللَّيْلِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الْفَجْرُ، بَلْ الْمُرَادُ وَقْتُ مُقَارَنَتِهِ لِطُلُوعِهِ، وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ: كَنَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ قَالَهُ عج عِنْدَ قَوْلِهِ: وَوَجَبَ إنْ طَهُرَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِأَنَّ تَقَدُّمَ النِّيَّةِ جَائِزٌ، وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ، وَكَذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْ النَّقْلِ إلَّا الْإِجْزَاءُ (قَوْلُهُ: جَازِمَةً) أَيْ: مَجْزُومٌ بِهَا أَيْ: بِمُتَعَلِّقِهَا مِنْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: شَهَادَةٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِهِلَالِ الشَّهْرِ تُوجِبُ الظَّنَّ بِحُصُولِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ الْوَاحِدَةَ إلَخْ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ اعْتِبَارًا بِرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالِ الْحَجِّ، أَوْ كَالْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ لِعَدَمِ فَسَادِ مَا مَضَى مِنْهُ؟ (قَوْلُهُ: كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ) وَلَا يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الصِّيَامُ كَالصَّلَاةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ جَمِيعِهِ بِبُطْلَانِ يَوْمٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ الَّتِي تَوَقَّفَ آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا، وَأَمَّا الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ لَك أَنْ تَصُومَ بَعْضًا مِنْ رَمَضَانَ وَتُفْطِرَ بَعْضَهُ، وَلَا يَلْزَمُك قَضَاءُ مَا صُمْته وَلَوْ مَعَ تَعَمُّدِ الْفِطْرِ فِي الْبَاقِي، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَيَتَوَقَّفُ آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا وَلَا يُقَالُ: يَرِدُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ كَفَّارَةُ نَحْوُ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ فَشُدِّدَ فِيهَا مَا لَمْ يُشَدَّدْ فِي غَيْرِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 لِمَا أَيْ: لِصَوْمٍ أَوْ الَّذِي وَقَوْلُهُ: يَجِبُ تَتَابُعُهُ صِفَةٌ أَوْ صِلَةٌ وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِالْحَاضِرِ لِيَخْرُجَ الْمُسَافِرُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَرِيضُ يُلْحَقُ بِالْمُسَافِرِ . (ص) لَا مَسْرُودٍ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ دَائِمًا أَوْ نَذَرَ يَوْمًا مُعَيَّنًا يَصُومُهُ فِي بَقِيَّةِ عُمُرِهِ كَالِاثْنَيْنِ أَوْ الْخَمِيسِ دَائِمًا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَحَكَى ذَلِكَ فِي الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بَلْ تَكْفِي النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ أَوَّلِهِ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَرُوِيَتْ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا) أَمَّا الْمَسْرُودُ فَلِأَنَّ بِالتَّتَابُعِ يَحْصُلُ لَهُ الشَّبَهُ بِرَمَضَانَ لِدَوَامِهِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ فَلِوُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَتَعَيُّنِ زَمَانِهِ. (ص) لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِكَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الصِّيَامَ إذَا كَانَ يَجِبُ تَتَابُعُهُ فَإِنَّهُ تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ وَذَكَرَ هُنَا إذَا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ بِالْفِطْرِ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِبَقِيَّةِ ذَلِكَ الصَّوْمِ لِعَدَمِ تَوَالِيهِ فَلَوْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ فِي سَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى تَبْيِيتِ نِيَّةٍ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّوْمِ. (ص) وَبِنَقَاءٍ (ش) عَطْفُهُ عَلَى النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ صِحَّةٍ لَا يُنَافِي أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ وَوُجُوبٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ فَالنَّقَاءُ شَرْطٌ فِيهِمَا فَالِاعْتِرَاضُ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ. (ص) وَوَجَبَ إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَحْظَةً (ش) أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَحْظَةٍ، وَلَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ، وَلَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ أَصْلًا فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فَاغْتَسَلَتْ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْفَجْرِ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا رَأَتْ الْعَلَامَةَ مَعَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (ص) وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ شَكَّتْ هَلْ رَأَتْ الطُّهْرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا قَبْلَهُ وَالْقَضَاءُ لِاحْتِمَالِهِ بَعْدَهُ، وَلَا يُزَالُ فَرْضٌ بِغَيْرِ يَقِينٍ، وَسَوَاءٌ شَكَّتْ حَالَ النِّيَّةِ أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا شَكَّتْ فِي وَقْتِهِ هَلْ كَانَ الطُّهْرُ فِيهِ أَمْ لَا فَإِذَا شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِالْحَاضِرِ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي إخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَسْرُودٍ) أَيْ: لَا مَسْرُودٍ غَيْرِ وَاجِبِ التَّتَابُعِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " مَا " مِنْ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا هَذَا النَّعْتَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِلَا أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَصِحُّ جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي نَيْلِ الْعُلَا فِي الْعَطْفِ بِلَا، وَالْمَسْرُودُ يَصْدُقُ بِوَاجِبِ التَّتَابُعِ فَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ هَذَا النَّعْتُ صَدَقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ يَوْمًا إلَخْ) أَيْ: أَوْ نَوَاهُ (قَوْلُهُ: الْأَبْهَرِيُّ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ هَذِهِ النِّسْبَةُ إلَى أَبْهَرَ بَلْدَةٌ بِالْقُرْبِ مِنْ زَنْجَانَ (قَوْلُهُ فَلِوُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ) أَيْ: فَأَشْبَهَ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ انْقَطَعَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكَفَتْ أَيْ: وَكَفَتْ نِيَّةٌ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ انْقَطَعَ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا يُقَالُ، كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: وَلَا إنْ انْقَطَعَ بِوَاوِ الْعَطْفِ، ثُمَّ إنَّ التَّحْقِيقَ فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفٌ وَإِنْ شَرَطَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ مَرَضٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي بِكَمَرَضٍ سَبَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ سَفَرٍ إلَخْ إشَارَةٌ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ، وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ أَيْضًا الْفِطْرُ نَاسِيًا أَيْ: تَبْيِيتُ فِطْرٍ أَثْنَاءَ صَوْمٍ نَاسِيًا فَيَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا فَطَرَ نَاسِيًا مَعَ تَبْيِيتٍ فَلَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا يَسْقُطُ بِهِ وُجُوبُ التَّتَابُعِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ، وَذَكَرَ هُنَا إلَخْ أَنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ عَلَى الِانْقِطَاعِ بِالْفِعْلِ فَيَقْتَضِي الذَّهَابَ لِكَلَامِ الْمَبْسُوطِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، فَإِنْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا إنْ انْقَطَعَ وُجُوبُ التَّتَابُعِ صَحَّ، بَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ لَا لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَقَوْلُهُ: سَابِقًا فِي الْحَيْضِ وُجُوبُهُمَا جَعَلَ الْحَيْضَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّوْمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا بَيَّتَ الْفِطْرَ نَاسِيًا فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ ظَانًّا مِنْهُ تَمَامَهُ يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ مَعَ أَنَّ وُجُوبَ التَّتَابُعِ لَمْ يَنْقَطِعْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعُتْبِيَّةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَلَامُ الْمَبْسُوطِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَحُكْمُهُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا، وَعِنْدَ ابْنِ يُونُسَ حُكْمُ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: فَالنَّقَاءُ شَرْطٌ) عَدَّهُ شَرْطًا تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ مَانِعٍ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ الشَّرْطَ فِي عَدَمِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ فَالِاعْتِرَاضُ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ) حَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ الصَّوْمُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا حَصَلَ النَّقَاءُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى شُرُوطِ الصِّحَّةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ كَمَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ فَيَكُونُ النَّقَاءُ شَرْطًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ إنْ طَهُرَتْ) أَيْ: رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ، وَمُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ لَا تَنْتَظِرُ هَاهُنَا بَلْ مَنْ رَأَتْ الْعَلَامَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَادَةَ الْجُفُوفِ، أَوْ الْقَصَّةِ وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ) الْمُرَادُ مِنْ الشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، وَهَلْ تَرْكُ اللَّفْظِ بِالنِّيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْلَى مِنْ اللَّفْظِ كَالصَّلَاةِ:، وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ شَكَّتْ حَالَ) أَيْ: وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الشَّكُّ الْمَذْكُورُ حَالَ النِّيَّةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا نِيَّةُ الصَّوْمِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا بِمَعْنَى أَنَّهَا أَوَّلًا نَوَتْ الصَّوْمَ مُعْتَقِدَةً أَنَّهَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ شَكَّتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ بِمَعْنَى الْإِمْسَاكِ؛ لِأَنَّهَا نَاوِيَةٌ قَبْلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 أَوْ بَعْدَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الصُّبْحِ مَا تُدْرِكُ فِيهِ رَكْعَةً بَعْدَ الطُّهْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقَضَائِهَا وَهُوَ حَاصِلٌ وَمُوجِبُ الْقَضَاءِ وَهُوَ الطُّهْرُ فِي الْوَقْتِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْأَدَاءَ خَاصَّةً وَلَا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ فَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ . (ص) وَبِعَقْلٍ (ش) هَذَا شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَالْوُجُوبِ بِاتِّفَاقٍ فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الْإِغْمَاءِ وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَائِضِ أَفَادَ قَضَاءَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ نَصًّا بِقَوْلِهِ: (ص) وَإِنْ جُنَّ، وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً (ش) يَعْنِي: أَنَّ صِحَّةَ الصَّوْمِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَقْلِ فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ مِنْ مَجْنُونٍ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا جُنَّ فِيهِ، وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً كَعَشَرَةٍ، وَلَوْ أَبْدَلَ الْوَاوَ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْلَى وَلَمَّا كَانَ لِلْإِغْمَاءِ سِتُّ حَالَاتٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:. (ص) أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ لَا إنْ سَلِمَ، وَلَوْ نِصْفَهُ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ كُلَّهُ مِنْ فَجْرِهِ لِغُرُوبِهِ فَالْقَضَاءُ وَكَذَا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ سَلِمَ أَوَّلَهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ الْيَوْمِ وَهُوَ مَا دُونَ الْجُلِّ الشَّامِلِ لِلنِّصْفِ فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ بِأَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ مُغْمًى عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا وَنَوَى لَمَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ فَالْقَضَاءُ أَيْضًا وَإِنْ سَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَ بِحَيْثُ لَوْ نَوَى لَصَحَّتْ نِيَّتُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَأَشْعَرَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ بِوُجُوبِهِ عَلَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ سَكْرَانُ بِالْأَوْلَى لِتَسَبُّبِهِ نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ فِطْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ كَمَا قَالَ تت وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى النَّائِمِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَلَوْ نُبِّهَ لَانْتَبَهَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ وَإِنَّمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَثِيرَةً بَعْدَ قَوْلِهِ: سِنِينَ لِأَنَّ جَمْعَ التَّصْحِيحِ مَعَ التَّنْكِيرِ لِلْقِلَّةِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ عَرَّفَ سِنِينَ لَأَبْطَلَتْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ . (ص) وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ وَإِخْرَاجِ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ وَقَيْءٍ (ش) أَيْ: شَرْطُ الصَّوْمِ تَرْكُ الْجِمَاعِ أَيْ: مَغِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ بَالِغٍ لَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ صَوْمَهُ وَلَا صَوْمَ مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ مِنْهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: إخْرَاجِ عَنْ الِاحْتِلَامِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ الْمُسْتَنْكَحِ وَالْقَيْءِ الْغَالِبِ مَا لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ إمْكَانِ طَرْحِهِ وَفِي الْمُسْتَدْعَى الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فَالْكَفَّارَةُ وَتَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي عَدِّ تَرْكِ مَا ذَكَرَ وَمَا بَعْدَهُ شَرْطٌ وَصَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّهُ رُكْنٌ فَقَالَ وَرُكْنُهُ إمْسَاكٌ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لِلْغُرُوبِ عَنْ إيلَاجِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَا صَلَاةِ النَّهَارِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ حَاصِلُ أَيْ: اسْتِصْحَابُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ أَيْ: وَأَمَّا الْحَيْضُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ (فَإِنْ قُلْت) : قَدْ اشْتَرَكَا فِي حُصُولِ مَانِعِ الْأَدَاءِ فَلِمَ وَجَبَ أَدَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّلَاةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُنَّ إلَخْ) فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلَا يُنَافِي عَدَّ الْعَقْلِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: سِنِينَ كَثِيرَةً) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: إنْ قَلَّتْ السُّنُونَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَذَلِكَ كَالْخَمْسَةِ الْأَعْوَامِ وَإِنْ كَثُرَتْ فَلَا قَضَاءَ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْدَلَ الْوَاوَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذَكَرَ إلَّا عَدُّهُ الصِّحَّةَ لَا الْقَضَاءَ (قَوْلُهُ: سِتُّ حَالَاتٍ) فِي أَرْبَعٍ الْقَضَاءُ، وَثِنْتَانِ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا، الْأُولَى قَوْلُهُ: يَوْمًا، الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: أَوْ جُلَّهُ، الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّهُ تَحْتَهُ اثْنَتَانِ مَا كَانَ دُونَ النِّصْفِ وَمَا كَانَ النِّصْفَ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا إنْ سَلِمَ وَلَوْ نِصْفَهُ فِيهِ صُورَتَانِ: فِي أَرْبَعٍ الْقَضَاءُ، وَاثْنَتَانِ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا وَهُمَا الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: وَلَوْ نِصْفَهُ هَذَا مَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: أَوْ أُغْمِيَ إلَخْ) وَالسُّكْرُ بِحَرَامٍ كَالْإِغْمَاءِ فِي تَفْصِيلِهِ، بَلْ أَوْلَى، وَالْحَلَالُ كَالنَّوْمِ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ) وَلَوْ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ نِيَّةُ الصَّوْمِ، أَمَّا بِخُصُوصِ الْيَوْمِ أَوْ بِانْدِرَاجِهَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ لِبُطْلَانِهَا بِإِغْمَائِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَاسْتِمْرَارِهِ لِطُلُوعِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ سَلِمَ) أَيْ: مِنْ الْإِغْمَاءِ وَقْتَ النِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ قَبْلَهَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَوْ نِصْفَهُ فَلَا قَضَاءَ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيمَا قَبْلَ وَقْتِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ لِبَقَائِهَا حَيْثُ سَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِمِقْدَارِ إيقَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ تَقَدَّمَتْ لَهُ نِيَّةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَبْلَهُ، أَوْ بِانْدِرَاجِهَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّتِهِ بِدُونِ نِيَّةٍ، ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّ الْجُنُونَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يُفَصَّلُ فِيهِ كَالْإِغْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَكْرَانُ بِالْأَوْلَى) أَيْ: بِحَرَامٍ، وَأَمَّا بِالْحَلَالِ فَكَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهُمَا، وَلَيْسَ السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالنَّائِمِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ عج، وَمِمَّنْ جَعَلَهُ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ عج فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ تَسَاوِي حَالَتَيْ السُّكْرِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ) أَيْ: بِصَدَدِ التَّكْلِيفِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نُبِّهَ كَالتَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ: لِلْفَرْقِ أَيْ: لِوَجْهِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ جَمْعَ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ سِنِينَ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصْدُقُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ) فِيهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ: لَأَبْطَلَتْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إلَخْ) أَيْ: وَيُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ كَثِيرَةً، هَذَا ظَاهِرٌ إذَا جُعِلَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَأَمَّا إذَا جُعِلَتْ لِلْجِنْسِ فَيُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ كَثِيرَةً (قَوْلُهُ: وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ) أَيْ: بِغَيْرِ سَاتِرٍ، وَانْظُرْ لَوْ جَامَعَ لَيْلًا وَنَزَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَنِيُّهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا، ثُمَّ هَبَطَ نَهَارًا ك (قَوْلُهُ: مَذْيٍ) عَنْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَدَامٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ) فَإِنْ رَجَعَ فَالْقَضَاءُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فَالْكَفَّارَةُ) وَلَوْ غَلَبَةً (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّهُ رُكْنٌ) يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالرُّكْنِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحَقِيقَةُ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمَاهِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَرُكْنُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 حَشَفَةٍ وَمِثْلِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَلَوْ بِدُبُرِ أَوْ فَرْجِ مَيْتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَإِخْرَاجِ مَنِيٍّ وَلَا أَثَرَ لِمُسْتَنْكَحٍ مِنْهُ وَمِنْ الْمَذْيِ . (ص) وَإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ لِمَعِدَةٍ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ أَوْ حَلْقٍ (ش) أَيْ: وَصِحَّتُهُ بِتَرْكِ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ وَهُوَ كُلُّ مَا يَنْمَاعُ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ غَيْرَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ أَوْ غَيْرِ مُتَحَلِّلٍ كَدِرْهَمٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ كَمَا يَأْتِي عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَوْلُهُ: لِمَعِدَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَإِيصَالِ أَيْ وَإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمَعِدَتِهِ وَالْبَاءُ فِي بِحُقْنَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ وَفِي مَائِعٍ بِمَعْنَى مِنْ وَالتَّقْدِيرُ وَإِيصَالُ مُتَحَلِّلٍ لِمَعِدَتِهِ وَهِيَ مَا انْخَسَفَ مِنْ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ مِنْ دُبُرِ أَوْ فَرْجِ امْرَأَةٍ لَا إحْلِيلٍ مِنْ مَائِعٍ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَالْحُقْنَةُ مَا يُعَالَجُ بِهِ الْأَرْيَاحُ الْغِلَاظُ أَوْ دَاءٌ فِي الْأَمْعَاءِ يُصَبُّ إلَيْهِ الدَّوَاءُ مِنْ الدُّبُرِ بِآلَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَيَصِلُ الدَّوَاءُ لِلْأَمْعَاءِ وَمَا وَصَلَ لِلْأَمْعَاءِ مِنْ طَعَامٍ حَصَلَ بِهِ فَائِدَةُ الْغِذَاءِ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَجْذِبُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَمِنْ سَائِرِ الْأَمْعَاءِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ فَصَارَ ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الْأَكْلِ قَالَهُ سَنَدٌ وَاحْتَرَزَ بِالْمَائِعِ مِنْ الْجَامِدِ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ، وَلَوْ فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا يَصِلُ مِنْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ أَوْ فَوْقَهَا لِلْمَعِدَةِ أَوْ يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَلْقٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعِدَةٍ وَعَطْفُهُ عَلَى حُقْنَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاصِلَ مِنْ الْأَعْلَى يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُجَاوِرَ الْحَلْقَ وَهُوَ قَوْلٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ. (ص) وَإِنْ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يَصِلُ إلَى الْمَنْفَذِ الْأَعْلَى بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَصَلَ مِنْ مَنْفَذٍ وَاسِعٍ كَالْفَمِ أَوْ غَيْرِ وَاسِعٍ كَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا يَصِلُ إلَى الْمَنْفَذِ الْأَسْفَلِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَاسِعًا كَالدُّبُرِ لَا كَإِحْلِيلٍ أَوْ جَائِفَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ الْقَضَاءُ مُنْكَرٌ. (ص) وَبَخُورٍ (ش) كَصَبُورٍ مَا يَتَبَخَّرُ بِهِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُتَحَلِّلٍ وَالتَّقْدِيرُ وَتَرْكُ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ وَبَخُورٍ، قَالَ فِي السُّلَيْمَانِيَّة مَنْ تَبَخَّرَ بِالدَّوَاءِ فَوَجَدَ طَعْمَ الدُّخَانِ فِي حَلْقِهِ قَضَى صَوْمَهُ اهـ. فَقَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ يُكْرَهُ اسْتِنْشَاقُهُ وَلَا يُفْطِرُ خِلَافٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ وَاسْتِنْشَاقُ قِدْرِ الطَّعَامِ بِمَثَابَةِ الْبَخُورِ؛ لِأَنَّ رِيحَ الطَّعَامِ لَهُ جِسْمٌ يَتَقَوَّى بِهِ الدِّمَاغُ فَيَحْصُلُ بِهِ مَا يَحْصُلُ بِالْأَكْلِ   [حاشية العدوي] وَلِي إلَخْ (أَقُولُ) : إنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ مَعَ النِّيَّةِ فَهُوَ رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: إيصَالِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْإِيصَالِ الْوُصُولُ لَا حَقِيقَتُهُ الْمُقْتَضِيَةُ لِفِعْلِ ذَلِكَ عَمْدًا فَيَقْتَضِي أَنَّ وُصُولَهُ نِسْيَانًا لَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ يَضُرُّ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ الَّذِي نَسَبَ الْمُصَنِّفُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلْقٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِمَخَارِجِهِ كُلِّهَا أَدْنَاهَا وَأَوْسَطِهَا لَمْ نَرَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا أَيْ: أَوْ وَصَلَ الْمُتَحَلِّلُ فَقَطْ إلَى حَلْقٍ، وَأَمَّا وُصُولُ غَيْرِهِ لَهُ وَرَدَّهُ فَلَا يَجِبُ الْفِطْرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا وَصَلَ لِلْحَلْقِ وَرَجَعَ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ إلَّا إنْ كَانَ مَائِعًا لَا جَامِدًا وَرُدَّ بَعْدَ وُصُولِهِ لِحَلْقِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ مَا يَنْمَاعُ إلَخْ) وَلَوْ فِي الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ) مِنْ نَحْوِ حَبَّةٍ فَلَا تُوجِبُ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ فِي الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ فَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطَةِ أَنَّ لَهُ فِي الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمَ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْعَمْدِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْضِي لِتَهَاوُنِهِ بِصَوْمِهِ فَجَعَلَ الْقَضَاءَ مَعَ الْعَمْدِ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْحَصَاةَ تَشْغَلُ الْمَعِدَةَ إشْغَالًا مَا، وَتَنْقُصُ كَلَبَ الْجُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: مَا انْخَسَفَ) أَيْ: مَا كَانَ تَحْتَ الْمُنْخَسِفِ؛ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ بِمَنْزِلَةِ الْكَرِشِ لِلْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحُقْنَةَ تُفَسَّرُ بِصَبِّ الدَّوَاءِ فَقَوْلُهُ: بَعْدَمَا يُعَالِجُ بِهِ الْأَرْيَاحَ أَيْ: صَبُّ دَوَاءٍ وَقَوْلُهُ: بِمَعْنَى مِنْ لَا يَظْهَرُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ: وَصَبِّ مُلْتَبِسٍ بِمَائِعٍ وَفِي الْعِبَارَةِ تَجْرِيدٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ دُبُرٍ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَحِينَئِذٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ أَيْ: وَإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ إلَخْ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ أَيْ: أَوْ غَيْرِهَا وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: بِحُقْنَةٍ شَامِلًا لِلِالْتِبَاسِ بِالْمَائِعِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ قَالَ بِمَائِعٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ: لَكِنْ لَا بِكُلِّ مَا ذَكَرَ، بَلْ بِمَائِعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَاءً) مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَرْيَاحِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُ شب بِحُقْنَةٍ، الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بَاءُ الْآلَةِ وَهِيَ صَبُّ الدَّوَاءِ مِنْ الدُّبُرِ بِآلَةٍ مَخْصُوصَةٍ لِمَنْ بِهِ أَرْيَاحٌ، أَوْ دَاءٌ فِي الْأَمْعَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: الْأَمْعَاءِ) أَيْ: الْمَصَارِينِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ) أَيْ: لِخِفَّتِهَا كَمَا ذَكَرَ مَالِكٌ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَلَوْ فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ غِذَاءٌ، إنَّمَا يُفْعَلُ لِجَذْبٍ، ثُمَّ يُخْرِجُهَا فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَقَرَّرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ وَلَا يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْوُصُولِ لِلْجَوْفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ) مُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ نَكَشَ الْأُذُنَ بِكَعُودٍ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهُوَ خُرُوجُ خُرْئِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بِهِ شَيْءٌ لِلْأُذُنِ وَلَا لِلْحَلْقِ، وَاَلَّذِي يَصِلُ مِنْ كُحْلٍ نَهَارًا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَصِلُ إلَى حَلْقِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ وَلْيَتَمَادَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَصْلٌ فِي كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ حِنَّاءٍ، أَوْ دُهْنِ الشَّيْخِ، وَيَخْتَبِرُ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِيمَا يَصِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ إنْ فَعَلَهُ نَهَارًا فَإِنْ فَعَلَهُ لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هُبُوطِ ذَلِكَ نَهَارًا لِلْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ غَاصَ فِي أَعْمَاقِ الْبَدَنِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا يَنْحَدِرُ مِنْ الرَّأْسِ إلَى الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَائِفَةٍ) هُوَ الْخَرْقُ الْوَاصِلُ لِلْجَوْفِ (قَوْلُهُ: مَنْ تَبَخَّرَ إلَخْ) قَالَ فِي ك بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ وَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يُفْطِرْ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ رَائِحَةَ غَيْرِ الْبَخُورِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ لَا تُفْطِرُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا اهـ. (فَائِدَةٌ) يُكْرَهُ شَمُّ الرَّيَاحِينِ بَدْرٌ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اسْتِنْشَاقُهُ وَلَا يُفْطِرُ) أَيْ: اسْتِنْشَاقُ الدُّخَانِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رِيحَ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 وَقَوْلُهُ: وَبَخُورٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صَانِعِهِ وَغَيْرِهِ . (ص) وَقَيْءٍ وَبَلْغَمٍ إنْ أَمْكَنَ طَرْحُهُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ يَعْنِي: أَنَّ صِحَّةَ الصَّوْمِ بِتَرْكِ إيصَالِ قَيْءٍ وَبَلْغَمٍ أَوْ قَلْسٍ إنْ أَمْكَنَ طَرْحُهُ أَيْ: طَرْحُ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَمَعْنَاهُ فِي الْقَيْءِ كَانَ مِنْ عِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءٍ تَغَيَّرَ عَنْ الطَّعَامِ أَمْ لَا رَجَعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، زَادَ بَعْضٌ: أَوْ غَلَبَةً وَهُوَ صَحِيحٌ حُكْمًا لَا لَفْظًا إذْ لَا إمْكَانَ مَعَ الْغَلَبَةِ وَمَعْنَاهُ فِي الْبَلْغَمِ كَانَ مِنْ الصَّدْرِ أَمْ مِنْ الرَّأْسِ، وَسَوَاءٌ وَصَلَ لِطَرَفِ اللِّسَانِ أَوْ اللَّهَوَاتِ أَمْ لَا لَكِنْ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي الْبَلْغَمِ، وَلَوْ أَمْكَنَ طَرْحُهُ، وَلَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى طَرَفِ لِسَانِهِ. (ص) أَوْ غَالِبٍ مِنْ مَضْمَضَةٍ أَوْ سِوَاكٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَيْءٍ وَبَلْغَمٍ مُشَارِكٌ لَهُ فِي شَرْطِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَمَّا طَلَبَ الشَّارِعُ الْمَضْمَضَةَ وَالسِّوَاكَ مِنْ الصَّائِمِ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ اغْتِفَارُ مَا سَبَقَ لِلْحَلْقِ مِنْهُمَا رَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَوْ وُصُولِ غَالِبٍ لِحَلْقِهِ مِنْ أَثَرِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ أَوْ مُجْتَمِعٍ فِي فِيهِ مِنْ سِوَاكٍ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْفَرْضِ وَتَقْدِيرُ الْمُضَافِ وُصُولٌ لَا إيصَالٌ، الْمَذْكُورُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ تُنَافِي الْإِيصَالَ الْمُشْعِرَ بِالِاخْتِيَارِ وَالْمَصْدَرُ الْمَزِيدُ فَرْعُ الْمُجَرَّدِ فَلَا بُعْدَ فِي الْإِدْلَالِ بِهِ عَلَيْهِ، وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ . (ص) وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَقْضِي فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِكُلِّ مُفْطِرٍ مِنْ كُلِّ مَنْفَذٍ عَلَى أَيْ وَجْهٍ مِنْ: عَمْدٍ أَوْ سَهْوٍ أَوْ غَلَبَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ فِي الْفَرْضِ بَيْنَ كَوْنِهِ أَصْلًا أَوْ عُرُوضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إلَّا الْمُعَيَّنَ لِمَرَضٍ إلَخْ ثُمَّ إنْ كَانَ عَامِدًا فَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي إمْسَاكِ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا: كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ كَانَ عَلَيْهِ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إمْسَاكٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَامِدٍ فَإِنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ أَمْسَكَ وَإِنْ كَانَ فِي قَضَائِهِ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي إمْسَاكِهِ وَالِاسْتِحْسَانُ الْإِمْسَاكُ، وَإِنْ كَانَ كَالظِّهَارِ وَقَتْلِ النَّفْسِ مِمَّا يَجِبُ تَتَابُعُهُ فَأَفْطَرَ أَوَّلَ يَوْمٍ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ شَهْرَيْنِ، وَإِنْ أَفْطَرَ فِي أَثْنَائِهِ فَمَنْ قَالَ الْفِطْرُ يُسْقِطُ حُكْمَ الْمَاضِي فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَإِنْ كَانَ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ مِمَّا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ . (ص) وَإِنْ بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الصَّائِمَ إذَا صَبَّ إنْسَانٌ فِي حَلْقِهِ مَاءً أَيْ: سَكَبَهُ؛ لِأَنَّ الصَّبَّ هُوَ السَّكْبُ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ إلَى حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى فَاعِلِهِ. (ص) كَمُجَامَعَةِ نَائِمَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ النَّائِمَةَ إذَا جُومِعَتْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَالْقَضَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَطْ بِلَا كَفَّارَةٍ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى فَاعِلِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِخِلَافِ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَالِمَةً لَزِمَهُ التَّكْفِيرُ عَنْهَا. (ص) وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ (ش) أَيْ: فَإِنَّهُ يَقْضِي مَعَ   [حاشية العدوي] وَأَمَّا مَا لَا يَحْصُلُ بِهِ غِذَاءٌ لِلْجَوْفِ كَدُخَانِ الْحَطَبِ فَلَا قَضَاءَ فِي وُصُولِهِ لِحَلْقِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى عج وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اسْتَنْشَقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَيَّفُ فَالدُّخَانُ الَّذِي يُشْرَبُ مُفْطِرٌ إذْ هُوَ مُتَكَيِّفٌ وَيَصِلُ إلَى الْحَلْقِ، بَلْ إلَى الْجَوْفِ أَحْيَانًا وَيَقْصِدُ عب (قَوْلُهُ: وَقَيْءٍ وَبَلْغَمٍ إلَخْ) . (تَنْبِيهٌ) : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ابْتِلَاعِهِ رِيقَهُ وَلَوْ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِ خِلَافًا لعب (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ) أَيْ: عَلَى مُتَحَلِّلٍ مِنْ قَوْلِهِ وَإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ حُكْمًا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي الرُّجُوعِ وَالْإِمْكَانِ صِفَةٌ. اُنْظُرْ ح نَعَمْ قَوْلُهُ: رَجَعَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا إنَّمَا يَتِمُّ فِي الْفَرْضِ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ سَهْوًا فِي النَّفْلِ فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا كَمَا أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: أَوْ اللَّهَوَاتِ) فِي الْمِصْبَاحِ وَاللَّهَاةُ اللَّحْمَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى الْحَلْقِ فِي أَقْصَى الْفَمِ، وَالْجَمْعُ لَهًى وَلَهَيَاتٌ مِثْلُ حَصَاةٍ وَحَصًى وَحَصَيَاتٌ وَلَهَوَاتٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي الْبَلْغَمِ) بِأَنْ يَبْلُغَ النُّخَامَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النُّخَامَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ابْتِلَاعِهِ إيَّاهَا عَامِدًا اهـ. (قَوْلُهُ وَبَلْغَمٍ مُشَارِكٍ لَهُ فِي شَرْطِهِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: أَمْكَنَ طَرْحُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِطْلَاقِهِ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: خَاصٌّ بِالْفَرْضِ) أَيْ: وَأَمَّا النَّفَلُ إذَا وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَلَبَةً فِيهِ فَلَا قَضَاءَ (قَوْلُهُ: فَلَا بُعْدَ فِي الْإِدْلَالِ بِهِ) أَيْ: بِالْمَزِيدِ عَلَى الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ) وَهُوَ أَنَّ الْغَلَبَةَ تُنَافِي الِاخْتِيَارَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ مِنْ عَمْدٍ أَوْ سَهْوٍ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْفَرْضِ بَيْنَ كَوْنِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ رَمَضَانَ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) وَهُوَ التَّطَوُّعُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ الْقَوْلَ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ أَيْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إمْسَاكٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بَدَلُهُ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا أَيْ: لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَلَا يُنْدَبُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى لَا تَقْضِي إلَّا بِنَفْيِ الْوُجُوبِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ أَمْسَكَ) أَيْ: لِحُرْمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ يَقْضِي وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَالتَّطَوُّعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي قَضَائِهِ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كَالظِّهَارِ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ نَاسٍ (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَالَ الْفِطْرُ يُسْقِطُ حُكْمَ الْمَاضِي فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ) التَّعْبِيرُ " بِلَهُ " يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوْلَى الْإِمْسَاكُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ كَالْفِطْرِ نِسْيَانًا فَفِي النَّقْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ الْفِطْرِ الْعَمْدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ إلَّا إذَا كَانَ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا كَرَمَضَانَ الْحَاضِرِ، وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَالتَّطَوُّعِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمَا عَدَا هَذَيْنِ لَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ بِالْخِيَارِ، وَالظَّاهِرُ نَدْبُ الْإِمْسَاكِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: بِلَا كَفَّارَةٍ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى فَاعِلِهِ عَنْهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَلَى الْمُجَامِعِ لِلنَّائِمَةِ الْكَفَّارَةَ،، وَأَمَّا هِيَ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 حُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَأَوْلَى فِي الْحُرْمَةِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ مَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَوْلُهُ: (أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: شَاكًّا وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى أَكْلِهِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ أَكَلَ شَاكًّا أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ. (ص) وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ اقْتَدَى بِالْمُسْتَدِلِّ وَإِلَّا احْتَاطَ (ش) الضَّمِيرُ فِي دَلِيلِهِ يَرْجِعُ لِلْفَجْرِ وَالْغُرُوبِ أَوْ لِلصَّوْمِ وَهُوَ أَوْلَى وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَ الْفَجْرِ أَوْ الْغُرُوبِ أَوْ دَلِيلَ الصَّوْمِ أَيْ: الدَّلِيلَ الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّوْمِ مِنْ فَجْرٍ وَغُرُوبٍ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْتَدِي بِمَنْ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: يُقَلِّدُهُ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى عَارِفٍ عَدْلٍ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَأَوَّلَ كَلَامُهُمْ عَلَى الْعَاجِزِ انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُسْتَدِلَّ أَوْ وَجَدَهُ فَاقِدًا بَعْضَ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ احْتَاطَ بِتَأْخِيرِ الْفِطْرِ وَتَقْدِيمِ السُّحُورِ. وَقَالَ ق بِنَظَرٍ يُعْرَفُ أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ دَلِيلَهُ وَكَذَا لَوْ عَرَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النَّظَرُ بِنَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الدَّلِيلِ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي كَلَامِهِ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُ غَيْرَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَحِينَئِذٍ فَيُوَافِقُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ . (ص) إلَّا الْمُعَيَّنَ: لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِعُذْرٍ: كَمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ، إغْمَاءٍ، أَوْ إكْرَاهٍ فَإِنَّهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَالشَّيْخُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي النِّسْيَانِ، وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِهَا بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْمَرَضِ أَنَّ النَّاسِيَ مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ التَّفْرِيطِ، وَجَعَلَ سَنَدٌ خَطَأَ الْوَقْتِ كَالنِّسْيَانِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِفِطْرِ السَّفَرِ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ . (ص) وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الصَّوْمَ النَّفَلَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا حَرَامًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَخَرَجَ بِالْعَمْدِ النِّسْيَانُ وَبِالْحَرَامِ غَيْرُهُ: كَالْفِطْرِ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا ثُمَّ بَالَغَ فِي الْقَضَاءِ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِطَلَاقٍ بَتٍّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ مُسْتَنِدًا لِطَلَاقٍ   [حاشية العدوي] الْمُرَادُ بِالشَّكِّ عَدَمُ التَّيَقُّنِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَكَلْت بَعْدَ الْفَجْرِ، وَقَالَ لَهُ آخَرُ: أَكَلْت قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) ، وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى فِي الْحُرْمَةِ إلَخْ) ، بَلْ الْحُرْمَةُ اتِّفَاقًا كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ) ، وَمُقَابِلُهُ الْكَفَّارَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْفَجْرِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَفِي الْغُرُوبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَعَدَمُ الْكَفَّارَةِ فِي الْفَجْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي ك، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْغُرُوبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَاكًّا) وَالتَّقْدِيرُ وَكَأَكْلِهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ وَكَأَكْلِهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ طَارِئًا لَهُ الشَّكُّ فَهِيَ حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَ أَكَلَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِلْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: وَكَأَنْ أَكَلَ شَاكًّا، أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ. (تَنْبِيهٌ) : النَّفَلُ مُخَالِفٌ لِلْفَرْضِ فِي هَذَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ قَضَاءٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلصَّوْمِ وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَحُوجُ إلَى تَكْلِيفٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَحُوجُ إلَى اعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا لَكَانَ الْوَاجِبُ دَلِيلَهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقْتَدِي بِمَنْ) أَيْ: بِشَخْصٍ، يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ: يَسْتَنِدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ أَيْ: الشَّخْصُ الَّذِي اسْتَنَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مُقَلِّدًا، أَوْ مُجْتَهِدًا فَصَحَّ. قَوْلُهُ: حَيْثُ إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَجِدُ ذَلِكَ أَعَمَّ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُجْتَهِدُ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: الصَّوْمِ وَالدَّلِيلُ هُوَ الْفَجْرُ وَالْغُرُوبُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ) أَيْ: أَنَّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ، وَالْفَرْقُ كَثْرَةُ الْخَطَأِ فِي الْقِبْلَةِ لِخَفَائِهَا دُونَ دَلِيلِ الصَّوْمِ، فَتَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ تَقْلِيدِ مِحْرَابِ مِصْرٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النَّظَرُ بِنَفْسِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّظَرِ حَقِيقَتَهُ، فَيُخَالِفُ تَفْسِيرَ يَنْظُرُ بِيَعْرِفُ فَإِذَنْ الْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عَارِفًا بِالدَّلِيلِ وَلَمْ يَنْظُرْ مَعَ الْقُدْرَةِ اسْتَدَلَّ، وَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ يُنَافِي كَلَامَهُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: فَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ عَرَفَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَيُوَافِقُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ) مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ النَّذْرِ الْمَضْمُونِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقْتِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكٌ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ إكْرَاهٍ) رَجَّحَ الْحَطَّابُ وَتَبِعَهُ عج أَنَّ الْإِكْرَاهَ كَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) ، ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يُبَيِّتُ الصَّوْمَ فَيَكُونُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي شَرْحِ عب مَا نَصُّهُ: وَشَمَلَ الْمُصَنِّفُ نَاسِي تَبْيِيتِ الصَّوْمِ فِي الْمُعَيَّنِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَثْنَاءَهُ وَالْمُفْطِرَ فِيهِ نَاسِيًا بَعْدَ تَبْيِيتِ الصَّوْمِ وَتَارِكَ التَّبْيِيتِ فِيهِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ الَّذِي قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ فِي أَثْنَائِهِ أَنَّهُ الْمُعَيَّنُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَعَدَمُ الْقَضَاءِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: كَالنِّسْيَانِ) أَيْ: فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ) وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْعَمْدِ النِّسْيَانُ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكٌ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَبْطُلْ وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَ فِي النَّفْلِ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ، أَوْ لِإِكْرَاهٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَهُوَ غَيْرُ حَرَامٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِطَلَاقٍ بِمَعْنَى اللَّامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُلَابَسَةِ وَهَذَا حَلٌّ بِحَسَبِ الْمَعْنَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 بَتٍّ وَقَوْلُهُ: (إلَّا لِوَجْهٍ) مُخْرَجٌ مِنْ تَحْرِيمِ الْفِطْرِ فِي النَّفْلِ الْمُقَدَّرِ فِي الْكَلَامِ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ الْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى مَا قَالَهُ عِيَاضٌ وَخَالَفَهُ الْحَطَّابُ وَأَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُسْتَنِدًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ التَّادَلِيُّ مِنْ نَفْيِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِفِطْرٍ حَرَامٍ، وَكَلَامُ عِيَاضٍ ضَعِيفٌ. (ص) كَوَالِدٍ وَشَيْخٍ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا (ش) هُنَا حُذِفَ مُضَافٌ أَيْ: كَأَمْرِ شَيْخٍ وَوَالِدٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ لِإِدَامَتِهِ، وَمِثْلُ الْوَالِدِ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَالْمُرَادُ بِالْوَالِدِ دَنِيُّهُ لَا الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: كَوَالِدٍ إلَخْ تَمْثِيلًا لِلْوَجْهِ، وَالْكَافُ لِإِدْخَالِ الْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ وَإِنْ انْحَصَرَتْ فِي الْخَارِجِ فِيمَا ذَكَرَ كَشَمْسٍ، وَالْأُمِّ كَالْأَبِ فَقَوْلُهُ: كَوَالِدٍ أَيْ: كَشَخْصِ وَالِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَمَا قَالَهُ ق، وَلَوْ تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إلَّا لِوَجْهٍ إلَخْ لَكَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ مَعَ الْوَجْهِ غَيْرُ حَرَامٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ بِأَنْ يَحْلِفَ شَخْصٌ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ، أَوْ عِتْقِ أَمَتِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِحُبِّهَا فَيُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ وَاجِبٍ بَيَّنَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِهِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهْلٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى تَجِبُ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَوَّلُهَا: الْعَمْدُ، وَثَانِيهَا الِاخْتِيَارُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ، وَلَا عَلَى مُكْرَهٍ، وَثَالِثُهَا الِانْتِهَاكُ لِلْحُرْمَةِ فَالْمُتَأَوَّلُ تَأْوِيلًا قَرِيبًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَرَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِحُرْمَةِ الْمُوجِبِ الَّذِي فَعَلَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى جَاهِلٍ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِشَيْءٍ: كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ يَظُنُّ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُحَرِّمُ الْجِمَاعَ وَجَامَعَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ جَهْلُ حُرْمَةِ الْمُوجِبِ الَّذِي فَعَلَهُ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ مَعَ عِلْمِ حُرْمَتِهِ فَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةَ، وَأَمَّا جَهْلُ رَمَضَانَ فَيُسْقِطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةَ اتِّفَاقًا كَمَا إذَا أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ قَبْلَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ، وَخَامِسُهَا كَوْنُهُ صَوْمَ رَمَضَانَ فَلَا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِهِ مِنْ قَضَائِهِ، أَوْ كَفَّارَةٍ، أَوْ ظِهَارٍ أَوْ نَحْوِهِمْ إمَّا؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَدْخُلُ بَابَ الْكَفَّارَاتِ، أَوْ يَدْخُلُهُ وَلَكِنْ لِرَمَضَانَ حُرْمَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ، وَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ، وَلَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَكَلَاتِ، أَوْ الْوَطَآتِ، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَ كَفَّارَةَ الْأَوْلَى أَمْ لَا. (ص) جِمَاعًا، أَوْ رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا، أَوْ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا (ش) هَذَا مَعْمُولُ تَعَمَّدَ أَيْ وَكَفَرَ إنْ تَعَمَّدَ جِمَاعًا يُوجِبُ الْغُسْلَ، أَوْ رَفَعَ نِيَّتَهُ نَهَارًا وَأَوْلَى لَيْلًا حَيْثُ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ رَافِعًا لَهَا، وَسَوَاءٌ نَوَى الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا، أَوْ أَكْلًا لِمَا يَقَعُ بِهِ الْإِفْطَارُ، وَلَوْ حَصَاةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرِ) صِفَةٌ لِفِطْرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ مَعْنَاهُ بِالْفِطْرِ الْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَّا لِوَجْهٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِفِطْرٍ حَرَامٍ) فِيهِ أَنَّ عِيَاضًا يُسَلِّمُ تِلْكَ الْعِلَّةَ (قَوْلُهُ: وَشَيْخٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ قَالَهُ ابْنُ عَلَاقٍ وَبَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُخِذَ عَلَيْهِ الْعَهْدُ فِي فِعْلِ الْعِبَادَةِ لَا فِي تَرْكِهَا اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ عِبَادَةٌ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ ابْنُ نَاجِي، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ شَيْخُهُ الْمُعَلِّمُ لِلْعِلْمِ وَأَلْحَقَهُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ، وَالظَّاهِرُ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ كَذَا فِي عب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ آلَتَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ كَوَالِدٍ) أَيْ: كَأَمْرِ وَالِدٍ فَإِنَّ الْوَجْهَ لَيْسَ نَفْسَ الْوَالِدِ، بَلْ أَمْرُ الْوَالِدِ (قَوْلُهُ: وَالْكَافُ لِإِدْخَالِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِدُخُولِ السَّيِّدِ تَحْتَ الْكَافِ (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ كَالْأَبِ) أَيْ: وَيُرَادُ بِالْوَالِدِ مَا يَشْمَلُهُمَا فَلِذَلِكَ قَالَ أَيْ: كَشَخْصِ وَالِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُسْلِمُ إلَخْ هَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ مُخْرَجٌ مِنْ تَحْرِيمٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ بِنَاءٌ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: لَكَانَ حَسَنًا إلَخْ) أَيْ: فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ أَجَابَ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ تَحْرِيمِ الْفِطْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَثَانِيهَا الِاخْتِيَارُ) مُفَادُهُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَمَّدًا وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ قَيْدَ التَّعَمُّدِ مُحْرَزٌ لِلِاخْتِيَارِ فَقَالَ: فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُخْتَارٍ كَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ مُوجِبَاتِهَا مُكْرَهًا، أَوْ غَلَبَةً لِعَدَمِ وَصْفِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالتَّعَمُّدِ حَقِيقَةً إلَّا مَنْ اسْتَاكَ بِجَوْزَاءَ نَهَارًا عَمْدًا وَابْتَلَعَهَا غَلَبَةً عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: الِانْتِهَاكُ لِلْحُرْمَةِ) أَيْ: عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِهَا (قَوْلُهُ: كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ: قَرِيبِ اتِّصَافٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ قَرِيبِ عِلْمٍ بِالْإِسْلَامِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّصَافُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ بَابُ إلَخْ) أَيْ: لَا يَصِحُّ دُخُولُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَدْخُلُهُ أَيْ: يَصِحُّ دُخُولُهُ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لِرَمَضَانَ حُرْمَةٌ) أَيْ: فَلَوْ قِسْنَا لَكَانَ قِيَاسًا مَعَ الْفَارِقِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْمُولُ تَعَمَّدَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ، أَوْ رَفَعَ مَعْطُوفٌ عَلَى جِمَاعًا فَهُوَ يُقْرَأُ اسْمًا وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّافِعَ مُتَعَمِّدٌ لِأَنَّ الرَّفْعَ قَدْ يَكُونُ سَهْوًا اهـ.، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَفْعَ النِّيَّةِ نَهَارًا لَا يَكُونُ إلَّا عَمْدًا (قَوْلُهُ: جِمَاعًا يُوجِبُ الْغُسْلَ) أَيْ: لَا مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ حَيْثُ لَمْ تُنْزِلْ وَلَا فِيمَنْ لَا تُطِيقُهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْبَالِغِ الَّذِي وَطِئَهَا ثُمَّ يُعْتَبَرُ الِانْتِهَاكُ حَالَةَ الْفِعْلِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ فَمَنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ فِي يَوْمِ الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا قَضَاءَ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَ نَهَارًا) هَذَا إذَا رَفَعَ رَفْعًا مُطْلَقًا، أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى أَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ وَحَصَلَ نَهَارًا لَا فِي مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا كَفَّارَةَ وَكَذَا لَا قَضَاءَ كَمَا صَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى لَيْلًا) إنَّمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَفَعَهَا فِي مَحَلِّهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ أَيْ: فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا أَوْقَعَهَا فِي مَحَلِّهَا وَهُوَ اللَّيْلُ وَأَصْبَحَ صَائِمًا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِرَفْعِهَا فِي النَّهَارِ. (تَنْبِيهٌ) : يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 وَدِرْهَمًا وَفِلْقَةَ طَعَامٍ تُلْتَقَطُ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ شُرْبًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: (بِفَمٍ فَقَطْ) مِمَّا يَصِلُ مِنْ نَحْوِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ فَإِنَّهُ لَا يُكَفِّرُ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ كَمَا عَلِمْت مُعَلِّلَةٌ بِالِانْتِهَاكِ الَّذِي أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا لَا تَتَشَوَّقُ إلَيْهِ النُّفُوسُ. (ص) وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ اسْتِيَاكٍ بِرَطْبٍ مُغَيِّرٍ لِلرِّيقِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ الْبَاجِيُّ أَيْ: فِي تَعَمُّدِ ابْتِلَاعِهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ: (بِجَوْزَاءَ) وَهُوَ قِشْرٌ يُتَّخَذُ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ وَأَكْثَرُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَالْهِنْدِ نَعَمْ هِيَ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهَا لِمَا نَقَلَ بَعْضٌ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَاكَ بِهَا لَيْلًا وَأَصْبَحَتْ عَلَى فِيهِ نَهَارًا قَضَى، وَإِنْ اسْتَاكَ بِهَا نَهَارًا قَضَى وَكَفَّرَ . (ص) ، أَوْ مَنِيًّا (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَ الْمَنِيِّ بِلَا جِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ بَلْ بِقُبْلَةٍ لَا لِوَدَاعٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ فِي غَيْرِ الْفَمِ فِي زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْإِنْعَاظُ أَمْ لَا، قَصَدَ الِالْتِذَاذَ أَمْ لَا كَرَّرَهَا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ وَمِثْلُ الْقُبْلَةِ: اللَّمْسُ، وَالْمُبَاشَرَةُ، وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْفِكْرُ فَيُشْتَرَطُ إدَامَتُهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ) ، أَوْ نَظَرٍ مِمَّنْ عَادَتُهُ الْإِنْزَالُ مِنْهُمَا، أَوْ السَّلَامَةُ مِنْهُ تَارَةً دُونَ أُخْرَى أَمَّا إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ وَإِنْ أَدَامَهُمَا فَقَدْرُ خِلَافِهَا فَلَا كَفَّارَةَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ فِي النَّظَرِ وَالْفِكْرِ خَاصَّةً كَمَا قَرَّرْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَنَقَلَ بَعْضٌ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ عَامًّا فِي جَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْمَذْيِ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ سَبَبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي الْإِنْعَاظِ قَوْلَانِ الْأَشْهَرُ الْقَضَاءُ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِإِدَامَةِ فِكْرٍ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ مَعَ عَدَمِ الِاسْتِدَامَةِ بَلْ الْقَضَاءُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَعْسُرَ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ وَهُنَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ وَجَوَابٌ عَنْهُ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ فَتَأْوِيلَانِ (ش) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِأَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ: وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ النَّظَرَ فَأَمْنَى، أَوْ أَمْذَى فَلْيَقْضِ فَقَطْ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إذَا قَصَدَ بِالنَّظْرَةِ الْأُولَى اللَّذَّةَ فَأَمْنَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ كَلَامُ الْقَابِسِيِّ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، أَوْ خِلَافٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ تَأْوِيلَانِ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ فَأَمْنَى بِمُجَرَّدِهِ فَقِيلَ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْقَابِسِيِّ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقِيلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُكَفِّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ مِنْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ وَكَأَنَّهُ يَرَاهَا مُعَلَّلَةً بِالْعَمْدِ، أَوْ يَرَى هَذَا انْتِهَاكًا (قَوْلُهُ: الَّذِي أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ) فِيهِ أَنَّ الِانْتِهَاكَ عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِالْحُرْمَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: قَضَى) أَيْ: إنْ ابْتَلَعَهَا وَلَا كَفَّارَةَ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الِابْتِلَاعَ (قَوْلُهُ: قَضَى وَكَفَّرَ) أَيْ: إذَا ابْتَلَعَهَا وَلَوْ غَلَبَةً بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعْمَلَهَا لَيْلًا وَابْتَلَعَهَا نَهَارًا غَلَبَةً فَلَا كَفَّارَةَ، وَأَمَّا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ (قَوْلُهُ: كَرَّرَهَا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَابَعَ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ وَاللَّمْسَ وَالْمُلَاعَبَةَ فِيهَا الْكَفَّارَةُ وَلَوْ مَرَّةً عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ رَاجِعٌ لِلْمُبَالِغِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرٍ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا أَخْذًا لَهَا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ فَتَأْوِيلَانِ فَإِنَّ التَّاءَ فِي نَظْرَةٍ لِلْوَحْدَةِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَدَامَ النَّظَرَ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلَيْنِ، وَلَا تُؤْخَذُ إدَامَةُ النَّظَرِ مِمَّا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ فَيَصْدُقُ بِعَدَمِ إدَامَةِ الْفِكْرِ فَقَطْ، وَبِعَدَمِ إدَامَتِهِ وَإِدَامَةِ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِنْعَاظِ إلَخْ) أَيْ: الْإِنْعَاظِ مِنْ غَيْرِ مَذْيٍ وَلَا مَنِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهُنَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هُوَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ عَلَى الْأَحْسَنِ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِي هَذَيْنِ اخْتِيَارٌ، وَإِنَّمَا اخْتِيَارُهُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ حَيْثُ خَالَفَ فِيهِمَا عَادَتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَظْهَرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ يَقُولُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (فَرْعٌ) الرِّدَّةُ مُبْطِلَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ إذَا رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ أَمْنَى بِنَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا اللَّذَّةَ، أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ فَالْأَوَّلُ عَلَى الْوِفَاقِ، وَالثَّانِي عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تُصَرِّحْ بِالتَّعَمُّدِ، وَالْقَابِسِيُّ لَمْ يَقُلْ الْتَذَّ، بَلْ قَالَ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَصْدِ الْوُجُودُ (قَوْلُهُ: مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ) مُفَادُهُ أَنَّ الْقَابِسِيَّ أَنَاطَ الْكَفَّارَةَ بِالتَّعَمُّدِ مَعَ أَنَّ الْقَابِسِيَّ لَمْ يُنِطْهَا بِهِ، بَلْ إنَّمَا أَنَاطَهَا بِقَصْدِ اللَّذَّةِ كَمَا قَالَهُ نَعَمْ هَذَا الْكَلَامُ صَحِيحٌ عَلَى نَقْلٍ آخَرَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا: نَظَرَ الصَّائِمُ نَظْرَةً مُتَعَمِّدًا فَأَنْزَلَ إنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرَتَيْنِ عَلَى مَا نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْقَابِسِيِّ، وَأَمَّا عَلَى نَقْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ صَاحِبُ النُّكَتِ فَتَصِحُّ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ. (تَنْبِيهٌ) : التَّأْوِيلُ بِالْكَفَّارَةِ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ لِلَّذَّةِ وَلَوْ الْتَذَّ مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ تَكْثُرَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَنْكِحًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلْمَشَقَّةِ كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَمَنْ أَمْنَى لِقُبْلَةِ وَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ كَمَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِمْنَاءَ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ . وَلَمَّا كَانَتْ أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ قَالَ. (ص) بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ وَهُوَ الْأَفْضَلُ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ (ش) فَقَوْلُهُ: بِإِطْعَامِ مُتَعَلِّقٌ بِكَفَّرَ وَالْمُرَادُ بِالْإِطْعَامِ التَّمْلِيكُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَالْمَعْنَى: أَنَّ كَفَّارَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ شَاءَ مَلَكَ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً بِشَرْطِ كَمَالِهَا وَتَحْرِيرِهَا لِلْكَفَّارَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ عُيُوبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَأَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا الْكَفَّارَةَ لَكِنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْإِطْعَامُ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ نَفْعًا لِتَعَدِّيهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِلْغَيْرِ وَقِيلَ الصَّوْمُ أَفْضَلُ وَقَوْلُهُ: (كَالظِّهَارِ) التَّشْبِيهُ فِي شَرْطِ التَّتَابُعِ وَنِيَّتِهِ وَقَطْعِهِ بِمَا يَقْطَعُ فِيهِ وَفِي إيمَانِ الرَّقَبَةِ وَكَمَالِهَا وَتَحْرِيرِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ عُيُوبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا فِي الْمِقْدَارِ فِي الْإِطْعَامِ وَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ فَلَا تُتَوَهَّمُ إرَادَتُهُمَا بَعْدَ قَوْلِهِ: لِكُلٍّ مُدٌّ، وَالْعَطْفِ " بِأَوْ " وَصَحَّ التَّشْبِيهُ بِالظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِشُهْرَتِهِ ثُمَّ إنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الْحُرِّ الرَّشِيدِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ عَجَزَ بَقِيَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ أَيْ: قِيمَةِ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ . (ص) وَعَنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا، أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا نِيَابَةً (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ وَطِئَ أُمَّتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ كَرْهًا أَوْ طَوْعًا فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا نِيَابَةً وُجُوبًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ طَوْعَهَا إكْرَاهٌ لِأَجْلِ الرِّقِّ، وَكَذَلِكَ يُكَفِّرُ عَنْ زَوْجَتِهِ إذَا أَكْرَهَهَا، وَلَوْ عَبْدًا أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ، أَوْ صَرِيحُهَا أَوْ أَمَتَهِ ابْنُ شَعْبَانَ وَهِيَ جِنَايَةٌ إنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَسْلَمَهُ أَوْ افْتَكَّهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ: قِيمَةِ الرَّقَبَةِ الَّتِي تُكَفِّرُ بِهَا وَالطَّعَامِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ وَتُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الزَّوْجَةِ عَاقِلَةً بَالِغَةً مُسْلِمَةً فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَوْ كَافِرَةً أَوْ غَيْرَ عَاقِلَةٍ لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا نِيَابَةً وَهِيَ إذَا كَانَتْ بِصِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرِهِهَا عَنْهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَمَةِ وَلَا فَرْقَ فِي الزَّوْجَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ (ص) فَلَا يَصُومُ وَلَا يُعْتِقُ عَنْ أَمَتِهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ نِيَابَةً بِالصَّوْمِ عَمَّنْ ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَكَذَالِكَ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ أَمَتِهِ بِالْعِتْقِ إذْ لَا وِلَاءَ لَهَا يَتَحَقَّقُ اسْتِمْرَارُهُ بَلْ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِالْإِطْعَامِ فَقَطْ وَيُكَفِّرُ عَنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ بِالْإِطْعَامِ أَوْ بِالْعِتْقِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا يَتَحَقَّقُ اسْتِمْرَارُهُ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْنَا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ إذَا كَانَ السَّيِّدُ مَرِيضًا فَإِنَّ الْوِلَاءَ لَهُمَا ثَابِتٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِمَا لِأَنَّ الْوِلَاءَ وَإِنْ ثَبَتَ لَهُمَا فِي هَذِهِ   [حاشية العدوي] الْقَضَاءُ وَيَحْتَمِلُ لَا قَضَاءَ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكِحٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ ذَكَرَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ بِمَعْنَى يُقَدِّمُ الطَّعَامَ لَهُمْ لِيَأْكُلُوا. (تَتِمَّةٌ) تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ وَلَا تَتَعَدَّدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِلِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَلَوْ حَصَلَ مُوجِبُهَا الثَّانِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوجِبُ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا لِبُطْلَانِ صَوْمِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْأَوَّلِ،، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفْعُولِ فَتَتَعَدَّدُ (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيرُهَا لِلْكَفَّارَةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا اشْتَرَى أَمَةً اشْتَرَطَ بَائِعُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ وَالنِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ كَافِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا الْكَفَّارَةَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا الْكَفَّارَةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ النِّيَّةَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لَا فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِ) أَيْ: لِتَعَدِّيهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ مُتَعَدٍّ لِوَاحِدٍ وَبِخِلَافِ الصَّوْمِ فَلَا تَعَدِّيَ فِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعَدِّيَ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ إلَّا أَنَّ الْإِطْعَامَ أَكْثَرُ تَعَدِّيًا وَقَوْلُهُ وَقَطْعِهِ أَيْ: التَّتَابُعِ بِمَا أَيْ: بِشَيْءٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَوْلِهِ لِكُلٍّ مُدٌّ) أَيْ:؛ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ قَالَ فِيهَا لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ قِيمَةِ الْعِتْقِ) أَيْ: فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقِيقِ أَقَلَّ كَفَّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ كَفَّرَ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَيَحْتَمِلُ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَبَى الصَّوْمَ وَهُوَ أَبْيَنُ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الصَّوْمِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرَ . (قَوْلُهُ: وَعَنْ أَمَةٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: وَكَفَّرَ عَنْ نَفْسِهِ أَصَالَةً وَعَنْ أَمَةٍ وَزَوْجَةٍ نِيَابَةً، فَعَنْ أَمَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَنِيَابَةً عَلَى أَصَالَةً، وَهَذَا مِنْ النَّوْعِ الْمُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ الْبَدِيعِ بِالِاكْتِفَاءِ (قَوْلُهُ: نِيَابَةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، أَوْ حَالٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِذَلِكَ بَدَلًا عَنْهَا لَا النِّيَابَةُ الْمَعْرُوفَةُ الْمُقْتَضِيَةُ أَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ بِهَا، وَقَدْ قَامَ عَنْهَا (قَوْلُهُ طَوْعًا، أَوْ كَرْهًا) أَيْ: إلَّا أَنْ تَطْلُبَهُ، أَوْ تَتَزَيَّنَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَتِهِ) أَيْ: لَا بِقَيْدِ الْإِكْرَاهِ وَالْمُرَادُ وَطْءُ أَمَتِهِ طَوْعًا، أَوْ كَرْهًا، وَعِبَارَةُ عب وَلَوْ عَبْدًا أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ، أَوْ صَرِيحِهَا، أَوْ أَمَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَسْلَمَهُ) أَيْ: لِلزَّوْجَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ لَهَا فَقَدْ مَلَكَتْهُ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَهَلْ تُعْتِقُهُ حِينَئِذٍ فَيَصِيرُ مُعْتَقًا لَزِمَهُ فِي الْأَصْلِ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا تت (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ وَتُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ) أَيْ: فَتُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ، أَوْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ:، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَمَةِ) أَيْ: فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً بَالِغَةً مُسْلِمَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَهُمَا ثَابِتٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى انْتَفَى الِانْتِزَاعُ ثَبَتَ الْوَلَاءُ وَسَيَأْتِي مَا يَرُدُّهُ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ إلَّا أَنَّ الْوَلَاءَ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَلَاءَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 الْحَالَةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقِ الِاسْتِمْرَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ السَّيِّدُ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ وَالْمُبَعَّضَةُ إذْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهُمَا فَإِنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهُمَا كَانَتَا كَالْأَجْنَبِيَّتَيْنِ . (ص) فَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ وَرَجَعَتْ إنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الرَّقَبَةِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ أَعْسَرَ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ يَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ عَنْهَا بِالْأَصَالَةِ بِأَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَتَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ عَبْدًا وَهِيَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَفْدِيَهُ، أَوْ يُسَلِّمَهُ لَهَا هَذَا إنْ لَمْ تَصُمْ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهَا، وَإِذَا كَفَّرَتْ بِغَيْرِ الصَّوْمِ وَرَجَعَتْ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ الَّتِي أَعْتَقَهَا وَمِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ الَّتِي كَفَّرَتْ بِهِ يُرِيدُ بَعْدَ تَقْوِيمِهِ أَيْ: تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كَيْلِ الطَّعَامِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِمِثْلِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ كَيْلِ الطَّعَامِ رَجَعَتْ بِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَقَوْلُهُ: وَكَيْلِ الطَّعَامِ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّقَبَةِ أَيْ: الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ فَالْأَقَلُّ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَالرُّجُوعُ بِكَيْلِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا فَإِنْ اشْتَرَتْهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ: قِيمَةِ الرَّقَبَةِ، وَكَيْلِ الطَّعَامِ، وَثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَعْسَرَ بَلْ لَهَا الرُّجُوعُ إذَا كَفَّرَتْ عَنْ نَفْسِهَا مَعَ يُسْرِهِ أَيْضًا . (ص) وَفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ حَتَّى أَنْزَلَا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي: لَوْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الْقُبْلَةِ حَتَّى أَنْزَلَا، أَوْ أَنْزَلَتْ فَقَطْ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا؟ ذَهَبَ إلَى هَذَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَتَأَوُّلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا يَتَحَقَّقُ مَعَ عِلَّتِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ وَاوُ الْحَالِ وَالْخَبَرُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَكِنَّ زَائِدَةٌ، أَوْ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ إلَّا أَنَّ الْوَلَاءَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُعْتَقَدٌ دَوَامُهُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقِ الِاسْتِمْرَارِ وَأَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اعْتِقَادِ دَوَامِهِ تَحَقُّقُ دَوَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ) أَيْ: عَلَى التَّعْلِيلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَقَةَ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ، وَالْمُبَعَّضَةُ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ لَا تَرْجِعُ بِحَيْثُ تَكُونُ بَعِيدَةَ الْأَجَلِ بِحَيْثُ يُنْزَعُ مَالُهَا بَعْدُ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ النَّزْعُ لِقُرْبِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ لَا يُنْزَعُ مَالُهُمَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الصِّحَّةُ فَإِذَا حَصَلَتْ أَمْكَنَ مَالُهُمَا، وَالْمُبَعَّضَةُ لَا يُمْكِنُ انْتِزَاعُ مَالِهَا أَصْلًا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَهُمَا مُسْتَمِرٌّ لِعَدَمِ طُرُوِّ مَا يُضَادُّهُ، فَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْعِتْقِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَحِلُّ وَطْؤُهُ مِنْ الْإِمَاءِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَالْمُبَعَّضَةِ لَا يَصِحُّ وَطْؤُهُمَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ تَسْلِيمُ اسْتِمْرَارِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ،. (قَوْلُهُ: كَانَتَا كَالْأَجْنَبِيَّتَيْنِ) أَيْ: وَمَنْ أَكْرَهَ أَجْنَبِيَّةً عَلَى أَنْ يُجَامِعَهَا كَفَّرَ عَنْهَا نِيَابَةً كَمَا قَالَ تت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ لَا عِنْدَ الطَّوْعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّكْفِيرَ بِالْعِتْقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَأَمَّا لَوْ طَاوَعَتْهُ فَلَا يُكَفِّرُ عَنْهَا، وَأَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا لَوْ أَكْرَهَتْ زَوْجَةٌ، أَوْ أَمَةٌ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهَا عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ أَجْنَبِيًّا عَلَى وَطْئِهَا لَمْ تُكَفِّرْ الْمُكْرِهَةُ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِشَارِهِ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِكْرَاهِ، وَانْظُرْ إكْرَاهَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يَكُونُ بِمَاذَا. (قَوْلُهُ: وَكَيْلِ الطَّعَامِ) الْمُنَاسِبُ وَقِيمَةِ الطَّعَامِ لِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَالرُّجُوعَ بِنَفْسِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهَا) أَيْ: صَامَتْ فَقَطْ، أَوْ ضُمَّتْ لَهُ إطْعَامًا، أَوْ عِتْقًا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَذَا بِإِذْنٍ لَهَا فِي أَحَدِهِمَا فَصَامَتْ ثُمَّ فَعَلَتْهُ نَظَرًا لِتَقَدُّمِ الصَّوْمِ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِأَقَلِّهِمَا كَمَا إذَا فَعَلَتْهُ، ثُمَّ صَامَتْ ك (قَوْلُهُ: الَّتِي أَعْتَقَتْهَا) أَيْ: حَقُّهَا أَنْ تُعْتِقَهَا فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: الَّتِي كَفَّرَتْ بِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ التَّكْفِيرَ إمَّا بِالْإِطْعَامِ، أَوْ بِالْعِتْقِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَشْتَرِيَ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ مِنْ عِنْدِهَا فَإِذَا كَفَّرَتْ بِالْإِطْعَامِ، وَكَانَ مِنْ عِنْدِهَا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ تَرْجِعُ بِمَكِيلَةِ الطَّعَامِ فَإِنْ اشْتَرَتْهُ وَكَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَقِيمَةِ الطَّعَامِ رَجَعَتْ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ مِنْهُمَا رَجَعَتْ بِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَثَمَنِ الطَّعَامِ رَجَعَتْ بِمَكِيلَةِ الطَّعَامِ، وَأَمَّا إذَا كَفَّرَتْ بِالْعِتْقِ وَكَانَتْ الْمَعْتُوقَةُ عِنْدَهَا وَقِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ اشْتَرَتْ الرَّقَبَةَ وَكَانَ ثَمَنُهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ رَجَعَتْ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا وَمِنْ قِيمَتِهَا رَجَعَتْ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَالْمُرَادُ ثَمَنٌ مُعْتَادٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَقَلِّ لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ، بَلْ لِلْمُلَابَسَةِ وَالتَّقْدِيرُ رَجَعَتْ رُجُوعًا مُلْتَبِسًا بِالنَّظَرِ لِلْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَقِيمَةِ كَيْلِ الطَّعَامِ، وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ الْمَرْجُوعِ بِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: رَجَعَتْ بِمِثْلِ الطَّعَامِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَفَّرَتْ بِهِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُكَفِّرْ بِهِ بِالْفِعْلِ بِأَنْ كَانَتْ كَفَّرَتْ بِرَقَبَةٍ وَقِيمَتُهَا تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ فَإِنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ تُعْطِ طَعَامًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ تَرْجِعَ حِينَئِذٍ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ) وَالْمِثْلِيَّاتُ يُرْجَعُ فِيهَا بِالْمِثْلِ ظَاهِرٌ كَمَا قُلْنَا إذَا دَفَعَتْ طَعَامًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ) أَيْ: فَإِذَا اشْتَرَتْ طَعَامًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَتَرْجِعُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ عَشَرَةً وَالثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَرَجَعَتْ بِمِثْلِ الطَّعَامِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لَرَجَعَتْ بِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ. (تَنْبِيهٌ) : تُعْتَبَرُ قِيمَةُ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ يَوْمَ إذْنِهَا؛ لِأَنَّهَا مُسَلِّفَةٌ لَا يَوْمَ الرُّجُوعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ تَكْفِيرِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنَا لَهُ، بَلْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَنَعَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يُخَالِفُ مُقْتَضَى كَوْنِ تَكْفِيرِهِمَا عَنْهَا نِيَابَةً ك أَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ الْجَوَابَ، وَإِنَّمَا رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ وَلَمْ تَكُنْ كَالْحَمِيلِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَى أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ نَفْسِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا، بَلْ يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ أَنْزَلَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ إنْزَالَهَا دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا بِوَجْهٍ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا، وَلَا مَفْهُومَ لِلْقُبْلَةِ وَالْمُرَادُ أَكْرَهَهَا عَلَى مَا عَدَا الْجِمَاعَ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْجِمَاعِ هُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا . (ص) وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلٍ لِيُجَامِعَ قَوْلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى مُجَامَعَةِ شَخْصٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرَهِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - مُطْلَقًا وَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ - بِالْكَسْرِ - إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ - بِالْفَتْحِ - رَجُلًا وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً كَفَّرَ عَنْهَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ الْكَفَّارَةُ الْمُكْرِهَ - بِالْكَسْرِ - فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ - بِالْفَتْحِ - رَجُلًا نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ نَظَرًا لِإِكْرَاهِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: لِيُجَامِعَ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ لَا يُكَفِّرُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، ذَكَرَهُ س فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّ الْجِمَاعَ أَشَدُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِيمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى الشُّرْبِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَكْلُ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِانْتِشَارَ دَلِيلٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْمُكْرَهَ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - عَلَى الْأَكْلِ، أَوْ الشُّرْبِ لَا يُكَفِّرُ فَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ: " وَفِي تَكْفِيرِ " إلَخْ وَقَالَ وَعَنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا نِيَابَةً كَمُكْرِهِ امْرَأَةٍ عَلَيْهِ فَلَا يَصُومُ إلَخْ لَأَتَى بِالْمَشْهُورِ مَعَ كَوْنِهِ أَشْمَلَ مِمَّا ذَكَرَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ . (ص) لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا (ش) الْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ: بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ فَهُوَ مُحْتَرِزُهُ وَجَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يَذْكُرُ الْأَحْكَامَ وَيَعْطِفُ عَلَيْهَا مُحْتَرِزَاتِهَا كَقَوْلِهِ: وَشَرْطٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ لَا كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ؛ وَعَدَمِ نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ أَيْ: وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ لَا إنْ اسْتَنَدَ تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا ثُمَّ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا ظَانًّا الْإِبَاحَةَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إلَى قَوْلِهِ: فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ أَمْثِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ كَانَ شُبْهَةُ بَعْضٍ أَضْعَفَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ سِتَّةَ أَمْثِلَةٍ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَنْ كَانَ جُنُبًا، أَوْ حَائِضًا قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَاعْتَقَدَ أَنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَلْزَمُهُ فَأَفْطَرَ عَامِدًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) وَلَمْ يَحْكِ الْمُؤَلِّفُ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ عُذْرُ هَذَا أَضْعَفُ مِمَّا قَبْلَهُ؛ وَلِهَذَا يُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ فَظَنَّ أَنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَلْزَمُهُ فَأَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَامِدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:   [حاشية العدوي] وَغَيْرُ مَأْخُوذَةٍ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا) أَيْ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ إنْزَالَهَا دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا بِوَجْهٍ) أَيْ: بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ أَيْ: لَا بِاعْتِبَارِ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُخْتَارَةٍ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْوَجْهَ غَيْرُ الْإِنْزَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَإِنْ قِيلَ الْخِلَافُ لَا يَتَقَيَّدُ بِإِنْزَالِهِمَا مَعًا كَمَا قَرَّرْنَا، بَلْ إنْزَالُهَا فَقَطْ كَإِنْزَالِهِمَا فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا أُجِيبُ: بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَنْهَا فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَأْتِي هُنَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهٍ رَجُلٍ عَلَى قِرَاءَةِ كَسْرِ الرَّاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ شَارِحِنَا قِرَاءَةُ مُكْرِهٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ التَّكْفِيرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لِيُجَامِعَ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ إلَخْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقْرَأُ بِالْكَسْرِ وَحَمَلَهُ عب عَلَى فَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرَهٍ رَجُلٍ أَيْ: رَجُلٍ مُكْرَهٍ بِالْفَتْحِ لِيُجَامِعَ أَيْ: هَلْ يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ، أَوْ لَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا فِي الْجُمْلَةِ؟ قَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: وَضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ اتِّفَاقًا اهـ. وَهُوَ تَابِعٌ لِلْحَطَّابِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِي الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا: وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا. (تَنْبِيهٌ) : إنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً كَفَّرَ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَكْرَهَهَا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُكْرِهْ الرَّجُلَ كَفَّرَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَنْهَا فَقَطْ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ الْوَاطِئُ أَيْضًا: نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ: بَيْنَ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ: قَرِيبًا جِدًّا حَيْثُ قَالَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لَأَتَى بِالْمَشْهُورِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَقَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ أَشْمَلَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ امْرَأَةً أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَعِنْدَنَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَصَوْمُهُ صَحِيحٌ، وَمَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ خَارِجٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَعُذْرُ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي الْفِطْرِ فِيهِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فَيَكُونُ الصَّوْمُ بَاطِلًا، وَأَمَّا مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا عُذْرُهُ أَضْعَفُ مِنْ حَيْثُ إنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَمَا هُوَ بَاطِلٌ إلَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ الَّذِي هُوَ مُحْتَرَزٌ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ بِخِلَافِ عَطْفِهِ عَلَى تَعَمَّدَ فَلَا تَظْهَرُ مُقَابَلَتُهُ إلَّا لِقَوْلِهِ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا لَا لِمَا بَعْدَهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ) أَيْ: الْجَارِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ فِيهَا أَقْوَالًا ثَلَاثَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ) أَيْ: مُقَارِبَهُ، وَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا لِيُوَافِقَ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ إذْ فِيهِ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ أَيْ:، وَأَمَّا التَّسَحُّرُ قُرْبَهُ فَمِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ الْحَطَّابِ وَالْعُذْرُ فِي هَذَا أَضْعَفُ مِنْهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَمِنْهَا مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فِي رَمَضَانَ لَيْلًا فَاعْتَقَدَ أَنَّ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ صَوْمٌ، وَأَنَّ مِنْ شَرْطِ لُزُومِ الصَّوْمِ أَنْ يَقْدَمَ مِنْ سَفَرِهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ قَدِمَ لَيْلًا) وَعُذْرُهُ فِي هَذَا أَضْعَفُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ اهـ. وَمِنْهَا مَنْ سَافَرَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِرَعْيِ مَاشِيَةٍ مَثَلًا فَظَنَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا السَّفَرِ يُبِيحُ الْفِطْرَ فَبَيَّتَ الْفِطْرَ وَأَصْبَحَ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ مُفْطِرًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ) وَهَذَا عُذْرُهُ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ فَلَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ، وَمِنْهَا مَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ نَهَارًا صَبِيحَةَ ثَلَاثِينَ فَاعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ فِطْرٍ لِظَنِّهِ أَنَّ الْهِلَالَ اللَّيْلَةُ الْمَاضِيَةُ فَأَفْطَرَ عَامِدًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ رَآهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ رَأَى شَوَّالًا نَهَارًا) فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَقَوْلُهُ: (فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ السِّتَّةِ فَإِنْ عَلِمُوا الْحُرْمَةَ، أَوْ ظَنُّوهَا أَوْ شَكُّوا فِيهَا، أَوْ تَوَهَّمُوهَا كَفَّرُوا وَكَانُوا آثِمِينَ بِخِلَافِ مَنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ مِمَّنْ سَبَقَ فَالظَّاهِرُ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ اهـ. ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِي قَوْلِهِ:، أَوْ تَوَهَّمُوهَا نَظَرٌ إذْ مَنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ تَوَهَّمَ الْحُرْمَةَ . (ص) بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ (ش) إنْ شِئْت أَخْرَجْته مِمَّا قَبْلَهُ وَإِنْ شِئْت أَخْرَجْته مِنْ قَوْلِهِ: بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَقَوْلُهُ: بَعِيدِ التَّأْوِيلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ لِلتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ خَمْسَةَ أَمْثِلَةٍ مِنْهَا: مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ فَشَهِدَ بِذَلِكَ فَلَمْ يُقْبَلْ لِأَمْرٍ فَظَنَّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فِي صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَصْبَحَ مُفْطِرًا فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:. (ص) كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ (ش) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَمِنْهَا مَنْ عَادَتُهُ أَنْ تَأْتِيَهُ الْحُمَّى فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَأَصْبَحَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَأْتِيهِ فِيهِ مُفْطِرًا ثُمَّ إنَّ الْحُمَّى أَتَتْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَنْ عَادَتُهَا الْحَيْضُ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَأَصْبَحَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ طَاهِرَةً فَأَفْطَرَتْهُ ثُمَّ جَاءَهَا الْحَيْضُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لِحُمَّى ثُمَّ حُمَّ، أَوْ لِحَيْضٍ ثُمَّ حَصَلَ) وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُحَمَّ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ حَيْضٌ، وَمِنْهَا مَنْ احْتَجَمَ، أَوْ حَجَمَ غَيْرَهُ فَأَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ حِجَامَةٍ) خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْحَاجِمِ وَلَا عَلَى الْمُحْتَجِمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ، وَمِنْهَا مَنْ اغْتَابَ شَخْصًا فِي رَمَضَانَ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَبْطَلَ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ أَخِيهِ فَأَفْطَرَ عَامِدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يُعْذَرُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ غِيبَةٍ) وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ   [حاشية العدوي] الْقَضَاءُ بِدُونِ كَفَّارَةٍ وَقِيلَ: بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَثَالِثُهَا إنْ أَفْطَرَ لِجِمَاعٍ كَفَّرَ وَلِغَيْرِهِ لَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا) فِيهِ شَيْءٌ وَلَوْ جَعَلْنَا الْمُفَاعَلَةَ عَلَى بَابِهَا لَا يُوَافِقُ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا إلَخْ) أَيْ: كَوْنُهُ مِنْ الْبَعِيدِ وَإِنْ كَانَ الْحَطَّابُ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَمْلَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ) بِخِلَافِ الْفِطْرِ نَاسِيًا فَيُبْطِلُ الصَّوْمَ عِنْدَنَا، وَالْمُصْبِحُ جُنُبًا يَبْطُلُ صَوْمُهُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ: أَضْعَفُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) إذْ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ ذَهَبَ أَحَدٌ إلَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي رَمَضَانَ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَكَذَا مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا وَلَمْ نَقِفْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ هَذَا يُنَاقِضُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ (قَوْلِهِ فَالظَّاهِرُ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ) هَكَذَا نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَفِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَجَهْلٍ عَنْ الْجُزُولِيِّ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى شَيْءٍ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ بَعْدَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ، وَقُلْنَا: يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا جَوَازَ الْإِفْطَارِ كَذَا اُسْتُظْهِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَحَرَّرَهُ . (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت أَخْرَجْته مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا إنْ أَفْطَرَ إلَخْ، ثُمَّ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ: لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) يَقُولُ بِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ تَأْوِيلًا مِنْ الْقَادِمِ لَيْلًا وَمِمَّنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ. قَالَ عج وَهُوَ فِي هَذَا قَدْ اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ لِمَوْجُودٍ فَلَا يَكُونُ تَأْوِيلُهُ بَعِيدًا اهـ. أَيْ فَإِنَّهُ هُنَا اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا كَفَّارَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَرَآهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الْقَرِيبَ مَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ، وَالْبَعِيدَ بِخِلَافِهِ وَالِاسْتِنَادُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِجَامَةِ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ» أَيْ: فَذَلِكَ الْمُؤَوَّلُ يُبْقِي اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ: سَاغَ لَهُ الْفِطْرُ وَلَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ إنَّمَا الْمُرَادُ فَعَلَا سَبَبَ الْفِطْرِ، أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَصِّهِ الدَّمَ، وَأَمَّا الْمُحْتَجِمُ فَلِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: أَوْ غِيبَةٍ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَلُزُومِ الْقَضَاءِ تَلَازُمٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَزِمَ مَعَهُ الْقَضَاءُ إنْ كَانَتْ لَهُ) يَعْنِي: أَنَّ مِنْ لَازِمِ الْكَفَّارَةِ الْقَضَاءَ حَيْثُ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ لِلْمُكَفِّرِ لَا لِغَيْرِهِ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا عَلَى مَا مَرَّ، فَالْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا عَلَى الْمُكَفِّرِ إذْ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُكَفِّرِ لَا لِصَوْمِ رَمَضَانَ . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْكَفَّارَةِ وَشُرُوطِهَا وَكَانَ قَدْ قَدَّمَ ضَابِطًا لِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا ذَكَرَ لَهُ هُنَا ضَابِطًا بِالْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ:. (ص) وَالْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ بِمُوجِبِهَا (ش) وَالْمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي التَّطَوُّعِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ هُوَ الْفِطْرُ عَمْدًا بِلَا جَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ عَبَثَ بِنَوَاةٍ فِي فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْضِي فِي النَّفْلِ قَالَهُ تت قَوْلُهُ: فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ نَوَاةٌ أَيْ: غَلَبَةً، وَأَمَّا عَمْدًا فَهُوَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَإِيجَابُهُ الْكَفَّارَةَ فِي هَذَا بِالْغَلَبَةِ كَإِيجَابِهَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيَاكِ بِالْجَوْزَاءِ وَيَرِدُ عَلَى مَنْطُوقِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا مَنْ أَفْطَرَ فِي الْفَرْضِ لِوَجْهٍ كَوَالِدٍ وَشَيْخٍ أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي النَّفْلِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِحَسَبِ مَفْهُومِهِ يُفِيدُ أَنَّ مَا لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَمَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ وَيَقْضِي فِي النَّفْلِ (ص) وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ وَذُبَابٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْقَيْءَ إذَا غَلَبَ عَلَى الصَّائِمِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ خَرَجَ مُتَغَيِّرًا أَمْ لَا مِنْ عِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءٍ وَتَقَدَّمَ مَفْهُومُ " غَالِبِ " وَكَذَا لَا قَضَاءَ فِي دُخُولِ غَالِبِ ذُبَابٍ وَبَعُوضٍ لِلْمَشَقَّةِ، وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: غَالِبِ قَيْءٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: الْقَيْءِ الْغَالِبِ، وَغَيْرُ الذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ لَيْسَ مِثْلَهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ مِنْ أَنَّ الصَّائِمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُ إلَى حَلْقِهِ فَلَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَأَشْبَهَ رِيقَ الْفَمِ . (ص) وَغُبَارِ طَرِيقٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ غُبَارَ الطَّرِيقِ إذَا دَخَلَ فِي حَلْقِ الصَّائِمِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. (ص) ، أَوْ دَقِيقٍ، أَوْ كَيْلٍ، أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ (ش) أَيْ:، وَكَذَلِكَ لَا قَضَاءَ فِي غُبَارِ دَقِيقٍ، أَوْ جِبْسٍ، أَوْ دِبَاغٍ أَوْ كَتَّانٍ لِصَانِعٍ مَا ذَكَرَ، وَإِهْمَالُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَيْدَ الصِّنَاعَةِ فِي الدَّقِيقِ اعْتَرَضَهُ الْمُؤَلِّفُ وَقَوْلُهُ:، أَوْ كَيْلٍ أَيْ: مَكِيلٍ مِنْ جَمِيعِ الْحُبُوبِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ:، أَوْ " جِبْسٍ " مَنْ يَكِيلُهُ وَمَنْ يَطْحَنُهُ وَمَنْ يَرْفَعُهُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ وَهَذَا إنْ خُصَّ قَوْلُهُ:، أَوْ كَيْلٍ بِالْحُبُوبِ كَمَا صَنَعَهُ بَعْضُهُمْ وَإِلَّا فَيَدْخُلُ فِيهِ كَيْلُ الْجِبْسِ. (ص) وَحُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ وَدُهْنِ جَائِفَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحُقْنَةَ، وَلَوْ بِمَائِعٍ مِنْ الْإِحْلِيلِ: وَالْمُرَادُ بِهِ عَيْنُ الذَّكَرِ لَا قَضَاءَ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَشْمَلُ فَرْجَ الْمَرْأَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُقْنَةِ أَنَّ فِيهَا الْقَضَاءَ مِنْ دُبُرِ، أَوْ فَرْجِ امْرَأَةٍ، وَكَذَالِكَ لَا قَضَاءَ فِي دُهْنِ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِلْ إلَى أَمْعَائِهِ أَيْ: لَمْ يَصِلْ إلَى مَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إذْ لَوْ وَصَلَ لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ . (ص) وَمَنِيٍّ مُسْتَنْكَحٍ، أَوْ مَذْيٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَنِيَّ الْمُسْتَنْكَحَ أَيْ الْكَثِيرَ، وَالْمَذْيَ الْمُسْتَنْكَحَ أَيْ الْكَثِيرَ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَةُ قَوْلِهِ: وَمَنِيٍّ بِالتَّنْوِينِ أَيْ: وَمَنِيٍّ مُسْتَنْكَحٍ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَبِالْإِضَافَةِ أَيْ وَمَنِيِّ شَخْصٍ   [حاشية العدوي] قَالَ الْحَطَّابُ وَلَوْ جَرَى فِي هَذَا مِنْ الْخِلَافِ مَا جَرَى فِي الْحِجَامَةِ مَا بَعُدَ لَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهَا إلَّا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَدْ قَدِمَ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَكُلُّ فِطْرٍ عَمْدًا حَرَامٌ فِي النَّفْلِ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَقَوْلُهُ: مُطَّرِدًا إلَخْ أَيْ: إلَّا إذَا كَانَ الْفِطْرُ بِوَجْهٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ، غَلَبَةً إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ إذْ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَسْأَلَةَ، وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَمْدِ أَيْ: نَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ عَمْدًا وَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ إلَّا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ وَإِيجَابُهُ الْكَفَّارَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا نَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ عَمْدًا فَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ وَلَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَوْلَى فِي النَّفْلِ إذَا كَانَ غَلَبَةً، وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَالْقَضَاءُ فَقَطْ أَيْ: فِي حَالَةِ الْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ وَيَرِدُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: وَلَا يَرِدُ مَسَائِلُ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ مَسَائِلَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ لَا قَضَاءَ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَبَعُوضٍ) أَيْ: النَّامُوسَةِ وَقَوْلُهُ: وَالذُّبَابُ يَطِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ الْبَعُوضُ (قَوْلُهُ وَغُبَارِ طَرِيقٍ) وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْغُبَارُ، وَأَمَّا غُبَارُ غَيْرِ الطَّرِيقِ فَالْقَضَاءُ فِي دُخُولِهِ فِي حَلْقِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَانْظُرْ إذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ حَائِلٍ عَلَى فِيهِ هَلْ يَلْزَمُ بِوَضْعِهِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَانْظُرْ إذَا اُحْتِيجَ لِكَنْسِ الْبَيْتِ هَلْ يُغْتَفَرُ مَا وَصَلَ لِلْحَلْقِ مِنْ غُبَارٍ، أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: أَوْ دِبَاغٍ، أَوْ كَتَّانٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، أَوْ غُبَارِ دِبَاغٍ، أَوْ كَتَّانٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي عِبَارَةٍ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ طَعْمَ الدِّبَاغِ كَغُبَارِ الدَّقِيقِ اهـ. فَهَذَا إنْ حُمِلَ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ يُقَدَّرُ: وَطَعْمِ دِبَاغٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي كَتَّانٍ أَيْ: طَعْمِ كَتَّانٍ لِمَنْ يَغْزِلُهُ إلَّا أَنَّ ابْنَ قَدَّاحٍ أَفْتَى بِأَنَّ غَزَّالَةَ الْكَتَّانِ إذَا وَجَدَتْ طَعْمَ مُلُوحَتِهِ فِي حَلْقِهَا بَطَلَ صَوْمُهَا، ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: فِي دُهْنِ الْجَائِفَةِ) الْجَائِفَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: مَا أَفْضَى مِنْ الْجِرَاحَاتِ إلَى الْجَوْفِ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ، الْكَثِيرَ) أَيْ: بِأَنْ يَكْثُرَ مَجِيئُهُ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ، أَوْ فِكْرٍ مِنْ غَيْرِ تَتَابُعٍ فَإِنْ قَلَّ مَجِيئُهُ أَوْ تَسَاوَى هُوَ وَعَدَمُهُ فَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَيَقْرَأُ الْمُصَنِّفُ بِكَسْرِ الْكَافِ (قَوْلُهُ: وَبِالْإِضَافَةِ) وَعَلَيْهَا فَالْكَافُ مَفْتُوحَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 مُسْتَنْكِحٍ: رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الْمَذْيِ بِمُسْتَنْكَحٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَيْدُ أَيْضًا فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ . (ص) وَنَزْعِ مَأْكُولٍ، أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ فَرْجٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فَعَلَ مَا ذُكِرَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يُمْسِكُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ لَمْ يَتَمَضْمَضْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَالِكَ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ يُجَامِعُ فَنَزَعَ فَرْجَهُ مِنْ فَرْجِ مَوْطُوءَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: طُلُوعَ الْفَجْرِ أَيْ: مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْ: فِي الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لِلْفَجْرِ سَوَاءٌ قُلْنَا: النَّزْعُ وَطْءٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ تت وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِوَطْءٍ إلَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: طُلُوعَ الْفَجْرِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَزَعَ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ نَازِعًا فِي النَّهَارِ فَلَا يَتَأَتَّى الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ . (ص) وَجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الصَّائِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَسَوَّكَ كُلَّ النَّهَارِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِخَبَرِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» فَعَمَّ الصَّائِمَ وَغَيْرَهُ، وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ - بِضَمِّ الْخَاءِ - أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَلَا دَلِيلَ عَلَى كَرَاهَتِهِ؛ لِأَنَّ الْخُلُوفَ هُوَ مَا يَحْدُثُ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ وَذَلِكَ لَا يُذْهِبُهُ السِّوَاكُ انْتَهَى لَا يُقَالُ: وَإِنْ لَمْ يُذْهِبْهُ فَيُخَفِّفُهُ وَهُوَ أَثَرُ عِبَادَةٍ فَلَا يَنْبَغِي إزَالَتُهَا وَلَا تَخْفِيفُهَا كَدَمِ الشُّهَدَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ فَيُسْتَحَبُّ تَطْيِيبُ فَمِهِ بِخِلَافِ الشَّهِيدِ، وَمَعْنَى طِيبِهِ عِنْدَ اللَّهِ رِضَاهُ بِهِ وَثَنَاؤُهُ عَلَى الصَّائِمِ وَالرِّضَا بِفِعْلِهِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالسِّوَاكُ يُبَاحُ كُلَّ النَّهَارِ بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَيُكْرَهُ بِالرَّطْبِ لِمَا يَتَحَلَّلُ فَإِنْ تَحَلَّلَ وَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ فَكَالْمَضْمَضَةِ انْتَهَى، وَأَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمُحَرَّمَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَائِزَاتِ مُسْتَحَبٌّ كَالسِّوَاكِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ، وَصَوْمِ الدَّهْرِ، وَبَعْضُهُ مَكْرُوهٌ كَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ وَبَعْضُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَالْإِصْبَاحِ بِالْجَنَابَةِ، بَعْضُهُ جَائِزٌ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ كَالْمَضْمَضَةِ لِلْعَطَشِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَصَبُّ الْجَوَازِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَوْلُهُ: كُلَّ النَّهَارِ أَيْ: وَجَازَ سِوَاكٌ لِغَيْرِ مُقْتَضٍ شَرْعِيٍّ، وَأَمَّا لِمُقْتَضٍ شَرْعِيٍّ كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَنَزْعِ مَأْكُولٍ) وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ، أَوْ مَذْيٌ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ فِكْرٍ مُسْتَدَامٍ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ فِي الْأَوَّلِ، وَالْقَضَاءُ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِي الْجُزْءِ الْمُلَاقِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجُزْءَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ شَيْءٌ، فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي حَالِ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا قَبْلَهُ قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا بِالرَّطْبِ فَيُكْرَهُ مَا نَصُّهُ تَفْرِيعُ ظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ فِي نَزْعِ الْمَأْكُولِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْفَجْرِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى مَضْمَضَةٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ يَأْكُلُ فَلْيُلْقِ مَا فِي فِيهِ وَيَنْزِلْ عَنْ امْرَأَتِهِ إنْ كَانَ يَطَأُ وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يُخَضْخِضَ الْوَاطِئُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي رَدِّ حَلِّ الشَّارِحِ التَّابِعِ فِيهِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ نَازِعًا فِي النَّهَارِ) لَا يُسَلَّمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نَازِعًا فِي النَّهَارِ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حَالَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: طُلُوعِ الْفَجْرِ نَفْسُ الطُّلُوعِ وَلَا يَحْتَاجُ لِكَلَامِ تت (قَوْلُهُ: لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ) أَيْ: أَمْرُ وُجُوبٍ وَإِلَّا فَأَمْرُ النَّدْبِ حَاصِلٌ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْخَاءِ) وَأَمَّا فَتْحُهَا فَهُوَ خَطَأٌ وَقِيلَ لُغَةً (قَوْلُهُ:، وَذَلِكَ لَا يُذْهِبُهُ السِّوَاكُ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ خُلُوُّ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَثَرُ عِبَادَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ الصَّوْمِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُنْظَرَ لِكَوْنِهِ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ فَيَكُونُ الْفَمُ طَيِّبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبِيثًا مَعَ كَوْنِهِ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ (قَوْلُهُ: كَدَمِ الشُّهَدَاءِ) أَثَرِ عِبَادَةٍ وَهِيَ الْجِهَادُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ) أَيْ: يُخَاطِبُ رَبَّهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَطْيِيبُ فَمِهِ فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ فَيَكُونُ الْفَمُ طَيِّبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبِيثًا مَعَ كَوْنِهِ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى طِيبِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ اسْتِطَابَةِ الرَّوَائِحِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِطَابَتَهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ سُرُورٌ بِذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ رِضَاهُ، وَرِضَا اللَّهِ عِبَارَةٌ عَنْ إنْعَامِهِ أَوْ إرَادَةِ إنْعَامِهِ فَهُوَ صِفَةُ فِعْلٍ أَوْ ذَاتٍ هَذَا عِنْدَ الْخَلَفِ، وَأَمَّا عِنْدَ السَّلَفِ فَيُفَوَّضُ الْأَمْرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي مَعْنَاهُ مَعَ تَنْزِيهِ الْمَوْلَى عَنْ اسْتِطَابَةِ الرَّوَائِحِ، وَقَوْلُهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَى الصَّائِمِ أَيْ: بِكَلَامِهِ الْقَدِيمِ وَقَوْلُهُ: وَالرِّضَا بِفِعْلِهِ أَيْ: فِعْلِ السِّوَاكِ يُرَادُ بِالسِّوَاكِ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ، وَيُرَادُ بِالْفِعْلِ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ إنَّ: مَدْحَهُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَتِهِ لَا أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَفْضَلَ مِنْ الْفَجْرِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَكَمْ مِنْ عِبَادَةٍ أَثْنَى الشَّرْعُ عَلَيْهَا مَعَ فَضْلِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالسِّوَاكُ مُبَاحٌ) بِمَعْنَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ) أَيْ: بِآلَةٍ لَا يَتَحَلَّلُ (قَوْلُهُ: لِمَا يَتَحَلَّلُ) أَيْ: لِحُصُولِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ (قَوْلُهُ: فَكَالْمَضْمَضَةِ) إنْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ عَمْدًا كَفَّرَ، وَغَلَبَةً قَضَى فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَالسِّوَاكِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ) كَحُصُولِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ بِوَقْتِ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ، وَأَمَّا بَعْدَ الزَّوَالِ فَجَائِزٌ وَلَوْ لِصَلَاةٍ وَوُضُوءٍ قَرَّرَهُ عج، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَبْلَ الزَّوَالِ يُنْدَبُ وَلَكِنْ يَتَأَكَّدُ بِوَقْتِ صَلَاةٍ أَوْ وُضُوءٍ، أَوْ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ مُبَاحٌ مُطْلَقًا بِوَقْتِ صَلَاةٍ، أَوْ وُضُوءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: مَصَبُّ الْجَوَازِ قَوْلُهُ: كُلَّ النَّهَارِ) أَيْ: أَنَّ الْمَصَبَّ مُتَعَلِّقٌ بِالْكُلِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِمُقْتَضٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنَّ هَذَا الْعُمُومَ هُوَ الَّذِي قَالَهُ التَّاجُورِيُّ وَظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ وَشَارِحُهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (فَائِدَةٌ) يَجِبُ السِّوَاكُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 وَالذِّكْرِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ، السِّوَاكُ يُطْلَقُ عَلَى الْآلَةِ وَالْفِعْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِيَاكُ بِبَعْضِ الْآلَاتِ، وَأَمَّا الِاسْتِيَاكُ الْمُحَرَّمُ وَهُوَ الِاسْتِيَاكُ بِالْجَوْزَاءِ فَقَدْ قَدَّمَهُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ إطْلَاقٌ . (ص) مَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ (ش) أَيْ:، وَكَذَالِكَ تَجُوزُ الْمَضْمَضَةُ لِلصَّائِمِ لِأَجْلِ عَطَشٍ أَوْ حَرٍّ أَصَابَهُ، أَوْ نَحْوِهِمَا وَلِغَيْرِ: كَعَطَشٍ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا. (ص) وَإِصْبَاحٌ بِجِنَايَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَعَمَّدَ تَرْكَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فِي رَمَضَانَ إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ، وَالْجَوَازُ هُنَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ . (ص) وَصَوْمُ دَهْرٍ (ش) الْجَوَازُ هُنَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ إذْ صَوْمُ الدَّهْرِ مُسْتَحَبٌّ، قَالَ مَالِكٌ سَرْدُ الصَّوْمِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ إذَا لَمْ يَضْعُفْ بِسَبَبِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَإِنْ ضَعُفَ فَالْفِطْرُ وَالصَّوْمُ اهـ. (ص) وَجُمُعَةٍ فَقَطْ (ش) يَعْنِي:، وَكَذَلِكَ بِجَوَازِ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُفْرَدًا لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَرَأَيْت بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَرَاهُ يَتَحَرَّاهُ وَمَا سَمِعْت مَنْ يُنْكِرُ صِيَامَهُ مُفْرَدًا اهـ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إذْ لَيْسَ لَنَا صِيَامٌ جَائِزٌ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ . (ص) وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ وَإِلَّا قَضَى، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَلَا كَفَّارَةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ كَفِطْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِفِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَائِدٌ عَلَى السَّفَرِ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ بِالْفِعْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَائِدٌ عَلَى الصِّيَامِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَائِدٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفِطْرُ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ إذَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ فَإِنْ شَرَعَ بَعْدَ الْفَجْرِ، أَوْ نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ قَضَى، وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا وَلَا كَفَّارَةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ يُرِيدُ صَوْمَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، كَمَا لَوْ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ مَحَلَّ إقَامَتِهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْفِطْرَ يَجُوزُ فِي السَّفَرِ لَكِنْ جَوَازًا غَيْرَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ الصَّوْمُ أَفْضَلُ وَالْفِطْرُ مَكْرُوهٌ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا خَاصٌّ بِرَمَضَانَ   [حاشية العدوي] إذَا تَوَقَّفَ زَوَالُ مُبِيحٍ تَخَلَّفَ عَنْ جُمُعَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَنْدُوبٌ) أَيْ: مُتَأَكِّدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السِّوَاكَ بِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ جَائِزٌ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْجُزْئِيَّاتِ مَكْرُوهٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا لَوْ أَرَدْنَا بِالسِّوَاكِ الْآلَةَ، فَإِذَا أَرَدْنَا بِهِ الْفِعْلَ فَلَا يَرِدُ (أَقُولُ) : وَهَذَا لَا يَظْهَرُ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا) أَيْ: وُقُوعًا فِي الْغَرَرِ بِاحْتِمَالِ سَبْقِ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى الْحَلْقِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى بَابِهِ) ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ) وَلَا يَرِدُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضٍ يُنَاسِبُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَعُفَ فَالْفِطْرُ وَالصَّوْمُ) فَتَارَةً يُفْطِرُ وَتَارَةً يَصُومُ وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى جَوَازِهِ مُسْتَوِيًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَرَاهَتِهِ وَنَدْبِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا سَمِعْت مَنْ يُنْكِرُ صِيَامَهُ) كَيْفَ هَذَا مَعَ حَدِيثِ «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ» وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَقْدِيمِ الْعَمَلِ عَلَى الْحَدِيثِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: وَفِطْرٍ بِسَفَرِ قَصْرٍ) قَالَ الشُّرَّاحُ أَيْ: تَبْيِيتُهُ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ شَرَعَ فِيهِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ لِلْفِطْرِ بِالسَّفَرِ شُرُوطًا أَرْبَعَةً، ثُمَّ إنَّ الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ مِنْهَا مَا يَعُمُّ يَوْمَ السَّفَرِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُمَا قَوْلُهُ: سَفَرِ قَصْرٍ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ، وَمِنْهَا مَا يَخُصُّهُ دُونَ مَا بَعْدَهُ وَهُمَا الْأَوْسَطَانِ الْمُشَارُ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ شَرَعَ فِيهِ، وَبِقَوْلِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَا يُغْنِي عَنْ الرَّابِعِ قَوْلُهُ: قَبْلَهُ شَرَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيَرْجِعَ لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَضَى) وَمَعْنَى كَوْنِ الْأَوَّلِ شَرْطًا فِي يَوْمِ السَّفَرِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا يُبَيِّتُ الْفِطْرَ فِي يَوْمِ السَّفَرِ وَلَا فِي غَيْرِهِ إلَّا إذَا كَانَ السَّفَرُ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَمَعْنَى كَوْنِ الرَّابِعِ شَرْطًا فِي يَوْمِ السَّفَرِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ مَتَى بَيَّتَ الصَّوْمَ امْتَنَعَ فِطْرُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ شَرْطٌ تَرَكَهُ لِفَهْمِهِ مِنْ السِّيَاقِ وَهُوَ كَوْنُهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا يُجْزِئُ فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ كَذَا ذَكَرُوا. (أَقُولُ) إذَا كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَفِطْرٍ بِسَفَرِ قَصْرٍ بِمَعْنَى تَبْيِيتِ الْفِطْرِ فِيهِ صَارَ نَفْسَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ فَلَا مَعْنَى لِعَدِّهِ شَرْطًا فَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُرَادَ بِالْفِطْرِ مَا يَشْمَلُ الْفِطْرَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَمَا يَشْمَلُ التَّبْيِيتَ فَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: وَفِطْرٍ بِسَفَرِ قَصْرٍ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْفِطْرَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ تَبْيِيتِ نِيَّةِ الصَّوْمِ، وَبِمَعْنَى النِّيَّةِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَيَّتَ الْفِطْرَ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي السَّفَرِ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ فِي ثَمَانِ صُوَرٍ أَفْطَرَ بِالْفِعْلِ، أَوْ لَا مُتَأَوِّلًا، أَوْ لَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَأَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا كَفَّارَةَ مُتَأَوِّلًا، أَوْ لَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَتَارَةً يُبَيِّتُ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَلَكِنْ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ لَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُسَافِرَ مِنْ يَوْمِهِ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا كَفَّرَ فِيهِمَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَأَفْطَرَ قَبْلَ الْعَزْمِ عَلَى السَّفَرِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا مُتَأَوِّلًا، أَوْ لَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَشَرَعَ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَهَذَا إنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ كَفَّرَ مُطْلَقًا تَأَوَّلَ، أَوْ لَا كَمَا إذَا كَانَ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ وَبَيَّتَ الصَّوْمَ فِيهِ ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا تَأَوَّلَ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَبَقِيَ مَعَنَا مَا أَشَارَ لَهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ كَفِطْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَيْ: نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ، ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ دُخُولِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا تَأَوَّلَ أَمْ لَا وَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 وَلَا يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ، أَوْ قَتْلٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَضَى، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَوْجَبُوا الْقَضَاءَ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى مَنْ طَرَأَ لَهُ السَّفَرُ وَهُوَ صَائِمٌ مُتَطَوِّعٌ فَأَفْطَرَ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يُفْطِرَ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَغَيْرُهُ مِمَّا لَيْسَ بِرَمَضَانَ أَوْلَى، وَأَيْضًا فِطْرُ الْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ رُخْصَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنْ يَصِلَ إلَى مَحَلِّ بَدْءِ الْقَصْرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ إلَخْ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ وَلَمْ يُسَافِرْ بِالْفِعْلِ أَوْ سَافَرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِمَحَلِّ بَدْءِ الْقَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَهَذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ . (ص) وَبِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ، أَوْ تَمَادِيهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِسَفَرِ قَصْرٍ، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: وَجَازَ الْفِطْرُ بِسَبَبِ مَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ وَمِنْهُ حُدُوثُ عِلَّةٍ، أَوْ تَمَادِيهِ بِالصَّوْمِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: زِيَادَةَ نَوْعِهِ بِأَنْ تَحْدُثَ لَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ، أَوْ أَنْ يَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:. (ص) وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى (ش) أَيْ: مَشَقَّةً عَظِيمَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فَمُجَرَّدُ الْخَوْفِ كَافٍ فِي وُجُوبِ الْفِطْرِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَهُوَ الْهَلَاكُ، أَوْ شَدِيدُ الْأَذَى . (ص) كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ، أَوْ غَيْرُهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَامِلَ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَافَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ، أَوْ مَرَضٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ حَيْثُ خَشِيَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَشِيَتْ عَلَيْهِ مَرَضًا، أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا، أَوْ يَقْبَلُ وَلَكِنْ لَا تَجِدُ مَنْ تَسْتَأْجِرُهُ، أَوْ تَجِدُ وَلَكِنْ لَا مَالَ هُنَاكَ وَلَا تَجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ مَجَّانًا وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَنَّ خَوْفَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَبِمَرَضٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِهِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُمْكِنْهَا صِفَةٌ لِمُرْضِعٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ الِاسْتِئْجَارِ وَهُوَ رَضَاعُهَا بِنَفْسِهَا، أَوْ مَجَّانًا أَيْ: لَا يُمْكِنُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] أَيْ: لَا تُطِعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: خَافَتَا إلَخْ صِفَةٌ لَهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ لِمُجَرَّدِ الْجَهْدِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ لَهُمَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ. (ص) وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ هَلْ مَالُ الْأَبِ، أَوْ مَالُهَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: سَابِقًا لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهَا الصَّوْمُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَفَقَتِهِ حَيْثُ سَقَطَ رَضَاعُهُ عَنْ أُمِّهِ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا لَوْلَا الصَّوْمُ ثُمَّ إنْ عَدِمَ مَالَهُ وَوَجَدَ مَالَ الْأَبَوَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ فِي مَالِ الْأَبِ: قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ التُّونُسِيُّ، أَوْ مَالِهَا حَيْثُ يَجِبُ رَضَاعُهُ عَلَيْهَا وَهَذَا بَدَلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ تَأْوِيلَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْ النَّقْلِ هُنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ يَجِبُ الرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ وَإِلَّا فَيَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ فِي مَالِ الْأَبِ . (ص) وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ الْمُسْتَتِرِ لِطُولِ الْفَصْلِ وَمَصَبُّ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: بِالْعَدَدِ أَيْ: وَوَجَبَ الْفِطْرُ إنْ خَافَ هَلَاكًا إلَخْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ بِالْعَدَدِ سَوَاءٌ صَامَ بِالْهِلَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ذَلِكَ إنْ صَامَ بِالْعَدَدِ وَإِنْ صَامَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ تَخَلَّفَتْ الشُّرُوطُ، أَوْ بَعْضُهَا قَضَى وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَخَلَّفَتْ الشُّرُوطُ، أَوْ بَعْضُهَا، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا لَكِنْ أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقًا عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِطْرٍ الْمُرَادُ بِهِ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَلَا كَفَّارَةَ وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: فُهِمَ مِنْهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا فِي الْفِطْرِ بِالْفِعْلِ فَلَا يُمْنَعُ أَنْ يُقَالَ الْفِطْرُ فِي الْكَفَّارَةِ بِمَعْنَى التَّبْيِيتِ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ: وَأَيْضًا فِطْرُ رَمَضَانَ إلَخْ هَذَا يَظْهَرُ فِي الْفِطْرِ بِمَعْنَى التَّبْيِيتِ (قَوْلُهُ: خَافَ زِيَادَتَهُ) إمَّا بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَارِفٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ، أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ بِتَجْرِبَةٍ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا خَافَ بِصَوْمِهِ الْهَلَاكَ، أَوْ شِدَّةَ الْأَذَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَالْجَهْدُ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَلَوْ لِلصَّحِيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَطَّابِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُبِيحُ ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ (ثُمَّ أَقُولُ) : وَلَمْ أَرَ فِيمَا بِيَدَيَّ مِنْ الْمَوَادِّ مَا الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ هَلْ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ وَالظَّنَّ، أَوْ الظَّنَّ فَمَا فَوْقَهُ؟ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الظَّنُّ فَمَا فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: زِيَادَةَ نَوْعِهِ) أَيَّ صِنْفٍ مِنْ نَوْعِهِ وَأَقُولُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ، بَلْ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَشْمَلَ اشْتِدَادَ ذَلِكَ الضَّعْفِ، أَوْ حُدُوثَ صِنْفٍ آخَرَ مِنْ نَوْعِهِ. (تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِمَرَضٍ أَنَّ خَوْفَ أَصْلِ الْمَرَضِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ وَالْآخَرُ يَجُوزُ اهـ. (أَقُولُ) : حَيْثُ كَانَ يَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: حُدُوثَ عِلَّةٍ) كَزَمَانَةٍ فَهِيَ غَيْرُ الْمَرَضِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ مَرِيضَةٌ بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ قَدْ قَالَ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْإِجَارَةَ فَيَبْدَأُ بِمَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَالُ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَالُ الْأُمِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَالَ الْأَبِ مُقَدَّمٌ، الَّذِي هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 بِالْهِلَالِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الشَّهْرُ سَوَاءٌ وَافَقَتْ عِدَّةُ أَيَّامِهِ عِدَّةَ رَمَضَانَ، أَوْ نَقَصَ عَدَدُ الْقَضَاءِ عَنْهُ، وَيَجِبُ تَكْمِيلُهُ إنْ كَانَتْ أَيَّامُ شَهْرِ الْقَضَاءِ أَكْثَرَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: وَأَجْزَأَهُ مَا بَعْدَهُ بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الِالْتِبَاسِ، وَلَا يُقَالُ لِلْعَامِّ إنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ الْخَاصِّ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا كَفَى؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَقَدَّمَهُ لِبَيَانِ الْحُكْمِ. (ص) بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي زَمَنٍ يُبَاحُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا فَلَا يَجُوزُ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صَوْمِهَا كَيَوْمَيْ الْعِيدِ وَتَالِي النَّحْرِ، وَلَا فِيمَا كُرِهَ صَوْمُهُ كَرَابِعِ النَّحْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، أَوْ وَجَبَ كَمَنْذُورِهِ بِعَيْنِهِ وَرَمَضَانَ كَمَا قَالَهُ (س) ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ لِلْمَاضِي كَفَّارَةٌ صُغْرَى قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَعَ الْكَفَّارَةِ الْكُبْرَى عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِلثَّانِي لِفِطْرِهِ فِيهِ عَمْدًا إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا كَفَّارَةَ أَيْ: كُبْرَى؛ لِأَنَّهُ صَامَهُ وَلَمْ يُفْطِرْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ شَامِلًا لِرَمَضَانَ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ: (غَيْرَ رَمَضَانَ) فَلَا يَقْضِي مُسَافِرٌ رَمَضَانَ الْمَاضِيَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَلَا يَنْتَقِضُ قَوْلُهُ: أُبِيحَ صَوْمُهُ بِيَوْمِ الشَّكِّ فَإِنَّ صَوْمَهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ مَعَ أَنَّهُ يُصَامُ قَضَاءً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ مُبَاحٌ وَالْحُرْمَةُ، أَوْ الْكَرَاهَةُ إنَّمَا عَرَضَتْ لَهُ مِنْ حَيْثُ الِاحْتِيَاطُ (ص) وَتَمَامُهُ إنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ (ش) أَيْ:، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ صَوْمًا فَشَرَعَ فِيهِ وَجَبَ بِالشُّرُوعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَمَامُهُ إنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ سُقُوطُهُ بِوَجْهٍ وَوَجَبَ قَضَاؤُهُ إنْ أَفْطَرَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ قَضَاءَهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَهُوَ ظَاهِرُ حَلِّ الشَّارِحِ وَحَلِّ تت بِرَمَضَانَ لَا يَدْفَعُ الْعُمُومَ إذْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ. (ص) وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ فِي الْقَضَاءِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَإِنَّ فِي وُجُوبِ قَضَائِهِ وَشَهْرٍ فَيَلْزَمُهُ صِيَامُ يَوْمَيْنِ: الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، أَوْ بِالْفِطْرِ فِي التَّطَوُّعِ، وَيَوْمٍ لِفِطْرِهِ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ تَسَلْسَلَ وَعَدَمِ وُجُوبِ قَضَائِهِ وَشُهِرَ خِلَافٌ فَإِنْ قِيلَ: التَّطَوُّعُ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا لَا يَقْضِي فَلِمَ لَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهُ كَهُوَ بَلْ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَضَاءَ التَّطَوُّعِ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِهِ فَلِذَلِكَ قَوِيَ . (ص) وَأَدَبُ الْمُفْطِرِ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا (ش) أَدَبُ - بِضَمِّ الْبَاءِ - فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ الْمُتَقَدِّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُرِئَ بِالْفِعْلِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْوُجُوبِ بَلْ يُشْعِرُ بِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، أَوْ نَافِلَةٍ عَمْدًا بِأَكْلٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَيَلْزَمُهُ   [حاشية العدوي] الْقَوْلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهُ لِبَيَانِ الْحُكْمِ) أَيْ: بَيَانِهِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: يُبَاحُ صَوْمُهُ) أَيْ: تَطَوُّعًا هَذَا مَعْنَاهُ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ تَطَوُّعًا وَيُفَسِّرُ إبَاحَةَ الصَّوْمِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَعَدَمِ النَّهْيِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا كُرِهَ صَوْمُهُ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَضَاءُ لَكِنْ قَالَ فِي الشَّامِلِ: فَإِنْ وَقَعَ فِي يَوْمِ عِيدٍ لَمْ يُجْزِهِ كَالْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِتَشْهِيرِ مَا شَهَرَهُ فِي الشَّامِلِ وَصَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ بِتَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ) ذَكَرَ عب فِي آخِرِ الْبَابِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَعَلَيْهِ لِلْخَارِجِ إطْعَامٌ حَيْثُ فَرَّطَ اهـ. أَيْ وَقَوْلُهُ: الْآخَرُ أَنَّهُ يَقْضِي وَعَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَجَّحَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا صَوَّبَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) قَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، أَوْ تَأْوِيلٍ) أَمَّا التَّأْوِيلُ فَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْجَهْلُ كَأَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ كَلَامِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ إنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ يَظُنُّهَا عَلَيْهِ تَبَيَّنَ لَهُ صَلَاتُهَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ شَفْعٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَقَدَ رَكْعَةً فِي الْعَصْرِ يَخْرُجُ عَنْ شَفْعٍ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَإِلَّا فَلَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَصْرَ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا فَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَجَّ، أَوْ الْعُمْرَةَ فَشَرَعَ فِيهِمَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ فِعْلُهُمَا فَإِنَّهُ يُتِمُّهُمَا، لِأَنَّهُمَا لَا يَرْتَفِضَانِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ بِالشُّرُوعِ عَلَيْهِ تَمَامُهُ) فَلَوْ خَالَفَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَأَفْطَرَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عِنْدَ ابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجِبُ وَعَلَيْهِمَا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) الْمُعْتَمَدُ قَصْرُهُ عَلَى الْعَمْدِ كَمَا يُفِيدُهُ الْقَرَافِيُّ (فَإِنْ قُلْت) الْقَوْلُ بِعَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ فِيمَنْ تَعَمَّدَ فِطْرَهُ؛ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ قَضَائِهِ بِفِطْرِهِ نَاسِيًا كُلٌّ مِنْهُمَا مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنَّ صَوْمَ الْقَضَاءِ فَرْضٌ (قُلْت) : لَمَّا وَجَبَ قَضَاءُ الْأَصْلِ بِغَيْرِهِ وَأَلْغَى اعْتِبَارَهُ لِحُصُولِ الْفِطْرِ فِيهِ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا فِي كَوْنِهِ قَضَاءً عَنْ الْأَصْلِ وَنَائِبًا عَنْهُ لَمْ يُطْلَبْ قَضَاؤُهُ وَفَارَقَ النَّفَلَ فِي وُجُوبِ قَضَائِهِ بِالْفِطْرِ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَائِبًا عَنْ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا قُصِدَ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ فِطْرِهِ عَمْدًا فِي قَضَائِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ، بَلْ لِلنِّيَابَةِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَمْدًا) أَيْ: الْمُفْطِرُ فِي حَالِ تَعَمُّدِهِ يُؤَدَّبُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَأْدِيبُهُ وَصَارَ مُحْتَمِلًا لَأَنْ يَجُوزَ تَأْدِيبُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْدِيبُهُ فَالْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِالْفِعْلِ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْوُجُوبِ، بَلْ يُشْعِرُ بِهِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي الْوُجُوبِ يَضُرُّ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 أَيْضًا الْأَدَبُ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ سَجْنٍ، أَوْ بِهِمَا، وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا كَزِنًا، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَدَبِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ . (ص) وَإِطْعَامُ مُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لِمِثْلِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ الْمُتَقَدِّمِ وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي أَحْكَامِ الْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ مُدًّا لِمِسْكِينٍ وَيَأْتِي مَعْنَى التَّفْرِيطِ فَلَوْ أَطْعَمَ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَطْعَمَ مُدًّا وَاحِدًا لِأَكْثَرَ مِنْ مِسْكِينٍ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمُدِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ وَبَيَّنَ. (ص) إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ (ش) هَذَا شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْإِطْعَامِ الْمُتَقَدِّمِ يَعْنِي: إنَّمَا يَلْزَمُهُ إطْعَامُ قَدْرِ الْمُدِّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ إذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ فِي آخِرِ أَيَّامِ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ، فَإِذَا مَرَّ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ خَالٍ مِنْ الْأَعْذَارِ وَجَبَ الْإِطْعَامُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ فَمَرِضَ، أَوْ سَافَرَ أَوْ نَفِسَتْ، أَوْ حَاضَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إطْعَامٌ، وَلَوْ كَانَ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَيَّامِ مُتَمَكِّنًا لَا عُذْرَ لَهُ. وَقَوْلُهُ: (لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ صَرَّحَ بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ أَيْ: لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ مِنْ مَبْدَأِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ شَعْبَانَ لَا مِنْ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَا جَمِيعِ شَعْبَانَ (ص) مَعَ الْقَضَاءِ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ أَيْ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي إطْعَامِ مُدِّهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ مَعَ الْقَضَاءِ فَكُلَّمَا أَخَذَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ أَطْعَمَ فِيهِ، أَوْ أَطْعَمَ بَعْدَهُ هَذَا، وَقَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ فَيُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُفَرَّقُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمُضِيِّ رَمَضَانَ، الثَّانِي وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ فَرَّقَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ، وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ (ص) وَمَنْذُورُهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الصَّوْمِ، أَوْ الْمُكَلَّفِ أَيْ: وَلَزِمَ الْمُكَلَّفَ الْوَفَاءُ بِمَنْذُورِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ مِنْ صَوْمٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعَلَى كُلٍّ فَهَذِهِ تَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا. (ص) وَالْأَكْثَرُ إنْ احْتَمَلَهُ لَفْظُهُ بِلَا نِيَّةٍ (ش) أَيْ: وَيَجِبُ الْأَكْثَرُ احْتِيَاطًا إنْ احْتَمَلَ لَفْظُهُ الْأَكْثَرَ وَالْأَقَلَّ بِلَا نِيَّةٍ لِشَيْءٍ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا وَمَثَّلَ لِمَا يَحْتَمِلُ الْكَثِيرَ وَالْقَلِيلَ بِقَوْلِهِ: (كَشَهْرٍ فَثَلَاثِينَ إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ) فَإِذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ الصَّادِقِ بِثَلَاثِينَ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَيَصُومُ ثَلَاثِينَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَمَّا لَوْ بَدَأَ بِالْهِلَالِ لَزِمَهُ تَمَامُهُ كَامِلًا، أَوْ نَاقِصًا اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: فَثَلَاثِينَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ ثَلَاثُونَ أَيْ: فَاللَّازِمُ ثَلَاثُونَ وَعُورِضَ مَا هُنَا بِمَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَجْزَأَتْهُ شَاةٌ، وَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنْ تَلْزَمَهُ بَدَنَةٌ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهْرِ ثَلَاثُونَ، وَأَمَّا الْهَدْيُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: يُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَدَبِ) إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ رَجْمٍ فَيُقَدَّمُ الْحَدُّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ جُلِدَ لِلْخَمْرِ ثَمَانِينَ، ثُمَّ يُضْرَبُ لِلْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ يَعْنِي: لِلْإِفْطَارِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ رَجْمًا قُدِّمَ الْأَدَبُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِمُفَرِّطٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ: وَجَبَ الْإِطْعَامُ عَلَى مُفَرِّطٍ وَاللَّامُ فِي لِمِثْلِهِ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ مُرْتَبِطٌ بِمُفَرِّطٍ وَالتَّقْدِيرُ: لِمُفَرِّطٍ تَفْرِيطًا مُنْتَهِيًا فِيهِ إلَى دُخُولِ مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ أَوْ بِوَجَبَ، وَكُلُّ لِلْجَمِيعِ أَيْ: عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْأَيَّامِ وَقَوْلُهُ: لِمِسْكِينٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِمُدٍّ مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ وَمَلْحُوظٌ فِيهِ إضَافَتُهُ لِمُدٍّ وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِيهًا كَانَ التَّفْرِيطُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَنَاسِي الْقَضَاءِ لَا الْمُكْرَهِ عَلَى تَرْكِهِ وَالْجَاهِلِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى رَمَضَانَ التَّالِي لَهُ فَلَيْسَا بِمُفَرِّطَيْنِ، كَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْرِيطَ الْمُوجِبَ لِلْإِطْعَامِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيهِ لِشَعْبَانَ الْوَاقِعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِي سَنَةَ رَمَضَانَ الْمَقْضِيِّ خَاصَّةً فَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ لَا إطْعَامَ وَلَوْ فَرَّطَ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَطْعَمَ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ) أَيْ: فَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ كَانَ أَعْطَاهُ كُلَّ وَاحِدٍ فِي يَوْمِهِ حَيْثُ كَانَ التَّفْرِيطُ بِعَامٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ بِالْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ مَا كَانَ التَّفْرِيطُ عَنْ عَامٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ عَنْ عَامَيْنِ جَازَ وَكَذَا إنْ تَغَايَرَ السَّبَبُ كَمُرْضِعٍ أَفْطَرَتْ وَفَرَّطَتْ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَالْمُرْضِعُ تُطْعِمُ دُونَ الْحَامِلِ، وَالْحَامِلُ مَرِيضَةٌ مَا دَامَتْ حَامِلًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ لِرَمَضَانَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ اُنْظُرْ فِيمَنْ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ هَلْ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ أَيْ: لِيَوْمٍ أَمْ لَا؟ ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفِسَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إلَخْ) أَيْ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمَّ وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَّقَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ) أَيْ: وَبَعْدَ وُجُوبِهَا كَمَا قَالَ عج فَإِنَّهُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا وَوُجُوبُهَا يَحْصُلُ بِدُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ مَا يَفْعَلُ فِيهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) حَالٌ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ لَفْظِهِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ النِّيَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ نِصْفَ شَهْرٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ نَذَرَهُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ كَمَّلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ جَاءَ الشَّهْرُ نَاقِصًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ نِصْفِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 فَلَمْ يَتَقَرَّرْ فِيهِ أَصْلٌ فَأَجْزَأَ أَدْنَاهُ وَبِأَنَّ الْمَالَ يَشُقُّ فَلَزِمَهُ الْأَقَلُّ وَلِذَا لَزِمَ مَنْ قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُلُثُ مَالِهِ تَخْفِيفًا . (ص) وَابْتِدَا سَنَةٍ وَقَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي سَنَةٍ (ش) يَصِحُّ قِرَاءَةُ ابْتِدَا فِعْلًا أَوْ اسْمًا وَهُوَ الْأَوْلَى لِتُنَاسِبَ الْمَعْطُوفَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ الِاسْتِئْنَافُ وَالِاسْتِقْبَالُ لَا الشُّرُوعُ مِنْ حِينِ النَّذْرِ، أَوْ الْحِنْثِ أَيْ: وَاسْتَأْنَفَ وَاسْتَقْبَلَ سَنَةً أَيْ: عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ سَنَةً كَامِلَةً فِي قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ، أَوْ إنْ فَعَلْت، أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ وَحَنِثَ وَلَا يَجْتَزِئُ بِبَاقِيهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ أَيَّامَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَرَمَضَانَ، وَفِي إطْلَاقِ الْقَضَاءِ تَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لَيْسَتْ أَيَّامًا بِعَيْنِهَا فَاتَتْ تُقْضَى إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ فِي الذِّمَّةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَنَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ، أَوْ مِنْ حِينِ حِنْثِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا، وَقَوْلُنَا: " وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ " يَشْمَلُ رَابِعَ النَّحْرِ وَهُوَ مَا فِي الشَّارِحِ وتت وَالْحَطَّابِ مَعَ أَنَّ صَوْمَهُ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِ النَّاذِرِ وَلَازِمٌ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَصُومُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْهَا وَذَكَرَ عَنْ الْمُخْتَصَرِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَالشَّارِحُ وتت فِي أَنَّهُ لَا يَصُومُ الرَّابِعَ وَيَقْضِيهِ، قَالَ الْمَوَّاقُ: وَهَذَا بَيِّنٌ وَلَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَامُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (ص) إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا أَوْ يَقُولَ: هَذِهِ وَيَنْوِيَ بَاقِيَهَا فَهُوَ وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا كَسَنَةِ ثَمَانِينَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَهَا مِنْ حَيْثُ نَذْرُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ كَيَوْمِ الْعِيدِ وَتَالِيَيْهِ، وَكَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمَا مَضَى مِنْهَا فِي مَرَضِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ قَضَاءَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَلَا مَا مَضَى إذَا أَشَارَ إلَى سَنَةٍ بِأَنْ يَقُولَ: هَذِهِ السَّنَةُ وَقَدْ مَضَى بَعْضُهَا حَيْثُ نَوَى بَاقِيَهَا فَقَوْلُهُ: فَهُوَ وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْوِي بَاقِيَهَا رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ فَهُوَ بِالْوَاوِ وَلَا بِأَوْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ: فَاللَّازِمُ لَهُ حَيْثُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ وَسَمَّاهَا، أَوْ قَالَ: هَذِهِ وَنَوَى بَاقِيَهَا صَوْمَ مَا بَقِيَ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ ثُمَّ إنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي هَاتَيْنِ صَوْمُ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ مَنْذُورٌ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِاسْتِثْنَاءِ دَلَالَةُ مَفْهُومٍ وَدَلَالَةُ مَنْطُوقٍ أَقْوَى، وَقَوْلُهُ: (بِخِلَافِ فِطْرَةٍ لِسَفَرٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ أَيْ: وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا يَصِحُّ كَفِطْرِهِ لِسَفَرٍ أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ إكْرَاهٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ . (ص) وَصَبِيحَةُ الْقُدُومِ فِي يَوْمِ قُدُومِهِ إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ (ش) هَذَا أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ وَمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ وَوَجَبَ صِيَامُ صَبِيحَةِ الْقُدُومِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يُصَامُ شَرْعًا كَحَيْضٍ، أَوْ مَا تَعَيَّنَ لِغَيْرِ النَّذْرِ كَرَمَضَانَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَلَا) إلَى أَنَّهُ إنْ قَدِمَ نَهَارًا، أَوْ لَيْلَةً لَا يُصَامُ صَبِيحَتُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَسَوَاءٌ فِي الثَّانِيَةِ نَذَرَ يَوْمَ الْقُدُومِ فَقَطْ، أَوْ نَذَرَهُ أَبَدًا أَشْهَبُ لَوْ نَذَرَ يَوْمَ قُدُومِهِ أَبَدًا لَزِمَهُ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ يَوْمًا لَا يَحِلُّ صَوْمُهُ فَلَا يَصُومُهُ وَلَا يَقْضِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ أَبَدًا فَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا، أَوْ لَيْلَةً لَا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ صَبِيحَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمِ الْقُدُومِ فِيهِمَا، لَكِنْ يَلْزَمُهُ صَوْمُ مَا مَاثَلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَبَدًا فِيمَا إذَا قَدِمَ نَهَارًا، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: " عِيدٍ " لَوْ قَالَ: " عُذْرٍ " كَانَ أَوْلَى أَيْ: إنْ قَدِمَ لَيْلَةَ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَابْتِدَا سَنَةٍ) أَيْ: وَمَا صَامَهُ بِالْأَهِلَّةِ احْتَسَبَ بِهِ وَيُكْمِلُ مَا انْكَسَرَ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ أَيَّامَ الْعِيدَيْنِ إلَخْ) وَكَذَا يَقْضِي عَنْ نَذْرِهِ مَا وَجَبَ صَوْمُهُ مِنْهَا بِالنَّذْرِ كَمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا يَصُومُ الرَّابِعَ) مَعَ صِحَّتِهِ إنْ لَوْ صَامَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَيِّنٌ) ؛ لِأَنَّهَا سَنَةٌ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَصَارَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ لَمْ يَنْذِرْهُ بِعَيْنِهِ وَلَا دَخَلَ فِي ضِمْنِ نَذْرِهِ لِكَوْنِ السَّنَةِ مُبْهَمَةً وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت، وَبَعْضُ شُيُوخِنَا اعْتَمَدَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَقَضَى مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَالرَّابِعُ يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ صِحَّةً كَامِلَةً (قَوْلُهُ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَامُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ صَوْمُهُ تَنَاوَلَهُ النَّذْرُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادٍ وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي بَاقِيَهَا) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَاقِيَ فَيَكُونُ كَنَذْرِ سَنَةٍ مُبْهَمَةٍ (قَوْلُهُ وَكَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) وَكَذَلِكَ مَا وَجَبَ كَرَمَضَانَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ) أَيْ: أَوَّلِهَا . (قَوْلُهُ: إنْ قَدَّمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ) فَلَوْ قَدَّمَ لَيْلَةَ حَيْضٍ فَلَا يَلْزَمُ النَّاذِرَةَ صِيَامٌ فَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَكَانَتْ نَذَرَتْهُ دَوَامًا وَأَصْبَحَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَائِضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْأَيَّامُ الْخَالِيَةُ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَا مَاثَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلَةً لَا تُصَامُ صَبِيحَتُهَا فَإِذَا كَانَ لَيْلَةَ عِيدٍ وَكَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ فَالْمُرَادُ بِالْمُمَاثِلِ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا لَا يَوْمُ عِيدٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، ثُمَّ وَجَدْته عَنْ سَنَدٍ فَقَالَ وَلَوْ قَدَّمَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَهِيَ لَيْلَةُ عِيدٍ فَلَا يَصُومُ صَبِيحَتَهَا وَلَا كُلَّ اثْنَيْنِ يُوَافِقُ مَا لَا يَحِلُّ مِمَّا يُسْتَقْبَلُ وَلَا يَقْضِيهِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا إذَا قَدَّمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ مِمَّا إذَا قَدَّمَ لَيْلَةَ عِيدٍ أَنَّ لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّةِ صَوْمِ صَبِيحَتِهَا فَلِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا قَابَلَ يَوْمَ الْعِيدِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ نَهَارًا، فَعَدَمُ صِحَّةِ صَوْمِهِ إنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ وَقْتِ النِّيَّةِ فَلِذَا يَلْزَمُهُ مَا مَاثَلَ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ حَيْضٍ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْيَوْمَ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ الْحَيْضُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 مَا لَمْ يَنْوِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ فَيَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ، وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَدِمَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا احْتِيَاطًا وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ لَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا لَيْلًا هَلْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ أَمْ لَا؟ . (ص) وَصِيَامُ الْجُمُعَةِ إنْ نَسِيَ الْيَوْمَ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صِيَامَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَنَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ جَمِيعَ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُهُ: مَا إذَا نَسِيَ الْيَوْمَ الَّذِي قَدِمَ لَيْلَتَهُ زَيْدٌ الْمَنْذُورُ صَوْمُ يَوْمِ قُدُومِهِ فِيمَا سَبَقَ فَلَا يَدْرِي أَيَّ يَوْمٍ هُوَ مِنْهَا . (ص) وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ (ش) هُوَ أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ أَيْ: وَوَجَبَ صِيَامُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِرَابِعِ النَّحْرِ عَلَى مَنْ نَذَرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَذَرَهُ تَعْيِينًا كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرِ الْحِجَّةِ، أَوْ كُلَّ اثْنَيْنِ أَوْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ لَيْلَةَ الرَّابِعِ بَلْ (وَإِنْ) نَذَرَهُ (تَعْيِينًا) لَهُ كَعَلَيَّ صَوْمُ رَابِعِ النَّحْرِ إعْمَالًا لِلنَّذْرِ مَا أَمْكَنَ، وَيُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا. (ص) لَا سَابِقَيْهِ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ سَابِقَيْ الرَّابِعِ وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ يَحْرُمُ صَوْمُهُمَا إلَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيٌ لِنَقْصٍ فِي إحْرَامِهِ وَلَمْ يَجِدْهُ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُ سَابِقَيْ الرَّابِعِ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى مُتَمَتِّعٍ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ إلَّا عَدَمَ وُجُوبِ صَوْمِ سَابِقَيْ الرَّابِعِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْحُرْمَةُ. وَقَوْلُهُ: (لَا تَتَابُعُ سَنَةٍ، أَوْ شَهْرٍ، أَوْ أَيَّامٍ) فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ مَنْدُوبٌ . (ص) وَإِنْ نَوَى بِرَمَضَانَ فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ، أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ، أَوْ نَوَاهُ وَنَذْرًا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا سَافَرَ فِي رَمَضَانَ سَفَرًا يُبَاحُ لَهُ فِيهِ الْفِطْرُ فَصَامَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ وَنَوَى بِهِ التَّطَوُّعَ، أَوْ النَّذْرَ، أَوْ الْكَفَّارَةَ، أَوْ نَوَى بِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الَّذِي خَرَجَ وَقْتُهُ، أَوْ نَوَى بِصَوْمِهِ فَرْضَهُ وَنَذْرًا، أَوْ كَفَّارَةً، أَوْ قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا لَمْ يُجْزِ فِي الْجَمِيعِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ: لَا عَنْ رَمَضَانَ عَامِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مُنْفَرِدًا، أَوْ مُجْتَمِعًا فَقَوْلُهُ: غَيْرَهُ انْدَرَجَ فِيهِ النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَالتَّطَوُّعُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ صُورَةٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ وَنَذْرًا أَيْ: أَوْ نَوَاهُ وَكَفَّارَةً، أَوْ نَوَاهُ وَتَطَوُّعًا، أَوْ نَوَاهُ وَقَضَاءَ الْخَارِجِ فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ فِي السَّفَرِ وَمِثْلُهَا فِي الْحَضَرِ وَهُوَ مَفْهُومُ سَفَرٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ السَّفَرَ بِالْحُكْمِ لِأَحْرَوِيَّةِ الْحَضَرِ . (ص) وَلَيْسَ لِامْرَأَةٍ يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا تَطَوُّعٌ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةَ لَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ، أَوْ غَيْرِهِ وَزَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فَإِنْ فَعَلَتْ فَلَهُ أَنْ يُفَطِّرَهَا بِالْجِمَاعِ لَا بِالْأَكْلِ، أَوْ الشُّرْبِ فَإِنْ اسْتَأْذَنَتْهُ فَقَالَ لَا تَصُومِي فَأَصْبَحَتْ صَائِمَةً فَلَهُ جِمَاعُهَا إنْ أَرَادَ، وَكَذَا لَوْ دَعَاهَا لِفِرَاشِهِ فَأَحْرَمَتْ بِصَلَاةٍ: نَافِلَةٍ، أَوْ فَرِيضَةٍ مُتَّسِعَةِ الْوَقْتِ فَلَهُ قَطْعُهَا وَضَمُّهَا إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا ضَاقَ وَقْتُهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: وَفِي قَطْعِ الْفَرِيضَةِ إذَا اتَّسَعَ وَقْتُهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَمْرُهَا يَسِيرٌ وَقَدْ تَلَبَّسَتْ بِهَا وَتُرِيدُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهَا. اهـ. وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ السُّرِّيَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ أَمَةِ الْخِدْمَةِ وَالْعَبِيدِ الذُّكُورِ فَيَتَطَوَّعُونَ بِلَا إذْنٍ إلَّا أَنْ يُضْعِفَهُمْ ذَلِكَ عَنْ الْعَمَلِ فَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِامْرَأَةٍ إلَخْ أَيْ: حَيْثُ عَلِمَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَنْوِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ) أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ أَصُومُ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ أَخْبَرَ بِأَنَّ زَيْدًا قَدِمَ مِنْ نَحْوِ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يُرِدْ هَلْ قَدِمَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِصَوْمِ يَوْمٍ، وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ قَدِمَ نَهَارًا فَلَا يُطَالَبُ بِصَوْمٍ (قَوْلُهُ: هَلْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ أَمْ لَا) ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ إنْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى النَّذْرِ السُّرُورَ بِقُدُومِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَصُومَ جَمِيعَ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ) أَيْ: الَّتِي أَوَّلُهَا يَوْمُ السَّبْتِ وَآخِرُهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت، وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ قَوْلَانِ: أَوَّلُهُمَا يَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، ثَانِيهِمَا يَصُومُ أَيَّ يَوْمٍ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إذَا نَسِيَ الْيَوْمَ) أَيْ: بِأَنْ أُخْبِرَ بِقُدُومِ زَيْدٍ وَبِلَيْلَةِ الْقُدُومِ، ثُمَّ نَسِيَ هَلْ قَدِمَ زَيْدٌ لَيْلَةَ الْأَحَدِ، أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ الْجُمُعَةِ بِتَمَامِهَا، الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ نَذَرَ يَوْمًا مُعَيَّنًا وَفَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَاحِدٌ وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ يَلْزَمُهُ الْأَبَدُ إذَا نَذَرَ الْأَبَدَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعْيِينًا) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُبَالِغَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي ذَلِكَ إلَّا لَوْ عَبَّرَ بِلَوْ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِإِنْ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَشْمَلَ) يَشْمَلُ الْقِرَانَ وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ لِنَقْصٍ فِي شَعَائِرِ الْحَجِّ وَلَمْ يَجِدْهُ، وَرُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ تت أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ، وَالْفِدْيَةُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَكَلَامُهُ فِي الْفِدْيَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِنَصِّ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّهُ يَصُومُهَا فِي أَيَّامِ مِنًى (قَوْلُهُ: لَا تَتَابُعُ سَنَةٍ، أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامٍ) أَيْ: وَلَوْ نَوَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَذَا ذَكَرَهُ عج وَرَدَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إذَا نَوَاهُ كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَتَتَابُعُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ (قَوْلُهُ: أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ) لَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْغَيْرِ وَفِي شَرْحِ عب أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَاضِرُ بِرَمَضَانَ قَضَاءَ الْخَارِجِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ كَمَا فِي ق (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِامْرَأَةٍ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ» اهـ. أَيْ، حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: تَطَوُّعٌ) أَيْ: فَلَا تَسْتَأْذِنُهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ كَانَ زَوْجًا، أَوْ سَيِّدًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الزَّوْجَةَ عَلَى تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ فَمَنَعَ وَمِثْلُهُ مَا أَوْجَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا لِكَفَّارَةٍ، أَوْ فِدْيَةٍ، أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ (قَوْلُهُ: لَا بِالْأَكْلِ، أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَطِّرَهَا بِالْأَكْلِ، أَوْ الشُّرْبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاحْتِيَاجِ مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ إلَخْ) قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَذْكُرُ حُكْمًا، ثُمَّ يُنَاقِشُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ نِسْبَةَ هَذَا الْبَحْثِ لِابْنِ نَاجِي فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الشَّارِحِ لَفْظَةُ ابْنِ نَاجِي بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 أَنَّ زَوْجَهَا يَحْتَاجُ لَهَا لَا إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ الْحَاجَةِ فَلَا بَأْسَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إنْ جَهِلَتْ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ا. هـ. وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ فُرُوعِ الصَّوْمِ وَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّتِهِ تَصْفِيَةُ مِرْآةِ الْعَقْلِ وَالتَّشْبِيهُ بِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ فِي وَقْتِهِ أَتْبَعهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الِاعْتِكَافِ التَّامِّ الشَّبَهِ بِهِمْ فِي اسْتِغْرَاقِ الْأَوْقَاتِ فِي الْعِبَادَاتِ وَحَبْسِ النَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ وَكَفِّ اللِّسَانِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي، وَهُوَ لُغَةً: لُزُومُ الشَّيْءِ مِنْ خَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ وَخُصَّ شَرْعًا بِالْعُكُوفِ عَلَى الْخَيْرِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ جَرَتْ الشَّرِيعَةُ عَلَى عَادَتِهَا فِي قَصْرِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى بَعْضِ مُتَنَاوِلَاتِهِ، أَوْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِبَعْضِ مُحْتَمَلَاتِهِ اهـ يُقَالُ عَكَفَ يَعْكُفُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ عَكْفًا وَعُكُوفًا أَقْبَلَ عَلَى الشَّيْءِ مُوَاظِبًا وَاعْتَكَفَ وَانْعَكَفَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقِيلَ اعْتَكَفَ عَلَى الْخَيْرِ وَانْعَكَفَ عَلَى الشَّرِّ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ بِصَوْمٍ مَعْزُومٌ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ، أَوْ لِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِاللُّزُومِ هُنَا الْإِقَامَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مُبَاحٍ مَسْجِدُ الْبَيْتِ وَبِقَوْلِهِ لِقُرْبَةٍ مَا كَانَ مُلَازِمًا لَا لِقُرْبَةٍ وَبِقَوْلِهِ قَاصِرَةً الْمُتَعَدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الِاعْتِكَافِ، وَقَوْلُهُ: مَعْزُومٌ صِفَةٌ لِلُزُومِ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِنِيَّةِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ لَا فَلِذَا خَصَّصَ اللُّزُومَ قَالَهُ شَارِحُ الْحُدُودِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ وَصْفِ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ فَلَوْ قَالَ لُبْثٌ بِمَسْجِدٍ إلَخْ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَسَلِمَ مِنْ حَمْلِ اللُّزُومِ عَلَى الْإِقَامَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: سِوَى وَقْتِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ خُرُوجَهُ لِلْجُمُعَةِ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ فَتَعْرِيفُهُ لِلِاعْتِكَافِ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى الشَّاذِّ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ أَيْ الَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِيهِ الْخُرُوجُ وَيَضْطَرُّ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْمَسْجِدِ كَالْبَوْلِ وَالْجَنَابَةِ إذَا احْتَلَمَ فَيَجِبُ الْخُرُوجُ لِلْغُسْلِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَزُولَ الْمَانِعُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَيَخْرُجُ لِشِرَاءِ طَعَامِهِ الضَّرُورِيِّ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُعَرِّجْ الْمُؤَلِّفُ إلَّا عَلَى ذِكْرِ حُكْمِ الِاعْتِكَافِ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ وَمُفْسِدَاتِهِ وَآدَابِهِ وَأَعْذَارِهِ الطَّارِئَةَ وَحُكْمُهَا مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ قَضَاءٍ أَوْ اسْتِئْنَافٍ فَقَالَ (بَابٌ) يَشْتَمِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مُبْتَدِئًا بِبَيَانِ حُكْمِهِ فَقَالَ (ص) الِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ (ش) أَيْ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ سُنَّةً؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -   [حاشية العدوي] [بَاب الِاعْتِكَافُ] (بَابُ الِاعْتِكَافِ) (قَوْلُهُ: تَصْفِيَةُ مِرْآةِ الْعَقْلِ) أَيْ: تَصْفِيَةُ الْعَقْلِ الشَّبِيهِ بِالْمِرْآةِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُصَفَّى هُوَ النَّفْسُ إلَّا أَنَّ الْعَقْلَ آلَةٌ وَقَوْلُهُ: التَّامِّ التَّشْبِيهِ بِهِمْ أَيْ: صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ: فِي اسْتِغْرَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: التَّشْبِيهُ (قَوْلُهُ: خُصَّ شَرْعًا بِالْعُكُوفِ عَلَى الْخَيْرِ) لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْخَيْرِ بَلْ الْخَيْرُ الْمَعْهُودُ (قَوْلُهُ: قَصْرِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ: الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ بِأَوْضَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَالْمُتَنَاوِلَات هِيَ الْمَعَانِي الْمُتَعَدِّدَةُ كَالْبَاصِرَةِ وَالْجَارِيَةِ فِي لَفْظِ عَيْنٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِبَعْضِ مُحْتَمَلَاتِهِ أَرَادَ بِالْعَامِّ الْمُطْلَقِ وَبِالتَّخْصِيصِ التَّقْيِيدَ، وَالْمُطْلَقُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُ عَلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ وَأَرَادَ بِمُحْتَمَلَاتِهِ جُزْئِيَّاتِ مَدْلُولِهِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهَا بِمُحْتَمَلَاتٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَحَقُّقُ مَدْلُولِهِ فِي هَذَا، أَوْ فِي هَذَا، وَلَمَّا كَانَتْ مَعَانِي الْمُشْتَرَكِ دَالًّا عَلَيْهَا اللَّفْظُ ابْتِدَاءً عَبَّرَ عَنْهَا بِمُتَنَاوَلَاتٍ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُتَنَاوِلٌ لَهَا أَيْ: آخِذٌ لَهَا أَيْ دَالٌّ عَلَيْهَا دَلَالَةً مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَالِاعْتِكَافُ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ مِنْ خَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَخُصَّ شَرْعًا أَيْ: وَقُيِّدَ شَرْعًا (قَوْلُهُ: قَاصِرَةٍ) خَرَجَ الْمُتَعَدِّيَةُ كَتَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَالْحِكَمِ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ لَازَمَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُعْتَكِفًا قَالَهُ الرَّصَّاعُ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ مَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي وَاعْتِكَافُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ لَازَمَ مُجَرَّدَ الْعِبَادَةِ الْمُتَعَدِّيَةِ، وَمَنْ فَعَلَهَا مَعَ غَيْرِهَا فَالْأَوَّلُ لَا يَكُونُ مُعْتَكِفًا دُونَ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِصَوْمٍ) أَيْ: مَعَ صَوْمٍ أَوْ مُلَابِسًا لِصَوْمٍ مِنْ مُلَابَسَةِ الْمَشْرُوطِ لِلشَّرْطِ، أَوْ الْكُلِّ لِلْجَزَاءِ إذَا اخْتَلَفَ هَلْ الصَّوْمُ رُكْنٌ، أَوْ شَرْطٌ وَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ نَاذِرَهُ نَاذِرٌ لَهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ يَصِحُّ (قَوْلُهُ: يَوْمًا وَلَيْلَةً) مُتَعَلِّقٌ بِدَوَامِهِ وَهُوَ أَدْنَى الِاعْتِكَافِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِاللُّزُومِ عَلَى تَقْدِيرِ لُزُومِ الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَعْزُومًا عَلَى ذَلِكَ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمُعَيَّنِهِ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ لِمَعْنِيِّهِ بِنُونِ ثُمَّ يَاءٍ وَالْإِضَافَةُ لِلْمُعْتَكِفِ فَمَعْنِيُّهُ مَا يَعْنِيه أَيْ: مَا تَدْعُو ضَرُورَتُهُ إلَيْهِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْخُرُوجِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ فِيهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ اسْمَ مَفْعُولٍ عَلَى حَذْفٍ وَالضَّمِيرُ أَيْضًا لِلْخُرُوجِ أَيْ: مُعَيَّنٌ فِيهِ الْخُرُوجُ فَإِنْ قُلْت: قَدْ ذَكَرَ شَارِحُهُ أَنَّ تَعْرِيفَهُ هَذَا شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَالْجَوَابُ أَنَّ شُمُولَهُ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِهِ فِي التَّعْرِيفِ كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَصْفِ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ لُزُومَ لَيْسَ مَعْرِفَةً؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَّا أَنَّهُ مُضَافٌ لِنَكِرَةٍ وَالْمُضَافُ لِلنَّكِرَةِ نَكِرَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ) أَرَادَ لَا يُبَاحُ فَيَشْمَلُ الْمُحَرَّمَ كَالْبَوْلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَكْرُوهَ كَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ زَادَ فِي ك، وَأَمَّا الْأَكْلُ الْخَفِيفُ فَلَا يَخْرُجُ لَهُ وَكَذَا النَّوْمُ اهـ (أَقُولُ) : وَيُحْمَلُ الْمَرَضُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَلْزَمُ مِنْهُ تَقْدِيرُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَرِّجْ الْمُؤَلِّفُ إلَّا عَلَى أَرْكَانِهِ) أَيْ: وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى تَعْرِيفِهِ لِأَنَّهُ بِإِتْقَانِ الْأَرْكَانِ يُدْرَكُ التَّعْرِيفُ؛ لِأَنَّهُ مَا احْتَوَى عَلَى الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 لَكِنَّهُ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَعْتَكِفُ وَتَارَةً يَتْرُكُ فَلَا يَصْدُقُ ضَابِطُ السُّنَّةِ عَلَيْهِ (ص) وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيَّزٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ صِحَّةَ الِاعْتِكَافِ ثَابِتَةٌ لِمُسْلِمٍ فَالْكَافِرُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَإِنْ خُوطِبَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ كُلِّ عِبَادَةٍ وَكَذَا لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَيَصِحُّ اعْتِكَافُ الرَّقِيقِ وَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَهُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَبِرَدِّ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كُلِّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَقَوْلُهُ: لِمُسْلِمٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ وَبِمُطْلَقِ صَوْمٍ خَبَرٌ أَيْ وَصِحَّتُهُ كَائِنَةٌ، أَوْ حَاصِلَةٌ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ وَإِعْرَابُ الشَّارِحِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَوْصُولِ قَبْلَ كَمَالِ صِلَتِهِ. (ص) بِمُطْلَقِ صَوْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ قَيَّدَ الصَّوْمَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ أَوْ بِسَبَبِهِ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ أَوْ أَطْلَقَ كَتَطَوُّعٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِصَوْمٍ مُطْلَقٍ لِئَلَّا يَخْرُجَ مَا قُيِّدَ بِزَمَنِهِ كَرَمَضَانَ وَمَا قُيِّدَ بِسَبَبِهِ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَذْرًا) إلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ أَيْضًا صَوْمٌ يَخُصُّهُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ كَغَيْرِ الْمَنْذُورِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ لَا بُدَّ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ فَلَا يَجْزِي فِي رَمَضَانَ. (ص) وَمَسْجِدٍ (ش) أَيْ وَصِحَّتُهُ بِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ جَامِعًا بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِبَاحَةِ كَمَا مَرَّ فِي حَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي مَسَاجِدِ الْبُيُوتِ، وَلَوْ لِامْرَأَةٍ لَكِنْ إذَا أُطْلِقَ الْمَسْجِدُ فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْمَسْجِدِ الْمُبَاحِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قَيْدُ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ وَتَجِبُ بِهِ فَالْجَامِعُ مَعَ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) عَلَى أَنَّ مَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ مِنْ ذَكَرٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ عَلَى دُونِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَنَارِ حُرٍّ مُقِيمٍ بِلَا عُذْرٍ إذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا يُدْرِكُ فِيهِ الْجُمُعَةَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ إلَّا فِي الْجَامِعِ فَقَوْلُهُ وَتَجِبُ بِهِ أَيْ وَهِيَ تَجِبُ بِهِ أَيْ فِي زَمَنِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي يُرِيدُهُ الْآنَ سَوَاءٌ كَانَ ابْتِدَاءً كَمَا لَوْ نَذَرَ، أَوْ نَوَى اعْتِكَافَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، أَوْ انْتِهَاءً كَمَا لَوْ نَذَرَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ أَوَّلُهُنَّ السَّبْتُ فَمَرِضَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَصَحَّ يَوْمُ الْخَمِيسِ فَالْوَاجِبُ لِذَلِكَ الِابْتِدَاءُ وَالِانْتِهَاءُ الْجَامِعُ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ دَائِمًا لَا الصِّحَّةُ فِي الْجُمْلَةِ فَتَخْرُجُ رَحْبَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ دَائِمًا وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِيهَا مَعَ ضِيقِ الْجَامِعِ وَاتِّصَالِ الصُّفُوفِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يَعْتَكِفُ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ فَالْمُرَادُ بِالرَّحْبَةِ فِيهِ صَحْنُهُ. (ص) وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ (ش)   [حاشية العدوي] رَمَضَانَ سُنَّةٌ، وَفِي غَيْرِهِ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي صِحَّةِ كُلِّ عِبَادَةٍ) مُفَادُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقُرْبَةَ وَالْعِبَادَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ، وَبَعْضٌ ذَكَرَ أَنَّ الْقُرْبَةَ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعِبَادَةِ النِّيَّةُ وَمَعْرِفَةُ الْمَعْبُودِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقُرْبَةِ إلَّا مَعْرِفَةَ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النِّيَّةَ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: الْمُمَيِّزِ) رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ وَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ) ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ: وَإِعْرَابُ الشَّارِحِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي أَوَّلِ الْحَلِّ يَعْنِي: أَنَّ صِحَّةَ الِاعْتِكَافِ يُشِيرُ إلَى حَلِّ الشَّارِحِ وَهُوَ أَنَّ صِحَّةَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: لِمُسْلِمٍ خَبَرٌ (قَوْلُهُ: الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَوْصُولِ) أَيْ: الْمَوْصُولِ الْحُرِّ فِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَصِحَّتُهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَعْمَلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إلَّا إذَا كَانَ مُؤَوَّلًا بِأَنْ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ الصَّوْمُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ مُطْلَقَ الصَّوْمِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَاهِيَّةُ، سَوَاءٌ قُيِّدَتْ، أَوْ لَا، وَالصَّوْمُ الْمُطْلَقُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَاهِيَّةُ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ مِنْ الثَّانِي وَهَذَا شَبِيهٌ بِقَوْلِهِمْ مُطْلَقُ الْمَاءِ، وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ كَالرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْبِنْيَةِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: يَخُصُّهُ) أَيْ: يَخُصُّهُ فِي نَذْرِهِ أَيْضًا كَذَا فِي عب وَلَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِهِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَنْذُورًا كَالِاعْتِكَافِ فَلَا يَصِحُّ فِي تَطَوُّعٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ يَخُصُّهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي كَفَّارَةِ رَمَضَانَ بَلْ نَذْرُ الِاعْتِكَافِ نَذْرٌ لِلصَّوْمِ فَلَا يَصِحُّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ كَصَوْمِ كَفَّارَةٍ، وَالصَّوْمُ الَّذِي نَذَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ يَصِيرُ مَنْذُورًا بِنَذْرِ الِاعْتِكَافِ كَذَا أَفَادَهُ عج فَعَلِمْت صِحَّتَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: اعْتِكَافٌ، وَصَوْمٌ مَنْذُورَانِ، وَمُتَطَوَّعٌ بِهِمَا، الْأَوَّلُ مَنْذُورٌ وَالثَّانِي مُتَطَوَّعٌ بِهِ، الرَّابِعُ عَكْسُهُ وَمَعْنَى نَذْرِ الصَّوْمِ أَيْ: قَبْلَ الِاعْتِكَافِ وَمَعْنَى تَطَوُّعِهِ نِيَّتُهُ قَبْلَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ صِحَّتِهِ بِصَوْمٍ فَكَأَنَّهُ صَارَ فَرْضًا لِغَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَصِحَّتُهُ بِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ، وَمَسْجِدٌ مَعْطُوفٌ عَلَى صَوْمٍ وَالْبَاءُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ: مُلْتَبِسًا بِمُطْلَقِ صَوْمٍ وَمُلْتَبِسًا بِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ وَأَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي مَسْجِدٍ لِلظَّرْفِيَّةِ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي مَسَاجِدِ الْبُيُوتِ) أَيْ: وَلَا فِي الْكَعْبَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِّ وَإِنْ جَازَ لَهُ دُخُولُهَا (قَوْلُهُ مِمَّا تَصِحُّ) أَيْ: فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمِنْ دُونَ فِي مَعَ أَنَّ فِي أَوْضَحُ اخْتِصَارًا بِإِدْغَامِ النُّونِ فِي الْمِيمِ فَسَقَطَ حَرْفٌ فِي الْخَطِّ بِخِلَافِ فِي فَإِنَّ يَاءَهَا لَا تُدْغَمُ فِي الْمِيمِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالرَّحْبَةِ فِيهِ صَحْنُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فِي الزُّقَاقِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِدُونِ عُذْرٍ فَهَلْ تَجْرِي صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ لَا وَيَكُونُ مَا هُنَا مَشْهُورًا مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ (قَوْله خَرَجَ وَبَطَلَ) فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهَلْ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِارْتِكَابِهِ الذَّنْبَ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُبْطِلُهُ بِالذُّنُوبِ مُطْلَقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا كَانَ فَرْضُهُ الْجُمُعَةَ وَنَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ تَأْخُذُ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَاعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُمُعَةِ لِتَعَيُّنِهَا عَلَيْهِ وَإِذَا خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَقْضِيهِ قَالُوا إلَّا أَنْ يَجْهَلَ ذَلِكَ كَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ فَيُعْذَرُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ فَلَوْ نَذَرَ أَيَّامًا لَا جُمُعَةَ فِيهَا وَأَرَادَ اعْتِكَافَهَا فَمَرِضَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ فَصَادَفَ الْجُمُعَةَ فَلَا خِلَافَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ تَأَمَّلْ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ، قَوْلُهُ: (كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ) فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَأَحْرَى هُمَا فَيَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ لِبِرِّهِمَا لِوُجُوبِهِ بِالشَّرْعِ فَهُوَ فَوْقَ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِكَافِ وَلَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ عَنْهَا فَهُوَ عَارِضٌ كَالْخُرُوجِ لِتَخَلُّصِ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى وَفِي شَرْحِ (هـ) تَنْبِيهٌ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يَجْرِي فِي الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَيْضًا وَمُرَادُهُ بِأَبَوَيْهِ أَبَوَاهُ دَنِيَّةً كَذَا يَنْبَغِي (ص) لَا جِنَازَتُهُمَا مَعًا (ش) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِجِنَازَةِ أَبَوَيْهِ مَعًا فَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا لِجِنَازَةِ أَحَدِهِمَا فَيَخْرُجُ وُجُوبًا لِمَا فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ عُقُوقِ الْحَيِّ أَيْ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ فِي مَوْتِهِمَا مَعًا وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ (ص) وَكَشَهَادَةٍ، وَإِنْ وَجَبَتْ وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ، أَوْ تُنْقَلْ عَنْهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُؤَدِّيهَا، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَأْتِيَهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا، أَوْ تُنْقَلَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ شُرُوطُ النَّقْلِ مِنْ غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ مَرَضٍ لِلضَّرُورَةِ، وَقَوْلُهُ: وَكَشَهَادَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى جِنَازَتُهُمَا أَيْ وَلَا كَشَهَادَةٍ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ وَهِيَ مُدْخِلَةٌ لِلدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُوَفِّيهِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْرُجُ لَا لِلتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ الْعَطْفِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَكَرِدَّةٍ) إلَى بُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِيهِ وَالرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْعَمَلَ وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُهُ إذَا تَابَ وَظَاهِرُهُ بِالرِّدَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مُعَيَّنَةً وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَكَرِدَّةٍ يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ. (ص) وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ (ش) مُبْطِلٌ اسْمُ فَاعِلٍ مُنَوَّنٌ وَفَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ وَصَوْمَهُ مَفْعُولُهُ أَيْ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا أَبْطَلَ صَوْمَهُ بِفِطْرِ الْغِذَاءِ أَفْسَدَ اعْتِكَافَهُ وَاسْتَأْنَفَهُ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ) أَيْ: بِجَهْلِ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ فِي مَحَلٍّ يَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَهَذَا التَّقْيِيدُ لِلْفِيشِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عج وَلَعَلَّهُ قَوْلُهُ: قَالُوا لِلتَّبَرِّي (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ إلَخْ) ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ لِلْجَامِعِ الْأَوَّلِ فَإِذَا جَاءَتْ الْجُمُعَةُ يَخْرُجُ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ هَذِهِ قَوْلُهُ: أَوْ انْتِهَاءً فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ إشَارَةٌ إلَى ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ وَأَنْ الرَّاجِحَ الْبُطْلَانُ كَمَا هُوَ مُفَادُ أَوَّلِ الْعِبَارَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ) وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَ مَنْذُورًا، وَالْمَرَضُ خَفِيفًا فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بَطَلَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِالْخُرُوجِ لِجِنَازَتِهِمَا وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَادِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلِهِ مَعًا) فِيهِ تَجُوزُ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُقَارَنَةَ، بَلْ الْمُرَادُ بِهَا تَمَامُ مَوْتِهِمَا مَاتَا مَعًا، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ بِأَنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَدُفِنَ ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا يَخْرُجُ لِزِيَارَتِهِمَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ وَحَكَى فِي مِثْلِهِ قَوْلَيْنِ هَلْ يَبْنِي عَلَى اعْتِكَافِهِ، أَوْ يَبْتَدِئُ؟ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ) ، وَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ: لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ) أَيْ: أَوْ تَحَمُّلِهَا؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ كَالْأَدَاءِ، اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْأَدَاءِ وَكَذَا الْكَافِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَدَاءِ قَالَ الْبَدْرُ إذْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَخْرُجُ، وَإِنْ وَجَبَ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ فِي الْأَدَاءِ، وَأَمَّا التَّحَمُّلُ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ إلَخْ) هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْعَاطِفِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِدُونِ عَطْفٍ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ فِي قَوْلِهِ لَا جِنَازَتُهُمَا أَيْ: لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا لَا يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ كَشَهَادَةٍ إمَّا بِغَيْرِ عَطْفٍ رَاجِعٍ لِلنَّفْيِ فِي قَوْلِهِ: لَا جِنَازَتُهُمَا مَعًا أَيْ: لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا لَا يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ وَعَلَى الْعَطْفِ فَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ، أَمَّا قَوْلُهُ: جِنَازَتُهُمَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي أَحَدِ حُكْمَيْهِ وَهُوَ الْبُطْلَانُ لَا فِي مَجْمُوعِ الْحُكْمَيْنِ مِنْ وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَبَتْ مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ عَلَى نُسْخَةِ عَدَمِ الْعَاطِفِ، أَوْ عَلَى الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: جِنَازَتُهُمَا، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْبُطْلَانِ وَقَوْلُهُ: وَكَرِدَّةٍ، إمَّا أَنْ يَعْطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ، أَوْ عَلَى جِنَازَتِهِمَا (قَوْلُهُ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ) أَيْ: لِتَمْثِيلِ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا شَيْءَ مِثْلُ شَهَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَكَرِدَّةٍ إلَى بُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ قَوْلُهُ وَكَشَهَادَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: لَا جِنَازَتُهُمَا مَعًا يَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ، وَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ فَإِذَا عَطَفْت قَوْلَهُ وَكَرِدَّةٍ عَلَى جِنَازَتِهِمَا تَكُونُ الْمُشَارَكَةُ فِي الْبُطْلَانِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْصُلُ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِجِنَازَتِهِمَا الْبُطْلَانُ كَذَلِكَ يَحْصُلُ عِنْدَ الرِّدَّةِ الْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُهُ إذَا تَابَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الرِّدَّةُ وَالسُّكْرُ الْمُكْتَسَبُ مَانِعَانِ مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ قَارِنًا الِابْتِدَاءَ، أَوْ طَرَآ وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهُ بِطُرُوِّ أَحَدِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: مُبْطِلٌ اسْمُ فَاعِلٍ مُنَوَّنٌ) أَيْ: وَكَإِبْطَالِ مُبْطِلٍ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْمُبْطِلَاتِ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَفْسَدَ اعْتِكَافَهُ وَاسْتَأْنَفَهُ) ، وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَفْسَدَ عِبَادَةً لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ كَانَ مَنْذُورًا، وَلَوْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً وَفَاتَتْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ أَيْ: أَوْ شَرِبَهُ مُتَعَمِّدًا (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْنَفَهُ) أَيْ: مِنْ أَوَّلِهِ لَا أَنَّهُ يَبْنِي؛ لِأَنَّ الَّذِي يَبْنِي هُوَ الْمَغْلُوبُ عَلَى الْبُطْلَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 أَمَّا لَوْ بَطَلَ صَوْمُهُ بِمَا لَيْسَ بِسَبَبِهِ كَأَكْلِهِ نَاسِيًا، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا عَدَا الْوَطْءَ وَمُقَدَّمَاتِهِ كَحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ قَضَى مُتَّصِلًا كَانَ الصَّوْمُ نَذْرًا مُعَيَّنًا، أَوْ مُبْهَمًا، أَوْ وَاجِبًا غَيْرَهُمَا فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَفِي قَضَائِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَا عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ ظَاهِرِهَا وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَيْضًا مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَلَوْ قُرِئَ مُبْطِلُ صَوْمِهِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَائِدًا ضَمِيرُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ دَخَلَ فِيهِ الْحَائِضُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُفْطِرُ نَاسِيًا، وَهُوَ فَاسِدٌ، أَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ فَعَمْدُهَا وَسَهْوُهَا سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَكْلِ أَنَّهَا مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ بِخِلَافِهِ وَلِهَذَا يَأْكُلُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الصَّوْمِ. (ص) وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا سَكِرَ بِشَيْءٍ حَرَامٍ لَيْلًا وَأَوْلَى نَهَارًا فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ وَإِنْ صَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَمَّا بِحَلَالٍ فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُ يَوْمِهِ إنْ حَصَلَ السُّكْرُ نَهَارًا كَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ فِي الْإِغْمَاءِ: أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ، أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلُكْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ جَرَى عَلَى تَقْيِيدِ كَوْنِ السُّكْرِ حَرَامًا، قَوْلُهُ: (وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ) غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّوْمِ كَقَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ (بِهِ) أَيْ بِالسُّكْرِ الْحَرَامِ بِجَامِعِ الذَّنْبِ، وَهُوَ فَهْمُ الْعِرَاقِيِّينَ وَعَدَمِ إلْحَاقِهَا بِهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بِتَعْطِيلِ الزَّمَنِ، وَهُوَ فَهْمُ الْمَغَارِبَةِ (تَأْوِيلَانِ) وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إبْطَالِهِ بِالصَّغَائِرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ. (ص) وَبِعَدَمِ وَطْءٍ وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ وَلَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصِحَّتِهِ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّ صِحَّةَ الِاعْتِكَافِ كَائِنَةٌ بِعَدَمِ وَطْءٍ وَبِعَدَمِ قُبْلَةِ شَهْوَةٍ فَإِنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ، أَوْ وَجَدَهَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ فَلَوْ قَبَّلَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى، أَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَلَا قَصَدَ اللَّذَّةَ وَلَا وَجَدَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ   [حاشية العدوي] كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِبُنْيَانٍ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ لِأَنَّهُمَا، وَإِنْ خَرَجَا مِنْ الْمُعْتَكَفِ عَلَيْهِمَا حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَلِذَا يَرْجِعُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَبْطَلَ صَوْمَهُ) أَشَارَ لِهَذَا عج فَقَالَ وَيَقْضِي الْيَوْمَ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فِيهِ ذَلِكَ وَاصِلًا لَهُ بِاعْتِكَافِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، أَوْ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ تَعْيِينًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ إنْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ لَمْ يَقْضِهِ، فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرْته مِنْ قَضَاءِ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ قُلْت: الصَّوْمُ هُنَا لَمَّا انْضَمَّ لَهُ اعْتِكَافٌ وَهُوَ مُشْبِهٌ لِلْحَجِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، وَفِي مَنْعِ الْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ فِيهِ لَيْلًا تَقَوَّى جَانِبُ الصَّوْمِ فَلِهَذَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي التَّطَوُّعِ نَاسِيًا، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي الِاعْتِكَافِ تَقَوَّى جَانِبُهُ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أَوْجَبْتُمْ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي التَّطَوُّعِ دُونَ مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ مَعَ أَنَّهُ فِي كُلٍّ غَيْرُ مُتَسَبِّبٍ فِي حُصُولِ الْمَانِعِ؟ قُلْت: النَّاسِي مَعَهُ نَوْعُ تَفْرِيطٍ مَعَ مَا انْضَمَّ لَهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ الْمُوجِبِ لِقَضَائِهِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ اُنْظُرْ عج. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ عج أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا وَحَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ أَوْ الْحَيْضُ، أَوْ النِّفَاسُ فَإِنَّهُ يَقْضِيه مُتَّصِلًا مُعْتَكِفًا، إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونَ: إذَا اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ فَمَرِضَ ثُمَّ خَرَجَ رَمَضَانُ ثُمَّ أَفَاقَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَلْيَعْتَكِفْ فِيهِ اهـ. وَمُرَادُهُ الْمَنْذُورُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ كَلَامُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: كَانَ الصَّوْمُ نَذْرًا مُعَيَّنًا) أَيْ: وَطَرَأَ الْحَيْضُ أَوْ النِّفَاسُ، أَوْ الْمَرَضُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ وَإِلَّا فَلَا يَقْضِي كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَاسِيًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِأَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ مُتَعَمِّدًا فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، كَانَ الصَّوْمُ مَنْذُورًا مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ وَاجِبًا غَيْرَهُمَا كَرَمَضَانَ مَثَلًا، أَوْ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ فَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ وَيَبْنِي مَعَ الْقَضَاءِ، لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ الْمَنْذُورِ مُطْلَقًا مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ وَاجِبًا غَيْرَهُمَا كَرَمَضَانَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ فَفِي الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا قَضَاءَ، وَفِي النِّسْيَانِ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْقَضَاءُ. (قَوْلُهُ: قَوْلَا عَبْدِ الْمَلِكِ) أَيْ: فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا مَنْ أَكَلَ يَوْمًا مِنْ اعْتِكَافِهِ نَاسِيًا يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا يُقْضَى فِيهِ بِالنِّسْيَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: عَائِدًا ضَمِيرُهُ إلَخْ) ، وَالْمَعْنَى: وَكَالشَّيْءِ الْعَارِضِ الَّذِي أَبْطَلَ صَوْمَهُ مِنْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ فِطْرٍ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ فَاسِدٌ) وَإِنَّمَا كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَالْعِيدِ فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ كَمَا سَيَأْتِي وَكَلَامُهُ هُنَا فِي الْبُطْلَانِ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ وَعَدَمُهُ فَسَيَأْتِيَانِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بِفِطْرِ الْغِذَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا) قَالَ بَعْضٌ: وَكُلُّ مُخَدِّرٍ، فَلَوْ شَرِبَ كُلَّ مَا يَعْتَرِيهِ مِنْهُ تَغْيِيبٌ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ لِصَوْمٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْمُفْسِدِ لِلصَّوْمِ مُوَالَاةُ النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ حَتَّى أَمَذَى فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ) أَيْ: لَا فِي نَقْلِ الْأَقَلِّ فَفِيهَا الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ وَطْءٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ) مِنْ بَابِ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبَّلَ صَغِيرَةً إلَخْ) ، وَأَمَّا الْوَطْءُ لَيْلًا فَيُبْطِلُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مُطِيقَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَدْنَاهُ أَنْ يَكُونَ كَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ وَلَمْسٍ فَهُوَ كَالْوُضُوءِ لَا كَالصِّيَامِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً الْإِجْمَاعُ يُوجِبُ الْغُسْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 اعْتِكَافَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَطْءُ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ كَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ، قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ وَطْءٍ أَيْ مُبَاحٍ لَيْلًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ أَوْ نَهَارًا فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ، وَقَوْلُهُ: شَهْوَةٍ يَنْبَغِي فِي غَيْرِ الْفَمِ وَإِلَّا فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ أَيْ لَمْسِ شَهْوَةٍ وَمُبَاشَرَةِ شَهْوَةٍ فَقَدْ حَذَفَ شَهْوَةً مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ أَنَزَلَ أَمْ لَا عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا وَهَذِهِ تَرُدُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ سَهْوُ غَيْرِ الْأَكْلِ كَالْأَكْلِ (ص) ، وَإِنْ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ لِعُكُوفِهَا الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ وَلَا مَفْهُومَ لِلْحَيْضِ، بَلْ الْمَرَضُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ أَوْ الِاعْتِكَافِ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ نَاسِيَةٍ أَحْرَوِيٌّ، ثُمَّ أَنَّ اللَّامَ لَامُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ لِحَائِضٍ كَانَتْ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى مِنْ. (ص) وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ، أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلَا مَنْعَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ السَّيِّدَ أَوْ الزَّوْجَ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الَّذِي تَضُرُّ عِبَادَتُهُ بِعَمَلِهِ، أَوْ امْرَأَتِهِ الَّتِي يَحْتَاجُ زَوْجُهَا لَهَا فِي نَذْرِ عِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ الْوَفَاءِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَهُ الْمَنْعُ وَلَوْ دَخَلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ، أَوْ الزَّوْجُ لِعَبْدِهِ، أَوْ لِامْرَأَتِهِ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً دُونَ نَذْرٍ فَلَا يَقْطَعُهُ عَلَيْهِمَا إنْ دَخَلَا فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (كَغَيْرِهِ إنْ دَخَلَا) أَيْ كَإِذْنِهِ فِي غَيْرِ النَّذْرِ، بَلْ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً إنْ دَخَلَا أَيْ فِي النَّذْرِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الِاعْتِكَافِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ النَّذْر فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ الْعَبْدُ وَقَعَ مِنِّي النَّذْرُ وَخَالَفَ السَّيِّدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَكَذَا الزَّوْجَةُ. (ص) وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ أَوْ عِدَّةً (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتَكِفَةً، أَوْ مُحْرِمَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى اعْتِكَافِهَا أَوْ إحْرَامِهَا وَلَا تُخَاطَبُ بِالْمُكْثِ بِمَنْزِلِ الْعِدَّةِ فَلَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ، ثُمَّ نَذَرَتْ الِاعْتِكَافَ فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى عِدَّتِهَا فَإِذَا أَتَمَّتْهَا اعْتَكَفَتْ إنْ كَانَ مَضْمُونًا، أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَإِنْ فَاتَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فِيهِ فَقَوْلُهُ مَا سَبَقَ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي سَبَقَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الِاعْتِكَافِ، أَوْ الْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ، أَوْ عِدَّةٍ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: 1] أَيْ: أَوْ مَا سَبَقَ مِنْ عِدَّةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ وَيَبْطُلُ) إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ، ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ فَإِنَّ إحْرَامَهَا بِالْحَجِّ يَنْفُذُ وَتَذْهَبُ إلَيْهِ وَيَبْطُلُ إنْ كَانَ بِالتَّحْتِيَّةِ فَضَمِيرُهُ لِلْمَبِيتِ أَيْ وَيَبْطُلُ حَقُّهَا فِي الْمَبِيتِ، وَإِنْ كَانَ بِالْفَوْقِيَّةِ فَضَمِيرُهُ يَرْجِعُ لِلْعِدَّةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ يَبْطُلُ مَبِيتُ عِدَّتِهَا وَمِنْ تَقْيِيدِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَطْءُ النَّائِمَةِ وَالْمُكْرَهَةِ إلَخْ) أَيْ: فَيُبْطِلُ اعْتِكَافَهُمَا فَفِي ك عَنْ الْحَطَّابِ وَإِنَّ الْمَوْطُوءَةَ نَائِمَةً وَالْمُكْرَهَةَ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُمَا، وَأَمَّا تَقْبِيلُهَا وَاللَّمْسُ بِهَا مُكْرَهَةً فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى وُجُودُ اللَّذَّةِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا فِي ك، وَبِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُمَا يُظْهِرُ سِرَّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَبِعَدَمِ وَطْءٍ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَمْسٍ وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ فَلَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ وَبِعَدَمِ وَطْءٍ (قَوْلُهُ فَقَدْ دَخَلَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُبَاحِ لَيْلًا (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي فِي غَيْرِ الْفَمِ وَإِلَّا فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ) زَادَ فِي ك وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الشَّهْوَةَ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ هَذَا بَحْثٌ لِلزَّرْقَانِيِّ رَدَّهُ عج وَجَعَلَهُ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ) أَيْ: كَالْعِيدِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الِاعْتِكَافِ كَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ لِحَائِضٍ كَانَتْ فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا) أَيْ: وَقَوْلُهُ: نَاسِيَةً لَا يُعَيَّنُ أَنَّهَا فَاعِلَةٌ لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْمُقَبِّلِ، أَوْ اللَّامِسِ أَوْ الْمُبَاشِرِ لَهَا غَيْرُهَا وَهِيَ نَاسِيَةٌ وَبَالَغَ الْمُصَنِّفُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ نَاسِيَةً كَانَتْ مَعْذُورَةً؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا الْتَذَّتْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ النَّذْرِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: الْإِذْنُ فِي الْمُعَيَّنِ فَلَا مَنْعَ مُطْلَقًا: الْإِذْنُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لَهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا: الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ فَقَطْ لَهُ إنْ لَمْ يَدْخُلَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ . (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ إلَخْ) أَيْ: فِعْلًا لَا نَذْرًا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا نَذَرَتْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَطَلُقَتْ، أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الشَّهْرُ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّتِهَا وَلَا تَقْضِي الِاعْتِكَافَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ فِي الْفِعْلِ لَكِنْ تَصُومُ الشَّهْرَ عِنْدَ مَجِيئِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عِدَّةً) فَإِذَا أَتَمَّتْهَا فَإِنْ كَانَ نَذْرُهَا مُطْلَقًا فَعَلَتْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَضَى وَقْتُهُ لَمْ تَقْضِهِ عِنْدَ سَحْنُونَ قَالَهُ فِي النُّكَتِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ) بَالَغَ عَلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الشِّدَّةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْإِحْدَادِ (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ) أَيْ: مَعَ الْعِصْيَانِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الشَّارِحِ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى الْعِدَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ طُرُوُّ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَطُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى عِدَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَطُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ إلَّا فِي طُرُوِّ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ وَإِذَا طَرَأَ إحْرَامٌ عَلَى اعْتِكَافٍ فَتُتِمُّ الِاعْتِكَافَ إلَّا أَنْ تَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ فَتُقَدِّمُهُ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ، أَوْ نَفْلَيْنِ، أَوْ الْإِحْرَامُ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا، فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ فَرْضًا وَالْإِحْرَامُ نَفْلًا تَمَّمَتْ الِاعْتِكَافَ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَ عج وَلَكِنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت يُنَافِيه فَإِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمَا أَنَّهَا تُتِمُّ الِاعْتِكَافَ مُطْلَقًا أَيْ: خَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ، أَوْ لَا وَلَك أَنْ تَجْعَلَ الصُّوَرَ سِتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إمَّا مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ، أَوْ عَكْسُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَالْإِحْرَامُ إمَّا بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَطَرَأَ عَلَى عِدَّةٍ بِصُورَتَيْهَا أَوْ تَطْرَأُ هِيَ بِصُورَتَيْهَا عَلَيْهِ، أَوْ يَطْرَأُ اعْتِكَافٌ عَلَى إحْرَامٍ بِصُورَتَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ كُلٍّ. وَانْظُرْ لَوْ تَقَارَنَ أَمْرَانِ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ السَّابِقُ لَوْ تَرَتَّبَا كَمَا إذَا قَارَنَتْ الْعِدَّةُ، أَوْ الْإِحْرَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 النُّفُوذِ فِي الْإِحْرَامِ الطَّارِئِ بِالْمُعْتَدَّةِ يُفْهَمُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ لَا يَنْفُذُ إذَا أَحْرَمَتْ، بَلْ تَبْقَى عَلَى اعْتِكَافِهَا حَتَّى تُتِمَّهُ إذْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا تَخْرُجُ لِلْحَجِّ إذَا أَحْرَمَتْ لَبَطَلَ اعْتِكَافُهَا لِكَوْنِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَبْطُلُ الْمَبِيتُ لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ وَهُنَا مَسَائِلُ ذَكَرْنَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَفِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى تت. (ص) ، وَإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْرًا فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ (ش) أَيْ، وَإِنْ مَنَعَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْوَفَاءَ بِنَذْرٍ نَذَرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَيْهِ وَفَاؤُهُ إنْ عَتَقَ حَيْثُ كَانَ مَضْمُونًا عِنْدَ سَحْنُونَ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ مُعَيَّنًا مَضَى زَمَنُهُ وَيَقْضِيه وَظَاهِرُ صَنِيعِ التَّوْضِيحِ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونَ خِلَافٌ لَا تَقْيِيدٌ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا نَذَرَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَبَعًا ل (هـ) فِي شَرْحِهِ وَنَصُّهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ فِعْلِ مَا نَذَرَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَلِمَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ فِعْلِ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ وَأَطَاعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِأَنْ تَرَكَ الدُّخُولَ فِي نَذْرِهِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ خَاصًّا بِالْأَوَّلِ وَيُفْهَمُ الثَّانِي بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الثَّانِي عَلَيْهِ بَدَلُ مَا مَنَعَهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْجَارِي فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ نَذْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَكَانَ مُعَيَّنًا مِنْ أَنَّهُ هَلْ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وز وَأَيْضًا فَإِنَّهُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ لَمْ يَعْتِقْ، وَأَمَّا إنْ مَنَعَهُ مِنْ نَذْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِي نَذْرِهِ، أَوْ مِنْ فِعْلِ مَا تَطَوَّعَ بِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ص) وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ (ش) أَيْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْمُكَاتَبِ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ يَسِيرَ الِاعْتِكَافِ يَنْبَغِي وَالصَّوْمَ وَبَقِيَّةَ الْعِبَادَاتِ، وَهُوَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى سَيِّدِهِ فِي عَمَلِهِ وَوَفَاءِ نُجُومِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ كَثِيرٍ يَضُرُّ بِذَلِكَ فَلَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهَا وَعَجَّزَهُ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَيَبْقَى دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ اعْتَكَفَ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْرَاجُهُ وَمِنْ بَعْضِهِ حُرٌّ يَعْتَكِفُ فِي يَوْمِ خِدْمَةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ لَمْ يَعْتَكِفْ إلَّا بِإِذْنِهِ. (ص) وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً (ش) أَيْ وَكَذَا تَلْزَمُهُ لَيْلَةٌ إنْ نَذَرَ يَوْمًا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ (ص) لَا بَعْضَ يَوْمٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْجِوَارَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى، وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ لَا بَعْضَ يَوْمٍ مَعَ نَقْلِ تت عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ نَذْرِ طَاعَةٍ نَاقِصَةٍ كَصَلَاةِ رَكْعَةٍ، أَوْ صَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ لَزِمَهُ إكْمَالُهَا عِنْدَهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ هَلْ لِلِاعْتِكَافِ خُصُوصِيَّةٌ أَوْ هُوَ خِلَافٌ، وَانْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) ، وَتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ تَتَابُعُ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِيمَا إذَا كَانَ مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَتَابُعٍ وَلَا عَدَمِهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ، أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَا يُفَرَّقُ ذَلِكَ اهـ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا، أَوْ أَيَّامًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا يُفْعَلُ فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ فَكَيْفَ مَا أَصَابَهُ مُتَتَابِعًا أَوْ مُفَرَّقًا إذَا أَوْفَى الْعِدَّةَ فَقَدْ جَاءَ بِنَذْرِهِ، وَالِاعْتِكَافُ يَسْتَغْرِقُ الزَّمَانَيْنِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَكَانَ حُكْمُهُ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ اعْتِبَارًا بِأَجَلِ الْإِجَارَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالدُّيُونِ وَالْأَيْمَانِ لَمَّا كَانَتْ   [حاشية العدوي] الِاعْتِكَافَ أَيُّهُمَا يَغْلِبُ وَيُقَدَّمُ كَذَا نَظَرَ عج . (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْرَهُ إلَخْ) ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ عَيْبٌ يَبْخَسُ مِنْ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ النَّذْرِ كَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَأَطَاعَ الْعَبْدُ) ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُطِعْهُ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي النَّذْرِ وَكَانَ مُعَيَّنًا وَنَذْرَهُ لَهُ مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ: فَيَكُونُ ظَاهِرُ صَنِيعِ التَّوْضِيحِ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَيُفْهَمُ الثَّانِي إلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ خَاصًّا بِالْأَوَّلِ لِشَيْئَيْنِ: كَوْنِهِ يُفْهَمُ فِي الثَّانِي بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَأَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ) هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْكَثِيرِ ثُمَّ أَقُولُ: إنَّ إخْرَاجَ الْحَاكِمِ فَرْعٌ عَنْ مَنْعِ السَّيِّدِ لَا أَنَّ مَنْعَ السَّيِّدِ مُتَفَرِّعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ) ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ إذَا نَذَرَ لَيْلَةً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الصَّوْمُ زَادَ فِي ك وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَلْزَمُهُ مِنْ هَذَا إنَّمَا هِيَ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ لَا الَّتِي بَعْدَهَا كَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُ فِي هَذِهِ الدُّخُولُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، أَوْ مَعَهُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَا بَعْضَ يَوْمٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَيْلَةً أَيْ: فَلَا يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَإِذَا انْتَفَى لُزُومُ الْيَوْمِ مَعَ أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا نَذَرَهُ وَهُوَ بَعْضُ الْيَوْمِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ: لَا الْيَوْمُ وَلَا بَعْضُ الْيَوْمِ إلَّا إنْ نَفَى لُزُومَ الْيَوْمِ بِطَرِيقِ الصَّرَاحَةِ وَنَفَى لُزُومَ الْبَعْضِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: هَلْ لِلِاعْتِكَافِ خُصُوصِيَّةٌ؟) وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ بَعْضٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَمَّا كَانَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ الْمُنَاسِبُ امْتِثَالُ كَلَامِهِ فَنَقُولُ قَالَ فِي ك قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ بِأَنَّ الرَّكْعَةَ يَقَعُ بِهَا التَّنَفُّلُ فِي الْجُمْلَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يَتَّجِهُ فِيمَا إذَا نَذَرَ بَعْضَ رَكْعَةٍ إنْ قُلْنَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَتَيْنِ وَلَا يُتِمُّ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا كَانَ مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ وَأَيْضًا هُوَ مِثْلُ الصَّلَاةِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الدَّعَائِمِ وَلَحِقَ بِهَا وَهَذَا الْجَوَابُ يَأْتِي فِي بَعْضِ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِأَجَلِ الْإِجَارَةِ) فَإِذَا اسْتَأْجَرَ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا فَهُوَ شَامِلٌ لِلَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقَوْلُهُ: وَالْخِدْمَةِ أَيْ: وَأَجَلُ الْخِدْمَةِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَإِذَا اسْتَأْجَرْت شَخْصًا لِلْخِدْمَةِ فَيَشْمَلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونِ) فَإِذَا بَاعَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ لِشَهْرِ رَجَبٍ مَثَلًا فَلَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ لَا فِي اللَّيْلِ وَلَا فِي النَّهَارِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَيْمَانِ - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - كَمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا شَهْرًا فَهُوَ يَسْتَغْرِقُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَتْ) أَيْ: تِلْكَ الْأَشْيَاءُ أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 تَسْتَغْرِقُ الزَّمَانَيْنِ جَمِيعًا فَوَجَبَ تَتَابُعُهَا وَالشُّرُوعُ فِيهَا عَقِبَ عَقْدِهَا فَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ نِيَّةُ التَّتَابُعِ وَلَا نِيَّةُ عَدَمِهِ فَإِنْ حَصَلَ فِيهِ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا فِيهِ نِيَّةُ التَّتَابُعِ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْأَوْلَى وَهَذَا فِي النَّذْرِ الْمَلْفُوظِ بِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (ص) وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُعْتَكِفَ مَنْوِيُّهُ مِنْ تَتَابُعٍ وَتَفْرِيقٍ وَقْتَ الشُّرُوعِ، وَهُوَ حِينَ دُخُولِهِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا، فَقَوْلُهُ: حِينَ دُخُولِهِ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَهُ لَا بِمَنْوِيِّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَلْزَمُهُ مَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ أَيْ وَلَزِمَ الْمُكَلَّفَ حِينَ دُخُولِهِ فِي الِاعْتِكَافِ مَنْوِيُّهُ مِنْ جَمْعٍ، أَوْ تَفْرِيقٍ، أَوْ عَدَدٍ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَقْصُودُهُ أَنَّ الدُّخُولَ سَبَبٌ لِلُّزُومِ وَعِبَارَتُهُ لَا تُؤَدِّي ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ بِدُخُولِهِ أَوْ لِدُخُولِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ مَعَ تَأْدِيَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ. (ص) كَمُطْلَقِ الْجُوَارِ (ش) الْجُوَارُ بِالضَّمِّ وَقَدْ تُكْسَرُ وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَهَذَا تَشْبِيهٌ فِي كُلِّ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ السَّابِقَةِ قَالَ فِيهَا الْجُوَارُ كَالِاعْتِكَافِ فَيَلْزَمُهُ فِيهِ الصَّوْمُ لَكِنْ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ مَا لَمْ يَنْوِ فِي الْجُوَارِ الْمُطْلَقِ الْفِطْرَ، وَأَمَّا إنْ نَوَاهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ كَالْمُقَيَّدِ وَيَلْزَمُ فِي مُطْلَقِ الْجُوَارِ التَّتَابُعُ فِي مُطْلَقِهِ وَالْمَنْوِيُّ حِينَ دُخُولِهِ وَيُفْسِدُهُ مَا يُفْسِدُهُ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ سَنَدٌ مَنْ قَالَهُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ لَيْلًا وَنَهَارًا عِدَّةَ أَيَّامٍ فَهَذَا نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ الْجُوَارِ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُجَاوِرُ عَشْرَهَ أَيَّامٍ فَيَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيَمْتَنِعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ فِي الِاعْتِكَافِ، وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ اعْتِكَافًا وَلَا جِوَارًا إلَّا أَنَّهُ نَوَى مُلَازَمَةَ الْمَسْجِدِ لِلْعِبَادَةِ أَيَّامًا إلَيْهِ وَشَرَعَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سُنَّةُ الِاعْتِكَافِ (ص) لَا النَّهَارُ فَقَطْ (ش) أَيْ لَا الْجِوَارُ بِمَسْجِدٍ بِقَيْدِ النَّهَارِ فَقَطْ دُونَ اللَّيْلِ فَلَيْسَ فِي أَحْكَامِهِ كَالِاعْتِكَافِ وَلَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ، بَلْ بِاللَّفْظِ بِنَذْرِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَبِاللَّفْظِ) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُوَارِ الْمُقَيَّدِ بِاللَّيْلِ فَقَطْ وَفِي الْجُوَارِ الْمُطْلَقِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِالنَّهَارِ لِقَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ حِينَئِذٍ صَوْمٌ) إذْ الْمُقَيَّدُ بِاللَّيْلِ أَوْ الْمُطْلَقِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ وَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الصَّوْمُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلنَّصِّ عَلَى نَفْيِهِ أَيْ: وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ أَيْ: فِي الْجُوَارِ الْمُقَيَّدِ بِالنَّهَارِ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ لَفَظَ بِنَذْرِهِ؛ صَوْمٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِكَافِ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِنَذْرِهِ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارَهُ وَيَخْرُجُ لِمَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ، وَلَا يَخْرُجُ لِمَا لَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (ص) وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ نِيَّةُ تَتَابُعٍ وَلَا عَدَمِهِ) فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي النَّذْرِ الْمَلْفُوظِ) الْمَلْفُوظُ وَصْفٌ كَاشِفٌ وَقَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَمَنْوِيُّهُ إلَخْ فَمُرَادُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْوِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَتَابُعٍ وَتَفْرِيقٍ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي لُزُومُ تَتَابُعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ، فَالْمَعْنَى: أَنَّ الِاعْتِكَافَ الْمَنْوِيَّ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ لَا يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِهِ إلَّا إنْ دَخَلَ الْمُعْتَكَفَ فَيَلْزَمُهُ وَيَأْتِي بِهَا مُتَتَابِعًا إنْ نَوَى التَّتَابُعَ، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ غَيْرَ نَاوٍ التَّتَابُعَ، أَوْ التَّفْرِيقَ فَيَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ أَيْضًا، وَنِيَّةُ الِاعْتِكَافِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ النَّذْرِ تُؤْثِرُ اللُّزُومَ بِسَبَبِ الدُّخُولِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْجُوَارِ لَا يَلْزَمُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ إلَّا فِي يَوْمِ الدُّخُولِ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ خِلَافُ مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّتَابُعِ، أَوْ عَدَمِهِ لَا بِأَصْلِ الِاعْتِكَافِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا أَيْ: نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَلْزَمُهُ) أَيْ: يُعْرَفُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ (قَوْلُهُ: مَقْصُودُهُ أَنَّ الدُّخُولَ سَبَبٌ فِي اللُّزُومِ) هَذَا عَلَى سُنَنِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: سَبَبٌ لِلُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الِاعْتِكَافِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا وَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ بَعْضٌ أَنَّ التَّطَوُّعَاتِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا تَتَعَيَّنُ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا، وَأَمَّا بَعْدَ نِيَّتِهَا وَقَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذِرْهَا وَإِنَّمَا نَوَى فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالشُّرُوعِ. (قَوْلُهُ:، وَقَدْ تُكْسَرُ) ، وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّمَّ هُوَ الْكَثِيرُ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْجِوَارُ أَيْ: بِالضَّمِّ، وَقَدْ تُكْسَرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَمُطْلَقِ الْجُوَارِ تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَلَا عَدَمَهُ، وَإِنْ نَوَى عَدَمَ التَّتَابُعِ عُمِلَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا، أَوْ مَنْوِيًّا وَيَلْزَمُ فِيهِ الصَّوْمُ وَيُفْعَلُ فِيهِ مَا يُفْعَلُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُمْنَعُ فِيهِ مَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَيُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُهُ وَيُبْنَى فِيهِ مَا يُبْنَى فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ إلَخْ) أَيْ: فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَالْجِوَارِ الْمُطْلَقِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مُطْلَقِ الْمَاءِ وَالْمَاءِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّيَّةِ) الْمُنَاسِبُ لَا بِالدُّخُولِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُوجِبُ وَلَوْ فِي الْجُوَارِ الْمُطْلَقِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجُوَارَ الْمُطْلَقَ إذَا نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا نَذَرَهُ بِاللَّفْظِ لَا بِالدُّخُولِ كَمَا أَنَّ الْمُقَيَّدَ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا نَذَرَهُ بِاللَّفْظِ بِأَنْ قَالَ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ نَهَارًا أَيْ: أَوْ لَيْلَةً، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ الْمَسْجِدِ أَيَّامًا وَنَوَى الْفِطْرَ، أَوْ نَوَى الْمَسْجِدَ نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ كَالْمُقَيَّدِ) أَيْ: أَنَّ الْمُقَيَّدَ إنَّمَا يَلْزَمُ بِاللَّفْظِ أَيْ: بِنَذْرِهِ لَا بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ) أَيْ: وَهَذَا فِي مَعْنَى الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ لَمْ يُسَمَّ اعْتِكَافًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يُسَمَّى اعْتِكَافًا وَتَارَةً يُسَمَّى جِوَارًا وَتَارَةً لَا يُسَمَّى شَيْئًا وَإِنَّمَا يَنْوِي مُلَازَمَةَ الْمَسْجِدِ لِلْعِبَادَةِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ حُكْمُهَا وَاحِدٌ فِي أَنَّهُ يُطَالَبُ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ نَوَى) أَيْ: وَلَمْ يَنْذِرْ أَيْ: وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ فَيَكُونُ كَالِاعْتِكَافِ وَالْجِوَارِ الْمَنْذُورَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ) الْمُنَاسِبُ: وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 فَبِاللَّفْظِ أَيْ: فَبِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا يُوهِمُ عَدَمَ اللُّزُومِ مُطْلَقًا أَيْ: فِي يَوْمِ الدُّخُولِ وَفِي غَيْرِهِ قَالَ: وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ تَأْوِيلَانِ فَهُمَا فِي الْجَوَازِ الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ أَيْ: هَلْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَهُ أَمْ لَا؟ ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا، وَمَا ذَكَرَهُ ق مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلِمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ تَبِعَ فِيهِ ح وَالشَّارِحُ مَعَ أَنَّ سَنَدًا حَكَى الِاتِّفَاقَ فِيمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ زَادَ هـ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلَّفِ عَلَيْهِ. (ص) وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَاذِرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ يَوْمٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَزِمَ يَوْمٌ أَيْ: وَلَزِمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِسَاحِلٍ أَيْ: بِثَغْرٍ مِنْ الْأَثْغَارِ كَعَسْقَلَانَ وَدِمْيَاطَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَا ذَكَرَ سَاحِلًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ يَكُونَ الثَّغْرُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَأَحْرَى فِي اللُّزُومِ الْإِتْيَانُ إلَى أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِنَذْرِ صَوْمٍ بِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي نَذَرَ فِعْلَهُ بِهَا فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا، وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَالشَّاذِلِيُّ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ وَتَحْقِيقِ الْمَبَانِي. . (ص) وَالْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ لِنَاذِرِ عُكُوفٍ بِهَا (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى سَاحِلٍ الْمَجْرُورِ أَيْ: وَلَزِمَ إتْيَانُ الْمَسَاجِدِ إلَخْ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَاصٌّ بِهَا لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا فَلَا يَأْتِي السَّوَاحِلَ لِنَذْرِ عُكُوفٍ، وَيَعْتَكِفُ بِمَوْضِعِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَبِمَوْضِعِهِ) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَمْنَعُ الْجِهَادَ وَالْحَرْسَ، وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لُزُومُ الْإِتْيَانِ لِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِلِاعْتِكَافِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ كَمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَنَذَرَ الِاعْتِكَافَ بِمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَوْ مَكَّةَ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْتِيَ مِنْ الْفَاضِلِ إلَى الْمَفْضُولِ كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي نَاذِرِ الصَّلَاةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْذُورَ إمَّا صَوْمٌ، أَوْ صَلَاةٌ، أَوْ اعْتِكَافٌ، وَالْمَحَلُّ الَّذِي عَيَّنَهُ لِفِعْلِهَا فِيهِ إمَّا أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَإِمَّا سَاحِلٌ مِنْ السَّوَاحِلِ، وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا نَذَرَ فِعْلَهُ فِيهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النَّذْرِ أَفْضَلُ فَيَفْعَلُهُ بِمَحَلِّ النَّذْرِ، أَوْ يَفْعَلُهُ فِيمَا نَذَرَ فِعْلُهُ فِيهِ. وَلَوْ كَانَ مَحَلُّ النَّذْرِ أَفْضَلُ خِلَافٌ يَأْتِي فِي مَبْحَثِ النَّذْرِ، وَإِنْ كَانَ سَاحِلًا لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَا الِاعْتِكَافَ فَيَفْعَلُهُ بِمَوْضِعِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَا ذَكَرَ فَإِنْ بَعُدَ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا نَذَرَهُ مِنْهَا بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ، وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا، فَإِنْ كَانَ الْمَنْذُورُ اعْتِكَافًا، أَوْ صَلَاةً فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ صَوْمًا فَهَلْ كَذَلِكَ   [حاشية العدوي] قَالَ اللَّقَانِيِّ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ الظُّهْرَ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ ذَكَرَ عج أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَشَبَّثْ بِعَمَلٍ يُبْطِلُ عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا فِي الْجُوَارِ الْمُقَيَّدِ) أَيْ: بِلَيْلٍ فَقَطْ أَوْ بِنَهَارٍ فَقَطْ لَكِنْ بِالنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، وَأَمَّا مَا لَفَظَ فِيهِ بِالنَّذْرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُكْثُهُ اتِّفَاقًا لَكِنْ نَهَارًا فَقَطْ إنْ قَيَّدَ بِالنَّهَارِ فَقَطْ وَلَيْلًا فَقَطْ أَنْ قَيَّدَ بِاللَّيْلِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ نَاوِيَ الْجُوَارِ الْمُقَيَّدِ لَا يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ، وَفِي يَوْمِ الدُّخُولِ تَأْوِيلَانِ وَمَحَلُّهُمَا كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ حَيْثُ نَوَى أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً وَهَذَا بِخِلَافِ نَاوِي الِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْمُعْتَكَفِ. وَأَمَّا إنْ دَخَلَ فَيَلْزَمُهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَمَنْوِيُّهُ لَكِنْ يَلْزَمُ التَّتَابُعُ إنْ نَوَاهُ، أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فَالِاعْتِكَافُ الْمَنْوِيُّ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ، وَأَمَّا الْجُوَارُ الْمُقَيَّدُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ حَتَّى يَتَلَفَّظَ إلَّا يَوْمَ الدُّخُولِ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهُ لِدُخُولِ الْمُعْتَكَفِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْبِهْ الِاعْتِكَافَ؟ . (قَوْلُهُ: دِمْيَاطَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَحُكِيَ إعْجَامُهَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي اللُّبِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَمَّى مَا ذَكَرَ سَاحِلًا إلَخْ) السَّاحِلُ فِي الْأَصْلِ شَاطِئُ الْبَحْرِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ الْبَحْرُ رَمْلَهُ أَيْ: فَأَرَادَ بِهِ هُنَا الثَّغْرَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِ بِاسْمِ الْمَحَلِّ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَقْلُوبٌ وَإِنَّمَا الْمَاءُ سَحَلَهُ أَيْ: فَقِيَاسُهُ مَسْحُولٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُصَنِّفِ وَفَسَّرَ تت الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي هُوَ بِهِ أَفْضَلُ كَنَاذِرِهِ بِأَحَدِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ، أَوْ إيلِيَاءُ، أَوْ مَكَّةُ، أَوْ الَّذِي نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَيْهِ أَفْضَلُ. (فَائِدَةٌ) هَلْ يَحْصُلُ فَضْلُ الرِّبَاطِ لِمَنْ يَسْكُنُ فِي الثُّغُورِ بِأَهْلِهِ، أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ بِنِيَّةِ الرِّبَاطِ؟ هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهَلْ الرِّبَاطُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ، أَوْ الْعَكْسُ؟ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي نَاذِرِ الصَّلَاةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النَّذْرِ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ: وَمَشَى لِلْمَدِينَةِ، أَوْ إيلِيَاءَ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا فَيَرْكَبُ وَهَلْ، وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهِمَا، أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ خِلَافٌ، فَالشَّارِحُ بَهْرَامُ أَجْرَى أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ هُنَا أَيْ: فِي الِاعْتِكَافِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يُجْرِي الْخِلَافَ فِي الثَّلَاثَةِ: الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالِاعْتِكَافِ فَكَأَنَّهُ رَأَى الْبَابَ وَاحِدًا فَقَاسَ الِاعْتِكَافَ وَالصَّوْمَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا نَذَرَ فِعْلَهُ فِيهِ) أَيْ: مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ صَلَاةً، أَوْ صِيَامًا، أَوْ اعْتِكَافًا وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَا ذَكَرَ أَيْ: غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالسَّوَاحِلِ (قَوْلُهُ بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ) أَيْ: مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ صَوْمًا، أَوْ صَلَاةً فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ قَوْلَانِ) أَيْ: هَلْ يَذْهَبُ بِفِعْلِهِ فِيهِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ مَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ حِينَ النَّذْرِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ فِي سَاحِلٍ مِنْ السَّوَاحِلِ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِي مَحَلِّهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ النَّذْرِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْذُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ كَذَلِكَ؟) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 أَوْ يَفْعَلُهُ بِمَوْضِعِهِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ ح. ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ الِاعْتِكَافِ وَأَرْكَانِهِ وَمُفْسِدَاتِهِ شَرَعَ فِي مَكْرُوهَاتِهِ، ثُمَّ جَائِزَاتِهِ ثُمَّ مَنْدُوبَاتِهِ فَقَالَ: (ص) وَكُرِهَ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَأْكُلَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْ: بَيْنَ يَدَيْهِ، بَلْ يَأْكُلُ فِيهِ، أَوْ فِي رِحَابِهِ، أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ قَالَهُ الْبَاجِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَشْيٌ فِي غَيْرِ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ. (ص) وَاعْتِكَافُهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْتَكِفَ غَيْرَ مَكْفِيٍّ حَتَّى لَا يَخْرُجَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ (ص) وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ، وَإِنْ لِغَائِطٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ السَّاكِنَ فِيهِ أَيْ: الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ: الْبَوْلِ، أَوْ الْغَائِطِ مَخَافَةَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِمَا عَنْ اعْتِكَافِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَالِيًا عَنْ أَهْلِهِ أَوْ كَانَ أَهْلُهُ فِي عُلُوِّ الْمَنْزِلِ وَدَخَلَ هُوَ فِي أَسْفَلِهِ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ زَوْجَتُهُ، وَلَا يُنَافِي تَعْلِيلَ الْكَرَاهَةِ بِمَا ذُكِرَ: جَوَازُ مَجِيءِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ وَأَكْلِهَا مَعَهُ وَحَدِيثِهَا؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَازِعٌ، وَلَا وَازِعَ فِي الْمَنْزِلِ. (ص) وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وَكِتَابَتِهِ وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْعِلْمِ تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْكِتَابَةِ وَلَوْ مُصْحَفًا وَهَذَا فِي الْكَثِيرِ، أَمَّا الْيَسِيرُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى التَّرْكُ وَبَالَغَ عَلَى الْمُصْحَفِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ كِتَابَتَهُ كَتِلَاوَتِهِ، وَالْوَاوُ فِي وَكِتَابَتِهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا لَمْ يَجِبْ عَيْنًا فَإِنْ قُلْت الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فَلِمَ كُرِهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاسْتُحِبَّ فِيهِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ؟ قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالنَّافِلَةِ مِنْ رِيَاضَةِ النَّفْسِ وَخُلُوصِهَا مِنْ صِفَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ غَالِبًا الْمَطْلُوبَيْنِ فِي الِاعْتِكَافِ مَا لَا يَحْصُلُ بِالْعِلْمِ، وَقَيْدُ الْكَثْرَةِ يَرْجِعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي كِتَابَتِهِ لِلْمُعْتَكِفِ بِقَرِينَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَلَوْ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعِلْمِ مَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ لَا لِمَفْعُولِهِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى قَانُونِ عِبَادَةِ الْمُعْتَكِفِ وَكَرَاهَةِ غَيْرِهَا بِمَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَفِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنْ يُكْرَهَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَفْعَلَ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ اشْتِغَالٍ بِعِلْمٍ وَكِتَابَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالذِّكْرُ يَشْمَلُ: التَّسْبِيحَ، وَالتَّهْلِيلَ، وَالدُّعَاءَ، وَالتَّفَكُّرَ فِي آيَاتِ اللَّهِ، وَفِي مَعْنَى الصَّلَاةِ الطَّوَافُ لِمَنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَدُخُولُ الْكَعْبَةِ فَقَوْلُ تت إنَّ الطَّوَافَ يَدْخُلُ فِي الذِّكْرِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا إنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ الْحُكْمِ، فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُؤَلِّفِ بِالْكَرَاهَةِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَحَرُمَ فِعْلُ غَيْرِهَا، وَقَدْ حُكِمَ بِكَرَاهَتِهِ، وَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا جَائِزًا لَكَانَ فِعْلُ مُقَابِلِهَا كَذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اسْتِحْبَابُ فِعْلِهَا،. ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ   [حاشية العدوي] أَيْ: يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ كَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَشْيَاخِ عَجَّ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِفِعْلِهِ بِمَوْضِعِهِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ قَوْلَيْنِ كَمَا عِنْدَ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ فَإِنْ قُلْت: لِمَ جَرَى الْقَوْلَانِ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ دُونَ الصَّوْمِ؟ قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ فِي الْخُطَى لِلْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ الْحَسَنَاتُ، وَالِاعْتِكَافُ مُحْتَوٍ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ: فَلَمْ يَكُنْ الصَّوْمُ مِثْلَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْكُلُ فِيهِ، أَوْ فِي رِحَابِهِ) الْمُرَادُ بِالرِّحَابِ الصَّحْنُ لَا الرَّحْبَةُ الْمَعْلُومَةُ وَإِلَّا فَهِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ ك (قَوْلُهُ:، أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ) فِي ك وَإِنَّمَا طَلَبَ بِغَلْقِ الْمَنَارَةِ عَلَيْهِ زِيَادَةً فِي السِّتْرِ وَحَسْمًا أَنْ يَتَشَاغَلَ مَعَ مَنْ يَأْتِي بِالتَّحَدُّثِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ) أَيْ: عَمَّا يُكْرَهُ الْأَكْلُ فِيهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَكْرُوهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكُرِهَ أَكْلُهُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ لَسَلِمَ مِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ لِشُمُولِهِ لِلْأَكْلِ خَارِجَ الْفِنَاءِ أَيْضًا أَيْ: مَعَ أَنَّ الْأَكْلَ خَارِجَ الْفِنَاءِ مَمْنُوعٌ لِإِبْطَالِ الِاعْتِكَافِ، وَالشُّرْبُ مِثْلُ الْأَكْلِ فِي الْكَرَاهَةِ، وَظَاهِرُ النَّصِّ كَالْمُصَنَّفِ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ، وَلَوْ خَفَّ (قَوْلُهُ وَاعْتِكَافُهُ غَيْرُ مُكَفَّى) فَإِنْ اعْتَكَفَ غَيْرَ مُكَفَّى جَازَ خُرُوجُهُ لِشِرَاءِ طَعَامِهِ وَلَا يَقِفُ يُحَدِّثُ أَحَدًا وَلَا لِطَلَبِ حَدٍّ وَلَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ شَيْئًا لِئَلَّا يَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ وَحُرْمَةِ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَيُسْتَحَبُّ شِرَاؤُهُ مِنْ أَقْرَبِ الْأَسْوَاقِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ الْخُرُوجَ لِحَاجَتِهِ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ بِعِوَضٍ لَا يَشُقُّ مِثْلُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ) الْقَرِيبَ وَبِهِ أَهْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُكْرَهْ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ زَوْجَتُهُ) أَيْ: أَوْ سُرِّيَّتُهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَازِعٌ) أَيْ: مَانِعٌ مِنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ وَلَا وَازِعَ فِي الْمَنْزِلِ اهـ. ثُمَّ إنَّهُ إذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَلَا يُجَاوِزُ الْقَرِيبَ الْمُمْكِنَ فِعْلُهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَكِتَابَتِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ؛ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ لِمَعَاشِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَثُرَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: الْمُصْحَفُ لَا يَكُونُ إلَّا كَثِيرًا فَمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ (قُلْت) : الْمُصْحَفُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أُصْحِفَتْ إذَا جُمِعَتْ الصُّحُفُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَيَصْدُقُ حِينَئِذٍ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الثَّلَاثَةِ وَاجِبًا وَفِعْلُ غَيْرِهَا مَكْرُوهًا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا جَائِزًا لَكَانَ فِعْلُ مُقَابِلِهَا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ فِعْلِهَا جَائِزًا أَنْ يَكُونَ فِعْلُ غَيْرِهَا كَذَلِكَ إذْ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا أَيْ: أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِهَا بِقَيْدِ الْخُصُوصِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْبَحْثُ مُتَوَجِّهٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا قَالَهُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّنِّيَّةَ فَتَدَبَّرْ. وَقَالَ فِي ك: قَالَ بَعْضٌ: وَلَا يُعْلَمُ عَيْنُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَلْ هُوَ الْوُجُوبُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلْيُقْبِلْ عَلَى شَأْنِهِ، وَقَوْلُ: اللَّخْمِيِّ فَعَلَى مَنْ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ ذَلِكَ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَا يَدَعُ ذَلِكَ إلَّا غَلَبَةً، أَوْ الِاسْتِحْبَابَ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ يَنْبَغِي لَهُ التَّشَاغُلُ بِالذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 الَّتِي هِيَ حُكْمُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَلَمْ يَعْطِفْ لِإِيهَامِ الْعَطْفِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَقَالَ (ص) كَعِيَادَةٍ وَجِنَازَةٍ، وَلَوْ لَاصَقَتْ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ عِيَادَةُ مَرِيضٍ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُومُ لِيُعَزِّيَ، أَوْ لِيُهَنِّئَ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ صَلَاتُهُ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَوْ جَارًا أَوْ صَالِحًا، وَلَوْ قَرُبَتْ مِنْهُ بِأَنْ لَاصَقَتْ وَانْتَهَى زِحَامُهَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا أَوْ غُسْلُهَا وَلَوْ خَرَجَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ خُرُوجِهِ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ لَاصَقَتْ رَاجِعٌ لِلْجِنَازَةِ فَقَطْ. (ص) وَصُعُودُهُ لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ، أَوْ سَطْحٍ (ش) يَعْنِي: وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّ الْمُعْتَكِفِ أَنْ يَرْقَى الْمَنَارَ لِلْأَذَانِ، أَوْ أَنْ يُؤَذِّنَ فَوْقَ سَطْحِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَكَذَا أَكْلُهُ فَوْقَ سَطْحِهِ بِخِلَافِ صُعُودِهِ لِلْأَكْلِ بِالْمَنَارِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَأَفْهَمَ، قَوْلُهُ: لِتَأْذِينٍ أَنَّ تَأْذِينَهُ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ جَائِزٌ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي إلَى الْإِمَامِ، وَذَلِكَ عَمَلٌ (ص) وَتَرَتُّبُهُ لِلْإِمَامَةِ (ش) أَيْ: وَيُكْرَهُ تَرَتُّبُ الْمُعْتَكِفِ لِلْإِمَامَةِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ نَاجِي الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ. اهـ بَلْ اسْتِحْبَابُهُ. فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَرَتُّبُهُ لِلْإِقَامَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فَإِنَّ النَّصَّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ إقَامَةُ الصَّلَاةِ. (ص) وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ (ش) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُخْرِجَ الْمُعْتَكِفَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ لِأَجْلِ حُكُومَةٍ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ كَثِيرَةً وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُخْرِجَهُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ وَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ لَدَدُهُ، وَأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ فِرَارًا مِنْ إعْطَاءِ الْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنَّ لَمْ يَلُدَّ بِهِ) وَيَلُدُّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ سُمِعَ لَدَّ وَأَلَدَّ (ص) وَجَازَ إقْرَاءُ قُرْآنٍ (ش) أَيْ: جَازَ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِهِ وَسَمَاعُهُ مِنْ الْغَيْرِ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ لِغَيْرِهِ بِمَوْضِعِهِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ فَإِنَّهُ مُعْتَرِضٌ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ (ش) أَيْ: مِنْ صَحِيحٍ، أَوْ مَرِيضٍ، وَالْمُرَادُ بِالسَّلَامِ هُنَا السُّؤَالُ عَنْ الْأَحْوَالِ كَقَوْلِهِ كَيْفَ حَالُك وَحَالُ عِيَالِك، أَمَّا قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي الذِّكْرِ، وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ إلَيْهِ مِنْ مَحَلِّهِ. (ص) وَتَطَيُّبُهُ وَأَنْ يَنْكِحَ وَيُنْكِحَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَطَيَّبَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الطِّيبِ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَكِفَ مَعَهُ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ   [حاشية العدوي] فَزَادَ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ دُونَ أَنْ يَتَصَدَّى لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الْقُرَبِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَارًا أَوْ صَالِحًا) هَذَا تَخْصِيصُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَكِفًا (قَوْلُهُ: وَصُعُودُهُ لِتَأْذِينٍ) وَقُيِّدَتْ الْكَرَاهَةُ بِمَا إذَا لَمْ يَرْصُدْ الْوَقْتَ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ هَكَذَا قَالَ عج وَهُوَ وَهْمٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَذَانُ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فَقَيْدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُؤَذِّنُ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ فَإِنْ كَانَ يَرْصُدُهَا كُرِهَ، وَالْمُقَيِّدُ هُوَ عِيَاضٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَنَارَ أَشَدُّ تَعَلُّقًا بِالْمَسْجِدِ مِنْ سَطْحِهِ؛ لِأَنَّهُ بُنِيَ لِلْإِعْلَامِ لِدُخُولِ وَقْتٍ، مَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِأَجْلِهِ فَكَانَ أَكْلُ الْمُعْتَكِفِ فِيهِ أَكْلًا فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ مَطْلُوبٌ بِذَلِكَ هَذَا لَا يَظْهَرُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تَصِحُّ فِي الصَّحْنِ لَا فِي الْمَنَارِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَكْلَ يُطْلَبُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَنَارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَمْشِي لِلْإِمَامِ، وَذَلِكَ عَمَلٌ إلَخْ) زَادَ شب فِي شَرْحِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا أَمْ لَا اهـ، وَمُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إذَا لَمْ يَمْشِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ وَعُورِضَتْ الْكَرَاهَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الْأَذَانِ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ شَأْنَ الْإِقَامَةِ الْمَشْيُ لِلْإِمَامِ دُونَ الْأَذَانِ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَلَكِنَّ النَّصَّ مُتَّبَعٌ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ صَحَّحَ بِنَاءَهُ إذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مُكْرَهًا وَظَاهِرُهُ كُرِهَ إخْرَاجُهُ أَوَّلًا وَمَفْهُومُهُ لَوْ خَرَجَ طَائِعًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ هَارُونَ تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ صَحَّحَ رِوَايَةَ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِئْنَافِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ لِلْحُكُومَةِ اخْتِيَارًا فَيَبْطُلُ بِلَا إشْكَالٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ خَرَجَ يَطْلُبُ حَدًّا لَهُ، أَوْ دَيْنًا، أَوْ أُخْرِجَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ، أَوْ دَيْنٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: إنْ أَخْرَجَهُ قَاضٍ لِخُصُومَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَارِهًا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَخُرُوجُهُ لِطَلَبِ حَدٍّ يُبْطِلُهُ وَفِي ابْتِدَاءِ مَنْ أَخْرَجَهُ قَاضٍ لَحِقَ وَاسْتِحْبَابُهُ رِوَايَتَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ فِيهَا اهـ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهَا، سَوَاءٌ أَلَدَّ بِاعْتِكَافِهِ، أَوْ لَا، وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: إنْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا فِي حَقٍّ وَكَانَ اعْتِكَافُهُ هَرَبًا مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ فَخُرُوجُهُ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ اتِّفَاقًا اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهَا بِذَلِكَ وَبِهِ يُعْلَمُ قُصُورُ قَوْلِ الْأُجْهُورِيِّ صَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِنَاءَهُ إنْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مُكْرَهًا وَظَاهِرُهُ، سَوَاءٌ كَانَ يُكْرَهُ لِلْحَاكِمِ إخْرَاجُهُ، أَوْ لَا، وَيُعْلَمُ أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنْ تَبِعَهُ لَوْ خَرَجَ بِاخْتِيَارِهِ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَانْظُرْهُ، قُصُورُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وعب إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ مِنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ لَا يَحْصُلُ لِرَبِّ الدَّيْنِ ضَرَرٌ يُصَيِّرُهُ إلَيْهِ فَيُكْرَهُ إخْرَاجُهُ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْغَيْرِ) الْجَوَازُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى الْغَيْرِ لَا الْقِرَاءَةِ فِي ذَاتِهَا فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَكَذَا سَمَاعُهَا (قَوْلُهُ: وَسَمَاعُهُ مِنْ الْغَيْرِ) قَالَ عب لَا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ أَوْ التَّعَلُّمِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا فِي شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إقْرَاءُ قُرْآنٍ أَيْ: قِرَاءَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ سَمَاعُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّعَلُّمِ، أَوْ التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُعْتَرَضٌ) أَيْ: بِأَنَّهُ تَبِعَ الْجَلَّابَ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 يَفْعَلَ شَيْئًا يُفْسِدُ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَلِذَا كُرِهَ الطِّيبُ لِلصَّائِمِ فَقَطْ، وَيَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَيْضًا أَنْ يُنْكِحَ بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ: يُزَوِّجَ وَلِيَّتَهُ مَحْجُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَحْجُورَةٍ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ، بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ: يَتَزَوَّجَ هُوَ بِأَنْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ (بِمَجْلِسِهِ) مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ، وَلَا طُولٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِمَجْلِسِهِ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ كُرِهَ وَإِنْ كَانَ خَارِجَهُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. (ص) وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفْرًا أَوْ شَارِبًا (ش) الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الْإِزَالَةُ وَالْكَافُ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى جُمُعَةٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ إذَا خَرَجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ، أَوْ لِغُسْلِ الْعِيدَيْنِ، أَوْ لِحَرٍّ أَصَابَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ، أَوْ عَانَتِهِ، وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ، أَوْ شَارِبَهُ أَوْ يَنْتِفَ إبْطَهُ، أَوْ يَسْتَاكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَا دَاخِلَهُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي ثَوْبِهِ وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَحْرُمُ حِجَامَتُهُ وَفَصَادَتُهُ فِيهِ كَمَا لَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ فِيهِ فَإِنْ اُضْطُرَّ لِلْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ خَرَجَ، فَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَمَنْ أَبْطَلَ اعْتِكَافَهُ بِكُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَبْطَلَهُ بِهَذَا، وَمَنْ رَاعَى كَوْنَ الذَّنْبِ كَبِيرَةً فَلَا قَالَهُ سَنَدٌ (ص) وَانْتِظَارُهُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفَهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزَاتِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا خَرَجَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ مِنْ جَنَابَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ غَسْلَهُ وَتَجْفِيفَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبٌ غَيْرُهُ، وَلَا وَجَدَ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مِنْ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ فَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فِيهَا وَلَا يَنْتَظِرُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفَهُ أَيْ: يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِيمَنْ لَهُ غَيْرُهُ (ص) وَنُدِبَ إعْدَادُ ثَوْبٍ وَمُكْثُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَعُدَّ ثَوْبًا آخَرَ يَأْخُذُهُ إذَا أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ، وَكَذَلِكَ يُنْدَبُ لِمَنْ كَانَ آخِرُ اعْتِكَافِهِ غُرُوبَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ مُكْثَ لَيْلَةِ الْعِيدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُكْثُ؟ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا عِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصُومُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَنُدِبَ إعْدَادُ ثَوْبٍ آخَرَ لَكَانَ أَوْلَى إذْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ إعْدَادُ ثَوْبٍ لِلِاعْتِكَافِ وَأَنَّهُ لَا يَعْتَكِفُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا جَلَّيْنَا عَلَيْهِ أَوَّلًا. (ص) وَدُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَنْ يَدْخُلَ مُعْتَكَفَهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي   [حاشية العدوي] وَمُقَابِلُهُ مَا لِحَمْدِيسٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَطَيَّبُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا كُرِهَ الطِّيبُ لِلصَّائِمِ) ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ هَيَجَانٌ وَثَوَرَانٌ لِلشَّهْوَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ، وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَطَيَّبَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعْتَكِفَةِ فَقَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ: لَا يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفَةِ أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَلْبَسَ الْحُلِيَّ وَذَكَرَ أَنَّهَا لَا تَتَطَيَّبُ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ تَتَطَيَّبُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُزَوِّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ) وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِهِ: وَفِعْلِ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ وَلَا طُولٍ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ وَجَدَ انْتِقَالَ أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ طَوَّلَ بِدُونِ انْتِقَالٍ كُرِهَ فَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بِمَجْلِسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ ذَلِكَ لِلْمُعْتَكِفِ وَمَنْعِهِ لِلْمُحْرِمِ أَنَّ مَفْسَدَةَ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ، أَوْ بِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُهُ لَهُمَا خَرَجَ الْمُحْرِمُ بِالْحَدِيثِ، أَوْ أَنَّ مَعَ الْمُعْتَكِفِ وَازِعًا وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْمَسْجِدُ أَوْ أَنَّ الْمُحْرِمَ بَعِيدٌ عَنْ الْأَهْلِ بِالسَّفَرِ غَالِبًا فَعِنْدَهُ شِدَّةُ الشَّوْقِ وَالتَّفَكُّرِ. (قَوْلُهُ: لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْغُسْلِ لَهَا، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ فِي الْمَسْجِدِ اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ، أَوْ عَانَتِهِ) كَذَا فِي ك إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حَلْقُ الرَّأْسِ إذَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إخْرَاجُ رَأْسِهِ لِمَنْ يَحْلِقُهُ جَازَ وَهَذَا الْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ حِجَامَتُهُ وَفِصَادَتُهُ) عِبَارَةُ الْحَطَّابِ قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحِجَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا الْفِصَادَةُ، وَإِنْ جَمَعَهُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ خَرَجَ إلَى آخِرِ مَا فِي شَارِحِنَا فَمَا ذَكَرَهُ حِكَايَةً بِالْمَعْنَى، وَعِبَارَةُ شب وَتَحْرِيمُ حِجَامَتِهِ وَفَصَادَتِهِ، وَلَوْ أَخَذَ الدَّمَ فِي إنَاءٍ مَثَلًا وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ لَكِنْ قَالَ اللَّقَانِيِّ فِعْلُ الْحِجَامَةِ وَالْفَصَادَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَأَمَّا الدَّمُ فَيَجِبُ طَرْحُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مَكَثَ بِنَجَسٍ وَمَا نَقَلَهُ التَّتَّائِيُّ عَنْ سَنَدٍ غَيْرُ مُحَرَّرٍ اهـ (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت نَصَّ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ لِذَلِكَ حَيْثُ اُضْطُرَّ لَا يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِكَوْنِهِ يُخْرِجُ رَأْسَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَيَحْجُمُهُ، بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ،، وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ لِاحْتِمَالِ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلِذَلِكَ قَالَ يَخْرُجُ. (تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إذَا خَرَجَ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِمُجَرَّدِ قَصِّ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ، أَوْ يُدْنِي رَأْسَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُصْلِحُهُ (قَوْلُهُ: وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ) أَيْ: عِنْدَ مَنْ يَغْسِلُهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبٌ غَيْرُهُ) فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَنِيبُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ اهـ مِنْ شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: لِمَنْ كَانَ آخِرُ اعْتِكَافِهِ غُرُوبَ آخِرِ يَوْمٍ) ظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ قَصْرُ النَّدْبِ عَلَى عِيدِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَا عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْعِيدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اعْتِكَافُهُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ، أَوْ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ مَثَلًا لَمْ يُنْدَبْ لَهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَخْرُجُ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ آخِرَ أَيَّامِ اعْتِكَافِهِ قَالَهُ تت (قَوْلُهُ: وَدُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ مِنْهَا ابْتِدَاءَ اعْتِكَافِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ فِي اعْتِكَافٍ مَنْوِيٍّ، وَلَوْ يَوْمًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ اهـ (قُلْت) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا دَخَلَ مَعَ الْغُرُوبِ قِيَاسًا عَلَى صُورَةِ اللُّزُومِ كَمَا يَتَبَيَّنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 يُرِيدُ أَنْ يَبْتَدِئَ فِيهَا اعْتِكَافَهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ صَحَّ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ إنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ (ش) بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْذِرْ الِاعْتِكَافَ، أَمَّا النَّاذِرُ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِلُزُومِ اللَّيَالِي لَهُ، وَعَبَّرَ بِالصِّحَّةِ دُونَ الْجَوَازِ لِيَصِيرَ مَفْهُومُهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَأَمَّا مَعَ الْفَجْرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِهِ قَبْلَهُ. (ص) وَاعْتِكَافُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ (ش) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ فَيُكْرَهُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَكْمَلُهُ عَشَرَةٌ وَيُكْرَهُ مَا فَوْقَهَا وَفِي كَرَاهَةِ مَا دُونَهَا قَوْلَانِ اهـ وَالثَّانِي أَنَّ أَقَلَّ الْمُسْتَحَبِّ عَشْرَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا وَأَكْثَرُهُ شَهْرٌ وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ كَمَا يُكْرَهُ مَا نَقَصَ عَنْ الْعَشَرَةِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْأَقَلِّ تَظْهَرُ فِيمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ. (ص) وَبِآخِرِ الْمَسْجِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي عَجْزِ الْمَسْجِدِ بِسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِآخِرِ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَعْتَكِفُ بِرَحْبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا دُونَهُ فِي الْفَضْلِ لِأَجْلِ إخْفَاءِ الْعِبَادَةِ وَلِبُعْدِهِ عَمَّنْ يَشْغَلُهُ بِالْحَدِيثِ. (ص) وَبِرَمَضَانَ وَبِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ) أَيْ: أَقَلَّ مَاهِيَّتِهِ لَا أَقَلَّ كَمَالِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) أَيْ: أَوْ مَعَهُ، حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَدُخُولُهُ قَاصِرٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ الْمَنْوِيِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَصَحَّ إنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَشَامِلٌ لِلْمَنْوِيِّ وَالْمَنْذُورِ مَعَ مُخَالَفَةِ النَّدْبِ فِي الْأَوَّلِ وَالْوَاجِبِ فِي الثَّانِي كَذَا فِي عب وَفِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ إنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ مُرُورٌ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَإِنَّ مَنْ نَذَرَ يَوْمًا لَا يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مَنْ نَذَرَ لَيْلَةً يَلْزَمُهُ يَوْمُهَا، وَمَنْ نَذَرَ يَوْمًا يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، بَلْ حَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ لَا بُدَّ مِنْ الدُّخُولِ عِنْدَ الْغُرُوبِ كَمَا صَرْحَا بِذَلِكَ وَالْمُؤَلِّفُ دَرَجَ عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ مُتَابَعَةُ الْمَشْهُورِ مَتَى وَجَدَهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَى أَنَّهُ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ وَخِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَقِيلَ لَيْلَةٌ بُدَاءَتُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَمَعْنَاهُ إذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا أَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَهَلْ يَكْتَفِي بِاعْتِبَارِ النَّهَارِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِكَافِ لَيْلَةٍ قَبْلَهُ؟ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِالِاكْتِفَاءِ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: إذَا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَحَكَاهُ سَنَدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ حَكَاهُ صَاحِبُ اللُّبَابِ عَنْ سَحْنُونَ قَالَ يَلْزَمُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَيَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ اهـ كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ قَالَ) لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَقِيلَ وَلَيْلَةٌ وَأَكْمَلُهُ عَشَرَةٌ، وَفِي كَرَاهَةِ مَا دُونَهَا قَوْلَانِ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يَقُلْ وَيُكْرَهُ مَا فَوْقَهَا، وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الَّذِي يَقُولُ: أَكْمَلُهُ عَشَرَةٌ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ مَا فَوْقَهَا وَقَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ مَا دُونَهَا الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقَلَّهُ عَشَرَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ الدُّونِ هُوَ الَّذِي يَقُولُ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، أَوْ يَوْمٌ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حِكَايَةَ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ لَا يُنَاسِبُ مَا صَدَّرَ بِهِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْمَلُهُ عَشَرَةٌ الْمُفِيدُ لِكَمَالِ الدُّونِ لَا كَرَاهَتِهِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنَّ أَقَلَّ الْمُسْتَحَبِّ عَشَرَةٌ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ هُوَ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ الدُّونِ قَالَ فِيهَا: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَسَأَلْته عَنْهُ فَأَنْكَرَ وَقَالَ: أَقَلُّهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَبِهِ أَقُولُ اهـ. وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ كَرِهَهُ فِيهَا وَقَالَ فِي غَيْرِهَا: لَا بَأْسَ بِهِ اهـ. وَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ، الْمُفِيدُ أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ) يُقَالُ أَيْ: وَلَمْ يَزِدْ فَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَيْ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِزَ الْعَشَرَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عِبَادَةً وَقَامَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ وَلَمْ يُجَاوِزْ اعْتِكَافُهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَنَا فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ اهـ. فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ؟ قُلْت يُمْكِنُ أَنَّهُ اسْتَنَدَ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ فَأَتَى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ إنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَك فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْوَسَطَ فَأَتَى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَك فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّهْرِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْأَقَلِّ) الْخِلَافُ أَيْ: الَّذِي هُوَ أَيْ: الْقَوْلُ بِأَنَّ أَقَلَّهُ عَشَرَةٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ، أَوْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْقَوْلِ الثَّانِي الْمَحْذُوفِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كَرَاهَةِ مَا دُونَهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي كَرَاهَةِ مَا دُونَهَا، وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْأَقَلِّ فَقِيلَ يَوْمٌ وَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَالْمُرَادُ أَقَلُّ مُسْتَحَبٍّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ قَالَ عج فَإِنْ قِيلَ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ أَوْ مِنْ عَشَرَةٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَلَوْ يَوْمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّهُ نَذَرَ مَكْرُوهًا قُلْت إنَّمَا لَزِمَهُ نَظَرًا لِلْفِعْلِ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ بِسُكُونِ الْجِيمِ) غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فَقَدْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعَجْزُ مُثَلَّثَةٌ وَكَنَدُسٍ وَكَتِفٍ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ اهـ. وَاقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَارِ عَلَى ضَمِّ الْجِيمِ (قَوْلُهُ: لِإِخْفَاءِ الْعِبَادَةِ)) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ نَدْبُ تَصْدِيرِهِ عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأَمْرِ بِأَنْ يَكُونَ الصَّدْرُ خَالِيًا وَالْعَجْزُ مَشْغُولًا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِرَمَضَانَ) أَيْ: وَنُدِبَ كَوْنُهُ بِرَمَضَانَ أَيْ: يُنْدَبُ الِاعْتِكَافُ، وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ فِي رَمَضَانَ فَمَنْ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ فَقَدْ حَصَّلَ مُسْتَحَبَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ) فَمَنْ اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَقَدْ أَتَى بِثَلَاثِ مُسْتَحَبَّاتٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 الْغَالِبَةِ بِهِ (ش) يَعْنِي: مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَكُونَ اعْتِكَافُهُ فِي رَمَضَانَ لِكَوْنِهِ سَيِّدَ الشُّهُورِ، وَتُضَاعَفُ فِيهِ الْحَسَنَاتُ وَلِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا الْقُرْآنُ جُمْلَةً إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَرَّقًا عَلَى حَسَبِ الْوَقَائِعِ فِي عِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانِ يُوقِظُ أَهْلَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ لِأَجْلِ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ» (ص) وَفِي كَوْنِهَا بِالْعَامِ، أَوْ بِرَمَضَانَ خِلَافٌ وَانْتَقَلَتْ (ش) يَعْنِي: أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ هَلْ هِيَ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَيْ: دَائِرَةٌ فِي جَمِيعِ لَيَالِيِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، أَوْ هِيَ خَاصَّةٌ بِرَمَضَانَ كُلِّهِ؟ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْخِلَافِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا تَخْتَصُّ بِلَيْلَةٍ لَكِنْ عَلَى الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ الْعَامِ فَتَكُونُ فِي عَامٍ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مَثَلًا، وَفِي عَامٍ آخَرَ تَكُونُ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَعَلَى الثَّانِي فَتَكُونُ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ فِي عَامٍ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي آخَرَ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْهُ، وَفِي عَامٍ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْهُ، وَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ ثُمَّ بَيَّنَ مُعْتَقَدَهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ» أَنَّ الْأَظْهَرَ فِي الْوَاوِ التَّرْتِيبُ فَالْعَدَدُ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى وَلِسَابِعَةٍ تَبْقَى وَلِخَامِسَةٍ تَبْقَى (وَ) حِينَئِذٍ (الْمُرَادُ) مِنْ الْحَدِيثِ (بِكَسَابِعَةٍ) ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا (مَا بَقِيَ) مِنْ الْعَشْرِ لَا مَا مَضَى مِنْهُ فَالتَّاسِعَةُ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ: الْعَدَدُ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ وَالْمُرَادُ الْتَمِسُوهَا فِي الْخَامِسَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالتَّاسِعَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ فَالتَّاسِعَةُ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَقَوْلُهُ: مَا بَقِيَ خَبَرُ الْمُرَادِ، وَمَا فِيهِ وَاقِعَةٌ عَلَى عَدَدٍ أَيْ: وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ عَدَدٌ بَقِيَ أَيْ: بِسَبْعٍ بَقِيَتْ فِي نَحْوِ الْتَمِسُوهَا فِي سَابِعَةٍ وَهَكَذَا وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ السَّابِعَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: الْغَالِبُ أَنَّهَا فِيهَا بِدَلِيلِ أَنَّ كَلِمَاتِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] إلَى هِيَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ كَلِمَةً. (ص) وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: وَبَنَى بِسَبَبِ زَوَالِ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، وَأَنْ تَكُونَ لِلْإِلْصَاقِ أَيْ: بَنَى مُلَاصِقًا لِزَوَالِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ، قَوْلُهُ: بَعْدُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ: وَبَنَى مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ أَيْ: لَا مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبْطِلَةِ لِلِاعْتِكَافِ كَالرِّدَّةِ وَنَحْوِهَا وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُعَيَّنَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَحَصَلَ لَهُ فِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ إغْمَاءٌ، أَوْ جُنُونٌ، أَوْ مَرَضٌ شَدِيدٌ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ إذَا زَالَ عُذْرُهُ بَنَى عَلَى مَا كَانَ اعْتَكَفَ وَكَمَّلَ مَا نَذَرَهُ وَيَصِلُهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ، أَوْ عِيدٍ (ش) إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ الَّذِي يُبَاحُ مَعَهُ الْبِنَاءُ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَيْسَتْ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ نُظِرَ لَهَا مِنْ حَيْثُ نُزُولُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ وَاَلَّتِي أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ بِسُكُونِ الدَّالِ، وَفَتْحُهَا جَائِزٌ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ إمَّا لِتَقْدِيرِ الْكَوَائِنِ فِيهَا مِنْ أَرْزَاقٍ وَغَيْرِهَا أَيْ: إظْهَارُهَا لِلْمَلَائِكَةِ، أَوْ لِعِظَمِ قَدْرِهَا، أَوْ قَدْرِ الْقَائِمِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَالتَّاسِعَةُ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ يُعْتَبَرُ نَاقِصًا إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ نَاقِصًا، أَوْ كَامِلًا فَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ يُعْتَبَرُ نَاقِصًا، وَإِمَّا عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِ كَامِلًا فَالتَّاسِعَةُ لَيْلَةُ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ، وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةُ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ لَيْلَةُ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ: اُطْلُبُوهَا فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى هِيَ لَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ فِي الْأَشْفَاعِ لَكِنَّهَا أَفْرَادٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَقِيَ وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ اعْتِبَارَهُ نَاقِصًا؛ لِأَنَّ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ كَوْنُهُ مِنْ الشَّهْرِ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِحَدِيثِ طَلَبِ الْتَمِسُوهَا فِي الْأَفْرَادِ فَالتَّاسِعَةُ أَنْ يَبْقَى تِسْعٌ وَالسَّابِعَةُ أَنْ يَبْقَى سَبْعٌ وَالْخَامِسَةُ أَنْ يَبْقَى خَمْسٌ وَهَذَا الْقَوْلُ تَفْسِيرُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالِاحْتِيَاطُ الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْوَاوَ وَلَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ وَإِنَّ السَّابِعَةَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَانِعَ إمَّا إغْمَاءٌ، أَوْ جُنُونٌ، أَوْ حَيْضٌ، أَوْ نِفَاسٌ، أَوْ مَرَضٌ وَالِاعْتِكَافُ إمَّا نَذْرٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، أَوْ مُعَيَّنٌ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ تَطَوُّعٌ مُعَيَّنٌ، أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٌ فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَهَذِهِ الْمَوَانِعُ إمَّا أَنْ تَطْرَأَ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ، أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ فَصَارَتْ خَمْسًا وَسَبْعِينَ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَوَانِعُ فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُطْلَقِ، أَوْ الْمُعَيَّنِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبِنَاءِ بَعْدَ زَوَالِهَا طَرَأَتْ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ أَوْ قَارَنَتْ، أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ كَالْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِ وَحَصَلَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلُ أَوْ قَارَنَ، أَوْ كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا بِقِسْمَيْهِ وَالْمَوَانِعُ الْخَمْسَةُ مَضْرُوبَةٌ فِي أَحْوَالِ الطُّرُوِّ الثَّلَاثَةِ فَلَا بِنَاءَ هَذَا حَاصِلُ الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ فِيهَا الْبِنَاءُ أَيْضًا وَهِيَ: الْفِطْرُ نَاسِيًا فِي الِاعْتِكَافِ بِأَقْسَامِهِ الْخَمْسَةِ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانُونَ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ كَمَا قَالُوا الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ مَا حَصَلَ فِيهِ الْمَانِعُ، سَوَاءٌ كَانَ مَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً عَمَّا مَنَعَ صَوْمَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ كَرَمَضَانَ، وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ كَالنَّذْرِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنَةٍ مِنْ رَمَضَانَ) وَكَذَا مُعَيَّنَةٍ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ وَطَرَأَ الْمَانِعُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ النَّذْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 الِاعْتِكَافِ جُمْلَةً: كَالْإِغْمَاءِ، وَالْجُنُونِ، أَوْ الصَّوْمِ فَقَطْ كَالْمَرَضِ الْخَفِيفِ وَالْحَيْضِ وَالْعِيدِ أَوْ فِطْرِ نِسْيَانٍ، فَإِنْ قُلْت: الْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ وَالْمَسْجِدُ فَكَيْفَ جَعَلَهُ مِمَّا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ، قُلْت: مُرَادُهُ بِالْحَيْضِ هُنَا الْحَيْضُ الَّذِي طَهُرَتْ مِنْهُ نَهَارًا، وَهُوَ مِمَّا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِمُعْتَكِفِهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْحَيْضِ إذْ هُوَ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ وَالْمَسْجِدِ، وَانْظُرْ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ (ش) أَيْ: وَخَرَجَ مَنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ إلَّا الْمُفْطِرَ نِسْيَانًا إلَى زَوَالِهَا لَكِنْ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَجَوَازًا فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً كَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ:، وَإِنْ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ فَتَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى زَوَالِهَا بِقَوْلِهِ وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ إلَخْ، وَعَلَى طُرُوِّهَا بِقَوْلِهِ: وَخَرَجَ إلَخْ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَخَرَجَ إلَى آخِرِهِ لِلِاسْتِئْنَافِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَإِذَا حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ مَا الْحُكْمُ؟ فَقَالَ: وَخَرَجَ إلَخْ. (ص) ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ (ش) أَيْ: وَإِنْ أَخَّرَ الْبِنَاءَ بِعَدَمِ رُجُوعِهِ إلَى الْمَسْجِدِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ فَوْرًا وَلَوْ لِعُذْرٍ مِنْ نِسْيَانٍ، أَوْ إكْرَاهٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ خَوْفٍ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ) إلَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَوْ زَالَ عُذْرُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ، أَوْ يَوْمَهُ وَأَخَّرَ رُجُوعَهُ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى مَضَى يَوْمُ الْعِيدِ وَتَالِيَاهُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ لَا يَبْطُلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ، أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ وَأَخَّرَ كُلٌّ الرُّجُوعَ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ لِصِحَّةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِغَيْرِهِمَا، بِخِلَافِ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ صَوْمَهُ لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ. (ص) ، وَإِنْ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُفِدْهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا اشْتَرَطَ مَا يُنَافِي فِي اعْتِكَافِهِ بِأَنْ قَالَ: إنْ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ يُوجِبُ الْقَضَاءَ لَا أَقْضِي فَإِنَّ شَرْطَهُ لَا يُفِيدُهُ وَيَصِحُّ اعْتِكَافُهُ عَلَى مُقْتَضَى الِاعْتِكَافِ الْمَشْرُوعِ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ مُنَافِيهِ لَغْوٌ اهـ. ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الثَّلَاثِ وَهِيَ: الصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَمَا يَلْحَقُ بِهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّعَامَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ سَمَاعًا، وَكَذَا اللُّغَتَانِ فِي الْحَجَّةِ وَقِيلَ: الْحَجُّ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ الِاسْمُ وَقِيلَ: الِاسْمُ بِهِمَا الْجَوْهَرِيُّ الْحَجُّ الْقَصْدُ وَرَجُلٌ مَحْجُوجٌ أَيْ: مَقْصُودٌ وَهَذَا الْأَصْلُ ثَمَّ تُعُورِفَ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الْقَصْدِ إلَى مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ لِلنُّسُكِ تَقُولُ: حَجَجْت الْبَيْتَ أَحُجُّهُ حَجَاجًا فَأَنَا حَاجٌّ وَرُبَّمَا أَظْهَرُوا التَّضْعِيفَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ قَالَ الرَّاجِزُ بِكُلِّ شَيْخٍ عَامِرٍ أَوْ حَاجِجٍ ، وَإِنَّمَا أُضِيفَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَلَمْ تُضَفْ بَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ الرِّيَاءُ فِيهِمَا جِدًّا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ حَتَّى إنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحُجَّاجِ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ حَدِيثًا فِي شَيْءٍ إلَّا ذَكَرَ لَهُ مَا اتَّفَقَ لَهُ فِي حَجِّهِ، فَلَمَّا كَانَا مَظِنَّةَ الرِّيَاءِ قِيلَ فِيهِمَا: لِلَّهِ اعْتِنَاءً بِالْإِخْلَاصِ وَالْحَجُّ فِي الشَّرْعِ مَا أَشَارَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: الَّذِي طَهُرَتْ مِنْهُ نَهَارًا) أَيْ: وَلَمْ يَسْتَرْسِلْ جَمِيعَ النَّهَارِ فَإِذَا اغْتَسَلَتْ يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ صَائِمَةٍ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْعَ الصَّوْمِ فَقَطْ لَا الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِمُعْتَكَفِهَا) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ قَاصِرٌ عَلَى الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ: جَوَازٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقَ الْحَيْضِ) أَيْ: الشَّامِلِ لِلْمُسْتَرْسِلِ جَمِيعَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ) الْوُجُوبُ فِي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَجَوَازُ إلَخْ) رَدَّهُ عج بِأَنَّهُ يَجِبُ الْبَقَاءُ وَيَمْنَعُ الْخُرُوجَ كَمَا فِي الرَّجْرَاجِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الرَّجْرَاجِيِّ يَجِبُ بَقَاؤُهُ لَيْلَتَهُ أَيْ: إذَا كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَيَّامٌ بَعْدَ الْعِيدِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَمَكَّنَهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ اهـ. (أَقُولُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ يُفْرَضُ فِي مَانِعِ الِاعْتِكَافِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ لِصِحَّةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَطَ إلَخْ) أَيْ: قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُفِدْهُ شَرْطُهُ وَاعْتِكَافُهُ صَحِيحٌ، وَمِثْلُ اشْتِرَاطِ سُقُوطِ الْقَضَاءِ اشْتِرَاطُ غَيْرِهِ كَعَدَمِ صَوْمٍ، أَوْ اعْتِكَافِ النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ أَوْ مُبَاشَرَةِ النِّسَاءِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ يَبْطُلُ وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: يَبْطُلَانِ مَعًا وَقِيلَ: بِالْفَرْقِ إنْ اشْتَرَطَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ بَطَلَا مَعًا، وَإِنْ اشْتَرَطَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الِاعْتِكَافُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَأَفْعَالِهِمَا] (بَابُ الْحَجِّ) (قَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ) ؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ حَجَّ قِيَاسُهُ الْفَتْحُ إلَّا إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَجِّ هُوَ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِأَنَّهَا دِعَامَةٌ وَلَعَلَّهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ كَانَ الْكَسْرُ أَكْثَرَ سَمَاعًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: الْحَجُّ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ) أَيْ: فَيُرَادُ مِنْ الْحَجِّ بِالْفَتْحِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ أَيْ: الَّذِي هُوَ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ بِالْحَرَكَاتِ الْمَخْصُوصَةِ وَقَوْلُهُ: وَبِالْكَسْرِ الِاسْمُ أَيْ: فَالْكَسْرُ اسْمٌ لِلْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ أَيْ: الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ الْمَخْصُوصَةِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ: الْقَصْدُ) وَقِيلَ: بِقَيْدِ التَّكْرَارِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ وَسَنَدٌ وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ الْخَلِيلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الصِّحَاحِ لِتَكْرَارِ النَّاسِ إلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ لِعَوْدِهِمْ إلَى الْبَيْتِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ وَلِلتَّوْدِيعِ، أَوْ لِعَوْدِهِمْ إلَيْهِ فِي الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تُعُورِفَ) أَيْ: فِي عُرْفِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: حِجَاجًا) الَّذِي فِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ أَحُجُّهُ حَجًّا بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ مَا بَعْدَ حَجًّا وَقَوْلُهُ: عَامِرٌ أَيْ: مُعْتَمِرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَيُمْكِنُ رَسْمُهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَحَدُّهُ بِزِيَارَةٍ وَطَوَافِ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ بِالْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ سَبْعًا بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَسَعْيٍ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ، وَمِنْهَا إلَيْهِ سَبْعًا بَعْدَ طَوَافٍ كَذَلِكَ لَا بِقَيْدِ وَقْتِهِ بِإِحْرَامٍ فِي الْجَمِيعِ، فَقَوْلُهُ: عِبَادَةٌ جِنْسٌ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا وَقَوْلُهُ يَلْزَمُهَا إلَخْ خَاصَّةً لَهَا؛ لِأَنَّهَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ، وَلَا يُفَارِقُهَا فَتَمْتَازُ عَنْ كُلِّ عِبَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ بِذَلِكَ وَشَمِلَ الرَّسْمَ الصَّحِيحَ مِنْ الْحَجِّ وَالْفَاسِدَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ لُزُومَ الْوُقُوفِ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهَا، وَاَلَّذِي هُوَ جُزْؤُهَا فِعْلُ الْوُقُوفِ لَا لُزُومُهُ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ جَعْلِ مَا ذَكَرَ رَسْمًا لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ: وَحَدُّهُ بِزِيَارَةٍ وَطَوَافِ إلَخْ يُنَافِي ذَلِكَ. وَلَوْ حَدَّهُ بِقَوْلِهِ: عِبَادَةٌ ذَاتُ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَطَوَافٌ إلَخْ لَأَتَى بِالْمَقْصُودِ وَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ، فَإِنْ قُلْتَ: مَا سِرُّ كَوْنِهِ عَرَّفَ الْحَجَّ بِتَعْرِيفَيْنِ وَذَكَرَ فِي الثَّانِي جَمِيعَ لَوَازِمِهِ شَرْعًا وَعَرَّفَ الصَّلَاةَ تَعْرِيفًا وَاحِدًا؟ قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عُسْرِ الْحَجِّ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ يُسْرَهُ بِحَدَّيْنِ بِرَسْمٍ تَامٍّ وَبِحَدٍّ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنَّ الْفَقِيهَ الْعَارِفَ بِقَوَاعِد الشَّرِيعَةِ لَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَفِي ذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ التَّنْكِيتِ عَلَى مَنْ عَسِرَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: ذِي طُهْرٍ أَيْ: شَخْصٍ ذِي طُهْرٍ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الطُّهْرِ أَخَصُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ، أَوْ مِمَّا ذَكَرَ وَمِنْ الْخَبَثِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالطُّهْرُ الْأَخَصُّ هُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ وُجُودُ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْكُبْرَى ثُبُوتُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلِذَا قِيلَ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذِي طُهْرٍ فَقَطْ لَصُدِّقَ بِالطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، وَقَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَصِحَّ الطَّوَافُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: عَنْ يَسَارِهِ بَيَانٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ الشَّرْعِيِّ وَنَصَبَ سَبْعًا عَلَى الْمَصْدَرِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ أَخْرَجَ بِهِ طَوَافَ الْقُدُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَقَوْلُهُ: وَسَعْيٍ مَعْطُوفٌ عَلَى طَوَافٍ، وَقَوْلُهُ:، وَمِنْهَا أَيْ: مِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصَّفَا. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ طَوَافٍ كَذَلِكَ أَيْ: مِثْلُ الطَّوَافِ الْمَذْكُورِ بِصِفَتِهِ، وَهُوَ طَوَافُ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لَا بِقَيْدِ وَقْتِهِ أَخْرَجَ بِهِ خُصُوصَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّ السَّعْيَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ طَوَافٍ قَبْلَهُ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ؛ لَا خُصُوصَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ طَوَافًا وَاجِبًا، وَقَوْلُهُ: بِإِحْرَامٍ فِي الْجَمِيعِ صِفَةً لِعِبَادَةٍ أَيْ: عِبَادَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِإِحْرَامٍ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحَجَّ عِبَادَاتٌ مُجْتَمَعَةٌ، وَإِنَّ الْإِحْرَامَ مَصْحُوبٌ بِكُلٍّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَكَانَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الطَّوَافُ جُزْءًا مِنْ الْحَجِّ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ إحْرَامَ الْأَرْكَانِ لَمَّا كَانَ مُنْدَرِجًا فِي إحْرَامِ الْحَجِّ فَصَارَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامُ لِلْجَمِيعِ. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَمَعْنَاهَا لُغَةً الزِّيَارَةُ يُقَالُ اعْتَمَرَ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا زَارَهُ وَيُقَالُ: الِاعْتِمَارُ الْقَصْدُ وَقِيلَ إنَّمَا قِيلَ لِلْمُحْرِمِ بِالْعُمْرَةِ مُعْتَمِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَوْضِعٍ عَامِرٍ وَشَرْعًا عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا طَوَافٌ وَسَعْيٌ فَقَطْ مَعَ إحْرَامٍ. وَلَمَّا كَانَتْ أَحْكَامُهُمَا أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَا تَنْحَصِرُ أَشَارَ إلَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا فَقَالَ (بَابٌ يَذْكُرُ فِيهِ بَعْضَ أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَأَفْعَالِهِمَا) (ص) فُرِضَ الْحَجُّ وَسُنَّتْ الْعُمْرَةِ مَرَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَجَّ فَرْضُ عَيْنٍ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: يُنَافِي ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْمَلْزُومِيَّةِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، والملزومية خَارِجَةٌ فَلَا يَكُونُ حَدًّا قَالَ بَعْضٌ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ وَالرَّسْمَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لَأَتَى بِالْمَقْصُودِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَاتُ بِمَعْنَى صَاحِبَةٍ وَالصَّاحِبِيَّةُ وَصْفٌ خَارِجٌ فَلَا يَكُونُ حَدًّا فَلَمْ يَأْتِ بِالْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عُسْرِ الْحَجِّ) أَيْ: لَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عُسْرِ الْحَجِّ فَقَدْ قَالَ هُوَ عُسْرٌ وَلِذَا تَرَكَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ يَرُدُّ بِعَدَمِ عُسْرِ حُكْمِ الْفَقِيهِ بِثُبُوتِهِ وَنَفْيِهِ وَصِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ، وَلَازِمُهُ إدْرَاكُ فَصْلِهِ، أَوْ خَاصَّتِهِ كَذَلِكَ أَيْ: دُونَ عُسْرِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ: مِنْ الْبَحْثِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ كَلَامَهُ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ حَدٌّ، بَلْ رَسْمٌ (قَوْلُهُ: فَفِي ذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ التَّنْكِيتِ عَلَى مَنْ عَسِرَ عَلَيْهِ) وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحَجَّ عِبَادَاتٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِهَا مُتَفَرِّقَةً، أَمَّا كَوْنُهَا عِبَادَاتٍ لَا عِبَادَةً وَاحِدَةً فَلَمْ يَظْهَرْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُفْهَمُ مِنْ تَفَرُّقِهَا أَنَّهَا عِبَادَاتٌ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِبَادَةِ انْضِمَامُ أَجْزَائِهَا. (قَوْلُهُ: لَكَانَ مَنْ طَافَ) أَيْ: لَلَزِمَ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ: الْمَعْنَى عَلَى الشَّرْطِيَّةِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ مَصْحُوبًا بِالْجَمِيعِ، وَأَمَّا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَالْمَعْنَى عَلَى الْإِخْبَارِ أَيْ: وَذَلِكَ الْإِحْرَامُ مُتَعَلِّقٌ بِجُمْلَةِ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: بَعْضُ أَحْكَامِ الْحَجِّ) أَيْ: الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ: بِإِحْرَامِهِمَا وَقَوْلُهُ: وَأَفْعَالِهِمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ: أَحْكَامِ أَفْعَالِهِمَا أَيْ: أَحْكَامِ أَفْعَالٍ تَتَعَلَّقُ بِهِمَا كَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ مِنْ قَتْلِ صَيْدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فُرِضَ الْحَجُّ) ثُمَّ إنَّهُ يَقَعُ فِي غَالِبِ النُّسَخِ بِنَاءُ " فُرِضَ وَسُنَّتْ " لِلْمَفْعُولِ وَإِقَامَةُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مُقَامَ الْفَاعِلِ، وَنَصْبُ مَرَّةً عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ مُبَيِّنٍ لِلْعَدَدِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الْعُمْرَةُ، وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَصْدَرَانِ مُقَدَّرَانِ بِأَنْ وَالْفِعْلِ، وَالْمَعْنَى فُرِضَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّةً وَسُنَّ أَنْ يَعْتَمِرَ مَرَّةً وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ فُرِضَ وَسُنَّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَقَعَا مِنْ الشَّارِعِ مَرَّةً؛ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ الْمُطْلَقَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 مَرَّةً فِي الْعُمْرِ فَمَنْ جَحَدَهُ كَفَرَ وَاسْتُتِيبَ، وَمَنْ تَرَكَهُ مُسْتَطِيعًا فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ أَيْ: لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْوِتْرِ وَقِيلَ: فَرْضٌ كَالْحَجِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقِيلَ: فَرْضٌ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ وَعَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِفَرْضٍ وَعَبَّرَ فِي بَابِ الزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ: تَجِبُ لِيَكُونَ الْفَرْضُ غَيْرَ مُرَادِفٍ لِلْوَاجِبِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا فِي بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ فَمُرَادِفٌ وَهَلْ فُرِضَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ؟ وَنَزَلَ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] تَأْكِيدًا، أَوْ بَعْدَهَا سَنَةَ خَمْسٍ، أَوْ سِتٍّ وَصَحَّحَهُ الشَّافِعِيُّ، أَوْ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْإِكْمَالِ أَقْوَالٌ «وَحَجَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَجَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ» «وَسُئِلَ أَنَسٌ كَمْ اعْتَمَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ أَرْبَعًا: عُمْرَتُهُ الَّتِي صَدَّهُ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ عَنْ الْبَيْتِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَتُهُ أَيْضًا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حِينَ صَالَحُوهُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَتُهُ حِينَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ مِنْ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَتُهُ مَعَ حَجَّتِهِ» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ كَانَتْ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ. (ص) وَفِي فَوْرِيَّتِهِ وَتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ خِلَافٌ (ش) أَيْ: وَفِي   [حاشية العدوي] ذَلِكَ وَيَجُوزُ نَصْبُ مَرَّةً عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: فُرِضَ الْمَرَّةُ مِنْ الْحَجِّ وَسُنَّتْ الْمَرَّةُ مِنْ الْعُمْرَةِ ثُمَّ حُوِّلَ وَنُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَرْضُ الْحَجِّ مَصْدَرٌ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَعَطْفُ سُنَّةُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ، وَرُفِعَ مَرَّةٌ عَلَى الْخَبَرِ وَعَلَيْهِ فَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ: مَفْرُوضِ الْحَجِّ وَمَسْنُونِ الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَفِيهِ إخْرَاجُ " مَرَّةً " عَمَّا هُوَ مُخْتَارُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهَا وَجَمِيعُ أَخَوَاتهَا مِنْ طَوْرٍ، أَوْ فَوْرٍ أَوْ ذَاتَ مَرَّةٍ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ إذْ التَّقْدِيرُ فُرِضَ الْحَجُّ حَجًّا مَرَّةً وَسُنَّ الْعُمْرَةُ اعْتِمَارًا مَرَّةً لَا يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْحَقِيقَةُ الْمَخْصُوصَةُ فَهُمَا جَامِدَانِ فَلَا يَعْمَلَانِ لِأَنَّا نَقُولُ عَمَلُهُمَا نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا مِنْ الْمَصْدَرِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ) أَيْ: وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لَكِنَّ اسْتِحْبَابَ الْعُمْرَةِ إنَّمَا هُوَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي السَّنَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَجَازَ تَكْرَارُهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَوَّلُ السَّنَةِ الْمُحَرَّمُ فَيَجُوزُ لِمَنْ اعْتَمَرَ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْحِجَّةِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي الْمُحَرَّمِ الْحَاصِلِ أَنَّ الْحَجَّ أَوَّلُ مَرَّةٍ فُرِضَ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَيَنْبَغِي لَهُ قَصْدُ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ لِيَقَعَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إقَامَتَهُ وَقَعَ مَنْدُوبًا، وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ فَسُنَّةٌ عَيْنٌ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ، وَكِفَايَةٌ إذَا قَصَدَ بِهَا الْقِيَامَ عَنْ النَّاسِ وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ كُلَّ عَامٍ اُنْظُرْ شَرْحَ عب. (فَائِدَةٌ) فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ قِيلَ الْعُمْرَةُ، أَوْ الْعَكْسُ قَوْلَانِ اهـ (قَوْلُهُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] قِيلَ نَزَلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَقِيلَ نَزَلَ سَنَةَ عَشْرٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الشَّافِعِيُّ) أَيْ: صَحَّحَ كَوْنَهُ سَنَةَ سِتٍّ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ) أَيْ: صَحَّحَ كَوْنَهُ سَنَةَ تِسْعٍ (قَوْلُهُ: حَجَّةً وَاحِدَةً) أَيْ: عَامَ عَشَرَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَحُجَّ مِنْ الْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ غَيْرَهَا وَحَجَّ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِ الْحَجُّ حَجَّتَيْنِ عَلَى مَا رُوِيَ، وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ حَجَّ بِمَكَّةَ حَجَّةً وَاحِدَةً قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ فَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَقَالَ: الْمَرْوِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَهُوَ بِمَكَّةَ الْحَجَّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: حَجَّةُ الْوَدَاعِ) أَيْ: وَدَاعِ النَّاسِ بِالْوَصَايَا قُرْبَ مَوْتِهِ فَقَدْ وَصَّاهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ. اهـ وَأَرَادَ بِالْيَوْمِ يَوْمَ النَّحْرِ وَالشَّهْرِ شَهْرَ الْحِجَّةِ وَالْبَلَدِ مَكَّةَ. (فَائِدَةٌ) اُخْتُلِفَ هَلْ شُرِعَ الْحَجُّ لِغَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: بَعْضُهُمْ كَانَ وَاجِبًا مِنْ زَمَنِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (فَائِدَةٌ أُخْرَى) حَاصِلُ مَا قَالُوا أَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ يُسْقِطُ الصَّغَائِرَ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْكَبَائِرَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَأَمَّا التَّبَعَاتُ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ لَا يُسْقِطُهَا الْحَجُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ إسْقَاطُهُ إيَّاهَا لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ دَيْنٍ وَغَيْرِهِ أَيْ: كَوَدِيعَةٍ، وَمُرَادُهُ بِالتَّبَعَاتِ الَّتِي قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِسُقُوطِهَا أَيْ: التَّبِعَاتِ الْبَاطِنَةِ كَالْغِيبَةِ وَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ كَمَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ عَقِبَ قَوْلِ الْقَرَافِيِّ مَا نَصُّهُ: وَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِ الصَّلَوَاتِ الْمُتَرَتِّبَةِ فِي الذِّمَّةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ دُيُونٍ وَغَيْرِهَا أَيْ: كَالْوَدَائِعِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ حَجَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ يُرْجَى أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ فِي الدُّنْيَا وَيَرْضَى عَنْهُ الْخُصُومُ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ. وَالْمَبْرُورُ هُوَ الْمُتَقَبَّلُ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَزْدَادَ بَعْدَهُ خَيْرًا فَإِنْ قُلْت: لِمَ تَأَخَّرَ حَجُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى عَامِ عَشَرَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ تَنْزِيهِ أَمَاكِنِ النُّسُكِ وَالطَّوَافِ عَنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّوَافِ عُرْيَانِينَ وَإِبْعَادِ الْكُفَّارِ عَنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ بَعَثَ الصِّدِّيقَ حَجَّ بِالنَّاسِ وَحَجُّهُ كَانَ نَدْبًا وَبَعَثَ خَلْفَهُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يُنَادِي بِالنَّاسِ لَا يَبْقَى مُشْرِكٌ. . . إلَى آخِرِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ هُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: عُمْرَتُهُ الَّتِي صَدَّهُ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ) فَنَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَقَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا صَدَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ اعْتَمَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ اعْتَمَرَ حَقِيقَةً أَيْ: حَصَلَ ثَوَابُ الْعُمْرَةِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ أُقْهِرَ عَلَى عَدَمِ إكْمَالِهَا (قَوْلُهُ: حِينَ صَالَحُوهُ إلَخْ) وَيُقَالُ لَهَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَالْقَضِيَّةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاضَى قُرَيْشًا فِي الْأُولَى عَلَى أَنْ يَأْتِيَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَيَدْخُلُ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ وَيُقِيمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي فَوْرِيَّتِهِ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِالْحَجِّ فِي أَوَّلِ عَامِ الْقُدْرَةِ وَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ، وَلَوْ ظَنَّ السَّلَامَةَ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَشَهَرَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ بَزِيزَةَ، أَوْ لَا يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ، بَلْ وُجُوبُهُ عَلَى التَّرَاخِي لِخَوْفِ الْفَوَاتِ، وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَرَأَى الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ والتِّلِمْسَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ، أَمَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ فَيَتَّفِقُ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ وَيَخْتَلِفُ الْفَوَاتُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ مِنْ ضَعْفٍ وَقُوَّةٍ وَكَثْرَةِ أَمْرَاضٍ وَقِلَّتِهَا وَأَمْنِ طَرِيقِهَا وَخَوْفِهَا وَوِجْدَانِ مَالٍ وَعَدَمِهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْحَجِّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ كَمَا قَالَهُ ح، وَلَا خِلَافَ فِي الْفَوْرِيَّةِ إذَا فَسَدَ حَجُّهُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (ص) وَصِحَّتُهُمَا بِالْإِسْلَامِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ بِهِمَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا، أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (ص) فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ رَضِيعٍ وَجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ (ش) أَيْ: فَبِسَبَبِ أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ الْإِسْلَامُ لَا زَائِدَ عَلَيْهِ يُنْدَبُ إحْرَامُ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ أَوْ كَافِلٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ الرَّضِيعِ أَيْ: إدْخَالُهُ فِي الْإِحْرَامِ بِأَنْ يَنْوِيَ عَنْهُ وَيُجَرِّدَ الذَّكَرَ مِنْ الْمَخِيطِ وَوَجْهُ الْأُنْثَى وَكَفَّاهَا كَالْكَبِيرَةِ، وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالتَّجْرِيدِ قُرْبَ الْحَرَمِ إذْ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إلَّا بِالتَّجْرِيدِ وَالنِّيَّةِ، وَلَا يُقَدِّمُ الْإِحْرَامَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ، وَيُؤَخِّرُ التَّجْرِيدَ إلَى قُرْبِ الْحَرَمِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضٌ، وَلَا مَفْهُومَ لِرَضِيعٍ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُمَيِّزِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّضِيعَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ لِمَالِكٍ لَا يَحُجُّ عَنْ الرَّضِيعِ. (ص) وَمُطْبَقٍ لَا مُغْمًى عَلَيْهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى رَضِيعٍ أَيْ: فَيُحْرِمُ الْوَلِيُّ عَنْ الْمُطْبِقِ وَيَجْرِي عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الصَّبِيِّ مِنْ تَأْخِيرِ إحْرَامِهِ وَتَجْرِيدِهِ إلَى قُرْبِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُطْبِقُ مَنْ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ، وَلَا يُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ، وَلَوْ مَيَّزَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ فَإِنْ أَفَاقَ أَحْيَانَا اُنْتُظِرَ وَلَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ إحْرَامُ غَيْرِهِ، فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمَجْنُونِ خَاصَّةً الْفَوَاتُ فَكَالْمُطْبِقِ قَالَ: فِيهَا وَالْمَجْنُونُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ كَالصَّبِيِّ لَا مُغْمًى عَلَيْهِ فَلَا يُحْرِمُ عَنْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ خِيفَ الْفَوَاتُ، وَلَا يَصِحُّ إنْ فَعَلَ بِفَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْنُونِ أَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ يُرْجَى زَوَالُهُ بِالْقُرْبِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ شَبِيهٌ بِالصِّبَا لِدَوَامِهِ وَصَحَّ الْإِحْرَامُ عَنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ غَيْرَهُ فِي أَصْلِ الدِّينِ، فَإِنْ أَفَاقَ فَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ بِهِ عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْإِحْرَامُ مَا أَحْرَمَ بِهِ هُوَ، وَلَيْسَ مَا أَحْرَمُوا بِهِ عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّي الْمِيقَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُفِقْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَقَدْ وَقَفَ بِهِ أَصْحَابُهُ لَمْ يُجْزِهِ. (ص) وَالْمُمَيِّزُ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَا قَضَاءَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " وَلِيٌّ " مِنْ قَوْلِهِ: فَيُحْرِمُ عَنْ رَضِيعٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُمَيِّزَ، وَهُوَ مَنْ يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ وَمَقَاصِدَ الْكَلَامِ، وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْإِفْهَامِ هُوَ الَّذِي يُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَيُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً، وَيَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ، وَلَا يَكْفِي رَفْضُ النِّيَّةِ وَحْدَهَا وَإِذَا حَلَّلَهُ وَلِيُّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا حَلَّلَهُ مِنْهُ وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْبَالِغِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَحَلَّلَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ عَنْ ذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ عَتَقَ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ أَدَاءً (قَوْلُهُ: لَا زَائِدَ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ تَمْيِيزٍ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) كَوَصِيٍّ (قَوْلُهُ: أَيْ: إدْخَالُهُ فِي الْإِحْرَامِ) ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْهُ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُجَرِّدَهُ وَيَنْوِيَ إدْخَالَهُ فِي الْإِحْرَامِ أَيْ: فَيَكُونُ إحْرَامُهُ عَنْهُ فِي حَالِ تَجْرِيدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِنِيَّةٍ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ تَعَلُّقًا بِهِ وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا تَجْرِيدَهُ كَالتَّوَجُّهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُحْرِمًا وَلَا أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ كُلٌّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْحَرَمِ هُنَا مَكَّةُ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمِيقَاتَ حَلَالًا رِفْقًا بِهِ وَخَوْفًا مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ يَحْصُلُ بِتَجْرِيدِهِ قُرْبَ الْحَرَمِ مَا ذَكَرَ مِنْ الضَّرَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِحْرَامَ عَنْهُ وَالتَّجْرِيدَ إلَى دُخُولِ الْحَرَمِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِتَجْرِيدِهِ الضَّرَرُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَنْهُ بِغَيْرِ تَجْرِيدٍ وَيَفْدِي كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ لِمَالِكٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا مَغْمِيٍّ عَلَيْهِ) ثُمَّ إنْ لَمْ يُفِقْ إلَّا بَعْدَ زَمَنِ الْحَجِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَفَاقَ فِي زَمَنٍ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ فِيهِ أَحْرَمَ وَأَدْرَكَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ رُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ: أَيْ: فَيُحْرِمُ الْوَلِيُّ عَنْ الْمُطْبِقِ) وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ الْحَجُّ فَرْضًا عَلَيْهِ فَلَوْ أَفَاقَ الْمُطْبِقُ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِي الْإِحْرَامِ فَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ رَفْضُهُ وَتَجْدِيدُ إحْرَامٍ بِالْفَرْضِ لِعَدَمِ رَفْضِهِ بِالنِّيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ رَفْضِهِ بِالنِّيَّةِ فِيمَنْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ يُرْجَى زَوَالُهُ بِالْقُرْبِ) أَيْ: الشَّأْنُ ذَلِكَ فَلَا يُنْتَقَضُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِغْمَاءُ طَوِيلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَفَاقَ) أَيْ: الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ لَا الْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ الْعِبْرَةُ بِإِحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْهُ فَلَا يَرْفُضُهُ الْمَجْنُونُ إنْ أَفَاقَ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ بِهِ) أَيْ: إنْ كَانُوا تَعَدَّوْا وَأَحْرَمُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا عَنْ الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: الْمَغْمِيَّ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ، وَفِي عب نَقْلًا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُنَاهِزِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَقُرْبَ الْحَرَمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أُذِنَ لِلْمُمَيِّزِ الْحُرِّ، أَوْ الرَّقِيقِ بَالِغًا أَوْ لَا وَأَرَادَ مَنْعَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَفِي الشَّامِلِ لَيْسَ لِسَيِّدٍ مَنْعُ عَبْدٍ أُذِنَ لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 الْفَرْضِ، فَإِنْ قُدِّمَ حَجُّ الْفَرْضِ صَحَّ وَمِثْلُ الْعَبْدِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِمَا حَلَّلَهُ مِنْهُ الْمَرْأَةُ إذَا حَلَّلَهَا زَوْجُهَا مِمَّا أَحْرَمَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ لَحِقِّهِمَا وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لِحَقِّ غَيْرِهِمَا. (ص) وَأَمَرَهُ مَقْدُورَهُ وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ إنْ قَبِلَهَا كَطَوَافٍ لَا كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْوَلِيَّ يَأْمُرُ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَأَقْوَالِهِ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَرُكُوعٍ وَتَلْبِيَةٍ وَتَجَرُّدٍ وَرَمْيٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَنُوبُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي عَجَزَ عَنْهُ الصَّبِيُّ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَلَا يَكُونُ إلَّا فِعْلًا فَيَطُوفُ عَنْهُ وَيَسْعَى وَيَرْمِي الْجِمَارَ، وَأَمَّا مِثْلُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَوْ الْإِحْرَامِ أَوْ التَّلْبِيَةِ أَوْ التَّجَرُّدِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ (ص) وَأَحْضَرَهُمْ الْمَوَاقِفَ (ش) أَيْ وَأَحْضَرَ الْوَلِيُّ الرَّضِيعَ وَالْمُطْبِقَ وَالصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ وَالْمَغْمِيَّ عَلَيْهِ إذَا طَرَأَ إغْمَاؤُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الْمَوَاقِفَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ عَرَفَةَ وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنًى مِنْ الْمَوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ فِيهَا الْوُقُوفَ أَثَرَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ الْمَوَاقِفَ فِيهِ تَغْلِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْقِفَ لَا يَتَعَدَّدُ، وَلَوْ قَالَ الْمَشَاهِدَ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ: الْمَشَاهِدَ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْحُضُورُ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى. (ص) وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ إنْ خِيفَ ضَيْعَةٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا أَخَذَ الصَّبِيَّ الَّذِي فِي حِجْرِهِ مَعَهُ إلَى الْحِجَازِ فَإِنَّ نَفَقَةَ الصَّبِيِّ تَكُونُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ مِثْلَ الْحَضَرِ فَلَا كَلَامَ أَيْ: لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ زَادَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَلَى الْحَضَرِ فَالزَّائِدُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ يَخْشَى الْوَلِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ الضَّيَاعَ لَوْ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ مِنْ مَصَالِحِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيَاعَ إذَا سَافَرَ وَلِيُّهُ وَتَرَكَهُ فَزِيَادَةُ نَفَقَةِ الصَّبِيِّ حِينَئِذٍ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) أَيْ:، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ إذَا تَرَكَهُ وَسَافَرَ بِهِ فَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ عَلَى وَلِيِّهِ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْحَجِّ بِهَذَا، بَلْ حَيْثُ سَافَرَ الْوَلِيُّ بِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي مَالِهِ لِيُشْعِرَ بِأَنَّ هُنَاكَ مَالًا وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ، وَلَا تَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ خِلَافًا لِمَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ (ص) كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ بِمَا بَعْدَ إلَّا وَالْمَعْنَى: أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ الصَّبِيُّ مُحْرِمًا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَازِمٌ لِوَلِيِّهِ، سَوَاءٌ خَافَ الْوَلِيُّ عَلَى الصَّغِيرِ الضَّيْعَةَ، أَوْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ غُرْمُ الْفِدْيَةِ اللَّازِمَةِ لِلصَّبِيِّ لِلُبْسٍ، أَوْ طِيبٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ أَمْ لَا عَلَى الْأَشْهَرِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْفِدْيَةِ لَزِمَتْ الصَّبِيَّ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ أَدْخَلَهُ فِي عُهْدَتِهِ بِإِحْجَاجِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَوْلُنَا: الَّذِي صَادَهُ الصَّبِيُّ مُحْرِمًا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا صَادَهُ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلَ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ إذْ لَا تَأْثِيرَ لِلْإِحْرَامِ فِيهِ. (ص)   [حاشية العدوي] وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلِأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ لَهُ مَنْعُهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ لَا بَعْدَهُ. (أَقُولُ) : هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ، وَانْظُرْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ إذَا حَلَّلَهَا زَوْجُهَا) أَيْ: مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: الْمُمَيِّزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ فِي خُصُوصِ الْمُمَيِّزِ وَفِي عب وشب وَإِلَّا يَكُنْ مَقْدُورُهُ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا، أَوْ كَانَ مُطْبِقًا ثُمَّ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا فَإِنَّ حَقِيقَةَ النِّيَابَةِ أَنْ يَأْتِيَ النَّائِبُ بِالْفِعْلِ دُونَ الْمَنُوبِ عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ فِعْلُهُ بِهِ فَعَلَهُ بِهِ كَطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَوُقُوفٍ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهَا فَهُوَ مُشَارِكٌ لَهُ لَا نَائِبٌ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهُ بِهِ فَعَلَهُ الْوَلِيُّ إنْ قَبِلَ النِّيَابَةَ كَرَمْيٍ وَذَبْحٍ كَمَا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ) اعْتَرَضَ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى تت بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ: الْعَيْنِيَّةِ أَيْ: الَّتِي نُظِرَ فِيهَا لِعَيْنِ الْفَاعِلِ وَخُصُوصِهِ وَإِلَّا فَالْكُلُّ أَعْمَالٌ بَدَنِيَّةٌ يَعْنِي: مُقَابِلَةَ الْقَلْبِيِّ (قَوْلُهُ: إذَا طَرَأَ إغْمَاؤُهُ) وَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُحْرِمُ عَنْهُ الْوَلِيُّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ) أَيْ: بِعَرَفَةَ أَيْ: بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ ذُكِرَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ بِهِ وَاجِبٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِالنَّفْسِ (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ) أَيْ: الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا الْمَحْجُورُ صَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ لِحَمْلِهِ لَا خُصُوصَ مَا يَأْكُلُهُ، أَوْ يَلْبَسُهُ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَحْجُورُ جَمَعَ الضَّمِيرَ فِي أَحْضَرَهُمْ وَأَفْرَدَ هُنَا وَالْمُرَادُ فِي الْمَحَلَّيْنِ الْمَحْجُورُ الشَّامِلُ تَفَنُّنًا. (قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ ضَيْعَةٌ) اُنْظُرْ هَلْ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ خَوْفِ خَائِفٍ مَا كَانَ الْوَلِيُّ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَخَفْ الْوَلِيُّ الضَّيْعَةَ وَخَافَ غَيْرَهُ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَعْرِفَةِ فَالْعِبْرَةُ بِخَوْفِ الْغَيْرِ وَلَا عِبْرَةَ بِخَوْفِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْعِبْرَةُ بِخَوْفِ الْوَلِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِخَوْفِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ، أَوْ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ خَوْفَ الْوَلِيِّ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْغَيْرِ لَهُ عَلَى الْخَوْفِ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَعْرِفَةِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا اُنْظُرْ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: ضَيْعَةٌ) الْمُرَادُ الْهَلَاكُ، أَوْ مَا يَخْتَلُّ حَالُهُ بِهِ وَمِنْ ذَلِكَ مُعَاشَرَةُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا كَافِلَ لَهُ سِوَى مَنْ سَافَرَ بِهِ وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ خِيفَ ضَيْعَةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ) الْأَوَّلُ: التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ فَالْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ، وَقِيلَ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيِّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ فِي تَرْكِهِ فَقَدْ أَدْخَلَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقِيلَ عَلَى الصَّبِيِّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا صَادَهُ فِي الْحَرَمِ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ (ش) قَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَصِحَّتُهُمَا بِالْإِسْلَامِ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ فَلَا يَجِبُ عَلَى عَبْدٍ، وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ، وَلَوْ قَلَّ جُزْؤُهُ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا عَلَى صَبِيٍّ، وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَمَجْنُونٍ وَضَعِيفِ عَقْلٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَعْتُوهِ فِي كَلَامِ بَعْضٍ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ فَرْضًا، وَلَوْ نَوَوْهُ نَعَمْ يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَقَوْلُهُ: (وَقْتَ إحْرَامِهِ) وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِرِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَقْتَهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ الْفَرْضُ، وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ كُلِّفَ الصَّبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَصَحَّ نَفْلًا، وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا، وَلَا يُرْتَفَضُ إحْرَامُهُ وَلَا يُجْزِيهِمْ إرْدَافُ إحْرَامٍ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: (بِلَا نِيَّة نَفْلٍ) قَالَ بَعْضٌ حَالٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِمَّاذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ الْمُضَافِ أَيْ إحْرَامٍ أَيْ: شَرْطُ وُقُوعِ الْحَجِّ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ خَالِيًا مِنْ نِيَّةِ نَفْلٍ بِأَنْ نَوَى الْفَرْضَ، أَوْ الْحَجَّ، أَوْ أَطْلَقَ، وَيَنْصَرِفُ لِلْفَرْضِ قَالَهُ سَنَدٌ فَلَوْ نَوَى النَّفَلَ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْفَرْضِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَيُكْرَهُ تَقَدُّمُ النَّفْلِ، وَكَذَا النَّذْرُ عَلَى الْفَرْضِ قَالَ بَعْضٌ: وَلَوْ قَرَنَ نِيَّةَ النَّفْلِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا قَالَ آخَرُ، وَهُوَ فِي عُهْدَةِ هَذِهِ وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ. (ص) وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِطَاعَةُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ، ثُمَّ أَبْدَلَ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، قَوْلُهُ (بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ رَاجِلًا، أَوْ رَاكِبًا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ، وَقَوْلُهُ: (بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فِي مَنْسَكِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَادِحَةٍ بِالْفَاءِ وَالدَّالِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ: ثَقِيلَةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ فَدَحَهُ الدَّيْنُ إذَا أَثْقَلَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُطْلَقِ الْمَشَقَّةِ فَإِنَّ السَّفَرَ لَا يَخْلُو عَنْهَا، وَلِذَلِكَ رُخِّصَ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: وَاسْتِطَاعَةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " حُرِّيَّةٌ " لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَوْ تَكَلَّفَهُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ وَقَعَ فَرْضًا، وَقَوْلُهُ بِإِمْكَانٍ إلَخْ أَيْ: إمْكَانًا عَادِيًا فَمَنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ بِطَيَرَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ فَعَلَهُ أَجْزَأَهُ وَحَيْثُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ دَخَلَ فِيهِ إمْكَانُ السَّيْرِ وَأَمْنُ الطَّرِيقِ فَقَوْلُهُ (وَأَمِنَ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ مِنْ لُصُوصٍ جَمْعُ لِصٍّ، مُثَلَّثُ اللَّامِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ السَّارِقُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْمُحَارِبُ، أَمَّا السَّارِقُ الَّذِي يَنْدَفِعُ بِالْحِرَاسَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَجُّ قَالَهُ بَعْضٌ (ص) إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لَا يَنْكُثُ (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَالٍ أَيْ:، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى الْمَالِ سَقَطَ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ لِصٍّ، أَوْ عَشَّارٍ مَا قَلَّ أَيْ: لَا يُجْحِفُ وَيَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ:، وَلَا يَعُودُ إلَى الْأَخْذِ ثَانِيًا فَلَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ إلَى مَا أَفْهَمَهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ عَدَمُ سُقُوطِ الْحَجِّ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ لَا إلَى قَيْدِ عَدَمِ النَّكْثِ لِمَا عَلِمْت مِنْ السُّقُوطِ مَعَ النَّكْثِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَوْلُهُ: لَا يَنْكُثُ أَيْ: عَلِمَ   [حاشية العدوي] فِي عِبَارَةِ شب . (قَوْلُهُ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ) وَاسْتِطَاعَةٌ كَمَا سَيَقُولُ وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ فَالِاسْتِطَاعَةُ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي الْوُقُوعِ فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَهُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ لَوَقَعَ فَرْضًا (قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالشَّرْطُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ، أَوْ مِثْلِ جُزْئِهِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُوبِ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ: الْحُرِّيَّةُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالِاسْتِطَاعَةُ وَهَكَذَا عَدَّهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَزَادَ الْإِسْلَامَ وَنُوزِعَ فِيهِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَيُدْخِلُ فِي كَلَامِهِ السَّفِيهَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ اشْتَرَطَ فِي الْوُجُوبِ الرُّشْدَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: اتَّفَقَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالُ، بَلْ يَصْحَبُهُ الْوَلِيُّ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَنْصِبَ فِيمَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ مَنْ يُنْفِقُ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَالْمُنَاسِبُ الْوَاوُ أَيْ: وَأَطْلَقَ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ عَنْ الْفَرْضِ) أَيْ: وَالْفَرْضُ بَاقٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِشِرَاءٍ، أَوْ كِرَاءٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّاحِلَةِ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، بَلْ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ: ثَقِيلَةٍ عَظِيمَةٍ) أَيْ: خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَأَنْ يَحْمِلَهُ جَانٌّ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ: بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ لِلتَّصْوِيرِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا " بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ "، وَقَوْلُهُ دَخَلَ فِيهِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ: بِاسْتِطَاعَةٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ: بِاسْتِطَاعَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَشَّارٍ) أَيْ: مَكَّاسٍ يَأْخُذُ الْعُشْرَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ (قَوْلُهُ وَيَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ:) أَيْ: يَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ: آخُذُ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا غَيْرَهُ أَيْ: وَعُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ عَادَةً كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: ظَالِمٍ مِنْ أَخْذِ الدَّالِّ عَلَى الطَّرِيقِ أُجْرَةً مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَلَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلُ الظَّالِمِ وَيَكُونُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمُسَافِرِينَ دُونَ أَمْتِعَتِهِمْ إذْ مَنْ مَعَهُ دَوَابُّ وَلَوْ كَثُرَتْ؛ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا فِي انْتِفَاعِهِمَا بِهِ، وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ عَدَدِ رُءُوسِ التَّابِعِينَ لَا الْمَتْبُوعِينَ فَقَطْ وَإِذَا جَرَى عُرْفٌ بِشَيْءٍ عَمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَوَجْهُ مَا قَالَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَاجِعًا لِقَيْدِ عَدَمِ النَّكْثِ لَكَانَ الْمَعْنَى أَيْ: أَنَّ أَخْذَ الظَّالِمِ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَنْكُثُ عَلَى الْأَظْهَرِ لَا يُسْقِطُ الْحَجَّ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ هُنَاكَ خِلَافَ الْأَظْهَرِ يَقُولُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ يَنْكُثُ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْكُثُ يَسْقُطُ الْحَجُّ اتِّفَاقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 مِنْهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يَنْكُثُ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ، أَوْ جَهِلَ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ سَقَطَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الشَّكِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَوْلُهُ: مَا قَلَّ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِكَوْنِهِ لَا يُجْحِفُ بِهِ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ نَحْوُ مَا لِلَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح. (ص) ، وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ (ش) أَيْ: أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَلَّفُ لَا زَادَ مَعَهُ إذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ تَقُومُ بِهِ لَا تُزْرِي بِحَالِهِ وَيَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ عَدَمَ كَسَادِهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (لِذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ) ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا رَاحِلَةَ لَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) وَظَاهِرُهُ كَاللَّخْمِيِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لَهُ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْبَاجِيُّ اعْتِبَارَهُ (ص) كَأَعْمَى بِقَائِدٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى الْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ إذَا وَجَدَ قَائِدًا؛ لِأَنَّهُ بِهِ كَالْبَصِيرِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ يُوَصِّلُهُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى كَأَقْطَعَ وَأَشَلَّ وَأَعْرَجَ فِي يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ، أَوْ فِيهِمَا وَأَصَمَّ وَأَعْمَى بِقَائِدٍ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يُوَصِّلُهُ اللَّخْمِيُّ أَوْ كَانَ يَتَكَفَّفُ (ص) وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَلَّفُ لَا زَادَ مَعَهُ، وَلَا رَاحِلَةَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ وَلَهُ صَنْعَةٌ تَقُومُ بِهِ فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَشْيِ تَقُومُ مَقَامَ الرَّاحِلَةِ وَصَنْعَتُهُ تَقُومُ مَقَامَ الزَّادِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ، وَلَا زَادَ مَعَهُ أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ حِينَئِذٍ، فَقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَيْ: فِي جَانِبِ السُّقُوطِ، وَالضَّمِيرُ الْمُثَنَّى يَرْجِعُ لِلزَّادِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلِلرَّاحِلَةِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا. (ص) ، وَإِنْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ يَعْنِي: أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ إلَّا ثَمَنَ وَلَدِ الزِّنَا مِنْ أَمَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ عِتْقُهُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ خِلَافَهُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا لَمْ يَجِدْ مَعَهُ إلَّا مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ عِنْدَ التَّفْلِيسِ مِنْ رَبْعٍ وَمَاشِيَةٍ وَثِيَابٍ، وَلَوْ لِجُمُعَةٍ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَخَادِمِهِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ، وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَمُصْحَفٍ وَآلَةِ الصَّانِعِ عَلَى أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَحُجُّ بِهِ فَقَطْ وَلَا يُرَاعَى مَا يَئُولُ أَمْرُهُ وَأَمْرُ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرُهُ إلَى اللَّهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِافْتِقَارِهِ) أَيْ: يَصِيرُ بَعْدَ الْحَجِّ فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا (أَوْ تَرَكَ وَلَدَهُ) أَيْ: وَنَحْوَهُ (لِلصَّدَقَةِ) ، وَقَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَلَا إشْكَالَ فِي تَبْدِئَةِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَحُكْمُ نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ حُكْمُ نَفَقَةِ الِابْنِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَيُقَدَّمُ الْحَجُّ عَلَيْهَا عَلَى مُقَابِلِهِ وَلَوْ خَشِيَ التَّطْلِيقَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ مِنْ فِرَاقِهَا فِيهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا. (ص) لَا بِدَيْنٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، أَوْ سُؤَالٍ مُطْلَقًا (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَسْبَابَ الِاسْتِطَاعَةِ ذَكَرَ مُقَابِلَهَا هُنَا وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِالِاسْتِطَاعَةِ بِدَيْنٍ أَوْ بِقَبُولِ عَطِيَّةٍ، أَوْ سُؤَالٍ، أَمَّا الدَّيْنُ فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَقْضِيهِ بِهِ، أَوْ كَانَ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِبُعْدِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِهِ، وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ، وَأَمَّا الْعَطِيَّةُ فَلِأَنَّ فِيهَا مِنَّةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ) قَالَ فِي ك: وَمِثْلُ النُّكُوثِ إذَا تَعَدَّدَ الظَّالِمُ (قَوْلُهُ: أَوْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ شَكَّ) لَا شَكَّ أَنَّ جَهْلَ الْحَالِ فِي الْمَقَامِ يَرْجِعُ لِلشَّكِّ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا زَادٍ إلَخْ) أَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ سَحْنُونَ، وَمَنْ وَافَقَهُ بِاشْتِرَاطِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) تَحْقِيقًا، أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: كَأَعْمَى بِقَائِدٍ) أَيْ: ذَكَرٍ وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا زَادَ مَعَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ وَلَا صَنْعَةَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سِيَاقِ نِيَابَةِ النَّائِبِ وَالْمُنَاسِبُ اعْتِبَارُ الْعَجْزِ فِي النَّائِبِينَ أَوْ الْمَنُوبَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَيْ: الْمَشْيِ، أَوْ الزَّادِ (قَوْلُهُ أَيْ: فِي جَانِبِ السُّقُوطِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَجْزُهُ أَيْ: الْعَجْزُ عَنْهُ فَإِنَّ اعْتِبَارَهُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ إلَّا فِي جَانِبِ السُّقُوطِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ الْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ خِلَافَهُ) أَيْ: الْمُسْتَحَبُّ عَدَمُ عِتْقِهِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا فَيَكُونُ، قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُبَاعُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ كَعَكْسِهِ لَا بِأَوْ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ عَطَفَهُ بِأَوْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ بِمَا عَدَا وَلَدَ الزِّنَا لِتَقَدُّمِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ ك وَلَكِنْ جَوَّزَهُ الدَّمَامِينِيُّ بِأَوْ مُخَالِفًا لِمَا فِي التَّصْرِيحِ مُحْتَجًّا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا» وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 93] . (قَوْلُهُ: أَوْ بِافْتِقَارِهِ) إنْ قِيلَ قَيَّدُوا هُنَا بِأَنْ لَا يَخْشَى هَلَاكًا عَلَيْهِمْ وَقَالُوا فِي التَّفْلِيسِ يُؤْخَذُ مَالُهُ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَعِيشُونَ بِهِ الْأَيَّامَ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ وَالْهَلَاكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَالَ فِي التَّفْلِيسِ مَالٌ لِغُرَمَاءَ، وَالْغُرَمَاءُ لَا يَلْزَمُهُمْ فِي نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ إلَّا الْمُوَاسَاةُ كَبَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْحَجِّ الْمَالُ مَالُهُ وَهُوَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ: كَأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ، أَوْ تَرَكَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا) أَيْ: أَوْ شَدِيدَ أَذًى. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْفِيرُ وَالْجَمْعُ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَطِيعًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَطِيَّةٍ) أَيْ: بِغَيْرِ سُؤَالٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: أَوْ سُؤَالٌ إلَخْ أَيْ: أَعْطَى لِأَجْلٍ لِحَجٍّ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ لَمْ يُعْطَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَتْ عَادَةً بِالْأَخْذِ مِمَّنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَأَمَّا إنْ أَعْطَى وَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، سَوَاءٌ أَعْطَى لِأَجْلِ الْحَجِّ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ فَقَدْ قَالَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَهُ؛ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ جِهَةٌ، أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ اللُّزُومِ بِالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي سُورَةِ آلَ عِمْرَانَ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ فِيهِ سُقُوطَ حُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ إذْ قَدْ يُقَالُ قَدْ جَزَّأَهُ، وَقَدْ وَفَّاهُ وَقَطَعَ سَنَدٌ بِلُزُومِ ذَلِكَ لِلْوَالِدِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ كَسْبِهِ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَيْلٌ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا السُّؤَالُ فَلَا يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتُهُ السُّؤَالَ بِبَلَدِهِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ كَانَتْ الْعَادَةُ الْإِعْطَاءَ، أَوْ لَا، وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ خِلَافُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ (هـ) فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: وَدَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ مَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ فِي الْحَضَرِ وَيُعْطِي فِي السَّفَرِ إذَا سَافَرَ مَا يَكْفِيهِ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْوُجُوبُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ. وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ فَقَالَ وَقُدْرَةُ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ عَلَى سُؤَالِ كِفَايَتِهِ بِالسَّفَرِ اسْتِطَاعَةٌ (ص) وَاعْتُبِرَ مَا يَرُدُّ بِهِ إنْ خَشِيَ ضَيَاعًا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ مَا يَصِلُ بِهِ فَقَطْ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا يَرْجِعُ بِهِ إلَّا إذَا خَشِيَ إنْ بَقِيَ ضَاعَ فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ رُجُوعُهُ إلَى حَيْثُ يَنْتَفِي ذَلِكَ عَنْهُ، فَقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا يَرُدُّ بِهِ أَيْ: إلَى أَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُهُ التَّمَعُّشُ فِيهِ بِمَا لَا يُزْرِي بِهِ مِنْ الْحِرَفِ. (ص) وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ السَّفَرَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مُسْتَطِيعِهِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْن الْبَحْرِ وَالْبَرِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عَطَبُهُ فِي نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ فَمَا قَالُوا فِيهِ يَغْلِبُ الْعَطَبُ امْتَنَعَ رُكُوبَهُ، فَإِنْ قُلْت: لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ مَعَ قَوْلِهِ: سَابِقًا وَأَمِنَ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ قُلْت فَائِدَتُهُ إفَادَةُ بَيَانِ أَنَّ مَا تَسَاوَى السَّلَامَةُ فِيهِ مَعَ الْعَطَبِ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ قَوْلِهِ: وَأَمِنَ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَوْ نَقُولُ فَائِدَتُهُ بَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْنِ فِي الْبَحْرِ أَنْ لَا يَغْلِبَ عَطَبُهُ لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ عَطَبٌ (ص) ، أَوْ يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلَاةٍ لِكَمَيْدٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى يَغْلِبَ يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا خَافَ أَنْ يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلَاةٍ بِأَنْ يَخْشَى إذَا قَامَ أَدْرَكَهُ الْمَيْدُ أَيْ: الدَّوْخَةُ فَلَا يَرْكَبُهُ، وَكَذَا إذَا خَافَ تَضْيِيعَ شَرْطٍ كَصَلَاتِهِ بِالنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ، وَيَضِيعُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ثُلَاثِيًّا مُخَفَّفًا وَبِضَمِّهِ وَتَشْدِيدِ ثَالِثِهِ فَيُرْفَعُ رُكْنُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْفَاعِلِيَّةِ، وَيُنْصَبُ عَلَى الثَّانِي بِالْمَفْعُولِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: لِكَمَيْدٍ، أَوْ ضِيقِ مَكَان لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ فِيهِ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ. (ص) وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ وَرُكُوبِ بَحْرٍ إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ حُكْمَ الْمَرْأَةِ فِي تَعَلُّقَاتِ الْحَجِّ حُكْمُ الرَّجُلِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ وَسُنِّيَّةِ الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَالْفَوْرِيَّةِ وَالتَّرَاخِي وَشُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْوُجُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِدُخُولِهَا فِي النَّاسِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ عَنْ مَكَّةَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَشْيُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَاحْتُرِزَ بِالْبَعِيدِ عَنْ الْقَرِيبِ مِثْلُ مَكَّةَ، وَمَا حَوْلَهَا وَلِلَّخْمِيِّ مِثْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ بَعْضٌ، وَالظَّاهِرُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَنِسَاءُ الْبَادِيَةِ لَسْنَ كَنِسَاءِ الْحَاضِرَةِ، وَأَيْضًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَقَطَعَ سَنَدٌ إلَخْ) ظَاهِرُ شب تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ: عَادَتُهُ السُّؤَالَ أَمْ لَا إلَخْ) هَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ إعْطَاءً لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَحُرْمَتُهُ كَانَتْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ، أَوْ لَا لِإِلْقَاءِ نَفْسِهِ فِي التَّهْلُكَةِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ الْعَادَةُ إعْطَاؤُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ السُّؤَالَ اتِّفَاقًا وَكَذَا لِمَنْ عَادَتُهُ ذَلِكَ عَلَى مَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ فِي مَنْسَكِهِ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَفِي الشَّامِلِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ) أَقَرَّهُ مُحَشِّي تت وَقَوَّاهُ فَخِلَافُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَ مَا يَرِدُ بِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اعْتَبَرَ إمْكَانَ الْوُصُولِ فَقَطْ وَسَكَتَ عَنْ حَالَةِ الرَّدِّ فَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْبَحْرُ) أَيْ: فِي وُجُوبِ رُكُوبِهِ لِمَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ وَجَوَازُهُ لِمَنْ لَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ (قَوْلُهُ: لَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِ: إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّ عَدَمَ غَلَبَةِ الْعَطَبِ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: قُلْت فَائِدَتُهُ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ تَسْلِيمُ أَنَّ عَدَمَ غَلَبَةِ الْعَطَبِ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْنِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ خَفِيَ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ صَرِيحًا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ بَرًّا أَوْ بَحْرًا وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: إنَّ مَا تَسَاوَى فِيهِ) أَيْ: السَّفَرُ الَّذِي تَسَاوَى فِيهِ إلَخْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَرًّا، أَوْ بَحْرًا وَقَوْلُهُ: أَوْ نَقُولَ إلَخْ حَاصِلُ الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّ عَدَمَ الْغَلَبَةِ الصَّادِقَ بِاسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْنِ فِي خُصُوصِ الْبَحْرِ لَا فِي الْبَرِّ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْبُعْدِ، بَلْ قَدْ يَتَرَاءَى الْعَكْسُ وَذَكَرَ فِي ك أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ سُقُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ اسْتَوَى السَّلَامَةُ وَالْعَطَبُ، وَذَكَرَ أَنَّ عج اسْتَظْهَرَهُ فِي شَرْحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَانِ الْجَوَابَانِ لعج (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا خَافَ تَضْيِيعَ شَرْطٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ وُجُوبَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مُقَيَّدٌ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَهُوَ إذْ ذَاكَ لَيْسَ بِقَادِرٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ نُزِّلَ قُدُومُهُ عَلَى السَّفَرِ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ اخْتِيَارِهِ فِي الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ، وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَهَا عَنْ إزَالَتِهَا. (تَنْبِيهٌ) : يَقْضِي الْعَالِمُ بِالْمَيْدِ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ فِي غَيْبَةِ عَقْلِهِ كَالسَّكْرَانِ بِجَامِعِ إدْخَالِ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَقْضِي غَيْرُهُ لِعُذْرِهِ وَيُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ فِي الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ (قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ) ، وَلَوْ مُتَجَالَّةً (قَوْلُهُ: إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ) أَيْ: فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَرُكُوبُ بَحْرٍ أَيْ: فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِثْلُ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا) مِمَّا لَا يَكُونُ مَسَافَةَ قَصْرٍ (قَوْلُهُ: مِثْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ) أَيْ: مِثْلُ مَكَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 فَنِسَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا يَخْتَلِفْنَ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَمِنْهَا رُكُوبُ الْبَحْرِ حَيْثُ يُبَاحُ لِلرَّجُلِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالرَّجُلِ لِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالنَّوْمِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي السِّتْرِ وَلِهَذَا قَيَّدَ ذَلِكَ عِيَاضٌ بِالسُّفُنِ الصِّغَارِ لِوُجُودِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، وَأَمَّا الْكِبَارُ الَّتِي تُخَصُّ فِيهَا بِمَوْضِعٍ لِجَمِيعِ حَاجَتِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا كَالرَّجُلِ. (ص) وَزِيَادَةِ مَحْرَمٍ، أَوْ زَوْجٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بَعِيدٍ مَشَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ فِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ تَجِدَ مَحْرَمًا مِنْ مَحَارِمِهَا يُسَافِرُ مَعَهَا أَوْ زَوْجًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» وَأَطْلَقَ فِي الْمَحْرَمِ لِيَعُمَّ الْقَرَابَةَ وَالصِّهْرَ وَالرَّضَاعَ، وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ سَفَرِهَا مَعَ ابْنِ زَوْجِهَا فَلِشَيْءٍ آخَرَ، وَرُوِيَ: نِصْفَ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً وَلَيْلَةً وَبَرِيدًا وَرُوِيَ: «لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَحَمَلُوا رِوَايَاتِ التَّحْدِيدِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ رَدًّا إلَى رِوَايَةِ الْإِطْلَاقِ، وَالْمُرَادُ مَا يُسَمَّى سَفَرًا لِحُرْمَةِ الِاخْتِلَاءِ بِالْأَجْنَبِيِّ، وَرِوَايَاتُ التَّحْدِيدِ إنَّمَا هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَمَوَاطِنَ بِأَنْ «سُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ» ، وَكَذَا بَاقِي الرِّوَايَاتِ فَلَا مَفْهُومَ لَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمَحْرَمِ، بَلْ يُكْتَفَى بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَحُكْمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ، وَقَدْ وَرَدَ الزَّوْجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَقَوْلُ التَّوْضِيحِ قَاسَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْمَحْرَمِ فِيهِ نَظَرٌ فَلَوْ امْتَنَعَ الْمَحْرَمُ، أَوْ الزَّوْجُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَهَا (ص) كَرُفْقَةٍ أَمِنَتْ بِفَرْضٍ (ش) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ تُخْتَصَّ بِمَكَانٍ أَيْ: فَيَجِبُ عَلَيْهَا كَرُفْقَةٍ أَمِنَتْ إلَخْ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الرُّفْقَةَ الْمَأْمُونَةَ يُكْتَفَى بِهَا، وَتَقُومُ مَقَامَ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ فِي الْفَرْضِ لَا فِي النَّفْلِ أَيْ: عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ، أَوْ امْتِنَاعِهِمَا أَوْ عَجْزِهِمَا، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ مَأْمُونَةً عَلَى نَفْسِهَا، فَقَوْلُهُ: بِفَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهَا فِي فَرْضٍ لَا بِأَمِنَتْ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ ثَابِتٌ مُطْلَقًا وَالْفَرْضُ يَشْمَلُ كُلَّ فَرْضٍ كَمَا إذَا أَسْلَمَتْ بِبَلَدِ الْحَرْبِ، أَوْ أُسِرَتْ وَأَمْكَنَهَا الْهَرَبُ، وَحَجُّ النَّذْرِ وَالْقَضَاءُ وَالْحِنْثُ وَالرُّجُوعُ إلَى الْمَنْزِلِ لِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ إذَا خَرَجَتْ صَرُورَةً فَمَاتَ، أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ خَرَجَتْ لِلرِّبَاطِ، أَوْ زِيَارَةٍ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَحَلِّهِ (ص) ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي: هَلْ يُكْتَفَى فِي خُرُوجِهَا انْفِرَادُ النِّسَاءِ أَوْ انْفِرَادُ الرِّجَالِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ؟ تَرَدَّدَ الشُّيُوخُ فِي فَهْمِ قَوْلِ الْإِمَامِ تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ هَلْ الْوَاوُ عَلَى حَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ، أَوْ هِيَ لِلْجَمْعِ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا الْحُكْمُ عَلَى النَّوْعَيْنِ؟ وَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ فِي قَوْلِهِ: أَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: الَّتِي تَخُصُّ فِيهَا بِمَوْضِعٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ اخْتِصَاصِهَا بِمَكَانِ اتِّسَاعِهَا بِحَيْثُ لَا تُخَالِطُ الرِّجَالَ عِنْدَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ . (قَوْلُهُ: تَزِيدُ إلَخْ) أَيْ: فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: زِيَادَةَ مَحْرَمٍ، أَوْ زَوْجٍ، زِيَادَتُهُمَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الِاسْتِطَاعَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْرَمُ زَائِدًا أَيْ: مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ) نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْمُتَجَالَّةَ وَالشَّابَّةَ وَقَدْ قَالُوا لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ،، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَإِيَّاهُ مُتَرَافِقَيْنِ، فَلَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الرُّفْقَةِ وَهِيَ فِي آخِرِهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ بِحَيْثُ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ أَمْكَنَهَا الْوُصُولُ بِسُرْعَةٍ كَفَى ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ فَلِشَيْءٍ آخَرَ) وَهُوَ خَوْفُ ضَيْعَتِهَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ: وَيَوْمَيْنِ) الْأَوْلَى وَيَوْمَانِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ قِرَاءَةُ رُوِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ فَحَمَلُوا إلَخْ) أَيْ: لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ إذَا وَرَدَ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدَانِ فَأَكْثَرُ يَرْجِعُ لِرِوَايَةِ الْإِطْلَاقِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا وَرَدَ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ: مُرَادُ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: لَا تُسَافِرُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالرَّاجِحُ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعَامَّ لَا يَتَخَصَّصُ بِذِكْرِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّقْيِيدُ وَارِدًا عَلَى أَسْئِلَةٍ كَفَى فِي الْجَوَابِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا يُسَمَّى سَفَرًا) أَيْ: لُغَةً لَا سَفَرًا شَرْعِيًّا وَلَا عُرْفِيًّا (قَوْلُهُ: وَرِوَايَاتُ التَّحْدِيدِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ الْعَمَلُ عَلَى رِوَايَةِ الْإِطْلَاقِ فَمَا السِّرُّ فِي رِوَايَاتِ التَّقْيِيدِ وَمَا الْمُوجِبُ لِذِكْرِهَا (قَوْلُهُ: وَمَوَاطِنُ) أَيْ: وَمَوَاضِعُ هِيَ الْمَوَاضِعُ الْمَسْئُولُ عَنْ سَفَرِهَا كَمَسِيرَةِ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَالْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ إذْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: اخْتِلَافُ السَّائِلِينَ مِنْ حَيْثُ الْمَوَاطِنُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمُحْرِمِ) أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحْرِمِ الْبُلُوغُ بَلْ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَوُجُودُ الْكِفَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهَا) أَيْ: إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ الْخُرُوجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ فَإِنْ امْتَنَعَا بِكُلِّ وَجْهٍ، أَوْ طَلَبَا مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ خَرَجَتْ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا إذَا طَلَبَا مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ، وَلَوْ كَثُرَ مَطْلُوبُهُمَا وَلَا يَتَقَيَّدُ مَطْلُوبُهُمَا بِالْقِلَّةِ كَالظَّالِمِ. (مَسْأَلَةٌ) يَجُوزُ لِلرَّجُلِ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً فِي مَفَازَةٍ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَجْتَهِدُ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الْإِفْكِ (قَوْلُهُ: كَرُفْقَةٍ إلَخْ) إنْ قُلْت: هُوَ مُخَالِفٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ قُلْنَا خَصَّهُ الْقِيَاسُ عَلَى وُجُوبِ هِجْرَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْوُجُوبِ) هَذَا بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْمَحْرَمِ وَالزَّوْجِ مِنْ حَيْثُ قِيَامُهَا مَقَامَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْنَ ثَابِتٌ مُطْلَقًا) أَيْ: لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ سَفَرِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَهَا الْهَرَبُ) فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْهَا مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْهَا وَكَانَ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْ بَقَائِهَا وَخُرُوجِهَا ضَرَرٌ فَإِنْ خَفَّ أَحَدُهُمَا ارْتَكَبَتْهُ، وَإِنْ تَسَاوَيَا خُيِّرَتْ كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَقْصِدُ بِهَا الْحُكْمَ عَلَى النَّوْعَيْنِ) أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 بِالْمَجْمُوعِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَجْمُوعُ أَيْ: فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَالْمُخْلِصُ أَنْ يَقُولَ: وَفِي تَعْيِينِ الْمَجْمُوعِ أَوْ يَكْتَفِي بِنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ تَرَدُّدٌ، ثُمَّ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِ تَأْوِيلَانِ. (ص) وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَجَّ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا يَصِحُّ بِالْمَالِ الْحَرَامِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ لِوُجُودِ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ، وَدَلِيلُ الْعُمُومِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَسَقَطَ بِالْحَرَامِ لِئَلَّا يَخْتَصَّ بِالْفَرْضِ، وَلَكِنْ يَكُونُ عَاصِيًا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ سَامَحَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ. (ص) وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى غَزْوٍ إلَّا لِخَوْفٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَجَّ التَّطَوُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الصَّدَقَةِ فِي غَيْرِ الْمَجَاعَةِ وَأَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ، وَلَكِنْ تَفْضِيلُ نَدْبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي، وَتَفْضِيلُ وُجُوبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ، وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَزْوَ يُقَدَّمُ وُجُوبًا عَلَى حَجِّ التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ قَالَ بَعْضٌ، فَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى تَرَاخِي الْحَجِّ فَيُقَدَّمُ الْجِهَادُ وَعَلَى الْفَوْرِيَّةِ يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْخَوْفِ وَقِلَّتِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا انْتَهَى، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَفْضِيلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْعِتْقِ إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ تُسَاوِي الْعِتْقَ. (ص) وَرُكُوبٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ حَجَّ رَاكِبًا عَلَى الْإِبِلِ، أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ مَاشِيًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْمَعْرُوفِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُضَاعَفَةِ النَّفَقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الشُّكْرِ، وَكَذَا الْعُمْرَةُ وَالْمَنَاسِكُ كُلُّهَا حَتَّى فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْن عَبَّاسٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ «لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً وَلِلْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ» انْتَهَى؛ لِأَنَّ الْمَزِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ (ص) وَمُقَتَّبٌ (ش) أَيْ: إنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالْمُخْلِصُ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الِاكْتِفَاءَ بِالْمَجْمُوعِ مُقَابِلًا لِلِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ أَوْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَجْمُوعِ لَا أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى إلَخْ) ، وَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ فِي سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ) إنْ قِيلَ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ السُّقُوطَ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَكَلَامُهُ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الصِّحَّةَ تَسْتَلْزِمُ السُّقُوطَ حَيْثُ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ ك (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ الْعُمُومِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:، وَأَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ فَأَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ) أَيْ: مِنْ الْغَزْوِ وَالتَّطَوُّعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي إلَّا أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ يُبْعِدُهُ إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِفَضْلِ نَدْبٍ أَيْ: مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيمُ لَا مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا وَجَدْت الْحَطَّابَ أَفَادَهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ) فَإِذَا كَانَ خَوْفٌ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ إنْ قَلَّ فَإِنْ كَثُرَ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا شَكَّ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ خَوْفٌ بِحَيْثُ صَارَ فَرْضَ كِفَايَةٍ إنْ قَلَّ الْخَوْفُ فَإِنْ كَثُرَ صَارَ فَرْض عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْخَوْفِ) أَيْ: بِحَيْثُ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ وَقَوْلُهُ: وَقِلَّتُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِهَادَ تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَتَارَةً يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَارَةً مُسْتَحَبًّا. هَذَا مَا أَفَادَهُ عج قَالَ فَتَلْخِيصُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ الْغَزْوُ لِفَجْءِ الْعَدُوِّ، أَوْ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ، أَوْ كَثْرَةِ الْخَوْفِ مِنْ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ قُدِّمَ تَطَوُّعُ الْحَجِّ عَلَى تَطَوُّعِ الْغَزْوِ وَقُدِّمَ فَرْضُ الْغَزْوِ عَلَى فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي حَيْثُ لَمْ يَخَفْ الْفَوَاتَ فَإِنْ خِيفَ الْفَوَاتُ قُدِّمَ الْحَجُّ عَلَى الْغَزْوِ كَمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ كَذَلِكَ انْتَهَى فَعُلِمَ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ حَجٌّ وَغَزْوٌ فَرْضَانِ وَمُتَطَوِّعٌ بِهِمَا وَحَجُّ فَرْضٍ وَغَزْوُ تَطَوُّعٍ وَعَكْسُهُ ثُمَّ نَقُولُ وَالْغَزْوُ الْفَرْضُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ، أَوْ كِفَايَةٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَهَا، وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ. (قَوْلُهُ: وَرُكُوبٌ) أَيْ: أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الرُّكُوبَ، أَوْ يَكُونَ مُكْرِيًا الْمَرْكُوبَ مَتَى أَرَادَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَشْيَ فِي الْحَجِّ فَضِيلَةٌ كَمَا فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي ح عِنْدِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَهَذَا يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ الرُّكُوبُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهِ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ مُقَابِلٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ حَجَّ مَاشِيًا وَقَوْلُهُ: وَلِمَا فِيهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَابِلَ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ: فَعَلَهُ أَيْ: تَعَلَّقَتْ قُدْرَتُهُ بِهِ فَالرُّكُوبُ بِمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَالْفِعْلِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي هُوَ التَّعَلُّقُ (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ أَعْظَمُ الْمَنَاسِكِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الرُّكُوبُ فَلَا يُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِحَتَّى الْغَائِيَّةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ لِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَى الشَّيْخِ سَالِمٍ فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَذَا سَائِرُ الْمَنَاسِكِ إلَّا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا قُلْنَا الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الرُّكُوبُ لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ يُطْلَبُ فِيهِمَا الْمَشْيُ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: الرَّاكِبُ إلَخْ) بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ وَيُقَالُ أَيْنَ السَّبْعُونَ مِنْ السَّبْعِمِائَةِ وَهَلْ هُنَاكَ إلَّا الْحَسَنَاتِ وَلِذَلِكَ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ إلَى أَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ، وَأَمَّا رُكُوبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا لِلتَّشْرِيعِ وَالْجَوَابُ الصَّوَابُ كَمَا فِي عج أَنَّ خَبَرَ حَجِّهِ رَاكِبًا مُتَوَاتِرٌ، وَذَلِكَ آحَادٌ، وَالْمُتَوَاتِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآحَادِ (قَوْلُهُ خُطْوَةٍ) الْخُطْوَةُ - بِالضَّمِّ وَقَدْ تُفْتَحُ - مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، وَالْخَطْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَضِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ بِالضَّمِّ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَإِنْ كَانَ الْفَتْحُ يَصِحُّ وَرَأَيْته مَضْبُوطًا بِهِ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَزِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الرُّكُوبَ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: مُقَتَّبٌ) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى وَزْنِ مُكَرَّمٍ يُقْرَأُ بِكُلٍّ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ الثَّانِي فَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ الْأَوَّلُ ذِكْرُهُ ق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 رُكُوبَ الْمُقَتَّبِ مُفَضَّلٌ عَلَى رُكُوبِ الْمَحْمَلِ وَالْمِحَفَّةِ، وَالْمُقَتَّبُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ قَتَبٌ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَالْفَوْقِيَّةِ رَحْلٌ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ السَّنَامِ. (ص) وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ (ش) أَيْ: وَفُضِّلَ تَطَوُّعُ وَلِيٍّ مِنْ قَرِيبٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ عِنْدَ الْمَيِّتِ، وَكَذَا عَنْ الْحَيِّ بِغَيْرِ الْحَجِّ كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَهَدْيٍ وَعِتْقٍ فَمُرَادُهُ بِالْغَيْرِ غَيْرُ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَمَا ذَكَرَ لَا كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ عَنْهُ بِالْحَجِّ كَمَا يَأْتِي وَلِمَا أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ أَخَذَ يَذْكُرُ أَنْوَاعَ الْكِرَاءِ فِي الْحَجِّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: ضَمَانُ مَضْمُونٍ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، وَضَمَانُ مُعَيَّنٍ بِذَاتِهِ، وَبَلَاغٌ وَجَعَالَةٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَارَةً يَكُونُ مَضْمُونًا فِي السَّنَةِ وَتَارَةً مُعَيَّنًا بِهَا وَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَشَارَ إلَى الْمَضْمُونِ بِقِسْمَيْهِ، بَلْ بِأَقْسَامِهِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ (ش) أَيْ: فُضِّلَ إجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ وَمَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّ الضَّمَانَ أَحْوَطُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِوُجُوبِ الْمُحَاسَبَةِ لِلْأَجِيرِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتِمَّ لِصَدٍّ، أَوْ غَيْرِهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا إذْ لَا ثَوَابَ فِي كُلٍّ لِكَرَاهَةِ كُلٍّ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةُ الضَّمَانِ مَضْمُونَةً بِذِمَّتِهِ مِثْلَ مَنْ يَأْخُذُ كَذَا فِي حَجَّةٍ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنِهِ أَسْتَأْجِرُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَنِّي وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ عَيَّنَ السَّنَةَ فِيهِمَا، أَوْ أَطْلَقَهَا كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَى بَلَاغٍ أَيْ: بِقِسْمَيْهَا أَيْ: كَانَتْ بَلَاغَ جُعْلٍ بِأَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى إتْمَامِهِ، أَوْ بَلَاغَ ثَمَنٍ وَهِيَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ أَيْ: عَلَى بَلَاغِ مَالِي أَوْ بَلَاغِ عَمَلِي أَيْ: عَلَى بَلَاغٍ فِي مَالٍ أَوْ بَلَاغٍ فِي عَمَلٍ (ص) فَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهِ (ش) أَيْ: الْمَضْمُونَةُ فِي الْحَجِّ كَغَيْرِهِ يَحْتَمِلُ فِي الْكَرَاهَةِ، فَضَمِيرُ غَيْرِهِ يَرْجِعُ لِلْمَضْمُونَةِ، وَذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ أَيْ: فَالْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ كَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مِنْ بَلَاغٍ، أَوْ جُعْلٍ فِي الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَرَاهَةِ وَيَحْتَمِلُ فِي اللُّزُومِ، وَفِي كَوْنِ الْفَضْلِ لَهُ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ؛ وَالصِّفَةِ، وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَلَوْ قَالَ فَمَضْمُونَتُهُ كَغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ. (ص) وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاجِرَ عَنْ الْمَيِّتِ إجَارَةَ ضَمَانٍ إذَا أَطْلَقَ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى رُكُوبِ الْمَحْمَلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَةِ الْمَحَامِلِ وَالْهَوَادِجِ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْمُتَكَبِّرِينَ الْمُتَرَفِّهِينَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَقْرَبُ لِلشُّكْرِ وَعِظَمِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنَّهُ عَارَضَ ذَلِكَ مَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَجَّ عَلَى مُقَتَّبٍ وَفَوْقَ الْمُقَتَّبِ قَطِيفَةٌ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا لَا رِيَاءَ فِيهِ وَلَا سُمْعَةَ» وَالْقَطِيفَةُ كِسَاءٌ مِنْ شَعْرٍ يُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالْمَحْمَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ كَحَمْلِ الْخَشَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْمَحَامِلَ الْحَجَّاجُ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْمِحَفَّةَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسَ، شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ) فِي ك وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَوْلَى لِوُصُولِهَا إلَى الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَلُ لِقَبُولِهَا النِّيَابَةَ أَيْ: فَوُقُوعُهَا مِنْ النَّائِبِ كَوُقُوعِهَا مِنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْحَجِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْأَصْلِ أَجْرُ الْحَجِّ، بَلْ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ فَإِنْ قِيلَ الْحَجُّ مِنْ غَيْرِ الصَّحِيحِ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا سَيَأْتِي قُلْت لَيْسَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا كُرِهَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ لَا يَقْبَلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُوجِبُ حُصُولَ ثَوَابِهِ لِلْأَصْلِ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَا يَسْقُطُ فَرْضٌ مِنْ حَجٍّ عَنْهُ وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ تت أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ قَبُولِهِ النِّيَابَةَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ: الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّ فِيهَا كُلَّهَا الْخِلَافُ قَالَ عج، وَأَمَّا ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ فَيَصِلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الذَّاكِرُ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ عَدَمُ الْوُصُولِ ثُمَّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الدُّعَاءِ كَأَنْ يَقُولَ اجْعَلْ ثَوَابَ قِرَاءَتِي لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ إجْمَاعًا كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِي ثَوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَرَى فِي ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ يَكُونُ كَثَوَابِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ مَضْمُونٍ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ) أَيْ: إجَارَةٌ مَضْمُونَةٌ أَيْ: مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ كَأَنْ يَقُولَ اسْتَأْجِرْ مَنْ يَحُجَّ عَنِّي بِكَذَا وَقَوْلُهُ: وَضَمَانٌ مُعَيَّنٌ بِذَاتِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ أَنْتَ عَنِّي بِكَذَا. (قَوْلُهُ: إلَى الْمَضْمُونِ بِقِسْمَيْهِ) أَيْ: مَضْمُونٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، وَمَضْمُونٌ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ:، بَلْ بِأَقْسَامِهِ) وَهُمَا الْقِسْمَانِ مَضْرُوبَانِ فِي مَضْمُونٍ فِي السَّنَةِ وَمَضْمُونًا مُعَيَّنًا فِيهَا (قَوْلُهُ: أَحْوَطُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْبَلَاغِ وَهُوَ الْبَلَاغُ الْمَالِيُّ لَا الْعَمَلِيُّ وَتَفْسِيرُ الْبَلَاغِ هُنَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى إتْمَامِهِ) أَيْ: فَإِنْ أَتَمَّ الْعَمَلَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي مَالٍ) أَيْ: مَعَ مَالٍ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ مُسْتَوٍ مَعَ الْمُشَبَّهِ فِي جَهَالَةِ الْحُكْمِ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ أَحَدِهِمَا مُشَبَّهًا وَالْآخَرِ مُشَبَّهًا بِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَاغٍ، أَوْ جَعْلٍ) أَرَادَ بِالْبَلَاغِ هُنَا الْبَلَاغُ الْمَالِيُّ. (قَوْلُهُ وَالصِّفَةُ) أَيْ: الْحَقِيقَةُ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فَمَضْمُونَتُهُ كَغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ، أَمَّا الْأَخْصَرِيَّةُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَظْهَرِيَّةُ فَلِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَيْ: وَالْمَضْمُونُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ حَالُهُ مَعْلُومٌ خِلَافُ الْمَضْمُونِ فِي الْحَجِّ فَحَالُهُ خَفِيٌّ فِي ذَاتِهِ فَصَحَّ التَّشْبِيهُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ الْيَسِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ) قَالَ بَعْضٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَضْمُونَةَ مَضْمُونَةٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَمُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْوَصِيُّ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَالْأَحْوَطُ الْمَضْمُونُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ أَنَّهُ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 وَصِيَّتِهِ بِأَنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي وَلَمْ يُعَيِّنْ ضَمَانًا، وَلَا بَلَاغًا وَلَا يَسْتَأْجِرُ بَلَاغًا؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ. (ص) كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَيِّتَ إنْ عَيَّنَ لِلْأَجِيرِ مَوْضِعَ إحْرَامِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ أَطْلَقَ لَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ أَيْ: الَّذِي كَانَ يُحْرِمُ مِنْهُ كَالْجُحْفَةِ لِلْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالشَّامِيِّ وَيَلَمْلَمَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. (ص) وَلَهُ بِالْحِسَابِ إنْ مَاتَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ أَجِيرَ الضَّمَانِ إذَا مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ وَأَبَى وَارِثُهُ مِنْ الْإِتْمَامِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا سَارَ مِنْ الْمَسَافَةِ، وَمَا بَقِيَ عَلَى قَدْرِ صُعُوبَتِهَا وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا لَا بِحِسَابِ الْمَسَافَةِ فَقَدْ يَكُونُ رُبُعُهَا يُسَاوِي نِصْفَ الْكِرَاءِ لِصُعُوبَتِهِ وَعَكْسِهِ فَيُقَالُ: بِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْإِجَارَةِ مِنْ مَوْضِعِ الِاسْتِئْجَارِ، فَإِنْ قِيلَ بِعَشَرَةٍ قِيلَ: وَبِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ مِنْ مَكَانِ الْمَوْتِ فَإِنْ قِيلَ: بِثَمَانِيَةٍ رَدَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا بَقِيَتْ، أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَخَذَ وَارِثُهُ خُمُسَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِمَكَّةَ) إلَى رَدِّ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهَا، قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَضَعُفَ انْتَهَى، وَأَمَّا فِي الْبَلَاغِ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْجَعَالَةِ وَالصَّدِّ بِمَرَضٍ، أَوْ عَدُوٍّ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ كَالْمَوْتِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ صَدٍّ) إلَّا أَنَّ لَهُ هُنَا الْبَقَاءَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَلَا كَلَامَ لِمُسْتَأْجِرِهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُ هُوَ إنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ وَإِنْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ لَمْ تَنْفَسِخْ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْفَسْخَ مِنْهُمَا فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَقَاءِ فَقَوْلَانِ. (ص) وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ (ش) أَيْ وَاسْتُؤْجِرَ بَدَلَ أَجِيرِ الضَّمَانِ حَيْثُ مَاتَ، أَوْ مَرِضَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ صُدَّ وَاخْتَارَ الْفَسْخَ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ مَحَلِّ الِانْتِهَاءِ لِعَمَلِ الْأَوَّلِ مَنْ يُكْمِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ س فِي شَرْحِهِ وَاعْتَرَضَ، بَلْ يَبْتَدِئُ الْأَجِيرُ الْحَجَّ مِنْ حَيْثُ اُسْتُؤْجِرَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إلَخْ وَلَا يُكْمِلُ عَلَى مَا سَبَقَ، اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ. (ص) ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطٌ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا لَزِمَهُ هَدْيٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي سَبَبِهِ لِتَمَتُّعٍ، أَوْ قِرَانٍ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ فَسَادٍ، أَوْ تَعَدِّي   [حاشية العدوي] لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَّا عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالِاسْتِئْجَارِ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ وَقَالَ بِهِ ابْنُ زَرْبٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْبَلَاغِ الْمَالِيِّ لَا الْعَمَلِيِّ . (قَوْلُهُ: كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ) أَصْلُهُ مُوقَاتُ (قَوْلُهُ يَعْنِي: أَنَّ الْمَيِّتَ إنْ عَيَّنَ لِلْأَجِيرِ) أَيْ: عَيَّنَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجِيرِ فَالْمُعَيَّنُ لَهُ الْوَصِيُّ لَا الْأَجِيرُ وَقَوْلُهُ: بَلْ أَطْلَقَ لَهُ أَيْ: أَطْلَقَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجِيرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُطْلَقَ لَهُ الْوَصِيُّ، وَلَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَفَضَ سُكْنَى بَلَدِهِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مِيقَاتُ الْبَلَدِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ وَإِلَّا فَمِنْ مِيقَاتِ الْبَلَدِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَهُ عج وَمَفْهُومُ الْمَيِّتِ أَنَّ مِيقَاتَ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَيِّ لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ سُكُوتُهُ يَقْتَضِي الرِّضَا فِي الْجُمْلَةِ بِفِعْلِ الْأَجِيرِ. (فَائِدَةٌ) الْمِيقَاتُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْفِعْلِ وَالْمَوْضِعُ يُقَالُ هَذَا مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُحْرِمُونَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ بِالْحِسَابِ) لَهُ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَهِيَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِمُلَابَسَةِ حِسَابِ ذَلِكَ ك (قَوْلُهُ: رَدَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْأُجْرَةِ إلَخْ) أَيْ: الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا قَلِيلَةً، أَوْ كَثِيرَةً وَهَذِهِ الْقِيمَةُ إنَّمَا هِيَ مِيزَانٌ لِلْأَخْذِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَلَاغِ إلَخْ) أَيْ: إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ لَوْ حَذَفَ " قَدْرُ " لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: لَهُ مَا أَنْفَقَ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ك فَلَهُ النَّفَقَةُ إلَى مَكَانِ الصَّدِّ، وَفِي رُجُوعِهِ مِنْهُ ثُمَّ نَقُولُ هَذِهِ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي الْمُصَنِّفِ أَيْ: لِأَجِيرِ الضَّمَانِ وَالْبَلَاغِ لَكِنَّ الْحِسَابَ فِي أَجِيرِ الضَّمَانِ حَقِيقَةٌ، وَفِي أَجِيرِ الْبَلَاغِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَا يُحَاسَبُ فِيمَا مَضَى بِحَسَبِ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَإِنَّمَا لَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ فَاسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِمَرَضٍ فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الصَّدِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَعْلَهُ مِنْ أَفْرَادِهِ تَسَمُّحٌ فَلِذَا تَرَى بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَالَ وَمِثْلُهُ خَطَأُ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: كَالْمَوْتِ) أَيْ: فِي أَنَّ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِالْحِسَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ صُدَّ) أَيْ: قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ لَهُ هُنَا الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) أَيْ: فِي الصَّدِّ لَا فِي الْمَوْتِ وَيَحْتَمِلُ أَيْ: فِي بَابِ الْحَجِّ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ اهـ. وَهَذَا فِي أَجِيرِ الضَّمَانِ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ قِيلَ بِجَوَازِ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ فِيهَا مَعَ وُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ، وَأَمَّا أَجِيرُ الْبَلَاغِ فَلَيْسَ لَهُ الْبَقَاءُ، وَانْظُرْ ك (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ) فَإِنْ لَمْ يَشُقَّ تَعَيَّنَ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْحَجِّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْبَقَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَيْ: فَسْخُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي صَارَتْ فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ فِي مَنَافِعِ السَّنَةِ الَّتِي تَقَعُ بَدَلًا وَالْجَوَازُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ أَخَفُّ مِنْ الْإِجَارَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلِأَنَّهُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، وَقَدْ صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَمُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْجِرَ بَدَلُ أَجِيرِ الضَّمَانِ إلَخْ) هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ وَاحِدًا مِنْ أَنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ مِنْ الِانْتِهَاءِ فِي إجَارَةِ الْبَلَاغِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ: مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهِ الْأَجِيرُ الثَّانِي، وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَلَ الْأَجِيرُ الْأَوَّلُ وَيُوَافِقُهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ مِنْ الِانْتِهَاءِ أَيْ: انْتِهَاءُ سَيْرِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ انْتِهَاءَ سَيْرِ الْأَوَّلِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الَّذِي بَعْدَ مَعَ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَيُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ أَيْ: انْتِهَاءُ السَّفَرِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَاحْرِصْ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ وَلَا تَغَيُّرَ فِيهِ وَلَا تَبَدُّلَ (قَوْلُهُ: إذَا لَزِمَهُ هَدْيٌ) أَيْ: إذَا قَدَّرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 مِيقَاتٍ، أَوْ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَلَا يَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اشْتِرَاطُ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ وَنَحْوِهِ عَلَى الْأَجِيرِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ مُتَمَتِّعًا، أَوْ قَارِنًا، بَلْ الْهَدْيُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ لَا يُضَمُّ إلَى الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَالْجِنْسِ وَالْأَجَلِ فَهُوَ كَبَيْعٍ مَجْهُولٍ ضُمَّ إلَى الْإِجَارَةِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ، أَمَّا لَوْ انْضَبَطَ صِفَةً وَأَجَلًا لَجَازَ ضَمُّهُ عَلَى حَدِّ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ عَلَى الْأَوَّلِ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَى الثَّانِي يَعُودُ عَلَى الْأَجِيرِ وَكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ، وَأَمَّا الْبَلَاغُ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى دَمِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا. (ص) وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَجِّ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُؤَجِّرُ الْعَامَ الَّذِي يَحُجُّ عَنْهُ فِيهِ أَجِيرُهُ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الْعَامُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِيهِ فَفِيمَا بَعْدَهُ وَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ حَيْثُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ (ص) وَعَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ (ش) أَيْ: وَصَحَّحَ أَيْضًا عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ يُوَكَّلُ إيقَاعُ الْحَجِّ فِيهِ إلَى الْأَجِيرِ وَتُسَمَّى مُقَاطَعَةً وَإِجَارَةَ ضَمَانٍ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ: وَصَحَّ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ السَّنَةَ تَكُونُ مُعَيَّنَةً وَمُطْلَقَةً وَمُقَاطَعَةً إلَى مَشِيئَةِ الْأَجِيرِ فَالْمُطْلَقَةُ هِيَ قَوْلُهُ: وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ، وَالْمُقَاطَعَةُ هَذِهِ وَعَطَفَهُ الشَّارِحُ فِرَارًا مِنْ التَّكْرَارِ عَلَى مُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ: وَفُضِّلَ فَقَالَ أَيْ: وَفُضِّلَ تَعَيُّنُ الْعَامِ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ وَفَعَلَ فِيمَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَقَالَ أَيْ: وَفُضِّلَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَلَاغِ وَعَلَى الْجَعَالَةِ لِلْجَهَالَةِ وَهِيَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَفَّى بِالْحَجِّ كَانَ لَهُ جَمِيعُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَتَبِعَ الشَّارِحُ (هـ) فِي شَرْحِهِ وَنَصُّهُ أَيْ: وَفُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ، وَفُضِّلَتْ الْإِجَارَةُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا عَلَى الْجَعَالَةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا أَحْسَنُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَأَحْوَطُ لَا بِمَعْنَى أَنَّ ثَوَابَهَا أَكْثَرُ إذْ لَا ثَوَابَ لَهُ فِيهَا كَمَا عَلِمْت. (ص) وَحَجَّ عَلَى مَا فَهِمَ وَجَنَى إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَمَشَى (ش) يَعْنِي: أَنَّ أَجِيرَ الضَّمَانِ، أَوْ الْبَلَاغِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَلَى مَا فَهِمَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي مِنْ رُكُوبِ مَحْمَلٍ وَمُقَتَّبٍ وَجِمَالٍ وَغَيْرِهَا وَإِذَا وَفَّى الْأَجِيرُ بِمَا أَخَذَهُ دَيْنَهُ فَقَدْ جَنَى عَلَى الْمَالِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَمْشِي، فَقَوْلُهُ: وَمَشَى إعْطَاءً لِلْحُكْمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْطِفَ عَلَى وَفَّى أَيْ: وَجَنَى إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَجَنَى إنْ مَشَى، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَنَى بِالنُّونِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ، وَنُسْخَةٌ جَبَى بِالْبَاءِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَمَشَى مَعْطُوفٌ عَلَى وَفَّى أَيْ: إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَمَشَى فَقَدْ جَنَى فَهُوَ بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ لَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَشْيَهُ لَا يُسْقِطُ الطَّلَبَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ غَرَضِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ   [حاشية العدوي] لُزُومَ هَدْيٍ لَا أَنَّ الْمُرَادَ إذَا لَزِمَهُ هَدْيٌ بِالْفِعْلِ، بَلْ الْمُرَادُ مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَالْأَجَلُ) أَيْ: وَهُوَ أَيَّامُ مِنًى فِي مِنًى عَلَى مَا يَأْتِي أَوْ فِي مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: عَلَى حَدِّ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) أَيْ: فَالْمُسْتَأْجِرُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ لِلْأَجِيرِ بَعْضَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْهَدْيِ وَهَذَا بَيْعٌ أَيْ: فَالْأَجِيرُ بَاعَ الْهَدْيَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَجِّ إلَخْ) أَيْ: خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ لَا تَصِحُّ لِلْجَهْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى مُتَعَلِّقٍ قَوْلُهُ: وَفَضْلُ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: عَلَى غَزْوٍ وَهَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَعْطُوفُ هُوَ قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ إلَخْ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ، قَوْلُهُ: حَجَّ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَلَاغِ) هِيَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: عَلَى الْبَلَاغِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْجَعَالَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ إجَارَةُ بَلَاغٍ فَيُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ قَطْعًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى بَلَاغٍ أَيْ: بِقِسْمَيْهَا أَيْ: بَلَاغُ ثَمَنٍ، أَوْ بَلَاغُ حَجٍّ لَكِنْ نَصَّ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهَا وَعَنْ تَصْوِيرِهَا فِي بَابِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا فِي الْبَلَاغِ خَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهَالَةِ) أَيْ: الَّتِي فِي الْجَعَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يُوَفِّي أَمْ لَا لِكَوْنِ الْعَمَلِ لَيْسَ بِلَازِمٍ (قَوْلُهُ وَفُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) أَيْ: أَنَّهُ أَحْوَطُ مِنْ الْمُطْلَقِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْأَجِيرِ وَنَفَاذِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ وَعَدَمُ وُجُودِ تَرِكَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ: إجَارَةُ الضَّمَانِ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَعَالَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْجَعْلِ بِشَرْطٍ لِلْمَجْعُولِ لَهُ وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا اهـ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهَا أَحْسَنُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُدَّعَى الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَحْوَطِيَّةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ فِي طُمَأْنِينَةٍ فِي التَّوْفِيَةِ بِخِلَافِ الْجُعْلِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّوْفِيَةَ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهَا . (قَوْلُهُ وَحُجَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ: وُجُوبًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ: عَلَى مَا فُهِمَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: فَهِمَ النَّاسُ وَفَهِمَ الْأَجِيرُ لَا عِبْرَةَ بِهِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ رُكُوبِ مَحْمَلٍ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ بِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَرْكَبَ إلَّا مَا كَانَ يَرْكَبُ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَمْشِي) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَجَنَى إنْ وَفَّى دَيْنَهُ) أَيْ: أَثِمَ وَأَثِمَ إنْ مَشَى ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إثْمَيْنِ: إثْمًا بِمُجَرَّدِ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِثْمًا آخَرَ إنْ مَشَى، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ وَجْهَ الْعَطْفِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إثْمٌ وَاحِدٌ هَذَا إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ وَإِلَّا فَلَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَاسِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلَى قِرَاءَةِ جَنَى يَكُونُ بَيَانًا لِلْحُكْمِ ثُمَّ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ وَمَشَى مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ:، وَفِي دَيْنِهِ أَيْ: إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَمَشَى فَيَلْزَمُهُ الْجِنَايَةُ لِأَجْلِ أَنْ يَحُجَّ رَاكِبًا. (قَوْلُهُ أَيْ: إنْ وَفَّى دَيْنَهُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: جَنَى بِالنُّونِ بَيَانًا لِلْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ) أَيْ: فَكَلَامُ الشَّارِحِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ إذَا مَشَى أَتَى بِالْمَطْلُوبِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَفِيهِ نَظَرٌ، وَبُعْدٌ إذَا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا وَفَاتَ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ وَلَوْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَاكِبًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ رُكُوبِ مُقَتَّبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَكْفِي مَشْيُهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ كَذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ وَأَعْطَى لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَكَذَا يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 قَالَ: وَحَجَّ عَلَى مَا فَهِمَ فَيَحُجُّ فِي عَامٍ آخَرَ، أَوْ يَدْفَعُ الْمَالَ. (ص) وَالْبَلَاغُ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ إجَارَةَ الْبَلَاغِ هِيَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْتَأْجِرُ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - قَدْرًا مِنْ الْمَالِ لِلْأَجِيرِ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَإِذَا رَجَعَ رَدَّ مَا فَضَلَ مِنْ النَّفَقَةِ وَيَرُدُّ الثِّيَابَ أَيْضًا الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (بَدْءًا وَعَوْدًا) وَهُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَتَكُونُ تِلْكَ النَّفَقَةُ بِالْعُرْفِ فَلَا يُوَسِّعُ كَثِيرًا وَلَا يُقَتِّرُ قَلِيلًا، بَلْ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِالْعُرْفِ) ، وَهُوَ ضِدُّ النُّكْرِ يُقَالُ قَدْ أَوْلَاهُ عُرْفًا أَيْ: مَعْرُوفًا وَالْعُرْفُ أَيْضًا الِاسْمُ مِنْ الِاعْتِرَافِ وَالْعُرْفُ عُرْفُ النَّاسِ (ص) وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا (ش) مَعْطُوفَانِ عَلَى مُقَدَّرٍ مَعْمُولٍ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَا أَخَذَهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا أَيْ: سَبَبَهُمَا، وَتَقْدِيرُ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ إجَارَةِ الْبَلَاغِ، بَلْ هُوَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ: يُنْفِقُهُ أَيْ: إعْطَاءَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ تت؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مُسَمَّى الْبَلَاغِ مَا يَصْرِفُهُ فِي الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا أَيْ: لَمْ يَفْعَلْهُمَا اخْتِيَارًا بِأَنْ فَعَلَهُمَا نَاسِيًا، أَوْ مُضْطَرًّا أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ مُوجِبَهُمَا بِأَنَّهُ فَعَلَهُمَا مُخْتَارًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ. (ص) وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ إجَارَةَ الْبَلَاغِ هِيَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ الْأَجِيرُ فِي ذَهَابِهِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَفِي إيَابِهِ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَوْ أَنْفَقَ الْأَجِيرُ غَيْرَ الْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَ عَلَى الْعُرْفِ وَالْمُرَادُ بِالسَّرَفِ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لَا مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُوصِي (ص) وَاسْتَمَرَّ إنْ فَرَغَ (ش) الضَّمِيرُ فِي اسْتَمَرَّ يَرْجِعُ لِأَجِيرِ الْبَلَاغِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَجِيرَ الْبَلَاغِ إذَا فَرَغَتْ نَفَقَتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لَا عَلَى الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِهِ إجَارَةَ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ. (ص) أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ (ش) أَيْ: أَوْ أَحْرَمَ أَجِيرُ الْبَلَاغِ وَمَرِضَ، أَوْ صُدَّ أَوْ فَاتَهُ لِخَطَأٍ عَدَدٌ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَتَسْقُطُ أُجْرَتُهُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ يَرْجِعُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا وَرُجُوعِهِ لَا فِي ذَهَابِهِ إلَى مَكَّةَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) ، وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ (ش) أَيْ: وَإِنْ ضَاعَتْ   [حاشية العدوي] الْمَشْيِ حَيْثُ فُهِمَ مِنْ الْمَيِّتِ خِلَافُ الْمَشْيِ، وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ مُخَالِفًا لِمُرَادِهِ، أَوْ مُوَافِقًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ . (قَوْلُهُ: إعْطَاءً) أَيْ: ذَاتَ إعْطَاءٍ إلَخْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ النَّفَقَةِ، أَوْ بَعْضَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بَلَاغًا جَائِزًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِيهِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَسَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فَلَا تَصِحُّ تِلْكَ الْإِجَارَةُ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرَاعَى فِيمَا يُنْفِقُهُ الْعُرْفُ ابْتِدَاءً وَقَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا أَوَّلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ النَّفَقَةَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَتَكُونُ تِلْكَ النَّفَقَةُ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُرْفِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِمَّا يُصْلِحُهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ، وَفِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: عُرْفًا أَيْ: مَعْرُوفًا) أَيْ: إحْسَانًا وَقَوْلُهُ: وَالْعُرْفُ أَيْضًا الِاسْمُ أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ الِاعْتِرَافِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا اُعْتُرِفَ بِهِ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَالْعُرْفُ عُرْفُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: مَعْمُولٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ) أَيْ: لِمُتَعَلِّقِ جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ إجَارَةِ الْبَلَاغِ) هَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: بَعْدُ وَلَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إلَخْ) وَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الرُّجُوعَ بِمَا يَصْرِفُهُ فِي الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَرْجِعُ بِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ مُوجِبَهُمَا وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ، وَالْمُرَادُ بِتَعَمُّدِ مُوجِبِهِمَا فِعْلُهُ اخْتِيَارًا فَفَعَلَهُ عَمْدًا لِعُذْرٍ كَالْإِكْرَاهِ كَفِعْلِهِ نَاسِيًا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ التَّعَمُّدُ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) نَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ نَظَرَ لِمَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا غَالِبًا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ أَقَلَّ مِمَّا يَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ أُجْرَتُهُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ) أَمَّا مَنْ صُدَّ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ حَيْثُ كَانَ وَأَمَّا الْمَرِيضُ، وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمَا التَّحَلُّلُ حَتَّى يَذْهَبَا إلَى مَكَّةَ لِفِعْلِ عَمْرَةٍ فَإِنَّ الْعَامَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ وَإِنَّمَا تَمَادِيًا لِحَقِّ اللَّهِ فِيمَا يَتَحَلَّلَانِ بِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فَكَأَنَّ ذَلِكَ مُصِيبَةٌ وَقَعَتْ بِهِمَا قَالَ مَعْنَاهُ اللَّخْمِيُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَبْسَهُ لِحَقٍّ كَالْمَرِيضِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّمَا هِيَ قَدْرُ مَا كَانَ يَصْرِفُهُ وَالزَّائِدُ لِدَوَاءٍ فِي مَالِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ فِيمَنْ مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فَالتَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الْمُصَنِّفِ مَعَ الشَّارِحِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا مَرِضَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا) أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ مَرِيضًا وَيُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ، بَلْ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ) أَيْ: إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَهُ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ: رَجَعَ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فَيَسْتَمِرُّ إلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 النَّفَقَةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ رَجَعَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الضَّيَاعِ لِتَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ أَظْهَرَهُ فِي مَكَانِهِ، أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ إذَا كَانَ فِي الثُّلُثِ فَضْلَةٌ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ التَّلَفِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى مَوْضِعِ التَّلَفِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ مَوْضِعِ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِيهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ أَحْسَنُ انْتَهَى. إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرْجِعُ فِي بَاقِيهِ (ص) وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ حَصَلَ الضَّيَاعُ لِنَفَقَةِ أَجِيرِ الْبَلَاغِ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَوْ الْفَرَاغِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى إحْرَامِهِ إذْ الْحَجُّ لَا يُرْتَفَضُ وَنَفَقَتُهُ فِي تَمَادِيهِ، وَرُجُوعُهُ عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ فِي تَرْكِ إجَارَةِ الضَّمَانِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَتَبَيَّنَ لَهُ الضَّيَاعُ بَعْدَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا ضَاعَتْ بَعْدَهُ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْفَرَاغَ لَيْسَ كَالضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ الْفَرَاغَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ، وَلَوْ قُسِّمَ) إلَى أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ عَلَى الْبَلَاغِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَكُونُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يُقَسَّمْ، بَلْ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ (ش) يَعْنِي: لَوْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فِي عَامٍ بِعَيْنِهِ فَحَجَّ عَنْهُ فِي عَامٍ قَبْلَ ذَلِكَ الْعَامِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْجِيلِ دَيْنٍ يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى اقْتِضَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِ الْمَوْسِمِ إلَّا إرَادَةَ التَّوْسِعَةِ عَلَيْهِ أَيْ: فِي زَمَنِ فِعْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فَتَأْخِيرُهُ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَيَتَعَجَّلُ إنْ شَاءَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِجْزَاءُ، وَلَوْ كَانَ الْعَامُ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَكَوْنِ وَقْفَتُهُ بِالْجُمُعَةِ، فَإِنْ قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ فَمَا مَعْنَى الْإِجْزَاءِ عَنْ الْمَيِّتِ قُلْنَا: مَعْنَاهُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَجِيرِ مِمَّا الْتَزَمَهُ لِيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ. (ص) أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ وَرَجَعَ بِقِسْطِهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ إذَا تَرَكَ الزِّيَارَةَ أَيْ: زِيَارَةَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ الْعُمْرَةَ الْمُشْتَرَطَتَيْنِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَجِّ أَيْ: أَوْ الْمُعْتَادَيْنِ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِقِسْطِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، فَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ أَيْ: وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِسْطِهَا أَيْ: الزِّيَارَةِ، وَمِثْلُهَا الْعُمْرَةُ (ص) أَوْ خَالَفَ أَفْرَادَ الْغَيْرَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلَا (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَدَّمَ أَيْ: إنَّ الْوَارِثَ إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مُفْرِدًا فَخَالَفَ الْأَجِيرُ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّ الْحَجَّ يُجْزِئُ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ   [حاشية العدوي] أَنْ يَصِلَ إلَى مَكَان مُسْتَعْتَبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ) أَيْ: وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ أَيْ: وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إجَارَةُ بَلَاغٍ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي إجَارَةِ بَلَاغٍ بِدُونِ وَصِيَّةٍ مِنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ) وَإِلَى هَذَا الْقَيْدِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ أَيْ: وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ إذَا كَانَ إلَخْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا عَلَى الْأَجِيرِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَحْسَنُ أَيْ: مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ أَيْ: وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي الثُّلُثِ فَيَرْجِعُ فِي بَاقِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَوَّلًا جَمَعَ الثُّلُثَ وَعَلَيْهِ رَاضُوهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَمَعْنَى هَذَا الْقَيْدِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: سَابِقًا أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ) بِمَا تَقَدَّمَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ وَلِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهُ فَعَلَى الْعَاقِدِ وَصِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَقُلْ فِي الْعَقْدِ: هَذَا جَمِيعُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ لَيْسَ لَك يَا أَجِيرُ غَيْرُهُ فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ قُسِّمَ إلَخْ) رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا قُسِّمَ فَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَجِيرِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ، فَإِذَا أَوْصَى بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُقَسَّمْ، بَلْ وَلَوْ قُسِّمَ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا أَوْصَى بِالْبَلَاغِ ثُمَّ قُسِّمَ الثُّلُثُ وَضَاعَتْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ بَهْرَامَ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الضَّيَاعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقُلْنَا يَتَمَادَى، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى بِالْبَلَاغِ، وَقَدْ قُسِّمَ الثُّلُثُ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ النَّقْلِ مَا يَقُولُ ذَلِكَ الْقَائِلُ، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَرَّجٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ: فَإِنْ كَانَ قَدْ قُسِّمَ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ مِنْ ثُلُثِهِ فَاشْتُرِيَ وَلَمْ يَتَعَدَّ لَهُ الْعِتْقُ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ وَقَدْ اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ الْمَالَ فَقَدْ قِيلَ: يُشْتَرَى عَبْدٌ آخَرُ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا قَالَ بَهْرَامُ، وَانْظُرْ كَيْف خَرَجَ الْخِلَافُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ مَنْصُوصٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ إلَّا إرَادَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ ابْتِدَاءً وَقَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَى الْكَرَاهَةِ ابْتِدَاءً أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَجْزَأَ، وَمَفْهُومُ تَقَدَّمَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إنْ أَخَّرَ عَنْ عَامِ الشَّرْطِ كَمَا يُفِيدُهُ، قَوْلُهُ: وَفَسَخَهُ ثُمَّ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا إرَادَةَ التَّوَسُّعَةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ الْحَجُّ فِي وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ كَكَوْنِ وَقْفَتِهِ بِالْجُمُعَةِ) كَيْفَ يُعْلَمُ كَوْنُ الْوَقْفَةِ بِالْجُمُعَةِ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ. (قَوْلُهُ: بِقِسْطِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ) ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِيَأْتِيَ بِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ لِلْإِفْرَادِ عَلَى الْأَجِيرِ هُوَ الْمَيِّتُ فَخَالَفَ الْأَجِيرُ وَقَرَنَ، أَوْ تَمَتَّعَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْمَيِّتِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إنْ خَالَفَ إلَى قِرَانٍ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ خَالَفَ فَتَمَتَّعَ أَعَادَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ عَنْ الْإِفْرَادِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الْإِفْرَادِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِيَا حَيْثُ اشْتَرَطَهُ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِطُهُ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِ فَفَعَلَ غَيْرَهُ كَفِعْلِ غَيْرِ مَا وَقَّعَ عَلَيْهِ الْعَقْدَ. (ص) كَتَمَتُّعٍ بِقِرَانٍ، أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ هُمَا بِإِفْرَادٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مُتَمَتِّعًا فَخَالَفَ وَحَجَّ قَارِنًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْقِرَانَ فَخَالَفَ وَحَجَّ مُتَمَتِّعًا لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مُتَمَتِّعًا، أَوْ قَارِنًا فَخَالَفَ الْأَجِيرُ وَحَجَّ مُفْرِدًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ لِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ هُوَ الْمَيِّتُ أَوْ الْوَصِيُّ فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَلَا، وَلِهَذَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبِّهَ بِهِ الْمَسَائِلَ الْمَذْكُورَةَ، فَإِنْ قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ الْإِفْرَاد عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَلِمَ لَمْ يَجُزْ عَنْهُمَا قُلْت الْأُجْرَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِهِ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا وَلِذَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعُمْرَةِ فَأَتَى بِالْحَجِّ لَمْ يَجُزْهُ (ص) ، أَوْ مِيقَاتًا شَرَطَ (ش) مَعْمُولٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى تَمَتُّعٍ أَيْ: كَمُخَالَفَتِهِ مِيقَاتًا شَرَطَ وَفِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَعْمَلُ مَحْذُوفًا أَيْ: إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامَ مِنْ مِيقَاتٍ فَخَالَفَ بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ أَوْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ الْمُشْتَرَطَ حَلَالًا، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا وَفَاتَ رَدُّ الْمَالِ وَإِلَّا رَجَعَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ وَمِثْلُ الشَّرْطِ مَا إذَا تَعَيَّنَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ. (ص) وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ (ش) أَيْ: إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَامُ مُعَيَّنًا، وَقَوْلُهُ: (أَوْ عَدِمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: إذَا حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ، أَوْ عَدِمَ أَيْ: الْحَجَّ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ عَدِمَ الْأَجِيرُ أَيْ: أَوْ عَدِمَ الْأَجِيرُ بِمَوْتٍ، أَوْ كُفْرٍ، أَوْ جُنُونٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ قُرِئَ بِأَوْ كَانَتَا مَسْأَلَتَيْنِ، وَبِالْوَاوِ فَمَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَغَرِمَ أَيْ: وَإِذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ غَرِمَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ (ص) كَغَيْرِهِ وَقَرَنَ (ش) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ يَرْجِعُ لِلْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - إذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ الْإِفْرَادَ فِي عَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَخَالَفَ الْأَجِيرُ وَأَحْرَمَ قَارِنًا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ الْقِرَانَ مُطْلَقًا أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ الْإِفْرَادَ فَخَالَفَ وَتَمَتَّعَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي عَامٍ آخَرَ، وَلَا تَنْفَسِخُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَأَعَادَ إنْ تَمَتَّعَ)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إنْ خَالَفَ إلَى قِرَانٍ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ عَدَاءَهُ فِي الْقِرَانِ خَفِيٌّ إذْ صُورَةُ الْقِرَانِ صُورَةُ الْإِفْرَادِ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ صُورَةِ التَّمَتُّعِ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِصُورَةِ الْإِفْرَادِ؛ فَلِذَا كَانَ الْفَسْخُ فِي صُورَةِ الْمُخَالَفَةِ لِقِرَانٍ ثَابِتًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُخَالِفَ أَيْضًا بِخِلَافِ صُورَةِ التَّمَتُّعِ لَوْ خَالَفَ يَظْهَرُ عَدَاؤُهُ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرَطُ الْمُسْتَأْجَرَ يُقَالُ إنَّهُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا تَعَلُّقٌ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك يُنْظَرُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ يُخَالِفُ أَفْرَادَ الْغِيرَةِ حَيْثُ أَجْزَأَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ وَبَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَطَ التَّمَتُّعَ فَقَرَنَ وَعَكْسُهُ، أَوْ اشْتِرَاطًا فَأَفْرَدَ مِنْ غُرْمِهِ مُطْلَقًا، وَانْظُرْ لَوْ نَسِيَ الْأَجِيرُ مَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ وَغَابَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَعَذَّرَ سُؤَالُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَفْضَلِ وَهُوَ الْإِفْرَادُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا) ضَمِيرُ الرَّفْعِ اُسْتُعِيرَ لِضَمِيرِ الْجَرِّ وَلَا يَضُرُّ ارْتِكَابُ الْقَلِيلِ وَهُوَ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ التَّعَالِيلَ الْمَذْكُورَةَ جَارِيَةٌ فِيمَا إذَا خَالَفَ أَفْرَادَ الْغَيْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِطُ الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ ضَعْفٌ إلَخْ) الْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لَا الضَّعْفَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الشَّرْطِ مَا إذَا تَعَيَّنَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ) أَيْ: فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ شَرْطٌ أَيْ: حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ) وَهِيَ: التَّمَتُّعُ عَنْ الْإِفْرَادِ، وَالْقِرَانُ عَنْ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعُ عَنْ الْقِرَانِ، وَالْقِرَانُ عَنْ التَّمَتُّعِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ، أَوْ عَدَمُ) فَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْعَامُ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ: كَانَتَا مَسْأَلَتَيْنِ) وَالْعَامُ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ: وَبِالْوَاوِ فَمَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ) حَلَّ عَلَيْهَا عج بِقَوْلِهِ: وَفُسِخَتْ إجَارَةٌ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ الْحَجُّ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَحُجَّ الْأَجِيرُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ فَسَدَ بِوَجْهٍ، أَوْ أَتَى بِهِ عَلَى صُورَةٍ لَا تُجْزِئُ مِنْ الصُّوَرِ السَّبْعِ السَّابِقَةِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْحَجَّ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ أَفْسَدَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، بَلْ يُخَيَّرُ الْوَارِثُ فِي الصَّبْرِ لِقَابِلٍ، وَفِي الْفَسْخِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَخْيِيرِ الْوَارِثِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قَصْدُ التَّشْدِيدِ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا اجْتَرَمَهُ اُنْظُرْ عج ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً إلَّا أَنَّهَا تَحْتَهَا مَسَائِلُ فَمُؤَدَّى الْوَاوِ مُؤَدَّى أَوْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - إذَا اشْتَرَطَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي: أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا اشْتَرَطَ الْإِفْرَادَ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ مَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ) وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فَقَرَنَهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ مَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ، أَوْ التَّمَتُّعُ فَأَفْرَدَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ عج نَظَرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ خَالَفَ التَّمَتُّعَ فَأَفْرَدَ عَدَاؤُهُ ظَاهِرٌ فَلَا وَجْهَ لِلْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ إنْ تَمَتَّعَ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ) لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ فِي ذَخِيرَتِهِ: إذَا أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنْ الْمَيِّتِ، ثُمَّ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عَدَاءَهُ خَفِيَ كَعَدَاءِ مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْإِفْرَادَ، أَوْ التَّمَتُّعَ فَقَرَنَ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: كَغَيْرِهِ وَقَرَنَ، أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ وَأَعَادَ أَنَّ " تَمَتَّعَ " مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: أَوْ خَالَفَ إفْرَادًا كَغَيْرِهِ إلَخْ، وَالْكَلَامُ هُنَاكَ فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ، وَهُنَا فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ أَيْ: حَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَحَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فُسِخَ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ وَغَرِمَ أَيْ: فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الَّتِي لَا تُجْزِئُ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ إلَخْ. (ص) وَهَلْ تَنْفَسِخُ إنْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ فِي الْمُعَيَّنِ، أَوْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ عَنْ الْمَيِّتِ فَيُجْزِئُهُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - إذَا شَرَطَ عَلَى أَجِيرِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ فَاعْتَمَرَ الْأَجِيرُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْحَالَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِمَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ عَلِمَ أَنَّ خُرُوجَهُ لَيْسَ إلَّا لِنَفْسِهِ، أَوْ تَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَا تَنْفَسِخُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ فَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَيُجْزِئُهُ لِلتَّعْلِيلِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: التَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا مَنْصُوصَانِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لَكِنَّ فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ فَيَبْقَى لِعَامٍ قَابِلٍ، وَأَمَّا الْفَسْخُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، فَأَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ يَقُولُ: يَرْجِعُ لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ، وَالْآخَرُ يَقُولُ يُحْرِمُ مِنْ مَحَلِّهِ أَيْ: فِي الْقَابِلِ وَأَمَّا التَّأْوِيلَانِ فِي الْمُعَيَّنِ فَإِنَّمَا هُمَا مُخَرَّجَانِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَمَنْ قَالَ يُحْرِمُ مِنْ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ يَقُولُ: يَرْجِعُ لِلْمِيقَاتِ فِي الْمُعَيَّنِ، وَمَنْ قَالَ: يَرْجِعُ لِلْمِيقَاتِ يَقُولُ: بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ وَمَحَلُّهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ إذَا رَجَعَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ فَأَنْفَقَ فِيهِ عَلَى الْفَسْخِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَنْصُوصَانِ فِي الْمُعَيَّنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْأَصْلَ وَالْمُخْرَجَ جَمِيعًا اُنْظُرْ ح. (ص) وَمُنِعَ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الشَّخْصَ الصَّحِيحَ الْبَدَنِ الْمُسْتَطِيعَ لِلْحَجِّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ وَيَسْتَنِيبَهُ فِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، فَقَوْلُهُ: اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِنَابَةِ وَالنِّيَابَةِ: أَنَّ النِّيَابَةَ وُقُوعُ الْحَجِّ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَنْهُ، وَسُقُوطُ الْفَرْضِ عَنْهُ، وَمَعْنَى الِاسْتِنَابَةِ جَوَازُ الْفِعْلِ مِنْ الْغَيْرِ فَقَطْ يُرِيدُ بِالْغَيْرِ الْمُسْتَنِيبَ، وَالْأَصْلُ فِيمَا مُنِعَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقَرَنَ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ الْعَامَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَيْ: فَيُفْسَخُ إنْ كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ أَوْ صَرَفَهُ) أَيْ: صَرَفَ الْأَفْعَالَ وَإِلَّا فَالْإِحْرَامُ لَا يُرْتَفَضُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنْ نَفْسِهِ وَفَعَلَ الْحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي الْإِجْزَاءِ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ فَعَلَ أَمْرًا مُحَرَّمًا، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّ بِالْحَرَامِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: كَعَدَاءِ مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْإِفْرَادَ أَوْ التَّمَتُّعَ فَقَرَنَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَدَاءَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا خَالَفَ مِنْ إفْرَادٍ لِقِرَانٍ، وَأَمَّا مَنْ تَمَتَّعَ لِقِرَانٍ فَالْعَدَاءُ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِ صُورَةِ الْفِعْلِ ظَاهِرًا، وَالْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِظْهَارٌ مِنْ الْحَطَّابِ وَوَجْهُ الْعَدَاءِ فِي الْقِرَانِ أَنَّ الْقِرَانَ يَخْفَى؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِلنِّيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا فَقَدْ يَعُودُ لَهُ ثَانِيَةً بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ:) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَقَامَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: يُحْرِمُ مِنْ مَحَلِّهِ) أَيْ: بَلَدِهِ وَقَوْلُهُ: فِي الْقَابِلِ أَيْ: فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، وَالْمُرَادُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي حَالِ كَوْنِهِ آتِيًا مِنْ مَحَلِّهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَلَدِهِ، وَلَوْ قَالَ يَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَالَ يُحْرِمُ مِنْ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: يُحْرِمُ مِنْ مِيقَاتِهِ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا مِنْ بَلَدِهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ يَقُولُ: يَرْجِعُ لِلْمِيقَاتِ فِي الْمُعَيَّنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا عَنْ ق الْمُنَاسِبُ خِلَافُهُ وَهُوَ مَا حَلَّ بِهِ الطِّخِّيخِيُّ كَمَا أَفَادَهُ نَقْلُهُ وَنَصُّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ، إذَا عُلِمَ هَذَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُمَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بَعْدَ أَنْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ فَمَنْ اشْتَرَطَ رُجُوعَهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ إلَى مَوْضِعِ الِاسْتِئْجَارِ فَسَخَ فِي الْمُعَيَّنِ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعَهُ إلَيْهِ أَجْزَأَهُ إحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَا تَنْفَسِخُ، أَمَّا إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ وَعَلَى عَدَمِهِ فِي غَيْرِهِ انْتَهَى. وَهُوَ وَجِيهٌ فِي ذَاتِهِ أَيْضًا أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ النَّقْلِ يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ ح) زَادَ فِي ك وَعَلَى الْإِجْزَاءِ فَإِنْ كَانَ اعْتِمَارُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَالدَّمُ فِي مَالِهِ لِتَعَمُّدِهِ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِمَا أَدْخَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ نَقْصِ التَّمَتُّعِ، وَعَنْ التُّونُسِيِّ لَوْ قِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا نَقَصَ مَا بَعُدَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: يَعْنِي: أَنَّ الشَّخْصَ الصَّحِيحَ الْبَدَنِ الْمُسْتَطِيعَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفَ صِفَةٍ وَهُوَ الِاسْتِطَاعَةُ وَلَك أَنْ تَقُولَ: الْمُرَادُ بِالصَّحِيحِ الْمُسْتَطِيعُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرْجُوًّا صِحَّتُهُ (قَوْلُهُ: فِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ) أَيْ: وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي لِخَوْفِ الْفَوَاتِ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا وَقَعَ بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْرُوفٌ وَفِعْلُهُ حَسَنٌ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ حَسَنًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُتَطَوِّعُ مُسْتَطِيعًا وَبَدَأَ بِهِ وَالْإِكْرَاهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: كَبَدْءٍ إلَخْ ثُمَّ إنَّ مُحَشِّي تت رَدَّ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَلْتَعْلَمْ أَنَّ نَقْلَ الْحَطَّابِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ عَنْ شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقَبُولُهُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ يَعْنِي: الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةَ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِأُجْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَعْرُوفٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي قَبُولِ النِّيَابَةِ وَعَدَمِهِ، سَوَاءٌ وَقَعَ بِأُجْرَةٍ، أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ وَسُقُوطُ الْفَرْضِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ النِّيَابَةِ بِالْفَرْضِ، وَأَيْضًا الْمَذْهَبُ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: فِي الِاسْتِنَابَةِ أَنَّهَا جَوَازُ الْفِعْلِ عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 أَنْ لَا يَكُونَ صَحِيحًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَا تَصِحُّ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ. (ص) وَالْإِكْرَاهُ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ، أَوْ كَانَ فِي حَجِّ نَفْلٍ، أَوْ فِي عُمْرَةٍ كُرِهَ، وَلَوْ صَحِيحًا فِيهِمَا، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ، قَوْلُهُ (كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ: يُكْرَهُ لِلْمُسْتَطِيعِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَإِجَارَةُ نَفْسِهِ) أَيْ: وَكُرِهَ إجَارَةُ نَفْسِهِ فِي عَمَلِ اللَّهِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ كَانَ مُسْتَطِيعًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ: لَأَنْ يُؤَاجِرَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ اللَّبِنِ وَالْحَطَبِ وَسَوْقِ الْإِبِلِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِلَّهِ بِأُجْرَةٍ وَهَذِهِ دَارُ الْهِجْرَةِ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مُنْذُ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا أَذِنَ فِيهِ، وَالشَّاذُّ جَوَازُهُ. وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الطَّاعَةِ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ تَلْزَمُهُ إنْ وَقَعَتْ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَأَفْهَمَ جَوَازُهُ لِلْعَاجِزِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي وَإِلَّا حَرُمَ (ص) وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ضَرُورَةً، أَوْ غَيْرَهُ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْحَجِّ الْمَكْرُوهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَنْفُذُ بِالْمَمْنُوعِ (ص) وَحُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ إنَّ وَسَّعَ وَقَالَ: يَحُجُّ بِهِ لَا مِنْهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ   [حاشية العدوي] الْمُسْتَنِيبِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا إذْ لَا فِعْلَ مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ فِعْلُ اللِّسَانِ وَهُوَ الْعَقْدُ فَبَعِيدٌ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالْجَوَازِ إذْ تَكُونُ مَمْنُوعَةً كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ بِمَعْنَى عَنْ وَالْأَحْسَنُ حَذْفُ الْجَوَازِ، وَيَقُولُ صُدُورُ فِعْلٍ عَنْ آخَرَ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْهُ كَمَا قُلْنَا وَتَفْسِيرُ النِّيَابَةِ بِصُدُورِ فِعْلٍ عَنْ آخَرَ حَيْثُ يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْهُ وَاعْتِرَاضُهُ بِقَوْلِهِ: وَأَيْضًا الْفَرْضُ لَا يَصِحُّ هَذَا لَا يَتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ تَفْسِيرُ النِّيَابَةِ فِي ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَاقِعِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَسُقُوطُهُ تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْفَتْحِ مَفْعُولًا مَعَهُ وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالضَّمِّ عَطْفًا عَلَى وُقُوعِهِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ذَاتُ وُقُوعٍ إلَخْ وَذَاتُ سُقُوطٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) ، وَلَوْ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ بِأُجْرَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَبَدَأَ بِهَا مُسْتَطِيعٌ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ إلَخْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَاجِزَ لَا فَرْضِيَّةَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا إذَا كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا كَانَ وَاجِبًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَإِنْ كَانَ سَاقِطًا لِلضَّعْفِ نَعَمْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا إذَا كَانَ مَرِيضًا مَرْجُوًّا صِحَّتُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ لَا يُكْرَهُ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْلٍ، أَوْ عُمْرَةٍ كُرِهَ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ غَيْرَ الصَّحِيحِ فِي الْفَرْضِ حَرَامٌ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ) مَفْهُومُ بَدْءِ إنْ تَطَوَّعَ مُسْتَطِيعٌ عَنْ شَخْصٍ بَعْدَ سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْ ذَلِكَ الْمُتَطَوِّعِ لَا يُكْرَهُ حَيْثُ كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَمَفْهُومُ مُسْتَطِيعٍ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَطِيعِ حَيْثُ تَكَلَّفَهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَوْلُهُ: بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِبَدْءٍ عَائِدٌ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مَنْ عَنْهُ حَجٌّ صَرُورَةٌ، أَوْ غَيْرُهَا ثُمَّ أَنَّ مُحَشِّي تت قَالَ قَوْلُهُ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ غَيْرِ آتٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ النِّيَابَةِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا لَا عَنْ الصَّحِيحِ وَلَا عَنْ الْمَرِيضِ وَلَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهَا إذْ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا فِيهِ، وَإِلَّا كُرِهَتْ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهَا وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَنْفَذَ ذَلِكَ وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ نَفْسِهِ) فِي ك هَذَا فِيمَا عَدَا مَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى جَوَازِهِ كَالْأَذَانِ، أَوْ مَعَ الصَّلَاةِ وَكَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ) أَيْ: الْقَوْلُ الشَّاذُّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ مُرَاعَاةُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَأَوْلَى فِي اللُّزُومِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ، بَلْ الْمَكْرُوهُ يَصِحُّ الْحُكْمُ فِيهِ بِاللُّزُومِ، وَلَوْ لَمْ يُرَاعِ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَوْنِ إجَارَةِ النَّفْسِ مَكْرُوهَةٌ إذَا كَانَ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ مَكْرُوهًا فَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا فَلَا تَكُونُ إجَارَةُ نَفْسِهِ مَكْرُوهَةً إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْعَقْدِ مِنْ جَانِبٍ مَكْرُوهًا وَمِنْ جَانِبٍ حَرَامًا (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ جَوَازُهُ لِلْعَاجِزِ) هَذَا مَفْهُومُ مُسْتَطِيعٍ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَصِيَّةِ الْمَكْرُوهَةِ، وَقَدْ تَبِعَ الْحَطَّابَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ يَعْنِي: إذَا قُلْنَا إنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْحَجِّ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّ الْمَيِّتَ إذَا أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُبِيحُ الْمَمْنُوعَ قَالَ: وَيَصْرِفُ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ فِي الْهَدَايَا انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَانْظُرْ الْمُقَابِلَ فَإِنَّهُ يُعَلَّلُ بِمَا تَرَى فَيُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِنَابَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَا الْمَكْرُوهَةِ فَكَلَامُ الْحَطَّابِ وَالشَّارِحِ مُشْكِلٌ، وَلَكِنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَدْ قَالَ وَلَا اسْتِنَابَةَ لِلْعَاجِزِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْوَلَدِ انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَالْمُؤَلِّفُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَلَا اسْتِنَابَةَ لِلْعَاجِزِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُرْمَةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ إجَارَةِ النِّيَابَةِ فَأَوْصَى بِذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُبِيحُ الْمَمْنُوعَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَقَالَ يَحُجُّ بِهِ) الْوَاوُ إمَّا لِلْحَالِ، أَوْ لِلْعَطْفِ وَهَذَا إذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا أَوْصَى بِهِ يَحُجُّ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِوُجُودِ مَنْ يُؤَجِّرُهُ بِأَقَلَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 بِجَمِيعِ ثُلُثِهِ، أَوْ عَيَّنَ مَالًا وَقَالَ يُحَجُّ بِهَذَا عَنِّي فَإِنَّهُ يُحَجُّ بِذَلِكَ حِجَجٌ مُتَعَدِّدَةٌ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ جَمِيعَ الثُّلُثِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ، أَوْ الثُّلُثُ يَحْتَمِلُ حِجَجًا مُتَعَدِّدَةً، وَأَمَّا لَوْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي مِنْ ثُلُثِي فَإِنَّهُ يُحَجُّ عَنْهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (ص) وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ أَوْ الْمَالُ الْمُسَمَّى وَاحِدَةً أَوْ قَصُرَ عَنْ ثَانِيَةٍ فَمَا فَوْقَهَا، أَوْ قَالَ مِنْهُ وَوَسِعَ أَزْيَدَ فَإِنَّ الْقَاصِرَ وَالْبَاقِيَ يَرْجِعُ مِيرَاثًا (ص) كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ، أَوْ تَطَوُّعِ غَيْرٍ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: يَحُجُّ عَنِّي بِكَذَا فَحِجَجٌ تَأْوِيلَانِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي رُجُوعِ الْبَاقِي مِيرَاثًا أَيْ: إذَا سَمَّى الْمُوصِي قَدْرًا فَوَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، سَوَاءٌ عَيَّنَ الشَّخْصَ أَمْ لَا، أَوْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِثُلُثِ مَالِي حَجَّةً وَاحِدَةً فَأَحَجُّوا بِدُونِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْبَاقِي مِيرَاثًا وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ الْكُلُّ مِيرَاثًا فِيمَا إذَا تَطَوَّعَ عَنْهُ أَحَدٌ، وَهَلْ رُجُوعُ الْبَاقِي فِي الْأُولَى، وَالْجَمِيعِ فِي الثَّانِيَةِ مِيرَاثًا مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَالَ حُجُّوا عَنِّي حَجَّةً أَوْ يَحُجُّ عَنِّي رَجُلٌ، أَوْ فُلَانٌ، أَوْ يَحُجُّ عَنِّي بِكَذَا، أَوْ حُجُّوا عَنِّي بِكَذَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَالَ يَحُجُّ عَنِّي بِكَذَا حَجَّةً، وَأَمَّا إنْ قَالَ يَحُجُّ عَنِّي بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ حَجَّةً فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ بِهِ حَتَّى يَنْفُذَ تَأْوِيلَانِ. (ص) وَدَفَعَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ لِمُعَيِّنٍ لَا يَرِثُ فُهِمَ إعْطَاؤُهُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوصِي إذَا سَمَّى قَدْرًا مَعْلُومًا وَقَالَ ادْفَعُوهُ لِفُلَانٍ يَحُجُّ بِهِ عَنِّي وَفُلَانٌ غَيْرُ وَارِثٍ بِالْفِعْلِ لِلْمُوصِي فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمُوصِي، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُسَمَّى يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ إذَا فُهِمَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي إعْطَاءُ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَانَ ثُلُثُ الْمُوصِي يَحْمِلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِأَقَلَّ وَإِلَّا فَالْبَاقِي يَرْجِعُ مِيرَاثًا، وَالضَّمِيرُ فِي أُجْرَتِهِ عَائِدٌ عَلَى مُتَأَخِّرٍ لَفْظًا وَرُتْبَةً، فَلَوْ قَالَ: وَدَفْعُ الْمُسَمَّى لِمُعَيَّنٍ لَا يَرِثُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا (ص) ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ وَارِثٍ وَلَمْ يُسَمِّ زِيدَ إنْ لَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُلُثُهَا ثُمَّ تَرَبَّصَ، ثُمَّ أَوْجَرَ لِلصَّرُورَةِ فَقَطْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ شَخْصًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ عَيَّنَ مَالًا) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ سَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ: كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ وَهِيَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ: كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ) رَجَعَهُ شَارِحُنَا كَمَا تَرَى لِمَا إذَا سَمَّى الْمُوصِي قَدْرًا فَوَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ، وَلَمَّا إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِثُلُثِي حَجَّةً وَاحِدَةً وَقَصَرَهُ غَيْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ التَّأْوِيلَيْنِ قَاصِرَيْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَطَوُّعِ غَيْرٍ) هَذَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَصِيَّتُهُ بِثُلُثِهِ وَوَصِيَّتُهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ إلَخْ) رَجَعَهُ شَارِحُنَا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ تَرْجِيعُهُ لِلْأُولَى وَهِيَ: وُجُودُهُ بِأَقَلَّ دُونَ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ: أَوْ تَطَوَّعَ إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ قَوْلِهِ: " أَوْ تَطَوَّعْ غَيْرٍ عَنْهُ " لِيَتَّصِلَ التَّأْوِيلَانِ بِمَحَلِّهِمَا. وَعَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا مِنْ تَرْجِيعِهِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَنَقُولُ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَنَقُولُ: فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَنْ يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِحَجَّةٍ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَالِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مِنْهُمَا إذَا وَجَدَ مَنْ يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِحَجَّةٍ حَيْثُ كَانَ يَسَعُ الْمَالُ حَجَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّ الْمَالَ يَرْجِعُ مِيرَاثًا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ يَسَعُ حَجَّتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وَوُجِدَ مَنْ يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَالُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ جَمِيعُ الْمَالِ مِيرَاثًا أَيْضًا، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِبَعْضِ مَا يَسَعُ الْمَالَ كَمَا إذَا كَانَ يَسَعُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ وَوَجَدَ مَنْ يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِحَجَّةٍ مِنْهَا فَإِنَّ مَا يُقَابِلُ تِلْكَ الْحَجَّةَ مِنْ الْمَالِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَيَسْتَأْجِرُ بِبَاقِيهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مَا بَقِيَ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمُوَافِقِ لِلنَّقْلِ مِنْ تَرْجِيعِ التَّأْوِيلَيْنِ لِمَا إذَا وُجِدَ بِأَقَلَّ دُونَ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ إذَا وُجِدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةً تَطَوُّعًا فَإِنَّ الْكُلَّ يَرْجِعُ مِيرَاثًا، سَوَاءٌ قَالَ يَحُجُّ عَنِّي بِأَرْبَعِينَ أَوْ فُلَانًا بِأَرْبَعِينَ، أَوْ حُجُّوا عَنِّي وَاحِدَةً، وَالْفَرْقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُوَافِقِ لِلنَّقْلِ إنْ جَهِلَ الْمُوصِي بِحَالِ الثُّلُثِ حِينَ مَوْتِهِ هَلْ يَسَعُ حَجَّةً، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَا يَسَعُ شَيْئًا؟ مِمَّا ذُكِرَ عُذْرٌ لَهُ فِي عَدَمِ تَعْيِينِ الْحَجِّ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي عَدَمِ تَعْيِينِ الْعَدَدِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مَعَ كَوْنِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِهِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ فَتَرْكُهُ التَّعْيِينَ الْمُخَالِفَ لِلْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِهِ مَعَ إمْكَانِهِ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ رُجُوعُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ حَجَّةً فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، سَوَاءٌ قَالَ يُحَجُّ عَنِّي بِكَذَا، أَوْ حُجُّوا عَنِّي بِكَذَا، أَوْ يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِكَذَا. (قَوْلُهُ وَدَفْعُ الْمُسَمَّى إلَخْ) يَشْمَلُ مَا إذَا سَمَّى عَدَدًا، أَوْ جُزْءًا مُعَيَّنًا: كَثُلُثِ مَالِي، أَوْ سُدُسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ لَا يَرِثُ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَرِثُ فَيُدْفَعُ لَهُ قَدْرُ الْأُجْرَةِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا، أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَارِثٌ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ لَا يُدْفَعُ لَهُ إلَّا عَلَى الْبَلَاغِ إذَا كَانَ فِيهِ كَثْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ يَرُدُّ الْفَضْلَ وَفِي الضَّمَانِ لَا يَرُدُّ فَتَتَحَقَّقُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَهُوَ يُخَصِّصُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ، وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ إجَارَةَ الضَّمَانِ لَا يَفْضُلُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْوَارِثِ وَيَرْضَى بِهَا الْوَارِثُ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فُهِمَ إعْطَاؤُهُ لَهُ) ، فَلَوْ لَمْ يُفْهَمْ إعْطَاؤُهُ الْجَمِيعَ فَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَبَى فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَرْجِعُ مِيرَاثًا. (قَوْلُهُ: عَائِدٌ عَلَى مُتَأَخِّرٍ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمَعْمُولَاتِ كُلَّهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَوْ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ رُتْبَةً؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ " بِدَفْعِ " (قَوْلُهُ: ثُلُثُهَا) يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ زِيدَ، وَيَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِزِيدَ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِي زِيدَ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُعَيَّنِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ:، وَإِنْ عَيَّنَ وَارِثٌ أَيْ: زِيدَ الْمُعَيَّنُ غَيْرُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ زَادَ تُسْتَعْمَلُ لَازِمًا كَزَادَ الْمَالُ وَمُتَعَدِّيًا كَ {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2] (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَرَبَّصَ) أَيْ: لَعَلَّهُ يَرْضَى وَهَلْ سُنَّةٌ، أَوْ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ؟ وَزِيَادَةُ الثُّلُثِ وَالتَّرَبُّصِ عَامٌّ فِي الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّ التَّرَبُّصِ إنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 غَيْرَ وَارِثٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَسَمَّى لَهُ قَدْرًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لَهُ بِتَمَامِهِ وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ أَيْضًا شَخْصًا غَيْرَ وَارِثٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا فَإِنْ رَضِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ ثُلُثِهَا إنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا تَرَبَّصَ بِهِ قَلِيلًا لَعَلَّهُ أَنْ يَرْضَى ثُمَّ بَعْدَ التَّرَبُّصِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا كُلَّهُ إنْ كَانَ الْحَجُّ غَيْرَ صَرُورَةٍ وَإِلَّا أَوْجَرَ غَيْرَهُ، وَالصَّرُورَةُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ صَرَّا دَرَاهِمَهُمَا وَلِمَنْ يُنْفِقَاهَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: غَيْرَ وَارِثٍ مِمَّا إذَا عَيَّنَ وَارِثًا فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ شَيْئًا كَمَا مَرَّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يُسَمِّ عَمَّا إذَا سَمَّى لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَلَا كَلَامَ، أَوْ رَضِيَ بِدُونِهِ رَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَقَوْلُهُ: (غَيْرَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ، وَإِنْ امْرَأَةٌ) شَرْطٌ فِي كُلِّ أَجِيرٍ حَاجٍّ عَنْ صَرُورَةٍ، وَلَيْسَ خَاصًّا بِالصَّرُورَةِ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّرُورَةُ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَاجِبًا عَلَيْهِ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ يُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ لِتَنَزُّلِ حَجِّهِ مَنْزِلَةَ حَجِّ الْمُوصِي، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (ص) وَلَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ دَفَعَ لَهُمَا مُجْتَهِدًا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إجَارَةً لِلْعَبْدِ، أَوْ الصَّبِيِّ ظَانًّا بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَحُرِّيَّةَ الْعَبْدِ فَحَجَّا عَنْ الصَّرُورَةِ، أَوْ لَمْ يَحُجَّا وَتَلِفَ الْمَالُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُمَا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ حَدَّ اجْتِهَادِهِ، وَالْمَقْصُودُ حُصُولُ الثَّوَابِ، وَهُوَ يَحْصُلُ مَعَ الْعَبْدِ وَمَعَ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُتْلِفْ الْمَالَ لِنَزْعٍ مِنْهُمَا، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِلْوَصِيِّ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ إنْ غَرَّ وَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ. (ص) ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ حَجَّ مِنْ الْمُمْكِنِ، وَلَوْ سَمَّاهُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ فَمِيرَاثٌ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْمَالِ وَقَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِهِ مِنْ بَلَدِهِ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ فَإِنَّهُ يُسْتَأْجَرُ لَهُ مِنْ مَكَان مُمْكِنٍ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يُسَمِّ مَكَانَهُ الَّذِي يَحُجُّ عَنْهُ مِنْهُ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَأْجَرُ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ مَكَان مُمْكِنٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا إلَّا أَنْ يُمْنَعَ بِنَصٍّ: كَلَا تَحُجُّوا عَنِّي إلَّا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا، أَوْ قَرِينَةٍ فَمِيرَاثٌ اتِّفَاقًا (ص) وَلَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ (ش) أَيْ: وَلَزِمَ الْأَجِيرَ بِنَفْسِهِ الْحَجُّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ، وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، فَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ تَوْكِيدٌ لِلْهَاءِ فِي لَزِمَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ أَيْ: وَلَزِمَهُ الْحَجُّ مُسْتَعِينًا بِنَفْسِهِ؛ لَا زَائِدَةً كَقَوْلِك جَاءَ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ (ص) لَا الْإِشْهَادُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ (ش) أَيْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ أَحْرَمَ عَنْ فُلَانٍ وَيُقْبَلُ، قَوْلُهُ: بِغَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ   [حاشية العدوي] فُهِمَ مِنْهُ الطَّمَعُ فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْإِبَايَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّرَبُّصِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ خَاصًّا بِالصَّرُورَةِ قَبْلَهُ) فَالصَّرُورَةُ فِي غَيْرِ فَرْضِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤَجَّرُ لَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ كَمَا أَنَّهُ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي غَيْرِ الصَّرُورَةِ فَفِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤَجَّرُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْمَالُ مِيرَاثًا، وَفِي غَيْرِهِ يُؤَجَّرُ لَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ، وَإِذَا أَوْصَى الصَّرُورَةُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ عَبْدٌ، أَوْ صَبِيٌّ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ كَانَ غَيْرُ الصَّرُورَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْمَالُ مِيرَاثًا، وَفِي غَيْرِهَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ عَبْدٌ وَصَغِيرٌ وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا؟ قُلْتُ: لَمَّا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا وَرَدَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَصْلِهَا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: مَنْ يُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى الرَّجُلِ زِيَادَةُ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ يُخَاطَبُ بِالْحَجِّ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا تُخَاطَبُ بِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا وَهُوَ أَنْ يُصَاحِبَ الْأَمْنَ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ مَحْرَمٌ، أَوْ زَوْجٌ وَلَا يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَشْيٍ . (قَوْلُهُ: يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا دَفَعَ الْمَالَ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصِي صَرُورَةً وَلَمْ يَأْذَنْ فِي اسْتِئْجَارِهِمَا، أَوْ كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ وَمُنِعَ مِنْ اسْتِئْجَارِهِمَا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ) وَالصَّبِيُّ إنْ غُرَّ فَفِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَهُوَ سَاقِطٌ عَنْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ مَكَانِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُوجَدُ، أَوْ بِحَجٍّ مَصْدَرُهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُوجَدُ لَا يُسَمَّى لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ، وَلَوْ سَمَّى قَالَ مُحَشِّي تت الْمُرَادُ بِمَكَانِهِ مَحَلُّ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِيرَاثًا يُرِيدُ، وَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ إلَّا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) هَذَا إذَا أَطْلَقَ أَوْلَى إذَا وَقَعَ مِنْهُ نَصٌّ، أَوْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالنَّصُّ كَقَوْلِك: اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفْسِك وَالْقَرِينَةُ كَكَوْنِهِ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِيهِ لِعِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْفِعْلُ بِعَيْنِ الْأَجِيرِ فِي إجَارَةِ الْحَجِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ غَيْرِ الْحَجِّ فَيَتَعَلَّقُ الْفِعْلُ بِذِمَّتِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ حُصُولُ الثَّوَابِ، وَشَأْنُهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِحُصُولِهِ مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ فَحُمِلَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى قَصْدِ عَيْنِ الْأَجِيرِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى غَيْرِهِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ حُصُولُ الْفِعْلِ، وَشَأْنُهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِحُصُولِهِ مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ فَحُمِلَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ عَلَى الْمَضْمُونَةِ (قَوْلُهُ: تَوْكِيدٌ إلَخْ) أَيْ: فَتَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً، وَنَفْسُهُ مَنْصُوبَةٌ بِحَرَكَةٍ مُقَدَّرَةٍ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا اشْتِغَالُ الْمَحَلِّ بِحَرَكَةِ حَرْفِ الْجَرِّ الزَّائِدِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ إنَّمَا كَانَ هَذَا أَوْلَى لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ التَّكَلُّفِ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ حَلَفَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْإِشْهَادَ، أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 هَذَا حَيْثُ كَانَ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ بِغَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِالْإِشْهَادِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِ سَنَدٍ. (ص) وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِيمَنْ يَأْخُذُهُ فِي حَجَّةٍ (ش) أَيْ: قَامَ وَارِثُ الْأَجِيرِ مَقَامَهُ فِي قَوْلِ الْمُوصِي ادْفَعُوا هَذَا الْقَدْرَ لِمَنْ يَأْخُذُهُ فِي حَجَّةٍ أَيْ: مَضْمُونَةٍ فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَاسْتُشْكِلَ قِيَامُ الْوَارِثِ مَقَامَهُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إنْ تَلِفَ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَجِيرَ يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هِيَ الثَّوَابُ وَهُوَ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ الْأَجِيرِ، بَلْ يُسْتَوْفَى بِسَبَبِهِ. (ص) ، وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَجَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ عَنْ صَاحِبِهِ بِحَجِّ الْغَيْرِ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ ق وَيَقَعُ نَفْلًا لِلْأَجِيرِ مَعَ أَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . (ص) وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ إنَّمَا لَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ أَيْ: ثَوَابُهَا عَلَى الْأَجِيرِ وَتَسْهِيلُ الطَّرِيقِ إنْ كَانَ أَوْصَى لِلْأَجِيرِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَأَمَّا إنْ تَطَوَّعَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِالْحَجِّ فَلَهُ أَجْرُ الدُّعَاءِ، وَيُجَابُ عَنْ اسْتِشْكَالِ الْبِسَاطِيِّ بِأَنَّ الْإِثَابَةَ كَيْفَ تُجَامِعُ الْمَكْرُوهَ بِأَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ: جِهَةَ مُعَاقَدَةٍ، وَجِهَةَ نَفَقَةٍ فَالْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ، وَالْأَجْرُ مِنْ حَيْثُ النَّفَقَةُ لِانْتِفَاعِ الْأَجِيرِ بِهَا دُونَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُسْتَأْجِرُ فَهِيَ إمَّا صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ، وَلَمَّا شَارَكَتْ الْعُمْرَةُ الْحَجَّ فِي أَرْكَانٍ ثَلَاثَةٍ أَتَى بِالضَّمِيرِ فِيهَا مَثْنًى لِلِاخْتِصَارِ فِيمَا يَأْتِي، ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا سَبْعًا، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ السَّعْيُ وَذَكَرَ هُنَا الرُّكْنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ:. (ص) وَرُكْنُهُمَا الْإِحْرَامُ (ش) أَيْ: وَرُكْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرِهِمَا فِي قَوْلِهِ: فَرْضُ الْحَجِّ وَسُنَّةُ الْعُمْرَةِ الْإِحْرَامُ، ثُمَّ ذَكَرَ الرُّكْنَ الرَّابِعَ الْمُخْتَصَّ بِهِ الْحَجُّ بِقَوْلِهِ: وَلِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ إلَخْ، وَالْإِحْرَامُ لُغَةً مَصْدَرُ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ الصَّلَاةِ وَشَرْعًا عَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنْسَكِهِ بِأَنَّهُ: الدُّخُولُ بِالنِّيَّةِ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ مَعَ قَوْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ، أَوْ فِعْلٍ كَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ، وَانْظُرْ تَعْرِيفَهُ لِابْنِ عَرَفَةَ مَعَ شَرْحِهِ فِي   [حاشية العدوي] الْأَجْرَ، وَلَوْ كَانَ أَمِينًا وَحَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِشْهَادَ وَلَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْأَجْرَ فَإِنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إلَّا إذَا ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْأُجْرَةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا، وَلَوْ حَلَفَ وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْإِشْهَادُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَمِينًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ، وَلَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) ثُمَّ إذَا قَامَ إلَخْ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْحَجَّ وَلَا يُكَمِّلُ عَلَى فِعْلِ مُوَرِّثِهِ وَيُحْرِمُ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُشْتَرَطِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَمِنْ مَوْضِعٍ يُدْرِكُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ) ، بَلْ وَلَا نَفْلُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ نَفْلًا لِلْأَجِيرِ) قَدْ قُرِّرَ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَكِنَّ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فَقَالَ يَقَعُ الْحَجُّ تَطَوُّعًا عَنْ النَّائِبِ، وَفِي شَرْحِ شب. وَالظَّاهِرُ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَسْقُطُ إنَّ لِلْمَيِّتِ ثَوَابَهُ كَحَجِّ النَّفْلِ انْتَهَى فَانْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ رُبَّمَا عَارَضَ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ: لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرُ أَيْ: يَنْوِي بِحَجِّهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ كَانَ صَرُورَةً وَأَنَّهُ يَقَعُ تَطَوُّعًا لِلْأَجِيرِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَارِدٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ الْعَكْسُ فَيَقُولُ فَالْحَدِيثُ وَارِدٌ عَلَيْهِ وَنُسْخَةُ الشَّيْخِ بِخَطِّهِ هَكَذَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَجِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفَقَةِ، وَتَسْهِيلُ الطَّرِيقِ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّفَقَةِ أَيْ: تَسْهِيلُ الطَّرِيقِ عَلَى الْحَاجِّينَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُسَافِرِينَ فَيَسْهُلُ السِّيَرُ عَلَى النَّاسِ لِوُجُودِ الْأَمْنِ بِالْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ تَطَوَّعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَجْرَ الدُّعَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِقِسْمِ التَّطَوُّعِ، بَلْ أَجْرُ الدُّعَاءِ أَيْضًا فِي قِسْمِ النَّفَقَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَجْرُ الدُّعَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَجْرَ الدُّعَاءِ لِلدَّاعِي وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ الْبَعْثِ عَلَى الدُّعَاءِ لِكَوْنِهِ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ أَيْ: وَبَرَكَةُ الدُّعَاءِ لَا ثَوَابُ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ ثَوَابَهُ لِلدَّاعِي ا. هـ. وَأَرَادَ بِبَرَكَةِ الدُّعَاءِ الْمَدْعُوَّ بِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي دُعَائِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلَانٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ غَيْرَ ثَوَابِ الدُّعَاءِ، وَالْمَدْعُوُّ بِهِ يُقَالُ لَهُ بَرَكَةٌ، وَفِي عب وَالْمُرَادُ بِأَجْرِ الدُّعَاءِ فِي الْقِسْمَيْنِ ثَوَابُهُ وَلَوْ كَانَ الدُّعَاءُ لِنَفْسِ الْأَجِيرِ بِدُنْيَوِيٍّ فَيَحْصُلُ لِمَنْ حَجَّ عَنْهُ ثَوَابُ خُضُوعِهِ وَتَضَرُّعِهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَمُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ مَطْلُوبُ الْأَجِيرِ لَهُ اهـ وَفِيهِ شَيْءٌ، بَلْ ثَوَابُ خُضُوعِهِ لَهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إمَّا صَدَقَةً) أَيْ: عَلَى الْأَجِيرِ أَيْ: صَدَقَةً قَصَدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ هِبَةً قَصَدَ بِهَا وَجْهَ الْأَجِيرِ وَلَيْسَتْ هِبَةَ ثَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضًا عَنْهُ وَلَا نَفْلًا، بَلْ نَفْلٌ لِلْأَجِيرِ (قَوْلُهُ إذَا دَخَلَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُشْتَرِكٌ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا بَيْنَ الدُّخُولِ فِي الْحَرَمِ وَالدُّخُولِ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ الدُّخُولُ بِالنِّيَّةِ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَيْسَ نَفْسَ النِّيَّةِ فَلِذَا اسْتَشْكَلَ عِزُّ الدِّين مَعْرِفَتَهُ وَأَبْطَلَ كَوْنَهُ التَّلْبِيَةَ بِعَدَمِ رُكْنِيَّتِهَا أَيْ: وَهُوَ رُكْنٌ وَكَوْنُهَا النِّيَّةَ بِأَنَّهَا شَرْطُ الْحَجِّ أَيْ: فَهِيَ خَارِجَةٌ وَالْإِحْرَامُ دَاخِلٌ انْتَهَى. ثُمَّ لَا يَخْلُو الْحَالُ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالدُّخُولِ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ الشُّرُوعَ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالدُّخُولِ الِاتِّصَافُ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ فَيَرِدُ أَنَّ الِاتِّصَافَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَيْفَ وَالْإِحْرَامُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ) أَيْ: كَالتَّلْبِيَةِ وَقَوْلُهُ: كَالتَّوَجُّهِ أُدْخِلَتْ الْكَافُ لِلتَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ تَعْرِيفَهُ لِابْنِ عَرَفَةَ) عَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُرْمَةَ مُقَدَّمَاتِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ وَالطِّيبِ، وَلُبْسِ الْمَخِيطِ، وَالصَّيْدُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٌ، وَلَا تَبْطُلُ بِمَا يَمْنَعُهُ (فَإِنْ قُلْتَ:) هَلَّا قَالَ مُقَدِّمَةُ الْوَطْءِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى مُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَعُمُّ فَيَقُومُ مَقَامَ الْجَمْعِ وَهُوَ أَخْصَرُ؟ (قُلْت) لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا فَصَرَّحَ بِمَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ فِي الْحَدِّ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لَيْلًا وَنَهَارًا سِرًّا وَجَهْرًا كَانَ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ لِآخِرِ الْحِجَّةِ (ش) أَيْ: وَقْتُ الْإِحْرَامِ لِلْحَجِّ الَّذِي إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ كَانَ مَكْرُوهًا مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا شَوَّالٌ وَيَمْتَدُّ زَمَنُ الْإِحْلَالِ مِنْهُ لِآخِرِ الْحِجَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ بَعْضٌ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادُهُ، وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي يُبْتَدَأُ فِيهِ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ لَا وَقْتُ التَّحَلُّلِ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ بِكَمَالِهِ وَقْتًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، بَلْ بَعْضُهُ وَاَلَّذِي لِآخِرِ الْحِجَّةِ إنَّمَا هِيَ أَشْهُرُ الْحَجِّ لَا وَقْتُ ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ. وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ، ثُمَّ إنَّ الْأَفْضَلَ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ مِنْ أَوَّلِ الْحِجَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ: يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِمَالِكٍ أَيْضًا، وَنَحْوُهُ لِلشَّافِعِيِّ. (ص) وَكُرِهَ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي: أَنْ يُكْرَهَ أَنْ يُحْرِمَ مَثَلًا فِي رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ فَعَلَ بِأَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ كَمَا يُكْرَهُ قَبْلَ مَكَانِهِ أَيْ: قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ الْآتِي لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَنْعَقِدُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (كَمَكَانِهِ) ، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ مَعَ أَنَّهَا وَقْتُ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] وَالصَّلَاةُ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهَا، وَلَا تَنْعَقِدُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِحْرَامَ لِلْحَجِّ لَا يَلْزَمُ اتِّصَالُهُ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ فَيَجِبُ اتِّصَالُهُ بِأَفْعَالِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَشَرَعَ فِيهَا فَقَدْ يَفْعَلُهَا قَبْلَ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ. (ص) وَفِي رَابِغٍ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ: وَفِي كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ مِنْ رَابِغٍ كَمَا عِنْدَ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ لِقَوْلِهِ فِي مَدْخَلِهِ وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُهُمْ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ رَابِغٍ، وَهُوَ قَبْلَ الْجُحْفَةِ فَيَبْتَدِئُونَ الْحَجَّ بِفِعْلٍ مَكْرُوهٍ إلَخْ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا، وَقَوْلُهُ: (وَصَحَّ) أَيْ: حَيْثُ وَقَعَ الْإِحْرَامُ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ، أَوْ الْمَكَانِيِّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَكِنَّ الصِّحَّةَ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ. (ص) وَلِلْعُمْرَةِ أَبَدًا (ش) أَيْ: وَوَقْتُ الْإِحْرَامِ لِلْعُمْرَةِ مُفْرَدَةً أَبَدًا فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ السَّنَةِ، وَلَوْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَعْمَلُ هُوَ عَمَلَ الْعُمْرَةِ، وَالنَّاسُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِأَمْرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ لَمَّا قَدِمَا عَلَيْهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَدْ فَاتَهُمَا الْحَجُّ لِإِضْلَالِ الْأَوَّلِ رَاحِلَتَهُ وَلِخَطَأِ الثَّانِي فِي الْعِدَّةِ أَنْ يَتَحَلَّلَا مِنْ إحْرَامِهِمَا بِالْحَجِّ وَيَقْضِيَاهُ قَابِلًا وَيَهْدِيَا كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْعُمْرَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَيَّامَ مِنًى لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ السَّنَةُ كُلُّهَا لِلْعُمْرَةِ إلَّا خَمْسَةً: يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَيُوَافِقُهُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ. قَالَ سَنَدٌ: وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (ص) إلَّا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ (ش) مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا فَيُمْنَعُ وَيَفْسُدُ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ (فَلِتَحَلُّلِهِ) مِنْ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ أَيْ: فَرَاغِهِ مِنْهَا مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَجَمِيعِ الرَّمْيِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِتَحَلُّلَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَمُرَادُهُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ لِمَنْ أَخَّرَهُ، وَالرَّمْيُ كُلُّهُ لَا رَمْيُ الْعَقَبَةِ الَّذِي هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ، وَالْإِفَاضَةُ الَّذِي هُوَ الْأَكْبَرُ   [حاشية العدوي] أَوْ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ: وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالطِّيبُ كَذَلِكَ وَلُبْسُ الْمِخْيَطِ كَذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِالصَّيْدِ الِاصْطِيَادُ لَا مِلْكُ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ ثُمَّ أَحْرَمَ وَلَمْ يَكُنْ حَامِلَهُ لَا يَسْقُطُ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَمَّا رَأَى أَنَّ الصَّيْدَ الْمُطْلَقَ لَقَبٌ عَلَى صَيْدِ الْبَرِّ فَلِذَا أَطْلَقَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ بِمَا يَمْنَعُهُ صِفَةٌ لِلصِّفَةِ، أَوْ حَالٌ وَزَادَ ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ إحْرَامَ غَيْرِهَا يَبْطُلُ بِمَمْنُوعِهِ كَإِحْرَامِ الصَّلَاةِ وَإِحْرَامِ الِاعْتِكَافِ وَإِحْرَامِ الصَّوْمِ، وَمُرَادُهُ بِالْبُطْلَانِ قَطْعُهَا أَيْ: لَا يَجِبُ قَطْعُهَا بِحُصُولِ مَمْنُوعِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَمْنُوعُ مِمَّا يُفْسِدُ الْحَجَّ كَالْوَطْءِ انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَكَلُّمٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ مُنْتَهَاهُ عَشْرُ الْحِجَّةِ وَقِيلَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ بِاعْتِبَارِ آخِرِهِ تَعَلُّقُ الدَّمِ أَيْ: دَمُ الْإِفَاضَةِ إذَا أَخَّرَهُ لِآخِرِ الْحِجَّةِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا أَخَّرَهُ لِلْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ مُسَامَحَةٌ) أَجَابَ اللَّقَانِيِّ بِقَوْلِهِ: لِلْحِجَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْإِحْرَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ التَّعَلُّقِ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ وَلَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ مَعًا أَيْ: وَوَقْتُ الْإِحْرَامِ، وَبَقِيَّةُ أَعْمَالِ الْحَجِّ مِنْ أَرْكَانٍ وَغَيْرِهَا الْمَطْلُوبِ إيقَاعُهَا فِيهِ شَرْعًا شَوَّالٌ لِآخِرِ الْحِجَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: لِآخِرِ الْحِجَّةِ لَا تَسْمَحُ فِيهِ وَلَا تَجُوزُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ وَالْوَاوُ إذْ لَا لَبْسَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْفَاءُ قَدْ تُحْذَفُ مَعَ مَا عُطِفَتْ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) أَيْ: زَمَنُ الْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، أَوْ الْحَجُّ ذُو أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ) أَقُولُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالطُّهْرِ قَبْلَ وَقْتِهَا بِشَيْءٍ قَلِيلٍ بِحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَصْلٌ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَيَرِدُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّيَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَجُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، فَلَوْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ لَتَقَدَّمَ بَعْضُ الْعِبَادَةِ فَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَيَجِبُ اتِّصَالُهُ بِأَفْعَالِهَا أَيْ: فَلَمْ يَسُغْ الْإِحْرَامُ بِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ كَرَاهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ) وَهُوَ لِلشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ عَنْ شَيْخِهِ الزَّوَاوِيِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا) الْعِلَّةُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي أَيِّ وَقْتٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ ظَرْفًا لِلْوَقْتِ وَلَا يَصِحُّ فَيُجَابُ بِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ، وَالْكَلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّسَامُحِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ لِلْعُمْرَةِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَحَلَّلَا) أَيْ: بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ) فِيهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ لَا يَتَقَيَّدُ حَالُهُ بِأَيَّامِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 فَقَطْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِ التَّحَلُّلِ سَوَاءٌ أَفْرَدَ، أَوْ ثَنَّى وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْصُوصِ، ثُمَّ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَحُجُّ فَإِنَّ الْمُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ لَا يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى إلَّا بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا إذْ لَا تَدْخُلُ عُمْرَةٌ عَلَى أُخْرَى كَمَا يَأْتِي (ص) وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ (ش) الضَّمِيرُ الْمُثَنَّى يَرْجِعُ إلَى تَحَلَّلِي الْحَجِّ وَهُمَا جَمِيعُ الرَّمْيِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، فَالْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ، وَلَا يَنْعَقِدُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا، وَإِحْرَامُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ مَكْرُوهٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، أَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْ وَتَنْعَقِدُ سَنَدٌ. إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ فِعْلِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الْحَجِّ مُحَمَّدٌ، فَإِنْ جَهِلَ فَأَحْرَمَ فِي آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقَدْ كَانَ تَعَجَّلَ أَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَقَدْ رَمَى فِي يَوْمِهِ فَإِنَّ إحْرَامَهُ يَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَإِحْلَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَاطِلٌ يُرِيدُ لَا يَطُوفُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ انْتَهَى. فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِحْلَالِ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ وَلْيَقْضِهَا بَعْدَ تَمَامِهَا وَيُهْدِي قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا: وَيَكُونُ خَارِجَ الْحَرَمِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ الْحَرَمَ بِسَبَبِهَا عَمَلٌ لَهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ عَمَلِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ. ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ وَأَتَى فِيهِ مِنْ الْمَكَانِيِّ بِمَا يُشَارِكُهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ لِلِاخْتِصَارِ شَرَعَ فِي الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَقَسَّمَهُ بِاعْتِبَارِ النَّاسِكِينَ فَقَالَ (ص) وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى وَقْتِهِ أَيْ: مَكَانُ الْإِحْرَامِ الْأَفْضَلُ لَا الْأَوْجَبُ لَهُ لِلْحَجِّ مُفْرِدٌ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ آفَاقِيٍّ مُقِيمٍ بِهَا لَيْسَ عَلَيْهِ نَفْسٌ مِنْ الْوَقْتِ أَوْ مِنْ مَنْزِلِهِ بِالْحَرَمِ كَأَهْلِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ مَكَّةَ، وَإِنْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ الْحِلِّ فَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَا إثْمَ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ: وَمِيقَاتُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَمَكَانُهُ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ (ص) وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِلْمُقِيمِ بِالْحَرَمِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مِنْ بَابِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَيُلَبِّي، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ (ص) كَخُرُوجِ ذِي النَّفَسِ لِمِيقَاتِهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِذِي النَّفَسِ. (ص) وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهَا لِلْعُمْرَةِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُحْرِمُ بِهَا الْمَكِّيُّ وَالْمُقِيمُ بِمَكَّةَ إلَّا مِنْ الْحِلِّ أَيْ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ إحْرَامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَالْمُرَادُ بِالْحِلِّ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ وَمِثْلُ الْعُمْرَةِ الْقِرَانُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَجْمَعْ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ إلَى عَرَفَةَ إنَّمَا هُوَ لِلْحَجِّ فَقَطْ بِخِلَافِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى عَرَفَةَ وَهِيَ فِي الْحِلِّ فَقَدْ جَمَعَ فِي إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (ص) وَالْجِعْرَانَةُ أَوْلَى، ثُمَّ التَّنْعِيمُ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِلْعُمْرَةِ وَأَمَّا الْقِرَانُ فَلَا يُطْلَبُ لَهُ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْحِلِّ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَى، وَلَا غَيْرُهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا خَرَجَ لِلْحِلِّ لِيُحْرِمَ بِهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مَوْضِعٌ بَيْنَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ لَفْظِ التَّحَلُّلِ - أَفْرَدَ، أَوْ ثَنَّى - رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ خَارِجَ إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ أَنَّ دُخُولَهُ لَغْوٌ وَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ إلَى الْحِلِّ لِيَدْخُلَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا قَالَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: وَأَتَى فِيهِ) أَيْ: فِي الزَّمَانِيِّ وَقَوْلُهُ: بِمَا أَيْ: بِحُكْمٍ يُشَارِكُ الْمَكَانِيُّ الزَّمَانِيَّ فِيهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمَكَانِيِّ مُتَعَلِّقُ يَأْتِي وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمَكَانُهُ لَهُ إلَخْ) ظَرْفٌ لَغْوٌ وَلِلْمُقِيمِ حَالٌ (قَوْلُهُ: لِلْحَجِّ) فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ آفَاقِيٍّ) كَانَ مُقِيمًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَخْ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْعُدُولُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ) فِي عب والظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَوْفِهِ مَا قَابَلَ الْبَابَ بِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ) أَيْ: كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ كَخُرُوجِ ذِي النَّفَسِ إلَخْ) أَيْ: الدَّاخِلِ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحَرَمِ وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ إنْ وَقَعَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ نُكْتَةَ التَّعْبِيرِ بِمَكَانِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا تَأْتِي هُنَا إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَظْهَرُ فِيهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَرَمِ فِيهِمَا يَصِحُّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ، وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَيُطْلَبُ بِالْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِعَرَفَةَ يَكْفِي فَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فِي كُلٍّ مِنْ الْعُمْرَةِ وَالْقِرَانِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ الْإِحْرَامَ فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ: وَالْجِعْرَانَةُ إلَخْ) أَكْثَرُ عِبَارَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَوْ التَّنْعِيمُ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ اتِّبَاعُهُمْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تِلْكَ التَّعَالِيلَ تُقَوِّي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ التَّنْعِيمُ) سُمِّيَ التَّنْعِيمَ؛ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلُ نُعَيْمٍ وَعَلَى يَسَارِهِ جَبَلُ نَاعِمٍ وَاسْمُ الْوَادِي نُعْمَانُ (قَوْلُهُ: هَذَا رَاجِعٌ لِلْعُمْرَةِ) أَيْ: فَهُوَ فِيمَنْ اعْتَمَرَ مِنْ الْحَرَمِ وَأُمِرَ بِالْخُرُوجِ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى طَافَ. وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ قَارِنًا مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّهُ لَا يَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيَ بَعْدَهُ يَنْدَرِجُ فِيهِمَا طَوَافُ الْعُمْرَةِ وَسَعْيُهَا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ فَطَافَ وَسَعَى فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَى وَلَا غَيْرَهُ) وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَبْعُدَ عَنْ طَرَفِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، ثُمَّ التَّنْعِيمِ وَهِيَ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ تَلِي الْجِعْرَانَةَ فِي الْفَضْلِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْجِعْرَانَةُ أَفْضَلَ مِنْ التَّنْعِيمِ لِبُعْدِهَا عَنْ مَكَّةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا وَلِاعْتِمَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا وَكَانَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ حِينَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَثُمِائَةِ نَبِيٍّ. (ص) ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ: بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يُعِيدُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا وَقَعَا بِغَيْرِ شَرْطِهِمَا، وَهُوَ الْخُرُوجُ إلَى الْحِلِّ فَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا طَافَ وَسَعَى حَلَقَ رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ أَيْضًا بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَى الْحِلِّ وَيَفْتَدِي؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ حَلَقَ فِي عُمْرَتِهِ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَأَهْدَى إنْ حَلَقَ) ، وَقَدْ تَسَامَحَ فِي إطْلَاقِ الْهَدْيِ عَلَى الْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّ الْحِلَاقَ لَا هَدْيَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِيمَا يَتَرَفَّهُ بِهِ، أَوْ يُزِيلُ أَذًى وَالْحِلَاقُ يَتَرَفَّهُ بِهِ، وَقَدْ يُزِيلُ أَذًى. (ص) وَإِلَّا فَلَهُمَا ذُو الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةُ وَيَلَمْلَمُ وَقَرْنٌ وَذَاتُ عِرْقٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ لِمَنْ بِمَكَّةَ، وَمَا فِي حُكْمِهَا فِي الْحَجِّ مَكَّةُ وَفِي الْعُمْرَةِ الْحِلُّ أَشَارَ بِهَذَا الْكَلَامِ إلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ مِيقَاتُهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، وَمَا فِي حُكْمِهَا فَلِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ ذُو الْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ وَرَاءَهَا وَهِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْفَاءِ تَصْغِيرٌ حَلْفَةَ مَاءٍ لِبَنِي جُشَمَ بِالْجِيمِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ عَلَى عَشْرِ، أَوْ تِسْعِ مَرَاحِلَ مِنْهَا وَمِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى سَبْعَةِ أَوْ سِتَّةِ، أَوْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَيُسَمَّى مَسْجِدُهُ بِمَسْجِدِ الشَّجَرَةِ وَقَدْ خَرِبَ وَبِهَا بِئْرٌ يُسَمُّونَهَا الْعَوَامُّ بِئْرَ عَلِيٍّ تَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتَلَ بِهَا الْجِنَّ وَهَذِهِ النِّسْبَةُ إلَيْهِ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ، وَلَا يُرْمَى بِهَا حَجَرٌ، وَلَا غَيْرُهُ كَمَا تَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ، وَالْجُحْفَةُ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلِ الْمَغْرِبِ، وَمَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ، وَكَذَا الرُّومُ وَالتَّكْرُورُ وَهِيَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ قَرْيَةٌ خَرِبَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ عَلَى نَحْوِ خَمْسِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَثَمَانٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا قَالَ بَعْضٌ وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهَا بِذَلِكَ فِي زَمَانِهِ، وَإِنَّمَا أَجْحَفَهَا السَّيْلُ سَنَةَ ثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ قَالَ آخَرُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إجْحَافٌ قَبْلَ هَذَا. وَيَلَمْلَمُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَبَيْنَهُمَا مِيمٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ مِيمٌ، وَيُقَالُ: أَلَمْلَمُ بِهَمْزَةٍ بَدَلُ الْبَاءِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَيُقَالُ يَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ بَدَلُ اللَّامَيْنِ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَقَرْنٌ لِأَهْلِ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ وَيُقَالُ: قَرْنُ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهِيَ تِلْقَاءَ مَكَّةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهَا قَالُوا: وَهِيَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ لِمَكَّةَ. وَذَاتُ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَخُرَاسَانَ وَالْمَشْرِقِ، وَمَنْ وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ قَرْيَةٌ خَرِبَتْ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ يُقَالُ إنَّ بِنَاءَهَا تَحَوَّلَ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ فَيَتَحَرَّى الْقَرْيَةَ الْقَدِيمَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ عَلَامَاتِهَا الْمَقَابِرُ الْقَدِيمَةُ (ص) وَمَسْكَنٌ دُونَهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْأَبْعَدِ لِمَكَّةَ مِنْ دَارِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ، وَتَأْخِيرُ إحْرَامِهِ مِنْهُ كَتَأْخِيرِ الْمِيقَاتِ فِي لُزُومِهِ الدَّمَ كَمَا يَأْتِي، وَمَسْكَنٌ بِالتَّنْوِينِ وَدُونَهَا صِفَةٌ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ لَا بِالْإِضَافَةِ، وَقَوْلُهُ: دُونَهَا أَيْ: لِجِهَةِ مَكَّةَ بِأَنْ يَكُونَ الْمِيقَاتُ خَلْفَ مَسْكَنِهِ لَا إلَى جِهَةِ الذَّاهِبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: هِيَ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ) إنَّمَا سُمِّيَ التَّنْعِيمُ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ بِأُخْتِهِ عَائِشَةَ» لَهُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَقَرْنُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: مَاءٌ لِبَنِي جُشَمَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَوْضِعُ مَاءٍ. (قَوْلُهُ عَلَى عَشْرٍ، أَوْ تِسْعٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ، أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ، أَوْ لِلشَّكِّ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبْعَةٍ، أَوْ سِتَّةٍ إلَخْ) ، أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ فَهِيَ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: قَاتَلَ بِهَا الْجِنَّ) أَيْ: قَاتَلَ الْجِنَّ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ وَرَاءَهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَنْدَلُسَ مُحَاذِيَةٌ لِلْمَغْرِبِ لَا وَرَاءَهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَرَاءَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ بِالْجَنُوبِ (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا إلَخْ) أَيْ: إجْحَافُ السَّيْلِ الْبَاعِثِ عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَأَجْحَفَهَا أَيْ: أَهْلَكَهَا. (تَنْبِيهٌ) : إنْ أُرِيدَ بِيَلَمْلَمَ الْجَبَلُ فَمُنْصَرِفٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْبُقْعَةُ فَغَيْرُ مُنْصَرِفٍ بِخِلَافِ قَرْنٍ فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ الْبُقْعَةِ يَجُوزُ صَرْفُهُ لِأَجْلِ سُكُونِ وَسَطِهِ (قَوْلُهُ: تِهَامَةَ) بِكَسْرِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ) أَيْ: لَا قَرْنَ الثَّعَالِبِ (قَوْلُهُ: قَالُوا وَهِيَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إلَخْ) يُنَاقِضُهُ، قَوْلُهُ بَعْدُ: قَرْيَةٌ خَرِبَتْ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْرِقِ إلَخْ) الْمَشْرِقُ يَشْمَلُ الْكُلَّ (قَوْلُهُ: وَمَسْكَنٌ دُونَهَا) أَيْ: كَقُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ وَمَرِّ الظَّهْرَانِ أَيْ: الْمُسَمَّى الْآنَ بِوَادِي فَاطِمَةَ أَيْ: فَمَسْكَنُهُ، أَوْ مَسْجِدُهُ مِيقَاتُهُ إنْ أَحْرَمَ مُفْرِدًا كَأَنْ قَرَنَ، أَوْ اعْتَمَرَ إنْ كَانَ مَسْكَنُهُ بِالْحِلِّ فَإِنْ كَانَ بِالْحَرَمِ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ فَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنْ مَسْكَنِهِ دُونَهَا إلَى وَرَاءِ الْمِيقَاتِ ثُمَّ رَجَعَ مُرِيدَ الْإِحْرَامِ فَكَمِصْرِيٍّ يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ لِمَنْزِلِهِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ وَيَفْصِلُ فِي إحْرَامِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ بِالتَّنْوِينِ) أَيْ: وَدُونَهُ إلَّا أَنَّهُ بِالتَّنْوِينِ صِفَةٌ لِمَسْكَنٍ وَبَعْدَهُ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ: وَمَسْكَنُ شَخْصٍ دُونَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ظَرْفٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ مَبْنِيٌّ إلَخْ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يُنْتِجُ الْبِنَاءَ عَلَى الْفَتْحِ بَلْ يُنْتِجُ النَّصْبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِقَوْلِهِ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا إلَى جِهَةِ الذَّاهِبِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَيْ: لِجِهَةِ الْخَلَفِ الَّتِي هِيَ جِهَةُ الْأَقْطَارِ لَا جِهَةُ مَكَّةَ وَلَوْ قَالَ لَا إلَى جِهَةِ الْأَقْطَارِ لَكَانَ أَوْضَحَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 إلَى مَكَّةَ (ص) وَحَيْثُ حَاذَى وَاحِدًا أَوْ مَرَّ (ش) مَدْخُولُ الْوَاوِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُبْتَدَإِ، وَهُوَ ذُو مِنْ قَوْلِهِ: ذُو الْحُلَيْفَةِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا ظَرْفٌ مُتَصَرِّفٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] فَإِنَّهَا مَفْعُولٌ، وَقَوْلُهُ: حَاذَى أَيْ: سَامَتَ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَكَانَ الْإِحْرَامِ ذُو الْحُلَيْفَةِ إلَخْ وَالْمَكَانُ الَّذِي حَاذَى فِيهِ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مَرَّ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمِيقَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْهُ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَأْتِيَ الْمِيقَاتَ فَيُحْرِمُ مِنْهُ (ص) وَلَوْ بِبَحْرٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ، وَلَا يُؤَخِّرُ إلَى الْبَرِّ وَظَاهِرُهُ، سَوَاءٌ كَانَ بِبَحْرِ الْقُلْزُمِ، أَوْ بَحْرِ عَيْذَابَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِلتَّفْصِيلِ سَنَدٌ، وَلَمَّا أَوْجَبَ الْجُمْهُورُ إحْرَامَ مَنْ مَرَّ بِغَيْرِ مِيقَاتِهِ مِنْهُ عُمُومًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» . وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ مَنْ مِيقَاتُهُ الْجُحْفَةَ يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَا يَجِبُ إحْرَامُهُ مِنْهَا لِمُرُورِهِ عَلَى مِيقَاتِهِ بَعْدُ، أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (ص) إلَّا كَمِصْرِيٍّ يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا كَانَ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالشَّامِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالْمِصْرِيِّ فَإِنَّهُ إذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مِنْهُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى مِيقَاتِهِ الَّذِي هُوَ الْجُحْفَةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (فَهُوَ أَوْلَى) ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْمِصْرِيَّ وَشِبْهَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ بِمِيقَاتِهِ، أَوْ يُحَاذِيَهُ وَلِهَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَمُرَّ بِهِ، وَلَا أَنْ يُحَاذِيَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ كَمَا يَجِبُ إحْرَامُ النَّجْدِيِّ وَالْعِرَاقِيِّ وَالْيَمَنِيِّ وَسَائِرِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ سِوَى الْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالشَّامِيِّ إذَا مَرَّ بِالْحُلَيْفَةِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا إذْ لَا يَتَعَدَّوْنَهَا إلَى مِيقَاتٍ لَهُمْ (ص) ، وَإِنْ لِحَيْضٍ رُجِيَ رَفْعُهُ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: فَهُوَ أَوْلَى أَيْ: وَإِحْرَامُ الْمِصْرِيِّ وَشِبْهِهِ مِنْ الْحُلَيْفَةِ أَوْلَى مِنْ التَّأْخِيرِ، وَإِنْ لِذَاتِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ رُجِيَ رَفْعُهُ عِنْدَ الْوُصُولِ إلَى الْجُحْفَةِ وَلَا تُؤَخِّرُ رَجَاءَ أَنْ تَغْتَسِلَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَ الْحُلَيْفَةِ أَفْضَلُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا تُقِيمُ فِي الْعِبَادَةِ أَيَّامًا قَبْلَ الْجُحْفَةِ فَلَا يَفِي غُسْلُهَا بِفَضْلِ تَقْدِيمِ إحْرَامِهَا مِنْ مِيقَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (ص) كَإِحْرَامِهِ أَوَّلَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ مِنْ أَيِّ مِيقَاتٍ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يُؤَخِّرَهُ لِآخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ لِلطَّاعَةِ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْأَفْضَلُ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً إزَالَةُ شُعْثِهِ كَقَلْمِ ظُفْرٍ وَسِخٍ، وَحَلْقِ شَعْرٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِزَالَةِ شُعْثِهِ) أَيْ: مَا عَدَا الرَّأْسَ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ بَقَاءُ شُعْثِهِ فِي الْحَجِّ ابْنُ بَشِيرٍ، وَيُلَبِّدُهُ بِصَمْغٍ أَوْ غَاسُولٍ لِيَلْتَصِقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَاذَى وَاحِدًا أَوَمَرَّ) وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَكِّيَّ إذَا خَرَجَ إلَى وَرَاءِ مِيقَاتِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا يُرِيدُ نُسُكًا فَمَرَّ بِمِيقَاتٍ، أَوْ حَاذَاهُ فَإِنْ تَعَدَّاهُ فَدَمٌ وَلَيْسَ كَالْمِصْرِيِّ يَمُرُّ بِالْحُلَيْفَةِ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِمِيقَاتِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَكِّيِّ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ لِمَكَّةَ لِئَلَّا يَدْخُلَهَا حَلَالًا مَعَ إرَادَتِهِ النُّسُكَ. (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ مُتَصَرِّفٌ) أَيْ: يَقَعُ فَاعِلًا وَمَفْعُولًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ حَيْثُ لَا تَخْرُجُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ فَيُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَنْ يُحْرِمَ حَيْثُ حَاذَى إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي حَاذَى فِيهِ) أَيْ: سَامَتْ مَنْ بَعْدُ بِمُقَابَلَةٍ، أَوْ مُيَامَنَةٍ، أَوْ مُيَاسَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ مَرَّ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ بِبَحْرٍ مُبَالَغَةً عَلَى قَوْلِهِ: حَاذَى وَاحِدٌ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: عَيْذَابَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ ثُمَّ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ أَلِفٌ ثُمَّ بَاءٌ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ، وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِيدَانُ بِنُونٍ بَعْدَ الْأَلْفِ، وَلَيْسَ فَوْقَ الدَّالِ نُقْطَةٌ وَلَكِنْ فِي الْبَدْرِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَقَالَ عِيدَانُ بِمُهْمَلَةٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِتَفْصِيلِ سَنَدٍ) مُقْتَضَى كَلَامِ جَمْعٍ مِنْهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ سَنَدٍ وَهُوَ تَقْيِيدُهُ بِبَحْرِ الْقُلْزُمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ مِصْرَ حَيْثُ يُحَاذِي الْجُحْفَةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَإِنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْهُ إلَى الْبَرِّ لَزِمَهُ الْهَدْيُ، وَأَمَّا بَحْرُ عَيْذَابَ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ بِمُحَاذَاتِهِ الْمِيقَاتَ أَيْ: الَّذِي هُوَ الْجُحْفَةُ لِأَنَّ فِيهِ خَوْفًا وَخَطَرًا مِنْ أَنْ تَرُدَّهُ الرِّيحُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ مِثْلُهُ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِهِ الْإِحْرَامَ إلَى الْبَرِّ فِي الْبَحْرِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: هُنَّ لَهُمْ) فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» قَالَ الْقَاضِي كَذَا جَاءَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ يَعْنِي: بِالتَّأْنِيثِ فِي لَهُنَّ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ هُنَّ لَهُمْ يَعْنِي: بِالتَّذْكِيرِ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَهُ أَهْلُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَالْأَقْطَارِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ: الْمَدِينَةُ، وَالشَّامُ، وَالْيُمْنُ، وَنَجْدٌ أَيْ: هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِهَذِهِ الْأَقْطَارِ وَالْمُرَادُ لِأَهْلِهَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ. (قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى) الْأَوْلَى الْوَاوُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا كَمِصْرِيٍّ مَعْنَاهُ لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَالْحُكْمُ شَيْءٌ آخَرُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ تَغْتَسِلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحَائِضَ تَغْتَسِلُ غُسْلَ الْإِحْرَامِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَلَا تُؤَخِّرُ رَجَاءَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ مِيقَاتٍ) أَيْ: إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ الْإِحْرَامُ مِنْ مَسْجِدِهَا، أَوْ فِنَائِهِ لَا مِنْ أَوَّلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ عج وَيَدْخُلُ فِي أَوَّلِهِ الْإِحْرَامُ مِنْ رَابِغٍ عَلَى مَا حَكَاهُ الْمَنُوفِيُّ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ دُخُولِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَقَلْمِ ظُفْرٍ) أَيْ: وَاكْتِحَالِهِ وَادِّهَانِهِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (قَوْلُهُ: وَيُلَبِّدُهُ بِصَمْغٍ) قَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّدَ رَأْسَهُ بِالْعَسَلِ كَمَا فِي أَبِي دَاوُد قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَوَيْنَاهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِمُهْمَلَتَيْنِ انْتَهَى قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعَسَلُ صَمْغُ الْعُرْفُطِ - بِالضَّمِّ - شَجَرٌ الْعِضَاهُ بِالْكَسْرِ أَعْظَمُ شَجَرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَيَقِلُّ دَوَابُّهُ، وَالشُّعْثُ الدَّرَنُ وَالْوَسَخُ وَالْقَشَفُ. (ص) وَتَرْكُ اللَّفْظِ بِهِ (ش) أَيْ: بِالْإِحْرَامِ أَيْ وَالْأَفْضَلُ تَرْكُ اللَّفْظِ بِإِحْرَامِ مَا يُحْرِمُ بِهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى النِّيَّةِ كَالْإِحْرَامِ لِلصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ اللَّفْظِ بِهِ أَيْضًا. ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمِيقَاتِ وَأَهْلِهِ شَرَعَ فِي تَقْسِيمِ الْمَارِّ بِهِ مِنْ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِهِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الْمَارَّ بِالْمِيقَاتِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِمَكَّةَ أَوْ لَا وَالْمُرِيدُ لَهَا إمَّا أَنْ يَتَرَدَّدَ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ، أَوْ لَا، وَهُوَ تَرْتِيبٌ بَدِيعٌ لَمْ يُسْبَقْ بِهِ، أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَالْمَارُّ بِهِ إنْ لَمْ يَرِدْ مَكَّةَ، أَوْ كَعَبْدٍ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ، وَلَا دَمَ، وَإِنْ أَحْرَمَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدِ مَكَّةَ بِأَنْ كَانَتْ حَاجَتُهُ دُونَهَا، أَوْ فِي جِهَةٍ أُخْرَى أَيْ: وَهُوَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ أَنْ لَوْ أَرَادَهَا أَوْ أَرَادَهَا إلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُخَاطَبُ بِالْحَجِّ، أَوْ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ كَعَبْدٍ وَجَارِيَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَكَافِرٍ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَلَا دَمَ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ حَلَالًا، وَإِنْ أَحْرَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِفَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ حَلَالًا بِأَنْ بَدَا لَهُ الدُّخُولُ لِمَكَّةَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ أَوْ أُذِنَ لِلْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُمْ جَاوَزُوا الْمِيقَاتَ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْحَجِّ عَلَيْهِمْ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ وَتَرَكَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ النُّسُكَ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كَعَبْدٍ قَالَ ز الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ فَحَذَفَ الْعَامِلَ وَأَبْقَى مَعْمُولَهُ أَيْ: أَوْ كَانَ كَعَبْدٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ يُرِدْ، وَقَوْلُهُ: فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ جَوَابُ إنْ، وَقَرَنَهُ بِالْفَاءِ لِكَوْنِهِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَيُخْتَلَفُ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْمَارُّ مَا هُوَ، وَقَوْلُهُ: وَلَا دَمَ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ مُبَالَغَةً فِي وَلَا دَمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (ص) إلَّا الصَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعَ فَتَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ، وَقَدْ كَانَ حَالَ مُرُورِهِ غَيْرُ مُخَاطَبٍ لِعَدَمِ إرَادَةِ دُخُولِ مَكَّةَ، وَهُوَ صَرُورَةٌ مُسْتَطِيعٌ فَإِنْ انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَطْعًا عَلَى مَا لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالتَّأْوِيلُ بِعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ نَظَرٌ إلَى حَالِ مُرُورِهِ، وَالثَّانِي الْقَائِلُ بِاللُّزُومِ نَظَرٌ إلَى أَنَّهُ بِإِحْرَامِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرِيدِ حَالَ الْمُرُورِ إذْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مُرِيدًا دُخُولَ مَكَّةَ، أَوْ النُّسُكَ حَالَ الْمُرُورِ بِالْمِيقَاتِ. (ص) وَمُرِيدُهَا إنْ تَرَدَّدَ أَوْ عَادَ لَهَا لِأَمْرٍ فَكَذَلِكَ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: سَابِقًا إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ تَرَدَّدَ إلَى مَكَّةَ كَالْمُتَسَبَّبِينَ بِالْفَوَاكِهِ وَالطَّعَامِ وَالْحَطَبِ، أَوْ عَادَ لِمَكَّةَ مِنْ قَرِيبٍ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْهَا لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ أَوْ يُرِيدُ الْعَوْدَ وَرَجَعَ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ وَلَمْ يَقُمْ فِيهِ كَثِيرًا فَإِنَّهُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ، وَلَا دَمَ، وَإِنْ أَحْرَمَ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِحْرَامِ لِلْمُتَرَدِّدِينَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. فَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ: كَالْمَارِّ الَّذِي لَا يُرِيدُهَا فَإِنَّهُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ وَإِنْ أَحْرَمَ، وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي التَّشْبِيهِ وَالْإِشَارَةِ قَوْلُهُ: فِي الَّتِي قَبْلَهَا إلَّا الصَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعَ؟ فَتَأْوِيلَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ يُسَاعِدُهُ لَكِنَّهُ لَازِمٌ لِتَأْوِيلِ ابْنِ شَبْلُونٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا   [حاشية العدوي] وَشَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ (قَوْلُهُ وَالْوَسَخُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَالْقَشَفُ) كَذَا فِي ك قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَشِفَ الرِّجْلُ قَشَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لَمْ يَتَعَهَّدْ النَّظَافَةَ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا وَاحِدٌ، فَلَوْ أَخَّرَ الْوَسَخَ بَعْدَ الدَّرَنِ وَالْقَشَفِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ مِنْ الدَّرَنِ وَالْقَشَفِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَفْضَلَ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا أَيْ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ وَبِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ التَّسَاوِي لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ اللَّفْظِ بِهِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ: كَمَا قُلْنَا فِي الْحَجِّ إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ رِكَّةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَوَّلًا جَعَلَ الصَّلَاةَ مُشَبَّهًا بِهَا وَالْحَجَّ مُشَبَّهًا، وَفِي الْآخَرِ الْعَكْسُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ) هِيَ خَمْسَةٌ لَا أَرْبَعَةٌ (قَوْلُهُ: تَرْتِيبٌ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْسِيمُ بَدَلَ تَرْتِيبٍ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ مِنْ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يُفَصِّلُ فِي مَفْهُومِ الْمَارِّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُقَالُ وَمَفْهُومُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ قُوَّتَهُ فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ كَعَبْدٍ) فِي الْحَقِيقَةِ الْمَعْطُوفُ هُوَ مَا أَفَادَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: أَوْ أَرَادَهُ وَكَانَ كَعَبْدٍ (قَوْلُهُ: مَا هُوَ) هَلْ هُوَ الشَّرْطُ أَوْ الْجَزَاءُ، أَوْ هُمَا وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِيمَا إذَا كَانَ اسْمَ الشَّرْطِ هُوَ الْمُبْتَدَأُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إلَّا الصَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعَ إلَخْ) وَهُمَا فِيمَنْ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِلَّا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَهُمَا كَمَا عَلِمْت فِيمَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ تَعْدِيَةِ الْمِيقَاتِ حَلَالًا فَابْنُ شَبْلُونٍ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الصَّرُورَةَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّ الصَّرُورَةَ وَغَيْرَهُ، سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ إلَّا إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ مُرِيدٌ الْحَجَّ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ) أَيْ: هَذِهِ الصِّفَةِ أَيْ: جِنْسِ الصِّفَةِ الْمُتَحَقِّقِ فِي أَمْرَيْنِ وَهُمَا الصَّرُورِيَّةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ (قَوْلُهُ: الْقَائِلُ بِاللُّزُومِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ فِي غَيْرِ الصَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ لِمَكَّةَ مِنْ قَرِيبٍ) أَقَامَ فِيهِ كَثِيرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُمْ فِيهِ كَثِيرًا) ، أَمَّا لَوْ أَقَامَ فِيهِ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ يُحْرِمُ مُطْلَقًا وَإِنْ قَرُبَ فَإِنْ خَرَجَ لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ فَإِنَّهُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَقَامَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَثِيرًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُخَالِفُ إلَخْ) الْمُشَارُ لَهُ مَضْمُونُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ بِالْفِعْلِ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَازِمٌ لِتَأْوِيلِ ابْنِ شَبْلُونٍ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 أَوْجَبَ الدَّمَ عَلَى الصَّرُورَةِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهَا فَأَحْرَى الَّذِي يُرِيدُهَا، فَقَوْلُهُ: أَوْ عَادَ لَهَا لِأَمْرٍ أَيْ: لِأَمْرٍ عَاقَهُ كَفِتْنَةٍ وَنَحْوِهَا أَيْ: وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ، وَأَمَّا إنْ عَادَ؛ لِأَنَّهُ بَدَا لَهُ رَأْيٌ فِي تَرْكِ السَّفَرِ فَاتَهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا فَيُقَيَّدُ، قَوْلُهُ: لِأَمْرٍ بِمَا ذَكَرْنَا، وَبِأَنْ يَرْجِعَ عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ ح. وَانْظُرْ حَدَّ الْقُرْبِ مِنْ الْبُعْدِ، وَحَاصِلَ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَالْأَوْجَبُ الْإِحْرَامُ وَأَسَاءَ تَارِكُهُ، وَلَا دَمَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا (ش) يَعْنِي: أَنَّ مُرِيدَ مَكَّةَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُتَرَدِّدِينَ إلَيْهَا، وَلَا مِمَّنْ عَرَضَ لَهُ أَمْرُ إعَادَةٍ إلَيْهَا، بَلْ أَرَادَهَا لِحَاجَةٍ مِنْ تِجَارَةٍ، أَوْ نُسُكٍ أَوْ لِأَنَّهَا بَلَدُهُ فَإِنَّهُ إذَا مَرَّ بِمِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ مِنْهُ فَقَدْ أَسَاءَ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ نُسُكًا وَقْتَ مُجَاوَزَتِهِ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ النُّسُكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْرَمَ مِنْ الطَّرِيقِ، أَوْ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ بَعْضٌ، وَقِيلَ بِالدَّمِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَأَسَاءَ تَارِكُهُ أَيْ: أَثِمَ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ، قَوْلُهُ: وَجَبَ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي التَّأَكُّدِ كَقَوْلِهِ الْوِتْرُ وَاجِبٌ وَالْأَذَانُ وَاجِبٌ أَيْ: مُتَأَكِّدٌ لَا فِيمَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَمَّا كَانَ، قَوْلُهُ: وَجَبَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيمَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ أَيْضًا فِي التَّأَكُّدِ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ: وَأَسَاءَ تَارِكُهُ أَيْ: أَثِمَ (ص) وَإِلَّا رَجَعَ، وَإِنْ شَارَفَهَا وَلَا دَمَ، وَلَوْ عَلِمَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتًا فَالدَّمُ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا أَيْ: وَأَمَّا إنْ قَصَدَ مُرِيدُ مَكَّةَ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ أَيْ: الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ وَلَمْ يَكُنْ مُتَرَدِّدًا وَتَعَدَّى الْمِيقَاتَ جَاهِلًا بِهِ، أَوْ عَالِمًا بِهِ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ وَيُحْرِمُ مِنْهُ، وَلَوْ دَخَلَ مَكَّةَ مَا لَمْ يُحْرِمْ وَأَوْلَى لَوْ شَارَفَهَا أَيْ: قَارَبَهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْهُ ابْتِدَاءً، وَلَوْ عَلِمَ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ، وَمَحَلُّ رُجُوعِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ يَفُوتُهُ الْحَجُّ، أَوْ الرُّفْقَةُ الَّتِي لَا يَجِدُ غَيْرَهَا وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ وَعَلَيْهِ الدَّمُ أَيْ: الْهَدْيُ؛ لِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ تُسْتَبَاحُ بِالْأَعْذَارِ بِالْهَدْيِ وَالْفَوَاتُ وَالْفَوْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتًا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَجَعَ أَيْ: وَرَجَعَ لِلْمِيقَاتِ إنْ جَاوَزَهُ حَلَالًا مُرِيدًا لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، أَوْ لِدُخُولِ مَكَّةَ   [حاشية العدوي] أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الصَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعَ فَتَأْوِيلَانِ الَّذِي هُوَ الثَّانِي مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ: لِأَمْرٍ عَاقَهُ كَفِتْنَةٍ وَنَحْوِهَا أَيْ: وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فِي الَّذِي خَرَجَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ. وَحَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ عَنْ بُعْدٍ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ مُطْلَقًا أَقَامَ كَثِيرًا أَمْ لَا أَرَادَ الْعَوْدَ أَمْ لَا رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَأَمَّا إذَا رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَوْدَ فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ كَثِيرًا سَوَاءٌ رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ كَثِيرًا فَيَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ فَإِنَّهُ إنْ رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَقَامَ كَثِيرًا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ عَادَ لِأَنَّهُ بَدَا لَهُ رَأْيٌ فِي تَرْكِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ أَقَامَ كَثِيرًا أَمْ لَا قَالَ الْحَطَّابُ بَعْدَ أَنْ أَفَادَ مَا قُلْنَا وَيَلْحَقُ بِهَذَا فِي جَوَازِ الدُّخُولِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مَنْ دَخَلَ لِقِتَالٍ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ مَنْ كَانَ خَائِفًا مِنْ سُلْطَانٍ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَظْهَرَ أَوْ خَائِفًا مِنْ جَوْرٍ يَلْحَقُهُ بِوَجْهٍ قَالَ فَهَذَا لَا يُكْرَهُ لَهُ دُخُولُهَا حَلَالًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ مَعَ عُذْرِ التَّكْرَارِ فَكَيْفَ بِعُذْرِ الْمَخَافَةِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. (قُلْت:) وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) إذَا أَجَزْنَا لَهُ الدُّخُولَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُرِدْ الدُّخُولَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ إنْ كَانَ دُونَ الْمِيقَاتِ كَجُدَّةِ وَعُسْفَانَ، وَإِنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مَعَ إرَادَتِهِ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْ دُونِهِ لَزِمَهُ الدَّمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا خَرَجَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقَعْ نَصٌّ عَلَيْهِ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ، وَأَمَّا عَنْ بُعْدٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ حَدَّ الْقُرْبِ إلَخْ) حَدُّ الْقُرْبِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَرَادَهَا لِحَاجَةٍ إلَخْ) أَيْ: وَلَا عَادَ عَنْ قُرْبٍ، بَلْ عَنْ بُعْدٍ بِأَنْ زَادَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الْعَوْدِ، أَوْ عَدَمِهِ عَادَ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ وَتَرْكَ السَّفَرِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ: وَحَيْثُ قُلْنَا لَا دَمَ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ النُّسُكِ وَقْتَ مُجَاوَزَتِهِ فَنَقُولُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ النُّسُكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْرَمَ مِنْ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالدَّمِ مُطْلَقًا) تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ يُؤْخَذُ مِنْ مَعْرِفَةِ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) هُوَ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ وَرَابِعُهَا الدَّمُ عَلَى الصَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ وَخَامِسُهَا إنْ أَحْرَمَ فَالدَّمُ مُطْلَقًا صَرُورَةٌ، أَوْ لَا وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا وَإِلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَثَالِثُهَا. الْمَشْهُورُ إنْ أَحْرَمَ وَكَانَ صَرُورَةً فَدَمٌ وَرَابِعُهَا إنْ كَانَ صَرُورَةً وَخَامِسُهَا إنْ أَحْرَمَ، وَالْمَشْهُورُ ثَالِثُهَا وَهُوَ لُزُومُ الدَّمِ إنْ أَحْرَمَ وَكَانَ صَرُورَةً (قَوْلُهُ: هَذَا مَخْرَجٌ) أَيْ: مُحْتَرَزٌ لَا حَقِيقَةُ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَالِمًا بِهِ) أَيْ: بِالْمِيقَاتِ أَيْ: بِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَخَلَ مَكَّةَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ دَخَلَ إلَخْ بَدَلَ، وَإِنْ شَارَفَ؛ لِأَنَّ مُبَالَغَةَ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّ الدُّخُولَ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى لَوْ شَارَفَهَا) أَيْ: أَوْلَى مِنْ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: بِفَوْتِهِ الْحَجَّ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَدْرَكَ، وَأَمَّا لَوْ خَافَ فَوَاتَهُ وَفَاتَهُ بِالْفِعْلِ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: لَا فَاتَ (قَوْلُهُ: بِالْأَعْذَارِ) أَيْ: بِسَبَبِ الْأَعْذَارِ وَقَوْلُهُ بِالْهَدْيِ أَيْ: مَعَ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِدُخُولِ مَكَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 مُدَّةَ كَوْنِهِ لَمْ يَخَفْ بِرُجُوعِهِ لِلْمِيقَاتِ فَوْتًا وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ مَكَانِهِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ. (ص) كَرَاجِعٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ حَلَالٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ لِتَرَتُّبِهِ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَمْ يَجِبْ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِانْفِرَادِهِ إنَّمَا وَجَبَ لِإِحْرَامِهِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ وَاعْتَرَضَ بَعْضٌ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلدَّمِ رُجُوعُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ إحْرَامُهُ بَعْدَ الْمِيقَاتِ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ لِجَوَابِهِ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ: كَمُحْرِمٍ بَعْدَ الْمِيقَاتِ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَرَاجِعٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الرَّاجِعِ أَوْلَى. (ص) ، وَلَوْ أَفْسَدَ لَا فَاتَ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَصُورَتُهَا أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ حَلَالٌ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَمَلِ حَجِّهِ مُتَمَادٍ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ جُبْرَانُهُ بِالدَّمِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَسَبَّبَ فِي إفْسَادِ الْعِبَادَةِ لَزِمَهُ التَّمَادِي فِيهَا؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا لَمْ تَنْفَدْ فَوَجَبَ جُبْرَانُ خَلَلِهَا بِالدَّمِ، أَمَّا إذَا تَعَدَّى الْمِيقَاتَ، ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِرُجُوعِهِ إلَى عَمَلِ عُمْرَةٍ فَكَأَنَّهُ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا فَقَدْ انْقَلَبَ حَجُّهُ لِعُمْرَةٍ وَلَمْ يَتَسَبَّبْ فِي فَوَاتِهِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ تَمَامُ الْعِبَادَةِ الَّتِي نَقَصَهَا بِتَرْكِ الْمِيقَاتِ وَانْقَلَبَتْ لِغَيْرِهَا، وَلَا فَائِدَةَ فِي جُبْرَانِ عِبَادَةٍ قَدْ عُدِمَتْ مِنْ أَصْلِهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا عَلَى الْكَمَالِ. (تَنْبِيهٌ) : تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى سُقُوطِ دَمِ التَّعَدِّي فِي الْفَوَاتِ بِشَرْطِهِ وَلُزُومِهِ فِي الْفَسَادِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى دَمِ الْفَوَاتِ وَالْفَسَادِ مَعًا لِمَا يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ فَصْلِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَفِي فَصْلِ الْحَصْرِ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ فِي النُّسُكَيْنِ ذَكَرَ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ فَقَالَ. (ص) ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ، وَلَا دَمَ (ش) يَعْنِي: إنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ تَعَلُّقًا بِهِ، وَإِنْ خَالَفَ لَفْظُهُ عَقْدَهُ وَالْعِبْرَةُ بِالنِّيَّةِ لَا بِاللَّفْظِ فَلَوْ نَوَى الْحَجَّ مُفْرِدًا فَغَلِطَ بِالْقِرَانِ أَوْ بِالْمُتْعَةِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَالْعِبْرَةُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الْمُخَالِفَةِ حَيْثُ تَلَفَّظَ بِمَا فِيهِ دَمٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ أَوْ الْقِرَانَ فَلَفَظَ بِالْحَجِّ فَقَطْ فَالْمُعْتَبَرُ مَا نَوَاهُ وَهُوَ الْعُمْرَةُ، أَوْ الْقِرَانُ وَحِينَئِذٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ فَالْحَصْرُ مَصَبُّهُ، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ تَعَلُّقًا بِهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحَصْرِ بِالْأَخِيرِ، وَالضَّمِيرُ فِي يَنْعَقِدُ رَاجِعٌ لِلْإِحْرَامِ لَا لِلْحَجِّ لِئَلَّا يَكُونَ سَاكِتًا عَنْ الْعُمْرَةِ كَمَا أَشَرْنَا لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ بِجِمَاعٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ لَا بِقَوْلِهِ: وَلَا دَمَ أَيْ: وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ مَعَ جِمَاعٍ وَيَكُونُ فَاسِدًا يَجِبُ إتْمَامُهُ، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الصَّوْمِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا النَّزْعَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ غَيْرَ مُضِرٍّ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُمْكِنُهُ النَّزْعُ وَالْإِحْرَامُ بَعْدَهُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَلَا يُقَالُ فِعْلُ الْوَطْءِ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ فَجَوَّزَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ يُمْكِنُ الْجِمَاعُ مَعَ   [حاشية العدوي] إلَخْ) لَا يُنَاسِبُ هَذَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا دَمَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ نَاوٍ دُخُولَ مَكَّةَ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ مُفَادَ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ قَصْدَ دُخُولِ مَكَّةَ كَقَصْدِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ: وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ وَتَرَكَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ النُّسُكَ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَدَقَ عج التَّابِعُ لَهُ شَارِحُنَا وعب وشب فِي كَوْنِ مُفَادِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ إلَخْ) وَجْهُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ أَيْ: يَجِبُ الدَّمُ لِرُجُوعِهِ (قَوْلُهُ كَمُحْرِمٍ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ إحْرَامُهُ، أَوْ عَلَى، تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: إحْرَامُ مُحْرِمٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَ) قَالَ عج لَيْسَتْ هُنَا لَوْ لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ نَعَمْ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا فَاتَ (قَوْلُهُ وَصُورَتُهَا إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَأَحْرَمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّاجِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِرُجُوعِهِ إلَى عُمْرَةٍ) أَيْ: فَلَا بُدَّ فِي سُقُوطِ الدَّمِ مِنْ كَوْنِهِ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، فَلَوْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُفْتِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ انْقَلَبَ حَجُّهُ لِعُمْرَةٍ) فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ انْقَلَبَ حَجُّهُ إلَخْ فِي قُوَّةِ تَعْلِيلَيْنِ حَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا انْقَلَبَ حَجُّهُ لِعُمْرَةٍ صَارَ بِمَثَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا ثُمَّ بَدَا لَهُ الْعُمْرَةُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي الْفَوَاتِ حَتَّى يَكُونَ كَالْإِفْسَادِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا: غَيْرُ مُرِيدِ الْعُمْرَةِ، الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا أَيْ: ثُمَّ بَدَا لَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَرَقَّى فَذَكَرَ التَّعْلِيلَيْنِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ وَاحِدًا فَقَطْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَاوَتْ عِبَارَتُهُ عِبَارَةَ عب حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ بِتَحَلُّلِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ: بِشَرْطِهِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَهُوَ كَوْنُهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ عَامٌّ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ) أَيْ: مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ حَيْثُ قَالَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُرْمَةَ مُقَدَّمَاتِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَالطِّيبِ وَلُبْسِ الذُّكُورِ الْمَخِيطَ وَالصَّيْدِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا تَبْطُلُ بِمَا يَمْنَعُهُ وَعَدَمُ نَقْضِهِ بِإِحْرَامِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةِ الِاعْتِكَافِ وَاضِحٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَغَلِطَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ يَضُرُّ، وَفِي عب وَإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ عَمْدًا لِقُوَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْحَصْرُ مَصَبُّهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: يَعْنِي: أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ قَوْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعَ جِمَاعٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ) هَذَا السُّؤَالُ لَا يَرِدُ إلَّا لَوْ اتَّحَدَ الْمَوْضُوعُ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ أَحْرَمَ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ وَمَسْأَلَةَ الصَّوْمِ حَالَةَ النَّزْعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ) أَيْ: فَلَا يُمْكِنُهُ النَّزْعُ وَالنِّيَّةُ بَعْدُ لِكَوْنِ الْفَجْرِ طَلَعَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ فَعَلَ الْوَطْءَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ الْبَاحِثُ إنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ النَّزْعُ وَالنِّيَّةُ بَعْدَهُ فَهُوَ مَعْذُورٌ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ فِعْلُهُ الْوَطْءَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 قَوْلٍ بِأَنْ يُجَامِعَ وَهُوَ يُلَبِّي، أَوْ فِعْلٍ بِأَنْ يُجَامِعَ عَلَى دَابَّتِهِ وَهِيَ مُتَوَجِّهَةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَهِيَ انْعِقَادُ الْإِحْرَامِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّهُ أَحْرَمَ، وَهُوَ يُجَامِعُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ نَوَى حِينَ الْإِحْرَامِ أَنْ يُجَامِعَ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ اُنْظُرْ ح. (ص) مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا بِهِ (ش) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ حَالَ اقْتِرَانِهَا بِقَوْلٍ: كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّهْلِيلِ، أَوْ فِعْلٍ: كَالتَّوَجُّهِ وَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ، فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلْإِحْرَامِ، فَقَوْلُهُ: مَعَ إلَخْ حَالٌ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ: لَا بِمُجَرَّدِهَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ قَالُوا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَالَ فِي مَنْسَكِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَصَاحِبُ الْمُعَلِّمِ وَسَنَدٌ وَصَاحِبُ الْقَبَسِ: إنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ فِي انْعِقَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَسَّعُونَ فِي الظُّرُوفِ مَا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي غَيْرِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ يَرْجِعُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَقِيسَةً عَلَيْهِ، أَوْ لِلنُّسُكِ لَا لِلْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْإِحْرَامِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِذَلِكَ وَطَابَقَ النَّعْتَ بِقَوْلِهِ: تَعَلَّقَا بِهِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِحْرَامِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. (ص) بَيَّنَ، أَوْ أَبْهَمَ وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ وَالْقِيَاسُ لِقِرَانٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ، وَيُخَيَّرُ فِي التَّعْيِينِ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ لِلْحَجِّ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَصْرِفَهُ لِلْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّسُكَيْنِ، وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ حَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ، أَوْ عُمْرَةٍ فَيَفْعَلُ عَلَى مَا بَيَّنَهُ، قَوْلُهُ: بَيَّنَ إلَخْ حَالٌ، وَهُوَ عَلَى إضْمَارِ قَدْ وَالْوَاوُ جَمِيعًا أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَوْ أَبْهَمَ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ بَيَّنَ، أَوْ أَبْهَمَ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مُبَيِّنًا، أَوْ مُبْهِمًا لَكِنَّ صُورَةَ   [حاشية العدوي] حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَذَا الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ لِكَوْنِهِ أَوْقَعَهُ فِي اللَّيْلِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ أَنَّ مَصَبَّ الْحَصْرِ، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ سَلَّمَ هَذَا الْفَرْعَ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ لَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا بَنَى كَلَامَهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ بَعْدُ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ إلَخْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَصَبَّ الْحَصْرِ، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَالْمَعْنَى وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ بِالنِّيَّةِ مَعَ قَوْلٍ كَالتَّلْبِيَةِ بِأَنْ يَنْوِيَ وَيُلَبِّيَ وَهُوَ يُجَامِعُ، أَوْ مَعَ فِعْلٍ كَأَنْ يَكُونَ فِي مِحَفَّةٍ وَهُوَ سَائِرٌ مُتَوَجِّهٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْوِي الْإِحْرَامَ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ، وَإِذَا تَأَمَّلَتْ تَجِدُ هَذَا التَّقْرِيرَ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ لَا غَيْرُ فَابْنُ غَازِيٍّ الْتَفَتَ إلَى قَوْلِهِ:، وَإِنْ بِجِمَاعٍ وَلَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ مَصَبَّ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ حِينَ الْإِحْرَامِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ بِجِمَاعٍ أَيْ: وَجَامَعَ بِالْفِعْلِ كَذَا فِي ك، وَالْمَعْنَى نَوَى أَنْ يُجَامِعَ حِينَ الْإِحْرَامِ أَيْ: نَوَى قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ أَنَّهُ يُحْدِثُ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ حَالَ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَمَا فِي طُرَرِ التَّلْقِينِ. هَذَا قَضِيَّةُ مَا أَوْرَدَ عب مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ) أَيْ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا شَيْءٌ انْتَهَى فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَارَنَ الْمَانِعُ الْإِحْرَامَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلِمَ انْعَقَدَ فِي الْأُولَى دُونَ الْأُخْرَى قُلْت: كَانَ نِيَّةُ الدُّخُولِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ مَعَ وُجُودِ الْفِعْلِ عِنْدَ اسْتِصْحَابِ نِيَّتِهِ أَشَدَّ مِنْ حُصُولِ الْمُقَارَنَةِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ دُخُولٍ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيمَا لَا يَنْعَقِدُ شَيْئَانِ: نِيَّةُ الْإِحْرَامِ فِي الْجِمَاعِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهِ، وَنِيَّةُ الْإِحْرَامِ وَقْتَهُ وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُحْرِمَ إلَّا حِينَ الْجِمَاعِ، وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ حِينَ الْإِحْرَامِ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ نَوَى فَلَا مَوْقِعَ لِفَرْقِ عب. وَنَصَّ الْحَطَّابُ قَالَ فِي طُرَرِ التَّلْقِينِ وَشَرْطُ صِحَّةِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ أَنْ لَا يَنْوِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهِ وَطْئًا، أَوْ إنْزَالًا فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ إحْرَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِحْرَامِ) سَيَأْتِي رَدُّهُ فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ) وَهُوَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالتَّلْقِينُ كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْمُعَلِّمِ) بِكَسْرِ اللَّامِ لِلْمَازِرِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْقَبَسِ) شَرْحٌ لِلْمُوَطَّأِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالنِّيَّةِ) فِيهِ تَسَامُحٌ، بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ كَائِنَةً مَعَ إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: حَالٌ مِنْ النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) تَمْثِيلٌ لِلْقَوْلِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَعَلِّقٍ وَمِثَالُ الْفِعْلِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَعَلِّقٍ كَأَنْ يُحْرِمَ وَهُوَ يَكْتُبُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْهَمَ) أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ أَحْرَمْت لِلَّهِ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ) وُجُوبًا إنْ طَافَ قَبْلَ التَّعْيِينِ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا وَيَقَعُ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ صَرْفُهُ لِحَجٍّ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ رُكْنٌ فِيهَا فَلَا يَصْلُحُ وُقُوعُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَهَذَا وَقَعَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَالْقُدُومُ لَيْسَ بِرُكْنٍ فَخَفَّ شَأْنُهُ وَيُؤَخَّرُ سَعْيُهُ إلَى إفَاضَتِهِ وَانْظُرْ لَوْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ التَّعْيِينِ ثُمَّ صَرَفَهُ لِحَجٍّ وَاَلَّذِي لِلْمُذَاكِرِينَ إعَادَةُ السَّعْيِ احْتِيَاطًا هَكَذَا أَفَادَهُ سَنَدٌ. قَالَ الْحَطَّابُ وَتَأَمَّلْ، قَوْلَهُ: وَيُؤَخَّرُ سَعْيُهُ إلَى إفَاضَتِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّعْيُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْقُدُومَ وَهَذَا الطَّوَافُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْقُدُومَ وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَوَّلَ طَوَافِهِ جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ طَوَافِ الْقُدُومِ فَفَاتَ مَحَلُّ طَوَافِ الْقُدُومِ أَخَّرَ سَعْيَهُ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا تَكَلُّفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطُفْ فَإِنْ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ لَهُ اسْتِحْبَابًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا صَرَفَهُ لِعُمْرَةٍ وَيُكْرَهُ لَهُ صَرْفُهُ لِحَجٍّ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَعْيِينُ مَا يُحْرِمُ بِهِ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ هُمَا شَرْطًا فِي الِانْعِقَادِ، بَلْ مَنْدُوبًا كَمَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَحْرَمَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ) ، وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ فَرْضٍ وَلَا نَفْلَ انْعَقَدَ وَانْصَرَفَ لِلْفَرْضِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إنْ كَانَ صَرُورَةً قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى إضْمَارِ قَدْ وَالْوَاوِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجُمْلَةُ الْمَاضَوِيَّةُ الْمَتْلُوَّةُ بِأَوْ لَا تَرْتَبِطُ بِالْوَاوِ نَحْوَ لَأَضْرِبَنَّهُ ذَهَبَ، أَوْ مَكَثَ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَالَةً إلَخْ) احْتَاجَ لَهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَالِ أَنْ لَا تَقْتَرِنَ بِالْوَاوِ وَقَوْلُهُ: أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مُبَيَّنًا، أَوْ مُبْهَمًا احْتَاجَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَالِ الْإِفْرَادُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 التَّبْيِينِ لَا تُتَوَهَّمُ فَهِيَ ضَائِعَةٌ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ وَلَفْظَةِ سَوَاءٍ، وَالْجُمْلَةِ حَالٌ أَيْ: سَوَاءٌ أَبَيَّنَ أَوْ أَبْهَمَ أَيْ: أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ وَيَسْتَوِي فِي انْعِقَادِهِ التَّبْيِينُ وَالْإِبْهَامُ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ التَّبْيِينِ وَالْإِبْهَامِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي انْعِقَادِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِإِفْرَادٍ بَدَلَ لِحَجٍّ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ لَا يُغَايِرُ الْحَجَّ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ شَامِلٌ لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَقِسْمُ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ قَسِيمًا لَهُ. (ص) ، وَإِنْ نَسِيَ فَقِرَانٌ وَنَوَى الْحَجَّ وَبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ أَحْرَمَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ نَسِيَ ذَلِكَ فَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ حَجٌّ مُفْرَدٌ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ قِرَانٌ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْحَجَّ أَيْ: يُحْدِثُ لَهُ الْآنَ نِيَّةَ الْحَجِّ وَيَعْمَلُ عَلَى الْقِرَانِ لِلِاحْتِيَاطِ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى وَيُهْدِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَارِنٌ وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ فَقَطْ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا فَيَأْتِي بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَنِيَّةُ الْحَجِّ مَحَلُّهَا إذَا كَانَ الشَّكُّ فِي زَمَنٍ يَصِحُّ فِيهِ الْإِرْدَافُ كَمَا لَوْ وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، أَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ فَلَا يَنْوِي الْحَجَّ إذْ لَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَى الْعُمْرَةِ إذْ ذَاكَ، بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَكَانَ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ إحْرَامُهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُهْدِيَ احْتِيَاطًا لِخَوْفِ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ قَالَهُ سَنَدٌ. ثُمَّ إنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا عَمَلُهُ عَمَلَ الْقِرَانِ، بَلْ عَمَلُ الْقِرَانِ لَازِمٌ لَهُ، سَوَاءٌ نَوَى الْحَجَّ أَمْ لَا (ص) كَشَكِّهِ أَفْرَدَ، أَوْ تَمَتَّعَ (ش) أَيْ: كَشَكِّهِ هَلْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْحَجَّ الْآنَ وَيَعْمَلُ عَمَلَ الْقِرَانِ وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا بِحَجٍّ فَهُوَ تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَفِي هَذِهِ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ قِرَانًا وَإِنَّمَا شَكَّ فِي الْحَجِّ الْمُفْرَدِ وَالْعُمْرَةِ الْمُفْرَدَةِ وَلِذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ اعْتَمَرَ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ يُحْرِمُ بَعْدَهَا بِحَجٍّ. (ص) وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَرْتَدِفُ عَلَى الْحَجِّ لِضَعْفِهَا وَقُوَّتِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تَرْتَدِفُ الْعُمْرَةُ عَلَى مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَرْتَدِفُ الْحَجُّ عَلَى مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الثَّانِي حَاصِلٌ بِالْأَوَّلِ، وَأَمَّا إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ مَا لَا يَحْصُلُ مِنْهَا فَالْقِسْمَةُ رُبَاعِيَّةٌ صَحَّ مِنْهَا الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ، وَمَعْنَى اللَّغْوِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ، فَلَغَا فِعْلٌ لَازِمٌ فَلِذَا يَتَعَيَّنُ رَفْعُ عُمْرَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُكْمَ ابْتِدَاءً فِيمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَلْغُو، وَهُوَ الْكَرَاهَةُ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ: وَتَكُونُ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَقِسْمُ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ قَسِيمًا لَهُ) أَيْ: وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُ قَسِيمًا لِلْحَجِّ حَيْثُ قَالَ لِحَجٍّ وَالْقِيَاسُ لِقِرَانٍ (قَوْلُهُ: وَنَوَى الْحَجَّ) أَيْ: وُجُوبًا احْتِيَاطًا فَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ حَجًّا، أَوْ قِرَانًا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً ارْتَدَفَ الْحَجُّ عَلَيْهَا انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: أَيْ: يَحْدُثُ لَهُ الْآنَ نِيَّةُ الْحَجِّ أَيْ: لِيَتِمَّ الْقِرَانُ إنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هُوَ الْعُمْرَةُ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْإِرْدَافُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ إحْرَامُهُ بَعْدَ السَّعْيِ) الْمُنَاسِبُ وَكَذَا إنْ كَانَ شَكُّهُ وَإِنَّمَا فَصَّلَهَا بِكَذَا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ وَلَا يُخْفَى أَنَّهَا مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِخَوْفِ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ مَا أَحْرَمَ بِهِ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ حَجًّا وَإِذَا كَانَ حَجًّا فَلَا تَأْخِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَرْدَفَ حَجًّا عَلَى حَجٍّ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ فَلِذَا عَبَّرَ بِالْخَوْفِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى نِيَّةِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: بَلْ عَمَلُ الْقِرَانِ إلَخْ) أَيْ: وَبَرَاءَتُهُ مِنْ الْحَجِّ إنَّمَا تَكُونُ إذَا نَوَى الْحَجَّ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: هَلْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ) أَيْ: فَيَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَجَازُ الْأَوَّلِ أَيْ: فَعَلَ مَا يُصَيِّرُهُ مُتَمَتِّعًا، وَذَلِكَ الْفِعْلُ هُوَ الِاعْتِمَارُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْوِي الْحَجَّ) أَيْ: وُجُوبًا عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَعَلَ عب ذَلِكَ مَنْدُوبًا وَإِنْ كَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاجِبًا وَجَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي أَصْلِ نِيَّةِ الْحَجِّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَنْوِي الْحَجَّ حَيْثُ كَانَ يَرْتَدِفُ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَرْتَدِفُ كَأَنْ يَكُونَ شَكُّهُ بَعْدَ رُكُوعِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي الْحَجَّ، وَإِنْ نَوَى لَمْ يُعْمَلْ بِنِيَّتِهِ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَسْعَى ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ، وَانْظُرْ حِينَئِذٍ هَلْ يَبْرَأُ مِنْ الْعُمْرَةِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الطَّوَافَ عَلَى وَجْهِ الْجَزْمِ بِرُكْنِيَّتِهِ لَهَا، وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَفْرَدَ، أَوْ قَرَنَ تَمَادَى عَلَى نِيَّةِ الْقِرَانِ وَحْدَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ فَقَطْ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ وَمِنْ الْعُمْرَةِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ أَمْرٌ ضَعِيفٌ فَاكْتَفَى بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْعُمْرَةِ فِي ضِمْنِ الْقِرَانِ، وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ هَلْ قَرَنَ، أَوْ تَمَتَّعَ، أَوْ اعْتَمَرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْضِي عَلَى الْقِرَانِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ عَمَلَ الْقِرَانِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ وَهُوَ الْآنَ قَدْ نَوَى حَجًّا وَصَارَ قَارِنًا (قَوْلُهُ: وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ: بَطَلَ وَأَمَّا مَعَهُ فَقَارِنٌ (قَوْلُهُ: كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ) اجْتِمَاعًا، أَوْ تَعَاقُبًا أَيْ: مِنْ حَجَّتَيْنِ فَهِيَ أَرْبَعٌ لِأَنَّهُمَا، إمَّا إفْرَادَانِ، أَوْ قِرَانَانِ اجْتِمَاعًا، أَوْ انْفِرَادًا (قَوْلُهُ: أَوْ عُمْرَتَيْنِ) اجْتِمَاعًا، أَوْ انْفِرَادًا لَكِنْ إنْ أَرْدَفَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَلْغَى الثَّانِيَةَ، وَإِنْ كَانَتَا مَعًا أَلْغَى إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا فَصُوَرُ الْمُصَنِّفِ سَبْعٌ وَيَبْقَى إرْدَافُ حَجٍّ عَلَى عُمْرَةٍ، أَوْ تَقَارَنَا فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنْ اعْتَبَرْت كَوْنَ الْحَجَّتَيْنِ وَاجِبَتَيْنِ كَفَرْضٍ وَنَذْرٍ أَيْ: مُعَيَّنٍ وَتَطَوُّعَيْنِ وَفَرْضٍ وَتَطَوُّعٍ اجْتِمَاعًا أَوْ انْفِرَادًا زَادَتْ الصُّوَرُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا يُلْغَى ثُمَّ إذَا كَانَا فَرْضَيْنِ، أَوْ تَطَوُّعَيْنِ فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فَرْضًا وَآخَرُ نَذْرًا فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ الْإِجْزَاءُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُنَا وَمَا قُلْنَاهُ لَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ فَالْقِسْمَةُ رُبَاعِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ مَا قُسِمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 ح وَلَمْ يُؤَنِّثْ عَامِلَ لَغَا؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُ مَجَازِيٌّ فَيَجُوزُ تَأْنِيثُ عَامِلِهِ وَعَدَمُهُ (ص) وَرَفْضُهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى " عُمْرَةٌ " أَيْ: لَغَا رَفْضُ الْحَجِّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ رَفْضَ الْوُضُوءِ وَالْحَجِّ لَا يَضُرُّ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الرَّفْضُ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُجَدِّدُ النِّيَّةَ لِلْبَاقِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا أَمْ لَا؟ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يُرْجِعُ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَرَفْضُهُ لِلْإِحْرَامِ لَا لِلْحَجِّ لِئَلَّا يَكُونَ سَاكِتًا عَنْ الْعُمْرَةِ. (ص) وَفِي كَإِحْرَامِ زَيْدٍ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي: لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَيَصِحُّ إحْرَامُ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ فِي النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ أَيْ: وَفِي صِحَّةِ إحْرَامِ مَنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَدَمِهَا تَرَدُّدٌ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمَذْهَبِ سَنَدٌ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْإِحْرَامِ لِزَيْدٍ وَقَعَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا وَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ انْتَهَى. قَالَ بَعْضٌ فَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ، أَوْ وَجَدَهُ مُحْرِمًا بِالْإِطْلَاقِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ إحْرَامُهُ أَيْضًا مُطْلَقًا وَيُخَيَّرُ فِي تَعْيِينِهِ. وَلَمَّا كَانَ أَوْجُهُ الْإِحْرَامِ ثَلَاثَةً: حَجٌّ، وَعُمْرَةٌ وَقِرَانٌ وَالْإِطْلَاقُ، أَوْ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ يَرْجِعُ إلَيْهَا بَيَّنَ الْأَفْضَلَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (ص) وَنُدِبَ إفْرَادٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْإِفْرَادَ، وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا، ثُمَّ إذَا فَرَغَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ أَفْضَلُ عَلَى الْمَنْصُوصِ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنْسَكِهِ، وَظَاهِرُ جَعْلِهِ الْعُمْرَةَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَهُ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَتَرَكَ الْعُمْرَةَ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي حَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ لَهَا بِالْأَفْضَلِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَأَضْرَابِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ مِنْ الْقِرَانِ، وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ بِهِ عَنْهُ الطَّلَبُ بِالنُّسُكَيْنِ وَالْإِفْرَادُ إنَّمَا يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ بِالْحَجِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَفْضُولِ مَا لَا يَكُونُ فِي الْفَاضِلِ (ص) ، ثُمَّ قِرَانٌ (ش) أَيْ: ثُمَّ يَلِي الْإِفْرَادَ فِي الْفَضْلِ قِرَانٌ؛ لِأَنَّهُ فِي عَمَلِهِ كَالْمُفْرِدِ، وَالْمُفْرِدُ أَفْضَلُ فَمَا قَارَبَ فِعْلُهُ كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَنِّثْ عَامِلَ لَغَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى فَاعِلُ لَغَا أَيْ: لَمْ يُؤَنِّثْ الْفَاعِلَ أَيْ: بِأَنْ يَلْحَقَ فِعْلَهُ عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ، وَتَصْحِيحُهُ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُ أَيْ: تَأْنِيثَ فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا أَمْ لَا؟) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَرَفْضُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَفَضٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ، أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ هَلْ يُجَدِّدُ؟ إلَخْ (أَقُولُ) الصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ تَجْدِيدٍ فِي الْحَجِّ وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ مَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْ الْإِنْسَانِ رَفْضٌ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاقِعًا فِي حَالِ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ، أَوْ لَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي حَالِ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ فَلَا يَضُرُّ الرَّفْضُ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَ وَاقِعًا فِي حَالِ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةِ التَّجْدِيدِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ نَاقِلًا لَهُ مِنْ النُّكَتِ فَرَافِضٌ إحْرَامَهُ لَيْسَ رَفْضُهُ بِمُضَارٍّ لِمَا هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى مَوَاضِعَ يَأْتِيهَا فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يَحْصُلْ لِرَفْضِهِ حُكْمٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي حِينِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَوَى الرَّفْضَ وَفَعَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ رَافِضٌ يُعَدُّ كَالتَّارِكِ لِذَلِكَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ) تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ الْتِزَامًا؛ لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْجَوَازِ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ) التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةَ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: تَرَدَّدَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمَذْهَبِ) أَيْ: عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ أَشْهَبَ الْجَوَازُ وَعَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ فَيَنْقُلُ جَمَاعَةٌ عَنْهُ الْجَوَازَ وَآخَرُونَ الْمَنْعَ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ مَا هُنَا وَقَعَ خِلَافٌ، وَفِي الصَّلَاةِ لَمْ يَقَعْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ بِنَاءً عَلَى التَّعْمِيمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِبْهَامَ هُنَا أَشَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَا أَحْرَمَ بِهِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، وَالْحَجُّ يَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ وَالْقِرَانَ وَالتَّمَتُّعَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، مَعْلُومٌ أَنَّهَا فَرْضٌ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ فَخَفَّ الْإِبْهَامُ وَاشْتَدَّ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ: حَجٌّ وَعُمْرَةٌ) الْمُرَادُ عُمْرَةُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ يُقَالُ لَهُ مُتَمَتِّعٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَهَا بِالْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ يُنَكِّدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقُ وَالْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ يَرْجِعُ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ لَا يَخْتَصَّانِ بِعُمْرَةِ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: وَالْإِطْلَاقُ وَالْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ يَرْجِعُ إلَيْهَا) أَقُولُ: وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا إلَّا أَنَّ مَرْتَبَةَ الْإِطْلَاقِ مَرْتَبَةٌ رَابِعَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إلَخْ) وَخِلَافُ الْمَنْصُوصِ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَدَّمَ مُرَاهِقًا فَالْإِفْرَادُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَمَّا مَنْ قَدَّمَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ طُولُ زَمَانٍ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فِيهِ الْإِحْرَامُ وَيَخَافُ عَلَى صَاحِبِهِ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَالتَّمَتُّعُ، وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ، وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ صَدْرَ حِلِّهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ إلَّا إذَا اعْتَمَرَ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي حَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ لَهَا) بِالْإِضَافَةِ الَّتِي لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ أَفْضَلِيَّةُ الْإِفْرَادِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا هَدْيَ فِيهِ إذْ الْهَدْيُ لِلنَّقْصِ، وَعِبَادَةٌ لَا نَقْصَ فِيهَا أَفْضَلُ وَلَا يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ الْمُرَقَّعَةِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا الْمُقْتَضِي لِفَضْلِهَا إنَّمَا هُوَ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ وَلِأَنَّ الْمُصَلِّي يَدْخُلُ عَلَيْهِ السَّهْوُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فَعَلَ قَصْدًا مَا يُوجِبُ الْهَدْيَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْقَارِنُ وَقَوْلُهُ: وَالْمُفْرِدُ أَفْضَلُ أَيْ: وَعَمَلُ الْمُفْرِدِ أَفْضَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 أَفْضَلَ بَعْدَهُ. وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ تَعْرِيفَ الْإِفْرَادِ لِعَدَمِ غُمُوضِهِ وَلِغُمُوضِ ذَلِكَ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ تَعَرَّضَ لِتَعْرِيفِهِمَا بِقَوْلِهِ: (ص) بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا وَقَدَّمَهَا، أَوْ يُرْدِفَهُ بِطَوَافِهَا إنْ صَحَّتْ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْقِرَانَ لَهُ كَيْفِيَّتَانِ الْأُولَى: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَقْصِدَ الْقِرَانَ أَوْ النُّسُكَيْنِ، أَوْ بِنِيَّةٍ مُرَتَّبَةٍ وَيُقَدِّمُ الْعُمْرَةَ عَلَى نِيَّةِ الْحَجِّ فِي هَذِهِ وُجُوبًا لِيَرْتَدِفَ الْحَجُّ عَلَيْهَا، وَفِي الْأُولَى يُقَدِّمُهَا فِي التَّسْمِيَةِ اسْتِحْبَابًا، وَلَوْ عَكَسَ صَحَّ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مُفْرَدَةً، ثُمَّ يُرْدِفُ الْحَجَّ عَلَيْهَا فَيَرْتَدِفُ وَيَصِيرُ قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ لَكِنَّ فِي إرْدَافِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ صُوَرَ جَوَازٍ وَكَرَاهَةٍ مَعَ صِحَّةٍ وَكَرَاهَةٍ لَا مَعَ صِحَّةٍ فَمِنْ الْأَوَّلِ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ أَعْمَالِهَا شَيْئًا، أَوْ بَعْدَ عَمَلِ شَيْءٍ وَقَبْلَ طَوَافِهَا اتِّفَاقًا أَوْ بِطَوَافِهَا قَبْلَ تَمَامِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلَوْ بِطَوَافِهَا لَكَانَ أَبْيَنَ وَلَكَانَ مُشِيرًا إلَى الْخِلَافِ فِي الْإِرْدَافِ فِي الطَّوَافِ. (ص) وَكَمَّلَهُ، وَلَا يَسْعَى (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ كَمَّلَ الطَّوَافَ وُجُوبًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَنْ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمَ أَنْ لَا قُدُومَ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا لَا سَعْيَ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الطَّوَافِ، بَلْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لِوُجُوبِ إيقَاعِ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ وَهَذَا الطَّوَافُ تَطَوُّعٌ كَمَا قَدْ عَلِمْته، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَتَنْدَرِجُ (ش) أَيْ: الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ فَلَا يَبْقَى لَهَا فِعْلٌ ظَاهِرٌ يَخُصُّهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إيجَابِهِ عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ انْتَهَى. وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الْقَارِنَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ أَنَّهَا لِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، بَلْ إذَا نَوَى طَوَافَ الْقُدُومِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، وَكَذَلِكَ السَّعْيُ وَغَيْرُهُ، بَلْ لَوْ لَمْ يَسْتَشْعِرْ الْعُمْرَةَ أَجْزَأَهُ كَمَا يَأْتِي فِيمَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا. (ص) وَكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهَا وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَيَصِيرَ قَارِنًا وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ كَوْنُ الْوَقْتِ مُخْتَصًّا لِلْعُمْرَةِ، وَقَوْلُهُ: (لَا بَعْدَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ يُرْدِفُهُ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ الْإِرْدَافُ، وَالْكَرَاهَةُ ثَابِتَةٌ بِالْأَحْرَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كُرِهَ الْإِرْدَافُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَأَحْرَى بَعْدَهُ، وَفِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ وَبَعْدَ السَّعْيِ. (ص) وَصَحَّ بَعْدَ سَعْيٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْإِحْرَامَ يَصِحُّ بَعْدَ سَعْيِ الْعُمْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ لِاسْتِلْزَامِهِ تَأْخِيرَ حَلْقِ الْعُمْرَةِ أَوْ سُقُوطَهُ كَمَا قَالَ (وَحَرُمَ الْحَلْقُ) لِلْعُمْرَةِ حَتَّى يَفْرُغَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنْ صَحَّتْ) وَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِرْدَافِ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ فَإِنْ فَسَدَتْ لَمْ يَصِحَّ الْإِرْدَافُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عُمْرَتِهِ اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ وُجُوبًا) أَرَادَ بِالْوُجُوبِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ صِحَّةَ الْعُمْرَةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَقْدِيمِهَا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا تَصِحُّ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ إرْدَافَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ لَكِنَّ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةٌ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقَعَ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ) أَرَادَ مَا عَدَا صُورَةِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا مُتَرَتِّبَتَيْنِ مَعَ تَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ صُورَةَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا مُتَرَتِّبَتَيْنِ، وَتَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا فَاصِلٌ وَصُورَةُ الْإِرْدَافِ مَا عَدَاهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ عَمَلِ شَيْءٍ إلَخْ) أَرَادَ بِالْعَمَلِ الْمَشْيُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ مِنْ أَرْكَانِهَا؛ لِأَنَّ أَرْكَانَهَا طَوَافٌ وَسَعْيٌ وَإِحْرَامٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ) فَعِنْدَ أَشْهَبَ مَتَى شَرَعَ فِي الطَّوَافِ فَاتَ الْإِرْدَافُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَبْيَنَ) أَيْ: لِشُمُولِهِ الثَّلَاثَ الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْغَيْرَ الْوَاجِبَةِ تَجِبُ بِالشُّرُوعِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ مَنْدُوبٌ وَقِيلَ جَائِزٌ وَهَذَا فِي الْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ وَمُقْتَضَى التَّكْمِيلِ أَنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَا لَوْ أَرْدَفَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ فَيَرْكَعُ لَهُ وَيَسْعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ تَطَوُّعًا) ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ لِلْعُمْرَةِ بِإِرْدَافِ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَلَا يَطْلُبُ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ بِطَوَافِ الْقُدُومِ (قَوْلُهُ فَلَا يَبْقَى لَهَا فِعْلٌ ظَاهِرٌ) أَيْ: لَا مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحِلَاقٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الْقَارِنَ إلَخْ) أَيْ: فَلَوْ اسْتَحْضَرَ الِاسْتِحْضَارَ الْمَذْكُورَ مَا ضَرَّ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك وَقَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَيْ: فِي مُدْرَكَتِهِ (قَوْلُهُ بَلْ إذَا نَوَى طَوَافَ الْقُدُومِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا هُوَ رُكْنٌ وَهُوَ السَّعْيُ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَسْتَشْعِرْ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَافِظَتِهِ. (قَوْلُهُ: مُخْتَصًّا لِلْعُمْرَةِ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهُ) أَيْ: وَأَمَّا فِي أَثْنَاءِ الرُّكُوعِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ يُرْدِفُهُ) أَيْ: رَاجِعٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى أَيْ: لَا رَاجِعَ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ إلَخْ ثُمَّ يَحْتَمِلُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَالتَّقْدِيرُ وَكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَصَحَّ لَا بَعْدَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَيْ: الْإِحْرَامُ لَا الْإِرْدَافُ بَعْدَ سَعْيٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى بِطَوَافِهَا وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الطَّوَافِ وَالرُّكُوعِ أَيْ: وَلَا يَرْتَدِفُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الطَّوَافِ وَالرُّكُوعِ وَكَذَا لَوْ أَرْدَفَ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ وَوَجَبَ ابْتِدَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ صَرُورَةً وَسَقَطَ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ) وَعِبَارَةُ عب وَعَبَّرَ بِصَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَخْ وَكَذَا فِي شَرْحِ شب وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ تَأْخِيرَ حَلْقِ الْعُمْرَةِ، أَوْ سُقُوطِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ أَيْ: فَالتَّأْخِيرُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْحَلْقُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ سُقُوطُهُ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لِلْحَجِّ فَقَطْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ يَعْنِي: الطَّرَفَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ تَأْخِيرَ حَلْقِ الْعُمْرَةِ لَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ سُقُوطُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 مِنْ حَجِّهِ وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا اتِّفَاقًا، وَلَا مُتَمَتِّعًا إلَّا أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَهْدَى لِوُجُوبِ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ الْحَاصِلِ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ فَلَوْ فَعَلَهُ فَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَفِدْيَةٌ مَعًا؛ وَلِذَا قَالَ (وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ) أَيْ: لِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِ، وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ فَعَلَهُ) مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّهُ يُهْدِي إذَا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَعَلَيْهِ حَيْثُ فَعَلَهُ هَدْيٌ، وَلَا يُسْقِطُ فِعْلُهُ هَدْيَ التَّأْخِيرِ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَيْضًا (ص) ، ثُمَّ تَمَتَّعَ بِأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا، وَإِنْ بِقِرَانٍ (ش) أَيْ: ثُمَّ يَلِي الْقِرَانَ فِي النَّدْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ تَمَتُّعٌ، وَهُوَ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ بَعْدَ إيقَاعِ رُكْنٍ أَوْ بَعْضِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ بِحَجٍّ فَقَطْ، أَوْ بِقِرَانٍ وَيَصِيرُ مُتَمَتِّعًا قَارِنًا وَعَلَيْهِ دَمَانِ: وَاحِدٌ لِلتَّمَتُّعِ، وَآخَرُ لِلْقِرَانِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ يُجْزِئُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَسُمِّيَ الْمُتَمَتِّعُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ص) وَشَرْطُ دَمِهِمَا عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى (ش) أَيْ: شَرْطُ دَمِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَنْ لَا يَكُونَ فَاعِلُهُمَا مُقِيمًا بِمَكَّةَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا لَا يُقَصِّرُ الْمُسَافِرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ وَالْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ الِاسْتِيطَانُ، وَهُوَ الْإِقَامَةُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، وَقَوْلُهُ: (وَقْتَ فِعْلِهِمَا) أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ أَيْ: بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ، وَالْمُرَادُ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِيهِمَا فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ قَدْ يَكُونُ مُقْدِمًا عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ فِي التَّمَتُّعِ دَائِمًا، وَفِي الْقِرَانِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُقَارِنًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ بَعْضُ صُوَرِ الْقِرَانِ، وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا) أَيْ: بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالتَّقْدِيرِ، فَإِنْ وُجِدَتْ الْإِقَامَةُ الْمَذْكُورَةُ بِأَحَدِ الْمَكَانَيْنِ سَقَطَ الدَّمُ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، بَلْ بِسَبَبِ انْقِطَاعٍ بِهَا عَنْ غَيْرِهَا أَوْ رَفْضِ سُكْنَاهُ؛ وَنِيَّةُ عَدَمِ الِانْتِقَالِ مِنْهَا وَالرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَأَنَّثَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ فِي بِهَا مَعَ رُجُوعِهِ إلَى مَا ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ وَأَفْرَدَهُ مَعَ رُجُوعِهِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِمَكَّةَ خَاصَّةً تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا مَعَ ذِي طُوًى حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ (ص) أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ اسْتَوْطَنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِمْ لِحَاجَةٍ مِنْ غَزْوٍ، أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ، سَوَاءٌ طَالَتْ إقَامَتُهُ بِغَيْرِهَا، أَوْ قَصُرَتْ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ، فَقَوْلُهُ: خَرَجَ عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ إنْ وَالتَّقْدِيرُ فَلَا دَمَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى، وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا أَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِحَاجَةٍ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا   [حاشية العدوي] فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِ) بِسَبَبِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ زَمَنٌ طَوِيلٌ، بَلْ لَوْ أَتَمَّ سَعْيَهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ أَحْرَمَ قَبْلَ حِلَاقِهَا بِالْحَجِّ لَمْ يَحْلِقْ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِنًى وَعَلَيْهِ دَمٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَمَتَّعَ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ بَعْدَ التَّمَتُّعِ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْإِطْلَاقُ فَأَوْجُهُ الْإِحْرَامِ أَرْبَعَةٌ: إفْرَادٌ، وَقِرَانٌ، وَتَمَتُّعٌ وَإِطْلَاقٌ، وَهِيَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَنَاسِكِ فَلَا حَاجَةَ لِتَكَلُّفِ جَعْلٍ ثُمَّ تَمَتُّعٍ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّمَتُّعُ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بَعْدَ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْقِرَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ فِي التَّمَتُّعِ بَعْدَ مُضِيِّ النُّسُكِ الْفَاسِدِ وَلِذَا صَحَّ، وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهُوَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَسَرَى لَهُ الْفَسَادُ فَصَارَ كَالْعَدَمِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ: خِلَافًا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ (قَوْلُهُ بَعْدَ إيقَاعِ رُكْنٍ، أَوْ بَعْضَهُ) أَيْ: مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ قَبْلَ الْحِلَاقِ كَانَتْ الْعُمْرَةُ صَحِيحَةً، أَوْ فَاسِدَةً بِخِلَافِ الْإِرْدَافِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ فِي التَّمَتُّعِ بَعْدَ مُضِيِّ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَلِذَا صَحَّ، وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهُوَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَسَرَى لَهُ الْفَسَادُ فَصَارَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ سَفَرَيْنِ سَفَرًا لِلْحَجِّ وَسَفَرًا لِلْعُمْرَةِ فَلَمَّا تَمَتَّعَ أَسْقَطَ عَنْهُ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ فَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى بِالْعُمْرَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَمَتَّعَ بِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ وَفِي عِبَارَةٍ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ مِنْ عَامِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَمَتِّعًا بِإِجْمَاعٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعِي إسْقَاطَ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَذَا عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ) فِيهِ أَنَّ كُلَّ مُعْتَمِرٍ يَتَمَتَّعُ حِينَ يَحِلُّ مِنْهَا بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ، وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ ذِي طُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَهْبِطُ مِنْهَا إلَى مَقْبَرَةِ مَكَّةَ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُعَلَّاةِ وَالطَّرِيقِ الْأُخْرَى الَّتِي جِهَةُ الزَّاهِرِ وَتُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ بَيْنَ الْحَجُونَيْنِ وَأَمَّا الَّتِي فِي الْقُرْآنِ فَبِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا وَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا) أَيْ: بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِيهِمَا فَإِذَا قَدِمَ آفَاقِيٌّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنِيَّتُهُ السُّكْنَى ثُمَّ حَجَّ فِي عَامِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالْمُقِيمِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ فِعْلِ الْعُمْرَةِ مِنْ الْحَاضِرِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ أَحَدِهِمَا وَيُقْتَصَرُ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَيْ: بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّثَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ فِي بِهَا مَعَ رُجُوعِهِ إلَى مَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى فَالْمَرْجِعُ مُؤَنَّثٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 بِعُمْرَةٍ (ص) لَا انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَكِّيَّ، أَوْ مَنْ اسْتَوْطَنَهَا إذَا انْقَطَعَ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَرَفَضَ سُكْنَاهَا فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ قَدِمَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، أَمَّا إنَّ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا فَهُوَ، قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَقَوْلُهُ لَا انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا أَيْ: ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا. (ص) أَوْ قَدِمَ بِهَا يَنْوِي الْإِقَامَةَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ قَدِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يَنْوِي الِاسْتِيطَانَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ بِالْفِعْلِ مَعْدُومَةٌ وَقْتَ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ نِيَّتُهَا فَقَدْ يَبْدُو لَهُ رَفْضُهَا، فَقَوْلُهُ: أَوْ قَدِمَ أَيْ: الْمُتَمَتِّعُ وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا لِلْعُمْرَةِ أَيْ: فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ لِأَشْهُرِ الْحَجِّ لَكِنَّ الْبَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ: مُلْتَبِسًا بِعُمْرَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي بِمَعْنًى فِي أَيْ: فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إلَّا إذَا قَدِمَ بِعُمْرَةٍ، وَأَمَّا لَوْ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا (ص) وَنُدِبَ لِذِي أَهْلِينَ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ هَدْيُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ لِمَنْ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِبَعْضِ الْآفَاقِ، وَهَلْ مَحَلُّ النَّدْبِ إذَا اسْتَوَتْ إقَامَتُهُ بِهِمَا، أَمَّا إذَا كَانَتْ إقَامَتُهُ بِمَكَّةَ أَكْثَرَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ، وَمَا فِي حُكْمِهَا أَكْثَرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ النَّدْبُ مُطْلَقٌ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِإِقَامَتِهِ فِي أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ تَأْوِيلَانِ، وَالْمَذْهَبُ مَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: وَنُدِبَ لِذِي أَهْلِينَ أَيْ مُطْلَقًا. (ص) وَحَجٌّ مِنْ عَامِهِ (ش) أَيْ: وَشَرْطُ دَمِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ حَجٌّ مِنْ عَامِهِ فَلَوْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ إلَّا مِنْ قَابِلٍ، أَوْ فَاتَ الْمُتَمَتِّعُ الْحَجَّ، أَوْ الْقَارِنُ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ فَلَا دَمَ فَلَوْ بَقِيَ الْقَارِنُ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ (ص) وَلِلْمُتَمَتِّعِ عَدَمُ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ، وَلَوْ بِالْحِجَازِ لَا بِأَقَلَّ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الشَّرْطَيْنِ السَّابِقِينَ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ وَيَخْتَصُّ الْمُتَمَتِّعُ بِشُرُوطٍ أُخَرَ مِنْهَا: أَنْ لَا يَعُودَ إلَى بَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ فِي الْبُعْدِ بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بِمَكَّةَ، فَإِنْ عَادَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بِمَكَّةَ وَدَخَلَهَا مُحْرِمًا بِحَجٍّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ بِخِلَافِ لَوْ رَجَعَ لِأَقَلَّ مِنْ أُفُقِهِ أَيْ: بَلَدِهِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِمَا ذُكِرَ كَالْعَدَمِ وَبِخِلَافِ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ، ثُمَّ عَادَ فَعَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْحَجِّ وَحَيْثُ رَجَعَ إلَى مِثْلِ أُفُقِهِ أَيْ: بَلَدِهِ فِي الْبُعْدِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلَ أُفُقِهِ فِي الْحِجَازِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّمِ عَمَّنْ أُفُقُهُ فِي الْحِجَازِ إلَّا بِالْعَوْدِ إلَى نَفْسِ أُفُقِهِ لَا إلَى مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ أَرْضِ الْحِجَازِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبَاءُ " لَا بِأَقَلَّ " بَاءُ الْمُلَابَسَةِ، وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا عَدَمُ الْعَوْدِ مُلْتَبِسًا بِأَقَلَّ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ أَيْ: يَكُونُ مَسَافَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَطْلَقَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي هَذَا الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَعَدَمَ عَوْدِهِ إلَخْ وَقَيَّدَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِمَنْ كَانَ أُفُقَهُ إذَا ذَهَبَ وَعَادَ يُدْرِكُ مِنْ عَامِهِ، وَأَمَّا مَنْ أُفُقُهُ إفْرِيقِيَّةُ فَإِنَّ رُجُوعَهُ مِصْرَ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُؤَلِّفُ. (ص) وَفِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ (ش) هَذَا الشَّرْطُ الرَّابِعُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُتَمَتِّعُ أَيْضًا وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ أَنْ يَفْعَلَ أَرْكَانَ الْعُمْرَةِ، أَوْ بَعْضَهَا، وَلَوْ السَّعْيَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَوْ سَعَى لِعُمْرَتِهِ فِي رَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ بَعْضَ السَّعْيِ إلَى أَنْ دَخَلَ شَوَّالٌ فَكَمَّلَهُ فِيهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَلَوْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي رَمَضَانَ مَثَلًا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ بَعْضَ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَذَلِكَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ، وَوُقُوعُ الْحَلْقِ فِي شَوَّالٍ لَا يُوجِبُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ. (ص) وَفِي شَرْطِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ نِيَّتُهَا أَيْ: الْإِقَامَةُ فَقَدْ يَبْدُو لَهُ عَدَمُهَا) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ اشْتَرَطَ الْإِقَامَةَ بِالْفِعْلِ فَعِنْدَ عَدَمِهَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَدَا لَهُ عَدَمُهَا، أَوْ لَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّا أَعْطَيْنَا نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مَنْزِلَةَ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ يَصْحَبُهَا الْإِقَامَةُ إلَّا أَنَّهُ يَبْدُو لَهُ عَدَمُ الْإِقَامَةِ فَصَارَتْ نِيَّتُهَا كَالْعَدَمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَارِنُ) أَيْ: أَوْ فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ أَيْ: بِأَنْ يَفُوتَهُ بِحَضَرٍ أَوْ مَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَمَتِّعِ) مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ لِلْمُتَمَتِّعِ أَيْ: لِوُجُوبِ دَمِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَدَمُ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْقِرَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِثْلَ أُفُقِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَوْ بِالْحِجَازِ مُبَالَغَةٌ فِي الْمِثْلِ، وَأَمَّا لَوْ عَادَ لِبَلَدِهِ مُطْلَقًا، أَوْ مِثْلِهِ بِغَيْرِ الْحِجَازِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا عَدَمُ الْعَوْدِ مُلْتَبِسًا بِأَقَلَّ) أَيْ: إنْ عَدِمَ الْعَوْدَ مُلْتَبِسًا بِأَقَلَّ لَا نَقُولُ يُشْتَرَطُ أَيْ: فِي وُجُوبِ الدَّمِ أَيْ: بِحَيْثُ إذَا عَادَ لِأَقَلَّ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا عَادَ لِأَقَلَّ يَلْزَمُهُ الدَّمُ (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا عَدَمُ الْعَوْدِ مُلْتَبِسًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِأَقَلَّ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَدَمُ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْرَارٌ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ مِثْلِهِ أَنَّ رُجُوعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ بَلَدِهِ لَا يَكْفِي وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ فَلِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُؤَلِّفُ) قُلْت: قَدْ يُقَالُ بَلْ اعْتَبَرَهُ إذْ قَدْ اشْتَرَطَ فِي الدَّمِ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ. (قَوْلُهُ وَفِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ) يَدْخُلُ الْوَقْتُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ) إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ بِالْمُتَمَتِّعِ وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْقَارِنِ لِقَوْلِهَا مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ قَارِنًا فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَلَا يَكُونُ طَوَافُهُ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ لِعُمْرَتِهِ لَكِنْ لَهُمَا جَمِيعًا وَلَا يَحِلُّ مِنْ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِيهِمَا قَضَاهُمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ كَوْنُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ عَنْ وَاحِدٍ بِأَنْ يَكُونَا وَقَعَا عَنْ نَفْسِ الْفَاعِلِ لَهُمَا، أَوْ عَنْ شَخْصٍ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْهُ؟ فَلَوْ كَانَا عَنْ اثْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، أَوْ يَفْعَلُ أَحَدُهُمَا عَنْ زَيْدٍ وَالْآخَرُ عَنْ عُمَرَ، وَبِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْهُمَا لَمْ يَجِبْ الدَّمُ أَوَّلًا يُشْتَرَطُ فَيَجِبُ الدَّمُ فِي فِعْلِهِمَا عَنْ اثْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ أَيْ: وَالْفَاعِلُ لَهُمَا وَاحِدٌ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ. (تَنْبِيهٌ) : لَا شَكَّ أَنَّ شُرُوطَ الْقِرَانِ شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ لَا فِي تَسْمِيَةِ الْفِعْلِ قِرَانًا، وَأَمَّا شُرُوطُ التَّمَتُّعِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهَا شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَصَرَّحَ غَيْرُهُمَا كَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَعِيَاضٍ أَنَّهَا شُرُوطٌ فِي تَسْمِيَتِهِ تَمَتُّعًا قَالَ الْقَفَّالُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الرَّازِيّ. (ص) وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَبْدَأَ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ إنَّمَا هُوَ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ لَا قَبْلَهُ وَمُنْتَهَاهُ الَّذِي يَتَقَرَّرُ بِهِ وَيَتَخَلَّدُ فِي الذِّمَّةِ هُوَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَكَلَامُهُ هُنَا فِي بَيَانِ مَبْدَأِ الْوُجُوبِ، وَقَوْلُهُ: أَوَاخِرَ فَصْلِ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ، وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ فِي بَيَانِ تَقَرُّرِهِ وَتَخَلُّدِهِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ، وَانْظُرْ الْكَلَامَ بِأَوْسَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ (ش) ظَاهِرُهُ أَنَّ فَاعِلَ أَجْزَأَ دَمُ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَكُونُ دَمًا إلَّا إذَا نَحَرَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنْ نَحَرَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مُجْزٍ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ أَيْ: أَجْزَأَ جَعْلُهُ هَدْيًا، وَهُوَ تَقْلِيدُهُ وَإِشْعَارُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَلَوْ عِنْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ، بَلْ وَلَوْ سَاقَهُ فِيهَا تَطَوُّعًا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ. (ص) ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا سَبْعًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِحْرَامِ أَيْ: وَرُكْنُهُمَا الطَّوَافُ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ لَهُمَا قِيلَ، وَإِنَّمَا أَعَادَ لَهُمَا لِطُولِ الْفَصْلِ فَرُبَّمَا يَغْفُلُ عَنْهُ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ السَّعْيِ لِقُرْبِ ذِكْرِهِ فِي الطَّوَافِ، وَثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ وَالرُّتْبِيِّ جَمِيعًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ رُتْبَةَ الطَّوَافِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ رُتْبَةِ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا الطَّوَافُ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَشَيْءٌ آخَرُ سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: سَبْعًا تَمْيِيزٌ مُوَزَّعٌ أَيْ: الطَّوَافُ لِلْحَجِّ سَبْعًا وَلِلْعُمْرَةِ سَبْعًا، فَقَوْلُهُ: لَهُمَا أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبْعًا وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ وَنِصْفًا، فَإِنْ نَقَصَ شَوْطًا، أَوْ بَعْضَهُ يَقِينًا أَوْ شَكًّا مِنْ الطَّوَافِ الرُّكْنِيِّ رَجَعَ لَهُ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ: وَابْتَدَأَ إنْ قَطْعَ لِجِنَازَةٍ إلَى قَوْلِهِ: أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ. (ص) بِالطُّهْرَيْنِ وَالسِّتْرِ (ش) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ: ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا بِشُرُوطٍ: أَوَّلُهَا كَوْنُهُ أَشْوَاطًا سَبْعًا وَكَوْنُهُ مَعَ الطُّهْرَيْنِ، وَالسِّتْرُ لِلْعَوْرَةِ، وَلَوْ قَالَ: بِالطَّهَارَتَيْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا فِي تَسْمِيَةِ الْفِعْلِ قِرَانًا) ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ قِرَانًا ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَرَنَ بِهِمَا حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: أَنَّهَا شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَشَرْطُ دَمِهِمَا عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى إلَخْ، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ تَمَتُّعًا فَيَحْصُلُ بِأَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ بَعْدَ إيقَاعِ رُكْنٍ، أَوْ بَعْضِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: شُرُوطٌ فِي تَسْمِيَتِهِ تَمَتُّعًا) أَيْ: وَالدَّمُ لَازِمٌ لِذَلِكَ التَّمَتُّعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَحُجُّ مُتَمَتِّعًا فَاتَّفَقَ أَنَّهُ حَجَّ مِنْ عَامِهِ بَعْدَ إيقَاعِ رُكْنٍ، أَوْ بَعْضِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الدَّمِ فَإِنْ قُلْنَا شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ يَحْنَثُ، وَإِنْ قُلْنَا شُرُوطٌ فِي تَسْمِيَتِهِ مُتَمَتِّعًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ) أَيْ: أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا، أَوْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ إلَخْ) أَيْ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ إلَخْ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَرْمِ الْعَقَبَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ هَدْيٌ أَصْلًا لَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي مَبْدَإِ وُجُوبِ الدَّمِ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ذَبَحَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ لَا يُجْزِئُ وَلَا يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي ك وَإِذَا مَاتَ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَقَبْلَ الرَّمْيِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمَا سَيَأْتِي فِي بَيَانِ التَّقَرُّرِ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ وَمَاتَ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَسْقُطُ هَذَا. وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بِقَوْلِهِ: قُلْت: ظَاهِرُهُ لَوْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ رَمْيِهِ لَا يَجِبُ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ سَمَاعِ عِيسَى مَنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَرْمِ فَقَدْ لَزِمَهُ الدَّمُ ا. هـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَجْزَأَ جَعَلَهُ هَدْيًا إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَعَادَ لَهُمَا إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ: لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ) أَيْ: فِي الذِّكْرِ وَالْإِخْبَارِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْتِيبَ الذِّكْرِيَّ يَكُونُ فِي الْجُمَلِ فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّرْتِيبَ الرُّتْبِيَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعْنَى هَكَذَا فَلَيْسَ فِيهِ تَوْزِيعٌ فَالتَّوْزِيعُ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِ فِيهِ، أَوْ فِي السَّعْيِ عَمْدًا، وَلَوْ قُلْت كَبَعْضِ شَوْطٍ بَطَلَ وَكَذَا بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ عَلَيْهِ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ تت وَالْعَدَدُ شَرْطٌ بِاتِّفَاقٍ كَعَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ كَانَ وَاجِبًا، أَوْ غَيْرَهُ. (فَائِدَةٌ) قَالَ عج تَبَعًا لِلْقَرَافِيِّ وَأَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ الطَّوَافُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى صَلَاةٍ وَطَهَارَةٍ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَفْضَلَ أَرْكَانِ الْحَجِّ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ قَالَ عج: وَأَمَّا السَّعْيُ وَعَرَفَةُ فَانْظُرْ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّعْيُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَمُتَوَقِّفٌ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: بِالطُّهْرَيْنِ) فَإِنْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ (قَوْلُهُ: وَالسِّتْرِ) أَيْ: سِتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضٌ: وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ طَوَافِ الْحُرَّةِ إذَا كَانَتْ بَادِيَةَ الْأَطْرَافِ وَتُعِيدُ اسْتِحْبَابًا مَا دَامَتْ بِمَكَّةَ، أَوْ حَيْثُ يُمْكِنُهَا الْإِعَادَةُ وَقَالَ، وَالظَّاهِرُ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا، وَلَوْ كَانَتْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ خَرَجَ وَقْتُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ:؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ هُوَ الْفِعْلُ فَالطَّهَارَةُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْفَاعِلِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالطُّهْرِ أَعَمُّ مِنْ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلَامُهُ لِلْعَهْدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ طَافَ مُحْدِثًا عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ وَيَرْجِعُ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي الطَّوَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ كَالصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ فِيهِ الْكَلَامُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَوْ قَالَ بِالطَّهَارَتَيْنِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ كَثُرَ فِي لِسَانِ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَالُ الطُّهْرَيْنِ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ فَيَصِيرُ الْخَبَثُ مَسْكُوتًا عَنْهُ وَكَثُرَ فِي لِسَانِهِمْ اسْتِعْمَالُ الطَّهَارَتَيْنِ فِي الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَفِي التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الطُّهْرَ هُوَ الْفِعْلُ إلَخْ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَنْشَأُ عَنْهُ الصِّفَةُ. (ص) وَبَطَلَ بِحَدَثٍ بِنَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ حَدَثٌ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا أَيْ: سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي الطَّوَافِ، أَوْ غَلَبَةً فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ وَيَمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْأَشْوَاطِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا وَيَبْتَدِئُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الطُّهْرِ دُونَ التَّطَوُّعِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْحَدَثَ، فَلَوْ بَنَى كَانَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ، وَلَوْ قَالَ: فَإِنْ أَحْدَثَ فَلَا بِنَاءَ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ هُنَا بِنَاءً بَطَلَ مَعَ أَنَّهُ لَا بِنَاءَ هُنَا لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْبِنَاءِ الْبِنَاءُ الْحَاصِلُ مَعَ الْخُرُوجِ عَلَى تَقْدِيرِهِ. (تَتِمَّةٌ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ مَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الطَّوَافَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ وَسَعَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنْ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَرْكَعْهُمَا بِمَوْضِعِهِ وَيَبْعَثُ بِهَدْيٍ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا تُجْزِئُهُ الرَّكْعَتَانِ الْأُولَيَانِ. اهـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ انْتَقَضَ عَمْدًا أَمْ لَا، قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَاعَدَ إلَخْ اُنْظُرْ مَا حَدُّ التَّبَاعُدِ، وَالظَّاهِرُ إنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ مَعَ الْقُرْبِ تَبَاعَدَ. (ص) وَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الطُّهْرَيْنِ يَعْنِي: أَنَّ الطَّائِفَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي طَوَافِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ فِي دَوَرَانِهِ عَنْ يَسَارِهِ دَائِرًا مِنْ جِهَةِ بَابِهِ لِيَصِحَّ طَوَافُهُ فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ قُبَالَةَ وَجْهِهِ، أَوْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ رُكْنًا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِطَوَافِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَكَذَا، وَقَوْلِهِ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ، وَإِنَّمَا حُمِلَ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُنَا عَلَى الْوُجُوبِ دُونَ الْوُضُوءِ مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا عِبَادَةٌ فَعَلَهَا وَرَتَّبَهَا فَكَانَ فِعْلُهُ بَيَانًا لِمُجْمَلِ الْقُرْآنِ لِثُبُوتِ الطَّوَافِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ جَوَازُ تَنْكِيسِهِ وَوَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْوُضُوءِ لَا نُبَالِي بِأَيِّ عُضْوٍ بَدَأْنَا بِأَيْمَانِنَا أَوْ بِأَيْسَارِنَا. (ص) وَخُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ (ش) هَذَا، وَمَا بَعْدَهُ مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الطُّهْرَيْنِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الطَّائِفِ بِالْبَيْتِ أَنْ يَجْعَلَ بَدَنَهُ فِي طَوَافِهِ خَارِجًا عَنْ الشَّاذَرْوَانِ، وَإِنْ، وَهُوَ الْبِنَاءُ الْمُحْدَوْدِبُ فِي أَسَاسِ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ طَوَافِهِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمُؤْلِفِ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ مِنْ الْبَيْتِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا قَالَهُ سَنَدٌ وَابْنُ شَاسٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا كَابْنِ الْحَاجِبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالطَّهَارَةُ) الْأَوْلَى وَالطَّهَارَةُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ لِلْعَهْدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: شَرْطٌ لِصَلَاةِ طَهَارَةِ حَدَثٍ وَخَبَثٍ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الطُّهْرَ هُوَ الْفِعْلُ نَظَرٌ إلَخْ) أَيْ: فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ (أَقُولُ) : إنَّ هَذَا الْمُعْتَرِضَ سَلَّمَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: الْأَوْلَى الْإِفْصَاحُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَنْشَأُ عَنْهُ الصِّفَةُ) أَيْ: وَالْمَلْحُوظُ ذَلِكَ النَّاشِئُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُنْقَضٍ وَزَائِلٌ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِأَحْسَنَ لِصِحَّةِ الْعِبَارَةِ بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ النَّاشِئِ وَتَعْبِيرُهُ بِالطُّهْرِ أَعَمُّ مِنْ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ أَيْ: أَحَدُ الطُّهْرَيْنِ وَالطُّهْرُ الثَّانِي مِنْ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَكُونُ مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ فَقَدْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ إذَا أَحْدَثَ فِي الطَّوَافِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَيَبْنِ، قَالَ الْحَطَّابُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ا. هـ. (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ الطَّوَافَ) أَيْ: وُجُوبًا أَيْ: وَذَلِكَ لِلُزُومِ الدَّمِ عَلَى تَرْكِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعَذُّرَ الرُّجُوعِ إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا أَيْ: مِمَّا لَا يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ) حِكْمَتُهُ لِيَكُونَ قَلْبُهُ إلَى جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَمْشِيَ مُسْتَقْبِلًا، فَلَوْ مَشَى الْقَهْقَرَى لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ: كَوْنُهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَعَلَّ قَائِلَ ذَلِكَ لَمْ يَرَهُ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ بَعِيدٌ ا. هـ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - لِطَوَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا وَقَوْلُهُ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التَّيَاسُرُ سُنَّةٌ فَفِي تَرْكِهِ الدَّمُ إنْ خَرَجَ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ الطَّوَافِ كَذَلِكَ) أَيْ: لِثُبُوتِ الطَّوَافِ عَنْ الْيَسَارِ إجْمَاعًا أَيْ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الْيَسَارِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ الْيَسَارِ كَانَ بَاطِلًا، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الْيَسَارِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُرَتَّبًا. (أَقُولُ) يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ لِمَ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَكُونُ إلَّا مُرَتَّبًا وَالْوُضُوءُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ فَعَلَهَا وَرَتَّبَهَا؟ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّقْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِمَا عَرَفْت مِنْ مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ (وَقَوْلُهُ: وَخُرُوجُ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ عَلَى مَا حَكَى النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ لَفْظَةٌ بِمُعْجَمَةٍ مَكْسُورِ الذَّالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 وَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ جُزَيٍّ وَابْنِ جَمَاعَةَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ وَابْنِ مُعَلَّى وَالتَّادَلِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَتَبِعَهُ الْأَبِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَمِمَّنْ بَالَغَ فِي إنْكَارِهِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ الْخَطِيبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ رُشَيْدٍ مُصَغَّرُ رُشْدٍ بِالْمُعْجَمَةِ اُنْظُرْ ح. (ص) وَسِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ (ش) أَيْ: مُنْتَهِيَةٌ إلَى الْبَيْتِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ خُرُوجُ كُلِّ الْبَدَنِ أَيْضًا عَنْ مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَ حِجْرًا لِاسْتِدَارَتِهِ وَهُوَ مَحُوطٌ مُدَوَّرٌ عَلَى صُورَةِ نِصْفِ دَائِرَةٍ خَارِجٌ عَنْ جِدَارِ الْكَعْبَةِ فِي جِهَةِ الشَّامِ وَيُقَالُ لَهُ الْجَدْرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْخَلِيلِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ جَعَلَ إبْرَاهِيمُ الْحِجْرَ إلَى جَنْبِ الْبَيْتِ عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْغَنَمُ وَكَانَ زَرْبًا لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ، ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا أَدْخَلَتْ فِيهِ أَذْرُعًا مِنْ الْكَعْبَةِ انْتَهَى. وَأَثْبَتَ التَّاءَ فِي سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ ذِرَاعَ الْيَدِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (ص) وَنَصْبِ الْمُقْبِلِ قَامَتَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، أَوْ اسْتَلَمَ الْيَمَانِيَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ مَكَانَهُ وُجُوبًا حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ يَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَافَ مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ، أَوْ يَدُهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ، أَوْ وَطِئَهُ بِرِجْلِهِ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ. (ص) دَاخِلَ الْمَسْجِدِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الطَّوَافِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَوْ طَافَ خَارِجَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ الدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: " دَاخِلَ " مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الطَّوَافِ. (ص) وَوِلَاءً (ش) يَعْنِي: أَنَّ التَّوَالِي بَيْنَ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ شَرْطٌ، فَإِنْ فَرَّقَهُ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا، أَوْ يَكُونَ لِعُذْرٍ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ. (ص) وَابْتَدَأَ إنْ قَطَعَ لِجِنَازَةٍ، أَوْ نَفَقَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الطَّوَافَ، وَلَوْ تَطَوُّعًا إذَا قَطَعَهُ لِجِنَازَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ عَلَيْهِ وَلَوْ قَلَّ الْفَصْلُ، أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْقَطْعَ لِلْجِنَازَةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ مَنْعُ الْقَطْعِ، وَأَمَّا إنْ قَطَعَ لِنَفَقَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ، فَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ وَخَشِيَ عَلَى الْمَيِّتِ التَّغَيُّرَ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقَطْعِ كَالْفَرَائِضِ، وَفِي كَلَامِ سَنَدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُهُ، وَأَمَّا إنْ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَخْشَ تَغَيُّرَهَا فَلَا يَقْطَعُهُ لَهَا وَإِذَا قُلْنَا يَقْطَعُ، فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ يَبْنِي كَالْفَرِيضَةِ كَمَا فِي شَرْحِ هـ (ص) أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ لَا يَبْنِي إذَا نَسِيَ بَعْضًا مِنْ طَوَافِهِ، وَلَوْ بَعْضَ شَوْطٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ وَطَالَ الْأَمْرُ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِأَثَرِ سَعْيِهِ وَلَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَهْلُ كَالنِّسْيَانِ قَالَ سَنَدٌ إنْ قِيلَ كَيْفَ يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِ السَّعْيِ وَهَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ يَمْنَعُ مِثْلُهُ الْبِنَاءَ فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا: لَمَّا كَانَ السَّعْيُ مُرْتَبِطًا بِالطَّوَافِ حَتَّى لَا يَصِحَّ دُونَهُ جَرَى مَعَهُ مَجْرَى الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَمَنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى، ثُمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْبَقَرَةَ عَادَ إلَى سُجُودِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْقُرْبُ مِنْ الْبُعْدِ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَرَغَ فِيهَا مِنْ السَّعْيِ، فَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا بَنَى، وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ. (ص) وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ وَنُدِبَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: التُّونُسِيِّ) بَدَلٌ مِنْ ابْنِ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: وَسِتَّةُ أَذْرُعٍ إلَخْ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيَّ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلسِّتَّةِ أَذْرُعٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا ا. هـ. وَجَعَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُدَوَّرٌ) تَفْسِيرٌ لِمَحُوطٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْخَلِيلِ) أَيْ: الْخَلِيلِ إبْرَاهِيمَ أَيْ: مِنْ بِنَائِهِ (قَوْلُهُ: عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْغَنَمُ) أَيْ: تَدْخُلُهُ الْغَنَمُ (قَوْلُهُ وَنَصْبِ الْمُقْبِلِ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالِاسْمِ أَيْ: وَبِنَصْبِ وَبِالْفِعْلِ، وَالْأَصْلُ فِي الْفِعْلِ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ) أَيْ: وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَرْجِعُونَ بِلَا حَجٍّ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْمُعَلَّى فِي مَنْسَكِهِ وَنَازَعَهُ غَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ: يَرْجِعُونَ بِلَا حَجٍّ لَكِنْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُنَازَعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَافَ خَارِجَهُ لَمْ يُجْزِهِ) قَالَ بَعْضٌ وَمِثْلُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِجَوَازِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَنَابِلَةُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ الدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ إلَخْ) هَذَا فِي الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَالَ الْبَاجِيُّ: السُّنَّةُ لَهُنَّ خَلَفَ الرِّجَالِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَوِلَاءً) أَيْ: وَيَكُون وِلَاءً فَهُوَ مَنْصُوبٌ وَيَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلِسَنَدٍ أَيْضًا: أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَلَكِنَّهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ وَنُدِبَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ انْتَهَى. (أَقُولُ) : وَهُوَ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ الْفَصْلُ) ؛ لِأَنَّهَا فِعْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلنَّفَقَةِ لَكَانَ أَظْهَرُ كَمَا أَجَازُوا قَطْعَ الصَّلَاةِ لِمَنْ أُخِذَ لَهُ مَالٌ لَهُ بَالٌ وَهِيَ أَشَدُّ حُرْمَةً وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا لَمْ يُبَحْ فِيهَا إلَّا يَسِيرَ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ فِي الْقَطْعِ لِحِفْظِ مَالِهِ وَلَا كَذَلِكَ الطَّوَافُ فَعَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِي عَوْدِ نَفَقَتِهِ بِدُونِ قَطْعٍ فَلِذَلِكَ بَطَلَ إنْ قَطَعَ لَهَا وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ) أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي طَوَافِ قُدُومٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا سَعْيَ بَعْدَهُ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ وَالتَّطَوُّعِ رُوعِيَ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنْ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ فَإِنْ قَرُبَ بَنَى، وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ. (قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ) أَيْ: لِإِقَامَتِهَا عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ بِأَيِّ مَحَلٍّ عَلَى رَأْيٍ، أَوْ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَى آخَرَ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا أَصْلًا، أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا بِبَيْتِهِ، أَوْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ جَمَاعَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 كَمَالُ الشَّوْطِ (ش) أَيْ: وَقَطَعَ الطَّوَافَ وُجُوبًا فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَيْ لِإِقَامَتِهَا وَيَبْنِي، لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ كَمَالُ الشَّوْطِ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ الْحِجْرِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ مِنْ مَوْضِعٍ خَرَجَ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يَبْتَدِئَ ذَلِكَ الشَّوْطَ، قَالَ بَعْضٌ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْوِفَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الطِّرَازِ. اهـ وَيَبْنِي قَبْلَ تَنَفُّلِهِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَإِنْ تَنَفَّلَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ ابْتَدَأَهُ، قَالَ بَعْضٌ: وَكَذَلِكَ إنْ جَلَسَ بَعْدَ الصَّلَاةِ طَوِيلًا لِذِكْرٍ، أَوْ حَدِيثٍ لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ. (ص) وَبَنَى إنْ رَعَفَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الطَّائِفَ إذَا حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهُ لِيَغْسِلَ الدَّمَ، ثُمَّ يَبْنِي بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْشِي عَلَى نَجَاسَةٍ، وَلَا يَتَعَدَّى مَوْضِعًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ قَالَ: وَبَنَى كَأَنْ رَعَفَ لَأَفَادَ الْبِنَاءَ فِي الْقَطْعِ لِلْفَرِيضَةِ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ: بَنَى لَا فِي اسْتِحْبَابِ كَمَالِ الشَّوْطِ؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ فِي الرُّعَافِ يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ. (ص) أَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ طَافَ بِنَجَاسَةٍ فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طَوَافِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فِي طَوَافِهِ فَإِنَّهُ يَنْزِعُهَا أَوْ يَغْسِلُهَا وَيَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَوَافِهِ إنْ لَمْ يُطِلْ وَإِلَّا بَطَلَ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ (ص) وَأَعَادَ رَكْعَتَيْهِ بِالْقُرْبِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِالنَّجَاسَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُمَا اسْتِحْبَابًا إنْ كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا، فَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْفَرَاغِ مِنْهُمَا، وَيُعْتَبَرُ الْقُرْبُ بِالْعُرْفِ. (ص) وَعَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: يَبْنِي عَلَى مَا طَافَ قَبْلَ رُعَافِهِ، أَوْ عِلْمِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَلَى الْأَقَلِّ أَيْ: الْمُحَقِّقُ إنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الْأَشْوَاطِ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَعْمَلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ، وَلَوْ وَاحِدًا، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ حَتَّى يَشْمَلَ الْوَهْمَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ الْوَهْمُ هُنَا لَا يُعْتَبَرُ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. (ص) وَجَازَ بِسَقَائِفَ لِزَحْمَةٍ وَإِلَّا أَعَادَ وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ، وَلَا دَمَ (ش) أَيْ: وَجَازَ الطَّوَافُ بِسَقَائِفَ وَمِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَقُبَّةِ الشَّرَابِ، وَلَا يَضُرُّ حَيْلُولَةُ الْأُسْطُوَانَاتِ وَزَمْزَمُ وَالْقُبَّةُ لِأَجْلِ وُجُودِ زَحْمَةٍ انْتَهَتْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الزِّحَامَ يُصَيِّرُ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بِالْبَيْتِ كَاتِّصَالِ الزِّحَامِ بِالطُّرُقَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ طَافَ فِيمَا ذُكِرَ لَا لِزَحْمَةٍ بَلْ لِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا أَعَادَ الطَّوَافَ، وَلَوْ تَطَوُّعًا عَلَى مَا يَظْهَرُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يَرْجِعْ لِلطَّوَافِ مِنْ بَلَدِهِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَكَانَتْ السَّقَائِفُ فِي الصَّدْرِ   [حاشية العدوي] بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ إذَا كَانَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً فِيهِ وَأُقِيمَتْ لِلرَّاتِبِ فَهَلْ يَقْطَعُهُ وَيَخْرُجُ؛ لِأَنَّ فِي بَقَائِهِ طَعْنًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ تَلَبُّسَهُ بِالطَّوَافِ يَدْفَعُ الطَّعْنَ؟ قُلْتُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الثَّانِيَ وَمِثْلُ الْفَرِيضَةِ الْمُقَامَةِ فَرِيضَةٌ حَاضِرَةٌ تَذَكَّرَهَا وَخَشِيَ خُرُوجَ وَقْتِهَا، وَلَوْ الضَّرُورِيَّ لَوْ أَتَمَّ الطَّوَافَ الْفَرْضَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ بَحْثًا، وَأَمَّا طَوَافُ التَّطَوُّعِ فَلَا إشْكَالَ فِي قَطْعِهِ لَا لِتَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ فَلَا يَقْطَعُهُ لَهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ مَنْدُوبًا، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَفَرَّقَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ مَعَ الْحَاضِرَةِ مَطْلُوبٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلْفَرِيضَةِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ رُكْنًا، أَوْ وَاجِبًا لِغَيْرِهَا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالضُّحَى، فَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا فَلَهُ قَطْعُهُ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنْ خَافَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ مِنْ عِنْدِ الْحَجَرِ) أَيْ: الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْوِفَاقِ) أَيْ: بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: يَدْخُلُ مِنْ مَوْضِعٍ خَرَجَ أَيْ: يُؤْذَنُ لَهُ فِي ذَلِكَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَالْإِذْنُ لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَ ابْتِدَاءِ الشَّوْطِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْشِيَ عَلَى نَجَاسَةٍ) أَيْ: وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا عَلَى مَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَأَنْ لَا يَطَأَ نَجَسًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَدَّى مَوْضِعًا) أَيْ: مَوْضِعًا مُمْكِنًا، وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَعَدَمُ الْكَلَامِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ) - بِفَتْحِ الْجِيمِ - الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي، بَلْ يَبْتَدِئُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْزِعُهَا) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ نَزْعُهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ يَغْسِلُهَا أَيْ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهَا (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْفَرَاغِ مِنْهُمَا) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَقَلِّ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: بَنَى عَلَى مَا طَافَ قَبْلَ رُعَافِهِ، أَوْ عِلْمِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَلَى الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ) أَيْ: الشَّاكُّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُسْتَنْكِحًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ طَائِفًا مَعَهُ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: هَلْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب وشب. (قَوْلُهُ: لِزَحْمَةٍ) فَإِنْ ذَهَبَتْ أَثْنَاءَهُ كَمَّلَهُ بِمَكَانِهِ الْمُعْتَادِ وَلَا يَجُوزُ تَجَاوُزُهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَشْوَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ، وَقَدْ زَالَتْ فَإِنْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ حِينَ زَوَالِهَا فَانْظُرْ هَلْ يُعِيدُ مَا طَافَهُ بِهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا أَعَادَ الْجَمِيعَ، أَوْ يُعِيدُ الْجَمِيعَ لِفَصْلِهِ بِمَا طَافَهُ بِهَا حِينَ الِازْدِحَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَلِيلًا لَا يُعِيدُ إلَّا مَا طَافَهُ بِهَا وَلَا يُعِيدُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) الْمُعْتَمَدُ لُزُومُ الدَّمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الزِّحَامَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ الطَّوَافَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ بِالْمَسْجِدِ فَقَطْ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْبَيْتِ وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: كَاتِّصَالِ الزِّحَامِ بِالطُّرُقَاتِ) أَيْ: كَاتِّصَالِ الزِّحَامِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ بِمَنْ فِي الطُّرُقَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِمَا) كَمَطَرٍ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْحَرُّ، أَوْ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ كَالزَّحْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَطَوُّعًا) وَبَعْضُهُمْ قَالَ أَعَادَ فِي الْوَاجِبِ لَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ لِلطَّوَافِ مِنْ بَلَدِهِ) مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ بَلَدِهِ يَرْجِعُ لَهُ وَهُوَ يُعَارِضُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا مِمَّا لَا يَتَعَذَّرُ فِيهِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ السَّقَائِفُ فِي الصَّدْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 الْأَوَّلِ، ثُمَّ بَنَاهُ الْأَرْوَامُ عُقُودًا كَمَا هُوَ الْآنَ. ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الطَّوَافِ مُطْلَقًا شَرَعَ فِي بَقِيَّةِ أَقْسَامِهِ وَهِيَ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ: طَوَافُ قُدُومٍ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا، وَإِفَاضَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَوَدَاعٍ وَسَيَأْتِي فَالْأَوَّلُ وَاجِبٌ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ (ص) وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ (ش) أَيْ: إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ طَوَافُ الْقُدُومِ قَبْلَ عَرَفَةَ وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ وَكَذَا يَجِبُ كَوْنُ السَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ، فَقَوْلُهُ: كَالسَّعْيِ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْقَبْلِيَّةِ فَقَطْ، وَلَيْسَ تَشْبِيهًا تَامًّا إذْ طَوَافُ الْقُدُومِ لَيْسَ بِرُكْنٍ، وَالسَّعْيُ رُكْنٌ. (ص) إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ بِحَرَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ تَقْدِيمِ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحِلِّ وَأَنْ لَا يُرَاهِقَ وَأَنْ لَا يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِحَرَمٍ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ رَاهَقَ أَيْ: ضَاقَ الزَّمَنُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَخْشَى الْفَوَاتَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّوَافِ فَلَا طَوَافَ قُدُومٍ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ قَبْلِيَّةُ السَّعْيِ أَيْضًا لِوُجُوبِ إيقَاعِهِ عَقِبَ أَحَدِ طَوَافَيْ الْحَجِّ، وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمْ طَوَافُ الْقُدُومِ، وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُمْ قَبْلِيَّةُ السَّعْيِ فَإِنَّهُمْ يَسْعَوْنَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ الْبَاقِي مِنْ طَوَافَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) أَيْ: وَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا طَوَافَ قُدُومٍ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَسْعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَلَا دَمَ، قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فِيهِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ: وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَتَرَكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ إلَخْ شُرُوطٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا أَيْ: كَمَا يَجِبُ طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَيَصِحُّ فِي يُرَاهِقُ كَسْرُ الْهَاءِ وَفَتْحُهَا أَيْ: يُقَارِبُ الْوَقْتَ بِحَيْثُ يَخْشَى الْفَوَاتَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّوَافِ أَيْ: وَلَمْ يَضِقْ زَمَانُهُ. (ص) وَإِلَّا فَدَمٌ إنْ قَدَّمَ وَلَمْ يُعِدْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ خَالَفَ وَقَدَّمَ السَّعْيَ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ بَلْ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، أَوْ فَرْضٍ بِأَنْ نَذَرَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَدَمٌ إلَخْ الْمُزَاحِمُ إذَا تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَطَافَ وَسَعَى قَبْلَ عَرَفَةَ فَإِنَّ هَذَا لَا إعَادَةَ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِالْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ تَقَدُّمُ طَوَافٍ كَمَا يَأْتِي عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ فَقَالَ (ص) ثُمَّ السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً وَالْعَوْدُ أُخْرَى (ش) أَيْ: ثُمَّ الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّعْيُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِشُرُوطٍ: كَوْنِهِ سَبْعًا لَا أَنْقَصَ، وَكَوْنِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَوْنِ الْبَدْءِ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَمِنْ الْمَرْوَةِ إلَى   [حاشية العدوي] الْأَوَّلِ) أَيْ: فَالْمُرَادُ مَا كَانَ مَسْقُوفًا فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا السَّقَائِفُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ فَلَا يَجُوزُ الطَّوَافُ فِيهَا لِزَحْمَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا وَقَالَ فِي ك وَقَوْلُهُ: وَجَازَ بِسَقَائِفَ إلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ زَمَانِنَا هَذَا فَإِنَّ السَّقَائِفَ كَانَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالسَّقَائِفُ خَارِجَةٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَزِيدَةٌ فِيهِ فَالطَّوَافُ فِيهَا خَارِجُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ بَاطِلٌ، سَوَاءٌ كَانَ لِزَحْمَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا ا. هـ. مِنْ كَبِيرِهِ. (أَقُولُ) : إذَا كَانَتْ السَّقَائِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ اُشْتُرِطَ فِي الطَّوَافِ فِيهَا الزَّحْمَةُ فَهَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ السَّقَائِفُ الَّتِي فِي الْأَزْمِنَةِ السَّابِقَةِ بِمَثَابَةِ الرِّحَابِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ: سُنَّةٌ وَقِيلَ: رُكْنٌ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ) فَاعِلُ وَجَبَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْقُدُومِ ذِكْرٌ فَكَيْفَ يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: قَبْلَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ طَوَافٌ لِلْحَجِّ قَبْلَ عَرَفَةَ إلَّا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ عَرَفَةَ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ إلَخْ) أَيْ: فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ وُجُوبَ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي نَفْسِهِ لَا سُنِّيَّتِهِ وَوُجُوبُ قَبْلِيَّتِهِ لِعَرَفَةَ الَّذِي هُوَ وَجْهُ الشَّبَهِ هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا قِيلَ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُعْهَدْ تَرْتِيبٌ وَاجِبٌ بَيْنَ وَاجِبٍ وَسُنَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ تَشْبِيهًا تَامًّا) فِيهِ أَنَّ غَايَةَ مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ وُجُوبُ الْقَبْلِيَّةِ فَلَا يُعْقَلُ تَمَامٌ حَتَّى يَنْفِيَ فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا يَجِبُ طَوَافُ الْقُدُومِ فِي حَقِّ غَيْرِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَجْنُونٍ وَمَغْمِيٍّ عَلَيْهِ وَنَاسٍ إلَّا أَنْ يَزُولَ مَانِعُ كُلٍّ وَيَتَّسِعُ الزَّمَنُ فَيَجِبُ (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ) أَيْ: أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْفِعْلِ كَانَ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَاجِبًا كَالْآفَاقِيِّ الْقَادِمِ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ مَنْدُوبًا كَالْمُقِيمِ فِي مَكَّةَ إذَا كَانَ مَعَهُ نَفَسٌ مِنْ الْوَقْتِ وَخَرَجَ لِلْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ أَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْإِحْرَامُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ لَكِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيَ وَأَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ) أَيْ: لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) مِنْ ذَلِكَ نَاسٍ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ وَمَجْنُونٌ وَمَغْمِيٌّ عَلَيْهِ لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُمْ حَتَّى حَصَلَ الْوُقُوفُ أَيْ: أَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُمْ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: كَمَا يَجِبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَكُونُ قَبْلَ الْكَافِ (قَوْلُهُ: أَيْ: يُقَارِبُ الْوَقْتَ) هَذَا رَاجِعٌ لِقِرَاءَةِ الْكَسْرِ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ فَتُفَسَّرُ بِأَنَّهُ لَمْ يُزَاحِمْهُ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذَا لَا إعَادَةَ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَوَّحَ لِهَذَا بِقَوْلِهِ: إنْ قَدِمَ إذْ هَذَا لَمْ يَقْدُمْ، بَلْ أَوْقَعَهُ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ فِي الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: الْبَدْءُ مَرَّةً) حَالٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْبَدْءُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَرَّةً وَقَوْلُهُ وَالْعَوْدُ أُخْرَى الْعَوْدُ مُبْتَدَأٌ وَأُخْرَى خَبَرٌ كَذَا قِيلَ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ أُخْرَى حَالًا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَالْعَوْدُ إلَيْهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَرَّةً أُخْرَى كَأَنَّهُ يَحُومُ بِهَذَا عَلَى إفَادَةِ حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِابْتِدَاءَ مِنْ الصَّفَا، وَالثَّانِي أَنَّ الْبَدْءَ شَوْطٌ وَالْعَوْدَ شَوْطٌ آخَرُ وَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 الصَّفَا وَمِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ سَبْعًا فَلَوْ بَدَأَ مِنْ الْمَرْوَةِ أَلْغَى ذَلِكَ الشَّوْطَ وَإِلَّا صَارَ تَارِكًا لِشَوْطٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّوَافِ وَلَمْ نَجْعَلْهُ مَعْطُوفًا عَلَى الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعْطُوفَاتُ إذَا تَعَدَّدَتْ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَعْطُوفٍ غَيْرِ الْفَاءِ وَثُمَّ. (ص) وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ وَإِلَّا فَدَمٌ (ش) أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّعْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ أَيًّا كَانَ وَاجِبًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ لِلْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ، أَوْ رُكْنًا كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ، أَوْ تَطَوُّعًا كَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَطَوَافِ الْمُحْرِمِ مِنْ الْحَرَمِ وَالْمُرْدِفِ فِيهِ، فَلَوْ سَعَى مِنْ غَيْرِ طَوَافٍ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ السَّعْيُ بِلَا خِلَافٍ ابْنُ عَرَفَةَ. وَالْمَذْهَبُ شَرَطَ كَوْنَهُ بَعْدَ طَوَافٍ، لَكِنْ إنْ وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ فَيُسَنُّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْفَرْضَ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، أَوْ فَرْضٍ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْفَرْضَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ عَدَمَ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنَّهُ لَا يَسْعَى بَعْدَهُ، فَإِنْ سَعَى أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ إنْ لَمْ يَكُنْ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ وَإِلَّا فَاتَ طَوَافُ الْقُدُومِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إنْ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ وَيَسْعَى بَعْدَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَدَمٌ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَدَمٌ، وَقَوْلُهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: إنْ كَانَ مِنْ الْأَطْوَافِ الْفَرْضِ، وَلَا يُرِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ، وَفِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَدَمٌ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ عَدَمُ الْأَمْرِ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ، وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ شُرُوطَ الطَّوَافِ عَلَى الْعُمُومِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ طَوَافَ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا شَرَعَ يَذْكُرُ حُكْمَ مَا إذَا فَسَدَ الطَّوَافُ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ طَهَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنَّ الرُّجُوعَ يَجِبُ لِفَسَادِ أَحَدِ أَطْوَافِهِ ثَلَاثَةً لَا غَيْرُ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ حَرَمًا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ طَوَافًا غَيْرَ صَحِيحٍ بِأَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، أَوْ تَرَكَ الطَّوَافَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُحْرِمًا لِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى، وَإِنْ كَانَ حَلَقَ رَأْسَهُ   [حاشية العدوي] اللَّقَانِيِّ وَنَصْبُ مَرَّةٍ عَلَى الْحَالِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهَا وَجَمِيعَ أَخَوَاتِهَا مِنْ طَوْرًا أَوْ فَوْرًا وَتَارَةً مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَسَبْعًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَقَعَ خِلَافٌ فِي " مَرَّةً وَتَارَةً وَطَوْرًا " هَلْ هِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَوْ الْمَصْدَرِيَّةِ؟ أَيْ: فَعَلَى الظَّرْفِيَّةِ يَكُونُ مَرَّةً خَبَرًا وَالتَّقْدِيرُ الْبَدْءُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ كَائِنٌ فِي مَرَّةٍ، وَعَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ فَالْمَعْنَى الْبَدْءُ كَائِنٌ مِنْهُ كَيْنُونَةً مَرَّةً إلَخْ. (تَتِمَّةٌ) مِنْ شُرُوطِ السَّعْيِ مُوَالَاتُهُ فِي نَفْسِهِ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ كَصَلَاتِهِ أَثْنَاءَهُ عَلَى جِنَازَةٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ اشْتِرَائِهِ شَيْئًا، أَوْ جَلَسَ مَعَ أَحَدٍ أَوْ وَقَفَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ وَلَمْ يُطِلْ فَيَبْنِي مَعَهُ وَلَا يَنْبَغِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَثُرَ التَّفْرِيقُ لَمْ يَبْنِ وَابْتَدَأَهُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِيهِ لَمْ يَقْطَعْ بِخِلَافِ الطَّائِفِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَسْجِدِ وَعَدَمُ قَطْعِهِ فِيهِ طَعْنٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ فَفِي الْحَطَّابِ أَنَّ اتِّصَالَهُ بِالطَّوَافِ شَرْطٌ، وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ سُنَّةٌ، وَالصَّفَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْوَةِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مِنْهُ أَرْبَعٌ وَمِنْ الْمَرْوَةِ ثَلَاثٌ وَمَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَكْثَرُ فَهُوَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: وَنَوَى) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حَالِ الطَّوَافِ الَّذِي قَالَ فِيهِ وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ مَا حَالُ هَذَا الطَّوَافِ فَقَالَ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ فَلَا دَمَ وَإِلَّا فَالدَّمُ لَا لِلْعَطْفِ وَلَا لِلْحَالِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: فَرْضِيَّتَهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ قَالَ فِي ك وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْفَرْضَ أَيْ: الْوَاجِبَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى هَذَا الِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ وَهُوَ تَخْصِيصُ الْوَاجِبِ بِمَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَالْفَرْضُ بِالرُّكْنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ) أَيْ: أَرَادَ إيقَاعَهُ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ بِقَرِينَةٍ، قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْعَى بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ لُزُومَ الْإِتْيَانِ بِهِ فَإِنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ يَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى نَوَى وُجُوبَهُ، أَوْ فَرْضِيَّتَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، أَوْ فَرْضِيَّتَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَهُ السَّعْيُ وَلَا دَمَ، وَكَذَا لَوْ نَوَى سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ رُكْنٍ بَلْ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَهُ السَّعْيُ أَيْضًا وَلَا دَمَ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ تَرْكَهُ وَفِعْلَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ كَانَ مِنْ الطَّوَافِ النَّفْلِ الَّذِي لَا بُدَّ فِي السَّعْيِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ مِنْ دَمٍ حَيْثُ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ وَلَمْ يُعِدْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَعَى أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافٍ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَكَانَ مِنْ الْجَهَلَةِ الَّذِينَ لَا يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَهُ وَسَعَى بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَ الْقُدُومِ نَاوِيًا وُجُوبَهُ وَيُعِيدُ السَّعْيَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إلَخْ) هَذَا لَا يُنْتِجُ السُّنِّيَّةَ، بَلْ يُنْتَجُ الْوُجُوبَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْته ذَكَرَ فِي ك مَا نَصُّهُ وَصَرَّحَ السُّودَانِيُّ بِأَنَّ حُكْمَ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَاجِبٌ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي تَرْكِهَا الدَّمَ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمَا وَجَبَ بِتَرْكِهَا الدَّمُ وَنَصُّهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: فَرْضِيَّةَ ذَلِكَ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَقَوَّى ذَلِكَ مُحَشِّي تت قَائِلًا: إذْ السُّنَّةُ لَا تَنْجَبِرُ بِالدَّمِ إلَّا بِالتَّسَامُحِ فِي إطْلَاقِ السُّنَّةِ عَلَى الْوَاجِبِ الْمُنْجَبِرِ بِالدَّمِ (قَوْلُهُ: حَرَمًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ يُرَادُ مِنْهُ اسْمُ الْفَاعِلِ أَيْ: مُحْرِمًا وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الطَّوَافَ كُلَّهُ) هَذِهِ يَصْدُقُ بِهَا الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَافْتَدَى لِحَلْقِهِ) وَأَعَادَهُ إنْ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِتَأْخِيرِهِ،، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَسَدَتْ فَيُتِمُّهَا، ثُمَّ يَقْضِيهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ وَيَفْتَدِي وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءَ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلُبْسِهِ، أَوْ طِيبِهِ وَيَجْرِي الِاتِّحَادُ وَالتَّعَدُّدُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ، قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ بِمَا إذَا لَمْ يَتَطَوَّعْ بِطَوَافٍ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ، وَلَا يَرْجِعُ كَمَا قِيلَ فِي الْإِفَاضَةِ كَمَا يَأْتِي وَلَكِنْ عَلَيْهِ هُنَا دَمٌ إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ غَيْرِ فَرْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ وَإِلَّا فَدَمٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُدُومِ. (ص) ، وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِحَجٍّ فَقَارِنٌ (ش) أَيْ: وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الطَّوَافِ غَيْرِ الصَّحِيحِ فَهُوَ قَارِنٌ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْفَاسِدَ كَالْعَدَمِ فَالْإِحْرَامُ حِينَئِذٍ وَاقِعٌ قَبْلَ الطَّوَافِ وَحَيْثُ وَقَعَ قَبْلَهُ يَكُونُ قَارِنًا وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ السَّعْيِ وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِحَجٍّ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَكَانَ تَحَلُّلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ تَحَلُّلًا مِنْ الْأُولَى وَقَالَهُ سَنَدٌ (ص) كَطَوَافِ الْقُدُومِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ لَا فِي صِفَتِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ، وَقَدْ أَوْقَعَ السَّعْيَ بَعْدُ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ حَلَالًا لَكِنَّ الرُّجُوعَ هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ لِطَوَافِ الْقُدُومِ، بَلْ لِلسَّعْيِ فَلِهَذَا قَالَ (إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ) عَلَيْهِ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى السَّعْيِ، بَلْ أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَيْ: أَوْ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ لَمْ يَرْجِعْ لِلطَّوَافِ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ. (ص) وَالْإِفَاضَةُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ نَسِيَهُ، أَوْ بَعْضَهُ حَتَّى وَصَلَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ وُجُوبًا حَلَالًا إلَّا أَنْ يَكُونَ طَافَ بَعْدَهُ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَلَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَاتِ الْحَجِّ تُجْزِئُ عَنْ وَاجِبِ جِنْسِهَا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا دَمَ) لِمَا تَرَكَ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ لَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَكَذَا بَقِيَّةُ أَفْعَالِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهَا كَمَا يَنْسَحِبُ إحْرَامُ الصَّلَاةِ عَلَى أَفْعَالِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ نِسْيَانًا، أَوْ عَمْدًا وَعَلَيْهِ حَمْلُهُ ح وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ حَمْلَهُ عَلَى النِّسْيَانِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ فِي بَابِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ: " لَا خِلَافَ فِيمَا إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْإِفَاضَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ " اهـ. قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: كَطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ إلَخْ، وَلِقَوْلِهِ: وَالْإِفَاضَةُ، وَكَذَا، قَوْلُهُ: (حِلًّا إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَكُرِهَ الطِّيبُ) أَيْ: مَنْ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِطَوَافٍ بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُ الطَّوَافِ الرُّكْنِيِّ وَسَعَى بَعْدَ ذَلِكَ الطَّوَافِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ إذَا بَعُدَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَلَا يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُدُومِ) قَالَ فِي ك فَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ غَيْرَ خَاصٍّ بِالْإِفَاضَةِ أَيْ: أَنَّهُ إذَا كَانَ طَوَافُ الْقُدُومِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَكِنْ قَدْ سَعَى بَعْدَهُ، ثُمَّ طَافَ تَطَوُّعًا وَسَعَى بَعْدَهُ فَيُجْزِئُ وَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ) مَفْهُومُهُ أَحْرَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَكُون مُتَمَتِّعًا) أَيْ: إنْ حَلَّ مِنْ عَرَفَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: لَكَانَ تَحَلُّلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ تَحَلُّلًا مِنْ الْأُولَى) أَيْ:؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الثَّانِيَةَ انْعَقَدَتْ فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ لَا فِي صِفَتِهِ) أَيْ: الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ حَرَمًا وَهُنَا يَرْجِعُ حِلًّا (قَوْلُهُ: بَلْ أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ) أَيْ: قُدِّرَ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَأَوْلَى إذَا تَذَكَّرَ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَاسِدٌ فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَهَا ثُمَّ يَسْعَى فَيُتِمَّ تَحَلُّلَهُ مِنْ الْحَجِّ، قَالَ بَعْضٌ: وَيَنْوِي بِطَوَافِهِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ قَبْلَ السَّعْيِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَاتَ مَحَلُّهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَزِمَهُ إعَادَةُ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَلَمَّا لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِهَا بَطَلَ طَوَافُهَا فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَصَارَ كَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ) ظَاهِرُهُ إجْزَاءُ التَّطَوُّعِ عَنْ الْفَرْضِ، سَوَاءٌ رَجَعَ لِبَلَدِهِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ طُلِبَ بِالْإِعَادَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّ إجْزَاءَ التَّطَوُّعِ عَنْ غَيْرِهِ خَاصٌّ بِالْحَجِّ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ هَلْ يَنُوبُ طَوَافُ التَّطَوُّعِ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ؟ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ لِمَا تَرَكَ مِنْ النِّيَّةِ) أَيْ: أَنَّ هَذَا التَّطَوُّعَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ لَمْ يُلَاحِظْ أَنَّهُ فَرْضٌ، بَلْ لَاحَظَ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ (قَوْلُهُ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ) أَيْ: مُلَاحِظًا أَنَّهُ وَدَاعٌ (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ) هَذَا خِلَافُ مَا أَفَادَهُ أَوَّلًا مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ: وَالْإِفَاضَةُ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَعَادَ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ (قَوْلُهُ: حِلًّا) فَيَكْمُلُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجَدِّدُ إحْرَامًا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا يُلَبِّي فِي طَرِيقِهِ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ قَدْ انْقَضَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إنْ كَانَ طَافَهَا ثُمَّ يَسْعَى بَعْدَهُ وَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ إفَاضَتِهِ يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حَلَقَ بِمِنًى فَإِنْ قِيلَ الرُّجُوعُ حِلًّا يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ دُخُولُ مَكَّةَ حَلَالًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا حِلٌّ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَصْغَرَ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ الْأَكْبَرَ؛ لِأَنَّ الْإِفَاضَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَلَالٌ حُكْمًا وَغَيْرُ حِلٍّ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَالصَّيْدُ وَيُكْرَهُ الطِّيبُ (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) فَإِنَّهُ يَجْتَنِبُهُمَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّهُمَا إلَّا التَّحَلُّلَ الْأَكْبَرَ الَّذِي هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الطِّيبُ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ وَهُوَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَتَحَلُّلُهُ لَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِحْرَامِ بِالْكُلِّيَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ حَلَالًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ طَوَافُهُ بَطَلَ سَعْيُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وُجُوبًا حِلًّا حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَلِّلُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ، وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ، وَأَمَّا مَسُّ الطِّيبِ فَيُكْرَهُ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي مَسِّهِ، فَقَوْلُهُ: حِلًّا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَ أَيْ: رَجَعَ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ الْكَافِ. (ص) وَاعْتَمَرَ وَالْأَكْثَرُ إنْ وَطِئَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ، أَوْ إفَاضَتِهِ وَرَجَعَ حَلَالًا وَأَكْمَلَ كُلَّ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ، سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ زَادَ وَيُهْدِي وَقِيلَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ وَطِئَ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لِأَجْلِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّوَافِ بِتَقْدِيمِ الْوَطْءِ فَأَمَرَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافٍ صَحِيحٍ لَا وَطْءَ قَبْلَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ اُنْظُرْ وَجْهُهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَرْكَانِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ الْمُخْتَصِّ بِالْحَجِّ فَقَالَ (ص) وَلِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ (ش) أَيْ: وَالرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُخْتَصُّ بِالْحَجِّ خَاصَّةً دُونَ الْعُمْرَةِ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مِنْ الْوُقُوفِ مَعْنَاهُ لُغَةً، بَلْ مُطْلَقُ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْكَوْنُ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَ وَاقِفًا أَوْ جَالِسًا، أَوْ مُضْطَجِعًا وَكَيْفَمَا تَصَوَّرَ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " حُضُورُ "، وَإِنَّمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ الْوُقُوفَ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِمَوْضِعٍ مِنْهَا فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ إذَا وَقَفَ مَعَ النَّاسِ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُ جَمِيعَهَا فَقَالَ: " جُزْءِ " عَرَفَةَ الدَّالِّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْحُضُورِ فِي أَيٍّ كَانَ مِنْهَا، وَإِضَافَةُ " حُضُورُ " إلَى " جُزْءِ " عَلَى مَعْنَى فِي، وَإِضَافَةُ " جُزْءِ إلَى عَرَفَةَ عَلَى مَعْنَى مِنْ أَيْ: الْكَوْنُ فِي جُزْءٍ مِنْ عَرَفَةَ أَيِّ جُزْءٍ مِنْ عَرَفَةَ أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا، لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ وَيُكْرَهُ الْبُعْدُ عَنْهُمْ وَأَنْ يَقِفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ؛ وَالْقُرْبُ مِنْ الْهِضَابِ حَيْثُ يَقِفُ الْإِمَامُ أَفْضَلُ، وَالْهِضَابُ جَمْعُ هَضْبَةٍ بِوَزْنِ تَمْرَةٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ الْجَبَلُ الْمُنْبَسِطُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ جَبَلٌ خُلِقَ مِنْ صَخْرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ الْجَبَلُ الطَّوِيلُ الْمُتَمَنِّعُ الْمُنْفَرِدُ قَالَ ابْنُ مُعَلَّى: وَاسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ الْوُقُوفَ حَيْثُ وَقَفَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمَفْرُوشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَةَ، ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: " وَلِلْحَجِّ " لِلِاسْتِئْنَافِ، وَلِلْحَجِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ: رَجَعَ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ الْكَافِ) أَيْ: رَجَعَ مَنْ فَسَدَ طَوَافُ قُدُومِهِ، وَقَدْ سَعَى بَعْدَهُ، أَوْ فَسَدَ طَوَافُ إفَاضَتِهِ وُجُوبًا أَيْ: وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ رَجَعَ الْمُصَرِّحُ بِهِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ حَرَمًا. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَرَجَعَ إلَى هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بَيْنَ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لِنُسُكِهِ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ زَادَ وَيُهْدِي إلَخْ) ، أَمَّا إذَا أَصَابَ النِّسَاءَ كَمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْهَدْيُ ظَاهِرٌ وَلِذَا نَصَّتْ عَلَى الْهَدْيِ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ النِّسَاءَ فَظَاهِرُ عَدَمِ الدَّمِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ الْهَدْيُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سَعْيِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْحَرَمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْإِفَاضَةِ لِلْمُحْرِمِ مُوجِبٌ لِلْهَدْيِ وَهَذَا مُرْتَضَى الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لِأَجْلِ الْخَلَلِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعُمْرَةَ تُوجِبُ لِنَفْسِهَا طَوَافًا أَيْضًا فَلَا يَقَعُ الْجَبْرُ لَهَا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهَا لِأَجْلِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي طَوَافِ الْحَجِّ فَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجِبْ طَوَافًا لِنَفْسِهَا، وَفِي مُرَاعَاةِ مَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ نَظَرٌ لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَى مَنْ هُوَ خَارِجُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ) وَجْهُ الشَّيْءِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَطِئَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطَأْ فَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَاعْتَمَرَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ، سَوَاءٌ وَطِئَ أَمْ لَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ أَنَّ وَطِئَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ قَالَ بِعَدَمِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ: وَاعْتَمَرَ إنْ وَطِئَ وَالْأَكْثَرُ عَدَمُهَا لَوَافَقَ الْمَذْهَبَ قَالَ الْحَطَّابُ: وَجُلُّ النَّاسِ هُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَالْمُرَادُ بِالْجُلِّ خَارِجُ الْمَذْهَبِ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت: إنَّ الْخِلَافَ فِي الْعُمْرَةِ مَعَ الْوَطْءِ، مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إثْبَاتُهَا وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَنْ مَعَهُ نَفْيُهَا، أَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ فَلَا مُوجِبَ لِلْعُمْرَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ فِيمَا نَعْلَمُ . (قَوْلُهُ: أَيْ: وَالرُّكْنُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَهِيَ وَرُكْنُهُمَا الْإِحْرَامُ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ الْوُقُوفَ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُطْلَقُ الْكَوْنِيَّةِ (قَوْلُهُ: فُضِّلَ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ: مُقْتَضٍ لِوُجُوبِ الْمُكْثِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيٍّ) أَيْ: أَيُّ جُزْءٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ حُضُورِ إلَى جُزْءٍ إلَخْ) وَلَوْلَا جَعْلُهَا بِمَعْنَى " فِي " لَوَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاقِفَ فِي الْهَوَاءِ فِي عَرَفَةَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْأَرْضِ، أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا، أَوْ شَاهَدَ عَرَفَةَ وَهُوَ فِي الْحَرَمِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْحُضُورَ ضِدُّ الْغَيْبَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُشَاهَدَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَعْنَى مَنْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا بِمَعْنَى اللَّامِ لَا بِمَعْنَى مَنْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْمُضَافِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ كَيَدِ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبُعْدُ عَنْهُمْ) ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمُنْفَرِدَةَ أَكِيلَةُ السَّبْعِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقِفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ أَيْ: يَقِفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ لَا فِي أَرْضِهَا (قَوْلُهُ وَالْقُرْبُ إلَخْ) هَذَا يَكُونُ مُسْتَحَبًّا ثَالِثًا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ) أَيْ: الْهَضْبَةُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ، أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَانْظُرْ مَا الْوَاقِعُ هُنَا وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهَا كُلُّهَا فِي مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ غَيْرُ الْهَضَبَاتِ فَيَتَعَارَضُ الْحَالُ حَيْثُ إنَّهُ أَوَّلًا جَعَلَ الْقُرْبَ مِنْ الْهَضَبَاتِ أَفْضَلَ، وَهُنَا جَعَلَ الْمُسْتَحَبَّ الْقُرْبَ مِنْ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ الرَّسُولُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَقَفَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ: وَحُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ رُكْنٌ لِلْحَجِّ. (ص) سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ (ش) الْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةُ أَيْ: لَحْظَةٌ مِنْ الزَّمَانِ لَا السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ، ثُمَّ يَصِحُّ فِي سَاعَةٍ التَّنْوِينُ وَالْإِضَافَةُ وَهِيَ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ أَيْ: سَاعَةٌ مَنْسُوبَةٌ لِلَيْلَةِ النَّحْرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْإِجْزَاءِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ، أَوْ قَبْلَهُ لَكِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَدْفَعَ بَعْدَ دَفْعِهِ، وَلَوْ نَفَرَ شَخْصٌ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى غَابَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَيْلَةَ النَّحْرِ أَنَّ مَنْ وَقَفَ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ لَمْ يُجْزِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، أَمَّا وُقُوفُهُ نَهَارًا مَعَ الْإِمَامِ فَوَاجِبٌ، يُجْبَرُ بِالدَّمِ إذَا تَرَكَهُ وَفِي عِبَارَةٍ لِبَعْضِهِمْ: وَالْوُقُوفُ نَهَارًا أَيَّ جُزْءٍ مِنْهُ كَالْوُقُوفِ لَيْلًا، وَهُوَ وَاجِبٌ فَيُجْبَرُ بِالدَّمِ أَيْ: حَيْثُ تَرَكَهُ عَمْدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَوَقْتُهُ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ (ص) ، وَلَوْ مَرَّ أَنْ نَوَاهُ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي حُضُورُ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي مَرَّ عَائِدٌ عَلَى الْحَاضِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ حُضُورٍ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ضَمِيرُ نَوَاهُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الْحَاضِرِ، وَالْبَارِزُ عَلَى الْحُضُورِ أَيْ: إجْزَاءُ الْمَارِّ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَارُّ الْحُضُورَ وَهُنَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: لَا الْجَاهِلُ أَيْ: إنْ نَوَى الْحَاضِرُ الْعَارِفُ لَا الْجَاهِلُ فَقَوْلُهُ: " لَا الْجَاهِلُ: مَعْطُوفٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ، وَإِنَّمَا طُلِبَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْمَارِّ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ وَقَفَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِعْلُهُ لَا يُشْبِهُ فِعْلَ الْحَاجِّ فِي الْوُقُوفِ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ مَنْ وَقَفَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ انْدَرَجَ فِيهَا الْوُقُوفُ كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ. (ص) ، أَوْ بِإِغْمَاءٍ قَبْلَ الزَّوَالِ (ش) مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَرَّ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ إلَى الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ أَيْ: وَلَوْ حَصَلَ مَعَ إغْمَاءٍ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَمَّا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَالْإِجْزَاءُ بِاتِّفَاقٍ قَالَ بَعْضٌ: وَانْظُرْ لَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا حَتَّى غَابَ، أَوْ أَطْعَمَهُ لَهُ أَحَدٌ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَهُوَ كَالْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَلَا يُجْزِئُهُ كَالْجَاهِلِ بَلْ أَوْلَى (ص) أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ بِعَاشِرٍ فَقَطْ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يُجْزِئُ إذَا أَخْطَأَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ الْجَمُّ أَيْ: جَمَاعَةُ أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْقِعْدَةِ فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ وَوَقَفُوا فَوَقَعَ وُقُوفُهُمْ بِعَاشِرٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَتَنْقَلِبُ جَمِيعُ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَيَكُونُ كَمَنْ لَمْ يَخُطَّ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي: قَوْلَهُ: الْجَمُّ، وَقَوْلَهُ: بِعَاشِرٍ فَاحْتَرَزَ بِهِ فِي الْأُولَى عَنْ خَطَأِ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ وَأَوْلَى الْمُنْفَرِدُ فَلَا يُجْزِئُهُ، وَيَلْزَمُهُ إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ مَا يَلْزَمُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَاحْتَرَزَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ أَنْ يَقَعَ وُقُوفُهُمْ فِي الثَّامِنِ فَلَا يُجْزِئُهُمْ. (ص) لَا الْجَاهِلُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ جَاهِلًا بِهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَيْ: وَلَوْ نَوَى الْوُقُوفَ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِالْقُرْبَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ أَنَّ مَعَ الْجَاهِلِ ضَرْبًا مِنْ التَّفْرِيطِ وَالْإِغْمَاءُ أَمْرٌ غَالِبٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَهْلَ بِعَرَفَةَ إنَّمَا يَضُرُّ الْمَارَّ، وَأَمَّا مَنْ وَقَفَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِهَا وَهَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح وز. (ص) كَبَطْنِ عَرَفَةَ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فِي بُطْلَانِ الْوُقُوفِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ وَقَفَ فِي بَطْنِ عُرَنَةَ وَهِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الصَّوَابِ وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ عَرَفَةَ وَالْعَلَمَيْنِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ) الْقُرْطُبِيُّ فِي سُورَةِ الْفَجْرِ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ يَوْمٍ لَيْلَةً قَبْلَهُ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ لَيْلَةً قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ لَهُ لَيْلَتَانِ: لَيْلَةٌ قَبْلَهُ، وَلَيْلَةٌ بَعْدَهُ فَمَنْ أَدْرَكَ الْمَوْقِفَ لَيْلَةً بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ لِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ: التَّنْوِينُ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ بِتَمَامِهَا فَلَا يَكْفِي بَعْضُهَا (قَوْلُهُ لَكِنَّ السُّنَّةَ) أَيْ: الطَّرِيقَةَ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ) أَيْ: إذَا عَرَّفَهَا وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِعَدَمِ الطُّمَأْنِينَةِ (قَوْلُهُ: كَالْوُقُوفِ لَيْلًا) أَيْ: فِي الطَّلَبِ الْمُحَتَّمِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ: لَا لِعُذْرٍ كَمُرَاهِقٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ وَقَفَ) أَيْ: فَفِعْلُهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْحَاجِّ بَلْ فِعْلُهُ فِعْلُ الْحَاجِّ أَيْ: غَيْرُهُ وَإِلَّا فَهُوَ حَاجٌّ أَيْ: فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ،. وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ تَعْلِيلٌ لِلْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ قَوْلُنَا فَلَا يَحْتَاجُ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ انْدَرَجَ فِيهَا أَيْ: وَلَمْ يَنْدَرِجْ فِيهَا مَا لَا يُشْبِهُ فِعْلُهُ فِعْلَ الْحَاجِّ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَوْ حَصَلَ) أَيْ: الْحُضُورُ وَمِثْلُ الْإِغْمَاءِ النَّوْمُ كَذَا فِي الْحَطَّابِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّوْمُ أَيْ: قَبْلَ اللَّيْلِ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ نَائِمٌ فِي عَرَفَةَ وَيَكْفِي ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا) كَلَامُ تت يُفِيدُ أَنَّ هَذَا النَّظَرَ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ بِعَاشِرٍ) أَيْ: فِي عَاشِرٍ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي لَا أَنَّهَا سَبَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ فِي الْعَاشِرِ مُسَبَّبٌ عَنْ الْخَطَأِ لَا سَبَبٌ لَهُ أَيْ: وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِالْفِعْلِ لَا إنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوُقُوفِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ لَا كَمَا قَالَ عج، وَمَنْ تَبِعَهُ أَيْ: وَعَلَى كُلٍّ الدَّمُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ عَمَّ إلَخْ) أَيْ: أَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يَرَوْا فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ ذِي الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ وَقَفُوا فِي التَّاسِعِ فِي ظَنِّهِمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ فِي عَدِّهِمْ، أَمَّا لَوْ أَخْطَئُوا فِي الْعَدَدِ بِأَنْ عَلِمُوا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ الشَّهْرِ ثُمَّ نَسُوهُ فَوَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُمْ، وَأَمَّا مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُقُوفُ فِي وَقْتِهِ كَالصَّوْمِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِمُنْفَرِدٍ إلَّا كَأَهْلِهِ، وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ أَنْ يَقَعَ وُقُوفُهُمْ فِي الثَّامِنِ إلَخْ) وَلَمْ يَذْكُرُوا خَطَأَهُمْ فِي التَّاسِعِ لِيُعِيدُوا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِالْقُرْبَةِ) أَيْ: بِمَوْضِعِ الْقُرْبَةِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي صُورَةِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَارٍّ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الصَّوَابِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ مِنْ ضَمِّهِمَا وَمَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ ضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ الْحَرَمِ فَلَيْسَتْ عُرَنَةُ مِنْ عَرَفَةَ، وَلَا مِنْ الْحَرَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلَمَّا كَانَ بَطْنُ عُرَنَةَ قَدْ يُفَسَّرُ بِالْوَادِي كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يُفَسَّرُ بِالْمَسْجِدِ كَمَا فَسَّرَهُ فِي الْجَلَّابِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهِمَا، سَوَاءٌ أَشَارَ إلَى مُغَايَرَةِ حُكْمِهِمَا بِقَوْلِهِ: (ص) وَأَجْزَأَ بِمَسْجِدِهَا يُكْرَهُ (ش) أَيْ: وَأَجْزَأَ الْوُقُوفُ بِمَسْجِدِ عُرَنَةَ يُكْرَهُ لِلشَّكِّ هَلْ هُوَ مِنْ عَرَفَةَ أَمْ لَا قَالَ فِي مَنْسَكِهِ: وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُحَمَّدٌ، يُقَالُ: إنَّ حَائِطَ مَسْجِدِ عُرَنَةَ الْقِبْلِيَّ عَلَى حَدِّ بَطْنِهَا وَلَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ فِي عُرَنَةَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَإِنَّمَا كُرِهَ الْوُقُوفُ فِي مَسْجِدِ عُرَنَةَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحِلِّ لِاحْتِمَالِ إدْخَالِ جُزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ فِيهِ فَإِنَّ حَائِطَهُ الْقِبْلِيَّ، وَهُوَ الَّذِي جِهَةُ مَكَّةَ إذَا سَقَطَ سَقَطَ فِي عُرَنَةُ بِالنُّونِ وَبِالْفَاءِ تَصْحِيفٌ. (ص) وَصَلَّى، وَلَوْ فَاتَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَاجَّ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا إذَا قَرُبَ مِنْ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ عِشَاءُ لَيْلَتِهِ إنْ ذَهَبَ إلَى عَرَفَةَ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنْ تَرَكَ الذَّهَابَ إلَى عَرَفَةَ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّى الرَّكْعَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِتَقَعَ الْعِشَاءُ أَدَاءً؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَبَعٌ لِمَا فِيهِ، وَلَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَرَافِيُّ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَشَهَرَهُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَقْدِيمَ الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ مُرَاعَاةَ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ؛ وَلِأَنَّ مَا لَا يُقْضَى إلَّا مِنْ بُعْدٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى مَا يُقْضَى بِسُرْعَةٍ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ قَوْلُ الْأَقَلِّ وَجُلُّ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْوُقُوفِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَلَوْ فَاتَتْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحَاضِرَةِ، وَأَمَّا الْفَائِتَةُ فَيُقَدَّمُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَرْكَانِ شَرَعَ فِيمَا يُسَنُّ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَابْتَدَأَ بِسُنَنٍ أَوَّلُهَا، وَهُوَ الْإِحْرَامُ فَقَالَ: (ص) وَالسُّنَّةُ غُسْلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ لِكُلِّ إحْرَامٍ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِهِمَا أَوْ مُطْلَقٍ وَلَوْ كَإِحْرَامٍ زِيدَ أَرْبَعٌ: أَحَدُهَا غُسْلٌ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَجَعَلَ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ قَوْلَهُ (مُتَّصِلٌ بِالْإِحْرَامِ) كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ فِي اتِّصَالِهِ بِالرَّوَاحِ مِنْ تَتِمَّةِ السُّنَّةِ قَبْلَهُ؛ وَقَيْدًا فِيهَا، فَلَوْ اغْتَسَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَأَحْرَمَ مِنْ عَشِيَّةٍ لَمْ يُجْزِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا لَوْ اغْتَسَلَ غُدْوَةً وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الظُّهْرِ وَجَعَلَهُ بَعْضَ سُنَّةٍ ثَانِيَةٍ أَيْ: يُسَنُّ الْغُسْلُ وَيُسَنُّ اتِّصَالُهُ فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِفِعْلٍ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْإِحْرَامِ قَالَ: وَجَعْلُهُ قَيْدًا فِي الْغُسْلِ يَصِيرُ السُّنِّيَّةُ مُنَصَّبَةً عَلَى الِاتِّصَالِ فَلَا يُفِيدُ كَلَامُهُ حُكْمَ الْغُسْلِ مِنْ أَصْلِهِ اهـ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا دَمَ) إلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْغُسْلَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (ص) وَنُدِبَ بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَوْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ غُسْلَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَمْضِي ذَاهِبًا عَلَى الْفَوْرِ لَابِسًا لِثِيَابِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا نَزَعَ ثِيَابَهُ وَتَجَرَّدَ مِنْهَا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (ص) وَلِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ مَكَّةَ بِطَوًى وَلِلْوُقُوفِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُتَّصِلًا بِدُخُولِهَا أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ فَلَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ بَاتَ خَارِجَهَا لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ وَلِمَطْلُوبِيَّةِ اتِّصَالِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا مِنْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُنْتِجُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ إبْرَاهِيمَ) قَالَ الْقَرَافِيُّ اُخْتُلِفَ فِي إبْرَاهِيمَ فَقِيلَ: هُوَ الْخَلِيلُ وَقِيلَ: إبْرَاهِيمُ الْخَيَّاطِ. (قَوْلُهُ: يُقَالُ أَنَّ حَائِطَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلشَّكِّ (قَوْلُهُ: لَسَقَطَ فِي عُرَنَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَهَكَذَا النَّقْلُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ الْقِبْلِيُّ الْمُرَادُ الْقِبْلِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَكَّةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيَنْتَهِي آخِرُهُ لِحَدِّ عَرَفَةَ وَأَوَّلُ عُرَنَةَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْحَرَمِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ . (قَوْلُهُ وَصَلَّى) الْعِشَاءَ، أَوْ الْمَغْرِبَ إذَا خَشِيَ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا، أَوْ مِنْ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ لِعَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى) الْعِشَاءَ (وَلَوْ فَاتَ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ، سَوَاءٌ قِيلَ بِالتَّرَاخِي، أَوْ قِيلَ بِالْفَوْرِ (قَوْلُهُ: وَجُلُّ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ) أَيْ: أَقْوَالُهُ الْمُتَسَاوِيَةُ وَجَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِينَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَائِتَةُ) إذَا تَذَكَّرَهَا وَوَقْتُهَا وَقْتُ تَذَكُّرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ (قَوْلُهُ: مِنْ تَتِمَّةِ السَّنَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: شَرْطٌ فِي السَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اغْتَسَلَ غُدْوَةً إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ فَمَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ فَصْلًا كَثِيرًا ضُرٌّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ بَعْضٌ إلَخْ) الصَّوَابُ الْأَوَّلُ دُونَ هَذَا كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت وَهَذَا الْبَعْضُ هُوَ الْبِسَاطِيُّ قَالَ سَنَدٌ: وَلَوْ اشْتَغَلَ بَعْدَ غُسْلِهِ بِشَدِّ رَحْلِهِ وَإِصْلَاحِ بَعْضِ جِهَازِهِ أَجْزَأَهُ وَيُجْزِئُ عَنْهُ وَعَنْ الْجَنَابَةِ غُسْلٌ وَاحِدٌ كَمَا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: غُسْلٌ عَدَمُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ لَا دَمَ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا دَمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ بَعْضَ السُّنَنِ لَمَّا كَانَ فِيهِ الدَّمُ كَالتَّلْبِيَةِ نَصَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ دَمٌ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ بِالْمَدِينَةِ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: مُتَّصِلٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ، أَوْ يُنْدَبُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَا يُطْلَبُ فِي حَقِّهِ الِاتِّصَالَ، بَلْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَزْعَ الثِّيَابِ وَالتَّجَرُّدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَلِدُخُولِ إلَخْ) وَلَا يَتَدَلَّكُ فِي هَذَيْنِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَتَدَلَّكُ إلَّا أَنَّ الدَّلْكَ يَكُونُ خَفِيفًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ: بِطَوًى) بِفَتْحِ الطَّاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ) فَإِنْ أَخَّرَهُ وَاغْتَسَلَ بَعْدَ دُخُولِهِ لَمْ يُجْزِهِ (قَوْلُهُ: والْمَطْلُوبِيَّةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ إيقَاعَهُ بِطَوًى يُفِيدُ اتِّصَالَهُ الَّذِي هُوَ مَطْلُوبٌ مَعَ أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 بِدُخُولِهَا يُسْتَحَبُّ إيقَاعُهُ بِطَوًى أَنْ مَرَّ بِهَا وَإِلَّا فَمِنْ مِقْدَارِ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا كَانَ الْغُسْلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ إلَّا مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الطَّوَافُ لَا حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَيُنْدَبُ أَيْضًا الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مُتَّصِلًا بِوُقُوفِهِ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ مُقَدَّمًا عَلَى الصَّلَاةِ وَيُطْلَبُ بِهِ كُلُّ وَاقِفٍ، وَلَوْ حَائِضًا وَنُفَسَاءَ سَنَدٌ، وَلَوْ اغْتَسَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ لَمْ يُجْزِهِ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَلِلْوُقُوفِ مُسْتَحَبٌّ هُوَ الرَّاجِحُ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ح وَدَرَجَ عَلَيْهِ ز فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَدَرَج عَلَيْهِ الشَّارِحُ وتت، وَفِي كَلَامِهِمَا شَيْءٌ، ثُمَّ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِهِمَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ إلَخْ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: وَالسُّنَّةُ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ لِلْإِحْرَامِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ إلَخْ وَعَلَى الرَّاجِحِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بِالْمَدِينَةِ، هَذَا وَلَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ أَنَّ وُقُوعَهُ بِطَوًى مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ فَلَوْ قَالَ وَبِطَوًى بِحَرْفِ الْعَطْفِ لَأَفَادَ هَذَا (ص) وَلُبْسُ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَبَرِ فِي قَوْلِهِ: وَالسُّنَّةُ غُسْلٌ أَيْ: وَالْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ سُنَّةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّجَرُّدَ مِنْ الْمَخِيطِ وَاجِبٌ، وَالْإِزَارُ مَا يُشَدُّ بِالْوَسَطِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَرِدَاءٌ، لَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ الْإِزَارُ الْمِلْحَفَةُ وَيُؤَنَّثُ وَنَعْلَيْنِ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ كَنِعَالِ التَّكْرُورِ الَّتِي لَهَا عَقِبٌ يَسْتُرُ بَعْضَ الْقَدَمِ وَقَالَ ز الْمُرَادُ بِالنَّعْلَيْنِ الْحَدْوَةُ وَالْمَدَاسُ، وَأَمَّا الزُّرْمُوجَةُ وَالصَّرَارَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهِيَ التَّاسُومَةُ فَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُمَا إلَّا لِضَرُورَةٍ وَحِينَئِذٍ يَفْتَدِي اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ عَرْضُ السَّاتِرِ فِيهَا كَالْقَبْقَابِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ ثُمَّ إشْعَارُهُ (ش) أَيْ: وَمِنْ السُّنَّةِ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ الَّذِي مَعَهُ تَطَوُّعًا، أَوْ لِمَا مَضَى، وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا يُقَلَّدُ إلَّا بَعْدَهُ كَمَا قَالَ: وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ، ثُمَّ إشْعَارُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّجْلِيلَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ جَعَلَهُ مِنْ سُنَنِهِ، وَقَالَ: إنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: تَقْلِيدٍ، وَإِشْعَارٍ وَرُكُوعٍ، بَلْ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُحْرِمِ تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ وَتَقْدِيمُهُمَا عَلَى الرُّكُوعِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لَمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ تَأْخِيرِهِمَا عَنْهُ، قَوْلُهُ: وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ أَيْ: مَا شَأْنُهُ التَّقْلِيدُ، وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ لَا الْغَنَمُ كَمَا يَأْتِي فَيُحْمَلُ أَوَّلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا يُطَابِقُ آخِرَهُ. (ص) ثُمَّ رَكْعَتَانِ (ش) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السُّنَّةَ الْإِحْرَامُ عَقِبَ نَفْلٍ وَلِذَا قَالَ (وَالْفَرْضُ مُجْزٍ) وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي   [حاشية العدوي] لَا يَلْزَمُهُ مِنْ إيقَاعِهِ بِطَوًى اتِّصَالُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَغْتَسِلَ بِطَوًى وَيَجْلِسَ فِيهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَرْبَاضِ مَكَّةَ كَمَا فِي بَهْرَامَ أَمْ الْوَسَطِ أَيْ: الْبُيُوتِ الَّتِي خَلَفَ السُّورِ وَشَأْنُ مَنْ كَانَ فِيهَا الدُّخُولُ ظَهَرَ أَنَّ إيقَاعَهُ بِطَوًى يُفِيدُ اتِّصَالَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمَا يَغْتَسِلَانِ لِدُخُولِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَرِدَاءً) يَجْعَلُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَا يَضُرُّ الْمِئْزَرُ الْفِلْقَتَانِ الْمَخِيطُ سَوَاءٌ وَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ، أَوْ وَسَطِهِ (قَوْلُهُ: الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ) أَيْ: فَإِنْ فَعَلَ غَيْرَهَا كَالْتِحَافِهِ بِرِدَاءٍ، أَوْ كِسَاءٍ أَجْزَأَ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّجَرُّدَ مِنْ الْمَخِيطِ وَاجِبٌ) فِيهِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ أَنْ يَقُولَ: فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَهَا وَاجِبٌ لَكِنَّك لَا تَرَى بَعْضَهَا وَاجِبًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: أَنَّ السُّنَّةَ لَيْسَ مَا ذُكِرَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّجَرُّدَ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّهُ نَظَرَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّهَا اصْطِلَاحَاتٌ إذْ يُعَبِّرُونَ عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ بِثَلَاثِ عِبَارَاتٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَاجِبَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وُجُوبُ السُّنَنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَدَاسُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ عَطْفٌ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ: كَالْقَبْقَابِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ عَرِيضٌ فَإِنْ رَقَّ جَازَ لُبْسُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّقِيقَ مَا كَانَ قَدْرَ سَيْرِ النَّعْلِ، وَالْكَثِيرَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ) أَيْ: مُطْلَقًا بَلْ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ لِمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ جَعَلَهُ مِنْ سُنَنِهِ بَلْ هُمَا مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُحْرِمِ إلَخْ) لَيْسَ مُنَافِيًا لِصَدْرِ الْعِبَارَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَلِذَا قَالَ مُحَشِّي تت لَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ إفَادَةَ حُكْمِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ بِالنِّسْبَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ كَيْفَ يَفْعَلُ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَكَيْفَ يُطْلَبُ فِي حَقِّهِ تَرْتِيبُ الْأُمُورِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَمَعْنَى كَلَامِهِ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ يُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَكَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يُقَلِّدَهُ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَجْرِيدِهِ ثُمَّ بِشَعْرِهِ ا. هـ. فَالسُّنَّةُ مُنْصَبَّةٌ بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَالتَّجْرِيدِ وَبِكَوْنِ التَّقْلِيدِ قَبْلَ الْإِشْعَارِ وَبِكَوْنِهِمَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ س لَكِنْ يَحْتَاجُ لِمَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ سُنَّةٌ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ وَقَبِلَهُ شُرَّاحُهُ ا. هـ. الْمُرَادُ مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ وَالْفَرْضُ مُجْزٍ) أَيْ: وَلِأَجْلِ كَوْنِ السُّنَّةِ إيقَاعَهُ عَقِبَ نَفْلٍ، قَالَ: وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ فِي تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَطْلُوبَ، بَلْ الْمُرَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السُّنَّةَ إيقَاعُهُ عَقِبَ مُطْلَقِ صَلَاةٍ وَلَكِنَّ إيقَاعَهُ عَقِبَ نَفْلٍ أَفْضَلُ وَالْفَرْضُ كَافٍ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْرَامَ بَعْدَ صَلَاةِ النَّفْلِ يَحْصُلُ بِهِ سُنَّةٌ وَفَضِيلَةٌ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ دُونَ الْفَضِيلَةِ، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ الْعَيْنِيُّ أَوْ وَلَوْ بِالْعُرُوضِ كَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَتْ وَنَذْرِ نَفْلٍ، وَانْظُرْ السُّنَنَ الْمُؤَكَّدَةَ كَالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ رَكْعَتَانِ أَيْ: فَأَكْثَرُ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ رَكْعَتَانِ وَإِلَّا، فَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّنَّةَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَقَلِّ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مَشَى عَلَى مَا فَهِمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَالنَّصُّ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مُقَدَّمَتَانِ عَلَى التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 التَّوْضِيحِ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِالْإِحْرَامِ عَقِبَ الْفَرِيضَةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ إثْرَ نَافِلَةٍ لِيَكُونَ لِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ، وَقَالَ: ز، ثُمَّ رَكْعَتَانِ هَذِهِ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ لَمْ يُقَلِّدْ وَلَمْ يُشْعِرْ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ قَلَّدَ وَأَشْعَرَ فَهِيَ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ. (ص) يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى وَالْمَاشِي إذَا مَشَى (ش) أَيْ: وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى عَلَى دَابَّتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشْيِ رَاحِلَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمَاشِي إذَا مَشَى وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْبَيْدَاءِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ يُحْرِمُ إذَا اسْتَوَى بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي يُحْرِمُ فِيهِ وَمَا تَقَدَّمَ بَيَانٌ لِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الرَّاكِبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ وَأَحْرَمَ الْمَاشِي قَبْلَ مَشْيِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ. (ص) وَتَلْبِيَةٌ (ش) السُّنَّةُ مُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فِي نَفْسِهَا، وَتَجْدِيدُهَا مُسْتَحَبٌّ وَمَعْنَى التَّلْبِيَةِ الْإِجَابَةُ أَيْ: إجَابَةٌ بَعْدَ إجَابَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] فَهَذِهِ إجَابَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالثَّانِيَةُ إجَابَةٌ قَوْله تَعَالَى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] يُقَالُ: إنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَذَّنَ بِالْحَجِّ أَجَابَهُ النَّاسُ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ فَمَنْ أَجَابَهُ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ زَادَ زَادَ فَالْمَعْنَى: أَجَبْتُك فِي هَذَا كَمَا أَجَبْتُك فِي ذَلِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبَّى الْمَلَائِكَةُ، وَكَذَلِكَ أَوَّلُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ (ص) وَجُدِّدَتْ لِتَغَيُّرِ حَالٍ وَخَلْفَ صَلَاةً (ش) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ قَالَ بَعْضٌ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ السُّنَّةُ التَّلْبِيَةُ، وَلَوْ مَرَّةً، وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِابْنِ فَرْحُونٍ أَيْ: فَيَكُونُ تَجْدِيدُهَا مُسْتَحَبًّا، بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: وَيَكْفِي فِيهَا مَرَّةٌ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، أَوْ التَّجْدِيدُ هُوَ سُنَّةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَعَلَيْهِ تَكُونُ التَّلْبِيَةُ مِنْ أَصْلِهَا وَاجِبَةً، وَاللَّامُ فِي " لِتَغَيُّرِ " بِمَعْنَى عِنْدَ كَقِيَامٍ وَنُزُولٍ وَمُلَاقَاةِ رِفَاقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَنَكَّرَ الصَّلَاةَ لِيَشْمَلَ النَّافِلَةَ وَتُكْرَهُ الْإِجَابَةُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا إجَابَةُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَمِنْ خَصَائِصِهِ. (ص) ، وَهَلْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا هَلْ يَسْتَمِرُّ يُلَبِّي حَتَّى يَدْخُلَ بُيُوتَ مَكَّةَ فَيَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ، فَإِذَا طَافَ وَسَعَى عَاوَدَهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَرُوحُ إلَى مُصَلَّاهَا؟ هَذَا مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ أَوَّلًا، يَزَالُ يُلَبِّي حَتَّى يَبْتَدِئَ بِالطَّوَافِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافٌ وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ احْتِرَازًا مِمَّنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ إلَخْ. (ص) ، وَإِنْ تَرَكْت أَوَّلَهُ فَدَمٌ إنْ طَالَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ لَمَّا أَحْرَمَ قَلِيلًا نَاسِيًا لَهَا، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يُلَبِّي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دَمٌ، وَلَوْ رَجَعَ وَلَبَّى لَا يَسْقُطُ عَنْهُ خِلَافًا لِابْنِ عَتَّابٍ وَابْنِ لُبَابَةَ وَمَفْهُومُ أَوَّلِهِ لَوْ أَتَى بِهَا أَوَّلَهُ، وَلَوْ مَرَّةً عَلَى مَا لِأَبِي الْحَسَنِ، ثُمَّ تَرَكَ لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَتْ أَيْ: عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا وَمِثْلُ الطُّولِ مَا إذَا تَرَكَهَا جُمْلَةً. (ص) وَتَوَسَّطَ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ وَفِيهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُلَبِّي يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ فَلَا يَرْفَعُهُ جِدًّا حَتَّى يَعْقِرَهُ، وَلَا يَخْفِضَهُ حَتَّى لَا يَسْمَعَهُ مَنْ يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَوَسَّط فِي التَّلْبِيَةِ فَلَا يُكْثِرُهَا جِدًّا حَتَّى يَلْحَقَهُ الضَّجَرُ، وَلَا يَتْرُكُهَا جِدًّا حَتَّى يَفُوتَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَهُوَ الشَّعِيرَةُ وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُسْمِعُ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ (ص) وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ (ش) أَيْ: وَعَاوَدَ التَّلْبِيَةَ اسْتِحْبَابًا بَعْدَ فَرَاغِ سَعْيٍ أَيْ: وَطَوَافٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ قَلَّدَ وَأَشْعَرَ فَهِيَ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ) مُفَادُهُ أَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ كِلَاهُمَا سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ عِبَارَةُ بَهْرَامَ حَيْثُ قَالَ: وَهَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ ثُمَّ مَحَلُّ سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا انْتَظَرَهُ بِالْإِحْرَامِ إلَّا الْخَائِفَ وَالْمُرَاهِقَ فَيَحْرُمُ وَلَا يَرْكَعُهُمَا، وَكَذَا غَيْرُ الْخَائِفِ وَالْمُرَاهِقِ لَا يَرْكَعُهُمَا بِوَقْتِ نَهْيٍ حَالَ إحْرَامِهِ بِهِ . (قَوْلُهُ يُحْرِمُ الرَّاكِبُ) أَيْ: مُرِيدُ الرُّكُوبِ (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَوَى عَلَى دَابَّتِهِ) أَيْ: اسْتَوَى عَلَى دَابَّتِهِ قَائِمَةً لِلسَّيْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَاشِي) أَيْ: مُرِيدُ الْمَشْيِ وَالْمُرَادُ الرَّاجِلُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقَالَ الْأَئِمَّةُ عَقِبَ سَلَامِهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْبَيْدَاءِ) مَوْضِعٌ بَعْدَ الْحُلَيْفَةِ كَمَا فِي مُحَشِّي تت وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالْمَاشِي أَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ إلَّا لِلسَّيْرِ بِخِلَافِ الرَّاجِلِ قَدْ يَقُومُ لِحَوَائِجِهِ فَشُرُوعُهُ فِي الْمَشْيِ كَاسْتِوَائِهِ عَلَى دَابَّتِهِ (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي يُحْرِمُ فِيهِ) أَيْ: يَقَعُ الْإِحْرَامُ فِيهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَدَّمَ بَيَانٌ لِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ التَّوَجُّهُ عَلَى الطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ: السُّنَّةُ مُقَارَنَتُهَا) أَيْ: اتِّصَالُهَا أَيْ: حَقِيقَةً فَإِنْ فَصَلَهَا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْفَصْلُ طَوِيلًا لَزِمَهُ الدَّمُ لِتَرْكِ السُّنَّةِ وَانْضِمَامِ الطُّولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا دَمَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ سِوَى تَرْكِ السُّنَّةِ وَيَسِيرِ الْفَصْلِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ دَمًا، وَإِذَا لَزِمَهُ الدَّمُ فِي فَصْلِهَا كَثِيرًا فَأَوْلَى فِي تَرْكِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَالتَّلْبِيَةُ وَاجِبَةٌ كَمَا أَنَّ قِلَّةَ فَصْلِهَا وَاجِبٌ بِدَلِيلِ لُزُومِ الدَّمِ فِي تَرْكِهَا وَيُلَبِّي الْأَعْجَمِيُّ بِلِسَانِهِ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَجَبْتُك فِي هَذَا) أَيْ: فِي هَذَا الْحَجِّ كَمَا أَجَبْتُك فِي ذَلِكَ الْمُشَارِ لَهُ الْإِجَابَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ (قَوْلُهُ فَمِنْ خَصَائِصِهِ) فِيهِ نَظَرٌ فَلَيْسَ مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ . (قَوْلُهُ: وَهَلْ لِمَكَّةَ) قَالَ بَعْضٌ اُنْظُرْ لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ فَقَطَعَهُ لِلصَّلَاةِ وَصَلَّى هَلْ يُلَبِّي بَعْدَ تِلْكَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ السَّعْيَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لِأَبِي الْحَسَنِ) وَمُقَابِلُهُ مَا شَهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ وُجُوبِ الدَّمِ وَمُفَادُ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ اعْتِمَادُ مَا لِشَارِحِنَا، وَأَمَّا لَوْ تَرَكَهَا أَثْنَاءَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ، وَلَوْ أَتَى عِوَضَهَا بِتَسْبِيحٍ، أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمٌ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا جُمْلَةً، أَمَّا لَوْ أَتَى عِوَضَهَا بِمَعْنَاهَا كَإِجَابَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا وَإِنَّمَا أَتَى بِلَفْظٍ أَجْنَبِيٍّ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُلَبِّي يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَوَسَّطَ) الْمُعْتَمَدُ الِاسْتِحْبَابُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَعَاوَدَهَا) اسْتِحْبَابًا الْمُعْتَمَدُ أَنَّ إعَادَتَهَا وَاجِبَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ) إلَى أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِيهِمَا فَلَا يَلْزَمُ اشْتِهَارُ الْمُلَبِّي بِذَلِكَ وَأَهْلُ مَكَّةَ فِي التَّلْبِيَةِ كَغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَسَاجِدِ فَيُسْمِعُ نَفْسَهُ بِهَا، وَمَنْ يَلِيهِ لِئَلَّا يَشْتَهِرَ بِذَلِكَ (ص) لِرَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ (ش) أَيْ:، وَلَا يَزَالُ يُلَبِّي بَعْدَ السَّعْيِ لِرَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيَقْطَعُ، وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لِوُصُولِهِ أَيْ: لِوُصُولِ مُصَلَّى عَرَفَةَ وَلِلزَّوَالِ أَيْضًا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَلَوْ وَصَلَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى لِلزَّوَالِ، أَوْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ وُصُولِهِ لَبَّى لِوُصُولِهِ فَيَعْتَبِرُ الْأَقْصَى مِنْهُمَا، وَمُصَلَّى عَرَفَةَ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ إبْرَاهِيمَ وَمَسْجِدُ عُرَنَةَ بِالنُّونِ وَمَسْجِدُ نَمِرَةَ فَهِيَ أَسْمَاءٌ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ. وَلِمَا بَيْنَ مَبْدَأِ التَّلْبِيَةِ لِمُحْرِمِ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ وَمُنْتَهَاهُ بَيْنَ مَبْدَأِ الْمُحْرِمِ بِهِ مِنْ مَكَّةَ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ دُونَ مُنْتَهَاهُ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فَقَالَ (وَمُحْرِمُ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ) أَيْ: وَمُحْرِمُ مَكَّةَ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مُقِيمًا بِهَا، وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُفْرِدًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَمَكَانُهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ، ثُمَّ هُوَ فِي انْتِهَائِهِ كَمَا سَبَقَ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ رَوَاحُ مُصَلَّى عَرَفَةَ قَالَ فِيهَا: وَحُكْمُ مَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ فِي قَطْعِ التَّلْبِيَةِ وَغَيْرِهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ يُفْسِدْهُ، وَلَمَّا نَوَّعَ مُحْرِمَ الْحَجِّ الْمُتَمَادِي عَلَيْهِ إلَى قِسْمَيْنِ نَوَّعَ مُحْرِمَ الْعُمْرَةِ إلَى قِسْمَيْنِ أَيْضًا بِحَسَبِ طُولِ الْمَسَافَةِ وَقِصَرِهَا فَقَالَ (ص) وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ وَفَائِتُ الْحَجَّ لِلْحَرَمِ (ش) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ مُدْرِكٌ الْحَجَّ، أَوْ فَائِتٌ الْحَجَّ يُلَبِّي لِلْحَرَمِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إلَى رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِي هَذَا مِنْ التَّكَلُّفِ مَا لَا يَخْفَى فَلَوْ قَالَ: وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ، وَإِنْ لِفَوَاتِ الْحَجِّ لِلْحَرَمِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَشَمِلَ، قَوْلُهُ: وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ الْمُقِيمِ الَّذِي مَعَهُ نَفْسٌ حَيْثُ فَعَلَ مَا يُنْدَبُ لَهُ (ص) وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ لِلْبُيُوتِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: وَالْمُعْتَمِرُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يُلَبِّي إلَى دُخُولِ بُيُوتِ مَكَّةَ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ. (ص) وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ وَإِلَّا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ (ش) أَيْ: وَمِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ الْمَشْيُ فَلَوْ رَكِبَ، أَوْ حَمَلَ فِي الطَّوَافِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَشْيِ وَلَمْ يُعِدْهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا، وَأَمَّا الْعَاجِزُ لَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يُطِيقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي جَالِسًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ فَرْضَهُ بِنَفْسِهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ، وَالطَّائِفُ مَحْمُولًا إنَّمَا طَافَ حَامِلُهُ وَلَكِنْ اكْتَفَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ مَقْدُورِهِ وَالسَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلِلطَّوَافِ وَالسَّعْيِ الْمَشْيُ إلَخْ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ مَالِكٌ: وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَعَى رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَعَادَ سَعْيَهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا، وَإِنْ تَبَاعَدَ وَطَالَ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (ص) وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ (ش) هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ، وَهُوَ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِالْفَمِ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ وَتَقْبِيلُهُ فِيمَا عَدَاهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِيهِمَا) أَيْ: لِكَوْنِهِمَا مَوْضِعَهَا. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ عَرَفَةَ لَبَّى حَتَّى يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَالَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ أَيْ: إذَا أَحْرَمَ مِنْهَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ مِنْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ يُلَبِّي لِلزَّوَالِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ) أَيْ: رَجَعَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: يَقْطَعُ إذَا رَاحَ إلَى الْمَوْقِفِ وَكَانَ يَقُولُ: يَقْطَعُ إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ (قَوْلُهُ: وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ مُدْرِكُ الْحَجِّ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ لِمَرَضٍ، أَوْ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ يُلَبِّي لِلْحَرَمِ، وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَخْرُجُ لِلْحِلِّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ وَيُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ، وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَوْلُهُ وَفَائِتُ الْحَجِّ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ، وَفَائِتٌ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لَهُ أَيْ: وَمُعْتَمِرٌ فَائِتُ الْحَجِّ وَسَمَّاهُ مُعْتَمِرًا؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَفَائِتُ عَلَى هَذَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، وَأَمَّا جَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمِيقَاتِ فَيَتِمُّ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِمَرَضٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ:، وَإِنْ لِفَوَاتِ الْحَجِّ) يَقْتَضِي أَنَّ فَوَاتَ الْحَجِّ عِلَّةٌ لِلْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَخُرُوجٍ إلَخْ فِي الْمُحَرَّمِ مُطْلَقًا كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، أَوْ بِعُمْرَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِلْبُيُوتِ) الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ يَقْطَعُ إذَا دَخَلَ بُيُوتَ مَكَّةَ، أَوْ الْمَسْجِدَ كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: وَالْمُعْتَمِرُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَالْمُعْتَمِرُ مِنْ الْمِيقَاتِ يُلَبِّي لِلْحَرَمِ، وَالْمُعْتَمِرُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ، أَوْ التَّنْعِيمِ يُلَبِّي لِلْحَرَمِ (قَوْلُهُ: أَيْ: مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْهُ) أَيْ: فَإِنْ أَعَادَهُ مَاشِيًا بَعْدَ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَيُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ مَاشِيًا، وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَلَا يُجْزِئُهُ الدَّمُ وَقَوْلُهُ: وَلِلطَّوَافِ شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالْوَاجِبِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَدَمٌ فَخَاصٌّ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَتَيْنِ) ، فَلَوْ رَكِبَ فِي السَّعْيِ وَالطَّوَافِ مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَاحِدًا لِلتَّدَاخُلِ وَيُحْتَمَلُ هَدْيَانِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ) مِنْ سُنَّتِهِ الطَّهَارَةُ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْ الطَّوَافِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَيُسَنُّ اسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ بِيَدِهِ أَوَّلَهُ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ فِيمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَلَمْسُ الْيَمَانِيِّ بِيَدِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالْمَسُّ بِالْعُودِ خَاصٌّ بِالْحَجَرِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِلَامِ الْيَمَانِيِّ بِيَدِهِ كَبَّرَ فَقَطْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 مُسْتَحَبٌّ، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ، وَقَوْلُهُ: بِفَمٍ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ لَا يَكُونُ التَّقْبِيلُ إلَّا بِهِ، وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ وَكَذَا الْخُبْزُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَهُ مَكْرُوهٌ (ص) ، وَفِي الصَّوْتِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ: وَفِي إبَاحَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ (ص) وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ وَوُضِعَا عَلَى فِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ (ش) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْبِيلِ الْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ بِيَدِهِ إنْ قَدَرَ، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ بِعُودٍ، ثُمَّ يَضَعُهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ فَلَا يَكْفِي الْعُودُ مَعَ إمْكَانِ الْيَدِ وَلَا الْيَدُ مَعَ إمْكَانِ التَّقْبِيلِ بِالْفَمِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ اللَّمْسِ بِمَا ذُكِرَ كَبَّرَ فَقَطْ وَمَضَى بِغَيْرِ إشَارَةٍ إلَيْهِ بِيَدِهِ، وَلَا رَفْعٍ لَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّقْبِيلِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِهَا، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَمَّا قَبْلَهُ هُوَ مَا نَسَبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. (ص) وَالدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى السُّنَّةِ الثَّالِثَةِ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُلُّ ذَلِكَ بِلَا حَدٍّ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَهِيَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَذْكَارِ، وَلَا يَقْرَأُ، وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَرَأَ فِي الطَّوَافِ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُسِرَّ الْقِرَاءَةَ لِئَلَّا يَشْغَلَ غَيْرَهُ عَنْ الذِّكْرِ اهـ. (ص) وَرَمَلَ رَجُلٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (ش) هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الرِّجَالِ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ، أَوْ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ الرُّكْنِيِّ، وَلَا دَمَ عَلَى تَارِكِهِ، وَلَوْ عَمْدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالرَّمَلُ أَنْ يَثِبَ فِي مَشْيِهِ وَثْبًا خَفِيفًا يَهُزُّ مَنْكِبَيْهِ، وَلَيْسَ بِالْوَثْبِ الشَّدِيدِ، وَلَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي طَوَافِهِنَّ، وَلَا هَرْوَلَةَ فِي سَعْيِهِنَّ، وَلَا فِيمَا بَعْدَ الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَلَوْ لِتَارِكِهِ مِنْ الْأُوَلِ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا، وَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ إنْ فَعَلَ كَمَنْ قَرَأَ بِالسُّورَةِ فِي آخِرِ رَكَعَاتِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأُولَيَيْنِ (ص) ، وَلَوْ مَرِيضًا وَصَبِيًّا حَمْلًا وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ (ش) أَيْ: وَيُسَنُّ الرَّمَلُ، وَلَوْ كَانَ الطَّائِفُ مَرِيضًا وَصَبِيًّا حُمِلَ كُلٌّ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَيُحَرِّكُ الدَّابَّةَ كَمَا يُحَرِّكُهَا بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ وَالْمَطْلُوبُ فِي الرَّمَلِ لِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا وَيُكْرَهُ الطَّوَافُ مُخْتَلِطًا بِالنِّسَاءِ وَالسُّجُودُ عَلَى الرُّكْنِ، وَاسْتِلَامُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرِ، وَكَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ إلَّا مَا خَفَّ كَالْبَيْتَيْنِ إذَا اشْتَمَلَا عَلَى وَعْظٍ وَالشُّرْبُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَتَغْطِيَةُ الرَّجُلِ فَمَهُ وَانْتِقَابُ الْمَرْأَةِ، وَالرُّكُوبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَحَسْرُ الْمَنْكِبَيْنِ، وَالطَّوَافُ عَنْ الْغَيْرِ قَبْلَ الطَّوَافِ عَنْ نَفْسِهِ ابْنُ رَاشِدٍ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ) أَيْ: بِتَقْبِيلِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ) أَيْ: فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَهُ مَكْرُوهٌ) ، وَلَوْ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي إبَاحَتِهِ) وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ، قَوْلُهُ: ثُمَّ كَبَّرَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ أَيْ: وَالسُّنَّةُ تَقْبِيلُ حَجَرٍ أَوَّلَهُ ثُمَّ كَبَّرَ وَهَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ أَيْ: ثُمَّ كَبَّرَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ عَوْدٌ أَيْ: ثُمَّ كَبَّرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْعُودُ كَبَّرَ فَقَطْ فَالتَّكْبِيرُ مَطْلُوبٌ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَصْوِيتٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ تَقْبِيلِهِ بِفِيهِ، أَوْ وَضْعِ يَدِهِ، أَوْ الْعُودِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَرَاتِبِ كَمَا يَجْرِي فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ يَجْرِي فِيمَا عَدَاهُ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالِاسْتِلَامِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ صَرِيحُهَا أَنَّ التَّكْبِيرَ بَعْدَ التَّقْبِيلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرُ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ قَبْلَ التَّقْبِيلِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي اللَّمْسِ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ. (قَوْلُهُ: بِلَا حَدٍّ) أَيْ: فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوِّ بِهِ جَمِيعًا فَلَا يَقْصُرُ دُعَاءَهُ عَلَى دُنْيَاهُ وَلَا عَلَى آخِرَتِهِ وَلَا عَلَى لَفْظٍ خَاصٍّ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ يُعَمِّمُ فِي الْجَمِيعِ ك (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ كَالدُّعَاءِ وَهَلْ الدُّعَاءُ وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ، أَوْ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ كُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ؟ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَ الذِّكْرَ سُنَّةً ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فَهُوَ تَنَافٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُصُوصَ الدُّعَاءِ سُنَّةٌ وَأَمَّا الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ فَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ أَيْ: فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ نَقَلَهَا عَنْ حَجّ لِأَنَّهَا عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: الْبَاقِيَاتُ) أَيْ: الْبَاقِي ثَوَابُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرَأُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَأُجِيبُ بِجَوَابَيْنِ: أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَقْرَأُ أَيْ: غَيْرَ هَذِهِ، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ لَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ . (قَوْلُهُ: وَرَمَلَ رَجُلٌ) إذَا طَافَ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ لَا عَنْ امْرَأَةٍ وَاحْتُرِزَ بِرَجُلٍ عَنْ الْمَرْأَةِ فَلَا تَرْمُلُ، وَلَوْ نَابَتْ عَنْ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ أَيْ: كَالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ) وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَالرَّمَلُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الطَّائِفُونَ فِي الرَّمَلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَيَرْمُلُ الرَّجُلُ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ اتِّفَاقًا وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَالْمُتَطَوِّعُ وَالْمُوَدِّعُ اتِّفَاقًا، وَفِي فِعْلِ مُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ وَمِنْ التَّنْعِيمِ، وَالْمُرَاهِقُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرِيضُ خِلَافٌ ا. هـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَثِبَ) مِنْ وَثَبَ كَوَعَدَ يَعِدُ أَيْ: يَقْفِزُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي طَوَافِهِنَّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: وَالسُّجُودُ عَلَى الرُّكْنِ) أَيْ: عَلَى الْحِجْرِ (قَوْلُهُ يَلِيَانِ الْحَجَرَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (قَوْلُهُ: وَالرُّكُوبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) هَذَا ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْيَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ) فَقَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُقِرُّ، أَوْ بِأَنَّهُ يَلْمِسُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 عَلَى سُنَنِ الطَّوَافِ شَرَعَ فِي سُنَنِ السَّعْيِ وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرَ هُنَا أَرْبَعٌ، وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِنَّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ سُنَنِهِ الْمَشْيُ وَحُكْمُهُ فِي الدَّمِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ الطَّوَافِ فِيهِ فَقَالَ (ص) وَلِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَرَقْيُهُ عَلَيْهِمَا كَمَرْأَةٍ إنْ خَلَا (ش) أَيْ: وَمِنْ سُنَنِ السَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حِينَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ، ثُمَّ يَمُرُّ بِزَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْهَا وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ وَيُسْتَحَبُّ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ، وَهُوَ بَابُ الصَّفَا لِقُرْبِهِ وَمِنْ سُنَنِهِ الرُّقِيُّ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلرَّجُلِ لِاسْتِيعَابِهِ مَا بَيْنَهُمَا وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا إنَّ خَلَا الْمَوْضِعُ أَيْضًا مِنْ الرِّجَالِ وَإِلَّا وَقَفَتْ أَسْفَلَهُمَا، وَقَوْلُهُ: إنْ خَلَا أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا وَلِذَا لَمْ يَقُلْ إنْ خَلَيَا وَأَتَى بِالْكَافِ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ لِمَا بَعْدَهَا وَلِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَى الْعَطْفِ الْجَرُّ مَعَ عَدَمِ الْجَارِ، وَلَوْ قَالَ وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّقِيِّ الْقِيَامُ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ. (ص) وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ (ش) السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ مِنْ سُنَنِ السَّعْيِ الْإِسْرَاعُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ فَقَطْ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ قَالَ سَنَدٌ سَعْيًا شَدِيدًا جَيِّدًا وَهُمَا اللَّذَانِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى الْمَرْوَةِ أَوَّلُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ مَنَارَةِ بَابِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي بَعْدَهُ قُبَالَةَ رِبَاطِ الْعَبَّاسِ وَثَمَّ مِيلَانِ آخَرَانِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ فِي مُقَابَلَةِ الْمِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْخَبَبِ مِنْ عِنْدِ الْمِيلِ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ، نَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَبِهِ يُرَدُّ اعْتِرَاضُ ح مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ قَبْلَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ بِنَحْوٍ مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ إلَخْ وَالْمِيلُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمِرْوَدِ وَسُمِّيَا مِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يُشْبِهَانِ الْمِرْوَدَيْنِ. (ص) وَدُعَاءٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ السُّنَّةَ الرَّابِعَةَ مِنْ سُنَنِ السَّعْيِ الدُّعَاءُ عِنْدَ الرُّقِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالسُّنَّةُ الرَّابِعَةُ دُعَاءٌ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِيهِ حَدًّا وَهَذِهِ السُّنَّةُ عَامَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ يَرْقَى عَلَيْهِمَا، وَمَنْ لَا يَرْقَى خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ. (ص) ، وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَوُجُوبِهِمَا تَرَدُّدٌ (ش) اتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى عَدَمِ رُكْنِيَّتِهِمَا، وَلَا خِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّتهمَا وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْوُجُوبِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَبِالثَّانِي الْبَاجِيُّ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْقَوْلُ بِتَبَعِيَّتِهِمَا لِلطَّوَافِ مِنْ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَلَوْ اعْتَبَرَهُ لَقَالَ، وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَوُجُوبِهِمَا، وَالتَّبَعِيَّةُ لِلطَّوَافِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الْإِشَارَةُ بِالتَّرَدُّدِ وَالْأَبْهَرِيُّ لَيْسَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ: فَلَيْسَ مِمَّنْ يُشِيرُ لَهُ بِالتَّرَدُّدِ، وَوَجْهُ وُجُوبِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَعَ نَدْبِ الطَّوَافِ أَنَّهُمَا لَمَّا كَانَتَا تَابِعَتَيْنِ لَهُ فَكَأَنَّهُمَا مِنْ تَتِمَّتِهِ وَبِالشُّرُوعِ فِيهِ كَأَنَّهُ شَارِعٌ فِيهِمَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا. (ص) وَنَدْبًا كَالْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْقِرَاءَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: حُكْمُ الطَّوَافِ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الدَّمِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: الْحَجَرِ) إذَا كَانَ عَلَى وُضُوءِ إذْ لَا يُقَبِّلُهُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ وَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَنَّهُ لِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ وَوَضِعَا عَلَى فِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَجَعَلَ هَذِهِ السُّنَّةَ لِلسَّعْيِ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْحَجَرِ لِكَوْنِهِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. (قَوْلُهُ وَرُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا) كُلَّمَا يَصِلُ لِأَحَدِهِمَا لَا عَلَيْهِمَا مَرَّةً فَقَطْ وَلَا عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ بَعْضُ سُنَّةٍ، وَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِالرُّقِيِّ، وَلَوْ عَلَى سُلَّمٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى أَعْلَاهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِمُطْلَقِ الرُّقِيِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُرُّ بِزَمْزَمَ) أَيْ: عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: فَيَشْرَبُ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ: وَيَنْوِي بِشُرْبِهِ مَا أَرَادَ فَإِنَّ «مَاءَ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بِهِ الْحَدِيثُ فَقَدْ جُرِّبْت بَرَكَتُهُ قَالَهُ سَيِّدِي زَرُّوقٌ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ (قَوْلُهُ: إنْ خَلَا الْمَوْضِعُ مِنْ الرِّجَالِ) أَيْ: مِنْ مُزَاحَمَةِ الرِّجَالِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْخُلُوُّ عَنْ مُطْلَقِ الرِّجَالِ، بَلْ عَنْ مُزَاحَمَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى السُّنَّةِ فَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي السُّنَنِ لَا فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ . (قَوْلُهُ: وَإِسْرَاعٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْرَاعَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِالذَّهَابِ إلَى الْمَرْوَةِ وَلَا يَكُونُ فِي الْعَوْدِ مِنْهَا إلَى الصَّفَا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِكْمَةُ الْإِسْرَاعِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ مَحَلُّ الْأَنْصَابِ أَيْ: الْأَصْنَامِ وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَقْتَضِي سُنِّيَّةَ الْإِسْرَاعِ ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي جَمِيعِ الْأَشْوَاطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: وَدُعَاءٌ إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَدُعَاءٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرُقِيُّهُ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ إنَّمَا هِيَ مَطْلُوبَةٌ عِنْدَ الرَّقِّيِّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِيهِ حَدًّا) أَيْ: لَا فِي الْمَدْعُوِّ بِهِ وَلَا فِي الْمَدْعُوِّ لَهُ، وَلَا فِي صِيغَةٍ مِنْ الصِّيَغِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ الرَّقِّيِّ عَلَيْهِمَا أَيْ: الَّذِي هُوَ مُفَادُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ:، وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَاجِبِ مَا يَشْمَلُ الرُّكْنَ وَأَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إلَى فَرَاغِ سُنَنِ السَّعْيِ مَعَ تَقَدُّمِهِمَا عَلَيْهِ فِعْلًا لِلِاخْتِلَافِ فِي حُكْمِهِمَا فَقَدَّمَ السُّنَّةَ قَطْعًا الْمُتَعَلِّقَةَ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَأَخَّرَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا. (تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ تَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَبَاعَدَ، أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَعَلَهُمَا مُطْلَقًا وَأَهْدَى إنْ كَانَتَا مِنْ فَرْضٍ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَتَبَاعَدْ وَلَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ رَكَعَهُمَا فَقَطْ مِنْ فَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ إنْ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهُ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ، وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ وَأَعَادَ السَّعْيَ إنْ تَعَمَّدَ النَّقْصَ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ الْفَرْضَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ وَأَعَادَ السَّعْيَ، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا صَلَّى رَكْعَتَيْهِ، وَخُيِّرَ فِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْقِرَاءَة تُسْتَحَبّ فِي رَكْعَتِي كُلّ طَوَاف بِسُورَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] بَعْد أُمّ الْقُرْآن فِي الرَّكْعَة الْأُولَى وَسُورَة الْإِخْلَاص مَعَ الْفَاتِحَة فِي الثَّانِيَة وَنُدِبَ فِي كُلِّ طَوَافٍ وَاجِبٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (قَوْلُهُ: يَقْدِرُ لِقَوْلِهِ وَاسْتِلَامُ إلَخْ) كَلَامٌ فِيهِ تَسَامُحٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: اسْتَعْمَلَ " اسْتِلَامُ " فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازُهُ بِالنَّظَرِ لِلْحَجَرِ وَهُوَ التَّقْبِيلُ (قَوْلُهُ: وَالنِّعْمَةَ) الْمَشْهُورُ فِي النِّعْمَةِ النَّصْبُ عَلَى الْعَطْفِ عِيَاضٌ يَجُوزُ فِيهَا الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْت الْمَحْذُوفَ خَبَرَ " إنَّ " كَذَا قِيلَ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ النَّصْبَ مُتَعَيَّنٌ فِي النِّعْمَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ عَمَلِهَا، وَصَوَابُهُ وَالْأَشْهَرُ فِي الْمِلْكِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَنْهُ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ) مُغَايِرٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَفْضَلِ الْكَرَاهَةُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خِلَافَ الْأَوْلَى فَإِنْ قُلْت: الزِّيَادَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ كَمَا قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهَا غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ وَلِذَا قَالَ غَيْرُهُ وَمُتَابَعَتُهُمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوُقُوفُ عِنْدَ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشِدَّةُ وَرَعِهِمْ مَعْلُومَةٌ فَمَا مَعْنَى زِيَادَتِهِمْ عَلَى الْمَرْفُوعِ حَتَّى كَرِهَهَا مَالِكٌ مَرَّةً وَأَبَاحَهَا أُخْرَى قُلْت: قَالَ الْأَبِيُّ: لَعَلَّهُمْ فَهِمُوا عَدَمَ الْقَصْرِ عَلَى أُولَئِكَ الْكَلِمَاتِ وَأَنَّ الثَّوَابَ يُضَاعَفُ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ، وَاقْتِصَارُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَكْفِي، أَوْ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ لَيْسَتْ نَسْخًا لَهُ وَأَنَّ الشَّيْءَ وَحْدَهُ هُوَ كَذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ، فَالزِّيَادَةُ لَا تُنَافِي الْإِتْيَانَ بِتَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: وَعَنْهُ إبَاحَتُهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَلَا يُعْقَلُ فِيهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَيَكُونُ الْقَصْدُ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَرْغُوبًا إلَيْك) أَيْ: فِيك أَيْ: فِي إحْسَانِك وَبَرَكَتِك (قَوْلُهُ: وَالرَّغْبَاءُ) يُقَالُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعَ الْمَدِّ وَبِقَصْرِهَا مَعَ الضَّمِّ وَحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الْفَتْحَ وَالْقَصْرَ وَقَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُهُ كَسَعْدَيْكَ وَدَوَالَيْكَ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهَا التَّكْثِيرُ) ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ فَمَعْنَى لَبَّيْكَ إجَابَةٌ لَك (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ التَّكْرِيرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُثَنَّاةٌ لَفْظًا مَعْنَاهَا التَّكْثِيرُ (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ يُونُسَ إلَخْ) رَدَّهُ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِثْلَ لَدَيْك وَعَلَيْك لَمْ يُقْلَبْ مَعَ الظَّاهِرِ كَمَا لَمْ يُقْلَبْ مَعَ لَدَى وَعَلَى إذَا دَخَلَا عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّك تَقُولُ: لَدَى زَيْدٍ وَدَخَلْت عَلَى عُمَرَ وَبِخِلَافِ لَبَّى؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 تُسْتَحَبُّ فِي رَكْعَتَيْ كُلِّ طَوَافٍ بِسُورَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِذَلِكَ فِي رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّتْ الْقِرَاءَةُ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى التَّوْحِيدَيْنِ: الْعَمَلِيِّ وَالْعِلْمِيِّ فَإِنَّ السُّورَةَ الْأُولَى اعْتِقَادٌ عَمَلِيٌّ فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا أَعْبُدُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَالْإِخْلَاصُ اعْتِقَادٌ عِلْمِيٌّ، فَقَوْلُهُ: كَالْإِحْرَامِ تَشْبِيهٌ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْكَافِرُونَ فِي الْأُولَى وَبِالْإِخْلَاصِ فِي الثَّانِيَةِ لَا فِي مُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ وَذَكَرَ الْكَافِرُونَ بِالْوَاوِ عَلَى الْحِكَايَةِ (ص) وَبِالْمَقَامِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي الْمَقَامِ، وَظَاهِرُهُ دَاخِلُهُ أَيْ: الْبِنَاءُ الْمُحِيطُ بِهِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ خَلْفَ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى الْمَقَامِ، فَإِنَّ الْمَقَامَ هُوَ الْحَجَرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْجِيمِ أَيْ: الْحَجَرُ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ، وَفِي سَبَبِ وُقُوفِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى الْحَجَرِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ حِينَ غَسَلَتْ لَهُ زَوْجَةُ ابْنِهِ رَأْسَهُ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ وَكَانَ إسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ (ص) وَدُعَاءٌ بِالْمُلْتَزِمِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ دُعَاءٌ بِلَا حَدٍّ بِالْمُلْتَزَمِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَفِي الْمُوَطَّأِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَعْتَنِقُهُ وَاضِعًا صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ عَلَيْهِ بَاسِطًا كَفَّيْهِ كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ وَيَقُولُ: رَأَيْت الْمُصْطَفَى يَفْعَلُ كَذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ سَمِعْت مَالِكًا يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَهُوَ الْمُتَعَوَّذُ أَيْضًا ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْمُلْتَزِمُ وَالْمُدَّعَى وَالْمُتَعَوَّذُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَيُسَمَّى الْحَطِيمَ؛ لِأَنَّهُ يُدْعَى فِيهِ عَلَى الظَّالِمِ فَيُحْطَمُ. (ص) وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَالْيَمَانِيِّ بَعْدَ الْأَوَّلِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ فِي كُلِّ طَوَافٍ وَاجِبٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَيْ: تَقْبِيلُهُ وَلَمْسُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ الَّذِي يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجَرِ - بِفَتْحِ الْحَاءِ - رُكْنَانِ فِي آخِرِ كُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ وَهِيَ الْأَطْوَافُ السِّتَّةُ وَاسْتِلَامُهُمَا فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ سُنَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ، لَكِنْ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَيُؤْخَذُ الْحُكْمُ فِي الْيَمَانِيِّ مِنْ هُنَا لِنَفْيِهِ عَنْهُ الِاسْتِحْبَابَ فَيَتَعَيَّنُ السُّنِّيَّةُ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ الْوُجُوبُ، وَمِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الرُّكْنَيْنِ يُفْهَمُ عَدَمُ اسْتِلَامِ الشَّامِيِّينَ، وَالتَّكْبِيرُ عِنْدَهُمَا وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُكَبِّرُ إذَا حَاذَاهُمَا أَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ بَعْضٌ، لَكِنْ نَقَلَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي حَاوِيهِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ عَامِلٌ أَيْ: وَتَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَاسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ وَفِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ سُنَّةٌ. (ص) وَاقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَلْبِيَةِ الْمُصْطَفَى وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك. قَالَ مَالِكٌ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ وَعَنْهُ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ وَعَنْهُ إبَاحَتُهَا فَقَدْ زَادَ عُمَرُ لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْهُوبًا مِنْك وَمَرْغُوبًا إلَيْك وَابْنُ عُمَرَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْك لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك. وَلَبَّيْكَ وَأَخَوَاتُهُ مَصَادِرُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مُثَنَّاةٌ لَفْظًا مَعْنَاهَا التَّكْثِيرُ وَالتَّكْرِيرُ الدَّائِمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] أَيْ: ارْجِعْهُ دَائِمًا فَلَا تَرَى فِي السَّمَاءِ مَشْقُوقًا؛ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ التَّكْرَارِ فَدَلَّ بِهَا عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُ يُونُسَ أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ قُلِبَتْ أَلْفُهُ يَاءً كَعَلَيْك وَلَدَيْك، وَالْمُخْتَارُ   [حاشية العدوي] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 كَسْرُ إنَّ عَلَى فَتْحِهَا مِنْ أَنَّ الْحَمْدَ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَإِخْبَارٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَالْفَتْحُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَمَعْنَى لَبَّيْكَ الْإِجَابَةُ أَيْ: إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ، أَوْ اللُّزُومُ وَالْإِقَامَةُ عَلَى الطَّاعَةِ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ. (ص) وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا (ش) قَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ يُسْتَحَبُّ لِلْآتِي مَكَّةَ أَرْبَعٌ: نُزُولُهُ بِذِي طَوًى، وَهُوَ الْوَادِي الَّذِي تَحْتَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيُسَمَّى الزَّاهِرُ، وَاغْتِسَالُهُ فِيهِ، وَنُزُولُهُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَمَبِيتُهُ بِالْوَادِي الْمَذْكُورِ فَيَأْتِي مَكَّةَ ضُحًى (ص) وَالْبَيْتُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَكَّةَ أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْبَيْتِ لَا وَأَنْ يَأْتِيَ الْبَيْتَ كَمَا فَهِمَهُ الْمَوَّاقُ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ دُخُولِهِ وَلَوْ لَيْلًا، وَإِقْرَارُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْمَفَاتِيحَ بِيَدِ مَنْ هِيَ مَعَهُ حَيْثُ اعْتَذَرَ لِلنَّبِيِّ بِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْتَحْهَا لَيْلًا لَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَا فِي الْإِسْلَامِ إلَخْ جَبْرٌ وَتَطْيِيبٌ لِخَاطِرِهِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ دُخُولِهِ لَيْلًا (ص) وَمِنْ كَدَاءٍ لِمَدَنِيٍّ (ش) أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ دُخُولُ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لَا، وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: لِمَدَنِيٍّ لَا الْمَدَنِيُّ فَقَطْ وَكَدَاءُ هِيَ الثَّنِيَّةُ أَيْ: الطَّرِيقُ الصُّغْرَى الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ الَّتِي يَهْبِطُ مِنْهَا إلَى الْأَبْطَحِ وَالْمَقْبَرَةُ تَحْتَهَا عَنْ يَسَارِك وَأَنْتَ نَازِلٌ مِنْهَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَخَذْت كَمَا أَنْتَ إلَى الْمَسْجِدِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَالْمَقْبَرَةُ عَنْ يَسَارِك لَعَلَّهُ فِي الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَمَّا الْيَوْمُ فَبَعْضُهَا عَلَى الْيَسَارِ وَبَعْضُهَا عَلَى الْيَمِينِ، وَكَدَاءُ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْكَافِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ رَبَّهُ بِأَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ فَقِيلَ لَهُ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: 27] الْآيَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: يَأْتُوك وَلَمْ يَقُلْ يَأْتُونِي (ص) وَالْمَسْجِدُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْهُ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ (ص) وَخُرُوجُهُ مِنْ كُدًى (ش) كُدًى بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ وَهِيَ الثَّنِيَّةُ الَّتِي بِأَسْفَلَ مَكَّةَ أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ لِلْمَدَنِيِّ مِنْ مَكَّةَ مِنْ كُدًى فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى الْمَدِينَةِ وَيُعْرَفُ بِبَابِ بَنِي سَهْمٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَخُرُوجُهُ يَعْنِي: الْمَدَنِيَّ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْضًا مِنْ كُدًى وَهِيَ الثَّنِيَّةُ الْوُسْطَى الَّتِي بِأَسْفَلَ مَكَّةَ مَضْمُومُ الْكَافِ مَنُونٌ مَقْصُورٌ كَمَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ. (ص) وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِمَنْ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنْ يُؤَخِّرَ الرُّكُوعَ لِحِلِّ النَّافِلَةِ بِالْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ لِلْمَغْرِبِ فَالِاسْتِحْبَابُ مُنَصَّبٌ عَلَى كَوْنِ الرُّكُوعِ لِلطَّوَافِ قَبْلَ التَّنَفُّلِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَاسْتِحْبَابُهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الطَّوَافَ لِلْغُرُوبِ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْأَحَبَّ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنْ يُقِيمَ بِذِي طَوًى حَتَّى يُمْسِي لِيَصِلَ بَيْنَ طَوَافِهِ وَرُكُوعِهِ وَسَعْيِهِ، فَإِنْ دَخَلَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَ الطَّوَافَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَيْ: وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ فَيَرْكَعُ وَيَسْعَى إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا إلَخْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ) فَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَمْدَ لَك عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا عَلَى الْفَتْحِ فَالْمَعْنَى لَبَّيْكَ لِهَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: أَيْ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ) أَيْ: بَعْدَ إجَابَةٍ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهَا مُثَنَّاةٌ لَفْظًا وَقَوْلُهُ: أَيْ: إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ قَالَ عب فَالْإِجَابَةُ الْأُولَى إشَارَةٌ إلَى قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] وَالثَّانِيَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} [الحج: 27] انْتَهَى. وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى أَجَبْنَاك إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ إنْ كَانَ حَجَّ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ حَجَّ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ فِي ثَانِيَتِهِمَا فَمَعْنَاهُ أَجَبْنَاك إجَابَةً وَهِيَ الْآنَ بَعْدَ إجَابَةٍ أَيْ: فِي الْحَجَّةِ الْأُولَى بَعْدَ إجَابَةٍ فِي إجَابَةِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ بَعْدَ إجَابَةٍ أَيْ: حِينَ قِيلَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] (قَوْلُهُ: اللُّزُومُ) فَمَعْنَى لَبَّيْكَ لَزِمْنَا طَاعَتُك لُزُومًا وَقَوْلُهُ: وَالْإِقَامَةُ فَمَعْنَى لَبَّيْكَ أَقَمْنَا عَلَى طَاعَتِك. (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا) أَيْ: ضُحًى (قَوْلُهُ: مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا) أَيْ: الطَّرِيقِ الْعُلْيَا (قَوْلُهُ: وَالْبَيْتِ) ثُمَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ قَدْ أَتَى بِهَذَا الْمُسْتَحَبِّ قَالَهُ الْجِيزِيُّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ كَدَاءٍ لِمَدَنِيٍّ) أَيْ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِزَحْمَةٍ، أَوْ ضِيقٍ، أَوْ أَذِيَّةِ أَحَدٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ تَرْكُ الدُّخُولِ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) أَيْ: وَلَا يُنْدَبُ لِآتٍ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ مَدَنِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَا أَنْتَ) أَيْ: عَلَى مَا أَنْتَ أَيْ: عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي) أَقُولُ: تِلْكَ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي الدُّخُولَ لِكُلِّ حَاجٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آتِيًا مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِكُلِّ حَاجٍّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَرِيقَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ رَبَّهُ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. (فَقَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ يَأْتُوك) أَيْ: يَأْتُوا إلَى مَوْضِعِك وَلَمْ يَقُلْ يَأْتُونِي، فَلَوْ قَالَ يَأْتُونِي لَكَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْوُصُولِ لِلْبَيْتِ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ كَانَتْ (قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ بِبَابِ بَنِي سَهْمٍ) اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَسَبَهُ أَوَّلًا لِلْمَسْجِدِ ثُمَّ خَالَفَهُ هُنَا فَنَسَبَهُ إلَى بَابِ الْحَارَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَابَ بَنِي سَهْمٍ اسْمٌ لِبَابِ الْحَارَّةِ فَقَطْ وَهُوَ بَابُ شُبَيْكَةَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَى قَوْلِهِ: بَابُ بَنِي سَهْمٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِبَابِ شُبَيْكَةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْضًا) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا طَرِيقُهُ فَكَأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَمَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَدَاءَ الْأَوَّلُ مَفْتُوحُ الْكَافِ مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَنَّهُ عَلَمٌ وَالثَّانِي مَضْمُومُ الْكَافِ مُنَوَّنٌ مَقْصُورُ كَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ بَعْضٌ الْعَكْسَ انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْأَوَّلَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُنَوَّنٌ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْكَافِ مُنَوَّنٌ مَقْصُورٌ (قَوْلُهُ: وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ) بَعْدَ الْعَصْرِ حِينَ دُخُولِ مَكَّةَ مُخَالِفٌ الْأَوْلَى مِنْ إقَامَتِهِ لِلْغُرُوبِ بِذِي طَوًى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 طَافَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَمَنْ طَافَ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَنْ يُؤَخِّرَ الطَّوَافَ حَتَّى يُصَلِّي الْمَغْرِبَ (ص) وَبِالْمَسْجِدِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوقِعَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَلَفَ الْمَقَامِ (ص) وَرَمَلُ مُحْرِمٍ مِنْ كَالتَّنْعِيمِ (ش) الْكَلَامُ السَّابِقُ فِي سُنِّيَّةِ الرَّمَلِ فِيمَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ، وَقَدْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ، فَقَوْلُهُ: مِنْ كَالتَّنْعِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِمُحْرِمٍ لَا بِرَمَلٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِهِمَا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، أَوْ مِنْ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَاهَقَهُ أَيْ: إضَافَةَ الْوَقْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ كَنَاسٍ لَهُ وَمُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا، أَوْ آفَاقِيًّا أَنْ يَرْمُلَ إذَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِالْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ) أَيْ: وَنَحْوِهِ فَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ، أَوْ قَالَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَعُمَّ مَنْ فَقَدَ شَرْطَهُ، أَوْ نَسِيَهُ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ، أَمَّا لَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَتَرَكَ الرَّمَلَ نِسْيَانًا، أَوْ عَمْدًا فَلَا يَرْمُلُ لِإِفَاضَتِهِ. (ص) لَا تَطَوُّعَ وَوَدَاعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافًا تَطَوُّعًا، أَوْ طَافَ لِلْوَدَاعِ لَا يُسْتَحَبُّ الرَّمَلُ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِيهِ أَيْ: يُكْرَهُ الرَّمَلُ فِيهِمَا، وَعَطْفُ الْوَدَاعِ عَلَى التَّطَوُّعِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (ص) وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَنَقَلَهُ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مَنْ بِمَكَّةَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَيَتَوَضَّأُ وَيَغْتَسِلُ بِهِ مَا أَقَامَ بِمَكَّةَ وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ شُرْبِهِ وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَصَحَّحَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ، ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ فِيهِ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ ذِكْرِ طُرُقِهِ: إنَّهُ يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ قَوَاعِدِ الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُ الْبَاذِنْجَانِ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا نَقْلُ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْ مَكَّةَ لِغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مَاءَ زَمْزَمَ وَتُخْبِرُ أَنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَحْمِلُهُ» . (ص) وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ قَبْلَهُ أَيْ: وَنُدِبَ لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ مَا عَدَا الِاسْتِقْبَالَ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَلَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، أَوْ تَذَكَّرَ حَدَثًا، أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِي، فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهُ كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَاسْتُخِفَّ اشْتِغَالُهُ بِالْوُضُوءِ وَلَمْ يَرَهُ مُخِلًّا بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي السَّعْيِ لِيَسَارَتِهِ. (ص) وَخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ يَوْمِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَبَاقِي الْخُطَبِ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ: اثْنَتَانِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ اُنْظُرْ ح (ص) يُخْبِرُ بِالْمَنَاسِكِ (ش) أَيْ: يُخْبِرُ فِي الْخُطْبَةِ بِالْمَنَاسِكِ الَّتِي تُفْعَلُ مِنْهَا إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ خُرُوجِهِمْ إلَى مِنًى وَصَلَاتِهِمْ بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَمَبِيتِهِمْ لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ صَبِيحَتَهَا بِمِنًى وَغُدُوِّهِمْ إلَى عَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَحْرِيضِهِمْ عَلَى النُّزُولِ بِنَمِرَةَ. (ص) وَخُرُوجُهُ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الثَّامِنِ وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لِمِنًى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَبِالْمَقَامِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ أَيْ: كَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ إلَّا أَنَّ كَوْنَهُ خَلْفَ الْمَقَامِ عُرِفَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِعْرَانَةِ، أَوْ التَّنْعِيمِ) ظَاهِرٌ فِي الْعُمْرَةِ، وَأَمَّا الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ فَهُوَ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْجِعْرَانَةَ وَالتَّنْعِيمَ لَيْسَا مِيقَاتَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، سَوَاءٌ كَانَ مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الطَّوَافِ لَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ طَوَافُ الْقُدُومِ، بَلْ طَوَافُ الْعُمْرَةِ الرُّكْنِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِفَاضَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِنْ كَالتَّنْعِيمِ، وَالتَّقْدِيرُ وَرَمَلَ مُحْرِمٌ مُلْتَبِسًا بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، أَوْ الْمَعْطُوفِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ، أَوْ طَائِفٌ مُلْتَبِسٌ بِالْإِفَاضَةِ وَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ مُحْرِمٌ وَقَوْلُهُ: لِمُرَاهِقٍ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمُرَاهِقٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ) أَيْ: بِأَنْ قَالَ لَكَمُرَاهِقٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَ كَمِنْ الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ وَيَأْتِي بَدَلَهَا بِاللَّامِ (قَوْلُهُ: لَا تَطَوُّعَ وَوَدَاعَ) فِي شَرْحِ عب، وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ فِي هَذَيْنِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ الْبَاذِنْجَانِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ) أَيْ: يَأْخُذُهُ زَادَ بِأَنْ يَشْرَبَهُ فِي الطَّرِيقِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ يَتَزَوَّدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُغَذِّي فَيَقُومُ مَقَامَ الزَّادِ فَهَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ: قَبْلَ نَقْلِ مَاءِ زَمْزَمَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ أَيْ: الْمُمْكِنَةِ (قَوْلُهُ وَاحِدَةً) يَجُوزُ رَفْعُ " وَاحِدَةً " صِفَةً لِخُطْبَةِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً لِوَصْفِهَا بِالظَّرْفِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَنُدِبَ خُطْبَةٌ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ظُهْرِ يَوْمِ السَّابِعِ) فَلَوْ قَعَدَ قَبْلَ ظُهْرِ يَوْمِ السَّابِعِ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ ك (قَوْلُهُ وَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا) . اعْلَمْ أَنَّ الْوَحْدَةَ تَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْجُلُوسِ فَمَنْ رَآهَا وَاحِدَةً نَفَى الْجُلُوسَ، وَمَنْ رَآهَا اثْنَتَيْنِ أَثْبَتَهُ لَا مَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَالْخِلَافُ فِي الْجُلُوسِ كَمَا أَشَارَ لَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: يَفْتَتِحُهَا إلَخْ) ، وَفِي الشَّارِحِ وتت الِاقْتِصَارُ عَلَى افْتِتَاحِهَا بِالتَّكْبِيرِ وَذَكَرَهُمَا الْحَطَّابُ قَوْلَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ التَّكْبِيرُ كَمَا شَرَحَ شب (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَرْجَحُ) قَالَ مُحَشِّي تت وَلَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ فَمُفَادُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: يُخْبِرُ بِالْمَنَاسِكِ) أَيْ: يُذَكِّرُ مَنْ كَانَ عَارِفًا وَيُعَلِّمُ الْجَاهِلَ فَهُوَ شَامِلٌ لِهَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ ثُمَّ إنَّ إخْبَارَهُ بِالْمَنَاسِكِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَحَقُّقُ هَذِهِ الْخُطْبَةِ فَإِنْ لَمْ يُخَيَّرْ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِهَا . (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) أَيْ: وَيَوْمَ النُّقْلَةِ لَمَّا كَانُوا يَحْمِلُونَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ إلَى عَرَفَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا قَبْلَ يَوْمِهَا وَإِلَى عَرَفَةَ قَبْلَ يَوْمِهَا، وَلَوْ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ زَوَالِ الثَّامِنِ، وَمَنْ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إذَا خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَالِ يَخْرُجُ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ فِي آخِرِ الْمُخْتَارِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى الضَّرُورِيِّ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُ الْأَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِينَ وَأَمَّا الْمُقِيمُونَ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ انْتَهَى ابْنُ الْحَاجِبِ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ لِوَقْتِهَا قَصْرًا وَيَبِيتُ بِهَا، وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ، وَهُوَ مَعْنًى، قَوْلُهُ: (وَبَيَاتُهُ بِهَا) لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ الصُّبْحِ بِهَا. (ص) وَسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَنُزُولُهُ بِنَمِرَةَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ سَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا يُجَاوِزُ بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ؛ لِأَنَّ مُحَسِّرًا فِي حُكْمِ مِنًى، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَدَّمَ الضَّعِيفُ، وَمَنْ بِهِ عِلَّةٌ قَبْلَ الطُّلُوعِ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَكَانٌ بِعَرَفَةَ فَيَضْرِبُ الْإِمَامُ خِبَاءً بِهِ، أَوْ قُبَّةً كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (ص) وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ قَبْلَهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمَسْجِدِهَا تَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا قَبْلَهُ يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا صَلَاتَهُمْ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفَهُمْ بِهَا وَمَبِيتَهُمْ بِمُزْدَلِفَةَ وَجَمْعَهُمْ بِهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَوُقُوفَهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَإِسْرَاعَهُمْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ وَرَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ وَالنَّحْرَ وَالذَّبْحَ وَطَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَصَلَّى بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَجْزَأَ أَبُو عِمْرَانَ إجْمَاعًا فَقَوْلُهُ وَخُطْبَتَانِ أَيْ: خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا - وَالْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُؤَلِّفُ وَلَعَلَّهُ لِتَرْكِ النَّاسِ الْيَوْمَ لَهَا فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ -: وَاحِدَةٌ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ مَبِيتِهِمْ بِمِنًى وَكَيْفِيَّةَ الرَّمْيِ وَمَا يَلْزَمُ بِتَرْكِهِ، أَوْ بَعْضِهِ، وَحُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَتَعْجِيلَ الْإِفَاضَةِ وَالتَّوْسِعَةَ فِي تَأْخِيرِهِ، وَطَوَافَ الْوَدَاعِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، (ص) ثُمَّ أُذِّنَ (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ أُذِّنَ لَا عِنْدَ جُلُوسِهِ، وَلَا قَبْلَهَا، وَلَا فِيهَا، أَوْ بَعْدَهَا، وَلَا فِي آخِرِهَا بِحَيْثُ يَفْرُغُ مِنْهُ مَعَ فَرَاغِ الْخُطْبَةِ خِلَافًا لِزَاعِمِي ذَلِكَ وَيُقِيمُ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ. (ص) وَجَمْعٌ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ أَثَرَ الزَّوَالِ (ش) أَيْ: ثُمَّ إذَا أُذِّنَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ أَيْ: الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِأَذَانٍ ثَانٍ وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُ جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ، وَلَوْ وَافَقَ جُمُعَةً انْتَهَى. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ جَمَعَ الرَّشِيدُ مَالِكًا وَأَبَا يُوسُفَ فَسَأَلَهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُصَلِّهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ قَدْ صَلَّاهَا؛ لِأَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى بَعْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ جُمُعَةٌ فَقَالَ مَالِكٌ أَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا يَجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ؟ فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ وَسَلَّمَ، وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى، وَفِي تَغْيِيرِ الْمُؤَلِّفِ الْأُسْلُوبَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ أُذِّنَ وَجَمَعَ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَذَانِ وَالْجَمْعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ الْحُكْمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا السُّنِّيَّةُ لَا الِاسْتِحْبَابُ (ص) وَدُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَقِفُ لِلدُّعَاءِ بِهَا رَاكِبًا وَالْمَاشِي وَاقِفًا وَلِلتَّسْبِيحِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا) إلَى آخِرِ يَوْمِ مِنًى الثَّامِنِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ لِكُلٍّ قَبْلَ يَوْمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُقِيمُونَ) الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَجَّ (قَوْلُهُ: لَيْلَةَ عَرَفَةَ) أَرَادَ بِهَا لَيْلَةَ التَّاسِعِ (قَوْلُهُ: عَلَى ثَبِيرٍ) بِوَزْنِ أَمِيرٍ اسْمُ جَبَلٍ (قَوْلُهُ: خِبَاءً) الْخِبَاءُ مَا يُعْمَلُ مِنْ وَبَرٍ، أَوْ صُوفٍ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ، وَالْجَمْعُ أَخْبِيَةٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ مِثْلُ كِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ، وَيَكُونُ عَلَى عَمُودَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْتٌ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُبَّةً) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْقُبَّةُ مِنْ الْبُنَيَّانِ مَعْرُوفَةٌ وَتُطْلَقُ عَلَى الْبَيْتِ الْمُدَوَّرِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ التُّرْكُمَانِ وَالْأَكْرَادِ وَالْجَمْعُ قِبَابٌ مِثْلُ بُرْمَةٍ وَبِرَامٍ أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْقُبَّةَ مِنْ الْخِيَامِ بَيْتٌ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَاجِعٌ لِلْقُبَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ) الرَّاجِحُ السُّنِّيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ التُّونُسِيُّ مِنْ الْإِجْزَاءِ إنْ وَقَعَتْ الْخُطْبَةُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالصَّلَاةُ بَعْدَهُ وَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ يَخْطُبُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُذِّنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: وَلَا قَبْلَهَا) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ: عِنْدَ جُلُوسِهِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي حَالِ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِيهَا، أَوْ بَعْدَهَا) ، أَوْ لِلتَّخْيِيرِ أَشَارَ لَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ شَاءَ أَذَّنَ فِي الْخُطْبَةِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي آخِرِهَا إشَارَةٌ إلَى مَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ حَتَّى يَكُونَ فَرَاغُهُ مِنْ الْأَذَانِ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ وَيُقِيمُ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ) أَيْ: وَيُقِيمُ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ كَالْأَذَانِ بَعْدَ خُطْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ مِنْ غَيْرِ نَفْلٍ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ (قَوْلُهُ: إثْرَ الزَّوَالِ) أَيْ: بَعْدَهُ وَالْإِتْيَانُ بِثُمَّ يَدُلُّ عَلَى تَأْخِيرِ الْأَذَانِ مَعَ الْجَمْعِ عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ وَأَظْهَرُ مِنْهُ أَنْ لَوْ قَالَ إثْرَ الزَّوَالِ فَإِنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَهُمَا وَحْدَهُ فَإِنَّهُ تَرَكَهُ جُمْلَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا فِي اللُّمَعِ. قَالَ الْبَدْرُ يُسْتَغْرَبُ الدَّمُ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ) أَيْ: وَالْإِقَامَةُ مُتَعَدِّدَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ أَيْ: فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلدُّعَاءِ (قَوْلُهُ وَتَضَرُّعٌ) أَرَادَ بِهِ إظْهَارَ شِدَّةِ الرَّغْبَةِ فِي طَلَبِ الْإِجَابَةِ بِأَنْ يَدْعُوَ بِتَلَهُّفٍ وَيُظْهِرُ الْكَرْبَ وَالْحَاجَةَ وَالْفَاقَةَ وَالذُّلَّ وَالِافْتِقَارَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّرَفُّهِ، أَوْ الْكَسَلِ، أَوْ الْأَنَفَةِ وَالْعَظَمَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَلِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُتَضَرِّعًا إلَى الْغُرُوبِ، ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ» (ص) وَوُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ وَرُكُوبُهُ بِهِ ثُمَّ قِيَامٌ إلَّا لِتَعَبٍ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُنْدَبُ: وُقُوفُهُ عَلَى وُضُوءٍ لِيَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ، وَرُكُوبُهُ بِهِ لِوُقُوفِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى مُوَاصَلَةِ الدُّعَاءِ وَأَقْوَى عَلَى الطَّاعَةِ، وَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِ ظُهُورِ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ لِلدَّابَّةِ مَشَقَّةٌ وَلِذَلِكَ لَوْ حَصَلَ لَهَا ضَرَرٌ، أَوْ عَدِمَتْ اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَقْدَامِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. (ص) وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ (ش) قَالَ فِيهَا، وَمَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ، وَلَا بِدَابَّتِهِ، وَهُوَ يَسِيرُ بِسَيْرِ النَّاسِ فَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إلَّا بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إذَا أَتَاهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ «الصَّلَاةُ أَمَامَك» قِيلَ لِمَالِكٍ، فَإِنْ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الشَّفَقِ قَالَ هَذَا مِمَّا لَا أَظُنُّهُ يَكُونُ، وَلَوْ كَانَ مَا أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ انْتَهَى وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ انْتَهَى. وَلَا يَشْتَغِلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ شَيْئًا خَفِيفًا، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ صَلَاتَهُ بِمُزْدَلِفَةَ مُسْتَحَبَّةٌ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ سُنَّةٌ لَا يُقَالُ إنَّمَا حُكِمَ بِالنَّدْبِ عَلَى صَلَاتِهِمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ غَيْرَ مَجْمُوعَتَيْنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ جَمْعَهُمَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَلَاتُهُمَا غَيْرَ مَجْمُوعَتَيْنِ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَلَا يَكُونُ مَنْدُوبًا وَهَذَا إذَا وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ، أَوْ لَمْ يَسِرْ مَعَهُمْ لِغَيْرِ عَجْزٍ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا، أَوْ وَقَفَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَلَا بِغَيْرِهَا وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْحَاجِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ عَنْ السَّيْرِ مَعَ النَّاسِ لِعَجْزِهِ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ أَيْ: فِي أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ وَسَيَأْتِي. (ص) وَبَيَاتُهُ بِهَا (ش) يَعْنِي: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ الْمَبِيتُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَإِنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا النُّزُولُ بِهَا فَهُوَ وَاجِبٌ إنْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنْسَكِهِ: وَالظَّاهِرُ لَا يَكْفِي فِي النُّزُولِ إنَاخَةُ الْبَعِيرِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَطِّ الرِّحَالِ قَالَ ح وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لُبْثٌ، أَمَّا إنْ حَصَلَ، وَلَوْ لَمْ تُحَطُّ الرِّحَالُ أَيْ: بِالْفِعْلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَافٍ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ فَيَنْزِلُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَعَشَّوْنَ وَيَلْقُطُونَ الْجِمَارَ وَيَنَامُونَ سَاعَةً وَشَقَادِفُهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ، نَعَمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ انْتَهَى. وَمَنْ تَرَكَ النُّزُولَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَزِمَهُ الدَّمُ وَمَنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ الشَّمْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ سَنَدٍ، فَقَوْلُهُ: وَبَيَاتُهُ بِهَا أَيْ: الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ النُّزُولَ بِقَدْرِ مَا تُحَطُّ الرِّحَالُ وَاجِبٌ، سَوَاءٌ حُطَّتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. (ص) وَجَمَعَ وَقَصَرَ إلَّا أَهْلَهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ حَالٍّ بِمُزْدَلِفَةَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ مِنْ أَهْلِهَا وَيَقْصُرُ الْعِشَاءَ فَقَطْ لِلسُّنَّةِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ قَصْرِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قَالَ: إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ فَمَا هُنَا تَكْرَارٌ مَعَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَهْلَهَا رَاجِعٌ لِلْقَصْرِ فَقَطْ أَيْ: وَقَصْرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ مُزْدَلِفَةَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعِشَاءَ (ص) كَمِنًى وَعَرَفَةَ (ش) أَيْ: كَحَالٍّ فِي مِنًى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ) أَيْ: الدُّعَاءُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَيَّ دُعَاءٍ كَانَ، أَوْ الدُّعَاءُ الْمَنْسُوبُ لِيَوْمِ عَرَفَةَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ شب بِقَوْلِهِ: وَيَبْدَأُ دُعَاءَهُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِنْ أَلْفَاظِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَقَوْلِهِ تَعَالَى {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 200] {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 26] {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: 29] {رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 94] إلَخْ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ شب وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَوُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ) أَيْ: حُضُورُهُ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: فِيهِ أَيْ: الْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: قِيَامٌ) أَيْ: لِلرِّجَالِ فَقَطْ وَكُرِهَ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَعَبٍ) مِنْ قِيَامٍ، أَوْ لِدَابَّةٍ، أَوْ مِنْ رُكُوبِهَا، أَوْ مِنْ وُضُوءٍ فَيَكُونُ عَدَمُ ذَلِكَ أَفْضَلُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ النَّهْيُ) أَيْ: وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ» (قَوْلُهُ: بِمُزْدَلِفَةَ) سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةَ مِنْ الِازْدِلَافِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ إذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ ازْدَلَفُوا إلَيْهَا أَيْ: تَقَرَّبُوا وَمَضَوْا إلَيْهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَأَيْضًا جَمْعٌ لِاجْتِمَاعِ آدَمَ وَحَوَّاءَ فِيهَا وَقِيلَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِيهَا، وَمَنْ دَفَعَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا تُفِيدُ أَنَّ الْمُكْثَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مَطْلُوبٌ مَعَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَمَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَيْ: وَمَكَثَ بَعْضَ الْمُكْثِ (قَوْلُهُ: وَبَيَاتُهُ بِهَا) قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ الْإِقَامَةُ لَيْلًا، سَوَاءٌ نَامَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَوْ جَاءَ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلِقَوْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ وَقَصَّرَ) فِعْلَانِ مَاضِيَانِ يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ سُنَّةٌ وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ وَإِنْ كَانَ جَعَلَهُ لَهُ كَالتَّفْسِيرِ يُفِيدُ أَنْ يُقْرَأَ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ اسْمًا وَيُعْطَفُ عَلَى الْمَنْدُوبِ كَمَا فَعَلَ تت، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ: كَحَالٍّ فِي مِنًى) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ حَالًّا بِمِنًى فَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَبَيْنَ الظُّهْرَيْنِ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لَا، وَالْحَالُّ فِي عَرَفَةَ كَذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ هُوَ الْجَمْعُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 يَجْمَعُ الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ مُطْلَقًا وَيَقْصُرُ إلَّا أَهْلَهَا، وَالْحَالُّ فِي عَرَفَةَ كَذَلِكَ يَجْمَعُ مُطْلَقًا وَيَقْصُرُ إلَّا أَهْلَهَا، وَلَمَّا كَانَ الْجَمْعُ بِمُزْدَلِفَةَ خَاصًّا بِمَنْ دَفَعَ بِدَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَسِيرُ بِسَيْرِ النَّاسِ، أَمَّا مَنْ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (ص) ، وَإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ (ش) أَيْ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ لَحَاقِ النَّاسِ بِالسَّيْرِ بَعْدَ وُقُوفِهِ مَعَهُمْ فَيَجْمَعُ بَعْدَ الشَّفَقِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ إنْ وَقَفَ وَنَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ، فَقَوْلُهُ: إنْ نَفَرَ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ وَقَفَ، وَكَذَا فِي الْمَنَاسِكِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَإِلَّا فَكُلٌّ لِوَقْتِهِ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ، بَلْ وَقَفَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُ، بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا شُرِعَ لِمَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ (ص) ، وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ أَعَادَهُمَا (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلشَّفَقِ، أَوْ لِمَحَلِّ الْجَمْعِ أَيْ: وَإِنْ قَدَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عَلَى الشَّفَقِ كَانَ عَاجِزًا أَمْ لَا وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا نَفَرَ مَعَهُ أَمْ لَا أَعَادَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بَعْدَ الشَّفَقِ لَكِنَّ إعَادَةَ الْمَغْرِبِ اسْتِحْبَابًا فِي الْوَقْتِ وَالْعِشَاءِ وُجُوبًا أَبَدًا لِوُقُوعِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا أَوْ، وَإِنْ قَدَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عَلَى مَحَلِّ الْجَمْعِ، وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ مَنْ يَجْمَعُ فِيهِ، وَهُوَ مَنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا عَجْزَ بِهِ أَعَادَهُمَا اسْتِحْبَابًا فِيهِمَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلسُّنَّةِ فِي حَقِّهِ. (ص) وَارْتِحَالُهُ بَعْدَ الصُّبْحِ مُغَلِّسًا (ش) أَيْ: وَنُدِبَ ارْتِحَالُهُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوَّلَ وَقْتِهَا فَالْمُرَادُ بِالصُّبْحِ صَلَاتُهُ وَمُغَلِّسًا حَالٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَفْعُولَ ارْتِحَالِهِ (ص) وَوُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ وَيَدْعُو لِلْإِسْفَارِ، وَاسْتِقْبَالُهُ بِهِ (ش) أَيْ: يَرْتَحِلُ قَبْلَ الْوُضُوءِ لِيَأْتِيَ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، وَهُوَ فِي الْمُزْدَلِفَةِ فَيَسْتَمِرُّ وَاقِفًا بِهِ مُسْتَقْبِلًا بِالدُّعَاءِ وَبِالتَّهْلِيلِ وَبِالتَّحْمِيدِ وَبِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالتَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي عَرَفَةَ إلَى الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْمَشْعَرُ عَنْ يَسَارِهِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ بِالدُّعَاءِ رَفْعًا خَفِيفًا وَالْمَشْعَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا، وَهُوَ مَا بَيْنَ جَبَلَيْ الْمُزْدَلِفَةِ وَقُزَحٍ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ فَزَايٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُهْمَلَةٍ سُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ وَهِيَ مَعَالِمُ الدِّينِ وَالطَّاعَةِ وَمَعْنَى الْحَرَامِ الْمُحَرَّمُ أَيْ: الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ (ص) ، وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ (ش) أَيْ: وَلَا وُقُوفَ مَشْرُوعٌ بَعْدَ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى كَمَا فِي الْجَلَّابِ لِمُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقِفُونَ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ أَخَّرَ عَنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَحْتَمِلُ كَمَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ أَيْ: وَلَا وُقُوفَ بَعْدَ الْإِمَامِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الْأَوَّلِ إذْ نَفْيُ الْوُقُوفِ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُسْتَفَادٌ مِنْ جَعْلِ الْإِسْفَارِ غَايَةً لِلْوُقُوفِ (ص) ، وَلَا قَبْلَ الصُّبْحِ (ش) أَيْ: وَلَا وُقُوفَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ. (ص) وَإِسْرَاعٌ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ فِي بَطْنِ وَادِي مُحَسِّرٍ لِلسُّنَّةِ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَمِنًى قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ لَيْسَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ، ثُمَّ حَاءٍ مَفْتُوحَةٍ، ثُمَّ سِينٍ مُشَدَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ، ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَسْرِ فِيلِ أَصْحَابِ الْفِيلِ فِيهِ أَيْ: إعْيَائِهِ وَقِيلَ نَزَلَ فِيهِ عَلَيْهِمْ الْعَذَابُ. (ص) وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ حِينَ وُصُولِهِ إلَى مِنًى قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ رَمْيُ جَمْرَةٍ فَالِاسْتِحْبَابُ مُنْصَبٌّ عَلَى الرَّمْيِ حِينَ الْوُصُولِ؛ لِأَنَّهَا تَحِيَّةُ الْحَرَمِ، وَأَمَّا رَمْيُهَا فِي نَفْسِهَا فَوَاجِبٌ وَبَالَغَ عَلَى تَعْجِيلِ رَمْيِهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ رَاكِبًا) وَيَأْتِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَمْيُهَا   [حاشية العدوي] الْعِشَاءَيْنِ هُوَ الْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَشْبِيهًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَصَّرَ إلَّا أَهْلَهَا بِمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ حَالٍّ فِي مِنًى وَعَرَفَةَ يُقَصِّرُ إلَّا أَهْلَهَا فَالْحُجَّاجُ حِينَ يَكُونُونَ بِمِنًى فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُقَصِّرُونَ إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَوْ كَانَ حَاجًّا (قَوْلُهُ أَوْ، وَإِنْ قَدَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عَلَى مَحَلِّ الْجَمْعِ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَوُقُوفُهُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَهَلْ النَّدْبُ يَحْصُلُ بِالْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ وَيَدْعُ فَهُمَا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ، أَوْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوُقُوفِ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا؟ وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ بَلْ يَكْفِي مُقَارَنَتُهُ لِأَحَدِهِمَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لِلْإِسْفَارِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْعَرُ عَنْ يَسَارِهِ) يُنَافِي التَّعْبِيرَ بِقَوْلِهِ: أَوْ لَا وَاقِفًا بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَاقِفًا بِقُرْبِهِ وَقَوْلُهُ: وَقُزَحُ هُوَ جَبَلٌ (قَوْلُهُ مَعَالِمُ الدِّينِ وَالطَّاعَةِ) أَيْ: مَحَلُّ عِلْمِ الدِّينِ أَيْ: مَا يَتَدَيَّنُ بِهِ وَهُوَ الطَّاعَةُ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِ ذَلِكَ أَيْ: مَحَلُّ الدِّينِ الْمَعْلُومِ (قَوْلُهُ: أَيْ: الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ) فَهُوَ يُقْرَأُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَنِسْبَةُ التَّحْرِيمِ لَهُ مَجَازٌ، أَوْ يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ أَيْ: الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ) أَيْ: لِأَنَّهُ قِيلَ بَعْضُهُ مِنْ مِنًى وَبَعْضُهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ وَقِيلَ: الْمَشْعَرُ بَيْنَ جَبَلَيْ الْمُزْدَلِفَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهَلْ بَطْنُ مُحَسِّرٍ وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَبَيْنَ مِنًى قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ لَيْسَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ، أَوْ هُوَ مِنْ مِنًى وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ بَعْضُهُ مِنْ مِنًى وَبَعْضُهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَصَوَّبَهُ أَقْوَالٌ (قَوْلُهُ لِحَسْرِ فِيلِ أَصْحَابِ الْفِيلِ فِيهِ) الْحَقُّ أَنَّ قَضِيَّةَ الْفِيلِ لَمْ تَكُنْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ، بَلْ خَارِجَ الْحَرَمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ) وَلَا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ، بَلْ يَرْجِعُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ (قَوْلُهُ وَبَالَغَ عَلَى تَعْجِيلِهَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ رَاكِبًا) أَيْ: فَيَرْمِيهَا عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ رُكُوبٍ، أَوْ مَشْيٍ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَيَرْمِيهَا، وَلَوْ رَاكِبًا فَلَيْسَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ النَّدْبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 طُلُوعَ الشَّمْسِ فَإِذَا وَصَلَ قَبْلَ الطُّلُوعِ أَخَّرَ حَتَّى تَطْلُعَ وَيَأْتِي أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاللَّيْلِ قَضَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَالْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي غَيْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَيَشْمَلُ الْمَشْيُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْعَقَبَةَ وَغَيْرَهَا (ص) وَحَلَّ بِهَا غَيْرَ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَكُرِهَ الطِّيبُ (ش) أَيْ: وَحَلَّ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ غَيْرَ قِرْبَانِ نِسَاءٍ بِجِمَاعٍ وَمُقَدَّمَاتِهِ، وَعَقْدِ نِكَاحٍ، وَغَيْرَ صَيْدٍ فَحُرْمَتُهُمَا بَاقِيَةٌ وَسَيَأْتِي الْوَاجِبُ فِيهِمَا وَيُكْرَهُ الطِّيبُ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَوَاتُ وَقْتِهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِهِ غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ، وَكُرِهَ الطِّيبُ، وَالْمُرَادُ بِوَقْتِهَا وَقْتُ أَدَائِهَا. (ص) وَتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ مَعَ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَ الْحَصَاةَ بِأُصْبُعَيْهِ لَا بِقَبْضَتِهِ (ص) وَتَتَابُعُهَا وَلَقْطُهَا (ش) أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ كُلِّ حَصَاتَيْنِ فِي رَمْيِ كُلِّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ لَقْطُ الْحَصَيَاتِ الَّتِي يَرْمِي بِهَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَجَرًا وَيَكْسِرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَقْطُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ،، وَأَمَّا الرَّمْيُ بِمَرْمِيٍّ بِهِ فَسَيَأْتِي وَسَبَبُ الرَّمْيِ تَعَرُّضُ إبْلِيسَ لِإِسْحَاقَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرَّمْيِ الْآنَ، وَإِنَّ الْخَلِيلَ أَمَرَهُ بِحَصْبِهِ فِي كُلٍّ مِنْهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. (ص) وَذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِيَحْلِقَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ ذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَوْ قَبْلَ الشَّمْسِ سَنَدٌ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَلِكَ جَازَ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ قَالَ بَعْضٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ: " تَأْخِيرُ الْحَلْقِ إلَى بَعْدِ الزَّوَالِ بِلَا عُذْرٍ مَكْرُوهٌ " أَنَّ الذَّبْحَ بَعْدَهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلْقِ انْتَهَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ بَدَنَتَهُ ضَلَّتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا إلَى الزَّوَالِ أَيْ: لِقُرْبِهِ بِحَيْثُ يَبْقَى لَهُ قَدْرُ مَا يَحْلِقُ، فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ لِئَلَّا يَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الزَّوَالِ وَإِلَّا لَوَقَعَ حَلْقُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَوْ قَالَ إلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ قَدْرُ حَلْقِهِ لَطَابَقَ الْمَنْقُولَ (ص) ثُمَّ حَلَقَهُ (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الذَّبْحِ حَلَقَهُ، وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ بِكُلِّ مُزِيلٍ، فَبَعْضُهُ كَالْعَدَمِ وَالتَّرْتِيبُ الْمُفَادُ بِثُمَّ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ، وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ فِي قَوْلِهِ: وَالتَّقْصِيرُ مُجْزِئٌ، أَوْ إلَى إيقَاعِ الْحَلْقِ عَقِيبَ الذَّبْحِ، أَمَّا الْحَلْقُ نَفْسُهُ، أَوْ التَّقْصِيرُ فَوَاجِبٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَأْخِيرَ الْحَلْقِ عَنْ الرَّمْيِ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَمَا أَنَّ تَأْخِيرَ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الذَّبْحِ عَنْ الرَّمْيِ وَتَأْخِيرُ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ فَمُسْتَحَبٌّ كَتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ عَنْ الذَّبْحِ وَسَيَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ الْإِشَارَةُ لِهَذَا، وَلَمَّا كَانَ الْحَلْقُ بِالْحَدِيدِ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا أَشَارَ لِلْحِلَاقِ بِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِنُورَةٍ) فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْأَفْضَلِ، وَقَوْلُهُ: (إنْ عَمَّ رَأْسَهُ) قَيْدٌ فِي الْحَلْقِ أَيْ: إنْ عَمَّ الْحَلْقُ رَأْسَهُ، وَلَوْ بِنُورَةٍ لَا قَيْدَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ بِنُورَةٍ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْحَلْقَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَوْ لَمْ يَعُمَّ الرَّأْسَ (ص) وَالتَّقْصِيرُ مُجْزِئٌ (ش) أَيْ: وَالتَّقْصِيرُ لِمَنْ لَهُ الْحَلْقُ أَفْضَلُ مُجْزِئٌ عَنْ الْحِلَاقِ لِخَبَرِ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ» وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَلْقُ مُتَعَذِّرِ التَّقْصِيرِ.   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) أَفْهَمَ أَنَّ الْحَاجَّ رَجُلٌ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فَيُقَالُ وَحَلَّ بِرَمْيِهَا الْعَقَبَةَ غَيْرَ رِجَالٍ وَصَيْدٍ (قَوْلُهُ وَعَقْدِ نِكَاحٍ) فَإِنْ عَقَدَ فَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) أَيْ: لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ لِيَدِهِ قَبْلَ النُّطْقِ بِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا لِمَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: تَكْبِيرُهُ) أَشْعَرَ بِأَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ بَدَلَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأُصْبُعَيْهِ) وَيَكُونُ الرَّمْيُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ فَبِالْيُسْرَى (قَوْلُهُ: أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ كُلِّ حَصَاتَيْنِ) أَيْ: وَيُتْبِعُ الثَّانِيَةَ بِالْأُولَى وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَرَبُّصٍ إلَّا بِمِقْدَارٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كَوْنُهُمَا رَمْيَتَيْنِ وَتَصِلُ الْحَصَاةُ لِلْجَمْرَةِ لَا فِي الْأَرْضِ مِنْ حَوْلِهَا (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَقْطُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ) . ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ لَقْطُ جَمِيعِ الْجِمَارِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ لَقْطُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ قَالَ الْأَشْيَاخُ: وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِمِنًى إلَّا رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَابْنَ حَبِيبٍ وَغَيْرَهُمَا اسْتَحَبُّوا أَخْذَهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِّ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَخْذُهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَ بَدَنَتَهُ) أَيْ: بِأَنْ ضَلَّتْ، أَوْ يَشْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَالْبَدَنَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَقَالَ بِهِ عَطَاءٌ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْبُدْنَ} [الحج: 36] الْآيَةُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ حَيْثُ أُطْلِقَتْ الْبَدَنَةُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لِيَحْلِقَ) أَيْ: قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ نَحْرِهَا فَكِلَاهُمَا مُسْتَحَبٌّ قَبْلَ الزَّوَالِ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَقَهُ) الْحَلْقُ إنَّمَا هُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ، وَأَمَّا هُوَ فَالتَّقْصِيرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ اسْتِبْقَاءً لِلشَّعَثِ فِي الْحَجِّ، وَإِطْلَاقُ الْحِلَاقِ يَتَنَاوَلُ الْأَقْرَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُجْرِي الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَيَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ فَقْدِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ، وَمَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحِلَاقِ أَهْدَى، قَالَ بَعْضٌ: فَإِنْ صَحَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّرْتِيبُ الْمُفَادُ بِثُمَّ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ إلَى إيقَاعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنُورَةٍ) بِضَمِّ النُّونِ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ تَعَبُّدٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 لِقِلَّتِهِ، أَوْ ذِي تَلْبِيدٍ، أَوْ ضَفْرٍ، أَوْ عَقْصٍ مُتَعَيِّنٍ وَحَلْقُ، غَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي الْحَجِّ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ انْتَهَى. (ص) ، وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ (ش) أَيْ: التَّقْصِيرُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِنَّ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ تِسْعٍ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحْلِقَ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَحْلِقَ رَأْسَهَا؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ بِهِنَّ نَعَمْ إنْ كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى فَإِنَّهَا تَحْلِقُ؛ لِأَنَّهُ صَلَاحٌ لَهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إلَّا التَّقْصِيرُ انْتَهَى. فَإِنْ لَبَّدَتْ شَعْرَهَا فَإِنَّهُ تُقَصِّرُهُ بَعْدَ زَوَالِ تَلْبِيدِهِ بِالِامْتِشَاطِ وَنَحْوِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إلَّا هُوَ لَا أَنَّهُ فِي حَقِّهَا سُنَّةٌ، وَلَهَا أَنْ تَفْعَلَ غَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ: الْمَرْأَةِ أَيْ: الْأُنْثَى مَا لَمْ تَصْغُرْ جِدًّا، وَلَمَّا كَانَتْ صِفَةُ التَّقْصِيرِ مُخْتَلِفَةً بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (تَأْخُذُ) الْمَرْأَةُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهَا (قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ) مِنْ جَمِيعِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ، أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ، أَوْ دُونَهَا بِهِ وَرِوَايَةُ الطِّرَازِ " قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ " لَا أَعْرِفُهَا، وَقَوْلُهُ: (وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي تَأْخُذُ أَيْ: وَيَأْخُذُ الرَّجُلُ فِي تَقْصِيرِهِ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ أَخْطَأَ وَيُجْزِئُهُ، فَقَوْلُهُ: مِنْ قُرْبٍ أَصْلُهُ اسْتِحْبَابًا وَبِهِ وَفَّقَ بَيْنَ كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ. (ص) ، ثُمَّ يُفِيضُ (ش) أَتَى بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ إشَارَةً مِنْهُ إلَى أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَمِنْ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ إلَى مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ سَبْعًا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ وَيُسْتَحَبُّ طَوَافُهُ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ، فَيَحِلُّ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ أَوْ مَكْرُوهًا: فَيَطَأُ النِّسَاءَ، يَصْطَادُ، يَسْتَعْمِلُ الطِّيبَ، وَلَا يَضُرُّهُ بَقَاؤُهُ، وَلَا الْمَبِيتُ بِمِنًى بِلَا خِلَافٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ (ش) أَيْ: وَحَلَّ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ حُرْمَةُ قِرْبَانِ النِّسَاءِ بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ، أَوْ عَقْدٍ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ (إنْ حَلَقَ) أَيْ: وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا، وَقَدْ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ السَّعْيَ فَلَا يَحِلُّ مَا بَقِيَ إلَّا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ الْإِفَاضَةِ، وَقَوْلُنَا: وَرَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا أَفَاضَ قَبْلَ رَمْيِهَا فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ هَدْيٌ إنْ وَطِئَ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِهَا، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ فِعْلِهَا وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَعَقَبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِلَّا فَهَدْيٌ. (ص) ، وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَدَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ (ش) أَيْ: وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ، وَهُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَأَمَّا إنْ صَادَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِخِفَّةِ الصَّيْدِ عَنْ الْوَطْءِ (ص) كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ إلَى أَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَجَّةُ بَاقِيَةً وَيَكْفِي الطُّولُ فِي لُزُومِ الدَّمِ فِيمَنْ بِلَادُهُ بَعِيدَةٌ فَلَوْ زَادَ، أَوْ طُولًا بَعْدَ قَوْلِهِ: لِبَلَدِهِ لَأَفَادَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (ص) أَوْ الْإِفَاضَةُ لِلْمُحْرِمِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ فَلَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ السَّعْيِ، أَوْ السَّعْيَ وَحْدَهُ إلَى أَنْ مَضَتْ هَذِهِ الْأَشْهُرُ وَدَخَلَ الْمُحَرَّمُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْإِفَاضَةِ فِي الْأُولَى وَبِهِ مَعَ السَّعْيِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ سَنَدٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ ضَفْرٍ، أَوْ عَقْصٍ) الضَّفْرُ أَنْ يُضَفِّرَ شَعْرَ رَأْسِهِ إذَا كَانَ ذَا جُمَّةٍ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الشَّعَثِ، وَالْعَقْصُ أَنْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ فِي قَفَاهُ إذَا كَانَ ذَا جَمَّةٍ لِئَلَّا يَشْعَثَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَالْحُرْمَةُ تَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَبَّدَتْ) أَيْ: بِأَنْ جَعَلَتْ الصَّمْغَ فِي الْغَاسُولِ ثُمَّ يُلَطَّخُ بِهِ الرَّأْسُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لِيَمْنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ الشَّعَثِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَصْغُرْ جِدًّا) وَهِيَ بِنْتٌ أَقَلُّ مِنْ تِسْعٍ (قَوْلُهُ: وَرِوَايَةُ الطِّرَازِ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْأُنْمُلَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ وُفِّقَ) . اعْلَمْ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ قَدْ قَالَتْ: جَزَّ ذَلِكَ جَزًّا، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ وَيُجْزِيهِ وَقَالَتْ الْمُدَوَّنَةُ إذَا قَصَّرَ الرَّجُلُ فَلْيَأْخُذْ مِنْ جَمِيعِ رَأْسِهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ فَحُمِلَتَا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْأَخْذِ وَقُرْبِ الْأَصْلِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُفِيضُ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ قَالَهُ الْبَدْرُ. وَلَكِنْ يَلْزَمُ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ دَمٌ (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ: إزَارٍ وَرِدَاءٍ) أَيْ: وَيَفْعَلُهُ عَقِبَ حَلْقِهِ (قَوْلُهُ: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَهَدْيٌ) أَيْ:، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَهَدْيٌ صَادِقٌ بِمَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ، وَلَوْ فَاتَ وَقْتُهَا فَيُسْتَثْنَى مَا إذَا فَاتَ وَقْتُهَا فَإِنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ فِعْلِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّيْدِ) وَأَوْلَى الطِّيبُ فَلَا دَمَ لِخِفَّتِهِمَا عَنْ الْوَطْءِ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ قَبْلَ السَّعْيِ فَيُهْدِي، أَوْ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ (قَوْلُهُ: كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ) أَيْ: عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الطُّولُ إلَخْ) بِأَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ أَنْ يَرْمِيَ الثَّلَاثَ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ أَيْ: إنْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ اسْتِحْبَابًا أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ الْحَلْقِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَوْ كَانَتْ أَيَّامُ مِنًى بَاقِيَةً وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ذَهَبَتْ أَيَّامُ مِنًى . (قَوْلُهُ: أَوْ بِالسَّعْيِ) أَيْ: فَقَطْ أَيْ: فِي الْأَخِيرَةِ إنْ قَرُبَ السَّعْيُ مِنْ الطَّوَافِ، وَإِنْ بَعُدَ الْأَمْرُ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِأَجْلِ السَّعْيِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ يَكُونُ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَوَافٍ وَيَجِبُ اتِّصَالُهُمَا، وَلَوْ فَعَلَ الطَّوَافَ قَبْلَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَفَعَلَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُمَا مَعَهُ فِي الْحِجَّةِ، وَلَوْ أَوْقَع السَّعْيَ عَقِبَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ سَعْيَهُ صَحِيحٌ لِاتِّصَالِهِ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِفِعْلِ السَّعْيِ فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ إنْ فَعَلَ بَعْضَ السَّعْيِ فِي الْمُحَرَّمِ كَفِعْلِ كُلِّهِ فِيهِ، فَلَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 فِي تَأْخِيرِهِمَا وَأَحْرَى أَحَدُهُمَا. (ص) وَرَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْحَلْقِ أَيْ: وَتَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَقَبَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فِيهِ دَمٌ، وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُ حَصَيَاتِ جَمْرَةٍ كَامِلَةٍ، أَوْ الْجِمَارُ الْجَمِيعُ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ لِلَّيْلِ وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ كَمَا يَأْتِي وَأَوْلَى فِي وُجُوبِ الدَّمِ لَوْ فَاتَ الْوَقْتَانِ (ص) ، وَإِنْ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَالْمَجْنُونَ يَرْمِي عَنْهُمَا مَنْ أَحَجَّهُمَا كَمَا أَنَّهُ يَطُوفُ عَنْهُمَا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ إنْ قَبْلَهَا كَطَوَافٍ لَا كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ، فَإِنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ وَعَنْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا إلَى أَنْ دَخَلَ اللَّيْلُ فَالدَّمُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمَا، وَلَوْ رَمَى عَنْهُمَا فِي وَقْتِ الرَّمْيِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَرَمْيُ الْوَلِيِّ كَرَمْيِهِ بِخِلَافِ رَمْيِ النَّائِبِ عَنْ الْعَاجِزِ فَإِنَّ فِيهِ الدَّمَ وَلَوْ رَمَى عَنْهُ فِي وَقْتِ الرَّمْيِ إلَّا أَنْ يَصِحَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي يُحْسِنُ الرَّمْيَ فَإِنَّهُ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْمِ إلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَجْنُونَ مِثْلُ الصَّغِيرِ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ لِكَصَغِيرٍ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَمَّا الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَكَالْمَرِيضِ (ص) ، أَوْ عَاجِزٍ وَيَسْتَنِيبُ فَيَتَحَرَّى وَقْتَ الرَّمْيِ وَيُكَبِّرُ (ش) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْعَاجِزِ، وَفِي حُكْمِهِ الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الرَّمْيِ، أَوْ الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ يَرْمِي عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا، فَإِنْ قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ وَيَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحْمِلُهُ، أَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَلَا قَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَرْمِي عَنْهُ غَيْرُهُ نِيَابَةً وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ وَقْتَ الرَّمْيِ أَيْ: وَقْتَ رَمْيِ الْغَيْرِ عَنْهُ وَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَلْيَقِفْ الرَّامِي عَنْهُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَحَسَنٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ ذَلِكَ الْوُقُوفَ وَيَدْعُو، وَجُمْلَةُ " وَيَسْتَنِيبُ " جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ: وَحُكْمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ صِفَةً كَانَ أَوْلَى وَفَائِدَةُ الِاسْتِنَابَةِ وَعَدَمِهَا الْإِثْمُ، وَعَدَمُهُ أَيْ: الْإِثْمُ إنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَعَدَمُهُ إنْ رَمَى عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَالدَّمُ عَلَيْهِ اسْتَنَابَ أَمْ لَا. (ص) وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنْ الرَّابِعِ (ش) أَيْ: وَإِذَا صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعِيدُ وُجُوبًا مَا كَانَ رُمِيَ عَنْهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الْمَاضِيَةِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَوَاتِ الْحَاصِلِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ، وَإِنَّمَا رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ فَلَوْ رَمَى عَنْ الْمَرِيضِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ صَحَّ فَإِنَّهُ يَرْمِيهَا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إذَا صَحَّ وَأَعَادَهَا نَهَارًا، وَإِنْ صَحَّ لَيْلًا وَرَمَاهَا فَعَلَيْهِ الدَّمُ فَقَوْلُهُ وَأَعَادَ إنْ صَحَّ إلَخْ، لَكِنْ إنْ صَحَّ وَأَعَادَ مَا رَمَى عَنْهُ فِي وَقْتِهِ لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعَادَ مَا رَمَى عَنْهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَنَحْوُهُ فِي الشَّرْحِ وح فَالدَّمُ مُرَتَّبٌ عَلَى النِّيَابَةِ وَعَلَى عَدَمِ حُصُولِهِ مِنْ الْمَرْمِيِّ عَنْهُ فِي الْوَقْتِ. (ص) وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ (ش) أَشَارَ بِهَذَا وَبِمَا قَدَّمَهُ وَبِمَا يَأْتِي مِنْ كَلَامِهِ إلَى أَنَّ الْجِمَارَ لَهَا أَوْقَاتُ ثَلَاثَةٌ: وَقْتُ أَدَاءً، وَوَقْتُ فَوَاتٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ، وَوَقْتُ اسْتِدْرَاكِ الرَّمْيِ لِحُصُولِ التَّرْتِيبِ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَعَادَ مَا حَضَرَ إلَخْ، فَوَقْتُ الْفَوَاتِ هُوَ الَّذِي لَا يَرْمِي فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْجِمَارِ أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنْ الرَّابِعِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا غَرَبَتْ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَإِنَّ الرَّمْيَ يَفُوتُ بِكُلِّ وَجْهٍ وَوَقْتُ الْقَضَاءِ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ، وَمَنْ رَمَى فِيهِ يَلْزَمُهُ الدَّمُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُنَا وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ أَيْ: وَاللَّيْلُ عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ قَضَاءٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ فِيهِ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعَ الرَّمْيِ إلَى غُرُوبِ الرَّابِعِ، وَوَقْتُ الْأَدَاءِ هُوَ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ دَمٌ، فَوَقْتُ أَدَاءِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْهُ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رَمْيُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمِ   [حاشية العدوي] أَخَّرَ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ وَالْإِفَاضَةَ لِلْمُحَرَّمِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ مَعًا لِلْمُحَرَّمِ فَإِنْ عَلَيْهِ دَمًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِصَغِيرٍ) أَيْ: مِنْ صَغِيرٍ أَيْ: مِنْ وَلِيِّ صَغِيرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَكَالْمَرِيضِ إلَخْ) أَيْ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَاجِزٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاجِزٌ إلَخْ) أَيْ: أَوْ تَأْخِيرُ رَمْيِ عَاجِزٍ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، وَلَوْ إغْمَاءً طَرَأَ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ دُونَ الصَّغِيرِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِسَائِرِ الْأَرْكَانِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ بِالرَّمْيِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَلِيُّ كَذَا فَرَّقَ الْبَاجِيُّ؛ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي أَدْخُلَهُ فِي الْإِحْرَامِ قَالَ عج وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِمَنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَنْ وَافَقَهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لُزُومَ الدَّمِ لِلْعَاجِزِ الَّذِي اسْتَنَابَ مُوجِبُهُ التَّأْخِيرُ لِلرَّمْيِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مُوجِبُهُ النِّيَابَةُ بِشَرْطِهَا وَهُوَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْمَرِيضُ وَيَرْمِي قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَإِنْ رَمَى النَّائِبُ عَنْ الْعَاجِزِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فَدَمَانِ: وَاحِدٌ لِلنِّيَابَةِ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ، وَآخَرُ لِلرَّمْيِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ عَلَى النَّائِبِ إلَّا لِعُذْرٍ فِي تَأْخِيرِهِ فَعَلَى الْمُسْتَنِيبِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجُوزُ لِلْعَاجِزِ الِاسْتِنَابَةُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ الثَّلَاثِ وَلَوْ رَجَا الصِّحَّةَ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ حَيْثُ رَجَا الصِّحَّةَ وَالْفَرْقُ كَوْنُهَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) أَقُولُ فِيهِ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ هَلْ الِاسْتِنَابَةُ مَطْلُوبَةٌ أَمْ لَا؟ مَعَ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْحَذْفِ أَنَّ الْمَعْنَى وَتَأْخِيرٌ مِنْ نَائِبٍ عَاجِزٍ مَوْصُوفٌ بِالِاسْتِنَابَةِ وَحَيْثُ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ بِهِ الدَّمُ لَا يُقَالُ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ النَّهَارُ وَقْتَ أَدَاءً لِلرَّمْيِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا فِي مِثْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِيهَا، وَوَقْتُ أَدَاءِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ، فَلَوْ رَمَى فِي وَاحِدٍ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُجْزِهِ وَالْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَصِحُّ الرَّمْيُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ أَيْ: قَضَاءُ جَمِيعِ الْجِمَارِ: الْعَقَبَةُ وَغَيْرُهَا يَنْتَهِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَإِنْ غَرَبَتْ مِنْهُ فَلَا قَضَاءَ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ فَعَلَى هَذَا لَا قَضَاءَ لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْهُ يَخْرُجُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَ أَوَّلًا وَإِلَّا تَكَرَّرَ (ص) وَحُمِلَ مُطِيقٌ وَرَمَى، وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ (ش) تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ، أَوْ الصَّغِيرَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ مَحْمُولًا وَوَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ وَيَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَرْمِي الْحَصَاةَ فِي كَفِّ غَيْرِهِ لِيَرْمِيَ بِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ رَمْيًا، فَقَوْلُهُ: وَحُمِلَ مُطِيقٌ أَيْ: وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ: وَرَمَى أَيْ: بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَرْمِي إلَخْ أَيْ: لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ. (ص) وَتَقْدِيمُ الْحَلْقِ، أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ (ش) هَذَا بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يُوجِبُ الدَّمَ وَهُوَ، قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ شَيْءٍ مِنْ التَّحَلُّلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا هَدْيَ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْهَدْيِ فَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ إذَا قَدَّمَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مَعَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَصْدُقُ بِتَقْدِيمِ الْإِفَاضَةِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَلَا فِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَلَوْ قَدَّمَ كُلًّا مِنْ الْإِفَاضَةِ وَالْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ لَوَجَبَ فِيهِمَا فِدْيَةٌ وَهَدْيٌ، ثُمَّ إنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الرَّمْيِ وَاجِبٌ إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَمَا وَجَبَ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ (ص) لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ (ش) أَيْ: لَا إنْ خَالَفَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جَهْلًا فِي غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ: بِأَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، أَوْ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ، أَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى النَّحْرِ، أَوْ عَلَى الْحَلْقِ، أَوْ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا دَمَ. (ص) وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاجَّ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَنْ يَعُودَ إلَى مِنًى عَلَى الْفَوْرِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِي مَكَّةَ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْمَبِيتَ بِمِنًى فَإِذَا عَادَ إلَى مِنًى فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ فِيهَا فَوْقَ الْعَقَبَةِ مِنْ نَاحِيَةِ مِنًى لَا مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى؛ ثَلَاثَ لَيَالٍ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ كَمَا يَأْتِي قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا خِلَافَ أَنَّ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ إلَّا لِرِعَايَةٍ، أَوْ مَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ، أَوْ الْمُتَعَجِّلِ وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِسُنِّيَّةِ ذَلِكَ فَلَوْ وَقَعَ أَنَّهُ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى، وَلَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَقَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَقَبَةِ أَيْ: فَوْقَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ مِنًى لَا لِقَوْلِهِ فِي مِنًى، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِيُفِيدَ أَنَّ مِنًى هُوَ مَا فَوْقَ الْعَقَبَةِ لَا أَنَّ فَوْقَ الْعَقَبَةِ بَعْضُ مِنًى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَقَبَةَ هِيَ حَدُّ مِنًى مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ. (ص) ، وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ فَوْقَ الْعَقَبَةِ وَبَاتَ دُونَهَا جِهَةَ مَكَّةَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ عَلَى حَسَبِ مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ بِمَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا (ص)   [حاشية العدوي] وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي لَيْلًا قَالَهُ الْبَدْرُ . (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ) قَالَ بَعْضٌ: وَانْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ بِإِعَادَةِ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ الرَّمْيِ؟ وَالظَّاهِرُ لَا يَسْقُطُ انْتَهَى. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ ك (قَوْلُهُ: وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى) تُرْسَمُ بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَاوِيَّةٌ بِخِلَافِ اُلْمُنَا بِضَمِّ الْمِيمِ فَإِنَّهُ يُرْسَمُ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ يَائِيٌّ بَدْرٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) حَذْفُ التَّاءِ مِنْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا لَيَالٍ ك (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ) يُنَافِي قَوْلَهُ يَلْزَمُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ وَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ بَعْضٍ وَنَصُّهُ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى أَيْ: فِيهَا فَلَا يَجِبُ فَوْرًا، بَلْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ نَهَارًا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَالْفَوْرُ أَفْضَلُ وَلَا يَمْضِي مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فِي أَيَّامِ مِنًى، بَلْ يَلْزَمُ مَسْجِدَ الْخَيْفِ لِلصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ فِيهَا) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ يَعْنِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاجَّ أَنْ يَعُودَ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَوْدَ إنَّمَا هُوَ لِلْبَيَاتِ فِيهَا وَلَكِنْ هِيَ عِبَارَاتٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ بِالسُّنِّيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ بِاللُّزُومِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاحِيَةِ) بَيَانٌ لِفَوْقِ الْعَقَبَةِ وَإِضَافَةُ نَاحِيَةٍ إلَى مِنًى لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ) أَيْ: أَوْ لَيْلَةً، أَوْ الثَّلَاثَ الْوَاجِبُ دَمٌ فَقَطْ وَلَا يَتَعَدَّدُ وَقَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَقَبَةِ أَيْ: فَوْقَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ " جَمْرَةِ " وَيَقُولُ: فَوْقَ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمْرَةَ مِنْ مِنًى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) . وَمُقَابِلُهُ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَبِيتَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: جُلُّ لَيْلَةٍ أَنَّهُ لَوْ بَاتَ بِمِنًى نِصْفَ لَيْلَةٍ فَمَا دُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ، وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ، أَوْ مَكِّيًّا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى مِنًى لِأَجْلِ أَنْ يَبِيتَ بِهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ التَّعَجُّلِ بَيْنَ أَنْ يَبِيتَ بِغَيْرِ مَكَّةَ أَوْ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا، أَوْ مَكِّيًّا عَلَى الْأَصَحِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] أَيْ: لِفَوَاتِهِ لِلرُّخْصَةِ وَمَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ يَبِيتُ بِمَكَّةَ أَنْ يَعُودَ لِلرَّمْيِ لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ، وَالدَّمُ إنْ لَمْ يَعُدْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَجَّلُ أَهْلُ مَكَّةَ وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ مُجَاوَزَةُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمَى الثَّالِثُ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَهُ؛ ولِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، وَانْظُرْ هَلْ عَدَمُ التَّعْجِيلِ أَفْضَلُ مِنْ التَّعْجِيلِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْعَمَلِ أَمْ لَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَكَذَا كَلَامُ الرِّسَالَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ التَّعْجِيلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ. (ص) وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَأْتِي الثَّالِثُ فَيَرْمِي لِلْيَوْمَيْنِ (ش) وَرَدَتْ الرُّخْصَةُ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ فِي حَقِّ رُعَاةِ الْإِبِلِ أَنَّهُمْ إذَا رَمَوْا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَى رَعْيِ مَوَاشِيهِمْ، ثُمَّ يَأْتُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِالنِّسْبَةِ لِيَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ صَبِيحَةُ ثَانِيَ عَشَرَ الْحِجَّةِ وَهُوَ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَرْمُوا لِلْيَوْمِ الْمَاضِي وَهُوَ ثَانِي النَّحْرِ وَلِلْيَوْمِ الَّذِي حَضَرُوا فِيهِ، وَهُوَ ثَالِثُ النَّحْرِ، ثُمَّ إنْ شَاءُوا تَعَجَّلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَقَامُوا لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ فَيَرْمُوهُ مَعَ النَّاسِ، وَقَوْلُهُ: لِرَاعٍ وَصَاحِبِ سِقَايَةٍ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقَبَةِ مُتَعَلِّقٌ " بِيَنْصَرِفُ "، وَهُوَ مَاشٍ فِي تَقْدِيمِ مَعْمُولِ صِلَةِ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّيْخِ سَعْدِ الدِّينِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ إذَا كَانَ ظَرْفًا، أَوْ جَارًّا، أَوْ مَجْرُورًا؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَسَّعُونَ فِي الظُّرُوفِ مَا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي غَيْرِهَا (ص) وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ (ش) مُتَعَلِّقُ الرَّدِّ مَحْذُوفٌ وَاللَّامُ مِنْ لِلْمُزْدَلِفَةِ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ: وَرُخِّصَ تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ كَالْمَرْضَى وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الرَّدِّ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لِمِنًى وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ وَرَدَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَكَمَا يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي التَّقْدِيمِ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي التَّأْخِيرِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ بِالتَّقْدِيمِ قَصْدًا لِمَوْضُوعِ النَّصِّ، وَلَوْ قَالَ وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ، أَوْ تَأْخِيرُهُمْ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لِمِنًى لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَأْدِيَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، ثُمَّ إنَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لَا بُدَّ أَنْ تُقَيَّدَ بِأَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ النُّزُولِ بِهَا يَكُونُ وُقُوفُهُمْ بِالْمَشْعَرِ لَيْلًا، وَمَنْ أَتَى مِنًى قَبْلَ الْفَجْرِ أَخَّرَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ إلَى الْفَجْرِ. (ص) وَتَرْكُ التَّحْصِيبِ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ (ش) أَيْ: وَرُخِّصَ فِي تَرْكِ النُّزُولِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنْ تَعَجَّلَ) كَانَ بِمِنًى، أَوْ غَيْرِهَا كَمَكَّةَ لَكِنْ إنْ كَانَ بِمِنًى فَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّعْجِيلِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا لَا يُشْتَرَطُ الْخُرُوجُ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ فَقَطْ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي وَمَنْ تَعَجَّلَ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يُتِمُّ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ وَالْإِتْمَامُ أَحْوَطُ، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْحُجَّاجِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالرُّعَاةِ إذَا رَمَوْا الْجَمْرَةَ وَتَوَجَّهُوا لِلرَّعْيِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُمْ حُكْمَ الْحُجَّاجِ ك (قَوْلُهُ: أَوْ مَكِّيًّا) أَيْ: أَوْ كَانَ مَكِّيًّا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بَاتَ أَيْ: وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ، أَوْ كَانَ مَكِّيًّا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَأَخَّرَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: عَدَمُ الْإِثْمِ فِي التَّأْخِيرِ لَا يُتَوَهَّمُ حَتَّى يَنْفِيَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ رَدٌّ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ بِالْإِثْمِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ مَعَ تَعْجِيلِ غَيْرِهِ. وَجَوَابٌ آخَرُ أَنَّهُ إنَّمَا نَفَاهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِالرُّخْصَةِ الَّتِي هِيَ التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّهُ مُبَاحٌ) أَيْ: مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْعَمَلِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَرْجِيحِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ لِرَاعٍ) كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ:، أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ جَائِزَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وتت (قَوْلُهُ فِي حَقِّ رُعَاةِ الْإِبِلِ) أَيْ: لَا غَيْرُهُمْ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى فَقَطْ لَا فِي تَرْكِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَيَبِيتُونَ بِمَكَّةَ وَيَرْمُونَ الْجِمَارَ نَهَارًا وَيَعُودُونَ لِمَكَّةَ فَإِنَّهُ فِي الطِّرَازِ فَلَيْسُوا كَالرُّعَاةِ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ يَوْمًا فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَكَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا، سَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ لِرَاعٍ وَصَاحِبِ سِقَايَةٍ فِيهِ نَظَرٌ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْذَفَ قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ سِقَايَةٍ. {تَنْبِيهٌ} يَجُوزُ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَأْتُوا لَيْلًا فَيَرْمُونَ مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وِفَاقٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رُخِّصَ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِ الْيَوْمِ الثَّانِي فَرَمْيُهُمْ لَيْلًا أَوْلَى وَرَدَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى فِي الرُّخْصَةِ وَالِاعْتِرَاضُ صَوَابٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْزِعُونَ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَيُفْرِغُونَهُ فِي الْحِيَاضِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ) مِنْ أَنَّ الضَّعَفَةَ يَرِدُونَ مِنْ عَرَفَةَ لِلْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْخِيرُهُمْ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ) أَيْ: فَلَا يَرْتَحِلُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يَقِفُونَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدُ، وَلَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ التَّأْخِيرِ وَلَعَلَّهُ إلَى وَقْتٍ يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ السَّيْرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الرُّخْصَةَ إلَخْ) أَيْ: فَالرُّخْصَةُ لَهُمْ إنَّمَا هِيَ فِي تَرْكِ مَا زَادَ عَلَى النُّزُولِ الْوَاجِبِ وَهِيَ هُنَا مُسْتَحَبَّةٌ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُمْ تَرَكُوا مُسْتَحَبًّا وَهُوَ الْمَبِيتُ، بَلْ فَعَلُوا مُسْتَحَبًّا فِي حَقِّهِمْ، قَالَ عج: وَانْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابُ الْمَبِيتِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْجَمْعِ الصُّورِيِّ لِلْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ مِنْ حُصُولِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَهُ دُونَ الصَّحِيحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: مِنْ ثَوَابِ الْمَبِيتِ أَيْ: زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ الرُّخْصَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَرُخِّصَ فِي تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 بِالْمُحَصَّبِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ لِلْمَقْبَرَةِ أَيْ: مُنْتَهِيًا لَهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنْ السَّيْلِ وَالْأَبْطَحُ مِنْهُ حَيْثُ الْمَقْبَرَةُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ تَحْتَ عَقَبَةِ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْبِطَاحِهِ، وَمَحَلُّ الرُّخْصَةِ لِغَيْرِ الْمُقْتَدَى بِهِ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهِ لِمُقْتَدًى بِهِ لِإِحْيَائِهِ السُّنَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَجِّلًا، أَوْ يُوَافِقَ نَفْرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ مَشْرُوعًا لِنُزُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِهِ وَصَلَاتِهِ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. (ص) وَرَمَى كُلَّ يَوْمٍ الثَّلَاثَ وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَخْتَصُّ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَقَطْ يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَيَّامَ مِنًى وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيْ: ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ وَرَابِعُهُ يَرْمِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا الثَّلَاثَ جَمَرَاتٍ: يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَذَلِكَ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ حَصَاةً إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرْمِي الْعَقَبَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَالْجُمْلَةُ سَبْعُونَ حَصَاةً (ص) مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ (ش) أَيْ: وَوَقْتُ أَدَاءِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الزَّوَالِ مِنْهُ لِلْغُرُوبِ قَالَ الْحَطَّابُ وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ الْمُخْتَارُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الِاصْفِرَارِ وَمِنْهُ لِلْغُرُوبِ ضَرُورِيٌّ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ الرَّمْيِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَلَزِمَهُ فِيهِ الدَّمُ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ وُجُوبُ الدَّمِ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِفِعْلِ كُلِّ مُحَرَّمٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ. (ص) وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ (ش) أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ الرَّمْيِ مُطْلَقًا أُمُورٌ أَرْبَعَةٌ: كَوْنُهُ بِحَجَرٍ أَيْ: جِنْسِ مَا يُسَمَّى حَجَرًا مِنْ رُخَامٍ، أَوْ بِرَامٍ وَفِي الْقَدْرِ كَحَصَى الْخَذْفِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَفَاءً، وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصْبَاءِ بِالْأَصَابِعِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْحَذْفُ بِالْحَصْبَاءِ ابْنُ هَارُونَ هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَرْمِي بِهَا فِي الصِّغَرِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ تَجْعَلُهَا بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مِنْ الْيُسْرَى، ثُمَّ تَقْذِفُهَا بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى أَوْ تَجْعَلُهَا بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ، وَهَلْ هُوَ كَالْفُولِ، أَوْ النَّوَاةِ، أَوْ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا أَقْوَالٌ فَلَا يَصِحُّ الرَّمْيُ بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ كَالطِّينِ وَالزَّلَطِ كَمَا يَأْتِي وَلَا يُجْزِئُ الصَّغِيرُ جِدًّا كَالْقَمْحَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ وَيُجْزِئُ الْكَبِيرُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَيُكْرَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَ النَّاسَ (ص) وَرَمْيٌ (ش) أَيْ: وَصِحَّةُ الرَّمْيِ بِرَمْيٍ وَفِيهِ شَيْءٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ اُسْتُعْمِلَ الرَّمْيُ فِي مُطْلَقِ الْإِيصَالِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الرَّمْيُ الْمَشْرُوطُ هُوَ الْوُصُولُ إلَى الْجَمْرَةِ وَاَلَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِيهِ هُوَ الرَّمْيُ بِمَعْنَى الطَّرْحِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ شَرْطًا فِي نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: وَرَمْيٌ أَيْ: لِكُلِّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِيَدِهِ لَا بِقَوْسِهِ، أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ فِيهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الرَّمْيِ بِالْأَصَابِعِ لَا بِالْقَبْضَةِ، وَكَوْنُهُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ بِالْيُمْنَى. (ص) ، وَإِنْ بِمُتَنَجَّسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِالْحَجَرِ النَّجَسِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَقَوْلُهُ: (عَلَى الْجَمْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَمْيٍ أَيْ: رَمْيٍ عَلَى الْجَمْرَةِ وَهِيَ الْبِنَاءُ، وَمَا تَحْتَهُ،. وَلَمَّا أَوْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى الْجَمْرَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إصَابَتِهَا أَوَّلًا دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: (ص) ، وَإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا إنْ ذَهَبَتْ بِقُوَّةٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ أَصَابَتْ الْحَصَاةُ غَيْرَ الْجَمْرَةِ ابْتِدَاءً مِنْ تَحَمُّلٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْإِجْزَاءَ إنْ ذَهَبَتْ إلَيْهَا بِقُوَّةٍ مِنْ الرَّامِي لِاتِّصَالِ الرَّمْيِ بِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ وَقَعَتْ دُونَهَا، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ، أَمَّا إنْ تَدَحْرَجَتْ إلَى الْجَمْرَةِ مِنْ عَالٍ غَيْرَ بِنَاءِ الْجَمْرَةِ فَلَا سَنَدٌ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ،. وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ دُونَ الْجَمْرَةِ وَلَمْ تَذْهَبْ بِقُوَّةِ الرَّمْيَةِ، أَوْ جَاوَزَتْهَا بِالْبُعْدِ مِنْهَا فَلَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْجَمْرَةِ، وَإِنْ أَطَارَتْ الرَّمْيَةُ غَيْرَهَا مِمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ لِلْجَمْرَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (ص) لَا دُونَهَا، وَإِنْ أَطَارَتْ غَيْرَهَا لَهَا (ش) وَلَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِالطِّينِ وَالْمَعَادِنِ بِأَنْوَاعِهَا مُتَطَرِّقَةً: كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ، أَوْ غَيْرَ مُتَطَرِّقَةٍ: كَالزِّرْنِيخِ وَالْكِبْرِيتِ وَالْمَائِعَاتِ بِأَسْرِهَا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:   [حاشية العدوي] هَذِهِ الرُّخْصَةُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ: عَاطِفًا عَلَى الْمَنْدُوبِ وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَبْطَحُ مِنْهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ عِيَاضٍ وَهُوَ الْبَطْحَاءُ انْتَهَى أَيْ: فَهُوَ عَيْنُهُ لَا بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهِ) أَيْ: فَيُكْرَهُ لَهُ التَّرْكُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَجِّلًا) تَقَدَّمَ مَعْنَى التَّعْجِيلِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُوَافِقُ نَفْرُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ بِالْمُحَصَّبِ وَلْيَدْخُلْ مَكَّةَ لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِأَهْلِ مَكَّةَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَرَمَى كُلَّ يَوْمٍ) عَطْفٌ عَلَى عَادَ فَهُوَ فِعْلُ مَاضٍ أَيْ: رَمَى بَادِئًا بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى ثُمَّ الْوُسْطَى الَّتِي بِالسُّوقِ وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ بَحْثٌ إلَخْ) أَقُولُ الْبَحْثُ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُكْمَ مُسَلَّمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِرَامٍ) كَجِبَالٍ جَمْعُ بُرْمَةٍ بِالضَّمِّ قِدْرٌ مِنْ الْحِجَارَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ، وَفِي النِّهَايَةِ الْبُرْمَةُ الْقِدْرُ مُطْلَقًا وَجَمْعُهَا بِرَامٌ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْحِجَارَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ كَالْفُولِ) بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: وَالزَّلَطُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الزَّلَطُ مِنْ الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: اُسْتُعْمِلَ الرَّمْيُ فِي مُطْلَقِ الْإِيصَالِ) الْأَوْلَى فِي مُطْلَقِ الْوُصُولِ أَيْ: اللَّفْظُ الْأَوَّلُ وَأَرَادَ بِالرَّمْيِ الثَّانِي الطَّرْحَ فَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ تُفَسِّرُ هَذِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُكْرَهُ) وَنُدِبَ إعَادَتُهُ بِطَاهِرٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ) أَيْ: مِنْ مَوْضِعِ الْحَصْبَاءِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ الرَّمْيُ عَلَى الثَّانِي كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فِي مَنْسَكِهِ وَلَا تَرْمِ فِي الْبِنَاءِ، بَلْ ارْمِ أَسْفَلَهُ بِمَوْضِعِ الْحَصْبَاءِ أَيْ: وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ، وَفِي أَجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ فَالْمَطْلُوبُ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَا يَرْمِي فِي الْبِنَاءِ فَإِنْ رَمَى فِيهِ وَوَقَعَ الرَّمْيُ أَسْفَلَهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي أَجْزَأَهُ فَإِنْ رَمَى فِيهِ وَوَقَفَ فِي شُقُوقِ الْبِنَاءِ فَفِي إجْزَائِهِ تَرَدُّدٌ وَلَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ فِي ظَهْرِهَا قَطْعًا. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْرَةِ الْبِنَاءُ الْقَائِمُ فَإِنَّ ذَلِكَ الْبِنَاءَ عَلَامَةٌ عَلَى مَوْضِعِهَا وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْبَاجِيِّ وَغَيْرِهِ. الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الرَّمْيِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ بِاسْمِ مَا يُرْمَى فِيهَا وَالْجِمَارُ الْحِجَارَةُ انْتَهَى (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الرَّأْسَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُصُولِهَا فَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ سَالِمٌ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: مُتَطَرِّقَةً) أَيْ: قَابِلَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 ص) لَا طِينٍ وَمَعْدِنٍ (ش) وَأَجَازُوا هُنَا الرَّمْيَ بِالرُّخَامِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ عَلَى مَا فِيهِ. (ص) ، وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي: لَوْ رَمَى الْحَصَاةَ عَلَى الْجَمْرَةِ فَوَقَعَتْ فِي شُقُوقِهَا وَلَمْ تَنْزِلْ إلَى أَرْضِ الْجَمْرَةِ هَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ شَيْخُ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِ الْجَمْرَةِ اسْمًا لِلْبِنَاءِ، وَمَا تَحْتَهُ أَوْ لَا يُجْزِئُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ سَيِّدِي خَلِيلٌ الَّذِي بِمَكَّةَ شَيْخُ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا وَبَهْرَامُ وَلَعَلَّ الْجَمْرَةَ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُجْتَمِعِ فِيهِ الْحَصَا؟ تَرَدُّدٌ لِهَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ الْمُتَأَخِّرَيْنِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ (ص) وَبِتَرَتُّبِهِنَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِحَجَرٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ وَبِتَرَتُّبِهِنَّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ غَيْرِ بَاءٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَجَرٍ يَعْنِي وَمِمَّا يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي صِحَّةِ الرَّمْيِ فِيمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ أَنْ يُرَتِّبَ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ فِي الرَّمْيِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، ثُمَّ يُثَنِّي بِالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي فِي السُّوقِ ثُمَّ يَخْتِمُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَالْإِخْلَالُ بِالتَّرْتِيبِ مُبْطِلٌ وَلَوْ سَهْوًا، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ (وَأَعَادَ مَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ، وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا فَقَطْ) مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْجَمْرَةَ الْأُولَى مِنْ ثَانِي النَّحْرِ، ثُمَّ رَمَى ثَالِثَ النَّحْرِ بِتَمَامِهِ، ثُمَّ رَمَى رَابِعَ النَّحْرِ بِتَمَامِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْمَنْسِيَّةَ، وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا وُجُوبًا وَهِيَ الْجَمْرَةُ الْوُسْطَى، ثُمَّ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ رَمْيٌ بَاطِلٌ لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ، ثُمَّ يَرْمِي الْيَوْمَ الرَّابِعَ بِتَمَامِهِ اسْتِحْبَابًا، وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: مَا حَضَرَ " فَمَا " مَوْصُولَةٌ مَحَلُّهَا نَصْبٌ، وَإِنَّمَا أَعَادَ رَمْيَ الرَّابِعِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْمَنْسِيِّ، وَمَا حَضَرَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ لَا مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهُ بِخِلَافِ تَرْتِيبِ الْمَنْسِيَّاتِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ فَإِنَّ رَمْيَهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهُ وَمِثَالُهُ فِي الصَّلَاةِ لَوْ نَسِيَ الصُّبْحَ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِمَا، وَلَا يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لِخُرُوجِ وَقْتِهِمَا وَفِي قَوْلِهِ: فِي يَوْمِهَا فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَا بَعْدَهَا لَتَوَهَّمَ فِي الْمِثَالِ الْمَفْرُوضِ أَنْ يُعِيدَ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَقَوْلُهُ: وَأَعَادَ مَا حَضَرَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ أَيْ: بَعْدَ فِعْلِ الْمَنْسِيَّةِ وَبَعْدَ فِعْلِ مَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا فَقَطْ، " وَفِي " بِمَعْنَى مَنْ، وَهُوَ بَيَانٌ لِمَا وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِأَعَادَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ لَا يَتَأَتَّى الْإِعَادَةُ فِي يَوْمِهَا؛ لِأَنَّهُ فَاتَ. (ص) وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ (ش) أَيْ: تَتَابُعُ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ بِأَنْ يَرْمِيَ الثَّانِيَةَ عَقِبَ الْأُولَى بِكَمَالِهَا، وَالثَّالِثَةَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ بِكَمَالِهَا وَبِهَذَا عَلِمْت أَنَّ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ: وَتَتَابُعُهَا فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ فِي كُلِّ جَمْرَةٍ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ وَعَلَى قَوْلِهِ: وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ قَوْلُهُ. (ص) ، فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ (ش) أَيْ: فَلِأَجْلِ أَنَّ التَّتَابُعَ مَنْدُوبٌ فَقَطْ لَا تَبْطُلُ الْخَمْسُ الْأُوَلُ وَلِأَجْلِ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ بِرَمْيِهِ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ قَبْلَ إكْمَالِ الْأُولَى وَكَذَا، قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ إلَخْ (ص) ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى (ش) أَيْ: وَإِنْ رَمَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ، ثُمَّ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ، أَوْ أَكْثَرَ تُرِكَتْ مِنْ أَيُّهَا تَيَقَّنَ تَرْكَهَا، أَوْ شَكَّ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ أَمْ لَا اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا فَيُكْمِلُهَا بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ، وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمَنْسِيِّ مِنْ الثَّانِيَةِ، أَوْ الثَّالِثَةِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَكَذَا لَوْ دَرَى أَنَّهَا مِنْ الْأُولَى، أَوْ مَا بَعْدَهَا كَمَّلَهَا بِحَصَاةٍ وَلَا يَسْتَأْنِفُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاسْتَأْنَفَ مَا بَعْدَهَا، وَمَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ إتْمَامُ الْأُولَى وَإِلَّا اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ شَكَّ مَعَ ذَلِكَ فِي كَوْنِهَا مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى مِنْ كِلَا الْيَوْمَيْنِ وَيُكْمِلُ عَلَيْهَا. (ص) وَأَجْزَأَ عَنْهُ وَعَنْ صَبِيٍّ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ رَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ رَمَى بِتِلْكَ الْحَصَيَاتِ عَنْ الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَرْمِي عَنْهُ أَوْ رَمَى عَمَّنْ ذَكَرَ أَوَّلًا ثُمَّ رَمَى بِتِلْكَ الْحَصَيَاتِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ، أَمَّا لَوْ رَمَى   [حاشية العدوي] لِلتَّطْرِيقِ بِالْمِطْرَقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْجَمْرَةَ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ مَذْهَبُ الطِّرَازِ أَنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ الْبِنَاءُ وَمَا حَوْلَهُ، وَعَلَيْهِ فَمَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ مُجْزٍ قَالَ ح وَهُوَ الْقِيَاسُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْطَعَ بِالْإِجْزَاءِ فَيَقُولُ: وَيُجْزِئُ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ وَيَرْمِي عَلَى الْكَوْمَةِ أَوْ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: فِي يَوْمِهَا) إنَّمَا لَمْ يَسْتَغْنِ بِمَفْهُومِ الظَّرْفِ عَنْ قَوْلِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَفْهُومِ شَرْطٍ بِخِلَافِ " فَقَطْ "؛ لِأَنَّ الْفَاءَ دَاخِلَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى قَوْلِهِ: وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) فِيهِ نَظَرٌ فَالْأَظْهَرُ التَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِهِ: وَتَتَابُعُهَا أَيْ: الْحَصَيَاتِ لَا تَتَابُعِ الْجَمَرَاتِ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ) وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَوْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ إنْ ذَكَرَ مِنْ الْغَدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَمَى بِتِلْكَ الْحَصَيَاتِ) لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ وَلَوْ بِحَصَيَاتٍ أُخَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً) إلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ رَمَى حَصَاةً عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ رَمَى حَصَاةً عَمَّنْ مَعَهُ، ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْجِمَارِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ. (ص) وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمِ طُلُوعِ الشَّمْسِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ، وَإِنْ رَاكِبًا، وَأَشَارَ بِهِ إلَى وَقْتِ أَدَائِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَأَشَارَ بِمَا هُنَا إلَى وَقْتِهَا الْأَفْضَلِ وَأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهَا مِنْ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى الزَّوَالِ مِنْهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَقَوْلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ أَيْ: بَعْدَ الطُّلُوعِ لَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْمُقَارَنَةِ (ص) وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ، بَلْ كَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ يُنْدَبُ إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَالنَّفْيُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الشَّارِحُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَرْمِ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَيُنْدَبُ رَمْيُهَا إثْرَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَإِنْ دَرَجَ عَلَيْهِ تت تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِتْيَانِ بِإِلَّا إذْ مَا قَبْلَهَا مُسْتَحَبٌّ، وَمَا بَعْدَهَا كَذَلِكَ، وَانْظُرْ الْوَجْهَ الثَّانِيَ مَعَ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَوُقُوفُهُ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ إسْرَاعِ الْبَقَرَةِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى وَعِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى إثْرَ رَمْيِهَا لِلدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ الْمُسْرِعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٌ، وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ إذَا رَمَاهَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، أَوْ لِوُسْعِ مَوْضِعِ الْأُولَيَيْنِ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَقَوْلُهُ: إثْرَ الْأُولَيَيْنِ أَيْ: إثْرَ رَمْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْعَامِّ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ (ص) وَتَيَاسُرُهُ فِي الثَّانِيَةِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنَّهُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ الْوُسْطَى أَنْ يَتَيَاسَرَ عَنْهَا أَيْ: يَقِفَ عَنْهَا ذَاتَ الشِّمَالِ وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ، وَلَا يَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَالْمُرَادُ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ تَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ حَالَ وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ رَمْيِهَا لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهَا مُقَابِلَةَ يَسَارِهِ، وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى فَإِنَّهُ إذَا رَمَاهَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَيَاسَرَ عَنْهَا لِلدُّعَاءِ، بَلْ يَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ وَيَقِفُ لِلدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ يَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ. (ص) وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَاجَّ غَيْرَ الْمُتَعَجِّلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُحَصَّبِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ الْمَقْبَرَةُ مِنْ مَكَّةَ تَحْتَ كَدَاءٍ الثَّنِيَّةِ لِيُصَلِّيَ بِهَا أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ: الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِفِعْلِ النَّبِيِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً) أَيْ: حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ أَيْ: حَصَاةً لَهُ وَحَصَاةً عَنْ الصَّبِيِّ وَهَذَا حِكْمَةُ تَكْرَارِ الْحَصَاةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ كَلَا رَمْيٍ، وَأَمَّا لَوْ رَمَى عَنْهُ حَصَاتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وَعَنْ الْآخَرِ مِثْلَهُ، أَوْ دُونَ، أَوْ أَكْثَرَ وَعَكْسَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا، أَوْ لَا؟ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةً كَامِلَةً عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْمِيهَا عَنْ الصَّبِيِّ فَهَذَا يُجْزِئُ بِلَا كَلَامٍ (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ: قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَهَذِهِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا مَعْنَى إلَخْ) أَقُولُ: لَهُ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّيْنِ بِوَجْهَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْوَجْهَ الثَّانِيَ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَالثَّانِي أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْتَهِي وَقْتُ اسْتِحْبَابِهَا بِالزَّوَالِ وَبِهِ صَرَّحَ تت عَقِبَ قَوْلِهِ: طُلُوعُ الشَّمْسِ وَأَنَّ فِعْلَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَوْ إثْرَهُ فِعْلٌ لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِلِاحْتِمَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ، فَقَالَ: وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ الرَّمْيُ أَيْ: رَمْيُ الْعَقَبَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، أَوْ كَانَ الرَّمْيُ فِي غَيْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ فَالْمُسْتَحَبُّ الرَّمْيُ إثْرَ الزَّوَالِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ وَقْتُ أَدَاءِ الْعَقَبَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ، وَالْمُسْتَحَبُّ مِنْهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلزَّوَالِ وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ مِنْهُ لِلْغُرُوبِ، وَأَمَّا مِنْ الْفَجْرِ لِلطُّلُوعِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا، أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِالْأَوَّلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَاتَ وَقْتُ رَمْيِهَا مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضْلِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الظُّهْرِ أَيْ: قَبْلَ صَلَاتِهِ انْتَهَى عِبَارَةُ كَبِيرِهِ. (أَقُولُ) يَبْقَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِعُذْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْدَبُ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ قِيَاسًا عَلَى الْجَمَرَاتِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَيَحُومُ لِهَذَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) شَيْخُ مَالِكٍ أَيْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (قَوْلُهُ: وَسَالِمٌ) أَيْ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) أَيْ: فَإِنَّهُ ضَيِّقٌ فَلَيْسَ فِيهِ سَعَةٌ لِلْقِيَامِ لِمَنْ يَرْمِي زَادَ فِي ك وَلِهَذَا لَا يَنْصَرِفُ الَّذِي يَرْمِيهَا عَلَى طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي لِلرَّمْيِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ وَضَعَّفَ مَالِكٌ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ رُئِيَ رَافِعًا يَدَيْهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ جَعَلَ بُطُونَهُمَا إلَى الْأَرْضِ وَقَالَ إنْ كَانَ الرَّفْعُ فَهَكَذَا انْتَهَى. وَعِبَارَةُ شب وَفِي رَفْعِ يَدَيْهِ قَوْلَانِ قَالَ الْمُوَضِّحُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الرَّفْعِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ لِيُصَلِّيَ) اللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ أَيْ: يَئُولُ نُزُولُهُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ لَا لَامُ التَّعْلِيلِ أَيْ:؛ لِأَنَّ النُّزُولَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا، أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَمْ لَا وَيُقْصِرُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَنَاسِكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَقَدَّمَ أَنَّ النُّزُولَ بِهِ لَيْسَ بِنُسُكٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَصَلَ لِلْمُحَصَّبِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُحَصَّبِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا حَيْثُ أَدْرَكَهُ الْوَقْتُ، وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْمُحَصَّبِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَتَحْصِيبٌ مَصْدَرُ حَصَّبَ كَفَرَّحَ مُضَعَّفًا إذَا نَزَلَ الْمُحَصَّبَ مِثْلَ غَرَّبَ وَشَرَّقَ. (ص) وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ، وَإِنْ صَغِيرًا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ لِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ كَالْجُحْفَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ مَكِّيًّا، أَوْ غَيْرَهُ قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَإِنْ صَغِيرًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ امْرَأَةً كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَوْدَ أَمْ لَا أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ إلَى مَكَان بَعِيدٍ فِي الْحِلِّ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ» وَلِهَذَا كَانَ طَوَافُ الْوَدَاعِ هُوَ آخِرُ نُسُكٍ يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، أَوْ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَمَحَلُّ كَوْنِ مَنْ خَرَجَ لِلتَّنْعِيمِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ، أَوْ الْجِعْرَانَةِ لَا يُطْلَبُ بِوَدَاعٍ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ لِيُقِيمَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ لِمَسْكَنِهِ وَإِلَّا طُلِبَ مِنْهُ، وَلَوْ قَرُبَ مَا خَرَجَ إلَيْهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُتَرَدِّدُ لِمَكَّةَ بِالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ خَرَجُوا لِمَكَانٍ بَعِيدٍ، وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُتَعَجِّلُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَإِنْ صَغِيرًا، وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَيَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ رَكْعَتَانِ إنْ تَرَكَهُمَا حَتَّى تَبَاعَدَ، أَوْ بَلَغَ بَلَدَهُ رَكَعَهُمَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَرُبَ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ رَجَعَ لَهُمَا، وَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكَعَهُمَا إذَا حَلَّتْ النَّافِلَةُ فِي الْحَرَمِ أَوْ خَارِجَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا قَالُوهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلسَّعْيِ، وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى. (ص) وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَلْ يَكُونُ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ فَلِذَلِكَ يَتَأَدَّى بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ، أَوْ لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ أَنْ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ فَمَعْنَى تَأَدِّي سَقَطَ الطَّلَبُ بِمَا ذُكِرَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ طَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ نَوَاهُ بِمَا ذُكِرَ قِيَاسًا عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. (ص) ، وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِإِثْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ وَظَهْرُهُ لِخَلْفٍ كَمَا تَفْعَلُهُ الْأَعْجَامُ لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، بَلْ يَرْجِعُ وَظَهْرُهُ إلَى الْبَيْتِ وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى. (ص) وَبَطَلَ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ لَا بِشُغْلٍ خَفَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْوَدَاعِ، ثُمَّ أَقَامَ بَعْدَهُ بِمَكَّةَ، أَوْ بِمَحَلٍّ دُونَ ذِي طَوًى يَوْمًا، أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَوْنُهُ وَدَاعًا لَا ثَوَابُهُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ النُّزُولَ بِهِ لَيْسَ بِنُسُكٍ) أَيْ: لَيْسَ بِمُتَأَكِّدٍ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ، أَوْ الْوُجُوبِ حَتَّى يَلْزَمَ فِيهِ الدَّمُ بِتَرْكِهِ انْتَهَى مُحَشِّي تت. وَالْمُحَصَّبُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَحَالَفَتْ فِيهِ قُرَيْشٌ عَلَى أَنْ لَا يُبَايِعُوا بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يَأْخُذُوا مِنْهُمْ وَلَا يُعْطُوهُمْ فَنَزَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ شُكْرًا لَهُ حَيْثُ ظَفَّرَهُ اللَّهُ وَنَصَرَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ فَكَانَ مَجْلِسًا لِسُوءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مَجْلِسًا لِخَيْرٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ: قَبْلَ انْتِهَاءِ وَقْتِهَا بِأَنْ وَصَلَ قَبْلَ الْعَصْرِ بِمِقْدَارِ مَا يَفْعَلُ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَإِلَّا بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَلَيْهِ جِدًّا بِحَيْثُ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَالًّا وَلَا يُؤَخِّرُ، وَلَا تَفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الدُّخُولُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ ابْتِدَاءُ وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِنًى إلَّا بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ، وَالرَّمْيُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ دُخُولِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ) أَيْ: وَأَمَّا الْمُتَعَجِّلُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ مِنْ شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: الْوِدَاعِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَصْدَرُ وَادَعَ وَبِفَتْحِهَا اسْمُ مَصْدَرٍ (قَوْلُهُ: قَدِمَ بِنُسُكٍ، أَوْ تِجَارَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ النُّسُكَ، إمَّا الْحَجُّ، أَوْ الْعُمْرَةُ، وَالْقَادِمُ بِتِجَارَةٍ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا وَأَقَلُّهَا عُمْرَةٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَهُ ابْتِدَاءً، إمَّا النُّسُكُ، أَوْ التِّجَارَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التِّجَارَةَ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ) آخِرُ إمَّا اسْمُهَا مَرْفُوعٌ وَالطَّوَافُ خَبَرُهَا مَنْصُوبٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ آخِرَ نُسُكٍ يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ) أَيْ: آخِرَ عِبَادَةٍ يَفْعَلُهَا الْحَاجُّ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ آفَاقِيًّا وَعَلَيْهِ نَفَسٌ مِنْ الْوَقْتِ فَأَرَادَ أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى مِيقَاتِهِ يُحْرِمُ مِنْهُ فَيُطَالَبُ حِينَئِذٍ - حِينَ يَتَوَجَّهُ لِلْخُرُوجِ - أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ فَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْحَجِّ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ فَيَخْرُجُ إمَّا لِلْجِعْرَانَةِ، أَوْ التَّنْعِيمِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ الْعُرْفِيَّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ عَرَفَةَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِطَوَافِ الْوَدَاعِ إذَا رَجَعَ لَهَا مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ رَجَعَ لِمَسْكَنِهِ فَيُطْلَبُ، وَلَوْ قَرُبَ، وَأَمَّا الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لِعَرَفَةَ فَهَلْ يُطْلَبُ بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ وَدَاعٍ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لَهُمَا) أَيْ: وَفِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرَمِ، أَوْ خَارِجِهِ) اُنْظُرْ هَذَا لِمَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالرُّكُوعِ فِي الْحَرَمِ فَيُوَافِقَ قَوْلَهُ: رَجَعَ لَهُمَا؟ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَرَمِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) الْمُفَادُ مِنْ تت أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى عَدَمِ التَّقْبِيلِ فَمَا فِي عب غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْحُسْنِ أَنَّ التَّقْبِيلَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السَّعْيِ وَلَا سَعْيَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ) وَلَا يَكُونُ سَعْيُهُ طُولًا حَيْثُ لَمْ يُقِمْ بَعْدَهُمَا إقَامَةً تُبْطِلُ حُكْمَ التَّوْدِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَهْقَرَى فِي زِيَارَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: نَهْيُ كَرَاهَةٍ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى) ، الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَا يَرْجِعُ فِي خُرُوجِهِ الْقَهْقَرَى لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: دُونَ ذِي طَوًى) فَإِنْ أَقَامَ بِذِي طَوًى، أَوْ بِالْأَبْطَحِ لَمْ يَبْطُلْ وَدَاعُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 أَنْ يَنْفِرَ مِنْ الْبَيْتِ بِإِثْرِ طَوَافٍ، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ فِعْلًا خَفِيفًا بَعْدَ الْوَدَاعِ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ بَاقٍ لَمْ يَبْطُلْ (ص) وَرَجَعَ لَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِ طَوَافِ الْوَدَاعِ،، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ، أَوْ تَرَكَهُ جُمْلَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ فَيَفْعَلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَسِيرُ بِسَيْرِهِمْ وَإِلَّا مَضَى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) وَحُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ قَدْرَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً، أَوْ مُعْتَادَةً فَحَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ كَرِيَّهَا وَوَلِيَّهَا مَحْرَمًا كَانَ أَوْ زَوْجًا يُحْبَسُ أَيْ: يُجْبَرُ عَلَى إقَامَتِهِ مَعَهَا مِقْدَارَ حَيْضِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا، أَوْ مِقْدَارَ نِفَاسِهَا إلَى زَوَالِ الْمَانِعِ فَتَطُوفُ، فَقَوْلُهُ: وَحُبِسَ إلَخْ أَيْ: لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا لِلْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (ص) وَقَيَّدَ إنْ أَمِنَ (ش) أَيْ: قَيَّدَ حَبْسَ الْكَرِيِّ إنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ، وَأَمَّا الْوَلِيُّ فَذَكَرَ س فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ نُقُولًا مَا نَصُّهُ قُلْت فَهَذِهِ النُّقُولُ كُلُّهَا بِالتَّقْيِيدِ إنَّمَا هِيَ فِي الْكَرِيِّ وَلَمْ أَرَهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي الْوَلِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْحَبْسِ فَيُحْبَسُ عَلَيْهَا أَيْضًا مَنْ كَانَ مَعَهَا ذَا مَحْرَمٍ إلَى أَنْ يُمْكِنَهَا السَّفَرُ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. (ص) وَالرُّفْقَةُ فِي كَيَوْمَيْنِ (ش) أَيْ: وَتُحْبَسُ الرُّفْقَةُ مَعَ كَرِيِّهَا إنْ كَانَ عُذْرُهَا يَزُولُ فِي كَيَوْمَيْنِ قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّهُ مَعَ الْأَمْنِ كَمَا سَبَقَ وَلَا يُحْبَسُونَ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ الْكَرِيُّ وَحْدَهُ. (ص) وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ (ش) أَيْ: أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُرْمَى بِمَا وَقَعَ الرَّمْيُ بِهِ وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ رَمَى بِهِ فِي يَوْمِهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ رَمَى بِهِ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ رَمَى بِهِ فِي مِثْلِ مَا رَمَى بِهِ أَمْ لَا فِي حَجٍّ وَحَجَّ مُفْرِدًا فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ غَيْرِهِ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ كَمَاءٍ تُوَضِّئَ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ.   [حاشية العدوي] وَهُوَ مَا فَوْقَ السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) أَيْ: أَوْ مَنْعًا مِنْ كَرِيٍّ (قَوْلُهُ قَدْرَهُ) ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْكَرِيُّ بِحَمْلِهَا أَمْ لَا حَمَلَتْ عِنْدَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَا نَفَقَةِ دَوَابِّهِ، قَالَ ح: وَيُسْتَحَبُّ لَهَا فِي النِّفَاسِ أَنْ تُعِينَهُ بِالْعَلَفِ لَا فِي الْحَيْضِ أَيْ: لِقِصَرِ زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفِسَتْ) قَالَ الْمِصْبَاحُ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهِيَ نُفَسَاءُ وَالْجَمْعُ نِفَاسٌ وَمِثْلُهُ عُشَرَاءُ وَعِشَارٌ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ نَفِسَتْ تَنْفَسُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهِيَ نَافِسٌ مِثْلُ حَائِضٍ وَالْوَلَدُ مَنْفُوسٌ وَالنِّفَاسُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ (قَوْلُهُ: مِقْدَارُ حَيْضِهَا وَاسْتِظْهَارُهَا) فَيُحْبَسُ فِي حَيْضِ الْمُبْتَدَأَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ إنْ أَمِنَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ كَمَا فِي هَذَا الزَّمَنِ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ اتِّفَاقًا كَمَا لِعِيَاضٍ وَلَا يُحْبَسُ هُوَ وَلَا وَلِيٌّ لِأَجْلِ طَوَافِهَا وَمَكَثَتْ وَحْدَهَا لِلطَّوَافِ إنْ أَمْكَنَهَا الْمَقَامُ بِمَكَّةَ وَإِلَّا رَجَعَتْ لِبَلَدِهَا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا ثُمَّ تَعُودُ فِي الْقَابِلِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَطَوَافُ الْعُمْرَةِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ قَالَهُ وَالِدُ عب ثُمَّ فَسْخُ الْكِرَاءِ فِي عَدَمِ الْأَمْنِ يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مَا اسْتَوْفَى بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا. وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِلْكَرِيِّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْكَبُ مَكَانَهَا وَقَالَ تت عَنْ عِيَاضٍ إنَّهَا فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهَا السَّيْرُ إلَّا مَعَ الرَّكْبِ تَصِيرُ كَالْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ أَيْ: فَلَهَا التَّحَلُّلُ بِنَحْرِ هَدْيٍ، أَوْ ذَبْحٍ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهَا الدَّمُ أَصْلًا، أَوْ انْقَطَعَ بَعْضَ يَوْمٍ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ يَأْتِيهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَائِضِ إذْ هُوَ يَوْمُ حَيْضٍ فَلَا يَصِحُّ طَوَافُهَا بَلْ تَتَحَلَّلُ، وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ عَنْهَا يَوْمًا وَعَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَعُودُ قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعُودِهِ وَلَا بِعَدَمِهِ فَيَصِحُّ طَوَافُهَا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ النَّقَاءَ أَيَّامَ التَّقَطُّعِ طُهْرٌ فَيَصِحُّ طَوَافُهَا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الْحَيْضُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا فَاتَّفَقَ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ عَلَى عَدَمِ حَبْسِ الْكَرِيِّ، وَاخْتَلَفَا فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُفْسَخُ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَا يُوضَعُ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ هَذَا تَقْرِيرُ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا لَا يَخْفَى، وَالْمُنَاسِبُ لِلْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَإِذَا انْتَظَرَتْ الطُّهْرَ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْعُودُ لِبَلَدِهَا أَنَّهَا إمَّا أَنْ تُقَلِّدَ مَا رَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ الْمَالِكِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى وَرَجَعَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ الْبَغْدَادِيُّونَ عَنْهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ عُذْرَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَشَدُّ مِنْ عُذْرِ الْجَاهِلِ، وَأَمَّا أَبَا حَنِيفَةَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الطَّوَافُ مِنْ الْحَائِضِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ فِي الطَّوَافِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَكَذَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَلْزَمُهَا ذَبْحُ بَدَنَةٍ وَيَتِمُّ حَجُّهَا لِصِحَّةِ طَوَافِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَأْثَمُ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ حَائِضًا اهـ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ فَيُقَدَّمُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ، (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُمْ يَذْكُرُونَهُ) أَيْ: التَّقْيِيدَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ) أَيْ: التَّقْيِيدُ فِي الْوَلِيِّ يُؤْخَذُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَرِيَّ أَخَذَ عِوَضًا دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ: فِي التَّوْضِيحِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إلَى أَنْ يُمْكِنَهَا السَّفَرُ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ السَّفَرِ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْأَمْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي الْأَمْنِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَبْسِ) أَيْ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحَبْسِ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، أَمَّا النُّفَسَاءُ فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِعَدَمِ حَبْسِ الْكَرِيِّ فِي النُّفَسَاءِ أَصْلًا لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا حَامِلٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَمِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ، وَأَمَّا الْحَائِضُ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي كَيَوْمَيْنِ) مُقْتَضَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْهُ إدْخَالُ مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ شُرَّاحِهِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا قَدْرَ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) أَيْ: وَهُوَ الْقَارِنُ، وَالْكَافُ تَمْثِيلٌ لِلْغَيْرِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ: إمَّا مُفْرَدٌ فِيهِمَا، أَوْ قَارِنٌ فِيهِمَا، أَوْ مُفْرَدٌ فِي أَحَدِهِمَا، قَارِنٌ فِي الْآخَرِ قَالُوا، وَفِي قَوْلِهِ وَعُمْرَةٌ بِمَعْنَى مَعَ عُمْرَةٍ وَالْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ إنَّمَا هُوَ الْقَارِنُ. وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ، وَلَوْ ثَانِيَ عَامٍ وَهُوَ قَضِيَّةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 الرَّمْيُ بِالْمَرِيِّ بِهِ لَتَنَازَعَ النَّاسُ إلَى الرَّمْيِ بِمَا رَمَى بِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ (ص) كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْكَرَاهَةِ يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُسَمَّى طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ لَفْظٌ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ مَعَ أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَيْضًا أَنْ تُسَمَّى أَيَّامُ مِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَالْعِشَاءُ الْعَتَمَةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (ص) أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا قَبْرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ زُرْنَا النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ تُشْعِرُ بِعَدَمِ تَرَجُّحِ الْفِعْلِ مَعَ أَنَّ زِيَارَتَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ الَّتِي يَرْجَحُ فِعْلُهَا عَلَى تَرْكِهَا، بَلْ إنَّمَا يُقَالُ قَصَدْنَاهُ، أَوْ حَجَجْنَا إلَى قَبْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (ص) وَرُقِيُّ الْبَيْتِ أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِنَعْلٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بِنَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ وَكَذَا الصُّعُودُ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ الرُّقِيُّ عَلَى مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ جَعْلُ نَعْلِهِ فِي الْبَيْتِ إذَا جَلَسَ لِلدُّعَاءِ وَلْيَجْعَلْهَا فِي حُجْزَتِهِ فَالْمُرَادُ بِرُقِيِّ الْبَيْتِ دُخُولُهُ لَا رُقِيُّ دَرَجِهِ وَسُمِّيَ دُخُولُهُ رُقِيًّا؛ لِأَنَّ بَابَهُ مُرْتَفِعٌ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ، وَقَوْلُهُ: بِنَعْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (ص) بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْحَجَرِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الطَّوَافُ بِالنَّعْلَيْنِ الطَّاهِرِينَ وَكَذَا بِالْخُفَّيْنِ، وَكَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ لِلْحِجْرِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مِنْ الْبَيْتِ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ عَلَى رَأْيٍ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ (ص) ، وَإِنْ قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (ش) أَيْ: وَإِنْ طَافَ حَامِلُ شَخْصٍ طَوَافًا وَاحِدًا وَقَصَدَ الْحَامِلُ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ: صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ أَوْ مَرِيضٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْحَامِلِ، وَلَا عَنْ مَحْمُولِهِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ عَنْ اثْنَيْنِ، فَإِنْ، قُلْت: يَرُدُّ هَذَا إجْزَاءُ الطَّوَافِ عَنْ الْمَحْمُولَيْنِ فَأَكْثَرَ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْمُولَيْنِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ (ص) وَأَجْزَأَ السَّعْيُ عَنْهُمَا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا حَمَلَ مَرِيضًا، أَوْ صَحِيحًا، أَوْ صَبِيًّا فِي ابْتِدَاءً سَعْيِهِ وَنَوَى بِذَلِكَ السَّعْيَ عَنْهُ وَعَنْ مَحْمُولِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا لِخِفَّةِ أَمْرِ السَّعْيِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ؛ وَلِأَنَّ الطَّوَافَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ. (ص) كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَمَلَ صَبِيَّيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ، أَوْ نَحْوَهُمَا فَأَكْثَرَ فِي الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ يَنْوِي ذَلِكَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا، أَوْ عَنْهُمْ فِي الْعِبَادَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحْمُولُ مَعْذُورًا أَمْ لَا لَكِنَّ الدَّمَ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ فِي الطَّوَافِ إذَا لَمْ يُعِدْهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا قَدَّمَ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ أَيْ: بِأَنْ طَافَ غَيْرَ مَاشٍ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَعْذُورِ فِي السَّعْيِ عَلَيْهِ دَمٌ وَلَمَّا فَرَغَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا انْضَافَ إلَى كُلِّ رُكْنٍ مِنْ مَسْنُونٍ وَمَنْدُوبٍ تَكَلَّمَ عَلَى مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بَعْدَ كَمَالِهَا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ مُفْسِدٌ وَغَيْرُ مُفْسِدٍ وَمُتَعَلِّقُهُمَا أَفْعَالُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَبَدَأَ بِغَيْرِ الْمُفْسِدِ وَبِالْمَرْأَةِ عَكْسُ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيهِمَا قِيلَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا بَدَأَ بِالْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْبَدْءَ بِالرَّجُلِ كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فِي آيٍ كَثِيرَةٍ وَالسُّنَّةُ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهَا فَقَالَ: (فَصْلٌ) (ص) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى امْرَأَةٍ لُبْسُ قُفَّازٍ (ش) أَيْ وَحَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ لُبْسُ مَخِيطٍ بِيَدَيْهَا نَحْو قُفَّازٍ عَلَى وَزْنِ رُمَّانٍ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ تَلْبَسُهُمَا الْمَرْأَةُ لِلْبَرْدِ وَخَصَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِمَّا تَعُدُّهُ الْمَرْأَةُ لِسَتْرِ يَدَيْهَا مَخِيطًا أَوْ مَرْبُوطًا كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُعَدُّ لِسِتْرِ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهَا وَلُبْسٌ مَصْدَرٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ انْتَهَى مَاضِيهِ لَبِسَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) لَا يُقَالُ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الزِّيَارَةِ حَيْثُ قَالَ، أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ وَرَجَعَ بِقِسْطِهَا لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يَذْكُرْهُ بِصِيغَةِ التَّكَلُّمِ وَلَا يُرَدُّ بِحَدِيثِ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ زِيَارَةٍ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِنَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ) وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: فِي حُجْزَتِهِ) الْحُجْزَةُ بِالضَّمِّ مَعْقِدُ الْإِزَارِ (قَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ فَسَّرَ الرُّقِيَّ بِالدُّخُولِ وَعَلَّلَ بِمَا قَالَهُ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: مُرْتَفِعٌ فَلَمَّا كَانَ دُخُولُهُ مُسْتَلْزِمًا لِلرُّقِيِّ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا) ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي طَوَافِهِ عَنْ الْمَحْمُولِ طَهَارَةُ الْحَامِلِ وَحْدَهُ إذَا كَانَ الْمَحْمُولُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الْمَحْمُولِ لَا فِي الْحَامِلِ [فَصْلٌ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى امْرَأَةٍ لُبْسُ قُفَّازٍ] (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَاهِيَّةِ) أَيْ: مَاهِيَّةِ الْإِحْرَامِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَاهِيَّتَهُ ذَاتُ أَجْزَاءٍ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُتَعَلِّقُهُمَا أَفْعَالُ الرَّجُلِ) ، ظَاهِرُهُ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ أَفْعَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْمُتَعَلِّقِ ذَلِكَ الْمَعْنَى (فَصْلٌ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ) (قَوْلُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَتَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ أَيْ وَحَرُمَ بِسَبَبٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى فِي لَكِنْ جَعْلُهَا سَبَبِيَّةً أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ بِيَدَيْهَا) الْمُرَادُ بِالْيَدَيْنِ الْكَفَّانِ كَمَا فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ) أَسْنَدَ فِي ك هَذَا لِلْحَطَّابِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْفِدْيَةِ وَنَصُّهُ فَإِنْ لَبِسَتْ الْقُفَّازَيْنِ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ مَخِيطًا أَوْ مَرْبُوطًا) فَإِنْ أَدْخَلَتْ يَدَيْهَا فِي قَمِيصِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 بِكَسْرِ الْبَاءِ مُضَارِعُهُ يَلْبَسُ بِفَتْحِ الْبَاءِ هَذَا فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَأَمَّا مَصْدَرُ اللَّبْسِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَخْلِيطِ الْأُمُورِ فَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ مَاضِيهِ لَبَسَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُضَارِعُهُ يَلْبِسُ بِكَسْرِ الْبَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] (ص) وَسِتْرُ وَجْهٍ إلَّا لِسِتْرٍ بِلَا غَرْزٍ وَرَبْطٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى لُبْسِ قُفَّازٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا فِي إحْرَامِهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَ يَدَيْهَا لِخَبَرِ: «إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا» مَعْنَاهُ تَكْشِفُهُمَا إلَّا أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ السِّتْرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَسْتُرَهُ بِأَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا رِدَاءً وَلَا تَرْبِطَهُ وَلَا تَغْرِزَهُ بِإِبْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِمَّا حَرُمَ عَلَيْهَا بِأَنْ لَبِسَتْ الْقُفَّازَيْنِ، أَوْ سَتَرَتْ وَجْهَهَا، أَوْ بَعْضَهُ لِغَيْرِ سِتْرٍ أَوْ لِسِتْرٍ وَغَرَزَتْ أَوْ رَبَطَتْ أَوْ سَتَرَتْهُ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَزِمَتْهَا الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ) فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْقُفَّازَيْنِ وَمَسْأَلَةِ الْوَجْهِ فَقَوْلُهُ وَسِتْرُ وَجْهٍ أَيْ تَرَفُّهًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِسِتْرٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ. (ص) وَعَلَى الرَّجُلِ مُحِيطٌ بِعُضْوٍ وَإِنْ بِنَسْجٍ، أَوْ زِرٍّ، أَوْ عَقْدٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحِيطَ فَلَوْ ارْتَدَى بِثَوْبٍ مُحِيطٍ أَوْ بِثَوْبٍ مُرَقَّعٍ بِرِقَاعٍ أَوْ بِإِزَارٍ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ لُبْسِ الْمُحِيطِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِكُلِّ الْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَحَاطَ بِنَسْجٍ أَوْ زِرٍّ يُقْفِلُهُ عَلَيْهِ، أَوْ عَقْدٍ يَرْبِطُهُ أَوْ يُخَلِّلُهُ بِعُودٍ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بَالِغًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُجَنِّبَهُ الْمُحِيطَ مَخِيطًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ: مُحِيطٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِقَرِينَةِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَهُ وَعَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ تُنَافِيهِ الْمُبَالَغَةُ وَعَلَيْهَا يُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ بِعُضْوٍ عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ يُحِيطُ بِعُضْوٍ (ص) كَخَاتَمٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ (ص) وَقَبَاءٍ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كَمَا (ش) الْقَبَاءُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ وَالْقَصْرِ مَا كَانَ مُفَرَّجًا مِثْلُ الْقُفْطَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَا زَرَّرَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اللِّبَاسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَوْ نَكَّسَ الْقَبَاءَ بِأَنْ جَعَلَ أَسْفَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلْبَسُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حُرْمَةُ لُبْسِ الْقَبَاءِ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي مَوْضِعِهِمَا مِنْ الْقَبَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا أَدْخَلَ كَتِفَيْهِ فِي الْقَبَاءِ. (ص) وَسِتْرُ وَجْهٍ، أَوْ رَأْسٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْتُرَ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الرَّجُلِ وَرَأْسُهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ مُخَالِفَيْنِ لِسَائِرِ بَدَنِهِ حَرُمَ تَغْطِيَتُهُمَا مُطْلَقًا فَلِذَا قَالَ (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَطِينٍ) لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَدَخَلَ غَيْرُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى كَالْعِمَامَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ تَغْطِيَتُهُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَسِتْرُ وَجْهٍ) أَيْ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ لَمْ يُلَاصِقْهُ (قَوْلُهُ إلَّا لِسِتْرٍ) أَيْ إلَّا لِقَصْدِ سِتْرٍ أَيْ حَيْثُ عَلِمَتْ، أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يُنْظَرُ لَهَا بِقَصْدِ لَذَّةٍ كَذَا قُرِّرَ أَيْ وَلَوْ مَعَ مُلَاصَقَةٍ وَانْظُرْ فِي حَالَةِ الشَّكِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ يَحْرُمُ السِّتْرُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا بِأَمْرٍ قَوِيٍّ وَلَا يَكُونُ إلَّا ظَنَّ الْفِتْنَةِ أَوْ تَحَقُّقَهَا لَا شَكَّهَا وَانْظُرْ إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ مِنْ وَجْهِ الذَّكَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ سِتْرُهُ إنْ كَانَ بَالِغًا وَعَلَى وَلِيِّهِ إنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ، أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ أَوْ سَتَرَتْهُ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ لِغَيْرِ سِتْرٍ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ. . . إلَخْ) لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَقُولُ وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ إنْ طَالَ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ بِحَسَبِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلُ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَتَدَبَّرْ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مُنْقَطِعًا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الِاتِّصَالِ إلَّا لِسِتْرٍ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ إلَّا لِسِتْرٍ فَيَجِبُ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ مَعَ الِانْقِطَاعِ وَالِانْقِطَاعُ كَمَا يَكُونُ بِمُبَايَنَةِ الْمَاصَدَقِ يَكُونُ بِمُبَايَنَةِ الْحُكْمِ نَحْوُ جَاءَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مَاتَ كَمَا لِلْإِمَامِ الْقَرَافِيِّ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى التَّعْرِيَةِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْمَرْأَةِ تَعْرِيَةُ وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَفِي الرَّجُلِ تَعْرِيَةُ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى التَّجْرِيدِ عَنْ الْمُحِيطِ بِعُضْوٍ لَا عَنْ التَّعْرِيَةِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ نَسْجٍ) كَدِرْعِ حَدِيدٍ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ نَسْجًا أَوْ لَصْقِ لِبْدٍ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ جِلْدَ حَيَوَانٍ سُلِخَ بِغَيْرِ شَقٍّ لِبَدَنِهِ أَوْ أَعْضَائِهِ (قَوْلُهُ مَا أَحَاطَ بِنَسْجٍ) أَيْ بِسَبَبِ نَسْجٍ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ) هَذَا لَا يَنْفَعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمَخِيطُ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَخَاتَمٍ) وَلَوْ فِضَّةً وَوَزْنُهُ دِرْهَمَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كَمَا) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَلْبٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ كَمًّا، أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَمَفْعُولُ يُدْخِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي كُمِّهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُلْبَسُ إلَخْ) ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ عَدَمُ الْفِدْيَةِ فِي لُبْسِهِ بِجَعْلِ بَطْنِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَظَهْرِهِ دَاخِلَ جَسَدِهِ مَعَ إدْخَالِ مَنْكِبَيْهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَيْضًا كَمَا إذَا جَعَلَ رِجْلَيْهِ فِي كُمَّيْهِ حِينَ جَعَلَ أَعْلَاهُ فِي أَسْفَلِهِ إنْ تَرَفَّهَ بِذَلِكَ، أَوْ أَزَالَ أَذًى وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ كَطِينٍ) وَمِثْلُ الطِّينِ مَا لَوْ جَعَلَ عَلَى وَجْهِهِ دَقِيقًا أَوْ جِيرًا لِأَنَّهُ جِسْمٌ أَيْ لِأَنَّ الطِّينَ يَدْفَعُ الْحَرَّ (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ كُلِّ مُحِيطٍ بِالْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجَسَدِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَجْهَ وَالرَّأْسَ لَمَّا كَانَا غَيْرَ عَوْرَةٍ مِنْ الرَّجُلِ كَالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْمُحْرِمُ مَأْمُورٌ بِالتَّجَرُّدِ حَرُمَ سَتْرُهُمَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْجَسَدِ عَوْرَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ حَرَّمْنَا سِتْرَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ لَلَزِمَ عَلَيْهِ الْوُقُوعُ فِي مَعْصِيَةٍ وَرُبَّمَا يُتَوَصَّلُ فِي ذَلِكَ إلَى الْفَسَادِ فَلِذَا جَازَ سِتْرُهُ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ وَالْمُحِيطِ وَحَرُمَ السِّتْرُ بِهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 الْمَخِيطُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقَوْلُهُ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا أَيْ عُرْفًا أَوْ لُغَةً بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَطِينٍ وَقَوْلُهُ كَطِينٍ جَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ تَشْبِيهًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ. (ص) وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا تَقَلَّدَ بِسَيْفٍ فِي حَالِ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ لِذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَقَلَّدَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ نَزَعَهُ مَكَانَهُ أَمْ لَا وَفِي عِبَارَةٍ وَلَا فَدِيَةَ فِي سَيْفٍ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ نَحْوُهُ لِمَالِكٍ وَزَادَ وَلْيَنْزِعْهُ مَكَانَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَلْبَسَهُ لِأَمْرٍ يَجُوزُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ نَزْعِهِ حَيْثُ لَبِسَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ ح كُلُّ مَا حُكِمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنْ لَا فَدِيَةَ فِيهِ كَمَسْأَلَةِ السَّيْفِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ اهـ. (ص) وَاحْتِزَامٌ، أَوْ اسْتِثْفَارٌ لِعَمَلٍ فَقَطْ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَا ذُكِرَ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ إذَا فَعَلَهُ لِلْعَمَلِ وَمَعْنَى الِاحْتِزَامِ بِثَوْبِهِ أَوْ بِعِمَامَةٍ، أَوْ حَبْلٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبْقَاهَا أَبُو الْحَسَنِ وَصَاحِبُ تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُوَافِقٌ لَهُمَا وَالِاسْتِثْفَارُ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْ لَا مَعْقُودًا وَإِلَّا افْتَدَى فَمَا فِي تت مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ لِعَمَلٍ فَقَطْ رَاجِعٌ لَهُمَا. (ص) وَجَازَ خُفٌّ قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ لِفَقْدِ نَعْلٍ أَوْ غُلُوِّهِ فَاحِشًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ عِنْدَ إحْرَامِهِ أَوْ وَجَدَهُمَا لَكِنْ بِثَمَنٍ فَاحِشٍ جِدًّا أَيْ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ؛ لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَفْقِدْ النَّعْلَ لَكِنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ وَقَطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْفَقْدِ وَالْغُلُوِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْدَادُ النَّعْلَيْنِ قَبْلَهُ إذَا عَلِمَ بِفَقْدِهِمَا عِنْدَهُ وَفِي الطِّرَازِ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ إذَا وَجَدَ ثَمَنَهُمَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قُطِعَ كَانَ الْقَاطِعُ لَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْقَطْعِ لَوْ ثَنَى أَسْفَلَهُ مِنْ كَعْبٍ. (ص) وَاتِّقَاءُ شَمْسٍ، أَوْ رِيحٍ بِيَدٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَّقِيَ الشَّمْسَ، أَوْ الرِّيحَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ يَدَيْهِ فَوْقَ حَاجِبَيْهِ يَسْتُرُ بِهِمَا وَجْهَهُ   [حاشية العدوي] فَقَطْ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَطِينٍ) فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ عُدَّ سَاتِرًا لُغَةً فَيُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا أَيْ عُرْفًا وَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسَّاتِرِ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ. (قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ) تَقَلَّدَ بِهِ فِي عُنُقِهِ عَرَبِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ الرُّومِيُّ عَلَّاقَتُهُ عَرِيضَةٌ وَمُتَعَدِّدَةٌ فَهِيَ حَرَامٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّكِّينَ لَيْسَتْ كَالسَّيْفِ أَيْ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إلَخْ) الْمَشْهُورِيَّةُ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ تَقَلَّدَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْفِدْيَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي تت (قَوْلُهُ وَزَادَ) أَيْ مَالِكٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ ح) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَطَّابَ حَكَمَ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ أَيْ وَمَا كَانَ مَمْنُوعًا فَيَجِبُ نَزْعُهُ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ مَا ذُكِرَ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُفَادٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْفِدْيَةِ لَا فِي الْجَوَازِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَهُ لِلْعَمَلِ) وَأَمَّا لِغَيْرِ الْعَمَلِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الِاحْتِزَامِ بِثَوْبِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَسَوَاءٌ كَانَ الِاحْتِزَامُ بِثَوْبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ مِنْ الْعُمُومِ أَيْ وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الِاحْتِزَامُ بِالثَّوْبِ فَقَطْ أَيْ، وَأَمَّا الِاحْتِزَامُ بِعِمَامَةٍ، أَوْ حَبْلٍ، أَوْ خَيْطٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ احْتَزَمَ بِمَا ذُكِرَ لِلْعَمَلِ (قَوْلُهُ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ) أَيْ طَرَفَ إزَارِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا ظَاهِرُهُ بِدُونِ رَشْقٍ فِي حُجْرَتِهِ قَالَ مُحَشِّي تت وَقَيَّدَ مُخْتَصَرُ الْوَقَارِ الِاحْتِزَامَ بِكَوْنِهِ بِلَا عَقْدٍ وَاعْتَمَدَهُ الْحَطَّابُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِهِ، أَوْ يُطْلَقُ كَمَا أَطْلَقُوا وَعَلَى التَّقْيِيدِ فَهَلْ يُقَيَّدُ الِاسْتِثْفَارُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ تَأْثِيرٌ وَأَمَّا تَفْسِيرُ تت لَهُ بِالْعَقْدِ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ غَازِيٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُفَسِّرْهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَلَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَالُوا الِاسْتِثْفَارُ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا وَقَوْلُ ح الِاسْتِثْفَارُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ بِلَا عَقْدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ عَادَةً فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ فِي تت مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ تت قَالَ أَنْ يَجْعَلَ طَرَفَ مِئْزَرِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا مَعْقُودًا فِي وَسَطِهِ كَالسَّرَاوِيلِ اهـ (قَوْلُهُ وَجَازَ خُفٌّ) وَمِثْلُهُ جُرْمُوقٌ وَجَوْرَبٌ وَالْخُفُّ اسْمٌ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا لَقَالَ خُفَّانِ (قَوْلُهُ: أَوْ غُلُوِّهِ) أَيْ النَّعْلِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَوْ غُلُوِّهَا؛ لِأَنَّ النَّعْلَ مُؤَنَّثَةٌ وَلَكِنْ أَطْلَقَ النَّعْلَ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ لِوُرُودِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ) وَهُوَ قَوْلُهُ «إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» (قَوْلُهُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ) أَيْ كَشُقُوقٍ بِرِجْلَيْهِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ) وَقَدْ يُقَالُ وُجُودُ النَّعْلِ حِينَئِذٍ كَعَدَمِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ النَّعْلِ وَلَوْ مَعَ حَاجَةٍ لِثَمَنِهِ فَلَيْسَ كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ، وَأَمَّا الْفَرْقُ بِأَنَّ لَهُ هُنَا مَنْدُوحَةً وَهُوَ الْحَفَاءُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحَفَاءَ لَا يُطِيقُهُ أَحَدٌ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَبِمَشَقَّةٍ وَهُمَا مَنْفِيَّانِ مِنْ الدِّينِ وَيُؤْخَذُ مِنْ إضَافَةِ الْغُلُوِّ إلَى النَّعْلِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى قِلَّةِ مَالِ الْمُشْتَرِي وَكَثْرَتِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْغُلُوَّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ قَطَعَهُ لَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ قَالَهُ د وَلَعَلَّهُ تَعَبُّدٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَّقِيَ الشَّمْسَ أَوْ الرِّيحَ) وَاتِّقَاءُ الْبَرْدِ كَالْحَرِّ عِنْدَ مَالِكٍ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُوَارِي وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَلَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا عَلَى رَأْسِهِ وَأَمْكَثَهُمَا بَعْضَ الْمُكْثِ كَانَ خَفِيفًا فَقَوْلُهُ بِيَدٍ مَقْصُودُهُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ الِاتِّقَاءَ بِالثَّوْبِ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ بِيَدٍ أَيْ وَلَا يُلْصِقُهَا عَلَى رَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إذَا طَالَ. (ص) أَوْ مَطَرٌ بِمُرْتَفِعٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَّقِيَ الْمَطَرَ بِشَيْءٍ مُرْتَفِعٍ عَنْ رَأْسِهِ مِنْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا الْخَيْمَةُ فَجَائِزٌ الدُّخُولُ تَحْتَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا يَأْتِي وَلَا يُلْصِقُ الْمُظَلِّلَ بِرَأْسِهِ، وَمِثْلُ الْمَطَرِ فِي ذَلِكَ الْبَرْدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الشَّمْسِ فِي جَوَازِ اتِّقَائِهِ بِالْبِنَاءِ وَالْخِبَاءِ وَالْمَحَارَةِ الرِّيحُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ اتِّقَاءِ الْمَطَرِ بِالْيَدِ وَالْبِنَاءِ وَالْخِبَاءِ بِالْأَوْلَى لِنَصِّهِ عَلَى جَوَازِهِ بِالْمُرْتَفِعِ مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ اتِّقَاءَ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ بِهِ. (ص) وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ انْكَسَرَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزِ قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا انْكَسَرَ لَهُ ظُفْرٌ وَاحِدٌ فَقَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْوَاحِدِ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ سَنَدٌ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا كُسِرَ مِنْهُ عَمَلًا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ أَزَالَ جَمِيعَ ظُفْرِهِ كَانَ ضَامِنًا كَمَنْ أَزَالَ بَعْضَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِنَّهُ بَعْضُ جُمْلَةٍ مَضْمُونَةٍ فَيَكُونُ مَضْمُونًا قَالَ بَعْضٌ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْمُنْكَسِرَ وَيُسَاوِي الْبَاقِيَ حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَيْهِ ضَرُورَةٌ فِيمَا بَقِيَ فِي كَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهِ اهـ وَانْظُرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مَا حُكْمُهُ هَلْ فِي تَقْلِيمِهِ الْفِدْيَةُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فَإِنْ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَحَفْنَةٌ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا فِي الْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَيْهِ فَفِي تَقْلِيمِهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا تَقْلِيمُ ظُفْرِ الْغَيْرِ فَهُوَ لَغْوٌ. (ص) وَارْتِدَاءٌ بِقَمِيصٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَرْتَدِيَ بِالْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُعَدُّ لَابِسًا لِمَا خِيطَ لَهُ وَإِنْ عَدُّوا الِارْتِدَاءَ لُبْسًا فِي بَابِ الْإِيمَانِ لِضِيقِهَا. (ص) وَفِي كُرْهِ السَّرَاوِيلِ رِوَايَتَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ هَلْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرْتَدِيَ بِالسَّرَاوِيلِ لِقُبْحِ الزِّيِّ كَمَا كُرِهَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مَعَ الرِّدَاءِ، أَوْ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُبَاحُ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَفِي كُرْهِ ارْتِدَاءِ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ سَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمُحْرِمِ وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ رِوَايَتَانِ. (ص) وَتَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ (ش) الْبَاءُ لِلْآلَةِ أَيْ وَجَازَ تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ مِنْ حَائِطٍ وَسَقْفٍ وَخِبَاءٍ خَيْمَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَثْبُتُ (ص) وَمَحَارَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَظَلَّلَ بِجَانِبِ الْمَحَارَةِ وَهِيَ الْمَحْمَلُ نَازِلَةً أَوْ سَائِرَةً، وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاسْتِظْلَالُ بِالْبَعِيرِ كَانَ نَازِلًا، أَوْ سَائِرًا، أَوْ بَارِكًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الِاسْتِظْلَالُ وَهُوَ فِي الْمَحْمَلِ بِأَعْوَادٍ يَرْفَعُهَا فَمَنَعَهُ مَالِكٌ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى، وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا اللَّخْمِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَى الْمَحَارَةِ افْتَدَى وَلَا يَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا إنْ كَانَ نَازِلًا فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا وَلَا يَمْشِي تَحْتَهَا وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَدِيلًا لِامْرَأَةٍ لَا يَسْتَظِلُّ هُوَ وَتَسْتَظِلُّ هِيَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ يَجُوزُ لِمُعَادِلِ امْرَأَةٍ، أَوْ مَرِيضٍ ابْنُ الْحَاجِّ عَنْ مَالِكٍ يَفْتَدِي الْمَرِيضُ فَعَدِيلُهُ أَحْرَى ابْنُ الْحَاجِّ وَفِي الِاسْتِظْلَالِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَحْمَلِ وَهُوَ فِيهِ بِأَعْوَادٍ قَوْلَانِ ابْنُ فَرْحُونٍ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَعْوَادٍ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَحْمَلُ مَقْبِيًّا كَالْمَحَارَةِ فَإِنَّهُمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ) أَيْ بِأَنْ يُقِيمَ طَرَفَ الثَّوْبِ عَلَى عَصًا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْمَطَرِ فِي ذَلِكَ الْبَرْدُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَفِي رَفْعِ مَا يَقِيهِ الْبَرْدَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَلَى هَذَا الْحَرُّ لَيْسَ كَالْبَرْدِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَاتِّقَاءُ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ، أَوْ مَطَرٍ بِيَدٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ خِبَاءٍ، أَوْ مَحَارَةٍ لَا فِيهَا كَثَوْبٍ بِعَصًا إلَّا الْمَطَرَ بِهِ لَسَلِمَ مِنْ التَّشْتِيتِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَفْرَادَ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا الْمَطَرُ أَكْثَرُ مِنْ الْأَفْرَادِ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا الشَّمْسُ وَالرِّيحُ. (قَوْلُهُ وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ) الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَتَأَذَّى بِكَسْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَلْمُهُ فَإِنْ قَلَّمَهُ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) عِبَارَةُ التُّونُسِيِّ: وَعَلَى هَذَا لَوْ انْكَسَرَ ظُفْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَقَلَّمَهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْحَاجَةِ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ وَارْتِدَاءٌ. . . إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت فَلَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ، أَوْ اشْتَمَلَهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَهَذَا وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا. (قَوْلُهُ بِالْبَعِيرِ) أَيْ بِجَانِبِ الْبَعِيرِ (قَوْلُهُ بِأَعْوَادٍ يَرْفَعُهَا) أَيْ وَيَضَعُ سَاتِرًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَى الْمَحَارَةِ افْتَدَى) أَيْ وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ عَلَى الْأَعْوَادِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِجَانِبٍ (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ نَازِلًا وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِيهِ الْفِدْيَةُ قَطْعًا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ فَجَعَلَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَانْظُرْ الْفَرْقَ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ تَقْتَضِي التَّسَاوِي وَنَصُّهُ: وَأَمَّا التَّظَلُّلُ بِظِلِّهَا الَّذِي تَحْتَهَا فَلَا يَجُوزُ سَائِرَةً أَمْ لَا وَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِمَا تَحْتَهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنْ يَتَظَلَّلَ بِجَانِبِ الْمَحَارَةِ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِمَا تَحْتَهَا فَقَدْ قَالَ عج: الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الِاسْتِظْلَالِ تَحْتَهَا فَلْيُعَوَّلْ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّازِلِ وَالسَّائِرِ فِي الِاسْتِظْلَالِ وَيَعْسُرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِظْلَالِ فِيهَا نَازِلًا وَبَيْنَ الْخَيْمَةِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ) أَيْ وَلِأَجْلِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَى الْمَحَارَةِ يَفْتَدِي (قَوْلُهُ وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ) مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَعَدِيلُهُ أَحْرَى) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ ابْنُ الْحَاجِّ وَفِي الِاسْتِظْلَالِ) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الِاسْتِظْلَالُ وَهُوَ فِي الْمُحْمَلِ بِأَعْوَادٍ. . . إلَخْ (قَوْله مَقْبِيًّا) أَيْ كَالْمُقَبَّبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 كَالْبِنَاءِ وَالْأَخْبِيَةِ فَيَجُوزُ قَالَ بَعْضٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ تَحْتَهَا لَا سَائِرًا وَلَا نَازِلًا، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكْشِفَهَا كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ كَشْفُ مَا فَوْقَهَا دُونَ كَشْفِ جَوَانِبِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الِاسْتِظْلَالِ بِجَانِبِ الْمَحْمَلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ وَفِي عِبَارَةٍ مَا نَصُّهَا وَقَوْلُهُ لَا فِيهَا هَذَا فِي غَيْرِ مَحَايِرِ زَمَانِنَا وَهِيَ الْمَحَايِرُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا سَقْفٌ مِنْ خَشَبٍ، وَأَمَّا مَحَايِرُ زَمَانِنَا فَهِيَ أَثْبَتُ مِنْ الْخَيْمَةِ بَلْ كَالْبَيْتِ وَلَا فَدِيَةَ فِيهَا وَلَا يَدْخُلُهَا الْخِلَافُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ (ص) كَثَوْبٍ بِعَصًا فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ خِلَافٌ (ش) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ لَا فِيهَا، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ عَلَى الْعَصَا وَيَتَظَلَّلَ بِهِ فَإِنْ اسْتَظَلَّ دَاخِلَ الْمَحَارَةِ أَوْ تَحْتَ الثَّوْبِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى الْأَعْوَادِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إخْرَاجُهَا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ. (ص) وَحَمْلٌ لِحَاجَةٍ، أَوْ فَقْرٍ بِلَا تَجْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ مَاشِيًا وَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِ شَيْءٍ عَلَى رَأْسِهِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ أَيْ الضَّرُورَةِ كَأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَحْمِلُ خُرْجَهُ مَثَلًا لَا بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فَقِيرًا كَأَنْ يَحْمِلَ حُزْمَةَ حَطَبٍ يَبِيعُهَا، أَوْ خُرْجَ أَوْ جِرَابَ غَيْرِهِ لِيَتَمَعَّشَ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ ثَمَنٍ، أَوْ أُجْرَةٍ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لَا لِلْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ أَيْ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ وَكُلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَا وَيَفْتَدِي مَا لَمْ يَكُنْ لِعَيْشِهِ كَالْعَطَّارِ فَقَوْلُهُ بِلَا تَجْرٍ زَائِدٍ عَلَى عَيْشِهِ. (ص) وَإِبْدَالُ ثَوْبِهِ، أَوْ بَيْعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يُبْدِلَ ثَوْبَهُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ إزَارًا أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِهِ وَلَوْ لِقَمْلٍ آذَاهُ بِمَثَابَةِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ بَيْتِهِ وَأَبْقَاهُ بِبَقِّهِ حَتَّى مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبَهُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ وَلَوْ لِإِذَايَةِ الْقَمْلِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) بِخِلَافِ غَسْلِهِ إلَّا لِنَجَسٍ فَبِالْمَاءِ فَقَطْ، (ش) أَيْ أَنَّ غَسْلَ الْمُحْرِمِ ثَوْبَهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَجَاسَةُ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَيْ، أَوْ وَسَخٌ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حُرُضٍ وَهُوَ الْغَاسُولُ وَلَا صَابُونٍ وَلَا أُشْنَانٍ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ، فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ غَسْلِهِ أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الْفِدْيَةَ إذَا لَمْ يَأْمَنْ قَتْلَ الدَّوَابِّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَالنَّقْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْكَرَاهَةُ قَالَ ح بَعْدَ ذِكْرِ الْأَنْقَالِ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا قَمْلَ فِي ثَوْبِهِ جَازَ لَهُ غَسْلُهُ بِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ غَسْلُهُ لِلنَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ فَقَطْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَتَلَ بَعْضَ قَمْلٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ يُطْعِمُ اسْتِحْبَابًا، وَأَمَّا غَسْلُهُ لِلْوَسَخِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ جَائِزٌ، وَأَمَّا غَسْلُهُ لِغَيْرِ النَّجَاسَةِ وَالْوَسَخِ فَاتَّفَقَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ: إنَّهَا عَلَى بَابِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الطِّرَازِ أَنَّ غَسْلَهُ لِغَيْرِ النَّجَاسَةِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا إذَا غَسَلَهُ لِنَجَاسَةٍ بِصَابُونٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيُ الْقَمْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْفِدْيَةُ وَصَرَّحَ بِهِ تت. (ص) وَبَطُّ جُرْحِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَبُطَّ جُرْحَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا فِيهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ لَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ مَقْبِيًّا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجْلِسُ تَحْتَهَا) هَذَا تَقَدَّمَ فَهُوَ تَكْرَارٌ وَقَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا فِيهَا (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ قَوْلَهُ: قَالَ بَعْضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ) أَيْ أَنَّ ابْنَ فَرْحُونٍ قَالَ وَلَا يَدْخُلُهَا الْخِلَافُ وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ هُوَ الرَّاجِحُ وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنْ تَقُولَ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا فِيهَا أَيْ لَا التَّظَلُّلُ بِشَيْءٍ زَائِدٍ حَالَ كَوْنِهِ فِيهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَتَظَلَّلُ فِيهَا مُقْتَصِرًا عَلَى مَا سُمِّرَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَيَجُوزُ التَّظَلُّلُ بِالْقِلَاعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ التَّظَلُّلِ لِلْمُحْرِمِ مَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّظَلُّلُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَيْ زَمَنَ الْوُقُوفِ وَلَعَلَّهُ لِتَكْثِيرِ الثَّوَابِ كَمَا اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ بِهِ دُونَ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ بِعَصًا) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ عَلَى الْعَصَا وَيَتَظَلَّلَ بِهِ، أَوْ عَلَى أَعْوَادٍ فَلَا يَجُوزُ سَائِرًا اتِّفَاقًا وَلَا نَازِلًا عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ الْخِبَاءِ وَالْبِنَاءِ قَالَ الْحَطَّابُ وَتَعْلِيلُهُمْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَبَطَ الثَّوْبَ بِأَوْتَادٍ وَحِبَالٍ حَتَّى صَارَ كَالْخِبَاءِ الثَّابِتِ أَنَّ الِاسْتِظْلَالَ بِهِ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ كَأَنْ لَا يَجِدَ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَحَمَلَ بُخْلًا بِأُجْرَةٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لَا بُخْلًا بَلْ لِكَسْرِ نَفْسِهِ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ كَمَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حَمْلِهِ لِهَضْمِ نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى غَيْرِهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِمَعَاشِهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَعَاشِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ مَجَّانًا، أَوْ بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ حَمَلَ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِقَمْلٍ آذَاهُ) ، وَأَمَّا إذَا نَقَلَ الْهَوَامَّ مِنْ ثَوْبِهِ، أَوْ جَسَدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ إلَى الثَّوْبِ الَّذِي يُرِيدُ طَرْحَهُ فَيَكُونُ كَطَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا أُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَظَاهِرُ عب أَنَّهُ غَيْرُ الْغَاسُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالنَّقْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْكَرَاهَةُ) الْحَقُّ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ وَالْمُدَوَّنَةَ وَإِنْ عَبَّرَتْ بِالْكَرَاهَةِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّحْرِيمُ فَقَدْ نَصَّ سَنَدٌ عَلَى الْمَنْعِ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ جَهِلَ فَغَسَلَ رَأْسَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فَوُجُوبُ الْفِدْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا يُنَافِي صَدْرَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ شَكَّ وَحِينَئِذٍ إنْ قَتَلَ بَعْضَ الْقَمْلِ أَخْرَجَ مَا فِيهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ قَمْلُهُ لَمْ يَجُزْ غَسْلُهُ لِتَرَفُّهٍ وَلَا لِوَسَخٍ فَإِنْ غَسَلَ وَقَتَلَ بِهِ أَخْرَجَ مَا فِيهِ أَيْضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 أَيْ يَشُقُّهُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَيُخْرِجَ مَا فِيهِ بِعَصْرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِ ذَلِكَ كَوَضْعِ لَزْقَةٍ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْجُرْحِ الدُّمَّلُ وَنَحْوُهُ. (ص) وَحَكُّ مَا خَفِيَ بِرِفْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُكَّ مَا خَفِيَ مِنْ بَدَنِهِ مِثْلُ رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِرِفْقٍ خَشْيَةَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ وَمَفْهُومُ بِرِفْقٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِشِدَّةٍ فَيُكْرَهُ، وَأَمَّا مَا يَرَاهُ فَلَهُ حَكُّهُ وَإِنْ أَدْمَاهُ (ص) وَفَصْدٌ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْصِدَ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْصِبْهُ فَإِنْ عَصَبَهُ افْتَدَى وَإِنْ اُضْطُرَّ لِتَعْصِيبِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الْفَصْدُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ كَمَا فِي الْحِجَامَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفَصْدٌ إلَخْ لَيْسَ ضَرُورِيَّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَعَصْبِ جُرْحِهِ. (ص) وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ شَدُّ مِنْطَقَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ عَلَى جِلْدِهِ تَحْتَ إزَارِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِشَدِّهَا إدْخَالُ خُيُوطِهَا فِي أَثْقَابِهَا، أَوْ فِي الْكُلَابِ، أَوْ الْإِبْزِيمُ مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَقَدَهَا عَلَى جِلْدِهِ افْتَدَى (ص) وَإِضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُضِيفَ نَفَقَةَ الْغَيْرِ إلَى نَفَقَتِهِ الَّتِي شَدَّهَا أَوَّلًا عَلَى جِلْدِهِ لَا ابْتِدَاءً فَإِنْ شَدَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً، أَوْ شَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ تَبَعًا أَوْ فَوْقَ مِئْزَرِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَى جِلْدِهِ مِمَّا إذَا شَدَّهَا فَوْقَ مِئْزَرِهِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ أُمُورًا جَائِزَةً فَقَالَ (ص) كَعَصْبِ جُرْحِهِ، أَوْ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ فِي عَصْبِ جُرْحِهِ لِضَرُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا بِخِرْقَةٍ كَبِيرَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْجَرِيحِ وَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي عَصْبِ رَأْسِهِ مِنْ صُدَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ص) أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ كَدِرْهَمٍ (ش) أَيْ عَلَى جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَدِيَةَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْخِرْقَةُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَعَلَّ نُكْتَةَ ذِكْرِهِ كَوْنُ الْحُكْمِ فِيهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالدِّرْهَمِ فَأَكْثَرَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَغْلِيُّ. (ص) أَوْ لَفُّهَا عَلَى ذَكَرٍ، أَوْ قُطْنَةٍ بِأُذُنَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَفَّ ذَكَرَهُ بِخِرْقَةٍ لِأَجْلِ الْبَوْلِ أَوْ لِأَجْلِ الْمَنِيِّ، أَوْ الْمَذْيِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهُ فِي خِرْقَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا جَعَلَ قُطْنَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً بِأُذُنَيْهِ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا مُطَيَّبَةً أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ. (ص) أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ (ش) أَيْ أَوْ بِصُدْغٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَعَلَ عَلَى صُدْغَيْهِ قِرْطَاسًا لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ مَعَ الضَّرُورَةِ. (ص) ، أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبٍ، أَوْ رَدَّهَا لَهُ (ش) تَرْكُ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى عَصْبٍ مِنْ قَوْلِهِ كَعَصْبِ رَأْسِهِ مُشَارِكٍ لَهُ فِي الْفِدْيَةِ أَيْ يَجِبُ الْفِدْيَةُ بِتَرْكِ ذِي نَفَقَةِ ذَهَبٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ وَقَدْ نَفِدَتْ نَفَقَتُهُ الَّتِي ضَمَّهَا إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُبْقِي نَفَقَةَ الْغَيْرِ مَعَهُ وَلَا يُخْرِجُهَا إلَى غَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ تَرْكِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَدِّهَا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ تَرْكٍ أَيْ، أَوْ تَرْكِ رَدِّهَا لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ رَدَّ الْأُخْرَى إلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا افْتَدَى. (ص) وَلِمَرْأَةٍ خَزٌّ وَحُلِيٌّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ فِي حَالِ إحْرَامِهَا الْخَزَّ وَالْحُلِيَّ وَجَمِيعَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي اللِّبَاسِ كَحُكْمِهَا قَبْلَهُ إلَّا فِي سِتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْخَزُّ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ خِلَافُهُ وَيَدْخُلُ فِي الْحُلِيِّ الْخَاتَمُ. (ص) وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخِذِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشُدَّ نَفَقَتَهُ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخِذِهِ، أَوْ سَاقِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا فِدْيَةَ وَلَمْ يُوَسِّعْ مَالِكٌ أَنْ يَشُدَّهَا إلَّا فِي الْوَسَطِ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْفِدْيَةُ فِي الْعَضُدِ وَالْفَخِذِ لَا أَعْرِفُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَجْ فَيُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَصْدٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفَصْدٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَعَصْبِ جُرْحِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ) هِيَ الْهِمْيَانُ وَهِيَ مِثْلُ الْكِيسِ يَجْعَلُ فِيهَا الدَّرَاهِمَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرَقٍ كَمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ نَفَقَةٍ) أَيْ بِأَنْ يُودِعَهُ رَجُلٌ نَفَقَةً بَعْدَ شَدِّهَا لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ فَيَجْعَلُهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ فَإِنْ شَدَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً) وَدَخَلَ تَحْتَ إلَّا مَا إذَا شَدَّ مِنْطَقَتَهُ فَارِغَةً، أَوْ لِلتَّجْرِ وَنَفَقَتِهِ، أَوْ شَدَّهَا مُجَرَّدَةً عَنْ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ أَيْ، أَوْ شَدَّ الْمِنْطَقَةَ لِلتِّجَارَةِ أَيْ تِجَارَتِهِ، أَوْ تِجَارَةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِي الْخِرْقَةِ الصَّغِيرَةِ مَعَ أَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ (قَوْلُهُ أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ كَدِرْهَمٍ) يَعْنِي بِمَوْضِعٍ، أَوْ مَوَاضِعَ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ دِرْهَمًا وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي جَمْعِهِ مَوَاضِعَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَصْبَ وَالرَّبْطَ أَشَدُّ مِنْ اللَّصْقِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ حُصُولِ شَيْءٍ عَلَى الْجِسْمِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ اللَّصْقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَفُّهَا عَلَى ذَكَرٍ) لَا بِقَيْدِ دِرْهَمٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ تَرْكِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ تَرْكٌ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فِي الْمَعَاطِيفِ إذَا تَكَرَّرَتْ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَجَعَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مَعْطُوفًا عَلَى عَصْبٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ وَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكِ رَدِّهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ رَدِّهَا لَهُ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) وَمُقَابِلٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 نَصًّا (ص) وَكَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُبَّ رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ، وَأَمَّا وَضْعُ خَدِّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ النَّوْمِ فَلَا يُكْرَهُ، ثُمَّ إنَّ الرَّأْسَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْعُضْوِ بِتَمَامِهِ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ أَيْ وَكَبُّ وَجْهٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِكْبَابٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكَبَّ. (ص) وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَلْبَسَ فِي حَالَ إحْرَامِهِ الْمَصْبُوغَ الَّذِي لَا طِيبَ فِيهِ إذَا أَشْبَهَ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَالْمُوَرَّدِ وَهُوَ الْمُعَصْفَرُ غَيْرَ الْمُفْدَمِ، أَوْ الْمُفْدَمُ إذَا غُسِلَ، أَوْ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ أَقْوَالٌ فِي تَفْسِيرِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلْمُقْتَدَى بِهِ مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ مَا ذُكِرَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجَاهِلُ بِفِعْلِهِ إلَى لُبْسِ غَيْرِ الْجَائِزِ وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ غَيْرَ الْمُفْدَمِ وَهُوَ الْمُوَرَّدُ وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِمَصْبُوغٍ غَيْرِ الْمُطَيَّبِ مُخْرِجٌ لِلْمَصْبُوغِ الْمُطَيَّبِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي الْإِحْرَامِ كَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُوَرَّسِ، وَمِثْلُهُمَا الْمُعَصْفَرُ الْمُفْدَمُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُفْدَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ وَتَقْيِيدُنَا الْمَكْرُوهَ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَلْوَانِ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَلَوْ لِلْمُقْتَدَى بِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامُ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ. (ص) وَشَمُّ كَرَيْحَانٍ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ وَاسْتِصْحَابُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّ فِي حَالِ إحْرَامِهِ الطِّيبَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ كَالْيَاسَمِينِ وَالرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَلَا فِي مَسِّهِ وَكَذَا يُكْرَهُ شَمُّ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ وَالْوَرْسِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا فِدْيَةَ أَيْضًا بِخِلَافِ مَسِّهِ وَلَا يُكْرَهُ شَمُّ وَلَا مَسُّ الشِّيحِ وَالْعُصْفُرِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَمْكُثَ مَعَ رَجُلٍ مُتَطَيِّبٍ، أَوْ بِمَكَانٍ غَيْرِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ قُرْبَةٌ وَكَذَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الطِّيبَ مَعَهُ، أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ. (ص) وَحِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ وَغَمْسُ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ فِعْلُهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَيْهَا فَيَجُوزُ وَيَفْتَدِي عَلَى الْمَعْرُوفِ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ الْإِبَاحَةُ لِعُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَغْمِسَ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ مَخَافَةَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ وَقَيَّدَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَبُّ رَأْسٍ) لَا يَخْتَصُّ بِالْمُحْرِمِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيَاطِينِ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلْعُضْوِ بِتَمَامِهِ) أَيْ اسْمٌ لِمَا فَوْقَ الْعُنُقِ كَمَا أَفَادَهُ شَرْحُ شب (قَوْلُهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ أَكَبَّ) وَالصَّوَابُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ أَكَبَّ مُتَعَدٍّ وَكَبَّ لَازِمٌ وَهُوَ مِنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ) أَيْ لَا لِغَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمُوَرَّدُ (قَوْلُهُ أَوْ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ) أَيْ وَلَيْسَ كَالْوَرْسِ؛ لِأَنَّ الْوَرْسَ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ بِخِلَافِ الْوَرْدِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ يُفَصَّلُ فِيهِ كَمَا فُصِّلَ فِي الْمُعَصْفَرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَصْفَرُ غَيْرُ الْمُفْدَمِ) بَلْ وَالْمُفْدَمُ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ عب وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ اهـ أَيْ عَلَى نَقْلِ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُهُ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ كَرَاهَتُهُ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «ابْنِ عُمَرَ لَمَّا لَبِسَ الْمُعَصْفَرَ نَهَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ» وَصَرَّحَ الْحَطَّابُ بِكَرَاهَةِ الْمُفْدَمِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالْوَرْسُ نَبْتٌ بِالْيَمَنِ صَبْغُهُ بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْمُعَصْفَرُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالْمُطَيَّبِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ) أَيْ الَّذِي صُبِغَ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى صَارَ ثَخِينًا (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ الْبَيَاضِ بَلْ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . (قَوْلُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ مِنْ جَسَدٍ، أَوْ ثَوْبٍ تَعَلُّقًا غَيْرَ شَدِيدٍ وَالْمُؤَنَّثُ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَأَثَرُهُ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ تَعَلُّقًا شَدِيدًا وَقِيلَ الْمُذَكَّرُ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ وَالْمُؤَنَّثُ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ كَالْمِسْكِ (قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ) أَيْ فِي شَمِّهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَسِّهِ) أَيْ مَسِّ الْمُؤَنَّثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْسَامَ الْمُؤَنَّثِ أَرْبَعَةٌ: اثْنَانِ مَكْرُوهَانِ وَهُمَا مُكْثُهُ بِمَكَانٍ بِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَوَاحِدٌ حَرَامٌ وَهُوَ مَسُّهُ وَسَيَذْكُرُهُ، وَوَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لَا هُنَا وَلَا فِيمَا يَأْتِي وَلَكِنْ تُفْهَمُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ مِنْ كَرَاهَةِ شَمِّ الْمُذَكَّرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ الْمُذَكَّرِ أَرْبَعَةٌ وَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ وَثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ مُكْثُهُ بِمَكَانٍ بِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمَسُّهُ بِدُونِ شَمٍّ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: خِيفَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ) فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُهَا لَمْ يُكْرَهْ بِلَا عُذْرٍ أَيْ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا بِالْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَيَفْتَدِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قِيلَ مِنْ سُقُوطِهَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْفَرْضُ الِاضْطِرَارُ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ) أَيْ حَفْنَةً مِلْءَ يَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ) هِيَ فِي الْأَصْلِ الشَّعْرُ الطَّوِيلُ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مُطْلَقُ شَعْرٍ يُمْكِنُ أَنْ تَخْفَى فِيهِ الْقَمْلَةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْإِطْعَامَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْإِطْعَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْحِجَامَةِ وَلَا فِي تَخْفِيفِ الرَّأْسِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا خِيفَةُ قَتْلِ الدَّوَابِّ. (ص) وَتَجْفِيفُهُ بِشِدَّةٍ وَنَظَرٌ بِمِرْآةٍ وَلُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُجَفِّفَ رَأْسَهُ بِشِدَّةٍ بِثَوْبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ إذَا غَسَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَجْفِيفَهُ فِي الْهَوَاءِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ حَالَ إحْرَامِهِ وَالْمِرْآةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ، ثُمَّ مَدَّةٌ الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى شُعْثًا فَيُزِيلَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ الْقَبَاءَ بِالْمَدِّ وَهُوَ مَا كَانَ مَفْتُوحًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُحْرِمَةً أَوْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَصِفُهُنَّ أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا. (ص) وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَخْ وَعَلَى الرَّجُلِ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ فِي حَالِ إحْرَامِهِمَا أَنْ يَدْهُنَا شَعْرَهُمَا رَأْسًا أَوْ لِحْيَةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِالدُّهْنِ مُطْلَقًا أَيْ مُطَيَّبًا أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُمَا شَعْرٌ أَمْ لَا وَلِهَذَا قَالَ (وَإِنْ صُلْعًا) وَهِيَ الْمُنْحَسِرَةُ شَعْرَ الْمُقَدَّمِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ إنْ وُجِدَتْ لِلْمَرْأَةِ وَمَوْضِعُهَا لَهُمَا وَالرَّأْسُ وَإِنْ صُلْعًا جَمْعُ أَصْلَعَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ فَكَيْفَ يَصِفُهُ بِصِفَةِ الْمُؤَنَّثِ وَالْمُرَادُ شَعْرُ الرَّأْسِ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا دَهْنُ الْبَشَرَةِ فَهُوَ مِنْ دَهْنِ الْجَسَدِ. (ص) وَإِبَانَةُ ظُفْرٍ، أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَسَخٍ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يُبِينَ ظُفْرَهُ أَيْ يُقَلِّمَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ حَفْنَةً إنْ لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إذَا انْكَسَرَ ظُفْرُهُ أَنْ يُقَلِّمَهُ، وَأَمَّا ظُفْرُ غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِبَانَةُ ظُفْرِ غَيْرِهِ لَغْوٌ اهـ. وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَنْ يُزِيلَا شَعْرَهُمَا، أَوْ شَيْئًا مِنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِنَتْفٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ نُورَةٍ، أَوْ قَرْضٍ بِأَسْنَانٍ لَكِنْ إنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يُزِيلَ الْوَسَخَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَعِثًا وَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَقِّيَ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ مِنْ الْوَسَخِ وَلَا فِدْيَةَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا عَدَا مَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ (ص) إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ بِمُزِيلِهِ (ش) أَيْ مِنْ غَيْرِ طِيبٍ كَحُرُضٍ بِضَمَّتَيْنِ آخِرُهُ ضَادٌ سَنَدٌ وَهُوَ الْغَاسُولُ وَالْأُشْنَانُ وَالصَّابُونُ وَكُلُّ مَا يُنَقِّي الزَّفَرَ وَيَقْطَعُ رِيحَهُ أَوْ خِطْمِيٌّ وَهُوَ بِزْرُ الْخَبِيزَيْ سَنَدٌ، وَيَجْتَنِبُ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الرَّيَاحِينِ وَالْفَوَاكِهِ الْمُطَيَّبَةِ الَّتِي تَبْقَى فِي الْيَدِ رَائِحَتُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالتَّطَيُّبِ فَإِنْ خُلِطَ مَعَ الْأُشْنَانِ وَشِبْهِهِ شَيْءٌ مِمَّا لَهُ رِيحٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ مُفْرَدًا لَمْ يَفْتَدِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَهُ اهـ. وَأَخْرَجَ بِيَدَيْهِ رَأْسَهُ فَفِي غَسْلِهِ بِمَا ذُكِرَ الْفِدْيَةُ، وَأَفْهَمَ الْغَسْلُ أَنَّ الْإِزَالَةَ بِغَيْرِ الْغَسْلِ أَحْرَى وَأَفْهَمَ الْمُزِيلُ أَنَّ الْغَسْلَ بِغَيْرِهِ أَحْرَى أَيْضًا وَالضَّمِيرُ فِي بِمُزِيلِهِ لِلْوَسَخِ. (ص) وَتَسَاقُطُ شَعْرِهِ لِوُضُوءٍ أَوْ رُكُوبٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا تَوَضَّأَ فَمَرَّ بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ نَحْوِهِ فَسَقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ، أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَحَلَقَ سَاقَهُ الْإِكَافُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَدَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ، أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَلَهَا قَوْلَانِ اخْتَصَرْت   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَغْمِسُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَرَاهَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِهَا: وَأَكْرَهُ لَهُ غَمْسَ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ وَقَوْلِهَا: بِإِثْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ إذْ لَا إطْعَامَ فِي كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِطْعَامَ وَاجِبٌ وَقَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ بِاسْتِحْبَابِهِ خِلَافُهَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِفُهُنَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقُفْطَانَ لَمَّا كَانَ مُفَرَّجًا يَجِبُ أَنْ تَضُمَّ أَطْرَافَهُ لِجَسَدِهَا فَيَحْصُلُ الْوَصْفُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ تَلْبَسَهُ الْمَرْأَةُ أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا. (قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ لِيَشْمَلَ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ) يُنَافِي مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ جَمْعًا بِأَنْ يُقْرَأَ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ وَيُرَادُ جِنْسُ الرَّأْسِ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْإِخْبَارُ بِالْجَمْعِ عَنْ الْمُفْرَدِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ ذَا صَلَعٍ وَقَوْلُهُ جَمْعًا أَيْ لَا مُفْرَدًا بِأَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْمَدِّ تَأْنِيثُ الْأَصْلَعِ؛ لِأَنَّ الْوُرُودَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قُرِئَ مُفْرَدًا. (قَوْلُهُ وَالْأُشْنَانُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَقَوْلُهُ بِضَمَّتَيْنِ وَيُقْرَأُ أَيْضًا بِسُكُونِ الرَّاءِ وَقَدْ فُسِّرَ الْحُرُضُ بِالْغَاسُولِ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ أَلْفَاظٍ مُتَرَادِفَةً (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ لِلْأُشْنَانِ مَاءَ وَرْدٍ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُذَكَّرٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَهُ) لَا فِدْيَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِوُضُوءٍ) أَيْ أَوْ غُسْلٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ مَنْدُوبَيْنِ، أَوْ مَسْنُونِ الْغُسْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا قُتِلَ فِي وَاجِبٍ وَكَذَا فِي مَسْنُونٍ وَمَنْدُوبٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ كَثُرَ وَكَذَا يَجُوزُ الطُّهْرُ لِتَبَرُّدٍ وَلَوْ تَسَاقَطَ فِيهِ شَعْرٌ فَإِنْ قَتَلَ فِيهِ كَثِيرًا افْتَدَى فَإِنْ قَلَّ كَالْوَاحِدَةِ وَنَحْوِهَا فَعَلَيْهِ قَبَصَاتٌ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ قَبْصَةٍ وَهِيَ التَّنَاوُلُ بِأَطْرَافِ الْأَنَامِلِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ قَمْلَةٌ أَوْ قَمَلَاتٌ بِغَيْرِ مَا قُتِلَ فِي غُسْلِ تَبَرُّدٍ وَأَرَادَ بِقَبَصَاتٍ قَبْصَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ الْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِمُطَيِّبٍ) أَيْ بِمَا فِيهِ طِيبٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَافْتَدَى بِمُطَيِّبٍ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 عَلَيْهِمَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ امْرَأَةً أَنْ يَدْهِنَ جَسَدَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِلَّا فَلَا إثْمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا بَاطِنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَيَفْتَدِي فِي دَهْنِ الْجَسَدِ أَوْ بَعْضِ كَفِّهِ أَوْ رِجْلِهِ بِمُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ فِي دَهْنِ مَا ذُكِرَ لَا لِعِلَّةٍ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ وَإِنْ دَهَنَ مَا ذُكِرَ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَفِي دَهْنِ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي دَهْنِ الْجَسَدِ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ وَلَهَا قَوْلَانِ فِي دَهْنِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَوْ قَالَ وَافْتَدَى فِي دَهْنِ الْجَسَدِ وَلَوْ بَعْضًا كَبَعْضِ بَطْنِ كَفٍّ، أَوْ رِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا كَبِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَفِي جَسَدِهِ قَوْلَانِ لَوْ اقْتَصَرْت عَلَيْهِمَا لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْكَفَّيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْجَسَدِ. (ص) وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ (ش) هَذَا مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى حُرْمَةِ التَّطَيُّبِ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ كَالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُودِ وَالْمُرَادُ بِالتَّطَيُّبِ بِهِ اسْتِعْمَالُهُ أَيْ إلْصَاقُهُ بِالْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ، أَوْ بِالثَّوْبِ فَلَوْ عَبِقَ عَلَى جَالِسٍ بِحَانُوتِ عَطَّارٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِكَوْرَسٍ عَنْ الطِّيبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَالْوَرْسُ نَبْتٌ كَالسِّمْسِمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ صَبْغُهُ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ يَبْقَى نَبْتُهُ عِشْرِينَ سَنَةً (ص) وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُطَيَّبَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْمَنْعُ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يَفْتَدِي إذَا فَعَلَ الْكُحْلَ الْمُطَيَّبَ لِضَرُورَةٍ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي الْكُحْلِ الْغَيْرِ الْمُطَيَّبِ لِضَرُورَةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِغَيْرِهَا فِيهِ الْفِدْيَةُ فَقَوْلُهُ وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ مُبَالَغَةً فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ مُبَالَغَةً فِي الْحُكْمِ الثَّانِي فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَزَّعِ وَبِهَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ مَا يَحْرُمُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ (ص) وَلَوْ فِي طَعَامٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَقْ (ش) أَيْ وَيَحْرُمُ التَّطَيُّبُ وَلَوْ وَقَعَ مَا يَتَطَيَّبُ بِهِ فِي طَعَامٍ وَأُكِلَ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَلَوْ قَالَ فِي كَطَعَامٍ لِيُدْخِلَ الْمَاءُ كَانَ أَحْسَنَ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَمَسَّ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ بِيَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيهَا فَقَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَقْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ مِنْ عَلِقَ بِالْكَسْرِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ لَوْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَنَّ لَمْسَ الطِّيبِ يَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ وَقَوْلُهُ (إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إنْ قُدِّرَ مَسُّ أَيْ وَيَحْرُمُ مَسُّ الطِّيبِ لَكِنْ قَارُورَةً سُدَّتْ أَيْ لَكِنْ مُصَاحِبًا قَارُورَةً سُدَّتْ وَمُتَّصِلٌ إنْ قُدِّرَ مُلَابَسَةُ أَيْ وَيَحْرُمُ مُلَابَسَةُ الطِّيبِ إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ؛ لِأَنَّ الْمُلَابَسَةَ أَعَمُّ مِنْ اللَّمْسِ وَغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا حَمَلَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ قَارُورَةً، أَوْ خَرِيطَةً، أَوْ نَحْوَهُمَا مَسْدُودَةً سَدًّا وَثِيقًا مُحْكَمًا بِحَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهَا رَائِحَةٌ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إذْ لَا رَائِحَةَ لَهَا حِينَئِذٍ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى قَوْلَهُ (وَمَطْبُوخًا) أَيْ، وَإِلَّا طِيبًا مَطْبُوخًا مَعَ طَعَامٍ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَا فِدْيَةَ إنْ لَمْ يَصْبُغْ الْفَمَ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ صَبَغَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَيَّدْنَا الطَّبْخَ بِالْإِمَاتَةِ إذْ لَوْ لَمْ يُمِتْهُ فَالْفِدْيَةُ. (ص) أَوْ بَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَرَائِحَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَهَذَا فِي الْيَسِيرِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح. (ص) وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ شَيْئًا مِنْ التَّطَيُّبِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَطْرَحَهُ بِسُرْعَةٍ فَإِنْ تَرَاخَى فِي طَرْحُهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى وَكَذَلِكَ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا أَلْقَاهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الطِّيبِ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ. (ص) ، أَوْ خَلُوقِ كَعْبَةٍ (ش)   [حاشية العدوي] هُنَا فِي الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ، أَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بَلْ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ وَقَوْلُهُ وَلَهَا أَيْ وَلِلْعِلَّةِ مِنْ شُقُوقٍ أَوْ شَكْوَى، أَوْ قُوَّةٍ عَلَى عَمَلٍ (قَوْلُهُ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا) تَحْتَهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ إذَا افْتَدَى بِمُطَيِّبٍ كَانَ لِعِلَّةٍ أَوْ لَا فَعَلَ بِجَسَدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ وَقَوْلُهُ كَبِغَيْرِهِ أَيْ كَبِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ تَحْتَ ذَلِكَ صُورَتَانِ هُمَا مَا إذَا كَانَ بِجَسَدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ وَقَوْلُهُ: لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ هَذِهِ سَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ وَفِي جَسَدِهِ هِيَ الثَّامِنَةُ. (قَوْلُهُ: مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ) أَيْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْعُودُ) كَوْنُ الْعُودِ مِنْ الْمُؤَنَّثِ فِيهِ وَقْفَةٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (أَقُولُ) : وَجَعْلُهُ مِنْ الْمُؤَنَّثِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ دُخَانِهِ الَّذِي يَصْعَدُ مِنْهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَشُمُّهُ بِاخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحُرْمَةُ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ حُرْمَةُ مَا سَبَقَ أَيْ وَافْتَدَى إنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ إذْ لَا مَنْعَ مَعَ الضَّرُورَةِ، وَأَمَّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَيَحْرُمُ مَعَ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مَا فِيهِ الْفِدْيَةُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلزِّينَةِ فَقَطْ، أَوْ لَهَا وَلِدَوَاءٍ مَعًا فَيَجِبُ (قَوْلُهُ إلَّا قَارُورَةً) وَمِثْلُ الْقَارُورَةِ فِي عَدَمِ الْفِدْيَةِ حَمْلُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ غَيْرَ مَشْقُوقَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِشِدَّةِ رِيحِهِ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ الْمَشْقُوقَةِ (قَوْلُهُ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاتَتِهِ اسْتِهْلَاكُهُ فِي الطَّعَامِ وَذَهَابُ عَيْنِهِ حَتَّى لَا يَظْهَرَ مِنْهُ غَيْرُ رِيحٍ كَالْمِسْكِ أَوْ أَثَرِهِ كَزَعْفَرَانٍ بِأُرْزٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاقِيًا) أَيْ وَإِلَّا طِيبًا يَسِيرًا بَاقِيًا أَثَرُهُ، أَوْ رِيحُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 أَيْ وَكَذَلِكَ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ الطِّيبِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ كَثِيرًا إذَا نَزَعَهُ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا افْتَدَى وَخَلُوقٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ كَصَبُورٍ ضَرْبٌ مِنْ الطِّيبِ وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ سَنَدٌ وَهُوَ الْعُصْفُرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ (وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) أَيْ وَخُيِّرَ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَاقِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَمَا بَعْدَهُ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَتَرْكِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ص، وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى ش أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَثُرَ بِحَيْثُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ، وَارِجَاعُ التَّفْصِيلِ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ أَتَمُّ فَائِدَةً كَمَا فِي شَرْحِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْخَلُوقِ وَيَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ تَقْيِيدُ الْبَاجِيِّ لِلْبَاقِي قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْيَسِيرِ وَارْتَضَى (هـ) فِي شَرْحِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ خَاصٌّ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ، وَمِثْلُهُ يَسِيرُ الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْمُصِيبِ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ نَزْعُ يَسِيرِهِ كَكَثِيرِهِ وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى فِيهِمَا فَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ. . . إلَخْ شَامِلٌ لِمَا أَصَابَ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ وَلِلْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا افْتَدَى. . . إلَخْ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ نَزْعُ مَا أَصَابَهُ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ قَلَّ فَوْرًا فَإِنْ تَرَاخَى فِي ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ إنْ كَثُرَ، وَأَمَّا الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَإِنْ كَثُرَ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ نَزَعَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَوْرًا وَإِنْ قَلَّ خُيِّرَ فِي نَزْعِهِ كَمَا يُخَيَّرُ فِي نَزْعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ إنْ قَلَّ هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (ص) كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ نَائِمًا (ش) التَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا غَطَّى إنْسَانٌ رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَهُوَ نَائِمٌ بِثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَرَّ مِنْ إلْقَاءِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَإِنْ نَزَعَهُ عَنْ رَأْسِهِ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ. (ص) وَلَا تُخَلَّقُ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ فِيهَا مِنْ الْمَسْعَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَعْبَةَ يُكْرَهُ أَنْ تُخَلَّقَ أَيَّامَ الْحَجِّ لِكَثْرَةِ ازْدِحَامِ الطَّائِفِينَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى أَنَّ الطَّائِفَ يَسْتَعْمِلُهُ؛ وَلِذَلِكَ يُسْتَحْسَنُ أَنْ يُقَامَ الْعَطَّارُونَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ مِنْ الْمَسْعَى مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. (ص) وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَلْقَى عَلَيْهِ إنْسَانٌ ثَوْبًا وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ طِيبًا فَإِنَّهُ إذَا تَنَبَّهْ فَنَزَعَهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَلَالِ الْمُلْقِي فَقَوْلُهُ وَافْتَدَى وُجُوبًا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ أَيْ لَمْ تَلْزَمْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِأَنْ نَزَعَ مَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ بِسُرْعَةٍ فَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى الْمُحْرِمِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ فَإِنْ لَزِمَتْهُ بِأَنْ تَرَاخَى فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي الْحِلَّ قَوْلُهُ وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ هُوَ وَإِنْ صَدَقَ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مُلْقِي الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْمُحْرِمِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي الْحَلَالُ مَا يَفْتَدِي بِهِ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ يَمْنَعُ هَذَا الصِّدْقُ وَقَوْلُهُ (بِلَا صَوْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِافْتَدَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحِلَّ الْمُلْقِيَ إذَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُحْرِمِ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ أَحَدٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ يَدْفَعُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ الْحِلُّ مَا يَفْتَدِي بِهِ (فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ) وَلَوْ بِالصَّوْمِ وَقَوْلُهُ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ. (ص) كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحِلَّ إذَا حَلَقَ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِلَا إذْنِهِ فَإِنَّ عَلَى الْحِلِّ الْفِدْيَةُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَأَمَّا إذَا حَلَقَهُ بِإِذْنِهِ وَلَوْ حُكْمًا فَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (ص) وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَخْرَجَ مَعَ عُسْرِ الْحَلَالِ الْمُلْقَى أَوْ يُسْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْحَلَالِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ أَوْ كَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَمَحَلُّ الرُّجُوع إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِالصَّوْمِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ وَإِنَّمَا رَجَعَ عَلَى الْحَلَالِ الْمُلْقَى لِأَنَّ الْمُحْرِمَ إنَّمَا افْتَدَى بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُلْقَى لِأَنَّهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) اُنْظُرْ مَا حَدُّ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ إنْ تَرَاخَى) فَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ وُجُوبِ نَزْعِهِ فَوْرًا لِلْكَثِيرِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهِ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِمَاشِرَتِهِ بِيَدَيْهِ فَعَلَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْفَوْرِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) الصَّوَابُ أَنَّ الْمُصِيبَ مِنْ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ الْغَيْرِ يَجِبُ نَزْعُهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ قَلَّ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى لِأَنَّهُ مَهْمَا بَقِيَ مَا يَجِبُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ الْفِدْيَةُ افْتَدَى كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَاجِيِّ فَجَعَلَ الزَّرْقَانِيُّ وَالْحَطَّابُ رُجُوعَ التَّخْيِيرِ فِي الْيَسِيرِ أَيْضًا، وَاسْتِدْلَالهمَا بِكَلَامِ الْبَاجِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْبَاجِيَّ لَمْ يَقُلْ إنْ بَقِيَ الْيَسِيرُ خُيِّرَ فِي نَزْعِهِ وَإِنَّمَا قَالَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْهُ مَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَتَى بَقِيَ مَا يَجِبُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ الْفِدْيَةُ افْتَدَى فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ التَّخْيِيرُ فِي نَزْعِ الْيَسِيرِ الَّذِي يُمْكِنُ إتْلَافُهُ وَلَمْسُهُ بَلْ النَّصُّ فِي خَلُوقِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي نَزْعِهِ إنْ كَانَ يَسِيرًا، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَحَبِّيَّةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ نَائِمًا) أَيْ وَإِذَا كَانَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَلَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ الْمُغَطِّيَ لِرَأْسِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَعُورِضَتْ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ غَطَّى رَأْسَهُ سَاهِيًا وَالْجَزَاءِ عَلَى مَنْ انْقَلَبَ فِي نَوْمِهِ عَلَى فِرَاخِ الصَّيْدِ فَقَتَلَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ السَّاهِيَ مُنْتَفِعٌ دُونَ النَّائِمِ وَأَنَّ الصَّيْدَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ لَا مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ كَمَا لَوْ تَدَحْرَجَ النَّائِمُ عَلَى طِيبٍ وَلَوْ انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى نُورَةٍ فَانْحَلَقَ رَأْسُهُ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لِبَقَاءِ أَثَرِهِ بَعْدَ الْيَقِظَةِ بِخِلَافِ مَا يَزُولُ بِإِزَالَتِهِ. (قَوْلُهُ هُوَ وَإِنْ صَدَقَ عَلَى مُلْقِي الْيَسِيرِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا: وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ) ، ثُمَّ رُجُوعُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 لَا بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَنْ الْمُحْرِمِ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ هُوَ الْمُلْقِيَ عَلَى مُحْرِمٍ مِثْلِهِ طِيبًا، أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ فِدْيَتَانِ فِدْيَةٌ لِمَسِّ الطِّيبِ وَفِدْيَةٌ لِتَطَيُّبِ الْمُحْرِمِ هَذَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَهَذَا حَيْثُ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ أَمَّا لَوْ تَرَاخَى الْمُحْرِمُ الْمَفْعُولُ بِهِ فِي نَزْعِ الطِّيبِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَلَيْسَ عَلَى الْفَاعِلِ حِينَئِذٍ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَسِّهِ الطِّيبَ فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْمُحْرِمِ إلَخْ هَذَا إذَا مَسَّ الطِّيبَ وَلَمْ تَلْزَمْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَزِمَتْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي وَإِنْ مَسَّ وَلَزِمَتْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَعَلَى الْمُلْقِي فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا إنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَمْ تَلْزَمْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ مَسِّهِ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا لِلْمُلْقَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَإِلْقَاءِ الْحِلِّ عَلَى مُحْرِمٍ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ. (ص) وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ فَعَلَى الْمُحْرِمِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَلَالَ إذَا حَلَقَ رَأْسَ الْمُحْرِمِ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، أَوْ طَيَّبَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُحْرِمِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ فَعَلَ لَهُ مَا ذُكِرَ فِي حَالِ نَوْمِهِ أَوْ مُكْرَهًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ لَا عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ. (ص) وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ أَطْعَمَ وَهَلْ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ إذَا حَلَقَ الْحَلَالُ رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَهَذِهِ عَكْسُهَا وَهُوَ مَا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ شَعْرَ حِلٍّ مِنْ مَحَلٍّ يَتَيَقَّنُ نَفْيَ الْقَمْلِ عَنْهُ كَسَاقِهِ أَوْ أَزَالَ عَنْهُ أَذًى كَقَلْمِ ظُفْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَ حِلٍّ فَإِنَّهُ يُطْعِمُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيُ الْقَمْلِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ يَفْتَدِي وَاخْتُلِفَ هَلْ مُرَادُهُ بِالْفِدْيَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ فِدْيَةٌ حَقِيقِيَّةٌ مِنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ نُسُكٍ بِشَاةٍ فَأَعْلَى. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا حَلَقَهُ بِرِضَاهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ فَإِنْ أَعْسَرَ فَهَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ تَكُونُ عَلَى الْحَالِقِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا إنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَعَلَى الْحَالِقِ. (ص) وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَلَّمَ ظُفْرًا مِنْ أَظْفَارِهِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ إمَاطَةِ الْأَذَى وَلِغَيْرِ كَسْرٍ فَفِيهِ حَفْنَةٌ مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى   [حاشية العدوي] عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ حَيْثُ أَعْسَرَ الْمُلْقِي، أَوْ الْحَالِقُ الْحِلُّ، أَوْ أَيْسَرَ وَأَذِنَ لِلْمُحْرِمِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ إنَّمَا افْتَدَى بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ إلَخْ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ الْمُلْقِي وَالنِّيَابَةِ عَنْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ لَصَحَّ الصَّوْمُ مِنْ الْمُلْقِي دُونَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ الْعَكْسُ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهَا عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِي لِتَعَدِّيهِ فَلُزُومُهَا لَهُ فَرْعٌ فَلِذَلِكَ صَحَّ الصَّوْمُ مِنْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُلْقِي فَالْمُلْقِي نَائِبٌ مِنْ حَيْثُ الْأَصَالَةُ وَالْمُلْقَى عَلَيْهِ نَائِبٌ لَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ بِاعْتِبَارِ لُزُومِهَا لِلْمُلْقِي بِاعْتِبَارِ تَعَدِّيهِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي) أَيْ وَأَمَّا إلْقَاءُ مُحْرِمٍ عَلَى حِلٍّ فَعَلَى الْمُلْقِي فِدْيَةٌ إنْ مَسَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) وَمُقَابِلُهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ طَيَّبَ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ وَلَوْ أَعْسَرَ وَلَا يَلْزَمُ الْحِلُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَعَادَهَا لِكَوْنِهَا مَفْهُومَ قَوْلِهِ هُنَا بِإِذْنٍ. (قَوْلُهُ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ) يَجُوزُ رَفْعُهُمَا وَنَصْبُهُمَا أَيْ وَهَلْ إطْعَامُهُ حَفْنَةً أَوْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، أَوْ هَلْ يُطْعِمُ حَفْنَةً أَوْ يُخْرِجُ فِدْيَةً (قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ يَفْتَدِي) بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ افْتَدَى أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَ فِي حِلَاقِهِ لَهُ دَوَابَّ (قَوْلُهُ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) الْحَفْنَةُ لُغَةً مِلْءُ الْكَفَّيْنِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَا هَاهُنَا مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الْيَدُ الْمُتَوَسِّطَةُ (قَوْلُهُ: هَلْ مُرَادُهُ بِالْفِدْيَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) أَيْ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ حَقِيقَةُ الْفِدْيَةِ فَيَكُونُ خِلَافًا وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهَا فَقَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ لِلْحِلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لِلدَّوَابِّ وَإِلَى الْأَوَّلِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَوَجْهُهُ حَمْلُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] عَلَى عُمُومِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ رَأْسِ غَيْرِهِ وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلَّلَ بِالْحِلَاقِ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَهُمَا كَمَا قَالَ س وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ أَطْعَمَ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ يُوهِمُ خُرُوجَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَلَّدَهُ ح فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيَ الْقَمْلِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ كَثْرَتَهُ بِحَيْثُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَ كَثْرَتَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ اهـ. وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَيْفَ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِ الْحَلَالِ قَمْلٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَقَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وتت فِي كَبِيرِهِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا تَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ الْفِدْيَةَ بِقَتْلِ الدَّوَابِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْكَثِيرِ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقَمْلِ الْكَثِيرِ الْإِطْعَامُ فَكَلَامُهُ كُلُّهُ جَارٍ عَلَى تَعْلِيلِهِ وَتَبِعَ سَنَدٌ اللَّخْمِيَّ فِي تَفْصِيلِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ كَلَامُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) وَفِيهَا مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَلْقُ فَلَوْ حَصَلَ قَتْلُ قَمْلٍ مِنْ الْحَالِقِ لَجَرَى عَلَى تَفْصِيلِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْحَالِقِ) فَلَوْ أَعْسَرَ فَهَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يُخْرِجُهَا الْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْحَالِقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْحَالِقِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ بَلْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ عَبَثًا أَوْ تَرَفُّهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 فَفِيهِ فِدْيَةٌ فَإِنْ قَلَّمَهُ لِكَسْرِهِ أَوْ أَزَالَ وَسَخَهُ، أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَ حَلَالٍ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ لِمَ قَلَّمَ ظُفْرَ مِثْلِهِ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قُلِّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ افْتَدَى وَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ حَلَالٍ، أَوْ حَرَامٍ اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ الْوَاحِدِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَمْ لَا وَلَوْ أَبَانَ وَاحِدًا بَعْدَ إبَانَةِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ (ص) كَشَعْرَةٍ أَوْ شَعَرَاتٍ أَوْ قَمْلَةٍ، أَوْ قَمَلَاتٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي إطْعَامِ حَفْنَةٍ مِنْ طَعَامٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَزَال مِنْ جَسَدِهِ شَعْرَةً وَاحِدَةً، أَوْ شَعَرَاتٍ إلَى عَشْرَةٍ وَمَا قَارَبَهَا لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ وَتَقَدَّمَ مَا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهِ لِوُضُوءٍ، أَوْ رُكُوبٍ، أَوْ غَسْلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَزَالَ وَسَخَ نَفْسِهِ أَيْ الْوَسَخَ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ حَفْنَةٌ إذَا قَتَلَ قَمْلَةً، أَوْ قَمَلَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّعْرِ، وَمِثْلُ قَتْلِ الْقَمْلِ طَرْحُهُ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ (وَطَرْحِهَا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَتْلِ الْمُقَدَّرِ (ص) كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ أَيْ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ حَفْنَةٌ لِحَلْقِ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ لِمُحْرِمٍ آخَرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَعَادَ حَرْفَ التَّشْبِيهِ فِي الْحَفْنَةِ وَإِنْ أَغْنَى عَنْهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحَالِقُ نَفْيَ الْقَمْلِ عَنْ رَأْسِ الْمَحْلُوقِ فَلَا حَفْنَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْفِدْيَةُ (ص) وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُطْعِمُ الْمُحْرِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إذَا قَرَّدَ بَعِيرَهُ أَيْ أَزَالَ عَنْهُ الْقُرَادَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلْقَتْلِ وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ فِي كَثِيرِهِ وَحَفْنَةٌ فِي قَلِيلِهِ، وَمِثْلُ الْقُرَادِ فِيمَا ذُكِرَ سَائِرُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ جَسَدِ الْبَعِيرِ وَيَعِيشُ فِيهِ كَالْحَلَمِ وَنَحْوِهِ. (ص) لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ، أَوْ بُرْغُوثٍ (ش) جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَيْ وَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِ مَا لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ جَسَدِ غَيْرِهِ كَعَلَقَةٍ وَبُرْغُوثٍ وَنَمْلٍ وَذَرٍّ وَبَعُوضٍ وَذُبَابٍ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا الْقَمْلَ عَنْ جَسَدِهِ وَالْقُرَادَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ عَنْ دَابَّتِهِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ طَرْحِ أَنَّ قَتْلَ مَا ذُكِرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ. (ص) وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ، أَوْ يُزِيلُ أَذًى كَقَصِّ الشَّارِبِ، أَوْ ظُفْرٍ، أَوْ قَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: " {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] " يَكُونُ سَبَبُهَا مُنْحَصِرًا فِي أَمْرَيْنِ: التَّرَفُّهُ وَإِمَاطَةُ الْأَذَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلَهُ الْمُحْرِمُ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ التَّرَفُّهُ أَوْ يُزِيلُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا إذَا حَلَقَ عَانَتَهُ، أَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ أَوْ شَارِبَهُ، أَوْ نَتَفَ إبْطَهُ أَوْ أَنْفِهِ، أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْتُلْهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَثُرَ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ يُتَرَفَّهُ أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيُزِيلُ أَذًى بِالْوَاوِ وَهِيَ بِمَعْنَى، أَوْ وَأَوْلَى لَوْ اجْتَمَعَا وَقَوْلُهُ كَقَصِّ الشَّارِبِ أَوْ ظُفْرٍ مِثَالَانِ صَالِحَانِ لِلْأَمْرَيْنِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَخَضْبً بِكَحِنَّاءٍ وَإِنَّمَا عَرَّفَ الشَّارِبَ لِاتِّحَادِهِ وَنَكَّرَ الظُّفْرَ لِتَعَدُّدِهِ. (ص) وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ وَإِنْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ (ش) الْحِنَّاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ رَأْسَهُ، أَوْ لِحْيَتَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ) أَيْ ظُفْرَ نَفْسِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ خِلَافًا لِمَا فِي عب وَقَوْلُهُ: أَوْ قُلِّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ أَيْ قَلَّمَ لَهُ الْغَيْرُ بِأَمْرِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا رَضِيَ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ) أَيْ إنْ أَبَانَ الثَّانِيَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ مَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ هَذَا مَا يُفِيدُهُ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ هَذَا فِيمَا إذَا قَتَلَ قَمْلَةً وَأُخْرَى (قَوْلُهُ وَمَا قَارَبَهَا) وَهُوَ الْأَحَدَ عَشْرَ وَالِاثْنَا عَشْرَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَيَلْزَمُ الْفِدْيَةُ كَمَا إذَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَمْلِ (قَوْلُهُ بِالْجَرِّ) وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الْخَبَرِ أَيْ وَطَرْحُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْقَطْعِ عَنْ الْعَطْفِ إلَى غَيْرِهِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الرَّضِيُّ وَحَاصِلُ مَا عِنْدَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَطْعُ عَنْ الْعَطْفِ إلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ يُفْهَمُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ لَبْسٍ وَيَمْتَنِعُ إنْ حَصَلَ لَبْسٌ (قَوْلُهُ وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ) ظَاهِرُهُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَقَالَ مَالِكٌ: يَفْتَدِي فِي الْكَثِيرِ وَيُطْعِمُ فِي الْيَسِيرِ وَكَلَامُ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثْرَةِ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَثْرَةَ هُنَا كَالْكَثْرَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَمْلِ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَعِيرَهُ لَمَّا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْقُرَادُ يُضْعِفُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَقْرِيدِهِ. (قَوْلُهُ لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ) أَيْ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعِيرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بُرْغُوثٍ أَيْ طَرْحِ بُرْغُوثٍ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ طَرْحُ إلَخْ) وَبَعْضُهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ فِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يُطْعِمُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: يُتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ (قَوْلُهُ مِثَالَانِ صَالِحَانِ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظُّفْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذِي بَلْ لِلتَّرَفُّهِ فَلَيْسَ فِيهِ فِدْيَةٌ وَإِنَّمَا فِيهِ حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ لِاتِّحَادِهِ) أَيْ فَصَارَ مُتَعَيِّنًا فِي الْأَذْهَانِ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ (قَوْلُهُ وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ) مِثَالٌ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْوَسْمَةَ بِكَسْرِ السِّينِ وَتَسْكِينِهَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ نَبْتٌ مِنْ شَجَرَةٍ كَالْكُزْبَرَةِ يُدَقُّ وَيُخْلَطُ مَعَ الْحِنَّاءِ سُمِّيَتْ وَسْمَةً مِنْ الْوَسَامَةِ وَهِيَ الْحُسْنُ لِأَنَّهَا تُحَسِّنُ الشَّعْرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 أَوْ جَسَدَهُ وَهِيَ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الطِّيبِ وَسَوَاءٌ عَمَّ الْعُضْوَ، أَوْ لَمْ يَعُمَّهُ بَلْ كَانَتْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ كَدِرْهَمٍ فَإِنْ صَغُرْت فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالرُّقْعَةِ مَوْضِعُ الْحِنَّاءِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ خَضْبً أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ فِي فَمِ جُرْحٍ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ كَمَا لَوْ شَرِبَهُ، أَوْ حَشَا شُقُوقَ رِجْلَيْهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ وَلَوْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ وَأَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) وَمُجَرَّدِ حَمَّامٍ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) الْمَشْهُورُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ رِوَايَاتٍ ثَلَاثٍ حَكَاهَا أَنَّ الْفِدْيَةَ تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَى جَسَدِهِ بَعْدَ جُلُوسِهِ فِيهِ وَعَرَقِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إزَالَةِ الْوَسَخِ سَوَاءٌ تَدَلَّكَ أَمْ لَا أَنْقَى الْوَسَخَ أَمْ لَا وَالثَّانِيَةُ إنْ تَدَلَّكَ وَالثَّالِثَةُ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِمَا قَرَّرْنَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ مُجَرَّدُ حَمَّامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دُخُولٌ وَأَنْ يَكُونَ غَسْلٌ وَالْمُرَادُ الثَّانِي، الثَّانِي أَنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ جُلُوسِهِ فِيهِ حَتَّى يَعْرَقَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَمِنْ صَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ، الثَّالِثُ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ إذَا تَدَلَّكَ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَحِينَئِذٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الِاعْتِرَاضُ فِي عُدُولِهِ عَنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَشْيِهِ عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ وَاعْتَذَرَ الشَّارِحُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ؛ لِاخْتِيَارِ عِدَّةٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ لِمَا اخْتَارَهُ لَا لِمَا فِيهَا. (ص) وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ، أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا بِفَوْرٍ، أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ، أَوْ قَدَّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ (ش) الْأَصْلُ فِي الْفِدْيَةِ أَنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهَا تَتَّحِدُ وَإِنْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا الْأَوْلَى إذَا ظَنَّ الْإِبَاحَةَ، أَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ، أَوْ نَاسِيًا لَهُ وَصُورَتُهَا لَبِسَ ثَوْبًا مَثَلًا فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، ثُمَّ لَبِسَ ثَانِيًا ظَانًّا أَنَّ فِعْلَهُ الثَّانِيَ لَا يُوجِبُ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْأَوَّلُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ الثَّانِي عَلَى الْفَوْرِ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي مِنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَعَدَّدَ مُوجِبُ الْفِدْيَةِ بِفَوْرٍ كَمَا إذَا لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَقَلَّمَ وَقَتَلَ الْقَمْلَ وَحَلَقَ الشَّعْرَ دُفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْفِعْلِ الْوَاحِدِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ نَوَى التَّكْرَارَ مِنْ جِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَضُرُّ بُعْدُ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَدَاوَى لِقُرْحَةٍ بِمُطَيِّبٍ وَنَوَى تَكْرَارَ التَّدَاوِي لَهَا، أَوْ لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَحَلَقَ وَقَلَّمَ وَنِيَّتُهُ فِعْلُ جَمِيعِهَا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ، الرَّابِعَةُ أَنْ يُقَدِّمَ مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ عَلَى مَا نَفْعُهُ أَخَصُّ كَأَنْ يُقَدِّمَ فِي لُبْسِهِ الثَّوْبَ أَوْ الْقَلَنْسُوَةِ، أَوْ الْقَمِيصِ عَلَى السَّرَاوِيلِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَوْ الْجُبَّةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَفِدْيَةٌ وَإِنْ تَرَاخَى وَلَوْ عَكَسَ الْأَمْرَ أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ خَاصَّةً وَتَرَاخَى تَعَدَّدَتْ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْأَوَّلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالرُّقْعَةِ مَوْضِعُ الْحِنَّاءِ) أَيْ مِنْ الْعُضْوِ لَا كُلُّ الْعُضْوِ. (قَوْلُهُ صَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ فِي الْحَمَّامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ غُسْلٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَنْ يَكُونَ صَبٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَعْرَقَ) مِنْ بَابِ تَعِبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَلَمْ يُسْمَعْ لِلْعَرَقِ جَمْعٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ أَوْ نَاسِيًا) هَذَا الْحَلُّ غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَالْمَرْضِيُّ حَلُّ الْحَطَّابِ بِحَلٍّ آخَرَ وَتَبِعَهُ عب وَنَصُّهُ: إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ كَاَلَّذِي يَطُوفُ فِي عُمْرَتِهِ، ثُمَّ يَسْعَى وَيَحِلُّ أَيْ، أَوْ لِلْإِفَاضَةِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ فِيهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ فَيَتَبَيَّنُ خِلَافُهُ، أَوْ يَعْتَقِدُ رَفْضَ إحْرَامِهِ وَاسْتِبَاحَةَ مَوَانِعِهِ، أَوْ يُفْسِدُهُ بِوَطْءٍ فَتَأَوَّلَ أَوْ جَهِلَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُسْقِطُ حُرْمَتَهُ بِالْفَسَادِ فَيَفْعَلُ مُتَعَدِّدًا يُوجِبُ كُلُّ وَاحِدٍ فِدْيَةً مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فَتَتَّحِدُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي الثَّلَاثِ، وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ إبَاحَةَ مَا فَعَلَهُ عَلَى الْحَاجِّ أَيْ ظَنَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ مُحَرَّمَاتِهِ أَوْ أَنَّ كُلًّا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ إذَا انْفَرَدَ وَعِنْدَ التَّعَدُّدِ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ الِاتِّحَادَ كَمَا قَرَّرَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ أَيْ وتت قَالَ مُحَشِّي تت فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الِاتِّحَادِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْمَذْكُورَةُ وَالْأُولَى مِنْهَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا شَكُّ الْإِبَاحَةِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَتَعَدَّدُ فِيهِمَا فِي حَالَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا لَبِسَ وَتَطَيَّبَ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ فِعْلِ الثَّانِي وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ وَقَوْلُهُ بِفَوْرٍ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَفْعَالُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ وَنَوَى تَكْرَارَ التَّدَاوِي لَهَا) أَيْ كَمَا احْتَاجَ لِلدَّوَاءِ (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ فِعْلُ جَمِيعِهَا) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَدِّمَ مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ) أَيْ أَعْظَمُ (قَوْلُهُ عَلَى السَّرَاوِيلِ) رَاجِعٌ لِلثَّوْبِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْعِمَامَةِ رَاجِعٌ لِلْقَلَنْسُوَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ السِّينِ وَفِيهَا لُغَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ الْقُلَنْسِيَةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّك إذَا فَتَحْت الْقَافَ ضَمَمْت السِّينَ وَإِنْ ضَمَمْت الْقَافَ كَسَرْت السِّينَ وَقَلَبْت الْوَاوَ يَاءً فَإِذَا جَمَعْت أَوْ صَغَّرْت فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَتَيْنِ الْوَاوَ وَالنُّونَ إنْ شِئْت حَذَفْت الْوَاوَ وَقُلْت قَلَانِسُ وَإِنْ شِئْت حَذَفْت النُّونَ وَقُلْت قَلَاسٍ رَاجِعْ صِحَاحَ الْجَوْهَرِيِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْجُبَّةِ رَاجِعٌ لِلْقَمِيصِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ أَعْظَمَ مِنْ الْعِمَامَةِ لِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْقَلَنْسُوَةُ أَعْظَمُ فِي الِاتِّسَاعِ عَلَى الْعُضْوِ مِنْ الْعِمَامَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُبَّةِ مَعَ الْقَمِيصِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ أَطْوَلَ مِنْ الْجُبَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَاخَى) الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ) لَا دَاعِيَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ بَلْ الْمُنَاسِبُ التَّعْمِيمُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقَلَنْسُوَةَ أَعْظَمُ مِنْ الْعِمَامَةِ وَالْقَمِيصَ أَعْظَمُ مِنْ الْجُبَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 بِمَا إذَا لَمْ تُفَضَّلْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الثَّوْبِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ اللَّخْمِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ أَمَّا إذَا نَزَلَ فَتَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ ثَانِيًا بِغَيْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوَّلًا اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ. (ص) وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَجِبُ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ طُولٍ إلَّا بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا إذَا لَبِسَ قَمِيصًا، أَوْ خُفًّا وَانْتَفَعَ بِهِ مِنْ دَفْعِ إذَايَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ فَلَوْ لَبِسَهُ وَنَزَعَهُ مَكَانَهُ لِقِيَاسٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ فِدْيَةٌ، وَأَمَّا مَا لَا يَقَعُ إلَّا مُنْتَفَعًا بِهِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ وَالطِّيبِ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (ص) وَفِي صَلَاةٍ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي انْتِفَاعِهِ بِالْمَلْبُوسِ فِي صَلَاةٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا قَوْلَانِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ سَنَدٌ فَرَاعَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: بِالْفِدْيَةِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ قَالَ بَعْضٌ فَفِيهِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَكَانَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّ لُبْسَهُ دُونَ الْيَوْمِ لَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ، وَهَذَا مَا لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا فَإِنْ طَوَّلَ فِيهَا طُولًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. (ص) وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لِأَجْلِ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَيَأْثَمُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلِ الْمُوجِبِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ. وَقَالَ التَّاجُورِيُّ إنَّ خَوْفَ وُجُودِ الْعُذْرِ كَافٍ فِي ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَتْ دِمَاءُ الْحَجِّ عَلَى ضَرْبَيْنِ هَدْيٌ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَمَا نَوَى بِهِ مِنْ النُّسُكِ الْهَدْيَ، كَمَا سَيَأْتِي وَنُسُكٌ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَطَلَبِ الرَّفَاهِيَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِفِدْيَةِ الْأَذَى كَمَا أَفَادَ التَّسْمِيَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ كَالْكَفَّارَةِ أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ هِيَ النُّسُكُ أَيْ الْعِبَادَةُ مُخَيَّرٌ فِيهَا بَيْنَ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَذْبَحَ شَاةً فَأَكْثَرَ لَحْمًا مِنْهَا مِنْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ لَكِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ طِيبَ اللَّحْمِ هُنَا أَفْضَلُ كَالضَّحَايَا وَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمِنْ غَالِبِ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَإِمَّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ تُفَضَّلْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا فُضِّلَتْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ أَيْ بِالْكَثِيرِ فَتَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ بِالسَّرَاوِيلِ انْتِفَاعٌ مِنْ دَفْعِ بَرْدٍ فَتَتَعَدَّدُ بِلُبْسِهَا (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ) أَشَارَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَنَّهُ إذَا عَظُمَتْ الْعِمَامَةُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ بِأَنْ نَزَلَتْ تَحْتَ الْقَلَنْسُوَةِ أَيْ بِكَثِيرٍ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَتَعَدَّدُ وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا أَشَارَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً ثُمَّ عِمَامَةً أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يُفَضَّلْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ ائْتَزَرَ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ مِئْزَرٍ فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَتَّزِرَ بِهِمَا وَأَمَّا رِدَاءٌ فَوْقَ رِدَاءٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَدَ كُلًّا مِنْ تِلْكَ الْمَآزِرِ وَأَطَالَ مَا بَيْنَ الْمِئْزَرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ الرِّدَاءِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) إذَا تَعَدَّدَ مُوجِبُ الْحَفْنَةِ جَرَى فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فَتَتَّحِدُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ. (قَوْلُهُ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْعَامَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ) كَمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا رَقِيقًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الِانْتِفَاعِ غَالِبًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّوَامِ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُرَادَ انْتِفَاعٌ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَتَدْخُلُ تِلْكَ الصُّورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَرَاعَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ السِّتْرُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَمَرَّةً نَظَرَ إلَى التَّرَفُّهِ) الَّذِي مَرْجِعُهُ إلَى الِانْتِفَاعِ مِنْ الْحَرِّ، أَوْ الْبَرْدِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ) ، وَالظَّاهِرُ خُرُوجُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، أَوْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ طَوَّلَ فِيهَا طُولًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ) وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا أَيْ، وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيهَا فَالْفِدْيَةُ اتِّفَاقًا وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ أَيْ بِأَنْ كَانَ كَالْيَوْمِ لَا مَا زَادَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَإِلَّا فَالْفِدْيَةُ قَطْعًا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ عب. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ) فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَاسْتَمَرَّ تَعَدَّدَتْ لِأَنَّ نِيَّتَهُ كَانَتْ بِلُبْسِهِ حَالَ الْعُذْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ مَعْنَاهَا وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِخَوْفِ عُذْرٍ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ حَاصِلٍ بِالْفِعْلِ أَوْ مُتَرَقَّبٍ فَخَوْفُ الْعُذْرِ كَافٍ. (قَوْلُهُ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَا نَوَى بِهِ إلَخْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي جَعْلِهِ جَزَاءَ الصَّيْدِ مِنْ أَفْرَادِ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ التَّفَثُ إلَخْ) هُوَ نَحْوُ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ التَّسْمِيَتَيْنِ) هِيَ نُسُكٌ وَفِدْيَةُ الْأَذِي (قَوْلُهُ نُسْكٌ) مُثَلَّثُ النُّونِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ وَبِضَمَّتَيْنِ الْعِبَادَةُ وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: بِشَاةٍ) حَلُّ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَهِيَ نُسُكٌ مُصَوَّرٌ إمَّا بِشَاةٍ وَإِمَّا إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَإِمَّا بِصِيَامٍ (قَوْلُهُ شَاةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّحِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ لَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهَا غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي الضَّحَايَا الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ طِيبَ اللَّحْمِ هُنَا أَفْضَلُ. . . إلَخْ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِبِلَ أَفْضَلُ ثُمَّ دُونَهَا الْبَقَرُ ثُمَّ دُونَهَا الْغَنَمُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِكُلٍّ مُدَّانِ) فَإِنْ حَصَلَ لِبَعْضٍ أَكْثَرُ مِنْ مُدَّيْنِ وَلِبَعْضٍ أَقَلُّ مِنْهُمَا كَمَّلَ لَهُ بَقِيَّتَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ نَزْعَ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ إذَا بَيَّنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى. (ص) وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذَّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ (ش) أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ النُّسُكُ ذَبْحًا أَوْ نَحْرًا أَوْ إطْعَامًا، أَوْ صِيَامًا بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان كَاخْتِصَاصِ الْهَدْيِ بِأَيَّامِ مِنًى وَبِمَكَّةَ، أَوْ مِنًى هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْمَذْبُوحِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النُّسُكِ الْهَدْيَ فَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ فَكَحُكْمِهِ فِي الِاخْتِصَاصِ بِمِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَالْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَرْتِيبُهُ وَدُخُولُ الصَّوْمِ فِيهِ نِيَابَةً وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَكْثَرِ فِيهَا لَحْمًا وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ كَالْكَفَّارَةِ أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْإِطْعَامِ هُنَا مِثْلُ الْحُكْمِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَيَأْتِي حُكْمُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ: وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ وَلَا مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٍ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِغَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا غَالِبِ قُوتِهِ هُوَ، وَأَنَّ الْمُدَّ يُعْتَبَرُ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذْ بِهِ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ مَا عَدَا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا بِمُدِّ هِشَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (ص) وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَصْنَافِ فِدْيَةِ الْأَذَى إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ يَأْخُذُ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَلَوْ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءً وَعَشَاءً لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَمَّى مُدَّيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ إطْعَامُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بَلَغَ مُدَّيْنِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَلَغَ مَا ذُكِرَ أَجْزَأَ وَلَوْ حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ مُدَّانِ وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ لِمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُدَّانِ بَقِيَّتَهُمَا. (ص) وَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ أَيْ وَحَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَتُكْرَهُ فَقَطْ مَعَ عِلْمِهَا لِيَسَارَةِ الصَّوْمِ. (ص) وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَطْءَ إذَا وَقَعَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، فِي قُبُلِ أَوْ دُبُرِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْزَلَ أَوْ لَا مُبَاحَ الْأَصْلِ أَوْ لَا كَانَ مُوجِبًا لِلْمَهْرِ وَالْحَدِّ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ بَالِغٍ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ (كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ وَإِنْ بِنَظَرٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجِمَاعُ أَيْ كَمَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالْجِمَاعِ كَذَلِكَ يُفْسِدُهُ اسْتِدْعَاءُ الْمَنِيُّ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَوْ بِنَظَرِهِ الْمُسْتَدَامِ أَوْ بِتَذَكُّرٍ   [حاشية العدوي] لَا يُتْبِعُهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ كَالْحُكْمِ الْآتِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ كَالْكَفَّارَةِ قَالَ الْبَدْرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) رَدَّ بِهِ عَلَى الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ) الْمَذْهَبُ أَنَّ الْإِبِلَ أَفْضَلُ، ثُمَّ دُونَهَا الْبَقَرُ ثُمَّ دُونَهَا الْغَنَمُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ مُدَّانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَصَّ) أَيْ النُّسُكُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى غَيْرِ الشَّاةِ خُرُوجٌ عَنْ الِاصْطِلَاحِ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَمُقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُقْتَضَى الْآيَةِ تَخْصِيصُهُ بِالذَّبِيحَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ هَذَا الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ إطْعَامٌ. . . إلَخْ عُطِفَ عَلَى شَاةٍ وَأَنَّ نُسُكٌ مُسَلَّطٌ عَلَى الثَّلَاثِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ أَوْ إطْعَامٌ عُطِفَ عَلَى نُسُكٍ فَلَا يَكُونُ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ مِنْ أَفْرَادِ النُّسُكِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ تَخْتَصَّ أَيْ وَلَمْ تَخْتَصَّ الْفِدْيَةُ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ أَوْ الْإِطْعَامِ، أَوْ الصِّيَامِ اهـ وَقَالَ الْبَدْرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذَّبْحَ نَهَارًا أَفْضَلُ وَالْإِطْعَامَ أَفْضَلُ أَنْوَاعِهَا كَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ إطْعَامٌ أَوْ صِيَامًا) اُنْظُرْ هَلْ يُتَوَهَّمُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِزَمَانٍ، أَوْ مَكَان حَتَّى يَنْفِيَهُ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْمَذْبُوحِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذُبِحَ فِي الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُقَلِّدَهُ، أَوْ يُشْعِرَهُ فِيمَا يُقَلَّدُ أَوْ يُشْعَرُ وَلَمْ يَنْوِ فَتَقْلِيدُ مَا لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ كَالْعُدْمِ فَيَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَلَوْ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ وَنِيَّةُ الْهَدْيِ فِيمَا يُقَلَّدُ أَوْ يُشْعَرُ بِدُونِ تَقْلِيدٍ وَإِشْعَارٍ كَالْعَدَمِ كَذَا ذَكَرَ شُرَّاحُهُ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ (قَوْلُهُ وَتَرْتِيبُهُ) سَيَأْتِي أَنَّ الْهَدْيَ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ وَدُخُولُ الصَّوْمِ فِيهِ نِيَابَةً) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَوُّرُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجْزَاءَ مَعَ بُلُوغِ مُدَّيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الظِّهَارِ وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ إجْزَائِهِمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِمَا هُنَا وَفِي الظِّهَارِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مُدٌّ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي أَكْلِ كُلِّ شَخْصٍ فِي يَوْمٍ وَالْكَفَّارَةُ هُنَاكَ لِكُلٍّ مُدَّانِ وَهُمَا قَدْرُ أَكْلِ الشَّخْصِ فِي يَوْمَيْنِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِيهِمَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ لِأَنَّهُمَا أَكْلُ يَوْمٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ) يُوهِمُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ أَشْهَبَ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُجْزِئُهُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنْزِلْ) فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ. (قَوْلُهُ وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا) فِي شَرْحِ عب وشب تَبَعًا لعج وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْبَالِغُ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً كَثِيفَةً، أَوْ غَيَّبَهُ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ أَنَّهُ يُفْسِدُ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ كَوَطْءِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اسْتِمْنَاءَ الشَّخْصِ بِيَدِهِ حَرَامٌ خَشِيَ الزِّنَا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ الزِّنَا إلَّا بِهِ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ وَفِي اسْتِمْنَائِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ وَهُوَ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِمَحْرَمٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ قَدَّمَ الْأَجْنَبِيَّةَ لِأَنَّهَا تُبَاحُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَدَّمَ الْغَيْرَ (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ كَوْنِ الِاسْتِدْعَاءِ مُوجِبَ الْفَسَادِ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةِ مَحَلِّهِ حَيْثُ كَانَ الْغَالِبُ الْإِنْزَالَ عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 حَتَّى أَنْزَلَ، أَوْ بِمُلَاعَبَةٍ حَتَّى أَنْزَلَ وَقَوْلُهُ كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا لِلْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ مَنِيٌّ أَيْ وَحَصَلَ، وَإِلَّا فَالْهَدْيُ بِأَنْ حَصَلَ مَذْيٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِنَظَرٍ أَيْ وَإِنْ حَصَلَ مَنِيٌّ بِإِدَامَةِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَالْهَدْيُ نَدْبًا مِنْ غَيْرِ إفْسَادٍ كَمَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ وَفِي ح مَا يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْأَبْهَرِيِّ هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْهَدْيِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ لَا تُشْتَرَطُ الْإِدَامَةُ أَيْ حَيْثُ حَصَلَ إنْزَالٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْقُبْلَةُ فَالْهَدْيُ إنْ كَانَتْ لِلَذَّةٍ لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ. (ص) قَبْلَ الْوُقُوفِ مُطْلَقًا، أَوْ بَعْدَهُ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةٍ وَعَقَبَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَطْءَ أَوْ الْمَنِيَّ الْمَذْكُورَ يُفْسِدُ الْحَجَّ إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ سَوَاءٌ فَعَلَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ شَيْئًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ أَوْ لَا، وَهَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ يَوْمُ الْوُقُوفِ فَقَطْ (ص) ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَا ذُكِرَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ بَلْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَطْءِ، أَوْ الْإِنْزَالِ بِغَيْرِهِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، أَوْ بَعْدَهُمَا مَعًا يَوْمَ النَّحْرِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَحْلِقْ، وَإِلَّا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ (ص) كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً (ش) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فَإِنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ بِهِمَا إذْ الْفَسَادُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْهُمَا إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلَذَّةٍ وَإِدَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَهَا وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ، أَوْ لَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ. (ص) وَإِمْذَائِهِ (ش) أَيْ فِيهِ الْهَدْيُ وَسَوَاءٌ خَرَجَ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ مُدَاوَمَةِ النَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ، أَوْ الْقُبْلَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ، أَوْ غَيْرِهَا. (ص) وَقُبْلَتُهُ (ش) أَيْ فِيهَا الْهَدْيُ إنْ كَانَتْ بِفَمٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى الْجَسَدِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُلَامَسَةِ قَالَهُ ح، وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ فِيهَا الْهَدْيُ إذَا خَرَجَ مَعَهَا مَذْيٌ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَخْرُجْ بِشَرْطِ أَنْ تَكْثُرَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكْثُرْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا. (ص) وَوُقُوعُهُ بَعْدَ سَعْيٍ فِي عُمْرَتِهِ، وَإِلَّا فَسَدَتْ (ش) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ مُفْسِدُ الْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ حِلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ؛ لِانْقِضَاءِ أَرْكَانِهَا وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ إتْمَامِ سَعْيِهَا وَلَوْ بِشَوْطٍ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا وَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ فِي الْعُمْرَةِ غَيْرَ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ مِمَّا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْحَجِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْمَذْيِ وَالْقُبْلَةِ وَطُولِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُلَاعَبَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْعُمْرَةِ إنَّمَا هُوَ مَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فِي الْحَجِّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِنْ وَطْءٍ وَإِنْزَالٍ، وَأَنَّ مَا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْحَجِّ لَا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْعُمْرَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ. (ص) وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَإِنْ أَحْرَمَ (ش) لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إلَّا دَاوُد أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ، أَوْ عُمْرَتَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْفَاسِدِ فِيهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِإِفْسَادِهِ وَتَمَادَى إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَأَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ، أَوْ عُمْرَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ الْفَائِتِ وَإِحْرَامُهُ الثَّانِي لَغْوٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ الْفَاسِدِ وَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً عَنْهُ، ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ إتْمَامُ الْمُفْسِدِ إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِالْعَامِ الْوَاقِعِ فِيهِ الْفَسَادُ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمَادِيًا عَلَى الْفَاسِدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُلُوصِ مِنْهُ. (ص) وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَمْ يُتِمَّهُ وَأَحْرَمَ لِقَضَائِهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ هَذَا الثَّانِي وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إنْ كَانَ عُمْرَةً   [حاشية العدوي] الِاسْتِدْعَاءِ، أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْغَالِبُ الْعَدَمَ فَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ نُسُكُهُ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ ذَكَرَهُ تت عَنْ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ قَبْلَهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ اهـ. وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبَعْضٌ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِأَفْسَدَ وَاسْتِدْعَاءً وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِأَفْسَدَ وَاسْتِدْعَاءً (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ) وَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ التَّقْيِيدِ الْآتِي فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْإِفَاضَةَ رُكْنٌ وَجَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَاجِبٌ وَالسَّعْيَ رُكْنٌ وَطَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهَدْيٌ) الْفَرْقُ بَيْنَ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَيْنَ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ يَوْمَ النَّحْرِ صَارَتْ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ قَضَاءً وَصَارَ الطَّوَافُ كَالْقَضَاءِ لِخُرُوجِهِ عَنْ وَقْتِهِ الْفَاضِلِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا وَالْقَضَاءُ أَضْعَفُ مِنْ الْمَقْضِيِّ (قَوْلُهُ كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً) سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَفْسُدُ الْحَجُّ بِحُصُولِهِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَإِدَامَةِ كُلٍّ) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ التَّقْدِيرُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلَّذَّةِ مَعَ إدَامَةٍ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَخُرُوجٌ. إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِمْذَاؤُهُ) سَوَاءٌ خَرَجَ فِي حَالَةٍ لَوْ خَرَجَ فِيهَا الْمَذْيُ لَأَفْسَدَ أَمْ لَا لَكِنْ أَوْجَبَ الْهَدْيَ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بِفَمٍ) أَيْ عَلَى فَمٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكْثُرْ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا النَّظَرُ الطَّوِيلُ وَالْفِكْرُ الطَّوِيلُ فَلَا شَيْءَ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَذْيٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا كَالْحَجِّ أَوْ أَنَّهَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا وُقُوفٌ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْفَاسِدِ فِيهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ) فِيهِ مُصَادَرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ إلَخْ) وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا جَدَّدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 أَوْ حَجًّا إلَّا فِي الْعُمْرَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَ الْوُقُوفُ فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَإِلَّا أُمِرَ وُجُوبًا بِالتَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَوْ دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَقَضَاهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي. (ص) وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَطَوُّعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّةَ الْفَرْضِ أَوْ التَّطَوُّعِ أَوْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ فَيَقْضِي الْحَجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَيَقْضِي الْعُمْرَةَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ فَاسِدِهَا فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَوْرًا فَقَدْ أَثِمَ قَالَ بَعْضٌ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَضِّحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَضَاءَ فَاسِدِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَجَبَ (ص) وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَضَاءً عَمَّا أَفْسَدَهُ، ثُمَّ إنَّهُ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأَصْلِ وَالْأُخْرَى عَنْ الْقَضَاءِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ وَلَوْ تَسَلْسَلَ. (ص) وَنَحْرُ هَدْيٍ فِي الْقَضَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ أَيْ وَوَجَبَ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ حَجَّتَهُ أَوْ عُمْرَتَهُ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا فِي زَمَانِ قَضَاءِ حَجِّهِ، أَوْ عُمْرَتِهِ لَا فِي زَمَانِ فَسَادِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِيَتَّفِقَ لَهُ الْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَالْجَابِرُ النُّسُكِيُّ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ؛ لِأَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ جَابِرٌ لِلْفَسَادِ فَيَكُونُ فِي الْقَضَاءِ الْجَابِرِ لِلْفَسَادِ أَيْضًا فَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُنْصَبٌّ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْقَضَاءِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ تُعْطِي أَنَّ الْهَدْيَ لِلْقَضَاءِ فَلَوْ قَالَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ فِيهِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي هَدْيِهِ عَائِدًا عَلَى الْفَسَادِ وَفِي فِيهِ عَائِدًا عَلَى الْقَضَاءِ كَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَاتَّحَدَ وَإِنْ تَكَرَّرَ لِنِسَاءٍ (ش) ضَمِيرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ عَائِدٌ عَلَى مُوجِبِ الْهَدْيِ وَطْئًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ أَوْ بِالْوَطْءِ مِرَارًا فِي نِسَاءٍ أَوْ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَجْلِ الْفَسَادِ الْوَاقِعِ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ فَقَطْ (ص) بِخِلَافِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ جَزَاءَهُ عِوَضٌ عَمَّا أَتْلَفَ وَالْأَعْوَاضُ تُكَرَّرُ بِحَسَبِ تَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ وَسَوَاءٌ فَعَلَهُ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ وَكَذَلِكَ فِدْيَةُ الْأَذَى تَتَعَدَّدُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا يُرِيدُ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّكْرَارَ إلَّا فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ. . . إلَخْ. (ص) وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ إذَا عَجَّلَهُ قَبْلَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ أَيْ قَبْلَ قَضَاءِ الْمُفْسَدِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ. (ص) وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَالَ كَوْنِهِ قَارِنًا، ثُمَّ إنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ هَذَا بِأَنْ وَطِئَ ثُمَّ فَاتَهُ ذَلِكَ الْحَجُّ بِأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوَّلًا، ثُمَّ أَفْسَدَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنَّمَا أَتَى بِثُمَّ لِلنَّصِّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمِ فِيهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ هَدَايَا هَدْيٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُمِرَ وُجُوبًا بِالتَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ يَجِبُ إتْمَامُ الْمُفْسِدِ وَإِتْمَامُهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فِي عَامِ الْفَسَادِ وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الْحَلُّ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ أَيْ إذَا كَانَ لَمْ يُتِمَّ حَجَّهُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ فِعْلِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْأَوَّلِ عَنْ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مِنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي عَامِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ وَإِنْ تَحَلَّلَ قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الْقَضَاءُ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَهُوَ شَبِيهٌ بِاَلَّذِي أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ يَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ (قَوْلُهُ وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الْحَجَّ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةٌ يُشَدَّدُ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ فِيهِ وَأَمَّا مَنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ صَلَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَلْ لَهُ تَقْدِيمُ الْقَضَاءِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَنْحَرُهُ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ وَالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ لِيَتَّفِقَ لَهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) الَّذِي هُوَ حَجَّةُ الْقَضَاءِ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ الَّذِي هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي الْقَضَاءِ) أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ (فَائِدَةٌ) نَصَّ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي قَوْلِهِ: كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَنَصَّ عج فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ آخِرَ الْبَابِ أَنَّ مَنْ حَلَّلَ زَوْجَتَهُ مِنْ حَجِّهَا الْفَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا حَلَّلَهَا مِنْهُ بَلْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا فَيَجِبُ إتْمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ اهـ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْمُفْسَدِ لَا يُسْقِطُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْفَائِتِ الْمُتَحَلَّلِ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَقَضَاؤُهُ كَافٍ عَنْهَا وَجَعَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ الشَّيْخِ سَالِمٍ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ (قَوْلُهُ لِنِسَاءٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي وَنِسَاءٌ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ وَفِدْيَةٌ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَصَيْدٌ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي الْجَزَاءِ أَنْ يَقُولَ وَمُوجِبُ فِدْيَةٍ فَيُجْعَلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إذَا فَعَلَهُ عَمْدًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْفَوَاتِ وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ الْمُتَوَهَّمِ فِيهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْهَدْيِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ الثَّانِي، وَأَمَّا الْقِرَانُ الْأَوَّلُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بَلْ آلَ أَمْرُهُ إلَى فِعْلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَمِهِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ كَمَا مَرَّ وَكَوْنُهُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ يُرْشِدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ هَدْيٌ لَكَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ هَدَايَا (ص) وَعُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى هَدْيٍ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ وَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ وَصْلُهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَا فَسَادَ فَهَدْيٌ وَيَجِبُ مَعَ الْهَدْيِ عُمْرَةٌ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى إنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ الطَّوَافِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا ثَلْمَ فِيهِمَا وَإِنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ بِرَكْعَتَيْهِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحَلْقِ فَهَدْيٌ فَقَطْ لِسَلَامَةِ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ مِنْ الثَّلْمِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ الْمُحْرِمَةَ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْجِجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيُهْدِيَ عَنْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِيَ عَلَى الْإِذْنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَذَلِكَ عَلَيْهَا دُونَهُ، وَأَمَّا أَمَتُهُ إذَا أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَلَمَّا أَحْرَمَتْ وَطِئَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْجِجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيَهْدِيَ عَنْهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ أَيْ، أَوْ بَاعَ الْأَمَةَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فَإِنْ بَيَّنَ، وَإِلَّا فَعَيْبٌ (ص) وَعَلَيْهَا إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ إذَا أَعْدَمَ عَنْ إحْجَاجِ مُكْرَهَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهَةِ أَنْ تَحُجَّ وَتَهْدِيَ وَتَفْتَدِيَ مِنْ مَالِهَا، ثُمَّ إنْ أَيْسَرَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَفَرِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ وَبِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ، وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَبِالْأَقَلِّ فِي الْهَدْيِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ النُّسُكِ وَالْإِطْعَامِ أَيْ حَيْثُ أَطْعَمَتْ، وَأَمَّا حَيْثُ افْتَدَتْ بِشَاةٍ فَأَعْلَى فَهَلْ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا كَمَا فِي الْهَدْيِ، أَوْ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ كَمَا إذَا افْتَدَتْ بِالْإِطْعَامِ وَهَلْ يُرَاعَى الْأَقَلُّ يَوْمَ الْإِخْرَاجِ، أَوْ يَوْمَ الرُّجُوعِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُسَلِّفَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُتَقَدِّمِ) فِي الْحِلِّ يُلْقِي طِيبًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَيَرْجِعْ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ. (ص) وَفَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أُمَّتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ طَوْعًا حَالَ الْإِحْرَامِ وَقُلْنَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ بِهَا مِنْ قَابِلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ الَّتِي أَفْسَدَ حَجَّهَا بِالْوَطْءِ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ لِحَجَّةِ الْقَضَاءِ إلَى أَنْ   [حاشية العدوي] الْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ أَمْرٌ مُخِلٌّ بِالْعِبَادَةِ فَلَا فَرْقَ فِيهِمَا فِي أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ حُصُولِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا شَيْءٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ فِي تَقَدُّمِ الْفَوَاتِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ لَمْ تَتِمَّ بِخِلَافِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ مَعَهُ التَّمَامُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَ دَمِهِ. . . إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ وَعُمْرَةٌ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ وَانْظُرْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الْعُمْرَةِ هَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ أَمْ لَا اهـ. قَالَ عج وَمُقْتَضَى جَعْلِهَا كَالْجُزْءِ مِنْ النُّسُكِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ) يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ أَخَّرَ سَعْيَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَدَّمَ السَّعْيَ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَبِمَا إذَا وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَفْصِيلًا وَإِذَا كَانَ الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا اعْتِرَاضَ بِهِ. (قَوْلُهُ وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَقَوْلُهُ أَوْ كَرْهًا أَيْ مَا لَمْ تَتَزَيَّنْ لَهُ أَوْ تَطْلُبْهُ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا وَلَاطَ بِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْجَاجُهُ أَمْ لَا وَلَوْ مَاتَ الْمُكْرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَحَاصَصَ بِأُجْرَةِ الْحَجِّ وَبِقِيمَةِ الْهَدْيِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحَجِّ تَرُدُّ الْأُجْرَةَ وَيَنْفُذُ الْهَدْيُ اهـ. وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ رَجُلًا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ إحْجَاجُهُ وَانْظُرْ هَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ قَضَاءٌ أَوْ هَدْيٌ أَمْ لَا وَانْظُرْ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُكْرَهَةُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا مَا يَكْفِي حَجَّةً وَاحِدَةً مَا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَعْدَمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ. . . إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ إجْحَافٌ وَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ فِي الْكِرَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمِمَّا اكْتَرَتْ بِهِ وَفِي النَّفَقَةِ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ وَبِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ مِنْ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ، أَوْ ثَمَنِهِ وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ وَبِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ تَشْتَرِهِ وَإِنْ صَامَتْ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ وَكَيْلُ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنُهُ إذَا اشْتَرَتْهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَشْتَرِهِ فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ. . . إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِتِلْكَ الْعِبَارَةِ وَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ احْتِبَاكًا حَذَفَ فِي الْأُولَى الطَّرَفَ الثَّانِيَ وَحَذَفَ فِي الثَّانِي الطَّرَفَ الْأَوَّلَ وَالتَّقْدِيرُ تَرْجِعُ مِنْ جِهَةِ الْأُجْرَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ وَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَفَرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ فِي الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا) هَذَا إذَا لَمْ تَشْتَرِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْهُ فَتَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَقِيمَةِ الطَّعَامِ. (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ) مُفَادُهُ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الطِّرَازِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْفَسَادُ حَصَلَ فِي عَامِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ صُورَةً لَيْسَ فِيهَا إفْسَادٌ ظَاهِرًا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ كَذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 يُحِلَّا مِنْهَا بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُفَارَقَةُ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَا كَانَ مِنْهُمَا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ مَعَهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَفْسَدَ لَا بِفَارَقَ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَا تَكُونُ لِمَنْ مَعَهُ وَغَيْرِ مَنْ مَعَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَفْظُ مَعَهُ مَعْمُولٌ لَأَفْسَدَ أَيْ فَارَقَ مَنْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ مَعَهُ لَا غَيْرُهُ فَالْمَعِيَّةُ مُفِيدَةٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ مَنْ لَمْ يَفْسُدْ مَعَهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا. (ص) وَلَا يُرَاعَى زَمَنُ إحْرَامِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ لَا يُرَاعَى زَمَنُ الْإِحْرَامِ فِي الْحَجَّةِ الْأُولًى أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ ثَانِيًا فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ بَلْ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يُحْرِمَ فِي زَمَنِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ فَلِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ شَوَّالٍ مَثَلًا وَأَفْسَدَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مَثَلًا (ص) بِخِلَافِ مِيقَاتٍ إنْ شُرِعَ فَإِنْ تَعَدَّاهُ فَدَمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْحَجَّةِ الْأُولًى إذَا كَانَ مَشْرُوعًا فَإِنَّهُ يُرَاعَى وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ فَمَنْ أَحْرَمَ مَثَلًا مِنْ الْجُحْفَةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاقِيتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ ثَانِيًا مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ تَعَدَّى ذَلِكَ الْمِيقَاتَ الْمَشْرُوعَ وَأَحْرَمَ بَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَلَوْ تَعَدَّاهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَعْدَ كَمَالِ الْمُفْسِدِ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِالْقَضَاءِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنْسَكِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ؛ إذْ لَا يَجِبُ الدَّمُ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَهَذَا يُخَصِّصُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ وَنُدِبَ الْمَسْجِدُ كَخُرُوجِ ذِي النَّفْسِ لِمِيقَاتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ شُرِعَ كَمَا لَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَهُ قَالَ فِيهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ ثَانِيًا إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ وَعَمَّا لَوْ كَانَ تَعَدَّاهُ أَوَّلًا فَلَا يَتَعَدَّاهُ ثَانِيًا إلَّا مُحْرِمًا، وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ وَتَأَوَّلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَاَلَّذِي تَجَاوَزَهُ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ مَكَّةَ، وَأَمَّا مَنْ تَعَدَّاهُ أَوَّلًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيُؤْمَرُ الْآنَ أَنْ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَّا مُحْرِمًا وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ وَالتُّونُسِيِّ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ شَرَعَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعُذْرِ مَشْرُوعٌ. (ص) وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ فَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ إفْرَادٌ وَزِيَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْقَضَاءِ التَّسَاوِي فِي الصِّفَةِ، وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ مُتَمَتِّعًا فَيَفْسُدَ أَيْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ فِي الْحَجِّ بَعْدَ أَنْ فَرَغَتْ الْعُمْرَةُ، ثُمَّ قَضَاهُ مُفْرِدًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَيْضًا فَفِي الْحَقِيقَةِ إجْزَاءُ إفْرَادٍ عَنْ إفْرَادٍ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلتَّمَتُّعِ يُعَجِّلُهُ وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ يُؤَخِّرُهُ لِلْقَضَاءِ (ص) لَا قِرَانً عَنْ إفْرَادٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ (ش) يَعْنِي لَوْ أَحْرَمَ مُفْرِدًا فَقَضَاهُ قَارِنًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ حَجَّ الْقَارِنِ نَاقِصٌ عَنْ حَجِّ الْمُفْرِدِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا فَأَفْسَدَهُ فَقَضَاهُ قَارِنًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ يَأْتِي بِفِعْلٍ وَاحِدٍ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْمُتَمَتِّعَ يَأْتِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَمَلٍ عَلَى حِدَتِهِ (ص) وَعَكْسُهُمَا (ش) مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَارِنًا فَأَفْسَدَهُ، ثُمَّ قَضَاهُ مُفْرِدًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَيَقْضِي أَيْضًا قَابِلًا قَارِنًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْقِرَانِ الثَّانِي وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ (ص) وَلَمْ يَنُبْ قَضَاءُ تَطَوُّعٍ عَنْ وَاجِبٍ (ش) أَيْ وَيَنُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِمَثَابَةِ مَنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ كَمَا يَأْتِي، وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَاجِبٍ دُونَ فَرْضٍ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْحَجُّ اللَّازِمُ بِالْأَصَالَةِ لِيَشْمَلَ النَّذْرَ أَيْضًا فَإِذَا نَوَى الْقَضَاءَ وَالنَّذْرَ فَلَا يَنُوبُ عَنْ النَّذْرِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْفَرْضِ. (ص) وَكُرِهَ حَمْلُهَا لِلْمَحْمِلِ؛ وَلِذَلِكَ اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ وَرُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا لَا شَعْرِهَا (ش)   [حاشية العدوي] رُبَّمَا كَانَ عَامُ الْفَسَادِ أَوْلَى لِكَثْرَةِ التَّهَاوُنِ مِنْهُ فِي الْفَاسِدِ الْوَاجِبِ إتْمَامُهُ (قَوْلُهُ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ) أَيْ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَا تَكُونُ لِمَنْ مَعَهُ وَغَيْرِ مَنْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ مَعَهُ أَيْ وَلَوْ عَلَّقْنَاهَا بِفَارِقٍ لَاقْتَضَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، ثُمَّ أَقُولُ: وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّقُهُ بِفَارِقٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِفَارِقٍ (قَوْلُهُ فَالْمَعِيَّةُ إلَخْ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ سُرِّيَّةً إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَفْعَلَ كَفِعْلِهِ الْأَوَّلِ قَالَهُ تت. (قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَهُ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) أَيْ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ لِبَلَدِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ. (قَوْلُهُ وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ) وَيُشْعِرُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْقَضَاءِ التَّسَاوِي فِي الصِّفَةِ) أَيْ وَهَذَا زَادَ فِي الصِّفَةِ فَالْإِجْزَاءُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (أَقُولُ) إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُ ذَلِكَ أَفْضَلِيَّةُ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَمَتِّعُ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْعُمْرَةَ سَالِمَةٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ قِرَانٍ عَنْ إفْرَادٍ وَهُوَ لَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمَا أَفْسَدَ الْحَجَّ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ لِلْعُمْرَةِ الْمَفْعُولَةِ قَبْلُ (قَوْلُهُ فَأَفْسَدَهُ) أَيْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ فِي الْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَضَاهُ مُفْرِدًا) أَيْ لِنَقْصِهِ مِنْ حَيْثُ الْكَمِّيَّةُ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَمَتِّعًا أَيْ لِنَقْصِهِ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ أَيْ الصِّفَةُ لِكَوْنِهِ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَانِ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَنُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ) أَيْ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ قَبْلَ حَجَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ أَفْسَدَ تَطَوُّعَهُ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ فَحَجَّ نَاوِيًا الْفَرْضَ وَقَضَاءَ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَا يَجْزِيهِ عَنْ الْفَرْضِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَيَنُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ أَيْ فَإِذَا شَرَّكَ فَلَا يَنُوبُ إلَّا عَنْ الْقَضَاءِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ وَقِيلَ لَا يَنُوبُ لَا عَنْ هَذَا وَلَا عَنْ هَذَا، وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِمَا فَعَلَهُ الْوَاجِبَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ وَيَكُونُ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ إنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ أَنَّ قَضَاءَ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ إذَا نَوَى بِهِ الْحَجَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ مَعَ قَضَاءِ النَّذْرِ الْمُفْسِدِ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً. (قَوْلُهُ وَرُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا) ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا وَلَا يَلْمِسُ ذِرَاعَيْهَا تَلَذُّذًا وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ لَا شَعْرِهَا) وَأَمَّا مَسْكُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 الْمَحْمِلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ هُوَ مَا يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى ظُهُورِ الْإِبِلِ أَوْ غَيْرِهَا وَبِالْعَكْسِ عَلَّاقَةُ السَّيْفِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الْمُحْرِمِ مِنْ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَوْ زَوْجٍ أَنْ يَحْمِلَ مَحْرَمَهُ أَوْ امْرَأَتَهُ إلَى الْمَحْمِلِ كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرَى ذِرَاعَيْهَا وَلَا يُقَلِّبُ أَمَةً لِلشِّرَاءِ مَخَافَةَ أَنْ تُعْجِبَهُ فَيَتَلَذَّذُ بِهَا فَرُبَّمَا آلَ لِنَقْصِ أَجْرٍ أَوْ أَوْجَبَ هَدْيًا، أَوْ أَفْسَدَ وَلِأَجْلِ كَرَاهَةِ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ لِرُقِيِّ النِّسَاءِ عَلَيْهَا لِلْمَحْمِلِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي رُؤْيَةِ شَعْرِ امْرَأَتِهِ الْمُحْرِمَةِ لِخِفَّتِهِ وَلَمْ يَحْكِ فِي مَنْسَكِهِ إلَّا الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُنَا: مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ مُخْرِجٌ لِلْأَجْنَبِيِّ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَحْرَمِ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ وَقَوْلُهُ (وَالْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْضِيَ فِي أُمُورِ النِّسَاءِ مِنْ أَمْرِ حَيْضِهِنَّ وَنِفَاسِهِنَّ وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ خَاصَّةً شَرَعَ فِي مُحَرَّمَاتِهِ مَعَ الْحَرَمِ عَلَى أَنَّهُمَا مُرَادَانِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ، أَوْ خَمْسَةٌ لِلتَّنْعِيمِ وَمِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ لِلْمَقْطَعِ وَمِنْ عَرَفَةَ تِسْعَةٌ وَمِنْ جُدَّةَ عَشْرَةٌ لَآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْإِحْرَامِ الصَّادِقِ بِأَيِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ وَالْبَاءُ فِي بِالْحَرَمِ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ وَحَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ وَحَرُمَ فِي الْحَرَمِ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ. . . إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَلَمَّا كَانَ لِلْحَرَمِ حُدُودٌ حَدَّدَهُ بِهَا سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ قُرَيْشٌ بَعْدَ قَلْعِهِمْ لَهَا، ثُمَّ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ فِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُؤَلِّفِ الْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَمْيَالِ وَمَرْكَزُهَا الْبَيْتُ فَذَكَرَ أَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَكُلٌّ يَنْتَهِي وَلِلتَّنْعِيمِ الْمُسَمَّى الْآنَ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ فَأَوْ لِلْإِشَارَةِ لِلْخِلَافِ فِي قَدْرِ أَمْيَالِهَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْغَايَةَ التَّنْعِيمُ وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ وَقِيلَ سَبْعَةٌ لِلْمَقْطَعِ أَيْ عَلَى ثَنِيَّةِ جَبَلٍ بِمَكَانٍ يُسَمَّى الْمَقْطَعَ فَهُوَ اسْمُ مَكَان وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ مِنْ الْبَيْتِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ جُدَّةَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ غَرْبِيَّ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا مَرْحَلَتَانِ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَقْطَعَ الْأَعْشَاشِ جَمْعُ عُشٍّ وَالْحُدَيْبِيَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ وَضَبَطَهَا الشَّافِعِيُّ بِالتَّخْفِيفِ وَهِيَ فِي الْحَرَمِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَسُمِّيَتْ جُدَّةُ؛ لِأَنَّهَا حَاضِرَةُ الْبَحْرِ وَالْجُدَّةُ مَا وَلِيَ الْبَحْرَ وَالنَّهْرُ مَا وَلِيَ الْبَرَّ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ، وَأَصْلُ الْجُدَّةِ الطَّرِيقُ الْمُمْتَدُّ قَالَهُ الْبَكْرِيُّ فِي الْمُعْجَمِ. (ص) وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرَمَ يُعْرَفُ أَيْضًا بِأَنَّ سَيْلَ الْحِلِّ إذَا جَرَى إلَيْهِ لَا يَدْخُلُهُ وَسَيْلُهُ إذَا جَرَى يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ وَيَجْرِي فِيهِ، وَهَذَا تَحْدِيدٌ لِلْحَرَمِ بِالْأَمَارَةِ وَالْعَلَامَةِ وَالْأَوَّلُ تَحْدِيدٌ لَهُ بِالْمِسَاحَةِ. (ص) تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ (ش) هُوَ فَاعِلُ حَرُمَ وَمَا قَبْلَهُ جُمَلٌ اعْتِرَاضٍ بَيْنَهُمَا أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَرَمِ وَعَلَى مَنْ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا أَنْ يَتَعَرَّضَ لِحَيَوَانٍ بَرِّيٍّ فَيَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ وَالتَّسَبُّبُ فِي اصْطِيَادِهِ يُرِيدُ مَا لَمْ يَكُنْ صَادَهُ حَلَالٌ لِحَلَالٍ فِي الْحِلِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) مُفَادُ النَّقْلِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ. (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ رَفْعُهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَعْدَادِ عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَحَدُّهُ كَذَا فَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى الظَّرْفِ لِحَرَمٍ وَجَرُّهَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الْحَرَمِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ بَدَلَ بَعْضٍ أَوْ بَدَلَ اشْتِمَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُجُودَ الضَّمِيرِ عَلَى طَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ لِلْمَقْطَعِ) ضَبَطَهُ ابْنُ خَلِيلٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَفِي خَطِّ الطَّبَرِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا مِنْهُ أَحْجَارَ الْكَعْبَةِ فِي زَمَنِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَوْلُهُ ثُمَّ قُرَيْشٌ. . . إلَخْ) هَؤُلَاءِ أَظْهَرُوا مَا جَدَّدَهُ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ بَعْدَ دَرْسِهِ لَا أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا حُدُودًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب (قَوْلُهُ وَقِيلَ خَمْسَةٌ) وَالْخِلَافُ فِي أَنَّ أَقَلَّ الْأَمْيَالِ أَرْبَعَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَدْرِ الْمِيلِ وَفِي قَدْرِ الذِّرَاعِ هَلْ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ أَوْ ذِرَاعُ الْبَزِّ الْمِصْرِيِّ، وَالتَّنْعِيمُ خَارِجٌ عَنْ الْحَرَمِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَأَنَّ حَدَّهُ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ مِنْ الْبَيْتِ) أَيْ وَيَنْتَهِي لِلْجِعْرَانَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ إلَى مَوْضِعٍ يُسَمَّى أَضَاةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ قَالَهُ فِي مَنْسَكِهِ (قَوْلُهُ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ) الْمُرَادُ آخِرُهَا مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ وَإِلَّا فَالْحُدَيْبِيَةُ مِنْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ عَشْرٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْحَلَةَ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ أَمْيَالٍ اهـ لَكِنَّ الْمُشَاهَدَةَ وَالْعِيَانَ مَعَ مَنْ قَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَالْجُدَّةُ مَا وَلِيَ الْبَحْرَ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُدَّةَ فِي الْأَصْلِ مَا وَلِيَ الْبَحْرَ وَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الْقَرْيَةُ مُوَالِيَةً لِلْبَحْرِ جُعِلَ عَلَيْهَا هَذَا الْعَلَمُ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْرُ مَا وَلِيَ الْبَرَّ) أَيْ كَنَهْرِ مِصْرَ فَإِنَّهُ مُوَالٍ لِلْبَرِّ لِأَنَّ الْبَرَّ أَعْظَمُ مِنْهُ فَلَا يُنْسَبُ إلَى الْبَحْرِ بِخِلَافِ النَّهْرِ لِقِلَّتِهِ أُضِيفَ إلَيْهِ وَقِيلَ مَا وَلِيَ الْبَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْجُدَّةِ الطَّرِيقُ الْمُمْتَدُّ) يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا فِي الْأَصْلِ السَّبِيلُ أَيْ الطَّرِيقُ الْمُمْتَدُّ، ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى مَا وَلِيَ الْبَحْرَ ثُمَّ نُقِلَتْ لِلْقَرْيَةِ الْمَعْلُومَةِ (قَوْلُهُ وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْحَرَمَ أَعْلَى مِنْ الْحِلِّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ) وَانْظُرْ مَا تَوَلَّدَ مِنْ إنْسِيٍّ وَوَحْشِيٍّ وَمِنْ بَحْرِيٍّ وَبَرِّيٍّ وَالِاحْتِيَاطُ الْحُرْمَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَلَالِ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي الْحَرَمِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ عَلَى مَا فِيهِ. وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْبَحْرِيُّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَصْطَادَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ، وَمِنْهُ الضِّفْدَعُ وَتُرْسُ الْمَاءِ، بِخِلَافِ السُّلَحْفَاةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَرَارِيِ، وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ أَيْ تَعَرُّضٌ لِبَرِّيٍّ وَلَيْسَ مِنْهُ الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ وَيَدْخُلُ فِي الْبَرِّيِّ الْجَرَادُ (ص) وَإِنْ تَأَنَّسَ، أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ وَبِالْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ وَإِنْ تَأَنَّسَ أَيْ صَارَ كَالْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا الْبَرِّيُّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إتْلَافُهُ جَمِيعُهُ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ كَانَ مُتَأَنِّسًا أَوْ مُتَوَحِّشًا مَمْلُوكًا، أَوْ مُبَاحًا فَقَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ إنْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ كَقِرْدٍ وَخِنْزِيرٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِلْمَأْكُولِ (ص) ، أَوْ طَيْرَ مَاءٍ وَبَيْضَهُ وَجُزْأَهُ (ش) طَيْرٌ بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى خَبَرِ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى بَرِّيٍّ كَأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي الْبَرِّيِّ وَهُوَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ يُلَازِمُ الْمَاءَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَطِيرُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَكَمَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِكُلِّهِ يَحْرُمُ لِبَعْضِهِ وَضَبَطَ ابْنُ غَازِيٍّ لِجَرْوِهِ بِالرَّاءِ وَالْوَاوِ أَيْ أَوْلَادِهِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَبَيْضَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِبَيْضِهِ فَأَحْرَى جَرْوُهُ فَدَعْوَاهُ أَنَّ نُسْخَةَ جُزْئِهِ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْهَمْزِ تَصْحِيفٌ مَمْنُوعَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي شُرْبِ لَبَنِ الصَّيْدِ حَيْثُ وَجَدَهُ مَحْلُوبًا كَمَا يَجِدُ مِنْ لَحْمٍ قَدْ ذُكِّيَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْسِكُهُ وَلَا يُؤْذِيهِ فَإِنْ حَلَبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يُشْبِهُ الْبَيْضَ. (ص) وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ، أَوْ رُفْقَتِهِ (ش) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ أَنْتَ قَدْ ذَكَرْت حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَمَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فَقَالَ وَلْيُرْسِلْهُ. . . إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُرْسِلَ الصَّيْدَ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لَهُ إذَا كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ فَضَمِيرُ يُرْسِلُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُحْرِمِ كَالضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي رُفْقَتِهِ وَمِلْكِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ رُفْقَتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْمُضَافِ أَيْ وَلْيُرْسِلْهُ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا فِي يَدِهِ، أَوْ فِي رُفْقَتِهِ أَيْ مُرَافِقًا لَهُ وَمُصَاحِبًا، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ مَعَهُ صَيْدٌ بِيَدِهِ يَقُودُهُ، أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ فَلْيُرْسِلْهُ (ص) وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ (ش) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ لَا لِلْعَطْفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْخَبَرِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي مِلْكُهُ يَرْجِعُ لِلْمُحْرِمِ، أَوْ الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ وَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَبْسُوطِ أَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ عَنْهُ بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَلَوْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِالْوَحْشِ وَلَمْ يَزَلْ بِيَدِهِ حَتَّى حَلَّ صَاحِبُهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ وَهُوَ لِآخِذِهِ فَلَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ صَاحِبُهُ بَلْ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ حَتَّى حَلَّ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ فَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ صَاحِبُهُ يَدَهُ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ إذَا أَلْقَاهُ بِيَدِهِ حَتَّى حَلَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَلَالَ إذَا اصْطَادَ فِي الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَإِنْ ذَبَحَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْحَرَمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ جَازَ لَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ آفَاقِيٍّ صَادَهُ فِي الْحِلِّ وَفِي تت أَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ طَوِيلًا كَأَهْلِهَا وَالْمُرَادُ بَعْدَ إحْلَالِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ (تَنْبِيهٌ) يُعْتَبَرُ التَّحْرِيمُ وَقْتَ الْإِصَابَةِ لَا وَقْتَ الرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى عَلَى صَيْدٍ وَهُوَ حَلَالٌ ثُمَّ أَحْرَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيِ إلَيْهِ وَأَصَابَتْهُ الرَّمْيَةُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الْجَزَاءُ الَّذِي يُوجِبُهُ الْحَرَمُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ، أَوْ مُرُورِ السَّهْمِ بِالْحَرَمِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الضِّفْدَعُ وَتُرْسُ الْمَاءِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْهُمَا بَرِّيٌّ مَعَ أَنَّهُ يُوجَدُ مِنْهُمَا بَرِّيٌّ وَهُوَ مَا مَقَرُّهُ الْبَرُّ وَإِنْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ فَإِنَّهُ مَقَرُّهُ الْبَحْرُ وَإِنْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ) أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ قَتْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَيْضًا الْكَلَامُ فِي صَيْدِ الْوَحْشِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ) أَيْ وَفِيهِ الْجَزَاءُ عَلَى أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يُلَازِمُ الْمَاءَ) أَيْ وَيَعِيشُ فِي الْبَرِّ، وَأَمَّا الطَّيْرُ الَّذِي يَأْلَفُ الْمَاءَ وَلَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ كَالْغَطَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِأَنَّهُ بَحْرِيٌّ، وَأَمَّا الطَّيْرُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَاءِ فَهُوَ سَمَكٌ (قَوْلُهُ كُلُّهُ) أَيْ بِقَتْلِهِ وَقَوْلُهُ لِبَعْضِهِ أَيْ كَقَطْعِ جَنَاحٍ (قَوْلُهُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ) لَا أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ أَنْتَ قَدْ ذَكَرْت حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَمَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فَقَالَ: وَلْيُرْسِلْهُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وَلْيُرْسِلْهُ حَالَ كَوْنِهِ) هَذَا يُنَافِي عَطْفَهُ عَلَى الضَّمِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعَطْفُهُ عَلَى الضَّمِيرِ يُنَاسِبُ حَلَّ تت فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ بِيَدِهِ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ بِيَدِهِ يَقُودُهُ، أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ رُفْقَتُهُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَمَاعَةِ الْمُرَافِقِينَ لَهُ انْتَهَى أَيْ وَهُوَ مِلْكُهُ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُرَافِقِينَ لَهُ أَتْبَاعُهُ كَمَا فِي ك وَهَذَا الْحَلُّ هُوَ الْحَلُّ الْأَوَّلُ لِلشَّارِحِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ بِيَدِهِ أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ تَلْفِيقٌ فَإِنْ قِيلَ الْإِحْرَامُ مَانِعٌ مِنْ الصَّيْدِ وَمَانِعٌ مِنْ النِّكَاحِ وَأَوْجَبْتُمْ إرْسَالَ الصَّيْدِ وَلَمْ تُوجِبُوا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّيْدَ يَحْرُمُ لِذَاتِهِ فَهُوَ مَقْصُودٌ بِالتَّحْرِيمِ وَالنِّكَاحَ يَحْرُمُ لِأَجْلِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَتَسَاوَيَا فِي التَّحْرِيمِ فَافْتَرَقَا أَيْ فَأَمْرُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ أَمْرِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ لِذَاتِهِ أَشَدُّ مِمَّا حَرُمَ لِشَيْءٍ آخَرَ وَأَقُولُ جَوَابًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ اسْتِحْدَاثِهِ لَا عَمَّا سَبَقَ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَالنَّهْيُ عَنْهُ عَامٌّ بِدَلِيلِ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَصِيدًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 ثُمَّ ذَبَحَهُ. (ص) لَا بِبَيْتِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِيَدِهِ أَيْ وَلْيُرْسِلْهُ مِنْ يَدِهِ لَا مِنْ بَيْتِهِ، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى زَالَ مِلْكُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَوْنِ أَيْ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ بِيَدِهِ لَا فِي حَالِ كَوْنِهِ بِبَيْتِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَقَوْلُ تت يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ بِيَدِهِ، أَوْ مِنْ زَالَ مِلْكُهُ. . . إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ، وَهَذَانِ غَيْرُ مُتَنَاقِضَيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيهَا وَمَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ انْتَهَى سَوَاءٌ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْتِهِ وَبَيْنَ الْقَفَصِ أَنَّ الْقَفَصَ حَامِلٌ لَهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ فَهُوَ كَاَلَّذِي بِيَدِهِ وَمَا بِبَيْتِهِ مُرْتَحِلٌ عَنْهُ وَغَيْرُ مُصَاحِبٍ لَهُ وَإِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ (ش) أَيْ وَهَلْ عَدَمُ وُجُوبِ إرْسَالِهِ وَعَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ مُطْلَقٌ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ أَيْ مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ مَرَّ بِهِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِمَنْ لَا يُحْرِمُ مِنْهُ وَلَا يَمُرُّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا وَجَبَ إرْسَالُهُ وَزَوَالُ مِلْكِهِ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. (ص) فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكُهُ (ش) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ وَلَا عَلَى قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ وَزَوَالَ الْمِلْكِ كَافٍ وَالسِّينُ زَائِدَةٌ وَلَيْسَتْ لِلتَّوْكِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهَا لِلتَّوْكِيدِ وَلَيْسَتْ لِلطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ تَجْدِيدِ مِلْكِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُجَدِّدَ مِلْكَ صَيْدٍ فَلَا يَقْبَلُهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ إقَالَةٍ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ جَبْرًا كَالْمِيرَاثِ وَالْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَعْنَى فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكُهُ بَعْدَ إحْلَالِهِ فَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. (ص) وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ صَيْدًا مِنْ أَحَدٍ فَإِنْ قَبِلَهُ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ وَوَجَدَ مَنْ يَحْفَظُهُ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَرْسَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَوْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ أَخْذِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرْسَلَهُ بِغَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَمَّا غَابَ مِنْ الصَّيْدِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ (ص) وَرَدَّ إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ، وَإِلَّا بَقِيَ (ش) أَيْ وَرَدَّ الصَّيْدَ إلَى مَنْ أَوْدَعَهُ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ وَيُرْسِلُهُ رَبُّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِنْ كَانَ حَلَالًا جَازَ لَهُ حَبْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ وَلَا وَجَدَ حَلَالًا يَحْفَظُهُ أَبْقَاهُ فِي يَدِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يُرْسِلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ لِرَبِّهِ، أَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ أَدَّى جَزَاءَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَرَدَّ. . . إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) أَقُولُ لَا نَظَرَ إذْ التَّرَدُّدُ يَكْفِي فِيهِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَلَازِمَيْنِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ مَرَّ بِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهَا لِلتَّأْكِيدِ) نَقُولُ بَلْ هِيَ لِلتَّأْكِيدِ وَيَرْجِعُ التَّأْكِيدُ لِلنَّهْيِ وَالْمَعْنَى فَيُنْهَى نَهْيًا مُؤَكَّدًا عَنْ التَّجْدِيدِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] (قَوْلُهُ وَالْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ حَاضِرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ (قَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَلَوْ قَبِلَهُ أَرْسَلَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ صَيْدًا) أَيْ لَا يَقْبَلُهُ هَذَا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ قَوْلَهُ وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ لِلْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَقْبَلُهُ مِنْ الْغَيْرِ وَدِيعَةً وَبِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ لَا يَجْعَلُهُ عِنْدَ الْغَيْرِ وَدِيعَةً وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَجَعَلَهُ اللَّقَانِيِّ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَقْبَلُ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اسْتَوْدَعَ كَمَا فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ اسْتَحْفَظَ الْغَيْرَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَبِلَهُ رَدَّهُ لِرَبِّهِ) أَيْ الْحَلَالِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَقَوْلُهُ وَوَجَدَ مَنْ يَحْفَظُهُ أَيْ حَلَالًا يَحْفَظُهُ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ الْحَلَالِ حِينَ الْإِيدَاعِ وَلَوْ طَرَأَ إحْرَامُهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الصَّيْدُ حِينَئِذٍ بِيَدِ رُفْقَتِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ رَبُّهُ حِينَ الْإِيدَاعِ مُحْرِمًا فَإِنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ يُرْسِلُهُ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَا يُطْلَبُ بِرَدِّهِ لَهُ لِيُرْسِلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ بَعْدَ إيدَاعِهِ وَحَضَرَ مَعَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ رَبُّهُ أَحْرَمَ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ حِينَ الْإِيدَاعِ مُحْرِمًا فَيُرْسِلُهُ أَبَى رَبُّهُ مِنْ الْقَبُولِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَيْ وَرَدَّ الصَّيْدَ إلَى مَنْ أَوْدَعَهُ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ) فَإِنْ أَبَى مِنْ قَبُولِهِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا أَرْسَلَهُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِإِبَايَةِ رَبِّهِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ وَلَعَلَّهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ جَبْرُهُ بِحَاكِمٍ وَنَحْوِهِ عَلَى أَخْذِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ صَيْدٌ وَدِيعَةً ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ مَعَهُ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إنْ وَجَدَهُ وَيَجِبُ عَلَى رَبِّهِ إرْسَالُهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ فَإِنَّهُ يُودِعُهُ لَهُ عِنْدَ حَلَالٍ يَحْفَظُهُ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا صَحِبَهُ وَلَا يُرْسِلُهُ وَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ قَبُولِهِ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ حَلَالًا لِأَنَّهُ أَبَى قَبُولَهُ وَلَعَلَّ هَذَا حَيْثُ تَعَذَّرَ جَبْرُهُ عَلَى قَبُولِهِ مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَحُكْمُ مَنْ قَبِلَ وَدِيعَةً بَعْدَمَا أَحْرَمَ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَا غَابَ وَلَمْ يَجِدْ حَلَالًا حَافِظًا وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُرْسِلُهُ وَيَضْمَنُ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ وَالْمُودِعَ تَارَةً يَكُونَانِ مُحْرِمَيْنِ وَتَارَةً يَكُونُ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ مُحْرِمًا وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حَلَالًا وَعَكْسُهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مُحْرِمًا أَوْ طَرَأَ إحْرَامُهُ بَعْدَ قَبُولِهِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ حَلَالٍ إنْ وَجَدَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَجِبُ إرْسَالُهُ وَيُؤَدِّي إلَى صَاحِبِهِ قِيمَتَهُ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ يَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ مَاتَ أَدَّى جَزَاءَهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَلَالًا وَقْتَ الْإِيدَاعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَاحِبُهُ مُحْرِمًا حِينَ الْإِيدَاعِ إلَخْ وَجَبَ عَلَى الْمُودِعِ إرْسَالُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِزَوَالِ مِلْكِهِ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 مَا قَبْلَهُ لِتَغَايُرِ التَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّ مَا قَبِلَهُ قَبِلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَلَمَّا قَدَّمَ مَنْعَ اسْتِحْدَاثَ مِلْكِهِ وَمَرَّ بِنَا الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِبَتِهِ ذَكَرَ حُكْمَ شِرَائِهِ فَقَالَ (ص) وَفِي صِحَّةِ اشْتِرَائِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا اشْتَرَى صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ هُوَ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ دُونَ ثَمَنِهِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَقِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَاسْتُظْهِرَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَرَدَّهُ لِرَبِّهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَرُدُّهُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ أَنْ يُرْسِلَهُ وَيَضْمَنَ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَقَوْلُنَا مِنْ حَلَالٍ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ بَاعَ مَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ. وَلَمَّا ذَكَرَ حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ عُمُومًا أَخْرَجَ مِنْهُ أَفْرَادًا وَرَدَ بِجَوَازِ قَتْلِهَا الْخَبَرُ فَقَالَ (ص) إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مُطْلَقًا وَغُرَابًا وَحِدَأَةً وَفِي صَغِيرِهِمَا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُقْتَلُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ مِنْهَا الْفَأْرَةُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُسَهَّلُ وَيُلْحَقُ بِهَا بِنْتُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنْ الدَّوَابِّ وَالتَّاءُ فِي الْفَأْرَةِ لِلْوَحْدَةِ وَكَذَلِكَ فِي حَيَّةٍ لَا لِلتَّأْنِيثِ وَمِنْهَا الْحَيَّةُ، وَلَمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ بِإِسْقَاطِ الْعَقْرَبِ وَذِكْرَ الْحَيَّةِ وَبِالْعَكْسِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ وَالْعَقْرَبُ، وَيُلْحَقُ بِهَا الرُّتَيْلَاءُ وَهِيَ دَابَّةٌ صَغِيرَةٌ سَوْدَاءُ رُبَّمَا قَتَلَتْ مَنْ لَدَغَتْهُ وَالزُّنْبُورُ وَهُوَ ذَكَرُ النَّحْلِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ صَغِيرَهَا يُؤْذِي كَمَا يُؤْذِي كَبِيرُهَا وَسَوَاءٌ بَدَأَتْ بِالْإِذِايَةِ أَمْ لَا، وَمِنْهَا الْغُرَابُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْأَبْقَعِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هَلْ لَفْظُ الْغُرَابِ عَامٌّ فَالْأَبْقَعُ فَرْدٌ لَا يُخَصَّصُ، أَوْ مُطْلَقٌ فَالْأَبْقَعُ مُبَيِّنٌ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ غَالِبُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى وَالْأَبْقَعُ هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَالْبُقْعُ فِي الطَّيْرِ وَالْكِلَابِ بِمَنْزِلَةِ الْبُلْقِ فِي الدَّوَابِّ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، وَمِنْهَا الْحِدَأَةُ. وَهَذَا إذَا وَصَلَ كُلٌّ مِنْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ حَدَّ الْإِيذَاءِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ فَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ وَمَنَعَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ الْإِيذَاءُ وَهُوَ مُنْتَفٍ حَالًا وَشَهَرَهُ ابْنُ هَارُونَ خِلَافٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَا جَزَاءَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُ إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ دَفْعِ الْإِذَايَةِ أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الذَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ تَأَمَّلْ (ص) وَعَادِي سَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ هُوَ عَادِي السِّبَاعِ مِنْ أَسَدٍ وَفَهْدٍ وَنَمِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ «؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي عُتَيْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَعَدَا عَلَيْهِ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ» وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ وَهُوَ شَاذٌّ وَقَوْلُهُ (كَذِئْبٍ) تَمْثِيلٌ لِلْعَادِي وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ بِقَتْلِهِ وَقَوْلُهُ (إنْ كَبُرَ) شَرْطٌ فِي كُلِّ عَادٍ لَا بِخُصُوصِ الذِّئْبِ وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي كَلَامِهِ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا فِي كَافِ التَّشْبِيهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا كَافِ التَّمْثِيلِ بِبَعْضِ أَفْرَادٍ فَإِنْ صَغُرَ كُرِهَ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) كَطَيْرٍ خِيفَ إلَّا بِقَتْلِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُقْتَلُ الطَّيْرُ إذَا عَدَا عَلَيْهِ وَخِيفَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ نَفْسِ الْغَيْرِ، أَوْ مَالِهِ وَلَا يَنْدَفِعُ عَمَّا ذُكِرَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إذَا اشْتَرَى صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ) أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِحْدَاثُ مِلْكِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ) وَيُلْغِزُ بِهَا فَيُقَالُ بَيْعٌ صَحِيحٌ يَمْضِي بِالْقِيمَةٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ فِي الْفَاسِدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَحَلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَوْ ابْتَاعَهُ بِالْخِيَارِ وَهُمَا حَلَالَانِ، ثُمَّ أَحْرَمَا قَبْلَ مُضِيِّ أَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُبْتَاعُ الْإِمْضَاءَ غَرِمَ الثَّمَنَ وَأَرْسَلَهُ وَإِلَّا فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ وَوَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ إرْسَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقَفَ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ فَهُوَ مِنْهُ وَيُسَرِّحُهُ وَإِنْ أَمْضَى فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَرِّحُهُ فَإِنْ سَرَّحَهُ قَبْلَ إيقَافِ الْبَائِعِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِإِتْلَافِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَمْضِ الْبَيْعُ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا. (قَوْلُهُ وَالْحَيَّةَ) وَيَدْخُلُ فِيهَا الْأَفْعَى وَهِيَ حَيَّةٌ رَقْشَاءُ دَقِيقَةُ الْعُنُقِ (قَوْلُهُ وَحِدَأَةٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ كَعِنَبَةٍ (قَوْلُهُ بِنْتُ عِرْسٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ابْنُ عِرْسٍ وَالْجَمْعُ بَنَاتُ عِرْسٍ (قَوْلُهُ وَالزُّنْبُورُ) بِضَمِّ الزَّايِ (قَوْلُهُ فَالْأَبْقَعُ فَرْدٌ لَا يُخَصَّصُ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ وَشَرْطُ الْمُخَصَّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الذَّكَاةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا قَتَلَهُ لَا بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ لِيَصْدُقَ الْجَوَازُ بِصُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ) قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا فَهِيَ صَيْدٌ تُؤَثِّرُ فِيهَا الذَّكَاةُ وَيَطْهُرُ جِلْدُهُ وَالْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَكَاةِ الصَّيْدِ وَمِنْ قَتْلِهِ اهـ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) هَذَا الْحَدِيثُ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ فِي عُتَيْبَةَ) بِالتَّصْغِيرِ كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عُتْبَةُ وَصَوَابُهُ عُتَيْبَةُ، وَأَمَّا عُتْبَةُ وَمُعَتِّبٌ الْمُكَبَّرَانِ فَقَدْ أَسْلَمَا وَصَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَبُو لَهَبٍ لَهُ أَوْلَادٌ أَرْبَعَةٌ عُتْبَةُ وَمُعَتِّبٌ وَقَدْ أَسْلَمَا وَعُتَيْبَةُ بِالتَّصْغِيرِ وَلَهَبٌ وَقَدْ مَاتَا كَافِرَيْنِ نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ. (قَوْلُهُ كَذِئْبٍ) أَيْ إذَا قَتَلَهُ لِأَجْلِ الْإِيذَاءِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ (قَوْلُهُ إنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَمُضَارِعُهُ بِفَتْحِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكِبَرُ فِي السِّنِّ، وَأَمَّا فِي الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى فَالضَّمُّ مَاضِيًا وَمُضَارِعًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [الصف: 3] (قَوْلُهُ وَخِيفَ عَلَى نَفْسِهِ. . . إلَخْ) أَيْ فَحَذَفَ الْمُتَعَلِّقَ لِلْعُمُومِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ كَمَا فِي شَرْحِ عب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 إلَّا بِقَتْلِهِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ خِيفَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَيْ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ. (ص) وَوَزَغًا لِحِلٍّ بِحَرَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَزَغَ يَجُوزُ قَتْلُهُ لِلْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا الْأَذَى، وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (ص) كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ وَاجْتَهَدَ (ش) فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ حَيْثُ اجْتَهَدَ وَتَحَفَّظَ الْمُحْرِمُ مِنْ قَتْلِهِ فَمَا أَصَابَ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا فَهَدَرٌ، وَالْوَاوُ فِي وَاجْتَهَدَ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ اجْتَهَدَ فِي عَدَمِ إصَابَتِهِ (ص) ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ (ش) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْجَرَادِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْجَرَادُ أَوْ عَمَّ وَلَمْ يَجْتَهِدْ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ إنْ قَتَلَهُ، وَكَذَا حَلَّ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ لِمَسْأَلَةِ الْوَزَغِ أَيْضًا أَيْ وَإِنْ كَانَ قَتَلَ الْوَزَغَ لِمُحْرِمٍ فَقِيمَتُهُ مَالِكٌ وَإِذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَقَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا مِمَّا تَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ ابْنُ رُشْدٍ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُكُومَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِحُكُومَةٍ، وَإِلَّا أَعَادَ (ص) وَفِي الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ (ش) أَيْ وَفِي الْجَرَادَةِ الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَتَنْتَهِي الْحَفْنَةُ إلَى الْعَشَرَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فِيهِ الْقِيمَةُ (ص) وَإِنْ فِي نَوْمٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا انْقَلَبَ عَلَى الْجَرَادِ فِي نَوْمٍ، أَوْ نِسْيَانٍ فَقَتَلَهُ. وَقَوْلُهُ (كَدُودٍ) وَذَرٍّ وَنَمْلٍ وَذُبَابٍ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهَا (ص) وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ (ش) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ وَحَاصِلٌ بِقَتْلِهِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَ لَهُ فَتَارَةً يَقْتُلُهُ وَتَارَةً لَا يَقْتُلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ (ص) وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ وَتَكَرُّرٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَزَاءَ يَلْزَمُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَخْمَصَةٍ أَيْ مَجَاعَةٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ تُبِيحُ الْمَيْتَةَ وَتُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي أَوْ وَقَعَ لِأَجْلِ جَهْلٍ بِحُكْمِ قَتْلِ الصَّيْدِ، أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَجْلِ نِسْيَانٍ، أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَكَرُّرٍ فَإِنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ بِتَكَرُّرِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَسَوَاءٌ نَوَى التَّكْرَارَ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَتَكَرُّرٍ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِهَا وَمَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بِعَدَدِهَا كَفَّارَاتٌ (ص) كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَمَى بِالسَّهْمِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحِلِّ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ مَرَّ بِبَعْضِ الْحَرَمِ فَقَطَعَهُ وَخَرَجَ إلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ. (ص) وَكَلْبٌ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرْسَلَ كَلْبًا مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ لَهُ بِطَرِيقٍ إلَّا الْحَرَمَ فَدَخَلَ الْكَلْبُ الْحَرَمَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَقَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُنْتَهِكٌ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ. (ص) أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ (ش)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَنْدَفِعُ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مُسْتَثْنًى مِمَّا ذُكِرَ بَلْ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَنْدَفِعُ عَمَّا ذُكِرَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ إلَّا بِقَتْلِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مَنْ خِيفَ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ خِيفَ وَالْمَعْنَى لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ إلَّا بِقَتْلِهِ . (قَوْلُهُ وَوَزَغًا لِحِلٍّ إلَخْ) جَمْعُهُ أَوْزَاغٌ وَوَزَغَاتٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُهُ) أَيْ يَحْرُمُ فَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ الْحُرْمَةُ وَقَوْلُهُ فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَلْيُطْعِمْ حَفْنَةً كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَهَذَا مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ لَغَلَبَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الضَّرَرُ بِإِفْسَادِ مَا تَصِلُ إلَيْهِ وَمُدَّةُ الْإِحْرَامِ قَصِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ مُشَبَّهًا فِي الْجَوَازِ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُجْتَهِدِ مِنْ الْقَتْلِ إنَّمَا يَكُونُ خَطَأً وَلَا يَتَّصِفُ مَا كَانَ خَطَأً لَا بِجَوَازٍ وَلَا بِحُرْمَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ بَلْ فِيهِ مَانِعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَزَغَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ إنَّمَا فِيهِ إطْعَامُ حَفْنَةٍ لَا قِيمَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ (قَوْلُهُ كَدُودٍ) ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْحَفْنَةِ كَمَا مَرَّ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَبْضَةٌ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَذَرٍّ) هُوَ النَّمْلُ الصَّغِيرُ فَعَطْفُ النَّمْلِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ، ثُمَّ إنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ تَعَرُّضٌ لِبَرِّيٍّ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ فَإِنْ تَعَرَّضَ فَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مِثْلِهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِمَخْصَمَةٍ) فِي ك وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ لِلْمَخْصَمَةِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْجَزَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَنَفْيِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ) إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ فِي اصْطِيَادِهِ وَقَتْلِهِ لِلضَّرُورَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقِيلَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَحَكَى فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ حَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ لَا جَزَاءَ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ وَلَا فِيمَا تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَرَفْته وَمُخَالِفُهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ فَأَشْهَبُ يَقُولُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُوَافِقُ أَشْهَبَ بِشَرْطِ الْبُعْدِ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّمْيِ وَبَيْنَ الْحَرَمِ مَسَافَةٌ لَا يَقْطَعُهَا السَّهْمُ غَالِبًا فَوَافَقَ مِنْ مَقْدُورِ اللَّهِ أَنَّهُ قَطَعَهَا وَمَرَّ بِطَرَفِ الْحَرَمِ لِقُوَّةٍ حَصَلَتْ لِلرَّامِي (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ) مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ لِلْكَلْبِ طَرِيقٌ غَيْرَ الْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ لِعَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 صُورَتُهَا إنْسَانٌ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ وَمَعَهُ كَلْبٌ جَارِحٌ يَصْطَادُ بِهِ فَقَصَّرَ فِي رَبْطِهِ فَانْفَلَتَ مِنْهُ فَقَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ لَا تُؤْكَلُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَقْصِيرِهِ فِي رَبْطِهِ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي رَبْطِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ فَقَتَلَ خَارِجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ، أَوْ الْبَازَ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ قُرْبَ الْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ فِيهِ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْكَلْبَ يَأْخُذُ الصَّيْدَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَرَمِ، أَوْ يَرْجِعُ عَنْهُ فَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ وَقَتَلَهُ فِيهِ، أَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهُ فَقَتَلَ الصَّيْدَ خَارِجَهُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَلَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقُرْبِهِ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْحَرَمُ طَرِيقَهُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَرُبَ الْحَرَمُ جُوِّزَ دُخُولُهُ إيَّاهُ. (ص) وَطَرْدُهُ مِنْ حَرَمٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا طَرَدَ الصَّيْدَ مِنْ الْحَرَمِ وَأَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ فَصَادَهُ صَائِدٌ فِي الْحِلِّ، أَوْ هَلَكَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ لِلْحَرَمِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الطَّارِدَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (ص) وَرَمَى مِنْهُ، أَوْ لَهُ (ش) الضَّمِيرَانِ الْمَجْرُورَانِ رَاجِعَانِ لِلْحَرَمِ أَيْ أَنَّ مَنْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِيمَا لَوْ رَمَى شَخْصٌ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أَصَابَهُ فِي الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ بَعُدَ عَلَى الْمَشْهُورِ (تَنْبِيهٌ) ، وَمِثْلُ الرَّمْيِ فِي أَوَّلِهِ إرْسَالُ الْكَلْبِ ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَغْنَى بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ عَنْ قَوْلِهِ وَرَمَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ فِي هَذَا كُلِّهِ حَلَالٌ (ص) وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَجَرْحُهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ وَلَوْ بِنَقْصٍ (ش) عَطَفَ عَلَى بِقَتْلِهِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْجَزَاءُ بِتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ كَمَا لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَقْصٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ. . . إلَخْ قَيْدٌ فِيهِمَا أَيْ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حَتَّى يُوَافِقَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَقْصٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا جَزَاءَ وَلَوْ كَانَ مَعَ نَقْصٍ خِلَافًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَمَعِيبًا مُدَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ مُدٌّ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. (ص) وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ لِشَكٍّ، ثُمَّ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْجَزَاءَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِ الصَّيْدِ فَإِذَا جَرَحَ الصَّيْدَ وَغَابَ عَنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ أَمْ لَا فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ عَلَى شَكٍّ مِنْ مَوْتِهِ، ثُمَّ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ جَزَاءَهُ ثَانِيًا، وَلَوْ كَانَتْ الرَّمْيَةُ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَلَامُ لِشَكٍّ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْرَجَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ، أَوْ عَلَى التَّعْلِيلِ وَلَيْسَ تَعْلِيلًا لَكَرَّرَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ: تَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ لَا الْإِخْبَارُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَوْتِهِ قَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَقَدِّمٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَأَخِّرٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا قَالَهُ ق (ص) كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَكَرَّرَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهَا إنْسَانٌ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ إلَخْ) الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا لَفْظُ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُطْلَبُ مَعَهُ رَبْطُ الْكَلْبِ، أَوْ الْبَازِ إنَّمَا هُوَ مَنْ يُمْنَعُ مِنْ الصَّيْدِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ. وَقَوْلُهُ: وَكَلْبٌ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ أُرْسِلَ بِقُرْبِهِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْجَزَاءُ لِانْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْقُرْبِ هَكَذَا تَرَى الشَّارِحَ حَكَى الْخِلَافَ وَلَمْ يَذْكُرْ عج قَوْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ: مَا قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ فَلَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ فَصَادَهُ. . . إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ صِيدَ لِأَنَّ طَرْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: إرْسَالُ الْكَلْبِ) أَيْ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ) فَاعِلُ التَّعَرُّضِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ وَهُوَ الْمُحْرِمُ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ حَلَالًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَحَقَّقْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَطَرْدُهُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَرَمَى مِنْهُ أَوْ لَهُ وَلِقَوْلِهِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الطَّيَرَانِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ وَإِذَا نَتَفَ رِيشَهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى نَبَتَ وَأَطْلَقَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَقْصٍ) فَكَمَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَبْعَاضِ الْإِنْسَانِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي أَبْعَاضِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ لِشَكٍّ) أَيْ مُطْلَقِ تَرَدُّدٍ مَعَ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ حِينَئِذٍ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لَمْ يُكَرِّرْ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مَوْتَهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَمْ يَجِبْ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِ الصَّيْدِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَجَرْحُهُ وَلَمْ تَتَحَقَّ سَلَامَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أُخْرِجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ) أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الشَّكِّ أَيْ أَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ أُخْرِجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ) أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْ هَذَا بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَقَدِّمٍ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا يَتَكَرَّرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الْمُحْرِمِينَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ وَلَمْ يَكُونُوا فِي الْحَرَمِ أَوْ كَانُوا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مُحْرِمِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ فَقَوْلُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ أَوْ بِالْجَمْعِ وَأَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَجَزَاؤُهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَنْ فِعْلُهُ أَقْوَى فِي حُصُولِ الْمَوْتِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ ضَرَبَاتُهُ وَعَلِمَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ مَوْتَهُ عَنْ ضَرْبَةِ مُعَيَّنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ اخْتَصَّ بِقَتْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ مِنْ النَّجَاةِ وَلَوْ اشْتَرَكَ حِلٌّ وَمُحْرِمٌ لَيْسَ بِالْحَرَمِ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ. (ص) وَبِإِرْسَالٍ لِسَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى سَبُعٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِمَّا مَرَّ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ، وَلَوْ قَالَ: لِكَسَبُعٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ فِي ظَنِّهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ بَقَرِ وَحْشٍ، أَوْ ظَبْيَةٍ مَثَلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَلَى سَبُعٍ فَقَتَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَعَادِي سَبُعٍ فَمَا سَبَقَ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ. (ص) أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِسَبُعٍ وَالشَّرَكُ بِالتَّحْرِيكِ حِبَالَةُ الصَّائِدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا نَصَبَ شَرَكًا لِمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَبِقَتْلِ غُلَامٍ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ الْقَتْلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ مَعَهُ صَيْدٌ فَأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يُرْسِلَهُ فَظَنَّ الْغُلَامُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ الْغُلَامُ فَعَلَى سَيِّدِهِ جَزَاؤُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ وَلَا يَنْفَعُهُ خَطَأُ الْغُلَامِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ غُلَامٍ مُحْرِمٍ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ طَائِعًا، أَوْ مُكْرَهًا جَزَاءَانِ عَنْهُ وَعَنْ الْغُلَامِ وَوَاحِدٌ إنْ كَانَ الْمُحْرِمُ أَحَدَهُمَا (ص) وَهَلْ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ، أَوْ لَا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي هَلْ وُجُوبُ الْجَزَاءِ عَلَى السَّيِّدِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ تَسَبَّبَ فِي الصَّيْدِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي اصْطَادَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْعَبْدَ بِإِفْلَاتِهِ، أَوْ بِأَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبْدِ فِي صَيْدِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَالْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ إذْ لَمْ يَفْعَلْ السَّيِّدُ إلَّا خَيْرًا إذْ نَهَاهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ، أَوْ الْجَزَاءُ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَسَبَّبَ فِي اصْطِيَادِهِ أَمْ لَا وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ تَأْوِيلَانِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَوْ لَا نَفْيٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ أَيْ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَبُّبُ السَّيِّدِ فِيهِ وَجَوَّزَ ابْنُ غَازِيٍّ تَشْدِيدَ الْوَاوِ فِيهِ نَصْبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ حَالَةَ الِاصْطِيَادِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ حَذَفَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ وَالْمَذْهَبُ هُوَ التَّأْوِيلُ بِالْإِطْلَاقِ. (ص) وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ كَفَزَعِهِ فَمَاتَ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِالتَّسَبُّبِ الِاتِّفَاقِيِّ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ الصَّيْدِ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ أَنَّ الصَّيْدَ رَآهُ فَفَزِعَ مِنْهُ فَعَطِبَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ نَفَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ إذَا رَكَزَ رُمْحًا فَعَطِبَ فِيهِ صَيْدٌ فَقَوْلُهُ وَبِسَبَبٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَتْلٍ أَيْ وَالْجَزَاءُ بِسَبَبٍ. . . إلَخْ يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ وَقَوْلُهُ وَبِسَبَبٍ أَيْ إنْ كَانَ مَقْصُودًا كَمَا إذَا نَصَبَ لَهُ شَرَكًا فَوَقَعَ فِيهِ بَلْ وَلَوْ اتَّفَقَ كَفَزَعِهِ فَمَاتَ (ص) وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (ش) أَيْ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي التَّسَبُّبِ الِاتِّفَاقِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُؤْكَلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَفُسْطَاطِهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِئْرٍ لِمَاءٍ وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح فِي الْفَرْعِ الثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ. (ص) كَفُسْطَاطِهِ وَبِئْرِ الْمَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ضَرْبُهُ أَوَّلًا عَاقَهُ عَنْ كَوْنِهِ يَنْجُو بِنَفْسِهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ إنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ ضَرْبَةً مَاتَ بِهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَزَاءٌ بِمَثَابَةِ الْمُشْتَرِكَيْنِ. (قَوْلُهُ أَيْ فِي ظَنِّهِ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ مَا أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ لَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا جَزَاءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ مَوْضِعًا يُتَخَوَّفُ فِيهِ عَلَى الصَّيْدِ وَدَاهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ غُلَامٍ) وَمِثْلُهُ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ قَالَهُ وَالِدُ عب (قَوْلُهُ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ) أَيْ بِالْقَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَمَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا ظَنَّ مِنْهُ الْقَتْلَ وَإِنْ كَانَ مَا أَشَارَ لَهُ بِهِ لَا يُظَنُّ غَيْرُهُ مِنْهُ الْقَتْلُ ك (قَوْلُهُ فَظَنَّ الْقَتْلَ) وَمَفْهُومُ ظَنَّ الْقَتْلَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْقَتْلِ لَكَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ وَحْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْقَتْلِ) أَيْ أَوْ بِالِاصْطِيَادِ (قَوْلُهُ تَشْدِيدَ الْوَاوِ) أَيْ وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي حَالَةِ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا لَوْ فَتَحَ شَخْصٌ بَابَهُ وَكَانَ مُسْتَنِدًا عَلَيْهِ جَرَّةُ عَسَلٍ فَانْكَسَرَتْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَارَنَ الْإِتْلَافَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ نَارًا فِي مَحَلٍّ فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُطْلِقِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُقَارِنْ التَّلَفَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 الْمُحْرِمَ إذَا نَصَبَ لَهُ خَيْمَةً وَهِيَ الْمُرَادُ بِالْفُسْطَاطِ فَتَعَلَّقَ بِأَحَدِ أَطْنَابِهَا صَيْدٌ فَمَاتَ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَاءِ فَهَلَكَ فِيهَا صَيْدٌ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى صَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَلَا عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَذَلِكَ فِعْلُ الصَّيْدِ بِنَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ فَمَاتَ رَجُلٌ فَلَا فِدْيَةَ لَهُ عَلَى الْحَافِرِ فَلَا مَفْهُومَ لِبِئْرِ الْمَاءِ. (ص) وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ (ش) أَيْ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ وَالصَّيْدُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَانَ الْمَدْلُولُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا وَقَوْلُهُ أَوْ حِلٍّ كَانَ الْمَدْلُولُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ الْمُحْرِمُ أَيْ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِسَبَبِ دَلَالَتِهِ عَلَى الصَّيْدِ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا إذَا قَتَلَهُ الْمَدْلُولُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَوْ أَعَانَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا عَلَى الصَّيْدِ بِمُنَاوَلَةِ سَوْطٍ، أَوْ رُمْحٍ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُعِينِ بَلْ عَلَى الْمَدْلُولِ أَوْ الْمُعَانِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا. (ص) وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ (ش) الْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ شَجَرَةٌ ثَابِتَةٌ أَصْلُهَا بِالْحَرَمِ وَمِنْهَا فَرْعٌ فِي الْحِلِّ وَعَلَيْهِ طَائِرٌ فَرَمَاهُ الْحَلَالُ بِسَهْمِهِ فَقَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحِلِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ عَلَى فَرْعٍ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (ص) ، أَوْ بِحِلٍّ وَتَحَامَلَ فَمَاتَ بِهِ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى فَرْعٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِالْحَرَمِ، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّائِدُ وَالْمَصِيدُ فِي الْحِلِّ وَضَرَبَهُ فَتَحَامَلَ الصَّيْدُ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ أَمْ لَا لَكِنْ فِي حَالِ إنْفَاذِهَا يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الضَّارِبِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يُنْفِذْ عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. (ص) أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَغَرِمَ الْحِلُّ لَهُ الْأَقَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَمْسَكَ صَيْدًا لِيُرْسِلَهُ لَا لِيَقْتُلَهُ فَعَدَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا فِي الْحَرَمِ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الصَّيْدُ عَنْ الْجَزَاءِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ لَكِنْ إنْ صَامَ الْمُحْرِمُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ وَإِنْ أَطْعَمَ أَوْ أَخْرَجَ الْمِثْلَ رَجَعَ عَلَى الْحَلَالِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا وَمِثْلِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ ثَمَنَ الطَّعَامِ إنْ اشْتَرَاهُ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ. (ص) وَلِلْقَتْلِ شَرِيكَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَمْسَكَ الصَّيْدَ لِأَجْلِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ نَظَرًا إلَى التَّسَبُّبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَأَمَّا إنْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ. (ص) وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مَيْتَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا صَادَ صَيْدًا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ) وَلَوْ حَفَرَ الْبِئْرَ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَيْسَ كَالْآدَمِيِّ فِي هَذَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّيْدَ شَأْنُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ مُعَيَّنَةٌ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ، ثُمَّ رَأَيْته ذَكَرَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فِي ك بَعْدَ مَا قَالَهُ هُنَا. (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ) لِأَنَّ الدَّالَّ إمَّا مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ وَالْمَدْلُولَ كَذَلِكَ وَالصَّيْدَ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ حَاصِلَةٌ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْفَاعِلِ وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُعَيِّنُ أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالصُّوَرُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الثَّالِثَةُ أَحْسَنُهَا وَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَيْهَا الْمُحْرِمُ فَقَطْ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ قَالَ فِي الْإِكْمَالِ إذَا دَلَّ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ انْتَهَى، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ عَبْدًا أَوْ وَلَدًا لِلْآمِرِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ إطَاعَتُهُ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ ضَمَانٌ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ فَأَمَرَ عَبْدَهُ فَذَبَحَهُ فَعَلَيْهِمَا الْجَزَاءُ. (قَوْلُهُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ) أَيْ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ جِدَارِ الْحَرَمِ وَيُؤْكَلُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْفَرْعُ مُسَامِتًا لِجِدَارِ الْحَرَمِ وَالطَّيْرُ فَوْقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّيْرُ عَلَى الْجِدَارِ نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى غُصْنٍ بِالْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ وَأَوْلَى فِي الْحُرْمَةِ وَالْجَزَاءِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ إذَا كَانَ الْغُصْنُ وَالْأَصْلُ فِي الْحَرَمِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَيْضًا) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا فَاسِدٌ) إنَّمَا كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحِلِّ وَالْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَرَمَى عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي فَوْقَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ (فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضَهُ فِي الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى، قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَأْسُهُ كَانَ نَائِمًا فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَيُؤْكَلُ فِي هَذِهِ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْإِنْفَاذِ بَلْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ لِلْقَوْلِ بِأَكْلِهِ لَا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَحَدَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلِهِ) قَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَغَرِمَ الْأَقَلَّ أَيْ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ طَعَامًا وَمِنْ الْمِثْلِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمِثْلُ كَالشَّاةِ مَثَلًا فِي الثَّعْلَبِ وَيُنْظَرَ لِلْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّيْدِ مِثْلٌ فَقِيمَةُ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَتَهُ طَعَامًا أَيْ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا حَلَالَيْنِ فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا وَالْآخَرُ حَلَالًا بِالْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ كَصُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَلَالًا أَوْ بِالْحَرَمِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَيْسَ بِالْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 صَيْدُهُ أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ، أَوْ سَهْمِهِ، أَوْ كَلْبِهِ، أَوْ ذَبَحَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِدْهُ أَوْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ، أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ بِإِشَارَةٍ، أَوْ مُنَاوَلَةٍ لِسَوْطٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَيْتَةً وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَكَذَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ يَكُونُ مَيْتَةً لِكُلِّ أَحَدٍ وَكَذَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ، أَوْ حَرَامٌ لِأَجْلِ مُحْرِمٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِيُبَاعَ لَهُ، أَوْ يُهْدَى لَهُ وَذُبِحَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ الْمُحْرِمُ فَيَكُونُ مَيْتَةً عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُنَا وَذُبِحَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا ذُبِحَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ (ص) كَبَيْضِهِ (ش) أَيْ أَنَّ بَيْضَ الطَّيْرِ غَيْرَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ إذَا كَسَرَهُ مُحْرِمٌ، أَوْ شَوَاهُ، أَوْ شُوِيَ لَهُ مَيْتَةٌ لَا يَأْكُلُهُ حَرَامٌ وَلَا حَلَالٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْشَأُ عَنْهُ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ، أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَنِينٌ وَيُرَشِّحُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ وَكْرَ طَيْرٍ فِيهِ فِرَاخٌ وَبَيْضٌ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَيْضِ الدِّيَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَعَلُوا الْبَيْضَ لَهُ حُكْمُ الْمَيْتَةِ حُكْمًا لَا لِفَقْدِ الذَّكَاةِ بَلْ تَغْلِيظًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَمِنْ هُنَا كَانَ الْقِشْرُ نَجَسًا إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذِرِ أَوْ مَا خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَبَحَثَ سَنَدٌ خِلَافَ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالَ أَمَّا مَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْبَيْضِ فَبَيِّنٌ. وَأَمَّا مَنْعُ غَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ حَتَّى يَكُونَ بِفِعْلِ الْمُحْرِمِ مَيْتَةً وَلَا يَزِيدُ فِعْلُ الْمُحْرِمِ فِيهِ فِي حُكْمِ الْغَيْرِ عَلَى فِعْلِ الْمَجُوسِيِّ وَهُوَ إذَا شَوَى الْبَيْضَ، أَوْ كَسَرَهُ لَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ مَشْرُوعَةٍ وَالْمُحْرِمُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا انْتَهَى (ص) وَفِيهِ الْجَزَاءُ إنْ عَلِمَ وَأَكَلَ (ش) الضَّمِيرُ فِي: وَفِيهِ الْجَزَاءُ يَرْجِعُ لِمَا صِيدَ، أَوْ لِمَا شُوِيَ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ لَا لِمَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الصَّيْدَ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِ مُحْرِمٍ آخَرَ وَأَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ فَفَاعِلُ عَلِمَ وَأَكَلَ هُوَ الَّذِي صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ مُحْرِمٍ آخَرَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (لَا فِي أَكْلِهَا) يَرْجِعُ لِلْمَيْتَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ أَوْ صِيدَ لَهُ فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ ثَانِيًا إذَا أَكَلَ مِنْهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ. إلَخْ فِيمَا صِيدَ لِلْمُحْرِمِ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ لَكِنْ عَلَى الْآكِلِ مِنْهُ الْجَزَاءُ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْرِمُ الْآكِلُ هُوَ الَّذِي صِيدَ لَهُ، أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ عَلِمَ رَاجِعٌ لِلْمُحْرِمِ الْآكِلِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَكْلُهُ عَالِمًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ وَأَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ آخَرُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى الْآكِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا لَا فِي أَكْلِهَا وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ مَا يُفِيدُهُ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ بِإِشَارَةٍ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُعَانُ وَالْمَأْمُورُ غُلَامًا لِلْمُعِينِ، أَوْ الْآمِرِ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْآمِرِ وَالْمُعِينِ وَإِلَّا كَانَ عَلَى الْمُعَانِ وَالْمَأْمُورِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ أَنَّ الْإِعَانَةَ لَا تُوجِبُ جَزَاءً عَلَى الْمُعِينِ وَكَذَا الْآمِرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غُلَامَهُ (قَوْلُهُ وَذَبَحَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ) أَيْ أَوْ ذَبَحَهُ شَخْصٌ لِأَجْلِ أَنْ يُضَيِّفَ بِهِ الْمُحْرِمَ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا مَا صَادَهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَلَوْ ذَبَحَ بَعْدَ إحْلَالِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ ذَبَحَهُ هُوَ أَوْ أَذِنَ فِي ذَبْحِهِ كَانَ الْإِذْنُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدُ، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَكُونُ مَيْتَةً عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ هَذَا وَوَجْهُ كَوْنِ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ وَذَبَحَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَيْتَةً أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا ذَبَحَهُ حَالَ إحْرَامِهِ وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا يَجْرِي فِيمَا إذَا ذَبَحَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَيْتَةً وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَجَزَاؤُهُ وَلَكِنْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَعْقُولَ لَا يَرُدُّ الْمَنْقُولَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَتَقُولُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ بِسَهْمِهِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَمُتْ بِصَيْدِهِ وَلَكِنْ ذَبَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ أَذِنَ فِي ذَبْحِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْلَالِ. (قَوْلُهُ وَيُرَشِّحُ هَذَا) أَيْ الْوَجْهَ الثَّانِيَ نَقُولُ: لَا تَرْشِيحَ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ فِي الْبَيْضِ الدِّيَةَ إمَّا لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ، أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَنِينٌ فَإِنْ قُلْت: يَرْجِعُ اسْمُ الْإِشَارَةِ لِلْأَمْرَيْنِ قُلْت: لَا مَعْنَى لِلتَّرْشِيحِ (قَوْلُهُ: حُكْمًا) لَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهِمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ حُكْمَ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذِرِ) أَيْ إذْ هُوَ حِينَ جَعَلُوهُ حُكْمَ الْمَيْتَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَذِرِ أَوْ مَا خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ) أَيْ مَاتَ بِالصَّيْدِ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ بِأَنْ صَادَهُ حَلَالٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْرِمٍ آخَرَ) بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ أَيْ أَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِ مُحْرِمٍ آخَرَ (قَوْلُهُ إذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ) أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صِيدَ لَهُ) أَيْ وَكَانَ عَالِمًا (قَوْلُهُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ ثَانِيًا) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ بِصَيْدِهِ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ بِصَيْدِهِ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، أَوْ ثَانِيَ مَرَّةٍ. (قَوْلُهُ مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ) أَيْ صَادَهُ حَلَالٌ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْجَزَاءَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْآكِلُ مُحْرِمًا وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ صَيْدٌ لِمُحْرِمٍ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْأَكْلِ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِمُحْرِمٍ بَلْ الْحَلَالُ كَذَلِكَ وَيَتَعَدَّدُ فِي هَذَا الْجَزَاءُ وَقَوْلُهُمْ لَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ مَعْنَاهُ لَا يَتَعَدَّدُ عَلَى صَائِدٍ بِأَكْلِهِ صَيْدَهُ وَلَا بِأَكْلِ مُحْرِمٍ آخَرَ مِنْهُ لَا إنْ صَادَهُ حَلَالٌ لِمُحْرِمٍ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَكَلَ عَالِمًا انْتَهَى. أَيْ إذَا أَكَلُوا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا إذَا لَزِمَ الْجَزَاءُ بِأَكْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَزَاءُ عَلَى الْآكِلِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ أَنَّ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ) أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: لَا فِي أَكْلِهَا) أَقُولُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ لَا فِي أَكْلِهَا صُوَرٌ وَهِيَ مَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ أَيْ مَاتَ بِصَيْدِ الْحَلَالِ الْمَذْكُورِ وَأَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 ص) وَجَازَ مَصِيدُ حِلٍّ لِحِلٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِحَلَالٍ آخَرَ قَالَ الْبَاجِيُّ اتِّفَاقًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ سَيُحْرِمُ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلصَّائِدِ وَلِلْحِلِّ الْمُصَادِ لَهُ، أَوْ لَهُمَا بِتَأْوِيلِ مَنْ ذُكِرَ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الْمَذْكُورِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الصَّائِدُ، أَوْ الْمِصْيَدُ مِنْ أَجْلِهِ سَيُحْرِمُ بَعْدَ أَكْلِهِ، وَهَذَا إذَا تَمَّتْ ذَكَاتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي صِيدَ لَهُ مُحْرِمٌ. (ص) وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلْحَلَالِ الْمُقِيمِ بِالْحَرَمِ إذَا خَرَجَ لِلْحِلِّ وَأَتَى بِصَيْدٍ مِنْهُ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي الْحَرَمِ وَيُبَاحُ أَكْلُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَأَمَّا عَابِرُ السَّبِيلِ فَلَا يَذْبَحُهُ فِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ وَدَاهُ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا أَمَّا الْمُحْرِمُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الْحَلَالُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ صَارَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُعْلَمُ مَا فِي حِلِّ الشَّارِحِ مِنْ النَّظَرِ. (ص) وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ بِخِلَافِ الْحَمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ وَيَأْكُلَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَا يَطِيرُ وَالدَّجَاجُ جَمْعُ دَجَاجَةٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَأْكُلَ بَيْضَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْإِبِلَ لَا الْبَقَرَ الْوَحْشِيَّ؛ لِأَنَّهَا صَيْدٌ، وَأَمَّا الْحَمَامُ جَمْعُ حَمَامَةٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنَّهُ صَيْدٌ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَا بَيْضُهُ وَحْشِيًّا أَوْ رُومِيًّا يُتَّخَذُ لِلْفِرَاخِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ مَا يَطِيرُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَفِي كِتَابِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَذْبَحَ الْمُحْرِمُ الْحَمَامَ الْوَحْشِيَّ وَغَيْرَ الْوَحْشِيِّ وَالْحَمَامَةَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي لَا تَطِيرُ وَإِنَّمَا تُتَّخَذُ لِلْفِرَاخِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَصْلِ مَا يَطِيرُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: هَذِهِ الْكَرَاهَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بَابِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا جَزَاءَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعَ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ   [حاشية العدوي] هُوَ الْمَصِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَمْ لَا وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا، أَوْ كَانَ عَالِمًا وَأَكَلَ مِنْهُ ثَانِيًا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ بِصَيْدِ مُحْرِمٍ وَلَزِمَهُ جَزَاؤُهُ فَلَا جَزَاءَ ثَانِيًا عَلَى آكِلِهِ كَانَ هُوَ الصَّائِدَ أَوْ مُحْرِمٌ آخَرُ فَهِيَ صُوَرٌ أَرْبَعٌ تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي أَكْلِهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ آخَرُ أَقُولُ وَكَذَا لَوْ أَكَلَ مِنْهُ نَفْسُ الصَّائِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْأَكْلِ لِلُزُومِ الْجَزَاءِ لَهُ بِالِاصْطِيَادِ (قَوْلُهُ وَجَازَ مَصِيدُ حِلٍّ لِحِلٍّ) قَالَ اللَّقَانِيِّ مُتَعَلِّقُ جَازَ مَحْذُوفٌ أَيْ جَازَ لِمُحْرِمٍ أَكْلُ مَصِيدِ حِلٍّ لِحِلٍّ مِنْ حِلٍّ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَيُحْرِمُ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي إتْيَانِهِ بِالسِّينِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ اقْتِضَاؤُهَا التَّوْسِعَةَ فِي الزَّمَنِ وَعِنْدَ إتْسَاعِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَالْأَكْلِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا ضَاقَ الزَّمَنُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَالْإِحْرَامِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْعُذْرُ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْإِتْيَانِ بِالسِّينِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَأْتِ بِهَا لَصَدَقَ بِالْحَالِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ فَخَفَّ الِاعْتِرَاضُ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ وَالثَّانِي بِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَرِنُ بِعِلْمِ اسْتِقْبَالٍ وَأَجَابَ هَذَا الشَّارِحُ عَنْ هَذَا الثَّانِي بِأَنَّ إنْ دَاخِلَةٌ عَلَى كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الصَّائِدَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَجُوزُ لِلْحَلَالِ الْمُقِيمِ بِالْحَرَمِ) يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَوْ الْآفَاقِيُّ الْقَائِمُ بِهَا بَعْدَ طَوَافِهِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَا بَقِيَ مِنْ صَيْدٍ وَنِسَاءٍ وَطِيبٍ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الِاصْطِيَادِ سَوَاءٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَمْ لَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَأَتَى بِصَيْدٍ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الصَّيْدُ صَادَهُ حَلَالٌ أَوْ صَادَهُ مُحْرِمٌ فَإِنْ قُلْت مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ لَا يَمْلِكُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَمَا صُورَةُ وُصُولِهِ لِسَاكِنِ الْحَرَمِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ قُلْت قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَهُ لَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا عَلَى وَجْهِ الْعَطِيَّةِ بَلْ لِيُرْسِلَهُ مَثَلًا فَذَبَحَهُ وَفِيمَا إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُحْرِمِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ رَحْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا هُنَا لَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إذْ مَا مَرَّ مَاتَ بِصَيْدِ الْمُحْرِمِ وَمَا هُنَا ذَبَحَهُ كَذَا ذَكَرُوا. (أَقُولُ) بَلْ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَعَدَّى الْمُحْرِمُ وَوَهَبَهُ لِحِلٍّ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَهُ الْحِلُّ وَذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا مَا صِيدَ بِالْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِسَاكِنِ الْحَرَمِ وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ حَلَالًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَابِرُ السَّبِيلِ) أَرَادَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ الدَّاخِلَ فِي الْحَرَمِ بِصَيْدٍ مَعَهُ مِنْ الْحِلِّ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ الْحَرَمِ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا (قَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ) أَيْ فَإِنْ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ. (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُعْلَمُ مَا فِي حَلِّ الشَّارِحِ) أَيْ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ الصَّائِدُ حَرَامًا أَوْ حَلَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْصَرُ عَلَى الْحَلَالِ هَذَا مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْإِوَزُّ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ وَالْوَزُّ لُغَةٌ فِي الْإِوَزِّ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ الْوَاحِدَةُ إوَزَّةٌ وَقَدْ يَجْمَعُونَهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَقَالُوا إوَزُّونَ ك (قَوْلُهُ جَمْعُ دَجَاجَةٍ) هَذَا مَذْهَبُ الْفَرَّاءِ وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ (قَوْلُهُ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ) كَذَا قَالَ فِي ك وَالدَّجَاجُ جَمْعُ دَجَاجَةٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ انْتَهَى فَهَلْ قَوْلُهُ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِلْجَمْعِ وَالْمُفْرَدِ، أَوْ خَاصٌّ بِالْمُفْرَدِ فَفِي الْقَامُوسِ الدَّجَاجَةُ مَعْرُوفٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيُثَلَّثُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ فِي ك مَا نَصُّهُ وَالدَّجَاجُ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَالْوَاحِدَةُ دَجَاجَةٌ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الدَّجِّ وَهُوَ الْمَشْيُ الرُّوَيْدُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِقْبَالِهَا وَإِدْبَارِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحَمَامُ. . . إلَخْ) قَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مَا ذَبَحُوا مِنْهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ مُحْرِمٌ اهـ. أَيْ مَا ذَبَحُوهُ مِنْ الْحَمَامِ قَالَ سَنَدٌ وَيُخْتَلَفُ فِي دَجَاجِ الْحَبَشَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي دَجَاجِ الْحَبَشَةِ الْجَزَاءُ لِأَنَّهَا وَحْشِيَّةٌ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا جَزَاءَ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَطِيرُ كَانَتْ كَحُكْمِ حَمَامِ الدُّورِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يَطِيرُ فَهِيَ صَيْدٌ (قَوْلُهُ وَحْشِيًّا، أَوْ رُومِيًّا) حَصَرَ الْحَمَامَ فِي اثْنَيْنِ وَحْشِيٍّ وَرُومِيٍّ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْوَحْشِيِّ وَغَيْرَ الْوَحْشِيِّ وَالْحَمَامَةَ الرُّومِيَّةَ يُفِيدُ عَدَمَ الِانْحِصَارِ فِي الْوَحْشِيِّ وَالرُّومِيِّ فَحَمَامُنَا الَّذِي فِي بُيُوتِنَا عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الرُّومِيِّ وَحَرَّرَ الْمَقَامَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّيْدِ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّابِتِ مُشَارَكَةٌ لِحُرْمَتِهِ بِالْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ ذَلِكَ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَى (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ عَلَى الْحَرَمِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْحَرَمِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقْطَعَ مَا جِنْسُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ كَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَشَجَرِ الطَّرْفَاءِ وَأُمِّ غَيْلَانَ وَلَوْ اسْتُنِبْتَ نَظَرًا لِجِنْسِهِ كَمَا يَأْتِي فِي عَكْسِهِ وَسَوَاءٌ أَخْضَرُهُ وَيَابِسُهُ إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَالْإِذْخِرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ كَالْحَلْفَاءِ طَيِّبُ الرِّيحِ وَاحِدُهُ إذْخِرَةٌ وَجَمْعُ الْإِذْخِرِ أَذَاخِرُ كَأَفَاعِلَ وَالسَّنَى بِالْقَصْرِ الَّذِي يُتَدَاوَى بِهِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْبَرْقِ، وَأَمَّا بِالْمَدِّ فَالرِّفْعَةُ قَالَهُ تت وَفِي الْقَامُوسِ السَّنَى ضَوْءُ الْبَرْقِ وَنَبْتٌ مُسَهِّلٌ لِلصَّفْرَاءِ وَالسَّوْدَاءِ وَالْبَلْغَمِ وَيُمَدُّ (ص) كَمَا يُسْتَنْبَتُ (ش) أَيْ كَعَدَمِ حُرْمَةِ قَطْعِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَنْبَتَ مِنْ كَخَسٍّ وَبَقْلٍ وَحِنْطَةٍ وَبِطِّيخٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَوَاءٌ اسْتُنِبْتَ، أَوْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ (وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) فَيَجُوزُ قَطْعُهُ نَظَرًا إلَى الْجِنْسِ (ص) وَلَا جَزَاءَ (ش) أَيْ لَا جَزَاءَ فِي قَطْعِ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ بَلْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (ص) كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي تَحْرِيمِ قَطْعِ شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَدِينَةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَحْرُمُ الصَّيْدُ فِي حَرَمِهَا وَلَا جَزَاءَ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَطْعُ شَجَرِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَمَا نَبَتَ فِيهِ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَمَا اُسْتُثْنِيَ هُنَاكَ يُسْتَثْنَى هُنَا وَهَلْ عَدَمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ بِالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، أَوْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَدِينَةِ عِنْدَنَا أَشَدُّ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ قَوْلَانِ. (ص) بَيْنَ الْحِرَارِ (ش) بَيْنَ هُنَا تَحْدِيدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ وَبِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الشَّجَرِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ مَا بَيْنَ الْحِرَارِ الْأَرْبَعِ الْمُحِيطَةِ بِهَا جَمْعٌ لِحَرَّةٍ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كَأَنَّهَا أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ وَالْمَدِينَةُ دَاخِلَةٌ فِي حَرِيمِ الصَّيْدِ وَبِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الشَّجَرِ بَرِيدٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَشَجَرُهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ) مِنْ طَرَفِ الْمَدِينَةِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ حَرِيمِ الشَّجَرِ فَقَطْعُ الشَّجَرِ الَّذِي بِهَا غَيْرُ حَرَامٍ وَيُعْتَبَرُ طَرَفُ الْبُيُوتِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَسُورُهَا الْآنَ هُوَ طَرَفُهَا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمَا كَانَ خَارِجًا عَنْهُ مِنْ الْبُيُوتِ يَحْرُمُ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ قَلَقٌ؛ لِأَنَّ الْبَرِيدَ فِي الْبَرِيدِ بِبَرِيدٍ فَيَكُونُ نِصْفَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَرِيدَيْنِ إذَا تَقَاطَعَا تَقَاطُعًا صَلِيبِيًّا نِصْفِيًّا هَكَذَا يَكُونُ نِصْفَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَ أُمَمٍ أَيْ بَرِيدًا مُصَاحِبًا لِبَرِيدٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ جِهَاتِهَا. (ص) وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ لَيْسَ كَالْفِدْيَةِ وَالْهَدْيِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَمَعْرِفَةَ مَا يَحْكُمُ بِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى وَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِذَلِكَ الْبَابِ فَقَطْ، وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ وَالْحُكْمُ إنْشَاءٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ (ص) مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ، أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ يَوْمَ   [حاشية العدوي] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ) وَلَوْ لِاحْتِشَاشِ الْبَهَائِمِ وَالسَّنَى أَحَدُ الْمُلْحَقَاتِ؛ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ اسْتِثْنَاؤُهُ وَهُوَ الْإِذْخِرُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى السَّنَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمُلْحَقَاتُ بِالْإِذْخِرِ سِتَّةٌ السَّنَى وَالْهَشُّ أَيْ قَطْعُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِالْمِحْجَنِ وِزَانُ مِقْوَدٍ وَالْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ وَقَطْعُهُ لِإِصْلَاحِ الْحَوَائِطِ وَالْبَسَاتِينِ وَقَوْلُنَا قَطْعُ الْوَرَقِ بِالْمِحْجَنِ وَهُوَ الْعَصَا الْمُعْوَجَّةُ مِنْ الطَّرَفِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْجَمْعُ الْمَحَاجِنُ بِأَنْ يَضَعَهُ عَلَى الْغُصْنِ وَيُحَرِّكَهُ لِيَقَعَ الْوَرَقُ، وَأَمَّا خَبْطُ الْعَصَا عَلَى الشَّجَرِ لِيَقَعَ وَرَقُهُ فَهُوَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ) أَيْ وَالْجَزَاءُ كَفَّارَةٌ فَلَا يُقَاسُ الْجَزَاءُ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ بَيْنَ الْحِرَارِ الْأَرْبَعِ) فِيهِ شَيْءٌ إنَّمَا ذَلِكَ حَرَّتَانِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِكُلِّ حَرَّةٍ طَرَفَانِ اُعْتُبِرَ كُلُّ طَرَفٍ حَرَّةً وَقَوْلُهُ الْمُحِيطَةُ بِهَا أَيْ تَقْدِيرًا لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مُحِيطَتَيْنِ بِهَا لِأَنَّهُمَا فِي صَوْبٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ بَيْنَ الْحِرَارِ أَيْ بَيْنَ وَسَطِ الْبَلَدِ وَالْحِرَارُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ نِصْفَ بَرِيدٍ) قَضِيَّةُ التَّفْرِيعِ أَنْ يَكُونَ رُبْعَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. (قَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ) مُبْتَدَأٌ وَمِثْلُهُ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ بِحُكْمٍ إمَّا حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مِنْ الْخَبَرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ بِحُكْمٍ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ اسْمٌ أَيْ الْمُجَازِي أَوْ الْمُكَافِئُ مِثْلُهُ وَعَلَى الْإِعْرَابِ الثَّانِي يَكُونُ مِثْلُ بَدَلًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ فِي الْكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُكْمٌ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَا مُتَأَكِّدِي الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْرِفَةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُكْمٌ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَمَعْرِفَةَ مَا يُحْكَمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ مُنَافٍ لِلْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ بِالْجَزَاءِ) أَيْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ يَأْمُرُهُمَا بِالْجَزَاءِ أَيْ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِيَّةِ لَفْظِ الْجَزَاءِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ وَالْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ فَحَكَمَا وَأَصَابَا. . . إلَخْ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ اُحْكُمَا فَحَكَمَا عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ فَلَا يَكُونُ فِيمَا ذُكِرَ هُنَا بَلْ مَا سَيَذْكُرُهُ قَرِيبًا إمَّا بِحُكْمٍ أَوْ بِلَا حُكْمٍ كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ فَقَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ لَا كُلِّيَّةٌ فَالْحُكْمُ فِيهَا عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَا كُلِّهَا. (قَوْلُهُ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ) مَفْهُومُهُ لَوْ دَفَعَ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا لَمْ يَجْزِهِ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 التَّلَفِ بِمَحَلِّهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ شَاءَ الْإِنْسَانُ أَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ طَعَامًا مَا يَعْدِلُ قِيمَةَ الصَّيْدِ يَوْمَ تَلَفِهِ مِنْ جُلِّ عَيْشِ مَكَانَ التَّلَفِ لَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا يَوْمَ الْقَضَاءِ وَلَا الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا فَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهِ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ أَيْ مِثْلُ الصَّيْدِ أَوْ مُقَارِبُهُ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا فَالْقَدْرُ كَافٍ وَالْمُرَادُ بِالنَّعَمِ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِمَحَلِّهِ لِلْإِتْلَافِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إطْعَامٌ وَبِقِيمَةِ الصَّيْدِ أَيْ وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالتَّقْوِيمِ بِمَحَلِّهِ أَيْ مَحَلِّ التَّلَفِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي هَذَا الظَّبْيُ مَثَلًا مِنْ طَعَامِ غَالِبِ عَيْشِ هَذَا الْمَحَلِّ فَيُقَالُ كَذَا فَيَلْزَمُهُ. (ص) وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ، أَوْ لَمْ يَجِدْ بِهِ مَسَاكِينَ فَيُقَوَّمُ، أَوْ يُطْعِمُ بِقُرْبِ مَحَلِّ التَّلَفِ مِنْ الْأَمَاكِنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ عَلَيْهِ حَتَّى رَجَعَ لِأَهْلِهِ فَأَرَادَ الْإِطْعَامَ حَكَّمَ اثْنَيْنِ مِمَّنْ يَجُوزُ تَحْكِيمُهُمَا وَوَصَفَ لَهُمَا الصَّيْدَ وَذَكَرَ لَهُمَا سِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ وَقَوْلُهُ (وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَا يَجْزِي شَيْءٌ مِنْ التَّقْوِيمِ أَوْ الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ س (ص) وَلَا زَائِدَ عَنْ مُدٍّ لِمِسْكِينٍ (ش) قَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا فَقَطْ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْمُدِّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِذَا وَجَبَ مَثَلًا خَمْسَةُ أَمْدَادٍ فَأَطْعَمَهَا لِأَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ فُقَرَاءَ فَلَا بُدَّ مِنْ إطْعَامِ شَخْصٍ آخَرَ وَهُوَ لَهُ نَزْعَ الزَّائِدَ بِالْقُرْعَةِ إنْ بَيَّنَ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَمْ لَا وَكَمَا لَا يَجْزِي الزَّائِدُ لَا يَجْزِي النَّاقِصُ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا بَقِيَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، أَوْ لَا (ص) وَهَلْ لَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقَوَّمُ فِيهِ وَيُخْرَجُ فِيهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ وَفِي التَّقْوِيمِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرُ الْإِطْعَامِ بِبَلَدِ الْإِخْرَاجِ سِعْرَهُ بِبَلَدِ التَّلَفِ أَوْ قُرْبَهُ فَفِي إجْزَائِهِ تَأْوِيلَانِ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُمَا لَا يَجْرِيَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَاضِحٌ إذْ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ (ص) ، أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ   [حاشية العدوي] بَاقِيًا وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِنَقْدٍ وَاشْتَرَى بِهِ طَعَامًا لَأَجْزَأَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُحَصَّلُ ذَلِكَ إنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ هَدْيًا اخْتَصَّ بِالْحَرَمِ أَوْ صِيَامًا فَحَيْثُ شَاءَ، أَوْ طَعَامًا اخْتَصَّ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ أَوَّلًا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ، وَأَمَّا لَوْ تَقَرَّرَ الْحُكْمُ بِالْإِطْعَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ طَعَامًا يَعْدِلُ قِيمَتَهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلصَّيْدِ قِيمَةً وَالْإِطْعَامُ يَكُونُ بِقَدْرِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ الصَّيْدِ يَقُومُ بِالْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ لَا يَوْمَ التَّعَدِّي) أَيْ لِأَنَّ التَّلَفَ أَيْ الْمَوْتَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَوْمِ الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالنَّعَمِ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ) أَيْ فَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إطْعَامٌ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ كَائِنَةٌ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَبِقِيمَةِ الصَّيْدِ) وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَخِنْزِيرٍ وَيُنْظَرُ لِقِيمَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقَوَّمَ الصَّيْدُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْإِطْعَامِ وَلَوْ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ طَعَامًا أَجْزَأَ (قَوْلُهُ مِنْ التَّقْوِيمِ) أَرَادَ أَثَرَهُ وَهُوَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ وَإِلَّا فَذَاتُ التَّقْوِيمِ بِبَلَدِنَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَنَصُّهُ وَلَا يُجْزِئُ التَّقْوِيمُ أَوْ الْإِطْعَامُ بِغَيْرِهِ أَيْ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ يُقَوِّمُ أَوْ يُطْعِمُ فِيهِ مَعَ الْإِمْكَانِ الشَّامِلِ لِمَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ وَانْظُرْ أُجْرَةَ نَقْلِهِ إنْ احْتَاجَ لِأَجْرٍ عَلَى مَنْ. (قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ نَزْعُ الزَّائِدِ بِالْقُرْعَةِ) لَا تَتَأَتَّى هُنَا قُرْعَةٌ نَعَمْ تَتَأَتَّى الْقُرْعَةُ فِيمَا إذَا كَانَ أَعْطَى الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا وَأَمَرْنَاهُ بِأَنْ يُكْمِلَ لِعَشْرَةٍ فَإِنَّ الْقُرْعَةَ تُمْكِنُ فِي هَذِهِ (وَقَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ تَأْوِيلَانِ) نُسْخَةٌ تَأْوِيلَانِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَنُسْخَةٌ فَتَأْوِيلَانِ فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجْزِي الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَصَابَ الصَّيْدَ بِمِصْرَ فَأَخْرَجَ الطَّعَامَ بِالْمَدِينَةٍ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ سِعْرَهَا أَعْلَى وَعَكْسُهُ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ كَلَامُهُ خِلَافٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَقَرَّرَ لِلْمَسَاكِينِ مَكَانَ إصَابَةِ الصَّيْدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ وِفَاقٌ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لَهَا انْتَهَى. وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَزَائِدٌ فَيَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ تَأْوِيلَانِ وَحَاصِلُ إيضَاحِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّيْدُ يُقَوَّمُ بِعَشْرَةِ أَمْدَادٍ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْأَمْدَادَ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمْدَادِ فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَتِهَا فِي مَحَلِّ التَّلَفِ كَأَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ فِي الْمَحَلَّيْنِ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ أَيْ أَوْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ أَكْثَرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ الْأَمْدَادِ فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ أَقَلَّ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ فَهَذَا بِاتِّفَاقٍ لَا يَجْزِي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب وشب تَبَعًا لعج. (قَوْلُهُ إذْ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ) وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَجْزَأَ التَّقْوِيمُ بِغَيْرِهِ إنْ سَاوَى سِعْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَالْإِطْعَامِ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَكَانَ يُقَدَّمُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَزَائِدٌ فَيَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ) لَوْ قَالَ، أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ لِكُلِّ مُدٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا يُوَافِقُ هَذَا بِجَعْلِ صَوْمِ يَوْمٍ عَطْفًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 إذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمًا فَلَوْ كَانَ فِي الْأَمْدَادِ كَسْرٌ فَإِنَّهُ يَصُومُ لَهُ يَوْمًا كَامِلًا فَإِذَا قِيلَ مَا قِيمَةُ هَذَا الظَّبْيِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةُ أَمْدَادٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُ مُدٍّ فَإِنَّهُ يَصُومُ سِتَّةَ أَيَّامٍ. (ص) فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ وَالْفِيلُ بِذَاتِ سَنَامَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ إذَا قَتَلَ نَعَامَةً، أَوْ فِيلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنَّ بَدَنَةَ الْفِيلِ تَكُونُ خُرَاسَانِيَّةً ذَاتَ سَنَامَيْنِ لِقُرْبِ الْفِيلِ مِنْ خِلْقَتِهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الذَّخِيرَةِ فَقِيمَتُهَا وَقَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ فَجَزَاءُ النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَقَوْلُهُ وَالْفِيلُ. . . إلَخْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَحَذْفُ الْمُتَعَلِّقِ أَيْ وَجَزَاءُ الْفِيلِ بَدَنَةٌ كَائِنَةٌ بِذَاتِ سَنَامَيْنِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا الْبَاءُ أَوْ لَفْظَةُ ذَاتٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ أَيْ وَالْفِيلُ بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ أَوْ وَالْفِيلُ بَدَنَةٌ بِسَنَامَيْنِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إجْمَالٌ اُنْظُرْ تَفْصِيلَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَحِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرُهُ بَقَرَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا قَتَلَ حِمَارَ وَحْشٍ، أَوْ بَقَرَةَ وَحْشٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بَقَرَةٌ. (ص) وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ شَاةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا قَتَلَ ضَبُعًا، أَوْ ثَعْلَبًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَاةٌ لَكِنْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي وَالشَّاةُ مِنْ الْغَنَمِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ شَاةٌ وَلَوْ خِيفَ مِنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يَنْجُو مِنْهُمَا إلَّا بِقَتْلِهِمَا وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ كَطَيْرٍ خِيفَ إلَّا بِقَتْلِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُمَا لَا يَعْسُرُ كَعُسْرِهِ مِنْ الطَّيْرِ وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْهُمَا بِصُعُودِ نَخْلَةٍ وَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ التَّحَرُّزُ مِنْ الطَّيْرِ (ص) كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ بِلَا حُكْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ أَيْ صِيدَ مِنْهُ بِمَكَّةَ وَيَمَامِهَا، أَوْ مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ، أَوْ مِنْ يَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ شَاةٌ بِلَا حُكْمٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْهَدْيِ وَلَا يُخْرِجُ طَعَامًا وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ يَأْلَفُ النَّاسَ فَشُدِّدَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى قَتْلِهِ وَالْمُرَادُ بِحَمَامِ   [حاشية العدوي] عَلَى مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ لِكُلِّ إلَخْ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَفِيهِ تَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ لَكِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَ جَارًّا وَمَجْرُورًا. (قَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ) بِفَتْحِ النُّونِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَالنَّعَامُ اسْمُ جِنْسٍ مِثْلُ حَمَامَةٍ وَحَمَامٍ ك وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَالنَّعَامَةُ لِلسَّبَبِيَّةِ مُسَبَّبٌ عَنْ قَوْلِهِ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ وَلَوْ قَالَ إلَّا النَّعَامَةَ فَبَدَنَةٌ وَالْفِيلُ جَزَاؤُهُ بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ لِقُرْبِهِ مِنْ خَلْقِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي النَّعَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا بَيْنَ إخْرَاجِ الْبَدَنَةِ الَّتِي هِيَ مِثْلُهَا وَإِخْرَاجِ الْمُمَاثِلِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَبَيْنَ إطْعَامٍ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ عَدْلِهِ صِيَامًا مَعَ أَنَّ النَّقْلَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذِكْرُهَا هُنَا فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْإِطْعَامُ. (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِرَاضَ بَاقٍ وَلَا انْدِفَاعَ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ تَفْصِيلَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَفِي الْفِيلِ يُخْرِجُ قِيمَتَهُ طَعَامًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَيَصُومُ عَدْلَهُ وَكَذَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّعَامَةِ وَلَا يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ الْفِيلِ لِغَلَاءِ عَظْمِهِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الْبَقَرَةُ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ فَقِيمَتُهَا طَعَامًا فَإِنْ عَدِمَ فَصَوْمُ عَدْلِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَالضَّبُعُ. . . إلَخْ وَالتَّاءُ فِي بَقَرَةٍ لِلْوَحْدَةِ لِصِدْقِ الْبَقَرَةِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ طَعَامًا أَيْ حِينَ الْإِتْلَافِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُتَعَيِّنًا فِي الضَّبِّ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا مِثْلَ لَهَا يُجْزِئُ ضَحِيَّةً بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيمَةِ طَعَامًا أَوْ عَدْلَ الطَّعَامِ صِيَامًا وَيَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَهُمَا بِهَدْيٍ فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ. وَأَمَّا فِي الطَّيْرِ غَيْرِ حَمَامِ الْحَرَمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقِيمَةُ طَعَامًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَدْلُهَا صِيَامًا هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّوَابُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مِنْ النَّعَمِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ حَاصِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا لَهُ مِنْ الصَّيْدِ مِثْلٌ فَالتَّخْيِيرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ لِصِغَرِهِ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلُهُ صِيَامًا عَلَى التَّخْيِيرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ بَيَانٌ لِلْمِثْلِ الْمُخَيَّرِ فِيهِ وَفِي الْإِطْعَامِ أَوْ الصِّيَامِ نَعَمْ الْفِيلُ لَا مِثْلَ لَهُ فَلِذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ بَيَانٌ لِمَا لَا مِثْلَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْقِيمَةُ طَعَامًا يَعْنِي أَوْ عَدْلَهُ صِيَامًا كَمَا قَالَهُ س وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّيْدِ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ، أَوْ مُقَارِبُهُ فِي الْخِلْقَةِ، أَوْ الصُّورَةِ أَوْ طَعَامٌ بِمِثْلِ قِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ صِيَامٌ بِعَدْلِ الطَّعَامِ وَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَالْعَصَافِيرِ وَغَيْرِهَا فَعَدْلُ قِيمَتِهِ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا إلَى أَنْ قَالَ وَالْوَاجِبُ فِي الْمِثْلِ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ كُلَّ مَا صَغُرَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ النَّعَمِ يُهْدَى فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الصِّيَامُ أَوْ صَدَقَةٌ وَقَالَ أَيْضًا وَلَا يَجِبُ فِي سَائِرِ الْحَمَامِ غَيْرَ حَمَامِ مَكَّةَ، أَوْ الْحَرَمِ غَيْرَ الْإِطْعَامِ أَوْ الصِّيَامِ (قَوْلُهُ كَحَمَامِ مَكَّةَ) وَلَوْ حَذَفَ مَكَّةَ لَكَانَ أَوْلَى بِمَرَامِهِ بِوَزْنِ الِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ بِلَا حُكْمٍ) كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالْأَصْلِ بَيْنٌ عَظِيمٌ فِي الْقَدْرِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا بَيْنَ النَّعَامَةِ وَالْبَدَنَةِ فَلِذَا طُلِبَ الْحَكَمَانِ فِيهَا وَبِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْحَمَامِ يَسِيرٌ فَجُعِلَ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ) أَيْ وَلَا يُطْعِمُ خِلَافًا لَأَصْبَغَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 وَيَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ مَا يُصَادُ بِهِمَا لَا مَا تَوَلَّدَ بِهِمَا وَلَا مَا تَوَطَّنَهُمَا. (ص) وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا (ش) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي خَبَرٌ مُقَدَّمٌ مُبْتَدَؤُهُ الْقِيمَةُ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَتَلَ حَمَامًا فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا وَتَقَدَّمَ إذَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَ ضَبًّا فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ يَرْبُوعًا فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ جَمِيعَ الطَّيْرِ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَالْحَرَمِ خِلَافُ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا. (ص) وَالصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْجَمِيلُ كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ مِنْ الصَّيْدِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ إطْعَامٍ، أَوْ صِيَامٍ كَالْكَبِيرِ وَأَنَّ الْمَرِيضَ فِيمَا ذُكِرَ كَالسَّلِيمِ وَأَنَّ الْجَمِيلَ فِي مَنْظَرِهِ كَالشَّنِيعِ وَأَنَّ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ وَأَنَّ الْمُعَلَّمَ وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَغَيْرِهِ فَتُقَوَّمُ ذَاتُ الصَّيْدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأُنْثَى عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ وَلَا الذَّكَرُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَإِلَّا لَقَالَ: وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ مَثَلًا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: وَالْقَبِيحُ بَدَلَ وَالْجَمِيلُ مَعَ أَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِمَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ لِأَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ لَا الْعَكْسُ الْقَرَافِيُّ وَالْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا تُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ (ص) وَقُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ مَعَهَا (ش) أَيْ قُوِّمَ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ لِشَخْصٍ بِذَلِكَ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صِغَرٍ وَمَرَضٍ وَغَيْرِهِمَا مَعَ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ الْجَزَاءُ فَيُقَوَّمُ لِرَبِّهِ بِدَرَاهِمَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا قُوِّمَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَرِيضًا وَلِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ كَبِيرًا صَحِيحًا. (ص) وَاجْتَهَدَا وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ فِيهِ (ش) أَيْ حَيْثُ كَانَ لِلْحُكْمَيْنِ دَخْلٌ فَإِنَّهُمَا يَجْتَهِدَانِ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِيهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّعَامَةَ فِيهَا بَدَنَةٌ وَالْفِيلَ أَيْضًا فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا فَمَا مَحَلُّ الِاجْتِهَادُ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَمَصَبُّ الْحُكْمِ النَّبَوِيِّ الْجِنْسُ وَمَصَبُّ الِاجْتِهَادِ الْأَعْرَاضُ وَالْجُزْئِيَّاتُ اللَّاحِقَةُ كَالسِّمَنِ وَالصِّغَرِ وَالصِّحَّةِ وَالْجَمَالِ وَضِدُّهَا بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا لِسِمَنِ النَّعَامَةِ، أَوْ هُزَالِهَا مَثَلًا وَهَكَذَا فَقَوْلُهُ وَاجْتَهَدَا أَيْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا مَا تَوَلَّدَ بِهِمَا. إلَخْ) أَيْ فَقَطْ أَيْ فَالْمُرَادُ مَا صِيدَ بِهِمَا سَوَاءٌ تَوَلَّدَ بِهِمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالْكَبِيرِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ أَيْ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يُمَاثِلْ مِمَّا يَصِحُّ ضَحِيَّةً كَالْكَبِيرِ أَيْ الَّذِي يَجْزِي ضَحِيَّةً أَيْ بِحَيْثُ إنَّهُ يَجْزِي فِيهِ أَقَلُّ مَا يَصِحُّ ضَحِيَّةً وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ كَالسَّلِيمِ أَيْ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَحِيَّةً كَالسَّلِيمِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَزَاؤُهُ صَحِيحًا يَجْزِي ضَحِيَّةً (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْجَمِيلَ فِي مَنْظَرِهِ كَالشَّنِيعِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ جَمَالَتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ أَيْ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ أُنُوثَتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُعَلَّمَ. . . إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ تَعَلُّمِهِ وَقَوْلُهُ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ ذُكُورَتِهِ أَيْ وَعَنْ تَعَلُّمِهِ مُجَامَلَتُهُ وَقَبَاحَتُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَوَّمُ إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ قَاطِعِينَ النَّظَرَ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَقَالَ وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ) أَيْ لَوْ كَانَتْ الْأُنْثَى تُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ لَقَالَ: وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَمِيلُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ جَمَالَتِهِ (قَوْلُهُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ يُقَوَّمُ مَقْطُوعًا النَّظَرَ عَنْ جَمَالَتِهِ وَقَبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرَاهَةُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَرُهَ الدَّابَّةُ وَغَيْرُهُ يَفْرَهُ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَهُوَ النَّشَاطُ وَالْخِفَّةُ (قَوْلُهُ وَلِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ كَبِيرًا صَحِيحًا) أَيْ إذَا كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَصِلْ لِدَرَجَةِ الْإِجْزَاءِ ضَحِيَّةً يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ يَجْزِي ضَحِيَّةً فَإِذَا كَانَ الثَّعْلَبُ صَغِيرًا لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً يُخْرِجُ شَاةً كَبِيرَةً أَيْ كَمَّلَتْ سَنَةً فَالْكِبَرُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ وَإِذَا كَانَ مَرِيضًا أَضْنَاهُ الْمَرَضُ بِحَيْثُ لَا يَجْزِي ضَحِيَّةً يَجِبُ إخْرَاجُ شَاةٍ مَثَلًا صَحِيحَةٍ بِحَيْثُ تَجْزِي ضَحِيَّةً. (قَوْلُهُ كَالسِّمَنِ وَالصَّغِيرِ) أَيْ أَنَّ الِاجْتِهَادَ يَكُونُ فِي السِّمَنِ وَضِدِّهِ أَيْ الضِّدِّ الَّذِي مَعَهُ الْإِجْزَاءُ، وَاَلَّذِي لَا إجْزَاءَ مَعَهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالْكَبِيرِ فَكَيْفَ يَكُونُ الِاجْتِهَادُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّغِيرَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ مَثَلًا الثَّعْلَبُ الَّذِي لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً يَكُونُ جَزَاؤُهُ شَاةً كَمَّلَتْ سَنَةً وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ لَا أَزْيَدَ وَثَعْلَبٌ كَمَّلَ سَنَتَيْنِ يُخْرِجُ شَاةً كَمَّلَتْ سَنَتَيْنِ وَثَعْلَبٌ كَمَّلَ أَرْبَعَ سِنِينَ يَكُونُ الْوَاجِبُ شَاةً كَذَلِكَ فَمَرْجِعُ الِاجْتِهَادِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقِسْ وَقَوْلُهُ وَالْجَمَالُ لَا يُعْتَبَرُ فَهَذَا لَا يُسَلَّمُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ هَذِهِ النَّعَامَةَ بَدَنَةٌ سَمِينَةٌ، أَوْ هَزِيلَةٌ) أَيْ هُزَالًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأَمَّا الْهُزَالُ الَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَخَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ وَقَوْلُهُ وَهَكَذَا أَيْ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ وَبِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً صَحِيحَةً أَوْ ضَعِيفَةً لِصِحَّةِ النَّعَامَةِ وَضَعْفِهَا يُرَادُ ضَعْفٌ مَعَهُ إجْزَاءٌ، أَوْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً لِجَمَالَةِ النَّعَامَةِ وَقُبْحِهَا تَقَدَّمَ رَدُّهُ ثُمَّ ذَكَرَ مُحَشِّي تت مَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ قَوْلُهُ وَاجْتَهِدَا أَمَرَ الْحَكَمَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِمَالِكٍ وَزَمَانُهُ زَمَنُ اجْتِهَادٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلْيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَا بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى اهـ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرِجَ مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ لِصِغَرِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رَوَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي عَنْ السَّلَفِ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَصِحُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: فِيهِ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا كَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ (ص) وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِهِ فِي أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ إمَّا الْمِثْلُ، أَوْ الْإِطْعَامُ أَوْ الصِّيَامُ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَمَّا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ وَلْيَحْكُمَا عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَأَحْرَى قَبْلَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الِانْتِقَالُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَرَفَ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا الْتَزَمَهُ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَهُ وَيَلْتَزِمَ بِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ تَأْوِيلَانِ لِلشُّيُوخِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا اُبْتُدِئَ (ش) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحُكْمَانِ فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِجَفْرَةٍ مَثَلًا وَقَالَ الْآخَرُ بِعَنْزٍ كَبِيرَةٍ مَثَلًا، أَوْ فِي نَوْعِهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُبْتَدَأُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً حَتَّى يَقَعَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى أَمْرٍ لَا خُلْفَ فِيهِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَثَالِثًا مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ؛ وَلِذَلِكَ بَنَى الْمُؤَلِّفُ اُبْتُدِئَ لِلْمَجْهُولِ (ص) وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا بِمَجْلِسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ وَقْتَ الْحُكْمِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِيَطَّلِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ (ص) وَنُقِضَ إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ (ش) أَيْ وَنُقِضَ حُكْمُ الْحَكَمَيْنِ إنْ اتَّضَحَ وَظَهَرَ خَطَؤُهُمَا فِيمَا حَكَمَا فِيهِ كَحُكْمِهِمَا فِي شَيْءٍ فِيهِ بَدَنَةٌ بِشَاةٍ وَبِالْعَكْسِ. (ص) وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ وَلَوْ تَحَرَّكَ، وَدِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا ضَرَبَ بَطْنَ ظَبْيَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لَا حَرَكَةَ فِيهِ، أَوْ تَحَرَّكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَلِكَ فِي بَيْضِ الْحَيَوَانِ الْوَحْشِ مُطْلَقًا نَعَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ أَمْ لَا وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْهُ الْفَرْخَ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، أَوْ تَحَرَّكَ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا عُشْرُ ثَمَنِ أُمِّهِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْضِ غَيْرُ الْمَذِرِ، وَأَمَّا الْمَذِرُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَسَرَهُ فَقَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْجَنِينِ   [حاشية العدوي] الْعُدُولُ عَنْهُ كَمَا فِي الضَّبُعِ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِكَبْشٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكْتَفِيَانِ بِحُكْمِ مَنْ حَكَمَ بِذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ الْحَكَمَانِ بِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ قُلْت لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رُوِيَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَقَعَ بَيْنِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافٌ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَحِلُّ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلْيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَانِ بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ أَثَرِ مَنْ مَضَى وَكَذَلِكَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يُكْتَفَى فِي الْجَرَادِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَوْ النَّعَامَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ فَمَا دُونَهَا بِاَلَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْتَنِفَا فِيهِ الْحُكْمَ وَلَا يَخْرُجَا عَمَّا مَضَى انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ اجْتِهَادَهُمَا فِيمَا يَجِبُ لَا فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَتَعَارَضَانِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَأْتِيَا بِمَا يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَهُنَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْحُكْمُ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ حَتَّى فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّلَفِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَحْكُمُ بِهِ فَأَتَى بِالْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَوَقَعَ فِي الْآيَةِ جَوَابُ الشَّرْطِ فَيَخْلُصُ لِلِاسْتِقْبَالِ ثَانِيهِمَا إذَا حَكَمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ فِي النَّعَامَةِ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ قَدِيمٌ قَدْ تَكَرَّرَ حُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِهِ وَفَتْوَى الْعُلَمَاءِ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَتَكَرُّرِ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. اُنْظُرْهُ فَتَجِدْ قَوْلَهُ ثَانِيهِمَا يُضَارِبُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) قَالَ فِيهَا إنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الطَّعَامِ أَوْ الصِّيَامِ فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا فَذَلِكَ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَهُ وَيَلْتَزِمَ بِهِ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِالْتِزَامَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: بِجَفْرَةٍ) الْأُنْثَى مِنْ الْمَعَزِ الَّتِي بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ كَحُكْمِهِمَا فِيمَا) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ حَكَمَا فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعَزِ الَّتِي لَمْ تُكْمِلْ سَنَةً كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا أَقُولُ فِي شَيْءٍ قَضَى بِهِ عُمَرُ أَنَّهُ يُرَدُّ وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ إذَا قَضَى قَاضٍ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ مَضَى وَلَمْ يُرَدَّ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ انْتَهَى. ك وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ النَّقْضُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنَّ الْجَزَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ) أَيْ أَنَّ فِي كُلِّ جَنِينٍ عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَالتَّوْأَمَيْنِ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَالْبَيْضُ) وَلَوْ أَتْلَفَ اثْنَيْنِ مَعًا فَأَكْثَرَ فِي فَوْرٍ أَوْ فِي ضَرْبَةٍ وَلَوْ وَصَلَ لِعَشْرَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ لَوْ كَسَرَ عَشْرَ بَيْضَاتٍ فَفِي كُلِّ بَيْضَةٍ وَاجِبُهَا لَا شَاةٌ عَنْ جُمْلَتِهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَنْ قَتَلَ مِنْ الْيَرَابِيعِ مَا يَبْلُغُ قَدْرَ شَاةٍ فَلَا يُجْمَعُ فِيهَا. (قَوْلُهُ إنْ اسْتَهَلَّ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الِاسْتِهْلَالِ سَائِرُ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْحَيَاةُ كَكَثْرَةِ الرَّضْعِ فِيمَا يُرْضِعُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْبَيْضُ أَنَّ فِيهِ الْعُشْرَ مِنْ غَيْرِ حُكُومَةٍ كَانَ بَيْضَ حَمَامِ حَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ قَالَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الصَّيْدِ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ حَمَامُ الْحَرَمِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجَزَاءِ الْحُكُومَةُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ حَمَامُ الْحَرَمِ لِقَضَاءِ عُثْمَانَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ وَمِنْهُ الْبَيْضُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَذِرُ) وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ أَوْ وُجِدَ فِي صَفَارِهِ نُقْطَةُ دَمٍ لِعَدَمِ تَخَلُّقِ فَرْخٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَرَدَّ مَا قَالَهُ شب فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ أَيْ عُشْرُ قِيمَتِهَا مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ عَدْلُهُ مِنْ الصِّيَامِ بِسَبَبِ ضَرْبِ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ فِي الْحَرَمِ أُمَّهُ فَتُلْقِيهِ مَيِّتًا فَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ بِرَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْضِ إذَا كَسَرَهَا مِنْ ذَكَرٍ مِنْ طَائِرٍ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ وَخَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ كَسْرِهِ أَوْ لَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ. . . إلَخْ بِشَرْطِ أَنْ يُزَايِلَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ وَهُوَ مَيِّتٌ كَجَنِينِ الْآدَمِيَّةِ فَلَوْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ مَيْتَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْبَيْضِ الْعُشْرُ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ، أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُفْرِخَ وَفِي جَنِينِ حَمَامِ مَكَّةَ وَبَيْضِهِ عُشْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لَكِنْ بِحُكُومَةٍ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَحَرَّكَ قَوْلَ أَشْهَبَ إنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُتَحَرِّكِ جَزَاءُ أُمِّهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَتَجِبُ دِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ صَارِخًا. (ص) وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ مُرَتَّبٌ هَدْيٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ فِدْيَةَ الْأَذَى عَلَى التَّخْيِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ إلَخْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ حَيْثُ قَالَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ إلَخْ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمَا هُوَ الْهَدْيُ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ هَدْيٌ، ثُمَّ صِيَامٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهَدْيِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْإِطْعَامِ فِي ذَلِكَ وَالْهَدْيُ مَا وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ كَدَمِ الْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ وَالْمُتْعَةِ وَتَعْدِيَةِ الْمِيقَاتِ، أَوْ تَرْكِ الْجِمَارِ، أَوْ تَرْكِ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَلْ فِي الْفِدْيَةِ لِلْعَهْدِ كَمَا قَالَهُ تت أَيْ؛ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الْفِدْيَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيْ عَلَى فِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْهَدْيِ وَقَوْلُهُ هَدْيٌ خَبَرُ غَيْرُ وَمُرَتَّبٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ هَدْيٌ وَهُوَ مُرَتَّبٌ أَيْ وَاجِبٌ تَرْتِيبُهُ (ص) وَنُدِبَ إبِلٌ فَبَقَرٌ، ثُمَّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ إحْرَامِهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْهَدْيَ عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِذَا وَجَبَ فَالْأَفْضَلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ أَكْثَرُ هَدَايَاهُ الْإِبِلَ وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ» ، ثُمَّ الْبَقَرِ ثُمَّ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِي بَابِ الْهَدَايَا كَثْرَةُ اللَّحْمِ عَكْسُ بَابِ الضَّحَايَا وَإِنَّمَا سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ ذِكْرِ الْغَنَمِ لِلْعِلْمِ بِانْحِصَارِ الْهَدْيِ فِي الثَّلَاثَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ حَذْفُهَا إذْ لَا نَدْبَ فِيهَا لِفَقْدِ الْأَعْظَمِيَّةِ مِنْهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْهَدْيِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُسَلِّفُهُ فَإِنَّهُ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أَيْ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ. وَيُنْدَبُ عَدَمُ تَفْرِقَتِهَا وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى وَأَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ كُلَّ نَقْصٍ وَجَبَ فِيهِ هَدْيٌ، وَهَذَا إذَا تَقَدَّمَ النَّقْصُ عَلَى وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَتَعَدِّي الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَخَّرَ الصِّيَامَ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِنْ نَهَى عَنْ صِيَامِهَا فِي غَيْرِ هَذَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِنَقْصٍ بِحَجٍّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَيْ عُشْرُ قِيمَتِهَا مِنْ الطَّعَامِ) فَسَّرَ الدِّيَةَ بِالْقِيمَةِ. . . إلَخْ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدِّيَةُ الْقِيمَةَ مِنْ الطَّعَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا، وَأَمَّا مِثْلُ حَمَامِ مَكَّةَ مِمَّا كَانَ الدِّيَةُ شَاةً فَيُقَالُ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ جَزَاءِ الْأُمِّ طَعَامًا وَكَذَا يُقَالُ فِي النَّعَامَةِ وَالْبَدَنَةِ وَلَوْ وَقَعَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا جَازَ فَيُطْعِمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ عَدْلُهُ مِنْ الصِّيَامِ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِطْعَامِ أَيْ فَإِذَا تَعَذَّرَ الطَّعَامُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ يَوْمًا عَنْ الْجَنِينِ، أَوْ الْبَيْضِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الطَّيْرِ صَامَ يَوْمًا أَيْضًا إنْ وَجَبَ فِي أُمِّهِ مُدٌّ أَوْ أَكْثَرُ إلَى عَشْرَةٍ فَإِنْ وَجَبَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةٍ إلَى عِشْرِينَ صَامَ يَوْمَيْنِ وَإِنْ وَجَبَ فِيهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ إلَى ثَلَاثِينَ صَامَ فِي جَنِينِهَا أَوْ بَيْضِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهَكَذَا، وَأَمَّا إنْ وَجَبَ فِيهَا دُونَ مُدٍّ كَنِصْفِهِ وَجَبَ صَوْمُ يَوْمٍ فِيهِ لِوُجُوبِ تَكْمِيلِ الْكَسْرِ فَيَجِبُ فِي جَنِينِهَا، أَوْ بَيْضِهَا مِثْلُ ذَلِكَ فَهُوَ فِي هَذَيْنِ مُسَاوٍ لِأُمِّهِ فِي الصَّوْمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ مَا يَجِبُ فِيهِ ابْتِدَاءً وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُخَيَّرُ فِي أُمِّهِ بَيْنَ إطْعَامٍ وَصَوْمٍ أَوْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَصُومُ أَيْضًا وَإِنْ تَعَذَّرَ فِيمَا يَتَعَيَّنُ فِي أُمِّهِ الْمِثْلُ كَالنَّعَامَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي أُمِّهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مِنْ طَائِرٍ) أَيْ كَانَ الْبَيْضُ مِنْ أَيِّ طَائِرٍ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُزَايِلَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ وَهِيَ إمَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَا فَدِيَتَانِ فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَةُ الْمَيِّتِ فَقَطْ كَمَا إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ وَمَاتَتْ هِيَ فَإِنْ لَمْ تَمُتْ هِيَ فَفِيهِ الْعُشْرُ. (قَوْلُهُ إبِلٌ فَبَقَرٌ) أَيْ فَضَأْنٌ فَمَعْزٌ وَلَوْ زَادَ فَضَأْنٌ لَكَانَ أَوْلَى لِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْمَعَزِ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَرْتَبَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ) فِي الْعِبَارَةِ إجْحَافٌ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ وَهَذَا وَإِنْ جَاءَ فِي التَّمَتُّعِ إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَاسُوا عَلَيْهِ كُلَّ نَقْصٍ حَصَلَ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى) وُجُوبًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ أَخَّرَ الصَّوْمَ إلَيْهَا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا إنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ مَعَ الْإِجْزَاءِ كَذَا قَالَ الشُّرَّاحُ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُهَا أَفْضَلَ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي صَوْمِهَا أَيَّامَ مِنًى هَلْ هُوَ قَضَاءٌ أَوْ أَدَاءٌ وَجَمَعَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَدَاءِ يَحْمِلُ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَيَحْمِلُ مَنْ قَالَ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، أَوْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ حَلَالًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ صَامَ بَعْضَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَّلَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَامَ مَتَى شَاءَ وَصَلَهَا بِالسَّبْعَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِنَقْصٍ بِحَجٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِصَامَ فَقَطْ لِيَكُونَ كَلَامُهُ شَامِلًا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَكُونَ قَوْلُهُ مِنْ إحْرَامِهِ بَيَانًا لِبَدْءِ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَكُونَ قَوْلُهُ بِنَقْصٍ بِحَجٍّ بَيَانًا لِلْغَايَةِ الْمُفَصَّلَةِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ إنْ كَانَ النَّقْصُ فِي حَجٍّ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ أَخَّرَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ عَنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ وَالْعُمْرَةَ سُنَّةٌ فَأَفْعَالُهُ أَقْوَى، ثُمَّ نَقُولُ: أَمَّا الْحَجُّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَبِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ وَحَصَلَ فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ (ش) وَمَفْهُومُهُ إنْ تَأَخَّرَ النَّقْصُ عَنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ مَبِيتِ مِنًى أَوْ وَطْءٍ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ لَا يُطْلَبُ بِصَوْمِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَصُومُ مَتَى شَاءَ. (ص) وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى (ش) سَبْعَةٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْهَدْيِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، وَبِهِ فَسَّرَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَهْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَشْهُورُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْحَجُّ لَا السَّفَرُ فَالرُّجُوعُ إذًا مِنْ الْحَجِّ لَا مِنْ السَّفَرِ فَصَوَابُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت فِي قَوْلِهِ وَسَبْعَةٍ. . . إلَخْ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ. . . إلَخْ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ فَهُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى، أَوْ مَنْ أَقَامَ بِهَا (ص) وَلَمْ تُجْزِ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ إذَا صَامَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَمْ تُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ صَامَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا وَلَا تُجْزِئُ أَيْضًا إنْ قُدِّمَتْ عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى وَهَلْ يُجْتَزَى مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ لَا فِيهِ كَلَامٌ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ. (ص) كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا لِمَالٍ بِبَلَدِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ ثَمَنَ هَدْيٍ وَهُوَ مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا، أَوْ لَا مَالَ لَهُ بِبَلَدِهِ صَامَ وَلَا يُؤَخِّرُ لِبَلَدِهِ وَلَا الْمَالُ يَرْجُوهُ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّوْمِ فِيهَا فَلَا سَعَةَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ (ص) وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ (ش) ضَمِيرٌ لَهُ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ بَعْدَ أَنْ صَامَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ الصَّوْمُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْهَدْيِ وَلَوْ قَالَ: وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ قَبْلَ كَمَالِ ثَالِثِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ لَاقْتَضَى أَنَّهُ بَعْدَ أَكْثَرَ لَا يُنْدَبُ الرُّجُوعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ أَنْ صَامَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ؛ لِأَنَّهَا جَمْعٌ فَهِيَ قَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فِي الْعَشْرِ فَكَانَتْ كَالنِّصْفِ. (ص) وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَنُدِبَ إبِلٌ إلَخْ. وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يُوقِفَ هَدْيُهُ مَعَهُ الْمَوَاقِفَ التَّابِعَةَ لِعَرَفَةَ كَالْمُزْدَلِفَةِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَأَمَّا وُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ وَإِنْ شِئْت حَمَلْت الْمَوَاقِفَ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ أَيْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهَا مُسْتَحَبٌّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا عُدَّتْ مِنًى مِنْ الْمَوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ فِيهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ، أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ بِأَيَّامِهَا (ش) النَّحْرُ مُبْتَدَأٌ وَبِمِنًى مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ وَالنَّحْرُ مَنْدُوبٌ بِمِنًى بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْهَدْيُ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ كَانَ نَقْصُهُ   [حاشية العدوي] نَقْصٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهَا وَإِنْ بِقِرَانٍ (قَوْلُهُ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِحَجٍّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْوُقُوفِ قَدْ يَكُونُ فِي عُمْرَةٍ أَيْضًا كَمَا إذَا كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ قَارِنًا (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إنْ تَأَخَّرَ النَّقْصُ) وَسَكَتَ عَمَّا وَجَبَ فِي يَوْمِ الْوُقُوفِ وَلَكِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا وَجَبَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْهَا بِالرُّجُوعِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى الرُّجُوعِ لِلْأَهْلِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] لِيَأْتِيَ بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجْتَزِي مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ مَالِكٌ لَوْ نَسِيَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى صَامَ السَّبْعَةَ فَإِنْ وَجَدَ هَدْيًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ وَإِلَّا صَامَ وَقَوْلُهُ فِيهِ كَلَامٌ لَلتُّونِسِيِّ أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ أَيْ التُّونُسِيُّ فَسَّرَ كَلَامَ مَالِكٍ بِأَنَّهُ لَا يَجْتَزِي مِنْهَا بِشَيْءٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَابْنُ يُونُسَ يَقُولُ يُكْتَفَى مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ، وَأَمَّا لَوْ صَامَ الْعَشَرَةَ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يَجْتَزِي مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ جُزْءُ الْعَشَرَةِ فَتَنْدَرِجُ فِيهَا وَقَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فَلَا تَنْدَرِجُ فِيهَا (قَوْلُهُ كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمِهِ فَلَا يَجْزِيهِ الصَّوْمُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ (قَوْلُهُ لِمَالٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ مُتَعَلِّقٌ بِوَجَدَ أَيْ أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا مَعَ مَالٍ، أَوْ أَنَّ الْمَالَ مُتَعَلِّقٌ بِمُسَلِّفٍ وَقَوْلُهُ بِبَلَدِهِ إمَّا صِفَةٌ لِمَالٍ أَيْ مَالٌ كَائِنٌ بِبَلَدِهِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَصِيرُ لِيَأْخُذَهُ بِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ لَمْ يُطَالَبْ بِالرُّجُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَصَحَّ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ اتِّصَالَ الثَّلَاثَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَاتِّصَالَ السَّبْعَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَاتِّصَالَ السَّبْعَةِ بِالثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ) هَذَا فِيمَا يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ بِمِنًى، وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ، أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ فَالشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَكْفِي وُقُوفُهُ بِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ كَالْمُزْدَلِفَةِ) رَدَّهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بَلْ الْمُزْدَلِفَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَوَاقِفِ وَإِنَّمَا هِيَ مَبِيتٌ وَشَارِحُنَا تَبِعَ بَهْرَامَ وتت (قَوْلُهُ وَأَمَّا وُقُوفُهُ بِهِ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ. (قَوْلُهُ وَالنَّحْرُ بِمِنًى) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا نَهَارًا وَلَوْ عَبَّرَ بِالذَّكَاةِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي حَجٍّ) أَيْ مَعَ حَجٍّ (قَوْلُهُ كَهُوَ) أَيْ فَهُوَ كَهُوَ، أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ كَائِنًا كَهُوَ وَهُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّائِبِ النَّائِبُ الشَّرْعِيُّ وَلَا يَكُونُ نَائِبًا شَرْعِيًّا إلَّا إذَا وَقَفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مُطْلَقَ نَائِبٍ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَهُوَ أَنْ يَقِفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَيَحْتَاجُ لَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أَوْ نَائِبُهُ عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ وَيَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْوُقُوفِ بِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَالنَّحْرُ مَنْدُوبٌ) ذَكَرَ تت أَنَّ الذَّبْحَ بِمِنًى مَعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ الْهَدْيُ سِيقَ فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصٍ فِيهِ، أَوْ فِي عُمْرَةٍ، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ فَإِنْ سَبَقَ فِي إحْرَامِ عُمْرَةٍ فَمَحَلُّهُ مَكَّةُ الثَّانِي أَنْ يَقِفَ بِهِ صَاحِبُهُ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ صَاحِبُهُ مَقَامَ نَفْسِهِ بِعَرَفَةَ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ الثَّالِثُ أَنْ يَنْحَرَ، أَوْ يَذْبَحَ بِأَيَّامِ مِنًى وَهِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ فَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلنَّحْرِ وَلَا لِلذَّبْحِ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَلَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَجَبَ النَّحْرُ بِمَكَّةَ وَلَا يَجْزِي بِمِنًى وَالْأَفْضَلُ فِيمَا ذُبِحَ بِمِنًى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى. (ص) وَإِلَّا فَمَكَّةُ (ش) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ انْخَرَمَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ، أَوْ بَعْضُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَ إحْرَامِ حَجٍّ بَلْ بِإِحْرَامِ عُمْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ سَاقَهُ لَا مَعَ إحْرَامٍ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَمَحَلُّهُ مَكَّةُ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَأَفْضَلُهَا الْمَرْوَةُ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» فَقَوْلُهُ مَكَّةُ مَحَلَّةً لَا غَيْرَهَا فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا إلَّا أَنَّهُ مِنْ لَوَاحِقِهَا فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ بِذِي طُوًى (ص) وَأَجْزَأَ إنْ أَخْرَجَ لِحِلٍّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْهَدْيِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَإِذَا فَاتَ الْهَدْيَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ، أَوْ يَذْبَحُهُ بِمَكَّةَ، وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يُدْخِلَهُ إلَى الْحَرَمِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بِهِ صَاحِبَهُ أَوْ نَائِبَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبْعُوثِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا وَلِذَا بَنَى قَوْلَهُ: أُخْرِجَ لِلْمَجْهُولِ. (ص) كَأَنْ وَقَفَ بِهِ فَضَلَّ مُقَلَّدًا وَنُحِرَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا، ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا أَجْزَأَهُ فَقَوْلُهُ: كَأَنْ وُقِفَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ مَا أَوْقَفَهُ رَبُّهُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ مُقَلَّدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلْهَدْيِ فَيَتَنَازَعُ فِيهِ الْفِعْلَانِ قَبْلَهُ وَنُحِرَ مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَفَ أَيْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ يَجْزِي نَحْرُهُ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ لَا يُجْزِئُ ذَكَاتُهُ فِيهِ كَأَنْ وَجَدَ مَا يَجِبُ نَحْرُهُ بِمَكَّةَ بِمِنًى فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا مَعَ تَحَقُّقِ نَحْرِهِ وَلَا يَدْرِي مَعَ ذَلِكَ هَلْ نُحِرَ فِي مَحَلٍّ يُجْزِئُ نَحْرُهُ فِيهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مُجْزِئٌ وَلَوْ ضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِهِ وَوُجِدَ بِمَكَّةَ مُذَكًّى أَجْزَأَ حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ. (ص) وَفِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ (ش) أَيْ وَفِي الْهَدْيِ الْمَسُوقِ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصِهَا، أَوْ لِنَقْصِ حَجٍّ أَوْ كَانَ جَزَاءَ صَيْدٍ، أَوْ نَذْرٍ أَوْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ بَعْدَ سَعْيِهَا فَلَا يُجْزِئُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَعْيِهَا كَمَا أَنَّ الْهَدْيَ الْمَسُوقَ فِي الْحَجِّ لَا تُجْزِئُ ذَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَأَعَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (بَعْدَ سَعْيِهَا) وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ حَلَقَ) إلَى أَنَّ الْحَلْقَ يُؤَخَّرُ عَنْ ذَكَاةِ الْهَدْيِ الْمَسُوقِ فِي الْعُمْرَةِ. (ص) وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ، أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْهَدْيَ يَجِبُ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ فَإِذَا أَحْرَمَ الْإِنْسَانُ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا تَطَوُّعًا وَقَدْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ، ثُمَّ خَافَ إنْ تَشَاغَلَ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ حَاضَتْ وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ فَإِنَّهُمَا يُرْدِفَانِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ   [حاشية العدوي] اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ وَاجِبٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَشِّيهِ وَنَصُّ تت وَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لَمْ يَجُزْ النَّحْرُ بِمَكَّةَ. . إلَخْ لَمْ يَجُزْ بِضَمِّ الْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ وَإِذَا وَقَعَ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَغَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ يُسْتَحَبُّ النَّحْرُ بِمِنًى عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَكَّةُ) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الذَّبْحَ بِهَا صَبَرَ لِقَابِلٍ وَذَبَحَهُ بِمِنًى قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ) أَيْ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا وَكَأَنَّهُ هُنَا مَشَى عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ» ) مَفْعَلٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ كَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَجٍّ وَقَوْلُهُ وَطُرُقِهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ الطُّرُقُ الدَّاخِلَةُ فِيهَا لَا الْمُوصِلَةُ إلَيْهَا وَهَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الْمَنْحَرُ أَيْ الْأَفْضَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بِهِ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ نَائِبِهِ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَقَفَ بِهِ) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ كَوُقُوفِهِ بِهِ تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ فَكَافُ التَّشْبِيهِ دَاخِلَةٌ عَلَى اسْمٍ تَأْوِيلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اسْمٍ صَرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا، وَأَمَّا قِرَاءَتُهَا بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنْ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَا فِي الْكَافِ مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَا قُلْنَا فَلَوْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمِنًى فَلَا يُجْزِئُهُ كَمَا إذَا ضَلَّ قَبْلَ الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَوُجِدَ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ) تَقْدِيمُهُ عَلَى سَعْيِهَا أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ سَعْيِهَا. (قَوْلُهُ أَيْ وَفِي الْهَدْيِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَالْهَدْيُ الْمَسُوقُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدَ سَعْيِهَا) أَيْ فَهُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ حَلَقَ) أَتَى بِثُمَّ التَّرْتِيبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِي الْعُمْرَةِ يَكُونُ بَعْدَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ يُؤَخَّرُ عَنْ ذَكَاةِ الْهَدْيِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى ذَكَاةِ الْهَدْيِ لَكَانَ مَكْرُوهًا لَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرُوا. (قَوْلُهُ وَقَدْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ) أَيْ وَلَوْ لِلْعُمْرَةِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُقَلَّدْ وَلَمْ يُشْعَرْ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبِسَاطِيِّ إنَّ الْإِجْزَاءَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ أَوْ يُشْعِرْ لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُرْدِفَةِ لِحَيْضٍ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَاضَتْ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِحَيْضٍ لَكَانَ أَخْصَرَ لِدُخُولِهِ فِي الْفَوَاتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 وَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَارِنًا وَيُجْزِئُهُ هَذَا الْهَدْيُ الَّذِي قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِرْدَافِ عَنْ دَمِ الْقِرَانِ، وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ هُوَ مَا سِيقَ لِغَيْرِ شَيْءٍ وَجَبَ، أَوْ يَجِبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ: لِخَوْفِ فَوَاتٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ؛ إذْ لَوْ أَرْدَفَ لَا لِخَوْفِ فَوَاتٍ وَلَا لِعُذْرٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ خِلَافَهُ (ص) كَأَنْ سَاقَهُ فِيهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ (ش) ضَمِيرُ فِيهَا عَائِدٌ عَلَى الْعُمْرَةِ وَالتَّشْبِيهُ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا سَاقَ هَدْيَ التَّطَوُّعِ فِي عُمْرَتِهِ فَلَمَّا حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَوَجَبَ نَحْرُهُ الْآنَ فَأَخَّرَهُ لِيَوْمِ النَّحْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ وَصَارَ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ يُجْزِئُهُ عَنْ تَمَتُّعِهِ كَمَا أَجْزَأَ عَنْ قِرَانِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ: هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَتَأَوَّلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ سَاقَهُ بِنِيَّةِ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مُتْعَتِهِ وَلَكِنْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ الَّذِي هُوَ إحْرَامُ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ لَوْ سَاقَهُ لِلتَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَتَأَوَّلَهَا سَنَدٌ بِالْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَلِذَا قَالَ أَيْضًا وَتَأْوِيلُ سَنَدٍ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (ص) وَالْمَنْدُوبُ بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي يُنْحَرُ، أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِهَا الْبَلَدُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ لَا جَمِيعُ الْحَرَمِ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَرْوَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا يُنْحَرُ بِمِنًى يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولًى وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ بِالنَّظَرِ لِلْمَكِّيِّ (ص) وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ (ش) لَا إشْكَالَ أَنَّهُ إذَا ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ غَيْرُهُ عَنْهُ هَدْيَهُ أَوْ أُضْحِيَّتَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا اسْتَنَابَهُ وَكَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ، أَوْ أُضْحِيَّتَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ خَالَفَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَكُرِهَ ذَكَاةُ غَيْرِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ. (ص) وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ هَدْيٍ، أَوْ عَنْ هَدْيٍ غَيْرِ مُقَلَّدٍ فَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إخْرَاجُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ، وَهَذَا إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ لِحُصُولِ أَكْثَرِ الْأَرْكَانِ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مَعَ أَحَدِ التَّحَلُّلَيْنِ وَهُوَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَى وَرَثَتِهِ شَيْءٌ أَمَّا إنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَمِثْلُ رَمْيِ الْجَمْرَةِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَ فِعْلِهِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ الْهَدْيِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مُعْظَمُ الْأَرْكَانِ مَعَ حُصُولِ أَحَدِ التَّحَلُّلَيْنِ فَكَانَ كَمَنْ أَشْرَفَ عَلَى فَرَاغِ الْعِبَادَةِ فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ؛ لِذَلِكَ. (ص) وَسِنُّ الْجَمِيعِ وَعَيْبُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ حِينَ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ (ش) وَنُسْخَةُ الْمَوَّاقِ كَالضَّحِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ سِنَّ جَمِيعِ دِمَاءِ الْحَجِّ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ نُسُكٍ أَوْ جَزَاءٍ، أَوْ هَدْيٍ عَنْ نَقْصٍ أَوْ نَذْرٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ وَعَيْبَهُ مِمَّا يُجْزِئُ مَعَهُ وَمَا لَا يُجْزِئُ كَالْأُضْحِيَّةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُسَاوَاةِ الدِّمَاءِ بِالضَّحَايَا فِي السِّنِّ وَالْعَيْبِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حِينِ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ لَا يَوْمَ نَحْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ أَحَدَ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْيِينُهُ وَتَمْيِيزُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِيَكُونَ هَدْيًا وَالْمُرَادُ بِالتَّقْلِيدِ هُنَا أَعَمُّ مِنْهُ فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا إنَّمَا هُوَ تَهْيِئَتُهُ لِلْهَدْيِ وَإِخْرَاجُهُ سَائِرًا إلَى مَكَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّعَمَ يَعُمُّهَا هَذَا الْحُكْمُ مَا يُقَلَّدُ وَمَا لَا يُقَلَّدُ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا بِالْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ) أَيْ سَاقَهُ لِيَجْعَلَهُ عَنْ تَمَتُّعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ سَمَّاهُ تَطَوُّعًا لِذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ حُكْمًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ تَمَتُّعِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَقْ لَهُ لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ قُلْت لِمَ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ الْمَحْضُ عَنْ الْقِرَانِ وَلَمْ يُجِزْ عَنْ التَّمَتُّعِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إذَا لَمْ يُسَقْ لَهُ قُلْت؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ لَمَّا كَانَتْ الْعُمْرَةُ فِيهِ تَنْدَرِجُ فِي الْحَجِّ فَتَعَلُّقُهَا بِالْحَجِّ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ فِي التَّمَتُّعِ فَكَأَنَّ الَّذِي سِيقَ فِيهَا فِي الْحَجِّ. (قَوْلُهُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ بُيُوتِ مَكَّةَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بِذِي طُوًى وَلِذَلِكَ قَالَ عب وَالْمُرَادُ الْقَرْيَةُ نَفْسُهَا فَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ بِذِي طُوًى بَلْ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمَكِّيِّ) أَيْ الْأَوْلَى بِالنَّظَرِ لِلْمَكِّيِّ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ) تَخْصِيصُ الْكَرَاهَةِ بِالنَّحْرِ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ اسْتِنَابَتِهِ فِي السَّلْخِ وَتَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَنَابَهُ وَكَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الْغَيْرُ بِغَيْرِ اسْتِنَابَةٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَعَ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَلَا كَرَاهَةَ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَإِنْ ذَكَّى الْغَيْرُ بِغَيْرِ اسْتِنَابَةٍ لَمْ يُكْرَهْ لِرَبِّهِ وَسَيَأْتِي يَقُولُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ عَنْهُ مُقَلَّدًا وَقَوْلُهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ إلَخْ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ صَاغِرًا مُتَوَاضِعًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَهْتَدِ لِلذَّبْحِ إلَّا بِمَوْقِفٍ إلَّا أَنْ لَا يُحْسِنَهُ جُمْلَةً وَيَحْضُرُ ذَلِكَ رَجَاءَ الرَّحْمَةِ. (قَوْلُهُ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُوصِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْوُقُوفُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَالسَّعْيُ وَالْإِحْرَامُ أَوْ يُبْدِلَ أَكْثَرَ بِأَعْظَمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ أَعْظَمُ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذَا مَاتَ يَوْمَ الرَّمْيِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَوْتَهُ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رَمْيِهَا بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحُوا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ قَوْلِهِ: إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ مَا نَصُّهُ: إنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ لَطَابَقَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ اهـ. وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْقَارِنُ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ حَيْثُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَدِفُ عَلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ مَاتَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُهُ سَائِرًا) أَيْ سَوَاءٌ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ أَوْ لَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَلِّدْهُ وَلَمْ يُشْعِرْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ بَلْ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ هَدْيًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 وَالتَّقْلِيدِ هُنَا مُتَقَارِبٌ. ثُمَّ فَرَّعَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ (ص) فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ مَعِيبًا، أَوْ صَغِيرًا فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَوْ سَلِمَ بِأَنْ زَالَ عَيْبُهُ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّدَهُ سَلِيمًا، ثُمَّ تَعَيَّبَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: (إنْ تَطَوَّعَ بِهِ) لَيْسَ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: (وَأَرْشُهُ) مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَإِنَّمَا مَحَلُّهَا قَبْلَ أَنْ تَطَوَّعَ وَيُؤْتَى قَبْلَ أَرْشِهِ بِفَاءٍ وَيَصِيرُ الْكَلَامُ هَكَذَا فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَأَرْشُهُ. (ص) وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَفِي الْفَرْضِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ (ش) وَبِهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ قَلَّدَ هَدْيًا سَالِمًا، ثُمَّ تَعَيَّبَ أَجْزَأَهُ وَبِالْعَكْسِ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا وَأَقَرَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْشَ عَيْبِ الْهَدْيِ وَثَمَنَهُ إنْ اُسْتُحِقَّ يُجْعَلُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ ثَمَنَ هَدْيٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَشْتَرِكُ فِيهِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَالْهَدْيُ الْوَاجِبُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ هَدْيٍ فَإِنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَيَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا هُوَ فَرْضٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَمَا هُوَ نَذْرٌ مَضْمُونٌ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ أَرْشِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ يَجْرِي فِي أَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَفِي أَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ أَرْشِ الْفَرْضِ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّاهُ فَهُوَ فِي أَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأَمَّا مَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَإِنَّهُ يَجِبُ جَعْلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَأَرْشِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِي هَدْيِ الْفَرْضِ جَعْلُ أَرْشِ مَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي ثَمَنِ هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِهِ ح. (ص) وَسُنَّ إشْعَارُ سُنُمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يُقَلَّدَ وَيُشْعَرَ فَإِنْ كَانَ لِلْإِبِلِ أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُشْعَرُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِشْعَارِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا لَهُ سَنَامَانِ يُشْعَرُ فِي سَنَامٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ (مِنْ الْأَيْسَرِ) هُوَ مَحَلُّ الْإِشْعَارِ أَيْ أَنَّ الْإِشْعَارَ يَكُونُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لِلرَّقَبَةِ) إلَى أَنَّ الْإِشْعَارَ يُبْدَأُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ إلَى جِهَةِ الْمُؤَخَّرِ لَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى جِهَةِ الرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَيُشْعِرَ بِيَمِينِهِ وَخِطَامُ بَعِيرِهِ بِشِمَالِهِ اهـ. فَاللَّامُ فِي لِلرَّقَبَةِ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ بِمَعْنَى مَنْ يَشُقُّ الْجِلْدَ وَيَقْطَعُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ بِحَيْثُ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ وَيُفْعَلُ الْإِشْعَارُ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ إنْ كَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ، أَوْ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِيهِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعْذِيبٌ؛ لِأَنَّ السَّنَامَ لَا يُؤْلِمُهَا شَقُّهُ بِخِلَافِ سَائِرِ جَسَدِهَا؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تُشْعَرْ الْغَنَمُ وَلَا الْبَقَرُ الَّتِي لَا سَنَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهَا وَيُشَقُّ السَّنَامُ طُولًا وَقِيلَ عَرْضًا وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا قِيلَ طُولًا فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى طُولِ الْبَدَنَةِ وَهُوَ مِنْ ذَنَبِهَا إلَى رَأْسِهَا وَعَرْضًا مِنْ الْأَرْضِ إلَى أَعْلَى سَنَامِهَا وَإِذَا قِيلَ   [حاشية العدوي] وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَمُفَادُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَيْسَ كَافِيًا وَإِذَا قُلِّدَ لَا يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ اللَّاحِقَةِ وَيُبَاعُ فِي الدُّيُونِ السَّابِقَةِ مَا لَمْ يُذْبَحْ (قَوْلُهُ: مُتَقَارِبٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مُتَّحِدَانِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِلَا يُجْزِئُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَمِنْهُ النَّذْرُ الْمَضْمُونُ إذْ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ لَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ) هَذَا جَوَابُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ الْأَصْلُ وَأَرْشُهُ وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ وَفِي الْفَرْضِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهَذَا الْقَدْرُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ مَا ذَكَرَهُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ بِقَاعِدَةِ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَهَبَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ يَكُونُ لِلْوَاهِبِ وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا نَذَرَ الثَّمَنَ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ إنَّمَا تَطَوَّعَ بِالْهَدْيِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَدَلُ قَالَ الْغِرْيَانِيُّ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ بَعِيدٌ فِي لَفْظِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ يَجْعَلُهُ فِي الْبَدَلِ الْوَاجِبِ إنْ بَلَغَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْبَدَلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِهِ الْحَطَّابُ) اقْتِصَارُ الْحَطَّابِ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ إشْعَارُ سُنُمِهَا) جُمِعَ لِتَعَدُّدِ الْهَدَايَا (قَوْلُهُ مِنْ الْأَيْسَرِ) أَيْ فِي الْأَيْسَرِ هَذَا مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِلرَّقَبَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِتَنْظِيرِ عب حَيْثُ قَالَ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْبَدْءِ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ وَمَا حُكْمُ كَوْنِ الْإِشْعَارِ فِي الْأَيْسَرِ وَفِي تت أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ السُّنَّةَ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ، أَوْ مُطْلَقُ الْإِشْعَارِ وَالْكَيْفِيَّةُ مَنْدُوبَةٌ اهـ. وَهَذَا غَيْرُ حِكْمَةِ كَوْنِهِ فِي الْأَيْسَرِ لِيَكُونَ بِيُمْنَى الْمُشْعِرِ مُسْتَقْبِلًا وَوَجْهُهَا لِلْقِبْلَةِ أَيْضًا كَمَا وَجَّهَ بِهِ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَخَذَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى زِمَامَهَا اهـ قَالَ شَيْخُنَا إلَّا أَنَّ تِلْكَ الْمُنَاسَبَةَ مُتَأَنِّيَةٌ إذَا كَانَ فِي الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ بِمَعْنَى مِنْ) الْمُنَاسِبُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهَا بِمَعْنَى مِنْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْمَبْدَأِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا تَأْتِي بِمَعْنَى عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَيْ عِنْدَ دُلُوكِهَا وَعَلَى كَوْنِهَا بِمَعْنَى مِنْ قَوْلُ الرَّاجِزِ لَنَا الْفَضْلُ فِي الدُّنْيَا وَأَنْفُك رَاغِمٌ ... وَنَحْنُ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ الْإِشْعَارَ مِنْ حِينِ. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَعَرْضًا. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا عَرْضُهُ فَمِنْ الْأَرْضِ إلَى أَعْلَى سَنَامِهَا لَكِنَّ حَاصِلَ مَا فِي حُدُودِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 عَرْضًا فَبِالنَّظَرِ إلَى السَّنَامِ وَهُوَ الْحَدَبَةُ وَطُولُهُ مِنْ أَسْفَلِهِ فِي ظَهْرِهَا إلَى أَعْلَاهُ وَقَدْرُهُ قَدْرُ امْتِدَادِ أَعْلَاهُ فَهُمَا رَاجِعَانِ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (ص) مُسَمِّيًا (ش) أَيْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَتَقْلِيدٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُهُ فِي الْفِعْلِ عَلَى الْإِشْعَارِ خَوْفًا مِنْ نُفُورِهَا وَلَوْ أُشْعِرَتْ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ، ثُمَّ إشْعَارُهُ. (ص) وَنُدِبَ نَعْلَانِ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ أَنْ يُعَلِّقَ فِي عُنُقِهِ نَعْلَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَلَّقَا بِحَبْلٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَلَا يُجْعَلُ مِنْ الْأَوْتَارِ وَلَا مِنْ نَحْوِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِمَا مَخَافَةَ أَنْ تَحْتَبِسَ فِي غُصْنِ شَجَرَةٍ عِنْدَ رَعْيِهَا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى اخْتِنَاقِهَا وَمَا كَانَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ يُمْكِنُهَا قَطْعُهُ وَفَائِدَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ الْمَسَاكِينُ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ وَقِيلَ لِئَلَّا تَضِيعَ فَيُعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ الْهَدَايَا فَتُرَدُّ وَلَمْ يَكْتَفِ بِالتَّقْلِيدِ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ فَإِنْ قُلْت قَدْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ التَّقْلِيدَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ قَالَ وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ ثُمَّ إشْعَارُهُ، ثُمَّ رَكْعَتَانِ فَمَا فَائِدَةُ إعَادَتِهِ هُنَا وَالْجَوَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا مُفَصِّلٌ لِمَا أَجْمَلَهُ هُنَاكَ إذْ تَكَلَّمَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ مِنْهُ مَا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ وَمِنْهُ مَا يُقَلَّدُ فَقَطْ وَمِنْهُ مَا لَا يُقَلَّدُ وَلَا يُشْعَرُ. (ص) وَتَجْلِيلُهَا وَشَقُّهَا إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُجَلَّلَ الْهَدَايَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْهَى لَهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَشُقَّ الْجِلَالَ عَنْ الْأَسْنِمَةِ مَخَافَةَ السُّقُوطِ إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ أَثْمَانُهَا بِأَنْ قَلَّ ثَمَنُهَا كَالدِّرْهَمَيْنِ أَمَّا إنْ ارْتَفَعَتْ أَثْمَانُهَا فَإِنَّهُ لَا يَشُقُّهَا لِئَلَّا يُفْسِدَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلِأَنَّ فِيهِ إضَاعَةً لِمَالِهِمْ وَالتَّجْلِيلُ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقَلِّدْهُ، ثُمَّ يُشْعِرْهُ ثُمَّ يُجَلِّلْهُ إنْ شَاءَ وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ وَالْبَيَاضُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى، وَالتَّجْلِيلُ خَاصٌّ بِالْبُدُنِ. (ص) وَقُلِّدَتْ الْبَقَرُ فَقَطْ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ لَا الْغَنَمُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِبِلَ تُقَلَّدُ وَتُشْعَرُ وَتُجَلَّلُ وَيَأْتِي أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الْبَقَرَ تُقَلَّدُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُشْعَرُ أَيْضًا لِشَبَهِهَا بِالْإِبِلِ وَانْظُرْ هَلْ تُجَلَّلُ وَحُكْمُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ الْكَرَاهَةُ وَإِشْعَارُهَا التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ فَأَصْلُهُ الْمَنْعُ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ. (ص) وَلَمْ يُؤْكَلْ مِنْ نَذْرِ مَسَاكِينَ عُيِّنَ مُطْلَقًا عَكْسَ الْجَمِيعِ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ وَكُرِهَ لِذِمِّيٍّ إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحَلِّ   [حاشية العدوي] ابْنِ عَرَفَةَ وَشَرْحِهَا أَنَّ الطُّولَ فِي الْإِبِلِ وَفِي الْحَيَوَانِ مِنْ ظَهْرِهَا لِأَسْفَلِهَا وَأَنَّ الْعَرْضَ فِيهَا مِنْ رَأْسِهَا لِذَنَبِهَا (قَوْلُهُ مُسَمِّيًا) أَيْ قَائِلًا بِاسْمِ اللَّهِ وَيَزِيدُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ نَعْلَانِ) أَيْ وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ) هَذَا مَنْدُوبٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت قَدْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ) أَقُولُ لَمْ يَكُنْ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ بَلْ إفَادَةُ حُكْمِ التَّرْتِيبِ لَا حُكْمِ ذَاتِ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا إلَخْ) أَقُولُ لَا تَفْصِيلَ هُنَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ إشْعَارُ سُنُمِهَا وَتَفْصِيلُ التَّقْلِيدِ يَأْتِي بَعْدُ. (قَوْلُهُ أَنْ تُجَلَّلَ الْهَدَايَا) مُرَادُهُ بِالْهَدَايَا الْإِبِلُ خَاصَّةً وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُ تَجْلِيلِهَا إلَى الْوَقْتِ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالتَّجْلِيلُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْبَيَاضُ أَوْلَى (قَوْلُهُ كَالدِّرْهَمَيْنِ) مُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَفِي كَلَامٍ آخَرَ أَنَّهَا تُدْخِلُ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ بِأَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ لَا يَشُقُّهَا) أَيْ نَدْبًا وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَالتَّجْلِيلِ وَاسِعٌ أَيْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ سُنَّةٌ وَالتَّجْلِيلَ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) الْأَوْلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ قُلِّدَتْ وَقَوْلُهُ الْبَقَرُ وَقَوْلُهُ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ قُلِّدَتْ لَا أُشْعِرَتْ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ وَقَوْلُهُ لَا الْغَنَمُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَقَطْ بِاعْتِبَارِ الْبَقَرِ أَيْ الْبَقَرُ فَقَطْ لَا الْغَنَمُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ تُجَلَّلُ) النَّصُّ لَا تُجَلَّلُ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤْكَلْ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْهَدْيِ لِلْمَسَاكِينِ حَيًّا فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُمْ وَذَبَحُوهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَاجِبًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا، أَمَّا الْوَاجِبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَهُوَ كَمَنْ أَفْسَدَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ نَذْرَ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنَ إذَا مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَلَّ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَلَّ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ أَمَّا عَدَمُ أَكْلِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ آكِلَهُ وَهُمْ الْمَسَاكِينُ وَمِثْلُهُ هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ عُيِّنَ أَوْ لَا وَالْفِدْيَةُ إنْ لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا كَذَا فِي شَرْحِ عب أَقُولُ: أَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ فَعَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهُ مُطْلَقًا ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِالْمَسَاكِينِ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ إذَا لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا فَلِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَكْلِ مِنْهَا وَالتَّرَفُّهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ (قَوْلُهُ عَكْسُ الْجَمِيعِ) إمَّا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ عَكْسُ الْجَمِيعِ أَيْ فَالْجَمِيعُ يَجُوزُ مِنْهُ الْأَكْلُ قَبْلُ وَبَعْدُ فَقَوْلُهُ بَعْدُ إلَّا نَذْرًا إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ لَا أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَفْسِ قَوْلِهِ عَكْسُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ) أَيْ فَلَا يَأْكُلُ بَعْدَ الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ إذَا عَطِبَتْ بَعْدَ الْمَحَلِّ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا لَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَا قَبْلَهُ أَمَّا بَعْدُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَبْلُ فَبِأَنْ يَرْجِعَ بِهِ مُسَافِرًا أَمَّا عَدَمُ الْأَكْلِ فِي الْعَطَبِ بَعْدَ الْمَحَلِّ فَفِي الْفِدْيَةِ أَيْ الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا فَلِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ كَمَا قُلْنَا. وَأَمَّا النَّذْرُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلِأَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ يَكُونُ لِغَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ الْهَدْيِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ، وَجَعَلَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ لَا بَعْدَهُ، وَقِسْمٌ عَكْسُهُ فَالْأَوَّلُ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ لَهُمْ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الْبَدَنَةُ نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ كَانُوا مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَقَرِّبِ بِهِ وَرَسُولِهِ وَمَأْمُورِهِمَا مِمَّنْ لَيْسَ مُسْتَحِقًّا الْأَكْلُ مِنْهُ سَوَاءٌ بَلَغَ الْمَحَلَّ وَهُوَ مَكَّةُ، أَوْ مِنًى أَمْ لَا، وَالثَّانِي كَهَدْيِ الْفَسَادِ أَوْ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ، أَوْ تَرْكِ النُّزُولِ بِعَرَفَةَ نَهَارًا، أَوْ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلًا، أَوْ مَبِيتِ مِنًى، أَوْ رَمْيِ الْجِمَارِ، أَوْ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ، أَوْ تَبْعِيضِ الْمَشْيِ فَيَأْكُلُ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ وَإِذَا قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ مِمَّنْ تَجُوزُ لَهُ الزَّكَاةُ أَوْ لَا، تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَمْ لَا وَالتَّصَدُّقُ وَالْإِهْدَاءُ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ بِلَا حَدٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَيُكْرَهُ لَهُ الْإِطْعَامُ، أَوْ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِلذِّمِّيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّالِثُ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لَهُمْ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ كَعَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ بَدَنَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفِدْيَةُ الْمَنْوِيُّ بِهَا الْهَدْيُ وَالْجَزَاءُ لِلصَّيْدِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهَا وَيَأْكُلُ قَبْلَ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ، وَالرَّابِعُ هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجِبْ لِشَيْءٍ فَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ لَا إنْ عَطِبَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لَهُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ ذَبْحُهُ فَيَتْرُكَهُ حَتَّى يَمُوتَ فَيَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَبْحِهِ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ قَالَهُ سَنَدٌ، فَمُنِعَ مِنْ الْأَكْلِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى عَطَبِهِ وَقَالَ: الْمَنْعُ تَعَبُّدًا فَقَوْلُهُ: عَيْنٌ سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ لَا بِقَيْدِ الْمَسَاكِينِ فَتَطَوُّعٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِغَيْرِ الْمَسَاكِينِ فَعَكْسُ الْجَمِيعِ. (ص) فَتُلْقَى قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَنْحَرُهُ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ وَخِطَامَهُ وَجِلَالَهُ وَيُخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ، وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَا بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وَبَيْنَ النَّاسِ الشَّامِلِ لِلْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ عَامًّا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ وَقَوْلُهُ بِدَمِهِ هُوَ مَقْصُودٌ وَذَلِكَ عَلَامَةٌ لِكَوْنِهَا هَدْيًا وَلِإِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَلِئَلَّا تُبَاعَ وَقَوْلُهُ (كَرَسُولِهِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَنْحَرُهُ، أَوْ يَذْبَحُهُ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ التَّشْبِيهُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَحْكَامِ وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَ فِيهَا: وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا مِنْ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ وَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا   [حاشية العدوي] وَأَمَّا إذَا عَطِبَتْ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدُ وَقَبْلُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ فَإِنْ قُلْت الْفِدْيَةُ الَّتِي لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا قَدْ قُلْت بِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا مُطْلَقًا وَاَلَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا يَأْكُلُ قَبْلُ لَا بَعْدُ قُلْت الَّتِي لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا لَا يَتَقَيَّدُ ذَبْحُهَا بِمَوْضِعٍ فَأَيُّ مَوْضِعٍ ذُبِحَتْ فِيهِ أَجْزَأَ وَقَدْ قُلْنَا إنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ وَأَمَّا الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا فَإِنَّهُ صَارَ لِمَوْضِعِ ذَبْحِهَا مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ وَهُوَ مَكَّةُ أَوْ مِنًى فَإِذَا عَطِبَتْ قَبْلَ الْمَحَلِّ يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ فَجَازَ لَهُ الْأَكْلُ قَبْلَ الْمَحَلِّ لَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَإِلَّا هَدْيَ تَطَوُّعٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِعَطِبَ، وَأَمَّا عَدَمُ الْأَكْلِ فَهُوَ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) فِي تت مَا يُفِيدُ أَنَّ مُقَابِلَهُ لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَتَطَوُّعٌ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَإِذَا عَطِبَ بَعْدَ الْمَحَلِّ يَأْكُلُ مِنْهُ وَإِذَا عَطِبَ قَبْلُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِغَيْرِ الْمَسَاكِينِ فَعَكْسُ الْجَمِيعِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ مِنْ الْجَمِيعِ أَيْ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلُ وَبَعْدُ؛ وَإِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلُ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهُ وَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَهُ لِأَنَّ آكِلَهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهُوَ عَلَى سُنَّةِ الْهَدَايَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ عَامًّا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ) قَالَ عج هَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّارِحِينَ وَهُوَ مَا لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا سَنَدٌ فَخَصَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ وَإِذَا مَشَّيْنَاهُ عَلَى كَلَامِهِ فَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْمُسْلِمُ الْفَقِيرُ (قَوْلُهُ هُوَ مَقْصُودٌ) أَيْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ إلْقَاءُ الْقِلَادَةِ فَقَطْ بَلْ الْمَقْصُودُ الْأَمْرَانِ مَعًا (قَوْلُهُ وَذَلِكَ عَلَامَةٌ) أَيْ الْإِلْقَاءُ بِالدَّمِ عَلَامَةٌ لِكَوْنِهِ هَدْيًا وَقَوْلُهُ: وَلِإِبَاحَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِكَوْنِهَا هَدْيًا أَيْ وَعَلَامَةً لِإِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَقَوْلُهُ وَلِئَلَّا تُبَاعَ أَيْ وَعَلَامَةٌ لِعَدَمِ الْبَيْعِ لَهَا وَلَا يُخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْبَيْعِ مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِهِ هَدْيًا. (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَنْحَرُهُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ رَسُولَهُ أَيْ صَاحِبِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ مِثْلُ صَاحِبِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَيَأْكُلُ بَعْدُ قَالَ عب تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يُزَكِّيهِ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا قَالَهُ تت قَالَ مُحَشِّيهِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ حُكْمًا وَعَزْوًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْفَقِيرِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّسُولَ حُكْمُهُ حُكْمُ رَبِّهِ فِي مَنْعِهِ مِنْ الْأَكْلِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِ أَكْلِهِ إنْ كَانَ مِسْكِينًا إذْ لَيْسَ لِلْمَسَاكِينِ فَقَطْ وَأَمَّا لِلثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ لِلْمَسَاكِينِ فَقَطْ وَنَصُّهَا وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ لَا مِنْ الْجَزَاءِ، أَوْ الْفِدْيَةِ، أَوْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ اهـ. وَوَجْهُهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ فَلَمْ نَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَتْ وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْفَقِيرِ صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ فِيهَا) دَلِيلٌ لِمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبَعْضِ فَقَطْ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالْفِدْيَةُ) أَيْ الَّتِي قَصَدَ بِهَا الْهَدْيَ وَقَوْلُهُ وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ. (ص) وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ بِأَخْذِ شَيْءٍ كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ بَدَلَهُ (ش) أَيْ وَضَمِنَ رَبُّ الْهَدْيِ بِأَمْرِهِ وَاحِدًا مُعَيَّنًا وَلَوْ فَقِيرًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ، أَوْ أَكْلِهِ مِنْهُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ مِنْهُ أَبْطَلَ إرَاقَةَ الدَّمِ فِيهِ فَوَجَبَ أَصْلُ الْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ إذْ لَا يَثْبُتُ بَعْضُ هَدْيٍ وَضَمَانُهُ لِلْبَدَلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الرَّسُولِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِصَاحِبِهِ أَيْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَسْتَقِلُّ فِيهِ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي، وَأَمَّا مَوْضِعٌ يَسْتَقِلُّ فِيهِ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أُمِرَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ فَقَطْ وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ وَانْظُرْ إيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص)   [حاشية العدوي] أَيْ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا) حَاصِلُ ذَلِكَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ قَالَ فِيهَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَ مِنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْ دَلِيلٌ لِبَعْضِهِ لَا كُلِّهِ إذْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ بَعْدَ الْمَحَلِّ كَرَبِّهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَإِنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ وَإِنْ كَانَ رَبُّهَا يَأْكُلُ مِنْهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ إلَّا أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ وَيُجْزِئُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَجُوزُ لِرَبِّهِ الْأَكْلُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الرَّسُولِ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ رَبِّهِ إلَّا فِيمَا إذَا عَطِبَ الْوَاجِبُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِتُهْمَتِهِ أَنْ يَكُونَ عَطِبَ بِسَبَبِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الثَّلَاثَةِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ الْمَحَلِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَحِينَئِذٍ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ لَا يَتَّهِمُهُ أَوْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُرْمِ إنْ اتَّهَمَهُ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَكْلَهُ مِنْهُ لَا يُمْنَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْعَطَبُ مِنْهُ، وَأَمَّا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَقَدْ عَلِمْته وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْأَكْلُ غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ فَإِذَا كَانَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ قَبْلَ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ) هَذِهِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ لِسُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْأَكْلُ مِنْ الْهَدْيِ عَلَى صَاحِبِهِ وَعَلَى رَسُولِهِ ابْتِدَاءً وَمَا الْحُكْمُ لَوْ وَقَعَ وَأَكَلَ رَبُّ الْهَدْيِ، أَوْ رَسُولُهُ: أَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إنْسَانًا بِأَخْذِ شَيْءٍ أَوْ بِالْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَقِيرًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَخْذِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَأَمَّا إنْ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْهَدْيِ إذَا أَمَرَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقَّهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ أَمَرَ فِي غَيْرِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ ضَمِنَ الْبَدَلَ (قَوْلُهُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا) أَيْ وَيَصِيرُ حُكْمُ مُبْدَلِهِ مِنْ الْمَنْعِ فَإِنْ أَكَلَ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ الْبَدَلِ فَانْظُرْ هَلْ يَضْمَنُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا أَيْضًا لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ، أَوْ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ إذْ هُوَ مُنَزَّلٌ فَقَطْ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ لِلْبَدَلِ فِي غَيْرِ صُورَةٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ دَفْعًا لِاعْتِرَاضِ الْبِسَاطِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَضَمِنَ غَيْرُ الرَّسُولِ وَيُسْقِطُ لَفْظَةَ فِي؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي رَبِّ الْهَدْيِ لَا فِي الرَّسُولِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ وَغَيْرُ مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ هِيَ مَسْأَلَةُ رَبِّ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أَمَرَ) أَيْ سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ فَقَطْ أَيْ إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَأَمَّا إذَا أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا أَيْ فَفَرْقٌ بَيْنَ الْآمِرِ وَالْآكِلِ فَالْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَالْآكِلُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا فَلَا يَضْمَنُ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عج فَإِنَّهُ قَالَ. وَأَكْلُهُ مِمَّا عَلَيْهِ حَرُمَا ... يُوجِبُ هَدْيًا كَامِلًا فَلْتَعْلَمَا وَمِثْلُهُ إطْعَامُ مَنْ لَا يَسْتَحِقّ ... وَأَمْرُهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ يَلْتَحِقْ كَأَمْرِهِ وَلَوْ لِمُسْتَحِقِّ ... بِالْأَخْذِ مِنْ تَطَوُّعٍ فَاسْتَبْقِ وَيَغْرَمُ الرَّسُولُ قَدْرَ مَا أَكَلْ ... كَذَا إذَا أَخْذٌ بِأَمْرِهِ حَصَلْ وَكَانَ كُلٌّ لَيْسَ أَهْلًا فَاعْرِفَا ... وَإِنْ يَكُنْ أَهْلًا فَغُرْمُهُ انْتَفَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مُسْتَحِقًّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ) فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَالَهُ عج لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهَا قَالَتْ وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ اهـ فَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إيضَاحَ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَا مُنِعَ رَبُّهُ مِنْ أَكْلِهِ قَبْلَ بُلُوغِ مَحَلِّهِ وَبَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ فَقَطْ أَوْ بَعْدَهُ فَقَطْ إذَا أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ هَدْيًا كَامِلًا إلَّا فِي الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ لِلْمَسَاكِينِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ يَضْمَنُ قَدْرَ أَكْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِذَا أَمَرَ رَبُّهُ غَيْرَهُ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ، أَوْ بِأَكْلِهِ مِنْهُ فَأَخَذَ أَوْ أَكَلَ وَكَانَ الْمَأْمُورُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَإِنَّ رَبَّهُ يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا إلَّا فِي الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ لِلْمَسَاكِينِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى ضَمَانِ قَدْرِ أَكْلِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ الْمَذْكُورَ أَخَفُّ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي أَكْلِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ بِالْأَكْلِ، أَوْ بِالْأَخْذِ مُسْتَحِقًّا بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَقِيرًا لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَمَنْ وَافَقَهُمَا، أَوْ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ هَدْيًا كَامِلًا وَهُوَ الْمُرْتَضَى عِنْدَهُمْ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ مُخَالِفٌ لِبَاقِي مَا يُمْنَعُ مِنْ أَكْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا مُسْتَحِقًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَلَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْعَ الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ مُعَلَّلٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْقَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ مُتَّهَمٌ فِي عَطَبِهِ؛ لِحُصُولِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 وَهَلْ إلَّا نَذْرُ مَسَاكِينَ عُيِّنَ فَقَدْرُ أَكْلِهِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَهَلْ ضَمَانُ الْبَدَلِ عَامٌّ فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، أَوْ هُوَ عَامٌّ إلَّا فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مِنْهُ قَدْرَ أَكْلِهِ إذْ هُوَ الْمَمْنُوعُ فَقَطْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَعَلَى الثَّانِي يَضْمَنُ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ وَزْنَهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فَقَدْرُ أَكْلِهِ عَدَمُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا أَمَرَ بِأَخْذِهِ فَلَا يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا فِيهَا بِاتِّفَاقٍ. (ص) وَالْخِطَامُ وَالْجِلَالُ كَاللَّحْمِ (ش) الْخِطَامُ الزِّمَامُ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَخِطَامُ الْبَعِيرِ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ خُطُمٌ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى خَطْمِهِ أَيْ أَنْفِهِ إذْ الْمَخْطِمُ الْأَنْفُ وَالْجَمْعُ مَخَاطِمُ كَمَسْجِدٍ وَمَسَاجِدَ اهـ وَالْجِلَالُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْجُلُّ بِالضَّمِّ وَاحِدُ جِلَالِ الدَّوَابِّ وَجَمْعُ الْجِلَالِ أَجِلَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ خِطَامَ الْهَدَايَا وَجِلَالَهَا حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ لَحْمِهَا فِي الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ فَالْهَدْيُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ خِطَامِهِ وَلَا مِنْ جِلَالِهِ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِنْهُ وَأَتْلَفَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهُ كُلًّا وَلَا بَعْضًا رَدَّهُ لَهُمْ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ التَّشْبِيهَ لَيْسَ تَامًّا؛ لِأَنَّ فِي إعْطَاءِ اللَّحْمِ رَبَّهُ الْمَمْنُوعَ مِنْ أَكْلِهِ وَالْأَمْرِ بِأَخْذِ شَيْءٍ هَدْيًا كَامِلًا بِخِلَافِ الْخِطَامِ وَالْجَلَالِ كَمَا عَرَفْته. (ص) وَإِنْ سُرِقَ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَجْزَأَ لَا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ الَّذِي وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى، أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ إذَا ذَبَحَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ سَرَقَهُ إنْسَانٌ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ بَالِغُ الْكَعْبَةِ وَقَدْ بَلَغَ وَوَقَعَ التَّعَدِّي فِي خَالِصِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ لَا إنْ ضَلَّ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ وَمِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: أَجْزَأَ يُفْهَمُ أَنَّ الْهَدْيَ وَاجِبٌ أَمَّا النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ فَلَا بَدَلَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ سُرِقَ قَبْلَ الذَّبْحِ، وَمِثْلُ مَا سُرِقَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ مَا ضَلَّ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَ فَلَا بَدَلَ عَلَى صَاحِبِهِ فِيهِ، وَأَمَّا الْوَاجِبُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ. (ص) وَحُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرٍ، ثُمَّ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ لِيَشْتَدَّ فَكَالتَّطَوُّعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَهْدَى بَدَنَةً وَقَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْمِلَ وَلَدَهَا وُجُوبًا مَعَهَا إلَى مَكَّةَ إذْ لَا مَحَلَّ لَهُ دُونَ الْبَيْتِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَ فِيهَا قُوَّةٌ، وَإِنْ نَحَرَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَبْلِيغِهِ بِوَجْهٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بَدَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَيْهَا لِعَجْزِهَا عَنْ ذَلِكَ إمَّا لِضَعْفِهَا أَوْ لِخَوْفِ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ حَتَّى يَشْتَدَّ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ بِأَنْ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُكْمُهُ كَهَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْهَدْيِ   [حاشية العدوي] قَبْلَ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ النَّذْرِ الْمَضْمُونِ وَالْفِدْيَةِ الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا وَالْجَزَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَطَبَ الْحَاصِلَ فِي جَمِيعِهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَقَدْ جَرَى خِلَافٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْأَكْلِ أَيْ عِلَّتِهِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ لِلتُّهْمَةِ اهـ. وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ كَمَا يَجْرِي فِي الْمَنْعِ مِنْ الْأَكْلِ يَجْرِي فِي أَمْرِ الْمَمْنُوعِ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ هَلْ إلَّا نَذْرُ إلَخْ) شَمَلَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ بَلْ يَلْزَمُ فِي أَكْلِهِ هَدْيٌ وَيُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَ أَكْلِهِ فَقَطْ. وَبَيَّنَ الْمَضْمُونَ فَقَالَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إنْ قِيلَ لِمَ كَانَ عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ الْمَضْمُونِ الْبَدَلُ وَفِي الْمُعَيَّنِ قَدْرُ مَا أَكَلَ وَكِلَاهُمَا حَصَلَ فِيهِ تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ الْمَسَاكِينِ وَظَاهِرُ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِمَا مِثْلُ مَا أَكَلَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ فِي الْمَضْمُونِ إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ لَحْمًا مِنْ هَدْيٍ جَوَّزَهُ لَهُمْ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِلَحْمٍ مِثْلِهِ مِنْ هَدْيٍ وَجَبَ لَهُمْ وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ إلَّا مِنْ هَدْيٍ آخَرَ يَنْحَرُهُ لَهُمْ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَمَّا نَذَرَهُ هَدْيًا وَأَوْجَبَهُ لِلْمَسَاكِينِ فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُمْ أَكْلَ لَحْمٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ أَرَاقَ الدَّمَ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَا عَدَلَ بِهِ مِنْ لَحْمِهَا عَنْ وَجْهِهِ فَهُوَ قَدْ أَتَى بِهِ وَلِذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَخَذَ أَوْ وَكِيلُهُ قَدْرًا مِمَّا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ، أَوْ أَمَرَا غَيْرَهُمَا بِالْأَخْذِ مِنْهُ ثُمَّ رَدَّ كُلٌّ عَيْنَ مَا أَخَذَ وَلَوْ مَطْبُوخًا لَا لَانْبَغَى أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رَدَّ لَحْمًا مِمَّا ذُبِحَ لَهُمْ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ عج . (قَوْلُهُ إذْ الْمَخْطِمُ الْأَنْفُ) عِلَّةٌ لَا تُنَاسِبُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمِصْبَاحِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الْخَطْمَ مُقَدِّمُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَخْطِمُ الْأَنْفِ. (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْعَيْبَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ لَا يَضُرُّ أَنَّ الْعَيْبَ مِنْ اللَّهِ لَا صُنْعَ لِأَحَدٍ مِنْهُ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَعِيبَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْفُقَرَاءُ بِخِلَافِ الْمَسْرُوقِ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ التَّعَدِّي فِي خَالِصِ إلَخْ) أَيْ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ وَصَرْفُهَا لِلْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَجْزَأَ يُفْهَمُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَأَجْزَأَ: اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرٍ) أَيْ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ كَمَا يُحْمَلُ رَحْلُهُ ك (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّ حَمْلَهُ إلَى مَكَّةَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبٌ وَحَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إلَخْ) فِي كَلَامِهِ إجْحَافٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَتَبِعَهُ عب وشب أَنَّ قَوْلَهُ فَكَالتَّطَوُّعِ أَيْ يَعْطَبُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنْ كَانَ فِي مُسْتَعْتَبٍ أَيْ أَمْنٍ نَحَرَهُ فِي مَحَلِّهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ كَانَتْ أُمُّهُ عَنْ تَطَوُّعٍ أَوْ وَاجِبٍ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَكَذَا إنْ أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُسْتَعْتَبٍ كَطَرِيقٍ فَإِنَّهُ يُبْدِلُهُ بِهَدْيٍ كَبِيرٍ وَلَا يُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ يُرِيدُ فِي نِتَاجِ الْبَدَنَةِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَدَلُهُ ذَكَّاهُ وَتَرَكَهُ اهـ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ، ثُمَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا تَرَكَهُ لِيَشْتَدَّ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَكَالتَّطَوُّعِ لَكَانَ أَظْهَرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 الْوَاجِبِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ اهـ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ وَيَتْرُكُهُ لِلنَّاسِ يَأْكُلُونَهُ وَلَا يَأْكُلُ هُوَ مِنْهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَبْدَلَهُ وَكَذَلِكَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فَلَوْ وَجَدَ بِالْأُمِّ عَيْبًا لَا تُجْزِئُ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي وَلَدِهَا وَكَانَ مَعَهَا فِي حُكْمِ الْهَدْيِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَأَمَّا ذَبْحُ وَلَدِ الْهَدْيِ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَمُسْتَحَبٌّ كَوَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الذَّبْحِ. (ص) وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ وَإِنْ فَضَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَدَنَةَ الْهَدْيَ إذَا قَلَّدَهَا صَاحِبُهَا وَأَشْعَرَهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ وَخَرَجَتْ مَنَافِعُهَا أَيْضًا فَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا لَكِنْ إنْ أَضَرَّ بَقَاؤُهُ فِيهَا بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلُبُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ شُرْبَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ شَرِبَ لَبَنَ هَدْيِهِ وَحَصَلَ لِلْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ نَقْصٌ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَإِنْ حَصَلَ لِمَا ذُكِرَ هَلَاكٌ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجَبَ فِعْلِهِ (ش) أَيْ مِنْ أَرْشٍ أَوْ بَدَلٍ كَمَا مَرَّ وَمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ فَضَلَ وَاوُ الْحَالِ وَقَوْلُهُ الْأُمَّ مَعْمُولُ أَضَرَّ وَمُوجَبُ فِعْلِهِ مَعْمُولُ غَرِمَ أَيْ مَا أَوْجَبَهُ. (ص) وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ يُنْدَبُ لِصَاحِبِهِ عَدَمُ رُكُوبِهِ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ وَلَا يَحْمِلُ زَادَهُ وَلَا شَيْئًا يُتْعِبُهَا، وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا فَلَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (بَعْدَ الرَّاحَةِ) وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ الِاضْطِرَارُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ اُضْطُرَّ وَرَكِبَ فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ أَيْ وَيُطْلَبُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَلَّابِ وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ الِاضْطِرَارَ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَكْتَرِي بِهِ، أَوْ لَا يَجِدَ مَا يَكْتَرِيهِ اهـ. وَإِذَا رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَإِمَّا إذَا رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا؟ وَفِي تت مَا يُفِيدُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْهُ تَعَدٍّ عَلَيْهَا وَإِذَا نَزَلَ بَعْدَ الرَّاحَةِ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ كَالْأَوَّلِ. (ص) وَنَحْرُهَا قَائِمَةً أَوْ مَعْقُولَةً (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَتَهُ قَائِمَةً عَلَى قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى أَيْ يُثْنِي ذِرَاعَهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا. (ص) وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ عَنْهُ مُقَلَّدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ الْمُقَلَّدَ، أَوْ الْمُشْعَرَ إذَا نَحَرَهُ شَخْصٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا كَانَ الَّذِي نَحَرَهُ مُسْلِمًا لَا كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَعَلَى صَاحِبِهِ بَدَلُهُ، وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاجِبِ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَرَدَّ تت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، قَوْلُهُ عَنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ وَكَانَ الْأَلْيَقُ تَقْدِيمَهُ فَيَقُولُ وَأَجْزَأَ عَنْهُ إنْ نَحَرَهُ غَيْرُهُ مُقَلَّدًا أَوْ مُشْعَرًا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ (وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ نَوَى النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ رَبِّهِ (إنْ غَلِطَ النَّائِبُ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْقُرْبَةَ لَا إنْ تَعَمَّدَ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ. (ص) وَلَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيٍ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ لَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِي أَجْرِهِ وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا، وَالْأَقَارِبُ وَالْأَجَانِبُ سَوَاءٌ، وَمِثْلُ الْهَدْيِ فِي ذَلِكَ الْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ فَلَوْ قَالَ فِي دَمٍ لَكَانَ أَشْمَلَ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأُضْحِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِكُ فِيهَا فِي الْأَجْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا) أَيْ يُكْرَهُ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا مُنِعَ، حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحِنَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا مُنِعَ مِنْ أَكْلِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَمْنُوعِ مِنْ أَكْلِهِ فَيَجُوزُ شُرْبُهُ وَفَضَلَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى زَادَ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى بَقِيَ فَفِي مُضَارِعِهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا) فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ، أَوْ أَضَرَّ مُنِعَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلُبُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ شُرْبَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ أَيْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْ إذَا عَادَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ بِشُرْبِهِ) أَيْ أَوْ حَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بَقَائِهِ بِضَرْعِهَا (قَوْلُهُ وَاوُ الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهَا إنْ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْحَالُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَشْرَبُ أَيْ يُكْرَهُ لَاقْتَضَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا إلَخْ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَعِبَارَتُهُ لَا تُفِيدُ لِاحْتِمَالِهَا الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ وَيُطْلَبُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْقُولَةً) عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مَعْقُولَةً عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مُقَيَّدَةٌ وَبِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ مَعْقُولَةً هِيَ قَائِمَةٌ فَكَيْفَ يُقَابَلُ قَائِمَةً بِمَعْقُولَةٍ وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهَا تُنْحَرُ قَائِمَةً مُقَيَّدَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا وَامْتِنَاعَهَا مِنْ الصَّبْرِ فَيَعْقِلُهَا، أَوْ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَنَقَلَ تت عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الْبَقَرَ إذَا نُحِرَتْ فَقَائِمَةً أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ تُقَيَّدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُعْقَلُ لِعُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أَمْكَنَ عَقْلُهَا ك. (قَوْلُهُ وَيُرَجِّحُهُ) أَيْ يُرَجِّحُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ (قَوْلُهُ لَا إنْ تَعَمَّدَ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ سَوَاءٌ وَكَّلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَيُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ ذَبَحَهَا النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا مَعَ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ دُونَ الْهَدْيِ فَهِيَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَمْرِ الثَّانِي أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمَّا كَانَ لِرَبِّهَا أَكْلُهَا دُونَ وُجُوبِ تَصَدُّقٍ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إظْهَارِ شَعِيرَةِ الْإِسْلَامِ طُلِبَ فِيهَا الِاسْتِنَابَةُ حَيْثُ لَمْ يَذْبَحْ وَلَمْ يَجْزِ مَعَ عَدَمِهَا وَالْهَدْيُ لَمَّا مُنِعَ مُهْدِيهِ مِنْ أَكْلِهِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ فَكَانَ كُلُّ أَحَدٍ كَأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِذَكَاتِهِ لِإِيصَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا أَجْزَأَ فِعْلَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمَّا افْتَقَرَتْ لِإِنَابَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْ رَبِّهَا مَعَ نِيَّةِ النَّائِبِ عَمْدًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ خِلَافُ نِيَّةِ الْمُنِيبِ وَالْهَدْيُ لَمَّا لَمْ يَفْتَقِرْ لِإِنَابَةِ لَمْ يَجْزِ عَنْ رَبِّهِ إنْ تَعَمَّدَ الْغَيْرُ ذَبْحَهُ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ) أَيْ يَحْرُمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَدْيَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ حَتَّى فِي الِاشْتِرَاكِ بِالْأَجْرِ بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ. (ص) وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ وَقَبْلَ نَحْرِهِ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ، وَإِلَّا بِيعَ وَاحِدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا ضَلَّ، أَوْ سُرِقَ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ فَأَبْدَلَهُ وَنَحَرَ الْبَدَلَ، ثُمَّ وَجَدَ هَدْيَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَحْرُهُ إنْ كَانَ مُقَلَّدًا؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ بِالتَّقْلِيدِ وَلَا يَرُدُّهُ فِي مَالِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ بَدَلَهُ فَإِنْ كَانَا مُقَلَّدَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ نَحْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا تَعَيَّنَا بِالتَّقْلِيدِ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُقَلَّدَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُقَلَّدًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُقَلَّدٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نَحْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأُولَى وَنَحْرُ الَّذِي قَلَّدَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَتَصَرَّفُ فِي الْآخَرِ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَالْإِشْعَارُ كَالتَّقْلِيدِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَوَانِعِهِمَا وَلَمَّا كَانَ الْمَانِعُ كَالطَّارِئِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ حَسُنَ الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَصْلٌ) وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ، أَوْ فِتْنَةٌ، أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَلَهُ التَّحَلُّلُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ وَلَا دَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَحُصِرَ عَنْ مَوَاضِعِ النُّسُكِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بِعَدُوٍّ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ فِتْنَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ بِأَنْ مُنِعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ مَثَلًا، أَوْ مُنِعَ بِحَبْسٍ ظُلْمًا وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ بِهِ حَيْثُ كَانَ بِشَرْطَيْنِ وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ وَيُكْرَهُ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا كَمَا يَأْتِي الْأَوَّلُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَنْعِ بِأَنْ طَرَأَ الْعَدُوُّ، أَوْ سَبَقَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عَلِمَهُ وَظَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ، أَوْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ نُحِرَ إنْ قُلِّدَ) أَيْ وَيَصِيرُ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ نَابَ عَنْ الْوَاجِبِ الْمَوْجُودِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْآخَرِ إلَخْ) فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِيعَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا قَالَ بِيعَ وَإِنْ كَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِأَيِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْأَكْلِ إذْ الْهَدْيُ يُؤْكَلُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ. [فَصْل الحصر] (قَوْلُهُ كَالطَّارِئِ) هُوَ طَارِئٌ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ عَلَى الْمَاهِيَةِ (فَصْلُ الْحَصْرِ) (قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَدُوٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَعَهُ وَالْحَبْسُ يَسْتَلْزِمُ الْمَنْعَ غَالِبًا فَيُفِيدُ الْمَنْعَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لَا بِحَقٍّ) أَيْ بَلْ ظُلْمًا فَإِنْ حُبِسَ فِي حَقٍّ مِنْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ إذْ لَا عُذْرَ لَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحْبُوسِ ظُلْمًا وَمَا يَأْتِي فِيمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ عَنْ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ عَنْهُ وَعَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ عَنْ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ الْآتِي مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ أَصْلًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ هُنَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ ظُلْمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، أَوْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ. وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ أَيْ الْمُحْرِمُ مُلْتَبِسًا بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَاحْتِمَالُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ عَنْ إكْمَالِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يَرُدُّهُ قَوْلُ الرَّضِيِّ إذَا أَمْكَنَ بَقَاءُ الْحَرْفِ عَلَى مَعْنَاهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ بَلْ الْوَاجِبُ وَلَمَّا كَانَ الْحَصْرُ مُطْلَقًا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا وَعَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ وَعَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَالْحَبْسُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعُمْرَةِ يَكُونُ عَنْ الْبَيْتِ، أَوْ السَّعْيِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ) إنَّمَا قَالَ مِنْ الْكُفَّارِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ فِتْنَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَدُوِّ مُطْلَقَ الْمَانِعِ مَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ: أَوْ فِتْنَةٌ لِدُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ الْمَانِعِ وَالرِّيحُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ لَا يَكُونُ تَعَذُّرُهُ كَحِصَارِ الْعَدُوِّ بَلْ هُوَ مِثْلُ الْمَرَضِ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْبَرِّ فَيَمْضُونَ لِحَجِّهِمْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ عَنْ الْوُقُوفِ، ثُمَّ إنَّ فِي الْكَلَامِ شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ حُصِرَ فِيهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ) بَلْ هُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ كَذَا قَالَ عج وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَهُ التَّحَلُّلُ إذَا كَانَ الْعُذْرُ قَائِمًا أَمَّا لَوْ تَرَاخَى حَتَّى زَالَ فَلَا يُحِلُّهُ إلَّا الْبَيْتُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ لَهُ بَعْدَ إفْسَادِ إحْرَامِهِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى هَذَا الْقَضَاءُ وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِلْحَصْرِ. (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ لَا عَنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَنْعِ) شَامِلٌ لِصُورَةِ الشَّكِّ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ عَنْ الشَّكِّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَغْوٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَعَمْ لَهُ فِيهِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْعَدُوِّ أَيْ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْعَدُوِّ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ فَمَنَعَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَتَعَرَّضُ بِهِ قَالَ بَعْضٌ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى عَوْدُهُ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْعَدُوَّ وَالْفِتْنَةَ وَالْحَبْسَ لَا بِحَقٍّ وَلَا تَرِدُ صُورَةُ الشَّكِّ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَحْكَامِ التَّيَقُّنُ أَيْ، أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَالظَّنِّ. (قَوْلُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ) لَا إنْ شَكَّ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ فَوْتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ زَوَالِهِ أَيْ أَنَّ الزَّوَالَ قَبْلَ زَمَنِ الْفَوْتِ مَأْيُوسٌ مِنْهُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِالتَّحَلُّلِ أَيْ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ فَوْتِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ فَوْتِهِ فَيَتَحَلَّلُ تَحَلُّلَ الْفَوَاتِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَالْقَضَاءُ لَا تَحَلُّلَ الْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّ تَحَلُّلَ الْإِحْصَارِ بِالنِّيَّةِ وَلَا هَدْيَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَيَنْحَرُهُ وَلَا قَضَاءَ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِأَيِسَ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْعَدُوِّ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 وَكَانَ إحْرَامُهُ فِي وَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ لَوْلَا الْحَصْرُ أَمَّا إنْ حُصِرَ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُصِرَ لَمْ يَتَحَلَّلْ وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ حَتَّى يَحُجَّ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ لَيْسَ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ الْحَجِّ وَلَا هَدْيَ عَلَى مَنْ تَحَلَّلَ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا دَمَ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الْحَجِّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَوْجَبَهُ أَشْهَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] . وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ حَصْرُهَا بِعَدُوٍّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَالْأَمْنُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ عَدُوٍّ اهـ. وَأَجَابَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ إنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا فَأَمَرُوا بِذَبْحِهِ وَاسْتُضْعِفَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] ، وَالْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَحْلِقُ أَيْنَ كَانَ (ص) بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِحَلْقِ رَأْسِهِ وَبِنَحْرِ هَدْيِهِ إنْ كَانَ مَعَهُ سَاقَهُ عَنْ شَيْءٍ مَضَى، أَوْ تَطَوَّعَ حَيْثُ كَانَ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحَلُّلِ نِيَّتُهُ وَصَرَّحَ سَنَدٌ بِأَنَّ الْحَلْقَ مِنْ سُنَّتِهِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا نَحْرُ الْهَدْيِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَوْ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى الْمُحْصَرِ فَأَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ، أَوْ نَحَرَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّحَلُّلَ لَا يَتَحَلَّلُ (ص) وَلَا دَمَ إنْ أَخَّرَهُ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْحِلَاقِ، أَوْ لِلتَّحَلُّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْصَرَ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ إذَا أَخَّرَ التَّحَلُّلَ، أَوْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ إلَى أَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِلَاقَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلًا. (ص) وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مُخِيفَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا أَحْصَرَ الْحَاجَّ وَمَنَعَهُ مِنْ تَمَامِ النُّسُكِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ طَرِيقًا مُخِيفًا لَا يُسْلَكُ فِيهَا بِالْحَرِيمِ وَالْأَثْقَالِ وَهُوَ مَحْصُورٌ حِينَئِذٍ فَإِنْ وَجَدَ طَرِيقًا مَأْمُونَةً فَإِنَّهُ يَسْلُكُهَا وَلَوْ كَانَتْ أَبْعَدَ إذَا كَانَ يُدْرِكُ الْحَجَّ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ. . . إلَخْ هُوَ فِي الْمُحْصَرِ مُطْلَقًا لَا فِي الْمُحْصَرِ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ. . . إلَخْ أَيْ وَهُوَ يُدْرِكُ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا وَالْقِيَاسُ مَخُوفَةٌ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَتْ مُخِيفَةً وَإِنَّمَا الْمُخِيفُ قَاطِعُهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُخِيفُ مَنْ نَظَرَهُ يُقَالُ فِيهِ مُخِيفٌ وَاَلَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ الْخَوْفُ يُقَالُ فِيهِ مَخُوفٌ فَيُقَالُ: جُرْحٌ مُخِيفٌ، وَطَرِيقٌ مَخُوفٌ. (ص) وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا (ش) هَذَا فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ غَيْرِ الْحَبْسِ ظُلْمًا أَيْ أَنَّ مَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ، أَوْ   [حاشية العدوي] مَا لَوْ زَالَ الْعَدُوُّ لَأَدْرَكَ فِيهِ الْحَجَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الْبَدْرُ. وَالْأَحْسَنُ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ فَوَاتِهِ لِيَكُونَ رَدًّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ وَكَانَ إحْرَامُهُ. . . إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ) أَيْ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَنْعٌ بِسَبَبِ الْمَرَضِ لِأَنَّ أُحْصِرَ الرُّبَاعِيَّ فِي الْمَرَضِ وَحُصِرَ فِي الْعَدُوِّ. (قَوْلُهُ إنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا) فِيهِ شَيْءٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا عَلَى غَيْرِ مَسَاقِهِمْ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَصْرُ بِمَرَضٍ الثَّانِي أَنَّهُ رَتَّبَ اسْتِيسَارَ الْهَدْيِ عَلَى الْإِحْصَارِ وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ الْمَأْخَذِ فَكَيْفَ يَأْتِي هَذَا الْقَوْلُ مَعَ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ} [البقرة: 196] أَيْ مَا تَيَسَّرَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَالْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَحْلِقُ. . . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَحَلُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (قَوْلُهُ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ) فِي شَرْحِ عب مِثْلُ حَصْرِهِ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ الَّذِي كَلَامُهُ فِيهِ هُنَا فِي التَّحَلُّلِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ مَنْ حَصْرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَكَانَ حَصْرُهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَيَتَحَلَّلُ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِمَّا يَأْتِي اهـ. وَيُحْمَلُ هَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بِالْفِعْلِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ سَاقَهُ عَنْ شَيْءٍ مَضَى) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا دَمَ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا ضَمَانَ وَحُكْمُهُ فِي الْأَكْلِ مَا بَلَغَ مَحَلَّهُ لَا مَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا جَرَى عَلَى حُكْمِ الْمَضْمُونِ فَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ) أَيْ أَوْ تَحَلَّلَ وَأَخَّرَ الْحِلَاقَ إلَى أَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ كَذَا قَالَ سَنَدٌ فَظَهَرَ أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْبَلَدِ فِي تَأَخُّرِ الْحِلَاقِ، وَأَمَّا تَأَخُّرُ التَّحَلُّلِ فَلَيْسَ لَهُ غَايَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَخَّرَهُ لَكِنْ لَا لِدُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ . (قَوْلُهُ طَرِيقٌ مُخِيفَةٌ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ الْكَثِيرِ كَالْيَسِيرِ مَعَ عَدُوٍّ يَنْكُثُ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مَا الْمُرَادِ بِالْخَوْفِ هَلْ هُوَ التَّحَقُّقُ أَوْ الظَّنُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ غَلَبَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْلُكُهَا) إذَا لَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ فِيهَا خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ مَخُوفَةٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ مُخِيفَةٌ فِيهِ مَجَازٌ فِي الْإِسْنَادِ وَالْأَصْلُ مُخِيفٌ الْحَالُّ فِيهَا مِنْ إسْنَادِ مَا لِلْحَالِّ لِلْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ) أَيْ قَابِلٌ أَيْ، وَأَمَّا بَقَاؤُهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَفِعْلِ الْعُمْرَةِ فَأَمْرٌ لَازِمٌ إذْ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ عج (قَوْلُهُ وَفَاتَهُ الْحَجُّ بِأَمْرٍ. . . إلَخْ) أَيْ الْوُقُوفُ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْحَبْسِ ظُلْمًا) أَقُولُ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عِبَارَةُ عج وَاتَّفَقَ كَلَامُهُ أَوَّلًا وَآخِرًا عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ عَنْ الْوُقُوفِ حَبْسًا ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ مَنْ يَتَحَلَّلُ) أَيْ أَنَّ مَنْ يُطْلَبُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ) شَرْطِيَّةٌ أَوْ أَنَّهَا ظَرْفِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: يُكْرَهُ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ يَتَحَلَّلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 قَارَبَهَا يُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ فَسَادًا مِنْ حَاجَتِهِ إلَى النِّسَاءِ، أَوْ يُصِيبَ صَيْدًا فَكَانَ إحْلَالُهُ أَوْلَى وَأَسْلَمَ، وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِلَا فِعْلِ عُمْرَةٍ كَالْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ، أَوْ فَاتَهُ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا، أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْتِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَلُّلَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ سَوَاءٌ قَارَبَ مَكَّةَ أَمْ لَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ، أَوْ دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَ أَحْرَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَحْرِيمُ إبْقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ إنْ دَخَلَ (ص) وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ بَلْ اسْتَمَرَّ مُقِيمًا عَلَيْهِ إلَى أَنْ دَخَلَ وَقْتُ الْحَجِّ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَحَلَّلَ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَيَتَحَلَّلُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِأَيِّ مُفَوِّتٍ غَيْرَ الْحَبْسِ ظُلْمًا فَهُوَ فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِغَيْرِ الْحَبْسِ ظُلْمًا أَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فَظَاهِرُهُ مَا مَرَّ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ كَاَلَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا، وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ أَيْ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ. (ص) ، وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ (ش) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ بَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقِيلَ يَمْضِي تَحَلُّلُهُ أَيْ يَصِحُّ وَقِيلَ لَا يَمْضِي وَقِيلَ يَمْضِي تَحَلُّلُهُ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ بِتَحَلُّلِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا هُنَا وَمَحَلُّهَا كَمَا مَرَّ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي الْعَامِ الثَّانِي بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ قَطْعًا وَوَجَّهَ فِي تَوْضِيحِهِ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالْإِنْشَاءِ وَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَهَذَا تَمَتُّعٌ مَنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالْإِنْشَاءِ وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إلَخْ أَنَّ الْعُمْرَةَ هُنَا لَيْسَتْ بِعُمْرَةٍ حَقِيقَةً إذْ مِنْ أَرْكَانِهَا الْإِحْرَامُ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ التَّحَلُّلُ بِالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ. (ص) وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِمَا ذُكِرَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِغَيْرِهِ مِنْ حِلَاقٍ، أَوْ عُمْرَةٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ عُمْرَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَالْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ) أَيْ بِأَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا حَجُّهُ، ثُمَّ وَلَا يُتِمُّ بِالْإِفَاضَةِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا) أَيْ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا أَيْ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَأَنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْتِ) أَيْ وَلَا مِنْ الْوُقُوفِ هَذَا صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ قَارَبَ مَكَّةَ أَمْ لَا حَاصِلُ مَا فِي مُحَشِّي تت أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ بِمَرَضٍ، أَوْ بِحَبْسٍ بِحَقٍّ وَلَا يَتَأَتَّى فِيمَنْ حُصِرَ بِعَدُوٍّ وَلَا بِفِتْنَةٍ وَلَا بِحَبْسٍ ظُلْمًا، وَإِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ يُكْرَهُ لَهُمْ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ قَارَبُوا مَكَّةَ أَوْ دَخَلُوهَا فَيَتَحَلَّلُونَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَارِبُوا مَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلُوهَا فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْقَوْا عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى قَابِلٍ، وَأَمَّا الْمُحْصَرُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ أَوْ لَمْ يُحْصَرْ عَنْ الْبَيْتِ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إنْ قَرُبَ، وَإِنْ بَعُدَ تَحَلَّلَ بِلَا فِعْلِ عُمْرَةٍ وَعَزَا هَذَا التَّفْصِيلَ لِلَّخْمِيِّ وَيَظْهَرُ مِنْ مُحَشِّي تت أَنَّ الْفِتْنَةَ مِنْ الْعَدُوِّ وَمِثْلُهُ الْمَحْبُوسُ ظُلْمًا (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمَحْبُوسَ ظُلْمًا إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يَتَحَلَّلُ بِغَيْرِهَا مِنْ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ يَتَحَلَّلَانِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ أَيَّ فَرْقٍ وَسَيَأْتِي حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ عج نَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِتَتِمَّ الْفَائِدَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَقَاءِ الْمَانِعِ وَعَدَمِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ الزَّرْقَانِيِّ وَالْمَانِعُ بَاقٍ (قَوْلُهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ. . . إلَخْ) لَيْسَ خَاصًّا بِمُرْتَكِبِ الْمَكْرُوهِ بَلْ هُوَ فِي كُلِّ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى أَنْ دَخَلَ وَقْتُ الْحَجِّ نَعَمْ هَذِهِ أَيْضًا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَا فِي الْمُحْصَرِ إذْ الْمُحْصَرُ يَتَحَلَّلُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَبِعَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ أَنْ يَحِلَّ فِيهَا بِعُمْرَةٍ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ) ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ بَلْ فِي شَرْحِ شب وَلَا يَتَحَلَّلُ تَحْرِيمًا وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ قَدْ عَلِمْته وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عب فِي شَرْحِهِ فَقَالَ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَحَلِّلَ بِالنِّيَّةِ مَنْ حُصِرَ عَنْهُمَا مَعًا، أَوْ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ ظُلْمًا فَيَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَكِنْ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ قَرِيبًا؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْمَتْنِ قَرِيبًا أَنَّ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلَوْ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ الْحَقُّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا هُنَا) أَيْ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَوَاضِعَ شَتَّى (قَوْلُهُ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالْإِنْشَاءِ) أَيْ أَنَّ دَوَامَ الْإِحْرَامِ لِدُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَيْسَ كَإِنْشَائِهِ بَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَنْ أَنْشَأَهُ بَعْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ إذْ مِنْ أَرْكَانِهَا الْإِحْرَامُ) وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا عِبَارَةُ عج إذْ مِنْ أَرْكَانِهَا نِيَّتُهَا وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا اهـ أَقُولُ كَيْفَ يُعْقَلُ عَدَمُ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ يَنْوِي قَطْعًا التَّحَلُّلَ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَهُوَ نَاوٍ عُمْرَةً قَطْعًا وَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ قَالَ شَارِحُنَا وَغَيْرُهُ أَيْ بِلَا إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَقَالَ عب بِلَا إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 الْإِسْلَامِ وَلَا الْفَرْضُ الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّتِهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَابْنِ سَحْنُونَ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَقْدُورَهُ وَبَذَلَ وُسْعَهُ وَاعْتُرِضَ بِلُزُومِ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ قَبْلَهُ أَيْ أَنَّهَا مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ دُونَهَا. (ص) وَلَمْ يَفْسُدْ بِوَطْءٍ إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ وَقُلْنَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَتَارَةً يَنْوِي الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ وَتَارَةً لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَإِنْ نَوَى الْبَقَاءَ، ثُمَّ إنَّهُ أَصَابَ النِّسَاءَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ بِأَنْ نَوَى التَّحَلُّلَ مِنْ إحْرَامِهِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ هَكَذَا حَمَلَهُ تت وَلَكِنَّ النَّقْلَ أَنَّ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَنْ نَوَى الْبَقَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ وَالْأَصْلُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: إنْ نَوَى عَدَمَ إبْقَاءٍ لَكَانَ مُطَابِقًا لِهَذَا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَنْ أُحْصِرَ عَنْ جَمِيعِ أَمَاكِنِ النُّسُكِ مِنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُحْصَرُ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ فَقَالَ (ص) وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَحَجُّهُ تَمَّ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَحُصِرَ بِعَدُوٍّ، أَوْ مَرَضٍ عَنْ الْبَيْتِ فَإِنَّ حَجَّهُ تَمَّ أَيْ أَدْرَكَهُ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ كَمَالُ حِلِّهِ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيَبْقَى مُحْرِمًا وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ لِتَرْكِهِ الرَّمْيَ وَمَبِيتَ لَيَالِي مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ كَمَا إذَا نَسِيَ جَمِيعَ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَتْ أَيَّامُ مِنًى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ وَلَا مَفْهُومَ لِلنِّسْيَانِ بَلْ التَّعَمُّدُ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ الْإِثْمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي مَنَاسِكِهِ وَتَوْضِيحُهُ ثَمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْهَدْيَ فِي الْمُزْدَلِفَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَرْكِ نُزُولِهِ بِهَا قَدْرَ مَا يَحُطُّ الرِّحَالَ لَا بِتَرْكِ مَبِيتِهِ بِهَا فَقَوْلُهُ وَمُزْدَلِفَةَ أَيْ وَنُزُولُ مُزْدَلِفَةَ فَمُزْدَلِفَةُ يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى مَبِيتٍ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ بِالْوَاوِ عَلَى مَبِيتٍ مُقَدَّرٌ أَيْ وَنُزُولٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ هَذَا تَأْخِيرَ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ، أَوْ لِلْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَبْلَ مَا ذُكِرَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ عَنْ الْبَيْتِ أَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَحُصِرَ عَمَّا بَعْدَهُ لَأَفَادَ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا قَبْلَهُ مِمَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ إلَخْ أَيْ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى ثَانِي أَقْسَامِ الْحَصْرِ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْحَصْرُ عَنْ عَرَفَةَ فَقَالَ (ص) وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ بِغَيْرِ كَمَرَضٍ، أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، ثُمَّ حُصِرَ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ عَنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِفَاضَةِ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا تَجْدِيدِ إحْرَامٍ وَلَوْ أَنْشَأَ الْحَجَّ، أَوْ أَرْدَفَهُ فِي الْحَرَمِ إجْمَاعًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِمَرَضٍ، أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِعَاشِرٍ، أَوْ خَفَاءِ هِلَالٍ لِغَيْرِ الْجَمِّ بِعَاشِرٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ وَلَا يَكْفِي طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ عَنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ يَنْوِي بِهِمَا التَّحَلُّلَ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِهِ بَلْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي هَذَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِحَقٍّ أَنَّهُ لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَنَّهُ يَحِلُّ بِالنِّيَّةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ) أَيْ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ صُدَّ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ) حَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الثَّعَالِبِيِّ أَنَّ الْفَرِيضَةَ تَسْقُطُ وَإِنْ صُدَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ ابْنِ الْقُرْطِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الثَّعَالِبِيُّ هُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ شَعْبَانَ فَقِيهُ مِصْرَ فِي وَقْتِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ) هَذَا يَظْهَرُ فِي الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَا يَأْتِي فِي الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ فَحَجُّهُ تَمَّ) مَعْنَى تَمَامِهِ أَمْنُهُ مِنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ: تَمَّ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ فِي هَذِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ ظُلْمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِفَاضَةِ) أَيْ فَسَمَّاهُ إفَاضَةً لِكَوْنِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَأْتِي بَعْدَهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ حُصِرَ عَنْ مَبْدَأِ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْدَفَهُ فِي الْحَرَمِ) أَيْ أَرْدَفَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا أَنْشَأَ الْحَجَّ أَوْ أَرْدَفَ الْحَجَّ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهِ الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) صُورَتُهَا مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمْ عَمِلُوا أَوَّلَ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَسُوا فَوَقَفُوا الثَّامِنَ (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ الْخِلَافَ فِي هَذَا) قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَتَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلْيَرْجِعْ إلَى مَكَّةَ وَيَطُوفُ وَيَسْعَى وَيُقَصِّرْ وَيَنْوِي بِهَا عُمْرَةً وَهَلْ يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَوَّلِ الْإِحْرَامِ، أَوْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ وَأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ نَوَى الْعُمْرَةَ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ قَبْلَهُ الْخِلَافَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ نَوَى الْعُمْرَةَ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِحَقٍّ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا: ثُمَّ حُصِرَ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْحَبْسُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 قَوْلُهُ: بِلَا إحْرَامٍ أَيْ إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ أَيْ إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَيُجْزِئُهُ وَلَا دَمَ وَقِيلَ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَفِي الْهَدْيِ قَوْلَانِ، ثُمَّ إنَّ الْأَلْيَقَ لِلْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ دَخَلَ مَكَّةَ، أَوْ قَارَبَهَا. . . إلَخْ إلَى هُنَا إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَصْرِ مَا دَامَ حَصْرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا مُحَاوَلَةٌ؛ لِذَلِكَ فِي تَقْرِيرِهِ. (ص) وَحَبَسَ هَدْيَهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ (ش) فَاعِلُ حَبَسَ الْمَرِيضُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الْمَرَضِ فَيَنْحَرَ هَدْيَهُ إذَا بَلَغَ مَحَلَّهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ لِطُولِ زَمَانِ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُهُ إلَى مَكَّةَ إنْ أَمْكَنَ لِيُنْحَرَ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ ذَكَّاهُ بِأَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَرِيضِ فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إنْ أَمْكَنَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ إذَا حَبَسَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ نَحَرَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ (ص) وَلَمْ يَجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْصُورَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْ دَمِ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ بَعَثَ بِهِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِصُحْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يَجْزِي عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ، أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَاكَ وَهُوَ   [حاشية العدوي] ظُلْمًا إلَّا أَنَّ عج بَعْدَ أَنْ قَالَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ مَا نَصُّهُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْتِ إنَّمَا يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهَذَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَيُخَصُّ قَوْلُهُمْ بِغَيْرِ هَذِهِ، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ بَانَ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَالْإِفَاضَةُ بِعَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَقَطْ ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلًا أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْهُ. وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إلَّا مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ الْمُحْصَرُ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ وَاعْلَمْ أَنَّ ح ذَكَرَ هُنَا مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحْصَرَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ حُصِرَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ وَفِيهِ صُورَتَانِ لِأَنَّهُ تَارَةً يُحْصَرُ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ فَهَذَا يَحِلُّ مَكَانَهُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، أَوْ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّامِلُ وَسَوَاءٌ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَتَارَةً يَكُونُ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهَا فَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، أَوْ عَنْهُ وَعَنْ عَرَفَةَ حَلَّ مَكَانَهُ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ حُصِرَ بِهِ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ مَكَانَهُ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا إذَا حُصِرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ. الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْحَصْرُ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْهَا، وَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُحْصَرَ عَنْ الْوُقُوفِ خَاصَّةً فَهَذَا يَحِلُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ حُصِرَ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ، وَإِمَّا أَنْ يُحْصَرَ عَنْ الْبَيْتِ خَاصَّةً بِأَنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِحَصْرٍ عَنْهُ، أَوْ عَنْهُ وَعَنْ عَرَفَةَ فَهَلْ يَحِلُّ مَكَانَهُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ، أَوْ النِّيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ اللَّخْمِيِّ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ يَجْرِي فِيمَنْ حُصِرَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ دُخُولِهَا مُطْلَقًا أَوْ فِيمَنْ حُصِرَ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهَا قَبْلَ دُخُولِهَا أَيْضًا عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ حُصِرَ بِهِ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ. وَأَمَّا إنْ حُصِرَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ إنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا إنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ إلَى قَوْلِهِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ فِيمَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَعَنْ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ يَجْرِي فِيمَنْ حُصِرَ عَنْ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَ الْحَصْرُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ اتِّفَاقًا، أَوْ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ فِيمَنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ عَنْهَا وَعَنْ عَرَفَةَ وَكَذَا مَنْ حُصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ حُصِرَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ. وَأَمَّا مَنْ حُصِرَ بَعْدَ مَا دَخَلَهَا أَوْ قَارَبَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالنَّحْرِ وَالْحِلَاقِ اهـ لَفْظُ عج ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَيْ إحْرَامٌ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لِلْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ) أَيْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَإِذَا دَخَلَهَا فَلَا يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَفِي الْهَدْيِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَصْرِ) أَيْ الْحَصْرِ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ فَاعِلُ حَبَسَ الْمَرِيضُ) أَيْ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ كَذَا فِي عب وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْحَبْسِ بِحَقٍّ كَالْمَرَضِ أَقُولُ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْخَطَأُ بِعَدَدٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَرِيضِ) شَامِلٌ لِلْمَحْصُورِ بِعَدُوٍّ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا وَقَالَ عج فَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ إرْسَالُهُ: أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ أَرْسَلَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ فَإِنَّهُ يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ بِأَيِّ مَحَلٍّ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فَهَدْيُ الْمَرِيضِ يُحْبَسُ مَعَهُ وَلَوْ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ وَهَدْيُ غَيْرِ الْمَرِيضِ يَذْبَحُهُ، أَوْ يَنْحَرُهُ بِمَحَلِّهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْحَبْسِ وَالْإِرْسَالِ حَيْثُ قِيلَ بِهِ فَهُوَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ مَنْدُوبٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ، وَأَمَّا فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ فَوَاجِبٌ وَجَعَلَ ز الْحَبْسَ وَاجِبًا وَأَطْلَقَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهَدْيِ الْوَاجِبِ فَلَا يُخَالِفُ مَا لِسَنَدٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَكَذَا قَوْلُهُ كَأَنَّهُ سَاقَهُ فِيهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا سَاقَهُ فِي الْعُمْرَةِ يُجْزِي عَنْ التَّمَتُّعِ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ هُنَاكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قُلْت قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ لَمَّا كَانَا مُنْدَرِجَيْنِ تَحْتَ مُطْلَقِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ مَا بَيْنَ الْحَجِّ وَفَوَاتِهِ فَلِذَا أَجْزَأَ مَا سِيقَ فِي الْعُمْرَةِ عَنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَلَمْ يُجْزِ مَا سِيقَ فِي الْحَجِّ عَنْ فَوَاتِهِ وَبِأَنَّ مَا سِيقَ فِي الْحَجِّ حَيْثُ فَاتَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُسَقْ فِي نُسُكٍ بِخِلَافِ مَا سِيقَ فِي الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ سِيقَ فِي نُسُكٍ قَطْعًا. (ص) وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أَرْدَفَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلَّ إحْرَامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَالْمَحْصُورُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ وَهُوَ مَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي حَقٍّ أَوْ أَخْطَأَ فِي الْعَدَدِ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فِي ثَامِنِ الْحِجَّةِ مَثَلًا وَقُلْتُمْ إنَّ هَذَا الْمَحْصُورَ لَا يَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ بَدَلًا مِنْ خُرُوجِهِ إلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ إنْ كَانَ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ آفَاقِيًّا دَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ سَوَاءٌ أَرْدَفَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ بِحَيْثُ صَارَ قَارِنًا أَوْ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لِيَحْصُلَ لَهُ فِي إحْرَامِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَمَا فَعَلَهُ مِنْ طَوَافٍ أَوْ سَعْيٍ أَوْ هُمَا قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيُعِيدُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ وَأَهْدَى إنْ حَلَقَ وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا مَرَّ. (ص) وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِعَامِ الْقَضَاءِ لِيَجْتَمِعَ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ وَلَا يُقَدِّمُهُ فِي عَامِ الْفَوَاتِ وَإِنْ خَافَ الْمَوْتَ، فَلَوْ قَدَّمَ الْهَدْيَ فِي عَامِ الْفَوَاتِ أَجْزَأَهُ وَتَقَدَّمَ مَا قَدْ يُغْنِي عَنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَنُحِرَ هَدْيٌ فِي الْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ لَكِنَّ ذَاكَ فِي الْمُفْسِدِ، وَهَذَا فِي الْفَائِتِ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ. (ص) وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْفَوَاتُ مَعَ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ الْفَوَاتُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسَادُ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا لِلْفَوَاتِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْفَسَادُ قَبْلَ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ أَوْ فِيهَا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا وَفَعَلَ بَعْضَهَا فَلَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى أَفْسَدَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمَادِيًا عَلَى الْفَسَادِ وَيَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ وَيَقْضِي الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ دُونَ الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُمْرَةً فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ تَحَلُّلٌ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ لَهَا وَعَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَذَا الْحُكْمُ وَاضِحٌ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا وَأَفْسَدَ، ثُمَّ فَاتَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ قَوْلُهُ تَحَلَّلَ أَيْ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ بِالْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ مُوجِبُ الْفَسَادِ قَبْلَ فِعْلِهَا وَبِالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ حَيْثُ حَصَلَ مُوجِبُ الْفَسَادِ فِي أَثْنَائِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إذَا فَسَدَتْ أَنْ يَفْعَلَ عُمْرَةً غَيْرَهَا وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ فَفَاتَهُ وَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِقِرَانِ الْقَضَاءِ أَوْ تَمَتُّعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَائِتِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (لَا دَمَ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ) سَوَاءٌ حَصَلَ مَعَ الْفَوَاتِ فَسَادٌ كَمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، أَوْ انْفَرَدَ الْفَوَاتُ عَنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِلْقِرَانِ الْفَائِتِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ وَلَمْ يُتِمَّ الْقِرَانَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي التَّمَتُّعِ. (ص) وَلَا يُفِيدُ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ، أَوْ حَيْضٌ أَوْ حُصِرَ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ نُسُكِهِ كَانَ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي حَقٍّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ يُخَاطَبُ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخْطَأَ فِي الْعَدَدِ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ) هَذَا كَلَامٌ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَانْظُرْ لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فِي الثَّامِنِ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَوَقَفَ بِهَا نَهَارًا وَلَوْ يَعُدْ لَهَا حَتَّى فَاتَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْزِيهِ ذَلِكَ الْخُرُوجُ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ ثَانِيًا (أَقُولُ) أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ لِلْحِلِّ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ ذَلِكَ لَا يَكْفِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ لِأَجْلِ الْحَجِّ وَهَذَا كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَعْيٍ إلَخْ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَعْيٌ بِدُونِ تَقَدُّمِ طَوَافٍ (قَوْلُهُ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ نَوْعُ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعُمْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلَمَّا كَانَتْ الْعُمْرَةُ هُنَا لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً أَيْ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: نَوْعُ. (قَوْلُهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) هُوَ حَجَّةُ الْقَضَاءِ وَالْمَالِيُّ هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ) السَّابِقِ أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ هَدْيُ الْفَسَادِ وَيُؤَخَّرُ الْآخَرُ وَهُوَ هَدْيُ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ أَيْ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَحَلُّلِهِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي حَقِيقَتِهِ (وَأَقُولُ) الصَّوَابُ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَكَذَا فِي الْعَكْسِ إذَا وَطِئَ مَثَلًا قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ وَفِي مَجَازِهِ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْفَسَادُ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ إذْ مَعْنَى تَحَلَّلَ عَلَيْهِ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِ دُونَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُمْرَةً فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ تَحَلُّلٌ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ بِدَلِيلِ عَدَمِ تَجْدِيدِ الْإِحْرَامِ لَهَا الْحَاصِلِ فِي الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ) أَيْ مَتَى حَدَثَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ مَتَى زَادَ الْمَرَضُ، أَوْ اشْتَدَّ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ نَوَى بَلْ وَكَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 فِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَا تُفِيدُهُ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحُصُولِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَصْرُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْمَرَضِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَوْلُهُ بِحُصُولِهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَحَلُّلٍ (ص) وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاصِرَ عَنْ الْحَجِّ إذَا كَانَ كَافِرًا لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا لِأَجْلِ أَنْ يُمَكِّنَ الْحَاجَّ مِنْ الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَذَلَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَقْوِيَةِ مَا هُوَ فِيهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ لِلْحَاصِرِ الْمُسْلِمِ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَدَفْعِهِ لِلظَّالِمِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لَا يَنْكُثُ وَالنَّهْيُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ عَنْ سَنَدٍ. (ص) وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ لِلْحَاصِرِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا بِمَكَّةَ أَوْ بِالْحَرَمِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ يُفْجَأْ الْحَاصِرُ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا جَازَ بِلَا خِلَافٍ. (ص) وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ (ش) السَّفِيهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ إلَى الْحَجِّ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي السَّفَرِ إلَى الْحَجِّ وَكَانَ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً فِي حَقِّ السَّفِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَخَالَفَ وَأَحْرَمَ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَيْسَ عَلَى السَّفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءُ مَا حَلَّلَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فَلَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ بَلْ يَصْحَبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْعَوْدِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَنْصِبُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ (ص) كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ التَّطَوُّعِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَحَاجِيرِ كَالسَّفِيهِ وَتَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُحْرِمًا، وَإِلَّا فَلَا يُحَلِّلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ، وَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لَهَا إنْ قُلْنَا إنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي (فَرْعٌ) لَوْ تَرَكَتْ لَهُ الْمَهْرَ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدَعَهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ الْعَطِيَّةَ لَازِمَةٌ إنْ كَانَتْ عَالِمَةً أَنَّ لَهَا أَنْ تَحُجَّ وَإِنْ كَرِهَ زَوْجُهَا، وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً رَجَعَتْ وَاخْتَارَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَابْنُ يُونُسَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ وَلَوْ أَعْطَتْهُ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّارِحُ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ (ش) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ السَّفِيهُ وَالزَّوْجَةُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ فَلِلْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ تَحْلِيلُهُمَا مِمَّا أَحْرَمَ بِهِ كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ الْقَضَاءُ لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا، أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهُمَا وَلِيُّهُمَا فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ   [حاشية العدوي] لَا يُفِيدُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ جَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ قَائِلًا وَهَذَا الرُّجُوعُ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ قَالَ ح وَقَدْ لَا يَسْلَمُ لَهُ بَحْثُهُ هَذَا قُلْت بَلْ الظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ يُرْتَكَبُ أَخَفُّهُمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ عِنْدَ سَنَدٍ) أَقُولُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خَبَرُ: إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِهِ وَإِلَّا جَازَ وَجَازَ حَمْلُ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَرَدُّدُ ابْنِ عَرَفَةِ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ أَيْ الْمَنْعُ لِخَبَرِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّة يُرِيدُ وَهُوَ بِالْحَرَمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِ الْحَرَمِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِ قِتَالِهِ انْتَهَى وَالسَّاعَةُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لِلزَّوَالِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ السَّاعَةَ مِقْدَارُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَاهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا فِي التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (قَوْلُهُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ) أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ وَبِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ) أَيْ فَسْخُ الصَّدَاقِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ فِي دَيْنٍ وَهُوَ النَّفَقَةُ الَّتِي يُنْفِقُهَا عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْجَوَازِ لَكِنْ حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا إذَا أَعْطَتْهُ مَهْرَهَا لِيَخْرُجَ مَعَهَا فَكَانَ مَا دَفَعَتْ لَهُ عَلَى دَفْعِ الْحَرَجِ لِخُرُوجِهِ مَعَهَا لِئَلَّا تَمْضِيَ مُفْرَدَةً دُونَهُ لَا عَلَى أَنَّهُ يَحْمِلُهَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ سِوَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ فِي الذِّمَّةِ وَكَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ تَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّتْهُ لَهُ عَلَى السَّفَرِ بِهَا فَلَا مَنْعَ أَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ مُسَاوِيَةً لِنَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ أَنْقَصَ (فَائِدَةٌ) إذَا أَحْرَمَتْ الزَّوْجَةُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِغَيْرِهَا بِإِذْنِهِ سَقَطَ مِنْ نَفَقَتِهَا مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 الْبَابِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ السَّفِيهَ وَالزَّوْجَةَ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا حَلَّلَهُمَا مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا إذَا حَلَّلَهُمَا مِنْ حَجِّ الْفَرِيضَةِ حَيْثُ أَتَيَا بِهِ، وَمِثْلُ التَّطَوُّعِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَيَقْضِيهِ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَا النَّذْرُ الْمَضْمُونُ وَنَصُّ الْمُرَادِ مِنْ الْمَوَّاقِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَخْلُو إحْلَالُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُحَلِّلَهَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ التَّطَوُّعِ، أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ فَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ مَا حَلَّلَهَا مِنْهَا وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَتَقْضِيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا تَقْضِي أَيْضًا النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَأَمَّا النَّذْرُ الْمَضْمُونُ فَلْيُقْضَ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى مِنْ اللَّخْمِيِّ فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ انْتَهَى وَعَلَى أَنَّ السَّفِيهَ كَالْمَرْأَةِ تَجْرِي فِيهِ هَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَيَانِ وَالْمَوَّاقِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ خِلَافُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا فِي الْفَرِيضَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى الزَّوْجَةِ السَّفِيهَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ تَحْلِيلُ الذَّكَرِ السَّفِيهِ فِي الْفَرِيضَةِ فَزَوْجَتُهُ السَّفِيهَةُ كَذَلِكَ، أَوْ أَوْلَى فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ أَيْ لَا فِي فَرْضٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (ص) كَالْعَبْدِ (ش) أَيْ فِي أَنَّهُ يَقْضِي مَا حَلَّلَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ إذَا أُعْتِقَ، أَوْ أَذِنَ لَهُ بِخِلَافِ السَّفِيهِ، وَمِثْلُهُ الْمُمَيِّزُ إذَا حَلَّلَهُ وَلِيُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ أَنَّ السَّفِيهَ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَلَوْ أَجَزْنَا فِعْلَهُ أَدَّى ذَلِكَ لِتَضْيِيعِ مَالِهِ كُلِّهِ وَالزَّوْجَةَ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهَا لِحَقِّ غَيْرِهَا وَهُوَ الزَّوْجُ فَكَانَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ دُونَهُ. (ص) وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَالزَّوْجَةَ إذَا أُمِرُوا بِعَدَمِ الْإِحْرَامِ فَخَالَفُوا وَأَحْرَمُوا فَإِنَّ الْإِثْمَ عَلَيْهِمْ؛ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ مَا أُمِرُوا بِهِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُبَاشِرَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ مُكْرَهَةً وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا دُونَهُ لِتَعَدِّيهَا عَلَى حَقِّهِ وَيَنْوِي بِمُبَاشَرَتِهَا التَّحْلِيلَ وَيَكْفِي نِيَّةُ الزَّوْجِ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَحَلُّلَهَا بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا إتْمَامُهُ وَهَدْيٌ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَمْكِينُهَا مِنْ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ (ص) كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ تَحْلِيلَهَا وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ فِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَإِفْسَادُ حَجِّهَا، وَهَذَا حَيْثُ كَانَ مَعَهَا وَلَمْ يُحْرِمْ مَعَهَا وَكَانَ يَحْتَاجُ لَهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وتت وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَلَا) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَيْ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ، أَوْ الزَّوْجُ فِيمَا لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَنْ إذْنِهِ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ دَخَلَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ بِالْإِحْرَامِ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ، أَوْ إنْ دَخَلَ فِي النَّذْرِ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي النَّذْرِ. (ص) وَلِلْمُشْتَرِي - إنْ لَمْ يَعْلَمْ - رَدُّهُ لَا تَحْلِيلُهُ (ش) اللَّخْمِيُّ إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي الْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِمُشْتَرِيهِ قَالَ وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ تَحْلِيلُهُ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ جَهِلَهُ مَا لَمْ يَقْرُبْ إحْلَالُهُ انْتَهَى. أَيْ وَإِنْ قَرُبَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (ص) وَإِنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَ لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَا يُلْزِمُهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ زَادَ الْقَرَافِيُّ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ مُحَمَّدٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى. (ص) وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَأٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ، وَإِلَّا صَامَ بِلَا مَنْعٍ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَهُ مَنْعُهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا لَزِمَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي الْحَجِّ مِنْ هَدْيٍ صَدَرَ عَنْ خَطَأٍ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ الْعَدَدِ، أَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْبَيَانِ) مُفَادُ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ كَلَامِ سَنَدٍ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ) أَيْ لِأَنَّ خَلِيلًا قَالَ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْحَجَّةَ لَوْ كَانَتْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ تَقْضِيهَا وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا إنَّمَا الَّذِي عَلَيْهَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا إنْ أَضَرَّ إحْرَامُهُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ وَلَا يَكُونُ التَّحْلِيلُ بِإِلْبَاسِهِ الْمُحِيطَ لَكِنْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ هَذَا الْإِحْرَامِ فَتَحَلَّلَ بِنِيَّتِهِ، أَوْ بِحِلَاقِ رَأْسِهِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْلِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بِهَذَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشْهَادَ كَافٍ سَوَاءٌ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْ التَّحَلُّلِ أَمْ لَا كَمَا أَنَّ تَحْلِيلَهُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ كَافٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَإِفْسَادُ حَجِّهَا) أَيْ لَهُ التَّحْلِيلُ بِمَا تَقَدَّمَ وَإِفْسَادُ حَجِّهَا أَيْ بِالْوَطْءِ إلَّا أَنَّهُ فِي التَّحْلِيلِ بِمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا إنْ أَفْسَدَهُ أَيْ بِوَطْءٍ فَإِنَّهَا تَتَمَادَى عَلَيْهِ وَتَقْضِيهِ وَتَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَلَكِنْ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَفَادَ أَنَّ الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ تَكْفِي عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا ثَالِثَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) إنْ دَخَلَ فَلَوْ رَجَعَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ بِرُجُوعِهِ حَتَّى أَحْرَمَ هَلْ يَمْلِكُ تَحْلِيلَهُ يُخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ لَا لِبَائِعِهِ حَتَّى يَلْزَمُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحَلِّلَ نَفْسَهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ تَحَلَّلَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ كَذَا يَنْبَغِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُ الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ إذَا رَدَّهُ فَلِلْبَائِعِ تَحْلِيلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَبَاعَهُ وَلَوْ قَرُبَ زَمَنُ إحْلَالِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ لَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَهُوَ مَعَ قُرْبِ زَوَالِهِ كَلَا عَيْبٍ، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلَهُ رَدُّهُ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لَأَصْبَغَ قَائِلًا لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَوَاتَ كَالْإِفْسَادِ، ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الْعَبْدِ السَّفِيهُ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فَأَفْسَدَ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فَأَفْسَدَتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 الْهِلَالِ أَوْ الْخَطَأِ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ مِنْ جَزَاءِ قَتْلِ صَيْدٍ خَطَأً، أَوْ مِنْ فِدْيَةٍ صَدَرَتْ عَنْ ضَرُورَةٍ كَأَنْ لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ لِضَرُورَةٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ بِنُسُكٍ، أَوْ إطْعَامٍ فَعَلَ، وَإِلَّا صَامَ بِلَا مَنْعٍ وَإِنْ أَضَرَّ الصَّوْمُ بِعَمَلِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَمَالِ السَّيِّدِ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ فِي الْإِخْرَاجِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْحَجِّ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ الصَّوْمِ إنْ أَضَرَّ الصَّوْمُ بِهِ فِي عَمَلِهِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْمَوَانِعِ الدَّيْنُ الْحَالُّ، أَوْ الَّذِي يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ حَلَّفَهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إنْ أَحْرَمَ وَلَا لَهُ هُوَ التَّحْلِيلُ وَقَدْ يُقَالُ اسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَلَسِ فِي قَوْلِهِ: وَسَفَرُهُ إنْ حَلَّ فِي غَيْبَتِهِ وَبَقِيَ مِنْ الْمَوَانِعِ أَيْضًا الْأُبُوَّةُ فَلَهُمَا مَنْعُ الِابْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الْفَرْضِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ وَهُوَ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرْضِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ) أَيْ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ يَحْتَاجُ فِيهِ لِإِذْنٍ أَيْضًا خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَحْتَاجُ فِي مَالِهِ لِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ فِي الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ الصَّوْمِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِخْرَاجِ أَوْ الصَّوْمِ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّهَمَهُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا أَحْرَمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُ وَلَا هُوَ أَنْ يُحَلِّلَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرْضِ) أَيْ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَكَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الصَّيْدُ وَعَقْرُهُ الْمُبِيحُ لِأَكْلِهِ هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ م (بَابُ الذَّكَاةِ) وَهِيَ لُغَةً التَّمَامُ يُقَالُ ذَكَّيْت الذَّبِيحَةَ إذَا أَتْمَمْت ذَبْحَهَا وَالنَّارَ إذَا أَتْمَمْت إيقَادَهَا وَرَجُلٌ ذَكِيٌّ تَامُّ الْفَهْمِ وَالْحِدَّةِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ هِيَ السَّبَبُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إبَاحَةِ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ وَالذَّبَائِحُ جَمْعُ ذَبِيحَةٍ وَالذَّبِيحُ الذَّبِيحَةُ ثَبَتَتْ التَّاءُ لِغَلَبَةِ الِاسْمِيَّةِ وَجُمِعَتْ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا إلَخْ وَانْظُرْ حَدَّ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَمَّا كَانَتْ الذَّكَاةُ جِنْسًا تَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ذَبْحٌ وَنَحْرٌ فِي إنْسِيٍّ أَوْ وَحْشِيٍّ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَعَقْرٌ فِي وَحْشِيٍّ مَعْجُوزٍ عَنْهُ زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَتَأْثِيرٌ مِنْ الْإِنْسَانِ فِي الْجُمْلَةِ كَالرَّمْيِ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ أَوْ قَطْعِ الْأَجْنِحَةِ فِي الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ ذِي الدَّمِ بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالذَّبْحِ لِكَثْرَةِ أَفْرَادِهِ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْغَنَمِ وَالطَّيْرِ وَأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى النَّحْرِ فِيمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ كَالْبَقَرِ مُشِيرًا إلَى أَنَّ صِفَةَ الذَّبْحِ أُمُورٌ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (قَطْعٌ) أَيْ التَّذْكِيَةُ قَطْعٌ   [حاشية العدوي] [بَابُ الذَّكَاةِ] (بَابُ الذَّكَاةِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً التَّمَامُ) قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّفْسِيرِ الذَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ تَمَامُ الشَّيْءِ وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ ذَكَّيْت الْبَعِيرَ وَنَحْوَهُ تَذْكِيَةً وَالِاسْمُ الذَّكَاةُ (قَوْلُهُ وَالْحِدَّةُ) هِيَ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ الْغَضَبِ، كَذَا أَفَادَهُ فِي الْمُخْتَارِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْعَطْفُ مُغَايِرًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ شَارِحَنَا أَرَادَ بِهَا الْإِدْرَاكَ فَيَكُونُ الْعَطْفُ مُرَادِفًا وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا كَمَا هِيَ مَحْذُوفَةٌ فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ هِيَ السَّبَبُ إلَخْ) أَيْ وَالسَّبَبُ شَامِلٌ لِلْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ ثَبَتَتْ التَّاءُ لِغَلَبَةِ الِاسْمِيَّةِ) أَيْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الِاسْمِيَّةَ غَلَبَتْ أَوْ أَنَّ الِاسْمِيَّةَ عِلَّةٌ فِي لُحُوقِ التَّاءِ أَيْ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ أَيْ أَنَّ الْوَصْفِيَّةَ بِمَعْنَى ذَاتٍ ثَبَتَ لَهَا الْمَذْبُوحِيَّةُ صَارَتْ غَيْرَ مُرَادَةٍ وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا اللَّفْظُ اسْمًا لِلشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ، وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إنَّك عِنْدَ الْوَصْفِيَّةِ تَذْكُرُ الْمَوْصُوفَ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا وَعِنْدَ الِاسْمِيَّةِ لَا تَذْكُرُهُ أَصْلًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فَعِيلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ لَا تَلْحَقُهُ التَّاءُ أَيْ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ لَا انْغَلَبَتْ الِاسْمِيَّةُ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَجُمِعَتْ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ جُمِعَتْ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا الْمُخْتَلِفَةِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الذَّبِيحَةَ اسْمُ جِنْسٍ لِلْمَذْبُوحِ الصَّادِقِ بِأَيِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَمَا وَجْهُ الْجَمْعِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْجَمْعَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا لِأَنَّهَا تَتَنَوَّعُ إلَى مَذْبُوحَةٍ بِالْعَقْرِ وَمَذْبُوحَةٌ بِالنَّحْرِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَرَادَ الشَّارِحُ بِالذَّبِيحَةِ بِمَعْنَى الْمُذَكَّاةِ الشَّامِلَ وَلَوْ قَالَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهَا لَصَحَّ وَيَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِ مُتَعَلِّقِهَا الَّتِي هِيَ الذَّكَاةُ (قَوْلُهُ جِنْسًا) أَيْ إفْرَادِيًّا وَالذَّبَائِحُ لَقَبٌ لِمَا يَحْرُمُ بَعْضُ أَفْرَادِهِ لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ أَوْ سَلْبَهَا عَنْهُ وَمَا يُبَاحُ بِهَا مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ الصَّيْدُ أَيْ بِقَوْلِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ اهـ. قَوْلُهُ لِعَدَمِ أَيْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُذَكًّى إمَّا لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَإِمَّا لِأَنَّ التَّذْكِيَةَ فَاسِدَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ سَلَبَهَا عَنْهُ إشَارَةٌ إلَى مَا كَانَ مُحَرَّمًا مِمَّا لَا تَنْفَعُ فِيهِ وَلَا يَقْبَلُهَا كَالْخِنْزِيرِ وَقَوْلُهُ وَمَا يُبَاحُ بِهَا عُطِفَ عَلَى مَا يُحَرَّمُ وَلَمَّا كَانَ يَقَعُ فِي تَرْجَمَةِ بَعْضِهِمْ الذَّبَائِحُ أُحِبُّ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَأْثِيرٌ مِنْ الْإِنْسَانِ فِي الْجُمْلَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا وَهُوَ رَابِعٌ وَاقْتِصَارُ بَعْضٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ اقْتِصَارٌ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ أَنَّ مَا يَمُوتُ بِهِ عَقْرٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ فِي الْجَرَادِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ كَالرَّمْيِ أَوْ قَطْعِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذِي الدَّمِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الَّذِي لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (قَوْلُهُ بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) جَوَابٌ لِمَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَابَ لَمْ يَكُنْ مُتَسَبِّبًا عَنْ الشَّرْطِ بَلْ سَبَبُ الْجَوَابِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِكَثْرَةِ أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ بِاخْتِصَاصِهِ) أَيْ بِسَبَبِ اخْتِصَاصِهِ (قَوْلُهُ بِالْغَنَمِ وَالطَّيْرِ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْغَنَمِ وَالطَّيْر مَقْصُورَيْنِ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَفْرَادِ الذَّبْحِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ لِكَثْرَةِ أَفْرَادِ مُتَعَلِّقِهِ أَيْ مِنْ غَنَمٍ وَطَيْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مُشِيرًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ بَدَأَ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ صِفَةَ الذَّبْحِ) أَيْ حَقِيقَةَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ أُمُورٌ أَرْبَعَةٌ) أَوَّلُهَا قَوْلُهُ قَطْعُ الثَّانِي قَوْلُهُ تَمَامُ الثَّالِثِ قَوْلُهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ الرَّابِعِ قَوْلُهُ بِلَا رَفْعِ إلَخْ فِيهِ تَسَمُّحٌ وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهَا إنَّمَا هُوَ الْقَطْعُ الْمُتَعَلِّقُ بِتِلْكَ الْمُتَعَلِّقَاتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 2 لَا خَنْقٌ وَلَا نَهْشٌ فَالذَّكَاةُ بِمَعْنَى التَّذْكِيَةِ فَتَشْمَلُ الذَّبْحَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (مُمَيِّزٌ يُنَاكِحُ) إلَى أَنَّ صِفَةَ الذَّابِحِ أَمْرَانِ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ حَالَ إطْبَاقِهِمَا فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُمَا وَمِثْلُهُمَا الصَّبِيُّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُمْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ مُمَيِّزٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَخْصٌ مُمَيِّزٌ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْفَحْلَ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيَّ وَالْفَاسِقَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ هَذِهِ مَكْرُوهًا وَالْمُؤَلِّفُ تَنَزَّلَ لَهُ بَعْدُ وَخَرَجَ بِالثَّانِي الْمُرْتَدُّ وَلَوْ لِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِيُّ وَهُوَ عَابِدُ النَّارِ الْقَائِلُ بِأَنَّ لِلْعَالَمِ أَصْلَيْنِ نُورًا وَظُلْمَةً فَالنُّورُ إلَهُ الْخَيْرِ وَلِأَجْلِهِ يَسْتَدِيمُونَ وُقُودَ النَّارِ وَالظُّلْمَةُ إلَهُ الشَّرِّ وَقِيلَ الْمَجُوسِيُّ فِي الْأَصْلِ النَّجُوسِيُّ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ يَتَعَاقَبَانِ كَالْغَنَمِ وَالْغَنَنِ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَضُرُّ فِي دِينِهِمْ أَيْ أَنَّ دِينَهُمْ يُبِيحُ اسْتِعْمَالَهَا لَا لِتَدَيُّنِهِمْ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ يُنَاكِحُ أَيْ يَحِلُّ لَنَا وَطْءُ نِسَائِهِ فِي الْجُمْلَةِ الْمُسْلِمُ وَالْكِتَابِيُّ مُعَاهَدًا أَوْ حَرْبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ الْآنَ وَمَنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَانْدَفَعَ بِقَوْلِنَا أَيْ يَحِلُّ لَنَا مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ يُنَاكِحُ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ وَهُوَ أَنْ يَحِلَّ لَنَا وَلَهُ فَلَا يَشْمَلُ إلَّا مُسْلِمٌ وَيَخْرُجُ الْكِتَابِيُّ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ نِسَائِنَا وَهُوَ مَعْنَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمُفَاعَلَةَ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا أَوْ يُقَالُ الْمُفَاعَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَبِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ خُرُوجِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ إذْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا وَإِنْ أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ أَحْرَزَ هَذَا الْمَعْنَى (ص) تَمَامُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ بِلَا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ (ش) إضَافَةُ تَمَامُ إلَى الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ الْحُلْقُومِ التَّامِّ وَلَوْ قَالَ جَمِيعٌ كَانَ أَبَيْنَ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ مَحَلُّ تَمَامٍ لِأَنَّ تَمَامَ عَرَضٌ لَا يُقْطَعُ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الذَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ لِجَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَهِيَ الْقَصَبَةُ الَّتِي هِيَ مَجْرَى النَّفَسِ وَلِجَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ يَتَّصِلُ بِهِمَا أَكْثَرُ عُرُوقِ الْبَدَنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَالذَّكَاةُ بِمَعْنَى التَّذْكِيَةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الذَّكَاةِ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيَّ وَهُوَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ فَإِذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ مَثَلًا فَتُسَمَّى هَذِهِ الْهَيْئَةُ ذَكَاةٌ وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ تَذْكِيَةٌ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالذَّكَاةِ التَّذْكِيَةُ هَكَذَا قَرَّرَ (قَوْلُهُ فَتَشْمَلُ الذَّبْحَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ شُمُولَ الذَّكَاةِ لِلْأَمْرَيْنِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ تَفْسِيرِهَا بِالتَّذْكِيَةِ وَلَوْ بَقِيَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا لَمْ تَكُنْ شَامِلَةً لِلْأَمْرَيْنِ بَلْ قَاصِرَةً عَلَى أَحَدِهِمَا وَكَأَنَّهُ يَقُولُ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الذَّبْحُ وَبَعْدُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَشْمَلُ الْعَقْرَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْإِسْلَامُ فَالْمُرَادُ الذَّكَاةُ الَّتِي فِي الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ. (قَوْلُهُ حَالَ إطْبَاقِهِمَا) أَيْ وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي يُخْطِئُ وَيُصِيبُ فَذَكَرَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تُؤْكَلُ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا هُوَ فَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى حَالِهِ فِي الْبَاطِنِ أَيْ إلَى مَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ ذَبَحَ فِي حَالَ إفَاقَتِهِ أَكَلَهَا وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يُخْطِئُ وَيُصِيبُ يُقَالُ لَهُ مَشْكُوكٌ فِي ذَكَاتِهِ وَقِيلَ إنْ ادَّعَى التَّمْيِيزَ يُكْرَهُ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ ذَبِيحَتَهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعِهِ يَحْرُمُ وَعَوَّلَ عَلَى هَذَا عج (قَوْلُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُمْ) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَابِدُ النَّارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْمَجُوسِ هُنَا مَعْنَى أَعَمُّ شَامِلٌ لِعَابِدِ النَّارِ وَعَابِدِ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَلِأَجْلِهِ يَسْتَدِيمُونَ إلَخْ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ نُورَ النَّارِ الَّتِي تُقَادُ هُوَ الْإِلَهُ وَلِابْنِ قَاسِمٍ أَنَّهُ نُورٌ آخَرُ (أَقُولُ) وَكَأَنَّ هَذَا النُّورَ مُشَابِهٌ لِلنُّورِ الْمُدَّعَى أَنَّهُ إلَهٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ: الْمَجُوسِيُّ فِي الْأَصْلِ النَّجُوسِيُّ (قَوْلُهُ لَا لِتَدَيُّنِهِمْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَادَةً (قَوْلُهُ يَحِلُّ لَنَا وَطْءُ نِسَائِهِ فِي الْجُمْلَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمَّا فَسَّرَ النِّكَاحَ بِالْوَطْءِ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِلطُّرْطُوشِيِّ فِي اخْتِصَاصِهِ بِمَنْ تَقَدَّمَ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ بَدَّلُوا فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ مِمَّا بَدَّلُوهُ وَرَدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمْ إلَّا مِنْهُمْ وَهُمْ مُصَدَّقُونَ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ الْمُفَاعَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ) لَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا يَكُونُ الْمَعْنَى نُعَاقِدُهُ وَيُعَاقِدُنَا أَيْ يَقَعُ الْعَقْدُ مِنَّا لَهُ وَيَقَعُ الْعَقْدُ مِنْهُ لَنَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنَّا لَهُ وَمِنْهُ لَنَا فَيَعُودُ الْمَحْذُورُ مِنْ كَوْنِنَا نُزَوِّجُهُ نِسَاءَنَا. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي حِلِّهِ مَا فَسَّرَ النِّكَاحَ إلَّا بِالْوَطْءِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ. وَقَوْلُهُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَبِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ فَيَكُونُ إشْكَالُ الْمُفَاعَلَةِ جَارِيًا مُطْلَقًا أَيْ أَرَدْنَا بِالنِّكَاحِ الْعَقْدَ أَوْ الْوَطْءَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ الْمَعْنَى بِتَمَامِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ يَحِلُّ لَنَا وَطْءُ نِسَائِهِ إلَخْ وَإِنَّ الْمُفَاعَلَةَ لَا تُعْقَلُ إلَّا إذَا أَرَدْنَا بِالنِّكَاحِ الْعَقْدَ لَكِنْ إنْ أَرَادَ هَذَا فَلَا يَسْلَمُ لَهُ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ تَأْتِي مُطْلَقًا (قَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ) تَسَامُحٌ أَيْ لِأَنَّ الصِّفَةَ إنَّمَا هِيَ تَمَامٌ (قَوْلُهُ كَانَ أَبَيْنَ) أَيْ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ ارْتِكَابِ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ مَحَلُّ تَمَامِ وَالْمَحَلُّ هُوَ نَفْسُ الْحُلْقُومِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَمَامَ عَرَضٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ تَمَامِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ لِجَمِيعِ الْحُلْقُومِ إلَخْ) اشْتِرَاطُ قَطْعِ الْحُلْقُومِ مُخْرِجٌ لِلْغُلْصُمَةِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ أَوْ السِّينِ وَهِيَ الَّتِي تُحَازِ الْجَوْزَةَ لِلْبَدَنِ فَلَا تُؤْكَلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْبَحْ فِي الْحُلْقُومِ وَإِنَّمَا ذُبِحَ فِي الرَّأْسِ وَلَا فَرْقَ فِي مَنْعِ الْأَكْلِ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْجَوْزَةِ مَعَ الرَّأْسِ قَدْرُ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ أُكِلَتْ وَلَوْ بَقِيَ قَدْرُ نِصْفِ الدَّائِرَةِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَلَغْوِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْقَصَبَةُ الَّتِي هِيَ مَجْرَى النَّفَسِ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَاهِرِ وَفِي الْجَوْهَرِيِّ هُوَ الْحَلْقُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 وَيَتَّصِلَانِ بِالدِّمَاغِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الذَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ لَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَلَا مِنْ الْجَنْبِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الذَّكَاةِ أَنْ لَا يَحْصُلَ رَفْعٌ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنْ حَصَلَ مِنْ الذَّابِحِ رَفْعٌ لِيَدِهِ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا أَنْفَذَ بَعْضَ مَقَاتِلِهَا وَعَادَ عَنْ بُعْدٍ وَمَا عَدَا هَذِهِ تُؤْكَلُ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَمْ يُحَرِّرْ تت هَذَا الْمَحَلَّ وَكُلُّ ظَوَاهِرِ الْمَتْنِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِبَعْضِ الْأَقْوَالِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا وَتَمْشِيَتُهُ عَلَيْهَا غَيْرُ سَدِيدٍ وَاَلَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُنَا نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ قَطْعِ الْمَرِيءِ وَهُوَ عِرْقٌ أَحْمَرُ تَحْتَ الْحُلْقُومِ مُتَّصِلٌ بِالْفَمِ وَرَأْسِ الْمَعِدَةِ وَالْكَرِشِ يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ مِنْهُ إلَيْهَا وَهُوَ الْبُلْعُومُ (ص) وَفِي النَّحْرِ طَعَنَ بِلَبَّةٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ الذَّكَاةُ الَّتِي فِي الذَّبْحِ وَفِي النَّحْرِ لِأَنَّهُ لَمَّا عُطِفَ النَّحْرُ عَلَى الْكَلَامِ السَّابِقِ عُلِمَ أَنَّهُ فِي الذَّبْحِ وَقَوْلُهُ طَعَنَ بِلَبَّةٍ أَيْ طَعَنَ شَخْصٌ مُمَيِّزٌ يُنَاكِحُ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِذِكْرِهِ فِي الذَّبْحِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي النَّحْرِ ظَرْفٌ لَغْوٌ يَتَعَلَّقُ بِطَعَنَ وَطَعَنَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَطَعَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهِ مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ وَطَعَنَ أَيْ دَكَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَشُهِرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (ش) أَيْ وَشُهِرَ أَيْضًا تَشْهِيرًا لَا يُسَاوِي الْأَوَّلَ وَإِلَّا لَقَالَ خِلَافَ الِاكْتِفَاءِ فِي الذَّكَاةِ بِقَطْعِ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَتَمَامِ الْوَدَجَيْنِ فَالْوَدَجَيْنِ عُطِفَ عَلَى نِصْفِ الْمُضَافِ لَا عَلَى الْحُلْقُومِ الْمُضَافِ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْنَى وَشُهِرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَنِصْفِ الْوَدَجَيْنِ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَيْضًا خِلَافٌ لَكِنْ لَمْ يُسَاوِ التَّشْهِيرَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا صَدَرَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ تَمَامُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (ص) وَإِنْ سَامِرِيًّا (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ فَاعِلُ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ سَامِرِيًّا نِسْبَةً لِلسَّمِرَةِ طَائِفَةٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَلَا مِنْ الْجَنْبِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ) أَيْ لِأَنَّهُ يَنْخَعُهَا قَبْلَ ابْتِدَاءِ ذَكَاتِهَا أَوْ قَبْلَ إكْمَالِهَا وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ فِي ضَوْءٍ أَوْ ظُلْمَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ غَلَبَةً وَمَعْنَى نَخْعِهَا أَيْ قَطْعِ نُخَاعِهَا وَهُوَ الْمُخُّ الَّذِي فِي عِظَامِ الرَّقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ لِأَنَّ قَطْعَ النُّخَاعِ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهَا فَيَكُونُ قَدْ نَخَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا حَتَّى أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ قَالَ لَوْ أَدْخَلَ الْآلَةَ مِنْ جَانِبِ عُنُقِهَا فَأَنْفَذَهَا إلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ إلَى خَارِجٍ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُذَكِّهَا مِنْ الْمُقَدَّمِ كَذَا فِي ك أَيْ خِلَافًا لعج كَمَا أَفَادَهُ عب (قَوْلُهُ حَاصِلُهُ) فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ مُطْلَقًا أَنْفَذَتْ الْمَقَاتِلَ أَمْ لَا رُفِعَتْ الْيَدُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا وَأَمَّا إذَا عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلًا أُكِلَتْ مُطْلَقًا رُفِعَتْ الْيَدُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا وَإِنْ أَنْفَذَ لَمْ تُؤْكَلْ مُطْلَقًا. فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ بَلْ سِتَّ عَشْرَةَ لِأَنَّ الثَّانِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ إنْ كَانَ الْعَوْدُ عَنْ بُعْدٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاتِلِهَا لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ مِنْ الْبُعْدِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْعَوْدُ عَنْ قُرْبٍ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَوَّلَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ احْتَاجَ. وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّابِحِ الِاتِّحَادُ فَيَجُوزُ وَضْعُ شَخْصَيْنِ يَدَهُمَا عَلَى جَمِيعِ مَحَلِّ الذَّبْحِ بِآلَةِ الذَّبْحِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَذَبْحُهُمَا مَعًا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَنْبَغِي أَيْضًا جَوَازُ أَكْلِ الذَّبِيحَةِ فِيمَا وَضَعَ شَخْصٌ آلَةَ الذَّبْحِ عَلَى وَدَجٍ وَالْآخَرُ آلَةً عَلَى الْآخَرِ وَقَطَعَا جَمِيعَ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (تَنْبِيهٌ) : مَا تَقَدَّمَ مِنْ صُورَةِ الرَّفْعِ اخْتِيَارًا مِنْ الْأَكْلِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ تَكَرَّرَ فَلَا لِأَنَّهُ مُلَاعِبٌ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ) صُورَةُ الِاتِّفَاقِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ إذَا تُرِكَتْ تَعِيشُ أَوْ لَا تَعِيشُ وَكَانَ الرَّفْعُ اضْطِرَارًا وَصُورَةُ الرَّاجِحِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ إذَا تُرِكَتْ لَمْ تَعِشْ وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ وَكَانَ الرَّفْعُ اخْتِيَارًا (تَتِمَّةٌ) حَدُّ الْقُرْبِ ثَلَاثُمِائَةٍ بَاعٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ قَدَّاحٍ أَيَّامَ قَضَائِهِ فِي ثَوْرٍ هَرَبَ قَبْلَ إتْمَامِ ذَكَاتِهِ ثُمَّ أَضْجَعَ وَأُتِمَّتْ ذَكَاتُهُ وَكَانَتْ مَسَافَةُ هُرُوبِهِ نَحْوًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ بَاعَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا أَنْفَذَ شَيْئًا مِنْ مَقَاتِلِهِ انْتَهَى وَفِي ك قُلْت وَهَذِهِ الْوَاقِعَةُ حَصَلَ الرَّفْعُ فِيهَا اضْطِرَارًا فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا مَا إذَا وَقَعَ الرَّفْعُ اخْتِيَارًا فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ الْقُرْبَ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ بَاعٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إلَخْ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ عَدَمِ قَطْعِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلشَّافِعِيِّ وَانْظُرْ إذَا أَطْعَمَهَا لَهُ ضِيَافَةً مَثَلًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ مَرِيءٌ) فِي آخِرِهِ هَمْزٌ بِوَزْنِ أَمِيرٍ وَقِيلَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِلَا هَمْزٍ (قَوْلُهُ وَالْكَرِشِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ) أَيْ فِي الْمَرِيءِ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْفَمِ وَقَوْلُهُ إلَيْهَا أَيْ إلَى الْمَعِدَةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الطَّعَامَ لَا يَجْرِي مِنْ الْحُلْقُومِ الَّذِي هُوَ الْحَلْقُ فَقَطْ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْحُلْقُومُ الْحَلْقُ وَكَذَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ أَيْ الذَّكَاةُ الَّتِي فِي الذَّبْحِ) مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْمُطْلَقِ فِي الْمُقَيَّدِ (قَوْلُهُ طَعَنَ بِلَبَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَلَامِ احْتِبَاكٌ حَذَفَ مِنْ هُنَا شَيْئًا لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ وَحَذَفَ مِمَّا تَقَدَّمَ شَيْئًا لِدَلَالَةِ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّ فِيهَا عِرْقًا مُتَّصِلًا بِالْقَلْبِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ. (قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفٍ إلَخْ) أَيْ فَأَكْثَرَ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ التَّمَامَ فَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَمْ يَبْلُغْ التَّمَامَ لَا يَكْتَفِي بِهِ عِنْدَ الْقَائِلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) أَيْ التَّشْهِيرَ فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ لِلسَّمِرَةِ) الَّذِي رَأَيْته فِي بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ نِسْبَةً لِسَامِرَةَ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْحَطَّابَ قَدْ قَالَ السَّامِرِيَّةُ صِنْفٌ مِنْ الْيَهُودِ تُنْكِرُ الْبَعْثَ انْتَهَى وَأَيْضًا لَوْ كَانَ نِسْبَةً لِسَمِرَةَ لَكَانَ الْقِيَاسُ السَّمْرِيَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 مِنْ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تُنْكِرُ مَا عَدَا نُبُوَّةِ مُوسَى وَهَارُونَ وَيُوشَعَ بْنِ نُونٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَتُنْكِرُ الْمَعَادَ الْجُسْمَانِيَّ كَالنَّصَارَى وَلَا يَرَوْنَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حُرْمَةً كَالْيَهُودِ وَيُحَرِّمُونَ الْخُرُوجَ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ بِأَيْدِيهِمْ تَوْرَاةً بَدَّلَهَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَمُبَالَغَةُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى السَّامِرِيِّ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الصَّابِئَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت السَّامِرِيُّ قَدْ أَخَذَ بِبَعْضِ الْيَهُودِيَّةِ وَالصَّابِئُ أَخَذَ بِبَعْضِ النَّصْرَانِيَّةِ فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ؟ قُلْت لَعَلَّ أَخْذَ الصَّابِئِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ دُونَ أَخْذِ الْسَامِرِيِ بِالْيَهُودِيَّةِ (ص) أَوْ مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجُوسِيَّ وَهُوَ عَابِدُ النَّارِ إذَا تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى الدِّينِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ وَيَصِيرُ لَهُ حُكْمُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَكْلِ ذَبِيحَتِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ التَّنَصُّرُ قَيْدًا فِي السَّامِرِيِّ كَمَا زَعَمَ بَلْ خَاصٌّ بِالْمَجُوسِيِّ (ص) وَذَبَحَ لِنَفْسِهِ مُسْتَحَلَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ أَصَالَةً أَوْ انْتِقَالًا يُشْتَرَطُ فِي إبَاحَةِ مَذْبُوحِهِ أَنْ يَذْبَحَ لِنَفْسِهِ مَا يَرَاهُ حَلَالًا عِنْدَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِنَفْسِهِ مِمَّا إذَا ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ لِمُسْلِمٍ وَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُسْتَحَلِّهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ مِمَّا إذَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ مَا لَا يَرَاهُ حَلَالًا عِنْدَهُ وَثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَكْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا بَلْ بِإِخْبَارِهِمْ كَالطَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ذَبَحَ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ ذَبَحَ مِلْكَهُ الَّذِي هُوَ حَلَالٌ لَهُ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيُضِيفَ بِهِ غَيْرَهُ فَلَوْ ذَبَحَ مِلْكَهُ الَّذِي لَيْسَ بِحَلَالٍ لَهُ فَإِنَّ ذَبَحَهُ لَا يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ لِضِيَافَةِ غَيْرِهِ كَذَبْحِ الْإِوَزِّ لِضِيَافَةِ مُسْلِمٍ أَوْ لَا (ص) وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ إنْ لَمْ يَغِبْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ وَلَوْ عَلِمْنَا أَوْ شَكَكْنَا أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَيَجُوزُ لَنَا أَكْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَغِيبَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَذْبَحَهَا بِحَضْرَتِنَا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغِبْ شَرْطٌ فِي آكِلِ الْمَيْتَةِ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الْغَيْبَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ مَنْ يَعْرِفُ الذَّكَاةَ الشَّرْعِيَّةَ وَلَوْ صَغِيرًا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا إذَا وَصَفَ مَا حَصَلَ بِحَضْرَتِهِ وَكَانَ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً أَنَّهَا تُؤْكَلُ (ص) لَا صَبِيٍّ ارْتَدَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُمَيِّزٍ أَيْ قَطْعُ مُمَيِّزٍ بَاقٍ عَلَى دِينِهِ لَا مُمَيِّزٌ ارْتَدَّ وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْتَلْ فِي رِدَّتِهِ كَانَتْ رِدَّتُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ (ص) وَذَبْحٍ لِصَنَمٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى صَبِيٍّ فَالْعَامِلُ فِيهِ قَطْعٌ أَيْ لَا قَطْعَ مَذْبُوحٍ لِصَنَمٍ فَالْإِضَافَةُ فِيمَا سَبْقٌ لِلْفَاعِلِ وَهُنَا لِلْمَفْعُولِ وَاللَّامُ فِي لِصَنَمٍ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ذَبَحَ لِلصَّنَمِ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ مِمَّا أَهَّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ. فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ هَذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَتُنْكِرُ الْمَعَادَ الْجُسْمَانِيَّ) أَيْ كَوْنَ الْأَجْسَادِ تُعَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ وَتَعْتَرِفُ بِالْمَعَادِ الرُّوحَانِيِّ أَيْ كَوْنِ الْأَرْوَاحِ تُعَادُ (قَوْلُهُ كَالْيَهُودِ) أَيْ الْيَهُودِ الْخُلَّصِ (قَوْلُهُ وَيُحَرِّمُونَ الْخُرُوجَ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ بِحَيْثُ يَسْكُنُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ بَدَّلَهَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ) أَيْ صَلَّحُوا فِيهَا وَأَتْقَنُوهَا وَأَزَالُوا مَا فِيهَا مِنْ التَّحْرِيفِ (قَوْلُهُ قُلْت لَعَلَّ أَخْذَ الصَّابِئِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ دُونَ إلَخْ) أَيْ فَهُمْ بَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ انْتَهَى ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ التَّنَصُّرُ قَيْدًا فِي السَّامِرِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ وَلَوْ لَمْ يَتَنَصَّرْ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ فِيهَا وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْغُلَامِ أَبَاهُ نَصْرَانِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِدِينِ أَبِيهِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ يَسْبِيهَا الْعَدُوُّ فَتَلِدُ مِنْهُمْ أَنَّ أَوْلَادَهَا الصِّغَارَ تَبَعٌ لَهَا فِي الدِّينِ إذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ حَقِيقَةً انْتَهَى. قَلْت فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ أَوْلَادَ الْكُفَّارِ إذَا زَنَوْا بِالْمُسْلِمَةِ عَلَى دِينِ أُمِّهِمْ إذْ لَا أَبَ لِهُمْ كَذَلِكَ الْعَكْسُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو حَيْثُ لَا أَبَ شَرْعًا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَذَبَحَ) أَيْ الْكِتَابِيُّ أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ أَصَالَةً إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَذَبَحَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَنَصَّرَ وَإِلَّا كَانَ قَاصِرًا بَلْ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ يُنَاكِحُ أَيْ صَحَّتْ مُنَاكَحَتُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ يُنَاكِحُ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَعْطُوفَ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يُنَاسِبُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ مَا يَمْلِكُهُ لَا مَا يَمْلِكُهُ مُسْلِمٌ أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ فَيُكْرَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَبْحِهِمَا (قَوْلُهُ أَنْ يَذْبَحَ لِنَفْسِهِ) شَرْطٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ مَا يَرَاهُ حَلَالًا شَرْطٌ ثَانٍ وَشَرْطٌ ثَالِثٌ أَنْ لَا ذَبَحَهُ لِصَنَمٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ) أَيْ وَإِنْ اعْتَقَدَ إبَاحَةَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا) أَيْ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ عَلَى الذَّكَاةِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ لَا صَبِيًّ ارْتَدَّ) وَأَوْلَى كَبِيرٌ ارْتَدَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرَارٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا وَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ عَلَى رِدَّتِهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ فَالْإِضَافَةُ فِيمَا سَبَقَ لِلْفَاعِلِ إلَخْ) . الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَصْدَرَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَفِي الْمَعْطُوفِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ذَبَحَ بِمَعْنَى مَذْبُوحٍ (قَوْلُهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ) لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنْ قُلْت الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالْمُدَّعَى عَامٌّ قُلْنَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا قَالَهُ عب وَشُبْ لَا يَظْهَرُ أَمَّا عب فَقَدْ قَالَ أَيْ لَا يُؤْكَلُ ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ لِصَنَمٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أَيْ بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ بَدَلَ بِاسْمِ اللَّهِ فَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْضًا أَكَلَ تَغْلِيبًا لِاسْمِ اللَّهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ ذِكْرُ اسْمِهِ تَعَالَى مَعَ قَصْدِهِ اخْتِصَاصَهُ بِالصَّنَمِ الَّذِي هُوَ مُفَادُ لَامُ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَمَّا شب فَقَالَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْ لَا أَنَّهُ قَصَدَ التَّقَرُّبَ انْتَهَى وَنُتِمُّ لَك الْعِبَارَةَ الْمُفْصِحَةَ بِالْمَقْصُودِ بِمَا قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَنْصَابِ وَالْأَوْثَانِ وَأُهِلَّ مَعْنَاهُ صِيحَ وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الْمَوْلُودِ وَجَرَتْ عَادَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَلَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ قُلْت إذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَبَحَ لِلصَّنَمِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فَقَطْ إذْ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقِ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ وَلَامَ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُهُ وَلِذَا كَانَتْ لَامُ لِصَلِيبِ تَعْلِيلِيَّةً (ص) أَوْ غَيْرُ حِلٍّ لَهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا وَإِلَّا كُرِهَ (ش) هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ مُسْتَحِلِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكِتَابِيَّ إذَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ مَا يَرَاهُ غَيْرَ حَلَالٍ لَهُ وَثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ وَهُوَ الْإِبِلُ وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالنَّعَامُ وَالْإِوَزُّ وَكُلُّ مَا لَيْسَ بِمَشْقُوقِ الظُّفُرِ وَلَا مُنْفَرِجِ الْقَوَائِمِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا بَلْ أَخْبَرَ هُوَ بِحُرْمَتِهِ فِي شَرْعِهِ كَالطَّرِيفَةِ وَهِيَ أَنْ تُوجَدَ الذَّبِيحَةُ فَاسِدَةَ الرِّئَةِ أَيْ مُلْتَصِقَةً بِظَهْرِ الْحَيَوَانِ كُرِهَ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الطَّرِيفَةُ عِنْدَهُمْ مُحَرَّمَةً لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ عِنْدَنَا وَلَيْسَ الدَّجَاجُ مِنْ ذَوِي الظُّفُرِ لِأَنَّهُ مَشْقُوقُ الْأَصَابِعِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكِتَابِيِّ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ ذِي الظُّفُرِ إنَّمَا حُرِّمَ عَلَى الْيَهُودِ فَقَطْ لَكِنْ قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ أَيْ كُرِهَ أَكْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ فَلَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْفَسْخَ فِي الطَّرِيفَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (ص) كَجِزَارَتِهِ (ش) أَيْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي يُنَاكِحُ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْقِيَهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ ذَبَّاحًا يَذْبَحُ مَا يَسْتَحِلُّهُ بِبَيْعِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ جَزَّارًا فِي الْبُيُوتِ وَهَذَا الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِنَابَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى كَجِزَارَتِهِ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ نُصْحِهِ لَهُمْ وَالْجَزَّارُ الذَّابِحُ وَاللَّحَّامُ بَائِعُ اللَّحْمِ وَالْقَصَّابُ كَاسِرُ الْعَظْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ هُنَا مَا يَعُمُّ الْجَمِيعَ وَهِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَأَطْرَافُ الْبَعِيرِ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَرَأْسُهُ (ص) وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ لِعِيدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبِيعَ لِلْكَافِرِ نَعَمًا يَذْبَحُهَا لِعَبْدِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ لِكِتَابِيٍّ لِأَجْلِ عِيدِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُعْطِيَ الْيَهُودَ وَرَقَ النَّخْلِ لِعِيدِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى تَعْظِيمِ شَأْنِهِمْ (ص) وَشِرَاءِ   [حاشية العدوي] الْعَرَبِ بِالصِّيَاحِ بِاسْمِ الْمَقْصُودِ بِالذَّبِيحَةِ وَغَلَبَ ذَلِكَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى عَبَّرَ بِهِ عَنْ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ انْتَهَى. الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ وَذَبَحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْرُمُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ إذْ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ يُنَافِي ذَلِكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وَاسْمَ غَيْرِهِ يُؤْكَلُ وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ اسْمَ الصَّنَمِ فَقَطْ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ عَلَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ هُنَا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَلَامَ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُهُ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقَ لَمَّا كَانَتْ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ لَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَتِهَا وَلَمَّا كَانَتْ لَامُ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُهُ أُكِلَ. وَحَاصِلُ مُفَادِ الشَّارِحِ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ أَوْ ذَبَحَ لِصَلِيبٍ إلَخْ أَنَّهُ لَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَةِ الصَّنَمِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَلَوْ ذُكِرَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ اسْمِ الصَّنَمِ أَكَلَ وَأَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلِيبِ وَعِيسَى لِكَوْنِهِ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يُؤْكَلْ هُنَا لِكَوْنِهِ قَصَدَ التَّقَرُّبَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّنَمِ بِأَنَّهُ جَعَلَهُ إلَهًا وَأَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلِيبِ وَعِيسَى لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّقَرُّبَ بَلْ قَصَدَ انْتِفَاعَ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى بِثَوَابِهِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَصْدُ الِانْتِفَاعِ فِي الصَّلِيبِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّابِحِ بِخِلَافِ عِيسَى فَيَظْهَرُ قَصْدُ انْتِفَاعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَعَ قَصْدِ التَّقَرُّبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّنَمِ وَالصَّلِيبِ وَعِيسَى فِي عَدَمِ الْأَكْلِ وَمَعَ قَصْدِ الِانْتِفَاعِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ التَّسْمِيَةِ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ. وَقَالَ مُحَشِّي تت مَا نَصُّهُ أَنَّ الْمَذْبُوحَ لِلصَّنَمِ لَيْسَ تَحْرِيمُهُ لِكَوْنِهِ ذَكَرَ عَلَيْهِ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ بَلْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ ذَكَاتَهُ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلِيبِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَهُمْ دِينٌ وَشَرْعٌ انْتَهَى. وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا) الْمُرَادُ أَنَّ شَرَعْنَا أَخْبَرَ عَنْ شَرْعِهِمْ بِأَنَّهُ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ كُلُّ ذِي ظُفُرٍ (قَوْلُهُ وَحُمُرُ الْوَحْشِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ (قَوْلُهُ وَلَا مُنْفَرِجِ الْقَوَائِمِ) جَمْعُ قَائِمَةٍ أَيْ مَا يُقَامُ عَلَيْهِ وَهُوَ الظُّفُرُ فَالْعَطْفُ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ فَاسِدَةَ الرِّئَةِ) أَيْ الْفِشَّةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ فَلَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ) ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ فَقَدْ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ كُرِهَ الْأَكْلُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ فَيَحْرُمُ وَيُفْسَخُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهَا بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ وَوَجْهُ حُرْمَةِ الشِّرَاءِ مَعَ كَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَقَطْ إعَانَتُنَا لَهُمْ بِإِطْعَامِهِمْ مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّحْمِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ أَنَّ شِرَاءَهُ يُكْرَهُ وَلَا يُفْسَخُ إنَّ فَاسِدَةَ الرِّئَةِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا عُذْرٌ فَهُمْ مُتَعَدُّونَ فِي تَحْرِيمِهَا فَسَاعَدْنَاهُمْ بِشِرَائِنَا إيَّاهُمْ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ وَأَمَّا الشَّحْمُ فَهُمْ مَعْذُورُونَ فِيهِ لِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَسْنَا مُسَاعِدِينَ لَهُمْ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) أَيْ وَيُحْمَلُ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ك وَفِي شَرْحِ عب مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) بَلْ يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ ذَبَحَهُ أَمْ لَا وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ صَيْرَفِيًّا فِي الْأَسْوَاقِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالضَّمِّ إلَخْ) قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَتْحَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 ذَبْحِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ ذَبِيحَةَ الذِّمِّيِّ الَّتِي ذَبَحَهَا لِنَفْسِهِ مِمَّا يَرَاهُ حَلَالًا وَأَمَّا مَا لَا يَرَاهُ حَلَالًا كَالطَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا شِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ عَلَى مَا مَرَّ (ص) وَتَسَلُّفِ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ بَيْعٍ بِهِ لَا أَخْذِهِ قَضَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَسَلَّفَ ثَمَنَ الْخَمْرِ مِنْ الْكَافِرِ أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْخَمْرِ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ يَبِيعَهُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ لِلْمُسْلَمِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ كَمَا أَبَاحَ اللَّهُ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ لَهُمْ فِي الْبَيْعِ مَنْدُوحَةً دُونَ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ وَتَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ بَاعَهُ بِهِ الذِّمِّيُّ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّ ثَمَنَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً كَمَا قَالَهُ تت وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ أَوْ يُقَالُ يُفْسَخُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَبَايَعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ تَأَمَّلْ (ص) وَشَحْمِ يَهُودِيٍّ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُلَ شَحْمَ الْيَهُودِيِّ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ أَيْ وَكُرِهَ أَكْلُ شَحْمِ ذَبْحِ يَهُودِيٍّ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الشَّحْمِ الْخَالِصِ كَالثَّرْبِ بِالْمُثَلَّثَةِ الْمَفْتُوحَةِ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ وَالْأَمْعَاءَ فَإِنْ قِيلَ شَحْمُ الْيَهُودِيِّ مِمَّا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا فَلِمَ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكًّى وَالْمُذَكَّى حِلٌّ لَهُ فَهُوَ لَمْ يَذْبَحْ غَيْرَ حِلٍّ لَهُ لَكِنْ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ أَكْلُهُ مِنْهُ (ص) وَذَبْحٍ لِصَلِيبِ أَوْ عِيسَى (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ مَا ذَبَحَهُ الْيَهُودِيُّ لِلصَّلِيبِ أَوْ لِلْكَنِيسَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ وَالتَّعْظِيمَ لِشِرْكِهِمْ فَاللَّامُ فِي لِصَلِيبِ لِلتَّعْلِيلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ (ص) وَقَبُولِ مُتَصَدِّقٍ بِهِ لِذَلِكَ (ش) أَيْ وَكُرِهَ قَبُولُ التَّصَدُّقِ مِنْهُمْ لِأَجْلِ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى وَحُكْمُ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ عَنْ مَوْتَاهُمْ كَذَلِكَ لِأَنَّ قَبُولَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَعْظِيمٌ لِشِرْكِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَهُ لِمُسَاوَاةِ حُكْمِهِ لِحُكْمِ مَا ذَكَرَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ (ص) وَذَكَاةِ خُنْثَى وَخَصِيٍّ وَفَاسِقٍ (ش) وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَكَاةُ مَنْ ذُكِرَ لِنُفُورِ النَّفْسِ عَنْ فِعْلِ الْأَوَّلِينَ فَلَا تُرَدُّ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ ذَكَاتَهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ وَلِنَقْصِ الثَّالِثِ وَلَا يُرَدُّ الْكَافِرُ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ بَلْ الْمَكْرُوهُ كَوْنُهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعُمُومِ لَا مَا جَزَرَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْفَاسِقَ فِسْقُهُ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ وَيَدْخُلُ فِي الْفَاسِقِ الْبِدْعِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كُفْرِهِ وَالْأَغْلَفُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَلَا تُكْرَهُ ذَكَاةُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمِ قَوْلَانِ (ش)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا شِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي عج خِلَافُهُ وَتَبِعَهُ عب فَإِنَّهُ قَالَ أَيْ يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِمَّا ذَبَحَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ كَاللَّحْمِ وَعَلَى هَذَا فَأَكْلُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِهِ بِالشِّرَاءِ مَكْرُوهٌ لَنَا مِنْ وَجْهَيْنِ الشِّرَاءُ وَالْأَكْلُ وَأَمَّا مَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ شِرَاؤُهُ لَا أَكْلُهُ وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ لِلْيَهُودِيِّ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ ثَمَنَ الْخَمْرِ) فَلِذَا قَالَ فِي ك وَقَدْ فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ ذِمِّيًّا وَحِينَئِذٍ فَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا فَلَا يَجُوزُ تَسَلُّفُهُ وَلَا الْبَيْعُ بِهِ وَلَا أَخْذُهُ قَضَاءً لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُسْلِمِينَ وَفِي نُسْخَةٍ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلِمِ مَنْدُوحَةٌ أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِهِ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ غَيْرَ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَكَذَا لَهُ مَنْدُوحَةٌ فِي التَّسَلُّفِ أَيْ بِأَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ) أَيْ التَّسَلُّفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ يُفْسَخُ) أَيْ ذَلِكَ التَّسَلُّفُ (قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَبَايَعَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُتَسَلِّفُ الْمُسْلِمُ بِمَثَابَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالْكَافِرُ الْمُسَلِّفُ بِمَثَابَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ فِي شِرَاءِ الْمُسْلِمِ الْخَمْرَ مِنْ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُلَ شَحْمَ الْيَهُودِيِّ) أَيْ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ شِرَاؤُهُ (قَوْلُهُ كَالثَّرْبِ) عَلَى وَزْنِ فَلْسٍ (قَوْلُهُ يَغْشَى الْكَرِشَ) يُقَالُ كَرِشَ بِوَزْنِ كَبِدَ وَكَرْشُ بِوَزْنِ قَبْرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعِدَةِ لِلْإِنْسَانِ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْعَاءَ) أَيْ الْمَصَارِينَ (قَوْلُهُ وَالْمُذَكَّى حِلٌّ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: أَيْ وَالذَّكَاةُ قَدْ قِيلَ إنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ أَكْلُهُ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ عج غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا كُرِهَ أَكْلُ الشَّحْمِ دُونَ أَكْلِ اللَّحْمِ لِأَنَّ الشَّحْمَ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وَالذَّكَاةُ قَدْ قِيلَ إنَّهَا تَتَبَعَّضُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكَّى وَالْمُذَكَّى حِلٌّ لَهُ فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الرِّسَالَةِ يُكْرَهُ أَكْلُ شُحُومِ الْيَهُودِ مِنْهُمْ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يُكْرَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مِمَّا وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ لَهُ أَكْلُهُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ مِمَّنْ لَهُ أَكْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِمَّا وُهِبَ لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ مِمَّا قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ وَالتَّعْظِيمَ لِشِرْكِهِمْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ مُفَادِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ مَطْلُوبُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَذَكَاةِ خُنْثَى) إنْ ذَبَحَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَعْنَى الْكَرَاهَةِ هُنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُ مَذْبُوحِهِ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ وَخَصِيٍّ) أَيْ وَمَجْبُوبٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَكَاتَهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا كَامِلَةٌ فِي نَوْعِهَا (قَوْلُهُ وَالْأَغْلَفِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ عَدَّ الْأَغْلَفِ فَاسِقًا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْخِتَانَ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) رَاجِعٌ لِلْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الذَّكَاةِ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالْأَخْرَسُ وَالنُّفَسَاءُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَذَكَاةِ خُنْثَى هَلْ يَجْرِي فِي أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ أَوْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 أَيْ وَفِي صِحَّةِ ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ بِأَمْرِهِ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْأَكْلُ وَعَدَمُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ إنْ ذَبَحَهُ لِكَافِرٍ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ ذَبَحَ مَا لَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيُتَّفَقُ عَلَى صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَمِثْلُ الذَّبْحِ النَّحْرُ ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي الضَّحِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ هُنَا بِغَيْرِ الضَّحِيَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ اشْتِرَاطُهُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهَا ضَحِيَّةً فَقَطْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَلَمَّا أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ الثَّلَاثَةِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْإِنْسِيِّ غَالِبًا الْمَأْنُوسِ إلَيْهِ دُونَ الْوَحْشِيِّ مُقَدَّمًا عَلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ وَهُوَ الصَّيْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِجَلَائِهِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْجَلَاءَ الْمُغْنِي عَنْ التَّعْرِيفِ الضَّرُورِيِّ لَا النَّظَرِيِّ فَإِنْ أَرَادَهُ لَمْ يُفِدْهُ وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ فَالصَّيْدُ مَصْدَرًا أَخْذُ مُبَاحٍ أَكْلُهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مِنْ وَحْشِ طَيْرٍ أَوْ بَرٍّ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ بِقَصْدٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ إضَافَةُ أَخَذَ لِفَاعِلِهِ وَاسِمًا مَا أَخَذَ إلَخْ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ أَيْ بِنِيَّةِ الِاصْطِيَادِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْبَحْرِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ خَشْيَةَ إخْلَالِ النِّظَامِ وَإِنَّمَا قَصَدَهُ بِذِكْرِ الْبَحْرِيِّ أَنَّهُ صَيْدٌ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَقْرٍ ثُمَّ لَا بُدَّ فِي الْعَقْرِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ مِنْ أَرْكَانٍ ثَلَاثَةٍ صَائِدٌ وَمَصِيدٌ وَمَصِيدٌ بِهِ فَأَشَارَ إلَى الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ إلَخْ وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَحْشِيًّا إلَخْ وَإِلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ هُنَا (وَجُرْحِ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) . اعْلَمْ أَنَّ الْجُرْحَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَكَان مِنْ جَسَدِ الصَّيْدِ وَانْظُرْ هَلْ   [حاشية العدوي] خَاصَّةً أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجُرْحُ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَانْظُرْ حِينَئِذٍ الْخُنْثَى وَالْخَصِيَّ وَالْفَاسِقَ وَمَنْ يُكْرَهُ ذَكَاتُهُ هَلْ يُكْرَهُ صَيْدُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ كَرَاهَةِ صَيْدِهِمْ. (قَوْلُهُ أَيْ وَفِي صِحَّةِ ذَبْحِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَذَا تَقْرِيرُ تت فِي ك وَالْأَحْسَنُ مَا فِي صَغِيرِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَنَصُّهُ فِي صَغِيرِهِ وَفِي حِلِّ ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ فَيَجُوزُ أَكْلُهَا وَعَدَمُ حِلِّهِ فَيَمْنَعُ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ قَالَ عج وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُهُمَا فِيمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا عَلَى الذَّابِحِ كَذِي الظُّفُرِ وَعَلَى هَذَا شَيْخُنَا فَإِنَّهُ قَالَ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَا اُسْتُنِيبَ عَلَى تَذْكِيَتِهِ حَرَامًا عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْحُرْمَةُ كَمَا ذَكَرَهُ شب (قَوْلُهُ بِأَمْرِهِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تُؤْكَلُ قَطْعًا نَصَّ الْمَوَّاقُ وَابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُمَكِّنَ ذَبِيحَتَهُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ أُكِلَتْ انْتَهَى وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا نَصُّهُ مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ مِلْكَ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْ مِلْكَهُ وَذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ لَا تُؤْكَلُ إلَّا بِشَرْطِ ذَبْحِ مِلْكِهِ وَفِي ذَبْحِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ قَوْلَانِ لَكِنْ بِأَمْرِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تُؤْكَلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ ذَكَاتِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُؤْكَلُ لِأَنَّهَا بِالْقُدُومِ عَلَى ذَبْحِهَا الْمُوجِبِ لِغُرْمِهِ تَصِيرُ كَالْمَمْلُوكَةِ لَهُ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِهِمَا) عِلَّةٌ لِأَنْهَى إلَخْ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ تَقَدُّمِهِمَا عَلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ الْمَأْنُوسِ إلَيْهِ) صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ دُونَ الْوَحْشِيِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْإِنْسِيِّ (قَوْلُهُ مُقَدَّمًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْمِيمِ أَيْ مُقَدَّمًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّيْدُ) أَيْ الْعَقْرُ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْوَحْشِيِّ (قَوْلُهُ شَرَعَ) جَوَابٌ لِمَا (قَوْلُهُ لِضَرُورِيِّ) خَبَرٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجَلَاءَ قِسْمَانِ جَلَاءٌ ضَرُورِيٌّ أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ وَجَلَاءٌ نَظَرِيٌّ يَتَوَقَّفُ فَالْأَوَّلُ كَالْجَلَاءِ فِي الْوَاحِدِ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَالثَّانِي كَالْجَلَاءِ فِي قَوْلِك الْعَالَمُ حَادِثٌ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلِيلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُك الْعَالَمُ مُتَغَيِّرٌ وَكُلُّ مُتَغَيِّرٍ حَادِثٌ فَقَوْلُهُ ضَرُورِيٌّ أَيْ حَاصِلٌ بِسَبَبِ الضَّرُورَةِ وَقَوْلُهُ النَّظَرِيُّ أَيْ الْحَاصِلُ بِالنَّظَرِ وَهُوَ تَرْتِيبُ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ لِلتَّأَدِّي إلَى مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ الْجَلَاءَ النَّظَرِيَّ لَمْ يُفِدْهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّعْرِيفَ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ أَيْ الْجَلَاءُ الضَّرُورِيُّ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَقُلْ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ وَحْشٍ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ بِقَصْدٍ وَهُوَ أَخْصَرُ وَالْوَحْشُ يَعُمُّ مَا ذَكَرَ قُلْت لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ غَلَبَ فِي وَحْشِ الْبَرِّ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ الطَّيْرَ لِئَلَّا يَكُونَ رَسْمُهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ. وَلَوْ قَالَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَخْصَرَ كَذَا أَفَادَهُ شَارِحُ الْحُدُودِ بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَحْشِ طَيْرٍ إضَافَتُهُ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ وَأَمَّا إضَافَةُ وَحْشٍ إلَى بَرٍّ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْحَالِ إلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ) لَا ظُهُورَ لِهَذَا التَّفْرِيعِ وَقَوْلُهُ وَاسْمًا مَا أَخَذَ إلَخْ أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ مَا أُخِذَ مِنْ مُبَاحِ أَكْلِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مِنْ وَحْشِ طَيْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا) أَيْ وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ: مُبَاحٌ وَهُوَ مَا كَانَ لِلْمَعَاشِ؛ اخْتِيَارُ الْأَكْلِ وَانْتِفَاعٌ بِثَمَنِهِ وَلَوْ فِي شَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ أَوْ نَكَحَ مُنَعَّمَةً تَزَوُّجًا أَوْ شِرَاءً. وَمَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا صِيدَ لِسَدِّ الْخُلَّةِ وَكَفِّ الْوَجْهِ أَوْ لِيُوَسِّعَ بِهِ عَلَى عِيَالِهِ فِي ضِيقٍ أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَنْدُوبٍ مِنْ صَدَقَةٍ. وَمَمْنُوعٌ إذَا كَانَ يُرِيدُ قَتْلَ الصَّيْدِ لَا ذَكَاتَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ أَوْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ يُؤَدِّي لِتَضْيِيعِ الصَّلَوَاتِ. وَوَاجِبٌ وَهُوَ مَا كَانَ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهُ. وَمَكْرُوهٌ لِلَّهْوِ وَصَيْدِ الْخُنْثَى وَالْخَصِيِّ وَالْفَاسِقِ. (قَوْلُهُ خَشْيَةَ اخْتِلَالِ النِّظَامِ) أَيْ بَيْنَ الْمَعَاطِيفِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي الِاصْطِيَادِ لَا فِي أَخْذِ الصَّيْدِ. وَظَاهِرُ التَّعْرِيفِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْأَخْذِ فَلَعَلَّهُ تَسَمَّحَ فَأَرَادَ بِالْأَخْذِ الِاصْطِيَادَ أَلَا تَرَى إلَى تَنَبُّهِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ أَيْ بِنِيَّةِ الِاصْطِيَادِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَرْكُ النُّكْتَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِلنُّكْتَةِ اللَّفْظِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَوِيَّةَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْأُذُنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 أَرَادَ بِالْجُرْحِ مَا يَشْمَلُ شَقَّ الْجِلْدِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُدْمِي وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَتْقُ جِلْدٍ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ عَضٌّ بِلَا جُرْحٍ اهـ وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِهِ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا وَاحْتَرَزَ بِالْمُمَيِّزِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ صَيْدَهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ النِّيَّةِ كَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يُمَيِّزُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَيْدُهُمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَذَكَاتِهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِضَافَةُ جُرْحٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَنِسْبَةُ الْجُرْحِ لِلْمُسْلِمِ لِكَوْنِ الْحَيَوَانِ آلَةً كَالسَّهْمِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصَّائِدِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَصِيدِ فَقَالَ (وَحْشِيًّا) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَصِيدِ أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا فَلَا يُؤْكَلُ الْإِنْسِيُّ بِالْجُرْحِ وَأَمَّا الْبَحْرِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جُرْحٌ وَلَا غَيْرُهُ وَيُؤْكَلُ وَلَوْ بِصَيْدِ كَافِرٍ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى كَوْنِهِ مَيْتَةً وَمَيْتَتُهُ حَلَالٌ فَقَوْلُهُ وَحْشِيًّا مَعْمُولُ جُرْحٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ حَيَوَانًا وَحْشِيًّا أَيْ مُتَوَحِّشًا لَا إنْسِيًّا مِنْ إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ دَجَاجٍ اتِّفَاقًا أَوْ بَقَرٍ أَوْ حَمَامٍ أَوْ إوَزٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ الْوَحْشُ بَلْ وَإِنْ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ لَكِنَّ قَوْلَهُ (وَإِنْ تَأَنَّسَ) الْمَعْنَى عَلَى الْمُضِيِّ فَإِنْ بِمَعْنَى لَوْ أَوْ يُقَدَّرُ كَانَ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَأَنَّسَ (ص) عُجِزَ عَنْهُ (ش) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ وَحْشِيًّا أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَحْشُ مَعْجُوزًا عَنْهُ وَإِنْ تَأَنَّسَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ بِالنُّدُودِ بَعْدَ التَّأَنُّسِ وَقَوْلُهُ (إلَّا بِعُسْرٍ) مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ أَيْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ الْعُسْرِ وَأُخْرَى إذَا عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً وَالْمُرَادُ بِالْعُسْرِ الْمَشَقَّةُ أَصْبَغُ وَمَنْ أُرْسِلَ عَلَى وَكْرٍ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ شَجَرَةٍ وَكَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ الْعَطَبَ يَجُوزُ أَكْلُهُ بِالصَّيْدِ (ص) لَا نَعَمٍ شَرَدَ أَوْ تَرَدَّى بِكَوَّةٍ (ش) الْمُرَادُ بِالنَّعَمِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَلَوْ قَالَ إنْسِيٌّ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَنْسَبَ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَحْشِيًّا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالنَّعَمِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ شَرَدَ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّعَمَ إذَا شَرَدَ شَيْءٌ مِنْهَا أَيْ نَفَرَ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ أَمَّا الْإِبِلُ فَبِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الْبَقَرُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ أَنَّ قَوْلَهُ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ شَقَّ الْجِلْدِ) أَيْ هَلْ الْمُرَادُ تَأْثِيرٌ صَادِقٌ بِشَقِّ الْجِلْدِ وَالْإِدْمَاءِ أَوْ قَاصِرٌ عَلَى الْإِدْمَاءِ بِالْخُصُوصِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لعج وَفِي عب: الْمُرَادُ بِهِ الْإِدْمَاءُ مَعَ شَقِّ جِلْدٍ أَمْ لَا، لَا شَقَّ جِلْدٍ بِالْآلَةِ بِدُونِ إدْمَاءٍ فِي وَحْشِيٍّ صَحِيحٍ فَلَا يَكْفِي بِخِلَافِهِ فِي مَرِيضٍ فَيُؤْكَلُ لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَيْلُ دَمٍ إنْ صَحَّتْ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ لَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَا يَكْفِي فِيهَا سَيَلَانِ الدَّمِ فَقَطْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّحَرُّكِ الْقَوِيِّ فَأَوْلَى الشَّقُّ بِلَا إدْمَاءٍ وَلَا تَحَرُّكٍ قَوِيٍّ إلَّا أَنَّ هَذَا الْآتِيَ فِي الذَّبْحِ. وَكَلَامُنَا الْآنَ فِي الْعَقْرِ وَسَيَأْتِي عَنْ عج مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الصَّيْدِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِدُونِ إدْمَاءٍ مِنْ الْآلَةِ حَيْثُ يَكُونُ يَحْصُلُ مِنْهُ دَمٌ عِنْدَ شَقِّ الْجِلْدِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ دَمٌ عِنْدَ شَقِّهِ فَيَكْفِي شَقُّ الْجِلْدِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ وَلَا يُعْتَبَرُ سَيَلَانُ الدَّمِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الْإِدْمَاءُ مِنْ غَيْرِ آلَةٍ أَوْ جُرْحٍ مِنْ غَيْرِ آلَةِ الِاصْطِيَادِ فَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَصَدَمَ أَوْ عَضَّ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ جُرْحٌ مِنْ غَيْرِ الْآلَةِ كَعَضِّ الْكَلْبِ أَوْ صَدْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ نَعَمْ يَأْتِي فِي كَلَامِ عج الَّذِي الْكَلَامُ هَذَا لَهُ (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ مُسْلِمٍ حَالَ الْإِرْسَالِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَانْظُرْ لَوْ تَخَلَّفَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ. كَذَا فِي عب (أَقُولُ) إذَا كَانَ النَّصُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِسْلَامُ حَالَ الْإِرْسَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الِاسْتِمْرَارِ وَفِي عِبَارَةٍ وَيُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ حَالَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ أَوْ كَانَ كَافِرًا حَالَ الرَّمْيِ وَأَسْلَمَ حِينَ الْإِصَابَةِ فَلَا يُؤْكَلُ وَاشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فِي قَوْله تَعَالَى {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] لِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ تُفِيدُ الْحَصْرَ اهـ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْحَيَوَانِ آلَةً لَهُ) أَيْ فَلَا يُنَافِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجُرْحِ مُسْلِمِ إلَخْ بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَنَّسَ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَأَنَّسَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ بِمَعْنَى لَوْ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ إنْ تَصْرِفُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْمُضِيِّ وَلَوْ تَدُلُّ عَلَى الْمُضِيِّ فَلِذَلِكَ كَانَتْ أَنْ بِمَعْنَى لَوْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَدَّرُ كَانَ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَأَنَّسَ فِعْلٌ مَاضٍ وَتَصْرِفُهُ إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ وَكَذَا كَانَ فِعْلٌ مَاضٍ فَتَصْرِفُهُ إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُضِيَّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّرَ كَانَ مَعَ وُجُودِ الْمَاضِي دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ الَّذِي كَانَ يَصْرِفُ الْفِعْلَ إلَيْهِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ الْمُضِيُّ وَإِلَّا لَمَا اُحْتِيجَ لِتَقْدِيرِ كَانَ . (قَوْلُهُ عُجِزَ عَنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ عَجْزَ كُلِّ أَحَدٍ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَالَ عُجِزَ عَنْهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ (أَقُولُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَجْزَ يَقْتَضِي النُّدُودَ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ بِسُقُوطِهِ فِي كُوَّةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَبْحُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ أَصْبَغُ إلَخْ) ذَكَرَهُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعُسْرِ الْمَشَقَّةُ إلَّا أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ قَالَ يَخَافُ مِنْهُ الْعَطَبَ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مَشَقَّةً بِدُونِ عَطْفٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرٍ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ مُفَادَ نَصِّ أَصْبَغَ آخَرُ إمَّا يُفِيدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ. (قَوْلُهُ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ) أَيْ جَبَلٍ شَاهِقٍ أَيْ مُرْتَفِعٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَرَدَّى) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ تَرَدَّى صِفَةٌ لَهُ أَيْ وَحْشِيٌّ تَرَدَّى بِكُوَّةٍ وَلَيْسَتْ جُمْلَةُ تَرَدَّى مَعْطُوفَةً عَلَى قَوْلِهِ شَرَدَ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ ثُبُوتَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّعَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ لِيَشْمَلَ الدَّجَاجَ الْإِنْسِيَّ وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالنَّعَمِ إلَخْ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرَدَ لَا يُسْنَدُ إلَّا لِلنَّعَمِ أَيْ لُغَةً قَالَ الْبَدْرُ شَرَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّعَمِ وَنَدَّ فِي الصَّيْدِ اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 لَا نَعَمٍ يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مُسْلِمٍ بَعْدَ حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا جُرْحِ نَعَمٍ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِمَفْعُولِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَرَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى جُرْحٍ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ لَا جُرْحَ نَعَمٌ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى وَحْشِيًّا وَتَرْكُ الْأَلْفِ فِي الرَّسْمِ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ فَإِنَّهُمْ يَقِفُونَ عَلَى الْمُنَوَّنِ الْمَنْصُوبِ بِحَذْفِ الْأَلْفِ ثُمَّ أَنَّ قَوْلَهُ بِكَوَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُوَّةَ هِيَ الطَّاقَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ بِكَهُوَّةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَحُفْرَةٍ وَهُمَا بِمَعْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى تَرَدَّى أَيْ مِنْ الرَّدَى وَهُوَ الْهَلَاكُ أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِكَوَّةٍ لَا مِنْ التَّرَدِّي الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلُ كَمَا فَهِمَ ابْنُ غَازِيٍّ (ص) بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ وَحَيَوَانٍ عُلِمَ (ش) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجُرْحٍ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى مَا يُصَادُ بِهِ مِنْ سِلَاحٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْآلَةِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا أَنْ تَكُونَ ذَا حَدٍّ يَجْرَحُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَدِيدٌ أَمْ لَا كَمِعْرَاضٍ أَصَابَ بِحَدِّهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُحَدَّدِ الْحَدِيدَ بِخُصُوصِهِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي الْحَيَوَانِ التَّعْلِيمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] ابْنُ حَبِيبٍ وَالتَّكْلِيبُ التَّعْلِيمُ وَقِيلَ التَّسْلِيطُ وَحَدُّ التَّعْلِيمِ قَالَ فِيهَا الْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ اهـ وَاعْتَرَضَ الْأَشْيَاخُ كَلَامَهَا بِأَنَّ الطَّيْرَ إذَا زُجِرَ لَا يَنْزَجِرُ وَذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بِقِيلِ فَقَالَ وَفِيهَا وَالْمُعَلَّمُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ هُوَ الَّذِي إذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَإِذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَزِيدَ وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ وَحُمِلَ عَلَى الْوِفَاقِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ انْزِجَارُ الطَّيْرِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيمَا عَدَا الطَّيْرَ الْوَصْفَانِ وَكَذَلِكَ فِي الطَّيْرِ إلَّا أَنَّ اعْتِرَاضَ الْأَشْيَاخِ الْمُدَوَّنَةُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الطَّيْرِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الِانْزِجَارِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ (ص) بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ (ش) هَذَا صِفَةٌ لِحَيَوَانِ أَيْ حَيَوَانٌ مُرْسَلٌ مِنْ يَدِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَرْكٌ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ مِنْ يَدِهِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ بِإِرْسَالٍ كَانَ مِنْ يَدِهِ أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ أَوْ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ أَوْ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ يُحْتَرَزُ عَنْ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا فَيَذْهَبَ بِنَفْسِهِ أَشَلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْمَصِيدِ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى مُسْلِمٍ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَلْ ذَلِكَ الْجَرُّ إنَّمَا هُوَ بِالْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ فَالْمَعْطُوفُ هُوَ الْمَحْذُوفُ وَقَوْلُهُ وَنَصْبُهُ إلَخْ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى لِمُقَابَلَتِهِ وَحْشِيًّا. (قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ إلَخْ) أَيْ وَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ وَهُوَ كَوْنُ الْمَحْذُوفِ مُمَاثِلًا لِمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَفْظًا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهَذَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكُوَّةَ هِيَ الطَّاقَةُ) يُقَالُ كُوَّةٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ بِكَهُوَّةٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْجَمْعُ هُوًى بِضَمِّ الْهَاءِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ التَّرَدِّي الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ وَتُجْعَلُ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ . (قَوْلُهُ وَحَيَوَانٌ عُلِّمَ) وَلَوْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنِمْسٍ وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ الْغَدْرَ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يُمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَافٍ (قَوْلُهُ كَمِعْرَاضٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى وَزْنِ مِفْتَاحٍ سَهْمٌ لَا رِيشَ لَهُ دَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ غَلِيظُ الْوَسَطِ وَقَالَ عِيَاضٌ الْمِعْرَاضُ عَصًا فِي طَرَفِهَا حَدِيدَةٌ وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ حَدِيدَةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالتَّكْلِيبُ التَّعْلِيمُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ وَقِيلَ التَّسْلِيطُ فَلَا تَكُونُ مُؤَكِّدَةً بَلْ مُؤَسِّسَةً (قَوْلُهُ قَالَ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ حَدُّ التَّعْلِيمِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ حَدُّ الْمُعَلَّمِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ جَعْلُ الْكَلْبِ بِحَيْثُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ) أَيْ ذَكَرَ الِاعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْوِفَاقِ) أَيْ أَنَّ زِيَادَةَ مَنْ زَادَ وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَفِي ك زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ قِيلَ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِأَنَّ فِي الْأُمِّ وَإِذَا أَشْلَى أَطَاعَ وَالْإِشْلَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَالدُّعَاءِ اهـ فَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ لَفْظَ الشَّامِلِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا يُفِيدُ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إلَخْ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُعْتَبَرُ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ قَالَ بَهْرَامُ وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ شَرْطَ التَّعْلِيمِ وَاحِدٌ وَهُوَ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَلَا يُشْتَرَطُ إذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَقَدْ ذَكَرَ مَنْ يَوْثُقُ بِهِ فِي الصَّيْدِ أَنَّ الْكَلْبَ لَا يَنْزَجِرُ بَعْدَ مَا أُرْسِلَ عَلَى الصَّيْدِ أَوْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ لَهُ فَيَنْبَغِي الْعَمَلُ فِي زَمَانِنَا بِاسْتِقْرَاءِ اللَّخْمِيِّ مِنْ شَرْحِ شب (قَوْلُهُ بِإِرْسَالٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ إذَا قَتَلَهُ الْجَارِحُ أَنْ يَكُونَ مُنْبَعِثًا مِنْ حِينِ الْإِرْسَالِ إلَى حِينِ أَخْذِ الصَّيْدِ فَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ تَرْكٌ بِتَشَاغُلٍ بِغَيْرِ الصَّيْدِ ثُمَّ انْبَعَثَ ثَانِيًا فَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ التَّشَاغُلِ وَكَثِيرِهِ وَرَأَى اللَّخْمِيُّ أَنْ يَسِيرَ التَّشَاغُلِ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا فَيَذْهَبُ بِنَفْسِهِ أَشْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُطْلَقًا فَأَشْلَاهُ أَنْ ذَلِكَ يَكْفِي لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِأَمْرِهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمِلْكُ فَقَطْ لَكِنَّ هَذَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ يَدِهِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَالَ أَوَّلًا إذَا كَانَ مُطْلَقًا وَلَكِنْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ إلَّا بِإِرْسَالِهِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَا أَقُولُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسَمِّي النَّاوِيَ هُوَ الْخَادِمُ فَالْمُرْسِلُ هُوَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ النَّاوِي الْمُسَمِّي وَالْخَادِمُ هُوَ الْمُرْسَلُ فَلَعَلَّ وَجْهَ إجْزَائِهِ كَوْنُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 ص) وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ (ش) أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَوْ نَوَى الْجَمِيعَ) وَأَمَّا لَوْ نَوَى مُعَيَّنًا فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ إذَا قَتَلَهُ أَوْ لَا وَعَلِمَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ الْأَوَّلُ أَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَأَمَّا لَوْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا الْأَوَّلُ فَقَطْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَلَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ وَفَاعِلُ قَوْلِهِ (أَوْ أَكَلَ) لِمَا يُصَادُ بِهِ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَحَيَوَانٌ عُلِمَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَارِحَ إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَيُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) أَوْ لَمْ يَرَ بِغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ فَإِذَا أُرْسِلَ الْكَلْبُ أَوْ الْجَارِحُ عَلَى صَيْدٍ فِي غَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ أَوْ كَانَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ وَنَوَى إنْ وَجَدَ صَيْدًا دَاخِلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَهُ وَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ مَا فِي ذَلِكَ كَالْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ وَالْغَارُ كَالْكَهْفِ فِي الْجَبَلِ وَالْغَيْضَةِ هِيَ الْأَجَمَةُ وَهِيَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ وَالْأَكَمَةُ تَلٌّ وَقِيلَ شُرْفَةٌ كَالرَّابِيَةِ وَهِيَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْحِجَارَةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَرُبَّمَا غَلُظَ وَرُبَّمَا لَمْ يَغْلُظْ وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةُ لَا الْبَصَرِيَّةُ (ص) أَوْ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ مِنْ الْمُبَاحِ (ش) صُورَتُهَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ جَارِحَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظُنَّ جِنْسَهُ مِنْ أَيِّ الْأَجْنَاسِ الْمُبَاحَةِ الْأَكْلِ وَلَا تَحَقَّقَهُ بَلْ تَرَدَّدَ فِيهِ هَلْ هُوَ بَقَرٌ أَوْ حِمَارُ وَحْشٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَإِذَا أَخَذَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ أَنْ يَعْلَمَ جِنْسَهُ مِنْ الْمُبَاحِ حِينَ الْإِرْسَالِ عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ مِنْ الْمُبَاحِ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي نَوْعِهِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَرْئِيِّ نَوْعَهُ مِنْ الْمُبَاحِ لَا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيَظُنَّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ ظَنَّهُ غَيْرَ الْمُبَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ الْمُبَاحِ وَلَكِنْ لَمْ يَظُنَّ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ هُوَ مِنْ الْمُبَاحِ (ص) أَوْ ظَهَرَ خِلَافُهُ (ش) صُورَتُهَا ظَنَّ نَوْعًا مِنْ الْمُبَاحِ كَأَرْنَبٍ مَثَلًا فَأَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ ظَبْيٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الذَّكَاةَ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ (ص) لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ أَكَلَ لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا يَعْنِي أَنَّ الصَّائِدَ إذَا ظَنَّ الصَّيْدَ حَرَامًا أَوْ شَكَّ فِيهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ حَرَامٌ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ الْجَارِحُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ وَجَدَهُ مُبَاحًا لِأَنَّهُ حِينَ رَمَاهُ لَمْ يَرُدَّ صَيْدَهُ فَلَا يَأْكُلُهُ فَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مَا قَابَلَ التَّحَقُّقَ فَيَشْمَلُ الظَّنَّ وَالشَّكَّ وَالتَّوَهُّمَ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إبَاحَتَهُ لَشَمَلَ ظَانَّ الْحُرْمَةِ وَالشَّاكَّ فِيهَا وَالْمُتَوَهِّمَ لَهَا (ص) أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ عَلَى صَيْدٍ مُبَاحٍ فَقَتَلَ   [حاشية العدوي] مَأْمُورًا لَهُ وَقَرِيبًا مِنْهُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِ الْخَادِمِ لِأَنَّ النَّاوِيَ الْمُسَمِّي هُوَ سَيِّدُهُ فَالْإِرْسَالُ مِنْهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ مِصْيَدُهُ) إفْرَادُ الضَّمِيرِ يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ لِلْحَيَوَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا السِّلَاحُ إذَا أَصَابَ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّ الْجَمِيعَ يُؤْكَلُ بِلَا خِلَافٍ أَفَادَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ فِي وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ بَلْ نَوَى مَا أَخَذَهُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى جَمَاعَةِ صَيْدٍ وَلَمْ يُرَدَّ وَاحِدًا مِنْهَا دُونَ الْآخَرِ فَأَخَذَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا أَكَلَ مَا أَخَذَ مِنْهَا اهـ أَيْ بِأَنْ نَوَى الْجَمِيعَ أَوْ نَوَى كُلَّ مَا يَصِيدُهُ وَيَأْخُذُهُ هَذَا الْجَارِحُ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَرَ) أَيْ لَمْ يَعْلَمْ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَقِيلَ الْمُبَالَغَةُ عِلْمُهُ كَانَ مَعَهُ إبْصَارٌ أَمْ لَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا مَنْفَذٌ ثُمَّ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ أَيْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الرُّؤْيَةِ وَإِلَّا فَالرُّؤْيَةُ تَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ (قَوْلُهُ كَالْكَهْفِ فِي الْجَبَلِ) الْكَهْفُ بَيْتٌ مَنْقُورٌ فِي الْجَبَلِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ الْحُفْرَةُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا نَقْرَ فِيهَا (قَوْلُهُ تَلٌّ) يُجْمَعُ عَلَى تِلَالٍ كَسَهْمِ وَسِهَامٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ شُرْفَةٌ) عَلَى وَزْنِ غُرْفَةٍ أَيْ شَيْءٌ مُرْتَفِعٌ (قَوْلُهُ كَالرَّابِيَةِ) كَأَنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الرَّابِيَةُ إلَخْ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهَا الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَفِي الْقَامُوسِ وَالرَّابِيَةُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحِ أَوْ لَا فَلَا يُؤْكَلُ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا قَالُوا وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ (قَوْلُهُ لَمْ يَظُنَّ جِنْسَهُ) الْمُرَادُ الْجِنْسُ اللُّغَوِيُّ فَيُصَدَّقُ بِالنَّوْعِ لِيُوَافِقَ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لَا مَفْعُولَ ثَانٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت وَمَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ الشَّارِحِ قُلْت الْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ أَبَقَرٌ وَحْشِيٌّ أَوْ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ وَهَكَذَا أَوْ يُقَالُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَفْعُولٍ ثَانٍ لِأَنَّهُ يُفَسَّرُ بِيَعْرِفُ وَالْمَعْنَى أَوْ لَمْ يَعْرِفْ نَوْعَهُ وَحِلُّ الشَّارِحِ يُشِيرُ إلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يَسْرِي الْخَطَأُ فِي الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الذَّكَاةَ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاحِدَةٌ) أَيْ مُبِيحَةٌ لِلْأَكْلِ (قَوْلُهُ لَا أَنْ ظَنَّهُ حَرَامًا) وَلَوْ قَصَدَ تَذْكِيَتَهُ (قَوْلُهُ مِنْ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَكَلَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْخُرُوجَ فَرْعُ الْإِدْخَالِ وَلَمْ يَدْخُلْ فَالْأَوْلَى أَوْ يَقُولَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ مِصْيَدُهُ (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ الْجَارِحُ) مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ أَيْ لَمْ يَنْفُذْ لَهُ مَقْتَلًا وَأَدْرَكَهُ وَذَكَّاهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ حَلَالٌ فَيَأْكُلُهُ بِخِلَافِ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ وَأَنَّهَا تَعْمَلُ فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ ظَهَرَتْ إبَاحَتُهُ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ لَشَمِلَ) أَيْ بِدُونِ تَكَلُّفٍ فَلَا يُنَافِي الشُّمُولَ مَعَ التَّكَلُّفِ حَيْثُ قَالَ فَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مَا قَابَلَ التَّحَقُّقَ أَيْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَتَكُونُ صُورَةُ التَّحَقُّقِ مَعْلُومَةً بِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُرَادُ مَا قَابَلَ تَحَقُّقَ الْإِبَاحَةِ فَيَكُونُ تَحَقُّقُ الْحُرْمَةِ دَاخِلًا فِي مَنْطُوقِهِ (تَنْبِيهٌ) : مِثْلَ ظَنِّهِ حُرًّا مَا لَوْ ظَنَّهُ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّهُ حَرَامًا أَوْ شَكَّ أَنَّهُ حَرَامٌ أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَظَنَّ أَنَّهُ حَلَالٌ فَلَا يُؤْكَلُ وَالظَّاهِرُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ حَلَالٌ. (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مُرْسِلٍ عَلَيْهِ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا أَيْ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَخَذَ الْمُرْسَلَ عَلَيْهِ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ الْمُرْسَلِ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ فَيُؤْكَلُ كَالْمُتَقَدِّمَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 غَيْرَهُ مِنْ الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ بِعَيْنِهِ وَنَوَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ آخَرُ أَخَذَهُ فَأَخَذَ غَيْرَ الَّذِي رَآهُ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهُ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَخْذِ بَلْ صَانِعُهُ وَالرَّمْيُ بِالسَّهْمِ فَيَقُولُ أَوْ وَقَعَ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ رَمَى سَهْمًا لِأَنَّ السَّهْمَ لَا يُقَالُ لَهُ مُرْسَلٌ بَلْ مَرْمِيٌّ (ص) أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةِ غَيْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ وَالْتَبَسَ الْحَالُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُحَرَّمُ وَغَيْرُهُ فِي شَيْءٍ غُلِّبَ جَانِب الْمُحَرَّمِ كَأَحَدِ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَيُعِينُهُ كَلْبٌ آخَرُ مُعَلَّمٌ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ الَّذِي أَعَانَهُ عَلَيْهِ مُعَلَّمًا قَدْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى الصَّيْدِ بِعَيْنِهِ إذَا نَوَيَاهُ فَقَتَلَهُ كَلْبَاهُمَا فَهُوَ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ (ص) كَمَاءٍ (ش) هُوَ بِالْمَدِّ يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ الْجَارِحُ وَمَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَوْتُهُ بِسَبَبِ الْجُرْحِ أَوْ غَمْرِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُنْفِذْ شَيْئًا مِنْ الْمَقَاتِلِ وَأَمَّا إذَا أُنْفِذَتْ الْمَقَاتِلُ ثُمَّ شَارَكَ الْمُبِيحُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (ص) أَوْ ضَرْبٍ بِمَسْمُومٍ (ش) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ أَوْ شَرِكَةِ سَهْمٍ مَسْمُومٍ ضَرَبَ بِهِ الصَّيْدَ فَمَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ مَاتَ مِنْ السَّهْمِ أَوْ مِنْ السُّمِّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ أَوْ سِلَاحٌ مَسْمُومٌ وَلِذَا عَبَّرَ بِالضَّرْبِ الْأَعَمِّ دُونَ الرَّمْيِ الْخَاصِّ بِالسَّهْمِ أَيْ وَلَمْ يُنْفِذْ السِّلَاحُ مَقَاتِلَهُ وَلَا أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ فَبِهَذَا يَحْصُلُ الشَّكُّ فَإِنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ السِّلَاحُ قَبْلَ أَنْ يَسْرِي السُّمُّ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ خَوْفًا مِنْ أَذَى السُّمِّ (ص) أَوْ كَلْبِ مَجُوسِيٍّ (ش) صُورَتُهَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ وَأَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبًا لَهُ أَوْ لِمُسْلِمٍ أَوْ بَازَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ بِعَيْنِهِ فَقَتَلَاهُ مَعًا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ أَوْ سَهْمَهُ هُوَ الْقَاتِلُ وَلَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَالْمُرَادُ بِالْمَجُوسِيِّ هُنَا الْكَافِرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَمَّا لَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبًا لِمَجُوسِيٍّ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَا أَثَرَ لِمِلْكِ الْمَجُوسِيِّ لَهُ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُسْلِمُ بِآلَةِ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ (ص) أَوْ بِنَهْشِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّائِدَ إذَا ذَبَحَ الصَّيْدَ مَعَ نَهْشِ الْجَارِحِ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ أَيْ عَلَى خَلَاصِ الْمَصِيدِ مِنْ الْجَارِحِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ نَهْشِ الْجَارِحِ فَلَوْ تَيَقَّنَ مَوْتَهُ مِنْ الذَّبْحِ أَكَلَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ الْجَارِحِ حَتَّى مَاتَ مِنْ نَهْشِهِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ إنْ كَانَ الْجَارِحُ قَدْ جَرَحَهُ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْجُرْحَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ (ص) أَوْ أَغْرَى فِي الْوَسَطِ (ش) أَغْرَى قَوِيٌّ وَحَضَّ إنْ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا كَمَا بَعْدَهُ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ نَظَائِرِ الشَّرِكَةِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي تَوْضِيحِهِ إذْ لَمْ يَعُدَّهُ مِنْهَا فَالتَّقْدِيرُ وَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إذَا ظَنَّهُ الصَّائِدُ حَرَامًا أَوْ أَغْرَى الْجَارِحُ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ فِي الْوَسَطِ أَيْ أَثْنَاءَ الِانْبِعَاثِ وَسَوَاءٌ زَادَهُ الْإِغْرَاءُ قُوَّةً وَانْشِلَاءً أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى نَظَائِرِ الشَّرِكَةِ فَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ انْخِرَاطُهُ فِي سِلْكِهَا وَمَا نُوقِشَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْإِغْرَاءَ مُبِيحٌ لَا مُحْظِرٌ تَعَسُّفٌ إذْ الْإِغْرَاءُ هُوَ الْمُثِيرُ لِلشَّكِّ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ اثْنَتَانِ لَا يُؤْكَلُ فِيهِمَا وَهُمَا إذَا أَخَذَ الْجَارِحُ مَا لَمْ يُرْسِلْهُ الصَّائِدُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الثَّانِيَةُ إذَا قَصَدَ مَا وَجَدَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى شَيْئًا مُعَيَّنًا وَالثَّالِثَةُ يُؤْكَلُ فِيهَا وَهِيَ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ عِنْدَهُ وَيَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَأْتِي بِهِ مَعَهُ مِمَّا لَمْ يَرَهُ وَظَاهِرُ مَا فِيهَا وَلَوْ أَتَى بِهِ دُونَ مَا عَيَّنَهُ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ الْمُذَكِّي صَائِدًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْمُرَادُ الْمُذَكِّي بِسَهْمِهِ أَوْ حَيَوَانِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَثَرُ الْمُبِيحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَقَوْلُهُ فِي بِمَعْنَى بَاءِ السَّبَبِيَّةِ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَكَلَ الْمُذَكِّي وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ مَعَ تَحَقُّقِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الذَّكَاةِ دُونَ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ كَمَاءٍ) أَيْ كَاجْتِمَاعِ الذَّكَاةِ مَعَ غَمْرِ مَاءٍ فِي صَيْدٍ كَذَا قَدَّرَ عب وَلَا حَاجَةَ لِتَقْرِيرِ اجْتِمَاعٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَاءٍ مِثَالٌ لِلْغَيْرِ الْمُشَارِكِ لِلْمُبِيحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَارَكَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَتْ الْمُشَارَكَةُ فِي حَالِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ شَرِكَةُ سَهْمٍ مَسْمُومٍ) أَيْ غَيْرُهُ الَّذِي هُوَ السَّهْمُ وَهَذَا الْحِلُّ يُؤْذِنُ بِتَغْيِيرٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ شَرِكَةُ سَهْمِ غَيْرِهِ وَهُوَ السُّمُّ بِسَبَبِ ضَرْبٍ بِمَسْمُومٍ لَكَانَ أَوْلَى بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَاءٍ وَلَا يُقَدِّرُ شَرِكَةً وَيَكُونُ الْمَلْحُوظُ فَيُجَانِبُ الْمَعْطُوفَ السُّمَّ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ (قَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ أَذَى السُّمِّ) وَلَمْ يَحْرُمْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ السِّرَايَةُ بَلْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ وَانْظُرْ فِي حَالَةِ الظَّنِّ وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ فِي حَالَةِ الظَّنِّ وَقَالَ فِي ك وَمَفْهُومُهُ إنْ سَرَى السُّمُّ فِيهِ لَمْ وَيُؤْكَلُ أَيْ يَحْرُمُ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ أَوْ سَهْمَهُ هُوَ الْقَاتِلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَهُ كَلْبُ الْمُسْلِمِ يُؤْكَلُ وَلَوْ بِمَعُونَةِ إمْسَاكِ كَلْبِ الْكَافِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُرْسِلْهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ إمْسَاكِ كَلْبِ الْكَافِرِ فَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَهْمَ الْمُسْلِمِ قَتَلَهُ دُونَ سَهْمِ الْمَجُوسِيِّ مِثْلَ أَنْ يُوجَدَ سَهْمُ الْمُسْلِمِ فِي مَقْتَلِهِ وَسَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ تُسَاوَوْا فِي الْفِعْلِ وَإِلَّا قُسِمَ عَلَى حَسَبِ الْفِعْلِ وَمِثْلُ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ كَلْبُ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يَدْرِي هَلْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ أَمْ لَا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ نَوَى وَسَمَّى أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ بِنَهْشِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاءٍ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةِ غَيْرِهِ وَالنَّهْشُ أَخْذُ اللَّحْمِ بِمُقَدَّمِ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ مَا) أَيْ صَيْدًا وَقَوْلُهُ قَدَرَ أَيْ الصَّائِدُ وَقَوْلُهُ عَلَى خَلَاصِهِ أَيْ الصَّيْدِ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْجَارِحِ. (قَوْلُهُ تَعَسُّفٌ إلَخْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 شَكَّ فِي عَدَمِ أَكْلِهِ فَهُوَ شَرِيكٌ لِمُثِيرَاتِ الشَّكِّ وَلَا يَضُرُّ فِي مُشَارَكَتِهِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَوْلَاهُ لَمَا شَكَّ فِي أَكْلِهِ وَالْإِغْرَاءُ بِعَكْسِ ذَلِكَ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا شَكَّ فِي عَدَمِ أَكْلِهِ (ص) أَوْ تَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّائِدَ إذَا أَرْسَلَ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا وَتَرَاخَى فِي اتِّبَاعِ ذَلِكَ فَلَمْ يُدْرِكْ الصَّيْدَ إلَّا مَقْتُولًا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إذْ لَعَلَّهُ لَوْ جَدَّ وَأَدْرَكَهُ ذَكَّاهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَالْإِسْرَاعُ فِي طَلَبِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ وَلَوْ أَسْرَعَ فِي اتِّبَاعِهِ لَا يَلْحَقُهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْكُلُهُ وَلَوْ تَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَوَارِحُ (ص) أَوْ حَمَلَ الْآلَةَ مَعَ غَيْرٍ أَوْ بِخُرْجٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنْ الصَّائِدَ إذَا وَضَعَ آلَةَ الذَّبْحِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ أَوْ يَظُنَّ أَوْ يَشُكَّ أَوْ وَضَعَ الْآلَةَ فِي خُرْجٍ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُهَا بِسُرْعَةٍ فَمَاتَ الصَّيْدُ قَبْلَ تَنَاوُلِ الْآلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ لِتَفْرِيطِ الصَّائِدِ إذْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ آلَةَ الذَّبْحِ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَدْعِي طُولًا فِي تَنَاوُلِهَا إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْآلَةُ بِيَدِهِ لَمْ يُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَقَوْلُنَا وَهُوَ يَعْلَمُ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْحَامِلَ لِلْآلَةِ يَسْبِقُهُ لِلصَّيْدِ ثُمَّ خَالَفَ عِلْمَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَسَبَقَهُ هُوَ وَأَدْرَكَهُ حَيًّا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (ص) أَوْ بَاتَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الصَّيْدَ إذَا بَاتَ عَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ فِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ وَجَدَ سَهْمَهُ فِي مَقَاتِلِهِ وَعَرَفَهُ وَالصَّيْدُ مَيِّتٌ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَوْ جَدَّ فِي اتِّبَاعِهِ لِأَنَّ اللَّيْلَ يُخَالِفُ النَّهَارَ فِي أَنَّ الْهَوَامَّ تَظْهَرُ فِيهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ شَيْءٌ مِنْهَا بِخِلَافِ النَّهَارِ لِأَنَّ الصَّيْدَ يَمْنَعُ نَفْسَهُ فِيهِ فَالْمُرَادُ بِالْبَيَاتِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ عَدَا عَلَيْهِ شَيْءٌ لَأَثَّرَ فِيهِ (ص) أَوْ صَدَمَ أَوْ عَضَّ بِلَا جُرْحٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الصَّيْدَ إذَا مَاتَ مِنْ صَدْمِ الْكَلْبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ إذَا مَاتَ مِنْ عَضِّ الْجَارِحِ أَوْ الْكَلْبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْرَحَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْجُرْحَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ فَقَوْلُهُ بِلَا جُرْحٍ رَاجِعٌ لَهُمَا وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ جُرْحُ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْجُرْحَ لَمَّا أُسْنِدَ هُنَاكَ لِلصَّائِدِ أَنَّ الْمُرَادَ الْجُرْحُ حَقِيقَةً فَدَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ أَوْ صَدَمَ إلَخْ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجُرْحُ حَقِيقَةً بِأَنْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ جَرَحَهُ الْجَارِحُ أَوْ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ (ص) أَوْ قَصْد مَا وَجَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّائِدَ إذَا أَرْسَلَ عَلَى صَيْدٍ غَيْرِ مَرْئِيٍّ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ أَوْ سَهْمَهُ وَلَيْسَ   [حاشية العدوي] أَقُولُ لَا تَعَسُّفَ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْإِرْسَالَ مِنْ يَدِهِ وَكَانَ شَرْطًا فِي حِلِّيَّةِ الصَّيْدِ فَيَجْزِمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَغْرَى فِي الْوَسَطِ لَا تُؤْكَلُ لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ بَلْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إغْرَاءٌ فِي الْوَسَطِ بَعْدَ قَوْلِهِ سَابِقًا بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْإِرْسَالِ مِنْ الْيَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْبَاجِيُّ لَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ مَا مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِهِ وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ ثُمَّ أَغْرَاهُ مُسْلِمٌ مَا أُكِلَ صَيْدُهُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ) الْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ اتَّبَعَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ فَيُؤْكَلُ وَالْعِبْرَةُ بِمَا تَبَيَّنَ وَلَا يُؤْكَلُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ كَمَا فِي عج وَقَدْ يُقَالُ لَا تُؤْكَلُ فِي الِانْتِهَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ غَسَلَ دَمَ الرُّعَافِ وَفَاتَ الْمَوْضِعُ وَخَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَلَوْ وَافَقَ فِعْلُهُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْآلَةُ بِيَدِهِ قَالَ فِي ك وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ عَدَمُ الْأَكْلِ فِيمَا إذَا حَمَلَ الْآلَةَ مَعَ الْغَيْرِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّائِدُ يَجْهَلُ حُكْمَ التَّذْكِيَةِ وَالْغَيْرُ يَعْلَمُهَا فَيَصِيرُ الصَّائِدُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَالْعِبْرَةُ بِمَنْ مَعَهُ الْآلَةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ كُلُّ مَا قُبِلَ فِي الصَّائِدِ مِنْ التَّرَاخِي وَعَدَمِهِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ) سَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ (قَوْلُهُ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ) أَيْ مِنْ اللَّيْلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ اللَّيْلَ إلَخْ مُفَادُهُ كَمَا قَالَ عج أَنَّهُ لَوْ رَمَاهُ وَغَابَ عَنْهُ يَوْمًا كَامِلًا وَوَجَدَهُ مَيِّتًا أَنَّهُ يُؤْكَلُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَاخَ فِي إتْبَاعِهِ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (قَوْلُهُ أَوْ صَدَمَ) أَيْ لَطَمَ (قَوْلُهُ بِلَا جُرْحٍ) أَيْ بِلَا إدْمَاءٍ أَيْ وَلَوْ مَعَ تَنْيِيبٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِصْيَدُ مَرِيضًا فَشَقَّ جِلْدَهُ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ دَمٌ فَيَكْفِي جُرْحُ الْجَارِحِ لَهُ وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ مَرِيضًا بِشَقِّ جِلْدِهِ دُونَ نُزُولِ دَمٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الصَّيْدِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِدُونِ إدْمَاءٍ مِنْ الْآلَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهُ دَمٌ بِشَقِّ الْجِلْدِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْصُلُ وَهُوَ الْمَرِيضُ مِنْهُ دَمٌ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ بِدُونِ سَيَلَانِ دَمٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إذَا حَصَلَ الْإِدْمَاءُ مِنْ غَيْرِ الْآلَةِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ جُرْحٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ سَوَاءٌ كَانَ الْجُرْحُ مِنْ الْآلَةِ أَوْ مِنْ صَدْمِ الصَّيْد وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ تت عِنْدَ قَوْلِهِ وَجُرْحُ مُسْلِمٍ وَخَرَجَ بِهِ مَا مَاتَ خَوْفًا أَوْ مَنْ جُرِحَ دُونَ جُرْحِ الْجَارِحِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَهَذَا مَفْهُومُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَدَمَ أَوْ عَضَّ بِلَا جُرْحٍ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْجُرْحَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ مَفْهُومِهِ أَيْ فَإِنَّهُ أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَهُ لِأَكْلٍ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَأَنَّ الْمُرَادَ جُرْحُ الصَّائِدِ لَا كَلْبُهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجُرْحُ حَقِيقَةً) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنَّ الْمُرَادَ جُرْحُ الصَّائِدِ حَقِيقَةً أَيْ بِحَيْثُ لَا يَشْمَلُ جُرْحَ كَلْبِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جُرْحُ مُسْلِمٍ مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ جُرْحٌ لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَدَمَ إلَخْ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ مَفْهُومِهِ وَهَذَا الْجَوَابُ نَظَرَ فِيهِ لِمَنْطُوقِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَفْهُومُهُ غَيْرَ شَرْطٍ لَمْ يَعْتَبِرْهُ. (قَوْلُهُ غَيْرِ مَرْئِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مَعْلُومٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَاعِدَةُ الصَّيْدِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا أَيْ مَرْئِيًّا أَيْ مَعْلُومًا وَلَوْ بِغَيْرِ الرُّؤْيَةِ كَأَنْ يَسْمَعُ صَوْتَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 الْمَكَانُ مَحْصُورًا وَقَصَدَ مَا وَجَدَ فِي طَرِيقِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُرَ بِغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ (ص) أَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ أَوَّلٍ وَقَتَلَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إذَا أَرْسَلَ الصَّائِدُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ أَرْسَلَ بَازًا أَوْ كَلْبًا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَ الثَّانِي الصَّيْدَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَيْ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهُ الْأَوَّلُ صَارَ أَسِيرًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلصَّيْدِ هُوَ الْأَوَّلَ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَنْ يُمْسِكَ الْجَارِحُ الْأَوَّلُ الصَّيْدَ لَجَازَ أَكْلُهُ بِلَا إشْكَالٍ (ص) أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَارِحَ إذَا اضْطَرَبَ عَلَى صَيْدِ رَآهُ فَأَرْسَلَهُ الصَّائِدُ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّيْدَ لَمْ يَرَهُ الصَّائِدُ وَلَا غَيْرُهُ وَالْمَكَانُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَإِذَا أَخَذَ الْجَارِحُ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْجَارِحُ قَدْ أَخَذَ غَيْرَ الَّذِي اضْطَرَبَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا اضْطَرَبَ عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي أُخِذَ مِثْلُ أَنْ يَرَاهُ غَيْرُهُ وَلَا يَرَاهُ هُوَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلِمَالِكٍ جَوَازُ أَكْلِهِ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ أَوْ لَا ابْنُ رُشْدٍ مِنْ النَّاسِ مَنْ حَمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّيْدِ وَيَنْوِي إنْ كَانَ وَرَاءَهَا جَمَاعَةٌ أُخْرَى لَمْ يَرَهَا فَيَأْخُذُ مَا لَمْ يَرَ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ وَلَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَرْسَلَ يَنْوِي صَيْدَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَأَمَّا لَوْ نَوَاهُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَإِلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرِبُ) أَيْ عَلَيْهِ فَحَذَفَ الْجَارَ وَأَوْصَلَ الْفِعْلَ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ عَلَى مَا فِيهِ (وَغَيْرُهُ فَتَأْوِيلَانِ) بِالْأَكْلِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعَدَمِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ وَإِنَّ رُؤْيَةَ الْجَارِحِ كَرُؤْيَةِ رَبِّهِ أَوْ لَا فِيهِمَا وَلَيْسَ كَمَنْ رَأَى جَمَاعَةَ صَيْدٍ فَنَوَاهَا وَمَا وَرَاءَهَا لِأَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ تَبَعٌ لَهُ انْتَهَى (ص) وَوَجَبَ نِيَّتُهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي نِيَّتِهَا يَرْجِعُ   [حاشية العدوي] وَنَحْوَ ذَلِكَ أُكِلَ كَانَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا أَيْ مَعْلُومًا وَكَانَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا كَالْغَارِ أُكِلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَقَتْلٍ) أَيْ الثَّانِي أَوْ قَتَلَاهُ جَمِيعًا فَلَا يُؤْكَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَجَازَ أَكْلُهُ) قَتَلَهُ الثَّانِي أَوْ قَتَلَاهُ مَعًا وَمَفْهُومُ بَعْدُ أَنَّهُ لَوْ أُرْسِلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلٍ وَقَتَلَ الثَّانِي أَوْ قَتَلَا جَمِيعًا فَيُؤْكَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَمَفْهُومُ بَعْدَ مَسْكِهِ لَوْ أُرْسِلَ ثَانِيًا بَعْدَ قَتْلِ أَوَّلٍ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي لَهُ فَيُؤْكَلُ أَيْضًا، وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلٍ فَمَسَكَ الْأَوَّلُ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي ثُمَّ قَتَلَ الثَّانِي فَيُؤْكَلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَقَتَلَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَرْسَلَ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبْرِزَ الضَّمِيرَ بِاتِّفَاقِ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ فَيَقُولُ وَقَتَلَ هُوَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَتَلَ عَائِدٌ عَلَى الثَّانِي وَقَتَلَ وَقَعَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلٍ فَقَدْ جَرَى الضَّمِيرُ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ فِي الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ وَلِمَالِكٍ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ مِنْ حَمْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ) أَيْ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يَرَ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا نَوَى الْمُضْطَرِبُ وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ حَكَمَ بِعَدَمِ الْأَكْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَى الْمُضْطَرِبُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِخِلَافٍ) أَقُولُ أَيْ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِأَنَّهُ أَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي لَمْ يَرَ لِكَوْنِهِ نَوَى مَعَ مَنْ رُئِيَ وَلَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ لَأَكَلَ. (قَوْلُهُ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ) أَيْ حَذَفَ الْجَارَ تَوَسُّعًا فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ حَذْفِ نَائِبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) الَّذِي فِيهِ أَنَّ بَابَ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ إجْمَاعًا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ الْعَمْدُ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْفَضَلَاتِ كَذَا فِي ك أَيْ فَالْمُصَنِّفُ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ بِالْأَكْلِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ) أَيْ لِأَنَّهُ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِكَوْنِهِ مَا نَوَى إلَّا الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ خَاصَّةً فَالْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَعِنْدَهُ لَا يُؤْكَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ خَاصَّةً أَوْ نَوَاهُ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَالْخِلَافُ وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الْخِلَافَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِمَالِكٍ جَوَازُ أَكْلِهِ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ فَهُوَ نَاظِرٌ لِلتَّأْوِيلِ بِالْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَإِنَّ رُؤْيَةَ الْجَارِحِ كَرُؤْيَةِ رَبِّهِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ لَيْسَ الْغَالِبُ كَالْمُحَقَّقِ وَلَيْسَ رُؤْيَةُ الْجَارِحِ كَرُؤْيَةِ رَبِّهِ أَيْ فَلَا يُؤْكَلُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَمَنْ رَأَى جَمَاعَةَ صَيُودٍ) أَيْ كَمَا ادَّعَى ابْنُ رُشْدٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْقَائِلِ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ وَلَيْسَ كَمَنْ رَأَى جَمَاعَةَ صَيُودٍ (ثُمَّ أَقُولُ) ظَهَرَ لَك أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِالْخِلَافِ يُسَلِّمُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَقُولُ بِالْقِيَاسِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فَإِذَنْ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ النَّاسِ مَنْ حَمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُخَالَفَةُ مِنْ حَيْثُ يُسَلِّمُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ بِالْأَكْلِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَوْ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ تَبَعٌ لِلْمَرْئِيِّ) أَيْ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَرْئِيٌّ. (تَنْبِيهٌ) : بِالتَّأَمُّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ تَأْوِيلَانِ بِالْخِلَافِ كَمَا قَالَ غَيْرُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْوِفَاقُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا بِالْأَكْلِ وَعَدَمِهِ كَمَا قَالَ بَعْدَ حَيْثُ قَالَ فَتَأْوِيلَانِ بِالْأَكْلِ نَعَمْ التَّأْوِيلَانِ بِالْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْخِلَافِ بِالْأَكْلِ وَعَدَمِهِ إذَا نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 إلَى الذَّكَاةِ بِأَقْسَامِهَا الْأَرْبَعَةِ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَالْعَقْرُ وَمَا يُعَجِّلُ الْمَوْتَ كَإِلْقَاءِ فِي نَارٍ وَنَحْوِهَا أَوْ قَطْعِ جَنَاحٍ لِجَرَادٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ مِنْ الْبَرِّ لَكِنَّ النِّيَّةَ فِي الْعَقْرِ عِنْدَ إرْسَالِ الْجَارِحِ أَوْ السَّهْمِ وَالنِّيَّةُ عَلَى قِسْمَيْنِ نِيَّةُ تَقَرُّبٍ وَنِيَّةُ تَمْيِيزٍ وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِسْلَامُ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةُ وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ يَنْوِي بِهَذَا الْفِعْلَ مَنْ ذَبَحَ وَمَا مَعَهُ تَذْكِيَتَهَا لَا قَتْلَهَا أَيْ يَنْوِي أَنْ يُحَلِّلَهَا وَيُبِيحَهَا لَا يَقْتُلَهَا وَهَذَا مُتَأَتٍّ مِنْ الْكِتَابِيِّ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَوَجَبَ نِيَّتُهَا أَيْ مِنْ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ (ص) وَتَسْمِيَةٌ إنْ ذَكَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ أَيْضًا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ فِي الذَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَيَقُولُ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَعِنْدَ النَّحْرِ وَعِنْدَ الْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوَسُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَجْزَأَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ تَسْمِيَةٌ وَمَا مَضَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَحْسَنَ وَهُوَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اهـ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ اللَّهِ ثُمَّ لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَتَسْمِيَةِ إنْ ذَكَرَ لَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَقَالَ ز قَوْلُهُ إنَّ ذَكَرَ خَاصٌّ بِالتَّسْمِيَةِ وَقَدْ حُذِفَ مِنْ هُنَا الْوَاوُ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ وَقُدِّرَ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَرِينِهِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الْقَادِرِ كَالْأَخْرَسِ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَأَفَادَ اشْتِرَاطَ الذِّكْرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا مَعَهُ لَمْ تُؤْكَلْ سَوَاءٌ كَانَ جَاهِلًا أَوْ لَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْجَاهِلِ اهـ (ص) وَنَحْرُ إبِلٍ وَذَبْحُ غَيْرِهَا إنْ قَدَرَ (ش) يَعْنِي إنَّ الْإِبِلَ بُخْتُهَا وَعِرَابُهَا يَجِبُ نَحْرُهَا فَإِنْ ذُبِحَتْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ الْإِبِلِ الْفِيلُ وَإِنَّ الْغَنَمَ وَالطَّيْرَ وَلَوْ نَعَامَةً يَجِبُ ذَبْحُهَا فَإِنْ نَحَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارًا لَمْ يُؤْكَلْ وَلَوْ سَاهِيًا (ص) وَجَازَ لِلضَّرُورَةِ (ش) أَيْ وَجَازَ وُقُوعُ الذَّبْحِ مَحَلَّ النَّحْرِ وَوُقُوعُ النَّحْرِ مَحَلَّ الذَّبْحِ لِلضَّرُورَةِ مِنْ وُقُوعٍ فِي مَهْوَاةٍ وَجَزَمَ فِي الشَّامِلِ بِضَرُورَةِ عَدَمِ الْآلَةِ فَقَالَ فَإِنْ عَكَسَ فِي الْأَمْرَيْنِ لِعُذْرٍ كَعَدَمِ مَا يُنْحَرُ بِهِ صَحَّ وَلَا يُعْذَرُ بِنِسْيَانِ وَفِي الْجَهْلِ قَوْلَانِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْلِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ الذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ وَالنَّحْرُ فِيمَا يُنْحَرُ لَا جَهْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِهِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا عُذِرَ بِالْجَهْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ دُونَ النِّسْيَانِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ فَقْدِ آلَةِ الذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ وَآلَةِ النَّحْرِ فِيمَا يُنْحَرُ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ (ص) إلَّا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ الذَّبْحُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ وَذَبَحَ غَيْرَهُ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْغَيْرِ كُلُّ حَيَوَانٍ أَوْ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَازَا لِلضَّرُورَةِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَبْحُ غَيْرِ الْإِبِلِ إلَّا الْبَقَرَ فَلَا يَتَعَيَّنُ الذَّبْحُ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ أَيْ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الْبَقَرِ الذَّبْحَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ النَّحْرِ فِيهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ أَخَذَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ عَدَمَ وُجُوبِ ذَبْحِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِأَقْسَامِهَا الْأَرْبَعَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِسْمَ الرَّابِعَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ نَبْتُهَا أَيْ الذَّكَاةُ الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهَا) أَيْ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ أَيْ يَنْوِي أَنْ يُحَلِّلَهَا وَيُبِيحَهَا) اعْتَرَضَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَإِنْ ذَهِلَ عَنْ قَصْدِ الْحِلِّ بِهِ فَمَنْ نَوَى بِالذَّبْحِ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَذَهِلَ عَنْ كَوْنِ ذَلِكَ يُبِيحُ الذَّبْحَ كُفِيَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الذَّبْحِ وَالصَّيْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ اهـ وَالشَّارِحُ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلَّقَانِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج ارْتَضَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِيِّ النِّيَّةُ وَلَا التَّسْمِيَةُ فَإِنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الْكَافِرِ (قَوْلُهُ إنْ ذَكَرَ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا فَلَا شَيْءَ. (تَنْبِيهٌ) : مَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا ابْتِدَاءً ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَبَعْدَ قَطْعِ الْبَعْضِ سَمَّى فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ ابْتِدَاءً نِسْيَانًا ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ مَا قَطَعَ بَعْضَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وُجُوبًا فَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الذِّكْرِ عَامِدًا كَانَ كَالتَّارِكِ لَهَا ابْتِدَاءً عَامِدًا وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالتَّسْمِيَةِ أَيْ ذِكْرِ اللَّهِ إلَّا بِالْعَجَمِيَّةِ فَهَلْ يَأْتِي بِهَا أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ مِنْ ك (قَوْلُهُ عِنْدَ الذَّبْحِ إلَخْ) أَيْ وَعِنْدَ الْإِلْقَاءِ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ) الْبَاجِيُّ لَوْ سَمَّى حِينَ الرَّمْيِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبِيحَة سَمَّى لِذَكَاتِهِ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ وَتَسْمِيَةٌ فَظَاهِرُهُ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي أَيُّ ذِكْرٍ كَانَ مَعَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ يَكْفِي غَيْرُ بِاسْمِ اللَّهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَتَسْمِيَةٌ أَيْ ذِكْرٌ بَلْ لَوْ قَالَ اللَّهُ وَلَمْ يُلَاحِظْ لَهُ خَبَرًا لَكَفَى وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِالصِّفَةِ كَالْخَالِقِ أَوْ الرَّزَّاقِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمْ كَاَللَّهِ لِأَنَّهُ مُسْتَجْمِعٌ لِسَائِرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْخَالِقِ وَالرَّزَّاقِ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْإِبِلِ الْفِيلُ) أَيْ وَالزَّرَافَةُ كَذَا قَالَ عج وَالزَّرَافَة بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ وَالطَّيْرَ وَلَوْ نَعَامَةً إلَخْ) بَالَغَ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ لِرَدِّ خِلَافٍ وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَذَبَحَ غَيْرَهُ حَتَّى الطَّيْرُ الطَّوِيلُ الْعُنُقِ كَالنَّعَامَةِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ تَحَرَّتْ لَمْ تُؤْكَلْ اهـ. (قَوْلُهُ وَوُقُوعُ النَّحْرِ مَحَلُّ الذَّبْحِ) لَكِنْ فِي اللَّبَّةِ لَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ عَقْرٌ (قَوْلُهُ مَهْوَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْحُفْرَةُ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَعَ مَا أَفَادَ الصَّرْفُ عَنْ الْوُجُوبِ مِنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مُقْتَضَاهُ أَيْ مُقْتَضَى اسْتِحْبَابِ الذَّبْحِ وَقَوْلُهُ جَوَازُ النَّحْرِ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ حُرْمَتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ تَذْبَحُوا تُذَكُّوا الصَّادِقَ بِالذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَلَكِنْ لَمَّا عَبَّرَ بِصِيغَةِ الذَّبْحِ أَفَادَ رُجْحَانَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا} [البقرة: 67] لَا تَنْحَرُوا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِيكُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 فَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَقَرَ تُذْبَحُ وَتُنْحَرُ وَالْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً بِأَنْ ذَبَحَ مَا يُنْحَرُ أَوْ عَكْسُهُ اخْتِيَارًا لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا الْبَقَرُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (ص) كَالْحَدِيدِ وَإِحْدَادِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْآلَةُ الَّتِي يَذْبَحُ بِهَا أَوْ يَنْحَرُ بِهَا مِنْ الْحَدِيدِ فَلَوْ فَعَلَ بِغَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ أَجْزَأَهُ إذَا أَفْرَى الْأَوْدَاجَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْآلَةُ مَحْدُودَةً أَيْ سَرِيعَةَ الْقَطْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَهْوَنُ عَلَى الْمَذْبُوحِ لِخُرُوجِ رُوحِهِ بِسُرْعَةٍ فَتَحْصُلُ لَهُ الرَّاحَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ وَإِحْدَادِهِ أَيْ سَنِّهِ لِخَبَرِ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ» (ص) وَقِيَامُ إبِلٍ وَضَجْعُ ذِبْحٍ عَلَى أَيْسَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُنْحَرَ الْإِبِلُ قَائِمَةً مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ وَافَقَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُطْلَبُ قِيَامُ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ نَحْرُهُ أَوْ مِمَّا يَجُوزُ حَيْثُ قَصَدَ نَحْرَهُ أَمْ لَا وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَذْبُوحُ وَقْتَ الذَّبْحِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلذَّابِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ أَعْسَرَ فَيُضْجِعَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَالَ فِيهَا السُّنَّةُ أَخْذُ الشَّاةِ بِرِفْقٍ وَتُضْجَعُ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَرَأْسُهَا مُشْرِفٌ وَتَأْخُذُ بِيَدِك الْيُسْرَى جِلْدَةَ حَلْقِهَا مِنْ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَمُدُّهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْبَشَرَةُ وَتَضَعُ السِّكِّينَ فِي الْمَذْبَحِ حَتَّى تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ ثُمَّ تُسَمِّي اللَّهَ وَتُمِرُّ السِّكِّينَ مَرًّا مُجْهِزًا مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ ثُمَّ تَرْفَعُ وَلَا تَنْخَعْ وَلَا تَضْرِبْ بِهَا الْأَرْضَ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلِك عَلَى عُنُقِهَا اهـ (ص) وَتَوَجُّهُهُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُ الْمَذْبُوحِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَإِلَّا أَسَاءَ وَتُؤْكَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ وَعَدَمَ تَوْجِيهِ الْبَائِلِ إلَى الْقِبْلَةِ خِفَّةُ الدَّمِ بِالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَأَكْلُ الْبَاقِي مِنْهُ فِي الْعُرُوقِ وَفِي الْبَوْلِ كَشْفُ عَوْرَةٍ أَيْضًا وَالْأَوْلَى أَنْ لَوْ قَالَ وَتَوْجِيهُهُ وَظَاهِرُهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ قَوْلَهُ وَتُوَجِّهُهُ فِيمَا يُذْبَحُ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنَحْرُهَا إلَخْ مَا يَقْتَضِي نَدْبُهُ فِي النَّحْرِ أَيْضًا (ص) وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُوَضِّحَ الذَّابِحُ الْمَحَلَّ الَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ مِنْ صُوفٍ أَوْ زَغَبٍ الَّذِي يَسْتُرُ مَحَلَّ الذَّبْحِ   [حاشية العدوي] (تَنْبِيهٌ) : مِنْ الْبَقَرِ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ مَا يُشْبِهُ الْبَقَرَ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ وَالتَّيْتَلِ وَنَحْوِهِمَا قَالَ الشَّارِحُ الْبَاجِيُّ وَالْخَيْلُ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ أَكْلِهَا كَالْبَقَرِ أَيْ فَيَجُوزُ فِيهَا الْأَمْرَانِ وَيُنْدَبُ الذَّبْحُ الطُّرْطُوشِيُّ وَكَذَا الْبِغَالُ وَالْحُمُرُ الْإِنْسِيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا اهـ (أَقُولُ) فَلْيَكُنْ مِثْلُ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ الْحُمُرَ الْوَحْشِيَّةَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ الَّتِي يَذْبَحُ بِهَا أَوْ يَنْحَرُ بِهَا إلَخْ) بَلْ حَتَّى الْعَقْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تت (قَوْلُهُ إذَا أَفْرَى الْأَوْدَاجَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الذَّبْحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ فَمَا مَعْنَى هَذَا الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ وَلْيُحِدَّ) بِضَمِّ الْيَاءِ (قَوْلُهُ شَفْرَتَهُ) بِفَتْحِ الشِّينِ هِيَ السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ وَالْجَمْعُ شِفَارٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَشَفَرَاتٌ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مُطْلَقُ السِّكِّينِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَرِيضَةً. (قَوْلُهُ وَضَجْعِ إلَخْ) بِفَتْحِ الضَّادِ إذْ هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّدْبُ وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَالْهَيْئَةُ (قَوْلُهُ ذِبْحٍ) بِكَسْرِ الذَّالِ (قَوْلُهُ مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةً) ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَنَاقَشَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ نَحْرَهَا مَعْقُولَةً إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ ذَبْحِهَا قَائِمَةً مُقَيَّدَةً اهـ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَذْبُوحُ) أَيْ وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَهَا عَلَى الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ أَعْسَرَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ أَضْبَطَ جَازَ الْوَجْهَانِ لَكِنْ يَنْبَغِي التَّيَامُنُ (قَوْلُهُ السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ الْآتِيَةَ مَنْدُوبَةٌ بَلْ بَعْضُهَا وَاجِبٌ وَهُوَ عَدَمُ النَّخْعِ قَبْلَ الذَّكَاةِ وَالتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ مُشْرِفٌ) بِالْفَاءِ وَفِي خَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ صَوَابُهُ بِالْقَافِ قَالَ تت وَقَوْلُهُ بِالْقَافِ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْقِبْلَةُ فِي الْجَنُوبِ فَإِذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ فَلَا يَكُونُ مَشْرِقَ الرَّأْسِ اهـ وَعَلَى أَنَّهُ بِالْفَاءِ فَقَدْ ضُبِطَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَانْظُرْهُ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَرَأْسُهَا مُشْرِفٌ أَيْ مَرْفُوعَةٌ لِجِهَةِ الْعُلْوِ (قَوْلُهُ مِنْ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَالرِّيشِ فِي الطَّيْرِ أَوْ الشَّعْرِ فِي الْمَعَزِ أَيْ تَأْخُذُ الْجِلْدَةَ فِي حَالِ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَتَمُدُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجِلْدَةِ الْمُلْتَبِسَةِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَمُدُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ الْبَشَرَةُ) أَيْ الْجِلْدَةُ (قَوْلُهُ فِي الْمَذْبَحِ) أَيْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ حَتَّى تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَلَا تَنْخَعْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَمُدُّ أَيْ وَلَا تَقْطَعُ النُّخَاعَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَهُوَ مُخٌّ أَبْيَضُ فِي فَقَارِ الْعُنُقِ وَإِلَّا كُنْت قَتَلْتهَا قَبْلَ ذَكَاتِهَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا تَنْخَعْ تَحْرِيمًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوَّلًا السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ الصَّادِقَةُ بِالْوُجُوبِ وَيَحْتَمِلُ وَلَا تَنْخَعْ أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ أَيْ يُنْهَى نَهَى كَرَاهَةٍ عَنْ قَطْعِ النُّخَاعِ (قَوْلُهُ وَلَا تَضْرِبْ إلَخْ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلَك عَلَى عُنُقِهَا) زَادَ فِي ك وَمَا ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» لَمْ يَثْبُتْ هـ. (قَوْلُهُ وَتَوَجَّهَهُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ لَا مَحَلُّ الذَّبْحِ خَاصَّةً وَيُفْهَمُ مِنْ تَوَجُّهِ الذَّبِيحِ تَوَجُّهُ الذَّابِحِ لَهَا كَمَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بَأْسَاءَ (قَوْلُهُ خِفَّةُ الدَّمِ) أَيْ وَأَمَّا الْبَوْلُ فَثَقِيلٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَلَا يُتَعَاطَى مِنْهُ شَيْءُ أَصْلًا (قَوْلُهُ كَشْفُ عَوْرَةٍ أَيْضًا) أَيْ أَنَّ فِي الْبَوْلِ ثِقَلًا وَكَشْفُ عَوْرَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الدَّمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْخِفَّةَ الَّتِي فِي الدَّمِ لَا تَقْتَضِي الِاسْتِقْبَالَ فَالْمُقْتَضَى لِلِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّ الذَّبِيحَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ جِهَةٍ فَاخْتِيرَتْ جِهَةُ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَوْ قَالَ وَتَوْجِيهُهُ) لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّحْرِ أَمْ لَا (ص) وَفَرْيُ وَدَجَيْ صَيْدٍ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا أَنْفَذَتْ الْجَوَارِحُ مَثَلًا مَقَاتِلَهُ وَأَدْرَكَهُ الصَّائِدُ وَهُوَ يَضْطَرِبُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَفْرِيَ أَوْدَاجَهُ لِتَزْهَقَ رُوحُهُ بِسُرْعَةٍ، وَالِاسْتِحْبَابُ يَحْصُلُ بِفَرْيِ الْوَدَجَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ الْحُلْقُومَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ: فَرْيُ وَلَمْ يَقُلْ ذَبْحُ أَوْ نَحْرُ أَوْ ذَكَاةُ (ص) وَفِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ وَالسِّنِّ أَوْ إنْ انْفَصَلَا أَوْ بِالْعَظْمِ أَوْ مَنْعِهِمَا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَسْنَانَ الَّتِي هِيَ مُرَكَّبَةٌ فِي فَمِ الْإِنْسَانِ وَالظُّفُرَ الْمُرَكَّبَ فِي الْإِصْبَعِ هَلْ تَجُوزُ التَّذْكِيَةُ بِهِمَا أَوْ لَا تَجُوزُ أَوْ تُكْرَهُ فِي ذَلِكَ؟ أَقْوَالٌ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ غَيْرُهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مَعَ الضَّرُورَةِ لِقَوْلِهَا وَمَنْ احْتَاجَ ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَلَوْ ذَبَحَ بِذَلِكَ وَمَعَهُ سِكِّينٌ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَدْ أَسَاءَ، الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَهُوَ حَقِيقَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ الْبَاجِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ الْقَوْلُ الثَّالِثُ تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا إنْ كَانَا مُنْفَصِلَيْنِ وَلَا تَجُوزُ بِهِمَا إنْ كَانَا مُتَّصِلَيْنِ لِأَنَّهُ خَنَقَ بِالظُّفُرِ وَنَهَشَ بِالسِّنِّ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ الذَّكَاةِ بِالْعَظْمِ مُطْلَقًا وَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ بِالسِّنِّ مُطْلَقًا، وَمُرَادُهُ بِالْعَظْمِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ الظُّفُرُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ انْفَصِلَا لِأَنَّ الْعَظْمَ الْمُتَّصِلَ لَا يَتَأَتَّى بِهِ ذَبْحٌ أَصْلًا وَمُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ فِيمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَانَا مُتَّصِلَيْنِ أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ وُجِدَتْ آلَةٌ مَعَهُمَا غَيْرُ الْحَدِيدِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ آلَةٌ غَيْرَهُمَا تَعَيَّنَ الذَّبْحُ بِهِمَا (ص) وَحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَأْكُولَ اللَّحْمِ لَا يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ أَيْ وَلَا نِيَّةِ تَعْلِيمٍ بَلْ بِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا أَوْ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبَثِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَمِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ أَمَّا لَوْ اصْطَادَهُ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ التَّعْلِيمِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ عِوَضَ قَوْلِهِ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ لَأَفَادَهُ (ص) إلَّا بِكَخِنْزِيرٍ فَيَجُوزُ (ش) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ لَا عَلَى الْكَافِ أَيْ لَا بِحَيَوَانٍ كَخِنْزِيرٍ وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ وَحَرُمَ اصْطِيَادُ -   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي) الظَّاهِرُ الْجَرَيَانُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ إلَخْ) رَدَّ بِأَنَّ مِنْ لَازِمِ فَرْيِهِمَا قَطْعُ الْحُلْقُومِ لِبُرُوزِهِ عَنْهُمَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْ إذَا قَطَعَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي الذَّبْحِ. (قَوْلُهُ أَوْ إنْ انْفَصَلَا) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ اتَّصَلَا أَوْ إنْ انْفَصَلَا وَأَفَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ عَدَمَ الْجَوْزِ إنْ اتَّصَلَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَهْشٌ وَخَنْقٌ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ عَدَمُ حِلْيَةِ الْمَذْبُوحِ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِالْعَظْمِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِالْعَظْمِ أَيْ وَجَوَازُهُ بِالْعَظْمِ اتَّصَلَ أَوْ انْفَصَلَ لَا بِالسِّنِّ مُطْلَقًا وَنَفْيُ الْجَوَازِ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ مَعَ أَنَّ الْمَنْقُولَ هُنَا الْكَرَاهَةُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ مُرَكَّبَةٌ) أَيْ شَأْنُهَا التَّرْكِيبُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرَكَّبَةً بِالْفِعْلِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ الْإِطْلَاقُ وَكَذَا قَوْلُهُ الظُّفُرُ الْمُرَكَّبُ (قَوْلُهُ هَلْ تَجُوزُ التَّذْكِيَةُ) هَذَا الْأَوَّلُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا تَجُوزُ هَذَا هُوَ الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ تُكْرَهُ) لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِي الْمُصَنِّفِ وَمُفَادُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مُرَادُهُ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ لَا الْمَكْرُوهُ إلَّا أَنَّ مُفَادُ كَلَامِهِ هُنَا يُخَالِفُهُ مَا فِي ك وَنَصُّهُ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَيَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَسَاءَ وَتُؤْكَلُ وَانْظُرْ هَلْ كَذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَوْ الْجَوَازُ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ اهـ (أَقُولُ) كَلَامُ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ يُفِيدُ الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَتَأَمَّلَ غَيْرَ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُتَمِّمْ الْأَقْوَالَ فِي صَدْرِ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ حَمَلُ الْمَوَّاقِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ الْقَوْلُ الثَّانِي) هَذَا هُوَ الْأَخِيرُ فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِهِمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْحُرْمَةُ الَّتِي لَا أَكْلَ مَعَهَا وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَقِيقَةً) أَيْ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى) أَيْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ بِالسِّنِّ مُطْلَقًا) هَذَا هُوَ الْمُفَادُ بِالنَّقْلِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ التَّحْرِيمَ وَانْظُرْ مَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِكَثْرَتِهِمْ الْأَكْلَ بِالنَّهْشِ بِالسِّنِّ أَوْ الظُّفُرِ مَعَ عَدَمِ إحْسَانِ صِفَةِ الذَّكَاةِ بِهِمَا لَا أَنَّهُ قَالَهُ لِلتَّخْصِيصِ كَذَا أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَظْمَ الْمُتَّصِلَ) وَأَمَّا لَوْ ذَكَّى بِقِطْعَةِ عَظْمٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَدَ الْحَدِيدَ تَعَيَّنَ) أَيْ الْحَدِيدُ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ بِحَيْثُ لَوْ ارْتَكَبَ خِلَافَهُ لَكَانَ حَرَامًا وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَذَبَحَ بِهِمَا مَعَ وُجُودِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّعَيُّنِ النَّدْبُ الْمُؤَكَّدُ لَا الْوُجُوبُ ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الذَّبْحُ بِهِمَا) أَيْ أَنَّهُمَا إذَا أَرَادَ الذَّبْحَ فَيَتَعَيَّنُ الذَّبْحُ بِهِمَا. (قَوْلُهُ نِيَّةُ تَعْلِيمٍ) أَيْ كَتَعْلِيمِهِ لِذَهَابِ بَلَدٍ بِكِتَابٍ يُعَلَّقُ بِجَنَاحِهِ أَوْ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَفْسَدَةٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ) وَكَوْنُنَا نُرِيدُ بِالذَّكَاةِ مُطْلَقَ مَنْفَعَةٍ بَعِيدٍ غَايَةَ الْبُعْدِ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْغَرَضِ الشَّرْعِيِّ تَمَعُّشُ صَاحِبِ الْغُرَابِ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ حَقٌّ وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا فَيُمْنَعُ حَبْسُهُ لِذَلِكَ لِإِمْكَانِ التَّمَعُّشِ بِغَيْرِهِ مِنْ شَرْحِ عب وَانْظُرْ هَلْ يُمْنَعُ شِرَاءُ دُرَّةٍ أَوْ قُمْرِيٍّ مُعَلَّمَيْنِ لِيَحْبِسَهُمَا لِذِكْرِ اللَّهِ كَالِاصْطِيَادِ لِذَلِكَ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ عِتْقُهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ اهـ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 مَأْكُولٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاصْطِيَادُ وَاقِعًا فِي حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ كَخِنْزِيرٍ فَيَجُوزُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ لَا بِنِيَّةِ غَيْرِهِ كَالْفُرْجَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ الْخَمْسَ الَّتِي أَذِنَ الشَّارِعُ فِي قَتْلِهَا (ص) كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ إنْ أَيِسَ مِنْهُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَكَاةُ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إرَاحَةً لَهُ إنْ أَيِسَ مِنْهُ لِمَرَضٍ أَوْ عَمًى بِمَكَانٍ لَا عَلَفَ فِيهِ وَلَا يُرْجَى أَخْذُ أَحَدٍ لَهُ فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْيُوسَ رَبُّهُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ حَتَّى صَحَّ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ وَيَدْفَعُ لِلْمُنْفِقِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمَأْيُوسِ (ص) وَكُرِهَ ذَبْحٌ بِدُورِ حُفْرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذَّبْحَ بِدُورِ الْحُفْرَةِ مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقِبْلَةِ وَلِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا بَعْضًا حَالَ الذَّبْحِ (ص) وَسَلْخٍ أَوْ قَطْعٍ قَبْلَ الْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ إذَا ذَبَحَ شَاةً مَثَلًا أَنْ يَسْلُخَ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ يَقْطَعَ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ زَهُوقِ رُوحِهَا بَلْ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَبْرُدَ وَتَخْرُجَ رُوحُهَا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَهُ وَمَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَإِنْ قَطَعَ أَوْ سَلَخَ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ مَوْتِهَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتُؤْكَلُ مَعَ مَا قَطَعَهُ مِنْهَا وَمِثْلُ السَّلْخِ وَالْقَطْعِ الْحَرْقُ قَبْلَ الْمَوْتِ إلَّا السَّمَكَ فَيَجُوزُ إلْقَاؤُهُ فِي النَّارِ قَبْلَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِذَكَاةٍ فَكَانَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الْإِلْقَاءِ وَمَا مَعَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ إتْمَامِ ذَكَاتِهِ (ص) كَقَوْلِ مُضَحٍّ اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك (ش) هَذَا مُشَبَّهٌ بِالْمَكْرُوهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَعْنَاهُ أَيْ مِنْ فَضْلِك وَنِعَمِك لَا مِنْ حَوْلِي وَقُوَّتِي وَإِلَيْك التَّقَرُّبُ بِهِ لَا إلَى شَيْءٍ سِوَاك وَلَا رِيَاءَ وَلَا سُمْعَةَ وَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ مِنْ لَوَازِمِ التَّسْمِيَةِ (ص) وَتَعَمُّدِ إبَانَةِ رَأْسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلذَّابِحِ أَنْ يَتَعَمَّدَ إبَانَةَ رَأْسِ الْمَذْبُوحِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَكِنَّهَا تُؤْكَلُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ لِأَنَّهَا كَذَبِيحَةٍ ذُكِّيَتْ ثُمَّ عَجَّلَ قَطْعَ رَأْسِهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّهُ كَالْعَابِثِ وَتَأَوَّلَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالتُّونُسِيِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيهَا لِمَالِكٍ مَنْ ذَبَحَ فَتَرَامَتْ يَدُهُ إلَى أَنْ أَبَانَ الرَّأْسَ أُكِلَتْ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْكَرَاهَةِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ وَإِلَى تَأْوِيلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا) وَلَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ لِرُجْحَانِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تَعَمَّدَ أَنَّ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاصْطِيَادُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مُتَّصِلًا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا صِيدَ الْخِنْزِيرُ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ لِمُضْطَرٍّ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَكَاتُهُ قَالَهُ الْوَقَارُ اُنْظُرْ شَرْحَ عب (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ الْخَمْسَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَرَّمِ فَقَطْ وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَلَا لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ) الْمُرَادُ بِالذَّكَاةِ الذَّبْحُ لَا بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْآدَمِيُّ لِشَرَفِهِ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ ذَبْحٌ بِدُورِ حُفْرَةٍ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْمُرَادُ مِنْهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ لِلذَّبْحِ لَا مُطْلَقَ الذَّبْحِ كَمَا لَا يَخْفَى فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ وَكُرِهَ ذَبْحٌ اجْتَمَعُوا فِيهِ بِدُورِ حُفْرَةٍ اهـ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ عَدَمِ التَّوَجُّهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ لَا لِلْكُلِّ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ مُتَوَجِّهٌ فِيهَا بَلَغَ مَالِكًا أَنَّ الْجَزَّارِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْحُفْرَةِ وَيَدُورُونَ بِهَا فَيَذْبَحُونَ حَوْلَهَا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِتَوْجِيهِهَا إلَى الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ لِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا بَعْضًا) هَذَا فِي الْكُلِّ. (قَوْلُهُ فَقَدْ أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إلْقَاؤُهُ) أَيْ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَالسَّلْخُ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ فَكَانَ مَا وَقَعَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْإِلْقَاءِ (قَوْلُهُ وَمَا مَعَهُ) أَيْ مِنْ الْقَطْعِ وَالسَّلْخِ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ) أَيْ الْإِلْقَاءِ فِي غَيْرِهِ قَالَ فِي ك بَعْدَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ فِي شَرْحِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ مِنْ كَرَاهَةِ إلْقَاءِ الْحُوتِ فِي النَّارِ اهـ وَلَعَلَّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ س عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَانْظُرْ أَيْضًا قَوْلُهُ بَعْدَ إتْمَامِ ذَكَاتِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْإِتْمَامِ تَكُونُ فِيهِ الرُّوحُ فَيُكْرَهُ إلْقَاؤُهُ فِي النَّارِ. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ مِنْ لَوَازِمِ التَّسْمِيَةِ) أَيْ يُسَنُّ فِعْلُهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ فَاعِلُهُ مَأْجُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ وَتَعَمُّدُ إبَانَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَمُّدِ الْإِبَانَةِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ قَالَ وَإِبَانَةُ رَأْسٍ عَمَدَ الْمُسْلِمُ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ الذَّبْحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُكْرَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوَّلًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ يُؤْكَلُ أَيْ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَلَا يُؤْكَلُ هَذَا تَأْوِيلُ مُطَرِّفٍ لِلَّفْظِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِلَّفْظِ مَالِكٍ وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوَّلًا إنَّمَا تَلْحَقُهُ الْكَرَاهَةُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ لَيْسَا مِنْ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ فَيُنْسَبُ لَهُمَا التَّأْوِيلُ وَإِنَّمَا قَالَا بِعَدَمِ الْأَكْلِ مَعَ الْعَمْدِ فَوَافَقَهُمَا مَنْ تَأَوُّلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَجْعَلُ مَفْهُومَ تَرَامَتْ يَدُهُ فِي كَلَامِ مَالِكٍ مُعَطَّلًا أَيْ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ يُؤْكَلُ وَأَمَّا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَا يَجْعَلَانِهِ مُعَطَّلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لَا يُجْعَلَانِ مُؤَوَّلَيْنِ لِلْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ شُيُوخِهَا عَلَى أَنَّ نِسْبَةَ التَّأْوِيلِ أَيْضًا لِابْنِ الْقَاسِمِ تَسْمَحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ) أَيْ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ تَأْوِيلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَرَادَ بِالْقِيَاسِ قِيَاسَ التَّعَمُّدِ أَوَّلًا عَلَى التَّعَمُّدِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا) أَيْ وَأَمَّا قَصْدُ ابْتِدَاءَ ذَكَاتِهِ ثُمَّ حِينَ أَتَمَّهَا قَصَدَ الْإِبَانَةَ وَفَعَلَهَا فَلَا تُكْرَهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَدَلَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ تَأْوِيلٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَدْرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 النَّاسِيَ وَالْجَاهِلَ بِخِلَافِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ أَبَانَ رَأْسَهَا بِذَبْحِهَا جَهْلًا أُكِلَتْ اتِّفَاقًا اهُوَ الضَّمِيرُ فِي قَصْدِهِ لِلْإِبَانَةِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الِانْفِصَالِ وَلِذَلِكَ أَعَادَ الضَّمِيرَ مُذَكَّرًا وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ ابْتِدَاءً يُرِيدُ وَقَدْ حَصَلَ مَا قَصَدَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْكَلَامِ (ص) وَدُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةً إلَّا الرَّأْسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازَ إذَا قَطَعَ مِنْ الصَّيْدِ دُونَ نِصْفِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ مَقَاتِلَهُ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الدُّونَ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ وَيُؤْكَلُ مَا عَدَاهُ اتِّفَاقًا فَلَوْ أَبَانَ الْجَارِحُ مِنْ الصَّيْدِ دُونَ نِصْفِهِ إلَّا أَنَّهُ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَا يَعِيشُ مَعَ ذَلِكَ أَبَدًا وَلِهَذَا لَوْ أَبَانَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ رَأْسَ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ مَعَ رَأْسِهِ وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَهُ الْجَارِحُ فَقَطَعَهُ نِصْفَيْنِ وَقَوْلُهُ أَبَيْنَ أَيْ انْفَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمُتَعَلِّقٍ بِجِلْدٍ أَوْ بِيَسِيرِ لَحْمٍ (ص) وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا رَآهُ جَمَاعَةٌ وَكُلٌّ مِنْهُمْ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ فَبَادَرَ أَحَدُهُمْ وَأَخَذَهُ أَوْ بَادَرَ غَيْرُهُمْ وَأَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ لَا لِمَنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ لَهُ فَلَوْ تَدَافَعُوا عَنْهُ وَلَمْ يَدَعْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَصِلُ إلَيْهِ قُضِيَ بِهِ لَهُمْ خَوْفَ أَنْ يَقْتَتِلُوا عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ فَبَيْنَهُمْ) ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت هَذَا إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَأَمَّا بِمَمْلُوكٍ فَلِرَبِّهِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالتَّنَازُعِ التَّدَافُعُ وَلَوْ قَالَ وَإِنْ تَدَافَعَ قَادِرٌ وَكَانَ أَحْسَنَ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ هُنَاكَ تَنَازُعٌ مِنْ غَيْرِ تَدَافُعٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَدَّ) إلَى أَنَّ الصَّيْدَ إذَا هَرَبَ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي هَرَبَ مِنْهُ مَلَكَهُ بِصَيْدٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ صَائِدِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) ثُمَّ اصْطَادَهُ شَخْصٌ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي الَّذِي اصْطَادَهُ لَا لِمَنْ هَرَبَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ طَالَ مَقَامُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ طَالَ زَمَنُ نُدُودِهِ أَمْ لَا وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ إنَّهُ لِلْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَحْيَا مَا دَثَرَ مِمَّا أَحْيَاهُ غَيْرُهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ بِإِحْيَاءٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَأَمَّا لَوْ أَحْيَا أَرْضًا وَدَثَرَ مَا أَحْيَاهَا بِهِ مِنْ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي اهـ بِالْمَعْنَى وَحِينَئِذٍ فَتَلْتَفِتُ النَّفْسُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّيْدَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَوْزِ صَائِدِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ إلَّا بِعُسْرٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلُ فِيهِ مِلْكٌ بِخِلَافِ مَا أَحْيَاهُ بِالْبِنَاءِ ثُمَّ دَثَرَ الْبِنَاءُ (ص) لَا إنْ تَأَنَّسَ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا كَانَ قَدْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ فَأَخَذَهُ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ وَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي أُجْرَةَ تَعَبِهِ وَنَفَقَتِهِ فِي تَحْصِيلِهِ وَالْوَاوُ فِي وَلَمْ يَتَوَحَّشْ وَاوُ الْحَالِ وَاعْتَرَضَ إعْطَاءَ الْأُجْرَةِ لِلثَّانِي بِمَسْأَلَةِ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَدُونَ) اسْتَعْمَلَ دُونَ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا كَمَا فِي " بَيْنُ " مِنْ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْبُعْدِ وَفَتْحَتُهُ فِي قِرَاءَةِ الْفَتْحِ لِحِكَايَتِهِ لَمَّا كَانَ ظَرْفًا فَرَفْعُهُ مُقَدَّرٌ فِي النُّونِ وَقَدْ تُفْتَحُ دُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَمَيْتَةٌ خَبَرُهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِخْبَارُ عَنْ الدُّونِ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ لَا الْعَكْسُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَدُونَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمَوْصُولِ وَإِبْقَاءِ صِلَتِهِ وَالْمَوْصُولُ إذَا عُلِمَ يَجُوزُ حَذْفُهُ أَيْ مَا دُونَ وَهَذَا أَوْلَى مَا يَخْرُجُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ عَدَمُ تَصَرُّفِ دُونَ. (قَوْلُهُ مَيْتَةٌ) كَأَنْ يَحْيَا بَعْدَ هَذَا أَوْ لَا بَلَغَ الْجَوْفَ أَمْ لَا فَلَوْ أَبَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُلُثَهَا مَثَلًا ثُمَّ أَبَانَ ثَانِيًا سُدُسَهَا فَلَا تُؤْكَلُ نَظَرًا لِمَا بَقِيَ بَعْدَ كُلٍّ أَوْ يُؤْكَلُ مَا انْفَصَلَ أَوَّلًا وَثَانِيًا نَظَرًا لِمَا بَقِيَ ثَانِيًا لِأَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ النِّصْفُ أَوْ يُقَالُ الثُّلُثُ الْمُزَالُ أَوَّلًا لَا يُؤْكَلُ وَالسُّدُسُ الْمُزَالُ ثَانِيًا يُؤْكَلُ كَأَكْلِ النِّصْفِ الْبَاقِي (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ إلَّا الرَّأْسَ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَنِصْفُ الرَّأْسِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ انْفَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمُتَعَلِّقٍ بِجِلْدٍ) أَيْ مِمَّا لَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَ وَكَانَ يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ أُكِلَ جَمِيعُهُ بِالْجُرْحِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلٌ بِسَبَبِهِ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ) الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ مَا يَشْمَلُ مَا إذَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا فِي يَدِهِ كَكَسْرِ رِجْلِهِ أَوْ قَفْلِ مَطْمُورَةٍ أَوْ سَدَّ حِجْرِهِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا يَحْفِرُ بِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَفَتَحَهُ وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِمَنْ سَدَّهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِمَمْلُوكٍ فَلِرَبِّهِ) قَضِيَّةُ مَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي حِلِّ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ إلَخْ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكَ عَلَى أَنَّهُ مَسْكُونٌ وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ النَّقْلَ الْعُمُومُ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِلثَّانِي) أَيْ دُونَ مَا عَلَيْهِ مِنْ حُلِيٍّ كَقُرْطٍ وَقِلَادَةٍ فَيَرُدُّهُ لِرَبِّهِ إنْ عَرَفَ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ وَحَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا تَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ فِي كَوْنِهِ لِلثَّانِي حِينَ نُدُودِهِ أَنْ يَتَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا إنْ تَأَنَّسَ إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَسَوَاءٌ طَالَ مَقَامُهُ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِنْ طَالَ مَقَامُهُ شَأْنُهُ التَّأَنُّسُ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ مِنْ الْمَعْلُومِ إنْشَائِهِ أَنْ يَتَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ لَا إنْ تَأَنَّسَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَحْيَاهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ إلَخْ) أَيْ فَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ دَثَرَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَحْيَاهُ ثُمَّ دَثَرَ فَأَحْيَاهُ شَخْصٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إذَا أَحْيَاهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يُحْيِهِ (قَوْلُهُ بِإِحْيَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَالِكُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَحْيَا أَرْضًا دَثَرَ مَا أَحْيَاهَا بِهِ مِنْ الْبِنَاءِ) أَيْ ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا أَحْيَاهَا بِالْبِنَاءِ ثُمَّ دَثَرَ الْبِنَاءُ) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الصُّورَةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِأَنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى الصَّائِدُ الثَّانِي أَنَّ هُرُوبَهُ هُرُوبُ انْقِطَاعٍ وَتَوَحُّشٍ وَادَّعَى الْأَوَّلُ ضِدَّهُ وَلَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ يَعْمَلُ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي قَسْمُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 الْآبِقِ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلُوا لِمَنْ أَخَذَهُ جُعْلًا إلَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ شَأْنُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الَّذِي أَخَذَ الْآبِقَ مُتَبَرِّعٌ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ أَخْذِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَى تَمَلُّكِهِ ابْتِدَاءً وَأَيْضًا مِلْكُ الثَّانِي لِلصَّيْدِ قَوِيٌّ بِدَلِيلِ كَوْنِهِ لَهُ عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ تَأَنَّسَ أَيْ النَّادُّ قَبْلَ نُدُودِهِ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ بَعْدَ نُدُودِهِ أَيْ لَمْ يَلْحَقْ بِأَمَاكِنِ الْوَحْشِ (ص) وَاشْتَرَكَ طَارِدٌ مَعَ ذِي حِبَالَةٍ قَصَدَهَا وَلَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ بِحَسَبِ فِعْلَيْهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا نَصَبَ شَخْصٌ آلَةَ الصَّيْدِ مِنْ شَبَكَةٍ أَوْ حُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ طَرَدَ شَخْصُ آخَرُ صَيْدًا وَقَصَدَ إيقَاعَهُ فِي الْحِبَالَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَوَقَعَ فِيهَا وَلَوْلَا الطَّارِدُ وَالْحِبَالَةُ لَمْ يَقَعْ الصَّيْدُ فِي الْحِبَالَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ بِحَسَبِ فِعْلَيْهِمَا بِالتَّقْوِيمِ فَإِذَا قِيلَ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَالْآخَرُ ثَلَاثَةً اشْتَرَكَا أَرْبَاعًا وَقَوْلُهُ بِحَسَبِ فِعْلَيْهِمَا أَيْ بِحَسَبِ أُجْرَةِ فِعْلَيْهِمَا (ص) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَأَيِسَ مِنْهُ فَلِرَبِّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا طَرَدَهُ شَخْصٌ وَلَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ فِي الْحِبَالَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَيِسَ مِنْ أَخْذِ الصَّيْدِ بِأَنْ أَعْيَاهُ وَانْقَطَعَ مِنْهُ وَهَرَبَ حَيْثُ شَاءَ فَسَقَطَ فِي الْحِبَالَةِ فَلِرَبِّهَا دُونَ الطَّارِدِ وَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهَا لِلطَّارِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهَا (ص) وَعَلَى تَحْقِيقٍ بِغَيْرِهَا فَلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّارِدَ لِلصَّيْدِ إذَا كَانَ عَلَى تَحْقِيقٍ مِنْ أَخْذِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ فِي الْحِبَالَةِ فَوَقَعَ فِيهَا فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ الْحِبَالَةِ فَقَوْلُهُ وَعَلَى تَحْقِيقٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنًى مَا تَقَدَّمَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَهُوَ عَلَى إيَاسٍ مِنْهُ فَلِرَبِّهَا وَعَلَى تَحْقِيقِ إلَخْ وَقَوْلُهُ (كَالدَّارِ) مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ فَلَهُ يَعْنِي أَنَّ الصَّائِدَ إذَا طَرَدَ الصَّيْدَ لِلدَّارِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ (ص) إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ أَحْوَالِ الدَّارِ يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَا شَيْءَ لَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالَةِ مَا إذَا لَمْ يَطْرُدْهُ الصَّائِدُ لِلدَّارِ فَغَلَبَهُ وَدَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِمَالِكِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ مَسْكُونَةً أَمَّا الْخَالِيَةُ أَوْ الْخَرَابُ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ صَيْدٍ أَوْ وُجِدَ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِوَاجِدِهِ وَكَذَا مَا يُوجَدُ فِي الْبَسَاتِينِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَنَّهَا لَمْ يُقْصَدْ بِهَا ذَلِكَ (ص) وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا عَاقَهُ السَّهْمُ أَوْ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازِي فَمَرَّ بِهِ شَخْصٌ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ فَلَمْ يُذَكِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ وَيَكُونُ الصَّيْدُ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَكْلُهُ لِأَنَّ الْمَارَّ لَمَّا أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ رَبِّهِ وَهُوَ لَوْ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَضَمِنَ مَا رَأَى تَعَلَّقَ ضَمَانُهُ بِذِمَّتِهِ وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ فِي هَذِهِ فَإِنْ أَكَلَهُ غَفْلَةً عَنْ كَوْنِهِ مَيْتَةً أَوْ ضِيَافَةً لَا يَنْفِي الضَّمَانُ عَلَى الْمَارِّ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ) عَلَى وَزْنِ كُفَّارٍ جَمْعُ كَافِرٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَلْحَقْ بِأَمَاكِنِ الْوَحْشِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَطَبَّعُ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ. (قَوْلُهُ مَعَ ذِي حِبَالَةٍ) الْمُرَادُ بِالْحِبَالَةِ الْآلَةُ مُطْلَقًا كَانَ فِيهَا حِبَالَةٌ أَمْ لَا كَالْحُفْرَةِ (قَوْلُهُ قَصَدَهَا) أَيْ بِطَرْدِ الصَّيْدِ إلَيْهَا قَالَ اللَّقَانِيِّ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ قَصَدَهَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ اهـ وَنَظَرَ عج فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَقْصِدْهَا الطَّارِدُ وَلَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ وَلَوْلَاهُمَا) أَيْ الطَّارِدُ وَذُو الْحِبَالَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِحَسَبِ فَعَلَيْهِمَا وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الطَّارِدِ وَالْحِبَالَةِ وَيَكُونُ اسْتَعْمَلَ الْفِعْلَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ثُمَّ نَقُولُ وَلَوْلَاهُمَا أَيْ وَثَبَتَ ذَلِكَ إمَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا بَعْدَهُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَمْ يُصَدْ بَدَلُ لَمْ يَقَعْ لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الصَّيْدَ لِلطَّارِدِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ أُجْرَتُهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى تَحْقِيقٍ بِغَيْرِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى إيَاسٍ وَقَوْلُهُ وَعَلَى تَحْقِيقٍ بِغَيْرِهَا مُتَعَارِضٌ مَفْهُومَاهُمَا فِي الشَّكِّ فَقَضِيَّةُ مَفْهُومِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لِلطَّارِدِ إذْ مَفْهُومُ أَيِسَ تَحَقُّقُ عَدَمِ أَخْذِهِ فَمَفْهُومُهُ إنْ تَرَدَّدَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ لِرَبِّهَا وَقَضِيَّةُ مَفْهُومِ الثَّانِي أَنَّهُ لِرَبِّ الْحِبَالَةِ إذْ مَفْهُومُ وَعَلَى تَحْقِيقِ فَلَهُ إنْ تَرَدَّدَ لَا يَكُونُ لَهُ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ كَذَا فِي ك وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْحِبَالَةِ إنْ قَصَدَ إرَاحَةَ نَفْسِهِ بِوُقُوعِهِ فِيهَا وَفِي ك وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَالتَّحَقُّقِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْمُرَادُ عَلَى إيَاسٍ كَانَ هُنَاكَ قَصْدٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَعَلَى تَحْقِيقِ كَانَ هُنَاكَ قَصْدٌ أَمْ لَا أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ كَالدَّارِ) وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ بِدُونِهَا أَمْ لَا وَلَيْسَ لِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا فِيمَا خَفَّفَتْهُ دَارُهُ عَنْ الطَّارِدِ مِنْ التَّعَبِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِلصَّيْدِ وَلَا قَصَدَ بَانِيهَا تَحْصِيلَهُ بِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا) وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَخْذُهُ بِغَيْرِ الدَّارِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِرَبِّهَا مَالِكُ ذَاتِهَا وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْوَاقِفَ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ فِي الْبُيُوتِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى عَمَلٍ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ أَمَّا الْخَالِيَةُ أَوْ الْخَرَابُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ النَّحْلَ فِي شَجَرَةٍ أَوْ صَخْرَةٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْزِعَ عَسَلَهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِأَحَدٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ عَسَلَ جَبْحٍ نَصَبَهُ غَيْرُهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ الْخَرِبَةِ يَسْتَحِقُّ مَا فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَكَذَا مَا يُوجَدُ فِي الْبَسَاتِينِ لَا يُسَلَّمُ. (قَوْلُهُ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فِي مَخَالِبِ الْبَازِي أَوْ فِي فَمِ الْكَلْبِ غَيْرُ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ غَفْلَةً عَنْ كَوْنِهِ مَيْتَةً) أَيْ بِدُونِ ضِيَافَةٍ أَوْ ضِيَافَةً وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُذَكًّا لِأَنَّهُ أَكْلٌ غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكَلَ مَالَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ضِيَافَةً فَلَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ لِأَنَّهُ أَكَلَ مُتَمَوِّلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَكْلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا غَفْلَةً وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَدَّى وَأَكَلَهُ تَعَمُّدًا فَإِنَّهُ لَا يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْ الْمَارِّ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) فَإِنَّهُ نَقَلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 مَا رَأَى ضَمِنَ قِيمَةَ الصَّيْدِ مَجْرُوحًا وَالْمَارُّ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ وَأَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ بِوُجُودِ آلَةِ الذَّكَاةِ وَعِلْمِهِ بِهَا وَتَرَكَهَا حَتَّى مَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ وَالْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ لِأَنَّهَا ذَكَاةٌ لَا عَقْرٌ وَلَا يَأْتِي الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ بَابِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَضَمِنَ لِتَرْكِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّيْدِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّهُ إذَا ذَكَّاهُ ضَمِنَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَقَوْلُهُ أَمْكَنَتْهُ صِفَةٌ لِلْمَارِّ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ أَمْكَنَهُ أَيْ وَيَكُونُ الْفِعْلُ مُسْنَدًا إلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَارِّ وَذَكَاتُهُ بِالنَّصْبِ وَيَكُونُ مَسَاقُهُ هَكَذَا وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَ ذَكَاتُهُ أَيْ الْمَارِّ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ إنْ أَمْكَنَ الْإِسْنَادُ إلَى الْمَعْنَى وَإِلَى الذَّاتِ فَإِلَى الْمَعْنَى مُتَعَيِّنٌ كَمَا هُنَا (ص) كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بِيَدِهِ أَوْ بِشَهَادَتِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِغَيْرِهِ بِيَدِهِ كَمِنْ مُحَارَبٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَوْ شَهَادَتِهِ لِرَبِّهِ عَلَى جَاحِدٍ أَوْ وَاضِعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إيدَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَالِكِهِ وَكَتْمِ الشَّهَادَةِ أَوْ إعْلَامِ رَبِّهِ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْمَالِ بِكُلِّ وَجْهٍ ضَمِنَ دِيَةَ الْحُرِّ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِإِهْلَاكِهِ بِتَرْكِ تَخْلِيصِهِ قُتِلَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْمَاءِ الْآتِيَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ ثُمَّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ أَوْ الْوَثِيقَةَ أَوْ عَلِمَ بِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِمَا ذُكِرَ وَتَرَكَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (ص) أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ أَوْ تَقْطِيعِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَمْسَكَ وَثِيقَةً بِحَقٍّ عَنْ صَاحِبِهَا وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا حَتَّى تَلِفَ الْحَقُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا فِيهَا لِصَاحِبِهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَوْ قَطَعَ الْوَثِيقَةَ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي ضَمَانِهِ وَأَيْضًا يَضْمَنُ ثَمَنَ الْوَثِيقَةِ أَيْ الْوَرَقِ (ص) وَفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَاهِدَيْ حَقٍّ لِإِنْسَانٍ تَعَمُّدًا عُدْوَانًا فَضَاعَ بِذَلِكَ الْحَقُّ فَهَلْ يَضْمَنُ هَذَا الْقَاتِلُ الْحَقَّ لِرَبِّهِ لِأَنَّهُ ضَاعَ بِسَبَبِهِ كَتَقْطِيعِ الْوَثِيقَةِ أَوْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْصِدُ ضَيَاعَ الْحَقِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَهُوَ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السَّبَبِ لَا عَلَى الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِقَتْلِهِمَا ضَيَاعَ الْحَقِّ وَإِلَّا ضَمِنَ اتِّفَاقًا وَمِثْلُ قَتْلِ شَاهِدَيْ الْحَقِّ قَتْلُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ   [حاشية العدوي] عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَفُتْهُ عَلَى رَبِّهِ إذْ قَدْ أَكَلَهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) فَإِنَّهُ يَقُولُ يَضْمَنُ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ رَبُّهُ ضِيَافَةً أَوْ غَفْلَةً (قَوْلُهُ وَالْمَارُّ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ) وَلَوْ صَبِيًّا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ احْتَرَزَ عَنْ مُرْتَدٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُسْتَحِلِّ مَيْتَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ لَوْ ذَكَّاهُ لَا يَنْفِي ضَمَانُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ لَوْ لِمُذَكِّيهِ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ آلَةِ الذَّكَاةِ) وَلَوْ سِنًّا وَظُفُرًا. (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ إلَخْ) هَذَا فِيمَا لَهُ فِيهِ أَمَانَةٌ لَك وَدِيعَةٌ أَوْ رَهْنٌ وَكَذَا مُسْتَعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ وَشَرِيكٌ أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِذَبْحِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى صِدْقِهِ وَكَذَا مَا لَا أَمَانَةَ لَهُ فَإِنْ ذَكَّاهُ ضَمِنَهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ فَلَوْ تَرَكَ تَذْكِيَتَهُ مَعَ وُجُودِ مَا يُصَدِّقْهُ عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَانَ ضَامِنًا لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ يَخْشَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَلَمْ يَذْبَحْهَا حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَنَّهُ خِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَيَضْمَنُهُ وَلَيْسَ كَالصَّيْدِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلذَّبْحِ اهـ (قُلْت) فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى خَوْفِ مَوْتِهَا حَتَّى يَأْمَنَ عَدَمَ تَصَدُّقِ رَبِّهَا كَانَتْ كَالصَّيْدِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَارُّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَارَّ فَاعِلٌ مَعَ أَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ لَيْسَ ضَمِيرَ رَفْعٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَمْكَنَ هُوَ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ) أَيْ احْتَمَلَ. (قَوْلُهُ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ مُتَوَجِّهٍ لِلْهَلَاكِ (قَوْلُهُ بِيَدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرَكَ أَيْ تَرَكَ تَخْلِيصَهُ بِسَبَبِ إمْسَاكِ يَدِهِ عَنْ تَخْلِيصِهِ وَأَمَّا جُعِلَ بِيَدِهِ مُتَعَلِّقًا بِتَخْلِيصٍ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحَ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُ " بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ " عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّخْلِيصَ لَيْسَ بِإِمْسَاكِ الْوَثِيقَةِ بَلْ تَرْكُ التَّخْلِيصِ حَصَلَ بِإِمْسَاكِهَا. وَقَوْلُهُ بِيَدِهِ أَيْ قُدْرَتُهُ وَلَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ وَإِذَا خَلَصَ بِمَالٍ ضَمِنَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ وَاتَّبَعَ بِهِ إذَا أُعْدِمَ. وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخْلِيصُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ وَلَوْ بِدَفْعِ مَالِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ خَلَاصُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُوَاسَاةِ الْآتِيَةِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ ذَلِكَ مَالٌ خَلَصَ بِهِ مُسْتَهْلِكٌ فَشَمَلَهُ قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ لَا مَالَ أُنْفِقَ عَلَى نَفْسٍ مُسْتَهْلِكَةٍ عَاقِلَةً وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ كَفَضْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِخِفَّةِ أَمْرِهِمَا. (قَوْلُهُ أَوْ بِشَهَادَتِهِ) أَيْ بِأَنْ رَأَى فَاسِقَيْنِ يَشْهَدَانِ بِقَتْلٍ أَوْ دَيْنٍ زُورًا فَتَرَكَ التَّجْرِيحَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِإِهْلَاكِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ مَنْ أَمْكَنَهُ إنْفَاذُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَانَ إتْلَافُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اهـ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْإِنْقَاذَ عَمْدًا ضَمِنَ دِيَةَ عَمْدٍ وَإِنْ تَرَكَ خَطَأً ضَمِنَ دِيَةَ خَطَإٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ لِلْخِلَافِ فِي الدِّيَةِ الَّتِي يَضْمَنُهَا هَلْ دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ دِيَةُ خَطَإٍ قَالَهُ شَيْخُنَا قُلْت وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ دِيَةُ خَطَإٍ مُطْلَقًا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهَادَتِهِ اُنْظُرْ عج نَعَمْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اسْتِظْهَارًا فَقَالَ يَنْبَغِي الْقَتْلُ مَعَ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ إلَخْ) أَيْ كَعَفْوٍ عَنْ دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا حَيْثُ لَا سِجِلَّ لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا يَغْرَمُ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ مِنْ التَّرَدُّدِ ضَمَانُ الْمَالِ وَلَوْ قَتَلَهُمَا خَطَأً وَالْعَمْدُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ تَعَمُّدًا عُدْوَانًا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ حَيْثُ قَالَ وَفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ لِعَدَاوَةٍ أَوْ خَطَإٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ اتِّفَاقًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَطْعًا لِأَنَّ التَّرَدُّدَ هُنَا لِوَاحِدٍ وَهُوَ بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إلَخْ) أَيْ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَقَتْلُ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ كَقَتْلِ الشَّاهِدِينَ حَيْثُ كَانَ لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَحْوَجَتْنِي لِلْيَمِينِ وَقَدْ كُنْت غَنِيًّا عَنْهَا وَأَنَا لَا أَحْلِفُ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَهُ بِهِ شَاهِدٌ فَقَطْ وَقَتَلَهُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ أَوْ إنَّمَا يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ جُزْءُ نِصَابٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسَائِلِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ هُنَاكَ (ص) وَتَرْكَ مُوَاسَاةٍ وَجَبَتْ بِخَيْطٍ بِجَائِفَةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ إلَخْ ثُمَّ أَنَّهُ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ تَرْكَ الْمُوَاسَاةِ أَيْ الْإِقَالَةِ الْوَاجِبَةِ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِإِنْسَانٍ جُرْحٌ فِي جَسَدِهِ وَيَكُونَ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ خَيْطٌ أَوْ مَخِيطٌ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَيَطْلُبُهُ مِنْهُ الْمَجْرُوحُ يَخِيطُ بِهِ جُرْحَهُ فَيَمْنَعُهُ مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَالضَّمَانُ هُنَا أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (ص) أَوْ فَضْلِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِمُضْطَرٍّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ مُكَلَّفٍ فَضْلَةُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَمَنَعَهَا مِمَّنْ اضْطَرَّ إلَيْهَا حَتَّى هَلَكَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُضْطَرُّ حَيَوَانًا أَمْ لَا نَاطِقًا أَمْ لَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ وَكَذَا فَضْلُ لِبَاسٍ أَوْ رُكُوبٍ بِأَنْ كَانَ إذَا لَمْ يُدْفِئْهُ أَوْ يَرْكَبُهُ يَمُوتُ وَالْمُرَادُ بِالْفَضْلِ الْفَضْلُ عَمَّا يَضْطَرُّ إلَيْهِ لَا مَا فَضَلَ عَنْ عَادَتِهِ فِي الْأَكْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ عَمَّا يُمْسِكُ الصِّحَّةَ حَالًا وَمَآلًا إلَى مَحَلٍّ يُوجَدُ فِيهِ الطَّعَامُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ اعْتِبَارُ الْفَضْلِ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ لَا عَنْهُ فَقَطْ (ص) وَعَمَدٍ وَخَشَبٍ فَيَقَعُ الْجِدَارُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ جِدَارٌ مَائِلٌ وَلِشَخْصٍ آخَرَ أَعْمِدَةٌ أَوْ أَخْشَابٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَطَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَلِّقَ بِهِ حَائِطَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى سَقَطَ الْجِدَارُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَائِلًا وَمَهْدُومًا لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَاسِيَهُ بِذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ثُمَّ إذَا كَانَ الْجِدَارُ مَائِلًا وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ وَامْتَنَعَ رَبُّ الْخَشَبِ وَالْعَمَدِ مِنْ دَفْعِهِمَا وَحَصَلَ مِنْ رَبِّهِ الْإِنْذَارُ لَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ فَإِنَّ ذَا الْخَشَبِ وَالْعَمَدِ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ الْجِدَارُ أَيْضًا بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ كَذَا يَنْبَغِي وَقَوْلُهُ فَيَقَعُ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ تَرْكَ لِأَنَّهُ اسْمٌ خَالِصٌ مِنْ التَّأْوِيلِ بِالْفِعْلِ (ص) وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُوَاسَاةَ وَاجِبَةٌ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ فَمِنْ دَفَعَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ لِآخَرَ مِمَّنْ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ أَيْ لِصَاحِبِ الْخَشَبِ أَوْ الْأَعْمِدَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَقْتَ الدَّفْعِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مَوْجُودًا مَعَ الْمَدْفُوعِ لَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ بِهِ إنْ أَيْسَرَ أَوْ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا يَشْمَلُ الْأُجْرَةَ فِي الْعَمَدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ) اُنْظُرْ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا إنَّ اشْتِرَاطَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَكُونُ فِي الْمَالِ وَلَا فِيمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَعَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ يَرَى تَعَيُّنَ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْمَالِ أَوْ بَعْضِ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ إلَخْ) أَيْ فَسَيَأْتِي إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ فَهَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَغْرَمُ النِّصْفَ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لِلِاسْتِظْهَارِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا كَالشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ بِخَيْطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوَاسَاةٍ وَقَوْلُهُ بِجَائِفَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِخَيْطٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا يُخَاطُ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إلَخْ) أَيْ فَيَضْمَنُ دِيَةَ خَطَإٍ إنْ تَأَوَّلَ فِي مَنْعِهِ وَإِلَّا اقْتَصَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْعُ طَعَامٍ (قَوْلُهُ وَالضَّمَانُ هُنَا أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) قَالَ فِي ك وَلَوْ أَجَافَ شَخْصٌ شَخْصًا وَمَنَعَ شَخْصٌ آخَرَ الْخَيْطَ عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْمُجِيفِ وَعَلَى الْمَانِعِ لِلْخَيْطِ الدِّيَةُ وَمَوْضِعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجَانِي لَمْ يُنْفِذْ شَيْئًا مِنْ مَقَاتِلِهِ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ فَقَطْ وَعَلَى الْمَانِعِ لِلْخَيْطِ الْأَدَبُ (أَقُولُ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّمَانُ إلَخْ وَلَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ وَكَذَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا عَبْدَ اللَّهِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا تَأَوَّلَ وَإِلَّا اقْتَصَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَتَرْكِ تَخْلِيصٍ. (قَوْلُهُ حَيَوَانًا أَمْ لَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَاطِقًا أَمْ لَا ظَاهِرَ (قَوْلُهُ إلَى مَحَلٍّ يُوجَدُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ الْمُضْطَرَّ مَآلًا كَالْمُضْطَرِّ حَالًا فِي وُجُوبِ دَفْعِ الْفَضْلِ وَالضَّمَانِ إنْ تُرِكَ حَتَّى مَاتَ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقْدُمُ عَلَيْهِ وَفِيهِ ذَلِكَ يُعْطُونَهُ أَوْ إنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ وَفِي ك وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ فِي الضَّمَانِ أَنْ يَسْأَلَ الْمُضْطَرُّ أَوْ يَكْفِي الْعِلْمُ بِالِاضْطِرَارِ فَقَطْ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَائِلًا) مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَائِمًا عَشَرَةً وَمَائِلًا خَمْسَةً فَإِنَّهُ يَغْرَمُ خَمْسَةً (قَوْلُهُ وَحَصَلَ مِنْ رَبِّهِ الْإِنْذَارُ لَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِنْذَارِ وَأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُ الثَّمَنُ) أَيْ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعٌ وَقَوْلُهُ إنْ وُجِدَ أَيْ وَلَمْ يَحْتَجْ لَهُ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ مِنْ دَفْعِ فَضْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى مَاتَ أَوْ مِنْ دَفْعِ الْخَيْطِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ أَوْ مِنْ دَفْعِ الْعَمَدِ وَالْخَشَبِ حَتَّى سَقَطَ الْجِدَارُ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ الْأُجْرَةَ فِي الْعَمَدِ) هَذَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ صَاحِبَ الْجِدَارِ لَا يَمْلِكُ ذَاتَ الْعَمُودِ وَذَاتَ الْخَشَبِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّ الْجِدَارِ يُؤْمَرُ بِتَصْلِيحِ بِنَائِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْخَشَبِ خَشَبَهُ وَبَحَثَ عج بَحْثًا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَلَكَ الْخَشَبَ بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وَجَدَ الْمُوَاسَاةَ بِالْعَمَدِ وَالْخَشَبِ وَقَدْ يَبْحَثُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَتْبَعُهُ بِثَمَنِ مَتَاعِهِ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ وَلَا يَأْخُذُهُ اهـ زَادَ عب فَقَالَ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَظَرًا لِدُخُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ نَعَمْ لَوْ هَدَمَهُ رَبُّ الْجِدَارِ وَبَقِيَتْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 وَالْخَشَبِ وَمَا يَشْمَلُ أَيْضًا دَفْعَ مَالٍ يُشْتَرَى بِهِ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ لِخَلَاصِ نَفْسٍ وَلَمَّا كَانَتْ الذَّكَاةُ لَا تُبِيحُ الْمَيْتَةَ وَلَا مَا أُلْحِقَ بِهَا وَغَيْرُ الْمَيْتَةِ صَحِيحٌ وَمَرِيضٌ مُحَقَّقُ الْحَيَاةِ وَمَشْكُوكٌ فِي حَيَاتِهِ وَمَأْيُوسٌ مِنْهَا شَرَعَ فِيمَا يُبَاحُ بِالذَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يُبَاحُ مَعَ ذِكْرِ مَا هُوَ مِنْ عَلَامَةِ الْحَيَاةِ وَمَا لَيْسَ مِنْهَا فَقَالَ (ص) وَأَكْلُ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ (ش) أَيْ وَأَكْلُ الْمُذْكَى ذَكَاةً شَرْعِيَّةً مِنْ ذَبْحٍ وَنَحْرٍ وَعَقْرٍ وَتَعْجِيلٍ بِمَا يَمُوتُ بِهِ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ لِمَرَضٍ أَوْ ضَرْبَةٍ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلَهُ أَوْ تَرَدَّى مِنْ شَاهِقٍ وَلَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ أَوْ أَكَلَ عُشْبًا فَانْتَفَخَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَدَخَلَ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُحَقَّقُ الْحَيَاةِ وَمَرْجُوُّهَا وَمَشْكُوكُهَا وَخَرَجَ بِالْمُذَكَّى مَا إذَا مَاتَتْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَسَتَأْتِي الْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْخَمْسَةِ أَحْوَالٍ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ (ص) كَتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ مُطْلَقًا وَسَيْلِ دَمٍ إنْ صَحَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُذَكَّى يُؤْكَلُ لِأَجْلِ وُجُودِ تَحَرُّكٍ قَوِيٍّ كَتَحَرُّكِ ذَنْبِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ طَرَفِ عَيْنِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُذَكَّى صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا سَالَ مَعَهُ دَمٌ أَمْ لَا كَانَتْ الْحَرَكَةُ مِنْ الْأَعَالِي أَوْ الْأَسَافِلِ وَجَدَ التَّحَرُّكَ قَبْلَ الذَّبْحِ مُتَّصِلًا بِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَلِأَجْلِ سَيْلِ دَمٍ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ شَخْبٍ وَلَا حَرَكَةٍ إنْ صَحَّتْ لَا إنْ مَرِضَتْ فَلَا يَكْفِي فِيهَا السَّيَلَانُ الْمَذْكُورُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ وَسَيْلِ الدَّمِ مَعَ الشَّخْبِ بِمَنْزِلَةِ الْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَمْ يُضْنِهَا أَيْ يُضْعِفْهَا الْمَرَضُ لَا الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَرَضٌ وَاحْتَرَزَ بِالتَّحَرُّكِ الْقَوِيِّ عَنْ الضَّعِيفِ كَحَرَكَةِ الِارْتِعَاشِ وَالِارْتِعَادِ وَمَدِيدٍ أَوْ رِجْلٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَغْوٌ (ص) إلَّا الْمَوْقُوذَةَ وَمَا مَعَهَا الْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْقُوذَةَ بِضَرْبَةِ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَالْمُنْخَنِقَةَ بِحَبْلٍ وَشَبَهِهِ وَالْمُتَرَدِّيَةَ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهِ وَالنَّطِيحَةَ مِنْ أُخْرَى وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ بَعْضَهَا فَإِنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ حَيْثُ أَنْفَذَ بَعْضَ الْمَقَاتِلِ الَّتِي يَذْكُرُهَا أَمَّا لَوْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَقَاتِلِ عَمِلَتْ فِيهَا الذَّكَاةُ وَلَوْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهَا كَمَا مَرَّ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْآيَةِ مُتَّصِلٌ أَيْ إلَّا مَا كَانَتْ ذَكَاتُكُمْ عَامِلَةً فِيهِ وَاَلَّذِي تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهِ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُنْقَطِعٌ فَقَوْلُهُ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] أَيْ مِنْ غَيْرِهَا فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهَا مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَكْلُ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَمَحَلُّ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ الْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلَ أَوْ إلَّا مَا أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ مِنْ الْمَوْقُوذَةِ وَمَا مَعَهَا أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يُؤْكَلُ وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالْمَوْقُوذَةِ وَلَمْ يَبْتَدِئْ بِالْمُنْخَنِقَةِ الَّتِي بَدَأَ اللَّهُ بِهَا لِشِدَّةِ تَوَهُّمِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ فِي الْمَوْقُوذَةِ فَاعْتَنَى بِشَأْنِهَا بِذِكْرِهَا أَوَّلًا. (ص) بِقَطْعِ نُخَاعٍ وَنَثْرِ دِمَاغٍ أَوْ حَشْوَةٍ وَفَرْيِ وَدَجٍ وَثَقْبِ مُصْرَانِ وَفِي شَقِّ الْوَدَجِ قَوْلَانِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى بَيَانِ الْمَقَاتِلِ مِنْهَا قَطْعُ النُّخَاعِ وَهُوَ مُخٌّ أَبْيَضُ فِي فَقَارِ الْعُنُقِ أَوْ الظَّهْرِ -   [حاشية العدوي] الْعَمَدُ وَالْخُشُبُ مُفْرَدَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ إدْخَالُهَا فِي عِمَارَتِهِ حَيْثُ أَيْسَرَ وَيَأْخُذُهَا رَبُّهَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَمَا يَشْمَلُ أَيْضًا دَفْعُ مَالٍ) أَيْ بَدَلُ مَالٍ مَدْفُوعٍ أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفَضْلُ طَعَامٍ أَيْ أَوْ ثَمَنُهُ وَيَكُونُ لَهُ بَدَلُهُ إنْ وُجِدَ عِنْدَهُ وَقْتُ الدَّفْعِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ التَّنَازُلُ مِنْهُ هَكَذَا يُفْهَمُ وَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ وَلَا مَا أُلْحِقَ بِهَا) أَيْ وَهِيَ مَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلِ (قَوْلُهُ مُحَقَّقُ الْحَيَاةِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ " أَوْ مَرْجُوُّهَا ". (قَوْلُهُ الْخَمْسَةِ) هِيَ مَرْجُوُّ الْحَيَاةِ وَالْمَشْكُوكُ فِيهَا وَالْمَأْيُوسُ مِنْهَا وَمَا إذَا مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَالْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلِ. (قَوْلُهُ كَتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ) هِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ مِثَالٌ لِمُقَدِّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ أَيْ وَأُكِلَ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ إنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْحَيَاةِ كَتَحَرُّكٍ (قَوْلُهُ أَوْ طَرْفِ عَيْنِهَا) اللَّخْمِيُّ وَلَغْوُ حَرَكَةِ الْعَيْنِ أَحْسَنُ وَحَرَكَةُ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ أَقْوَى مِنْ حَرَكَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّ خُرُوجَ الرُّوحِ مِنْ الْأَسَافِلِ قَبْلَ الْأَعَالِي وَمِثْلُ التَّحَرُّكِ الْقَوِيِّ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ اسْتِفَاضَةُ نَفْسِهَا فِي جَوْفِهَا أَوْ مَنْخِرِهَا ك (قَوْلُهُ سَالَ مَعَهُ دَمٌ أَمْ لَا) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ لِأَنَّ التَّحَرُّكَ الْقَوِيَّ لَا يَكُونُ مَعَهُ إلَّا سَيْلُ الدَّمِ (قَوْلُهُ مُتَّصِلًا بِهِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ شَخْبٍ) هُوَ خُرُوجُ الدَّمِ بِصَوْتٍ (قَوْلُهُ وَمَدِيدٍ أَوْ رِجْلٍ) أَيْ أَوْ قَبَضَ وَاحِدَةً كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْمَدُّ وَالْقَبْضُ فَيُعْتَبَرُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي لَغْوِ الْقَبْضِ نَظَرٌ وَأَمَّا مَدُّهُمَا وَقَبْضُهُمَا فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُمَا وَحَرِّرْ. قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَالْبَشْمَى وَالْبَالِعَةُ مِنْ الْفِرَاخِ مَثَلًا صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ الْمُحْرَقَةِ وَالْوَاقِعَةِ فِي الْمَاءِ وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ الصَّيْدَ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّحَرُّكِ الْقَوِيِّ لِأَنَّ جُرْحَهُ مَرَضٌ مُقْتَضٍ اهـ. (قَوْلُهُ الْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلُ) صِفَةُ الْمَوْقُوذَةِ وَمَا مَعَهَا وَمُقَابَلَةُ الْجَمْعُ بِالْجَمْعُ تَقْضِي الْقِسْمَةَ عَلَى الْآحَادِ (قَوْلُهُ لِشِدَّةِ تَوَهُّمٍ إلَخْ) لَا شَكَّ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تُفِيدُ شَيْئًا فَلَوْ قَالَ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْمَوْقُوذَةِ دُونَ غَيْرِهَا بَلْ أَجْمَلَ فِي غَيْرِهَا لِشِدَّةِ تَوَهُّمِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الشَّيْخَ أَحْمَدَ قَالَ مَا نَصُّهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إنَّ الْمُنْخَنِقَةَ وَمَا مَعَهَا لِشِدَّةِ تَوَهُّمِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ فِي الْمَوْقُوذَةِ بِعَصًا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ اعْتَنَى بِشَأْنِهَا فَذَكَرَهَا اهـ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ بِقَطْعِ نُخَاعٍ) مُثَلَّثُ النُّونِ (قَوْلُهُ وَثَقْبُ مُصْرَانٍ) سَوَاءٌ تَحَقَّقَ ثَقْبُهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَطْعِ النُّخَاعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا قَدْ يَخْفَى كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (أَقُولُ) إنْ كَانَ الْفِقْهُ هَكَذَا فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَأَمَّا عِنْدَ الشَّكِّ فَلَا وَحَرِّرْ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ثَقْبِ الْكَرِشِ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ مِنْهَا قَطْعُ النُّخَاعِ) وَأَمَّا كَسْرُ الصُّلْبِ دُونَ قَطْعِ النُّخَاعِ فَغَيْرُ مَقْتَلِ (قَوْلُهُ فِي فَقَارِ الْعُنُقِ أَوْ الظَّهْرِ) الْفَقَارُ بِفَتْحِ الْفَاءِ جَمْعُ فِقْرَةٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ فِيهَا فَقَارَةٌ بِالْفَتْحِ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 بَيْنَ فَلَكِهِ يُوصِلُ أَثَرَ الدِّمَاغِ لِلْقَلْبِ وَأَثَرَ الْقَلْبِ لِلدِّمَاغِ لِأَنَّ قَطْعُهُ يُفَاجِئُ الْمَوْتَ وَمِنْهَا وَانْتِشَارُ الدِّمَاغِ وَهُوَ مَا تَحُوزُهُ الْجُمْجُمَةُ وَشَدْخُ الرَّأْسِ دُونِ انْتِشَارِ الدِّمَاغِ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ وَمِنْهَا انْتِشَارُ الْحِشْوَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا وَهِيَ كُلُّ مَا حَوَاهُ الْبَطْنُ مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَنَحْوِهِمْ وَالْمُرَادُ بِنَثْرِهَا تَفَرُّقُ الْأَمْعَاءِ الْبَاطِنَةِ عَنْ مَقَارِّهَا الْأَصْلِيَّةِ لَا خُرُوجُهَا مِنْ الْبَطْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَقَاتِلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ رَدُّهَا فَتَعِيشُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْمُرَادُ أَنَّ نَثْرَ الْحِشْوَةِ يُرِيدُ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ الْجَوْفِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا عَلَى وَجْهٍ يَعِيشُ مَعَهُ مَقْتَلٌ وَمِنْهَا فَرْيُ وَدَجٍ أَيْ إبَانَةُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ وَمِنْهَا ثَقْبُ الْمُصْرَانِ أَيْ خَرْقُهُ وَأَحْرَى قَطْعُهُ بِخِلَافِ شَقِّهِ وَفِي شَقِّ الْوَدَجِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَإِبَانَةِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضِ قَوْلَانِ فِي أَنَّهُ مَقْتَلٌ كَمَا عِنْدَ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِ مَقْتَلٍ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْخِلَافُ فِي حَالٍ هَلْ الشَّقُّ يَسْتَأْصِلُ الدَّمَ أَوْ الْبَاقِي يُحْفَظُ بَعْضُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي شَقِّ الْوَدَجِ الْوَاحِدِ وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُمْ إنَّ شَقَّ النُّخَاعِ يَجْرِي عَلَى شَقِّ الْوَدَجِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ حَيْثُ جَعَلَ الْقَوْلَيْنِ فِي شَقِّ الْأَوْدَاجِ وَكَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ حَيْثُ جَعَلَهُمَا فِي شَقِّ الْوَدَجَيْنِ إنْ شَقَّ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ وَدَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (ص) وَفِيهَا أَكْلُ مَا دُقَّ عُنُقُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا (ش) اسْتَشْهَدَ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهِ وَأَكْلُ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَبِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا لِقَوْلِهِ الْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلِ بِقَطْعِ نُخَاعٍ قَالَ فِيهَا إذَا تَرَدَّدَتْ الشَّاةُ مِنْ جَبَلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَانْدَقَّ عُنُقُهَا أَوْ أَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ نَخَعَهَا اهـ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ إلَخْ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إنْ لَمْ يَقْطَعْ نُخَاعَهَا أَيْ فَإِنْ قَطَعَهُ فَلَا عِلْمَ مِنْهُ أَنَّ قَطَعَ النُّخَاعِ مِنْ الْمَقَاتِلِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَقَوْلُهُ وَفِيهَا إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَكْلُ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ الْمَنْفُوذَةُ الْمَقَاتِلُ فَالْأَوَّلُ دَلِيلُ بِمَنْطُوقِهِ لِلْجَوَازِ وَالثَّانِي دَلِيلٌ بِمَفْهُومِهِ لِلْمَنْعِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْحَيَوَانِ الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْخَارِجِ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْجَنِينُ الْخَارِجُ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ إنْ تَمَّ بِشَعْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ الَّذِي يَخْرُجُ مَيِّتًا مِنْ بَطْنِ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ بَعْدَ ذَكَاتِهِ مَحْصُورَةٌ أَوْ حَاصِلَةٌ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَيُؤْكَلُ بِذَكَاتِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ بِشَرْطِ كَمَالِ خَلْقِهِ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ بِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْأَكْلِ لَوْ خُلِقَ نَاقِصَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَنَبَاتِ شَعْرِ جَسَدِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ شَعْرُ عَيْنَيْهِ فَقَطْ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُمِّ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا فَلَوْ وُجِدَ خِنْزِيرٌ بِبَطْنِ شَاةٍ أَوْ بَغْلٌ بِبَطْنِ بَقَرَةٍ لَمْ يُؤْكَلْ بِخِلَافِ شَاةٍ بِبَطْنِ بَقَرَةٍ -   [حاشية العدوي] فِقْرَاتٍ مُثَلَّثًا وَفِقَرٍ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَهِيَ مَا انْتَضَدَ مِنْ عِظَامِ الصُّلْبِ مِنْ لَدُنْ الْكَاهِلِ إلَى الْعَجَبِ وَمَعْنَى انْتَضَدَ وُضِعَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَالْكَاهِلُ مَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ لِلرَّقَبَةِ فَقَارًا وَلِلظَّهْرِ فَقَارًا آخَرَ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وَاحِدٌ مُسْتَطِيلٌ. (تَنْبِيهٌ) : إنْ انْدَقَّ الْعُنُقُ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعِ نُخَاعٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ (قَوْلُهُ بَيْنَ فَلَكِهِ) أَيْ الظَّهْرِ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْفَلَكِ نَاحِيَةَ الظَّهْرِ فَلَهُ فَلَكَانِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ فِي فَلَكِهِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ الْمُصْرَانُ) جَمْعُ مَصِيرٍ كَرَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ وَجَمْعُ مُصْرَانٌ مَصَارِينُ كَسُلْطَانٍ وَسَلَاطِينُ وَلَوْ قَالَ وَثَقْبُ مَصِيرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ (قَوْلُهُ أَيْ خَرْقُهُ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ مِنْ أَسْفَلِهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَمْنَعُ اسْتِحَالَةَ الطَّعَامِ فَيَتَعَذَّرُ الْخُلْفُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ وَالثَّانِي يَمْنَعُ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَخْرَجِ فَيَجْتَمِعُ هُنَاكَ مَا يُعَفِّنُ أَوْ يُزَاحِمُ الْأَمْعَاءَ وَخَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا خُرِقَ فِي أَعْلَاهُ فِي مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إلَى حَالَةِ الرَّجِيعِ وَأَمَّا إذَا خُرِقَ أَسْفَلُهُ حَيْثُ يَكُونُ الرَّجِيعُ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ وَرَجَّحَهُ عِيَاضٌ (قَوْلُهُ وَأَحْرَى قَطْعُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَطْعَهُ غَيْرُ خَرْقِهِ لِأَنَّ قَطْعَهُ إبَانَةُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ وَأَمَّا خَرْقُهُ فَهُوَ ثَقْبُهُ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ قَطْعَهُ مِنْهُ عَنْ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَإِبَانَةُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ فِي حَالِ) أَيْ بِسَبَبِ خِلَافٍ فِي حَالِ (قَوْلُهُ هَلْ الشَّقُّ يَسْتَأْصِلُ الدَّمَ) أَيْ لَا يُبْقِي شَيْئًا مِنْهُ فَيَكُونُ مَقْتَلًا (قَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي) أَيْ أَوْ الْوَدَجُ الْبَاقِي يَحْفَظُ بَعْضَ الدَّمِ وَالْأَوْلَى أَوْ الْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ الْوَدَجِ أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ الشَّقِّ كَأَنَّ الشَّقَّ إزَالَةٌ لِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ يَجْرِي عَلَى شَقِّ الْوَدَجِ) أَيْ فَقَدْ أَفْرَدَ الْوَدَجَ (قَوْلُهُ وَدَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ) أَيْ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَالتَّوْضِيحِ الْمُتَحَقِّقِ فِي وَاحِدٍ بِحَيْثُ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي وَاحِدٍ أَيْضًا خِلَافُ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَدَجَيْنِ وَالْجَمْعُ فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ عِبَارَةٌ عَنْ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ دَلِيلٌ إلَخْ) هَذَا مَا زَادَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى. (قَوْلُهُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ) حَلُّ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي؛ أَيْ أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ظَرْفٌ لِذَكَاتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ، قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَحَيْثُ أُكِلَ الْجَنِينُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ فَإِنَّ مَشِيمَتَهُ وَهِيَ وِعَاءُ الْوَلَدِ تُؤْكَلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِشَعْرٍ) أَيْ إنْ تَمَّ خَلْقُهُ مُلْتَبِسًا بِشَعْرِ جَسَدِهِ وَلَوْ بَعْضُهُ لَا شَعْرِ عَيْنِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبِيهِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ أَوْ إنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِشَعْرٍ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ إنْ تَمَّ خَلْقُهُ مَعَ نَبَاتِ شَعْرِهِ وَجَوْزُ كَوْنِهَا سَبَبِيَّةً أَيْ تَمَامَ خَلْقِهِ بِسَبَبِ نَبَاتِ شَعْرِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَنَّ تَمَامَ خَلْقِهِ بِسَبَبِ تَمَامِ شَعْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَمَامَ شَعْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى تَمَامِ خَلْقِهِ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ لَا أَنَّهُ سَبَبٌ فِي نَفْسِ تَمَامِ خَلْقِهِ إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت قَالَ وَهَكَذَا قَالَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَتِمَّ خَلْقُهُ وَأَنْ يَنْبُتَ شَعْرُهُ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا اهـ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُمِّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ فَلَوْ وُجِدَ خِنْزِيرٌ فِي بَطْنِ شَاةٍ فَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ فَلَوْ لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ مَعَ نَبَاتِ شَعْرِهِ لَمْ يُؤْكَلْ لَا بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَا بِغَيْرِ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَوْ لَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ لِعَارِضٍ اُعْتُبِرَ زَمَنَ نَبَاتِ شَعْرٍ مِثْلَهُ. (ص) وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُكِّيَ (ش) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ الَّذِي تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ حَيًّا حَيَاةً مَرْجُوَّةً أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا أَوْ ضَعِيفَةً ذُكِّيَ اسْتِحْبَابًا فِي الثَّالِثَةِ وَفِي الْأُولَيَيْنِ وُجُوبًا وَلَا يُؤْكَلُ فِيهِمَا إلَّا بِذَكَاةٍ تَخُصُّهُ وَلَمَّا كَانَتْ ذَكَاتُهُ فِي الثَّالِثَةِ مُسْتَحَبَّةً وَلَا يَضُرُّ عَدَمُهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يُبَادَرَ (ش) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ لِذَكَاتِهِ أَيْ يُسَارَعَ إلَيْهَا فَيَفُوتَ أَيْ يَسْبِقُ الْمُبَادِرُ بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَيُؤْكَلُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لِأَنَّ هَذَا كَمَنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ بِالصَّيْدِ هَذَا إنْ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلًا وَإِنَّ قَوْلَهُ ذُكِّيَ شَامِلٌ لِلْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ كَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُكِّيَ وَلَا يُؤْكَلُ بِدُونِ ذَكَاةٍ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا فِي حَالِ أَنْ يُبَادَرَ فَيَفُوتَ وَيُؤْكَلَ بِدُونِهَا، وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ مُنْقَطِعًا وَإِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُكِّيَ أَيْ وُجُوبًا لَكِنْ إنْ بُودِرَ إلَيْهِ فَفَاتَ أَكَلَ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُفْهَمُ اسْتِحْبَابُ ذَكَاتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ افْتِقَارِ حِلِّهِ لِذَكَاةٍ. (ص) وَذُكِّيَ الْمَزْلَقَ إنْ حَيِيَ مِثْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَزْلَقَ وَهُوَ السِّقْطُ الَّذِي يُزَايِلُ أُمَّهُ قَبْلَ ذَبْحِهَا وَقَبْلَ تَمَامِ حَمْلِهِ بِأَنْ تَطْرَحَهُ مَثَلًا وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا شَرِبَتْ كَثِيرًا أَوْ عَطِشَتْ كَثِيرًا فَإِنَّك تَنْظُرُ أَمْرَهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَحْيَا بِأَنْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ فَإِنَّهُ يُذَكَّى وَيُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَحْيَا أَوْ شُكَّ فِي أَمْرِهِ هَلْ مِثْلُهُ يَحْيَا أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ ذَكَّى لِأَنَّ مَوْتَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِزْلَاقِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ الثَّلَاثَةِ ذَكَرَ الرَّابِعَ وَهُوَ فِعْلُ مَا بِهِ الْمَوْتُ فَقَالَ (ص) وَافْتَقَرَ نَحْوُ الْجَرَادِ لَهَا بِمَا يَمُوتُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُعَجَّلْ كَقَطْعِ جَنَاحٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَرَادَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلٍّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ يَحْتَاجُ لِلذَّكَاةِ الْمَشْرُوطَةِ بِالنِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ أَخْذِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ إلَى إزْهَاقِ رُوحِهِ بِفِعْلِ شَيْءٍ يَمُوت بِفِعْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا يُعَجِّلُ الْمَوْتَ مِنْ قَطْعِ رَأْسٍ وَإِلْقَاءٍ فِي نَارٍ أَوْ مَاءٍ حَارٍّ أَوْ مِمَّا لَا يُعَجِّلُ كَقَطْعِ جَنَاحٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ إلْقَاءٍ فِي مَاءٍ بَارِدٍ فَقَوْلُهُ كَقَطْعِ جَنَاحٍ مِثَالٌ لِمَا لَا يُعَجِّلُ وَلَا يُؤْكَلُ الشَّيْءُ الْمُزَالُ لِأَنَّهُ دُونَ نِصْفٍ أَبَيْنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّأْسُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْجَرَادَ بِالذِّكْرِ لِرَدِّ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ افْتِقَارِهِ لَهَا. وَلَمَّا كَانَتْ الْمَطْعُومَاتُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا حَيَوَانٌ يَحْتَاجُ لِذَكَاةٍ وَقَدْ مَرَّ وَثَانِيهِمَا حَيَوَانٌ لَا ذَكَاةَ فِيهِ إمَّا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا أَوْ عَدَمِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ كَالْبَحْرِيِّ وَالْمُحَرَّمِ وَنَبَاتٍ وَغَيْرِهِ مِنْ جَامِدٍ وَمَائِعٍ عَقَدَ لِهَذَا الضَّرْبِ بَابًا مَعَ ذِكْرِ مَا يُبَاحُ مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ فَقَالَ -   [حاشية العدوي] يُؤْكَلُ كَمَا إذَا وُجِدَتْ شَاةٌ بِبَطْنِ خِنْزِيرَةٍ فَلَوْ أَنَّ تِلْكَ الشَّاهَ كَبِرَتْ وَوَلَدَتْ فَتُؤْكَلُ أَوْلَادُهَا حَيْثُ حَمَلَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَأْكُولِ. (تَنْبِيهٌ) : لَا بُدَّ أَنْ لَا يُعْلَمَ مَوْتُ الْجَنِينِ قَبْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ بَلْ تَحَقَّقْنَا الْحَيَاةَ أَوْ شَكَكْنَا فَلَوْ لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ وَلَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَوْ نَزَلَ حَيًّا وَذُكِّيَ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ حَيَاةً مَرْجُوَّةً إلَخْ) أَيْ حَيَاةً يُرْتَجَى عَيْشُهُ مَعَهَا أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَيَاةَ فِي الْجَنِينِ مُحَقَّقَةٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يُرْتَجَى عَيْشُهُ مَعَهَا أَوْ يَشُكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ يَيْأَسَ مِنْهُ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ إلَخْ) حَاصِلُ حِلِّ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأُكِلَ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِ بِالذَّبْحِ فَيَمُوتَ فَيُؤْكَلَ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَإِنَّ تِلْكَ الْمُبَادَرَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي خُصُوصِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَيَاةِ فَلِذَا قَالَ فِي ك فَقَدْ كُنِيَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ فَيَمُوتَ عَنْ مُتَوَهِّمِ الْحَيَاةِ اهـ (قَوْلُهُ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا) وَفِي كَلَامِ عج مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ يَجْرِي فِي الثَّلَاثَةِ فَإِذَا مَاتَ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ عِنْدَ الْمُبَادَرَةِ فَلَا يُؤْكَلُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ فِي الثَّالِثَةِ وَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأُكِلَ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ فَلَا يُؤْكَلُ وُجُوبًا فِي الْأُولَيَيْنِ وَنَدْبًا فِي الْأَخِيرَةِ أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَكَّى أَيْ وَذَكَّى إلَّا أَنْ يُبَادِرَ بِالْمَوْتِ فَلَا يُذَكِّي لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَنْفَعُ فِي مَيِّتٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا تُنْدَبُ ذَكَاتُهُ لَا يَمْنَعُ الْمَوْتُ أَكْلَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا يَجْعَلُ الْمُبَادَرَةَ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَنَصُّ ابْنُ رُشْدٍ وَكَلَامُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ التَّحْقِيقَ مَعَ شَارِحِنَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ شَارِحَنَا يَقُولُ إنَّ مَوْتَهُ فَوْرًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُتَوَهِّمُ الْحَيَاةِ وَإِنْ كُنَّا تَرَجَّيْنَا حَيَاتَهُ وَالْعِبْرَةُ بِنَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ) أَيْ أَوْ ظُنَّتْ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَحْيَا) قَالَ فِي ك وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزْلَقِ وَالْمَرِيضِ فِي جَوَازِ تَذْكِيَتِهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَنَّ الْمَرِيضَ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ إلَى أَنْ ذُبِحَتْ وَالْجَنِينُ لِمُتَحَقِّقٍ حَيَاتُهُ لِأَنَّ حَيَاتَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لَا تُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا بِدَلِيلِ كَوْنِ ذَكَاتِهِ فِي ذَكَاتِهَا. (قَوْلُهُ وَافْتَقَرَ إلَخْ) اللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ وَافْتَقَرَ جَمِيعُ الْجَرَادِ لَهَا أَيْ تَوَقَّفَ حِلُّ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَكْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ عَلَى الذَّكَاةِ تَوَقُّفَ كُلِّ مُسَبَّبٍ شَرْعِيٍّ عَلَى سَبَبِهِ فَفِيهِ إشَارَةٌ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ إلَى رَدِّ الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَ مَا مَاتَ بِنَفْسِهِ فَيَحِلُّ وَمَا أَخَذَ مُسْتَجْمِعُ الْحَيَاةِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا بِهَا كَمَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْقَوْلِ الْمُطَلَّقِ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ فِي إبَاحَتِهِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ) ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ مَاتَ فَوْرًا أَمْ لَا وَقَيَّدَ أَبُو الْحَسَنِ بِمَا إذَا مَاتَ فَوْرًا وَضَعُفَ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ أَخْذِهِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أُخِذَتْ حَيَّةً فَمَاتَتْ أُكِلَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَتْ مَيِّتَةً (قَوْلُهُ لِرَدِّ قَوْلِ مَنْ قَالَ إلَخْ) مِنْ هَذَا مَعَ مَا تَقَرَّرَ تَعْرِفُ أَنَّ الْجَرَادَ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ كَالْبَحْرِيِّ) مِثَالٌ لِلْمُسْتَغْنِي وَقَوْلُهُ وَالْمُحَرَّرِ مِثَالٌ لِعَدَمِ التَّأْثِيرِ (قَوْلُهُ وَنَبَاتٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى حَيَوَانٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُبَاحِ فِي ذَاتِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ الْمُبَاحُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَمَكْرُوهُهَا وَمُحَرَّمُهَا مِنْ حَيَوَانَاتٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَمَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ) وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (ص) الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُبَاحَ تَنَاوُلُهُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا طَعَامٌ طَاهِرٌ وَلَا عَكْسَ، فَخَرَجَ النَّجِسُ بِنَفْسٍ كَالْبَيْضِ الْمَذِرِ أَوْ بِمُخَالَطَةِ غَيْرِهِ كَالْأَطْعِمَةِ الْمَائِعَةِ إذَا خُولِطَتْ بِنَجِسٍ؛ وَالْجَامِدَةِ إذَا أَمْكَنَ السَّرَيَانُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ. وَدَخَلَ كُلُّ طَاهِرٍ مِنْ جَامِدٍ وَمَائِعٍ حَتَّى اللَّحْمُ النِّيءُ وَدَخَلَ كُلُّ مَشْرُوبٍ حَتَّى الْبَوْلُ مِنْ الْمُبَاحِ. (ص) وَالْبَحْرِيُّ وَإِنْ مَيِّتًا (ش) أَيْ وَالْمُبَاحُ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ كُلِّهِ وَإِنْ مَيِّتًا سَوَاءٌ وُجِدَ رَاسِبًا فِي الْمَاءِ أَوْ طَافِيًا أَوْ فِي بَطْنِ حُوتٍ أَوْ طَيْرٍ وَسَوَاءٌ ابْتَلَعَهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا وَمَاتَ فِي بَطْنِهِ وَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَسَوَاءٌ صَادَهُ مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْبَحْرِيَّ آدَمِيَّ الْمَاءِ وَكَلْبَهُ وَخِنْزِيرَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا عَدَاهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (ص) وَطَيْرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّيْرَ كُلَّهُ مُبَاحُ الْأَكْلِ سَوَاءٌ أَكَلَ الْجِيفَةَ أَوْ لَا وَلِهَذَا بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ جَلَّالَةً) أَيْ ذَوَاتِ الْحَوَاصِلِ مِنْ الطَّيْرِ الَّتِي تَأْكُلُ الْجِيَفَ وَالْجَلَّالَةُ لُغَةً الْبَقَرَةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي كُلِّ حَيَوَانٍ يَسْتَعْمِلُ النَّجَاسَةَ اهـ فَالتَّنْوِينُ فِي الطَّيْرِ وَمَا بَعْدَهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14] وَلَوْ عَرَّفَ الْجَمِيعَ كَانَ أَوْلَى. (ص) وَذَا مِخْلَبٍ وَنَعَمٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ جَمِيعَ الطَّيْرِ مُبَاحٌ أَكْلُهُ وَلَوْ كَانَ ذَا مِخْلَبٍ كَالْبَازِ وَالْعِقَابِ وَالصَّقْرِ وَالرَّخَمِ، وَالْمِخْلَبُ لِلطَّائِرِ وَالسَّبُعِ بِمَنْزِلَةِ الظُّفُرِ لِلْإِنْسَانِ وَمِنْ الْمُبَاحِ النَّعَمُ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَلَوْ جَلَّالَةً وَلَوْ تَغَيَّرَ لَحْمُهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَبِاتِّفَاقِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. (ص) وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَحْشَ الَّذِي لَمْ يَفْتَرِسْ أَيْ لَمْ يَعُدْ كَحُمُرِ الْوَحْشِ وَالْغِزْلَانِ وَالضَّبِّ مُبَاحُ الْأَكْلِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُفْتَرِسِ كَالْأَسَدِ وَالِافْتِرَاسُ لَيْسَ خَاصًّا بِمَنْ يَفْتَرِسُ الْآدَمِيَّ بَلْ هُوَ عَامٌّ، وَالْعَدَّاءُ خَاصٌّ بِمَنْ يَعْدُو عَلَى الْآدَمِيِّ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (ص) كَيَرْبُوعٍ وَخُلْدٍ وَوَبْرٍ وَأَرْنَبٍ وَقُنْفُذٍ وَضَرْبُوبٍ وَحَيَّةٍ أُمِنَ سُمُّهَا وَخَشَاشِ أَرْضٍ (ش) تَمْثِيلًا لِمَا لَا يَفْتَرِسُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا بِهِ وَيَكُونُ الْمِثَالُ مَا ذَكَرْنَاهُ   [حاشية العدوي] بَابُ الْمُبَاحِ) (قَوْلُهُ وَمَكْرُوهِهَا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْمُبَاحِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيَوَانَاتٍ وَغَيْرِهَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُبَاحَ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْمَكْرُوهَ مِنْهَا وَالْمُحَرَّمَ مِنْهَا يَكُونُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَمِنْ غَيْرِهَا وَإِنَّ جَمِيعَ مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ يُقَالُ لَهُ طَعَامٌ فَالْبَغْلُ وَالطِّينُ وَالْخِنْزِيرُ وَشَرَابُ الْخَلِيطَيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ طَعَامٌ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّعَامِ مَا يُمْكِنُ إسَاغَتُهُ فِي الْحَلْقِ فَالشَّرَابُ ظَاهِرٌ وَالْخِنْزِيرُ وَنَحْوُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِطْعَةُ لَحْمٍ وَتُؤْكَلُ وَقَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ الْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ وَالْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ مِنْ خُصُوصِ الْحَيَوَانَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ أَيْ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِهِ مُبَاحًا وَمَكْرُوهًا وَمُحَرَّمًا وَقَوْلُهُ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُبَاحُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ هَذَا مَا يُفَادُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ وَكَذَا وَكَذَا فَالطَّعَامُ الطَّاهِرُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُبَاحِ وَلَيْسَ بِحَيَوَانٍ أَصْلًا فَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي بَدَأَ بِهِ الْمُبَاحَ الطَّاهِرَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَهَذَا قَطْعًا غَيْرُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِهِ الْمُبَاحُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ الَّذِي مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِهَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ طَعَامٌ طَاهِرٌ) أَيْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَخَرَجَ الْمَغْصُوبُ كَذَا فِي عب وَلَا حَاجَةَ لَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُبَاحِ فِي ذَاتِهِ (قَوْلُهُ تَنَاوَلَهُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ) وَيَأْتِي مَا يُبَاحُ تَنَاوُلُهُ لِلضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَيْتَةَ لِلْمُضْطَرِّ لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا عَكْسَ) أَيْ وَلَيْسَ كُلُّ طَاهِرٍ مُبَاحًا كَالسُّمِّ أَيْ وَالْجَرَادُ الْمَيِّتُ فَالْعَكْسُ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى اللَّحْمُ النِّيءُ) أَيْ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مَا لَيْسَ مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ وَالْبَحْرِيُّ) لَوْ نُكِّرَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَلِيُنَاسِبَ الْعَطْفَ وَأَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَيِّتًا) رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ. (فَائِدَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ طَاهِرَةٌ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ وَنَتُنَتْ كَالْمُلُوحَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ ضَرَرُهَا فَتَحْرُمُ لِذَلِكَ لَا لِنَجَاسَتِهَا وَكَذَلِكَ الْمُذَكَّى ذَكَاةً شَرْعِيَّةً طَاهِرٌ وَلَوْ تَغَيَّرَ وَنَتُنَ وَيُؤْكَلُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ضَرَرُهُ ذَكَرَهُ عج فِي جَوَابِ قَوْلِهِ رَاسِبًا بِالْبَاءِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ مَثَلًا وَالطَّافِي هُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ وَيَعْلُو عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ يُبَيِّنُ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَنْفِرُ مِنْهُ وَكَذَا يُبَيِّنُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي بَطْنِ طَيْرٍ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ الشُّمُولُ لِمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ كَرَاهَةِ الْأَخِيرَيْنِ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُخَصَّصٌ لِمَا يَأْتِي، هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَأَمَّا إذَا جُعِلَتْ لِلْجِنْسِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ آدَمِيَّ الْمَاءِ) أَيْ خِلَافًا لتت الْقَائِلُ بِمَنْعِ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ وَمَا عَدَاهُ) أَيْ مِنْ كَرَاهَةِ كَلْبِ الْمَاءِ وَخِنْزِيرِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ. (قَوْلُهُ وَطَيْرٌ) أَيْ إلَّا الْوَطْوَاطَ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَجِيعُهُ نَجِسٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَرَفَ الْجَمِيعَ لَكَانَ أَوْلَى) لِأَنَّ الْمَعْهُودَ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَلْ وَانْظُرْ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ التَّنْوِينَ لِلِاسْتِغْرَاقِ هَلْ يُسَلَّمُ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْكَلُ كُلُّ ذِي مِخْلَبٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُؤْكَلُ الْمَنْعُ وَقَالَهُ فِي الْإِكْمَالِ وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ كَرَاهَةَ أَكْلِ ذِي مِخْلَبٍ (قَوْلُهُ كَالْبَازِ) بِغَيْرِ يَاءٍ فِي نُسْخَتِهِ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ بَازٍ وَبَازٍ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ غَيْرُ الصَّقْرِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ) وَقِيلَ إنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي يُصِيبُ النَّجَاسَةَ لَحْمُهُ وَعَرَقُهُ وَلَبَنُهُ وَبَوْلُهُ نَجِسٌ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ وَخُلْدٍ) مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا (قَوْلُهُ وَخَشَاشِ أَرْضٍ) وَدَخَلَ فِيهِ الْوَزَغُ وَالسِّحْلِيَّةُ وَشَحْمَةُ الْأَرْضِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمُبَاحِ وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَتُهَا نَجِسَةً لَا يُبَاحُ أَكْلُهَا إلَّا بِالذَّكَاةِ لَكِنْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْوَزَغَ لَا يُؤْكَلُ هُوَ لَعَلَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ السُّمِّ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ خَشَاشَ الْأَرْضِ مُحْتَاجٌ إلَى ذَكَاةٍ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الدُّودُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 آنِفًا لَا يُقَالُ يَتَعَيَّنُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ غَيْرُ الْمُشَبَّهِ بِهِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ الْوَحْشِ الَّذِي لَا يَفْتَرِسُ فَيَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَخَصُّ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَيَكْفِي فِي التَّغَايُرِ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَخَصِّيَّةِ وَالْأَعَمِّيَّةِ، وَالْيَرْبُوعُ دَابَّةٌ قَدْرَ بِنْتِ عِرْسٍ رِجْلَاهَا أَطْوَلُ مِنْ يَدَيْهَا عَكْسُ الزَّرَافَةِ وَالْخُلْدُ هُوَ الْفَأْرُ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَى النَّجَاسَةِ. وَأَمَّا مَا يَصِلُ إلَيْهَا فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ وَكَذَا الْوَطْوَاطُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا بِنْتُ عُرْسٍ فَذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ حُرْمَةَ أَكْلِهَا قَالَ لِأَنَّ كُلّ مِنْ أَكَلَهَا عَمِيَ انْتَهَى وَالْوَبْرُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ رَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِفَتْحِ الْبَاءِ دُوَيْبَّةٌ فَوْقَ الْيَرْبُوعِ وَدُونَ السِّنَّوْرِ طَحْلَاءُ اللَّوْنِ حَسَنَةُ الْعَيْنَيْنِ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ لَا ذَنَبَ لَهَا تُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ وَجَمْعُهَا وَبْرٌ وَوِبَارٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ طَحْلَاءُ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ لَوْنٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْغُبْرَةِ وَالْأَرْنَبُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ النُّونِ فَوْقَ الْهِرِّ وَدُونَ الثَّعْلَبِ فِي أُذُنَيْهِ طُولٌ وَالْقُنْفُذُ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَذَالٌ مُعْجَمَةٌ وَالْأُنْثَى قُنْفُذَةٌ وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ شَيْهَمٌ أَكْبَرُ مِنْ الْفَأْرِ كُلُّهُ شَوْكٌ إلَّا رَأْسَهُ وَبَطْنَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَالضَّرْبُوبُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ كَالْقُنْفُذِ فِي الشَّوْكِ إلَّا أَنَّهُ يَقْرَبُ مِنْ الشَّاةِ فِي الْخِلْقَةِ وَالتَّاءُ فِي الْحَيَّةِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَيُبَاحُ أَكْلُهَا لِلْحَاجَةِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِهَا إبَاحَتَهَا مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الْحَاجَةِ قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. وَيُعْتَبَرُ أَمْنُ سُمِّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمُسْتَعْمِلِهَا فَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِسُمِّهَا لِمَنْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ لِمَرَضِهِ وَإِنَّمَا يُؤْمَنُ سُمُّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُؤْذِيهِ السُّمُّ بِذَكَاتِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَهْلُ الطِّبِّ بِالْمَارَسْتَانِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الذَّكَاةِ الَّتِي يُؤْمَنُ بِهَا السُّمُّ أَنْ تَكُونَ فِي حَلْقِهَا وَفِي قَدْرٍ خَاصٍّ مِنْ ذَنْبِهَا وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ وَإِنْ أَمِنَ سُمَّهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ فِيهَا بِعَدَمِ قَطْعِ الْحَلْقِ وَأَمَّا الذَّكَاةُ الَّتِي تَطْهُرُ بِهَا فَهِيَ كَذَكَاةِ غَيْرِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ فَمَوْضِعُ   [حاشية العدوي] وَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَمَّا دُودُ الطَّعَامِ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مَعَهُ فَهَلْ بَيْنَ ذَلِكَ تَنَاقُضٌ فَالْجَوَابُ لَا تَنَاقُضَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّودِ الَّذِي يَحْتَاجُ لِذَكَاةٍ هُوَ الْمُنْفَرِدُ عَنْ الطَّعَامِ لَا الَّذِي مَعَهُ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَيُؤْكَلُ خَشَاشُ الْأَرْضِ وَذَكَاتُهُ كَالْجَرَادِ وَدُودُ الطَّعَامِ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مَعَهُ الشَّيْخُ فَإِنْ انْفَرَدَ عَنْ الطَّعَامِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَة الْخَشَاشِ أَيْ فَيَحْتَاجُ لِتَذْكِيَةٍ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَى النَّجَاسَةِ) أَسْقَطَ الشَّارِحُ مِنْ تَفْسِيرِهِ شَيْئًا فَكَانَ يَقُولُ فَأْرٌ أَعْمَى يَكُونُ بِالصَّحَارِيِ وَالْأَجِنَّةِ لَا يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ أُعْطِيَ مِنْ الْحِسِّ مَا يُغْنِي عَنْ الْبَصَرِ. (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ) أَيْ إنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ وُصُولُهُ أَوْ اسْتِعْمَالُهُ لَهَا فَإِنْ شَكَّ لَمْ يُكْرَهْ وَرَجِيعُ الْمَكْرُوهِ نَجَسٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَطْوَاطُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ السِّنَّوْرِ) هُوَ الْهِرُّ وَالْأُنْثَى سِنَّوْرَةٌ (قَوْلُهُ وَجَمْعُهَا وَبَرٌ وَوِبَارٌ) هِيَ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ جَمْعُهَا إلَخْ) تَأَمَّلْهُ إذْ قِيَاسُ فَعْلَ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى أَفْعُلَ نَحْوُ كَلْبٍ وَأَكْلُبَ وَفَلْسٍ وَأَفْلَسَ هَذَا عَلَى سُكُونِ الْبَاءِ وَعَلَى فَتْحِهَا يُجْمَعُ عَلَى أَوْبَارٍ كَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ وَوَقْصٍ وَأَوْقَاصٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَمْعٌ سَمَاعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَرْنَبُ) اسْمُ جِنْسٍ غَيْرُ صِفَةٍ كَأَسَدٍ فَهُوَ مُنْصَرِفٌ فَإِنْ جُعِلَ صِفَةً لِرَجُلٍ بِمَعْنَى ذَلِيلٍ صُرِفَ أَيْضًا لِعُرُوضِ الْوَصْفِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَمَ جِنْسٍ حَتَّى يَكُونَ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ) كَصَاحِبِ جُذَامٍ (قَوْلُهُ أَهْلُ الطِّبِّ بِالْمَارَسْتَانِ) الْمَارَسْتَانُ بِالْفَتْحِ بَيْتُ الْمَرْضَى مُغْرِبٌ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَقَدْ مَدَحَ الْبُوصِيرِيُّ صَاحِبَ الْمَارَسْتَانِ بِقَوْلِهِ أَنْشَأْت مَدْرَسَةً وَمَارَسْتَانًا ... لِتُصَحِّحَ الْأَدْيَانَ وَالْأَبْدَانَا (قَوْلُهُ أَنْ تَكُونَ فِي حَلْقِهَا وَفِي قَدْرٍ خَاصٍّ إلَخْ) قَالَ الْقَرَافِيُّ وَصِفَةُ ذَكَاتِهَا الَّتِي يُؤْمَنُ سُمُّهَا مَعَهَا كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْقَوَاعِدِ أَنْ يُمْسِكَ بِرَأْسِهَا وَذَنَبِهَا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ وَتُلْقَى عَلَى مِسْمَارٍ مَضْرُوبٍ فِي لَوْحٍ ثُمَّ يَضْرِبُ بِآلَةٍ حَادَّةٍ رَزِينَةٍ فِي حَدِّ الرَّقِيقِ مِنْ رَقَبَتِهَا وَذَنَبِهَا مِنْ الْغَلِيظِ الَّذِي هُوَ وَسَطُهَا وَيَقْطَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَتَى بَقِيَتْ جِلْدَةً يَسِيرَةً فَسَدَتْ وَقَتَلَتْ آكِلَهَا بِوَاسِطَةِ جَرَيَانِ السُّمِّ مِنْ رَأْسِهَا وَذَنَبِهَا فِي جِسْمِهَا بِسَبَبِ غَضَبِهَا وَهِيَ الذَّكَاةُ الَّتِي تُفْعَلُ بِالْمَارَسْتَانِ اهـ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ وَحَدُّ الرَّقِيقِ إلَخْ مَا نَصُّهُ حَدَّدَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ بِأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَمِنْ جِهَةِ ذَنَبِهَا كَذَلِكَ اهـ أَيْ لِأَنَّ السُّمَّ لَا يَكُونُ إلَّا فِي رَأْسِهَا وَذَنَبِهَا وَلَا يَكُونُ فِي جَسَدِهَا شَيْخِنَا كَتَبَ اللَّقَانِيِّ عَلَى قَوْلِ الْقَرَافِيِّ وَتُلْقَى عَلَى مِسْمَارٍ مَا نَصُّهُ اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ تُلْقَى عَلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا أَعْلَى كَمَا هُوَ صِفَةُ الذَّكَاةِ فِي الْحَلْقِ وَحِينَئِذٍ فَيُثِيرُ ذَلِكَ غَضَبَهَا أَوْ مَعْنَاهُ ظَهْرُهَا أَعْلَى وَبَطْنُهَا أَسْفَلُ كَمَا هُوَ عَلَى هَيْئَتِهَا الْمُعْتَادَةِ فِي مَشْيِهَا مَثَلًا وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَذْكِيَتُهَا مِنْ خَلْفٍ أَوْ مِنْ إحْدَى صَفْحَتَيْ عُنُقِهَا لَا مِنْ الْمُقَدَّمِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ تَذْكِيَتَهَا بِالْمَارَسْتَانِ بِمِصْرَ لَيْسَ مِنْ مُقَدَّمِهَا وَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْبِطُهَا بِخَيْطٍ وَقَالَ إنَّهُ مَانِعٌ مِنْ سَرَيَانِ غَضَبِهَا فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيَحْذَرْ فَإِنْ جَعَلَ مِنْ مُقَدَّمِهَا وَجَمَعَ رَأْسَهَا وَذَنَبَهَا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ حُلَّتْ وَلَا يَلْزَمُ سَرَيَانُ غَضَبِهَا لِجِسْمِهَا جَمَعَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ وَلَوْ مَعَ فِعْلِ فَاعِلٍ بِغَيْرِ إزْعَاجٍ لِتَوَهُّمِهَا فِعْلَ مَا تَأْلَفُهُ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ: فَقْدُ الشَّرْطَيْنِ مَعًا وَفَقْدُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَعَكْسُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِنْ أَمِنَ سُمَّهَا فَلَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الشَّرْطَيْنِ مَعًا لِأَمْنِ السُّمِّ فَإِذَا حَصَلَ فَقْدٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَا أَمْنَ مِنْ جِهَةِ السُّمِّ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ لِعَدَمِ حُصُولِ الذَّكَاةِ الَّتِي يُؤْمَنُ بِهَا السُّمُّ (قَوْلُهُ سَمُّهَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَجَمْعُهُ سِمَامٌ وَسُمُومٌ (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ أَبِي الْحَسَنِ إلَخْ) رَدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا ذُكِّيَتْ مَوْضِعُ ذَكَاتِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا إلَخْ فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ كَمَا قَالَهُ تت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 ذَكَاتِهَا حَلْقُهَا وَهُوَ مَوْضِعُ الذَّكَاةِ مِنْ غَيْرِهَا اهـ وَالْخَشَاشُ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ كَالْعَقْرَبِ وَالْعَقْرَبَانِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَبَنَاتِ وَرْدَانِ وَالنَّمْلِ وَالدُّودِ وَالسُّوسِ وَالْحَلَمِ يُبَاحُ أَكْلُهُ وَإِضَافَتُهُ لِلْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمَخْرَجٍ وَيُبَادِرُ بِرُجُوعِهِ لَهَا. (ص) وَعَصِيرٌ (ش) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ الْمَعْصُورُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ أَوَّلُ عَصْرِهِ مُبَاحٌ مَا لَمْ يُسْكِرْ. (ص) وَفِقَاعٍ وَسُوبْيَا (ش) أَيْ وَمِنْ الْمُبَاحِ شَرَابُ الْفِقَاعِ وَالسُّوبْيَا وَالْفِقَاعُ شَرَابٌ مُتَّخَذٌ مِنْ الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ وَقِيلَ مَاءٌ جُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ حَتَّى انْحَلَّ إلَيْهِ وَالسُّوبْيَا شَرَابٌ يُؤْخَذُ بِالْمُعَالَجَةِ وَيُضَافُ إلَيْهِ مَاءُ خَمِيرِ الْعَجِينِ أَوْ الْعَجْوَةُ فَتُكْسِبُهُ حُمُوضَةً. (ص) وَعَقِيدٌ (ش) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ وَمِنْ الْمُبَاحِ اسْتِعْمَالُ الْعَقِيدِ وَهُوَ الْعَصِيرُ الَّذِي هُوَ مَاءُ الْعِنَبِ إذَا غَلَى عَلَى النَّارِ حَتَّى انْعَقَدَ وَذَهَبَ مِنْهُ الْإِسْكَارُ وَيُسَمَّى بِالرَّبِّ الصَّامِتِ وَلَا يُحَدُّ غَلَيَانُهُ بِقَدْرٍ أَيْ لَا بِذَهَابِ ثُلُثَيْهِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ السُّكْرُ وَعَدَمُهُ قَوْلُهُ وَذَهَبَ مِنْهُ الْإِسْكَارُ أَيْ الَّذِي حَصَلَ مِنْ طَبْخِهِ لَا أَنَّهُ كَانَ فِيهِ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ (أَمِنَ سُكْرَهُ) شَرْطٌ فِي إبَاحَةِ تَنَاوُلِ مَا عَدَا الْعَصِيرَ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ سُكْرٌ إذْ هُوَ مَاءُ الْعِنَبِ أَوَّلُ عَصْرِهِ. (ص) وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ (ش) حَدُّ الضَّرُورَةِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصِلَ إلَى حَالٍ يُشْرِفُ فِيهَا عَلَى الْمَوْتِ فَإِنَّ الْأَكْلَ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُهُ وَالظَّنُّ كَالْعِلْمِ فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَالْمُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ فَقَطْ غَيْرُ آدَمِيٍّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ بِأَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيْتَةِ بِقَدْرِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَلَا يَشْبَعُ وَلَا مِنْ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ عَلَى مَا حَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْجَلَّابُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَبُوهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الضَّرُورَةُ نَادِرَةً أَمَّا إنْ كَانَتْ دَائِمَةً فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الشِّبَعِ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَيْرُ آدَمِيٍّ) لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَأَمَّا جِنْسُ الْمُبَاحِ فَكُلُّ مَا يَرُدُّ جُوعًا أَوْ عَطَشًا بِرَفْعِ الضَّرُورَةِ أَوْ تَخْفِيفِهَا كَالْأَطْعِمَةِ النَّجِسَةِ وَالْمَيِّتَةِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَقْرَبُ الْمُضْطَرُّ ضَوَالَّ الْإِبِلِ وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلَا يَأْكُلُ ابْنُ آدَمَ وَإِنْ مَاتَ قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا اهـ وَتَقَدَّمَ آخِرَ الْجَنَائِزِ وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ وَصَحَّحَ أَكْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَيْتَةِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي الْحُرْمَةِ وَهَلْ هِيَ تَعَبُّدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لِلْإِذَايَةِ لِمَا قِيلَ إنَّهَا إذَا جَافَتْ صَارَتْ سُمًّا وَهُوَ لِأَبِي عِمْرَانَ الْجُورَائِيِّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَ) غَيْرُ (خَمْرٍ إلَّا لِغُصَّةٍ) إلَى أَنَّهُ يَحِلُّ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُلُ الدَّمِ   [حاشية العدوي] ظَاهِرَةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ تِلْكَ الذَّكَاةَ الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مُبِيحَةً لِلْأَكْلِ وَالتَّحْرِيمُ عَارِضٌ فَأَبُو الْحَسَنِ نَظَرَ لِلْأَصَالَةِ لَا لِهَذَا الطَّارِئِ (قَوْلُهُ وَالْخَشَاشُ) لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَخَشَاشُ عُطِفَ عَلَى طَعَامٍ فَهُوَ مَرْفُوعٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لَا مَجْرُورٌ عُطِفَ عَلَى يَرْبُوعٍ إذْ لَيْسَ مِنْ أَمْثِلَةِ وَحْشٍ لَمْ يَفْتَرِسْ (قَوْلُهُ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ) وَالْأَفْصَحُ الْفَتْحُ. (قَوْلُهُ كَالْعَقْرَبِ وَالْعَقْرَبَانِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْعَقْرَبُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنْ أُرِيدَ تَأْكِيدُ التَّذْكِيرِ قِيلَ عُقْرُبَانٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْعَقْرَبُ يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ عُقْرُبَانٌ وَرُبَّمَا يُقَالُ عَقْرَبَةٌ بِالْهَاءِ لِلْأُنْثَى. (قَوْلُهُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسْكِرْ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَصْرِهِ لَا يُسْكِرُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَصِيرُ الْعِنَبِ وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ وَجَمِيعُ الْأَنْبِذَةِ مَا لَمْ يُسْكِرْ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ بِزَمَنٍ وَلَا هَيْئَةٍ. (قَوْلُهُ الْفِقَاعُ شَرَابٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ جَمْعِ الْخَلِيطَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّ شُرْبَهُ مَكْرُوهٌ وَكَلَامُنَا الْآنَ فِي الْمُبَاحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَالْفِقَاعُ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِهِ اهـ أَيْ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ جَمِيعَهَا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ مَاءٌ جُعِلَ إلَخْ) هُوَ عَيْنُ الْأَوَّلِ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَالسُّوبْيَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْفِقَاعِ وَالْعَقِيدُ هُوَ الْعَصِيرُ إذَا عُقِدَ عَلَى النَّارِ (قَوْلُهُ فَتُكْسِبُهُ حُمُوضَةً) بِالتَّاءِ فِي نُسْخَتِهِ أَيْ الْعَجْوَةَ أَيْ تُكْسِبُهُ حُمُوضَةً مَعَ الْمُكْثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ إضَافَةِ مَاءِ خَمِيرِ الْعَجِينِ اكْتِسَابُ الْحُمُوضَةِ وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ مِنْ شَرَابِ الْخَلِيطَيْنِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ السُّكْرُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ السُّكْرُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ أَمِنَ سُكْرَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ سُكْرَهَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ. (قَوْلُهُ مَا يَسُدُّ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُشْبِعُ أَيْضًا وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ يَسُدُّ الْجُوعَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ يَسُدُّ الرَّمَقَ لَكِنْ يَصِيرُ تَارِكًا لِلْكَلَامِ عَلَى التَّزَوُّدِ وَحُكْمُهُ الْجَوَازُ أَيْضًا إنْ اضْطَرَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالظَّنُّ كَالْعِلْمِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا لَوْ قَالَ أَوَّلًا حَدُّ الضَّرُورَةِ أَنْ يَعْلَمَ الْهَلَاكَ وَإِلَّا فَالْخَوْفُ صَادِقٌ بِالظَّنِّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ قَالَ تت فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَهَلْ الِاضْطِرَارُ خَوْفَ الْهَلَاكِ أَوْ خَوْفَ الْمَرَضِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ اهـ أَيْ فَذَهَبَ مَالِكٌ أَنَّ الِاضْطِرَارَ خَوْفَ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ) الْمُرَادُ بِهَا الْإِذْنُ فَيُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ الْمُرَادُ الْبِسَاطِيُّ اخْتَلَفَ فِي تَنَاوُلِ الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ هَلْ يَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ أَمْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ وَالثَّانِي هُوَ التَّحْقِيقُ إذْ الْمَيْتَةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ النَّجَاسَةِ وَهِيَ عَنْ التَّحْرِيمِ وَلَكِنْ هَذَا تَحْرِيمٌ لَا إثْمَ فِيهِ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ) الرَّمَقُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُوَّةِ فَالْمُرَادُ بِسَدِّ الرَّمَقِ حِفْظُ الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ) أَيْ وَلَا يَشْبَعُ مِنْ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ (قَوْلُهُ وَأَبَوْهُ) أَيْ مَنَعُوهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَشْبَعُ وَيَتَزَوَّدُ (قَوْلُهُ غَيْرُ آدَمِيٍّ) وَيَدْخُلُ فِي غَيْرِ آدَمِيٍّ الْعَذِرَةُ وَالدَّمُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ آدَمِيٍّ أَيْ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ خَمْرٍ أَيْ مِنْ الْأَشْرِبَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقْرَبُ الْمُضْطَرُّ ضَوَالَّ الْإِبِلِ) أَيْ إلَّا أَنْ تَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِنَجَاتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ) أَيْ ابْنُ آدَمَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إذَا جَافَتْ صَارَتْ سُمًّا) الدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى لِأَنَّهُ يُفِيدُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 وَشُرْبُ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَائِعَاتِ مَا عَدَا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إذْ لَا تُفِيدُ بَلْ رُبَّمَا زَادَتْ الْعَطَشَ إلَّا لِغُصَّةٍ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا غَيْرُهُ وَهَذَا عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا هُوَ فَيَقُولُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَلَوْ لِغُصَّةِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلْغُصَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا إلَّا لِقَرِينَةٍ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ يَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ مَا وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْهَا. (ص) وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ عَلَى خِنْزِيرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُضْطَرَّ يُقَدِّمُ فِي التَّنَاوُلِ لِلضَّرُورَةِ الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ تَتَغَيَّرْ وَيُخْشَى مِنْ أَكْلِهَا عَلَى الْخِنْزِيرِ لِأَنَّ لَحْمَهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَالْمَيْتَةُ لِوَصْفِهَا فَهِيَ أَخَفُّ وَلِأَنَّ الْمَيْتَةَ تَحِلُّ حَيَّةً أَيْ وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ فِي مَذْهَبِنَا أَوْ غَيْرِهِ وَالْخِنْزِيرُ لَا يَحِلُّ مُطْلَقًا. (ص) وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْمَيِّتَةَ تُقَدَّمُ عَلَى مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُهُ أَوْ ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ صَادَهُ حَلَالٌ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ الْمُضْطَرُّ مُحْرِمًا وَأَمَّا إنْ كَانَ حَلَالًا وَصَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَذَبَحَهُ الْحَلَالُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ تَقْدِيمُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى مَا اُتُّفِقَ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (ص) لَا لَحْمِهِ (ش) أَيْ لَا يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ عَلَى لَحْمِ صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَجَدَهُ الْمُضْطَرُّ بُعْد أَنْ ذَبَحَ وَوَجَبَ   [حاشية العدوي] أَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ صَيْرُورَتِهَا جِيفَةً مَعَ أَنَّ الدَّعْوَى عَدَمُ الْأَكْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا زَادَتْ الْعَطَشَ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ هُوَ صَحِيحٌ لَكِنْ فِي الْمَآلِ وَيَحْصُلُ بِهَا فِي الْحَالِ جَرْيُ الرِّيقِ الَّذِي تَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ وَلَوْ لَحْظَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّدَاوِي أَنَّ التَّدَاوِيَ لَا يَتَيَقَّنُ الْبُرْءُ مِنْهُ وَيَتَيَقَّنُ الْبُرْءُ مِنْ الْغُصَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا لِغُصَّةٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مَأْمُونًا) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَلَا يُصَدَّقْ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا) أَيْ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى صِدْقِهِ صُدِّقَ وَإِنْ قَامَتْ عَلَى كَذِبِهِ لَمْ يُصَدَّقْ فَقَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ رَاجِعٌ لِمَنْطُوقِ الْعِبَارَةِ وَمَفْهُومِهَا كَمَا قُلْنَا وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى تَكْذِيبِ الْأَوَّلِ وَتَصْدِيقِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةُ صِدْقٍ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَامَتْ عَمِلَ عَلَيْهَا تَصْدِيقًا وَكَذِبًا. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ سَاغَ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهَا مِمَّا يَحِلُّ لَهُ وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى غَيْرِهِ كَطَعَامِ غَيْرٍ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ التَّادَلِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْحَرَامَ إذَا غَلَبَ وَتَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْحَلَالِ لَا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ. (تَنْبِيهٌ آخَرُ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمَنْ حَصَلَتْ لَهُ ضَرُورَةٌ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ يَمْنَعُ الضَّرُورَةَ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ الضَّرَرُ بِقَطْعِهِ كَالضَّرَرِ الْحَاصِلِ أَوَّلًا فَلَا يَجُوزُ اهـ. (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ غَيْرَ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى خِنْزِيرٍ) أَيْ مُذَكٍّ لِتَحْصُلَ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَتْ الذَّكَاةُ لَا تَعْمَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُذَكًّا كَانَ مَيْتَةً فَلَا يُغَايِرُ الْمَيْتَةَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى مَيْتَةٍ فَفِيهِ رِكَّةٌ وَيُسْتَحَبُّ تَذْكِيَةُ الْخِنْزِيرِ لِلْمُضْطَرِّ عِنْدَ انْفِرَادِهِ ك (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْفَرَسَ وَالْحِمَارَ وَالْبَغْلَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ أَكْلِهَا فِي الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ وَصَيْدٌ لِمُحْرِمٍ) أَيْ مَصِيدٌ حَيٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لَحْمَهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ وَصَيْدٍ مَنْسُوبٍ لِمُحْرِمٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَاقِعٌ مِنْهُ وَلَوْ حَذَفَ اللَّامَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَالْمَعْنَى وَصَيْدِ مُحْرِمٍ وَكَذَا حَلَّ تت يُرْشِدُ لِذَلِكَ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُضْطَرِّ مُحْرِمًا وَنَصُّ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحْرِمِ الْمُضْطَرُّ لِأَنَّهُ قَالَ الْبَاجِيُّ مَنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ أَكَلَ الْمَيْتَةَ وَلَمْ يُذَكِّ الصَّيْدَ لِأَنَّ بِذَكَاتِهِ يَكُونُ مَيْتَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ وَجَدَ الصَّيْدَ حَيًّا أَيْ ذَبَحَهُ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حَلَالٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَوْ ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ) أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ الْمُحْرِمُ كَانَ الْمُضْطَرُّ أَوْ غَيْرُهُ أَيْ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَبْحِهِ أَيْ أَوْ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَبْحِهِ (قَوْلُهُ وَذَبَحَهُ الْحَلَالُ) أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ الْحَلَالُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ) وَهُوَ كَوْنُهُ صَادَهُ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فِيهِ مِنْ جِهَتَيْنِ) جِهَةُ كَوْنِ الْمُضْطَرِّ مُحْرِمًا وَالصَّائِدُ مُحْرِمًا أَوْ الذَّابِحُ مُحْرِمًا (قَوْلُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ) لَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ) كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ أَيْ كَالْخِنْزِيرِ وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ عَلَى خِنْزِيرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ إلَّا الْخِنْزِيرَ مِنْ جِنْسِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَيَوَانَاتِ. (قَوْلُهُ لَا لَحْمَهُ) أَيْ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَيْ مُحْرِمٌ آخَرُ أَوْ صِيدَ لَهُ بَعْدَ مَا ذَبَحَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَسَوَاءٌ ذَكَّاهُ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ عج (قَوْلُهُ وَجَدَهُ الْمُضْطَرُّ بَعْدَ أَنْ ذَبَحَ) كَانَ الذَّابِحُ الْمُحْرِمُ أَوْ مَاتَ بِصَيْدِ الْمُحْرِمِ أَوْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ جَزَاؤُهُ عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَ فَقَدْ وَجَبَ جَزَاؤُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُضْطَرَّ مُحْرِمٌ وَوَجَدَ الصَّيْدَ الَّذِي صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ حَيًّا وَعِنْدَهُ مَيْتَةٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهَا عَلَى ذَبْحِ الصَّيْدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا لَحْمَهُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مُذَكًّى فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَسَوَاءٌ وَجَبَ عَلَى الْآكِلِ جَزَاؤُهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِبْ جَزَاءٌ فِي الصَّيْدِ الَّذِي أَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ الْمُضْطَرُّ بِأَنَّ ذَبْحَهُ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ الْمُحْرِمُ بَلْ مَا أَكَلَ مِنْهُ إلَّا الْمُضْطَرُّ أَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآكِلِ جَزَاؤُهُ بَلْ وَجَبَ فِيهِ جَزَاءٌ عَلَى غَيْرِ الْمُضْطَرِّ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ الْمُضْطَرُّ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُضْطَرِّ لِكَوْنِ الْجَزَاءِ تَقَرَّرَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ ذَبَحَ مُحْرِمٌ غَيْرَهُ أَوْ حَلَالٌ لِمُحْرِمٍ آخَرَ وَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْآخَرُ فَقَدْ تَرَتَّبَ الْجَزَاءُ عَلَى غَيْرِ الْمُضْطَرِّ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُضْطَرِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 جَزَاؤُهُ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ مُذَكَّاةٌ إلَّا أَنَّ وَصْفَ الْإِحْرَامِ مَنَعَ مِنْ أَعْمَالِ الذَّكَاةِ فِيهِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ مَيْتَةٍ غَيْرِ مُذَكَّاةٍ لِخِفَّةِ التَّحْرِيمِ الْعَارِضِ عَلَى الْأَصْلِيِّ. (ص) وَطَعَامِ غَيْرٍ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ الْمَيْتَةَ وَطَعَامَ الْغَيْرِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَنَمٍ مِمَّا لَيْسَ مُضْطَرًّا إلَيْهِ رَبُّهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ طَعَامَ الْغَيْرِ عَلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ تُقْطَعُ يَدُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِيمَا فِيهِ قَطْعٌ كَتَمْرِ الْجَرِينِ وَغَنَمِ الْمُرَاحِ أَيْ وَلَمْ يَخَفْ أَنْ يُؤْذِيَ وَيُضْرَبَ فِيمَا لَا قَطْعَ فِيهِ كَالتَّمْرِ الْمُعَلَّقِ فَإِنْ خَافَ مَا ذُكِرَ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى طَعَامِ الْغَيْرِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْقَطْعُ كَالضَّرْبِ وَالْأَذَى فِيمَا لَا قَطْعَ فِيهِ لَوَفَّى بِالْمُرَادِ (ص) وَقَاتَلَ عَلَيْهِ (ش) أَيْ جَوَازًا بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِهِ قَاتَلَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَتَلَهُ الْمُضْطَرُّ فَهَدْرٌ وَإِنْ قَتَلَ رَبُّ الطَّعَامِ الْمُضْطَرَّ فَالْقِصَاصُ أَيْ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُكَافِئًا لِلْقَاتِلِ وَقَوْلُهُ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْهُ وَرُبَّمَا يُرْشِدُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ بِأَخْذِهِ الضَّرَرَ وَالْأَذِيَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ وَكَتَبَ نَحْوَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِمَّنْ لَقِينَاهُ. (ص) وَالْمُحَرَّمُ النَّجِسُ (ش) يَرِدُ عَلَيْهِ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْكَلْبُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَالْقِرْدُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْوَطْوَاطُ عَلَى قَوْلٍ وَالسُّمُّ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ فَالْإِخْبَارُ مَعْكُوسٌ أَيْ وَالنَّجَسُ الْمُحَرَّمِ وَأَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ كُلُّ نَجِسٍ مُحَرَّمٌ. (ص) وَخِنْزِيرٌ وَبَغْلٌ وَفَرَسٌ وَحِمَارٌ وَلَوْ وَحْشِيًّا دَجَنَ (ش) أَمَّا الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ وَجِلْدِهِ وَعَصَبِهِ كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَأَمَّا الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا حَرَامٌ وَلَوْ كَانَ الْحِمَارُ وَحْشِيًّا دَجَنَ وَصَارَ يَعْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ. (ص) وَالْمَكْرُوهُ سَبْعٌ وَضَبُعٌ وَثَعْلَبٌ وَذِئْبٌ وَهِرٌّ وَإِنْ وَحْشِيًّا (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يَفْتَرِسْ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّبْعَ وَمَا مَعَهُ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا لَا أُحِبُّ أَكْلَ السَّبْعِ وَلَا الثَّعْلَبِ وَلَا الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَلَا الْإِنْسِيِّ وَلَا شَيْءَ مِنْ السِّبَاعِ وَرَوَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ نَدْبًا وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ لَا لَحْمَهُ يَحْتَمِلُ التَّسَاوِي وَيَحْتَمِلُ التَّقْدِيمَ وَفِي كَلَامِ مُحَشِّي تت اعْتِمَادُ نَدْبِ تَقْدِيمِ لَحْمِ الصَّيْدِ عَلَى الْمَيْتَةِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا تَقْدِيمُ طَعَامِ الْغَيْرِ بِشَرْطِهِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى فِيهِمَا فَفِي الْمُوَطَّإِ إلَى آخَرِ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْلِيِّ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ جَعَلَ التَّحْرِيمَ فِي الْمَيْتَةِ فِيمَا سَبَقَ لَيْسَ أَصْلِيًّا فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا هُنَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَصَالَةِ هُنَا أَصَالَةً تَسَبُّبِيَّةً أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْرِيمِ مِنْ جِهَةِ الصَّيْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَصْلِيَّةً بِاعْتِبَارِ مَا أَفَادَ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ وَطَعَامِ غَيْرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَحْمِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ) أَيْ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ التَّمْرِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْجَرِينِ يُصَدِّقُونَهُ لِضَرُورَتِهِ حَتَّى لَا يُعَدَّ سَارِقًا فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَخَوْفَ الْقَطْعِ بِعَكْسِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. (تَنْبِيهٌ) : إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا لَا يُؤْكَلُ كَالثِّيَابِ وَالْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَسَوَاءٌ وَجَدَ مَيْتَةً أَمْ لَا اهـ مِنْ ك (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ طَعَامَ الْغَيْرِ) أَيْ نَدْبًا إلَّا ضَالَّةَ الْإِبِلِ فَيُقَدِّمُ الْمَيِّتَ عَلَيْهَا لِلنَّهْيِ عَنْ الْتِقَاطِهَا قَالَهُ بَعْضٌ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْكُلُهَا حَيْثُ كَانَتْ تُلْتَقَطُ لِخَوْفِ خَائِنٍ عَلَيْهَا وَانْظُرْ الْبَقَرُ إذَا كَانَتْ لَا تُلْتَقَطُ هَلْ هِيَ كَالْإِبِلِ حَيْثُ كَانَتْ لَا تُلْتَقَطُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْإِبِلِ يَقِلُّ بِالنِّسْبَةِ لِالْتِقَاطِ الْبَقَرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَمْ يَخَفْ أَنْ يُؤْذِيَ) رَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ أَمَّا الَّذِي لَا قَطْعَ فِيهِ فَلَهُ أَخْذُهُ خِفْيَةً كَمَا رَوَى مُحَمَّدٌ وَكَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُوَطَّإِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَهُ وَيَضْرِبُونَهُ لِأَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ أَيْ وَإِنْ خَافَ الضَّرْبَ فَقَوْلُ ح كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ الَّذِي فِي سَرِقَتِهِ قَطْعٌ وَإِنْ خَافَ بِسَرِقَتِهِ الضَّرْبَ وَالْإِذَايَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَغَرَّهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ لِأَنَّهُ نَقَلَ كَلَامَ الْبَاجِيِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ وَالْإِيذَاءَ (قَوْلُهُ وَكَتَبَ نَحْوَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِمَّنْ لَقَيْنَاهُ) هَذِهِ عِبَارَةُ عج فَبَعْضُ الْفُضَلَاءِ هُوَ عج وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ طَعَامُ الْغَيْرِ تَارَةً يَخَافُ الْقَطْعَ أَوْ لَا وَفِي كُلِّ مَا أَنْ يَجِدْ مَيْتَةً أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يُغْنِيهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهُ خَافَ الْقَطْعَ أَمْ لَا وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ بِيَدِ الْمُضْطَرِّ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يُغْنِيهِ عَنْهُ وَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْ أَكْلِهِ بِأَنْ خَافَ الْقَطْعَ أَوْ الضَّرْبَ وَالْأَذِيَّةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ أَكْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ وَلَا الضَّرْبَ فَهَلْ لَا ثَمَنَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَيْهِ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي عج لَكِنَّ قَوْلَهُ لَا ثَمَنَ مُطْلَقًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَاتَّفَقَ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّدُ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فَفِي الْمَوَّاقِ يَقْتَصِرُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ وَفِي الْحَطَّابِ يَشْبَعُ وَفِي التَّتَّائِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَتَزَوَّدُ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا الْإِيرَادُ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ " الْمُحَرَّمُ " مُبْتَدَأٌ وَالنَّجَسُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَخِنْزِيرٌ خَبَرُ الْمُحَرَّمِ فَلَا يَكُونُ النَّجَسُ صَادِقًا عَلَى الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ بَلْ الْمُرَادُ بِالنَّجَسِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ مِنْ عَذِرَةٍ وَبَوْلٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ) أَيْ فَهُوَ حَرَامٌ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ وَالْمُقَابِلُ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَالْوَطْوَاطُ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا حَرَامٌ) وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ أَكْلِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَأَمَّا الْخَيْلُ فَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْحِمَارُ وَحْشِيًّا دَجَنَ) فَإِنْ تَوَحَّشَ بَعْدَمَا دَجَنَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِحُكْمِ أَصْلِهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَاقِلًا وَالْإِبَاحَةُ بَاقِيَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَأَنُّسُهُ نَاقِلًا لَهُ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ لَلَزِمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَهْلِيِّ إذَا تَوَحَّشَ أَنْ يُؤْكَلَ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَرَدَّ بِمُرَاعَاةِ الِاحْتِيَاطِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] فَهَذِهِ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَمَّا كَانَ نَفْيُ التَّحْرِيمِ لَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ عَيْنًا اُحْتِيطَ لِلْكَرَاهَةِ وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ تَحْرِيمَ أَكْلِ مَا يَعْدُو مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالثَّعْلَبِ وَالْكَلْبِ وَمَا لَا يَعْدُو يُكْرَهُ أَكْلُهُ (ص) وَقِيلَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَكْرُوهُ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ وَمِثْلُ الْفِيلِ الدُّبُّ وَأَمَّا الضَّبُّ فَقَدْ صَحَّحَ فِي تَوْضِيحِهِ إبَاحَتَهُ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ النِّمْسُ وَالْفَهْدُ وَالنَّمِرُ. (ص) وَكَلْبُ مَاءٍ وَخِنْزِيرِهِ (ش) هَذَا فِي مَعْرِضِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْبَابِ وَالْبَحْرِيِّ أَيْ إلَّا كَذَا وَكَذَا فَإِنَّهُ مَكْرُوهُ وَقِيلَ حَرَامٌ وَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ مِنْ نَظَرَ إلَى قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ مَنَعَ أَكْلَهُ وَمَنْ نَظَرَ إلَى عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] أَجَازَ أَكْلَهُ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ وَأَمَّا آدَمِيُّ الْبَحْرِ فَأَكْلُهُ مُبَاحٌ وَاللَّيْثُ يَمْنَعُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ أَكْلِ كَلْبِ غَيْرِ الْمَاءِ. (ص) وَشَرَابُ خَلِيطَيْنِ (ش) أَيْ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ شُرْبُ شَرَابِ خَلِيطَيْنِ أَوْ عَمَلُ شَرَابِ خَلِيطَيْنِ لِيَشْرَبَهُ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ أَوْ بُسْرٍ وَزَهْوٍ وَرُطَبٍ أَوْ حِنْطَةٍ مَعَ شَعِيرٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ تِينٍ أَوْ عَسَلٍ وَسَوَاءٌ خُلِطَا عِنْدَ الِانْتِبَاذِ أَوْ عِنْدَ الشُّرْبِ وَهَلْ النَّهْيُ تَعَبُّدٌ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ أَوْ لِاحْتِمَالِ تَخَمُّرِ أَحَدِهِمَا بِمُخَالَطَةِ الْآخَرِ وَخَفَائِهِ قَوْلَانِ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ الْعَسَلِ بِاللَّبَنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ انْتِبَاذًا بَلْ خَلْطُ مَشْرُوبَيْنِ كَخَلْطِ شَرَابِ الْوَرْدِ وَالنَّيْلَوْفَرِ ابْنُ سِرَاجٍ فَعَلَيْهِ يَجُوزُ خَلْطُ الرُّبِّ وَالْخَلِّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَنْتَهِي لِلْإِسْكَارِ وَيَتَنَاوَلُ قَوْلُهُ وَشَرَابٍ إلَخْ الْمَبْلُولَ الَّذِي لِلْمَرِيضِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَنَبْذٍ بِكَدُبَّاءٍ (ش) أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ فِي الدُّبَّاءِ أَيْ الْقَرْعِ وَالْمُزَفَّتِ مَاءً ثُمَّ يُلْقِي فِيهِ تَمْرًا أَوْ تِبْنًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَشْرَبَهَا فِي حَالِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَشْهُورِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ تَرَكَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَكْلُ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ وَالسِّبَاعِ (قَوْلُهُ وَمَا لَا يَعْدُو) أَيْ كَالضَّبُعِ وَالْهِرِّ كَذَا فِي بَهْرَامَ وَجَعَلَ الضَّبُعَ لَا يَعْدُو بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَقْطَارِ وَإِلَّا فَهُوَ يَعْدُو فِي بِلَادِنَا (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ) وَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الضَّبُّ فَقَدْ صَحَّحَ فِي تَوْضِيحِهِ إبَاحَتَهُ) . (قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْخِلَافِ) أَيْ فِي الْخِنْزِيرِ فَقَطْ لَا فِيهِ وَفِي الْكَلْبِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ فِي كَلْبِ الْمَاءِ قَوْلًا بِالْمَنْعِ وَقَوْلُهُ وَوَجْهُ الْخِلَافِ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَا يُبَيِّنُ فِي الْوَجْهِ إلَّا الْحُرْمَةَ وَالْجَوَازَ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ) ضَعِيفٌ بَلْ الْمَذْهَبُ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ حَرَامٌ وَلَمْ يَرَ الْقَوْلَ بِإِبَاحَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ دَاوُد شَيْخُ تت يُؤَدَّبُ فِي نِسْبَةِ الْإِبَاحَةِ لِمَالِكٍ وَلَعَلَّهُ لِبَشَاعَةِ ذَلِكَ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَمَلُ شَرَابِ إلَخْ) فِي عج أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْعَمَلَ حَرَامٌ فَعَلَى كَلَامِهِ الصَّوَابُ إبْدَالُ " عَمَلُ " بِاسْتِعْمَالِ وَيَكُونُ إشَارَةٍ لِلتَّفَنُّنِ فِي التَّعْبِيرِ إمَّا بِهَذَا أَوْ بِهَذَا لَكِنْ يُسْتَبْعَدُ كَوْنُ الْعَمَلِ حَرَامًا وَالشُّرْبُ مَكْرُوهٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ عج أَنَّ الْعَمَلَ حَرَامٌ وَأَمَّا الِاسْتِعْمَالُ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ مَكْرُوهٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَنَسَبَ عج الْحُرْمَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تُصَرَّحْ بِالْحُرْمَةِ إذْ لَفْظُهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْبَذَ تَمْرٌ مَعَ زَبِيبٍ وَلَا بُسْرٍ أَوْ زُهُورٍ مَعَ رُطَبٍ وَلَا بُرٍّ مَعَ شَعِيرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ تِينٍ أَوْ عَسَلٍ اهـ فَقَالَ الْبَاجِيُّ ظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ مَاشِيًا عَلَى الْكَرَاهَةِ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا خِلَافًا لعج وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ يُمْكِنُ الْإِسْكَارُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِقِصَرِ مُدَّةِ الِانْتِبَاذِ فَلَا كَرَاهَةَ وَمِثْلُ قَصْدِ الِانْتِبَاذِ مَا لَا يُمْكِنُ حُصُولُ الْإِسْكَارِ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا كَخَلْطِ اللَّبَنِ بِالْعَسَلِ لِلشُّرْبِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَإِنْ حَصَلَ الْإِسْكَارُ بِهِ حُرِّمَ وَأَمَّا طَرْحُ التَّمْرِ فِي نَبِيذِ التَّمْرِ أَوْ طَرْحِ الْعَسَلِ فِي نَبِيذِ الْعَسَلِ أَوْ طَرْحِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فِي نَبِيذِهِ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ أَوْ بُسْرٍ وَزَهْوٍ) قَالَ أَبُو حَاتِمٍ إنَّمَا يُسَمَّى زَهْوًا إذَا خَلَصَ لَوْنُ الْبُسْرَةِ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ الصُّفْرَةِ وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ زَهَا النَّخْلُ يَزْهُو ظَهَرَتْ الْحُمْرَةُ أَوْ الصُّفْرَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ الْبُسْرَ هُوَ مَا إذَا تَهَيَّأَتْ الْبَلَحُ إلَى الِاحْمِرَارِ الْخَالِصِ أَوْ الِاصْفِرَارِ الْخَالِصِ أَيْ وَأَمَّا إذَا خَلَصَتْ إلَى الِاحْمِرَارِ أَوْ إلَى الِاصْفِرَارِ فَلَا يُقَالُ لَهُ بُسْرٌ فَإِذَا كَانَتْ الْبَلَحُ بَيْنَ بَيْنَ لَا اخْضِرَارَ وَلَا احْمِرَارَ خَالِصٌ فَيُقَالُ لَهُ بُسْرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ بُسْرٍ إلَخْ الْوَاوُ فِي وَرُطَبٍ بِمَعْنَى مَعَ وَفِي وَزَهْوٍ بِمَعْنَى أَوْ وَالتَّقْدِيرُ بُسْرٌ مَعَ رُطَبٍ أَوْ زَهْوٍ مَعَ رُطَبٍ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ خُلِطَا عِنْدَ الِانْتِبَاذِ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ النَّبْذِ أَيْ طُرِحَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ فِي الْآخَرِ وَالِانْتِبَاذُ لُغَةٌ عَامِّيَّةٌ وَأَمَّا لَوْ شَرِبَ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ الشُّرْبِ) أَيْ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أَوْ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْرِعُ الْإِسْكَارُ لِقُوَّةِ الِاجْتِمَاعِ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ لَيْسَ انْتِبَاذًا) أَيْ مُؤَثِّرًا (قَوْلُهُ وَالنَّيْلَوْفَرَ) نَوْعٌ مِنْ الْأَشْرِبَةِ (قَوْلُهُ الرَّبُّ) دِبْسُ الرُّطَبِ إذَا طُبِخَ وَالدِّبْسُ بِكَسْرِ الدَّالِ عُصَارَةُ الرُّطَبِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ إجَازَتِهِ. (قَوْلُهُ وَنَبْذٍ بِكَدُبَّاءٍ) بِالْمَدِّ وَيَجُوزُ الْقَصْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ كَقُرَّاءٍ وَقَوْلُهُ أَيْ الْقَرْعُ وَقِيلَ خَاصٌّ بِالْمُسْتَدِيرِ (قَوْلُهُ وَالْمُزَفَّتِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَافَ إنَّمَا أَدْخَلَتْ الْمُزَفَّتَ فَقَطْ وَجَعَلَ تت الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ دَاخِلَيْنِ فِي قَوْلِهِ بِكَدُبَّاءٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْحَنْتَمُ الْجَرَّارُ جَمْعُ حَنْتَمَةٍ وَهِيَ الْجَرَّةُ مَا طُلِيَ مِنْ الْفَخَّارِ بِالْحَنْتَمِ وَهُوَ الزُّجَاجُ وَالنَّقِيرُ الْمَنْقُورُ وَهُوَ جِذْعٌ لِنَخْلَةٍ يُنْقَرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ إدْخَالِ الْكَافِ الْمُزَفَّتِ فَقَطْ (قَوْلُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَشْرَبَهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا بَادَرَ بِالشُّرْبِ بِحَيْثُ يَجْزِمُ بِعَدَمِ الْإِسْكَارِ فَلَا كَرَاهَةَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 إسْكَارِهَا مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْكِرٍ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْفُخَّارِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الظُّرُوفِ لِعَدَمِ إسْرَاعِ مَا يُنْبَذُ فِيهِ إلَى التَّغَيُّرِ. (ص) وَفِي كَرْهِ الْقِرْدِ وَالطِّينِ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِرْدَ هَلْ يُمْنَعُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْوَاضِحَةِ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُ مَمْسُوخٌ أَوْ يُكْرَهُ أَكْلُهُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيُّ وَكَذَا الطِّينُ هَلْ يُمْنَعُ أَكْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَدَنِ أَوْ لَا يَمْنَعُ بَلْ يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ فَفِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ بِمَنْعِ أَكْلِ التُّرَابِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الذَّكَاةِ وَمَعْرُوضِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ وَكَانَ أَغْلَبُهُ مَذْكُورًا فِي بَابِ الْمُبَاحِ ذَيَّلَ بِهِ بَابِ الذَّكَاةِ لِشِدَّةِ التَّعَلُّقِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ مِنْ النَّعَمِ الْمَعْرُوضِ لِلذَّكَاةِ فَقَالَ. (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُخَاطَبُ بِهَا وَمَا هِيَ مِنْهُ وَمَا يَجْزِي فِيهَا وَمَا لَا يَجْزِي وَمَكَانُهَا وَزَمَانُهَا) وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْأُضْحِيَّةُ اسْمًا مَا تُقُرِّبَ بِذَكَاتِهِ مِنْ جَذَعِ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيِّ سَائِرِ النَّعَمِ سَلِيمَيْنِ مِنْ بَيْنِ عَيْبٍ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ فِي نَهَارِ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ تَالِيَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ عِيدَهُ لَهُ وَقَدَّرَ زَمَنَ ذَبْحِهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ تَحَرِّيًا لِغَيْرِ حَاضِرِهِ فَتَخْرُجُ الْعَقِيقَةُ وَالْهَدْيُ وَالنُّسُكُ فِي زَمَنِهَا قَوْلُهُ مَشْرُوطًا حَالٌ مِنْ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ فَتَخْرُجُ الْعَقِيقَةُ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ الْهَدْيِ وَالنُّسُكِ فِي زَمَانِهَا وَالضَّمِيرُ فِي عِيدِهِ يَرْجِعُ إلَى عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَلَهُ يَعُودُ عَلَى الْإِمَامِ وَانْظُرْ بَقِيَّةَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْقِرْدِ) وَمِثْلُهُ النَّسْنَاسُ (قَوْلُهُ وَالطِّينِ) وَمِثْلُ الطِّينِ التُّرَابُ أَوْ أَنَّهُ مِنْهُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِإِبَاحَةِ أَكْل الطِّينِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِإِبَاحَةِ الْقِرْدِ وَقَالَ بَهْرَامُ هُنَا وَفِي شَامِلِهِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَةِ أَكْلِهِ فَالِاكْتِسَابُ بِهِ حَلَالٌ وَكَذَا ثَمَنُهُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ أَكْلِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَةِ أَكْلِهِ وَيُرَدُّ لِمَوْضِعِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ الطِّينِ أَوْ حُرْمَتِهِ الْحَامِلِ إذَا تَاقَتْ لَهُ وَخَافَتْ عَلَى جَنِينِهَا فَيُرَخَّصُ لَهَا قَطْعًا كَمَا قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ فِي أَكْلِهِ وَقَوْلُهُ وَخَافَتْ بِالْوَاوِ وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَمَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ مَا ذُكِرَ وَلِذَا أَفْرَدَهُ بَعْدَ شَيْئَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَطْفِ الثَّانِي بِأَوْ، أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْأَكْلِ إذْ التَّقْدِيرُ وَفِي كُرْهٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) هَذَا لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَإِلَّا وَرَدَ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُ مَمْسُوخٌ) أَيْ فَأَصْلُهُ آدَمِيٌّ وَالْآدَمِيُّ يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَكَوْنُهُ مَمْسُوخًا ضَعِيفٌ وَلِذَا عَبَّرَ بِيُقَالُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْمَمْسُوخِ هَلْ يَكُونُ لَهُ نَسْلٌ أَمْ لَا فَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْقِرَدَةِ مِنْ نَسْلِ الْمَمْسُوخِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا «أَنَّ اللَّهَ يُهْلِكُ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبُ قَوْمًا فَيَجْعَلُ لَهُمْ نَسْلًا وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ» قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي بَابِ صِفَةِ إبْلِيسَ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ) لَمْ يَقُلْ الْبَاجِيُّ بِالْكَرَاهَةِ وَنَصُّهُ وَأَمَّا الْقِرْدُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِ الْقِرْدِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلَمْ يَرِدُ فِيهِ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا وَلَا كَرَاهَةً فَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةً فَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ اهـ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْحُرْمَةِ ضَعِيفٌ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ لِعُمُومِ لَا يُنْتِجُ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ وَالطِّينُ مِنْ التُّرَابِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْجَزْمُ بِمَنْعِ التُّرَابِ. [بَابٌ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُخَاطَبُ بِهَا وَمَا هِيَ مِنْهُ وَمَا يَجْزِي فِيهَا] (قَوْلُهُ وَكَانَ أَغْلَبَهُ) أَيْ أَغْلَبَ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوضِ لِلذَّكَاةِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَاتَهُ بَعْضُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي هِيَ مَعْرُوضَةٌ لِلذَّكَاةِ فَمِنْ ذَلِكَ الْغَزَالُ وَحِمَارُ الْوَحْشِ فَإِنَّهُ فَاتَهُ ذَلِكَ بِالصَّرَاحَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ أَوْ أَرَادَ بِالْمَعْرُوضِ لَهَا وَلَوْ مَكْرُوهًا وَقَدْ فَاتَهُ النَّمِرُ (قَوْلُهُ ذُيِّلَ بِهِ إلَخْ) أَيْ جَعَلَهُ ذَيْلًا لِبَابِ الذَّكَاةِ وَيَجُوزُ جَعْلُ ذَيْلٍ إلَخْ حَالًا وَيَكُونُ أَتْبَعَ حَالًا (قَوْلُهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ أَنَّهُ حَذَفَ الْعَاطِفَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ حَذْفُهُ اخْتِيَارًا. (بَابُ الْأُضْحِيَّةِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ شَدِّ الْيَاءِ وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِذَبْحِهَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَوَقْتَ الضُّحَى (قَوْلُهُ اسْمًا) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ اسْمًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْدَرًا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تُعْرَفُ اسْمًا دَائِمًا وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ مَصْدَرًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ عِيدَهُ إلَخْ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَخُطْبَتِهِ لِتَضَمُّنِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَقَدَّرَ زَمَنَ ذَبْحِهِ إلَخْ لِذَلِكَ وَقَدْ يَبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ مَهْجُورَةٌ فِي التَّعَارِيفِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةٍ إلَخْ مَعْمُولٌ لِلذَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالنُّسُكُ) أَيْ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ فِي عِيدِهِ عَائِدٌ عَلَى عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ) وَقَوْلُهُ عِيدَهُ مَعْمُولُ صَلَاةٍ فَالْمَعْنَى بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْإِمَامُ عِيدَهُ أَيْ صَلَاةَ عِيدِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِيدَ هُوَ عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ فَالْأَوْلَى كَوْنُ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى ذِي الْحِجَّةِ وَمَعْنَى كَوْنِ الْعِيدِ لِذِي الْحِجَّةِ أَنَّهُ حَاصِلٌ فِيهِ أَوْ أَنَّ عِيدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ فِي عِيدِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةٍ أَيْ وَبَعْدَ خُطْبَةٍ وَقَوْلُهُ لَهُ يَعُودُ عَلَى الْإِمَامِ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَقَوْلُهُ وَقَدَّرَ عُطِفَ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ وَبَعْدَ قَدَّرَ زَمَنَ ذَبْحِ الْإِمَامِ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ ذَبْحِ غَيْرِ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا وَأَدْخَلَ بِهِ إذَا تَحَرَّى مَنْ لَا إمَامَ لَهُمْ ذَبْحَ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ حَاضِرَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَدَّرَ (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا) أَيْ الضَّحِيَّةُ بِمَعْنَى التَّضْحِيَةِ وَأَرَادَ بِالرُّكْنِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ وَهَذَا مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 الذَّبِيحُ وَالْوَقْتُ وَالذَّابِحُ. وَأَحْكَامُ الضَّحَايَا قِسْمَانِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِحُكْمِهَا وَفِي ضِمْنِهِ الْمُخَاطَبُ بِهَا فَقَالَ (ص) سُنَّ لِحُرٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ حُكْمَ الْأُضْحِيَّةِ السُّنِّيَّةُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أُمِرْت بِالْأُضْحِيَّةِ فَهِيَ لَكُمْ سُنَّةٌ» فَتُسَنُّ فِي حَقِّ الْحُرِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا فَالْعَبْدُ لَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ اُسْتُحِبَّ وَدَخَلَ الْكَافِرُ لِخِطَابِهِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ شَرَطَهَا الْإِسْلَامُ. (ص) غَيْرُ حَاجٍّ بِمِنًى (ش) اعْلَمْ أَنَّ الضَّحِيَّةَ تُسَنُّ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ بِشَرْطِهِ وَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّ الْحَاجِّ وَيَدْخُلُ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ الْمُعْتَمِرُ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِهِ أَيْ إذَا تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ فَقَوْلُهُ بِمِنًى صِفَةٌ لِحُرٍّ أَيْ تُسَنُّ لِحُرٍّ كَائِنٍ بِمِنًى حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ حَاجٍّ ضَحِيَّةٌ لَا تُجْحِفُ وَإِذَا كَانَ مَنْ بِمِنًى غَيْرُ حَاجٍّ تُسَنُّ فِي حَقِّهِ فَأَوْلَى مَنْ لَيْسَ مِنْهَا لِأَنَّ مَنْ بِمِنًى قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْحَاجِّ فَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَاجٍّ (ص) ضَحِيَّةٌ (ش) هُوَ نَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ وَالْمُرَادُ بِالضَّحِيَّةِ التَّضْحِيَةُ وَقَوْلُهُ (لَا تُجْحِفُ) أَيْ الضَّحِيَّةُ بِمَعْنَى الذَّاتِ الْمُضَحَّى بِهَا لَا بِمَعْنَى التَّضْحِيَةِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ يَعْنِي أَنَّ الضَّحِيَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ لَا تُجْحِفَ بِمَالِ الْمُضَحِّي فَإِنْ أَجْحَفَتْ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ فَإِنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَحْفِ مَا يُخْشَى بِصَرْفِهِ فِي الضَّحِيَّةِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي أَيِّ زَمَنٍ مِنْ عَامِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَكَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ لَا يَتَسَلَّفُ خِلَافًا لِمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فَيَتَسَلَّفُ لَهَا لِأَنَّ أَمْرَهَا سَهْلٌ وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ فَهِيَ أَقْوَى. (ص) وَإِنْ يَتِيمًا (ش) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ لِحُرٍّ فَيُخَاطَبُ وَلِيُّهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْبَلُ فِي تَزْكِيَةِ مَالِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَالْيَتِيمُ جَمْعُهُ أَيْتَامٌ وَيَتَامَى وَالْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَفِي الطَّيْرِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَالْأَبِ مَعًا وَفِي الْآدَمِيِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَقَطْ. (ص) بِجِذْعِ ضَأْنٍ وَثَنِيِّ مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ (ش) حَذَفَ ثَنِيَّ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ بِجِذْعٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سُنَّ أَيْ إنَّمَا تُسَنُّ الْأُضْحِيَّةُ بِهَذِهِ الْأَسْنَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا بِضَحِيَّةٍ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْفِعْلِ أَوْلَى مِنْ التَّعَلُّقِ بِمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ مَصْدَرٍ وَنَحْوِهِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَخَذَ الْحَصْرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْجَارِّ وَالْجَرُورِ. (ص) ذِي سَنَةٍ وَثَلَاثٍ وَخَمْسٍ (ش) هُوَ بَيَانٌ لِمَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَإِنَّ جِذْعَ الضَّأْنِ وَثَنِيَّ الْمَعَزِ مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ دُخُولًا مَا فِي جِذْعِ الضَّأْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَفِي ضِمْنِهِ الْمُخَاطَبُ) أَيْ فِي حَيِّزِهِ وَلَصْقِهِ لِأَنَّهُ قَالَ سُنَّ لِحُرٍّ فَالْحُرُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ (قَوْلُهُ سُنَّ) وَلَوْ حُكْمًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَجْرِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ فَهِيَ لَكُمْ سُنَّةً) أَيْ وَأَمَّا لِي فَوَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ فِي حَقِّ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْحُرِّ كَانَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْحُرُّ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا فِي وَلِيِّ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ صَغِيرًا) ابْنُ حَبِيبٍ يَلْزَمُ مِنْ قَيْدِهِ مَالُ الصَّغِيرِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْهُ وَيَقْبَلَ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْبَلُ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءٌ مِنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ اسْتَحَبَّ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بِشَائِبَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ أَيْ إذَا تَحَلَّلَ) فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ لَمْ تُسَنُّ لَهُ (قَوْلُهُ كَائِنٌ بِمِنًى) كَانَ مَنْ بِمِنًى مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمًا بِهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ ضَحِيَّةً) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا عَنْ زَوْجَتِهِ وَخُوطِبَ بِزَكَاةِ فِطْرِهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلنَّفَقَةِ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا عَنْ رَقِيقِهِ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ لَيْسَتْ تَابِعَةً لِلنَّفَقَةِ وَيَسْتَمِرُّ خِطَابُهُ بِهَا عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَحْتَلِمُ الذَّكَرُ وَيَدْخُلُ زَوْجُ الْأُنْثَى بِهَا وَظَاهِرُهُ سُقُوطُهَا عَنْهُ بِمُجَرَّدِ احْتِلَامِ ابْنِهِ وَلَوْ فَقِيرًا عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَبِمُجَرَّدِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِالْأُنْثَى وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى النَّفَقَةِ خِلَافًا لِمَا فِي عب فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ. (تَنْبِيهٌ) : مَنْ وَلَدَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ يُضَحِّي عَنْهُ وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ لِبَقَاءِ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالضَّحِيَّةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ الضَّحِيَّةِ التَّضْحِيَةُ) أَيْ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ تَذْكِيَةُ ضَحِيَّةٍ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ) وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ حَقِيقَةً وَالْآخَرُ مَجَازًا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ) مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ يَرْجُو الْقَضَاءَ كَمَا قَيَّدُوا بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ يَتِيمًا) مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَوْ عَرَضَ تِجَارَةٍ (قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ لِمَالِكِيٍّ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ بِالْأَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ وَانْظُرْ هَلْ يُخَاطَبُ بِهَا عَنْ الصَّبِيِّ فِي عَرْضِ قُنْيَةٍ كَكُتُبٍ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَالظَّاهِرُ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (قَوْلُهُ جَمْعُهُ أَيْتَامٌ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ يَتِيمٌ مَا نَصُّهُ وَالْأَصْلُ فِي يَتَامَى يَتَايَمُ فَقُلِبَ أَيْ قَلْبًا مَكَانِيًّا بِأَنْ قُدِّمَتْ الْمِيمُ عَلَى الْيَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ بِجِذْعِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سُنَّ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ بِجِذْعٍ وَقَوْلُهُ بِلَا شِرْكٍ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ أَيْ وَالضَّحِيَّةُ كَائِنَةٌ بِجِذْعٍ حَالَ كَوْنِهَا لَا اشْتَرَاكَ فِيهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِسِنِّ يُفِيدُ نَفْيَ السُّنِّيَّةِ عَمَّا عَدَا مَا ذُكِرَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ بِغَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُ الْفَرْضُ أَفَادَهُ فِي كَبِيرِهِ وَلَا يَظْهَرُ تَعَلُّقُهُ بِسِنِّ لِفَسَادِ الْمَعْنَى يَظْهَرُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْفِعْلِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ لِلْأَفْعَالِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَخَذَ الْحَصْرَ إلَخْ) اُنْظُرْ أَيْنَ التَّقْدِيمُ مَعَ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ بِجِذْعٍ بِسِنٍّ مَعَ تَقَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ ذِي سَنَةٍ إلَخْ) وَهَلْ يُلْغَى يَوْمُ وِلَادَتِهِ إنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ أَوْ يُلَفَّقُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سُبِقَ فِي بَابِ الْقَصْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 بِخِلَافِ ثَنِيِّ الْمَعَزِ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ فِيهَا دُخُولًا بَيِّنًا كَالشَّهْرِ وَأَنَّ الثَّنِيَّ مِنْ الْبَقَرِ هُوَ مَا أَوْفَى ثَلَاثًا وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ هُوَ مَا أَوْفَى خَمْسَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ عَكْسُ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ أَسْنَانُ الثَّنَايَا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ لِاخْتِلَافِهَا فِي قَبُولِ الْحَمْلِ وَالنَّزَوَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ غَالِبًا إلَّا فِي الْأَسْنَانِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمَّا كَانَ مَا دُونَ الْحُلُمِ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي حَدِّ الصِّغَرِ نَاقِصًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْأَنْعَامِ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّقَرُّبِ بِهِ وَتُرَاعَى السِّنِينُ الْقَمَرِيَّةُ. (ص) بِلَا شَرَكٍ إلَّا فِي الْأَجْرِ وَإِنَّ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ إنْ سَكَنَ مَعَهُ وَقَرُبَ لَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَبَرُّعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّشْرِيكُ لَا فِي ثَمَنِهَا وَلَا فِي لَحْمِهَا وَأَمَّا التَّشْرِيكُ فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُدْخَلُ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْأَجْرِ سَاكِنًا مَعَ الْمُدْخِلِ لَهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَوْ كَالْوَاحِدِ وَأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا لِلْمَدْخَلِ لَهُ فَلَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ وَلَا أُمُّ الْوَلَدِ وَلَا مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَبَعْضُهُمْ أَلْحَقَ الزَّوْجَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ بِالْقَرِيبِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الرَّحْمَةِ وَالْمَوَدَّةِ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْقَرَابَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُدْخَلُ يُنْفِقُ عَلَى مَنْ أَدْخَلَهُ وَلَا فَرْقَ فِي النَّفَقَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً كَصِغَارِ وَلَدِهِ الْفُقَرَاءِ وَكِبَارِهِمْ الْفُقَرَاءِ الْعَاجِزِينَ وَأَبَوَيْهِ أَوْ تَطَوُّعًا كَعُمُومَتِهِ وَإِخْوَتِهِ وَنَحْوِهِمْ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ شَرْطَ السُّكْنَى مُعْتَبَرٌ مَعَ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ سُكْنَاهُ مَعَهُ اُنْظُرْ الطِّخِّيخِيَّ. (ص) وَإِنْ جَمَّاءَ وَمُقْعَدَةً لِشَحْمٍ وَمَكْسُورَةَ قَرْنٍ لَا إنْ أَدْمَى (ش) بَالَغَ عَلَى إجْزَاءِ مَا ذَكَرَ مِنْ جِذْعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ غَيْرِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ الْمَوْصُوفَةَ بِمَا تَقَدَّمَ تُجْزِئُ وَإِنْ كَانَتْ جَمَّاءَ مَخْلُوقَةً بِغَيْرِ قَرْنٍ فِي نَوْعٍ مَا لَهُ قَرْنٌ اتِّفَاقًا بَلْ إجْمَاعًا وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ لَا مَحَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إنْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الْحُكْمِ لَا إشَارَةٍ لِلْخِلَافِ أَوْ مُقْعَدَةً أَيْ عَاجِزَةً عَنْ الْقِيَامِ لِشَحْمٍ أَوْ مَكْسُورَةَ قَرْنٍ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ طَرَفِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَقْصٍ فِي خِلْقَةٍ وَلَا لَحْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَدْمَى فَلَا يُجْزِي لِأَنَّهُ مَرَضٌ، وَالْمُرَادُ بِالْإِدْمَاءِ عَدَمُ الْبُرْءِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ دَامِيَةِ الْقَرْنِ مَا شَارَكَهَا بِقَوْلِهِ (ص) كَبَيِّنِ مَرَضٍ وَهُزَالٍ وَجَرَبٍ وَبَشَمٍ وَجُنُونٍ وَعَرَجٍ وَعَوَرٍ (ش)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِخِلَافِ ثَنِيِّ الْمَعَزِ) السِّرُّ فِي كَوْنِ الضَّأْنِ يَجْزِي مِنْهُ الْجِذْعُ دُونَ غَيْرِهِ هُوَ أَنَّ الْجِذْعَ مِنْهُ يُلَقَّحُ أَيْ يَصِحُّ أَنْ يَحْمِلَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا يَحْمِلُ مِنْهُ إلَّا الثَّنِيُّ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنًا (قَوْلُهُ قَبُولِ الْحَمْلِ) أَيْ فِي الْأُنْثَى وَقَوْلُهُ وَالنَّزَوَانُ أَيْ فِي جَانِبِ الذَّكَرِ يُقَالُ نَزَا الْفَحْلُ نَزْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَنَزَوَانًا وَثَبَ إلَّا أَنَّ الْمُشَاهَدَ أَنَّ الْمَعْزَ يَحْمِلُ فِي أَقَلَّ مِنْ السِّنِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فِي حَدِّ الصِّغَرِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الصِّغَرِ أَيْ مِنْ جِهَةٍ هِيَ الصِّغَرُ نَاقِصًا (قَوْلُهُ وَتُرَاعَى السِّنِينَ الْقَمَرِيَّةُ) أَيْ لَا الشَّمْسِيَّةُ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ لِأَنَّ الْقَمَرِيَّةَ تَنْقُصُ تَارَةً خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَتَارَةً سِتَّةً عَنْ السِّنِينَ الشَّمْسِيَّةِ. (قَوْلُهُ بِلَا شِرْكٍ) أَيْ تَشْرِيكٍ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْأَجْرِ) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ وَلَا دَاعِيَ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعًا وَفَائِدَةُ التَّشْرِيكِ سُقُوطُ طَلَبِهَا عَمَّنْ أَدْخَلَهُمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَأَمَّا إنْ لَمْ تُوجَدْ الشُّرُوطُ وَأَدْخَلَ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا إنْ شَرِكَ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُشْرِكِ وَتَصِحُّ عَنْ رَبِّهَا وَاللَّحْمُ لِرَبِّهَا وَلَوْ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْ الْمُشْرِكِ بِالْفَتْحِ وَلِلتَّشْرِيكِ صُورَتَانِ أَنْ يَكُونَ أَدْخَلَهُ فِي ضَحِيَّتِهِ هُوَ وَأَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَجَعَلَهَا شَرِكَةً فِي الْأَجْرِ لِأَخَوَيْنِ يَتِيمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنَّ الشُّرُوطَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ بِدُونِهَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِهِمَا وَجَعَلَهَا شَرِكَةً بَيْنَهُمَا لَمْ تَجُزْ عَنْهُمَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّشْرِيكُ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُمْ بِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْأَبْعَدَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَفِي ك وَانْظُرْ مَتَى تُعْتَبَرُ الشُّرُوطُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ هَلْ يَوْمُ الضَّحِيَّةِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهَا وَقْتَ الدُّخُولِ لَا غَيْرُ اهـ الْوَانُّوغِيُّ قُلْت لِلشَّيْخِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَفْهُومُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْأَجْرِ مِنْ شَرْطِهِ الْحَيَاةُ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الْمَيِّتَيْنِ وَالْجَارِي عَلَى صِحَّةِ انْتِقَالِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ الصِّحَّةُ فَقَالَ نَعَمْ اهـ وَالضَّحِيَّةُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمَالِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي النِّيَابَةِ (قَوْلُهُ إنْ سَكَنَ مَعَهُ) أَيْ فِي حَوْزٍ وَاحِدٍ أَوْ كَالْوَاحِدِ بِأَنْ كَانَ يُغْلِقُ عَلَيْهِ مَعَهُ بَابٌ (قَوْلُهُ وَلَا فِي لَحْمِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ التَّشْرِيكِ فِي اللَّحْمِ دُونَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ اللَّحْمِ لِإِنْسَانٍ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الشَّرِكَةَ فِي اللَّحْمِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الثَّمَنِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ أَدْخَلَ إلَخْ) وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ عج وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّرِّيَّةَ لَيْسَتْ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَكَذَا ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي النَّفَقَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً إلَخْ) تَقْدِيمٌ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ ذَكَرَ فَكَيْفَ هَذَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ يُخَاطَبُ بِالسُّنِّيَّةِ فِي حَقِّهِمْ وَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِالتَّضْحِيَةِ اسْتِقْلَالًا وَشَرِكَةً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بَالَغَ عَلَى إجْزَاءِ إلَخْ) لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ جِذْعٍ بِذَاتٍ لِأَنَّ جَمَّاءَ لَفْظٌ مُؤَنَّثٌ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ إلَخْ) فِي عِبَارَتِهِ تَنَافٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَالَغَ عَلَى إجْزَاءِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي جِذْعِ ضَأْنٍ وَقَوْلُهُ وَالْمَعْنَى إلَخْ يَقْتَضِي مُبَالَغَتَهُ فِي قَوْلِهِ ضَحِيَّةً لَا تُجْحِفُ وَهُمَا وَجْهَانِ جَائِزَانِ فَأَتَى بِهِمَا الشَّارِحُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ عَدَمُ الْبُرْءِ) أَيْ لَا السَّيَلَانُ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا إنْ لَمْ يَبْرَأْ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهُ (قَوْلُهُ وَجُنُونٍ) قَيَّدَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِالدَّائِمِ فَلَا يَضُرُّ غَيْرُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِاللَّازِمِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بَيِّنِ لِأَنَّ الْبَيِّنَ لَا يَلْزَمُ لُزُومُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُجَنُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ جُنُونًا بَيِّنًا وَيُفِيقُ فِي بَعْضٍ آخَرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 يَعْنِي أَنَّ وُجُودَ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مِنْهَا الْمَرَضُ الْبَيِّنُ وَهُوَ الَّذِي لَا تَتَصَرَّفُ مَعَهُ بِتَصَرُّفِ الْغَنَمِ لِأَنَّ الْمَرَضَ الْبَيِّنَ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَيَضُرُّ بِمَنْ يَأْكُلُهُ وَمِنْهَا الْهُزَالُ الْبَيِّنُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» أَيْ لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا لِشِدَّةِ هُزَالِهَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَمِنْهَا الْجَرَبُ الْبَيِّنُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَمِنْهَا الْبَشَمُ بِالتَّحْرِيكِ التُّخْمَةُ يُقَالُ بَشِمَتْ مِنْ الطَّعَامِ كَفَرِحَ وَقَدْ أَبْشَمَهُ الطَّعَامُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْبَشِمَةُ هِيَ الَّتِي أَصَابَهَا التُّخْمَةُ مِنْ الْأَكْلِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ أَوْ الْكَثِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَرَضٌ بِهَا اهـ وَإِذَا كَانَ مَرَضًا بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ بَيِّنًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَرَضُ النَّاشِئُ عَنْ التُّخْمَةِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهِ بَيِّنًا وَمِنْهَا الْجُنُونُ الْبَيِّنُ فَقَيْدُ الْبَيْنِيَّةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَعْطُوفَاتِ فَلَا يَضُرُّ الْخَفِيفُ مِنْ جَمِيعِهَا وَجُنُونُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ فَقْدُ الْإِلْهَامِ وَمِنْهَا الْعَرَجُ الْبَيِّنُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا» الْقَاضِي وَهُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَاللَّامِ أَبُو الْحَسَنِ رُوِيَ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَيْ عَرَجُهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَلْحَقُ الْغَنَمَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ لِأَنَّهَا أَبَدًا تُجْهِدُ نَفْسَهَا فِي الْمَشْيِ لِتُدْرِكَ الْغَنَمَ فَتَكُونَ مَهْزُولَةَ اللَّحْمِ وَمِنْهَا الْعَوَرُ وَالْمَانِعُ مِنْهُ مَا أَذْهَبَ بَصَرَ إحْدَى عَيْنَيْهَا الْبَاجِيُّ وَكَذَا لَوْ أَذْهَبَ أَكْثَرَ عَيْنِهَا فَإِذَا كَانَ بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ عَلَى النَّاظِرِ لَا يَمْنَعُهَا أَنْ تَنْظُرَ أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ النَّاظِرِ لَمْ يُمْنَعْ الْإِجْزَاءُ. (ص) وَفَائِتِ جُزْءٍ غَيْرِ خُصْيَةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيِّنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَكَذَاتِ مَرَضٍ بَيِّنٍ وَذَاتِ جُزْءٍ فَائِتٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ فَائِتَ الْجُزْءَ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ خِلْقَةً أَوْ طَارِئًا لَا يُجْزَى أَنْ يُضَحَّى بِهِ هَذَا فِي غَيْرِ فَائِتِ جُزْءِ الْخُصْيَةِ أَمَّا هُوَ فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِمَنْفَعَةٍ فِي لَحْمِهَا فَيُجْبَرُ مَا نَقَصَ وَلِذَا لَا يُجْزِي مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا عِوَضٌ يُجْبَرُ بَلْ نَقْصٌ مِنْ خِلْقَتِهِ. (ص) وَصَمْعَاءَ جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّمْعَاءَ بِالْمَدِّ وَهِيَ السَّكَّاءُ لَا تُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةَ الْأُذُنَيْنِ جِدًّا فَكَأَنَّهَا خُلِقَتْ بِغَيْرِ أُذُنٍ فَإِنْ كَانَتْ صَمْعَاءَ لَا جِدًّا فَإِنَّهَا تُجْزِي وَالْمُرَادُ جِدًّا بِحَيْثُ تُقَبَّحُ بِهِ الْخِلْقَةُ. وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِ فِيمَا سَبَقَ مَا يَقْتَضِي الْحَصْرَ فِي النَّعَمِ ذَكَرَ مَا يُخْرِجُ غَيْرَهُ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ ذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ (ش) لَا خِلَافَ أَنَّ الَّذِي أُمُّهُ وَحْشِيَّةٌ لَا يُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَوْ ضَرَبَتْ فُحُولُ الضَّأْنِ فِي إنَاثِ الْوَحْشِ فَتَوَالَدَتْ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرُ النَّاطِقِ إنَّمَا يَلْحَقُ بِأُمِّهِ وَلِذَلِكَ إنَّمَا يُسَمَّى يَتِيمًا إذَا مَاتَتْ أُمُّهُ عَكْسُ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ غَيْرَ وَحْشِيَّةٍ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا لَوْ ضَرَبَتْ فُحُولُ الظِّبَاءِ مَثَلًا فِي إنَاثِ الضَّأْنِ فَتَوَالَدَتْ لَكِنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَعَلَى الْمُحَرَّمِ الْجَزَاءُ فِيهِمَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ ذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ. (ص) وَبَتْرَاءَ وَبَكْمَاءَ وَبَخْرَاءَ وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ لَا أُذُنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ يُمْنَعُ الْإِجْزَاءُ مِنْهَا الْبَتْرَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا ذَنَبَ لَهَا فِي جِنْسِ مَا لَهُ ذَنَبٌ بِأَنْ خُلِقَتْ بِغَيْرِ ذَنَبٍ أَوْ جَنَى عَلَيْهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا تُنْقِي) بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُضَارِعُ أَنْقَى الرُّبَاعِيِّ يُقَالُ أَنَقَتْ الْإِبِلُ سَمِنَتْ اهـ فَتَفْسِيرُهَا بِاَلَّتِي لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ (قَوْلُهُ الْبَشَمُ) أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلُ لَهَا إسْهَالٌ (قَوْلُهُ الْبَشِمَةُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ (قَوْلُهُ غَيْرِ الْمُعْتَادِ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَكْلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُهُ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْمَرَضُ النَّاشِئُ عَنْ التُّخْمَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التُّخْمَةَ غَيْرُ الْمَرَضِ مَعَ أَنَّ التُّخْمَةَ هِيَ الْمَرَضُ النَّاشِئُ عَنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ فَقْدُ الْإِلْهَامِ) بِحَيْثُ لَا يَهْتَدِي لِمَا يَنْفَعُهُ وَلَا يُجَانِبُ مَا يَضُرُّهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي لَا تَلْحَقُ الْغَنَمَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهِيَ الَّتِي لَا تَسِيرُ بِسَيْرِ نَوْعِهَا الْأَجَلّ أَنْ يَشْمَلَ غَيْرَ الْغَنَمِ. (قَوْلُهُ وَفَائِتِ جُزْءٍ) أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا (قَوْلُهُ غَيْرُ خُصْيَةٍ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ الْبَيْضَةُ وَالْجِلْدَةُ وَمَقْطُوعُ الذَّكَرِ لَا يُسَمَّى قَطْعُهُ خُصْيَةً قَالَ الْبَدْرُ عَبَّرَ بِخُصْيَةٍ دُونَ خَصِيٍّ لِشُمُولِ خُصْيَةٍ لِلْخِلْقَةِ وَمَا كَانَ طَارِئًا وَلَوْ عَبَّرَ بِخَصِيٍّ لَكَانَ قَاصِرًا عَلَى الطَّارِئِ لِأَنَّ الْخَصِيَّ عُرْفًا مَا طَرَأَ عَلَيْهِ زَوَالُ الْخُصْيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَصِيِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَا لَيْسَ لَهُ أُنْثَيَانِ كَمَا فِي كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَمَا لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَحَرِّرْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَفَائِتِ عُطِفَ عَلَى بَيْنَ الْمَدْخُولِ لِلْكَافِ وَمَا قَبْلَهُ عُطِفَ عَلَى مَرَضٍ فَوَقَعَ الْعَطْفُ أَوَّلًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَثَانِيًا عَلَى الْمُضَافِ وَانْظُرْ هَلْ لِهَذَا نَظِيرٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَعَلَّهُ كَثِيرٌ ك (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِمَنْفَعَةٍ) فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَقْطُوعِ الْأُذُنَيْنِ وَالْأُنْثَيَيْنِ أَنَّ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ وُجِدَ مِنْهُمَا عِوَضٌ وَهُوَ طِيبُ اللَّحْمِ وَمَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا عِوَضٌ مِنْ نَقْصِ خِلْقَتِهِ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْ قَطْعِ الْخُصْيَةِ مَرَضٌ بَيِّنٌ. (قَوْلُهُ وَصَمْعَاءُ جِدًّا) اُنْظُرْ إذَا كَانَتْ صَمْعَاءُ صَغِيرَةً إحْدَى الْأُذُنَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَهِيَ السَّكَّاءُ) الْوَاقِعَةُ فِي عِبَارَاتِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ. (قَوْلُهُ وَذِي أُمِّ وَحْشِيَّةٍ) الظَّاهِرُ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ. (قَوْلُهُ وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ) أَوْ مَقْلُوعَتِهِ بَلْ الْمُرَادُ بِالْكَسْرِ الْقَلْعُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِغَيْرِ إثْغَارٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَسْرِ الْقَلْعُ أَيْ الْجِنْسُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ وَأَمَّا لِإِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ الْجَمِيعُ وَانْظُرْ لَوْ كَسَرَ مِنْ سِنَّيْنِ فَأَكْثَرَ بَعْضَ كُلِّ وَاحِدٍ هَلْ هُوَ كَكَسْرِ السِّنِينَ أَيْ قَلْعِهِمَا لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ فَلَا يُجْزِئُ وَسَكَتَ عَنْ الْمَخْلُوقَةِ بِغَيْرِ أَسْنَانٍ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ) أَيْ فِيمَا لَهُ مِنْ الْغَنَمَ أَلْيَةٌ وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَالْغَنَمِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَدَّدُ بِالثُّلُثِ بَلْ مَا يَنْقُصُ الْجَمَالُ (قَوْلُهُ لَا أُذُنًا) أَيْ لَا ثُلُثَ الْأُذُنِ وَانْظُرْ لَوْ نَقَصَ مِنْ كُلِّ أُذُنٍ الثُّلُثُ هَلْ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لِتَعَدُّدِهِ أَمْ لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 شَخْصٌ فَقَطَعَهُ وَمُرَادُهُ النَّصُّ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ فَلَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ بِفَائِتِ جُزْءٍ وَمِنْهَا الْبَكْمَاءُ وَهِيَ فَاقِدَةُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ عَادٍ لِأَنَّ النَّاقَةَ إذَا مَضَى لَهَا مِنْ حَمْلِهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ تَبْكَمُ فَلَا تُصَوِّتُ وَلَوْ قُطِعَتْ وَمِنْهَا الْبَخْرَاءُ وَهِيَ مُتَغَيِّرَةُ رَائِحَةِ الْفَمِ لِأَنَّهُ نَقْصُ جَمَالٍ وَلِأَنَّهُ يُغَيِّرُ اللَّحْمَ أَوْ بَعْضَهُ إلَّا مَا كَانَ أَصْلِيًّا كَبَعْضِ الْإِبِلِ وَمِنْهَا يَبِسُ الضَّرْعِ فَإِنْ كَانَتْ أَرْضَعَتْ بِبَعْضِهِ فَلَا يَضُرُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ ضَرْعِهَا نَحْوُ دَمٍ كَيَابِسَةِ الضَّرْعِ وَمِنْهَا مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ إذَا زَادَ الشَّقُّ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَمَا دُونَ أَجْزَأَتْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ قَطْعُهُ كَمَا يَأْتِي فَأَحْرَى شَقُّهُ وَمِنْهَا مَكْسُورَةُ أَوْ مَقْلُوعَةُ سِنٍّ إذَا كَانَ لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ هَرَمٍ رُبَاعِيَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا وَاحِدَةٌ فَمَا فَوْقَهَا أَمَّا لِإِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ هَرَمٍ فَلَا يَضُرُّ وَكَذَا لِحَفَاءٍ أَيْ وَلَوْ الْجَمِيعَ وَمِنْهَا ذَاهِبَةُ ثُلُثِ الذَّنَبِ فَصَاعِدًا بِقَطْعٍ أَوْ مَرَضٍ لِأَنَّهُ لَحْمٌ وَعَظْمٌ وَأَمَّا ذَهَابُ ثُلُثِ الْأُذُنِ فَدُونَ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ جِلْدٌ. (ص) مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ لِآخِرِ الثَّالِثِ (ش) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَوَقْتُ كُلٍّ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَيْ كَائِنَةٌ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَوَقْتُهُ مِنْ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَخُطْبَتِهِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إمَامُ الصَّلَاةِ ثُمَّ حُكِيَ الْخِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُ كُلٍّ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ لِآخِرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَيَفُوتُ بِغُرُوبِهِ وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ فَيَوْمُ النَّحْرِ مَعْلُومٌ لِلنَّحْرِ غَيْرُ مَعْدُودٍ لِلرَّمْيِ إلَّا الْعَقَبَةَ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ وَالرَّابِعُ مَعْدُودٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ (ص) وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ قَوْلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَهَلْ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ الْعَبَّاسِيُّ وَهُوَ إمَامُ الطَّاعَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» أَوْ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ وَغَيْرَهَا إذَا كَانَ مُسْتَنَابًا عَلَى ذَلِكَ؟ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يُخْرِجْ إمَامُ الطَّاعَةِ أُضْحِيَّتَهُ لِلذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ إمَامُ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُعْتَرَضٌ اُنْظُرْ الْكَبِيرَ. (ص) وَلَا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُرَاعَى قَدْرُ ذَبْحِ الْإِمَامِ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُضَحِّي إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ مَعًا وَأَمَّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَا يُرَاعَى الْإِمَامُ بَلْ يَدْخُلُ وَقْتُ الذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُؤَخِّرَ الذَّبْحَ أَوْ النَّحْرَ إلَى حِلِّ النَّافِلَةِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ فِي " قَدْرُهُ " هُوَ ذَبْحُ الْإِمَامِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ عَلِمْت عَدَمَ ظُهُورِ قَوْلِ الشَّارِحِ لَوْ أَنَّثَ الضَّمِيرَ فَقَالَ قَدْرُهَا لِيَعُودَ عَلَى الصَّلَاةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الْخُطْبَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ لَا تُجْزِئُ كَمَا مَرَّ. (ص) وَأَعَادَ سَابِقَهُ إلَّا الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبُ إمَامٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَذْبَحُ إلَّا بَعْدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ رَبَاعِيَةٌ) السِّنُّ الَّتِي تَلِي النَّابَ وَالثَّنِيَّةُ هِيَ السِّنَّتَّانِ اللَّتَانِ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لِحَفَاءٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْكَسْرُ لِحَفَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَفَاءَ لَا يَضُرُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِاَلَّتِي حَفَّتْ أَسْنَانَهَا. (قَوْلُهُ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ) أَيْ مِنْ انْتِهَاءِ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَلَوْ ابْتَدَأَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ لَا تُجْزِئُهُ مُطْلَقًا كَانَ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ لَا إنْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَتُجْزِئُ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ تُجْزِئُ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ اعْتَمَدَ مَا فِي عب احْتِيَاطًا وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ فَأَوْلَى مَا هُنَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُجْزِئُهُ ضَحِيَّةٌ وَانْظُرْ إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَتَبِعُوهُ فِي ذَبْحِ مَا يُجْزِئُهُمْ فَهَلْ يَكْتَفِي بِذَلِكَ أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتِهِ وَذَبْحِهِ وَهَذَا إذَا ذَبَحَ فَإِنْ لَمْ يَذْبَحْ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ قَدْرَ زَمَنِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ) فَيَلْزَمُ تَحَرِّي أَهْلِ بِلَادِهِ كُلِّهَا لِذَبْحِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ إلَخْ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ هُوَ إمَامُ الطَّاعَةِ إلَخْ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ إمَامُ الطَّاعَةِ عَبَّاسِيًّا وَإِنَّمَا تِلْكَ الْعِبَارَةُ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ إمَامُ الطَّاعَةِ كَالْعَبَّاسِيِّ الْيَوْمَ وَقَالَ الثَّانِي وَالْإِمَامُ الْيَوْمُ الْعَبَّاسِيُّ وَإِنَّمَا قَالَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا فِي زَمَنِ وِلَايَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَكَانَ إمَامُ الطَّاعَةِ عَبَّاسِيًّا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ) لِلْعِيدِ الْمُسْتَخْلَفِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ اُسْتُخْلِفَ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا أَمْ لَا أَيْ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ الْعِيدُ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ إمَامِ حَارَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ فَيُغَيِّرُهَا أَوْ فِيهَا كَمَجِيءِ نَائِبٍ عَنْهُ بِهَا لِأَنَّ إمَامَ الْحَارَةِ مُسْتَخْلَفٌ بِالْفَتْحِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) وَإِذَا اُعْتُبِرَ ذَبْحُ إمَامِ الطَّاعَةِ حَيْثُ أَخْرَجَ أُضْحِيَّتَهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَامُ الصَّلَاةِ فَأَوْلَى إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ وَخَطَبَ كَذَا ذَكَرَ فِي ك (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُعْتَرَضٌ إلَخْ) أَيْ اُعْتُرِضَ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ الْعَبَّاسِيُّ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ لَا يَقُولُ بِالِانْحِصَارِ فِي الْعَبَّاسِيِّ دُونَ إمَامِ الصَّلَاةِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَالْقَائِلُ بِاعْتِبَارِ إمَامِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَقُولُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ الثَّانِي أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْخِلَافِ حَقِيقِيًّا الْقَوْلُ الثَّانِي الثَّالِثُ أَنَّ مَحَلَّهُمَا حَيْثُ لَمْ يُخْرِجْ إمَامُ الطَّاعَةِ أُضْحِيَّتَهُ لِلذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ إمَامُ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ بَلْ تُوُرِّكَ عَلَيْهِ مِنْ شَارِحِنَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الْخُطْبَةِ أَيْضًا) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفْهُومِ بَلْ إذَا تَأَمَّلْت تَقُولُ لَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ مُرَاعَاةِ قَدْرِ ذَبْحِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ سَابِقَهُ) هَذَا فِيمَنْ لَهُمْ إمَامٌ لَهُ أُضْحِيَّةٌ وَأَبْرَزَهَا وَتَحَرَّى وَذَبَحَ قَبْلَهُ فَلَا تُجْزِئُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُبْرِزْهَا فَتُجْزِئُ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُتَحَرِّي أَقْرَبَ إمَامٍ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا إمَامَ لَهُ وَأَمَّا مَنْ لَهُ إمَامٌ وَلَكِنْ لَمْ يَذْبَحْ فَيَتَحَرَّى ذِبْحَهُ بَعْدَ خُطْبَتِهِ قَالَ عج فَإِنْ قُلْت التَّحَرِّي هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَ الْخُطْبَةِ أَيْضًا فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَعَادَ وَتَكُونُ شَاةَ لَحْمٍ إلَّا مَنْ لَا إمَامَ لَهُ وَتَحَرَّى مِنْ الْأَئِمَّةِ أَقْرَبَ إمَامٍ إلَيْهِ فَذَبَحَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَحَدَّ بَعْضٌ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْتَى لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ أَيْ وَأَمَّا مَا بَعُدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ إمَامٍ أَوْ كَانَ وَتَعَذَّرَ تَحَرِّيهِ فَهَلْ يَذْبَحُ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ أَوْ يُؤَخِّرَ لِقُرْبِ الزَّوَالِ أَوْ يَذْبَحُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ كَالْمَنْطُوقِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ مَنْطُوقُ شَبَهٍ فِي مَفْهُومٍ إلَّا الْمُتَحَرِّي وَهُوَ الْإِجْزَاءُ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا وَتَوَانَى بِلَا عُذْرٍ قَدْرَهُ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُبْرِزْ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى وَذَبَحَهَا بِمَنْزِلِهِ وَتَحَرَّى شَخْصٌ قَدْرَ ذَبْحِهِ بِمَنْزِلِهِ ثُمَّ ذَبَحَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ تَوَانَى فِي الذَّبْحِ بَعْدَ وُصُولِهِ لِمَنْزِلِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ فَقَوْلُهُ قَدَّرَهُ ظَرْفٌ لِمُقَدِّرِ أَيْ وَأَخَّرَ قَدْرَهُ أَيْ أَخَّرَ الْمُضَحِّي ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ قَدْرَ ذَبْحِ الْإِمَامِ أُضْحِيَّتَهُ بِمَنْزِلِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ قَدْرَهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ لِأَنَّ ضَمِيرَ تَوَانَى رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ. (ص) وَبِهِ انْتَظَرَ لِلزَّوَالِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِلَا عُذْرٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَوَانَى الْإِمَامُ عَنْ الذَّبْحِ بِسَبَبِ عُذْرٍ كَاشْتِغَالِهِ بِقِتَالِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ انْتَظَرَ ذَبْحَهُ لِيَذْبَحَ بَعْدَهُ لِقُرْبِ الزَّوَالِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ مَا يَذْبَحُ فِيهِ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفُوتَ الْوَقْتُ الْأَفْضَلُ مِنْ الْيَوْمِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ التَّحَرِّيَ لِذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ لِنَحْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُبْرِزْ أُضْحِيَّتَهُ أَمَّا لَوْ أَبْرَزَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي مِنْ أَحَدٍ سَوَاءٌ عَلِمَ بِإِبْرَازِهَا أَمْ لَا لِأَنَّ تَحَرِّيَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَيْثُ بَانَ سَبْقُهُ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَوَقْتُ الذَّبْحِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ لِآخِرِ الثَّالِثِ شَامِلًا لِلْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا بَيَّنَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالنَّهَارُ شَرْطٌ (ش) أَيْ وَالنَّهَارُ فِي   [حاشية العدوي] التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتِهِ وَذَبْحِهِ وَهَذَا الْأَمْرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْإِمَامُ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فَمَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قُلْت وَجْهُهَا أَنَّ الْأَقْرَبَ شَأْنُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى حَالِهِ مِنْ قُرْبِ الْمُصَلَّى مِنْ مَنْزِلِهِ وَبُعْدِهَا مِنْهُ وَوَقْتِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ بِهَا وَحُصُولِ عُذْرٍ يُوجِبُ التَّأْخِيرَ وَعَدَمَهُ وَاتِّحَادِ وَقْتِ طُلُوعٍ بِبَلَدِهِ وَبَلَدِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ (قَوْلُهُ أَقْرَبَ إمَامٍ) أَيْ أَقْرَبَ بَلَدٍ يَذْبَحُ إمَامُهَا بَعْدَ خُطْبَتِهَا وَلَوْ مَعَ الْبُرُوزِ لِلْمُصَلَّى، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْبَلَدِ الَّتِي بِهَا خَطِيبٌ فَقَطْ وَأَمَّا فِي مِثْلِ مِصْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى أَقْرَبَ إمَامٍ فِي أَقْرَبِ الْحَارَاتِ إلَى حَارَتِهِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا إمَامٌ يُضَحِّي لِأَنَّ كُلَّ حَارَةٍ بِمَنْزِلَةِ بَلَدٍ. (تَتِمَّةٌ) قَالَ تت وَلَوْ لَمْ يَتَحَرَّ أَهْلُ الْبَوَادِي وَمَنْ لَا إمَامَ لَهُ وَتَعَمَّدُوا الذَّبْحَ قَبْلَهُ أَوْ ذَبَحُوا بِغَيْرِ تَحَرٍّ وَلَا اجْتِهَادٍ فَوَقَعَ ذَبْحُهُمْ قَبْلَهُ لَانْبَغَى أَنْ يُعِيدُوا انْتَهَى قَوْلُهُ وَتَعَمَّدُوا الذَّبْحَ قَبْلَهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا فِي وَقْتٍ يُجْزَمُ بِأَنَّهُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَبَحُوا بِغَيْرِ تَحَرٍّ أَيْ ذَبَحُوا فِي وَقْتٍ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ انْتَهَى وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَتَحَرَّوْا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا بَعْدَهُ أَجْزَأَ (قَوْلُهُ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ) أَوْ وَرُبْعٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْتَى لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ) فِي هَذَا التَّحْدِيدُ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ فِي ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ إمَامَ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ مَعَ إمَامِ الْبَلَدِ وَإِنَّمَا التَّحَرِّي الْمُجْزِئُ فِيمَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلْيَتَحَرَّ أَهْلُ الْبَوَادِي وَمَنْ لَا إمَامَ لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ. وَمَنْ كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ لَا يُقَالُ فِيهِ لَا إمَامَ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا التَّحْدِيدَ ح فَقَالَ لَمْ أَرَهُ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ وَلَا فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ نَاجِي وَتَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَلَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَلَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِهِ إمَامٌ مِثْلَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدِ بِخُطْبَةٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَتَحَرَّوْنَ صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ انْتَهَى وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ مِنْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ) هُوَ الْإِجْزَاءُ مَعَ التَّحَرِّي (قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ بَلْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُبْرِزْهَا وَأَخَّرُوا الذَّبْحَ قَدْرَ ذَبْحِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَوَانَى بِلَا عُذْرٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَخَّرَ الذَّبْحَ بِلَا عُذْرٍ وَالنَّاسُ عَالِمُونَ بِذَلِكَ فَنَقُولُ لَهُمْ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ أَخَّرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَأَخَّرْتُمْ قَدْرَ ذَبْحِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُكُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا إذَا أَخَّرَ وَكَانَ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَ لِقُرْبِ الزَّوَالِ. وَنَصُّ ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى وَجَبَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُؤَخِّرُوا ضَحَايَاهُمْ إلَى قَدْرِ مَا يَبْلُغُ الْإِمَامُ فَيَذْبَحُ عِنْدَ وُصُولِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ إنْ تَرَاخَى فِي الذَّبْحِ بَعْدَ وُصُولِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ أَخَّرَ الذَّبْحَ لِعُذْرٍ مِنْ اشْتِغَالٍ بِقِتَالِ عَدُوٍّ انْتَظَرُوهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ انْتَهَى وَفِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ مِنْ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ قَدْرَهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ ضَمِيرُ تَوَانَى عَائِدًا عَلَى الْإِمَامِ فَلَوْ جَعَلَ قَدْرَهُ مَعْمُولُ تَوَانَى لَكَانَ الْمَعْنَى وَتَوَانَى الْإِمَامُ بِلَا عُذْرٍ قَدْرَ ذَبْحِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذَبَحَ الْمُضَحِّي فِي وَقْتِ قَدْرِ ذَبْحِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا إذَا أَخَّرَ الْمُضَحِّي قَدْرَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ انْتَظَرَ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ كَاشْتِغَالِهِ بِعَدُوٍّ) اُنْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ عُذْرًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُضَحِّي وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِمَامَ تَوَانَى بِلَا عُذْرٍ وَأَخَّرَ قَدْرَهُ وَذَبَحَ أَوْ نَحَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَّرَ لِعُذْرِ فَلَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُجْزِئُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ لِقُرْبِ الزَّوَالِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ لَيْسَ بَاقِيًا عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِلَّا لَأَشْكَلَ بِوَقْعِ الذَّبْحِ بَعْدَهُ فَيَكُونُ وَاقِعًا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا بِمَعُونَةِ مَا حَلَّ بِهِ كَلَام الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُبْرِزْ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ أَبْرَزَهَا إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ بِبَلَدِ الْإِمَامِ لَا بِغَيْرِ بَلَدِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا شَرْطٌ فَلَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا لَيْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَوَّلُ النَّهَارِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ شَيْءٍ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ أَيْ وَذَبْحُ النَّهَارِ أَوْ نَحْرُهُ أَوْ فِعْلُ النَّهَارِ شَرْطٌ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَفِي الْأَوَّلِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ النَّصُّ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ تَحَرِّي أَقْرَبِ إمَامٍ. (ص) وَنُدِبَ إبْرَازُهَا وَجَيِّدٌ وَسَالِمٌ وَغَيْرُ خَرْقَاءَ وَشَرْقَاءَ وَمُقَابِلَةٌ وَمُدَابِرَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْرِزَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى لِيَذْبَحَهَا فِيهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَيَعْلَمُ النَّاسُ بِذَبْحِهِ فَيَذْبَحُونَ بَعْدَهُ كَمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْإِمَامِ وَفِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّ تَرْكَ الْإِمَامِ إبْرَازَهَا مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ جَيِّدَةً أَيْ حَسَنَةَ الصُّورَةِ أَيْ حُسْنًا زَائِدًا عَلَى مَا نَقْصُهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ سَالِمَةً مِنْ الْعُيُوبِ الْيَسِيرَةِ الَّتِي تُجْزِئُ مَعَهَا الْأُضْحِيَّةُ كَالشَّرْطِ الْيَسِيرِ فِي الْأُذُنِ مَثَلًا وَأَمَّا الْعُيُوبُ الَّتِي لَا تُجْزِئُ مَعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ اجْتِنَابُهَا كَالْمَرَضِ الْبَيِّنِ كَمَا مَرَّ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا غَيْرَ خَرْقَاءَ وَهِيَ الَّتِي فِي أُذُنِهَا خَرْقٌ مُسْتَدِيرٌ وَغَيْرَ شَرْقَاءَ وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَغَيْرَ مُقَابِلَةِ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا مِنْ قُدَّامَ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ آخَرَ فَهِيَ مُدَابِرَةٌ فَالْمَنْدُوبُ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْأَحَدِ الْمُبْهَمُ الدَّائِرُ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ نَفْيُهُ إلَّا بِانْتِفَاءِ الْجَمِيعِ. (ص) وَسَمِينٌ وَذَكَرٌ وَأَقْرَنُ وَأَبْيَضُ وَفَحْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ (ش) لَا إشْكَالَ أَنَّ السَّمِينَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّسْمِينِ وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُهُ وَكَرِهَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْيَهُودِ وَالْمَشْهُورُ إنَّ ذَكَرَ كُلِّ جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ أُنْثَاهُ وَكَذَلِكَ الْأَقْرَنُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَمِّ وَكَذَلِكَ الْأَبْيَضُ أَفْضَلُ مِنْ خِلَافِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا قَارَبَ الْبَيَاضَ أَوْلَى مِمَّا بَعُدَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْفَحْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْخَصِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ. (ص) وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ إبِلٌ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّأْنَ بِإِطْلَاقِهِ ذُكُورَهُ وَإِنَاثَهُ فُحُولَهُ وَخُصْيَانَهُ أَفْضَلُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْمَعَزِ بِإِطْلَاقِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَعْزَ بِإِطْلَاقِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ وَمِنْ الْبَقَرِ بِإِطْلَاقِهِمَا ثُمَّ هَلْ الْبَقَرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا أَوْ الْإِبِلُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَشْيَاخِ اخْتَارَ الْأَوَّلَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ قِيلَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاخْتَارَ الثَّانِي ابْنُ شَعْبَانَ وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ هَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ لَحْمًا أَوْ الْإِبِلُ بِخِلَافِ الْهَدَايَا فَالْأَفْضَلُ فِيهَا كَثْرَةُ اللَّحْمِ فَالضَّحَايَا حِينَئِذٍ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ فِي كُلِّ نَوْعٍ ثَلَاثَةُ مَرَاتِبَ ذَكَرٌ فَخَصِيٌّ فَأُنْثَى يُقَدَّمُ الذُّكُورُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ مَا كَانَ فِي وُسْعِ الْمُكَلَّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ فِي النَّهَارِ لَا الذَّبْحِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الذَّبْحَ هُوَ الْمَشْرُوطُ. (قَوْلُهُ وَسَالِمٌ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُجْزِئُ مَعَهَا كَمَرَضٍ خَفِيفٍ وَكَسْرِ قَرْنٍ إذَا بَرِئَ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ خَرْقَاءَ) أَيْ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ وَلَا شَكَّ فِي اسْتِفَادَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَالِمٌ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُجْزِئُ مَعَهَا تَسْتَلْزِمُ السَّلَامَةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِنَصِّ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا وَعَبَّرَ عَنْهَا بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ مَعَ ارْتِكَابِ التَّذْكِيرِ فِيمَا قَبْلَهُ وَفِيمَا بَعْدَهُ تَبَعًا لِلَفْظِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ خَرْقَاءَ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِالْيَسَارَةِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ ك (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهِ بَلْ خِلَافُ الْأُولَى فَيَكُونُ اسْتِحْبَابُ الْأَيَّامِ آكَدُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا نَقَصَهُ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ لَا يَمْنَعُ الْأُولَى إسْقَاطُ لَا ثُمَّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُسْنَ وَعَدَمَهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا فَلَا يَأْتِي هَذَا الْكَلَامُ (قَوْلُهُ يَجِبُ اجْتِنَابُهَا) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَبْيَضُ) لَمْ يُرِدْ بِأَبْيَضَ أَفْعَلَ التَّفْضِيلَ انْتَهَى مِنْ ك (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ) فَإِنْ كَانَ أَسْمَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ السَّمِينِ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ السَّمِينِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْفَحْلِ وَلَا عَلَى الْخَصِيِّ وَلَوْ كَانَتْ أَسْمَنَ ثُمَّ إنَّ الْخَصِيَّ الْأَسْمَنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْفَحْلِ السَّمِينِ وَلَوْ كَانَ أَجَمَّ وَالْفَحْلُ أَقْرَنَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَسْمَنِ الْأَجَمِّ مِنْ الْخُصْيَانِ وَلَوْ كَانَ أَسْوَدَ عَلَى الْأَقْرَنِ الْأَبْيَضِ الْفَحْلِ السَّمِينِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا تَقْدِيمُ الْخَصِيِّ السَّمِينِ الْأَجَمِّ الْأَسْوَدِ عَلَى الْفَحْلِ الْأَقْرَنِ الْأَبْيَضِ الْهَزِيلِ هُزَالًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ ثُمَّ أَنَّ هَذَا يُخَصِّصُ قَوْلُهُمْ ذَكَرَ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ أَفْضَلُ مِنْ خُصْيَانِهِ وَخُصْيَانُهُ أَفْضَلُ مِنْ إنَاثِهِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأُنْثَى السَّمِينَةَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى مُقَابِلِهَا مِنْ الذُّكُورِ الْفُحُولِ أَوْ الْخُصْيَانِ (قَوْلُهُ أَنَّ السَّمِينَ) أَيْ ذَبْحَ السَّمِينِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُهُ) رَجَّحَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُهُ لَا اسْتِحْبَابَهُ خِلَافًا لتت قَالَ فِي ك وَأَمَّا تَسْمِينُ الْمَرْأَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِضَرَرٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ إلَخْ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ يُعَلَّلُ بِالْأَطْيَبِيَّةِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافٌ) إمَّا مُبَالَغَةٌ أَوْ هُوَ خِلَافٌ بِسَبَبِ خِلَافٍ فِي حَالٍ (قَوْلُهُ هَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ تَعْلِيلُ تَقْدِيمِ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ بِطِيبِ لَحْمِهَا عَلَى لَحْمِ الْإِبِلِ مَعَ وُرُودِ أَنَّ لَحْمَهَا دَاءٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْبَلَدِ الْحَارَّةِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ أُنْثَى الضَّأْنِ أَهْزَلَ مِنْ ذَكَرِ الْمَعَزِ وَهَكَذَا انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَشْهُورِيَّةِ الْأَوَّلِ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ شَهَرَ الثَّانِيَ وَفِي الْأَقْفَهْسِيِّ الظَّاهِرُ طِيبُ الْبَقَرِ انْتَهَى وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي مِصْرِنَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى خُصْيَانِهِ وَخُصْيَانُهُ عَلَى إنَاثِهِ فَالْمَرَاتِبُ حِينَئِذٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَرْتَبَةً أَعْلَاهَا ذُكُورُ الضَّأْنِ وَأَدْنَاهَا إنَاثُ الْإِبِلِ. (ص) وَتَرْكُ حَلْقٍ وَقَلْمٍ لِمُضَحٍّ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا دَخَلَ عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ أَرَادَ الْأُضْحِيَّةَ إنْ لَا يُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ وَلَا يَحْلِقَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ وَلَا يَقُصُّ مِنْ سَائِرِ جَسَدِهِ شَيْئًا تَشْبِيهًا بِالْمُحْرِمِ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُضَحِّي قَوْلُهُ وَتَرْكُ حَلْقٍ أَيْ إزَالَةٍ وَلَوْ بِنُورَةٍ وَقَوْلُهُ عَشَرَ إلَخْ ظَرْفٌ لِتَرْكِ مَا ذُكِرَ وَمُرَادُهُ التِّسْعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إنْ ضَحَّى فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَإِلَّا فَيَزِيدُ زَمَنٌ مِنْ التَّرْكِ عَلَى الْعَشَرَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُدْخَلُ فِي الضَّحِيَّةِ فَيُنْدَبُ لَهُ مَا يُنْدَبُ لِمَالِكِهَا. (ص) وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ وَعِتْقٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا وَمِنْ الْعِتْقِ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُنَا أَفْضَلُ مِنْ السُّنَّةِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْوَاجِبِ فَإِنَّ صَدَقَةَ دَيْنِ الْمُعْسِرِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْظَارِهِ الْوَاجِبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 280] أَيْ مِنْ إنْظَارِهِ وَظَاهِرُهُ أَفْضَلِيَّةُ الضَّحِيَّةِ عَلَى الْعِتْقِ وَلَوْ كَانَتْ الضَّحِيَّةُ بِدِينَارٍ وَالرَّقَبَةُ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا. (ص) وَذَبَحَهَا بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُضَحِّي ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَنْ يَذْبَحَ أَوْ يَنْحَرَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ وَاقْتِدَاءً بِسَيِّدِ الْبَشَرِ فَإِنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَنُدِبَ ذَبْحُهَا وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَيِّبًا بِيَدِهِ لِمَنْ أَطَاقَ فَإِنْ لَمْ يَهْتَدِ لِذَلِكَ إلَّا بِمُرَافِقٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُرَافِقَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُمْسِكَ بِطَرَفِ الْآلَةِ وَيَهْدِيهِ الْجَزَّارُ بِأَنْ يُمْسِكَ الْجَزَّارُ رَأْسَ الْحَرْبَةِ وَيَضَعَهُ عَلَى الْمَنْحَرِ أَوْ الْعَكْسِ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا اسْتَنَابَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ نَائِبِهِ وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ. (ص) وَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا أَيْ ذَبْحُ الضَّحِيَّةِ عَنْ مُوَرِّثِهِ الَّذِي مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ إيجَابِهَا أَوْ نَذْرِهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهَا وَإِلَّا تُبَاعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ إيجَابِهَا فَإِنَّ عَلَى الْوَرَثَةِ إنْفَاذَهَا فَيَقْتَسِمُونَ لَحْمَهَا وَلَا تُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا. (ص) وَجَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعْطَاءٍ بِلَا حَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهَا وَأَنْ يُعْطِيَ أَصْحَابَهُ مِنْهَا وَلَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ لَا بِرُبْعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الْأُضْحِيَّةِ أَنْ لَا يَأْكُلَ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَأَنْ يَأْكُلَ مِنْ كَبِدِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْهَا وَلَوْ أَبْدَلَ الْإِعْطَاءَ بِالْإِهْدَاءِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يُجَامِعُ الصَّدَقَةَ. (ص) وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَفِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ كُلَّهُ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ إلَى غُرُوبِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَأَمَّا أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ فَجْرِهِ إلَى زَوَالِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لِمَنْ أَرَادَ الْأُضْحِيَّةَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِمُضَحٍّ مَعْنَاهُ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِقُ) أَيْ وَلَا يَنْتِفُ (قَوْلُهُ تَشْبِيهًا بِالْمُحْرِمِ) الْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ التَّرْكُ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ يُعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ وَالشَّعْرُ وَالظُّفْرُ أَجْزَاءٌ فَتُتْرَكُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَزِيدُ زَمَنُ التَّرْكِ عَلَى الْعَشَرَةِ) مُرَادُهُ بِالْعَشَرَةِ التِّسْعَةُ وَالزِّيَادَةُ عَلَى التِّسْعَةِ تَصْدُقُ بِصُوَرٍ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ نَذَرَ الثَّلَاثَةَ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا فَقَضِيَّةُ تَفْضِيلِ الضَّحِيَّةِ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِمَا وَأَمَّا الصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ زَمَنَ مَسْغَبَةٍ فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ التَّصَدُّقَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ الصَّدَقَةُ بِثَمَنِهَا) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وَآخِرِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِقَوْلِهِ بِثَمَنِهَا بَلْ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ الْوَاجِبَ إلَخْ) رَدَّهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَحَبُّ مُحْتَوٍ عَلَى الْوَاجِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْظَارَ الْوَاجِبَ تَأْخِيرٌ إلَى مُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهَذَا الَّذِي حُكِمَ بِنَدْبِهِ تَأْخِيرٌ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْوَاجِبِ وَزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ الضَّحِيَّةُ بِدِينَارٍ) فَإِنْ قُلْت قَدْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الصَّدَقَةِ أَفْضَلَ مِنْ الْعِتْقِ بِمَا إذَا تَصَدَّقَ بِالْمُسَاوِي لَا إنْ تَصَدَّقَ بِالدُّونِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت قَدْ فَرَّقَ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ مَا هُنَا إظْهَارُ شَعِيرَةٍ. (قَوْلُهُ وَيُهْدِيهِ الْجَزَّارُ) أَيْ يُعَاوِنُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ «عُرْوَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ قَالَ شَهِدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَتَى بِالْبُدْنِ فَقَالَ اُدْعُوا لِي أَبَا حَسَنٍ أَيْ فَدُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ خُذْ أَسْفَلَ الْحَرْبَةِ وَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَعْلَاهَا ثُمَّ طَعَنَ بِهَا الْبُدْنَ» اهـ فَمِنْهُ يَكُونُ هَذِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ رَأْسَ الْحَرْبَةِ) الَّذِي هُوَ الطَّرَفُ الْأَعْلَى وَقَوْلُهُ وَيَضَعُهُ عَلَى الْمَنْحَرِ الْمُنَاسِبِ وَيَضَعُ الصَّبِيُّ طَرَفَ الْآلَةِ كَالرُّمْحِ أَيْ الطَّرَفَ الْأَخِيرَ عَلَى الرُّمْحِ. (قَوْلُهُ وَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا) أَيْ وَلَا تُجْزِئُ عَنْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ قَبْلَ إيجَابِهَا) أَيْ بِالذَّبْحِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي) لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ النَّذْرَ لَيْسَ كَالذَّبْحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ إيجَابِهَا) أَيْ ذَبَحَهَا ثُمَّ هَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَوْ نَذْرُهَا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ قَدِيمًا إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَبَحَهَا قَدْ فَاتَتْ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الدَّيْنَ يَغْتَرِقُهَا وَكَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا فَقَدْ جُعِلَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ وَجَمْعُ إلَخْ) سَوَاءٌ تَطَوَّعَ بِهَا أَوْ أَوْجَبَهَا فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِكُلِّهَا أَفْضَلُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذْ «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا» أَيْ أَشَقُّهَا عَلَى النُّفُوسِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ. (قَوْلُهُ مِنْ ذِبْحِ الْإِمَامِ إلَى غُرُوبِهِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَوَّلُ الثَّانِي أَفْضَلُ مِنْ آخِرِ الْأَوَّلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 وَأَمَّا أَوَّلُ الثَّالِثِ إلَى زَوَالِهِ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ آخِرِ الثَّانِي وَهُوَ مِنْ زَوَالِهِ إلَى غُرُوبِهِ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ أَوْ الْعَكْسَ وَهُوَ أَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي جَمِيعُهُ عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ وَهُوَ رَأْيُ اللَّخْمِيِّ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ الْقَابِسِيُّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْقَوْلُ بِأَفْضَلِيَّةِ آخِرِ الثَّانِي عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ لِاحْتِمَالِ فَهْمِ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فَلَوْ قَالَ أَوْ الْعَكْسُ كَمَا قَرَّرْنَا لَاسْتَقَامَ. وَلَمَّا كَانَ وَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ يَتْبَعُهَا تَارَةً وَلَا يَتْبَعُهَا أُخْرَى أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ جُزْءٌ (ش) أَيْ وَنُدِبَ ذَبْحُ وَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ الْخَارِجِ مِنْهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَذَرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْلَمْ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحُكْمُ لَبَنِهَا وَصُوفِهَا وَوَلَدِهَا كَذَلِكَ أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا أَوْجَبَهُ وَمَا لَمْ يُوجِبْهُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا مَيِّتًا فَهُوَ كَجُزْءٍ مِنْهَا أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ لَحْمِ أُمِّهِ إنْ حَلَّ بِتَمَامِ خَلْقِهِ وَنَبَاتِ شَعْرِهِ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَبْحِهَا حَيًّا حَيَاةً مُسْتَمِرَّةً فَإِنَّهُ يَجِبُ ذَبْحُهُ لِأَنَّهُ اسْتَقَلَّ بِحُكْمِ نَفْسِهِ. (ص) وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ وَلَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخْذِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُضَحِّيَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَجُزْ صُوفَ أُضْحِيَّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا لِأَنَّهَا خَرَجَتْ قُرْبَةً وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ جَزِّ صُوفِهَا وَذَبْحِهَا زَمَنٌ يَنْبُتُ فِيهِ مِثْلُ الصُّوفِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ وَلَمْ يَنْوِ الْجَزَّ حِينَ أَخْذِهَا أَمَّا إنْ بَعُدَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَا تُذْبَحُ حَتَّى يَنْبُتَ مِثْلَهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ أَوْ نَوَى الْجَزَّ حِينَ أَخْذِهَا فَلَا بَأْسَ بِالْجَزِّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَنْوِهِ أَيْ الْجَزَّ حِينَ أَخْذِهَا أَوْ حِينَ شِرَائِهَا هَذَا مَا فِي النَّقْلِ وَمِثْلُهُ حِينَ قَبُولِهَا بِعَطِيَّةٍ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ الْمَعْنَى وَكَذَا مِلْكُهَا بِإِرْثٍ كَمَا ذَكَرَ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ نِيَّتَهُ حِينَ تَعْيِينِهَا مِنْ غَنَمِهِ وَأَخْذِهَا مِنْهُ لَا يُفِيدُهُ فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ نِيَّةَ جَزِّهِ حِينَ شِرَائِهَا لَهُ أَحْوَالٌ الْأُولَى أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَجُزَّهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَالثَّانِيَةُ أَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) الْقَاعِدَةُ إذَا اجْتَمَعَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ يُقَدَّمُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (تَتِمَّةٌ) اعْلَمْ أَنَّ التَّرَدُّدَ لَمْ يُفَسَّرْ بِهَذَا التَّفْسِيرِ بَلْ يُفَسَّرُ بِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ غَيْرَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَذَلِكَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِي وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَوْ الْعَكْسُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ قَالَ وَكَذَلِكَ الثَّانِي يَذْبَحُ مَنْ ضَحَّى إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ فَإِنْ فَاتَهُ أُمِرَ بِالصَّبْرِ إلَى ضُحَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَأَنْكَرَ الْقَابِسِيُّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا وَقَالَ بَلْ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ كُلُّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتِيَارُهُ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَاَلَّذِي عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَرَأَى الْقَابِسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ أَيْضًا جَارٍ فِيمَا بَيْنَ آخِرِ الثَّانِي وَأَوَّلِ الثَّالِثِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُخْتَلَفُ فِي رُجْحَانِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِلطَّرِيقَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَهُوَ رَأْيُ اللَّخْمِيِّ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ رَأْيَ اللَّخْمِيِّ كَمَا عَلِمْت إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ جَارٍ فِيمَا بَيْنَ آخِرِ الثَّانِي وَأَوَّلِ الثَّالِثِ وَهُوَ رَأْيُ الْقَابِسِيِّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَيْ نُدِبَ ذَبْحُ وَلَدٍ إلَخْ) مُرُورٌ عَلَى الْمَمْحُوِّ وَالرَّاجِحِ الْمُثْبَتِ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ الذَّبْحِ لَا يُنْدَبُ بِدُونِ تَأَكُّدٍ وَإِذَا ذُبِحَ الْوَلَدُ الْخَارِجُ قَبْلَ الذَّبْحِ فَحُكْمُ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ حُكْمُ لَحْمِهَا وَجِلْدِهَا صَرَّحَ بِهِ عج (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا أَوْجَبَهُ) أَيْ بِالنَّذْرِ وَقَوْلُهُ وَمَا لَمْ يُوجِبْهُ أَيْ بِالنَّذْرِ أَيْ فَإِذَا كَانَ أَوْجَبَهَا بِأَنْ نَذَرَهَا وَوَلَدَتْ فَيَجِبُ ذَبْحُ وَلَدِهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يُنْذِرْهَا وَوَلَدَتْ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ ذَبْحُ وَلَدِهَا فَأَفَادَ أَنَّ مَا هُنَا ضَعِيفٌ وَأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ ذَبْحُ وَلَدِهَا وَلَوْ نَذَرَهَا لَكِنَّ قَوْلَهُ أَوْجَبَهُ الْمُنَاسِبُ أَوْجَبَهَا إذْ لَا يُجَابُ وَاقِعٌ عَلَى الْأُمِّ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَقَوْلُهُ انْتَهَى أَيْ انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَلَوْ قَالَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَكَانَ أَوْضَحَ. (تَنْبِيهٌ) : عُورِضَ مَا هُنَا بِمَا فِي الْوَصَايَا مِنْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ أُمَّةِ فَوَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ ظَاهِرُهُ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا تَعَلُّقُ الْقُرْبِ بِالْأُمَّهَاتِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُنْحَلَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالضَّحِيَّةُ قِيلَ إنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا) أَيْ وَاسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الشَّاةَ إذَا جَزَّ صُوفَهَا وَيَشْتَرِي غَيْرَهَا كَامِلَةَ الصُّوفِ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ نَقْصٌ مِنْ جَمَالِهَا ك وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لَهُ لَكَانَ أَفْصَحَ أَيْ فَيَأْتِي أَوَّلًا بِالظَّاهِرِ وَثَانِيًا بِالضَّمِيرِ لِيَعُودَ عَلَى مُتَقَدِّمٍ وَعَلَى صَنِيعِ الْمُؤَلِّفِ لَيْسَ ثَمَّ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ يَعُودُ لَهُ وَفِيهِ أَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْإِضْمَارِ فِي الِاثْنَيْنِ إذْ الذَّبْحُ مُقَدَّمٌ قَبْلَهَا لَكِنَّهُ أَتَى فِي الثَّانِي بِالظَّاهِرِ مَوْضِعُ الضَّمِيرِ وَأَبْقَى الْأَوَّلَ عَلَى أَصْلِ مَقَامِهِ وَلَا مَحْظُورَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ يَعُدْ بَدَلَ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بَلْ رُبَّمَا يَمْنَعُ دَلَالَةَ مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ الْإِنْبَاتَ بُرُوزُ الصُّوفِ مِنْ الْجِلْدِ وَهُوَ لَا يَكْفِي وَإِنَّمَا كُرِهَ جَزُّ الصُّوفِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ جَمَالِهَا وَقَوْلُهُ " حِينَ " ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَنْوِهِ وَيَجُوزُ فِي أَخْذِهَا أَنْ يُقْرَأَ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْمَصْدَرِ اهـ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا) قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إنْ تَضَرَّرَتْ بَحْرٌ أَوْ غَيْرُهُ جَازَ بِغَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ) هَذَا كَلَامُ تت رَدَّهُ عج بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ أَيْ كَمَا كَانَ كَمَا فِي النَّقْلِ وَقَوْلُ تت كَمَا كَانَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ اهـ وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ سَلَفًا وَهُوَ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ عِبَارَةُ عج (قَوْلُهُ هَذَا مَا فِي النَّقْلِ) الْمُشَارُ إلَيْهِ مَسْأَلَةُ الشِّرَاءِ فَقَطْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ أَيْ حِينَ شِرَائِهَا كَمَا فِي النَّقْلِ لِتَكُونَ مَسْأَلَةُ الشِّرَاءِ الْمَنْقُولَةِ تَفْسِيرُ الْمَسْأَلَةِ الْأَخْذِ وَفَسَّرَ عب قَوْلَهُ حِينَ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ أَيْ حِينَ الْأَخْذِ مِنْ شَرِيكِهِ أَيْ وَالْأَخْذُ مِنْ الشَّرِيكِ بِمَثَابَةِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُفِيدُ إلَخْ) أَيْ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ الْحَصْرِ فِي الْأَرْبَعَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَةَ عِبَارَةُ عج وَالْمَنْقُولَ إنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةُ الشِّرَاءِ فَقَطْ فَالْمُنَاسِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِحِينِ الْأَخْذِ حِينَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَلْيَقِسْ عَلَى الشِّرَاءِ غَيْرَهُ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 يَنْوِيَ أَنْ يَجُزَّهَا بَعْدَهُ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَجُزَّهَا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَالْأُولَى تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِيهَا وَالثَّانِيَةُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِيهَا لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِحُكْمِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَنْوِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَجْزُوزُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ التَّصَرُّفَ الْمَمْنُوعَ وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا وَفِي كَلَامِ ح وتت مَا يُفِيدُهُ وَالثَّالِثَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأُولَى. (ص) وَبَيْعُهُ (ش) أَيْ يَكْرَهُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَبِيعَ صُوفَ أُضْحِيَّتِهِ الْمَكْرُوهُ جَزُّهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَكْرُوهِ الْجَزِّ فَهُوَ قِسْمَانِ قِسْمٌ لَا يُكْرَهُ بَيْعُهُ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَهُوَ مَا إذَا نَبَتَ لِلذَّبْحِ أَوْ نَوَاهُ حِينَ أَخْذِهَا وَجَزَّهُ قَبْلَهُ وَقَسَمَ حُكْمُهُ حُكْمَهَا وَهُوَ مَا إذَا نَوَاهُ حِينَ أَخْذِهَا وَجَزَّهُ بَعْدَهُ. (ص) وَشُرْبُ لَبَنٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ أُضْحِيَّتِهِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ قُرْبَةً وَالْإِنْسَانُ لَا يَعُودُ فِي قُرْبَتِهِ وَظَاهِرُهُ كَانَ لَهَا وَلَدُ أَمْ لَا نَوَى الشُّرْبَ حِينَ شِرَائِهِ أَوْ نَحْوِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَضَرَّ بِالْوَلَدِ أَمْ لَا بِأَنْ شَرِبَهُ بَعْدَ رَبِّهِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْمَنْذُورَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً جَرَى فِيهَا نَحْو مَا مَرَّ فِي الْهَدْيِ مِنْ قَوْلِهِ وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجِبُ فِعْلِهِ. (ص) وَإِطْعَامُ كَافِرٍ وَهَلْ إنْ بِعْت لَهُ أَوْ وَلَوْ فِي عِيَالِهِ تَرَدُّدٌ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يُطْعِمَ الْكَافِرَ سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَهَلْ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ أَيْ كَرَاهَةِ إطْعَامِ الْكَافِرِ مِنْهَا إذَا بَعَثَ لَهُ مِنْهَا إلَى مَنْزِلِهِ أَمَّا إنْ كَانَ فِي عِيَالِ الْمُضَحِّي كَالظِّئْرِ وَعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ وَلَدِهِ النَّصْرَانِيِّ فَلَا كَرَاهَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَعَثَ لَهُ مِنْهَا إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ كَانَ فِي عِيَالِ الْمُضَحِّي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَارْتَضَاهُ ق وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ تَرَدُّدٌ وَلَوْ أَقَامَ بِأُضْحِيَّتِهِ سَنَةَ عُرْسِهِ أَجْزَأَتْهُ وَلَوْ عَقَّ بِهَا عَنْ وَلَدِهِ لَمْ تُجِزْهُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْوَلِيمَةَ لَمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا ذَبْحٌ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْأَسْنَانِ تُقَوِّي جَانِبَ الْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْأَسْنَانِ فَضَعُفَ جَانِبُ الْأُضْحِيَّةِ فَلَمْ تَجُزْ. (ص) وَالتَّغَالِي فِيهَا (ش) يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يَجِدَ ضَحِيَّةً تُبَاعُ بِعَشَرَةٍ وَالْغَالِبُ فِي أَهْلِ الْبَلَدِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَشْتَرِي ضَحِيَّةً بِأَرْبَعِينَ مَثَلًا وَذَلِكَ قِيمَتُهَا وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَلَا كَرَاهَةَ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمُبَاهَاةِ لِخَبَرِ «أَفْضَلُ الرِّقَابِ أَغْلَاهَا ثَمَنًا» اهـ. (ص)   [حاشية العدوي] قَبُولِهَا لِصَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَجْزُوزُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ أَيْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ شَعْرِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ جِلْدِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا (قَوْلُهُ جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كِلَا الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ بَيْعُهُ) أَيْ وَكَذَا عَمَلُهُ جُبَّةً (قَوْلُهُ أَوْ نَوَاهُ حِينَ أَخْذِهَا وَجَزَّهُ قَبْلَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَوَّلِ أَيْ إذَا جَزَّهُ قَبْلَهُ لَا إنْ جَزَّهُ بَعْدَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْجَزَّ وَأَطْلَقَ فَإِنْ جَزَّهُ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ نَعَمْ يَبْقَى مَا إذَا نَوَى الْجَزَّ قَبْلَ الذَّبْحِ وَلَكِنْ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الذَّبْحِ هَلْ لَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا إذَا نَوَى الْجَزَّ بَعْدَ الذَّبْحِ وَأَرَادَ أَنْ يَجُزَّهُ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَقِسْمٌ حُكْمُهُ حُكْمُهَا) أَيْ وَهُوَ الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ كَالْقَبُولِ بِعَطِيَّةٍ كَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلضَّحِيَّةِ وَلَدٌ وَضَرَّ اللَّبَنَ بَقَاؤُهُ فِي الضَّرْعِ فَلْيَحْلِبْهُ وَيَتَصَدَّقْ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً) هَذَا عَلَى الضَّعِيفِ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ مَا خَفَّفَهُ مَالِكٌ فِي الذِّمِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ كَالْمَجُوسِيِّ (قَوْلُهُ كَالظِّئْرِ) أَيْ الْمُرْضِعَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ) فِي ذَلِكَ تَسَامُحٌ وَإِنَّمَا الْوَاقِعُ أَنَّ هُنَاكَ طَرِيقَتَيْنِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي إطْعَامِهِ مِنْ فِي عِيَالِهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْبَعْثِ وَالْمَشْهُورُ الْكَرَاهَةُ وَطَرِيقَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَكْسُهُ فَيُكْرَهُ الْبَعْثُ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي إطْعَامِ مَنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ وَأَرْجَحُهُ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِطْعَامُ كَافِرٍ إنْ لَمْ يَأْكُلْ بِبَيْتِ رَبِّهَا وَهَلْ بِاتِّفَاقٍ أَوْ بِاخْتِلَافٍ تَرَدُّدٌ لَكَانَ أَبَيْنَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَاقَشَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِهِ وَعَكَسَ ابْنُ حَبِيبٍ بِأَنَّهُ خِلَافٌ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْقِسْمَيْنِ وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ تَبِعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ عب الصُّوَرُ أَرْبَعٌ الْأَوَّلُ بَعْثُهُ لِكَافِرٍ أَجْنَبِيٍّ يُكْرَهُ الثَّانِي إطْعَامُهُ بِبَيْتِ الْمُضَحِّي وَهُوَ فِي عِيَالِهِ لَا يُكْرَهُ الثَّالِثُ إطْعَامُهُ بِبَيْتِهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ الرَّابِعُ بَعْثُهُ لَهُ أَوْ انْقِلَابُهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَهُوَ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ فِيهِمَا فَهَلْ يُكْرَه نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ فِي الثَّالِثِ وَلِبَعْثِهِ أَوْ انْقِلَابِهِ فِي الرَّابِعِ أَوْ لَا يُكْرَهُ إلَى آخِرِ مَا قَالَ لَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يَحُدَّ ضَحِيَّةً إلَخْ) وَكَذَا يُكْرَهُ التَّغَالِي فِي عَدَدِهَا إنْ قَصَدَ مُبَاهَاةً وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَأَنَّهُ إذَا وَجَدَ مُبَاهَاةً يَحْرُمُ وَإِنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمُبَاهَاةِ أَيْ تَحْقِيقًا وَلَكِنْ ذَكَرَ عج وَتَبِعَهُ عب خِلَافَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَهُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَعِبَارَةُ عج وَالتَّغَالِي فِيهَا أَيْ فِي كَثْرَةِ ثَمَنِهَا أَوْ عَدَدِهَا لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ أَشَارَ لِذَلِكَ الْبُرْزُلِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالتَّغَالِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ التَّغَالِي لِمُجَرَّدِ الْمُبَاهَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ مَعَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ كَالْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ فَلَا يُسْقِطُهَا قَصْدُ الْمُبَاهَاةِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يُطْلَبْ بَلْ يَجُوزُ فَيُسْقِطُهُ قَصْدُ الْمُبَاهَاةِ إلَّا أَنَّ فِي الْبَاجِيِّ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ أَفْضَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَأَكْثَرُهُ ثَمَنًا مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمُتَعَارَفِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ أَشْهَبُ كَرِهَ مَالِكٌ تَغَالِي النَّاسِ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَيَشْتَرِي كَشِرَاءِ النَّاسِ فَأَمَّا أَنْ يَجِدَهُ بِعَشَرَةٍ وَيَشْتَرِيَ بِمِائَةٍ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ وَيُدْخِلُ عَلَى النَّاسِ مَشَقَّةً وَمَعَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمُتَعَارَفِ لَا يَسْلَمُ مِنْ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ انْتَهَى فَأَنْتَ تَرَاهُ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَلَوْ انْتَفَى قَصْدُ الْمُبَاهَاةِ فَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَقَالَاتِ ثَلَاثَةٌ أَرْجَحُهَا الْأَخِيرَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَفْضَلُ الرِّقَابِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ الْمَيِّتِ خَوْفَ الرِّيَاءِ وَالْمُبَاهَاةِ وَلِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعُدَّهَا الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا (ص) كَعَتِيرَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ فِعْلَ الْعَتِيرَةِ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فَتَحْتِيَّةٍ مَكْرُوهٌ لِمَا فِي فِعْلِهَا مِنْ التَّشْبِيهِ بِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ الْعَتِيرَةُ شَاةٌ تُذْبَحُ لِلْأَصْنَامِ فِي رَجَبٍ يَتَبَرَّرُونَ بِهَا وَقَدْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ لَيْسَ عَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهَا يُرِيدُ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ قَوْلِهِ «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» وَالْفَرَعُ مَا كَانُوا يَذْبَحُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ النَّاقَةُ أَوْ الشَّاةُ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ. (ص) وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ لَا بِاخْتِلَاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يُبَدِّلَ أُضْحِيَّتَهُ الَّتِي لَمْ يُوجِبْهَا وَيُعَيِّنْهَا بِدُونِهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبْدَالِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِهِ كَاخْتِلَاطِهَا مَعَ غَيْرِهَا فَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ لِصَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَأَخْذُ الْأَدْنَى فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ لَا بِاخْتِلَاطٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي حُكْمِ الْإِبْدَالِ بِدُونٍ قَبْلَ الذَّبْحِ سَوَاءٌ كَانَ لِاخْتِلَاطٍ أَمْ لَا وَيَجُوزُ الْإِبْدَالُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دُونَ الْأَوَّلِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ إبْدَالَهَا بِمِثْلِهَا مَكْرُوهٌ كَالدُّونِ وَأَمَّا إبْدَالُهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا فَجَائِزٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ إبْدَالَهَا بِدُونٍ مَكْرُوهٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْقُرْعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَبْحُهَا ضَحِيَّةً، فَعَلَى هَذَا إذَا أَبْدَلَهَا بِدُونٍ أَوْ مِثْلٍ بِغَيْرِ حُكْمِ الْقُرْعَةِ وَذَبَحَهَا ضَحِيَّةً تَعَلَّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِدُونٍ أَوْ مِثْلٍ بِحُكْمِ الْقُرْعَةِ وَذَبَحَهَا ضَحِيَّةً تَعَلَّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِهَا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهَا فَإِنْ أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ فَحُكْمُهَا فِي جَوَازِ الْبَدَلِ وَغَيْرِهِ حُكْمُ الْهَدْيِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا وَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا إنْ لَمْ يُسَمِّهَا لِلْمَسَاكِينِ فَإِنْ سَمَّاهَا لَهُمْ امْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَاطِ الْكُلِّ أَوْ الْجُزْءِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. (ص) وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إنْ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إذَا اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهَا كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَأَشْبَهَتْ شَرِكَةَ الْوَرَثَةِ فِي لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ مُوَرِّثَهُمْ   [حاشية العدوي] إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ. (قَوْلُهُ وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ) مَا لَمْ يَكُنْ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَهَا فِيهِ وَالْأَوْجَبُ فِعْلُهَا عَنْهُ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا إنْ قَصَدَ بِهَا الْمَيِّتَ فَقَطْ فَإِنْ فُعِلَتْ عَنْهُ وَعَنْ الْحَيِّ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ إلَّا فِي الْأَجْرِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَشْمَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلِلْوَارِثِ إلَخْ) أَيْ يُنْدَبُ (قَوْلُهُ فِي رَجَبٍ) أَيْ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ (قَوْلُهُ يَتَبَرَّرُونَ) أَيْ يَتَقَرَّبُونَ (قَوْلُهُ وَقَدْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ) لَكِنْ لَا عَلَى أَنَّهَا لِلْأَصْنَامِ بَلْ لِلَّهِ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَعْتُرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ» وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَيْ مَعْمُولًا بِهَا كَالضَّحَايَا وَقَوْلُهُ «لَا فَرَعَ» إلَخْ قِيلَ إنَّهُ نَهْيٌ فَلَا بِرَّ فِي فِعْلِهَا وَقِيلَ نَسْخٌ لِوُجُوبِهَا فَيَبْقَى نَدْبُهَا (قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّهَا نُسِخَتْ) وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِالضَّحِيَّةِ فَقَدْ قَالَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَسَخَ الْأَضْحَى كُلَّ ذَبْحٍ وَصَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ كُلَّ غُسْلٍ وَالزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ لَا فَرَعَ) الْفَرَعُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ بَعْدَهُمَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ (قَوْلُهُ مَا كَانُوا يَذْبَحُونَهُ) أَيْ لِطَوَاغِيتِهِمْ فَيَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ أَيْ أَصْنَامِهِمْ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِزَعْمِهِمْ وَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهَا وَيُطْعِمُونَ وَفَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْعَتِيرَةَ بِأَنَّهَا الطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ أَوْلَى لِنَصِّ الْإِمَامِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَيْ لِنِيَاحَةٍ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِالْكَرَاهَةِ عَنْ مَالِكٍ بِتَفْسِيرِهَا بِالشَّاةِ الَّتِي كَانَ يَذْبَحُهَا أَيْ الْمُسْلِمُونَ لِلَّهِ خِلَافًا لِلْجَاهِلِيَّةِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ لَا فَرَعَ إلَخْ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا إذْ لَيْسَ عِنْدَهُ تَحْقِيقٌ فِي حَالَةِ الِاخْتِلَاطِ أَنَّ الْأَعْلَى حَقُّهُ وَأَنَّهُ أَخَذَ دُونَ حَقِّهِ فَمَعْنَى الْإِبْدَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلِاخْتِلَاطِ الْأَخْذُ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَوْلُهُ بِدُونٍ يَشْمَلُ مَا إذَا أَبْدَلَ الشَّاةَ بِالْبَقَرَةِ هَكَذَا يَنْبَغِي وَيُسْتَحَبُّ لِآخِذِ الدُّونِ أَنْ يُبْدِلَهُ بِالْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ لِلِاخْتِلَاطِ أَوْ لَا) أَيْ فَلَوْ عَلَّقَ بِاخْتِلَاطٍ لَكَانَ قَاصِرًا عَلَى الْإِبْدَالِ قَبْلَ الذَّبْحِ فِي خُصُوصِ الِاخْتِلَاطِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَفْهُومُ " دُونٍ " فِيهِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَنْذُورَةِ (قَوْلُهُ بَيْنَ اخْتِلَاطِ الْكُلِّ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَاطِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الذَّبْحِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَعَرْضٍ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ أَيْ يَأْخُذُ الْعِوَضَ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ الشَّاتَيْنِ وَتُجْزِئُهُ ضَحِيَّةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ: إذْ كَيْفَ يَتَمَلَّكُ الْعِوَضَ مَعَ إجْزَائِهَا ضَحِيَّةً وَيُرَدُّ بِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ أَيْ وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهَا) أَيْ بِأَنْ يَدْفَعَهَا لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذَ عِوَضَ شَأْنِهِ عَرْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ أَيْ إذَا اخْتَلَطَتْ بِضَحِيَّةِ آخَرَ بَعْدَ ذَبْحِهَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَتُجْزِئُهُ ضَحِيَّةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلْ لَحْمَهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ يَأْخُذُ شَاةَ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ قَدْ بَاعَ لَحْمَ أُضْحِيَّتِهِ بِلَحْمِ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُمَا مَعًا لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذَ الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ فَاخْتِلَاطُ ضَحِيَّةٍ بِضَحِيَّةٍ مِنْ مَشْمُولَاتِ الْمُصَنَّفِ خِلَافًا لِظَاهِرِ عب كَمَا أَنَّ مِنْ مَشْمُولَاتِهِ مَا إذَا اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةٌ بِغَيْرِ ضَحِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ فَفِيهِ قَوْلَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 اهـ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْأَحْسَنِ. (ص) وَصَحَّ إنَابَةٌ بِلَفْظٍ إنْ أَسْلَمَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَذَبَحَهَا بِيَدِهِ أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَلِيَ ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ بِيَدِهِ وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَذْبَحُ عَنْهُ أُضْحِيَّتَهُ وَذَكَرَ أَنَّ النِّيَابَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِاللَّفْظِ كَاسْتَنَبْتُكَ أَوْ وَكَّلْتُك أَوْ اذْبَحْ عَنِّي وَشَبَهَهُ وَيَقْبَلُ الْآخَرُ وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ بِالْعَادَةِ وَسَيَأْتِي وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اسْتَنَابَ مَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ أُضْحِيَّتَهُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ سَوَاءٌ اسْتَنَابَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَاسْتَحَبَّ لَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُعِيدَ إنْ وَجَدَ سِعَةً وَلِذَا عَبَّرَ بِصَحَّ دُونَ جَازَ وَلِأَجْلِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ أَسْلَمَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِنِيَابَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ الرُّجُوعُ وَيُشْتَرَطُ فِي النَّائِبِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا تَصِحُّ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ عَلَى ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ وَلَوْ كِتَابِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ قُرْبَةٌ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلِيَ الْكَافِرُ السَّلْخَ وَتَقْطِيعَ اللَّحْمِ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِنَابَةِ الْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ فِي الْأُضْحِيَّةِ عَدَمُ صِحَّةِ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً لَا أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْهَدْيُ وَالْفِدْيَةُ وَالْعَقِيقَةُ وَتَجُوزُ اسْتِنَابَةُ الْمُسْلِمِ (وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ) مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْأُضْحِيَّةِ. (ص) أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّائِبَ إذَا نَوَى بِذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا فَقَوْلُهُ أَوْ نَوَى إلَخْ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يُصَلِّ أَيْ وَلَوْ نَوَى النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ. (ص) أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَابَةَ كَمَا تَكُونُ بِاللَّفْظِ تَكُونُ بِالْعَادَةِ أَيْضًا وَتَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ لَكِنْ إنْ كَانَ الذَّابِحُ أَوْ النَّاحِرُ قَرِيبَ الْمُضَحِّي وَلَهُ عَادَةٌ فِي الْقِيَامِ بِأُمُورِ قَرِيبِهِ وَذَبَحَ أَوْ نَحَرَ عَنْهُ أُضْحِيَّتَهُ فَإِنَّهَا تُجْزِي عَنْ رَبِّهَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ كَانَ لَا عَادَةَ لَهُ أَوْ عَادَةً لَا قَرَابَةً فَفِي إجْزَاءِ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ عَنْ رَبِّهَا وَعَدَمِ إجْزَائِهَا تَرَدُّدٌ وَأَمَّا إذَا انْتَفَى الْوَصْفَانِ فَلَا تَجْزِي عَنْ رَبِّهَا وَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ أَوْ بِعَادَةٍ عُطِفَ عَلَى بِلَفْظٍ يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ حَقِيقِيَّةٍ وَهِيَ بِاللَّفْظِ وَمَجَازِيَّةٍ وَهِيَ بِالْعَادَةِ وَيَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ الصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ وَالْجَارُ الْقَائِمُ بِحُقُوقِهِ وَغُلَامُهُ وَعَبْدُهُ وَأَجِيرُهُ، فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ بِلَا نِزَاعٍ وَوَاحِدَةٌ لَا تُجْزِئُ بِلَا نِزَاعٍ وَاثْنَتَانِ فِيهِمَا التَّرَدُّدُ. (ص) لَا إنْ غَلِطَ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا (ش) صُورَتُهَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّةَ نَفْسِهِ فَغَلِطَ فَذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أُضْحِيَّتُهُ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا عَدَمُ إجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا فَلِعَدَمِ النِّيَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ إجْزَائِهَا عَنْ ذَابِحِهَا فَلِعَدَمِ الْمِلْكِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَضْمَنُ لِرَبِّهَا قِيمَتَهَا ثُمَّ إنَّ الْغَلَطَ حَقِيقَةُ مَحَلِّهِ اللِّسَانُ وَالْمُؤَلِّفُ اسْتَعْمَلَهُ فِي الْخَطَأِ تَبَعًا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَأَمَّا إنْ تَعَمَّدَ ذَبْحَ أُضْحِيَّةِ الْغَيْرِ فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْ مَالِكِهَا فَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ وَإِلَّا فَتَرَدَّدَ وَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ   [حاشية العدوي] بِالْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ وَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِذَلِكَ الْعِوَضِ وَيُجْزِئُهُ ضَحِيَّةٌ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَوَجَبَ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي أَخْذِ عِوَضِهَا مِنْ جِنْسِهَا بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَكْلِهَا. (قَوْلُهُ أَنْ يَعْبُرَ بِنِيَابَةٍ إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ فِي قَوْلِهِ وَمَنْعِ اسْتِنَابَةٍ مِنْ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ لَا تَقْتَضِي السُّقُوطَ بِخِلَافِ النِّيَابَةِ وَالسُّقُوطُ هُنَا يَحْصُلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كِتَابِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ) وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى كُفْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَأَوْلَى إنْ غَلِطَ وَهَذَا غَيْرُ مَا يَأْتِي لِأَنَّ مَا هُنَا إنَابَةً بِخِلَافِ مَا يَأْتِي وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ مَنْذُورَةٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَاهُ الْمُذَكِّي عَنْ نَفْسِهِ غَلَطًا أَجْزَأَ وَعَمْدًا لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ رَبِّهَا فَلِذَا لَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّةُ النَّائِبِ بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّائِبَ إلَخْ) مُقَابِلُهُ لَا يُجْزِئُ مَالِكُهَا وَيُجْزِئُ عَنْ الذَّابِحِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا. (قَوْلُهُ أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ) أَيْ عَادَتُهُ الْقِيَامُ بِأُمُورِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ يُقْرَأُ بِالْإِضَافَةِ فَيَشْمَلُ الْوَصْفَيْنِ وَهُمَا كَوْنُهُ لِعَادَةٍ وَكَوْنُهُ كَقَرِيبٍ لَا بِالتَّنْوِينِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُوهِمُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَادَةِ وَالْقَرِيبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَيُوهِمُ خُصُوصَ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا إذَا عُدِمَا مَعًا بِأَنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ أَوْ بِعَادَةٍ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِلَفْظٍ لِيَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ إنَابَةٌ مَعَ أَنَّ الْإِنَابَةَ قَصْدُ وَالْعَادَةُ لَا قَصْدَ لِلْمُنِيبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ رِضَاهُ بِذَلِكَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْقَصْدِ ك (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ) إشَارَةٌ إلَى اخْتِلَافِ الطُّرُقِ فَطَرِيقَةُ تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْأَجْنَبِيِّ ذِي الْعَادَةِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ وَطَرِيقَةٌ عَكْسُهَا مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا تَصِحُّ وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إجْزَائِهَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ يُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا أَوْ يَأْخُذَهَا وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ أَيْ وَيَفْعَلُ بِهَا وَبِقِيمَتِهَا مَا شَاءَ (قَوْلُهُ وَالْجَارُ الْقَائِمُ بِحُقُوقِهِ) أَيْ بِحُقُوقِ الذَّابِحِ عَنْهُ أَيْ الْجَارُ الذَّابِحُ قَائِمٌ بِحُقُوقِ الذَّابِحِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَعَبْدُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ وَغُلَامُهُ. (قَوْلُهُ فَلِعَدَمِ النِّيَّةِ) أَيْ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ وَنِيَّةِ مُوَكِّلِهِ أَفَادَهُ ابْنُ هَارُونَ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهَا تُجْزِئُ الذَّابِحَ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ الْقِيمَةَ يُحَقِّقُ لَهُ الْمِلْكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مُتَرَقِّبًا إذَا وَقَعَ هَلْ يُقَدَّرُ حُصُولُهُ الْآنَ أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ (تَنْبِيهٌ) : فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ عَلَى ذَبْحِهَا فَإِذَنْ قَوْلُهُ لَا إنْ غَلِطَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ وَصَحَّ كَوْنُهَا أُضْحِيَّةً إنْ اسْتَنَابَهُ لَا إنْ غَلِطَ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ لِرَبِّهَا قِيمَتَهَا) وَلَيْسَ لِلذَّابِحِ بَيْعُ لَحْمِهَا وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ أَوْ يَأْكُلْ وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهَا مَالِكُهَا فَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ أَيْ وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُ إلَخْ أَيْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَمَا نَقَصَهَا فِيهَا لِمَالِكٍ إنْ ذَبَحْت أُضْحِيَّةَ صَاحِبِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 عَنْ أَصْبَغَ أَجْزَأَتْهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ ذَبَحَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ أَجْزَأَتْ لِفِعْلِهِ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ ضَمِنَهُ بِالْعِوَضِ الَّذِي وَدَاهُ وَاخْتَلَفَ لَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَأَخَذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا هَلْ تُجْزِئُ لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا بِالْغَصْبِ أَوْ لَا لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ عَدَاءٍ وَالْأَوَّلُ ضَمَانُ مِلْكِ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ عَلَى طَرْدِ الْعِلَّةِ. (ص) وَمَنْعُ الْبَيْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إذَا ذُبِحَتْ وَأَجْزَأَتْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جِلْدِهَا وَلَا شَعْرِهَا وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ قُرْبَةً لِلَّهِ وَالْقُرَبُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ وَإِنَّمَا أَبَاحَ اللَّهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا مِنْ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَعَطِيَّةٍ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ وَمَنْعِ الْبَيْعِ. (ص) وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْقُرَبِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَضْجَعَ أُضْحِيَّتَهُ لِلذَّبْحِ فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ أَصَابَتْ عَيْنَهَا فَفَقَأَتْهَا لَمْ تُجْزِهِ وَلَكِنْ لَا يَبِيعُ لَحْمَهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ النُّسُكَ وَالْمُرَادُ بِحَالَةِ الذَّبْحِ قَبْلَ فَرْيِ أَوْدَاجِهَا وَحُلْقُومِهَا وَقَوْلُهُ (أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ كَمَا لَوْ أَصَابَهَا عَجَفٌ أَوْ عَمًى أَوْ عَوَرٌ يُرِيدُ وَذَبَحَهَا عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَبِحُكْمِهِ نَاوِيًا الْقُرْبَةَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ لَحْمُهَا أَمَّا إنْ لَمْ يَذْبَحْهَا فَهِيَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ. (ص) أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَحَّى بِشَاةٍ مَثَلًا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهَا سَلِيمَةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ بِهَا عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَتَبَيَّنَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جِلْدِهَا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْقُرَبِ، وَالْقُرَبُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَاوَضَاتِ فَقَوْلُهُ جَهْلًا يَشْمَلُ الْجَهْلَ بِعَيْبِهِ كَذَبْحِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ سَلِيمٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ وَالْجَهْلُ بِحُكْمِهِ كَذَبْحِهِ عَالِمًا بِالْعَيْبِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. (ص) وَالْإِجَارَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ بِهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ وَاسْتِئْجَارُهُ انْتِهَاكٌ لِمُعِينِهِ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ مَنْعِ الْإِجَارَةِ لَهَا وَلِجِلْدِهَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. (ص) وَالْبَدَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إذَا أَوْجَبَهَا رَبُّهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَادِلَ بِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا لَا بِدُونِهَا فَيُكْرَهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَادِلَ بِجِلْدِهَا أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَبْحِهَا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ. (ص) إلَّا لِمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَمَنْعُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَدَلِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَأَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ صَاحِبُهَا بِلَحْمِهَا أَوْ جِلْدِهَا أَوْ شَعْرِهَا أَوْ عَظْمِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مِسْكِينٍ أَوْ وَهَبَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ أَوْ يُؤَاجِرَهُ أَوْ يُبَادِلَ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ عَلِمَ الْمُتَصَدِّقُ بِكَسْرِ   [حاشية العدوي] وَذَبَحَ أُضْحِيَّتك غَلَطًا لَمْ تُجْزِ وَاحِدًا مِنْكُمَا وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ الَّذِي وَدَاهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ ضَمَانُ عَدَاءٍ) أَيْ ضَمَانٌ بِسَبَبِ الْعَدَاءِ أَيْ مَعَ قَصْدِ الْعَدَاءِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ الَّذِي هُوَ صُورَةُ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ ضَمَانُ مِلْكٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اعْتِقَادُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَبَيْنُ) وَهُوَ الْإِجْزَاءُ (قَوْلُهُ عَلَى طَرْدِ الْعِلَّةِ) أَيْ لِأَجْلِ طَرْدِ الْعِلَّةِ أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهَا مُطَّرِدَةً مَتَى وُجِدَتْ وُجِدَتْ الصِّحَّةُ أَيْ الْعِلَّةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ لِفِعْلِهِ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ ضَمِنَهُ بِالْعِوَضِ الَّذِي وَدَاهُ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ قِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَالصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ. (قَوْلُهُ وَلَا جِلْدِهَا وَلَا شَعْرِهَا) وَلَا وَدَكَ وَلَوْ بِمَاعُونٍ وَلَا يُعْطِي الْجَزَّارَ مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ جِزَارَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ) أَيْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَأَمَّا لَوْ ذَبَحَ قَبْلَهُ فِي الثَّامِنِ أَوْ التَّاسِعِ فَلَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهَا مَا شَاءَ وَأَمَّا لَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يُتَوَهَّمُ لِأَنَّهُ ضَحِيَّةٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ فَرْيِ أَوْدَاجِهَا إلَخْ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْوَدَجَيْنِ (قَوْلُهُ وَبِحُكْمِهِ) أَيْ وَبِأَنَّهُ لَا إجْزَاءَ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَذْبَحْهَا نَاوِيًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَذْبَحْهَا أَصْلًا أَوْ ذَبَحَهَا غَيْرَنَا وَالْقُرْبَةَ. (قَوْلُهُ جَهْلًا) مَصْدَرٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْحَالِ أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهِ جَاهِلًا (قَوْلُهُ فَتَبَيَّنَ بِهَا عَيْبٌ) أَيْ عَيْبٌ آخَرُ وَكَذَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ الَّذِي اعْتَقَدَهُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ (قَوْلُهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) أَيْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَهَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ لَا فَتَبَيَّنَ إلَخْ إلَّا أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ بِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إدْخَالُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ الْإِجَارَةُ بِهِ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ) نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِهِ وَقَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ لِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ مَنْعِ الْإِجَارَةِ لَهَا وَلِجِلْدِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقْصِرُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِجَارَةِ لِجِلْدِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ إذْ لَا مَنْعَ لِإِجَارَتِهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ) أَيْ فَالْمَشْهُورُ تَجُوزُ إجَارَتُهَا فِي حَيَاتِهَا وَجِلْدُهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا كَمَا تَجُوزُ إجَارَةُ كَلْبِ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ إذَا أَوْجَبَهَا رَبُّهَا) أَيْ نَذَرَهَا وَهَذَا عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ) أَيْ لَمْ يُنْذِرْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَادِلَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيَقُولَ أَيْ وَمَنْعُ الْبَدَلِ بَعْدَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) كَوَدَكٍ وَمِنْ الْإِبْدَالِ بِالْوَدَكِ مَا أَشَارَ لَهُ مَالِكٌ فَإِنَّهُ مَنَعَ أَنْ يُدْهَنَ شِرَاك النَّعْلِ الَّتِي يَصْنَعُهَا بِدُهْنِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا بِالدُّهْنِ تَحْسُنُ فَيَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَالْبَدَلُ عُطِفَ عَلَى الْبَيْعِ فَيَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَالْبَدَلُ لَيْسَ بَيْعًا لَكِنَّهُ بِشَبَهِهِ وَالْهَدَايَا كَالضَّحَايَا اهـ (أَقُولُ) بَلْ الْبَدَلُ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 الدَّالِ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَوْ الْفَقِيرَ يَبِيعُ ذَلِكَ أَوْ يُؤَاجِرُهُ أَوْ يُبَادِلُ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ غَلَّابٍ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَمِثْلُ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُهْدَى لَهُ فَإِنَّهُ كَالْمَالِكِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ س فِي شَرْحِهِ وَفِي شَرْحِ (هـ) وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا لِمُعْطٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَفُسِخَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُقْدَةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَدَلِ تُفْسَخُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ لَحْمٍ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْعِوَضِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ جَعْلِهِمْ تَغَيُّرَ السُّوقِ فَوْتًا أَنَّ الدَّبْغَ وَالطَّبْخَ لِلَّحْمِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَبْزَارٍ فَوْتٌ أَوْ أَشَدَّ. (ص) وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرُهُ بِلَا إذْنٍ وَصَرْفٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى الْعُقْدَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا بَعْدَ فَوْتِ الْعِوَضِ فَإِنَّ الْمُضَحِّيَ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِبَدَلِ الْعِوَضِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ إنْ تَوَلَّى هُوَ الْبَيْعَ وَمَا مَعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ تَوَلَّى الْغَيْرُ بِإِذْنِهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَعَ صَرْفِ الْعِوَضِ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّي أَمَّا إنْ تَوَلَّى الْغَيْرُ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُضَحِّي مَعَ صَرْفِ الْعِوَضِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّي فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُضَحِّي التَّصَدُّقُ بِبَدَلِ مَا صُرِفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي إذَا سَقَطَ عَنْ الْمُضَحِّي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْ الْأَهْلِ الَّذِينَ تَوَلَّوْا الْبَيْعَ فَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ أَيْ بِبَدَلِ الْعِوَضِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا بَدَلِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّصَدُّقِ بِالْبَدَلِ لَا فِي التَّصَدُّقِ بِالْعِوَضِ لِأَنَّ الْعِوَضَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَوَلِّي هُوَ الْمَالِكَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (ص) كَأَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَكَوْنِهَا خَرْقَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ضَحِيَّةً فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَ إيجَابِهَا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الْمَرْجُوعُ بِأَرْشِهِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَكَوْنِهَا خَرْقَاءَ أَوْ شَرْقَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْأَرْشِ وُجُوبًا وَهَذَا إذَا أَوْجَبَهَا بِذَبْحٍ أَوْ نَذْرٍ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يُوجِبَهَا فَيَفْعَلُ بِالْأَرْشِ الْمَرْجُوعِ بِهِ مَا شَاءَ كَمَا يَفْعَلُ بِهَا وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَأْكُلُهُ وَلَا يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَيُنْدَبُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالْأَرْشِ الْمَرْجُوعِ بِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ كَأَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مُشَبَّهٌ بِمَنْطُوقِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ عَلَى نُسْخَةِ إثْبَاتٍ لَا فِي قَوْلِهِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَوْ مُشَبَّهٌ بِمَفْهُومِهَا وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ عَلَى حَذْفِ لَا كَمَا هُوَ نُسْخَةُ الشَّارِحِ. (ص) وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا تَجِبُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ إمَّا بِالنَّذْرِ كَمَا عِنْدَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ بِأَنْ يَقُولَ نَذَرْت لِلَّهِ هَذِهِ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ مَثَلًا وَإِمَّا بِالذَّبْحِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ وَلَا تَتَعَيَّنُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ مِنْ مَنْعِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَهُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ غَيْرُ الْهِبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْهَدِيَّةُ نَفْسُ الْهِبَةِ تَحْقِيقًا فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ كَلَامُ أَيْ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَا يَظْهَرُ كَلَامُ عب بَلْ كَلَامُ عج هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ نَفْسُ الْهَدِيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّدَقَةَ مَا قُصِدَ بِهَا الدَّارُ الْآخِرَةُ وَالْهِبَةُ مَا قُصِدَ بِهَا وَجْهُ الْمُعْطِي وَالْهَدِيَّةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا لِمُعْطٍ) أَيْ لِيَشْمَلَ الْهَدِيَّةَ فَكَلَامُ عج يُخَالِفُ كَلَامَ س. (قَوْله مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَبْزَارٍ) فِي عب وَانْظُرْ هَلْ مِنْ مُفَوِّتَاتِهِ دَبْغُ الْجِلْدِ وَطَبْخُ اللَّحْمِ مُطْلَقًا أَوْ بِأَبْزَارٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ) أَيْ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ وَالِدُ عب (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرُ بِلَا إذْنٍ) صَادِقٍ بِأَنْ لَا يَتَوَلَّى الْغَيْرَ أَصْلًا بِأَنْ يَتَوَلَّى الْمَالِكُ الْبَيْعَ أَوْ يَتَوَلَّى الْغَيْرُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَصَرْفٍ) الْمُنَاسِبُ قِرَاءَتُهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ مِنْ فَاعِلِ يَتَوَلَّى وَالْمَعْنَى إنْ انْتَفَى تَوَلَّى الْغَيْرُ الْمُقَيَّدُ ذَلِكَ التَّوَلِّي بِصَرْفِ الْغَيْرِ الثَّمَنَ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّي وَانْتِفَاءُ الْمُقَيَّدِ مَعَ الْقَيْدِ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَالِكُ أَوْ يَتَوَلَّى الْغَيْرُ بِإِذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَصَرْفٍ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَالْمَفْهُومُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ التَّوَلِّي بِغَيْرِ إذْنٍ وَالصَّرْفُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ وَيَصِحُّ أَنْ يَقْرَأَ صَرْفٍ بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِلَا إذْنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ إنْ انْتَفَى تَوَلِّي الْغَيْرِ الْمُلَابِسِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَالصَّرْفِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ فَهَذَا صَادِقٌ بِالصُّورَةِ الثَّلَاثِ وَالْمَفْهُومُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا وُجِدَ تَوَلِّي الْغَيْرِ الْمُلَابِسِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَالصَّرْفِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ فَلَا يَتَصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنْ تَوَلَّى غَيْرُ بِإِذْنٍ أَوْ صَرْفٍ فِيمَا يَلْزَمُهُ كَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ كَمَا قَالَ عج (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْ الْأَهْلِ) أَيْ بَلْ الْأَهْلُ يُطَالَبُونَ بِالتَّصَدُّقِ بِالْعِوَضِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا أَوْجَبَهَا بِنَذْرٍ أَوْ ذَبْحٍ) الْإِيجَابُ بِالنَّذْرِ ضَعِيفٌ فَإِذَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْأَرْشِ فِي صُورَةِ النَّذْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُوجِبَهَا) أَيْ بِنَذْرٍ أَوْ ذَبْحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ كَمَا يَفْعَلُ بِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ كَوْنَهَا ضَحِيَّةً وَلَمْ يُنْذِرْهَا وَلَمْ يَذْبَحْهَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَيَتَصَرَّفُ بِهَا مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ إبْدَالَهَا بِأَفْضَلَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا بِنَذْرٍ أَوْ ذَبْحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ أَيْ إذَا كَانَتْ أَيَّامُ الضَّحِيَّةِ بَاقِيَةٌ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ أَوْ مُشَبَّهٌ بِمَفْهُومِهَا) زَادَ فِي ك وَيَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ بَلْ يُبَدَّلُ مَكَانُهَا إنْ كَانَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ بَاقِيَةً فَإِنْ فَاتَتْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ وَأَمَّا الشَّاةُ فَلَا تُبَاعُ عِنْدَ مَالِكٍ لِخُرُوجِهَا مَخْرَجَ الْقُرَبِ اهـ أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ إسْمَاعِيلَ لَيْسَ الْوُجُوبُ قَاصِرًا عَلَى النَّذْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ مِثْلُهُ الذَّبْحُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا بِالذَّبْحِ وَلَوْ عَطَفَهُ بِأَوْ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّسْمِيَةِ وَلَا بِالشِّرَاءِ لَكِنَّ كَوْنَهَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ أَوْ النَّحْرِ فِيمَا يُنْحَرُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَا يَصِحُّ بَقَاؤُهَا عَلَى حَالِهَا. (ص) فَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ (ش) يَعْنِي فَبِسَبَبِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالذَّبْحِ لَوْ حَصَلَ فِيهَا عَيْبٌ قَبْلَ مَا ذُكِرَ لَا تُجْزِئُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا وَمَرَّ عَدَمُ مُنَافَاةِ هَذَا لِقَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنَّ ذَاكَ ذَبَحَهَا وَهَذَا لَمْ يَذْبَحْ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ لَوْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا تَعَيَّبَتْ بَعْدَ الذَّبْحِ وَهُوَ فَرْيُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ وَأَمَّا إنْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ النَّذْرِ فَلَيْسَ الْإِجْزَاءُ بِالْمَشْهُورِ بَلْ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. (ص) كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إلَّا أَنَّ هَذَا آثِمٌ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ مَنْ حَبَسَ أُضْحِيَّتَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ كُلُّهَا فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ إذْ لَا يُضَحِّي أَحَدٌ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَدْ أَثِمَ هَذَا بِسَبَبِ حَبْسِهَا وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ. (ص) وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ وَلَوْ ذُبِحَتْ (ش) أَيْ إذَا دَعَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ إلَى قَسْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ ذُبِحَتْ وَتُقْسَمُ عَلَى الْمَوَارِيثِ كَمَا هُوَ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالزَّوْجَةُ سَوَاءٌ وَجَوَازُ الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ وَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّهَا بَيْعٌ. (ص) لَا بَيْعَ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى ذَبْحِهَا فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَقْتَسِمُونَهَا وَلَا تُبَاعُ لِأَجْلِ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ كَالنَّفَقَةِ الَّتِي تُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ فَلَا مَقَالَ لِلْغُرَمَاءِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالذَّبْحِ لِأَنَّهَا نُسُكٌ وَكُلُّ نُسُكٍ سُمِّيَ لِلَّهِ فَلَا يُبَاعُ لِغَرِيمٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَفُهِمَ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ أَوْجَبَهَا كَمَا فِي الْهَدْيِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ عَلَى التَّقْلِيدِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْعَقِيقَةُ شَبِيهَةً بِالضَّحِيَّةِ ذَيَّلَهَا بِهَا وَلَمْ يُفْرِدْهَا بِتَرْجَمَةٍ كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ وَهِيَ فَعِيلَةٌ مِنْ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ لِقَطْعِ أَوْدَاجِهَا وَحَلْقِهَا بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِثْلُ قَتِيلَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَرَهِينَةٍ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعْنَاهَا لُغَةً وَهُوَ شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ عُقُوقٌ فِي حَقِّهِ أَيْ إخْلَالٌ بِحُرْمَتِهِ وَلِذَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ «أَمِيطُوا عَنْهُ أَذًى» وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الْعَقِيقَةُ الذَّبْحُ نَفْسُهُ وَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ وَأَنَّهَا الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ وَعَلَيْهِ عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ هِيَ مَا تُقُرِّبَ بِذَكَاتِهِ مِنْ جِذْعِ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيِّ سَائِرِ النَّعَمِ سَلِيمَيْنِ مِنْ بَيْنِ عَيْبٍ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ فِي نَهَارِ سَابِعٍ وِلَادَةِ آدَمِيٍّ حَيٍّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لَوْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْإِجْزَاءُ بِالْمَشْهُورِ) فِي ك وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ مَنْ حَبَسَ أُضْحِيَّتَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ) وَلَوْ نَذَرَهَا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ وَقَدْ أَثِمَ إلَخْ) أَيْ دَلَّ هَذَا التَّرْكُ عَلَى أَنَّهُ ارْتَكَبَ ذَنْبًا يَأْثَمُ فِيهِ حَتَّى فَوَّتَهُ اللَّهُ بِسَبَبِهِ هَذَا الثَّوَابَ لِأَنَّ اللَّهَ يُحَرِّمُ الْإِنْسَانَ الْقُرْبَةَ بِذَنْبٍ أَصَابَهُ لَا أَنَّ حَبْسَهَا يُوجِبُ الْإِثْمَ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا أَوْ الْمُرَادُ بِأَثِمَ أَنَّهُ فَاتَهُ ثَوَابُ السُّنَّةِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ لَوْ أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ فَضَلَّتْ حَتَّى ذَهَبَ أَيَّامُ النَّحْرِ مَاذَا يَفْعَلُ بِهَا هَلْ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ أَوْ تَجِبُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ اهـ (أَقُولُ) قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ) هَذَا ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ) خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْقَائِلِ بِمَنْعِ قَسْمِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَالْحَاصِلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَهْرَامَ أَنَّهَا إذَا ذُبِحَتْ فَإِنَّ لِوَرَثَتِهِ قِسْمَةَ لَحْمِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ تَمْيِيزُ حَقٍّ أَوْ بَيْعٍ وَأَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي فَبَيْعٌ وَحَيْثُ كَانَتْ قِسْمَةُ قُرْعَةٍ فَتُجْزِئُ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا فَإِذَا كَانَ ابْنٌ وَأُمٌّ وَأَبٌ فَتُقْسَمُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ وَيَضْرِبُ الْقُرْعَةَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ فَتُقْسَمُ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَبًا وَابْنًا وَأَمَّا سِتَّةَ أَقْسَامٍ بِوَضْعِ سِتِّ أَوْرَاقٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا نُسُكٌ) أَيْ نُسُكٌ مَأْذُونٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ قَيَّدَ جِوَارَ الْبَيْعِ قَبْلَ الذَّبْحِ فِي الْهَدْيِ بِعَدَمِ التَّقْلِيدِ. (قَوْلُهُ شَبِيهَةً بِالضَّحِيَّةِ) تِي كَوْنُهَا شَاةً تُذْبَحُ عَلَى جِهَةِ الْمَطْلُوبِيَّةِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهَا مِنْ جِذْعِ الضَّأْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ ذَيَّلَهَا) أَيْ الضَّحِيَّةَ بِالْعَقِيقَةِ أَيْ جَعَلَ الْعَقِيقَةَ ذَيْلًا (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ مِنْ الْعَقِّ) أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَقِّ (قَوْلُهُ لِقَطْعِ) عِلَّةٌ لِلْأَخْذِ (قَوْلُهُ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعْنَاهَا لُغَةً) أَيْ فَهِيَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الشَّاةِ الَّتِي تُذْبَحُ فِي السَّابِعِ اعْلَمْ أَنَّ صَدْرَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلِيَّةً فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ نُقِلَ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ أَيْ كَوْنُهَا اسْمًا لِلذَّاتِ الْمَذْبُوحَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعْنَاهَا لُغَةً يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ شَعْرُ الْمَوْلُودِ فَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ) تَوْجِيهٌ لِلنَّقْلِ أَيْ تُقْطَعُ عِنْدَ قَطْعِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَهَا اسْمًا لِشَعْرِ الْمَوْلُودِ مَنْقُولٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَيْ فَهِيَ فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى اسْمِ شَعْرِ الْمَوْلُودِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الذَّاتِ الْمَذْبُوحَةِ وَمُفَادُهُ أَنَّ الشَّعْرَ إنَّمَا سُمِّيَ عَقِيقَةً لِكَوْنِهِ يُقْطَعُ أَيْ يُحْلَقُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ إلَخْ فِي الْحَقِيقَةِ وَجْهٌ آخَرُ فِي تَسْمِيَةِ الشَّعْرِ عَقِيقَةً أَيْ إنَّمَا سُمِّيَ الشَّعْرُ عَقِيقَةً لِأَنَّ بَقَاءَهُ عُقُوقٌ أَيْ فَعَقِيقَةٌ عَلَى هَذَا مَنْقُولَةٌ مِنْ الْعُقُوقِ لَا مِنْ الْعَقِّ (قَوْلُهُ «أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ) أَيْ الَّذِي هُوَ شَعْرُ الْمَوْلُودِ (قَوْلُهُ الْعَقِيقَةُ) أَيْ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وِلَادَةُ آدَمِيٍّ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ وِلَادَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى عَقِيقَةً وَضَمِيرُ عَنْهُ لِلْآدَمِيِّ وَيَتَعَلَّقُ الْمَجْرُورُ بِقَوْلِهِ تَقَرَّبَ وَيَخْرُجُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 عَنْهُ. وَبَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَهَا بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ ذَبْحُ) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْعَقِيقَةِ النَّدْبُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ وَحَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ سُنِّيَّتهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَاحِدَة) إلَى أَنَّ الَّتِي تُذْبَحُ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ إنَّمَا هِيَ وَاحِدَةُ لَا بَعْضٌ مِنْهَا كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَلَا يَعُقُّ عَبْدٌ عَنْ ابْنِهِ وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَوْلُودِ وَقَوْلُهُ لَهُ وَاحِدَةٌ مَوْصُوفٌ حُذِفَتْ صِفَتُهُ أَيْ وَاحِدَةٌ مِنْ النَّعَمِ لِيَشْمَلَ الْبَقَرَ وَنَحْوَهُ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ (تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ) لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْغَنَمِ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ وَجُمْلَةُ تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ وَاقِعَةٌ بَعْدَ نَكِرَةٍ فَهِيَ صِفَةٌ لَهَا وَمَعْنَى تُجْزِئُ تَكْفِي فَهُوَ فِعْلٌ لَازِمٌ فَضَحِيَّةٌ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ تَكْفِي فِي الضَّحِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ضَحِيَّةٌ حَالًا مِنْ فَاعِلِ تُجْزِئُ الْعَائِدِ عَلَى وَاحِدَةُ وَضَحِيَّةٌ مَصْدَرٌ وَكُلٌّ مِنْ النَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَمَجِيءِ الْمَصْدَرِ حَالًا مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ مَعَ كَثْرَةِ مَجِيءِ الْمَصْدَرِ حَالًا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى إذْ لَا إيهَام مَعَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ. (ص) فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ ذَبْحُ وَالْمَعْنَى أَنَّ وَقْتَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ فِي يَوْمِ سَابِعِ الْوِلَادَةِ لَا قَبْلَهُ اتِّفَاقًا وَلَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْعَقِيقَةِ عَنْ الْمَوْلُودِ الْمَيِّتِ فِي السَّابِعِ وَلِمَالِكٍ لَا يَعُقُّ عَنْهُ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (نَهَارًا) إلَى أَنَّ شَرْطَ الْعَقِيقَةِ أَنْ تُذْبَحَ نَهَارًا مِنْ فَجْرِ السَّابِعِ لِغُرُوبِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُنْضَمَّةً لِصَلَاةٍ فَقِيَاسُهَا عَلَى الْهَدَايَا أَوْلَى مِنْهُ عَلَى الضَّحَايَا ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ الْيَوْمَ الْمُقَدَّرَ فِي قَوْلِهِ سَابِعِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَجْمُوعِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ نَهَارًا وَكَذَا الْيَوْمُ فِي قَوْلِهِ (وَأَلْغَى يَوْمَهَا) وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ (إنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ) أَيْ أَلْغَى يَوْمَ الْوِلَادَةِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ إنْ سَبَقَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ الْمَوْلُودُ   [حاشية العدوي] الذَّبْحُ مِنْ غَيْرِ تَقَرُّبٍ فَإِنْ قُلْت لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ الشَّيْخُ الْعَقِيقَةُ اسْمًا كَمَا قَالَ فِي الْأُضْحِيَّةِ قُلْت لَعَلَّهُ أَحَالَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِقُرْبِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَعَرَّفَهَا اسْمًا لَا مَصْدَرًا بِأَنْ يَقُولَ إنَّهَا ذَبْحُ مَا تَقَرَّبَ بِذَكَاتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ أَيْ أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّ الْعَقِيقَةَ الْقَطْعُ وَهُوَ الذَّبْحُ هُوَ أَحْمَدُ وَقَدْ خَالَفَهُ الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ اهـ. (قَوْلُهُ لَا بَعْضٌ مِنْهَا) أَيْ فَلَا يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِلتَّوْأَمَيْنِ فَلَوْ ذَبَحَ شَاتَيْنِ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ يَعُقُّ عَنْ الذَّكَرِ بِشَاتَيْنِ وَعَنْ الْأُنْثَى بِشَاةٍ فَمَا أَخْطَأَ وَلَقَدْ أَصَابَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» (قَوْلُهُ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) هِيَ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَوْلُودِ مَالٌ وَلَا يَلْزَمُ غَيْرُ الْأَبِ وَأَمَّا الْيَتِيمُ فَعَقِيقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَيُنْدَبُ لِلْوَصِيِّ الْعَقُّ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِمَا لَا يُجْحِفُ وَيَنْبَغِي الرَّفْعُ لِمَالِكِيٍّ إنْ كَانَ حَنَفِيًّا لَا يَرَاهَا عَنْ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَيُنْدَبُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا يَعُقَّ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَعَلُّقُ النَّدْبِ بِالْأَبِ وَلَوْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَلِلْوَلَدِ مَالٌ وَلَعَلَّهُ حَيْثُ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ وَيَرْجُو الْوَفَاءَ وَإِلَّا لَمْ يُخَاطَبُ بِهَا وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا كَمَا يَظْهَرُ وَكَذَا الظَّاهِرُ سُقُوطُهَا بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا فِيهِ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ الْبَقَرَ وَنَحْوَهُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْإِبِلَ لِأَنَّهَا لَا تُذْبَحُ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَوْ عَبَّرَ بِذَكَاةٍ كَانَ أَشْمَلَ لِأَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالضَّحِيَّةِ لَدَخَلَ فِيهِ اسْتِحْبَابُ سَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَكَانَ أَخْصَرَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الْعُيُوبِ الَّتِي تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ هَلْ عَقَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ وَلَدِهِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ أَمْ لَا اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا وَرَدَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ التَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي) أَيْ فِيهِ الْإِيهَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى تُجْزِئُ فِي حَالِ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً احْتِرَازًا عَنْ الشَّاةِ الَّتِي تُجْزِئُ لَا فِي حَالِ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا شَاةٌ مَوْصُوفَةٌ بِكَوْنِهَا تُجْزِئُ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَالَةِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِي الْكَلَامِ شَيْءٌ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ ضَحِيَّةً لَيْسَ مَصْدَرًا لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ اسْمٌ لِلذَّاتِ الْمُضَحَّى بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِ وَمَجِيءُ الْمَصْدَرِ حَالًا وَلَوْ مَجَازًا بِأَنْ يُرَادَ مِنْ ضَحِيَّةِ تَضْحِيَةٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهَا ذَاتَ تَضْحِيَةٍ. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِذَبَحَ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَوَقْتُهَا فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ فِي سَابِعِ ثَانٍ أَوْ ثَالِثٍ أَوْ رَابِعٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ كَمَا فِي تت وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ السَّابِعُ الرَّابِعَ اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ بِهَا بَلْ قَالَ الْحَطَّابُ إنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَعُقُّ فِيمَا بَعْدَ السَّابِعِ الثَّالِثَ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا التَّوْضِيحُ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا الْبَاجِيُّ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ مِنْ فَجْرِ السَّابِعِ لِغُرُوبِهِ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْبَحَ ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ وَمِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتُمْنَعُ مِنْ قَبْلِ الْفَجْرِ وَفِي عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِنْ لَمْ تَحِلُّ النَّافِلَةُ (قَوْلُهُ الْيَوْمَ الْمُقَدَّرَ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ) لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي يَوْمِ سَابِعِ الْوِلَادَةِ أَيْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ سَابِعُ الْوِلَادَةِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ أَطْلَقَ الْيَوْمَ عَلَى مُطْلَقِ الزَّمَنِ الشَّامِلِ لِلنَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْيَوْمِ مَجْمُوعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الَّذِي هُوَ الْهَيْئَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْهُمَا الَّتِي هِيَ الْحَقِيقَةُ لِلَّفْظِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ نَهَارًا لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِ الْمَجْمُوعِ نَهَارًا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ الْيَوْمُ فِي قَوْلِهِ وَأَلْغَى يَوْمَ الْوِلَادَةِ بَلْ أَرَادَ كَمَا قَرَّرْنَا مُطْلَقَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ إنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ) فَإِنْ وُلِدَ مَعَهُ حُسِبَ إذْ لَمْ يُسْبَقْ بِالْفَجْرِ بَلْ تَقَارَنَا (قَوْلُهُ إنْ سَبَقَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إلَخْ) الصَّوَابُ اخْتِصَاصُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 بِالْفَجْرِ بِأَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ وَيَعُدُّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي. (ص) وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ شَعْرِ الْمَوْلُودِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً عَقَّ عَنْهُ أَوْ لَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ قَبْلَ الْعَقِّ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (ص) وَجَازَ كَسْرُ عَظْمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقِيقَةَ الَّتِي تُذْبَحُ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ يُبَاحُ كَسْرُ عَظْمِهَا تَكْذِيبًا لِلْجَاهِلِيَّةِ فِي عَدَمِ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُمْ إيَّاهَا مِنْ الْمَفَاصِلِ. (ص) وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَة (ش) أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يُدْعَى النَّاسُ لَهَا لِمُخَالَفَةِ السَّلَفُ وَخَوْفَ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ بَلْ تُطْبَخُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَلَا بَأْسَ بِالْإِطْعَامِ مِنْ لَحْمِهَا نِيئًا وَيُطْعِمُ النَّاسَ فِي مَوَاضِعِهِمْ وَالْوَلِيمَةُ الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ لِلْعُرْسِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يَجْتَمِعَانِ وَالْفِعْلُ مِنْهَا أَوْلَمَ. (ص) وَلَطَّخَهُ بِدَمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُلَطَّخَ الْمَوْلُودُ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ لَمَّا ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» فَسَّرَ بَعْضُهُمْ إمَاطَةَ الْأَذَى بِتَرْكِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا وَبَعْضُهُمْ بِالْحَلْقِ وَالصَّدَقَةِ بِزِنَتِهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ فِي التَّلْطِيخِ بِالنَّجَاسَةِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ كَمَا ذَكَرَهُمَا سَيِّدِي أَحْمَدْ زَرُّوقْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. (ص) وَخِتَانُهُ يَوْمَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُخْتَنَ الْمَوْلُودُ يَوْمَ السَّابِعِ وَأَحْرَى يَوْمَ وِلَادَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ لَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَحَدُّ الْخِتَانِ مِنْ حِينِ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إلَى عَشْرٍ وَحُكْمُهُ السُّنِّيَّةُ فِي الذُّكُورِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ السَّاتِرَةِ وَالِاسْتِحْبَابُ فِي النِّسَاءِ وَيُسَمَّى الْخِفَاضُ وَهُوَ قَطْعُ أَدْنَى جُزْءٍ مِنْ الْجِلْدَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَلَا يَنْهَك لِخَبَرِ أُمُّ عَطِيَّةَ «اخْفِضِي وَلَا تَنْهَكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ» أَيْ لَا تُبَالِغِي وَأَسْرَى أَيْ أَشْرَقَ لِلَوْنِهِ وَأَحْظَى أَيْ أَلَذَّ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الْجِلْدَةَ تَشْتَدُّ مَعَ الذَّكَرِ مَعَ كَمَالِهَا فَتَقْوَى الشَّهْوَةُ لِذَلِكَ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ. يَسْبِقَ إلَى جَوْفِ الْمَوْلُودِ الْحَلَاوَةَ كَمَا فَعَلَ   [حاشية العدوي] بِالْمَوْلُودِ ابْنُ غَازِيٍّ الضَّمِيرُ الْغَائِبُ فِي سَبَقَ يَعُودُ عَلَى الْمَوْلُودِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْوِلَادَةِ اهـ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُبْرِزُ الضَّمِيرَ فَيَقُولَ إنْ سَبَقَ هُوَ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمَوْلُودِ وَيُرَادَ بِالْيَوْمِ الْمَعْهُودِ الَّذِي هُوَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِهِ إنْ سُبِقَ الْمَوْلُودُ بِالْفَجْرِ وَهَذَا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي بَهْرَامَ وَلَعَلَّ وَجْهَهَا خَوْفُ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ كَعَادَتِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ وَانْظُرْ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَرَّوْا وَزْنَ شَعْرِهِ مِنْ غَيْرِ حَلْقٍ هَلْ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّصَدُّقُ بِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لَهُمْ هُنَا. (قَوْلُهُ وَجَازَ كَسْرُ عَظْمِهَا) لَا يُسَنُّ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُنْدَبُ لِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ الْجَاهِلِيَّةِ (قَوْلُهُ تَكْذِيبًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّكْذِيبَ يَحْصُلُ بِالْحُكْمِ بِالْجَوَازِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي عَدَمِ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَهُمْ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمَكْرُوهِ وَالْحُكْمُ بِالْجَوَازِ تَكْذِيبٌ عَلَى أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ عَمَلُهَا) كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَمَلَ مُعْظَمِهَا وَلِيمَةً مَكْرُوهٌ وَانْظُرْ حُكْمَ عَمَلِ الْأُضْحِيَّةِ وَلِيمَةً اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ عَمَلُهَا وَلِيمَةً وَلَوْ الْبَعْضُ الَّذِي لَيْسَ بِمُعْظَمٍ. (تَتِمَّةٌ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَإِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةً لَهَا وَلِلْعَقِيقَةِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَإِنْ نَوَاهَا أَوْ بِالْعَقِيقَةِ الْوَلِيمَةَ أَجْزَأَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلِينَ إرَاقَةُ الدَّمِ وَإِرَاقَةُ الدَّمِ لَا تُجْزِئُ عَنْ إرَاقَتَيْنِ وَمِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ اهـ (قَوْلُهُ وَيُطْعِمُ النَّاسَ) الْفَاكِهَانِيُّ وَالْإِطْعَامُ مِنْهَا كَهُوَ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَيْ فَلَا حَدَّ لَهُ بَلْ يَأْكُلُ مِنْهَا وَمِنْ الضَّحِيَّةِ مَا شَاءَ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا شَاءَ وَيُطْعِمُ مَا شَاءَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الدَّعْوَةِ. (قَوْلُهُ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ) أَيْ عَقِيقَةٌ مَطْلُوبٌ ذَبْحُهَا مَعَ وِلَادَةِ الْغُلَامِ وَالْغُلَامُ الِابْنُ الصَّغِيرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ فَلَا مَهْمُومَ لَهُ (قَوْلُهُ فَأَهْرِيقُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ فَصُبُّوا عَنْهُ دَمًا بِشَاةٍ بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ يُقَالُ أَهْرَقَتُ الْمَاءَ فَأَنَا أُهْرِيقُهُ إهْرَاقَةً وَالْأَصْلُ أَرَاقَ يُرِيقُ إرَاقَةً فَأُبْدِلَتْ الْهَمْزَةُ هَاءً فَصَارَ هَرَاقَ ثُمَّ سَكَنَتْ الْهَاءُ ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا الْهَمْزَةُ فَصَارَ إهْرَاقٌ ثُمَّ حُذِفَتْ الْأَلْفُ تَخْفِيفًا فَصَارَ أَهْرَقَ وَكَأَنَّ قَوْلَهُ فَأَهْرِيقُوا تَبْيِينٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ بِالْحَلْقِ وَالصَّدَقَةِ) ظَاهِرُهُ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَالظَّاهِرُ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا مَبْنِيٌّ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبْنَا لِلْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ لَكَانَ اللَّطْخُ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ) رَاجِعٌ لِلسَّابِعِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمُقَدِّمَاتُ فَإِنَّ فِيهَا أَنَّ الْيَهُودَ تَخْتَتِنُ فِي السَّابِعِ (قَوْلُهُ مِنْ حِينِ يُؤْمَرُ) وَيُكْرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْخِتَانَ لِلذَّكَرِ وَالْخِفَاضَ لِلْأُنْثَى وَالْإِعْذَارُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَخَتْنُهُ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ الْفِعْلُ وَأَمَّا الْخِتَانُ فَهُوَ مَوْضِعُ الْفِعْلِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَحُكْمُهُ أَيْ الْخِتَانُ تَسَمُّحٌ وَالْقَصْدُ وَحُكْمُهُ أَيْ الْخَتْنُ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْبَابُ) أَيْ وَحُكْمُ الْخِتَانِ الِاسْتِحْبَابُ فِي النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ وَيُسَمَّى أَيْ الْخِتَانُ فِي النِّسَاءِ الْخِفَاضُ هَذَا مُفَادُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخِتَانَ قَاصِرٌ عَلَى الذَّكَرِ وَاَلَّذِي لِلْأُنْثَى الْخِفَاضُ (قَوْلُهُ أَدْنَى جُزْءٍ) أَيْ أَقَلَّ جُزْءٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَنْهَكِي) بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ النُّون وَفَتْحِ الْهَاءِ (قَوْلُهُ مَعَ كَمَالِهَا) أَيْ الْجِلْدَةِ أَيْ إذَا كَانَتْ الْجِلْدَةُ كَامِلَةً تَشْتَدُّ وَتَتَقَوَّى وَلَا يَحْصُلُ فِيهَا رَخْوٌ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتْ تَشْتَدُّ مَعَ الذَّكَرِ مَعَ كَمَالِهَا فَالْأَوْلَى تَرْكُ الْخِتَانِ لِأَجْلِ ازْدِيَادِ الْقُوَّةِ قُلْت الْخِفَاضُ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ فَيُفْعَلُ وَيَتَحَصَّلُ بِأَدْنَى شَيْءٍ. (تَتِمَّةٌ) فَإِنْ أَسْلَمَ بَالِغٌ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْخِتَانِ فَهَلْ يُتْرَكُ أَوْ لَا قَوْلَانِ فَإِنْ وُلِدَ مَخْتُونًا فَقِيلَ تُمِرُّ الْمُوسَى عَلَيْهِ فَإِنْ بَقِيَ مَا يُقْطَعُ قُطِعَ وَقِيلَ قَدْ كُفِيَ الْمُؤْنَةُ وَاسْتَظْهَرَ (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَمَّا أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الْقُرَبِ الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ هَدْيٍ وَشِبْهِهِ مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَعَقِيقَةٍ وَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى رَأْيٍ تَنْقَسِمُ إلَى قَسَمٍ وَالْتِزَامِ قُرْبَةٍ ذَيَّلَ أَبْوَابَ الْقُرَبِ بِبَابِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْقُرَبِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ (بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ الْيَمِينُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَهُوَ بَابٌ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ لِكَثْرَةِ وَقَائِعِهِ وَتَشَعُّبِ فُرُوعِهِ. وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ وَالْأَيْمَانُ جَمْعُ يَمِينٍ وَالْيَمِينُ مُؤَنَّثَةٌ فَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ» الْحَدِيثَ وَتُجْمَعُ عَلَى أَيْمُنٍ أَيْضًا وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا اخْتَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِذَلِكَ وَقِيلَ الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَيُسَمَّى الْعُضْوُ يَمِينًا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ عَنْ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ يَمِينًا بِخِلَافِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ تَعْرِيفَهَا شَرْعًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَحَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي الشَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ (ص) الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ (ش) أَيْ ثُبُوتُ وَلُزُومُ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ وَاجِبًا أَيْ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ   [حاشية العدوي] [بَابٌ الْيَمِينُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ الْيَمِينُ) (قَوْلُهُ عَلَى الْقُرَبِ) أَيْ عَلَى مُعْظَمِ الْقُرَبِ إذْ بَقِيَ الْجِهَادُ (قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْقُرَبِ الْمُنْقَسِمَةِ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَأَرَادَ بِالْمَنْدُوبِ مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَارَةً تَكُونُ وَاجِبَةً وَتَارَةً تَكُونُ مَنْدُوبَةً وَكَذَا الصَّوْمُ وَكَذَا الْحَجُّ وَكَذَا الزَّكَاةُ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصَّدَقَةِ وَحَذَفَهَا وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَيْسَتْ إلَّا مَنْدُوبَةً وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَنْقَسِمُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ أُضْحِيَّةٍ بَيَانٌ لِلشَّبَهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَيْسَا مُتَعَلِّقَيْنِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَعَلَ الْأُضْحِيَّةَ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تُفْعَلُ فِي أَيَّامِهِمَا وَتَسَمَّحَ فِي الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى رَأْيِ إلَخْ) أَيْ رَأْيِ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا رَأْيُ ابْنِ عَرَفَةَ فَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةٍ: قَسَمٌ كَوَاللَّهِ وَالْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الِامْتِنَاعَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ هَذَا قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَقَطْ وَكَذَا إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ مُعَلَّقٍ ذَلِكَ الْإِنْشَاءُ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ كَقَوْلِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَهُوَ مَقْصُودٌ عَدَمُهُ هَذَا فِي جَانِبِ الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مُعَلِّقًا الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ عَدَمِ الدُّخُولِ وَهُوَ الدُّخُولُ فَخَرَجَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ بَرِئَ أَيْ مِنْ مَرَضِهِ فَلَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ وَتَشَعُّبِ فُرُوعِهِ) أَيْ تَفَرُّقِهَا (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ مُؤَنَّثَةٌ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ كَاذِبَةٍ (قَوْلُهُ الْحَدِيثَ) لَفْظُ الْحَدِيثِ «مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ فَقِيلَ لَهُ وَلَوْ شَيْئًا قَلِيلًا قَالَ وَلَوْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» (قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ) أَيْ مَنْقُولَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلنَّقْلِ وَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْيَمِينُ) أَيْ فِي الْأَصْلِ الْقُوَّةُ لَا الْعُضْوُ ثُمَّ نُقِلَتْ لِلْحَلِفِ وَلِلْعُضْوِ، وَالْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ الْحَلِفُ مَنْقُولَةٌ (قَوْلُهُ لِوُفُورِ قُوَّتِهِ) أَيْ لِعِظَمِ قُوَّتِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ) أَيْ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ لِأَنَّك إذَا قُلْت قُمْت يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ أَوْ الْإِخْبَارُ عَنْ الْوُجُودِ كَمَا فِي قَوْلِك أَقُومُ وَقَوْلُهُ أَوْ الْعَدَمَ كَمَا فِي قَوْلِك لَا أَقُومُ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ) وَهُوَ أَنَّ أَصْلَ الْيَمِينِ مَعْنَاهُ الْقُوَّةُ (قَوْلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ كَقَوْلِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ الْتَزَمْت الطَّلَاقَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ وَيَحْصُلُ دُخُولُ الدَّارِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ فِي الْأَصْلِ الْعُضْوُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَعْرِيفَهَا شَرْعًا) أَمَّا لُغَةً فَقَدْ عَرَّفْته وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ الْحَلِفُ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ شَرْعًا بِقَوْلِهِ قَسَمٌ أَوْ الْتِزَامُ مَنْدُوبٍ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ لَا يُغْتَفَرُ لِقَبُولِ مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ وَانْظُرْ تَوْضِيحَ ذَلِكَ فِي شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ الْحَاوِي الشَّافِعِيِّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ فِيهَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ وَحَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ أَيْ الْيَمِينَ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى نَوْعٍ مِنْهُ وَهُوَ الْقَسَمُ (قَوْلُهُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ) عَادَةً أَوْ عَقْلًا وَاَلَّذِي لَمْ يَجِبْ عَادَةً أَوْ عَقْلًا شَامِلٌ لِمَا أَمْكَنَ عَادَةً وَعَقْلًا كَوَاللَّهِ أَقُومُ أَوْ أُصَلِّي وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا أَوْ اسْتَحَالَ عَادَةً وَعَقْلًا كَوَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ بِمَعْنَى إزْهَاقِ رُوحِهِ لَا بِمَعْنَى جَزِّ رَقَبَتِهِ وَالْمُسْتَحِيلُ عَادَةً وَيُمْكِنُ عَقْلًا كَقَوْلِك وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ وَلَا يُعْقَلُ الْقَسَمُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّهُ مُمْكِنٌ عَادَةً مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا إذْ كُلُّ مُسْتَحِيلٍ عَقْلًا مُسْتَحِيلٌ عَادَةً وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَجِبْ مَا وَجَبَ عَادَةً وَعَقْلًا كَوَاللَّهِ إنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَوْ وَجَبَ عَادَةً لَا عَقْلًا كَوَاللَّهِ إنَّ جَبَلَ الْجُيُوشِيِّ حَجَرٌ وَلَا يُعْقَلُ الْقَسَمُ الثَّالِثُ وَهُوَ كَوْنُهُ وَاجِبًا عَقْلًا لَا عَادَةً إذْ كُلُّ مَا وَجَبَ عَقْلًا وَجَبَ عَادَةً. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَاضِي لَا تُكَفَّرُ لِأَنَّهَا إمَّا لَغْوٌ أَوْ غَمُوسٌ أَوْ صَادِقَةٌ، وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُسْتَقْبِلِ تُكَفَّرُ وَلَوْ لَغْوًا أَوْ غَمُوسًا، وَأَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحَالِ: تُكَفَّرُ إنْ كَانَتْ غَمُوسًا وَلَا تُكَفَّرُ إنْ كَانَتْ لَغْوًا. وَمَا أَحْسَنَ مَا قِيلَ كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا ... لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا (قَوْلُهُ ثُبُوتٌ) الْأَوْلَى تَثْبِيتٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 أَوْ صِفَتِهِ تُحَقِّقُ غَيْرَ الْوَاجِبِ بِالْوُقُوعِ وَتُصَيِّرُهُ وَاجِبًا بِالْوُقُوعِ وَتُصَيِّرُهُ وَاجِبًا ثَابِتًا لَازِمًا فَإِذَا قُلْت وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا فِي هَذَا الْيَوْمِ لَزِمَك عَدَمُ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَوْفَ الْحِنْثِ وَإِذَا قُلْت وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَزِمَك دُخُولُهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَوْفَ الْحِنْثِ وَانْظُرْ تَحْقِيقَ هَذَا الْكَلَامِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ وَلَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ كَالنَّبِيِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مُعَظَّمٌ شَرْعًا بَلْ إمَّا مَكْرُوهَةٌ أَوْ حَرَامٌ لَا يُقَالُ هَذَا تَعْرِيفٌ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ صِفَتِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ جَمِيعَ الصِّفَاتِ مَعَ أَنَّ صِفَةَ الْأَفْعَالِ خَارِجَةٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ لِأَنَّا نَقُولُ هُنَا حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ صِفَتُهُ الذَّاتِيَّةُ وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ تَصْرِيحُهُ فِيمَا يَأْتِي بِصِفَةِ الْأَفْعَالِ وَقَوْلُهُ (كَبِاللَّهِ) وَمِثْلُهُ الِاسْمُ الْمُجَرَّدُ مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ كَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ (ص) وَهَاللَّهِ (ش) بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ النُّحَاةُ. (ص) وَأَيْمُ اللَّهِ (ش) أَيْ بَرَكَتُهُ وَهَمْزَةُ " أَيْمُ " يَجُوزُ فِيهَا الْقَطْعُ وَالْوَصْلُ كَمَا قَالَهُ تت وَهَذَا مَعَ الْوَاوِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَهِيَ هَمْزَةُ قَطْعٍ ثُمَّ إنَّ " أَيْمُ " يَجُوزُ فِيهِ إثْبَاتُ الْوَاوِ وَعَدَمُ إثْبَاتِهَا فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً وَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ز وَأَرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ فَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْحَادِثَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَفِي كَلَامِ الْأَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا يَمِينٌ (ص) وَحَقِّ اللَّهِ (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَظَمَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ التَّكَالِيفَ الَّتِي هِيَ صِفَاتُهُ وَيَحْتَمِلُ اسْتِحْقَاقُهُ لِلْأُلُوهِيَّةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَقُّ اللَّهِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينٌ (ص) وَالْعَزِيزِ (ش) اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ وَاشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَزَّ يَعِزُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إذَا اشْتَدَّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ عَزَّ الشَّيْءُ يَعِزُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ إذَا قَلَّ حَتَّى لَا يَكَادَ يُوجَدُ غَيْرُهُ فَهُوَ عَزِيزٌ اهـ وَاللَّامُ فِي الْعَزِيزِ لِلْكَمَالِ أَيْ الْكَامِلِ الْعِزَّةِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَهْدُ الْحُضُورِيُّ لِأَنَّ اللَّهَ حَاضِرٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ تَحَقُّقُ غَيْرِ الْوَاجِبِ بِالْوُقُوعِ) أَيْ تَحَقُّقُ الْوَاجِبِ مُتَّصِفًا بِالْوُقُوعِ أَيْ مُتَّصِفًا بِكَوْنِهِ يَقَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ الْمُسْتَقْبَلُ خَاصَّةً (قَوْلُهُ ثَابِتًا) تَفْسِيرٌ لِوَاجِبًا وَكَذَا لَازِمًا (قَوْلُهُ فَإِذَا قُلْت إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْيَمِينِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَحْقِيقَ إلَخْ) بِمَا ذَكَرْنَاهُ لَك ظَهَرَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) أَيْ كَاَللَّهِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ وَأَرَادَ بِالِاسْمِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَاَللَّهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَأَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا دَلَّ عَلَيْهَا فِعْلُهُ بِاعْتِبَارِ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهَا كَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْحَقِّ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا فِعْلُهُ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي ك مَا عَدَا قَوْلِي وَأَلْحَقَ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فِعْلًا تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ) أَرَادَ بِهَا الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الطَّلَاقِ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَقَوْلِك أُقْسِمُ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ وَالْحَقِيقَةُ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ) كَمَا قَالَ شَارِحُنَا أَيْ كَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمَعْنَوِيَّةَ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا وَقَضِيَّةُ الشَّارِحِ لَا تَنْعَقِدُ بِالصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ وَلَا السَّلْبِيَّةِ وَفِي عج الِانْعِقَادُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقِدَمِ وَالتَّنْظِيرُ فِيمَا عَدَاهَا وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ فِي الِانْعِقَادِ بِالْكُلِّ وَفِيهِ الِانْعِقَادُ بِالصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ كَالْوُجُودِ بِخِلَافِ الِاسْمِ الدَّالِّ عَلَيْهَا كَالْمَوْجُودِ وَيُدْخِلُ الصِّفَةَ الْجَامِعَةَ فَتَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ كَجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَالْعِلْمِ الشَّرِيفِ وَيُرِيدُونَ عِلْمَ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ صَوْمُ الْعَامِ بِخِلَافِ إنْ كَلَّمْته فَعَلَيَّ صَوْمُ الْعَامِ فَإِنَّهُ الْتِزَامٌ وَهُوَ يَمِينٌ اهـ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الِاسْمُ الْمُجَرَّدُ مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ) كَذَا فِي التَّلْقِينِ وَالْجَوَاهِرِ لَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَجْرُورٌ أَوْ مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ أَمَّا الْجَرُّ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ فَظَاهِرَانِ وَأَمَّا الرَّفْعُ فَلَحْنٌ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَعَلَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فَإِذَا قَالَ الْحَالِفُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ رَفْعًا أَوْ نَصْبًا أَوْ جَرًّا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ ك وَقَالَ التُّونُسِيُّ عَلَى مَا نَقَلَ تت إنْ نَوَى حَرْفَ الْقَسَمِ وَنَصَبَهُ لَحَذَفَهُ كَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ فِيمَنْ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَلَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَمِينَ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْأَصْلُ الْبَاءُ ثُمَّ الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْوَاوِ وَالْوَاوُ مِنْ الْبَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ) الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ هُوَ الْوَاوُ كَمَا أَفَادَهُ صَرِيحُ تت وَمُفَادُ الْقَامُوسِ عَدَمُ مَدِّ الْهَاءِ مِنْ وَاَللَّهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ إثْبَاتِهَا فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً) وَمَعَ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ لِأَجْلِ عَدَمِ الْوَاوِ وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ (وَأَقُولُ) حَيْثُ كَانَتْ مُقَدَّرَةً وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَلْفُوظِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَصْلُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا الْفَرْقُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ أَيْمَ اللَّهِ تُعُورِفَتْ فِي الْقَسَمِ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ) هُوَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِعِظَمِ الْمَوْصُوفِ كَأَوْصَافِهِ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْحَادِثَ هُوَ نُمُوُّ الرِّزْقِ وَاتِّسَاعُهُ (قَوْلُهُ الْعَظَمَةَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَصْفٌ جَامِعٌ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ صِفَاتُهُ) أَيْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ اللَّذَيْنِ مِنْ أَقْسَامِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْأُلُوهِيَّةِ) أَيْ لِكَوْنِهِ إلَهًا أَيْ مَعْبُودًا بِحَقٍّ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ أَزَلِيٌّ إلَّا أَنَّ مَرْجِعَهُ الصِّفَاتُ الْجَامِعَةُ فَهُوَ كَجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ. (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِبَادَاتِ) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ التَّكَالِيفَ مَثَلًا أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ إلَخْ) كَلَامُ الْفَرَّاءِ بَيَانٌ لِلْمُشْتَقِّ مِنْهُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِي الْعَزِيزِ لِلْكَمَالِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ أَلْ فِيهَا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَمَالِ أَوْ الْحُضُورِ (قَوْلُهُ أَيْ الْكَامِلُ الْعِزَّةِ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ يَمِينًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 (ص) وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ (ش) هُمَا يَمِينٌ حَيْثُ أَرَادَ عَظَمَتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ وَاسْتِحْقَاقَهُ صِفَاتِ الْمَدْحِ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِالْعَظَمَةِ الْعَظَمَةَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي خَلْقِهِ وَبِالْجَلَالِ الْجَلَالَ الَّذِي فِيهِمْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمَا الْيَمِينُ (ص) وَإِرَادَتِهِ وَكَفَالَتِهِ (ش) الْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي وَكَفَالَتُهُ الْتِزَامُهُ وَهُوَ يَرْجِعُ لِخَبَرِهِ الَّذِي هُوَ كَلَامُهُ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي (ص) وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِكَلِمَةٍ أَوْ آيَةٍ مِنْهُ أَوْ بِالْمُصْحَفِ وَأَرَادَ الْقَدِيمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الْيَمِينُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هَذَا إذَا نَوَى الْمَعْنَى الْقَدِيمَ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَمَّا إذَا نَوَى الْحَادِثَ وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّالُّ عَلَى الْمَعْنَى الْقَدِيمِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ قُرْآنًا فَقِيلَ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُرْءِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِأَنَّهُ جَمْعُ الْقِرَاءَةِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وَقَرَأْت النَّاقَةَ لَبَنَهَا فِي الضَّرْعِ وَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْمُصْحَفَ مُصْحَفًا. (ص) وَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت بِاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَنَّ دِينَ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا ثُمَّ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ حَنِثْت فَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت بِقَوْلِي بِاَللَّهِ وَثِقْت بِهِ أَوْ اعْتَصَمْت بِهِ وَلَمْ أُرِدْ تَعَلُّقَهُ بِأَحْلِفُ وَلَا بِحَلَفْتُ وَلَا بِأُقْسِمُ وَلَا بِأَقْسَمْتُ ثُمَّ ابْتَدَأْت أَيْ اسْتَأْنَفْت قَوْلِي لَأَفْعَلَنَّ وَلَمْ أَجْعَلْهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدِينُ وَيُوَكَّلُ لِدِينِهِ وَنُصَدِّقُهُ فِي مَقَالَتِهِ بِلَا   [حاشية العدوي] يَكُونُ مَصْدُوقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (قَوْلُهُ هُمَا يَمِينٌ أَرَادَ إلَخْ) مَقْصُودُهُ هُمَا يَمِينٌ حَيْثُ أَرَادَ بِهِمَا اسْتِحْقَاقَهُ صِفَاتِ الْمَدْحِ ثُمَّ أَقُولُ الْأَحْسَنُ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْجَلَالَ وَالْعَظَمَةَ مِنْ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَلَالَ وَالْعَظَمَةَ وَالْكِبْرِيَاءَ بِمَعْنَى وَأَنَّهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ تَقُولُ جَلَّ بِكَذَا دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ النَّبَوِيَّةِ وَجَلَّ عَنْ كَذَا دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ إلَخْ) يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْجَلَالَ غَيْرُ الْعَظَمَةِ مَعَ أَنَّهُ نَفْسُ الْعَظَمَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَرْجِعُ لِخَبَرِهِ إلَخْ) أَيْ لِنَوْعٍ مِنْ خَبَرِهِ الَّذِي هُوَ الْوَعْدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَلَيْسَ فِيهَا لَفْظٌ فَقِيلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ الْقِرَاءَةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فَعْلَانَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ الْمَدْلُولَةِ لِتِلْكَ النُّقُوشِ وَالْقِرَاءَةُ فِي قَوْلِهِ جَمَعَ الْقِرَاءَةَ لَمْ يُرِدْ بِهَا قَطْعًا الْحَدَثَ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الشَّخْصِ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْمَقْرُوءَ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْأَلْفَاظِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَعْنَى سُمِّيَ قُرْآنًا لِأَنَّهُ جَمَعَ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ أَيْ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ قَدْ جَمَعَ بَعْضَ أَجْزَائِهِ إلَى الْبَعْضِ الثَّانِي مِنْ أَجْزَائِهِ أَيْ جَمَعَ السُّوَرَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ. (ثُمَّ أَقُولُ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَسْمِيَةِ اللَّفْظِ الْحَادِثِ قُرْآنًا وَأَنَّ قَوْلَهُ لِجَمْعِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلتَّسْمِيَةِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ قُرْآنًا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَعَدَمُ تَسْمِيَتِهِ قُرْآنًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحُ عِبَارَةِ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْحَادِثِ قُرْآنًا وَرَجَّحَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُرْءِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِجَمْعِ الْقِرَاءَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ يُسَمَّى قُرْآنًا وَكَلَامَ اللَّهِ كَمَا أَنَّ اللَّفْظَ الْحَادِثَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْحَادِثِ قُرْآنًا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْعِلَّةِ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْقُرْآنِ فَقِيلَ مَهْمُوزٌ وَقِيلَ غَيْرُ مَهْمُوزٍ فَعَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَنْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا ضَمَمْت أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ وَسُمِّيَ بِهِ لِقَرْنِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ فِيهِ وَعَلَى أَنَّهُ مَهْمُوزٌ فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ اللِّحْيَانِيُّ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِقَرَأَ كَالرُّجْحَانِ وَالْغُفْرَانِ سُمِّيَ بِهِ الْكِتَابُ الْمَقْرُوءُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ الزَّجَّاجُ هُوَ وَصْفٌ عَلَى فَعْلَانَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُرْءِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَمِنْهُ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْته قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَمَعَ السُّوَرَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَقَالَ الرَّاغِبُ إنَّمَا سُمِّيَ قُرْآنًا لِكَوْنِهِ جَمَعَ ثَمَرَاتِ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ الْمُنَزَّلَةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ جَمَعَ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ كُلِّهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَعَلَّ قَوْلَ شَارِحِنَا جَمْعُ الْقِرَاءَةِ تَسَامُحٌ وَالْأَصْلُ الْمَنْقُولُ جَمْعُ السُّوَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ) أَيْ أَمَرَ بِجَمْعِهِ أَيْ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَجَمَعَهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ وَالْعُسُبُ جَمْعُ عَسِيبٍ وَهُوَ جَرِيدُ النَّخْلِ كَانُوا يَكْشِطُونَ الْخُوصَ وَيَكْتُبُونَ فِي الطَّرَفِ الْعَرِيضِ وَاللِّخَافُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ خَفِيفَةٍ آخِرُهُ فَاءٌ جَمْعٌ لَخْفَةٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الرِّقَاقُ وَفِي رِوَايَةٍ وَالرِّقَاعُ وَفِي أُخْرَى وَقِطَعُ الْأَدِيمِ وَفِي أُخْرَى وَالْأَكْتَافُ وَفِي أُخْرَى وَالْأَضْلَاعُ وَفِي أُخْرَى وَالْأَقْتَابُ. وَالرِّقَاعُ جَمْعُ رُقْعَةٍ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ رَقٍّ أَوْ كَاغِدٍ، وَالْأَكْتَافُ جَمْعُ كَتِفٍ وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي لِلْبَعِيرِ أَوْ الشَّاةِ كَانُوا إذَا جَفَّ كَتَبُوا عَلَيْهِ وَالْأَقْتَابُ جَمْعُ قَتَبٍ وَهُوَ الْخَشَبُ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ لِيَرْكَبَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْمُصْحَفَ) ضَمُّ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَامِعَ لَهُ مُتَعَدِّدٌ وَقَدْ عَرَفْت الْجَامِعَ لَهُ أَوَّلًا وَأَمَّا الْجَامِعُ لَهُ ثَانِيًا فَهُوَ عُثْمَانُ وَسَبَبُ جَمْعِ عُثْمَانُ كَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى نَسَبَ الْبَعْضُ الْكُفْرَ لِلْبَعْضِ وَيَقُولُ الْبَعْضُ لِلْبَعْضِ قِرَاءَتِي أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِك فَلَمَّا شَاهَدَ حُذَيْفَةُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ فَقَالَ لِعُثْمَانَ بَادِرْ لِلْقُرْآنِ وَاجْمَعْهُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفَ النَّاسُ فِيهِ كَاخْتِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَاسْتَشَارَ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَحَضُّوهُ عَلَى ذَلِكَ وَحَرَّضُوهُ فَأَمَرَ أَنْ يَجْمَعَهُ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ اهـ. (قَوْلُهُ بِاَللَّهِ) مِثْلُهُ دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى سَائِرِ الصِّفَاتِ وَلَا تُعْطَى التَّاءُ وَالْهَاءُ حُكْمَ الْبَاءِ فِي التَّدَيُّنِ لَوْ لَمْ يَبْتَدِئْ (قَوْلُهُ لَأَفْعَلَنَّ) أَيْ وَأَفْعَلَنَّ جَوَابُ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ كَأُقْسِمُ لَأَفْعَلَنَّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُلْفَظْ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُوَكَّلُ لِدِينِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ يَدِينُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 يَمِينٍ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (ص) لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ (ش) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينَ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت بِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالْمُرَادُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ غَلَبَتُهُ وَجَرَيَانُهُ كَقَوْلِهِ بِلَا وَاَللَّهِ وَلَا وَاَللَّهِ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ فَإِنَّ هَذَا يَدِينُ. (ص) وَكَعِزَّةِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَخْلُوقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ بِمَا ذُكِرَ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ حَيْثُ حَنِثَ إذَا قَصَدَ بِهِ صِفَةَ اللَّهِ الْقَدِيمَةَ فَالْعِزَّةُ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ وَأَصْلُ الْعِزَّةِ الشِّدَّةُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ عَزَازٌ وَتَعَزَّزَ الْمَرَضُ إذَا اشْتَدَّ وَأَمَانَةُ اللَّهِ تَكْلِيفُهُ وَتَكْلِيفُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ وَعَهْدُهُ إلْزَامُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: 40] أَيْ تَكَالِيفِي وَذِمَّتُهُ الْتِزَامُهُ فَيَرْجِعُ إلَى خَبَرِهِ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ وَالْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالْحَلِفِ فَيَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ تَعَالَى أَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْعِزَّةِ وَمَا بَعْدَهَا الْمَعْنَى الْمَخْلُوقَ لِلَّهِ فِي الْعِبَادِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ وَمِنْ قَوْلِهِ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ عَلَيَّ مَعَ إضَافَةِ الْعَهْدِ إلَى اللَّهِ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَخْلُوقِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى اقْتِرَانِ الْمُتَّصِلِ مِنْ حَرْفٍ أَوْ مُضَافٍ شَرَعَ فِي اقْتِرَانِ الْمُنْفَصِلِ فَقَالَ (ص) وَكَأَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَنَوَى بِاَللَّهِ أَيْ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا وَأَحْرَى إنْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ (ص) وَأَعْزِمُ إنْ قَالَ بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَعْزِمُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا قَالَ بِاَللَّهِ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَسْأَلُ فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الْجَلَالَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ سُؤَالٌ فَكَانَتْ نِيَّةُ الْجَلَالَةِ وَمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ) أَيْ فِي الْيَمِينِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ قَالَ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فِي الْيَمِينِ أَوْ مُتَعَلِّقُهُ (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينَ) فِي كَلَامِ عج أَنَّهُ لَيْسَ مُخَرَّجًا مِنْ قَوْلِهِ دِينَ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْبُولٌ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى نِيَّةٍ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَفَائِدَةُ قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا قِيلَ لَهُ تَعَمَّدْت الْحَلِفَ عَلَى كَذَا فَحَلَفَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ فَيُصَدَّقُ فِي يَمِينِهِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَجْلِهَا كَفَّارَةٌ بَلْ مُخَرَّجٌ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ لَمْ يَلْزَمْهُ يَمِينٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ دِينَ وَلَمْ تَلْزَمْهُ يَمِينٌ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فَتَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ بَلَا) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا يَقَعُ مِنْ النَّاسِ كُلَّمَا يَتَكَلَّمُ يَقُولُ لَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ نُسْخَةَ الشَّارِحِ بِلَا بِأَلِفٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُرْسَمَ بِيَاءٍ وَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ رَدًّا لِنَفْيٍ يَقَعُ قَبْلَهَا نَحْوَ {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل: 28] بَلَى أَيْ عَمِلْتُمْ السُّوءَ {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: 38] بَلَى أَيْ يَبْعَثُهُمْ الثَّانِي أَنْ تَقَعَ جَوَابًا لِاسْتِفْهَامٍ دَخَلَ عَلَى نَفْيٍ فَتَقَيَّدَ إبْطَالُهُ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِفْهَامُ حَقِيقِيًّا نَحْوَ أَلَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ فَيَقُولُ بَلَى أَوْ تَوْبِيخًا نَحْوَ {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف: 80] بَلَى اهـ قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ (قَوْلُهُ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ) أَيْ كَمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ. (قَوْلُهُ وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ أَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ يَمِينًا إنْ أَتَى بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقُوَّتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَنَعَتُهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَقَدْ تُسَكَّنُ أَفَادَهُ الْقَامُوسُ (قَوْلُهُ عَزَازٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالزَّايَ (قَوْلُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ (قَوْلُهُ وَعَهْدُهُ إلْزَامُهُ) يَرْجِعُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (قَوْلُهُ الْتِزَامُهُ) أَيْ وَعْدُهُ وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَى خَبَرِهِ أَيْ نَوْعٌ مِنْ خَبَرِهِ وَقَوْلُهُ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ أَيْ نَوْعٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ) الْتِزَامُهُ وَالْتِزَامُهُ وَعْدُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ الْعَهْدَ بِالْإِلْزَامِ الَّذِي يَرْجِعُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَلَكِنَّ التَّأْكِيدَ بِالْحَلِفِ يُنَاسِبُ تَفْسِيرَهُ بِالِالْتِزَامِ الَّذِي يَرْجِعُ لِلْوَعْدِ وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ أَيْ نَوْعٍ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ {رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] أَيْ الْقُوَّةِ الَّتِي فِي الْخَلْقِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا قُدْرَةُ الْخَالِقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمُخْتَصُّ بِالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ (قَوْلُهُ {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] أَيْ الطَّاعَةَ وَقَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] فِيهِ أَنَّ عَهِدْنَا مَعْنَاهُ أَمَرْنَا وَالْأَمْرُ صِفَتُهُ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لَهُ بَلْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَحَقِّ اللَّهِ إلَخْ كَمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ فِيهَا بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْحَادِثَ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَخْلُوقِ) وَهُوَ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ أَيْ مَا طَلَبَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَأَقُولُ) هُوَ بَعِيدٌ وَلَا يَمْنَعُ. (قَوْلُهُ الْمُتَّصِلِ) أَيْ بِالْمُقْسِمِ أَيْ عَلَى الْمُتَّصِلِ الْمُقْتَرِنِ وَهُوَ وَصْفٌ مُؤَكَّدٌ بِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَرْفٍ وَهُوَ حَرْفُ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ أَوْ مُضَافٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا مُضَافًا مُتَّصِلًا بِالْمُقْسَمِ بِهِ فَيَكُونُ الْمُضَافُ غَيْرَ مُقْسَمٍ بِهِ وَالْمُقْسَمُ هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُضَافُ هُوَ نَفْسُ الْمُقْسَمِ بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ الْمَلْفُوظِ بِهَا شَرَعَ فِي الْيَمِينِ الْمُقَدَّرَةِ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي اقْتِرَانِ الْمُنْفَصِلِ) أَيْ عَنْ الْمُقْسَمِ بِهِ أَيْ الْمُقْتَرِنِ مَعْنًى الْمُنْفَصِلِ لَفْظًا الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ لَفْظِ أُقْسِمُ فَإِنَّهُ مُقْتَرِنٌ مَعْنًى بِالِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ مُنْفَصِلٌ لَفْظًا (قَوْلُهُ وَنَوَى بِاَللَّهِ) وَأَمَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي ك وَمَاضِي هَذِهِ كَمُضَارِعِهَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَنَوَى بِاَللَّهِ أَيْ قَدَّرَ هَذَا اللَّفْظَ فَالْمُرَادُ مِنْ النِّيَّةِ التَّقْدِيرُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللُّزُومِ بِالنِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّ أَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ صَرِيحٌ فِي الْقَسَمِ ك وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَيْ لِأَنَّ قَصْدَهُ بِنِيَّتِهِ إنْشَاءُ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ كَاذِبًا فِي صِيغَةِ الْمَاضِي بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا يُغَيِّرُ كِتَابًا مَثَلًا أَوْ قَصَدَ بِالتَّلَفُّظِ بِالْمُضَارِعِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْكُتْ مُخَاطِبُهُ يَحْلِفُ وَلَوْ نَطَقَ بِاَللَّهِ لَا يَفْعَلُ أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَعْزِمُ) أَيْ وَكَذَا عَزَمْت (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَسْأَلُ إلَخْ) أَقُولُ حَيْثُ كَانَ أَعْزِمُ مَعْنَاهُ أَسْأَلُ فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا وَلَوْ لَفَظَ بِاَللَّهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ قَالَ أَسْأَلُ بِاَللَّهِ وَهُوَ إذَا قَالَ أَسْأَلُ بِاَللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ أَنَّهُ إذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 يَقُومُ مَقَامَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيح بِهَا. (ص) وَفِي أُعَاهِدُ اللَّهَ قَوْلَانِ (ش) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَمِينٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصِفَةٍ لِلَّهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِالْعَهْدِ فَيَكُونُ قَدْ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ اُنْظُرْ الشَّارِحَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْقَوْلِ إنَّهُ يَمِينٌ لِمَا عَلَّقَهُ بِمَا قُصِدَ عَدَمُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ وَخَرَّجَ أُبَايِعُ اللَّهَ عَلَى أُعَاهِدُ اللَّهَ (ص) لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ أَوْ أُعْطِيك عَهْدًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَمِثْلُهُ لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ. (ص) أَوْ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ (ش) أَيْ وَكَذَا لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ إلَّا مَا فَعَلْت كَذَا فَخَالَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ بِذَلِكَ (ص) وَحَاشَا اللَّهِ وَمَعَاذَ اللَّهِ وَاَللَّهُ رَاعٍ عَلَيَّ أَوْ كَفِيلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَكُونُ أَيْمَانًا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا فَإِذَا قَالَ إنْسَانٌ حَاشَا اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَرَاءَةُ اللَّهِ أَيْ بَرَاءَةٌ مِنَّا لِلَّهِ وَكَذَا إذَا قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إذَا قَالَ رَاعٍ عَلَيَّ أَوْ كَفِيلٌ عَلَيَّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ وَالنَّبِيِّ وَالْمُخْتَارِ وَالرَّسُولِ وَالْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ وَالْبَيْتِ وَالْكُرْسِيِّ مِمَّا هُوَ مَخْلُوقٌ وَيُعَظَّمُ شَرْعًا مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَحَنِثَ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَقِيسَتْ الصِّفَةُ عَلَى الِاسْمِ وَإِلَّا ظَهَرَ تَحْرِيمُ الْحَلِفِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَشَهَّرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكَرَاهَةَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ صَادِقًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَأَمَّا الْحَلِفُ بِمَا لَيْسَ بِمُعَظَّمٍ شَرْعًا كَالدِّمَاءِ وَالنُّصُبِ وَرُءُوسِ السَّلَاطِينِ وَالْأَشْرَافِ فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِالْأَنْصَابِ وَنَحْوِهَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ تَعْظِيمًا فَكُفْرٌ وَأَمَّا قَصْدُ تَعْظِيمِ مَنْ عُبِدَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْحَلِفِ بِهِ كَعِيسَى   [حاشية العدوي] قَرَنَ بِاَللَّهِ لَا يُرَادُ مِنْهُ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ السُّؤَالُ بَلْ الْمُرَادُ أَحْلِفُ وَعُورِضَتْ بِمَسْأَلَةِ الْإِيلَاءِ لَوْ قَالَ أَعْزِمُ وَنَوَى بِاَللَّهِ فَهُوَ مُولٍ وَفَرَّقَ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ فِي الْإِيلَاءِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ فَأَلْزَمَهُ الْإِيلَاءَ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَخْلُوقِ فَيَرْجِعُ لِالْتِزَامِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ قَصَدَ عَدَمَهُ) أَيْ أَوْ وُجُودَهُ وَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَالثَّانِي كَمَا لَوْ قَالُوا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَفْعَلُ كَذَا (قَوْلُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ) أَيْ وَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَهْدَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ إلْزَامُهُ أَوْ الْتِزَامُهُ (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ فَالْأَوْلَى تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دَلَّ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَهْدِ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَخَرَّجَ أُبَايِعُ اللَّهَ) أَيْ قِيسَ (قَوْلُهُ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ) وَمِثْلُهُ لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ أُعْطِيك عَهْدَ اللَّهِ فَلَيْسَا بِيَمِينٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَفُهِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ أَوْ عَزَمْت) أَيْ أَوْ أَعْزِمُ وَأَمَّا أَعْزِمُ بِاَللَّهِ السَّابِقَةُ فَلَمْ يَأْتِ فِيهَا بِلَفْظِ عَلَيْك بَلْ حَلَفَ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ يَمِينًا وَمَا هُنَا سَأَلَ فِيهَا غَيْرَهُ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ إلَّا مَا فَعَلْت) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا كَذَا فِي عب وشب فَالْمَعْنَى عَلَى الْكَسْرِ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا فِعْلَك كَذَا وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهِيَ لِلتَّخْصِيصِ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَزَمْت عَلَيْك أَحُضُّك عَلَى فِعْلِك كَذَا هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ وَحَاشَا اللَّهِ) وَلَوْ أَتَى فِيهَا بِوَاوِ الْقَسَمِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ ك نَقْلًا عَنْ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ وَمَعَادَ اللَّهِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى اللَّهِ وَأَمَّا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَيْ أَعْتَصِمُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَا فِي اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَمِينٌ (قَوْلُهُ أَيْ بَرَاءَةً مِنَّا لِلَّهِ) أَيْ تَنْزِيهًا مِنْهُ لِلَّهِ أَيْ تَنَزَّهَ اللَّهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ تَنْزِيهًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ مَعَادَ اللَّهِ) أَيْ رُجُوعًا لِلَّهِ أَيْ أَرْجِعُ لِلَّهِ رُجُوعًا فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّازِمِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِمَعَادَ اللَّهِ وُجُودَ اللَّهِ كَانَ يَمِينًا لِأَنَّهُ حَلَفَ بِوُجُودِهِ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لَا يَخْفَى التَّصْرِيحُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِحَذْفِ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ إذْ الْأَصْلُ أُبَرِّئُ اللَّهَ بَرَاءَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ اللَّهُ رَاعٍ) أَيْ حَافِظٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَفِيلٌ) بِرَفْعِ اسْمِ الْجَلَالَةِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ فَغَيْرُ يَمِينٍ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهِ وَإِلَّا فَيَمِينٌ فَقَدْ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ فَغَيْرُ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنْ قَصَدَ جَرَّهُ بِحَرْفِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ فَيَمِينٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَسَمَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ وَاَللَّهِ وَبَيْنَ لَأَفْعَلَنَّ بِجُمْلَةِ وَهِيَ رَاعٍ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ يَمِينًا. (قَوْلُهُ وَالْحَجَرِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَشَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكَرَاهَةَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ مَنْقُولَ الْمَذْهَبِ الْكَرَاهَةُ وَاسْتِظْهَارُ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَمَا قِيلَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ فَلَمْ يَثْبُتْ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ مَنْسُوخٌ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] وَنَحْوِهِ فَهَذَا مِنْ اللَّهِ وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْحَالِفِ عِلْمِ اللَّهِ أَوْ يَعْلَمُ اللَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْخِصَالِ فِي الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَيَانِ عَلَى مَا نَقَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ نَعَمْ تُسْتَحَبُّ الْكَفَّارَةُ احْتِيَاطًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ عِلْمِ اللَّهِ مَصْدَرًا مَا لَمْ يُرَدْ الْحَلِفُ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعًا) وَزَادَ فِي ك وَالْأَصْلِ لِلْحَطَّابِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ كُفْرًا لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ بِهِ (قَوْلُهُ كَالدِّمَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْأَشْرَافِ) أَيْ شَرَفٌ دُنْيَوِيٌّ وَمِنْ ذَلِكَ نِعْمَةِ السُّلْطَانِ وَتُرْبَةِ أَبِي وَحَيَاةِ أَبِي وَرَأْسِ أَبِي فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِالْأَنْصَابِ) مُفْرَدَهُ نُصُبٌ بِضَمَّتَيْنِ حَجَرٌ نُصِبَ وَعُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ تَعْظِيمًا فَكُفْرٌ) ظَاهِرُهُ مَتَى قَصَدَ تَعْظِيمَهَا وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا مَعْبُودَاتٍ وَيَأْتِي لَهُ أَنَّ مَحَلَّ الْكُفْرِ إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ وَفِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ قُوَّةَ مَا هُنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ الْقَائِمَ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 فَلَيْسَ بِكُفْرٍ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْظِيمَهُ عَلَى أَنَّهُ إلَهٌ. (ص) وَكَالْخَلْقِ وَالْإِمَاتَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِ اللَّهِ الْفِعْلِيَّةِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِمَاتَةِ بِتَاءَيْنِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِحْسَانِ وَالْعَطَاءِ وَأَمَّا الْمُشْتَقَّاتُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتِ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَمَا مَرَّ. (ص) أَوْ هُوَ يَهُودِيٌّ (ش) أَيْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ أَوْ إنْ كُنْت فَعَلْته وَقَدْ كَانَ فَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَمِثْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَكُونُ دَاخِلًا عَلَى أَهْلِهِ زَانِيًا فَاسِقًا إنْ فَعَلَ كَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ. (ص) وَغَمُوسٌ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ وَحَلَفَ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِأَنْ شَكَّ الْحَالِفُ حِينَ حَلِفِهِ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَمَا حَلَفَ أَمْ لَا أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَنَّهُ كَذَا وَأَوْلَى الْمُتَعَمِّدُ لِلْكَذِبِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ صِدْقٌ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِأَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَمَّا إنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا وَكَذَا لَوْ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ فِي ظَنِّي أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يَكُونُ غَمُوسًا وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) لِحَالِفِ الْغَمُوسِ وَيَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَيَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِمَا قَدَرَ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ صِيَامٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْحَلِفِ بِمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِغْفَارِ حَيْثُ أَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ التَّوْبَةُ. (ص) وَإِنْ قَصَدَ بِكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ فَكُفْرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّاتِي وَالْعُزَّى وَنَحْوِهِمَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَقَصَدَ بِالْقَسَمِ بِهَا تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمْ مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ خَاصٌّ بِاَللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا فِي الْأَصْنَامِ وَعَلَى خِلَافٍ سَبَقَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَكُلِّ مُعَظَّمٍ شَرْعًا. (ص) وَلَا لَغْوٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِخِفَّتِهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ خِلَافُهُ كَمَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ مَجِيءِ زَيْدٍ فَحَلَفَ مَا جَاءَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاءَ فَقَوْلُهُ وَلَا لَغْوٌ مَعْطُوف عَلَى غَمُوسٍ أَيْ وَلَا بِغَمُوسٍ وَلَغْوٍ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ لَغْوٍ وَقَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ أَيْ يَجْزِمُ بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْعِلْمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَظَهَرَ نَفْيُهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَظْهَرَ نَفْيُهُ بِحَالٍ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْجَزْمُ لَا لِدَلِيلٍ وَالْعِلْمُ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِدَلِيلٍ (ص) وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ كَحَلِفِهِ عَلَى شَخْصٍ مُقْبِلٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ زَيْدٌ مَثَلًا إنْ لَمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَالْخَلْقِ وَالْإِمَاتَةِ) الْخَلْقُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْمَخْلُوقِ وَالْإِمَاتَةُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَالْعَطَاءِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ الَّذِي مِنْ صِفَةِ الْفِعْلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْحَلِفُ بِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ) الْأَوْلَى دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ بِاسْمِ اللَّهِ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إنْ فَعَلْت إلَخْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ كُفْرٌ وَلَوْ فَعَلَ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّبَاعُدُ وَإِنْشَاءُ الْيَمِينِ لَا إخْبَارُهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَرْتَدُّ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ هَازِلًا وَكَمَا لَا يَرْتَدُّ حَالَ جَعْلِهِ ذَلِكَ يَمِينًا لَا يَرْتَدُّ إذَا قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ حَالَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ إغْرَارَ يَهُودِيَّةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ بَعْضِهِمْ) أَيْ بَعْضِ الْحَالِفِينَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ) الظَّاهِرُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ زَانِيًا إلَّا بِالثَّلَاثِ أَوْ فِي الْخُلْعِ وَلَا خُلْعَ هُنَا. (قَوْلُهُ وَغَمُوسٌ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ (قَوْلُهُ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ صِدْقٌ بِنَفْيِ كَوْنِهِ غَمُوسًا وَتَنْتَفِي عَنْهُ الْحُرْمَةُ وَفِيهِ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ نَظَرٌ لِأَنَّ يَمِينَهُ شَاكًّا مَعْصِيَةٌ فَلَا يَسْقُطُ إثْمُهُ بِظُهُورِ الْأَمْرِ كَمَا حَلَفَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ إثْمُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَفْظَهَا عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ الْبِرَّ لَا إنْ أَثِمَ حَلِفُهُ شَاكًّا مُسْقِطٌ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِقْهًا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِهَا أَوْ الْمُرَادِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا فِي عب أَيْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا تَنَافِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الصِّدْقُ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِلَّا كَانَتْ مِنْهَا وَالْغَمُوسُ كَبِيرَةٌ وَلَوْ مَرَّةً فَقَطْ (قَوْلُهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا) أَيْ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمَاضِي فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ أَوْ بِالْحَالِ فَإِنَّهَا تُكَفَّرُ (قَوْلُهُ وَيَتُوبُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَتُوبَ تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِغْفَارِ. (قَوْلُهُ كَالْمَسِيحِ) نَبِيٌّ وَرَسُولٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْعُزَيْرُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّةِ لُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا) أَيْ أَصْلًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهَا وَلَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كُفْرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَأَوَّلُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ فَجَائِزٌ وَأَمَّا الْإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ كَقَوْلِهِ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا فَخَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ وَلَا لَغْوٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَمُوسٍ (قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ) يُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ) أَيْ إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَاضِي أَوْ الْحَالِ لَا الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ (قَوْلُهُ بَدَلَ مِنْ لَغْوٍ) لَكِنْ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِحَذْفٍ وَالتَّقْدِيرُ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ نَفْيُهُ أَيْ انْتِفَاؤُهُ قَالَ عج كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا ... لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْجَزْمُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُطَابِقًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْعِلْمِ أَيْ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَمَّا بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَالْعِلْمُ هُوَ الِاعْتِقَادُ الشَّامِلُ لِلظَّنِّ الْقَوِيِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 يَكُنْ هَذَا الْمُقْبِلُ زَيْدًا فَعَلَيَّ نَذْرٌ ثُمَّ يَنْكَشِفُ لَهُ أَنَّهُ عَمْرٌو مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. (ص) كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ (ش) التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُفِيدُ إلَّا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَلَغْوِ الْيَمِينِ فَلَا يُفِيدُ فِي الْحَلِفِ بِغَيْرِهَا مِنْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ وَيَلْحَقُ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدُ فَلَا يَنْفَعُهُ وَيَلْزَمُهُ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ وَاسْتَثْنَى ثُمَّ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (إنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ حِلَّ الْيَمِينِ قَيْدٌ فِي الْمَنْطُوقِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِفَادَةِ فِي غَيْرِ اللَّهِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِأَنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَقَصَدَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فِي مَفْهُومِ غَيْرِ اللَّهِ أَيْ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ إنْ قَصَدَ حِلَّ الْيَمِينِ أَيْ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ لَا التَّبَرُّكَ وَأَتَى بِقَوْلِهِ وَقَصَدَ فِيمَا يَأْتِي لِأَجْلِ ضَمِّهِ لِبَقِيَّةِ الْقُيُودِ. (ص) كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ أَوْ يَقْتَضِيَ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمَيْنِ أَيْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَيُفِيدُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَمَا أَلْحَقَ بِهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى فِي يُرِيدُ أَوْ يَقْضِي وَفِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ خِلَافٍ لِمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ فَقَوْلُهُ عَلَيَّ الْأَظْهَرُ لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهَلْ الِاسْتِثْنَاءُ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ فَقَطْ أَوْ حِلٌّ لِلْيَمِينِ مِنْ أَصْلِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ الْقَاضِي وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى ثُمَّ حَلَفَ مَا حَلَفَ أَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ فَحَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَيَحْنَثُ فِيهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَفِّرُ وَاسْتَثْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَيْهَا. (ص) وَأَفَادَ بِكَإِلَّا فِي الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا مِنْ خَلَا وَعَدَا وَنَحْوِهِمَا يُفِيدُ وَيَنْفَعُ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ مُسْتَقْبَلَةً أَوْ مَاضِيَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً أَوْ غَمُوسًا وَكَذَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَمَنْ حَلَفَ أَنْ يَشْرَبَ الْبَحْرَ أَوْ يَقْتُلَ مَنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِالْجَمِيعِ جَمِيعَ الْأَدَوَاتِ فَغَيْرُ بَيِّنٍ لِإِفَادَةِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ بِكَإِلَّا (ص) إنْ اتَّصَلَ إلَّا لِعَارِضٍ وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ وَقَصَدَ وَنَطَقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْطِ إفَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهَا أَنْ يَتَّصِلَ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَلَوْ انْفَصَلَ لَمْ يُفِدْ كَانَ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا كَإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَصْلُ لِعَارِضٍ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ لَا لِتَذَكُّرٍ وَمِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ يَنْوِيَ النُّطْقَ بِهِ لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَهْوًا فَلَا يُفِيدُ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَا بُدَّ مَعَ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قَالَ فِي ك وَظَاهِرُهُ إفَادَةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَلَوْ غَمُوسًا وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ. (تَنْبِيهٌ) : إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ أَيْ حِلُّ الْيَمِينِ) أَيْ عَدَمُ انْعِقَادِهِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ (قَوْلُهُ لِمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ) أَيْ الَّذِي لَا يَنْفَعُ كَأَنْ تُقِرَّ لِإِنْسَانٍ فَتَقُولَ لَهُ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ تَقُولُ لَهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَقَوْلُك مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَا يَنْفَعُ أَيْ لِأَنَّهُ تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ فَلَا يَنْفَعُهُ فَظَهَرَ مِنْ تَقْرِيرِنَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعْقِيبُ الرَّافِعِ أَيْ التَّعْقِيبُ بِالرَّافِعِ لِأَنَّ الرَّافِعَ مُعَقَّبٌ بِهِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ فِيهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) أَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ غَايَةٍ أَوْ بَدَلِ بَعْضٍ نَحْوِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَّا يَوْمَ كَذَا أَوْ إنْ ضَرَبَنِي أَوْ ابْنَ عَمْرٍو أَوْ إلَى وَقْتِ كَذَا أَوْ لَا أُكَلِّمُ الرَّجُلَ ابْنَ عَمْرٍو (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ. (قَوْلُهُ مُسْتَقْبَلَةً) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مَاضِيَةً كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ مَا أَخَذْت مِنْ فُلَانٍ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مَا نَصُّهُ مُسْتَقْبَلَةً نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ غَدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُصْحِيَةً وَقَوْلُهُ أَوْ غَمُوسًا نَحْوَ وَاَللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً إلَخْ) أَيْ أَوْ لَغْوًا كَمَا إذَا قُلْت وَاَللَّهِ مَا فِي الْخِزَانَةِ إلَّا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ فِيهَا أَكْثَرَ فَتِلْكَ الْيَمِينُ لَغْوٌ وَمَعَ ذَلِكَ نَفَعَ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَاللَّغْوُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ (قَوْلُهُ فَمَنْ حَلَفَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ غَمُوسًا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ جَعْلَهَا غَمُوسًا إنَّمَا هُوَ بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا يَتَبَيَّنُ وَأَمَّا مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يُقَالُ لَهَا غَمُوسٌ. (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى) أَيْ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ إلَّا مُعْظَمَهُ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ إلَّا إنْ أُرِدْ فَلَا أَمْكَنَ مِنْ الذَّهَابِ لِقَبْرِهِ (قَوْلُهُ وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْيَمِينِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ تَنَاقُضًا حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الْإِخْرَاجَ أَوَّلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ مَا قِيلَ فِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ قَبْلَ تَمَامِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ الْمُقْسَمِ بِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنْ يَتَّصِلَ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَيْ بِعَدَدِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَوْ يَكْفِي اتِّصَالُهُ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَعُطَاسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ أَوْ تَنَفُّسِ ظَاهِرِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أَوْ تَكَرَّرَتْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حِلَّ الْيَمِينِ لَا التَّبَرُّكَ وَمِنْهَا أَنْ يَنْطِقَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ سِرًّا وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ بَلْ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَقَطْ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا كَالزَّوْجَةِ فِي الْحَلَالِ عَلَى الْحَرَامِ وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النُّطْقِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُحَاشَاةِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى النُّطْقِ وَالنِّيَّةُ فِيهَا كَافِيَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إذَا عَزَلَ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي قَصْدِهِ وَنِيَّتِهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ أَيْ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ وَكَالْمُوصِي الزَّوْجَةُ فِي قَوْلِهِ الْحَلَالِ أَوْ كُلِّ حَلَالٍ عَلَيْهِ حَرَامٌ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا فَكَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزَّوْجَةِ وَتِلْكَ النِّيَّةُ تَكْفِيهِ وَتُفِيدُهُ فِي إخْرَاجِ الزَّوْجَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهَا بِاللَّفْظِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ إخْرَاجٌ لِمَا دَخَلَ فِي الْيَمِينِ أَوَّلًا فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِبَيَانِهِمَا قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا لِقَرِينَةِ التَّخْصِيصِ فَالْقَوْلُ مِنْ قَوْلِنَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى زَيْدٍ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَامِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَا زَيْدٍ وَالْعَامُّ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ هُوَ أَنْ يُطْلَقَ اللَّفْظُ وَيُرَادَ بِهِ بَعْضُ مَا يَتَنَاوَلُهُ فَلَمْ يُرِدْ عُمُومَهُ لَا تَنَاوُلًا وَلَا حُكْمًا بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلِهَذَا كَانَ مَجَازًا قَطْعًا وَصُورَةُ الْمُحَاشَاةِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَلَالَ مِنْ قَوْلِهِ الْحَلَالِ عَلَى حَرَامٍ اسْتَعْمَلَ فِيهَا الْحَلَالَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ الزَّوْجَةُ. وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ وَهِيَ اللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا وَمُنْعَقِدَةً وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ذَكَرَ مَا يُشَارِكُهَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَيَصِيرُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مُشِيرًا إلَى مَا أَوَّلُهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا فِيهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حِلَّ الْيَمِينِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ النُّطْقِ بِاَللَّهِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ كَمَا يَقَعُ لِمَنْ يَقُولُ لِلْحَالِفِ قُلْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُوصِلَ النُّطْقَ بِهَا عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا التَّبَرُّكَ) أَيْ أَوْ التَّفْوِيضَ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ امْتِثَالَ أَمْرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] إلَخْ أَيْ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي إنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهَذَا يَأْتِي فِي غَيْرِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ سِرًّا إلَخْ) مَحَلُّ نَفْعِهِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ شُرِطَ فِي إنْكَاحٌ أَوْ عَقْدُ بَيْعٍ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ مَا نَصُّهُ وَكَفَى النُّطْقُ بِإِلَّا وَلَوْ حَذَفَ الْمُسْتَثْنَى كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَّا وَيَنْوِي غَدًا مَثَلًا اهـ وَأَتَى بِقَوْلِهِ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ سِرًّا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّرِّ أَعْلَاهُ فَأَتَى بِهِ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِهِ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ لَا يُقْضَى فِيهَا بِالْحِنْثِ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَأَمَّا إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَهِيَ مِمَّا يُقْضَى فِيهَا بِالْحِنْثِ فَلَا يُفِيدُ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الرَّافِعُ لِجُمْلَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ نَحْوَ لَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا دِينَارًا إنْ قَدِمَ عَمْرٌو وَإِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ اللِّسَانِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْزَلَ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِيهِ الْإِخْرَاجُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَطْعًا فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا لَكَانَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ إخْرَاجَهُ أَوَّلًا بِأَدَاةٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ نُطْقًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ إخْرَاجِهِ بِالنِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالزَّوْجَةِ لِلتَّمْثِيلِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُعْزَلَ أَوْ لَا فَلَا يَتَعَيَّنُ النُّطْقُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى حَالِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ تَشْبِيهٌ. (قَاعِدَةٌ عَرَبِيَّةٌ) أَفَادَهَا الْبَدْرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَّصِلَ مِنْ قَبِيلِ الْمَفْهُومِ وَالْمُنْقَطِعَ فَمَا بَعْدُ إلَّا مِنْ قَبِيلِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ فِي الْحَلَالِ إلَخْ) مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ) أَيْ أَوْ فِي حَالِ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَنْوِ إخْرَاجَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِخْرَاجُهَا اسْتِثْنَاءٌ شَرْطُهُ النُّطْقُ أَيْ فَاحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْعَزْلِ بَعْدَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ نُطْقًا مُتَّصِلًا وَقَصْدِ الْيَمِينِ بِهِ ثُمَّ مَا عَدَاهَا لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا لِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَتِلْكَ النِّيَّةُ تَكْفِيهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ أَوْ لَا إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ مَجَازٌ قَطْعًا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْقَرِينَةِ فَشَرْطُ الْقَرِينَةِ عُرْفُ أَهْلِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَلَالِ مَا عَدَا الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ كُلٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ مَجَازًا قَطْعًا) أَيْ بِخِلَافِ الْعَامِ الْمَخْصُوصِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ مَجَازًا لِلْأَكْثَرِ أَوْ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاعْتِبَارَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ وَضْعٌ وَاسْتِعْمَالٌ ثَانٍ بِخِلَافِ الْعَامِّ الْمُرَادِ بِهِ الْخُصُوصُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ الزَّوْجَةُ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْمَانِعُ مِنْ انْدِرَاجِهَا فِيهِ وَتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِمَا عَدَاهَا كَمَا فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ قُلْت عَدَمُ الْقَرِينَةِ الدَّالُّ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا وَالنِّيَّةُ أَمْرٌ خَفِيٌّ فَلَا يَكُونُ قَرِينَةً. (قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) أَيْ الَّتِي هِيَ النَّذْرُ الْمُبْهَمُ وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُنْعَقِدَةُ إلَخْ فَهُوَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا) أَيْ الَّذِي لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ الْمَنْذُورُ قَوْلًا وَلَا نِيَّةً فَإِذَا عَيَّنَ مَخْرَجَهُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا عَيَّنَهُ ثُمَّ إنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَاللَّغْوِ وَالْغَمُوسِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ عَلَيَّ لَا فَعَلْت كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ فَعَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا لَزِمَهُ مَا عَيَّنَهُ إنْ كَانَ طَاعَةً مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا (ص) وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَرْكِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ يَمِينًا أَوْ كَفَّارَةً بِنَذْرٍ أَوْ تَعْلِيقٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى خُصُوصِ النَّذْرِ كَمَا فَعَلَ تت وَمَا يَتَأَتَّى كَلَامُهُ إلَّا لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَفِي نَذْرٍ مُبْهَمٍ مُجَرَّدًا مِنْ أَلْ. (ص) وَالْمُنْعَقِدَةُ عَلَيَّ بَرٌّ بِأَنْ فَعَلْت وَلَا فَعَلْت (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فِي هَذَا الْيَوْم مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَاتَانِ الصِّيغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ حَرْفُ نَفْيٍ قَاعِدَةُ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بَرٍّ أَنْ تَكُونَ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْ الْحَالِفِ وَسُمِّيَتْ يَمِينَ بَرٍّ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى بَرٍّ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ الْحَالِفُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. (ص) أَوْ حَنِثَ بِلَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ   [حاشية العدوي] وَيُخَالِفُهَا فِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَفْظَ النَّذْرِ تَكَرَّرَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الِاتِّحَادَ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ) فِي شَرْحِ عب وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَكَعَلَيَّ نَذْرٌ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ فَيَمِينٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيغَةُ نَذْرٍ مُطْلَقًا وَعَلَى كَذَا صِيغَتُهُ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ وَإِلَّا فَيَمِينٌ اهـ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْمَوَّاقِ يَرُدُّهُ فَقَالَ التَّلْقِينُ إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا هُوَ فَهَذَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَفِيهَا إنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْمَعَاصِي فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ فَإِنْ اجْتَرَأَ وَفَعَلَ أَثِمَ وَسَقَطَ عَنْهُ النَّذْرُ اهـ فَانْظُرْ قَوْلَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ نَذْرٌ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ) أَوْ عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ابْنِ شَاسٍ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَأَمَّا لَوْ جَمَعَ فَقَالَ عَلَيَّ أَيْمَانٌ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَإِذَا نَوَى بِقَوْلِهِ أَيْمَانٌ يَمِينًا وَاحِدَةً فَإِنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْتَبَرُ وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِهِ يَمِينَيْنِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ لِمَا سَيَأْتِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ نَصٌّ فِي مَعْنَاهَا فَلَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ (قَوْلُهُ مُجَرَّدًا مِنْ أَلْ) أَيْ فَيَكُونُ نَذْرًا مُسَلَّطًا عَلَى يَمِينٍ وَكَفَّارَةٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَفِي نَذْرٍ مُبْهَمٍ وَنَذْرِ يَمِينٍ وَكَفَّارَةٍ أَيْ وَفِي نَذْرِ شَيْءٍ مُبْهَمٍ وَفِي نَذْرِ يَمِينٍ وَكَفَّارَةٍ وَفِي حِلِّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَوْلُهُ وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ إلَخْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَتَى مَعَ كُلّ لَفْظٍ مِنْهَا بِللَّهِ عَلَيَّ أَوْ بِعَلَيَّ وَسَوَاءٌ عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ إنْ فَعَلْت كَذَا مَثَلًا أَوْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ. (قَوْلُهُ وَالْمُنْعَقِدَةُ عَلَى بِرٍّ) إنَّمَا قَالَ وَالْمُنْعَقِدَةُ وَلَمْ يَقُلْ وَاَلَّتِي عَلَى بِرٍّ لِأَجْلِ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَهَا كَاللَّغْوِ وَالْغَمُوسِ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ حَرْفُ نَفْيٍ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنَّظَرِ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا شَرْطِيَّةٌ بَلْ إنْ نَافِيَةٌ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ كَمَا إذَا قُلْت وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَأَمَّا لَا أَفْعَلُهُ أَيْ لَا أُكَلِّمُهُ مَثَلًا فَمُسَلَّمٌ أَنَّهَا نَافِيَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا صِيغَتَا بِرٍّ وَلَوْ رُدَّ إلَى صِيغَةِ حِنْثٍ بِوَاسِطَةِ تَقْدِيرِ التَّرْكِ إذْ الْمَعْنَى لَأَتْرُكَنَّ كَلَامَهُ وَإِمَّا يُرَدُّ فِي الْحِنْثِ بِلَا تَقْدِيرِ التَّرْكِ بَلْ بِتَقْدِيرِ غَيْرِهِ فَصِيغَةُ حِنْثٍ كَوَاللَّهِ إنْ عَفَوْت عَنْ زَيْدٍ أَوْ وَإِنْ أَقَمْت فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ الْبَيْتِ إذْ مَعْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ لَأُطَالِبَنَّهُ أَوْ لَأَشْكُوَنَّهُ وَفِي الثَّانِي لَأَنْتَقِلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَنْتَقِلْ فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ تَقْدِيرُ التَّرْكِ فِيهِمَا أَيْضًا أَيْ لَأَتْرُكَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَلَأَتْرُكَنَّ الْبَقَاءَ فِي الثَّانِي قُلْت لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَأَنْتَقِمَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَلَأَنْتَقِلَنَّ فِي الثَّانِي مُسْتَفَادَةٌ مِنْ لَفْظِ إنْ عَفَوْت وَإِنْ أَقَمْت أَيْ مِنْ جَوْهَرِ لَفْظِهِمَا وَهُوَ أَقْوَى مِمَّا اُسْتُفِيدَ مِنْ حَاصِلِ الْمَعْنَى عج. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْ فَعَلْت لَيْسَتْ صِيغَةَ بِرٍّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ صِيغَةُ بِرٍّ إذَا لَمْ تُرَدَّ إلَى صِيغَةِ الْحِنْثِ مِنْ جَوْهَرِ اللَّفْظِ وَأَمَّا مَا رُدَّ إلَى صِيغَةِ الْحِنْثِ مِنْ جَوْهَرِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ أَمَرَ أَنَّهُ طَالِقٌ إنْ عَفَوْت عَنْك أَوْ إنْ أَقَمْت فِي هَذَا الْبَيْتِ مَثَلًا فَصِيغَةُ حِنْثٍ (قَوْلُهُ أَيْ الْحَالِفُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَيْ لَا يُطَالَبُ فِي بِرِّ يَمِينِهِ بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ فِي بِرِّ يَمِينِهِ بِأَنْ يَأْتِي بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ بِخِلَافِ حَالِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ حَنِثَ. (قَوْلُهُ أَوْ حَنِثَ بِلَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ) وَلَا يَجْرِي فِيهِ وَاسِطَةُ تَقْدِيرِ الْبِرِّ بِلَفْظِ تَرْكٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ نَافِيَةٌ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ وَمَعْنَاهَا فِي الْحِنْثِ حِينَئِذٍ لَأَفْعَلَنَّ لِأَنَّهَا نَافِيَةٌ وَلَمْ نَافِيَةٌ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَإِنْ ذُكِرَ لَهَا جَوَابٌ فَشَرْطِيَّةٌ فِيهِمَا كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ إنْ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ شَرْطِيَّةٌ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَأَمَّا إنْ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَهِيَ لِلنَّفْيِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ وَإِلَّا فَهِيَ شَرْطِيَّةٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهَا فِي الْبِرِّ نَافِيَةٌ لَا غَيْرَ وَمَالَ إلَيْهِ عج حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ شَرْطِيَّةً فَهِيَ صِيغَةُ حِنْثٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا لَأَضْرِبَنَّكَ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْكَلَامِ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ صَارَ مَطْلُوبًا مِنْهُ الْفِعْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ مَثَلًا أَوْ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الطَّعَامَ مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقَاعِدَةُ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ أَنْ تَكُونَ عَلَى إثْبَاتِ الْفِعْلِ أَيْ يَكُونُ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ مَطْلُوبًا مِنْ الْحَالِفِ وَسُمِّيَتْ يَمِينَ حِنْثٍ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَيَبِرُّ إذْ الْحَالِفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَكَانَ عَلَى حِنْثٍ وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يُؤَجَّلْ) شَرْطٌ فِي كَوْنِ الصِّيغَتَيْنِ صِيغَتَيْ حِنْثٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ إذَا لَمْ يَضْرِبْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا أَمَّا إنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا فَلَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ بَلْ يَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى بَرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ كَوَاللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ قَبْلَ شَهْرٍ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَهُوَ عَلَى بَرٍّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِلَا مَانِعٍ أَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ كَمَا يَأْتِي. (ص) إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ (ش) هَذَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ فِي النَّذْرِ مُبْتَدَأٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ إطْعَامٌ سَبْقُ قَلَمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِطْعَامَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ يَجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا بَعْدَهُ وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَيَانِ الْكَفَّارَةِ بِذِكْرِ أَنْوَاعِهَا اسْتِغْنَاءً عَنْ ذِكْرِهَا اخْتِصَارًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِطْعَامِ تَبَرُّكًا بِالْقُرْآنِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ تَمْلِيكُ عَشَرَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الظِّهَارِ وَأَمَّا الْعَدَدُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ الْمُحْتَاجُونَ وَأَخْرَجَ الْغَنِيَّ وَالرَّقِيقَ لِغِنَاهُ بِسَيِّدِهِ وَإِنْ بِشَائِبَةٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَيْعُهُمْ فَمَأْمُورٌ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِمْ فَيَصِيرُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَاسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ وَذِكْرِ الْمُخَرَّجِ فِي قَوْلِهِ (لِكُلِّ مُدٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ مُدٌّ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ لِتَقَارُبِ الْبَابَيْنِ وَهَلْ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهَلْ مُوجِبُ الْكَفَّارَةِ الْيَمِينُ أَوْ الْحِنْثُ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَأَجْزَأَ إنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ (ص) وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا تُطْلَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ لِقِلَّةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ أَمَّا بِغَيْرِهَا فَتُنْدَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ كَمَا عِنْدَ   [حاشية العدوي] وَهُوَ الضَّرْبُ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ شَرْطٌ وَقَسَمٌ كَمَا هُنَا كَانَ الْبَابُ لِلْقَسَمِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا فَيَحْذِفُ جَوَابَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ ... جَوَابَ مَا أَخَّرْت فَهُوَ مُلْتَزَمْ وَجَوَابُ الْقَسَمِ أَبَدًا مُؤَكِّدٌ مَذْكُورًا كَانَ أَوْ مَحْذُوفًا وَإِذَا كَانَ مُؤَكِّدًا كَانَ صِيغَةَ حِنْثٍ عج (قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ إذْ الْحَالِفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ) وَأَمَّا الْحَالِفُ بِصِيغَةِ الْبِرِّ فَهُوَ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا (قَوْلُهُ كَوَاللَّهِ لَأُكَلِمَنَّ زَيْدًا إلَخْ) وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَوْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فَإِذَا كَلَّمَ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ بَرَّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّهِ بِدُونِ الْكَلَامِ وَمِنْ التَّأْجِيلِ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا بَعْدَ شَهْرِ كَذَا فَإِذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا يَبِرُّ بِهِ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ مُنِعَ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الصِّيغَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَقِيقَةَ لِأَنَّ ذِكْرَ الصِّيغَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَقِيقَةُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ صِيغَةُ الْبِرِّ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ عَلِمَ أَنَّ الْبِرَّ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ بِأَثَرِ حَلِفِهِ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَكَذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ صِيغَةِ الْحِنْثِ أَنَّ الْحِنْثَ يَكُونُ الْحَالِفُ بِحَلِفِهِ مُخَالِفًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَوَطْئِهَا اللَّيْلَةَ فَيَجِدُهَا حَائِضًا وَقَوْلُهُ أَوْ عَادِيٍّ كَذَبْحِ الْحَمَامِ فَسُرِقَتْ لَا عَقْلِيٍّ كَمَوْتِهَا. (قَوْلُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) اعْلَمْ أَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ سَبْقُ قَلَمٍ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُبْتَدَأِ لُغَةً وَهُوَ مَا اُبْتُدِئَ بِهِ وَمُرَادُهُ بِالْخَبَرِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَهَذَا الْجَوَابُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْ ذِكْرِهَا اخْتِصَارًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ذَكَرَهَا يَقُولُ وَهِيَ فِعْلُ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ يَنْقَسِمُ إلَى كَذَا وَكَذَا وَلَا ثَمَرَةَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ تَمْلِيكُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى إطْعَامِ كَوْنُهُ يُقَدِّمُ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ (قَوْلُهُ بِالْمَسَاكِينِ الْمُحْتَاجِينَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْيَاءِ وَالْمُنَاسِبُ الْمُحْتَاجُونَ أَيْ فَيَشْمَلُ الْفُقَرَاءَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَلْزَمَهُ نَفَقَةٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَتَنْدَفِعُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا الْفَقِيرَيْنِ وَالْمُعْتَبَرُ مَسَاكِينُ مَحِلَّ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ الْيَمِينِ وَلَا بَلَدَ الْحَالِفِ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ أَكْثَرِهَا لِلْمُعْدَمِ (قَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ) الْأَوْلَى وَتَرَكَ شَرْطَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) أَيْ مِنْ بُرٍّ وَغَيْرِهِ بِلَا غَرْبَلَةٍ إلَّا الْغَلَثَ وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ إذَا أُعْطِيَ مِنْهُ قَدْرُ رُبُعِ الْقَمْحِ كَذَا فِي عب تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ الشَّعِيرَ أَوْ التَّمْرَ أَوْ الذُّرَةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ وَسَطَ الشِّبَعِ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ وَسَطِ الشِّبَعِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالْبَاجِيِّ عَنْ النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِتَقَارُبِ الْبَابَيْنِ) أَيْ فِي الْوَضْعِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَوَجَبَتْ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمَعْنَى يَتَحَتَّمُ الْوُجُوبُ بِهِ. (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ عَنْ مَالِكٍ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَيْثُمَا أَخْرَجَ مُدًّا بِمُدٍّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَأَهُ وَمَنْ زَادَ فَلَهُ ثَوَابُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 مَالِكٌ وَحَدَّهَا أَشْهَبُ بِالثُّلُثِ وَابْنُ وَهْبٍ بِالنِّصْفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يُخْرِجُ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي النَّفَقَاتِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تُشَارِكُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ. (ص) أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا بِأُدُمٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُدٍّ أَيْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ أَوْ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ مِنْ الْخُبْزِ وَهُمَا مُقَاسَانِ عَلَى الْمُدِّ فَإِنَّهُ الْوَارِدُ وَيَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأُدُمٍ مِنْ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ بَقْلٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ وَيُجْزِئُ قِفَارٌ عَلَى الْأَصْوَبِ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ مَذْهَبُهَا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (ص) كَشِبَعِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شِبَعَهُمْ يُجْزِئُ كَمَا يُجْزِئُ مِنْ الْخُبْزِ رِطْلَانِ سَوَاءٌ أَكَلَ كُلٌّ مُدًّا أَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَوْ مُخْتَلِفِينَ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالْبَاجِيُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْغَدَاءُ وَالْعِشَاءُ لِعَشَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً وَعَشَّى عَشَرَةً أُخْرَى لَمْ يَجْزِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي فَلَوْ عَشَّاهُمْ مَرَّةً ثُمَّ غَدَّاهُمْ أُخْرَى بَعْدَ يَوْمَيْنِ مَثَلًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الْغَدَاءُ وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ فِي يَوْمَيْنِ فَقَطْ أَوْ عَشَّاهُمْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ. (ص) أَوْ كِسْوَتِهِمْ الرَّجُلُ ثَوْبٌ وَالْمَرْأَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ يُخَيَّرُ فِيمَا يُكَفِّرُ بِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْإِطْعَامِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْكِسْوَةُ فَإِذَا كَسَا الْعَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَإِنَّهُ يَكْسُو الرَّجُلَ ثَوْبًا أَيْ تُجْزِئُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَكْسُو الْمَرْأَةَ ثَوْبَيْنِ دِرْعًا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَمِيصَ وَخِمَارًا وَمِنْهُنَّ الْقَصِيرَةُ الَّتِي يُجْزِئُهَا لِقِصَرِهَا مَا لَا يُجْزِئُ الطَّوِيلَةَ لِطُولِهَا وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الرَّجُلُ إلَخْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ فَمَا يَكْسُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ ثَوْبٌ (ص) وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِطْعَامَ لِلْمَسَاكِينِ يَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ مَا يَأْكُلُ الْمُكَفِّرُ لِلْآيَةِ وَأَمَّا كِسْوَتُهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ أُطْلِقَتْ الْآيَةُ فِيهَا فَإِذَا كَسَاهُمْ مِنْ غَيْرِ وَسَطِ أَهْلِهِ أَجْزَأَهُ. (ص) وَالرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا (ش) أَيْ فَيُعْطَى الرَّضِيعُ كِسْوَةَ الْكَبِيرِ وَيُعْطَى مُدًّا أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا بِأُدُمٍ وَإِنَّمَا يُعْطَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَحَدَّهَا أَشْهَبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَالِكٍ حَقِيقِيٌّ أَمَّا مُخَالَفَةُ مَالِكٍ لَهُمَا فَظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ قَالَ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاجْتِهَادُ لَا يَتَقَيَّدُ بِثُلُثٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُمَا فَهِيَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الْمَزِيدِ خِلَافٌ فِي حَالٍ اهـ أَيْ زِيَادَةُ الثُّلُثِ إذَا كَانَ يَكْفِي وَزِيَادَةُ النِّصْفِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِي الثُّلُثُ (قَوْلُهُ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ) أَيْ الَّتِي هُوَ قَوْله لِقِلَّةِ الْأَقْوَات بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ لَا يَخْفَى أَنْ تِلْكَ عَلَّلَ بِهَا الْإِمَامُ فَقَالَ لِقِلَّةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَلَهُمْ عَيْشٌ غَيْرُ عَيْشِنَا فَيَزِيدُونَ عَلَى الْمُدِّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ اهـ. الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَيْسُوا فِي الْقُوتِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ شب وَقَوْلُهُ فِي النَّفَقَاتِ وَعَلَى الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تُشَارِكُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ) مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مُدٌّ وَثُلُثٌ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ وَيَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِهِمْ) أَيْ عَيْشِ الْمُكَفِّرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ عَيْشَ أَهْلِ الْبَلَدِ أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ الْمُكَفِّرُ غَيْرُ الْبَخِيلِ، ثَالِثُهَا الْأَرْفَعُ إنْ قَدَرَ إلَخْ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ عَيْشُ أَهْلِ الْبَلَدِ يُخَالِفُهُ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] قُلْت يُمْكِنُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَهْلِ بَلَدِكُمْ وَالْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ حِينَئِذٍ الْغَالِبُ وَقَدْ يُبْعِدُ ذَلِكَ أَوْ يَمْنَعُهُ قَوْلُهُ تُطْعِمُونَ إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ مِنْ أَوْسَطِ طَعَامِ بَلَدِكُمْ (قَوْلُهُ مِنْ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِاللَّبَنِ الْحَلِيبُ لَا الْمَضْرُوبُ. (قَوْلُهُ أَوْ بَقْلٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَقِيلَ لَيْسَا مِنْ الْأُدُمِ وَعَلَيْهِ فَأَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَأَوْسَطُهُ اللَّبَنُ وَأَدْنَاهُ الزَّيْتُ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَقُولُ أَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَيَلِيه اللَّبَنُ وَيَلِيه الزَّيْتُ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ قَفَارٌ) بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الَّذِي لَا أُدُمَ مَعَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالْبَاجِيُّ) أَيْ خِلَافًا لِاشْتِرَاطِ التُّونُسِيِّ تَسَاوِيهِمْ فِي الْأَكْلِ وَالْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ الْمُتَوَسِّطُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ) هَذَا مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ قَدْر الْعَشَرَةِ أَمْدَادٍ فِي مَرَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شِبَعِهِمْ مَرَّةً ثَانِيَةً هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ جُوعٌ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ مَرَّتَيْنِ عَلَى سَبْعٍ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا لِمَرَضٍ. (قَوْلُهُ أَوْ كِسْوَتُهُمْ إلَخْ) جَدِيدًا وَكَذَا لَبِيسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي بَعْضِ الطُّرَرِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَخِيطًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ كَعَدَمِ اشْتِرَاطِ طَبْخِ اللَّحْمِ وَقَدْ يُنَافِيه قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جِسْمَهُ (قَوْلُهُ تُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ) يَحْمِلُ عَلَى إجْزَائِهِ عَلَى الْكَمَالِ أَيْ فَيَكُونُ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْجَسَدِ فَلَا تُجْزِئُ عِمَامَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَا إزَارٌ لَا يَبْلُغُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِهِ مُشْتَمِلًا (قَوْلُهُ الْقَمِيصُ) خَاصٌّ بِالْمَخِيطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الثَّوْبُ السَّاتِرُ كَافٍ سَوَاءٌ كَانَ قَمِيصًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُنَّ الْقَصِيرَةُ إلَخْ) أَيْ فَيُعْطِي الْقَصِيرَةَ ثَوْبًا قَدْرهَا فَقَطْ أَيْ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا يَسْتُرُهَا فَإِنَّ تِلْكَ هِيَ كِسْوَتُهَا (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ الْفَقِيرِ فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الِالْتِحَافَ بِرِدَاءٍ مَثَلًا يَدْفَعُ لَهُ رِدَاءً فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثَوْبٌ وَدِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْغَالِبُ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَسَاهُمْ مِنْ غَيْرِ وَسَطِ أَهْلِهِ) فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَوْ كَانَتْ الْكِسْوَةُ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ أَيْ أَهْلِ الْمُكَفِّرِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ وَالْمُرَاعَى فِيهَا الْفَقِيرُ فِي نَفْسِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ أَيْ فَيُعْطَى الرَّضِيعُ كِسْوَةَ كَبِيرٍ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 مَا ذُكِرَ إنْ أَكَلَ الْوَلَدُ الطَّعَامَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِلْكِسْوَةِ وَلِبَعْضِ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الشِّبَعُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الرَّضِيعِ شَرْعًا إذْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الشَّرْعِ فِيمَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالطَّعَامِ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ الصَّغِيرُ الشَّامِلُ لِمَنْ يَسْتَغْنِي بِالطَّعَامِ فَهُوَ كَالْكَبِيرِ فِي الشِّبَعِ حَيْثُ اسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَكِنْ إذَا سَاوَى أَكْلُهُ الْكَبِيرَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التُّونُسِيِّ لَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي عِمْرَانَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. (ص) أَوْ عَتَقَ رَقَبَةً كَالظِّهَارِ (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ الَّتِي يُعْتِقُهَا عَنْ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ الرَّقَبَةِ الَّتِي تُعْتَقُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِيمَا يَجِبُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَفِيمَا يُمْنَعُ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي بَابِ الظِّهَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا جَنِينَ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ مُؤْمِنَةً وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ سَلِيمَةٌ عَنْ قَطْعِ إصْبَعٍ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَبَكَمٍ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنٍ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلَجٍ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ مُحَرِّرَةٌ لَهُ لَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ يَمِينِي تَأْوِيلَانِ إلَى أَنْ قَالَ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ ثُمَّ إنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا حَنِثَ الْعَبْدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَكَسَا أَوْ أَطْعَمَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَهُ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَإِنَّمَا وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَصَوْمُهُ وَفِعْلُهُ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ كَالْحُرِّ. (ص) ثُمَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (ش) أَتَى بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُخَيِّرَةٌ مُرَتَّبَةٌ فَالْمُكَلَّفُ مُخَيَّرٌ كَمَا مَرَّ فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ يُخْرِجُ أَيَّهَا شَاءَ فَإِنْ عَجَزَ وَقْتَ التَّكْفِيرِ عَنْهَا كُلِّهَا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَتَابُعُ الثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ. (ص) وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ جِنْسَيْنِ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْآحَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ وَيَصِحُّ فِي قَوْلِهِ مُلَفَّقَةٌ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الرَّاجِعِ لِلْكَفَّارَةِ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ أَيْ وَلَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ الْمُلَفَّقَةُ وَقَوْلُهُ وَمُكَرَّرًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَيْهَا وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الرَّاجِعِ لِلْكَفَّارَةِ وَصَحَّ ذَلِكَ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ وَهُوَ الْحَالُ تَأَمَّلْ. (ص) وَمُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدٌّ فَالْعَدَدُ مُعْتَبَرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَلَوْ أَعْطَى طَعَامَ الْعَشَرَةِ لِخَمْسَةِ مَسَاكِينَ بِأَنْ دَفَعَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ أَوْ كَسَا خَمْسَةَ مَسَاكِينَ كِسْوَةَ الْعَشَرَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُكْمِلْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي لِلْمُؤَلِّفِ (ص) وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى   [حاشية العدوي] وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ وَسَطٍ فِي الطُّولِ فِي الْكِسْوَةِ لَهُ كَالْكَبِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الطَّعَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَسْتَغْنِي مَعَهُ بِالطَّعَامِ جَازَ إعْطَاؤُهُ قَطْعًا وَاَلَّذِي لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ قَطْعًا وَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَسْتَغْنِي بِالطَّعَامِ فِيهِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الْإِعْطَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَى الْإِعْطَاءِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ مَا يَدْفَعُ لِلْكَبِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ) أَيْ كَلَامُ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْأَكْلِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ وَفَلَجٍ) أَيْ يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَيُبْسُ الشِّقِّ لَيْسَ شَرْطًا (قَوْلُهُ ثُمَّ صَوْمٍ) أَيْ إذَا عَجَزَ حِينَ الْإِخْرَاجِ لَا حِينَ الْحِنْثِ وَلَا حِينَ الْيَمِينِ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَنْوَاعٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ فَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ جِنْسَيْنِ) وَأَمَّا مِنْ نَوْعَيْ جِنْسٍ فَتُجْزِئُ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ أَمْدَادًا وَلِبَعْضِهِمْ أَرْطَالًا أَوْ دَفَعَ لِكُلٍّ نِصْفَ مُدٍّ وَرِطْلًا أَوْ نِصْفَهُ وَغَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَتُجْزِئُ وَمَحِلُّ هَذَا كُلِّهِ إذَا كَانَتْ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُخْرِجُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ مَثَلًا فَأَطْعَمَ عَشَرَةً وَكَسَا عَشَرَةً وَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَقَصَدَ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهَا عَنْ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَ سَوَاءٌ عَيَّنَ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةً أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ أَنْ يُشْرِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْعِتْقَ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا تُجْزِئُ الْمُلَفَّقَةُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُلَفَّقَةٌ فَلَا يُنَافِي التَّكْمِيلَ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ التَّكْمِيلُ كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَا الْعِتْقِ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَجْزَأَتْ مِنْ حَيْثُ اتِّحَادُ النَّوْعِ لَا مِنْ حَيْثُ التَّلْفِيقُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّلْفِيقِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِتْقِ فَمُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَثَلًا ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَأَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ وَكَسَا عَشَرَةً فَإِنْ شَرَّكَ بِأَنْ نَوَى الْعِتْقَ عَنْ الثَّلَاثِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ الْعِتْقِ لِعَدَمِ تَبْعِيضِهِ إذْ مَآلُ أَمْرِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ ثُلُثَ رَقَبَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الْإِجْزَاءُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْآحَادِ) أَيْ الْجُزْئِيَّاتِ لَا يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْجُزْئِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ الْمُلَفَّقَةُ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ كَفَّارَةٌ مُلَفَّقَةٌ (قَوْلُهُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مُلَفَّقَةٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا مُلَفَّقَةً وَلَا فِي حَالِ كَوْنِهَا مُكَرَّرًا لِمِسْكِينٍ أَيْ أَمْرًا مُكَرَّرًا لِمِسْكِينٍ. (قَوْلُهُ وَبِالرَّفْعِ إلَخْ) أَيْ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ مُكَرَّرٌ مُذَكَّرٌ فَلَا يُسْنَدُ لَهُ تُجْزِئُ بِالتَّاءِ وَهَذَا وَجْهُ قَوْلِهِ تَأَمَّلْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا دَفَعَ الْعَشَرَةَ أَمْدَادٍ الَّتِي هِيَ كَفَّارَةٌ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ نِصْفُ مُدٍّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْعَدَدَ مُعْتَبَرٌ كَمَا مَرَّ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ أَيْ كَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ مَثَلًا وَقَوْلُهُ لِكُلٍّ نِصْفٌ أَيْ جُزْءٌ (ص) إلَّا أَنْ يَكْمُلَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا أَنْ يَكْمُلَ الْعَدَدُ فِي الْأُولَى وَالْقَدْرُ فِي الثَّانِيَةِ وَهَلْ مَحَلُّ إجْزَاءِ التَّكْمِيلِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بَقِيَ بِيَدِ كُلِّ مِسْكِينٍ مَا أَخَذَ لِيُكْمِلَ لَهُ بَقِيَّةَ الْقَدْرِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُ تَفْرِقَةُ الْمُدِّ فِي أَوْقَاتٍ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ خَالِدٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ يُجْزِئُ التَّكْمِيلُ وَلَوْ بَعْدَ ذَهَابِ مَا أُخِذَ أَوَّلًا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ فَهْمُ الْقَاضِي عِيَاضٍ تَأْوِيلَانِ. (ص) وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَيَّنَ الْقُرْعَةَ (ش) أَيْ وَلِلْمُكَفِّرِ فِي مَسْأَلَتَيْ التَّكْرِيرِ وَالنَّقْصِ نَزْعُ الْمُدِّ وَالثَّوْبِ الْمُكَرَّرِ فِي الْأُولَى وَالْجُزْءِ فِي الثَّانِيَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِ الْمِسْكِينِ لَمْ يُتْلِفْهُ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ لَفْظُ النَّزْعِ وَكَانَ وَقْتَ الدَّفْعِ لَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَلَكِنْ يَنْزِعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ بِالْقُرْعَةِ لَا بِالتَّخْيِيرِ إذْ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ. وَلَمَّا ذَكَرَ عَدَمَ إجْزَاءِ الْمُكَرَّرِ لِمِسْكِينٍ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ عُمُومُهُ لِلْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا دَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَجَازَ لِثَانِيَةٍ إنْ أَخْرَجَ وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ (ش) أَيْ وَجَازَ إعْطَاءُ أَمْدَادِ كَفَّارَةٍ ثَانِيَةٍ لِمَسَاكِينِ الْكَفَّارَةِ الْأُولًى إنْ أَخْرَجَ الْأُولَى قَبْلَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَخْرَجَ الْأُولَى بَعْدَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ فَيُكْرَهُ دَفْعُ الثَّانِيَةِ لِمَسَاكِينِ الْأُولَى مَعَ الْإِجْزَاءِ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ وَلَوْ صَحَّتْ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ وَخَلَصَتْ كُلٌّ مِنْ الْأُخْرَى بِأَنْ يَنْوِيَ بِعَشَرَةِ أَمْدَادٍ مُعَيَّنَةٍ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا لَجَازَ وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَ مُوجِبُ الْيَمِينِ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ وَظِهَارٍ أَوْ اتَّفَقَ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ وَفِي قَوْلِهِ وَالْإِكْرَاهُ وَوُجُوبُ الظِّهَارِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ. (ص) وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ (ش) أَيْ وَأَجْزَأَتْ الْكَفَّارَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْحَلِفِ فِي يَمِينِ الْبَرِّ وَالْحِنْثِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَلَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَلْ مَحَلُّ. . . إلَخْ) أَيْ فَهُوَ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِلْمُلَفَّقَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ فَهْمُ الْقَاضِي عِيَاضٍ) قَائِلًا تَأَمَّلْ تَفْرِقَتَهُ فِي الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ فَإِنَّهُ بَيِّنٌ فِي مُرَاعَاةِ وُصُولِ الْقَدْرِ إلَى الْمِسْكِينِ وَلَوْ فِي أَوْقَاتٍ وَلَوْ بَعْدَ ذَهَابِ مَا بِيَدِهِ هَذَا ظَاهِرُهَا وَزَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَهَا شَرْطُ الْبَقَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلُ عِيَاضٍ تَأَمَّلْ إلَخْ أَنَّ الْغَدَاءَ لَا يَبْقَى مَعَهُمْ إلَى الْعَشَاءِ وَلَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَنْزِعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ بِالْقُرْعَةِ) قَالَ عج فِي شَرْحِهِ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ وَهَلْ إنْ بَقِيَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنَاقِصٌ وَقَوْلُهُ وَلَهُ نَزْعُهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ بِالْقُرْعَةِ هَذَا فِي الْمُلَفَّقَةِ وَالنَّاقِصَةِ وَلَا يَتَأَتَّى فِيمَا عَدَاهُمَا (تَنْبِيهٌ) : دُخُولُ الْقُرْعَةِ فِي النَّاقِصَةِ مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخِذُ بَعْدَ الْعَشَرَةِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَخْذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ قِيَاسًا عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إذَا أَعْطَاهَا لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ قَوْلِهِ الْأَظْهَرُ إنْ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا بِيَدِهِ وَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ ثَانِيَةٍ أَيْ جَازَ التَّكْرِيرُ مِنْ أَمْدَادٍ ثَانِيَةٍ كَقَوْلِهِ سَمِعْت لَهُ صُرَاخًا (قَوْلُهُ إنْ أَخْرَجَ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَيْ الْحِنْثَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ قَبْلَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ) أَيْ الْحِنْثِ فِيهِمَا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْأُولَى حَالَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ وَدَخَلَهَا ثُمَّ حَلَفَ لَا يَدْفَعُ الْكَفَّارَةَ لِعَشَرَةٍ مُعَيَّنِينَ وَدَفَعَهَا لَهُمْ فَإِنَّ فِي هَذِهِ أَخْرَجَ الْأُولَى حَالَ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ) أَيْ تَلْتَبِسَ نِيَّةُ الْأُولَى بِنِيَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَدْرِي هَلْ الْأَوَّلُ لِلْأُولَى أَوْ الْعَكْسُ وَهَذَا الِاخْتِلَاطُ لَا يَضُرُّ أَيْ الْتِبَاسُ كَوْنِ الْأَوَّلِ لِلْأُولَى وَالْعَكْسُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَخْرَجَ مَا عَلَيْهِ فَلِذَا حَكَمْنَا بِالْكَرَاهَةِ لَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ صَحَّتْ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ الِالْتِبَاسُ رَأْسًا فَلَا مُنَافَاةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ احْتِمَالُ الِاخْتِلَاطِ وَلَوْ فُرِضَ عَدَمُ الِاخْتِلَاطِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَلَوْ صَحَّتْ وَعِبَارَةُ شَارِحِنَا كَعِبَارَةِ بَهْرَامَ. (تَنْبِيهٌ) : كَمَا يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ التَّخْلِيطِ بِنِيَّةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَحْصُلُ أَيْضًا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُعَيِّنَةٍ لِيَمِينٍ ك (قَوْلُهُ مُوجِبُ الْيَمِينِ) الْمُنَاسِبُ وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَ مُوجِبُ الْكَفَّارَتَيْنِ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ وَظِهَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْمُبَالَغَةُ إلَخْ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَا كَرَاهَةَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت أَنَّ بَهْرَامَ جَعَلَهُ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ وَالْإِكْرَاهُ (قَوْلُهُ وَوُجُوبُ الظِّهَارِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الْوُجُوبُ الَّذِي تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بِالْمَوْتِ مَعَهُ وَذَلِكَ بِالْعَوْدِ أَوْ الْوُجُوبُ الَّذِي لَا تَسْقُطُ مَعَهُ بِالْمَوْتِ وَذَلِكَ بِالْوَطْءِ ك (أَقُولُ) الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى شَرْطِهِ جَازَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ قَبْلَ زَهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ النِّصَابِ وَالْيَمِينُ هُنَا هُوَ السَّبَبُ وَالْحِنْثُ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ وَبَعْدَ السَّبَبِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ السَّبَبِ اتِّفَاقًا حَكَاهُ فِي الْإِكْمَالِ كَتَقَدُّمِ الْعَفْوِ عَلَى الْجُرْحِ وَتَقْدِيمُ إسْقَاطِ الشَّفِيعِ عَلَى الْبَيْعِ وَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْإِيصَاءِ ك (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ إخْرَاجُهَا بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِالصَّوْمِ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الصَّوْمِ دُونَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ: الْإِجْزَاءُ، وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ، الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى حِنْثٍ فَيَجُوزَ تَقْدِيمُهَا أَوْ عَلَى بِرٍّ فَلَا يَجُوزَ وَقَدْ عَلِمْت الرَّابِعَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 بِالصَّوْمِ قَبْلَ حِنْثِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ يَمِينِ الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُكَفِّرُهُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَجْزَأَتْ يَعْنِي الْكَفَّارَةَ أَنَّ هَذَا فِي يَمِينِ تُكَفَّرُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُكَفِّرُ كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُعْتِقَ أَوْ يَمْشِيَ قَبْلَ الْحِنْثِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ مَرَّةً أُخْرَى إذَا حَنِثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ آخِرِ طَلْقَةٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ انْتَهَى وَالصَّدَقَةُ كَالْعِتْقِ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ تَلْخِيصَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكَبِيرِ (ص) وَوَجَبَتْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْحِنْثِ اتِّفَاقًا وَالْحِنْثُ فِي يَمِينِ الْبِرِّ بِالْفِعْلِ وَفِي يَمِينِ الْحِنْثِ بِعَدَمِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ) إلَى أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ مَحِلُّهُ إذَا حَنِثَ طَائِعًا أَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ كَمَنْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ فِيهِ لِمَانِعٍ حَصَلَ أَمَّا مَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ وَأُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ الْحَمَّامَ مَثَلًا فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ أَيْ مُطْلَقٍ بِأَنْ فَاتَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي يَمِينِ الْحِنْثِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا وَلَمْ يُفَرِّطْ كَمَا يَأْتِي أَوْ فِعْلُهُ فِي الْبِرِّ الْمُطْلَقِ طَوْعًا لَا أَنَّ فِعْلَهُ مُكْرَهًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ مَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحِنْثِ بِالْإِكْرَاهِ فِي يَمِينِ غَيْرِ الْبِرِّ أَنَّ يَمِينَ الْحِنْثِ الْحِنْثُ فِيهَا بِالتَّرْكِ وَيَمِينُ الْبِرِّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْفِعْلِ وَأَسْبَابُ التَّرْكِ كَثِيرَةٌ فَضَيَّقَ فِيهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ يَمِينِ الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ) أَيْ هَذَا فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ الْمُطْلَقِ وَأَمَّا الْحِنْثُ الْمُؤَجَّلُ فَلَا يُكَفِّرُ يُوَافِقُهُ مَا فِي الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ إنْ كَانَ بَرَّ فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ حِنْثِهِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ وَنَصُّ التَّهْذِيبِ مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ أَوْ يُعْتِقَ أَوْ يَمْشِيَ قَبْلَ الْحِنْثِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ صِيغَةَ حِنْثٍ مُطْلَقٍ وَأَمَّا مُقَيَّدٌ فَقَدْ عَرَفْته (قَوْلُهُ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِ عَبْدِ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا آخِرُ طَلْقَةٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَمِثْلُهَا الثَّلَاثُ فَيُكَفِّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ إلَخْ. (أَقُولُ) حَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ شَارِحِنَا أَنَّ الْيَمِينَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِطَلَاقٍ بَالِغِ الْغَايَةِ أَمْ لَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى بِرٍّ أَوْ عَلَى حِنْثٍ وَالْحِنْثُ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ فَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ مُطْلَقٍ فَتُكَفَّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ آخِرِ طَلْقَةٍ وَأَمَّا بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِطَلَاقِ غَيْرِ بَالِغِ الْغَايَةِ فَلَا تُكَفِّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ مُقَيَّدٍ فَلَا تُكَفِّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ مُطْلَقًا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا كَفَّرَتْ قَبْلَ الْحِنْثِ لَا تُجْزِئُ فَيُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ وَانْظُرْ تَلْخِيصَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَتَلْخِيصَهَا عَلَى مَا فِيهِ وَهَذَا كَلَامُ عج أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ بِالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ بِالطَّلَاقِ الْبَالِغِ غَايَتُهُ يُجْزِئُ مَا فَعَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ كَذَلِكَ أَوْ بِطَلَاقٍ لَمْ يَبْلُغْ الْغَايَةَ أَوْ بِصَوْمٍ أَوْ يَمْشِي فَإِنْ كَانَتْ يَمِينٌ أَوْ حِنْثٌ وَقَيَّدَهَا بِأَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِعْلُ شَيْءٍ فِي هَذِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا وَأَمَّا يَمِينُ الْحِنْثِ الَّتِي لَمْ يُعَيِّنْهَا بِأَجَلٍ فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ الْحِنْثُ فِيهَا يُجْزِئُهُ إلَّا يَمِينَ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْعَوْدِ وَلَوْ حَنِثَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ وَإِذَا عَمِلْت ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُ النَّقْلِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا دُونَ كَلَامِ عج. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُخْرِجُهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ قَبْلَ حِنْثِهِ إذْ إخْرَاجُهَا لَهُ فِيهِ عَزْمُ الضِّدِّ وَهُوَ يَحْصُلُ بِهِ الْحِنْثُ قُلْت يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مَعَ التَّرَدُّدِ فِي عَزْمِهِ عَلَى الضِّدِّ ثُمَّ يَجْزِمُ بِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ قَالَهُ عج وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إجْزَائِهِ عَنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ وَصُورَةُ الطَّلَاقِ الْبَالِغِ الْغَايَةَ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مُتَمِّمُهَا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ شَرْعِيٍّ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِطْلَاقُ التَّكْفِيرِ عَلَيْهَا مَجَازٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْعِصْمَةِ الْجَدِيدَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ ثُمَّ عَادَتْ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنَّهَا تَعُودُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَلَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَإِنْ دَخَلَهَا حَنِثَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ) أَيْ أَوْ حَنِثَ مُكْرَهًا وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ (قَوْلُهُ وَأُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عَاقِلٍ كَدَابَّةٍ جَمَعَتْ بِرَاكِبِهَا حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الدَّارَ الْمَحْلُوفَ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهَا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى رَدِّهَا وَلَا عَلَى النُّزُولِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا أَوْ عَادِيًّا أَيْ بِسِتَّةِ قُيُودٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْفِعْلِ وَأَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا وَأَنْ لَا يَكُونَ يَمِينُهُ لَا فِعْلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ ثَانِيًا طَائِعًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَلِفُ عَلَى شَخْصٍ هُوَ الْمُكْرَهُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ مُطْلَق) وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبِرُّ مُقَيَّدًا كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَبِرُّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِكْرَاهِ بَلْ يَحْصُلُ حَتَّى بِفَوَاتِ الزَّمَنِ قَالَهُ مُؤَلِّفُهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ) قَيَّدَ فِي الْمَفْهُومِ الَّذِي هُوَ إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا أَيْ أَنْ صِيغَةَ الْحِنْثِ لَا يَحْنَثُ فِيهَا بِالْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ وَأَمَّا إذَا فَرَّطَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَتَقَدَّمَ تَمْثِيلُ الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْته حَالًا مِنْ الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ الْمَنْفِيِّ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا الْمُقَيَّدُ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ فَيَصْدُقُ الْمَنْطُوقُ بِصُورَةٍ أَيْضًا وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا وَفَرَّطَ. (قَوْلُهُ فَضَيَّقَ فِيهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ حَلَفَ وَتَجَرَّأَ عَلَى شَيْءٍ أَسْبَابُ تَرْكِهِ كَثِيرَةٌ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى التَّشْدِيدِ عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ شَدَّدَ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 وَأَسْبَابُ الْفِعْلِ قَلِيلَةٌ ضَعِيفَةٌ فَوَسَّعَ فِيهِ تَأَمَّلْ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ مُخْتَصَّةً بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ الْتِزَامَاتٌ لَا أَيْمَانٌ شَرْعِيَّةٌ. وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ اسْتِثْنَاءٍ وَلَغْوٍ وَغَمُوسٍ وَكَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الِالْتِزَامَاتِ فَقَالَ (ص) وَفِي عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ بَتَّ مَنْ يَمْلِكُهُ وَعَتَقَهُ وَصَدَّقَهُ بِثُلُثِهِ وَمَشَى بِحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا مَثَلًا فَكَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْبَتِّ وَأَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ يَمْلِكُهُمْ حِينَ الْيَمِينِ لَا يَوْمَ الْحِنْثِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَأَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فِي حَجٍّ لَا فِي عُمْرَةٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ عُمْرَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا صَوْمٍ سَنَةً (ص) وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي صَوْمُ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُهُ أَوْ كُلُّ الْأَيْمَانِ أَوْ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ أَوْ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَفَعَلَهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَتَرَكَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ سَنَةً كَامِلَةً وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ اُعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ) إلَى أَنَّ صَوْمَ الْعَامِ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْحَلِفِ بِهِ أَيْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِ الْحَالِفِ أَنْ يَحْلِفُوا بِذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةِ الْحَالِفِ وَحْدَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَيَنْبَغِي فِي غَيْرِ الصَّوْمِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْعَادَةِ اهـ وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَيْضًا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَشَهْرَيْ الظِّهَارِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَفِي لُزُومِ صَوْمِ شَهْرَيْنِ كَشَهْرَيْ الظِّهَارِ لَوْ كَانَ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَظَاهَرَ مِنْهَا فِي كَوْنِهِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي وَلَمْ يَقُلْ وَلَا نِيَّةَ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ وَخَصَّصْت نِيَّةَ الْحَالِفِ. (ص) وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ لِبَاسٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَفْرَدَ أَوْ جَمَعَ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَالْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ قَالَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَرِّمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الزَّوْجَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ إذَا حَرَّمَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا هُوَ طَلَاقُهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رَأْيٌ ثَالِثٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْقَسِمُ عَلَى رَأْيٍ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَعَلَى رَأْيٍ قِسْمَيْنِ وَهُنَا أَفَادَ أَنَّ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قِسْمٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَفِي عَلَيَّ إلَخْ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ أَشَدَّ أَنَّ مَا كَانَ أَخَفَّ لَا يَلْزَمُ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ جَرَى بِهِ كَمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِالْمَشْيِ فِي عُمْرَةٍ وَبِالْحَلِفِ بِمَا يَلْزَمُهُ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا مَفْهُومَ لِأَشَدَّ بَلْ مِثْلُهُ أَشَقَّ وَأَعْظَمَ كَذَا يَنْبَغِي وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا وَتَصِيرُ مُحَاشَاةً. وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِيمَا ذُكِرَ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ نُقِضَ وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ يَمِينِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الدُّيُونِ وَمَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ حِينَ الْيَمِينِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ كَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ وَيَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَبِمَدْلُولِ اللَّفْظِ إذْ لَمْ يَفْصِلْ فِي ذَلِكَ إذْ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ فِي مُوجِبِ الْحِنْثِ كَالْعِلْمِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَلَيَّ إلَخْ حُكْمُ هَذَا حُكْمُ مَنْ حَلَفَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ أَكَانَ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ أَلْبَتَّةَ وَأَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فِي حَجٍّ وَأَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ) أَيْ الَّتِي يَمْلِكُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا أَوْ يَمْلِكُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَوْمَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ) وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ فِي رِبْحِ تِجَارَتِهِ الْغَائِبَةِ عَنْهُ هَلْ حَصَلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَيُنْفِقُ ثُلُثَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِشَيْءٍ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا وَلَا عِتْقًا وَلَا غَيْرَهُ قُبِلَ. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْحَلِفِ بِهِ) أَيْ بِصَوْمِ الْعَامِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي حَلِفِهِ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ فَالِاعْتِبَارُ فِي الْحَلِفِ بِالْمَاصَدَقَاتِ لَا بِقَوْلِهِ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي أَوْ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ خِلَافًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةِ الْحَالِفِ) فَحِينَئِذٍ كَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا اعْتَادَهُ الْحَالِفُ وَأَهْلُ بَلَدِهِ أَوْ هُمْ دُونَهُ سَوَاءٌ اعْتَادَ خِلَافَهُمْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِ عَادَةٌ وَلَا عَادَةَ لَهُمْ بِالْحَلِفِ بِهِ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَهُمْ عَادَةٌ بِالْحَلِفِ بِهِ وَجَعَلَ عج أَنَّ الْأَوْلَى مِنْ هَذَيْنِ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الْحَلِفَ بِهِ اعْتَادَ الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُ أَصْلًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِيهَا اللُّزُومُ فَإِذَا لَمْ يَعْتَدْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَلَا الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ فَلَا لُزُومَ فَإِذَا اعْتَادَ الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ فَقَطْ أَيْ وَأَهْلُ الْبَلَدِ لَمْ يَعْتَادُوا ذَلِكَ فَفِيهَا اللُّزُومُ عِنْدَ عج وَتَبِعَهُ عب دُونَ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا فَهَذِهِ صُوَرٌ خَمْسٌ بِالِاخْتِصَارِ وَبِالْبَسْطِ تِسْعَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْحَلِفَ بِصَوْمِ الْعَامِ أَوْ بِغَيْرِ صَوْمِ الْعَامِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُمْ أَصْلًا بِشَيْءٍ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ وَتُعْلَمُ أَحْكَامُهَا مِمَّا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالْعَادَةِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ إلَّا إذَا جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ بِحَجٍّ إلَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ) وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ عَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَشْيَاخِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ذَلِكَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَلَا يَنْوِي فَقَوْلُهُ وَالْأَمَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهِيَ مَجْرُورَةٌ فَيَكُونُ فِي الْأَمَةِ لَغْوًا أَيْضًا فَالْعَامِلُ فِي الْأَمَةِ فِي وَالتَّقْدِيرُ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَغْوٌ وَفِي الْأَمَةِ لَغْوٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَحْرِيمِ الْأَمَةِ عِتْقَهَا وَإِنَّمَا كَفَّرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي تَحْرِيمِهِ أُمَّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَقْرَبُهَا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْأَمَةِ لِلرَّدِّ عَلَى مَا يَقُولُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَعَلَى مَنْ يَقُولُ تَعْتِقُ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَمَةِ بَلْ مَا عَدَا الزَّوْجَةِ كَذَلِكَ. (ص) وَتَكَرَّرَتْ إنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ مَثَلًا أَنْ لَا يُكَلِّمَ زَيْدًا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا كَلَّمَهُ لَزِمَهُ الْحِنْثُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كُلَّمَا كَلَّمَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا جَامَعْت زَوْجَتِي وَنِيَّتُهُ التَّكْرَارُ يُرِيدُ وَالْيَمِينُ وَاحِدَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ فَإِنَّهُ كَرَّرَ الْقَسَمَ وَنَوَى بِكُلِّ لَفْظَةٍ كَفَّارَةً فَقَوْلُهُ وَتَكَرَّرَتْ أَيْ الْكَفَّارَةُ إنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ بِتَكَرُّرِ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَالْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ بِكَسْرِ الْحَاءِ نَقْضُهَا وَالنَّكْثُ (ص) أَوْ كَانَ الْعُرْفَ كَعَدَمِ تَرْكِ الْوِتْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُرْفَ إذَا كَانَ جَارِيًا بِتَكْرَارِ الْحِنْثِ فِي صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِ الْأَيْمَانِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ الْحِنْثُ عَلَى الْحَالِفِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَصَدَ تَكْرَارَ الْحِنْثِ بِهَا لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتْرُكُ الْوِتْرَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ بِتَكَرُّرِ تَرْكِ الْوِتْرِ لِجَرْيِ الْعُرْفِ بِالتَّكْرَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا تَرَكْت الْوِتْرَ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ فَضَمِيرُ كَانَ لِلتَّكْرَارِ الْمَفْهُومُ مِنْ تَكَرَّرَتْ وَمِثْلُ الْوِتْرِ كُلُّ عِبَادَةٍ لَهَا وَقْتٌ تُفْعَلُ فِيهِ لَا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَهُوَ دَائِمٌ. (ص) أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَقَصَدَ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ كَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَنَوَى إنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ الْمُقْسَمِ بِهِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ أَمَّا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ دُونَ الْكَفَّارَاتِ لَمْ تَتَعَدَّدْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي. (ص) أَوْ قَالَ لَا وَلَا (ش) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَا بَاعَ سِلْعَتَهُ هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ آخَرُ وَأَنَا فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ وَلَا أَنْتِ فَبَاعَهَا مِنْهُمَا جَمِيعًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَفِي الطَّلَاقِ طَلْقَتَانِ وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ فَبَاعَهَا مِنْ الثَّانِي فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ بَاعَهَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ فَبَاعَهَا أَيْضًا مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْمَحْلُوفُ بِهِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْمُؤَلِّفِ تَعَدَّدَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَلِذَلِكَ كَانَا يَمِينَيْنِ. (ص) أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَوْ أَنْ يَفْعَلَهُ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَذِهِ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ لِحِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ وَالْأُخْرَى لِحَلِفِهِ عَلَى أَنْ لَا يَحْنَثَ وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ الْحِنْثُ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْأُولَى لَمْ تُحْمَلْ عَلَى التَّأْكِيدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ. (ص) أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ (ش) الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ أَيْ أَوْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الشَّرْطِ أَعْنِي قَصَدَ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَحْنَثَ لِكَوْنِهِ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ فَفِيهِ شَيْءٌ لِعَدَمِ تَنَاسُبِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْلُوفٌ بِهِ وَكَذَا عَطْفُهُ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ حَلِفٍ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ كَوْنَ الْحَلِفِ بِالْقُرْآنِ وَمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى ذَلِكَ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ وَفَعَلَهُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَلَعَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ جَمِيعَ أَسْمَاءِ اللَّهِ مَدْلُولُهَا وَاحِدٌ بَلْ لَوْ قَالَ وَالْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ وَالْكِتَابِ وَقَصَدَ التَّأْسِيسَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ (ص) أَوْ دَلَّ لَفْظُهُ بِجَمْعٍ أَوْ بِكُلَّمَا أَوْ مَهْمَا (ش) أَيْ أَوْ دَلَّ لَفْظُ الْحَالِفِ عَلَى التَّكْرَارِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِكَوْنِهِ جَمْعًا كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَيْمَانٌ أَوْ عُهُودٌ أَوْ كَفَّارَاتٌ أَوْ مُتَلَبِّسًا بِكَوْنِهِ بِكُلَّمَا أَوْ مَهْمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ) أَيْ بِالتَّكْرَارِ (قَوْلُهُ وَالنَّكْثُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالنَّقْضُ (قَوْلُهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ) فَرْضُ مِثَالٍ. (قَوْلُهُ صُورَتُهَا أَنَّهُ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ إلَخْ) بَلْ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الْيَمِينَ وَقَدْ نَوَى بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٍ فَيَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا نَوَى (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ) وَسَكَتَ عَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ إلَخْ) الْأَحْسَنِيَّةُ ظَاهِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَحْنَثَ فَإِنَّ الْعَطْفَ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ أَحْسَنَ لِعَدَمِ تَنَاسُبِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَكَذَا عَطْفُهُ إلَخْ فَلَا تَظْهَرُ الْأَحْسَنِيَّةُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ التَّعَيُّنَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ) أَيْ بَلْ قَصَدَ التَّأْسِيسَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جَمِيعَ أَسْمَاءِ اللَّهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مَدْلُولُهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الذَّاتُ الْقَدِيمَةُ ظَاهِرُهُ فِي مِثْلِ الْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَلَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ قَالَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا الْإِضْرَابُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّأْسِيسِ لِقَوْلِهِ وَلَعَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ أَوْ عُهُودٍ) أَيْ جَمْعُ عَهْدٍ بِمَعْنَى يَمِينٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ يَمِينٌ فَفِي الْأَوَّلِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ مَرَّةً فَعَلَيْهِ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ وَهُنَا لَا تَتَعَدَّدُ إلَّا بِتَعَدُّدِهِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ فَعْلَةٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. (ص) لَا مَتَى مَا (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ الْحَالِفُ مَتَى مَا كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ أَوْ إذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ بَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَكْرَارَ الْحِنْثِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مِنْ أَنَّ مَتَى مَا لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا أَشَارَ لَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ أَوْ كُلَّمَا حِضْت أَوْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً. (ص) وَوَاللَّهِ ثُمَّ وَاَللَّهِ وَإِنْ قَصَدَهُ (ش) أَيْ وَلَا إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ قَالَ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ مَرَّاتٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ بَلْ قَصَدَ التَّكْرِيرَ وَالْإِنْشَاءَ أَيْ إنْشَاءَ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ مَا لَمْ يَنْوِ تَكْرَارَ الْحِنْثِ أَوْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَجْمُوعِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ حَيْثُ قَالَ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى اتَّحَدَتْ مِثْلُ وَاَللَّهِ وَالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى تَكَرَّرَتْ مِثْلُ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَهُ أَيْ وَإِنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ اللَّفْظِ وَهُوَ تَكْرِيرُ الْيَمِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ وَمِثْلُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الظِّهَارُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ هُنَا وَفِي الظِّهَارِ أَوَّلًا هُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ آخِرًا وَفِي الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ وَاحِدًا فَمَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ وَالثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا وَالثَّالِثُ يُبِينُهَا مِنْ الْعِصْمَةِ. (ص) أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً عِنْدَ سَحْنُونَ وَابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ. (ص) وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ غَدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الثَّانِيَةَ إذَا كَانَتْ جُزْءَ الْأُولَى فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَّحِدُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَكَلَّمَهُ غَدًا كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى غَدٍ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ جُزْءَ الْأُولَى فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَاتٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَقَطْ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حَدِّ الْيَمِينِ وَصِيغَتِهَا الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ مِنْهَا وَأَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَتَكْرَارِهَا وَاتِّحَادِهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مُقْتَضِيَاتِ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أُمُورٍ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ وَالْمَقْصِدُ اللُّغَوِيُّ وَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ وَبَدَأَ بِالنِّيَّةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ) وَلَوْ نَوَى بِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّ الْجَمْعَ نَصٌّ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ. (قَوْلُهُ لَا مَتَى مَا) اقْتَرَنَتْ بِمَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ مَتَى مَا إنْ قَصَدَ بِهَا مَعْنَى كُلَّمَا فَتَتَكَرَّرُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْرَارَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقْتَرِنْ فَلَا تَتَكَرَّرُ إلَّا إذَا نَوَى التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ أَوْ مَتَى مَا حِضْت) أَوْ طَلَّقْتُك. (قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ مَرَّاتٍ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَالْإِنْشَاءَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ بَلْ قَصَدَ إلَخْ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَاصِلُهُ أَمْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا أَوْ تَعَدُّدُ كَفَّارَاتٍ لَزِمَهُ اتِّفَاقًا أَوْ الْإِنْشَاءُ بِلَا قَصْدِ كَفَّارَاتٍ فَالْمَشْهُورُ كَفَّارَةٌ وَلَوْ فِي مَجْلِسَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَسْمَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنْ تَقُولَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ فَقَطْ أَوْ الصِّفَاتِ فَقَطْ أَوْ الْمَجْمُوعِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ الذَّاتَ الْعَلِيَّةَ وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ بِاعْتِبَارٍ بِالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرِيرُ الْيَمِينِ) أَيْ إنْشَاءُ الْيَمِينِ لَا التَّأْكِيدُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ) أَيْ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ أَيْ حَتَّى يَنْوِيَ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ) أَيْ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ فَمَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ) هَذَا الْفَرْقُ نَفْسُ التَّصْوِيرِ لِأَنَّ كَوْنَ الثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا لِكَوْنِهِ كَانَ تَأْسِيسًا وَأَمَّا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ فَلَا يَزِيدُهَا ضِيقًا. (قَوْلُهُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) اُنْظُرْهُ فَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَعَلَّهُ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَكَفَّارَتَانِ إنْ كَلَّمَهُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أُمُورٍ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِغَيْرِهَا النِّيَّةَ الْمُعَمِّمَةَ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَتَبْته وَجَدْت النَّقْلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُخَصَّصَ وَالْمُقَيَّدَ سِتَّةٌ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ وَالْعُرْفُ الْفِعْلِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ تِلْكَ تَقْتَضِي الْحِنْثَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ مَثَلًا لَا آكُلُ سَمْنًا مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ أَيِّ سَمْنٍ فَإِذَا نَوَى خُصُوصَ سَمْنِ الضَّأْنِ فَتِلْكَ النِّيَّةُ اقْتَضَتْ الْحِنْثَ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 فَقَالَ (ص) وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ فِي اللَّهِ وَغَيْرِهَا كَطَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ وَتُخَصِّصُ اللَّفْظَ الْعَامَّ حَيْثُ كَانَتْ النِّيَّةُ مُنَافِيَةً أَيْ مُخَالِفَةً بِنَقْصِ حَالِ كَوْنِ قَصْدِ مُخَالَفَتِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَيْ يُمْكِنُ إرَادَتُهُ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ بِالسُّوءِ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَتْ بِزِيَادَةٍ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ كَالْحَالِفِ لَا أَشْرَبُ لِفُلَانٍ مَاءً أَوْ لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ امْرَأَتِهِ بِقَصْدِ قَطْعِ الْمَنِّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْهُمَا وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَهِيَ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُبَيِّنَةُ لِإِجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَصَوَّرَهَا ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا حَلَفَ إنْ كَلَّمْته فَأَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ أَوْ فَعَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ تُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ وَقَالَ أَرَدْت فُلَانًا أَوْ بِنْتَ فُلَانٍ وَلَا فَرْقَ فِي تَخْصِيصِ النِّيَّةِ لِلَّفْظِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ قَالُوا وَمِنْ قَوْلِهِ وَسَاوَتْ وَاوُ الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ نَافَتْ أَيْ خَصَّصَتْ النِّيَّةُ الْمُنَافِيَةُ أَيْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ إلَخْ) أَيْ قَصَرَتْ الْعَامَّ فَالْمَفْعُولُ لِخَصَّصَتْ مَحْذُوفٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَتْ أَيْ الْمُطْلَقَ فَمَفْعُولُ قَيَّدَتْ مَحْذُوفٌ وَخَرَجَ بِهِ أَسْمَاءُ الْعَدَدِ كُلِّهِ عَلَى عَشَرَةٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت تِسْعَةً وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً مَثَلًا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُمْتَنَعُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ مَعْنَاهَا فَإِذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ أَرَدْت بِزَيْدٍ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْفَاعِلِ عَلَى أَثَرِهِ لَمْ تُقْبَلْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِمَا تَخْصِيصُ كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُخَصَّصَ لَيْسَ مَجَازًا. وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَجَازٌ (قَوْلُهُ إنْ نَافَتْ) أَصْلُهُ نَافَيَتْ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَيْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ التَّخْصِيصِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حِلُّهُ وَأَمَّا الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ فَسَيَأْتِي آخِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَيْ فَهِيَ لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَا بِنَقْصٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ أَيْ مُضَادَّةٌ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِنَقْصٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ سَمْنًا وَيَنْوِي أَكْلَ سَمْنِ الْبَقَرِ فَهَذِهِ نِيَّةٌ مُضَادَّةٌ مُلْتَبِسَةٌ بِنَقْصٍ أَيْ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ رُجُوعُهُ أَيْ سَاوَتْ لِقَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ أَيْ وَيُمَثَّلُ بِقَوْلِهِ كَلَا أَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْعَامِّ مَعَ الْمُنَافَاةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُسَاوَاةً بَلْ قَرِيبٌ مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَلِذَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ يُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ الْمُوَافِقِ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ إنْ نَافَتْ قَيْدٌ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ وَسَاوَتْ قَيْدٌ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ بِاللَّفْظِ الصَّادِرَ مِنْهُ مَا نَوَاهُ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ قَالَ مُحَشِّي تت وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَعْيِينِ أَحَدِ مَحَامِلِ الْمُشْتَرَكِ وَقَالَ عَجَم ثُمَّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَحْتَمِلَ اللَّفْظُ مَا نَوَاهُ الْحَالِفُ وَغَيْرُهُ عَلَى السَّوَاءِ لُغَةً وَعُرْفًا فَلَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ لُغَةً وَكَانَ احْتِمَالُهُ فِي الْعُرْفِ لِلْمَعْنَى الْمَنْوِيِّ مَرْجُوحًا كَانَتْ النِّيَّةُ كَالْمُخَالَفَةِ قَرِيبَةً فَيُقْبَلُ إلَّا فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أَمَتَهُ وَنَوَى بِرِجْلِهِ فَإِنْ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي هَذَا مَرْجُوحٌ عُرْفًا وَالرَّاجِحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِمَاعِ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِمَا لُغَةً عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ أَطْرَافِ الْكَلَامِ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ تَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَمَعَ وُجُودِهَا تَنْفَعُ النِّيَّةُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَعِنْدَ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَمَعَ عَدَمِهَا فَمَعَ الْقُرْبِ تَنْفَعُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ لَا فِيهِمَا عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَتْ بِزِيَادَةٍ) أَيْ فِي الِاعْتِبَارِ لَا فِي التَّخْصِيصِ وَالْإِطْلَاقِ الْمُحْدَثِ عَنْهُمَا وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لَا بِنَقْصٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَهِيَ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُبَيِّنَةُ لِإِجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ وَبَيَّنَتْ إجْمَالَ الْمُشْتَرَكِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ مَا يَشْمَلُ تَبْيِينَ إجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَقَوْلُهُ وَصُوَرُهُ إلَخْ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ كَانَتْ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِنَقْصٍ تَكُونُ مُقَيِّدَةً لِلْمُطْلَقِ وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَيِّدَةَ لِلْمُطْلَقِ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ بَلْ مُوَافِقَةً وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ أَيْ النِّيَّةُ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ لَا تَكُونُ أَبَدًا مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ بَلْ مُوَافِقَةً (قَوْلُهُ قَالُوا وَإِلَخْ) أَقُولُ حَيْثُ عَلِمْت أَنَّ إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِتَخْصِيصِ الْعَامِّ وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ لِلْحَالِ يُعْلِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ قَاصِرًا عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ فَلَا يَجْرِي فِي الْمُطْلَقِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْمُنَافَاةِ هُوَ مَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَقَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ مَعَ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ وَذَخِيرَتِهِ حَيْثُ قَالَ الْحَالِفُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ إنْ أَرَادَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ لَا يُلْتَفَتُ لِنِيَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ عُمُومُ لَفْظِهِ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَ غَيْرِهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ قَالَ مُحَشِّي تت وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي تَوْضِيحِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهُ يَقْصِدُ فَرْدًا مِنْ الْعَامِّ كَأَنْ يَحْلِفَ بِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا وَيَنْوِي بِذَلِكَ سَمْنَ الضَّأْنِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ إخْرَاجَ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَا نَوَى وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَرَّضَ عِنْدَ نِيَّةِ مَا نَوَى مِنْ الْأَفْرَادِ إلَى إخْرَاجِ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ نِيَّةَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ تَسْتَلْزِمُ إخْرَاجَ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لِإِخْرَاجِهِ فَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ نَافَتْ عَلَى هَذَا بِمَعْنَى خَالَفَتْ وَلَيْسَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 لِمُخَالَفَةٍ بِنَقْصِ حَالِ كَوْنِ قَصْدِ مُخَالَفَتِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا مَرَّ وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا وَإِنْ فَعَلَتْ فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا وَيَتَزَوَّجُ بَعْدَهَا وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ بِحَيَاتِهَا مَا دَامَتْ تَحْتَهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَالْكَافُ تَمْثِيلِيَّةٌ لِلنِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ الْمُسَاوِيَةِ فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ مُسَاوِيَةٌ فِي احْتِمَالِهِ لَهَا وَعَدَمِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَحْلُوفُ لَهَا زَوْجَةً لَهُ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْت مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ أَنْ طَلُقَتْ وَقَبْلَ أَنْ تَمُوتَ وَقَالَ أَرَدْت مَا عَاشَتْ وَكَانَتْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَنْوِ فِي ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَا عَاشَتْ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ انْتَهَى أَيْ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ الَّتِي لَمْ يُوَافِقْهَا الْعُرْفُ. (ص) كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا أَوْ لَا أُكَلِّمُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ إذَا خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَوَافَقَتْ الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ الْقَرِيبَ مِنْ الْمُتَسَاوِي فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُسَاوِيَةِ الَّتِي تُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ مَعَ مُرَافَعَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَمَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ سَمْنًا وَقَالَ نَوَيْت سَمْنَ ضَأْنٍ أَوْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ فِي جَارِيَةٍ لَهُ إنْ كَانَ وَطِئَهَا وَهُوَ يُرِيدُ بِقَدَمِهِ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا مَثَلًا فَقَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ أَيْ كَنِيَّةِ سَمْنِ ضَأْنٍ مَعَ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا فِي لَا آكُلُ سَمْنًا بِأَنْ يَنْوِيَ إبَاحَةَ مَا عَدَا سَمْنِ الضَّأْنِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى عَدَمَ أَكْلِ سَمْنِ الضَّأْنِ فَقَطْ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ السَّمْنِ لِأَنَّ ذِكْرَ فَرْدِ الْعَامِّ مَقْرُونًا بِحُكْمِهِ يُؤَيِّدُهُ وَلَا يُخَصِّصُهُ وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ إلَخْ مَقْرُونًا بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِيَرْجِعَ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي لِمَا بَعْدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُنَافِيَةَ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: مُخَالِفَةٌ بِأَشَدَّ مِنْ مَدْلُولِهِ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا كَمَا مَرَّ مِثَالُهُ وَمُخَالِفَةٌ يَكُونُ قَصْدُهَا وَعَدَمُهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهَذِهِ أَرَادَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ إلَخْ وَتَرَكَ الْأُولَى لِأَحْرَوِيَّتِهَا وَمُخَالِفَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ الْقَرِيبِ مِنْ الْمُتَسَاوِي؛ وَهَذِهِ أَرَادَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ لَفْظَهُ إلَخْ وَهِيَ الَّتِي يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْمُرَافَعَةِ وَعَدَمِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَمُخَالِفَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ الْبَعِيدِ جِدًّا وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي لَا إرَادَةُ مَيِّتَةٍ فَلَا تُقْبَلُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفَتْوَى. (ص) وَكَتَوْكِيلِهِ فِي لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ (ش) هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا بَاعَ عَبْدَهُ مَثَلًا أَوْ لَأَضْرِبُهُ فَوَكَّلَ مَنْ بَاعَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَقَدْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ فِي الْفَتْوَى وَفِي الْقَضَاءِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ   [حاشية العدوي] لِلِاحْتِرَازِ بَلْ كَاشِفٌ لِصُورَةِ التَّخْصِيصِ لِأَنَّ الْمُنَافَاةَ حِينَئِذٍ سَبَبُ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ لَا غَيْرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَارِحُنَا نَظَرَ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ أَيْ مُخَالِفَةٌ بِنَقْصٍ إلَخْ غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَالَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي الْعَامِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَامَّ اللَّفْظُ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَالْمُطْلَقُ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَالنَّكِرَةُ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْفَرْدِ الْمُنْتَشِرِ وَاللَّفْظُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَرَجُلٍ وَأَسَدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَقَيَّدْت أَيْ الْمُطْلَقَ وَيُرَادُ بِهِ أَنَّ هَذَانِ وَالْمُشْتَرَكُ اللَّفْظِيُّ كَعَيْنٍ (قَوْلُهُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ بِحَيَاتِهَا مَا دَامَتْ تَحْتَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي خَصَّصَتْهُ النِّيَّةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ حَيَاتِهَا فَخَصَّصَتْهُ نِيَّتُهُ حَيْثُ أَرَادَ بِحَيَاتِهَا مُدَّةَ كَوْنِهَا تَحْتَهُ أَيْ وَإِخْرَاجُ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ مَعَ قِيَام الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي) أَيْ وَيَحْلِفُ. (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ الَّتِي لَمْ يَكُنْ الْمَحْلُوفُ لَهَا زَوْجَةً (قَوْلُهُ الَّتِي لَمْ يُوَافِقْهَا الْعُرْفُ) أَيْ فَتُقْبَلُ نِيَّةٌ عِنْدَ الْمُفْتِي مُطْلَقًا وَعِنْدَ الْقَاضِي إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ إلَخْ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ صِفَةٌ لِلْمُخَالَفَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِخَالَفَتْ أَيْ خَالَفَتْ مُخَالَفَةً مِثْلَ مُخَالَفَةِ سَمْنِ ضَأْنٍ فِي كَوْنِهَا قَرِيبَةً غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ فِي جَارِيَةٍ لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بَلْ مِنْ قَبِيلِ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُطْلَقِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمُشْتَرَكَ وَلَفْظُ وَطِئَتْ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْجِمَاعِ وَوَطْءُ الْقَدَمِ لُغَةٌ إلَّا أَنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الْجِمَاعِ دُونَ الْوَطْءِ بِالْقَدَمِ وَنَوَى غَيْرُ الْمُشْتَهِرِ وَلِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ مُخَالِفَةٍ بِأَشَدَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَلَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ وَمُخَالَفَةٌ مُوَافَقَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ. (قَوْلُهُ وَكَتَوْكِيلِهِ إلَخْ) هَذَا أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ أَوْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا أَبِيعُهُ أَيْ لَا يَقَعُ بَيْعٌ مِنْ جِهَتِي الشَّامِلُ لِلْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنْهُ مُبَاشَرَةً وَالصَّادِرِ مِنْ وَكِيلِهِ فَإِنْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ الْعُمُومَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَإِنْ أَرَادَ الْجِنْسَ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ حَنِثَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَذُكِرَ فِي ك مَا نَصُّهُ فَإِنْ قُلْت هَذَا التَّأْلِيفُ مُخْتَصَرٌ وَيَكْفِي فِيهِ بِالْمِثَالِ الْوَاحِدِ فَلِمَ ذَكَرَ أَرْبَعَةً قُلْت قَدْ يُقَالُ ذَكَرَ الْمِثَالَ الثَّانِي لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَذَكَرَهُ لِلثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَتَوْكِيلِهِ فِي لَا يَبِيعُهُ وَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا حَنِثَ وَلَا بِدَيْنٍ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ عَبْدًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ حَنِثَ اهـ (ص) إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَالِفَةَ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ تُقْبَلُ مِمَّنْ ادَّعَاهَا فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا وَفِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِهِمَا وَرَفَعَ لِلْحَاكِمِ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ الْمُخَالِفَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَبَيِّنَةٌ بِمَعْنَى مَعَ قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَيْ إلَّا لِرَفْعٍ لِأَنَّ الرَّفْعَ مِنْ جَانِبِ غَيْرِهِ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ إقْرَارٍ لِلتَّنْوِيعِ وَقَوْلُهُ وَعِتْقٍ أَيْ مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ وَالنَّذْرُ وَالْيَمِينُ سَوَاءٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي تَعْيِينِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَتْ لَهُ عَبِيدٌ. (ص) أَوْ اسْتَحْلِفْ مُطْلَقًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ مُسْتَحْلَفًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ كَحَلِفِهِ عَلَى وَدِيعَةٍ أَنْكَرَهَا وَنَوَى حَاضِرَةً أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا ثُمَّ تَسَرَّى حَبَشِيَّةً وَقَالَ نَوَيْت مِنْ غَيْرِ الْحَبَشِ أَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ إلَى أَجَلٍ فَمَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ فَقَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت وَاحِدَةً وَقَالَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت الثَّلَاثَ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي الْفَتْوَى أَوْ الْقَضَاءِ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَكَذَا الْعِتْقُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ كَامِلًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ كَالتَّدْبِيرِ إذَا كَانَ فِي رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْوَثِيقَةِ التَّوَثُّقُ أَيْ قَطْعُ النِّزَاعِ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ عَنْ حَقِّهِ هَذِهِ الْيَمِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَثِيقَةِ حَقِيقَتَهَا وَهِيَ الْوَرَقَةُ الْمُكْتَتَبُ فِيهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ اتِّفَاقًا وَفِي غَيْرِهَا عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ وَأَفْهَمَ بِسِينِ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَوْ طَاعَ بِالْيَمِينِ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ   [حاشية العدوي] يَضْرِبُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ كُلًّا مِنْ فَرْعَيْ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشُّرْبِ حُكْمُهَا وَاحِدٌ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَالتَّفْرِقَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصِّهَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبُ عَبْدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَا يَبِرُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا حَنِثَ وَلَا يَدِينُ. (قَوْلُهُ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) حَاصِلُهُ كَمَا قَالَ عج أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الْحَلِفَ لِأَنَّهُ إنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ وَجُلِبَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَقْبَلْ نِيَّتُهُ تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ كَانَتْ مُوَافِقَةً بَلْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَنِثَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ نِيَّتَهُ تَنْفَعُهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَنِثَ فِي حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ فَيُنْكِرَ الْحِنْثَ فَيُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ كَذَا أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَفَعَلَهُ هَذَا ضِدُّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَادَّعَى نِيَّةً تَنْفَعُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ إنَّمَا يُعْقَلُ كَوْنُ الْبَيِّنَةِ تَشْهَدُ بِالْحَلِفِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحَلِفِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مُرَافَعَةً يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَتْوَى لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُرَافَعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالنِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِأَنَّهُ فِي الْمُخَالِفَةِ وَالْمُسَاوِيَةِ وَالْمُوَافِقَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَا لَا نِيَّةَ فِيهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَوْجُودَةٌ لَكِنَّهَا نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى اسْمٍ لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ فَيُجْعَلُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ أَيْ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ إلَّا فِي اسْتِحْلَافٍ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُهُ فِي الطِّخِّيخِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ لَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَلَا مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا) أَيْ وَحَلَفَ أَنَّهُ إنْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ مَا يُطَالِبُ بِهِ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ تَعْلِيقًا لِزَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُحَلِّفُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَفْظُ الطَّلَاقِ الصَّادِرُ مِنْهُ يَقْتَضِي وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا) كَأَنْ يَقُولَ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُوفِك رَأْسَ الشَّهْرِ فَيَقُولُ نَوَيْت وَاحِدَةً وَيَقُولَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَجَّزًا كَأَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَيَقْصِدَ حَاضِرَةً (قَوْلُهُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ كَانَ الطَّلَاقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ آيِلًا إلَيْهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ وَالْقَدِيرُ مُنَجَّزًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ أَيْ التَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ التَّوَثُّقُ) أَيْ قَطْعُ النِّزَاعِ فَالْمَعْنَى فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَيْ قَطْعُ نِزَاعٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقٍّ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَيْ مُتَوَثِّقٍ فِيهِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ حَقٍّ مُتَوَثِّقٍ فِيهِ أَيْ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ عَنْ حَقِّهِ) أَيْ كَأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ عِوَضُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا. (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ) أَفَادَ ذَلِكَ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَعِيسَى وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ إنْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فَعَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَخَصَّصَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْخِلَافَ بِمَا عَدَا الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ خِلَافُ طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ زَرْقُونٍ فَإِنَّهُمَا عَمَّمَا الْخِلَافَ وَزَادَا قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ أَوَّلُهُمَا عَكْسُ الثَّالِثِ إنْ حَلَفَ مُتَطَوِّعًا فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ لِأَجْلِهِ وَإِنْ اسْتَحْلَفَ فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ لَهُ ثَانِيهمَا إنَّمَا يَفْتَرِقُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْلَفًا أَوْ مُتَطَوِّعًا بِهِ فِيمَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَى نِيَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 لِنَفْعِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ. (ص) لَا إرَادَةُ مَيِّتَةٍ وَكَذِبٍ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ أَوْ حَرَامٍ وَإِنْ بِفَتْوَى (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَسِمَنٍ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى النِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ أَرَدْت امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي الْمَيِّتَةَ فَإِنَّ نِيَّتَهُ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى، وَكَذَا إذَا قَالَ امْرَأَتِي حَرَامٌ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّ كَذِبَهَا حَرَامٌ فَقَوْلُهُ وَكَذِبٍ عَطْفٌ عَلَى مَيِّتَةٍ وَالْعَامِلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ رَاجِعٌ إلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ وَحَرَامٌ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْكَذِبِ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ وَلَا يَصْدُقُ فِي إرَادَةِ الْمَيِّتَةِ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَجَارِيَتِي حُرَّةٌ وَلَا فِي إرَادَةِ الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ وَإِنْ بِفَتْوَى. (ص) ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ أَوْ كَانَتْ وَنَسِيَ ضَبْطَهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى بِسَاطِ يَمِينِهِ وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ كَمَا يَعْمَلُ عَلَى النِّيَّةِ مِنْ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ فِيمَا يَنْوِي فِيهِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِانْتِقَالٍ عَنْ النِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مَظِنَّةٌ لَهَا وَتَحْوِيمٌ عَلَيْهَا بِحَيْثُ إذَا تَذَكَّرَهَا الْحَالِفُ وَجَدَهُ مُنَاسِبًا لَهَا وَعَطَفَهُ عَلَى النِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تِلْكَ نِيَّةٌ صَرِيحَةٌ وَهَذِهِ نِيَّةٌ ضِمْنِيَّةٌ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ. . (ص) ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ وَلَيْسَ ثُمَّ بِسَاطٌ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ حُمِلَتْ عَلَى الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ لِأَنَّهُ غَالِبُ قَصْدِ الْحَالِفِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَوْلِيٌّ عَنْ الْفِعْلِيِّ فَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِثَالٌ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ اخْتِصَاصُ الْحَالِفِ لَا أَرْكَبُ دَابَّةً بِالْحِمَارِ دُونَ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا وَاخْتِصَاصُ الْمَمْلُوكِ بِالْأَبْيَضِ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثَالُ الْفِعْلِيِّ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ خُبْزًا فَالْخُبْزُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُخْبَزُ فِي عُرْفِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا يَأْكُلُونَ إلَّا الشَّعِيرَ فَقَطْ فَأَكْلُ الشَّعِيرِ عِنْدَهُمْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فَإِذَا أَكَلَ الْحَالِفُ خُبْزَ الْقَمْحِ حَنِثَ وَلَا يَكُونُ عُرْفُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْفِعْلِيُّ مُخَصِّصًا قَوْلُهُ قَوْلِيٌّ أَيْ عُرْفٌ مَنْسُوبٌ لِلْقَوْلِ بِأَنْ يَكُونَ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِحَسَبِ مُتَعَارَفِهِمْ فِي إطْلَاقِ أَقْوَالِهِمْ. (ص) ثُمَّ مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ اُعْتُبِرَ مُخَصِّصًا وَمُقَيِّدًا مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ أَيْ   [حاشية العدوي] الْحَالِفِ رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلْحَالِفِ نِيَّتَهُ فِي الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا. قَوْلٌ سَادِسٌ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي غَيْرِهَا أَقُولُ سِتَّةٌ لَا يَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَنَفَعَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ) وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ لَا إرَادَةٌ مَيِّتَةٌ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِي دَعْوَى الْمَيِّتَةِ وَدَعْوَى الْكَذِبِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ إرَادَةِ الْمَيِّتَةِ إرَادَةُ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُعْتَقَةِ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مَوْتُهَا قَبْلَ الْيَمِينِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حِينَ الْيَمِينِ حَيَّةً ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ) كَمَا إذَا قِيلَ لَهُ أَنْتَ تُزَكِّي النَّاسَ بِشَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُزَكِّي وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِلُزُومِ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالتَّزْكِيَةِ لَهُ وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْخُذُ لَحْمًا لِزَحْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا زَالَتْ تِلْكَ الزَّحْمَةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ بِالْبِسَاطِ فَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِالْفِعْلِ بِمُشَاجَرَةٍ حَصَلَتْ مِنْهَا ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الْمُشَاجَرَةُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِسَاطًا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ) فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى التَّعْمِيمِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ خَصَّصَتْ أَيْ ثُمَّ اُعْتُبِرَ بِسَاطُ يَمِينِهِ وَالِاعْتِبَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَعْمِيمٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَمِثَالُ الْمُعَمَّمِ كَمَا إذَا امْتَنَّ عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَوْ خَيْطًا. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْبِسَاطِ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كَوْنِ الْحَلِفِ عِنْدَ وُجُودِ الْبِسَاطِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ إذَا تَذَكَّرَهَا الْحَالِفُ) أَيْ فِي حَالِ حُصُولِ الْبِسَاطِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ) أَيْ عُرْفٌ عَامٌّ وَالشَّرْعِيُّ عُرْفٌ خَاصٌّ فَلَا إشْكَالَ بِأَنَّ الشَّرْعِيَّ دَاخِلٌ فِي الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ. (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلَدِ لَا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ لَفْظَ الْخُبْزِ يُطْلَقُ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ وَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْخُبْزِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ خُبْزَ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِ الشَّعِيرِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ تَبِعَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ وَالتَّحْقِيقُ اعْتِبَارُهُ فَيُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيَّدُ الْمُطْلَقَ كَمَا أَفَادَهُ الْبَاجِيُّ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَقْصِدَ الشَّرْعِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَعَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ فَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ إمَّا أَخَصُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْغَالِبُ أَوْ مُسَاوٍ كَمَا فِي الظُّلْمِ فَإِنَّهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ لُغَةً وَشَرْعًا وَحِينَئِذٍ فَيَشْكُلُ تَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا أُصَلِّي مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَيَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ أَنَّ لِلصَّلَاةِ مَعْنًى لُغَوِيًّا وَقَوْلُهُ هُنَا ثُمَّ إنَّ عَدَمَ مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنْ لَا مَعْنَى لَهَا فِي الدُّعَاءِ وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ عَنْ قَوْلِنَا كُلُّ مَعْنًى شَرْعِيٍّ فَهُوَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّ أَوْ مُسَاوٍ الْأَوَّلَ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مِثْلِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لُغَةً الزِّيَادَةُ وَالزِّيَادَةُ لِمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ كَانَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ كَالْعَدَمِ فَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُزَكِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالزَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِزِيَادَةِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَعِلْمِ الثَّانِي يُفْرَضُ فِي مِثْلِ الْقِسْطَاسِ فَإِنَّهُ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ وَلَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ مَا وَضَعَهُ الشَّارِعُ لَا مَا وَضَعَهُ أَهْلُ الشَّرْعِ فِيهِ. فَإِذَا حَلَفَ لَا وَزْنَ بِالْقِسْطَاسِ فَيَحْنَثُ بِوَزْنِ الْمِيزَانِ إذْ هُوَ مَعْنَى الْمِيزَانِ فِي غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي مِثَالِ الصَّلَاةِ فَيُجَابُ بِأَنَّ تَمْثِيلَهُ أَوَّلًا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ اللُّغَوِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ وَتَمْثِيلُهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ أُنَاسٍ لَمْ يُعْهَدْ عِنْدَهُمْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ كَالْعَدَمِ وَيَكُونُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لُغَةً كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَرْكَبُ دَابَّةً وَلَيْسَ لِأَهْلِ بَلَدِهِ عُرْفٌ فِي الدَّابَّةِ بَلْ لَفْظُ الدَّابَّةِ عِنْدَهُمْ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَاهُ لُغَةً وَهُوَ كُلُّ مَا دَبَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ حِينَئِذٍ بِرُكُوبِهِ وَلَوْ كَتِمْسَاحٍ، وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ إذْ هُوَ الصَّلَاةُ لُغَةً وَمَقْصَدٌ بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ ثَمَّ مَا يُقْصَدُ مِنْ اللُّغَةِ وَكَسْرِهَا وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِخِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّاسِخَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْسُوخِ. (ص) ثُمَّ شَرْعِيٌّ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ خُصِّصَ وَقُيِّدَ مَقْصَدٌ شَرْعِيٌّ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَيُصَلِّيَنَّ أَوْ لَا أُصَلِّي أَوْ لَيَتَوَضَّأَنَّ انْتَهَى. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا شَرَعَ فِي فُرُوعٍ تُبْنَى عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ وَهِيَ فِي أَنْفُسِهَا أَيْضًا أُصُولٌ وَمِنْ قَاعِدَتِهِ غَالِبًا أَنَّهُ يَأْتِي بِالْبَاءِ لِلْحِنْثِ وَبِلَا لِعَدَمِهِ فَقَالَ (ص) وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ وَفَرَّطَ حَتَّى تَعَذَّرَ حَنِثَ اتِّفَاقًا وَإِنْ بَادَرَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَالْمُؤَقَّتِ وَالْمُؤَقَّتُ تَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ عَقْلِيًّا كَمَوْتِ الْحَمَامِ الْمَحْلُوفِ بِذَبْحِهَا إذْ الذَّبْحُ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَيِّتِ فَلَا يَحْنَثُ وَتَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ شَرْعِيًّا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ اللَّيْلَةَ زَوْجَتَهُ فَيَجِدُهَا حَائِضًا أَوْ لَيَبِيعَنَّ الْيَوْمَ الْجَارِيَةَ فَيَجِدُهَا حَامِلًا فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَلِتَفْرِقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ دِينَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْوَطْءُ فَيَحْنَثُ أَوْ لَا فَلَا وَرَدَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهِمَا بِلَوْ وَتَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ عَادِيًّا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ الْحَمَامَةَ غَدًا فَسُرِقَتْ أَوْ غُصِبَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَيْ وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنْ وَطِئَ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَفِي بِرِّهِ فِي لَيَطَأَنَّهَا أَيْ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا فَوَطِئَهَا قَوْلَانِ (ص) لَا بِكَمَوْتِ حَمَامٍ فِي لَيَذْبَحَنَّهُ (ش) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا كَمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَى ذَبْحِهِ وَوَقَّتَ أَوْ أَطْلَقَ وَبَادَرَ وَلَمْ يُفَرِّطْ أَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُوَقِّتٍ وَفَرَّطَ فَالْحِنْثُ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى حَمَامٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ مِنْ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ بَقَاؤُهَا عَلَى حَالَتِهَا لِيَدْخُلَ مَنْ حَلَفَ لَيَلْبِسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَأَخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ فَخَلَعَهُ مِنْهُ آخَرُ وَحَرَقَهُ وَصَارَ رَمَادًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْحَالِفِ. (ص) وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِفَوْتٍ إلَخْ أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ بِالْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَوَاللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ دَارَ زَيْدٍ أَوْ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ يَنْوِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ لِقَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ وَبِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَهُ الْيَأْسُ أَوْ الْعَزِيمَةُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ عَلَى ضِدِّ مَا حَلَفَ فِي الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَا فِي الْبِرِّ فَفِي تَعْمِيمِ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلْحِنْثِ وَالْبِرِّ نَظَرٌ. (ص) وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَهَذَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ) أَيْ صَاحِبَ الشَّرْعِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مُقَرِّرِي الشَّرْعِ كَالْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ شَرْعٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُقَرِّرِينَ لِلشَّرْعِ إلَّا أَنَّ حَلِفَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَوْ لَيَتَوَضَّأَنَّ) أَيْ أَوْ لَا يَتَوَضَّأُ. (قَوْلُهُ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْبِرِّ) بِكَسْرِ الضَّادِ (قَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى الْمَانِعِ الْعَادِيِّ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ النَّصَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَنِثَ اتِّفَاقًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْعَادِيِّ الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَانِعِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمَانِعِ الْعَادِيِّ كَالْعَقْلِيِّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ يَحْنَثُ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَلَا حِنْثَ بِالْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ إذَا تَقَدَّمَ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ فَلَا حِنْثَ فِي ثَلَاثٍ وَهُوَ مَا إذَا أَقَّتَ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يُؤَقِّتْ وَلَمْ يُفَرِّطْ فَإِذَا لَمْ يُؤَقِّتْ وَفَرَّطَ فَيَحْنَثُ وَأَمَّا الْمَانِعُ الْعَادِيُّ فَلَا حِنْثَ بِالْمُتَقَدِّمِ فَرَّطَ أَوْ لَا أَقَّتَ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَيَحْنَثُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا وَلَا يَخْفَى مَا فِي التَّقْسِيمِ مِنْ التَّسَامُحِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مُتَقَدِّمًا إلَى الْيَمِينِ فَلَا يَتَأَتَّى تَفْرِيطٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَادَرَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَالْمُؤَقَّتِ) إلَّا أَنَّهُ تَتَأَتَّى الْمُخَالَفَةُ فَكَالْمُؤَقَّتِ إلَّا أَنَّهُ تَتَأَتَّى الْمُخَالَفَةُ فِي الْجُمْلَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَكَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا وَيَزُولُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّ الزَّوْجَةَ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ ثُمَّ حَصَلَ حَيْضٌ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِوَطْئِهَا بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْحَيْضِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَخَلَعَهُ مِنْهُ آخَرُ) أَيْ نَزَعَهُ. (قَوْلُهُ وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ) مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَرْتَجِعْهَا فَيَزُولُ يَمِينُهُ وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْنَثَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَإِذَا كَانَ لَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ فِي الطَّلَاقِ فَأَوْلَى الْيَمِينُ بِاَللَّهِ. (قَوْلُهُ وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ) أَيْ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ قَيَّدَ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ كَذَا عَمْدًا فَلَا حِنْثَ بِالنِّسْيَانِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ عَمْدًا وَلَا نِسْيَانًا فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا فَالشَّرْطُ لَهُ مَفْهُومَانِ مُوَافَقَةٌ وَمُخَالَفَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ إذَا خَالَفَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] إذْ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ فَحَنِثْتُمْ وَالْحِنْثُ مُخَالَفَةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي النِّسْيَانِ كَحُصُولِهَا فِي الْعَمْدِ فَوَجَبَ مُسَاوَاتُهُمَا حُكْمًا وَلِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى إلْحَاقِ الْمُخْطِئِ بِالْعَامِدِ مِثَالُ الْجَهْلِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَنْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ فِي وَقْتِ كَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمِثَالُ الْخَطَأِ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فَيَدْخُلَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُهَا هَذَا فِي الْفِعْلِ وَمِثَالُهُ فِي الْقَوْلِ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَذْكُرُ فُلَانًا فَأَرَادَ ذِكْرَ غَيْرِهِ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ ذِكْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ غَلَطًا أَوْ لَا كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَمْرٌو. (ص) وَبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ بَعْضَهُ كَقَوْلِهِ لَا آكُلُ رَغِيفًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ وَلَوْ لُقْمَةً وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِرِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَلَا يَبِرُّ بِالْبَعْضِ فَإِذَا قَالَ لَآكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ مَثَلًا فَلَا يَكْفِي فِي بِرِّهِ إلَّا أَكْلُ جَمِيعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ قَوْلُهُ وَبِالْبَعْضِ الْحِنْثُ وَلَوْ قَيَّدَ بِكُلٍّ فَقَالَ لَا آكُلُهُ كُلُّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ لَا الْكُلِّ فَيَتَعَلَّقُ بِالْأَجْزَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْكُلِّيَّةُ هِيَ الْحُكْمُ عَلَى كُلٍّ فَرْدٍ فَرْدٍ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فَرْدٌ كَكُلِّ رَجُلٍ يُشْبِعُهُ رَغِيفَانِ غَالِبًا فَالْحُكْمُ صَادِقٌ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيَّةِ وَالْكُلُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ كَكُلِّ رَجُلٍ يَحْمِلُ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ فَهَذَا الْحُكْمُ صَادِقٌ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّ دُونَ الْكُلِّيَّةِ فَقَوْلُهُ وَبِالْبَعْضِ أَيْ وَالصِّيغَةُ صِيغَةُ بِرٍّ وَقَوْلُهُ عَكْسُ الْبِرِّ أَيْ وَالصِّيغَةُ صِيغَةُ حِنْثٍ. (ص) وَبِسَوِيقٍ أَوْ لَبَنٍ فِي لَا آكُلُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِشُرْبِ السَّوِيقِ وَاللَّبَنِ فِي قَوْلِهِ لَا آكُلُ لِأَنَّهُ أَكَلَ شَرْعًا وَلُغَةً، وَهَذَا إذَا قَصَدَ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِي بَطْنِهِ طَعَامٌ وَالسَّوِيقُ وَاللَّبَنُ طَعَامٌ وَإِنْ قَصَدَ الْأَكْلَ دُونَ الشُّرْبِ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا. (ص) لَا مَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ فَشَرِبَ مَاءً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا عُرْفًا وَإِنْ كَانَ طَعَامًا شَرْعًا لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ. (ص) وَلَا بِتَسَحُّرٍ فِي لَا أَتَعَشَّى (ش) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّسَحُّرِ وَهُوَ الْأَكْلُ آخِرَ اللَّيْلِ فِي حَلِفِهِ لَا أَتَعَشَّى لِأَنَّ السُّحُورَ لَيْسَ بِعَشَاءٍ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ مِنْ الْغَدَاءِ. (ص) وَذُوَاقٌ لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ (ش) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامَ كَذَا أَوْ لَا يَشْرَبَ شَرَابَ كَذَا فَذَاقَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ لِيَصِحَّ الْكَلَامُ وَمَعْنَاهُ وَلَا يَحْنَثُ بِكَذَا وَلَا بِذَوَاقِ شَيْءٍ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّغَذِّي وَلَمْ يَحْصُلْ وَلَا بَعْضُهُ فَقَوْلُهُ وَذَوَاقٌ أَيْ مَذُوقٌ. (ص) وَبِوُجُودِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلنِّسْيَانِ أَيْ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَيُحْمَلُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» الَّذِي احْتَجَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِالنِّسْيَانِ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ وَإِلَّا فَرَفْعُ الْوَاقِعِ مُحَالٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ) أَيْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ وَلِاتِّفَاقِهِمْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحِ لِلْخَطَأِ بِمَا تَرَى وَأَمَّا النِّسْيَانُ كَمَنْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَهَا نَاسِيًا لِلْحَلِفِ (قَوْلُهُ وَمِثَالُ الْخَطَأِ أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) فَهَذَا لَا يُقَالُ لَهُ نِسْيَانٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ خَطَأٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ لِشُهْرَةِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الشُّهْرَةَ إذَا لَمْ يَسْبِقْ النَّفْيُ لَفْظَ كُلٍّ وَأَمَّا إذَا سَبَقَ النَّفْيُ لَفْظَ كُلٍّ فَلَيْسَتْ بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ بَلْ بِمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي (قَوْلُهُ الْكُلِّيَّةِ لَا الْكُلِّ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْكُلَّ حَقِيقَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ فَيَتَعَلَّقُ بِالْإِجْزَاءِ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْمُوعِ) أَيْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْ الْأَفْرَادِ فَإِذًا اسْتِعْمَالُ الْمَجْمُوعِ فِي الْبَعْضِ مَجَازٌ كَمَا أَفَادَهُ مَنْ حَقَّقَ مِنْ شُيُوخِنَا. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا حَنِثَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ دُونَ الْبِرِّ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِفِعْلِ الْكُلِّ وَوَجْهُهُ أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ غَالِبًا أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْحِلِّ إلَى التَّحْرِيمِ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَمِنْ التَّحْرِيمِ إلَى الْحِلِّ بِالْعَكْسِ فَالْعَقْدُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مُبَاحٌ وَتَذْهَبُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْأَبِ عَلَيْهَا وَلَا تَذْهَبُ حُرْمَةُ الْمَبْتُوتَةِ إلَّا بِمَجْمُوعِ أُمُورٍ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا الْمُحَلَّلُ وَوَطِئَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِشُرْبِ السَّوِيقِ) أَيْ فَالسَّوِيقُ يُوضَعُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُشْرَبُ ذَلِكَ الْمَاءُ كَالْعَجِينِ الَّذِي يُذَابُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُشْرَبُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْأَكْلَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّضْيِيقَ بَلْ قَصَدَ مَدْلُولَ لَفْظِ أَكَلَ وَمِثْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ قَصْدُ شَيْءٍ أَصْلًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ طَعَامًا شَرْعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَاءُ زَمْزَمَ طَعَامًا شَرْعًا أَيْ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَانْظُرْ عَلَى طَرْدِ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ لَوْ كَانَ قَصْدُهُ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ جَوْفَهُ شَيْءٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ ك أَيْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ طَعَامًا أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ فِي الْغِذَاءِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ أَنْ يَكُونَ طَعَامًا. (قَوْلُهُ وَلَا بِتَسَحُّرٍ فِي لَا أَتَعَشَّى) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَرْكَ الْأَكْلِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَبِتَسَحُّرٍ فَيَحْنَثُ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَلَا بِذَوَاقِ شَيْءٍ لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِوُصُولِهِ إلَى الْحَلْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ وَمَنْ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ شَيْءٌ لَمْ يُمْسِكْ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ التَّغَذِّي بِمَا يُشْغِلُ الْمَعِدَةَ وَالْوَاصِلُ لِلْحَلْقِ فَقَطْ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ أَيْ مَذُوقٍ) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ شَيْءٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 أَكْثَرَ فِي لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لِمُتَسَلِّفٍ لَا أَقَلَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَحَنِثَ بِكَذَا يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا لَغْوَ فِيهِ لِمَنْ سَأَلَهُ قَرْضَ خَمْسَةَ عَشَرَ لَيْسَ مَعِي إلَّا عَشَرَةٌ فَوَجَدَهَا أَحَدَ عَشَرَ وَلَا يَحْنَثُ إذَا وَجَدَهَا تِسْعَةً لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ مَعِي مَا يَزِيدُ عَلَى مَا حَلَفْت عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِسَاطُ يَمِينِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ وَنَحْوِهِمَا. (ص) وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ وَلُبْسِهِ فِي لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ لَا أَلْبَسُ الثَّوْبَ وَهُوَ عَلَيْهِ وَتَمَادَى عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَنِثَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَلَوْ حَلَفَ لَأَلْبِسَنَّ أَوْ لَأَرْكَبَنَّ بِرَّ بِالدَّوَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الدَّوَامُ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ بَلْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِالنُّزُولِ لَيْلًا وَلَا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ وَلَا بِنَزْعِ الثَّوْبَ لَيْلًا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ فَائِدَةُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ. (ص) لَا فِي كَدُخُولٍ (ش) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِ الدُّخُولِ حَيْثُ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الدُّخُولِ ثُمَّ تَمَادَى عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالدُّخُولِ ابْتِدَاءً وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا أَرْكَبُهَا وَالدَّارُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا. (ص) وَبِدَابَّةِ عَبْدِهِ فِي دَابَّتِهِ (ش) قَالَ فِيهَا وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ لَعَتَقَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَكَذَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ وَلَدِهِ مِمَّا لِلْأَبِ اعْتِصَارُهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُ اهـ. لَكِنَّ تَخْصِيصَ عَدَمِ الْحِنْثِ بِأَشْهَبَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ يَحْنَثُ فِي دَابَّةِ الْوَلَدِ كَمَا فِي شَرْحِ س وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنَّمَا حَنِثَ هُنَا لِأَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ عَبْدِهِ كَمَا تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَقَلِّ الْأَشْيَاءِ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْمُكَاتَبُ كَغَيْرِهِ. (ص) وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ فِي لَأَضْرِبَنَّهُ كَذَا (ش) أَيْ وَلَا يَبِرُّ مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مَثَلًا مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَ الْأَسْوَاطَ الْمِائَةَ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْتَسِبُ بِالضَّرْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ بِالْأَسْوَاطِ الْمَجْمُوعَةِ أَصْلًا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَا إيلَامٌ كَإِيلَامِ الْوَاحِدَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَإِلَّا حُسِبَتْ وَاحِدَةً كَمَا يَرْشُدُ لَهُ التَّعْلِيلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ رَمَى الْحَصَيَاتِ السَّبْعَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ فِي رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا كَحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْحَصَاةِ الرَّمْيُ وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالضَّرْبَةِ الْإِيلَامُ وَلَمْ يَحْصُلْ. (ص)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَصَوْمِ الْعَامِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا لَغْوَ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ وَجَدَهُ أَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ لَا حِنْثَ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ أَوْ لَا وَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ أَكْثَرَ فَيَحْنَثُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ (قَوْلُهُ بِرَّ بِالدَّوَامِ) أَيْ دَوَامِ اللُّبْسِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ لُبْسَ الثَّوْبِ فِيهَا أَوْ الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ رُكُوبَ الدَّابَّةِ فِيهَا فَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا مِثْلَ مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَقَالَ وَاَللَّهِ لَأَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ إلَّا إذَا رَكِبَهَا الْمَسَافَةَ بِتَمَامِهَا وَلَا يَضُرُّهُ النُّزُولُ لَيْلًا وَلَا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِمَّا يَقْتَضِي رُكُوبَهُ الْمَسَافَةَ بِتَمَامِهَا أَوْ بَعْضِهَا وَقَوْلُهُ وَلَا بِنَزْعِ الثَّوْبِ أَيْ فِي وَقْتِ النَّوْمِ مَثَلًا تَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا فِي كَدُخُولِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ يُعَدُّ رَاكِبًا بِالدَّوَامِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُعَدُّ دَاخِلًا بِالْجُلُوسِ فِي الدَّارِ ذَكَرَهُ بَهْرَامُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ مِثْلُ إنْ حِضْت أَوْ طَهُرْت أَوْ حَمَلْت أَوْ نِمْت وَهِيَ مُتَّصِفَةٌ بِهِ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِمْرَارِهَا عَلَى ذَلِكَ حِينَ حَلَفَ اُنْظُرْ تَمَامَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحِلِّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِ الدُّخُولِ) أَيْ الْمُكْثِ لِأَنَّهُ حَلَفَ وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِيهَا. (قَوْلُهُ لِعِتْقٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ مِمَّا لِلْأَبِ اعْتِصَارُهُ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَ زَيْدٌ لِابْنِهِ دَابَّةً وَلَهُ اعْتِصَارُهَا وَحَلَفَ إنْسَانٌ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ زَيْدٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ ابْنِ زَيْدٍ الَّتِي وَهَبَهَا أَبُوهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيَحْنَثُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الدَّابَّةُ مَوْهُوبَةً لِلْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ ابْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الطِّخِّيخِيُّ أَنَّ دَابَّةَ وَالِدِهِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِرُكُوبِهَا وَلَوْ كَانَ لِلْوَالِدِ اعْتِصَارُهَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ عَبْدِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي دَابَّةِ الْوَالِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا) أَيْ التَّعْلِيلِ وَهُوَ أَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي دَابَّةِ عَبْدِهِ فَالْمُكَاتَبُ كَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِنْثِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ يُوقَفُ عَنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَظْهَرَ هَلْ عَجَزَ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ إلَخْ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ الْآخَرِ فِيمَا عَدَا مَحَلِّ مَسْكِهِ وَيَحْصُلُ بِكُلٍّ إيلَامُ الْمُنْفَرِدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ بِذَلِكَ فَلَوْ ضَرَبَهُ الْعَدَدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَمِائَةٍ سَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ خَمْسِينَ ضَرْبَةً فَإِنَّهُ يُجْتَزَأُ بِخَمْسِينَ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يَبِرُّ مَنْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحِنْثِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمُصَنِّفُ عَدَمُ الْبِرِّ فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْحِنْثِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ تَجَوُّزٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاءَ تَكُونُ لِلْحِنْثِ غَالِبًا وَيَكُونُ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَى ضَرْبِهِ فِيهِ فَيَحْنَثُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ وَهُوَ أَنَّ الْقَصْدَ الْإِيلَامُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 وَبِلَحْمِ الْحُوتِ وَبَيْضِهِ وَعَسَلِ الرُّطَبِ فِي مُطْلَقِهَا (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ الْحِيتَانِ وَالطَّيْرِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَجْمَعُ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 21] وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ بَيْضًا أَوْ رُءُوسًا بِأَكْلِ بَيْضِ الْحُوتِ أَوْ رُءُوسِهِ وَالْمُرَادُ بِبَيْضِ الْحُوتِ بَيْضُ التُّرْسِ وَالتِّمْسَاحِ لِأَنَّ لَهُمَا بَيْضًا وَأَمَّا الْبَطَارِخُ فَقَدْ دَخَلَ فِي لَحْمِ الْحُوتِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ بَيْضُ الْحَشَرَاتِ أَوْ لَحْمُ الْآدَمِيِّ فِي مُطْلَقِهَا احْتِيَاطًا لِشُمُولِ ذَلِكَ لُغَةً أَوْ لَا لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ لَحْمًا وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ عَسَلًا بِأَكْلِ عَسَلِ الرُّطَبِ وَمِثْلُهُ عَسَلُ النَّخْلِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِعَسَلِ الرُّطَبِ أَيْ وَالْخَرُّوبِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِأَكْلِ مَا طُبِخَ بِالْعَسَلِ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فِي مُطْلَقًا مُطْلَقُ كُلِّ جِنْسٍ مِمَّا ذُكِرَ أَيْ مُطْلَقُ اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْعَسَلِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ أَوْ الْبِسَاطِ بِالْأَنْعَامِ وَالدَّجَاجِ وَالنَّحْلِ وَغَيْرِهَا. (ص) وَبِكَعْكٍ وخشكنان وَهَرِيسَةٍ وَإِطْرِيَةٍ فِي خُبْزٍ لَا عَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الْخُبْزِ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَاصَّةِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ وَالْخَشْكِتَانِ اسْمٌ عَجَمِيٌّ عَلَى عُجْمِيَّتِهِ وَهُوَ كَعْكٌ مَحْشُوٌّ بِسُكَّرٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَالْأَطْرِيَةُ قِيلَ هِيَ مَا تُسَمَّى فِي زَمَانِنَا الشِّعْرِيَّةَ وَقِيلَ مَا تُسَمَّى الرِّشْتَة وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا يَجْرِي عَلَى عُرْفِ زَمَانِنَا وَالْجَارِي عَلَيْهِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ. (ص) وَبِضَأْنٍ وَمَعْزٍ وَدِيَكَةٍ وَدَجَاجَةٍ فِي غَنَمٍ وَدَجَاجٍ لَا بِأَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ (ش) ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ غَنَمًا حَنِثَ بِأَكْلِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْحَالِفُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ وَالْحَالِفُ عَلَى الدَّجَاجِ يَحْنَثُ بِالدِّيكِ وَالدَّجَاجَةِ وَعَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ فَقَوْلُهُ فِي غَنَمٍ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ وَقَوْلُهُ وَدَجَاجٌ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَدِيَكَةٍ وَدَجَاجَةٍ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ. (ص) وَبِسَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ فِي سَوِيقٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ سَمْنًا بِأَكْلِهِ مُسْتَهْلَكًا فِي سَوِيقٍ أَيْ لَتَّهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ خَالِصًا وَسَوَاءٌ وَجَدَ طَعْمَهُ أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِهَا خِلَافًا لِابْنِ مُيَسَّرٍ. (ص) وَبِزَعْفَرَانٍ فِي طَعَامٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ زَعْفَرَانًا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي طَعَامٍ قَالَ سَحْنُونَ وَلَا يَنْوِي لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ هَكَذَا يُؤْكَلُ وَأَمَّا الْخَلُّ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي طَعَامٍ طُبِخَ بِهِ فَلَا يَحْنَثُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ (لَا بِكَخَلٍّ طُبِخَ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السَّوِيقِ لِأَنَّ السَّمْنَ يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَاءَ الْوَرْدِ وَالْخِلَافَ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (ص) وَبِاسْتِرْخَاءٍ لَهَا فِي لَا قَبَّلْتُك أَوْ لَا قَبَّلْتنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِأَنْ قَالَ لَا قَبَّلْتُك أَوْ ضَاجَعْتُك وَاسْتَرْخَى لَهَا حَتَّى قَبَّلَتْهُ هِيَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا قَبَّلَتْهُ عَلَى فَمِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لَهَا لَا قَبَّلْتِنِي أَنْتَ أَوْ ضَاجَعْتِنِي أَنْتَ حَنِثَ بِتَقْبِيلِهَا أَوْ مُضَاجَعَتِهَا لَهُ، سَوَاءٌ اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَبَّلَتْهُ عَلَى الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهَا وَقَدْ وُجِدَ فَفِي تَسْوِيَةِ الْمُؤَلِّفِ بَيْنَهُمَا فِي التَّقْيِيدِ بِالِاسْتِرْخَاءِ نَظَرٌ وَلَوْ قَالَ وَبِتَقْبِيلِهَا مُطْلَقًا فِي لَا قَبَّلْتِنِي كَلَا قَبَّلْتُك وَقَبَّلَهَا كَأَنْ قَبَّلَتْهُ إنْ اسْتَرْخَى لَهَا وَقَبَّلَتْهُ فِي فِيهِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ زِيَادَةٍ بِلَا تَكَلُّفٍ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَطَارِخُ إلَخْ) إلَّا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْحُوتِ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَطَارِخِهِ لِتَقَرُّرِ الْعُرْفِ فِي زَمَانِنَا بِأَنَّ لَحْمَ الْحُوتِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْبَطَارِخِ يَبْقَى النَّظَرُ إذَا قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ مُشِيرًا لِلَحْمِ الْحُوتِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَطَارِخِهِ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ فَرْعُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ) لَا وَجْهَ لِذَلِكَ التَّنْظِيرِ لِأَنَّ الشُّمُولَ لُغَةً مَوْجُودٌ وَعَدَمُهُ عُرْفًا مَعْلُومٌ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ عَسَلُ النَّخْلِ) أَيْ أَنَّ النَّخْلَ يَخْرُجُ مِنْهُ عَسَلٌ يُطْبَخُ عِنْدَ قَطْعِ رَأْسِهَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ) وَانْظُرْ هَلْ هَذِهِ النِّيَّةُ مُخَالِفَةٌ لِلظَّاهِرِ مُخَالَفَةً قَرِيبَةً فَيَفْصِلُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ مُوَافِقَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْعَادَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ وَإِطْرِيَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ وَدِيَكَةٍ) ذُكُورُ الدَّجَاجِ وَقَوْلُهُ وَدَجَاجَةٍ إنَاثُ الدَّجَاجِ وَذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ دَالَ الدَّجَاجِ مُثَلَّثَةٌ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ فَتْحَ الدَّالِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَبِسَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ مِنْ السَّوِيقِ (قَوْلُهُ أَيْ لَتَّهُ) وَأَمَّا إنْ اُسْتُهْلِكَ فِي طَعَامٍ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ كَمَا قَالَهُ تت فَيَكُونُ كَالْخَلِّ الْمُسْتَهْلَكِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِهْلَاكِهِ بِالطَّبْخِ أَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ اُسْتُهْلِكَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ مُيَسَّرٍ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا وَجَدَ طَعْمَهُ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ هَكَذَا يُؤْكَلُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْلِيلِ السَّمْنِ فِي سَوِيقٍ أَنَّ الْحِنْثَ حَيْثُ وُجِدَتْ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَإِنْ انْتَفَيَا فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ لَا بِكَخَلٍّ إلَخْ) أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى الْحِنْثِ وَلَكِنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحِنْثِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا الْخَلَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ فِي الطَّعَامِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ طُبِخَ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ عَلَى الطَّعَامِ حَنِثَ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافَ) شَجَرُ الصَّفْصَافِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إنْ قَبَّلَتْهُ عَلَى فَمِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ قَبَّلَهَا هُوَ فَيَحْنَثُ قَبَّلَهَا فِي فَمِهَا أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِنِيَّةِ الْفَمِ (قَوْلُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِاسْتِرْخَائِهَا فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحِنْثُ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِتَقْبِيلِهَا مُطْلَقًا) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ اسْتَرْخَى أَمْ لَا كَانَتْ عَلَى الْفَمِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَلَا قَبَّلْتُك وَقَبَّلَهَا) أَيْ عَلَى الْفَمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 وَبِفِرَارِ غَرِيمِهِ فِي لَا فَارَقْتُك أَوْ فَارَقْتنِي إلَّا بِحَقِّي وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِنْ أَحَالَهُ (ش) أَيْ وَهَكَذَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا إذَا حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ إلَّا بِحَقِّهِ فَفَرَّ مِنْهُ حَنِثَ حَيْثُ فَرَّطَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُفَرِّطْ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ انْفَلَتَ مِنْهُ كَرْهًا أَوْ اسْتِغْفَالًا وَكَمَا يَحْنَثُ بِالْفِرَارِ مِنْ غَيْرِ إحَالَةٍ يَحْنَثُ وَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ الْحَوَالَةَ وَلَا يَنْفَعُهُ نَقْضُهَا وَلَا يَنْفَعُهُ قَبْضُهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُحِيلِ وَمِثْلُ إلَّا بِحَقِّي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي أَوْ أَقْبِضُ حَقِّي وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا فَارَقْتُك أَوْ فَارَقْتنِي وَلِي عَلَيْك حَقٌّ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِالْحَوَالَةِ دُونَ الرَّهْنِ وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا فَارَقْتنِي أَوْ فَارَقْتُك وَبَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ. (ص) وَبِالشَّحْمِ فِي اللَّحْمِ لَا الْعَكْسُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَا آكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الشَّحْمَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ اللَّحْمِ لَا الْعَكْسِ. (ص) وَبِفَرْعٍ فِي لَا آكُلُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ أَوْ هَذَا الطَّلْعِ (ش) عَبَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ هَذَا الْفَصْلِ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْأُصُولِ هَلْ يَقْتَضِي الْحِنْثَ بِفِعْلِ الْفُصُولِ وَبَعْضُهُمْ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْأُمَّهَاتِ هَلْ يَقْتَضِي الْحِنْثَ بِالْبَنَاتِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ وَبِفَرْعٍ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِمُلَابَسَةِ الْفَرْعِ فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ أَصْلِهَا إنْ أَتَى فِي يَمِينِهِ بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فَقَطْ كَوَاللَّهِ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الطَّلْعِ أَوْ هَذَا الطَّلْعُ فَيَحْنَثُ بِبُسْرِهِ وَرُطَبِهِ وَعَجْوَتِهِ وَتَمْرِهِ وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَ الْإِشَارَةَ وَمِنْ جَمِيعًا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِعَيْنِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ عَرَّفَ أَوْ نَكَّرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لَا الطَّلْعِ أَوْ طَلْعًا) فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُتَوَلَّدِ مِنْ الْفُرُوعِ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ كَهَذَا الطَّلْعِ الْقَمْحُ وَاللَّبَنُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ كُلِّ أَصْلٍ فَيَحْنَثُ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ وَالْخُبْزِ وَالْكَعْكِ وَبِالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالتَّمْرُ وَمَا مَعَهُ فِيهِ أَجْزَاءُ الطَّلْعِ وَالزُّبْدُ وَالسَّمْنُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَالْإِشَارَةُ تَنَاوَلَتْ الْجَمِيعَ (ص) إلَّا بِنَبِيذِ زَبِيبٍ أَوْ مَرَقَةِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمِهِ وَخُبْزِ قَمْحٍ وَعَصِيرِ عِنَبٍ (ش) يَعْنِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ وَلَا بِمِنْ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْفُرُوعِ إلَّا فِي مَسَائِلَ خَمْسٍ: مِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الزَّبِيبِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْعِنَبِ مُعَرِّفًا أَوْ مُنَكِّرًا فَيَحْنَثُ بِشُرْبِهِ لِنَبِيذِ مَا ذُكِرَ. وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ اللَّحْمِ أَوْ الشَّحْمِ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَيَحْنَثُ بِمَرَقَةِ مَا ذُكِرَ وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلٍ الْقَمْحِ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهِ وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الْعِنَبِ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا فَيَحْنَثُ بِشُرْبِ عَصِيرِهِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ كَالْمُسْتَغْنَى عَنْهَا لِأَنَّهُ إذَا حَنِثَ بِالنَّبِيذِ فَأَوْلَى بِالْعَصِيرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِي هَذِهِ الْخَمْسِ لِقُرْبِ الْفَرْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْعَصِيرُ أَقْرَبُ إلَى الْعِنَبِ مِنْ النَّبِيذِ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ. (ص) وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ إنْ نَوَى الْمَنَّ لَا لِرَدَاءَةٍ أَوْ سُوءِ صَنْعَةِ   [حاشية العدوي] مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ فِي قَبَّلَتْنِي يَحْنَثُ مُطْلَقًا اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا قَبَّلَتْهُ عَلَى الْفَمِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ أَيْ قَوْلُهُ كَلَا قَبَّلْتُك وَقَبَّلَهَا وَقَوْلُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ أَيْ مَعَ وُضُوحِ الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِتَكَلُّفِ شَيْءٍ فِي الْعِبَارَةِ أَيْ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِيهِ عَدَمُ التَّوْفِيَةِ وَفِيهِ التَّكَلُّفُ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِخِلَافِ عُرْفِ مِصْرَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُفَرِّطْ عَلَى الْمَشْهُورِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ لَا فَارَقْتُك لَا فِيمَا إذَا قَالَ لَا فَارَقَتْنِي فَحِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى لِلْخِلَافِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّحْمَ مُتَوَلِّدٌ عَنْ اللَّحْمِ) لَا يُقَالُ إذَا كَانَ الشَّحْمُ فَرْعًا لِلَّحْمِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ إلَّا إذَا أَتَى فِي يَمِينِهِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِمِنْ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ نَحْوُ حَلِفِهِ لَا آكُلُ هَذَا اللَّحْمَ أَوْ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ (قَوْلُهُ وَبِفَرْعٍ) أَيْ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْيَمِينِ فِي حَلِفِهِ بِخِلَافِ: مِنْ طَلْعِ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الشَّاةِ فَيَحْنَثُ بِالْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ كَالْمُتَأَخِّرِ (قَوْلُهُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ إلَخْ) مِنْ لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِآكُلُ بَلْ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الطَّلْعِ وَالشَّيْءُ شَامِلٌ لِلطَّلْعِ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِ " مِنْ " وَعَدِّ الْإِيتَانِ بِهَا أَيْ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَطْوَارَهُ أَبْعَاضٌ لَهُ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ الْفَرْعُ مِنْهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى الْفَرْعِ فَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ فَلَا يَحْنَثُ بِالطَّلْعِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا الطَّلْعَ) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَا آكُلُ الطَّلْعَ (قَوْلُهُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرْجَمَةَ هُنَا الِاسْتِفْهَامُ بِدُونِ بَابٍ أَوْ فَصْلٍ (قَوْلُهُ أَجْزَاءَ الطَّلْعِ) لَكِنْ مَعَ تَغْيِيرِ الصُّورَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ) إنَّمَا حَنِثَ فِي هَذِهِ بِمَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ لِقُرْبِ هَذِهِ الْمُتَوَلِّدَاتِ مِنْ أَصْلِهَا قُرْبًا قَوِيًّا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ اللَّحْمِ إلَخْ) أَفَادَهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ شَحْمِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَحْمٍ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ يُعْطَفُ عَلَى مَرَقَةِ لَحْمٍ أَيْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ أَوْ لَحْمًا فَيَحْنَثُ بِشَحْمِهِ وَهِيَ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ لَكِنْ أَعَادَهَا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَعَلَى حَلِّ الشَّارِحِ لَا تَكُونُ مِنْ النَّظَائِرِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الْقَمْحِ) وَمِثْلُ الْحِنْطَةِ الشَّعِيرُ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا حَنِثَ بِالنَّبِيذِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْخَلِّ فِيمَنْ إذَا قَالَ لَا آكُلُ عِنَبًا ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْحِنْثُ فِي الْعِنَبِ بِنَبِيذِهِ كَنَبِيذِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ لَا أَعْرِفُهُ اهـ وَاسْتَشْكَلَ التُّونُسِيُّ الْحِنْثَ بِالنَّبِيذِ فِي الثَّلَاثَةِ قَالَ لِأَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَ زُبْدًا أَوْ لَا يَأْكُلُ زُبْدًا فَأَكَلَ سَمْنًا أَوْ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ تَمْرًا أَوْ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا يَأْكُلُ قَصَبًا لَا بَأْسَ بِأَكْلِ عَسَلِ الْقَصَبِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا يَحْنَثُ بِشُرْبِ نَبِيذِهِ (قَوْلُهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِنَبِ مِنْ النَّبِيذِ) أَيْ مِنْ قُرْبِ النَّبِيذِ مِنْ الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْمَنَّ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 طَعَامٍ (ش) يَعْنِي وَهَكَذَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَأَكَلَ مِمَّا أَنْبَتَتْهُ أَوْ مِمَّا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا وَهَذَا إذَا نَوَى قَطْعَ الْمَنِّ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَهُ لَوْلَا أَنَا أُطْعِمُك مَا عِشْت وَلَوْلَا وَجَدْت مَا تَأْكُلُهُ لَضِعْت وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ فِي الْحِنْطَةِ مِنْ رَدَاءَةٍ أَوْ سُوءِ صَنْعَةٍ فِي الطَّعَامِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ جُوِّدَ لَهُ وَقَوْلُهُ لَا لِرَدَاءَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ أَنَّ الْحَلِفَ بِقَطْعِ الْمَنِّ لَا لِرَدَاءَةٍ فَإِنْ قُلْت لِمَ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَا إذَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ مَعَ أَنَّ مَنْ نَوَى قَطْعَ الْمَنِّ لَا يَتَقَيَّدُ حِنْثُهُ بِمَا أَنْبَتَتْهُ بَلْ لَوْ بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْمَخْرَجِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا لِرَدَاءَةٍ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا أَنْبَتَتْهُ وَأَحْرَى مَا اشْتَرَى بِثَمَنِهَا. (ص) وَبِالْحَمَّامِ فِي الْبَيْتِ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَمَّامَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا فَلَا حِنْثَ وَلَيْسَتْ كَبَيْتِ جَارِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي مَبْنَاهَا الْعُرْفُ كَهَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْحِنْثِ بِمِصْرَ الْآنَ إذْ لَا يُطْلَقُ الْبَيْتُ عَلَى الْحَمَّامِ فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ. (ص) أَوْ دَارِ جَارِهِ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ بَيْتَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي دَارِ جَارِهِ أَيْ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ مِنْ الْحُقُوقِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَشْبَهَ بَيْتَهُ أَوْ لِأَنَّ الْجَارَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ جَارِهِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ عُرْفًا وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْحَالِفِ وَتَكُونُ دَارُ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَحْرَى لَكِنْ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحَالِفِ تَخْتَصُّ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا بِالتَّنْوِينِ لَا بَيْتَهُ بِالْإِضَافَةِ فَلَا يَحْنَثُ. (ص) أَوْ بَيْتِ شَعْرٍ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ أَوْ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ شَعْرٍ أَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا أَوْ لَا أَسْكُنُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتَ شَعْرِهِ أَوْ سَكَنَ بَيْتَ شَعْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80] الْآيَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِيَمِينِهِ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَسْمَعَ بِقَوْمٍ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنُ فَحَلَفَ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ بِسُكْنَى بَيْتِ الشَّعْرِ. (ص) كَحَبْسٍ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَيَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْحَبْسَ وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا بِحَقٍّ لِأَنَّ صِيغَةَ الْبِرِّ لَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ كَالطَّوْعِ فَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ طَوْعًا يَحْنَثُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَمَّا إنْ سُجِنَ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَاعَ الْحَالِفُ بِدُخُولِ السِّجْنِ حَنِثَ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا نَوَى الْمُجَامَعَةَ. (ص) لَا بِمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَ آخَرَ تَحْتَ سَقْفٍ فَصَلَّى مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ سَقْفِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ كَالْحَلِفِ عَلَى الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبًا بِدُخُولِهِ شَرْعًا صَارَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْحَالِفِ. (ص) وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتًا فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا مِنْ تَجْهِيزٍ يَجْرِي مَجْرَى الْمِلْكِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ أَوْ حَيَاتَهُ أَوْ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ التَّقْيِيدَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ التَّأْبِيدَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا آكُلُ   [حاشية العدوي] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِشَيْءٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لَا لِرَدَاءَةِ إلَخْ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ شب (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَخْ) عَدَمُ الْحِنْثِ عَمَّا أَنْبَتَتْ فِيمَا إذَا نَوَى الرَّدَاءَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مُغَيِّرَةٌ لَا مُنَمِّيَةٌ وَإِلَّا كَانَ يَحْنَثُ لِأَنَّ النَّابِتَ عَيْنُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ حَيْثُ جُوِّدَ لَهُ) كَمَا لَوْ صُنِعَ لَهُ طَعَامٌ وَلَمْ يَنْتَهِ طَيْبُهُ فَحَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ ثُمَّ جُوِّدَ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ بَعْدُ أَوْ وَجَدَ رَائِحَتَهُ كَرِيهَةً فَطُيِّبَتْ لَهُ رَائِحَتُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ فَهَذَا مِنْ بِسَاطِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ مُنَاسِبٌ لِلْمُخْرَجِ مِنْهُ وَالْمُخْرَجُ رَدَاءَةُ الطَّعَامِ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ مِنْهُ الطَّعَامُ، وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ كَأَنَّهُ زَرْعٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَنَصَّ عَلَيْهِ دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ وَأَمَّا مَا أُخِذَ بِثَمَنِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ فِي هَذَا لِأَنَّ دَرَجَةَ الْمُعَاوَضَةِ رُبَّمَا كَانَتْ فِي لَحْظَةٍ لَا بُطْءَ فِيهَا فَإِنْ قُلْت عِنْدَ الرَّدَاءَةِ لِمَ لَا يَحْنَثُ حَيْثُ أَتَى بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْعَ هُنَاكَ بَعْضُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَأَلْغَى الْأَصْلَ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ الْأَصْلُ يَذْهَبُ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ لِرَدَاءَتِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ك (قَوْلُهُ وَبِالْحَمَّامِ) مِثْلُهُ الْقَهْوَةُ وَالْمَعْصَرَةُ وَالطَّاحُونُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْصُرَ الْمَتْنُ عَلَى بَيْتِهِ لِأَجْلِ تَخْصِيصِ الْحِنْثِ بِبَيْتِ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَقْصُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَإِنْ طَاعَ الْحَالِفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطِعْ فَلَا حِنْثَ وَلَوْ نَوَى الْمُجَامَعَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى نَوَى الْمُجَامَعَةَ حَنِثَ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حُبِسَ طَوْعًا أَوْ كُرْهًا (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا. (قَوْلُهُ لَا بِمَسْجِدٍ) فَإِنْ قَالَ لَا دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ ثُمَّ جُعِلَتْ مَسْجِدًا لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ كَالْحَلِفِ عَلَى الدُّخُولِ) الْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ إلَخْ يَجْعَلُهَا نَظِيرَةً لِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ يَمْلِكُهُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ مِلْكِ الذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ أَوْ بِعُمْرَى مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا ك (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا إلَخْ) أَيْ إلَّا لِنِيَّةِ الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَإِنْ دُفِنَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفِ حَلِفَهُ لَا دَخَلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 هَذَا الطَّعَامَ أَوْ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا حَيَاتِي أَوْ مَا عِشْت يُرِيدُ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا. (ص) لَا بِدُخُولِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُجَامَعَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ بَيْتًا فِيهِ الْحَالِفُ فَلَا حِنْثَ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُجَامِعَهُ فِي بَيْتٍ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَجْلِسَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ جَلَسَ وَتَرَاخَى حَنِثَ وَيَصِيرُ كَابْتِدَاءِ دُخُولِهِ هُوَ عَلَيْهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ دَوَامَ الْإِقَامَةِ لَا يُعَدُّ دُخُولًا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا فِي كَدُخُولٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ هُنَا لَمْ يَرْضَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِذَلِكَ. (ص) وَبِتَكْفِينِهِ فِي لَا نَفَعَهُ حَيَاتَهُ (ش) أَيْ وَحَنِثَ بِتَكْفِينِهِ فِي حَلِفِهِ لَا نَفَعَهُ حَيَاتَهُ أَوْ لَا أَدَّى إلَيْهِ حَقًّا مَا عَاشَ وَبِتَخْلِيصِهِ مِمَّنْ يَشْتِمُهُ وَبِثَنَائِهِ عَلَيْهِ فِي نِكَاحٍ حَيْثُ كَانَ الثَّنَاءُ مَقْصُودًا بِهِ نَفْعُهُ وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَنْفَعُ أَخَاهُ بِنَفْعِ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِتَكْفِينِهِ إدْرَاجُهُ فِي الْكَفَنِ وَأَوْلَى شِرَاءُ الْكَفَنِ لَهُ وَمِثْلُهُ تَغْسِيلُهُ وَأَمَّا بَقِيَّةُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَفْعِهِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. (ص) وَبِأَكْلٍ مِنْ تَرِكَتِهِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا فِي لَا أَكَلْت طَعَامَهُ إنْ أَوْصَى أَوْ كَانَ مَدِينًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ إذَا حَلَفَ لَا أَكَلْت مِنْ طَعَامِ زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ مِنْ تَرِكَةِ زَيْدٍ قَبْلَ قَسْمِهَا بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهَا إنْ كَانَ زَيْدٌ الْمَيِّتَ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُحِيطٍ أَوْ غَيْرِ مُحِيطٍ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ قَيَّدَهَا ابْنُ الْكَاتِبِ بِمَا إذَا كَانَتْ بِمَعْلُومٍ يَحْتَاجُ فِيهَا لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ لَوْ ضَاعَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوصَى لَهُ لَرَجَعَ فِي الثُّلُثِ أَمَّا إنْ كَانَتْ بِمُعَيَّنٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ كَإِيصَائِهِ بِعَبْدٍ عَيَّنَهُ لِفُلَانٍ أَوْ شَائِعٍ كَرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ فَلَا حِنْثَ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِوُجُوبِ وَقْفِهَا لِلدَّيْنِ أَوْ لِلْوَصِيَّةِ فَالضَّمِيرُ فِي تَرِكَتِهِ رَاجِعٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَى أَكْلِ طَعَامِهِ. (ص) وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ أَوْ رَسُولٍ فِي لَا كَلَّمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَتَبَ الْحَالِفُ مَكْتُوبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَمْلَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ وَوَصَلَ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْمُجَانَبَةُ وَهِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ مَعَ وُصُولِ الْكِتَابِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا أَرْسَلَ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَلَامًا مَعَ رَسُولٍ وَبَلَّغَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَلِّغْهُ الرَّسُولُ فَلَا حِنْثَ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَصِلْ الْكِتَابُ وَلَوْ كَتَبَهُ الْحَالِفُ عَازِمًا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ عَازِمًا وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ الزَّوْجُ بِهِ بِخِلَافِ الْمُكَالَمَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. (ص) وَلَمْ يَنْوِ فِي الْكِتَابِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِعَدَمِ الْكَلَامِ الْمُشَافَهَةَ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ فِي الرَّسُولِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] عَلَيْهِ بَيْتَ فُلَانٍ مَا عَاشَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِيهِ قَبْلَ دَفْنِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُجَامِعَهُ) أَيْ وَإِلَّا حَنِثَ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ جُلُوسٌ (وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ تت وَنَحْوِهِ أَنَّ كَذَلِكَ زَائِدَةٌ وَأَنَّ الْمَعْنَى يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ دَوَامَ الْإِقَامَةِ لَا يُعَدُّ دُخُولًا) وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الثَّنَاءُ مَقْصُودًا بِهِ نَفْعَهُ) أَمَّا إذَا قَصَدَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ إيقَاعَهُ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ لِعِلْمِهِ بِمَآلِ شَرِّهِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ) كَذَا قَالَ عج وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ إدْخَالَهُ قَبْرَهُ وَحَمْلَ جِنَازَتِهِ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ تَكْفِينَهُ لَا مُحْتَرَزَ لَهُ أَيْ وَتَجْهِيزَهُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَتَوْجِيهُ بَعْضِهِمْ لِمَا قَالَهُ عج بِأَنَّ الدَّفْنَ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقَانِ بِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ بِخِلَافِ التَّكْفِينِ وَالتَّغْسِيلِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَلَا يَظْهَرُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ بِمَعْلُومٍ إلَخْ) كَأَعْطُوا فُلَانًا مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ يَحْتَاجُ فِيهِ لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ) أَيْ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يُبَاعُ أَيْ يُرَادُ بَيْعُهُ لَوْ ضَاعَ أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ إذْ لَوْ كَانَ حَقًّا لِلْمُوصَى لَهُ لَمْ يَرْجِعْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهُوَ لَمْ يَبْقَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَإِذَا ضَاعَ فَلَا يَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَلِذَا لَا حِنْثَ بِالْأَكْلِ مِنْ التَّرِكَةِ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا وَضَاعَ رَجَعَ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ بِمُعَيَّنٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَكَلَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَسْمِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ شَائِعٍ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ شَائِعًا لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ بَلْ مِنْ شَائِعٍ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَهُمَا حَيَّانِ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ فِي حَلِفِهِ لِغَيْرِ قَطْعِ مَنٍّ فَإِنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ لِخَبَثٍ فِي الْمَالِ حَنِثَ إنْ كَانَ مَغْصُوبًا مُعَيَّنًا إذْ لَا يَحِلُّهُ الْإِرْثُ فَإِنْ أَحَلَّهُ كَمَالٍ نَشَأَ مِنْ مُعَامَلَاتٍ فَاسِدَةٍ فَيَزُولُ عَنْ الْمَالِ الْخَبَثُ بِإِرْثِهِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَبِكِتَابٍ) كَتَبَهُ بِعَرَبِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا حَيْثُ يَفْهَمُهُ الْمَكْتُوبُ لَهُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَمْلَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ) لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَوَصَلَ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْحَالِفِ وَلَوْ حَكَمًا كَعِلْمِهِ بِخُرُوجِ حَامِلِ الْكِتَابِ وَسُكُوتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ) بَلْ وَلَوْ لَمْ يَفْتَحْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بِاللَّفْظِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا فِي الْمُصَنِّفِ بَيْنَ عِلْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ الْحَالِفِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ يَسْمَعُ الْحَالِفَ يَقُولُ لِلرَّسُولِ بَلِّغْ فُلَانًا كَذَا الَّذِي هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لَكِنْ يَحْلِفُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لِحَقِّ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ وَيَنْوِي فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالطَّلَاقِ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَنْوِي فِيهِمَا فِي الْقَضَاءِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ وَتَقْيِيدُ تَنْوِيَتِهِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مَذْكُورٌ فِي الْأُمِّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّهُ فِي التَّهْذِيبِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ وَلَوْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّ لَمْ يَبِرَّ بِالْكِتَابِ وَلَا بِالرَّسُولِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ بِخِلَافِ الْبِرِّ كَمَا مَرَّ (ص) وَبِالْإِشَارَةِ لَهُ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَشَارَ الْحَالِفُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ كَلَامٌ وَسَوَاءٌ السَّمِيعُ وَالْأَصَمُّ وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا بِالنَّفْخِ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ وَقَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ يَنْبَغِي حَيْثُ كَانَ يُبْصِرُ وَإِلَّا فَلَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ النِّيَّةِ فِي الْإِشَارَةِ كَحُكْمِهَا فِي الْكِتَابِ فَتُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (ص) وَبِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا كَلَّمَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِصَمَمٍ أَوْ نَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ أَوْ اشْتِغَالٍ بِكَلَامِ غَيْرِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ فِي مَكَان يَسْمَعُ فِيهِ كَلَامَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَادَةً لَوْلَا الْمَانِعُ لَا إنْ كَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ لَا يَسْمَعُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَلَامَهُ عَادَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ. (ص) لَا قِرَاءَتُهُ بِقَلْبِهِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ أَوْ لَا يَقْرَأُ جَهْرًا أَوْ لَا يَقْرَأُ هَذَا الْكِتَابَ أَوْ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَمَرَّ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فَفَاعِلُ الْقِرَاءَةِ الْحَالِفُ لَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَرَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ حِنْثُ الْحَالِفِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ بِقِرَاءَتِهِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) أَوْ قِرَاءَةُ أَحَدٍ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا كَتَبَ كِتَابًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ أَوْ قَالَ لِرَسُولِهِ اُرْدُدْهُ أَوْ اقْطَعْهُ فَعَصَاهُ وَدَفَعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ أَوْ رَمَاهُ الْحَالِفُ فَأَخَذَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ فَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَبِلَا إذْنٍ لِلْحَالِفِ وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ كِتَابًا وَصَلَ بِلَا إذْنٍ أَيْ وَصَلَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْحَالِفِ وَالْمُرَادُ بِالْإِذْنِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ بِذَهَابِهِ وَسَكَتَ. (ص) وَلَا بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ بِصَلَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا فَصَلَّى الْحَالِفُ بِقَوْمٍ فِيهِمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَتْ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي عَلَى يَسَارِهِ (ص) وَلَا كِتَابَةُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرَأَ عَلَى الْأَصْوَبِ وَالْمُخْتَارُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَتَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَرْسَلَهُ إلَى الْحَالِفِ وَوَصَلَ إلَيْهِ وَقَرَأَهُ بِلِسَانِهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ بَلْ لَوْ حَضَرَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَكَلَّمَ الْحَالِفَ وَلَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ حَلِفَهُ لَا كَلَّمْته وَلَمْ يَحْلِفْ لَا كَلَّمَنِي. (ص) وَبِسَلَامِهِ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُهُ فَإِذَا هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فَالْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ الْجَزْمُ فَإِنْ قُلْت هَذَا مِنْ اللَّغْوِ فَلَا يَحْنَثُ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ اللَّغْوُ قُلْت اللَّغْوُ الْحَلِفُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ نَفْيُهُ وَالِاعْتِقَادُ هُنَا لَيْسَ فِي الْحَلِفِ بَلْ فِي فِعْلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ) أَيْ وَالْكِتَابُ كَلَفْظِهِ إذْ الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَنْبَغِي إذَا بَلَغَ الرَّسُولَ كَلَامُهُ بِعَيْنِهِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَالْكِتَابِ لَا يَنْوِي فِيهِ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ عَدَمَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ فِي الْكِتَابِ لِكَوْنِهَا مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَحْلِفُ إلَخْ) فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دِينَ. (قَوْلُهُ مَذْكُورٌ فِي الْأُمِّ) اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي الْأُمِّ وَإِنَّمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ لَهُ) أَيْ إشَارَةٌ شَأْنُهَا الْإِفْهَامُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يُبْصِرُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَمِيعًا أَوْ أَصَمَّ وَشَمِلَ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ لَهُ مَعَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ (قَوْلُهُ وَبِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا لَوْ حَلَفَ وَهُوَ سَلِيمٌ لَا كَلَّمَهُ فَكَلَّمَهُ أَصَمُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت يَنْبَغِي إنْ حَلَفَ عَلَيْهِ سَمِيعًا فَكَلَّمَهُ وَهُوَ أَصَمُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمِثْلُ الْبَعِيدِ مَا لَوْ كَلَّمَ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَيِّتٌ (قَوْلُهُ أَوْ رَمَاهُ الْحَالِفُ) أَيْ رَاجِعًا عَنْهُ إذْ مُفَادُ النَّقْلِ كَمَا فِي ك أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِتَقْطِيعِهِ وَلَا رَدِّهِ وَلَمْ يَكُنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَعَلَى هَذَا فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ لَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِلَا إذْنٍ) أَيْ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِلَا إذْنٍ أَيْ الضَّمِيرُ الْمُقَدَّرُ أَيْ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ أَوْ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِلَا إذْنِهِ وَيَكُونُ التَّنْوِينُ عِوَضًا عَنْ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ وَلَا بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ السَّلَامَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا مُعْتَقِدًا إتْمَامَهَا (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ هُوَ الْحَالِفُ وَقَوْلُهُ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَتْ إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ الْحَالِفَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ الْإِمَامَ أَوْ الْمَأْمُومَ وَمَحِلُّ ذَلِكَ حَيْثُ طَلَبَ الْحَالِفُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَإِلَّا حَنِثَ أَيْ بِأَنْ كَانَ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَيَدْخُلُ حِينَئِذٍ تَحْتَ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِسَلَامِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُصَوِّبُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَأَنْكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْحِنْثِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ ظَانًّا) أَيْ أَوْ شَاكًّا أَوْ مُتَوَهِّمًا بَلْ هُمَا أَوْلَوِيَّانِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي الْحَلِفِ) أَيْ لَيْسَ فِي مُتَعَلَّقِ الْحَلِفِ مَثَلًا إذَا قُلْت وَاَللَّهِ إنَّ فِي جَيْبِي دِينَارًا لِكَوْنِك تَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالِاعْتِقَادُ هُنَا فِي مُتَعَلَّقِ الْحَلِفِ وَهُوَ أَنَّ فِي جَيْبِهِ دِينَارًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ لَوْ كَلَّمَ رَجُلًا يَظُنُّهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَصَدَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَشَامِلِهِ وَلَا يُقَالُ هَذَا فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ يُوجِبُ الْحِنْثَ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ إنَّمَا يُوجِبُ الْحِنْثَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَقَطْ. (ص) أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِهِ وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ فَلَا حِنْثَ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُعْتَقِدًا وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ هُنَا اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَدَاهُ لَا الْمُحَاشَاةُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فَيَكْفِي أَنْ يَقْصِدَ بِالسَّلَامِ غَيْرَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْزِلَهُ أَوَّلًا أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ رَأَى الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَرَفَ الْجَمَاعَةَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَرَ فِيهِمْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ عَلَى مَنْ عَرَفَ (ص) وَبِفَتْحٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ وَوَقَفَ فِي قِرَاءَتِهِ وَاسْتَدَّتْ عَلَيْهِ طُرُقُ الْقِرَاءَةِ فَفَتَحَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَرْشَدَهُ وَلَقَّنَهُ مَا غَلِطَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفَتْحُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ قُلْ أَوْ اقْرَأْ كَذَا بِخِلَافِ سَلَامِ الصَّلَاةِ. (ص) وَبِلَا عِلْمِ إذْنِهِ فِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِسَبَبِ إذْنِي وَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ سَبَبِ إذْنِهِ. (ص) وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ فِي لَأُعْلِمَنَّهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ لَيُعْلِمَنَّ بِهِ زَيْدًا فَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُعْلِمْ زَيْدًا بِهِ حَتَّى عَلِمَهُ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُعْلِمَهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ الْمُتَضَمِّنُ لِبِرِّ الْحَالِفِ أَيْ فَإِذَا أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَبِرُّ، وَلَوْ كَانَ الْإِعْلَامُ بِرَسُولٍ يُرْسِلُهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ وَأَحْرَى بِكِتَابٍ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَيَصِحُّ كَوْنُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْطُوقِ أَيْ وَحَنِثَ بِانْتِفَاءِ الْإِعْلَامِ وَإِنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ مِنْ رَسُولٍ لَكِنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَفْهُومِ أَتَمَّ فَائِدَةً وَعِلْمُهُ اسْمُ مَصْدَرٍ مُرَادًا بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ إعْلَامُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَلْ لَا يَبِرُّ الْحَالِف إلَّا بِإِعْلَامِهِ بِمَا وَقَعَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهُ وَصَلَ لَهُ الْعِلْم بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ رَأْيُ أَبِي عِمْرَانَ وَغَيْرِهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إعْلَامٌ حِينَئِذٍ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ) وَمَبْنَاهُمَا يَنْزِلُ عِلْمُهُ بِإِعْلَامِ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إعْلَامِهِ أَمْ لَا (ص) أَوْ عَلِمَ وَالٍ ثَانٍ فِي حَلِفِهِ لِأَوَّلِ فِي نَظَر (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ طَوْعًا لِوَالٍ أَيْ لِمُتَوَلٍّ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ نَظَرُ الْمُسْلِمِينَ وَمَصْلَحَةٌ لَهُمْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِهِ فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ رَأَى ذَلِكَ الْأَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْوَالِيَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَا يَبِرُّ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْأَوَّلِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يُعْتَبَرُ وَمَفْهُومُ فِي نَظَرٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخُصُّ الْمَعْزُولَ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ رَآهُ بَعْدَ عَزْلِهِ فَلْيُعْلِمْهُ بِهِ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَفْعُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَلَا إلَى وَصِيِّهِ وَلَا إلَى أَمِيرٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ عِلْمُ وَالٍ أَيْ إعْلَامٌ فَأَجْرَى مَصْدَرَ الْمُجَرَّدِ مَجْرَى الْمَزِيدِ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بَلْ فِي فِعْلِ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ فِعْلِ وَيَقُولُ بَلْ فِي غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ تَعَلَّقَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا فَزَيْدٌ لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَكْسُ إلَخْ) مِنْ فَرْعِ الْمُصَنِّفِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحِنْثَ وَعَدَمَهُ مَنُوطٌ بِمَا تَبَيَّنَ لَا بِاعْتِبَارِ الِاعْتِقَادِ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا لَهُ مَالٌ وَقَدْ وَرِثَ قَبْلَ يَمِينِهِ مَالًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي يَمِينِهِ أَعْلَمُهُ فَلَا حِنْثَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَالَ عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ وَانْكَشَفَ الْأَمْرُ أَنَّهُ وَرِثَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ هَذَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَ مَنْصُوصًا (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ أَوَّلًا بِالنِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ) رَدَّ ذَلِكَ عج بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحَاشَاةِ هُنَا الْمُحَاشَاةُ بِاللِّسَانِ وَكَذَا بِالْقَلْبِ إنْ تَقَدَّمَتْ مُحَاشَاتُهُ عَلَى السَّلَامِ أَوْ قَارَنَتْ السَّلَامَ فَإِنْ حَاشَاهُ أَثْنَاءَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالْمُحَاشَاةِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ. . (قَوْلُهُ وَبِلَا عِلْمِ إذْنِهِ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ رَجَعَ فَخَرَجَتْ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ لَا حِنْثَ وَخَرَّجَا عَلَى شَرْطِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا إلَّا بِرِضَاهَا فَرَضِيَتْ وَأَخْرَجَهَا ثُمَّ طَلَبَ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُعْلِمَهُ) أَيْ فَلَا نَقُولُ يَبِرُّ بِسَبَبِ كَوْنِ زَيْدٍ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ مِنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ) فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ إعْلَامَهُ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ كِتَابِهِ فَإِنَّهُ كَنُطْقِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ مِنْهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاءُ حَاصِلًا مِنْ رَسُولِ الْحَالِفِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ حَاصِلًا مِنْ الْحَالِفِ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي حَلَفَ (قَوْلُهُ أَتَمُّ فَائِدَةً) أَيْ أَظْهَرُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ أَزْيَدُ مَعْنًى (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ إعْلَامَهُ بِالرَّسُولِ أَوْ الْكِتَابِ كَافٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَأَجْرَى مَصْدَرَ الْمُجَرَّدِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلْمَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْلَمَ وَمَصْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَلِمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 وَبِمَرْهُونٍ فِي لَا ثَوْبَ لِي (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا طَلَبَ مِنْهُ إنْسَانٌ ثَوْبًا عَارِيَّةً فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ثَوْبًا وَلَهُ ثَوْبٌ مَرْهُونٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ نَوَى مَا عَدَا الثَّوْبَ الْمَرْهُونَ فَلَا حِنْثَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَدْرَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْمَرْهُونِ الْمُعَارَ وَالْمُسْتَأْجَرَ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) . (ص) وَبِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فِي لَا أَعَارَهُ وَبِالْعَكْسِ وَنَوَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَعَارَهُ فَوَهَبَهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ تَصَدُّقٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ عَدَمُ نَفْعِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَنْفَعُهُ بِهِ مِنْ نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ إسْكَانٍ أَوْ تَحْبِيسٍ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا وَهَبَهُ أَوْ لَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَأَعَارَهُ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ أَرَدْت قَصْرَ الْيَمِينِ عَلَى الْعَارِيَّةِ دُونَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَرَدْت قَصْرَ الْيَمِينِ عَلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ دُونَ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِالْعَارِيَّةِ وَلَا يَنْوِي فِي إرَادَةِ خُصُوصِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ إذَا حَلَفَ أَحَدَهُمَا لِتَقَارُبِهِمَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (لَا فِي صَدَقَةٍ عَنْ هِبَةٍ وَعَكْسِهِ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَعْتَصِرَ الْهِبَةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ الِاعْتِصَارُ فَإِنَّهُ يَنْوِي إذَا حَلَفَ عَلَى الصَّدَقَةِ أَنَّهُ أَرَادَ خُصُوصَهَا لِعَدَمِ عَصْرِهَا فَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ. (ص) وَبِبَقَاءٍ وَلَوْ لَيْلًا فِي لَا سَكَنْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا سَكَنَ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْهَا فَوْرًا لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهَا سُكْنَى عُرْفًا فَإِنْ بَقِيَ وَلَوْ لَيْلًا بَعْدَ يَمِينِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِقَالِ حَنِثَ قَالَ فِيهَا يَخْرُجُ وَلَوْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الصَّبَاحِ وَإِنْ تَغَالَوْا عَلَيْهِ فِي الْكِرَاءِ أَوْ وَجَدَ مَنْزِلًا لَا يُوَافِقُ فَلْيَنْتَقِلْ إلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ سِوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَبِبَقَاءٍ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُكْرَهٌ فِي الْبَقَاءِ. (ص) لَا فِي لَأَنْتَقِلَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ فِيهَا إلَى الصَّبَاحِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ وَيُؤْمَرُ بِالِانْتِقَالِ بِسُرْعَةٍ وَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَنْتَقِلَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ وَرَافَعْته ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ عَلَى بِرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّ الْأَجَلِ انْتَهَى فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ السُّكْنَى فَإِنَّهُ إذَا عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ سُكْنَى فِي تِلْكَ الدَّارِ فَمَتَى وُجِدَتْ حَنِثَ. (ص) وَلَا بِخَزْنٍ (ش) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ بِبَقَاءٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَالتَّقْدِيرُ وَحَنِثَ بِبَقَاءٍ وَلَوْ لَيْلًا وَلَا يَحْنَثُ بِخَزْنٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ خَزَّنَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُكْنَى وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ فِي الدَّارِ شَيْءٌ مَخْزُونٌ وَقَدْ حَلَفَ لَا سَكَنْت بِهَا فَانْتَقَلَ وَأَبْقَاهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَبِمَرْهُونٍ) وَكَذَا بِمَالٍ غَائِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي حَلِفِهِ لَا مَالَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي يَمِينِهِ أَعْلَمُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ لَهُ عُمْرَى تَرْجِعُ يَوْمًا فَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَمْ يَقْبَلْهَا قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَبِلَهَا فَقَوْلَانِ بِالْحِنْثِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهَا بِالْقَبُولِ صَارَتْ مَالَهُ الْآنَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يُنْقِصَ الْقِيَمَ. (قَوْلُهُ نِحْلَةٍ) هِيَ الْعَطِيَّةُ لَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَحْنَثُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى خُصُوصَ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْوِي فِي إرَادَةِ إلَخْ) لَا عِنْدَ الْمُفْتِي وَلَا عِنْدَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ أَوْ الصَّدَقَةُ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا أَفَادَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَهَكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْوِي إذَا حَلَفَ) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ فِي الْعَكْسِ يَنْوِي فِي الْفَتْوَى وَفِي الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا فِي الَّتِي قَبْلُ فَيَنْوِي وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ مَنْزِلًا) هَلْ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَوْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَذُكِرَ فِي ك أَنَّ مِنْ الْمَنْزِلِ الَّذِي لَا يُوَافِقُ مَا إذَا وَجَدَ بَيْتَ شَعْرٍ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ بِهِ مُكْرَهًا كَالْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ وَمَنْ يُرَاعِي الْعُرْفَ أَمْهَلَهُ لِلصُّبْحِ فَيَنْتَقِلُ إلَى مَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مِثْلُهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَسْكُنَنَّهَا فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَبِرُّ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ بِأَكْثَرَ وَعَلَى رَعْيِ الْقَصْدِ لَا يَبِرُّ إلَّا بِطُولِ مَقَامٍ يَرَى أَنَّهُ قَصْدٌ وَلِذَا فِي عب لَوْ حَلَفَ لَيَسْكُنَنَّ فَإِنَّمَا يَبِرُّ بِطُولِ مَقَامٍ يَرَى أَنَّهُ قَصَدَهُ رَعْيًا لِلْقَصْدِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ إذَا رَجَعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَبِرُّ بِإِقَامَتِهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَانْتِقَالِهِ وَهِيَ نِصْفُ شَهْرٍ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ كَأَنْتَقِلَنَّ فَإِنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْمُكْثِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَا لَهُ حَيْثُ قَالَ لَأَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ. (قَوْلُهُ وَحَنِثَ بِبَقَاءٍ) أَيْ زَائِدٍ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِقَالِ وَلَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِكَثْرَةِ مَتَاعِهِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي مُدَّةِ النَّقْلَةِ سَاكِنًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَيْلًا) رَدٌّ عَلَى أَشْهَبَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَكْمُلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ) هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ مَطَامِيرُ فَقَدْ قَالَ التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ الْمَطَامِيرُ لَا تَدْخُلُ فِي الْكِرَاءِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَتُكْرَى وَحْدَهَا لِخَزْنِ الطَّعَامِ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْيَمِينِ وَأَنَّ لَهُ تَرْكَهَا إذَا كَانَ قَدْ اكْتَرَى الْمَطَامِيرَ مُنْفَرِدَةً قَبْلَ سُكْنَاهَا أَوْ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِالْمَطَامِيرِ أَنْ تَبْقَى إلَّا بِمَكَانِ سُكْنَاهُ يَنْبَغِي نَقْلُهَا مَعَ قَشِّهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 الْمَوَّاقِ. (ص) وَانْتَقَلَ فِي لَا سَاكَنَهُ عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ لَا سَاكَنَهُ فِي دَارٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْتِقَالِ أَحَدِهِمَا أَوْ انْتِقَالِهِمَا مَعًا انْتِقَالًا يَزُولُ مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا يُحْتَرَزُ عَمَّا إذَا انْتَقَلَ أَحَدُهُمَا إلَى مَوْضِعِ الْآخَرِ أَيْ وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَكَانِ الْآخَرِ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَإِنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لَا يَزُولُ مَعَهَا اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا فَيَحْنَثُ بِهِ أَيْ لَا يَبِرُّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا) إلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْيَمِينِ أَيْضًا بِضَرْبِ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجِدَارِ وَثِيقًا بِالطُّوبِ وَالْحَجَرِ بَلْ يَكْفِي (وَلَوْ جَرِيدًا) عِنْدَ الْأَكْثَرِ إنْ جُعِلَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مَدْخَلٌ عَلَى حِدَتِهِ وَلَوْ قَسْمَ مَنَافِعَ لَا قَسْمَ رَقَبَةِ وَقَوْلُهُ (بِهَذِهِ الدَّارِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَاكَنَهُ أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا سَاكَنَهُ بِهَذِهِ الدَّارِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ. (ص) وَبِالزِّيَارَةِ إنْ قَصَدَ التَّنَحِّي لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فَزَارَهُ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ لَا لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ مِنْ الشَّنَآنِ بَلْ قَصْدُهُ الْبُعْدُ وَالتَّنَحِّي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ لِأَنَّ التَّبَاعُدَ غَيْرُ مَوْجُودٍ مَعَ الزِّيَارَةِ لِأَنَّهَا مُوَاصَلَةٌ وَقُرْبٌ وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ مِنْ الشَّنَآنِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُكْنَى عُرْفًا وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا وَيَبِتْ بِلَا مَرَضٍ (ص) إنْ لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا وَيَبِتْ بِلَا مَرَضٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ وَمَحِلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا وَبَاتَ بِلَا مَرَضٍ أَمَّا لَوْ أَكْثَرَهَا نَهَارًا وَبَاتَ بِلَا مَرَضٍ بِأَنْ بَاتَ اخْتِيَارًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالشَّيْئَيْنِ مَعًا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ الشَّيْئَيْنِ تَنْتِفِي بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَكْثَرَ الزِّيَارَةَ نَهَارًا مِنْ غَيْرِ مَبِيتٍ أَوْ بَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ بَاتَ بِلَا مَرَضٍ وَلَمْ يُكْثِرْ الزِّيَارَةَ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الشَّامِلِ لَكِنَّ الَّذِي فِي نَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ التَّعْبِيرُ بِأَوْ وَحِينَئِذٍ، قَالُوا وَهُنَا بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَا فِي الشَّامِلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ فِي لَا سَاكَنَهُ) هَذَا فِي حَلِفِهِ لَا سَاكَنَهُ بِدَارٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا أَيْ أَوْ لَا سَاكَنَهُ فِي دَارٍ أَوْ لَا سَاكَنَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ دَارٍ أَصْلًا لِأَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ وَفِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ إمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُجَرَّدَ سَاحَةٍ لَا بُيُوتَ بِهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي جَنْبٍ مِنْهَا أَوْ ذَاتَ بَيْتٍ وَاحِدٍ أَوْ بُيُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ فِي الدَّارِ. وَأَمَّا لَا سَاكَنَهُ فِي حَارَةٍ فَإِنْ كَانَا مَعًا فِي حَارَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْتَقِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِحَارَةٍ أُخْرَى كَانَتْ الْقَرْيَةُ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهَا فِي حَارَةٍ وَالْقَرْيَةُ صَغِيرَةٌ وَحَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فَيَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ أُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَبِرَتْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْبِرُّ عَلَى الِانْتِقَالِ وَفَائِدَةُ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِهِ وَلَا يَسْكُنُ مَعَهُ. وَإِذَا حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ بِبَلْدَةٍ فَيَنْتَقِلُ لِأُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ وَكُلٌّ بِقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ تَعَيَّنَ انْتِقَالُهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَهُ فِي مَسْقًى أَوْ مَحْطَبٍ فَإِنْ كَبِرَتْ الْبَلْدَتَانِ فَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ عُرْفًا تَأَمَّلْ، هَذَا مَا فِي عب وَفِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي حَارَةٍ حِينَ الْحَلِفِ بَعُدَ عَنْ حَارَتِهِ بِحَارَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ إذَا كَانَ الْبَلَدُ مِصْرًا وَلَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ لِبَلَدٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً خَرَجَ مِنْهَا لِقَرْيَةٍ أُخْرَى. (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا مَعًا بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ وَفَوْقَهُ مَحَلٌّ خَالٍ فَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُهُمَا إلَى الْعُلْوِ وَبَقِيَ الْآخَرُ فِي السُّفْلِ أَجْزَأَهُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكْتَفِي إذَا كَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِ الْمَاعُونِ وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ فَلَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَسْكَنٍ مُسْتَغْنِيًا بِمَرَافِقِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ سَكَنَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا) أَيْ شَرَعَا فِي ضَرْبِهِ بِأَثَرِ الْيَمِينِ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَضْرِبَ فَقَدْ يَكُونُ ضَرْبُهُ أَسْرَعَ مِنْ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مُقَابِلُهُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْجَرِيدَ لَغْوٌ (قَوْلُهُ إنْ جُعِلَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مَدْخَلٌ عَلَى حِدَتِهِ إلَخْ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مِرْفَقٌ سَوَاءٌ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَدْخَلٌ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ وَأَمَّا إنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَدْخَلٌ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمِرْفَقِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْعُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِسَاكَنَهُ) الْأَوْلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لَا يَكْفِي فِيهَا ضَرْبُ الْجِدَارِ فَلِذَا بَالَغَ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهَا وَتَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ وَلَوْ جَرِيدًا وَلَوْ فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى شَيْئَيْنِ كِفَايَةُ الْجِدَارِ وَلَوْ قَالَ بِهَذِهِ الدَّارِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى كِفَايَتِهِ وَلَوْ جَرِيدًا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. (قَوْلُهُ لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ لَا إنْ حَلَفَ لِدُخُولِ عِيَالٍ أَوْ مَعْطُوفٍ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ حَلَفَ لِقَصْدِ التَّنَحِّي لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ (قَوْلُهُ الشَّنَآنُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِهَا الْبُغْضُ (قَوْلُهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَصْدُ التَّنَحِّي أَيْ فَلَا يَحْنَثُ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيَبِتْ بِلَا مَرَضٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَيَبِتْ لِلْعَطْفِ عَلَى يُكْثِرْ فَهُوَ مَجْزُومٌ وَالْيَاءُ فِيهِ مَحْذُوفَةٌ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْ وَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ بِلَا مَرَضٍ) أَيْ مَرَضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ) أَيْ وَهُوَ الْحِنْثُ وَقَوْلُهُ الْمُرَكَّبَةَ أَيْ الْمُرَكَّبَ مُتَعَلِّقُهَا مِنْ شَيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا لِكَثْرَةِ نَهَارًا وَالْبَيَاتُ بِلَا مَرَضٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا هُوَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَهِيَ الْكَثْرَةُ نَهَارًا وَالْبَيَاتُ بِلَا مَرَضٍ (قَوْلُهُ التَّعْبِيرُ بِأَوْ) أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ يَكُونُ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَحِينَئِذٍ فَالْحِنْثُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْكَثْرَةُ مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ كَثْرَةً وَلَوْ فِي أَيَّامٍ وَقِيلَ مَعْنَى الْكَثْرَةِ نَهَارًا طُولُ الْإِقَامَةِ بِأَهْلِهِ مُدَّةَ الزِّيَارَةِ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الزِّيَارَاتِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالزِّيَارَةِ الْمَعْرُوفَ مِنْهَا تَأَمَّلْ. (ص) وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ وَمَكَثَ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَأُسَافِرَنَّ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَسَافَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَيَمْكُثُ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُ الشَّهْرِ فَقَوْلُهُ وَسَافَرَ إلَخْ حَلَالُهُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ دُونَ اللُّغَوِيِّ وَإِلَّا لَأَجْزَأَ مَا يُسَمَّى سَفَرًا وَدُونَ الْعُرْفِيِّ وَإِلَّا لَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَالْبِسَاطِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَأَحَدِ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُكْثِ حَقِيقَتَهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ سَفَرِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَبْلَ نِصْفِ شَهْرٍ فَلَوْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ نِصْفَ شَهْرٍ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (ص) كَأَنْتَقِلَنَّ (ش) يَحْتَمِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ بَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَيَلْزَمَهُ أَنْ يُقِيمَ هُنَاكَ أَيْ فِي انْتِهَاءِ سَفَرِهِ نِصْفَ شَهْرٍ وَيُنْدَبُ كَمَالُهُ فِي انْتِهَاءِ سَفَرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَدْرِ الْمُكْثِ فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ دَارِ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فِي الْمَكَانِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَبِرُّ إلَّا بِفِعْلِ مَنْ قَيَّدَ بِبَلَدِهِ. (ص) وَلَوْ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ لَا بِكَمِسْمَارٍ وَهَلْ إنْ نَوَى عَدَمَ عَوْدِهِ لَهُ تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنْت وَلَا وَجْهَ لِفَصْلِهِ عَنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ فَارْتَحَلَ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَتَاعِهِ وَأَبْقَى مَا لَهُ بَالٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لَا إنْ تَرَكَ نَحْوَ مِسْمَارٍ وَخَشَبَةٍ مِمَّا لَا يَحْمِلُ الْحَالِفَ عَلَى الْعَوْدِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَرَكَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ أَمْ لَا وَقِيلَ إنْ نَوَى الْعَوْدَ إلَيْهِ حَنِثَ لَا إنْ نَوَى عَدَمَ الْعُودِ أَوْ لَا نِيَّةَ فَالتَّرَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى الْعَوْدَ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تُعْطِي أَنَّ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا فَلَوْ قَالَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَوْدَ لَهُ تَرَدُّدٌ لِتَنْزِلْ عَلَى مَا تَرَى. (ص) وَبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ أَوْ عَيْبِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ إيَّاهُ فَاسْتَحَقَّ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ يَدِهِ أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَظَاهِرُهُ الْحِنْثُ   [حاشية العدوي] يَتَوَقَّفُ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ بَلْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى فِي الْحِنْثِ وَالْمَعْنَى إنْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الْكَثْرَةِ نَهَارًا وَالْبَيَاتِ بِلَا مَرَضٍ فَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ مَا فِي نَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَالْكَثْرَةُ مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ كَثْرَةً وَلَوْ فِي أَيَّامٍ) أَيْ أَنَّهُ يَغِيبُ يَوْمَيْنِ وَيَأْتِي يَوْمًا وَهَكَذَا فَهَذِهِ كَثْرَةٌ بِاعْتِبَارِ أَيَّامٍ أَيْ زِيَارَاتٍ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ بِاعْتِبَارِ زِيَارَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ بِأَهْلِهِ) وَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ مُدَّةَ الزِّيَارَةِ لَا حَاجَةَ لَهُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ طُولُ الْإِقَامَةِ بِأَهْلِهِ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الزِّيَارَاتِ وَأَمَّا لَوْ زَارَهُ زِيَارَةً وَاحِدَةً وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ بِأَهْلِهِ بَلْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي الزِّيَارَةِ الْوَاحِدَةِ بِدُونِ أَهْلِهِ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ طُولُ الزِّيَارَةِ الْوَاحِدَةِ أَيْ بِحَيْثُ يَمْكُثُ عِنْدَهُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَلَلُ وَلَوْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ لَكَانَ أَوْضَحَ وَفِي شَرْحِ شب الْكَثْرَةُ هِيَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ وَاضِحَةٌ. (قَوْلُهُ وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي حَلِفِهِ لَأُسَافِرَنَّ) وَإِنْ لَمْ يُقْصِرْ الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا دَفْعَةً أَوْ لِعِصْيَانِهِ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَسَافَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَوْ تَخَلَّفَ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَارِضٍ وَلَوْ جَرَى عُرْفٌ بِانْتِقَالِ الْحَالِفِ مِنْ بَلَدِهِ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى قَرِيبَةٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْعُرْفُ لِأَنَّهُ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلِيٌّ دُونَ اللُّغَوِيِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ مِنْ تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ عَلَى الشَّرْعِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الشَّرْعِيِّ عَلَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ وَأَحَدِ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) وَمَا حَلَّ بِهِ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ فَإِنَّمَا نَظَرَ فِيهِ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ بَلَدٍ) أَيْ أَوْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ دَارٍ) أَيْ أَوْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ. (قَوْلُهُ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ) وَالشَّيْخُ سَالِمٌ رَجَّعَهُ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنْت وَلِقَوْلِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ فَالْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبِرُّ بِانْتِقَالِهِ حَيْثُ أَبْقَى رَحْلَهُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ مُحَشِّي تت وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَقَاءِ مَتَاعِهِ فِي لَأَنْتَقِلَنَّ وَتَسْوِيَةُ الْأُجْهُورِيِّ بَيْنَهُمَا عَهِدْته عَلَيْهِ انْتَهَى وَمَحِلُّ الْحِنْثِ بِإِبْقَاءِ الرَّحْلِ إذَا كَانَ فِي مَحَلِّ السَّكَنِ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ كَالْمَطَامِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ مَا خَزَّنَهُ فِيهَا بِهَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الرَّحْلِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي نَقْلِهِ فَسَادٌ فَلَا يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ مَا فِي نَقْلِهِ فَسَادٌ كَثَمَرِ شَجَرٍ بِالدَّارِ فِي قَطْعِهِ فَسَادٌ وَأَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِقَطْعِ الْمِنَّةِ وَنَحْوِهِ كَالْخُرُوجِ مِنْ كِرَاءِ رَبِّ الدَّارِ وَأَمَّا لِمَا يَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِيرَانِ فَلَا حِنْثَ، وَمِنْ جُمْلَةِ رَحْلِهِ مَتَاعُ زَوْجَتِهِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا كَانَ كَاَلَّذِي تَتَّجِرُ بِهِ فَلَا حِنْثَ بِبَقَائِهِ (قَوْلُهُ وَأَبْقَى مَالَهُ بَالٌ) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّحْلِ مَا هُوَ بَالٌ وَهُوَ مَا يَحْمِلُ الْحَالِفَ عَلَى رُجُوعِهِ لَهُ أَوْ طَلَبِهِ إنْ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ وَهَلْ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ عَدَمُ الْحِنْثِ مُطْلَقًا نَوَى الْعَوْدَ أَوْ نَوَى عَدَمَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ عَدَمَ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَوْدَ. (قَوْلُهُ وَبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَيْبِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ حُدُوثَ الْعَيْبِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ الْآنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ بِهِ الرَّدُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي قِيمَتُهُ تَفِي بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ فِي ظُهُورِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْأَجَلِ إذَا قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِالْعَيْبِ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحِنْثِ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ فِي الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَحْصُلْ قِيَامٌ أَصْلًا، وَهَذَا فِي غَيْرِ نَقْصِ الْعَدَدِ وَأَمَّا فِيهِ فَيَحْنَثُ وَلَوْ حَصَلَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ الْقِيَامِ. (ص) وَبِبَيْعِ فَاسِدٍ فَاتَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَفِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ بَيْعًا فَاسِدًا بِمِثْلِ الدَّيْنِ وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ حَنِثَ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُوفِيَهُ الْمَدِينُ الْحَالِفُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ يَكُونُ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَفِ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ الْقِيمَةُ أَوْ التَّحْتِيَّةِ أَيْ إلَّا أَنْ يُوفِيَهُ الْحَالِفُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ (ص) كَأَنْ لَمْ يَفُتْ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ أَيْ وَفَاتَ بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ بِالدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ كَمَا فِي فَوْتِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ بِالْحِنْثِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ فِي مَنْطُوقٍ إنْ لَمْ تَفِ وَفِي مَفْهُومِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفُتْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اتِّفَاقًا إذْ الْمَبِيعُ حِينَئِذٍ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَحْصُلْ وَفَاءٌ. (ص) وَبِهِبَتِهِ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَوَهَبَهُ رَبُّهُ لِلْمَدِينِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَبِلَ الْمَدِينِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ سَقَطَ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ (ص) أَوْ دَفَعَ قَرِيبٌ عَنْهُ وَإِنْ مِنْ مَالِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَغَابَ الْحَالِفُ أَوْ لَمْ يَغِبْ إلَّا أَنَّ بَعْضَ أَقَارِبِ الْحَالِفِ قَضَاهُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ فَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُؤَجَّلَةً وَمَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ حَانِثٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيَرْضَى بِهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ عَنْهُ وَكِيلُهُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ فِي الْقَضَاءِ أَوْ مُفَوَّضًا بَرَّ وَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّقَاضِي فَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَهُ بِهِ الْحَالِفُ وَإِلَّا فَلَا يَبِرُّ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ لِلْحَالِفِ وَكَذَا ضَمِيرُ مَالِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنْ مِنْ مَالِكَ (ص) أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِالْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّهُ حَقَّهُ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَضَاهُ لَهُ لَمْ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي قِيمَتَهُ تَفِي بِالدَّيْنِ) هَذَا إنَّمَا يُصَوَّرُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيُعْطِيهِ بَدَلَ ذَلِكَ سِلْعَتَيْنِ يَسْتَحِقُّ إحْدَاهُمَا وَالْبَاقِيَةُ تَفِي بِالْعَشَرَةِ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ دَفَعَهُمَا لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ بِأَنْ رَضِيَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا وَاسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا حِنْثَ بَعْدُ وَإِلَّا وَوَجْهُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْنَثُ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ فَكَذَا يَحْنَثُ وَلَوْ رَضِيَ بِعَدَمِ الْقِيَامِ بِالِاسْتِحْقَاقِ إذْ لَا فَارِقَ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا حِنْثَ حَيْثُ رَضِيَ بِعَدَمِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِيهِ) أَيْ نَقْصُ الْعَدَدِ وَمِثْلُهُ نَقْصُ الْوَزْنِ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا. (قَوْلُهُ قِيمَتُهُ أَقَلُّ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدَ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَفِ أَيْ الْعِوَضُ الشَّامِلُ لِلْقِيمَةِ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ وَالثَّمَنُ فِي الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى نُسْخَةِ الْيَاءِ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ التَّاءِ فَلَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بَاعَ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مُسَاوٍ لِلدَّيْنِ ثُمَّ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الدَّيْنِ وَذَلِكَ الثَّمَنِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا أَيْ بِنَظِيرِهِ لَا أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِنَفْسِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَادَقَ بِأَنْ يَكُونَ بَاعَ الدَّيْنَ بِعَرْضِ قِيمَتِهِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ أَعْلَى مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ أَيْ كَتَغَيُّرِ بَدَنٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ حَنِثَ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَيْ وَمَضَى الْأَجَلُ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُوفِيهِ إلَخْ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ مُتَّصِلٌ وَلِلثَّانِي مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَفِ بِالْمُثَنَّاةِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ نُسْخَةُ الْيَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ التَّاءِ تُفِيدُ أَنَّ الْحِنْثَ حَيْثُ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ وَإِنْ وَفَّاهُ الْمَدِينُ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِخِلَافِ نُسْخَةِ الْيَاءِ فَإِنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ يَفِ الْحَالِفُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ سَحْنُونًا قَالَ بِالْحِنْثِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ بِعَدَمِهِ وَاللَّخْمِيُّ قَالَ بِالثَّانِي إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً نَظَرًا إلَى أَنَّهُ حَصَلَ بِيَدِهِ عِوَضُ حَقِّهِ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهُ فِي نَفْسِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ التَّفْصِيلَ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَانَ مُخْتَارًا مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فِي مِلْكِهِ) النَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الضَّمَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ كَذَا فَهِمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الشَّارِحِ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ مَكَانَهُ) وَلَوْ دَفَعَهُ لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إذَا قَضَاهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ فِي الْقَضَاءِ) أَيْ قَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّقَاضِي أَيْ يَقْبِضُ الدُّيُونَ الَّتِي لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ مَالِك) أَيْ يَا حَالِفٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ مِنْ مَالِهِ يَعُودُ عَلَى الْقَرِيبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ وَلَا يَبِرُّ إلَّا بِدَفْعِهِ لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ وَمِثْلُ الشَّهَادَةِ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ الْمَحْلُوفُ عَلَى وَفَائِهِ عِوَضَ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَرَدَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُوَفِّيَهُ عِوَضَ الْعَبْدِ ثُمَّ يَرُدَّهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اعْتَرَفَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ حَقُّهُ قَبْلَ حَلِفِ الْمِدْيَانِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَبِرُّ إلَّا بِدَفْعِهِ لَهُ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ (إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخْذِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَيْ وَلَا يَبِرُّ الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِدَفْعِهِ الْحَقَّ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ حَقِيقَةً كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَجَازَ دَفْعَهُ وَبِهَذَا يَصِحُّ مَا قَرَّرَهُ تت مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ. (ص) لَا إنْ جُنَّ وَدَفَعَ الْحَاكِمُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَوْلَانِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا ثُمَّ حَصَلَ لِلْحَالِفِ جُنُونٌ فِي الْأَجَلِ فَإِنْ دَفَعَ الْحَاكِمُ عَنْهُ الدَّيْنَ فِي الْأَجَلِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ فَدَفَعَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ بَعْدَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ بِالْحِنْثِ نَظَرًا إلَى يَمِينِهِ وَعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى حِينِ النُّفُوذِ وَفِي شَرْحِ (هـ) بَعْدَ أَنْ اسْتَظْهَرَ أَنَّ دَفْعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُ مَقَامَ دَفْعِ الْحَاكِمِ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانَ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ قَالَ ثُمَّ إنَّ الْبَرَاءَةَ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجُنُونِ وَلِيٌّ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ، كَذَا يَنْبَغِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَسِيرُ كَالْمَجْنُونِ وَانْظُرْ هَلْ الْمَفْقُودُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَبِرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ مَالِ الْحَاكِمِ وَالْوَلِيِّ مِثْلُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحْبُوسَ مَتَى أَمْكَنَ الْوُصُولُ لَهُ فَلَا يَبِرُّ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا بَرَّ. (ص) وَبِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي لَأَقْضِيَنَّكَ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ هُوَ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا وَهُوَ يَظُنُّهُ كَذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ غَدًا يَوْمُ الْخَمِيسِ مَثَلًا فَإِنْ قَضَاهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ إذْ هُوَ مُسَمًّى غَدًا عُرْفًا وَلَا يَضُرُّهُ غَلَطُهُ فِي اسْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ فِيهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ لَا تَسْمِيَةُ الْيَوْمِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى يَوْمِ كَذَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَوْمَ الَّذِي سَمَّى فَيَنْوِي إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ. (ص) لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ لَآكُلَنَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي غَدٍ فَعَجَّلَهُ لَهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ اقْتَضَتْ أَنَّ الْحَلِفَ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْيَوْمِ، وَلِذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ غَدًا الْمَطْلَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِقَضَائِهِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَكَلَهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْيَوْمُ وَالْغَرِيمُ إنَّمَا الْقَصْدُ مِنْهُ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ حَمَلَهُ فِي الطَّعَامِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَفِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَقْصَدِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَصَدَ بِالدَّيْنِ اللَّدَدَ بِالتَّأْخِيرِ وَبِالطَّعَامِ الرَّغْبَةَ فِي أَكْلِهِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا لَانْعَكَسَ الْحُكْمُ وَنَحْوُهُ لِأَشْهَبَ. . (ص) وَلَا إنْ بَاعَهُ بِهِ عَرْضًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ أَيْ فَلَا حِنْثَ وَصُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ لَمْ يَبِرَّ، وَلَوْ بَاعَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِجَانِبِ الْبِرِّ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ وَإِنْ كَانَ الْغَبْنُ جَائِزًا فِي مِثْلِ هَذَا. (ص) وَبِرَّ إنْ غَابَ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ أَوْ مُفَوَّضٍ (ش) أَيْ وَبِرَّ الْحَالِفُ إنْ غَابَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ تَغَيَّبَ وَاجْتَهَدَ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَلْ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي التَّوْضِيحِ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَلَوْ قَضَاهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ فَأَوَّلًا ذَهَبَ لِقَوْلٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُنَا ذَهَبَ لِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ) لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا إذْ لَيْسَ هُنَا أَخْذٌ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخْذِهِ أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَخْذِهِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَصِحُّ إلَخْ) وَرَجَّعَهُ عج لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَشُبْهَتُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ لَا يَشْتَرِطُ دَفْعَهُ بَلْ تَكْفِي إجَازَتُهُ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ بِقَوْلِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَعَلَى كَلَامِهِ يَفُوتُهُ مَسْأَلَةُ الْهِبَةِ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ وَتَرْكِ مُرَاعَاةِ الْبِسَاطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا هُنَا بِخُصُوصِهِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ أَبَى الْمَحْلُوفُ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ أَنَا لَا حَقَّ لِي آخُذُهُ فَيَدْفَعُ الْحَالِفُ الْحَقَّ لِلْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْبِرِّ ثُمَّ يَأْخُذُ وَلَا يُجْبِرُ الْغَرِيمَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ فَدَفَعَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ عِلَّةِ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُ شَيْئًا وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ انْتَهَى فَهُوَ صَادِقٌ بِعَدَمِ الدَّفْعِ رَأْسًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ فَلَا يَبِرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ لَعَلَّ ذَلِكَ يُفْرَضُ فِي سَفِيهٍ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ بِأَنْ يَتَدَايَنَ دَيْنًا ثُمَّ يَحْلِفُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَقْضِيهِ حَقَّهُ فِي أَجَلِ كَذَا ثُمَّ جُنَّ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمَفْقُودُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي فَقْدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخْتَارٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا إلَخْ) وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَيَنْوِي إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا) أَيْ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي عِنْدَ الْقَاضِي فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ حَمَلَهُ) أَيْ حَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمِينَهُ فِي الطَّعَامِ لِأَنَّ النَّصَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا) وَهُوَ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَلَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُمَا مَفْهُومُهُ لَوْ قَصَدَ عَيْنَهُمَا لَمْ يَبِرَّ إلَّا بِدَفْعِهِ الْعَيْنَ وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا يَبِرُّ إلَّا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ الْمُطْلَقِ فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا (قَوْلُهُ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الدَّيْنَ) رَدَّهُ اللَّقَانِيِّ قَائِلًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ لِدَيْنِهِ أَوْ مُفَوَّضٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَابَ عَمَّا لَوْ كَانَ رَبُّ الْحَقِّ حَاضِرًا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يُحْضِرُهُ وَيُجْبِرُهُ عَلَى قَبْضِ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَبِرُّ مِنْ يَمِينِهِ بِدَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَرَّ بِقَضَاءِ وَارِثِهِ كَمَا مَرَّ (ص) وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ أَوْ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يَلِي مَا مَرَّ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ بَلْ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ خَرَاجِ رِزْقِهِ أَوْ ضَيْعَتِهِ فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ فَأَيُّهُمَا قَضَاهُ بَرَأَ وَإِنَّمَا يَلِي مَا تَقَدَّمَ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ الْعَدْلُ أَوْ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ وَأَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَلَا يَبِرُّ إلَّا بِهِ تَأْوِيلًا وَأَلْحَقَ أَبُو عِمْرَانَ الصِّدِّيقَ الْمُلَاطِفَ بِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ دَفَعَ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ هَلْ يَبِرُّ أَمْ لَا فَالْبِرُّ بِالدَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ مَعَ وُجُودِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَافُ فِي الْبِرِّ بِالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ مَعَ وُجُودِ السُّلْطَانِ وَلَمَّا كَانَ الْبِرُّ مِنْ الْيَمِينِ حَاصِلًا بِقَضَاءِ الْأَشْخَاصِ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ حَاصِلَةٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ. وَفِيهَا فِي الرَّابِعِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ جَوْرَهُ وَإِلَّا بَرَّ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ وَخَشِيَ الْحَالِفُ الْحِنْثَ بِخُرُوجِ الْأَجَلِ وَغِيَابِ رَبِّ الْحَقِّ فَدَفَعَ الْحَقَّ لِلْحَاكِمِ حَيْثُ لَا وَكِيلَ أَوْ كَانَ وَغَابَ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَدْلًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لَهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا وَإِنْ حُقِّقَ جَوْرُهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الدَّيْنِ (ص) كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُهُمْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبِرِّ مِنْ الْيَمِينِ لَا فِي الْإِبْرَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إذَا لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ الْعَدْلَ وَلَا وَجَدَ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَأْتِي إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يُعْلِمُهُمْ بِحَالِهِ وَبِاجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ لِسَفَرِهِ أَوْ تَغَيُّبِهِ وَيُشْهِدُهُمْ عَلَى عَدَدِ الْحَقِّ وَوَزْنِهِ وَيُبْقِيهِ تَحْتَ يَدِهِ إلَى حُضُورِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِيَشْهَدُوا لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ حِينَئِذٍ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ مَضَى الْأَجَلُ وَمَطَلَ رَبُّهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي. (ص) وَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ فَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ وَلَمْ يُوفِهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْيَوْمَ عَلَى اللَّيْلَةِ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ لِأَنَّ لَيْلَةً كُلُّ يَوْمٍ إلَّا مَا اسْتَثْنَى كَيَوْمِ عَرَفَةَ لَكِنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ. (ص)   [حاشية العدوي] الْمَبِيعِ أَنْ تُسَاوِيَ قِيمَتُهُ الدَّيْنَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ وَتَقْيِيدُ تت لَهُ بِذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ أَوْ مُفَوَّضٍ) بِالْجَرِّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى تَفْوِيضٍ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6] أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى وَكِيلٍ وَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ (قَوْلُهُ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا) أَيْ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ ضَيَاعَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ بِدَفْعِهِ) أَيْ بِدَفْعِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُعَارِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَمَّا لَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِقَضَاءِ وُرَّاثِهِ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ عَلَى الْحَاكِمِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ فِي الْبِرِّ بِالدَّفْعِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ عِيَاضٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَإِنَّمَا بَرَّ بِدَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ لَا يَقْتَضِي دَيْنًا لِغَائِبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْحَالِفِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَبِرِّهِ فِي يَمِينِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَدَّمُ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَيْعَتِهِ) أَيْ بَلَدِهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ بَلْ وَكَّلَهُ إلَخْ تَفْسِيرٌ مِنْ الشَّارِحِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ. (قَوْلُهُ وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إلَخْ) أَطْلَقَ فِي الْحَاكِمِ فَيَشْمَلُ السُّلْطَانَ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَانْظُرْ هَلْ لِلسُّعَاةِ هُنَا وَفِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَدْخَلٌ ك وَسَكَتَ عَنْ الْبَرَاءَةِ فِي غَيْرِهِ وَحُكْمُهُمَا أَنَّهَا تَحْصُلُ بِالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الْقَاضِي الْمُفَوَّضِ دُونَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَدْلًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ عِنْدَ النَّاسِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَحَقُّقَ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَانْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُحَقِّقُ جَوْرَهُ أَوْ يَنْظُرُ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ الْعَدْلَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَصْلًا أَوْ جَارٍ أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا وَجَدَ وَكِيلًا) أَيْ غَيْرَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ إذْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبِرُّ بِالدَّفْعِ لَهُ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ (قَوْلُهُ يَأْتِي إلَى جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ بِجَعْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَوَزْنِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا (قَوْلُهُ وَيُبْقِيهِ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ أَوْ يَدِ عَدْلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي) عِبَارَةُ عب أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِجَمَاعَةٍ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ عَدَالَةٌ فَالْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَبِرُّ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ الْقَضَاءِ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْبِرِّ أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخَافُ الْحِنْثَ. (قَوْلُهُ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ الْحَلِفُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّهْرَ الثَّانِي هُوَ عَيْنُ الشَّهْرِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ كَيَوْمِ عَرَفَةَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ فَإِنَّهُ سَابِقٌ عَلَى لَيْلَتِهِ الَّتِي هِيَ لَيْلَةُ الْوُقُوفِ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَيُقَالُ لَيْلَةُ عَرَفَةَ لِلَيْلَةِ التَّاسِعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ لَهُ لَيْلَتَانِ لَيْلَةٌ قَبْلَهُ وَلَيْلَةٌ بَعْدَهُ وَيَوْمُ النَّحْرِ لَيْسَ لَهُ لَيْلَةٌ أَيْ بِحَسَبِ الشَّرْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَيْلَتَهُ لَيْلَةُ الْعَاشِرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 وَإِلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ شَعْبَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ فَظَرْفُ الْقَضَاءِ شَعْبَانُ لَا غَيْرُهُ فَبِمُجَرَّدِ انْسِلَاخِ شَعْبَانَ وَاسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُوَفِّهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا لَكِنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي إلَى لَا فِي اللَّامِ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ قَرَنَ اللَّامَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ انْسِلَاخِهِ أَوْ اسْتِهْلَالِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ انْقِضَاءِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. (ص) وَبِجَعْلِ ثَوْبٍ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً فِي لَا أَلْبَسُهُ لَا إنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْفُلَانِيَّ فَقَطَعَهُ وَجَعَلَهُ قَبَاءً بِالْمَدِّ وَهُوَ ثَوْبٌ مُفَرَّجٌ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ عِمَامَةً وَلَبِسَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَمِثْلُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ أَوْ لَفَّ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ جَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ ضِيقِهِ أَوْ لِأَجْلِ سُوءِ عَمَلِهِ فَقَطَعَهُ وَجَعَلَهُ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً وَلَبِسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِمَّا يُلْبَسُ بِأَنْ كَانَ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُلْبَسُ بِوَجْهٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شُقَّةً فَإِنَّهُ إذَا قَطَعَهَا وَلَبِسَهَا يَحْنَثُ وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ ضِيقَهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ أَيْ لِأَنَّهَا تُلْبَسُ عَلَى حَالِهَا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً فَأَكَلَ خُبْزَهَا وَلَا يَنْوِي فَقَوْلُهُ وَبِجَعْلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ إلَخْ، وَالْقَبَاءُ مَمْدُودٌ وَجَمْعُهُ أَقْبِيَةٌ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَبْوِ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ. (ص) وَلَا وَضْعِهِ عَلَى فَرْجِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ الثَّوْبَ الْفُلَانِيَّ فَوَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ وَلَا إدَارَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَضْطَجِعُ عَلَى فِرَاشٍ فَفَتَقَهُ وَالْتَحَفَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِسُوءِ حَشْوِهِ لَا ذَاتِهِ فَيَفْتُقَهُ وَيُزِيلَ حَشْوَهُ وَيَجْعَلَهُ إزَارًا، ثُمَّ إنْ قُرِئَ قَوْلُهُ وَلَا وَضْعِهِ بِالْفِعْلِ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى كَرِهَهُ أَيْ وَلَا إنْ وَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ وَإِنْ قُرِئَ بِالْمَصْدَرِ وَجَرَرْته كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى التَّوَهُّمِ أَيْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْبَاءَ دَاخِلَةٌ عَلَى كَرِهَهُ وَأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. (ص) وَبِدُخُولِهِ مِنْ بَابِ " غَيْرَ " فِي لَا أَدْخُلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ ضِيقُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَحَوَّلَ الْبَابَ عَنْ حَالَةِ الْأَوَّلِ أَوْ سَدَّ وَفَتَحَ غَيْرَهُ وَدَخَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِأَجْلِ مُرُورِهِ عَلَى مَا لَا يُحِبُّ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ أَوْ لِضِيقِهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِدُخُولِهِ مِمَّا غُيِّرَ، وَأَصْلُ قَوْلِهِ لَا أَدْخُلُهُ لَا أَدْخُلُ مِنْهُ فَحَذَفَ الْجَارَّ وَوَصَلَ الضَّمِيرَ بِالْفِعْلِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ. (ص) وَبِقِيَامٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَبِمُكْتَرِي فِي لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ أَوْ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي بَيْتٍ يَسْكُنُهُ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَسَوَاءٌ مَلَكَ فُلَانٌ الرَّقَبَةَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ بِكِرَاءٍ أَوْ إعَارَةٍ إذْ الْبُيُوتُ تُنْسَبُ لِسُكَّانِهَا فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ظَهْرِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الَّذِي سَكَنَهُ فُلَانٌ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ مَلَكَ الرَّقَبَةَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ الِاسْتِعْلَامُ وَلَوْ مَارًّا. (ص) وَبِأَكْلٍ مِنْ وَلَدٍ دُفِعَ لَهُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ شَخْصٌ لَا آكُلُ طَعَامًا لِزَيْدٍ مَثَلًا فَدَخَلَ وَلَدُ الْحَالِفِ أَوْ عَبْدُهُ وَلَا دَيْنَ لِلْعَبْدِ عَلَى زَيْدٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ خُبْزًا فَخَرَجَ الْوَلَدُ أَوْ الْعَبْدُ فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ زَيْدٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ أَيْ لَازِمَةً بِأَنْ يَكُونَ الِابْنُ عَدِيمًا وَالْأَبُ مُوسِرًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَدْفُوعِ لِلْوَلَدِ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَحْنَثْ، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ أَنَّ الْيَسِيرَ لَمَّا كَانَ لِلْوَالِدِ رَدُّهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) فَإِذَا قَالَ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ رَمَضَانَ فَإِذَا قَالَ لِانْسِلَاخِ رَمَضَانَ أَوْ لِانْقِضَاءِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ شَوَّالٍ وَإِذَا قَالَ لِاسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ رَمَضَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إلَى مُخَالِفَةٌ لِلَّامِ وَأَنَّ مِثْلَ اللَّامِ عِنْدَ أَوْ إذَا. (قَوْلُهُ مَمْدُودٌ إلَخْ) وَقَوْلُ تت بِالْقَصْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَفَادَهُ شب وَمُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَ لُبْسِهِ يَضُمُّهُ وَيَجْمَعُهُ عَلَيْهِ وَعَطْفُ الْجَمِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ وَالْقَبْوُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ. (قَوْلُهُ وَلَا إدَارَةٍ) عَيَّنَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ وُجُودَانِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ تُفْتَحَ هَمْزَةُ أَنْ فَتُسْبَكَ مَعَ مَا بَعْدَهَا وَيُتَوَهَّمُ دُخُولُ الْبَاءِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لَا عَدَمَ الْأَحْسَنِيَّةِ وَقِيلَ فِي وَجْهِ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ الْجَرَّ بِالتَّوَهُّمِ ضَعِيفٌ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَا أَدْخُلُهُ) أَيْ وَقَصَدَ تَجَبُّنَهَا أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ أَوْ بِسَاطٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْمَانِعُ مِنْ إبْقَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ قُلْت الْمَانِعُ أَنَّهُ لَيْسَ قَصْدُهُ دُخُولَهُ بَلْ الدُّخُولُ مِنْهُ لِلدَّارِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَهْمَلَ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ ذِكْرُ الْبَيْتِ مَعَ إضَافَتِهِ أَوْ تَنْكِيرِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِمِلْكِهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ بَيْتَ الْكِرَاءِ. (قَوْلُهُ إذْ الْبُيُوتُ إنَّمَا تُنْسَبُ لِسُكَّانِهَا) وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ مَنْزِلَ فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَى رَجُلٍ سَكَنَهُ بِالْكِرَاءِ مِنْ فُلَانٍ فَلَا يَحْنَثُ ك. (قَوْلُهُ وَبِأَكْلٍ) أَيْ طَعَامًا (قَوْلُهُ دُفِعَ) أَيْ دَفَعَهُ لَهُ فَحَذَفَ مَفْعُولَ أَكَلَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ أَكَلَ أَنَّهُ أَكَلَ طَعَامًا وَحَذَفَ مَفْعُولَ دُفِعَ لِأَنَّهُ لَمَّا حَذَفَهُ حَذَفَ عَائِدَهُ وَلَمْ يَحْذِفْ لَهُ لِئَلَّا تَخْلُوَ الصِّفَةُ مِنْ عَائِدٍ (قَوْلُهُ فَدَخَلَ وَلَدُ الْحَالِفِ) وَوَلَدُ الْمَحْلُوفِ لَوْ أَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ كَوَلَدِ الْحَالِفِ وَانْظُرْ لَوْ الْتَقَطَ الْحَالِفُ لَقِيطًا وَأَكَلَ مِنْهُ طَعَامًا مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَوَلَدِ الْحَالِفِ فَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَا يُنْفِقُ مِنْهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ك (قَوْلُهُ فَأَطْعَمَهُ خُبْزًا) أَيْ أَوْ أَطْعَمَهُ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ خُبْزِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمُصَنِّفِ لِتِلْكَ الصُّورَةِ بِقِرَاءَةِ دُفِعَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ صِفَةٌ طَعَامٍ أَيْ دُفِعَ لَهُ طَعَامٌ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَحْنَثْ إلَخْ) فَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 فَكَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْكَثِيرُ إذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَقَدْ أَشَارَ عَبْدُ الْحَقِّ إلَى بَيَانِ قَدْرِ الْيَسِيرِ فَقَالَ قَيَّدَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلَ مَالِكٍ بِكَوْنِ الْأَبِ قَادِرًا عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لِابْنِهِ لِكَوْنِ الطَّعَامِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَكْلِهِ فِي الْوَقْت كَالْكِسْرَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ يَقُولُ نَفَقَةُ ابْنِي عَلَيَّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ عَنِّي شَيْئًا مِنْهَا فَهَذَا إنْ أَكَلَ مِمَّا أَعْطَى الصَّبِيَّ حَنِثَ وَيُعَدُّ ذَلِكَ قَبُولًا لِخَبَرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ اهـ وَعَبْدُهُ كَوَلَدِهِ إلَّا أَنَّهُ يَحْنَثَ بِأَكْلِ مَا دَفَعَ لَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِأَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَأَمَّا وَالِدُهُ الَّذِي تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ. (ص) وَبِالْكَلَامِ أَبَدًا فِي لَا أُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ أَوَالسِّنِينَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ لَهُ أَبَدًا أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ لِأَنَّ أَبَدًا ظَرْفٌ لِاسْتِغْرَاقِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ حَمْلًا لِلْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فِي الثَّلَاثَةِ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْكَلَامِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ مِثْلُهُ لَا أَلْبَسُهُ أَوْ لَا أَرْكَبُهُ الْأَيَّامَ إلَخْ. (ص) وَثَلَاثَةٌ فِي كَأَيَّامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ أَيَّامًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (ص) وَهَلْ كَذَلِكَ فِي لَأَهْجُرَنَّهُ أَوْ شَهْرٌ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَهْجُرَنَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَلْزَمُهُ شَهْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا حَلَفَ لَيَهْجُرَنَّهُ أَيَّامًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَفِي لَأُطِيلَنَّ هِجْرَانَهُ سَنَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ شَهْرٌ اللَّخْمِيُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ احْتِيَاطًا لَا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ دُونَهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُصَافَاةٌ وَمُصَادَقَةٌ فَالشَّهْرُ طُولٌ وَإِلَّا فَهُوَ قَلِيلٌ. (ص) وَسَنَةٌ فِي حِينٍ وَزَمَانٍ وَعَصْرٍ وَدَهْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ حِينًا أَوْ زَمَانًا أَوْ دَهْرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ فَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا حَنِثَ فَلَوْ عَرَّفَهَا فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ الْأَبَدُ فِيمَا عَدَا الْحِينَ وَأَمَّا هُوَ فَسَنَةٌ وَلَوْ عَرَّفَ. (ص) وَبِمَا يُفْسَخُ أَوْ بِغَيْرِ نِسَائِهِ فِي لَأَتَزَوَّجَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ لَا يَبِرُّ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحُهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ يَمْضِي بِالدُّخُولِ أَوْ كَانَ نِكَاحُهَا مِمَّا يُفْسَخُ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَقَوْلُهُ بِمَا يُفْسَخُ أَيْ يَسْتَحِقُّ الْفَسْخَ فَيَشْمَلُ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُدْخِلْ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ الطُّولِ وَلَمْ يُطِلْ أَوْ أَبَدًا حَمْلًا لِيَمِينِهِ عَلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ فَلَوْ فَاتَ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ فِي الْحَلِفِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُقَيَّدِ وَالْأَجَلُ بَاقٍ بَرَّ وَلَا يَبِرُّ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً تَزْوِيجًا صَحِيحًا إلَّا أَنَّهَا لَا تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ بِأَنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ دَنِيئَةً   [حاشية العدوي] أَنَّ كِسْوَةَ الْوَلَدِ لَيْسَتْ كَالطَّعَامِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا لَبِسْت مَا يَكْسُوهُ لِي فُلَانٌ أَوْ لَا أَكْتَسِي مِنْهُ ثُمَّ لَبِسَ مَا كَسَاهُ لِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ كَذَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الطَّعَامِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَكْلِهِ إلَخْ) الصَّوَابُ مَا فِي عج لِكَوْنِ الطَّعَامِ لَا يُنْتَفَعُ إلَّا بِأَكْلِهِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَعَبْدُهُ كَوَلَدِهِ) وَهَلْ الْعَبْدُ شَامِلٌ لِمُكَاتَبِهِ وَهَلْ زَوْجَتُهُ كَوَلَدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَوَالِدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَنْتَظِرُ لِعَاقِبَةِ حَالِهِ هَلْ يُوَفِّي أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا وَالِدُهُ) وَكَذَا وَلَدُ وَلَدِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْت الْعِلَّةُ الْجَارِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْيَسِيرِ لِلْوَلَدِ الْفَقِيرِ تَجْرِي فِي إعْطَاءِ الْيَسِيرِ لِلْوَالِدِ الْفَقِيرِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ مَحْجُورٌ لِلْوَالِدِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ) وَمِثْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ. (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةٍ فِي كَأَيَّامٍ) وَلَا يَحْسِبُ يَوْمَ الْحَلِفِ إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ لَكِنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ فِيهِ فَإِنْ كَلَّمَهُ فِيهِ حَنِثَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ حَلَفَ بِمَا ذُكِرَ مَعَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ وَقِيلَ بِعَدَمِ الْإِلْغَاءِ فِي الْأُولَى فَيُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لِلْغُرُوبِ وَيُكْمِلُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ الْمَحْلُوفِ فِيهِ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي الْيَوْمَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ النُّذُورِ تَرْجِيحُهُ وَحِلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ أَبَدًا. (قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي لَأَهْجُرَنَّهُ إلَخْ) وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَهْجُرَهُ عَقِيبَ يَمِينِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ وَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْحِنْثِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ بِخِلَافِ لَا أُكَلِّمُهُ سَنَةً فَمِنْ حِينِ يَمِينِهِ يَلْزَمُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَجْرَ حَلِفٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لِأَنَّ نُونَ التَّوْكِيدِ تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَمَتَى وُجِدَ بَرَّ بِخِلَافِ لَا أُكَلِّمُهُ حَلَفَ أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ فِعْلٌ فَمَتَى وُجِدَ مِنْهُ حَنِثَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُصَافَاةٌ فَالشَّهْرُ طُولٌ) أَيْ فَضْلًا عَنْ السَّنَةِ (قَوْلُهُ فَالشَّهْرُ طُولٌ) أَيْ فَيَبِرُّ بِهِجْرَانِهِ قَطْعًا بَلْ وَعِشْرُونَ يَوْمًا مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْأَبَدَ) هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ اقْتِصَارُ شب وعب عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ عب وَلَزِمَهُ سَنَةً فِي حِينِ وَكَذَا إنْ عَرَّفَهُ وَزَمَانٌ إلَخْ فَإِنْ عَرَّفَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الْأَبَدَ رَعْيًا لِلْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ الْحِينُ بِمَعْنَى الزَّمَانِ لُغَةً وَهُمَا تَابِعَانِ لعج حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَسَنَةً إلَخْ أَيْ أَقُولُ لَا فَرْقَ فِي الْأَوَّلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُنَكَّرًا أَوْ مُعَرَّفًا وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَيَلْزَمُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْأَبَدُ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ الْعَصْرُ الدَّهْرُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا هُوَ فَسَنَةٌ وَلَوْ عَرَّفَ) وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ. (قَوْلُهُ لَأَتَزَوَّجَنَّ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِأَجَلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَمَعْنَى حِنْثِهِ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ أَوْ يُحْمَلُ حِنْثُهُ عَلَى مَا إذَا عَزَمَ عَلَى الضِّدِّ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ لَيَتَزَوَّجَنَّ فِي أَجَلِ كَذَا فَيَتَزَوَّجُ بِمَا يَفْسَخُ أَوْ بِغَيْرِ نِسَائِهِ فَمَعْنَى حَنِثَ عَلَى بَابِهِ إذَا مَضَى الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَلَا حِنْثَ) الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْبِرِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 الْأَصْلُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لَا يُبْرِئُهُ إلَّا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ وَأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ وَاشْتَرَطَ الْمُغِيرَةُ أَنْ تُشْبِهَهُ وَتُشْبِهَ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ أَغْيَظُ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى التَّسَرِّي كَالْحَلِفِ عَلَى التَّزْوِيجِ. (ص) وَبِضَمَانِ الْوَجْهِ فِي لَا أَتَكَفَّلُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ فَتَكَفَّلَ بِالْوَجْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَدْنَى شَيْءٍ هَذَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ وَقَوْلُهُ وَبِضَمَانِ الْوَجْهِ بِأَنْ قَالَ أَضْمَنُ وَجْهَهُ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ فِي قَوْلِهِ لَا أَتَكَفَّلُ لِفُلَانٍ بِمَالٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ فَهُنَا قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُ تت فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي لَا أَتَكَفَّلُ وَأَطْلَقَ وَأَحْرَى لَوْ تَكَفَّلَ بِمَالٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ يَحْنَثُ بِكُلِّ ضَمَانٍ وَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُ عَدَمِ الْغُرْمِ وَإِنْ قَيَّدَ بِالْوَجْهِ حَنِثَ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِمَّا سَمَّى. (ص) وَبِهِ لِوَكِيلٍ فِي لَا أَضْمَنُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلضَّمَانِ أَيْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أَضْمَنُ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِضَمَانِهِ لِوَكِيلِهِ فِي مَالِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ الْمَضْمُونُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ يَكُونَ صَدِيقًا لَهُ مُلَاطِفًا أَوْ قَرِيبًا وَهَلْ الْحِنْثُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ أَوْ الْحِنْثُ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَهُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ اشْتَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَقْصِدْهُ الْحَالِفُ وَلَمْ يَشْمَلْهُ لَفْظُهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْآتِيَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَكَأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ الضَّامِنِ لِلْمُوَكِّلِ فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ نَاحِيَتِهِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَضْمُونَ وَكِيلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ حَنِثَ بِاتِّفَاقٍ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا. (ص) وَبِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي لِمُخْبِرٍ فِي لَيُسِرَّنَّهُ (ش) صُورَتُهَا أَعْلَمَ زَيْدٌ خَالِدًا بِأَمْرٍ وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى كِتْمَانِهِ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَسَرَّهُ لِغَيْرِ خَالِدٍ فَأَسَرَّهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِخَالِدٍ فَأَخْبَرَهُ بِهِ فَقَالَ خَالِدٌ لِلْمُخْبِرِ لَهُ مَا ظَنَنْت أَنَّ زَيْدًا قَالَ ذَلِكَ الْأَمْرَ لِغَيْرِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَقَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَوْتِ إلَخْ أَيْ وَحَنِثَ الْحَالِفُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْمُخْبِرِ مَا ظَنَنْته أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهُ قَالَهُ أَيْ الْخَبَرَ الْمَفْهُومَ مِنْ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِي مُتَعَلِّقٌ بِقَالَهُ وَلِمُخْبِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ. (ص) وَبِاذْهَبِي الْآنَ إثْرَ لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَفْعَلِي (ش) صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تَفْعَلِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اذْهَبِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْآنَ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ أَنْ تَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ الْآنَ مُتَعَلِّقٌ بِحَنِثَ الْمُقَدَّرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ بِاذْهَبِي أَيْ وَحَنِثَ الْآنَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ اذْهَبِي أَيْ وَحَنِثَ وَقْتَ قَوْلِهِ لَهَا اذْهَبِي وَلَا يُنْتَظَرُ وُقُوعُ الْفِعْلِ. (ص) وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا أُبَالِي بَدْءًا لِقَوْلٍ آخَرَ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا يُبَرِّئُهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَطْءِ فِي الْبِرِّ كَمَا فِي شَرْحِ شب فَلَا يَكْفِي الْعَقْدُ فِي الْبِرِّ وَانْظُرْ لِمَ تَوَقَّفَ الْبِرُّ عَلَى الْوَطْءِ الْمُبَاحِ هُنَا بِخِلَافِ حَلِفِهِ لَأَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَوَطِئَهَا حَائِضًا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِالْمَنْدُوحَةِ هُنَا (وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ) أَيْ فِي الْقَدْرِ وَالرِّفْعَةِ هَذَا كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ إذَا كَانَ الْحَالِفُ رَجُلًا فَلَوْ كَانَ امْرَأَةً فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي بِرِّهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ إلَّا كَوْنَ النِّكَاحِ رَغْبَةً فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي بِرِّهَا اتِّفَاقًا كَذَا يَنْبَغِي وَأَمَّا الرَّجُلُ فَهَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ نَكَحَهَا نِكَاحَ رَغْبَةٍ وَنَسَبٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَبِرُّ وَلَوْ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ إبْرَارَ يَمِينِهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَتُشْبِهُ زَوْجَتَهُ) أَيْ فِي حَلِفِهِ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ تُشْبِهُهُ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْغُرْمَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا (قَوْلُهُ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ) هَذَا الْحَصْرُ فِي قُوَّةِ شَرْطِ عَدَمِ الْغُرْمِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَلِفَهُ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ لِأَنَّ الْغُرْمَ شَأْنُهُ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ضَمَانٍ) وَلَوْ الطَّلَبَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ عَلِمَ) وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ إنْ ادَّعَى عَدَمَهُ وَكَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا أَيْ أَوْ مِمَّا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ لَكِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُودٍ بِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ فِي هَذَيْنِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ. (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي) وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَا أَظُنُّهُ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى أَنَّهُ أَسَرَّهُ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ) وَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي الْمُقَيِّدُ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا ظَنَنْته الَّذِي هُوَ الصَّرِيحُ وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُهُ وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَهُ فَلَا تَعْقِيدَ وَسَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ فِي لَيُسِرَّنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِحَنِثَ أَيْ وَحَنِثَ بِقَوْلِهِ فِي حَلِفِهِ لَيُسِرَّنَّهُ. (قَوْلُهُ وَبِاذْهَبِي) وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَبِاذْهَبِي بَلْ النَّهْيُ كَلَا تَذْهَبِي وَالْإِشَارَةُ كَذَلِكَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي الْحِنْثِ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ ذَلِكَ بِالْأَثَرِ ك (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ كِنَانَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ الْآنَ إلَخْ) هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْحِنْثِ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْكَلَامُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَقُولِ الْحَالِفِ كَأَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَمْرِهَا بِالْبُعْدِ عَنْهُ الْآنَ وَالتَّكَلُّمُ وَعَدَمُهُ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت ابْنَ فُجْلَةَ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ اذْهَبِي وَافْعَلِي الْآنَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ التَّحْرِيضُ عَلَى الْفِعْلِ حَتَّى يُكَلِّمَ فَيَبِرَّ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِذَلِكَ أَيْ فَهُوَ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ اذْهَبِي. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا أُبَالِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 لَا أُكَلِّمُك حَتَّى تَبْدَأَنِي (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا حَتَّى يَبْدَأَهُ بِالْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ عِنْدَ ذَلِكَ إذَنْ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي مِنْك فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا بُدَاءَةً يُعْتَدُّ بِهَا فِي حِلِّ الْيَمِينِ فَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ صُدُورِ كَلَامِ غَيْرِ هَذَا مِنْهُ حَنِثَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ لَا أُبَالِي كَلَامًا لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْبِرِّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْكَلَامِ يُعْتَدُّ بِهِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامًا لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْحِنْثِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَقَلَّ الْأَشْيَاءِ. (ص) وَبِالْإِقَالَةِ فِي لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ تَفِ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَلَفَ لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ شَيْئًا ثُمَّ تَقَايَلَا فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حِينَ الْإِقَالَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ حَنِثَ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ عِوَضُ مَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ أَيْ السِّلْعَةِ أَيْ قِيمَتِهَا أَنْ لَوْ بِيعَتْ الْآنَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَفَاءً مُحَقَّقًا غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَلَوْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ فَلَا يَنْفَعُهُ وَيَحْنَثُ الْحَالِفُ الْبَائِعُ. (ص) لَا إنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) مَعْطُوفٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ بِالْإِقَالَةِ أَيْ لَا بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا تَرَكَ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ الَّتِي بَاعَهَا شَيْئًا فَأَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ حُسْنُ مُعَامَلَةٍ لَا إسْقَاطٌ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يُقَالُ الْأَجَلُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ التَّأْجِيلُ ابْتِدَاءً. (ص) وَلَا إنْ دَفَنَ مَالًا فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي أَخْذَتَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَنَ مَالًا ثُمَّ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ نَاسِيًا لِمَكَانِهِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَخَذَتْهُ ثُمَّ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ ثَانِيًا فَوَجَدَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ إنْ كَانَ الْمَالُ ذَهَبَ فَمَا أَخَذَهُ إلَّا أَنْتَ وَلَمْ يَذْهَبْ، وَهَذَا وَاضِحُ حَيْثُ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَبِتَرْكِهَا عَالِمًا فِي لَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلَا عِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَمَتَى خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَنِثَ عَلِمَ بِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا إشْكَالَ فِي الْحِنْثِ وَكَذَلِكَ إنْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ بِهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا وَتَرْكِهَا كَالْإِذْنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لَا خَرَجَتْ أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا فَعَلْت أَوْ لَا تَفْعَلِي كَذَا وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُنَا فِي جَانِبِ الْبِرِّ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلَا عِلْمٍ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَمَعْنَاهَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِزَوْجَتِهِ إلَّا فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ مَثَلًا فَأَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَذَهَبَتْ إلَيْهِ ثُمَّ زَادَتْ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ زَادَتْ وَهُوَ عَالِمٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ عِلْمَهُ كَإِذْنِهِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّاقِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ بِلَا عِلْمٍ أَيْ حَالَ الزِّيَادَةِ فَعِلْمُهُ بَعْدَ فِعْلِهَا الزِّيَادَةَ لَا يُوجِبُ حِنْثَهُ ثُمَّ إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا خَرَجَتْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فَيَحْنَثُ أَوْ لَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ لِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي فَخَرَجَتْ ابْتِدَاءً إلَى غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ خَرَجَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لِغَيْرِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ. (ص) وَبِعَوْدِهِ لَهَا بَعْدُ بِمِلْكٍ آخَرَ فِي لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ   [حاشية العدوي] وَلَوْ كَرَّرَهُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْبِرِّ) أَيْ وَأَيْضًا الْمَقْصُودُ حَتَّى تَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ يَظْهَرُ أَنَّك الْخَاضِعُ لِي دُونَ أَنْ أَكُونَ الْخَاضِعَ لَك. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ حَنِثَ) مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ فَلَا حِنْثَ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَيَحْنَثُ وَاشْتِرَاطُ الْوَفَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَقَالَ رُبَّ نَظْرَةٍ خَيْرٌ مِنْ وَضِيعَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ فِي مَحِلِّهِ وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ غَيْرُهَا وَتَارَةً لَا يَتَبَيَّنُ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِمَوْضِعِهِ أَوْ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ ظَانًّا أَوْ شَاكًّا فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازَ مَا بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي صُورَتَيْنِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ تَبَيَّنَ فِي مَوْضِعِهِ وَغَمُوسٌ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ لِمَا تَقَدَّمَ يَكُونُ الْجَمِيعُ سِتَّ عَشْرَةَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِعَدَمِ الْأَخْذِ أَوْ شَاكًّا أَوْ ظَانًّا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِكَوْنِهِ غَمُوسًا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازِمًا بِالْأَخْذِ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ أَحَدًا أَخَذَهُ فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْيَمِينِ وَلَا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لِكَوْنِهِ لَغْوًا. (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِهَا إلَخْ) فَلَوْ أَغَاظَتْهُ فَقَالَ لَهَا اُخْرُجِي إلَى الشَّرْقِ أَوْ الْغَرْبِ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَإِنَّمَا هُوَ سُخْرِيَةٌ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ ابْتِدَاءً إلَى غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ ثُمَّ ذَهَبَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) ظَاهِرُهُ عَلِمَ أَمْ لَا الْحِنْثُ لِأَصْبَغَ مَعَ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمُهُ لِنَقْلِ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَبِعَوْدِهِ) أَيْ وَحَنِثَ بِعَوْدِهِ لَهَا أَيْ لِلدَّارِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ لَا سَكَنَتْ بَعْدُ أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ بِمِلْكِ آخَرَ) بِالْإِضَافَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 لَهُ لَا دَارَ فُلَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَهَا الْحَالِفُ بَعْدَ بَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ التَّعْيِينِ فَلَا يُزِيلُهُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ تِلْكَ الْبُقْعَةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا دَامَتْ لَهُ وَلَوْ قَالَ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ فَبَاعَهَا فُلَانٌ فَسَكَنَهَا الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ لَمْ يَنْوِ عَيْنَهَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِعَوْدِهِ لَهَا سَوَاءٌ عَادَ لَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا حِنْثَ مَعَ الْإِكْرَاهِ قِيلَ وَفِي ذِكْرِ الْعَوْدِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ سَاكِنًا ثُمَّ عَادَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْدَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: 13] أَيْ لَتَدْخُلُنَّ وَهُوَ الْمُرَادُ أَيْ وَبِدُخُولِهِ عَلَى وَجْهِ السُّكْنَى إلَخْ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِلْغَيْرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (ص) وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَتْ الدَّارُ وَصَارَتْ طَرِيقًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ) شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ وَبُنِيَتْ وَدَخَلَهَا مُكْرَهًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ أَيْ بِالْإِكْرَاهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِنَا مُكْرَهًا وَهَذَا الْمُقَدَّرُ مَعْلُومًا مِمَّا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرَّ وَذَكَرَهُ هُنَا لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا حَلَفَ لَا دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرِبَتْ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ كَرَاهَتِهِ فِي صَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَهِيَ خَرَابٌ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ كَرَاهَتِهِ لِعَيْنِ الدَّارِ فَلَا يَمُرُّ بِهَا أَبَدًا قَالَ فِيهَا فَإِنْ بُنِيَتْ ثَانِيًا فَمَرَّ بِهَا حَنِثَ إلَّا أَنْ تُبْنَى مَسْجِدًا فَلَا حِنْثَ بِدُخُولِهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا فَهَذَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ جَلَسَ فِيهَا أَوْ نَامَ مِنْ غَيْرِ خَرَابٍ إذَا نَقَلَ أَمْتِعَتَهُ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهُ أَمْتِعَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلتَّخْرِيبِ كَمَا فَهِمَ الْمُؤَلِّفُ قَالَهُ ح وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَوَهَّمُ لَا لِلْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمَأْمُورَ بِهِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَإِنَّمَا هُوَ حِنْثٌ بِالدُّخُولِ بَعْدَ أَنْ خَرِبَتْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ بِالتَّخْرِيبِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَإِلَّا فَاسْمُ الدَّارِ زَالَ عَنْهَا لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلسَّاحَةِ مَعَ الْبُنْيَانِ. (ص) وَفِي لَا بَاعَ مِنْهُ أَوْ لَهُ بِالْوَكِيلِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا بَاعَ مِنْ فُلَانٍ أَيْ لِفُلَانٍ شَيْئًا ثُمَّ بَاعَ مِمَّنْ اشْتَرَى لِفُلَانٍ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرَى مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَقَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ شَيْئًا أَيْ لَا أَكُونُ سِمْسَارًا لِشَيْئِهِ فَدَفَعَ فُلَانٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَأَعْطَاهُ الرَّجُلُ لِلْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ثَوْبُ فُلَانٍ إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِهِ لِوَكِيلٍ فِي لَا أَضْمَنُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بِهِ تَأْوِيلَانِ يَأْتِيَانِ هُنَا كَمَا أَجْرَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ (ص) وَإِنْ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت فَقَالَ هُوَ لِي ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْحِنْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت أَنِّي لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ وَأَخْشَى أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ إنَّمَا ابْتَاعَهُ لِي لَا لِلْمُوَكِّلِ فَبَاعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ الْحَالِفَ وَيَحْنَثُ وَقَوْلُنَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَالَ أَشْتَرِي لِنَفْسِي ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ اشْتَرَيْت لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِي وَلَوْ قَالَ إنْ كُنْت تَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِفُلَانٍ لَا نَبْغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِذَلِكَ. (ص) وَأَجْزَأَ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ فِي إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَأَخَّرَتْهُ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُورَثُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ رَشِيدًا وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ. (ص) لَا فِي دُخُولِ دَارٍ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا إذْنُهُ فِي دُخُولِ دَارٍ لَهُ   [حاشية العدوي] أَيْ مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ وَقَوْلُ تت بِالتَّنْوِينِ يُنَافِي قَوْلَهُ مَا دَامَتْ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ بِرُجُوعِهَا لِلْأَوَّلِ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ دَارَ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مَا دَامَتْ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ فِي الْأُولَى وَفُلَانٍ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ) يُنَافِي قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لِلْأُولَى لَكَانَ يَقُولُ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ صِحَّةِ مَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) أَقُولُ إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ اتِّبَاعُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ) وَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِفُلَانٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ بَائِعٌ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْبَيْعَ لَازِمٌ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً وَالْآتِيَةُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْوَارِثُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَهُوَ كَذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 فَلَا يَكْفِي وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ زَيْدٍ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تُورَثُ إلَّا بِإِذْنِ عَمْرٍو فَمَاتَ فَأَذِنَ لَهُ وَرَثَتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إذْ الْإِذْنُ لَا يُورَثُ قَالَ الْعَوْفِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ يَمِينِهِ أَنَّ عَمْرًا لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ فَكَرِهَ دُخُولَهَا لِأَجْلِ أَهْلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِي أَهْلِ عَمْرٍو حَقٌّ أَوْ يَكُونُ الْحَقُّ شَرِكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَيُجْزِئُهُ إذْنُ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ لَا يُوَفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَالْحَقُّ قَدْ انْتَقَلَ فَيُجْزِئُهُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا حَلَفَتْ امْرَأَةٌ لَا زَوَّجَتْ أَمَتَهَا عَبْدَ فُلَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ فَمَاتَ فُلَانٌ فَلَا تُزَوِّجُهَا إيَّاهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ وَرَثَتِهِ انْتَهَى. (ص) وَتَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ وَلَا دَيْنَ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ فَأَخَّرَهُ الْوَصِيُّ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الْحَالِفُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ سَوَاءٌ كَانَ تَأْخِيرُهُ لِنَظَرٍ أَمْ لَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ كَانَ آثِمًا فَقَطْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ حَالًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ بِالنَّظَرِ لِأَجْلِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا لِإِجْزَائِهِ فَلِذَا قِيلَ لَوْ حَذَفَهُ لَوَافَقَ النَّقْلَ. (ص) وَتَأْخِيرُ غَرِيمٍ إنْ أَحَاطَ وَأَبْرَأَهُ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَأَخَّرَهُ بِذَلِكَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ إنْ أَبْرَءُوا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرُوا بِهِ الْحَالِفَ حَتَّى يَكُونُوا كَالْقَابِضِينَ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْبَرَاءَةُ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ أَخْذِ الْغَرِيمِ مِنْ الْحَالِفِ بَعْدَ التَّأْخِيرِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ لِلدَّيْنِ فَتَبْقَى ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مُعَمِّرَةً لِلْغَرِيمِ فَإِذَا أَبْرَأَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبِرَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ لَا يُجْزِئْ تَأْخِيرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي التَّأْخِيرِ يُؤَخِّرُ بِهِ. (ص) وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ أَوْ مُطْلَقًا فَوَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَثَلًا هَلْ يَبِرُّ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَيَحْنَثُ إنْ كَانَ أَجَلُهُ مَضَى (قَوْلَانِ) مَنْشَؤُهُمَا حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَفْهُومِهِ لُغَةً وَقَدْ حَصَلَ أَوْ شَرْعًا وَلَمْ يَحْصُلْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فَرَّطَ حَتَّى حَصَلَ الْحَيْضُ وَوَطِئَهَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا. (ص) وَفِي لَتَأْكُلِنَّهَا فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَشَقَّ جَوْفَهَا وَأَكَلَتْ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ لَتَأْكُلِنَّ هَذِهِ الْقِطْعَةَ اللَّحْمَ فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ أَخَذَتْ الْهِرَّةَ فَذَبَحَتْهَا وَشَقَّتْ جَوْفَهَا وَأَخْرَجَتْ الْبَضْعَةَ اللَّحْمَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَلَّ فِي جَوْفِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَأَكَلَتْهَا هَلْ يَبِرَّ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَمَحِلُّهُمَا حَيْثُ تَوَانَتْ وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ تَتَوَانَ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ تَشُقَّ جَوْفَ الْهِرَّةِ وَتُخْرِجْهَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَمِينِهِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ وَتُحْرِزُهَا، وَعَدَمُ التَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ قَدْرُ مَا تَتَنَاوَلُهَا وَتُحْرِزُهَا فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا) إمَّا إلَى مَسْأَلَةِ الْبَضْعَةِ لَوْ أَخَّرَتْ الْمَرْأَةُ أَكْلَهَا ثُمَّ أَكَلَتْهَا بَعْدَ أَنْ فَسَدَتْ أَوْ إلَى مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَيَأْكُلَنَّهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ ثُمَّ أَكَلَهُ فَقَدْ حَنِثَ عِنْدَ مَالِكٍ إذْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الطَّعَامِ وَقَالَ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَهُ قَبْلَ أَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الْإِذْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالْأَصْلُ إلَّا بِإِذْنٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تُورَثُ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَاصِرَةٌ عَلَى إلَّا بِإِذْنٍ وَلَيْسَ فِيهَا وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ إلَخْ نَعَمْ مِثْلَ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ لَا أَقْضِي لَهُ حَقَّهُ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ) تَمْثِيلٌ لِلْبِسَاطِ (قَوْلُهُ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ) هَذَا مَعْطُوفٌ دَاخِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَكَرِهَ دُخُولَهَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَرِهَ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ شَرِكَةً وَلَوْ قَالَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَرِكَةً إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ تَمْثِيلٍ لِقَوْلِهِ إنَّ عَمْرًا لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ. (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ) أَيْ لِكَوْنِ التَّأْخِيرِ يَسِيرًا أَوْ خَوْفَ الْجُحُودِ أَوْ الْخِصَامِ فَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ حُمِلَ عَلَى النَّظَرِ. (قَوْلُهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ) وَمِثْلُهُ الْحَيُّ الْمُفْلِسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ أَبُو عِمْرَانَ الْمَسْأَلَةَ بِكَوْنِ الْحَقِّ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَكُونَ حَوَالَةً يُقْضَى بِهَا وَإِلَّا جَاءَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَبُو الْحَسَنِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَتَجَانَسْ الدَّيْنَانِ هَلْ يَكُونُ مِثْلَ تَأْخِيرِ الْوَصِيِّ أَوْ مِثْلَ الْقَضَاءِ الْفَاسِدِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (أَقُولُ) مُقْتَضَى كَوْنِهِ فَسَخَ الدَّيْنَ أَنَّهُ كَالْقَضَاءِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ لِلدَّيْنِ) أَيْ لِأَخْذِ الدَّيْنِ أَيْ كَتَلَفِ مَالِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَمْ يَبِرَّ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْحِنْثِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ إنْ وَطِئْتُك حَنِثَ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَفِي لَتَأْكُلِنَّهَا) أَصْلُهُ لَتَأْكُلِينَنَهَا فَحُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لِتَوَالِي الْأَمْثَالِ ثُمَّ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَصَارَ لَتَأْكُلِنَّهَا وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَمَحِلُّهَا حَيْثُ تَوَانَتْ) وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْحِنْثُ كَمَا فِي شَرْحِ عب وشب فَإِنْ قُلْت قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا لَمْ يُؤَجِّلْ وَحَصَلَ مِنْهُ وَفَرَّطَ فَيَحْنَثُ بِالْمَانِعِ وَلَوْ عَقْلًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ حَنِثَ بِالْمَانِعِ الْعَادِيِّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا قُلْنَا مَا تَقَدَّمَ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُنَا قَدْ فَعَلَهُ (قَوْلُهُ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ وَإِنْ تَوَانَتْ قَدْرَ مَا لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَهَا وَتُحْرِزَهَا دُونَهَا فَعَلَتْ فَهُوَ حَانِثٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ مَسْأَلَةِ الْبَضْعَةِ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 يَفْسُدَ وَعَلَيْهِ فَأَنَّثَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى خَطَفَتْهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْطِفْهَا وَأَكَلَتْ بَعْدَ فَسَادِهَا أَيْ تُرِكَتْ بَعْدَ الْحَلِفِ حَتَّى فَسَدَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَتَوَانَى) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَسَادِ فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ التَّوَانِي فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَفْسُدُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ فِيهِ بِمُجَرَّدِ سُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لَا كَسَوْتهمَا وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ وَاسْتَشْكَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَكْسُوهَا هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَكَسَاهَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَلَبِسَتْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَشْكَلَ الْحِنْثُ حَيْثُ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَدَمَ الْجَمْعِ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ أَيْ وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قُبِلَتْ نِيَّتُهُ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا أَيْ الثَّوْبَيْنِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا كَسَوْتهمَا وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَسَوْتهَا أَيْ إيَّاهُمَا وَقَوْلُهُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ أَيْ عَدَمُ الْجَمْعِ لَهَا بَيْنَهُمَا وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَأَوْلَى فِي الْحِنْثِ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَيْمَانِ وَكَانَتْ النُّذُورُ قَرِينَةً لَهَا فِي التَّرَاجِمِ وَتُشَارِكُهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ جَعَلَ لِلنَّذْرِ فَصْلًا تَالِيًا لِبَابِ الْيَمِينِ فَقَالَ. (فَصْلٌ) لِذِكْرِ أَرْكَانِ (النَّذْرِ) وَأَحْكَامِهِ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ فِي فَصْلِ النَّذْرِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ النُّذُورُ جَمْعُ نَذْرٍ وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى نُذُرٍ بِضَمِّ النُّونِ وَالذَّالِ يُقَالُ نَذَرْت أَنْذِرُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَعْنَاهُ الِالْتِزَامُ انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ أَمْرًا لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» وَإِطْلَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا بِمَعْنَى أَنَّ النَّذْرَ يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَعَمَّ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ وَالْأَعَمُّ يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ لِمَا وَرَدَ فِي الْإِطْلَاقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَخَصُّهُ الْمَأْمُورُ بِأَدَائِهِ الْتِزَامُ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ هَذَا يَمِينٌ حَسْبَ مَا مَرَّ قَوْلُهُ طَاعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْمُبَاحَ وَالْمُحَرَّمَ الدَّاخِلَ فِي الْأَعَمِّ وَقَوْلُهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْتِزَامَ الطَّاعَةِ لَا بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ وَهُوَ عَدَمُ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَسَتَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ وَالشَّيْءُ الْمُلْتَزَمُ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ. وَالشَّخْصُ الْمُلْتَزِمُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزَمِ لِلنَّذْرِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا فَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ لَوْ أَسْلَمَ نُدِبَ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الصَّبِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَفَاؤُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَالْمَحْجُورَ الْبَالِغَ وَالرَّقِيقَ   [حاشية العدوي] الَّتِي هِيَ قِطْعَةُ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَسَادِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إذَا أَخَذَتْهَا بِحِدْثَانِ أَكْلِهَا قَبْلَ أَنْ تَتَغَيَّرَ وَإِلَّا فَيُتَّفَقُ عَلَى الْحِنْثِ فَالْمُنَاسِبُ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِذَلِكَ تَرْجِيعُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ، وَيُفَسَّرُ التَّوَانِي بِمَا إذَا لَمْ تَأْخُذْهَا بِحِدْثَانِ أَكْلِهَا لِأَنَّهُ يُتَّفَقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحِنْثِ فَلِذَا قَالَ مُحَشِّي تت فَالصَّوَابُ حَمْلُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَقُولُ يَرُدُّ هَذَا الْجَوَابَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَيَأْكُلَنَّهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ فَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى التَّوَانِي قَطْعًا فَلَا يَظْهَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى أَيْ بَعْدَ الْخَطْفِ. (قَوْلُهُ لَا كَسَوْتهمَا) الْمُرَادُ الْجَمْعُ فِي الْكِسْوَةِ لَا الزَّمَانِ بِأَنْ تُلْبِسَهُمَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ الْمُرَادُ لَا كَسَوْتهمَا مُجْتَمِعَيْنِ وَلَا مُتَفَرِّقَيْنِ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُصَنِّفِ صِحَّةُ هَذَا الْجَوَابِ لَمْ يَذْكُرْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ نِيَّةٌ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةُ الْمُوَافِقَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ تُقْبَلُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَسَوْتُك هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا كَسَوْتهمَا جَمِيعًا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَا كَسَوْتهمَا كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَتْ النِّيَّةُ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَام النَّذْرِ] (بَابُ النَّذْرِ) (قَوْلُهُ قَرِينَةً لَهَا) قَرِينَةٌ بِالنُّونِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِنُونٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَانَتْ النُّذُورُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ قَرِينَةً لَهَا فِي التَّرَاجِمِ كَقَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْقُرْبِ بِمَعْنَى أَنَّ بَابَ النَّذْرِ بَعْدَ بَابِ الْيَمِينِ بِقُرْبٍ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ الْتِزَامُ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ) إلَّا وَصَحَّ أَنْ يَقُولَ كَمَا يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَخَصَّ (قَوْلُهُ هَذَا يَمِينٌ) أَيْ إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَمْرٍ وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ أَيْ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ مُحْتَرَزٍ قَوْلُهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ كَأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ يَشْمَلُ مَا إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا مَعَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ نَذَرَ ثُمَّ إنَّ التَّعْلِيقَ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ الِامْتِنَاعُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَصِيغَتُهُ كَصِيغَةِ النَّذْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ (فَإِنْ قُلْت) مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ نَذْرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ لِلنَّذْرِ مِنْ صِيغَةٍ وَهِيَ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ (قُلْت) كَلَامُهُ فِي بَحْثِ الصِّيغَةِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَذْرٍ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ الْيَمِينَ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَفَاؤُهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَالَهُ عج تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَدْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِخِلَافِ الْكَافِرِ كَذَا فِي عب (قَوْلُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ) وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ لَهُ الْوَفَاءُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالظَّاهِرُ لَا (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ) أَيْ غَيْرُ الْمَالِ وَكَذَا الْمَالُ إنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ (قَوْلُهُ وَالْمَحْجُورُ الْبَالِغُ) أَيْ السَّفِيهُ يَلْزَمُهُ أَيْ وَلَوْ بِالْمَالِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 ابْنُ عَرَفَةَ وَنَذْرُ ذِي الرِّقِّ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ مِنْ فِعْلِهِ انْتَهَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ حَيْثُ كَانَ نَذْرُهُمَا بِغَيْرِ الْمَالِ أَوْ بِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ زَادَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَالنَّذْرُ مِنْ التَّبَرُّعِ وَلِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ مِنْ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْضًا السَّفِيهَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ عَلَى وَلِيِّهِ رَدُّ نَذْرِهِ مُطْلَقًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْتَزَمُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَحْوَهَا وَإِنْ كَانَ مَالًا فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ ثُمَّ. بَالَغَ عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ غَضْبَانَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ غَضْبَانَ عَلَى الْمَعْرُوفِ لَرُدَّ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَأَنَّهُ أَفْتَى ابْنَهُ عَبْدَ الصَّمَدِ بِذَلِكَ وَكَانَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فَحَنِثَ وَقَالَ لَهُ إنِّي أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ فَإِنْ عُدْت لَمْ أُفْتِك إلَّا بِقَوْلِ مَالِكٍ ابْنِ بَشِيرٍ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَيَعُدُّونَهُ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَاللَّجَاجُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ وَمُعَاقَبَتَهَا بِإِلْزَامِهَا النَّذْرَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ غَيْظُ نَفْسِهِ وَالتَّشْدِيدُ عَلَيْهَا وَالتَّبَرُّرُ وَالرِّضَا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي مَثَلًا وَقَدْ ذَكَرَ ح مَا يُفِيدُ كَرَاهَةَ نَذْرِ اللَّجَاجِ. (ص) وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ لَازِمٌ لِنَاذِرِهِ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي عَدَمُ جَعْلِهِ نَذْرًا أَيْ فَأَحِلُّهُ عَنْ نَفْسِي فَإِنَّهُ لَا يَنْحَلُّ وَهُوَ لَازِمٌ لِأَنَّ السَّبَبَ تَقَدَّمَ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ وَالسَّبَبُ هُوَ الْتِزَامُ النَّذْرِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ النَّذْرُ وَلَوْ قَالَ النَّاذِرُ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَيْ مِنْ هَذَا الْمَنْذُورِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا يُفِيدُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَلَوْ قَالَ هَذَا نَذْرٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَذْرًا إلَّا بِمَشِيئَتِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَبُو الْحَسَنِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَرُدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ النَّذْرَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مَنْدُوبًا فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ فَلَا يَلْزَمُ فِي الْمُبَاحِ كَنَذْرٍ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ فِي السُّوقِ إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَالْمَكْرُوهُ أَحْرَى كَنَذْرٍ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ نَفْلًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْمُحَرَّمُ أَحْرَى كَنَذْرٍ عَلَيَّ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْوَاجِبُ لَازِمٌ بِنَفْسِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَذْرُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ   [حاشية العدوي] لَكِنْ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ) أَيْ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِهِ عَمَلُهُ أَوْ كَانَ بِمَالٍ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُوَضِّحَةٌ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ إذْ عَلَى وَلِيِّهِ رَدُّ نَذْرِهِ) أَيْ بِالْمَالِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الثُّلُثَ أَوْ دُونَهُ وَرَدُّ وَلِيِّهِ رَدُّ إبْطَالٍ كَانَ السَّفِيهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ يَلْزَمُهَا مَا لَمْ يَرُدَّ الزَّوْجُ وَرَدُّهُ إبْطَالٌ وَالْعَبْدُ يَلْزَمُهُ نَذْرُهُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالسَّفِيهُ لَا يَلْزَمُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَهُ بَعْدَ الرُّشْدِ رَدُّهُ، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ. (قَوْلُهُ أَنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِأَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ إنَّمَا أَفْتَى ابْنُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَلَّفَ ابْنَهُ الْمَشْيَ فَلَا يَفْعَلُ فَيَلْزَمُهُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِهَانَةُ بِمَسْأَلَةٍ مِنْ الدِّينِ فَيَكُونُ طَرِيقًا إلَى الِاسْتِهَانَةِ بِغَيْرِهَا وَهَذَا حَسَنٌ مِنْ الْفَتْوَى عَظِيمٌ، الثَّانِي ظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّجَاجَ غَيْرُ الْغَضْبَانِ وَكَذَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ تَفْسِيرَ اللَّجَاجِ بِالتَّفْسِيرِ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّ نَذْرَ الْغَضْبَانِ هُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ لَا أَنَّهُ غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدْت فِي كَلَامِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ هُوَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ كَلَامَنَا فِي النَّذْرِ مَا وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ حَلِفٌ (أَقُولُ) إنَّ النَّذْرَ الْوَاقِعَ مِنْ الْغَضْبَانِ هُوَ يَمِينٌ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَجَعَلَهُ حَلِفًا أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَذْرٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ الثَّانِي اللُّزُومُ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِكَوْنِ الْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَفَى مَرِيضِي. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَفِي الْمُعَلَّقِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعًا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ وَيَصِحُّ الضَّمُّ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ أَوْ بِالْكَسْرِ أَوْ بِالْفَتْحِ يُخَاطِبُ ذَكَرًا فَالطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ كَانَ الشَّخْصَ الْمُتَكَلِّمَ أَوْ غَيْرَهُ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَهِدَ التَّعْلِيقَ فِي الطَّلَاقِ دُونَ النَّذْرِ وَأَمَّا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَيَنْفَعُ فِي رُجُوعِهِ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فِي الْبَابَيْنِ وَلَا يَنْفَعُ إذَا رَجَعَ لِلْمُعَلِّقِ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَرَجَّعَهُ لِدُخُولِ الدَّارِ لَا إنْ رَجَّعَهُ لِصِيغَةِ النَّذْرِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَهَذَا تَحْقِيقُ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) الْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ لَا يُفِيدُ فِي النَّذْرِ غَيْرِ الْمُبْهَمِ مُطْلَقًا أَيْ مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ سَوَاءٌ رَدَّهَا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ) أَيْ بِأَنْ رَجَّعَهُ لِصِيغَةِ النَّذْرِ فَقَطْ أَوْ لَهَا وَلِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا بَلْ يَكُونُ وَاجِبًا وَحَرَامًا وَمَنْدُوبًا وَمَكْرُوهًا كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُصَلِّ الظُّهْرَ مَثَلًا أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ إنْ لَمْ أَمْشِ إلَى كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ وُجِدَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ نَذْرُ صَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ وَالْإِحْرَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ كَذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُمَا قَوْلًا الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ وَالْمُقَدِّمَاتِ انْتَهَى وَعِلَّةُ حُرْمَةِ نَذْرِ الْمُبَاحِ لِأَنَّهُ عَظَّمَ مَا لَمْ يُعَظِّمْهُ الشَّرْعُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَا نُدِبَ مِنْ نَذْرٍ زِيَارَةَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ حَيٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ أَعْمَلَ فِيهِ الْمَطِيَّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ كُلُّ عِبَادَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَاتِ غَيْرَ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ وَحَدِيثُ «لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ» مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ وَأَمَّا زِيَارَةُ الْأَحْيَاءِ مِنْ الْإِخْوَانِ وَالْمَشْيَخَةِ وَنَذْرُ ذَلِكَ وَالرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَتَوَقَّفَ بَعْضُ النَّاسِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ وَآثَارِ الصَّالِحِينَ وَلَا تَوَقُّفَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ انْتَهَى مِنْ مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ لِحُلُولُو (ص) كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ (ش) أَشَارَ إلَى الصِّيغَةِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَوْ لَمْ يَلْفُظْ بِالنَّذْرِ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ عَلَى أُضْحِيَّةٍ وَلَوْ لَمْ يَلْفُظْ بِالْجَلَّالَةِ وَيُنْظَرُ فِي النَّذْرِ كَالْيَمِينِ إلَى النِّيَّةِ ثُمَّ الْعُرْفُ ثُمَّ اللَّفْظُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالنِّيَّةِ دُونَ اللَّفْظِ فَإِنْ قِيلَ تَمْثِيلُهُ لِلْمَنْدُوبِ بِقَوْلِهِ ضَحِيَّةٌ وَهِيَ سُنَّةٌ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمَنْدُوبِ الْمَطْلُوبُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَمَا دُونَهَا وَلَا يُنَافِي جَعْلُهُ هُنَا الضَّحِيَّةَ تَجِبُ بِالنَّذْرِ مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا. (ص) وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ (ش) أَيْ وَنُدِبَ الْتِزَامُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ غَيْرِ الْمُكَرَّرِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ مَا يُوجِبُهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا كَانَ وَمَضَى كَمَنْ شُفِيَ مَرِيضُهُ فَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ وَمَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ فَمُبَاحٌ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ. (ص) وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَذْرَ الْمُكَرَّرِ مَكْرُوهٌ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَتَى بِهِ عَلَى كَسَلٍ أَوْ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ فِي الْوَفَاءِ بِهِ وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَلَّقُ بِمَحْجُوبٍ آتٍ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا أَوْ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ كَذَا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْقُرَبِ فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمَّا لِكَوْنِهِ أَتَى بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ لَا الْقُرْبَةِ أَوْ خَوْفَ تَوَهُّمِ الْجَاهِلِ مَنْعَهُ مِنْ حُصُولِ الْمُقَدَّرِ أَوْ مُبَاحٌ تَرَدُّدٌ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ نَذْرُ التَّبَرُّمِ كَنَذْرِ عِتْقِ عَبْدٍ ثَقُلَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ نَفْعِهِ تَخَلُّصًا مِنْهُ وَإِبْعَادًا لَهُ وَنَذْرُ التَّحَرُّجِ كَنَذْرِ كَثِيرٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَمَّا مَا لَا يُطِيقُهُ فَحَرَامٌ وَمَعَ كَوْنِ الْمُكَرَّرِ مَكْرُوهًا فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا نُدِبَ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ وَهَذَا مَنْدُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَارِضَةٌ وَإِذَا لَزِمَ الْمُكَرَّرُ فَأَحْرَى الْمُعَلَّقُ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَالْمُعَلَّقُ مُخْتَلَفٌ فِي كَرَاهَتِهِ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ وَلَا يُقْضَى بِالنَّذْرِ وَلَوْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ كَانَ عِتْقًا لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ وَمَتَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ نِيَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ. (ص) وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لَا غَيْرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ هَدْيَ بَدَنَةٍ نَذْرًا مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا فَإِنْ عَجَزَ النَّاذِرُ عَنْ الْبَدَنَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ بَقَرَةً لِقَوْلِ الْخَلِيلِ الْبَقَرُ مِنْ الْبُدْنِ   [حاشية العدوي] بِالْحَجِّ قَبْلَ زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْإِحْرَامَ مَطْلُوبَانِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الزَّمَنِ وَغَيْرُ مَطْلُوبَيْنِ عِنْدَ مُلَاحَظَتِهِ فَالنَّذْرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ نَذْرَ صَلَاةٍ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ وَبَقِيَّةِ الْمَكْرُوهَاتِ هَلْ يَلْزَمُ أَيْضًا نَظَرًا لِمُطْلَقِ النَّفْلِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْوَقْتِ لِأَشَدِّيَّتِهِ فَكَأَنَّهُ ذَاتِيٌّ كَذَا ذَكَرُوا وَتَأَمَّلْ مَعَ صَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ الْقُدُومُ عَلَى نَذْرِ الْوَاجِبِ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ نَذْرَ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ حَرَامٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُقَدِّمَاتُ رَاجِعٌ لِلثَّانِي مِنْ أَنَّهُ مِثْلُهُمَا (قَوْلُهُ الْمَطِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ يُسْتَعْمَلُ وَاحِدًا وَجَمْعًا أَيْ جَمْعُ مَطِيَّةٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْمَطِيُّ الَّتِي تَمُطُّ فِي سَيْرِهَا أَيْ تَمُدُّ فِي سَيْرِهَا كَذَا أَفَادَهُ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ غَيْرَ الصَّلَاةِ) لَا شَكَّ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّوْمِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَلْزَمُ فِي غَيْرِ الثُّغُورِ (قَوْلُهُ الْإِخْوَانِ) جَمْعُ أَخٍ (قَوْلُهُ وَالْمَشْيَخَةِ) جَمْعُ شَيْخٍ كَمَا أَفَادَهُ الصِّحَاحُ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ) أَرَادَ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا) وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَضْعِيفُ هَذَا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ لَنَا فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَظْهَرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ مَا نَدَبَ الضَّحِيَّةَ. (قَوْلُهُ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لَا حَقِيقَةٌ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ) فِيهِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَنْدُوبٍ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَعْنَى وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ أَيْ تَخْصِيصُهُ مِنْ بَيْنِ أَفْرَادِ الْمَنْدُوبِ هُوَ الْمُبَاحُ وَفِي ذَاتِهِ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ نَفْعَ النَّذْرِ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا قَالَهُ بَعْضٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَحْبُوبًا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَمَّا مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ فَيُتَّفَقُ عَلَى كَرَاهَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا مُبْهَمًا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَذَا الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ نَذْرُ التَّبَرُّمِ) أَيْ التَّضَجُّرِ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ نَفْعِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ ثَقُلَتْ وَقَوْلُهُ تَخَلُّصًا مِنْهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ نَذْرٌ (قَوْلُهُ وَنَذْرُ التَّحَرُّجِ) أَيْ الضِّيقِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْوَفَاءُ بِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ الْوَفَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ أَيْ وَفَاءٌ صَحِيحٌ وَتَأَمَّلْ فِي الْمَقَامِ يَظْهَرْ لَك الْمَرَامُ. (قَوْلُهُ لَا غَيْرُ) أَيْ لَا غَيْرَ السَّبْعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) أَيْ فَالتَّاءُ فِي الْبَدَنَةِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَزِمَ وَلَمْ يَقُلْ وَلَزِمَتْهُ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُجْزِئُهُ الْبَقَرَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَذَرَ (قَوْلُهُ الْبَقَرُ مِنْ الْبُدْنِ) أَيْ لِأَنَّ أَصْلَ الْبَدَنَةِ عَظِيمَةُ الْبَدَنِ فَيَشْمَلُ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الْبُدْنِ تَجَوُّزٌ لَا حَقِيقَةٌ وَإِلَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ سَبْعَ شِيَاهٍ مِنْ سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ وَصِفَتِهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا صِيَامٌ وَلَا غَيْرُهُ بَلْ يَصْبِرُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ بَدَلِ بَدَلِهِ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى دُونِ السَّبْعَةِ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمَوَّاقِ وَقَالَ بَعْضٌ يَلْزَمُهُ ثُمَّ يُكْمِلُ مَا بَقِيَ مَتَى أَيْسَرَ وَهُوَ ظَاهِرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كُلِّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ نَذَرَ بَدَنَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا فَإِنْ نَوَى نَوْعًا لَزِمَ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الْبَدَنَةُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ إلَخْ. (ص) وَصِيَامٌ بِثَغْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ كَعَسْقَلَانَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيَأْتِي رَاكِبًا فَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي ثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ إلَى ذَلِكَ وَمَفْهُومُ الثَّغْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الثُّغُورِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيَصُومُ فِي مَكَانِهِ إذْ لَا قُرْبَةَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. (ص) وَثُلُثَهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْجِهَادُ وَالرِّبَاطُ بِمَحِلٍّ خِيفَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ بِمَوْضِعٍ يَخَافُ الْعَدُوَّ فِيهِ وَنَحْوُ مَا مَرَّ مِنْ الثُّغُورِ وَالسَّوَاحِلِ وَمِثْلُهُ الْفُقَرَاءُ أَوْ هِبَتُهُ لَهُمْ أَوْ هَدْيٌ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ قُرْبَةٌ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَعَرْضٍ وَقِيمَةِ كِتَابَةٍ ثُمَّ إنْ عَجَزَ وَكَانَ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا قِيمَةِ مُدَبَّرَةٍ فَإِنْ زَادَ الْمَالُ بِهِبَةٍ أَوْ نَمَاءٍ أَوْ وِلَادَةٍ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالْحِنْثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ سِوَى ثُلُثِهِ يَوْمَ الْحَلِفِ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ حَلَفَ وَمَالُهُ أَلْفٌ وَحَنِثَ وَهُوَ أَلْفَانِ لَزِمَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَبِالْعَكْسِ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ حِينَ يَمِينِهِ رِفْقًا بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِنْفَاقٍ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ وَيَحْسِبُ دَيْنَهُ وَمَهْرَ امْرَأَتِهِ وَيُخْرِجُ ثُلُثَ مَا عَدَاهُ (ص) وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَالِهِ فَاحْتَاجَ إلَى إرْسَالِهِ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ مِنْ غَيْرِ الثُّلُثِ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي فَالْأَصْلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ الْجَمِيعِ فَلَمَّا رُخِّصَ لَهُ فِي الثُّلُثِ وَجَبَ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ مِنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ثُلُثُ مَالِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ. (ص) إلَّا لِمُتَصَدِّقٍ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَالِي أَيْ أَنَّ مَنْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ لِزَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَالِهِ لِزَيْدٍ إلَّا ثُلُثَهُ فَقَطْ وَيَعْتَبِرُ الْجَمِيعَ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمَا سَمَّى إلَخْ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ الْجَمِيعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَالنَّذْرِ السَّابِقِ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَيُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ كَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ مَا يَعِيشُ بِهِ انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَنْ كَانَ مَضْبُوطًا بِنَفْسِهِ كَزَيْدٍ أَوْ بِجِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ كَبَنِي زَيْدٍ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ بِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. (ص) وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَاذِرَ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ الْحَالِفُ بِذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَرِّرَ إخْرَاجَ الثُّلُثِ لِكُلِّ يَمِينٍ فَيُخْرِجُ ثُلُثَ مَالِهِ لِمَا لَزِمَهُ أَوَّلًا ثُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي لِلثَّانِي لَكِنْ اتِّفَاقًا إنْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الْأَوَّلِ بَعْدَ لُزُومِهِ لَهُ وَقَبْلَ   [حاشية العدوي] لَكَانَتْ الْبَقَرَةُ فِي مَرْتَبَتِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ) وَانْظُرْ مَنْ نَذَرَ بَقَرَةً وَعَجَزَ عَنْهَا هَلْ يَلْزَمُهُ سَبْعُ شِيَاهٍ كَمَا هُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَجِبُ دُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ الَّتِي يَقُومُ مَقَامَهَا الشِّيَاهُ السَّبْعُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ عِوَضًا عَنْ الْبَدَنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ النَّذْرُ عَنْ الْبَقَرَةِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْحِرَاسَةَ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الرِّبَاطَ أَوْ الصَّوْمَ بِثَغْرٍ لَزِمَهُ وَكَذَا إذَا نَذَرَ صَلَاةً يُمْكِنُ مِنْ الْحِرَاسَةِ وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً فَقَطْ ثُمَّ يَعُودُ لَيْسَ لِلرِّبَاطِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُهُ وَلْيُصَلِّ بِمَوْضِعِهِ وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَلَوْ ذَكَرَ مَوْضِعًا غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ عِبَارَةٌ تَخْتَصُّ بِهِ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ كَرِبَاط أَوْ جِهَادٍ. (قَوْلُهُ بِمَحِلٍّ خِيفَ) تَحْقِيقٌ لِلرِّبَاطِ لَا أَنَّهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعْطَى مِنْهُ مُقْعَدٌ وَلَا أَعْمَى وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا صَبِيٌّ وَلَوْ قَاتَلَ وَلَا مَرِيضٌ مَأْيُوسٌ مِنْهُ وَلَا مَفْلُوجٌ وَلَا شِبْهُهُ وَلَا أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدِ الْيُسْرَى انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَوْلَوِيَّةُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا) أَيْ عَطْفٌ عَلَى الْبَدَنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلُزِمَ الْبَدَنَةَ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ مَا مَرَّ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ الثَّغْرِ (قَوْلُهُ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ) أَيْ وَأُجْرَةِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لَا خِدْمَتِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَا ذَاتِهِمَا اتِّفَاقًا وَهَلْ يُعْتَبَرُ عَدَدُ دَيْنِهِ أَوْ قِيمَتُهُ أَوْ يُفَصِّلُ فِيهِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ وَدَيْنَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَجَزَ) كَمَا لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ عَجَزَ فَوَجَدَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ أَنَّ كَوْنَ الْمُعْتَبَرِ الثُّلُثَ حِينَ الْيَمِينِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ إخْرَاجُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ) وَمِثْلُ الْيَمِينِ النَّذْرُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ كَانَ بِإِنْفَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ أَوْ بَعْدَهُ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حِينَ يَمِينِهِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فَتَمْثِيلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا صِيغَةُ نَذْرٍ أَيْ وَمِثْلُهُ الْيَمِينُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ آخِرَ الْعِبَارَةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لعج وَتَبِعَهُ عب أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَيَحْسِبُ دَيْنَهُ) أَيْ وَمَا يُنْفِقُهُ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ بِلَا سَرْفٍ وَالْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَالنَّذْرِ السَّابِقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 إنْشَاءِ الثَّانِي وَقَوْلُنَا بَعْدَ لُزُومِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ بِلَفْظِهِ وَالْيَمِينُ بِالْحِنْثِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْأَوَّلَ حَتَّى أَنْشَأَ الثَّانِيَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ثُلُثُ مَالِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا ثُلُثُ مَالِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يُخْرِجُ ثُلُثَ الْبَاقِي ثُمَّ كَذَلِكَ قَوْلَانِ وَمَبْنَاهُمَا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُخْرِجْ حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ صَارَا كَأَنَّهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى لِلْجِهَادِ وَالثَّانِيَةُ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ وَقُلْنَا بِلُزُومِ ثُلُثٍ فَقَطْ لَهُمَا فَهَلْ يَقْسِمُ عَلَى قَدْرِ الْجِهَاتِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَى وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَقْرِيرٌ. (ص) وَمَا سَمَّى وَإِنْ مُعَيَّنًا أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ صَدَقَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ ثُلُثِهِ وَأَمَّا إذَا سَمَّى شَيْئًا أَوْ عَيَّنَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَمَّاهُ بِنَحْوِ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ أَوْ عَيَّنَهُ كَعَبْدِي فُلَانٌ أَوْ دَارِي الْفُلَانِيَّةُ أَوْ حَائِطِي الْفُلَانِيُّ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ جَمِيعَ مَالِهِ فَقَوْلُهُ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ لَا لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَقُولَ نِصْفُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَالِي إلَّا كَذَا وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيمَا سَمَّى وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْجَمِيعِ كَأَنْ يَقُولَ أَلْفٌ مِنْ مَالِي وَلَا يَكُونَ مَالُهُ غَيْرَ أَلْفٍ وَقَوْلُهُ وَمَا سَمَّى عَطْفٌ عَلَى الْبَدَنَةِ. (ص) وَبَعْثُ فَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِمَحِلِّهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ لَزِمَ وَالضَّمِيرُ فِي مَحِلِّهِ يَرْجِعُ لِلْجِهَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرَسِي أَوْ سَيْفِي أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نَذْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُرْسِلَهُ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ هَذَا إنْ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِيعَ وَعُوِّضَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُ مَا أَهْدَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْلَمُ أَمَانَتَهُ وَلَا مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مِثْلَهُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ سِلَاحٍ هَذَا إذَا بَلَغَ ثَمَنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ اشْتَرَى بِهِ أَقْرَبَ شَيْءٍ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ دَفَعَ ثَمَنَهُ لِلْغَازِينَ وَلَا يَجْعَلُ فِي شِقْصٍ مِثْلَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ (ص) كَهَدْيٍ وَلَوْ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْإِرْسَالِ وَالْبَدَلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْهَدْيَ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهَا إلَى مَحِلِّ الْهَدْيِ وَهُوَ مَكَّةُ أَوْ مِنًى إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيُعَوِّضُ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَيُخْرِجُهُ إلَى الْحَلِّ إنْ اشْتَرَاهُ بِمَكَّةَ اللَّخْمِيُّ يَشْتَرِي مِنْ حَيْثُ يَرَى أَنَّهُ يَبْلُغُهُ. وَلَوْ وَجَدَ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَا يُؤَخِّرُ رَجَاءَ أَفْضَلَ مِنْهُ بِمَكَّةَ وَيَلْزَمُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَعْثُ الْمُعَيَّنِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ مَعِيبًا كَعَلَيَّ نَذْرُ هَذِهِ الْبَدَنَةِ الْعَرْجَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُهْدَى عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ السَّلَامَةَ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَيْعٌ وَعَوَّضَ بِثَمَنِهِ سَلِيمًا وَنَفَقَةٌ بَعَثَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَعِيبًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ يَعْنِي وَهُوَ مَعِيبٌ وَفِي بَعْضِهَا بِالنُّونِ يَعْنِي وَهُوَ مُعَيَّنٌ (ص) وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْأَبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ (ش) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَهَدْيٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرَسِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ قَالَ هَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ وَتَعَذَّرَ إرْسَالُ ذَلِكَ إلَى مَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَا وَيُعَوَّضُ بِثَمَنِهِ فِي مَحِلِّهِ لَكِنَّ ثَمَنَ الْفَرَسِ أَوْ السِّلَاحِ لَا يُعَوِّضُ بِهِ إلَّا مِنْ جِنْسِهِ فِي مَحِلِّ الْجِهَادِ وَأَمَّا الْهَدْيُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَ بِثَمَنِهِ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ أَيْ فِي الْهَدْي سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا إذَا بِيعَ الْأَبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْغَنَمَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا إبِلًا أَوْ بَقَرًا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْهَدْيِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَمَّاهُ) لَهُ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الثُّلُثِ وَمَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ سَمَّى شَيْئًا يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ أَنَّ الَّذِي سَمَّى لِنَفْسِهِ وَلَوْ ثِيَابَ ظَهْرِهِ وَمَا جَعَلَهُ وَاَلَّذِي قَالَ مَالِي أَدْخَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَكَانَ مِنْ الْحَرَجِ الْمَرْفُوعِ فَوَجَبَ قَصْرُهُ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيمَا سَمَّى إلَخْ) وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ إمَّا لَفْظًا أَوْ وَاقِعًا. (تَنْبِيهٌ) : يُتْرَكُ لَهُ فِي هَذِهِ أَيْضًا أَيْ كَقَوْلِهِ قَبْلُ فَالْجَمِيعُ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يُصْرَفُ فِي حَجِّ فَرْضٍ بِلَا سَرَفٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ سَابِقٍ وَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ وَلَا مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُبَلِّغُهُ رَأْسًا أَوْ يُبَلِّغُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مِثْلَهُ) أَيْ وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنِ فَرَسٍ سِلَاحًا وَلَا عَكْسَهُ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا خِلَافًا لِتَنْظِيرِ عج (قَوْلُهُ أَقْرَبَ شَيْءٍ إلَيْهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ فَإِنْ أَمْكَنَ شِرَاءُ مِثْلِهِ سَيْفًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ سَيْفٌ فَأَنْ يُشْتَرَى بِهِ رُمْحٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْفِيِّ يَجْعَلُ فِي شِقْصٍ فَإِذَا وَقَفَ عَبْدًا عَلَى خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَجَزَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَنْ الْخِدْمَةِ لِلْمَسْجِدِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَوَّابًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ نِصْفَ عَبْدٍ مَثَلًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ شِرَاءُ عَبْدٍ كَامِلٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ عِنْدَ أَشْهَبَ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ سَالِمًا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ مَعِيبٌ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ سَالِمٌ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ. (قَوْلُ هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَهَدْيٍ) أَيْ مَنْطُوقًا وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَنْطُوقُ وَمِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ لِأَنَّ مَنْطُوقَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَدْيِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيهِ أَيْ الْهَدْيِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْفَرَسِ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ شِرَاءُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاعَهُ وَعَوَّضَ مِنْ جِنْسِهِ إنْ بَلَغَ أَوْ أَفْضَلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ وَلَا يُخَالِفُ إلَى الْأَفْضَلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّحْمُ تَوْسِعَةً لِلْفُقَرَاءِ وَلَحْمُ الْإِبِلِ أَكْثَرُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ فَإِنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ (ص) وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَذَرَهُ الْإِنْسَانُ وَالْتَزَمَهُ هَدْيًا مِمَّا يُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي الْعَادَةِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ مِمَّا يُهْدَى فِي الْعَادَةِ وَلَا يُرْسِلُهُ بِعَيْنِهِ لِمَوْضِعِ الْهَدْيِ (ص) وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَأَهْدَى بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَا هُوَ كَالثَّوْبِ لِإِيهَامِ تَغْيِيرِ سُنَّةِ الْهَدْيِ لِأَنَّ جِنْسَهَا مَحْصُورٌ فِي بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَبَعْثُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ يُبْطِلُ هَذَا الْحَصْرِ فَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَأَرْسَلَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَاكَ وَيُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ يُنْحَرُ بِمَحِلِّ الْهَدْيِ. فَقَوْلُهُ وَأَهْدَى بِهِ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَبِيعَ وَأَهْدَى بِهِ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ بَعْثُهُ أَهْدَى بِهِ أَيْ بِثَمَنِهِ (ص) وَهَلْ اخْتَلَفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ أَوَّلًا أَوْ لَا نَدْبًا أَوْ التَّقْوِيمُ إنْ كَانَ بِيَمِينٍ تَأْوِيلَاتٌ (ش) فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النَّذْرِ أَنَّهُ إذَا أَهْدَى ثَوْبًا وَنَحْوَهُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَبْعَثُ ثَمَنَهُ وَلَا يَبْعَثُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَوَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ النَّذْرِ جَوَازُ تَقْوِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِخْرَاجِ قِيمَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَحَمَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وَاكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ اخْتَلَفَ أَيْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مَعَ مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. فَلَفْظُ اخْتَلَفَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَهَلْ ذَلِكَ حَمْلٌ عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لَا وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ اخْتَلَفَ فَقَالَ هَلْ يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ فَقِيلَ لَهُ إذَا قُلْنَا بِالتَّوْفِيقِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فَقَالَ يُتْرَكُ نَدْبًا لَا وُجُوبًا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ قَوْلِهَا يَبِيعُهُ وَقَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ إنْ شَاءَ بَاعَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا بِالْبَيْعِ أَمْرُ نَدْبٍ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ وَالْمَنْدُوبُ مُوَكَّلٌ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ إلَى الْمَشِيئَةِ أَوْ يُقَالُ التَّقْوِيمُ الْوَاقِعُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَ الِالْتِزَامُ حَصَلَ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَقْصِدُ قُرْبَةً فَلَمْ يَدْخُلْ فِي خَبَرِ «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَالْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ قَاصِدًا الْقُرْبَةَ فَيَدْخُلُ فِي الْخَبَرِ فَهَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ ثَلَاثٌ هَذَا زُبْدَةُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ. (ص) فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ) أَيْ وُجُوبًا وَاشْتُرِيَ بِهِ هَدْيٌ أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالتَّأْوِيلَاتُ الْآتِيَةُ ضَعِيفَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَذَرَهُ الْإِنْسَانُ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَيْسَ بِفَرَسٍ وَلَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ كَقَوْلِهِ عَبْدِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَأُهْدِيَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ فِعْلَ رَبِّ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْلًا أَوْلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى مُقَابِلُ يُقَوِّمُهُ وَمُقَابِلُ أَوْلًا الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ وَلَا اعْتِرَاضَ فِي إتْيَانِ مُعَادِلٍ لِهَلْ لِأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ وَابْنَ هِشَامٍ فِي مُغْنِيهِ صَرَّحَا بِأَنَّهُ يُؤْتَى لِهَلْ بِمُعَادِلٍ قَلِيلًا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ هَلَّ تَزَوَّجْت بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ نَدْبًا) حِلُّ الشَّارِحِ الْآتِي يَقْتَضِي أَنَّ نَدْبًا مُرْتَبِطٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ يُتْرَكُ التَّقْوِيمُ نَدْبًا أَيْ يُتْرَكُ التَّقْوِيمُ حَالَ كَوْنِ التَّرْكِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ يُتْرَكُ نَدْبًا أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّوْفِيقُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ التَّقْوِيم لَمْ يَأْتِ عَلَى سُنَنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَقَالَ أَوْ هُوَ أَيْ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّقْوِيمِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَيْ إذَا كَانَ الِالْتِزَامُ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ النَّذْرُ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرٌ) أَيْ مُفِيدٌ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِيعَ أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ) أَيْ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ التَّقْوِيمُ مَنْدُوبٌ وَإِذَا كَانَ التَّرْكُ مَكْرُوهًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مَنْدُوبًا غَيْرَ أَنَّ التَّعْلِيلَ شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْأَخْبَارِ بِكَرَاهَةِ التَّقْوِيمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ إنْ قُلْنَا بِالتَّوْفِيقِ فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي الْحُكْمَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ يُخَيَّرُ الشَّخْصُ فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرْكَ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى فَيُحْمَلُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى النَّدْبِ أَوْ يُقَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ التَّقْوِيمُ) أَيْ جَوَازُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ هُنَا عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ عَلَى طَرِيقِ الْجَوَازِ (أَقُولُ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ بِعِوَضِهَا مَكْرُوهٌ فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) : يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ أَوَّلًا الْأُولَى بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ ظَرْفٌ أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِلِاخْتِلَافِ أَيْ هَلْ قَوْلُهُ بِتَقْوِيمِهِ خِلَافُ قَوْلِهِ يَبِيعُهُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ بَلْ يَبِيعُهُ نَدْبًا وَالتَّقْوِيمُ جَوَازًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَحْوَطُ عِنْدِي لِمَنْ أَرَادَ التَّقْوِيمَ أَنْ لَا يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِإِحْضَارِ السِّلْعَةِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَسُؤَالِهِمْ عَنْ قِيمَتِهَا بَلْ يُدْخِلُهَا السُّوقَ وَيُنَادِي عَلَيْهَا فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَنًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى) حِلُّ الشَّارِحِ مُفَادُهُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَإِنْ بِيعَ فَيُشْتَرَى بِهَا هَدْيٌ كَبِيرٌ كَبَدَنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ مَطْلُوبًا بِالْأَعْلَى أَوَّلًا فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى مَعَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ الْهَدْيُ مُتَعَيِّنًا فِي أَعْلَى وَلَا فِي أَدْنَى فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ إلَخْ فَظَاهِرٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَهْدَى ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُهْدَى عَادَةً أَنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَلَا يُرْسِلُهُ وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ فِي مَحَلِّ الْهَدْيِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ إذَا عَجَزَ عَنْ شِرَاءِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ أَقَلَّ الْهَدْيِ وَهُوَ شَاةٌ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْأَدْنَى فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ثَمَنِ شَاةٍ فَإِنَّهُ يُرْسِلُهُ إلَى خَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِي مَصَالِحِهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِهِ فِي أَيِّ مَكَان. (ص) وَأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالِكًا اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ أَنْ يُشْرَكَ مَعَ خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ غَيْرُهُمْ فِي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا وَخِدْمَتِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا فَإِنَّ خَزَنَتَهَا هُمْ أَصْحَابُ عَقْدِهَا وَحِلِّهَا فَلَا يُشْرِكُهُمْ غَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ. (ص) وَالْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلَوْ لِصَلَاةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَلُزِمَ الْبَدَنَةَ بِنَذْرِهَا وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ لِأَجْلِ صَلَاةٍ بِهِ وَلَوْ نَفْلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْأُولَى بِلَا خِلَافٍ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَأْتِي ذَلِكَ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا خِلَافًا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْحَجِّ لَا يَمْشِي بَلْ يَرْكَبُ إنْ شَاءَ وَأَمَّا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَأْتِيهِمَا رَاكِبًا كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَشَى لِلْمَدِينَةِ أَوْ إيلِيَاءَ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّيهِمَا فَيَرْكَبُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ فِي لُزُومِ ذَلِكَ إذَا نَذَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلِيَاءَ. (ص) وَخَرَجَ مَنْ بِهَا وَأَتَى بِعُمْرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ قَاطِنٌ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ مَاشِيًا فِي إيَابِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ لِلْحِلِّ رَاكِبًا وَمَشَى مِنْهُ لِمَكَّةَ. (ص) كَمَكَّةَ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ جُزْئِهِ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ وَكَذَا إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ أَوْ إلَى الْبَيْتِ أَوْ جُزْئِهِ الْمُتَّصِلِ كَالْحَجَرِ وَالْمُلْتَزَمِ وَالرُّكْنِ وَالْبَابِ وَالشَّاذَرْوَانِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مَاشِيًا وَإِنَّمَا لَزِمَ مَنْ قَالَ إلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَوِي عَلَى الْبَيْتِ وَالْبَيْتُ لَا يُؤْتَى   [حاشية العدوي] وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ فَمِنْ حَيْثُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا بِيعَ الثَّوْبُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بَدَنَةً لَا بَقَرَةً وَلَا شَاةً فَإِذَا عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إنْ احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ) عَبَّرَ بِإِنْ إشَارَةً إلَى أَنَّ احْتِيَاجَهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَضُّ فَتُبْنَى وَلَا يَكْسُوهَا إلَّا الْمُلُوكُ وَيَأْتِيهَا مِنْ الطِّيبِ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ وَمَكَانِسُهَا خُوصٌ ثَمَنُهَا لَا بَالٌ لَهُ وَبَعْدَ الْكَنْسِ يَزِيدُ ثَمَنُهَا عَلَى مَا كَانَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَأْكُلَهُ الْخَزَنَةُ وَلَيْسَ مِنْ قَصْدِ النَّاذِرِ فِي شَيْءٍ وَخَزَنَتُهَا بَنُو شَيْبَةَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ النَّاذِرُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى خَزَنَتِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ فَإِنَّ خَزَنَتَهَا إلَخْ) لَيْسَ هَذَا هُوَ تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ الْمُنَاسِبُ لِتَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ مَالِكًا اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ إلَخْ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمْ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وِلَايَةٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِذَا امْتَنَعَ الشِّرْكُ فَأَوْلَى الِانْتِزَاعُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا حَافَظُوا عَلَى حُرْمَتِهِ وَلَازَمُوا الْأَدَبَ فِي خِدْمَتِهِ وَإِلَّا جُعِلَ عَلَيْهِمْ مُشْرِفٌ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ النَّذْرِ وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا اسْتِطْرَادًا وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَتَقْدِيرُهُ هَلْ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِغَيْرِ الْخَزَنَةِ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ «هِيَ لَكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ خَالِدَةٌ تَالِدَةٌ لَا يَنْتَزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ» فَكَانَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُسْنَدَ الْإِعْظَامُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِلْإِمَامِ قُلْت النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا عَبَّرَ بِالِانْتِزَاعِ الظَّاهِرِ مِنْهُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ وَإِخْرَاجُهُمْ فَأَفَادَهُ مَالِكٌ أَنَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلُهُ الْإِشْرَاكُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِصَلَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ نَذَرَ الْمَشْيَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَلْ وَلَوْ لِصَلَاةٍ فَلَيْسَ الصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ دَاخِلَيْنِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ بَلْ هُمَا مُسَاوِيَانِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الصَّلَاةَ بِالْفَرْضِ لِمُضَاعَفَةِ الْأَجْرِ فِيهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ أَوْ لِأَنَّ النَّافِلَةَ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ الشُّمُولُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَأَنَّ الْمُضَاعَفَةَ بِمَكَّةَ حَاصِلَةٌ بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ خِلَافًا لِلطَّحَاوِيِّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ حَنِثَ خَصَّهُ بِالْفَرْضِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ مَذْهَبُ الْغَيْرِ مُحَشِّي تت. (تَنْبِيهٌ) : إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِلصَّلَاةِ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْرَامِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ بِقَيْدِ الْوُجُوبِ بِمَا إذَا لَمْ يَلْحَقْهَا ضَرَرٌ يُظَنُّ بِهِ انْكِشَافُهَا وَلَمْ يَخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهَا الْمَشْيُ بَلْ رُبَّمَا امْتَنَعَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَمَشَى لِمَسْجِدِ مَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ لِصَلَاةٍ. (قَوْلُهُ فِي إيَابِهِ) أَيْ رُجُوعِهِ وَقَوْلُهُ وَيَمْشِي مِنْهُ أَيْ مِنْ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ. (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ تَامٌّ) أَيْ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لِصَلَاةٍ (قَوْلُهُ كَالْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ الْخَارِجَ عَنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحَجَرِ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ مُحَشِّي تت مُرَادُهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَأَمَّا الْحِجْرُ بِسُكُونِ الْجِيمِ فَنَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ فِيهِ وَنَازَعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بَحْثًا لَا نَصًّا وَلِذَا حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا ضُبِطَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَوِي إلَخْ) قَضِيَّةُ حِلِّ الشَّارِحِ أَوَّلًا حَيْثُ جَعَلَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ وَمَا بَعْدَهَا الصَّلَاةَ وَمِثْلُهَا الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَمْ يُلَاحِظْ شَيْئًا أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ اللُّزُومُ وَيُؤْخَذُ الْجَوَابُ مِنْ شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لِصَلَاةٍ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ نَاوِيًا مُجَرَّدَ الْوُصُولِ فَقَطْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ فَهُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ اهـ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ إنْ نَوَى مُجَرَّدَ الْوُصُولِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 إلَيْهِ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. (ص) لَا غَيْرَ إنْ لَمْ يَنْوِ نُسُكًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى زَمْزَمَ أَوْ إلَى الْمَقَامِ أَوْ إلَى قُبَّةِ الشَّرَابِ أَوْ إلَى الْمَرْوَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَيْتِ مَا هُوَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَهُ وَمَحِلُّ عَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَيْتِ وَجُزْئِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فَإِنْ نَوَاهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ مَاشِيًا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَيَدْخُلُ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِمَا نَوَى وَصَارَ كَالْمُتَّصِلِ عِنْدَ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلْمُدَوَّنَةِ. (ص) مِنْ حَيْثُ نَوَى وَإِلَّا حَلَفَ أَوْ مِثْلُهُ إنْ حَنِثَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ مَوْضِعٍ نَوَاهُ فِي النَّذْرِ وَالْحَلِفِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ مَوْضِعِ نَذْرِهِ وَفِي الْحَلِفِ مِنْ مَوْضِعِ حَلِفِهِ فَإِنْ حَنِثَ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْهُ إنْ كَانَ مِثْلَ مَوْضِعِ الْحَلِفِ فِي الْبُعْدِ فَإِنْ كَانَ دُونَ مَوْضِعِ الْحَلِفِ وَلَوْ يَسِيرًا رَجَعَ لِمَوْضِعِ الْحَلِفِ وَمَشَى مِنْهُ وَقِيلَ فِي الْيَسِيرِ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِهِ وَيُهْدِي، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْمَسَافَةِ لَا فِي الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ حَنِثَ بِهِ أَنَّهُ إذَا مَشَى مِنْ مِثْلِ مَوْضِعِ الْحَلِفِ وَلَمْ يَكُنْ حَنِثَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَنَقْلُ الشَّارِحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ بِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. (ص) وَتَعَيَّنَ مَحَلٌّ اُعْتِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ مَثَلًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ لِلْحَالِفِينَ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لِلْحَالِفِينَ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُعْتَادُ لِغَيْرِهِمْ فَقَطْ فَلَا يَمْشِي مِنْهُ وَيَتْرُكُ الْمُعْتَادَ لِلْحَالِفِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلِابْتِدَاءِ عُرْفٌ بِمَوْضِعٍ وَلَا هُنَاكَ نِيَّةٌ فَمِنْ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ. (ص) وَرَكِبَ فِي الْمَنْهَلِ (ش) أَيْ فِي مَكَانِ النُّزُولِ لِحَوَائِجِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَاءٌ أَمْ لَا (ص) وَلِحَاجَةٍ (ش) أَيْ وَرَكِبَ فِي طَرِيقِهِ لِحَاجَةٍ نَسِيَهَا وَعَادَ لَهَا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا قَبْلَهُ (ص) كَطَرِيقِ قُرْبَى اُعْتِيدَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي الطَّرِيقِ الْقَرِيبِ إنْ كَانَ مُعْتَادًا الْمَشْيَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ مِنْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَعِبَارَةِ الْمَوَّاقِ اعْتِبَارُ الِاعْتِيَادِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ، وَاَلَّذِي يُقَرِّرُهُ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتَبِرُ الِاعْتِيَادَ لِلْحَالِفِينَ فَقَطْ أَوْ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ أَمَّا لَوْ اُعْتِيدَتْ الْبُعْدَى لِلْحَالِفِينَ وَالْقُرْبَى لِغَيْرِهِمْ مَشَى مِنْ الْبُعْدَى ثُمَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقُرْبَى وَالْبُعْدَى مُعْتَادًا فَلَهُ الْمَشْيُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَمْشِي الْبُعْدَى كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ. (ص) وَبَحْرًا اُضْطُرَّ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ فِي جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى الْبَرِّ إلَّا فِي السُّفُنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ فِي السَّفِينَةِ إلَى الْبَرِّ ثُمَّ يَمْشِي مَا بَقِيَ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وَقَوْلُهُ وَبَحْرًا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحِلٍّ فِي الْمَنْهَلِ وَقَوْلُهُ وَبَحْرًا يَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (ص) لَا اُعْتِيدَ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَحْرَ الْمُعْتَادَ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ كَالتُّجَّارِ وَالْحُجَّاجِ لَا يَرْكَبُهُ بَلْ يَمْشِي مِنْ مَحَلٍّ اعْتَادَ الْحَالِفُونَ الْمَشْيَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ اعْتَادَ الْحَالِفُونَ رُكُوبَهُ رَكِبَهُ (ص) لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جَعَلَ مَشْيَهُ   [حاشية العدوي] فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّهَابُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ بَلْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْمَقَامُ قَابِلٌ لِلتَّكَلُّمِ وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ) أَيْ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ بِهِ لَا الْمَوْضِع الَّذِي حَلَفَ فِيهِ مِنْ الْبَلَدِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ) أَيْ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ حَلَفَ لَا مِنْ حَيْثُ حَنِثَ وَقَوْلُهُ أَوْ مِثْلِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ أَعْنِي حَيْثُ إلَخْ أَوْ مِنْ مِثْلِهِ إنْ حَنِثَ بِهِ وَلَوْ قَالَ أَوْ حَنِثَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَيُصَدَّقُ فِيمَا نَوَاهُ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُقْضَى بِهِ (قَوْلُهُ إنْ حَنِثَ بِهِ) أَيْ إنْ حَنِثَ بِذَلِكَ الْمُمَاثِلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّقَرُّبُ بِمِثْلِ تِلْكَ الْخُطَى وَلَا مَزِيَّةَ لِلْأَرَاضِيِ بَقِيَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَيْثُ نَوَى وَإِلَّا اُعْتِيدَ وَإِلَّا حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَوْ مِثْلُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَعَيَّنَ إلَخْ لَا يُفِيدُ بَيَانَ الْمَرْتَبَةِ. (قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ الْمُعْتَادُ لِلْحَالِفِينَ) وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِينَ مُعْتَادٌ أَصْلًا وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا مُعْتَادٌ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَمْشِي مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ عج. (قَوْلُهُ وَرَكِبَ) أَيْ جَوَازًا (قَوْلُهُ لِحَوَائِجِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَكِبَ أَيْ رَكِبَ لِحَوَائِجِهِ وَالْأُمُورُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهِ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى التَّقْدِيمِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَشْيِهِ بِأَنْ يَرْجِعَ لَهُ وَيَنْزِلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَيَمْشِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَعِبَارَةِ الْمَوَّاقِ اعْتِبَارُ الِاعْتِيَادِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ) وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُونَ اعْتَادُوا غَيْرَهَا فَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي إلَخْ مُقَابِلُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَوَّاقَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) زَادَ فِي ك وَانْظُرْ إذَا مَشَى فِي الْقُرْبَى الَّتِي لَمْ تُعْتَدْ هَلْ يَأْتِي بِالْمَشْيِ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ يَنْظُرُ لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبُعْدَى مِنْ التَّفَاوُتِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا رَكِبَ فَيُفَصِّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ بِالْمَشَقَّةِ بِالتَّحْلِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّحْلِيقُ أَيْ فَلَا يَرْكَبُهُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ التَّحْلِيقُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ مَسَافَتُهُ قَلِيلَةً جِدًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً وَلَهَا بَالٌ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَزَالَ رَجَعَ وَمَشَاهَا كَمَنْ رَكِبَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَزَلْ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ كَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّجُوعِ يَمْشِي مَا رَكِبَ فِيهِ كَثِيرًا فَيَجْرِي فِي رُكُوبِهِ مَا جَرَى فِي رُكُوبِ الْمَسَافَةِ لِمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فَادِحَةٌ بِالتَّحْلِيقِ يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ (قَوْلُهُ بَلْ يَمْشِي مِنْ مَحَلٍّ اعْتَادَ الْحَالِفُونَ الْمَشْيَ مِنْهُ) فَلَوْ اعْتَادَ الرُّكُوبَ غَيْرُ الْحَالِفِينَ وَلَمْ يَعْتَدْ الْحَالِفُونَ شَيْئًا فَبَيَّنَهُ عج بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اُعْتِيدَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا اُعْتِيدَ أَيْ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 إلَى مَكَّةَ فِي حَجٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ لِتَمَامِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيَرْكَبَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَيَرْكَبَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَأَمَّا إنْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَوْلُهُ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَلَهُ بَعْدَهُ الرُّكُوبُ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِقْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلِلْغَيْرِ إنْ نَوَى نُسُكًا كَمَا مَرَّ وَضَمِيرُ (وَسَعْيِهَا) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْعُمْرَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ وَلِلْإِفَاضَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ مَشْيَهُ إلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَى تَمَامِ سَعْيِهَا فَقَطْ، وَأَمَّا الْحِلَاقُ فَإِنَّهُ مِنْ وَاجِبَاتِهَا لَا مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ إذَا جَعَلَ مَشْيَهُ إلَى مَكَّةَ فِي حَجٍّ فَإِنَّهُ يَنْتَهِي مَشْيُهُ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَسَعْيُهَا إنْ كَانَ لَمْ يَسْعَ أَوَّلًا، وَعَلَى هَذَا يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى سَعْيِ الْعُمْرَةِ. (ص) وَرَجَعَ وَأَهْدَى إنْ رَكِبَ كَثِيرًا بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِأَنْ نَذَرَ ذَلِكَ أَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ فَلَمَّا مَشَى رَكِبَ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَنْ يَرْجِعَ ثَانِيًا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ يَمْشِي مَا رَكِبَهُ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ وَيُؤَخِّرُهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ لِيَجْتَمِعَ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَلَوْ قَدَّمَهُ فِي عَامِ مَشْيِهِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَهُ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ فَقَدْ يَكُونُ الرُّكُوبُ كَثِيرًا وَهُوَ قَلِيلٌ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ كَمَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ وَقَدْ يَكُونُ الرُّكُوبُ يَسِيرًا وَهُوَ كَثِيرٌ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ كَالْمِصْرِيِّ وَالْمَدَنِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَمْشِيَ عِدَّةَ أَيَّامٍ إذْ قَدْ يَرْكَبُ رُكُوبَهُ أَوْ لَا وَلُزُومُ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ الْيَسِيرِ جِدًّا أَوْ الْبَعِيدِ جِدًّا كَمَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (ص) أَوْ الْمَنَاسِكُ وَالْإِفَاضَةِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ وَالْإِفَاضَةَ مَعًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فِي نَفْسِهِ أَشْبَهَ الْكَثِيرَ وَالْمَنَاسِكُ هِيَ أَفْعَالُ الْحَجِّ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى رُجُوعِهِ مِنْهُ لِمِنًى وَالْإِفَاضَةُ هِيَ رُجُوعُهُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَمِثْلُهَا لَوْ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ لَا الْإِفَاضَةَ فَقَطْ وَإِذَا رَجَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ اسْتِحْبَابًا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ لَا يَرَى الْمَشْيَ إلَّا إلَى مَكَّةَ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَنَاسِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى كَثِيرًا أَيْ أَوْ رَكِبَ فِي فِعْلِ الْمَنَاسِكِ وَقَوْلُهُ وَالْإِفَاضَةَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ لَا بِمَعْنَى أَوْ لِئَلَّا يُنَافِيَهُ قَوْلُهُ كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ (ص) نَحْوُ الْمِصْرِيِّ (ش) هُوَ فَاعِلُ رَجَعَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِصْرِيَّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرِيبِ فِي لُزُومِ الرُّجُوعِ يَمْشِي مَا رَكِبَ وَقَوْلُهُ نَحْوُ إلَخْ يَتَنَازَعُهُ رَجَعَ وَأَهْدَى وَرَكِبَ وَأَحْرَى نَحْوُ الْمَدَنِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَعِيدِ جِدًّا فِي قَوْلِهِ وَكَإِفْرِيقِيٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ (ص) قَابِلًا فَيَمْشِي مَا رَكِبَ فِي مِثْلِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ بِأَنْ رَكِبَ كَثِيرًا وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِيَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَإِذَا رَجَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي حَجٍّ إنْ كَانَ حِينَ نَذْرِهِ نَذَرَ حَجًّا أَوْ نَوَاهُ أَوْ فِي عُمْرَةٍ إنْ نَذَرَهَا أَوْ نَوَاهَا فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَجْزِهِ وَقَوْلُهُ قَابِلًا صِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ زَمَنًا قَابِلًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ عَامًا قَابِلًا لِشُمُولِهِ لِمَنْ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ أَوْ لِمَنْ يُمْكِنُهُ فِيهِ الرُّجُوعُ فِي عُمْرَةٍ. (ص) وَإِلَّا فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ (ش) أَيْ   [حاشية العدوي] فَإِنَّهُ لَا يَرْكَبُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا لِلْحَالِفِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا اُعْتِيدَ لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ فَإِنَّهُ يَرْكَبُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَمُحَشِّي تت مَا يُقَوِّي كَلَامَ عج خِلَافًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَمِّمْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى سَعْيِ الْعُمْرَةِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى السَّعْيِ إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ رُكُوبُهُ فِي غَيْرِ الْمَنَاسِكِ فَلَوْ رَكِبَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رُجُوعٌ بَلْ لَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ فَحَجَّ وَمَشَاهَا أَجْزَأَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ إنْ رَكِبَ كَثِيرًا) أَيْ وَلَوْ اضْطِرَارًا (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِكَثِيرًا أَيْ أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ بِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَسَافَةُ جَمِيعُهَا فِي الصُّعُوبَةِ أَوْ فِي السُّهُولَةِ وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ أَوْ بِحَسَبِ صُعُوبَةِ الْمَسَافَةِ وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا مَعَ الْمَسَافَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْمِسَاحَةُ فِي ذَلِكَ وَيُعَوَّلُ فِي الْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَنْ يَرْجِعَ ثَانِيًا) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ أَوْ يَرْجِعَ لِمَوْضِعِ الرُّكُوبِ إنْ كَانَ قَدْ مَكَثَ بِمَكَّةَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَمْشِي جَمِيعَ الطَّرِيقِ وَقِيلَ إذَا كَانَ قَدْ رَكِبَ الْجُلَّ أَوْ لَا قِيلَ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ رَكِبَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَيُؤَخِّرُهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ) فَإِنْ قَدَّمَهُ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَالتَّأْخِيرُ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) الَّذِي هُوَ الْحَجُّ وَقَوْلُهُ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ الَّذِي هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ) أَيْ إذَا اسْتَوَتْ الْمَسَافَةُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ مَكَثَ فِي مَكَّةَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ أَيْ يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ لِفِعْلِهَا (قَوْلُهُ إلَى رُجُوعِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ عَرَفَةَ لِمِنًى أَيْ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (قَوْلُهُ إلَى مَكَّةَ) فَقَطْ لَا إلَى عَرَفَةَ وَلَا مِنْ عَرَفَةَ لِرُجُوعِهِ لِمِنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمَشْيُ لِمَكَّةَ وَأَمَّا الذَّهَابُ لِعَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ اسْتِحْبَابًا (قَوْله نَحْوَ الْمِصْرِيِّ) وَكَذَا مَا تَوَسَّطَ بَيْنَ مِصْرَ وَإِفْرِيِقِيَّةَ وَأَوْلَى الْقَرِيبُ مِنْ مِصْرَ. وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ فَيُعْطَى حُكْمَ إفْرِيقِيَّةَ كَذَا يَنْبَغِي أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ فَيَمْشِي مَا رَكِبَ) أَيْ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إذَا كَانَتْ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ مَضْبُوطَةً وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَقْدُورِهِ (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ لِمَنْ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حَقِّهِ لَيْسَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ لَهُ حِينَ نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ بَلْ أَبْهَمَ وَمَشَى فِي أَحَدِهِمَا فَرَكِبَ فِيهِ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا فِي الزَّمَنِ الْقَابِلِ فَيَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِغَيْرِ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا مَا لَمْ يَكُنْ رُكُوبُهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ فِي الْمَنَاسِكِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ فَيَتَعَيَّنُ جَعْلُ الثَّانِي فِي حَجٍّ لَا عُمْرَةٍ لِأَنَّ عَمَلَهَا أَقْصَرُ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى جَوَازِ الْمُخَالَفَةِ وَلَوْ رَكِبَ أَوَّلًا الْمَنَاسِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (ص) إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ وَرَكِبَ وَأَهْدَى فَقَطْ (ش) أَيْ إنَّمَا يَجِبُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ رَكِبَ كَثِيرًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ حَيْثُ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ وَلَوْ فِي عَامَيْنِ فَخَالَفَ ظَنَّهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ خُرُوجِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَيْ أَوْ ظَنُّهُ الْقُدْرَةُ حِينَ يَمِينِهِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ بِأَنْ تَوَهَّمَ أَوْ شَكَّ أَوْ عَلِمَ الْعَجْزَ لِضَعْفٍ أَوْ كِبَرٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ يَمْشِي مَقْدُورَهُ وَلَوْ نِصْفَ مَيْلٍ وَرَكِبَ مَعْجُوزَهُ وَأَهْدَى مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِمَنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ يَمِينِهِ احْتِرَازٌ مِمَّنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ نَوَى أَنْ لَا يَمْشِيَ إلَّا مَا يُطِيقُهُ وَلَوْ شَابًّا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ وَيَمْشِي مَقْدُورَهُ وَيَرْكَبُ مَعْجُوزَهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ (ص) كَأَنْ قَلَّ وَلَوْ قَادِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَرَكِبَ فِيهِ رُكُوبًا قَلِيلًا بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ (ص) كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رَكِبَ الْإِفَاضَةَ فَقَطْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ كَمَا إذَا رَكِبَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَوْلُهُ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ الْمَنَاسِكِ وَلَا الْمَنَاسِكِ فَقَطْ وَإِلَّا رَجَعَ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ كَأَنْ قَلَّ مُشْبِهٌ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَقَوْلُهُ كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَعَ الْهَدْيِ. (ص) وَكَعَامٍ عَيَّنَ وَلْيَقْضِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ فَقَطْ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ مَاشِيًا فِي عَامِ كَذَا فَخَرَجَ وَرَكِبَ كُلَّ الطَّرِيقِ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُهْدِي وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فَلَوْ لَمْ يَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ الْمُعَيَّنِ بَلْ تَرَكَ الْحَجَّ فِيهِ عَمْدًا مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ مَشْيٍ وَتَرَاخَى حَتَّى فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ (ص) أَوْ لَمْ يَقْدِرْ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الْهَدْيُ فَقَطْ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ أَيْ فِي أَوَّلِ الْخُرُوجِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رَكِبَ كَثِيرًا وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هُوَ مَعْطُوفٌ   [حاشية العدوي] الْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ بَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ إلَّا فِي ثَانِي عَامٍ إذَا كَانَ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْعَامِ نَفْسِهِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ زَمَنَ الْوُقُوفِ لَمْ يَأْتِ فَالرُّجُوعُ لَيْسَ مِنْ بَلَدِهِ بَلْ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا أَيْ يَرْجِعُ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا إذَا وَصَلَ إلَيْهَا إلَى أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فَيَمْشِيهَا فَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ أَخَّرَهُ لِثَانِي عَامٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ بِمِنًى وَعَرَفَةَ) أَيْ الْكَائِنَةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ عَمَلَهَا أَقْصَرُ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَنَاسِكُ الَّتِي فِي مِنًى وَعَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى جَوَازِ الْمُخَالَفَةِ وَلَوْ رَكِبَ أَوَّلًا الْمَنَاسِكَ) لَكِنْ يُقَالُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ وَرَجَعَ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَأَتَى بِعُمْرَةٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ مَشْيٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي رُجُوعِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا لَوْ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الرُّجُوعِ مَشْيٌ مَعَ أَنَّهُ مَتَى أَتَى بِعُمْرَةٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الرُّجُوعِ مَشْيٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فِي الْعَامِ الثَّانِي يَذْهَبُ وَيَمْشِي أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَهَذَا يُسْتَبْعَدُ فِي نَفْسِهِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ اعْتِمَادُ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ حَيْثُ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ) وَأَوْلَى لَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ يُضْرَبَانِ فِي خَمْسَةٍ حَالَ الْيَمِينِ وَهِيَ مَا إذَا اعْتَقَدَ الْقُدْرَةَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّهَا أَوْ تَوَهَّمَهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عَامَيْنِ) لَا ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ وَيَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ وَأَمَّا إذَا رَجَعَ يَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ الْقُدْرَةِ عَلَى مَشْيِهِ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ خُرُوجِهِ) فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَوَهَّمَ أَوْ شَكَّ أَوْ عَلِمَ الْعَجْزَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ تُضْرَبُ فِي حَالَتَيْنِ وَهُمَا إذَا عَلِمَ الْقُدْرَةَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ الْيَمِينِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ) جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى نِصْفِ الْمِيلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ لَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَصْلًا أَيْ فَيَخْرُجُ وَيَحُجُّ رَاكِبًا وَيُهْدِي (قَوْلُهُ وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِمَنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ) لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ مَعَ عِلْمِهِ الْقُدْرَةَ. (قَوْلُهُ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ الْيَمِينِ) وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ بَلْ وَمُحْتَرَزُ الشَّكِّ حِينَ الْيَمِينِ كَمَا أَفَادَهُ عج فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ ظَنُّ الْعَجْزِ أَوْ اعْتِقَادُهُ أَوْ الشَّكُّ حَالَ الْيَمِينِ تُضْرَبُ فِي خَمْسَةٍ وَهِيَ اعْتِقَادُ الْقُدْرَةِ حِينَ الْخُرُوجِ أَوْ ظَنُّهَا أَوْ اعْتِقَادُ عَدَمِهَا أَوْ ظَنُّهُ أَوْ شَكُّهُ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ تُضَمُّ لِلْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا رَكِبَ إلَخْ) تَمْثِيلٌ (قَوْلُهُ مَعَ الْهَدْيِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا هَذَا الْفَارِقُ (قَوْلُهُ فَخَرَجَ وَرَكِبَ كُلَّ الطَّرِيقِ) أَيْ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ أَوْ فَاتَهُ لِعُذْرِ كَمَرَضٍ أَوْ مَشَى فِيهِ وَفَاتَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَلْيَقْضِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَحُجَّ إلَخْ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ) وَلَوْ رَاكِبًا لِأَنَّ الْعَامَ الْمُعَيَّنَ لِلْمَشْيِ قَدْ فَاتَ قَالَ بَعْضٌ وَيَنْبَغِي إلَّا فِي الْمَنَاسِكِ فَيَمْشِي وَفِي شب قَضَاهُ مَاشِيًا وَانْظُرْ الْأَصَحَّ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ الْهَدْيُ) هَذَا صَادِقٌ بِعَطْفِهِ عَلَى كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ وَعَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَلَّ وَبِعَطْفِهِ عَلَى كَعَامٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُقَابِلٌ) لَا تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمُقَابِلَ لَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ فَالْمُنَاسِبُ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَشْيِ شَيْءٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَلَّ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْهَدْيُ وَهَذَا فِي خُرُوجِهِ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى فَقَدْ مَرَّ إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ. (ص) وَكَإِفْرِيقِيٍّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ ثَانِيًا نَحْوُ الْمِصْرِيِّ لَا مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ مِنْ مَكَّةَ بُعْدًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا إذَا رَكِبَ كَثِيرًا فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ كَإِفْرِيقِيٍّ لِبُعْدِ دَارِهِ وَمَشَقَّةِ رُجُوعِهِ وَإِفْرِيقِيٌّ نِسْبَةٌ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا. (ص) وَكَأَنْ فَرَّقَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَفَرَّقَ الْمَشْيَ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ بِأَنْ مَشَى مُدَّةً وَأَقَامَ مُدَّةً أُخْرَى ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى أَنْ وَصَلَ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَيُهْدِي فَقَطْ وَسَوَاءٌ فَرَّقَ مَشْيَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ أَقَامَ وَحَجَّ فِي عَامٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُ التُّونُسِيِّ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ. (ص) وَفِي لُزُومِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عَقَبَةٍ وَرُكُوبِ أُخْرَى تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهُمَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَمَشَى عَقَبَةً وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَرَكِبَ أُخْرَى وَفَعَلَ كَذَلِكَ طُولَ طَرِيقِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَمْشِ لِمَا حَصَلَ بِذَلِكَ مِنْ الرَّاحَةِ الْمُعَادِلَةِ لِرُكُوبِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَقَطْ تَأْوِيلَانِ وَمَحِلُّهُمَا إذَا كَانَتْ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ وَأَمَاكِنُ مَشْيِهِ مَضْبُوطَةً وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعُ بِاتِّفَاقٍ وَفَرَضَ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّنَاصُفِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ كَمَا مَرَّ (ص) وَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَنَدْبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَاجِبٌ أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَ مَعَهُ الرُّجُوعُ إلَى مَكَّةَ أَوْ لَا إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ رَاكِبًا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ الْهَدْيُ (ص) وَلَوْ مَشَى الْجَمِيعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُجُوبَ الْهَدْيِ وَنَدْبَهُ حَاصِلَانِ وَلَوْ مَشَى فِي رُجُوعِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِأَنَّ الْهَدْيَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ. (ص) وَلَوْ أَفْسَدَ أَتَمَّهُ وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ (ش) يَعْنِي لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ بِهِ فَجَعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجَّةٍ ثُمَّ أَفْسَدَهَا بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهُ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ فِي الْعَامَيْنِ لِأَنَّ الْمَشْيَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي فَسَادِهِ أُلْغِيَ وَاعْتُبِرَ الْمَشْيُ قَبْلَ الْفَسَادِ فَصَارَ مُتَبَعِّضًا بِهِ وَإِذَا أَتَمَّهُ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ أَفْسَدَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَمْ لَا   [حاشية العدوي] مِمَّا رَكِبَ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَشْيِ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَوْ رَكِبَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْهَدْيُ فَقَطْ فَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ وَيَنْظُرُ فِي الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَكِبَهُ وَجَبَ فِيهِ الْهَدْيُ رَكِبَ وَأَهْدَى وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ رَكِبَ وَلَا هَدْيَ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَكَإِفْرِيقِيٍّ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَأَنْ قَلَّ فَيُقْرَأُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِأَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ وَتُسْبَكُ مَعَ مَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ أَيْ كَقَلِيلٍ وَكَافِرٍ بَقِيَ لِأَجَلٍ أَنْ يُعْطَفَ اسْمٌ عَلَى اسْمٍ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ أَنْ بِالْكَسْرِ وَمَا بَعْدَهَا فِعْلٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَطْفُ اسْمٍ عَلَى فِعْلٍ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ نِسْبَةً إلَى إفْرِيقِيَّةَ) سُمِّيَتْ بِأَفْرِيقَ بْنِ أَبْرَهَةَ مَلِكُ الْيَمَنِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ افْتَتَحَهَا قَالَهُ الْبَكْرِيُّ. (قَوْلُهُ وَكَأَنْ فَرَّقَهُ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ إلَخْ) وَأَمَّا الْمُعْتَادُ كَالْمَغْرِبِيِّ يُقِيمُ بِمِصْرَ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ لِيَأْتِيَ إبَّانَ الْحَجِّ فَلَا هَدْيَ وَلَا إثْمَ كَانَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فَرَّقَ مَشْيَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا) لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ يَأْثَمُ وَمَعَ الْعُذْرِ لَا إثْمَ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَيَرْجِعُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ هَذَا إذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَلَوْ أَقَامَ حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامٍ آخَرَ لَمْ يَجْزِهِ. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) قَالَ تت فِي صَغِيرِهِ قَاعِدَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ اخْتِلَافُ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّأْوِيلِ هَلْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا انْتَهَى وَمِنْهُ يَظْهَرُ ضَعْفُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّنَاصُفِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ) هَذَا التَّفْسِيرُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَالْمُرَادُ مَسَافَةٌ مُعَيَّنَةٌ. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ الْمَشْيُ قَبْلَ الْفَسَادُ) الْأَوْلَى مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ مُتَبَعِّضًا) أَيْ فِي عَامَيْنِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَشَى خَمْسَةَ أَمْيَالٍ ثُمَّ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَيَمْشِي ثَانِي عَامٍ فِي تِلْكَ الْخَمْسَةِ الْأَمْيَالِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَيَمْشِي مِنْ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَهَذِهِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ إلَخْ فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِلَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ أَيْ وَإِنْ كَانَ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ تت فِي كَبِيرِهِ وَلِقَوْلِ عج لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ لَانْبَغَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ ثَانِيًا وَيَمْشِي مِنْ مَحِلِّ إحْرَامِهِ لِيَصِحَّ لَهُ الْمَشْيُ الْفَاسِدُ فِي الْأَوَّلِ اهـ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَخْ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا أَتَمَّهُ مَاشِيًا وَأَمَّا إذَا أَتَمَّهُ رَاكِبًا فَالْهَدْيُ لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ إذَا أَتَى بِبَعْضِهِ فِي زَمَانٍ وَبَعْضِهِ فِي زَمَانٍ آخَرَ (قَوْلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ أَفْسَدَهُ) الْأَوْلَى مِنْ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ الْأَوْلَى أَيْضًا مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ وَحَاصِلُهُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ يَمْشِي ثَانِي عَامٍ مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ كَانَ الْإِحْرَامُ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَأَمَّا الْإِحْرَامُ ثَانِي عَامٍ فَهُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ أَيْ مِنْ مَوْضِعٍ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَيْ إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَأَفْسَدَ حَجَّهُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ لَا مِنْ الْمِيقَاتِ. (ص) وَإِنْ فَاتَهُ جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ وَرَكِبَ فِي قَضَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَجَعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَفَاتَهُ الْحَجُّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي عُمْرَةٍ لِرُجُوعِهِ إلَى عَمَلِ عُمْرَةٍ يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنْ حَجِّهِ وَيَقْتَضِي بِهَا نَذْرُهُ وَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِيهَا لِتَمَامِ السَّعْيِ ثُمَّ يَقْضِيَ حَجَّهُ الَّذِي فَاتَهُ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاتِ وَيَرْكَبَ فِي قَضَائِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ انْقَضَى، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ لِلْفَوَاتِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِفَوَاتِ الْحَجِّ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَنَاسِكِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا وَفَاتَهُ فَإِنَّهُ يَرْكَبُ فِي قَضَائِهِ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ وَالْمُرَادُ بِبَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ مَا زَادَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِيهِ. (ص) وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجًّا تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهُمَا أَنَّ شَخْصًا عَلَيْهِ حَجَّةُ الضَّرُورَةِ وَنَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَحَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ مَعًا مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَقَدَّمَهَا فِي نِيَّتِهِ وَجَعَلَهَا عَنْ النَّذْرِ وَالْحَجَّ عَنْ الْفَرْضِ أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا وَنَوَى بِهِمَا فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ النَّذْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ قَابِلًا وَهَلْ إجْزَاؤُهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْفَرْضِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْذُرْ أَوْ يُعَيِّنْ فِي يَمِينِهِ حَجًّا بِأَنْ نَذَرَ عُمْرَةً أَوْ مَشْيًا مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ بِهِ كَذَلِكَ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ وَأَمَّا إنْ نَذَرَ إلَخْ مَاشِيًا أَوْ عَيَّنَهُ فِي يَمِينِهِ وَنَوَى بِحَجِّهِ نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَوْ إجْزَاؤُهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ. (ص) وَعَلَى الصَّرُورَةِ جَعْلُهُ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْفَوْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ بِأَنْ نَذَرَهُ نَذْرًا مُبْهَمًا أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ وَهُوَ صَرُورَةٌ أَيْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَنْ يَجْعَلَ مَشْيَهُ فِي عُمْرَةٍ فَيَدْخُلُ مَكَّةَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَقَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَانْقَضَى نَذْرُهُ ثُمَّ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِشَرْطِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَلَا يَجِبُ فِعْلُ هَذَا وَنَحْوِهِ فِي ح وَفِي الْبِسَاطِيِّ خِلَافُهُ وَأَفَادَ الْمُؤَلِّفُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ غَيْرَ الصَّرُورَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَغْرِبِيًّا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ جَعَلَهُ أَيْ جَعَلَ مَشْيَهُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ أَدَاءَ نَذْرِهِ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهَا ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ مُتَعَلِّقٌ بِيَحُجُّ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ. (ص) وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ إنْ قَيَّدَ بِيَوْمٍ كَذَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ يَوْمَ كَذَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إنْ فَعَلْت   [حاشية العدوي] الْإِفْسَادُ وَهُوَ الْإِحْرَامُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي عُمْرَةٍ) أَيْ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ) أَيْ أَنْ يَمْشِيَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ إلَخْ أَيْ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا نَذْرُ الْحَجِّ مَاشِيًا وَفَاتَهُ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ إذَا قَضَاهُ يَرْكَبُ فِيهَا إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ وَهِيَ مَا زَادَ عَلَى السَّعْيِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ) الْمُنَاسِبُ إلَّا فِي الْمَنَاسِكِ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَ السَّعْيِ الْوَاقِعُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ إنَّمَا هِيَ الْمَنَاسِكُ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْذُرْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ لَكِنَّ الذَّالَ مَضْمُومَةٌ أَوْ مَكْسُورَةٌ لِأَنَّ فِعْلَهُ ثُلَاثِيٌّ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَوْ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ) ظَاهِرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَشْيًا مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ بِهِ كَذَلِكَ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِأَنْ نَذَرَ عُمْرَةً فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ فِي حَجٍّ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ نَذَرَ عُمْرَةً لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ قَالَ نَذْرٌ عَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ إلَّا أَنَّهُ حِينَ خُرُوجِهِ نَوَى الْحَجَّ الْفَرْضَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَالْعُمْرَةُ الَّتِي نَذَرَ الْمَشْيَ لَهَا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى قَارِنٌ فَقَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ أَنَّهُ جَعَلَهُ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ مَعَ الْعُمْرَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُ وَنَذْرًا لَمْ يَجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ وَهِيَ إذَا شَرَكَ فِي نِيَّتِهَا تَبْطُلُ وَلَا تُجْزِئُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا نَوَاهُ وَالْحَجُّ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ فَبَعُدَ شَبَهُهُ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ فِعْلُ هَذَا) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ فِي فِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَالْجَلَّابِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبِسَاطِيِّ خِلَافُهُ) لِأَنَّهُ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ أَصَالَةٌ لَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ انْتَهَى وَلَوْ أَحْرَمَ حِينَ أَتَى الْمِيقَاتُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ ثُمَّ يَأْتِي عَنْ نَذْرِهِ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ وَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا وَلَوْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَذْرًا انْصَرَفَ لِلْفَرْضِ قَالَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَعَلَى الصَّرُورَةِ وَقَوْلِهِ مَغْرِبِيًّا كَذَا فِي نُسْخَةِ مُصَلَّحَةٍ بَلْ وَبِخَطِّهِ فِي ك وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ لِأَنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ لَهُ وَكَأَنَّ نُكْتَةَ التَّعْمِيمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَغْرِبِيًّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي حَجٍّ لِكَوْنِ مَحِلِّهِ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ يَوْمَ كَذَا) أَيْ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّهُ يَوْمَ يَفْعَلُهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ كَذَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ أَيْ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ بَهْرَامُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ مِثْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ كَذَا وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ كَذَا كَالْمِثَالِ الَّذِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا نَوَاهُ) أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَكِنْ نَوَى يَوْمَ حِنْثِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 كَذَا فَأَنَا أُحْرِمُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا أَوْ فَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ وَقْتِ حِنْثِهِ لِأَنَّ الْقَيْدَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْفَوْرِيَّةِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَا لِوُجُودِ رُفْقَةٍ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ قَيَّدَ فَيُحْرِمُ وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَقَوْلُهُ عَجَّلَ أَيْ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرِ النِّيَّةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ إنْ قَيَّدَ بِيَوْمِ كَذَا لَفْظًا أَوْ نِيَّةً (ص) كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَعْدَمْ صُحْبَةً (ش) أَيْ كَمَا يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ نَاذِرُهَا حَالَةَ كَوْنِهِ مُطْلِقًا بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ إنْ وَجَدَ صُحْبَةً كَمَا إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَكَلَّمَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَصْحَبُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ حَتَّى يَجِدَ وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَيُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهَا وَلَوْ عَدِمَ صُحْبَةً كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ كَالْعُمْرَةِ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَصِحُّ فَتْحُ اللَّامِ مِنْ مُطْلَقًا لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْجِيلَ فِي الْعُمْرَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ قَيَّدَ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) لَا الْحَجُّ وَالْمَشْيُ فَلِأَشْهُرِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْعُمْرَةِ أَيْ لَا نَاذِرُ الْحَجِّ وَالْمَشْيِ حَالَ كَوْنِهِ مُطْلِقًا فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْجِيلِ فَحَذَفَ مُطْلِقًا مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْته فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّعْجِيلِ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَوْلُهُ فَلِأَشْهُرِهِ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَهَذَا إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يُدْرِكُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ وَأَنْ يَمْشِيَ مِنْ الزَّمَنِ الَّذِي إذَا خَرَجَ فِيهِ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ فَيُعَجِّلُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ عِنْدَ الْمُعَانِيَيْنِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُحْرِمُ فِي الْمُطْلَقِ لِأَشْهُرِهِ نَعَمْ إذَا نَوَى الْإِحْرَامَ مِنْ يَوْمِ الْحِنْثِ لَزِمَ الْإِحْرَامُ مِنْ يَوْمِ الْحِنْثِ وَلَوْلَا قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَيْدَ إلَخْ لَحُمِلَتْ عِبَارَتُهُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَشْهُرِ الْحَجِّ) ذَكَرَ تت مَا نَصُّهُ لِأَنَّ الْقَيْدَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْفَوْرِيَّةِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأَنَّ النُّذُورَ الْمُطْلَقَةَ مَحْمَلُهَا عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عِنْدَ السَّبَبِ الَّذِي عُلِّقَتْ عَلَيْهِ انْتَهَى فَظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ مُقَابِلٌ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ حَيْثُ قَيَّدَ) أَيْ بِيَوْمِ كَذَا لَفْظًا أَوْ نِيَّةً لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَيْدِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ يَوْمَ كَذَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ إتْيَانَهُ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ كَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ الْفِعْلِيَّةِ كَأَنَا أُحْرِمُ يَوْمَ كَذَا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِنَذْرٍ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ إلَخْ أَوْ يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ أَنَا مُحْرِمٌ الْتِزَامَ ذَلِكَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ أَوْ الْفِعْلِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّذْرِ أَيْ دُونَ التَّعْلِيقِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَوْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِهِمَا فِي وَقْتٍ بَعْدَ غَدٍ إلَّا بِنَذْرٍ انْتَهَى وَأَمَّا التَّعْلِيقُ عَلَى أَمْرٍ قَصَدَ عَدَمَهُ كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِيَوْمِ كَذَا فَيَلْزَمُهُ إنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. فَالتَّعْلِيقُ عَلَى أَمْرٍ قَصَدَ عَدَمَهُ دَلِيلٌ عَلَى الِالْتِزَامِ وَعِبَارَةُ مُحَشِّي تت كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِيَوْمِ كَذَا مَعَ كَوْنِهَا مُقَيَّدَةً بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ كَمَا فِي فَرْضِهَا الْمُدَوَّنَةُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ عُمْرَةٌ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً عَلَيَّ عُمْرَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا الْحَجُّ الْمُطْلَقُ أَيْ غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِيَوْمِ كَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُقَيَّدًا بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ عَلَيَّ حَجٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ وَكَذَا فَرْضُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ كَالْعُمْرَةِ وَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى ذَلِكَ يَحْرُمُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّذْرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ وَالْإِحْرَامِ كَيَوْمِ كَذَا يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَمُقَيَّدٌ بِالْإِحْرَامِ فَقَطْ يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ فِي الْعُمْرَةِ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً وَفِي الْحَجِّ لِأَشْهُرِهِ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْرَامِ وَلَا الزَّمَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ بَلْ يُسْتَحَبُّ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَجَدَ صَحَابَةً أَمْ لَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا هَذَا الْمُلَخَّصُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَتَلَقَّهُ بِالْيَمِينِ وَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ وَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّا فِي كَلَامِ الشُّرُوحِ. (قَوْلُهُ أَيْ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ) عِنْدَ إتْيَانِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُهُ مِنْ تَعْجِيلِ الْإِحْرَامِ الْآنَ إنْ قَيَّدَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ إتْيَانِ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ غَيْرِ النِّيَّةِ الْأُولَى) أَيْ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ حِينَ قَوْلِهِ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ كَذَا إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ فِعْلِ كَذَا (قَوْلُهُ أَيْ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ نَاذِرُهَا) التَّعْجِيلُ هُنَا مِنْ يَوْمِ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِالشَّرْطِ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ فَيُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهَا) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا مِنْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ يُحْرِمُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ فَحَذَفَ مُطْلَقًا مِنْ الثَّانِي) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لَا الْحَجِّ وَالْمَشْيِ (قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ قَوْلُهُ فَلِأَشْهُرِهِ رَاجِعٌ لِلْحَجِّ بِخُصُوصِهِ وَأَمَّا نَاذِرُ الْمَشْيِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَوْرُ وَيَمْشِي فِي أَيِّ عَامٍ أَرَادَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إذَا خَرَجَ إلَخْ) أَيْ كَالْمَغْرِبِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَالَ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَحْرَمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِصَحِيحٍ أَوْ اُسْتُحْسِنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِيَوْمِ كَذَا مَثَلًا يَجِبُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ عِنْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْذُورُ أَوْ الْمَحْلُوفُ بِهِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً سَوَاءٌ وَجَدَ رُفْقَةً أَمْ لَا وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّقْيِيدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 الْإِحْرَامَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ وَالْمُؤَلِّفُ اسْتَعْمَلَ حَيْثُ هُنَا الزَّمَانُ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ قَالَ مَتَى بَدَلَ حَيْثُ كَانَ أَوْلَى فَقَوْلُهُ الْحَجُّ مُخْرِجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ وَمِنْ قَوْلِهِ كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَيْ أَنَّهُ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ لَا فِي الْحَجِّ الْمُطْلَقِ وَالْمَشْيِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. (ص) وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَذَرَ مَالَهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ فِي ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ مَالِي فِي الْحَطِيمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ نَذْرٌ لَا قُرْبَةَ فِيهِ، وَالْحَطِيمُ هُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ إلَى زَمْزَمَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْطِمُ الذُّنُوبَ كَمَا تَحْطِمُ النَّارُ الْحَطَبَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَضُّ فَتُبْنَى أَبُو الْحَسَنِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِنَاءَهَا فَلِذَلِكَ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ مَالِي فِي كِسْوَتِهَا أَوْ طِيبِهَا دَفَعَ ثُلُثَهُ إلَى الْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي بَابِهَا أَوْ فِي حَطِيمِهَا أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ وَهُوَ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَقَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي رِتَاجِهَا مَثَلًا أَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي السَّبِيلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَدْفَعُهُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ. (ص) أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ (ش) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا يَصِحُّ هَدْيُهُ بِلَفْظِ هَدْيٍ أَوْ لَفْظِ بَدَنَةٍ فَإِنْ سَمَّى مَكَّةَ أَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ سَوْقُهُ لَهَا حَيْثُ كَانَ الْمَحِلُّ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَصِلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مِثْلَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ مِنْ مَكَان يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصِلُ مِنْهُ وَإِنْ سَمَّى بُقْعَةً غَيْرَ مَكَّةَ فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهَا حَتَّى كَأَنَّهَا مَكَّةُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَصَدَ الرِّفْقَ بِفُقَرَائِهَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ سَوْقَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى بِلَفْظِ جَزُورٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ قَيَّدَ بِمَكَّةَ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ إلَّا أَنْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُشْعِرَهُ فَيَكُونَ هَدْيًا فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَنْحَرَهُ وَيُطْعِمَ   [حاشية العدوي] فَإِنَّهَا يَفْتَرِقَانِ فَالْعُمْرَةُ يُعَجِّلُ إحْرَامَهَا بِشَرْطِ وُجُودِ صُحْبَةٍ فَقَطْ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ أَشْهُرِهِ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ) أَيْ إذَا خَرَجَ فِيهِ يَصِلُ لِمَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ وَمِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) تَسَمُّحٌ لِأَنَّهُ لَا إخْرَاجَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَأَيْضًا الْإِخْرَاجُ فَرْعُ الْإِدْخَالِ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْبَابَيْنِ إلَى الْمَقَامِ إلَى زَمْزَمَ إلَخْ) وَاَلَّذِي فِي الْحَطَّابِ وتت وَبَهْرَامَ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إلَى الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ أَبُو مُحَمَّدٍ فَعَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ حَبِيبٍ ذَلِكَ كُلُّهُ حَطِيمٌ الْجِدَارُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالْفَضَاءُ الَّذِي بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامُ الْآنَ انْتَهَى فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَطِيمَ الْفَرَاغُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُهُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْضُ حَائِطِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ يُحَطِّمُ الذُّنُوبَ) أَيْ يُهْلِكُ الذُّنُوبَ أَيْ بِالدُّعَاءِ فِيهِ. (قَوْلُهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِنَاءَهَا) وَكَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ ثُلُثُهُ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ) ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ) ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ فِي يَمِينٍ بِأَنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَا يَقْصِدُ امْتِنَاعَهُ كَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أُفِيدُهُ صَدَقَةٌ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ أَوْ مَكَان وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ بِأَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يُفِيدُهُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ كُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أُفِيدُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يُفِيدُهُ لَا ثُلُثُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ. وَأَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان فَيَلْزَمُهُ مَا اكْتَسَبَهُ فِيهِ كَمَا إذَا أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ وَقَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِمُعَيَّنٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَوْ قَالَ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَقَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ إلَخْ) أَيْ وَقَصَدَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا لَا الْبِنَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ فِي رِتَاجِهَا) بِنُقْطَةٍ بِخَطِّهِ فَيَكُونُ بِالْجِيمِ لَا بِالْحَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمِصْبَاحِ بِالْجِيمِ فَقِرَاءَتُهُ بِالْحَاءِ خَطَأٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ) الرَّاجِحُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ. (قَوْلُهُ بِلَفْظِ جَزُورٍ) إنْ قُلْت أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ جَزُورٍ وَبَدَنَةٍ قُلْت ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْبَدَنَةَ مَا يُعَدُّ لِلذَّبْحِ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ وَالْجَزُورُ مَا يُعَدُّ لِلذَّبْحِ فِي مَكَان غَيْرِ مَخْصُوصٍ. (قَوْلُهُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ تَفْصِيلُهُ) فَإِنْ سَاقَهُ فِي حَجٍّ وَقَفَ بِهِ فِي عَرَفَةَ فَيَذْبَحُهُ فِي مِنًى وَإِلَّا فَفِي مَكَّةَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ إلَخْ أَيْ أَوْ أَطْلَقَ أَيْ فَلَمْ يَجْعَلْهُ لِمَكَّةَ وَلَا لِغَيْرِهَا لَا بِلَفْظٍ وَلَا بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ إلَخْ) أَيْ وَيَحْرُمُ بَعْثُهُ وَلَوْ لِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لَهُ فَقَوْلُهُمْ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لِصَالِحٍ وَأَرَادَ بِهِ الْإِعْطَاءَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ بِمَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ إلَيْهِمْ فِيمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى لَا فِيمَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى لِأَنَّ سَوْقَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ، كَذَا أَفَادَهُ عج وَأَمَّا مَا لَا يُهْدَى بِهِ كَثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَجَاجَةٍ أَوْ طَعَامٍ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ أَرْسَلَهُ إلَيْهِمْ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْوَلِيِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 الْمَسَاكِينَ قَدْرَ لَحْمِهِ. (ص) أَوْ مَالِ غَيْرِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي مَالِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ النَّذْرُ فِي مَالِ غَيْرٍ (إنْ لَمْ يُرِدْ إنْ مَلَكَهُ) فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ عِنْدَ نَذْرِهِ أَنَّهُ إنْ مَلَكَهُ فَهَدْيٌ أَوْ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ مَالِ فُلَانٍ وَنَذْرِ هَدْيِ فُلَانٍ هُوَ أَنَّ مَالَ الْغَيْرِ لَمَّا كَانَ يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ وَيُهْدَى ثَمَنُهُ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ هَدْيَ ثَمَنِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْقَائِلِ عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ أَوْ مَالُ فُلَانٍ صَدَقَةٌ وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْحُرِّ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْهَدْيَ عَنْهُ قُلْت فَيَخُصُّ لُزُومَ الْهَدْيِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ إلَخْ بِفُلَانٍ الْحُرِّ لِيَتِمَّ هَذَا الْفَرْقُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ وَلَوْ قَرِيبًا (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ قَرِيبِي فُلَانٍ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ نَفْسِي مِنْ كُلِّ مَا لَا يَمْلِكُ كَالْحُرِّ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَحْرُهُ أَوْ أَنَا أَنْحَرُهُ أَوْ هُوَ بَدَنَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَقَوْلُهُ فُلَانٌ أَيْ الْحُرُّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ عَبْدَ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ص) إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرُ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَفَظَ بِالْهَدْيِ كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا أَوْ نَوَى الْهَدْيَ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ كَمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ مَوْضِعًا مِنْ مَوَاضِعِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فِي الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ مَعًا لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ فِي إرَادَةِ الْقُرْبَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْحَلِفِ (ص) وَالْأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةً ثُمَّ بَقَرَةً (ش) يَعْنِي حَيْثُ أَمَرْنَاهُ بِالْهَدْيِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَمِنْ الْبَقَرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَمِنْ الْغَنَمِ فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَفَظَ بِالْهَدْيِ أَوْ نَوَاهُ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ نَوَاهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِي نَذْرِ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ شَاةٌ وَلَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهَا آخِرُ الْمَرَاتِبِ وَالْأَحَبِّيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْمَرَاتِبِ وَإِلَّا فَالْهَدْيُ فِي الْجُمْلَةِ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ (كَنَذْرِ الْحَفَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ الْمَشْيُ بِلَا نَعْلٍ وَلَا خُفٍّ يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي الِاسْتِحْبَابِ إلَّا أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِيمَا قَبْلَهُ فِي صِفَةِ الْهَدْيِ مَعَ لُزُومِهِ لَهُ وَفِي نَذْرِ الْحَفَاءِ وَمِثْلُهُ الزَّحْفُ وَالْحَبْوُ فِي اسْتِحْبَابِ الْهَدْيِ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ مُنْتَعِلًا أَوْ حَافِيًا وَيَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ) كَمَا لَا يَلْزَمُ الْحَفَاءُ وَمَا مَعَهُ فِي نَذْرِهِ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْحَفَاءِ أَيْ وَنَذْرٌ كَالْحِفَاءِ. (ص) أَوْ حَمَلَ فُلَانٌ إنْ نَوَى التَّعَبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحْمِلَ فُلَانًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ عَلَى عُنُقِهِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ إتْعَابَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ وَيَحُجُّ مَاشِيًا وُجُوبًا وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْهَدْيُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إحْجَاجُ فُلَانٍ (ص) وَإِلَّا رَكِبَ وَحَجَّ بِلَا هَدْيٍ (ش) .   [حاشية العدوي] أَيْ الثَّوَابَ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ بِمَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَصْدٌ أَوْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِ قَصْدِهِ فَيَنْظُرُ لِعَادَتِهِمْ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِأَنْ كَانُوا تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْثُ سِتْرٍ وَلَا شَمْعٍ وَلَا زَيْتٍ يُوقِدُ عَلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ نَذَرَهُ فَإِنْ بَعَثَ مَعَ شَخْصٍ وَقَبِلَهُ مِنْ صَاحِبِهَا فَاسْتَظْهَرَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكْرُوهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّ إخْرَاجَ مَالِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ وَجْهُ الْقُرْبَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَالَهُ فَلَا يَسُوغُ لِغَيْرِهِ تَنَاوُلُهُ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ هُنَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ إذَا مَلَكَهُ أَتَى بِلَفْظِ جَمِيعِ مَالِ الْغَيْرِ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَنَذْرِهِ جَمِيعَ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الَّذِي نَذَرَ مَالَ الْغَيْرِ قَدْ أَبْقَى مَالَ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَنَذَرَ هَدْيَ فُلَانٍ) أَيْ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ فُلَانًا أَيْ أَذْبَحُهُ هَدْيًا (قَوْلُهُ لَمَا كَانَ يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ وَيُهْدَى ثَمَنُهُ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ الثَّوْبَ بِبَعِيرٍ (قَوْلُهُ فَيَخُصُّ لُزُومَ الْهَدْيِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَأَمَّا عَبْدُهُ فَيَلْزَمُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيَخُصُّ لُزُومَ الْهَدْيِ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ الشَّاهِدُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَلْ فِيمَا إذَا لَزِمَهُ كَمَا إذَا تَلَفَّظَ بِالْهَدْيِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرِيبًا) قَالَ فِي ك وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِب التَّابِعِ لِابْنِ بَشِيرٍ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَعَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي وَمِثْلُهُ فِي شب انْتَهَى (أَقُولُ) الظَّاهِرُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بَدَلَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَرِيبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ) أَمَّا إنْ لَفَظَ بِهِ كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَهُوَ كَالْأَوَّلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ إلَخْ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ حَقِيقَةُ النَّحْرِ وَعَدَمُ نِيَّةِ شَيْءٍ وَالْمَشْهُورُ فِي الثَّانِي أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِيَّةَ ذَلِكَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) وَالْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ قِصَّتُهُ مَعَ وَلَدِهِ لَا مَقَامِ مُصَلَّاهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا إذَا نَوَى قَتْلَهُ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَوْ مَحِلِّ ذَكَاةٍ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ إنْ قَصَدَ الْهَدْيَ وَالْقُرْبَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَكَذَا حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِذَا قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ) لَيْسَتْ الْمُزْدَلِفَةُ مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَاةٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سَبْعِ شِيَاهٍ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ نَذْرِ الْبَدَنَةِ بِلَفْظِهَا وَإِنَّمَا يُقَارِبُهَا الْبَقَرَةُ أَوْ السَّبْعُ شِيَاهٍ وَمَا هُنَا نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ أَوْ مَا يُفِيدُهُ كَنَحْرِ فُلَانٍ بِقَيْدِهِ وَمِنْ أَفْرَادِ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ (قَوْلُهُ الزَّحْفُ وَالْحَبْوُ) الزَّحْفُ مَعْلُومٌ وَكَذَا الْحَبْوُ فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَمْشِي فِي نَذْرِ الْحَفَاءِ مُنْتَعِلًا إنْ شَاءَ وَأَمَّا فِي نَذْرِ الْحَبْوِ فَيَمْشِي عَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْحَفَاءُ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ إتْعَابَ نَفْسِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُنُقِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حِجَاجَهُ مَعَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِهِ رَاكِبًا وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَحُجَّ مَعَ الْحَالِفِ حَجَّ الْحَالِفُ وَحْدَهُ رَاكِبًا وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى إحْجَاجَهُ مِنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا إحْجَاجُ الرَّجُلِ فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ فَلَا حَجَّ عَلَى الْحَالِفِ. (ص) وَلَغَا عَلَى الْمَسِيرِ وَالذَّهَابِ وَالرُّكُوبِ لِمَكَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَسِيرَ إلَى مَكَّةَ أَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إلَيْهَا أَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ إلَيْهَا أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ فَحَنِثَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَاشِيًا فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ يَلْزَمُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الذَّهَابَ وَالْمَسِيرَ مُسَاوِيَانِ لِذَلِكَ قُلْت قَالَ الشَّيْخُ دَاوُد مَا نَصُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا جَرَى بِلَفْظِ الْمَشْيِ وَلِأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ فِيهِ السُّنَّةُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى. (ص) وَمُطْلَقُ الْمَشْيِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَكَّةَ وَلَا بَيْتِ اللَّهِ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ الْمَشْيُ عَلَى انْفِرَادِهِ لَا طَاعَةَ فِيهِ وَأَلْزَمَهُ أَشْهَبُ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ. (ص) وَمَشَى لِمَسْجِدٍ وَإِنْ لِاعْتِكَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ وَلَغَا إتْيَانٌ لِمَسْجِدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِيهَامِ كَلَامِهِ لُزُومَ الرُّكُوبِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَشْيِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا فَقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدٍ قَرِيبٍ جِدًّا كَالْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مَاشِيًا أَوْ يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ يَلْزَمُهُ فِعْلُ مَا نَذَرَهُ بِمَوْضِعِهِ كَمَنْ نَذَرَهُمَا بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ. (ص) وَمَشَى لِلْمَدِينَةِ أَوْ إيلِيَاءَ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا فَيَرْكَبُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْيَسِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْمَدِينَةِ أَوْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لَا مَاشِيًا وَلَا رَاكِبًا فَإِنْ نَوَى صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ سَمَّى مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَوْ إيلِيَاءَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ فِيهِمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِمَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّاهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَافِلَةً، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْيِ إلَى هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ وَبَيْنَ الْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُ هُنَا يَرْكَبُ وَهُنَاكَ يَمْشِي فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَشْيَ إلَى الْمَدِينَةِ مَثَلًا لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى مَا فِيهِ قُرْبَةٌ وَالْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فِيهِ قُرْبَةٌ لِأَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمَشْيَ فِيهِ أَنْسَبُ لِعِبَادَةِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ يَمْشِي فِي الْمَنَاسِكِ وَقُرْبَةُ الصَّلَاةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا إحْجَاجُ الرَّجُلِ) أَيْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ هُوَ. (تَنْبِيهٌ) : إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أُحِجُّهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فَحَنِثَ أَحَجَّهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَأْبَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا أَحُجُّ بِهِ حَجَّ رَاكِبًا وَحَجَّ بِهِ فَإِنْ أَبَى حَجَّ وَحْدَهُ فَإِنْ قَالَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ النَّذْرُ مِثْلُ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ أَنَّ الْعُرْفَ إلَخْ) هَذَا لَا يَنْفَعُ شَيْئًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ قَدْ جَاءَتْ فِيهِ السُّنَّةُ أَيْ فَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعُرْفِ عُرْفُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ السُّنَّةُ. (قَوْلُهُ وَمُطْلَقُ الْمَشْيِ) وَأَوْلَى ذَهَابُهُ أَوْ إتْيَانُهُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ اللُّزُومِ فِيمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قُرْبَةٌ فَأَوْلَى غَيْرِهِ وَهَذَا جَوَابُ غَيْرِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَشْيِ. (قَوْلُهُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مَحَلُّ الْقُدْسِ أَيْ بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْأَصْنَامِ وَالْمُقَدَّسُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَتَشْدِيدٍ أَيْ الْمُطَهَّرُ وَتَطْهِيرُهُ خُلُوُّهُ مِنْ الْأَصْنَامِ وَإِبْعَادُهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ) فِيهِ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ هُوَ الصَّلَاةُ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ يُلْزِمُهُ الْمَشْيَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَعْتَكِفَ) وَسَكَتَ عَنْ الصَّوْمِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ وَانْظُرْ لَوْ نَذَرَ صَوْمًا بِمَسْجِدٍ قَرِيبٍ جِدًّا فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ بِمَوْضِعِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَصْلًا انْتَهَى (قَوْلُهُ كَالْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ) يُفَسَّرُ بِمَا فَسَّرَ بِهِ عب الْقَرِيبُ وَهُوَ مَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَقَالَ الْحَطَّابُ هُوَ أَيْ الْقَرِيبُ جِدًّا مَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِأَعْمَالِ الْمَطِيِّ وَشَدِّ الرَّحْلِ. (قَوْلُهُ أَوْ إيلِيَاءَ) هُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ لَامٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ يَاءٍ ثُمَّ أَلِفٍ مَمْدُودَةٍ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَحُكِيَ فِيهِ الْقَصْرُ وَلُغَةً ثَالِثَةً بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْمَدِّ وَمَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ وَحُكِيَ الْإِيلِيَاءُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ غَرِيبٌ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَيْتُ اللَّهِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ بَيْتَ اللَّهِ هُوَ الْمَسْجِدُ لَا الْبَلَدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَافِلَةً) بَالَغَ عَلَى النَّافِلَةِ لِأَنَّهُ حَكَى فِي الشِّفَاءِ فِي النَّافِلَةِ قَوْلَيْنِ أَبُو الْحَسَنِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُقِيمَ هُنَاكَ أَيَّامًا فَيَتَنَفَّلَ فَيَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الصَّلَاةَ الْفَرْضَ وَلَعَلَّ جَرَيَانَ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّفْلِ لِأَنَّ الْمُضَاعَفَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْفَرْضِ، وَاخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي قَدْرِ الْمُضَاعَفَةِ فِي مَسْجِدِ إيلِيَاءَ فَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ وَفِي أُخْرَى بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَفِي أُخْرَى بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَفِي أُخْرَى بِعِشْرِينَ أَلْفًا (قَوْلُهُ وَالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فِيهِ قُرْبَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ قُرْبَةٌ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَسِيلَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقَدْ وَجَدَ عِبَادَةً فِي الطَّرِيقِ فَيَصِيرُ الْمَشْيُ فِيهَا عِبَادَةً فَرَجَعَ الْحَالُ إلَى أَنَّ الْمَشْيَ فِي الذَّهَابِ لِمَكَّةَ قُرْبَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَصْلُهُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَمْشِي فِي الْمَنَاسِكِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَمْشِي فِي السَّعْيِ وَفِي الطَّوَافِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 مُنَافِيَةٌ لِلْمَشْيِ (ص) وَهَلْ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهَا أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ خِلَافٌ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَنَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَحَدِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَاضِلًا كَأَنْ نَذَرَ مَنْ بِمَكَّةَ الصَّلَاةَ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَعَكَسَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَفْضُولًا كَمَا إذَا كَانَ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَنَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَأْتِي مَنْ هُوَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَكَّةَ إذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَالَى هَذَا أَشَارَ بِالْخِلَافِ (ص) وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ مَكَّةَ (ش) لِمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ أَخَذَ يُبَيِّنُ الْأَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ وَالْمَدِينَةُ إلَخْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَأَمَّا هُمَا فَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِمَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْفَاضِلِ مِنْهُمَا فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْبُقْعَةِ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهَا أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَنْ النُّذُورِ كَانَ هُوَ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ الْمُعِينَةِ لِلْجِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ. (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً التَّعَبُ وَالْمَشَقَّةُ وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ قِتَالُ مُسْلِمٍ كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حُضُورُهُ لَهُ أَوْ دُخُولُهُ أَرْضَهُ لَهُ فَخَرَجَ قِتَالُ الذِّمِّيِّ الْمُحَارِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ نَقْضٍ وَقَوْلُهُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ قَاتَلَ لِلْغَنِيمَةِ أَوْ لِإِظْهَارِ الشَّجَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَكُونُ مُجَاهِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ حَيْثُ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُهَا حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ حُضُورُهُ أَوْ دُخُولُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قِتَالٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْجِهَادَ أَعَمُّ مِنْ الْقِتَالِ أَوْ الْحُضُورِ لِلْقِتَالِ وَالضَّمِيرُ فِي الْحُضُورِ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ وَضَمِيرُ لَهُ يَعُودُ عَلَى إعْلَاءِ أَوْ عَلَى الْقِتَالِ وَضَمِيرُ أَرْضِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهَا إلَخْ) لَوْ قَالَ وَهَلْ مُطْلَقًا لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَلْزَمُهُ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ) أَيْ بِمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْمُسَمَّى بِإِيلِيَاءَ (قَوْلُهُ وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ) أَيْ ثَوَابُ الْعَمَلِ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي مَكَّةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي هِيَ الْمَدِينَةُ وَمَكَّةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي الْبِقَاعِ وَلَوْ الْمَسَاجِدَ الْمَنْسُوبَةَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْجِدِ قُبَاءَ وَالْفَتْحِ وَالْعِيدِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ وَغَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ ضَمَّتْ جَسَدَهُ الشَّرِيفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ مَسَّتْ أَعْضَاءَهُ لَا كُلُّ الْقَبْرِ فَمَا مَسَّ أَعْضَاءَهُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَتَّى الْكَعْبَةِ وَالسَّمَوَاتِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَاللَّوْحِ وَالْقَلَمِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَيَلِيهِ الرَّوْضَةُ وَيَلِيهَا الْكَعْبَةُ؛ فَالْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْمَسْجِدَانِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْكَعْبَةِ وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ فَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ وَلَمَّا زِيدَ مِنْ مَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ حُكْمُ مَسْجِدِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ. (فَائِدَةٌ) عَدَمُ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ قَالَ مَالِكًا الْقَفْلُ أَيْ الرُّجُوعُ أَفْضَلُ مِنْ الْجُوَارِ [بَابٌ أَحْكَامَ الْجِهَادِ] (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ بَعْضُهُ وَهُوَ اثْنَانِ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَتَعَيَّنَ إلَخْ (بَابُ الْجِهَادِ) اعْلَمْ أَنَّ الْجِهَادَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَ حَرَامًا ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ لِمَنْ قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ مُطْلَقًا مِنْ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ أَحْكَامُ الْجِهَادِ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِهَادِ اعْلَمْ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقَ بِالْجِهَادِ أَحْكَامٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ فَالْعَطْفُ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشَقَّةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ قِتَالُ مُسْلِمٍ) ، فَإِنْ قُلْت الْقِتَالُ الْمَذْكُورُ أَصْلُهُ الْمُفَاعَلَةُ فِي اللُّغَةِ فَهَلْ الْمَقْصُودُ هُنَا ذَلِكَ أَوْ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ قُلْت لَيْسَ بِمَقْصُودٍ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ وَإِلَّا كَانَ حَدُّهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِمَا إذَا قَتَلَهُ كَافِرٌ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ فَلَا تَضُرُّ فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ كَافِرًا) . وَأَمَّا قِتَالُ الْمُحَارِبِ الْمُسْلِمِ فَلَا يُقَالُ لَهُ جِهَادٌ (قَوْلُهُ الْمُحَارَبِ) أَيْ الَّذِي يَقْطَعُ طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) . وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ نَقْضٌ فَيَكُونُ جِهَادًا قَالَ فِي ك بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَجَاهَرْ هَذَا الذِّمِّيُّ بِقِتَالٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِزْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِمُحَارَبَتِهِ وَيُنْتَقَضُ بِقِتَالٍ فَافْهَمْ وَيُرَدُّ عَلَى التَّعْرِيفِ الضَّالِّ بِبَلَدِنَا وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مُلْحَقٌ بِالْمُجَاهِدِ، وَالتَّعْرِيفُ إنَّمَا هُوَ لِلْجِهَادِ الْحَقِيقِيِّ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِمَا) أَيْ قَاتَلَ لَأَنْ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَثَامِنَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ حَيْثُ أَظْهَرَ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُعْطَى مِنْ الْغَنِيمَةِ إنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ هَذَا بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمُقَاتَلَةِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت شَيْخَنَا كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ مَا نَصَّهُ. وَأَمَّا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَيُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا مِنْ شُرُوطِ السَّهْمِ لَهُ كَوْنَهُ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَادِ الْكَامِلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إنَّمَا قَالَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْجِهَادُ إلَّا لِلَّهِ لَا لِشَيْءٍ آخَرَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُهَا) مُطْلَقًا أَظْهَرَ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ حَيْثُ عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ الْحُضُورِ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ أَوْ الدُّخُولَ (قَوْلُهُ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَهُ عَائِدٌ عَلَى الْقِتَالِ (قَوْلُهُ وَضَمِيرُ لَهُ يَعُودُ عَلَى إعْلَاءٍ أَوْ عَلَى الْقِتَالِ) الْأَقْرَبُ عَوْدُهُ عَلَى الْقِتَالِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَهُ عَلَى الْقِتَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْأَوَّلَ عَائِدٌ عَلَى الْقِتَالِ وَالثَّانِي لِلْقِتَالِ أَوْ لِإِعْلَاءِ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ مُحَافَظَةً عَلَى ذِكْرِ الْجَلَالَةِ فِي الرَّسْمِ لِلْبَرَكَةِ، وَإِضَافَةُ الْكَلِمَةِ إلَى اللَّهِ عَلَى مَعْنَى الْكَلِمَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ثُمَّ إنَّ الْجِهَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ جِهَادٌ بِالْقَلْبِ وَهُوَ مُجَاهِدَةُ الشَّيْطَانِ وَالنَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَجِهَادٌ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَجِهَادٌ بِالْيَدِ وَهُوَ زَجْرُ الْأُمَرَاءِ أَهْلِ الْمَنَاكِرِ بِالضَّرْبِ وَالْأَدَبِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَمِنْهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَجِهَادٌ بِالسَّيْفِ وَلَا يَنْصَرِفُ حَيْثُ أَطْلَقَ إلَّا إلَيْهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (ص) الْجِهَادُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ كُلَّ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَيِّنَ طَائِفَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِجِهَادِ الْكُفَّارِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَكُونُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ لِلْعَدُوِّ مَعَ قِلَّةِ خَوْفِ غَيْرِهَا لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَإِنْ تَسَاوَى الطَّرِيقَانِ خَوْفًا فَالنَّظَرُ لِلْإِمَامِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْلِمِينَ كَفَاءَةٌ لِجَمِيعِ الْجِهَاتِ وَالْأَوْجَبُ سَدُّ الْجَمِيعِ. (ص) ، وَإِنْ خَافَ مُحَارِبًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِنْ حَصَلَ الْخَوْفُ مِنْ الْمُحَارِبِينَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُحَارَبُ فِي طَرِيقِ الْمُجَاهِدِينَ أَوْ عَلَى حِدَةٍ أَيْ فِي جِهَةٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ (ص) كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ (ش) الْمُرَادُ بِزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ إقَامَةُ الْمَوْسِمِ أَيْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ زِيَارَةَ الْكَعْبَةِ لَيْسَتْ فَرْضًا فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُرْسِلَ جَمَاعَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ لِإِقَامَةِ الْمَوْسِمِ إنْ كَانَ إمَامٌ وَإِلَّا فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَكْفِي إقَامَتُهُ بِالْعُمْرَةِ (ص) فَرْضُ كِفَايَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ مَعَ خَوْفِ مُحَارِبٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95] فَلَمَّا وَعَدَ اللَّهُ الْقَاعِدَ وَالْمُجَاهِدَ الْحُسْنَى عُلِمَ أَنَّ الْخِطَابَ بِهِ لِلْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَعْيَانِ لَكَانَ الْقَاعِدُ بِلَا ضَرَرٍ عَاصِيًا. (ص) ، وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ مَعَ الْوَالِي الْجَائِرِ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَضَعُ الْخُمُسَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَفِي بِعَهْدٍ ارْتِكَابًا لِأَخَفْ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ مَعَهُمْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ، وَتَرْكُ الْغَزْوِ مَعَهُمْ خِذْلَانٌ لِلْإِسْلَامِ وَنُصْرَةُ الدِّينِ وَاجِبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْوَالِي أَمِيرُ الْجَيْشِ (ص) عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ الْكَلِمَةِ) إطْلَاقُ الْكَلِمَةِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَالْعِبَادَةُ مَأْمُورٌ بِهَا وَمِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَةِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَأَرَادَ بِهَا الطَّاعَةَ، وَالدَّلِيلُ إذَا كَانَ يَشْمَلُ الْمُدَّعِي وَغَيْرَهُ لَا يَضُرُّ نَعَمْ إذَا كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْمُدَّعِي وَغَيْرِهِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْجِهَادَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجِهَادَ لَهُ مَعَانٍ أُخَرُ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ) بَلْ وَالْمُبَاحَةِ؛ لِأَنَّ الِانْهِمَاكَ فِيهَا لَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ أَهْلُ الْمُنَاكِرِ) جَمْعُ مُنْكَرٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْجِهَادِ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْصَرِفُ حَيْثُ أَطْلَقَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ شَرْعًا إلَّا أَنَّهُ أَظْهَرَ فِي جِهَادِ الْكُفَّارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِيقَةُ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ عَيْنِيٌّ وَالْجِهَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْأُمَّةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَيْفَ يَقُولُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ يَقُولُ وَالْمَطْلُوبُ بِتَحْصِيلِ ذَلِكَ أَيْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْإِمَامُ عَيْنًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ طَائِفَةً (قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي أَهَمِّ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ لَا بِالْجِهَادِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ حَيْثُ تَعَدَّدَتْ الْجِهَةُ وَفِيهَا أَهَمُّ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي الْأَهَمِّ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ حَيْثُ كَانَ الْخَوْفُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جِهَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا أَهَمُّ أَوْ فِيهَا أَهَمُّ وَجَاهَدَ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَ مُحَارَبًا) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُحَارَبُ هُوَ الَّذِي يَقْطَعُ طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ الْخَوْفُ مِنْ الْمُحَارَبِينَ) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرُ الْمُحَارَبِينَ أَعْظَمَ، وَالْأَقْدَمُ (قَوْلُهُ أَيْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) تَفْسِيرٌ لِلْمَوْسِمِ، وَلَوْ كَانَتْ إقَامَتُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا يَكْفِي إقَامَتُهُ بِالْعُمْرَةِ وَمَنْ حَجَّ الْفَرْضَ بِطَلَبٍ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْكِفَايَةِ فَيَكُونَ أَكْثَرَ ثَوَابًا وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِقِيَامِ الْبَعْضِ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ يَحْصُلُ الْقِيَامُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ أَوْ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ تَفْسِيرًا لِلْمَوْسِمِ ثُمَّ رَأَيْت فِي عب مَا يُؤَيِّدُهُ أَوْ بِالتَّحَلُّلِ (أَقُولُ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ الْفَرْضُ وَقُلْتُمْ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ هَلْ ثَوَابُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا؟ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُرْسِلُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِهَادَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْلِمِينَ كِفَايَةً وَعَيْنًا وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا بَلْ يُقَالُ هُوَ وَاجِبُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ فَقَطْ، فَإِنْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ فَقَدْ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إقَامَتُهُ بِالْعُمْرَةِ) أَيْ الْمَوْسِمُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى النُّسُكِ الَّذِي يُفْعَلُ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَمَا قَارَبَهَا لَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ جَمِيعِ الْبُلْدَانِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ حَيْثُ قَالَ وَقَطَعَةُ الطَّرِيقِ مُخِيفُوا السَّبِيلَ أَحَقُّ بِالْجِهَادِ مِنْ الرُّومِ لِاتِّصَالِ ضَرَرِهِمْ دُونَ الْكُفَّارِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ الْحُسْنَى) أَيْ دُخُولُ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَفِي بِعَهْدٍ) الرَّاجِحُ أَنَّ الَّذِي لَا يَفِي بِالْعَهْدِ لَا يُقَاتَلُ مَعَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 مُكَلَّفٍ قَادِرٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجِهَادَ يَجِبُ عَلَى الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْقَادِرِ لَا عَلَى ضِدِّهِمْ كَمَا يَأْتِي وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَسْقَطَ الْإِسْلَامَ لِقَوْلِهِ بِخِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ. (ص) كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا بِقَيْدِهِ وَهُوَ كُلُّ سَنَةٍ وَالْمُرَادُ بِقِيَامِهَا حِفْظُهَا وَإِقْرَاؤُهَا وَقِرَاءَتُهَا وَتَدْرِيبُهَا وَتَحْقِيقُهَا وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْمِيمُهَا إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْمِيمِهَا وَتَخْصِيصِهَا إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهَا وَتَعْبِيرُهُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ ثَلَاثَةٌ الْفِقْهُ وَالْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ كَمَا بَيَّنَّاهُ بِالْأَصْلِ (ص) وَالْفَتْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِفْتَاءَ وَالْإِرْشَادَ إلَى الْحَقِّ وَاجِبٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَمَا يَجِبُ التَّعْلِيمُ وَالْفَتْوَى هِيَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكُتُبٍ أَوْ إخْبَارٍ لَكِنْ إنْ تَوَقَّفَ الْحُكْمُ عَلَى الْكُتُبِ وَجَبَ (ص) وَ (دَفْعُ) الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَكَفَّ الْأَذَى عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ مِنْ إطْعَامِ جَائِعِ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَخْرُجُ إلَى الْحَوَائِطِ يُخَفِّفُ عَمَّنْ أَثْقَلَ فِي عَمَلِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ وَيَزِيدُ فِي رِزْقِ مَنْ أَقَلَّ فِي رِزْقِهِ. (ص) وَالْقَضَاءُ (ش) أَيْ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَرَاتِبِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَدَفْعِ التَّهَارُجِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَكَفِّ الظَّالِمِ (ص) وَالشَّهَادَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. وَأَمَّا أَدَاؤُهَا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ فَكُلُّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ الْأَدَاءُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَبْلَ الطَّلَبِ فَلَا يَجِبُ (ص) وَالْإِمَامَةُ (ش) أَيْ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يُشَارِكُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إمَامَةُ الصَّلَاةِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا حَيْثُ كَانَتْ إقَامَتُهَا فِي الْبَلَدِ عَلَى مَا مَرَّ فِي فَصْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (ص) وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ (ش) لَمْ يَقُلْ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ بِخِطَابِ الْكُفَّارِ إلَخْ) وَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ عَلَى الْكَافِرِ حُرْمَةُ اسْتِعَانَةٍ بِمُشْرِكٍ؛ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَتِهِ عَلَيْنَا وَمَا هُنَا فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَنْ تَحْتَ ذِمَّتِنَا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إسْلَامِهِ كَأَدَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي عب وَيُقَالُ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ كَافِرٍ، وَلَوْ حَرْبِيًّا الْجِهَادُ أَيْ جِهَادُ غَيْرِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِمَعْنَى أَنَّ أَيَّ كَافِرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ مَعَنَا غَيْرَهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَالْحَرْبِيُّ مَثَلًا يُجَاهِدُ مَعَنَا غَيْرَهُ لَا نَفْسَهُ (قَوْلُهُ كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) تَدْخُلُ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ وَإِقْرَاؤُهَا) أَيْ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَتُهَا) أَيْ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَتَدْرِيبُهَا) فِي نُسْخَةٍ مُصَلَّحَةٍ بَعْدَ الرَّاءِ يَاءٌ وَبَعْدَ الْيَاءِ بَاءٌ أَيْ تَعَاطِيهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَدْرِيسُهَا (قَوْلُهُ وَتَحْقِيقُهَا) ذَكَرَ الْأَدِلَّةَ (قَوْلُهُ وَتَهْذِيبُهَا) تَبْيِينُ مَا هُوَ صَحِيحٌ مِمَّا لَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى عُلُومِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وَتَعْمِيمُهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ عَامَّةً وَقَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْمِيمِهَا يُبْقِيهَا عَلَى تَعْمِيمِهَا، وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهَا يُخَصِّصُهَا كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِيمَنْ يَتَعَاطَى الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ. (قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْأَصْلِ) عِبَارَتُهُ فِي ك فَإِنَّ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ مَا وَضَعَهَا الشَّارِعُ وَعُلُومُ الشَّرْعِ الْعُلُومُ الْمَنْسُوبَةُ لِلشَّرْعِ أَيْ الْعُلُومُ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ فَيَشْمَلُ الْفِقْهَ وَالتَّفْسِيرَ وَالْحَدِيثَ وَالنَّحْوَ وَالصَّرْفَ وَالْمَعَانِيَ وَالْمَنْطِقَ وَالطِّبَّ وَالْأُصُولَ وَالْعَرُوضَ وَنَحْوَهَا انْتَهَى أَيْ لَا نَحْوَ هَيْئَةٍ وَكِيمْيَاءٍ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ مَنْسُوبَةٌ لِلشَّرْعِ وَتَصْدُقُ تِلْكَ النِّسْبَةُ بِالْعُلُومِ الْآلِيَّةِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْقَى عُلُومُ الشَّرْعِ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا وَيُزَادُ وَآلَتُهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ) خَرَجَ الْقَضَاءُ أَيْ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ فَهُوَ الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَرَّفَهُ اصْطِلَاحًا بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ فَيَكُونُ قَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ دَفْعُ) إشَارَةً إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالدَّرْءُ مَوْضِعُ الضَّرَرِ مَصْدَرُ دَرَأَ بِمَعْنَى دَفَعَ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ) دَخَلَ بِالْكَافِ الْمُسْتَأْمَنُ وَالْمُؤَمَّنُ. (قَوْلُهُ مِنْ إطْعَامِ جَائِعٍ) قُصُورٌ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ فِي رِزْقٍ) أَيْ فِي أُجْرَةِ إلَخْ فَفِعْلُ عُمَرُ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ التَّهَارُجِ) الْمُنَازَعَةُ وَالْمُخَاصَمَةُ، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ) أَيْ وَالتَّعَازِيرِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ إذَا وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا أَدَاؤُهَا فَفَرْضُ عَيْنٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ طُلِبَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مَوْجُودًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ وَيُوَافِقُهُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج فَاتَّفَقَ التَّحَمُّلُ وَالْأَدَاءُ فِي أَنَّ كُلًّا تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَتَارَةً كِفَائِيًّا. (قَوْلُهُ أَيْ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَاحِدًا إلَّا أَنْ تَتَنَاءَى الْأَقْطَارُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إرْسَالُ نَائِبٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الْأَمْرِ اللَّفْظِيِّ وَالنَّهْيِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْأَمْرَ اللَّفْظِيَّ لَيْسَ هُوَ النَّهْيَ اللَّفْظِيَّ قَطْعًا وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ اُنْظُرْ الْمَحَلِّيَّ وَقَوْلُهُمْ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ فِي الْأَمْرِ النَّفْسِيِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 الْآمِرُ عَالِمًا بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ لِئَلَّا يَنْهَى عَنْ مَعْرُوفٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ أَوْ يَأْمُرُ بِمُنْكَرٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَأَنْ يَأْمَنَ أَنْ يُؤَدِّيَ إنْكَارُهُ إلَى مُنْكَرٍ أَكْبَرَ مِنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَنْهَى عَنْ شُرْبِ خَمْرٍ فَيُؤَدِّيَ إلَى قَتْلِ نَفْسٍ وَنَحْوِهِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ إنْكَارَهُ يُزِيلُ الْمُنْكَرَ وَأَنَّ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَنَافِعٌ. وَبِفَقْدِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَحْرُمُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَبِفَقْدِ الثَّالِثِ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ وَيَبْقَى الْجَوَازُ أَوْ النَّدْبُ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ وَإِذْنِ الْإِمَامِ ابْنُ نَاجِي وَيُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ تَجْسِيسٍ وَلَا اسْتِرَاقِ سَمْعٍ وَلَا اسْتِنْشَاقِ رِيحٍ وَلَا بَحْثٍ عَمَّا أَخْفَى بِيَدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ حَانُوتٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَأَقْوَى مَرَاتِبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ الْيَدُ ثُمَّ اللِّسَانُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ ثُمَّ الْقَلْبُ ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ ضَلَّ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ يَكُونَ مَدْرَكُ عَدَمِ التَّحْرِيمِ فِيهِ ضَعِيفًا وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا مُخْتَلَفًا فِي تَحْرِيمِهِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ أُنْكِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ التَّحْلِيلَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَدْرَكُ الْقَوْلِ بِالتَّحْلِيلِ ضَعِيفًا يَنْقُضُ قَضَاءَ الْقَاضِي بِمِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ التَّحْرِيمَ وَلَا التَّحْلِيلَ وَالْمَدْرَكُ فِيهِمَا مُتَوَازٍ أُرْشِدَ لِلتَّرْكِ بِرِفْقٍ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلَا تَوْبِيخٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ انْتَهَى (ص) . وَالْحِرَفُ الْمُهِمَّةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحِرَفَ الْمُهِمَّةَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْحِجَامَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا يَقُومُ صَلَاحُ الْعَالَمِ إلَّا بِهَا وَاحْتُرِزَ بِالْمُهِمَّةِ عَنْ غَيْرِهَا كَالْقَصِيرِ لِلثِّيَابِ وَالنَّقْشِ لِلسَّقْفِ (ص) وَرَدُّ السَّلَامِ (ش) أَيْ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ رَدُّ السَّلَامِ فَيَسْقُطُ بِرَدِّ وَاحِدٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَاحِدِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُلَبِّي وَقَاضِي الْحَاجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ لَكِنْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُلَبِّي وَالْمُؤَذِّنِ فِي حَالِ التَّلْبِيَةِ وَالْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ كُلٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَلَوْ سِرًّا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِسْمَاعُ فِي الرَّدِّ حَيْثُ كَانَ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا. وَأَمَّا قَاضِي الْحَاجَةِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الرَّدُّ، وَلَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. وَأَمَّا قَارِئُ الْقُرْآنِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَوْ يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْوَنْشَرِيسِيِّ (ص) وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَجْهِيزَ الْمَيِّتِ مِنْ غُسْلٍ وَكَفَنٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ لَكِنْ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي بَابِهِ وَبَيَّنَ هُنَا أَنَّ التَّجْهِيزَ لِلْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْجَنَائِزِ (ص) وَفَكُّ الْأَسِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ فَكَّ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ بِجَمِيعِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ (ص) . وَتَعَيَّنَ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ، وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجِهَادَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَذَكَر هُنَا أَنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ كَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِنْ يَأْمَنْ إلَخْ) لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ هَذَا الشَّرْطِ وُجُودُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى الْجَوَازُ أَوْ النَّدْبُ) أَوْ لِلشَّكِّ. (تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّ الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ يَدْخُلُ فِيهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْشَادِ مِنْ غَيْرِ تَعَسُّفٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خَوْفُ الْعُزْلَةِ مِنْ الْخُطَّةِ لَيْسَ مِنْ الضَّرَرِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَلَا اسْتِرَاقُ سَمْعٍ إلَخْ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَقَوْلُهُ وَلَا اسْتِرَاقُ سَمْعٍ أَيْ بِحَيْثُ يَنْظُرُ هَلْ يَسُبُّونَ أَوْ يَقْذِفُونَ أَوْ يَغْتَابُونَ وَلَا اسْتِنْشَاقُ رِيحٍ كَأَنْ يَنْظُرَ هَلْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُرْمَةَ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ النَّهْيِ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ الْيَدُ) هَذَا شَأْنُ الْأُمَرَاءِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ اللِّسَانُ هَذَا شَأْنُ الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْقَلْبُ وَهُوَ شَأْنُ عَامَّةِ النَّاسِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ بِالْقَلْبِ فَرْضُ عَيْنٍ لَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فَقَوْلُهُ وَأَقْوَى مَرَاتِبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ الْأَمْرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ بِأَنْ يُقَالَ كَيْفَ يَكُونُ فَرْضُ الْعَيْنِ أَقْوَى مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ يَنْقُضُ قَضَاءَ الْقَاضِي بِمِثْلِهِ) كَمِيرَاثِ ذِي رَحِمٍ وَشُفْعَةِ جَارٍ (قَوْلُهُ مُتَوَازٍ) أَيْ مُتَسَاوٍ (قَوْلُهُ وَالْحِيَاكَةُ) الْقَزَّازَةُ (قَوْلُهُ فَيَسْقُطُ بِرَدِّ وَاحِدٍ) أَيْ حَيْثُ قَصَدُوا بِالسَّلَامِ احْتِرَازًا عَنْ قَصْدٍ كَبِيرٍ مِنْهُمْ فَقَطْ بِالسَّلَامِ فَلَا يُجْزِئُ رَدُّ غَيْرِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّادُّ بَالِغًا فَلَا يُكْتَفَى بِرَدِّ صَبِيٍّ عَنْ الْبَالِغِينَ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ خِطَابِهِ هُوَ بِالرَّدِّ وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ وَفِي بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرَدِّهِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا) فَلَوْ اسْتَمَرَّ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا فَيَجِبُ عَلَى الْمُلَبِّي وَالْمُؤَذِّنِ الْإِسْمَاعُ وَمِثْلُهُمَا الْمُقِيمُ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا قَاضِي الْحَاجَةِ) وَمِثْلُهُ الْوَاطِئُ وَمُسْتَمِعُ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُسَنُّ السَّلَامُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (فَائِدَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَ كَمَا يُطْلَبُ مِنْ قَادِمٍ يُطْلَبُ مِنْ مُفَارِقِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْكُفَّارِ تَنْزِيهًا، فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْنَا بِإِخْلَاصٍ وَجَبَ عَلَيْنَا الرَّدُّ عج. (قَوْلُهُ وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ) ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا أَفَادَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ وَاجِبَانِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَكَوْنُ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ شَيْءٌ آخَرُ وَكَذَا الدَّفْنُ وَاجِبٌ. وَأَمَّا كَوْنُهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَشَيْءٌ آخَرُ يُسْتَفَادُ مِنْ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجَمِيعِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ بِجَمِيعِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ صَارَ فَرْضًا عَلَيْهِمْ لَا كِفَايَةً فَلَا تَظْهَرُ الْمُبَالَغَةُ، وَإِنْ اُحْتِيجَ فِي فَكِّهِ لِقِتَالٍ كَانَ ذَلِكَ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمْ وَسَيَأْتِي بِقَوْلِ وَفُدِيَ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ بِمَالِهِ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ إذَا كَانَ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ بِمَالِهِ أَوْ مِنْ الْفَيْءِ فَلَا (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي تَعَيُّنٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ التَّعَيُّنُ عَلَى امْرَأَةٍ لَا فِي فَجْءٍ إذْ لَا كَبِيرَ فَائِدَةٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ إذَا فَجَأَ، وَلَوْ عَلَى دِرْهَمٍ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ وَعَلَى قُرْبِهِمْ) مُسْتَأْنَفٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى امْرَأَةٍ قُرْبٌ بِمَعْنَى مُقَارِبٌ أَوْ ذَوِي قُرْبِهِمْ وَهَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَعَلَى قُرْبِهِمْ وَفِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) كَالصَّبِيِّ الْمُطِيقِ لِلْقِتَالِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 كَمَا إذَا فَجَأَ الْعَدُوُّ مَدِينَةَ قَوْمٍ، فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ الدَّفْعِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ الْعَدُوَّ مَا لَمْ يَخَفْ مَنْ بِقُرْبِهِمْ مَعَرَّةَ الْعَدُوِّ، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ بِإِمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلْيَلْزَمُوا مَكَانَهُمْ. (ص) وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ طَائِفَةً تَخْرُجُ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تُخَالِفَ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الْإِمَامُ مِمَّنْ تَلِي الْعَدُوَّ أَمْ لَا كَانَتْ مِمَّنْ تُخَاطَبُ بِفَرْضِ الْجِهَادِ أَمْ لَا كَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ مَنْعِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ أَمْ لَا. . (ص) وَسَقَطَ بِمَرَضٍ وَصِبًا وَجُنُونٍ وَعَمًى وَعَرَجٍ وَأُنُوثَةٍ وَعَجْزٍ عَنْ مُحْتَاجٍ لَهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُسْقِطُ فَرْضَ الْجِهَادِ وَالْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكَلَّفِ إمَّا حِسِّيٌّ أَوْ شَرْعِيٌّ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا هَاهُنَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرَضَ الشَّدِيدَ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْجِهَادِ مَا لَمْ يَفْجَأُ الْعَدُوُّ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهِ بِالْعَجْزِ الْحِسِّيِّ وَبِالْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يُخَاطَبُ مَرِيضٌ وَلَا صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا أَعَمًى وَلَا أَعْرُجُ وَلَا أُنْثَى وَلَا عَاجِزٌ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ شِرَاءِ سِلَاحٍ وَمَا يَرْكَبُهُ وَمَا يُنْفِقُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَهُ يَرْجِعُ لِلْجِهَادِ وَالسُّقُوطُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ إنْ كَانَ طَارِئًا أَوْ مَجَازِهِ إنْ كَانَ أَصْلِيًّا كَالصِّبَا وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا حَتَّى يَسْقُطَ فَالسُّقُوطُ فِيهِمَا عَدَمُ الْخِطَابِ. وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌ وَدَيْنٌ حَلَّ) فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ عَيْنٌ وَالْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَفَائِهِ خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (ص) كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ بِبَحْرٍ أَوْ خَطَرٍ (ش) هَذَا مُشَبَّهٌ فِي السُّقُوطِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمَنْعِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً أَيْ وَسَقَطَ الْجِهَادُ بِسَبَبِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَقَطَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَنْ الْوَلَدِ لِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ مِنْهُ أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ فَرْضِ كِفَايَةٍ لِيُفِيدَ التَّصْرِيحُ الْمَذْكُورُ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مُطْلَقًا جِهَادًا أَوْ غَيْرَهُ كَطَلَبِ عِلْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ بِبَحْرٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْجِهَادِ وَأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الْوَالِدَيْنِ مِنْهُ إذَا كَانَ بِرُكُوبِ بَحْرٍ أَوْ سَيْرِ بَرٍّ خَطَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُمَا الْمَنْعُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَا بِقَيْدِ ذَلِكَ فَلِذَا قَالَ بَعْضٌ صَوَابُهُ كَتَجْرٍ بِبَحْرٍ أَوْ خَطَرٍ بِالْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى تَجْرٍ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَالْجِيمِ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ ثُمَّ الْبَاءِ الدَّاخِلَةِ عَلَى بَحْرٍ ضِدِّ الْبَرِّ أَيْ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْجِهَادِ. (ص) لَا جَدٍّ (ش)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ طَائِفَةً) أَيْ، وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ كَانَتْ مِمَّنْ تُخَاطَبُ بِفَرْضِ الْجِهَادِ أَمْ لَا) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ عَلَى صَبِيٍّ مُطِيقٍ لِلْقِتَالِ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ مَدِينٍ وَيَخْرُجُونَ، وَلَوْ مَنَعَهُمْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَالْأَبَوَانِ وَرَبُّ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَسَقَطَ) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمَّا فَرْضُ الْعَيْنِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَهُ الْفِيشِيُّ. (فَائِدَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ النَّافِيَةَ لِلْحَرَجِ عَلَى الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْجِهَادِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) وَيُعْتَبَرُ مَا يُرَدُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ ضَيَاعًا فَشِدَّةُ الْعُذْرِ فِي مَحَلِّ الْعَدُوِّ أَقْوَى مِنْ الْحَجِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَجَازُهُ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْلُهَا مِنْ حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ إلَّا أَنَّهَا بِالْوَاوِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِأَوْ نَظَرًا لِمَا يُتَّفَقُ فِي الْخَارِجِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرَادِ فِي اللَّفْظِ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ) فَلَوْ لَمْ يُوَكِّلْ لِعَدَمِ مَا يَقْضِيهِ الْآنَ وَحُصُولُهُ بِبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ حِينَئِذٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْأَدَاءِ تَكُونُ إمَّا بِوُجُودِ مِثْلِ الدَّيْنِ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَعَلَيْهِ كَذَلِكَ وَتَكُونُ بِمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ وَعَلَيْهِ دَنَانِيرُ وَأَنَّ عَدَمَ مَا يَقْضِيهِ الْآنَ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِ الدَّيْنِ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَأَخْذٍ وَعَطَاءٍ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْعُهُ مِنْهُ وَيَسْقُطُ حِينَئِذٍ وَاسْتُشْكِلَ سُقُوطُ خِطَابِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَاءِ الْحَالِ بِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ وَفَاءَهُ مَطْلًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَرْكُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَتَرْكُ أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ وَفَاهُ فَلَا وَجْهَ لِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْهُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا وَتَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَحَاكِمٍ عَدْلٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ) مَنَعَاهُ مِنْهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَيَسْقُطُ. وَأَمَّا لَوْ مَنَعَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ فَانْظُرْ أَيَّهُمَا يُقَدَّمُ أَوْ يُقْرَعُ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُهُ إيَّاهُ وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ أَهْلًا. (قَوْلُهُ كَطَلَبِ عِلْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ فَرْضُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْجِهَادِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَبَيْنَ التِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهَا بِبَحْرٍ أَوْ بِبَرٍّ خَطِرٍ أَجَابَ عج بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَمَّا كَانَ يَقُومُ بِهِ الْغَيْرُ كَانَ لَهُمَا مَنْعُهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التِّجَارَةِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي لَهُمَا مَنْعُهُ حَتَّى فِي الْبَرِّ إلَّا مِنْ خُصُوصِ الْجِهَادِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَطَلَبِ عِلْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ فِي الْبَرِّ الْآمِنِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْوَالِدَيْنِ إذَا مَنَعَا مِنْ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ فَلَهُمَا الْمَنْعُ إذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 عَطْفٌ عَلَى وَالِدَيْنِ أَيْ سَقَطَ الْجِهَادُ لِمَنْعِ وَالِدَيْنِ لَا لِمَنْعِ جَدٍّ وَجَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا (ص) وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِ فِي غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْكَافِرَ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ أُمًّا كَالْمُسْلِمِ فَتَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ إلَّا فِي الْجِهَادِ فَلَا يَكُونُ كَالْمُسْلِمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ مِنْ السَّفَرِ إلَى الْجِهَادِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهُ مَظِنَّةُ التَّوْهِينِ لِلْإِسْلَامِ. (ص) وَدُعُوا لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ جِزْيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقَاتِلُ الْمُشْرِكَ حَتَّى يَدْعُوهُ إلَى دَيْنِ اللَّهِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ الشَّرَائِعِ إلَّا أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا فَتُبَيَّنَ لَهُ وَالدَّعْوَةُ وَاجِبَةٌ سَوَاءٌ بَعُدَتْ دَارُ الْكَافِرِ عَنْ دَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا وَأَقَلُّ الدَّعْوَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ كَالْمُرْتَدِّ ثُمَّ إنْ أَبَوْا مِنْ قَبُولِ الْإِسْلَامِ دُعُوا إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ إجْمَالًا إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلِهَا وَمَحَلِّ الدَّعْوَةِ مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقَتْلِ وَإِلَّا قُوتِلُوا مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ حَرَامٌ. (ص) بِمَحَلٍّ يُؤَمَّنُ (ش) مُتَعَلِّقٌ بَدُعُوا وَبِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ أَيْ لَا يُدْعَوْا إلَّا فِي مَحَلِّ أَمْنٍ وَلَا يُكَفُّ عَنْهُمْ إذَا أَجَابُوا لِلْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ غَوْلُهُمْ (ص) وَإِلَّا قُوتِلُوا وَقُتِلُوا (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا لِلْجِزْيَةِ أَوْ أَجَابُوا لَهَا وَلَكِنَّهُمْ بِمَحَلٍّ لَا تَنَالُهُمْ أَحْكَامُنَا فِيهِ قُوتِلُوا أَيْ أُخِذَ فِي قِتَالِهِمْ وَإِذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ قُتِلُوا أَيْ جَازَ قَتْلُهُمْ إلَّا سَبْعَةً لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ إلَخْ (ص) إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا (ش) الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَاوِ فِي قُوتِلُوا وَالثَّانِي مِنْ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ أَيْ فَلَا تُقْتَلُ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا وَفِي سَبَبِيَّةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا فَإِنَّهَا تُقْتَلُ فِيهِ، وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ وَنَحْوِهِ كَالرِّجَالِ فَإِنَّهَا تُقْتَلُ أَيْضًا، وَلَوْ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَإِنْ قَاتَلَتْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ بَعْدَ الْأَسْرِ اتِّفَاقًا وَلَا فِي حَالِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيَجْرِي فِي الصَّبِيِّ مَا جَرَى فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ. (ص) وَالصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُطِيقَ لِلْقِتَالِ لَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ فَكَالْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَهُوَ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ لَا يُقْتَلُ وَالْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ أَحْرَى وَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا قُتِلَ (ص) كَشَيْخٍ فَانٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ بِلَا رَأْيٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ أَيْ الَّذِي لَا بَقِيَّةَ فِيهِ وَالزَّمِنَ بِإِقْعَادٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ فَلْجٍ أَوْ جُذَامٍ وَالْأَعْمَى وَالرَّاهِبَ الْمُنْعَزِلَ بِدَيْرٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَارٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ لَا يُقْتَلُونَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَأْيٌ وَلَا تَدْبِيرٌ أَمَّا إنْ كَانَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ رَأْيٌ قُتِلَ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ كَشَيْخٍ وَمَا بَعْدَهُ مَقْرُونًا بِالْكَافِ لِيُرْجِعَ قَوْلَهُ بِلَا رَأْيٍ لِمَا بَعْدَهَا. (ص) وَتُرِكَ لَهُمْ الْكِفَايَةُ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ إذَا رَأَى الْإِمَامُ عَدَمَ أَسْرِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ يَجُوزُ أَسْرُهُ إلَّا الرُّهْبَانَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ لَهُمْ مَا يَعِيشُونَ فِيهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا تُؤْخَذُ كُلُّهَا فَيَمُوتُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَمِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفَّارِ مَالٌ وَجَبَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَاسَاتُهُمْ (ص) وَاسْتَغْفَرَ قَاتِلُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَحَدًا مِمَّنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ وَيَصِيرَ مَغْنَمًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ إلَّا الِاسْتِغْفَارَ   [حاشية العدوي] كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِمَا وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطِرِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعُ لَهُمَا وَتَحَصَّلَ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ غَيْرُ الْجِهَادِ هُوَ كَالسَّفَرِ لِلتَّجْرِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَهَلْ السَّفَرُ فِي نِيلِ مِصْرَ يُعَدُّ مِنْ السَّفَرِ فِي الْبَحْرِ أَوْ يَخُصُّ الْبَحْرَ بِالْمَالِحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا) قَالَ سَحْنُونَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُمَا لِيَأْذَنَا لَهُ، فَإِنْ أَبَيَا فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ وَقِيلَ كَالْوَالِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهُ مَظِنَّةَ التَّوْهِينِ) ظَاهِرُ هَذَا، وَلَوْ عَلِمَ مِنْهُمَا الشَّفَقَةَ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِعِلْمِهِ أَنَّ مَنْعَهُمَا كَرَاهَةَ إعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ مَيْلٌ لِأَهْلِ دِينِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَإِلَّا فَلَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَقْصُودَهُ الشَّفَقَةُ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَانْظُرْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَعُدَتْ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يُدَّعَى مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ دُونَ مَنْ قَرُبَتْ وَخِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُدَّعَى وَالْأَدْعَى (قَوْلُهُ كَالْمُرْتَدِّ) أَيْ وَكُلُّ مَرَّةٍ فَرْضٌ وَكُلُّ مَرَّةٍ فِي يَوْمٍ فَإِذَا دُعُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَوَّلَهُ قُوتِلُوا أَوَّلَ الرَّابِعِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ لَا فِي بَقِيَّةِ الثَّالِثِ وَالْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ الْإِنْقَاذُ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِمَضْمُونِهِمَا وَعُمُومُ رِسَالَةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلًا فِيمَنْ يُنْكِرُ الْعُمُومَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُدْعَى كُلُّ فِرْقَةٍ إلَى الْخُرُوجِ عَمَّا كَفَرَتْ بِهِ (قَوْلُهُ قُوتِلُوا مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ) زَادَ فِي ك إلَّا أَنْ يُمْكِنَ فِعْلُ بَعْضِهَا فَيَجِبُ فِعْلُ مَا أَمْكَنَ مَعَهُ فِعْلُهُ. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بَدُعُوا وَبِالْإِسْلَامِ) أَمَّا تَعَلُّقُهُ بَدُعُوا فَهُوَ اصْطِلَاحِيٌّ. وَأَمَّا تَعَلُّقُهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ اصْطِلَاحًا بِمَحْذُوفٍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ أَجَابُوا لَهَا) الْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ أَوْ أَجَابُوا لِلْإِسْلَامِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ قَالُوا نُسْلِمُ وَلَمْ يُسْلِمُوا بِالْفِعْلِ. وَأَمَّا لَوْ نَطَقُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ مَثَلًا فَإِنَّنَا نَكُفُّ عَنْهُمْ الْقِتَالَ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) أَيْ فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ جَمْعٍ تَعَيَّنَ هَذَا التَّفْصِيلُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَصْلَحِ إلَّا فِي الْأَسْرَى (قَوْلُهُ قُتِلَ) أَيْ جَازَ قَتْلُهُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ وَزَمِنٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا بَقِيَّةَ فِيهِ) أَيْ لَا قُوَّةَ فِيهِ أَيْ لَا يُطِيقُ الْقِتَالَ (قَوْلُهُ أَوْ فَلْجٍ) هُوَ عَدَمُ الْحَرَكَةِ (قَوْلُهُ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ) وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ لَا لِفَضْلِ تَرَهُّبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ كُفْرًا بَلْ لِتَرْكِهِ لِأَهْلِ دِينِهِ فَكَانَ كَالنِّسَاءِ وَمِثْلُ الرَّاهِبِ الرَّاهِبَةُ وَإِنَّمَا قَالَ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّاهِبَ فِي الْكَنَائِسِ يُقْتَلُ (قَوْلُهُ وَلَا تَدْبِيرٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالتَّدْبِيرُ هُوَ النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ. (قَوْلُهُ أَمْوَالُهُمْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ خِلَافُ الصَّوَابِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 أَيْ التَّوْبَةَ إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ فَإِنَّ عَلَى قَاتِلِهِمَا دِيَتَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ كَمَا يَأْتِي (ص) كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَحَدًا مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَهُ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ التَّوْبَةِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ جِهَادٍ. (ص) ، وَإِنْ حِيزُوا فَقِيمَتُهُمْ (ش) أَيْ، وَإِنْ قُتِلَ مَنْ يَجُوزُ أَسْرُهُ وَهُمْ مَنْ عَدَا الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ بَعْدَ أَنْ حِيزُوا وَصَارُوا مَغْنَمًا فَقِيمَتُهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ (ص) وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ حُرَّانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاهِبَ الْمُنْعَزِلَ بِدَيْرٍ لَا يُقْتَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ حُرٌّ لَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يُؤْسَرُ وَالرَّاهِبَةُ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ حُرَّانِ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحُرِّيَّةَ هِيَ الثَّابِتَةُ لَهُمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا وَعَلَى قَاتِلِهِمَا دِيَةُ حُرٍّ تُدْفَعُ لِأَهْلِ دِينِهِمَا وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْمُنْعَزِلَانِ بِدَيْرٍ بِلَا رَأْيٍ لَهُمَا بِدَلِيلِ الْإِتْيَانِ بِهِمَا مُعَرَّفَيْنِ. (ص) بِقَطْعِ مَاءٍ وَآلَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ قِتَالُ الْعَدُوِّ إذَا لَمْ يُجِيبُوا إلَى مَا دُعُوا إلَيْهِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَرْبِ فَيَجُوزُ قَطْعُ الْمَاءِ عَنْهُمْ لِيَمُوتُوا بِالْعَطَشِ، أَوْ يُرْسَلُ عَلَيْهِمْ لِيَمُوتُوا بِالْغَرَقِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ يُقْتَلُوا بِالْآلَةِ كَضَرْبٍ بِالسَّيْفِ وَطَعْنٍ بِالرُّمْحِ وَرَمْيٍ بِالْمَنْجَنِيقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ فَقَوْلُهُ بِقَطْعِ مَاءٍ مُتَعَلِّقٌ بِقُوتِلُوا (ص) وَبِنَارٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ أَيْضًا بِالنَّارِ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ قِتَالُهُمْ بِغَيْرِهَا لَمْ يُقَاتِلُوا بِالنَّارِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُحَرَّقُوا بِهَا لَكِنْ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِنَارٍ لِيَرْجِعَ الشَّرْطَانِ لَهُ وَفِي (ز) مَا نَصَّهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِنَارٍ إلَخْ سَوَاءٌ خِيفَ مِنْهُمْ أَمْ لَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُرْمَوْا بِهَا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ خِيفَ مِنْهُمْ أَمْ لَا اُنْظُرْ الشَّارِحَ (ص) ، وَإِنْ بِسُفُنِ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُرْمَوْا بِهَا، وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ وَإِيَّاهُمْ فِي السُّفُنِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَأَوْلَى لَوْ كَانُوا هُمْ وَنَحْنُ فِي حِصْنٍ وَقَصَدَ بِالْمُبَالَغَةِ الرَّدَّ عَلَى حِكَايَةِ ابْنِ زَرْقُونٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ رَمْيِهِمْ بِهَا إذَا كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ فِي السُّفُنِ؛ لِأَنَّا إنْ لَمْ نَرْمِهِمْ بِهَا رَمَوْنَا بِهَا (ص) وَبِالْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ مَعَ ذُرِّيَّةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إذَا كَانُوا فِي الْحِصْنِ وَمَعَهُمْ ذَرَارِيُّهُمْ يَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِالْمَجَانِيقِ وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيقُهُمْ وَلَا تَغْرِيقُهُمْ وَمِثْلُ الذَّرَارِيِّ النِّسَاءُ وَمِنْ بَاب أَوْلَى إذَا كَانَ فِي الْحِصْنِ مُسْلِمٌ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُرَاعَى سَوَاءٌ كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ التَّوْبَةَ) أَيْ فَالِاسْتِغْفَارُ حَيْثُ أَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ فَالْمُرَادُ بِهِ التَّوْبَةُ بِشُرُوطِهَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ فَعَلَى قَاتِلِهِمَا دِيَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ) مُفَادُ النَّقْلِ لَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِ الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِغَيْرِ مَنْ وَجَدَ بِشَاهِقِ جَبَلٍ أَعْمَى أَصَمَّ فَإِنَّ الْأَصْلَ وِلَادَتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ اُنْظُرْ عج. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حِيزُوا) أَيْ جُمِعُوا؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يُقْتَلُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ وَنَحْوَهُ لَا يُقْتَلَانِ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَا حُرَّيْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَ لَا يُقْتَلُ فَنُخْبِرُك بِالْحُكْمِ الْوَاقِعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْوَاقِعُ. (قَوْلُهُ وَآلَةٌ) ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، وَلَوْ خِيفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي الْحِصْنِ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبِالْحِصْنِ (قَوْلُهُ لِيَمُوتُوا بِالْغَرَقِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ الْمَاءِ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ بِالْمَنْجَنِيقِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْجِيمِ الَّذِي تُرْمَى بِهِ الْحِجَارَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ كَالْمِقْلَاعِ (قَوْلُهُ بِشَرْطَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ وَكَأَنَّهُ لَاحَظَ مَجْمُوعَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ شَرْطًا وَاحِدًا فَقَطْ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ بِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ إلَخْ) وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ خِيفَ مِنْهُمْ هَذَا مَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُ إلَّا أَنَّ فِي عب خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُقَاتَلُوا بِهَا اتِّفَاقًا بَرًّا أَوْ بَحْرًا أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَمْ لَا إلَّا لِخَوْفٍ عَبَّرَ عج عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وَكَانَ عَدَمُ رَمْيِهِمْ بِالنَّارِ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَازَ قِتَالُهُمْ بِهَا ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ. (قَوْلُهُ وَفِي ز مَا نَصُّهُ) هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَرِّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا أَفَادَهُ تت وَهُوَ يُنَافِي حِلَّ الشَّارِحِ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ وَهَذَا الْقَيْدُ أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ ذَكَرَهُ بَهْرَامُ وَنَصَّ الْمَوَّاقُ ابْنُ بَشِيرٍ إنْ انْفَرَدَ أَهْلُ الْحَرْبِ قُوتِلُوا بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ وَهَلْ يُحَرَّقُونَ بِالنَّارِ أَيْ إذَا لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَكُنَّا إذَا تَرَكْنَاهُمْ خِفْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا شَكَّ أَنَّا نُحَرِّقُهُمْ، وَإِنْ لَمْ نَخَفْ فَهَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُهُمْ إذَا انْفَرَدُوا لِلْمُقَاتَلَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُمْ إلَّا بِالْإِحْرَاقِ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ انْتَهَى فَأَنْتَ تَرَى قُوَّةَ الْجَوَازِ حَيْثُ قَدَّمَهُ فَيَكُونُ الْأَوْلَى حَلَّ ز الْمُوَافِقُ لتت كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ خِيفَ مِنْهُمْ أَمْ لَا) لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الظَّاهِرُ بَلْ إذَا خِيفَ مِنْهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ رَمْيِهِمْ بِالنَّارِ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ بِهَا، وَلَوْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وَخِيفَ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ أَيْ، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا إلَخْ) غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ قِتَالُهُمْ بِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وَكُنَّا وَإِيَّاهُمْ بِسُفُنٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَمْ لَا. وَأَمَّا إنْ كُنَّا وَإِيَّاهُمْ بِبَرٍّ أَوْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ فَيُقَاتَلُونَ بِهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَبِذَلِكَ الْغَيْرِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَلَامُ ابْنِ زَرْقُونٍ هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُرْمَوْا بِهَا) إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَفَادَهُ عج وَقَدْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) رَاجِعٌ لِكُلِّ الْأَطْرَافِ فَبِاعْتِبَارِ الطَّرَفِ الْأَخِيرِ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ يُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ فَيُرَادُ جِنْسُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ وَاحِدًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 فِي السُّفُنِ أَوْ فِي الْحِصْنِ لَكِنْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالِاتِّفَاقِ فِي الثَّانِي. وَأَمَّا الذُّرِّيَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُرَاعَى فِي السُّفُنِ وَتُرَاعَى فِي الْحِصْنِ وَالْفَرْقُ الْعُمُومُ فِيهِ دُونَهَا وَقَوْلُهُ وَبِالْحِصْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ قُوتِلُوا فِي غَيْرِ الْحِصْنِ وَبِالْحِصْنِ وَأَتَى بِهِ مُعَرَّفًا تَنْبِيهًا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ. (ص) وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا إلَّا لِخَوْفٍ وَبِمُسْلِمٍ لَمْ يَقْصِدْ التُّرْسَ إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا تَتَرَّسُوا بِذَرَارِيِّهِمْ أَوْ بِنِسَائِهِمْ بِأَنْ جَعَلُوهُمْ تُرْسًا يَتَّقُونَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتْرَكُوا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ فَيُقَاتَلُوا حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ بِالرَّمْيِ، وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا؛ لِأَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْقُطُ حِينَئِذٍ حُرْمَةُ التُّرْسِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ قُيُودًا زَائِدَةً حَيْثُ قَالَ إذَا تَتَرَّسُوا بِهِمْ فِي الصَّفِّ، وَلَوْ تَرَكْنَاهُمْ لَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَعَظُمَ الشَّرُّ وَخِيفَ اسْتِئْصَالُ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ وَجُمْهُورِهِمْ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَجَبَ الدَّفْعُ وَسَقَطَ مُرَاعَاةُ التُّرْسِ انْتَهَى، وَلَوْ أَبْدَلَ أَكْثَرَ بِجُلِّ لَكَانَ أَخْصَرَ. (ص) وَحَرُمَ نَبْلُ سُمٍّ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَمْنُوعَاتِ الْجِهَادِ بَعْدَ ذِكْرِ جَائِزٍ أَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْمُوا الْعَدُوَّ بِنَبْلٍ أَوْ بِرُمْحٍ مَسْمُومٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ وَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَكَرِهَ سَحْنُونَ جَعْلَ السُّمِّ فِي قِلَالِ الْخَمْرِ لِيَشْرَبَهَا الْعَدُوُّ. (ص) وَاسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ إلَّا لِخِدْمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعِينَ بِكَافِرٍ فِي الْجِهَادِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَادِمًا لَنَا فِي هَدْمٍ أَوْ حَفْرٍ أَوْ رَمْيِ مَنْجَنِيقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالسِّينُ لِلطَّلَبِ فَالْمَمْنُوعُ طَلَبُ إعَانَتِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا مُعَاوَنَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ يَحْيَى خِلَافًا لِأَصْبَغَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَكِنْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ) لَعَلَّ جَرْيَ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُمْكِنُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْرُبَ فِي الْبَحْرِ فَلَا يَلْحَقُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحِصْنِ. (قَوْلُهُ الْعُمُومُ فِيهِ دُونَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الذُّرِّيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ بِخِلَافِ السُّفُنِ فَيَقِلُّ ذَلِكَ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ الْعُمُومُ فِي الْحِصْنِ اسْتِئْصَالٌ فَيُقْتَلُ جَمِيعُ الذُّرِّيَّةِ بِخِلَافِ الْحِصْنِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفٍ) ، وَإِنْ قَلَّ الْخَوْفُ (قَوْلُهُ وَبِمُسْلِمٍ لَمْ يَقْصِدْ التُّرْسَ إنْ لَمْ يُخَفْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ خِيفَ عَلَى أَقَلِّهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَإِنَّمَا تُرِكُوا إذَا تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ وَقُتِلُوا إنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ التُّرْسَ عِنْدَ الرَّمْيِ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَشْرَفُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ نُفُوسَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ جُبِلَتْ عَلَى بُغْضِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَلَوْ أُبِيحَ قِتَالُهُمْ بِتَتَرُّسِهِمْ بِذُرِّيَّتِهِمْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ لَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ لِقَتْلِ ذُرِّيَّتِهِمْ لِعَدَمِ تَحَفُّظِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ لِبُغْضِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ إذَا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَالَ تَتَرُّسِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَوَاهِرِ إذْ قَوْلُهُ بِمُسْلِمٍ إلَخْ صَادِقٌ بِعَدَمِ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهِ وَبِخَوْفٍ يَسِيرٍ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ قَبْلَهُ خِلَافُ قَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَبِمُسْلِمٍ عَلَى مَا إذَا خِيفَ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَبْدَلَ أَكْثَرَ بِجُلٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ أَوْ بِذُرِّيَّةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَمُ قَصْدِ التُّرْسِ ثَانِيهَا أَنْ يَحْصُلَ الْخَوْفُ مِنْهُمْ لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ الْمُسْلِمُ أَشَدَّ حُرْمَةً مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ ثَالِثُهَا أَنْ لَا يُخَافَ مِنْهُمْ أَصْلًا، فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ فَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا (قَوْلُهُ قَاعِدَةُ الْإِسْلَامِ) أَيْ قَاعِدَةٌ هِيَ الْإِسْلَامُ أَوْ أَرَادَ بِالْقَاعِدَةِ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ وَجُمْهُورُهُمْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِمُسْلِمٍ أَنَّهُمْ لَوْ تَتَرَّسُوا بِمَالِهِ لَمْ يُتْرَكُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ رَمَاهُمْ بِالنَّارِ قِيمَتَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِهَا، وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِنَبِيٍّ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ مِنْ شَرْحِ عب (قَوْلُهُ وَجُمْهُورُهُمْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِئْصَالَ جُمْهُورِهِمْ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ يَتَضَمَّنُ عِظَمَ الشَّرِّ وَانْهِزَامَ الْمُسْلِمِينَ وَخَوْفَ اسْتِئْصَالِ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ فَرَجَعَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ اُعْتُبِرَ الْخَوْفُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ هَلْ هُمْ الْمُقَاتِلُونَ لِلْكَفَّارِ دُونَ الْمُتَتَرِّسِينَ بِهِمْ أَوْ هُمْ الْمُقَاتِلُونَ وَالْمُتَتَرَّسُونَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ أَوْ الْإِقْلِيمِ. وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ، وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا الْمُرَادُ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ أَنْفُسِنَا الْمُتَحَقِّقُ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ جَائِزٍ أَنَّهُ) الْمُتَعَلِّقَةُ بِآلَةِ الْمُقَاتِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ الْحُرْمَةَ بَلْ تُنْتِجُ مُطْلَقَ النَّهْيِ الَّذِي تَتَضَمَّنَهُ الْحُرْمَةُ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِبَعْضِ الْمُدَّعَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ حُرْمَةُ ذَلِكَ، وَلَوْ رَمَوْنَا بِهِ قَبْلُ، وَقَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ عَلَيْهِمْ مَوْجُودَةٌ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَكَرِهَ سَحْنُونَ) وَالْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ بِذَلِكَ فِيهِ مُثْلَةٌ لِجَوَازِهَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ وَحُرْمَةُ الْمُثْلَةِ الْآتِيَةِ خَاصَّةٌ بِمَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِلَالِ وَالنَّبْلِ أَنَّ قِلَالَ الْخَمْرِ إذَا رَجَعَتْ إلَيْنَا تُعْرَفُ بِخِلَافِ النَّبْلِ. (قَوْلُهُ أَنْ نَسْتَعِينَ بِكَافِرٍ فِي الْجِهَادِ) فَإِذَا اخْتَلَطُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي طَوَائِفِهِمْ وَسَرَايَاهُمْ وَأَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَأَصَابُوا قَسَّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَالُهُمْ لَا يُخَمَّسُ، وَإِنْ خَرَجُوا وَحْدَهُمْ فَمَا أَصَابُوا فَهُوَ لَهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ، فَإِنْ حَكَّمُوا مُسْلِمًا لِيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ فَلْيَقْسِمْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَأَمْرُهُمْ لِأَسَاقِفَتِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ رَمْيُ مَنْجَنِيقٍ) قَدْ يُقَالُ هَذَا اسْتِعَانَةٌ فِي الْقِتَالِ لَا فِي الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ) فَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْ كَلَامُ أَصْبَغَ فَإِنَّهُ قَالَ يُمْنَعُ أَشَدَّ الْمَنْعِ فَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَهُودِيٍّ تَبِعَهُ ارْجِعْ لَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 وَالْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ الْكَافِرُ وَاللَّامُ فِي لِخِدْمَةٍ إمَّا بِمَعْنَى فِي وَإِمَّا بِمَعْنَى عَلَى. (ص) وَإِرْسَالُ مُصْحَفٍ لَهُمْ وَسَفَرٌ بِهِ لِأَرْضِهِمْ كَمَرْأَةٍ إلَّا فِي جَيْشِ أَمْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نُرْسِلَ الْمُصْحَفَ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ خَشْيَةَ الْإِهَانَةِ وَأَيْضًا لَمْ يَتَحَرَّزُوا عَنْ النَّجَاسَةِ فَيَمَسُّوهُ بِهَا وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ أَنْ نُرْسِلَ الْكِتَابَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فِيهِ الْآيَاتُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ نَدْعُوهُمْ بِذَلِكَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نُسَافِرَ بِالْمُصْحَفِ إلَى أَرْضِ الْكُفْرِ، وَلَوْ كَانَ الْجَيْشُ آمِنًا خِيفَةَ أَنْ يَسْقُطَ مِنَّا وَلَا نَشْعُرُ بِهِ فَتَنَالُهُ الْإِهَانَةُ وَتَصْغِيرُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْنَا السَّفَرُ بِالْمَرْأَةِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ إذَا كَانَتْ مَعَ غَيْرِ جَيْشِ أَمْنٍ. وَأَمَّا مَعَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا تُنَبِّهُ عَنْ نَفْسِهَا وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ وَلَا يُشْعَرُ بِهِ وَصَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقْرَعُ بَيْنَ نِسَائِهِ إذَا غَزَا لِوُجُودِ الْأَمْنِ مَعَهُ» فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَمِنَ إمَّا اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ فِعْلُ مَاضٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَإِلَّا لَقَالَ كَحُرَّةٍ إلَخْ (ص) وَفِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ بَلَغَ عَدَدُهُمْ نِصْفَ عَدَدِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفِرَارُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ فَرَّ الْإِمَامُ وَقَدْ كَانَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنَعَ الْفِرَارَ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] الْآيَةَ ثُمَّ نَسَخَهُ بِقَوْلِهِ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] وَقِيلَ لَيْسَتْ بِنَاسِخَةٍ بَلْ مُخَصِّصَةٌ لِتِلْكَ ثُمَّ نَسَخَهُ بِقَوْلِهِ {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] الْآيَةَ وَالْفِرَارُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَتَوْبَتُهُ كَغَيْرِهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِتَكَرُّرِ جِهَادِهِ وَعَدَمِ فِرَارِهِ اهـ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ (وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) وَاوُ الْحَالُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ أَيْ لَا إنْ نَقَصُوا عَنْ النِّصْفِ فَيَجُوزُ الْفِرَارُ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنْ بَلَغَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا حَرُمَ الْفِرَارُ، وَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى الضِّعْفِ حَيْثُ لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ السِّلَاحُ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ جَازَ وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَدُوُّ بِمَحَلِّ مَدَدٍ وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا اُعْتُبِرَ هَذَا فِيمَا إذَا بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا اُعْتُبِرَ فِيمَا إذَا بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَكَانُوا دُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا (ص) إلَّا تَحَرُّفًا وَتَحَيُّزًا إنْ خِيفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِرَارَ حَرَامٌ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إلَّا فِي حَقِّ الْمُتَحَرِّفِ لِلْقِتَالِ وَالْمُتَحَيِّزِ إلَى فِئَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ الْفِرَارِ وَالْمُتَحَرِّفُ هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ مِنْ نَفْسِهِ الْهَزِيمَةَ وَلَيْسَ هُوَ قَصْدَهُ فَإِنْ تَبِعَهُ الْعَدُوُّ رَجَعَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَهُوَ مِنْ مَكَايِدِ الْحَرْبِ وَالْمُتَحَيِّزُ هُوَ الَّذِي يَنْحَازُ إلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ فَيَتَقَوَّى بِهِ أَوْ إلَى فِئَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَحَيِّزُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ خَوْفًا بَيِّنًا وَقُرْبَ الْمُنْحَازِ إلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُنْحَازُ أَمِيرَ الْجَيْشِ (ص) وَالْمُثْلَةُ (ش) يَعْنِي أَنْ الْمُثْلَةَ وَهِيَ النَّكَالُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَافِرِ حَرَامٌ عَلَيْنَا لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَبْلَ الظَّفَرِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْقَتْلِ. (ص) وَحَمْلُ رَأْسٍ لِبَلَدٍ أَوْ وَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَمْلَ رَأْسِ الْكَافِرِ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ حَمْلُهَا إلَى الْوُلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْوَالِي أَمِيرُ الْجَيْشِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ الْكَافِرُ) أَيْ مُطْلَقُ الْكَافِرِ لَا مَنْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ خَاصَّةً. (قَوْلُهُ خَشْيَةَ الْإِهَانَةِ) أَيْ بِوَضْعِهِ فِي الْأَرْضِ وَالْمَشْي عَلَيْهِ بِنِعَالِهِمْ (قَوْلُهُ فِيهِ الْآيَاتُ إلَخْ) يَتَعَارَضُ مَعْنَى الْجُزْءِ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا أَنَّ فِي شَرْحِ عب أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُصْحَفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ كَالْآيَةِ وَيَنْبَغِي تَحْرِيمُ السَّفَرِ بِكُتُبِ الْحَدِيثِ كَالْبُخَارِيِّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى آيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَحُرْمَةِ مَا ذَكَرَ، وَلَوْ طَلَبَهُ الْمَلِكُ لِيَتَدَبَّرَهُ خَشْيَةَ الْإِهَانَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ وَلَا نَشْعُرُ بِهِ) فَيَأْخُذُونَهُ فَتَحْصُلُ مِنْهُمْ إهَانَتُهُ. (قَوْلُهُ وَفِرَارٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ مُتَعَيِّنًا بِأَنْ كَانَ كِفَائِيًّا أَوْ مَنْدُوبًا كَاَلَّذِي يَأْتِي بَعْدَ قِيَامِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ) ، وَلَوْ شَكًّا أَوْ تَوَهُّمًا وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا وَفِي الشَّرْطِ الْآتِي الْعُدَّةُ لَا الْقُوَّةُ وَالْجَلَدُ هَذَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي اعْتِبَارِهِ الْقُوَّةَ وَالْجَلَدَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَيْسَتْ بِنَاسِخَةٍ بَلْ مُخَصِّصَةٍ) أَخَّرَهُ لِضَعْفِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُخَصِّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا لِلْعَامِّ وَهُنَا لَا مُنَافَاةَ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ ذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْخَاصِّ لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ. (تَنْبِيهٌ) : تُخَصَّصُ الْحُرْمَةُ بِمَنْ فَرَّ أَوَّلًا مِنْ النِّصْفِ إنْ فَرَّ الْبَعْضُ ثُمَّ الْبَاقُونَ (قَوْلُهُ وَتَوْبَتُهُ كَغَيْرِهِ) أَيْ وَهِيَ الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ وَالنَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ وَالْإِقْلَاعُ فِي الْحَالِ إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى الضِّعْفِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ اثْنَيْ عَشَرَ وَالْكُفَّارُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ) أَيْ وَأَنْ يَكُونَ فِي ثَبَاتِهِمْ نِكَايَةٌ لِلْعَدُوِّ وَإِلَّا جَازَ الْفِرَارُ حَيْثُ ظَنَّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْعَدُوَّ يَقْتُلُهُمْ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَدُوُّ إلَخْ) وَكَذَا إنْ كَانَ لَا سِلَاحَ مَعَهُمْ (قَوْلُهُ إلَّا تَحَرُّفًا) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ صُورَةُ فِرَارٍ وَمُنْقَطِعٌ بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِرَارًا فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمُنْحَازُ أَمِيرَ الْجَيْشِ) فَأَمِيرُ الْجَيْشِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِرَارُ، وَلَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُثْلَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مَثَّلُوا بِالْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَهِيَ النَّكَالُ) أَيْ تَشْوِيهُهُمْ بِالْقَتْلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ حَمْلُهَا إلَى الْوُلَاةِ) ، وَلَوْ فِي الْبَلَدِ قَالَ فِي شب فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَمْلُ رَأْسِ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنْ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ فِيهِ شَرْعِيَّةٌ كَاطْمِئْنَانِ الْقُلُوبِ هُنَا بِالْجَزْمِ بِمَوْتِهِ فَقَدْ حُمِلَ رَأْسُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ لِلْمَدِينَةِ وَرَأْسُ أَبِي جَهْلٍ لِلْعَرِيشِ. وَأَمَّا حَمْلُهَا فِي الْبَلَدِ لَا لِلْوَالِي فَجَائِزٌ خِلَافَ الْبُغَاةِ فَلَا يَجُوزُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 (ص) وَخِيَانَةُ أَسِيرٍ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ خِيَانَةَ الْأَسِيرِ حَرَامٌ إذَا اُؤْتُمِنَ سَوَاءٌ اُؤْتُمِنَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى مَالٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا قَدَرَ عَلَى حَمْلِهِ وَيَهْرُبُ بِهِ وَسَوَاءٌ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ أَيْ بِأَنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا عَلَى أَنْ لَا يَخُونَهُمْ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ، نَحْوُ ائْتَمَنَّاك عَلَى كَذَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَخَذُوهُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بِيَمِينٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الْحُرْمَةِ كَالِائْتِمَانِ بِلَا يَمِينٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ (ش) لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا أَمِنُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ وَكَذَا إنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ وَتَرَكُوهُ يَتَصَرَّفُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَهُ الْهَرَبُ وَالْأَخْذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ ائْتَمَنُوهُ، وَإِنْ أَحَلَفُوهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ إكْرَاهٌ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَوْلُ ثَالِثٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ إنْ ائْتَمَنُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ وَلَا يَقْتُلَ وَلَا يَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ جَازَ لَهُ الْهَرَبُ لِحُرْمَةِ الْمَقَامِ بِدَارِ الْحَرْبِ دُونَ الْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ إذْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا عَمَّا لَوْ لَمْ يُؤْتَمَنْ أَوْ اُؤْتُمِنَ مُكْرَهًا فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَالْهَرَبُ بِهَا. (ص) وَالْغُلُولُ وَأَدَبٌ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ (ش) الْغُلُولُ مِنْ الْغَلَلِ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي بَيْنَ الشَّجَرِ وَالْغَالُّ يَدْخُلُ مَا يَأْخُذُهُ بَيْنَ مَتَاعِهِ فَقِيلَ لَهُ غَالٍ وَيُقَالُ غَلَّ يَغَلُّ وَيَغِلُّ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ أَخْذُ مَا لَمْ يُبَحْ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدَّبُ الْغَالُّ، فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا سَقَطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْغُلُولَ لَا يَمْنَعُ سَهْمَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلُزُومِ الْأَدَبِ لَهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَجِيئَنَا تَائِبًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ. (ص) وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ نَعْلًا وَحِزَامًا وَإِبْرَةً وَطَعَامًا، وَإِنْ نَعَمًا وَعَلَفًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجَيْشِ أَخْذُ كُلِّ مَا يَحْتَاجُ مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَلَوْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ ظَاهِرًا أَوْ خُفْيَةً نَعْلًا وَحِزَامًا وَإِبْرَةً وَطَعَامًا وَمُصَلِّحَهُ مِنْ نَحْوِ فُلْفُلٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ نَعَمًا يَذْبَحُهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِمَا وَيَرُدُّ جِلْدَهَا فِي الْمَغْنَمِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَعَلَفًا لِدَوَابِّهِمْ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَأْتِ بِلَوْ وَيَقُولُ، وَلَوْ نَعَمًا وَعَلَفًا لِرَدِّ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي أَخْذِ الْأَنْعَامِ الْحَيَّةِ لِلذَّبْحِ قَوْلَانِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ الْقَوْلُ الْآخَرُ أَيْ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَهُ مَعْزُوًّا (ص) كَثَوْبٍ وَسِلَاحٍ وَدَابَّةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُجَاهِدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ وَغِرَارَةً لِطَعَامِهِ أَوْ حَمْلِ مَتَاعِهِ وَسِلَاحًا وَدَابَّةً لِلْقِتَالِ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ أَخْذِ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لِيَرُدَّ) أَيْ بِنِيَّةِ رَدِّ مَا اسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ لَا بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إدْخَالِ الْكَافِ لِيَرْجِعَ الْقَيْدُ لِمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَيَأْخُذَهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَبِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا كَنِيَّةِ الرَّدِّ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَرَدُّ الْفَضْلِ إنْ كَثُرَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ لَا بِشَرْطِ الرَّدِّ وَهُوَ مَا عَدَا الثَّوْبَ وَالسِّلَاحَ وَالدَّابَّةَ إذَا فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ كَنِصْفِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ تَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَى الْمَشْهُورِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اُؤْتُمِنَ طَائِعًا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ أَمْ لَا كَانَ بِيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَا تَجُوزُ الْخِيَانَةُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا كَانَ بِيَمِينٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكْرَهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ لَا بِيَمِينٍ وَلَا بِغَيْرِهِ فَلَهُ الْخِيَانَةُ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا إنْ أَمِنَ مُكْرَهًا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ أَمْ لَا بِيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَهُ الْخِيَانَةُ فِيمَا شَاءَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَهْرُبُ فِي الْعَهْدِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ وَيَرَوْنَ أَيْ الْكُفَّارُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ غَيْرُ صُورَةِ عَدَمِ الِائْتِمَانِ رَأْسًا فَإِذَا تَنَازَعَ الْأَسِيرُ وَمَنْ أَمَّنَهُ هَلْ وَقَعَ الِائْتِمَانُ عَلَى الطَّوْعِ أَوْ الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ فِي الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ. (تَنْبِيهٌ) : إنْ أَمِنَ مُكْرَهًا وَحَلَفَ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ طَائِعًا حَنِثَ بِهُرُوبِهِ وَخِيَانَتِهِ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَعَ جَوَازِ ذَلِكَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَالْغُلُولُ) لَيْسَ مِنْهُ مَنْ يُجَاهِدُ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ وَلَا يَقْسِمُ الْغَنِيمَةَ الْقِسْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَيَأْخُذُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهَا فَقَطْ فَإِنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ مِنْ شَرْحِ شب (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَدَبُ. (قَوْلُهُ وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ) قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَا إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّةِ الْغُلُولِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ وَحِزَامًا) أَيْ مُعْتَادًا. وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِثْلَ أَحْزِمَةِ الْمُلُوكِ فَلَا (قَوْلُهُ أَخَذَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ كُلِّ مُحْتَاجٍ مِنْ الْجَيْشِ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَكُلُّ مَا يَحْتَاجُ هُوَ فِي الْمَعْنَى بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالْمَعْنَى يَجُوزُ لِلْجَيْشِ كُلُّ مُحْتَاجٍ مِنْهُمْ إلَخْ بَلَغَتْ بِهِمْ الْحَاجَةُ إلَى الضَّرُورَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ) فِي ك، فَإِنْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ عَنْ الْأَخْذِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْأَخْذُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ بِهِمْ الْحَاجَةُ إلَى الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ ظَاهِرًا إلَخْ) أَيْ أَخْذُهُمْ ظَاهِرًا أَوْ خُفْيَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَهْرَامٌ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ عَلِيٌّ وَابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا يُنْتَفَعُ بِدَابَّةٍ وَلَا بِسِلَاحٍ وَلَا بِثَوْبٍ (قَوْلُهُ وَدَابَّةً لِلْقِتَالِ) أَيْ وَيَكُونُ سَهْمَاهُ أَيْ الْفَرَسِ لِلْغَازِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهِ) أَوْ أَنَّهُ تَافِهُ الْقِيمَةِ كَالْإِبْرَةِ (قَوْلُهُ وَبِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا) أَيْ وَأَخْذُهُ بِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يُخْرِجُ لَهُ خُمُسًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 وَمِنْ بَابِ أَوْلَى رَدُّ مَا فَضَلَ مِمَّا يَأْخُذُهُ بِنِيَّةِ الرَّدِّ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ مِمَّا قِيمَتُهُ الدِّرْهَمُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا يَرُدُّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاجَةِ أَيْ فِي حُكْمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (ص) وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ بَيْنَهُمْ (ش) أَيْ وَمَضَتْ بِكَرَاهَةِ الْمُبَادَلَةِ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ أَوْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ بِمِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَضَتْ أَيْ وَجَازَتْ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ بِتَفَاضُلٍ فِي الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ الْمُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْقَسْمِ. (ص) وَبِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ (ش) قَدَّمَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُؤْذَنُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَدُّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ طَاعَةٌ فَإِذَا وَجَبَ أَقَامَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ خَوْفِ الْفَوَاتِ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ بِبَلَدِهِمْ وَاجِبَةٌ. (ص) وَتَخْرِيبٌ وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ إنْ أَنْكَى أَوْ لَمْ تُرْجَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِجَمَاعَةِ الْمُجَاهِدِينَ أَنْ يُخَرِّبُوا مَنَازِلَ الْمُشْرِكِينَ وَيَقْطَعُوا أَشْجَارَهُمْ وَنَخْلَهُمْ، وَلَوْ غَيْرَ مُثْمِرٍ وَيُحَرِّقُوا ذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ، وَلَوْ رُجِيَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بَقَاءُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحَرَّقُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ فَإِنْ عُدِمَ النِّكَايَةُ وَرُجِيَتْ بَقِيَتْ فَقَوْلُهُ إنْ أَنْكَى أَيْ الْفِعْلُ السَّابِقُ وَهُوَ التَّخْرِيبُ وَالْقَطْعُ وَالتَّحْرِيقُ وَقَوْلُهُ إنْ أَنْكَى رُجِيَتْ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ تُرْجَ أَنْكَى أَمْ لَا، وَمَفْهُومُ الْقَيْدَيْنِ وَهُوَ إنْ لَمْ يَنِكْ وَرُجِيَتْ الْمَنْعُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ وَلَمَّا أَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الْأَمْرَيْنِ دُونَ أَفْضَلِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا إذَا وُجِدَ الْإِنْكَاءُ أَوْ عَدَمُ الرَّجَاءِ وَلَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الْحُكْمُ لَوْ انْتَفَيَا بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ الْمَنْعَ وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ) أَيْ الْإِتْلَافَ بِالْقَطْعِ وَالْحَرْقِ وَنَحْوِهِمَا (مَنْدُوبٌ) إلَيْهِ فِي حَالِ عَدَمِ الرَّجَاءِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُرْجَ (ك) نَدْبِ (عَكْسِهِ) وَهُوَ الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ وَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ إنْ أَنْكَى إذْ الْمَنْدُوبُ يَجُوزُ تَرْكُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالظَّاهِرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يُنَافِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ إذْ الْجَوَازُ يُجَامِعُ النَّدْبَ وَيُفَارِقُهُ وَقَرَّرَ (هـ) فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا هُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَيْ مِنْ حِلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَدَّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهَا فَالْمُتَوَهَّمُ هُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ بَلْ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ بِالْخُصُوصِ فَمِنْ ذَلِكَ الْحِلِّ تَعْلَمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْكَافِ يُرَدُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ قِيمَتُهُ الدِّرْهَمُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْيَسِيرِ مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنُهُ الدِّرْهَمُ وَشَبَهُهُ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ عب فَإِنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا ثَمَنُهُ زَائِدٌ عَنْ الدِّرْهَمِ لَا إنْ كَانَ يَسِيرًا وَهُوَ مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنُهُ الدِّرْهَمُ وَشَبَهُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ) أَيْ وَيُحْتَاجُ لِلْبَدَلِ وَإِلَّا رَدَّهُ إنْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ عج اعْتِمَادًا لِتَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا فَضَلَ عَنْ الْحَاجَةِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ وَاحِدٍ إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّبَا اهـ وَهُوَ تَقْيِيدٌ ظَاهِرٌ وَجَزَمَ فِي الشَّامِلِ بِهَذَا التَّقْيِيدِ لَكِنْ فِي رِبَا النَّسَاءِ اتِّفَاقًا وَفِي رِبَا الْفَضْلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَأَمَّا مَعَ التَّسَاوِي فَلَا يُتَوَهَّمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ مُحْتَاجًا بِمَا وَقَعَتْ الْمُبَادَلَةُ فِيهِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَيْنَهُمْ عَدَمَ الْجَوَازِ مَعَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ اشْتَمَلَتْ عَلَى رِبَا فَضْلٍ أَوْ نَسِيئَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ اعْتِمَادِ هَذَا التَّفْصِيلِ فَيَكُونُ شَارِحُنَا تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ) أَيْ أَوْ هُمَا مَعًا وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً خِلَافُ التَّعْبِيرِ بِالْمُضِيِّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ إلَّا أَنَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَضَتْ بِكَرَاهَةٍ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْقَسَمِ) . وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي بَلَدِهِمْ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ بَلَدِهِمْ (قَوْلُهُ خَوْفِ الْفَوَاتِ) أَيْ فَلَا يُرَاعَى خَوْفُ ارْتِدَادِهِ إذَا كَانَ أَسْلَمَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ تَوَقُّعُ مَفْسَدَةٍ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ يُؤَخَّرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ) هَذَا إذَا كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ بَلْ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نِكَايَةٌ هَذَا مُقْتَضَى تَقْسِيمِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ أَنْكَى أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ النَّكْءِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا إنْ أَنْكَى فَالْمُنَاسِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُنْكِ أَيْ وَلَمْ يُنْكِ لِأَجْلِ دَفْعِ التَّكْرَارِ فَقَوْلُهُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ الْمُنَاسِبُ أَرْبَعٌ وَقَوْلُهُ الْمَنْعُ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا بَقِيَتْ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ الْمَنْعُ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْأَفْضَلِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَفْهَمَ جَوَازَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ أَنْكَى) أَيْ الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ إنْ أَنْكَى. وَأَمَّا الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ وَلَا يَنْكِي فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْبَقَاءُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ اسْتِظْهَارَ ابْنِ رُشْدٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَرْعَيْنِ (قَوْلُهُ إذْ الْمَنْدُوبُ يَجُوزُ تَرْكُهُ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ إذْ الْجَوَازُ) أَيْ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ يُجَامِعُ النَّدْبَ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحَلَّ عب بِخِلَافِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ أَنْكَى أَيْ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ وَرُجِيَتْ، فَإِنْ لَمْ تُرْجَ مَعَ النَّكْءِ تَعَيَّنَ التَّحْرِيقُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَمْ تُرْجَ أَيْ وَلَمْ تُنْكِ، وَإِنْ لَمْ تُنْكِ وَرُجِيَتْ تَعَيَّنَ الْإِبْقَاءُ وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَنْدُوبٌ أَيْ جَوَازُ التَّخْرِيبِ وَمَا مَعَهُ مَنْدُوبٌ فِيمَا إذَا لَمْ تُرْجَ وَلَمْ تُنْكِ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صُوَرِ الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ فِيمَا إذَا رُجِيَتْ وَأَنْكَتْ وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ الْجَوَازِ كَذَا فِي عب وَهُوَ مُخَالِفٌ لعج فَإِنَّ عج جَعَلَ قَوْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِيمَا إذَا لَمْ تُرْجَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وُجُوبُ الْقَطْعِ وَمَا مَعَهُ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ حَيْثُ رُجِيَتْ وَأَنْكَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْحَاصِلُ أَنَّ عج قَدْ حَلَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ أَنْكَى أَوْ لَمْ تُرْجَ بِمَا حَلَّ بِهِ عب وَمِثْلُهُ فِي شب وَحَلَّ قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ لَك مُخَالِفًا لعب وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ لَك وَنَصُّهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 عَلَى وَجْهٍ يُخَالِفُ هَذَا اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَوَطْءُ أَسِيرٍ زَوْجَةً وَأَمَةً سَلِمَتَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ الْمَسْبِيَّتَيْنِ مَعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ السَّابِيَ لَهُمَا لَمْ يَطَأْهُمَا؛ لِأَنَّ السَّبْيَ لَا يَهْدِمُ نِكَاحَنَا وَلَا يُزِيلُ مِلْكَنَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ أَنَّ سَبْيَنَا يَهْدِمُ نِكَاحَهُمْ وَيُزِيلُ مِلْكَهُمْ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا تَمْلِكُ مَالَ مُسْلِمٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سُبِيَتَا بَدَلَ سَلِمَتَا وَالْأَوْلَى جَمْعُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمَا سُبِيَتَا وَلَا بُدَّ مِنْ سَلَامَتِهِمَا مِنْ وَطْءِ الْكُفَّارِ أَيْ سُبِيَتَا وَسَلِمَتَا. (ص) وَذَبْحُ حَيَوَانٍ وَعَرْقَبَتِهِ وَأُجْهِزَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُجَاهِدِينَ إذَا ظَفِرُوا بِعَدُوِّهِمْ أَنْ يَذْبَحُوا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنْعَامِهِمْ وَغَيْرِهَا إذَا عَجَزُوا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ وَلَا يَشْتَرِطُ فِي الذَّبْحِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ إزْهَاقُ الرُّوحِ وَأَنْ يُعَرْقِبُوهُ وَيُجْهِزُوا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَمُوتَ بِالْجُوعِ أَوْ الْعَطَشِ. (ص) وَفِي النَّحْلِ إنْ كَثُرَتْ وَلَمْ يُقْصَدْ عَسَلُهَا رِوَايَتَانِ (ش) أَيْ وَفِي جَوَازِ إتْلَافِ النَّحْلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِحَرْقٍ وَنَحْوِهِ إنْ كَثُرَتْ وَلَمْ يَكُنْ الْقَصْدُ بِإِتْلَافِهَا أَخْذُ عَسَلِهَا وَكَرَاهَتُهُ رِوَايَتَانِ وَالْكَثْرَةُ مَا فِي إتْلَافِهِ نِكَايَةٌ لِلْعَدُوِّ، فَإِنْ كَانَ إتْلَافُهَا لِأَخْذِ عَسَلِهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا كَانَتْ قَلِيلَةً، وَمَفْهُومٌ إنْ كَثُرَتْ أَنَّهَا لَوْ قَلَّتْ كُرِهَ إتْلَافُهَا. (ص) وَحَرْقٌ إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ (ش) أَيْ حَرْقٌ وُجُوبًا سَوَاءٌ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ أَمْ لَا خِلَافًا لِتَفْرِقَةِ اللَّخْمِيِّ وَقَوْلُهُ وَحَرْقٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَذَبْحُ حَيَوَانٍ إلَخْ وَارْتَضَى (هـ) فِي شَرْحِهِ أَنَّ حُكْمَ التَّحْرِيقِ النَّدْبُ وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الطَّلَبِ إنْ لَمْ يَأْكُلُوهَا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ تَعْذِيبٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّعْذِيبُ فِي الْحَيِّ لَا فِي الْمَيِّتِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ. وَأَمَّا إنْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يَأْكُلُهَا فَلَا يُحْرَقُ مَعْنَاهُ لَا يُطْلَبُ حَرْقُهُ (ص) كَمَتَاعٍ عَجَزَ عَنْ حَمْلِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي جَوَازِ الْإِتْلَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا عَجَزُوا عَنْ   [حاشية العدوي] صُورَةٌ يَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ وَمَا مَعَهُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ وَلَمْ تُرْجَ وَصُورَةٌ لَا يَجُوزُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهَا وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ وَرُجِيَتْ وَصُورَتَانِ يَجُوزُ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ وَعَدَمَهُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ وَرُجِيَتْ أَوْ لَمْ تُرْجَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ أَيْ حَيْثُ لَمْ تُرْجَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الصُّورَةِ وُجُوبُ الْقَطْعِ وَمَا مَعَهُ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ حَيْثُ رُجِيَتْ وَأَنْكَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا اهـ وَفِي شَرْحِ شب أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ ضَعِيفٌ وَقَوْلُ شَارِحِنَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي حَالِ عَدَمِ الرَّجَاءِ الْمَذْكُورِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لِلْعَدُوِّ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْقَطْعَ وَمَا مَعَهُ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِكَايَةٌ وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْكِ وَرُجِيَتْ يَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ. (قَوْلُهُ إذْ الْجَوَازُ يُجَامِعُ النَّدْبَ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِجَوَازِهِ هُوَ الْمَحْكُومُ بِنَدْبِهِ وَقَوْلُهُ وَيُفَارِقُهُ أَيْ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِجَوَازِهِ هُوَ التَّخْرِيبُ وَهُوَ غَيْرُ الْمَحْكُومِ بِنَدْبِهِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ وَطْءُ أَسِيرٍ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَكْرَهُ ذَلِكَ لِمَا أَخَافُ مِنْ بَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَيَقَّنَ) أَيْ يَحْرُمُ وَطْؤُهُمَا إنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ فِي وَطْئِهِمَا مِنْ الْكَافِرِ، وَتَيَقُّنُهُ يَحْصُلُ بِعَدَمِ غَيْبَةِ الْكَافِرِ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا غَابَ عَلَيْهِمَا وَلَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي عَدَمِ وَطْئِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَانْظُرْ إذَا تَوَهَّمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ الْجَوَازِ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ. . (قَوْلُهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ الْعَرْقَبَةِ أَيْ وُجُوبًا صَادِقٌ بِقَطْعِهِ نِصْفَيْنِ وَبِرَمْيِ عُنُقِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ لَمْ يُنْكِ، وَلَوْ رُجِيَ فَيُخَالِفُ الشَّجَرَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ انْتِفَاعُ الْمُسْلِمِ بِهِ بَعْدَمَا فَعَلَ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ إذَا ذَبَحَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْقَطْعُ وَالتَّخْرِيبُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُعَرْقِبُوهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَذْبَحُوا، وَالْعَرْقَبَةُ قَطْعُ الْعُرْقُوبِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَلِكُلِّ ذِي أَرْبَعٍ عُرْقُوبَانِ فِي رِجْلَيْهِ وَرُكْبَتَانِ فِي يَدَيْهِ فَعُرْقُوبُ الدَّابَّةِ فِي رِجْلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الرُّكَبِ فِي يَدَيْهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ النَّقْلُ كَمَا فِي مُحَشِّي تت أَنَّ الْمَعْنَى وَيَجُوزُ الْإِجْهَازُ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى وَذَبْحُ حَيَوَانٍ وَعَرْقَبَتُهُ وَالْإِجْهَازُ عَلَيْهِ قَالَ الْبَاجِيُّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِفَةِ الْعَقْرِ فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ تُعَرْقَبُ أَوْ تُذْبَحُ أَوْ يُجْهَزُ عَلَيْهَا وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ يُجْهَزُ عَلَيْهَا وَكَرِهُوا أَنْ تُذْبَحَ أَوْ تُعَرْقَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُثْلَةٌ وَالْعَرْقَبَةَ تَعْذِيبٌ اهـ وَمِثْلُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ أَيْ عَقِبَ الْعَرْقَبَةِ وَرَدَّهُ الْمُحَشِّي الْمَذْكُورُ بِأَنَّ النَّقْلَ أَنَّ الْمَعْنَى يُخَيَّرُ بَيْنَ الذَّبْحِ وَالْعَرْقَبَةِ وَالْإِجْهَازِ عَلَيْهِ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمِصْرِيِّينَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَطَرِيقَةُ الْمَدَنِيِّينَ الْإِجْهَازُ (أَقُولُ) فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ مِنْ الذَّبْحِ حَقِيقَتُهُ لَا الْإِزْهَاقُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إنْ أَكَلُوا) أَيْ اسْتَحَلُّوا فِي دِينِهِمْ إلَخْ أَيْ، وَلَوْ ظَنًّا وَإِلَّا لَمْ تُحَرَّقْ قَالَهُ تت وَالْأَظْهَرُ تَحْرِيقُهُ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَكْلِهِمْ لَهُ حَالَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِتَفْرِقَةِ اللَّخْمِيِّ) فَإِنَّهُ يَقُولُ تُحَرَّقُ وُجُوبًا إنْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِفْسَادِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ حَرْقُهُ (قَوْلُهُ وَارْتَضَى إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ عج وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ نَدْبِ التَّحْرِيقِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْقَطْعِ وَالتَّخْرِيبِ حَيْثُ حَصَلَ بِهِ نِكَايَةٌ وَلَمْ تُرْجَ لَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ وُجُوبِ ذَلِكَ اهـ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ الْوُجُوبُ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الطَّلَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ يُحَرَّقُ الْمَذْبُوحُ وَالْمُعَرْقَبُ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلُوا الْمَيْتَةَ يُحَرَّقُ الْمَذْبُوحُ لَا الْمُعَرْقَبُ (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ فِي جَوَازِ الْإِتْلَافِ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِذْنُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 حَمْلِ شَيْءٍ مِنْ مَتَاعِ الْكُفَّارِ أَوْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ لَهُمْ إتْلَافُهُ بِالْحَرْقِ وَغَيْرِهِ لِيَحْصُلَ لِلْعَدُوِّ النِّكَايَةُ وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَالْمُرَادُ بِالْحَمْلِ النَّفْعُ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. (ص) وَجَعَلَ الدِّيوَانَ (ش) أَيْ وَجَازَ جَعْلُ الدِّيوَانِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ شَخْصٍ شَيْئًا وَأَهْلُ مِصْرَ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ وَكَذَا الشَّامُ وَجَعَلَ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا لِطَائِفَةٍ يَجْمَعُهَا وَتُنَاطُ بِهِمْ أَحْكَامٌ (ص) وَجَعَلَ مَنْ قَاعَدَ لِمَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ إنْ كَانَا بِدِيوَانٍ (ش) يَعْنِي لَوْ عَيَّنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ طَائِفَةً لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ لِمَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ جَعْلًا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَ الْجَاعِلُ وَالْخَارِجُ بِدِيوَانٍ وَاحِدٍ وَمَفْهُومُهُ الْمَنْعُ إنْ لَمْ يَكُونَا بِدِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّهْمُ لِلْخَارِجِ وَيُرَدُّ الْجُعْلُ. (ص) وَرَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ وَكُرِهَ التَّطْرِيبُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بِرُجْحَانٍ لِلْمُرَابِطِينَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ فِي حَرَسِهِمْ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُهُمْ وَيُكْرَهُ التَّطْرِيبُ وَهُوَ التَّغَنِّي بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ صَوْتٌ يُشْبِهُ صَوْتَ الْمَغَانِي وَفِي عِبَارَةٍ التَّطْرِيبُ خِفَّةٌ تُصِيبُ الْإِنْسَانَ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْخُرُوجِ لِلْعِيدَيْنِ. وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ فَالسِّرُّ أَفْضَلُ. (ص) وَقَتْلُ عَيْنٍ، وَإِنْ أَمِنَ وَالْمُسْلِمُ كَالزِّنْدِيقِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْجَاسُوسِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَيْنِ هُنَا وَهُوَ الَّذِي يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَيَنْقُلُ أَخْبَارَهُمْ لِلْعَدُوِّ فَالْجَاسُوسُ رَسُولُ الشَّرِّ ضِدَّ النَّامُوسَ فَإِنَّهُ رَسُولُ الْخَيْرِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْجَاسُوسُ عِنْدَنَا تَحْتَ الذِّمَّةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلْعَدُوِّ يُكَاتِبُهُمْ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا عَهْدَ لَهُ أَوْ دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أُمِّنَ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ سَحْنُونَ إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ وَمَحَلَّ جَوَازِ قَتْلِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمَ الزِّنْدِيقِ أَيْ فَيُقْتَلُ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ. (ص) وَقَبُولُ الْإِمَامِ هَدِيَّتُهُمْ وَهِيَ لَهُ إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ لِكَقَرَابَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَ قَبُولُ الْإِمَامِ وَأَمِيرِ الْجَيْشِ هَدِيَّةَ   [حاشية العدوي] فَيُوَافِقُ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ التَّشْبِيهَ فِي وُجُوبِ الْحَرْقِ وَعَلَى كَلَامِ عج فَيَكُونُ ذَلِكَ مَنْدُوبًا لَا وَاجِبًا (قَوْلُهُ الدِّيوَانُ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا (قَوْلُهُ لِمَا يُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ الْمُعَدِّينَ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ أَيْ بِأَنْ يُهَيِّئَ أُنَاسًا مَخْصُوصِينَ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ وَيُعَيِّنَ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ شَخْصٍ شَيْئًا) أَيْ عَشَرَةَ عَثَامِنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ وَأَهْلُ مِصْرَ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ أَيْ أَهْلُ دَفْتَرٍ وَاحِدٍ وَهَذَا مَدْلُولُهُ بِحَسَبِ تَفْسِيرِهِ الدِّيوَانَ (قَوْلُهُ وَأَهْلُ مِصْرَ إلَخْ) تَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ وَجَعَلَ مِنْ قَاعِدٍ لِمِثْلِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ جَمَاعَةً بِعَثَامِنَةٍ مَثَلًا لِيَكُونُوا مُتَهَيِّئِينَ لِلْقِتَالِ مَتَى عَرَضَ، وَفِي ك الْمُرَادُ بِالدِّيوَانِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ عَطَاءٍ وَاحِدٍ كَدِيوَانِ مِصْرَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُمْ كَمُتَفَرِّقَةٍ وَجَاوِيشِيَّةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَتُنَاطُ بِهِمْ أَحْكَامٌ) أَيْ أُمُورٌ مَحْكُومٌ بِهَا كَكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ أَرْبَعَةُ عَثَامِنَةٍ مَثَلًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى جَعْلِ أَهْلِ مِصْرَ دِيوَانًا وَاحِدًا يَكُونُ قَوْلُهُ لِطَائِفَةٍ أَيْ كَأَهْلِ مِصْرَ مَثَلًا وَقَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ. وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَكْتُبَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فِي الدِّيوَانِ أَيْ إذَا كَانَ الْعَطَاءُ حَلَالًا وَأَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا وَأَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَاجَتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِأَمْثَالِهِ لَا أَزْيَدَ مِنْهَا فَيَحْرُمُ اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِي عب (قَوْلُهُ يَعْنِي لَوْ عَيَّنَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ طَائِفَةً لِلْجِهَادِ وَجَعَلَ لَهُمْ عَثَامِنَةً كُلَّ شَهْرٍ مَثَلًا فَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَيُعْطِي وَاحِدًا دَرَاهِمَ أَوْ الْمُعْطَى لَهُ مِنْ الْعَثَامِنَةِ مَثَلًا لِيَذْهَبَ بَدَلَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ كَانَا بِدِيوَانٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجِهَادَ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ قُلْنَا الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْت إلَّا أَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ لَا يَخْرُجُ لِلْجِهَادِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُ عَنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مَكَانَ أَحَدٍ إلَّا بَعْدَ عِلْمِ الْإِمَامِ وَإِذْنِهِ بَلْ قَالُوا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ بِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَيُرْسِلَهُ عَنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا هُوَ عَلَى رَأْيِ اللَّخْمِيِّ. وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يَتَأَتَّى إلَّا أَنْ يُقَالَ تَعْيِينُ الْإِمَامِ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ) . (تَنْبِيهٌ) : السَّهْمُ لِلْجَاعِلِ لَا لِلْمُجَاهِدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَظْهَرُ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الْقَاعِدِ وَالْمُجَاهِدِ. (قَوْلُهُ وَرَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ) قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ هَذَا إذَا كَانُوا جَمَاعَةً وَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا كُرِهَ لَهُ رَفْعُ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ قَالَ اللَّقَانِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا إذَا كَانُوا جَمَاعَةً وَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ أَيْ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَمِثْلُهُ التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ الْوَاقِعَانِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ اهـ (أَقُولُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ التَّكْبِيرُ وَهُمْ فِي حَرَسِهِمْ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِدُبُرِ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَائِزٌ التَّكْبِيرُ فِي الرِّبَاطِ وَالْحَرَسِ عَلَى الْبَحْرِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَكْرَهُ التَّطْرِيبَ (قَوْلُهُ صَوْتُ الْمَغَانِي) جَمْعُ مَغْنَى وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْغِنَاءَ وَقَوْلُهُ خِفَّةٌ كَأَنَّهُ أَرَادَ ذَا خِفَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أُمِّنَ) أَيْ دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ هَذَا إذَا أَمَّنَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُ عَيْنٍ فَإِنْ أَمَّنَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَيْنٌ فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمَانَ إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ تَأْمِينُهُ يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ عَيْنًا كَانَ لَا يُقْتَلُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ. (قَوْلُهُ وَجَازَ قَبُولُ هَدِيَّتِهِمْ) أَيْ وَجَازَ رَدُّهَا عَلَيْهِمْ ك (قَوْلُهُ وَأَمِيرِ الْجَيْشِ) أَيْ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ أَيْ أَوْ غَيْرِ أَمِيرِ الْجَيْشِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَقَبُولُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 أَهْلَ الْحَرْبِ وَحَيْثُ قَبِلَهَا الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ آحَادِ الْجَيْشِ هِيَ لَهُ أَوْ لِمَنْ أَتَتْ لَهُ خَاصَّةً إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ لِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مُكَافَأَةٍ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَلَدَهُمْ أَمْ لَا وَلَمَّا قَابَلَ الْبَعْضَ بِالطَّاغِيَةِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ غَيْرُ الطَّاغِيَةِ أَيْ الْمَلِكِ وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ كَلَامُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِلْإِمَامِ مِنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ لِقَرَابَةٍ فَهِيَ لَهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بَلَدَهُمْ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومٌ لِكَقَرَابَةٍ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ بَعْضِ لَا لِكَقَرَابَةٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ دُخُولِ بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَهِيَ فَيْءٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فَهِيَ لِلْجَيْشِ (ص) وَفَيْءٌ إنْ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ إنْ لَمْ يُدْخَلْ بَلَدُهُ (ش) أَيْ وَالْهَدِيَّةُ فَيْءٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ بَلَدَ الْعَدُوِّ، فَإِنْ دَخَلَ فَهِيَ لِلْجَيْشِ وَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَلِكُ قَرِيبًا لِلْإِمَامِ أَوْ غَيْرَ قَرِيبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ عَدَمِ مُرَاعَاةِ الْقَرَابَةِ فِي هَدِيَّةِ الْمَلِكِ لِكَوْنِ الْغَالِبِ فِيهَا الْخَوْفَ مِنْ الْإِمَامِ وَجَيْشِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَالطَّاغِيَةُ مَلِكُ الْكُفْرِ مُطْلَقًا كَانَ مِلْكَ الرُّومِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الطَّاغِيَةِ مَخْصُوصًا بِمَلِكِ الرُّومِ. (ص) وَقِتَالُ رُومٍ وَتُرْكٍ (ش) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ إذْ الْقِتَالُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِعِبَارَةٍ وَجَازَ بِرُجْحَانٍ قِتَالُ رُومٍ وَهُمْ مِنْ وَلَدِ الرُّومِ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَهُمْ الَّذِينَ تُسَمِّيهِمْ أَهْلِ هَذِهِ الْبِلَادِ الْإِفْرِنْجَ وَتُرْكٌ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ لَا كِتَابَ لَهُمْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَاتَلُ بِكُلِّ حَالٍ لِقُوَّةِ الْفَرِيقَيْنِ أَمَّا ضُعَفَاءُ الْكُفَّارِ مِنْ الْقِبْطِ وَالْحَبَشَةِ فَيُقَاتَلُونَ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ إذَا أَبَوْا الْإِسْلَامَ؛ لِأَنَّهُمْ لِسَفَالَتِهِمْ يَمِيلُونَ لِلرِّضَا بِالذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَلَا أَمْنَ غَالِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّارِحِ مَفْهُومُهُ أَنَّ قِتَالَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقِبْطِ وَالْحَبَشَةِ لَا يَجُوزُ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ. (ص) وَاحْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ بِقُرْآنٍ وَبَعْثِ كِتَابٍ فِيهِ كَالْآيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا جَادَلُونَا أَنْ نَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ إذَا أَمِنَا مِنْ سَبِّهِمْ لَهُ أَوْ لِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 64] وَيَجُوز أَيْضًا بَعْثُ الْكِتَابِ إلَى أَرْضُ الْحَرْبِ فِيهِ الْآيَاتُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ لِنَدْعُوَهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى الْكُفَّارِ مُطْلَقًا لَا بِخُصُوصِ كَوْنِهِمْ رُومًا وَتُرْكًا. (ص) وَإِقْدَامُ الرَّجُلِ عَلَى كَثِيرٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِيُظْهِرَ شَجَاعَةً عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى مَا زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِيُقَاتِلَهُمْ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْكَثِيرِ أَيْ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَإِنْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُمَحِّضَ نِيَّتَهُ لِلَّهِ وَأَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْكِفَايَةَ وَأَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ لَهُمْ. وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُظْهِرَ شَجَاعَةً مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ   [حاشية العدوي] الْإِمَامِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ كَانَ فِي الْكُفَّارِ مَنَعَةٌ وَقُوَّةٌ لَا إنْ ضَعُفُوا أَوْ أَشْرَفَ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِهِمْ فَقَصَدَ التَّوْهِينَ بِهَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ قَبِلَهَا الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ آحَادِ الْجَيْشِ (أَقُولُ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدِيَ إذَا كَانَ غَيْرَ الْإِمَامِ فَالْمُهْدَى لَهُ إمَّا الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بَلَدَهُ أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَبْعَدُ كَوْنُهَا مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ لِغَيْرِ كَقَرَابَةٍ (قَوْلُهُ هِيَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَفَيْءٌ إنْ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بَلَدَهُ) أَيْ إقْلِيمَهُ بِجَيْشِهِ لَا خُصُوصَ بَلَدِ الْمُلْكِ وَلَا فَرْقَ فِي هَاتَيْنِ أَعْنِي الْمَنْطُوقَ وَالْمَفْهُومَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ لِبَعْضِ الْجَيْشِ فَهِيَ لَهُ إنْ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ دَخَلَ الْإِمَامُ بَلَدَ الْعُدُوِّ أَمْ لَا لَا لِوَجَاهَتِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَفْصِلُ فِيهَا كَمَا لِلْإِمَامِ وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِمَامِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ لَا لِكَقَرَابَةٍ. (تَنْبِيهٌ) : اخْتِصَاصُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَدِيَّةِ الْمُقَوْقَسِ مَارِيَةَ وَسِيرِينَ وَبَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مَاتَ عَنْهَا وَاِتَّخَذَ مَارِيَةَ أُمَّ وَلَدٍ وَأَعْطَى حَسَّانًا سِيرِينَ مِنْ خَصَائِصِهِ بِمَهَابَتِهِ وَجَلَالَتِهِ. (قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَاتِلُ بِكُلِّ حَالٍ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لتت وَكُنْت اعْتَرَضْته بِأَنَّ الْكُفَّارَ كُلَّهُمْ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ لِلْجِزْيَةِ ثُمَّ يُقَاتَلُونَ لَا فَرْقَ بَيْنَ تُرْكٍ وَغَيْرِهِمْ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ يُقَاتِلُ الرُّومَ وَالتُّرْكَ بِكُلِّ حَالٍ وَالْقِبْطَ وَالْحَبَشَةَ يُقَاتَلُونَ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ إذَا أَبَوْا الْإِسْلَامَ وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ تَوَقَّفَ فِيهَا ثُمَّ وَجَدْت مُحَشِّيَ تت اعْتَرَضَهُ فَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ فَصَّلَ فِي قِتَالِهِمْ وَلَمْ أَدْرِ مَا الْوُجُوهُ الَّتِي يُقَاتَلُونَ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَإِنْ أَرَادَ إذَا أَبَوْا الْإِسْلَامَ أَوْ الْجِزْيَةَ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمْ بَلْ كُلُّ الْكُفَّارِ ذَاكَ حُكْمُهُمْ، وَإِنْ أَرَادَ فِي حَالِ قُوَّتِهِمْ فَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَهُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ إنَّ مَنْ ضَعُفَ مِنْ هَؤُلَاءِ يُتْرَكُ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ لَا بِجِزْيَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ الرُّومِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ قِتَالِهِمْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقِتَالُ نُوَبٍ وَتُرْكٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْمُرَادُ السُّودَانُ، وَإِنْ كَانَ النُّوبَةُ بِالضَّمِّ اسْمًا لِجِيلٍ مِنْهُمْ وَالْمُرَادُ بَعْضُ السُّودَانِ وَهُمْ الْحَبَشَةُ؛ لِأَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنْهُمْ فَيَكُونُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِرَدِّ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْحَبَشَةِ وَالتُّرْكِ بِالْحَرْبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ» وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْإِرْشَادِ وَأَنَّ قِتَالَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْلَى أَوْ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ تِلْكَ الْآثَارُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَوَجْهُ التَّخْصِيصِ مَا ذُكِرَ لَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَالصَّغَارِ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ. (قَوْلُهُ إذَا أَمِنَا مِنْ سَبِّهِمْ) أَيْ وَأَمِنَّا مِنْ إهَانَتِهِمْ لَهُ وَأَرَادَ بِالِاحْتِجَاجِ التِّلَاوَةَ عَلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لَا الْمُحَاجَجَةَ الَّتِي يَقُولُ الْخَصْمُ بِالْحُجَّةِ فِيهَا (قَوْلُهُ فِيهِ الْآيَاتُ) ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَظْهَرِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِيُظْهِرَ شُجَاعَةً) الْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِأَمْرَيْنِ لَكِنْ الْمُرَادُ قَصْدُ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ) أَيْ إزْهَاقَ رُوحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ حِينَئِذٍ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا. (ص) وَانْتِقَالٌ مِنْ مَوْتٍ لِآخَرَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ غَلَبَهُ الْعَدُوُّ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ سَبَبِ مَوْتٍ إلَى سَبَبِ مَوْتٍ آخَرَ كَمَا إذَا أَحْرَقَ الْعَدُوُّ مَرْكَبًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ إذَا مَكَثُوا فِيهَا هَلَكُوا، وَإِنْ طَرَحُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْبَحْرِ هَلَكُوا (ص) وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً أَوْ طُولَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَلَبَهُ الْعَدُوُّ وَرَجَا الْحَيَاةَ الْمُسْتَمِرَّةَ بِهُرُوبِهِ أَوْ رَجَا طُولَ الْحَيَاةِ، وَلَوْ أَسَرُوهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفِرَّ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي تَطُولُ حَيَاتُهُ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ طَالَتْ الْحَيَاةُ مَعَ مَوْتِ أَشَدَّ وَأَصْعَبَ مِنْ الْمَوْتِ الْمُعَجَّلِ (ص) كَالنَّظَرِ فِي الْأَسْرَى بِقَتْلٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ النَّظَرِ مِنْ الْإِمَامِ فِي أَحْوَالِ الْأَسْرَى قَبْلَ الْقَسْمِ فَمَا رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى قَتْلِهِمْ قَتَلَهُمْ وَيَحْسُبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْأَخْذِ، وَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى إبْقَائِهِمْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ بِالْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا، وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ الْمَضْرُوبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى اسْتِرْقَاقِهِمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْغَنِيمَةِ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ. وَأَمَّا الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ فَلَيْسَ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْمُفَادَاةُ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلتَّنْوِيعِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّخْيِيرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ النَّظَرَ فِيمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ فَأَيْنَ التَّخْيِيرُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ حَيْثُ رَأَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأُمُورِ مَصْلَحَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّخْيِيرِ لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ تَعَيُّنِ وَاحِدٍ مِنْهَا ابْتِدَاءً. (ص) وَلَا يَمْنَعُهُ حَمْلٌ بِمُسْلِمٍ (ش) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ اسْتِرْقَاقَ الْأَمَةِ حَمْلَهَا بِمُسْلِمٍ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا أَوْ يُسْلِمُ زَوْجُهَا قَبْلَ سَبْيِهِ ثُمَّ تُسْبَى هِيَ حَامِلًا وَقَدْ أَحْبَلَهَا وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ فَالْحَمْلُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ مُسْلِمٌ وَتُرَقُّ هِيَ فِي جَمِيعِهَا. وَأَمَّا رِقُّ الْحَمْلِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ) أَيْ فِي حَالِ كُفْرِ أَبِيهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْوُسْطَى لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ كَمَا فِي الطَّرَفَيْنِ مِنْ الصُّوَرِ وَبِهَذَا يُقَيَّدُ كَلَامُهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَمَالُهُ وَوَلَدُهُ فَيْءٌ مُطْلَقًا فَلَيْسَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ أَوْ إسْلَامٍ بَلْ مَعْنَاهُ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. (ص) وَالْوَفَاءُ بِمَا فَتَحَ لَنَا بِهِ بَعْضُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْنَا شَخْصٌ مِنْ الْعَدُوِّ مَثَلًا أَنَّهُ إذَا فَتَحَ لَنَا الْحِصْنَ أَوْ الْبَلَدَ أَوْ الْقَلْعَةَ أَنْ نُؤَمِّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ وَأَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اسْتِوَاؤُهُمَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ إنْ رَجَا إلَخْ) قَالَ عِزُّ الدِّينِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إنْ رَجَا حَيَاةً سَاعَةً اسْتِعْجَالُ مَوْتِهِ بِشُرْبِ سُمٍّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ إنْ رَجَا حَيَاةً) أَيْ، وَلَوْ شَكَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَالَتْ) ، وَلَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ (قَوْلُهُ وَيَحْسُبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يُضَيِّعُ عَلَى الْجَيْشِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْأَخْذِ) وَأَوْلَى عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْقَسْمِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا نَعَمْ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ يَعْقِلُ فِيهِ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ يَمْلِكُهَا بِالْأَخْذِ (قَوْلُهُ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ) أَيْ فَلَهُ بَعْدَ الذَّهَابِ الْعَوْدُ إلَى بَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مَنَّ عَلَيْهِ عَلَى الْبَقَاءِ (قَوْلُهُ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ) وَإِلَّا كَانَ غَبْنًا عَلَى الْجَيْشِ (قَوْلُهُ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ) ظَاهِرُهُ وَيَحْسُبُ الْفِدَاءَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ وَيَحْسُبُ قِيمَةَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمَفْدِيِّينَ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا وَهَذَا الْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا يُوضَعُ فِي الْخُمُسِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يَبْذُلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ أَيْ قِيمَتُهُمْ وَالْجِزْيَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ مَوْضِعُهَا بَيْتُ الْمَالِ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ يَمُنُّ عَلَيْهِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ مِنْ الْخُمُسِ وَكَذَا مَنْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ. وَأَمَّا مَنْ أُخِذَ مِنْهُ الْفِدَاءُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِدَاؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّخْيِيرِ) وَعِبَارَتُهُ يَعْنِي وَمِمَّا هُوَ أَيْضًا وَاجِبٌ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْإِبْقَاءِ، فَإِنْ قُتِلَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أُبْقِيَ خُيِّرَ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْمُفَادَاةِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ) ، فَإِنْ تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَتَانِ قُدِّمَتْ الْمَصْلَحَةُ الْأَقْوَى، وَإِنْ تَعَارَضَ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبُ الْمَصْلَحَةِ قُدِّمَ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ مُفَادَاتُهُ بِرِضَاهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ مَا عَدَا الْقَتْلَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أَبَاهُ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهَا حَمَلَتْ بِشَخْصٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَا فِي بَطْنِهَا أَيْ إنَّمَا حُكِمَ بِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمُسْلِمٍ بِمَعْنَى مِنْ وَعَلَيْهِ حِلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ أَوْ كُفْرِهِ لَمْ يَرِقَّ إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةٍ مِنْ إسْلَامِهِ وَلِأَقَلَّ رَقَّ وَانْظُرْ إذَا جَهِلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَحَلُّ رِقِّهِ فِيمَا ذَكَرَ مَا لَمْ يُمَنَّ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ رِقِّهَا، أَوْ يُضْرَبُ عَلَى رِجَالِهَا الْجِزْيَةُ أَوْ تُفْدَى أَوْ تُسْلِمُ قَبْلَ سَبْيِهَا وَإِلَّا كَانَ حُرًّا تَبَعًا لَهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِنَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ أَيْ فَيُقَالُ مَحَلُّ كَوْنِ وَلَدِهِ فَيْئًا إذَا حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ كُفْرِ أَبِيهِ لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي مَا نَصَّهُ وَتُصَدَّقُ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ فَلَا يَرِقُّ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ رَقِيقَةً؛ لِأَنَّ رِقَّهَا طَارِئٌ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ الْحِصْنَ) هُوَ الْمَكَانُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ وَجَمْعُهُ حُصُونٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُوَفِّيَهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى فُلَانٍ رَأْسِ الْحِصْنِ فَرَضُوا وَفَتَحَ فَالرَّأْسُ مَعَ الرَّجُلِ آمِنَانِ وَكَذَا عَلَى فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِغَيْرِهِ إلَّا مَعَ طَلَبِهِ لِنَفْسِهِ. (ص) وَبِأَمَانِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَمَّنَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ التَّأْمِينِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَلَدِ ذَلِكَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَمَّنَهُ أَوْ فِي بَلَدٍ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَيُّ إقْلِيمٍ حَلَّ فِيهِ فَمَالُهُ وَدَمُهُ مَعْصُومٌ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَبِيحَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَإِذَا أَرَادَ هَذَا الْمُؤْمِنُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ بَلْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ الْوَفَاءُ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ أَمَّنَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمِثْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَمِيرُ الْجَيْشِ (ص) كَالْمُبَارِزِ مَعَ قِرْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُبَارِزِ مَعَ قِرْنِهِ الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِتَالِ رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ عَلَى بَعِيرَيْنِ أَوْ فَرَسَيْنِ أَوْ رُمْحٍ أَوْ خِنْجَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَالْقِرْنُ بِالْكَسْرِ الْمُكَافِئُ فِي الشُّجَاعَةِ أَيْ كَالْمُبَارِزِ مَعَ مُكَافِئِهِ فِي الشُّجَاعَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ وَسَوَاءٌ خِيفَ عَلَيْهِ الضَّعْفُ وَالْغَلَبَةُ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ كَالْعَهْدِ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ إلَّا وَاحِدٌ (ص) وَإِنْ أُعِينَ بِإِذْنِهِ قُتِلَ مَعَهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ أُعِينَ الْكَافِرُ الْمُبَارِزُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ بِإِذْنِهِ قُتِلَ الْمُعَانُ مَعَ مُعِينِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قُتِلَ الْمُعِينُ دُونَ الْمُعَانِ ثُمَّ إنَّ الضَّمَائِرَ الثَّلَاثَةَ رَاجِعَةٌ لِلْقِرْنِ وَضَمِيرُ مَعَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُعِينِ الْمَفْهُومِ مِنْ أُعِينَ. (ص) وَلِمَنْ خَرَجَ فِي جَمَاعَةٍ لِمِثْلِهَا إذَا فَرَغَ مِنْ قِرْنِهِ الْإِعَانَةُ (ش) يَعْنِي لَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِرْنِهِ أَنْ يُعِينَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَلَى قِرْنِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَرَجَتْ لِجَمَاعَةٍ أَيْ فَكَانَ كُلُّ جَمَاعَةٍ بِمَنْزِلَةِ قِرْنٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَلِمَنْ إلَخْ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْإِعَانَةُ مُبْتَدَأٌ وَإِذَا ظَرْفِيَّةٌ تَجَرَّدَتْ عَنْ الشَّرْطِ فَلَا جَوَابَ لَهَا. (ص) وَأُجْبِرُوا عَلَى حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إذَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ قَدْ عَرَفَ الْمُصْلِحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْعَدُوَّ يُجْبَرُ عَلَى حُكْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمُؤْمِنُ عَدْلًا، وَلَوْ عَرَفَ الْمَصْلَحَةَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَصْلَحَةَ، وَلَوْ كَانَ عَدْلًا أَوْ انْتَفَيَا جَمِيعًا فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُ فِيمَا أَمِنَ فِيهِ فَمَا كَانَ صَوَابًا أَبْقَاهُ وَمَا كَانَ غَيْرَ صَوَابٍ رَدَّهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ عَدْلًا أَيْ فِيمَا حَكَمَ بِهِ مِنْ الْأَمَانِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدَلَ شَهَادَةً (ص) كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ إقْلِيمًا (ش) تَشْبِيهٌ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ رَأْسِ الْحِصْنِ) أَيْ كَبِيرِهِ. (قَوْلُهُ وَبِأَمَانٍ) عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَمَانَ بِقَوْلِهِ رَفْعُ اسْتِبَاحَةِ دَمِ الْحَرْبِيِّ وَرِقِّهِ وَمَالِهِ حِينَ قِتَالِهِ أَوْ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ مُدَّةً مَا فَقَوْلُهُ رَفْعُ مَصْدَرٌ مُنَاسِبٌ لِلْأَمَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ وَقَوْلُهُ اسْتِبَاحَةِ إلَخْ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ رَفْعِ اسْتِبَاحَةِ دَمِ غَيْرِهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقَاتِلِ، وَقَوْلُهُ وَرِقِّهِ أَخْرَجَ بِهِ الْمُعَاهَدَ وَقَوْلُهُ حِينَ قِتَالِهِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ وَالِاسْتِئْمَانِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ الْوَفَاءِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ حَالًا مِنْ الْوَفَاءِ لَأَفَادَ مَعْنًى فَاسِدًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَوَجَبَ الْوَفَاءُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا فِي حَالَةِ التَّقْيِيدِ فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ هَذَا مَعْنَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَكْفِي إخْبَارُهُ بِأَنَّهُ أَمَّنَ غَيْرَهُ دُونَ غَيْرِ الْإِمَامِ كَأَمِيرِ الْجَيْشِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ أَمَّنَ غَيْرَهُ وَمِثْلُ الْإِمَامِ الْأَمِيرُ الْمَجْعُولُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَانَتِهٍ لَكِنْ قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَوْ سَقَطَ الْمُسْلِمُ وَأَرَادَ الْإِظْهَارَ عَلَيْهِ مَنَعَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ بِغَيْرِ الْقَتْلِ مَا أَمْكَنَ وَإِلَّا فَبِهِ (قَوْلُهُ الضَّمَائِرَ الثَّلَاثَةَ) أَيْ ضَمِيرَ أُعِينَ وَبِإِذْنِهِ وَقَتَلَ. (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَرَجَتْ لِلْجَمَاعَةِ) . وَأَمَّا لَوْ خَرَجَتْ جَمَاعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ابْتِدَاءً فِي مُقَابَلَةِ وَاحِدٍ فَلَا فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ نَزَلُوا مِنْ حِصْنِهِمْ أَوْ قَدِمُوا بَلَدًا عَلَى حُكْمِهِ إلَخْ أَيْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ مِنْ حِصْنِهِمْ أَوْ مَدِينَتِهِمْ أَوْ قَدِمُوا بِتِجَارَةٍ مَثَلًا عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ أُجْبِرُوا عَلَى مَا يُحْكَمُ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً إنْزَالُهُمْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ وَإِنْزَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ إنَّمَا كَانَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ؛ لِأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ مَوَالِي الْأَوْسِ مَوْلَى حِلْفٍ لَا مَوْلَى عَتَاقَةٍ وَالْأَصْلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ بَنُو قُرَيْظَةَ الْقَبِيلَةَ الْمَشْهُورَةَ مِنْ الْيَهُودِ مِنْ قَلْعَتِهِمْ وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَدْ حَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَقَذَفَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ فَجَلَسَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ إنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِك قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ قَالَ لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ) أَيْ اتِّبَاعُ حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا أَيْ قَتْلٌ أَوْ أَسْرٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ غَيْرُ صَوَابٍ رَدَّهُ) وَتَوَلَّى هُوَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَرَاهُ مَصْلَحَةَ مَنْ قَتَلَ أَوْ أَسَرَ أَوْ غَيْرُهُ وَلَا يَرُدُّهُمْ لِمَأْمَنِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدَلَ شَهَادَةً) فَيَشْمَلُ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَالْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلنَّقْلِ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ فَلَوْ حَكَّمُوا فَاسِقًا صَحَّ ثُمَّ نَظَرَ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ فَالْعَدْلُ لَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُهُ فَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمُ التَّعَقُّبِ لَا فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ امْرَأَةً صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا فَالْعَدَالَةُ الَّتِي قُلْنَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الصِّحَّةِ بِمَعْنَى عَدَمِ الْفِسْقِ مَعَ كَوْنِهِ حُرًّا بَالِغًا ذَكَرًا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 وَالْمَعْنَى أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ إذَا أَمِنَ إقْلِيمًا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ بِالْمَصْلَحَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ تَأْمِينَ الْإِقْلِيمِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ وَالْمُرَادُ بِالْإِقْلِيمِ الْعَدَدُ الَّذِي لَا يَنْحَصِرُ. (ص) وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يَمْضِي مِنْ مُؤْمِنٌ مَيَّزَ، وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ رِقًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي تَأْمِينِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ تَعَرَّضَ هُنَا لِحُكْمِ تَأْمِينِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَغِيرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ مُنْقَطِعٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي تَأْمِينِ مَا ذُكِرَ هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِيهِ خِيَارٌ وَعَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إنْ عَقَلَ الْأَمَانَ فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافٌ أَوْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ يَمْضِي إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُهُمَا وِفَاقٌ لَهَا وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهَا يَجُوزُ أَيْ يَمْضِي. وَأَمَّا أَمَانُ الْخَارِجِ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسْلِمِ الْكَبِيرِ الْحُرِّ فَيَمْضِي وَيَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ فِيهِ التَّأْوِيلَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا ذِمِّيًّا أَوْ خَائِفًا مِنْهُمْ) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْمِينُهُمَا؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَوَّلِ فِي الدِّينِ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا اُتُّهِمَ الْمُسْلِمُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَالْكَافِرُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاقِعًا مِنْ مُؤْمِنٍ وَمَعْنَى مَيَّزَ أَيْ عَقَلَ الْإِمَامُ وَعَرَفَ ثَمَرَتَهُ. وَقَوْلُهُ لَا ذِمِّيًّا عَطْفٌ عَلَى مِنْ مُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا، وَلَوْ قَدَّمَهُ هُنَاكَ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخَارِجَ عَلَى الْإِمَامِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ (ص) وَسَقَطَ الْقَتْلُ، وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ (ش) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ لِمَا قَبْلُ لَا ذِمِّيًّا وَخَائِفًا مِنْهُمْ أَيْ وَالْوَفَاءُ بِمَا فَتَحَ لَنَا بِهِ بَعْضُهُمْ وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَبِأَمَانِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَكَتَأْمِينِ غَيْرِهِ إقْلِيمًا وَأَمْضَاهُ الْإِمَامُ وَسَقَطَ الْقَتْلُ أَيْ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَسْرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَلَا يَسْقُطُ غَيْرُ الْقَتْلِ مِمَّا مَرَّ وَيَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِي غَيْرِهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ حَيْثُ وَقَعَ الْأَمَانُ قَبْلَ الْفَتْحِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَتْحِ إذْ لَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ إلَّا هُوَ دُونَ غَيْرِهِ. (ص) بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِتَأْمِينِ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ يَتَضَمَّنُ أَنَّ سُقُوطَ الْقَتْلِ بِذَلِكَ أَيْ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَيُفِيدُ فَائِدَتَيْنِ: كَوْنُ التَّأْمِينِ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ وَكَوْنُ سُقُوطِ الْقَتْلِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ تَعَلُّقِهِ بِسَقْطٍ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا وَاحِدَةً وَهُوَ كَوْنُ السُّقُوطِ بِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَ التَّأْمِينِ بِذَلِكَ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَكَلَامُ تت أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ ثُمَّ شَرْطُ جَوَازِ الْأَمَانِ وَإِمْضَائِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْعَدَدُ الَّذِي لَا يَنْحَصِرُ) أَيْ إلَّا بِعُسْرٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِقْلِيمَ الْمَعْرُوفَ وَهُوَ أَرْضٌ ذَاتُ بُلْدَانٍ كَإِقْلِيمِ مِصْرَ وَأَحَدِ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ الْهِنْدِ وَالْحِجَازِ وَمِصْرَ وَبَابِلَ وَالرُّومِ وَالصِّينِ، وَالسَّابِعُ التُّرْكُ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَمِقْدَارُ كُلِّ إقْلِيمٍ سَبْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي سَبْعِمِائَةِ فَرْسَخٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ جَبَلٌ وَلَا وَادٍ وَالْبَحْرُ الْأَعْظَمُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيُحِيطُ بِهِ جَبَلُ قَافٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. كَذَا فِي شَرْحِ شب وَفِي عِبَارَةِ عب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَخَامِسُهَا الرُّومُ وَالتُّرْكُ وَسَادِسُهَا يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَسَابِعُهَا الصِّينُ. وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالشَّامُ فَمِنْ مِصْرَ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الْمِيقَاتِ وَالدِّيَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَجُوزُ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَوْ يَمْضِي) أَيْ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ أَوْ يُقْرَأُ يُمْضَى بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْضَى أَيْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إمْضَاؤُهُ وَرَدُّهُ وَقَوْلُهُ مِنْ مُؤْمِنٍ ضَائِعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَمَانَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ مُؤْمِنٍ فَالْمَدَارُ عَلَى قَوْلِهِ مَيَّزَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِنْ مُمَيِّزٍ، وَاشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا ذِمِّيًّا ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ مَيَّزَ أَمَّا مِنْ غَيْرِهِ كَمَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِيهِ الْخِلَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ، وَلَوْ كَانَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ خَسِيسًا وَهُوَ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ غَابَ وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ تَنَبَّهَ حَيْثُ قَالَ تَأْمِينُ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَغِيرٍ. (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ اسْتِثْنَاءً وَإِنَّمَا هُوَ أَدَاةُ شَرْطٍ وَالْأَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْ الْغَيْرَ إقْلِيمًا بَلْ أَمَّنَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى لَكِنْ اخْتَلَفَ) لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ التَّسَامُحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِالْوِفَاقِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْخِلَافُ لَا بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافٌ إلَّا أَنَّ فِي فَهْمِ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ عُسْرًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَ أَوْ بِمُضِيٍّ وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ لَا تَأْوِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ تَأْمِينُهُمَا) أَيْ وَلَا يَمْضِي (قَوْلُهُ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاقِعًا) فِيهِ تَسَامُحٌ فَالْأَوْلَى حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَائِنًا مِنْ مُمَيِّزٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَيْ يَفْهَمُ الْكَافِرُ الْأَمَانَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُشِيرُ الْأَمَانَ بَلْ ضِدَّهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْمَوَّاقُ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ حَذْفُ، وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَجَاءَ أُمْضِيَ أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ لِمُنَاقَضَتِهِ لِمَا هُنَا وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْمُشِيرُ الْأَمَانَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْأَمَانُ، وَإِنْ فَهِمَ مِنْهَا الْكَافِرُ ضِدَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا وَاحِدَةً) بَلْ يُفِيدُ كَوْنَ التَّأْمِينِ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ. (قَوْلُهُ فَكَلَامُ تت أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) عِبَارَةُ تت وَصِيغَةُ التَّأْمِينِ تَحْصُلُ أَوْ حَاصِلَةٌ أَوْ مُعْتَبَرَةٌ بِلَفْظِ إلَخْ اهـ فَأَنْتَ تَفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تت جَعَلَهُ مُرْتَبِطًا بِمَحْذُوفٍ وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ مُتَعَلِّقًا بِتَأْمِينٍ وَابْنُ غَازِيٍّ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِسَقْطٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فَهَلْ يَجُوزُ إلَخْ قَوْلُهُ. (إنْ لَمْ يَضُرَّ) الْأَمَانُ بِالْمُسْلِمِينَ بِأَنْ حَصَلَتْ بِهِ الْمَصْلَحَةُ أَوْ اسْتَوَى حَالَتَا الْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ لَا تُشْتَرَطُ الْمَصْلَحَةُ بَلْ عَدَمُ الضَّرَرِ اهـ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ الْأَمَانِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ لَا فِي الصِّحَّةِ أَيْ، فَإِنْ أَضَرَّ كَإِشْرَافِهِمْ عَلَى فَتْحِ حِصْنٍ وَتَيَقُّنِ أَخْذِهِ فَأَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي رَدِّهِ قَالَهُ سَحْنُونَ. (ص) ، وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَجَاءَ أَوْ نَهَى النَّاسَ عَنْهُ فَعَصَوْا أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا أَوْ جُهِلَ إسْلَامُهُ لَا إمْضَاءَهُ أُمْضِيَ أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ بِظَنَّ وَالْمَجْرُورُ بِعَنْ رَاجِعًا إلَى الْأَمَانِ وَالْمُسْتَتِرُ فِي نَهَى رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا ظَنَّ الْأَمَانَ فَجَاءَ مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَنَّهُ يَقْتُلُهُ فَجَاءَ الْحَرْبِيُّ وَقَالَ ظَنَنْت بِذَلِكَ الْأَمَانَ أَوْ نَهَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ التَّأْمِينِ خَالَفُوا وَأُمِّنُوا إمَّا نِسْيَانًا لِمَقَالَتِهِ لَهُمْ وَإِمَّا عِصْيَانًا لِأَمْرِهِ وَإِمَّا جَهْلًا بِأَنْ جَهِلُوا حُرْمَةَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ جَهِلُوا النَّهْيَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَأَمِنُوا فَجَاءَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ الْقُدُومِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا اسْتِرْقَاقُهُ، وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ لِمَحَلِّهِ إذَا نَزَلَ الْحَرْبِيُّ عَلَى تَأْمِينِ مَنْ ظَنَّهُ مُسْلِمًا فَإِذَا هُوَ ذِمِّيٌّ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ عَدَمَ إسْلَامِهِ وَجَهِلَ أَنَّ أَمَانَهُ مَاضٍ كَأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَهُوَ فَيْءٌ أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ. (ص) وَإِنْ أُخِذَ مُقْبِلًا بِأَرْضِهِمْ وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ أَوْ بِأَرْضِنَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ أَوْ بَيْنَهُمَا رُدَّ لِمَأْمَنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَخَذْنَاهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُوَ مُقْبِلٌ إلَيْنَا فَلَمَّا ظَفَرِنَا بِهِ قَالَ لَنَا جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي مَقَالَتِهِ وَيُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ وَكَذَا إذَا أُخِذَ فِي أَرْضِنَا وَمَعَهُ تِجَارَةٌ وَدَخَلَ عِنْدَنَا بِلَا أَمَانٍ وَقَالَ لَنَا إنَّمَا جِئْت لِأَتَّجِرَ وَظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِلتُّجَّارِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ وَمِثْلُهُ إذَا أَخَذْنَاهُ بَيْنَ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَرْضِنَا، وَقَالَ جِئْت أَطْلُبَ الْأَمَانَ فَقَوْلُهُ رُدَّ لِمَأْمَنِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ جَوَابُ مَالِكٍ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَحَكَى فِي تَوْضِيحِهِ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَاجِرٌ وَكَذَا إذَا أَخَذَ بِأَرْضِهِمْ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَاجِرٌ. وَأَمَّا لَوْ أُخِذَ بِأَرْضِنَا وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَحَكَى الْحَطَّابُ خِلَافًا فِيمَا إذَا وُجِدَ بِأَرْضِنَا وَقَالَ جِئْت لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِلْفِدَاءِ هَلْ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ أَمْ لَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ خَبَرُ قَوْلِهِ شَرْطٌ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ شَرْطُ جَوَازِ الْأَمَانِ مَضْمُونُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوَى حَالَتَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَرَدَّدَ هَلْ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ أَوْ لَيْسَ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ بَلْ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ إمَّا تَحْقِيقًا أَوْ احْتِمَالًا أَقُولُ بَلْ، وَلَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الْمَصْلَحَةِ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى انْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ (قَوْلُهُ لَا فِي الصِّحَّةِ) ؛ لِأَنَّ تَخْيِيرَهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ. (قَوْلُهُ كَإِشْرَافِهِمْ عَلَى فَتْحِ حِصْنٍ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونَ أَنَّ الْأَمَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الْأَمَانِ، وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ فَاَلَّذِي يُمَثِّلُ بِهِ لِلضَّرَرِ عَلَى مَذْهَبِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَمَّنَ جَاسُوسًا مَثَلًا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي التَّأْمِينِ بَعْدَ الْإِشْرَافِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ هَلْ هُوَ تَأْمِينٌ مُطْلَقًا أَوْ كَبَعْدِ الْفَتْحِ يَكُونُ أَمَانًا لِسُقُوطِ الْقَتْلِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ هَذَا حَاصِلُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي رَدِّهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى تَخْيِيرِهِ فِي رَدِّهِ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ يَضُرُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الضَّرَرُ فِي الْحَالِ وَتُتَوَقَّعُ الْمَصْلَحَةُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا) أَيْ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ مِنَّا وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْمُؤْمِنُ كَقَوْلِهِ لِرَيِّسِ مَرْكَبِ الْعَدُوِّ أَرْخِ قَلْعَك فَظَنَّ ذَلِكَ أَمَانًا. (قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ) أَيْ عُدِمَ إسْلَامُهُ وَقِيلَ إنَّ الْمَعْنَى أَيْ تَصَوَّرَهُ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ لَا إمْضَاءَهُ وَحَيْثُ فَسَّرَ جَهْلَ الْإِسْلَامِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيَشْمَلُ اعْتِقَادَ الْإِسْلَامِ أَوْ ظَنَّهُ، وَهَلْ الشَّكُّ فِي إسْلَامِهِ أَوْ تَوَهُّمُهُ بِمَنْزِلَةِ الظَّنِّ وَالِاعْتِقَادِ أَيْ ظَنِّ الْإِسْلَامِ أَوْ اعْتِقَادِهِ فَيُمْضِيهِ أَوْ يَرُدُّهُ لِمَحَلِّهِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ اعْتِقَادِ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَنَصَّ الْمَوَّاقُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ إلَخْ يُفِيدُ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ لِمَحَلِّهِ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمَأْمَنِهِ لِصِدْقِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ التَّأْمِينِ بِمَحَلِّ خَوْفٍ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِحَيْثُ يَأْمَنُ بَلْ لِمَحَلِّهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ (فَإِنْ قُلْت) مَا وَجْهُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا عَدَا مَسْأَلَةً أَوْ جُهِلَ إسْلَامُهُ لِمَحَلِّهِ وَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَنَّهُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ قُلْنَا لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ قُوَّةُ دَعْوَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَضَعْفُهَا فِي هَذِهِ عج وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ (قَوْلُهُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ) أَيْ الصَّادِقُ بِكَوْنِهِ مَحَلَّ خَوْفٍ. (قَوْلُهُ مُقْبِلًا) حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ أُخِذَ وَجُمْلَةُ وَقَالَ جِئْت حَالِيَّةٌ عَلَى تَقْدِيرِ قَدْ وَمِثْلُهُ جُمْلَةُ وَقَالَ ظَنَنْت (قَوْلُهُ هَلْ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ أَوْ لَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بِأَرْضِنَا عُيِّنَ. قَوْلَهُ، وَإِنْ أُخِذَ بِبَلَدِنَا فَأَرْضُنَا وَبَلَدُنَا الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَالْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ أُخِذَ بِفَوْرِ دُخُولِهِ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالثَّانِي مَا قَالَهُ سَحْنُونَ مِنْ أَنَّهُ فَيْءٌ سَوَاءٌ أُخِذَ بِقُرْبِ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ فَيَرَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ إلَّا فِي الْجَاسُوسِ فَيُقْتَلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يُوجَدُ بِأَرْضِهِمْ وَتَارَةً بِأَرْضِنَا وَتَارَةً بَيْنَهُمَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقُولَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ أَوْ أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَرَاضٍ فِيمَا إذَا قَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ. وَأَمَّا إذَا قَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ وَأَخَذْنَاهُ بِأَرْضِهِمْ أَوْ بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِي أَنَّهُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ. وَأَمَّا إذَا أَخَذْنَاهُ بِأَرْضِنَا وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَيَجْرِي عَلَى مَا إذَا قَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْإِسْلَامَ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَمِثْلُ مَا إذَا قَالَ جِئْت لِلْإِسْلَامِ مَا إذَا قَالَ جِئْت لِلْفِدَاءِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 فَيَقُولُ جِئْت إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أُخِذَ بِفَوْرِ دُخُولِهِ وَحَدَثَانِ قُدُومِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَرُدَّ لِمَأْمَنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ حَتَّى طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَنَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ لِمَنْ أَخَذَهُ وَيَرَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَاسُوسٌ لِلْعَدُوِّ. (ص) ، وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فَعَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكَ إذَا أَخَذْنَاهُ فِي بَلَدِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ إلَيْنَا أَوْ أَخَذْنَاهُ فِي بَلَدِنَا وَقَدْ دَخَلَ بِلَا أَمَانٍ أَوْ أَخَذْنَاهُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التِّجَارَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ عُمِلَ عَلَيْهَا. (ص) ، وَإِنْ رُدَّ بِرِيحٍ فَعَلَى أَمَانِهِ حَتَّى يَصِلَ (ش) أَيْ، وَإِنْ رُدَّ الْمُؤْمِنُ بِرِيحٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَأْمَنِهِ فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ السَّابِقِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَأْمَنِهِ فَإِذَا قَامَ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إلْزَامُهُ الذَّهَابَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْأَمَانِ وَلَا مَفْهُومَ لِلرِّيحِ فَمَنْ رُدَّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَأْمَنِهِ، وَلَوْ اخْتِيَارًا فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَإِنْ رُدُّوا بَعْدَ بُلُوغِهِمْ مَأْمَنَهُمْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ أَوْ اخْتِيَارًا فَقِيلَ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَنْزَلَهُمْ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمْ وَقِيلَ هُمْ حِلٌّ وَقِيلَ إنْ رُدُّوا غَلَبَةً فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ، وَإِنْ رُدُّوا اخْتِيَارًا فَهُمْ حِلٌّ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُتَعَلَّقِ الْأَمَانِ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الِاسْتِئْمَانِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَأْمِينُ حَرْبِيٍّ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ يَنْصَرِفُ بِانْقِضَائِهِ فَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ إذَا مَاتَ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ وَلَمْ يُؤْسَرْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّ مَالَهُ وَدِيَتَهُ إنْ قُتِلَ يَكُونَانِ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ فِي بَلَدِنَا وَارِثٌ وَدَخَلَ إلَيْنَا عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَا عَادَةَ أَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا بِالْعُرْفِ تَنْزِيلًا لِطُولِ الْإِقَامَةِ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ الرُّجُوعِ لَوْ أَرَادَهُ، فَإِنْ وُجِدَ لَهُ وَارِثٌ فِي بَلَدِنَا سَوَاءٌ جَاءَ مَعَهُ أَمْ لَا فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِوَارِثِهِ وَارِثُهُ فِي دِينِهِمْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَدْخُلْ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا فَيُرْسَلُ لِوَارِثِهِ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا مَالُ الصُّلْحِيِّ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجِزْيَةِ. وَأَمَّا الْعَنْوِيُّ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ. (ص) وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ (ش) صُورَتُهَا حَرْبِيٌّ نَزَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَحَارَبَنَا فَأَسَرْنَاهُ ثُمَّ قَتَلْنَاهُ فَإِنَّ مَالَهُ وَوَدِيعَتَهُ يَكُونَانِ لِمَنْ أَسَرَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ بِأَسْرِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ وَالْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي الْوَدِيعَةِ مُخْتَصَّانِ بِمَا إذَا قُتِلَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ وَإِلَّا اخْتَصَّ بِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثُمَّ قُتِلَ بَلْ حَيْثُ أُسِرَ فَمَالُهُ لِآسِرْهُ سَوَاءٌ قُتِلَ بَعْدُ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ. قَوْلُهُ ثُمَّ قُتِلَ قَتَلَهُ الْآسِرُ أَوْ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْآسِرِ؛ لِأَنَّهُ بِأَسْرِهِ صَارَ رَقِيقًا لَهُ (ص) وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ وَمَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ عِنْدَنَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ عَادَتْهُمْ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا أَوْ قُتِلَ عِنْدَنَا فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ الْأَسْرِ فَإِنَّ مَالَهُ وَدِيَتَهُ لِوَارِثِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيُرْسَلُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ وَرُدَّ لِمَأْمَنِهِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ جَاءَ لَهُ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى كَذِبِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فَعَلَيْهَا) أَيْ فَالْعَمَلُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ صَدَّقَتْ قَوْلَهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَا حَاصِلُهُ إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ بِالصِّدْقِ وَلَا بِالْكَذِبِ كَانَ آمِنًا وَلَمْ يُسْتَرَقَّ أَوْ عَلَى كَذِبِهِ كَانَ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْأَخْذِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ هُمْ حِلٌّ) أَيْ فَيْءٌ خِلَافًا لِمَا فِي عب (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ رُدُّوا غَلَبَةً إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ تَأْمِينُ حَرْبِيٍّ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ يَنْصَرِفُ بِانْقِضَائِهِ) أَيْ إعْطَائِهِ الْأَمَانَ إلَّا أَنَّ هَذَا أَمَانٌ خَاصٌّ؛ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُؤَمَّنُ لِنُزُولِهِ لِأَرْضِ الْإِسْلَامِ لِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ فَإِذَا فَرَغَ سَبَبُهُ انْصَرَفَ الْأَمَانُ وَهَذَا الْقَيْدُ أَخْرَجَ بِهِ الْمُهَادَنَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ صُوَرَ الِاسْتِئْمَانِ كُلَّهَا فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَيْسَتْ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ بَلْ زَائِدَتَانِ، فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتَا زَائِدَتَيْنِ فَيَرْجِعُ لِلْأَمَانِ قُلْت هَذِهِ حَقَائِقُ اصْطِلَاحِيَّةٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ وَكَانَ مَالُهُ مَعَهُ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤْسَرْ قَبْلَ مَوْتِهِ) . وَأَمَّا لَوْ أُسِرَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَمَالُهُ لِلَّذِي أَسَرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ تَفْصِيلًا وَلَا اعْتِرَاضَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ الرُّجُوعِ لَوْ أَرَادَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا. (قَوْلُهُ وَلِقَاتِلِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَعْنَ قَوْلِهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ وَفِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ وَفِي قَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَحَلَّاتِ الثَّلَاثِ أَوْ أَنَّهَا مَحْذُوفَةٌ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعَ دِيَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ قُتِلَ ظُلْمًا فِي بَلَدِنَا (قَوْلُهُ وَلَهُ وَارِثٌ عِنْدَنَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا أُرْسِلَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ الْإِرْسَالَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ يُرَادُ بِهِ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ أَوْ قُتِلَ عِنْدَنَا فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ الْأَسْرِ) أَصْلُهَا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ قَالَ عج وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ. وَأَمَّا إذَا طَالَتْ إقَامَتُهُ أَوْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ فَلَا يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ بَلْ يَكُونُ فَيْئًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ مَالِهِ فَحَاصِلُ كَلَامِ عج أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَمَاتَ فَمَالُهُ فَيْءٌ. وَكَذَا لَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ الْأَسْرِ فَمَالُهُ فَيْءٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَقَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَوْ قُتِلَ عِنْدَنَا فِي مَعْرَكَةٍ التَّابِعُ لَهُ الشَّارِحُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 مَا ذُكِرَ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيُّ (ص) كَوَدِيعَتِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَأَفْرَدَ الْوَدِيعَةَ بِالذِّكْرِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ مَالِهِ وَقَرَنَهَا بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِتَخْصِيصِهَا بِقَوْلِهِ (وَهَلْ، وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ أَوْ فَيْءٍ قَوْلَانِ) أَيْ وَهَلْ تُرْسَلُ وَدِيعَةُ الْمُسْتَأْمَنِ الَّتِي تَرَكَهَا عِنْدَنَا وَسَافَرَ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ قُتِلَ فِي مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ أَوْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيْءٌ لَا تُرْسَلُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ وَحُكْمُ دُيُونِهِ عَلَيْنَا حُكْمُ وَدِيعَتِهِ. (ص) وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا غَنِمَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي غَيْرِهَا سِلَعًا ثُمَّ قَدِمَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ تِلْكَ السِّلَعُ الَّتِي غَنِمَهَا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَالِك تِلْكَ السِّلَعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْمَنِ وَأَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا، إمَّا لِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِيلَائِهِمْ، أَوْ أَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ؛ لِأَنَّ بِشِرَائِهَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْمَالِكِ. وَأَمَّا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَفْدِيهَا بِذَلِكَ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ مَلَكَ السِّلَعَ بِالْأَمَانِ يَعْنِي أَنَّ الْأَمَانَ يُحَقِّقُ لَهُ الْمِلْكَ عَلَى تِلْكَ السِّلَعِ وَيَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْهُمْ كَمَا فِي ح (ص) وَفَاتَتْ بِهِ   [حاشية العدوي] أَوْ الْعَادَةُ التَّجْهِيزُ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَيُرْسَلُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ لِوَارِثِهِ (أَقُولُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ الْإِقَامَةَ فَحَمْلُ عج بَعِيدٌ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إذَا قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ يُرْسَلُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ لِوَارِثِهِ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ حَارَبَنَا وَقُتِلَ فِي تِلْكَ الْمَعْرَكَةِ فَالْوَاجِبُ الْقَطْعُ لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ) هَذَا لِلدَّمِيرِيِّ إلَّا أَنَّ نُصُوصَهُمْ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَالِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَلْ يُبْعَثُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ إلَى بَلَدِهِ (قَوْلُهُ كَوَدِيعَتِهِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي صِحَّتُهُ. (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ كَالْأُولَى الَّتِي هِيَ حِلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ قَالَ عج فَالْمَعْنَى أَنَّ وَدِيعَتَهُ حَيْثُ مَاتَ عِنْدَنَا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ فَيْءٌ إنْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ، وَلَوْ حُكْمًا، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِنَا وَمَاتَ بِبَلَدِهِ فَإِنَّهَا تُرْسَلُ لِمَنْ يُرْسَلُ لَهُ مَالُهُ وَكُلُّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُقَاتِلْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ قَاتَلَهُمْ، فَإِنْ أُسِرَ كَانَ غَنِيمَةً حَيْثُ كَانَ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ مُسْتَنِدًا لَهُ وَإِلَّا اخْتَصَّ بِهَا وَسَوَاءٌ قُتِلَ بَعْدَ الْأَسْرِ أَوْ مَاتَ أَوْ بِيعَ فِي الْمَغَانِمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ق أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُتِلَ دُونَ أَسْرٍ فَهَلْ يَكُونُ فَيْئًا أَوْ يُرْسَلُ لِمَنْ يُرْسَلُ لَهُ مَالُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ، وَإِنْ قُتِلَ إلَخْ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ (قَوْلُهُ لِتَخْصِيصِهَا بِقَوْلِهِ وَهَلْ وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ) مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ حَيْثُ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ، وَلَوْ حُكْمًا فَإِنَّهَا تَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فَيْئًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ عَدَمِ الْمُقَاتَلَةِ فَمَعَ الْمُقَاتِلَةِ أَوْلَى اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ فَمَالُهُ وَوَدِيعَتُهُ فَيْءٌ إذَا لَمْ يُقْتَلْ فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَأَوْلَى لَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِدُونِ أَسْرٍ. وَأَمَّا مَا مَعَ الْأَسْرِ فَمَالُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِآسِرِهِ. وَأَمَّا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَمَالُهُ الَّذِي مَعَهُ يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ، وَلَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ وَكَذَا دِيَتُهُ. وَأَمَّا وَدِيعَتُهُ الَّتِي عِنْدَنَا فَفِيهَا قَوْلَانِ هَلْ تُرْسَلُ لِوَارِثِهِ أَوْ تَكُونُ فَيْئًا هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّيْخِ سَالِمٍ عَلَى تَقْيِيدِ عج السَّابِقِ (أَقُولُ) هَذَا لَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَالْمَالُ الَّذِي بِيَدِهِ غَنِيمَةٌ وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ. وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ فَيُقَالُ إنَّمَا جَرَى فِيهَا قَوْلٌ بِأَنَّهَا تُرْسَلُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ بَلْ هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَنَا وَكَيْفَ يُعْقَلُ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ يُرْسَلُ الْوَدِيعَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِيَدِهِ فِيهَا الْقَوْلَانِ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَا بِيَدِهِ غَنِيمَةٌ. وَأَمَّا وَدِيعَتُهُ فَيَجْرِي فِيهَا قَوْلٌ بِالْإِرْسَالِ لِكَوْنِهِ أَبْقَاهَا عِنْدَنَا أَمَانَةً وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عج مُوَافِقًا فَذَكَرَ مَا نَصُّهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَالَ الْمُؤَمَّنِ الَّذِي مِنْهُ وَدِيعَتُهُ إنْ قَاتَلَ ثُمَّ أُسِرَ فَهُوَ لِمَنْ أَسَرَهُ سَوَاءٌ قُتِلَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ أَمْ لَا وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي أَسَرَهُ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ مُسْتَنِدًا لَهُ وَإِلَّا كَانَ غَنِيمَةً وَلَيْسَ لِأَرْبَابِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ تَعَلُّقٌ فِي مَالِهِ الَّذِي بِيَدِهِ وَيُقَدَّمُونَ عَلَى مَنْ أَسَرَهُ فِي وَدِيعَتِهِ فَقَدْ افْتَرَقَتْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذَا وَالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ. وَأَمَّا إنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ فَهَلْ تَكُونُ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا أَوْ تُرْسَلُ لِوَرَثَتِهِ قَوْلَانِ. وَأَمَّا مَالُهُ الَّذِي مَعَهُ فَإِنَّهُ حَيْثُ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ يَكُونُ فَيْئًا أَيْ غَنِيمَةً مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَإِنَّهُ يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ كَمَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يُؤْسَرْ وَلَمْ يُقْتَلْ فِي مَعْرَكَةٍ فَمَالُهُ فَيْءٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِقَامَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ الْمَوَّاقِ الْمُفِيدَ لِبَعْضِ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ الَّتِي تَرَكَهَا عِنْدَنَا) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ الْوَدِيعَةَ الْعُرْفِيَّةَ بَلْ الْمُرَادُ الْمَالُ الَّذِي تَرَكَهُ عِنْدَنَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ أَوْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيْءٌ) أَيْ غَنِيمَةٌ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْكَرَاهَةِ بَلْ رُبَّمَا يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ بَلْ هَذِهِ مَوْجُودَةٌ، وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ الْمَالِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ وَحْدَهُ تَكُونُ بِرُخْصٍ فَيَنْتَفِي ذَلِكَ نَعَمْ رُدَّ بِوَجْهٍ آخَرَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إجْمَاعًا شِرَاءُ أَمْتِعَتِهِمْ وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لَهُمْ. (قَوْلُهُ وَاسْتِيلَائِهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَسْلِيطٍ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً) أَيْ يَكُونُونَ بِهَا أَهْلَ قُوَّةٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ التَّسْلِيطُ إلَّا أَنَّ الشَّأْنَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسْلِيطِ الْقُوَّةُ إلَّا أَنَّ الشَّأْنَ ذَلِكَ (أَقُولُ) لَا تَظْهَرُ تِلْكَ الْعِلَّةُ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِكَوْنِهِ رَبَّهَا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْهُمْ) عِبَارَةُ الْحَطَّابِ فَرْعٌ وَيَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 وَبِهِبَتِهِمْ لَهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي فَاتَتْ يَرْجِعُ لِلسِّلَعِ وَفِي بِهِ يَرْجِعُ لِلْبَيْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا بَاعَ السِّلَعَ لِغَيْرِ مَالِكِهَا بَعْدَ قُدُومِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ وَهَبَهَا لِأَحَدٍ بَعْدَ عَهْدِهِ وَقُدُومِهِ إلَيْنَا فَإِنَّهَا تَفُوتُ عَلَى مَالِكِهَا بِذَلِكَ وَلَيْسَ لِمَالِكِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَلَا مِمَّنْ وُهِبَتْ لَهُ جَبْرًا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ يُحَقِّقُ مِلْكَهُمْ وَلِأَنَّهُ بِالْعَهْدِ صَارَتْ لَهُ حُرْمَةٌ لَيْسَتْ لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِي الْمُقَاسَمِ أَوْ بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ بَعْدَهُ أَخَذَهُ بِثَمَنِهِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ وَعِنْدَ قَوْلِهِ آخِرَ الْبَابِ وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ مَجَّانًا وَبِعِوَضٍ بِهِ إنْ لَمْ يَبِعْ فَيَمْضِي وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ. (ص) وَانْتُزِعَ مَا سَرَقَ ثُمَّ عِيدَ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ ثُمَّ سَرَقَ فِي زَمَنِ عَهْدِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ وَخَرَجَ بِهِ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ مَا سَرَقَهُ أَوْ عَادَ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ جَمِيعُ مَا سَرَقَهُ وَلِذَا بَنَى الْمُؤَلِّفِ عِيدَ لِلْمَجْهُولِ لَكِنْ إذَا عَادَ هُوَ بِهِ قُطِعَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يُقْتَلُ إنْ قَتَلَ ثُمَّ هَرَبَ وَلَا يُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهُ أَمَانَهُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ مُتَعَلِّقٌ بِانْتَزَعَ. (ص) لَا أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ إذَا قَدِمُوا إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُمْ مُسْلِمُونَ غَنِمُوهُمْ مِنَّا فَإِنَّهُمْ لَا يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا بِهِمْ إلَى بَلَدِهِمْ وَسَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا مِنْ الْأَحْرَارِ أَوْ مِنْ الْعَبِيدِ وَلَهُمْ وَطْءُ إنَاثِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَبِهِ الْعَمَلُ وَبِعِبَارَةٍ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَمَانَ يُحَقِّقُ لَهُمْ الْمِلْكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ دَرَاهِمَ تُمْلَكُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ وَإِنَّمَا لَهُمْ شُبْهَةُ مِلْكٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ آخَرُ إنَّهُمْ يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَبِهِ الْعَمَلُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا غَنِمُوهُ مِنَّا لَا فِيمَا سُرِقَ ثُمَّ عِيدَ بِهِ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ وَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ يَجِبُ كَتْمُهُ. (ص) وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ كُلَّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا قَدِمَ بِهَا أَوْ أَقَامَ بِبَلَدِهِ إلَّا الْحُرَّ الْمُسْلِمَ وَمِثْلُهُ اللُّقَطَةُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَجَّانًا وَكَذَا مَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ حُبِسَ وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى مِلْكِهِ لِمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةِ مِلْكٍ مَا لِلسَّيِّدِ فِيهِ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ مَالٍ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ أَخَذَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (ص) وَفُدِيَتْ أُمُّ الْوَلَدِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَفْدِيَهَا مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ إسْلَامِهِ لِشَبَهِهَا بِالْحُرَّةِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ، فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلَّا اتَّبَعَتْ ذِمَّتَهُ وَالْقَيِّمَةُ عَلَى أَنَّهَا قِنٌّ وَقَوْلُهُ وَفُدِيَتْ إلَخْ إلَّا أَنْ تَمُوتَ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا وَبِعِبَارَةٍ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَنْ ذَكَرَ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ أَسْلَمَ عَلَيْهِمْ الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ وَقَدِمَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَمْ لَا وَبِيَدِهِ أُمُّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُفْدَى مِنْ مَالِ سَيِّدِهَا وَالْمُدَبَّرُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَبَيَانُ حُكْمِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا إذَا غَنِمُوا وَقَسَمُوا وَتَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ حُكْمَهُمْ إذَا قَدِمَ بِأَمَانٍ وَهُوَ بِيَدِهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَبْقَوْنَ بِيَدِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُكَاتَبِ إذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى كِتَابَتِهِ وَيَسْتَوْفِيهَا مَنْ أَسْلَمَ وَهُوَ بِيَدِهِ، فَإِنْ وَفَّى الْكِتَابَةَ خَرَجَ حُرًّا وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا رَقَّ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ. (ص) وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ وَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا بِيَدِ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ وَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ وَمُكَاتَبٌ فَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ مُدَّةَ حَيَاةِ سَيِّدِهِ الَّذِي   [حاشية العدوي] مِنْهُمْ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَوْلَادَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَهْلِ الشِّرْكِ. (قَوْلُهُ وَبِهِبَتِهِمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِ الْهِبَةِ وَلَيْسَتْ كَالشِّرَاءِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاؤُهُ سِلْعَةً وَاتِّهَابُهُمْ أَيْ قَبُولُ الْهِبَةِ وَبَعْضُهُمْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَمِثْلُ الْهِبَةِ الصَّدَقَةُ أَيْ إنْ تَحَقَّقَ الْقَصْدُ مِنْهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَمْ يُتَصَوَّرْ صَدَقَةٌ مِنْهُمْ ك. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ الْمُعَاهَدُ إنْ سَرَقَ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ ادَّعَوْا الْقُدُومَ بِأَمَانٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْزَعُونَ إلَخْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَهُمْ وَطْءُ إنَاثِهِمْ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ) هَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ أَنَّهُمْ يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ) أَيْ بِالْقِيمَةِ وَعِبَارَةُ بَعْضٍ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ وَيُجْبَرُونَ عَلَى الْبَيْعِ اهـ وَمُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِالْبَيْعِ أَخْذُ الْقِيمَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ) لِمَا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَمْلِكُ غَيْرُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَفَادَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ الشِّرَاءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ اللُّقَطَةُ) أَيْ وَالْمَسْرُوقُ كَذَا فِي عب وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ لَهُمْ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا إذَا أَخَذُوهُ عَلَى طَرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ حُبِسَ) . وَأَمَّا مَا احْتَمَلَ ذَلِكَ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ لَا قَوْلَانِ أَيْ كَفَرَسٍ فِي فَخِذِهِ لِلسَّبِيلِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ يَكْتُبُ الرَّجُلُ ذَلِكَ لِيَمْنَعَهُ مِنْ النَّاسِ وَمُقْتَضَى عب وعج تَرْجِيحُ الثَّانِي فِيمَا وُجِدَ بِغَنِيمَةٍ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا أَسْلَمَ عَلَيْهِ هُنَا وَكَذَا لَا يَمْلِكُ بِإِسْلَامِهِ مَا تَسَلَّفَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، وَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ أَوْ الْإِجَارَةُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ وَفُدِيَتْ أُمُّ الْوَلَدِ) فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَلَكَهُ وَاسْتَمَرَّ مِلْكُهُ إلَّا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَلَا يَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا مِلْكُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَلِيئًا) الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَمُوتَ إلَخْ) ، فَإِنْ مَاتَتْ انْقَضَى الْأَمْرُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهَا بِشَيْءٍ وَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا خَرَجَتْ حُرَّةً بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدِمَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَمْ لَا) أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 دَبَّرَهُ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ وَلَا يَتْبَعُهُ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْهُ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثَ إلَّا بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُرَقُّ بَاقِيهِ لِهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ عَتَقَ وَلَا يَتْبَعُهُ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ مِنْهُ الْخِدْمَةَ فَقَطْ كَالْمُدَبَّرِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُتْبَعُونَ بِشَيْءٍ) فَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَلِلْمُدَبَّرِ وَلِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الَّذِي يُنْزَعُ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ مَجَّانًا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَسَحْنُونٌ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا يُتْبَعُونَ بِشَيْءٍ حَيْثُ كَانَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ عَاوَضَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَلَا يُتْبَعُونَ بِشَيْءٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا رَقَّ لِهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَلِوُضُوحِ أَمْرِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ. (ص) وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَبَّرَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَرِقُّ مُقَابِلَ الدَّيْنِ لِلْمُسْتَأْمَنِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَتْرُكْ سَيِّدُهُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ فَقَطْ وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْمُسْتَأْمَنِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ فِيمَا يَسْتَغْرِقُهُ دُيُونُهُمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَلَا خِيَارَ لِوَارِثِ السَّيِّدِ فِيمَا رَقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ لِلْمُسْتَأْمَنِ أَوْ أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ لَهُ. (ص) وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَنِيمَةَ إذَا حِيزَتْ وَصَارَتْ بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمْ سَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا كَانَ دُونَ حَقِّهِ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ فَوْقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ عَلَى الْمَذْهَبِ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَمْ تَدْرَأْ الْحَدَّ، وَكَذَلِكَ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ قَبْلَ حَوْزِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فَقَوْلُهُ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ رَاجِعٌ لِلسَّرِقَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ اُعْتُبِرَ فِيهَا الْحَوْزُ وَحَوْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ. وَلَمَّا كَانَتْ أَمْوَالُ الْكُفَّارِ الْمَأْخُوذَةُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا مُلِكَ مِنْ مَالِ الْكَافِرِ غَنِيمَةٌ وَمُخْتَصٌّ وَفَيْءٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْغَنِيمَةِ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْضَ الْمَفْتُوحَ بَلَدُهَا عَنْوَةً تَصِيرُ وَقْفًا لِلْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى حُكْمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا تُقَسَّمُ بَيْنَ الْجَيْشِ كَغَيْرِهَا مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ لِفِعْلِ عُمَرَ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ بِلَالًا وَأَصْحَابَهُ سَأَلُوا عُمَرَ فِي قَسْمِ الْأَرْضِ الْمَأْخُوذَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ) وَانْظُرْ إذَا عَلِمَ كَوْنَهُ مُدَبَّرًا وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى بِيَدِ مَنْ أَسْلَمَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةِ تَعْمِيرِ سَيِّدِهِ مَعَ تَقْدِيرِ كَوْنِ سِنِّهِ وَسَطًا ثُمَّ يَخْرُجُ حُرًّا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى إلَخْ) بَلْ لَهُ مَعْنَى وَهُوَ الرَّدُّ عَلَى الْمُقَابِلِ وَهُوَ ابْنُ شَعْبَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَإِنَّهُمَا قَائِلَانِ بِأَنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ يُسْتَرَقُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْخُذُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَنْدَلُسِيُّ بِعِوَضٍ. (قَوْلُهُ لِلْمُسْتَأْمَنِ) الْأَوْلَى لِلَّذِي أَسْلَمَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ يَقْطَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرْبِيَّةٍ) أَيْ لَمْ يَغْتَنِمْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ ذَاتُ مَغْنَمٍ حَرْبِيَّةٍ غَنِمْنَاهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) يُتَبَادَرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلتَّعْمِيمِ وَأَنَّ هُنَاكَ مَفْصِلًا بَيْنَ كَثْرَةِ الْجَيْشِ وَقِلَّتِهِ فَيُحَدُّ إذَا كَثُرَ الْجَيْشُ وَلَا يُحَدُّ إذَا قَلَّ. (قَوْلُهُ غَنِيمَةٌ وَفَيْءٌ وَمُخْتَصٌّ) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ الْغَنِيمَةُ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا اهـ قَوْلُهُ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَيْ مَا مُلِكَ بِقِتَالٍ احْتِرَازًا مِمَّا مُلِكَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا لِيَدْخُلَ بِهِ مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَمَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ فَهُوَ فَيْءٌ وَصَرَّحَ الْبَاجِيُّ بِأَنَّهُ مَا انْجَلَى بَعْدَ خُرُوجِ الْجَيْشِ وَقَبْلَ نُزُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ وَالْمُخْتَصُّ بِأَخْذِهِ مَعْنَاهُ وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَافِرٍ الْمُسَمَّى بِالْمُخْتَصِّ يَأْخُذُهُ وَلَا يُسَمَّى غَنِيمَةً وَلَا فَيْئًا مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ غَيْرِ مُؤَمَّنٍ دُونَ عِلْمِهِ أَوْ كُرْهًا دُونَ صُلْحٍ وَلَا قِتَالِ مُسْلِمٍ وَلَا قَصَدَهُ بِخُرُوجٍ إلَيْهِ مُطْلَقًا عَلَى رَأْيٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ مِنْ أَحْرَارِ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ عَلَى رَأْيِ قَوْلِهِ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ وَغَيْرَهَا وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُؤَمَّنٍ لِيُخْرِجَ بِهِ مَا أُخِذَ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ، وَقَوْلُهُ دُونَ عِلْمِهِ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا وَهَبَهُ الْحَرْبِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ كُرْهًا يَعُمُّ الصُّلْحَ وَغَيْرَهُ فَأَخْرَجَ بِهِ الْمُصَالَحِينَ بِقَوْلِهِ دُونَ صُلْحٍ. وَقَوْلُهُ وَلَا قِتَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْغَنِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا لِأَجْلِ الْقِتَالِ وَقَوْلُهُ وَلَا قَصَدَهُ أَخْرَجَ بِهِ إذَا كَانَ الْمَالُ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَصَدَ الْقِتَالَ أَوْ انْجَلَى أَهْلُ الْمَالِ فَلَا يَخْتَصُّ بِأَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثَالُ الْمُخْتَصِّ بِأَخْذِهِ الدَّاخِلُ فِي حَدِّهِ مَا هَرَبَ بِهِ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَ بِمَالِهِ أَوْ مَا غَنِمَهُ الذِّمِّيُّونَ قَوْلُهُ مُطْلَقًا عَلَى رَأْيٍ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فَإِنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الْمُحَارَبِينَ الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ غَنِيمَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا غَنِمَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مُخْتَصٌّ بِهِمْ وَمَا غَنِمَهُ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ لَا يَكُونُ غَنِيمَةً وَيَخْتَصُّ بِهِمْ وَقِيلَ يُخَمَّسُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَيْ فَيَحْتَاجُ لِحُكْمٍ أَيْ لَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى تُوقَفَ فَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى حُكْمٍ أَيْ حُكْمٍ بِالْوَقْفِيَّةِ أَيْ لَا تَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ وَقْفِيَّةِ فَلَفْظُ الْحُكْمِ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَذْكُرُ لَك مَا قَالَهُ مُحَشِّي تت. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْفِهَا تَرْكُهَا غَيْرَ مَقْسُومَةٍ لَا الْوَقْفُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ وَهُوَ التَّحْبِيسُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ كَانَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَوْ كَانَ بَعْدَ تَطْيِيبِ نُفُوسِ الْمُجَاهِدِينَ (قَوْلُهُ لِفِعْلِ عُمَرَ) قَالَ فِي ك وَمَعْنَى أَوْقَفَهَا عُمَرُ أَظْهَرَ وَقْفَهَا وَنَازَعَ فِيهِ وَأَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُرَاعَاةُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَسَمَهَا ثُمَّ نَزَلَ بِالْإِمَامِ أَمْرٌ كَتَجْهِيزِ الْجُيُوشِ وَالْعَسَاكِرِ مَثَلًا لِلْقِتَالِ لَا يَجِدُ مَا يُجَهِّزُهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 عَنْوَةً فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَكَانَ بِلَالٌ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَيْهِ كَلَامًا فَزَعَمَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ فَلَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَلَاهُ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَقَدْ غَنِمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَنَائِمَ وَأَرَاضِيَ فَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَسَمَ مِنْهَا إلَّا خَيْبَرَ وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ السَّلَفِ وَبِعِبَارَةٍ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَوَاتٍ مَا عَدَا أَرْضَ الدُّورِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ دُورَهُمْ تُقْسَمُ عَلَى حُكْمِ الْغَنِيمَةِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تُقْسَمُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَأَرْضُهَا وَبُنْيَانُهَا وَقْفٌ وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ فَلَيْسَتْ كَأَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَلَوْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا وَقْفٌ فَيَمْضِي حَيْثُ قَسَمَهَا مَنْ يَرَى قَسْمَهَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً. (ص) وَخُمُسُ غَيْرِهَا إنْ أُوجِفَ عَلَيْهِ (ش) قَدْ عَلِمْت حُكْمَ الْأَرْضِ الْعَنْوَةِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ الْمَالِ وَالْكُرَاعِ أَيْ الْخَيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ أَيْ يَقْسِمُهُ الْإِمَامُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ الْخُمُسُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] وَالْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَقَسْمُ الْأَرْبَعَةِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ إلَخْ لَكِنْ شَرْطُ التَّخْمِيسِ الْمَذْكُورِ الْإِيجَافُ عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ أَيْ الْإِبِلِ أَيْ يَكُونُ الْقِتَالُ سَبَبًا فِي أَخْذِهِ (ص) فَخَرَاجُهَا وَالْخُمُسُ وَالْجِزْيَةُ لِآلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ تُوقَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُقْسَمُ. وَأَمَّا خَرَاجُهَا إنْ أُقِرَّتْ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِهَا لِعِمَارَتِهَا أَوْ سُوقُوا عَلَى سَوَادِهَا وَالْخُمُسُ الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَيْ الْخُمُسُ الْخَارِجُ بِالْقُرْعَةِ مِنْ غَنِيمَةٍ أَوْ رِكَازٍ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي نُدْرَتِهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ وَالْفَيْءِ وَالْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ وَالصُّلْحِيَّةِ وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَخَرَاجِ أَرْضِ الصُّلْحِ مَحَلُّهُ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِي مَصَارِفِهِ بِاجْتِهَادِهِ فَيَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِآلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ ثُمَّ يَصْرِفُ لِلْمَصَالِحِ أَيْ الْعَائِدِ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْغَزْوِ وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَعَقْلِ الْجِرَاحِ وَتَزْوِيجِ الْأَعْزَبِ وَنَحْوِهِمْ وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْفَيْءَ لَا يَلْزَمُ تَخْمِيسُهُ. (ص) وَبُدِئَ بِمَنْ فِيهِمْ الْمَالُ وَنُقِلَ لِلْأَحْوَجِ الْأَكْثَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ عِنْدَ الْقَسْمِ لِلْفَيْءِ وَمَا فِي حُكْمِهِ يَبْدَأُ بِمَنْ جَبَى فِيهِمْ حَتَّى يَغْنَوْا غِنَى سَنَةٍ ثُمَّ يَنْقُلَ مَا فَضَلَ لِغَيْرِهِمْ أَوْ وُقِفَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْحَاجَةُ فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرُ فُقَرَاءِ الْبَلَدِ أَكْثَرَ حَاجَةً فَإِنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْقَلِيلَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي جَبَى فِيهِمْ الْمَالَ ثُمَّ يَنْقُلُ الْأَكْثَرَ لِغَيْرِهِمْ، وَقَوْلُهُ وَنُقِلَ لِلْأَحْوَجِ وُجُوبًا الْأَكْثَرُ وَقَوْلُهُ وَبُدِئَ إلَخْ الْبُدَاءَةُ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُنَافِي الْبُدَاءَةَ لِآلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبْلَ ذَلِكَ فَالْبُدَاءَةُ بِآلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَقِيقِيَّةٌ. (ص) وَنُفِلَ مِنْهُ السَّلَبُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَزَعَمَ) أَيْ فَقَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ زَعَمَ الَّتِي هِيَ مَطِيَّةُ الْكَذِبِ (قَوْلُهُ إلَّا خَيْبَرَ) لَعَلَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ لَمْ نَعْلَمْ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الدُّورَ وَقْفٌ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الدُّورَ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ فَإِذَا انْهَدَمَتْ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ وَبَنَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ دُورًا غَيْرَهَا فَهَذِهِ الْأَبْنِيَةُ لَا تَكُونُ وَقْفًا وَالْأَرْضُ بَاقِيَةٌ عَلَى وَقْفِيَّتِهَا. (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ إلَخْ) وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا. (قَوْلُهُ إنْ أَوْجَفَ عَلَيْهِ) أَيْ قُوتِلَ عَلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا انْجَلَى الْعَدُوُّ بَعْدَ دُخُولِ الْجَيْشِ بِلَادَهُ (قَوْلُهُ أَوْ سُوقُوا عَلَى سَوَادِهَا) أَيْ جَعَلُوا مُسَاقَاةً عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْمُرَادُ بِالسَّوَادِ الْأَشْجَارُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ لِعِمَارَتِهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ لِعِمَارَتِهَا أَوْ لِلْمُسَاقَاةِ عَلَى سَوَادِهَا أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى إنْ أُقِرَّتْ، فَإِنْ قُلْت إذَا أُقِرَّتْ بِأَيْدِي أَهْلِهَا لِلْمُسَاقَاةِ عَلَى سَوَادِهَا فَأَيْنَ الْخَرَاجُ قُلْت يُرَادُ بِالْخَرَاجِ مَا يَشْمَلُ الثِّمَارَ الَّتِي عَلَى الْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِآلِ النَّبِيِّ إلَخْ) وَيُوَفِّرُ نَصِيبَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ سَبْعَةٌ وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَحْوَجِ فَالْأَحْوَجِ أَيْ فَالتَّرْتِيبُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَعَقْلِ الْجِرَاحِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَاقِلَةٌ. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِمْ) كَإِعَانَةِ مُحْتَاجٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَلَوْ احْتَاجَ لِجَمِيعِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِمَنْ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ بَعْدَ آلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ بِمَنْ جَبَى فِيهِمْ) الْمَالَ أَيْ فِي بَلَدِهِمْ الْخَرَاجَ أَوْ الْخُمُسَ أَوْ الْجِزْيَةَ ك أَيْ بِاعْتِبَارِ كُلِّ بَلْدَةٍ جُبِيَ بِهِ الْمَالُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ بَلَدٍ لَا الْمَدِينَةُ كَرَشِيدٍ وَإِسْكَنْدَرِيَّة مِنْ إقْلِيمِ مِصْرَ (قَوْلُهُ حَتَّى يَغْنَوْا غِنَى سَنَةٍ) قَالَ فِي ك وَتَقَدَّمَ فِي آلِهِ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ أَيْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَبُدِئَ إلَخْ أَيْ بَعْدَ الْإِشْرَافِ (قَوْلُهُ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ هَذَا أَيْ مَحَلُّ إعْطَائِهِمْ مَا يُغْنِيهِمْ غِنَى سَنَةٍ إذَا اسْتَوَتْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْقَلِيلَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْنَوْا بِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ حَتَّى يَغْنَوْا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ أَحْوَجَ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ وَنَفَلَ مِنْهُ السَّلَبَ) السَّلَبَ مَفْعُولُ نَفَلَ خِلَافًا لعب فَإِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ مَزِيدٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ تَوْضِيحِ مَا فِي الْمَقَامِ الَّذِي تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَدَلَّ عَلَيْهِ النَّفَلُ أَنَّ السَّلَبَ قِسْمَانِ كُلِّيٌّ وَجُزْئِيٌّ فَالْكُلِّيُّ هُوَ الْمُشَارُ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَالسَّلَبُ إذَا أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا إلَيْهِ وَالْجُزْئِيُّ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَسَيْفٍ وَنَحْوِهِ يُعْطِيهِ لِلْمُقَاتِلِ وَكُلٌّ يُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالْمُصَنِّفُ لَمَّا قَالَ السَّلَبُ فُهِمَ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يُنْفَلُ إلَّا الْكُلِّيُّ وَلَا يُنْفَلُ الْجُزْئِيُّ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَوْ حُذِفَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 لِمَصْلَحَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّفَلَ فِي الشَّرْعِ هُوَ الزِّيَادَةُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَزِيدَ مِنْ الْخُمُسِ وَهُوَ مَرْجِعُ ضَمِيرِ مِنْهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ أَيْ يَزِيدُ مَا يَرَى زِيَادَتَهُ إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَقُوَّةِ بَطْشِ الْآخِذِ وَشَجَاعَتِهِ أَوْ يَرَى ضَعْفًا مِنْ الْجَيْشِ فَيُرَغِّبُهُمْ بِذَلِكَ فِي الْقِتَالِ لَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، فَإِنْ اسْتَوَوْا نَفَلَ جَمِيعَهُمْ أَوْ تَرَكَ وَلَا يَنْفُلُ بَعْضَهُمْ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفْضِيلِ إنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمْ وَالسَّلَبُ بِالتَّحْرِيكِ أَيْ الَّذِي سَلَبْنَاهُ مِنْهُمْ وَغَيْرُ السَّلَبِ يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ مِنْ بَابِ أَوْلَى فَلَوْ قَالَ وَنَفَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّلَبَ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ. (ص) وَلَمْ يَجُزْ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ السَّلَبُ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ لِلْمُجَاهِدِينَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدُوِّ هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ نِيَّاتِهِمْ وَإِلَى فَسَادِهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَهَالِكِ لِأَجْلِ الْغَرَضِ الدُّنْيَوِيِّ فَيَصِيرُ قِتَالُهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ لِكَوْنِهِ قَاتَلَ لِأَجْلِ الْغَنِيمَةِ، أَمَّا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدُوِّ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ وَمَنْ فَاعَلَ يَجُزْ أَيْ لَمْ يَجُزْ هَذَا اللَّفْظُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَالْمُرَادُ لَمْ يَجُزْ هَذَا اللَّفْظُ وَمَا رَادَفَهُ وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُ (ص) وَمَضَى إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ قَبْلَ الْمَغْنَمِ (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ جَوَازِ قَوْلِ الْإِمَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى إبْطَالِهِ قَبْلَ جَوَازِ الْمَغْنَمِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حِينَئِذٍ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَتَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ سَلَبِ الْمَقْتُولِ وَلَهُ سَلَبُ مَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْإِبْطَالِ وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ بَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَسْبَابِ مَا رَتَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ. (ص) وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبٌ اُعْتِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ الْمُسْلِمُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ الْمُعْتَادُ وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ حَالَ الْحَرْبِ كَفَرَسِهِ وَدِرْعِهِ وَسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَمِنْطَقَتِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ حِلْيَةٍ وَفَرَسِهِ الْمَرْكُوبِ لَهُ أَوْ الْمَمْسُوكِ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَدَابَّةٍ لَا يُخَالِفُهُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى دَابَّةٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ الْمُسْلِمِ أَنَّ الذِّمِّيَّ الَّذِي مَعَ الْجَيْشِ لَا سَلَبَ لَهُ إذَا قَتَلَ قَتِيلًا أَمَّا إذَا أَجَازَهُ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ وَيَمْضِي ذَلِكَ وَلَا يَتَعَقَّبُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَته امْرَأَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنْ يُحْكَمَ بِذَلِكَ لَهَا فَيَمْضِيَ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِهِ مُسْلِمٌ بَلْ زَادَ قَوْلَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَهُوَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ بِخِلَافِ الثَّانِي لِاعْتِبَارِهِ لُزُومًا (ص) لَا سِوَارَ وَصَلِيبَ وَعَيْنَ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ اُعْتِيدَ، وَمِثْلُ الْعَيْنِ وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ طَوْقُهُ وَقُرْطُهُ الَّذِي فِي أُذُنَيْهِ وَتَاجُهُ الَّذِي عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] السَّلَبُ لَكَانَ أَشْمَلَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْكُلِّيَّ وَالْجُزْئِيَّ وَكُلٌّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ مَحْسُوبٌ مِنْ الْخُمُسِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النَّفَلُ مَا يُعْطِي الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحَقًّا لِمَصْلَحَةٍ وَهُوَ جُزْئِيٌّ وَكُلِّيٌّ فَالْأَوْلَى مَا يَثْبُتُ لِإِعْطَائِهِ بِالْفِعْلِ وَالثَّانِي مَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ قَالَ الْقَاضِي فِي التَّنْبِيهَاتِ وَالنَّفَلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا مَعًا الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ وَمِنْهُ نَافِلَةُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفْضِيلِ إنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي السَّلَبِ الْكُلِّيِّ (قَوْلُهُ أَيْ الَّذِي سَلَبْنَاهُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ ذَوَاتِهِمْ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبٌ اُعْتِيدَ. وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ السَّلَبِ أَيْ كَأَنْ يُعْطِيَ الْإِمَامُ ذَلِكَ الْمُقَاتِلَ سِوَارًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْغَنِيمَةِ لِلْمُقَاتِلِ وَكُلٌّ مَحْسُوبٌ مِنْ الْخُمُسِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ وَنَفَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخُمُسِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّلَبَ أَيْ الَّذِي هُوَ الْكُلِّيُّ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) لِتَنَاوُلِهِ السَّلَبَ الْجُزْئِيَّ وَالْكُلِّيَّ وَالسَّلَبُ فِي الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الْكُلِّيِّ هَذَا مَعْنَاهُ فَلَا تَكُنْ مِنْ الْقَاصِرِينَ وَاسْأَلْ اللَّهَ حَقَّ الْيَقِينِ وَصُحْبَةَ النَّبِيِّينَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ مِمَّا هُوَ مَوْضُوعٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْجِزْيَةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُنْفَلُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مِنْ السَّلَبِ اهـ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إذَا عَبَّرَ بِلَا يَجُوزُ فَمُرَادُهُ الْحُرْمَةُ هَذِهِ قَاعِدَتُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَالْمُصَنِّفُ مُفِيدٌ لِلْحُرْمَةِ وَبَعْضُهُمْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ عب أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ) أَمَّا لَوْ انْقَضَى الْقِتَالُ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا إلَخْ مَنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ) وَمِثْلُهُ وَالِي الْجَيْشِ وَمِثْلُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مَنْ جَاءَنِي بِشَيْءٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ خَيْلٍ فَلَهُ رُبْعُهُ مَثَلًا أَمَّا الْجُعْلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ السَّلَبِ مِنْ السُّلْطَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ) إذْ ثَمَّ مَنْ أَجَازَهُ كَأَحْمَدَ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ) أَيْ بَعْدَ حَوْزِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ الشَّارِحِ وَالْمَغْنَمُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ أَمْوَالُ الْمَغَانِمِ اهـ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ الْغَنِيمَةُ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى دَابَّةٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ) بِأَنْ تَكُونَ بِيَدِ غُلَامِهِ غَيْرَ مُهَيَّأَةٍ لِلْقِتَالِ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ جَنِيبًا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَتْهُ امْرَأَةٌ إلَخْ) أَيْ فَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ الْقَاتِلَةُ لَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَكَذَا بَاقِي مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَعَلَى هَذَا فَالْمَرْأَةُ الَّتِي يُسْهَمُ لَهَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا الصَّبِيُّ الَّذِي يُسْهَمُ لَهُ لِتَعَيُّنِ الْقِتَالِ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ أَيْضًا وَانْظُرْ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ نَحْوِهَا هَلْ هُوَ كَمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِفَجْءِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْكَمَ بِذَلِكَ لَهَا) أَيْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهَا الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) وَهُوَ قَوْلُهُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَقَطْ أَيْ لِاعْتِبَارِهِ لُزُومًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فَهُوَ انْفَرَدَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الثَّانِي أَيْ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ هُنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 لِلْمُلُوكِ وَقَوْلُهُ (وَدَابَّةٍ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (ص) ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ (ش) هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِنَّ مَنْ سَمِعَ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَهُ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْبَةٍ سَوَاءٌ إذَا سَمِعَهُ بَعْضُ الْجَيْشِ. (ص) أَوْ تَعَدَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتْلَى مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ سَلَبَهُمْ. وَأَمَّا إنْ قَالَ الْإِمَامُ يَا فُلَانُ إنْ قَتَلْت قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ فَإِنَّ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ سَلَبَ قَتِيلِهِ إنْ انْفَرَدَ وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَقُلْ قَتِيلًا) صَوَابُهُ إنْ لَمْ يُعَيَّنْ قَاتِلًا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنَّ عَيَّنَ قَاتِلًا لَا وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ قَتِيلًا فَالْأَوَّلُ فَقَطْ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ كَكُلِّ مَنْ قَتَلَهُ فَلَوْ جُهِلَ الْمَقْتُولُ أَوَّلًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ قَتَلَ اثْنَيْنِ مَعًا فَإِنَّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَهُ نِصْفُهُمَا وَالثَّانِي أَنَّهُ لَهُ أَقَلُّهُمَا وَفِي الْفَرْعِ الثَّانِي قِيلَ لَهُ نِصْفُهُمَا وَقِيلَ لَهُ أَكْثَرُهُمَا. (ص) وَلَمْ يَكُنْ لِكَامْرَأَةٍ إنْ لَمْ تُقَاتِلْ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبٌ اُعْتِيدَ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ الْمُسْلِمُ امْرَأَةً كَافِرَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا وَنَحْوَهُمْ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنَّهُ لَا سَلَبَ لَهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ هَؤُلَاءِ فَلَهُ سَلَبُ مَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ لِجَوَازِ قَتْلِهِ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُقَاتِلْ أَيْ الْمَرْأَةُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهَا أَيْ قَاتَلَتْ قِتَالًا يَقْتَضِي قَتْلَهَا بِأَنْ قَتَلَتْ أَوْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ لَا إنْ قَاتَلَتْ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا وَلَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ مُقَاتَلَتِهَا (ص) كَالْإِمَامِ إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ أَوْ يَخُصُّ نَفْسَهُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْمُقَيَّدِ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْلِمِ السَّلَبَ بِقَيْدٍ بِهِ وَهُمَا كَوْنُ السَّلَبِ مُعْتَادًا وَلَمْ يَكُنْ لِكَامْرَأَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ كَغَيْرِهِ مِنْ آحَادِ الْجَيْشِ هَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ، فَإِنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ قَالَ إنْ قَتَلْت أَنَا قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ ثُمَّ إنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَا سَلَبَ لَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ وَخَصَّ نَفْسَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ حَابَ نَفْسَهُ فَلَا سَلَبَ لَهُ. (ص) وَلَهُ الْبَغْلَةُ إنْ قَالَ عَلَى بَغْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ الَّتِي يُقَاتِلُ عَلَيْهَا دَاخِلَةٌ فِي السَّلَبِ الْمُعْتَادِ وَنَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْبَغْلُ الْغَيْرُ الْمُعْتَادِ فَأَحْرَى الْفَرَسُ فَإِذَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى بَغْلٍ فَهُوَ لَهُ فَقَتَلَ قَتِيلًا عَلَى بَغْلَةٍ فَهِيَ لَهُ لِصِدْقِ الْبَغْلِ الذَّكَرِ عَلَى الْبَغْلَةِ الْأُنْثَى فَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى بَغْلَةٍ فَهِيَ لَهُ فَإِذَا الْمَقْتُولُ عَلَى بَغْلٍ ذَكَرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْبَغْلَةِ عَلَى الْبَغْلِ الذَّكَرِ وَمِثْلُ الْبَغْلِ وَالْبَغْلَةِ الْحِمَارُ وَالْأَتَانُ وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ) الْمُفِيدُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا سِوَارَ إلَخْ أَيْ عَلَى النَّفْيِ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ إذَا سَمِعَهُ بَعْضُ الْجَيْشِ) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ وَهُوَ فِي نُسْخَتِهِ هَكَذَا أَيْ بِأَلِفٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ الذَّالِ وَقَالَ فِي ك وَيَدْخُلُ الْعَسْكَرُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ أَمِيرُهُمَا وَاحِدًا فِي قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ك. (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ عَلَى اتِّسَاعِ الْعَطَاءِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَطَاءُ، وَلَوْ وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا (قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ) تَحَصَّلَ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ الْقُيُودَ ثَلَاثَةٌ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْإِمَامُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنْ يَعْلَمَ الْأَوَّلُ مَنْ مَقْتُولِيهِ وَأَنْ يَقْتُلَهُمَا مُرَتَّبِينَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَهُ أَكْثَرُهُمَا) إنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرَهُمَا نَصِيبًا بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّهُ أَقَلُّهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ أَوَّلِيَّةٌ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الْأَوَّلَ وَاحِدٌ فَقَطْ، وَالْأَقَلُّ مُحَقَّقٌ وَالْكَثِيرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَأَخَذَ الْمُحَقَّقَ وَتَرَكَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَهَلَّا جَرَى قَوْلٌ بِأَنَّ لَهُ أَقَلَّهُمَا فِيمَا إذَا كَانَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْقِلَّةَ مُوَازِيَةٌ لِلْكَثْرَةِ فَأَيُّ مُرَجَّحٍ لِلْكَثْرَةِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ قَتَلَ خَمْسَةً فِي آنٍ وَاحِدٍ وَجَهِلَ الْأَمْرَ فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ يَأْخُذُ النِّصْفَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ خَمْسًا. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْأَكْثَرِ فَيَأْخُذُ مَنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ أَكْثَرُ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ يَخُصُّ نَفْسَهُ) مَفْهُومُهُ لَوْ خَصَّ قَوْمًا هُوَ مِنْهُمْ كَأَنْ قَالَ لِعَشَرَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ زَادَ مُنَافَلَةً سَلَبَ مَنْ قَتَلَ، وَلَوْ تَعَدَّدَ كَغَيْرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يُتَّهَمُ فِي شَهَادَتِهِ لَهُ أَوْ إقْرَارِهِ لَهُ بِدَيْنٍ فِي مَرَضٍ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَنُبِّهَ إلَخْ) أَيْ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّنْفِيلَ بِالْبَغْلِ وَالْبَغْلَةِ صَحِيحٌ وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي السَّلَبِ الْمُعْتَادِ وَإِذَا دَخَلَ فِي السَّلَبِ الْمُعْتَادِ الْبَغْلُ وَالْبَغْلَةُ فِي قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ تَقْوِيَةَ قُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ دَخَلَ فِي السَّلَبِ الْمُعْتَادِ الْفَرَسُ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّي قُلُوبَ الْمُجَاهِدِينَ بِالْأَوْلَى فَإِذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَيَدْخُلُ الْفَرَسُ فِي السَّلَبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَنُبِّهَ بِدُخُولِ الْأَدْنَى فِي السَّلَبِ الْمُعْتَادِ عَلَى دُخُولِ الْأَعْلَى فِي السَّلَبِ الْمُعْتَادِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْبَغْلُ أَيْ الشَّامِلُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الَّذِي هُوَ أَدْنَى مِنْ الْفَرَسِ دَخَلَ الْأَعْلَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْحِمَارِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَصَدَقَ الْبَغْلُ الذَّكَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَغْلَ الذَّكَرَ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْبَغْلَةِ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْبَغْلِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحِمَارَ الذَّكَرَ يَصْدُقُ عَلَى الْأُنْثَى الَّتِي هِيَ الْأَتَانُ دُونَ الْعَكْسِ وَقَوْلُهُ وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ أَيِّ أَنَّ الْجَمَلَ الذَّكَرَ يَصْدُقُ عَلَى النَّاقَةِ الْأُنْثَى دُونَ الْعَكْسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الشُّمُولَ لَا يُعْقَلُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْذَفَ الذَّكَرُ وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَغْلَ يَصْدُقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْبَغْلَةِ وَالْجَمَلِ يَصْدُقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ النَّاقَةِ فَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى الْأُنْثَى وَالْحِمَارُ صَادِقٌ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْأَتَانِ فَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى الْأُنْثَى وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَا يُفِيدُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيُقَالُ هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ مِنْ إطْلَاقِ الْجَمَلِ عَلَى مَا يَعُمُّ وَالْحِمَارِ عَلَى مَا يَعُمُّ وَالْبَغْلِ عَلَى مَا يَعُمُّ وَإِلَّا فَالْبَغْلُ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْأُنْثَى وَكَذَا الْجَمَلُ فَحِينَئِذٍ إذَا قَالَ عَلَى بَغْلٍ لَا تَدْخُلُ الْأُنْثَى وَهَكَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 فَلَوْ قَالَ عَلَى كَبَغْلٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) لَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَدَابَّةٍ إنْ عَطَفْنَاهُ عَلَى الْمُثْبَتِ أَيْ وَدَابَّةٍ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ أَوْ مِنْطَقَتِهِ أَوْ عَضُدِهِ لَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ وَإِنْ عَطَفْنَاهُ عَلَى الْمَنْفِيِّ كَانَ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّا إنْ عَطَفْنَاهُ عَلَى الْمَنْفِيِّ كَانَ مَعْنَاهُ وَلَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِهِ وَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِهِ هِيَ مَا كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ فَعَطْفُهُ عَلَى الْمُثْبَتِ أَوْلَى رَاجِعْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَدَابَّةٍ فَإِنَّ فِيهِ زِيَادَةَ تَوْضِيحٍ. (ص) وَقَسْمُ الْأَرْبَعَةِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ حَاضِرٍ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَصْرِفِ الْخُمُسِ الْخَارِجِ بِالْقُرْعَةِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى مَصْرِفِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الْبَاقِيَةِ فَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنْ يَقْسِمَهَا الْإِمَامُ عَلَى مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ سَبْعَةُ أَوْصَافٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عَلَى تَفْصِيلٍ فِي هَذَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَرِيضٌ شَهِدَ إلَخْ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا فَلَا يُسْهَمُ لِلْأُنْثَى، وَلَوْ قَاتَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَلَهُ نِصْفُ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ قُدِّرَ أُنْثَى فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ قُدِّرَ ذَكَرًا فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ كَالْمِيرَاثِ وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِقَيْدِ الذُّكُورِيَّةِ وَلَا يُقَالُ تَذْكِيرُ الْأَوْصَافِ يُشْعِرُ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ الْأَوْصَافُ أَسْمَاءُ أَجْنَاسِ تَشْمَلُ الْأُنْثَى كَقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْعَدْلُ حُرٌّ مُسْلِمٌ إلَخْ فَيَشْمَلُ الْأُنْثَى. الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَلَا يُسْهَمُ لِعَبْدٍ، وَلَوْ قَاتَلَ عَلَى الْمَشْهُورِ. الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا يُسْهَمُ لِكَافِرٍ، وَلَوْ قَاتَلَ عَلَى الْمَشْهُورِ. الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ عَاقِلٍ. السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَلَا يُسْهَمُ لِصَبِيٍّ. السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا لِلْقِتَالِ أَيْ فِي الْمُنَاشَبَةِ وَسَوَاءٌ قَاتَلَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَالَ مُكَلَّفٌ لَكَانَ أَخْصَرَ (ص) كَتَاجِرٍ وَأَجِيرٍ إنْ قَاتَلَا أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ غَزْوٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقَسَمِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّاجِرَ وَالْأَجِيرَ إذَا كَانَا مَعَ الْقَوْمِ فِي الْقِتَالِ وَقَاتَلَا أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ الْغَزْوِ وَحَضَرَا الْقِتَالَ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلَا فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَثَّرَا سَوَادَ الْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً أَوْ هُمَا عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ (ص) لَا ضِدُّهُمْ، وَلَوْ قَاتَلُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ ضِدَّ مَنْ تَقَدَّمَ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَلَوْ قَاتَلَ فَضِدُّ الذَّكَرِ الْأُنْثَى وَضِدُّ الْحُرِّ الْعَبْدُ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ وَضِدُّ الْمُسْلِمِ الْكَافِرُ، وَلَوْ ذِمِّيًّا نَفَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا وَضِدُّ الْعَاقِلِ الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ لَا مَنْ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ مَا يُمَيِّزُ بِهِ الْقِتَالَ وَضِدُّ الْبَالِغِ الصَّبِيُّ، وَلَوْ أَطَاقَ الْقِتَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَضِدُّ الْحَاضِرِ لِلْقِتَالِ الْغَائِبُ وَالْمَرِيضُ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَضِدُّ التَّاجِرِ وَالْأَجِيرِ اللَّذَيْنِ قَاتَلَا أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ الْغَزْوِ إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا لَا بِنِيَّةِ الْغَزْوِ وَلَمْ يُقَاتِلْ لَكِنْ الصَّبِيُّ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (إلَّا الصَّبِيَّ فَفِيهِ إنْ أُجِيزَ وَقَاتَلَ خِلَافٌ) لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالضِّدِّ الْمُقَابِلُ لَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ (ص) وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضِّدَّ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُ الَّذِي لَا يُسْهَمُ لَهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُرْضَخُ لَهُ أَيْضًا وَالرَّضْخُ لُغَةً الْعَطَاءُ لَيْسَ بِالْكَثِيرِ وَشَرْعًا مَالٌ تَقْدِيرُهُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مَحَلُّهُ الْخُمُسُ كَالنَّفْلِ (ص) كَمَيِّتٍ قَبْلَ اللِّقَاءِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْإِسْهَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ فَرَسٍ قَبْلَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ، وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ مُهَيَّأَةً لِلْقِتَالِ (قَوْلُهُ إنْ عَطَفْنَاهُ) أَيْ عَطَفْنَا دَابَّةً فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُثْبَتِ وَهُوَ سَلَبٌ اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَطَفْنَاهُ) أَيْ دَابَّةً عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ سِوَارٌ وَصَلِيبٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُدِّرَ ذَكَرًا فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ) الْمُنَاسِبِ فَلَهُ نَصِيبٌ كَامِلٌ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى نِصْفُ نَصِيبٍ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمُنَاشَبَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ حَقِيقِيٌّ أَيْ الْتِحَامُ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَخْصَرَ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْذَفُ بَالِغٌ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ كَتَاجِرٍ) كَانَتْ تِجَارَتُهُ تَتَعَلَّقُ بِالْجَيْشِ مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَأَجِيرٌ كَانَتْ مَنَافِعُهُ عَامَّةً كَرَفْعِ الصَّوَارِي وَالْأَحْبُلِ وَتَسْوِيَةِ الطُّرُقِ أَوْ خَاصَّةً كَأَجِيرِ خِدْمَةٍ وَيُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ وَيُحَطُّ مِنْ أُجْرَتِهِ بِقَدْرِ مَا عَطَّلَ مِنْ خِدْمَتِهِ وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِهِ أَخْذُ سَهْمِهِ عِوَضًا فِيمَا عَطَّلَ مِنْ خِدْمَتِهِ بِخِلَافِ مُؤَجِّرِ نَفْسِهِ فِي خِدْمَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ السَّهْمِ رُبَّمَا كَثُرَ عَمَّا اسْتَأْجَرَهُ وَلِأَنَّ الْقِتَالَ لَا يُشْبِهُ الْخِدْمَةَ وَلَا يُقَابِلُ أَجْرُهُ أَجْرَهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ ذَهَابَ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ مُسْتَأْجِرُهُ فِيمَا تَقَارَبَ لَا فِيمَا تَبَاعَدَ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ سَوَادِ) أَيْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ تَابِعَةً) أَيْ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَتْبُوعَةً أَيْ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَطَاقَ الْقِتَالَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَاتَلَ (قَوْلُهُ وَضِدُّ الْحَاضِرِ) أَيْ الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى زِيَادَةُ هَذَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَالْمَرِيضُ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الضِّدَّ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَلَوْ قَاتَلَ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِمْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ فَيُسْهَمُ لَهُمْ وَهَلْ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ إنْ أُجِيزَ وَقَاتَلَ) أَيْ وَأَطَاقَ الْقِتَالَ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ ضِدَّ الْإِطَاقَةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقَاتَلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقِتَالُ الْمُعْتَبَرُ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الصَّبِيِّ شَامِلًا لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْإِسْهَامِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْإِسْهَامُ قَالَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ لَا الْمُصْطَلَحُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الضِّدَّ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا مَعْنًى وَهَذِهِ ذَوَاتٌ أَوْ أَنَّهَا أَضْدَادٌ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ قَبْلَ اللِّقَاءِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللِّقَاءِ الِالْتِقَاءُ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الِالْتِقَاءِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَإِذَا مَاتَ بَعْدَ الِالْتِقَاءِ فَيُسْهَمُ لَهُ أَيْ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلْ وَهَذَا قَوْلٌ وَقَوْلُهُ بَعْدَ وَالْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ الْقِتَالُ إشَارَةً لِقَوْلٍ آخَرَ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ بَعْدَ الِالْتِقَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَمُفَادُ عج تَرْجِيحُهُ وَمُفَادُ الشَّيْخِ سَالِمٍ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَرَأَيْت مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ كَلَامِ عج وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَيِّتِ قَبْلَ اللِّقَاءِ وَالضَّالِّ مِنْ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّالَّ نِيَّتُهُ الْغَزْوُ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى الْآنَ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ نِيَّتَهُ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ إلَخْ) أَيْ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا دَخَلَ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَهْرَامَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ اللِّقَاءِ أُسْهِمَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ الْقِتَالُ. (ص) وَأَعْمَى وَأَعْرَجَ وَأَشَلَّ وَمُتَخَلِّفٍ لِحَاجَةٍ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْجَيْشِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لِأَعْمَى وَلَا لِأَشَلَّ وَلَا لِأَقْطَعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَلَوْ كَانَتْ بِهِمْ مَنْفَعَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لِمَنْ تَخَلَّفَ لِحَاجَةٍ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ حَوَائِجِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ. (ص) وَضَالٍّ بِبَلَدِنَا، وَإِنْ بِرِيحٍ بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَازِيَ إذَا ضَلَّ مِنْ الْجَيْشِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ لِلْجَيْشِ، وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ بِرِيحٍ أَتَتْ عَلَى مَرْكَبِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مَرْكَبَ الْأَمِيرِ بِخِلَافِ مَنْ ضَلَّ مِنْ الْجَيْشِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُكْثِرُ السَّوَادَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَإِنْ بِرِيحٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُنْتَقَدٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) وَمَرِيضٍ شَهِدَ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ فِي قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمْ أَيْ بِخِلَافِ ضَالٍّ بِبَلَدِهِمْ وَبِخِلَافِ مَرِيضٍ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى انْهَزَمَ الْعَدُوُّ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ سَبَبَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ الْقِتَالُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الْمَرِيضُ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ، وَالْمُقْعَدُ الَّذِي لَهُ رَأْيٌ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ وَكَذَا سَائِرُ مَنْ قُلْنَا لَا يُسْهَمُ لَهُ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الرَّأْيُ كَالْأَعْرَجِ وَالْأَشَلِّ انْتَهَى، وَكَذَلِكَ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الرَّهِيصِ أَيْ الَّذِي بِهِ مَرَضٌ فِي بَاطِنِ حَافِرِهِ مِنْ وَطْئِهِ عَلَى حَجَرٍ أَوْ شِبْهِهِ كَالْوَقْرَةِ وَإِنَّمَا أُسْهِمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِصِفَةِ الْأَصِحَّاءِ (ص) أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ (ش) أَيْ فَيُسْهَمُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُشْرِفْ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ مَرِضَ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ فَيَشْمَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ مَرِيضًا وَلَمْ يَزَلْ أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا وَقَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ فَقَوْلَانِ بِالْإِسْهَامِ وَعَدَمِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا صُوَرَ زَوَالِ الْمَانِعِ بِأَنْ يَخْرُجَ مَرِيضًا ثُمَّ يَصِحَّ قَبْلَ دُخُولِ بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي حُصُولِ الْمَانِعِ لَا فِي زَوَالِهِ وَيَجْرِي فِي مَرَضِ الْفَرَسِ مَا يَجْرِي فِي مَرَضِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَعْرَجَ) أَيْ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا فَيُسْهَمَ لَهُ وَيَنْبَغِي جَرْيُهُ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا وَفِي قَوْلِهِ وَأَشَلَّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْجَيْشِ) أَيْ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْلِمِينَ مِثَالُ تَعْلِيقِهَا بِالْجَيْشِ كَحَشْرٍ أَيْ جَمْعِ الْقَوْمِ أَوْ إقَامَةِ سُوقٍ، وَمِثْلُ تَعَلُّقِهَا بِالْجَيْشِ تَعَلُّقُهَا بِأَمِيرِ الْجَيْشِ كَقَسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ وَقَدْ خَلَّفَهُ عَلَى بِنْتِهِ لِتَجْهِيزِهَا وَدَفْنِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِهِمْ مَنْفَعَةٌ إلَخْ) تَحَمَّلَ الْمَنْفَعَةَ عَلَى نَحْوِ بَرْيِ السَّهْمِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُمْ تَدْبِيرٌ فَيُسْهَمُ لَهُمْ. (قَوْلُهُ وَضَالٌّ بِبَلَدِنَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلضَّالِّ بِبَلَدِنَا وَكَذَا مَنْ رُدَّ لَهَا بِرِيحٍ، فَإِنْ رُدَّ اخْتِيَارًا لَمْ يُسْهَمْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ بِرِيحٍ) أَيْ بِسَبَبِ رِيحٍ أَبْقَى الضَّلَالَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامٌ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ضَلَّ بِرِيحٍ أَيْ، وَإِنْ ضَلَّ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى بِرَدٍّ بِرِيحٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُكَثِّرُ السَّوَادَ) أَيْ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِرِيحٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُبَالَغَةَ الرِّيحِ هُنَا لَا تَظْهَرُ. (قَوْلُهُ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ فِي قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمْ) الْمُرَادُ بِالظَّرْفِيَّةِ الِارْتِبَاطُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ إنَّمَا هُوَ ضَالٌّ وَهُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ أُضِيفَ إلَيْهِ خِلَافٌ فَلَيْسَ الْمُضَافُ مَظْرُوفًا فِي قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمْ بَلْ مُرْتَبِطٌ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَرِيضٍ شَهِدَ إلَخْ) أَيْ وَالْمَرَضُ مَنَعَهُ مِنْ الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْي) أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْفَعَةٌ يُحْمَلُ عَلَى مَنْفَعَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ بَرْيِ سَهْمٍ فَلَا تَنَافِيَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَالْوَقْرَةِ) لَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْوَقْرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ) قَالَ السَّنْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ أَيْ أَوْ انْقَطَعَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى شَهِدَ الَّذِي هُوَ صِفَةُ مَرِيضٍ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ أَيْضًا مَعْطُوفٌ بِأَوْ الَّتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ) أَيْ وَلَمْ يَحْضُرْ الْقِتَالَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَرِيضٌ شَهِدَ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ قَالَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ أَيْضًا وَحَلَّ عج بِخِلَافِهِ فَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ عَقِبَ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ صَحِيحًا كَمَا يُفِيدُهُ ح فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَنَصُّهُ الْأُولَى أَنْ يَخْرُجَ فِي الْجَيْشِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ابْتَدَأَ الْقِتَالَ فَمَرِضَ وَتَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ إلَى أَنْ هُزِمَ الْعَدُوُّ فَإِنَّ مَرَضَهُ لَا يَمْنَعُهُ سَهْمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ وَمَرِيضٌ شَهِدَ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولٍ بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ) أَيْ وَانْقَطَعَ عَنْ الْقِتَالِ رَأْسًا فَلَمْ يَحْضُرْ الْقِتَالَ هَذَا لِلْقَلْشَانِيِّ وَحَلَّ عج بِخِلَافِهِ فَقَالَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ يَشْمَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ وَمَنْ خَرَجَ صَحِيحًا وَمَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَيْ وَبَعْدَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ، وَلَوْ يَسِيرًا وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ أَيْضًا فِيهِمَا وَيَجْرِي فِي مَرَضِ الْفَرَسِ مَا جَرَى فِي مَرَضِ الْآدَمِيِّ مِنْ التَّفْصِيلِ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ طَرَأَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَمَا شَهِدَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ صَحِيحًا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ قُلْت هُوَ أَنَّ مَنْ شَهِدَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الْمَرَضُ فَقَدْ شَهِدَ الْقِتَالَ صَحِيحًا فِي الْجُمْلَةِ وَفِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنَّمَا شَهِدَ جَمِيعَ الْقِتَالِ مَرِيضًا وَهَذَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ ح. وَأَمَّا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقَلْشَانِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ مَنَعَهُ مِنْ حُضُورِ الْقِتَالِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ هَذَا وَيُبْحَثُ فِيمَا ذَكَرَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِالْإِسْهَامِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِسْهَامِ حُضُورُ الْقِتَالِ وَلَمْ يُوجَدْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 الْآدَمِيِّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ يَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. (ص) وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَرَسَ لَهَا سَهْمَانِ وَلِفَارِسِهَا سَهْمٌ وَاحِدٌ إمَّا لِعِظَمِ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ وَإِمَّا لِقُوَّةِ الْمَنْفَعَةِ بِهِ وَلِهَذَا لَمْ يُسْهَمْ لِبَغْلٍ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ بِسَفِينَةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْإِسْهَامِ لِلْفَرَسِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَرَسَ لَهَا سَهْمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي السَّفِينَةِ وَلِصَاحِبِهَا سَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حَمْلِ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ الْإِرْهَابُ لِلْعَدُوِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] وَالْقِتَالُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْغُزَاةَ لَوْ تَرَكُوا خَيْلَهُمْ لِأَجْلِ الْمَضِيقِ وَقَاتَلُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِهَا سَهْمٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ (ص) أَوْ بِرْذَوْنًا وَهَجِينًا وَصَغِيرًا يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَرَسَ يُسْهَمُ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بِرْذَوْنًا أَوْ هَجِينًا كَمَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ فِي السَّفِينَةِ وَالْبِرْذَوْنُ هُوَ الدَّابَّةُ الثَّقِيلَةُ أَيْ الْغَلِيظَةُ الْأَعْضَاءُ الْجَافِيَةُ الْخِلْقَةِ وَالْعِرَابُ أَضْمَرُ وَأَرَقُّ أَعْضَاءً وَالْهَجِينُ مِنْ الْخَيْلِ مَنْ أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ أَيْ رَدِيئَةٌ وَعَكْسُهُ مُقْرِفٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَفَ وَهُوَ مَنْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ أَيْ رَدِيءٌ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَمِنْ الْآدَمِيِّ مَنْ كَانَتْ أُمُّهُ غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ كَالْمُعْتَقَةِ وَأَبُوهُ عَرَبِيٌّ، وَكَذَلِكَ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الصَّغِيرِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهَا يَرْجِعُ لِلْفَرَسِ الْبِرْذَوْنِ وَلِلْفَرَسِ الْهَجِينِ وَلِلْفَرَسِ الصَّغِيرِ وَالْكَرُّ فِي الْحَرْبِ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بَعْدَ التَّوَلِّي يُقَالُ: كَرَّهُ، وَكَرَّ بِنَفْسِهِ فَيَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَالْفَرُّ الْفِرَارُ بِمَعْنَى الْهُرُوبِ. (ص) وَمَرِيضٍ رُجِيَ (ش) أَيْ وَفَرَسٍ مَرِيضٍ يَعْنِي أَنَّ الْفَرَسَ الْمَرِيضَ إذَا كَانَ يُتَوَقَّعُ بُرْؤُهُ كَالصَّحِيحِ يُسْهَمُ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ رُجِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَقُوتِلَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَرَضُهُ فِي حَافِرِهِ فَهُوَ بِصِفَةِ الْأَصِحَّاءِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالرَّجَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا بِهِ الْإِنْسَانُ حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ الْإِجْمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ تت؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ قَوْلَهُ رُجِيَ أَيْ رُجِيَ بُرْؤُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْفَرْضُ فِي فَرَسٍ يُرْجَى الِانْتِفَاعُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. (ص) وَمُحْبَسٍ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يُسْهَمُ لِفَرَسٍ مُحْبَسٌ سَحْنُونَ وَسِهَامُهُ لِلْغَازِي عَلَيْهِ لَا فِي عَلَفِهِ وَصَلَاحِهِ وَهَلْ سَهْمَا الْفَرَسِ الْمُعَارِ   [حاشية العدوي] اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ حُضُورُ الْقِتَالِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْإِسْهَامِ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ لَا فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى. وَأَمَّا كَلَامُ ح فَيَقْتَضِي أَنَّهُ شَهِدَ الْقِتَالَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا قَدَّمْنَا وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ مَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِسْهَامِ لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ حُضُورَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَلَا حُضُورٍ عِنْدَ صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ انْتَهَى. (وَأَقُولُ) وَهُوَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَمْ يُقَاتِلْ خِلَافًا لعب، وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ الرَّابِعَةَ لَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُهَا وَهِيَ إذَا حَضَرَ الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِسْهَامَ فِي هَذِهِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَرِيضٌ شَهِدَ بِالْأَوْلَى انْتَهَى (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّهْصَ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَجَعَلَ السَّهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْفَارِسُ عَبْدًا فَيَكُونَانِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ وَالْآخَرُ هُمَا لِلْفَارِسِ فَلَا سَهْمَ لَهُ (قَوْلُهُ إمَّا لِعِظَمِ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْنَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَكْلٍ وَخِدْمَةٍ لَا خُصُوصُ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ وَلِهَذَا الْمَذْكُورِ مِنْ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ وَالْقِتَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِرْهَابِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) مُفَادُهُ أَنَّهُ يُقَيِّدُ الْإِسْهَامَ بِمَا إذَا اُحْتُمِلَ قِتَالُهُمْ بِبَرٍّ، وَلَوْ بِبَعْضِ مَكَان مِنْ الْبَرِّ فَلَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ إذَا كَانُوا فِي سَفِينَةٍ ذَاهِبِينَ إلَى مَالِطَةَ (قَوْلُهُ أَوْ بِرْذَوْنًا إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ إذْنُ الْإِمَامِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهَا يَرْجِعُ لِلْبِرْذَوْنِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْكَرِّ) أَيْ وَقْتَ الْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَقْتَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ هُوَ الدَّابَّةُ الثَّقِيلَةُ) أَيْ الْغَلِيظَةُ الْأَعْضَاءِ كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَمْتِعَةُ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ مُقْرِفٌ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقْرِفَ فِي الْحُكْمِ كَالْهَجِينِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَحَرَّرَهُ (قَوْلُهُ أَيْ رَدِيءٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ بِرْذَوْنًا (قَوْلُهُ وَمِنْ الْآدَمِيِّ) أَيْ وَالْهَجِينِ مِنْ الْآدَمِيِّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِنْ الْخَيْلِ (قَوْلُهُ يَتَعَدَّى إلَخْ) أَيْ إنْ كَرَّ تَارَةً يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَتَارَةً لَا يَتَعَدَّى أَيْ بِنَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ يُتَوَقَّعُ بُرْؤُهُ كَالصَّحِيحِ) هَذَا لِبَهْرَامَ وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْفَرَسَ الْمَرِيضَ إذَا كَانَ يُتَوَقَّعُ بُرْؤُهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ يُسْهَمُ لَهُ حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونَ وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ الْآنَ فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يُقَاتَلْ عَلَيْهِ وَيَجْرِي فِيهِ الصُّوَرُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْآدَمِيِّ فَهُوَ غَيْرُ الْمَرِيضِ الْمُتَقَدِّمِ الَّتِي حُكِمَ بِجَرَيَانِ الصُّوَرِ فِيهَا (قَوْلُهُ أَيْ رُجِيَ الِانْتِفَاعُ وَقُوتِلَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِتَالٍ عَلَيْهِ وَأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قُوتِلَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَنَقْلُ بَهْرَامَ يُفِيدُ خِلَافَهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا قُوتِلَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا دَاعِيَ إلَى اعْتِبَارِ رَجَاءِ الِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فُهِمَ إلَخْ) أَيْ وَشَأْنُ رَجَاءِ الْبُرْءِ أَنْ يَكُونَ فِي الْإِنْسَانِ لَا فِي الْفَرَسِ بَلْ يُقَالُ انْتِفَاعٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ رَجَاءُ الْبُرْءِ يُقَالُ فِي الْفَرَسِ أَيْضًا ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِمَجِيءِ الْإِجْمَالِ عَلَى تَقْدِيرِ رُجُوعِهِ لِلْإِنْسَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصَّ تت وَيُسْهَمُ لِفَرَسٍ مَرِيضٍ رُجِيَ بُرْؤُهُ قَالَهُ سَحْنُونَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الرَّهِيصَ كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فَقَدْ قَدَّمَهُ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَفِيهِ إجْمَالٌ مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ وَقْتَ مَرَضِهِ لَكِنَّهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَأَيْضًا لَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَلْ يُعْتَبَرُ رَجَاءُ الْبُرْءِ فِي الرَّهِيصِ أَمْ لَا إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْفِيشِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ تت لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ الْفَرَسَ الرَّهِيصَ فَإِذَنْ يَكُونُ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ الرَّهِيصِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 لِلْمُعِيرِ أَوْ لِلْمُسْتَعِيرِ قَوْلَانِ وَانْظُرْ إذَا قَاتَلَ الْعَبْدُ عَلَى فَرَسِ سَيِّدِهِ هَلْ لَهُ سَهْمَا الْفَرَسِ أَوْ لَا. (ص) وَمَغْصُوبٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ وَمِنْهُ لِرَبِّهِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ لَكِنْ إنْ كَانَ مَغْصُوبًا مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ فِي غَنِيمَةٍ أُخْرَى فَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِلْجَيْشِ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ فَرَسًا لِلْعَدُوِّ قَبْلَ الْقِتَالِ فَلَهُ سَهْمَاهُ وَعَلَيْهِ لِلْجَيْشِ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ هَارِبًا مِنْ الْجَيْشِ فَسَهْمَاهُ لِرَبِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ لَا لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَى رَاكِبِهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَ رَبِّهِ سِوَاهُ فَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ. وَأَمَّا الْفَرَسُ الْمُكْتَرَاةُ فَسَهْمَاهُ لِرَاكِبِهِ لَا لِرَبِّهِ. (ص) لَا أَعْجَفَ أَوْ كَبِيرٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبَغْلٍ وَبَعِيرٍ وَثَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِهَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْهَمْ لِلْبَغْلِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا غَيْرُ مُقَارِبَةٍ لِمَنْفَعَةِ الْخَيْلِ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ الْعَجْفَاءُ الْهَزِيلَةُ وَالْأَعْجَفُ الْمَهْزُولُ يُقَالُ عَجِفَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ يَعْجَفُ عَجَفًا كَفَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا وَالْجَمْعُ عِجَافٌ فَقَوْلُهُ لَا أَعْجَفَ عَطْفٌ عَلَى كَفَرَسٍ رَهِيصٍ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فَرَسٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ عَدَمَ الْإِسْهَامِ بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ. (ص) وَالْمُشْتَرَكُ لِلْمُقَاتِلِ وَدَفْعُ أَجْرِ شَرِيكِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَرَسَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ إذَا قَاتَلَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فَسَهْمَاهُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ لِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ أُجْرَةُ هَذَا؟ فَإِذَا قِيلَ كَذَا كَانَ لَهُمْ بِنِسْبَةِ مَا لَهُمْ مِنْ الْفَرَسِ، فَإِنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مُنَاوَبَةً فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارُ مَا حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِنِسْبَةِ مَا لَهُ مِنْ الْفَرَسِ. (ص) وَالْمُسْتَنِدُ لِلْجَيْشِ كَهُوَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْجَيْشِ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَغَنِمُوا غَنِيمَةً فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَصُّونَ بِهَا بَلْ يُشَارِكُهُمْ الْجَيْشُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا غَنِمُوا ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْجَيْشِ وَقُوَّتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا غَنِمَ الْجَيْشُ غَنِيمَةً فِي غَيْبَةِ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَنِدِينَ لَهُ فَإِنَّ الْجَيْشَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا أَيْضًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَنِدُ لِلْجَيْشِ مِمَّنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ أَنَّ مَا غَنِمَهُ يَكُونُ جَمِيعُهُ لِلْجَيْشِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَنَصَّ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، فَإِنْ غَزَوْا أَيْ الْكُفَّارُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مُنْفَرِدِينَ تُرِكَتْ لَهُمْ غَنِيمَتُهُمْ وَلَمْ تُخَمَّسْ، وَإِنْ غَزَوْا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَسْكَرِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مُكَافِئِينَ أَوْ يَكُونُوا هُمْ الْغَالِبِينَ فَتُقْسَمَ الْغَنِيمَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ ثُمَّ يُخَمَّسَ سَهْمُ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً انْتَهَى (ص) وَإِلَّا فَلَهُ كَمُتَلَصِّصٍ وَخُمُسُ مُسْلِمٍ، وَلَوْ عَبْدًا عَلَى الْأَصَحِّ لَا ذِمِّيًّا (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَارِجُ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ وَلَا تَقَوَّى بِهِ بَلْ خَرَجَ غَازِيًا وَحْدَهُ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ مَا غَنِمَهُ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْجَيْشِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَمُتَلَصِّصٍ أَيْ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَسْتَنِدُوا لِلْجَيْشِ بَلْ خَرَجُوا مِنْ الْبَلَدِ مُتَلَصِّصِينَ فَإِنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْجَيْشِ الْمُنْفَرِدِ فِيمَا غَنِمُوهُ فَهُوَ لَهُمْ فَقَوْلُهُ كَمُتَلَصِّصٍ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ لَكِنْ هَذَا الْمُتَلَصِّصُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ مَا غَنِمَهُ، وَلَوْ عَبْدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمُسْلِمُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ. وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ مَا غَنِمَهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] فَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقَوْلُهُ لَا ذِمِّيٌّ عَطْفٌ عَلَى مُسْلِمٍ. (ص) وَمَنْ عَمِلَ سَرْجًا أَوْ سَهْمًا (ش) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ عَمِلَ سَرْجًا أَوْ بَرَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَكِنْ إنْ كَانَ مَغْصُوبًا مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَخْ قَالَ فِي ك مَا نَصُّهُ، وَإِنَّمَا قِيلَ فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ فِي غَنِيمَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَّا مَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِقَصْدِ الرَّدِّ وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ انْتَهَى فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ لَا بِنِيَّةِ الرَّدِّ وَهُوَ مَعْنَى الْغَصْبِ وَقَاتَلَ بِهِ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ لَا يُسْهَمُ لَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ فَرَسًا لِلْعَدُوِّ إلَخْ) أَيْ لِمَعُونَةِ الْجَيْشِ. (قَوْلُهُ لَا أَعْجَفَ) مَجْرُورٌ بِفَتْحَةِ نِيَابَةً عَنْ الْكِسْرَةِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ) الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَبَعِيرٍ وَثَانٍ أَيْ فَرَسٍ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ) أَيْ، وَلَوْ غَيْرَ مُتَسَاوِيَيْنِ (قَوْلُهُ مِقْدَارُ إلَخْ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) الْمُنَاسِبُ لَهُ وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُقَاتَلَةُ عَلَيْهِ وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ حَضَرَ وَالْمُنَاسِبُ حَصَلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا. وَأَمَّا لَوْ تَسَاوَيَا فَبَيْنَهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ الشَّامِلُ (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ مَالِهِ مِنْ الْفَرَسِ) الْأَوْضَحُ بِنِسْبَةِ مَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْفَرَسِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ نِصْفُ الْفَرَسِ وَقَاتَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَوْمَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ سَهْمًا، وَلَوْ قَاتَلَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَالْآخَرُ يَوْمَيْنِ فَالْأَوَّلُ أَخَذَ ثُلُثَيْ السَّهْمَيْنِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ وَيَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِنِسْبَةِ مَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْفَرَسِ فَإِذَا كَانَ أُجْرَةُ الْفَرَسِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا دَفَعَ الَّذِي جَاهَدَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِمَنْ جَاهَدَ يَوْمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ظَاهِرُهُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَظْهَرُ بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي جَاهَدَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُسْتَنِدَ لِلْجَيْشِ كَهُوَ بِحَيْثُ يَكُونُ كَبَعْضِهِ وَبَعْضُ الْجَيْشِ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا لَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مُكَافِئِينَ) أَيْ مُسَاوِينَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ بَلْ خَرَجَ غَازِيًا وَحْدَهُ) هَذَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمُتَلَصِّصٍ وَلَيْسَ هُوَ الْمُتَلَصِّصَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ الَّذِي يَخْرُجُ يَخْطَفُ مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَيْسَ قَصْدُهُ الْقِتَالَ وَقَوْلُهُ كَمُتَلَصِّصٍ أَيْ مَثَلًا لِيَدْخُلَ مَنْ خَرَجَ غَازِيًا وَحْدَهُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ لَكِنْ هَذَا الْمُتَلَصِّصُ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَلَصِّصَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ تَمْثِيلًا تَبِعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ وَجَعَلَهُ عج تَشْبِيهًا وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ أَمْ لَا كَذَا فِي عب. (قَوْلُهُ وَمَنْ عَمِلَ سَرْجًا) مَعْطُوفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 سَهْمًا أَوْ صَنَعَ مِشْجَبًا أَوْ قَصْعَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يُخَمَّسُ وَسَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَيَكُونُ تَقْيِيدُ سَحْنُونَ لِلْمُدَوَّنَةِ بِالْيَسِيرِ خِلَافًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمِشْجَبُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْجِيمِ اسْمُ آلَةٍ كَالْقَبَّانِ وَقِيلَ شَيْءٌ مِنْ الْعِيدَانِ يُرَكَّبُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مَنْ عَمِلَ أَنَّ مَا أَصْلَحَهُ مِمَّا كَانَ مَعْمُولًا لَا يَأْخُذُهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَا وَجَدَهُ مَصْنُوعًا فِي بُيُوتِهِمْ فَلَا يَسْتَأْثِرُ بِهِ، وَإِنْ دَقَّ. (ص) وَالشَّأْنُ الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ الْمَاضِيَةَ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ الْعَمَلُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ الْغَنِيمَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَى لَهُمْ وَأَطْيَبُ لِقُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ وَأَحْفَظُ لِلْغَنِيمَةِ وَأَرْفَقُ بِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ لِبِلَادِهِمْ وَهَذَا إذَا أَمِنُوا كَثْرَةَ الْعَدُوِّ وَكَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا. وَأَمَّا إنْ كَانُوا سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ فَلَا يَقْتَسِمُونَ حَتَّى يَعُودُوا لِلْجَيْشِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ احْتِيَاجِ الْقَسْمِ إلَى حَاكِمٍ وَنَصَّ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ النَّاسِ لَدَخَلَهُمْ الطَّمَعُ وَأَحَبَّ كُلٌّ لِنَفْسِهِ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ مَا يَطْلُبُ غَيْرُهُ وَهُوَ مُؤَدٍّ لِلْفِتَنِ. (ص) وَهَلْ يَبِيعُ لِيَقْسِمَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْأَمِيرَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ لِيَقْسِمَ أَثْمَانَهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْمُسَاوَاةِ لِمَا يَدْخُلُ التَّقْوِيمُ مِنْ الْخَطَأِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَشْتَرِي فَيَقْسِمَ الْأَعْيَانَ أَوْ لَا يَجِبُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَ بَاعَ وَقَسَمَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ قَسَمَ الْأَعْيَانَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ بِأَنَّ بَيْعَهَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ ضَيَاعٌ لِرُخْصِهَا هُنَاكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُخْصَهَا يَرْجِعُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُشْتَرُونَ وَهُمْ أَحَقُّ بِرُخْصِهَا. وَأَمَّا الْخُمُسُ فَلَا يُبَاعُ بِاتِّفَاقٍ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لِيَقْسِمَ. (ص) وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ إنْ أَمْكَنَ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ سِلَعَ الْغَنِيمَةِ لَا أَثْمَانَهَا فَيَقْسِمُ كُلَّ صِنْفٍ مِنْ سِلَعِ الْغَنِيمَةِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ وَشَرْعًا بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ أُمٍّ وَوَلَدِهَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَادُ ضُمَّ إلَى غَيْرِهِ. (ص) وَأَخْذُ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ قَبْلَهُ مَجَّانًا وَحَلَفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَتَاعِهِ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْئًا قَبْلَ قَسْمِهَا وَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَيَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ وَأَخْذَهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ كَالِاسْتِحْقَاقِ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَهِيَ مُكَمِّلَةٌ لِلْحُكْمِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِلْعِصْمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا فِي الْغَنِيمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا وَإِلَّا بِيعَ لَهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ عُرِفَ شَيْءٌ لِشَخْصٍ غَائِبٍ حُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ الْحَمْلُ خَيْرًا لَهُ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ وَأَنْفَذَ الْإِمَامُ بَيْعَهُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُ ثَمَنِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بَيْعُهُ خَيْرًا مِنْ حَمْلِهِ أَوْ اسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ بَيْعِهِ وَحَمْلِهِ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ   [حاشية العدوي] عَلَى قَوْلِهِ ذِمِّيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ شَيْءٌ مِنْ عِيدَانٍ) أَيْ مِنْ عِيدَانٍ ثَلَاثٍ تُعْقَدُ رُءُوسُهَا وَيُفَرَّجُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا كَالْقَبَّانِ أَيْ كَآلَةِ الْقَبَّانِ أَيْ كَالْآلَةِ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا الْقَبَّانُ كَالْمَعْرُوفِ بِالسِّيبْيَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الثِّيَابُ وَالشِّقَاقُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْقَوْلَانِ يَرْجِعَانِ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ أَوْ الْعَمَلُ إلَخْ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ كَمَا يُفِيدُهُ تت وَفِي ك وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ انْتَهَى بَلْ مُتَبَايِنَانِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِعْلُ النَّبِيِّ وَالثَّانِي فِعْلُ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَتَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ النَّدْبِ وَإِذَا كَانَ الشَّأْنُ الْقَسْمَ بِبَلَدِهِمْ فَهَلْ يَكُونُ تَرْكُهُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى فِي شَرْحِ شب الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَثْرَةَ الْعَدُوِّ) الْأَوْضَحُ كَرَّةَ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْتَسِمُونَ حَتَّى يَعُودُوا) أَوْ يَقْرَبُوا فِي مَحَلِّ أَمْنٍ. وَأَمَّا السَّرِيَّةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الْبَلَدِ فَتُقَسَّمُ حَيْثُ نَأْمَنُ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْبَعَةَ إلَخْ) لَيْسَ مَنْقُولًا النَّقْلُ فِي الْبَاجِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ التَّعْبِيرُ بِيَنْبَغِي إلَخْ أَيْ هَلْ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ الْمُشْتَرُونَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَبِيعُهُ بِاتِّفَاقٍ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْخُمُسِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ) بِأَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَثَلًا فَرَسٌ أَوْ جَمَلٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِي هَذَا تَرْجِيحٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ فِي السِّلَعِ فَقِيلَ تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ ابْتِدَاءً وَقِيلَ إنْ حَمَلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقَسْمَ بِانْفِرَادِهِ لَمْ يُجْمَعْ وَإِلَّا جُمِعَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقَلُّ غَرَرًا. (قَوْلُهُ وَأَخْذُ مُعَيَّنٍ) أَيْ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ أَوْ بِجِنْسِهِ كَجَيْشِ مِصْرَ فَيَدْخُلُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ هَرَبَ عَبْدٌ مِنْ مَغْنَمٍ فَغَنِمَهُ جَيْشٌ آخَرُ رُدَّ لِلْأَوَّلِ مَجَّانًا وَلَا يُخَمَّسُ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ وَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَيَمِينٍ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي (قَوْلُهُ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا) وَيَحْلِفُ أَيْضًا وَإِنَّمَا حُمِلَ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ وَهِيَ مُكَمِّلَةٌ لِلْحُكْمِ وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَذَكَرَ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ قَالَ تت وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَاكَ ثَمَنٌ هَلْ يُتْرَكُ أَوْ يُحْمَلُ، وَلَوْ زَادَتْ أُجْرَةُ حَمْلِهِ عَلَى قِيمَتِهِ بِبَلَدِ رَبِّهِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي ك فَقَالَ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَعَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ مَتَاعُهُ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَقَالَاتِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْعُهُ خَيْرًا مِنْ حَمْلِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ أَوْ اسْتَوَتْ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَائِزٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 ذَلِكَ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَهُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَبِيعَ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ إيصَالِ الثَّمَنِ إلَيْهِ لَا صِلَةُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبَاعُ لِمَالِكِهِ، وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا بِمَعْنَى عَلَى أَيْ بِيعَ عَلَيْهِ. (ص) وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ إلَّا لِتَأَوُّلٍ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) أَيْ وَإِذَا قَسَمَ الْإِمَامُ مَا تَعَيَّنَ مَالِكُهُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ لَمْ يَمْضِ قَسَمُهُ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِلَا ثَمَنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَسَمَ ذَلِكَ الْمَتَاعَ مُتَأَوِّلًا بِأَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَيَمْضِي عَلَى صَاحِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ فَلَا يُنْتَقَضُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشُّيُوخِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمُوَافَقَةِ الْجَهْلِ لِلْمَذَاهِبِ. (ص) لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ وَجَدَ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَكِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ صَاحِبِهِ وَلَا نَاحِيَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُوقَفُ وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالنَّقْلُ مِنْ خَارِجٍ أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً فَإِخْرَاجُهُ مِنْ أَخْذِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ غَيْرَ مُخَلَّصٍ. (ص) بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ عِنْدَهُمْ لُقَطَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ذَلِكَ أَوْ وَجَدَهَا أَحَدٌ مِنْ جَمَاعَةِ الْجَيْشِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا لَا تُقْسَمُ وَتُوقَفُ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَمِثْلُ اللُّقَطَةِ الْحَبْسُ الثَّابِتُ تَحْبِيسُهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَسْمُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهُ وَلَا يُوقَفُ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُمْلَكُ رَقَبَتُهُ كَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ جُهِلَتْ عَيْنُ مَالِكِهِمْ فَتَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا وَجَدْنَا فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا مُعْتَقًا لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ خِدْمَةَ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ تُبَاعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فِيهِ إلَّا الْخِدْمَةُ فَيَخْدُمُ مَنْ اشْتَرَاهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ ثُمَّ يَعْتِقُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ خُيِّرَ فِي إسْلَامِهِ فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِيهِ فِي خِدْمَتِهِ يُحَاسَبُ بِهَا مِنْ ثَمَنِهِ وَيَخْرُجُ حُرًّا، وَلَوْ حَلَّ أَجَلُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَفِي اتِّبَاعِهِ مُبْتَاعَهُ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ لِرَبِّهِ قَوْلَانِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَعَلَى تُشْعِرُ بِتَحَتُّمِ ذَلِكَ وَلَا يَظْهَرُ هَذَا إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فَقَطْ وَلَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا اسْتَوَتْ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَمْضِي بِقِيمَتِهِ مُطْلَقًا وَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ إلَّا بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَافَقَ اخْتِلَافًا بَيْنَ النَّاسِ وَقِيلَ لَا يَمْضِي مُطْلَقًا وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَلَا نَاحِيَتُهُ) أَمَّا لَوْ عُلِمَتْ نَاحِيَةُ رَبِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْسَمُ وَهُوَ لِرَبِّهِ ك (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّهُ يُوقَفُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُخْلِصٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ إلَى صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ الْمَعْنَى وَأَخَذَ الْمُعَيَّنُ، وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَحِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ أَوْ يُوقَفَ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَمْضِي قَسْمُهُ وَالْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً أَفَادَهُ بَهْرَامُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا إذْ مَعْنَاهُ وَإِنْ كَانَ حَمَلَ مَا عَرَفَ خَيْرًا حَمَلَ لَهُ إنْ تَعَيَّنَ رَبُّهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ بَلْ يُقْسَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُخْرَجٌ مِمَّا يَفْهَمُ مِنْ الْأَخْذِ وَهُوَ عَدَمُ قَسْمِهِ أَيْ وَمَا عُرِفَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلَا يُقْسَمُ إنْ تَعَيَّنَ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَيُقْسَمُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا لَا يُعْرَفُ رَبُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ يَصِيرُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَإِذَا أَسْلَمَ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَلِذَا لَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ إجْمَاعًا وَالْقَاسِمُ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ لَا حَقَّ لِلْمُلْتَقِطِ فِيهَا وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ رَبِّهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ وَأَخْذِ مُعَيَّنٍ إلَخْ وَيَأْخُذُ الْإِمَامُ اللُّقَطَةَ يُعَرِّفُهَا سَنَةً إنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ك (قَوْلُهُ لُقَطَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا) أَيْ وَمُجَرَّدُ الْكِتَابَةِ يَكْفِي فِي اللُّقَطَةِ بِخِلَافِ التَّحْبِيسِ فَلَا تَكْفِي الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الِالْتِقَاطَ مِنْ فِعْلِهِمْ فَالْكِتَابَةُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْحَبْسِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنَّا قَهْرًا أَنَّ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنَّا قَهْرًا لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ بِالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَهَذَا غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ اللُّقَطَةَ الَّتِي الْتَقَطُوهَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ كَاَلَّذِي أَخَذُوهُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ أَيْ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الَّتِي تَأْتِي فِي بَابِهَا أَيْ أَنَّا إذَا وَجَدْنَا لُقَطَةً فِي بِلَادِنَا وَلَمْ نَعْرِفْ مَالِكَهَا لَا نَقْسِمُهَا بَلْ تُعَرَّفُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُعَيَّنْ لِمُسْلِمٍ مِمَّا غَنِمَهُ الْكُفَّارُ فَإِنَّنَا نَقْسِمُهُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ سَقَطَ مِنْهُ وَأَصْلُهَا لتت، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ خُيِّرَ فِي فِدَائِهَا وَإِسْلَامِهَا لِمُشْتَرِيهِ اللَّخْمِيُّ إنْ اسْتَخْدَمَهُ مُشْتَرِيهِ لِلْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ نِصْفِ خِدْمَتِهِ خُيِّرَ فِي الْبَاقِي وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ أَنَّ رَقَبَتَهُ لَا تُبَاعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ بِيعَتْ ثُمَّ عُلِمَ بِهَا فَلِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ صَارَ حَقَّ مُشْتَرِيهِ فِي خِدْمَتِهِ يُحَاسَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ اتِّبَاعِهِ) أَيْ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَوْلُهُ مُبْتَاعُهُ فَاعِلُ اتِّبَاعٍ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ فَالِاتِّبَاعُ عَلَى أَنَّ تَسْلِيمَ الْخِدْمَةِ تَقَاضٍ وَعَدَمُ الِاتِّبَاعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَمْلِيكٌ وَالرَّاجِحُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَا يُتْبَعُ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِهِ وَالرَّاجِحُ إذَا اسْتَوْفَى ثَمَنَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ لِرَبِّهِ بَلْ تَبْقَى خِدْمَتُهُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَذَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ فَهَلْ يَرْجِعُ لِرَبِّهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَقَاضٍ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْضَهَا خُيِّرَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ، وَكَذَلِكَ تُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُدَبَّرِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ فِيهِ إلَّا الْخِدْمَةُ قَالَهُ سَحْنُونَ (ص) وَكِتَابَةً (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ تُبَاعُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ إلَّا الْكِتَابَةُ وَلَيْسَ فِيهِ خِدْمَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ وَلَا تُؤَاجَرُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَمُكَاتَبٍ، فَإِنْ أَدَّى هَذَا الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمَغْنَمِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا رَقَّ لِمَنْ اشْتَرَاهُ، وَإِنْ جَاءَ سَيِّدُهُ بَعْدَ أَنْ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَفَدَاهَا عَادَ إلَيْهِ مُكَاتَبًا وَإِنْ أَسْلَمَهَا وَعَجَزَ رَقَّ لِمُبْتَاعِهَا انْتَهَى وَمَحَلُّ كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ عُلِمَ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ. (ص) لَا أُمُّ وَلَدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ وَلَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ فَإِنَّ خِدْمَتَهَا لَا تُبَاعُ إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَالِاسْتِمَاعُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ لَغْوٌ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا فَقَوْلُهُ لَا أُمَّ وَلَدٍ أَيْ لَا خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ، وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ، وَإِنَّمَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ فِي الْمُدَبَّرِ بِقَوْلِهِمْ أَشْهَدَنَا قَوْمٌ وَيُسَمُّونَهُمْ أَنَّ سَيِّدَهُ دَبَّرَهُ وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ عَنْ اسْمِ رَبِّهِ أَوْ سَمَّوْهُ وَنَسِينَاهُ قُلْت وَكَذَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ انْتَهَى وَسَيَأْتِي قَسْمُ رِقَابِهِمْ جَهْلًا. (ص) وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا قَبْلَهُ مَجَّانًا فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِلْمُعَيَّنِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَالضَّمِيرُ لِلْمَجْرُورِ بِالظَّرْفِ يَرْجِعُ لِلْقَسَمِ وَالضَّمِيرُ فِي أَخْذِهِ بِثَمَنِهِ يَرْجِعُ لِلْمَبِيعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعَيَّنَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إذَا عُرِفَ مَالُهُ بَعْدَ أَنْ قَسَمَ فِي الْمَغْنَمِ وَأَثْبَتَهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ أَوْ قُوِّمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنْ سَلَامَةٍ أَوْ عَيْبٍ خَفِيفٍ أَوْ فَاحِشٍ، وَإِنْ أَبَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونَ لَوْ بِيعَ مِرَارًا وَاخْتَلَفَتْ أَثْمَانُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ وَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً الَّذِي بِيعَ أَوْ قُوِّمَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ إنْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ يَأْخُذُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَنَّهُ هُنَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ سَلِمَ صِحَّةُ مِلْكِ آخِذِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَالشَّفِيعُ إذَا سَلِمَ لِلْأَوَّلِ صَارَ شَرِيكَيْنِ وَكُلُّ شَرِيكٍ بَاعَ حَظَّهُ فَلِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ فَلِذَا يَأْخُذُ بِمَا شَاءَ. (ص) وَأُجْبِرَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الثَّمَنِ وَأُتْبِعَ بِهِ إنْ أُعْدِمَ إلَّا أَنْ تَمُوتَ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: إنْ أُمُّ الْوَلَدِ بِيعَتْ فِي الْغَنِيمَةِ جَهْلًا بِحَالِهَا ثُمَّ عُلِمَ حَالُهَا وَتَعَيَّنَ سَيِّدُهَا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِدَائِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْضَهَا) مَا تَقَدَّمَ كَأَنْ قَدْ جَاءَ رَبُّهُ عَقِبَ تَسْلِيمِ الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِي الْبَاقِي) أَيْ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ أَوْ فِدَائِهِ وَهَذَا فِيمَا بِيعَتْ خِدْمَتُهُ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي أَيْضًا إذَا بِيعَتْ رَقَبَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ السَّيِّدُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَكَذَا تُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُدَبَّرِ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهَا مَحْدُودَةٌ بِحَيَاةِ السَّيِّدِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْغَايَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ بِقَدْرِ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ وَعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَعْيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُرَاعِي الْمُدَّةَ الَّتِي يُؤَاجِرُ بِهَا الْعَبْدَ الْآتِيَةَ فِي قَوْلِهِ وَعَبْدٌ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَا هُنَا مُخَصِّصًا لِمَا يَأْتِي وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاجَرَ هَذَا الْمُدَبَّرُ زَمَانًا مَحْدُودًا مِمَّا يَظُنُّ حَيَاةَ سَيِّدِهِ إلَيْهِ وَلَا يُزَادُ بِهِ عَلَى الْغَايَةِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ إنْ عَاشَ هَذَا الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ حَتَّى جَازَا تِلْكَ الْغَايَةَ فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْغَايَةِ مِنْ خِدْمَتِهِ تَكُونُ كَاللُّقَطَةِ لِافْتِرَاقِ الْجَيْشِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَعْيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْوَلَاءِ إلَخْ) سَحْنُونَ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ كَمَا مَرَّ فِي الْمُدَبَّرِ وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ فِيهِ لَغْوٌ انْتَهَى أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ إلَّا الْحَائِزَ وَالْحَائِزُ هُنَا غَيْرُ الْمَالِكِ بَلْ الْجَيْشُ اهـ ك. (قَوْلُهُ أَيْ لَا خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الْكِتَابَةِ وَفِيهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ وَلَيْسَ مَجْرُورًا بِخِدْمَةٍ مَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ عَمَلَ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ وَلَا مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى مُعْتَقٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ الْعَطْفُ عَلَى الْمَوْصُولِ قَبْلَ كَمَالِ صِلَتِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَطْفُ كِتَابَةٍ عَلَى خِدْمَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ عَمَلُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّ وَلَدٍ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُعْتَقٍ وَمُعْتَقٌ مَعْمُولٌ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا عَمَلٌ مِنْ حَيْثُ الْإِضَافَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَصْدَرِيَّةُ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَهَلْ تَخْرُجُ حُرَّةً مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَهُوَ لَمْ يَعْرِفْ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ ك (قَوْلُهُ وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ) أَيْ الْمَأْخُوذَةُ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ تَدْبِيرِهِ وَمُكَاتَبَتَهُ يَكُونُ بِالشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ قُسِمَ) قُصُورٌ وَالْأَحْسَنُ مَالُهُ عج بِأَنْ يَقُولَ وَلَهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَسْمِ أَوْ لِمُعَيَّنٍ حِينَهُمَا وَلَكِنْ كَانَ الْبَيْعُ خَيْرًا لَهُ مِنْ حَمْلِهِ أَوْ لِمُعَيَّنٍ وَتَأَوَّلَ الْإِمَامُ بَيْعَهُ أَوْ قَسْمَهُ وَبَاعَهُ أَوْ قَسَمَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبَيْعِ لِيُقْسَمَ. وَقَوْلُهُ أَوْ قُوِّمَ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِقِسْمَةِ الْأَعْيَانِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ أَخَذَهُ أَحَدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ دُونَ تَقْوِيمٍ أَوْ جُهِلَ مَا قُوِّمَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ جُهِلَ ثَمَنُهُ فَمَا هُنَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا قَبْلَهُ مَجَّانًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ كَذَا يَنْبَغِي وَمِثْلُ مَا قُسِمَ مَا بِيعَ مِنْ خِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَكِتَابَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهُ بِثَمَنِهِ. وَأَمَّا مَا قُسِمَ بِلَا تَأَوُّلٍ فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ لَا يُخَيَّرُ) فَلَوْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ سَقَطَ حَقُّهُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ. (قَوْلُهُ بِيعَتْ فِي الْغَنِيمَةِ) جَهْلًا أَوْ قُسِمَتْ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا جَهْلًا بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ تُبَاعُ بَعْدَ الْقَسْمِ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَعْتَقَهَا مُشْتَرِيهَا أُخِذَتْ مَجَّانًا سَحْنُونَ هَذَا إذَا أَعْتَقَهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا، وَلَوْ أَوْلَدَهَا أَخَذَهَا رَبُّهَا بِالثَّمَنِ وَقَاصَصَهُ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ، وَلَوْ تَكَرَّرَ سَبْيُهَا وَشِرَاؤُهَا فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 أَوْ قُوِّمَتْ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا وَلَا خِيَارَ لِلسَّيِّدِ لَكِنْ إنْ كَانَ سَيِّدُهَا مُوسِرًا أَخَذْنَا الثَّمَنَ مِنْهُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، أَمَّا لَوْ قُسِمَتْ فِي الْغَنِيمَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ سَيِّدَهَا يَأْخُذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ بِلَا ثَمَنٍ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْفِدَاءِ إنْ لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفِدَاءِ أَمَّا إنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَعَذَّرَ تَخْلِيصُهَا بِالْمَوْتِ إذْ الْمَقْصُودُ بِالْفِدَاءِ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْدِيَهَا خَرَجَتْ حُرَّةً بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَلَا عَلَى تِرْكَةِ سَيِّدِهَا شَيْءٌ إذْ لَيْسَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ إنَّمَا هُوَ لِتَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ وَقَدْ فَاتَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. (ص) وَلَهُ فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ لِحَالِهِمَا وَتَرْكُهُمَا مُسَلَّمًا لِخِدْمَتِهِمَا (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ وَالْمُدَبَّرَ قُسِمَا فِي الْمَغْنَمِ جَهْلًا بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ إلَّا بَعْدَ الْقَسْمِ، فَإِنْ عُرِفَ مَالِكُهُمَا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُمَا بِمَا وَقَعَا بِهِ فِي الْمَغَانِمِ وَيَرْجِعَانِ لَهُ عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَسْمِ فَيَخْدُمُ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلِهِ وَيَخْدُمُ الْمُدَبَّرُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ فَيَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِحَالِهِمَا وَبَيْنَ أَنْ يُسَلَّمَ خِدْمَتُهُمَا لِمَنْ وَقَعَا فِي سَهْمِهِ تَمْلِيكًا لَهُ فَيَسْتَوِ فِيهَا مَنْ صَارَا فِي سَهْمِهِ، وَإِنْ كَثُرْت وَقِيلَ يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ وَفَّى قَبْلَ عِتْقِهِ فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي اتِّبَاعِ الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ قَوْلَانِ وَسَيَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي الْمُدَبَّرِ أَنَّهُ يُتْبَعُ فَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ كَذَلِكَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِاتِّبَاعِ هُنَا وَفِي الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكْتُمَا. وَأَمَّا إنْ كَتَمَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا لِغُرُورِهِمَا انْتَهَى، فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يُوَفِّ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ، فَإِنْ وَفَّى وَالسَّيِّدُ حَيٌّ وَالْأَجَلُ بَاقٍ رَجَعَ لِسَيِّدِهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُسَلَّمُ خِدْمَتُهُمَا تَمْلِيكًا هُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقَوْلُ بِالتَّقَاضِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونَ وَبِعِبَارَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ أَنَّهُ يُسَلَّمُ الْخِدْمَةَ تَقَاضِيًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ مُسَلَّمًا لِخِدْمَتِهِمَا أَنَّهُ يُسَلَّمُ الْخِدْمَةُ تَمْلِيكًا فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا الْقَوْلَانِ. (ص) وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَحُرَّانِ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ وَاتَّبَعَ بِمَا بَقِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ إذَا وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ وَقَسَمْنَاهُ جَهْلًا أَوْ عَالِمِينَ بِتَدْبِيرِهِ فَإِنَّ خِدْمَتَهُ تُبَاعُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ بِتَدْبِيرِهِ وَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ بِتَدْبِيرِهِ ثُمَّ إذَا عَلِمْنَا بِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ وَأَسْلَمَ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا وَقَعَ بِهِ فِي الْمَغْنَمِ مِمَّا قُوِّمَ بِهِ عَلَيْهِ وَحَمَّلَهُ الثُّلُثَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَيَتْبَعُهُ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ خِدْمَتِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ (ص) كَمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قَسَمَا وَلَمْ يُعْذَرَا فِي سُكُوتِهِمَا بِأَمْرٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الِاتِّبَاعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ إذَا قَسَمَا فِي الْمَغْنَمِ جَهْلًا بِحَالِهِمَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَا عُذْرَ لَهُمَا فِي سُكُوتِهِمَا بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ بِأَنْ نُودِيَ وَهُمَا سَاكِتَانِ مُتَعَمِّدَانِ وَلَمْ يُخْبِرَا بِحَالِهِمَا مَعَ عِلْمِهِمَا أَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ لَا يَلْزَمُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ حُرَّيْنِ وَيُتْبَعَانِ بِمَا وَقَعَا بِهِ فِي الْمَغَانِمِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُمَا عُذْرٌ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَغِيرًا أَوْ قَلِيلَ الْفِطْنَةِ أَوْ كَثِيرَ الْغَفْلَةِ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ رِقٌّ فَإِنَّهُ لَا يُتْبَعُ حِينَئِذٍ بِشَيْءٍ. (ص) ، وَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ رَقَّ بَاقِيهِ (ش) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَاسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ جَمِيعَ الْمُدَبَّرِ رَقَّ جَمِيعُهُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ أَيْ بَعْضَ الْمُدَبَّرِ كَأَنْ لَمْ يَتْرُكْ السَّيِّدُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرَقَّ ثُلُثَاهُ لِلْغَازِي، وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ بَعْضَهُ رَقَّ مَا اسْتَغْرَقَتْهُ الدُّيُونُ لِلْغَازِي وَعَتَقَ مِنْ الْبَاقِي ثُلُثُهُ وَرَقَّ ثُلُثَا الْبَاقِي لِلْغَازِي فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَازِيَ يُقَدَّمُ عَلَى الدُّيُونِ لِيَسْتَحِقَّ مَا تَسْتَغْرِقُهُ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِحَالِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا رَاجِعَيْنِ لِحَالِهِمَا أَيْ عَلَى حَالِهِمَا الَّذِي كَانَا عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ وَتَرْكُهُمَا) أَيْ وَتَرْكُ السَّيِّدِ لَهُمَا (قَوْلُهُ مُسَلَّمًا لِخِدْمَتِهِمَا) حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ وَهُوَ عَمَلُ الْمُضَافِ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ مُسَلَّمًا لِخِدْمَتِهِمَا أَيْ مُسَلَّمًا خِدْمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْحَالُ فِي مَعْنَى التَّثْنِيَةِ فَطَابَقَ الْحَالُ صَاحِبَهَا وَقَوْلُهُ مُسَلَّمًا إلَخْ أَيْ تَقَاضِيًا لَا تَمْلِيكًا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَاتَّبَعَ بِمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُسَلِّمُهَا تَقَاضِيًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَفِي اتِّبَاعِ الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ) أَيْ وَعَدَمِ اتِّبَاعِهِ فَالِاتِّبَاعُ عَلَى أَنَّهُ يُسَلِّمُهَا عَلَى جِهَةِ التَّقَاضِي وَعَدَمُ الِاتِّبَاعِ عَلَى أَنَّهَا تُسَلَّمُ تَمْلِيكًا (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهَا تُسَلَّمُ تَقَاضِيًا فَيُنَافِي مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ تَمْلِيكًا وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (قَوْلُهُ رَجَعَ لِسَيِّدِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُسَلَّمُ تَقَاضِيًا لَا يَخْفَى مَا فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ مِنْ الْقَلِقِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ مُسَلَّمًا أَنَّهُ يُسَلَّمُ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ مَعْنَاهُ مُسَلَّمًا أَيْ عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي فَيَكُونُ مَاشِيًا أَوَّلًا أَوْ آخِرًا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّقَاضِي. (قَوْلُهُ وَقَسَمْنَاهُ) أَيْ إمَّا ذَاتَه أَوْ ثَمَنَ خِدْمَتِهِ فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ مَا بَعْدُ (قَوْلُهُ مِمَّا قُوِّمَ بِهِ عَلَيْهِ) هَذَا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهُ مُدَبَّرًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ عب تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالتَّمْلِيكِ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالتَّقَاضِي فِي الْمُدَبَّرِ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ عِنْدَ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعْذَرَا) وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا إنْ تَنَازَعَا مَعَ مَنْ أَخَذَهُمَا فِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ أَيْ مَعَ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ أَوْ كَثِيرُ الْغَفْلَةِ) أَيْ فَتَكُونُ الْفِطْنَةُ عِنْدَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُهَا فَيَكْثُرُ مِنْهُ الْغَفْلَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ) هَذَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ بَعْضَهُ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَنْ لَمْ يَتْرُكْ السَّيِّدُ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَا دَيْنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 عَنْهَا ثُمَّ يُقَدَّمُ الْغَازِي عَلَى الْوَرَثَةِ فِي بَاقِيهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَرَقَّ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (ص) وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ (ش) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ فِيمَا رَقَّ مِنْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بَيْنَ إسْلَامِهِ لِلْغَازِي أَوْ فِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ أَوْ قُوِّمَ بِهِ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيهِ إنَّمَا اشْتَرَى رَقَبَتَهُ فَإِذَا أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فَقَدْ أَسْلَمَ لَهُ مَا اشْتَرَى مِمَّا يَرِقُّ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ فَاخْتَارَ إسْلَامَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ تَسْتَغْرِقُ الْمُدَبَّرَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّ وَارِثَ السَّيِّدِ يُخَيَّرُ فِيمَا رَقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا أَسْلَمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خِدْمَتَهُ فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ صَارَ كَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ جَنَى فَيُخَيَّرُ الْوَارِثُ فِيمَا رَقَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ آلَ إلَى خِلَافِ مَا أَسْلَمَ السَّيِّدُ. (ص) ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ ثَمَنَهُ فَعَلَى حَالِهِ (ش) هَذَا إذَا قُسِمَتْ رَقَبَتُهُ جَهْلًا أَوْ اُشْتُرِيَ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ. وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ أَيْ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ لِمُبْتَاعِهِ الَّذِي اشْتَرَى رَقَبَتَهُ مِنْ الْمَقَاسِمِ جَهْلًا أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ ثَمَنَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ عَاجِلًا فَقَدْ رَجَعَ لِسَيِّدِهِ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يُؤَدِّي إلَيْهِ كِتَابَتَهُ وَيَخْرُجُ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ (ص) وَإِلَّا فَقِنٌّ أَسْلَمَ أَوْ فَدَى (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ وَعَجَزَ عَنْهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ حِينَئِذٍ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ الْحَالَيْنِ فَهُوَ قِنٌّ وَبَطَلَتْ كِتَابَتُهُ كَمُكَاتَبٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ جَنَى جِنَايَةً وَعَجَزَ عَنْ أَرْشِهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ فُدِيَ مِنْهُ أَيْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ قُلْت لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَثْبُتْ لِسَيِّدِهِ التَّخْيِيرُ ابْتِدَاءً فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ قِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ تَسْلِيطٌ عَلَى إسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ خِدْمَتَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهَا بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ. وَلَمَّا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ بَلْ وَلَا الذِّمِّيِّ مِلْكًا تَامًّا بَلْ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ لَهُ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فَقَطْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَعَلَى الْآخِذِ إنْ عَلِمَ بِمِلْكٍ مُعَيَّنِ تَرْكُ تَصَرُّفٍ لِيُخَيِّرَهُ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ سِلْعَةٌ مِنْ سِلَعِ الْغَنِيمَةِ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا صَامِتًا أَوْ نَاطِقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ثُمَّ عَلِمَ رَبَّهُ وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيِّرَهُ فِيهِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا وَقَعَ بِهِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَزَوَالُ مِلْكِهِ مَوْهُومٌ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْآخِذِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ تَرْكُ تَصَرُّفٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. (ص) ، وَإِنْ تَصَرَّفَ مُضِّيَ (ش) أَيْ بِاسْتِيلَادٍ أَوْ بِعِتْقٍ نَاجِزٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْ حَرْبِيٍّ غَارَ عَلَيْهِ أَوْ أَبَقَ إلَيْهِ وَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بِالِاسْتِيلَادِ أَوْ بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى رَبِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ يَمْضِي الْعِتْقُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءً لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ (كَالْمُشْتَرِي مِنْ حَرْبِيٍّ) فِي بِلَادِ الْحَرْبِ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي مُطْلَقِ الْمُضِيِّ إذْ لَا يَتَقَيَّدُ مُضِيُّهُ بِالِاسْتِيلَادِ وَمَا مَعَهُ بَلْ الْبَيْعُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْفَرْقُ قُوَّةُ مِلْكِ الْمَالِكِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ قَبْلَ قَسْمِهَا أَخَذَهُ مَجَّانًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُشْتَرِي مِنْ حَرْبِيٍّ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَبِعْ فَيَمْضِي وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ وَقَوْلُهُ (بِاسْتِيلَادٍ) تَنَازَعَهُ تَصَرُّفٌ وَمُضِيٌّ وَأَحْرَى الْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَلَيْسَ فَوْتًا أَيْ فِيمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ بَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ كَمَا مَرَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَقَدْ أَسْلَمَ لَهُ مَا اشْتَرَى) فِيهِ إنَّمَا أَسْلَمَ الْخِدْمَةَ فِي ذَلِكَ كَالْجِنَايَةِ وَلَكِنْ إنَّمَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ دَخَلَ أَوَّلًا عَلَى تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ هُنَا بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ إلَخْ) لَا حَاجَةَ فِي تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ بَلْ الْمُصَنِّفُ يُقَرِّرُ بِدُونِ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَا عِنْدَ السَّيِّدِ إلَّا الْمُدَبَّرَ بِدُونِ دَيْنٍ أَوْ يُقَرِّرُ بِالْجَمِيعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الدُّيُونِ الْعَبْدَ إذَا رَقَّ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا أَسْلَمَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ الْمُسَلَّمُ الْخِدْمَةُ وَمَسْأَلَةُ الْغَنَائِمِ الْمُسَلَّمُ فِي الْأَصْلِ الرَّقَبَةُ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ آلَ إلَى خِلَافٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْرَ آلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَسْلَمَ الْخِدْمَةَ وَلَمَّا اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ آلَ الْأَمْرُ إلَى الرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ هَذَا إذَا قُسِمَتْ رَقَبَتُهُ جَهْلًا) . وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ وَأَدَّاهَا فَيَخْرُجُ حُرًّا. وَأَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ فَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ قَالَهُ فِي ك وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ وَإِلَّا فَقِنٌّ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ لِلْمُكَاتَبِ، وَلَوْ فِي الْفِدَاءِ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ أَوَّلًا وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلسَّيِّدِ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ لِمُعَاوَضٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ ك (قَوْلُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ إذَا بِيعَتْ رَقَبَتُهُ لِاعْتِقَادِ رِقِّهِ. وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ لِاعْتِقَادِ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ (قَوْلُهُ أَسْلَمَ أَوْ فُدِيَ) وَإِذَا فِدَاهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا يُحَاسَبُ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِحْقَاقِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت لِأَيِّ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ قِيلَ إنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ ثَمَنَهُ رَجَعَ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَقِنٌّ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ مُضِّيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا ضَبَطَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ الْحَاجِبِ) أَيْ تَصَرَّفَ الْآخِذُ مُرْتَكِبًا لِلْمُحَرَّمِ أَوْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ أَوْ مَوْهُوبُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُ) ضَعِيفٌ بَلْ يَمْضِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ يُونُسَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الْحَطَّابِ وَرَدَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ عَلَى وَجْهِهِ (قَوْلُهُ بِاسْتِيلَادٍ) قَالَ فِي ك. وَأَمَّا غَيْرُ الْعَبِيدِ فَتَفْوِيتُهَا هَلَاكُ ذَاتِهَا، وَلَوْ بِالْأَكْلِ وَمَا دَامَ بَاقِيًا فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ، وَلَوْ نَقَصَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا نَقَصَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 فِي قَوْلِهِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ بِبِلَادِ الْحَرْبِ فَيَفُوتُ، وَلَوْ بِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ وَالرَّاجِحُ مِنْ التَّرَدُّدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْمُؤَجَّلِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَفِي الْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ تَرَدُّدٌ هَلْ يَمْضِي أَمْ لَا لَا أَنَّهُ كَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إذَا كَانَ فَوْتًا فَأَوْلَى الْعِتْقُ لِأَجَلٍ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ وُقُوفِهِمْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ كَالْعِتْقِ انْتَهَى وَمَحَلُّ فَوْتِ مَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِاسْتِيلَادٍ وَمَا مَعَهُ إنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةٍ تَمَلَّكَهُ أَمَّا إنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةٍ رَدَّهُ لِرَبِّهِ فَقَوْلَانِ بِالْإِمْضَاءِ وَعَدَمِ الْإِمْضَاءِ بِمَا ذَكَرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِمْضَاءِ. (ص) وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ مَجَّانًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَوَهَبَهُ حَرْبِيٌّ سِلْعَةً أَوْ عَبْدًا هَرَبَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَارَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ فَإِذَا قَدِمَ بِذَلِكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ يَأْخُذُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِذَا كَانَ الْمُعْطَى لَهُ أَخَذَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِعِوَضٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ هِبَةَ ثَوَابٍ فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الَّذِي هُوَ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ نَظِيرَ مَا عُوِّضَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبِعِوَضٍ بِهِ) فَقَوْلُهُ بِدَرَاهِمَ مُتَعَلِّقٌ بِوَهَبُوهُ وَقَوْلُهُ مَجَّانًا يَتَنَازَعُهُ الْعَامِلَانِ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَبِثَمَنٍ لِيَشْمَلَ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَمَفْهُومُ دَرَاهِمَ أَنَّهُمْ لَوْ وَهَبُوهُ أَوْ بَاعُوهُ بِدَارِنَا بَعْدَ دُخُولِهِمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ عَلَى رَبِّهِ. وَأَمَّا مَا وَهَبُوهُ بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ فَمِثْلُ مَا وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ (ص) إنْ لَمْ يَبِعْ فَيَمْضِي وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ أَخْذِ الْمَالِكِ لِشَيْئِهِ إنْ لَمْ يَفُتْهُ الْمُعَاوَضُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنْ أَفَاتَهُ بِعِتْقٍ أَوْ إيلَادٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَبِبَيْعٍ فَإِنَّهُ يَمْضِي لَكِنْ يَكُونُ لِمَالِكِهِ الثَّمَنُ فِيمَا إذَا وَهَبَ مَجَّانًا وَالزَّائِدُ فِيمَا إذَا عَاوَضَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ عَاوَضَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَهُ الْخَمْسَةُ الزَّائِدَةُ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعُهُ بِغَلَّةٍ إنْ اغْتَلَّهُ. (ص) وَالْأَحْسَنُ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى شَيْئًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ مِنْ الْفَادِي بِغَيْرِ شَيْءٍ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَقْيَسُ؛ لِأَنَّ اللِّصَّ لَيْسَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ أَوْ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ الْقَدْرَ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ قِيَاسًا عَلَى مَا فُدِيَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْخَلَاصُ إلَّا بِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْخَلَاصُ بِلَا شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ مَا دَفَعَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِلَا شَيْءٍ وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَوَقَّفُ خَلَاصُهُ عَلَيْهِ. (ص) ، وَإِنْ أُسْلِمَ لِمُعَاوَضٍ مُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُ اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ ثُمَّ هَلْ يُتْبَعُ إنْ عَتَقَ بِالثَّمَنِ أَوْ بِمَا بَقِيَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّر وَالْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ إذَا أَسْلَمَهُمَا سَيِّدُهُمَا لِمَنْ عَاوَضَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى اللَّخْمِيِّ إلَخْ) فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى أَيْ فَحَاصِلُهُ التَّوَقُّفُ. وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ فَقَدْ تَرَدَّدَ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ الَّذِي فِي الْمُصَنِّفِ لِلَّخْمِيِّ أَيْ فَمُقْتَضَى كَوْنِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ كَالْعِتْقِ أَيْ النَّاجِزِ أَنَّ الْعِتْقَ لِأَجَلٍ مُفَوِّتٌ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ فَوْتٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ وَأَخْذِهِ مِنْ حَرْبِيٍّ قُوَّةُ تَسَلُّطِ الْمَالِكِ فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَبِعِوَضٍ بِهِ) إنْ كَانَ عَيْنًا فَمِثْلُهُ حَيْثُ لَقِيَهُ أَوْ حَاكَمَهُ أَوْ مِثْلِيًّا غَيْرُهَا فَمِثْلُهُ فِي مَوْضِعِ دَفْعِهِ مِنْ بَلَدِهِمْ إنْ أَمْكَنَ كَمُتَسَلِّفٍ يَرُدُّ مِثْلَهُ بِمَوْضِعِ التَّسَلُّفِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ فَقِيمَتُهُ هُنَاكَ كَالْمُقَوَّمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرَى مِنْهُمْ فِي ثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَسْتَنْكِرْ بِحَيْثُ يُسْتَدَلُّ عَلَى كِذْبِهِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ ابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرُهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ رَبُّهُ مَعْرِفَةُ ثَمَنِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ دُونَ يَمِينٍ وَفِيمَا لَا يُشْبِهُ بِهَا وَمَا لَا يَشُكُّ فِي كِذْبِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ اشْتِرَائِهِ حَيْثُ اشْتَرَاهُ وَإِنْ جُهِلَتْ فَبِأَقْرَبِ مَحَلٍّ، وَإِنْ ادَّعَيَا صِدْقَ الْمُبْتَاعِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَرَبُّهُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَمَنْ نَكَلَ صُدِّقَ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَكُلُّ هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا فِي اخْتِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ مَجَّانًا) الْمُنَاسِبُ كَوْنُهُ مَعْمُولًا لِأَخْذٍ لَا مُتَنَازَعًا فِيهِ إذْ يُبْعِدُ ذَلِكَ عَطْفَ قَوْلِهِ وَبِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَيَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ بَيِّنٍ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِضَيَاعِ قَوْلِهِ بِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعِوَضٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَبِعِوَضٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَجَّانًا. وَأَمَّا إذَا وَهَبُوهُ بِعِوَضٍ فَيَأْخُذُهُ بِالْعِوَضِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبِعْ فَيَمْضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا الثَّمَنُ وَبَيْنَ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ فَإِنَّ رَبَّهُ إذَا عَرَفَهُ بَعْدَ الْقَسْمِ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ قَدْ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ وَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا نِيلَ بِالطَّوْعِ، وَلَوْ شَاءَ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ لَمْ يُطِعْ بِدَفْعِهِ فَكَانَ أَقْوَى فِي إمْضَاءِ مَا فَعَلَ فِيهِ مِنْ الْبَيْعِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ) أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحْسَنُ أَيْ الْأَرْجَحُ وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ أَيْ إنْ لَمْ يَفْدِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ الْمَالِكُ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّ الْفِدَاءَ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الرُّجُوعِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْفَادِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَمَفْدِيٌّ بِكَسْرِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَدَاهُ يَفْدِيهِ لَا مِنْ أَفْدَاهُ يُفْدِيهِ؛ لِأَنَّهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وَأَصْلُ مَفْدِيٍّ مَفْدَوِيٌّ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا سَاكِنٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ كَسْرَةً لِتَسْلَمَ الْيَاءُ فَلَوْ اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْفِدَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 عَلَيْهِمَا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ خِدْمَتَهُمَا فَيَخْدُمُ الْمُدَبَّرُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ يَخْدُمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ جَاءَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَدْ وَفَيَا مَا فَدَيَا بِهِ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يُوفِيَا ذَلِكَ فَهَلْ يَتْبَعُهُمَا الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِجَمِيعِ مَا عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا اغْتَلَّهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ لَا يَتْبَعُهُمَا إلَّا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ. (ص) وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ حُرٌّ إنْ فَرَّ أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ إذَا فَرَّ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ غَنِمَ نَفْسَهُ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ أَمْ لَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يُسْلِمُ، وَإِنْ قَدِمَ بِمَالٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ وَلَا يُخَمَّسُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ حُرًّا إذَا أَسْلَمَ وَبَقِيَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ حَتَّى غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ وَسَيِّدُهُ مُشْرِكٌ وَهَذَا إذَا خَرَجَ إلَيْنَا كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَا إنْ خَرَجَ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ) أَيْ لَا إنْ خَرَجَ إلَيْنَا كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَرَّقَ لَهُ وَسَوَاءٌ سَبَقَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا إسْلَامَ الْآخَرِ أَوْ تَسَاوَيَا فِي الْإِسْلَامِ (ص) أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى خَرَجَ لَا عَلَى بَعْدَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا بِخُرُوجِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَيْ الْعَبْدِ وَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَرَّ وَمَفْهُومُ فَرَّ أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ أَعَمُّ مِنْ مُجَرَّدِ إسْلَامِهِ وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُصَدَّقَ بِأَخَصَّ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِمَا إذَا أَسْلَمَ وَخَرَجَ لِبَعْضِ دِيَارِهِمْ أَوْ حَوْزِهِمْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْنَا وَهُوَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا لَا يَكُونُ حُرًّا عَلَى الْمَذْهَبِ. (ص) وَهَدَمَ السَّبْيُ النِّكَاحَ إلَّا أَنْ تُسْبَى وَتُسْلِمُ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ إذَا سُبِيَا مُجْتَمَعَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بَيْنَهُمَا وَيَحِلُّ وَطْؤُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ وَلَا عِدَّةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بَيْنَهُمَا وَهِيَ مَا إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ أَوْ جَاءَ إلَيْنَا ثُمَّ سَبَيْنَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ حُرٍّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ الْكَافِرَةِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ. (ص) وَوَلَدُهُ وَمَالُهُ فَيْءٌ مُطْلَقًا (ش) الضَّمِيرُ فِي وَوَلَدُهُ رَاجِعٌ لِمَنْ أَسْلَمَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ وَفَرَّ إلَيْنَا الْحَرْبِيُّ فِي بِلَادِهِ حَتَّى غَنِمْنَا بِلَادَهُ فَإِنَّ وَلَدَهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ رَقَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَرَقَّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ وَمَالُهُ غَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْفَيْءِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَأَمَّا زَوْجَتُهُ فَهِيَ غَنِيمَةٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا مَهْرُهَا وَإِذَا كَانَتْ غَنِيمَةً فَقِيلَ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لِمِلْكِهِ جُزْءًا مِنْهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ يُقْطَعُ وَلَمْ يُفْسَخْ وَلَا فَرْقَ فِي وَلَدِهِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ بَقِيَ الْحَرْبِيُّ بِبَلَدِهِ أَوْ خَرَجَ إلَيْنَا وَتَرَكَ مَالَهُ وَوَلَدَهُ أَسْلَمَ عِنْدَنَا فِي أَمَانِهِ أَوْ فِي بِلَادِهِ وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا وَلَدُهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يُرَقُّ اتِّفَاقًا. (ص) لَا وَلَدٌ صَغِيرٌ لِكِتَابِيَّةٍ سُبِيَتْ أَوْ مُسْلِمَةٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيْءٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ خِدْمَتَهُمَا) أَيْ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى عِوَضِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالسَّابِقَةِ أَنَّ تِلْكَ الْمُدَبَّرُ وَنَحْوُهُ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ فَهِيَ أَشَدُّ وَلِذَلِكَ جَرَى قَوْلٌ فِيهَا بِأَنَّهُ يُتْبَعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ لِمُعَاوَضٍ مُكَاتَبٍ اسْتَوْفَيْت كِتَابَتُهُ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ، وَإِنْ أَدَّى فَالْوَلَاءُ لِعَاقِدِهَا وَرَأَيْت مَا نَصَّهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِدَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ فَلَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ أَقُولُ) إنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَأَنَّهَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ الْقَوْلَيْنِ التَّمْلِيكِ وَالتَّقَاضِي. (قَوْلُهُ إنْ فَرَّ) اعْلَمْ أَنَّ بِفِرَارِهِ إلَيْنَا يَكُونُ حُرًّا، وَلَوْ كَانَ فِرَارُهُ إلَيْنَا بَعْدَ نُزُولِ جَيْشِنَا بِهِمْ زَادَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا وَلَاءَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إنْ أَسْلَمَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْأَعَمُّ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ هَذِهِ الصُّورَةَ فَقَطْ فَلِذَلِكَ نَصَّ عَلَى الْأُخْرَى (أَقُولُ) وَيُرَدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأُخْرَى تُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ هَذَا الْعُمُومُ شُمُولِيٌّ لَا بَدَلِيٌّ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَفْهُومِ شَرْطٍ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ يَكُونُ حُرًّا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَهَذَمَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ أَوْ سُبِيَتْ هِيَ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَقُدُومِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ سُبِيَتْ هِيَ فَقَطْ فَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ يَنْهَدِمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ وَتُسْلِمُ بَعْدَهُ إلَخْ) وَمِثْلُ إسْلَامِهَا فِي عَدَمِ الْفَسْخِ عِتْقُهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ) ظَاهِرُ ذَلِكَ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ السَّبْيُ بِالزَّوْجِ وَحْدَهُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْهَدِمُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ سَبْيِهِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهَا تُخَيَّرُ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدٍ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ سَبْيُهُ عَلَى قُدُومِهَا بِأَمَانٍ أَوْ تَأَخَّرَ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ عَلَى قُدُومِهَا أَوْ تَأَخَّرَ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي هَذَا مِنْ كَوْنِ إسْلَامِهِ فِي عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ عِدَّتَهَا الَّتِي تَحِلُّ بِهَا لِلسَّابِي أَوْ غَيْرِهِ حَيْضَةٌ فَمَعْنَى أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَيْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ تَرَى الدَّمَ. (قَوْلُهُ وَفَرَّ إلَيْنَا أَوْ بَقِيَ فِي بِلَادِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفَهِمَهَا التُّونُسِيُّ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْرُجْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَقَدْ بَقِيَتْ يَدُهُ عَلَى مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ مَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَهْرُهَا) أَيْ الْمُؤَخَّرُ وَقَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ تُقْطَعُ يَدُهُ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لِضَعْفِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ لَمْ يُفْسَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 إذَا سَبَى حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً فَوَطِئَهَا وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ عِنْدَهُ ثُمَّ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ الْحَرْبِيَّ وَالْحُرَّةَ وَالْأَوْلَادَ فَإِنَّ الْأَوْلَادَ الصِّغَارَ الَّذِينَ حَدَثُوا مِنْ الْمُسْلِمَةِ أَوْ مِنْ الْكِتَابِيَّةِ عِنْدَ الْحَرْبِيِّ لَا يَكُونُونَ فَيْئًا عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ أَحْرَارٌ تَبَعًا لِأُمِّهِمْ بِخِلَافِ الْكِبَارِ فَفَيْءٌ. (ص) وَهَلْ كِبَارُ الْمُسْلِمَةِ فَيْءٌ أَوْ إنْ قَاتَلُوا تَأْوِيلَانِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ إذَا سُبِيَتْ وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ عِنْدَ الْحَرْبِيِّ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا كَمَا مَرَّ لَا يَكُونُونَ فَيْئًا. وَأَمَّا الْكِبَارُ فَهُمْ فَيْءٌ أَيْ غَنِيمَةٌ فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَهَلْ هُمْ فَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى حَالٍ يُمْكِنُهُمْ الْقِتَالُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ شَبْلُونٍ أَوْ هُمْ فَيْءٌ إنْ قَاتَلُوا بِالْفِعْلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا كِبَارُ الْكِتَابِيَّةِ فَفَيْءٌ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ حَارِثٍ فَحِكَايَةُ الشَّارِحِ الْخِلَافُ فِيهِمْ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلٌ لِبَعْضِهِمْ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَخْصِيصُ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي وَلَقَدْ أَجَادَ الْمُؤَلِّفُ فِي تَخْصِيصِ كَلَامِهِ بِكِبَارِ الْمُسْلِمَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَّعْنَا بِهِ. (ص) وَوَلَدُ الْأَمَةِ لِمَالِكِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبِيَّةَ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ عِنْدَ الْحَرْبِيِّ ثُمَّ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ لِمَالِكِهَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا سَوَاءٌ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : الْوَلَدُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَلِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ وَأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَفِي ابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي شَرْحِ س. [فَصْلٌ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ] وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ أَتْبَعَهُ بِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ جِزْيَةٍ وَمُهَادَنَةٍ وَفَكِّ أَسِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَمْرُ الثَّانِي الْمَانِعُ مِنْ الْقِتَالِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَدُعُوا لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ جِزْيَةٍ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ الْجِزْيَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُجَازَاةِ وَالْجَزَاءِ؛ لِأَنَّهَا جَزَاءٌ لِكَفِّنَا عَنْهُمْ وَتَمْكِينِهِمْ مِنْ سُكْنَى دَارِنَا وَقِيلَ إنَّهَا مِنْ جَزَى يَجْزِي إذَا قَضَى قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي} [البقرة: 48] أَيْ لَا تَقْضِي وَجَمْعُهَا الْجِزَى بِكَسْرِ الْجِيمِ مِثْلِ لِحْيَةٍ وَلِحًى انْتَهَى وَشُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَقِيلَ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ ابْنُ عَرَفَةَ الْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّةُ مَا لَزِمَ الْكَافِرَ مِنْ مَالِهِ لِأَمْنِهِ بِاسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِ انْتَهَى وَلَمَّا تَعَلَّقَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَرْبَعَةِ أَبْحَاثٍ الْعَقْدِ وَالْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يَسْكُنُهُ فَأَشَارَ إلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ سُكْنَى إلَخْ وَإِلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِكَافِرٍ وَإِلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ. (فَصْلٌ) (ص) عَقْدُ الْجِزْيَةِ إذْنُ الْإِمَامِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجِزْيَةَ هِيَ إذْنُ الْإِمَامِ (لِكَافِرٍ) ذَكَرٍ، وَلَوْ قُرَشِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي سُكْنَى مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ مَخْصُوصٍ بِشَرْطِ كَوْنِ الْكَافِرِ عَلَى وَصْفٍ مَخْصُوصٍ وَالْعَاقِدُ الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ فَلَوْ عَقَدَهَا مُسْلِمٌ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ لَكِنْ يَمْنَعُ الِاغْتِيَالُ أَيْ مِنْ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا بَذَلُوهُ وَرَآهُ مَصْلَحَةً إلَّا أَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَيْ عَلَى قَوْلِهَا إنْ بَلَغَ وَلَدُهَا وَقَاتَلُوا فَفَيْءٌ ثُمَّ قَالَ فِي الذِّمِّيَّةِ وَكَبِيرُ وَلَدِهَا فَيْءٌ فَفَهِمَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْقِتَالُ بِالْفِعْلِ وَفَهِمَهَا ابْنُ شَبْلُونٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّلَاحِيَّةُ لِلْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ قِتَالٌ بِالْفِعْلِ وَكِلَا الشَّيْخَيْنِ خَالَفَ عَادَتَهُ؛ لِأَنَّ عَادَةَ ابْنِ شَبْلُونٍ لَا يَتَأَوَّلُ وَيَحْمِلُ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَعَادَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ يَحْمِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ لَا عَلَى الظَّاهِرِ هَذَا وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ تَخْصِيصُ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَخْصِيصِهَا بِأَوْلَادِ الْمُسْلِمَةِ بَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَخْصِيصُهَا بِذَلِكَ. . (بَابُ الْجِزْيَةِ) (قَوْلُهُ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ) أَيْ طَالِبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ حَصَلَ قِتَالٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَظَهَرَ قَوْلُهُ أَتْبَعَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُجَازَاةِ) مُفَاعَلَةٌ تَقْتَضِي الْجَزَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ مِنَّا تَأْمِينُهُمْ وَمِنْهُمْ الْجِزْيَةُ وَقَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ أَيْ مَا يُجَازَى بِهِ كَالْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنَّهَا) أَيْ الْجِزْيَةَ (قَوْلُهُ إذَا قَضَى) أَيْ إذَا أَدَّى فَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا تُقْضَى) أَيْ تُؤَدَّى (قَوْلُهُ الْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّةُ) أَيْ. وَأَمَّا الصُّلْحِيَّةُ فَهِيَ مَا الْتَزَمَ كَافِرٌ مَنَعَ نَفْسَهُ أَدَاءَهُ عَلَى إبْقَائِهِ بِبَلَدِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ يَجْرِي عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مَنَعَ نَفْسَهُ جُمْلَةٌ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَقَوْلُهُ أَدَاءَهُ مَفْعُولُ الْتَزَمَ وَقَوْلُهُ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّرَاضِيَ مِنْهُمْ عَلَى تَرْكِ الْمُقَاتَلَةِ بِمَالٍ مَعَ عَدَمِ كَوْنِهِمْ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ جِزْيَةً صُلْحِيَّةً وَسَيَأْتِي فِي تَعْرِيفِ الْمُهَادَنَةِ مَا يُفِيدُهُ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ شب وَقَوْلُهُ لَا مِنْهُ إلَخْ خَرَجَتْ الصُّلْحِيَّةُ كَمَا قَالَ فِي ك لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِنْ تَعْرِيفِ الصُّلْحِيَّةِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي بَقَاءِ الْكَافِرِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَصَوْنُهُ أَيْ حِفْظُهُ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ بِاسْتِقْرَارِهِ أَيْ عَلَى الدَّوَامِ لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ إذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ لِقَضَاءِ مَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ وَالِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ عَاقِدٌ كَالْإِمَامِ. وَأَمَّا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَهُوَ السُّكْنَى وَالْمَالُ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الْبَيْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْجِزْيَةَ يَنْتَهِي حُكْمُهَا إلَى نُزُولِ سَيِّدِنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ لَا يُقْبَلُ إلَّا الْإِيمَانُ لِفَيْضِ الْمَالِ وَعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ الْإِيمَانُ (قَوْلُهُ عَقْدُ الْجِزْيَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجِزْيَةَ قَدْ عُرِّفَتْ أَنَّهَا الْمَالُ الْمَعْرُوفُ فَإِذَنْ يَكُونُ فِي الْكَلَامِ رِكَّةٌ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالذِّمَّةِ بَدَلَ الْجِزْيَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ إذْنِ الْإِمَامِ) أَيْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَيْ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ سُكْنَى مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ وَقَوْلُهُ عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ الْأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَقَوْلُهُ عَلَى وَصْفٍ مَخْصُوصٍ هُوَ كَوْنُهُ يَصِحُّ سِبَاؤُهُ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ وَيَجِبُ الْعَقْدُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا بَذَلُوهُ أَيْ طَلَبُوهُ أَوْ بَذَلُوا الْمَالَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَقَامِ الْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَهَا الْجَوَازُ وَقَدْ يَتَرَجَّحُ لِمَصْلَحَةٍ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 يَخَافَ غَائِلَتَهُمْ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَوْلُهُ لِكَافِرٍ أَيْ لِكُلِّ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ قَدْ تَعُمُّ أَيْ عُمُومًا شُمُولِيًّا، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِغَرَضِهِ هُنَا وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْجَهْمِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إجْمَاعًا فَإِنَّهُ طَرِيقَةٌ لَهُمَا وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ لِكَافِرٍ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا الْمُسْلِمُ لَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ عَلَيْهِ جِزْيَةً حَتَّى يَحْتَرِزُ بِهِ مِنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ (صَحَّ سِبَاؤُهُ) بِالْمَدِّ أَيْ أَسْرُهُ الْمُعَاهِدَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عَهْدِهِ وَالْمُرْتَدُّ فَإِنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى رِدَّتِهِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ. (ص) مُكَلَّفٌ حُرٌّ قَادِرٌ مُخَالِطٌ لَمْ يَعْتِقْهُ مُسْلِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ أَخْذِ الْجِزْيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُكَلَّفًا حُرًّا قَادِرًا مُخَالِطًا لِأَهْلِ دِينِهِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مِنْ عَبْدٍ وَلَا مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ قَادِرٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا مِنْ رُهْبَانِ الْأَدْيِرَةِ لَكِنْ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ صَحَّ سِبَاؤُهُ وَلَا مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ أَوْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى الْفَوْرِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ تَمَامُ الْحَوْلِ كَمَا فِي الْمَكَافِي وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَهُ وَالْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ مُخَالِطٌ، وَلَوْ رَاهِبَ كَنِيسَةٍ لَا صَوْمَعَةٍ وَدَيْرٍ وَغَارٍ، وَلَوْ طَرَأَ تَرَهُّبُهُ سَقَطَتْ عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى بِتَذْكِيرِ الْأَوْصَافِ عَنْ اشْتِرَاطِ الذُّكُورِيَّةِ أَيْ الْمُحَقَّقَةِ. (ص) سُكْنَى غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ وَلَهُمْ الِاجْتِيَازُ (ش) سُكْنَى مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ إذْنُ الْإِمَامِ فِي سُكْنَى كَذَا وَسُكْنَى مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ يَجُوزُ فِيمَا بَعْدَهُ الْجَرُّ عَلَى الْإِضَافَةِ وَالنَّصْبُ وَقَوْلُهُ غَيْرِ مَكَّةَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَشَمِلَ قَوْلُهُ غَيْرِ إلَخْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَالثُّغُورَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَأَمَّا جَزِيرَةُ الْعَرَبِ وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ سُكْنَاهَا لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ إذَا كَانُوا مُسَافِرِينَ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ لِدُخُولِهِمْ أَيَّامَ عُمَرَ بِجَلْبِهِمْ الطَّعَامَ مِنْ الشَّامِ إلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُمْ عُمَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَسْتَوْفُونَ وَيَنْظُرُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُمْ الْمُرُورَ، وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَفِي عِبَارَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاجْتِيَازِ الْمُرُورَ فَقَطْ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ السُّكْنَى فَيَشْمَلُ دُخُولَهُمْ هَذِهِ الْأَمَاكِنَ لِتَجْرِهِمْ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ (ص) بِمَالٍ (ش) يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِسُكْنَى أَيْ فِي سُكْنَى بِسَبَبٍ   [حاشية العدوي] الْجِزْيَةِ وَجَبَتْ، وَإِنْ تَرَجَّحَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا تَرَجَّحَتْ، وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ أَيْ الْمَصْلَحَةُ وَعَدَمُهَا جَازَتْ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِهَا حَرُمَتْ، وَإِنْ تَرَجَّحَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِهَا تَرَجَّحَ عَدَمُهَا هَذَا مَا ظَهَرَ فَلَعَلَّهُ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ شُمُولِيًّا) أَيْ. وَأَمَّا عُمُومُهَا الْبَدَلِيُّ فَهُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ طَرِيقَةٌ لَهُمَا) أَيْ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ الْمُعَاهِدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عَهْدِهِ) فَلَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ، وَلَوْ طَالَ مَقَامُهُ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَضْرِبَهَا الْإِمَامُ عَلَيْهِ حِينَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ فَيَصِيرُ مِنْ أَهْلِهَا وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَحَلُّهُمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ. وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ ضَرْبُهَا عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ بِأَمَانٍ. (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ غَيْرِ قَادِرٍ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ لَا تُؤْخَذُ فِي وَقْتِ أَخْذِهَا مِمَّنْ لَيْسَ بِقَادِرٍ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَلَا تُضْرَبُ عَلَى عَاجِزٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَادِرٍ عَلَى الدَّفْعِ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ فَتُضْرَبُ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ ثُمَّ حِينَ الْأَخْذِ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ (قَوْلُهُ وَلَا مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) وَظَاهِرُ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ بِمَحَلٍّ آخَرَ وَيَبْقَى النِّظْرُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا هَلْ يُبَعَّضُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نِظْرُ الْعِتْقِ الْمُسْلِمِ أَوْ يُؤْخَذُ مِنْهُ نِظْرُ الْعِتْقِ الْكَافِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِتْقُ الْمُسْلِمِ الْغَالِبَ أَوْ النِّصْفَ لَا يُؤْخَذُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعَلَّى عَلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ فَهَلْ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ إلَخْ) لَعَلَّهُ مُرَاعَاةٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُؤْخَذُ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ أَخْذِهَا مِنْهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ إذَا تَقَدَّمَ لِضَرْبِهَا عَلَى كِبَارِهِ الْأَحْرَارِ حَوْلٌ فَأَكْثَرُ وَتَقَدَّمَ لَهُ حَوْلٌ عِنْدَنَا صَبِيًّا وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالصَّبِيِّ وَإِذَا أُخِذَتْ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِفَاقَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُؤْخَذُ ثَانِيًا بِمُرُورِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهَا. وَأَمَّا الْفَقِيرُ إذَا اسْتَغْنَى فَلَا يُطَالَبُ بِمَا مَضَى قَبْلَ غِنَاهُ بَلْ يُبْتَدَأُ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ غِنَاهُ كَمَا فِي شَرْحِ عب (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الصَّبِيِّ بَلْ أَوْلَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى إلَخْ) يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ. (قَوْلُهُ سُكْنَى) مَصْدَرُ سَكَنَ الدَّارَ إذَا أَقَامَ فِيهَا (قَوْلُهُ غَيْرَ مَكَّةَ إلَخْ) أَيْ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ أَيْ، وَلَوْ صَبِيًّا وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْمُكَلَّفَ وَمَا مَعَهُ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ) مَقْصُورٌ عَلَى سَمَاعٍ (قَوْلُهُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) مِنْ الْجَزْرِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ مِنْ وَسَطِهَا لِإِجْنَابِهَا بَحْرَ الْقُلْزُمِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ وَبَحْرَ فَارِسَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ وَبَحْرَ الْهِنْدِ مِنْ الْجَنُوبِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هِيَ مَا بَيْنَ أَقْصَى عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ طُولًا وَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَهِيَ مَكَّةُ إلَخْ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِذَلِكَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ وَضَرَبَ لَهُمْ عُمَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ تَخْصِيصَ الثَّلَاثَةِ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ إذْ ذَاكَ مَظِنَّةً لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ الْحَاجَةُ تَقْتَضِي أَكْثَرَ لَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَسْتَوْفُونَ) أَيْ يُحَصِّلُونَ حَوَائِجَهُمْ (قَوْلُهُ يَصِحُّ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْبَاءَ إمَّا لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ بِمَعْنَى مَعَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 مَالٍ وَبِعَقْدٍ أَيْ الْعَقْدُ عَلَى مَالٍ وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ أَيْ إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ مَالٍ أَيْ مَصْحُوبًا بِمَالٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَالَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ. (ص) لِلْعَنَوِيِّ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُضْرَبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ هِيَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُمَّ يُنْظَرُ عِنْدَ أَخْذِهَا فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا بِذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُ وَمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِهِ أُخِذَ مِنْهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى شَيْءٍ سَقَطَتْ عَنْهُ وَلَا يُطْلَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ حُكْمُ أَهْلِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونَ عَلَى نَقْلِ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ إبِلٍ فَمَا رَاضَاهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ اهـ مَا رَاضَاهُمْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ عِنْدَ الْأَخْذِ وَأَهْلُ الْمَعَزِ وَالضَّأْنِ وَالْعُرُوضِ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (ص) وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِمَّنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْقِيَاسُ كَالزَّكَاةِ وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَذَلِكَ الصُّلْحِيَّةُ إذَا وَقَعَتْ مُبْهَمَةً وَآخِرُهَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إنَّهَا تُؤْخَذُ آخِرُهَا. (ص) وَنَقَصَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ وَلَا يُزَادُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْفَقِيرِ بِقَدْرِ حَالِهِ، وَلَوْ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَلَا يُزَادُ الْغَنِيُّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُتَقَدَّمِ ذِكْرُهُ. (ص) وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَالْأَوَّلِ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ وَهِيَ عَلَى مَا شَرَطَ إنْ رَضِيَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَا شَرَطَ وَيُقَاتِلُهُ، وَلَوْ بَذَلَ أَضْعَافَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا يَأْتِي ضَعِيفٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي صُلْحِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَدْرًا فَعَلَيْهِ مَا يَلْزَمُ الْعَنْوِيَّ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. (ص) وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ الْأَوَّلُ حَرُمَ قِتَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اسْتَظْهَرَ أَنَّ الصُّلْحِيَّ إذَا بَذَلَ الْقَدْرَ الَّذِي عَلَى الْعَنْوِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُ وَحَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ ابْنِ رُشْدٍ لَا مِنْ الْخِلَافِ. (ص) مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا (ش) أَيْ وَتُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ الْجِزْيَتَيْنِ مَعَ الْإِهَانَةِ وُجُوبًا أَيْ الْإِذْلَالُ وَالشِّدَّةُ لَهُمْ عِنْدَ أَخْذِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ قَبُولِ التَّائِبِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْإِهَانَةِ وَالْإِذْلَالِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِرَغْبَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ. (ص) وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ (ش) أَيْ الْجِزْيَةُ وَالْإِهَانَةُ وَالْمُرَادُ بِالْجِزْيَةِ الْمُطْلَقَةُ الشَّامِلَةُ لِلْعَنَوِيَّةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَالَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ) أَيْ الْمَالُ شَرْطٌ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا رُكْنٌ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّهُمْ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ أَخْطَأَ وَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالرَّدِّ لِمَأْمَنِهِمْ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ إمَّا رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَا يَفْتَرِقُ شَرْطُ الصِّحَّةِ مَعَ الرُّكْنِ إلَّا فِي الدُّخُولِ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ لِلْعَنَوِيِّ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ أَنْتِ ذَكَرْت الْمَالَ فَمَا مِقْدَارُهُ فَقَالَ عَلَى الْعَنْوِيِّ كَذَا وَالصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ وَالْعَنَوِيُّ مَنْسُوبٌ لِلْعَنْوَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهِيَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ) شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ دَنَانِيرِ مِصْرَ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ (قَوْلُهُ فِي سَنَةٍ) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَيْ قَمَرِيَّةٍ أَيْ لِئَلَّا يَضِيعَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَنَةٌ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَذَلِكَ يَعُمُّ الْعَنْوِيَّ وَالصُّلْحِيَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْظُرُ عِنْدَ أَخْذِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ عَلَيْهِ مَتَى كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاكْتِسَابِ ثُمَّ يُنْظَرُ عِنْدَ الْأَخْذِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا) وَمَنْ اُجْتُمِعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سَنَتَيْنِ أَخَذَ بِهِمَا إنْ كَانَ لِفِرَارٍ لَا لِعُسْرٍ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ وَلَا تَثْبُتُ لِمُدَّعِيهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ دَلِيلٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْمِ لَا يُوَافِقُ مُصْطَلَحَهُ وَالْمُوَافِقُ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ) أَيْ فَهَذَا الِاسْتِظْهَارُ مِنْ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِلْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَفْعُولٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ يُؤْخَذُ فِي آخِرِهَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْآخِرِ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْأَوَّلِ أُخِذَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَهَا لِآخِرِهَا يُؤَدِّي لِسُقُوطِهَا. (قَوْلُهُ وَنَقَصَ الْفَقِيرُ) أَيْ عِنْدَ الْأَخْذِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّهَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ كَامِلَةً كَمَا فِي ك وَقَوْلُهُ بِوُسْعِهِ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأُخِذَ مِنْهُ بِوُسْعِهِ أَوْ ضَمِنَ مَعْنَى اُعْتُبِرَ أَيْ اُعْتُبِرَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ أَيْ طَاقَتِهِ. (قَوْلُهُ وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ إنْ رَضِيَ إشَارَةً إلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ كَمَا قُلْنَا وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَيَكُونُ الشَّرْطُ إمَّا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا عَلَى كُلٍّ وَقَوْلُهُ مَا يَأْتِي ضَعِيفٌ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَيْ الْإِذْلَالِ وَالشِّدَّةِ إلَخْ) وَحَدُّ مَا قِيلَ فِي إهَانَتِهِ أَنْ يُجْمَعُوا يَوْمَ أَخْذِهَا بِمَكَانٍ مَشْهُورٍ كَسُوقٍ وَيَحْضُرُوا فِيهِ قَائِمِينَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَعْوَانُ الشَّرِيعَةِ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ يُخَوِّفُونَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ أَنْ مَقْصِدَنَا مِنْهُمْ إظْهَارُ ذُلِّهِمْ لَا أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ لَنَا الْفَضْلَ فِي قَبُولِهَا مِنْهُمْ وَتَرْكِهِمْ ثُمَّ يُجْذَبُ كَافِرٌ بَعْدَ كَافِرٍ لِقَبْضِهَا وَيُصْفَعُ عَلَى عُنُقِهِ وَيُدْفَعُ دَفْعًا كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ تَحْتِ السَّيْفِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَنْبَغِي اسْتِحْضَارُ مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ بُغْضِهِمْ لَنَا وَتَكْذِيبِ نَبِيِّنَا وَأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَيْنَا لَاسْتَأْصَلُونَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَاسْتَوْلَوْا عَلَى دِمَائِنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 وَالصُّلْحِيَّةِ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِهَانَةِ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ وَعَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْجِزْيَتَيْنِ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِهَانَةِ إلَّا بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ التَّحَيُّلُ عَلَى إسْقَاطِ الْجِزْيَةِ فِي السِّنِينَ الْمُنْكَسِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا لِلظُّلْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ لِأَجْلِ الظُّلْمِ مَا قَرَّرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ وَهُوَ مِنْ الْحِنْطَةِ مُدَّانِ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ عَلَى مَنْ كَانَ بِالشَّامِ وَالْحِيرَةِ وَقَرَّرَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ بِمِصْرَ إرْدَبًّا مِنْ الْحِنْطَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَالْكِسْوَةِ وَقَرَّرَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنْ يُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَرَّرَ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ التَّمْرِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مَعَ كِسْوَةٍ مَعْرُوفَةٍ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْسُوهَا النَّاسَ لَا أَدْرِي قَدْرَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَوْلُهُ لِلظُّلْمِ عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. (ص) وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَنْوِيَّ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ حُرٌّ فَعَلَى مَنْ قَتَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْأَرْضِ لِعِمَارَتِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَنِّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا} [محمد: 4] وَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ هِبَةِ أَمْوَالِهِمْ وَالصَّدَقَةِ بِهَا وَأَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ وَأَنْ لَا يُمْنَعُوا مِنْ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَكَانَ مِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إذَا أَسْلَمُوا كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَمْ تُنْزَعْ مِنْهُمْ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ فَالْأَرْضُ فَقَطْ لِلْمُسْلِمِينَ (ش) أَيْ الْأَرْضُ الْمَعْهُودَةُ فِي قَوْلِهِ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ وَهِيَ الَّتِي أُقِرَّتْ بِيَدِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ إذْ لَمْ تُقَرَّ بِيَدِهِ إلَّا لِيَعْمَلَ فِيهَا إعَانَةً عَلَى الْجِزْيَةِ ابْنُ زَرْقُونٍ. وَأَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْعَنْوَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَالِهِ عِنْدِي وَلَمْ أَرَ نَصًّا فِيهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ إلَخْ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ مَالَهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْضًا وَمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كَوَرَثَتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَاكَ فِي غَيْرِ الْعَنْوِيِّ جَمْعًا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ. (ص) وَفِي الصُّلْحِيِّ إنْ أُجْمِلَتْ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ وَالْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ وَوَرِثُوهَا (ش) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَالْحُكْمُ فِي الصُّلْحِيِّ وَقَوْلُهُ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالشَّرْطُ وَجَوَابُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ فَإِذَا أُجْمِلَتْ جِزْيَتُهُمْ عَلَى الْبَلَدِ بِمَا حَوَتْ مِنْ أَرْضٍ وَرِقَابٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ مَا يَخُصُّ شَخْصًا وَلَا مَا يَخُصُّ الرِّقَابَ مِنْ الْأَرْضِ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ إنْ أَسْلَمُوا ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَبِيعُونَهَا الْبَاجِيُّ وَلَا يُزَادُ فِي الْجِزْيَةِ بِزِيَادَتِهِمْ وَلَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ ك (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَيَّامٍ وَحَذْفُ التَّاءِ مَعَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا (قَوْلُهُ لِلظُّلْمِ) أَيْ بِأَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ مُدَّانِ) الَّذِي فِي تت صَاعٌ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مُدَّانِ تَثْنِيَةُ مُدٍّ مِكْيَالٌ يَسَعُ سَبْعَةَ عَشَرَ صَاعًا (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ) كُلُّ قِسْطٍ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ بِالشَّامِّي لَا بِالْمِصْرِيِّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَزْنُ كُلِّ قِسْطٍ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ (قَوْلُهُ وَالْحِيرَةِ) نُسْخَةُ ك وَالْجَزِيرَةُ قَالَ وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَالْحِيرَةِ بِالْكَسْرِ بَلَدٌ قَرِيبٌ مِنْ الْكُوفَةِ بَدَلَ الْجَزِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْجَزِيرَةَ يُمْنَعُونَ مِنْ سُكْنَاهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا أَدْرِي كَمْ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ) أَيْ وَالصُّلْحِيُّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَ مِيرَاثُهُمْ) عَطْفُ مُسَبِّبٍ عَلَى سَبَبٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ فَمِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنَّهُ عَبْدٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى شُعُورِ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا صُدُورِهِنَّ وَعَلَى أَنَّهُنَّ إمَاءٌ فَيَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِيَعْمَلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ وَلَدَهُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُورَثُ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فَالْأَرْضُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَارِثٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ مَوَاتٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا وَقْفٌ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا (قَوْلُهُ إنَّ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْفَتْحِ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت إنَّهُ قَبْلَ الْفَتْحِ غَنِيمَةٌ قُلْت إنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي الْبِلَادِ لَا بُدَّ أَنْ يُتْرَكَ لَهُ شَيْءٌ يَتَعَيَّشُ بِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَذَا وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَائِلًا وَاَلَّذِي فِي عج أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَإِنَّ مَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سَوَاءٌ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ أَوْ قَبْلَهُ اهـ (أَقُولُ) وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ نُخْبِرُك بِنَصِّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَهُوَ. وَأَمَّا غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالُهُ وَلَا أَرْضُهُ وَلَا دَارُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ يُرِيدُ مَالَهُ الَّذِي اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ. وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ فَهُوَ لَهُ اهـ فَمَفْهُومُ الْأَرْضِ فَقَطْ فِيهِ تَفْصِيلٌ عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ مَالُهُ الَّذِي بِيَدِهِ حِينَ الْمَوْتِ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَ بِيَدِهِ (وَأَقُولُ) ظَهَرَ لَك أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَالَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ غَنِيمَةٌ وَقَدْ أَجَبْنَا بِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ قُلْت يُسْتَبْعَدُ كَوْنُهُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ وَإِذَا أَسْلَمَ يُنْتَزَعُ مِنْهُ قُلْت لَا بَعْدَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ يَصِيرُ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ جَوَابٌ آخَرُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ لَمْ يَظْهَرْ حِينَ فَتْحِ الْبِلَادِ حَتَّى يُقْسَمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَمَا ظَهَرَ إلَّا بَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ فَصَارَ لَا مَوْضِعَ لَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ هَذَا مَا ظَهَرَ وَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ فِي الْمَقَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ إنْ أَسْلَمُوا) وَأَوْلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 يَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِمْ وَلَا يَبْرَأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ وَالْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَوَرِثُوهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فَلِأَهْلِ مُوَادَّتِهِمْ إذْ لَا يَنْقُصُ مِنْ الْجِزْيَةِ شَيْءٌ بِمَوْتِ بَعْضِهِمْ وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّ الْأَرْضَ مَوْقُوفَةٌ لِلْجِزْيَةِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَلَيْسَتْ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا. (ص) وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ فَهِيَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَمُوتَ بِلَا وَارِثٍ فَلِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الرِّقَابِ كَعَلَى كُلِّ رَقَبَةٍ كَذَا وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ وَإِلَيْهَا يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ فَهِيَ لَهُمْ أَيْ فَالْأَرْضُ لَهُمْ يَرِثُونَهَا وَيَبِيعُونَهَا وَتَكُونُ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا وَتُورَثُ عَنْهُمْ مَعَ مَالِهِمْ إنْ مَاتُوا، فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمَالُهُ وَأَرْضُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِأَهْلِ مَوَدَّتِهِ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِمْ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَزِيدُ الْجِزْيَةُ بِزِيَادَتِهِمْ وَتَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِمْ وَحُكْمُ مَا إذَا فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا حُكْمُ مَا إذَا فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ. (ص) ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِمَا فَلَهُمْ بَيْعُهَا وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَيْ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا كَعَلَى كُلِّ شَجَرَةٍ كَذَا أَوْ وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الْجَمَاجِمِ مَعًا كَعَلَى كُلِّ شَجَرَةٍ كَذَا وَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ كَذَا فَأَرْضُهُمْ لَهُمْ يَبِيعُونَهَا لِمَنْ شَاءُوا وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ هَلْ يُتْبَعُ الْمُشْتَرِيَ بِخَرَاجِ الْأَرْضِ دَائِمًا أَوْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أَيْ الْأَرْضُ أَوْ عَلَيْهِمَا أَيْ الْأَرْضُ وَالرِّقَابُ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ وَهُوَ أَنَّ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا وَلِوَرَثَتِهِمْ إنْ مَاتُوا إلَّا أَنْ يَمُوتُوا بِلَا وَارِثٍ فَلِلْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُرَادُ هُنَا قَوْلُهُ وَلَهُمْ بَيْعُهَا وَخَرَاجُهَا الْمَضْرُوبُ عَلَيْهَا عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ وَسَكَتَ عَنْ الْمَالِ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْأَرْضُ لَهُمْ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا بَاعُوهَا فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا يَكُونُ خَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَفِي هَذَا الْقِسْمِ خَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُرَادُ بِخَرَاجِهَا مَا ضُرِبَ عَلَيْهَا. وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا فُصِّلَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سُكِتَ عَنْهَا هَلْ يَكُونُ عَلَى مَنْ بَاعَ الْأَرْضَ خَرَاجُهَا أَوْ لَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَرَاجُهَا عَلَى مَنْ بَاعَهَا بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَهْلِ الصُّلْحِ جَمِيعِهِمْ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ   [حاشية العدوي] وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ إشَارَةً لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَنْوِيِّ (قَوْلُهُ فَلِأَهْلِ مُوَادَّتِهِمْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ كَاتِبًا عَلَيْهَا أَيْ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ عَنْهُمْ الْجِزْيَةَ كَذَا ضَبَطَهُ تت بِخَطِّهِ اهـ وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِمُوَادَّتِهِمْ مَنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمْ انْتَهَى قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَوَادَدْته مُوَادَّةً وَوِدَادًا وَذَكَرَ قَبْلُ أَنَّ الِاسْمَ الْمَوَدَّةُ. (تَنْبِيهٌ) : فِي شَرْحِ شب كَمَا أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ وَمَالُهُمْ وَالْوَصِيَّةُ بِهِمَا وَوُرِثَا عَنْهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فَلِمُوَادَّتِهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ لَأَفَادَ الْمُرَادَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّ خَرَاجَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ ابْتَاعَهَا الْمُسْلِمُ عَلَى أَنَّ خَرَاجَهَا عَلَيْهِ كَانَ الْبَيْعُ حَرَامًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ) تَقَدَّمَ مَفْهُومُ يَمُوتُ وَأَنَّ فِيهِ نَظَرًا وَكَذَا يُقَالُ فِي مَفْهُومِ يُسْلِمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ تَسْقُطُ عَنْهُ رَأْسًا فَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْخَرَاجُ وَالْأَرْضُ لَهُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمِثْلُهُ إذَا بَاعَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُشْتَرِي وَلَا الْبَائِعُ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ يُتْبَعُ وَرَثَةُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَتْبُوعَ الْبَائِعُ يَظْهَرُ أَنَّ التَّعَلُّقَ يَكُونُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَارِثُهُ لَا الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ إذَا أَسْلَمُوا تَسْقُطُ عَنْهُمْ وَعَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَكُونُ لَهُمْ إذَا أَسْلَمُوا وَتَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَقَدْ تَمَلَّكَهَا مِنْهُمْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ هَذَا هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ وَهُوَ أَنَّ أَرْضَهُمْ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ) الْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي الصُّلْحِيِّ إنْ أُجْمِلَتْ إلَخْ وَالثَّانِي مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ إلَخْ وَالثَّالِثُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ فُرِّقَتْ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ إلَخْ) فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا بَاعَهَا فَخَرَاجُهَا عَلَى أَهْلِ الصُّلْحِ جَمِيعِهِمْ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ عَلَى الْبَائِعِ فَافْتَرَقَ الْحُكْمُ فِي الْخَرَاجِ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَإِنْ سَاوَى الثَّالِثُ الثَّانِيَ فِي شَيْءٍ آخَرَ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. (تَنْبِيهٌ) : فِي ابْنِ يُونُسَ وَجْهٌ خَامِسٌ وَهُوَ مَا إذَا أُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ دُونَ الْبَلَدِ قَالَ فَلَهُمْ بَيْعُ الْأَرْضِ وَتُورَثُ عَنْهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُفَصَّلَةً عَلَى الْجَمَاعَةِ انْتَهَى (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت مَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلرِّقَابِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَيَبْقَى مَا إذَا قُسِمَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَسَكَتَ عَنْ الْأَرْضِ وَبَاعَ أَحَدٌ أَرْضِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْضِ خَرَاجٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا الَّذِي هُوَ مَضْرُوبٌ عَلَى بَائِعِهَا يَكُونُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَفِي شَرْحِ عب وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ مَسْأَلَةِ كَوْنِ أَرْضِ الصُّلْحِيِّ وَمَالِهِ لَهُ وَمَسْأَلَةِ وَصِيَّتِهِ بِهِمَا وَمَسْأَلَةِ خَرَاجِ الْأَرْضِ تَجْرِي فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَهِيَ كَوْنُ الْجِزْيَةِ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَى الرِّقَابِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا أَوْ مُجْمَلَةً وَسَكَتَ عَنْهَا إذَا أَسْلَمَ فَيَكُونُ لَهُ أَرْضُهُ وَمَالُهُ سَوَاءٌ أُجْمِلَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِ أَوْ فُصِّلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا انْتَهَى وَتَأَمَّلْ فِي الْمَقَامِ تَجِدُ الصُّوَرَ تَزِيدُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَرْضِ مُجْمَلًا لَكِنْ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ. (ص) وَلِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ إنْ شَرَطَ وَإِلَّا فَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَنْوِيَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ كَنِيسَةً فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ الْمُقِرُّ بِهَا أَهْلُهَا وَفِيمَا يَخْتَطُّهُ الْمُسْلِمُونَ يَسْكُنُوهُ مَعَهُمْ إذَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَيُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرْبِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنِيسَةِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ، وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ. (ص) كَرَمِّ الْمُنْهَدِمَ (ش) يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ التَّامَّ فَيَجُوزُ مَعَ الشَّرْطِ لَا مَعَ عَدَمِهِ وَيَحْتَمِلُ النَّاقِصَ وَهُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِحْدَاثِ وَالتَّرْمِيمِ فَيُقَالُ إنَّ التَّرْمِيمَ فِيهِ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَتَجْوِيزُهُ يُوَصِّلُ لَهُمْ إلَى أَغْرَاضِهِمْ مِنْ بَقَاءِ الْكَنِيسَةِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِحْدَاثِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ كَأَنَّهُمْ الْمُنْشِئُونَ لَهَا وَيُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ تَصْرِيحُهُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَرَّحُ بِهِ إلَّا لِنُكْتَةٍ وَهِيَ ذِكْرُهُ لِيُشَبِّهَ بِهِ. (ص) وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحِيَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ كَنِيسَةً فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ بِهِ أَيْضًا أَنْ يَرُمَّ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْكَنَائِسِ الْقَدِيمَةِ وَسَوَاءٌ شُرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ. (ص) وَبَيْعُ عَرْصَتُهَا أَوْ حَائِطٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلصُّلْحِيِّ أَنْ يَبِيعَ عَرْصَةَ الْكَنِيسَةِ أَوْ حَائِطَهَا بِخِلَافِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا فَيْءٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَحَائِطٌ بِالْجَرِّ أَوْ بِالنَّصْبِ إمَّا عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ عَرْصَتِهَا أَوْ عَلَى مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ (ص) لَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (ش) أَيْ الَّتِي بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَيْ الَّتِي انْفَرَدَ بِاخْتِطَاطِهَا الْمُسْلِمُونَ أَيْ الَّتِي كَانَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ فَتْحِ أَرْضِهِ لَا الْبَلَدِ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا مَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَفْسَدَةٌ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْمَنْعِ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ ارْتَكَبَ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ) . (ص) وَمُنِعَ رُكُوبَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالسُّرُوجِ وَجَادَّةِ الطَّرِيقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذِّمِّيَّ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحًا يُمْنَعُ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ النَّفِيسَةِ وَمِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ وَيُمْنَعُ مِنْ الرُّكُوبِ فِي السُّرُوجِ، وَلَوْ عَلَى الْحَمِيرِ بَلْ يَرْكَبُونَ عَلَى الْأَكُفِّ عَرْضًا بِأَنْ يَجْعَلَ رِجْلَيْهِ مَعًا فِي جَانِبِ الدَّابَّةِ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى وَالْأَكُفُّ الْبَرْذعَةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ الْكَبِيرَةِ. وَأَمَّا الْجِمَالُ فَهِيَ فِي عُرْفِ قَوْمٍ كَالْخَيْلِ وَفِي عُرْفِ آخَرِينَ كَالْحَمِيرِ بَلْ دُونَهَا فَتَجْرِي عَلَى هَذَا وَيُمْنَعُ مِنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ أَيْ وَسَطَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ خَالِيًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَادَّةُ الطَّرِيقِ مُعْظَمُهَا وَالْجَمْعُ جَوَادُّ. (ص) وَأُلْزِمَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ وَعُزِّرَ لِتَرْكِ الزُّنَّارِ وَظُهُورِ السُّكْرِ وَمُعْتَقَدِهِ وَبَسْطُ لِسَانِهِ وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ وَكُسِرَ النَّاقُوسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذِّمِّيَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يَلْبَسَ شَيْئًا يُمَيِّزُهُ عَنْ زِيِّ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَتَشَبَّهَ بِهِمْ وَلِهَذَا إذَا تَرَكَ لُبْسَ الزُّنَّارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ وَالزُّنَّارُ بِضَمِّ الزَّاي هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ عَلَامَةً عَلَى الذُّلِّ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا أَظْهَرَ السُّكْرَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا أَظْهَرَ مُعْتَقَدَهُ فِي الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا بَسَطَ لِسَانَهُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَالْمُرَادُ بِبَسْطِ لِسَانِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلَا يَحْتَرِمَ الْحَاضِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبًّا وَلَا شَتْمًا، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ شَرَطَ) أَيْ إنْ طَاعَ الْإِمَامُ لَهُ بِذَلِكَ أَيْ إنْ سَأَلَ وَأَجَابَهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَنَوِيُّ مَقْهُورٌ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ يَسْكُنُوهُ مَعَهُمْ) كَذَا بِخَطِّهِ بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ أَيْ لَا بَلَدَ يَسْبِقُ الْمُسْلِمُونَ بِاخْتِطَاطِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَتَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الْعَنْوِيُّ مِنْ الْإِحْدَاثِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرَطَ أَمْ لَا. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ كَنِيسَتَهُمْ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي ك أَنَّ لَهُمْ الْإِحْدَاثَ بِالشَّرْطِ أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُمْ الْمُنْشِئُونَ لَهَا) لَا يَخْفَى مَا فِي بُعْدِ هَذَا إذْ فِي الْإِحْدَاثِ إظْهَارُ شَوْكَةِ الْكُفْرِ بِخِلَافِ التَّرْمِيمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْعَنْوِيِّ وَالصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَعْلُو عَلَيْهَا (قَوْلُهُ اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ) أَيْ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِطَّةُ بِالْكَسْرِ الْأَرْضُ يَخْتَطُّهَا الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يُعَلِّمَ عَلَيْهَا عَلَامَةً وَيَخُطُّ عَلَيْهَا خَطًّا لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ احْتَازَهَا وَبِهِ سُمِّيَتْ خُطَطَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ الْإِحْدَاثِ سُئِلَ النَّاصِرُ عَنْ اكْتِرَاءِ الْيَهُودِ دَارًا لِأَجْلِ جَعْلِهَا مَعْبَدًا لَهُمْ فَأَجَابَ بِالْمَنْعِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ دَارٍ لَهُمْ يَجْعَلُونَهَا كَنِيسَةً، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي الْبَلَدِ مُسْلِمٌ وَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الْكِرَاءِ وَبِالزَّائِدِ فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ الْخَيْلُ النَّفِيسَةُ) الْمُعْتَمَدُ يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ نَفِيسَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الْأُكُفُ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ أَكَافٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْبَرْذعَةُ الصَّغِيرَةُ تَفْسِيرٌ لِلْمُفْرَدِ وَهُوَ أَكَافٍ لَا لِلْجَمْعِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ الْبَرْذعَةُ الصَّغِيرَةُ) أَيْ كَالْعَرَاقَةِ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ. (قَوْلُهُ وَظُهُورُ السُّكْرِ) أَيْ فِي مَجْلِسٍ غَيْرِ خَاصٍّ بِهِمْ فَيَشْمَلُ الْأَسْوَاقَ وَحَوَارِيَّهُمْ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْمُسْلِمُونَ، وَلَوْ لِبَيْعٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَأَمَّا لَوْ أَظْهَرُوهُ فِي بُيُوتِهِمْ وَعَلِمْنَا ذَلِكَ بِرَفْعِ صَوْتِهِمْ أَوْ بِرُؤْيَتِهِمْ مِنْ دَارِنَا الْمُقَابِلَةِ لَهُمْ فَلَا (قَوْلُهُ وَمُعْتَقِدُهُ) مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَتَنْفِيرِهِمْ عَنْ اعْتِقَادِهِمْ فَيُنْقَضُ عَهْدُهُ (قَوْلُهُ وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ قَالَهُ تت (قَوْلُهُ هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ) هُوَ خُيُوطٌ كَثِيرَةٌ مُلَوَّنَةٌ بِأَلْوَانٍ شَتَّى تُشَدُّ فِي الْوَسَطِ وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ الْبُرْنِيطَةَ وَالطُّرْطُورَ لَا يُعَزَّرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَبِسَ مَا فِيهِ عَلَامَةٌ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 أَظْهَرَ الْخَمْرَ وَيُرِيقُهَا وَلَا يَضْمَنُ لَهُمْ شَيْئًا فِيهَا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ الْخَمْرُ وَأَرَاقَهَا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ وَلَمْ يَقُلْ وَكُسِرَتْ أَوَانِيهَا؛ لِأَنَّ أَوَانِيهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الذِّمِّيِّ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إتْلَافُهُ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا حَمَلَ الْخَمْرَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَإِذَا أَظْهَرَ ضَرْبَ النَّاقُوسِ وَهُوَ خَشَبَةٌ لَهَا حِسٌّ يَضْرِبُونَهَا لِأَجْلِ اجْتِمَاعِهِمْ لِصَلَاتِهِمْ فَإِنَّهُ يُكْسَرُ وَيُعَزَّرُ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ كَسَرَهُ وَمِثْلُهُ الصَّلِيبُ إذَا أَظْهَرُوهُ فِي أَعْيَادِهِمْ وَاسْتِسْقَائِهِمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الزِّنَا وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الزَّوَاجِ بِالْبَنَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ إنْ اسْتَحَلُّوهُ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْحَمِيرِ، وَلَوْ نَفِيسَةً وَلَا يُكَنُّونَ وَلَا تُشَيَّعُ جَنَائِزُهُمْ؛ لِأَنَّ الْكُنَى تَعْظِيمٌ وَإِكْرَامٌ، وَكَذَلِكَ تَشْيِيعُ جَنَائِزِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إكْرَامٌ، وَلَوْ قَرِيبًا. (ص) وَيُنْتَقَضُ بِقِتَالٍ وَمَنْعِ جِزْيَةٍ وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ وَغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ وَغُرُورِهَا وَتَطَلُّعٍ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ (ش) لَمَّا ذَكَرَ الْأُمُورَ الْمَمْنُوعَ مِنْهَا أَهْلُ الذِّمَّة وَلَيْسَتْ نَقْضًا لِعَهْدِهِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأُمُورِ الَّتِي يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِأَحَدِهَا وَذَكَرَ أَنَّهَا سَبْعَةٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إذَا انْتَقَضَ عَهْدُ الذِّمِّيِّ يَصِيرُ كَالْحَرْبِيِّ الْأَصْلِيِّ فِي النَّظَرِ فِيهِ إذَا ظُفِرَ بِهِ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا فِي الْأَسْرِ الَّتِي أَحَدُهَا إبَاحَةُ اسْتِرْقَاقِهِ مِنْهَا قِتَالُ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ ظُلْمٍ رَكِبَهُ لِمُنَافَاتِهِ الْأَمَانَ وَالتَّأْمِينَ فَيَسْقُطُ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحِمَايَةِ وَالذَّبِّ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ عَنْ ظُلْمٍ رَكِبَهُ فَلَا يَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَمْتَنِعَ الذِّمِّيُّ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ الَّتِي قُرِّرَتْ عَلَيْهِ عِوَضًا مِنْ حَقْنِ دَمِهِ فَيَسْقُطُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْأَمَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالصُّلْحِ يَنْعَقِدُ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى شُرُوطٍ، فَإِنْ لَمْ يُوفُوا بِهَا انْتَقَضَ الصُّلْحُ وَمِنْهَا أَنْ يَتَمَرَّدَ الذِّمِّيُّ عَلَى أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يُظْهِرَ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِهَا وَيَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِجَاهٍ أَوْ اسْتِمَالَةِ ذِي جَرَاءَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَخْشَاهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَرْضِهِ فَيَسْقُطُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْأَمَانِ عِنْدَهُمْ وَمِنْهَا إذَا غَصَبَ حُرَّةً مُسْلِمَةً عَلَى الزِّنَا أَيْ وَوَطِئَهَا بِالْفِعْلِ. وَاحْتُرِزَ بِغَصْبِ الْحُرَّةِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِهِ وَاحْتُرِزَ بِالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّهُ إذَا زَنَى بِهَا طَوْعًا أَوْ كُرْهًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِ مَا لَمْ يُعَاهِدْ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ فَيَنْتَقِضُ، وَكَذَلِكَ إذَا زَنَى بِالْحُرَّةِ الْكَافِرَةِ طَوْعًا أَوْ كُرْهًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِهِ وَمِنْهَا إذَا غَرَّ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ وَقَالَ لَهَا إنَّهُ مُسْلِمٌ فَتَزَوَّجَتْ بِهِ وَوَطِئَهَا فَإِذَا هُوَ كَافِرٌ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ كَافِرٌ فَإِنَّ تَزْوِيجَهُ بِهَا لَا يَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَمِنْهَا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِهِ وَالْمُرَادُ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُطْلِعَ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ بِكُتُبٍ يَكْتُبُهَا لَهُمْ وَالْعَوْرَةُ الْمَوْضِعُ الْمُنْكَشِفُ الَّذِي لَا حَارِسَ عَلَيْهِ وَعَوْرَةُ الْعَدُوِّ مَا انْكَشَفَ لَهُ مِنْ حَالِهِ الَّذِي يَتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَيْهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13] وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَوْرَةِ الْإِنْسَانِ الْمُنْكَشِفَةِ. (ص) وَسَبِّ نَبِيٍّ بِمَا لَمْ يُكَفَّرْ بِهِ قَالُوا كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ أَوْ لَمْ يُرْسَلْ أَوْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ تَقَوَّلَهُ أَوْ عِيسَى خَلَقَ مُحَمَّدًا أَوْ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَالَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ حِينَ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِ الذِّمِّيِّ سَبُّهُ لِمَنْ ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ عِنْدَنَا بِلَفْظٍ لَمْ يَكْفُرْ السَّابُّ بِهِ كَقَوْلِهِ مَثَلًا مُحَمَّدٌ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ لَمْ يُرْسَلْ أَوْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ أَوْ اخْتَلَقَ الْقُرْآنَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ أَوْ عِيسَى خَلَقَ مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا كَفَرَ السَّابُّ بِهِ كَقَوْلِهِ لَمْ يُرْسَلْ إلَيْنَا إنَّمَا أُرْسِلَ إلَى الْعَرَبِ وَكَالشَّرِيكِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ نَقْضًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَقَرَّهُمْ عَلَى مِثْلِهِ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ وَالْمُرَادُ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ مَا لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ وَبِمَا كَفَرَ بِهِ مَا أَقْرَرْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ كَلَيْسَ إلَخْ مِثَالٌ   [حاشية العدوي] ذُلِّهِ لَا يُعَزَّرُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ وَكُسِرَتْ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تُكْسَرُ كَمَا يُفِيدُهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لَهَا حِسٌّ) أَيْ فِي وَقْتِ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ تَشْيِيعُ جَنَائِزِهِمْ) أَيْ إكْرَامٌ وَتَعْظِيمٌ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَامٌ. (قَوْلُهُ وَتَطَلُّعٌ) الْأَوْلَى الِاطِّلَاعُ كَمَا يُفِيدُهُ حَلُّ الشَّارِحِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّطَلُّعَ التَّتَبُّعُ وَشَأْنُهُ الِاطِّلَاعُ (قَوْلُهُ وَالتَّأْمِينُ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ وَالذَّبُّ) أَيْ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ وَاسْتِمَالَةُ) السِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ أَيْ إمَالَةٌ أَيْ اسْتِنَادٌ لِذِي جَرَاءَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَاهِ (قَوْلُهُ يَخْشَاهُ الْحَاكِمُ) أَيْ الْقَاضِي وَخَشْيَةُ الْقُضَاةِ مِنْ أَصْحَابِ الْجَاهِ حَاصِلٌ فِي عُصُورِنَا هَذِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا غَصَبَ حُرَّةً مُسْلِمَةً) وَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحَلَةِ وَلَهَا الصَّدَاقُ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدُهَا مِنْهُ عَلَى دِينِهَا أَيْ مُسْلِمٌ لَا أَبَ لَهُ وَكَذَا إذَا زَنَى بِهَا طَائِعَةً فَوَلَدُهَا عَلَى دِينِهَا وَقَوْلُهُمْ الْوَلَدُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَنْسُوبِ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا حَارِسَ) تَفْسِيرٌ لِلِانْكِشَافِ أَيْ انْكِشَافِهِ كَوْنِهِ لَا حَارِسَ لَهُ أَيْ وَيَخَافُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَوْرَةُ الْعَدُوِّ) أَيْ وَعَوْرَةُ الْمُسْلِمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدُوِّ مَا انْكَشَفَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الَّذِي يَتَوَصَّلُ مِنْهُ أَيْ مِنْ أَجْلِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَقَوَّلَهُ) أَيْ اخْتَلَقَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا لَفْظًا لَكِنَّهُ مِمَّا كَفَرُوا بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عِيسَى خَلَقَ مُحَمَّدًا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي التَّبَرِّي إذْ لَا شَكَّ فِي قَصْدِ التَّنْقِيصِ (قَوْلُهُ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ نَصْرَانِيٍّ بِمِصْرَ شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَالَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ حِينَ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ لَوْ قَتَلُوهُ اسْتَرَاحَ النَّاسُ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُهُ وَقَوْلُهُ فِي الْجَنَّةِ أَيْ أَمْرُهُ آيِلٌ إلَى الْجَنَّةِ وَقَوْلُهُ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ أَيْ أَكَلَتْ سَاقَهُ أَيْ قَصَبَةَ سَاقِهِ (قَوْلُهُ سَبُّهُ لِمَنْ ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ عِنْدَنَا) سَوَاءٌ ثَبَتَتْ عِنْدَهُمْ أَوْ لَا فَإِذَا سَبَّ يَهُودِيٌّ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ نُقِضَ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ لَيْسَ بِنَبِيٍّ عِنْدِي اُحْتُرِزَ عَمَّا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 لِمَا لَمْ يَكْفُرُوا بِهِ وَذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَرِّي؛ لِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ مِمَّا كَفَرُوا بِهِ كَقَوْلِهِمْ إنَّهُ تَقَوَّلَ الْقُرْآنَ وَالضَّمِيرُ فِي قَالُوا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَقَوْلُهُ (وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ) لَك أَنْ تُرْجِعَهُ لِلسَّابِّ خَاصَّةً. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ مَسَائِلِ النَّقْضِ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ كَالنَّظَرِ فِي الْأَسْرَى مِنْ قَتْلٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ ضَرْبِ جِزْيَةٍ وَلَك أَنْ تُرْجِعَهُ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ النَّقْضِ لَكِنْ فِي السَّابِّ يَتَعَيَّنُ الْقَتْلُ وَفِي غَيْرِهِ إنْ رَأَى الْإِمَامُ قَتَلَهُ. (ص) ، وَإِنْ خَرَجَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَأُخِذَ اُسْتُرِقَّ إنْ لَمْ يُظْلَمْ وَإِلَّا فَلَا كَمُحَارَبَتِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ لِدَارِ الْحَرْبِ لِغَيْرِ مَظْلِمَةٍ لَحِقَتْهُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ وَأَخَذْنَاهُ فَإِنَّهُ يُسْتَرَقُّ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الِاسْتِرْقَاقِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُخَيَّرُ فِيهِ فِي بَقِيَّةِ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْأَسِيرِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَعُودُ إلَى الرِّقِّ أَبَدًا وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ بِعَتَاقَةِ مِنْ رِقٍّ مُتَقَدِّمٍ فَلَا تُنْقَضُ وَإِنَّمَا تُرِكَ عَلَى حَالِهِ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُسْلِمِينَ لِمَا بَذَلَهُ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْغَرَضُ وَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ الرُّجُوعُ فِيهِ وَكَانَ كَالصُّلْحِ يَنْعَقِدُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى شُرُوطٍ، فَإِنْ لَمْ يُوَفُّوا بِهَا انْتَقَضَ الصُّلْحُ. وَأَمَّا إنْ خَرَجَ لِأَجْلِ الظُّلْمِ الَّذِي لَحِقَهُ، وَلَوْ بِشَكٍّ ثُمَّ أُخِذَ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ كَمَا إذَا حَارَبَنَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرَ مُظْهِرٍ لِلْخُرُوجِ عَنْ الذِّمَّةِ، فَإِنْ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ الْمُحَارِبِ وَلَيْسَ فِي هَذَا مُعَارَضَةٌ لِحَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْجِهَادِ وَلَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ أَظْهَرَ الْقِتَالَ وَهُوَ هُنَا مُتَلَصِّصٌ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لَيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ كَمُحَارَبَتِهِ. (ص) ، وَإِنْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ وَحَارَبُوا فَكَالْمُرْتَدِّينَ (ش) صُورَتُهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْكُفَّارِ أَسْلَمُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا إلَى الْكُفْرِ ثُمَّ حَارَبُوا الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِحُكْمِ الْكُفَّارِ النَّاقِضِينَ لِلْعَهْدِ فَيُسْتَتَابُ كِبَارُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا وَيُجْبَرُ صِغَارُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَلَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ وَلَا تُسْبَى نِسَاؤُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلَمَّا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ قِتَالِ الْحَرْبِيِّ أَمَانًا وَاسْتِئْمَانًا وَمُهَادَنَةً وَصُلْحًا وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى مَا عَدَا الْمُهَادَنَةِ خَتَمَ أَبْوَابَ الْجِهَادِ بِهَا مُسْتَغْنِيًا بِذِكْرِ شُرُوطِهَا الْأَرْبَعَةِ عَنْ حَدِّهَا وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُهَادَنَةُ وَهِيَ الصُّلْحُ عَقْدُ الْمُسْلِمِ مَعَ الْحَرْبِيِّ عَلَى الْمُسَالَمَةِ أَيْ الْمُتَارَكَةِ مُدَّةً لَيْسَ هُوَ فِيهَا تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَيَخْرُجُ الْأَمَانُ وَالِاسْتِئْمَانُ فَقَالَ (ص) وَلِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ لِمَصْلَحَةٍ إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ، وَإِنْ بِمَالٍ إلَّا لِخَوْفٍ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى شُرُوطِهَا وَذَكَرَ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ لَهَا الْإِمَامُ وَيَنْبَغِي أَوْ نَائِبُهُ لَا غَيْرُهُ بِخِلَافِ التَّأْمِينِ فَيَصِحُّ، وَلَوْ مِنْ آحَادِ النَّاسِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ كَالْعَجْزِ عَنْ الْقِتَالِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْوَقْتِ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ عَلَى وَفْقِ الرَّأْيِ السَّدِيدِ لِلْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ الْمَصْلَحَةُ بِأَنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ الثَّالِثُ أَنْ يَخْلُوَ عَقْدُهَا عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ أَسِيرًا بِأَيْدِيهِمْ أَوْ بَقَاءِ قَرْيَةٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَرِّي) هَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَنْسُبْهُ لِغَيْرِهِ لِقَصْدِ التَّبَرِّي مِنْهُ بَلْ لِكَوْنِهِ كَلَامًا قَبِيحًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْسُبَهُ إلَى نَفْسِهِ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ لِلْكُفَّارِ وَنَحْوُهُ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَلَوْ قَالَ كَقَوْلِهِمْ لَكَانَ أَوْلَى. (فَائِدَةٌ) نَصَّ عِيَاضٍ عَلَى أَنَّ مَنْ تَهَافَتَ فِي سَبِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجُوزُ حَرْقُهُ حَيًّا وَأَوْلَى بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا كَتَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِإِذْنِ مَالِكٍ جَوَابُ سُؤَالٍ وَرَدَ مِنْ مِصْرَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ) أَيْ غَيْرَ فَارٍّ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ وَلَا يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا غَيْرُهُ إلَخْ) فِي عب خِلَافُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ وَقُتِلَ وُجُوبًا فِي السَّبِّ وَغَصْبِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَغُرُورِهَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ. وَأَمَّا فِي التَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ. وَأَمَّا فِي قِتَالِهِ فَيَنْظُرُ فِيهِ كَالْأَسْرَى بِالْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَذَا فِي النَّقْلِ وَيَنْبَغِي قِيَاسُ مَنْعِ الْجِزْيَةِ وَالتَّمَرُّدِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقِتَالِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ نَقْتُلُهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ بَاطِنَهُ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِهِ فَلَمَّا وَجَدْنَاهُ خَالَفَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ بِخِلَافِ الْكَافِرِ نَعْرِفُ أَنَّ بَاطِنَهُ التَّنْقِيصُ لَكِنَّنَا مَنَعْنَاهُ مِنْ إظْهَارِهِ فَإِذَا خَالَفَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ مَا لَمْ يُسْلِمْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ الْمُحَارِبِ) أَيْ مِنْ قَتْلٍ أَوْ صَلْبٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَفْيٍ. (قَوْلُهُ وَحَارَبُوا) أَيْ كَمُحَارَبَةِ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا إذَا حَارَبُوا كَمُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُخَيَّرُ فِيهِمْ لِلْحِرَابَةِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِيهِمْ كَمَا يَنْظُرُ فِي الْمُرْتَدِّينَ (قَوْلُهُ فَكَالْمُرْتَدِّينَ) فِي الْمَالِ وَالدَّمِ (قَوْلُهُ وَلَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ إلَخْ) أَيْ بَلْ تُوقَفُ، فَإِنْ قُتِلُوا فَيَصِيرُ مَالُهُمْ فَيْئًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَصْبَغَ مِنْ أَنَّهُمْ كَالْكُفَّارِ الْحَرْبِيِّينَ يُسْتَرَقُّونَ وَأَوْلَادَهُمْ وَعِيَالَهُمْ. (قَوْلُهُ وَصُلْحًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ الْأَمَانُ وَالِاسْتِئْمَانُ) فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ فِيهِمَا تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ لِمَصْلَحَةٍ) مُسْتَوِيَةٌ فِيهَا وَفِي عَدَمِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا فَقَطْ تَعَيَّنَتْ وَفِي عَدَمِهَا امْتَنَعَتْ وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لِلْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِجَعْلِ اللَّامِ مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا وَهُوَ التَّخْيِيرُ فِي الْأَوَّلِ وَمَجَازُهَا فِي الثَّانِي وَهِيَ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ تُجْعَلُ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ وَيُرَادُ شَأْنُ الْمُهَادَنَةِ الشَّامِلُ لِتَرْكِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهَادَنَةَ تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ (قَوْلُهُ إنْ خَلَا) وَلَمْ يُعْطَفْ هَذَا الشَّرْطُ الثَّالِثُ بِالْوَاوِ فِيهِ لِجَعْلِ الشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَعْنِي الْإِمَامَ وَالْمَصْلَحَةَ كَالْمَوْضُوعِ لِلْمُهَادَنَةِ وَقَوْلُهُ إنْ خَلَا أَيْ الْمُهَادَنَةُ بِمَعْنَى الصُّلْحِ أَوْ عَقْدِهَا (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) دَلِيلٌ لِلْعُمُومِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ الْإِطْلَاقُ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 لِلْمُسْلِمِينَ خَالِيَةً مِنْهُمْ أَوْ أَنْ يَحْكُمُوا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ أَوْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَّا مَالًا إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُمْ فَيَجُوزُ كُلُّ مَا مُنِعَ وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَلَا حَدَّ) لِمُدَّةِ الْمُهَادَنَةِ بِطُولٍ أَوْ قِصَرٍ بَلْ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يُطِيلُ لِمَا قَدْ يَحْدُثُ مِنْ قُوَّةِ الْإِسْلَامِ وَفِي عَدِّ هَذَا شَرْطًا نَظَرٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ وَلَا حَدَّ مُسْتَأْنَفَةٌ أَتَى بِهَا لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْمُهَادَنَةِ خِلَافًا لتت؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) إلَى أَنَّهُ يَنْدُبُ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ زِيَادَةِ قُوَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ نَحْوِهَا أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ بِمَالٍ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ أَيْ، فَإِنْ تَضَمَّنَ عَقْدُ الْمُهَادَنَةِ شَرْطًا فَاسِدًا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَ الْفَسَادُ بِسَبَبِ الْتِزَامِ مَالٍ نَدْفَعُهُ لَهُمْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَهُوَ أَمَسُّ بِقَوْلِهِ إلَّا لِخَوْفٍ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعُهُ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لِمَصْلَحَةٍ أَيْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ لَمْ تَجُزْ الْمُهَادَنَةُ، وَإِنْ عَلَى مَالٍ يَدْفَعُهُ الْعَدُوُّ لَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [محمد: 35] . (ص) ، وَإِنْ اسْتَشْعَرَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ وَأَنْذَرَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُنَا أَنْ نُوَفِّيَ لَهُمْ بِمَا اشْتَرَطُوا عَلَيْنَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَسْتَشْعِرَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ الْخَوَنَةَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْبِذَ عَهْدَهُمْ أَيْ يَطْرَحُهُ وَيَنْقُضُهُ وَيُنْذِرُهُمْ وَيُعْلِمُهُمْ بِأَنَّ لَا عَهْدَ لَهُمْ وَأَنَّهُ مُقَاتِلُهُمْ إنْ قِيلَ كَيْفَ يُنْقَضُ الْعَهْدُ الْمُتَيَقَّنُ بِالْخَوْفِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ قِيلَ إذَا ظَهَرَتْ آثَارُ الْخِيَانَةِ وَدَلَائِلُهَا وَجَبَ نَبْذُهُ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَهْلَكَةِ بِالتَّمَادِي وَسَقَطَ الْيَقِينُ هُنَا بِالظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ. (ص) وَوَجَبَ الْوَفَاءُ، وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بِشُرُوطِهِمْ الصَّحِيحَةِ الَّتِي اشْتَرَطُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطُوا أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا مِنْ الرِّجَالِ فَإِنَّهُ يُوَفِّي لَهُمْ بِذَلِكَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّهُنَّ إلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَقَوْلُهُ وَوَجَبَ أَيْ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِمَا أَجَزْنَاهُمْ وَشَارَطْنَاهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِرَدِّ رَهَائِنَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا حَيْثُ وَقَعَ اشْتِرَاطُ رَدِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الرَّدِّ إنْ أَسْلَمُوا وَقَوْلُهُ، وَلَوْ أَسْلَمُوا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَنَا عِنْدَهُمْ رَهَائِنُ وَتَمَسَّكُوا بِهِمْ نُرَدُّ إلَيْهِمْ رَهَائِنُهُمْ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا عِنْدَهُمْ رَهَائِنُ أَوْ لَنَا عِنْدَهُمْ وَلَمْ يَحْبِسُوهُمْ لِرَدِّ رَهَائِنِهِمْ فَلَا تُرَدُّ لَهُمْ رَهَائِنُهُمْ حَيْثُ أَسْلَمُوا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَسْلَمُوا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِيمَا سَبَقَ سَابِقٌ عَلَى الشَّرْطِ وَهُنَا بَعْدَهُ أَيْ، وَلَوْ أَسْلَمُوا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ لَوْ لِلْمُسْتَقْبَلِ أَوْ مَا سَبَقَ فِي الْبَقَاءِ وَهَذَا فِي الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّدِّ الْبَقَاءُ لِجَوَازِ فِرَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ فِدَائِهِ وَقَوْلُهُ (كَمَنْ أَسْلَمَ) أَيْ كَشَرْطِ رَدِّ مَنْ أَسْلَمَ وَلَيْسَ رَهْنًا فَإِنَّهُ يُوَفَّى بِهِ كَانَ إسْلَامُهُ سَابِقًا عَلَى الشَّرْطِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يُعَارَضُ قَوْلُهُ إنْ خَلَا إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ فِي الْبَقَاءِ وَهَذَا فِي الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّدِّ الْبَقَاءُ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ، وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا وَأَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَأَنَّ رَسُولًا) نَشَأَ عَنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ الشَّرْطِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ خَالِيَةٌ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْكُفَّارِ أَيْ إذَا كَانَتْ قَرْيَةً خَالِيَةٌ مِنْ الْكُفَّارِ فَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا تَحْتَ يَدِ الْكُفَّارِ أَيْ بِحَيْثُ يَسْكُنُونَ فِيهَا. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُمْ إلَخْ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِخَوْفٍ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ خَلَا إلَخْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ أَيْ إلَّا لِتَوَقُّعِ خَوْفٍ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا مَعَ حُصُولِ الْأَمْنِ الْآنَ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ) أَيْ وَاجِبٌ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ (قَوْلُهُ وَفِي عَدِّ هَذَا شَرْطِ اُنْظُرْ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِينِ مُدَّةٍ وَلَا حَدَّ فِيمَا يُعَيَّنُ فَتَظْهَرُ الشَّرْطِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْفَسَادُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُمْ عَلَيْنَا دَفْعَ الْمَالِ شَرْطًا فَاسِدًا (أَقُولُ) وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْطُوقِ وَالْمَعْنَى إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ دَفْعِ مَالٍ مِنَّا لَهُمْ وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ بِوَجْهٍ آخَرَ وَالْمَعْنَى فَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْ كَشَرْطٍ فَسَدَتْ، وَلَوْ مَعَ مَالٍ يَدْفَعُهُ الْعَدُوُّ لَنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ أَمَسُّ بِقَوْلِهِ إلَّا لِخَوْفٍ) بِخِلَافِ رُجُوعِهِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِمَصْلَحَةٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَمَسَّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ يَدْفَعُهُ الْعَدُوُّ إلَيْنَا إلَّا لِخَوْفٍ مَعَ أَنَّ الْخَوْفَ مَصْلَحَةٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَشْعَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ تُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ ظَنَّ، وَلَوْ غَيْرَ قَوِيٍّ وَعِبَارَةُ عب تَبَعًا لعج أَيْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا قَائِلًا، فَإِنْ تَحَقَّقَ خِيَانَتُهُمْ نَبَذَهُ مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ فَكُلٌّ مِنْ النَّبْذِ وَالْإِنْذَارِ وَاجِبٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ شَارِحِنَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِشْعَارِ مُطْلَقُ الظَّنِّ وَكَلَامُ عج يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا فَيَتَرَجَّحُ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ وُجُوبَ رَدِّ الْمُسْلِمِ إلَيْهِمْ بِالْوُجُوهِ السَّابِقَةِ كَانَ مُظَنَّةَ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ فَمَا يَفْعَلُ فِيهِ أَيُتْرَكُ فِي أَيْدِيهِمْ فَذَكَرَ جَوَابَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمُوا) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْمُبَالَغَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ شب وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ، وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ غَيْرَ مُفِيدَةٍ لِلْخِلَافِ أَتَى بِلَوْ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ أَسْلَمُوا اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ لِلْخِلَافِ غَيْرِ الْمَذْهَبِيِّ رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ رَدًّا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ وَرَهَائِنُ جَمْعُ رَهِينٍ أَوْ رَهِينَةٍ اهـ (قَوْلُهُ أَنْ يُرَدَّ إلَيْهِمْ مَنْ جَاءَنَا) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي حَبْسِ الرَّهَائِنِ لَا فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا تَقْيِيدٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَمَنْ أَسْلَمَ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُوفِي بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا عِنْدَهُمْ رَهَائِنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَيْنَا أَنْ نَرُدَّ لَهُمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا فَنُوفِي بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَنَرُدُّ كُلَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا، وَلَوْ كَانَ رَسُولًا مِنْهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 جَاءَ بِاخْتِيَارِهِ وَأَشَارَ إلَى شَرْطِ الرَّدِّ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ ذَكَرًا) أَيْ إنْ كَانَ مَنْ أَسْلَمَ ذَكَرًا وَهَذَا شَامِلٌ لِلرَّهَائِنِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُرَدُّ، وَلَوْ وَقَعَ شَرْطُ رَدِّهَا صَرِيحًا إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ. (وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ بِمَالِهِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَسِيرَ الْمُسْلِمَ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ هَرَبَ إلَيْهِمْ طَوْعًا مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ يَجِبُ فِدَاؤُهُ وَيُبْدَأُ فِي فِدَائِهِ بِالْفَيْءِ وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ عَلَى طَرِيقِ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ إنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ أَوْ كَانَ وَقَصَرَ عَنْ الْفِدَاءِ فُدِيَ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِمَا قَصَرَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَوْ اسْتَغْرَقَهَا مَا لَمْ يُخْشَ اسْتِيلَاءُ الْعَدُوِّ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَسِيرُ كَأَحَدِهِمْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ثُمَّ إنْ مَنَعَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ فُدِيَ بِمَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِنَّمَا قُدِّمَ مَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي تَعَلُّقِ الْفِدَاءِ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ مِنْهَا فِي تَعَلُّقِهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ لِلْكُفَّارِ مَعَ أَنَّ تَيَسُّرَهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ مِنْ تَيَسُّرِهِ مِنْ مَالِهِ وَقَوْلُنَا الْمُسْلِمُ احْتِرَازًا مِنْ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ. (وَ) إذَا فَدَاهُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ جَمَاعَةٌ مَعَ عِلْمِ الْفَادِي أَوْ ظَنِّهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَجِدُ مَا يَفْدِيهِ بِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَفْدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ (رَجَعَ بِمِثْلِ الْمُثْلَى وَقِيمَةِ غَيْرِهِ) وَهُوَ الْمُقَوِّمُ (عَلَى الْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ بِأَنْ يَتْبَعَ) ذِمَّتَهُ. وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَجْبِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا يَفْدِيهِ بِهِ وَفْدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى التَّبَرُّعِ وَتَفْرِيطِهِ وَإِذَا جَهِلَ أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَجْبِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا يَفْدِيهِ بِهِ أَوْ يَفْدِيهِ مِنْ مَالِهِ وَفْدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلْفِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ وَرَجَعَ وَبِهَذَا الْحَمْلِ يَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ بَيْنَ جَعْلِهِ الْفِدَاءَ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْمُفْدِي. (ص) إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ بِالْفِدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْفَادِي بَيْتَ الْمَالِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْفَادِي صَدَقَةً عَلَى الْأَسِيرِ بِالْفِدَاءِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِ ذَلِكَ الْقَدْرِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفِدَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ قَصَدَ الْفَادِي بِالْفِدَاءِ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمَفْدِيِّ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَمَا لَا يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يُفْدَى بِهِ عَادَةً كَمَا إذَا أَمْكَنَ فِدَاؤُهُ مَجَّانًا فَإِنَّ الْفَادِيَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْأَسِيرِ مِمَّا دَفَعَهُ عَنْهُ لِلْعَدُوِّ (ص) إلَّا مَحْرَمًا أَوْ زَوْجًا إنْ عَرَفَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَيَلْتَزِمَهُ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمُثْلَى وَقِيمَةِ غَيْرِهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَفْدِيَّ   [حاشية العدوي] أَرْسَلُوهُ لَنَا وَقَوْلُهُ أَيْضًا إلَخْ لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ دُخُولِهِ تَحْتَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَنَا بِاخْتِيَارِهِمْ فَيَذْكُرُهُ فِي مَقَامِ التَّعْلِيلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ، وَإِنْ رَسُولًا حَيْثُ قَالُوا فِي شَرْطِهِمْ مَنْ جَاءَكُمْ، فَإِنْ قَالُوا مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ هَارِبًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ الرَّسُولِ. (تَنْبِيهٌ) : يُمَكَّنُ الرَّسُولُ بِقَدْرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، فَإِنْ أَبْطَأَ أَمَرَ الْإِمَامُ بِإِخْرَاجِهِ وَلَا يَبِيعُ شَيْئًا لِأَجَلٍ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الرَّسُولِ دَيْنٌ أَوْ حَقٌّ لِمُسْلِمٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُرْبٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُرَدُّ إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلَخْ وَيَنْبَغِي لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلَوْ كَانَ لَنَا عِنْدَهُمْ مُسْلِمَةٌ سَافَرَتْ فِي جَيْشِ أَمْنٍ وَأَسَرُّوهَا وَتَوَقَّفَ تَحْصِيلُهَا عَلَى رَدِّ الَّتِي أَسْلَمَتْ. (قَوْلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ) وَطَرِيقَةُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونَ يَبْدَأُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَدَى بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مَنْ يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ قُطْرِهِ لَا مَا بَعُدَ جِدًّا وَأَعَادَهُ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الْجِهَادِ لِبَيَانِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْفَيْءِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ بِأَنْ يَجْبِي مِنْ النَّاسِ وَيُخَلِّصُ الْأَسَارَى وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ دَفَعَ شَيْئًا عَلَى الْأَسِيرِ، وَلَوْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ تَيَسُّرَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُجْبَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْهُلُ الْأَمْرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ شَيْئًا لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ فِدَائِهِ بِمَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِدُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَفْدِيهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ) يَدْفَعُهُ لِلْفَادِي فِي مَحَلِّ الْفِدَاءِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهُ بِمَحَلِّ الْفِدَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ بِمَكَانِ دَفْعِهِ وَمَكَانِ قَضَائِهِ (قَوْلُهُ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ) بُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ الْفِدَاءَ فَرْضٌ وَفِيهِ الْمِثْلُ مُطْلَقًا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ) ، وَلَوْ فَدَاهُ عَالِمًا بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا جَهِلَ) هَذِهِ غَيْرُ صُورَةِ الشَّكِّ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَكِنْ يَشُكُّ فِي كَوْنِهِ هَلْ الْإِمَامُ يَقَعُ مِنْهُ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلْفِهِ) أَيْ فِي صُوَرِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ فَقِيرٌ بِخِلَافِ الْمُنْفِقِ عَلَى صَغِيرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبَرُّعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَبِيرَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قُلْت) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْفَادِي وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وَجَدَ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الْحَمْلِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا فَدَاهُ وَاحِدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً) أَيْ بِأَنْ قَصْدَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا قَصَدَ لَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَصْدِ الصَّدَقَةِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كَذَا قَالَ عج (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ) هَذَا وَجِيهٌ وَلَكِنْ النَّقْلُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَيَرْجِعُ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ أَوْ زَوْجًا) وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْفِدَاءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْتَكَ رَقَبَتَهَا (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَهُ) وَانْظُرْ هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ إلَخْ) حَلُّ الشَّارِحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَأَمَّا جَعْلُ الْوَاوِ فِي الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى أَوْ وَأَنَّ الْأَمْرَ كَافٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ إذَا كَانَ مَحْرَمًا عَلَى الْفَادِي يَحْرُمُ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ كَانَ زَوْجًا فَإِنَّ الْفَادِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ لِلْعَدُوِّ فِي فِدَائِهِ إنْ كَانَ الْفَادِي عَالِمًا حِينَ الْفِدَاءِ بِأَنَّهُ زَوْجٌ لَهُ أَوْ بِأَنَّهُ مَحْرَمٌ لَهُ أَوْ كَانَ الْقَرِيبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَالْأُصُولِ وَالْفُصُولِ وَالْحَاشِيَةِ الْقَرِيبَةِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْفِدَاءِ حَالَ كَوْنِ الْمَفْدِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُلْتَزِمًا لِلْفِدَاءِ فَإِنَّ الْفَادِيَ حِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ فِي فِدَائِهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَرِيبُهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ زَوْجٌ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَّا مَحْرَمًا أَيْ مِنْ الْأَقَارِبِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ الْمَحْرَمُ مِنْ الصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ. (ص) وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى أَسِيرًا مِنْ الْعَدُوِّ وَعَلَى الْأَسِيرِ دَيْنٌ لِغَيْرِ الْفَادِي فَإِنَّ الْفَادِيَ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْفِدَاءَ آكَدُ مِنْ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَسِيرَ يُفَدَّى بِغَيْرِ رِضَاهُ وَبِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْأَسِيرِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ وَمَالِهِ الَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ الْفَادِيَ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ) وَأَشَارَ بِلَوْ لِمُخَالَفَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَا فِي يَدِهِ بِمَبْلَغِ دَيْنِهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. (ص) عَلَى الْعَدَدَانِ جَهِلُوا قَدْرَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى جَمَاعَةً بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَخَمْسِينَ أَسِيرًا بِأَلْفٍ وَفِيهِمْ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ قُسِّمَ فِدَاؤُهُمْ عَلَى الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ تَفَاضُلٍ بَيْنَهُمْ إنْ جَهِلَ الْعَدُوُّ قَدْرَ الْأَسْرَى مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَغَيْرِهِمَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي الْمِثَالِ عِشْرُونَ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ، وَإِنْ عَلِمُوا قَدْرَهُمْ وَشَحُّوا بِسَبَبِهِ قُسِّمَ عَلَى تَفَاوُتِهِ. (ص) وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ فِي الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْأَسِيرُ وَالْفَادِي فِي أَصْلِ الْفِدَاءِ فَقَالَ الْأَسِيرُ قَدْ فَدَيْتنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ لَمْ تَفْدِنِي أَصْلًا أَوْ فِي قَدْرِهِ فَقَالَ الْفَادِي فَدَيْتُك بِكَثِيرٍ وَقَالَ الْأَسِيرُ بِدُونِهِ، وَلَوْ يَسِيرًا كَانَ الْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِيَمِينِهِ فِي الْفِدَاءِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَوْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَادِي بَيِّنَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ وَالْأَشْبَهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَبْلَغِ الْفِدَاءِ أَنْ يُصَدَّقَ الْأَسِيرُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَالْفَادِي إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا حَلَفَا وَلَزِمَهُ مَا يُفْدَى بِهِ مِثْلُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَكَذَا إنْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَحَقُّ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ) أَنْ يُقَالَ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَسِيرِ فِي أَصْلِ الْفِدَاءِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْفَادِي وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لِمَا كَانَ بِيَدِ الْفَادِي أَشْبَهَ الرَّهْنَ فَيَكُونُ الْفَادِي أَحَقَّ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّهْنَ يُبَاعُ وَالْأَسِيرَ حُرٌّ لَا يُبَاعُ وَلَك أَنْ تَقُولَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْأَسِيرِ بِيَدِ الْفَادِي وَعَلَى هَذَا الضَّمِيرِ فِي يَكُنْ يَرْجِعُ لِمَالِ الْأَسِيرِ لَا لِلْأَسِيرِ نَفْسِهِ وَهُنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَجَازَ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتَلَةِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِدَاءُ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ بِالْأَسْرَى الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْقِتَالُ الَّذِينَ عِنْدَنَا مِنْ الْعَدُوِّ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مُتَرَقَّبٌ وَخَلَاصُ الْأَسَارَى مُحَقَّقٌ. (ص) وَبِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْأَسْرَى أَيْ وَيَجُوزُ أَيْضًا الْفِدَاءُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيِّتَةِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصِفَةُ مَا يُفْعَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ يُحَاسِبُ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ بَأْسٌ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ لَهُمْ وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفِدَاءُ بِمَا ذَكَرَ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْخَلَاصُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ (ص) وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ   [حاشية العدوي] فَضَعِيفٌ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفَادِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ إذَا أَمَرَهُ بِالْفِدَاءِ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ الْأَبِ الْمُعْدَمِ. وَأَمَّا الْأَبُ الْمُعْدَمُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ الْفَادِي لَهُ، وَلَوْ فَدَاهُ بِأَمْرِهِ وَكَذَا لَوْ أَشْهَدَ وَمِثْلُ الْأَبِ الْأُمُّ بَلْ يُقَالُ وَكُلُّ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ وَلَدِهِ كَذَلِكَ أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ) وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ يَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَا إذَا افْتَدَى وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِمَالِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْعَدَدِ) أَيْ قُسِّمَ عَلَى الْعَدَدِ أَوْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ إنْ جَهِلُوا قَدْرَهُمْ) ثُمَّ إنْ عَلِمُوا قَدْرَهُمْ أَوْ جَهِلُوهُ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ عَمِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا حَمَلُوا عَلَى الْجَهْلِ بِقَدْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) مِنْ شَرَفٍ فَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْقَدْرِ بِالشَّرَفِ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الشَّرَفُ مَنْظُورًا لَهُ بِحَيْثُ يَشِحُّونَ بِسَبَبِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ. (قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْيَمِينِ، وَإِنْ قَالُوا صُدِّقَ فَبِغَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ) أَيْ قَوَاعِدِهِمْ وَحَلُّ عَبَّ يَقْتَضِي ضَعْفَهُ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْأَسِيرُ إنْ أَشْبَهَ) ظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا الْفَادِي إنْ أَشْبَهَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْفَادِي) أَيْ رَدًّا عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلُ الْقَوْلُ لِلْفَادِي إنْ كَانَ الْأَسِيرُ بِيَدِهِ كَالرَّهْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ الْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْفَادِي وَسَحْنُونٍ جَعَلَ الْقَوْلَ لِلْفَادِي إنْ كَانَ الْأَسِيرُ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ بِالْأَسْرَى الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْقِتَالُ) قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُخْشَ الظُّهُورُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ وَيَرَى أَنَّهُمْ يُوفُونَ بِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِالْفِدَاءِ بِصِغَارِ أَطْفَالِهِمْ إذَا لَمْ يُسْلِمُوا وَبِالذِّمِّيِّ إذَا رَضِيَ وَكَانُوا لَا يُسْتَرَقُّونَ مِنْ ك. (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ) أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَصْلَحَةٍ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِلشِّرَاءِ مَعْنًى إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَوَازِ أَيْ وَيُفْهَمُ مِنْهُ الْفِدَاءُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَادِيَ إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكَافِرِ وَهَذَا إذَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْأَسِيرِ كَائِنًا مَا كَانَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْفَادِي ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَمَا مَعَهُ إنْ كَانُوا يَمْلِكُونَهَا فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ مُسْلِمٌ وَأَسْقَطَ حَرْفَ الْجَرِّ لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَفِي الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ فِدَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ بِالْخَيْلِ وَبِآلَةِ الْحَرْبِ أَوْ لَا يَجُوزُ الْفِدَاءُ بِذَلِكَ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخَيْلِ مِنْهُمْ وَالسِّلَاحُ مَعْصِيَةٌ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِجَوَازِ الْفِدَاءِ بِذَلِكَ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يُخْشَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الظُّهُورُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. [بَابٌ الْمُسَابَقَةُ] وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسَابَقَةُ فَقَالَ. (بَابٌ) (الْمُسَابَقَةُ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْبَاءِ مَصْدَرُ سَبَقَ إذَا تَقَدَّمَ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ أَهْلِ السِّبَاقِ قَالَ الْقَرَافِيُّ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ الْقِمَارِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ وَحُصُولِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ انْتَهَى قَوْلُهُ وَحُصُولِ الْعِوَضِ إلَخْ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَسَابِقِينَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ السَّابِقُ كَمَا يَأْتِي وَالْمُعَوَّضُ هُوَ الثَّوَابُ؛ لِأَنَّ السَّبَقَ لَهُ ثَوَابٌ لِتَدْرِيبِهِ عَلَى الْحُرُوبِ وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَتْ مِنْ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الْمَمْنُوعَةِ لِمَصْلَحَةِ الْجِهَادِ وَعَقْدُ الْمُسَابَقَةِ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (ص) بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَبَيْنَهُمَا وَالسَّهْمِ (ش) أَيْ الْمُسَابَقَةُ حَالَ كَوْنِهَا بِالْجُعْلِ جَائِزَةٌ فِيمَا ذُكِرَ فَقَطْ فَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِهِ إلَّا مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ خَبَرُ الْمُسَابَقَةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَكِنَّهُ خَاصٌّ أَيْ جَائِزَةٌ فِيمَا ذَكَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا وَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَفَرَسَيْنِ أَوْ أَفْرَاسٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الْإِبِلِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا أَيْ الْخَيْلِ مِنْ جَانِبٍ وَالْإِبِلِ مِنْ آخَرَ وَلَا يَدْخُلُ الْفِيلُ فِي ذِي الْخُفِّ وَلَا الْحِمَارُ وَلَا الْبَغْلُ فِي ذِي الْحَافِرِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهَا وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجَوَازُ لِدُخُولِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ. (ص) إنْ صَحَّ بَيْعُهُ (ش) أَيْ أَنَّ شَرْطَ الْمُسَابَقَةِ   [حاشية العدوي] بِالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ لَهُمْ أَيْ إذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْفَادِيَ إذَا كَانَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَادِيَ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَالْمَفْدِيُّ كَذَلِكَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذَكَرَ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَإِذَا كَانَ الْفَادِي مُسْلِمًا فَلَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ عِنْدَهُ كَانَ الْمَفْدِيُّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ فَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا كَانَ الْمَفْدِيُّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ثُمَّ إنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ الطِّخِّيخِيَّ تَبَعًا لِبَهْرَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَادِي مُسْلِمًا وَاشْتَرَاهُ فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَكِنْ فِي شَرْحِ عَبَّ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا، وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا تَوَقَّفَ الْفِدَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا يَرْجِعُ (قَوْلُهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَمَا مَعَهُ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ أَوْ لَا فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ فِي الْفَادِي الذِّمِّيِّ وَسَبَقَتْ أَرْبَعَةٌ فِي الْفَادِي الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ إذَا كَانُوا يَمْلِكُونَهَا) أَيْ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ تَمَلُّكُهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ تَمَلُّكُهَا فَيَكُونُ كَالْمُسْلِمِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَفِي عب خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا فَادِي مُسْلِمٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَادِي كَافِرًا رَجَعَ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ مَفْدِيٍّ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ لَا بِثَمَنِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ، فَإِنْ فَدَى كَافِرًا رَجَعَ بِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ إنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا انْتَهَى وَقَوْلُهُ رَجَعَ بِهِ أَيْ بِمِثْلِهِ (أَقُولُ) وَكَلَامُ شَارِحِنَا أَحْسَنُ نَعَمْ لَا يَظْهَرُ كَلَامُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْخَمْرُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَأَمَّا قَتْلُ الْخِنْزِيرِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ فَتَدَبَّرْ. (بَابُ الْمُسَابَقَةِ) (قَوْلُهُ الْمُسَابَقَةُ) مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا السَّبَقَ لَا بِاعْتِبَارِهَا نَفْسِهَا (قَوْلُهُ الْقِمَارِ) مَصْدَرٌ فَأَمْرُهُ مُقَامَرَةٌ وَقِمَارًا إذَا غَالَبَهُ وَفِي شَرْحِ شب وَالْقِمَارُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ اللَّعِبُ يُقَالُ تَقَامَرُوا إذَا لَعِبُوا (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ) أَيْ لِغَيْرِ أَكْلِنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَنَا تَعْذِيبُهُ بِأَكْلِنَا لَهُ أَوْ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ كَالْكَيِّ (قَوْلُهُ وَحُصُولُ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْمُعَوَّضَ إنَّمَا هُوَ السَّبَقُ لَا الثَّوَابُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ النَّاشِئُ عَنْ السَّبَقِ الثَّوَابُ كَانَ الثَّوَابُ مُعَوَّضًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ وَعَقْدُ الْمُسَابَقَةِ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ إجَارَةٌ تُشْبِهُ الْجَعَالَةَ (قَوْلُهُ بِجُعْلٍ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ مَحْمَلَ الْخِلَافِ. وَأَمَّا بِغَيْرِ جُعْلٍ فَجَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى ك، وَاعْلَمْ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ جُعْلًا لِكَوْنِهِ يُشْبِهُ الْجَعَالَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّبَقُ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ وَالسَّهْمُ) فِيهِ صُورَتَانِ الْإِصَابَةُ وَالتَّبَاعُدُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي التَّسَمُّحِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ أَيْ جَائِزَةٌ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ إذْ قَدْ تَجِبُ إنْ تَوَقَّفَتْ مَعْرِفَةُ الْجِهَادِ عَلَيْهَا وَقَدْ تَنْدُبُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خَاصٌّ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا قُدِّرَ خَاصًّا؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ عَلَى ذَلِكَ قَائِمَةٌ وَهُوَ الْجَوَازُ وَمَحَلُّ تَقْدِيرِ الْعَامِلِ عَامًّا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْخُصُوصِ (قَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) فِي ك وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ النَّوْعِ فِيمَا بَيْنَ الْإِبِلِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ س فِي شَرْحِهِ انْتَهَى مِنْ ك وَانْظُرْ لَوْ ظَهَرَ الْجُعْلُ فَاسِدًا بَعْدَ السَّبَقِ هَلْ يَرْجِعُ بِجُعْلٍ مِثْلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْمَذْكُورِ عِنْدَهُمْ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» انْتَهَى وَسَبَقَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ فِي الْمُسَابَقَةِ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ مَصْدَرًا وَالْمَعْنَى عَلَى رِوَايَةِ الْفَتْحِ لَا سَبَقَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 أَنْ يَصِحَّ بَيْعُ الْجُعْلِ فَلَا يَكُونُ غَرَرًا وَلَا مَجْهُولًا وَلَا خَمْرًا وَخِنْزِيرًا وَمَيْتَةً وَدَمًا وَأُمَّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرًا وَمُكَاتَبًا وَحُرًّا وَيَجُوزُ عَلَى عِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا مَعْرُوفًا وَعَلَى الْعَفْوِ عَنْ جُرْحٍ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَيَجُوزُ عَلَى عَرْضِ مَوْصُوفٍ أَوْ سُكْنَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَنْ وَجَبَ لَهُ جَازَ أَنْ يُحَالَ بِهِ أَوْ يُؤَخَّرُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَحَاصَّ بِهِ الْغُرَمَاءُ. (ص) وَعُيِّنَ الْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ يَعْنِي أَنَّ الْجُعْلَ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَعَطَفَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَلَيْهِ أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ بِالسِّهَامِ تَعْيِينُ الْمَبْدَأِ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ وَالْغَايَةِ الَّتِي يُنْتَهَى إلَيْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ تُسَاوِيهِمَا فِي الْمَبْدَأِ وَلَا فِي الْغَايَةِ. (ص) وَالْمَرْكَبُ (ش) أَيْ وَعُيِّنَ الْمَرْكَبُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يُكْتَفَى بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْخَيْلِ مُقَارَبَةُ الْحَالِ كَمَا فِي الْإِكْمَالِ فَلَوْ كَانَ فَرَسُ أَحَدِهِمَا ضَعِيفًا يُقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ أَوْ فَارِهًا يُقْطَعُ بِتَقَدُّمِهِ لَمْ يَجُزْ. (ص) وَالرَّامِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَةُ الرَّامِي، وَإِنْ جَهِلَ رَمْيَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالرَّمْيُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِتَعْيِينِ الرَّمْيِ عَدَدَهُ وَصِفَتَهُ فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ رَامِيهِ وَتَشَخُّصُهُ فَنُسْخَةُ الرَّامِي أَحْسَنُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتُهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا مَا تَقَدَّمَ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. (ص) وَعَدَدُ الْإِصَابَةِ وَنَوْعُهَا مِنْ خَزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَةُ عَدَدِ الْإِصَابَةِ كَأَرْبَعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ مَثَلًا وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ نَوْعِ الْإِصَابَةِ مِنْ كَوْنِهِ خَسْقًا وَهُوَ الَّذِي يُثْقَبُ وَيُثَبَّتُ أَوْ خَزْقًا بِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي يُثْقَبُ وَلَا يُثَبَّتُ أَوْ خَرْقًا بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الَّذِي يُصِيبُ طَرَفَ الْغَرَضِ فَيَخْدِشُهُ أَوْ خَاصِرًا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ إصَابَةُ أَحَدِ جَانِبَيْ الْغَرَضِ وَلَا يَخْدِشُ مِنْهُ شَيْئًا. (ص) وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرَهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ فَلِمَنْ حَضَرَ (ش) الضَّمِيرُ فِي أَخْرَجَهُ عَائِدٌ عَلَى الْجُعْلِ وَهُوَ السَّبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّبَقَ يُخْرِجُهُ شَخْصٌ مُتَبَرِّعٌ غَيْرُ الْمُتَسَابِقِينَ مِنْ وَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَهُ مَنْ سَبَقَ أَوْ يُخْرِجُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنَّهُ إنْ سَبَقَ غَيْرُ مُخْرِجِ الْجُعْلِ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ مُخْرِجُ الْجُعْلِ كَانَ الْجُعْلُ لِمَنْ حَضَرَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى إنْ سَبَقَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ جَوَازَ الدُّخُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَيُحْكَمُ فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِمَنْ حَضَرَ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ أَوْ الْمُسَابَقَةَ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ لِمَنْ يَكُونُ الْجُعْلُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ لِمَنْ يَكُونُ الْجُعْلُ. (ص) لَا إنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ، وَلَوْ بِمُحَلَّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ (ش) هَذِهِ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ صُوَرِ الْجُعْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُعْلًا مِنْ عِنْدِهِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا يَأْخُذُ جَمِيعَ السَّبَقَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا لِلْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ وَهِيَ مَنْعُ الشَّرْعِ فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ مِنْ اجْتِمَاعِ   [حاشية العدوي] مُسْتَحَقٌّ وَعَلَى رِوَايَةِ السُّكُونِ يَكُونُ الْمَعْنَى لَا سَبْقَ مُسْتَحَقٌّ فِي مُقَابَلَتِهِ الْعِوَضَ. (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ غَرَرَا) أَيْ ذَا غَرَرٍ أَيْ مِنْ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَلَى عِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ) يُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ وَقَوْلُهُ وَعَلَى جُرْحٍ عَمْدًا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا جَاعَلَهُ عَلَى مَا يَتَمَلَّكُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ. وَأَمَّا لَوْ جَاعَلَهُ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ لَهُ عَنْ جُرْحِهِ لَهُ عَمْدًا إذَا غَلَبَهُ بِالسَّبَقِ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى الْعَفْوِ مَعْنَاهُ يَعْفُو عَنْ الدِّيَةِ. (قَوْلُهُ وَعَيْنُ الْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ) يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بِتَصْرِيحٍ أَوْ عَادَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاضَلَةُ بِالسِّهَامِ) أَيْ الْمُغَالَبَةُ بِالسِّهَامِ. (قَوْلُهُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَيْ فَالْمُرَادُ التَّعَيُّنُ بِالشَّخْصِ لَا بِالْوَصْفِ وَلَا بِالنَّوْعِ وَقَوْلُهُ فَأَحْرَى أَنْ لَا يُكْتَفَى بِذِكْرِ الْجِنْسِ أَرَادَ بِهِ النَّوْعَ كَخَيْلٍ أَوْ إبِلٍ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ شَاسٍ وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ وَالْمَرْكَبُ أَيْ بِالشَّخْصِ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ لَا بِالنَّوْعِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي خِلَافًا لتت انْتَهَى وَيُعْتَبَرُ فِي السَّبَقِ عُرْفُ بَلَدِ الْمُتَسَابِقِينَ، فَإِنْ كَانَ عُرْفُهُمْ أَنَّ السَّبَقَ إنَّمَا يَكُونُ بِمُجَاوَزَةِ فَرَسِ أَحَدِهِمَا لِبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ كُلِّهَا أَوْ بِذَلِكَ مَعَ بُعْدِهَا عَنْهَا قَدْرًا مُعَيَّنًا عَمِلَ بِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ لَعَلَّهُ حَيْثُ لَا عُرْفَ وَنَصُّهُ فَرْعٌ اخْتَلَفَ بِمَاذَا يَكُونُ السَّابِقُ سَابِقًا فَقِيلَ إنْ سَبَقَ بِأُذُنَيْهِ وَقِيلَ بِصَدْرِهِ وَقِيلَ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّانِي عِنْدَ مُؤَخَّرِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ رَمْيَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلِذَا قَالَ عج وَلَا بُدَّ مِنْ جَهْلِ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ عَدَدُهُ وَصِفَتُهُ) أَيْ عَدَدُ مُتَعَلِّقِهِ وَصِفَةُ مُتَعَلِّقِهِ (قَوْلُهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا مَا تَقَدَّمَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَلَا مَعْنًى لَهُ أَيْ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ أَوْ خَاصِرًا) مِنْ خَاصِرَةِ الْإِنْسَانِ وَهِيَ جَانِبُهُ. (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسَابِقَةُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ لِمَنْ يَكُونُ الْجُعْلُ وَالظَّاهِرُ لِمَنْ حَضَرَ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُخْرِجَ السَّابِقَ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَفِي ك وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ عَادَتْهُ حُضُورُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَا إنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ) ، فَإِنْ وَقَعَ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عج لَا يَكُونُ لَهُ أَيْ لِلسَّابِقِ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا ابْتِدَاءً عَلَى الْقِمَارِ فَهُوَ لِرَبِّهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ سَكَتَا عَمَّنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُمَا فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ لِرَبِّهِ أَوْ لِمَنْ حَضَرَ، فَإِنْ كَانَ لِيَأْخُذَهُ الْمَسْبُوقُ جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَأَشْعَرَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ فِي اثْنَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَقُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ سَبَقَ غَيْرَهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ كَانَ لِلَّذِي يَلِيهِ وَسَوَاءٌ شَرَطُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطُوا شَيْئًا كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ لِلْقَاعِدَةِ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت أَجْرُ التَّسَبُّبِ وَالْعِوَضِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ لِأَحَدِ الْمُتَسَابِقَيْنِ مَعَ جَوَازِ ذَلِكَ وَذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 الْعِوَضَيْنِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلِذَلِكَ مَنَعْنَا الْإِجَارَةُ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِهَا مَعَ عِوَضِهَا لِفَاعِلِهَا إذْ حِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ انْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاوِضَيْنِ بِمَا بُذِلَ لَهُ وَالسَّابِقُ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ إلَى الْجِهَادِ فَلَا يَأْخُذُ الْجُعْلَ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إنْ سَبَقَ أَخَذَ جَمِيعَ الْجُعْلِ وَلَا يَغْرَمُ إنْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ مَرَّةً وَقَالَ عِيَاضٌ مَشْهُورٌ قَوْلُ مَالِكٍ مَنَعَهُ لِعَوْدِ الْجُعْلِ لِمُخْرِجِهِ عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِهِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُمَا مَعَ الْمُحَلَّلِ صَارَا كَاثْنَيْنِ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الثَّالِثُ يُمْكِنُ سَبْقُهُ فِي الْجَرْيِ وَالرَّمْيِ لِقُوَّةِ فَرَسِهِ وَوُفُورِ قُوَّةِ سَاعِدِهِ أَمَّا إنْ أَمِنَ سَبْقَهُ مُنِعَ اتِّفَاقًا وَسُمِّيَ مُحَلَّلًا؛ لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا تَحَلَّلَا بِهِ وَجْهَ الْحُرْمَةِ عَلَى زَعْمِهِمْ وَجُمْلَةُ يُمْكِنُ سَبْقُهُ صِفَةٌ لِمُحَلَّلِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ. وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ سَبْقُهُ جَازَ. (ص) وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتْرِ وَلَهُ مَا شَاءَ وَلَا مَعْرِفَةُ الْجَرْيِ وَالرَّاكِبِ وَلَمْ يُحْمَلْ صَبِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاضَلَةِ تَعْيِينِ السَّهْمِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ وَلَا تَعْيِينُ الْوَتْرِ بِرِقَّةٍ أَوْ طُولٍ أَوْ مُقَابِلِهِمَا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ سَهْمٍ وَأَيَّ وَتْرٍ شَاءَ، وَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ كُلِّ وَاحِدٍ جَرَى فَرَسُ صَاحِبِهِ أَوْ بَعِيرُهُ بَلْ يُشْتَرَطُ جَهْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرْكُوبَ الْآخَرِ وَإِلَّا كَانَ قِمَارًا وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مَنْ يَرْكَبُ عَلَيْهَا مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا إلَّا مُحْتَلِمٌ ضَابِطٌ لَهُ وَتُكْرَهُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ الصَّبِيَّانِ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ وَلِيِّهِ وَفِي حَقِّ الْبَالِغِ الْمُسَابِقِ لَهُ. (ص) وَلَا اسْتِوَاءُ الْجُعْلِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَعْيِينِ السَّهْمِ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ الْجُعْلِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْمُتَبَرِّعُ إنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ كَذَا. (ص) أَوْ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْجُعْلِ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ فَلَا يَضُرُّ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ وَالْآخَرُ أَعْلَى مِنْهُ أَوْ أَدْنَى وَيَرْضَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا اشْتَرَطَهُ صَاحِبُهُ. (ص) أَوْ تَسَاوِيهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى اسْتِوَاءٍ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ الْمُتَنَاضِلَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ فِيهِمَا وَلَا فِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ فِي الثَّانِي هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ وَفِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَالزَّرْقَانِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ تَسَاوِيهَا بِضَمِيرِ الْمُفْرَدَةِ الْمُؤَنَّثَةِ أَيْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ أَعَمُّ مِنْ صِفَةِ السَّبْقِ أَوْ الْإِصَابَةِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَنُسْخَةُ ابْنِ غَازِيٍّ أَوْلَى. (ص) ، وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ أَوْ انْكَسَرَ أَوْ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّهْمَ الَّذِي يُرْمَى بِهِ إذَا عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فِي طَرِيقِهِ فَعَوَّقَهُ عَنْ سَيْرِهِ كَبَهِيمَةٍ أَوْ انْكَسَرَ السَّهْمُ أَوْ الْقَوْسُ أَوْ حَصَلَ لِلْفَرَسِ عَارِضٌ فِي طَرِيقِهِ بِأَنْ ضَرَبَ إنْسَانٌ وَجْهَهُ فَعَوَّقَهُ عَنْ جَرْيِهِ أَوْ نَزَعَ إنْسَانٌ سَوْطَهُ الَّذِي يَسُوقُ بِهِ الْفَرَسَ فَخَفَّ جَرْيُهُ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ أَيْ أَوْ عَرَضَ لِصَاحِبِهِ نَزْعُ سَوْطٍ (ص) بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنَ الْفَرَسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّوْطَ إذَا ضَاعَ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ حَرَنَ الْفَرَسُ تَحْتَهُ أَوْ انْقَطَعَ لِجَامُ الْفَرَسِ أَوْ سَقَطَ الْفَارِسُ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ نُفُورُهُ عَنْ دُخُولِهِ السُّرَادِقَ أَيْ الْخَيْمَةَ فَإِنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ مَسْبُوقًا. (ص) وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَابَقَةَ تَجُوزُ مَجَّانًا أَيْ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ وَعَلَى الْأَقْدَامِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَالصِّرَاعِ إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِعَانَةَ عَلَى الْحَرْبِ لَا الْمُبَالَغَةَ كَفِعْلِ أَهْلِ الْفُسُوقِ. (ص) وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَالرَّجَزُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِافْتِخَارُ أَيْ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ   [حاشية العدوي] فِيمَا إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ مُتَبَرِّعٍ وَسَبَقَ غَيْرُ مُخْرِجِهِ قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ جُزْءٌ عِلَّةٌ وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ فِي ذَلِكَ هِيَ اجْتِمَاعُ الْعِوَضَيْنِ مَعَ حُصُولِ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ الْمُغَالَبَةِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ يَأْخُذُهُمَا جَمِيعًا وَإِذَا أَخْرَجَهُ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يَحْصُلْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ الْمُغَالَبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ شَيْئًا لَا يَعُودُ لَهُ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ. وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ سَبْقُهُ جَازَ) قَالَ عج وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ شَرْطُ الْمُسَابَقَةِ جَهْلُ كُلٍّ جَرْيَ فَرَسِ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الشَّرْطُ فِي فَرَسِ الْمُتَسَابِقَيْنِ خَاصَّةً لَا فِي فَرَسِ الْمُحَلَّلِ أَيْضًا فَمَعْرِفَةُ سَبَقِهَا لَا يَضُرُّ انْتَهَى وَفِي عب وَلَا يُقَالُ الشَّرْطُ فِي فَرَسِ الْمُتَسَابِقَيْنِ لَا فِي فَرَسِ الْمُحَلَّلِ أَيْضًا فَمَعْرِفَةُ سَبَقُهَا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فِي الشَّاذِلِيِّ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُهُ فَهُوَ قِمَارٌ» ثُمَّ إذَا تَحَقَّقَ سَبَقُهُ وَلَكِنْ خَابَ وَسَبَقَهُ غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِمَنْ حَضَرَ. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ إلَخْ) فَيَجُوزُ تَنَاضُلُهُمَا بِعَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ بِفَارِسِيَّتَيْنِ أَوْ بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا بِغَيْرِ صِنْفِهَا فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ دُونَ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ كَمَا فِي عب أَنَّهُ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ قَدْ دَخَلَا عَلَى عَدَمِ قَصْدِ عَيْنِ صِنْفِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا عَلَى الْمُتَمَاثِلَيْنِ ابْتِدَاءً وَهَذَا كُلُّهُ إذَا دَخَلَا عَلَى إصَابَةِ الْغَرَضِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى بُعْدِ الرَّمْيَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ رَمْيَ التُّرْكِيَّةِ لِخِفَّتِهَا أَبْعَدُ مِنْ رَمْيِ الْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ كَالْمُسَابَقَةِ بِفَرَسَيْنِ يَقْطَعُ بِسَبَقِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ مَرْكُوبُ الْآخَرِ) أَيْ جَرْيُ مَرْكُوبِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ وَنُسْخَةُ ابْنِ غَازِيٍّ) أَيْ الَّتِي هِيَ التَّثْنِيَةُ. (قَوْلُهُ أَيْ الْخَيْمَةَ) الَّذِي فِي الْمِصْبَاحِ مَا يُدَارُ حَوْلَ الْخَيْمَةِ مِنْ شُقَقٍ بِلَا سَقْفٍ انْتَهَى وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يُمَدُّ فَوْقَ صَحْنِ الْبَيْتِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ الْفُسْطَاطُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَا سُرَادِقًا أَوْ خَطًّا مَنْ دَخَلَهُ أَوَّلًا أَوْ جَازَهُ أَوَّلًا هُوَ السَّابِقُ. (قَوْلُهُ وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا) حَكَى الزَّنَاتِيُّ قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ لِلْمُتَصَارَعَيْنِ أَوْ الْمُتَسَابِقَيْنِ عَلَى أَرْجُلِهِمَا أَوْ حِمَارَيْهِمَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تَرِدْ فِيهِ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ) بِأَنْ يَذْكُرَ مَنَاقِبَهُ كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سَلِيمٍ» أَيْ ذَوَاتِ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ مِنْ سَلِيمٍ (قَوْلُهُ وَالرَّجَزُ) أَيْ إنْشَادُ الشَّعْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 عِنْدَ الرَّمْيِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لِغَيْرِهِ وَبِالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَشْيِ فِي الْحَرْبِ كَفِعْلِ أَبِي دُجَانَةَ فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّهَا مِشْيَةٌ يَبْغُضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الرَّجَزُ عِنْدَ الرَّمْيِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَرَجْت فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ الْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ كَأَنَا فُلَانٌ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَيَجُوزُ الصِّيَاحُ عِنْدَ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ وَإِشْغَالِ النَّفْسِ عَنْ التَّعَبِ (ص) وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ لَا حَدِيثُ الرَّامِي (ش) أَيْ وَالْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ الرَّمْيِ بِالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ لَا حَدِيثُ الرَّامِي بِأَنْ يَتَمَدَّحَ وَيَذْكُرَ مَنَاقِبَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّمْيُ مَوْضِعُ الرَّامِي وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِهِ الِافْتِخَارُ وَالرَّجَزُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَحَادِيثَ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَالتَّعْلِيلِ جَمْعُ حَدِيثٍ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَازِ أَيْ جَازَ الِافْتِخَارُ وَمَا مَعَهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ فِيهَا الْمَنْعُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِعْجَابِ وَالْخُيَلَاءِ. (تَنْبِيهٌ) : وَيَجْرِي فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ وَفِي الْقِتَالِ الْجَائِزِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ وَالِافْتِخَارُ إلَخْ. (ص) وَلَزِمَ الْعَقْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ لَازِمٍ بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ كَلُزُومِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ (كَالْإِجَارَةِ) إلَى أَنَّ لُزُومَ الْعَقْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رُشْدِ الْعَاقِدِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الْجِهَادِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُشْرِكُهُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ لِخَبَرِ إنَّ «مِنْ الذُّنُوبِ ذُنُوبًا لَا يُكَفِّرُهَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا جِهَادٌ إلَّا السَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ» أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَافْتَتَحَهُ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ لِكَثْرَتِهَا فِي النِّكَاحِ قَالَ وَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ هُنَا مَشْهُورًا بَلْ فِيهِ أَشْيَاءُ مَا قَالَ بِهَا إلَّا مَنْ شَذَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَوُجُوبِ الضُّحَى وَاسْتِبْدَادِهِ بِجَمِيعِ الْخَمْسِ قَالَ وَلَيْسَ مَا قِيلَ بِاخْتِصَاصِهِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْصُورًا فِيمَا ذُكِرَ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذِهِ الْخَصَائِصِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا قَدْ مَضَى حُكْمُهَا بِمَوْتِهِ لِلتَّنْوِيهِ بِعِظَمِ قَدْرِهِ وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى بِهِ فِيهَا أَحَدٌ فَذِكْرُهَا إمَّا مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ قَالَ بَعْضٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. فَقَالَ (ص) خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُصَّ عَنْ أُمَّتِهِ بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَالْأَضْحَى أَيْ الضَّحِيَّةُ وَالْأَضْحَى لُغَةٌ فِي الضَّحِيَّةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِهِ   [حاشية العدوي] لَا خُصُوصُ الْبَحْرِ الْمَخْصُوصِ لَكِنْ الْأَكْثَرُ فِي الْحَرْبِ الرَّجَزُ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ الْحَرَكَةَ وَالِاضْطِرَابَ (قَوْلُهُ إنَّهَا مِشْيَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ بِالنَّبْلِ) أَيْ السِّهَامِ (قَوْلُهُ الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ) سَجْعٌ لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهِ الْوَزْنَ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا أَيْ الْيَوْمُ وَالْيَوْمُ وَرَفْعُ الثَّانِي وَنَصْبُ الْأَوَّلِ عَلَى جَعْلِ الْأَوَّلِ ظَرْفًا قَالَ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ الظَّرْفُ وَاسِعًا وَلَمْ يُضَفْ عَلَى الثَّانِي وَالرُّضَّعُ جَمْعُ رَاضِعٍ وَهُوَ اللَّئِيمُ فَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ يَوْمُ اللِّئَامِ أَيْ يَوْمُ هَلَاكِ اللِّئَامِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَئِيمٌ رَاضِعٌ وَهُوَ الَّذِي رَضَعَ اللُّؤْمَ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ وَكُلُّ مَنْ نُسِبَ إلَى لُؤْمٍ فَإِنَّهُ يُوصَفُ بِالْمَصِّ وَالرَّضَاعِ وَالْأَصْلُ أَنَّ شَخْصًا كَانَ شَدِيدَ الْبُخْلِ وَكَانَ إذَا أَرَادَ حَلْبَ نَاقَتِهِ ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا لِئَلَّا يَحْلُبَهَا فَيَسْمَعُ جِيرَانَهُ أَوْ مَنْ يَمُرُّ بِصَوْتِ الْحَلْبِ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ اللَّبَنَ إلَخْ فَقَالُوا فِي الْمَثَلِ أَلْأَمُ مِنْ رَاضِعٍ انْتَهَى وَقِيلَ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَمَالِقَةِ طَرَقَهُ ضَيْفٌ لَيْلًا فَمَصّ ضَرْعَ شَاتِه لِئَلَّا يَسْمَعَ الضَّيْفُ صَوْتَ الْحَلْبِ فَكَثُرَ حَتَّى صَارَ كُلُّ لَئِيمٍ رَاضِعًا سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَقِيلَ الْمَعْنَى الْيَوْمَ يَعْرِفُ مَنْ رَضَعَ كَرِيمَةً فَأَنْجَبَتْ أَوْ لَئِيمَةً فَهَجَّنَتْ أَوْ الْيَوْمَ يَعْرِفُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْحَرْبُ مِنْ صِغَرِهِ وَتَدَرَّبَ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَزَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَنْ بَغْلَتِهِ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» (قَوْلُهُ لَا حَدِيثُ الرَّامِي) أَيْ تَحَدُّثُهُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ إلَخْ) كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ» إلَخْ. (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي الْمُسَابَقَةِ إجَارَةٌ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ تَشْبِيهُ إجَارَةِ خَفِيَّةٍ بِإِجَارَةٍ شَهِيرَةٍ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ إجَارَةٌ غَيْرُهَا [بَابُ النِّكَاحِ] [بَابٌ خصائص النَّبِيُّ] (بَابٌ) (قَوْلُهُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّكَاحَ لُغَةً الْعَقْدُ فَلَا مُشَارَكَةَ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْنَى مَا يَشْمَلُ الْمَدْلُولَ الِالْتِزَامِيَّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَهْدَ وَالْمَشَقَّةَ لَازِمَانِ لِلنِّكَاحِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ الْجَهْدُ أَيْ لِأَنَّهُ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ أَيْ أَنَّ مِنْ لَوَازِمِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ، دَلِيلٌ لِكَوْنِ النِّكَاحِ جَهْدًا وَمَشَقَّةً؛ لِأَنَّ السَّعْيَ عَلَى الْعِيَالِ مَشَقَّةٌ أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ الْعِيَالِ الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ أَوْ كَمَا قَالَ) لَفْظُهُ تُقَالُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي لَفْظِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتِبْدَادِهِ بِجَمِيعِ الْخَمْسِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ خُمْسُ الْخُمْسِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ أَشْيَاءَ زَائِدَةً عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمِمَّا اخْتَصَّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ فِي وَجْهٍ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا وَإِتْمَامُ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ وَأَنْ يَدْفَعَ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لِلتَّنْوِيهِ) أَيْ لِلْإِعْلَامِ بِعِظَمِ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى) أَيْ يَقْتَدِيَ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) الْأَحْسَنُ التَّفْصِيلُ إنْ ظَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنْ احْتَمَلَ عَلَى السَّوَاءِ فَذِكْرُهَا مَنْدُوبٌ. (بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) (قَوْلُهُ بِوُجُوبِ الضُّحَى) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ (قَوْلُهُ عَنْ أُمَّتِهِ) وَيُحْتَمَلُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ خُصَّ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ فِي بَعْضِهَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ) لَا أَوْسَطُهُ وَلَا أَكْثَرُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّهُ رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرَهُ ثَمَانٍ وَأَوْسَطَهُ سِتٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَاهِيَّةُ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهَا فِي الْأَقَلِّ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ وَالْأَضْحَى أَيْ الضَّحِيَّةُ) أَرَادَ الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ وَالْأَضْحَى أَرَادَ اللَّفْظَ أَيْ وَالْأَضْحَى لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى اللَّفْظِ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ وَقَوْلُهُ لُغَةٌ فِي الضَّحِيَّةِ أَيْ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ فِي مَعْنَى ضَحِيَّةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ الْأُولَى بِهَذَا الْمَعْنَى لَفْظُ ضَحِيَّةٍ أَيْ فَالذَّاتُ يَدُلُّ عَلَيْهَا لَفْظَانِ لَفْظُ ضَحِيَّةٍ وَلَفْظُ أَضْحَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 فِي الْمُخَاطَبَةِ بِالْهَدْيِ وَالتَّهَجُّدِ وَهُوَ صَلَاةُ اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْوِتْرِ وَقَوْلُهُ بِحَضَرٍ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْوِتْرِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ بِدَلِيلِ إيتَارِهِ فِيهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ وَلِصَلَاةِ الضُّحَى. (ص) وَالسِّوَاكِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السِّوَاكُ حَضَرًا وَسَفَرًا لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت مَا هُوَ الَّذِي كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ مِنْهُ. (ص) وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ أَيْ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ أَوْ مُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا تَبَيَّنَ بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّخْيِيرَ الَّذِي يُوقِعْنَ فِيهِ الثَّلَاثَ كَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ وَهُوَ ظَنُّ سَوْءٍ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُخَيِّرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمِنْ الْخَصَائِصِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ لَكِنْ نُسِخَ هَذَا. (ص) وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى زَوْجَةِ شَخْصٍ وَرَغِبَ فِيهَا وَجَبَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا طَلَّقَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَخْطُبَهَا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا رَغِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَلِيَّةٍ أَنْ لَا يَخْطُبَهَا غَيْرُهُ وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَمَّمَ بَعْضُهُمْ هَذَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -. (ص) وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ إذَا خَاطَبَ شَخْصًا فِي حَالِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُجِيبَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعُمُومُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى يُشْعِرُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُجِيبِ. (ص) وَالْمُشَاوَرَةِ (ش) هَذَا مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْنِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ بِالْهَدْيِ) أَيْ إنْ حَصَلَ مُوجِبُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ النَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ التَّهَجُّدُ هُوَ النَّوْمُ وَالصَّلَاةُ بَعْدَهُ فَهُوَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَصَلَّى آخِرَ اللَّيْلِ لَا يُقَالُ لَهُ مُتَهَجِّدٌ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْمُتَهَجِّدِ وَهُوَ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بَعْدَ النَّوْمِ أَيْ بَعْدَ وَقْتِ النَّوْمِ نَامَ أَمْ لَا أَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّوْمِ نَظَرًا لِلْأَغْلَبِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا قِيلَ فِي الضُّحَى فَيُقَالُ الْوَاجِبُ الْمَاهِيَّةُ الْمُتَحَقِّقَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْوِتْرِ) أَيْ فَقَطْ أَيْ. وَأَمَّا التَّهَجُّدُ وَالضُّحَى فَجَرَيَانُهُ فِيهِ يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوِتْرُ مَعَ سُهُولَتِهِ يَتَقَيَّدُ بِالْحَضَرِ فَأَوْلَى مَا هُوَ أَشَقُّ مِنْهُ كَالتَّهَجُّدِ إلَخْ أَيْ فَمَآلُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلتَّهَجُّدِ) أَيْ. وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّقْيِيدُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا. (قَوْلُهُ وَالسِّوَاكِ) بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ لَا بِمَعْنَى الْآلَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ) أَيْ. وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ عَلِمَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدِهِمْ نَعَمْ قَوْلُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ هَلْ الْمُرَادُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَكَذَا يُقَالُ الْوَاجِبُ مَاهِيَّةُ الِاسْتِيَاكِ الْمُتَحَقِّقَةِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِيَارِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ فِي عِصْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَارَتْ الدُّنْيَا فَفَارَقَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَلْتَقِطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ هِيَ الشَّقِيَّةُ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ يَرْوِي عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خُيِّرَ فِي نِسَائِهِ بَدَأَ بِهَا فَاخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَابَعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ إذَا أَحْدَثَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ نُسِخَ هَذَا) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ بِتَزْوِيجِهَا إذَا فَارَقَهَا زَيْدٌ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا رَغِبَ فِي بَقَائِهَا تَحْتَ زَيْدٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ السَّنُوسِيُّ فِي صُغْرَى الصُّغْرَى وَمَا عَدَا ذَلِكَ هُوَ مَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الَّذِي أَخْفَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفْسِهِ هُوَ الْعِشْقُ بِحُبِّ زَيْنَبَ وَحُبِّ فِرَاقِ زَيْدٍ لَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِهَا حَيَاءً مِنْهُ وَخَشْيَةً مِنْ مَقَالَةِ النَّاسِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ نِكَاحَ زَيْنَبَ كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ نَسَخَ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَحْرِيمِ أَزْوَاجِ الْأَدْعِيَاءِ وَإِنَّمَا أَخْفَى فِي نَفْسِهِ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ طَعْنِ الْمُنَافِقِينَ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ نَسْخَ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ أَوْحَى إلَيْهِ أَنَّ زَيْدًا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَتَزَوَّجْ بِهَا فَلَمَّا حَضَرَ زَيْدٌ لِيُطَلِّقَهَا خَافَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا لَزِمَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا وَيَصِيرُ سَبَبًا لِطَعْنِهِمْ فِيهِ فَقَالَ لِزَيْدٍ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَأَخْفَى فِي نَفْسِهِ مَا أَوْحَى إلَيْهِ وَعَزْمَهُ عَلَى نِكَاحِهَا فَلِذَلِكَ عُوتِبَ انْتَهَى وَمَرْغُوبَتِهِ فِيهِ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ وَالْأَصْلُ مَرْغُوبٌ فِيهَا قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْ لَوْ امْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنْ طَلَاقِ الْمَرْغُوبَةِ هَلْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَهَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ وَعُمُومُ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي صَلَاتِهِ وَتَكَلَّمَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَبَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إجَابَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَهَلْ تَبْقَى الصَّلَاةُ مَعَهَا أَوْ تَبْطُلُ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةُ يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ إذَا ابْتَدَأَهُ الْمُصَلِّي بِالْخِطَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ عج وَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ قَصْرُهُ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النَّوَوِيُّ لَا مَا كَانَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا وَظَاهِرُ قَوْلِ بَهْرَامَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِإِجَابَتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَابَتِهِ بِنَحْوِ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاوِرَ ذَوِي الْأَحْلَامِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي الْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ وَالْمُهِمَّاتِ لَا فِي الشَّرَائِعِ تَطْيِيبًا لِخَوَاطِرِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ عِلْمًا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِوُجُوبِ الْمُشَاوَرَةِ بَلْ عَلَى الْوُلَاةِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَوُجُوهِ الْكُتَّابِ وَالْعُمَّالِ وَالْوُزَرَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَعِمَارَتِهَا كَمَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَوْنُهُ كَامِلَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُشَاوَرَةُ. (ص) وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ. وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْوُلَاةِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ الْمَيِّتِ بَلْ الْحَيُّ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ «مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» أَيْ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَإِلَيَّ كِفَايَةُ عِيَالِهِ ابْنُ بَطَّالٍ هَذَا نَاسِخٌ لِتَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْقَرَافِيُّ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ بِالدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى السُّلْطَانِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَحَ الْفُتُوحَاتُ. (ص) وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَهُ وَيُدَاوِمَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَقْطَعُهُ حَتَّى يُعَدَّ تَارِكَهُ لَهُ بِالْمَرَّةِ لَا الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَتْرُكُهُ وَيَتْرُكُهُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَفْعَلُهُ وَوَرَدَ أَيْضًا كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ. (ص) وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَابِرَ الْعَدُوَّ الْكَثِيرَ الزَّائِدَ عَلَى الضِّعْفِ، وَلَوْ أَهْلَ الْأَرْضِ   [حاشية العدوي] مَا فَعَلْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ جَوَابًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ فَعَلْته وَانْظُرْهُ ثُمَّ مَعْنَى وُجُوبِ إجَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى أُمَّتِهِ إجَابَتَهُ إذَا نَادَى أَحَدًا مِنْهُمْ فِي صَلَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ لِأَبِي وَانْظُرْ بَعْدَهَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي عب. (قَوْلُهُ الْأَحْلَامِ) جَمْعُ حِلْمٍ الْأَنَاةُ وَالْعَقْلُ أَيْ ذَوِي الْعُقُولِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ الْآرَاءِ) جَمْعُ رَأْيٍ مَا يَرَاهُ الشَّخْصُ (قَوْلُهُ وَالْحُرُوبِ) وَالْمَعْنَى فِي الرَّأْيِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا فِي الشَّرَائِعِ) لَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ مُشَاوَرَتُهُ فِي الْأَذَانِ وَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَحْيِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِالْمُشَاوَرَةِ إذْ قِصَّتُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ أَوْ الْأُولَى قَوْلَانِ رَجَّحَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الثَّانِيَ. وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمُشَاوَرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] فَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ بَلْ عَلَى الْوُلَاةِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ عَدُّهُ فِي الْخَصَائِصِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ وَوُجُوهِ الْكُتَّابِ) أَيْ مَحَامِلِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ وَالْعُمَّالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْوُلَاةِ جَمْعُ عَامِلٍ وَهُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي يُرْسِلُهُ السُّلْطَانُ فِي الْبَلَدِ يَقْبِضُ خَرَاجَهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَعِمَارَتِهَا إلَخْ) أَيْ عِمَارَةِ الْعِبَادِ أَيْ عِمَارَةِ بِلَادِ الْعِبَادِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ عِمَارَةُ مَصَالِحِ الْعِبَادِ أَيْ اسْتِمْرَارُهَا وَدَوَامُهَا (قَوْلُهُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ (قَوْلُهُ فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَا خُصُوصِيَّةَ إلَخْ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ كَامِلَ الْعِلْمِ. وَأَمَّا لَوْ نَظَرَ لِذَلِكَ فَالْخُصُوصِيَّةُ بَاقِيَةٌ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَذْكُرَهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ فَيُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْوُلَاةِ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَتَدَايُنِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَوْ فِيهَا وَتَابَ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ ضَيَاعًا) أَيْ عِيَالًا وَهُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ (قَوْلُهُ فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلتَّفَنُّنِ. وَأَمَّا كِفَايَةُ الْعِيَالِ فَوَاجِبَةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى السُّلْطَانِ) وَسَيِّدُ السَّلَاطِينِ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَقْضِيهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ السَّلَاطِينِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي أَوَّلًا عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَانَ الْمَيِّتُ يُحْبَسُ عَنْ الْجَنَّةِ لِذَلِكَ فَلَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ صَارَ الْمَيِّتُ لَا يُحْبَسُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُفَادُ قَوْلِ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ وَاجِبًا عَلَى السُّلْطَانِ وَلَا سُلْطَانَ إلَّا هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّلْطَانَ يَقْضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشَارَ لِلْقَوْلَيْنِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ تَطَوُّعًا وَهَلْ كَانَ يَقْضِيهِ مِنْ خَالِصِ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَى الْأَخِيرِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ ذَهَبَ الْقَرَافِيُّ حَيْثُ قَالَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ أَنَّهُ يَقْضِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ عَلَيَّ قَضَاؤُهُ أَيْ مِمَّا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْغَنَائِمِ وَالصَّدَقَاتِ قَالَ وَهَذَا يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَقُّ الْمَيِّتِ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَفِي بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَإِلَّا فَيَسْقُطُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ قَالَ الْحَطَّابُ وَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْضِي هَذَا الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ ظَاهِرٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ يَقْضِيهِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ أَنْ تُفْتَحَ الْفُتُوحَاتُ) جَمْعُ فَتْحٍ أَيْ فَتْحُ بِلَادِ الْكُفَّارِ وَالْإِتْيَانِ بِأَمْوَالِهِمْ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَقْطَعُهُ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ ظَاهِرٍ تَقْدِيرُهُ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ عَمَلُهُ الْخَاصُّ بِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 لِأَنَّهُ مَوْعُودٌ مِنْ رَبِّهِ بِالْعِصْمَةِ بِخِلَافِ أُمَّتِهِ إذَا زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى الضِّعْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْفِرَارُ. (ص) وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَيْنًا أَنْ يُغَيِّرَ الْمُنْكَرَ بِغَيْرِ شَرْطٍ مِنْ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَظَنِّ التَّأْثِيرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إظْهَارُ الْإِنْكَارِ وَلَا يَسْقُطُ لِكَوْنِ الْمُرْتَكِبِ يَزِيدُهُ الْإِنْكَارُ إغْرَاءً بِخِلَافِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَكِبُ كَافِرًا صَرِيحًا أَوْ مُنَافِقًا وَيُشَارِكُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قِسْمَيْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبِ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ شَرَعَ فِي قِسْمَيْ الْحَرَامِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (ص) وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَتَيْنِ أَيْ الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ لِإِنْبَائِهَا عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ قَالَ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] وَأَمْوَالُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ مِنْ الصَّفِيِّ وَالْهَدِيَّةِ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ وَخُمُسِ الْخُمُسِ وَتَقَدَّمَ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْآلُ إنْ لَمْ يُعْطَوْا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَأَنَّ إعْطَاءَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ قَالَهُ ح قُلْت وَتَقَدَّمَ عَنْ شَارِحِ الْمُوَطَّإِ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا إذَا بَلَغُوا إلَى حَاجَةٍ يُبَاحُ لَهُمْ فِيهَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ. (ص) وَأَكْلِهِ كَثُومٍ (ش) أَيْ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا رَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ مِنْ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ؛ لِأَنَّهُ يُنَاجِي الْمَلَائِكَةَ. وَأَمَّا الْمَطْبُوخُ مِنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي حُكْمِ الْمَطْبُوخِ كَالْبَصَلِ الْمَنْقُوعِ فِي الْخَلِّ حَتَّى تَذْهَبَ رَائِحَتُهُ كَذَلِكَ. (ص) أَوْ مُتَّكِئًا (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا وَهُوَ التَّقَعْدُدُ فِي الْجُلُوسِ كَالْمُتَرَبِّعِ فَإِنَّ الْجُلُوسَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ يَسْتَدْعِي الِاسْتِكْثَارَ مِنْ الْأَكْلِ وَإِنَّمَا كَانَ جُلُوسُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْأَكْلِ جُلُوسَ الْمُسْتَوْفِزِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَّكِئًا مَنْصُوبٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَثُومٍ. (ص) وَإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا كَرِهَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ نِكَاحَهُ لِغَيْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِخَبَرِ «الْعَائِذَةِ الْقَائِلَةِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ زَادَ فِي الْأُنْمُوذَجِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا انْتَهَى وَقَوْلُنَا لِغَيْرَةِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِذَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ كُفْرٌ وَتَبَيَّنَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَوْعُودٌ مِنْ رَبِّهِ بِالْعِصْمَةِ) أَيْ مِنْ الْقَتْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ شُجَّ فِي وَجْهِهِ وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهُ يَعْصِمُك إلَخْ كَانَ بَعْدَ الشَّجِّ وَنَحْوِهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ فِي التَّعْلِيلِ إنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ وَأَشْجَعُ النَّاسِ وَفِي الْمُصَابَرَةِ إظْهَارٌ لِذَلِكَ وَفِي عَدَمِهَا انْخِفَاضٌ لِشَأْنِهِ وَتَحْقِيرٌ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَنْ يُغَيِّرَ الْمُنْكَرَ) ، وَلَوْ صَغِيرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ) ؛ لِأَنَّهُ السُّلْطَانُ الْأَكْبَرُ وَالْخَلِيفَةُ الْأَعْظَمُ وَالْكُلُّ دُونَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَرِينَةَ كَوْنِ الْإِنْكَارِ يَزِيدُ إغْرَاءً لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ صَرِيحًا أَيْ ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ عَلَى آلِهِ) وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لِمَوَالِي آلِهِ كَمَوَالِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فِي الْخَاصَّةِ بِهِ فَيَحْرُمُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ صَدَقَاتِ الْأَعْيَانِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ دُونَ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَمِيَاهِ الْآبَارِ (قَوْلُهُ مِنْ الصَّفِيِّ) أَيْ مِنْ صَفِيِّ الْمَغْنَمِ وَهُوَ مَا يُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قِسْمِهَا وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ) . وَأَمَّا فِي الْغَزْوِ فَهِيَ لِلْجَيْشِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ إذَا بَلَغُوا إلَخْ) قَالَ عب وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَلُ مِنْ حُرْمَةٍ إلَى حِلٍّ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا السَّلْمُونِيَّ نَقَلَ لَنَا عَنْ الشَّيْخِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ وَهُوَ لَمْ يَصِلْ إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ فَأَخْذُهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْلَى مِنْ إهَانَتِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ خُصُوصًا أَهْلَ الذِّمَّةِ كَمَا شُوهِدَ وَفِي السُّؤَالِ فِي الْأَسْوَاقِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ قُلْت وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت النَّصَّ أَنَّهُ قَدْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ. (قَوْلُهُ كَثُومٍ) بِضَمِّ الثَّاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُنَاجِي الْمَلَائِكَةَ) أَيْ يُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ وَهُمْ يَكْرَهُونَ الرَّوَائِحَ الْكَرِيهَةَ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الْمَطْبُوخُ إلَخْ) كَمَا وَقَعَ لَهُ أَكْلُ طَعَامٍ طُبِخَ بِبَصَلٍ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْقُوعَ فِي الْخَلِّ لَمْ يَقَعْ. (قَوْلُهُ التَّقَعْدُدُ) أَيْ التَّمَكُّنُ وَقَوْلُهُ كَالْمُتَرَبِّعِ تَمْثِيلٌ وَقَوْلُهُ مُتَّكِئًا مَائِلًا عَلَى شِقٍّ كَمَا لِلْفَاكِهَانِيِّ وَقِيلَ مُسْتَنِدًا كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ لِشِقٍّ (قَوْلُهُ جُلُوسَ الْمُسْتَوْفِزِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ اسْتَوْفَزَ فِي قَعْدَتِهِ قَعَدَ مُنْتَصِبًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ وَهُوَ أَحْسَنُ الْجِلْسَاتِ ثُمَّ الْجِثِيُّ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَظُهُورُ الْقَدَمَيْنِ ثُمَّ نَصْبُ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَالْقُعُودُ عَلَى الْيُسْرَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الِاتِّكَاءَ التَّرَبُّعُ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ لِغَيْرَةٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهَا كَتَعْلِيمٍ كَالْمِثَالِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ، فَإِنْ قُلْت إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَرَاهِيَةٌ لِنِكَاحِهِ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ حَيْثُ قُلْنَ لَهَا إنَّهُ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ قُلْت يُرَادُ كَرَاهِيَةٌ، وَلَوْ صُورَةً وَالْكَرَاهِيَةُ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ قَوْلِهَا ذَلِكَ، وَلَوْ بِالتَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك) أَيْ أَتَحَصَّنُ بِاَللَّهِ مِنْك (قَوْلُهُ لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَكَان مِنْ عَاذَ الثُّلَاثِيِّ أَيْ اسْتَعَذْت بِعِيَاذٍ عَظِيمٍ أَوْ بِمَحَلِّ الْعِيَاذِ هَذَا بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَإِلَّا فَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الْمَحَلِّ وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بِضَمِّ الْمِيمِ قَائِلًا أَيْ بِاَلَّذِي يُعَاذُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَعَاذَ الْغَيْرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ} [آل عمران: 36] وَاقْتَصَرَ فِي النِّهَايَةِ عَلَى الْفَتْحِ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُعَاذُ الْمَصْدَرُ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ أَيْ لَقَدْ لَجَأْت إلَى مَلْجَأٍ وَلُذْت بِمَلَاذٍ (قَوْلُهُ الْحَقِي بِأَهْلِك) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ الْحَاءِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ لَحِقَ الثُّلَاثِيِّ وَأَجَازَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فَتْحَ الْهَمْزَةِ وَكَسْرَ الْحَاءِ أَمْرٌ مِنْ أَلْحَقَ الرُّبَاعِيِّ لُغَةٌ فِي لَحِقَ يُقَالُ لَحِقْته وَأَلْحَقْته بِمَعْنَى تَبِعْته وَأَتْبَعْته أَفَادَهُ مُحَشِّي تت قَالَ الْمُنَاوِيُّ رَوَى أَنْ نِسَاءً لَقَّنَّهَا أَنْ تَقُولَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 اسْمَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَقِيلَ مُلَيْكَةُ اللَّيْثِيَّةُ. (ص) وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَ أَزْوَاجَهُ اللَّاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ بِغَيْرِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ لَمَّا خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [الأحزاب: 52] ، وَإِنْ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] لِتَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ عَلَيْهِنَّ بِتَرْكِ التَّزْوِيجِ عَلَيْهِنَّ فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّتِهِ أَوَّلًا قَبْلَ النَّسْخِ. (ص) وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكِتَابِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ أَوْ؛ لِأَنَّهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ وَلِخَبَرِ «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا أُزَوَّجَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» بِخِلَافِ التَّسَرِّي بِهَا فَمُبَاحٌ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا لِعَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الْأَوَّلِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَعَنْ الثَّانِي لِلْعِصْمَةِ. وَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَحَلَالٌ. (ص) وَمَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ دَخَلَ بِهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَاتَ عَنْهَا لَا طَلَّقَهَا وَكَذَا تَحْرُمُ السُّرِّيَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ الَّتِي فَارَقَهَا بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَنِكَاحُ مَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ هُنَا الْوَطْءُ حَتَّى يَشْمَلَ الْوَطْءَ بِمِلْكٍ فَيَحْرُمُ وَطْءُ مَوْطُوءَتِهِ بِالْمِلْكِ وَمَفْهُومُ مَدْخُولَتِهِ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَقَطْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَحِلُّ، وَلَوْ قَالَ وَمَوْطُوءَتِهِ بَدَلَ وَمَدْخُولَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى. (ص) وَنَزْعِ لَأْمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَيْ آلَةَ الْحَرْبِ مِثْلَ الْخُوذَةِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَفِي قَوْلِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ مُسَامَحَةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبَهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ الصَّوَابُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ حَتَّى يُقَاتِلَ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ تُشَارِكُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي ذَلِكَ. (ص) وَالْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ   [حاشية العدوي] ذَلِكَ وَقُلْنَ لَهَا إنَّهُ كَلَامٌ يُعْجِبُهُ أَيْ جَوَارِي نِسَائِهِ أَيْ صِغَارِ نِسَائِهِ (قَوْلُهُ أُمَيْمَةُ) بِمِيمَيْنِ فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ شُرَحْبِيلُ) بِضَمِّ الشِّينِ كَمَا ضَبَطَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مُلَيْكَةُ) عِنْدِي ضَبْطٌ بِفَتْحٍ عَلَى الْمِيمِ وَلَا أَدْرِي صِحَّتَهُ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) الْأَوْلَى الْوَاوُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} [الأحزاب: 52] أَيْ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَةً وَتَنْكِحَ غَيْرَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ {اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشْرَفُ) أَيْ أَشَدُّ شَرَفًا كَأَنَّهُ ضَمَّنَهُ تَبَاعُدَ أَيْ أَنَّهُ أَشَدُّ تَبَاعُدًا مِنْ وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْرَفُ أَيْ أَشَدُّ شَرَفًا فِي حَالِ وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ مُسْلِمَةٍ مِنْ نَفْسِهِ فِي حَالِ وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ فَمِنْ بِمَعْنَى فِي وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَفْضُلُ عَلَى وَضْعِهِ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ فَلَا مَعْنَى لَهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَوْجُودَانِ فِي الْأَمَةِ وَكَذَا الْحَدِيثُ يَخُصُّ الْمُسْلِمَةَ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ كُلِّهِ حُرْمَةُ التَّسَرِّي مَعَ أَنَّهُ مُبَاحٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ التَّسَرِّي وَلِذَا اخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حُرْمَتَهُ كَالنِّكَاحِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ ظَاهِرٌ فِي مَنْعِ التَّسَرِّي بِوَطْءِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ وَلِذَا قَالَ بِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْجَوَازُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يُبَاشِرَ كَافِرَةً أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْمُبَاشَرَةُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الْأَوَّلِ) الْأَوْلَى وَلَا يُعْقَلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً) أَيْ فِي مَبْدَإِ أَمْرِهِ وَمُنْتَهَاهُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ عَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعَدَمِ شَرْطِهِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَحَلَالٌ) زَادَ فِي الْأُنْمُوذَجِ، وَلَوْ قُدِّرَ نِكَاحُ أَمَةٍ كَانَ وَلَدُهُ مِنْهَا حُرًّا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ خَوْفُ الْعَنَتِ وَلَا فَقْدُ الطَّوْلِ وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ، وَلَوْ غَرَّتْهُ سُرِّيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاخْتُلِفَ فِي مَوْطُوءَتِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ تَكُونُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. (قَوْلُهُ لَا طَلَّقَهَا) ظَاهِرُهُ حَتَّى الَّتِي مَسَّهَا وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا وَهُوَ الَّذِي تَطْمَئِنُّ لَهُ النَّفْسُ قَالَهُ عج. عَنْ شَيْخِهِ الْبَدْرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي مَسَّهَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ الَّتِي فَارَقَهَا بِمَوْتٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ (قَوْلُهُ بَيْعٍ) أَيْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً) صَحَّ هَذَا التَّعْمِيمُ لِقَوْلِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ مَا صَحَّ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ شَاسٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْهَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. وَأَمَّا الَّتِي وَطِئَهَا وَطَلَّقَهَا فَتَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ مُطْلَقًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ. وَأَمَّا الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَطَلَّقَهَا فَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَلْ كَذَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْطُبِيِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إيذَاءً لَهُ كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ فِينَا وَكَذَا لَا تَحْرُمُ مُطَلَّقَتُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْمَسِّ كَمَا عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ الشَّافِعِيُّ كَاَلَّتِي وَجَدَ فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا. (فَائِدَةٌ) زَوْجَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ عَشْرَةَ عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ وَبَنَى بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ أَيْ وَهُنَّ سَوْدَةُ وَعَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَجُوَيْرِيَةُ وَصَفِيَّةُ وَمَيْمُونَةُ هَذَا تَرْتِيبُهُنَّ فِي تَزَوُّجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِنَّ. (قَوْلُهُ لَأْمَتَهُ) بِالْهَمْزِ جَمْعُهُ لَأْمٌ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ (قَوْلُهُ مِثْلُ الْخُوذَةِ) الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا كَالدِّرْعِ (قَوْلُهُ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِيهِ) أَيْ يُصْلِحَ وَلَا يَحْصُلُ قِتَالٌ أَيْ وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِيهِ كَذَا قَالُوا إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ مَعْنًى آخَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَتَّى يُلَاقِيَ إلَخْ) أَيْ يَقُولَ أَمَّا هَذِهِ أَوْ هَذِهِ أَيْ وَمُلَاقَاةُ الْعَدُوِّ إمَّا مَعَهَا قِتَالٌ أَوْ لَا وَالْحُكْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِيهِ كَذَلِكَ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الشَّامِلَةِ لِلْأَمْرَيْنِ الْقِتَالِ أَوْ الصُّلْحِ وَيَرْجِعَ بِدُونِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ الصَّوَابُ إلَخْ) أَيْ وَالْحُكْمُ وُجِدَ بِالْهَامِشِ صَوَابُهُ فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ هَكَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَالْمُحَشِّي الَّتِي بِأَيْدِينَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ اهـ مُصَحَّحًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَنُّ لِيَسْتَكْثِرَ بِأَنْ يُعْطِيَ قَلِيلًا فَيَأْخُذَ كَثِيرًا أَوْ بِأَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً فَيَنْتَظِرَ ثَوَابَهَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْآيَةِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ قَرِيبٌ مِنْ لَفْظِهَا. (ص) وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَهِيَ أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحُرُوبِ فَقَدْ أُبِيحَ لَهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَنْ يُوَرِّيَ بِغَيْرِهِ وَيُسَمَّى مَا ذُكِرَ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي مَحْظُورٍ. (ص) وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ (ش) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1] أَيْ اتَّقُوهُ فِي التَّقَدُّمِ السِّلْمِيِّ فِي إهْمَالِ حَقِّهِ وَتَضْيِيعِ حُرْمَتِهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمُحَارِبِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ خُصُومَةٌ. (ص) وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ «أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ» فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّهْيِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ عَلَى كَلَامِهِ كَرَفْعِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَإِذَا قُرِئَ كَلَامُهُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرِضَ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204] الْآيَةَ وَكَلَامُهُ مِنْ الْوَحْيِ وَلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مِثْلُ مَا لِلْقُرْآنِ إلَّا فِي مَعَانٍ مُسْتَثْنَاةٍ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ وَيُكْرَهُ قِيَامُ قَارِئِ كَلَامِهِ لِأَحَدٍ قِيلَ وَتُكْتَبُ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ. (ص) وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نُنَادِيَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: 5] وَالْحُجْرَةُ جَمْعُهَا حُجُرَاتٌ وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ بِحَائِطٍ أَوْ نَحْوِهِ. (ص) وَبِاسْمِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ   [حاشية العدوي] بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارَبِيهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ أَوْ انْهِزَامٍ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ فَيُرَادُ بِالثَّانِي مَا عَدَا الْأَوَّلَ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ إلَخْ لِشُمُولِهِ كَمَا قَرَّرْنَا وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يُقَاتِلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَنُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَعْضَ رَذَالَةٍ لَا تَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُ كَثِيرًا) صَادَقَ بِالطَّلَبِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ) أَيْ فِي الْآيَةِ فَقَدْ قِيلَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ لَا تَمْنُنْ بِعَمَلِك عَلَى رَبِّك وَمِنْ ذَلِكَ لَا تَمْنُنْ عَلَى النَّاسِ بِالنُّبُوَّةِ تَأْخُذُ مِنْهُمْ أَجْرًا عَلَيْهَا وَمِنْ ذَلِكَ لَا تَضْعُفْ عَنْ الْخَيْرِ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ) أَيْ جِنْسِهَا الْمُتَحَقِّقِ، وَلَوْ فِي اثْنَيْنِ كَمَا هُنَا. (قَوْلُهُ وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْإِظْهَارَ مَدْرَكُهُ السَّمْعُ لَا الْعَيْنُ فَمَا وَجْهُ نِسْبَتِهِ لِلْأَعْيُنِ نَعَمْ لَوْ أُرِيدَ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ لَصَحَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ هِيَ أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ) بِأَنْ يُظْهِرَ الْمَنَّ وَالْفِدَاءَ وَيُرِيدَ الْقَتْلَ وَسُمِّيَ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ لِإِخْفَائِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحُرُوبِ) قَدْ يُبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُ فِي الْحُرُوبِ إنَّمَا هُوَ إظْهَارُ مَا قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَحَلٍّ يَسْأَلُ عَنْ سُهُولَةِ الطَّرِيقِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَكَيْفَ مَاؤُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِمُ الذَّهَابَ إلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَقُولُ أَنَا ذَاهِبٌ إلَى مَحَلِّ كَذَا وَقَصْدُهُ الذَّهَابُ إلَى غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ عَلَى تَفْسِيرِ الْجَوَاهِرِ بِأَنَّهُ الَّذِي يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ. وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْحُرُوبِ كَذَا قَالَ عج قَالَ عب وَقَدْ يُقَالُ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ تَوْرِيَةٌ قَطْعًا (أَقُولُ) لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ وَحَدِيثُ «إنَّا لَنَبَشُّ فِي وُجُوهِ قَوْمٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ» هُوَ كَالْحَرْبِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَبَشَّ مِنْ بَابِ عَلِمَ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ لِمَوْضِعِ كَرَامَةٍ، وَيَخَافُ إنْ ذَهَبَ مِنْ بَابٍ مُعَيَّنٍ يَتْبَعُهُ الْغَيْرُ فَيَذْهَبُ مِنْ بَابٍ آخَرَ يُوقِعُ فِي وَهْمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ ذَاهِبًا لِمَوْضِعِ كَرَامَةٍ فَلَا يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ السِّلْمِيِّ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا الصُّلْحِيِّ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (قَوْلُهُ فِي إهْمَالِ حَقِّهِ إلَخْ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ التَّقَدُّمِ السِّلْمِيِّ أَوْ بِسَبَبِ إهْمَالِ حَقِّهِ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ إهْمَالِ حَقِّهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمُحَارِبِ لَهُ لَا خُصُوصَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (ثُمَّ أَقُولُ) فِي الْكَلَامِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ السِّلْمِيَّ مَعْنَاهُ الصُّلْحِيُّ أَيْ الْمَنْسُوبُ لِلصُّلْحِ فَهُوَ غَيْرُ الصُّلْحِ إذْ الْمَنْسُوبُ غَيْرُ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّقَدُّمَ هُوَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَكُنْ مِنْكُمْ صُلْحٌ بَيْنَ النَّبِيِّ وَمُحَارِبِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إهْمَالِ حَقِّهِ وَتَضْيِيعِ حُرْمَتِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ نِسْبَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ قَدْ تَجُوزُ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَالَغَةِ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ يَكُونُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْنَا لَهُ مَعَ أَنَّ سِيَاقَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ سَابِقًا. (قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ. وَأَمَّا هُنَا فَلَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ حَضَرَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ لِقِرَاءَتِهِ وَأَنَّ الْكَلَامَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَرَامٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَرَاجِعْ (قَوْلُهُ إلَّا فِي مَعَانٍ مُسْتَثْنَاةٍ إلَخْ) أَيْ كَإِبَاحَةِ مَسِّهِ لِغَيْرِ مُتَوَضِّئٍ وَجَوَازِ قِرَاءَتِهِ لِجُنُبٍ (قَوْلُهُ قِيلَ وَتُكْتَبُ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشَّارِحِينَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ قَوْلَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ فَكَلَامُهُ دَالٌّ عَلَى ضَعْفِ الْحُرْمَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمَحْجُورُ بِحَائِطٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ فِي أَشْغَالِهِ الْمُهِمَّةِ فَإِزْعَاجُهُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ سُوءُ أَدَبٍ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ نِدَاءَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْرُمُ كَأَنْ يُنَادِيَهُ مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِنِدَائِهِ إزْعَاجٌ كَخَادِمِهِ أَوْ أَكَابِرِ الصَّحْبِ وَلِذَا قَالَ أَكْثَرُهُمْ وَقَوْلُهُ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ أَيْ خَيْرِيَّةٌ تَنْفِي عَنْهُمْ الْإِثْمَ فَصَحَّ الدَّلِيلُ لِلدَّعْوَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْغَيْرِ أَنْ يُنَادِيَهُ بِاسْمِهِ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَحْمَدُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُنَادُونَهُ بِيَا رَسُولَ اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِاسْمِهِ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ السُّيُوطِيّ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَوْلُهُ وَبِاسْمِهِ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِمَا يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ كَأَنْ يَقُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّدُ. (ص) وَإِبَاحَةِ الْوِصَالَةِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذِكْرِ الْمُبَاحِ أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْوِصَالُ بِأَنْ يُتَابِعَ الصَّوْمَ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ وَحُكْمُ الْوِصَالِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ. (ص) وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَبِقِتَالٍ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ وَيُبَاحُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِقِتَالٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ. (ص) وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ صَفِيِّ الْمَغْنَمِ قَبْلَ قَسْمِهِ مَا أَرَادَ مِنْهُ وَيُنْفِقَ مِنْهُ مَا أَرَادَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ (ص) وَالْخُمُسِ (ش) صَوَابُهُ وَخُمُسُ الْخُمُسِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ. (ص) وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ وَبِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ وَبِلَا قَسْمٍ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَاءِ أُمَّتِهِ مَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَيُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ وَبِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُبَاحُ لَهُ إذَا وَهَبَتْهُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَهْرٍ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلُهُ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهُ أَوْ نِكَاحَ غَيْرِهِ بِلَا مَهْرٍ يَدْفَعُهُ لَهَا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَبِلَا وَلِيٍّ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ وَبِلَا شُهُودٍ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ نِكَاحَهَا وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ بَلْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمَبِيتِ وَالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ وَاخْتُصَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِإِبَاحَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا وَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ وَلَا بِاللَّمْسِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. (ص) وَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ وَيَحْمِي لَهُ (ش)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَحْمَدُ) . (فَائِدَةٌ) سُمِّيَ بِأَحْمَدَ قَبْلَ مُحَمَّدٍ كَمَا لِعِيَاضٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ) عِنْدَ قَبْرِهِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الشَّفَاعَةُ يَا مُحَمَّدُ أَمْ لَا وَمِثْلُ نِدَائِهِ بِاسْمِهِ نِدَاؤُهُ بِكُنْيَتِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَاهُمْ عَنْ الْوِصَالِ فَقِيلَ إنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ إنِّي لَسْت كَأَحَدِكُمْ إنِّي أَبِيت عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» وَفِي مَعْنَاهُ أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ مِنْهَا مَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ يُطْعِمُهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ كَرَامَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَعَامُ الْجَنَّةِ لَا يُفْطِرُ وَقِيلَ يُعْطِينِي قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ ك. (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) كَحَصْرِ عَدُوٍّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) تَقْتَضِي قِتَالَهُ كَأَنْ يَفْجَأَ الْعَدُوَّ بِالْقِتَالِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي قِتَالِ الْحَاصِرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَصْرِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا كَانَ الْحَاصِرُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَمَنْعِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ يَفْجَأْ الْحَاصِرُ بِالْقِتَالِ وَإِلَّا جَازَ بِلَا خِلَافٍ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الْحَصْرِ وَأَنَّ الْحَصْرَ لَيْسَ ضَرُورَةً وَأَنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا هِيَ فَجْأَةٌ وَحَاصِلُ مَا فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ كَحَصْرٍ فَيَجُوزُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ لِغَيْرِ الضَّرُورَةِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُوجِبَ الْقِتَالِ عُذْرٌ وَالْعُذْرُ ضَرُورَةٌ فَمُفَادُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَاتِلُ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ أَصْلًا وَلَا صِحَّةَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ) تَزَوَّجَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ) أَيْ لِيَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ وَيُزَوِّجَ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ) بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا وَعِبَارَةُ عب وَيُزَوِّجُ مَنْ شَاءَ مِنْ الرِّجَالِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَذَا النِّسَاءُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْهِبَةِ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْهُ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ فَسَّرَهَا بِالْهِبَةِ مِنْهَا وَعِبَارَةُ شب وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَالْمُنَاسِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَتَزَوَّجُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَبِلَا مَهْرٍ إلَخْ) أَيْ بِلَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَةً ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ نِكَاحَهُ أَوْ نِكَاحَ غَيْرِهِ، وَكَلَامُ الْحَطَّابِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَا إذَا عَقَدَ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ مَهْرٍ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ أَيْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا إذَا وَهَبَتْهُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِ قَبِلْت مَثَلًا (قَوْلُهُ يَدْفَعُهُ لَهَا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً) بِخِلَافِنَا فَيَصِحُّ بِلَا مَهْرٍ نَدْفَعُهُ ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِ انْتِهَاءً (قَوْلُهُ وَبِلَا وَلِيٍّ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَفِي حَالِ إحْرَامِهِمَا مَعًا، وَلَوْ صَاحَبَ ذَلِكَ إحْرَامُ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ فِي الْمَبِيتِ وَالْكِسْوَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْقَسْمُ فِي الْمَبِيتِ فَقَطْ ثُمَّ قَوْلُهُ وَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقِظٌ قَلْبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا بِاللَّمْسِ ظَاهِرُهُ مُجَرَّدُ اللَّمْسِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ اللَّمْسِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ نَاقِضٌ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ لَذَّةٌ وَمَذْهَبُنَا لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ لَذَّةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ الْجَوْرِ وَيُبَاحُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَحْمِيَ لَهُ مَا أَرَادَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَحْمِي لِوَلَدِهِ أَوْ لَا. (ص) وَلَا يُورَثُ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دُونَ أُمَّتِهِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ لَا يُورَثُ بَلْ مِلْكُهُ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَيَهَبَهُ وَيَنْفُذُ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يُوصِ بِمَالِهِ وَلَا وَهَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ عَنْهُ أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ وَارِثٌ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرِثُونَ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّهُمْ لَا يُورَثُونَ خَشْيَةُ أَنْ يَتَمَنَّى وَارِثُهُمْ مَوْتَهُمْ فَيَكْفُرَ وَفِي أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ خَشْيَةَ أَنْ يَتَوَهَّمَ الْمَوْرُوثُ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ مَوْتَهُ فَيُبْغِضَهُمْ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ وَرِثَ أُمَّ أَيْمَنَ مُعْتَقَتَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ. (بَابُ النِّكَاحِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ مَطْلُوبِيَّةَ النِّكَاحِ وَأَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَهُوَ بَابٌ مُهِمٌّ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ مَسَائِلِهِ وَفِيهِ فَوَائِدُ أَرْبَعٌ دَفْعُ غَوَائِلِ الشَّهْوَةِ وَالتَّنْبِيهُ بِاللَّذَّةِ الْفَانِيَةِ عَلَى اللَّذَّةِ الدَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَاقَ هَذِهِ اللَّذَّةَ وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ إذَا عَمِلَ الْخَيْرَ مَا هُوَ أَعْظَمُ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ لِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ اللَّذَّةِ وَلِمَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَتَمُّ وَأَبْقَى وَهُوَ اللَّذَّةُ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَالْمُسَارَعَةِ إلَى تَنْفِيذِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِبَقَاءِ الْخَلْقِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِالنِّكَاحِ وَإِرَادَةِ رَسُولِهِ لِقَوْلِهِ «تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَبَقَاءُ الذِّكْرِ وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ بِسَبَبِ دُعَاءِ الْوَلَدِ الصَّالِحِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَمَا هُوَ مَحَلُّ الْحَقِيقَةِ قَالَ   [حاشية العدوي] أَوْ وِجْدَانٍ. (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ، وَلَوْ عَدُوَّهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ مَا أَرَادَ) أَيْ يَحْمِيَ لَهُ مَا أَرَادَ مِنْ الْمَوَاتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْكَلَأُ تَرْعَاهُ الْبَهَائِمُ وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ وَحَمَى ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ بِالزُّبْدَةِ لِلِقَاحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا غَيْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَحْمِي إلَّا بِشُرُوطٍ سَتَأْتِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا وَعَافِيًا وَمُحْتَاجًا إلَيْهِ وَكَوْنَهُ لِلْغَزْوِ. (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمْ يَرِثُونَ (قَوْلُهُ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ يَقَعَ فِي وَهْمِهِ أَيْ فِي ذِهْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ وَرِثَ أُمَّ أَيْمَنَ) أَيْ وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ وَبَعْضَ غَنَمٍ وَغَيْرَهُ أَيْ وَبَعْدَ أَنْ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ أَعْتَقَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَانَ) وَنُوزِعَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ إرْثًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا عَصَمَهُ مُطْلَقًا كَانَ مَا حَصَلَ قَبْلَ الشَّرْعِ مُوَافِقًا لِمَا بَعْدَهُ. [بَابٌ أَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ] (بَابُ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ) أَيْ كَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ فَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ مَسَائِلَ النِّكَاحِ فَقَطْ (قَوْلُهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ) أَيْ يُحْتَاجُ لِمَسَائِلِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ النِّكَاحِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ دَفْعُ غَوَائِلِ الشَّهْوَةِ) جَمْعُ غَائِلَةٍ بِمَعْنَى الشَّرِّ وَكَأَنَّهُ قَالَ دَفْعُ الْأَشْرَارِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ الشَّهْوَةِ مِنْ الزِّنَا وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَلَى اللَّذَّةِ الدَّائِمَةِ) أَيْ عَلَى تَحْصِيلِ أَسْبَابِ اللَّذَّةِ الدَّائِمَةِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِمَا هُوَ) أَيْ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ اللَّذَّةِ وَهِيَ لَذَّةُ الْحُورِ الْعِينِ (قَوْلُهُ وَأَتَمُّ) مُرَادِفٌ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ (قَوْلُهُ بِبَقَاءِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أَرَادَ بِهَا النَّفْخَةَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَإِرَادَةِ رَسُولِهِ) أَيْ وَرَغْبَةِ رَسُولِهِ (قَوْلُهُ: مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) أَيْ رُسُلَ الْأُمَمِ وَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَعْنَاهَا لَكَانَ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَالْأَنْبِيَاءُ يَغْلِبُ صَاحِبُهُ فِي الْكَثْرَةِ فَأَنَا أَغْلِبُهُمْ فِي الْكَثْرَةِ بِمَعْنَى أَنَّ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ أُمَمِهِمْ وَهُمْ كَذَلِكَ أَيْ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُمَّتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أُمَّتِي وَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ أُمَّتِي تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ أُمَمِهِمْ كَثْرَةً بَالِغَةً. (قَوْلُهُ وَبَقَاءُ الذِّكْرِ) أَيْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَاءِ الذِّكْرِ أَيْ الذِّكْرِ الْحَسَنِ الدُّعَاءُ لَهُ مِمَّنْ يَسْمَعُ اسْمَهُ (قَوْلُهُ الْوَلَدِ الصَّالِحِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ صَالِحًا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا قَوْلًا خَالَفُوا فِيهِ قَوْلَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ فِي أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الشَّرْعِ خَالَفُوا أَهْلَ اللُّغَةِ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافٌ فِي أَنْفُسِهِمْ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ قَوْلَيْنِ لَكِنَّ قَوْلَهُ هَلْ هُوَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَفِي الْعِبَارَةِ تَخَالُفٌ (وَأَقُولُ) حَاصِلُ مَا هُنَاكَ أَنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ اخْتَلَفُوا عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ وَقِيلَ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ مَجَازٌ مُسَاوٍ وَقِيلَ رَاجِحٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. فَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَطْءِ حَقِيقَةٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ بَهْرَامُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرْعِ فِي الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةٌ وَفِي الْآخَرِ مَجَازٌ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ هَذَا غَايَةُ مَا قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ خِلَافٌ خَارِجِيٌّ بِمَعْنَى قِيلَ أَنَّهُ فِي الشَّرْعِ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا وَمَجَازٌ فِي الْآخَرِ أَوْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَرَدُّدٍ وَشَكٍّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَدْ تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ وَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ حَقِيقَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فِيهِمَا أَقْوَالٌ انْتَهَى فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ خِلَافًا إلَخْ أَيْ أَنَّهُ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَأَهْلِ الشَّرْعِ كَذَلِكَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ فَيَكُونُ أَهْلُ اللُّغَةِ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ خَالَفُوا فِيهِ أَهْلَ الشَّرْعِ وَأَهْلُ الشَّرْعِ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ خَالَفُوا فِيهِ أَهْلَ اللُّغَةِ قَوْلُ الْمُحَشِّي النَّقِيعُ أَيْ بِالنُّونِ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ إلَخْ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ هَلْ تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا تَحْرُمُ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ الْمُؤَلِّفُ بَلْ ذَكَرَ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِهِ فَقَالَ (ص) نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحٌ بِكْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيُنْدَبُ لِمَنْ احْتَاجَ لَهُ وَلَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَكَانَ ذَا أُهْبَةٍ أَيْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى كِفَايَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ وَقَدْ يَجِبُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّسَرِّي مَعَهُ خُيِّرَ فِيهِمَا، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ بِالصَّوْمِ مَعَهُمَا خُيِّرَ فِيهَا وَالزَّوَاجُ أَوْلَى وَقَدْ يُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَيَقْطَعْهُ عَنْ الْعِبَادَةِ وَيَحْرُمُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَيَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّفَقَةِ أَوْ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ يَتَكَسَّبُ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ قَالَ بَعْضٌ مَفْهُومُهُ لَوْ خَشِيَ الْعَنَتَ تَزَوَّجَ، وَلَوْ عَدِمَ النَّفَقَةَ وَنَحْوَهَا وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِذَلِكَ وَيُبَاحُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا نَسْلَ لَهُ وَالْمَرْأَةُ مُسَاوِيَةٌ لِلرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ إلَّا فِي التَّسَرِّي فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ نُدِبَ هُوَ الْأَصْلُ وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكْرًا لَا ثَيِّبًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِكْرًا لِيُفِيدَ أَنَّ كَوْنَهَا بِكْرًا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ. (ص) وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ إذَا رَجَا أَنَّهَا وَوَلِيَّهَا يُجِيبَانِهِ إلَى مَا سَأَلَ وَإِلَّا حَرُمَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ) أَيْ مَجَازٌ رَاجِحٌ أَيْ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ) أَيْ بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ أَهْلُ الشَّرْعِ اخْتَلَفُوا عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ) هَذِهِ مُحْتَمِلَةٌ لِقَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَيْ كَمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّرْعِ الثَّانِي حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَيْ وَمَجَازٌ فِي الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ سَيَأْتِي بِقَوْلِ الشَّارِحُ أَنَّ النَّدْبَ هُوَ الْأَصْلُ اُنْظُرْ مَا الْمُرَجِّحُ لِكَوْنِ النَّدْبِ هُوَ الْأَصْلُ وَمَا عَدَاهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ هُوَ الْأَصْلَ لِكَوْنِ الْأَغْلَبِ مِنْ صِفَاتِ النَّاسِ هِيَ الْحَالَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلنَّدَبِ (قَوْلُهُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ رَغِبَ فِيهِ أَيْ، وَلَوْ قَطَعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاجِ نَقُولُ وَكَذَا يُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وَلَكِنْ رَجَا النَّسْلَ وَلَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ. (قَوْلُهُ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهَا هَلْ هُوَ شَهْرٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَفَادَهُ فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا) الْمَدَارُ عَلَى خَشْيَةِ الزِّنَا فَمَتَى خَشِيَ الزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ النَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ وَالزَّوَاجُ أَوْلَى أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» فَقَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَى الصَّوْمِ وَالسَّرَارِي يَتَطَبَّعُ بِطِبَاعِهِنَّ الْوَلَدُ انْتَهَى وَأَيْضًا الزَّوْجَةُ أَحْفَظُ مِنْ السُّرِّيَّةِ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ وَالْبَاءَةُ بِالْمُوحِدَةِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ وَآخِرِهِ هَاءُ تَأْنِيثٍ هُوَ النِّكَاحُ وَالْمُرَادُ بِهِ مُؤَنُ النِّكَاحِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. (قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ) أَيْ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَيَقْطَعُهُ عَنْ الْعِبَادَةِ أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا كَذَا أَفَادَهُ عج وَقَدْ يُقَالُ رَجَاءَ النَّسْلِ فِيهِ بَقَاءُ الذِّكْرِ وَتَنْفِيذُ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ فَهَلْ يُرَجَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ (قَوْلُهُ وَيُبَاحُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ رَغْبَةٌ فِيهِ وَلَا يَرْجُو نَسْلًا أَيْ وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مُوجِبُ التَّحْرِيمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِيهِ أَمْ لَا وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَمْ لَا فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَعَ إنْفَاقٍ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ أَوْ مَعَ وُجُودِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَخْشَ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَطَعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ خَافَ بِهِ قَطْعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ كُرِهَ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ وَرَجَا النَّسْلَ نُدِبَ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ النَّسْلَ أُبِيحَ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمِ الْمَنْدُوبِ وَالْجَائِزِ وَالْمَكْرُوهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبَ التَّحْرِيمِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ خَرَجَ قِسْمُ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ وَأَحَدُ قِسْمَيْ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ رَاغِبٍ وَرَجَا النَّسْلَ وَخُرُوجُهُ مُشْكِلٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا وَشَمِلَ قِسْمَ الْوَاجِبِ وَبَعْضَ مَا يَنْدَرِجُ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُقَيَّدُ بِمَا يُخْرِجُهُمَا فَيُقَالُ وَلَمْ يَخْشَ الزِّنَا وَلَمْ يَحْصُلْ مُوجِبُ حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ الْأَقْسَامِ) مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْوُجُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ إلَّا فِي التَّسَرِّي أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُمَكِّنُ عَبْدَهَا مِنْ وَطْئِهَا بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَهُ وَطْءُ مِلْكِهِ مِنْ الْإِنَاثِ (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ أَنَّ كَوْنَهَا بِكْرًا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ لَمْ تُجَرِّبْ الرِّجَالَ فَلَا تَقِيسُ أَحْوَالَهُ بِأَحْوَالِ غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَهِيَ دُرَّةٌ لَمْ تُثْقَبْ وَمُهْرَةٌ لَمْ تُرْكَبْ. (قَوْلُهُ نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ النَّظَرِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ يُجِيبَانِهِ إلَى مَا سَأَلَ إلَخْ) مُفَادُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَعَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ إجَابَةَ سُؤَالِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ بِعِلْمِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ لَا يَجُوزُ لَهُ، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهَا مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهَا بِعِلْمِهَا دُونَ اسْتِغْفَالِهِ فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ وَأَصْلُ ذَلِكَ لِابْنِ الْقَطَّانِ فَقَدْ قَالَ، وَإِنْ عَلِمَ الْخَاطِبُ أَنَّهَا لَا تُجِيبُهُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَطَبَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا لَذَّةَ فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ قَصْدِ اللَّذَّةِ وَأَيْضًا يُعَارِضُ قَوْلَهُ بَعْدُ وَيُكْرَهُ اسْتِغْفَالُهَا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ عب مَا نَصُّهُ، فَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ الْإِجَابَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَيْ يَحْرُمُ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ نَظَرُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا جَائِزًا؛ لِأَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمِهَا بِلَا لَذَّةٍ بِنَفْسِهِ وَوَكِيلُهُ مِثْلُهُ إذَا أَمِنَ الْمَفْسَدَةَ وَيُكْرَهُ اسْتِغْفَالُهَا لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ أَهْلُ الْفَسَادِ لِنَظَرِ مَحَارِمِ النَّاسِ وَيَقُولُونَ نَحْنُ خُطَّابٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ فِي الرُّؤْيَةِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ النَّظَرِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَنَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ لَا يَنْفِي الْجَوَازَ مَعَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. (ص) وَحَلَّ لَهُمَا حَتَّى نَظَرِ الْفَرْجِ كَالْمِلْكِ (ش) ضَمِيرُ لَهُمَا عَائِدٌ عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَنْظُرَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ إلَى جَمِيعِ جَسَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى إلَى عَوْرَتِهِ مِنْ قُبُلٍ أَوْ مِنْ دُبُرٍ وِفَاقًا لِلْبَرْزَلِيِّ وَخِلَافًا لِلْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْقُبُلِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ أَمَتِهِ الْمُسْتَقِلِّ بِمِلْكِهَا وَلَيْسَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ مَحْرَمِيَّةٍ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ إلَى أَجَلٍ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ لِلْعِلْمِ بِهِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ جَازَ إلَى حَلَّ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ يُجَامِعُ الْكَرَاهَةَ بِخِلَافِ الْحِلِّ وَيَصِحُّ فِي حَتَّى أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ حَلَّ لَهُمَا النَّظَرُ أَوْ نَظَرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ وَأَنْ تَكُونَ جَارَّةً أَيْ وَيَنْتَهِي النَّظَرُ أَوْ نَظَرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ حَتَّى نَظَرِ الْفَرْجِ أَيْ إلَى نَظَرِ الْفَرْجِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْجِ لِلْإِشَارَةِ إلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ. (ص) وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَمَتَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِاسْتِمْتَاعِ خَلَا الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ مَوْضِعُ حَرْثٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ أَيْ ائْتُوا ذَلِكَ الْمَحَلَّ كَيْفَ شِئْتُمْ مِنْ خَلْفٍ أَوْ قُدَّامَ بَارِكَةً أَوْ مُسْتَلْقِيَةً أَوْ مُضْطَجِعَةً وَذِكْرُ الْحَرْثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِتْيَانَ فِي غَيْرِ الْمَأْتِيِّ الْمَأْذُونِ فِيهِ مُحَرَّمٌ بِشَبَهِهِنَّ بِمَحَلِّ الْحَرْثِ؛ لِأَنَّهُ مُزْدَرِعُ الذُّرِّيَّةِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ ثَعْلَبٍ إنَّمَا الْأَرْحَامُ أَرْضُو ... نَ لَنَا مُحْرَثَاتُ فَعَلَيْنَا الزَّرْعُ فِيهَا ... وَعَلَى اللَّهِ النَّبَاتُ فَفَرْجُ الْمَرْأَةِ كَالْأَرْضِ وَالنُّطْفَةُ كَالْبَذْرِ وَالْوَلَدُ كَالنَّبَاتِ وَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمُحْتَرَثِ وَوَحَّدَهُ؛ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] فَعَلَ هَذَا مَظِنَّةَ قَصْدِ اللَّذَّةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ نَظَرَ فَقَطْ لَا مَسَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ لَا أَزِيدَ (قَوْلُهُ وَوَكِيلُهُ مِثْلُهُ) لَكِنْ إنْ كَانَ رَجُلًا فَالْآخَرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَنَظَرُهَا لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مَنْدُوبٌ مَا عَدَاهُمَا جَائِزٌ قَالَ تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُ الْكَفَّيْنِ وَبَاطِنُهُمَا وَالْأَصَابِعُ لِلْمِعْصَمِ وَاسْتُظْهِرَ جَوَازُ فِعْلِ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ فَتْحِ فَمِهَا وَنَظَرِ أَسْنَانِهَا لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ يَنْظُرُ الْوَجْهَ لِلْجَمَالِ وَالْيَدَيْنِ لِخِصْبِ الْبَدَنِ يَرُدُّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا) أَيْ عَلَى الظَّاهِرِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً لِلْمَالِكِيَّةِ. (قَوْلُهُ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يُبِحْ الْوَطْءَ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلِسَيِّدِهِ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ وَمِثْلُ الصَّحِيحِ الْفَاسِدُ إذَا فَاتَ (قَوْلُهُ الْمُسْتَقِلِّ بِمِلْكِهَا) . وَأَمَّا الْمُشْتَرَكَةُ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهَا (قَوْلُهُ مَحْرَمِيَّةٍ) احْتِرَازًا مِنْ أَمَتِهِ إذَا كَانَتْ عَمَّةً أَوْ خَالَةً مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَقِلِّ بِمِلْكِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَوَازَ يُجَامِعُ إلَخْ) أَيْ بِمَعْنَى الْإِذْنِ وَإِلَّا فَقَدْ يُرَادُ بِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِي حَتَّى) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ حَلَّ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ وَحَتَّى عَاطِفَةً مَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ وَالْفَصْلُ مَوْجُودٌ (قَوْلُهُ أَيْ حَلَّ النَّظَرُ إلَخْ) أَيْ وَحَلَّ لَهُمَا النَّظَرُ أَيْ فَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يُفْهَمُ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ أَوْ نَظَرَ جَمِيعَ الْبَدَنِ إلَخْ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ حَلَّ لَهُمَا جِنْسُ النَّظَرِ أَوْ نَظَرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِانْتِهَاءَ هُنَا لَيْسَ بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ بَلْ بِحَسَبِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ) أَيْ فَقَدْ وَرَدَ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلَا يَنْظُرْ لِفَرْجِهَا فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى» نَعَمْ إنَّ نَظَرَهُ فِي غَيْرِ جِمَاعٍ يُورِثُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُنْكَرٌ أَيْ دُونَ نَظَرِهَا لِذَكَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَبَالَغَ أَصْبَغُ فِي تَحْقِيقِ جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ لِلسَّائِلِ عَنْ ذَلِكَ نَعَمْ وَيَلْحَسُهُ بِلِسَانِهِ انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ أَصْبَغُ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّ لَحْسَهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. (قَوْلُهُ خَلَا الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِظَاهِرِهِ، وَلَوْ بِوَضْعِ الذَّكَرِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِقَوْلِ تت يُمْنَعُ التَّمَتُّعُ بِالدُّبْرِ بِالنَّظَرِ وَدَلِيلُ حُرْمَةِ وَطْءِ الدُّبُرِ خَبَرُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ «مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» (قَوْلُهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] الْحَرْثُ إثَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَقَوْلُهُ أَيْ مَوْضِعُ حَرْثٍ أَيْ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْآيَةُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الَّذِي حُذِفَتْ مِنْهُ الْأَدَاةُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ شَبَّهَهُنَّ إلَخْ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ نِسَاؤُكُمْ كَمَوْضِعِ حَرْثِكُمْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَرْجُ وَكَأَنَّهُ قِيلَ فَرْجُ نِسَائِكُمْ كَالْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ أَيْ ائْتُوا ذَلِكَ الْمَحَلَّ) الَّذِي هُوَ الْفَرْجُ الَّذِي هُوَ شَبِيهٌ بِمَحَلِّ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُزْدَرِعٌ) أَيْ مَوْضِعُ زَرْعِ الذُّرِّيَّةِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ مُزْدَرِعٌ (قَوْلُهُ مَحْرِثَاتٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَحْرَثٍ وِزَانُ جَعْفَرٍ أَيْ إنَّمَا الْأَرْحَامُ كَالْأَرْضِينَ لَنَا مَحْرِثَاتٍ أَيْ مَحَلِّ حَرْثِنَا (قَوْلُهُ فَفَرْجُ الْمَرْأَةِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ ثَعْلَبٍ فَرَحِمُ الْمَرْأَةِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوَضْعُ فِي الرَّحِمِ إنَّمَا يَكُونُ بِوَاسِطَةِ الْفَرْجِ عَبَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمُحْتَرِثِ) كَذَا يَتَرَاءَى فِي نُسْخَتِهِ أَيْ بَعْدَ الْحَاءِ تَاءٌ وَبَعْدَ التَّاءِ رَاءٌ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ وَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمَحْرَثِ وِزَانِ جَعْفَرٍ كَمَا قُلْنَا بَقِيَ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْحَرْثِ الْمَحْرَثِ لَا يَحْتَاجُ لِحَذْفِ مُضَافٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ شَارِحِنَا إشَارَةً إلَى وَجْهٍ ثَانٍ فِي الْآيَةِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 مَصْدَرٌ نَحْوُ رَجُلُ صَوْمٍ وَقَوْمُ صَوْمٍ. (ص) وَخُطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ (ش) الْخُطْبَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ اسْمٌ لِأَلْفَاظٍ تُقَالُ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ وَالْمُحَاوَلَةُ عَلَيْهِ صَرِيحًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ يَخْطُبُ فُلَانَةَ أَوْ غَيْرَ صَرِيحٍ كَيُرِيدُ الِاتِّصَالَ بِكُمْ وَالدُّخُولَ فِي زُمْرَتِكُمْ مِنْ الْخَاطِبِ وَالْمُجِيبِ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ الْأَوَّلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] الْآيَةَ ثُمَّ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فُلَانًا رَغِبَ فِيكُمْ وَانْطَوَى إلَيْكُمْ وَفَرَضَ لَكُمْ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا فَأَنْكِحُوهُ وَيُجِيبُهُ الْمَخْطُوبُ إلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ أَجَبْنَاك وَانْطَوَى لَعَلَّهُ بِالضَّادِ وَمَعْنَاهُ الْإِيوَاءُ وَالِانْضِمَامُ وَيُحْتَمَلُ انْطَوَى بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ فَقَوْلُهُ وَخُطْبَةُ بِالضَّمِّ وَهُوَ كَلَامٌ مُسْجَعٌ مُخَالِفٌ لِلنَّظْمِ وَالنَّثْرِ بِخِطْبَةٍ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ. (ص) وَعَقْدٍ (ش) أَيْ وَتُسْتَحَبُّ الْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ عِنْدَ عَقْدِ الْعَقْدِ مِنْ الْمُتَزَوِّجِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْحَمْدِ وَمَا مَعَهُ إلَى قَوْلِهِ فَأَنْكِحُوهُ وَيُجِيبُهُ الْمُزَوِّجُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ بِقَوْلِ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي أَوْ بِنْتَ فُلَانٍ أَوْ أَنْكَحْتهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ بِالْخُطْبَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْعَقْدِ. (ص) وَتَقْلِيلُهَا وَإِعْلَانُهُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ تَقْلِيلُ الْخُطْبَةِ وَإِظْهَارُ النِّكَاحِ وَإِشْهَارُهُ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ عَلَيْهِ (ص) وَتَهْنِئَتُهُ وَالدُّعَاءُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ كَفَرِحْنَا لَكُمْ وَسَرَّنَا مَا فَعَلْتُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَجَعَلَ مِنْكُمَا ذُرِّيَّةً صَالِحَةً فَالضَّمِيرُ فِي تَهْنِئَتِهِ يَرْجِعُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لِلْعَرُوسِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (ص) وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ (ش) أَيْ يُنْدَبُ إيقَاعُ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعِنْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فُسِخَ كَمَا يَأْتِي وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْوَلِيِّ بِعَقْدِهِ) إلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْوَلِيِّ عَلَى عَقْدِ وَلِيَّتِهِ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي السَّتْرِ عَلَيْهَا، وَإِنْ شَهِدَ بِتَوْكِيلِهَا غَيْرُ عُدُولٍ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا وَالدُّخُولُ بَعْدَ عِلْمِهَا مَضَى النِّكَاحُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ) أَيْ طَلَبُ التَّزْوِيجِ وَعَطْفُ الْمُحَاوَلَةِ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ زُمْرَتِكُمْ) أَيْ جَمَاعَتِكُمْ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ قَدْرِ الْخُطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ لَعَلَّهُ بِالضَّادِ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ انْطَوَى) أَيْ وَهُوَ بِمَعْنَى نُسْخَةِ الضَّادِ. (قَوْلُهُ فَأَنْكِحُوهُ) أَمَرَ وَالْأَمْرُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَلَمْ يَكُنْ عَقْدًا بِخِلَافِ زَوَّجْتُك وَأَنْكَحْتُك فَيَقُولُ قَبِلْت فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَتِمُّ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ الْخُطْبَةِ بِالضَّمِّ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَيُفْهَمُ هَذَا أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْخُطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ مُضِرٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا بِالسُّكُوتِ قَدْرَهَا كَذَلِكَ بَقِيَ أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ يُعْطِي أَنَّ الْمَخْطُوبَ إلَيْهِ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ إلَخْ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى تَمَامِ آيَةِ {وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَزِيدُ أَمَّا بَعْدُ فَيَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَجَبْنَاك إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ طَالِبٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْوَسِيلَةَ وَقَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْعَقْدِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعْطِيًا الْآنَ فَيُقَدِّمُ الْخُطْبَةَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخُطَبَ أَرْبَعٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُطْبَةٌ أَرَادَ الْجِنْسَ. (فَائِدَةٌ) يُسْتَحَبُّ كِتْمَانُ الْأَمْرِ لِلْعَقْدِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ سَعْيُ أَهْلِ الْفَسَادِ فِي إبْطَالِ الْخِطْبَةِ لِحَدِيثِ «اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ» . (قَوْلُهُ تَقْلِيلُ الْخُطْبَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ قَالَ عج قَالَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ أَقَلُّهَا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلْت نِكَاحَهَا لِنَفْسِي (قَوْلُهُ وَإِشْهَارُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. وَأَمَّا الْخِطْبَةُ بِالْكَسْرِ فَيُنْدَبُ إخْفَاؤُهَا كَالْخِتَانِ وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِخْفَاءُ خَوْفًا مِنْ الْحَسَدَةِ فَيَسْعَوْنَ بِالْإِفْسَادِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَخْطُوبَةِ (قَوْلُهُ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَلِيمَةُ (قَوْلُهُ وَتَهْنِئَتُهُ) بِالْهَمْزِ أَيْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الدُّعَاءِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَيْ التَّهْنِئَةُ وَعِبَارَةُ عج أَيْ وَيُسْتَحَبُّ تَهْنِئَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَالدُّعَاءُ لِكُلٍّ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ اهـ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَهْنِئَةُ الْعَرُوسِ وَالدُّعَاءُ لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ وَهَكَذَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي النَّوَادِرِ. (قَوْلُهُ وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ) أَيْ أَقَلُّ مَا يَكْفِي عَدْلَانِ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِذَلِكَ كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِإِشْهَادِهِمَا وَكَذَا فِي جَانِبِ الْوُجُوبِ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ لَكَانَ الْوَاجِبُ مَتْرُوكًا حِينَ الدُّخُولِ فَيَأْثَمُ الْأَوْلِيَاءُ بِذَلِكَ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَإِنْ صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مَنُوطَةٌ بِالشَّهَادَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ الْإِشْهَادِ أَيْ عَلَى النِّكَاحِ وَاجِبٌ. وَأَمَّا إحْضَارُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ حَصَلَ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ وُجِدَ الْأَمْرَانِ الِاسْتِحْبَابُ وَالْوُجُوبُ، وَإِنْ فُقِدَ وَقْتَ الْعَقْدِ وَوُجِدَ عِنْدَ الدُّخُولِ فَقَدْ حَصَلَ الْوَاجِبُ وَفَاتَ الِاسْتِحْبَابُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إشْهَادٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَلَكِنْ وُجِدَتْ الشُّهُودُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالصِّحَّةُ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْوُجُوبُ وَالِاسْتِحْبَابُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُهُودٌ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْفَسَادُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا) أَيْ الرِّضَا بِفِعْلِ الْوَكِيلِ وَحَصَلَ الدُّخُولُ بَعْدَ عِلْمِهَا وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى التَّوْكِيلِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ أَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلِ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ مَسْتُورٍ وَفَاسِقٍ عَدَمٌ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ السُّيُورِيِّ لَا يَشْهَدُ فِي النِّكَاحِ إلَّا الْعُدُولُ فِي الْوَكَالَةِ يَعْنِي فِي تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا وَفِي الْعَقْدِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ مَا ذُكِرَ يَعْنِي مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ. (ص) وَفَسْخٌ إنْ دَخَلَا بِلَاهُ وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا، وَلَوْ عُلِمَ (ش) ضَمِيرُ بِلَاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ إنْ كَانَ النِّكَاحُ وَالدُّخُولُ ظَاهِرًا فَاشِيًا بَيْنَ النَّاسِ أَوْ شَهِدَ بِابْتِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ عَلِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الدُّخُولُ بِلَا إشْهَادٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا فَاشِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ إنْ أَقَرَّا بِالْوَطْءِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا فَسَخْنَاهُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَيُفْسَخُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ إذْ لَا يَشَاءُ اثْنَانِ يَجْتَمِعَانِ عَلَى فَسَادٍ فِي خَلْوَةٍ إلَّا يَفْعَلَانِهِ وَيَدَّعِيَانِ سَبْقَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيُؤَدِّي إلَى ارْتِفَاعِ حَدِّ الزِّنَا وَالتَّعْزِيرِ وَيَحْصُلُ الْفَشْوُ بِالْوَلِيمَةِ وَضَرْبِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ. (ص) وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ صَدَاقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَكَنَتْ لِمَنْ خَطَبَهَا وَوَافَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ فَاسِقٍ وَسَوَاءٌ قَدَّرَ لَهَا صَدَاقًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَلَى غَيْرِهَا أَنْ يَخْطُبَهَا وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إذَا رَكَنَتْ لِغَيْرِ فَاسِقٍ فِي دِينِهِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا رَكَنَتْ إلَيْهِ ذِمِّيَّةٌ فَيَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَخِيهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ أَمَّا إنْ رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ جَازَ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ لِمَنْ هُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ، وَلَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ الْفَاسِقِ وَرُكُونُ الْمُجْبَرِ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ، وَلَوْ ظَهَرَ رَدُّهَا، وَكَذَلِكَ رُكُونُ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا وَكُلُّ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمَرْأَةِ مِثْلُ أُمِّهَا كَرُكُونِهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ تَرْكُ مَنْ رَكَنَتْ إلَيْهِ بَعْدَ خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْمَوْعِدِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا بَعْدَ الرُّكُونِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْخَاطِبِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ. (ص) وَفَسْخٌ إنْ لَمْ يَبِنْ (ش) أَيْ، وَإِنْ ارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ وَخَطَبَ مَنْ رَكَنَتْ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَعَقَدَ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا بِطَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ، وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] الْعُدُولِ عَلَيْهَا فِي الْوَكَالَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا وَالدُّخُولُ بِقَصْدِ عِلْمِهَا مَضَى النِّكَاحُ اهـ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ بَلْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ، وَلَوْ تَوَلَّى الْعَقْدَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ هَذَا الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ. (قَوْلُهُ بِلَاهُ) يُحْتَمَلُ كَوْنُ ضَمِيرِ بِلَاهُ مُتَّصِلًا أَتَى بِهِ بَعْدَ لَا أَوْ مُنْفَصِلًا أَصْلُهُ هُوَ حُذِفَتْ وَاوُهُ وَأَتَى بِهِ كَذَلِكَ اخْتِصَارًا وَكِلَاهُمَا خَاصٌّ بِالضَّرُورَةِ قَالَهُ ابْنُ هِلَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا) قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْفَشْوُ وَجَبَ الْحَدُّ، وَلَوْ جَهْلًا حُكْمُ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي عَدْلَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَكَذَا إنْ وَجَدَا عَدْلَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَشْهَدَاهُمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ كَفَى اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ ضَمِيرُ بِلَاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ تَنْعَدِمَ الشَّهَادَةُ أَصْلًا أَوْ تُوجَدَ بِدُونِ إشْهَادٍ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) وَإِنَّمَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعِيِّ تَقَدُّمُ وَطْءٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا وَلِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا حَكَمَ حَاكِمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِابْتِنَائِهِمَا) أَيْ دُخُولِهِمَا وَقَوْلُهُ بِاسْمِ النِّكَاحِ أَيْ بِاسْمٍ هُوَ النِّكَاحُ أَيْ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى دُخُولِهِمَا دُخُولًا مُلْتَبِسًا بِاسْمِ النِّكَاحِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ فُلَانًا دَخَلَ عَلَى فُلَانَةَ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ. وَأَمَّا وَلِيُّ الرَّجُلِ فَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ وَلِيَ الْعَقْدَ وَفِي الْحَطَّابِ شَهَادَةُ الْوَلِيِّ لَا تَدْرَأُ الْحَدَّ، وَلَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَلَوْ عَلِمَ الْعَاقِدُ وُجُوبَهُ وَحُرْمَةَ الدُّخُولِ بِلَاهُ (قَوْلُهُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ) أَيْ لِوَسِيلَةِ الْفَسَادِ وَهُوَ الْعَقْدُ بِلَا إشْهَادٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَشَاءُ إلَخْ) أَيْ لَا يُرِيدُ اثْنَانِ اجْتِمَاعًا عَلَى فَسَادٍ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فَعَلَا الْإِفْسَادَ وَادَّعَيَا سَبْقَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ (قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي إلَى ارْتِفَاعِ حَدِّ الزِّنَا) أَيْ إنْ وَقَعَ مِنْهُمَا وَطْءٌ وَأَقَرَّا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقَوْلُهُ وَالتَّعْزِيرِ أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَضَرْبِ الدُّفِّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَالدُّخَانِ. (قَوْلُهُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعٌ؛ لِأَنَّ الْخَاطِبَ الْأَوَّلَ إمَّا صَالِحٌ أَوْ مَجْهُولُ حَالٍ أَوْ فَاسِقٌ وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ فِي سَبْعٍ وَتَجُوزُ فِي ثِنْتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ يُفِيدُ التِّسْعَ سِتَّةٌ بِمَنْطُوقِهِ وَثَلَاثَةٌ بِمَفْهُومِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ شَامِلٌ لِلصَّالِحِ وَمَجْهُولِهِ كَانَ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ فَهَذِهِ سِتَّةٌ. وَأَمَّا إذَا رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ فَيَجُوزُ لِصَالِحٍ وَمَجْهُولِ حَالٍ لَا فَاسِقٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ وَظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِرُكُونِهَا بَلْ حَتَّى يُقَدَّرَ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ رَكَنَتْ) رَكَنَ مِنْ بَابِ قَعَدَ وَمِنْ بَابِ تَعِبَ (قَوْلُهُ وَرُكُونُ الْمُجْبَرِ) أَيْ، وَلَوْ بِسُكُوتِهِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ يَقُومُ) أَيْ وَرُكُونُ كُلِّ مَنْ يَقُومُ وَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّ أُمِّهَا أَوْ غَيْرِ مُجْبِرِهَا مَعَ رُكُونِهَا (قَوْلُهُ رَكَنَتْ إلَيْهِ) أَيْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِوَلِيِّهَا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْخَاطِبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ الْخَاطِبِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الرُّجُوعِ خِطْبَةَ ذَلِكَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ) حَيْثُ اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ لِأَجْلِ خِطْبَةِ ذَلِكَ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا لَمْ يُفْسَخْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْفَسْخُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْهُ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ إرْخَاءُ السِّتْرِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَسِيسَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ) أَيْ بِأَنْ رَضِيَ بِتَرْكِهَا لِلثَّانِي، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الثَّانِي وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَجَعَتْ عَنْ الرُّكُونِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي وَادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَلَا قَرِينَةَ لِأَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا وَقَوْلِ مُجْبِرِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 مِنْ أَنَّ الْعَرْضَ مُسْتَحَبٌّ هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ مَا هُنَا مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَهُ. (ص) وَصَرِيحُ خُطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً يَحْرُمُ التَّصْرِيحُ لَهَا فِي الْعِدَّةِ بِالْخِطْبَةِ وَالتَّعْرِيضُ لَهَا جَائِزٌ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ مُطَلِّقِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَرِّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ (ص) وَمُوَاعَدَتُهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ أَيْضًا مُوَاعَدَةُ الْمُعْتَدَّةِ بِالنِّكَاحِ بِأَنْ يَتَوَثَّقَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَمَكْرُوهٌ (ص) كَوَلِيِّهَا (ش) تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ صَرِيحِ الْخِطْبَةِ عَلَيْهِ وَمُوَاعَدَتِهِ وَأَطْلَقَهُ فَيَعُمُّ الْمُجْبَرَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِهَا (ص) كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ زِنًا مِنْهُ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ غَصْبٍ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي تَحْرِيمِ التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ لَهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُوَاعَدَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا بِالنِّكَاحِ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ وَيُفْسَخُ وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ تَمَامِ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ وَلَا تَلَذُّذٌ، فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهُمَا فَهُوَ قَوْلُهُ. (ص) وَتَأَبُّدُ تَحْرِيمِهَا بِوَطْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ رَجْعِيٍّ أَوْ مَوْتٍ، وَالْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ زِنًا أَوْ اغْتِصَابٍ إذَا وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبْرَائِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُسْتَبْرَأَةُ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى وَاطِئِهَا وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ. وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنَاهُ (ص) ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ (ش) بَاؤُهُ سَبَبِيَّةٌ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ بِنِكَاحٍ بَلْ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحٍ كَوَطْءِ الْغَلَطِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَعْدَهَا) إلَى أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا فَرْقَ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يَتَأَيَّدُ بِهِ التَّحْرِيمُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ بِوَطْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَطْءُ نِكَاحٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً لَيْسَتْ فِي عِدَّةٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَإِنَّهَا لَا تَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ، وَلَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ خِطْبَتُهُ إيَّاهَا فِي الْعِدَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ (ص) وَبِمُقَدِّمَتِهِ فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنْ قُبْلَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ كَالْجِمَاعِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَوَقَعَتْ الْمُقَدِّمَاتُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا تَتَأَبَّدُ عَلَى فَاعِلِهَا   [حاشية العدوي] إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلصِّحَّةِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأَوَّلِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَى الرُّجُوعِ لَا لِخِطْبَةِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِ الْخَاطِبِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ غَيْرَهُ) هَذَا الْحَصْرُ غَيْرُ مُرَادٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَتَوَثَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْحَطَّابَ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالْمُوَاعَدَةُ أَنْ يَعِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِالتَّزْوِيجِ فَهِيَ مُفَاعَلَةٌ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَعُمُّ الْمُجْبِرَ وَغَيْرَهُ) أَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَكِنْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مُوَاعَدَةَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا كَالْعِدَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيُكْرَهُ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ مَنْ زِنًا فَيَشْمَلُ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَصْبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا تَفْهَمْ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى صُورَةِ الزِّنَا مِنْهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ بَلْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الزِّنَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْغَصْبُ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ رَجْعِيٍّ أَوْ مَوْتٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ وَالْأَوْلَى زِيَادَتُهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُعْتَدَّةٌ شَامِلٌ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ هَذَا إذَا كَانَ وَطْئًا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَحَاصِلُهُ حِينَئِذٍ أَنَّك تَقُولُ طَرَأَتْ عِدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّارِئَ إمَّا عِدَّةُ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتُهُ وَالْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ غَصْبٍ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ) وَهَلْ يُحَدُّ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَوْ لَا وَلِلشُّيُوخِ فِي بَابِ الزِّنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ وَطْءَ الصَّبِيِّ هَلْ يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَهَا كَالْبَالِغِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنَاهُ) فَلَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْفَاسِدِ وَيَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ ثُمَّ يَعْقِدُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بِاشْتِبَاهٍ؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ الِالْتِبَاسُ فِي الْمَحَلِّ وَالشُّبْهَةُ السَّبَبُ الْمُسَوِّغُ لِلْإِقْدَامِ وَهَذَا لَيْسَ مَعَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْعِدَّةِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ فِي الْعِدَّةِ بِاشْتِبَاهٍ أَيْ غَلَطٍ (قَوْلُهُ كَوَطْءِ الْغَلَطِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِكْرَاهَ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ غَصْبٌ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الزِّنَا وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ الْخَلْوَةُ، وَلَوْ تَقَارَرَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَطْءُ نِكَاحٍ) لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقٌ عَلَى مَا بَعْدَهَا وَهَذَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا قُلْته ظَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْمُبَالَغِ عَلَيْهِ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ وَطْئًا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَقَدْ نَظَرَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ مِنْ زِنًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 لَا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَهَا وَبِعِبَارَةٍ أَيْ بِمُقَدِّمَةِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا مُقَدِّمَاتُ الشُّبْهَةِ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَتَأَبَّدُ بِهَا التَّحْرِيمُ فَمِنْ قِبَلِ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْمِلْكِ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ (ص) أَوْ بِمِلْكٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ الْأَمَةِ إذَا وَطِئَهَا سَيِّدُهَا أَوْ مُشْتَرِيهَا بِمِلْكٍ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِ زَوْجِهَا أَوْ مَوْتِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِنِكَاحٍ الْمُقَدَّرِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا الْمُسْتَبْرَأَةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءِ الْمِلْكِ كَانَتْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ وَصُورَةُ قَوْلِهِ (كَعَكْسِهِ) أَنَّ أَمَةً مُسْتَبْرَأَةً مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ انْتِقَالِ مِلْكٍ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ تَزَوَّجَهَا شَخْصٌ فِي اسْتِبْرَائِهَا وَوَطِئَهَا فِيهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ. (ص) لَا بِعَقْدٍ أَوْ بِزِنًا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبْرَائِهَا فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بَعْدَ تَمَامِ مَا هِيَ فِيهِ. (ص) أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَانَتْ تُسْتَبْرَأُ مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَاشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَوَطِئَهَا بِالْمِلْكِ فِي ذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمِلْكِ الْخِدْمَةُ دُونَ الْوَطْءِ فَضَعُفَ الْوَطْءُ فِيهِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ. (ص) أَوْ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا وَوَطِئَهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهَا مَا كَانَ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ بَلْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَلِذَا لَوْ وَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجٍ بَعْدَهُ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا كَمَا أَفَادَهُ الظَّرْفُ فِي كَلَامِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُحْرِمِ) إلَى أَنَّ الْوَطْءَ الْمُحَرَّمَ لَا يُؤَبِّدُ التَّحْرِيمَ عَلَى فَاعِلِهِ كَفِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ جَمْعٍ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَقَوْلُهُ مُحَرَّمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لِيَتَنَاوَلَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ ضَبْطِهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ   [حاشية العدوي] أَوْ غَصْبٍ هَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ (قَوْلُهُ أَيْ بِمُقَدِّمَةِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مُقَدِّمَةُ النِّكَاحِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْمِلْكِ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ) أَيْ يَحْرُمُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ اشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَقَبَّلَهَا فِي حَالِ عِدَّتِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا. وَأَمَّا لَوْ قَبَّلَهَا شَخْصٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَعْنِي حَالَ عِدَّتِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَمَتَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يَتَأَبَّدُ بِالْأَوْلَى مِنْ مُقَدِّمَاتِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ كَانَتْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَحَاصِلُهُ حِينَئِذٍ طَرَأَ وَطْءٌ مُسْتَنِدٌ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَيَبْقَى مَا إذَا طَرَأَ وَطْءٌ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ الَّتِي هِيَ مُرَادَةٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ طَلَاقِ زَوْجِهَا قَبْلُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ إنْ أَمَةٌ مُسْتَبْرَأَةٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْصُرَهَا عَلَى أَمَةٍ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ كَمَا هُوَ الْمُفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهَا مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ طَرَأَ عَلَيْهِمَا عِدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِتَقَدُّمِهِ فِي قَوْلِهِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ أَوْ انْتِقَالِ مِلْكٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَالْمَعْنَى أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِ انْتِقَالِ مِلْكِ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا السَّيِّدُ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ سَيِّدِهَا الْوَاطِئِ لَهَا بِالْفِعْلِ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةَ لِكَوْنِ سَيِّدِهَا بَاعَهَا أَوْ مَاتَ وَوَطِئَهَا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَوَطِئَهَا مُسْتَنِدًا لِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَقَوْلُنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ مِلْكٍ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً لِكَوْنِ سَيِّدِهَا وَطِئَهَا أَوْ لِكَوْنِهَا بِيعَتْ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَتِهِ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ انْسِلَاكُهُ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ تَزَوَّجَهَا شَخْصٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْ كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فِي طُرُوِّ الْعَقْدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا) لَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عِدَّةَ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي اسْتِبْرَائِهَا لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكٍ) أَيْ لَا وَطْءَ بِمِلْكٍ وَمِثْلُهُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ آخِرًا وَقَوْلُهُ عَنْ مِلْكٍ أَيْ طَرَأَ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ نَاشِئٍ عَنْ مِلْكٍ وَمِثْلُهُ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ وَقَوْلُهُ مِنْ سَيِّدِهَا أَيْ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ كَالْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ الَّتِي مَاتَ سَيِّدُهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَهُوَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَالزِّنَا وَالْغَصْبِ فَجُمْلَةُ ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ وَبَيَانُهَا أَنَّهَا مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَالطَّارِئُ إمَّا وَطْءٌ مُسْتَنِدٌ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ لَا بِعَقْدٍ أَوْ زِنًا اثْنَتَا عَشْرَةَ وَصُوَرَ مَا عَدَاهُ غَيْرَ مَسَائِلِ الْمُقَدِّمَاتِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً بَيَانُهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إمَّا مُعْتَدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ وَالطَّارِئُ كَذَلِكَ وَسِتَّةٌ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي طُرُوِّ وَطْءٍ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشْرَ وَكَذَا فِي طُرُوِّ وَطْءٍ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ طَرَأَ عَلَى عِدَّةِ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ الْجُمْلَةُ سِتَّةَ عَشَرَ وَمَا عَدَاهَا لَا يَتَأَبَّدُ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ تَصْرِيحًا وَقِيَاسًا كَمَا تَبَيَّنَ مِمَّا قَرَّرْنَا. (قَوْلُهُ لِيَتَنَاوَلَ مَا هُوَ أَعَمُّ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 لِخُصُوصِ هَذَا بِمَنْ حَرُمَتْ بِسَبَبِ إحْرَامِهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. (ص) وَجَازَ تَعْرِيضٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا بِالنِّكَاحِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَفِيك رَاغِبٌ) إلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَلَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَعًا وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوِّحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا وَالْكِنَايَةُ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ كَقَوْلِنَا فِي شَجَاعَةِ الشَّخْصِ طَوِيلُ النِّجَادِ وَكَرَمِهِ كَثِيرُ الرَّمَادِ وَالنِّجَادُ بِكَسْرِ النُّونِ حَمَائِلُ السَّيْفِ. (ص) وَالْإِهْدَاءُ (ش) أَيْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُهْدِيَ إلَى الْمُعْتَدَّةِ هَدِيَّةً فِي عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْهَدِيَّةِ مَوَدَّةٌ وَلَا يَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ بِخِلَافِ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَنْفَقَ أَوْ أَهْدَى ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمِثْلُهُ لَوْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ لِمَخْطُوبَةٍ غَيْرِ مُعْتَدَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ. (ص) وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ الْعَاقِلِ لِفَاضِلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْ يُفَوِّضَ الْأَمْرَ فِي وَلِيَّتِهِ إلَى رَجُلٍ صَالِحٍ رَجَاءً لِحُصُولِ خَيْرِهِ وَبَرَكَتِهِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ اسْتِحْبَابُهُ. (ص) وَذِكْرُ الْمَسَاوِئِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَسُوءُ مِمَّا يَعْلَمُهُ فِي الْآخَرِ لِلتَّحْذِيرِ مِنْهُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ تَلْوِيحٍ وَلَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ مَسَاوِئِ الزَّوْجِ فَقَطْ وَهَذَا أَحَدُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا تَجُوزُ فِيهَا الْغَيْبَةُ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمَدْخَلِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ. (ص) وَكُرِهَ   [حاشية العدوي] أَيْ وَلِيَتَنَاوَلَ مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْمُفْسِدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ. (قَوْلُهُ فِي عِدَّتِهَا بِالنِّكَاحِ) أَيْ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةِ مُطْلَقًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعِدَّةِ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ إجْمَاعًا ثُمَّ جَوَازُهُ فِي غَيْرِهَا فِي حَقِّ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَفِيك) أَيْ حَيْثُ أَتَى بِالْكَافِ (قَوْلُهُ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا) فَقَوْلُهُ كَفِيك رَاغِبٌ اُسْتُعْمِلَ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ ثُبُوتُ الرَّغْبَةِ لَهُ إلَّا أَنَّ غَرَضَهُ التَّلْوِيحُ لِكَوْنِهِ يَتَزَوَّجُهَا (قَوْلُهُ بِلَازِمِهِ) أَيْ بِاسْمِ لَازِمِهِ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ السَّكَّاكِيِّ. وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْقَزْوِينِيِّ فَهِيَ اسْتِعْمَالُ اسْمِ الْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ أَوْ اسْمِ الْمَلْزُومِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي اللَّازِمِ مَعَ الْقَرِينَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَانِعَةٍ (قَوْلُهُ كَقَوْلِنَا فِي شَجَاعَةِ إلَخْ) فَطُولُ الْقَامَةِ يَلْزَمُهُ طُولُ حَمَائِلِ السَّيْفِ وَالْكَرْمُ يَلْزَمُهُ كَثْرَةُ الرَّمَادِ فَقَدْ عَبَّرْت بِهَذَا الِاعْتِبَارِ عَنْ الْمَلْزُومِ بِاسْمِ اللَّازِمِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَقَوْلِنَا فِي وَصْفِ الشَّخْصِ بِالطُّولِ (قَوْلُهُ حَمَائِلُ السَّيْفِ) أَيْ الْخُيُوطُ الَّتِي يُحْمَلُ بِهَا السَّيْفُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) ، وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ وَذَكَرَ الشَّمْسُ اللَّقَانِيِّ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهَا رَجَعَ بِمَا أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ اهـ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ كَذَلِكَ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا اهـ مِنْ شَرْحِ عب فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَرَّرَهُ شَارِحُنَا وَكَلَامُ الْبَيَانِ ضَعِيفٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) وَأَوْلَى الزَّوْجُ (قَوْلُهُ لِفَاضِلٍ) وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ الْمَسَاوِئِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ إلَخْ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ مِنْ الْجَوَازِ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَإِلَّا فَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّ مَا فِي الْقُرْطُبِيِّ يُخَالِفُهُ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَشَارَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيُنْدَبُ فَقَطْ وَفِي عج مَا نَصُّهُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ حِينَئِذٍ اهـ لَا يَخْفَى أَنَّ الطُّرُقَ ثَلَاثَةٌ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ عج مَنْقُولًا وَبَعْدُ مَا لِلْجُزُولِيِّ حَيْثُ حَكَمَ بِالْجَوَازِ مَعَ الِاسْتِشَارَةِ (قَوْلُهُ الَّتِي تَسُوءُ) وَسُمِّيَتْ عُيُوبُ الْإِنْسَانِ مَسَاوِئُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا يَسُوءُ فَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْمَسَاوِئُ جَمْعُ مَسَاءَةٍ نَقِيضُ الْمَسَرَّةِ وَأَصْلُهَا مَسْوَءَةٌ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَلِهَذَا تُرَدُّ الْوَاوُ فِي الْجَمْعِ فَتَقُولُ الْمَسَاوِئُ لَكِنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْجَمْعَ مُخَفَّفًا (قَوْلُهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ مَسَاوِئِ الرَّجُلِ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ خَصَّهُ بِمَسَاوِئِ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ إلَخْ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ يَجْمَعُهَا قَوْلُ الْقَائِلِ تَظَلَّمَ وَاسْتَغِثْ وَاسْتَفْتِ حَذِرْ ... وَعَرِّفْ بِدْعَةَ فِسْقِ الْمُجَاهِرِ فَقَوْلُهُ تَظَلَّمْ يَشْمَلُ غَيْبَةَ الظَّالِمِ مِنْ خَصْمِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَذِكْرَهَا لِمَنْ يَرْجُو زَوَالَهَا وَالْمِكَاسَ وَحَذِرْ يَشْمَلُ خُطْبَةَ النَّاكِحِ وَالْمُشَاوَرَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُرَافَقَةِ فِي السَّفَرِ وَمُجَاوَرَةِ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَقَوْلُهُ وَعَرِّفْ يَشْمَلُ التَّعْرِيفَ بِاسْمٍ غَيْرِ جِنْسٍ كَالْأَعْرَجِ وَنَحْوِهِ وَالتَّجْرِيحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالرُّوَاةِ وَمَنْ سَأَلَ الْحَاكِمُ عَنْ حَالِهِ وَبِدْعَةَ يَشْمَلُ الظَّاهِرَةَ الَّتِي يَدْعُو إلَيْهَا وَالْخَفِيَّةَ الَّتِي يُلْقِيهَا لِمَنْ يَظْفَرُ بِهِ اهـ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ يَظْهَرُ لَك أَنَّ الشَّارِحَ سَكَتَ عَنْ ثَلَاثَةٍ اسْتَغِثْ وَاسْتَفْتِ وَفِسْقِ الْمُجَاهِرِ وَعَلَيْهَا فَيَكُونُ عَدُّ قَوْلِهِ وَالتَّجْرِيحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالرُّوَاةِ وَاحِدًا وَالْبِدْعَةُ بِقِسْمَيْهَا قِسْمًا وَاحِدًا وَمُجَاوَرَةِ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاحِدًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَذِكْرَهَا لِمَنْ يَرْجُو يَرْجِعُ لِتَفْسِيرِ وَاسْتَغِثْ فَلَا حَاجَةَ لِدُخُولِهَا تَحْتَ تَظَلَّمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا تَحْتَ تَظَلَّمْ يُوجِبُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ قَوْلِهِ وَاسْتَغِثْ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لِمَنْ يَرْجُو زَوَالَهَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْحَاكِمُ وَأَيْضًا الْمُكَّاسُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ غَيْبَةِ الظَّالِمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ أَدْخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ تَظَلَّمْ أُمُورًا أَرْبَعَةً قَدْ عَلِمْت مَا فِيهَا مِنْ التَّدَاخُلِ، وَلَوْ جَعَلَهَا سَبْعَةً كَمَا فِي النَّظْمِ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَعْضِ مُتَعَدِّدًا لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَدَبَّرْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (ش) تَقَدَّمَ إذَا وَعَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِالنِّكَاحِ أَنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَأَمَّا إذَا وَعَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَا وَعَدَ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إخْلَافِ الْوَعْدِ. (ص) وَتَزْوِيجُ زَانِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُتَجَاهِرَةَ بِالزِّنَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا وَالْمُرَادُ بِالزَّانِيَةِ مَنْ شَأْنُهَا ذَلِكَ بِأَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا. وَأَمَّا مَنْ تُكَلِّمَ فِيهَا وَلَيْسَ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ (ص) أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الَّتِي صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ أَيْ أَوْ وَاعَدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا وَنُدِبَ فِرَاقٌ مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أَيْ فِرَاقُ مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا فِي الْعِدَّةِ. (ص) وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَّلَهُ وَسَامَحَهُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا يُحَلِّلْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ الَّذِي كَانَتْ رَكَنَتْ إلَيْهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَفْسَخُ إنْ لَمْ يَبْنِ. (ص) وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ مِنْهَا الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ بِدُونِهِ وَمِنْهَا الصَّدَاقُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ أَوْ اشْتَرَطَا إسْقَاطَهُ أَصْلًا فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِإِسْقَاطِهِ وَمِنْهَا الْمَحَلُّ أَيْ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَقِيقَةُ وَهِيَ لَا تَقُومُ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الْخَالِيَيْنِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْمَرَضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ الَّتِي لَا تَقُومُ إلَّا بِمُتَعَدِّدٍ وَمِنْهَا الصِّيغَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَلِيِّ وَمِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ وَكَيْلِهِمَا الدَّالَّةِ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَا وَعَدَ بِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ التَّعْلِيلُ بِخِلَافِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا مَنَعَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ وَالْخِطْبَةَ فِيهَا وَالْمُوَاعَدَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ التَّبَاعُدُ مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ مِنْ فِعْلِهِ وَفِعْلِ أَسْبَابِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ أَحَدِهِمَا سَبَبًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ فِيهَا تَبَاعُدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حُكِمَ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ دُونَ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا) ، فَإِنْ اُبْتُلِيَ بِحُبِّهَا فَلْيَحْبِسْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَرْأَةُ الزَّانِيَةُ الْمُبِيحَةُ فَرْجَهَا لِلْغَيْرِ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ (قَوْلُهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ حُدَّتْ أَوَّلًا وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ حُدَّتْ أَوَّلًا وَفِي كَلَامِ عب مَا يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا حُدَّتْ أَوَّلًا لَا يُكْرَهُ تَزْوِيجُهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ جَابِرٌ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا قَدْ يُقَالُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَتُبْ وَلَمْ تُحَدَّ يَحْرُمُ تَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إقْرَارًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَقَالَ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِهِ بِالزَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ الزَّانِيَةِ عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا كَإِرَادَةِ زَوْجِهَا نِكَاحَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَبِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بَعْدَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَزْوِيجِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ مَرَّتَيْنِ الْأَوَّلُ يُنْدَبُ الْعَرْضُ الثَّانِي إذَا عَرَضَ وَأَبَى يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا أَيْ يُطَلِّقُهَا وَمُفَادُ النَّقْلِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِحْبَابُ الثَّانِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُفَادُ النَّقْلِ نَدْبُ الْعَرْضِ بَلْ طَلَبُ التَّحَلُّلِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ اسْتِحْبَابٌ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ بِمَعْنَى وَكُلُّ أَرْكَانِهِ ثُمَّ يُرَادُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ أَيْ مَجْمُوعُ أَرْكَانِهِ وَلِي إلَخْ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُفْرَدِ بِالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ) أَيْ بَعْدَ الْمَحَلِّ رُكْنَيْنِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ أَرْكَانًا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْعَقْدِ وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْعَقْدِ فَغَايَةُ مَا يُقَالُ جَعَلَهَا أَرْكَانًا بِاعْتِبَارِ انْعِدَامِ الْمَاهِيَّةِ بِانْعِدَامِهَا فَفِيهِ تَسَامُحٌ غَيْرَ أَنَّهُ هَلَّا جَعَلَ شَهَادَةَ الشُّهُودِ رُكْنًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحَطَّابِ الظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ إنَّمَا يُوجَدُ بِهِمَا وَالْوَلِيُّ وَالصِّيغَةُ شَرْطَانِ أَيْ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ ذَاتِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا الصَّدَاقُ وَالشُّهُودُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَلَا مِنْ الشُّرُوطِ لِوُجُودِ النِّكَاحِ بِدُونِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ إسْقَاطُ الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ بِلَا شُهُودٍ اهـ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ الْعَقْدُ الْمَخْصُوصُ وَلَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِالصِّيغَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مَحَلَّانِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مُقَوِّمَانِ لِحَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ إسْقَاطِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) التَّفْرِيعُ يُجَامِعُ الشَّرْطِيَّةَ أَيْضًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ) أَيْ بِدُونِ اشْتِرَاطِ وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَا إسْقَاطَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ لَا تُعْقَلُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَقِيقَةُ) مِنْ قِيَامِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ لَا مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ (قَوْلُهُ لَا تَقُومُ) أَيْ لَا تَتَحَصَّلُ مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِأَجْزَائِهِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوَابَهُ الْعَقْدُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ فِيهَا لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَتِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحَلَّ مِنْ الْأُمُورِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَهِيَ لَا تَقُومُ إلَّا مِنْ إلَخْ ثُمَّ نَقُولُ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ لَفْظُ الْمَحَلِّ وَصَوَابُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ (قَوْلُهُ الدَّالَّةُ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ فَالْكَلَامُ مُشْكِلٌ، وَلَوْ أَرَادُوا بِالْأَرْكَانِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحَقِيقَةُ لَكَانَ أَحْسَنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَأَنْكَحْتُ وَمَلَّكْت وَبِعْت، وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ اهـ وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) الْبَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا الصِّيغَةُ فَقَالَ الصِّيغَةُ تَحْصُلُ وَتُوجَدُ بِأَنْكَحْتُ إلَخْ أَوْ بَاءُ التَّصْوِيرِ أَيْ وَالصِّيغَةُ مُصَوَّرَةٌ بِأَنْكَحْتُ إلَخْ. (ص) وَبِصَدَاقٍ وَهَبْت (ش) أَيْ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ مَعَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا خِلَافًا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الصَّدَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِصَدَاقٍ أَنَّ وَهَبْتهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لَا يَكْفِي وَلَا يَنْعَقِدُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ لَفْظِ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ وَلَغْوِهَا قَوْلَا ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ بَعْضٌ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى لَفْظِ الْهِبَةِ وَإِدْخَالِ مَا عَدَاهُ فِي التَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ مِثْلُ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ وَتَصَدَّقْت وَمَلَّكْت وَأَعْطَيْت وَأَبَحْت وَأَحْلَلْت وَأَطْلَقْت وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا أَوَّلًا يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَإِلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ وَابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَأَخْرَجَ مَا لَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ كَأَوْصَيْتُ لِانْحِلَالِهِ وَرَهَنْت لِاقْتِضَائِهِ التَّوَثُّقَ وَآجَرْت وَأَعَرْت لِاقْتِضَائِهِمَا التَّوْقِيتَ وَلَا مَدْخَلَ لِلَّفْظِ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْأَعْمَارِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَبِعْتُ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ مَا مَرَّ. (ص) وَكَقَبِلْتُ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الزَّوْجِ بَعْدَ قَوْلِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْكَحْتُك أَوْ زَوَّجْتُك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَقُولُ الزَّوْجُ قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ اخْتَرْت وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا مَدْخُولُ الْكَافِ وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبِلْت دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَأَنْكَحْتُ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت أَنْكَحْت خَبَرٌ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ فِي الْمَاضِي وَكَلَامُنَا فِي لَفْظٍ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الصِّيَغِ الْإِنْشَاءُ، وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي وَالْإِنْشَاءُ سَبَبٌ لِوُقُوعِ مَدْلُولِهِ كَقَوْلِ الْحَاكِمِ حَكَمْت انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَمَلَّكْت وَبِعْت) لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَلَّكْت وَبِعْت لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْهِبَةِ هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ شَأْنَهُ الْمُعَاوَضَةُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا اشْتَرَطْنَا ذِكْرَ الصَّدَاقِ فَتَدَبَّرْ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ مِنْ مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ مَلَّكْت وَبِعْت ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا. وَأَمَّا وَهَبْت مَعَ ذِكْرِ الْمَهْرِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ وَكَذَا تَصَدَّقْت وَنَحْوُهُ فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ الصِّيغَةُ تَحْصُلُ وَتُوجَدُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الْآلَةِ فَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْبَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ أَنْ يَقُولَ الصِّيغَةُ تُفَسَّرُ بِأَنْكَحْتُ. (قَوْلُهُ أَوْ بَاءُ التَّصْوِيرِ) اُعْتُرِضَ عَلَى النُّحَاةِ فِي بَاءِ التَّصْوِيرِ وَكَافِ الِاسْتِقْصَاءِ بِأَنَّهُمَا لَا يُعْرَفَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْسِيرِيَّةَ وَالتَّصْوِيرِيَّة مَرْجِعُهُمَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ يُنَافِيهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَلِيُّ هُوَ الْوَاهِبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا ضُبِطَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إنْ وَهَبَتْهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لَا يَكْفِي) ظَاهِرُهُ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ وَلَغْوِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ وَهَبْت وَتَصَدَّقْت عِنْدَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِإِلْغَاءِ تَصَدَّقْت دُونَ وَهَبْت (قَوْلُهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَصَّارِ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الصَّدَاقِ لَا فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ لَمْ يَكُنْ الْمُصَنِّفُ حَاكِمًا بِإِلْغَائِهِ جَزْمًا كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا) يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ لَفْظِ تَصَدَّقْت يَنْعَقِدُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَهْرًا بِخِلَافِ وَهَبْت لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ مَهْرٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَا هَذَا إلَّا مَحْضُ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت) أَيْ وَمَا عَدَا وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ لَفْظَ أَحْلَلْت وَمَلَكْت وَبِعْت مُسَاوِيَةٌ لِلَفْظِ تَصَدَّقْت ولعج تَقْرِيرٌ آخَرُ تَبِعَهُ فِيهِ عب فَقَالَ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ وُقُوعَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ النِّكَاحَ وَاقْتَرَنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْعُمْرَى وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقِسْمٌ يَنْعَقِدُ بِهِ إذَا اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَالْمِنْحَةِ وَتَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ تَتَضَمَّنُ إرَادَةَ النِّكَاحِ بِمَا قَارَنَهَا وَقِسْمٌ فِيهِ التَّرَدُّدُ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا مَعَهُمَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ مَعَ ذَلِكَ الصَّدَاقَ وَقَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ وَكَذَا لَفْظُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ أَوْ سَمَّى مَعَهَا الصَّدَاقَ انْتَهَى وَهَذِهِ تَفْرِقَةٌ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهَا فِي الْكُلِّ، وَإِنْ أَقَرَّهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَإِلَى طَرِيقَةِ إلَخْ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ لِانْحِلَالِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا مَدْخَلَ لِلَفْظِ الْوَقْفِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحِلَّ يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْأَعْمَارِ لَا يُتَوَهَّمُ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِهَا بِخِلَافِ وَهَبْت وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ لَكِنْ يُتَوَهَّمُ الِانْعِقَادُ بِهِ فَأَخْرَجَهُ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ أَصْلًا فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَكَانَ أَحْسَنَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 نِكَاحِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَرَنَ الْكَافَ بِالْوَاوِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّشْبِيهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. (ص) وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ فِي صِيغَةِ النِّكَاحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الزَّوْجِ بَعْدَ كَلَامِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ بَلْ لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ زَوِّجْنِي وَلِيَّتَك بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكهَا بِهِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ لَا أَرْضَى لَمْ يُفِدْهُ وَلَزِمَهُ النِّكَاحُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ إنْ لَمْ يَرْضَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ قَالَ عَقِبَ فَعَلْت أَوْ زَوَّجْت لَا أَرْضَى بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذَا وَقَفَ الرَّجُلُ بِسِلْعَتِهِ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِكَمْ هِيَ فَقَالَ الْبَائِعُ هِيَ بِمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْتهَا فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ هَزْلُهُ جَدٌّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فِي الْأَسْوَاقِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ إذَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ كَمَا فِي ح. (ص) وَجَبَرَ الْمَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلَا إضْرَارٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَرْكَانَ النِّكَاحِ وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الصِّيغَةِ أَخَذَ الْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ وَهُوَ ضَرْبَانِ غَيْرُ مُجْبِرٍ وَسَيَأْتِي وَمُجْبِرٌ وَهُوَ الْمَالِكُ الْمُسْلِمُ فِي أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَالِكُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكِنَّ الْأُنْثَى تُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ ثُمَّ بَعْدَ الْمَالِكِ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ أَوْ الَّتِي ثِيبَتْ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَقَدَّمَ الْمَالِكَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يُجْبِرُ الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ الْمَجْنُونَةَ وَغَيْرَهَا وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ أَنْ يُصْلِحَ مَالَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَ ثُمَّ الْوَصِيُّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَقَرَنَ الْكَافَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّشْبِيهِ لَمْ تَكُنْ مُقْتَرِنَةً بِالْوَاوِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَافِ التَّمْثِيلِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ أَنَّ كَافَ التَّمْثِيلِ تُدْخِلُ الْأَفْرَادَ وَكَافَ التَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَحَيْثُ إنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَصِيغَةُ الزَّوْجِ مِثْلُ قَبِلْت (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ) أَيْ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَالصِّيغَةُ الدَّالَّةُ مِثْلُ قَبِلْت ثُمَّ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاوَ فِي الْمَعْنَى دَاخِلَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ أَيْ وَجَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً خِيَارًا كَمَا جَعَلْت قِبْلَتَكُمْ خَيْرَ الْقِبَلِ أَوْ عُدُولًا كَمَا جَعَلْت قِبْلَتَكُمْ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا هُنَا لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً عَلَى الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا أَنَّهَا هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالصِّيغَةَ الدَّالَّةَ مِثْلُ قَبِلْت. (قَوْلُهُ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ) لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ شَرْطًا بَلْ مَنْدُوبًا فَقَطْ ذَكَرَ انْعِقَادَهُ بِتَقْدِيمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ فَيَفْعَلُ بِأَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك أَوْ فَعَلْت فَإِذَا جَرَى لَفْظُ الْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ فَيَكْفِي أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ دُونَ اشْتِرَاطِ صِيغَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَخُلُوُّ لَفْظِهِمَا مَعًا عَنْ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ بِالْخِطْبَةِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْوِيرَ مُخْتَلِفٌ إذْ لَوْ قَالَ فِي الْبَيْعِ يَعْنِي هَذِهِ السِّلْعَةُ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكهَا فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ بِكَمْ هِيَ أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ أَصَدَقْت ابْنَتَك فَقَالَ لَهُ الْوَلِيُّ بِمِائَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ أَخَذْتهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَنْكَحْت وَلَا زَوَّجْت وَلَا وَهَبْت فَتَدَبَّرْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْمُشْتَرِي لِمَنْ أَوْقَفَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ وَقَالَ لَهُ بِكَمْ هِيَ نَعَمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا قَالَ تُزَوِّجُنِي وَلِيَّتَك أَوْ تَبِيعُنِي سِلْعَتَك فَقَالَ قَدْ بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ زَوَّجْتهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ يَلْزَمُ وَلَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ لَا يَدَّعِيهِ إلَّا بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَالْفَرْقِ فَيَلْزَمُ فِي النِّكَاحِ لَا الْبَيْعِ انْتَهَى (قَوْلُهُ هَزْلُهُ جِدٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالرَّجْعَةُ وَاخْتُلِفَ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا مَعَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ قَصْدِ النِّكَاحِ حِينَ الْهَزْلِ فَقِيلَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا وَقِيلَ لَا يُمْكِنُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ) أَيْ بِتَعْرِيضِهَا لِلْبَيْعِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِيقَافُهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ (أَقُولُ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يُنْتِجُ اللُّزُومَ لَا عَدَمَهُ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ بَلْ الْمُنَاسِبُ لَهُ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ قَصْدِهِ مَا يُعْطَى فِي السُّوقِ أَيْ وَلَيْسَ قَصْدُهُ الْبَيْعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَكِّدُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَهْرَامَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَقَاصِدَ فِي اخْتِبَارِ السِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ بَيْعٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ) أَيْ قَصَدَ مَعْرِفَةَ مَا يُعْطَى فِيهَا مِنْ الْأَثْمَانِ لَا أَنَّهُ قَصَدَ نَفْسَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَالِكُ) أَيْ الْحُرُّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمَالِكُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يُجْبِرُ رَقِيقَهُ (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْمَالِكِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّقِيقُ لَا شَائِبَةَ فِيهِ وَلَا تَبْعِيضَ وَسَيَأْتِي الْمُبَعَّضُ وَالتَّفْصِيلُ فِي ذِي الشَّائِبَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ رَقِيقُهُ وَرَقِيقُ مَحْجُورِهِ مِنْ سَفِيهٍ وَصَغِيرٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرُبُ الْأَجَلُ وَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُ رَقِيقِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 بِشَرْطِهِ الْآتِي فَالسَّيِّدُ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ أُمَّتَهُ وَعَبْدَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إضْرَارَهُمَا أَمَّا إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِضْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ جَبْرُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ كَمَا إذَا زَوَّجَ أَحَدَهُمَا بِذِي عَاهَةٍ كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (ص) لَا عَكْسُهُ (ش) وَهُوَ عَدَمُ جَبْرِ السَّيِّدِ مَعَ الْإِضْرَارِ إذْ عَكْسُ الْجَبْرِ عَدَمُ الْجَبْرِ وَعَكْسُ عَدَمِ الْإِضْرَارِ الْإِضْرَارُ وَبِعِبَارَةِ عَطْفٍ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ لَا عَكْسَ هَذَا الْفَرْضِ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ لَا يُجْبِرَانِ الْمَالِكَ، وَلَوْ قَصَدَ السَّيِّدُ بِمَنْعِ النِّكَاحِ إضْرَارَهُمَا وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْعَكْسِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْبَيْعِ أَوْ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَجِبُ رَفْعُهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَنْعُ حَقٍّ وَاجِبٍ أَوْ التَّكْلِيفُ بِهِ وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي النِّكَاحِ وَالشَّارِحِ تَبِعَ التَّوْضِيحَ وَفِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ (ش) أَيْ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكُ بَعْضٍ لَكِنْ لَوْ تَزَوَّجَ الذَّكَرُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَهُ الْإِجَازَةُ سَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مِلْكًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ أُنْثَى فَيَتَحَتَّمُ رَدُّ النِّكَاحِ وَإِلَى التَّخْيِيرِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ الْوِلَايَةُ وَالرَّدُّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُزَوِّجُ ذَكَرًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ قَسِيمًا لِلْوِلَايَةِ بَلْ قِسْمٌ مِنْهَا وَقَسِيمُهَا الْآخَرُ الْإِجَازَةُ. وَلَمَّا أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَدَمَ جَبْرِ الْمُبَعَّضِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهُوَ بَعْضُ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ اسْتَطْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى بَقِيَّةِ ذَوِي الشَّائِبَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٍ بِخِلَافِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُجْبِرُ مِنْ الْإِنَاثِ الْأُنْثَى الَّتِي فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَأُمُومَةِ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا وَعَقْدُ نِكَاحِهِنَّ بَيْعٌ لِمَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ الْآنَ وَبَعْدَ الْعِتْقِ وَمَا بَعْدَ الْعِتْقِ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُنَّ حَلُّ ذَلِكَ الْعَقْدِ إذَا صِرْنَ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَا يُجْبَرُ مِنْ الذُّكُورِ مَنْ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرَبْ الْأَجَلُ، فَإِنْ مَرِضَ السَّيِّدُ فِي الْمُدَبَّرِ أَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِلْأَجَلِ فَلَا يُجْبِرُهُمَا لِعَدَمِ مِلْكِهِ انْتِزَاعَ مَالِهِمَا حِينَئِذٍ وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ شَرْطٌ لِجَبْرِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ مِنْ جُمْلَةِ اخْتِيَارِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهِمَا مِنْ الصَّدَاقِ مَا يَضُرُّ بِهِمَا فِي الْمُطَالَبَةِ إذَا عَتَقَا وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا بِلَا إضْرَارٍ لِحُصُولِ الْإِضْرَارِ هُنَا. وَأَمَّا الْمُخْدِمَةُ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا وَرِضَا مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ إنْ كَانَ مَرْجِعُهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْقَصْدِ وَيَقُولُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إضْرَارُهُمَا قَصَدَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَهُوَ عَدَمُ جَبْرِ) تَفْسِيرٌ لِلْعَكْسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا عَدَمُ جَبْرِ السَّيِّدِ مَعَ الْإِضْرَارِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا عَكْسُ هَذَا الْفَرْضِ) هَذَا التَّفْسِيرُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَطْفِ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْعَكْسِ وَلَا يَظْهَرُ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ الْعَكْسِ فَالْمَخْلَصُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَالْمَعْنَى لَا عَكْسَ هَذَا الْفَرْضِ وَعَكْسُهُ هُوَ جَبْرُ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ السَّيِّدُ وَالْمَعْنَى لَا عَكْسُ هَذَا الْفَرْضِ يَصِحُّ (قَوْلُهُ أَوْ التَّكْلِيفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْعُ وَالتَّقْدِيرُ إذَا كَانَ فِيهِ التَّكْلِيفُ بِهِ أَيْ بِمَنْعِ حَقٍّ وَاجِبٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْذَفَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالشَّارِحُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ الْمَصْلَحَةَ وَلَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ. وَأَمَّا قَصْدُ الضَّرَرِ أَمْرٌ بِالْبَيْعِ أَوْ التَّزْوِيجِ. (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ فَعَلَى مَا قُلْنَا سَابِقًا يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ وَالتَّقْدِيرُ لَا عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ يَكُونُ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكُ الْبَعْضِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا كَانَ مَالِكُ الْبَعْضِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ حُرًّا أَوْ لِغَيْرِهِ إذْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْجُزْءِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مُلَّاكُ الْجَمِيعِ فَالْجَبْرُ كَالْوَاحِدِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ أُنْثَى فَيَتَحَتَّمُ رَدُّ النِّكَاحِ) أَيْ، وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بِمَا فَعَلَهُ سَيِّدُ بَعْضِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ لِمَالِكَيْنِ أَوْ بَعْضُهَا لِمَالِكٍ وَبَعْضُهَا الْآخَرُ حُرًّا هَذَا حَاصِلُهُ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يَتَحَتَّمُ رَدُّهُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ شَرِيكَيْنِ مَثَلًا يُزَوِّجُهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّيِّدَ يُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ نِكَاحِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَدِّهِ لَا أَنَّ الرَّدَّ مُتَحَتِّمٌ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَحْرَى هَذِهِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُخْتَارُ مَا يُذْكَرُ بَعْدَهُ مِنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَلَا أُنْثَى) بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَالِكِ أَيْ مَالِكُ الْبَعْضِ فَلَا يُجْبَرُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٌ فَلَا جَبْرَ فِيهِمَا وَيَصِحُّ فِي أُنْثَى وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الْجَرُّ أَيْ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَلَا مَالِكِ أُنْثَى (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٍ) أَيْ ذَكَرٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ هَذَا وَاَلَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَلَوْ جَبَرَ الْمُدَبَّرَةَ وَالْمُعْتَقَةَ لِأَجَلٍ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ وَيَتَحَتَّمُ رَدُّ نِكَاحِ أُمِّ الْوَلَدِ بِتَزْوِيجِهِ لَهَا جَبْرًا أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَذَا فِي عب وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ جَبْرَ أُمِّ الْوَلَدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَيَقْرُبُ الْأَجَلُ) فِي حَدِّ قُرْبِ الْأَجَلِ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الشَّهْرِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَصْبَغَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِعَزْوِهِ لِمَالِكٍ وَلِتَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِاعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَاخْتَارَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ إلَخْ) يَنْبَغِي تَحَتُّمُ رَدِّ نِكَاحِ كُلِّ أُنْثَى بِشَائِبَةٍ زُوِّجَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ، وَلَوْ أَجَازَهُ سَيِّدُهَا وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الذِّكْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَائِبَةِ الْبَعْضِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَائِبَةٍ وَشَائِبَةٍ انْتَهَى قَدْ عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكَلَامِ فِي شَائِبَةِ الْبَعْضِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 الْحُرِّيَّةَ وَإِلَّا كَفَى ضَامِنًا لَهُ الْخِدْمَةُ. (ص) ثُمَّ أَبٌ (ش) ثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ أَيْ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْأَبِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ السَّيِّدِ عِنْدَ عَدَمِهِ. وَأَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْأَبِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَبٌ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالْمُجْبِرُ حِينَئِذٍ وَلِيُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي جَبْرِ ابْنَتِهِ عَلَى النِّكَاحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجَرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنُ الْقَاسِمِ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ. (ص) وَجَبْرُ الْمَجْنُونَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ جَبْرُ ابْنَتِهِ الْمَجْنُونَةِ الْبَالِغَةِ، وَلَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَبٌ وَتُنْتَظَرُ إفَاقَةُ مَنْ تُفِيقُ لِتَأْذَنَ وَقَوْلُهُ وَجَبْرُ الْمَجْنُونَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ (ص) وَالْبِكْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ جَبْرُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ اتِّفَاقًا وَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْبَالِغُ غَيْرُ الْعَانِسَةِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (عَانِسًا) عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا كَمَا عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَّسَتْ صَارَتْ كَالثَّيِّبِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ الْبَكَارَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ أَوْ الْجَهْلُ بِمَصَالِحِ النِّسَاءِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ وَالْعَانِسُ هِيَ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَعَرَفَتْ مَصَالِحَ نَفْسِهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ أَوْ مِنْهَا لِلسِّتِّينَ أَقْوَالٌ (ص) إلَّا لِكَخَصِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يُجْبَرَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الضَّرَرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِقَوْلِ الْبَاجِيِّ وَرَأَيْت لِسَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِي الْخَصِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَفِي الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ قَالَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْسَخَ بِهِ نِكَاحَ الزَّوْجِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُلْزِمَهَا ذَلِكَ كَمَا لَوْ ظَهَرَتْ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ انْتَهَى، وَلَوْ لِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَبْرَأُ. (ص) وَالثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبِكْرِ يُرِيدُ إذَا ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَمَا لَوْ أُزِيلَتْ بِعَارِضٍ مِنْ عُودٍ دَخَلَ فِيهَا أَوْ وَثْبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِعَارِضٍ) لِبَقَاءِ الْجَهْلِ بِالْمَصَالِحِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الثُّيُوبَةِ فَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِوَطْءٍ حَرَامٍ كَمَا لَوْ زَنَتْ أَوْ زُنِيَ بِهَا أَوْ غُصِبَتْ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِحِرَامٍ) خِلَافًا لِلْجَلَّابِ وَلِعَبْدِ الْوَهَّابِ جَبْرُهَا إنْ لَمْ تُكَرِّرْ زِنَاهَا وَإِلَّا فَلَا تُجْبَرُ لِخَلْعِ كَجِلْبَابِ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ خِلَافٌ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ لَمْ تُكَرِّرْ الزِّنَا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ تُجْبَرُ الزَّانِيَةُ مُطْلَقًا أَوْ تُجْبَرُ إلَّا أَنْ تُكَرِّرَهُ فَلَا تُجْبَرُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ مَرْتَبَةَ) أَيْ فِي الْجَبْرِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَالِكِ فِي الْوِلَايَةِ الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبَ بَلْ الِابْنُ يَلِي الْمَالِكَ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ غَيْرُ الْمُجْبِرِ فَثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالْمُجْبِرُ إلَخْ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ وَلِيٌّ إلَّا السَّفِيهُ (قَوْلُهُ فَيَجْرِي إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالْأَصْلُ فَيَجْرِي فِي جَبْرِهِ ابْنَتَهُ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ وَتُنْتَظَرُ إفَاقَةُ مَنْ تُفِيقُ) حَيْثُ كَانَتْ ثَيِّبًا بَالِغًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَّسَتْ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ) بَيَانٌ لِلْمَبْدَأِ وَمُنْتَهَاهُ لَا حَدَّ لَهُ وَقَدْ وَجَدْته خِلَافًا لعج فَإِنَّهُ جَعَلَهُ بَيَانًا لِلِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْهَا لِلسِّتَّيْنِ) أَيْ فَقِيلَ مِنْ الْوَاحِدِ وَالْخَمْسِينَ وَقِيلَ مِنْ الثَّانِي وَالْخَمْسِينَ وَهَكَذَا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهَا قَدْرًا وَمَالًا وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبِضَرِيرٍ وَقَبِيحِ مَنْظَرٍ وَفِي التَّوْضِيحِ وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفًا وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتَارَ لِوَلِيَّتِهِ زَوْجًا سَالِمًا وَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُزَوِّجَ وَلِيَّتَهُ الرَّجُلَ الْقَبِيحَ (قَوْلُهُ إلَّا لِكَخَصِيٍّ) مَقْطُوعِ الذَّكَرِ قَائِمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَقْطُوعِ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمِ الذَّكَرِ إذَا كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَمَّا إنْ كَانَ يُمْنِي فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَيْهِ أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَلْتَذُّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِكَخَصِيٍّ) دَخَلَ بِالْكَافِ مَجْنُونٌ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ أَوْ أَبْرَصَ أَوْ مَجْذُومٍ بَيِّنًا، وَلَوْ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ وَفِي الْعِنِّينِ إلَخْ) حَذَفَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَاجِيِّ شَيْئًا وَالْأَصْلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي الْخَصِيِّ وَفِي الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ نَصَّ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ سَحْنُونًا يَقُولُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ لَا خُصُوصِ الْخَصِيِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ تَبْرَأُ) أَيْ وَلَا يُمْكِنُهَا الْفِرَاقُ. وَأَمَّا لَوْ بَرِئَ هُوَ فَيُمْكِنُهُ الْفِرَاقُ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بِفَاسِدٍ أَيْ أَوْ ثِيبَتْ الصَّغِيرَةُ بِعَارِضٍ أَوْ بِحِرَامٍ وَكَلَامُهُ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِعَارِضٍ إلَخْ فِي خُصُوصِ الصَّغِيرَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَوْ بَلَغَتْ وَثِيبَتْ بِعَارِضٍ غَيْرِ جِمَاعٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ إنْ صَغُرَتْ شَامِلًا لِلَّتِي ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَنَتْ) أَيْ تَعَمَّدَتْ فِعْلَ الزِّنَا بِهَا (قَوْلُهُ أَوْ زَنَى بِهَا) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَيْ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ ضَعْفَ كَلَامِ الْجَلَّابِ الذَّاهِبِ لِعَدَمِ الْجَبْرِ مُطْلَقًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْجَلَّابِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا وَعَبْدُ الْوَهَّابِ يُفَصِّلُ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَلِعَبْدِ الْوَهَّابِ قَوْلٌ يُوَافِقُ فِيهِ الْجَلَّابَ (قَوْلُهُ لِخَلْعِ جِلْبَابِ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهَا) الْجِلْبَابُ الْإِزَارُ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ لِخَلْعِ الْحَيَاءِ الشَّبِيه بِالْجِلْبَابِ وَالْخَلْعُ تَرْشِيحٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ) أَيْ لِلْمُدَوَّنَةِ أَيْ تَقْيِيدٌ فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُجْبِرُ الزَّانِيَةَ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الزِّنَا وَقَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ خِلَافٌ أَيْ فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُجْبِرُ الزَّانِيَةَ أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ لَمْ إلَخْ) أَيْ أَوْ مُطْلَقًا فَالْمَحْذُوفُ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ خَارِجًا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. (ص) لَا بِفَاسِدٍ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبِكْرَ الْبَالِغَ إذَا أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَلَوْ مَجْمَعًا عَلَيْهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ فَلَا جَبْرَ لِأَبِيهَا عَلَيْهَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ فُسِخَ نِكَاحُهَا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الصَّحِيحِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَدَرْءِ الْحَدِّ وَعِدَّتُهَا بِبَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ وَعَدَمُ جَبْرِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) عَلَى الْمَعْرُوفِ إذْ لَا يَلْزَمْ مِنْ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالنَّظَرُ فِيهِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ وَبَالَغَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مُسَاوَاتُهُمَا. (ص) وَبِكْرًا رَشْدَتك (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِكْرَ إذَا رَشَّدَهَا أَبُوهَا لَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا لِغَيْرِهِ وَصَارَ حُكْمُهَا حُكْمُ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ وَانْقَطَعَ حَجْرُهُ عَنْهَا فَإِذَا زَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا. وَأَمَّا مُعَامَلَاتُهَا فَإِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا فِيهَا وَقَوْلُهُ رَشَدَتْ أَيْ وَثَبَتَ تَرْشِيدُهَا بِإِقْرَارِ الْأَبِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ إذَا أَنْكَرَ وَقَوْلُهُ رَشَدَتْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا أَبُوهَا رَشْدَتُك أَوْ أَنْتِ مُرْشَدَةٌ أَوْ أَطْلَقْت يَدَك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَوْلُهُ وَبِكْرًا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ بِفَاسِدٍ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ لِعَطْفِهِ عَلَى بِعَارِضٍ وَهُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ إذْ التَّقْدِيرُ أَوْ ثِيبَتْ بِعَارِضٍ. (ص) أَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً وَأَنْكَرَتْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِكْرَ إذَا أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا عِنْدَ زَوْجِهَا سَنَةً مِنْ بُلُوغِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ لِأَبِيهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إقَامَةَ السَّنَةِ تُوجِبُ تَكْمِيلَ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ وَمَفْهُومُ وَأَنْكَرَتْ الْمَسِيسَ وَسَوَاءٌ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ كَذَّبَهَا أَحْرَوِيٌّ لَوْ أَقَرَّتْ بِالْمَسِيسِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى إنْكَارِهَا الْمَسِيسَ تَحْتَهُ فَائِدَتَانِ: الْأُولَى إذَا لَمْ يُجْبِرْهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِبَقَاءِ حُكْمِ الْإِجْبَارِ فَأَحْرَى إذَا ادَّعَتْ الْمَسِيسَ الْمُقْتَضِيَ عَدَمَ الْإِجْبَارِ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ إنَّمَا يُجْبِرُهَا فِيمَا نَقَصَ عَنْ السَّنَةِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا كَانَتْ حِينَ الْإِجْبَارِ مُنْكِرَةً لِلْمَسِيسِ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ إقْرَارَهَا بِبَقَاءِ الْإِجْبَارِ حَتَّى لَا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ. وَلَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ الْوِلَايَةِ خَاصَّةً وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأُبُوَّةُ وَأَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَخِلَافَةُ الْأُبُوَّةِ وَهِيَ الْوِصَايَةُ شَرَعَ الْآنَ فِيهَا وَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَهِيَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَبْرُ وَصِيٍّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ   [حاشية العدوي] (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْحَطَّابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ اُشْتُهِرَتْ بِالزِّنَا وَحُدَّتْ فِيهِ وَكَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ كَثْرَتِهِ فِيهَا جِدًّا وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَكَرَّرَ الزِّنَا وَلَمْ يَقُلْ تَكَرُّرُهُ أَيْ الْحَرَامُ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ يَشْمَلُ الْغَصْبَ فَلَوْ قَالَ تَكَرُّرُهُ لَأَوْهَمَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْبُرُهَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ هَذَا مُخْرِجٌ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ) بِأَنْ دَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا وَجَهِلَا حُرْمَةَ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِلْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ دَرَأَ الْحَدَّ وَفَاسِدَ صِفَةِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا مَا لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ كَالْحَرَامِ فَلَهُ جَبْرُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ جَبْرِهَا) أَيْ الَّتِي ثِيبَتْ بِفَاسِدٍ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مُسَاوَاتُهُمَا) أَيْ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ التَّرْشِيدُ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَيْ فَلَا جَبْرَ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيَجْبُرُهَا قَبْلَ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ بِفَاسِدٍ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا إنْ ثِيبَتْ بِفَاسِدٍ وَلَا إنْ ثِيبَتْ بِكْرًا رَشَدَتْ فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ لَا بِفَاسِدٍ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ ثَيِّبًا بِفَاسِدٍ وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا وَجَعَلَهُ تت مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا وَيُجَابُ عَنْ الشَّيْءِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَتْ إلَخْ) ، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ أَوْ جَهِلَتْ خَلَوْته بِهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَسَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِكْرَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّ الطَّوْلَ إنَّمَا يُحَدُّ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ إذَا أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا) أَيْ السَّاكِنَةِ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا فَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ الْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ عَدَمَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَلَا يَرْتَفِعُ إجْبَارُ الْأَبِ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَقَامَتْ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ (قَوْلُهُ سَنَةً مِنْ بُلُوغِهَا) . وَأَمَّا مُكْثُهَا عِنْدَهُ قَبْلَ بُلُوغِهَا فَلَا يُعَدُّ مِنْ السَّنَةِ (قَوْلُهُ الْأُولَى إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الْفَائِدَةَ الْأُولَى كَوْنُ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ مَفْهُومَةً بِالْأَوْلَوِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ التَّصْرِيحَ أَقْوَى فِي الْفَهْمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ فَاقْتِصَارُهُ إلَخْ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ الِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ حِينَ الْإِجْبَارِ مُنْكِرَةً) أَيْ وَكَانَ الْإِقْرَارُ بِالْبَكَارَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ كَذَا لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَكُونَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجْبُرُهَا إذَا كَانَتْ حِينَ الْإِجْبَارِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْإِجْبَارُ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ شَأْنَ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَنْ يُزِيلَ الْبَكَارَةَ فَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْإِجْبَارِ حِينَئِذٍ يَكُونُ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ فَلَمَّا جَعَلْنَا الْمَوْضُوعَ أَنَّهَا مُنْكِرَةٌ لِلْمَسِيسِ فَلَا يَكُونُ الْإِجْبَارُ ذَرِيعَةً إلَى إجْبَارِ ثَيِّبٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا تَكُونُ الثَّيِّبُ مُجْبَرَةً كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ خَاصَّةً) وَمُقَابِلُهَا الْعَامَّةُ الَّتِي هِيَ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ الْأُبُوَّةُ) هِيَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ وَبَقِيَّتُهَا تَعْصِيبٌ وَإِيصَاءٌ وَكَفَالَةٌ وَسَلْطَنَةٌ وَبَيَانُ الْخَمْسَةِ الَّتِي شَمِلَهَا الْإِيصَاءُ أَوْ لَهَا وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَثَانِيهَا وَصِيٌّ أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِنْكَاحِ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْخِلَافِ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ وَصِيٌّ عَلَى مَالِي أَوْ عَلَى ضَيْعَتِي وَتَفْرِقَةِ ثُلُثِي وَلَا مَقْدِمِ الْقَاضِي لِاخْتِلَافِ الْإِنْقَالِ فِيهَا وَعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ كَمُلَتْ الصُّوَرُ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَصَايَا اهـ. (قَوْلُهُ وَجَبْرُ وَصِيٍّ) أَيْ ذَكَرٍ. وَأَمَّا الْأُنْثَى فَهَلْ لَهَا الْجَبْرُ حَيْثُ نَصَّ لَهَا عَلَى الْجَبْرِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي وَقَوْلُهُ وَصَّى، وَلَوْ رَقِيقًا ك (قَوْلِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ) وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَيَّنُ فَاسِقًا إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاسِقِ وَكَذَا لَوْ كَانَ حَالُ الْإِيصَاءِ غَيْرَ فَاسِقٍ وَتَغَيَّرَ حَالُهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ لَا يُزَوِّجَهُ وَلَا يَضُرُّ الْمُعَيَّنَ أَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 جَبْرُ مَنْ يُجْبِرُهُ الْأَبُ وَهِيَ الثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ وَالْبِكْرُ، وَلَوْ عَانِسًا إذَا أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ صَرِيحًا أَوْ تَضَمُّنًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ زَوِّجْهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ أَوْ عَيَّنَ الْأَبُ لَهُ الزَّوْجَ كَزَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ كَزَوِّجْهَا مِنْهُ إذَا بَلَغَتْ أَوْ بَعْدَ كَذَا مِنْ السِّنِينَ (ص) وَإِلَّا فَخِلَافٌ (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ الزَّوْجُ لِلْوَصِيِّ وَلَا أَمَرَهُ بِالْإِجْبَارِ بَلْ أَوْصَاهُ بِالْإِنْكَاحِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ جَبْرُهَا وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا بَلْ هُوَ أَحَقُّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ بِإِذْنِهَا وَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي الثَّيِّبِ وَصَرَّحَ الْأَقْفَهْسِيُّ بِتَشْهِيرِهِمَا وَانْظُرْ الثَّلَاثَةَ بَقِيَّةَ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ أَقْسَامِ الْوَصَايَا الْمُشَارِ إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ فِي شَرْحِ س. (ص) وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ (ش) لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي وَصِيِّ الْبِكْرِ أَشَارَ بِهَذَا إلَى حُكْمِهِ فِي الثَّيِّبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّ عَلَى النِّكَاحِ وَلِيٌّ فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ كَأَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَمَّا كَانَ الْفَوْرُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ شَرْطًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ بِالْإِجْمَاعِ نَصَّ عَلَيْهَا أَصْبَغُ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ إنْ مِتّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي بِمَرَضٍ) فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ طَالَ مَرَضُهُ أَوْ قَصُرَ وَقَيَّدَ سَحْنُونَ الصِّحَّةَ بِمَا إذَا قَبِلَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِقُرْبِ مَوْتِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ بِقُرْبِهَا لَا سِيَّمَا عَقْدُ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَصِحُّ ذَلِكَ طَالَ الْأَمْرُ أَوْ لَمْ يَطُلْ يَعْنِي قَبِلَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِقُرْبِ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ خِلَافُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ تَأْوِيلَانِ ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبَرِ وَهُوَ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَالْأَبُ فِي ابْنَتِهِ وَالْوَصِيُّ بِشَرْطِهِ وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا جَبْرَ   [حاشية العدوي] يَكُونَ لَهُ زَوْجَاتٌ أَوْ سَرَارِي، وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ وَكَانَ حَالَ الْإِيصَاءِ عَزَبًا وَيَلْزَمُهَا وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّكَاحُ إنْ فَرَضَ فُلَانٌ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ كَالْأَبِ إلَّا فِي الْجَبْرِ لَا فِي أَنَّ لَهُ التَّزْوِيجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْصَاهُ بِالْإِنْكَاحِ) ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ قَصَرَ مَوْضِعَ الْخِلَافِ عَلَى صُورَةٍ فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا اقْتَصِرْ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِي غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ فِيهَا قَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ تَشْهِيرٍ وَقَوْلُهُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فِيمَا إذَا أَمَرَ الْوَصِيَّ بِالْجَبْرِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِهِ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَخِلَافٌ أَوْ يَقُولُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ هَذَا مَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ خَمْسُ صُوَرٍ زَوِّجْهَا بِمَنْ أَحْبَبْتَ أَوْ زَوِّجْهَا أَوْ أَنْتَ وَصِيُّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى بَعْضِ بَنَاتِي؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ مُبْهَمٌ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ وَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي وَالرَّاجِحُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْجَبْرُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْقُولٍ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَاهُ بِالْإِنْكَاحِ فَفِيهِ قَوْلَانِ بِدُونِ تَشْهِيرٍ وَابْنُ عَرَفَةَ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ فَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَائِلٌ أَيْضًا بِالْجَبْرِ فِيمَا إذَا أَوْصَاهُ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَوْلًا مَشْهُورًا بِعَدَمِ الْجَبْرِ وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِالْإِنْكَاحِ الْوَصِيَّةُ بِالتَّزْوِيجِ سَوَاءٌ قَالَ مِمَّنْ أَحْبَبْت أَوْ لَا وَوَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ بَعْضِ بَنَاتِي بِدُونِ لَفْظِ نِكَاحٍ وَبُضْعٍ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهُنَّ كَمَا أَفَادَهُ عج فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجُبِرَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ بِالْإِنْكَاحِ أَوْ عَلَّقَ الْوَصِيَّةَ بِبُضْعِ الْأُنْثَى أَوْ عَيَّنَ الزَّوْجَ لَطَابَقَ الرَّاجِحَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي الثَّيِّبِ) فَلَوْ كَانَ لَهَا إخْوَةٌ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ أَوْ أَعْمَامٌ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ) فَيَقُومُ الْوَصِيُّ مَقَامَ الْأَبِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَلَهَا ابْنٌ فَهُوَ مُقَدَّمٌ حَتَّى عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الشَّبَهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الرَّشِيدَةِ أَصْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الرَّشِيدَةُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ وَمِنْ بَعْدَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ابْنَهَا مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ فَالسَّيِّدُ إذَا قَالَ مَا ذَكَرَهُ فِي أَمَتِهِ بِمَرَضٍ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهَا أَصْبَغُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَخْصُوصَ بِأَصْبَغَ كَوْنِهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا مُجْمَعًا عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ (قَوْلُهُ إنْ مِتّ) مَعْمُولٌ لِمُقَدِّرٍ تَقْدِيرُهُ وَصَحَّ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ الْأَبِ إنْ مِتّ وَقَوْلُهُ بِمَرَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَكَانَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ بِمَرَضٍ مَفْهُومُهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَرَضِ خَرَجَتْ عَنْ الْأَصْلِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرِهَا، فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتِهِ (قَوْلِهِ وَقَيَّدَ سَحْنُونَ الصِّحَّةَ) أَيْ قَيَّدَ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ فَهُوَ أَحَدِ الْمُؤَوِّلَيْنِ لِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ أَيْ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ يَحْيَى إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ الَّذِينَ أَبْقَوْا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ مِنْ الْمُؤَوِّلِينَ وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا أَيْ وَلِكَوْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ يَصِحُّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا صِحَّةَ لِهَذَا التَّعْلِيلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ كَلَامُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ ظَاهِرٌ وَلِظُهُورِهِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إلَخْ أَيْ فَهُوَ مِنْ الْمُؤَوِّلِينَ الْقَائِلِينَ بِالْإِطْلَاقِ (ثُمَّ أَقُولُ) هَذَا الْكَلَامُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ تَأْوِيلًا لَهَا وَلَا تَقْيِيدًا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ سَحْنُونًا قَيَّدَ الْمُدَوَّنَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ) وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ وَرُئِيَ بِخَطِّ بَعْضٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَفَادَ أَنَّ الْقَبُولَ قَبْلَ الْمَوْتِ عَدَمٌ (قَوْلُهُ فَالْبَالِغُ) مَفْعُولُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يُزَوِّجُ الْوَلِيَّ الْبَالِغَ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَالْبَالِغُ تُزَوَّجُ لَا غَيْرُهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 لَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةٌ إلَّا عَلَى الْبَالِغِ فَقَطْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يُزَوِّجُونَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا لَكِنَّ هَذِهِ الْبَالِغَ إمَّا أَنْ تَكُونَ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا فَأَمَّا الثَّيِّبُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ. (ص) إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا وَشُووِرَ الْقَاضِي (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الْبَالِغِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْأَحْوَالِ أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ لَا يُزَوِّجُ غَيْرَ الْبَالِغِ بِحَالٍ إلَّا يَتِيمَةً وَهِيَ مِنْ لَا أَبَ لَهَا فَتُزَوَّجُ بِشُرُوطٍ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ فِي حَالِهَا أَوْ مَالِهَا بِعَدَمِ تَزْوِيجِهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ وَكَانَ لَهَا مَيْلٌ لِلرِّجَالِ وَأَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَأَنْ تَكُونَ قَدْ أَتَمَّتْ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ وَأَنْ يُشَاوِرَ الْقَاضِي الَّذِي يَرَى ذَلِكَ بِأَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ خَوْفُ فَسَادِهَا وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ فَيَأْمُرُ حِينَئِذٍ الْوَلِيَّ بِتَزْوِيجِهَا وَأَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ لِعَاصِبِهَا أَوْ لِوَصِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَوْ لِلْحَاكِمِ إنْ لَمْ يَكُونَا وَبِعِبَارَةٍ وَشُووِرَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُهَا وَفَقْرُهَا وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ خِيفَ فَسَادُهَا) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ خَوْفُ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِخَوْفِ الْفَسَادِ مَا يَشْمَلُ الْخَوْفَ مِنْ جِهَةِ فَقْرِهَا. (تَنْبِيهٌ) : مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا لَمْ تَكُنْ يَتِيمَةً لَا تُزَوَّجُ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ لَا خِلَافَ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا قَطَعَ الْأَبُ عَنْهَا النَّفَقَةَ وَغَابَ وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ انْتَهَى أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً كَمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَةَ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرَةً وَلَا أَذِنَتْ بِالْقَوْلِ قَالَ عج وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ يَتِيمَةٍ انْتَهَى مِنْ عب وَذَكَرَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ إذَا زُوِّجَتْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ هَلْ يُحْتَاجُ فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَهُ إلَيْهَا أَيْضًا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَقَوْلُهُ فِي حَالِهَا أَيْ بِأَنْ يَخْشَى عَلَيْهَا الزِّنَا أَوْ الضَّيْعَةَ بِالْفَقْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَالِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَالِ أَيْ بِأَنْ يُضَاعَ يُزَالُ بِالْوَصِيِّ وَبِالْمُقَامِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي وَيُجَابُ بِأَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا وَصِيَّ وَلَا أَمْكَنَ مُقَدَّمٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهَا مَيْلٌ لِلرِّجَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ حَالِهَا بِالزِّنَا (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً) أَيْ أَوْ أَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي حَالِهَا بِالْفَقْرِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ خَوْفَ الْفَسَادِ يَسْتَلْزِمُ الْمَيْلَ لِلرِّجَالِ وَيَسْتَلْزِمُ الِاحْتِيَاجَ لِلزَّوَاجِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ قَدْ أَتَمَّتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ عَشْرًا أَيْ أَتَمَّتْهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَثْبُتَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُشَاوَرَةِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشَاوَرَةِ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُشَاوَرَةُ عِبَارَةً عَنْ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ خِيفَ فَسَادُهَا فَكَانَ يَقُولُ إلَّا يَتِيمَةً ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي مُوجِبُهُ أَيْ الْمُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ إلَخْ وَقَوْلُهُ خَوْفُ فَسَادِهَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَالِهَا وَحَالِهَا قَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا خِيفَ فَسَادُهَا بِالزِّنَا أَوْ مَالِهَا. وَأَمَّا خَوْفُ الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَهُوَ مُوجِبٌ لِتَزْوِيجِهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ اهـ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ خَوْفَ فَسَادِهَا بِالزِّنَا فَظِيعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ فَكَانَ أَوْلَى بِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ مِنْ خَوْفِ الضَّيْعَةِ بِالْفَقْرِ وَقَدْ بَحَثْت فِي ذَلِكَ مَعَ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَلَمْ يُسَلِّمْهُ (قَوْلُهُ وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ) أَيْ تَمَامِهَا لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُتِمَّهَا وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَتَمَّتْهَا (قَوْلُهُ وَأَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا يَتِيمَةً مَخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا جَبْرَ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مُخْرَجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ فَالْبَالِغُ لَا غَيْرُهَا إلَّا إلَخْ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَوْ لِوَصِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ) . وَأَمَّا لَوْ كَانَ وَصِيُّهَا مُجْبَرًا لِجَبْرِهَا وَاسْتَغْنَى عَمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَفَقْرِهَا) وَأَنَّهُ مَا أَوْصَى أَبُوهَا لِأَحَدٍ وَلَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ قَدِمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا. (قَوْلُهُ وَفَقْرِهَا) هَذَا إذَا كَانَتْ تُزَوَّجُ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا فَذِكْرُهَا هُنَا إنَّمَا هُوَ لِاعْتِبَارِ مَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ مِنْهَا كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ بِالزِّنَا أَوْ الْمَالِ لَا فِي الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَقَوْلُهُ وَالْحُرِّيَّةِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ غَيْرُ كُفْءٍ (قَوْلُهُ وَالْحَالِ) مَا يُعَدُّ مِنْ الْمَفَاخِرِ كَكَرْمٍ وَعِلْمٍ لَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الشَّرِيفِ وَالْمَوْلَى وَالْأَقَلَّ جَاهًا كُفْءٌ لِلشَّرِيفِ وَالْعَرَبِيِّ وَالْعَظِيمِ جَاهًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ مِنْ الْكَفَاءَةِ فَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَاشٍ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ اعْتِبَارُهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فَلَا فَسْخَ وَمَضَى النِّكَاحُ وَفِي خَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ وَتَكُونُ هَذِهِ مُخَصِّصَةً لِقَوْلِهِمْ الْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالْحَالُ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ وَالصَّدَاقِ) أَيْ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ) أَيْ كَمَوْضُوعِ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَةَ لَمْ تَكُنْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَشِيدَةً فَلَهَا الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الْمَهْرِ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَقَوْلُهُ بَكَارَتُهَا وَثُيُوبَتُهَا وَيَخْتَلِفُ الْمَهْرُ بِالثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ وَأَيْضًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِخِلَافِ الْبِكْرِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي الَّتِي يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي فَذِكْرُهَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ مِنْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 أَمْرِ نَفْسِهَا وَبَكَارَتِهَا وَثُيُوبَتِهَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ اهـ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ أَيْضًا أَنَّ الْجِهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ لَهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَشُووِرَ الْقَاضِي وَشُووِرَ بِالْفَكِّ لَا بِالْإِدْغَامِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بَابُ الْمُفَاعَلَةِ بِبَابِ التَّفْعِيلِ. (ص) وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (ش) أَيْ وَإِنْ زُوِّجَتْ الْيَتِيمَةُ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ إنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَ مُكْثُهَا مَعَهُ أَصْبَغُ بِأَنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يُرَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ وَالسَّنَتَيْنِ طُولًا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَقَدِمَ ابْنٌ فَابْنُهُ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ عَلَى أَوْلِيَاءِ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ فَهُوَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى نِكَاحَهَا هُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ فَيُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْوَى عَصَبَةً مِنْ أَبِيهَا فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ الْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْمُجْبِرِينَ فَيَخْرُجُ الِابْنُ إذَا كَانَ مِنْ زِنًا فَإِنَّهُ لَا يَنْفِي جَبْرَ الْأَبِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ إذْ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْحَرَامِ بَيْنَ أَنْ يَنْشَأَ عَنْهُ وَلَدٌ أَمْ لَا وَتَقْدِيمُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالْمُقَدَّمُ الْأَبُ. (ص) فَأَبٌ (ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ فَأَبُوهَا هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى نِكَاحَهَا وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْأَبُ الشَّرْعِيُّ لَا مُطْلَقَ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ الزَّانِي لَا عِبْرَةَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ فَأَخُوهَا ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ دَنِيُّهُ. وَأَمَّا جَدُّ الْجَدِّ فَعَمُّهَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَخَ وَابْنَهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمَانِ فِي الْوَلَاءِ وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَدُّ فَالْعَمُّ وَهُوَ ابْنُ الْجَدِّ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ، وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ فَابْنُهُ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ كَذَلِكَ صُعُودًا وَهُبُوطًا وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْعَمِّ لِشُمُولِهِ مَنْ ذُكِرَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ وَالْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَابْنَهُ وَالْعَمَّ الشَّقِيقَ وَابْنَهُ يُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِ الشَّقِيقِ قِيَاسًا عَلَى الْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ وَالصَّلَاةِ. وَأَمَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ فَلَا كَلَامَ لَهُ كَالْجَدِّ لِلْأُمِّ إلَّا مِنْ بَابِ وِلَايَةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ فَيُفْصَلُ فِي تَزْوِيجِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ جَمَالَتِهَا أَوْ حِفْظِ مَالِهَا وَهَذَا يَظْهَرُ فِي الَّتِي زُوِّجَتْ لِخَوْفِ الْفَسَادِ فِي مَالِهَا أَوْ بِالزِّنَا أَوْ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ؛ لِأَنَّ الْجِهَازَ فِي كُلِّ يَتِيمَةٍ بِحَسَبِهَا فَقْرًا وَغِنًى (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ يَلْتَبِسَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمَقَامِ أَنْ يُرَادَ الْمُشَاوَرَةُ وَمُقْتَضَى التَّشْدِيدِ أَنْ يُرَادَ التَّفْعِيلُ أَيْ التَّجْهِيزُ وَبِذَلِكَ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْإِدْغَامِ تَعَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ فَكَيْفَ يَقُولُ يَلْتَبِسُ. (قَوْلُهُ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا) الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَحُلُولُو اخْتِصَاصُ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ بِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ خِيفَ فَسَادُهَا وَلَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي بَاقِي مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ اهـ (أَقُولُ) فَحِينَئِذٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ ابْتِدَاءً أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْ عَشْرًا فَعَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَزُوِّجَتْ صَحَّ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ) قَالَ بَعْضٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِوِلَادَةِ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْأَوْلَادِ بَلْ مَا وَازَى ذَلِكَ مِنْ السِّنِينَ بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ وَوِلَادَةُ تَوْأَمَيْنِ لَيْسَتْ كَافِيَةً فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ) ، وَلَوْ مِنْ زِنًا إنْ ثِيبَتْ بِحَلَالٍ ثُمَّ زَنَتْ فَأَتَتْ بِهِ مِنْهُ، فَإِنْ ثِيبَتْ بِزِنًا ابْتِدَاءً فَأَتَتْ بِهِ أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ سَفِيهَةً قُدِّمَ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا هُوَ الِابْنُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْأَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحُرَّةِ. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَالْكَلَامُ لِسَيِّدِهَا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ فَيُقَدَّمُ كُلٌّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ. وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَيَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فِي مَنْزِلَةِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ. وَأَمَّا جَدُّ الْجَدِّ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ. وَأَمَّا أَبُو الْجَدِّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْجَدَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَمُّ يُقَدَّمُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ وَأَوْلَى عَلَى جَدِّ الْجَدِّ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَخَ وَابْنَهُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْجَدَّ وَأَبَاهُ، وَإِنْ عَلَا مُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ قَالَ عج بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءِ جِنَازَةٍ ... نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قُدِّمَ وَعَقْلٍ وَوَسِّطْهُ بِبَابِ حَضَانَةٍ ... وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّمَ أَبَا الْجَدِّ عَلَى عَمِّ الْأَبِ الَّذِي هُوَ ابْنٌ لِأَبِي الْجَدِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ أَبَا الْجَدِّ لَا يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ الْأَبِ مَعَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَوَّلًا الْجَدَّ وَيَلِيهِ الْعَمُّ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَبْنَاؤُهُ وَيَلِيهِ عَمُّ الْأَبِ مَعَ أَنَّ أَبَا الْجَدِّ مُقَدَّمٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جَدٍّ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِهِ وَقَوْلُهُ صُعُودًا وَهُبُوطًا الْمُرَادُ بِالصُّعُودِ عَمُّ جَدِّ الْجَدِّ وَعَمُّ جَدِّ جَدِّ الْجَدِّ وَهَكَذَا وَالْمُرَادُ بِالْهُبُوطِ ابْنُ عَمِّ جَدِّ الْجَدِّ وَابْنُ ابْنِهِ وَهَكَذَا بَلْ قَالَ تت فَجَدٌّ، وَإِنْ عَلَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ بِهِ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنِ رَاشِدٍ (قَوْلُهُ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْعَمِّ لِشُمُولِهِ مَنْ ذُكِرَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِوَاءُ الْمَرَاتِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اتَّكَلَ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْأَبْعَدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ أَيْ فِي الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الِابْنِ وَابْنِهِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَرَاتِبِ وَإِلَّا فَالْأَخُ لِلْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ) هُوَ مُقَابِلٌ لِمَا يَأْتِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 زَوَّجَ الْأَخُ لِلْأُمِّ مَضَى. (ص) فَمَوْلَى (ش) أَيْ، فَإِنْ فُقِدَ وَلِيُّ النَّسَبِ فَمَوْلَى أَعْلَى لِلْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ كَالْإِرْثِ (ص) ثُمَّ هَلْ الْأَسْفَلُ وَبِهِ فُسِّرَتْ أَوَّلًا وَصُحِّحَ (ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَلَا عَصَبَتُهُ فَهَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَهُوَ الْعَتِيقُ أَيْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ وَبِهِ فُسِّرَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوَّلًا وِلَايَةً لَهُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ وِلَايَتِهِ لِرَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ بِنَقْلِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْكَافِي وَابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنُ شَاسٍ لَا وِلَايَةً لَهُ. (ص) فَكَافِلٌ وَهَلْ إنْ كَفَلَ عَشْرًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا يُشْفِقُ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِلَ الذَّكَرَ إذَا كَفَلَ صَبِيَّةً وَرَبَّاهَا إلَى أَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا وَالْمُرَادُ بِالْمَكْفُولَةِ هُنَا مَنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ غَابَ أَهْلُهَا وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي حَدِّ زَمَنِ الْكَفَالَةِ الَّتِي يَكُونُ لِلْكَافِلِ الْوِلَايَةُ بِهَا عَلَى الصَّبِيَّةِ فَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ وَذَلِكَ أَقَلُّ الْكَفَالَةِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَا حَدَّ لَهَا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا إظْهَارُ الشَّفَقَةِ وَالْحَنَانِ عَلَى الصَّبِيَّةِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ لَهُ عَقْدَ نِكَاحِهَا، وَلَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمَكْفُولَةِ أَوْ طَلَّقَ فَهَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْكَافِلِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ فَاضِلًا وَرَابِعُهَا إنْ عَادَتْ لِكَفَالَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَافِلِ الْقَائِمُ بِأُمُورِهَا، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ شَرْعًا وَإِتْيَانُ الْمُؤَلِّفِ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا مُشْعِرٌ بِإِخْرَاجِ الْكَافِلَةِ فَلَا وِلَايَةَ لَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ (ص) وَظَاهِرُهَا شَرْطُ الدَّنَاءَةِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ كَالنَّصِّ فِي أَنَّ وِلَايَةَ الْكَافِلِ فِي نِكَاحِ مَكْفُولَتِهِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الدَّنِيئَةِ دُونَ الشَّرِيفَةِ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ. (ص) فَحَاكِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ زَوَّجَهَا الْقَاضِي بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ مَرْتَبَةُ الْحَاكِمِ عَنْ مَرْتَبَةِ الْمَوْلَى لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَبِعِبَارَةٍ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَغَيْرُهُ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا وَأَنَّهَا غَيْرُ مُحْرِمَةٍ وَلَا مُحَرَّمَةٍ وَأَنَّهَا بَالِغَةٌ حُرَّةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ عَضْلُهُ أَوْ غَيْبَتُهُ وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا وَبَكَارَتُهَا أَوْ ثُيُوبَتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَيَثْبُتُ عِنْدَهُ فَقْرُهَا وَبُلُوغُهَا عَشَرَةَ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ. (ص) فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ (ش) هَذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَمَوْلَى أَعْلَى لِلْمُعْتِقِ) أَيْ الْمُعْتِقِ لِلْمَرْأَةِ أَيْ وَهُوَ مُعْتِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ) أَيْ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَإِنَّمَا قِيلَ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّ بِنْتَه وَأُخْتَه وَزَوْجَتَهُ وَنَحْوَهُنَّ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ يَرِثُونَهُ وَلَا وِلَايَةَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ الْوَلَاءَ فَلَا وِلَايَةَ لِوَرَثَتِهِ بِالنَّسَبِ إلَّا لِمَنْ يَرِثُ الْوَلَاءَ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ فَمَوْلَى إذْ مِنْ ذِكْرِ مَوْلَى بِطَرِيقِ الْجَرِّ وَيُسْتَفَادُ هَذَا التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ لَا يَتَّصِفُونَ حَقِيقَةً بِكَوْنِهِمْ مَوَالِيَ إلَّا مَعَ هَذَا التَّرْتِيبِ إذْ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ مَثَلًا لَيْسَ بِمَوْلًى حَقِيقَةً مَعَ وُجُودِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ وَإِذَا اخْتَلَفَ مَذْهَبُ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجَةِ عَمِلَ بِمَذْهَبِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ هَلْ الْأَسْفَلُ) هُوَ عَتِيقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُرِيدُ التَّزْوِيجَ وَانْظُرْ هَلْ الْأَسْفَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَزَلَ أَوْ فِي مُعْتِقِهَا خَاصَّةً لَا فِي مُعْتِقِهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَتَبِعَهُ عب وَفِي ك نَقْلًا عَنْ ابْنِ يُونُسَ النَّصُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْفَلِ خُصُوصُ الَّذِي أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا مَنْ أَعْتَقَهُ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ فِي التَّاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّنْظِيرِ (قَوْلُهُ أَوَّلًا وَصُحِّحَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِبَارَةُ تُوهِمُ أَنَّ الْمَنْفِيَّ رُتْبَتُهُ مَعَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ وِلَايَتُهُ رَأْسًا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ) بَلْ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ بِالتَّعْصِيبِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ فِي الْحَاكِمِ أَوْ الْكَفَالَةِ فِي الْكَافِلِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَا يُشْفِقُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَوْ غَابَ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ مَاتَ أَبُوهَا وَغَابَ أَهْلُهَا أَيْ عَصَبَتُهَا أَيْ لَمْ يُوجَدْ كُلٌّ مِنْ أَبِيهَا وَأَهْلِهَا وَلَا يَظْهَرُ بَقَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى مَنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ لَمْ يَمُتْ وَغَابَ أَهْلُهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَقَلُّ الْكَفَالَةِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَشَرَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ قَدْ عَلِمْت) أَيْ مِنْ خَارِجِ هَذَا يُؤْذَنُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ اعْتِبَارُ ظَاهِرِهَا وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ عب وَرَجَّحَ اللَّقَانِيِّ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَنَّ الْكَافِلَ يُزَوِّجُ الشَّرِيفَةَ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِتَقْدِيمِهِ الْإِطْلَاقَ وَهُوَ يُؤْذِنُ بِأَرْجَحِيَّتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَدْرَ جَعَلَ الْإِطْلَاقَ مُعْتَمَدَ الْمُصَنِّفِ وَالتَّقْيِيدَ اسْتِشْكَالًا مِنْهُ وَهُمَا قَوْلَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ لُحْمَةٌ) أَيْ عَلَقَةٌ وَارْتِبَاطٌ (قَوْلُهُ صِحَّتُهَا) أَيْ أَنَّهَا غَيْرُ مَرِيضَةٍ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ) مِنْ الْإِحْرَامِ وَلَا مُحَرَّمَةٍ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيَصِحُّ الْعَكْسُ وَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ عَضْلُهُ أَيْ أَوْ ثَبَتَ عَضْلُهُ أَوْ غَيْبَتُهُ (قَوْلُهُ فِي الدِّينِ) أَيْ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَقَوْلُهُ وَالْحَالُ أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا يُوجِبُ الْخِيَارَ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ تَقْرِيرَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْيَتِيمَةِ مَعْنَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ) أَيْ. وَأَمَّا الْمَالِكَةُ أَمْرَ نَفْسِهَا أَيْ الَّتِي هِيَ الرَّشِيدَةُ فَلَهَا أَنْ تَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَقْرُهَا) أَيْ أَوْ خَوْفُ الزِّنَا أَوْ الْخَوْفُ عَلَى مَالِهَا. (تَنْبِيهٌ) :، فَإِنْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ إثْبَاتِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَالظَّاهِرُ الْإِمْضَاءُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا، فَإِنْ وُجِدَ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَصَّ عَلَيْهَا ابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ نَاجِي وَالنَّوَادِرُ وَالتَّلْقِينِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالْبَرْزَلِيُّ إلَخْ لَكِنَّ الْعَمَلَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ لَمْ يَجْرِ بِهَا وَهِيَ مَجْمَعُ الْإِسْلَامِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) أَيْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ أَنَّهَا حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِذَا قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي عَلَى طَرِيقِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَيَدْخُلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 شُرُوعٌ مِنْهُ عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ وِلَايَةَ الْإِسْلَامِ عَامَّةٌ لَا تَخْتَصُّ بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيهَا مَدْخَلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً أَوْ دَنِيئَةً فَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِي امْرَأَةٍ دَنِيئَةٍ كَمُعْتَقَةٍ وَمُسْلِمَانِيَّةٍ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ بِهَا) أَيْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَيْ بِسَبَبِهَا (فِي دَنِيئَةٍ) أَيْ فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ دَنِيئَةٍ (مَعَ خَاصٍّ) أَيْ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ خَاصٍّ ذِي نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ وِلَايَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا الْفَتْوَى وَالْعَمَلُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ عُزِّرَ الزَّوْجَانِ فَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَهُوَ مُجْبِرٌ كَالْأَبِ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ وَالْوَصِيِّ فِي الْبِكْرِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبَرُ. (ص) كَشَرِيفَةٍ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الشَّرِيفَةَ أَيْ صَاحِبَةَ الْقَدْرِ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ وَالنَّسَبِ إذَا عُقِدَ نِكَاحُهَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَطَالَ مُكْثُهَا مَعَهُ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَا يُفْسَخُ حِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ الْوَاحِدُ وَالْوَلَدَانِ وَالسَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ لَا يَكُونَانِ طُولًا وَلِلْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ حِينَئِذٍ رَدُّ النِّكَاحِ وَإِجَازَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَكِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً لَهُ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ وَلِيُّهَا غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُوقَفُ الزَّوْجُ عَنْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الرَّدُّ) أَيْ، وَإِنْ قَرُبَ زَمَنُ الِاطِّلَاعِ عَلَى نِكَاحِ الشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ مِنْ وَقْتِ عَقْدِهِ دَخَلَ أَمْ لَا فَلِلْأَقْرَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الْأَقْرَبُ أَيْ وَبَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الرَّدُّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ فَالرَّدُّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ قَبْلَهُ. (ص) وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ عُقِدَ عَلَى الشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بَيْنَ عَدَمِ الطُّولِ قَبْلَ الْبِنَاءِ   [حاشية العدوي] فِيهَا الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى حِينَئِذٍ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي ابْنِ الْعَمِّ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْوِلَايَةُ بِالْفَتْحِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْعِتْقِ وَبِالْكَسْرِ فِي الْإِمَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ كَمُعْتَقَةٍ وَمُسْلِمَانِيَّةٍ) أَيْ وَسَوْدَاءَ حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج أَنَّ الْمُعْتَقَةَ والمسلمانية وَالسَّوْدَاءَ دَنِيئَةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ غَيْرَهَا شَرِيفَةٌ بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهَا بِحَسَبٍ أَوْ مَالٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حَالٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَصْفٌ يَحِلُّ بِالشَّرَفِ كَسُؤَالِ الْجَمِيلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْحَسَبِ مَفَاخِرُ الْآبَاءِ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ طِيبَ النَّسَبِ وَالْمُرَادُ بِالسَّوْدَاءِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ قَوْمٌ مِنْ الْقِبْط يَقْدَمُونَ مِنْ مِصْرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ سُودٌ اهـ أَيْ لَا كُلُّ سَوْدَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ) وَهِيَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً) وَفِي شَرْحِ شب الْمَشْهُورُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ) أَيْ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا الْفَتْوَى) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوِلَايَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ لَا تَعْزِيرَ مَعَ أَنَّهُمَا ارْتَكَبَا مُحَرَّمًا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّعْزِيرِ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُقْتَضٍ لِلْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ إنْ دَخَلَ وَطَالَ) لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَوَابًا وَإِلَّا فَلَهُ فَسْخُهُ، وَلَوْ طَالَ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الْبَدْرُ قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ أَيْ وَيُعَاقَبُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالشُّهُودُ وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْقَدْرِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْجَاهِ إلَخْ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الثَّلَاثَةُ السِّنِينَ فَأَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِقَوْلِهِ سِنِينَ ثُمَّ قَوْلُهُ فَأَكْثَرْيُنَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ إنَّ أَلْ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ فَنَقُولُ الْكَثْرَةُ مُتَحَقِّقَةٌ بِوَاحِدَةٍ عَلَى وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّ السَّنَتَيْنِ لَا يَكْفِيَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ أَلْ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَحِينَئِذٍ تَتَحَقَّقُ الْكَثْرَةُ بِثَلَاثٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَرَادَ بِذَلِكَ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَالْوَلَدُ الْوَاحِدُ) وَالتَّوْأَمَانِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ) فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ فَأَمْضَى النِّكَاحَ أَوْ رَدَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ لَا عَلَاقَةَ لِي أَوْ لَا أَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ بِرَدٍّ وَلَا إمْضَاءٍ فَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْحَاكِمِ دُونَ الْأَبْعَدِ (قُلْت) وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَا عَلَاقَةَ لِي فَقَدْ صَارَ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، فَإِنْ سَكَتَ فَنُصِحَ بِحُضُورِهِ لَهُ فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ كَلَامٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَعَقَدَ شَخْصٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ فَلِلْحَاكِمِ أَيْضًا الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ ضَامِنٌ (قَوْلُهُ أَيْ، وَإِنْ قَرُبَ زَمَنُ الِاطِّلَاعِ) أَيْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ) أَيْ أَطَالَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ ك وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ التَّأْوِيلَيْنِ، وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَلْتَذَّ مِنْهَا بِشَيْءٍ فَتُعَاضُ بِقَدْرِهِ وَانْظُرْ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّأْوِيلُ بِالتَّخْيِيرِ وَلَا يَظْهَرُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا فَرْقَ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلتَّخْيِيرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ الْوَاضِحِ فِيهِ التَّأْوِيلُ فَمَنْ يَقُولُ بِتَحَتُّمِ الْفَسْخِ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ وَمَنْ يَقُولُ بِالتَّخْيِيرِ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 أَوْ بَعْدَهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ جَازَ سَوَاءٌ دَخَلَ أَمْ لَا، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ بِحِدْثَانِ الدُّخُولِ فَذَلِكَ لَهُ. وَأَمَّا إنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَهُ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَمْضَيْته إنْ كَانَ صَوَابًا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ وَهُوَ ابْنُ سَعْدُونٍ الْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ انْتَهَى. (ص) وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ (ش) أَيْ وَصَحَّ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَبِالْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ كَعَمٍّ مَعَ أَخٍ أَوْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقٍ وَالصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى لَا مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَإِلَّا لَفُسِخَ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ فَقَالَ (وَلَمْ يَجُزْ) أَيْ ابْتِدَاءً بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْ إمْضَاءَهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِلْخِلَافِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَالْأَوْلَى رُجُوعُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ لِلْجَمِيعِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ (ص) كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْوَلِيَّيْنِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ كَالْمُعْتِقَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ حُكْمُ الْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ فَيَصِحُّ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ مَعًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ غَيْرَ الْمُعْتِقَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَضَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ لَا فِي عَدَمِ الْجَوَازِ أَيْضًا إذْ هُوَ جَائِزٌ ابْتِدَاءً. وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ وَلِيَّتِهِ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إذْنًا مِنْهَا مُقَسِّمًا لَهَا إلَى بِكْرٍ وَثَيِّبٍ فَقَالَ (ص) وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ يَكْفِي فِي إذْنِهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ صَمْتُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُنَّ مِنْ الِامْتِنَاعِ مِنْ النُّطْقِ وَلِمَا يَلْحَقُهَا بِهِ مِنْ الْحَيَاءِ وَلِئَلَّا تُنْسَبَ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَيْلِ لِلرِّجَالِ وَهَذَا فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا مَاتَ أَبُوهَا أَوْ فُقِدَ أَوْ أُسِرَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَكَمَا يُكْتَفَى بِصَمْتِهَا فِي رِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ يُكْتَفَى بِهِ فِي تَفْوِيضِهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِهَا أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَتَفْوِيضِهَا) إذْ لَا يَعْقِدُ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ إلَّا بِتَفْوِيضٍ مِنْهَا لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَقَوْلُهُ كَتَفْوِيضِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فِيمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا) . وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ صَوَابًا فَلَهُ رَدُّهُ. (تَنْبِيهٌ) : يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الشَّرِيفَةِ صَحِيحٌ قَطْعًا لِلتَّخْيِيرِ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدَ التَّحَتُّمِ الْفَسْخُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ إنْ دَخَلَ وَطَالَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ مَعَ عَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمَ الطَّوْلِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ بَاطِلٍ فَكَانَ يَحْتَاجُ لِلْجَوَابِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ مَفْهُومَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ) أَيْ فَابْنُ التَّبَّانِ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالْقُرْبِ فَلِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ، وَإِنْ طَالَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَيْضًا فَسْخُهُ وَإِجَازَتُهُ، وَإِنْ طَالَ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ. (قَوْلُهُ وَبِأَبْعَدَ إلَخْ) وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ بِمَعْنَى مِنْ نَحْوُ شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلتَّعْدِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بِإِنْكَاحٍ أَبْعَدَ، فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَفْسُقُ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ إمْضَاؤُهُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ أَبْعَدَ قُلْنَا لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَائِلٌ بِالْجَوَازِ وَالْمُرَادُ بِالْأَبْعَدِ الْمُؤَخَّرِ عَنْ الْآخَرِ فِي الرُّتْبَةِ وَبِالْأَقْرَبِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ فَيَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَفُسِخَ) أَيْ لَوْ قُلْنَا مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ لَتَحَتَّمَ الْفَسْخُ وَقَوْلُهُ وَلَمَّا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الصِّحَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ أَيْ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ أَيْ يَقَعُ فِي الْوَهْمِ بِرُجْحَانِ الْجَوَازِ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُرَاعَاةً لِلثَّانِي وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْخِلَافِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُطْلَقَةٌ دَخَلَ أَمْ لَا وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ الدُّخُولِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَيُلْمَحُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَبَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجُزْ هَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّحْرِيمِ وَجُلُّ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَمَبْنَاهُمَا هَلْ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ أَوْ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ مَعًا) بِأَنْ يُجْعَلَ مِثَالًا لِمَحْذُوفٍ كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ كَأَحَدِ الْعَمَّيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ إلَخْ وَيَشْمَلُ أَبَوَيْ مَنْ أَلْحَقَتْهَا الْقَافَّةُ بِأَبَوَيْنِ إذَا لَمْ يَكُونَا مُجْبَرَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْآخَرُ كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْمُجْبِرَيْنِ وَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهَا لِلتَّشْبِيهِ وَيَلْحَقُ بِالْمُعْتَقَيْنِ غَيْرُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ إنَّ الْمُرْتَضَى إلَخْ) أَيْ وَحِلُّهُ الْأَوَّلُ نَاظِرٌ فِيهِ لِلظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ. (قَوْلُهُ رِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ) فِيهَا قَلْبٌ وَالْأَصْلُ وَصَمْتُ الْبِكْرِ رِضًا حَيْثُ يَفْتَقِرُ الْعَقْدُ لِإِذْنِهَا وُجُوبًا فِي الَّتِي لَا تُجْبَرُ وَنَدْبًا فِي الَّتِي تُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَصَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ عَضَلَهَا أَبُوهَا (قَوْلُهُ أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً) هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الثَّيِّبِ. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَيَكْفِي صَمْتُهَا فِي التَّفْوِيضِ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ إنْكَارِ ذَلِكَ وَقَالَ هُوَ حَقٌّ لَهُ قَدْ اسْتَخْلَفَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَالْوَلِيُّ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ بِكْرًا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْبِكْرِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَخْطُوبَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى وَتُعِيدَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنًى آخَرَ، وَلَوْ مَجَازًا وَشِبْهُ الِاسْتِخْدَامِ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى وَتُعِيدَهُ بِاسْمِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 يَأْتِي وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ. وَأَمَّا تَفْوِيضُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ وَبِعِبَارَةٍ كَتَفْوِيضِهَا أَيْ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النُّطْقُ، وَلَوْ ثَيِّبًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ حَضَرَتْ أَوْ غَابَتْ. (ص) وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْبِكْرِ أَنَّ صَمْتَهَا إذْنٌ مِنْهَا فَيُقَالُ لَهَا إنْ فُلَانًا خَطَبَك عَلَى صَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا الْمُعَجَّلُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ مِنْهُ كَذَا، فَإِنْ رَضِيت فَاصْمُتِي وَإِنْ كَرِهْت فَانْطِقِي وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ وَلِابْنِ شَعْبَانَ ثَلَاثًا. (ص) وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِهِ فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ إذَا سَكَتَتْ حَتَّى عُقِدَ نِكَاحُهَا ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الصَّمْتَ إذْنٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا ذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأَشْيَاخِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَلَعَلَّ مُقَابِلَهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَقَلِّ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَوْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَمِيدِ. (ص) ، وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ (ش) لَا إشْكَالَ أَنَّهَا إذَا مَنَعَتْ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ لَا تُزَوَّجُ وَإِلَّا لَذَهَبَتْ فَائِدَةُ اسْتِئْذَانِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا نَفَرَتْ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا بِأَنْ قَامَتْ أَوْ غَطَّتْ وَجْهَهَا حَتَّى ظَهَرَ كَرَاهِيَتُهَا (ص) لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ (ش) يَعْنِي فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ؛ لِأَنَّ الضَّحِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهَا. وَأَمَّا الْبُكَاءُ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ هُوَ رِضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ بَكَتْ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَتَقُولُ فِي نَفْسِهَا لَوْ كَانَ أَبِي حَيًّا لَمَا احْتَجْت إلَى ذَلِكَ. (ص) وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ (ش) الْمُرَادُ بِالْإِعْرَابِ هُنَا الْإِفْصَاحُ وَالظُّهُورُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الثَّيِّبَ لَا تَأْذَنُ إلَّا بِالْقَوْلِ لِفَقْدِ مَا عُلِّلَ بِهِ صَمْتُ الْبِكْرِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَوْلُهُ تُعْرِبُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ. وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ كَمَا مَرَّ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا مِنْ الْأَبْكَارِ وَإِنَّمَا قَالَ تُعْرِبُ وَلَمْ يَقُلْ تَنْطِقُ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ (ص) كَبِكْرٍ رَشَدَتْ أَوْ عَضَلَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ عَيْبٍ أَوْ يَتِيمَةٍ أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ رِضَا الْبِكْرِ صَمْتُهَا وَأَنَّ الثَّيِّبَ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الصَّمْتَ كَافٍ فِي كُلِّ بِكْرٍ وَأَنَّ النُّطْقَ خَاصٌّ بِالثَّيِّبِ فَدَفَعَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْكَارَ السَّبْعَ لَا يَكُونُ رِضَاهُنَّ إلَّا بِالنُّطْقِ كَالثَّيِّبِ الْأُولَى الْبِكْرُ الْبَالِغُ الْمُرْشَدَةُ، وَلَوْ ذَاتَ أَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَشَّدَهَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا عَارِفَةٌ بِمَصَالِحِ نَفْسِهَا وَمَا يُرَادُ مِنْهَا فَفَارَقَتْ غَيْرَهَا وَحُكْمُهَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الثَّيِّبِ فَإِذَا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ مَضَى ذَلِكَ الثَّانِيَةُ الَّتِي عَضَلهَا أَيْ مَنَعَهَا وَلِيُّهَا عَنْ النِّكَاحِ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ فَزَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا. وَأَمَّا لَوْ أَمَرَ الْحَاكِمُ أَبَاهَا بِتَزْوِيجِهَا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْبِرُهَا وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ الثَّالِثَةُ الَّتِي زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ أَيْ وَلَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ يَنْظُرُ فِي مَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ مُشْتَرِيَةٌ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لَا يَلْزَمُ بِالصَّمْتِ وَانْظُرْ مَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ فِي الْكَبِيرِ الرَّابِعَةُ الَّتِي زُوِّجَتْ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ   [حاشية العدوي] الظَّاهِرُ بِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَقُولَ وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ كَتَفْوِيضِ الْبِكْرِ أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَخْطُوبَةِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ لَهَا نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك فَوَّضْت الْعَقْدَ لِوَكِيلِك أَوْ هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ فِي الْعَقْدِ فَسَكَتَتْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَيُكْتَفَى بِهِ فِيهِمَا غَابَتْ أَوْ حَضَرَتْ. وَأَمَّا إنْ لَمْ تَسْأَلْ وَأَرَادَتْ أَنْ تُفَوِّضَ لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ السُّكُوتُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيت فَاصْمُتِي) مِنْ بَابِ قَتَلَ أَيْ فَاسْكُتِي عَبْدِ الْمَلِكِ وَيُطِيلُونَ الْجُلُوسَ عِنْدَهَا قَلِيلًا لِئَلَّا تَهَابَ وَتَخْجَلَ فِي وَقْتِ دُخُولِهِمَا فَتَمْتَنِعُ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِعْلَامَ يَكْفِي مِنْهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ بِالْبَلَهِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاللَّامِ (قَوْلُهُ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَمِيدِ) فَإِنَّهُ يَقُولُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْجَهْلِ إذَا عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ) فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ فَلَوْ زَوَّجَتْ مَعَ النَّفْرِ لَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ أَبَدًا وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهَا مَنْعٌ وَهَذِهِ قَدْ أَظْهَرَتْهُ (قَوْلُهُ هُوَ رِضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ بَكَتْ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا) أَيْ لِاحْتِمَالٍ رَاجِحٍ عَلَى مُقَابِلِهِ الَّذِي هُوَ كَرَاهَةُ التَّزْوِيجِ وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُهُ رِضًا، فَإِنْ أَتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ بِمُتَنَافِيَيْنِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْأَخِيرِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ) أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ لَا إنْ غَابَتْ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَيُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ الْبِكْرُ عَلَى مَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِالْإِعْرَابِ الْإِفْصَاحَ وَالظُّهُورَ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ كَبِكْرٍ رَشَدَتْ) رَشَّدَهَا أَبِيهَا أَوْ وَصِيُّهَا وَهَلْ لِلْأَبِ رَدُّ تَرْشِيدِهَا إلَى وِلَايَتِهِ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ يَثْبُتْ مُوجِبُ الرَّدِّ أَوْ عَدَمِهِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى مَا ثَبَتَ (قَوْلُهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهَا) عَطْفٌ مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِعَرْضٍ) أَيْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوِّجُونَ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا) إلَّا مِنْ قَوْمٍ تُزَوِّجُ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِنُطِقْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَلَا كَلَامَ لَهَا (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا يَرِدُ إلَخْ) أَيْ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَيْعَ يُكْتَفَى فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالصَّمْتُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِالْعَرْضِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَيُزَوِّجُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِالْعَرْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِي الْعِوَضَيْنِ الْحَقِيقِيَّيْنِ وَالْبِضْعُ مَعَ الصَّدَاقِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَيْ قَوْلُهُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إلَخْ أَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْهَا مِثْلُ النُّطْقِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ بِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ جَعْلُهَا مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي تُعْرِبُ فِيهَا وَلَا يُرَادُ بِالْإِعْرَابِ مَا قَابَلَ الصَّمْتَ لِيَشْمَلَ الْإِشَارَةَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وَلَوْ كَانَ لِأَبِيهَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ فَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ وَقِيلَ إنْ كَانَ لِأَبِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ كُفْءٌ لِلْحُرَّةِ لِمَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ مِثْلُهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ عَبْدِ غَيْرِ أَبِيهَا الْخَامِسَةُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِذِي عَيْبٍ يُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ، وَلَوْ مُجْبَرَةً وَعِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ هَذِهِ فِي الْيَتِيمَةِ كَمَا فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِهَا هُنَا إلَّا النُّطْقُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ تَدْخُلُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهَا السَّادِسَةُ الْيَتِيمَةُ الصَّغِيرَةُ الْمُحْتَاجَةُ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَإِنَّمَا أَعَادَهَا جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ مُقَيَّدَةً بِالْحَاجَةِ ذَكَرَهَا بِوَصْفِ الْيُتْمِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ الْيُتْمُ بِهَا السَّابِعَةُ الَّتِي يَتَعَدَّى الْوَلِيُّ عَلَيْهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِافْتِيَاتِ فَيُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ تُسْتَأْذَنُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَتَفْتَقِرُ إجَازَتُهَا إلَى النُّطْقِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمَّا تَعَدَّى عَلَيْهَا افْتَقَرَتْ لِلتَّصْرِيحِ لِنَفْيِ الْعَدَاءِ فَقَوْلُهُ أَوْ اُفْتِيتَ أَيْ الْبِكْرُ الْمُفْتَاتُ عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا غَيْرَ مُجْبَرَةٍ إذْ الْمُجْبَرَةُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا افْتِيَاتٌ. (ص) وَصَحَّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يَقْرَبْهُ حَالَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا يَصِحُّ بِشُرُوطٍ إنْ رَضِيَتْ بِالنُّطْقِ كَمَا مَرَّ وَقَرُبَ زَمَنُ رِضَاهَا مِنْ الْعَقْدِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِالسُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمِ مِنْ حَيِّزِ الْبُعْدِ، فَإِنْ بَعُدَ فَلَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ كَالشَّرْطِيِّ أَمْ لَا وَكَوْنِ الْمَرْأَةِ بِالْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِافْتِيَاتُ فَلَوْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ الْوَاقِعُ مِنْهُ الِافْتِيَاتُ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى إذْنَهَا أَوْ سَكَتَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالِافْتِيَاتِ فُسِخَ أَبَدًا اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَرُبَ رِضَاهَا وَأَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا، فَإِنْ رَدَّتْ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا، وَإِنْ قَرُبَ. وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ أَنَّ إنْكَاحَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَشْخَاصًا ثَلَاثَةً أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ (ش) أَيْ، وَإِنْ أَجَازَ النِّكَاحَ وَلِيٌّ مُجْبِرٌ كَسَيِّدٍ أَوْ أَبٍ فِي عَقْدٍ صَدَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ ابْنٍ لِلْمُجْبِرِ وَهُوَ أَخُو الْمُجْبَرَةِ وَأَخٌ لَهُ وَهُوَ عَمُّهَا وَجَدٌّ لِلْمُجْبَرَةِ وَهُوَ أَبُو الْمُجْبَرَةِ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُجْبِرُ فَوَّضَ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ أُمُورَهُ وَثَبَتَ تَفْوِيضُهُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ لَا بِقَوْلِ الْمُجْبِرِ فَقَوْلُهُ مُجْبِرٌ بِالْأُبُوَّةِ أَوْ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَوَّضَ بِالنَّصِّ أَوْ بِالْعَادَةِ وَقَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِفَوَّضَ وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ عَلَى التَّفْوِيضِ بِالصِّيغَةِ أَوْ الْعَادَةِ بِأَنْ تَقُولَ رَأَيْنَا قَرِيبَهُ الْمَذْكُورَ يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَالْمُرَادُ بِالتَّفْوِيضِ بِالصِّيغَةِ الَّتِي حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى مَا يَعُمُّهُ وَهُوَ مَا يَحْتَاجُ لِإِجَازَةٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ فَوَّضْت إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِي أَوْ أَقَمْته مَقَامِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِأَحَدِهِمَا فَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا بِالصِّيغَةِ أَمَّا إنْ كَانَ بِهَا لَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى إجَازَةٍ فَالتَّفْوِيضُ بِالصِّيغَةِ لَهُ صُورَتَانِ كَمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِأَبِيهَا إلَخْ) بَالَغَ عَلَى مَا ذُكِرَ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ الْأَبُ مُجْبِرٌ فَلَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ لِأَبِيهَا إلَخْ) مُفَادُ عج اعْتِمَادُ هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ) كَلَامُهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِذِي عَيْبٍ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْيَتِيمَةَ حَقِيقَةٌ فِي الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ. وَأَمَّا وَصْفُ الْبَالِغِ بِهِ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ فَصَحَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ الَّتِي يَتَعَدَّى الْوَلِيُّ عَلَيْهَا) وَكَذَا إذَا كَانَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مَعًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ مُطْلَقًا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَلَوْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ. (قَوْلُهُ بِالْبَلَدِ) ، وَلَوْ بَعْدَ طَرَفَاهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ الْبَلَدُ وَاحِدَةً نَزَلَ بَعْدَ الطَّرَفَيْنِ مَنْزِلَةَ الْقُرْبِ بِخِلَافِ الْبَلَدَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَتَا فَإِنَّ شَأْنَهُمَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهَا الْمُقَدَّرِ بَعْدَ صَحَّ أَيْ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حَالَ كَوْنِهَا بِالْبَلَدِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ يَكُونُ الْعَقْدُ بِالسُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمِ مِنْ حَيِّزِ الْبُعْدِ) هَذَا الْحَدُّ لِعِيسَى (قَوْلُهُ وَيُسَارُ إلَيْهَا) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ لَيْسَ فِيهَا نَقْطٌ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَوْمِ مِنْ حَيِّزِ الْبُعْدِ) لَا يَخْفَى تَعَارُضُ مَفْهُومِ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَفْهُومِ هَذَا مُرَاعَاةٌ لِقَوْلِ سَحْنُونَ الْيَوْمَانِ مِنْ الْقُرْبِ وَعَنْهُ مَا بَيْنَ مِصْرَ وَالْقُلْزُمِ قَرِيبٌ وَمَا بَيْنَ مِصْرَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة أَوْ أُسْوَانَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ كَالشَّرْطِيِّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا فَيَصِحُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ وَالْمَرْأَةُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ حِينَ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مُتَأَتٍّ، وَلَوْ قُرْبَ رِضَاهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَلَ الْقُرْبُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا) أَيْ وَأَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِثْلَ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا الِافْتِيَاتُ عَلَيْهِ فَقَطْ. وَأَمَّا إذَا اُفْتِيتَ عَلَيْهِمَا مَعًا فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ جُمْلَةَ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ الرِّضَا وَقُرْبُهُ وَكَوْنُهُ بِالْبَلَدِ وَأَنْ لَا يُقِرَّ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ وَأَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا وَأَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَى الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي جَعْلِهِ مُتَعَلِّقًا بِفَوَّضَ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَخُو الْمُجْبَرَةِ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِيمَا إذَا زُوِّجَتْ بِنْتُهُ لَا أَمَتُهُ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُزَوِّجَ أَخُو الْمُجْبَرَةِ أَوْ ابْنُهُ أَوْ جَدُّهُ (قَوْلُهُ وَجَدٌّ لِلْمُجْبَرَةِ) وَيُحْتَمَلُ جَدُّ أَبِيهَا الْمُجْبِرِ (قَوْلُهُ يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِ) أَيْ يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَرَّحِ بِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ فَلَا (قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يَقُولَ) خَبَرُ الْمُرَادِ وَقَوْلُهُ هُوَ مَا يَحْتَاجُ هَذَا مَا يَعُمُّ الصِّيغَةَ وَالْعَادَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْعِبَارَةَ عَلَى مَعْنًى إنَّمَا حَمَلَهَا عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لَهُ صُورَتَانِ) أَيْ فَوَاحِدَةٌ تَحْتَاجُ لِإِذْنٍ وَوَاحِدَةٌ لَا تَحْتَاجُ لِإِذْنٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 عَلِمْت وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ بَلْ غَيْرُهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ مِثْلُهُمْ بَلْ وَالْأَجْنَبِيُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذَا قَامَ هَذَا الْمَقَامَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي وَلِيٍّ لَهَا لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ (ص) وَهَلْ إنْ قَرُبَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ الْجَوَازِ بِإِجَازَةِ الْمُجْبِرِ إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ حَمْدِيسٌ أَوْ مُطْلَقًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ تَأْوِيلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ. وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ إلَخْ أَنَّ غَيْرَ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ إنْكَاحُهُ لِلْمُجْبَرَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُجْبَرِ، وَلَوْ أَجَازَهُ حَضَرَ الْمُجْبِرُ أَوْ غَابَ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ ذُكِرَ أَنَّ لِغَيْبَةِ الْمُجْبَرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَرِيبَةً وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي كَعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَأَخٍ وَجَدٍّ إذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُجْبَرَةَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً مَجْنُونَةً فِي غَيْبَةِ أَبِيهَا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ التَّزْوِيجَ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ أَجَازَهُ الْأَبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ ضَرَرُ الْأَبِ بِهَا وَإِلَّا زُوِّجَتْ وَيَصِيرُ كَالْعَاضِلِ الْحَاضِرِ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا عَلَيْهِ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَمِثْلُ الْأَبِ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُجْبَرَتِهِ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ لِأَجْلِ الْأَقْسَامِ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْحُرَّةِ. (ص) وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ يَعْنِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَغَايَتُهَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ مَسَافَةُ إفْرِيقِيَّةَ أَيْ الْقَيْرَوَانُ وَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهَا فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِصْرَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ بِهَا وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَظَهَرَ مِنْ مِصْرَ) وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَ قَوْلَ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ نَحْوُ شَهْرٍ وَبَيْنَ مِصْرَ وَأَفْرِيقِيَّةَ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَكَمَا تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِيطَانِ لِلْمُجْبَرَةِ تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى اشْتِرَاطِ الِاسْتِيطَانِ بِالْفِعْلِ لَهُ وَلَا يَكْفِي مَظِنَّتُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) . (ص) كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَةَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بَلْ وَالْأَجْنَبِيُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ) وَهُوَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ تَفْوِيضُ الْأَبِ فَلَا فَرْقَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ قَالَ شب وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَفِي شَرْحِ عب تَضْعِيفُهُ بَلْ شَارِحُنَا حَيْثُ يَقُولُ فَلَوْ قَالَ فِي وَلِيٍّ إلَخْ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ابْنٍ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُفَوَّضُ لَهُ نَصًّا أَوْ عَادَةً بِنْتَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَمْضِ، وَإِنْ أَجَازَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ، وَلَوْ تَفْوِيضًا لَهُ بِالنَّصِّ مِنْ إجَازَةِ الْمُجْبَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ بِالنَّصِّ لَا يُزَوِّجُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُجْبِرِ ابْنَتَهُ وَلَا يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ وَلَا عَبْدَهُ وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عُرْفًا عَنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ هُنَا كَالْقُرْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ وَفُسِخَ تَزْوِيجُ) هَذَا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَتُرْفَعُ لِلْقَاضِي فَيُزَوِّجُهَا (قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا) أَيْ ذَهَابًا وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّحْوَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِخَمْسَةٍ وَعَشْرَةٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَتَعَارَضُ مَفْهُومُ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ كَمَا إذَا زَوَّجَهَا عَلَى مَسَافَةِ شَهْرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَشَرَةِ وَفِي عِبَارَةِ عب (تَنْبِيهٌ) : يَتَعَارَضُ قَوْلُهُ كَعَشَرَةٍ وَكَإِفْرِيقِيَّةَ فِي غَيْبَتِهِ بِمَسَافَةٍ فَوْقَ كَعَشَرَةٍ وَدُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَكِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ عَلَى مَا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِي قَائِلِينَ إنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا) نُسْخَةُ الشَّارِحِ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَخْ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ فَيُرْسِلُ لَهُ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَوَّجَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الْحَاكِمُ فَلَوْ تَبَيَّنَ ضَرَرُ الْأَبِ بِهَا فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِدُونِ كَتْبٍ فَهَلْ يَمْضِي أَوْ يَصِحُّ. (قَوْلُهُ أَيْ الْقَيْرَوَانُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ إفْرِيقِيَّةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْمُرَادُ الْقَيْرَوَانُ؛ لِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ كَانَتْ عَامِرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ) يُقَالُ وَابْنُ الْقَاسِمِ حِينَ قَرَّرَهَا لَمْ يُقَيِّدْهَا فَأَفَادَ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ بَعِيدَةٌ مِنْ الْبَلَدَيْنِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي وَعِبَارَةُ عب وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ غَالِبًا بِغَيْبَتِهِ الْمَسَافَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةً وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ، وَلَوْ خِيفَ فَسَادُهَا خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُجْبِرُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِدُونِ إذْنِهَا اهـ وَلَكِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ اللَّخْمِيِّ. (تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَزُوِّجَ بِالْبَالِغِ دُونَ غَيْرِهَا مَا لَمْ يَخَفْ ضَيْعَةً ذَكَرَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ غَالِبًا وَلَمْ تُعْدَمْ النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ. وَأَمَّا مَنْ لَا تَطُولُ إقَامَتُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُزَوَّجُ حَيْثُ لَمْ تَعْدَمْ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، فَإِنْ عَدِمَتْ النَّفَقَةَ أَوْ خُشِيَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ فَيُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَهَذَا مَا قَالَهُ عج لَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهَا تُزَوَّجُ إذَا قَطَعَ عَنْهَا الْأَبُ النَّفَقَةَ وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ اتِّفَاقًا هَكَذَا بِالْوَاوِ فَاعْتَبَرَ الْأَمْرَيْنِ وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِمَنْ اعْتَبَرَ قَطْعَ النَّفَقَةِ فَقَطْ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغَائِبِ عَضْلٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ بِمَنْزِلَةِ عَضْلِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 لَيَالٍ أَوْ نَحْوِهَا وَدَعَتْ لِكُفْءٍ وَأَثْبَتَتْ مَا تَدَّعِيهِ مِنْ الْغَيْبَةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْكَفَاءَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدَ؛ لِأَنَّ غَيْبَةَ الْأَقْرَبِ لَا تَسْقُطُ حَقُّهُ وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ وَحَذْفُ التَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ الثَّلَاثِ لِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّلَاثِ وَمَا نَقَصَ عَنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ لَكِنْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ إلَيْهِ، فَإِنْ حَضَرَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدَ. (ص) ، وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ غَيْبَةِ أَبِي الْبِكْرِ وَهُوَ مَا إذَا حَصَلَ لَهُ أَسْرٌ أَوْ فُقِدَ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ فَيَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُزَوِّجُهَا وَلِهَذَا قَالَ (فَالْأَبْعَدُ) أَيْ فَالْأَبْعَدُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا لَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ جَرَتْ عَلَى الْبِكْرِ النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ. (ص) كَذِي رِقٍّ وَصِغَرٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي شُرُوطِ الْوَلِيِّ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لَا حَقَّ لَهُ وَالْحَقُّ إنَّمَا هُوَ لِلْأَبْعَدِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَرَقِيقُ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى إمَائِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا كَمَا يَأْتِي فَإِنْكَاحُ الرَّقِيقِ بَاطِلٌ يُفْسَخُ أَبَدًا بِطَلْقَةٍ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَإِنْ دَنِيُّهُ، وَإِنْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَالِغًا احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَأْمُرُ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ شَرْطُهُ الْعَقْلُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَعَتَهٌ) أَيْ وَجُنُونٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ (وَأُنُوثَةٌ) مَا قِيلَ فِي صِغَرٍ أَيْ فَالْأُنْثَى مَسْلُوبَةٌ وِلَايَتُهَا عَنْ مِثْلِهَا لِلذَّكَرِ الْأَبْعَدِ عَنْهَا وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهُ حَلَالًا وَكَوْنُهُ مُسْلِمًا عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ يَأْتِي. وَكَوْنُهُ عَدْلًا عَلَى قَوْلٍ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) ذِي (فِسْقٍ) فَلَا يَسْلُبُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ يَسْلُبُ الْكَمَالَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَسُلِبَ الْكَمَالُ) أَيْ وَسَلَبَ الْفِسْقُ الْكَمَالَ عَنْ الْوِلَايَةِ لَكِنْ إنْ أُرِيدَ بِهِ تَقْدِيمُ الْأَبْعَدِ الْعَدْلِ عَلَى الْأَقْرَبِ الْفَاسِقِ فَبَعِيدٌ، وَإِنْ أُرِيدَ رُجْحَانُ الْعَدْلِ الْمُسَاوِي فِي الْقَرَابَةِ عَلَى مُسَاوِيهِ فَقَرِيبٌ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةٌ عَنْ الْمَرْأَةِ ذَكَرَ أَنَّ لَهَا وِلَايَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ أَنَّ لَهَا التَّوْكِيلُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ فِي مَسَائِلَ ثَلَاثٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ وَوَصِيَّةٌ وَمُعْتَقَةٌ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ تُوَكِّلُ حُرًّا ذَكَرًا يُبَاشِرُ عَقْدَ مَمْلُوكَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْوَصِيَّةُ تُوَكِّلُ رَجُلًا يَعْقِدُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي إيصَائِهَا فَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ مُوصَاةً عَلَى أَيْتَامٍ تَخْتَارُ الْأَزْوَاجَ وَتُقَرِّرُ الْأَصْدِقَةَ ثُمَّ تَقُولُ اعْقِدُوا فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَعْقِدْنَ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتِقَةُ بِكَسْرِ التَّاءِ تُوَكِّلُ فِي تَزْوِيجِ مَوْلَاتِهَا. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلَةِ فِي الثَّلَاثِ وَمِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأَوْلَى، وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ عَلَى وَلِيِّ النَّسَبِ لَا فِي الثَّالِثَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ تَقْدِيمِ وَلِيِّ النَّسَبِ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ عَاصِبُ نَسَبٍ فَلَيْسَ لِلْمُعْتِقَةِ بِالْكَسْرِ أَنْ تُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ إذْ لَيْسَ لَهَا وِلَايَةٌ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ وَلَمَّا ذَكَرَ سَلْبَ الْوِلَايَةِ عَنْ ذِي الرِّقِّ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ كَبَعْضِ الْإِنَاثِ الْمَذْكُورَاتِ مُشَبِّهًا لَهُ بِهَا بِقَوْلِهِ (كَعَبْدٍ أُوصِيَ) عَلَى إنَاثٍ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُبَاشِرُ عَقْدَهُنَّ نِيَابَةً عَمَّنْ أَوْصَاهُ عَلَيْهِنَّ فَوَكِيلُهُ نَائِبُ نَائِبٍ وَلَا يَضُرُّهُ وَصْفُ رَقِّهِ اللَّازِمِ السَّالِبِ لِوِلَايَتِهِ عَنْ ابْنَتِهِ مَثَلًا إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً، وَلَوْ وَكَّلَ فِيهَا كَانَ وَكِيلُهُ نَائِبَ وَلِيٍّ أَصْلِيٍّ وَالْأَصْلِيَّةُ مَسْلُوبَةٌ عَنْهُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا. كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَمُكَاتَبٌ) يُوَكِّلُ (فِي) تَزْوِيجِ (أَمَتِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا) أَوْ غِبْطَةً لِمَهْرِهَا (وَإِنْ كَرِهَ) ذَلِكَ (سَيِّدُهُ) لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَكَّلَ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ غَيْبَةِ أَبِي الْبِكْرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ أَبِي الْبِكْرِ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْلَى فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ أَيْ فِي أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُزَوِّجُهَا إلَخْ) قَالَ فِي ك وَيَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ الْوَلِيُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ طُولَ غَيْبَةِ الْأَبِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ وَالْجَهْلَ بِمَكَانِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إنْكَاحُهَا وَصُوِّبَ أَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَسِيرٍ وَبَعِيدِ غَيْبَةٍ. (تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمَحْبُوسَ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا تُزَوَّجُ بِنْتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ وَخُرُوجَهُ مَرْجُوٌّ إنْ قَالَهُ تت وَفِي التَّوْضِيحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِي الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا. وَأَمَّا الْمُطْبِقُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ جُنُونٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ) أَيْ إذَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ. وَأَمَّا الطَّارِئُ فَيَنْبَغِي انْتِقَالُهُ لِلسُّلْطَانِ (قَوْلُهُ فَبَعِيدٌ) لَا بُعْدَ أَصْلًا خُصُوصًا وَبَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ الْوَلِيِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لَهُ (قَوْلُهُ وَلَمَّا ذَكَرَ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ لَوْ قَالَ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهَا الْعَقْدَ عَلَى الْأُنْثَى وَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا أَصْلًا ذَكَرَ أَنَّ لَهَا وِلَايَةً فِي الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ) ، وَلَوْ قَصَدَتْ التَّوْكِيلَ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَكَانَتْ الْوِلَايَةُ تَبَعًا أَيْ لَا كَافِلَةً إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ مَالِكَةً) أَيْ فِي تَزْوِيجِ الْأُنْثَى احْتِرَازًا عَنْ الذَّكَرِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا يَلِي تَزْوِيجَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا (قَوْلُهُ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ) أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ابْنَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ) مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحَيْثُ كَانَتْ الْأَصْلِيَّةُ مَسْلُوبَةً عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يُوَكِّلَ (قَوْلُهُ وَغِبْطَةً) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَضْلًا فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ، فَإِنْ جَهِلَ هَلْ زَوَّجَهَا لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ أَمْ لَا حُمِلَ عَلَى عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَقَصَ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 وَلَوْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَوْلِيَاءُ ابْنَتِهِ الْحُرَّةِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِطَلَبِهِ الْفَضْلُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا يَزِيدُ عَمَّا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَزَائِدًا عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ شَرْطَ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَنَعَ إحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِحْرَامَ الْكَائِنَ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَقْبَلُ زَوْجٌ وَلَا تَأْذَنُ زَوْجَةٌ وَلَا يُوجِبُ وَلِيٌّ مُحْرِمُونَ وَلَا يُوَكِّلُونَ وَلَا يُجِيزُونَ إلَى إتْمَامِ الْإِحْلَالِ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَجَائِزٌ وَلَا يَطَأُ حَتَّى يُحِلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهُ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ لِمَا هُوَ أَعَمُّ. (ص) كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ ذَكَرَ أَنَّ كُفْرَ الْوَلِيِّ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ (ص) وَعَكْسُهُ (ش) أَيْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي عَكْسِ هَذَا الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُسْلِمًا وَالْمَرْأَةُ كَافِرَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] فَلَوْ زَوَّجَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ أَيْ، وَإِنْ عَقَدَ لِمُسْلِمٍ لَا يُتْرَكُ بَلْ يُفْسَخُ فَمَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ. وَأَمَّا الْفَسْخُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ (ص) إلَّا لِأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ كَافِرَةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمُعْتَقَةُ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ بِأَنْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَهْلُ الْكُفْرِ إلَّا أَنْ تُسْلِمَ. (ص) وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى السَّلَبِ فَإِنَّ الْكَافِرَ يُزَوِّجُ وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ لِمُسْلِمٍ وَأَوْلَى لِكَافِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرَةِ وَلِيٌّ كَافِرٌ فَأَسَاقِفَتُهُمْ، فَإِنْ امْتَنَعُوا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلسُّلْطَانِ جَبَرَهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ التَّظَالُمِ الَّذِي لَهُ نَظَرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ فَرْعًا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَجَرَّأَ الْمُسْلِمُ وَعَقَدَ عَلَى وَلِيَّتِهِ الْكَافِرَةِ بَعْدَ أَنْ قُلْنَا بِسَلْبِ وِلَايَتِهِ عَنْهَا فَقَالَ (وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ) وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ؛ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ فِي الزِّنَا إذَا لَمْ يُعْلِنُوهُ فَأَحْرَى النِّكَاحُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِمَا أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مُعْتَقَةَ الْعَاقِدِ فَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْأَمَةَ الْكَافِرَةَ إنَّمَا تُوطَأُ بِالْمِلْكِ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ شَرْطَ الرُّشْدِ فِي الْوَلِيِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى النَّظَرِ وَقَوْلُهُ أَمَتُهُ أَيْ لَا فِي ابْنَتِهِ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا إلَخْ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا يَزِيدُ عَمَّا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَزَائِدًا عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا خَمْسِينَ وَبِعَيْبِ التَّزْوِيجِ أَرْبَعِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ تَزْوِيجِهَا عَيْبًا عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُزَوِّجُهَا بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ أَزِيدُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَمِنْ عَيْبِ التَّزْوِيجِ مَعًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَزِيدَ صَدَاقُهَا عَلَى مَا يَجْبُرُ بِهِ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمَنَعَ إحْرَامٌ إلَخْ) الْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ وَكَّلَ حِلًّا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَأَحَدُهُمْ مُحْرِمٌ فَسَدَ، وَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمًا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَالْجَمِيعُ حِلٌّ لَمْ يَفْسُدْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَنَائِبُهُ، وَلَوْ قَاضِيًا حَلَالٌ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ لِعُمُومِ مَصَالِحِ النَّاسِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي وَهُوَ مُحْرِمٌ وَنَائِبُهُ حَلَالٌ فَكَذَلِكَ صَحِيحٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَفْهَمْ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُوَكِّلُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالرَّمْيِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَطَافَ وَرَكَعَ لِلطَّوَافِ ثُمَّ عَقَدَ فَإِنَّ عَقْدَهُ يُفْسَخُ. (تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَسْتَمِرَّ الْمَنْعُ فِي الْحَجِّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ فَعَلَ السَّعْيَ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَتَمَامُ السَّعْيِ، فَإِنْ أَفَاضَ وَقَدْ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ وَعَقَدَ قَبْلَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فُسِخَ حَيْثُ قَرُبَ، فَإِنْ تَبَاعَدَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَجِّ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُعْدَ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَنْعِهِ وَفَسْخِهِ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ جَوَازِ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا طُولُ فِرَاقِ أَهْلِهِ فَأُبِيحَ لَهُ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَنْ أَنْشَأَ عَقْدًا قَبْلَهَا فَفِيهِ إحْدَاثُ مَا لَيْسَ فِيهِ نِكَاحُ حَاضِرٍ. (قَوْلُهُ لِمُسْلِمَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَمَا يَمْنَعُ وَصْفُ كُفْرٍ وِلَايَةَ كَافِرٍ لِمُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ) فَلَوْ زَوَّجَهَا فُسِخَ أَبَدًا (قَوْلُهُ {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] إلَخْ) أَيْ وَالْهِجْرَةُ كَانَتْ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ أَنَّ الْكَافِرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَتَأَمَّلْ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ مَعَ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ نَسْخَ الْمَنْطُوقِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ فَحَوَاهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا) لِعَبْدٍ كَافِرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا لِمُسْلِمٍ. وَأَمَّا الْكَافِرُ الْحُرُّ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ عَقْدَهُ لِلْكَافِرِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ) أَوْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْحَرْبِ. (قَوْلُهُ وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ) مَعَ مُرَاعَاةِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا (قَوْلُهُ لِمَا أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ لِمَا أَعَانَ الْكَافِرُ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ بَعَثَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 ص) وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (ش) أَيْ وَعَقَدَ السَّفِيهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى وَلِيَّتِهِ إذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ جَازَ إنْكَاحُهُ اتِّفَاقًا وَانْظُرْ لَوْ عَقَدَ ذُو الرَّأْيِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ وَلِيُّهُ. وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيُفْسَخُ وَالْمُرَادُ بِالرَّأْيِ الْعَقْلُ وَالدِّينُ وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ السَّفَهَ. (ص) وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَقْدُ النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ لِنَقْصٍ فِيهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا وُكَلَاءَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَيَقْبَلُوا لَهُ فَفِي سَمَاعِ عِيسَى لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَزِيَادَةُ ابْنِ شَاسٍ أَوْ صَبِيًّا لَا أَعْرِفُهُ وَاعْتَرَضَهُ الْمَشَذَّالِيُّ بِأَنَّهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُحْرِمُ فَلَا يُوَكِّلُ وَلَا يَتَوَكَّلُ وَالْمَعْتُوهُ. وَأَمَّا وَلِيُّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُوَكِّلُ إلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لَهَا وَلِهَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا وَلِيَّ إلَّا كَهُوَ (ش) أَيْ لَا وَلَيُّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُوَكِّلُ عَلَى نِكَاحِهَا إلَّا مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُ فِي اسْتِكْمَالِ شُرُوطِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فَلَا يُوَكِّلُ كَافِرًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صَبِيًّا وَلَا امْرَأَةً وَأَدْخَلَ الْمُؤَلِّفُ الْكَافَ عَلَى الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ مَعَ أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا ضَرُورَةٌ. (ص) وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ وَكُفُؤُهَا أَوْلَى فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ زَوْجٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ إجَابَةُ الْمَرْأَةِ إلَى كُفْءٍ مُعَيَّنٍ دَعَتْ إلَيْهِ يُرِيدُ وَهِيَ بَالِغَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً إلَى عَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا بِهَا، فَإِنْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى كُفْءٍ غَيْرِ كُفُئِهَا أُجِيبَتْ وَكَانَ كُفُؤُهَا أَوْلَى مِنْ كُفُئِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ لِلْعِشْرَةِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ دَعَتْ إلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ فَيَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا عُدَّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَحِينَئِذٍ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ ثُبُوتِ ثُيُوبَتِهَا عِنْدَهُ وَمِلْكُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا وَإِنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَكَفَاءَةُ الْخَاطِبِ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ مَعَ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَقْدَ لِغَيْرِ الْعَاضِلِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ وَجَوَّزَ هَذَا الِاحْتِمَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ. (ص) وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتَكَرِّرٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ فِي ابْنَتِهِ الْمُجْبَرَةِ لَا يَكُونُ عَاضِلًا بِرَدِّ خَاطِبٍ أَوْ خَاطِبَيْنِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتَكَرِّرِ أَيْ بِرَدٍّ مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْخُطَّابِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ وَلِجَهْلِهَا بِمَصَالِحِ نَفْسِهَا فَرُبَّمَا عَلِمَ الْأَبُ مِنْ حَالِهَا أَوْ حَالِ الْخَاطِبِ مَا لَا يُوَافِقُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ إضْرَارُهُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إمَّا أَنْ تُزَوِّجَ وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك، وَلَوْ أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِلَمْ عِوَضَ لَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَمْ لِنَفْيِ الْمَاضِي وَلَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَعَدِّدٍ بَدَلَ مُتَكَرِّرٍ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ وَعَقَدَ السَّفِيهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُجْبَرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ) لَفْظَةُ لَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا عج وَلَا الشَّيْخُ سَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ فَسْخُ عَقْدِهِ وَقَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُهُ بَيَانُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ وَلِيُّهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ مَضَى (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدِّينِ التَّدَيُّنُ وَهُوَ كَوْنُهُ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ وَقَوْلُهُ الْعَقْلُ إنْ أَرَادَ كَمَا لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ طَيْشٌ فَنَقُولُ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ مَجْنُونًا وَلَا مَعْتُوهًا فَظَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى أَنَّ سَفَهَهُ يُنَافِي كَوْنَ عَقْلِهِ كَامِلًا (قَوْلُهُ وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ السَّفَهَ) ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ الْمَالِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَلَوْ مُبَاحَةً. (قَوْلُهُ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ هُنَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَا وَلِيٍّ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ زَوْجٍ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ قَلِيلٌ) كَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ أَيْ مَذْهَبُ ابْنِ مَالِكٍ كَوْنَهُ قَلِيلًا لَا ضَرُورَةً وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ. (قَوْلُهُ وَكُفُؤُهَا أَوْلَى) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْأَبَ يُجْبِرُ الْمُجْبَرَةَ إلَّا لِكَخَصِيٍّ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ كُفُئِهَا كَمَا هُوَ بَيِّنٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي غَيْرِ مُجْبِرٍ كَمُجْبِرٍ تَبَيَّنَ مِنْهُ عَضْلٌ قَالَ فِي ك وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ ذِمِّيَّةً وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَهْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِكُفْءٍ عِنْدَهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إلَخْ) إذَا دَقَّقَتْ النَّظَرَ تَجِدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ يَصِيرُ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ. وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَأَنْ يَكُونَ غَائِبًا مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَلَا يَعْضُلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ يَكُونُ عَاضِلًا بِتَحَقُّقِ الضَّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رَدٌّ مِنْ خَاطِبٍ كَمَنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ مَنْعُهُ إيَّاهَا مِنْ النِّكَاحِ تَكَرَّرَ خَاطِبُهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ إلَخْ) مَفْهُومُ بِكْرًا أَنَّ مَنْ لَا يُجْبِرُ يُعَدُّ عَاضِلًا مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَكَذَا الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ يُعَدُّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ فَهُوَ لَيْسَ كَالْأَبِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ بِكْرًا) وَمِثْلُهَا الثَّيِّبُ الْمُجْبَرَةُ تُجْبَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ) أَيْ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ وَانْظُرْ إذَا زَوَّجَ الْحَاكِمُ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْأَبِ وَامْتِنَاعِهِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ فُسِخَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا) أَيْ، فَإِنْ لَمْ تُزَوَّجْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِلسُّؤَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِتْيَانُ بِلَا أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَعَدِّدٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هَذِهِ تَقْتَضِي أَنَّ تَحَقُّقَ الْعَضْلِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَعَدَّدَ لَا إنْ اتَّحَدَ، وَلَوْ بِمُتَكَرِّرٍ وَعِبَارَةُ شب أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ وَبِرَدٍّ بِالتَّنْوِينِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ التَّكَرُّرُ مِنْ خَاطِبٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَكَلَامُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ يَصْدُقُ عَلَى تَكَرُّرِ خَاطِبٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ وَالضَّمِيرُ فِي يَتَحَقَّقُ عَائِدٌ عَلَى الْعَضْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَعْضُلُ. (ص) ، وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عُيِّنَ وَإِلَّا فَلَهَا الْإِجَازَةُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ لِوَكِيلِهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَقُلْ مِمَّنْ أَحْبَبْت فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيَّنَ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ ذَلِكَ الزَّوْجُ الَّذِي أَحَبَّهُ فَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مُعْتَمِدًا عَلَى عُمُومِ إذْنِهَا فَلَهَا أَنْ تُجِيزَ النِّكَاحَ أَوْ تَرُدَّهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ وَسَوَاءٌ قَرُبَ زَمَنُ مَا بَيْنَ التَّعْيِينِ وَالْعَقْدِ أَوْ بَعْدُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَعْدَ) وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ. وَأَمَّا الرَّدُّ فَيُشْتَرَطُ الْقُرْبُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِجَازَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا الْعَكْسُ) إلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا يُزَوِّجُهُ مِمَّنْ أَحَبَّ فَزَوَّجَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ أَوْ امْرَأَةً تَتَزَوَّجُهُ فَزَوَّجَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَعَقَدَ ذَلِكَ وَلِيُّهَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ النِّكَاحَ قَدَرَ عَلَى حَلِّهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ. (ص) وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوِهِ إنْ عَيَّنَ تَزْوِيجَهَا مِنْ نَفْسِهِ بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا وَتَرْضَى وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْعَمِّ وَالْمُعْتِقِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى مَا فِيهِ وَالْحَاكِمِ وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ إنْ عَيَّنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَيُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا احْتِيَاطًا مِنْ مُنَازَعَتِهَا   [حاشية العدوي] الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى قِرَاءَةِ بِرَدٍّ بِدُونِ تَنْوِينٍ. وَأَمَّا مَعَ التَّنْوِينِ فَالنُّسْخَتَانِ بِمَعْنَى، وَإِنْ ادَّعَى عَضْلَهَا لِعُذْرٍ وَادَّعَتْ هِيَ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُ الَّذِي تَدَّعِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَإِلَّا سَأَلَ الْجِيرَانَ وَكَلَامُ شَارِحِنَا ظَاهِرٌ فِي قِرَاءَتِهِ بِتَنْوِينِ رَدٍّ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِتَصَدُّقٍ. وَأَمَّا قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ فَهُوَ نَصٌّ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ) أَيْ وَكَالَةَ تَفْوِيضٍ. وَأَمَّا لَوْ قَالَتْ لَهُ مِمَّنْ أَحْبَبْت بِضَمِّ التَّاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ أَيْ فَيَصِحُّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ عج (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) ، وَلَوْ بَعْدُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، وَلَوْ بَعْدَ جِدًّا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ طَالَ مَا بَيْنَ التَّعْيِينِ) أَيْ التَّعْيِينِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلِذَلِكَ قَالَ عب، وَلَوْ بَعْدَ مَا بَيَّنَ الْعَقْدَ وَعَلِمَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ) . وَأَمَّا الرَّدُّ فَيُشْتَرَطُ الْقُرْبُ خُلَاصَتُهُ أَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا. وَأَمَّا الْإِجَازَةُ، وَلَوْ بَعْدُ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إجَازَةٌ يَكُونُ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَالْمُنَاسِبُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الرَّدَّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَصَرَّحَ بِالتَّعْمِيمِ شب (وَأَقُولُ) إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْإِجَازَةِ رَدًّا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْإِجَازَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِالْقُرْبِ. وَأَمَّا إنْ بَعُدَ فَلَيْسَ الرِّضَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَا الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ فِي الْجُمْلَةِ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا فِي التَّصْوِيرِ فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ وَالْمُوَكِّلَ فِي هَذِهِ رَجُلٌ أَيْ وَكَّلَ شَخْصًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلِذَا قُلْت فِي الْجُمْلَةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ وَكَّلَ امْرَأَةً كَانَ عَكْسًا فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُهُ) إنْ كَانَتْ تَلِيقُ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) رَاجِعٌ لِمَا إذَا وَكَّلَ امْرَأَةً تُزَوِّجُهُ فَزَوَّجَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا (أَقُولُ) اعْتَمَدَ الْمُقَابِلَ عج وَتَبِعَهُ عب وشب قَائِلًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا زَوَّجَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حِينَئِذٍ الْخِيَارُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَفْعَلُهُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ إلَخْ) لَا يُقَالُ كَوْنُ خَلَاصِهِ بِيَدِهِ مَعَ غُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِيهِ ضَيَاعُ مَالٍ عَلَيْهِ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ تَلَذَّذَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْغُرْمِ بِتَوْكِيلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَتُهُ زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ زَوِّجْنِي وَأَطْلَقَ كَذَا فِي عب. (قَوْلُهُ وَلِابْنِ عَمٍّ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَتَزْوِيجُهَا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ بِكَسْرِ اللَّامِ مَصْدَرُ تَوَلَّى عَطْفٌ عَلَى تَزْوِيجِهَا عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَوْ مُفَسِّرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّهُ مُرَادِفٌ لَهُ أَوْ مُفَسِّرٌ وَقَوْلُهُ إنْ عَيَّنَ أَيْ مَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ وَبِهِ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ وَقَوْلُهُ بِتَزَوَّجْتُكِ إلَخْ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَقَوْلُهُ وَتَرْضَى أَيْ وَيَقَعُ مِنْهَا الرِّضَا حِينَ يَقُولُ تَزَوَّجْتُك بِكَذَا أَوْ قَبِلَ أَوْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهَا الرِّضَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ سَنَةَ تَعْيِينِ نَفْسِهِ وَتَعْيِينِ مَا تَتَزَوَّجُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ كَانَ قَوْلُهُ بِتَزَوَّجْتُكِ تَصْوِيرًا لِصِيغَةِ التَّزْوِيجِ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَهَا كَانَ تَصْوِيرُ الصِّيغَةِ التَّزْوِيجَ وَتَعْيِينُ نَفْسِهِ وَتَعْيِينُ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَهَا بِأَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَعْيِينُ نَفْسِهِ دُونَ تَعْيِينِ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ كَانَ تَصْوِيرُ الصِّيغَةِ التَّزْوِيجَ وَتَعْيِينُ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ تَعْيِينُ مَا يَتَزَوَّجُهَا دُونَ تَعْيِينِ نَفْسِهِ كَانَ تَصْوِيرُ الصِّيغَةِ التَّزْوِيجَ وَلِتَعْيِينِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ وَالْمُعْتِقُ الْأَعْلَى إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهِ أَيْ فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ مَنْ يُعَدُّ صَالِحًا لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ لَهَا) أَيْ فِي صِيغَةِ التَّزْوِيجِ أَوْ قَبْلُ (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا) الْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَالَهُ الْحَطَّابُ أَيْ رِضَاهَا الْحَاصِلِ حِينَ تَلْفِظُهُ بِذَلِكَ أَوْ رِضَاهَا السَّابِقِ عَلَى الصِّيغَةِ الْمُسْتَمِرِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ لَهَا قَبْلَ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَعَيَّنَ لَهَا الصَّدَاقَ وَحَصَلَ مِنْهَا الرِّضَا، وَلَوْ حَالَ نُطْقِهِ بِالصِّيغَةِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِمَنْزِلَةِ التَّفْوِيضِ وَإِنَّمَا الْمُشْتَرَطُ رِضَاهَا، وَلَوْ بِالسُّكُوتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ قَبِلْت؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُك فِيهِ قَبُولٌ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَوْلُهُ تَزَوَّجْتُك بِكَذَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ مِنْ جَانِبِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ تَزَوَّجْتُك وَقَبِلْت اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَفْظُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا قَدْ تَزَوَّجْتُك عَلَى صَدَاقِ كَذَا وَكَذَا وَتَرْضَى بِهِ وَأَتَى بِقَوْلِهِ وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَفَادًا مِمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ أَيْ إيجَابًا وَقَبُولًا. (ص) وَإِنْ أَنْكَرَتْ لِلْعَقْدِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْوَكِيلِ لَمْ تُزَوِّجْنِي فَإِنَّ الْوَكِيلَ مُصَدَّقٌ بِلَا يَمِينٍ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ وَالْوَكِيلُ قَائِمٌ مَقَامَهَا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ هِيَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَكِيلَ، وَلَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بَعْدَهُ حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ ادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَادَّعَى أَنَّهُ عَقَدَ قَبْلَ الْعَزْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ نَحْوُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَزْلِ. (ص) وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ الزَّوْجِ نَظَرَ الْحَاكِمُ (ش) أَيْ إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَوْلِيَاءُ وَهُمْ فِي الْمَنْزِلَةِ سَوَاءٌ إخْوَةٌ أَوْ بَنُو إخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٌ أَوْ بَنُو أَعْمَامٍ فَاخْتَلَفُوا أَيُّهُمْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ بِأَنْ يُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ مَنْ يُرِيدُهُ الْآخَرُ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ وَإِلَّا أُجِيبَتْ إلَى مَا عَيَّنَتْهُ إنْ كَانَ كُفُئًا كَمَا مَرَّ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ مِنْهُمْ فِي الْأَوْلَى وَفِيمَنْ يُزَوِّجُهَا هُوَ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَيْ فِي الدَّرَجَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ. (ص) ، وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَعَقَدَا فَلِلْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ فَعَقَدَ لَهَا كُلٌّ عَلَى زَوْجٍ فَتَكُونُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ وَمَفْهُومُ وَلِيَّيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ أَذِنَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُجْبَرَةٍ وَهُوَ وَاضِحٌ (ص) إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِهَا لِلْأَوَّلِ إنْ انْتَفَى تَلَذُّذُ الثَّانِي مِنْهَا بِمُقَدِّمَاتِ وَطْءٍ فَمَا فَوْقَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِلَا عِلْمٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْعَاقِدِ لَهُ بِالْأَوَّلِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ فِي صُورَتَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ الثَّانِي مِنْهَا أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا بِعِلْمٍ وَلِلثَّانِي فِي صُورَةٍ بِأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا بِلَا عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ ثَانٍ وَمَحِلُّ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي عَالِمًا حَيْثُ ثَبَتَ عِلْمُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ بِأَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِأَنَّهُ عَالِمٌ أَنَّهُ ثَانٍ. وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَطْ بَعْدَ التَّلَذُّذِ فَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي زَوْجَةً وَلَكِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَيَكُونُ فَسْخُهُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا فِي ز. (ص) ، وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ أَيْ الْإِذْنُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لِلثَّانِي مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِذْنِ لِعَاقِدِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ تَفْوِيضِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْأَصْلُ تَفْوِيضُهَا لَهُ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لِلْأَوَّلِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا أَيْ أَنَّ الثَّانِيَ إذَا تَلَذَّذَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِلرَّدِّ) أَيْ صَرِيحًا وَقَوْلُهُ مِمَّا قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ تَزْوِيجُهَا. (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) أَلْ فِي الزَّوْجِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمَعْهُودِ أَيْ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالشُّهْرَةِ وَالْإِظْهَارِ. وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهُ سِرًّا فَلَا يُعْزَلُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنْ ادَّعَتْ إلَخْ) إشَارَةٌ لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ) فَيُقَدِّمُ الْأَكْفَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي الْعَقْدِ فَيُقَدِّمُ أَفْضَلَهُمْ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَأَسَنُّهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِيهِ زَوَّجَ الْجَمِيعَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَأَقُولُ) يُمْكِنُ حَلُّ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَتَرْضَى أَيْ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ رِضَا وَلِيُّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَذِنَتْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ وَيُحْمَلُ هَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ لَهَا هَذَا الثَّانِيَ كَانَتْ نَاسِيَةً لِلْأَوَّلِ أَوْ اتَّحَدَ اسْمُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ أَشْهَرَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا الزَّوْجَ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا الزَّوْجَ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ نَظَرِ التَّلَذُّذِ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَوْ تَلَذَّذَ بِعِلْمٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ أَيْ لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ ابْنَ سَهْلٍ لَمْ يُقَيِّدْ اسْتِحْقَاقَ الثَّانِيَ لَهَا بِالدُّخُولِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ غَيْرَ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْعِلْمِ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ مَعَ أَنَّهُ بِلَا طَلَاقٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا خِلَافٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ لِوَلِيَّيْنِ) وَكَذَا الْأَوْلِيَاءُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إلَخْ) وَكَذَا الْمُجْبَرُ إذَا أَذِنَ لِوَلِيَّيْنِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ) وَالْمُرَادُ بِالتَّلَذُّذِ إرْخَاءُ السُّتُورِ وَانْظُرْ هَلْ تَلَذُّذُ الصَّغِيرِ يَفُوتُ كَالْكَبِيرِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِمُقَدَّمَاتِ وَطْءٍ وَمَا قُلْنَاهُ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ تَصَادَقَ هُوَ وَالزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَلَذُّذٌ وَلَا وَطْءٌ الْحُكْمُ هَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْخَلْوَةُ فَوْتًا عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ لَا تَكُونُ فَوْتًا وَظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ أَنَّ الدُّخُولَ فَوْتٌ (قَوْلُهُ وَلِلثَّانِي فِي صُورَةِ إلَخْ) وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي أَيْضًا هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ تَلَذَّذَ بِهَا قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ تَفْوِيضُهَا لَهُ) أَيْ لِلْعَاقِدِ الثَّانِي الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ الْمُرَادُ التَّفْوِيضُ الْمَنْسُوبُ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَ التَّلَذُّذِ بِهَا فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَمَّا إنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ كَأَنْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ الثَّانِي ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِإِكْمَالِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَتَرِثُهُ وَقَوْلُهُ وَفَاةٍ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ إذْ لَا تَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا إلَّا عِدَّةَ وَفَاةٍ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذْ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ دَخَلَ بِهَا وَتَكُونُ لِلثَّانِي. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ) مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَلَذِّذُ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ لَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتَرِثُ الْأَوَّلَ وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُقَرُّ نِكَاحُهُ مَعَهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَقَدَ وَدَخَلَ قَبْلَ مَوْتِهِ انْتَهَى وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ وَجَوَابُ ز فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ أَنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ (ش) أَيْ وَفُسِخَ عَقْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا بِلَا طَلَاقٍ سَوَاءٌ حَصَلَ دُخُولٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَمَا وَقَعَ فِي الشَّارِحِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَتُوُهِّمَ وُقُوعُ الْعَقْدَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ كَالشَّكِّ فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَعَقْدُ الثَّانِي لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ بِلَا طَلَاقٍ أَيْضًا وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِبَيِّنَةٍ الْمَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ فَسْخٍ مَحْذُوفٌ وَأَوْ لِلتَّقْسِيمِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا تَرَى. وَالضَّمِيرُ فِي بِعِلْمِهِ لِلزَّوْجِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَا إنْ أَقَرَّ) أَنَّهُ ثَانٍ أَيْ لَا إنْ أَقَرَّ الثَّانِي أَنَّهُ عَقَدَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ بَنَى أَوْ أَقَرَّ بَعْدَ بِنَائِهِ أَنَّهُ بَنَى وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الْعِلْمَ بِالْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا وَحُكْمُ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عِلْمِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ الثَّانِي كَحُكْمِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَى عِلْمِ الزَّوْجِ أَنَّهُ ثَانٍ فَيُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ (ص) أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ (ش) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ النِّكَاحَانِ بِطَلَاقٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا إذَا جُهِلَ الزَّمَنُ لِلْعَقْدَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، فَإِنْ دَخَلَا مَعًا كَانَتْ لِأَوَّلِهِمَا دُخُولًا إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فُسِخَا وَصُورَةً أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ أَنَّهُ جَهِلَ تَقَدُّمَ زَمَنِ أَحَدِهِمَا عَلَى زَمَنِ الْآخَرِ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ. وَأَمَّا مَعَ احْتِمَالِ اتِّحَادِ زَمَنِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ كَمَا مَرَّ. (ص) ، وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَةَ التَّلَذُّذِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ عَقَدَ وَدَخَلَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَقَدَ فِي حَيَاتِهِ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ عِدَّةِ وَفَاتِهِ نَعَمْ يُصَدَّقُ الْمُصَنِّفُ بِصُورَةٍ غَيْرِ مُرَادَةٍ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَقَدَ الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي) أَيْ وَكَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَا تَكُونُ لَهُ وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ عَقَدَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ كَذَا قَرَّرُوا وَأَظُنُّهُ لعج. (قَوْلُهُ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ مُقَابِلًا بِهِ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ وَجَوَابُ ز فِيهِ نَظَرٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، فَإِنْ قِيلَ مَا بَيَانُ الْخِلَافِ الَّذِي اخْتَارَ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَشْبِيهَ ابْنِ الْمَوَّازِ ذَلِكَ لِمَنْ عَقَدَ وَدَخَلَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ يُفِيدُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ إذْ مَذْهَبُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالٍ فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ هَذَا قَوْلُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ أَنَّهَا لِلثَّانِي مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ بَلْ هُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِالتَّفْصِيلِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ دُونَ الِاسْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُشْبِهُ هَذَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلَّخْمِيِّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى أَنَّ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ بَعْضَ مَا تَقَدَّمَ لَا غَيْرَهُ جَعَلَهُ مُخْتَارًا مِنْ الْخِلَافِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَقْلِهِ انْتَهَى. قَالَ اللَّقَانِيِّ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ فَيَقُولُ عَلَى مَا ظَهَرَ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَابُ ز فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا عُلِمَ بِالنَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ لَا بِالِاحْتِمَالِ. (قَوْلُهُ وَمَا وَقَعَ فِي الشَّارِحِ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ فَسْخِهِمَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا، فَإِنْ دَخَلَ كَانَتْ لِمَنْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ) عِلَّةٌ لِفَسْخِ عَقْدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ) أَيْ فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ أَنَّهُ دَخَلَ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ ثَانٍ فَخُلَاصَتُهُ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ ثَانٍ سَوَاءٌ عَقَدَ مَعَ عِلْمِهِ أَوْ حَدَثَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ ثَانٍ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا إنْ أَقَرَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يُقِرَّ فَيَقُولَ عَقَدْت وَأَنَا عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ دَخَلْت الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ دَخَلْت وَأَنَا عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا) وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ ثَانٍ قَالَ عج فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ عَلِمَ قَبْلَ التَّلَذُّذِ أَنَّ الزَّوْجَ ثَانٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ عَقَدَ لِلزَّوْجِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ ثَانٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ. وَأَمَّا دَعْوَى الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَتَبْقَى زَوْجَةً لِلثَّانِي وَفَائِدَةُ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا) ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَحَدُهُمَا كَانَ أَوْلَى بِهَا. (قَوْلُهُ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَدَّرٌ فِيهَا قَدْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ، فَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِيمَا إذَا جُهِلَ الزَّمَنُ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَيْ الَّذِي يَقْضِي بِالزَّوْجَةِ لَهُ لَوْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ إمَّا الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي أَوْ الثَّانِي بَعْدَ دُخُولِهِ فَاخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ الْإِرْثِ لِلزَّوْجَيْنِ مِنْهَا وَعَدَمِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سُقُوطِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ تَرَتُّبٌ. وَأَمَّا إنْ وَقَعَا فِي زَمَنٍ، وَلَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا فَلَا إرْثَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ كَمَا مَرَّ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ (ص) وَعَلَى الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ وَإِلَّا فَزَائِدُهُ (ش) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِرْثِ فَاللَّازِمُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ إلَّا الصَّدَاقَ وَيَقَعُ الْإِرْثُ فِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِرْثِ فَاللَّازِمُ لَهُ الزَّائِدُ عَلَى إرْثِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِرْثِ فَمَنْ كَانَ صَدَاقُهُ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ مِيرَاثُهُ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِهِ غَرِمَ مَا زَادَ عَلَى مِيرَاثِهِ لِإِقْرَارِهِ بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مَا يَرِثُهُ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْهِ كَمَا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَرِمَ الصَّدَاقَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ شَكَّا فَلَا غُرْمَ كَمَا فِي تت وَعَلَيْهِ، فَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ الْآخَرُ الزَّائِدَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى الْإِرْثِ (ص) ، وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ فَلَا إرْثَ وَلَا صَدَاقَ (ش) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ جَهْلِ الْأَحَقِّ فَلَا إرْثَ لَهَا مِنْهُمَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ الزَّوْجِيَّةُ وَلَمْ تَثْبُت؛ لِأَنَّا نَشُكُّ فِي زَوْجِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِهَا وَمَوْتِهِمَا أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مَوْتِهَا مُحَقَّقَةٌ وَكُلٌّ يَدَّعِيهَا وَهُنَا لَا يُمْكِنُ دَعْوَى تَحْقِيقِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَفِي شَرْحِ (هـ) مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ بَيَانِ كَوْنِهَا تَعْتَدُّ فِي هَذِهِ أَمْ لَا وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ حَيْثُ كَانَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَذَلِكَ حَيْثُ حَصَلَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ أَوْ حَصَلَ نِكَاحُهَا فِي زَمَانَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدَانِ فِي زَمَنٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ دُخُولٌ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ وَفِي الثَّانِي مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ تَأَمَّلْ. (ص) وَأَعْدَلِيَّةٌ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ (ش) أَيْ وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ كَمَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ نِكَاحَهُ سَابِقٌ وَنِكَاحَ غَيْرِهِ لَاحِقٌ فَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً عَلَى عَكْسِهِ وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الْأُخْرَى فَإِنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا لِقِيَامِ الزِّيَادَةِ مَقَامَ شَاهِدٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الْبَيْعِ فَتَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ لِتَنَاقُضِهِمَا وَعَدَمِ مُرَجِّحٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ بِغَيْرِ النِّكَاحِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ) إلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَسَاقَطَا صَارَ الزَّوْجَانِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمَرْأَةِ حِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَالْمُضَافَ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْصُوفُ وَأَبْقَى صِفَتَهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ أَقْسَامًا ثَلَاثَةً وَهِيَ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ يَطُلْ وَمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ وَمَا يُفْسَخُ أَبَدًا شَرَعَ فِي ذِكْرِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ جَوَابُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ الْأَحَقُّ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ فَفِي الْإِرْثِ) أَيْ لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحَقِّهَا لَا يَضُرُّ وَعَدَمِ إرْثِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ كَشَكِّهِ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ دَفْعُهُ لِلزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ فِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ لَا فِي أَصْلِ وُجُوبِهِ وَلَكِنْ رُجِّحَ عَدَمُ الْإِرْثِ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا ادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ الْأَوَّلَ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلَ وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَدْرِي أَوْ عُلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَقَالَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي أَنْتَ لَمْ تَتَلَذَّذْ وَقَالَ الثَّانِي بَلْ تَلَذَّذْت غَيْرَ عَالِمٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ صَدَرَ بِهِ فِي ك وَقَدْ نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ اللُّبَابِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُذَاكِرِينَ لَهُ (قَوْلُهُ قَدْرَ مِيرَاثِهِ) أَيْ مِنْ مَالِهَا كَمَا إذَا كَانَ يَخُصُّهُ مِنْ مَالِهَا غَيْرُ الصَّدَاقِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَصَدَاقُهَا عَشَرَةٌ وَقَوْلُهُ فَأَقَلَّ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ مِيرَاثُهُ أَقَلَّ كَمَا إذَا كَانَ يَخُصُّهُ مِنْ مِيرَاثِهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَصَدَاقُهَا عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ عَشَرَةً (قَوْلُهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْإِرْثِ مِنْ مَالِهَا كَانَ مَالُهَا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَيَدْفَعُ الصَّدَاقَ وَيَرِثُ مِنْهُ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا إلَّا الصَّدَاقَ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَإِنَّهُ يَغْرَمُهُ وَلَا إرْثَ وَإِذَا كَانَ مَا يَخُصُّهُ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الْإِرْثِ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ وَكُلٌّ يَدَّعِيهَا) الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ حَيْثُ حَصَلَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ) هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ لَا إنْ أَقَرَّ وَقَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ نِكَاحُهَا فِي زَمَانَيْنِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ. (قَوْلُهُ وَأَبْقَى صِفَتَهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ) أَيْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِصِفَتِهِ أَيْ. وَأَمَّا الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُضَافِ فَمَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ إنَّمَا يَكُونُ قَائِمًا بِأَحَدِهِمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 فَقَالَ (ص) وَفَسْخُ مُوصًى، وَإِنْ بِكَتْمٍ شُهُودٍ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ بِمَنْزِلٍ أَوْ أَيَّامٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيَطُلَّ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى حُكْمِ نِكَاحِ السِّرِّ وَإِلَى مَعْنَاهُ وَإِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ، وَلَوْ شَهِدَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مُسْتَكْثَرَةٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى هُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِيهِ شَاهِدَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْأَلَ الشُّهُودُ أَنْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ مِنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَظَاهِرُهُ امْرَأَتُهُ أَوْ غَيْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْوَاضِحَةِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ مَنْزِلِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ يَكْتُمُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّخْمِيُّ، وَلَوْ يَوْمَيْنِ فَقَطْ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نِكَاحُ سِرٍّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ التَّوَاصِي بِالْكِتْمَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ. وَأَمَّا لَوْ أَمَرَ الشُّهُودَ بِالْكِتْمَانِ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ نِكَاحَ سِرٍّ وَيُؤْمَرُونَ بِإِشْهَارِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلزَّوْجِ فِي نِكَاحِ السِّرِّ مَدْخَلٌ فَلَوْ اسْتَكْتَمَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجَةُ دُونَ الزَّوْجِ لَا يَضُرُّ. وَأَمَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ فَأَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَحَلُّ فَسْخِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ، فَإِنْ دَخَلَ وَطَالَ فَلَا فَسْخَ لِحُصُولِ مَظِنَّةِ الظُّهُورِ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَعَقُّبُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ طَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَفُسِخَ أَيْ بِطَلَاقٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ مُوصًى أَيْ بِكَتْمِهِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَبَالَغَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ يَكْتُمْ شُهُودٌ فَقَطْ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلرَّدِّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْقَائِلِ بِأَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ فِيهِ شَاهِدَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا مَرَّ وَالطُّولُ هُنَا بِمَا يَحْصُلُ فِيهِ الْفَشْوُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُعَاقَبُ الزَّوْجَانِ وَالشُّهُودُ مَعَ الْعَمْدِ لَا مَعَ الْجَهْلِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَعُوقِبَ وَالشُّهُودُ) وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِارْتِكَابِهِمْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ إلَّا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي غَيْرِهِ مِنْ امْرَأَةٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ وَفُسِخَ نِكَاحٌ أَوْصَى الزَّوْجُ فِيهِ بِكَتْمِ شُهُودٍ، وَإِنْ مِنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ الزَّوْجَ وَالْمُوصَى بِالْكِتْمَانِ الشُّهُودَ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَنْزِلٍ) أَيْ عَنْ مَنْزِلٍ (قَوْلُهُ إلَى حُكْمِ نِكَاحِ السِّرِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حُكْمِ نِكَاحِ السِّرِّ (وَأَقُولُ) أَفَادَ بَهْرَامُ أَنَّ الْحُكْمَ الْبُطْلَانُ وَأَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَادَ لِلشَّارِحِ هُوَ الْمَنْعُ فَقَدْ قَالَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فُسِخَ يَدُلُّ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ أَشَارَ إمَّا بِالصَّرَاحَةِ أَوْ بِالِالْتِزَامِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ بِالِالْتِزَامِ وَالْعُلَمَاءُ قَدْ يَسْتَعْمِلُونَ الْإِشَارَةَ فِيمَا يَشْمَلُ الصَّرِيحَ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى. (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ مَا أَوْصَى فِيهِ الزَّوْجُ الشُّهُودَ بِكَتْمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَتْمُ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ قَاضٍ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ وَأَنَّ إيصَاءَ الْوَلِيِّ فَقَطْ أَوْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ هُمَا الشُّهُودُ دُونَ الزَّوْجِ فَلَا يَضُرُّ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى الْكَتْمِ دُونَ إيصَاءِ الشُّهُودِ فَلَا يَضُرُّ أَيْضًا وَكَذَا نُسْخَةُ حُلُولُو وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ، وَإِنْ مِنْ امْرَأَةٍ إلَخْ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ قَالَ لَعَلَّهُ وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ، وَإِنْ مِنْ امْرَأَةٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ أَيْ الْمُتَوَاصَى فِيهِ الشُّهُودُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بِكَتْمِ شُهُودٍ الْوَاوُ فِيهِ وَاوُ الْحَالِ وَإِنَّمَا فُسِخَ؛ لِأَنَّ الْكَتْمَ مِنْ أَوْصَافِ الزِّنَا قَالَ عج فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِكَتْمِ شُهُودٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحَ سِرٍّ بِإِيصَاءِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ بِكَتْمِهِ بَلْ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَتْ الشُّهُودُ وَأَوْصَى بِكَتْمِهِ مَا عَدَا شَاهِدِينَ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحَ سِرٍّ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فَإِذَا عَلِمْت الَّذِي قَرَّرْنَاهُ يَكُونُ قَوْلَ الْبَاجِيِّ إنْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى كَتْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحُ سِرٍّ انْتَهَى ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ امْرَأَةٌ لَهُ إلَخْ) فَقَضِيَّتُهُ لَوْ كَانَتْ امْرَأَةَ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ نِكَاحَ سِرٍّ وَيُقَالُ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إنَّمَا قَالَ امْرَأَةٌ لَهُ نَظَرًا لِلشَّأْنِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ ذَلِكَ يُكْتَمُ عَنْ امْرَأَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ مَنْزِلِهِ) عِبَارَةُ بَهْرَامَ فِي حِلِّهِ أَوْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي نَكَحَ فِيهِ وَيُظْهِرُوهُ فِي غَيْرِ مَا وَعَكْسِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَنْ امْرَأَةٍ فَأَوْلَى الْمَنْزِلُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ فَأَزْيَدَ فَلَا يُتَوَهَّمُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْيَوْمَيْنِ فَمَا بَعْدَهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ الْأَيَّامِ أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي اثْنَيْنِ فَيُصَدَّقُ بِالْيَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُئِيَ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ جَائِزٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ أَيْ بِكَتْمِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ بِكَتْمِهِ نَائِبُ الْفَاعِلِ فَهُوَ عُمْدَةٌ فَحُذِفَ الْجَارُّ ثُمَّ الْمُضَافُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي عَامِلِهِ (قَوْلُهُ وَبَالَغَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِكَتْمِهِ هُوَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ أَيْ وَاَلَّذِي يُوصِي هُوَ الزَّوْجُ فَقَطْ وَإِذَا عَلِمْت مَا ذُكِرَ فَالْمَدَارُ عَلَى إيصَاءِ الشُّهُودِ بِالْكَتْمِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ كَمَا قَرَّرْنَا أَوَّلًا تَبَعًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ لِلرَّدِّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى لَا يَكُونُ بِالْوَاوِ وَلِلْمُبَالَغَةِ بَلْ تَكُونُ الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ لِلْمُبَالَغَةِ يَكُونُ الرَّدُّ بِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ فَالرَّدُّ لَيْسَ بِالْوَاوِ بَلْ الرَّدُّ بِتَبْيِينِ كَوْنِ نِكَاحِ السِّرِّ هُوَ الْمُوصَى بِكَتْمِ الشُّهُودِ. (قَوْلُهُ وَالطَّوْلُ هُنَا) أَيْ خِلَافُ الطَّوْلِ فِي نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ (قَوْلُهُ وَعُوقِبَا) أَيْ الزَّوْجَانِ مَا لَمْ يَكُونَا مُجْبَرَيْنِ وَإِلَّا فَالْعِقَابُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَرْجَحُ نَصْبُ الشُّهُودِ مَفْعُولًا مَعَهُ لِضَعْفِ رَفْعِهِ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ لِعَدَمِ الْفَصْلِ وَالنَّصْبُ مُخْتَارٌ لَدَى ضَعْفِ النَّسَقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 الْعِصْيَانَ لَكِنْ قَالَ ابْنُ نَاجِي إنَّ الْمُعَاقَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَسْخٌ (ص) وَقَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَّا نَهَارًا (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ أَيْ وَفَسْخُ النِّكَاحِ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا إذَا نَكَحَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَأْتِيَهُ أَوْ يَأْتِيَهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَيَمْضِي بِالدُّخُولِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ لِمَا فِي الشَّرْطِ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ يَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِدُخُولِهِ هُنَا عَلَى دَوَامِ النِّكَاحِ بِيَدِهِ إلَى الْمَمَاتِ وَتَنْصِيفُ الزَّمَنِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنَّمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وُجُوبًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَمَّا كَانَ يَمْضِي بَعْدَ الدُّخُولِ يَكُونُ الْفَسْخُ فِيهِ اسْتِحْبَابًا فَدَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ. (ص) أَوْ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ وَجَاءَ بِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْمُسَمَّى مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خِيَارٍ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَلِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ أَوْ بَعْضِهِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَأَتَى بِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَصْلًا وَالْبَاءُ فِي بِخِيَارٍ تُطْلَقُ عَلَى إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (ص) وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا مَرَّ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ أَيْ وَمِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ مَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِصَدَاقِهِ إمَّا لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ كَآبِقٍ أَوْ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَنِكَاحٍ مَعَ بَيْعٍ أَوْ لِتَضَمُّنِ إثْبَاتِهِ رَفْعَهُ كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ (ص) أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ كَأَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَّا نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ أَيْ أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا فِي الْمَبِيتِ مَعَ غَيْرِهَا وَأَعَادَ الْعَامِلَ لِلْبُعْدِ وَكَعَقْدِهِ عَلَى أَنْ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا أَوْ عَلَى أَنْ لَهَا نَفَقَةَ مُسَمَّاةَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْعَبْدِ عَلَى الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ وَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ الْكَبِيرِ الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ لِكَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ فَيَثْبُتُ الْعَقْدُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الزَّوْجُ حَمِيلًا بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ كَالْمَهْرِ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَمِيلِ بِالنَّفَقَةِ كَشَرْطِهَا عَلَى   [حاشية العدوي] وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ فِي مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ إلَّا نَهَارًا) أَيْ أَوْ لَيْلًا أَيْ أَوْ بَعْضَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ هَذَا عَطْفٌ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْمَعْطُوفُ جُمْلَةٌ وَهُوَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ وَفُسِخَ النِّكَاحُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ يُفْسَخُ، وَلَوْ دَخَلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ يَكُونُ الصَّدَاقُ أَزْيَدَ وَإِذَا كَانَ مِنْهَا يَكُونُ الصَّدَاقُ قَلِيلًا. (قَوْلُهُ لِأَحَدِهِمَا) وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَوَّلَهُمَا؛ لِأَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ يُوهِمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ عِنْدَ الْخِيَارِ لَهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ وَجَاءَ بِهِ) . وَأَمَّا إنْ وَهَبَتْ لَهُ وَقَبِلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَحُكْمِ مَا إذَا أَتَى بِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْمُسَمَّى) وَهَذَا إذَا سَمَّى شَيْئًا وَكَانَ حَلَالًا وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَالنِّكَاحُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ) أَيْ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ أَيْ فِي الْيَوْمِ الْمُتَمِّمِ لِلْأَجَلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا) لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ عَقْدٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْفَسْخِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِ التَّوْضِيحِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا إلَخْ هَذَا مَعْنَاهُ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَاءَ بِهِ مُفِيدٌ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَجِيءَ لَا يَصِيرُ بِسَبَبِهِ صَحِيحًا الثَّانِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِئْ بِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَذِهِ وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَيْعِ يُفْسِدُ فَأَوْلَى النِّكَاحُ بَلْ الْبَيْعُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ عُهِدَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَجَابَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَسُومِحَ فِيهِ مَا لَمْ يُتَسَامَحْ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) كَعَبْدٍ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا مَثَلًا أَيْ أَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ السِّلْعَةِ بَيْعًا وَبَعْضَهَا صَدَاقًا فَيَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَعَلَّ تَسْمِيَتَهُ تَفْرِيقَ صَفْقَةٍ مَعَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ فِي صَفْقَةٍ أَنَّ الْقَصْدَ بِصَفْقَةِ النِّكَاحِ وِحْدَتُهَا وَكَذَا بِصَفْقَةِ الْبَيْعِ فَقَدْ فَرَّقَ الصَّفْقَةَ عَنْ وِحْدَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ لَهَا نَفَقَةً مُسَمَّاةً فِي كُلِّ شَهْرٍ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَطْرَأَ مَا يَقْتَضِي أَنْ لَا تَكْفِي تِلْكَ النَّفَقَةُ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ جَعَلَ لَهَا دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً فِي كِسْوَةٍ لَهَا كُلَّ سَنَةٍ لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِ السِّعْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ الْكَبِيرِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ إلَخْ) مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ الْكَبِيرِ إلَخْ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَهِيَ بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 غَيْرِ الزَّوْجِ وَهَذَا مَا لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُلْتَزِمُ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ الرُّشْدِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا، وَلَوْ شَرَطَ سُقُوطَهَا بِمَوْتِ الْمُلْتَزِمِ وَلَا تَعُودُ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا بِبُلُوغِهِ أَوْ رُشْدِهِ فَسَدَ اتِّفَاقًا، وَلَوْ تَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ وَسَقَطَتْ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الطَّوْعِ وَالشَّرْطِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الشَّرْطِ لِلْعُرْفِ. (ص) أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا أَوْ يُؤْثِرَهَا عَلَى غَيْرِهَا أَوْ لَا يُعْطِيَهَا الْوَلَدَ أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَإِذَا عُثِرَ عَلَى الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَأَلْغَى أَيْ أَبْطَلَ الشَّرْطَ الْمُنَاقِضَ وَوَجَبَ لَهَا مِنْ الْقَسْمِ وَمَا مَعَهُ مَا يَجِبُ لِغَيْرِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَلْغَى) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يُنَاقِضُ عَنْ الشَّرْطِ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ مَكَانِ كَذَا فَإِنَّ النِّكَاحَ مَعَهُ صَحِيحٌ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وَكُرِهَ وَعَنْ الْجَائِزِ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ ذِكْرَهُ وَحَذْفَهُ سَوَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي. (ص) وَمُطْلَقًا كَالنِّكَاحِ لِأَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْمُؤَجَّلَ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا مَبْلَغَ الْحَدِّ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقِيلَ بِهِ وَهَلْ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ أَوْ الْمِثْلِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ قِيلَ بِالْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ لِأَجَلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ اللَّخْمِيِّ الْأَحْسَنُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ فَاسِدٍ لِعَقْدِهِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نِكَاحِ الْخِيَارِ وَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ عَلَى إتْيَانِهِ بِالصَّدَاقِ (ص) أَوْ إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَفُسِخَ إنْ قَالَ أَنَا أَتَزَوَّجُك مُدَّةَ كَذَا أَوْ قَالَ إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك أَيْ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَصَدَ بِهِ انْبِرَامَ الْعَقْدِ بِحَيْثُ   [حاشية العدوي] أَنَّ الْجُمْلَةَ تَكُونُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ إلَى اللُّزُومِ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الْحَمِيلِ بِالنَّفَقَةِ كَشَرْطِ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الْفَسْخِ فِي الْتِزَامِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْعَبْدِ فَلَوْ اشْتَرَطَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ لَكَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ وَوَجْهُهُ انْعَقَدَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِصْمَةِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِصْمَةِ لَرَجَعْت عَلَى الْعَبْدِ جَازَ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا) وَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْكَبِيرِ فَاتُّفِقَ عَلَى الْمَنْعِ وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِظُهُورِ الْغَرَرِ وَالْفَسَادِ فِي هَذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الطَّوْعِ وَالشَّرْطِ إلَخْ) هَذَا جَارٍ فِي السَّيِّدِ وَالصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الشَّرْطِ لِلْعُرْفِ) قَالَ فِي ك قُلْت وَانْظُرْ هَلْ يُعَارِضُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا فِي الْعَبْدِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِوَاءُ الْعُرْفِ وَالشَّرْطِ أَوْ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَهُمَا انْتَهَى ك. (قَوْلُهُ إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا) هَذَا يَكُونُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُؤْثِرَهَا عَلَى غَيْرِهَا هَذَا يَكُونُ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُعْطِيهَا الْوَلَدَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يُعْطِيَهَا الْوَلَدَ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ فِرَاقٌ لَا تَسْتَحِقُّ حَضَانَةَ الْوَلَدِ وَلَا تَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ مَعَهُ صَحِيحٌ) أَيْ وَلَا يُفْسَخُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ وَهَذَا الْكَلَامُ فِيمَا لَا تَعْلِيقَ فِيهِ، فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا عَلَى التَّزْوِيجِ أَوْ طَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَعَ مَا عَلَّقَهُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَمُطْلَقًا كَالنِّكَاحِ) الْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلِ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ فُسِخَ وَمُطْلَقًا حَالٌ مِنْ النِّكَاحِ أَيْ فُسِخَ مِثْلُ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ وَمَا أَشْبَهَهُ حَالَةَ كَوْنِ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ مَدْخُولًا فِيهِ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ فِيهِ، فَإِنْ قُلْت مَا يُشْبِهُ النِّكَاحَ لِأَجَلٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَبَهِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالتَّأْجِيلِ كَأَنْ أَعْلَمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِأَنَّهُ مُفَارِقٌ بَعْدَ سَفَرِهِ مَثَلًا كَمَا فِي تَزْوِيجِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ سَفَرِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا قَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا أَنَّ الْمَانِعَ إذَا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ أَشَدُّ تَأْثِيرًا مِنْ الْمَانِعِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْأَجَلَ الْبَعِيدَ الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا فَيَضُرُّ وَهَلْ يُعْتَبَرُ عَلَى كَلَامِهِ فِي قَدْرِ سِنِّهِ ثَمَانُونَ أَوْ سَبْعُونَ أَوْ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ الْآتِيَةُ فِي الْفَقْدِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَعْلَمَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَوْ وَلِيَّهَا بِمَا قَصَدَهُ مِنْ الْأَجَلِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَا اشْتَرَطَهُ إلَّا أَنَّ الرَّجُلَ قَصَدَهُ وَفَهِمَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقِيلَ بِالْفَسَادِ، فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُتْعَةٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا (قَوْلُهُ لِأَجْلِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ إلَّا أَنَّهُ وَجَدَ مَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ يُوجِبُ صَدَاقَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِكَاحِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ مَضَى شَهْرٌ) هَذَا نِكَاحُ مُتْعَةٍ تَقَدَّمَ فِيهِ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِهِ انْبِرَامَ الْعَقْدِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ هَذَا وَعْدًا فِيهِمَا لَمْ يَضُرَّ نُقِلَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 لَا يُحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ أَجَابَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَسْئِلَةٍ وَهِيَ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهَلْ التَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ أَمْ لَا وَهَلْ فِيهِ الْإِرْثُ أَمْ لَا وَإِذَا فُسِخَ هَلْ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ عَنْ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى إلَخْ وَعَمًّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ الْإِرْثُ وَعَمًّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ. . . إلَخْ وَعَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ هُنَا (ص) وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَسْخَ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا يَكُونُ طَلَاقًا بِمَعْنَى أَنَّ الْفَسْخَ نَفْسَهُ طَلَاقٌ أَيْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ أَيْ يَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إيقَاعِ طَلَاقٍ فَقَوْلُهُمْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ أَيْ أَنَّ الْفَسْخَ مَتَى وَقَعَ كَانَ طَلَاقًا لَفَظَ الزَّوْجُ أَوْ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَلْفِظْ، مِثَالُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَشِغَارِ بُضْعٍ بِبُضْعٍ. (ص) وَالتَّحْرِيمِ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ تَارَةً بِعَقْدِهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ مَثَلًا فَفَسَخَ نِكَاحَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا وَتَارَةً بِوَطْئِهِ دُونَ عَقْدِهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ مَثَلًا فَفُسِخَ نِكَاحُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهَا، وَلَوْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ. (ص) وَفِيهِ الْإِرْثُ (ش) أَيْ وَفِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ الْإِرْثُ إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَسْخِ سَوَاءٌ دَخَلَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَهَذَا فِي غَيْرِ نِكَاحِ الْخِيَارِ أَمَّا هُوَ فَلَا إرْثَ فِيهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَهُوَ كَالْعَدَمِ بِمَثَابَةِ تَلَفِ السِّلْعَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْإِرْثِ فَقَطْ مَا لَوْ كَانَ سَبَبُ الْفَسْخِ التَّوَارُثَ فَقَالَ (إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ مِنْهُمَا) فَلَا إرْثَ فِيهِ لِلْحَيِّ سَوَاءٌ مَاتَ الصَّحِيحُ أَوْ الْمَرِيضُ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ فَسَادِهِ وَفَسْخِهِ إدْخَالُ وَارِثٍ. (ص) وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمُحْرِمٍ أَيْ أَنَّ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ النِّكَاحُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ عَلَى أَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَبْدِ وَلِيًّا وَالْخِلَافُ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَإِنْكَاحِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِأَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَوْلَهُ (ص) لَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا طَلَاقَ (ش) أَيْ فَلَيْسَ الْفَسْخُ طَلَاقًا، وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ الْوَلِيُّ فَسَخْته بِطَلَاقٍ كَمَا أَنَّ فَسْخَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِطَلَاقٍ، وَلَوْ قَالَ مَنْ ذَكَرَ فَسَخْته بِلَا طَلَاقٍ. (ص) وَلَا إرْثَ كَخَامِسَةٍ (ش) أَيْ وَلَا إرْثَ فِي النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ كَالْخَامِسَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ الظَّاهِرِيَّةِ. (ص) وَحَرُمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَلْ إنَّمَا يَنْشُرُهَا الْوَطْءُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ كَأَنْ يَجْهَلَ فِي الْخَامِسَةِ الْحُكْمَ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ سَيَأْتِي وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى خَامِسَةٍ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا وَلَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ، فَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا نَشَرَ الْحُرْمَةَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَنْ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لَا عِمَادَ دُونَ الْوَطْءِ حَتَّى يَخْرُجَ مُقَدِّمَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ كَالْوَطْءِ، وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَحْرُمْ عَقْدُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَاجِبِ لِلْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا فُسِخَ أَوْ طَلَّقَ فِيهِ فَقَالَ (ص) وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَا يَكُونُ فَسَادُهُ إلَّا لِعَقْدِهِ أَوْ لَهُ وَلِصَدَاقِهِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَصَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسَمًّى كَصَرِيحِ الشِّغَارِ أَوْ كَانَ وَفَسَدَ فَالْوَاجِبُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ. (ص) وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ (ش) أَيْ وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسَادِ بِالْمَوْتِ شَيْئًا أَمْ لَا وَالْحُكْمُ أَنَّ مَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَمَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ وَمَا اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْمَوْتِ. وَأَمَّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ) أَيْ لَا الْمُخْتَلَفِ فِي جَوَازِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِجَوَازِ الشِّغَارِ وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمُخَالِفُ الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ أَيْ فَمَذْهَبُنَا قَائِلٌ بِالْفَسَادِ وَغَيْرُنَا كَالشَّافِعِيَّةِ مَثَلًا قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ وَقَوْلُنَا الشِّغَارُ أَيْ صَرِيحُ الشِّغَارِ وَفِي عب وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ فَهُوَ بَائِنٌ لَا رَجْعِيٌّ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ احْتِيَاجُهُ لِحُكْمٍ فَإِنْ عَقَدَ شَخْصٌ عَلَيْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ) الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَوْلُهُ بِنَفْسِهِ أَيْ نَكَحَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ بَلْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ حَلَالًا. (قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ) أَيْ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ وَوَطِئَهُ أَيْ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا) أَيْ دُونَ أَبِيهِ وَابْنِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا نِكَاحُ أُمِّهَا. وَأَمَّا نِكَاحُهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ لَا اُتُّفِقَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَنْ نَكَحَتْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَحْتَاجُ الْفَسْخُ فِيهِ لِحُكْمٍ بَلْ لَا يَحْتَاجُ لِفَسْخٍ أَصْلًا هَكَذَا فِي شَرْحِ شب وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ لَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ إذَا تَرَاضَى الزَّوْجَانِ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ) ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ كَخَمْرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَيْ كَآبِقٍ (قَوْلُهُ وَمَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ إلَخْ) أَيْ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (قَوْلُهُ وَأَثَّرَ خَلَلًا) وَالْمُرَادُ بِتَأْثِيرٍ الْخَلَلِ فِي الصَّدَاقِ أَنْ يُوجِبَ نَقْصًا فِيهِ أَوْ زِيَادَةً وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ يُؤَثِّرُ خَلَلًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 مَا اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ لِعَقْدِهِ وَلَا تَأْثِيرٌ لَهُ فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ. (ص) إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفُهُمَا (ش) أَيْ وَسَقَطَ كُلٌّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَا فَسَادَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ إذَا أَبَى الزَّوْجُ مِنْ إتْمَامِهِ فَنِصْفُهُمَا وَاجِبٌ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَاسِدًا حَقِيقَةً بَلْ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ إلَخْ وَلِهَذَا يَزْدَادُ فُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْوَاجِبُ لِلْمَرْأَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ وَمُرَادُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ إلَخْ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا قَالَ فَنِصْفُهُمَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُفِيدُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْفَسْخِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ (كَطَلَاقِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ أَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَفَسْخِهِ فَيُعْتَبَرُ طَلَاقُهُ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ لَا إنْ اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ طَلَاقٌ وَفِيهِ الْمُسَمَّى إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ فِيهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفُهُمَا فَأَفَادَ بِالتَّشْبِيهِ أَحْكَامَ الْفَسْخِ الثَّلَاثَةِ. (ص) وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا فُسِخَ بَعْدَ أَنْ تَلَذَّذَ مِنْ الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ دُونَ الْوَطْءِ فَإِنَّهَا تُعْطَى شَيْئًا وُجُوبًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي إرْخَاءِ سُتُورِهَا وَعَدَدِهَا. (ص) وَلِوَلِيِّ صَغِيرٍ فَسْخُ عَقْدِهِ فَلَا مَهْرَ وَلَا عِدَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ إذَا تَوَلَّى عَقْدَ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَنْظُرُ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَإِذَا فَسَخَهُ فَلَا مَهْرَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَلَوْ افْتَضَّهَا؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ أَوْ وَلِيُّهَا عَلَى نَفْسِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَا وَطْءَ أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا مَا جَرَى فِي السَّفِيهِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَلَوْ مَاتَتْ وَتَعَيَّنَ بِمَوْتٍ رَاجِعْ ح، فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ   [حاشية العدوي] فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ بِهِ إبَاحَتَهَا لِبَائِنِهَا إبَاحَةً شَرْعِيَّةً وَلَمْ تَسْتَوْفِ فِيهِ الشُّرُوطَ فَيُتَسَاهَلُ فِي قِلَّةِ الصَّدَاقِ لِقَصْدِ الزَّوْجِ التَّحْلِيلَ بِهِ فَقَطْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا فَسَخَ لَا فِيمَا إذَا طَلَّقَ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي فَالْمُصَنِّفُ حِينَئِذٍ قَدْ مَشَى عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا فَسَادَ بِدَلِيلِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ فُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِيهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ لَاعَنَهَا لِيَفْسَخَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَهِيَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ وَدَعْوَى الزَّوْجِ الرَّضَاعَ الْمُحَرَّمَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَيُفْسَخُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ الرَّضَاعُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ إتْهَامِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ جُعِلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي فُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ صَحِيحٌ ابْتِدَاءً وَطَرَأَ لَهُ مَا فِيهِ الْفُرْقَةُ وَكَلَامُهُ فِي الْفَاسِدِ ابْتِدَاءً وَمَسْأَلَةُ الرَّضَاعِ الْغَالِبِ طُرُوُّ الدَّعْوَى فِيهَا عَلَى صَحِيحٍ وَالْعَقْدُ فِي نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا بِالنَّظَرِ لِآخِرَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ رِضَاهُ بِإِتْمَامِ الصَّدَاقِ وَلَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى إتْمَامِ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَكْمُلْ أَلْزَمْنَاهُ نِصْفَ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ لَقَبٌ عِنْدَهُمْ لِكُلِّ مَا نَقَصَ الصَّدَاقُ فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ رُبْعِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الصَّدَاقَ إنَّمَا يَتَنَصَّفُ حَيْثُ كَانَ صَدَاقًا شَرْعِيًّا. وَأَمَّا إنْ كَانَ دُونَهُ فَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُهُ (قَوْلُهُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْفَسْخِ فَقَطْ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِأَصْلِ الْكَلَامِ وَهُوَ الْفَسْخُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ فَمُفَادُهُ عَدَمُ السُّقُوطِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْمَفْرُوضِ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا. وَأَمَّا فِي مِثْلِ هَذَا فَتَسْتَحِقُّ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَوْلِهِ فَنِصْفُهُمَا انْتَهَى وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُ مِنْ الْفَسْخِ فَقَطْ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْفَسْخِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ الْكَائِنِ قَبْلَهُ الْحَاصِلِ فِي كُلِّ فَاسِدٍ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَلَيْسَ الْفَسْخُ حَاصِلًا فِيهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَحْكَامُ الْفَسْخِ الثَّلَاثَةِ) الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ طَلَاقُهُ الثَّانِي قَوْلُهُ وَفِيهِ الْمُسَمَّى إلَخْ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْمُصَنِّفُ أَحْكَامَ فَسْخِ الْفَاسِدِ وَأَحْكَامَ طَلَاقِهِ. وَأَمَّا أَحْكَامُ الْمَوْتِ فَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ يَكُونُ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ وَالْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مَوْتِ وَاحِدٍ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ الَّذِي لَا تَأْثِيرَ لِعَقْدِهِ فِي الصَّدَاقِ وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْمَذْهَبُ اهـ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا فُسِخَ بَعْدَ أَنْ تَلَذَّذَ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ بِقَدْرِ حَالِهَا وَحَالِهِ بِأَنْ يُقَالَ مِثْلُ هَذَا لَا يَتَلَذَّذُ بِمِثْلِ هَذِهِ إلَّا بِعِوَضٍ قَدْرُهُ كَذَا وَكَذَا. (قَوْلُهُ وَلِوَلِيٍّ صَغِيرٍ) اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَشْمَلُ التَّخْيِيرَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ وَتَعَيَّنَ الْبَقَاءُ أَوْ الْفَسْخُ عِنْدَ تَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ) أَيْ سَوَاءٌ قَوِيَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ كَانَ وَلِيُّهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ اهـ ك (قَوْلُهُ: وَلَوْ افْتَضَّهَا) إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ مَا شَأْنُهَا (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ عَقْدِهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِطَلَاقٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ رَاجِعْ الْحَطَّابُ) قَالَ الْحَطَّابُ فَرْعٌ فَلَوْ لَمْ يُرِدْ النِّكَاحَ حَتَّى مَاتَ الصَّغِيرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 أَنَّ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَقَعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَالنِّكَاحُ يَصِحُّ عَقْدُهُ فِيهِ وَيُخَيَّرُ فِيهِ الْوَلِيُّ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت أَجَابَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهَا وَالطَّلَاقُ سَبَبٌ لِلتَّحْرِيمِ وَلَمْ يُخَاطَبْ بِهِ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ وَلِيُّهُ كَزَكَاةِ مَالِهِ. (ص) ، وَإِنْ زَوَّجَ بِشُرُوطٍ أَوْ أُجِيزَتْ وَبَلَغَ وَكُرِهَ فَلَهُ التَّطْلِيقُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا عَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ أَبٌ أَوْ غَيْرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى امْرَأَةٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ لِلْمَرْأَةِ شُرُوطًا كَطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا أَوْ عِتْقُ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا أَوْ عَقَدَ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ وَأَجَازَهَا وَلِيُّهُ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنْ رَضِيَ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ كَرِهَهَا فَلَهُ الْبَقَاءُ فَتَلْزَمُهُ وَلَهُ التَّطْلِيقُ فَتَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا تَعُودُ عَلَيْهِ الشُّرُوطُ إنْ تَزَوَّجَهُمَا، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ عَلَى شُرُوطِ وَهُوَ بَالِغٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّ الشُّرُوطَ تَعُودُ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ لَا إنْ عَادَتْ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ وَهَذَا فَائِدَةُ تَخْيِيرِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ فَلَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي النَّصِّ عَلَى التَّخْيِيرِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ لِكُلِّ زَوْجٍ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْإِبْقَاءِ وَالطَّلَاقِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَلَهُ التَّطْلِيقُ أَنَّ فِرَاقَهُ بِطَلَاقٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ (وَفِي وُجُوبِ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ وَفِي وُجُوبِهِ لَهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ إذَا طَلَّقَ وَعَدَمُ وُجُوبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهُ عَنْهُ (قَوْلَانِ عُمِلَ بِهِمَا) أَيْ عَمِلَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ إذَا تَمَسَّكَتْ الْمَرْأَةُ بِالشُّرُوطِ. وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَوْ مَحْجُورَةً دُونَ أَبِيهَا فَيَلْزَمُهُ بِالطَّلَاقِ النِّصْفُ اتِّفَاقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ أَمَّا إنْ دَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعِلْمِهِ لَزِمَتْهُ الشُّرُوطُ وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ بُلُوغِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوطُ، وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْعِلْمِ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي لُزُومِهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُخَيَّرُ الْآنَ بِنَاءً عَلَى لُزُومِهَا لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسُقُوطِهَا وَتَخْيِيرِهِ فِيهَا. (ص) وَالْقَوْلُ لَهَا أَنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ كَبِيرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ عَقَدْتُ أَوْ عَقَدَ لِي وَلِيٌّ عَلَى هَذِهِ   [حاشية العدوي] حُكْمُ السَّفِيهِ وَكَذَا إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ (قَوْلُهُ قُلْت أَجَابَ الْقَرَافِيُّ إلَخْ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ الْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ وَلَا حَدَّ عَلَى الصَّبِيِّ وَلِذَا يَنْشَطِرُ طَلَاقُ الْعَبْدِ وَالنِّكَاحُ جَرَى مَجْرَى الْمُعَاوَضَةِ فَلِذَلِكَ خُيِّرَ وَلِيُّهُ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة: 229] وَنَصَّتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْحُدُودِ. (قَوْلُهُ أَوْ أُجِيزَتْ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْضًا وَالتَّقْدِيرُ أَوْ زَوَّجَ نَفْسَهُ بِشُرُوطٍ أُجِيزَتْ وَقَوْلُهُ فَلَهُ التَّطْلِيقُ لَيْسَ جَوَابُ الشَّرْطِ بَلْ الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَالتَّقْدِيرُ، وَإِنْ زَوَّجَ بِشُرُوطٍ إلَخْ خُيِّرَ فِي الْتِزَامِهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَعَدَمُ الْتِزَامِهَا وَحَيْثُ لَمْ يَلْتَزِمْ فَعَلَيْهِ التَّطْلِيقُ أَيْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ وَبَلَغَ) أَيْ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْبُلُوغُ. وَأَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّشْدُ فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْبُلُوغُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِهِ فِيهِ قَبْلَ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا) أَيْ كَأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَهِيَ أَوْ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَا مَا لَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ إذَا وَقَعَتْ مِنْهُ كَقَوْلِهِ فِي الْعَقْدِ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ وَيُكْرَهُ مَا ذَكَرَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلِيُّهُ وَلَا يُفْسَخُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ بَلْ يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ يَتَفَرَّعُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ بَهْرَامَ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ يَتَفَرَّعُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُهُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى الطَّلَاقِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَلَى عَدَمِهِ عَدَمُ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ مَجْمُوعِ نَقْلِ الشُّرَّاحِ. وَأَمَّا شَارِحُنَا فَيُمْكِنُ أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ أَيْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا الْقَوْلَانِ مَعًا ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَصْلِهِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْفَسْخِ لَا يَقُولُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَقَدْ فَرَّعَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسْخِ عَدَمَ لُزُومِ الصَّدَاقِ وَقَدْ حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِلُزُومِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى الْوِفَاقِ لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ الشُّرُوطِ لَا أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْفَسْخِ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَفِي وُجُوبِ نِصْفِ الصَّدَاقِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا بَعْدُ فَالصَّدَاقُ كَامِلٌ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَمَحَلُّ لُزُومِ النِّصْفِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْهَا) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا لَا فِيمَا إذَا تَزَوَّجْت عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ لِلُزُومِ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ عب (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الشُّرُوطُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِهَا صُدِّقَ) وَحِينَئِذٍ تَجْرِي الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوطُ) إذَا كَانَتْ بَالِغَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الشُّرُوطُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ كَأَنْ أَسْقَطَتْ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ الصَّدَاقِ مِائَةً عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِتَمْكِينِهَا، وَلَوْ بَالِغَةً حَيْثُ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْعِصْمَةِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ كَلَامٌ فِيهِ عج. (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْعِلْمِ) أَيْ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي لُزُومِهَا) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى لُزُومِهَا) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَسُقُوطُهَا رَاجِعٌ لِلثَّانِي الْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَتَخْيِيرُهُ فِيهَا رَاجِعٌ لِلثَّالِثِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ ثَالِثُهَا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ أَصْلًا الثَّالِثُ يُخَيَّرُ فَإِمَّا أَنْ يَمْكُثَ مَعَ الْمَرْأَةِ فَتَلْزَمُهُ أَوْ لَا فَلَا تَلْزَمُهُ وَيَأْتِي الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ وَجَوَابُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 الشُّرُوطِ وَأَنَا صَغِيرٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا بَلْ عَقَدْته وَأَنْتَ كَبِيرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَلَفَ الْوَلِيُّ. (ص) وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ بَائِنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ كَانَ قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ مِنْ مُكَاتَبٍ فَمَنْ دُونَهُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ الْإِمْضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِذَا فُسِخَ يَكُونُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ لَا أَكْثَرَ وَلَا الثَّانِيَةَ إنْ أَوْقَعَ اثْنَيْنِ وَاحْتَرَزَ بِالْعَبْدِ مِنْ الْأَمَةِ فَإِنَّ نِكَاحَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا يَتَحَتَّمُ رَدُّهُ وَوَارِثُ السَّيِّدِ كَهُوَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَارِثُوهُ فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْفَسْخِ (ص) إنْ لَمْ يَبِعْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ لَهُ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ الْمُتَزَوِّجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَبِعْهُ وَإِلَّا فَلَا مَقَالَ لَهُ حِينَئِذٍ لِزَوَالِ تَصَرُّفِهِ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كُنْت عَلِمْت بِالزَّوَاجِ فَهُوَ عَيْبٌ دَخَلْت عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَكَ الرَّدُّ، فَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ لِنِكَاحِهِ وَإِذَا سَقَطَ رَدَّ الْبَائِعُ النِّكَاحَ بِبَيْعِهِ لِعِلَّةِ زَوَالِ مِلْكِهِ لَوْ عَادَ لِمِلْكِهِ عَادَ لَهُ الرَّدُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَرُدَّ بِهِ) أَيْ بِعَيْبِ التَّزْوِيجِ وَقَدْ كَانَ حِينَ بَيْعِهِ غَيْرَ عَالِمٍ فَيَعُودُ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ بِعِتْقِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ لِنِكَاحِ عَبْدِهِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ يَعْتِقَهُ فَكُلٌّ مِنْ بَيْعِهِ وَعِتْقِهِ أَيْ نَاجِزًا مُفَوِّتٌ لِرَدِّهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَمَفْهُومُ يُرَدُّ بِهِ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ وَرَضِيَهُ وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ آخَرَ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِهِ كَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ رَدُّ نِكَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ أَرْشَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي لَيْسَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأَرْشِهِ وَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ رَدُّ نِكَاحِهِ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ إنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ حِينِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِصِيغَةِ فَرْعٍ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهُ بِغَيْرِهِ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ نِكَاحِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الشَّارِحِ بِالْأَوْلَى. (ص) وَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إنْ دَخَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا رَدَّ نِكَاحَ عَبْدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رُبْعَ دِينَارٍ وَفِي حُكْمِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ أَوْ بَعْضِهِ وَتَرُدُّ الزَّائِدَ إنْ قَبَضَتْهُ فَإِنْ أُعْدِمَتْ اتَّبَعَتْ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ رُبْعَ الدِّينَارِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ لَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ (ص) وَاتَّبَعَ عَبْدٌ وَمُكَاتَبٌ بِمَا بَقِيَ، وَإِنْ لَمْ يَغُرَّا إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ سَيِّدٌ أَوْ سُلْطَانٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إذَا عَتَقَا فَإِنَّهُمَا يُتْبَعَانِ بِمَا بَقِيَ لِلْمَرْأَةِ عَلَيْهِمَا بَعْدَ رُبْعِ دِينَارٍ غَرَّا الْمَرْأَةَ   [حاشية العدوي] يَجُوزُ فَتْحُ أَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَحَذْفُهُ فِي مِثْلِ هَذَا مُطَّرِدٌ وَكَسْرُهُ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مَحْكِيَّةٌ بِالْقَوْلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ عَيْنَ اللَّفْظِ الْوَاقِعِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ فَيَجُوزُ الْفَتْحُ أَفَادَهُ الدَّمَامِينِيُّ (قَوْلُهُ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ وَعَلَى الصَّبِيِّ أَوْ وَلِيِّهِ إثْبَاتُ أَنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ صَغِيرٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى انْعِقَادِهِ وَهِيَ تَدَّعِي اللُّزُومَ وَهُوَ أَوْ وَلِيُّهُ يَدَّعِي عَدَمَهُ وَيُرِيدُ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ وَلِيِّهَا أَبًا أَوْ وَصِيًّا. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْهَا فَتَحْلِفُ هِيَ، وَلَوْ سَفِيهَةً وَيُؤَخَّرُ يَمِينُ الصَّغِيرَةِ لِبُلُوغِهَا. وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ فِي حَالِ الصِّغَرِ وَاخْتُلِفَ فِي الْتِزَامِ الشَّرْطِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى صِهْرِهِ. (قَوْلُهُ بَائِنَةً) لَيْسَتْ مَجْرُورَةً؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ إذَا قُيِّدَتْ بِبَائِنَةٍ كَانَتْ بَتَاتًا (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ) اللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَبْدِهِ مُطْلَقًا قَرُبَ نِكَاحُ الْعَبْدِ أَوْ بَعُدَ وَالتَّقْيِيدُ بِالْقُرْبِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْإِمْضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّهُ يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ وَصَحَّحَهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَوَارِثُ السَّيِّدِ كَهُوَ) إذْ هُوَ سَيِّدُهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ابْتِدَاءً الْخَلَلُ فِي سِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْفَسْخِ) فَإِنْ قَسَمُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ وَقَعَ لِذِي إجَازَتِهِ جَازَ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ نِكَاحِهِ فَلَيْسَ كَالْوَارِثِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُشْتَرِي وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّدَقَةَ كَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرَدَّ بِهِ) ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ رَجَعَ بِأَرْشِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْعَالِمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِهِ) وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ فَرْعٌ) فَإِنَّهُ قَالَ فَرْعٌ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يَمْضِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ اطَّلَعَ بَعْدَ رِضَاهُ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَهُ الرَّدُّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُعَدُّ الْعَيْبُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ نَقْصًا؛ لِأَنَّ رِضَاهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالْحَادِثِ عِنْدَهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ مَا يَنْقُصُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلُ فَسْخٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا نَقَصَ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَأَجْرَى هَذَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ نَقْضٌ لَهُ الْآنَ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ نَقْضًا لَهُ مِنْ أَصْلِهِ لَمْ يُرِدْ مَا نَقَصَ وَكَانَ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ الْخِيَارُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ نَقْضًا لَهُ الْآنَ رَدَّ مَا نَقَصَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ خِيَارٌ اهـ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَقَدْ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الرَّدُّ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ فَقَدْ جَرَى فِيهِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ رَدُّ نِكَاحِهِ وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ قُلْنَا لَهُ رَدُّ نِكَاحِهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَأَوْلَى مَا لَمْ يَجْرِ فِيهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ وَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ بَالِغًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَغُرَّا) وَنُسْخَةٌ إنْ غَرَّا فَمَفْهُومُهَا إنْ لَمْ يَغُرَّاهَا بَلْ أَخْبَرَهَا الْعَبْدُ أَنَّهُ عَبْدٌ وَالْمُكَاتَبُ أَنَّهُ مُكَاتَبٌ أَوْ سَكَتَا فَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهِيَ أَحْسَنُ وَاعْتَمَدَهُ عج أَيْضًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ أَخْبَرَاهَا بِرِقِّهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَقَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَلَا يُتْبَعُ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِمَا بِمَا بَقِيَ إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ السَّيِّدُ عَنْ الْعَبْدِ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ سُلْطَانٌ بِأَنْ يَرْفَعَ السَّيِّدُ الْأَمْرَ إلَيْهِ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ يَذُبُّ عَنْ مَالِ الْغَائِبِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْعَبْدِ (ص) وَلَهُ الْإِجَازَةُ إنْ قَرُبَ (ش) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِمْضَاءِ فَلَهُ إمْضَاءُ ذَلِكَ بِالشُّرُوطِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا وَإِذَا كَلَّمَ السَّيِّدَ فِي إجَازَتِهِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيزَ ثُمَّ أَجَازَ، فَإِنْ أَرَادَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ فَسْخًا تَمَّ الْفَسْخُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ ثُمَّ أَجَازَ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ قَرُبَ وَقْتُ إجَازَتِهِ مِنْ امْتِنَاعِهِ بِأَنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ وَلَمْ يُتَّهَمْ وَلَمْ يَطُلْ فَلَيْسَ قَسِيمَ قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدٌّ إلَخْ بَلْ هُوَ فَرْعٌ مُقْتَضَبٌ وَإِنَّمَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدٌّ إلَخْ هُوَ الْإِجَازَةُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ امْتِنَاعٍ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُرْبِ (ص) وَلَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ أَوْ يَشُكَّ فِي قَصْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ السَّيِّدِ لَهُ الْإِجَازَةُ بِالْقُرْبِ حَيْثُ يَرِدُ بِامْتِنَاعِهِ الْفَسْخُ أَوْ يَشُكُّ فِي قَصْدِهِ بِامْتِنَاعِهِ هَلْ قَصَدَ بِهِ الْفَسْخَ أَوْ الْغَضَبَ أَمَّا إذَا أَرَادَ بِهِ الْفَسْخَ أَوْ شَكَّ فِيهِ كَانَ فِرَاقًا وَاقِعًا ابْنُ مُحْرِزٍ وَيَكُونُ بَتَاتًا احْتِيَاطًا كَمُتَطَهِّرٍ شَكَّ فِي الْحَدَثِ قُلْت هَذَا مُنَاسِبٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ إذَا أَوْقَعَهُ السَّيِّدُ وَالْأَحْسَنُ خِلَافُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ. (ص) وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ فَسْخُ عَقْدِهِ، وَلَوْ مَاتَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَهُ فَسْخُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ رُبْعُ دِينَارٍ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ، وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذْ قَدْ يَكُونُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصَّدَاقِ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَفِي قَوْلِهِمْ لَهُ الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ تَسَاهُلٌ لِتَعَيُّنِ الْإِمْضَاءِ لِمَصْلَحَةٍ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ لِعَدَمِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّخْيِيرِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَى الْإِمْضَاءُ وَالْفَسْخُ فِي الْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ الْوَلِيُّ حَتَّى خَرَجَ مِنْ وِلَايَتِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ (وَتَعَيَّنَ لِمَوْتِهِ) أَيْ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ لِمَوْتِ السَّفِيهِ لَا مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ لِفَوَاتِ نَظَرِهِ بِمَوْتِ السَّفِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَرِثُهُ. (ص) وَلِمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ تَسَرٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ التَّسَرِّي يُرِيدُ مِنْ مَالِهِمَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ لَهُمَا فِي ذَلِكَ رَاجِعَةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ خَوْفُ عَجْزِهِ كَالتَّزْوِيجِ وَفِي الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَالِهِ كَالْوَكِيلِ. (ص) وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ كَالْمَهْرِ (ش) هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا بُوِّئَتْ أَمْ لَا مَحْسُوبَةٌ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَتَكُونُ فِيمَا يُوهَبُ لَهُ أَوْ يُوصَى لَهُ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةً بِالْإِنْفَاقِ مِنْ الْخَرَاجِ وَالْكَسْبِ وَإِلَّا أَنْفَقَ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ أَيْنَ يُنْفِقُ وَلَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِمَا ذُكِرَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ أَوْ يَتَطَوَّعُ بِهَا مُتَطَوِّعٌ وَحُكْمُ الْمَهْرِ كَالنَّفَقَةِ لَا يَكُونُ مِنْ كَسْبِهِ وَخَرَاجِهِ إلَّا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْمَهْرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَوْ السُّلْطَانِ الْإِسْقَاطُ عَنْ الْعَبْدِ، وَإِنْ غَرَّ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَهُمَا الْإِسْقَاطُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَغُرَّ وَكَذَا إنْ غَرَّ وَرَجَعَ رَقِيقًا فَإِنْ خَرَجَ حُرًّا فَلَا يُعْتَبَرُ إسْقَاطُهُمَا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيزَ) إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ سُؤَالٍ بِأَنْ قَالَ لَا أَرْضَى أَوْ لَا أُجِيزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ رَدَدْت (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ) عِيَاضٌ الْقُرْبُ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِنْ طَالَ أَيَّامًا لَمْ يُجِزْهُ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ أَيَّامًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ لَا الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ فَرْعٌ مُقْتَضَبٌ) أَيْ فَهُوَ قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ قَسِيمًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ إذَا أَوْقَعَهُ السَّيِّدُ) أَيْ إذَا أَوْقَعَ الْبَتَاتَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ إلَخْ) ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ أَرَادَ فِرَاقًا أَمْ لَا فَفِرَاقٌ وَلَا إجَازَةَ لَهُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ) وَيَرِثُهَا حَيْثُ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الْفَسْخِ، فَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ رَدَّ الْمَالَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ يَفُوتُ بِالْمَوْتِ وَيَتَوَارَثَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّفِيهِ وَلِيٌّ فَيَأْتِي قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ) ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ لِمَوْتِهِ) وَمُفَادُهُ أَنَّهُ بِمَوْتِهِ يَحْصُلُ الْفَسْخُ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ وَيَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ انْقَطَعَتْ وِلَايَتُهُ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْفَسْخُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ فِي إمْضَائِهِ تَرَتَّبَ الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ بِدُونِ فَائِدَةٍ. وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ كَانَ لَهَا الصَّدَاقُ يَأْخُذُهُ وَرَثَتُهَا وَلِلزَّوْجِ الْمِيرَاثُ فَأَشْبَهَا الْمُعَاوَضَةَ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ لَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ قَالَ عج الْمُرَادُ بِمَالِ الْمَأْذُونِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْمُرَادُ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي بِيَدِهِ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَفْصِيلٌ بِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ لِلسَّيِّدِ وَمِنْهُ مَا هُوَ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُمَا مِنْ التَّسَرِّي بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَلَهُ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ) أَوْ نَقُولُ إنَّ نَفَقَةَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى إنْفَاقٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ. وَأَمَّا نَفَقَةُ وَلَدِ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بُوِّئَتْ أَمْ لَا) أَيْ اسْتَقَلَّتْ بِبَيْتٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ) . وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَكُونُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ وَفِي رِبْحِهِ وَفِيمَا أَتَى بِهِ مِنْ نَحْوِ صَدَقَةٍ لَا فِي غَلَّتِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ لَا تَكُونُ مِنْ غَلَّتِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي أَنَّهُ يَكُونُ فِي رِبْحِ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 وَالْمُبَعَّضُ فِي يَوْمِهِ كَالْحُرِّ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ كَالْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِالْخَرَاجِ مَا يَنْشَأُ عَنْ كَإِجَارَةٍ وَبِالْكَسْبِ مَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ مَالٍ. (ص) وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ فَإِنَّ الْمَهْرَ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى السَّيِّدِ وَمِثْلُ الْمَهْرِ النَّفَقَةُ أَيْ وَلَا يَضْمَنُ مَا ذُكِرَ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ بَلْ، وَلَوْ جَبَرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا حَلَّهُ الْمَوَّاقُ وَح فَلَيْسَ السَّيِّدُ كَالْأَبِ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ حَيْثُ جَبَرَ عَبْدَهُ. وَلَمَّا كَانَ الْجَبْرُ عَلَى النِّكَاحِ مَخْصُوصًا بِالْأُنْثَى وَجَبْرُ الذَّكَرِ عَلَى سَبِيلِ التَّطَفُّلِ عَلَيْهَا مَخْصُوصٌ بِأَشْخَاصٍ ثَلَاثَةٍ فِي ذُكُورٍ ثَلَاثَةٍ عَلَى خِلَافٍ فِي بَعْضِهَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَبْرُ أَبٍ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ مَجْنُونًا احْتَاجَ وَصَغِيرًا وَفِي السَّفِيهِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْحَاكِمُ يَجْبُرُ الْمَجْنُونَ إذَا احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ لَا لِلْخِدْمَةِ بِأَنْ خِيفَ مِنْهُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ، وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ فَلَا يُعَانُ عَلَى الزِّنَا وَهَذَا إذَا كَانَ مُطْبِقًا، فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونَةِ وَكَذَا يُجْبَرُ الصَّغِيرُ لِمَصْلَحَةٍ كَتَزْوِيجِهِ مِنْ شَرِيفَةٍ أَوْ مُوسِرَةٍ أَوْ ابْنَةِ عَمِّهِ وَكَذَا يُجْبَرُ السَّفِيهُ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ لِلُزُومِ طَلَاقِهِ وَالصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ جَبْرِ الْوَصِيِّ فِي مَحْجُورِهِ الذَّكَرِ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى وَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْبَرُ الصَّغِيرُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَكَذَا السَّفِيهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَحْمُولًا فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ. (ص) وَصَدَاقُهُمْ إنْ أُعْدِمُوا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَيْسَرُوا بَعْدُ، وَلَوْ شَرَطَ ضِدَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ أَوْ السَّفِيهَ، وَلَوْ تَفْوِيضًا وَكَانُوا وَقْتَ الْجَبْرِ مُعْدَمِينَ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ عَلَى الْأَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْوَلَدِ فِي تَعْمِيرِ ذِمَّتِهِ بِالصَّدَاقِ مَعَ فَقْرِهِ وَعَدَمِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ حَيَاةِ الْأَبِ أَوْ مَوْتِهِ وَيُتْبَعُ بِهِ كَدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَسَوَاءٌ بَقِيَ الْوَلَدُ عَلَى فَقْرِهِ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ جَبْرِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْفَرْضِ فِي التَّفْوِيضِ، وَلَوْ شَرَطَ الْأَبُ الصَّدَاقَ عَلَى الْوَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ. وَأَمَّا صَدَاقُهُمْ إنْ زَوَّجَهُمْ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ فَفِي مَالِهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُمْ (ص) وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ إلَّا لِشَرْطٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَحِينَئِذٍ فَعَطْفُ الْكَسْبِ عَلَى الْخَرَاجِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَإِجَارَةٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْجَعَالَةَ أَيْ أَجْرَ نَفْسِهِ فِي صَنْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) أَيْ أَوْ يَجْرِي بِهِ عُرْفٌ (قَوْلُهُ بَلْ، وَلَوْ جَبَرَهُ) أَيْ أَوْ بَاشَرَ الْعَقْدَ. (قَوْلُهُ وَوَصِيٍّ) ، وَلَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَحَاكِمٍ) عَبَّرَ بِالْحَاكِمِ دُونَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ مَجْنُونًا) أَصْلِيًّا مُطْبِقًا، وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ جَبَرَهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ لَا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ الْمَجْنُونُ الذَّكَرُ لَا الْأُنْثَى فَلَا يَجْبُرُهَا إلَّا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ عَلَى تَفْصِيلٍ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ وَصِيٌّ (قَوْلُهُ لِلُزُومِ طَلَاقِهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا اُحْتُمِلَ وُقُوعُ ذَلِكَ فَالْمَصْلَحَةُ كَالْعَدَمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ جَبْرِ الْوَصِيِّ إلَخْ) وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ مَحْجُورُهُ الذَّكَرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الصَّغِيرُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ وَصِيٍّ هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ إطْلَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَالْمُصَنِّفِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ جَعْلُهُمْ مُقَدَّمَ الْقَاضِي مِثْلَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا السَّفِيهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ فِي السَّفِيهِ حَيْثُ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ بَالِغٌ وَلَا يَرُدُّ أَنَّ الْوَصِيَّ يُجْبِرُ الْبَالِغَةَ إنْ عَيَّنَ الْأَبُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّ جَبْرَهَا لَهُ مُعَلَّلٌ بِالْبَكَارَةِ فَلَهُ فِيهَا الْجَبْرُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي الصَّغِيرِ تَزْوِيجُهُ مِنْ شَرِيفَةٍ أَيْ لِاكْتِسَابِ الْوَلَدِ الشَّرَفَ وَالْمُوسِرَةُ أَمْرُهَا ظَاهِرٌ وَفِي ابْنَةِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا الشَّفَقَةُ بِابْنِ عَمِّهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَهَلْ بِنْت عَمِّ الْعَمِّ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَأَمَّا بِنْتُ الْخَالَةِ وَبِنْتُ الْخَالِ فَهَلْ هُمَا كَذَلِكَ وَالْعِلَّةُ تُفِيدُهُ وَحُرِّرَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي السَّفِيهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْخِلَافَ فِي السَّفِيهِ حَيْثُ خِيفَ فَسَادُهُ وَأُمِنَ طَلَاقُهُ وَالْمُنَاسِبُ عَدَمُ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَةَ لَا تُجْبَرُ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَبِ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ إنْ أُعْدِمُوا) أَيْ، وَلَوْ أُعْدِمُوا أَيْ، وَلَوْ كَانُوا أُعْدِمُوا وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ أَيْ أُعْدِمُوا كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَيْ فَمَا أُعْدِمُوا بِهِ فَعَلَى الْأَبِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَلَوْ أُعْدِمَ الْأَبُ أَيْضًا اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى فَإِذَا أُعْدِمَا يَتْبَعُ الْأَبَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي عَدَمِهِمَا وَفِي عَدَمِ الِابْنِ وَيَتْبَعُ الِابْنَ فِي مُلَائِهِمَا وَفِي مُلَاءِ الِابْنِ فَقَطْ وَمُفَادُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا بَلْ تُقَرَّرُ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَبِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي لَهُ الْأَبَ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُزَوِّجُ إلَّا الْمُوسِرَ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ وَمِثْلُهُ الْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَوْ مُعْدِمًا وَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ تُقْبَضْ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَبِ مِنْ الْمُجْبِرِينَ؛ لِأَنَّهُ الْمُخْتَصُّ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي شَيْءٍ عَلَيْهِمَا وَهُوَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَى الْوَلَدِ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ وَفَهِمَ جَمَاعَةٌ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ عَلَى الْأَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْأَبَ إنْ بَيَّنَ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْوَلَدِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ مِنْهُ فَقَوْلُهُ وَعَدَمُ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَجْنُونِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ فَإِذَنْ يُرَادُ وَعَدَمُ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ) وَإِنْ أُعْدِمُوا بَعْدُ وَقَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ وَيَجْرِي فِي الْحَاكِمِ وَالْوَصِيِّ أَيْضًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَقْتَ جَبْرِ الْأَبِ لَهُمْ مُعْدَمِينَ بَلْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَلَوْ بِبَعْضِهِ فَإِنَّ مَا أَيْسَرُوا بِهِ مِنْ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ عَلَيْهِمْ دُونَ الْأَبِ وَسَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْأَبِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ قَالَ الشَّارِحُ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ هُوَ مَنْصُوصٌ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الصَّغِيرَ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ مِثْلُهُ وَلَمْ أَرَ مِنْ نَصٍّ عَلَى الْمَجْنُونِ كَذَلِكَ اهـ. (ص) ، وَإِنْ تَطَارَحَهُ رَشِيدٌ وَأَبٌ فُسِخَ وَلَا مَهْرَ وَهَلْ إنْ حَلَفَا وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ تَرَدُّدٌ (ش) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي " تَطَارَحَهُ " رَاجِعٌ إلَى الصَّدَاقِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَمَعْنَى التَّطَارُحِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبِ وَالرَّشِيدِ يُرِيدُ أَنْ يُلْزِمَ ذِمَّةَ الْآخَرِ بِهِ كَمَا إذَا زَوَّجَ الْأَبُ وَلَدَهُ الرَّشِيدَ وَبَاشَرَ الْعَقْدَ بِإِذْنِهِ بِصَدَاقٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الصَّدَاقَ عَلَى أَيِّهِمَا فَقَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا أَرَدْت أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْأَبِ أَوْ شَرَطْته عَلَى الْأَبِ وَقَالَ الْأَبُ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ يَكُونَ عَلَى الِابْنِ أَوْ شَرَطْته عَلَى الِابْنِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَبْنِ بِالزَّوْجَةِ وَهَلْ الْفَسْخُ وَعَدَمُ الْمَهْرِ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ حَلَفَا وَيَلْزَمُهُمَا الصَّدَاقُ سَوِيَّةً إنْ نَكَلَا مَعًا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَحْدَهُ أَوْ الْفَسْخُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْدَأُ الْأَبُ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَقِيلَ يُقْرَعُ فِيمَنْ يَبْدَأُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَا مَهْرَ " أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْخُلْ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ فَيَحْلِفُ الْأَبُ وَيَبْرَأُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَيْ أَوْ مِثْلَهُ غَرِمَ الزَّوْجُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ حَلَفَ وَغَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنَّمَا غَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أُلْغِيَ وَصَارَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ وَهُوَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَلَا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ دُفِعَ لِلزَّوْجَةِ مَا لَمْ تَدَّعِهِ. (ص) وَحَلَفَ رَشِيدٌ وَأَجْنَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ أَنْكَرُوا الرِّضَا وَالْأَمْرَ حُضُورًا إنْ لَمْ يُنْكِرُوا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ، وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمَالِكَ لِأَمْرِ نَفْسِهِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ يُزَوِّجُهُ مِنْ زَعْمِ تَوْكِيلِهِ أَوْ رِضَاهُ أَوْ الْمَرْأَةَ يُزَوِّجُهَا غَيْرَ مُجْبِرٍ يَزْعُمُ تَوْكِيلَهَا أَوْ رِضَاهَا وَيُنْكِرُ كُلٌّ مِنْ الِابْنِ الرَّشِيدِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الرِّضَا بِالْعَقْدِ وَالْأَمْرِ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ حَاضِرُونَ لِلْعَقْدِ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُنْكِرُوا الرِّضَا بِالْعَقْدِ وَالْأَمْرِ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَادَرَةٍ بِالْإِنْكَارِ فَيَحْلِفُ الِابْنُ الرَّشِيدُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ عَنْ الْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرُوا حِينَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ الْعَقْدِ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا حِينَ الْعَقْدِ حُضُورًا أَوْ غُيَّبًا   [حاشية العدوي] مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ الصَّدَاقُ فِي مَالِ الْمَجْبُورِينَ أَوْ فِي مَالِ مَنْ تَحَمَّلَ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الصَّدَاقُ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْوَصِيِّ فَيُعْمَلُ بِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا حَالَ الشَّرْطِ مُعْدَمَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَكَلَّمَ عَلَى الْجَبْرِ. وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ فِي النِّكَاحِ وَلَا مَالَ لَهُ فَتَزَوَّجَ وَكَتَبَ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا مِنْ الْأَبِ وَقَالَتْ إذْنُك كَعَقْدِك عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ نَزَلَتْ بِقَفْصَةَ وَأَفْتَى الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَقَوْلِهِمْ فِي السَّيِّدِ يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ اهـ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَضْمَنُ صَدَاقَ الْعَبْدِ إذَا جَبَرَهُ عَلَى النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ هُوَ مَنْصُوصٌ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَدَاقُهُمْ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ حَلَفَا إلَخْ) أَيْ أَوْ الْفَسْخُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ غَيْرَ الرَّشِيدِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا فَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِمْ فِي حَالَةِ جَبْرِ الْأَبِ لَهُمْ فَأَوْلَى فِي حَالَةِ عَدَمِ الْجَبْرِ، وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَفِي حَالَةِ الْجَبْرِ الصَّدَاقُ عَلَى الْأَبِ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْجَبْرِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَقَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا أَرَدْت إلَخْ) هَذَا حَلُّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطْته إلَخْ) هَذَا حَلُّ الْبِسَاطِيِّ وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ قَرَّرَ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ أَنَّ الْأَبَ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ يَكُونَ عَلَى الِابْنِ وَقَالَ الِابْنُ إنَّمَا ظَنَنْت أَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَبِي وَعَلَى هَذَا يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ مِنْ غَيْرِ انْقِلَابٍ عَلَى قَاعِدَةِ أَيْمَانِ التُّهَمِ ابْنُ بَشِيرٍ وَيَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ وَوَلِيَّهَا لَا يُحَقِّقَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَلَى فَرْضِ الْبِسَاطِيِّ فَلَيْسَ يَمِينَ تُهْمَةٍ لِإِمْكَانِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى فَلَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ فَأَفْهَمَ أَفَادَ مُحَشِّي تت إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ فِي ك أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ، فَإِنْ قِيلَ لِأَيِّ شَيْءٍ مَا طُولِبَ الْأَبُ بِالصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَ الرَّشِيدَ بِإِذْنِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ يُقَالُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ حَيْثُ قَبَضَ السِّلْعَةَ وَهُنَا الْقَابِضُ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ فَاتَّفَقَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ تُحَقِّقْ الزَّوْجَةُ وَلَا وَلِيُّهَا الدَّعْوَى عَلَى أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَقْرَعُ فِيمَنْ يَبْدَأُ) الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيُزَادُ أَيْ أَوْ مِثْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ نُسْخَةُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ حُضُورًا) حَالٌ مِنْ الْوَاوِ فِي أَنْكَرُوا وَلَا يُسْتَغْنَى بِالرِّضَا عَنْ الْأَمْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا أَيْ أَنْكَرُوا الرِّضَا أَيْ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ الرِّضَا دُونَ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَمْرُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ الْأَمْرَ أَيْ الْإِذْنَ قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ، وَلَوْ عَطَفَهُ بِأَوْ كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْ إذَا دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَهُوَ يُنْصَبُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ حُضُورًا فَإِنَّهُ لَا كَبِيرَ فَائِدَةَ فِيهِ فَكَانَ يَقُولُ أَنْكَرُوا الرِّضَا وَالْأَمْرُ إنْ لَمْ يُنْكِرُوا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ وَالْعُذْرُ لَهُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةُ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الِابْنُ إلَخْ) فَيَحْلِفُونَ، وَلَوْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ إذْ حُضُورُهُمْ الْمَجْلِسَ يَقْتَضِي حَمْلَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا أَنْ يُنْكِرُوا حِينَ عِلْمِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مِنْ الِابْنِ وَنَحْوُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 وَأَمَّا أَنْ يُنْكِرُوا بَعْدَ طُولٍ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَيَلْزَمُ كُلًّا النِّكَاحُ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ إلَخْ أَيْ بَعْدَ طُولٍ يَسِيرٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَبِعِبَارَةٍ بِأَنْ يَحْصُلَ الْإِنْكَارُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَبَعْدَ مَا حَصَلَتْ التَّهْنِئَةُ وَالدُّعَاءُ عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أَنْكَرُوا بَعْدَ الطُّولِ وَقُلْنَا بِلُزُومِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْهَا، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهَا، فَإِنْ رَجَعَ لَهَا فَالظَّاهِرُ تَمْكِينُهُ مِنْهَا. وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ فِيهَا إنْ نَكَلَ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ حَلَفَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا بَعْدَ نُكُولِهِ حَيْثُ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّاكِلِ وَغَيْرِهِ هُوَ أَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ وَبِحَقِّيَّةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِ النَّاكِلِ وَهُوَ مَنْ طَالَ سُكُوتُهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ اتِّهَامًا وَهُوَ مُتَمَادٍ عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَكْذِيبٌ تَأَمَّلْ. (ص) وَرَجَعَ لِأَبٍ وَذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الرَّشِيدَ وَضَمِنَ صَدَاقَهُ أَوْ ذَا الْقَدْرِ إذَا زَوَّجَ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ أَوْ الْأَبُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ لَهَا عَنْهُ فَطَلَّقَ الْوَلَدُ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ مَنْ مَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَأَخَذَتْ الزَّوْجَةُ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يَرْجِعُ لِلْأَبِ الْمُزَوِّجِ وَلَدَهُ أَوْ لِذِي الْقَدْرِ الْمُزَوِّجِ غَيْرَهُ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ فِيهِ حَقٌّ؛ لِأَنَّ الْمُعْطِيَ إنَّمَا قَصَدَ بِالِالْتِزَامِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حُكْمِ الصَّدَاقِ، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ رَجَعَ لِمَنْ ذُكِرَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ يُرِيدُ إذَا وَقَعَ التَّفْرِيقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ كَمَا مَرَّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَالْجَمِيعُ بِالْفَسَادِ) فَفَاعِلُ رَجَعَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُوَ النِّصْفُ وَبِالطَّلَاقِ مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَ، وَكَذَلِكَ لِلْأَبِ وَالتَّقْدِيرُ وَرَجَعَ لِلْأَبِ نِصْفُ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ وَذِي الْقَدْرِ وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ مَعْطُوفَانِ عَلَى الْمَجْرُورِ وَهُوَ لِأَبٍ (ص) وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ يَكُونَ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْ الْأَبِ وَذِي الْقَدْرِ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ نِصْفٍ أَوْ كُلٍّ عَلَى مَا مَرَّ إنْ كَانَ الْتِزَامُ مَنْ ذُكِرَ عَنْ الزَّوْجِ بِلَفْظِ الْحَمْلِ كَانَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ إذْ الْحَمْلُ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْقُرْبَةُ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَا رُجُوعَ فِيهَا لِمُعْطِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ مَنْ ذُكِرَ عَنْ الزَّوْجِ بِلَفْظِ الْحَمَالَةِ يَرْجِعُ كَانَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ كَحَمَالَةِ الدُّيُونِ، وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ مَنْ ذُكِرَ عَنْ الزَّوْجِ بِغَيْرِ اللَّفْظَيْنِ بَلْ كَانَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ أَوْ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ حُمِلَ عَلَى الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ حُمِلَ عَلَى الْحَمَالَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ أَيْ الدَّفْعُ أَوْ الضَّمَانُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَا عُرْفَ وَلَا قَرِينَةَ تُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَأَمَّا إنْ وُجِدَ عُرْفٌ يُخَالِفُهُ كَمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ مَنْ دَفَعَ عَنْ شَخْصٍ صَدَاقَهُ أَوْ تَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ بِأَيِّ لَفْظٍ يَرْجِعُ بِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ وَكَذَا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. (ص) وَلَهَا الِامْتِنَاعُ إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ حَتَّى يُقَرِّرَ وَتَأْخُذُ الْحَالَّ وَلَهُ التَّرْكُ (ش)   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَا حَصَلَتْ إلَخْ) قَالَ عج ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْعِلْمِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّهْنِئَةِ وَالدُّعَاءِ وَطَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ فَأَنْكَرَ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ مَعَ احْتِمَالِ الْعِلْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّاكِلِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ. وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) هُوَ مَنْ أَنْكَرَ بَعْدَ الطُّولِ (قَوْلُهُ هُوَ أَنَّ النُّكُولَ) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ فَجُعِلَ الْمُوجِبُ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ لَا الْإِنْكَارَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَمَادٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَادٍ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ اتِّهَامًا أَيْ إنَّمَا لَزِمَهُ النِّكَاحُ اتِّهَامًا لَا تَحْقِيقًا وَقَوْلُهُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ إنْكَارٌ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ دِقَّةٌ أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ التَّمَادِي إنَّمَا هُوَ فِي السُّكُوتِ وَقَدْ عَقَّبَهُ بِالْإِنْكَارِ دُفْعَةً فَلَيْسَ فِيهِ تَمَادٍ، فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ إنْكَارَ الزَّوْجِ لَيْسَ طَلَاقًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَمْكِينُهُ مِنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَمْرَ وَالرِّضَا لَمَّا كَانَا غَيْرَ ثَابِتَيْنِ هُنَا بَلْ مُحْتَمِلَانِ وَكَانَ النِّكَاحُ هُنَاكَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ كَانَ الْإِنْكَارُ هُنَا قَوِيًّا وَهُنَاكَ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى) أَيْ أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ " وَالْبَاءُ فِي بِالطَّلَاقِ وَبِالْفَسَادِ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَفَاعِلُ رَجَعَ هُوَ النِّصْفُ) أَيْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَالْجَمِيعُ وَقَوْلُهُ وَبِالطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِالْفَسَادِ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بِالْحَمْلِ بِأَنْ قَالَ وَالْمَهْرُ عَلَى حَمْلٍ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْحِمَالَةِ بِأَنْ قَالَ وَالْمَهْرُ عَلَى حِمَالَةٍ رَجَعَ مُطْلَقًا فَفَرَّقُوا هُنَا بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْحِمَالَةِ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ لَهُمْ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ أَصْلُهُ أَنْ لَا يُطَالَبَ غَيْرُ الْحَامِلِ بِشَيْءٍ وَالْحِمَالَةُ أَصْلُهَا الضَّمَانُ فَنَظَرُوا فِي هَذَا الْبَابِ لِلْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ لَا بَابُ مُشَاحَّةٍ مِنْ ك غَيْرَ أَنَّهُ هُنَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْحِمَالَةِ وَالضَّمَانِ مَعَ أَنَّ الْحِمَالَةَ بِمَعْنَى الضَّمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ أَيْ الدَّفْعُ أَوْ الضَّمَانُ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الضَّمَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَضَامِنٌ هَذَا الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت فَانْظُرْهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ مُبْهَمًا أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ رُجُوعٌ وَلَا عَدَمُهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالشَّرْطِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ حَتَّى يُقَرِّرَ) بِرَاءٍ مُكَرَّرَةٍ أَوْ بِدَالٍ فَرَاءٍ أَيْ يُعَيِّنَ لَهَا الصَّدَاقَ وَيُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَنُسْخَةُ الدَّالِ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ وَلَهُ التَّرْكُ) وَلَهُ دَفْعُهُ لَهَا عِنْدَ الِامْتِنَاعِ وَيَتْبَعُ بِهِ الْحَامِلَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى غُرْمِ شَيْءٍ، فَإِنْ فَارَقَ ثُمَّ مَاتَ الْحَامِلُ اتَّبَعَتْ تَرِكَتَهُ مَتَى طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَلَوْ كَانَ الْحَاصِلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 سَيَأْتِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الصَّدَاقِ حَيْثُ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ لَهَا أَيْضًا ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَتَأْخُذُ الْحَالَّ بِالْأَصَالَةِ أَوْ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ فِي التَّسْمِيَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُتَحَمِّلُ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى تَسْلِيمِ سِلْعَتِهَا مَجَّانًا وَلِلزَّوْجِ التَّرْكُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَدَمِ رُجُوعِ مَنْ قَامَ بِهِ عَنْ الزَّوْجِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا صَرَّحَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ كَانَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَوَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْكُ أَيْ الطَّلَاقُ مَجَّانًا بَلْ إنْ طَلَّقَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ وَغَرِمَ لَهَا الصَّدَاقَ لَمْ يَتْبَعْ بِهِ الْحَامِلَ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ إذَا دَفَعَ شَيْئًا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ الْتِزَامُ الْمَهْرِ حَمْلًا وَحَمَالَةً وَغَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ وَكَانَ الْحَمْلُ صِلَةً لَا رُجُوعَ فِيهِ جَرَى مَجْرَى الْوَصِيَّةِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَرَضِ فَيَبْطُلُ لِلْوَارِثِ وَيَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَطَلَ إنْ ضَمِنَ فِي مَرَضِهِ عَنْ وَارِثٍ (ش) أَيْ وَبَطَلَ الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ إنْ ضَمِنَ أَحَدٌ مَهْرًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ عَنْ وَارِثِ ابْنٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَبَضَتْهُ مِنْ الضَّامِنِ ثُمَّ مَاتَ رَدَّتْهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَقَدْ دَخَلَ أَوْ صَغِيرًا وَدَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ اتَّبَعَتْهُ الزَّوْجَةُ بِهِ فَفَاعِلُ بَطَلَ الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ. وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ فَتَصِحُّ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ عَنْ وَارِثٍ صِحَّتُهُ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ وَلَمَّا كَانَ مِنْ صُوَرِهِ ضَمَانُ الْأَبِ صَدَاقَ ابْنَتِهِ عَنْ زَوْجٍ غَيْرِ وَارِثٍ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهَا بِقَوْلِهِ (لَا زَوْجُ ابْنَتِهِ) فَيَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ. وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَاءَةُ مَطْلُوبَةً فِي النِّكَاحِ طَلَبًا لِدَوَامِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَعْقَبَ الْمُؤَلِّفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا لِمَا قِيلَ إنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَشُرِطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالْحَالُ (ش) الْكَفَاءَةُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ وَالْمُرَادُ بِالدِّينِ التَّدَيُّنُ أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ فَاسِقٍ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا أَيْ تَرْكُ الْكَفَاءَةِ بِمَعْنَى التَّدَيُّنِ أَيْ زِيَادَةِ الدِّيَانَةِ لَا بِمَعْنَى الدِّينِ أَيْ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلَا لِلْوَلِيِّ تَرْكُهُ وَتَأْخُذُ كَافِرًا وَالْمُرَادُ بِالْحَالِ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ بِهَا الْخِيَارُ لَا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِنْ قُلْت تَفْسِيرُ الْكَفَاءَةِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَارَبَةِ لَا يُوَافِقُ مَا فَسَّرَهَا الْمُؤَلِّفُ بِهِ قُلْت الْمُرَادُ بِالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَارَبَةِ الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ (ص) وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا (ش) أَيْ وَلِلْمَرْأَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا مَعَ وَلِيِّهَا تَرْكُ الْكَفَاءَةِ وَالرِّضَا بِالْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ   [حاشية العدوي] عَدِيمًا فَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعَذُّرِ التَّعَسُّرُ؛ لِأَنَّ التَّعَذُّرَ لَا يُشْتَرَطُ وَمَفْهُومُ إنْ تَعَذَّرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْأَخْذُ لِكَوْنِهِ مَلِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لَا يَخْفَى إنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ بِخِلَافِ الْأَخْذِ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَالَ عج عَنْ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ حَتَّى يُعَيِّنَهُ وَيَقْبِضَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُتَعَذِّرًا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَقْرِيرِ الصَّدَاقِ وَحْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ الَّذِي الصَّدَاقُ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ الَّذِي الصَّدَاقُ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الثَّانِي التَّعْيِينُ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَبَطَلَ الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ إنْ ضَمِنَهَا) لَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّكَّةِ إلَّا أَنْ يُضَمِّنَ ضَمِنَ مَعْنَى وَقَعَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ دَخَلَ إلَخْ أَيْ أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ مِنْ صُوَرِهِ أَيْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَقَوْلُهُ لَا زَوْجَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَنْ وَارِثٍ أَيْ، وَلَوْ أَتَى بِالْمَفْهُومِ بِتَمَامِهِ لَقَالَ لَا كَزَوْجِ ابْنَتِهِ (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثِ) إنَّمَا تَقَيَّدَ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ لَا زَوْجُ ابْنَتِهِ) أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ قَرِيبًا غَيْرَ وَارِثٍ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَيَبْطُلُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ يَتْرُكَ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَا قِيلَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ إلَخْ) أَيْ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا لِلَّهِ وَلَا شُرِطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ) أَيْ مُطْلَقُ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَارَبَةِ إلَّا أَنَّ صِيغَةَ الْمُفَاعَلَةِ تَقْتَضِي مُقَارَبَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَارَبَ الْآخَرَ وَلَا تَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ فَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الْحَالُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُقَارَبَةِ عَيْنَ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ ثَبَتَ بِهَا الْخِيَارُ أَمْ لَا بَلْ الْمُرَادُ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْفَاحِشَةِ مَا تُرَدُّ بِهَا بِخِلَافِ الدَّاءِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النَّاسِ بِالْمُبَارَكِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ بِهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ فَقَدْ نَقَلَ لَنَا شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ عَنْ الشَّارِحِ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُبَارَكَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت تَفْسِيرُ الْكَفَاءَةِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ مَعْنًى لُغَوِيٌّ فَلَا يَرِدُ الِاعْتِرَاضُ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا اللُّغَوِيَّ مُرَادٌ فِي الْفِقْهِ (قَوْلُهُ قُلْت الْمُرَادُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقُ مُمَاثَلَةٍ وَمُقَارَبَةٍ بَلْ الْمُرَادُ الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ الْكَفَاءَةُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ إلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ مُطْلَقٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِالْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ) ، وَلَوْ سِكِّيرًا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لَهُمَا وَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهَا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى حِينَئِذٍ لِوُجُوبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 وَالْمَعِيبِ الْفَاحِشِ الْعَيْبِ، فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْمَرْأَةُ فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ وَبِالْعَكْسِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُؤَلِّفُ أَعَادَ الْجَارَّ لِلْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ لَا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَافِيًا فِي التَّرْكِ دُونَ الْآخَرِ. (ص) وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ فَطَلَّقَ امْتِنَاعٌ بِلَا حَادِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا رَضِيَ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَرَادَ عَوْدَهَا فَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ وَيُعَدُّ عَاضِلًا. (ص) وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ فَقِيرٍ وَرُوِيَتْ بِالنَّفْيِ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ (ش) وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ وَفِي الْأُمَّهَاتِ مُعْدِمًا لَا مَالَ لَهُ فَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا قَالَ نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك مُتَكَلَّمًا عِيَاضٌ وَكَذَا رَوَيْنَاهُ بِالْإِيجَابِ لَا عَلَى النَّفْيِ وَلَا يَصِحُّ الْكَلَامُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ أَنَّ لَهَا تَكَلُّمًا قَالَ نَعَمْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهَا أَنَّهُ رَأَى لَهَا مُتَكَلَّمًا وَمَنْ رَوَى فَلَا أَرَى أَيْ عَلَى النَّفْيِ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ نَعَمْ وَاخْتَلَّ الْمَعْنَى وَنَاقَضَ بَعْضُ كَلَامِهِ بَعْضًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقٌ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَقُولُ قَالَ وَيَعْنِي بِالضَّرَرِ ضَرَرَ الْبَدَنِ. وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ وِفَاقٌ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْفَقْرِ الْفَادِحِ الْمُضِرِّ بِهَا وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْأَخِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَالِهَا فَقِيرٌ لِسَعَةِ حَالِهَا وَكَثْرَةِ يُسْرِهَا أَوْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَمَالِكٌ إنَّمَا تَكَلَّمَ قَبْلَهُ وَقَالَ لَهَا مُتَكَلِّمٌ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَهَذَا يَتَأَتَّى عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ فَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ جَعَلَ لَهَا التَّكَلُّمَ وَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَ فِعْلَ الْأَبِ مَاضِيًا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا إذْ لَوْ كَانَ لَهَا التَّكَلُّمُ لَكَانَ لَهَا الرَّدُّ وَوَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِ الْإِمَامِ لَهَا التَّكَلُّمُ حَيْثُ كَانَ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ الْبَيِّنُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ فَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا التَّكَلُّمَ مُطْلَقًا وَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ حَيْثُ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ وَوَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ وَلِلشُّيُوخِ فِي الْوِفَاقِ غَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. (ص)   [حاشية العدوي] حِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ الْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ) وَالْفَاسِقِ بِالِاعْتِقَادِ فَهُوَ كَالْفَاسِقِ بِجَارِحَةٍ أَوْ أَشَدَّ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّهَا إلَى اعْتِقَادِهِ وَمَذْهَبُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى حُرْمَةِ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُفْسَخُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَنْ تُزَوَّجَ ابْنَتِهِ مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ فَعَلَهُ الْأَبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْمَرْأَةُ فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، فَإِنْ دَخَلَ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ كَانَ مُعْتَرِضًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَرْضَ هُوَ بِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلُهُ. (قَوْلُهُ فَطَلَّقَ) قَالَ الزَّرْقَانِيُّ هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْفَاءَ الْفَصِيحَةَ هِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ عب بَلْ الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ فَقَطْ بِدُونِ تَعْقِيبٍ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْفَاءِ الْفَصِيحَةِ أَحَدُ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) . وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَهِيَ زَوْجَةٌ وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا. (قَوْلُهُ وَلِلْأُمِّ) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ (قَوْلُهُ التَّكَلُّمُ) أَيْ بِأَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ فَيَنْظُرَ فِيمَا أَرَادَهُ الْأَبُ هَلْ هُوَ صَوَابٌ فَيَرُدَّهَا إلَيْهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فِي تَزْوِيجٍ أَيْ فِي إرَادَةِ تَزْوِيجٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَقِيرٍ) ابْنِ أَخٍ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ فَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ وَفِي ك عَنْ تَقْرِيرِ قَوْلِهِ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ وَغَيْرُ الْأَبِ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَأَمَّا الْأُمُّ فَخَاصٌّ بِهَا مُطَلَّقَةً أَمْ لَا وَمِثْلُ الْفَقْرِ مَنْ يُغَرِّبُهَا عَنْ أُمِّهَا مَسَافَةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَيُشْكِلُ هَذَا الْفَرْعُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِكَخَصِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُجْبِرَ ابْنَتَهُ عَلَى الْخَصِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ أَيْ. وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ فَلَهُ جَبْرُهَا وَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ حَتَّى لِلْأُمِّ مَعَ جَعْلِهِمْ هُنَا لِلْأُمِّ التَّكَلُّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَبْنَى مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ فَتَرَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي نُسْخَةٍ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ مُتَكَلَّمًا) أَيْ تَكَلُّمًا (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهَا) أَيْ مُؤَكِّدًا لِقَوْلِهِ نَعَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ نَعَمْ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ مَعْنَاهُ أَجَبْت سُؤَالَك قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ رِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَصَحُّ قَالَهُ الْبَدْرُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَتَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَ مَالِكٍ وَتَقْدِيمُهُ الْإِثْبَاتَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهَا اهـ (أَقُولُ) وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا التَّكَلُّمُ أَيْ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ (قَوْلُهُ وَيَعْنِي بِالضَّرَرِ ضَرَرَ الْبَدَنِ) أَيْ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْفَقْرِ الْمُضِرِّ بِهَا) أَيْ. وَأَمَّا الْإِمَامُ فَقَطْ تَكَلَّمَ عَلَى الْفَقْرِ الْمُضِرِّ بِهَا أَيْ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَيْ إلَّا لِفَقْرٍ بَيِّنٍ مُضِرٍّ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ الْبَيِّنُ) أَيْ بِفَقْرِ ابْنِ الْأَخِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا التَّكَلُّمَ) فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ بِفَقْرِ ابْنِ الْأَخِ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ) يَحْصُلُ لَهَا بِفَقْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِلشُّيُوخِ فِي الْوِفَاقِ) أَيْ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى صَدَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 وَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كُفْءٌ لِمَنْ هُوَ دُونَهَا فِي الْمَرْتَبَةِ فَالْمَوْلَى أَيْ الْعَتِيقُ كُفْءٌ لِلْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرُ الشَّرِيفِ كُفْءٌ لِلشَّرِيفَةِ وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ لِمَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ جَاهًا (ص) وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي كَفَاءَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرَّةِ وَعَدَمِ كَفَاءَتِهِ لَهَا تَأْوِيلَانِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَفِي الْعَبْدِ، وَلَوْ عَبْدَ أَبِيهَا. (ص) وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ (ش) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أُصُولُهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ أُمُّهُ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ أَبِيهِ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ أَبِي أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ وَعَلَى الْأُنْثَى أَبُوهَا وَأَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا وَأَبُو أُمِّ أَبِيهَا وَأَبُو أُمِّهَا، وَإِنْ بَعُدَ وَأَبُو أُمِّ أُمِّهَا كَذَلِكَ وَفُصُولُهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ، وَإِنْ بَعُدَتْ فَيَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ بِنْتُهُ، وَإِنْ سَفَلَتْ وَعَلَى الْأُنْثَى ابْنُهَا كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ أَيْ مِنْ النَّسَبِ. وَأَمَّا مِنْ الرَّضَاعِ فَسَيَأْتِي. (ص) ، وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِابْنَةٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ بَنَاتِهِ مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُلِقْنَ مِنْ مَائِهِ فَهِيَ بِنْتٌ أَوْ كَالْبِنْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لَا رَبِيبَةٌ وَمِثْلُ الْبِنْتِ الِابْنُ الْمَخْلُوقُ مِنْ مَائِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ. (ص) وَزَوْجَتُهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ إلَى أَصْلِ الشَّخْصِ وَفَصْلِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وَإِنْ عَلَوْا أَوْ بَنِيهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَابْنَةَ زَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي لَمْ تَرْضَعْ بِلِبَانِ أَبِيهِ وَالْمُنَاسِبُ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ حَذْفُ التَّاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ النَّاكِحِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَزَوْجَاهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِضَافَةَ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْمُفْرَدِ وَالْمُتَعَدِّدِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ الضَّابِطِ فَقَالَ (ص) وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ (ش) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ فُصُولُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُمْ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَأَوْلَادُهُمْ، وَإِنْ سَفَلُوا (ص) وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ خَاصَّةً مِنْ كُلِّ أَصْلٍ مَا عَدَا الْأَصْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي يَلِي الْأَصْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْجَدَّةُ الْقُرْبَى وَابْنُ الْأَوَّلِ عَمٌّ أَوْ خَالٌ وَابْنَتُهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ وَابْنُ الْجَدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَابْنَتُهَا كَذَلِكَ وَهُمْ أَوَّلُ الْفُصُولِ وَالتَّحْرِيمُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا أَوْلَادُهُمْ فَهُمْ حَلَالٌ. وَأَمَّا فُصُولُ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فَهُمْ حَرَامٌ، وَإِنْ سَفَلُوا كَمَا مَرَّ. (ص) وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ أُصُولُ   [حاشية العدوي] الْمِثْلِ وَالْإِمَامُ عَلَى مَا دُونَهُ أَوْ أَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ يُخْشَى مِنْهُ أَكْلُ مَالِهَا وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُخْشَى مِنْهُ لَكِنْ رُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ إحَالَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ إذْ لَا مَعْنَى لِذِكْرِ الْفَقْرِ حِينَئِذٍ إذْ الْمَانِعُ الْخَوْفُ مِنْهُ أَوْ عَدَمُ أَمَانَتِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمَوْلَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَاءَةِ حَسَبٌ وَلَا نَسَبٌ وَالنَّسَبُ يَرْجِعُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْحَسَبُ الْمَنَاقِبُ وَالصِّفَاتُ الْحَمِيدَةُ كَالْكَرَمِ وَالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ وَالتَّقْوَى وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلِلْعَرَبِيَّةِ رَدُّ الْمَوْلَى الْمُنْتَسِبِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِسَابِهِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعَقْدَ عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَمَا هُنَا لَمْ يَحْصُلْ انْتِسَابُ وَلَا اشْتِرَاطُ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَالْأَقَلُّ جَاهًا) أَرَادَ بِالْأَقَلِّ مَا يَشْمَلُ الْعَامَّ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ كَذَا فِي شب (أَقُولُ) وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كُفْءٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ فَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَبْيَضِ فَهُوَ كُفْءٌ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَبِهِ الشَّرَفُ فِي عُرْفِ مِصْرِنَا وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ السُّودِ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَنْفِرُ مِنْهُ وَيَقَعُ بِهِ الذَّمُّ وَالْخِسَّةُ. (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ الْحُرِّ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ وَفُصُولُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَحَرُمَ عَلَى الذَّكَرِ أُصُولُهُ الْإِنَاثُ فَإِذَنْ يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَفُصُولُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ التَّنْصِيصَ عَلَى تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَيْرَ مُكْتَفٍ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ فِي مَقَامِ الضَّبْطِ وَالْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُلِقْنَ مِنْ مَائِهِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ، وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ فَهِيَ بِنْتٌ أَوْ كَالْبِنْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَنَّهَا رَبِيبَةٌ فَقَوْلُهُ لَا رَبِيبَةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنْتٌ أَوْ كَالْبِنْتِ فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهَا كَالرَّبِيبَةِ فَيَلْزَمُهُ حِلُّهَا لِأَبِي الْوَاطِئِ وَابْنِهِ وَأَجَازَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ جَمِيعَ ذَلِكَ وَجَعَلَهَا أَجْنَبِيَّةً وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ) وَمِثْلُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ مَنْ شَرِبَتْ مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ زَنَى بِهَا حَالَ وَطْئِهِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ رَضَاعًا، وَكَذَلِكَ الْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ زِنَا أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْقَبَسِ بِأَنَّ مَنْ زَنَى بِحَامِلٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بِنْتِهَا الَّتِي تَلِدُهَا بَعْدَ الزِّنَا؛ لِأَنَّ زَرْعَ غَيْرِهِ سُقِيَ بِمَائِهِ. وَأَمَّا الْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ أَخِيهِ فَلَا تَحْرُمُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ لَا بِمَنْزِلَةِ بِنْتِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَرْجِيحُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ مَا إذَا الْتَقَطَتْ مَنِيَّهُ فِي نَحْوِ حَمَّامٍ وَوَضَعَتْهُ فِي فَرْجِهَا ثُمَّ حَمَلَتْ مِنْهُ فَيُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ وَانْظُرْ حَلِيلَةَ الِابْنِ مِنْ الزِّنَا هَلْ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ الزِّنَا وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْمَخْلُوقِ مِنْ الزِّنَا كَوَلَدِ الصُّلْبِ الْحُرْمَةُ وَانْظُرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ) بِأَنْ يُقَالَ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْأَصْلِ وَالْفَصْلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى آخَرَ وَهُوَ الذِّكْرُ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ وَيَجْرِي هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْأَصْلِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ فَيَصْدُقُ بِالْمُفْرَدِ وَالْمُتَعَدِّدِ) أَيْ وَالْمُتَعَدِّدُ مُرَادٌ هُنَا. (قَوْلُهُ وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ) ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 زَوْجَتِهِ وَهُنَّ أُمَّهَاتُهَا، وَإِنْ عَلَوْنَ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهَا وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ بِالزَّوْجَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (ص) وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا (ش) الْوَاوُ وَاوُ الْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ وَهُوَ حَرُمَ وَبِتَلَذُّذِهِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ رَاجِعٌ إلَى الزَّوْجَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَفُصُولُهَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَالْمَحْذُوفُ مُبْتَدَأٌ أَيْ وَحَرُمَ بِالتَّلَذُّذِ بِالزَّوْجَةِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا وَهُنَّ بَنَاتُهَا، وَإِنْ سَفَلْنَ أَوْ وَالْمُحَرَّمُ بِتَلَذُّذِهِ فُصُولُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] وَصْفٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا تَحْرُمُ فُصُولُ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ أُصُولِهَا وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ أَشَدُّ بِرًّا بِابْنَتِهَا مِنْ الِابْنَةِ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ كَافِيًا فِي بُغْضِهَا لِابْنَتِهَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ مَيْلِهَا لِلزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ فَاشْتُرِطَ فِي التَّحْرِيمِ إضَافَةُ الدُّخُولِ وَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي الِابْنَةِ لِضَعْفِ وُدِّهَا لِأُمِّهَا وَمَيْلِهَا لِلزَّوْجِ (ص) كَالْمِلْكِ (ش) إنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ، وَإِنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ إلَى هُنَا يُسْتَثْنَى الْعَقْدُ، فَإِنْ عَقَدَ الْأَبُ فِي النِّكَاحِ يَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ وَعَقْدُ الِابْنِ يُحَرِّمُ عَلَى الْأَبِ وَعَقْدُ الشِّرَاءِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْوَطْءُ وَإِنَّمَا الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْخِدْمَةُ وَالِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي وَطْءِ أَوْ تَلَذُّذِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا فِيهِ كَوْنَهُ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ كَوْنَهُ مُرَاهِقًا هَلْ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ أَمْ لَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ التَّحْرِيمُ عَلَى التَّلَذُّذِ. وَأَمَّا مَا لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ التَّحْرِيمُ عَلَى التَّلَذُّذِ بَلْ يَحْصُلُ فِيهِ التَّحْرِيمُ بِالْعَقْدِ كَتَحْرِيمٍ الْأُمِّ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِعَقْدِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الْوَطْءِ. وَلَمَّا قَدَّمَ إجْمَالًا أَنَّ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ تَارَةً يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَأُخْرَى بِالتَّلَذُّذِ بِالْوَطْءِ وَكَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا تَارَةً وَفَاسِدًا أُخْرَى وَالتَّلَذُّذُ بِالْوَطْءِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ فِيهِ الْحَدُّ تَارَةً وَلَا حَدَّ فِيهِ أُخْرَى شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اخْتَلَفَ فِيهِ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ لَا مَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ وَحَرُمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ الْعَقْدُ، وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَوَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ عَلَى ضَرْبَيْنِ تَارَةً يَكُونُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ يُرِيدُ وَالْمَذْهَبُ قَائِلٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَبِتَلَذُّذِهِ) أَيْ قَصْدُ لَذَّةٍ وَوِجْدَانُهَا كَوِجْدَانِهَا فَقَطْ وَفِي الْقَصْدِ وَحْدَهُ قَوْلَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ وَهُوَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ. وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَبَاطِنِ الْجَسَدِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا (قَوْلُهُ وَبِتَلَذُّذِهِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ حُرْمَةُ الْفُصُولِ بِالتَّلَذُّذِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَقْتَ التَّلَذُّذِ بِهَا صَغِيرَةً جِدًّا فَلَيْسَ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَظَرٍ) أَيْ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ، وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ خَفِيفٍ يَشِفُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّلَذُّذِ مَعَ وُجُودِ التَّلَذُّذِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ قُبْلَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَمُلَاعَبَةٍ وَنَظَرٍ لَا فِي خُصُوصِ النَّظَرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ الْتَذَّ بِالنَّظَرِ أَمْ لَا لَا أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِالنَّظَرِ أَوْ اللَّمْسِ أَوْ الْقُبْلَةِ بَلْ مَهْمَا كَانَ بِلَمْسٍ أَوْ قُبْلَةٍ لَا يَخْتَصُّ بِوَجْهٍ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) لَا حَذْفَ بَلْ الْمَعْطُوفُ قَوْلُهُ فُصُولُهَا (قَوْلُهُ كَالْمِلْكِ) يَشْمَلُ مَنْ تَلَذَّذَ بِأَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا وَأُمَّهَاتُهَا وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ اُخْتُلِفَ فِي وَطْئِهِ وَمُقَدِّمَاتِهِ هَلْ يَحْرُمُ كَالْبَالِغِ أَمْ لَا وَالرَّاجِحُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا فِيهِ كَوْنَهُ يَقْوَى) أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ أَوْ كَوْنَهُ مُرَاهِقًا أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ آخَرُ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ مُرَاهِقًا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا إلَخْ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَوَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاطِئِ وَاللَّامِسِ. وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ وَالْمَلْمُوسَةُ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حُرْمَةُ فُصُولِهَا بِالتَّلَذُّذِ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَلَذِّذُ بِهِ وَقْتَهُ صَغِيرًا (قَوْلُهُ هَلْ يَنْشُرُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إلَخْ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ) أَيْ تَفْصِيلِ بَعْضِ ذَلِكَ أَيْ تَبْيِينِ بَعْضِ ذَلِكَ أَيْ وَهُوَ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ. وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا وَطْؤُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ) أَيْ نَوْعٌ مِنْ التَّكْرَارِ بِاعْتِبَارِ الْبَعْضِ فَقَطْ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ لَا يَحْرُمُ فِيهِ إلَّا الْوَطْءُ الصَّحِيحُ وَالْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ الْعَقْدُ فِيهِ وَحْدَهُ كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ أَيْ فِي غَيْرِ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ فَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فِيهِ تَكْرَارٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَسَادَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَحَرُمَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ لَا رَقِيقًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَرُدَّ عَقْدُهُ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رُدَّ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ وَانْظُرْ فِيمَا هُوَ مِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْبَتِّ مِنْ عَقْدِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَازِمٌ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى حِلِّهِ بِخِلَافِ نِكَاحِ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى حِلِّهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لَازِمًا وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُ عَقْدِ النِّكَاحِ عَقْدُ الْبَيْعِ بِفَصْلٍ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيْعِ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ الْمُسْتَنِدُ إلَيْهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ فَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَإِلَّا فَلَا وَيَجْرِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا جَرَى فِي الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ) أَيْ فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ أَوْ دُبُرِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 بِالْفَسَادِ وَتَارَةً يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمُحَرَّمٍ وَشِغَارٍ وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّ عَقْدَهُ يَنْشُرُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا يَنْشُرُهَا الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَقْدُهُ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا يَنْشُرُهَا الْوَطْءُ بِشَرْطِ أَنْ يَدْرَأَ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ كَمَنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ غَيْرَ عَالِمٍ أَمَّا إنْ عَلِمَ حُدَّ فِي ذَاتِ الْمَحْرَمِ وَالرَّضَاعِ وَفِي حَدِّ الْعَالِمِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ قَوْلَانِ سَيَأْتِيَانِ وَقَدْ أَفْهَمَ قَوْلُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْرَأْهُ كَمَا مَرَّ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى وَطْئِهِ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالزِّنَا وَفِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ بِوَطْءِ الزِّنَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا، وَإِنْ زَنَى بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنَتِهَا فَلْيُفَارِقْهَا فَحَمْلُهَا الْأَكْثَرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى تَرْجِيحِهِ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ عَدَمِ نَشْرِهِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَمَّا فِي الْمُوَطَّإِ وَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ إلَى أَنْ مَاتَ وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَلَا تَمْحُو الْأَوَّلَ قَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ وَعَدَمُ النَّشْرِ بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَالرِّسَالَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ بَلْ قِيلَ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافٌ فَإِذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ يَجُوزُ لِلزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَتِهَا وَأُمِّهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ. (ص) ، وَإِنْ حَاوَلَ تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا فَتَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِزَوْجَتِهِ فِي ظَلَامٍ مَثَلًا فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهَا فَالْتَذَّ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَقَدْ تَرَدَّدَ الْأَشْيَاخُ فِي تَحْرِيمِ أُمِّهَا عَلَى زَوْجِهَا وَفِرَاقِهَا وُجُوبًا وَعَدَمِ تَحْرِيمِهَا وَعَدَمِ وُجُوبِ الْفِرَاقِ، وَلَوْ قَصَدَ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ لَمْ يُنْشَرْ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللِّوَاطُ بِابْنِ امْرَأَتِهِ لَا يَنْشُرُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَإِنْ وَقَعَ الِالْتِذَاذُ مِنْهُ عَلَى الِابْنَةِ عَمْدًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ وَلَا يُقَالُ إذَا الْتَذَّ بِابْنَةِ زَوْجَتِهِ بِوَطْءٍ تَحْرُمُ زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَحْرُمُ اتِّفَاقًا فَلِمَ جَرَى التَّرَدُّدُ هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ غَلَطًا فِيمَنْ تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا وَلِذَا كَانَ وَطْءُ أُخْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا مُحَرِّمًا بَنَاتِهَا عَلَى زَوْجِ أُخْتِهَا الْوَاطِئِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا فَوَطْؤُهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا وَطْءُ بِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا فَلَيْسَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ. (ص) ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ نَكَحْتهَا أَوْ وَطِئْت الْأَمَةَ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ نُدِبَ التَّنَزُّهُ وَفِي وُجُوبِهِ إنْ فَشَا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ عَقَدْت عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ الْعَقْدَ عَلَيْهَا أَوْ وَطِئْت الْأَمَةَ أَوْ تَلَذَّذْت بِهَا بِشِرَاءٍ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الِابْنُ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبْقِيَّةَ مِلْكِ الْأَبِ لَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِ الْأَبِ قَبْلَ شِرَاءِ أَوْ نِكَاحِ الِابْنِ، فَإِنْ فَشَا قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ إرَادَةِ الِابْنِ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ الْفَسْخُ أَوْ إنَّمَا يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ بِالْفَشْوِ وَلَا يَجِبُ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهٌ) : مَنْ مَلَكَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَطِئَهَا أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الْعَلِيَّةِ وَقَالَ يُنْدَبُ فِي الْوَخْشِ أَنْ لَا يُصِيبَ وَلَا تَحْرُمُ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا ثُمَّ غَابَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ. (ص) وَجَمْعُ خَمْسٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ أَوْ هُوَ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ حَرُمَ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى وَحَرُمَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمْعُ خَمْسٍ مِنْ النِّسَاءِ فِي عَقْدٍ، وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ أَوْ عُقُودٍ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ وَيَجُوزُ مَا دُونَهُنَّ بِالْوَجْهَيْنِ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْوَاحِدَةِ بِالْأُخْرَى أَمْ لَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقِيلَ لَهُ لَوْ مَحَوْت مَا فِي الْمُوَطَّإِ فَقَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ) وَبَقِيَ هُنَا بَحْثٌ كَيْفَ يَكُونُ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَشْهُورُ هُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ لَا يُنْسَبُ إلَى قَائِلِهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَمَدًا مَشْهُورًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ أَخَذُوا مِنْ قَوَاعِدِهِ مَا رَجَعَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْسَبُ إلَى نَفْسِ الْإِمَامِ إنَّمَا يُنْسَبُ لِمَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَعْتَبِرُوا نَقْلَ ابْنُ حَبِيبٍ رُجُوعَهُ لِانْفِرَادِهِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا. (قَوْلُهُ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا إلَخْ) وَمِثْلُ بِنْتِهَا سَائِرُ فُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي تَلَذُّذِهِ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ. وَأَمَّا بِهِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ حُرْمَةُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ رَاجِحًا أَيْضًا فِي التَّلَذُّذِ (قَوْلُهُ فَالْتَذَّ بِهَا بِوَطْءٍ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت بَلْ الصَّوَابُ وَالْمُتَعَيِّنُ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْوَطْءُ فَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَا يُقَالُ فِي الْوَطْءِ الْتَذَّ قَالَهُ مُحَشِّي تت وَذَكَرَ النُّصُوصَ الْمُفِيدَةَ لِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت. (قَوْلُهُ نُدِبَ التَّنَزُّهُ إلَخْ) ، وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ التَّنَزُّهِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ وَالْخُضْرَةِ خَطَأٌ قَالَهُ الْبَدْرُ قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَيَنْبَغِي إذَا صَدَقَتْ الْحُرَّةُ الْأَبَ أَنْ تُؤْخَذَ بِإِقْرَارِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْوَلَدَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَا تَقُولُهُ الْأَمَةُ لِاتِّهَامِهَا فِي مَحَبَّةِ الْوَلَدِ أَوْ ضِدِّهَا (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ) وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَبُ لِابْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ فَلَا تَحِلُّ فَغَيْبَتُهُ مِثْلُ مَوْتِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِعَدَمِ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ فَلَوْ أَخْبَرَ الْأَبُ الْبَائِعُ مَثَلًا الْأَجْنَبِيَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ ثُمَّ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَلَدَ بِأَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْوَلَدَ لِأَجْنَبِيٍّ وَبَاعَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْوَالِدِ وَحَصَلَ مِثْلُ ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ أَنْ يُصَدَّقَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ فَاعِلٌ إلَخْ) يُنَافِي قَوْلَهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَهُوَ فَاعِلٌ إلَخْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إذَا سَمَّى) أَوْ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَفْوِيضٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَمْعُ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) إلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ يُبَاحُ لَهُ تَزَوُّجُ ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَهُوَ مِنْ مَعْنَى الْحُدُودِ فَكَانَ طَلَاقُهُ نِصْفَ طَلَاقِ الْحُرِّ كَمَا فِي الْحُدُودِ. (ص) أَوْ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ (ش) فَاعِلُ حَرُمَ يَرْجِعُ لِلنِّكَاحِ أَيْ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ إذَا قَدَّرْت إحْدَاهُمَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا لَحَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا فَيُفِيدُ مَنْعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُجَابُ بِتَخْصِيصِ هَذَا الضَّابِطِ بِمَا يَمْتَنِعُ جَمْعُهُمَا لِقَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَ حَرُمَ رَاجِعًا لِلْوَطْءِ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَةَ إذَا قُدِّرَتْ رَجُلًا جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ كَمَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَبِنْتُ زَوْجِهَا أَوْ أُمُّ زَوْجِهَا سَوَاءٌ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي حَرُمَ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَلِابْنَتِهِ بِنِكَاحٍ وَلَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَبِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ السَّابِقِ. (ص) كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ كَمَا مَرَّ وَإِمَّا بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَسَيَأْتِي وَإِمَّا بِمِلْكٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، وَلَوْ طَرَأَ مِلْكُهَا عَلَى الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْئِهَا حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الْمَوْطُوءَةِ نَعَمْ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا لِلْخِدْمَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِلْخِدْمَةِ وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ فَالضَّمِيرُ فِي وَطْئِهِمَا لِلثِّنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ. وَلَمَّا كَانَ صُوَرُ جَمْعِ الْمُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ إمَّا بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكٍ أَوْ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ شَرَعَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ لَوْ وَقَعَتْ فَقَالَ (ص) وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَاحِدٍ فُسِخَا أَبَدًا، وَإِنْ أَفْرَدَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي عَقْدٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْهُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فِي كَوْنِهَا الثَّانِيَةَ يُرِيدُ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِهَا؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِسُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْهُ الْوَاجِبِ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا الْأُولَى وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ فَقَوْلُهُ بِلَا طَلَاقٍ مُتَعَلِّقٌ بِفُسِخَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ إلَّا وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُشْبِهَ بِهِ مَا بَعْدَهُ. (ص) كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْبَاءُ فِي بِعَقْدٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَحَذَفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَيْ بِكَأُمٍّ وَابْنَتِهَا جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ وَلَمَّا كَانَ لِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا إنْ دَخَلَ وَلَا إرْثَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَوَطِئَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا يُرِيدُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ. وَأَمَّا الْعَالِمُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ هَلْ يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْ الْوَاطِئِ أَمْ يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ. وَأَمَّا مَنْعُ الْإِرْثِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَوَاضِحٌ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ لِلْمَسِيسِ وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَبَالَغَ عَلَى الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ أَيَّةٌ) مَوْصُولَةٌ وَصِلَتُهَا مَحْذُوفَةٌ وَأَيَّةُ مَفْعُولٌ أَوَّلُ نَائِبُ فَاعِلٍ قُدِّرَتْ وَقَوْلُهُ ذَكَرًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ لَوْ قُدِّرَتْ الَّتِي هِيَ مَعَهَا ذَكَرًا حَرُمَتْ الْأُخْرَى وَهِيَ مُبْهَمَةٌ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقْدِيرِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا) ؛ لِأَنَّك لَوْ قَدَّرْت الْجَارِيَةَ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى سَيِّدَتِهِ أَوْ قُدِّرَتْ السَّيِّدَةُ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَمَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجَتِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجِهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ) أَيْ وَإِلَّا تُصَدَّقُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي مَفْهُومُ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ حَلِفِهَا إنْ كَذَّبَتْهُ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي أَنَّ فَاطِمَةَ مَثَلًا هِيَ الْأُولَى وَخَدِيجَةَ الثَّانِيَةُ وَهِيَ تُكَذِّبُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ فَاطِمَةَ هِيَ الْأُولَى وَاسْتَشْكَلَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي تَعْيِينِ الْأُولَى بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَدَمُ قَبُولِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَالزَّوْجُ يَقْبَلُهُمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا وَادَّعَتْ كِلْتَاهُمَا الْجَهْلَ مِثْلَهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا نِصْفَ صَدَاقٍ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمِ النِّصْفِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ زَوْجَةٌ قَطْعًا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى مَعَ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا إنْ حَلَفَتْ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَتْ مِنْهُمَا، فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَقَالَتْ الْأُخْرَى لَا أَدْرِي حَلَفَتْ الْمُدَّعِيَةُ وَأَخَذَتْ نِصْفَ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ صَدَاقِهَا هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ حَيًّا وَادَّعَى جَهْلَ الْأُولَى، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَتَأْخُذُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا وَمَنْ نَكَلَتْ لَا شَيْءَ لَهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِسُقُوطٍ إلَخْ) فَإِذَا دَخَلَ بِهَا لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْبِنَاءِ وَفَارَقَهَا وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى الْمُدَّعِيَةِ أَنَّهَا الْأُولَى وَمُوَافَقَتُهُ لَهَا فِي دَعْوَاهَا وَظَاهِرُهُ حَلَفَ لِلْأُخْرَى أَمْ لَا (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) الْأَوَّلُ إذَا دَخَلَ بِهِمَا الثَّانِي لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ الثَّالِثُ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَالْمُرَادُ بِهِ التَّلَذُّذُ (قَوْلُهُ هَلْ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ) بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهَا بِنْتُهَا (قَوْلُهُ وَبَالَغَ إلَخْ) لَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَلَا يَصْلُحُ هُنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا جَمَعَهُمَا عَقْدٌ وَاحِدٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 التَّحْرِيمِ إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَلُزُومُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْعَقْدِ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فَكَذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ وَيَأْتِي مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمُرَتَّبَتَيْنِ وَهِيَ الْأُولَى ثَبَتَ عَلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَتَأَبَّدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّانِيَةِ وَكَانَتْ الْبِنْتَ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُهَا وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ حَرُمَتَا أَبَدًا وَلَا مِيرَاثَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْمَدْخُولَ بِهَا أَهِيَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ فَيَحْرُمَانِ أَبَدًا إنْ كَانَتْ الْأُمَّ وَلَا مِيرَاثَ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ، فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ كَانَ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَصُوِّبَ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. (ص) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ حَلَّتْ الْأُمُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَمَعَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ إذَا كَانَ صَحِيحًا. وَأَمَّا الْفَاسِدُ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّحِيحِ. وَأَمَّا حِلِّيَّةُ الْبِنْتِ فَلَا خِلَافَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ فَأَحْرَى الْفَاسِدُ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حِلِّيَّةِ الْأُمِّ وَقَوْلُنَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ عَقْدُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ وَيُمْسِكُ الْأُولَى كَانَتْ الْأُمَّ أَوْ الْبِنْتَ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا الْأُمَّ فَهِيَ حَرَامٌ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتَ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ الْأُولَى وَهِيَ الْأُمُّ وَيَتَزَوَّجَهَا وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ. وَأَمَّا مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ إلَخْ. (ص) ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ فَالْإِرْثُ وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَبِنْتِهَا مُرَتَّبَتَيْنِ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الْإِرْثَ بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ سَبَبِهِ وَجَهْلِ مُسْتَحِقِّهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ تَكْمُلُ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَدَّعِيهِ مِنْ غَيْرِ مُصَدِّقٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقَيْنِ فَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الصَّدَاقَانِ أَوْ اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) كَأَنْ لَمْ تَعْلَمْ الْخَامِسَةُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْمِيرَاثِ وَالصَّدَاقِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَزَوَّجَ خَمْسَ نِسْوَةٍ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ جَمَعَ أَرْبَعًا بِعَقْدٍ وَأَفْرَدَ وَاحِدَةً بِعَقْدٍ أَوْ جَمَعَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بِعَقْدٍ وَأَفْرَدَ مَا بَقِيَ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِعَقْدٍ وَمَاتَ الزَّوْجُ وَلَمْ تَعْلَمْ الْخَامِسَةُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ فَإِنَّ الْإِرْثَ يَقْتَسِمْنَهُ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ نِكَاحَ أَرْبَعٍ صَحِيحٌ وَلِمَنْ مَسَّهَا مِنْهُنَّ صَدَاقُهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَلَهُنَّ خَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ وَبِأَرْبَعٍ فَلَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ وَلِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نِصْفُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إنْ شَرْطِيَّةً) هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُمِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا يُحَرَّمَانِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْبِنْتِ الْفَاسِدِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت رَحِمَهُ اللَّهُ رَحْمَةً وَاسِعَةً (قَوْلُهُ حُرِّمَتَا أَبَدًا إلَخْ) أَمَّا الْأُمُّ فَلِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ. وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَعَلَى هَذَا، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ فَيُحَرَّمَانِ أَبَدًا إنْ كَانَتْ الْأُمَّ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ أَيْ فَالْأُمُّ مَدْخُولٌ بِهَا قَطْعًا لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هِيَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْأُمُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ هِيَ الثَّانِيَةُ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ وَحُرِّمَتْ الْبِنْتُ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَقَوْلُهُ وَلَا مِيرَاثَ أَيْ حَيْثُ حَكَمْنَا بِتَحْرِيمِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا) مَعًا مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأُولَى فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ فَالْعَقْدُ عَلَى الْأُمَّهَاتِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا عَلِمَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا وَجُهِلَ كَوْنُهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى وَثَلَاثَةَ قُرُوءٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ وَقَوْلُهُ وَصُوِّبَ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا أَيْ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى تَرِثُ وَعَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ لَا تَرِثُ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ وَكَانَ عَقْدُهُمَا مَعًا وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَحِلُّ لَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَتْ الْأُمَّ وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَدْخُولَ بِهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ حَلَّتْ الْأُمُّ) وَأَوْلَى الْبِنْتُ وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْهُمَا فَهِيَ عَلَى الْعِصْمَةِ كَامِلَةٌ وَسَكَتَ أَيْضًا عَمَّا إذَا عَلِمَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَجَهِلَتْ وَكَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، فَإِنْ جَهِلَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَقَلُّ الْمَهْرَيْنِ كَانَ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ. وَأَمَّا مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا إلَخْ) وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ فَإِنَّ سَبَبَ الْمِيرَاثِ فِي كُلٍّ مُحَقَّقٌ وَالْجَهْلُ فِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ النَّظَرُ إلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِ رَجُلَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ دُونَ اجْتِمَاعِ امْرَأَتَيْنِ لِرَجُلٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَبِأَرْبَعٍ إلَخْ) وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ أَصْلًا وَمَا إذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ وَمَا إذَا دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا إذَا دَخَلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 صَدَاقٍ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَامِسَةٍ وَأَنَّ الْخَامِسَةَ إحْدَى الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَيَدَّعِي الْوَارِثُ أَنَّهَا هِيَ الْخَامِسَةُ فَلَا شَيْءَ لَهَا فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. . وَلَمَّا قَدَّمَ ضَابِطَ مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ وَكَانَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ تَحْرِيمُهُ مُؤَبَّدٌ كَالْبِنْتِ مَعَ الْأُمِّ عَلَى مَا مَرَّ وَبَعْضُهَا مُقَيَّدٌ كَالْأُخْتَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَا يُزِيلُ ذَلِكَ الْقَيْدَ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ السَّابِقَةَ إمَّا مَنْكُوحَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ وَإِلَى مَا يُزِيلُ ذَلِكَ الْقَيْدَ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهِ (ص) وَحَلَّتْ الْأُخْتُ بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا مَثَلًا بِمِلْكٍ أَوْ بِنِكَاحٍ مَا دَامَتْ الْأُولًى فِي عِصْمَتِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُبِينَهَا إمَّا بِأَنْ يُخَالِعَهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا فَإِذَا ادَّعَتْ احْتِبَاسَ الدَّمِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ بَعْدَهَا تَحْرِيكًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ فَإِنْ صَدَّقْنَهَا لَمْ تَحِلَّ أُخْتُهَا مَثَلًا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ التَّرَبُّصُ إلَى أَقْصَى الْحَمْلِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ. (ص) أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ بِعِتْقٍ، وَإِنْ لِأَجَلٍ أَوْ كِتَابَةٍ (ش) مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا خَاصٌّ بِالنِّكَاحِ كَمَا مَرَّ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يُمْنَعُ الْجَمْعَ مَعَهَا مِنْ عَمَّةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُحَرِّمَ فَرْجَ السَّابِقَةِ بِعِتْقٍ نَاجِزٍ، وَإِنْ لِبَعْضِهَا أَوْ مُؤَجَّلٍ أَوْ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ عَجْزِهَا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَنْعُ وَطْءِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرِّسَالَةِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَإِذَا وَطِئَهَا وَحَمَلَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَسَقَطَتْ عَنْهَا خِدْمَتُهَا بِذَلِكَ فَيُعَجَّلُ عِتْقُهَا حِينَئِذٍ وَقِيلَ لَا يُعَجَّلُ لِبَقَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَهُ إنْ جُرِحَتْ وَقِيمَتُهَا إنْ قُتِلَتْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَجَّلَ عِتْقَهَا أَوْ بَقِيَتْ إلَى أَجَلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بَقِيَتْ مُعْتَقَةً لِأَجَلٍ فَلَهَا حُكْمُهَا وَمِثْلُ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ عِتْقُ الْبَعْضِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (ص) أَوْ إنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَقَدَ عَلَى أَمَتِهِ لِشَخْصٍ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أُخْتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّنْ يَحْرُمُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ مَعَهَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْمُشْعِرِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحِلِّيَّةِ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ مَتْرُوكٌ وَلَكِنَّ عُدُولَهُ عَنْ لَفْظِ نِكَاحٍ الَّذِي   [حاشية العدوي] بِثَلَاثٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ يَقْتَسِمْنَهُ عَلَى قَدْرِ أَصْدِقَتِهِنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ صَدَاقِهَا كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَإِنْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ فَلِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ أَصْدِقَتُهُنَّ وَلِلْبَاقِيَتَيْنِ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ رَابِعَةٌ قَطْعًا وَالْأُخْرَى تَدَّعِي أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَأَنَّ الْخَامِسَةَ مِنْ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَالْوَارِثُ مُنَازِعُهَا فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ فَيَكُونُ لَهُمَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمَةِ صَدَاقٍ وَنِصْفٍ عَلَيْهِمَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا كَثُرَ أَوْ قَلَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِاثْنَيْنِ فَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ لِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ صَدَاقَيْنِ قَطْعًا وَالصَّدَاقُ الثَّالِثُ يُنَازِعُ فِيهِ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا عَلَى إلَّا اثْنَانِ فَقَطْ، وَإِنْ وَاحِدَةٌ مِنْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا خَامِسَةً قَطْعًا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَهُنَّ يَقُلْنَ أَنَّ الْخَامِسَةَ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنَّا بَلْ هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ اللَّتَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا قُلْنَا ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ كَوَامِلُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِذَا قُسِمَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُلُثًا ثَمَنُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُهَا إلَّا ثَمَنُهُ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ خِلَافًا لِمَا فِي عب. (قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ ضَابِطَ مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبِنْتَ وَالْأُمَّ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُمَا لَا مَعِيَّةً وَلَا تَرْتِيبًا فَلَا يَدْخُلَانِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَمَّتِهَا إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَحَلَّتْ كَأُخْتٍ وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي الْأُخْتِيَّةِ تَقْتَضِي جَرَيَانَهَا فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقْنَهَا) الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ تَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْنَهَا إلَخْ وَهَلْ مَنْعُهُ مِنْ النِّكَاحِ يُسَمَّى عِدَّةٌ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَعْتَدُّ فِيهَا الزَّوْجُ وَمِنْهَا مَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَمِنْهَا إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا وَادَّعَى حَمْلَهَا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِأَجْلِ إرْثِ حَمْلِهَا إنْ كَانَ بِإِخْوَةٍ لِأُمٍّ أَيْ إنْ كَانَ الْإِرْثُ بِسَبَبِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ. (قَوْلُهُ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ عَلَى الْوَطْءِ لَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إنْكَاحٍ فَإِنَّ كُلًّا لَا يُزِيلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَإِنَّمَا يُزِيلُ مِلْكَ الْوَطْءِ أَيْ لَمْ يَبْقَ لَهُ تَسَلُّطٌ شَرْعِيٌّ عَلَى الْوَطْءِ أَيْ أَوْ زَوَالِ حِلِّ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كِتَابَةٍ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ يُخَالِفُ فِيهَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَرِيحِ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَبَهًا بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَيْ بِالْعَقْدِ عَلَى امْرَأَةٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ خِدْمَتُهَا) أَيْ الْخِدْمَةُ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُعْتَقَةَ لِأَجْلِ (قَوْلِهِ لِبَقَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا يَقُولُ لَمَّا سَقَطَتْ خِدْمَتُهَا صَارَ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهَا أُمَّ وَلَدٍ فَيُنْجِزُ عِتْقَهَا وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ هُنَاكَ فَائِدَةٌ فِي بَقَائِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَهُوَ بَقَاءُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَهُ إنْ جُرِحَتْ وَقِيمَتِهَا إنْ قُتِلَتْ فَلَا يُنْجِزُ عِتْقَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَ تَنْجِيزِ عِتْقِهَا فِي قَتْلِهَا الْقِيمَةُ بَلْ فِي قَتْلِهَا الدِّيَةُ كَمَا هُوَ فِي كُلِّ حُرٍّ كَانَتْ حُرِّيَّتُهُ أَصَالَةً أَوْ طَارِئَةً بِالْعِتْقِ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ عِتْقُ الْبَعْضِ) فَتَحِلُّ أُخْتُهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ لِحُرْمَةِ وَطْءِ الْمُبَعَّضَةِ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ عِتْقُهَا لِدَيْنٍ أَوْ أَنَّ حُصُولَ التَّحْرِيمِ بِعِتْقِ الْبَعْضِ لَا يُنَافِي أَنَّ عِتْقَ الْبَعْضِ يُوجِبُ التَّكْمِيلَ أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا) أَيْ أَوْ فَاسِدًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ الصَّالِحِ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ الدُّخُولُ إلَى الْإِنْكَاحِ الرُّبَاعِيِّ الَّذِي لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إلَّا الْعَقْدُ دَلِيلٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ إنْكَاحَ إفْعَالٌ أَيْ إيجَادُ الْعَقْدِ. (ص) أَوْ أَسْرٌ أَوْ إبَاقُ إيَاسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا أَسَرَهَا الْعَدُوُّ أَوْ أَبَقَتْ إبَاقًا أَيِسَ سَيِّدُهَا مِنْ عَوْدِهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالنِّكَاحِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا مِنْ أُخْتٍ وَنَحْوِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَسْرَ بِالْإِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَلِذَلِكَ حَسُنَ التَّقْيِيدُ فِيهِ بِالْيَأْسِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ تُوطَأُ بِالْمِلْكِ. وَأَمَّا مَنْ تُوطَأُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ مَعَهَا بِأَسْرِهَا أَوْ إبَاقِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ أَسْرِهَا طَلَاقًا بَائِنًا حَلَّتْ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ مَعَهَا مِنْ أُخْتٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ تَحِلَّ كَأُخْتِهَا إلَّا بِمُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ أَسْرِهَا لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَتَأَخُّرِهِ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا لِاحْتِمَالِ رِيبَتِهَا وَحَيْضَتِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي آخِرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِمُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهَكَذَا، وَإِنْ أُسِرَتْ بِفَوْرِ نِفَاسِهَا اكْتَفَتْ بِثَلَاثِ سِنِينَ لِلْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا كَمَا قَالَهُ ح وَقَوْلُهُ بِمُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ أَسْرِهَا نَأْيٌ إنْ كَانَ مُسْتَرْسِلًا عَلَيْهَا لِوَقْتِ الْأَسْرِ وَإِلَّا فَتُعْتَبَرُ الْخَمْسَةُ مِنْ يَوْمِ أَمْسَكَ عَنْهَا وَمِثْلُ أَسْرِهَا بِفَوْرِ نِفَاسِهَا مَا إذَا تَحَقَّقَ نَفْيُ حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ اكْتَفَتْ بِثَلَاثِ سِنِينَ أَيْ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا مَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا أَكْثَرَ فَيُعْمَلُ بِمَا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهَا. (ص) أَوْ بَيْعٍ دَلَّسَ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمَعِيبَةِ بَيْعًا صَحِيحًا كَافٍ فِي حِلِّيَّةِ مَنْ يَحْرُمُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهَا حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ فِيهِمَا (ص) لَا فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ وَحَيْضٍ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ وَرِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ وَظِهَارٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَخِيَارٍ وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَإِخْدَامِ سَنَةٍ وَهِبَةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ، وَإِنْ بِبَيْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي حِلِّيَّةٍ كَالْأُخْتِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ فَإِذَا بَاعَ الْمَوْطُوءَةَ بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ زَوَّجَهَا تَزْوِيجًا فَاسِدًا وَلَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سَوْقٍ فَأَعْلَى أَوْ دُخُولٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى وَكَذَا إذَا حَاضَتْ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ وَلَا يَحْرُمُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ. وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ مِنْ شُبْهَةٍ أَيْ الَّتِي غَلِطَ بِهَا فَهِيَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْرُمُ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ زَمَنَهُ قَصِيرٌ وَأَقْصَرُ مِنْهُ زَمَنُ الِاسْتِتَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَدَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالْغَالِبُ رُجُوعُهَا إلَى الْإِسْلَامِ لِخَوْفِ الْقَتْلِ وَزَمَنِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَصِيرٍ. وَأَمَّا الظِّهَارُ فَلَا يَحِلُّ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمُظَاهِرَ قَادِرٌ عَلَى رَفْعِ تَحْرِيمِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِالْكَفَّارَةِ وَلَا تَحِلُّ كَالْأُخْتِ بِيَمِينٍ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ أُخْتِهَا، وَلَوْ بِحُرِّيَّتِهَا. وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ فَهُوَ كَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ. وَأَمَّا بَيْعُ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَكْفِي فِي تَحْرِيمِ الْمَبِيعَةِ وَحِلِّيَّةِ الْأُخْرَى لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ كَمَا إذَا أَبْقَى الْأُولَى وَحَرَّمَ الثَّانِيَةَ فَلَا تَحْتَاجُ الْأُولَى إلَى اسْتِبْرَاءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لَوَطِئَهَا زَمَنُ الْإِيقَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا لِفَسَادِ مَائِهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْخِيَارُ وَاحْتَرَزَ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ مِنْ   [حاشية العدوي] يَمْضِي بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ نِكَاحَ عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنٍ ثُمَّ أُجِيزَ وَكَنِكَاحِ ذِي عَيْبٍ أَوْ غَرَرٍ ثُمَّ رَضِيَ الْآخَرُ فَتَحِلُّ بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي الْأَوَّلِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إنْكَاحَ إفْعَالٌ إلَخْ) وَيَكُونُ قَوْلُهُ يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ أَيْ يَحِلُّ وَطْؤُهُ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ لَازِمًا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ أَوْ شَأْنُهُ يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ لَوْ وَطِئَ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ رِيبَتِهَا) أَيْ بِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ وَحَيْضَتِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي آخِرِهَا) . وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحِضْ فِي آخِرِهَا وَكَانَتْ تَحِلُّ بِمُضِيِّ السَّنَةِ فَلَمَّا حَاضَتْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَتَنْتَظِرُ إمَّا حَيْضَةً أَوْ سَنَةً بَيْضَاءَ فَإِنْ جَاءَتْ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ حَلَّتْ، وَإِنْ جَاءَتْهَا الْحَيْضَةُ تَنْتَظِرُ إمَّا الْحَيْضَةَ أَوْ سَنَةً بَيْضَاءَ وَحِينَئِذٍ تَحِلُّ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَرَّةً (قَوْلُهُ اكْتَفَتْ بِثَلَاثِ سِنِينَ) مِنْ طَلَاقِهَا، وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ قَبْلَ السَّنَةِ خِلَافًا لعب؛ لِأَنَّ التَّرَبُّصَ سَنَةً إنَّمَا هُوَ لِاحْتِمَالِ الِاحْتِبَاسِ لِمَنْ تَكُونُ عَادَتُهَا الْحَيْضُ قَبْلَ السَّنَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ) وَالْمُتَوَاضِعَةُ هِيَ الْجَارِيَةُ الَّتِي أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمَوْضُوعَ هُنَا أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِوَطْئِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا وَكَذَا إنْ كَانَتْ فِيهَا عُهْدَةٌ أَوْ خِيَارٌ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ دَلَّسَ فِيهِ مَفْهُومُهُ أَحْرَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَيْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِطْلَاقُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا تَجُوزُ (قَوْلُهُ وَرِدَّةٍ) أَيْ فِي أَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ. وَأَمَّا رِدَّةُ الزَّوْجَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بَيْنُونَةُ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ قَصَدَتْ بِرِدَّتِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي حِلِّيَّةِ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِسَبَبِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الرِّدَّةَ غَيْرُ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِبْرَاءٍ) أَيْ بِأَنْ زَنَى بِهَا إنْسَانٌ أَوْ غَصَبَهَا أَوْ أَنَّهُ وَطِئَ الْأُخْتَ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ يُرِيدُ الْعَوْدَ لِلْأُولَى بَعْدَ أَخْذِهِ فِي اسْتِبْرَاءِ الثَّانِيَةِ فَلَا تَحِلُّ الْأُولَى بِهَذَا الِاسْتِبْرَاءِ ذَكَرَهُ فِي ك إلَّا أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا أَبْقَى الْأُولَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا زَمَنَ الْإِيقَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَزَمَنُ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَصِيرٌ) أَيْ. وَأَمَّا إحْرَامُهُ قَبْلَ زَمَانِهِ فَهُوَ أَمْرٌ نَادِرٌ وَمَكْرُوهٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ فَمَعْنَاهُ أَنَّ إنْسَانًا وَطِئَهَا غَلَطًا فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ عِدَّةُ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِبْرَاءٍ عَلَى خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْنِي مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مَا إذَا وَطِئَ الْأُخْتَ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ يُرِيدُ الْعَوْدَ لِلْأُولَى كَمَا بَيَّنَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهَا بِغَيْرِهَا وَقَالَ مُحَشِّي تت بَلْ الْمُتَعَيِّنُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأُولَى بَيْعًا فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ أَيْ مُوَاضَعَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 عُهْدَةِ السَّنَةِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَبِيعَةِ وَحِلِّيَّةِ الْأُخْرَى لِطُولِ زَمَنِهَا وَنُدُورِ أَدْوَائِهَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّ إخْدَامَ الْأَمَةِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يُحِلُّ أُخْتَهَا لِلسَّيِّدِ فَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ مَا عَدَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا هِبَةُ الْأَمَةِ فَلَا يَكْفِي فِي حِلِّيَّةِ أُخْتِهَا مَثَلًا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ قَادِرًا عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا إمَّا بِاعْتِصَارٍ كَمَا إذَا وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِمَّا بِشِرَاءٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَمَا إذَا وَهَبَهَا الْمَحْجُورَةَ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ فَقَوْلُهُ وَأَنْ يَبِيعَ مُبَالَغَةٌ فِي الِاعْتِصَارِ بِمَعْنَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الرُّجُوعُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ بِشِرَائِهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ فَوَاتِهَا. (ص) بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِمَنْ يَصِحُّ الِاعْتِصَارُ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِالْمَوْطُوءَةِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَافِيًا فِي حِلِّيَّةِ وَطْءٍ كَأُخْتِهَا وَهِبَتِهَا لِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَصْلًا يَحِلُّ كَالْأُخْتِ وَإِنْ كَانَتْ لِثَوَابٍ فَلَا تَحِلُّ كَالْأُخْتِ حَتَّى يُعَوَّضَ عَلَيْهَا أَوْ تَفُوتَ عِنْدَهُ وَتَجِبُ فِيهَا الْقِيمَةُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ. (ص) وَإِخْدَامِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَخْدَمَ مَوْطُوءَتَهُ سِنِينَ كَثِيرَةً بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَالْخَمْسَةِ فَمَا فَوْقَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِلُّ لَهُ وَطْءَ كَأُخْتِهَا وَمِثْلُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ حَيَاةُ الْمُخْدَمِ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا بِمُسَوِّغٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ وَطْءُ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ فَقَالَ (ص) وَوَقْفٍ إنْ وَطِئَهُمَا لِيُحَرِّمَ، فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَطِئَ كَالْأُخْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لِوَطْءِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَنْهُمَا لِيُحَرِّمَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِمُحَرَّمٍ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا، فَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى وَحَرَّمَ الثَّانِيَةَ اسْتَمَرَّ عَلَى الْأُولَى مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَائِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لَوَطِئَهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا لِفَسَادِ مَائِهِ، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا لِفَسَادِ مَائِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ فَقَدْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَذْفِ فَإِذَا نَسَبَ شَخْصٌ هَذَا الْوَلَدَ إلَى شُبْهَةٍ فِي نِسْبَةٍ لَمْ يُحَدَّ حَيْثُ نَشَأَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْفَسْخِ. (ص) ، وَإِنْ عَقَدَ   [حاشية العدوي] فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا بِبَيْعٍ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَلَا عَلَى الْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَرْنُهُ بِالْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ اهـ. (قَوْلُهُ أَدْوَائِهَا) جَمْعُ دَاءٍ وَهِيَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَخْدُمَهَا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ مَا عَدَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ أَرْبَعَةٌ فَمَا فَوْقَ (قَوْلُهُ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حُصُولِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ وَلَدٍ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَعْتَصِرُهَا بِالْعِوَضِ، فَإِنْ قُلْت شِرَاءُ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ لَا يَجُوزُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ انْتِزَاعُهَا بِالْبَيْعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ شِرَاؤُهُ مَالُ مَحْجُورِهِ الَّذِي لَمْ يَهَبْهُ لَهُ. وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَا يُمْنَعُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْهِبَةَ لِمَنْ يَعْتَصِرُ لَا تَحِلُّ بِهَا الْأُخْتُ ظَاهِرًا وَتَحِلُّ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ بِشِرَائِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْبَيْعَ عَلَى الشِّرَاءِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ بِشِرَاءٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ فَوَاتِهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَهَبَهَا لِابْنِهِ وَفَاتَتْ فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ أُخْتُهَا؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اعْتِصَارِهَا بِالشِّرَاءِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ عب أَوَّلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى حَصَلَ مُفَوِّتٌ جَازَ لَهُ وَطْءٌ كَأُخْتِهَا وَحِينَئِذٍ نَقُولُ لَك مَا فِيهِ الصَّوَابُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَهَبَهَا لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا الثَّوَابُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا فَإِذَا فَاتَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ حَلَّتْ الْأُخْتُ لِثَوَابٍ أَمْ لَا كَانَتْ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ لَمْ تَحِلَّ إنْ كَانَتْ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ كَانَتْ لِثَوَابٍ، وَلَوْ قَبَضَهُ أَمْ لَا وَلِغَيْرِهِ تَحِلُّ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ ثَوَابٍ كَأَنْ يَكُونَ لِثَوَابٍ وَقَبَضَهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّيَّةِ أُخْتِهَا. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الصَّدَقَةِ فَيَكْفِي حَوْزُهُ لِمَحْجُورِهِ وَالْحَوْزُ إمَّا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَعْتَقَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْزِ فَيَمْضِي فِعْلُهُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَكْفِي لِقُدْرَةِ الْأَبِ عَلَى انْتِزَاعِهَا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ كَالْخَمْسَةِ فَمَا فَوْقَ) بَلْ الْأَرْبَعَةُ كَذَلِكَ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُخْدِمِ بِالْكَسْرِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمُخْدِمَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ حَوْزُ الْهِبَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُحْمَلُ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ فَيُؤَدِّي إلَى اسْتِخْدَامِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ قُلْت حَيْثُ حَرُمَ وَطْءُ الْمُخْدِمَةِ فَلِمَ لَمْ تَحِلَّ بِهِ الْأُخْتُ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّتُهُ قَلِيلَةً كَسَنَةٍ قُلْت لَعَلَّهُ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا لَا تَحْرُمُ حَيْثُ قَلَّتْ مُدَّتُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ وَطْئِهَا وَبَيْنَ جَوَازِ وَطْءِ السَّيِّدِ لِلْمُؤَجِّرَةِ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي إيجَارُهَا فِي حِلِّيَّةِ أُخْتِهَا قُلْت لَعَلَّهُ أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ إذَا حَمَلَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَسَقَطَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأُجْرَةُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُخْدِمَةِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ خِدْمَتِهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَهُ مِثْلَهَا إنْ أَيْسَرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَطِئَ الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ فَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُحَدُّ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ. وَأَمَّا الْمُؤَجَّرَةُ فَيَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَطَأَهَا زَمَنَ الْإِجَارَةِ وَقَالَ بِحُرْمَةِ وَطْءِ الْمُخْدِمَةِ أَبُو الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ وَوَقَفَ إنْ وَطِئَهُمَا) أَيْ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لِوَطْئِهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ) هَذَا فِي الْمَوْطُوءَتَيْنِ بِالْمِلْكِ وَفِيمَا إذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ وَأُخْرَى بِمِلْكٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فَاشْتَرَى فَالْأُولَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا ثُمَّ اشْتَرَى مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى وَيُبْقِي الثَّانِيَةَ عِنْدَهُ لِلْخِدْمَةِ فَقَطْ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ (ص) ، فَإِنْ وَطِئَ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَكَالْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ الْمُشْتَرَاةَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى كَأُخْتِهَا أَوْ عَقَدَ عَلَى كَالْأُخْتِ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِمُقَدِّمَةِ جِمَاعٍ فَمَا فَوْقَهَا بِكَأُخْتِهَا بِمِلْكٍ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يُوقِفَ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ أَيَّتَهمَا شَاءَ إمَّا الْمَنْكُوحَةُ بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةُ بِزَوَالِ مِلْكٍ بِمَنْزِلَةِ وَطْءٍ كَالْأُخْتَيْنِ فَقَوْلُهُ فَكَالْأَوَّلِ أَيْ فَكَالْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَوَقَفَ عَنْهُمَا لِيُحَرِّمَ فَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْفَرْعَيْنِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى لِلْوَطْءِ لَا لِلْخِدْمَةِ أَبَانَ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ وَقَفَ عَنْ الْأُولَى أَيْ كَفَّ عَنْهَا وَيُوَكِّلُ ذَلِكَ لِأَمَانَتِهِ. (ص) وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرَّمَ يَعْنِي أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ وَهِيَ الْمُسْتَوْفَاةُ طَلَاقًا ثَلَاثًا لِلْحُرِّ وَاثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ أَوْ مَا فِي مَعْنَى الثَّلَاثِ كَالْبَتَّةِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا لِمَنْ طَلَّقَهَا، وَلَوْ بِالْمِلْكِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ مُسْلِمًا بَالِغًا عِنْدَ الْوَطْءِ وَيَدْخُلَ بِهَا وَيُصِيبَهَا بِذَكَرِهِ الْمُنْتَشِرِ فِي قُبُلِهَا، وَلَوْ حَصَلَ الِانْتِشَارُ بَعْدَ الْإِيلَاجِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ يُطَلِّقَ أَوْ يَمُوتَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ الْإِسْلَامُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لَازِمٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ زِيَادَةِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهَا يَلْزَمُ التَّكْرَارُ (ص) بِلَا مَنْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِيلَاجَ الْمَذْكُورَ لَا تَحِلُّ بِهِ الْمَبْتُوتَةُ إلَّا إذَا كَانَ إيلَاجًا مُبَاحًا، فَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِهِ كَمَا إذَا وَطِئَهَا فِي حَالِ إحْرَامِهَا وَنَحْوِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَطْءِ الْمَمْنُوعِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ فِي قُبُلٍ لَكَانَ أَحْسَنَ غَيْرَ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَشْمَلُ الدُّبُرَ وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْنُوعِ الْوَطْءُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمُسْتَدْبِرَهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَكُلُّ وَطْءٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ أَيْ فَلَا يُحِلُّهَا وَفِي التَّبْصِرَةِ مَا يُخَالِفُهُ (ص) وَلَا نُكْرَةَ فِيهِ (ش) أَيْ فِي الْإِيلَاجِ بِأَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْإِيلَاجِ أَوْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ فَقَوْلُهُ فِيهِ يَتَنَازَعُ فِيهِ قَوْلُهُ وَلَا نُكْرَةَ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَيْ بِلَا مَنْعٍ فِيهِ وَلَا   [حاشية العدوي] عَلَى الْمِلْكِ أَوْ تَأَخَّرَ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتَا مِنْ نِكَاحٍ فَإِنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُهَا، وَلَوْ وَطِئَهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَطِئَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي جُلِّهَا بِالْوَاوِ وَيَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمُفَرَّعِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ إلَخْ عَكْسُهُ فَكَيْفَ يُفَرِّعُ مَا هُوَ عَكْسُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَى الثَّانِي فَوَاتُ الرَّبْطِ اهـ الْبَدْرُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِجَوَابَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ بِاعْتِبَارِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومُ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ، وَإِنْ عَقَدَ فَاشْتَرَى عَكْسَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّغْلِيبِ وَهُوَ بَابٌ وَاسِعٌ وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّ الرَّبْطَ مَفْهُومٌ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَيُوَكِّلُ ذَلِكَ لِأَمَانَتِهِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ الْمُسَوِّغَاتِ السَّابِقَةِ وَإِذَا اخْتَارَ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ هَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ لَا نَظَرَ فِيهِ أَبُو الْحَسَنِ وَهَذِهِ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ قَالَ بَعْضٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا الْمُسَمَّى كَامِلًا وَهَذَا أَيْضًا جَارٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَتَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ فِي هَذِهِ مِثْلُ تَحْرِيمِهَا فِي تِلْكَ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ. (قَوْلُهُ وَالْمَبْتُوتَةُ) ، وَلَوْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ مَلْفُوفًا بِخِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ فَلَا تَحِلُّ وَلَا تُحْصِنُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً حَلَّتْ وَتَحَصَّنَتْ بِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهَا إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ غُسْلًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَطْءَ الْعِنِّينِ وَالْخُنْثَى لَا يُحِلُّهَا اهـ ك (قَوْلُهُ بَالِغٌ) أَيْ الْوَاطِئُ بَالِغٌ، وَلَوْ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ غَيْرَ بَالِغٍ (قَوْلُهُ قَدْرَ الْحَشَفَةِ) أَيْ فِيمَنْ لَا حَشَفَةَ لَهُ خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ أَوْ الْحَشَفَةُ فِيمَنْ هِيَ لَهُ أَيْ فِي مُطِيقَةٍ وَفِي غَيْرِهَا عَدَمٌ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا مَنْعٍ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرُمَ) يَرُدُّ أَنَّ حَرُمَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ حَرُمَتْ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ أَوْ الْمُرَادُ الْجِنْسُ أَيْ وَحَرُمَ هَذَا الْجِنْسُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْعُسَيْلَةِ فِي الْحَدِيثِ الْإِيلَاجُ تَصْغِيرُ عَسَلٍ؛ لِأَنَّهَا حَالَةٌ تُشْبِهُ حَلَاوَةَ الْعَسَلِ بِخِلَافِ الْإِنْزَالِ يُقَالُ لَهُ ذُبَيْلَةٌ الْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ فِي لَذَّةٍ فِي الْمُلَاعَبَةِ حَتَّى إذَا أَوْلَجَ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ لَذَّةُ الْعَسَلِ ثُمَّ لَا يَزَالُ يُتْعِبُ نَفْسَهُ وَيُجْهِدُهَا إلَى أَنْ يُنْزِلَ فَيَحْصُلَ لَهُ فُتُورٌ فَهُوَ يَبْدَأُ بِلَذَّةٍ وَيَخْتِمُ بِأَلَمٍ وَلِهَذَا ذَهَبَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَبِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ إلَى أَنَّ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَلَذُّ وَأَمْتَعُ مِنْ حَالَةِ الْإِنْزَالِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ بِالْعَكْسِ قَالَ، وَلَوْ دَامَتْ لَقَتَلَتْ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ الْإِسْلَامُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَا يَكُونُ إلَّا صَحِيحًا أَيْ وَأَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ أَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فِي قُبُلٍ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ بِلَا مَنْعٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَا مَنْعٍ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ قُلْنَا وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْنُوعِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ يَشْمَلُ الدُّبُرَ أَيْ فَيَخْرُجُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ بِقَوْلِهِ بِلَا مَنْعٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ فِي قُبُلٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُمَا إقْرَارٌ) أَيْ لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ أَوْ مَوْتِهِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِهَا وَأَشَارَ الْحَطَّابُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَرْعٌ إذَا عُلِمَتْ الْخَلْوَةُ وَغَابَ الْمُحَلِّلُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ مِنْهُ إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ صُدِّقَتْ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا أَيْ مَعًا فَلَا يُنَافَى أَنَّهَا تَدَّعِي الْإِصَابَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ ابْتِدَاءً ثُمَّ اعْتَرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي الْإِنْكَارِ فَلَا يُصَدَّقُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 نُكْرَةَ فِيهِ فَلَوْ حَصَلَتْ نُكْرَةٌ فِي الْإِيلَاجِ فَلَا تَحِلُّ وَظَاهِرُهُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ عَلَيْهِ (ص) بِانْتِشَارٍ (ش) هَذَا أَيْضًا مِنْ شُرُوطِ الْإِحْلَالِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ إلَّا الْوَطْءُ مَعَ انْتِشَارِ الذَّكَرِ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ إذْ لَا تَحْصُلُ الْعُسَيْلَةُ إلَّا مَعَ الِانْتِشَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ تَامًّا وَبَاءُ بِانْتِشَارٍ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسًا الْإِيلَاجُ بِانْتِشَارٍ مُقَارِنٍ أَوْ مُتَعَقِّبٍ لَهُ. (ص) فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ يَكُونَ فِي نِكَاحٍ فَوَطْءُ سَيِّدِهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَازِمٍ مِنْ الْوَطْءِ لَهَا فِي نِكَاحٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَنِكَاحِ الْمَحْجُورِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ فَلَا تَحِلُّ لِمَنْ طَلَّقَهَا إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْإِجَازَةِ (ص) وَعُلِمَ خَلْوَةٌ وَزَوْجَةٌ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ الَّتِي تُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ تُعْلَمَ الْخَلْوَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُحَلِّلِهَا، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ، وَلَوْ صَدَّقَهَا الثَّانِي عَلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى الْوَطْءِ لِتَمَلُّكِ الرَّجْعَةِ لِمَنْ طَلَّقَهَا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ حَتَّى تَحِلَّ لِمَنْ طَلَّقَهَا فَلَوْ جَامَعَهَا الْمُحَلِّلُ حَالَ جُنُونِهَا أَوْ نَوْمِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَاقِلًا فَلَوْ جَامَعَهَا حَالَ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ حَلَّتْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَةً؛ لِأَنَّ الْحِلِّيَّةَ وَعَدَمَهَا مِنْ صِفَاتِهَا هِيَ فَاعْتُبِرَتْ فَقَطْ. (ص) ، وَلَوْ خَصِيًّا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَلِّلِ أَنْ يَكُونَ قَائِمَ الذَّكَرِ، وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الْخُصْيَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَمْ لَا وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ الزَّوْجَ خَصِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ نِكَاحٌ مَعِيبٌ فَلَا يُحِلُّهَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٌ (ص) كَتَزْوِيجِ غَيْرِ مُشَبَّهَةٍ لِيَمِينٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّهُ يُحِلُّهَا لِمُطَلِّقِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ فَتَزَوَّجَ الْمَبْتُوتَةَ وَدَخَلَ بِهَا وَغَيَّبَ فِيهَا الْحَشَفَةَ أَوْ قَدْرَهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّهَا، وَلَوْ لَمْ تُشْبِهْ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ لِدَنَاءَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنَّهُ يُحِلُّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَنَاكِحِهِ نَظَرَا فِيهَا إلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى نِكَاحِهَا لَثَبَتَ بِخِلَافِ نِكَاحِهَا بِنِيَّةِ أَنْ يُحِلَّهَا. (ص) لَا بِفَاسِدٍ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي الْأَوَّلِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ تَزْوِيجًا فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِوَطْئِهِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَتَحِلُّ لِمَنْ طَلَّقَهَا إنْ فَارَقَهَا الْمُتَزَوِّجُ لَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا حَيْثُ وَطِئَهَا وَطْئًا ثَانِيًا غَيْرَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ الَّذِي فَوَّتَ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا ثَانِيًا فَهَلْ تَحِلُّ لِمَنْ طَلَّقَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ أَوْ لَا يُحِلُّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ وَطْئًا فَقَوْلُهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ رَاجِعٍ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ، فَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ حَلَّتْ بِوَطْءٍ ثَانٍ أَيْ حَاصِلٍ بَعْدَ الْوَطْءِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ وَفِي حِلِّهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ تَرَدُّدٌ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِلتَّفْصِيلِ فِي الْوَطْءِ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْدَهُ لِلدُّخُولِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِوَطْءٍ ثَانٍ (ص) كَمُحَلِّلٍ، وَإِنْ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا مَعَ الْإِعْجَابِ (ش) هَذَا مِثَالٌ لِلْفَاسِدِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ وَلَا يَحِلُّ وَهُوَ مَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أَبَتَّهَا زَوْجُهَا بِنِيَّةِ إحْلَالِهَا أَوْ بِنِيَّةِ الْإِحْلَالِ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا إنْ أَعْجَبَتْهُ لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَلَوْ جَامَعَهَا إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِحْلَالِ بِوَطْءِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَكَأَنَّ الْإِمَامَ فَهِمَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِهَا هِيَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ) أَيْ فَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا لَازِمٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُخْتَلَفٌ فِي فَسَادِهِ لَا يُفْسَخُ أَبَدًا مَعَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ وَالْمَرْأَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْعَبْدِ يُفْسَخُ أَبَدًا (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُحِلُّهَا) وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَقَوْلُهُ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُهُ مُتَعَلِّقُ الْجَوَابِ أَيْ جَوَابِ الشَّرْطِ وَذَلِكَ الْمُتَعَلِّقُ هُوَ قَوْلُهُ بِوَطْءٍ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومٍ إلَخْ) وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَنْطُوقِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ ثَبَتَ أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ حَالَ كَوْنِ حِلِّيَّتِهَا بِوَطْءٍ ثَانٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ ثَبَتَ بَعْدَ حِلِّيَّتِهَا بِوَطْءٍ ثَانٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا مَفْهُومُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا حَالٌّ احْتِرَازًا مِنْ تَعَلُّقِهِ بِيَثْبُتَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّبَاتَ هُنَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَطْءِ الثَّانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ حَاصِلٌ بِالْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْحِلِّيَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِي حِلِّهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ تَرَدُّدًا لِلْبَاجِيِّ لِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَعِنْدِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْإِحْلَالَ وَعَدَمَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ لِلْخِلَافِ فِي النَّزْعِ هَلْ هُوَ وَطْءٌ أَيْ هَلْ يَتَبَعَّضُ أَمْ لَا اهـ (قَوْلُهُ كَمُحَلِّلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. (فَائِدَةٌ) يُعَاقَبُ الْمُحَلِّلُ وَمِنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ مَنْ يَرَاهُ وَإِلَّا مَضَى وَانْظُرْ لَوْ نَوَى الزَّوْجُ الْمُحَلِّلُ إمْسَاكَهَا عَلَى التَّأْبِيدِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحِلَّهَا لِزَوْجِهَا وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرًا فَهَلْ يَكُونُ نِكَاحُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ صَحِيحًا وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا ذَكَرُوا مِثْلَهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ أَمْ لَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْرِفْ أَنَّ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ الْمُطْلَقُ صِفَةُ الْإِمْسَاكِ وَقَوْلُهُ خَالَطَهُ أَيْ الْإِمْسَاكَ أَيْ نِيَّتَهُ وَقَوْلُهُ إنْ أَعْجَبَتْهُ شَرْطٌ فِي الْإِمْسَاكِ وَقَوْلُهُ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ بَيَانٌ لِمَا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ شَرْطٌ فِي نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَيُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَجَبَ صَدَاقُ الْمِثْلِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 الْإِمْسَاكِ الْمُطْلَقَةِ الْمُشْتَرَطَةِ شَرْعًا فِي الْإِحْلَالِ لِمَا خَالَطَهُ إنْ أَعْجَبَتْهُ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ (ص) وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَحْلِيلِ الْمَبْتُوتَةِ نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ. وَأَمَّا نِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّةُ الْمُطَلَّقَةِ فَلَغْوٌ. (ص) وَقَبْلَ دَعْوَى طَارِئَةِ التَّزْوِيجِ كَحَاضِرَةٍ أُمِنَتْ أَنَّ بَعْدُ وَفِي غَيْرِهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ وَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ لِمَنْ طَلَّقَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ طَارِئَةً عَلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ يَشُقُّ عَلَيْهَا إثْبَاتُ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ حَاضِرَةً فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ طَارِئَةً فَإِنَّهَا تَصْدُقُ فِي أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ لِمَشَقَّةِ الْإِثْبَاتِ عَلَيْهَا لَوْ كُلِّفَتْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ الْبَلَدِيَّةُ فَتُصَدَّقُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا وَدَعْوَاهَا التَّزْوِيجَ بِمَا يُمْكِنُ فِيهِ مَوْتُ شُهُودِهَا وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً مَعَ الطُّولِ فَهَلْ تُصَدَّقُ كَالْمَأْمُونَةِ أَوْ لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقُبِلَ إلَخْ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْإِحْلَالِ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعَقْدِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَاتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ أُمِنَتْ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَمِثْلُ دَعْوَى التَّزْوِيجِ دَعْوَى الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ لِلزَّوْجِ الثَّانِي. (ص) وَمِلْكُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَتِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدِهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يُنَافِي الزَّوْجِيَّةَ لِطَلَبِ أَحَدِهِمَا بِحَقِّ الرِّقِّ وَمِنْهُ النَّفَقَةُ وَالْآخَرُ بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ وَمِنْهُ النَّفَقَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ. وَأَمَّا فِي تَزْوِيجِهِ أَمَتَهُ فَلَا يُنَافِي؛ لِأَنَّهَا مُطَالِبَةٌ بِالنَّفَقَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِحُقُوقِ الزَّوْجِ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ وَخِدْمَةٍ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْمِلْكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَقَةُ الرِّقِّ لَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ فَتُنَافِيَا فِيهَا أَيْضًا وَشَمِلَ الْمِلْكَ الْكَامِلَ وَالْمُبَعَّضَ وَذَا الشَّائِبَةِ وَأُمُومَةَ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ لِوَلَدِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ لِلْجَدِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ ابْنِ ابْنِهِ وَلَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ الذَّكَرِ وَإِنْ نَزَلَ وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدِ ابْنِهَا أَوْ ابْنَتِهَا لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي لِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مِنْ مَوَانِعِ التَّزْوِيجِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ. (ص) وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ بِأَمَةِ نَفْسِهِ أَوْ بِأَمَةِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ الْمِلْكُ النِّكَاحَ أَوْ يَسْبِقَ النِّكَاحُ الْمِلْكَ كَمَا لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَةً بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ (ص) كَمَرْأَةٍ فِي زَوْجِهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِلَا طَلَاقٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ إذَا مَلَكَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا زَوْجَهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَغْنًى عَنْهَا لِانْدِرَاجِهَا فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ (وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ لِيُعْتِقَهُ عَنْهَا) أَيْ أَنَّ الْمَرْأَةَ دَفَعَتْ لِسَيِّدِ زَوْجِهَا مَالًا أَوْ سَأَلَتْهُ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ مَالٍ لِيُعْتِقَهُ عَنْهَا فَفَعَلَ فَإِنَّ نِكَاحَهَا يُفْسَخُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا تَقْدِيرًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِهَذَا كَانَ وَلَاؤُهُ لَهَا وَإِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهَا فَلَا فَسْخَ وَلَهَا الْوَلَاءُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً. (ص) لَا إنْ رَدَّ سَيِّدٌ شِرَاءَ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ) ، فَإِنْ قَرُبَ الْمَكَانُ الَّذِي طَرَأَتْ مِنْهُ فَلَا تُصَدَّقُ (قَوْلُهُ وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ) أَيْ الْعِلْمِ بِتَزْوِيجِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَقَةُ إلَخْ) وَأَيْضًا خِدْمَةُ الزَّوْجَةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ أَوْ لِوَلَدِهِ) أَيْ أَوْ مِلْكٍ لِوَلَدِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي مَلَكَهُ وَالْفَصْلُ بِاللَّامِ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ لَا يَضُرُّ فَقَدْ جَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ} [البقرة: 102] فِي قِرَاءَةِ حَذْفِ النُّونِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّامِ وَغَيْرِهَا مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ وَلَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَيَزِيدُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ نَزَلَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ الذَّكَرِ) صِفَةٌ لِوَلَدِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بِمِلْكِ بِنْتِ بِنْتِهِ لِمَا قَالَهُ الشَّاعِرُ بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَكَذَا فِي عب مِثْلُ شَارِحِنَا وَفِي شب الْعُمُومُ وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ إلَخْ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّتِي لِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّقَّ إلَخْ) فِيهِ شِبْهُ مُصَادَرَةٍ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) هَذَا التَّصْوِيرُ فِيمَا إذَا سَبَقَ الْمِلْكُ النِّكَاحَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ الْمِلْكُ النِّكَاحَ هُوَ عَيْنُ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلِهِ أَوْ يَسْبِقَ النِّكَاحُ الْمِلْكَ هُوَ عَيْنُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمُصَنِّفِ فَمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ وَفَسْخُ النِّكَاحِ هَذَا إذَا سَبَقَ الْمِلْكَ بَلْ، وَإِنْ طَرَأَ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ وَلَدِهِ لَهَا أَوْ بَعْضِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيُّهَا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إذَا مَلَكَ زَوْجَهَا لَا فَسْخَ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ وَلَدُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ وَلِيًّا مَخْصُوصًا الَّذِي هُوَ وَلَدُهَا (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تُنْتِجُ الِاسْتِغْنَاءَ حَقِيقَةً لَا شِبْهَ الِاسْتِغْنَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ سَأَلَتْهُ) أَيْ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي عِتْقِهَا عَنْهُ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَتْ مَالًا لِيُعْتِقَ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ دَفَعَتْ لَهُ مَالًا لِيَعْتِقَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ أَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِرُّ فِي مِلْكِهَا حَقِيقَةً وَلَيْسَ لَهَا فِيهِ إلَّا الْوَلَاءُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهَا (قَوْلُهُ وَإِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَنْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْمِلْكِ تَقْدِيرًا وُجِدَ هُنَا أَيْضًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 لَهَا سَيِّدُهَا فِي التِّجَارَةِ إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ رَدَّ شِرَاءَهَا فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَامِ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهَا، وَلَوْ بِعُمُومٍ فِي تِجَارَةٍ أَوْ تَضْمَنُ بِكِتَابَةٍ فَيَنْفَسِخُ (ص) أَوْ قَصَدَا بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ (ش) أَيْ قَصَدَ سَيِّدُ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ بِالْبَيْعِ أَيْ بِبَيْعِ الْعَبْدِ لَهَا الْفَسْخَ فَلَا فَسْخَ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ مُعَامَلَةً لَهُمَا بِنَقِيضِ قَصْدِهِمَا وَمِثْلُهُ قَصْدُ السَّيِّدِ فَقَطْ بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ فَنُسْخَةُ التَّثْنِيَةِ تَجْرِي عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَنُسْخَةُ الْإِفْرَادِ وَالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ تَجْرِي عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَصْدُهَا وَحْدَهَا لَا يَفْسَخُ عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (ص) كَهِبَتِهَا لِعَبْدٍ لِيَنْتَزِعَهَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ زَوَّجَ أُمَّتَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ إنَّ السَّيِّدَ وَهَبَ الزَّوْجَةَ لِزَوْجِهَا لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ بَلْ رَدَّهَا فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ وَتُرَدُّ كَرَدِّ الْبَيْعِ فِيمَا مَرَّ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِقَصْدِ السَّيِّدِ الْإِضْرَارَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَصَدَ إزَالَةَ عَيْبِ عَبْدِهِ أَوْ إحْلَالَهَا لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ قَبِلَ الْعَبْدُ الْهِبَةَ لِفَسْخِ نِكَاحِهِ، وَلَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ الْفَسْخَ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ إرَادَةُ السَّيِّدِ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ وَبِهِ يَتِمُّ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (ص) فَأَخَذَ مِنْهُ جَبْرَ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ (ش) أَيْ فَأُخِذَ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ جَبْرُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّفْرِقَةِ مَعْنًى. وَلَمَّا كَانَ مِنْ ثَمَرَاتِ شُبْهَةِ الْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ حُرْمَةُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ قَطْعِهِ لِسَرِقَةِ مَالِهِ وَعَدَمُ حَدِّهِ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ فَرْعِهِ أَشَارَ إلَى هَذِهِ الثَّمَرَةِ وَإِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ، وَإِنْ عَلَا يَمْلِكُ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا بِمُجَرَّدِ تَلَذُّذِهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْجِمَاعِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِ الشُّبْهَةِ لَكِنْ لَا مَجَّانًا بَلْ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ، وَلَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَيُتْبَعُ بِهَا إنْ كَانَ مُعْدِمًا وَتُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَعَلَيْهِ وَلَهُ النَّقْصُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهَا إلَخْ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهَا فِي شِرَائِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ حَاصِلًا بِالتَّنْصِيصِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ حَاصِلًا بِسَبَبِ إذْنٍ فِي تِجَارَةِ ذِي عُمُومٍ أَيْ عَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا بِالتَّنْصِيصِ أَوْ حَاصِلًا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ أَيْ طَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ بِسَبَبِ كِتَابَةٍ أَيْ أَنَّ الْحُصُولَ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ أَوْ مُصَوِّرًا تِلْكَ الطَّرِيقَ بِالْكِتَابَةِ وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ تَضَمَّنَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ حَاصِلًا بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ بَلْ، وَلَوْ حَصَلَ بِسَبَبِ إذْنٍ عَامٍّ فِي تِجَارَةٍ بِتَصْرِيحٍ أَوْ اسْتِلْزَامٍ بِسَبَبِ كِتَابَةٍ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ فَاللَّازِمُ لِلْكِتَابَةِ عَلَى الْأَوَّلِ الْإِذْنُ فِي التَّزْوِيجِ وَعَلَى الثَّانِي الْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ الْإِذْنُ فِي شِرَاءِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ فَيُفْسَخُ) ، وَإِنْ كَانَ مُزَلْزَلًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ زَلْزَلَتَهُ فِي الْأُولَى فِي مُضِيِّهِ وَرَدِّهِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَفِي انْتِقَالِهِ لِسَيِّدِهِ فَالْبَيْعُ فِيهَا ثَابِتٌ قَطْعًا بِخِلَافِ الْأُولَى (قَوْلُهُ تَجْرِي عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ فَهْمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ فِي أَوَّلِ نِكَاحِهَا إنْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فُسِخَ نِكَاحُهَا وَتَتْبَعُهُ بِمَهْرِهَا وَقَبْلَهُ لَا تَتْبَعُهُ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّهَا وَسَيِّدَهُ اغْتَزَيَا أَيْ قَصَدَا فَسْخَ نِكَاحِهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً قُلْت ظَاهِرُهُ إنْ اغْتِزَاءَهُ وَحْدَهُ لَغْوٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ فَبَحَثَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ وَقَصْدُهَا وَحْدَهَا لَا يَفْسَخُ عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُوَافِقُهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا إذَا قَصَدَ وَحْدَهُ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ بِالْفَسْخِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِقَصْدِ السَّيِّدِ الْإِضْرَارَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيلُ مَعَ قَوْلِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ لَا يَحْسُنُ هَذَا التَّعْلِيلُ إلَّا مَعَ قَبُولِ الْعَبْدِ لِلْهِبَةِ وَلِذَلِكَ عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ خَالِيَةٌ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج فَرَّعَهُ عَلَى مَنْطُوقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَهِبَتِهَا إلَخْ وَأَنَّ الْمَعْنَى فَقَبِلَ وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ وَإِنَّمَا كَانَ الْجَبْرُ مَأْخُوذًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَجْبُورٍ لَكَانَ مِنْ حُجَّةِ السَّيِّدِ أَنْ يَقُولَ قَبُولُهَا بِاخْتِيَارِهِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِمَا قَصَدَ بِهِ إذْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى إبْطَالِ ذَلِكَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا) أَيْ كَانَ ذَا مَالٍ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ قَصَدَ إزَالَةَ عَيْبِ عَبْدِهِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِالتَّزْوِيجِ أَمْ لَا وَأَتَى بِهَذَيْنِ التَّعْمِيمَيْنِ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا أَوْ قَصَدَ إزَالَةَ الْعَيْبِ لِفَسْخِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ أَيْ فَأُخِذَ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ) وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا الْأَخْذُ مِنْ مَفْهُومِ لِيَنْتَزِعَهَا أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْهِبَةِ أَيْ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ. وَأَمَّا مِنْ السَّيِّدِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ كَذَا فِي ك وشب وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هِبَةُ غَيْرِ السَّيِّدِ أَوْ هِبَةُ السَّيِّدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ حُرْمَةُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ) أَيْ حُرْمَةُ تَزْوِيجِ مِلْكِ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى هَذِهِ الثَّمَرَةِ) أَيْ جِنْسِ الثَّمَرَةِ أَيْ؛ لِأَنَّهَا ثَمَرَاتٌ ثَلَاثَةٌ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هُنَاكَ ثَمَرَاتٌ أُخَرُ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنْ يُعْتَبَرَ التَّبْعِيضُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَعْضُ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الثَّمَرَةِ وَهُوَ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَأَرَادَ بِالتَّرَتُّبِ الْحُكْمَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِهَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُشِرْ لِتِلْكَ الثَّمَرَةِ بَلْ أَشَارَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ بِتَلَذُّذِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ، وَلَوْ بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَهُوَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ الْبَاءُ لِلْعِوَضِ أَيْ مَلَكَهَا بِتَعْوِيضِ الْقِيمَةِ أَيْ بِسَبَبِ تَلَذُّذِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعَلَّقَ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ ذَكَرًا إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَلَدِ (قَوْلُهُ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ) لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ بِنِكَاحٍ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْوَطْءِ) أَيْ أَوْ يَوْمَ التَّلَذُّذِ (قَوْلُهُ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ، وَلَوْ لِلِابْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وَالزِّيَادَةُ وَلِلِابْنِ التَّمَسُّكُ بِهَا فِي عَدَمِ الْأَبِ وَقِيلَ يَتَمَاسَكُ بِهَا مُطْلَقًا إنْ كَانَ مَأْمُونًا، فَإِنْ حَمَلَتْ لَمْ تُبَعْ وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَيَطَؤُهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ وَإِلَّا فَلَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ وَبِعِبَارَةٍ وَمَلَكَ أَبٌ، وَلَوْ عَبْدًا، وَإِنْ عَلَا جَارِيَةَ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ لَكِنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ فِي رَقَبَةِ الْأَبِ حَيْثُ كَانَ عَبْدًا وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ لِلشُّبْهَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِوَطْءِ الِابْنِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ الِابْنُ إذَا وَطِئَ جَارِيَتَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَلَذُّذِ أَبِيهِ بِهَا (ص) وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا إنْ وَطِئَاهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا الِابْنُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ وَطْءَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُحَرِّمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَمِثْلُ الْوَطْءِ التَّلَذُّذُ (ص) وَعَتَقَتْ عَلَى مُوَلِّدِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا مَعًا بِأَنْ وَطِئَهَا الِابْنُ ثُمَّ الْأَبُ وَأَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهَا تُعْتَقُ عَلَى مَنْ أَوْلَدَهَا مِنْهُمَا نَاجِزًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا سِوَى الِاسْتِمْتَاعِ وَقَلِيلِ الْخِدْمَةِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى مُوَلِّدِهَا فَإِنَّهَا يَتَنَجَّزُ عِتْقُهَا عَلَيْهِ وَلِذَا يَعْتِقُ مُحَرَّمُ الشَّخْصِ عَلَيْهِ إنْ أَوْلَدَهَا غَيْرَ عَالِمٍ. (ص) وَلِعَبْدٍ تَزَوَّجَ ابْنَةَ سَيِّدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ سَيِّدِهِ الْبِكْرِ أَوْ الْبَالِغِ الثَّيِّبِ لَكِنْ بِرِضَا سَيِّدِهِ وَرِضَاهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْهُ عَدَمُ كَفَاءَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرَّةِ وَكَذَا يَتَزَوَّجُ ابْنُ السَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ فُسِخَ النِّكَاحُ وَالْكِتَابَةُ قَائِمَةٌ كَانَتْ الِابْنَةُ مُتَزَوِّجَةً بِالْمُكَاتَبِ أَوْ الِابْنُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِثِقَلٍ) لِقَوْلِهَا كَانَ مَالِكٌ يَسْتَثْقِلُهُ وَحَمَلَهُ الْأَشْيَاخُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالزَّوْجَةِ وَأَوْلِيَائِهَا دُونَ الزَّوْجِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَجَازَ وَقَوْلُهُ بِثِقَلٍ لِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِمَا وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَنَّ النِّكَاحَ مُعَرَّضٌ لِلْفَسْخِ لِمَوْتِ الْأَبِ فَتَرِثُهُ وَرُدَّ بِجَوَازِ نِكَاحِ الِابْنِ أَمَةَ أَبِيهِ وَأُجِيبَ بِبَقَاءِ حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الِابْنَةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ وَارِثٌ وَبِجَوَازِ نِكَاحِ الزَّوْجِ أَمَةَ زَوْجَتِهِ وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِرْثِهَا فَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمُؤَدٍّ إلَى التَّنَافُرِ وَالتَّقَاطُعِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَمِلْكِ غَيْرِهِ (ش) يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ ابْنَةٍ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ تَزَوُّجَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إسْلَامِهَا فَقَطْ سَوَاءٌ خَشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَكِنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ) وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهَا إنْ عَتَقَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِوَطْءِ الِابْنِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ) هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ مَا لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَطْءِ الْوَلَدِ عَلَى الرَّاجِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَبَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْءِ جَارِيَةِ ابْنِهِ مُطْلَقًا عَلِمَ بِوَطْءِ ابْنِهِ لَهَا أَمْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ وَيُحَدُّ الِابْنُ مُطْلَقًا بِجَارِيَةِ أَبِيهِ عَلِمَ بِوَطْءِ أَبِيهِ لَهَا أَمْ لَا وَكَذَا يُحَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ أَبَاهُ تَلَذَّذَ بِهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ. (قَوْلُهُ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا) هَذَا إنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْأَبِ كَمَا فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَمْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ) يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا الِابْنُ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمُتَقَدِّمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِ الْوَلَدِ يُحَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَتَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَلَذُّذِ أَبِيهِ بِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا (قَوْلُهُ وَأَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً تَلِدُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَيَعْلَمُ أَوْ لَا وَتَارَةً تَلِدُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُعْلَمُ السَّابِقُ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقَعَ الْوَطْآنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا، فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَعُلِمَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَبَ أَوْ الِابْنَ كَانَ وَطْؤُهُمَا فِي طُهْرٍ أَوْ طُهْرَيْنِ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا الْوَلَدُ فَيُفْصَلُ إنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَالْقَافَّةُ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكَانِ فِي طُهْرٍ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَّةُ فَهُوَ ابْنٌ لَهُ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ وَإِنْ لَمْ تُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ قَافَّةٌ أَوْ كَانَتْ وَاخْتَلَفُوا وَلَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ، وَإِنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرَيْنِ بِأَنْ اسْتَبْرَأَهَا أَحَدُهُمَا بِحَيْضَةٍ وَوَطِئَهَا بَعْدَ وَطْءِ الْآخَرِ لَهَا فِي طُهْرٍ آخَرَ وَحَدَثَ وَلَدٌ بَعْدَ الْوَطْأَيْنِ فِي طُهْرَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ وَلِأَقَلَّ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي بَطْنِهَا عِنْدَ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ عِنْدَ مَالِكٍ. وَأَمَّا لَوْ وَلَدَتْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَدًا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا إنْ عُلِمَ وَإِلَّا عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ مَنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَفِي الْعِتْقِ عَلَيْهِمَا الْوَلَاءُ لَهُمَا وَيَغْرَمُ الْأَبُ قِيمَتَهَا فِي كُلِّ الصُّوَرِ، وَلَوْ عَتَقَتْ عَلَى ابْنِهِ وَحْدَهُ وَتَكُونُ قِيمَةَ قِنٍّ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَ الْوَلَدُ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَحِقَ بِالِابْنِ فَكَذَلِكَ عَلَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَيُؤَدَّبُ الْأَبُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ عج فَإِذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَتَقَتْ عَلَى مُوَلِّدِهَا أَيْ جِنْسِ مُوَلِّدِهَا الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا) الْمُبَالَغَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ بِثِقَلٍ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَيَجُوزُ بِلَا ثِقَلٍ (قَوْلُهُ فَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ رِضَا الْبِنْتِ الْبِكْرِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يَتَزَوَّجُ ابْنُ السَّيِّدِ) أَيْ بِثِقَلٍ (قَوْلُهُ بِثِقَلٍ) يَصِحُّ قِرَاءَةُ بِثِقَلٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْقَافِ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْقَافِ؛ لِأَنَّهُ الْمَتَاعُ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِمَا) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَوَازُ مِنْ جَانِبٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْجَانِبُ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جَانِبٍ تَكُونُ الْكَرَاهَةُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ الصَّادِقَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَبِجَوَازِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِجَوَازِ نِكَاحِ الِابْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ) أَيْ فَلَا يَتَأَتَّى الْجَوَابُ بِالْحِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَالتَّقَاطُعِ) أَيْ التَّبَاعُدِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِحُّ رَفْعُ قَوْلِهِ وَمِلْكٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَلِلْعَبْدِ خَبَرٌ وَيُقَدَّرُ خَاصًّا أَيْ وَيُبَاحُ لِلْعَبْدِ مِلْكُ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَقَوْلُهُ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِ نَفْسِهِ بِأَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ. (ص) كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحُرِّ الَّذِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ كَالشَّيْخِ الْفَانِي أَوْ الْمَجْبُوبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ كَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ خَوْفِ إرْقَاقِ الْوَلَدِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا (ص) وَكَأَمَةِ الْجَدِّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْهَا حُرًّا كَتَزْوِيجِهِ بِأَمَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ جَدَّتِهِ، وَإِنْ عَلَتْ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لِلْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا وَالزَّوْجُ حُرًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِهَذَا الْعِلْمِ الْقَيْدَ الْأَوَّلَ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ فِي الْمَنْعِ خَوْفُ الِاسْتِرْقَاقِ لِلْوَلَدِ وَلَا يَنْتَفِي إلَّا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لِلْأَمَةِ حُرًّا وَلِعِلْمِ الْقَيْدِ الثَّانِي مِمَّا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَتِهِمْ بِالْمِلْكِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْكَافَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْجَدِّ لِمَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ إدْخَالَ الْكَافِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمَقْصُودُهُ الثَّانِي كَقَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ كَمَا مَرَّ. (ص) وَإِلَّا، فَإِنْ خَافَ زِنًا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً (ش) يَعْنِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَلْ كَانَ حُرًّا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْحَمْلُ وَالْأَمَةُ مِلْكٌ لِمَنْ لَا يُعْتِقُ وَلَدَهَا عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَحَدُ أُصُولِهِ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَادِمَ الطَّوْلِ أَيْ لَا يَجِدُ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ وَالطَّوْلُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يَقْدِرُ بِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحَرَائِرِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ مَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ أَوْ إجَارَتَهُ إلَّا دَارَ سُكْنَاهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْكِتَابَةُ طَوْلٌ وَكَذَا خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ. وَأَمَّا عَبْدُ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةُ رُكُوبِهِ وَكُتُبُ الْفِقْهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فَمِنْ جُمْلَةِ الطَّوْلِ. (ص) غَيْرَ مُغَالِيَةٍ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ إلَّا حُرَّةً طَلَبَتْ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ لِعُذْرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ وَعَلَى النَّعْلَيْنِ فِي الْحَجِّ وَعَدَلَ عَنْ غَالِيَةٍ إلَى مُغَالِيَةٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُدَافَعَةٍ وَمُرَاوَضَةٍ؛ لِأَنَّ مُغَالِيَةَ مُفَاعِلَةٌ وَهِيَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (ص) ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ (ش) الْمُبَالَغَةُ بِالنِّسْبَةِ لِكِتَابِيَّةٍ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ حُرَّةٌ أَوْ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ شَرْطَ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ أَنْ يَخَافَ الزِّنَا وَأَنْ يَعْدَمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَالْمَعْنَى عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ) سَوَاءٌ خُشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا كَانَ وَاجِدًا إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُرَّ لَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ أَيْ وَيُبَاحُ إلَخْ) هَذَا يُؤْذِنُ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ مِلْكَ غَيْرِهِ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ غَيْرُهُ إلَخْ) التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَالشَّيْخِ الْفَانِي) أَيْ وَعَقِيمٍ وَعَقِيمَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَزْمِ الْعُرْفِ بِالْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ) أَيْ، وَإِنْ وَجَدَ الطَّوْلَ وَلَمْ يَخْشَ زِنًا (قَوْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ لِمُلَاحَظَةِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي حَالِ انْتِفَائِهَا فَقَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا إلَخْ) وَالضَّابِطُ كُلُّ مَنْ يُعْتِقُ وَلَدَهُ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَهَا حُرًّا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ رَقِيقًا لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا، فَإِنْ خَافَ زِنًا) ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ إلَّا بِأَرْبَعٍ تَزَوَّجَهُنَّ، فَإِنْ خَشِيَ الزِّنَا فِي وَاحِدَةٍ تَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ وَهَلْ هَذَانِ الشَّرْطَانِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ أَوْ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ قَوْلَانِ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَاهُمَا شَرْطَيْنِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُطْلَقَ الْخَوْفِ كَافٍ، وَلَوْ وَهْمًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ رَضِيَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ وَلَا يَلْزَمُهُ السَّلَفُ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُعْطِيَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى حَيْثُ تَكْفِهِ الْأُولَى ك إلَّا قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَعَدِمَ) فِعْلَ مَاضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خَافَ (قَوْلُهُ وَالطَّوْلُ هُوَ الْمَالُ) وَهَذَا كَلَامُ أَصْبَغَ وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ لَا تُعْتَبَرُ وَالرَّاجِحُ كَلَامُ أَصْبَغَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّوْلِ الْقُدْرَةُ عَلَى الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَدِمَ مَا تُفَسَّرُ " مَا " بِأُهْبَةٍ لِيَشْمَلَ الصَّدَاقَ وَالنَّفَقَةَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِهِ بِمَعْنَى مَعَ وَلَا تُفَسَّرُ مَا بِصَدَاقٍ وَتُجْعَلُ الْبَاءُ لِلْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ إلَّا دَارَ سُكْنَاهُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ قَالَهُ عج وَالْفَرْقُ بَيْنَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَكُتُبِ الْفِقْهِ وَبَيْنَ دَارِ السُّكْنَى أَنَّ الْحَاجَةَ لَهَا أَشَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الْقَصِيرَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطُّولَ وَالْقِصَرَ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجِهَادِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ طُولًا مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ لِأَجْرِهِ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ يَكُونُ طُولًا لِبَعْضِ الْحَرَائِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ عج (قَوْلُهُ بِمَا لَا يُغْتَفَرُ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ تَصْوِيرِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ بِمَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ) بِأَنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُدَافَعَةٍ وَمُرَاوَضَةٍ) أَيْ وَمُدَاوَمَةٍ عَلَى الدَّفْعِ أَيْ فَلَا يَتَوَجَّهُ لِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ أَنَّهَا غَالِيَةٌ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَذْهَبَ وَيَسْأَلَ الْحُرَّةَ وَيُدَافِعَهَا وَتُدَافِعَهُ فَيَجِدَهَا تَطْلُبُ الزَّائِدَ فَحِينَئِذٍ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ وَالْمُرَادُ بِالْمُبَالَغَةِ أَنْ تَطْلُبَ أَزْيَدَ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 الثَّانِي فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ الْغَيْرُ الْمُغَالِيَةِ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّ عَدَمَ إرْقَاقِ الْوَلَدِ يَحْصُلُ بِنِكَاحِ الْكَافِرَةِ وَبِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ أَيْ إنْ خَافَ زِنًا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ،. وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَا تَعَفُّهُ إذْ لَيْسَ وُجُودُهَا تَحْتَهُ طَوْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَالظَّاهِرُ لَا فَسْخَ أَيْضًا لَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِهِ. (ص) وَلِعَبْدٍ بِلَا شِرْكٍ وَمُكَاتَبٍ وَغْدَيْنِ نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْوَغْدَ أَيْ الْقَبِيحَ الْمَنْظَرِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ سَيِّدَتِهِ وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُهَا مَحْرَمُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كَامِلًا لَهَا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ وَالْمُكَاتَبُ الْوَغْدُ مِثْلُهُ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا لَهَا فِيهِ شِرْكٌ، وَلَوْ لِلزَّوْجِ وَأَحْرَى مَا لَا شَيْءَ لَهَا فِيهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ حُرٍّ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ أَيْضًا. (ص) كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَبْدَ الزَّوْجِ إذَا كَانَ خَصِيًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ إنْ كَانَ وَغْدًا لَا إنْ كَانَ لَهُ مَنْظَرٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ، وَلَوْ وَغَدًا (ص) وَرُوِيَ جَوَازُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا (ش) أَيْ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ رُؤْيَةِ الْخَصِيِّ إلَى شَعْرِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَوْلُهُ لَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ عَدْلٌ لَا يُتَّهَمُ فِي النَّقْلِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِ تت عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ عَدَمُ وُجُودِهَا وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَخُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرِّ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ وَجَدَ الطَّوْلَ لِلْحُرَّةِ فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فَإِذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا حُرَّةً وَلَمْ تَعْلَمْ الْحُرَّةُ بِالْأَمَةِ إلَّا بَعْدَ زَوَاجِهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ فِي نَفْسِهَا لَا فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الْأَمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً؛ لِأَنَّ بِهَا يَزُولُ ضَرَرُهَا فَإِنْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ فَلَا يَلْزَمُ الزَّائِدُ الزَّوْجَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحْتَرَزَ بِالْحُرِّ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَمَةِ لَا خِيَارَ لِلْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ وَلَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ فِي نَفْسِهَا لَا فِي الْأَمَةِ سَوَاءٌ سَبَقَتْ الْأَمَةُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ أَوْ سَبَقَتْ هِيَ عَلَى الْأَمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ شَبَّهَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى فَقَالَ (كَتَزَوُّجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً بِشُرُوطِهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ تَعَفُّهُ   [حاشية العدوي] مَهْرِ مِثْلِهَا إلَى مَا يُعَدُّ سَرَفًا. (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ الْأُولَى فِي أَنَّ الْحُرَّةَ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ الْكِتَابِيَّةُ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ وَالثَّانِيَةُ مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَفِيهِ تَخَالُفُ مَوْضُوعِ الْإِغْيَاءَيْنِ وَتَعَاكُسُ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْأَوَّلِ الْمَنْعُ وَفِي الثَّانِي الْجَوَازُ فَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ، وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَلَوْ تَزَوَّجَ مَعَ الطَّوْلِ أَوْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُعِفُّهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَانْظُرْ، وَلَوْ دَخَلَ أَوْ مَا لَمْ يَدْخُلْ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ نَظَرُهُمَا لِسَيِّدَتِهِمَا، وَلَوْ كَانَا كَامِلَيْنِ لَهَا وَوَغْدَيْنِ فَلَا يَخْتَلِيَانِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ (قَوْلُهُ وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا) هَكَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَمُفَادُ عج عَدَمُ ارْتِضَائِهِ وَأَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ نَظَرُ الشَّعْرِ فَقَطْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ بَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَمَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ مِنْ النَّقْلِ عَنْ ابْنِ نَاجِي سَهْوٌ وَالصَّوَابُ مَا نَقَلَهُ عج انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَطْرَافِ فَرَأَيْت مَا يُقَوِّي مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي) رَاجِعٌ لِلْخَلْوَةِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَمَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا لَهَا فِيهِ شِرْكٌ) ، وَلَوْ لِلزَّوْجِ كَانَا وَغْدَيْنِ أَمْ لَا وَانْظُرْ فِي الْمُبَعَّضِ مِنْ شَرْحِ شب (قَوْلُهُ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ) أَيْ فِيمَا لَا شَيْءَ لَهَا فِيهِ مِنْ رِقٍّ إلَخْ نَصَّ اللَّخْمِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي عَبْدِ زَوْجِهَا وَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ هَلْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَرَى شَعْرَهَا. (قَوْلُهُ كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ) الْمُرَادُ بِالْخَصِيِّ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَحْرَى الْمَجْبُوبُ. وَأَمَّا الْخَصِيُّ ذَاهِبُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّالِمِ (قَوْلُهُ وَرُوِيَ جَوَازُهُ إلَخْ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ الْيَوْمَ فِيمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَلَا بَأْسَ فِي حَالِ حُضُورِهِ وَيُمْنَعُ عَبْدُ الْأَجْنَبِيِّ جُمْلَةً (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِ تت) نُسْخَةُ تت، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَفِيهِ بَعْضُ التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يُصَدَّقُ بِعَبْدِ الزَّوْجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ بَلْ لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ مُؤَدَّى الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَلْ كَانَ جَرًّا غَيْرَ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَبْدِ نَعَمْ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَلَى نُسْخَةِ التَّثْنِيَةِ. (قَوْلُهُ بَائِنَةٌ) صِفَةُ كَاشِفَةٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي تُوقِعُهُ الْمَرْأَةُ كَطَلَاقِ الْحَاكِمِ يَكُونُ بَائِنًا أَيْ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ جَمِيعَ مَا لِلْعَبْدِ مِنْ الطَّلَاقِ وَهُوَ طَلْقَتَانِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَالْفَرْقُ أَنَّ شَرَفَهَا عَلَى زَوْجِهَا بِالْعِتْقِ صَيَّرَ لَهَا أَنْ تُوقِعَ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ الطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا هُنَا لِتَسَاوِيهَا مَعَهُ وَإِذَا اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَلَمْ يَجْعَلْهُ لَهَا فَلَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِالْأَمَةِ ثُمَّ رَجَعَتْ فَلَيْسَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَتْ الْفِرَاقَ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ الزَّائِدُ الزَّوْجَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ أَوْقَعَتْ الثَّلَاثَ لَزِمَتْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) مُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فَقَدْ قِيلَ إنْ كَانَتْ هِيَ السَّابِقَةَ عَلَى الْأَمَةِ فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ هِيَ السَّابِقَةُ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَرَكَتْ النَّظَرَ لِنَفْسِهَا وَقِيلَ إنَّ نِكَاحَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 وَلَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا فَإِنَّ الْحُرَّةَ تُخَيَّرُ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الْأَمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً بَائِنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ سَبَقَتْ عَلَيْهَا الْأَمَةُ فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ فَتُخَيَّرُ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ مِنْهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ بَدَلَ الْكَافِ وَفِي بَعْضِهَا بِاللَّامِ أَيْ فَالتَّخْيِيرُ لِأَجْلِ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا وَنُسْخَةُ الْكَافِ الَّتِي شَرَحْنَا عَلَيْهَا أَحْسَنُ لِاشْتِمَالِ الْكَلَامِ مَعَهَا عَلَى صُورَتَيْنِ تُفْهَمُ كَيْفِيَّةُ أُولَاهُمَا مِنْ كَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ (ص) أَوْ ثَانِيَةً أَوْ عَلِمَهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ إذَا رَضِيَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً وَاحِدَةً فَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ ثَانِيَةٍ أَوْ عَلِمَتْ الْحُرَّةُ بِأَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ بِأَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَتَزَوَّجَتْهُ رَاضِيَةً بِمَا عَلِمَتْ بِهِ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَجَدَتْ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا عَلَى مَا مَرَّ. (ص) وَلَا تُبَوَّأُ أَمَةٌ بِلَا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَنْ تُقِيمَ عِنْدَ سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي خِدْمَتِهَا بَاقٍ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ مَعَ زَوْجِهَا فِي بَيْتٍ وَهُوَ مَعْنَى التَّبَوُّءِ نَعَمْ إنْ شَرَطَ الزَّوْجُ أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّبَوُّءِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا عَنْ سَيِّدِهَا إلَى مَسْكَنٍ غَيْرِ مَسْكَنِ سَيِّدِهَا وَتُبَوَّأُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عُرْفٍ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا خِدْمَةَ لَهُ فِيهِمَا كَمَا فِي غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ تَعْجَزَ الْمُكَاتَبَةُ فَكَالْأَمَةِ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَإِنَّهَا لَا تُبَوَّأُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (ص) وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ وَلَمْ تُبَوَّأْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَيَقْضِي لِزَوْجِهَا بِعَدَمِ مُفَارَقَتِهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ السَّفَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمُ السَّفَرِ بِهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ بُوِّئَتْ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ السَّفَرُ بِهَا فَإِذَا بُوِّئَتْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ السَّيِّدَ مِمَّا لَهُ فِيهَا مِنْ الْخِدْمَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ إنْ أَمِنَ وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى الْحُرَّةِ اُنْظُرْ الْبَرْمُونِيَّ. (ص) وَأَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنَهَا إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِ أَمَتِهِ عَنْ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُحِيطٌ تَدَايَنَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَشَرْطُ الْوَضِيعَةِ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَا بَقِيَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ لَكِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إذْ مَنْ دَخَلَ بِهَا لَهُ وَضْعُ جَمِيعِ صَدَاقِهَا وَدَيْنُ السَّيِّدِ الَّذِي عَلَيْهِ كَدَيْنِهَا وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي إتْيَانِ الْمُؤَلِّفِ بِمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ صَدَاقِهَا الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ الْمُجَوِّزِ زِيَادَتَهَا فِي الْإِثْبَاتِ (ص) وَمَنَعَهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ إذَا زَوَّجَهَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْحُرَّةِ. (ص)   [حاشية العدوي] الْأَمَةِ يَنْفَسِخُ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ سَابِقَةً انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ) مُتَعَدٍّ لِوَاحِدٍ وَيُحْتَمَلُ تَعْدِيَتُهُ لِاثْنَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ فَأَلْفَتْهُ أَكْثَرَ ك. (قَوْلُهُ وَتُبَوَّأُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عُرْفٍ) وَالظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ بِعَدَمِ التَّبَوُّءِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ) ، وَلَوْ طَالَ السَّفَرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا السَّفَرَ الطَّوِيلَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا كَانَ قَبْلَ السَّفَرِ وَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا لَيْسَ فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ السَّفَرِ) أَيْ أَوْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ السَّفَرَ) أَيْ أَوْ يَحْصُلْ شَرْطٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا بُوِّئَتْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ) وَأَحْرَى عِنْدَ عَدَمِ التَّبَوُّءِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب، وَلَوْ تَعَارَضَ الشَّرْطُ وَالْعُرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَتَقَدَّمُ الشَّرْطُ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَوْ جَاهِلِينَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ بِمَنْزِلَةِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ ثُمَّ هَذَا خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْحُرِّ السَّفَرَ بِمَنْ بُوِّئَتْ كَالْعَبْدِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُخَافُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ لَكِنْ مَا ذَكَرُوا مِنْ كَوْنِهَا تَخْدُمُ سَيِّدَهَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ التَّبَوُّءُ فَلِسَيِّدِهَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِخْدَامِ مَا لَا يَشْغَلُهَا عَنْ زَوْجِهَا وَنَفَقَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى السَّيِّدِ بُوِّئَتْ أَمْ لَا وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَا تُبَوَّأُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (قَوْلُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ لَهَا وَقَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ كُلَّهُ صَارَ بُضْعُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَتْ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ أَيْ وَقَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ نَقُولُ هُوَ أَيْ السَّيِّدُ قَائِمٌ مَقَامَهَا وَمَالُهَا مَالُهُ فَحَقُّ اللَّهِ حَاصِلٌ بِأَخْذِهِ جَمِيعَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ تَدَايَنَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ لَهُ وَضْعُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ يُشْبِهُ تَحْلِيلَ الْأَمَةِ أَوْ عَارِيَّةَ الْفُرُوجِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَنْتَزِعُ مَالَهَا كَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ) الْأَوْلَى حَذْفُ مِنْ أَيْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ دَلِيلُ الْعُمُومِ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ ذِي مِيزَانٍ هُوَ الْعُمُومُ وَكَأَنَّهُ قَالَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْعَامِّ (أَقُولُ) وَإِذَا أُسْقِطَتْ مِنْ فَلَا عُمُومَ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا مُنْقَطِعًا، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ مُتَعَاطِفِهَا الْأَرْبَعِ إلَخْ تَجِدْهُ لَا صِحَّةَ لَهُ فَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَبْقَى شَيْئًا إلَّا رُبْعُ دِينَارٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَوْ يُقَالُ إنَّمَا أَتَى بِمِنْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمَنْعَ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ لَا كُلًّا وَلَا بَعْضًا بِخِلَافِ لَوْ أَسْقَطَ مِنْ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ مَعَ وُجُودِهِ لَيْسَ لَهُ وَضْعُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 وَأَخَذَهُ، وَإِنْ قَتَلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ ثُمَّ قَتَلَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ بِالْقَتْلِ إذْ لَا يُتَّهَمُ السَّيِّدُ فِي قَتْلِ أَمَتِهِ لِيَأْخُذَ صَدَاقهَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَخَذَهُ إلَخْ أَنَّ لَهُ أَخْذَ جَمِيعِهِ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَإِلَّا كَانَ يُؤَخِّرُ قَوْلَهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ عَنْ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِثْلُهُ لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِلْمُدَوَّنَةِ. (ص) أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا إلَى مَكَان بَعِيدٍ يَشُقُّ عَلَى الزَّوْجِ الْوُصُولُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ بِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَوْلُهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مُتَعَلِّقٌ بِمِقْدَارٍ أَيْ أَوْ بَاعَهَا وَتَبْقَى بِمَكَانٍ بَعِيدٍ هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ يَنْتَصِفُ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ شَيْءٌ وَيُقْضَى عَلَى السَّيِّدِ بِرَدِّهِ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَمَتَى قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا دَفَعَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِظَالِمٍ) وَمِثْلُهُ هُرُوبُهَا لِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ فَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ بَعْدَ بَيْعِهَا لِظَالِمٍ أَوْ هُرُوبِهَا لِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ. (ص) وَفِيهَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَوَّلُ لَمْ تُبَوَّأْ أَوْ جَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ صَدَاقَ أَمَتِهِ الَّتِي زَوَّجَهَا، وَإِنْ قَتَلَهَا أَوْ بَاعَهَا لِزَوْجِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَكُونُ لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ حَبْسُ صَدَاقِهَا وَتَرْكِهَا بِلَا جِهَازٍ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْهَا أَنَّ السَّيِّدَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَهِّزَ أُمَّتَهُ بِمَهْرِهَا وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافٌ وَقَالَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ أَقَلُّهُمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلَافٍ بَلْ هُوَ وِفَاقٌ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ الْأَمَةَ لَمْ تُبَوَّأْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا بَلْ أَقَامَتْ عِنْدَ سَيِّدِهَا فَجَازَ لَهُ أَخْذُ صَدَاقِهَا وَأَنَّ مَعْنَى مَا فِي الرُّهُونِ أَنَّهَا بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَيَلْزَمُ سَيِّدَهَا أَنْ يُجَهِّزَهَا وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَوَّلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَأْخُذَ صَدَاقَهَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ السَّيِّدَ جَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَدَاقَهَا. وَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ الرُّهُونِ أَنَّهُ لَمْ يُجَهِّزْهَا مِنْ عِنْدِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجَهِّزَهَا بِصَدَاقِهَا فَقَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُمَا تَأْوِيلٌ بِالْخِلَافِ وَتَأْوِيلٌ بِالْوِفَاقِ وَتَأْوِيلُ الْوِفَاقِ بِوَجْهَيْنِ. (ص) وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ السَّيِّدَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ أُمَّتَهُ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا مِنْهُ، فَإِنْ بَاعَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا أَنْ يَمْنَعَ تَسْلِيمَهَا مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِبَائِعِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ لَهُ الْمَنْعُ. وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَصَدَاقُهَا، وَلَوْ بِبَيْعٍ إلَخْ فَصُورَتُهَا أَنَّهُ بَاعَهَا لِزَوْجِهَا فَقَوْلُهُ وَسَقَطَ إلَخْ ذَكَرَ الْعِلَّةَ وَالْحُكْمَ وَالصُّورَةَ قَوْلُهُ لِسُقُوطِ عِلَّةِ لَسَقَطَ وَسُقُوطُ الْمَنْعِ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ عَلَّلَهُ فِي جِهَةِ الْبَائِعِ وَتَرَكَهُ فِي جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِوُضُوحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَالِهَا وَمَالُهَا لِبَائِعِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ. (ص) وَالْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا أَعْتَقَ عَلَيْهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِهِ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَعْتَقَ أُمَّتَهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا تَمَّ عِتْقُهَا امْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ وَالْوَعْدُ لَا يُقْضَى بِهِ   [حاشية العدوي] الْكُلِّ وَلَهُ وَضْعُ الْبَعْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ لَهَا وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ إلَّا لِظَالِمٍ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلِلْبَائِعِ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْمَسِيسِ. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ إلَخْ) أَوْ الْأَوَّلُ بَاعَهَا فَقَدَّمَ حَقَّهُ وَالثَّانِي لَمْ يَبِعْهَا فَقَدَّمَ حَقَّ الزَّوْجِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَذَكَرَهُ تت بِعَكْسِ ذَلِكَ أَوْ الْأَوَّلُ زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ وَالثَّانِي مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَبْدِ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَسْقَطَهُمَا الْمُصَنِّفُ لِضَعْفِهِمَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ طَارَ عَلَى التَّزْوِيجِ فَالصَّدَاقُ لِلسَّيِّدِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ وَعَبْدُهُ لَا يَمْنَعُ التَّمَتُّعَ بِشُورَتِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَعَبْدِ الْغَيْرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَبْدِ الْغَيْرِ وَعَبْدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَهَا إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهَا. (قَوْلُهُ وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَإِذَا سَقَطَ مُنِعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَيَتْبَعُهُ الْبَائِعُ بِالصَّدَاقِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهَا فَتَمْنَعُ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا كَالْحُرَّةِ. وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى مَالَهَا فَلَا كَلَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ (قَوْلُهُ وَسُقُوطُ الْمَنْعِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي خَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إلَخْ وَقَوْلُهُ ذَكَرَ الْعِلَّةَ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِسُقُوطِ إلَخْ وَالْحُكْمُ الَّذِي هُوَ مُضَمَّنٌ قَوْلَهُ وَسَقَطَ إلَخْ وَهُوَ السُّقُوطُ وَقَوْلُهُ وَالصُّورَةُ أَيْ وَهُوَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ) وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَتْ سَيِّدَةُ الْعَبْدِ عَلَى مَمْلُوكِهَا إذَا أَعْتَقْته أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُنَافِي جَوَازَهُ أَوْ اسْتِحْبَابَهُ وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ الْقَضَاءِ عَدَمُ لُزُومِ الْوَفَاءِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ (قَوْلُهُ وَالْوَعْدُ لَا يُقْضَى بِهِ) مُفَادُهُ أَنَّ تَصْوِيرَهَا أَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجِينِي تَفْعَلِينَ ذَلِكَ فَتَقُولُ أَفْعَلُ ذَلِكَ فَيُعْتِقُهَا فَلَيْسَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ بَلْ مَعْنَوِيٌّ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ وَعِبَارَةُ عج أَيْ إذَا جَعَلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 فَإِنْ قِيلَ هَذَا وَعْدٌ أَدَّى إلَى التَّوْرِيطِ فَيَلْزَمُ فَالْجَوَابُ أَنَّ وَعْدَ الرَّقِيقِ كَلَا وَعْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِيَّةِ وَأَيْضًا الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُخَالِفُ مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَنْتَ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ تُسْلِمِي وَتَأْبَى الْإِسْلَامَ أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ النَّصْرَانِيَّةَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شِئْت الْإِسْلَامَ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ فَرَدَّهَا الْإِسْلَامَ رِضًا بِأَنْ لَا تُعْتَقَ وَفِي الْأَمَةِ الَّتِي أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ إنَّمَا صَارَ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ بِيَدِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ تَصَرُّفِهَا فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهَا مِنْهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ إذْ قَبْلَهُ لَا تَصَرُّفَ لَهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَالْعِتْقُ فِي الْأُولَى مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرٍ بِيَدِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ. (ص) وَصَدَاقُهَا وَهَلْ، وَلَوْ يَبِيعُ سُلْطَانٌ لِفَلَسٍ أَوْ لَا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا بَاعَ الْأَمَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ لِزَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَلَوْ بَاعَهَا السُّلْطَانُ لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَلَسِ السَّيِّدِ فَهَلْ كَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ النِّصْفُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ وَهُوَ مَا فِي الْأَسْمِعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ مَا فِي الْأَسْمِعَةِ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ وِفَاقٌ فَذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ إلَى الْخِلَافِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ إلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعُهُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ بِهِ الْبَائِعَ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ أَخْذُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْبَائِعِ فَقَوْلُهُ وَهَلْ، وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ أَيْ لِأَجْلِ فَلْسٍ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ إشَارَةً لِلْوِفَاقِ أَيْ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ لِلْفَلَسِ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يُتْبَعُ الْبَائِعُ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ طَرَأَ بَعْدَ الْفَلَسِ (ص) وَبَعْدَهُ كَمَالُهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَى الْبِنَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ كَمَالُهَا يَرْجِعُ إلَى الْأَمَةِ يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا بَاعَهَا لِزَوْجِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ صَدَاقَهَا حِينَئِذٍ كَمَالُهَا يَكُونُ لِسَيِّدِهَا انْتِزَاعُهُ فِيمَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهَا وَيَتْبَعُهَا إنْ عَتَقَتْ   [حاشية العدوي] عِتْقَهَا فِي نَظِيرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَقَالَ عج فِي كَبِيرِهِ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتِينِي فَقَدْ أَعْتَقْتُك هَلْ هُوَ كَمَا إذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ لِحُصُولِ التَّعْلِيقِ فِيهِمَا أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَدَاتِهِ أَقْوَى مِنْ التَّعْلِيقِ الْمَعْنَوِيِّ فَإِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ لَا تَعْتِقُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ بِخِلَافِ حُرٌّ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا اهـ وَيَجُوزُ الْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ حَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ جَائِزًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجَائِزِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنَّ صَدَاقَهَا عِتْقُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَمَا فِي الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ وَعْدَ الرَّقِيقِ كَلَا وَعْدَ) وَالْوَعْدِ الَّذِي يَلْزَمُ بِسَبَبِهِ التَّوْرِيطُ هُوَ الْوَعْدُ الْمُعْتَبَرُ وَهُوَ وَعْدُ الْأَحْرَارِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ وَصَدَاقُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَ لِكَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهَا سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَبَضَ مَهْرَ أَمَتِهِ فَبَاعَهَا السُّلْطَانُ فِي فَلْسِهِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ لَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا عَلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِالْبَيْعِ لَهُ وَقَدْ عَلِمْت لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ فَهَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ وَفَرْضُ الْعُتْبِيَّةِ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ وِفَاقٌ بِحَمْلِ الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ أَيْضًا أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَفِّقَ أَنْ يَكُونَ لَا مَفْهُومَ لِلسُّلْطَانِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَكِنْ إلَخْ إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ وَلَكِنْ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْوِفَاقِ. وَأَمَّا التَّأْوِيلُ بِالْخِلَافِ فَقَدْ أُشِيرَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَعْنَاهُ لَا يَسْقُطُ فَيَقْتَضِي دَفْعَهُ وَعَدَمَ الرُّجُوعِ بِهِ مُطْلَقًا بَيَّنَ الْمُرَادَ بِعَدَمِ سُقُوطِهِ أَنَّهُ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَشِّي تت إنَّ قَوْلَهُ وَلَكِنْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ النَّفْيِ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا إشَارَةٌ إلَى التَّأْوِيلِ بِالْخِلَافِ وَعَلَيْهِ فَصَدْرُ الْمَسْأَلَةِ وَعَجُزُهَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّأْوِيلِ بِالْوِفَاقِ وَوُسِّطَ بَيْنَهُمَا التَّأْوِيلُ بِالْخِلَافِ وَالْأَوَّلُ أَقْعَدُ لِعَدَمِ تَشْتِيتِهِ وَالتَّأْوِيلُ بِالْخِلَافِ ظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ صَدَاقِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَدَاقِهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَا فِي الْأَسْمِعَةِ أَيْ أَسْمِعَةِ أَبِي زَيْدٍ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ لَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا أَيْ فَهُوَ قَوْلُهَا مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّأْوِيلَ لِكَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ أَخْذُهُ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ يَتْبَعُ ذِمَّةَ الْبَائِعِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ فَلَسٍ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ) فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ إنْ شَاءَ، وَلَوْ مِنْ ثَمَنِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ إلَخْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَكِنْ مِنْ تَتِمَّةِ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ يَسْقُطُ مُحْتَمِلًا لِلرُّجُوعِ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ اسْتَدْرَكَ وَقَالَ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ طَرَأَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ دَفَعَهُ الزَّوْجُ لِلسَّيِّدِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ لَا قَبْلَهُ قُلْت بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي دَفْعِهِ قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ بَعْدَ بَيْعِهَا لِزَوْجِهَا لِتَرَتُّبِ فَسْخِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِ الصَّدَاقِ. وَأَمَّا قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ يَتَقَرَّرُ كَوْنُهُ دَيْنًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقُ أَمَتِهِ اهـ عج الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 لَا إنْ بِيعَتْ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِبَيْعٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ مَالِهَا. (ص) وَبَطَلَ فِي الْأَمَةِ إنْ جَمَعَهَا مَعَ حُرَّةٍ فَقَطْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَأَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ وَأَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا فَإِذَا عُدِمَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَوْ بَعْضُهَا وَعَقَدَ عَلَى الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا أَمْ لَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ بَاطِلًا وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرَّةِ صَحِيحًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا غُلِّبَ جَانِبُ الْحُرْمَةِ وَبَطَلَتْ كُلُّهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى الْحَرَامِ بِحَالٍ كَمَا لَوْ جَمَعَتْ بَيْنَ خَلٍّ وَخَمْرٍ فِي عَقْدَةِ الْبَيْعِ أَوْ بَيْنَ ثَوْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فِي عَقْدٍ فَإِنَّ الْأَمَةَ نِكَاحُهَا صَحِيحٌ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الزِّنَا فَلَا يُرَدُّ احْتِجَاجُ سَحْنُونَ فِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ فِيهِمَا وَمَحِلُّ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ سَيِّدَتَهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا مَعًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِاتِّحَادِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَيْنِ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْحَلَالُ مِنْ الْحَرَامِ وَهَذَا حَيْثُ امْتَنَعَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَإِلَّا جَازَ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَيُتَصَوَّرُ حِلِّيَّةُ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فِيمَا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا بِلَا شَرْطٍ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ (ص) بِخِلَافِ الْخَمْسِ وَالْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فِي الْجَمِيعِ أَبَدًا أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَمَنْ بَنَى بِهَا مِنْهُنَّ فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا كَعَمَّتِهَا مَثَلًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فِيهِمَا أَبَدًا، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَا إرْثَ كَمَا فِي جَمْعِ الْخَمْسِ وَإِنَّمَا فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ هُنَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَرَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ. (ص) وَلِزَوْجِهَا الْعَزْلُ إنْ أَذِنَتْ وَسَيِّدُهَا كَالْحُرَّةِ إذَا أَذِنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ زَوْجَتِهِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا وَإِذْنِ سَيِّدِهَا لِلزَّوْجِ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْمِلُ لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ فَلَا تَسْتَقِلُّ دُونَ السَّيِّدِ، فَإِنْ امْتَنَعَ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَمْلٍ اسْتَقَلَّتْ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَيَكْفِي إذْنُهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْعَلَ مَا يُسْقِطُ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ الْجَنِينِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَقِيلَ يُكْرَهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ لِلْمَرْأَةِ شُرْبُ مَا يُسْقِطُهُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا إنْ بِيعَتْ) أَيْ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ. وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَتْ يَكُونُ لَهَا هَذَا مَعْنَى يَتْبَعُهَا وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ زَوْجُهَا وَإِلَّا كَانَ لَهُ عج (قَوْلُهُ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ) أَيْ إذَا وَهَبَهَا لِرَجُلٍ هَلْ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ) أَيْ كَانَ الْبَيْعُ صَادِرًا مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ وَالْمَعْنَى وَيَثْبُتُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ مَالِهَا. (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ بَطَلَ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا مَعًا عَلَى الْمَشْهُورِ) كَأَنَّ مُقَابِلَهُ يَقُولُ يَبْطُلُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) سَيَأْتِي مُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ إلَخْ أَيْ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّسْمِيَةِ بِأَنْ يُقَالَ لِلْأَمَةِ كَذَا وَلِلسَّيِّدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَيْنِ يَئُولَانِ لَهَا بِحَوْزِهِمَا مَعًا فَعَدَمُ التَّعْيِينِ بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ وَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلتَّشَاحُنِ وَالتَّبَاغُضِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ الْعَقْدُ فِيهِمَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ حَتَّى فِي الْأَمَةِ وَسَيِّدَتِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَازَ أَخْذُ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِمَا، وَلَوْ فِي الْأَمَةِ وَسَيِّدَتِهَا. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا فِي الْأَمَةِ وَسَيِّدَتِهَا وَفِي غَيْرِهِمَا يَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ وَيَبْطُلُ فِي الْأَمَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَمْسِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إحْدَى الْخَمْسِ أَمَةً لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِفَقْدِ شَرْطٍ وَإِلَّا فُسِخَ نِكَاحُهَا فَقَطْ وَهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مَعَ حُرَّةٍ إذْ هِيَ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْوَاحِدَةَ وَالْمُتَعَدِّدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ وَمَحْرَمُهَا) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أَمَةً لَا تُبَاحُ لَهُ فَيُفْسَخُ فِيهَا فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ وَسَيِّدَهَا) مَفْعُولٌ مَعَهُ وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ عَزْلِ السَّيِّدِ عَنْ أَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ إذْ لَا حَقَّ لَهَا وَمِثْلُ الْعَزْلِ أَنْ تَجْعَلَ فِي الرَّحِمِ خِرْقَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِلرَّحِمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ أَمَةً كَالْجَدِّ فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ يَنْفَرِدُونَ بِالْإِذْنِ دُونَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) تُجْبَرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَقِلُّ بِالْإِذْنِ فِي الْعَزْلِ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ، فَإِنْ أَخَذَتْ مَالًا عَلَى الْعَزْلِ مُدَّةً فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ وَتَرُدَّ جَمِيعَ مَا أَخَذَتْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَاسُ أَنْ تَرُدَّ بِقَدْرِ مَا مَنَعَتْ مِنْ الْأَجَلِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ تُوَضِّحُ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَهِيَ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ جَوَازُ الْعَزْلِ بِأَنَّ الْمَنِيَّ إذَا صَارَ دَاخِلَ الرَّحِمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَشَدُّ مِنْهُ إذَا تَخَلَّقَ وَأَشَدُّ مِنْهُ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ إجْمَاعًا قَالَهُ ابْنُ جُزَيٍّ وَمُفَادُ النَّقْلِ تَرْجِيحُهُ بَلْ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِالْمَشْهُورِ فَقَالَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْعَزْلُ أَنَّ الْمَنِيَّ إذَا صَارَ دَاخِلَ الرَّحِمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْعَلَ مَا يُسْقِطُ مَا بِبَطْنِهَا مِنْ الْجَنِينِ انْتَهَى (قَوْلُهُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ) وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِكُرْهِ إخْرَاجِ الْمَنِيِّ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ انْتَهَى وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْحُرَّةِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إلَخْ) يُوَافِقُهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ جَارِيَانِ فِي الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْأَمَةِ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ حَيْثُ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا سَيِّدُهَا وَظَاهِرُهَا أَيْضًا، وَلَوْ مِنْ مَاءِ زِنًا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ بِغَيْرِهِ خُصُوصًا إنْ خَافَتْ الْقَتْلَ بِظُهُورِهِ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّ قَوْلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 أَنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا يُقَلِّلُ نَسْلَهُ قَالَهُ ح وَانْظُرْ هَلْ الْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ قَطْعَ مَائِهَا يُوجِبُ قَطْعَ نَسْلِهَا أَمْ لَا. (ص) وَالْكَافِرَةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى أُصُولِهِ أَيْ وَحَرُمَ نِكَاحُ الْكَافِرَةِ أَوْ وَطْءُ الْكَافِرَةِ وَهُوَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ وَأَمَتِهِمْ بِالْمِلْكِ مُتَّصِلًا وَمُرَادُهُ بِالْكَافِرَةِ غَيْرُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ لِيَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ أَيْ دَلِيلِ الْعُمُومِ وَفِي تَرْكِ التَّاءِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْمَبْتُوتَةِ مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ يُكْرَهُ) وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ الْحَرَائِرُ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَتُغَذِّي وَلَدَهُ بِهِ وَهُوَ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَقَدْ تَمُوتُ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ وَهِيَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ (ص) وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُرْهَ تَزْوِيجِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَشَدُّ مِنْ كُرْهِ تَزْوِيجِهَا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ لِتَرْكِهِ وَلَدَهُ بِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ تَرْبِيَتِهِ عَلَى دِينِهَا وَأَنْ تَدُسَّ فِي قَلْبِهِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَلَا تُبَالِي بِاطِّلَاعِ أَبِيهِ عَلَى ذَلِكَ (ص) ، وَلَوْ يَهُودِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ وَبِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ جَوَازُ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِحُرٍّ أَوْ لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّصْرَانِيَّةُ بَاقِيَةً عَلَى دِينِهَا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيَّةُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً عَلَى دِينِهَا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ إلَى الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ إلَى الدَّهْرِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا. (ص) وَأَمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ يُكْرَهُ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِالْمِلْكِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا بِالنِّكَاحِ وَلَا أَمَةَ الْمَجُوسِيِّ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ جَازَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَكُلُّ مَنْ مُنِعَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مُنِعَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ. (ص) وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا يَرْجِعُ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْمَعْنَى.   [حاشية العدوي] عب وَيَنْبَغِي إلَخْ لَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَيَنْبَغِي لَا مَاضِيَ لَهُ وَهُوَ مُطَاوِعٌ بَغَيْته فَانْبَغَى لَكِنْ لَا يُنْطَقُ بِهِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَلِدُ أَصْلًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْ يُقَلِّلَ نَسْلَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَطْعَ مَائِهَا إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لِإِحْدَى الصُّورَتَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ وَسَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَا أَنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْكَافِرَةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ فَيَعُمُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ مِنْ مِعْيَارِ) مِنْ زَائِدَةٌ أَيْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ دَلِيلُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ وَفِي تَرْكِ التَّاءِ مَا مَرَّ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ وَحُرِّمَتْ الْكَافِرَةُ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ فَلَا يَصِحُّ أَنَّك تَقُولُ ابْتِدَاءً وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ) أَيْ وَالْخِنْزِيرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ، وَلَوْ تَضَرَّرَ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ الثُّومِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُقَبِّلُهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَقَوْلُهُ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ أَيْ وَلَا مَنْعِهَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ. (فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ) وَكَذَا لَا يَمْنَعُهَا مِنْ فَرِيضَتِهَا وَلَا مِنْ صِيَامِهَا وَلَا يَطَؤُهَا صَائِمَةً؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ دِينِهَا وَهُوَ يُفْسِدُ عَلَيْهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يُوجِبُ حُرْمَتَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَلِذَا كُرِهَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَهُودِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ) أَيْ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ دَهْرِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ أَوْ تَهَوَّدَتْ لَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ) أَيْ لَا إلَى دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ أَنَّهُمَا لَوْ انْتَقَلَتَا لِمَجُوسِيَّةٍ أَوْ دَهْرِيَّةٍ تَحِلُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَيْ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ مِلَلٌ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» أَيْ الدِّينَ الْمُعْتَبَرَ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ مُسْلِمَةٌ بِمَجُوسِيٍّ أَوْ كَافِرٍ لَمْ تُحَدَّ، وَلَوْ تَعَمَّدَتْ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمُسْلِمُ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّةِ رُجِمَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ اسْتِنَادَ النِّكَاحِ لِلرَّجُلِ حَقِيقَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ مَجَازٌ. (فَائِدَةٌ) أَهْلُ الْكِتَابِ هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ عَدَاهُمْ مَجُوسٌ تَمَسَّكُوا بِصُحُفِ شِيثٍ أَوْ إدْرِيسَ أَوْ إبْرَاهِيمَ أَوْ زَبُورِ دَاوُد وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مَوَاعِظُ لَا أَحْكَامُ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ دِينَيْنِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ الْمُوَطَّإِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَنَقَلَ الْجُزُولِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ وَرُفِعَ وَسَبَبُ رَفْعِهِ أَنَّ عَظِيمَهُمْ تَزَوَّجَ بِابْنَتِهِ فَأَرَادُوا رَجْمَهُ فَتَحَصَّنَ بِحِصْنِهِ وَقَالَ لَهُمْ نِعْمَ الدِّينُ دِينُ آدَمَ الَّذِي زُوِّجَ الْأَخُ أُخْتَهُ فَرُفِعَ الْكِتَابُ عُقُوبَةً لَهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالدَّهْرِيَّةُ) بِضَمِّ الدَّالِ نِسْبَةٌ لِلدَّهْرِ بِفَتْحِهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (قَوْلُهُ وَأَمَتَهُمْ) بِالنَّصْبِ أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِمُسْلِمٍ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى مِنْ لَا أَنَّهَا بِمَعْنَى اللَّامِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِ تَجُوزُ بِغَيْرِ الْمِلْكِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَأَمَتُهُمْ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا أَنْ أَسْلَمَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. وَأَمَّا إنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا تَرْغِيبًا لِلْإِسْلَامِ بَلْ الْإِسْلَامُ هُوَ الْمُصَحِّحُ لَهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَحَارِمِهِ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَقْرِيرِهِ عَلَيْهَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ نِكَاحِهِمْ رَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَتَأَتَّى اسْتِيفَاءُ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ إسْلَامُ الزَّوْجِ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا غَلَطٌ. (ص) وَعَلَى الْأَمَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ إنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ (ش) يَعْنِي كَمَا يُقِرُّ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ يُقِرُّ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ الْحُرَّةِ إنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَقَوْلُهُ إنْ عَتَقَتْ خَاصٌّ بِالْأَمَةِ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ عَامٌّ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ مِنْ أَيِّ دِينٍ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ فَيُشْتَرَطُ خَشْيَةُ الْعَنَتِ وَعَدَمُ الطَّوْلِ كَابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ التَّهَوُّدُ أَوْ التَّنَصُّرُ لِلْحُرَّةِ عَلَى مَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ إنْ عَتَقَتْ رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَتَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الرَّاجِحِ وُجُودُ شُرُوطِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ شُرَّاحُهُ مِنْ كَوْنِهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا (ص) وَلَمْ يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ (ش) هُوَ مِثَالٌ لِلَّذِي لَمْ يَبْعُدْ أَيْ مِثَالٌ لِلنَّفْيِ الَّذِي هُوَ حَرْفُ لَمْ لَا لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ لَفْظٌ يَبْعُدُ أَيْ وَلَمْ يَبْعُدْ الزَّمَانُ أَيْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا بَلْ كَانَ قَرِيبًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ (ص) وَهَلْ إنْ غَفَلَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ فِي الشَّهْرِ إنْ غَفَلَ عَنْهَا وَلَمْ تُوقَفْ حِينَ أَسْلَمَ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغْفُلْ فَيَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ حِينَ إسْلَامِهِ، فَإِنْ أَبَتْهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ يُقَرِّرُ النِّكَاحَ فِي الشَّهْرِ مُطْلَقًا غَفَلَ عَنْ إيقَافِهَا أَمْ لَا فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ تَأْوِيلَانِ. (ص) وَلَا نَفَقَةَ (ش) أَيْ لَا نَفَقَةَ لِلْكَافِرَةِ الَّتِي أَسْلَمَ زَوْجُهَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبْلِهَا وَهُوَ تَأْخِيرُ إسْلَامِهَا فَلَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا زَوْجُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ إسْلَامِهِمَا وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْحَامِلِ مُطْلَقًا   [حاشية العدوي] أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا وَقَفَ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُفَرَّقَ إنْ لَمْ تُسْلِمْ (قَوْلُهُ بَلْ الْإِسْلَامُ) أَيْ بَلْ يُقَالُ إنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْمُصَحِّحُ لَهُ أَيْ لَا التَّرْغِيبُ فِيهِ أَيْ لَا التَّرْغِيبُ لِلْغَيْرِ فِي الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً لِلشُّرُوطِ مِنْ صَدَاقٍ يُتَعَامَلُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَوَلِيٍّ مُسْلِمٍ وَشَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَا عِدَّةَ وَلَا مَانِعَ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ الزَّوْجِ مُسْلِمًا شب (قَوْلُهُ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ هُوَ الْقَرَافِيُّ فَعِنْدَهُ أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجِ لَيْسَ شَرْطَ صِحَّةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ شَرْطَ صِحَّةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً. وَأَمَّا كَوْنُهَا كَافِرَةً فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَوْلُهُ غَلَطٌ يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ النَّقْلُ عَنْ الْأَقْدَمِينَ هَكَذَا فَلْيُتَّبَعْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَفِي لُزُومِهَا إلَخْ يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْقَرَافِيِّ. (قَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ) أَيْ أَوْ تَهَوَّدَتْ أَوْ تَنَصَّرَتْ (قَوْلُهُ أَوْ مَجُوسِيَّةً) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ (قَوْلُهُ إنْ عَتَقَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ فَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ خَاصٌّ بِالْأَمَةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَمَتْ عَامٌّ إلَخْ) يُنَافِي أَوَّلَ حَلِّهِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ مَدْخُولًا بِهِمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْعُدُ كَالشَّهْرِ) قَالَ عج ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ لَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ فَإِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ، فَإِنْ عَتَقَتْ عَقِبَ إسْلَامِهِ أُقِرَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ يُفِيدُ أَنَّ إسْلَامَهَا كَعِتْقِهَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَقِبَ إسْلَامِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ كَإِسْلَامِ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَيُنْظَرُ مَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) لَمْ يُبَيِّنْ النَّحْوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قُلْت كَمْ الطُّولُ قَالَ لَا أَدْرِي وَالشَّهْرُ وَأَكْثَرُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا أَرَى الشَّهْرَيْنِ أَيْ قَلِيلًا انْتَهَى فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِنَحْوِهِ شَهْرًا آخَرَ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَرَى إلَخْ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِنَحْوِهِ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالشَّهْرِ. وَأَمَّا الْكَافُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَاسْتِقْصَائِيَّة. (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ غَفَلَ) أَيْ عَنْهُ فَحُذِفَ الْجَارُّ وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ بِعَامِلِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ تَوَقَّفَتْ فَلَا كَمَا إذَا غَفَلَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِقَوْلِ مَالِكٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مُطْلَقٌ وَنَصُّهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً مَا لَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ (قَوْلُهُ غَفَلَ عَنْ إيقَافِهَا أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَمْ لَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ أَبَتْ كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ عج فَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَعَرَضْنَا عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ وَأَبَتْ وَلِلشَّيْخِ أَحْمَدَ كَلَامٌ آخَرُ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت ثُمَّ أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ اتَّفَقَ التَّأْوِيلَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا وَأَسْلَمَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا وَلَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَأَسْلَمَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا وَعَرَضْنَاهُ عَلَيْهَا وَأَجَابَتْ لَهُ وَأَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا عُرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إبَايَةٌ بَلْ تَوَقَّفَتْ فَإِنَّهَا لَا تَبِينُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ. قَالَ عج وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقْتَ إسْلَامِهِ يُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ إلَخْ يَشْمَلُ مَا إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقْتَ إسْلَامِهِ أَوْ اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا بَعْدَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقْتَ إسْلَامِهِ لَا بَعْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُطْلَبُ الْفَرْقُ تَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلَا نَفَقَةَ) ، وَلَوْ أَمَةً خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ لِقُدْرَتِهَا كَالْحُرَّةِ عَلَيْهِ دُونَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْحَامِلِ مُطْلَقًا) أَيْ أَنَّ الْحَامِلَ مُطْلَقًا إلَخْ أَيْ حَصَلَ مِنْهَا امْتِنَاعٌ أَمْ لَا لَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 وَبِمَنْ حَصَلَ مِنْهَا امْتِنَاعٌ بَعْدَ وَقْفِهَا (ص) أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا (ش) الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ تَقَدَّمَ فِيهَا إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلَى إسْلَامِ زَوْجَتِهِ وَهُنَا تَقَدَّمَ إسْلَامُهَا عَلَى إسْلَامِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ فَقَوْلُهُ فِي عِدَّتِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إسْلَامَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ (ص) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَلَا نَفَقَةَ (ش) الْمُبَالَغَةُ فِي أَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي عِدَّتِهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ إسْلَامِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكُفْرِ فَإِنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْكُفَّارُ أَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَتَزَوَّجَهَا كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى ابْتِدَاءِ عِصْمَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبْلِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَهُ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ أَنَا عَلَى دِينٍ لَا أَنْتَقِلُ عَنْهُ وَهِيَ فَعَلَتْ مَا حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْأَقْيَسُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى بِلَا خِلَافٍ. (ص) وَقَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَةَ إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَقَدْ بَانَتْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لَهُ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَقِبَ إسْلَامِهَا نَسَقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا وَإِلَّا نَظَرَ السُّلْطَانُ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا قَالَهُ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ (ص) أَوْ أَسْلَمَا (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُقِرُّ عَلَى نِكَاحِهَا فِي هَذِهِ وَهِيَ مَا إذَا أَسْلَمَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِحَضْرَتِنَا أَوْ جَاءَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَإِنَّهُمَا يُقِرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا فَقَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَا مَعْطُوفٌ عَلَى أَسْلَمَ لَا عَلَى قَبْلَ الْبِنَاءِ (ص) إلَّا الْمُحَرَّمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُقِرُّ فِيهَا مَعَ زَوْجَتِهِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ مَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى عَمَّتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقِرُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُقِرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ إلَّا الْمُحَرَّمَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ إلَى هُنَا. (ص) وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا عَقَدَ عَلَى كَافِرَةٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْأَجَلِ وَقَالَا نَحْنُ نَتَمَادَى لِلْأَجَلِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَيُفْسَخُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ سَقْيُ زَرْعِ غَيْرِهِ بِمَائِهِ فِي الْأُولَى وَإِجَازَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي الْإِسْلَامِ فِي الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ وَتَمَادَيَا لَهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ. وَأَمَّا إنْ قَالَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ نَحْنُ نَتَمَادَى أَبَدًا فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ صَحَّحَهُ كَمَا أَنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا إذَا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (ص) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَلِقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَلِقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَا يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَقَعْ بَيْنَهُمَا بَيْنُونَةٌ بِأَنْفُسِهِمَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ إسْلَامِهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَهُ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَالْإِسْلَامُ صَحَّحَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَكَرَّرَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَوْ طَلَّقَهَا لِأَجَلٍ قَوْلُهُ ثَلَاثًا وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا وَنَبَّهَ بِلَوْ عَلَى خِلَافِ الْمُغَيَّرَةِ مِنْ اعْتِبَارِ طَلَاقِهِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إذَا أَسْلَمَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ. (ص) وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا بِلَا مُحَلِّلٍ (ش) أَيْ وَعَقَدَ   [حاشية العدوي] النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ وَبِمَنْ حَصَلَ مِنْهَا امْتِنَاعٌ) أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا امْتِنَاعٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الِامْتِنَاعِ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَجَابَتْ لِلْإِسْلَامِ وَبِمَا إذَا تَوَقَّفَتْ أَمَّا إذَا أَجَابَتْ لِلْإِسْلَامِ فَلَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ زَوْجَةً لَهَا النَّفَقَةُ فَالْكَلَامُ حِينَئِذٍ فِي الَّتِي تَوَقَّفَتْ وَلَمْ تَمْتَنِعْ فَلَهَا النَّفَقَةُ أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الْإِيقَافِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا) مَا لَمْ يَحْضُرْ عَقْدُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا فَاتَتْ وَمَا لَمْ يَكُنْ غَائِبًا وَيَدْخُلُ بِهَا غَيْرُهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَزَوُّجِهَا بِالثَّانِي فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ. (قَوْلُهُ بَانَتْ مَكَانَهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنْ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ بَلْ ذَلِكَ فَسْخٌ (قَوْلُهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ) أَيْ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ فَلَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا بَلْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّا لَمَّا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِمَا مُسْلِمَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ إسْلَامُهُمَا إلَّا الْآنَ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى حَيْثُ عَلِمْنَا بِإِسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَا) أَيْ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ قَالَا) أَيْ مَعًا (قَوْلُهُ إذَا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) ، وَلَوْ حَصَلَ وَطْءٌ فِي الْعِدَّةِ حَالَةَ الْكُفْرِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ عِبَارَاتِهِمْ. وَأَمَّا إنْ حَصَلَ الْوَطْءُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ إذَا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) مَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا. (قَوْلُهُ وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا بِلَا مُحَلِّلٍ) يُفِيدُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ أَخْرَجَهَا إلَخْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 عَلَيْهَا عَقْدًا جَدِيدَا بِلَا مُحَلِّلٍ إنْ أَبَانَهَا أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ بِمَا يُعَدُّ فِرَاقًا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ طَلَاقٌ. (ص) وَفُسِخَ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا بِلَا طَلَاقٍ (ش) أَيْ وَحَيْثُ وَجَبَ التَّفْرِيقُ وَفُسِخَ لِإِسْلَامِهِمَا أَوْ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا لِأَجْلِ مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ كَكَوْنِهَا غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مَحْرَمًا فَهُوَ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَمَاعِ عِيسَى. (ص) لَا رِدَّتُهُ فَبَائِنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَا رَجْعِيَّةٍ خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ عَدَمُ رَجْعَتِهَا إنْ تَابَ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَقِيلَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ وَفَائِدَتُهُ إذَا تَابَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى ثَلَاثٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لِدَيْنِ زَوْجَتِهِ) إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ رِدَّةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ، وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ إلَى دِينِ زَوْجَتِهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيَّةً أَوْ يَهُودِيَّةً ثُمَّ ارْتَدَّ إلَى دِينِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ سَبَبَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ اسْتِيلَاءُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا وَعَلَى هَذَا فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكِتَابِيَّةُ إذَا عَاوَدَ الْإِسْلَامَ. (ص) وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ أَوْ بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا أَوْ لَا تَأْوِيلَاتٌ (ش) لِلْأَشْيَاخِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَمَوْضُوعُهَا كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْكَافِرَةَ ثَلَاثًا وَإِلَى الثَّلَاثِ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ طَلَّقَهَا أَيْ الثَّلَاثَ وَلَمْ يُفَارِقْهَا ثُمَّ تَرَافَعَا إلَيْنَا وَتَرَاضَيَا بِأَحْكَامِنَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمَعْنَاهُ لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا نَعْرِضُ لَهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عَدَدٍ فَتَحِلُّ لَهُ إذَا رَضِيَتْ قَبْلَ مُحَلِّلٍ إذَا أَسْلَمَ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا أَسَاقِفَتِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ وَمَفْهُومُ تَرَافَعَا أَنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَافُعِ. وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَلْ يُقَرَّرُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ أَصْلًا أَوْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ، وَلَوْ فَاسِدًا أَوْ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ أَشَارَ لِبَيَانِ ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ أَوْ الْإِسْقَاطُ إنْ قَبَضَ وَدَخَلَ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ (ش) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ تَارَةً تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ هَذَا الصَّدَاقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ) . وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ حَوْزِهِ وَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ وَلَا حَاجَةَ لِلْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ لَفَظَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ حَالَ الْكُفْرِ. (قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ وَجَبَ التَّفْرِيقُ) إشَارَةٌ لِإِصْلَاحِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا يُفْسَخُ وَيَكُونُ بِلَا طَلَاقٍ. (قَوْلُهُ لَا رِدَّتُهُ فَبَائِنَةٌ) أَيْ أَنَّ نَفْسَ الِارْتِدَادِ طَلَاقٌ بَائِنٌ لَا أَنَّهُ يَنْشَأُ بَعْدَهُ طَلَاقٌ وَتُقَيَّدُ رِدَّةُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ لَا تَقْصِدَ فَسْخَ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ ثُمَّ إنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ اعْتِمَادُ أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ وَإِنْ ارْتَدَّتْ فَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ أَصْبَغَ جَارٍ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَجُوسِيَّةً وَانْظُرْهُ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت تت قَالَ وَلِوَلَدَيْنِ زَوْجَتُهُ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ قَالَ الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ مَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنَّهُ يُحَالُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَصْبَغُ لَا يُحَالُ إلَخْ. (قَوْلُهُ طَلَّقَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ الْكَافِرَةَ وَيُحْتَمَلُ طَلَّقَهَا أَيْ الثَّلَاثَ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ هَذَا مُرَادُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا صَادِقٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ. وَأَمَّا إنْ قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي طَلَاقِ الْكُفْرِ أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عِنْدَكُمْ أَوْ اقْتَضَى الْعُرْفُ أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ أَلْغَاهُ أَيْ أَلْغَى الطَّلَاقَ أَيْ حَكَمَ بِعَدَمِ لُزُومِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْ أَوْ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ حُكِمَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ ثَلَاثًا مُنِعَ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهَا قَبْلَ ذَلِكَ رُجُوعٌ عَمَّا اُلْتُزِمَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِمَا يَجِبُ فِي دِينِنَا أَوْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ لَمْ تَحْكُمْ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ هُوَ مِمَّا غُيِّرَ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ هَلْ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِلْأَشْيَاخِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ تَأْوِيلَاتٌ وَفِي الْوَاقِعِ هِيَ تَأْوِيلَاتٌ وَأَقْوَالٌ فِي الْخَارِجِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِلْأَشْيَاخِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَأْوِيلَاتٌ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ ش الْمُشَارُ بِهَا لِلشَّارِحِ يُبْعِدُهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ " أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ " خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عَدَدٍ) فَتَلْزَمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ النُّصُوصِ. (قَوْلُهُ وَمَضَى) لَمْ يَقُلْ وَجَازَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَقَعَ فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِجَوَازٍ وَقَوْلُهُ قُبِضَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ قَبْضَهَا وَقَبْضَ غَيْرِهَا مِمَّنْ لَهُ قَبْضُهُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ) هَذَا التَّفْصِيلُ مَوْضُوعُهُ أَسْلَمَا مَعًا لَا إنْ أَسْلَمَتْ فَقَطْ وَلَمْ يُسْلِمْ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْفَاسِدِ وَصُورَةٌ فِي الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ) الْمُنَاسِبُ أَقْسَامٌ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَيْسَتْ أَرْبَعَةً كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 الْفَاسِدَ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُكِّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَقَبَضَتْ الصَّدَاقَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهَا قَبْضُهُ وَتَارَةً لَا تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ إنْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا ذَلِكَ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَ الْمِثْلِ، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يَدْخُلُ الزَّوْجُ بِهَا وَلَا تَقْبِضُ الصَّدَاقَ حَتَّى أَسْلَمَا فَيُقْضَى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ عَلَى شَرْطِ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَلَا شَيْءَ لَهَا الْقِسْمُ الثَّانِي إذَا أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَيُخَيَّرُ، فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ فَرَضَ أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ هُوَ أَنْ يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ كَمُتَزَوِّجٍ امْرَأَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (ص) وَهَلْ إنْ اسْتَحَلُّوهُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ أَيْ يَسْتَحِلُّونَ النِّكَاحَ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ أَوْ الْإِسْقَاطِ وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَسْتَحِلُّوا ذَلِكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا دَخَلُوا عَلَى الزِّنَا لَا عَلَى النِّكَاحِ أَوْ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ فِي دِينِهِمْ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَافِرٌ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ وَإِمَّا تَنْبِيهًا بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ الصِّحَّةُ إذَا كَانُوا يَسْتَحِلُّونَهُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ تَأْوِيلَانِ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ الْكِتَابِيَّ أَوْ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ مَجُوسِيَّاتٍ ثُمَّ أَسْلَمْنَ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَسَوَاءٌ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي عُقُودٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَإِنْ كُنَّ أَوَاخِرَ فِي الْعَقْدِ وَيُفَارِقُ الْبَوَاقِي وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ اخْتِيَارِهِ مَرِيضًا أَمْ لَا مُحْرِمًا أَمْ لَا كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ أَمَةً وَهُوَ وَاجِدٌ لِطَوْلِ الْحُرَّةِ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ كَرَجْعَةٍ وَقِيلَ بِامْتِنَاعِهِ كَالِابْتِدَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَلْغَى فِيهِ رُكْنَ النِّكَاحِ أَوْ شَرْطَهُ وَهُوَ رِضَا الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ فَأَحْرَى الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ الْمُسْلِمُ أَيْ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ يَخْتَارُ لَهُ وَلِيُّهُ وَقَوْلُهُ أَرْبَعًا أَيْ، وَإِنْ مُتْنَ وَفَائِدَتُهُ الْإِرْثُ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَوَاخِرَ) أَيْ فِي الْعَقْدِ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِتَعْيِينِ الْأَوَائِلِ دُونَ الْأَوَاخِرِ. (ص) وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى كَأُخْتَيْنِ كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَتَا عَقِبَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا ذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى وَلَا يَلْزَمُهُ هُوَ أَنْ يَفْرِضَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَ دُخُولٌ دُونَ قَبْضٍ وَيُخَيَّرُ فِي بَاقِي الصُّوَرِ بَيْنَ أَنْ يَفْرِضَ الْمِثْلَ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُفْرَضَ ذَلِكَ فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فِي الْفِرَاقِ وَالْبَقَاءِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّدَاقُ خَمْرًا وَبَاعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا بِالدُّخُولِ غَيْرَ ثَمَنِهَا إنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ وَشُرْبُهَا إيَّاهُ كَعَدَمِ قَبْضهَا، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ بِيَدِهَا وَقِيمَتُهَا الْآنَ رُبْعُ دِينَارٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا بِالدُّخُولِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ الْإِسْقَاطِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَمْرِ أَيْ يَسْتَحِلُّونَ النِّكَاحَ بِالْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَمَادَوْا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ صِحَّتِهِ فِي زَعْمِهِمْ فَيَمْضِي أَيْضًا فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ طَرْدِيٌّ) أَيْ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَقَوْلُهُ لَا عَلَى سَبِيلِ شَرْطُ تَبْيِينٍ لِقَوْلِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَافِرٌ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ أَنَّهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ بِالْفَسَادِ لَا قَيْدٌ لِلْإِمْضَاءِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ أَنَّهُ قَيْدٌ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ. (تَنْبِيهٌ) : بَحَثَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ وُجِدَ مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَشِبْهَهُ وَبَحْثُهُ بِمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مِنْ مِثْلِ الصَّدَاقِ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مِثَالِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ يَشْمَلُ مَا لَا يَسْتَحِلُّونَهُ فِي دِينِهِمْ قَطْعًا كَالْمَيْتَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ أَرْبَعًا) أَيْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ أَقَلَّ، وَإِنْ شَاءَ لَا يَخْتَارُ شَيْئًا (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ كَرَجْعَةٍ) أَيْ لِكَوْنِ الِاخْتِيَارِ كَرَجْعَةٍ أَيْ وَاَلَّذِي يَتَزَوَّجُ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحَرَائِرِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرْطُهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَفِي شب أَيْضًا بِأَوْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلتَّرَدُّدِ إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ رُكْنٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا الْوَاقِعُ مِنْهُمَا الرِّضَا وَلَمْ يَقَعْ الرِّضَا فِيمَا سَبَقَ رُكْنًا وَلَا شَرْطًا (قَوْلُهُ يَخْتَارُ لَهُ وَلِيَّهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ يَخْتَارُ لَهُ ذَكَرَهُ بَعْضٌ وَفِي عِبَارَةٍ الْقَاضِي بَدَلَ السُّلْطَانِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَوَاخِرَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ أَوَائِلَ أَيْ يَخْتَارُ، وَإِنْ أَوَائِلَ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي تَعَيُّنِ الْأَوَائِلِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ فَتِلْكَ النُّسْخَةُ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِقَوْلِ بَهْرَامَ لَا مَعْنَى لِهَذِهِ النُّسْخَةِ أَفَادَهُ تت وَرُدَّ بِأَنَّ مَعْنَى اخْتَارَ أَيْ أَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ إنْ شَاءَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا قَبْلَ لَوْ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا وَلَا يَظْهَرُ هُنَا. وَأَمَّا التَّعَيُّنُ فَلَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ قَوْلِنَا أَيْ أَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ إنْ شَاءَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَأَسْلَمَتَا) الْأَوْلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 مَعًا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا أَمْ لَا تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا كَانَتَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. (ص) وَأُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا، وَإِنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا نَكَحَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَأَسْلَمَتَا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهُمَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا مَعًا حَالَ الْكُفْرِ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِمَا حَرُمَتَا؛ لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ تَعَيَّنَتْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفِرَاقِ أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَ فَلَا يُبْقِي إلَّا هَذِهِ وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى الْبِنْتُ اتِّفَاقًا وَالْأُمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَمْ لَا. (ص) وَلَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا (ش) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْأُمِّ وَابْنَتِهَا خَاصَّةٌ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِحُرْمَةِ مَنْ فَارَقَهَا مِنْهُمَا عَلَى أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ سَوَاءٌ مَسَّ الَّتِي أَمْسَكَهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَلَمْ يَكُنْ إلَّا الْعَقْدُ وَعَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ، فَإِنْ مَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا تَعَيَّنَ مُفَارَقَةُ مَنْ لَمْ يَمَسَّهَا وَمَسُّ مَنْ مَسَّهَا لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْبِنْتِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا يُحَرِّمُ أُمَّهَا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. وَأَمَّا إنْ مَسَّهُمَا مَعًا فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُمَا مَعًا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيَكُونُ كَلَامُهُ فِي مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ غَيْرِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا وَكَانَتْ الَّتِي فَارَقَهَا مَسَّهَا لِأَنَّ مَسَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ كَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ وَحَصَلَ مِنْهُ الْمَسُّ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَفَارَقَ مَنْ مَسَّهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. (ص) وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ (ش) تَقَدَّمَ مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَوْ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا أَنَّهُ يَخْتَارُ الْبَعْضَ وَيُفَارِقُ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَأَشَارَ هُنَا إلَى صِفَةِ الِاخْتِيَارِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ اخْتَرْت فُلَانَةَ بَلْ يَكْفِي بِغَيْرِ صَرِيحِ اللَّفْظِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فَأَشَارَ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَا قَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعَدُّ بِالطَّلَاقِ مُخْتَارًا لِمَنْ طَلَّقَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ بِالظِّهَارِ مُخْتَارًا لِمَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا إذْ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ زَوْجَةٍ فَالظِّهَارُ مَلْزُومٌ لِبَقَائِهَا زَوْجَةً، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ بِالْإِيلَاءِ مُخْتَارًا وَهَلْ الْإِيلَاءُ اخْتِيَارُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ تَوْجِيهُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّوْجِيهِ أَوْ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارَانِ أَقَّتَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَيَّدَ بِمَحَلٍّ كَلَا أَطَؤُك إلَّا فِي بَلَدِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَانْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ الرَّجُلِ يَكُونُ اخْتِيَارًا وَانْظُرْ لِعَانَ الزَّوْجَةِ فَقَطْ. وَأَمَّا لِعَانُهُمَا مَعًا فَيَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وَأَشَارَ إلَى الِاخْتِيَارِ الْفِعْلِيِّ بِقَوْلِهِ (أَوْ وَطْءٍ) فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً بَعْدَ إسْلَامِهِ مِمَّنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ اخْتَارَهَا فَالْوَطْءُ دَلَالَةٌ فِعْلِيَّةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ كَذَلِكَ وَالْوَطْءُ   [حاشية العدوي] أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَتَا. (قَوْلُهُ: وَأُمًّا وَابْنَتَهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَفِي بَعْضِهَا بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى أُخْتَيْنِ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَعُلِمَتْ الْأُولَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَعُلِمَتْ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ فَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا) أَيْ مَسَّ الْبِنْتَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَقَاءَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْبِنْتُ اتِّفَاقًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ الْمَدْخُولُ بِهَا فَيُبْقِي عَلَيْهَا اتِّفَاقًا وَتَحْرُمُ الْأُخْرَى اتِّفَاقًا الَّتِي هِيَ الْأُمُّ وَقَوْلُهُ وَالْأُمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ إذَا كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ فَإِنَّهُ يُبْقِي عَلَيْهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُفَارِقُ الْبِنْتَ وَمُقَابِلُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ وَمَسُّ الْأُمِّ كَلَا مَسَّ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَتَزَوَّجْ) بِالْجَزْمِ بِلَا النَّاهِيَةِ وَهِيَ تَجْزِمُ فِعْلَ الْغَائِبِ كَثِيرًا وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ فَارَقَهَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ لَمْ يُفَارِقْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وعب صَحَّحَ كَلَامَ بَهْرَامَ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا مَسَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَلَمْ يُلْتَفَتْ لِهَذَا الْمَفْهُومِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَحْمِلُهُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَأَنَّ النَّهْيَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ مَنْ مَسَّهَا) أَيْ فِي صُورَةٍ أَوْ إحْدَاهُمَا. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا مَسَّهُمَا فَالْمُنَاسِبُ لَهُ وَفَارَقَ إحْدَاهُمَا. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) كَلَامُهُ فِي الِاخْتِيَارِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا أَوَّلًا فَشَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ رَجْعِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ بَالِغِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِمَّا كَانَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّوْجِيهِ) فَوَجَّهَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ فِي الْعُرْفِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ قَالَ بِشَرْطِ تَقَرُّرِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَرُّرِ الْعُرْفِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ فِي اسْتِعْمَالِ أَدَاةِ السَّلَبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبَلُ الْمَسْلُوبَ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِالْعَدَمِ الْمُقَابِلِ لِلْمَلَكَةِ كَقَوْلِك زَيْدٌ لَا يُبْصِرُ لَا فِيمَا لَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِالسَّلَبِ الْمُقَابِلِ لِلْإِيجَابِ كَقَوْلِك الْحَائِطُ لَا يُبْصِرُ فَقَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتهَا دَلِيلُ جَعْلِهِ إيَّاهَا قَابِلَةً لِوَطْئِهِ وَلَا سِيَّمَا كَوْنُ النَّفْيِ مُقَسَّمًا عَلَيْهِ وَلَا تَقْبَلُهُ إلَّا لِكَوْنِهَا زَوْجَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ بَحْثَ إلَخْ) كَأَنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِذَنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ اُنْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالزَّمَنُ قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَطْءٍ إلَخْ) مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فَعَلَ مَا يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَوْ يُوجِبُ فِيهَا خَلَلًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 اخْتِيَارٌ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ فَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْوِهِ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَصْرِفْهُ إلَى جَانِبِ الِاخْتِيَارِ لَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى جَانِبِ الزِّنَا وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَفِي تَنْظِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفِي كَوْنِهِ اخْتِيَارًا بِذَاتِهِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ نَظَرٌ اهـ نَظَرٌ. (ص) وَالْغَيْرُ إنْ فَسَخَ نِكَاحُهَا (ش) أَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَغَيْرُ امْرَأَةٍ إنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا أَيْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ قَالَ وَغَيْرُ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لَكَانَ أَظْهَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَقَالَ لِوَاحِدَةٍ فَسَخْت نِكَاحَك فَإِنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا لَهَا وَلَكِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ إعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَفَسَخَ فِي كَلَامِهِ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ. (ص) أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَاخْتَارَ غَيْرُ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُنًّ أَخَوَاتٌ، وَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ كَأَخَوَاتٍ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْته وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ رَاجِعٌ لِمُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أَخَوَاتٌ أَيْ فَلَا يَخْتَارُ جَمِيعَهُنَّ بَلْ وَاحِدَةٌ وَيُتَمِّمُ بَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَيَدْخُلْ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ يَتَلَذَّذْ بِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَبَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ بِمَنْ تَلَذَّذَ بِهِنَّ غَيْرَ عَالِمٍ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ (ص) وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِنَّ يَرْجِعُ لِمَنْ اخْتَارَهُنَّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ يَرْجِعُ لِغَيْرِ مَنْ اخْتَارَهُنَّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْبَعْضَ وَفَارَقَ الْبَعْضَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الصَّدَاقِ لَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا شَيْءَ فِيهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَا فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ أَنَّهُ اخْتَارَ بَعْضَهُنَّ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ غَيْرَ مُعَيَّنَاتٍ صَدَاقَانِ صَحِيحَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِذَا قَسَمَ اثْنَانِ عَلَى عَشْرَةٍ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَمْسٌ. (ص) كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَضْعِيَّاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ رَضْعِيَّاتٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ نِكَاحًا صَحِيحًا ثُمَّ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِمَنْ فَارَقَهَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ وَمَا هَذَا شَأْنُهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ مَاتَ كَانَ لَهُنَّ صَدَاقٌ وَاحِدٌ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُ صَدَاقٍ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ مِمَّنْ لَا يَحْرُمُ رِضَاعُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً كَمَا إذَا أَرْضَعَتْهُنَّ أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ الصَّدَاقِ إذْ لَا تَصْلُحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَأَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ. (ص) وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ   [حاشية العدوي] يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِيَارُ فَأَوْلَى الْوَطْءُ الْمُتَرَتِّبُ اعْتِبَارُهُ عَلَى وُجُودِهَا (قَوْلُهُ وَفِي تَنْظِيرِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نَظَرٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَوَجْهُ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَالْغَيْرُ إلَخْ) أَيْ وَيَخْتَارُ غَيْرَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحَهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ) ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ نِكَاحِهَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الْوَاقِعَةِ مُضَافًا إلَيْهَا بَلْ لَوْ قَالَ وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ لَا فَسْخٍ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِعَقْدِ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ نِصْفَ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ الْمَفْسُوخَةِ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَيْضًا الطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا بِخِلَافِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ) أَيْ وَقَوْلُهُ نِكَاحَهَا مَفْعُولٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَخَوَاتُ مَنْ أَسْلَمَ الثَّانِي أَنَّ حِلَّ إحْدَاهُمَا هُوَ قَوْلُهُ وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا فَبِمُجَرَّدِ أَنْ اخْتَارَ الْأَرْبَعَ حَلَّ الْبَاقِي لِلْأَزْوَاجِ فَقُدِّرَ أَنَّهُ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُخْتَارَاتِ أَخَوَاتٌ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَتَرْجِعُ لَهُ وَلَا يُفَوِّتُهَا إلَّا دُخُولُ الثَّانِي أَيْ الْوَطْءُ أَوْ التَّلَذُّذُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ أَخَوَاتٌ فَلَا يَفُوتُ بِذَلِكَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عب (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَخْتَارُ جَمِيعَهُنَّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَيُتَمِّمُ بَاقِيَ الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ اخْتَارَ أَرْبَعًا وَظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ فَارَقَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ وَإِذَا قَسَمَ إلَخْ) فَإِذَا اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ فَلِلْبَاقِيَاتِ صَدَاقٌ يَقْتَسِمْنَهُ وَثَلَاثًا فَلِلْبَاقِيَاتِ نِصْفُ صَدَاقٍ. (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ تَامٌّ) الْأَحْسَنُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ أَيْ أَنَّ الثَّلَاثَ اللَّاتِي يُفَارِقْهُنَّ لَا شَيْءَ لَهُنَّ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا فِي الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ تَشْبِيهُ اخْتِيَارٍ بِاخْتِيَارٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ لَا الْوَاوُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً إلَخْ الْمُنَاسِبُ لِمَا قُلْنَا فَإِنَّهُ إذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لِلْبَوَاقِي؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ) وَقِيلَ بِطَلَاقٍ وَهُمَا فِي تت. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَاتَ) يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ لَهُ الِاخْتِيَارُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 شَرْعًا إلَّا أَرْبَعٌ غَيْرُ مُعَيَّنَاتٍ يَقْتَسِمْنَ ذَلِكَ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمُسَا صَدَاقِهَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَإِنَّ نِسْبَةَ الْأَرْبَعَةِ إلَى الْعَشَرَةِ خُمُسَانِ وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِهَا فَإِذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ غَيْرِهَا خُمُسَا صَدَاقِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ بِثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا خُمُسَيْ صَدَاقِهَا وَلِمَنْ دَخَلَ بِهَا صَدَاقَهَا كَامِلًا، وَلَوْ دَخَلَ بِأَرْبَعٍ هَذَا إذَا كَانَ دُخُولُهُ بِمَنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلِمَنْ دَخَلَ بِهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَلِغَيْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمَةِ بَاقِي الْأَصْدِقَةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى عَدَدِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَإِذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُنَّ عَشْرَةٌ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُلُثُ صَدَاقِهَا إذْ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ ثَلَاثَةٍ عَلَى تِسْعَةٍ ثُلُثٌ فَإِذَا دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُهَا وَلِلْبَاقِي رُبْعُ صَدَاقِهَا إذْ هُوَ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ اثْنَيْنِ عَلَى ثَمَانٍ وَهَكَذَا الْعَمَلُ إذَا دَخَلَ بِثَالِثَةٍ. وَأَمَّا إنْ دَخَلَ بِرَابِعَةٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اخْتِيَارٌ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا بِدُخُولِهِ بِهِنَّ. (ص) وَلَا إرْثَ إنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ عَنْ الْإِسْلَامِ (ش) صُورَتُهَا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ كِتَابِيَّاتٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ سِتٌّ وَتَخَلَّفَ عَنْ الْإِسْلَامِ أَرْبَعٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ لَا إرْثَ لِجَمِيعِهِنَّ أَيْ لَا إرْثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ أَمَّا الْكِتَابِيَّاتُ فَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ. وَأَمَّا الْمُسْلِمَاتُ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ وَهُنَّ غَايَةُ مَا يَخْتَارُ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ وَلَا إرْثَ مَعَ الشَّكِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ دُونَ الْأَرْبَعِ لَحَصَلَ الْإِرْثُ لِلْمُسْلِمَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ اعْتَادَ الْأَرْبَعَ فَأَكْثَرَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُنَّ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِنَّ وَبِهَذَا يُرَدُّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ مَا دُونَ الْأَرْبَعِ. (ص) أَوْ الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى تَخَلَّفَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ زَوْجَتَانِ مُسْلِمَةٌ وَكِتَابِيَّةٌ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا أَنْتَ طَالِقٌ وَمَاتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالطَّلَاقِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا إرْثَ لِلْمُسْلِمَةِ لِثُبُوتِ الشَّكِّ فِي زَوْجِيَّتِهَا، وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ لَا الْتِبَاسَ وَالْإِرْثُ جَمِيعُهُ لِلْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْكِتَابِيَّةُ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمَةِ وَعَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُطَلَّقَةِ هِيَ الْمُسْلِمَةُ وَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ أَيْضًا (ص) لَا إنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَجُهِلَتْ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِغَيْرِهَا رُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَخَلَّفَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْرَجَةٌ مِنْ عَدَمِ الْإِرْثِ وَهَذِهِ الْإِرْثُ فِيهَا ثَابِتٌ لِعَدَمِ الشَّكِّ فِي سَبَبِهِ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمُسْلِمَتَيْنِ طَلَاقًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ وَجُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِأَنْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ لِلْبَيِّنَةِ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَعُلِمَتْ ثُمَّ مَاتَ الْمُطَلِّقُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا وَبَيَانُ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا مُنَازِعَ لَهَا فِي الصَّدَاقِ فَهُوَ لَهَا بِكَمَالِهِ لِلْمَسِّ. وَأَمَّا الْمِيرَاثُ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ فَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَلَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ وَنِصْفُهُ لِلْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْأُخْرَى كَانَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الْمِيرَاثُ كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَالنِّصْفُ مِنْهُ لَا مُنَازِعَ لَهَا فِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ تُنَازِعُهَا فِيهِ الْأُخْرَى فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى رُبْعُهُ. وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ فَإِنَّك إنْ قَدَّرْت أَنَّهَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ قَدَّرْت أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْأُخْرَى كَانَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا فَنِصْفُ الصَّدَاقِ لَا مُنَازِعَ لَهَا فِيهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمُسَا صَدَاقِهَا إلَخْ) وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ الصَّدُقَاتُ مُتَّحِدَةً وَإِذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَمَا الْمُرَاعَى مِنْهَا هَلْ الْكَثِيرُ أَوْ الْقَلِيلُ أَوْ الْقُرْعَةُ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ النِّسَاءُ عَشْرًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسَا صَدَاقِهَا وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُنَّ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ خُمُسَيْ صَدَاقِهَا، وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا غَيْرَ أَنَّهُ يَتَكَمَّلُ لَهَا بِالدُّخُولِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ) وَمِثْلُهُ إذَا تَخَلَّفَ أَرْبَعُ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ لَا كَافِرَاتٍ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُنَّ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ) وَمِثْلُ الْكِتَابِيَّةِ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ وَجُهِلَتْ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا إلَخْ) أَيْ وَعُلِمَتْ. وَأَمَّا الْعَكْسُ أَوْ جُهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَالشَّارِحُ تَكَفَّلَ بِبَيَانِهِ وَقَوْلُهُ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا مَفْهُومُهُ صُورَتَانِ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ أَصْلًا تَكَفَّلَ الشَّارِحُ بِبَيَانِهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ مَفْهُومُهُ لَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ تَكَفَّلَ الشَّارِحُ بِبَيَانِهِ (قَوْلُهُ وَجُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ) مَفْهُومُ جُهِلَتْ وَاضِحٌ، فَإِنْ ادَّعَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ طَلُقَتَا فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ عَيَّنَهَا وَنَسَوْهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَحِينَئِذٍ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ شَهَادَتَهَا فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهُ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنَةً وَلَمْ يُبَيِّنْهَا أَوْ بَيَّنَ وَنَسِيَ مَا بَيَّنَ فَمِنْ الِالْتِبَاسِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وَالنِّصْفُ الْآخَرُ تُنَازِعُهَا فِيهِ الْوَرَثَةُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَلِلْوَرَثَةِ رُبْعُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالصَّدَاقُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَلِكُلٍّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ. وَإِنْ دَخَلَ بِكُلٍّ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا كَامِلًا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ صُوَرِ الِالْتِبَاسِ أَيْ وَالْحُكْمُ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ عُلِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَجُهِلَ الْمَدْخُولُ بِهَا أَيْ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ الصَّدَاقُ كَامِلًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَرُبْعُ الْمِيرَاثِ، فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَجَمِيعُ الْمِيرَاثِ وَلِلَّتِي طَلُقَتْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ جُهِلَ كُلٌّ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُهَا غَيْرَ ثُمُنٍ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ. (ص) وَهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ أَوْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ خِلَافٌ (ش) مَوَانِعُ النِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ الرِّقُّ وَالْكُفْرُ وَتَقَدَّمَا وَكَوْنُ الشَّخْصِ خُنْثَى مُشْكِلًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِنُدُورِهِ وَالْمَرَضُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْآذِنِ أَوْ صَيْرُورَتِهِ غَيْرَ وَارِثٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ الْمَرِيضُ إلَى النِّكَاحِ أَمْ لَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِلنَّهْيِ عَنْ إدْخَالِ وَارِثٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ إدْخَالَ وَارِثٍ مُحَقَّقٌ وَلَيْسَ عَنْ كُلِّ وَطْءٍ حُمِلَ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَقُولُ مَنْعُ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّكَاحِ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَيَخْدُمُهُ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ جَازَ لَهُ النِّكَاحُ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْوَارِثُ مِنْهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْخِلَافِ وَيَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَحْجُورٍ مِنْ حَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ وَحَامِلِ سِتَّةٍ. (ص) وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ حَالَ مَرَضِهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ، فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِالْمُسَمَّى، قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ وَإِنْ حَرُمَ. (ص) وَعَلَى الْمَرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ. (ش) التَّعْبِيرُ بِالثُّلُثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ الْمَوْتِ حِينَئِذٍ، فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إِذَا تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ وَدَخَلَ وَلَمْ يَفْسَخِ النِّكَاحَ، فَتَارَةً يَمُوتُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَتَارَةً يَصِحُّ فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ، وَأَمَّا إِذَا فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ صَحَّ، فَقَالَ الْعُضُونِيُّ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فُسِخَ أَيْضًا، وَكَانَ لَهَا الْمُسَمَّى، تَأْخُذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ مَبْدَأً إِنْ مَاتَ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، اهـ. فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسَمَّى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ غَيْرَ ثُمُنٍ) وَذَلِكَ أَنَّ الْوَرَثَةَ يُسَلِّمُونَ لَهُمَا صَدَاقًا وَنِصْفًا وَيُنَازِعُونَهُمَا فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَتَدَّعِي كُلٌّ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا فَيَكُونُ لَهُمَا صَدَاقَانِ وَتَدَّعِي الْوَرَثَةُ أَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَهُمَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقٌ غَيْرَ ثُمُنٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُمْنَعُ ... إِلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: مَرِضَ أَحَدُهُمَا) ، وَلَوْ مَرِضَا مَعًا لَاتَّفَقَ عَلَى الْمَنْعِ كَمَا هُوَ مَفْهُومُهُ؛ إِذِ الْمَرِيضَةُ لَا تَنْفَعُ الْمَرِيضَ لِحَاجَتِهِ غَالِبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ مُتَطَاوِلًا، كَالسُّلِّ وَالْجُذَامِ، أَوْ لَا. (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنَ الْمُصَنَّفِ صَحِيحٌ طَلَّقَ حَامِلًا دُونَ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، ثُمَّ مَرِضَ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا لَا إِنْ أَتَمَّتْهَا، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَرِيضَةً شَرْعًا فَصَارَا مَرِيضَيْنِ. (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُلْحَقُ بِالْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إِنَّ فِي وَطْءِ الزَّوْجَةِ إِدْخَالُ وَارِثٍ، وَنُهِيَ عَنْ إِدْخَالِ وَارِثٍ، فَأَجَابَ بِمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: وَحَامِلُ سِتَّةٍ) صُورَتُهَا: طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَأَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ مَضَى لِلْحَمْلِ سِتَّةٌ، فَإِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُ زَوْجِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لَهَا، فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ، إِلَّا إِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَى فَسْخِهِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا، وَمِثْلُ الدُّخُولِ مَوْتُهُ أَوْ مَوْتُهَا قَبْل الْفَسْخِ، فَيُقْضَى بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ حَصَلَ دُخُولٌ، أَوْ مَوْتُهَا، أَوْ مَوْتُهُ، قَالَ: عَجَّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إِذْ فِيهِ - إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتِ - الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَلَمْ يُؤَثَّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ، اهـ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْنَعُ ... إِلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: مَرِضَ أَحَدُهُمَا) ، وَلَوْ مَرِضَا مَعًا لَاتَّفَقَ عَلَى الْمَنْعِ كَمَا هُوَ مَفْهُومُهُ؛ إِذِ الْمَرِيضَةُ لَا تَنْفَعُ الْمَرِيضَ لِحَاجَتِهِ غَالِبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ مُتَطَاوِلًا، كَالسُّلِّ وَالْجُذَامِ، أَوْ لَا. (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنَ الْمُصَنَّفِ صَحِيحٌ طَلَّقَ حَامِلًا دُونَ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، ثُمَّ مَرِضَ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا لَا إِنْ أَتَمَّتْهَا، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَرِيضَةً شَرْعًا فَصَارَا مَرِيضَيْنِ. (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُلْحَقُ بِالْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إِنَّ فِي وَطْءِ الزَّوْجَةِ إِدْخَالُ وَارِثٍ، وَنُهِيَ عَنْ إِدْخَالِ وَارِثٍ، فَأَجَابَ بِمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: وَحَامِلُ سِتَّةٍ) صُورَتُهَا: طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَأَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ مَضَى لِلْحَمْلِ سِتَّةٌ، فَإِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُ زَوْجِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لَهَا، فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ، إِلَّا إِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَى فَسْخِهِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا، وَمِثْلُ الدُّخُولِ مَوْتُهُ أَوْ مَوْتُهَا قَبْل الْفَسْخِ، فَيُقْضَى بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ حَصَلَ دُخُولٌ، أَوْ مَوْتُهَا، أَوْ مَوْتُهُ، قَالَ: عَجَّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إِذْ فِيهِ - إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتِ - الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَلَمْ يُؤَثَّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ، اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَرِيضِ ... إِلَخْ) ، الْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ فِي الْأَوَّلِ صَحِيحٌ، فَتَبَرُّعُهُ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ الثَّانِي؛ فَلِذَا كَانَ فِي الثُّلُثِ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمَرَضِ؟ أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْأَعْدَلِ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ: فَتَارَةً يَمُوتُ) ، اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، دَخَلَ أَمْ لَا، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: وَدَخَلَ. وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَفْسَخْ، وَلَوْ صَحَّ قَبْل الْفَسْخِ لَا فَسْخَ. (قَوْلُهُ: الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى) ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فُسِخَ أَيْضًا) ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَفَسَخَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: تَأْخُذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ مَبْدَأً) ، أَيْ: عَلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ، ثُمَّ مُدَبَّرٌ صِحَّةً، ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ. (قَوْلُهُ: فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ) ، أَيْ: فَضَمِيرُ " مِنْهُ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَائِدٌ عَلَى الْمُسَمَّى. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِرْثِ، وَحَاصِلُهُ لَا إِرْثَ لِأَحَدِهِمَا بِمَوْتِ صَاحِبِهِ، كَانَ الْمَيِّتَ الصَّحِيحَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 فَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ عَلَى الْمَرِيضِ الْأَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِنَ الْمُسَمَّى، وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَهَذَا حَيْثُ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهِ وَقَبْلَ فَسْخِهِ، بِدَلِيلِ كَلَامِ الْعُضُونِيِّ. (ص) وَعَجَّلَ بِالْفَسْخِ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا. (ش) أَيْ: وَعَجَّلَ بِفَسْخِ نِكَاحِ َالْمَرِيضِ وَقْتَ الْعُثُورِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا، كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا فَلَا يُفْسَخُ وَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا كَانَ خَوْفَ مَوْتِهِ، وَقَدْ بَانَ عَدَمُهُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَمَرَ بِمَحْوِ الْفَسْخِ، وَهِيَ إِحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ. (ص) وَمَنَعَ نِكَاحَهُ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْأَمَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ. (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ لِلْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، أَوِ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ تُعْتَقُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ قَدْ تُسْلِمُ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ، فَيَصِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَقُولُ بِجَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْإِسْلَامَ نَادِرَانِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُرَاعَاةِ الطَّوَارِئِ، اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَلَمَا كَانَ الْحَقُّ فِي الْعَيْبِ وَالْغَرَرِ لِآدَمِيٍّ أَعْقَبَهُ لِمَانِعِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِيهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ عَلَى قَوْلٍ فَقَالَ (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ أَسْبَابُ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا، وَابْتَدَأَ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ: (ص) الْخِيَارُ إِنْ لَمْ يَسْبِقِ الْعِلْمُ، أَوْ لَمْ يَرْضَ، أَوْ يَتَلَذَّذْ. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يُوجِبُ الْخِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ، فَالطَّارِئُ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُ خِيَارًا إِلَّا مَا اسْتَثْنَى كَمَا يَأْتِي، وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ، أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ مِنْ زَوْجَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ؛ فَإِنْ عَلِمَ السَّلِيمُ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ، وَرَضِيَ بِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ، أَوْ تَلَذَّذَ بَعْدَ عِلْمِهِ، فَلَا خِيَارَ لِلسَّلِيمِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قَوْلِهِ: "أَوْ يَتَلَذَّذُ"؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَمْكِينُهَا عَالِمَةً بِعَيْبِهِ رِضًا. (ص) وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ. (ش) يَعْنِي: إِذَا أَرَادَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَهُ بِالْعَيْبِ الَّذِي بِهِ، فَقَالَ الْمَعِيبُ لِلسَّالِمِ: أَنْتَ عَلِمْتَ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَدَخَلْتَ عَلَيْهِ، أَوْ: عَلِمْتَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَرَضِيتَ، أَوْ: تَلَذَّذْتَ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَأَنْكَرَ السَّلِيمُ ذَلِكَ، وَأَرَادَ الْمَعِيبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ أَوِ الرِّضَا أَوِ التَّلَذُّذِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَعِيبُ، وَسَقَطَ الْخِيَارُ، وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَرَ فِيهِ   [حاشية العدوي] أَوِ الْمَرِيضَ قَطْعًا فِي مَوْتِ الْمَرِيضِ، وَكَذَا فِي مَوْتِ الزَّوْجِ الصَّحِيحِ، وَعَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَوْتِ الْمَرْأَةِ الصَّحِيحَةِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ إِحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ) ، أَيْ: فَكَانَ مَالِكٌ أَوَّلًا يَحْكُمُ بِالْفَسْخِ، وَلَوْ صَحَّ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ، وَقَالَ: امْحُوا الْفَسْخَ، وَبَنَى بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي فَسَادِ هَذَا النِّكَاحِ، هَلْ هُوَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ أَوْ لِعَقْدِهِ؟ وَالثَّانِيَةُ مِنَ الْمَمْحُوَّاتِ: كَانَ الْإِمَامُ أَوَّلًا يَقُولُ بِنَدْبِ ذَبْحِ الْوَلَدِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا مِنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَبْحِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ دُونَ الْمَمْحُوِّ. الثَّالِثَةُ: مَنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو زَوْجَتَهُ، فَافْتَكَّ ثِيَابَهَا الْمَرْهُونَةَ، فَقَالَ أَوَّلًا: يَحْنَثُ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ، وَقَالَ: لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي تت، وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَقَالَ: النَّصُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِمَحْوِهِ أَبَى الْإِمَامُ أَنْ يُجِيبَ - أَيْ: بِلَا يَحْنَثُ -، ثُمَّ مَحَلُّ الْحِنْثِ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَأَولَى إِنْ نَوَى عَدَمَ نَفْعِهَا، فَإِنْ نَوَى خُصُوصَ الْكِسْوَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِفَكِّ الْمَرْهُونَةِ. الرَّابِعَةُ: مَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ، أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ، كَانَ يَقُولُ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ رَجَعَ لِقَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى. (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ نِكَاحَهُ النَّصْرَانِيَّةَ ... إِلَخْ) ، هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَلَهُمَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِنَ الْمُسَمَّى، وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى، وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالثُّلُثِ. وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ، وَلَا إِرْثَ لَهُمَا إِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمُتَزَوَّجِ فِيهِ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَعِتْقِهَا، وَأَمَّا إِذَا فَسَخَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا سَمَّى لَهُمَا أَوْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ صَدَاقُهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَنْعَ فِيهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ) ، فَالْجَامِعُ أَنَّ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ، وَقَوْلُهُ: "عَلَى قَوْلٍ"، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ لِعَقْدِهِ، فَقَدْ قَالَ بَهْرَامٌ: هَلْ فَسَادُ هَذَا النِّكَاحِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ أَوْ لِعَقْدٍ؟ أَيْ لِذَاتِهِ، أَيْ: فَسَادُهُ لِذَاتِهِ، فَعَلَيْهِ وَلَوْ أَذِنَ الْوَارِثُ يُمْنَعُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَيَجُوزُ عِنْدَ إِذْنِ الْوَارِثِ، تَأَمَّلْ. [بَاب الْخِيَارِ] (بَابُ الْخِيَارِ) ، عَرَّفَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِأَنَّهُ تَمْكِينُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ لِكَعَيْبٍ يَظْهَرُ تَغْلُبُ السَّلَامَةُ مِنْهُ عَادَةً، وَقُلْتُ لِكَعَيْبٍ؛ لِيَشْمَلَ الْغُرُورَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوِ الْإِسْلَامِ، اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَرْضَ) ، أَيْ: صَرِيحًا أَوِ الْتِزَامًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ) ، أَيْ: عِلْمٌ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ النُّحَاةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَطْفَ بِـ"أَوْ" بَعْدَ النَّفْيِ يُفِيدُ الْعُمُومَ، أَيْ: يَكُونُ نَفْيًا لِلْمَنْفِيَّاتِ كُلِّهَا لَا أَحَدِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] . (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ: إِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ، وَادَّعَى حُصُولَ نِسْيَانٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَوْ قَبْلَ التَّلَذُّذِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَلَا يُقْبَلْ مِنْهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ زَوْجَةُ الْمُعْتَرِضِ إِذَا اطَّلَعَتْ عَلَى عَيْبِهِ حَالَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ؛ حَيْثُ رَجَتِ الْبُرْءَ، فَلَهَا الْقِيَامُ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَا رَجَتْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ) ، أَيْ: بَعْدَ الْعَقْدِ ... إِلَخْ، إِلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ يَكُونَ رَضِيَ، وَلَمْ يَتَلَذَّذْ إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّ التَّلَذُّذَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: تَمْكِينُهَا إِلَخْ) ظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطَأْ، وَالْمَدَارُ عَلَى التَّمْكِينِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ مَا يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَا) ، الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَ، أَيِ: الْمَعِيبُ بَعْدَ نُكُولِ السَّلِيمِ، وَقَوْلُهُ: "قَالَ: بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا"، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلسَّلِيمِ الْخِيَارُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 نَصًّا، ثُمَّ إِنَّ الضَّمِيرَ فِي "حَلَفَ" يَرْجِعُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّامِلِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رُجُوعِهِ لِلسَّلِيمِ؛ إِذْ قَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ عَلَى نَفْيِهِ مَعَ رُجُوعِهِ لِمُتَعَدِّدٍ؛ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِـ"أَوْ"، وَتُرَدُّ الْيَمِينُ إِنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَإِلَّا فَلَا تُرَدُّ، وَحَاصِلُ الْعُيُوبِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، أَرْبَعَةٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ؛ وَهِيَ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، والْعِذْيَوْطَةُ. وَأَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ؛ وَهِيَ: الْخِصَاءُ، وَالْجَبُّ، وَالْعُنَّةُ، وَالِاعْتِرَاضُ. وَخَمْسَةٌ خَاصَّةٌ بِالْمَرْأَةِ؛ وَهِيَ: الْقَرْنُ، وَالرَّتَقُ، وَالْبَخْرُ، وَالْعَفَلُ وَالْإِفْضَاءُ، وَأَضَافَ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ لِضَمِيرِهِ، وَمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ لِضَمِيرِهَا، وَمَا هُوَ مُشْتَرِكٌ لَمْ يُضِفْهُ، وَبَدَأَ بِهِ لِعُمُومِهِ، فَقَالَ: (ص) بِبَرَصٍ. (ش) هَذَا مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْيَضِهِ وَأَسْوَدِهِ الْأَرْدَأِ مِنَ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَاتُ الْجُذَامِ، وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ، وَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَالنَّابِتُ عَلَى الْأَبْيَضِ شَعْرٌ أَبْيَضُ، وَعَلَى الْبَهَقِ أَشْقَرُ، وَإِذَا نَخَسَ الْبَرَصَ بِإِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ، وَمِنَ الْبَهَقِ دَمٌ، وَعَلَامَةُُ الْبَرَصِ الْأَسْوَدِ التَّفْلِيسُ وَالتَّقْشِيرُ، بِخِلَافِ الْآخَرِ، وَالطَّيَّارُ مِنْهُ يَتَزَايَدُ، وَرُبَّمَا انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ. (ص) وعَذْيَطَةٌ. (ش) أَيْ وَلِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إِذَا وُجِدَ بِهِ ذَلِكَ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ: عِذْبَوطُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: عِذْبَوْطَةُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَغَوَّطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، هَذِهِ عِبَارَاتُهُمْ، وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ قَوْلَانِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت: هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، رِوَايَةً بِالْمَعْنَى. (ص) وَجُذَامٌ. (ش) أَيْ: لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إِنْ وُجِدَ بِهِ جُذَامٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ بِالْبَيِّنِ كَمَا فِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بَيِّنًا تَحَقُّقُ كَوْنِهِ جُذَامًا. (ص) لَا بِجُذَامِ الْأَبِ. (ش) يَعْنِي: أَنَّ جُذَامَ الْأَبِ أَوِ الْأُمِّ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، فَلَا يَرُدُّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ لَوِ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ أُمٍّ جُذَامًا، فَيَرُدُّهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ. (ص) وَبِخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ. (ش) هَذِهِ الْعُيُوبُ الْمُخْتَصَّةُ بِالرَّجُلِ، يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَهَا أَنْ تَرُدَّهُ مِنْهَا: الْخِصَى، وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ الذَّكَرُ أَوِ الْأُنْثَيَانِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْجَوَاهِرِ بِمَا إِذَا لَمْ يُنْزِلْ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَمَامِ اللَّذَّةِ لَا لِلْوَطْءِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تُرَدُّ الْعَقِيمُ وَالْخِصَى الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ إِذَا أَنْزَلَ مَثَلَهُ، وَسُلُّ الْأُنْثَيَيْنِ كَقَطْعِهِمَا، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ كَقَطْعِ الذَّكَرِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح، ثُمَّ إِنَّ حُكْمَ خِصَاءِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ جَائِزٌ لِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ لُحُومِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ خِصَاءِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: بِبَرَصٍ) ، كَانَ الْبَرَصُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فِي الْمَرْأَةِ اتِّفَاقًا، وَفِي الرَّجُلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الْيَسِيرِ، وَهَذَا فِي بَرَصٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا رَدَّ بِالْيَسِيرِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْكَثِيرِ خِلَافٌ؛ وَلِذَا أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ الْبَرَصَ الْحَادِثَ بَعْدَهُ بِالْمُضِرِّ، وَأَمَّا الْجُذَامُ الْمُحَقَّقُ فَيُوجِبُ الْقِيَامَ مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: هَذَا مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ ... إِلَخْ) ، هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ النُّحَاةِ فَهُوَ الْخَبَرُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) ، أَيِ: الْأَسْوَدَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجُذَامِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَكْثَرُ سَلَامَةً، وَأَقَلُّ عَدْوَى، وَأَبْعَدُ فِي الِانْتِشَارِ مِنَ الْأَبْيَضِ، كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ) ، أَيْ: يُشْبِهُ الْبَرَصَ، الْبَهَقُ بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجِلْدَ بِخِلَافِ لَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْبَرَصِ، قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: "فِي لَوْنِهِ" أَيْ: لَوْنِ الْأَبْيَضِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ فَرْدَيِ الْبَرَصِ. (قَوْلُهُ: التَّفْلِيسُ) ، أَيْ: يَكُونُ قِشْرُهُ مُدَوَّرًا يُشْبِهُ الْفُلُوسَ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدَّمَ التَّقْشِيرُ عَلَى التَّفْلِيسِ. (قَوْلُهُ: وَالطَّيَّارُ مِنْهُ يَتَزَايَدُ ... إِلَخْ) : الضَّمِيرُ فِي "مِنْهُ"، الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْبَرَصِ مُطْلَقًا، بَلْ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ شَبَّ يَقْتَرِبُ رُجُوعُهُ لِلْأَبْيَضِ. (قَوْلُهُ: وعَذْيَطَةُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌٍ لِمَا ضَبَطَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَتْحُ الْبَاءِ ... إِلَخْ) ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ: أَنَّهُ بِالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتُ لَا بِالْبَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ) ، أَيِ: الرِّيحِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفَرْشِ قَوْلَانِ، مُفَادُ الْخِطَابِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَادُ هَذَا، وَأَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ تُكْثِرُ الْقِيَامَ لِلْبَوْلِ لَا أَنَّهَا تَبُولُ فِي الْفَرْشِ. (قَوْلُهُ: رِوَايَةً بِالْمَعْنَى) ، أَيْ: فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَرَادَ بِالْحَدَثِ الْغَائِطَ فَقَطْ، وَكَذَا اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَائِطُ خَاصَّةً، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلْبَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْتُهُ مَرْضَى بَعْضِ الْأَشْيَاخِ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ الْبَوْلَ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ، وَفِي الزَّعِرِ قَوْلَانِ، وَالزَّعِرُ قِلَّةُ شَعْرِ الْعَانَةِ. (قَوْلُهُ: تَحَقُّقُ كَوْنِهِ جُذَامًا) ، أَيْ: وَلَوْ قَلَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ جُذَامًا لَمْ يُفَرََّقْ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْبَرَصُ وَالْجُذَامُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْخِيَارُ فِي صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ مَا بِكُلِّ وَاحِدٍ بِسَبَبِ الِاجْتِمَاعِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْعَذْيَطَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جُنُونَ كُلٍّ كَجُذَامِ كُلٍّ، كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَيْبٌ) ، أَيْ: فِي بَابِ الْبَيْعِ دُونَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْخِصَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَقْصُورٌ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُصَنَّفِ مَمْدُودٌ، وَقَوْلُهُ: "وَهُوَ - أَيِ: الْخِصَاءُ - الشَّخْصُ الَّذِي ... إِلَخْ". وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ وَهُوَ أَيِ: الْخِصَاءُ - صِفَةُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ الذَّكَرُ إِلَخْ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَبِّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) ، أَيْ: قَيَّدَ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ ... إِلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا بِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَمَامِ اللَّذَّةِ فَقَطْ لَا لِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ عَدَمِ الْوَلَدِيَّةِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُرَدُّ بِالْعُقْمِ وَيُرَدُّ بِالْخِصَاءِ قَائِمُ الذَّكَرِ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ، وَلَوْ قُلْنَا: لِعَدَمِ الْوَطْءِ، لَمَا كَانَ رُدَّ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ) ، وَانْظُرْ قَطْعَ بَعْضِهَا وَالظَّاهِرُ أَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 الْخَيْلِ» ، فَقِيلَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ الْقُوَّةَ وَذَهَابَ النَّسْلِ مِنْهَا، مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ، وَأَمَّا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ خِصَاؤُهَا؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِعَانَةٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَقَالَ أَيْضًا: الْفَرَسُ يَكْلَبُ، يَجُوزُ خِصَاؤُهُ، وَحَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ خِصَاءِ الْآدَمِيِّ، وَمِنْهَا: الْجَبُّ وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مَعًا، وَالْمُرَادُ هُنَا عَدَمُ مَا ذُكِرَ وَلَوْ خِلْقَةً، وَالْعُيُوبُ تُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهِ بِوُجُودِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَمِنْهَا: الْعُنَّةُ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَالْعِنِّينُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ ذَكَرُهُ كَالزِّرِّ، وَعَلَى الْمُعْتَرِضِ، لَكِنَّ ذِكْرَهُ لِلْمُعْتَرِضِ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَالْعِنِّينُ لُغَةً: هُوَ الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ عِنِّينَةٌ، أَيْ: لَا تَشْتَهِي الرِّجَالَ، وَمِنْهَا: الِاعْتِرَاضُ وَهُوَ الَّذِي لَهُ آلَةٌ كَآلَةِ الرِّجَالِ، وَلَكِنْ لَا يَنْتَشِرُ، وَرُبَّمَا كَانَ عَدَمُ انْتِشَارِهِ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى. (ص) وَبِقَرْنِهَا، وَرَتَقِهَا، وَبَخَرِهَا، وَعَفَلَهَا، وَإِفْضَائِهَا. (ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَةِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ؛ وَلِذَا أَضَافَهَا لِضَمِيرِهَا، مِنْهَا: الْقَرْنُ: شَيْءٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ، يُشْبِهُ قَرْنَ الشَّاةِ، تَارَةً يَكُونُ عَظْمًا فَيَعْسُرُ عِلَاجُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ لَحْمًا وَهُوَ الْغَالِبُ فَلَا يَعْسُرُ عِلَاجُهُ، وَمِنْهَا: الرَّتَقُ - بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ -: وَهُوَ انْسِدَادُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا انْسَدَّ بِعَظْمٍ لَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهُ، وَبِلَحْمٍ أَمْكَنَتْ، وَمِنْهَا: الْبَخَرُ: وَهُوَ نَتَنُ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ مُنَفِّرٌ؛ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّخْمِيُّ بَخَرَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ، لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى فِيمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ عَيْبٍ، بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ فَهُوَ عَيْبٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْفَرْجِ أَوْ بِالْفَمِ، وَمِنْهَا: الْعَفَلُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ -: لَحْمٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ يُشْبِهُ أُدْرَةَ الرَّجُلِ، وَلَا تَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ رَشْحٍ، وَقِيلَ: رَغْوَةٌ فِي الْفَرْجِ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَمِنْهَا: الْإِفْضَاءُ: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اخْتِلَاطِ مَسْلَكَيِ الذَّكَرِ وَالْبَوْلِ حَتَّى يَصِيرَا مَسْلَكًا وَاحِدًا. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: هُوَ زَوَالُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَمَخْرَجِ الْغَائِطِ، اهـ. وَنُوزِعَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَعْنَى الْإِفْضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ يُرَدُّ بِهِ، انْتَهَى. (ص) قَبْلَ الْعَقْدِ. (ش) فِي مَحَلِّ نَصْبِ حَالٍ مِنْ قَوْلِهِ: "بِبَرَصٍ إِلَخْ"، أَيِ: الْخِيَارُ بِبَرَصٍ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَائِنَاتٍ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ: قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَلَهَا فَقَطِ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ. (ش) أَيْ: وَلِلزَّوْجَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّوْجِ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ ضِدِّ الْخَفِيِّ وَإِنْ قَلَّ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، أَيِ: الْفَاحِشِ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَقَوْلُهُ: "بَعْدَهُ" صَادِقٌ بِبَعْدَ الدُّخُولِ أَيْضًا، كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ لَا يُسَيِّرُهُمَا. (ص) لَا بِكَاعْتِرَاضٍ. (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِالْجُذَامِ، وَيُرِيدُ بِهِ: بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَلَوْ مَرَّةً، فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَأَمَّا قَبْلَ الْوَطْءِ فَسَيَأْتِي أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ بَعْدَ أَنْ يُؤَجَّلَ الْحُرُّ سَنَةً، وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا. (ص) وَبِجُنُونِهِمَا، وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. (ش) لَا إِشْكَالَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِجُنُونِ   [حاشية العدوي] يُقَالَ: الْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ) ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّضْعِيفُ. (قَوْلُهُ: وَذَهَابَ) ، أَيْ: وَيَحْصُلُ ذَهَابُ النَّسْلِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ الْخَاصُّ، وَهُوَ الرُّكُوبُ فِي الْجِهَادِ. (قَوْلُهُ: يَكْلَبُ) ، أَيْ: يَعْتَرِيهِ شَيْءٌ كَالْجُنُونِ، بِحَيْثُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا فِي الطَّاحُونِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا) ، أَيْ: فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ طَارِئًا، وَقَوْلُهُ: "وَالْعُيُوبُ"، الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالنِّكَاحُ يُخَالِفُ الْبَيْعَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ يَقْتَضِي أَشُدِّيِّةَ النِّكَاحِ عَلَى الْبَيْعِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي الْعَكْسَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ بِوُجُودِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ، أَيْ: بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِكُلِّ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ، بَلْ بِشَيْءٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ يُتَسَامَحُ فِيهِ، بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، عَلَى أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْعُنَّةَ وَالِاعْتِرَاضَ لَا رَدَّ بِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا كَانَ عَدَمُ انْتِشَارِهِ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى) هَلْ ذَلِكَ خِلْقِيٌّ أَوْ بِأَمْرٍ طَرَأَ كَسِحْرٍ. (فَائِدَةٌ) : لَوْ كَانَ خُنْثَى مَحْكُومًا لَهُ بِحُكْمِ الرُّجُولِيَّةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، قَالَهُ الْبَدْرُ، وَانْظُرْ فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتِ الْأُنْثَى خُنْثَى مَحْكُومًا لَهَا بِحُكْمِ الْإِنَاثِ. (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ ... إِلَخْ) هُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ) ، وَجْهُ الْمُنَازَعَةِ أَنَّهُ خِلَافُ تَفْسِيرِ الْقَرَافِيِّ، وَبَهْرَامٍ بِالْأَوَّلِ، وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ قَوْلٌ فِي اللُّغَةِ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: وَأَفْضَاهَا: جَعَلَ مَسْلَكَيْهَا بِالِافْتِضَاضِ وَاحِدًا، وَقِيلَ: جُعِلَ سَبِيلُ الْحَيْضِ وَالْغَائِطِ وَاحِدًا. (فَإِنْ قُلْتَ) : هَذِهِ الْأُمُورُ إِنَّمَا تُدْرَكُ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، فَيَنْتَفِي الْخِيَارُ. (قُلْتُ) : الْوَطْءُ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ الْحَاصِلُ بَعْدَ عِلْمِ مُوجِبِ الْخِيَارِ، لَا الْحَاصِلِ قَبْلَهُ، وَلَا رَدَّ بِكَوْنِهَا عَجُوزًا فَانِيَةً، أَوْ صَغِيرَةً بِنْتَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَحَرْقِ فَرْجِهَا حَيْثُ لَا شَرْطَ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا ... إِلَخْ) ثُبُوتُ الرَّدِّ لَهَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً، وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) ، أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنِ الْمُحَقَّقُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا. (قَوْلُهُ: لَا يُسَيِّرُهُمَا) هَذَا يُنَافِي صَدْرَ الْعِبَارَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ: لَا تُرَدُّ بِالْجُذَامِ إِلَّا إِذَا تَفَاحَشَ، وَلَا يُمْكِنُ النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَا بِكَاعْتِرَاضٍ) أَدْخَلَتِ الْكَافُ الْخِصَاءَ وَالْجَبَّ، وَكِبَرَ الذَّكَرِ الْمَانِعَ مِنَ الْوَطْءِ، وَكِبَرَ الْأُدْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنَ الذَّكَرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ لَهَا) ، هَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْوَطْءِ، كَمَا حَدَثَ قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ) قَضِيَّتُهُ لَوْ كَانَ يَأْتِي بَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا رَدَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْكَثْرَةِ، كَقَوْلِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) ، ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَعْضِهِ رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ فَلَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 أَحَدِهِمَا الْكَائِنِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَمَّا الْجُنُونُ الْحَادِثُ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، فَإِنَّهُ أَيْضًا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَسْتَغْرِقَ كُلَّ الْأَوْقَاتِ، بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَلَوْ حَصَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَيُفِيقُ فِيمَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَصْرُوعَ تَخَافُهُ النُّفُوسُ وَتَنْفِرُ مِنْهُ. (ص) وَأَجَلًا فِيهِ وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً. (ش) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ، أَيْ: وَأَجَّلَا فِي الْجُنُونِ وَفِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ؛ حَيْثُ رُجِيَ بُرْءُ مَنْ ذَكَرَ سَنَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْ هَذِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَا حَدَثَ بَعْدَهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا فِيمَا حَدَثَ بَعْدَهُ لَا سِيَّمَا نُسْخَةَ أَجَلًا بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ، فَإِنْ قُلْتَ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ: مَا مَوْقِعُ أَجَلًا. قُلْتُ: هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْخِيَارِ أَجَلًا فِيهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: بُرْؤُهَا، بِضَمِيرِ الْمُفْرَدَةِ الْمُؤَنَّثَةِ، فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَاتٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ التَّأْجِيلَ فِي الْجُنُونِ، وَلَوْ عُدِمُ رَجَاءُ الْبُرْءِ؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ أَرْجَى مِنْ بُرْءِ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ تَثْنِيَةِ ضَمِيرِ بُرْؤُهُمَا، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذِهِ النُّسْخَةِ بِجَعْلِ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ عَائِدًا عَلَى الزَّوْجَيْنِ، فَلَا يُنَافِي شُمُولَهُ لِلثَّلَاثَةِ وَيُوَافِقُ عِبَارَةَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَاتٍ، وَعَلَيْهِ فَإِسْنَادُ بُرْءٍ إِلَى الزَّوْجَيْنِ إِسْنَادٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِلَى الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ مَجَازِيٌّ، وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ، تَأَمَّلْ. (ص) وَبِغَيْرِهَا إِنْ شَرَطَ السَّلَامَة. (ش) أَيْ: وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ سَوَادٍ وَقَرَعٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ مِمَّا يَعُدُّ عَيْبًا عُرْفًا إِنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ، سَوَاءٌ عَيَّنَ مَا شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: مِنَ الْعُيُوبِ، أَوْ: مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلَا يُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى عُيُوبٍ تُرَدُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ لِشُمُولِهِ لِغَيْرِهَا أَيْضًا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ شَرْطِ السَّلَامَةِ إِذَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ نَحْوِ السَّوَادِ وَالْقَرَعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهَا إِلَّا بِالشَّرْطِ، وَمَا تَقَدَّمَ يُرَدُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ أَنَّ تِلْكَ الْعُيُوبَ مِمَّا تَعَافُهَا النُّفُوسُ، وَتُنْقِصُ الِاسْتِمْتَاعَ، أَوْ لِأَنَّهَا تَسْرِي إِلَى الْوَلَدِ، أَوْ لِأَنَّ الْجُذَامَ أَوِ الْجُنُونَ شَدِيدٌ لَا يُسْتَطَاعُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ، وَالْبَرَصُ وَعَيْبُ الْفَرْجِ مِمَّا يَخْفَى، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ فَالْغَالِبُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مِمَّا لَا يَخْفَى فَغَيْرُ الْمُشْتَرِطِ مُفَرِّطٌ فِي اسْتِعْلَامٍ ذَلِكَ، وَإِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبٍ لَا يُرَدُّ بِهِ إِلَّا بِشَرْطٍ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا شَرَطَهُ، فَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، أَوْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ رُدَّتْ لِصَدَاقِ مِثْلِهَا، وَسَقَطَ عَنْهُ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَهُ، أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمُسَمَّى، وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ؛ حَيْثُ زَادَ عَلَيْهِ: وَلَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ، فَلَيْسَ كَالْعَيْبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. (ص) وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ. (ش) الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ: وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ الزَّوْجَ لَهُ رَدُّ الزَّوْجَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا وَجَدَهَا عَلَى خِلَافِ مَا وَصَفَهَا لَهُ وَلَيُّهَا أَوْ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ، وَسَوَاءٌ صَدَرَ سُؤَالٌ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ لَا، فَإِنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. (ص) وَفِي الرَّدِّ إِنْ شَرَطَ الصِّحَّةَ تَرَدُّدٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوَثِّقَ إِذَا كَتَبَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجُنُونُ الْحَادِثُ لِأَحَدِهِمَا) ظَاهِرُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُخَصُّ بِالْحَادِثِ بِالرَّجُلِ، فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لَا مَا حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَا خِيَارَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا حَدَثَ قَبْلَ الْعَقْدِ يَثْبُتُ لِكُلٍّ الْخِيَارُ فِي صَاحِبِهِ، وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، أَوِ الْحَادِثُ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِالرَّجُلِ ثَبَتَ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِالْمَرْأَةِ فَلَا خِيَارَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَبِجُنُونِهِمَا، أَيْ: يُرَدُّ بِسَبَبِ الْجُنُونِ، أَيِ: الْقَدِيمِ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَيْ: لَهَا الْخِيَارُ بِجُنُونِهِ، وَلَهُ الْخِيَارُ بِجُنُونِهَا وَجُنُونِهِمَا جَمِيعًا أَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ: "قَبْلَ الدُّخُولِ ... إِلَخْ"، فَهُوَ مَعْمُولُ الْمَحْذُوفِ، أَيْ: وَإِنْ حَدَثَ بِالزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَهُ، قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الْحَذْفِ، فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: " قَبْلَ الدُّخُولِ إِلَخْ"، مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: "وَلَهَا ... إِلَخْ". (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْرُوعَ تَخَافُهُ النُّفُوسُ) ، هَذَا يُفِيدُ الرَّدَّ بِالَّذِي عِنْدَنَا بِمِصْرَ يُصْرَعُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: سَنَةً) ، أَيْ: قَمَرِيَّةً إِنْ كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَيُؤَجَّلُ نِصْفَهَا، وَالتَّأْجِيلُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي صِحَّتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِِ. (قَوْلُهُ: فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ... إِلَخْ) ، أَيْ: لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الَّذِي طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: إِنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ كَالشَّرْطِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَعْلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَبْوَابِ أَنَّهُ كَالشَّرْطِ أَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَوَادٍ وَكِبَرٍ) ، أَيْ: وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ الثَّانِي) ، أَيِ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مِنَ الْعُيُوبِ أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. (قَوْلُهُ: مِمَّا تَعَافُهُ النُّفُوسُ) كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوَ لأَنَّهَا تَسْرِي إِلَى الْوَلَدِ) ، أَيْ: وَهُوَ الْجُذَامُ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الْجُذَامَ وَالْجُنُونَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَرَصَ لَيْسَ مِثَلَهُمَا مَعَ أَنَّهُ مِثَلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: مُفَرِّطٌ فِي اسْتِعْلَامٍ) ، أَيْ: فِي طَلَبِ عِلْمِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ "فِي " لِلسَّبَبِيَّةِ، فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ، أَيْ: بِسَبَبِ عَدَمِ اسْتِعْلَامٍ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ) ، أَيْ: فَلَا رَدَّ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ لَهَا مِنِ الْجِهَازِ كَذَا، وَمِنَ الْمَالِ كَذَا. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخِطْبَةِ) ، أَيْ: مِنَ الزَّوْجِ أَوْ وَلَيّهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عِنْد اللَّخْمِيِّ) ، وَصَدَرَ بِهَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ إِذَا صَدَرَ الْوَصْفُ ابْتِدَاءً مِنَ الْوَاصِفِ، وَإِنْ صَدَرَ سُؤَالٌ مِنَ الزَّوْجِ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصْلُحُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ "لَوْ" يُشِيرُ بِهَا إِلَى الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ "لَوْ" بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ. (قَوْلُهُ: إِذَا كَتَبَ ... إِلَخْ) ، أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ الْكِتَابَةُ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الرَّدِّ يُعَلَّلُ بِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِتَلْفِيقِ الْمُوَثِّقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 أَنَّهَا صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ، وَتَنَازَعَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنَا شَرَطْتُ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: لَا رَدَّ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ أَشْيَاخُنَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الصِّحَّةَ بِاللَّفْظِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ، كَمَا إِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهَا سَلِيمَةُ الْبَدَنِ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (ص) لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، كَالْقَرْعِ، وَالسَّوَادِ مِنْ بَيْضِ وَنَتَنِ الْفَمِ. (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِبَرَصٍ ... إِلَخْ. وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ شَرْطَ السَّلَامَةِ، وَتَقْدِيرُهُ: وَبِغَيْرِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، ثُمَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ أَرَادَ عَطْفَهُ عَلَى قَوْلِهِ: بِكَاعْتِرَاضٍ، لَقَالَ: وَلَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، فَيَكُونُ الْعَاطِفُ "الْوَاوُ" وَ"لَا" لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ، وَلَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّرْطِ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الظَّنَّ إِذَا تَخَلَّفَ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِصَاحِبِهِ كَلَامًا فِي رَدِّ الزَّوْجَةِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ إِنْسَانٌ امْرَأَةً مِنْ قَوْمٍ بِيضٍ، وَظَنَّهَا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ، أَوْ ظَنَّهَا أَنَّهَا سَالِمَةُ الرَّأْسِ فَوَجَدَهَا قَرْعَاءَ، أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَهَا مُنْتِنَةَ الْفَمِ - وَهِيَ: الْبَخْرَاءُ - أَوِ الْأَنْفِ - وَهِيَ: الْخَشْمَاءُ - فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ. (ص) وَالثُّيُوبَةُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ، وَفِي بِكْرٍ تَرَدُّدٌ. (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَرْعِ، فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا خَالَفَ الظَّنَّ، أَيْ: إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ظَانًّا أَنَّهَا بِكْرٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْأَبِ، فَلَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَتَزَوَّجُهَا بِشَرْطِ أَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا بِمُزِيلٍ، فَإِذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ رَدُّهَا، وَسَوَاءٌ عِلْمَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا، كَانَتِ الثِّيُوبَةُ بِنِكَاحٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا بِغَيْرِ وَطْءِ نِكَاحٍ وَلَمْ يَعْلَمِ الْأَبُ بِذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، قِيلَ: يُخَيِّرُ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ عَلَيْهَا وَإِنْ زَنَتْ؛ وَلِأَنَّ الْبَكَارَةَ قَدْ تَزُولُ بِوَثْبَةٍ أَوْ تَكَرُّرِ حَيْضٍ؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ جَارٍ مَجْرَى الصَّحِيحِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أُزِيلَتْ بِكَارَتُهَا بِزِنًا أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ، فَهِيَ بِكْرٌ أَعَمُّ مِنَ الْعَذْرَاءِ، أَمَّا إِنْ عَلِمَ الْأَبُ فَهُوَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثِيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ وَكَتَمَ، فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَحْرَى بِوَطْءٍ وَلَوْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ، وَثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ رُدَّ مُطْلَقًا عَلِمَ الْأَبُ أَوْ لَا. (ص) وَإِلَّا تَزْوِيجَ الْحُرِّ الْأَمَةَ، وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ. (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمَعْطُوفِ؛ إِذْ لَيْسَ مُسْتَثْنًى مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوَّلَ، كَمَا قَالَهُ الْجِيزِيُّ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَكَذَلِكَ: " وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ "؛ إِذِ الْحُرَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْحُرِّ، وَالْعَبْدُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَمَةِ؛ إِذْ لَيْسَ هُنَا شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: كَمَا إِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهَا سَلِيمَةٌ) ، قَالَ: بَعْضُهُمْ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ صَحِيحَةٍ وَسَلِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَادَةٌ جَارِيَةٌ فِي تَلْفِيقِ الْمُوثِّقِينَ، وَلَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِالثَّانِي، ذَكَرَهُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ. (قَوْلُهُ: لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ) ، أَيِ: الْمَظْنُونُ، أَيْ: تَخَلُّفُهُ. (قَوْلُهُ: وَنَتَنُ الْفَمِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَتَنِ الْفَمِ وَنَتَنِ الْفَرْجِ هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَهَمَّ مِنَ الزَّوْجَةِ وِقَاعُهَا فِي الْفَرْجِ، فَنَتَنُهُ هُوَ الْمَانِعُ لَا نَتَنُ الْفَمِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَانَ نَتَنُ الْفَمِ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ أَوْ مِنَ التَّغَيُّرِ بِوَسَخِ الْأَسْنَانِ لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى بِبَرَصٍ) انْظُرْهُ، فَإِنَّ (لَا) لَا تَعْطِفُ إِلَّا الْمُفْرَدَاتِ، ثُمَّ هَذَا يَأْتِي فِيهِ الْبَحْثُ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّرْطِ بِخُلْفِ الظَّنِّ. وَقَوْلُهُ: "جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ"، هُوَ الَّذِي يَدْرَأُ الْحَدَّ، وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ: وَلَوْ دَرَأَ الْحَدَّ مَعَ أَنَّهُ إِذَا دَرَأَ الْحَدَّ يَجْرِي مَجْرَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: بِمَفْهُومِهِ) ، أَيْ: مَفْهُومُ إِنَّ شَرْطَ السَّلَامَةِ. (قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِخُلْفِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاشْتِرَاطِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْأَبِ) ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إِنْ شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا) ، أَيْ: أَوْ كَتَبَهَا الْمُوَثِّقُ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ تَلْفِيقِهِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ وَطْءِ نِكَاحٍ ... إِلَخْ) ، بَقِيَ اثْنَانِ: أَنْ لَا يَجْرِي الْعُرْفُ بِاسْتِوَاءِ الْبِكْرِ لِلْعَذْرَاءِ، فَإِنْ جَرَى بِاسْتِوَائِهِمَا كَمَا بِمِصْرَ فَلَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ الرَّدُّ، وَأَنْ يَتَّفِقَ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ بِكْرٍ، فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَادَّعَى عَدَمَهَا، فَالْقَوْلُ لَهَا فِي وُجُودِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَكَارَتُهَا إِلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْبَكَارَةَ ... إِلَخْ) ، كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ هَذَا إِذَا زَالَتْ بِغَيْرِ زِنًا، بَلْ وَإِنْ بِزِنًا، وَإِنَّمَا صَحَّ قَوْلُنَا هَذَا إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ زِنًا؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ قَدْ تَزُولُ، فَالْوَاوُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا نَرَى، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى قَلْبُ الْمُبَالِغَةِ، أَيْ: هَذَا إِذَا ثَبَتَ بِزِنًا، بَلْ وَإِنْ بِغَيْرِ زِنًا وَصَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ إِلَخْ. (قَوْلُهُ: وَثْبَةٌ) ، أَيْ: قَفْزَةٌ، وَقَوْلُهُ: " لِأَنَّ الْبَكَارَةَ" تَعْلِيلٌ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: "أَوْ فَاسِدٍ " جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ، أَيْ: فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: "لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ" لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: " وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ ") ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ... إِلَخْ) ، لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَقْرُونٌ بِأَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ، فَهُوَ اسْمٌ تَأْوِيلًا. نَقَلَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الِاسْمَ الْمَؤَوَّلَ مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ اسْمٌ صَرِيحٌ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: عَطْفُ الْمَصْدَرِ عَلَى الْفِعْلِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَقَوْلُ الْأَلْفِيَّةِ: "وَاعْطِفْ إِلَخْ"، فَهُوَ فِي اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا الْمَصْدَرُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمَعْطُوفِ) ، أَيِ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: "وَإِلَّا تَزْوِيجَ"، ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا كَمَا بَيَّنَّا. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مُسْتَثْنًى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ) ، أَيْ: إِفْرَادُهُ، وَلَوْ قَالَ: مُسْتَثْنًى مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوَّلَ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: "وَكَذَلِكَ، وَالْحُرَّةِ ... إِلَخْ" فِيهِ أَنَّ تَزْوِيجَ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ مُسَلَّطٌ عَلَى: "وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ"، فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إِلَخْ. (قَوْلُهُ: إِذِ الْحُرَّةُ) فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: إِذْ لَيْسَ هُنَا شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 فِي الصُّورَتَيْنِ، نَعَمْ إِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْغُرُورِ فَيَتَّضِحُ؛ فَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ فِي حَلِّهِ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: تَزْوِيجُ الْحُرِّ أَمَةً، وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ دُونَ بَيَانٍ غُرُورٌ وَاضِحٌ، انْتَهَى. أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْبَرْمُونِيُّ. (ص) بِخِلَافِ الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ، أَوْ تَزَوَّجَتِ النَّصْرَانِيَّةُ رَجُلًا تَظُنُّهُ نَصْرَانِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ، أَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ امْرَأَةً يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً فَإِذَا هِيَ نَصْرَانِيَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ فِي الرِّقِّ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ، وَالْحُرِّيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ. (ص) إِلَّا أَنْ يُغَرَّا. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ لِلْأَمَةِ: إِنَّهُ حُرٌّ، أَوِ الْمُسْلِمُ إِذَا قَالَ لِلنَّصْرَانِيَّةِ: إِنَّهُ عَلَى دِينِهَا، ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ، فَلِلْأَمَةِ أَنْ تَرُدَّ الْعَبْدَ، وَلِلنَّصْرَانِيَّةِ أَنْ تَرُدَّ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهَا، وَقَوْلُهُ: يُغَرَّا بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَوْ بِالْبَنَّاءِ لِلْفَاعِلِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ الْمَغْرُورَانِ، وَالْفَاعِلُ عَلَى نُسْخَةِ الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ هُوَ الْغَارَّانِ، وَعَلَى كُلٍّ يَشْمَلُ الْغُرُورُ الْجَانِبَيْنِ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: بِخِلَاف الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَوَجْهُ كَوْنِهَا أَرْبَعَةً أَنَّ قَوْلَهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ شَامِلٌ لِغُرُورِهِ لَهَا وَغُرُورِهَا لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ. (ص) وَأَجَلُ الْمُعْتَرَضِ سَنَةٌ. (ش) تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَرَضَ هُوَ الَّذِي لَهُ آلَةٌ كَآلَةِ الرِّجَالِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَنْتَشِرُ، فَإِذَا كَانَ الْمُعْتَرَضُ حُرًّا أَوْ هُوَ مُقِرٌّ بِاعْتِرَاضِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ أَصْلًا، فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً لِعِلَاجِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا، وَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، فَإِذَا مَرَّتْ سَنَةٌ فَإِنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا كَانَ أَجَلُهُ سَنَةً لِتَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ؛ فَإِنَّ الدَّوَاءَ رُبَّمَا أَثَّرَ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ، وَإِذَا قَامَتْ زَوْجَةُ الْمُعْتَرَضِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَلَا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ الْآنَ بَلْ حَتَّى يَصِحَّ، فَإِذَا صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً ضُرِبَ الْأَجَلُ، فَلَوْ مَرِضَ ثَانِيًا فَلَا يُزَادُ لَهُ عَلَى أَجَلِهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَإِنْ مَرِضَ) ، أَيْ: بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَسَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ مَرَضُهُ جَمِيعَ السَّنَةِ أَوْ بَعْضَهَا. (ص) وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَرَضَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ أَصْلًا، وَهُوَ مُقِرٌّ بِاعْتِرَاضِهِ يُؤَجَّلُ نِصْفَ سَنَةٍ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِيَّةٍ كَالْمُدَبَّرِ وَنَحْوِهُ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَالْحُرِّ. (ص) وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا. (ش) أَيْ: وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ: لَا نَفَقَةَ لِامْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ فِي السَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ إِذَا عُزِلَ عَنْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا بِمَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى رَفْعِهِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَهَا النَّفَقَةُ كَامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالصَّدَاقِ إِذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ صَدَاقَهَا؛ إِذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا فَكَتَمَهُ، فَامْرَأَةُ الْمُعْتَرَضِ أَحْرَى فِي وُجُوبِهَا لَهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إِذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْغُرُورِ) ، أَيْ: لَا مِنْ بَابٍ خُلْفِ الظَّنِّ. (قَوْلُهُ: فِي حَلِّهِ) ، أَيْ: حَلِّ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: " ابْنُ عَرَفَةَ " مَقُولُ الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: دُونَ بَيَانٍ) ، أَيْ: تَزَوَّجَتِ الْأَمَةُ الْحُرَّ وَلَمْ تُخْبِرْهُ بِأَنَّهَا أَمَةٌ، وَتَزَوَّجَتِ الْحُرَّةُ الْعَبْدَ وَلَمْ يُخْبِرْهَا بِأَنَّهُ عَبْدٌ. (قَوْلُهُ: غُرُورٌ) خَبَرُ " تَزْوِيجُ "، وَقَوْلُهُ: " وَاضِحٌ " خَبَرُ " قَوْلُ "، وَإِنَّمَا كَانَ وَاضِحًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ إِنَّمَا يَتَزَوَّجَانِ مَثَلَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ) ، وَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا لِغُرُورِهِ لِلذِّمِّيَّةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ ذِمِّيٌّ "؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ صَارِفَةٌ عَنْ ذَلِكَ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مُرْتَدًّا بِذَلِكَ لَمَا أَقَرَّ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَزَوَّجَ ... إِلَخْ) ، وَمِثْلُهُ: لَوْ تَزَوَّجَتِ الْأَمَةُ عَبْدًا تَظُنُّهُ حُرًّا. (قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يُغَرَّا) دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: "وَبِغَيْرِهَا إِنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ" ذَكَرَهُ تَوْضِيحًا. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ كَوْنِهَا أَرْبَعَةً ... إِلَخْ) إِذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ؛ تَعْلَمُ قُصُورَ مَا حَلَّ بِهِ سَابِقًا، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَيْهِ، إِلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْعَبْدَ غَرَّ الْأَمَةَ، وَالْمُسْلِمَ غَرَّ النَّصْرَانِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَأَجَلُ الْمُعْتَرَضِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُقَيِّدًا بِإِقْرَارِهِ، وَبِرَجَاءِ بُرْئِهِ وَعَدَمِ تَقَدُّمِ وَطْءٍ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: "سَنَةٌ "، أَيْ: قَمَرِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: قَدِيمًا) بِأَنْ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ: "أَوْ حَادِثًا" بِأَنْ كَانَ حَاصِلًا بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) هَذَا إِذَا تَرَافَعَا لِلْحَاكِمِ، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَتَرَافَعَا وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ، فَمِنْ يَوْمِ التَّرَاضِي بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ: الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ) : فَصْلُ الشِّتَاءِ، وَفَصْلُ الرَّبِيعِ، وَفَصْلُ الصَّيْفِ، وَفَصْلُ الْخَرِيفِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَأْتِي فِي الْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنَّفَ قَدْ قَالَ: "وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا". (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَرِضَ) ، سَوَاءٌ كَانَ يَقْدِرُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ عَلَى عِلَاجٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا) بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، أَيْ: لِأَنَّ تَحْدِيدَ مُدَّةِ النِّكَاحِ عَذَابٌ، وَالْعَبْدُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ، وَالْعِلَلُ الشَّرْعِيَّةُ أَمَارَاتٌ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِخِلَافِ الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا التَّعْلِيلِ وَبَيْنَ تَعْلِيلِهِ التَّأْجِيلَ فِي الْحُرِّ بِالسَّنَةِ بِمُرُورِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ ... إِلَخْ) ، وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّمَا اخْتَارَ عَدَمَهَا فِي امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ؛ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً أَوْ نِصْفَهَا، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَرَضَ عَلَى الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: إِذَا عُزِلَ عَنْهَا) ، أَيْ: إِذَا أُجِّلَ سَنَةً، وَعُزِلَ عَنْهَا، أَيْ: لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً، أَوْ نِصْفَهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: بِمَا) ، أَيْ: بِسَبَبِ جُنُونٍ لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى رَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَهَا النَّفَقَةُ ... إِلَخْ) ، أَيْ: لِامْرَأَةِ الْمَجْنُونِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ: وَيُتَلَوَّمُ لِلْمَجْنُونِ، وَيُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي زَمَنِ التَّلَوُّمِ، فَإِنْ بَرِئَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ زَوْجَةِ الْمَجْنُونِ وَالْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ وَالْمُعْتَرَضِ مُسْتَوٍ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِالدُّخُولِ أَوِ التَّمْكِينِ مَعَ الدُّعَاءِ لَهُ، فَإِنْ مَنَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، إِلَّا زَوْجَةَ الْمَجْنُونِ عَلَى غَيْرِ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِشِدَّةِ خَوْفِ ضَرَرِهَا. (قَوْلُهُ: إِذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: "كَامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ"، أَيْ: أَنَّ امْرَأَةَ الْمُعْسِرِ لَهَا النَّفَقَةُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ. (قَوْلُهُ: فَامْرَأَةُ الْمُعْتَرَضِ أَحْرَى) ، أَيْ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 لِإِرْسَالِهِ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ وَالْمُعْتَرَضِ؛ وَلِهَذَا وَهِمَ بَعْضُ الْمُؤَلِّفِ فِي قِيَاسِهِ. (ص) وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ. (ش) أَيْ: وَصُدِّقَ الْمُعْتَرَضُ إِنِ ادَّعَى فِي السَّنَةِ الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالِاعْتِرَاضِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ. (ش) هَذَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا، أَمَّا لَوِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ فَإِنْ نَكَلَ بَقِيَتْ زَوْجَةً إِلَى الْأَجَلِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ مِنْ حَقِّهِ، فَإِنْ حَلَفَ أَوْ وَطِئَ عِنْدَهُ بَطَلَ خِيَارُهَا، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِنْكَارِهِ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً، فَالْمُؤَلِّفُ خَلَطَ مَا بَعْدَ السَّنَةِ بِمَا قَبْلَهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ فِيمَا بَعْدَهَا، أَيْ: وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا، قَالَهُ س فِي تَقْرِيرِهِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ طَلَّقَهَا، وَإِلَّا فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ؟ قَوْلَانِ. (ش) يَعْنِي: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُعْتَرَضُ الْوَطْءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ، بَلْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ إِنِ اخْتَارَتْهُ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ فَوَاضِحٌ، وَلَهُ أَنْ يُوقِعَ مِنَ الطَّلَاقِ مَا شَاءَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُطَلِّقَ فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً؟ فَإِنْ زَادَ لَمْ يَلْزَمِ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، أَوْ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الزَّوْجَةَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَتُوقِعُهُ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِذَلِكَ، قَوْلَانِ. وَفَائِدَةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِمَا أَوْقَعَتْهُ الْمَرْأَةُ صَيْرُورَتُهُ بَائِنًا، وَإِلَّا كَانَ رَجْعِيًّا كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ. (ص) وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ. (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ رَضِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لَهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا، فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَا تَحْتَاجُ لِضَرْبِ أَجَلٍ بَعْدُ، وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا رَضِيتُ بِهِ، أَوْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ أَبَدًا، فَلَيْسَ لَهَا فِرَاقُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي النَّصِّ، انْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ: "أَمْ لَمْ يَرْضَ"، وَقُوَّةُ النَّصِّ تُعْطِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُجْذَمِ لَهَا الْقِيَامُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْ رِضَاهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِأَجَلٍ آخَرَ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الضَّرَرِ فِي فَرْعِ الْجُذَامِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُعْتَرَضُ. (ص) وَالصَّدَاق بَعْدَهَا. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إِذَا أُجِّلَ سَنَةً، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ، وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ بَعْدَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَطَالَ مُقَامُهُ مَعَهَا، وَتَلَذَّذَ بِهَا، وَأَخْلَقَ شُورَتَهَا أَبُو عِمْرَانَ، جَعَلَ مَالِكٌ الْحُجَّةَ فِي التَّكْمِيلِ: التَّلَذُّذُ، وَإِخْلَاقُ الشُّورَةِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى انْخَرَمَ أَحَدُهُمَا لَا تَكْمِيلَ، وَلَوْ طَلَّقَ الْمُعْتَرَضُ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَهَا النِّصْفُ كَمَا أَفْهَمَهُ الظَّرْفُ، وَاحْتَجَّ ابْنُ الْحَاجِبِ لِاسْتِحْقَاقِ امْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ الصَّدَاقَ بَعْدَ السَّنَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَجْبُوبِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ) ، ثُمَّ يُطَلِّقَانِ، وَالْجَامِعُ حُصُولُ انْتِفَاعِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَجْبُوبَ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى التَّلَذُّذِ، وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الْمُعْتَرَضِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْوَطْءِ التَّامِّ وَلَمْ يَحْصُلْ، وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَجْبُوبِ وَمَنْ مَعَهُ خُرِّجَتْ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُنَا: ثُمَّ يُطَلِّقَانِ، أَيْ: بِاخْتِيَارِهِمَا احْتِرَازًا مِمَّا إِذَا طُلِّقَ عَلَيْهِمَا لِعَيْبِهِمَا، فَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ، وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى وَلِيِّ ... إِلَخْ. (ص) وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إِنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ، فِيهَا قَوْلَانِ. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ   [حاشية العدوي] مِنِ امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ، وَقَوْلُهُ: "وَلِهَذَا"، أَيْ: قَوْلُنَا: لِإِرْسَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَهِمَ) ، أَيْ: غَلِطَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إِلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَوْنَ الْمُسْتَظْهِرِ الْمُصَنِّفَ خِلَافًا لِاصْطِلَاحِهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ يُشِيرُ لِغَيْرِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ يُصَحِّحُ أَوِ اسْتَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: هَذَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا) ، فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ لَمْ يُصَدَّقْ قَطْعًا، وَمَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا يُصَدَّقُ، لِابْنِ هَارُونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَإِنِ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِتَقْدِيمِهِ "فِيهَا" عَلَى "الْوَطْءِ"، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهَا مِنَ الْفِرَاقِ بِدَعْوَاهُ "الْآنَ". (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ ... إِلَخْ) ، لَمْ يَعْتَمِدْ عَجَّ ذَلِكَ، بَلِ اعْتَمَدَ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَوْلُهُ: "وَإِلَّا بَقِيَتْ إِلَخْ"، أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ بَقِيَتْ زَوْجَةً. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) صَادِقٌ بِمَا إِذَا صُدِّقَ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَمْرٍ هَابَهُ) ؛ بِأَنْ تَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي مِنْكِ، أَوْ: أَنَا طَالِقَةٌ مِنْكَ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) ، رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: صَيْرُورَتُهُ بَائِنًا) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ بَائِنٌ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، بَلْ الْحُكْمُ لِرَفْعِ خِلَافِ مَنْ لَا يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ ... إِلَخْ) ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بَائِنَةً. (قَوْلُهُ: بِلَا أَجَلٍ) ، أَيْ: بِلَا أَجَلٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ قَدْ تَقَدَّمَ ضَرْبُهُ، وَضُرِبَ أَوَّلًا، وَأَمَّا لَوْ رَضِيَتِ ابْتِدَاءً بِلَا تَقَدُّمِ ضَرْبِ أَجَلٍ، ثُمَّ قَامَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ: أَوْ لَمْ يَرْضَ) ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ رِضًا مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ. (قَوْلُهُ: بِأَجَلٍ آخَرَ) ، أَيْ: غَيْرُ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: "وَأَجَّلَ فِيهِ وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ ... إِلَخْ". (قَوْلُهُ: فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ) ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ لَهَا نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ) ، لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْإِمَامِ: أَنَّ الْمُكْثَ سَنَةً مَظِنَّةُ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ "فَظَاهِرُهُ ... إِلَخْ". (قَوْلُهُ: فَلَهَا النِّصْفُ) ، أَيْ: وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فِيمَا إِذَا رَضِيَ بِالْفِرَاقِ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَفِيمَا إِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ. (قَوْلُهُ: بِالْقِيَاسِ ... إِلَخْ) ، قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ بِعِيدٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْتُ مَا يُوَافِقُهُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَجْبُوبُ) وَأَوْلَى مِنْهُ الْخَصِيُّ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَجْبُوبِ) ، أَيْ: فَهِيَ مَسْأَلَةٌ سَمَاعِيَّةٌ فَمَا عَدَاهَا بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ، فَلَا يُخَرَّجُ عَلَيْهَا شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: قُطِعَ ذَكَرُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهُ هُوَ فَيُجْعَلُ الطَّلَاقُ قَطْعًا، وَلَهَا النِّصْفُ حِينَئِذٍ، وَانْظُرْ: لَوْ قَطَعَتْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 فَهَلْ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَيْثُ طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ؛ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ لَعَلَّهَا تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ مَالِكٍ، قَوْلَانِ. وَقِيلَ: لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وَتَكُونُ مُصِيبَةً بِهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَطْعَ ذَكَرِ الْمَوْلَى فِي الْأَجَلِ يُبْطِلُهُ، وَتُثْبَتُ الزَّوْجِيَّةُ، وَكَذَا مَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَكُنْ مُوَلِّيًا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: لَا بِكَاعْتِرَاضٍ. (ص) وَأُجِّلَتِ الرَّتْقَاءُ لِلدَّوَاءِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خِلْقَةً. (ش) يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَتَدَاوَى لِلرَّتَقِ، فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ لِذَلِكَ بِاجْتِهَادِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ لِعِلَاجِهَا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّتَقِ بِذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَةَ الْقَطْعِ عَلَى الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُمَكِنَ زَوْجَهَا، وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَأُجِّلَتِ الرَّتْقَاءُ لِلدَّوَاءِ وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ؛ حَيْثُ أَرَادَتِ التَّدَاوِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ خِلْقَةً أَوْ غَيْرَ خِلْقَةٍ، وَأَمَّا إِنِ امْتَنَعَتْ مِنْهُ وَطَلَبَهُ الزَّوْجُ فَلَا تُجْبِرُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خِلْقَةً، وَتُجْبِرُ عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا كَانَ غَيْرَ خِلْقَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَابْنِ غَازِيٍّ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّتَقِ، بَلْ غَيْرُهُ مِنْ دَاءِ الْفَرْجِ كَذَلِكَ، فَتُؤَجَّلُ فِيهِ لِلدَّوَاءِ وَلَا تُجْبِرُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خِلْقَةً، وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ انْظُرْهُ إِنْ شِئْتَ. (ص) وَجُسَّ عَلَى ثَوْبِ مُنْكِرِ الْجُبِّ وَنَحْوِهِ (ش) يعني أن المرأة إ>اادعت على زوجها أنه مجبوب أو خصي أو عنين أي ذو ذكر صغير وأكذبها فإنه يتوصل إلى معرفة ذلك بالجس على الثوب بظاهر اليد لا بباطنها لأن باطن اليد مظنة اللذة بذلك فلا يرتكب مع التمكن من العلم من ذلك بظاهر اليد (ص) وصدق في الاعتراض كالمرأة في دائها (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ مُعْتَرَضٌ وَأَكْذَبَهَا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ بِالْجَسِّ بَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ بِيَمِينٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ تت مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فِيهِ نَظَرٌ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهَا فِي نَفْيِ دَاءِ فَرْجِهَا مِنْ عَفَلٍ وَقَرْنٍ وَرَتَقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى زَوْجُهَا أَنَّ بِفَرْجِهَا ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا يَنْظُرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فَالْمُرَادُ بِالدَّاءِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِرِجَالٍ وَلَا بِنِسَاءٍ. أَمَّا مَا يَثْبُتُ بِالرِّجَالِ كَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالرِّجَالِ أَوْ كَانَ دَاخِلَ الثِّيَابِ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالنِّسَاءِ فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ اللَّازِمِ عَلَى جَوَابِ الْبِسَاطِيِّ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي تت. . (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ إلَخْ) وَأُجْرَةُ الْجَسِّ عَلَيْهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ عَلَى دَعْوَاهَا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَإِنْ اسْتَوَى النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ وَاللَّمْسُ فِي الْمَنْعِ وَالنَّظَرُ يُحَصِّلُ الْعِلْمَ الْقَوِيَّ دُونَ اللَّمْسِ إلَّا أَنَّ اللَّمْسَ أَخَفُّ وَيَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ مَظِنَّةَ اللَّذَّةِ أَيْ كَمَالَهَا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ تَحْصُلُ اللَّذَّةُ. (ص) أَوْ وُجُودُهُ حَالَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي عَيْبِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ بِمُدَّةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ فَالْخِيَارُ لِي فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفْيِ وُجُودِهِ حَالَ   [حاشية العدوي] هِيَ عَمْدًا، وَالظَّاهِرُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ) وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ شَهْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ خِلْقَةً) ، مُرَادُهُمْ بِالْخِلْقَةِ: مَا كَانَ أَصْلِيًّا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ حِينَ الْوِلَادَةِ، وَبِغَيْرِهَا: مَا كَانَ عَارِضًا بِسَبَبٍ كَمَا إِذَا أُخْفِضَتْ وَالْتَقَتْ فَخْذَاهَا فَالْتَحَمَ اللَّحْمُ، وَإِلَّا فَالْكُلُّ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمُحَشِّيِّ قَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ لَيْسَ هَذَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِي الْقَطْعِ ضَرَرٌ وَلَا عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنِ ادَّعَى إِلَيْهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ رِضَاهَا بِهِ وَقَبْلَ الْقَطْعِ لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَرِهَتْ فَطَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقَطْعِ ضَرَرٌ وَلَا عَيْبٌ بَعْدَهُ خُيِّرَتْ دُونَهُ، وَعَكْسُهُ خُيِّرَ دُونَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ وَبُعْدَهُ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ خُيِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ تَارَةً يُجْبِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى التَّدَاوِي، وَتَارَةً لَا يُجْبِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْآخَرَ، وَتَارَةً تُجْبِرُهُ فَقَطْ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ عَلَيْهَا فِيهِ ضَرَرٌ وَلَا عَيْبٌ مَعَهُ، وَتَارَةً يُجْبِرُهَا فَقَطْ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتْ لَا ضَرَرٌ عَلَيْهَا، وَيَحْصُلُ مَعَهُ الْعَيْبُ. (قَوْلُهُ: وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ) اعْتَمَدَهُ عَجَّ، وَأَقُولُ: تَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ظَاهِرٌ مَعْقُولٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشُّيُوخِ تَضْعِيفَهُ، كَمَا قَالَ: اللَّقَّانِيُّ، قَالَ عَجَّ: وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا يَقَعُ الْقَطْعُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَكَذَا عَدَمُهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ إلَخْ) يُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ بِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ إذَا صُدِّقَ فِي زَوَالِهِ بَعْدَ وُجُودِهِ فَأَوْلَى يُصَدَّقُ فِي نَفْيِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينهَا إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِي الصَّغِيرَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ اللَّازِمِ عَلَى جَوَابِ الْبِسَاطِيِّ) وَعِبَارَةُ تت وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحِ بِأَنَّ دَاءَهَا يُوهِمُ قَبُولَ قَوْلِهَا فِي الْبَرَصِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَجَابَ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ دَاءَ الْفَرْجِ قَسِيمُ بَقِيَّةِ الْعُيُوبِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى أَيْ قِسْمٌ مِنْ الْعُيُوبِ وَوَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي الْبَرَصِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاءَهَا الْمَعْهُودَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 الْعَقْدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (ص) أَوْ بَكَارَتِهَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَائِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي نَفْيِ دَائِهَا وَفِي وُجُودِ بَكَارَتِهَا أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الْمُقَدَّرِ أَيْ أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَزَالَ الزَّوْجُ الْبَكَارَةَ فَإِنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى النِّسَاءِ فَإِنْ شَهِدْنَ أَنَّ بِهَا أَثَرًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ دِينَتْ وَحَلَفَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا رُدَّتْ بِهِ دُونَ يَمِينٍ عَلَى الزَّوْجِ. وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ اهـ. (ص) وَحَلَفَتْ هِيَ أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً (ش) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَمِثْلُ السَّفِيهَةِ الصَّغِيرَةُ وَإِنَّمَا أَبْرَزَ الضَّمِيرَ الَّذِي لِلتَّأْكِيدِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ، إذْ قَوْلُهُ أَوْ أَبُوهَا عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي حَلَفَتْ أَيْ الْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنْ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ يَحْلِفَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ حَلَفَ أَبُوهَا هُنَا قُلْت لَمَّا كَانَ الْغُرْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ حَلَفَ لِرَدِّ الْغُرْمِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ يَغْرَمُ وَهُنَا لَا غُرْمَ عَلَيْهَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْأَبُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ يُقَالُ أُمِرَ الْأَبُ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ وَلِيَّتَهُ سَالِمَةٌ، وَأَيْضًا لَوْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا لَرُبَّمَا تَنْكُلُ فَيَسْقُطُ الْمَالُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْوَلِيَّ الْقَرِيبَ كَالْأَبِ فَمَحَلُّ الْيَمِينِ مَحَلُّ الْغُرْمِ. (ص) وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ (ش) رَاجِعٌ لِكُلِّ عَيْبٍ بِالْفَرْجِ وَلَا يُقْصَرُ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ أَيْ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ جَبْرًا عَلَيْهَا أَوْ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ قُبِلَتَا) أَيْ تَشْهَدَانِ لِلزَّوْجِ عَلَى مَا هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ كَالرَّتَقِ وَنَحْوِهِ قُبِلَتَا وَلَا يَكُونُ تَعَمُّدُهُمَا النَّظَرَ جُرْحَةً إمَّا لِعُذْرِهِمَا بِالْجَهْلِ أَوْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ أَوْ لَعَلَّ الْمَانِعَ مِنْ نَظَرِهِمَا حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ الِاطِّلَاعِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إلَخْ) رُجِّحَ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَعْتَمِدَ الزَّوْجُ عَلَى إخْبَارِ امْرَأَتَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ، وَالْأَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ كَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ بِيَمِينٍ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ اهـ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَلَهُمْ فِي الِاسْتِصْحَابِ الْمَعْكُوسِ اضْطِرَابٌ وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ هُنَا وَسَيَأْتِي اعْتِبَارُهُ فِي مَوَاضِعَ وَالِاسْتِصْحَابُ الْمَعْكُوسُ هُوَ انْسِحَابُ وُجُودِ الشَّيْءِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فِيمَا مَضَى حَتَّى يَنْتَهِيَ وَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَعْكُوسِ وَهُوَ الْمُسْتَقِيمُ فَهُوَ انْسِحَابُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَا يَقْطَعُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَكَارَتُهَا إلَخْ) عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ أَوْ أَرَادَ بِهَا الْعَذْرَاءَ أَوْ هُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الثُّيُوبَةَ يُرَدُّ بِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وتت. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَائِهَا) فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ فَهُوَ حِينَئِذٍ عَيْنُ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الْمُقَدَّرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ مِنْهُ لَا تَحْلِفُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَامَتْ بِمَا يُحَقِّقُ عَلَى أَنَّ الزِّنَا بِهَا وَقَعَ غَصْبًا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ زَادَ فِي ك لَكِنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ مِنْ نَظَرِ النِّسَاءِ لَهَا وَلَمْ يَمْشِ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاث) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ عج لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ أَنَّهَا تَحْلِفُ، وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَانْظُرْ الصَّغِيرَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الْعَقْدِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ أَخًا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا قَالَ فَجَعَلَ مَحَلَّ الْيَمِينِ مَحَلَّ الْغُرْمِ وَكَلَامُ اللَّقَانِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدِهِ) أَيْ إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَوْ السَّفِيهُ عَلَى إنْسَانٍ بِمَالٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: قُلْت لِأَنَّهُ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ يَغْرَمُ وَهُنَا لَا غُرْمَ عَلَيْهَا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْحَلِفِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ الْعَكْسُ فَيَقُولُ قُلْت لِأَنَّهُ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَيْ الْوَلِيُّ لَا يَغْرَمُ فَلِذَا أُمِرَ السَّفِيهُ بِالْحَلِفِ وَهُنَا يَغْرَمُ فَلِذَا يَحْلِفُ وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ فُجْلَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّ السَّفِيهَ يَحْلِفُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ حَلَفَ أَبُوهَا قِيلَ لَمَّا كَانَ الْغُرْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ حَلَفَ لِرَدِّ الْغُرْمِ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْأَبُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ) لَا يَخْفَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ حَلِفَهُ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِيَدْفَعَ الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا وُرُودَ لَهُ. (قَوْلُهُ: يُقَالُ أُمِرَ الْأَبُ بِالْحَلِفِ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ حَلَفَ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ بَلْ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مِمَّا يُقَوِّي الْإِشْكَالَ وَهُوَ أَنَّ حَلِفَهُ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ الَّذِي هُوَ الزَّوْجَةُ. (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّ الْيَمِينِ مَحَلُّ الْغُرْمِ) أَيْ فَالْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْيَمِينُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْغُرْمُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: جَبْرًا عَلَيْهَا أَوْ ابْتِدَاءً) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ قَالَ فِي ك عَنْ تَقْرِيرِ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا إذَا أَتَى الزَّوْجُ بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا تُصَدَّقُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ وَقَوْلُهُ إمَّا لِعُذْرِهِمَا أَوْ إنَّ جِنَايَةَ النَّظَرِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَارْتِكَابَ الصَّغَائِرِ لَا يَكُونُ جُرْحَةً إلَّا إذَا كَانَتْ مِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ. (قَوْلُهُ: قُبِلَتَا) إنَّمَا قُبِلَتَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَالًا فَهِيَ تَئُولُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا سُقُوطَ الصَّدَاقِ عَنْ الزَّوْجِ قَالَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ إلَخْ) بَلْ يَقُولُ سَحْنُونَ تُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَنْظُرَهَا النِّسَاءُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَعَلَّ الْمَانِعَ إلَخْ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَعَلَّ الْمَانِعَ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي بَحْثِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ رَضِيَتْ. (قُلْت) أُجِيبَ بِحَمْلِ مَا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِنَفْعٍ شَرْعِيٍّ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِثْلُهُ الطَّبِيبُ اهـ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 عَلَى عَوْرَتِهَا، وَالْغَالِبُ إنَّمَا يَكُونُ نَظَرُهُمَا لَهَا بِتَمْكِينِهَا (ص) وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ وَكَتَمَ فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ وُجُودَ الثُّيُوبَةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَثِيبَتْ بِنِكَاحٍ وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَإِنْ ثِيبَتْ بِوَثْبَةٍ أَوْ بِزِنًا أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَكَارَةِ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ تَرَدُّدٌ هَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ وَكَتَمَهُ عَنْ الزَّوْجِ الْمُشْتَرِطِ لِلْبَكَارَةِ فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقَالَ أَشْهَبُ لَا رَدَّ وَمَفْهُومُ بِلَا وَطْءٍ أَنَّهَا لَوْ ثِيبَتْ مِنْ نِكَاحٍ أَحْرَوِيٍّ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ ذَلِكَ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُوجِبُ الرَّدَّ وَمَا لَا يُوجِبُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّدِّ مِنْ أَمْرِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَقَالَ (ص) وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ إذَا ظَهَرَ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَرَدَّ السَّالِمُ ذَا الْعَيْبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا كَانَ بِالزَّوْجَةِ فَهِيَ غَارَّةٌ وَمُدَلِّسَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بِالزَّوْجِ فَجَاءَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهَا مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا فَالْمُؤَلِّفُ أَتَى بِعِبَارَةٍ تَشْمَلُ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ بِعَيْبٍ لَا يُوجِبُهُ إلَّا بِشَرْطٍ، وَحَصَلَ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الدُّخُولُ أَوْ الْخَلْوَةُ الَّتِي لَمْ يَقَعْ فِيهَا مُنَاكَرَةٌ (ص) كَغُرُورٍ بِحُرِّيَّةٍ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا غَرَّ صَاحِبَهُ بِالْحُرِّيَّةِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْغُرُورُ مِنْ رَقِيقٍ لِحُرٍّ أَوْ مِنْ رَقِيقٍ لِمِثْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَغُرَّ أَوْ عَلِمَ الْمَغْرُورُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَهُ، وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ الْغَارَّ إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجَةَ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْغَارُّ هُوَ الزَّوْجِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَمِثْلُ الْمَغْرُورِ بِالْحُرِّيَّةِ الْمَغْرُورُ بِالدِّينِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْلِمُ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ إلَّا أَنْ يُغَرَّا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي (ص) وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى (ش) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ بَعْدَ بِنَاءِ مَنْ يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهُ كَالْمَجْنُونِ وَالْأَبْرَصِ فَمَعَ عَيْبِ الزَّوْجِ يَجِبُ لَهَا الْمُسَمَّى لِتَدْلِيسِهِ، وَلَوْ قَالَ فَلِعَيْبِهِ الْمُسَمَّى وَلِعَيْبِهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ عِلَّةٌ لِلرَّدِّ وَقَوْلُنَا مَنْ يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهُ إلَخْ احْتِرَازًا مِنْ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ الَّذِي ذَكَرُهُ كَالزَّرِّ وَالْخَصِيِّ الْمَقْطُوعِ الذَّكَرِ فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ كَابْنٍ وَأَخٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجَةِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ جَمِيعَهُ بِالدُّخُولِ وَلَوْ بِكْرًا وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِجَمِيعِهِ عَلَى وَلِيِّهَا الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا كَابْنِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ خَفَاءُ الْعَيْبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا السَّفَرَ، وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى وَلِيِّهَا الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةَ الْعَقْدِ وَالْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي غَرَّهُ وَدَلَّسَ عَلَيْهِ (ص) لَا قِيمَةِ الْوَلَدِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِجَمِيعِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ النَّظَرَ إلَى عَوْرَتِهَا حَقٌّ لَهَا إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ ظَاهِرٌ فِي شُمُولِهِ لِرُؤْيَتِهَا، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ أَوْ قَهْرًا عَلَيْهَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْغَالِبَ إنَّمَا يَكُونُ نَظَرُهُمَا إلَيْهَا بِتَمْكِينِهَا . (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ فَلَا رَدَّ مُطْلَقًا وَإِنْ شَرَطَ الْعَذَارَةَ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَإِنْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ وَأُزِيلَتْ بِنِكَاحٍ فَلَهُ الرَّدُّ سَوَاءٌ عَلِمَ الْأَبُ أَمْ لَا وَبِغَيْرِ نِكَاحٍ مِنْ زِنًا أَوْ كَوَثْبَةٍ وَعَلِمَ الْأَبُ وَكَتَمَ فَالرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. (قَوْلُهُ: فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ) أَيْ وَرَجَعَ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْأَبِ وَعَلَى غَيْرِهِ الْمُتَوَلِّي الْعَقْدَ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى غَارِّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ [مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّدِّ مِنْ أَمْرِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ] . (قَوْلُهُ: وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ عج سَوَاءٌ حَصَلَ الرَّدُّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظٍ غَيْرِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَإِنْ رُدَّ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَكَذَلِكَ وَإِنْ رُدَّ بِطَلَاقٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: الدُّخُولُ) أَيْ الدُّخُولُ الْمَعْهُودُ عِنْدَ النَّاسِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْخَلْوَةُ أَيْ خَلْوَةُ زِيَارَةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: مُنَاكَرَةٌ) أَيْ مُنَاكَرَةُ الْوَطْءِ أَيْ بِأَنْ حَصَلَ فِيهَا اعْتِرَافٌ بِالْوَطْءِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْبِنَاءِ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَقَرَّرُ بِهِ التَّكْمِيلُ وَمِثْلُهُ إقَامَةُ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: كَغُرُورٍ بِحُرِّيَّةٍ) وَلَوْ وَقَعَ الْغُرُورُ مِنْ كُلٍّ بِحُرِّيَّةٍ يَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ رَقِيقٍ لِمِثْلِهِ . (قَوْلُهُ: فَمَعَ عَيْبِهِ) أَيْ فَمَعَ الرَّدِّ بِسَبَبِ عَيْبِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعَ وُجُودِ عَيْبِهِ فَقَطْ حَتَّى يَرِدَ أَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَتَرُدُّ هِيَ، وَلَوْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا الرَّدَّ فَعَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَمَّى دُونَهُ فَلَيْسَ لَهَا سِوَاهُ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَيْبَ عِلَّةٌ لِلرَّدِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَالْمُسَمَّى أَيْ فَالْمُسَمَّى إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْعَيْبِ أَيْ لِلرَّدِّ بِهِ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ بِجَمِيعِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ لِلزَّوْجَةِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَتُرَدُّ بِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَأَمَّا مَا تُرَدُّ فِيهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا كَمَنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ عَلَى أَنَّ لَهَا مِنْ الْجِهَازِ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ يُوجَدْ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ) هَذَا فِي عَيْبٍ يَظْهَرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَأَمَّا مَا لَا يَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ كَعَيْبِ الْفَرْجِ فَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ. (قَوْلُهُ: كَابْنٍ وَأَخٍ) وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ أَيْضًا بِالْمُؤَجَّلِ إنْ خَشِيَ فَلَسَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَغْرَمَاهُ لَهُ إلَّا بَعْدَ غُرْمِهِ لِلْمَرْأَةِ فَإِنْ زَوَّجَ مَنْ ذُكِرَ مَعَ وُجُودِ الْمُجْبِرِ بِإِذْنِهِ فَالْغُرْمُ عَلَى الْمُجْبِرِ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) إذَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكْرًا) بَالَغَ عَلَى الْبِكْرِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّ بَكَارَتَهَا مَعَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا السَّفَرَ) أَيْ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الزَّوْجَةِ) وَكَذَا لَوْ أَعْدَمَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبَ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 يَعْنِي إذَا غَرَّ الزَّوْجَ غَيْرُ السَّيِّدِ وَالْأَمَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ وَتَوَلَّى الْغَارُّ الْعَقْدَ فَعَلَى الزَّوْجِ الْمُسَمَّى وَقِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بِالْمُسَمَّى لَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْغَارَّ سَبَبُ إتْلَافِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ بِوَطْئِهِ سَبَبُ إتْلَافِ الْوَلَدِ فَهُوَ الْمُبَاشِرُ لِإِتْلَافِهِ وَالْغَارُّ سَبَبُ السَّبَبِ، وَكَمْ مِنْ وَطْءٍ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَلَدٌ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ أَمَّا لَوْ غَرَّتْهُ الْأَمَةُ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ. وَأَمَّا لَوْ غَرَّهُ مَنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ. وَأَمَّا لَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَهِيَ أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَعَلَيْهِ فِي الْجَمِيعِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَسَيَأْتِي تَتِمَّةُ ذَلِكَ، وَقِيَاسُ الْمُحَلَّلَةِ أَنْ لَا قِيمَةَ عَلَى الْمَغْرُورِ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ وَكَلَامُ عج مُخَالِفٌ لِهَذَا فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وَاعْتَمَدَ فِيهَا الرُّجُوعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (ص) وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ ثُمَّ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا إنْ أَخَذَهُ مِنْهُ لَا الْعَكْسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ الْقَرِيبَ إذَا زَوَّجَ وَلِيَّتَهُ وَهُمَا مَعًا كَاتِمَانِ الْعَيْبَ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً مَعَ الزَّوْجِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ ثُمَّ عَلِمَ الزَّوْجُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَارٌّ مُدَلِّسٌ لَكِنْ إنْ رَجَعَ الزَّوْجُ بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ رَجَعَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَإِنْ رَجَعَ الزَّوْجُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهَا غَارَّةٌ وَهِيَ الْمُبَاشِرَةُ لِلْإِتْلَافِ (ص) وَعَلَيْهَا فِي كَابْنِ الْعَمِّ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي حُكْمِ الْوَلِيِّ الْبَعِيدِ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ إذَا عَلِمَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ مَعِيبَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ وَيُتْرَكُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ لِئَلَّا يَعْرَى الْبُضْعُ عَنْ الصَّدَاقِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَرِيبَ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا وَالْمُرَادُ بِرُبْعِ الدِّينَارِ مَا يَحِلُّ بِهِ الْبُضْعُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَمَا يَقُومُ بِأَحَدِهِمَا. (ص) فَإِنْ عَلِمَ فَكَالْقَرِيبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ عَنْ الزَّوْجِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فَقَطْ إنْ كَانَتْ غَائِبَةً وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ. (ص) وَحَلَّفَهُ إنْ ادَّعَى عِلْمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى عَلَى الْوَلِيِّ الْبَعِيدِ كَابْنِ الْعَمِّ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَغَرَّهُ وَأَكْذَبَهُ الْآخَرُ وَأَنْكَرَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ حِينَئِذٍ أَنْ يُحَلِّفَ ذَلِكَ الْوَلِيَّ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّ الْوَلِيَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَغَرَّهُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا حَلَفَ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَى الْوَلِيِّ فَقَدْ اسْتَحَقَّ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ بِنُكُولِ الْوَلِيِّ وَحَلِفِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ غَرَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ غَرَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَلِفَ الزَّوْجِ بَعْدَ نُكُولِ الْوَلِيِّ إنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى دَعْوَى التَّحْقِيقِ. وَأَمَّا إذَا اتَّهَمَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْعَيْبِ وَأَنَّهُ غَرَّهُ فَهَلْ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَلِيِّ الْيَمِينُ أَيْضًا أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَالْغُرْمِ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ مِنْ الزَّوْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَاتِّهَامِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ كَتَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْوَلِيِّ بِاتِّهَامِ الزَّوْجِ لَهُ بِالْعِلْمِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَتَوَلَّى الْغَارُّ الْعَقْدَ) أَيْ وَقَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَلِيٌّ أَيْ أَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِشَيْءٍ. وَأَمَّا لَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ وَلَا مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي غَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ بِوَطْئِهِ إلَخْ) أَيْ فَالْوَطْءُ هُوَ سَبَبُ إتْلَافِ الْوَلَدِ أَيْ أَتْلَفَهُ عَلَى سَيِّدِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَ الْجَارِيَةِ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَالْغَارُّ سَبَبُ السَّبَبِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَارَّ سَبَبٌ فِي الْوَطْءِ وَالْوَطْءُ سَبَبٌ فِي إتْلَافِ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ هُوَ رُوحُ الْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ: وَكَمْ مِنْ وَطْءٍ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ لَكِنْ يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ قُدِّمَ الْمُبَاشِرُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبٌ فِي إتْلَافِ الْوَلَدِ فَالْمُنَاسِبُ غُرْمُهُمَا مَعًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ إتْلَافَ الْغَارِّ لِلْوَلَدِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ إذْ كَمْ مِنْ وَطْءٍ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَلَدٌ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَكَمْ مِنْ وَطْءٍ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ وَبَعْدُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ هَذَا وَجْهًا ثَانِيًا. (تَنْبِيهٌ) : اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَا قِيمَةِ الْوَلَدِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ فَكَانَ يَقُولُ عَقِبَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إنْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةٍ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ) حَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ غَرَّةُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا اللَّازِمُ لَهُ الْقِيمَةُ أَيْ قِيمَةُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ وَالْآخَرُ اللَّازِمُ رُبْعُ دِينَارٍ نَظَرًا لِصُورَةِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ تَوَلَّى الْعَقْدَ فَالْقِيمَةُ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ إلَخْ) فَالشَّيْخُ سَالِمٌ يَقُولُ بِأَنَّ الْفِقْهَ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَغْرُورَ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَلَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ حَيْثُ يَقُولُ وَلَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ قِيمَةُ وَلَدٍ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا قِيمَةَ عَلَى الْمَغْرُورِ) أَيْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمَةَ الْغَارَّةَ يَغْرَمُ الزَّوْجُ قِيمَةَ وَلَدِهَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ فِي غُرُورِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ السَّيِّدِ أَوْ غُرُورِهَا. . (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ مِنْهُ رُبْعُ دِينَارٍ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ أُخِذَ مِنْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَلِيُّ لِئَلَّا يُعَرَّى وَطْؤُهُ عَنْ صَدَاقٍ لَكِنْ الَّذِي فِي تت وَغَيْرِهِ أَنَّهُ حَيْثُ رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُعَرَّى الْبُضْعُ عَنْ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: كَاتِمَيْنِ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي زَوَّجَهَا وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ مَرْفُوعًا وَمِنْ الْمُتَّصِلِ الْبَارِزِ الْمَنْصُوبِ وَهُوَ صَحِيحٌ كَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ رَاكِبَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) تَتِمَّةٌ يُتْرَكُ لَهَا أَيْضًا رُبْعُ دِينَارٍ فِي الْغُرُورِ بِالْعِدَّةِ إنْ كَانَ مِنْهَا، وَأَمَّا مِنْ الْوَلِيِّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِكُلِّ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: فِي تَوَجُّهٍ) فِي بِمَعْنَى مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 إلَّا أَنَّ الصَّوَابَ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ إسْقَاطُ قَوْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ إذْ لَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ تَوَجُّهِهَا عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ تَبَاعَتُهُ عَنْ الْمَرْأَةِ لِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِ الْوَلِيِّ وَأَنَّهُ غَرَّهُ وَكَذَّبَهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْوَلِيُّ لَا تَبَاعَةَ لِلزَّوْجِ عَلَى أَحَدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَكَذَا لَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي عُسْرِ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ) الزَّوْجُ (عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ) مُعْتَرَضٌ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ يُعْرَفُ بِالْوُقُوفِ عَلَى الْأَنْقَالِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَصْوِيبُ ابْنِ غَازِيٍّ وَتَقْرِيرُ تت حَمْلٌ لِلْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ التَّبْصِرَةِ (ص) وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا غَرَّ الزَّوْجَ شَخْصٌ بِأَنْ قَالَ لَهُ هِيَ سَالِمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ أَوْ قَالَ لَهُ هِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا قَالَهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا. فَهَذَا الْغَارُّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَوَلَّى عُقْدَةَ النِّكَاحِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ وَالزَّوْجُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ لَمْ يَتَثَبَّتْ لِنَفْسِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْغَارُّ وَلِيًّا أَوْ أَجْنَبِيًّا لَكِنْ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا فَإِنْ كَانَ مُجْبِرًا رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُجْبِرٍ فَالرُّجُوعُ عَلَى مَنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ حَيْثُ عَلِمَ بِغُرُورِ الْوَلِيِّ وَسَكَتَ، وَإِنْ تَوَلَّى عُقْدَةَ النِّكَاحِ فَإِمَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ وَلِيٌّ أَوْ يَسْكُتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَعَلَى غَارٍّ إلَخْ، وَإِمَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ أَيْ خَاصٌّ وَإِنَّمَا يُوَلَّى عُقْدَةَ النِّكَاحِ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ أَوْ بِالْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ وَيُؤَدَّبُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ) أَيْ خَاصٍّ وَمِثْلُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ عَلِمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ. (ص) لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ (ش) فَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ وَالزَّوْجُ مُفَرِّطٌ، وَلَمَّا كَانَتْ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ أَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَخَرَجَ وَلَدُ الْأَمَةِ الْغَارَّةِ عَنْ ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ فَقَطْ حُرٌّ) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا غَرَّتْ الْحُرَّ فَقَالَتْ لَهُ إنِّي حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّ وَلَدَهُ يَكُونُ حُرًّا لَاحِقًا بِهِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الْوَلَدُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ مَسْأَلَتَانِ هَذِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ الَّتِي وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَاحْتُرِزَ بِالْحُرِّ الْمَغْرُورِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَغْرُورِ فَإِنَّ أَوْلَادَهُ مِنْ الْأَمَةِ يَكُونُونَ أَرِقَّاءَ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ) أَيْ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْوَلِيُّ لَا تَبَاعَةَ لِلزَّوْجِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ رَجَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الزَّوْجُ صَوَابُهُ فَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ رَجَعَ الزَّوْجُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّ الْوَلِيَّ غَرَّهُ عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ هَذَا هُوَ الَّذِي فِيهِ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي غَرَّهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي حَلِفِهِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَلَفَ الْوَلِيُّ أَوْ نَكَلَ الزَّوْجُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ لَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا الرُّجُوعُ فِي صُورَتَيْنِ عَلَى الْوَلِيِّ إحْدَاهُمَا أَنْ يَنْكُلَ وَالدَّعْوَى دَعْوَى اتِّهَامٍ يَغْرَمُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ بَعْدَ نُكُولِ الْوَلِيِّ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَيَغْرَمُ الْوَلِيُّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَصْوِيبُ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ) وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ اللَّخْمِيُّ هَكَذَا نَعَمْ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا وَجَدَ الْوَلِيَّ الْقَرِيبَ عَدِيمًا أَوْ حَلَفَ لَهُ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْفَرْعَيْنِ وَعَبَّرَ عَنْ اخْتِيَارِهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَصْوَبُ فِي السُّؤَالَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ فِي تَبْصِرَتِهِ تَجِدُهُ كَمَا ذَكَرْت لَك فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَوْ أَعْسَرَ الْقَرِيبُ أَوْ حَلَفَ الْبَعِيدُ رَجَعَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُخْتَارِ لَكَانَ جَيِّدًا انْتَهَى، وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ فِي الْفَرْعَيْنِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا فِيهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ التَّبْصِرَةِ) وَنَصُّ التَّبْصِرَةِ أَيْ تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ لَا يَدُلُّ لِمَا قَرَّرَهُ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَلَفْظُ تت فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ أَيْضًا رَجَعَ عَلَى الزَّوْجَةِ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ . (قَوْلُهُ: وَعَلَى غَارٍّ) وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ وَلَا يَتْرُكَ لَهُ رُبْعَ دِينَارٍ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُجْبِرًا إلَخْ) وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَالرُّجُوعُ عَلَى مَنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ) أَيْ وَيَكُونُ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى غَارِّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا مِنْ الْعَصَبَةِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ وَتَوَلَّى الْعَقْدَ أَجْنَبِيٌّ بِوَكَالَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغُرُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا تَوَلَّى الْعَقْدَ فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ كَوْنِهِ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَلِمَ بِغُرُورِ الْوَلِيِّ وَسَكَتَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ وَكَّلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِغُرُورِ الْوَلِيِّ فَهَلْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَاقِدِ وَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخْبِرَ) فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَعَ تَوَلِّيهِ الْعَقْدَ وَلَوْ عَلِمَ وَغَرَّ وَلَا عَلَيْهَا مَا لَمْ يَقُلْ أَنَا أَضْمَنُ لَك أَنَّهَا غَيْرُ سَوْدَاءَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ) إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى خِلَافِ الْوَصْفِ قَبْلَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَقِيَ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَإِنْ شَاءَ فَارَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ) وَيَتَأَكَّدُ أَدَبُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أَضْمَنُ لَك كَذَا فَيَرْجِعَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِمَا زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا إذَا لَمْ يَجِدْهَا عَلَى مَا ضَمِنَ وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ) مِنْ أَمَةٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا. (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ) وَإِذَا أَرَادَ إمْسَاكَهَا فلْيَسْتَبْرِئُهَا لِيُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ الْوَلَدُ فِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 الْحُرِّ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُمْ وَصُورَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ عَقَدَ لِلْأَمَةِ شَخْصٌ وَكَّلَهُ سَيِّدُهَا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا فَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّهَا حُرَّةٌ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ حَتَّى لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ غُرْمٌ، وَالْحَالُ أَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي أَنْ يَقُولَ إنَّهَا حُرَّةٌ وَلَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَعَلَى الزَّوْجِ قِيمَةُ الْأَمَةِ. (ص) وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ الْمَغْرُورَ يَلْزَمُهُ لِتِلْكَ الْأَمَةِ الْغَارَّةِ إذَا فَارَقَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ؛ إذْ مِنْ حُجَّةِ الزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ قَدْ رَضِيَتْ بِهِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرِضَاهَا بِهِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا صَدَاقُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَدْفَعْ الْمُسَمَّى إلَّا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَقِيلَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا وَأَنْكَرَ، وَقِيلَ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ كَالْحُرَّةِ الْغَارَّةِ كَمَا مَرَّ. وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْأَمَةَ الْغَارَّةَ قَدْ حَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ يَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَى السَّيِّدِ فَلَزِمَ الْأَقَلُّ، بِخِلَافِ الْحُرَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهَا إلَّا رُبْعُ دِينَارٍ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِنَا إنَّ الْأَمَةَ إذَا غَرَّتْ الْحُرَّ إلَخْ أَنَّ الْغَارَّ هِيَ أَمَّا لَوْ غَرَّهُ غَيْرُهَا فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُنَا إذَا فَارَقَهَا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَمْسَكَهَا فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ إمْسَاكُهَا بِشَرْطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَعَدَمِ الطَّوْلِ وَإِذْنِ سَيِّدِهَا لَهَا فِي اسْتِخْلَافِ مَنْ يُزَوِّجُهَا سَوَاءٌ عَيَّنَهُ أَوْ لَا، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي النِّكَاحِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الِاسْتِخْلَافِ فُسِخَ أَبَدًا . (ص) وَقِيمَةُ الْوَلَدِ دُونَ مَالِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحُرَّ الْمَغْرُورَ يَغْرَمُ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ قِيمَةَ أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ أَمْسَكَ أَوْ فَارَقَ وَلَا يَغْرَمُ الْأَبُ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ إنَّمَا يَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ فَقَطْ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ حَيًّا لَا يَوْمَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ سَبَبُهُ مَنْعُ السَّيِّدِ مِنْ الْوَلَدِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ يَوْمِ الْحُكْمِ سَقَطَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي فَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ حَامِلًا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ اتِّفَاقًا. (ص) إلَّا لِكَجَدَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ غُرْمِ الْقِيمَةِ عَلَى الْحُرِّ الْمَغْرُورِ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ فَإِنْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الْأَبِ الْمَغْرُورِ حِينَئِذٍ لِقِيمَةِ وَلَدِهِ، كَمَا لَوْ غَرَّتْ الْوَلَدَ أَمَةُ أَبِيهِ أَوْ أَمَةُ جَدِّهِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ أَمَةٌ أُمِّهِ بِالْحُرِّيَّةِ فَتَزَوَّجَهَا ظَانًّا حُرِّيَّتَهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرِقِّهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ عَلَى جَدِّهِ أَوْ عَلَى جَدَّتِهِ وَلَا قِيمَةَ فِيهِ. (ص) وَلَا وَلَاءَ لَهُ (ش) أَيْ وَلَا وَلَاءَ لِلْجَدِّ وَنَحْوِهِ عَلَى الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ بِالْأَصَالَةِ أَيْ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لَا أَنَّهُ عِتْقٌ بِالْمِلْكِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ الْوَلَاءُ وَفَائِدَةُ نَفْيِ الْوَلَاءِ عَنْ الْجَدِّ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُهُ بِالنَّسَبِ تَظْهَرُ لَوْ قِيلَ بِهِ فِي الْجَدِّ لِلْأُمِّ إذْ لَا يَرِثُ بِالنَّسَبِ. (ص) وَعَلَى الْغَرَرِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ أَيْ وَعَلَيْهِ أَيْ الْمَغْرُورِ قِيمَةُ وَلَدِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ فِي غَيْرِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَعَلَى الْغَرَرِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ فِي وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ الْغَارَّةِ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُ أُمِّهِ قَبْلَهُ فَيَكُونُ حُرًّا أَوْ احْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ سَيِّدِ أُمِّهِ فَيَكُونُ رَقِيقًا (ص) وَالْمُدَبَّرَةُ (ش) أَيْ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى الزَّوْجِ الْمَغْرُورِ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ عَلَى الْغَرَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ السَّيِّدِ فَيَكُونُ رَقِيقًا أَوْ بَعْدَهُ وَيَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَحُرٌّ أَوْ يَحْمِلُ بَعْضَهُ أَوْ لَا يَحْمِلُ مِنْهُ شَيْئًا فَيَرِقُّ   [حاشية العدوي] حُرٌّ وَفِيمَا بَعْدَهُ الْوَلَدُ فِيهِ رِقٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُمْ) أَيْ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ إنْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْغُرُورِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْغُرُورِ فَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْمُتَوَلِّي) أَيْ أَوْ الْأَمَةُ. (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي أَنْ يَقُولَ إلَخْ) زَادَ فِي ك فَهِيَ الْغَارَّةُ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ التَّقْرِيرَ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ وَسَكَتَتْ فَقَدْ غَرَّتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوَّلَ الْحَالِ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَارَّ الْأَمَةُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْغَارَّ الْمُتَوَلِّي فَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَالْجَوَابُ مَا عَلِمْت إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا اتَّفَقَ الْمُتَوَلِّي مَعَهَا فِي الْغُرُورِ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَوْ سَكَتَ يَغْرَمُ فَيَكُونُ غُرُورُهَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى غَارِّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ شَامِلًا لِصُورَتَيْنِ غَرَّ وَحْدُهُ أَوْ مَعَهَا أَوْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَصُورَةُ إلَخْ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ فَقَدْ تَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ وَأَنْكَرَ مَعْنَى الْعِبَارَةِ وَأَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ أَشْهَبُ وَقَالَ لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى وَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْكَارَ التَّأْوِيلِ بَلْ إنْكَارُ الْقَوْلِ ثُمَّ مُفَادُ غَيْرِهِ أَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ لَيْسَ هَذَا بَلْ إنَّمَا مُفَادُهُ أَنَّ الثَّانِيَ أَنَّ عَلَيْهِ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَلَمْ تُؤَوَّلْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أَمْسَكَهَا فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى) هَذَا إذَا كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْرُورُ رَقِيقًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْفَضْلِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ أَمْسَكَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ صَدَاقَ الْمِثْلِ فَهُوَ يُفَارِقُ الْحُرَّ. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِكَجَدَّةٍ) وَعَلَيْهِ فِي أَمَةِ الْجَدِّ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ غَرَّتْ الْوَلَدَ أَمَةُ أَبِيهِ) فَلَوْ غَرَّتْ أَمَةُ الِابْنِ وَالِدَهُ فَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا وَجَاءَتْ مِنْهُ بِوَلَدِهِ مَلَكَهَا بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَبِلَ بِهِ) أَيْ الْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْغَرَرِ) وَأَمَّا وَلَدُ الْمُبَعَّضَةِ فَبِمَنْزِلَتِهَا مُعْتَقُ بَعْضِهِ فَيَغْرَمُ الْأَبُ قِيمَةَ الْبَعْضِ الْقِنِّ يَوْمَ الْحُكْمِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ وَلَدِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ عَلَى الْغَرَرِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ عَلَى رَجَاءِ الْعِتْقِ بِالْبَقَاءِ إلَى الْأَجَلِ وَخَوْفِ مَوْتِهِمْ قَبْلَ انْقِضَائِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ احْتِمَالٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَهِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ يُقَوَّمُ قِيمَةَ عَبْدٍ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 مَا لَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ فَاحْتِمَالَاتُ الرِّقِّ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ. (ص) وَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ سَقَطَتْ عَائِدٌ عَلَى قِيمَةِ وَلَدِ الْغَارَّةِ، وَفِي مَوْتِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى مَوْتِ الْوَلَدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الْأَبِ الْمَغْرُورِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ يَوْمَ الْحُكْمِ وَصَرَّحَ بِهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَفْهُومِ شَرْطٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى مَوْتِ سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ سَيِّدَ أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ إذَا مَاتَ فَإِنَّ التَّقْوِيمَ يَسْقُطُ عَنْ الْأَبِ بِخُرُوجِ الْوَلَدِ لِلْحُرِّيَّةِ. (ص) وَالْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ إنْ قُتِلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلَدَ الْحُرِّ الْمَغْرُورِ إذَا قُتِلَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى أَبِيهِ بِقِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَبَاهُ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ، وَالدِّيَةُ تَشْمَلُ الْخَطَأَ وَصُلْحَ الْعَمْدِ فَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ وَالدِّيَةُ بِمَنْزِلَةِ عَيْنِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا فَلَوْ اقْتَصَّ الْأَبُ أَوْ هَرَبَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ أَدَّاهَا الْأَبُ مِنْ أَوَّلِ نُجُومِ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَفِ الْأَوَّلُ فَمِنْ الثَّانِي وَهَكَذَا، وَلَوْ أَتْلَفَ الْأَبُ الدِّيَةَ وَهُوَ عَدِيمٌ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهَا بِحُكْمٍ وَلَوْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَتِمَّةِ الْقِيمَةِ أَوْ الدِّيَةِ وَهَلْ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي إذَا عَفَا الْأَبُ قَوْلَانِ وَيَخْتَصُّ الْأَبُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ. (ص) أَوْ مَنْ غَرَّتْهُ أَوْ مَا نَقَصَهَا إنْ أَلْقَتْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ الْغَارَّةَ إذَا ضَرَبَ شَخْصٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ أَيْ خَرَجَ الْجَنِينُ كُلُّهُ مِنْهَا وَهِيَ حَيَّةٌ فَأَخَذَ الْأَبُ فِيهِ مِنْ الْجَانِي عُشْرَ دِيَةِ حُرَّةٍ نَقْدًا أَوْ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً تُسَاوِيهِ فَإِنَّ الْأَبَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْرَمَ لِلسَّيِّدِ الْأَقَلَّ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ الْغُرَّةِ أَوْ مِنْ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الضَّرْبِ فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ مَا نَقَصَهَا عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ لِلِاخْتِصَارِ إذْ لَا يُعْرَفُ هُنَا مَنْ قَالَ الْوَاجِبُ فِي جَنِينِ الْغَارَّةِ مَا نَقَصَهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ، أَمَّا إنْ خَرَجَ حَيًّا فَفِيهِ الدِّيَةُ وَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى قَوْلِهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ. (ص) كَجُرْحِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلَدَ الْغَارَّةِ إذَا جَرَحَهُ شَخْصٌ أَيْ جَنَى عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَصَالَحَ أَبُوهُ عَلَى ذَلِكَ الْجُرْحِ أَوْ أَخَذَ دِيَتَهُ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلسَّيِّدِ الْأَقَلَّ مِمَّا قَبَضَهُ مِنْ الْجَانِي وَمِمَّا بَيْنَ قِيمَةِ الْوَلَدِ صَحِيحًا أَوْ مَجْرُوحًا يَوْمَ جُرِحَ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ الْأَبُ إلَى السَّيِّدِ قِيمَةَ الْوَلَدِ نَاقِصًا. (ص) وَلِعَدَمِهِ تُؤْخَذُ مِنْ الِابْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا بِأَنْ مَاتَ أَوْ فَلِسَ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الِابْنِ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَاحْتِمَالَاتُ الرِّقِّ أَكْثَرُ) مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قِنًّا اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رِقًّا خَالِصًا فِي حَالَتَيْنِ وَحُرًّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رِقٌّ فَالرِّقُّ حَالَتَانِ وَنِصْفٌ وَالْحُرِّيَّةُ لَهُ حَالَةٌ وَنِصْفٌ فَاقْسِمْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَنْصَافٍ فَيَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ فَيَكُونُ لِاحْتِمَالِ الرِّقِّ عِشْرُونَ وَلِلْحُرِّيَّةِ اثْنَا عَشَرَ فَيَغْرَمُ عِشْرِينَ لِسَيِّدِ الْأُمِّ وَهَذَا تَقْرِيبٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَيْسَ بِمَفْهُومِ شَرْطٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ إنَّ عِلَّةَ التَّصْرِيحِ إمَّا لِقُوَّةِ الْخِلَافِ أَيْ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ الْمُخَالِفِ الَّذِي يَقُولُ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ أَشْهَبُ الْقَائِلُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ أُتْلِفَ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ يَوْمِ الْحُكْمِ لَمْ تَسْقُطْ قِيمَتُهُ أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَفْهُومِ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الِاقْتِصَاصَ أَوْ الْهُرُوبَ قَبْلَ يَوْمِ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَتْلَ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ فَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ اقْتِصَاصٍ أَوْ هُرُوبٍ يَكُونُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ تَعَذَّرَ الْحُكْمُ بِقِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهَا بِحُكْمٍ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا حَتَّى يَكُونَ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: بِالْأَقَلِّ مِنْ تَتِمَّةِ الْقِيمَةِ أَوْ الدِّيَةِ) الْمُنَاسِبُ الْوَاوُ مَثَلًا الدِّيَةُ أَلْفُ دِينَارٍ وَصَالَحَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْقِيمَةُ سِتُّمِائَةٍ مَثَلًا فَإِنَّ الْخَمْسَمِائَةِ يَأْخُذُهَا السَّيِّدُ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي بِمِائَةٍ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ الْقِيمَةِ فَتَتِمَّةُ الدِّيَةِ خَمْسُمِائَةٍ وَتَتِمَّةُ الْقِيمَةِ مِائَةٌ وَالْمِائَةُ أَقَلُّ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ اثْنَيْ عَشَرَ مِائَةً يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي بِخَمْسِمِائَةٍ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ الدِّيَةِ فَتَتِمَّةُ الْقِيمَةِ سَبْعُمِائَةٍ وَتَتِمَّةُ الدِّيَةِ خَمْسُمِائَةٍ وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ الدِّيَةِ أَقَلُّ مِنْ السَّبْعِمِائَةِ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ بِتَتِمَّةِ الدِّيَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا عَفَا الْأَبُ قَوْلَانِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَفَا الْأَبُ فَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي اتِّبَاعِ السَّيِّدِ الْجَانِي وَظَاهِرُ هَذَا الْخِلَافِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْعَفْوُ فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْعَمْدِ، وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ السَّيِّدُ الْجَانِيَ. (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ الْأَبُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ) وَكَذَا صُلْحُ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي إلَخْ) كَمَا إذَا وُجِدَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ عُشْرِ قِيمَةٍ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ إلَخْ) فَإِنَّهُ قَالَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا سَوَاءٌ غُرَّتْ أَمْ لَا فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إذْ لَا يُعْرَفُ هُنَا مَنْ قَالَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ غُرَّتِهِ أَوْ مَا نَقَصَهَا وَإِنْ كَانَ مَا نَقَصَهَا قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ. (قَوْلُهُ: قِيمَةُ الْوَلَدِ نَاقِصًا) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ مَثَلًا قِيمَتُهُ سَلِيمًا عِشْرُونَ وَنَاقِصًا عَشَرَةٌ فَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَجْرُوحًا عَشْرَةٌ فَيُنْظَرُ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْجَانِي وَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَغْرَمُهُ لِلسَّيِّدِ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ فَإِذَا كَانَ قَبَضَ مِنْ الْجَانِي خَمْسَةً فَيَدْفَعُهَا الْأَبُ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا فَإِذَا كَانَ قَبَضَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَغْرَمُ عَشَرَةً زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا فَالضَّابِطُ مَعَكَ أَنَّ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ يَغْرَمُهُ الْأَبُ لِلسَّيِّدِ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقِيمَةَ تُؤْخَذُ) هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 فِي مَعْنَى الْفِدَاءِ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى أَبِيهِ وَكَذَلِكَ الْأَبُ إذَا غَرِمَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى وَلَدِهِ وَيُحَاصِصُ بِهَا غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَجِنَايَتِهِ، وَدَلَّ قَوْلُهُ وَلِعَدَمِهِ إلَخْ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَلِيَّيْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْأَبِ فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ أَوَّلِهِمَا يَسَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الِابْنِ بِالْوَلَدِ لَكَانَ أَحْسَنَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَمَا عَبَّرَ بِهِ هُوَ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَلَدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ إلَّا قِسْطُهُ) الْمُرَتَّبُ عَلَى الْأَبِ أَيْ إذَا تَعَدَّدَ الْوَلَدُ وَكَانَ الْأَبُ مَعْدُومًا وَفِيهِمْ الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْوَلَدِ الْمُوسِرِ إلَّا قِسْطُهُ أَيْ قِيمَةُ نَفْسِهِ لَا قِيمَةُ مَنْ أَعْسَرَ مِنْ إخْوَتِهِ وَلَا مَنْ غَابَ مِنْهُمْ أَوْ مَاتَ فَلَيْسُوا كَالْحُمَلَاءِ يُؤْخَذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ . (ص) وَوَقَفَتْ قِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ أَدَّتْ رَجَعَتْ لِلْأَبِ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ غَرَّتْهُ الْأَمَةُ بِالْحُرِّيَّةِ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَثَبَتَ أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ فَإِنَّ أَوْلَادَهَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ، وَتُوضَعُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ فَإِنْ أَدَّتْ الْأُمُّ كِتَابَتَهَا خَرَجَتْ حُرَّةً وَتَرْجِعُ الْقِيمَةُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهَا عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا أَوْ عَنْ بَعْضِهَا رَجَعَتْ الْقِيمَةُ لِسَيِّدِهَا لِكَشْفِ الْغَيْبِ عَنْ رِقِّهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُقَوَّمْ وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى غُرُورِهِ كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ، بَلْ قُوِّمَ عَلَى أَنَّهُ رِقٌّ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلُ فِي الرِّقِّ مِنْهُمَا أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ . (ص) وَقُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ غُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْحُرَّ إذَا ادَّعَى عَلَى السَّيِّدِ أَوْ عَلَى الْأَمَةِ أَنَّهُمَا غَرَّاهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَكَذَّبَاهُ وَقَالَا بَلْ أَنْتِ عَلِمْتَ بِعَدَمِ الْحُرِّيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الشَّامِلِ. (ص) وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدِمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ السَّلِيمُ عَلَى عَيْبِ الْمَعِيبِ فَيَدْفَعُ الزَّوْجُ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا أَوْ نِصْفَهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَيَصِيرُ الْعَيْبُ كَالْعَدَمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا قِيَامَ لِوَرَثَةِ السَّلِيمِ عَلَى وَرَثَةِ الْمَعِيبِ وَلَا لِلْحَيِّ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَالْإِرْثُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا لِتَفْرِيطِ السَّلِيمِ فِي الْفَحْصِ عَنْ حَالِ الْمَعِيبِ وَبِالْمَوْتِ يُكْمَلُ الصَّدَاقُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ (ص) وَلِلْوَلِيِّ كَتْمُ الْعَمَى وَنَحْوِهِ (ش) أَيْ مَعَ عَدَمِ شَرْطِ الزَّوْجِ السَّلَامَةَ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلِذَا وَجَبَ فِيهِ تَبْيِينُ مَا يَكْرَهُهُ الْمُشْتَرِي. (ص) وَعَلَيْهِ كَتْمُ الْخَنَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ يَجِبُ عَلَيْهِ كَتْمُ الْفَوَاحِشِ عَنْ وَلِيَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ زِنًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْ الْخَنَى (ص) وَالْأَصَحُّ مَنْعُ الْأَجْذَمِ مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَدَّ بِهِ الْجُذَامُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهِنَّ حِينَئِذٍ وَالْمَنْعُ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَيْلُولَةُ، وَالْبَرَصُ بِمَنْزِلَةِ الْجُذَامِ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ كَمَا فِي الطُّرَرِ، وَالزَّوْجَةُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي الْأَمَةِ أَشَدُّ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّوْجَةِ (ص) وَلِلْعَرَبِيَّةِ رَدُّ الْمَوْلَى   [حاشية العدوي] بِنَاءً عَلَى أَنَّ نُسْخَةَ الْمَتْنِ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَالْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ أَيْ يُؤْخَذُ مَا لَزِمَ الْأَبَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ الْأَقَلُّ مِمَّا أُخِذَ وَمِمَّا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا عَنْ قِيمَتِهِ سَالِمًا. (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) كَانَ الِابْنَ أَوْ الْأَبَ وَقَوْلُهُ كَجِنَايَتِهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا جَنَى جِنَايَةً فِيهَا شَيْءٌ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِهِمَا يَسَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ) اُنْظُرْ الْمُقَابِلَ وَعِبَارَتُهُ كَعِبَارَةِ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ: أَيْ قِيمَةُ نَفْسِهِ) الْقِسْطُ يُطْلَقُ عَلَى الْمِقْدَارِ لُغَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْقِسْطِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْجَمِيعِ قِيمَةً وَاحِدَةً وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْطًا مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الْقِيمَةُ. . (قَوْلُهُ: رَجَعَتْ الْقِيمَةُ لِسَيِّدِهَا) سَوَاءٌ كَانَ هَذَا السَّيِّدُ هُوَ الَّذِي عَقَدَ الْكِتَابَةَ ابْتِدَاءً أَوْ آخَرُ اشْتَرَى كِتَابَةَ أَمَةٍ لِآخَرَ ثُمَّ عَجَزَتْ وَرُقَّتْ لِآخَرَ فَإِنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِلْمُشْتَرِي إنْ اشْتَرَطَ مَالَهَا أَوْ اُسْتُحِقَّ الْوَلَدُ لِغَيْرِ مَنْ كَاتَبَ أُمَّهُ تَبَعًا لِاسْتِحْقَاقِ أُمِّهِ مِنْ يَدِ مَنْ كَاتَبَهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا. (تَنْبِيهٌ) : بَقِيَ أَوْلَادُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ خِدْمَتِهِمْ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَجَلِ. . (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ غُرَّ) لِأَنَّهُ ادَّعَى الْغَالِبَ. . (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْحُرَّ) أَيْ الشَّامِلَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ كَمَا يُفِيدُ شَرْحُ الشَّامِلِ) وَنَظَرَ الْحَطَّابُ فِي الْيَمِينِ وَقِيلَ بِلَا يَمِينٍ وَانْظُرْ مَا أَرَادَ بِشَرْحِ الشَّامِلِ هَلْ هُوَ شَرْحُ السَّخَاوِيِّ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ اطَّلَعَ السَّلِيمُ عَلَى عَيْبِ الْمَعِيبِ) أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ وَهُوَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَيَّدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَا إذَا كَانَ مُوجِبَ الْخِيَارِ بِهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوجِبَ الْخِيَارِ بِهِ بِأَنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالرَّجُلِ فَلَيْسَ كَالْعَدَمِ بَلْ تَأْخُذُ مِنْهُ مَا دَفَعْت لَهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ يُفِيدُهُ مَا فِي الْخُلْعِ عَطْفًا عَلَى مَا يُرَدُّ فِيهِ الْمَالُ إلَيْهَا أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا،. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْإِطْلَاقِ وَمَشَى فِيمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَرَجَّحَ عج الْآتِي وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمَا هُنَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) لِأَنَّهُ جَعَلَ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: الْخَنَى) بِفَتْحَةٍ عَلَى الْخَاءِ فِي نُسْخَةٍ مَظْنُونٍ بِهَا الصِّحَّةُ مِنْ الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ) لَمْ يَرْتَضِهِ عج بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ السَّلَامَةَ وَجَبَ إعْلَامُهُ بِذَلِكَ . (قَوْلُهُ: إذَا اشْتَدَّ بِهِ الْجُذَامُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَقْيِيدِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَنْ اشْتَدَّ جُذَامُهُ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ وَنَظَرَ فِيهِ هَلْ الْمُرَادُ بِالشَّدِيدِ الْمُتَحَقَّقُ كَوْنُهُ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ لَا الْمُتَحَقَّقُ كَوْنُهُ جُذَامًا وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لِامْرَأَةِ الْمَجْذُومِ أَوْ الْأَبْرَصِ حَيْثُ مَنَعَتْ نَفْسَهَا خَوْفَ الْعَدْوَى. (قَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ الْمُرَادُ بِهِ الْحَيْلُولَةُ) وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِذَا وَجَدَهَا ابْنَةَ زِنًا فَلَا رَدَّ لَهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ فَلْيَرُدَّهَا فَإِنْ رَدَّهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى بِهَا وَإِنْ بَنَى بِهَا فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ فَإِنْ كَانَتْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 الْمُنْتَسِبِ لَا الْعَرَبِيِّ إلَّا الْقُرَشِيَّةَ تَتَزَوَّجُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَالَ لَهَا إنَّهُ مِنْ الْقَبِيلَةِ الْفُلَانِيَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ انْتَسَبَ إلَى فَخِذٍ مِنْ الْعَرَبِ فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا وَجَدَتْهُ غَيْرَ عَرَبِيٍّ أَيْ وَجَدَتْهُ مَوْلًى أَيْ عَتِيقًا لِقَوْمٍ مِنْ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا فِي رَدِّهِ وَعَدَمِهِ فَلَوْ وَجَدَتْهُ عَرَبِيًّا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقَبِيلَةِ الَّتِي انْتَسَبَ إلَيْهَا بَلْ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى أَدْنَى مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا. وَأَمَّا الْقُرَشِيَّةُ تَتَزَوَّجُ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ فَتَجِدُهُ عَرَبِيًّا لَا قُرَشِيًّا فَلَهَا أَنْ تَرُدَّهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ كَالْعَرَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي. وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيَّةِ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا رِقٌّ لِأَحَدٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ تَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا رَدُّ الْمَوْلَى مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْمَوْلَى وَالْأَقَلُّ جَاهًا وَغَيْرُ الشَّرِيفِ كُفْءٌ؛ لِأَنَّهُ هُنَا وَقَعَ غُرُورٌ وَيُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ الْمُنْتَسِبُ. وَلَمَّا أَنْهَى مَا أَرَادَهُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِلْخِيَارِ وَهُمَا الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَأَخَّرَهُ عَنْهُمَا لِضَعْفِ سَبَبِ الْفُرْقَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيهِمَا لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَفِي هَذَا لِلزَّوْجَةِ فَقَطْ؛ وَلِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ وَهَذَا مَدْخُولٌ عَلَيْهِ وَلِجَوَازِ النِّكَاحِ فِيهِ مَعَ الْعِلْمِ بِالرِّقِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ الْغُرُورِ فَقَالَ (فَصْلٌ) لِإِتْمَامِ الْكَلَامِ عَلَى أَسْبَابِ الْخِيَارِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَاطِفًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلِلْعَرَبِيَّةِ رَدُّ الْمَوْلَى بِقَوْلِهِ. (ص) وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا صَارَتْ حُرَّةً وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَبْقَى تَحْتَهُ وَلَهَا فِرَاقُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، سَوَاءٌ بَيَّنَتْ الْوَاحِدَةَ أَوْ أَبْهَمَتْهَا بِأَنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي فَقَطْ أَبُو عِمْرَانَ لَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ إذْ لَوْ مَلَكَ رَجْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا مَعْنًى وَلَهَا أَنْ تَقْضِيَ بِاثْنَتَيْنِ كَمَا هِيَ رِوَايَةُ الْأَقَلِّ لِلْمُدَوَّنَةِ وَرَجَعَ إلَيْهَا مَالِكٌ فَقَوْلُهُ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) إشَارَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَقَلِّ فَلَيْسَتْ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ. (ص) وَسَقَطَ صَدَاقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (ش) لَمَّا أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْفِرَاقِ فَشَمِلَ مَا كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَكَانَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّدَاقِ مُفْتَرِقًا أَشَارَ إلَيْهِ الْآنَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ نِصْفَ صَدَاقِهَا يَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَتُهُ الَّتِي صَارَتْ حُرَّةً فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، وَلَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا فَيَتْبَعُهَا إذَا عَتَقَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ أَخَذَهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي (ص) وَالْفِرَاقُ إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَكَانَ عَدِيمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَبَضَ صَدَاقَ أَمَتِهِ مِنْ الْعَبْدِ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَ أَمَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ السَّيِّدُ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ خِيَارٌ وَتَصِيرُ زَوْجَةً حُرَّةً تَحْتَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا قَبَضَ صَدَاقَهَا وَهُوَ عَدِيمٌ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ. فَلَوْ مُكِّنَتْ مِنْ الْخِيَارِ فَاخْتَارَتْ   [حاشية العدوي] هِيَ الْغَارَّةُ تَرَكَ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ وَرَدَّتْ مَا بَقِيَ وَاللُّغَيَّةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَحَكَى بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ فَتْحَ اللَّامِ وَكَسْرَ الْغَيْنِ بِنْتُ الزِّنَا . (قَوْلُهُ: لَا الْعَرَبِيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَفْهُومَ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَآخِرِهِ يَتَعَارَضَانِ فِي الْفَارِسِيِّ الْمُنْتَسِبِ لِلْعَرَبِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَفْهُومُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: إلَى فَخِذٍ مِنْ الْعَرَبِ) الْمُرَادُ بِهَا الْقَبِيلَةُ لَا خُصُوصُ الْفَخِذِ كَمَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى أَدْنَى إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ مَتَى وَجَدَتْهُ أَدْنَى مِمَّا انْتَسَبَ أَوْ اشْتَرَطَ فَالِانْتِسَابُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ سَوَاءٌ كَانَ أَدْنَى مِنْ قَبِيلَتِهَا أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا أَوْ أَعْلَى فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَلَا رَدَّ لَهَا إنْ وَجَدَتْهُ مِنْ قَبِيلَةٍ مُسَاوِيَةٍ لِمَا انْتَسَبَ أَوْ اشْتَرَطَ أَوْ أَعْلَى وَلَوْ كَانَ أَدْنَى مِنْ قَبِيلَتِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرَطُ الرَّجُلَ مِثْلُ مَا جَرَى إذَا كَانَ الْمُشْتَرَطُ الْمَرْأَةَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَرَبِيَّةَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَالْأَشْمَلُ الْفَارِسِيَّةُ [فَصْلٌ لِإِتْمَامِ الْكَلَامِ عَلَى أَسْبَابِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح] . (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْكُلِّ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ أَيْ مُجَوِّزٌ لِحُصُولِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغُرُورِ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْحُرَّ. (فَصْلٌ وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ) . (قَوْلُهُ: عَاطِفًا لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ الْفَصْلُ مِنْ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا) أَيْ بِتَلَافِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بِأَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ جَمِيعَهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الرِّقِّ أَوْ بَاقِيَهَا إنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ عَتَقَتْ بِأَدَاءِ كِتَابَتِهَا أَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً وَعَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يَكْمُلْ عِتْقُهَا بِأَنْ صَارَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُعْتَقَةً لِأَجَلٍ أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَمَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ بِعَبْدٍ وَعَزَلَ عَنْهَا لِغَيْبَةٍ مَثَلًا فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَاءِ الْعَبْدِ بِحَيْضَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَطْءُ لَا يَجُوزُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فَقَطْ فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا فِرَاقُهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا السَّفِيهَةُ مَا لَمْ تُبَادِرْ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا، وَلَوْ رَضِيَتْ الصَّغِيرَةُ مَعَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنَ نَظَرٍ وَلَزِمَهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا أَنْ تَقْضِيَ بِاثْنَتَيْنِ) الْمَعْنَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِإِيقَاعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ هَذَا وَاسْتَبْعَدَ مُحَشِّي تت كَوْنَ أَوْ إشَارَةً لِلْخِلَافِ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ بَلْ هِيَ لِلتَّخْيِيرِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَتُهُ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِسَقَطَ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا قَبَضَ صَدَاقَهَا وَهُوَ عَدِيمٌ) لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ وَقْتَ قَبْضِ الصَّدَاقِ مَلِيئًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 نَفْسَهَا وَقَعَ الْفِرَاقُ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الْعِتْقِ فَيَجِبُ بَيْعُهَا فِي دَيْنِهِ فَصَارَ خِيَارُهَا يُؤَدِّي إلَى نَفْيِ الْعِتْقِ الْمُوجِبِ لِخِيَارِهَا وَمَا أَدَّى ثُبُوتُهُ إلَى نَفْيِهِ انْتَفَى، فَقَوْلُهُ وَالْفِرَاقُ عَطْفٌ عَلَى صَدَاقِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَيْدٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ جَرَيَانُهُ فِي الْمَعْطُوفِ أَيْ وَسَقَطَ اخْتِيَارُ الْفِرَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ أَيْ الصَّدَاقَ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهَا وَقَدْ كَانَ عَدِيمًا حِينَ عِتْقِهِ، فَجُمْلَةُ وَكَانَ عَدِيمًا جُمْلَةٌ مَاضَوِيَّةٌ فَلِذَا قَدَّرْنَا قَدْ، أَمَّا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الصَّدَاقَ بِالْمَسِيسِ. (ص) وَبَعْدَهُ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ كَمَالِ عِتْقِهَا تَحْتَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ، وَيَكُونُ لَهَا إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ أَوْ يَشْتَرِطَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ كَمَا يَأْتِي (ص) كَمَا لَوْ رَضِيَتْ وَهِيَ مُفَوَّضَةٌ بِمَا فَرَضَهُ بَعْدَ عِتْقِهَا لَهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ لِلْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ زَوَّجَ أُمَّتَهُ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَهَا ثُمَّ فَرَضَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقًا وَرَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ وَذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْفَرِيضَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ الْعِتْقِ وَالسَّيِّدُ إنَّمَا لَهُ انْتِزَاعُ الْمَالِ الَّذِي مَلَكَتْهُ الْأَمَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَهَذَا إنَّمَا مَلَكَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ فَقَوْلُهُ بِمَا فَرَضَهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَضِيتْ وَقَوْلُهُ بَعْدَ عِتْقِهَا لَهَا مُتَعَلِّقٌ بِفَرَضَ فَهُوَ مَالٌ تَجَدَّدَ لَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا. (ص) إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ أَوْ يَشْتَرِطَهُ (ش) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَعْدَهُ لَهَا (ص) وَصُدِّقَتْ إنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ وَإِنْ بَعْدَ سَنَةٍ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ السَّيِّدَ نَجَّزَ عِتْقَ أَمَتِهِ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ وَسَكَتَتْ مُدَّةً وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُمَكِّنْهُ فِيهَا ثُمَّ طَلَبَتْ الْفِرَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ لَمْ أَرْضُ بِالْمُقَامِ مَعَهُ وَإِنَّمَا سَكَتّ لِأَنْظُرَ فِي نَفْسِي فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، فَقَوْلُهُ وَصُدِّقَتْ أَيْ فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِالْبَقَاءِ مَعَهُ وَأَنَّ سُكُوتَهَا لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ رِضًا وَإِنْ بَعْدَ سَنَةٍ أَيْ بَعْدَ الْوُقُوفِ كَمَا لَوْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ هَذِهِ الْمُدَّةَ جَهْلًا أَوْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سُقُوطَ خِيَارِهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجْرَاهُ عَلَى أَيْمَانِ التُّهْمَةِ لَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى. (ص) إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ أَوْ تُمَكِّنَهُ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا إلَخْ أَيْ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ خِيَارَهَا بِأَنْ تَقُولَ أَسْقَطَتْهُ أَوْ اخْتَرْت الْمُقَامَ مَعَهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا طَائِعَةً كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّمْكِينُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ تُمَكِّنُهُ مَا إذَا تَلَذَّذَتْ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا مَعَ مُحَاوَلَتِهِ لَهَا يَكُونُ مُسْقِطًا فَأَحْرَى إذَا تَلَذَّذَتْ بِهِ دُونَ مُحَاوَلَةٍ. (ص) وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ لَا الْعِتْقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَلِمَتْ بِعِتْقِهَا وَأَسْقَطَتْ   [حاشية العدوي] وَخُلَاصَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ عج وَالشَّيْخَ سَالِمًا يَقُولَانِ وَكَانَ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ وَالشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ يَقُولُ وَكَانَ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ وَاسْتَمَرَّ عَدَمُهُ وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا قَالَهُ عج وَالشَّيْخُ سَالِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَكَانَ عَدِيمًا حِينَ الْقِيَامِ وَإِنْ كَانَ حِينَ الْعِتْقِ مَلِيئًا بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْتَقَ وَهُوَ مَلِيءٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ سَابِقَةٌ وَكَانَ مُوسِرًا بِهَا حِينَ الْعِتْقِ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ أَرْبَابُهَا فِي حَالِ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى نَفْيِ الْعِتْقِ الْمُوجِبِ لِخِيَارِهَا) أَيْ وَإِذَا انْتَفَى الْعِتْقُ انْتَفَى الْخِيَارُ فَصَارَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ يُؤَدِّي لِنَفْيِ الْخِيَارِ فَاتَّضَحَ قَوْلُهُ: وَمَا أَدَّى ثُبُوتُهُ أَيْ وَالْخِيَارُ الَّذِي أَدَّى ثُبُوتُهُ إلَى نَفْيِهِ أَيْ نَفْيِ الْخِيَارِ بِنَفْيِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَفِيهِ الْحَذْفُ. (قَوْلُهُ: جُمْلَةٌ مَاضَوِيَّةٌ) أَيْ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا قَدَّرْنَا قَدْ) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهَا مَاضَوِيَّةً حَالِيَّةً. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ لَهَا) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَهَا وَلَوْ فِي نِكَاحِ تَفْوِيضٍ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُفَوَّضَةٌ.) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ فَاعِلِ رَضِيَتْ أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهَا مَنْكُوحَةً تَفْوِيضًا وَفِي قَوْلِهِ مُفَوَّضَةٌ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُفَوَّضَةً وَإِنَّمَا الْمُفَوَّضُ نِكَاحُهَا فَلَوْ بَنَى بِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ رَضِيَتْ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَرَضَهُ بَعْدَ عِتْقِهَا) وَأَمَّا مَا فَرَضَهُ قَبْلَ عِتْقِهَا وَاشْتَرَطَهُ السَّيِّدُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا السَّيِّدُ قَبْلَ فَرْضِ الصَّدَاقِ ثُمَّ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَمْ يَكُنْ بَنَى بِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَصَدَاقُهَا لَهَا وَلَوْ اشْتَرَطَهُ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ) أَيْ قَبْلَ عِتْقِهَا مِنْ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهِ الِانْتِزَاعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِطَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَعْدَهُ لَهَا أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ لِنَفْسِهِ بَعْدَمَا مَلَكَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا، وَأَمَّا مَا مَلَكَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا فَلَا يُفِيدُهُ اشْتِرَاطُهُ فَظَهَرَ صُورَتَانِ اشْتَرَطَ مَا مَلَكَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَاشْتَرَطَ مَا مَلَكَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُفِيدُهُ فِي الثَّانِي وَيُفِيدُهُ فِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا مَا اشْتَرَطَهُ فِي حَالِ عِتْقِهِ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ وَفِيهِ جَرَى خِلَافٌ هَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ أَوْ النِّصْفَ أَوْ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ، أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ، الثَّانِي وَهُوَ لِلْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ تَحْلِفُ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجْرَاهُ عَلَى أَيْمَانِ التُّهْمَةِ أَيْ وَنَقَلَ أَنَّ بَعْضَهُمْ إلَخْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ بَلْ بِدُونِهِ أَيْ أَنَّ الزَّوْجَ اتَّهَمَهَا عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا حِينَ مَكَثَتْ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقَوْلُهُ أَجْرَاهُ عَلَى أَيْمَانِ التُّهْمَةِ أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ تَوَجُّهُهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ) وَلَوْ سَفِيهَةً وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إذَا كَانَ الْإِسْقَاطُ حِينَئِذٍ نَظَرًا لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهَا كَمَا تَقَدَّمَ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ) بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ أَوْ بِأَنَّ تَمْكِينَهَا طَائِعَةً مُسْقِطٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ الْحُكْمُ عِنْدَ النَّاسِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 خِيَارَهَا أَوْ مَكَّنَتْ زَوْجَهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا وَلَا قِيَامَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَتْ كُنْت أَجْهَلُ أَنَّ التَّمْكِينَ يُسْقِطُ خِيَارِي وَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ أَمَّا إنْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى خِيَارِهَا لِعُذْرِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِعِتْقِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ الزَّوْجُ إنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْعِتْقِ وَالْحُكْمُ كَوَطْئِهِ الْمُمَلَّكَةَ وَالْمُخَيَّرَةَ وَذَاتَ الشَّرْطِ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا الْعِلْمَ وَخَالَفَتْهُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ (ص) وَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِعِتْقِهَا حَتَّى وَطِئَهَا الْعَبْدُ ثُمَّ عَلِمَتْ بِذَلِكَ فَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهَا حِينَئِذٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمَا وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا وُطِئَتْ وَهِيَ حُرَّةٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى هُوَ الْأَكْثَرُ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ فَرِضَاهُ بِهِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَحْرَى وَإِنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى فَيَدْفَعُهُ لَهَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ قِيمَةُ بُضْعِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ لَهَا الْأَكْثَرَ سَوَاءٌ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِعِتْقِهَا أَمْ لَا كَمَا قَرَّرَهُ الْجِيزِيُّ هُنَا وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْغَارَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ مَعَ الْفِرَاقِ وَمَعَ الْإِمْسَاكِ لَهَا الْمُسَمَّى كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ غَارَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَهَذِهِ مَظْلُومَةٌ مَعْذُورَةٌ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهُ بِالْمَسِيسِ. (ص) أَوْ يُبَيِّنُهَا لَا بِرَجْعِيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ فَلَمْ تَخْتَرْ حَتَّى أَبَانَهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِزَوَالِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ إيقَاعَهَا الطَّلَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا مَحَلَّ لَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهَا وَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ الْفِرَاقَ لِتَسْقُطَ رَجْعَتُهُ وَيَلْحَقَهُ طَلَاقُهَا وَهُوَ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بَائِنَةٌ، وَقَوْلُهُ لَا بِرَجْعِيٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى التَّوَهُّمِ أَيْ تَوَهُّمِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ بِإِسْقَاطِهَا أَوْ تَمْكِينِهَا أَوْ بَيْنُونَتِهَا لَا بِرَجْعِيٍّ (ص) أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (ش) عَتَقَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ الْأَمَةُ فِرَاقَهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ خِيَارِهَا اتِّصَافُ زَوْجِهَا بِالرِّقِّ وَحَيْثُ زَالَ رِقُّهُ سَقَطَ خِيَارُهَا، وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا (ص) إلَّا لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ فِي حَالِ حَيْضِهَا وَمَنَعْنَاهَا مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي حَالِ حَيْضِهَا وَأَمَرْنَاهَا بِتَأْخِيرِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ حَيْضِهَا فَعَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ فَرَاغِ زَمَنِ حَيْضِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ بِالتَّأْخِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ عَتَقَ إلَخْ أَيْ فَإِنْ أَخَّرَتْ الْفِرَاقَ حَتَّى عَتَقَ سَقَطَ خِيَارُهَا إلَّا لِتَأْخِيرٍ لِأَجْلِ حَيْضٍ فَقَدْ اسْتَثْنَى تَأْخِيرًا مِنْ تَأْخِيرٍ. (ص) وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا وَدُخُولِهَا فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ فَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ زَوْجَهَا عَتَقَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا وَلَمْ تَكُنْ قَدْ عَلِمَتْ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا فَإِنَّهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَدُخُولِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَوَطْئِهِ الْمُمَلَّكَةَ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يُعَاقَبُ أَيْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ وَقَبْلَ عِلْمِ ذَاتِ الشَّرْطِ بِزَوَاجِهِ مَثَلًا كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ عِلْمِهَا بِالزَّوَاجِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا الْعِلْمَ وَخَالَفَتْهُ) بِأَنْ تَصَادَقَا عَلَى الْمَسِيسِ وَالطَّوْعِ وَاخْتَلَفَا فِي عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا هَذَا صُورَتُهُ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا الْإِصَابَةَ وَخَالَفَتْهُ فَإِنْ أَنْكَرَتْ الْخَلْوَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْمَسِيسِ وَادَّعَى الطَّوْعَ وَادَّعَتْ الْإِكْرَاهَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ وَأَمَّا لَوْ نَسِيَتْ الْعِتْقَ فَلَا تُعْذَرُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى إلَخْ) هَذَا إنْ كَانَ نِكَاحُهُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ وَجَبَ لَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرُ مِثْلِهَا اتِّفَاقًا قَالَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ صَدْرَ حَلِّهِ وَعِبَارَتَهُ فِي ك هَكَذَا وَمُفَادُ بَهْرَامَ تَرْجِيحُ هَذَا التَّعْمِيمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: مَعْذُورَةٌ) لَازِمٌ لِقَوْلِهِ مَظْلُومَةٌ. . (قَوْلُهُ: أَوْ يُبَيِّنُهَا) وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهَا لِحَيْضٍ فَقَوْلُهُ: الْآتِي إلَّا لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَبْنِهَا قَبْلَ ذَلِكَ. 1 - (قَوْلُهُ: أَوْ يُبَيِّنُهَا إلَخْ) إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَا بِرَجْعِيٍّ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ وُجُودِ الْعِصْمَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَخْتَرْ حَتَّى أَبَانَهَا) أَيْ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِطَلَاقِهَا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا وَلَا يَدْخُلُ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَسَقَطَ صَدَاقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ طَلَاقِهَا. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى التَّوَهُّمِ) أَيْ مَعَ التَّوَهُّمِ أَيْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ تُسْقِطَهُ مَعَ تَوَهُّمِ حَرْفِ الْجَرِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِعِتْقِهَا وَلَكِنَّ الْفَرْقَ الَّذِي ذُكِرَ بَيْنَ التَّأْخِيرِ لِلْحَيْضِ وَغَيْرِهِ رُبَّمَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعَالِمَةِ. (قَوْلُهُ: عَتَقَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي) أَيْ لَا بِالْمَصْدَرِ عَطْفٌ عَلَى بِرَجْعِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ . (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ) فَإِنْ أَوْقَعَتْ فِرَاقَهُ فِي الْحَيْضِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا صَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ سُقُوطِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَخَّرَتْ إلَخْ وَفِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ " مِنْ " مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ أَخَّرَتْ سَقَطَ خِيَارُهَا فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَّا فِي حَالَةِ التَّأْخِيرِ لِحَيْضٍ . (قَوْلُهُ: قَبْلَ عِلْمِهَا إلَخْ) وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ إنْ تَنَازَعَا فِيهِ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا فَالنَّصُّ لَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْعَكْسَ وَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ تت الْعُمُومُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ) بِأَنَّ الْأَوَّلَ عَتَقَ قَبْلَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 أَيْ وَقَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِهَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ تَفُوتُ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا أَوْ تَلَذُّذِهِ بِلَا عِلْمٍ (ص) وَلَهَا إنْ أَوْقَفَهَا تَأْخِيرٌ تَنْظُرُ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ فَأَوْقَفَهَا زَوْجُهَا بِحَضْرَةِ الْعِتْقِ وَقَالَ إمَّا أَنْ تَخْتَارِينِي أَيْ تَخْتَارِي الْمُقَامَ مَعِي أَوْ الْفِرَاقَ فَقَالَتْ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ وَأَسْتَشِيرَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُجَابُ لِذَلِكَ، وَالتَّأْخِيرُ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَمَا وَقَعَ لِلْمَازِرِيِّ فِي الْمُذَاكَرَاتِ مِنْ تَحْدِيدِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ تَنْظُرُ فِيهِ صِفَةُ تَأْخِيرٍ، ثُمَّ إنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ النِّكَاحِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الْخَامِسِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَأَخَّرَهُ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ (فَصْلٌ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ) (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّدَاقَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالِانْتِفَاعُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمَعْلُومِيَّة لَا خَمْرٌ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً وَلَا آبِقٌ وَثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى الْمُشَبَّهُ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْسَعُ مِنْ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى الشُّورَةِ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ رَقِيقٍ كَمَا يَأْتِي وَبَعْضُهُمْ كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ كَالثَّمَنِ أَيْ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ لَا فِي الْكَمِّ لِجَوَازِ دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ ثَمَنًا اهـ وَإِذَا سَقَطَ ذِكْرُ سِكَّةِ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَعْطَيْت السِّكَّةَ الْغَالِبَةَ يَوْمَ النِّكَاحِ فَإِنْ تَسَاوَتْ أُخِذَتْ مِنْ جَمِيعِهَا بِالسَّوِيَّةِ كَمُتَزَوِّجٍ بِرَقِيقٍ لَمْ يَذْكُرْ حُمْرَانًا وَلَا سُودَانًا وَفِي الْبَيْعِ يَفْسُدُ إنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ (ص) كَعَبْدٍ تَخْتَارُهُ هِيَ لَا هُوَ (ش) الْأَحْسَنُ تَفْرِيعُهُ بِالْفَاءِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَصُّهُ بَعْدَ مَا مَرَّ فَيَجُوزُ عَلَى عَبْدٍ تَخْتَارُهُ لَا يَخْتَارُهُ كَالْبَيْعِ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُخْتَارَةَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهَا تَأْخُذُ الْأَحْسَنَ فَلَا غَرَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ الْمُخْتَارَ وَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَعَبْدٍ إلَخْ تَمْثِيلٌ أَوْ تَشْبِيهٌ أَيْ أَنَّ هَذَا الْخَاصَّ مُشَبَّهٌ بِهَذَا الْعَامِّ أَيْ إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُشَبَّهَةٌ بِغَيْرِهَا مِنْ صُوَرِ الصَّدَاقِ الْمُسْتَوْفِي لِشُرُوطِ الثَّمَنِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ وَقَوْلُهُ كَعَبْدٍ أَيْ عَلَى عَبْدٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ يُرِيدُ وَهُوَ حَاضِرٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَصِفَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَفْظُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ وَإِلَّا فَسَدَ. (ص) وَضَمَانُهُ (ش) أَيْ أَنَّ ضَمَانَ الصَّدَاقِ إذَا ثَبَتَ هَلَاكُهُ كَضَمَانِ الْمَبِيعِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَيْعَ تَارَةً يَكُونُ صَحِيحًا وَتَارَةً يَكُونُ فَاسِدًا وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَضْمَنُ الصَّدَاقَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا تَضْمَنُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهَذَا مَا لَمْ يَحْصُلْ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي   [حاشية العدوي] وَأَنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهَا إنْ أَوْقَفَهَا إلَخْ) أَيْ الزَّوْجُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَضْرَةِ عِتْقِهَا وَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ زَمَنَهُ سَقَطَ خِيَارُهَا. (قَوْلُهُ: فِي الْمُذَاكَرَاتِ) كَأَنْ يَجْتَمِعُوا فِي وَلِيمَةٍ فَيَتَذَاكَرُوا فِي الْعِلْمِ [فَصْلٌ الصَّدَاقُ] . (فَصْلُ الصَّدَاقِ) . (قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الْخَامِسُ وَهُوَ الصَّدَاقُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الصِّدْقِ ضِدُّ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِمَا وَمَعْنَى كَوْنِهِ رُكْنًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْقَاطُهُ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَسْمِيَتُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ تَسْمِيَةٌ. (قَوْلُهُ: إثْبَاتًا) كَالطَّهَارَةِ وَالِانْتِفَاعِ وَقَوْلُهُ وَنَفْيًا أَيْ كَالْخَمْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِثْبَاتِ اشْتِرَاطُ النَّفْيِ. (قَوْلُهُ: وَثَمَرَةٌ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَالْمَعْلُومِيَّة. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّبْقِيَةِ) وَأَمَّا بَيْعُ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى الْقَطْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى الشُّورَةِ) أَيْ يَجُوزُ نِكَاحُ امْرَأَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا جِهَازَ بَيْتٍ كَمَا يَأْتِي تَصْوِيرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ رَقِيقٍ) كَأَنْ يَجْعَلَ لَهَا أَرْبَعَةً مِنْ الْأَرِقَّاءِ وَيُطْلِقُ. (قَوْلُهُ: أُعْطِيت السِّكَّةَ الْغَالِبَةَ) بِأَنْ يَجْعَلَ لَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَيُطْلِقَ وَكَانَ فِي الْبَلَدِ مَحْبُوبٌ وَمُحَمَّدِيٌّ وَإِبْرَاهِيمِيٌّ فَتُعْطَى الْعَشَرَةَ مِنْ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: كَمُتَزَوِّجٍ بِرَقِيقٍ لَمْ يَذْكُرْ حُمْرَانًا) تُعْطَى مِنْ الْأَغْلَبِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ جَمِيعِهَا بِالسَّوِيَّةِ وَأَرَادَ بِالسُّودَانِ مَا يَشْمَلُ الْحَبَشَ أَوْ أَرَادَ بِالْحُمْرِ مَا يَشْمَلُ الْحَبَشَ. (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الشِّرَاءَ عَلَى الْإِلْزَامِ عَلَى عَبْدٍ يَخْتَارُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ عَبِيدٍ مُعَيَّنَةٍ. (قَوْلُهُ: بِهَذَا الْعَامِّ) أَيْ الصَّدَاقِ وَقَوْلُهُ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ أَحَدِ الْمُتَغَايِرَيْنِ بِالْآخَرِ لَا مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ. (قَوْلُهُ: يُرِيدُ وَهُوَ حَاضِرٌ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُخْتَارُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا وَأَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْبَائِعِ وَالزَّوْجِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَارُ مِنْهُ مُتَعَدِّدًا وَمِثْلُ الْحُضُورِ غَيْبَةُ الْعَبْدِ الْمُخْتَارِ مِنْهُمْ إذَا وُصِفُوا. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا) أَيْ الَّذِي يَخْتَارُهُ مِنْ عَبِيدٍ غَائِبَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِمْ أَيْ وَصْفِ الْعَبِيدِ الَّذِينَ يَخْتَارُ مِنْهُمْ وَاحِدًا هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَالْوَاقِعُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ غَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا إذَا وُصِفَ لَكِنْ هَلْ إذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ غَائِبَةٌ وَوُصِفُوا فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدِ الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَةِ الْمُمَيِّزَةِ لِذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَ هَلَاكُهُ) أَيْ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: تَضْمَنُ الصَّدَاقَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ) أَيْ فَإِذَا تَلِفَ ذَلِكَ الصَّدَاقُ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ فَضَمَانُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَيْ فَيَضِيعُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَمَانُهُ إنْ ثَبَتَ هَلَاكُهُ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا إلَخْ فَإِذَا حَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضُ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَحَصَلَ تَلَفٌ فَمِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ الزَّوْجَةِ فَمَنْ ضَاعَ مِنْ يَدِهِ لَا يَغْرَمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 ص) وَتَلَفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَلَفَهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ كَالْمَبِيعِ عَلَى خِيَارٍ وَلَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَهُوَ قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إذَا ثَبَتَ هَلَاكُهُ فَيُحْمَلُ ضَمَانُهُ عَلَى صُورَةٍ وَتَلَفُهُ عَلَى صُورَةٍ حَتَّى يَتَغَايَرَا وَإِنْ كَانَ سَبَبَ ضَمَانِهِ تَلَفُهُ (ص) وَاسْتِحْقَاقُهُ (ش) أَيْ وَاسْتِحْقَاقُ الصَّدَاقِ مِنْ يَدِهَا جَمِيعِهِ يُوجِبُ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ، وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ أَوْ الْمَوْصُوفِ وَلَوْ مُقَوَّمًا (ص) وَتَعْيِيبُهُ (ش) أَيْ اطِّلَاعُ الزَّوْجَةِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي التَّمَاسُكِ بِهِ أَوْ رَدِّهِ وَتَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ (ص) أَوْ بَعْضِهِ (ش) بِالنَّصْبِ أَوْ بِالْجَرِّ مُرَاعَاةً لِمَحَلِّ الضَّمِيرِ أَوْ لِلَفْظِهِ فِي قَوْلِهِ وَتَعْيِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ فَمَحَلُّ الضَّمِيرِ نَصْبٌ وَلَفْظُهُ مَجْرُورٌ يَعْنِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الصَّدَاقِ أَوْ تَعْيِيبَ بَعْضِهِ مُسْتَوٍ فِيهِمَا قَالَ فِيهَا إنْ تَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ دَارِ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ فِيهِ ضَرَرٌ كَانَ لَهَا أَنْ تَرُدَّ بَقِيَّتَهَا وَتَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا أَوْ تَحْبِسَ مَا بَقِيَ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْهَا مِثْلُ الثُّلُثِ أَوْ الشَّيْءِ التَّافِهِ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ يُسْتَحَقُّ مِنْهُمَا جُزْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَلَهَا أَنْ تَرُدَّ بَقِيَّتَهُ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ جَمِيعِهِ أَوْ تَحْبِسَ مَا بَقِيَ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةَ رَقِيقٍ أَوْ جُمْلَةَ ثِيَابٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا فَمَحْمَلُ ذَلِكَ مَحْمَلُ الْبُيُوعِ فَمَتَى اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ الشَّيْءُ التَّافِهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ اسْتَوَى النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ فَيَلْزَمُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِ مَا اُسْتُحِقَّ وَيَسْتَوِيَانِ أَيْضًا إذَا اُسْتُحِقَّ الْكَثِيرُ أَوْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ فِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ   [حاشية العدوي] لِصَاحِبِهِ حِصَّتُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَحَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فَضَمَانُهُ مِنْ الَّذِي بِيَدِهِ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَمَنْ ضَاعَ مِنْ يَدِهِ يَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ مَا يَخُصُّهُ وَهَذَا فِي الصَّحِيحِ وَمِثْلُهُ الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ حَيْثُ وَجَبَ الْمُسَمَّى، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا تَضْمَنُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَا لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ وَيَجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى كَمَا تَقَدَّمَ بِأَنْ كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ وَيَجِبُ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِثْلَ الصَّحِيحِ الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا إنْ وَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَوْ كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا تَضْمَنُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ لَكِنَّ الضَّمَانَ فِي الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ مُسْتَمِرٌّ وَلَوْ قَامَتْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ وَفِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ الضَّمَانُ حَاصِلٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: كَالْمَبِيعِ عَلَى خِيَارٍ) خَبَرَانِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ مُرْتَبِطٌ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُشَبَّهِ وَقَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هَلَكَ بِيَدِهِ أَيْ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْمَبِيعِ عَلَى خِيَارٍ فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا ضَاعَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سَبَبَ ضَمَانِهِ تَلَفُهُ) أَيْ فَهُوَ بِدُونِ ذَلِكَ الْحَمْلِ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ) الْبَيْعُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا وَاسْتُحِقَّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مُقَوَّمًا الْوَاوُ لِلْحَالِ. . (قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَقَوْلُهُ أَوْ مِثْلَهُ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا وَلَوْ مُقَوَّمًا. (قَوْلُهُ: وَلَفْظُهُ مَجْرُورٌ) تَسَمُّحٌ بَلْ الضَّمِيرُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَفْعُولًا وَفِي مَحَلِّ جَرٍّ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُضَافًا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفٍ كَمَا جَرَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ إلَّا مَعَ إعَادَةِ الْخَافِضِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعُهُ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الصَّدَاقِ) وَمِثْلُهُ تَلَفُ بَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَلَا يُنَاسِبُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَعْنِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الصَّدَاقِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنْ اسْتِحْقَاقَ الْبَعْضِ أَوْ تَلَفَ الْبَعْضِ أَوْ تَعَيُّبَ الْبَعْضِ مُسْتَوٍ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَاعْلَمْ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَعْضِ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ وَكَذَلِكَ تَلَفُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِمَا إلَّا مُعَيَّنًا فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِعِوَضِ الصَّدَاقِ أَوْ بِعِوَضِ بَعْضِهِ وَكَانَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ أَوْ تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ لَا بِمَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: فِيهِ ضَرَرٌ) الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ مِثْلُ الثُّلُثِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ضَرَرٌ فِي كُلِّ حَالَةٍ، وَأَمَّا الثُّلُثُ فَدُونَ فَتَارَةً وَتَارَةً وَقَوْلُهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ صِفَةٌ لِمِثْلِ أَيْ مِثْلِ الثُّلُثِ وَأَدْنَى مِنْهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ جُزْءٌ قَلَّ أَيْ الَّذِي هُوَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ كَثُرَ وَهُوَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ مَا فَوْقَ الثُّلُثِ مُطْلَقًا أَيْ فِي كُلِّ حَالَةٍ أَوْ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ عِنْدَ وُجُودِ الضَّرَرِ بِالْفِعْلِ عَلَى الثُّلُثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْهَا مِثْلُ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ: فَمَحْمَلُ ذَلِكَ مَحْمَلُ الْبُيُوعِ) فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا كَثِيَابٍ مَثَلًا مُعَيَّنَةٍ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ السَّالِمِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْحَلَّتْ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ أَوْ تَعَيَّبَ أَكْثَرُهُ أَوْ تَلِفَ أَكْثَرُهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيُرْجَعُ بِالْمِثْلِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ، وَلَكِنَّ هَذَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَيْ فَوْقَ النِّصْفِ وَجَبَ رَدُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَمَتَى اُسْتُحِقَّ) هَذَا كَالْحَاصِلِ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْحَاصِلُ. (قَوْلُهُ: الشَّيْءُ التَّافِهُ) وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ. (قَوْلُهُ: إذَا اُسْتُحِقَّ الْكَثِيرُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وَالتَّمَاسُكِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ فِي أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ وَفِي النِّكَاحِ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بَعْضِهَا هَذَا حُكْمُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَيْ فَوْقَ النِّصْفِ وَجَبَ رَدُّ الْبَاقِي فِي الْبَيْعِ وَخُيِّرَتْ الْمَرْأَةُ فِي النِّكَاحِ فِي رَدِّ الْبَاقِي وَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ أَوْ التَّمَاسُكِ بِهِ وَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَيَفْتَرِقُ النِّكَاحُ مِنْ الْبَيْعِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتُحِقَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَفِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِالسِّلْعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَلَمْ تَفُتْ الْأُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (كَالْبَيْعِ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَضَمَانُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى تَسَامُحٍ فِي بَعْضِهَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ. (ص) وَإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ فَمِثْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ بِعَيْنِهَا حَاضِرَةٍ مُطَيَّنَةٍ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلزَّوْجَةِ بِمِثْلِ خَلِّهَا لَا بِقِيمَتِهِ، وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ كَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِمَهْرٍ فَوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَمِثْلُهُ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَفِي الْبَيْعِ يُفْسَخُ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَوْ تَزَوَّجَ بِقُلَّةِ خَمْرٍ فَإِذَا هِيَ خَلٌّ ثَبَتَ النِّكَاحُ إنْ رَضِيَاهُ أَيْ بِالْخَلِّ كَنَاكِحٍ عَلَى أَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ فَظَهَرَ انْقِضَاؤُهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ هِيَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَاةُ، وَإِنَّمَا ظَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ اللَّهِ بِهَا فَبَانَ خِلَافُهُ وَفِي الْأُولَى هِيَ تَقُولُ لَمْ أَشْتَرِ مِنْك خَلًّا إنْ كَرِهَتْ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَبِعْك خَلًّا إنْ كَرِهَ فَفُرِّقَ بَيْنَ الْعَقْدِ عَلَى مَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ وَبَيْنَ مَا يَعْتَقِدَانِ أَنْ حُرْمَتَهُ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَهُ (ص) وَجَازَ بِشُورَةٍ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ ثَمَنًا وَأَوْسَعُ مِنْ بَابِ النِّكَاحِ فِي الْغَرَرِ بَابُ الرَّهْنِ إذْ فِيهِ جَوَازُ رَهْنِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْجَنِينِ وَأَوْسَعُ مِنْ بَابِ الرَّهْنِ فِي الْغَرَرِ بَابُ الْخُلْعِ وَبَابُ الْهِبَةِ؛ إذْ يَجُوزُ فِيهِمَا هِبَةُ الْجَنِينِ وَأَنْ تُخَالِعَهُ عَلَى الْجَنِينِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ عَلَى الشُّورَةِ أَيْ عَلَى شُورَةِ بَيْتٍ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) أَوْ عَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْإِبِلِ فِي الذِّمَّةِ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْبَقَرِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْغَنَمِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الرَّقِيقِ كَذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الشَّجَرِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ وُصِفَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَالشَّجَرِ أَنَّ الشَّجَرَ فِي الذِّمَّةِ يَقْتَضِي وَصْفَهَا نَصًّا أَوْ عُرْفًا وَوَصْفُهَا يَسْتَدْعِي وَصْفَ مَكَانِهَا فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَنْعِ الصَّدَاقِ عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى وَصْفِ الْبِنَاءِ وَالْمَوْضِعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ. (ص) أَوْ صَدَاقِ مِثْلٍ (ش) يَعْنِي   [حاشية العدوي] أَيْ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ أَيْ وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ الَّذِي فِيهِ ضَرَرٌ وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ هَذَا فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا فِي الصَّدَاقِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ الثُّلُثَ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَأَخْذِ جَمِيعِ ثَمَنِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْكَثِيرِ كَالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا انْقَسَمَ أَمْ لَا اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ أَمْ لَا كَأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَنْقَسِمْ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ انْقَسَمَ أَوْ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَيَفْتَرِقَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ فَمَتَى اُسْتُحِقَّ وَقَوْلُهُ وَيَسْتَوِيَانِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْمُعَيَّنِ) كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا الْمُعَيَّنُ. (قَوْلُهُ: أَيْ فَوْقَ النِّصْفِ) وَأَمَّا النِّصْفُ فَيُخَيَّرُ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَزِمَ الْبَاقِي بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّصْفُ فَأَقَلَّ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرْضٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ وَقَوْلُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَلْ تَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَمِثْلِ الْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرِهِ إشَارَةٌ لِلْمَعْدُودِ، وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ أَقْسَامُ الْمِثْلِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْتَحَقَّ كُلُّ الْمِثْلِيِّ أَوْ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِالسِّلْعَةِ) أَيْ الْمُقَوَّمَتَانِ الْمُعَيَّنَتَانِ. وَأَمَّا الْمِثْلِيَّانِ الْمُعَيَّنَانِ إذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ وُجِدَ مَعِيبًا فَهَلْ الْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالسِّلْعَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُقَوَّمَ وَالْمِثْلِيَّ أَوْ غَيْرُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَيْعِ يُفْسَخُ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ وَقَدْ تَحَيَّرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَتَحَهَا فَلَا الْتِبَاسَ وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَكَأَنَّهُ مَا وَقَفَ عَلَى مَا فِي السَّمَاعِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ قِلَالِ الْخَلِّ إذَا كَانَ فَتْحُهَا يُفْسِدُهَا أَوْ رَأَيَاهَا فَظَنَّاهَا خَلًّا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُخَالِفُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي وَعَدَمُ حُرْمَةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَاهُ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ رِضًا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: كَنَاكِحٍ) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الثُّبُوتِ وَإِنْ اخْتَلَفَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فِي الْمُشَبَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِالْخَلِّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَيَثْبُتُ بِدُونِ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ كَالذَّاتِ الْمُشْتَرَاةِ بِالصَّدَاقِ أَوْ عِصْمَتِهَا وَقَوْلُهُ وَفِي الْأُولَى هِيَ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ خَمْرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ خَلٌّ. (قَوْلُهُ: بِشُورَةٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا جِهَازُ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: شُورَةِ بَيْتٍ) أَيْ جِهَازِ بَيْتٍ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا أَيْ إنْ كَانَ مَا يُشَاوَرُ بِهِ مَعْرُوفًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بَيْتًا مُعَيَّنًا . (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي وَصْفُهَا نَصًّا أَوْ عُرْفًا) أَمَّا النَّصُّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْعُرْفُ بِأَنْ اُعْتِيدَ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى شَجَرٍ يُغْرَسُ لَهَا فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ بِصِفَةِ كَذَا وَكَذَا. (قَوْلُهُ: فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ) أَيْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيهِ) ظَاهِرُهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ الْغَيْرِ وُصِفَ أَوْ لَا وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِكَوْنِهِ يُؤَدِّي إلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَصْدُقَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَقَوْلُهُ (وَلَهَا الْوَسَطُ حَالًّا) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ الشُّورَةُ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَتْ حَضَرِيَّةً فَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ شُورَةِ مِثْلِهَا فِي الْحَاضِرَةِ أَوْ بَدَوِيَّةً فَالْوَسَطُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَسَطِ إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ. (ص) وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ الرَّقِيقِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَدَدٍ مِنْ الرَّقِيقِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ صِنْفَهُ تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ كَبَرْبَرِيٍّ مَثَلًا، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَقِيلَ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الصِّنْفِ مِنْ الرَّقِيقِ وَتُعْطَى مِنْ الْوَسَطِ الْأَغْلَبِ إنْ كَانَ ثَمَّ أَغْلَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَغْلَبُ وَثَمَّ صِنْفَانِ أُعْطِيت مِنْ وَسَطِ كُلِّ صِنْفٍ نِصْفَهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَصْنَافُ ثَلَاثَةً أُعْطِيت مِنْ وَسَطِ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثَهُ وَهَكَذَا فَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ كَمَا مَرَّ لَا حَقِيقَةُ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجِنْسَ عَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَوْ عَدَدٌ مِنْ كَإِبِلٍ فَتَعْيِينُ الْجِنْسِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (ص) وَالْإِنَاثُ مِنْهُ إنْ أَطْلَقَ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْوَسَطِ أَيْ وَلِلْمَرْأَةِ الْإِنَاثُ خَاصَّةً مِنْ جِنْسِ الرَّقِيقِ إنْ أَطْلَقَ فِيهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِذُكُورٍ أَوْ إنَاثٍ قَالَ مَالِكٌ هُوَ شَأْنُ النَّاسِ فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلرَّقِيقِ فَلَا يُقْضَى بِالْإِنَاثِ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ وَلِغَيْرِهِ. (ص) وَلَا عُهْدَةَ (ش) أَيْ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ عُهْدَةٌ فِي رَقِيقِ النِّكَاحِ ثَلَاثَةً وَلَا سَنَةً كَمَا يَأْتِي مَعَ نَظَائِرَ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا عُهْدَةَ   [حاشية العدوي] السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ غَيْرَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَوُصِفَ يَكُونُ جَائِزًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّجَرَ إذَا وُصِفَ كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ حَضَرِيَّةً فَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ شُورَةِ مِثْلِهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى جِهَازِ بَيْتٍ وَكَانَتْ حَضَرِيَّةً فَيُجَهِّزُهَا جِهَازَ وَسَطٍ مِنْ جِهَازِ الْحَاضِرَةِ فَإِذَا كَانَ جِهَازُ الْحَاضِرَةِ مَعْرُوفًا عَلَى أَوْصَافٍ ثَلَاثَةٍ فَيَلْزَمُهُ الْوَسَطُ مِنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَاللَّازِمُ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْوَاحِدُ فَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَالْغَالِبُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَالظَّاهِرُ نِصْفُ كُلٍّ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ) قِيلَ وَسَطُ مَا يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَسْبِ الْبَلَدِ وَقِيلَ وَسَطٌ مِنْ الْأَسْنَانِ مِنْ كَسْبِ الْبَلَدِ وَرَجَّحَهُ ج د ع ج ثُمَّ وَسَطُ الْأَسْنَانِ يَكُونُ مِنْهُ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ وَالْمُتَوَسِّطُ فَيُرَاعَى الْوَسَطُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهَا وَسَطُ الْوَسَطِ مِنْ الْأَسْنَانِ لَا أَعْلَى الْوَسَطِ وَلَا أَدْنَاهُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْوَسَطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْمُرَادُ أَيْضًا الْوَسَطُ مِنْ السِّنِّ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ وَالْمُتَوَسِّطُ فَيُعْتَبَرُ الْمُتَوَسِّطُ فَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ بِيضٌ وَحَبَشٌ وَسُودٌ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَغْلَبِ ثُمَّ يُعْتَبَرُ الْوَسَطُ فِي السِّنِّ وَفِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَغْلَبَ فَيُؤْخَذُ مِنْ جَمِيعِهَا بِالسَّوِيَّةِ وَيُعْتَبَرُ السِّنُّ وَالْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ فَيُؤْخَذُ وَسَطُ الْوَسَطِ وَالْإِبِلِ إنْ كَانَتْ نَوْعًا وَاحِدًا فِي الْمَوْضِعِ كَبُخْتٍ أَوْ عِرَابٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ نَوْعَيْنِ كَبُخْتٍ وَعِرَابٍ فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي الرَّقِيقِ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعَيْنِ فَيُؤْخَذُ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ وَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ فِي السِّنِّ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ. (قَوْلُهُ: إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارٍ) أَيْ كَائِنٍ بِاعْتِبَارٍ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ إلَخْ) . (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّسَبَ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَامَتْ بِهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ وَيَرْغَبُ فِيهَا بِاعْتِبَارِهَا تَارَةً يَصْدُقُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَارَةً بِتِسْعِينَ وَتَارَةً بِثَمَانِينَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهَا تِسْعِينَ . (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَيْضًا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ بِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ آحَادِ الرَّقِيقِ وَأَصْنَافِهِ بِخِلَافِ أَصْنَافِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ) أَيْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ) الْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَيْ جِنْسِ الرَّقِيقِ مَثَلًا وَالرَّقِيقُ يَنْقَسِمُ إلَى بَرْبَرِيٍّ وَحَبَشِيٍّ وَتُرْكِيٍّ فَالْوَسَطُ الْحَبَشِيُّ ثُمَّ يُعْتَبَرُ الْوَسَطُ فِي السِّنِّ وَفِي الْجَوْدَةِ فَيَكُونُ لَهَا وَسَطُ الْوَسَطِ. (قَوْلُهُ: وَتُعْطَى مِنْ الْوَسَطِ الْأَغْلَبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَتُعْطَى مِنْ وَسَطِ الْأَغْلَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَمِنْ الْغَالِبِ. (تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّ إضَافَةَ الْمُصَنِّفِ الْجِنْسَ لِلرَّقِيقِ تُشْعِرُ بِجَوَازِهِ بِثَوْبِ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ صِفَتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ اخْتِلَافًا مِنْ جِنْسِ الرَّقِيقِ وَلَهَا الْوَسَطُ مِمَّا أُضِيفَ لَهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْأَغْلَبُ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ فَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ؛ لِأَنَّ النَّوْعَ أَقْرَبُ لِلْجِنْسِ مِنْ الصِّنْفِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ يَتَنَوَّعُ إلَى أَنْوَاعٍ وَالنَّوْعُ يُصَنَّفُ إلَى أَصْنَافٍ وَبَعْدُ فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمَنَاطِقَةِ لِأَنَّ الْجِنْسَ هُوَ الْحَيَوَانُ وَالْإِنْسَانُ وَالْفَرَسُ وَنَحْوُهُمَا أَنْوَاعٌ وَالرَّقِيقُ صِنْفٌ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي هُوَ الْإِنْسَانُ. (قَوْلُهُ: إذَا أَطْلَقَ فِيهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ) وَأَمَّا لَوْ قَيَّدَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: هُوَ شَأْنُ النَّاسِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ لَهَا الْإِنَاثُ شَأْنُ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ وَلِغَيْرِهِ) وَذَكَرَ مُحَشِّي تت أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي الرَّقِيقِ وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى الْعُرْفِ فَيُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ أَيْضًا وَنَصُّ الرِّوَايَةِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ نَكَحَتْ بِأَرْؤُسٍ اشْتَرَى لَهَا الْإِمَاءَ لَا الْعَبِيدَ وَلَيْسَ فِيهِ سُنَّةٌ إلَّا مَا جَرَى بِهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ.. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 فِيهَا مَعَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهَا مَا لَمْ تَشْتَرِطْهَا وَإِلَّا وَفَّى لَهَا بِهَا، وَأَمَّا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ دَرَكُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ الضَّمَانُ. (ص) وَإِلَى الدُّخُولِ إنْ عُلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ بَيْنَهُمَا يَدْفَعُهُ لَهَا عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الدُّخُولُ مَعْلُومًا عِنْدَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَالنِّيلِ عِنْدَ فَلَّاحِي مِصْرَ وَالرَّبِيعِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْأَلْبَانِ وَالْجُذَاذِ عِنْدَ أَرْبَابِ الثِّمَارِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (ص) أَوْ الْمَيْسَرَةِ إنْ كَانَ مَلِيئًا (ش) أَيْ وَجَازَ تَأْجِيلُ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى مَيْسَرَةِ الزَّوْجِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا أَيْ عِنْدَهُ أَمْتِعَةٌ يَرْصُدُ بِهَا الْأَسْوَاقَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ رِزْقُهُ يَأْتِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ بِهِ مَلِيئًا. (ص) وَعَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى هِبَةِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا أَوْ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا غَيْرُهُ (ص) أَوْ يُعْتِقَ أَبَاهَا عَنْهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ (ش) يُعْتِقُ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ جَوَازًا عَطْفًا عَلَى هِبَةٍ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ إذْ هُوَ فِي تَأْوِيلِ أَوْ عَلَى أَنْ يَهَبَ الزَّوْجُ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ أَوْ يُعْتِقَ أَبَا الزَّوْجَةِ عَنْهَا وَوَلَاؤُهُ لَهَا أَوْ يُعْتِقَ أَبَاهَا عَنْ نَفْسِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَجَازَ عِتْقُهُ وَيُقَدَّرُ دُخُولُ الْعَبْدِ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَمَا عَتَقَ إلَّا وَهُوَ عَلَى مِلْكِهَا، وَلَا مَفْهُومَ لِأَبِيهَا بَلْ كُلُّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا كَأَخِيهَا وَوَلَدِهَا كَذَلِكَ. (ص) وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ دَفْعُهُ لِلزَّوْجَةِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا عَرْضًا كَانَ أَوْ حَيَوَانًا نَاطِقًا أَوْ صَامِتًا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ أَمْ لَا كَانَ الزَّوْجُ بَالِغًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ بَيْعِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ تَسْلِيمِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ لِمَا يَلْحَقُ ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يُقْبَضُ لِإِمْكَانِ هَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (ص) وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وَإِنْ مَعِيبَةً مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَإِنَّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يَخْتَلِيَ بِهَا إلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا مِنْ أَصْلِهِ أَوْ حَلَّ عَلَيْهِ بِالنُّجُومِ وَكَذَلِكَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ تَمْكِينِ الزَّوْجِ بِهَا بَعْدَ اخْتِلَائِهِ بِهَا وَقَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا مَا حَلَّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَحِيحَةً أَوْ مَعِيبَةً أَيْ طَرَأَ بِهَا الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالرَّتَقِ وَالْجُنُونِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ كَانَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَرَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا؛ لِأَنَّهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَفَّى لَهَا بِهَا) فِي عب وشب اعْتِمَادُ خِلَافِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ هُنَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: دَرَكُ الْمَبِيعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالرَّاءِ فِيهَا الْفَتْحُ وَالسُّكُونُ أَيْ ضَمَانُ الْمَبِيعِ وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عُهْدَةَ الْإِسْلَامِ دَرَكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَيْبٍ) أَيْ مِنْ أَجْلِ وُجُودِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ الضَّمَانُ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَعَلَى كَلَامِهِمَا لَوْ وُجِدَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الرَّقِيقِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا لَا تَرْجِعُ بِهِ عَلَى زَوْجِهَا مَعَ أَنَّهَا تَرْجِعُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ إنَّ الْمَشْهُورَ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الدُّخُولِ مَعْلُومًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فُسِخَ النِّكَاحُ وَمُقَابِلُهُ مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ، قَالَ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْحَالِّ مَتَى شَاءَتْ أَخَذَتْهُ . (قَوْلُهُ: يَرْصُدُ بِهَا الْأَسْوَاقَ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْعَهَا مَجْهُولٌ زَمَنَهُ فَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِتِلْكَ الْأَمْتِعَةِ وَكَانَ الصَّدَاقُ حَالًّا بِاعْتِبَارِهَا. (قَوْلُهُ: مَا يَكُونُ بِهِ مَلِيئًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا يَكُونُ بِهِ مُوسِرًا فَحِينَئِذٍ الْمَلَاءُ غَيْرُ الْيُسْرِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَلِيئًا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّخْصِ عِنْدَهُ عُرُوضٌ وَأَمْتِعَةٌ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَيْسَرَةَ كَوْنُهُ عِنْدَهُ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَالْمَلَاءُ كَوْنُهُ عِنْدَهُ عُرُوضٌ مَثَلًا تُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَهْرَ لَهَا غَيْرُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهَا ثُمَّ وَهَبَتْهُ أَوْ صَدَقَتْهُ لِيَصِحَّ النِّكَاحُ فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِهِ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَنْ يَعْتِقُ) كَأَنَّ وَجْهَ التَّخْصِيصِ بِذَلِكَ دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ عِتْقَهُ عَنْهَا أَوْ عَنْهُ فَرْعٌ عَنْ تَمَلُّكِهَا لَهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فَدُفِعَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ كَذَلِكَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ . (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ) هَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ حَاضِرًا بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ وَسَيَأْتِي الْغَائِبُ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ كَخُرَاسَانَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ تَسْلِيمِهِ) هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْجِيلَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالتَّأْخِيرِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْحَقُّ لَهَا فِي تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَلَهَا التَّأْخِيرُ إذْ لَا مَحْظُورَ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهَا بِالْعَقْدِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَالَهُ مُحَشِّي تت وَذَكَرَ النَّقْلَ. (قَوْلُهُ: كَيْفَ يُقْبَضُ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَيْفَ هُنَا اسْتِفْهَامٌ عَنْ حَالِ الْقَبْضِ أَيْ صِفَةِ الْقَبْضِ مَعَ وُجُودِهِ غَيْرَ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ هَلَاكِهِ تُنَافِيهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يُقْبَضُ أَيْ لَا يَدْرِي جَوَابَ هَذَا السُّؤَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُهُ) لَيْسَ الْقَصْدُ التَّخْيِيرَ فِي الْمَنْعِ وَالتَّمْكِينِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ بَلْ يُكْرَهُ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ تُمَكِّنَهُ قَبْلَ قَبْضِ رُبْعِ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا شَيْءٍ كَانَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهَا لَهُ فِي الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَطِئَهَا لَمْ يُكْرَهْ لَهُ وَطْؤُهَا ثَانِيَةً قَبْلَ قَبْضِ رُبْعِ الدِّينَارِ وَلَا لَهَا مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعِيبَةً) بَلْ لَيْسَ لَهُ امْتِنَاعٌ مِنْ دَفْعِهِ وَلَوْ بَلَغَتْ حَدَّ السِّيَاقِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَطْءُ بَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ مَكَّنَتْ مِنْ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَنْعُ مِنْ الْوَطْءِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا إلَخْ) هَذَا يُؤْذِنُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 بَائِعَةٌ وَالْبَائِعُ لَهُ مَنْعُ سِلْعَتِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. (ص) وَالسَّفَرِ (ش) أَيْ وَلَهَا أَيْضًا الِامْتِنَاعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ إذَا طَلَبَهَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا مَنْعَ لَهَا مِنْهُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَعِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا وَعِنْدَ غَيْرِهِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ بِهَا إلَى بَلَدٍ لَا تَجْرِي الْأَحْكَامُ فِيهِ فَلَهَا الْمَنْعُ وَغَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) مِنْ الْمَهْرِ بِالْأَصَالَةِ أَوْ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) لَا بَعْدَ الْوَطْءِ إلَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى تَقْبِضَ مِنْهُ مَا حَلَّ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ الصَّدَاقُ مِنْ يَدِهَا فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ أَنْ تُمَكِّنَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ إلَيَّ أَنْ يُعْطِيَهَا بَدَلَ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا لِعُذْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ مَكَّنْت نَفْسِي عَلَى أَنْ يَدُومَ إلَى مَا دَفَعَ فَأَنَا أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا) إلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ، وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا مِنْ نَفْسِهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَأَوْلَى إنْ غَرَّهَا (ص) وَمَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا بَادَرَ مَعَ الْمُنَازَعَةِ أَوْ عَدَمِهَا بِدَفْعِ مَا فِي جِهَتِهِ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ بِتَسْلِيمِ مَا فِي جِهَتِهِ، فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تُجْبَرُ لَهُ عَلَى أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا، كَذَلِكَ لَوْ بَادَرَتْ الزَّوْجَةُ بِالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهَا وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ وَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَهُوَ بَالِغٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا فَقَوْلُهُ إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ أَيْ بَلَغَ الْحُلُمَ لَا إنْ أَطَاقَ الْوَطْءَ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُهُ وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا أَيْ بِلَا حَدِّ سِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاحْتِلَامُ فِيهَا كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ يَحْصُلُ بِهَا لِلرَّجُلِ كَمَالُ اللَّذَّةِ وَلَا يَحْصُلُ كَمَالُ اللَّذَّةِ إلَّا إذَا بَلَغَ الْحُلُمَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغٌ وَلَا إطَاقَةٌ. (ص) وَتُمْهَلُ سَنَةً إنْ اشْتَرَطَتْ لِتَغْرُبَةٍ أَوْ صِغَرٍ وَإِلَّا بَطَلَ لَا أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اشْتَرَطَ أَهْلُ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ لَا يُمَكِّنُوهُ مِنْهَا إلَّا إذَا مَضَى سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَوْ بَادَرَ الزَّوْجُ بِدَفْعِ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ أَهْلُ الزَّوْجَةِ شَرَطُوا ذَلِكَ لِأَجْلِ صِغَرِ الزَّوْجَةِ أَوْ لِأَجْلِ تَغْرُبَةِ الزَّوْجِ بِهَا عَنْ أَهْلِهَا وَالْمُرَادُ بِالصِّغَرِ هُنَا غَيْرُ الْمَانِعِ لِلْجِمَاعِ. وَأَمَّا الْمَانِعُ لِلْجِمَاعِ فَسَيَأْتِي فَإِنْ شَرَطُوا عَلَى الزَّوْجِ سَنَةً لَا لِأَجْلِ تَغْرُبَةٍ وَلَا لِصِغَرٍ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، فَإِنْ شَرَطُوا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِتَغْرُبَةٍ أَوْ صِغَرٍ بَطَلَ جَمِيعُ مَا اُشْتُرِطَ لَا الزَّائِدُ فَقَطْ فَقَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَنَةً (ص) وَلِلْمَرَضِ وَالصِّغَرِ الْمَانِعَيْنِ لِلْجِمَاعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا كَانَتْ مَرِيضَةً مَرَضًا لَا تُطِيقُ مَعَهُ الْجِمَاعَ أَوْ صَغِيرَةً صِغَرًا لَا تُطِيقُ مَعَهُ الْجِمَاعَ وَطَلَبَ الزَّوْجُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُمْهَلُ وُجُوبًا إلَى زَوَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُمَكَّنُ الزَّوْجُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ   [حاشية العدوي] بِتَخْيِيرِهَا فِي ذَلِكَ وَقَدْ قُلْنَا لَيْسَتْ مُخَيَّرَةً بَلْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ فَإِذَنْ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا أَيْضًا الِامْتِنَاعُ مِنْ السَّفَرِ إلَخْ) أَيْ حَتَّى تَقْبِضَ مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ إلَخْ) هَذَا قَوْلٌ. (قَوْلُهُ: لَا مَنْعَ لَهَا) أَيْ مِنْ السَّفَرِ بَعْدَ الْوَطْءِ أَيْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا هَذَا قَوْلٌ ثَانٍ لَا إنْ مَكَّنَتْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ أَفَادَ هَذَا عب فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ يَقُولُ لَا مَنْعَ لَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ وَمُفَادُ عج تَرْجِيحُهُ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ غَيْرِهِ) هَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَغَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الدُّخُولُ وَالْوَطْءُ بَعْدَهُ وَالسَّفَرُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ إلَخْ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْوَطْءِ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَطْءِ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ إذْ التَّمْكِينُ مِنْهُ مُسْقِطٌ لِحَقِّهَا فَلَوْ قَالَ لَا بَعْدَ التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ لَفُهِمَ مِنْهُ مَسْأَلَةُ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يَطَؤُهَا وَهُوَ قُصُورٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا مَنْعَ لَهَا مِنْ وَطْءٍ ثَانٍ وَلَا مِنْ السَّفَرِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا مَنْعَ لَهَا مِنْهُ بَعْدَ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا مِنْ نَفْسِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ هُنَا فِي الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَإِنْ غَرَّهَا وَثَانِيهِمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَغُرَّهَا أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ غَرَّهَا) كَمَا إذَا سَرَقَ شَيْئًا وَجَعَلَهُ لَهَا صَدَاقَهَا أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَجَعَلَهُ لَهَا صَدَاقَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ) طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا وَقَوْلُهُ وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا طَالِبَةً أَوْ مَطْلُوبَةً وَكَذَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا لِمَرَضٍ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ فَإِنْ بَلَغَتْ حَدَّ السِّيَاقِ لَا تُجْبَرُ كَالَّتِي لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّ بُلُوغَ الزَّوْجِ الْقُدْرَةَ عَلَى الْوَطْءِ كَافٍ كَالْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: وَتُمْهَلُ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَالَّتِي بَعْدَهَا. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا أَكْثَرَ) مُحْتَرَزُ سَنَةٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَتُمْهَلُ سَنَةً فَقَطْ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ لَا أَكْثَرَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطُوا إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرَضِ وَالصِّغَرِ) الْحَاصِلَيْنِ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَتُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِمَا وَإِنْ زَادَ عَلَى سَنَةٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ مَرَضٌ بَلَغَتْ مَعَهُ حَدَّ السِّيَاقِ وَمَرَضُهُ الْبَالِغُ حَدُّهُ كَمَرَضِهَا هَذَا مُفَادُ عب إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فِي أَنَّ الْحُكْمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ، وَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهَا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا.. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 الْحَالَةِ. (ص) وَقَدْرُ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهَا أَمْرَهَا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تُمْهَلُ أَيْضًا زَمَنًا بِقَدْرِ مَا يَتَجَهَّزُ فِيهِ مِثْلُهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجَةِ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ الزَّمَنِ الْمُقَدَّرِ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلَةَ يُرِيدُ لَيْلَةً قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَقَيَّدْنَا الْحَلِفَ بِمَا إذَا كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَيْ وَكَانَ الْأَبُ قَدْ مَطَلَ الزَّوْجَ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ وَالْمُؤَلِّفُ أَطْلَقَ كَالْبُرْزُلِيِّ وَاسْتَظْهَرَ الْإِطْلَاقَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ ق مُعَلِّلًا لَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ وَلَوْ لَمْ يَمْطُلْ الْأَبُ الزَّوْجَ بِالدُّخُولِ وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْوَلِيُّ. (ص) لَا لِحَيْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تُمْهَلُ لِأَجْلِ حَيْضِهَا بَلْ يُمَكَّنُ الزَّوْجُ مِنْ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَمْتِعُ بِهَا بِدُونِ الْوَطْءِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أُجِّلَ لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَالَبَتْهُ زَوْجَتُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا بِحَالِّ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ فَادَّعَى الْعَدَمَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ الْحَاكِمُ لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْوَجْهِ وَإِلَّا سُجِنَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلَا يُكَلَّفُ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا بِالْعَقْدِ، وَلَوْ قَالَ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ وَلَا فَسْخَ، وَأَشَارَ إلَى قَدْرِ مُدَّةِ تَأْجِيلِهِ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِقَوْلِهِ (ثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ) سِتَّةٌ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ ثَلَاثَةٌ وَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْيَوْمُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْأَجَلُ ثُمَّ إنَّهُ إنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ فِي الْأَسَابِيعِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ صَدَّقَتْهُ فِيهِ أَعْذَرَ الْقَاضِي لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَانِعٌ وَإِلَّا حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ مِنْ عَدَمِهِ (ثُمَّ تُلُوِّمَ) لَهُ (بِالنَّظَرِ) ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ قَالَهُ ح ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فِي الْأَسَابِيعِ فَلَمْ يُصَرِّحُوا بِحُكْمِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ انْتَهَى، وَقَوْلُنَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَقَدْرُ مَا يُهَيِّئُ إلَخْ) وَكَذَا يُمْهَلُ هُوَ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهُ أَمْرَهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْحَالَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) وَأَمَّا حَلِفُ الزَّوْجَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ حَلَفَتْ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَمَعْنَى جَبَرَهُ لَهَا إذَا بَادَرَتْ جَبَرَهُ بِدَفْعِ حَالِّ الصَّدَاقِ لَا عَلَى الدُّخُولِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مخ أَنَّهُمَا إذَا حَلَفَا مَعًا أَنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُعْتَبَرُ حَلِفُهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهَا مُقَدَّمٌ فَيَحْنَثُ الزَّوْجُ. فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُخَالَفَةُ لِقَوْلِ عج حَلِفُ الْمَرْأَةِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ حَلَفَتْ فَقَطْ أَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَقَالَ شَيْخُنَا مخ يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ عج وَحَلِفُ الْمَرْأَةِ إلَخْ فِيمَا إذَا حَلَفَتْ هِيَ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ تَعَارَضَا بِأَنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ فَكَمَا قَالَهُ مخ مِنْ خَطِّ شَيْخِ شُيُوخِنَا أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ وَعِبَارَةُ ك وَحَلِفُ الْمَرْأَةِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَغَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَتْ هِيَ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ حَتَّى تُهَيِّئَ أَمْرَهَا فَيَنْبَغِي تَحْنِيثُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا حَلَفَتْ عَلَى حَقِّهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْضًا صَاحِبَ حَقٍّ لَكِنَّ حَقَّهَا أَصْلِيٌّ اهـ بِلَفْظِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَكَانَ الْأَبُ قَدْ مَطَلَ الزَّوْجَ) أَيْ بِأَنْ تَكَاسَلَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي التَّهْيِئَةِ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ الْعَقْدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْحَلِفَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ فَلَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْحَلِفُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ فَلَا يَتَأَتَّى مَطْلٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَلِّفُ أَطْلَقَ) أَيْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ حَصَلَ مَطْلٌ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي فِي الِاعْتِمَادِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نُصُوصُهُمْ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْوَلِيُّ) لَا خُصُوصُ الْأَبِ . (قَوْلُهُ: لَا لِحَيْضٍ) أَيْ أَوْ نِفَاسٍ وَزَادَ عب فَقَالَ أَوْ جَنَابَةٍ بِأَنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَمَاتَ وَاعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ وَهِيَ جُنُبٌ فَلَا تُمْهَلُ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ . (قَوْلُهُ: وَلَا أَقَامَ بَيِّنَةً) أَيْ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَغْلِبُ الظَّنُّ بِعُسْرِهِ كَالْبَقَّالِ وَنَحْوِهِ وَأَنْ تَجْرِيَ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ دُعَائِهِ لِلدُّخُولِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَغْلِبُ عُسْرُهُ كَالْبَقَّالِ فَإِنَّهُ يُتَلَوَّمُ لَهُ ابْتِدَاءً وَإِذَا لَمْ تَجْرِ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ دُعَائِهِ لِلدُّخُولِ فَلَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ عَدَمِهَا مَعَ عَدَمِ الصَّدَاقِ عَلَى الرَّاجِحِ وَكَذَا إذَا صَدَّقَتْهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْعُسْرِ فَإِنَّهُ يُتَلَوَّمُ لَهُ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: سِتَّةٌ) أَيْ وَيُنْظَرُ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ بِغَالِبِ الْبِلَادِ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَرُبَّمَا اتَّجَرَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فِي سُوقَيْنِ فَرَبِحَ بِحَالِّ الْمَهْرِ وَجَعَلَهُ تت تَصْحِيفًا وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيَّةِ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ يَتَلَوَّمُونَ بِثَلَاثَةٍ وَهَكَذَا عَزَا ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُتَيْطِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَعْذَرَ الْقَاضِي لِلْأَبِ) أَيْ فِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى الْعَدَمِ بِأَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِلْأَبِ أَلَك مَطْعَنٌ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَانِعٌ) جَوَابُ أَنْ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَبْدَاهُ أَيْ الْمَانِعَ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ إلَخْ) أَيْ فَمَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَسَابِيعَ يُتَلَوَّمُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلِذَا قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي الْمِدْيَانِ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَخْرَجَ الْمَجْهُولَ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ فَيَجْرِي مِثْلُهُ هُنَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ التَّأْجِيلَ لِإِثْبَاتِ الْعُسْرِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَعْطَى حَمِيلًا بِالْوَجْهِ فَكَيْفَ يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ يُحْبَسُ لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ضَمَانَ الْأَوَّلِ قَاصِرٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَسَابِيعِ. نَعَمْ يَظْهَرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ الْقَائِلُ فَإِذَا انْقَضَتْ الثَّلَاثَةُ أَسَابِيعَ وَلَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَلِيءِ يُحْبَسُ وَيُضْرَبُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَلَمْ يُؤَجَّلْ الْمَدِينُ تِلْكَ الْأَسَابِيعَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَيُكَارَمُ الزَّوْجُ بِأَنْ يُؤَجَّلَ ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ قَبْلَ أَنْ يُحْبَسَ مَعَ جَهْلِ حَالِهِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ حَيْثُ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُؤْمَرُ بِالْبِنَاءِ وَأَشَارَ إلَى قَوْلٍ مُقَابِلٍ لِقَوْلِهِ ثُمَّ تُلُوِّمُ بِالنَّظَرِ بِقَوْلِهِ (وَعَمِلَ بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ) سِتَّةٍ ثُمَّ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ شَهْرَيْنِ ثُمَّ شَهْرٍ وَيُحْبَسُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِوَجْهٍ تَقْرِيرٌ اهـ (ص) وَفِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَا يُرْجَى وَصُحِّحَ وَعَدَمُهُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ تَارَةً يُرْجَى يَسَارُهُ وَتَارَةً لَا يُرْجَى يَسَارُهُ فَالْأَوَّلُ يُتَلَوَّمُ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ لَا يُرْجَى يَسَارُهُ هَلْ يُتَلَوَّمُ لَهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ يَكْشِفُ عَنْ الْعَجَائِبِ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ وَصَوَّبَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَعِيَاضٌ أَوْ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا وَتَأَوَّلَهُ فَضْلٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ تَأْوِيلَانِ عَلَى قَوْلِهَا وَيُخْتَلَفُ فِي التَّلَوُّمِ فِيمَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى (ص) ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُطَلِّقَ الْحَاكِمُ أَوْ تُوقِعُهُ الزَّوْجَةُ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ. (ص) وَوَجَبَ نِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ أَوْ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَخْفَى مَالًا عِنْدَهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ. (ص) لَا فِي عَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا رَدَّتْ زَوْجَهَا لِعَيْبٍ بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ رَدَّ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِعَيْبٍ بِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَلَمْ يَفْسُدْ هُنَا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَفَادَ هُنَا بَيَانَ اخْتِلَافِ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ اجْتَمَعَا فِي أَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الطَّلَاقِ فِيهِمَا. وَلَمَّا كَانَ الصَّدَاقُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ يَتَكَمَّلُ تَارَةً وَيَتَشَطَّرُ تَارَةً وَيَسْقُطُ تَارَةً كَمَا إذَا حَصَلَ فِي التَّفْوِيضِ مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَشَارَ إلَى أَنَّ أَسْبَابَ الْحَالَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةٌ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّدَاقَ يَتَكَمَّلُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ بِالْوَطْءِ مِنْ بَالِغٍ لِمُطِيقَةٍ وَلَوْ فِي حَيْضٍ وَنَحْوِهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَلَوْ افْتَضَّهَا فَمَاتَتْ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ (ص) وَمَوْتِ وَاحِدٍ (ش) الثَّانِي مِمَّا يَتَقَرَّرُ بِهِ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ الْمَوْتُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ وَهِيَ غَيْرُ مُطِيقَةٍ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَمَوْتِ وَاحِدٍ مَا لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا كُرْهًا فِي زَوْجِهَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ آخِرَ بَابِ الذَّبَائِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَقْتُلُ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا الصَّدَاقُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ مُتَيَقَّنًا أَوْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي مَفْقُودِ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ (ص) وَإِقَامَةِ سَنَةٍ (ش) الثَّالِثُ مِمَّا يَتَقَرَّرُ بِهِ الصَّدَاقُ إقَامَةُ الزَّوْجَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا سَنَةً بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا أَيْ الْخَلْوَةِ لَا الْوَطْءِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَقَالَ بَعْضٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْعَبْدِ إقَامَةُ نِصْفِ سَنَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَإِقَامَةِ سَنَةٍ بِكَوْنِهِ بَالِغًا وَهِيَ مُطِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ (ص) وَصُدِّقَتْ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَيْ خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثُمَّ تَنَازَعَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَسِيسِ فَقَالَ   [حاشية العدوي] لَهَا ضَرَرٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُؤْمَرُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَإِذَا كَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَنَحْكُمُ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُعْطِيَهَا أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَالِهِ فَيُمْهَلَ مُدَّةً لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَعَمِلَ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَفِي شَرْحِ عب وَيُحْبَسُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَسَابِيعَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي لِلتَّلَوُّمِ بَعْدَ الْأَسَابِيعِ فَهَلْ هِيَ بِالنَّظَرِ بِلَا تَجْدِيدٍ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ سَنَةٌ وَشَهْرٌ أَيْ بَعْدَ الْأَسَابِيعِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الصَّوَابُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَيْبَ يَكْشِفُ عَنْ الْعَجَائِبِ) أَيْ لِأَنَّ مَا غَابَ عَنَّا وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى أَيْ الَّذِي لَمْ نَكُنْ مُشَاهِدِينَ لَهُ بِأَبْصَارِنَا يَكْشِفُ عَنْ الْعَجَائِبِ. (قَوْلُهُ: وَيُخْتَلَفُ فِي التَّلَوُّمِ) لَمْ تَكُنْ لَفْظَةُ فِي مَوْجُودَةً فِي تت وَلَا فِي شب وَهِيَ الظَّاهِرَةُ أَيْ فَمَنْ يَقُولُ يُتَلَوَّمُ لَهُ يَقُولُ مَعْنَى لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُتَلَوَّمُ لِكُلٍّ لَكِنْ يُخْتَلَفُ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ فَمَنْ يُرْجَى يُسْرُهُ تَطُولُ لَهُ الْمُدَّةُ وَمَنْ لَا يُرْجَى لَا وَمَنْ يَقُولُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ يَقُولُ إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُخْتَلَفُ إلَخْ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُرْجَى يُسْرُهُ يُتَلَوَّمُ لَهُ وَإِذَا كَانَ لَا يُرْجَى يُسْرُهُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ التَّلَوُّمِ. (قَوْلُهُ: طُلِّقَ عَلَيْهِ) فَإِنْ حُكِمَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ التَّلَوُّمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ . (قَوْلُهُ: أَفَادَ هُنَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت إذَا عُرِفَ مَا هُنَا مَضْمُومًا لِمَا عُرِفَ فِيمَا تَقَدَّمَ يُعْرَفُ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْحُكْمِ قُلْت قَدْ يُغْفَلُ عَمَّا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ) أَيْ وَتَقَرَّرَ تَمَامُهُ بِوَطْءٍ إنْ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ وَجَبَ أَدَاؤُهُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّفْوِيضِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أَزَال الزَّوْجُ بَكَارَةَ زَوْجَتِهِ بِأُصْبُعِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَبَعْدَهُ لَهَا الصَّدَاقُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ بِالْوَطْءِ) وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ. (قَوْلُهُ: وَمَوْتِ وَاحِدٍ) هَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَكَذَا فِي التَّفْوِيضِ حَيْثُ حَصَلَ الْمَوْتُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ لَا قَبْلَهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا إذَا طَلَّقَ فِيهِ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَقْتُلُ أَمَتَهُ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا هَلْ تُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهَا وَلَا يَتَكَمَّلُ صَدَاقُهَا أَوْ يَتَكَمَّلُ وَيَظْهَرُ أَنْ لَا يَتَكَمَّلَ لَهَا بِذَلِكَ لِاتِّهَامِهَا وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِقَتْلِ النِّسَاءِ أَزْوَاجَهُنَّ . (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْوَةِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِيهَا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ الْخَلْوَةَ صُدِّقَ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 الزَّوْجُ مَا أَصَبْتهَا وَقَالَتْ هِيَ بَلْ أَصَابَنِي فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا أَوْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ صَالِحًا أَمْ لَا وَتَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ سَفِيهَةً؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يَعْلَمُهُ وَلِيُّهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الزَّوْجُ لِرَدِّ دَعْوَاهَا وَيَغْرَمُ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَإِذَا بَلَغَتْ حَلَفَتْ إنْ شَاءَتْ وَأَخَذَتْ بَقِيَّةَ الصَّدَاقِ فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَيْسَ لَهَا تَحْلِيفُ الزَّوْجِ ثَانِيَةً. وَأَمَّا إنْ نَكَلَ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهَا إذَا بَلَغَتْ قَالَهُ ح وَإِنَّمَا لَزِمَ الْجَمِيعُ بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَنُكُولِهِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ آخَرَ، وَذَلِكَ كَافٍ فِي الْأَمْوَالِ وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَ عَنْهَا وَحَلَفَ وَارِثُهَا مَا كَانَتْ تُحَلِّفُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) إلَى أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُصَدَّقُ فِي الْمَسِيسِ إذَا خَلَا بِهَا الزَّوْجُ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ مُصَاحِبًا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَمَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً أَوْ مُحْرِمَةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَبَالَغَ عَلَى تَصْدِيقِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَةِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا رَجَّحَ مُدَّعِي الْفَسَادَ تَغْلِيبًا لِلْوُجُودِ الْعَادِيِّ عَلَى الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ، إذْ الْحَامِلُ عَلَى الْوَطْءِ أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ لِشِدَّةِ حِرْصِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ خَلْوَةٍ وَشِدَّةِ شَوْقِهِ إلَيْهَا فَقَلَّ أَنْ يُفَارِقَهَا قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ إلَّا عَلَى مَنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ. (ص) وَفِي نَفْيِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَصُدِّقَتْ فِي دَعْوَى الْوَطْءِ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ وَفِي نَفْيِهِ يُرِيدُ وَقَدْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى النَّفْيِ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ سَفِيهَةً وَأَمَةً) إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُصَدَّقُ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ فِي الْوَطْءِ وَفِي عَدَمِهِ وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَأَمَةً أَوْ صَغِيرَةً فَلَا يُرَاعَى تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَالِكِ وَالْحَاجِرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ فَوَائِدِ الْوَطْءِ لَهَا وَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ فِيهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ. (ص) وَالزَّائِرُ مِنْهُمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي صُدِّقَتْ الْمَرْفُوعُ وَالْفَاصِلُ مَوْجُودٌ أَيْ وَصُدِّقَ الزَّائِرُ مِنْهُمَا فِي الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مَعَ يَمِينِ مَنْ حَكَمْنَا بِتَصْدِيقِهِ مِنْهُمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَغِيرَةً، فَإِذَا زَارَهَا فِي بَيْتِهَا وَقَالَتْ أَصَابَنِي وَقَالَ هُوَ مَا أَصَبْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَنْشَطُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ وَإِنْ زَارَتْهُ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَتْ أَصَابَنِي وَقَالَ هُوَ مَا أَصَبْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِي بَيْتِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَصُدِّقَ هُوَ فِي عَدَمِ الْوَطْءِ إذَا كَانَ هُوَ الزَّائِرَ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةَ صُدِّقَتْ فِي الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ زَائِرًا وَادَّعَى الْوَطْءَ وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ زَائِرَةً وَادَّعَتْ عَدَمَ الْوَطْءِ وَكَذَّبَهَا فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَائِرًا أَيْ زَارَا غَيْرَهُمَا فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ وَأَمَّا إنْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ فَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ يَنْشَطُ فِيهِ. (ص) وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ أُخِذَ إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اخْتَلَى بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ بَيْنَهُمَا خَلْوَةٌ وَأَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَقَالَتْ هِيَ لَمْ يَطَأْنِي فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ سَفِيهَةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ وَالْأَمَةَ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَ بِالسَّفِيهَةِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا إمَّا بِسَبَبِ الرِّقِّ أَوْ عَدَمِ حُسْنِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَيُرَشِّحُهُ مُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ أَوْ إنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَصَابَ زَوْجَتَهُ وَقَالَتْ الرَّشِيدَةُ مَا أَصَابَنِي وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى إنْكَارِهَا لِذَلِكَ هَلْ يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِإِقْرَارِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ كَالسَّفِيهَةِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ أَمْ لَا وَبِهِ فُسِّرَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ   [حاشية العدوي] مِنْ الْهُدُوءِ وَالسُّكُونِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ سَكَنَ لِلْآخَرِ وَاطْمَأَنَّ إلَيْهِ وَخَلْوَةُ الِاهْتِدَاءِ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ كَانَ هُنَاكَ إرْخَاءٌ مَسْتُورٌ أَوْ غَلْقُ بَابٍ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ إلَخْ) فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ فَنُكُولُهُ كَحَلِفِهَا فِي غُرْمِ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُجِّحَ مُدَّعِي الْفَسَادِ) أَيْ مُشَبَّهُ الْفَسَادِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي نَفْيِهِ) أَيْ وَصُدِّقَتْ فِي دَعْوَى عَدَمِ الْوَطْءِ وَإِنْ سَفِيهَةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً بِلَا يَمِينٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُنَّ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: يُرِيدُ وَقَدْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَصْدِيقَهَا فِي النَّفْيِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفِيهَةً أَوْ أَمَةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْسَامَ سِتَّةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّائِرَ إمَّا هِيَ أَوْ هُوَ أَوْ هُمَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الزَّائِرُ الْوَطْءَ أَوْ عَدَمَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَاعَى تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَالِكِ) أَيْ فِي الْأَمَةِ وَالْحَاجِرِ فِي السَّفِيهَةِ وَالصَّغِيرَةِ. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَدَلِيَّةِ) أَيْ الزَّائِرِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَيْ لَا اجْتِمَاعًا بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةَ تُصَدَّقُ وَإِذَا كَانَ هُوَ الزَّائِرُ يُصَدَّقُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْ كَانَا زَائِرَيْنِ يُصَدَّقَانِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ زَائِرَةً إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ) أَيْ فِي ادِّعَائِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ التَّعْلِيلُ وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَنْشَطُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَلَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ يَقُولُ أُخِذَ إنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى إنْكَارِهَا) أَوْ سَكَتَتْ. (قَوْلُهُ: هَلْ يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ وَطْئِهِ لَهَا نَائِمَةً أَوْ غَيَّبَ عَقْلَهَا بِمُغَيِّبٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي ذَلِكَ عَدَمُ تَكْذِيبِهَا لَهُ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ مَالٌ يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ لَا) حَاصِلُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ إذَا أَنْكَرَتْ وَكَذَّبَتْهُ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ لَا وَأَوْلَى إذَا سَكَتَتْ وَهُوَ تَابَعَ فِي ذَلِكَ اللَّقَانِيِّ وَفِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 إلَّا إذَا أَكْذَبَتْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ إنَّهُ أَصَابَهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ وَهَذَا فَائِدَةُ شَرْطِ الْمُؤَلِّفِ إدَامَةَ إقْرَارِهِ، فَإِنَّ الْإِدَامَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ قَيْدًا فِي قَوْلِهِ أَوْ إنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا أَمَّا عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الرَّشِيدَةَ كَالسَّفِيهَةِ فَسَوَاءٌ عَلَيْهِ أَدَامَ الزَّوْجُ عَلَى إقْرَارِهِ أَمْ لَا وَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ مُطْلَقًا أَوْ إنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا وَهُوَ مُدِيمُ الْإِقْرَارِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِي الصَّدَاقِ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ وَهُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ فَقَالَ (ص) وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ أَوْ مُقَوَّمٍ بِهِمَا (ش) وَمِنْ عَادَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِالْأَضْدَادِ عَنْ الشُّرُوطِ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي الْإِمَامَةِ وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَسَدَ لَكِنْ فَسَادُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يُتِمَّهُ فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا يُفْسَخُ وَكَذَا إنْ دَخَلَ فَإِنَّهُ يُتِمُّهُ وُجُوبًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ. (ص) أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَحُرًّ (ش) أَيْ وَفَسَدَ الصَّدَاقُ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَيْءٍ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ كَخَمْرٍ وَحُرًّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوِّلًا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ شَرْعًا فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فُسِخَ وَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ. (ص) أَوْ بِإِسْقَاطِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا إذَا دَخَلَا عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (ص) أَوْ كَقِصَاصٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ أَيْ أَوْ وَقَعَ بِكَقِصَاصٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ كَنِكَاحِهِ بِقِرَاءَتِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ بِعِتْقِهِ أَمَةً عَلَى أَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِتْقَ مَاضٍ وَالنِّكَاحَ فَاسِدٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (ص) أَوْ آبِقٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إذَا وَقَعَ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ، أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَمِثْلُهُ إذَا وَقَعَ عَلَى دَارٍ لِلْغَيْرِ عَلَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا لَهَا مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَبِيعُهَا فَهُوَ مِنْ الْغَرَرِ أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهَا مِنْ مَالِهَا وَيَجْعَلَ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا صَدَاقًا لَهَا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ دَارَ فُلَانٍ أَوْ سَمْسَرَتَهَا أَوْ بَعْضَهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ   [حاشية العدوي] شَرْحِ شب وَعَبَ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْأَوَّلِ يَفْصِلُ فِي مَفْهُومِ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ وَهُوَ إذَا لَمْ يَدُمْ الْإِقْرَارُ فَيَقُولُ إنْ سَكَتَتْ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ، وَنَقَلَ الْخَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يَشْهَدُ لِتَقْرِيرِهِمَا وَهُوَ أَنَّهَا إنْ أَنْكَرَتْ وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قَبْلَ رُجُوعِهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ عِنْدَ صَاحِبِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ [الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِي الصَّدَاقِ لِفَقْدِ شَرْطٍ] . (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ إجَازَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ: خَالِصَةٍ) قَيَّدَهَا دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ خَالِصٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ خُلُوصِهِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النُّقُولِ. (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) هَذَا مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ) أَيْ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ فُسِخَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ عَدَمِ الْبِنَاءِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ ظَاهِرُهُ عَزَمَ عَلَى إتْمَامِهِ أَوْ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ، وَأَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ كَمَا لَوْ بَنَى، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَا عَلَى عَدَمِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ تَقُومَ الزَّوْجَةُ بِحَقِّهَا لِتَضَرُّرِهَا بِبَقَائِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ نَقُولُ كَمَا أَفَادُوا أَنَّ هَذَا الْفَسَادَ الْمَحْكُومَ بِهِ لَيْسَ فَسَادًا مُطْلَقًا بَلْ فَسَادًا مُقَيَّدًا بِعَدَمِ الْإِتْمَامِ فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ فِيهِ تَنَاقُضٌ. (قَوْلُهُ: فُسِخَ) بِطَلَاقٍ وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى . (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَا لَا يُبَاعُ لِاقْتِضَاءِ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ دَبْغِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَفَسَدَ الصَّدَاقُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً وَلَوْ قَبَضَتْهُ وَاسْتَهْلَكَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الصَّدَاقِ سَقَطَ بِقَبْضِهَا لِأَنَّهَا تَسْتَحِلُّهُ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِسْقَاطِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى وَفَسَدَ الْعَقْدُ بِسَبَبِ إسْقَاطِهِ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى مَعَ . (قَوْلُهُ: أَوْ كَقِصَاصٍ) وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ وَقَعَ بِعَدَمِ قِصَاصٍ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ أَبَا رَجُلٍ مَثَلًا وَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ دَمَهَا فَاتَّفَقَتْ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا وَيَجْعَلُ عَدَمَ قَتْلِهَا صَدَاقًا لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَوْ كَانَ أَخُوهَا مَثَلًا قَتَلَ وَلَدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَاسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَاتَّفَقَ مَعَهَا عَلَى أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا وَيَجْعَلَ صَدَاقَهَا تَرْكَ الْقِصَاصِ مِنْ أَخِيهَا. (قَوْلُهُ: كَنِكَاحِهِ بِقِرَاءَتِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ) كَأَنْ يَقْرَأَ لَهَا سُورَةَ يس مَثَلًا وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى تَعْلِيمِهِ فَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا) وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا فَمِنْ خُصُوصِيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ . (قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَطْعِ فَيَجُوزُ بِشَرْطِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ) لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا أَوْ لَا وَلَا يَدْرِي هَلْ تُبَاعُ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 الْأَجَلُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ مِثْلِهَا كَمَا يَأْتِي إذَا تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ لَكِنَّ بَعْضَهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ كَمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ أَوْ مَتَى شِئْتِ وَبَعْضُهُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ حَالٍّ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الشَّرْطِ أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ أَيْ أَجَلُ الصَّدَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ أَتَزَوَّجُهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَقَطْ أَوْ عَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا مَا لَمْ يَكُنْ جَرَى الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فِيهِ (ص) أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً (ش) لَوْ قَالَ أَوْ بِخَمْسِينَ سَنَةً لَوَافَقَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا أُجِّلَ بِخَمْسِينَ سَنَةً فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ قَبْلُ، وَيَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إسْقَاطِهِ إذْ لَا يَعِيشَانِ إلَى ذَلِكَ غَالِبًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَا مُسِنَّيْنِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ الْأَرْبَعُونَ لَيْسَ بِصَوَابٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أُجِّلَ بَعْضُهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَعْضِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي التَّأْجِيلِ وَالْحُلُولِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ. (ص) أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ كَخُرَاسَانَ مِنْ الْأَنْدَلُسِ وَجَازَ كَمِصْرٍ مِنْ الْمَدِينَةِ لَا بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ فَاسِدًا إذَا وَقَعَ عَلَى صَدَاقٍ مُعَيَّنٍ غَائِبٍ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَخُرَاسَانَ الَّتِي هِيَ بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ مِنْ الْأَنْدَلُسِ الَّتِي هِيَ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ لِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى الْعَقْدِ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَمْ لَا وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ الشَّيْخُ الْجِيزِيُّ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَوْصُوفِ وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ رُؤْيَةٍ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا فَيَمْتَنِعُ أَوَّلًا فَيَجُوزُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ اهـ. أَمَّا إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ مُتَوَسِّطَةً فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ كَمِصْرٍ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ السَّلَامَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالضَّمَانُ مِنْ الزَّوْجِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ وَمِنْ الزَّوْجَةِ فِي الْعَقَارِ كَالْبَيْعِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ الدُّخُولَ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ الزَّوْجَةُ فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً جِدًّا فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الدُّخُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ بِجِدًّا بِالتَّمْثِيلِ بِقَوْلِهِ كَخُرَاسَانَ إلَخْ وَلَمَّا لَمْ يُمَثِّلْ لِلْقَرِيبَةِ قَالَ فِيهَا جِدًّا ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ابْتَدَأَ بِالْبَعِيدَةِ جِدًّا؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ لِعَطْفِ الْفَاسِدَاتِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَخَتَمَ بِالْقَرِيبَةِ جِدًّا وَوَسَّطَ الْمُتَوَسِّطَةَ بَيْنَهُمَا، وَحُكْمُ الصَّدَاقِ إذَا وَقَعَ فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ جِدًّا كَالصَّدَاقِ الَّذِي فِيهِ غَرَرٌ فَإِذَا فَاتَ بِالدُّخُولِ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَآبِقٍ وَيَجُوزُ الصَّدَاقُ بِالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ بِشَرْطِ اشْتِرَاطِ خَلَفِهَا إنْ تَلِفَتْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ. (ص) وَضَمِنَتْهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ فَاتَ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ بِعَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ وَقُلْنَا بِفَسَادِهِ لِصَدَاقِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ فَإِذَا قَبَضَتْهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ فِي يَدِهَا بِأَنْ لَمْ تَحِلَّ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ وَلَا تَغَيَّرَ فِي بَدَنِهِ فَإِنَّهَا تَرُدُّهُ لِلزَّوْجِ وَتَأْخُذُ مِنْهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ مَتَى شِئْت) بِكَسْرِ التَّاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ مُحَشِّي تت ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَتَى شِئْت يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِلَى مَيْسَرَةٍ أَوْ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ الْمَرْأَةُ بِهِ وَهُوَ الْآنَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدِمٌ لَا يَجُوزُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ مَلِيئًا جَازَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُفْسَخُ وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَوْنُهُ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ كَكَوْنِهِ إلَى مَيْسَرَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ) الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ الْحُكْمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ زَادَ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْخَمْسِينَ بِأَنْ حَصَلَ إتْمَامُهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ) أَيْ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ الْأَرْبَعُونَ أَيْ وَاَلَّذِي رَجَعَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَرْبَعُونَ وَفِي شَرْحِ عب وَالظَّاهِرُ الْفَسْخُ مِنْ الْخَمْسِينَ وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَبْلُغُهَا عُمْرُهُمَا وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْخَمْسِينَ لَمْ يَفْسُدْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا جِدًّا وَطَعَنَا فِي السِّنِّ جِدًّا . (قَوْلُهُ: كَخُرَاسَانَ) مَعْنَاهُ بِلُغَةِ الْفُرْسِ مَطْلَعُ الشَّمْسِ وَالْأَنْدَلُسِ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ ضَمَّتَيْنِ ك. (قَوْلُهُ: لَا بِشَرْطِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَقَارًا فَيَجُوزُ بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّرْطِ يُوجِبُ الْفَسَادَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ بِالْفِعْلِ وَكَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ مُؤَثِّرٌ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: جِدًّا) ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا وَقَعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ وَصْفٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَمَّا غَائِبٌ لَمْ يُرَ وَلَمْ يُوصَفْ فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِهِ وَلَهَا بِالدُّخُولِ صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ عج وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا اُشْتُرِطَ الدُّخُولُ قَبْلَهُ فِيمَا بَيْنَ الْقَرِيبَةِ جِدًّا وَبَيْنَ كَمِصْرٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيَبْقَى النَّظَرُ أَيْضًا فِي حُكْمِ مَا كَانَ دُونَ كَخُرَاسَانَ مِنْ الْأَنْدَلُسِ وَفَوْقَ كَمِصْرٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ مَا قَارَبَهُ وَالْمُتَوَسِّطُ يُحْتَاطُ فِيهِ فَيُعْطَى حُكْمَ الْبَعِيدِ فِي الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُفَسَّرُ بِالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ فَإِنَّ أَصْبَغَ قَالَ بِهَا. (قَوْلُهُ: بِالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ) أَرَادَ بِهَا النَّقْدَيْنِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ أَدْفَعُ لَك الْعِشْرِينَ دِينَارًا الَّتِي فِي صُنْدُوقِي فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ وَقَوْلُهُ إنْ اُشْتُرِطَ الْخُلْفُ أَيْ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ أُعْطِيك بَدَلَهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُرَادُ لِذَاتِهَا . (قَوْلُهُ: وَضَمِنَتْهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَخْ) لَيْسَ الْفَوَاتُ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ فِي الضَّمَانِ وَالْفَوَاتُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ أَيْ وَيُرَدُّ قِيمَتُهُ إنْ فَاتَ فَقَوْلُهُ: فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ أَحْسَنَ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَضْمَنُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 صَدَاقَ مِثْلِهَا وَإِنْ فَاتَ فِي يَدِهَا بِأَنْ حَالَتْ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي يَدِهَا وَتَدْفَعُ قِيمَتَهُ لِلزَّوْجِ يَوْمَ قَبَضَتْهُ وَتَأْخُذُ صَدَاقَ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَبِعِبَارَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ إذَا وَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِكَوْنِ الْمُسَمَّى حَرَامًا وَنَحْوَهُ وَكَذَا فِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ إذَا حَصَلَ فِيهِ الضَّمَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا إذَا قَبَضَتْ الصَّدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَلَكَ بِيَدِهَا فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْهَا فَالْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ وَصَدَاقِهِ يَتَّفِقَانِ فِيمَا إذَا قَبَضَتْهُ وَتَلِفَ مِنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَتَّفِقَانِ أَيْضًا فِي الضَّمَانِ حَيْثُ تَلِفَ بِيَدِهَا بَعْدَ قَبْضِهِ وَكَانَ الْوَاجِبُ فِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ صَدَاقَ الْمِثْلِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى فَضَمَانُ الصَّدَاقِ فِيهِ كَضَمَانِهِ فِي الصَّحِيحِ. (ص) أَوْ بِمَغْصُوبٍ عَلِمَاهُ لَا أَحَدُهُمَا (ش) هَذَا أَيْضًا مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي كَوْنُ النِّكَاحِ فِيهَا فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى عَرْضٍ مَغْصُوبٍ وَالزَّوْجَانِ مَعًا يَعْلَمَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْفَسِخُ وَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ لِدُخُولِهِ عَلَى هَذَا الْعِوَضِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَدُخُولُهَا عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ دُونَهَا. (ص) أَوْ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النِّكَاحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاسِدٌ لِصَدَاقِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَوْ الشَّرِكَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ الصَّرْفِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ أَوْ الْقِرَاضِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ الْبُضْعَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِتَنَافِي الْأَحْكَامِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْبَيْعِ وَمَا مَعَهُ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، وَقَدْ صَوَّرَ الْمُؤَلِّفُ الِاجْتِمَاعَ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ (كَدَارٍ) مَثَلًا (دَفَعَهَا هُوَ أَوْ أَبُوهَا) أَيْ دَفَعَ الزَّوْجُ دَارًا لِزَوْجَتِهِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهَا مِائَةَ دِينَارٍ فَالدَّارُ نِصْفُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْمِائَةِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لَوْ دَفَعَ الدَّارَ أَبُو الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَةُ نَفْسُهَا لِلزَّوْجِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَدْفَعَ لِلزَّوْجَةِ مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا فَالْمِائَةُ الَّتِي يَدْفَعُهَا الزَّوْجُ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الدَّارِ فَقَدْ   [حاشية العدوي] كَالسِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلِذَلِكَ لَوْ فَاتَ فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ وَنَحْوِهِ كَانَ لَهَا وَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَأَعْلَى) أَيْ بِأَنْ تَغَيَّرَ فِي بَدَنِهِ فَإِنَّ التَّغَيُّرَ فِي الْبَدَنِ أَعْلَى مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْمُسَمَّى حَرَامًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُقَالُ لَهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ وَصَدَاقِهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ إذَا جُعِلَ فِيهِ خَمْرٌ وَقَوْلُهُ وَنَحْوَهُ أَيْ كَعَبْدٍ آبِقٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى لِكَوْنِهِ صَحِيحًا فَإِنَّ قَوْلَهُ ضَمَانُهُ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: فَالْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: يَتَّفِقَانِ فِيمَا إذَا قَبَضَتْهُ) فَيَكُونُ الضَّمَانُ مِنْهَا مُطْلَقًا وَلَوْ ثَبَتَ هَلَاكُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَيَتَّفِقَانِ أَيْضًا فِي الضَّمَانِ حَيْثُ تَلِفَ بِيَدِهَا بَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ وَلَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَلِفَ بِيَدِهَا) أَيْ لَا تَضْمَنُ إلَّا إذَا تَلِفَ بِيَدِهَا وَأَمَّا إذَا تَلِفَ بِيَدِ غَيْرِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: فَضَمَانُ الصَّدَاقِ فِيهِ) فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَضَمَانُهُ مِنْهَا أَيْ فَالضَّمَانُ مِنْهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ بِيَدِهَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَتِلْكَ الْعِبَارَةُ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ عِبَارَةُ عج وَقَدْ حَلَّيْنَاهَا بِمُقْتَضًى مُفَادُهُ وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا يُوَافِقُهُ وَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّ الْفَاسِدَ لِعَقْدِهِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى لَا يُعْطَى حُكْمَ الصَّحِيحِ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ وَالْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي كَوْنِهِ إذَا تَلِفَ بِيَدِهَا تَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ مُطْلَقًا قَالَ فِي شَرْحِ شب بَعْدَ ذِكْرِ عِبَارَةِ عج وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ ضَمَانَ الصَّدَاقِ فِيهِ كَضَمَانِهِ فِي الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ اهـ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ مُوَافِقًا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَتْهُ أَيْ ضَمِنَتْ الصَّدَاقَ الَّذِي يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي شَرْحِ عب مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِدِ هُنَا الْفَاسِدُ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ إذَا وَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِكَوْنِ الْمُسَمَّى حَرَامًا وَأَمَّا الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى فَضَمَانُ الصَّدَاقِ مِنْهُ كَضَمَانِهِ فِي الصَّحِيحِ يَضْمَنُ بِالْعَقْدِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الصَّحِيحِ بِقَوْلِهِ وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي بِيَدِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالرَّاجِحُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُحْمَلُ عَلَى الْفَاسِدِ مُطْلَقًا . . (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَغْصُوبٍ عَلِمَاهُ) وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا إذَا كَانَا رَشِيدَيْنِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ وَلِيِّهِمَا وَعِلْمُ الْمُجْبَرَةِ كَالْعَدَمِ وَكَذَا عِلْمُ الْمُجْبَرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى عَبْدٍ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ النُّقُودَ وَالْمِثْلِيَّاتِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ غَيْرِهِ الْعُمُومُ. (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ عَلَى هَذَا الْعِوَضِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَلَّا رَجَعَ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى هَذَا الْعِوَضِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ وَقِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ يَقُومَانِ مَقَامَهُ . (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَرْضِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِثْلَ الْبَيْعِ الْعُقُودُ الْمَجْمُوعَةُ فِي " ج ص مُشْنِق " وَإِنْ فَاتَ النِّكَاحُ بِالْبِنَاءِ ثَبَتَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَالنِّكَاحُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِذَا فَاتَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ وَإِذَا فَاتَ النِّكَاحُ وَكَانَ الْبَيْعُ قَائِمًا فَفِيهِ الْقِيمَةُ لِمَالِكِهِ وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا بَيْعٌ فَاسِدٌ مَضَى بِالْقِيمَةِ مَعَ عَدَمِ مُفَوِّتٍ فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ الثَّانِي أَوْ يَجْرِي وَتِلْكَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لَا تُعْتَبَرُ لِاحْتِمَالِ الْمُسَاوَاةِ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: كَدَارٍ دَفَعَهَا أَبُوهَا إلَخْ) وَلَوْ زَادَ مَا يَدْفَعُهُ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَظَاهِرُهُ فَسَادُ النِّكَاحِ الْمُجْتَمِعِ مَعَ الْبَيْعِ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا ثُمَّ إنَّ جُمْلَةَ دَفَعَهَا صِفَةٌ لِدَارٍ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ النَّكِرَةِ صِفَةٌ لَهَا لَكِنْ جَرَتْ هُنَا عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي اللَّفْظِ جَارِيَةٌ عَلَى الدَّارِ وَفِي الْمَعْنَى إنَّمَا هِيَ لِلدَّافِعِ فَلِذَا أَبْرَزَ الضَّمِيرَ وُجُوبًا وَعَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ أَوْ أَبُوهَا وَلَا فَرْقَ فِي الْمُشْتَقِّ الْوَاقِعِ صِفَةً لِمَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا أَوْ فِعْلًا كَمَا هُنَا (ص) وَجَازَ مِنْ الْأَبِ فِي التَّفْوِيضِ (ش) أَيْ وَجَازَ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ حَيْثُ كَانَ النِّكَاحُ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ " الْأَبِ " إذْ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ الْأَبُ بِعْتُك دَارِي وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا أَوْ يَقُولَ الزَّوْجُ بِعْتُك دَارِي بِعَشَرَةٍ وَتَزَوَّجْت ابْنَتَك تَفْوِيضًا أَوْ يَقُولُ الْوَلِيُّ بِعْنِي دَارَك بِعَشَرَةٍ وَزَوَّجْتُك وَلِيَّتِي تَفْوِيضًا أَوْ تَقُولُ الزَّوْجَةُ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ عَقْدِهَا مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِعْتُك دَارِي بِعَشَرَةٍ وَزَوَّجْتُك نَفْسِي تَفْوِيضًا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ (ص) وَجَمَعَ امْرَأَتَيْنِ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا (ش) لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَدَاقًا تَسَاوَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا، وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْأَخِيرَ لِأَجْلِ مَا رَتَّبَهُ مِنْ الْخِلَافِ الْآتِي وَلَوْلَاهُ لَقَالَ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لَا وَيَكُونُ شَامِلًا لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَا مَفْهُومَ لِامْرَأَتَيْنِ أَيْ نِسَاءٍ (ص) وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى أَوْ إنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَوَازَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ مَثَلًا مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَلَوْ مِنْ جَانِبٍ وَإِنْ شَرَطَ مَعَ تَزَوُّجِ الْوَاحِدَةِ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لِمَنْ سَمَّى لَهَا أَوْ دُونَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ سَعْدُونٍ وَلَمْ يَرَهُ كَالْبَيْعِ أَوْ الْجَوَازُ مَعَ ذَلِكَ الشَّرْطِ حَيْثُ حَصَلَتْ التَّسْمِيَةُ فِي جَانِبٍ أَوْ جَانِبَيْنِ إنَّمَا هُوَ إنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ كَالْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَلَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي شَرْطًا كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ إنَّمَا الشَّرْطُ إذَا حَصَلَتْ تَسْمِيَةٌ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ مَهْرِ مِثْلِ الْمُسَمَّى لَهَا فَأَكْثَرَ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِتَزَوُّجِ الْأُخْرَى وَسَمَّى لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا وَنَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُسَمِّ أَصْلًا أَوْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْ فَيَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ شَرَطَ تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا بِتَزَوُّجِ الْأُخْرَى أَمْ لَا. (ص) وَلَا يَعْجَبُ جَمْعَهُمَا وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ وَالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَهُ لَا الْكَرَاهَةِ (ش) مَفْعُولُ يَعْجَبُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَلَا يَعْجَبُ جَمَعَهُمَا الْإِمَامُ أَيْ فِي صَدَاقٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ وَحْدَةَ الْعَقْدِ غَالِبًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ الْأَبُ إلَخْ) أَيْ وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ الزَّوْجُ بِعْتُك دَارِي بِعَشَرَةٍ وَتَزَوَّجْت ابْنَتَك تَفْوِيضًا) أَيْ فَيَقُولُ الْوَلِيُّ فَعَلْت ذَلِكَ بِمَعْنَى اشْتَرَيْت دَارَك بِالْعَشَرَةِ وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا وَقَوْلُهُ أَوْ تَقُولُ الزَّوْجَةُ إلَخْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ صِيغَةَ النِّكَاحِ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الَّذِي يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ لَا مِنْ الْمَرْأَةِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ الصَّادِرَةَ مِنْ الْمَرْأَةِ صِيغَةُ النِّكَاحِ وَلَكِنْ لَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بَلْ نَقُولُ صِيغَةُ النِّكَاحِ مَا يَقُولُهَا الرَّجُلُ بَعْدُ بِأَنْ يَقُولَ قَبِلْت ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ يَكْفِي ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ اعْتَرَضَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ النَّصَّ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْبَيْعِ، نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى إنْ أَعْطَاهُ دَارًا جَازَ نِكَاحُهُ. وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْ ابْنَتِي بِخَمْسِينَ وَأُعْطِيَك هَذِهِ الدَّارَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ ابْنُ رُشْدٍ يَقُومُ مِنْهُ مَعْنًى خَفِيٌّ وَهُوَ جَوَازُ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ مَعَ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِخِلَافِ نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ هَذَا هُوَ الَّذِي عَنَى الْمُؤَلِّفِ وَأَمَّا تَصْوِيرُ س وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا فَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ بِجَوَازِهَا؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِمَّا فِي السَّمَاعِ لِلتَّصْرِيحِ بِالْبَيْعِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا فِي السَّمَاعِ فَإِنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْعَطِيَّةِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي فَرْقُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَوْلُ س لَيْسَ صُورَتُهَا مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي مُخَالَفَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ مُحْرِزٍ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَسْأَلَةَ التَّفْوِيضِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّ الدَّارَ هُنَا خَالِيَةٌ مِنْ الْعِوَضِ وَإِنَّمَا قَصَدَ الْأَبُ مَعُونَتَهُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ سَلَكَ بِهَا مَسْلَكَ الْمُعَاوَضَةِ . (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَالْأُخْرَى دُونَهُ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَالْأُخْرَى تَفْوِيضًا وَثَلَاثٌ بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ مَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ شَرْطُ تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا عَلَى تَزَوُّجِ الْأُخْرَى وَالْمَفْرُوضُ لِكُلٍّ أَوْ لِبَعْضٍ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ وَسَمَّى لَهُمَا أَيْ وَنَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا أَيْ سَمَّى لَهَا دُونَ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَيْ وَالثَّانِيَةُ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا فَقَوْلُهُ: وَنَقَصَ رَاجِعٌ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ فَإِنَّمَا يَجُوزُ جَمْعُ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ قِيمَةَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ) أَيْ لِكُلٍّ أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَالْأُخْرَى تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ) لِأَنَّهُ كَجَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ لَا الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ كَجَمْعِ رَجُلٍ وَاحِدٍ سِلْعَتَيْهِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ كَذَا عُلِّلَ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي عَقْدٍ. (قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَفِي غَيْرِ الْغَالِبِ يَكُونُ فِي عَقْدَيْنِ بِأَنْ يَتَّفِقَ الْوَلِيَّانِ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَاهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 مَالِكًا قَالَ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ فَفَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْأَشْيَاخِ عَلَى الْمَنْعِ وَفَهِمَهَا بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ قُلْنَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِفَسَادِهِ لِصَدَاقِهِ وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْآخَرِ قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَسْخِ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَيُفَضُّ الْمُسَمَّى عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِمَا كَمَا فِي جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ. (ص) أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِهِ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى نَقْصٍ أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُ النِّكَاحِ رَفْعَهُ وَصُورَتُهَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِامْرَأَةٍ وَدَفَعَهُ لَهَا فِي صَدَاقِهَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ يُوجِبُ فَسْخَهُ بَيَانُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَخَذَتْ الْعَبْدَ صَدَاقًا لَهَا فَقَدْ مَلَكَتْهُ وَمِلْكُهَا لَهُ يُوجِبُ فَسْخَ نِكَاحِهَا إذْ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدِهَا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمِلْكِ تُنَافِي أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ وَحَيْثُ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ فَإِنَّ النِّكَاحَ أَيْضًا يُفْسَخُ وَقَدْ مَلَكَتْهُ الزَّوْجَةُ بِأَوَّلِ وَطْأَةٍ، وَهَذَا مِنْ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِعَقْدِهَا لِفَسْخِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ لِوُجُوبِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ. (ص) أَوْ بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ (ش) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيهِ لَهَا مَضْمُونًا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَجُزْ وَيَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْبِنَاءِ وَالْمَوْضِعِ يُؤَدِّي إلَى تَعْيِينِهِ وَالْأَشْيَاءُ الْمُعَيَّنَةُ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى كَثِيرٍ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ وَإِلَّا جَازَ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ. (ص) أَوْ بِأَلْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَأَلْفَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَدَاقِهَا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ غَيْرُهَا فَصَدَاقُهَا أَلْفَانِ لِلْغَرَرِ الْحَاصِلِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فِي مَبْلَغِ الصَّدَاقِ مَعَ قُدْرَتِهِمَا عَلَى رَفْعِهِ بِأَنْ يُعْلِمَهَا الزَّوْجُ بِأَنَّ لَهُ زَوْجَةً فِي عِصْمَتِهِ أَوْ لَا زَوْجَةَ لَهُ وَهِيَ أَيْضًا قَادِرَةٌ عَلَى رَفْعِهِ بِأَنْ تَبْحَثَ هَلْ لَهُ زَوْجَةٌ أَمْ لَا فَلَمَّا تَرَكَتْ فَهِيَ مُخْتَارَةٌ لِإِدْخَالِ الْغَرَرِ فِي نِكَاحِهَا فَإِنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ لَا زَوْجَةَ لَهُ فَصَدَاقُهَا أَلْفٌ أَوْ فِي عِصْمَتِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ زَوْجَةٌ غَيْرُهَا فَصَدَاقُهَا أَلْفَانِ. (ص) بِخِلَافِ أَلْفٍ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَلْفَانِ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ النِّكَاحُ فِيهَا صَحِيحٌ وَهِيَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ وَتَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا أَوْ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ إنْ تَسَرَّى فَمَهْرُهَا أَلْفَانِ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الْأَلْفِ وَقَعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ حَصَلَ الْغَرَرُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَانْبِرَامِهِ. وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَقَعَ الْغَرَرُ فِيهَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَالْإِخْرَاجُ الْمَذْكُورُ يُفِيدُ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ وَهَلْ حُكْمُ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ التَّعْلِيقُ لَازِمٌ أَمْ لَا، وَإِذَا خَالَفَ هَلْ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِي أَمْ لَا، وَهَلْ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ جَائِزٌ أَمْ لَا شَيْءَ آخَرَ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِخْرَاجِ، فَلِذَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وَكُرِهَ وَلَا الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ إنْ خَالَفَ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الشَّرْطُ لَكِنْ   [حاشية العدوي] ابْنَتَيْهِمَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ يَتَوَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدَ وَلِيَّتِهِ عَلَى حِدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَبِفَضِّ الْمُسَمَّى عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِمَا) بِأَنْ يُنْسَبَ صَدَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَيْ صَدَاقُ مِثْلِهَا لِمَجْمُوعِ الصَّدَاقَيْنِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ تَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِ إحْدَاهُمَا عَشَرَةً وَصَدَاقُ مِثْلِ الْأُخْرَى عِشْرِينَ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثُونَ فَالْمُسَمَّى عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لِكُلٍّ. (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ . (قَوْلُهُ: أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ) شَمِلَ صُورَتَيْنِ جَعَلَ الرَّقَبَةَ ابْتِدَاءً صَدَاقًا وَهَذَا حَمْلُ غَالِبِ الشُّرَّاحِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ لَهَا مَالًا مُعَيَّنًا ثُمَّ يَدْفَعُ لَهَا زَوْجُهَا عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ الْمَجْعُولِ لَهَا صَدَاقًا. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ) أَيْ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالشِّغَارِ . (قَوْلُهُ: وَالْأَشْيَاءُ الْمُعَيَّنَةُ إلَخْ) مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ مُطْلَقًا أَيْ وَصَفَهَا أَمْ لَا أَوْ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَصِفْهَا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَوَصَفَهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَمَا فِي هَذَا الشَّرْحِ مِمَّا ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا كَانَ لِمَنْ نَكَحَتْ عُرْفٌ فِي الْبُيُوتِ جَازَ النِّكَاحُ وَهُوَ مَصْرُوفٌ إلَى عُرْفِهِمْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ جَارٍ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ عُرْفٌ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَنْ عَلَّلَ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ يَمْنَعُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ لَهُمْ عُرْفٌ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَلَهُمْ عُرْفٌ بِشَيْءٍ مُنْضَبِطٍ أَوْ وُصِفَتْ . (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَفْعِهِ) هَذَا تَمَامُ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِشْكَالِ الْآتِي وَالْجَوَابُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ الْغَرَرُ حَاصِلٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَيْضًا وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ حُكْمُ الْعَقْدِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَلْ الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ التَّعْلِيقُ لَازِمٌ وَقَوْلُهُ وَإِذَا خَالَفَ إلَخْ هَذَا فِي الْمَعْنَى مُحَصَّلُ لُزُومِ الشَّرْطِ أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ التَّعْلِيقُ وَكُرِهَ التَّعْلِيقُ وَقَوْلُهُ وَلَا الْأَلْفُ إلَخْ تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مُقْتَضَى تَفْسِيرِ الشَّرْطِ بِالتَّعْلِيقِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّرْطِ الْمَشْرُوطَ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الزَّوَاجِ وَالْإِخْرَاجِ لَا التَّعْلِيقُ وَعَلَيْهِ فَيُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ وَعِبَارَةُ عب وَكُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ مِنْ أَصْلِهِ وَكَذَا يُكْرَهُ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِهِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالشَّرْطِ الْمَشْرُوطُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ أَيْ الْمَشْرُوطُ وَهُوَ عَدَمُ التَّزَوُّجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ فَلَا يُخْرِجُهَا وَلَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَكُرِهَ اشْتِرَاطُ الزَّوْجَيْنِ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ إنْ خَالَفَ وَأَخْرَجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَلْفِ وَبَقِيَّةِ صَدَاقِ الْمِثْلِ. (ص) كَإِنْ أَخْرَجْتُك مِنْ بَلَدِك فَلَكَ أَلْفٌ (ش) صُورَتُهَا زَوْجَةٌ فِي الْعِصْمَةِ قَالَتْ لِزَوْجِهَا قَدْ بَلَغَنِي أَنَّك تُرِيدُ أَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ بَلَدِي فَقَالَ لَهَا إنْ أَخْرَجْتُك فَلَكَ أَلْفٌ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ وَالْكَرَاهَةِ (ص) أَوْ أَسْقَطَتْ أَلْفًا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْنِ مَثَلًا وَأَسْقَطَتْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفًا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا مَثَلًا ثُمَّ خَالَفَ وَفَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ لِعَدَمِ لُزُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ. (ص) إلَّا أَنْ تُسْقِطَ مَا تَقَرَّرَ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا مَثَلًا بِمِائَتَيْنِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مِائَةً مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا أَوْ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا ثُمَّ خَالَفَ ذَلِكَ وَفَعَلَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي أَسْقَطَتْهَا لِذَلِكَ فَهُوَ مُخْرَجٌ مِمَّا تَضَمَّنَهُ التَّشْبِيهُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقٌ بِتُسْقِطَ لَا بِتَقَرَّرَ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَ الصَّدَاقِ لَا يَكُونُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَصْلًا وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ تَتَوَثَّقْ مَعَ الْإِسْقَاطِ بِيَمِينٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (بِلَا يَمِينٍ مِنْهُ) أَمَّا لَوْ تَوَثَّقَتْ بِيَمِينٍ فَلَا تَرْجِعُ بِمَا أَسْقَطَتْ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْ وَحَلَّفَتْهُ إنْ خَالَفَ وَتَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى فَأَمْرِي بِيَدِي أَوْ فَالسَّرِيَّةُ حُرَّةٌ أَوْ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِالْمُخَالَفَةِ التَّمْلِيكُ أَوْ التَّحْرِيرُ أَوْ الطَّلَاقُ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ الَّذِي أَسْقَطَتْهُ. (ص) أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي بِمِائَةٍ وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ (ش) الْكَافُ هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى " مِثْلُ " وَهِيَ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ فَسَدَ أَيْ وَفَسَدَ مِثْلُ زَوِّجْنِي إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ بِأَوْ مَحْذُوفًا وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِعْلُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ نَقَصَ أَيْ أَوْ كَانَ نِكَاحَ شِغَارٍ كَزَوِّجْنِي أُخْتَك أَوْ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَمْ يُجْبِرْهَا فَأَحْرَى بِنْتُك أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ يُجْبِرُهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي أَوْ بِنْتِي أَوْ أَمَتِي مِنْ عَبْدِك بِمِائَةٍ وَيُسَمَّى وَجْهَ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ لُغَةً الرَّفْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ إذَا رَفَعَهَا لِيَبُولَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُشْبِهُهُ مِنْ رَفْعِ رِجْلِ الْمَرْأَةِ لِلْجِمَاعِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الْمَهْرِ مِنْ الْعَقْدِ إذَا كَانَ وَطْئًا بِوَطْءٍ وَفِعْلًا بِفِعْلٍ فَكَأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَلِيَّيْنِ يَقُولُ لِلْآخَرِ شَاغِرْنِي أَيْ أَنْكِحْنِي وَأُنْكِحُكَ بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُكَافَأَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَجَازَ وَأَشَارَ إلَى صَرِيحِ الشِّغَارِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَرِيحُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا كَزَوِّجْنِي أُخْتَك أَوْ ابْنَتَك عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك مَا ذُكِرَ كَذَلِكَ فَيُسَمَّى صَرِيحَ الشِّغَارِ وَمِنْ الْقِسْمَيْنِ يُفْهَمُ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا كَزَوِّجْنِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك بِلَا مَهْرٍ فَيُسَمَّى كُلُّ جُزْءٍ بِاسْمِ كُلِّهِ وَيُحْكَمُ بِحُكْمِهِ   [حاشية العدوي] وَعَدَمُ الْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدِهَا وَكُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وَهُوَ عَدَمُ إخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا وَالتَّزَوُّجُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا مَعْنَاهُ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَلَدِهَا وَلَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ مَاشِطَةً أَوْ قَابِلَةً مَثَلًا وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ خُرُوجَهَا لِصَنْعَتِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ عب. (قَوْلُهُ: صُورَتُهَا زَوْجَةٌ فِي الْعِصْمَةِ) بِهَذَا التَّصْوِيرِ يُعْلَمُ عَدَمُ تَكْرَارِهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ خَالَفَ وَفَعَلَ ذَلِكَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا يَلْزَمُهُ عَدَمُ الزَّوَاجِ وَإِذَا خَالَفَ وَتَزَوَّجَ لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُسْقِطَ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ مَا تَقَرَّرَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِلَا يَمِينٍ أَنَّهَا تَرْجِعُ سَوَاءٌ خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ تَحْقِيقًا لِلْعِوَضِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُفِيدَ رُجُوعَهَا بِمَا إذَا خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ لَا بُعْدٍ كَالسَّنَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُخْرَجٌ مِمَّا تَضَمَّنَهُ التَّشْبِيهُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ) وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ فَإِنْ قُلْت هَلَّا كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا كَذَلِكَ قُلْت هَذَا بَعِيدٌ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ فَهُوَ قَرِيبٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ خَالَفَ وَتَزَوَّجَ إلَخْ) أَيْ فَصُورَةُ الْيَمِينِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ فَالسُّرِّيَّةُ حُرَّةٌ أَوْ فَهِيَ طَالِقٌ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ دُونَ الْأَلْفِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَائِنًا وَأَمَّا الْإِسْقَاطُ مَعَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَكَالْإِسْقَاطِ بِلَا يَمِينٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ إنْ خَالَفَ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِسُهُولَةِ كَفَّارَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِالنَّظَرِ لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ . (قَوْلُهُ: أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَك إلَخْ) يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمَانِ فَسْخُ النِّكَاحِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَلَهَا بَعْدُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَمَدْخُولُ الْكَافِ أَمْرَانِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْمَهْرُ أَيْ أَوْ زَوِّجْنِي كَأُخْتِك بِمِائَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَزَوِّجْنِي وَأَنْكِحْنِي وَأَعْطِنِي. (قَوْلُهُ: لُغَةً الرَّفْعُ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقُ الرَّفْعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ رَفْعٌ مَخْصُوصٌ الَّذِي هُوَ رَفْعُ الْكَلْبِ لِقَوْلِهِ مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ رَفَعَهَا لِلْبَوْلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ بُلُوغِهِ فَقَدْ اتَّفَقَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقْدَمُ عَلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَقُومُ لَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَنَا سَمِعْت مِنْهُ أَنَّ الْكَلْبَ إذَا بَلَغَ يَرْفَعُ رِجْلَهُ عِنْدَ الْبَوْلِ وَأَنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَ لَفْظَةً، وَقَوْلُهُ اُسْتُعْمِلَ أَيْ لُغَةً وَقَوْلُهُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الْمَهْرِ أَيْ لُغَةً وَقَوْلُهُ فَكَأَنَّ كُلًّا إلَخْ أَيْ يَقُولُهُ لَفْظًا وَإِلَّا فَهُوَ قَائِلُهُ مَعْنًى. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الْمَهْرِ إلَخْ) أَيْ فِي الْعَقْدِ الْمُحْتَوِي عَلَى رَفْعِ الْمَهْرِ لِقَوْلِهِ فَكَأَنَّ كُلًّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ وَطْئًا بِوَطْءٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ ذَا وَطْءٍ بِوَطْءٍ وَقَوْلُهُ وَفِعْلًا بِفِعْلٍ هُوَ نَفْسَ الْوَطْءِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُكَافَأَةِ) كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَهُ فَكَافَأَهُ الْآخَرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْهَمَ تَوَقُّفُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ. (قَوْلُهُ: يُفْهَمُ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 وَوَجْهُ تَسْمِيَةِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَجْهًا أَنَّهُ أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَقِيلَ إنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا لَيْسَ بِشِغَارٍ لِعَدَمِ خُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الصَّدَاقِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَهُوَ شِغَارٌ فَكَانَ التَّسْمِيَةُ فِيهِمَا كَلَا تَسْمِيَةَ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ وَجْهَ الشِّغَارِ أَوْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَرَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ اسْتَوَيَا فِي قَدْرِهِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ. وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْقِسْمِ الثَّانِي صَرِيحًا فَهُوَ وَاضِحٌ لِلْخُلُوِّ عَنْ الصَّدَاقِ (ص) وَفُسِخَ فِيهِ وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ فِي صَرِيحِ الشِّغَارِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّرِيحِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَمَا إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى. (ص) وَعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ أَبَدًا (ش) عَطْفٌ عَلَى فِيهِ وَنَسَخَهُ حُلُولُو بِأَوْ أَيْ يُفْسَخُ أَبَدًا مِنْ زَوْجِ أَمَتِهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَادَ مِنْهَا أَوْ بَعْضِهَا أَحْرَارٌ وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ وَوَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا فُسِخَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ (ص) وَلَهَا فِي الْوَجْهِ وَمِائَةٌ وَخَمْرٌ أَوْ مِائَةٌ وَمِائَةٌ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (ش) الْكَلَامُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا تَقَدَّمَ كَالتَّتِمَّةِ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي نِكَاحِ الشِّغَارِ لِلْمَرْأَةِ وَذَكَرَ مَعَهُ مَسْأَلَةَ مَنْ تَزَوَّجَ بِمِائَةٍ وَخَمْرٍ أَوْ بِمِائَتَيْنِ مِائَةٌ نَقْدًا وَمِائَةٌ إلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا صَاحَبَ الْحَلَالَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْمَجْهُولِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ زَادَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (عَلَى الْجَمِيعِ) الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ بِأَنْ كَانَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَثَلًا فَتَأْخُذَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُزَادُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَتَأْخُذُهُمَا حَالَّتَيْنِ وَلَا تُعْطِي الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمِائَةِ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَأَخْذُهَا حَالَّةً أَحْسَنُ لَهَا فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ فَلَوْ أُرِيدَ بِالْمُسَمَّى الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ إلَّا وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ فَلَا يُبَالِغُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ تِسْعِينَ أَخَذَتْ مِائَةً؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْحَلَالَ وَهِيَ الْمِائَةُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ صَدَاقُ الْمِثْلِ (ص) وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ إنْ كَانَ فِيهِ (ش) قُدِّرَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَبِالتَّأْجِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِقُدِّرَ وَالْمَعْلُومُ صِفَةٌ لَهُ أَيْ وَقُدِّرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ إنْ وُجِدَ فِي الْمُسَمَّى مَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى ثَلَاثَمِائَةٍ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ إلَى سَنَةٍ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَإِنَّ الْمَجْهُولَ يُلْغَى وَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّ فِي صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى مِائَةً إلَى سَنَةٍ فَإِنْ قِيلَ مِائَتَانِ فَقَدْ اسْتَوَى الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ فَتَأْخُذُ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ وَإِنْ قِيلَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَتَأْخُذُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ فَتَأْخُذُ مِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ وَذَلِكَ خَيْرٌ لَهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ لَهَا فِي الْوَجْهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَجْهِ مِنْهُمَا فَكَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ فَقَطْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مَا سَبَقَ (فِيمَا إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا وَدَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا   [حاشية العدوي] أَيْ الْمُرَكَّبُ مِنْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ فَهِيَ حَقِيقَةٌ تَرَكَّبَتْ مِنْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ فَيُسَمَّى الْفَاءُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ إلَّا لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ التَّسْمِيَةُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ أَكْثَرُ وُقُوعًا) أَيْ أَكْثَرُ الْتِفَاتًا وَالْوَجْهُ أَكْثَرُ الْتِفَاتًا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ) وَجْهٌ ثَالِثٌ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى نِكَاحُ شِغَارٍ أَيْ نِكَاحٌ ذُو مُقَابَلَةٍ مَنْسُوبَةٍ لِشِغَارٍ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ احْتَوَى عَلَى صَدَاقَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ وَهُوَ نُسْخَتُهُ بِأَوْ لَا بِإِذْ. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ فِيهِ وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ) إشَارَةٌ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ الشِّغَارِ وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا فَالْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ وَجْهِهِ وَغَيْرُ الْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ صَرِيحِهِ وَلِلَّهِ دَرُّ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَا وَافَقَ مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ حُكْمَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَذَكَرَ حُكْمَ مَا خَالَفَ مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ حُكْمَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الشِّغَارِ وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَتَعَرَّضَ فِيمَا يَأْتِي لِمَا يَجِبُ فِيهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا يَجِبُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَمَّا كَانَ فِي صَرِيحِهِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي فِي كَلَامِهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَسَائِلِ الْبَابِ وَلَمَّا كَانَ فَسْخُهُ أَبَدًا مُخَالِفًا لَهَا تَعَرَّضَ لَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي أَبَدًا . (قَوْلُهُ: مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ السَّيِّدُ بِانْبِرَامِ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ وَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْعِتْقُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ) أَيْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الصَّدَاقَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ صَدَاقُهَا كَثِيرًا فَإِنْ قُلْت هَذَا أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ فَوَجَبَ صَدَاقُ الْمِثْلِ قُلْت لَمَّا تَمَّ مَقْصُودُهُ مِنْ حُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ وَتَلَفِهِمْ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِمْ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى . (قَوْلُهُ: كَالتَّتِمَّةِ) لَمْ يَقُلْ تَتِمَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مُسْتَقِلٌّ بِذَاتِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ تَتِمَّةٌ إلَّا إذَا كَانَ فَهْمُ مَعْنَى الْأَوَّلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ حُكْمًا مُتَعَلِّقًا بِهِ عُدَّ كَالتَّتِمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْأَكْثَرَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي وَجْهِ الشِّغَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَفِي الْمِائَةِ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ قَوْلٌ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَلَوْ نَقَصَ عَنْ الْمِائَةِ أَوْ زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَهْرَامُ وَلَا التَّوْضِيحُ مُقَابِلًا فِي مِائَةٍ وَخَمْرٍ. (قَوْلُهُ: أَحْسَنَ لَهَا) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ . (قَوْلُهُ: بِالْمُؤَجَّلِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّأْجِيلَ بِمَعْنَى الْمُؤَجَّلِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَلَاقَتُهُ التَّعَلُّقُ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لِذِي الْمُؤَجَّلِ وَالْمَعْنَى وَاعْتُبِرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِّ الْمَعْلُومُ وَالْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَجْهُولِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِتُؤُوِّلَتْ أَيْ تُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَقَطْ لَا الْأَكْثَرِ فِي التَّسْمِيَةِ لِإِحْدَاهُمَا إذَا دَخَلَ بِهَا وَإِنَّمَا الْأَكْثَرُ فِيمَا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا هَذَا ظَاهِرُهُ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ جَارٍ فِيمَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ فَقَطْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لَشَمِلَهُمَا (ص) وَفِي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ أَوْ تَعْلِيمِهَا قُرْآنًا أَوْ إحْجَاجِهَا وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ وَكَرَاهَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ بِمَنَافِعِ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ فِي عَقْدِ إجَارَةٍ أَوْ وَقَعَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ قُرْآنًا مَحْدُودًا بِحِفْظٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ وَقَعَ عَلَى أَنْ يُحْجِجَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَوْ يُزَوِّرَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَهَلْ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ حُكْمُهُ الْمَنْعُ أَوْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ خِلَافٌ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَالْإِجَارَةُ تُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ إلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ بِالْجُعْلِ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُعُولِ لَهُ إذْ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَهُوَ نِكَاحٌ عَلَى خِيَارٍ فَاللَّامُ فِي الْفَسْخِ لِلْغَايَةِ لَا لِلتَّعْلِيلِ وَالْمُرَادُ بِالْفَسْخِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَيْ إلَى فَسْخِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَعَرُّضٌ لِكَوْنِ النِّكَاحِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ أَمْ لَا وَإِنْ أُرِيدَ فَسْخُ النِّكَاحِ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بَلْ مَا قَبْلَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بَعْدَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ يَمْضِي بِمَا وَقَعَ بِهِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ النِّكَاحَ يَمْضِي بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ (ص) كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ وَالْأَجَلِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ لَا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّغَالِيَ فِي الصَّدَاقِ مَكْرُوهٌ وَتَخْتَلِفُ أَحْوَالُ النَّاسِ فِيهِ فَرُبَّ امْرَأَةٍ يَكُونُ الصَّدَاقُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا قَلِيلًا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ كَثِيرًا وَرُبَّ امْرَأَةٍ يَكُونُ الصَّدَاقُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَثِيرًا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الرِّجَالُ فَالرُّخْصُ فِيهِ وَالْمُغَالَاةُ يُنْظَرُ فِيهِمَا لِحَالِ الزَّوْجَيْنِ وَالْمُغَالَاةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا مِثْلُ سَافَرَ؛ لِأَنَّ الْغُلُوَّ لَا يَطْلُبُهُ الزَّوْجُ بَلْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا فَقَطْ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الْأَجَلُ فِي الصَّدَاقِ وَلَوْ إلَى سَنَةٍ لِئَلَّا يَتَدَرَّعَ النَّاسُ إلَى النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيُظْهِرُونَ أَنَّ هُنَاكَ صَدَاقًا ثُمَّ تُسْقِطُهُ الْمَرْأَةُ وَلِمُخَالَفَةِ السَّلَفِ، وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ. (ص) وَإِنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ عَيَّنَهَا أَوْ لَا فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ دَخَلَ فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا إنْ تَعَدَّى بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ عَلِمَا وَعَلِمَ الْآمِرُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَسَيَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ سِوَى الْأَلْفِ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَثْبُتَ تَعَدِّيهِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَسَيَأْتِي وَإِنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ حَضَرَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلزَّوْجَةِ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ الْمُتَعَدَّى فِيهَا؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ الْفِعْلِيَّ يُوجِبُ الْغُرْمَ عَلَى الْمَشْهُورِ. فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ أَيْ أَمَرَ شَخْصًا وَالضَّمِيرُ فِي عَيْنِهَا لِلزَّوْجَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ وَلَا مَفْهُومَ لِأَلْفٍ (ص) وَإِلَّا فَتُحَلِّفُ هِيَ إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ (ش) تُحَلِّفُ ثُلَاثِيٌّ مُضَعَّفٌ مُتَعَدٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْوَكِيلُ وَفَاعِلُهُ الزَّوْجَةُ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ إنْ تَعَدَّى بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَكَثِيرًا مَا يُنَزِّلُ الْمُؤَلِّفُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ كَالْمَنْطُوقِ فَيُفَرِّعُ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ مَذْكُورٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّي الْوَكِيلِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ وَكَّلَنِي الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَفَعَلْت كَمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فِي عَقْدِ إجَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ آجُرُك دَارِي سَنَةً مَثَلًا عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَنَافِعُ مَهْرًا فَلَيْسَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُسْتَقِلًّا بَلْ هُوَ عَقْدُ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: حُكْمُهُ الْمَنْعُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ بِالْجُعْلِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهَا أَتَزَوَّجُك وَأَجْعَلُ مَهْرَك إتْيَانِي لَك بِعَبْدِك الْآبِقِ فَالْجَاعِلُ الزَّوْجَةُ وَالْمَجْعُولُ لَهُ هُوَ ذَلِكَ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ نِكَاحٌ عَلَى خِيَارٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلُ لَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ يَمْضِي بِمَا وَقَعَ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يَمْضِي بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: يَمْضِي بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ) أَيْ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِتِلْكَ الْمَنَافِعِ وَلَا فَسْخَ لِلنِّكَاحِ وَلَا لِلْإِجَارَةِ وَعِبَارَةُ شب وَالْمَشْهُورُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً لَكِنَّهُ يَمْضِي بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ الْمَنَافِعِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ انْتَهَى فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَيَرْجِعُ بِعَمَلِهِ . (قَوْلُهُ: مِثْلُ سَافَرَ إلَخْ) الشَّاهِدُ إنَّمَا هُوَ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَعَافَاهُ اللَّهُ مِنْ الْمُعَافَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَافَاةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ لَا مِنْ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الْأَجَلُ فِي الصَّدَاقِ) وَلَوْ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: يَتَدَرَّعَ) أَيْ يَتَوَسَّلُ وَهِيَ فِي نُسْخَتِهِ بِدُونِ نُقْطَةٍ وَلَكِنْ فِي الْأَصْلِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ . (قَوْلُهُ: بِأَلْفٍ) فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: بِأَلْفَيْنِ أَيْ وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَزَادَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ زِيَادَةٌ لَا تُغْتَفَرُ فَالدِّينَارَانِ فِي عِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ فِي الْمِائَةِ يَسِيرَةٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَا وَعَلِمَ الْآمِرُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ وَهِيَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ عَلِمَ الزَّوْجَانِ أَيْ أَوْ عَلِمَ الْآمِرُ الَّذِي هُوَ الزَّوْجُ أَيْ أَوْ عَلِمَتْ الزَّوْجَةُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عج عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِإِقْرَارٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَالتَّقْدِيرُ إنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ وَإِلَّا فَالتَّعَدِّي لَا يَكُونُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ: حَضَرَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ وَحَضَرَتْ عَقْدَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَالتَّعَدِّي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغُرُورَ الْفِعْلِيَّ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ مُقَابِلَهُ يَقُولُ بِأَنَّ الْغُرُورَ الْفِعْلِيَّ لَا يُوجِبُ الْغُرْمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 أَمَرَنِي وَالزَّوْجُ يَقُولُ إنَّمَا أَمَرْته بِأَلْفٍ فَقَطْ فَتُحَلِّفُ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ أَوَّلًا مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ وَأَنَّهُ مَا عَلِمَ بِمَا زَادَ الْوَكِيلُ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ. زَادَ بَعْضٌ وَأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ بِهِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ وَضَاعَتْ عَلَيْهَا الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ حَلَفَتْ هِيَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِأَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ كَانَ بِأَلْفَيْنِ وَغَرِمَ لَهَا الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَهُنَاكَ نُسَخٌ عِدَّةٌ فَانْظُرْهَا (ص) وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ إنْ نَكَلَ وَغَرِمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَكِيلَ إذَا نَكَلَ وَغَرِمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ قَالَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْأَلْفَ لِلزَّوْجِ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ تَكُونُ يَمِينُ الزَّوْجِ عَلَى تَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى إبْطَالِ قَوْلِ الرَّسُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُقِرًّا وَلَا يَكُونُ لَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ وَعَلَى الثَّانِي لَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ قَالُوا وَيُلْتَفَتُ فِي هَذَا أَيْضًا إلَى النُّكُولِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَوْ لَيْسَ كَالْإِقْرَارِ فَيُحَلِّفُهُ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْآخَرَ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ دَخَلَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالتَّعَدِّي قَبْلَ الْعَقْدِ وَرَضِيَ الزَّوْجُ بِالْأَلْفَيْنِ لَزِمَ الزَّوْجَةَ أَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِأَلْفٍ لَزِمَ الزَّوْجَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَزِمَ الْآخَرَ سَوَاءٌ ثَبَتَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (ص) لَا إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَ النِّكَاحُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: حَلَفَتْ هِيَ إلَخْ) وَصِفَةُ يَمِينِهَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ إلَّا بِأَلْفَيْنِ لَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ أَمَرَ الرَّسُولَ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ وَصُورَةُ يَمِينِهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ حَلَفَتْ وَغَرِمَ لَهَا إنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ وَإِلَّا غَرِمَ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَغَيْرِهِ. (وَأَقُولُ) كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ مَحَلَّ حَلِفِهَا بَعْدَ نُكُولِ الزَّوْجِ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَيَغْرَمُ الزَّوْجُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ أَنَّ صِيغَةَ يَمِينِهَا وَاَللَّهِ إنَّ عَقْدِي كَانَ عَلَى أَلْفَيْنِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ صِيغَةَ يَمِينِهَا عِنْدَ نُكُولِ الزَّوْجِ أَوْ عِنْدَ نُكُولِ الْوَكِيلِ أَنَّ عَقْدَ نِكَاحِهَا كَانَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَإِنَّمَا يَكُونُ حَلِفُهَا عِنْدَ نُكُولِ أَحَدِهِمَا فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ لَا فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ، وَلِذَلِكَ قَالَ عج بَعْدَ كَلَامٍ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَ الْوَكِيلَ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ وَإِلَّا فَبَعْدَ حَلِفِهَا انْتَهَى. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى فَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ كَمَا تَرَى فَيَكُونُ دَعْوَاهَا التَّحْقِيقِيَّةَ أَنَّ عَقْدَ نِكَاحِهَا كَانَ عَلَى أَلْفَيْنِ لَا أَنَّ الزَّوْجَ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ إلَخْ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ بِأَلْفَيْنِ بَيِّنَةٌ غَيْرَ قَوْلِ الرَّسُولِ حَلَفَ الزَّوْجُ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ وَمَا عَلِمَ بِمَا زَادَهُ الْوَكِيلُ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ هُنَا لَمْ يَغْرَمْ حَتَّى تَحْلِفَ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ كَانَ بِأَلْفَيْنِ لَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ أَمَرَ الرَّسُولَ بِأَلْفَيْنِ انْتَهَى وَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ حَلِفَهَا عَلَى تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ عَقْدَ نِكَاحِهَا كَانَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَإِنَّمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ قَالَ عج مُتَمِّمًا لِذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى وُقُوعِ النِّكَاحِ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الْوَكِيلُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ بِأَلْفَيْنِ أَوْ صَدَّقَهَا الْوَكِيلُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مَا أَمَرَ الْوَكِيلَ إلَّا بِأَلْفٍ فَلَهَا أَنْ تُحَلِّفَ الْوَكِيلَ أَنَّ الزَّوْجَ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرَ الْأَلْفِ. وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَنَّ الزَّوْجَ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ وَأَنَّهُ تَعَدَّى فِي الْعَقْدِ عَلَى أَلْفَيْنِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ مَا أُمِرَ الْوَكِيلُ إلَّا بِأَلْفَيْنِ وَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْته مِنْ تَحْلِيفِهَا لِلْوَكِيلِ فِيمَا إذَا حَلَفَ الزَّوْجُ مُشْكِلٌ وَذَلِكَ أَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ الْوَكِيلَ بِالتَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ عَدَمَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ فَكَيْفَ تُحَلِّفُهُ إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مَا تَعَدَّى فِي التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ وَأَنَّهُ إذَا نَكَلَ تَحْلِفُ أَنَّهُ تَعَدَّى فِي التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ قُلْت قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ حَلِفَ الزَّوْجِ لِرَدِّ دَعْوَاهَا بِمَنْزِلَةِ ثُبُوتِ تَعَدِّي الْوَكِيلِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ نُسَخٌ عِدَّةٌ فَانْظُرْهَا) إذْ فِي نُسْخَةٍ وَإِلَّا فَتُحَلِّفُهُ هِيَ أَيْ فَتُحَلِّفُ الْوَكِيلَ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ إقْرَارٌ وَلَا بَيِّنَةٌ بِالتَّعَدِّي فَتُحَلِّفُهُ هِيَ وَفِي نُسْخَةٍ فَتَحْلِفُ هِيَ إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ بِلَفْظِ تَحْلِفُ ثُلَاثِيًّا غَيْرَ مُتَعَدٍّ أَيْ وَقَدْ نَكَلَ الْوَكِيلُ، وَنُسْخَةٍ وَإِلَّا فَتَحْلِفُ هِيَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) قَالَ بَهْرَامُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ مُدَّعٍ أَمْرَيْنِ صِحَّةَ قَوْلِهِ وَإِبْطَالَ قَوْلِ الْوَكِيلِ فَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُدَّعِيًا إبْطَالَ قَوْلِ الْوَكِيلِ بِحَلِفِهِ عِنْدَ نُكُولِهِ بِمَثَابَةِ إنْسَانٍ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِدَعْوَةٍ، وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا عَلَى تَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ فَلَا عَلَاقَةَ لَهُ بِالرَّسُولِ فَإِذَا نَكَلَ فَلَا يُحَلِّفُهُ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ لَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْآخَرَ) يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ حُرًّا رَشِيدًا وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُ فَإِذَا دَخَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي دُخُولِ السَّفِيهِ وَالْعَبْدِ الْقَدْرُ الَّذِي أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ وَوَلِيُّ الزَّوْجِ وَهُوَ الْأَلْفُ لَا مَا زَوَّجَ بِهِ الْوَكِيلُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ فِيهِمَا فُسِخَ النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَالْفَسْخِ إذَا أَبَى الزَّوْجُ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ كَذَا فِي شَرْحِ عج. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ لَا) تَضَمَّنَ ذَلِكَ سِتَّ صُوَرٍ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّوْكِيلِ بِأَلْفٍ وَعَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ أَوْ يَحْصُلُ تَصَادُقٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ التَّصَادُقُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَيِّنَةُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ حَصَلَ الْبَيِّنَةُ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْآخَرِ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَوْ حَصَلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَالَ الْآخَرُ لَا إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِمِنَّةِ الْوَكِيلِ عَلَى الزَّوْجِ وَالضَّرَرِ عَلَيْهِ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ صَدَاقُهَا كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِمَّنْ صَدَاقُهَا قَلِيلٌ إلَّا النَّادِرَ مِنْ النِّسَاءِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا الْتَزَمَ الزِّيَادَةَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ. (ص) وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارَهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ رَضِيَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِمَا ادَّعَى الْآخَرُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ وَلَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بِمَا ادَّعَاهُ بَيِّنَةٌ أَيْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُ أَنَّهُ وَكَّلَ بِأَلْفٍ فَقَطْ وَلَا لَهَا أَنَّ عَقَدَهَا وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِلزَّوْجِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَهُ وَلَمْ تَقُمْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ فَإِنْ قَامَتْ لَهَا فَقَطْ فَلَهَا أَنْ تُحَلِّفَ الزَّوْجَ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَقَطْ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ وَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ إمَّا أَنْ تَرْضَيْ بِالْأَلْفِ وَإِلَّا فُسِخَ النِّكَاحُ بَيْنَكُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ. وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلزَّوْجِ فَقَطْ فَلَهُ تَحْلِيفُهَا أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِأَلْفٍ فَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ وَإِنْ حَلَفَتْ قِيلَ لِلزَّوْجِ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَكُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لَكِنْ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُمَا وَهِيَ أَوْلَى الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ لَكِنْ أَفَادَ هُنَا أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِمَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ الْمَبْدَأِ بِالْيَمِينِ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ إلَّا الرِّضَا أَوْ الْفَسْخُ وَهِيَ رَابِعَةُ الصُّوَرِ. (ص) وَلَا تُرَدُّ إنْ اتَّهَمَهُ (ش) أَيْ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ الَّتِي تَوَجَّهَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا بَلْ يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَ الْآخَرُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ اتَّهَمَهُ بِأَنْ تَوَجَّهَتْ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَنَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ عَقَدَ نِكَاحَهَا بِأَلْفَيْنِ فَنَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ، وَالنُّكُولُ هُنَا كَالْإِقْرَارِ أَمَّا لَوْ حَقَّقَ الدَّعْوَى عَلَى صَاحِبِهِ كَأَنْ قَالَتْ أَنَا أَتَحَقَّقُ أَنَّك أَمَرْت أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفَيْنِ أَوْ قَالَ هُوَ أَنَا أَتَحَقَّقُ أَنَّك رَضِيت أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفٍ فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ. (ص) وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ (ش) أَيْ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ بُدَاءَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ عَلَى تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ بَيْنَ الْفَسْخِ أَوْ الرِّضَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ إنْ قَامَ لِلزَّوْجَةِ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ وَصِفَةُ يَمِينِهِ مَا أَمَرَ وَكِيلَهُ إلَّا بِأَلْفٍ فَقَوْلُهُ مَا أَمَرَهُ إلَخْ مَفْعُولُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ. (ص) وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ بَلْ عُدِمَتْ لَهَا كَمَا عُدِمَتْ لَهُ عَلَى التَّوْكِيلِ بِأَلْفٍ وَهِيَ أَوْلَى الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ فَتَحْلِفُ أَنَّ صَدَاقَهَا بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ يُقَالُ لِلزَّوْجِ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِأَلْفَيْنِ أَوْ تَحْلِفَ إنَّمَا أَمَرَتْ الْوَكِيلَ بِأَلْفٍ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ   [حاشية العدوي] التَّصَادُقُ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَمَعْنَى التَّصَادُقِ مِنْهُمَا أَيْ بِأَنْ يُصَدِّقَهَا عَلَى أَنَّ عَقْدَهَا وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَهِيَ تُصَدِّقُهُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ، وَمَعْنَى قِيَامِ الْبَيِّنَةِ مِنْ جَانِبٍ وَالتَّصَادُقِ مِنْ جَانِبٍ أَنْ يُصَدِّقَهَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ وَهِيَ تُنْكِرُ ذَلِكَ فَتَأْتِي بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ) أَيْ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ النِّكَاحِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَأَمَّا لَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ النِّكَاحُ وَلَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ. (قَوْلُهُ: لِمِنَّةِ الْوَكِيلِ إلَخْ) أَيْ فَحِينَئِذٍ يُقَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْتِزَامُ الْوَكِيلِ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ فِي عَقْدٍ تَوَلَّاهُ أَوْ لِمَا يَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّوْجِ مِنْ عَدَاوَةٍ، وَلَا ضَرَرَ فِي زِيَادَةِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ النِّكَاحُ وَإِنْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَانْظُرْ إذَا الْتَزَمَ الْوَكِيلُ زَائِدَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْمِنَّةَ فَهَلْ لِلزَّوْجِ مَقَالٌ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَذَا اسْتَظْهَرَ عج. (وَأَقُولُ) عِلَّةُ اللُّزُومِ فِي الْمَهْرِ السَّتْرُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَاحْتِمَالُ مَانِعِ الْمَوْتِ لَا يُعَارِضُ الْعِلَّةَ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارَهُ) وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ لَا الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ فَالْكَلَامُ لِلسَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) أَيْ لَهُمَا مَعًا فَالصُّوَرُ حِينَئِذٍ ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ) أَيْ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَوْلَى الصُّوَرِ) يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُمَا مَعًا بَلْ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ بِيَمِينٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ تَدَاعِيهمَا حَقِيقَةً فَاحْتِيجَ لِلْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الرِّضَا أَوْ الْفَسْخُ) أَيْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّ عَقْدَ نِكَاحِهَا بِأَلْفَيْنِ) كَذَا فِي شَرْحِ شب وعب الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِأَلْفٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ قَالَ هُوَ أَتَحَقَّقُ أَنَّك رَضِيت أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَحْلِفُ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ عَلَى تَخْيِيرِهَا، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا لِابْنِ يُونُسَ لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَا لِابْنِ يُونُسَ هُوَ إحْدَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَاتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا بَعْدُ لِيُبَيِّنَ مَا لِابْنِ يُونُسَ فِيهَا مِنْ التَّرْجِيحِ أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: فَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ خَالَفَ فِيهِ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْمَبْدَأَ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 وَمَنْ نَكَلَ لَزِمَهُ قَوْلُ الْآخَرِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ وَيَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. (ص) وَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّعَدِّي فَأَلْفٌ وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ (ش) مَا مَرَّ جَمِيعُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالتَّعَدِّي كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ سَابِقًا وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ بِالتَّعَدِّي فَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ هُنَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا عَلِمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى وُطِئَتْ بِالتَّعَدِّي مِنْ الْوَكِيلِ فَالْوَاجِبُ لَهَا أَلْفٌ فَقَطْ وَإِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِالتَّعَدِّي قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَاسْتَوْفَى الْبُضْعَ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَلْفَانِ فَقَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ أَيْ فَأَلْفَانِ لَازِمَانِ فِي الْعَكْسِ فَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ. (ص) وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ وَعَلِمَ بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَأَلْفَانِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْعِلْمِ الْمُرَكَّبِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ الْعِلْمِ الْبَسِيطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فِي الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ وَدَخَلَ عَلَى ذَلِكَ مَلَكَهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَيُقْضَى لِلزَّوْجَةِ بِأَلْفَيْنِ نَظَرًا لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِعِلْمِ الزَّوْجَةِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا إذَا عَلِمَا مَعًا بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَيُقْضَى أَيْضًا لَهَا بِأَلْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا فَقَطْ فَأَلْفٌ وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَالَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الزَّوْجَيْنِ عَلِمَا بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فِي الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ وَعَلِمَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِالتَّعَدِّي فَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ الْعَالِمُ هُوَ الزَّوْجُ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا أَلْفٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ قَدْ مَكَّنْتنِي مِنْ نَفْسِك مَعَ عِلْمِك بِالتَّعَدِّي وَأَنَا مَا دَخَلْت عَلَيْك إلَّا مَعَ عِلْمِي أَنَّك رَضِيت بِالْأَلْفِ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الَّتِي عَلِمَتْ بِعِلْمِ الزَّوْجِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِالْأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَقَدْ دَخَلَ رَاضِيًا بِالْأَلْفَيْنِ، وَالزَّوْجَةُ قَدْ عَلِمَتْ بِعِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَمْ تُمَكِّنْهُ إلَّا عَلَى الْأَلْفَيْنِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجِ شَرَعَ فِي تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ فَقَالَ (ص) وَلَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا كَالرَّشِيدَةِ وَالْيَتِيمَةِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُسَمِّ لَهُ قَدْرًا مِنْ الصَّدَاقِ وَسَوَاءٌ عَيَّنَتْ لَهُ الزَّوْجَ أَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِي غَيْر ِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَقَوْلُهُ الْآتِي وَالرِّضَا بِدُونِهِ لِلرَّشِيدَةِ إلَخْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَإِذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ حَيْثُ زُوِّجَتْ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ كَانَ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَنْ زَوَّجَهُ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ بِخِلَافِ الْمُزَوِّجِ لَهُ. (ص) وَعَمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ وَحَلَّفَتْهُ إنْ   [حاشية العدوي] الزَّوْجُ وَالرَّاجِحُ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْمَبْدَأَ فِي هَذِهِ بِالْيَمِينِ هُوَ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ لَا أَنَّهُمَا بِفَرَاغِهِمَا مِنْ الْيَمِينِ يَقَعُ الْفَسْخُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَرْجِعَ لِقَوْلِ صَاحِبِهِ مَا لَمْ يُفْسَخْ بِالْحُكْمِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَا أَوْ عَلِمَ الْآمِرُ. (قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِذَا عَلِمَتْ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَكَّنَتْ مِنْ الْعَقْدِ لَزِمَهَا الْأَلْفُ كَذَا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاَلَّذِي قَالَهُ عج أَنَّ عِلْمَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ بِالتَّعَدِّي لَا يُوجِبُ لُزُومَ النِّكَاحِ لَهَا بِالْأَلْفِ إلَّا إذَا انْضَمَّ لِذَلِكَ تَلَذُّذُهُ أَوْ وَطْؤُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَالشَّارِحُ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ تَرْجِعَ قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ أَقْرَبُ وَقَوْلُهُ حَتَّى وُطِئَتْ أَيْ أَوْ حَصَلَ تَلَذُّذٌ [تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ] . (قَوْلُهُ: آذِنَةً) يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهَا آذِنَةً كَوْنُهَا غَيْرَ مُجْبَرَةٍ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْإِذْنِ مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ الَّذِي فِي الْمُجْبَرَةِ فَأَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْيَتِيمَةُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا رَشِيدَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا تَأْذَنُ بِالْقَوْلِ أَنْ تَكُونَ رَشِيدَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ صَدَاقَ مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ فَزَوَّجَهَا) أَيْ بَعْدَ التَّعْيِينِ. (قَوْلُهُ: بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ) مَفْهُومُهُ إنْ وَجَبَ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ إنْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ أَوْ عَيَّنَهُ لَهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَانْظُرْ لَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِإِتْمَامِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ أَنْ أَبَتْ وَالْأَقْرَبُ لُزُومُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ انْتَهَى وَالْقُرْبُ هُنَا كَالْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَبَتْ أَنَّهَا قَبْلَهَا لَهَا الرِّضَا وَلَوْ مَعَ الطُّولِ وَاحْتُرِزَ بِغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مِنْ مُجْبَرَةِ الْأَبِ إذَا زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا وَلَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفَ دِينَارٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهَا وَلَا مَقَالَ فِيهِ لِسُلْطَانٍ وَلَا غَيْرِهِ وَفِعْلُهُ أَبَدًا مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُكْمِلَ إلَخْ) وَفِي الْبَرْمُونِيِّ أَنَّ التَّكْمِيلَ عَلَى الْوَلِيِّ قِيَاسًا عَلَى وَكِيلِ الْبَيْعِ أَوْ النَّاظِرِ يُؤَجِّرُ بِأَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَوَكِيلِ الْبَيْعِ يَبِيعُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ وَتَفُوتُ السِّلْعَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالنَّقْصُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَكِنْ عج اعْتَمَدَ مَا فِي شَارِحِنَا مِنْ أَنَّ التَّكْمِيلَ عَلَى الزَّوْجِ . (قَوْلُهُ: وَعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ) أَيْ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِصَدَاقِ السِّرِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَلِيِّهِمَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلِذَا قَالَ وَعُمِلَ وَلَمْ يَقُلْ وَجَازَ. (قَوْلُهُ: وَحَلَّفَتْهُ إلَخْ) وَانْظُرْ إذَا نَكَلَ هَلْ تَحْلِفُ أَوْ يُفَصَّلُ فِي الدَّعْوَى بَيْنَ التَّحْقِيقِ وَعَدَمِهِ كَذَا نَظَرَ وَقَوْلُ شَارِحِنَا وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَوْ اتِّهَامٍ وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ التَّفْصِيلُ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْرِيرَهُ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَلَانِيَةَ أَكْثَرُ وَالسِّرُّ قَلِيلٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَعْلَنَ الْأَقَلَّ وَأَخْفَى الْأَكْثَرَ لِخَوْفِ ظَالِمٍ يَطَّلِعُ عَلَى كَثْرَتِهِ فَيُصَادِرُ الزَّوْجَ أَوْ أَهْلَ الزَّوْجَةِ أَوْ كَثِيرَ مَحْصُولٍ حُجَّةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 ادَّعَتْ الرُّجُوعَ عَنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَدَاقٍ بَيْنَهُمَا فِي السِّرِّ وَأَظْهَرَا صَدَاقًا فِي الْعَلَانِيَةِ يُخَالِفُ قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ جِنْسًا فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ وَلَا يُعْمَلُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُمَا رَجَعَا عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ إلَى مَا أَظْهَرَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ وَمَحَلُّ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ صَدَاقَ الْعَلَانِيَةِ لَا أَصْلَ لَهُ فَإِنَّ الزَّوْجَ حِينَئِذٍ لَا يَحْلِفُ، وَسَوَاءٌ كَانَ شُهُودُ السِّرِّ هُمْ شُهُودُ الْعَلَانِيَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ. (ص) وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ عَشَرَةٌ نَقْدًا وَعَشَرَةٌ إلَى أَجَلٍ وَسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ سَقَطَتْ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِثَلَاثِينَ مِنْهَا عَشَرَةٌ عَلَى النَّقْدِ وَعَشَرَةٌ إلَى سَنَةٍ مَثَلًا وَعَشَرَةٌ سَكَتَا عَنْهَا فَإِنَّهَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُمَا عَنْ ذِكْرِهَا دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِهَا، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْبَيْعِ لَكَانَتْ الْعَشَرَةُ حَالَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهِ قَدْرٌ وَيَكُونُ فِي السِّرِّ دُونَهُ فَيَكُونُ سُكُوتُهُمْ عَنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ دَلِيلًا عَلَى إسْقَاطِهَا وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ (ص) وَنَقْدُهَا كَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَتَبُوا أَنَّ الزَّوْجَ نَقَدَ زَوْجَتَهُ قَدْرًا مِنْ صَدَاقِهَا وَوَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي عُرْفًا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ قَبَضَتْهُ، وَأَمَّا إنْ قَالَ النَّقْدُ الْمُعَجَّلُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ كَذَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبْضِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي نَقْدِهِ كَذَا قَوْلَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ لَا الْقَبْضَ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا مُقْتَضِيًا لِقَبْضِهِ وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَقَدَهَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي حَيْثُ دَلَّ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَصْدَرِ أَنَّ لَفْظَ الْمَاضِي دَالٌّ عَلَى أَنَّ النَّقْدَ قَدْ حَصَلَ إذْ مَدْلُولُهُ الْحَدَثُ الْمُقْتَرِنُ بِالزَّمَنِ الْمَاضِي. وَأَمَّا الِاسْمُ الدَّالُّ عَلَى الدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ فَيَقْتَضِي الْبَقَاءَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ فِي جَانِبٍ مِنْ صِدْقٍ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ هَذَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بِدَلِيلِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ ذَكَرَهُ فَقَالَ (ص) وَجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ وَاحْتُرِزَ بِالْأَخِيرِ مِمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ فِيمَا يُعَيِّنُهُ مِنْ مَهْرِهَا فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ التَّحْكِيمِ فَقَوْلُهُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرِ صِفَةٍ لِقَوْلِهِ عَقْدٌ وَقَوْلُهُ (بِلَا وُهِبَتْ) حَالٌ مِنْ النَّكِرَةِ الْمَحْضَةِ وَهَذَا الْقَيْدُ الْأَخِيرُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ إذْ الْعَقْدُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ شَامِلٌ لِمَا إذَا قَالَ الْوَلِيُّ وَهَبْتهَا قَاصِدًا بِذَلِكَ النِّكَاحَ وَإِسْقَاطَ الصَّدَاقِ فَاحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِلَا وُهِبَتْ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ وَهَبْتهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّصْدِيقَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ إلَّا أَنَّهُمَا تَنَازَعَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ دَعْوَى الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ فَمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مُعْتَرَفَانِ بِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَظْهَرَا صَدَاقًا فِي الْعَلَانِيَةِ) وَلَا يَضُرُّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى السِّرِّ أَنْ تَقَعَ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْعَلَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ شَهِدْنَا أَنْ يَكُونَ سِرًّا كَذَا وَعَلَانِيَةً كَذَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ إلَخْ) هَذَا كَالتَّفْرِيعِ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا الثَّلَاثِينَ وَاللَّازِمُ إنَّمَا هُوَ الْعِشْرُونَ . (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ) وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ أَنَّهُ مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ كَقَوْلِك ضَرْبُ هِنْدٍ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى وُقُوعِ الضَّرْبِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي وَثِيقَةِ الصَّدَاقِ نَقْدُهَا كَذَا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا وَلَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ أَحَدَهُمَا، فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَمِنْ الْقَرِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا إذَا كَانَ عُرْفُهُمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتُبُونَ صِيغَةَ الْمَاضِي فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فِي الصَّادِرِ مِنْ الزَّوْجِ هَلْ الْفِعْلُ أَوْ الْمَصْدَرُ وَلَمْ يَضْبِطْ الشُّهُودُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ عُرْفٌ بِعَيْنِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: النَّقْدُ الْمُعَجَّلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ النَّقْدُ فِيهِ كَذَا لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ) لَمْ يَمُرَّ. (قَوْلُهُ: وَالثُّبُوتُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ الثَّبَاتُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَقْتَضِي الْبَقَاءَ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَدْلُولَ الِاسْمِ أَنَّ النَّقْدَ حَصَلَ وَاسْتَمَرَّ وَلَا يُعْقَلُ اسْتِمْرَارٌ هُنَا فَيُنْظَرُ لِمَا عَدَاهُ وَهُوَ الْحُصُولُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَمَا قَامَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ إنَّمَا تُعُورِفَ كَوْنُهُ لِلْجُمْلَةِ لَا لِلِاسْمِ [نِكَاحِ التَّفْوِيضِ] (قَوْلُهُ: وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ) أَيْ لِحُكْمِ أَحَدٍ هَذَا التَّقْرِيرُ بِمَا يُفْهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ شَامِلٌ لِلتَّحْكِيمِ وَالتَّفْوِيضِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالتَّفْوِيضِ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا وُهِبَتْ يُعَيِّنُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّحْكِيمَ بِقَوْلِهِ مَا عُقِدَ عَلَى صَرْفِ قَدْرِ مَهْرِهِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُحَكَّمُ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ النَّكِرَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ عَقْدٌ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَهُوَ أَنَّ فِيهِ تَعَلُّقٌ جَارَّيْنِ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَقَوْلُهُ الْمَحْضَةِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ " الْمُخْتَصَّةِ " أَيْ بِالْوَصْفِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْعَقْدُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ شَامِلٌ إلَخْ) وَلَكِنَّ لَفْظَ ذِكْرِ يُبْعِدُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّالِبَةُ تُصَدَّقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: قَاصِدًا بِذَلِكَ النِّكَاحَ وَإِسْقَاطَ الصَّدَاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 لَك مَعَ ذِكْرِ الصَّدَاقِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ. (ص) وَفُسِخَ إنْ وُهِبَتْ نَفْسُهَا قِبَلَهُ وَصُحِّحَ أَنَّهُ زِنًا (ش) وُهِبَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَفْسُهَا تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي وُهِبَتْ أَيْ وُهِبَتْ ذَاتُهَا كَانَ الْوَاهِبُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا لَا مَهْرُهَا إذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا وَأَنَّهُ يُفْسَخُ، قِيلَ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَأَيْضًا قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا تُعَيِّنُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ الذَّاتُ. وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِبَتِهَا النِّكَاحَ وَهِبَةَ الْمَهْرِ فَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قِيلَ بِلَا وُهِبَتْ وَبِقَوْلِهِ أَيْضًا فِيمَا سَبَقَ أَوْ بِإِسْقَاطِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ. (ص) وَاسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ لَا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي اسْتَحَقَّتْهُ يَرْجِعُ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى لَا يُقَالُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ يَعُودُ عَلَى مَذْكُورٍ لَفْظًا أَوْ حُكْمًا أَوْ مَعْنًى كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إلَّا بِالْوَطْءِ لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الْإِرْثُ وَلَا بِطَلَاقٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ (ص) إلَّا أَنْ يُفْرَضَ وَتَرْضَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَرَضَ لَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ وَرَضِيَتْ بِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَفْرُوضَ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَيَتَكَمَّلُ بِالْمَوْتِ، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا وَاشْتِرَاطُ الرِّضَا إذَا كَانَ مَا فَرَضَهُ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى رِضَاهَا إذْ هُوَ لَازِمٌ لَهَا فَتَسْتَحِقُّهُ بِالْمَوْتِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ (ص) وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ بَعْدَهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَرَضَ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِضَاهَا بِهِ حَتَّى طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِمَا فَرَضَهُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ. (ص) وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلزَّوْجَةِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ أَنْ تَطْلُبَ الزَّوْجَ بِأَنْ يُقَرِّرَ لَهَا صَدَاقًا تَعْلَمُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ لَا تَطْلُبَهُ، وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرْضِ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ أَنْ يُقَرِّرَ لَهَا صَدَاقًا. (ص) وَلَزِمَهَا فِيهِ وَتَحْكِيمُ الرَّجُلِ إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ وَلَا يَلْزَمُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إذَا فُرِضَ لَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَهَبَ سِلْعَتَهُ لِلثَّوَابِ فَإِنْ دَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقِيمَةَ لِلْوَاهِبِ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْقِيمَةَ لَمْ تَلْزَمْهُ فَقَوْلُهُ وَلَزِمَهَا فِيهِ أَيْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الزَّوْجُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ شَيْئًا بَلْ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ص) وَهَلْ تَحْكِيمُهَا أَوْ تَحْكِيمُ الْغَيْرِ كَذَلِكَ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ هُوَ الزَّوْجَةُ أَوْ شَخْصٌ آخَرُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ هَلْ هُوَ كَتَحْكِيمِ الزَّوْجِ إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ لَزِمَ النِّكَاحُ لِلزَّوْجَةِ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ مَا فَرَضَهُ الْمُحَكَّمُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَلَوْ قَالَ وَهَلْ فِي تَحْكِيمِهَا أَوْ تَحْكِيمِ الْغَيْرِ يَلْزَمُهَا الْمِثْلُ إنْ فَرَضَهُ الزَّوْجُ وَلَا يَلْزَمُهُ فَرْضُهُ وَلَا مَا فَرَضَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وُهِبَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ) لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَ " نَفْسَهَا " مَفْعُولٌ قَالَ مُحَشِّي تت لِأَنَّهُ إذَا وَهَبَهَا الْوَلِيُّ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ فَقَدْ وَهَبَتْ هِيَ أَيْضًا نَفْسَهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ) أَيْ مَعَ رَفْعِ " نَفْسُهَا " تَأْكِيدًا لِلضَّمِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ مُفِيدٌ لِهِبَةِ الذَّاتِ كَأَنَّهُ يَقُولُ قِرَاءَتُهَا بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَحْسَنُ مِنْ الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لِعُمُومِهَا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ كَانَ الْوَاهِبُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا وَأَيْضًا قِرَاءَتُهَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ الذَّاتُ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهَا بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ الذَّاتُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ. (قَوْلُهُ: فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ) إلَّا أَنَّ الْأُولَى لَا خِلَافَ فِيهَا وَالثَّانِيَةَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِكَوْنِهِ يُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيَّنَ الْبَاجِيُّ الْمُعْتَرِضُ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ زِنًا وَفِيهِ الْحَدُّ وَيَنْتَفِي الْوَلَدُ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي شَرْحِ شب أَنَّ هَذَا التَّصْحِيحَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ . (قَوْلُهُ: بِالْوَطْءِ) وَلَوْ حَرَامًا مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ حَيَّةٍ لَا مَيِّتَةٍ وَانْظُرْ نِكَاحَ التَّحْكِيمِ هَلْ يُسْتَحَقُّ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَا حَكَمَ بِهِ الْمُحَكَّمُ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُكْمُهُ بِكُلِّ حَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُمْ مَثَّلُوا لِلْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ} [المائدة: 8] أَيْ الْعَدْلُ {أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] لَا بِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَقَامِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا مَثَّلُوا بِهِ فَرْضُ مِثَالٍ. (قَوْلُهُ: مَذْكُورٌ لَفْظًا) كَقَوْلِك ائْتِ بِزَيْدٍ وَأَكْرِمْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي ضَمِيرِ الشَّأْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فَالْمَرْجِعُ تَقَدَّمَ حُكْمًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الضَّمِيرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَرْجِعٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُصَدَّقُ) يَصْدُقُ بِمَا إذَا أَبَتْ وَبِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الرِّضَا بِالْمَفْرُوضِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرْضَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَاعِلَ لَزِمَ الْمَفْرُوضُ الْمَذْكُورُ لَا النِّكَاحُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ الدَّعْوَى بِمَعْنَى الِادِّعَاءِ . (قَوْلُهُ: إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ) أَيْ أَوْ حُكِمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ) أَيْ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلتَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ) هَذَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ أَوْ يَحْكُمَ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَهَلْ فِي تَحْكِيمِهَا إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ التَّأْوِيلِ كَمَا قَالَ عج لِأَنَّهُ الْمُصَوَّبُ أَنَّهُ لَا يَفْرِضُ عِنْدَ صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ إلَّا الزَّوْجُ، وَأَمَّا الْمُحَكَّمُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَكَالْعَدِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ فَرْضُهُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 الْغَيْرُ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ (ص) أَوْ إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهُمَا (ش) أَيْ إنْ فَرَضَ الْمُحَكَّمُ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الزَّوْجَيْنِ كَمَا هُوَ مُفَادُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ إشَارَةً إلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ الْمُحَكَّمَ إذَا كَانَ وَلِيًّا أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَ الزَّوْجَيْنِ مَا فَرَضَ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَزِمَ الزَّوْجَ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ بِالْخِيَارِ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الزَّوْجَةَ وَكَانَ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ وَإِلَيْهِ وَإِلَى مَا قَبْلَهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَقَلَّ لَزِمَهُ فَقَطْ وَأَكْثَرَ فَالْعَكْسُ) وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَا يَدْخُلُ فِيهِ تَحْكِيمُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَوْلُهُ فِيهِ وَأَقَلَّ لَزِمَهُ وَأَكْثَرَ فَالْعَكْسُ (ص) أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَكَّمَ بِفَتْحِ الْكَافِ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا إذَا فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ مَعًا وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ وَلَمَّا كَانَ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ وَتَرْضَى عُمُومٌ فِيمَنْ لَهَا الرِّضَا بَيْنَ مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَنْ لَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ (ص) وَالرِّضَا بِدُونِهِ لِلْمُرْشِدَةِ (ش) أَيْ وَجَازَ الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لِلْمُرْشِدَةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَهِيَ الَّتِي رُفِعَ الْحَجْرُ عَنْهَا كَانَتْ ذَاتَ أَبٍ أَمْ لَا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ لَزِمَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الْجَوَازُ وَالْغَرَضُ إفَادَةُ الْجَوَازِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ اللُّزُومُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ إلَّا لِلْأَبِ فَقَطْ (ص) وَلِلْأَبِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجْبَرَةَ ذَاتُ الْأَبِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَنَّسَةً أَوْ لَا يَجُوزُ لِأَبِيهَا أَنْ يَرْضَى لَهَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي مَحْجُورَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَهُ إذَا كَانَ نَظَرًا، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلِلْوَصِيِّ قَبْلَهُ لَا الْمُهْمَلَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ الْمُهْمَلَةَ وَهِيَ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا وَلَا مُقَدَّمَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي وَلَا يُعْلَمُ حَالُهَا لَا بِرُشْدٍ وَلَا بِسَفَهٍ لَا يَجُوزُ رِضَاهَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُهَا فَلَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ السَّفَهِ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الرِّضَا. (ص) وَإِنْ فَرَضَ فِي مَرَضِهِ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (ش) قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ   [حاشية العدوي] أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ وَلَا مَا فَرَضَهُ الْغَيْرُ أَيْ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَفْرِضُ كَمَا فِي عج إلَّا الزَّوْجُ وَالْمُحَكَّمُ كَالْعُدْمِ مِنْ زَوْجَةٍ وَغَيْرِهَا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَلَا مَا فَرَضَهُ الْغَيْرُ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَقْدِيرِ فَرْضِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَفْرِضُ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَظْهَرَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُرَادِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَظْهَرَ وَذَلِكَ بِأَنْ نَقُولَ قَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ مِثْلُ تَحْكِيمِ الزَّوْجِ مِنْ أَنَّهُ أَيْ الزَّوْجَ إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي فَرْضِ الْأَجْنَبِيِّ. وَأَمَّا فَرْضُ الزَّوْجَةِ فَيَلْزَمُهَا مَا فَرَضَتْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَرْأَةِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّ مَا فَرَضَتْهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ يَلْزَمُهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا إذَا فَرَضَتْ الْمِثْلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَدُلُّ إلَخْ) قَالَ عج تَنْبِيهٌ لَمْ يُعْلَمْ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَا حَكَمَتْ بِهِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُحَكَّمُ الزَّوْجُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحَكَّمًا فَإِنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ مَعًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ فَرْضَ الْمُحَكَّمِ لَا يُعَدُّ رِضًا بِمَا حَكَمَ بِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ رِضَاهُ بِمَا حَكَمَ بِهِ بَعْدَ حُكْمِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ بِشَيْءٍ رِضًا بِهِ فَالْمُرَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا بِرِضَاهُ وَإِذَا فُرِضَ أَنَّ الزَّوْجَ حَكَمَ بِشَيْءٍ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَا يَلْزَمُ الْمُحَكَّمَ إلَّا بِرِضَاهُ. . (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي رُفِعَ الْحَجْرُ عَنْهَا) رَشَّدَهَا مُجْبِرُهَا أَوْ تَرَشَّدَتْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الْجَوَازُ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ غَيْرَ جَائِزٍ وَلَكِنْ يَلْزَمُ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ) أَيْ الْأَصْلُ فِيمَا حُكِمَ بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ فِيهِ تَسْمِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَيْ أَقَلَّ مِمَّا سُمِّيَ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِلْأَبِ) هَذَا الْحَصْرُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الرَّشِيدَةُ لَهَا الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَامًّا فِي التَّفْوِيضِ وَغَيْرِهِ . (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمُجْبَرَةَ ذَاتَ الْأَبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَاتَ الْأَبِ السَّفِيهَةَ لَيْسَ لِوَلِيِّهَا أَنْ يَرْضَى بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَأَفَادَ عج أَنَّهَا مِثْلُ الْمُجْبَرَةِ وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ شب وَلِلْأَبِ الرِّضَا بِدُونِهِ فِي مَحْجُورَتِهِ مُجْبَرَةً كَانَتْ أَوْ لَا وَقَوْلُ تت قَاصِرٌ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ رَاجِعٌ لِلْمُرْشِدَةِ وَذَاتِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: فِي مَحْجُورَتِهِ إلَخْ) كَانَتْ مُجْبَرَةً أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَهُ) . مُجْبِرًا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا فَعَلَهُ الْوَصِيُّ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا كَمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَنِيًّا أَوْ صَالِحًا أَوْ لَا يُشَوِّشُ عَلَيْهَا فِي عِشْرَةٍ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ نَظَرٌ أَمْ لَا فَيُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّ أَفْعَالَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ مَا عَدَا الْأَبُ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا إلَخْ) وَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ الْمُهْمَلِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فِي الْمُهْمَلِ الذِّكْرِ. (قَوْلُهُ: فَيَتَّفِقُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْهُولَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ رِضَاهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَضَ) فِي الْحُرِّ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ مَا فَرَضَهُ فِي مَرَضِهِ صَحِيحٌ لَازِمٌ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ بَلْ هُوَ صَدَاقٌ وَلَا يُقَالُ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُسْتَنِدٌ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ مِنْ ك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 إلَّا بِالْوَطْءِ لَا بِالْمَوْتِ وَلَا بِالطَّلَاقِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا نِكَاحَ تَفْوِيضٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَفَرَضَ لَهَا شَيْئًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ الْفَرْضَ يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِالْمَوْتِ، فَهَذَا مَحْضُ عَطِيَّةٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَارِثُ فَتَكُونَ عَطِيَّةً مِنْهُ، قَوْلُهُ وَإِنْ فَرَضَ أَيْ لِزَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَرَضَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الصِّحَّةِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي الْمَرَضِ لَكَانَ فَاسِدًا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ وَقَوْلُهُ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ أَيْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ. (ص) وَفِي الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً كِتَابِيَّةً فِي صِحَّتِهِ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ ثُمَّ مَرِضَ فَفَرَضَ لَهُمَا فِي مَرَضِهِ صَدَاقًا ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَتُحَاصِصُ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَوْ يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فُرِضَ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَلَيْسَ مَا وَقَعَ مِنْهُ وَصِيَّةٌ بَلْ صَدَاقٌ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يُونُسَ وَهُوَ أَحْسَنُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي تَقْرِيرِ الْمَتْنِ. (ص) وَرَدَّتْ زَائِدَ الْمِثْلِ إنْ وَطِئَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ فِي صِحَّتِهِ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ ثُمَّ مَرِضَ وَفَرَضَ لَهَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بَعْدَ وَطْئِهَا فَإِنَّهَا تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لَهَا وَيَكُونَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُنَا الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَيَرُدَّانِ الزَّائِدَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ مَهْرُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فِي الثُّلُثِ إنْ حَمَلَهُ مَضَى وَإِلَّا رَدَّهُ. (ص) وَلَزِمَ إنْ صَحَّ (ش) صُورَتُهَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَفَرَضَ لَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ بَعْدَ ذَلِكَ صِحَّةَ بَيِّنَةٍ، وَالزَّوْجَةُ حَيَّةٌ أَوْ مَيِّتَةٌ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا فَرَضَ مِنْ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ وَطِئَ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ وَيُدْفَعُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ (ص) لَا إنْ أَبْرَأَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ تَزَوَّجَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ ثُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ زَوْجِهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَهُ لَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُ لِجَرَيَانِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا وَفِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته (ص) أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا قَبْلَ وُجُوبِهِ (ش) أَيْ قَبْلَ وُجُوبِ ذَلِكَ الشَّرْطِ لَهَا وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ أَيْ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْإِسْقَاطُ وَلَهَا الْقِيَامُ بِشَرْطِهَا كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فِي صِحَّتِهِ) فَإِذَا عُقِدَ تَفْوِيضًا فِي مَرَضِهِ وَفَرَضَ فِيهِ فَلِزَوْجَتِهِ الْمُسَمَّى بِمَوْتِهِ دَخَلَ أَمْ لَا زَادَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ أَمْ لَا مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ لَهَا وَلَوْ دَخَلَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فَلَوْ لَمْ يَفْرِضْ فِيهِ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَبْنِ وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فَهَذِهِ صُوَرٌ سِتٌّ غَيْرُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ صَدَاقُهَا فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ وَلَيْسَ بِوَصِيَّةٍ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ) أَيْ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ بِأَنَّ مَوْضُوعَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا فُرِضَ وَمَاتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ مِثْلَهُ فِي شب وَنَسَبَهُ لِلشَّارِحِينَ وَصَدَقَ فِيمَا قَالَهُ لِأَنِّي وَجَدْته فِي بَهْرَامَ كَذَلِكَ وَفِي عب أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ لَا شَيْءَ لَهَا، وَالثَّانِي أَنَّ لَهَا مَا فُرِضَ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَكِنَّ الْمِثْلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَزَائِدُهُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مَضَى وَتَحَاصَصَ بِهِ أَهْلُ الْوَصَايَا وَإِلَّا رُدَّ وَنَسَبَهُ لِلشَّارِحِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا هُوَ الْحَقُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . (قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ زَائِدَ الْمِثْلِ) فَهِمَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمَعْنَى وَرَدَّتْ مَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَرَدَّتْ مَا زَادَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ عب قَائِلًا وَدَلَّ قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ زَائِدَ الْمِثْلِ أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا إذَا رَدَّتْ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى مَعَ أَنَّهُ لَا غَبْنَ فِيهِ فَأَوْلَى أَنْ تَرُدَّ مَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَوْنُهَا لَهَا الْأَقَلُّ الْمَذْكُورُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ مِنْ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا فِي الصِّحَّةِ فَلَوْ عَقَدَ تَفْوِيضًا فِي صِحَّتِهِ وَوَطِئَ قَبْلَ الْفَرْضِ ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَالثُّلُثُ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ عب بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ لَهُمَا الْمُسَمَّى . (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبْرَأَتْ) أَيْ لَا إنْ أَبْرَأَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِبْرَاءُ أَيْ أَوْ أَبْرَأَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ وَأَفْهَمَ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ إذْ الْإِبْرَاءُ الْوَاقِعُ بَعْدَ الدُّخُولِ إبْرَاءٌ بَعْدَ الْفَرْضِ إذْ الدُّخُولُ أَوْجَبَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا) أَيْ فَقَدْ أَسْقَطَتْهَا قَبْلَ وَقْتِهَا فَجُعِلَ الْإِسْقَاطُ مُعْتَبَرًا لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَالتَّمْكِينُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ الْإِسْقَاطَ لَا يُعْتَبَرُ لَكَانَ الطَّلَاقُ لَازِمًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ الْمَحَلَّ وَهُوَ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَقَدْ عُدِمَتْ وَالْإِسْقَاطُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِكَوْنِهِ قَبْلَ وُجُوبِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي إلَخْ) صُورَتُهَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ قَبْلَ الزَّوَاجِ إنْ تَزَوَّجَ فَقَدْ فَارَقْته فَإِذَا تَزَوَّجَ تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الزَّوَاجِ نَظَرًا لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمُفَارَقَةَ قَبْلَ وُجُوبِهَا بِالزَّوَاجِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الزَّوَاجُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ خِيَارَهَا قَبْلَ وُجُوبِهِ بِالزَّوَاجِ وَسَقَطَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا) أَيْ جَوَابَ شَرْطٍ وَهُوَ كَوْنُ أَمْرِهَا بِيَدِهَا عَلَى فَرْضِ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَقَدْ أَسْقَطَتْ ذَلِكَ الْجَوَابَ قَبْلَ وُجُوبِهِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ زَوَاجُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِ أَهْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا بِيَدِهَا فَأَسْقَطَتْ ذَلِكَ الشَّرْطَ عَنْ زَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْإِسْقَاطُ وَقَبْلُ يَلْزَمُهَا وَلَا قِيَامَ لَهَا بِشَرْطِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْآتِي فِي بَابِ الرَّجْعَةِ. (ص) وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ دِينٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَمَالٍ وَبَلَدٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَدَاقِ الْمِثْلِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فِي التَّفْوِيضِ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُ الزَّوْجِ فِي الزَّوْجَةِ بِاعْتِبَارِ صِفَاتٍ فِيهَا مِنْ دِينٍ أَيْ مُحَافَظَةٍ عَلَى أُصُولِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا وَجَمَالٍ أَيْ حُسْنٍ وَحَسَبٍ أَيْ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ الْكَرَمُ وَالْمُرُوءَةُ وَمَالٌ وَبَلَدٌ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ إلَخْ، وَأَمَّا الزَّمَنُ فَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا لَكِنْ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ الْفَوَاتِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ مَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ كَالْبَلَدِ وَالْمَالِ وَالْجَمَالِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الذِّمِّيَّةِ الدِّينُ وَالنَّسَبُ حَيْثُ كَانَ أُصُولُهَا كُفَّارًا وَكَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَمَةِ النَّسَبُ حَيْثُ كَانَ أُصُولُهَا كُفَّارًا (ص) وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ لَا الْأُمُّ وَالْعَمَّةُ (ش) هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُوَافِقًا لَهَا فِي الْأَوْصَافِ فَوَاضِحٌ لَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَافِقٍ فِيمَا ذُكِرَ فَاعْتِبَارُ الْأُخْتِ يُنَاقِضُ اعْتِبَارَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَوْصَافِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَأُخْتٌ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّفَاتِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهَا أُخْتٌ وَنَحْوُهَا كَعَمَّةٍ مُوَافِقَةٍ لَهَا فِيهَا أَوْ مَهْرُ أُخْتِهَا الْمُوَافِقَةِ لَهَا فِيهَا وَلَا يُعْتَبَرُ صَدَاقُ أُمَّهَاتِهَا وَجَدَّاتِهَا وَخَالَاتِهَا وَلَا أَخَوَاتِهَا وَلَا عَمَّاتِهَا لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ فَقَدْ تَكُونُ قُرَشِيَّةً وَأُمُّهَا مِنْ الْمَوَالِي، وَأُمًّا الْعَمَّةُ لِلْأَبِ فَتُعْتَبَرُ (ص) وَفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ (ش) أَيْ وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ مِنْ عَقْدٍ وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ وَطْءٍ أَعْنِي لَمْ يَصْحَبْهُ عَقْدٌ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلِاتِّصَافِ بِالْأَوْصَافِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ صَدَاقِ أُخْتِهَا الْمُوَافِقَةِ لَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ (ص) وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ (ش) اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ فَلَوْ كَانَ لِوَاطِئِ الشُّبْهَةِ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَوَطِئَ أَجْنَبِيَّةً حُرَّةً   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) أَيْ فَمَا هُنَا ضَعِيفٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَسْقَطَتْ عَطْفٌ عَلَى صَحَّ أَيْ وَلَزِمَ إنْ صَحَّ أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا لَكِنَّ تَقْدِيرَ الْفَاعِلِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ زَائِدٌ كَمَا مَرَّ وَفِي الْمَعْطُوفِ الْإِسْقَاطُ أَيْ وَلَزِمَ الْإِسْقَاطُ إنْ أَسْقَطَتْ وَتَكُونُ أَوْ عَطَفَتْ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْإِسْقَاطُ عَلَى شَيْئَيْنِ وَهُوَ فَاعِلُ لَزِمَ وَمَعْمُولُ إنْ وَبِهَذَا يُوَافِقُ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مِنْ لُزُومِ الْإِسْقَاطِ . (قَوْلُهُ: وَمَهْرُ الْمِثْلِ) وَهُوَ يَخْتَلِفُ فَقَدْ يُزَوَّجُ فَقِيرٌ لِقَرَابَتِهِ وَغَنِيٌّ لِيَسَارِهِ فَيُخَفَّفُ عَنْ الْفَقِيرِ وَيُثَقَّلُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَ يُرْغَبُ فِي وُجُودِهَا وَإِلَّا فَلَا تُعْتَبَرُ كَمَا إذَا كَانَتْ الْفَقِيرَةُ وَذَاتُ الْمَالِ سَوَاءً. (قَوْلُهُ: وَجَمَالٍ) حِسِّيٍّ وَعَقْلِيٍّ كَحُسْنِ خُلُقٍ وَهُوَ يَتْبَعُ غَالِبًا جَمَالَ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: وَبَلَدٍ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي بَلَدِهَا فَلَوْ كَانَ مَنْشَؤُهَا بَلَدًا غَيْرَ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ كَالرِّيفِيَّةِ تَحِلُّ بِمِصْرَ لَا أَحْفَظُ فِي ذَلِكَ نَصًّا. (قَوْلُهُ: مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ) وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِهَا هِيَ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ بِذَلِكَ أَيْ بِمَفَاخِرِهَا هِيَ لَفَاتَ الْمُصَنِّفَ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِيهِ، وَأَصْلُ الْحَسَبِ الشَّرَفُ بِالْآبَاءِ وَالْأَقَارِبِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِسَابِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَفَاخَرُوا عَدُّوا مَنَاقِبَهُمْ وَمَآثِرَ آبَائِهِمْ وَقَوْمِهِمْ وَحَسَبُوا فَيُحْكَمُ لِمَنْ زَادَ عَدَدُهُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّسَبُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مَهْرِ أُخْتِهَا الْمُوَافِقَةِ لَهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ أَوْصَافِهَا النَّسَبَ فَلَمْ تَظْهَرْ تِلْكَ الْإِشَارَةُ أَيْ النَّسَبُ الْخَاصُّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا قُرَشِيَّةً مَثَلًا وَإِلَّا فَمَفَاخِرُ الْآبَاءِ تُعَدُّ مِنْ النَّسَبِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الزَّمَنُ فَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ يَوْمَ الْعَقْدِ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الزَّمَنِ أَنَّ رُبَّ زَمَانِ شِدَّةٍ تَقِلُّ فِيهِ الرَّغْبَةُ وَزَمَنٍ خِصْبٍ تَكْثُرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ أُصُولُهَا كُفَّارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالنَّسَبُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَهْرِ أُخْتِهَا الْمُوَافِقَةِ لَهَا) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ زَادَ أَوْ نَقَصَ عَنْ مُقْتَضَى تِلْكَ الْأَوْصَافِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُعْتَبَرَ فِي فَرْضِ صَدَاقِ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِصَدَقَاتِ نِسَائِهَا إذَا كُنَّ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا مِنْ الْعَقْلِ وَالْجَمَالِ وَالْمَالِ فَلَا يَكُونُ لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ عَلَى مِثْلُ حَالِهَا وَلَا مِثْلِ صَدَاقِ مَنْ لَهَا مِثْلُ حَالِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ مِثْلُ نَسَبِهَا. ثُمَّ قَالَ وَنِسَاءُ قَوْمِهَا اللَّوَاتِي يُعْتَبَرُ بِصَدَقَاتِهِنَّ أَخَوَاتُهَا الْأَشِقَّاءُ وَلِلْأَبِ وَعَمَّاتُهَا الشَّقَائِقُ أَيْضًا وَلِلْأَبِ إلَخْ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّنَا إذَا اعْتَبَرْنَا مَهْرَ مِثْلِهَا الْمُوَافِقَةِ لَهَا فِي الْأَوْصَافِ لَا يُنْظَرُ لِلزَّمَنِ وَفِي عب وَمَهْرُ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ أُخْتٍ لِأَبٍ مُوَافِقَةٍ لَهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَغَابَتْ الْمَخْطُوبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَحَضَرَتْ أُخْتُهَا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا كَالْحَاضِرَةِ فِي كُلِّ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ صَدَاقَهَا مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي مَهْرِ مِثْلِ الَّتِي يُرَادُ نِكَاحُهَا صَدَاقُ الْحَاضِرَةِ بَلْ نَفْسُهَا، وَبِمَا قَرَّرْنَا مِنْ كَوْنِ الْمَخْطُوبَةِ غَائِبَةً وَثَبَتَ أَنَّهَا عَلَى صِفَتِهَا إلَخْ سَقَطَ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُوَافِقًا لَهَا فِي الْأَوْصَافِ فَيُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا قَبْلَهُ اهـ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ النَّقْلِ صِحَّةُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الْفَاسِدِ مِنْ عَقْدٍ إلَخْ) وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ يَوْمَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ مُنْعَقِدٌ فَيَجِبُ الْعِوَضُ فِيهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْفَاسِدُ فِيهِمَا مُنْحَلٌّ فَالْعِوَضُ فِيهِ بِالْقَبْضِ وَالْقَبْضُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ هُوَ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِلْبُضْعِ . (قَوْلُهُ: اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ) هَذَا مَا لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 مَرَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ وَفِي الثَّانِيَةِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ عَائِشَةَ وَفِي الثَّالِثَةِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ وَفِي الرَّابِعَةِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ فَلَا يَتَعَدَّدُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ مَا كَانَ بِالتَّزْوِيجِ فَهُوَ نَوْعٌ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ وَمَا كَانَ بِالْمِلْكِ فَهُوَ نَوْعٌ آخَرُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ لَا بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ (كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ) مِثَالٌ لِاتِّحَادِ الْمَهْرِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ أَيْ إذَا غَلِطَ بِأَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ بِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَهْرًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَتْ عَالِمَةً حُدَّتْ وَلَا شَيْءَ لَهَا كَانَ هُوَ غَالِطًا أَوْ عَالِمًا؛ لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ (ص) وَإِلَّا تَعَدَّدَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَّحِدْ الشُّبْهَةُ بَلْ تَعَدَّدَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ وَطْءٍ صَدَاقٌ كَمَا إذَا ظَنَّهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى زَوْجَتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ أُمَّتُهُ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ إلَى قَيْدِ اتِّحَادِ الشُّبْهَةِ لَا إلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ وَإِلَّا كَانَ زَانِيًا حَيْثُ انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ أَصْلِهَا، وَقَوْلُهُ (كَالزِّنَا بِهَا أَوْ بِالْمُكْرَهَةِ) تَنْظِيرٌ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ هُنَا لَمْ تَتَعَدَّدْ وَإِنَّمَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ لِعُذْرِ الْمَرْأَةِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا عَائِدٌ عَلَى غَيْرِ الْعَالِمَةِ وَأَطْلَقَ الزِّنَا عَلَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ هُوَ الْمُكْرَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُكْرِهُ لَهَا غَيْرَهُ فَالصَّدَاقُ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ وَيُحَدُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الزِّنَا فَإِنْ أَعْدَمَ أَخَذَتْهُ مِمَّنْ أَكْرَهَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْوَاطِئِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ لَا لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ زَوْجَتِهِ إلَّا الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (ص) وَجَازَ شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا (ش) وَلَمَّا كَانَ الشَّرْطُ فِي النِّكَاحِ ثَلَاثَةً، شَرْطٌ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ فَيُفْسِدُهُ كَمَا إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤَثِّرَ عَلَيْهَا وَنَحْوَهُ، وَشَرْطٌ لَا يَتَنَاقَضُ وَلَا يَقْتَضِيهِ فَيُكْرَهُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَا وَبَقِيَ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيَجُوزُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ سُكْنَى، وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ بِيَدِ مَوْلَاهَا فَمَاتَ مَوْلَاهَا انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ بِيَدِ غَيْرِ مَوْلَاهَا فَمَاتَ انْتَقَلَ إلَيْهَا، وَلَوْ شَرَطَ لِلزَّوْجَةِ فِي الْعَقْدِ أَنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي الضَّرَرِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَرَوَى سَحْنُونَ أَخَافُ أَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ دَخَلَ مَضَى وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّرَرِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ دَحُونٍ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنَّهُ جَائِزٌ (ص) وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً لَزِمَ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ لِزَوْجَتِهِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا أَوْ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً، وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ الْأَمَةُ حُرَّةً أَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ طَالِقَةً أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَالْحَالُ أَنَّ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ يَلْزَمُهُ فِيهِمَا فَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَحِّ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي اللَّاحِقَةِ مِنْهُمَا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَمَّا   [حاشية العدوي] يَتَخَلَّلْ نِكَاحٌ صَحِيحٌ كَمَا إذَا وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَاسْتَبْرَأَهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَوَطِئَهَا ثَانِيًا بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فَلِاتِّحَادِ الْمَهْرِ شُرُوطٌ أَنْ تَتَّحِدَ الشُّبْهَةُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَنْ يَكُونَ بِالنَّوْعِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الشُّبْهَتَيْنِ عَقْدٌ وَمِمَّا فِيهِ التَّعَدُّدُ مَا إذَا وَطِئَهَا أَوَّلًا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ ثُمَّ طَلَّقَ فَاطِمَةَ بَائِنًا ثُمَّ أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ فَوَطِئَ الْمَوْطُوءَةَ الْأُولًى ثَانِيًا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَرَّةً إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَرَّةِ الْإِيلَاجُ وَالنَّزْعُ. (قَوْلُهُ: لَا بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِاتِّحَادِ النَّوْعِ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ إلَخْ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ وَتَعَدُّدُهَا مِنْ قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى قَيْدِ اتِّحَادِ) أَيْ إلَى قَيْدٍ هُوَ اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ فَالْمُقَيَّدُ هُوَ الشُّبْهَةُ وَالْقَيْدُ هُوَ الِاتِّحَادُ. (قَوْلُهُ: لَا إلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ) وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لِلْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ لَكَانَ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شُبْهَةٌ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ تَكُنْ مُتَّحِدَةً وَهَذَا لَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَإِنْ صَحَّ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَالزِّنَا بِهَا) أَيْ بِالْحُرَّةِ غَيْرِ الْعَالِمَةِ احْتِرَازًا عَنْ وَاطِئِ الْأَمَةِ فَلَيْسَ عَلَى وَاطِئِهَا إلَّا مَا نَقَصَهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا طَاوَعَتْهُ أَوْ لَا وَقِيلَ إلَّا الطَّائِعَةَ مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا الثَّيِّبَ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ هُوَ الْمُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ أَكْرَهَهُمَا مَعًا أَيْ أَكْرَهَ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ. (قَوْلُهُ: إلَّا الِانْتِفَاعَ) أَيْ يَنْتَفِعُ هُوَ بِنَفْسِهِ لَا الْمَنْفَعَةَ بِحَيْثُ إنَّهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّدَاقَ الَّذِي لَزِمَ الزَّوْجَ وَحَقِيقَةُ الْمَنْفَعَةِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا تَعَدَّدَ مَا بَيْنَ الْوَطْئَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّعَدُّدِ وَاخْتَلَفَ مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ كُلِّ وَطْأَةٍ فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْوَطْأَةُ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ الْأَخِيرَةُ أَوْ الْوُسْطَى أَوْ يُعْتَبَرُ مَهْرُ مِثْلِ وَطْئِهِ لَا الْمُتَوَسِّطَةَ أَوْ الْأَعْلَى أَوْ الْأَدْنَى أَوْ الْجَمِيعَ . (قَوْلُهُ: وَجَازَ شَرْطُ الزَّوْجِ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ شَرْطُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَضُرَّ بِهِ فِي عِشْرَةٍ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ غَيْرِ الْمِصْرِيَّاتِ. (قَوْلُهُ: أَخَافُ أَنْ يُفْسَخَ) أَيْ يَثْبُتَ لَهُ الْفَسْخُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسْخُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ النِّكَاحِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَيْ وَلَا يَمْضِي ذَلِكَ الشَّرْطُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُوَثِّقُونَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ لَهَا التَّصْدِيقَ بِالضَّرَرِ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَهَا ذَلِكَ وَتَقُومُ بِذَلِكَ حَيْثُ ثَبَتَ الشَّرْطُ فَإِنْ قَالَ بِيَمِينٍ حَلَفَتْ كَذَلِكَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَهَلْ تَحْلِفُ أَوْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ قَوْلَانِ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُمَكِّنْ . (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي اللَّاحِقَةِ) يُتَصَوَّرُ كَوْنُ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً بِالنَّظَرِ لِوَقْتِ الْحَلِفِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا غَيْرَ بَتَاتٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ فَيَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ؛ لِأَنَّ يَتَّخِذَ يَدُلُّ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ، وَأَمَّا لَا أَتَسَرَّى فَيَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ سَحْنُونَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الْمِلْكِ كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ وَإِلَى قَوْلِ سَحْنُونَ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لَا أَتَسَرَّى) ابْنُ لُبَابَةَ وَقَوْلُ سَحْنُونَ جَيِّدٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَقَالَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَلَمْ يَرَ قَوْلَ سَحْنُونَ شَيْئًا، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ وَلَوْ قَالَ كَأُمِّ وَلَدٍ لَتَمَشَّى عَلَيْهِ وَكَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ جَيِّدٌ فَعَلَيْك بِهِ (ص) وَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ شَرَطَ لَهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا أَنْ لَا يَفْعَلَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً كَمَا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ خَالَفَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا ثُمَّ إنَّهُ خَالَفَ وَفَعَلَ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ إنْ شَاءَتْ تُقِيمُ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ تَقُومُ بِحَقِّهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ وَسَوَاءٌ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ كَتَبَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا لَكِنْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي؛ وَلِذَا قَالَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَيْ الْمُوَثِّقُ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا بِأَنْ قَالَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ. (ص) وَهَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَزِيَادَتُهُ كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ وَنُقْصَانُهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا أَوْ لَا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ تَمْلِكُ   [حاشية العدوي] ثُمَّ أَوْلَدَ أَمَةً بَعْدَ طَلَاقِهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَطِئَ الَّتِي أَوْلَدَهَا فَيَلْزَمُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا مَا دَامَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ اتَّضَحَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ اللَّاحِقَةِ أَيْ مُتَجَدِّدَةً بَعْدَ الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَجَدِّدَةٍ حِينَ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ سَحْنُونَ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِأُمِّ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ لَا أَتَسَرَّى مَعْنَاهُ لَا أَطَأُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ حَنَّثَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْوَطْءَ تَسَرٍّ فِي اللِّسَانِ وَمَنْ رَاعَى الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْقَصْدَ بِالشَّرْطِ أَنْ لَا يَطَأَ مَعَهَا غَيْرَهَا وَحَمَلَ سَحْنُونَ التَّسَرِّيَ عَلَى مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ وَطْءُ الْجَارِيَةِ ابْتِدَاءً مَعَ الْعَزْمِ عَلَى اتِّخَاذِهَا لِذَلِكَ لَا يَقُولُونَ لِمَنْ وَطِئَ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ جَارِيَةً كَانَ يَطَؤُهَا أَوْ خَادِمًا دُونَ نِيَّةِ الْعَوْدَةِ لِوَطْئِهَا أَنَّهُ تَسَرَّى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى زَوْجَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَيِّدٌ فَعَلَيْك بِهِ) وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ لَفْظَ يَطَأُ مُصَحَّفٌ مِنْ لَفْظٍ يَتَّخِذُ إذْ الْيَاءُ فِي أَوَّلِهِمَا وَالتَّاءُ وَالْخَاءُ قَدْ يَلْتَبِسَانِ بِالطَّاءِ وَقَرِينَتِهَا وَهُوَ الْهَمْزَةُ وَالذَّالُ إذَا عُلِّقَتْ قَدْ تَلْتَبِسُ بِالْأَلِفِ وَأَنَّ لَفْظَ لَزِمَ صَوَابُهُ لَمْ يَلْزَمْ فَسَقَطَ لَمْ وَحَرْفُ الْمُضَارَعَةِ فَصَوَابُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً لَمْ يَلْزَمْ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ: لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لَا أَتَسَرَّى إثْبَاتًا؛ لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا نُفِيَ عَادَ إثْبَاتًا وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلْمَشْهُورِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ غَازِيٍّ بَعِيدٌ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْفِقْهِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ جَيِّدًا. (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَقُولَ الْقَوْلِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَقُولُ الْقَوْلِ مَحْذُوفًا وَهُوَ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الشَّرْطِ وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ وَقَوْلُهُ إنْ فَعَلَ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ هَذَا إنْ قَالَ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا بَلْ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ قَالَ فَإِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: وَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِفِعْلِ بَعْضِ الشُّرُوطِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ حِينَئِذٍ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَوَى التَّعْلِيقَ عَلَى فِعْلِ الْجَمِيعِ فَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبَدْرِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّحْنِيثِ) أَيْ مِنْ قَبِيلِهِ لَا أَنَّهُ هُنَا تَحْنِيثٌ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ) أَيْ أَوْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا بِالْجَمِيعِ أَيْ حَيْثُ كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ لَا إنْ كَانَ بِأَوْ؛ لِأَنَّ عَطْفَهَا بِأَوْ بِمَثَابَةِ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] وَلَقْيُ الْأَثَامِ بِبَعْضِ مَا ذُكِرَ كَمَا يَلْقَاهُ بِجَمِيعِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ فِيهَا نَهْيٌ بِمُتَعَدِّدٍ وَمَا هُنَا شُرُوطٌ وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ وَقَعَ بِفِعْلِ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارِهَا (قَوْلُهُ: فَزِيَادَتُهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَغَلَّةٍ) عَطْفُهُ عَلَى النِّتَاجِ يُفِيدُ أَنَّ النِّتَاجَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَلَدَ غَلَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) تَحْتَهُ قَوْلَانِ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ الَّذِي شُهِرَ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ فَزِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهَا تَمْلِكُ الْجَمِيعَ أَيْ مِلْكًا ظَاهِرًا لَا حَقِيقَةً إذْ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً لَمْ يَتَشَطَّرْ بِالطَّلَاقِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَمْلِكَهُ حَقِيقَةً وَيُرَدُّ إلَى الزَّوْجِ مِنْهُ شَيْءٌ فَزِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لَهَا وَعَلَيْهَا ثُمَّ إنَّ مُحَشِّي تت ذَكَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ عَرَفَةَ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرُوا الْخِلَافَ هَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ وَعَلَيْهِمَا هَلْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهَا. وَابْنُ شَاسٍ وَإِنْ شَهَرَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَلَمْ يُفَرِّعْ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِلزَّوْجِ بَلْ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى التَّشْطِيرِ فَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَلَمْ أَرَ مَنْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلزَّوْجِ سِوَى الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَوْلَا مَا قَالُوهُ لَأَمْكَنَ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَوْ لَا تَمْلِكُ النِّصْفَ بَلْ الْجَمِيعَ لِيَكُونَ أَوْفَقَ بِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَيَأْتِي عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَمُخَالَفَةُ اصْطِلَاحِهِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي التَّفْرِيعُ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ تت وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِالْوَلَدِ كَالْمَهْرِ ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْغَلَّةِ وَالْبِنَاءِ مِنْهَا عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَنَصَّهُ إلَخْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 الزَّوْجَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ أَوْ لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ هُوَ الْمُشَطِّرُ لِلصَّدَاقِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُشَطِّرُ هُوَ نَفْسُ الْعَقْدِ لَا الطَّلَاقُ فَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالَةُ الصَّدَاقِ بِزِيَادَةٍ كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ أَوْ بِنَقْصٍ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَكُونُ لَهُمَا وَالنَّقْصُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ وَعَلَيْهِ، وَإِذَا طَلَّقَ وَقَدْ تَلِفَ الصَّدَاقُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ النِّصْفَ وَإِنْ نَقَصَ كَمَّلَهُ وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ فَقَدْ ظَهَرَ فَائِدَةُ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَتَلِفَ بِيَدِهَا فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ بِيَدِهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ (ص) وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي الصَّدَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لِلزَّوْجِ وُجُوبًا عَلَيْهَا نِصْفَ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ التَّصَرُّفِ أَيْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْإِفَاتَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ يُقَوَّمُ لَهُ نِصْفُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقَبْضِ فَقَوْلُهُ يَوْمَهُمَا أَيْ يَوْمَ الْهِبَةِ وَيَوْمَ الْعِتْقِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَوْهُوبِ وَمِنْ الْمُعْتَقِ (ص) وَنِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (ش) يَعْنِي لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي الصَّدَاقِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَابَتْ فَإِنْ حَابَتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمُحَابَاةِ وَلَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِخِلَافِ مُحَابَاتِهَا فِي الْجِنَايَةِ فَإِنَّ لَهُ دَفْعَ نِصْفِ الْأَرْشِ وَيَرْجِعُ فِي الْعَبْدِ إنْ كَانَ قَائِمًا (ص) وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا عَتَقَ النِّصْفُ بِلَا قَضَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَتْهُ الزَّوْجَةُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِ نَفْسِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِتْقَ لَا يُرَدُّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ وَلَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُهَا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ عِتْقَهَا حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ هِبَتَهَا وَصَدَقَتَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ رَدَّ الزَّوْجُ عِتْقَ زَوْجَتِهِ الْمَالِكَةِ لِأَمْرِ نَفْسِهَا الْمُعْسِرَةِ يَوْمَ الْعِتْقِ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَالْعَبْدُ بَاقٍ بِيَدِهَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا نِصْفُهُ فَقَطْ الَّذِي وَجَبَ لَهَا بِالتَّشْطِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الزَّوْجِ لَكِنْ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ رَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ وَعَلَى أَنَّهُ رَدُّ إبْطَالٍ فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَرَدُّ الْحَاكِمِ عِتْقَ الْمَدِينِ رَدُّ إيقَافٍ وَأَمَّا رَدُّ الْوَلِيِّ لِأَفْعَالِ الْمَحْجُورِ فَإِبْطَالٌ بِاتِّفَاقٍ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنَّمَا أَمَرْت بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْضَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ وَإِذَا أَجَابَتْ لِلْعِتْقِ فَهَلْ يُكَمَّلُ عَلَيْهَا الْبَاقِي أَمْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ أَشَارَ لَهُ ح أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ وَطَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَتَقَ عَلَيْهَا الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ. وَلَمَّا قَدَّمَ مَا يَتَقَرَّرُ بِهِ الصَّدَاقُ ذَكَرَ مَا يَتَشَطَّرُ بِهِ فَقَالَ (ص) وَتَشَطُّرٍ وَمَزِيدٍ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَإِنَّ صَدَاقَهَا يَتَشَطَّرُ بِهَذَا الطَّلَاقِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ هُوَ الْمُشَطِّرُ) أَيْ مُوجِبٌ لِلتَّشْطِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ كَوْنِ الطَّلَاقِ شَطَرَ أَيْ قَسَمَ الصَّدَاقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النُّقْصَانَ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الزَّوْجِ وَحْدَهُ عَلَى الثَّانِي إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ إلَخْ . (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا فَهِيَ فُضُولِيَّةٌ فِي نِصْفِ الزَّوْجِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الْكُلِّ فِي الثَّانِي، وَاعْلَمْ أَنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ بِطَلَاقِهَا أَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهَا شَدَّدَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ) أَيْ وَالْإِخْدَامُ كَالْهِبَةِ . (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ) أَيْ وَلَا الْهِبَةُ الْحَاصِلَانِ مِنْهَا فِي الصَّدَاقِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ يُكَمَّلُ عَلَيْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ أَوْ لَهَا غَيْرُهُ وَقِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا وَإِذَا رُدَّ الْعِتْقُ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لَهُ فَأَحْرَى الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَنَحْوُهُمَا لَكِنَّ الرَّدَّ فِيمَا عَدَا الْعِتْقَ رَدُّ إبْطَالٍ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ كَذَا فِي عب لَكِنَّ الْعِبَارَةَ فِي بَابِ الْحَجْرِ مُطْلَقَةً. (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْعِتْقِ) مُتَعَلِّقٌ بِعُسْرِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِمَلَائِهَا وَلَا عَدَمِهِ قَبْلَهُ وَمَحَلُّ رَدِّهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَيَسْكُتْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى طَلَّقَ فَلَا رَدَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَمِرَّ عُسْرُهَا مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ إلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ فَلَهُ رَدُّ نِصْفِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِعُسْرِهَا لَيْسَ هُوَ الْعِلَّةُ بَلْ الْعِلَّةُ عَدَمُ حَمْلِ الثُّلُثِ؛ وَلِذَا قَالَ عج وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي يَرُدُّ الْعِتْقَ لِعُسْرِهَا إنَّمَا هُوَ الْغُرَمَاءُ لَا الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) قُيِّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَنَى بِهَا أَوْ مَاتَ عَتَقَ جَمِيعُهُ عَلَيْهَا بِلَا قَضَاءٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا نِصْفُهُ فَقَطْ الَّذِي وَجَبَ لَهَا بِالتَّشْطِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ عِتْقًا أَوْ غَيْرَهُ فَكَلَامُ عب غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُكَمَّلُ عَلَيْهَا الْبَاقِي) أَيْ إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْكَمْ بِالتَّكْمِيلِ مَعَ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْضَ بِهِ ضَعُفَ أَمْرُهُ . (قَوْلُهُ: وَمَزِيدٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ تَشَطُّرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِفَقْدِ شَرْطِ الْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوْ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا وَكَذَا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ نِصْفَهُ وَيُرَادُ بِالتَّشْطِيرِ تَمْيِيزُهُ عَنْ النِّصْفِ الثَّانِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] فَلَوْ زَادَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ زِيَادَةً عَلَى صَدَاقِهَا بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَتَشَطَّرُ أَيْضًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ أَمْ لَا اتَّصَفَتْ بِصِفَاتِهِ حُلُولًا وَتَأْجِيلًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَهَا حُكْمُ الصَّدَاقِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ لَوْ مَاتَ أَوْ فَلِسَ قَبْلَ قَبْضِهَا لِلزَّوْجَةِ فَحَكَمُوا لَهَا بِحُكْمِ الْعَطِيَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا بِحُكْمِ الصَّدَاقِ فَلَمْ تَكُنْ كَالصَّدَاقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْمَزِيدَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ صَدَاقٌ. (ص) وَهَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدِيَّةَ الَّتِي اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَعَمُّ مِنْ أَبِيهَا أَوْ وَصِيِّهَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا أَوْ حِينَ الْعَقْدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا تَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لِأَجْلِ النِّكَاحِ وَمِثْلُ الِاشْتِرَاطِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مَا أُهْدِيَ لِلْوَلِيِّ بَعْدَ الْعَقْدِ يَكُونُ لَهُ وَلَوْ فُسِخَ النِّكَاحُ وَمَا اُشْتُرِطَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَذَلِكَ. وَأَمَّا مَا أَعْطَى لَهَا مِنْ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْعَقْدِ الَّتِي هِيَ مَفْهُومُ كَلَامِهِ هُنَا أَيْضًا فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي قَوْلِهِ فِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ هَذَا إنْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِهَا فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَفِي الْقَضَاءِ بِمَا يُهْدَى عُرْفًا قَوْلَانِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ هَلْ يَتَشَطَّرُ أَمْ يَبْطُلُ قَوْلَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ لَا يَتَشَطَّرُ وَهِيَ هِبَةٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَوْزِ وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ إلَخْ. وَأَمَّا الْمُتَطَوَّعُ بِهَا فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَلْ هِيَ كَالْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَعْضٌ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرَطَةِ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ فِيمَا بَعْدَ الْعَقْدِ (ص) وَلَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ (ش) أَيْ وَلِلْمَرْأَةِ أَخْذُ ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ مِمَّنْ اُشْتُرِطَ لَهُ فَلَوْ أَجَازَتْ لِوَلِيِّهَا أَوْ غَيْرِهِ مَا كَانَ مُشْتَرَطًا قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى وَلِيِّهَا أَبًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَتْ مُوَلًّى عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَهَا هِيَ أَخْذُ النِّصْفِ الْآخَرِ إنْ كَانَتْ مُوَلًّى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِعْطَاءِ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ لِوَلِيِّهَا فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا فَقَوْلُهُ بِالطَّلَاقِ مُتَعَلِّقٌ بِتَشَطَّرَ وَقَبْلَ الْمَسِّ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ أَوْ حَالٌ مِنْهُ وَجُمْلَةُ لَهَا أَخْذُهُ مُعْتَرَضَةٌ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ وَالْبَاءُ فِي بِالطَّلَاقِ سَبَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمَسِّ أَيْ بِالْوَطْءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً (ص) وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ وَالزُّرُوعِ وَمَا أَشْبَهَهَا إذَا هَلَكَ وَطَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ لِلتُّهْمَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِالْبَيِّنَةِ وَبِعَدَمِ الْغَيْبَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَصَالَةِ الضَّمَانِ عِنْدَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَحْلِفُ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَلَوْ زَادَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ) فَلَوْ زِيدَ عَلَى الصَّدَاقِ لِلْوَلِيِّ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَهُ وَلَا تَشْطِيرَ. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ إلَخْ . (قَوْلُهُ: أَوْ لِوَلِيِّهَا) أَوْ لِغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الِاشْتِرَاطِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ) هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْتَرَطْت لَهَا بِأَنْ يُرَادَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَجَرَيَانِ الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ لَهُ وَلَوْ فُسِخَ النِّكَاحُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَجْلِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَمَا اُشْتُرِطَ بَعْدَ الدُّخُولِ) كَذَلِكَ أَيْ يَكُونُ لَهُ وَلَوْ فُسِخَ وَأَوْلَى مَا أُهْدِيَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ يَفُوزُ بِهِ وَلَوْ فُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرَ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ الَّذِي بَعْدَ الدُّخُولِ تَسَامُحٌ بَلْ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِلْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَشْطِيرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ لَا يَتَشَطَّرُ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ قَبَضَتْ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَوْزِ أَيْ فَيُبْطِلُهَا طُرُوُّ الْمَانِعِ وَإِلَّا فَهِيَ لَازِمَةٌ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ) مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِهْدَائِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِهْدَائِهِ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ فَكَالصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْإِفَادَةِ لَا قَوْلُهُ: وَهِيَ هِبَةٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرْأَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ الْوَلِيُّ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا وَأَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ قُدِّرَ أَنَّ الزَّوْجَةَ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى وَلِيِّهَا أَوْ غَيْرِهِ بِنِصْفِهِ فَقَوْلُهُ: مِمَّنْ اُشْتُرِطَ لَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ أَوْ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ لِيَشْمَلَ حَالَةَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى وَلِيِّهَا) أَيْ بِنِصْفِهِ وَأَوْلَى إذَا لَمْ تُجِزْ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَى وَلِيِّهَا أَوْ غَيْرِهِ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ مُوَلًّى عَلَيْهَا أَمْ لَا، أَيْ لِأَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهَا أَعْطَتْ شَيْئًا لَمْ تَمْلِكْهُ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مُوَلًّى عَلَيْهَا أَيْ لِأَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا إجَازَتُهَا كَالْعَدَمِ، وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ فَإِجَازَتُهَا مَاضِيَةٌ فَلَا تَرْجِعُ حَيْثُ أَجَازَتْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُجِزْ فَتَرْجِعُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ الْإِعْطَاءُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ بِالطَّلَاقِ الْكَائِنِ قَبْلَ الْمَسِّ . (قَوْلُهُ: مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ) أَيْ أَوْ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا الْفَاسِدُ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ وَوَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُ بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ الْغَيْبَةِ إلَخْ) كَوْنُهُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ إلَخْ) فَإِنَّهُ يُخَالِفُ فِي الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَدْ زَالَتْ بِالْبَيِّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ إلَخْ فَقَوْلُهُ: لِأَصَالَةِ الضَّمَانِ عِنْدَهُ أَيْ فِي ذَلِكَ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهَلَاكِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ هَلْ يَحْلِفُ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ إلَخْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى أَيْمَانِ التُّهْمَةِ، ثَالِثُهَا يُحَلَّفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَرَوَى عَبْدُ الْحَقِّ أَنْ تَتَوَجَّهَ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ أَيْمَانَ التُّهْمَةِ لَا تَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ بِيَدِ أَمِينٍ وَلَوْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ (ص) وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَضَمَانُهُ مِنْ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ حَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ إلَخْ هَذَا إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِقَوْلِهِ مِنْهُمَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بَعْدَهُ أَوْ فُسِخَ الْفَاسِدُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ وَلَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ غَيْرَهُ فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَبَ لِكُلٍّ نِصْفُهُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ ضَمِنَتْ لِلزَّوْجِ نِصْفَهُ وَبِالْعَكْسِ الْعَكْسُ وَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْبِنَاءِ، وَإِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ (ص) وَتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَهَلْ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ عَيْنًا فَاشْتَرَتْ مِنْهُ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جِهَازَهَا وَمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جِهَازًا لَهَا كَمَاشِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ الَّذِي اشْتَرَتْهُ الزَّوْجَةُ يَتَعَيَّنُ لِلتَّشْطِيرِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا بِتَشْطِيرِ الْأَصْلِ وَلَا لَهَا دَفْعُ شَطْرِ النَّقْدِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ مَذْهَبُهَا مَحْمُولٌ عَلَى إطْلَاقِهِ سَوَاءٌ قَصَدَتْ الزَّوْجَةُ التَّخْفِيفَ عَنْ الزَّوْجِ بِمَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ أَوْ قَصَدَتْ الرَّغْبَةَ فِي الْمُشْتَرَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ بِمَا إذَا قَصَدَتْ الزَّوْجَةُ بِالشِّرَاءِ التَّخْفِيفَ عَنْ الزَّوْجِ وَعَلَيْهِ لَوْ قَصَدَتْ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ كَمَا تَشْتَرِي مِنْ الْغَيْرِ لَرَجَعَ الزَّوْجُ بِنِصْفِ الْأَصْلِ وَمَجْهُولُ شِرَائِهَا مِنْ الزَّوْجِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّخْفِيفِ (ص) وَمَا اشْتَرَتْهُ مِنْ جِهَازِهَا وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا اشْتَرَتْ بِصَدَاقِهَا الْمُعَيَّنِ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جِهَازًا لِمِثْلِهَا ثُمَّ إنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ لِلتَّشْطِيرِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ مَا اشْتَرَتْهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِجِهَازِهَا؛ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِجِهَازِهَا فَمَا يَصْلُحُ بِالْأَوْلَى فَذِكْرُهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ فَلَا تَكْرَارَ حِينَئِذٍ ثُمَّ إنَّ الضَّمِيرَ   [حاشية العدوي] لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ يَكُونُ هَذَا مَقْصُورًا عَلَى خُصُوصِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، وَمُفَادُ تت عُمُومُهُ حَتَّى فِي الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى إيمَانِ التُّهْمَةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا لَا تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا تَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يُتَّهَمُ بِكَوْنِهِ أَخْفَى ذَلِكَ الصَّدَاقَ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ ذَكَرَ بَهْرَامُ خِلَافَ مَا ذُكِرَ حَيْثُ قَالَ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَا فَرَّطْتُ وَلَا ضَيَّعْتُ إلَى آخِرِ مَا قَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَبْضٌ لِحَقِّ نَفْسِهِ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ إنَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت بَهْرَامَ قَالَ مَا نَصُّهُ قُلْت، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ لَمْ يُخْرِجْهُ فَلَا فَرْقَ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ لِلْآخَرِ) أَيْ الشَّامِلِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ لَا الْفَسْخُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ لَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بَعْدَهُ) وَتَلِفَ بِيَدِ الزَّوْجِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِلزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ فُسِخَ الْفَاسِدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ إذَا تَلِفَ بِيَدِهَا وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ لِلزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ) وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بِبَيِّنَةٍ هَذَا فِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ وَوَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا الْفَاسِدُ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ وَوَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَتَضْمَنُ الْمَرْأَةُ فِيهِ بِالْقَبْضِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَضَمِنَتْهُ بِالْقَبْضِ فِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ وَوَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَوْ الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ وَوَجَبَ فِيهِ الْمُسَمَّى فَكَالصَّحِيحِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ لِلْقَرَوِيِّينَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَالْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ كَالْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ وَجَعَلَهُ اللَّقَانِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَهَذَا التَّقْرِيرُ يُخَالِفُ مَا قَرَّرَ بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْقَبْضِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا طَلَّقَ إلَخْ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ إلَخْ . (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ) أَيْ بِعَدَمِ إلْزَامِهِ الْعَيْنَ الْمُسَمَّاةَ لِلصَّدَاقِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَقْبِضْ الصَّدَاقَ عَيْنًا ثُمَّ تَشْتَرِي بِهِ مِنْهُ فَإِنْ قَبَضَتْهُ عَيْنًا ثُمَّ اشْتَرَتْ بِهِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ مَا اشْتَرَتْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ أَمْ لَا قَالَهُ الْوَانُّوغِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا قَصْدٌ فَمِثْلُ مَا إذَا قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ فَالْمُضِرُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بَلْ إنَّمَا هُوَ قَصْدُ الرَّغْبَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدٌ فَيَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ لِلتَّشْطِيرِ هَذَا مَا قَرَّرَ بِهِ عب وشب إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ ذَهَبَ إلَى خِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ عَيْنًا فَاشْتَرَتْ مِنْهُ بِهَا إلَخْ وَهُوَ حَلُّ بَهْرَامَ وَالْحَطَّابِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأَصْلِ . (قَوْلُهُ: وَمَا اشْتَرَتْهُ مِنْ جِهَازِهَا) قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ وَكَتَمَتْهُ وَإِلَّا كَانَتْ مُتَعَدِّيَةً فِي شِرَاءِ الْجِهَازِ وَكَانَتْ ضَامِنَةً لِلصَّدَاقِ وَالْعَيْنِ وَلَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ نَعَمْ هُوَ آتٍ عَلَى آخَرَ فِي الْأُولَى مِنْ أَنَّهَا أَيْ الْأُولَى اشْتَرَتْ مَا لَا يَصْلُحُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 فِي غَيْرِهِ يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلزَّوْجِ وَلِلصَّدَاقِ لَكِنْ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يَنْتَفِي التَّكْرَارُ (ص) وَسَقَطَ الْمَزِيدُ فَقَطْ بِالْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ زَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا زِيَادَةً عَلَى صَدَاقِهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ الزَّوْجَةُ الزِّيَادَةَ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ الْحَاصِلِ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ وَمِثْلُ الْمَوْتِ بَقِيَّةُ مَوَانِعِ الْهِبَةِ وَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ وَلَوْ حَصَلَ الْإِشْهَادُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ وَالْإِشْهَادِ الْكَافِي فِي الْهِبَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا اسْتَصْحَبَهَا قَاصِدًا دَفْعَهَا أَوْ إرْسَالَهَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَاكَ، وَأَمَّا مَوْتُ الزَّوْجَةِ فَلَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ سَوَاءٌ أَشْهَدَ الزَّوْجُ أَمْ لَا لِحُصُولِ الْقَبُولِ مِنْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْهِبَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أَوْ الْمُعَيَّنَةَ لَهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهَا قَبُولُ الْمَوْهُوبِ بَلْ قَبُولُهُ مُحْتَمَلٌ (ص) وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَهْدَى لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ نِكَاحَهَا هَدِيَّةً تَطَوُّعًا وَقَبَضَتْهَا الزَّوْجَةُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهَا ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ تَتَشَطَّرُ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ بِهَذَا الطَّلَاقِ، قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ لَا تَتَشَطَّرُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَ بِاخْتِيَارِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ رِوَايَتَانِ وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذُ الْقَائِمَ مِنْهَا لَا إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَهْدَى لِلزَّوْجَةِ هَدِيَّةً بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ أَطْلَعْنَا عَلَى فَسَادِهِ فَإِنَّهُ إنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلِلزَّوْجِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ هَدِيَّتِهِ وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ قَدْ انْتَفَعَ بِسَبَبِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَالْفَسْخُ كَطَلَاقٍ حَادِثٍ، فَقَوْلُهُ (رِوَايَتَانِ) رَاجِعَتَانِ لِمَا قَبْلَ إلَّا وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ صِفَةٌ لِهَدِيَّةٍ أَيْ هَدِيَّةٍ كَائِنَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ الْقَائِمَ أَيْ الْقَائِمَ عَيْنُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ هُنَا إلَّا ذَهَابُ عَيْنِهِ (ص) وَفِي الْقَضَاءِ بِمَا يُهْدِي عُرْفًا قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي الْقَضَاءِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا يُهْدِي عُرْفًا لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ مُشْتَرَطًا فِيهِ كَالْخُفَّيْنِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ قَوْلَانِ، وَأَجْرَى الْمُؤَلِّفُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا يُهْدِيهِ الْأَزْوَاجُ لِلزَّوْجَاتِ عِنْدَنَا فِي الْمَوَاسِمِ كَعِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَالظَّاهِرُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ عِنْدَنَا كَالشَّرْطِ فَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجْرِي مَجْرَى الصَّدَاقِ فِي التَّشْطِيرِ بِالطَّلَاقِ وَالتَّكْمِيلِ بِالْمَوْتِ. وَقَالَ مَالِكٌ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ عَنْ الزَّوْجِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فَهِيَ هِبَةٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَوْزِ وَتَكُونُ كَالْهَدِيَّةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ مَرَّتْ، وَأَمَّا مَا أَهْدَاهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَجْرَى ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ (ص) وَصَحَّحَ الْقَضَاءَ بِالْوَلِيمَةِ دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيمَةَ وَهِيَ طَعَامُ النِّكَاحِ هَلْ يُقْضَى بِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَمَشَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -   [حاشية العدوي] لِجِهَازِهَا عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ بِالْأَوْلَى لَا يُقَالُ فِيهِ تَكْرَارٌ إلَّا عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّسَامُحِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يَنْتَفِي التَّكْرَارُ) التَّكْرَارُ مَوْجُودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ تَأَمَّلْ . (قَوْلُهُ: الْمَزِيدُ إلَخْ) أَلْ فِي الْمَزِيدِ لِلْعَهْدِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَزِيدٍ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً؛ لِأَنَّ الْمَوْصُولَةَ تَأْتِي لِلْعَهْدِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ زَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) وَأَمَّا الْمُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَكَذَا مَا حَصَلَ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُشْتَرَطِ فَهُوَ أَقْوَى مِمَّا وَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ حَطٌّ مِنْ رُتْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: اسْتَصْحَبَهَا) أَيْ سَافَرَ بِهَا أَوْ أَرْسَلَهَا أَيْ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ هُنَا عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ الْمَوْهُوبِ لَهَا وَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ مَعَ أَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ إذَا لَمْ يُشْهِدْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّهُ هُنَا تَحَقَّقَ الْقَبُولُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ خِلَافُ الْآتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُعَيَّنَةَ لَهُ) أَيْ فَمَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ مَفْهُومُهُ إذَا أَشْهَدَ يَصِحُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يَقُومُ الْإِشْهَادُ فِيهَا مَقَامَ الْحِيَازَةِ دُونَ الْمَسَائِلِ مَا عَدَاهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَغْرَمُ قِيمَةَ النِّصْفِ الْفَائِتِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ جُمْلَةٌ وَالْجُمْلَةُ لَا تُعْطَفُ عَلَى الْمُفْرَدِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَعَدَمُهُ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمُرَادِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ التَّشْطِيرِ صَادِقٌ مَعَ كَوْنِهِ لَهَا أَوْ لَهُ. (قَوْلُهُ: إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا إذَا طَلَّقَ وَلَوْ قَائِمَةً. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَسَخَ بَعْدَهُ) وَالْفَرْضُ أَنَّهَا قَبَضَتْ الْهَدِيَّةَ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ مِنْهُ . (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُشْتَرَطًا) قَالَ عج يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى الْقَضَاءِ بِمَا اُشْتُرِطَ إهْدَاؤُهُ فَلَيْسَ كَمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِهْدَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَجْرَى إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ إجْرَاءً لَا أَنَّهُ عَيْنُ مَا فِيهِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا فِيمَا يُهْدِي مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْعُرْسِ كَالْخِفَافِ. (قَوْلُهُ: مَا يُهْدِيهِ الْأَزْوَاجُ) الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا بِالزَّوْجَاتِ. (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي إلَخْ) لَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُؤَلِّفَ) فَاعِلٌ لِقَوْلِهِ فَسَيَأْتِي وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا أَهْدَتْ لَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي سَيَأْتِي إلَّا أَنَّهُ تَبَيَّنَ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْصُوصٌ أَيْضًا، فَجَعْلُهُ مِنْ إجْرَاءِ الْمُؤَلِّفِ تَسَامُحٌ . (قَوْلُهُ: دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ ثَمَنُ وَرَقَةِ وَثِيقَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» حَمْلًا لِلْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ وَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى النَّدْبِ فَيُؤْمَرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ الْوَلِيمَةُ مَنْدُوبَةٌ وَلَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ. وَأَمَّا مَا يُعْطَى لِلْمَاشِطَةِ عَلَى الْجِلْوَةِ الْمُعْتَادَةِ وَمَا يُعْطَى لِضَارِبِ الْكَبَرِ وَمَا يُعْطَى لِلْحَمَّامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ (ص) وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى الصَّدَاقِ نَفَقَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَتْهُ، وَلَوْ قَالَ وَيَرْجِعُ الْمُنْفِقُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ لَشَمِلَ رُجُوعَ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَيْضًا حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بِيَدِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الَّذِي طَلَّقَ الزَّوْجُ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا يَأْتِي فِي الْفَاسِدِ الَّذِي فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (ص) وَفِي أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ صَنْعَةٍ عَلَّمَتْهَا لِلرَّقِيقِ الْمَدْفُوعِ صَدَاقًا حَيْثُ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَدَمِ رُجُوعِهَا قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَانَتْ الصَّنْعَةُ شَرْعِيَّةً لَا كَضَرْبِ عُودٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَرْتَفِعَ ثَمَنُهُ بِهَا وَمَحَلُّهُمَا أَيْضًا إذَا اسْتَأْجَرَتْ عَلَى التَّعْلِيمِ لَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُعَلِّمَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَنْعَةٍ الْعِلْمُ وَالْحِسَابُ وَالْكِتَابَةُ وَالْقِرَاءَةُ فَإِنَّ هَذِهِ عُلُومٌ لَا صَنْعَةٌ (ص) وَعَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ إلَّا لِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَشَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا فِي بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فَإِنَّ أُجْرَةَ حَمْلِهَا وَحَمْلِ جِهَازِهَا إلَى بَلَدِ الْبِنَاءِ لَازِمَةٌ لِلْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا فَعَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ أَوْ الْمَرْأَةُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِ نَفْسِهَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ الشَّرْطِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ وَلِيُّ الْمَالِ لَا وَلِيُّ الْعَقْدِ (ص) وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ إنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ الَّتِي لَهَا قَبْضُ الْمَهْرِ وَسَيَأْتِي غَيْرُهَا إذَا قَبَضَتْ الْحَالَّ مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا زَوْجُهَا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُلْزِمَهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ حَضَرٍ وَبَدْوٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُرْفُ شِرَاءَ خَادِمٍ أَوْ دَارٍ لَزِمَهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِمَا قَبَضَتْهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ رَقِيقٍ وَأَصْلٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ عَمَّا إذَا تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ حَيْثُ دَخَلَ بِعَدَمِ التَّجْهِيزِ (ص) وَقُضِيَ لَهُ إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ مَا حَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَعَا زَوْجَتَهُ إلَى قَبْضِ مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ أَوْ حَلَّ بِالنُّجُومِ وَأَبَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهَا بِأَنْ تَقْبِضَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ عَلَّقَ لَهَا طَلَاقَهَا أَوْ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا أَوْ عِتْقَ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا عَلَى إبْرَائِهَا لَهُ مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ صَدَاقِهَا الْحَالِّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَقْبِضَ ذَلِكَ الْقَدْرَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقَ الْمَذْكُورَ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا فِيهِ وَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ مَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الدَّمِيرِيُّ (ص) إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا فَيَلْزَمُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ اللُّزُومِ عَلَى الْعَادَةِ   [حاشية العدوي] النِّكَاحِ وَمَحْصُولِهَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (قَوْلُهُ: لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ الْمُتَعَارَفُ أَيْ عَلَى مَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَيْ فَيُقْضَى بِهَا عَلَى مَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهَا عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ عب فَلَا يُقْضَى بِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ . (قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ الطَّلَاقِ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا فَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَفِي أُجْرَةِ تَعْلِيمٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا إذَا كَانَ الْمُعَلِّمُ الزَّوْجَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذِهِ عُلُومٌ) أَفَادَ أَنَّ الْكِتَابَةَ عِلْمٌ مَعَ أَنَّهُ يَتَرَاءَى مِنْهَا أَنَّهَا صَنْعَةٌ، وَفِي شَرْحِ عب أَنَّهَا صَنْعَةٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مُوَافِقًا لَهُ إنْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ الْحَقِيقَةَ اتَّجَهَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّنْعَةِ قَطْعًا وَلَعَلَّهُ مَعَ بُعْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْأَسْمَاءِ الرُّوحَانِيَّةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ اللَّقَانِيِّ مِنْ تَقْرِيرِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْفِيشِيُّ. (قَوْلُهُ: لِبَلَدٍ إلَخْ) الْأَوْلَى لِمَحَلٍّ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ نَقَلَهَا مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فِي الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطِ) اشْتَرَطَهُ الزَّوْجُ أَوْ وَلِيُّهَا أَوْ هِيَ . (قَوْلُهُ: إنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ) أَيْ وَكَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ. (قَوْلُهُ: إذَا قَبَضَتْ الْحَالَّ) أَوْ عَجَّلَ لَهَا الْمُؤَجَّلَ وَكَانَ نَقْدًا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالثَّمَنُ إذَا كَانَ نَقْدًا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ قَبُولُهُ وَلَا يُجَابُ بِبَقَائِهِ لِأَجْلِهِ كَذَا أَفَادَ عج. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ رَقِيقٍ وَأَصْلٍ) الْأَصْلُ هُوَ الْعَقَارُ وَمِثْلُ الْعَقَارِ وَالرَّقِيقِ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِهِ) أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ . (قَوْلُهُ: إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ مَا حَلَّ) وَأَمَّا إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ مَا لَمْ يَحِلَّ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ التَّجْهِيزِ لَمْ يَلْزَمْهَا وَإِلَّا لَزِمَهَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَالْقَرْضِ هَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ لَا تُجْعَلَ هَذِهِ مِنْ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ لِقَبْضِ مَا حَلَّ فَلَا يَكُونُ شَامِلًا لِلْحَالِّ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَقْبِضَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا حَلَّ بِالنُّجُومِ فَقَطْ لَا فِيمَا إذَا كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ تَقْبِضَ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا) أَيْ أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 بِمَا قَبَضَتْهُ أَيْ إنَّمَا يَلْزَمُ التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قُبِضَ حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ الْوَلِيُّ شَيْئًا بِاشْتِرَاطِ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِهِ، وَأَمَّا إنْ سَمَّى شَيْئًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الصَّدَاقِ أَوْ نَقَصَ وَلَوْ زَادَ فِي الصَّدَاقِ لِكَوْنِ الْعَادَةِ جَارِيَةً بِجِهَازٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يَحْضُرْ لَكَانَ لِلزَّوْجِ مَقَالٌ (ص) وَلَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَتَقْضِي دَيْنًا إلَّا الْمُحْتَاجَةَ وَكَالدِّينَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَبَضَتْ صَدَاقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ عَيْنًا وَحَكَمْنَا بِوُجُوبِ التَّجْهِيزِ بِهِ فَلَيْسَ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تُنْفِقَ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً لِذَلِكَ فَإِنَّهَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَتَكْتَسِيَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَسْتَغْرِقُ جَمِيعَهُ بِالنَّفَقَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَيْئًا خَفِيفًا كَالدِّينَارِ فَلَهَا ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ كَثِيرًا أَمَّا لَوْ كَانَ قَلِيلًا فَتَقْضِي بِحَسَبِهِ (ص) وَلَوْ طُولِبَ بِصَدَاقِهَا لِمَوْتِهَا فَطَالَبَهُمْ بِإِبْرَازِ جِهَازِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا شَرَطَ عَلَى الْمَرْأَةِ التَّجْهِيزَ بِأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَتَجَهَّزَتْ بِمَا شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَطَالَبَ أَوْلِيَاؤُهَا زَوْجَهَا بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ حَالّ الصَّدَاقِ فَطَالَبَهُمْ الزَّوْجُ أَنْ يُبْرِزُوا جِهَازَهَا الْمُشْتَرَطَ أَوْ الْمُعْتَادَ لِيَنْظُرَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمَازِرِيُّ وَيُحَطُّ عَنْ الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ جِهَازِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لِمَوْتِهَا بَلْ الْأَبُ لَا يُجْبَرُ فِي حَالِ حَيَاةِ الِابْنَةِ أَيْضًا وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الرِّضَا بِالْجِهَازِ الْمُسَاوِي لِمَهْرِهَا وَالطَّلَاقِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا إنْ فَاتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ الْوَلِيُّ) هَذَا بِنَاءً عَلَى قِرَاءَةٍ يُسَمِّي فِي الْمُصَنِّفِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَائِدٌ عَلَى الْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِ الزَّوْجِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّسْمِيَةُ بِاشْتِرَاطِ الزَّوْجِ يَكُونُ زَائِدًا عَلَى الصَّدَاقِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِاشْتِرَاطِهِ يَكُونُ أَنْقَصَ مِنْهُ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ فَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا زَادَ عَلَى الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَمَّى الْوَلِيُّ فَلَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ إلَّا نَاقِصًا عَنْ الصَّدَاقِ لَا أَزْيَدَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنْ الْوَلِيِّ تَارَةً تَكُونُ بِاشْتِرَاطِ الزَّوْجِ فَيَكُونُ الْجِهَازُ زَائِدًا عَلَى الصَّدَاقِ وَتَارَةً لَا فَيَكُونُ أَنْقَصَ فَلَا يَلْزَمُ الْقُصُورُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَقْرَبَ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُنْفِقُ إلَخْ) وَعَلَى الزَّوْجِ حَيْثُ ارْتَكَبَتْ النَّهْيَ وَأَنْفَقَتْ جَمِيعَهُ أَوْ أَنْفَقَتْ مِنْهُ يَسِيرًا الْغِطَاءَ وَالْوِطَاءَ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُحْتَاجَةَ وَكَالدِّينَارِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ مِنْهُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ لَهَا أَنْ تُنْفِقَ غَالِبَهُ أَوْ نِصْفَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْجِهَازِ فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ، وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَتُنْفِقُ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَغْرَقَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُنَافَاةً مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَتَكْتَسِي الشَّيْءَ الْخَفِيفَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُنْفِقُ مِنْهُ النِّصْفَ وَلَا الْأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ آخِرًا مَا لَمْ تَسْتَغْرِقْهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُنْفِقُ الْأَكْثَرَ، وَالنِّصْفَ الَّذِي يَظْهَرُ إلْحَاقُ الْأَكْثَرِ بِالْكُلِّ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي النِّصْفِ إلَّا أَنَّ جَعْلَ الْعِلَّةِ الْحَاجَةَ يَقْتَضِي الْإِنْفَاقَ وَلَوْ الْكُلَّ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَالدِّينَارِ) أَيْ وَالدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ، وَالْمُرَادُ فِيمَا يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ عُرْفًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ إذْ رُبَّ صَدَاقٍ كَثِيرٍ كَأَلْفِ دِينَارٍ فَالْعَشَرَةُ مِنْهُ قَلِيلٌ قَالَ عب وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ ذَلِكَ وَقَالَ الْبَدْرُ وَاسْتَظْهَرَ الْجِيزِيُّ أَنَّ دِينَارَيْنِ مِنْ أَرْبَعِينَ يَسِيرٌ . (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ) فِي شَرْحِ شب وَأَمَّا الْجِهَازُ الَّذِي قَدْرُ الصَّدَاقِ فَيَلْزَمُهُمْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ فَتَجَهَّزَتْ بِمَا شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ) أَوْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَطَالَبَهُمْ بِإِحْضَارِ قِيمَةِ مَا ذُكِرَ لِيَعْرِفَ إرْثَهُ مِنْهَا أَوْ بِإِبْرَازِ قَدْرِ مَنَابِهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ حَالِّ الصَّدَاقِ) إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضُوا شَيْئًا مِنْهُ أَوْ بَقِيَّةَ الْحَالِّ إنْ قَبَضُوا بَعْضَهُ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا قَبَضُوا جَمِيعَ الْحَالِّ، وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ شَامِلًا بِأَنْ تُرِيدَ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ حَالِّ الصَّدَاقِ مَا يَشْمَلُ ذَاتَهُ وَمَا يَشْمَلُ بَدَلَهُ مِنْ الْجِهَازِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ فَالْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَأَرَادَ أَوْلِيَاؤُهَا قِيمَةَ الْجِهَازِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِالْحَالِّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَطَالَبَهُمْ الزَّوْجُ أَنْ يُبْرِزُوا جِهَازَهَا الْمُشْتَرَطَ) أَوْ قِيمَتَهُ أَوْ مَنَابَهُمْ أَوْ قِيمَةَ مَنَابِهِمْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمَازِرِيُّ) الْإِفْتَاءُ إنَّمَا هُوَ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ وَأَفْتَى اللَّخْمِيُّ بِاللُّزُومِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ الْمَازِرِيُّ قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَقُولُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ بَنَاتِهِمْ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى الْحَظْوَةِ عِنْدَ الزَّوْجِ فَعِنْدَ مَوْتِ الِابْنَةِ يَنْتَفِي ذَلِكَ كُلُّهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَيُحَطُّ عَنْ الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَبَهُمْ بِجِهَازٍ يُسَاوِي سِتِّينَ دِينَارًا وَجَعَلَ لَهُمْ الصَّدَاقَ ثَلَاثِينَ دِينَارًا عِشْرِينَ حَالَّةً وَعَشَرَةً مُؤَجَّلَةً وَقَدْ قَبَضَ لَهُمْ الْحَالَّ الَّذِي هُوَ الْعِشْرُونَ فَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِ مَنْ تَجَهَّزَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا فَيُقَالُ مَثَلًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ خَمْسَةٌ الَّتِي زَادَهَا إذْ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا جَعَلْت الصَّدَاقَ كَذَا لِمَا اشْتَرَطْت مِنْ الْجِهَازِ أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا قَدْرُ مِيرَاثِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِهَازِ الَّذِي هُوَ بِالْعِشْرِينِ وَبَقِيَّةُ الْمُؤَجَّلِ وَإِذَا قُبِضَ مِنْ الْحَالِّ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِ مَنْ تَتَجَهَّزُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَإِذَا قُبِضَ مِنْ الصَّدَاقِ عَشَرَةٌ كَذَلِكَ فَإِذَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْ الصَّدَاقِ شَيْئًا فَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِ مَنْ لَمْ تَتَجَهَّزْ بِجِهَازٍ فَيُقَالُ كَذَا. (قَوْلُهُ: بِالْجِهَازِ الْمُسَاوِي لِمَهْرِهَا) أَيْ لِلْمَقْبُوضِ مِنْ مَهْرِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ قَامَ بِالْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ فَاتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا فَاتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ فَتَارَةً بِمَوْتٍ وَتَارَةً يُطَلِّقُ وَتَارَةً لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ عج أَنَّ صُوَرَ مَا إذَا اشْتَرَطَ الزَّوْجُ جِهَازًا يَزِيدُ عَلَى مَا يَلْزَمُ التَّجْهِيزُ بِهِ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ وَيَحْصُلُ التَّجْهِيزُ بِدُونِ ذَلِكَ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَفِيهِ صُوَرٌ ثَلَاثٌ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ حِينَئِذٍ فِي الْعِصْمَةِ وَفِي هَذِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 أُجْبِرَ الْأَبُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ مِنْ تَجْهِيزِهَا بِهِ مِنْ مَالِهَا (ص) وَلِأَبِيهَا بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا لِلتَّجْهِيزِ (ش) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ لِلتَّجْهِيزِ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعُ لَا بِسَاقَهُ وَعَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ الْبِنَاءِ الْإِتْيَانُ بِمَا تَحْتَاجُهُ مِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ، وَلَوْ قَالَ كَرَقِيقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ (ص) وَفِي بَيْعِهِ الْأَصْلَ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الْأَبِ أَوْ بَيْعِهَا الْعَقَارَ الْمَسُوقَ فِي صَدَاقِهَا وَمَنْعِ الْبَيْعِ أَيْ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ قَوْلَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِعَدَمِ مَنْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ قَوْلَانِ لِاتِّحَادِهِمَا حِينَئِذٍ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْبَيْعِ فَقَطْ لِذَلِكَ أَوْ بِمَنْعِهِ فَقَطْ لِذَلِكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ يَأْتِي الزَّوْجُ بِالْغِطَاءِ وَالْوِطَاءِ (ص) وَقُبْلَ دَعْوَى الْأَبِ فَقَطْ فِي إعَارَتِهِ لَهَا فِي السَّنَةِ بِيَمِينٍ وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ إذَا جَهَّزَهَا أَبُوهَا وَأَدْخَلَهَا بِهِ عَلَى زَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْجِهَازَ أَوْ بَعْضَهُ عَارِيَّةٌ عِنْدَ ابْنَتِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ أَوْ لَا، فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ كَانَ مَا ادَّعَاهُ مِمَّا يُعْرَفُ لَهُ أَمْ لَا ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَ فِيمَا أَبْقَاهُ بَعْدَمَا ادَّعَاهُ وَفَاءً بِمَا أَصْدَقَ الزَّوْجُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُحَلَّفُ الْأَبُ وَيَأْخُذُهُ وَيُطَالَبُ بِإِحْضَارِ مَا فِيهِ كَفَافٌ بِمَا أَصْدَقَهُ الزَّوْجُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ أَصْلَ الْمَتَاعِ لِلْأَبِ فَيُحَلَّفُ وَيُتْبَعُ بِالْوَفَاءِ وَاقْتَصَرَ   [حاشية العدوي] هَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُكْمِلَ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ اُشْتُرِطَ الْجِهَازُ عَلَيْهِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ أَوْ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَوْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا تَجَهَّزَتْ بِهِ وَالْأَوَّلُ لِلْعَبْدُوسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَإِمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَفِي هَذِهِ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا مَاتَتْ عَلَيْهِ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَلْ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْعَبْدُوسِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُوفِيَ بِمَا شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ مِنْ الْجِهَازِ أَوْ لَا فَيَتَّفِقُ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى لُزُومِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَإِمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَيَجْرِي فِيهِ نَحْوُ مَا قَبْلَهُ فِي الْمَوْتِ وَتَارَةً يَطَّلِعُ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَهِيَ حَيَّةٌ فِي عِصْمَتِهِ فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ وَتَارَةً يَطَّلِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَازِرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ مُجَهَّزَةٌ بِمَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِهِ مِنْ صَدَاقِهَا أَيْ مِنْ مَقْبُوضِ صَدَاقِهَا وَتَارَةً يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ الْمُشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ هُوَ الْجِهَازُ بِأَنْ حَصَلَ الطَّلَاقُ بَعْدَمَا جُهِّزَتْ بِهِ وَكَانَ جِهَازُهَا دُونَ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا تَجَهَّزَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشَطَّرُ هُوَ نَفْسُ الصَّدَاقِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ تَجْهِيزٌ فَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ لَهَا نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا تَتَجَهَّزُ بِمَا يَنْقُدُهَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ الْأَبُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ قَالَ عج وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا فَاتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى تَجْهِيزِهَا بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَبْدُوسِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ انْتَهَى أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَبْدُوسِيُّ قَطْعًا إنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَاحْتِمَالًا فِي الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ زِيَادَةً عَلَى الْحَالِّ مِنْ صَدَاقِهَا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَمِثْلُهُ الْمُشْتَرَطُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهَا كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِخَطِّهِ إلَّا أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ عج عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ عَلَى مَا رَأَيْت مِنْ بَعْضِ نُسَخِ عج مِنْ مَالِهِ وَعَلَى ذَلِكَ التَّقْرِيرِ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ السِّتَّةَ إلَّا صُورَةَ مَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَتَجَهَّزْ بِمَا شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ قَالَ عج بَعْدَ ذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ جَهَّزَهَا بِمَا شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى الْمُسَمَّى ثُمَّ بَعْدَمَا دَفَعَ الْمُسَمَّى ادَّعَى عَارِيَّةَ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ بِحَيْثُ يُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى فَهَلْ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِمَا بَقِيَ أَمْ لَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَهُوَ مِمَّا شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ فَلَا يَتَأَتَّى، هَذَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ تَقْرِيرِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يُقَرِّرُهُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: لَا بِسَاقَهُ) إذْ لَوْ سَاقَهُ لِتَجْهِيزٍ لَوَجَبَ بَيْعُهُ لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الزَّوْجِ إلَخْ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِمَا أَنْ يَكُونَا مُنَاسِبَيْنِ لِحَالِ الزَّوْجَةِ أَوْ لِحَالِهِمَا أَمْ لَا كَذَا قَالَ عج. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ) هَذَا الْقَيْدُ يَجْرِي فِي قَوْلِهِ وَلِأَبِيهَا إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ عج وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُمَا إلَخْ يَنْبَغِي جَرَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَلِأَبِيهَا إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ عج . (قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ لَا الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَذْهَبَ الْمُوَثِّقِينَ أَنَّ دَعْوَى الْقَبُولِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي السَّنَةِ فَقَطْ لَكِنْ بِدُونِ يَمِينٍ وَأَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ حَبِيبٍ يُعْتَبَرُ فِي السَّنَةِ وَزِيَادَةِ شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةٍ لَكِنْ بِيَمِينٍ فَقَدْ لَفَّقَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ مِنْ قَوْلَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنْ تَحْلِيفِ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَأَيْضًا هِيَ مِنْ حَقِّهِ إنْ شَاءَ حَلَّفَهَا أَوْ تَرَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِي السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ لَا الْعَقْدِ وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ ثَانِيهَا أَنْ يَبْقَى بَعْدَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَارِيَّةِ مَا بَقِيَ بِجِهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا وَثَالِثُهَا كَمَا يَأْتِي أَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً أَوْ سَفِيهَةً. (تَنْبِيهٌ) : لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ فِيمَا هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ هُوَ وَلَا عَلَى الِابْنَةِ إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْعَارِيَّةِ أَوْ عَلِمَتْ وَهِيَ سَفِيهَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَبَ قَصَّرَ وَتَضْمَنُ الرَّشِيدَةُ إنْ عَلِمَتْ وَلَمْ تَقُمْ لَهَا بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ أَيْ فَيُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا رِضَا لِلْأَبِ فِي مَالِهَا وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ، وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا، وَأَمَّا الثَّيِّبُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا فَهُوَ فِي حَقِّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إذَا خَالَفَتْهُمْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَافَقَتْهُمْ وَكَانَتْ سَفِيهَةً اهـ. وَالْبِكْرُ الْمُرْشِدَةِ كَالثَّيِّبِ الرَّشِيدَةِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّ الْمُهْمَلَةَ هُنَا كَالْمُوَلَّى عَلَيْهَا (ص) لَا إنْ بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي السَّنَةِ فَهُوَ عَطْفٌ مَعْنًى يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا جَهَّزَ بِهِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ عَلَى مَا مَرَّ عَارِيَّةٌ عِنْدَهَا بَعْدَ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا بِالْعَارِيَّةِ عِنْدَ إدْخَالِهَا أَوْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَسَوَاءٌ عُرِفَ أَصْلُهُ أَمْ لَا لِطُولِ حِيَازَةِ الِابْنَةِ إذَا كَذَّبَتْهُ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ فَإِنْ أَشْهَدَ أَخَذَهُ وَلَوْ طَالَ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَسَوَاءٌ عَلِمَتْ الِابْنَةُ بِالْإِشْهَادِ أَمْ لَا (ص) فَإِنْ صَدَّقَتْهُ (ش) الِابْنَةُ وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَنَّ الَّذِي جَهَّزَهَا بِهِ عَارِيَّةٌ عِنْدَهَا (فَ) إنَّ تَصْدِيقَهَا (فِي ثُلُثِهَا) فَإِنْ زَادَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ. وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ إنَّمَا يُرَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ. (ص) وَاخْتُصَّتْ بِهِ إنْ أَوْرَدَ بِبَيْتِهَا أَوْ أَشْهَدَ لَهَا بِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ لَهَا وَوَضَعَهُ عِنْدَ كَأُمِّهَا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبِنْتَ تَخْتَصُّ عَنْ الْوَرَثَةِ بِالْجِهَازِ الَّذِي جَهَّزَهَا بِهِ أَبُوهَا مِنْ مَالِهِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهَا إذَا أَوْرَدَهُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَنَى بِهَا فِيهِ زَوْجُهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ لَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ إيرَادَهُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْبِنَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْحِيَازَةِ وَكَذَلِكَ تَخْتَصُّ بِمَا ذُكِرَ عَنْ الْوَرَثَةِ إذَا أَشْهَدَ الْأَبُ بِذَلِكَ لَهَا وَلَا يَضُرُّ إبْقَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِهِ، وَكَذَلِكَ تَخْتَصُّ بِمَا ذُكِرَ إذَا اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ وَوَضَعَهُ الْأَبُ عِنْدَ أُمِّهَا أَوْ زَوْجَةِ أَبِيهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَمَاتَ وَهُوَ مَنْسُوبٌ لَهَا وَالْوَرَثَةُ مُقِرُّونَ بِأَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ شُورَةٌ لَهَا، وَمِثْلُ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ أَبِيهَا وَلَكِنْ تَقُولُ مَلَّكَهُ لِي فَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَخُصَّ الشِّرَاءُ وَإِنْ كَانَ مَا صَنَعَتْهُ مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا أَوْ صَنَعَتْهُ أُمُّهَا لَهَا كَذَلِكَ لِفَهْمِ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ بِالْأَوْلَى (ص) وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الْأَجْنَبِيُّ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ قَدْ اسْتَعَارَهُ وَلِيُّهَا وَعُرِفَ أَنَّهُ لَهُ فَيَأْخُذُهُ وَيُطَالَبُ الْوَلِيَّ بِإِحْضَارِ مَا فِيهِ كَفَافٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْأَبِ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلتَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ عُرِفَ أَصْلُهُ أَمْ لَا لَا بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ مَا عُرِفَ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا رِضَا لِلْأَبِ) أَيْ لَا كَلَامَ لَهُ فِي مَالِهَا بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّيِّبِ الرَّشِيدَةُ فَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَتِهِ) أَيْ وَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ سَفِيهَةً. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ) أَيْ وَلَوْ أُمًّا كَذَا فِي عب وَتِلْكَ الْمُبَالَغَةُ تُؤْذِنُ بِأَنَّ الْجَدَّةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي حَقِّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ) يَأْخُذُ مَا عُرِفَ أَصْلُهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ) رَاجِعٌ لِلْأَبِ. (قَوْلُهُ: إذَا خَالَفَتْهُمْ الْمَرْأَةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْبِكْرُ الْمُرَشَّدَةُ كَالثَّيِّبِ الرَّشِيدَةِ) أَيْ فَلَا يُفِيدُ دَعْوَى الْأَبِ مَعَهَا. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُهْمَلَةَ) أَيْ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ وَلَا مُقَدَّمَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي سَفِيهَةً أَوْ جُهِلَ حَالُهَا وَقَوْلُهُ كَالْمُوَلَّى عَلَيْهَا مَعْنَاهُ إذَا ادَّعَى الْعَارِيَّةَ مَنْ عَقَدَ لَهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَتْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ كَالرَّشِيدَةِ لَقُبِلَ قَوْلُهُ: مَعَ الْمُوَافَقَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ مَعْنًى) أَيْ فَالتَّقْدِيرُ لَا فِي الْبُعْدِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ إدْخَالِهَا وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ) لَكِنْ إنْ كَانَ إشْهَادُ الْأَبِ بِالْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى يَمِينٍ أَيْ أَوْ عِنْدَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا يَنْبَغِي لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا لَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ قَالَ عج وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ إذْ لَمْ يَذْكُرُوا مِنْهَا هَذِهِ فِيمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشْهَدَ أَخَذَهُ) أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَ بِالْعَارِيَّةِ وَالْإِشْهَادُ بِأَصْلِ الْعَارِيَّةِ كَالْإِشْهَادِ بِالْعَارِيَّةِ وَالْإِشْهَادُ بِأَصْلِهَا إشْهَادُهُ عَلَى الْبِنْتِ بِإِعَارَتِهَا لِشَيْءٍ وَمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلدَّفْعِ لَهَا، وَالْإِشْهَادُ بِالْعَارِيَّةِ إشْهَادُهُ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ أَعَارَهُ بِعَيْنِهِ لِبِنْتِهِ بِغَيْرِ حُضُورِهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ أَوْ لَا اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ: وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ) لَكِنَّ الْإِشْهَادَ إنْ كَانَ مِنْ الْأَبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُشْهِدَ وَتُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ دَفْعَ الْعَارِيَّةِ أَوْ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي عِنْدَ ابْنَتِهِ عَارِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلَا فِي السَّنَةِ مَعَ عَدَمِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ فِي حَقِّهِ الْإِشْهَادُ إذَا كَانَ مَعَ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ دَفْعَ الْعَارِيَّةِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِشُهُودٍ اشْهَدُوا أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي عِنْدَ فُلَانَةَ عَارِيَّةٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُعَايَنَةِ إعَارَةٌ فَلَا يُفِيدُ، وَهَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ عب (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ) يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ أَوْرَدَ إلَخْ) أَيْ وَضَعَ وَوَجَدَ كَمَا فِي عج زَادَ شب وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَمَلَ خِلَافًا لتت؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حَمْلِهِ لِبَيْتِهَا وَضْعُهُ فِيهِ اهـ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِبَيْتِهَا يَبْطُلُ وَانْظُرْ هَلْ صَرِيحُ النَّقْلِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إذَا أَشْهَدَ الْأَبُ بِذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يُفِيدُهُ هَذَا الْإِشْهَادُ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَتْ فِي حِجْرِهِ، وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ فَلَا يَكْفِي فِيهَا الْإِشْهَادُ وَكَلَامُ عج يُفِيدُ تَرَدُّدًا فِي ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ) أَيْ الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 مَا يَصْدُقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِ نَفْسِهَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ إذَا وَهَبَتْ صَدَاقَهَا الْمُسَمَّى لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ وَهَبَتْ لَهُ مَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ فَفَعَلَ فَإِنَّ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ مَالِهِ أَقَلَّ الصَّدَاقِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ عَلَى تَرْكِ الصَّدَاقِ فَيُعَرَّى الْبُضْعُ عَنْ الصَّدَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ جُبِرَ إلَخْ حَيْثُ أَرَادَ الْبِنَاءَ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَقْبِضْ الصَّدَاقَ فَإِنْ قَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ كَهِبَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (ص) وَبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِ نَفْسِهَا إذَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا صَدَاقَهَا كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا وَهَبَتْ لَهُ بَعْضَ صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْبَعْضَ الْبَاقِيَ هُوَ الصَّدَاقُ فَإِنْ كَانَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى تَكْمِيلِهِ حَيْثُ أَرَادَ الدُّخُولَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَعْطَاهَا نِصْفَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْهِبَةِ كَتَزْوِيجِهِ ابْتِدَاءً بِأَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ الشَّرْعِيِّ، وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَهَبَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ أَيْ فَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا صَدَاقَهَا أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ أَوْ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَفُسِخَ قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهَا فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَا يَكُونُ كَالْعَدَمِ بَلْ يَكُونُ مَرْدُودًا عَلَيْهَا فَتَأْخُذُهُ مِنْهُ. (ص) كَعَطِيَّتِهِ لِذَلِكَ فَيُفْسَخُ (ش) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا غَيْرَ الصَّدَاقِ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ فَظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَفُسِخَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ لِعَدَمِ حُصُولِ غَرَضِهَا، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ طَلَّقَ اخْتِيَارًا وَهَذَا إذَا فَارَقَ بِالْقُرْبِ وَأَمَّا بِالْبُعْدِ بِحَيْثُ يَرَى أَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهَا فَلَا تَرْجِعُ وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَرْجِعُ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا فَلَا رُجُوعَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَأَجْرَى فِي تَوْضِيحِهِ مَا أَهْدَاهُ الزَّوْجُ لَهَا أَوْ أَعْطَاهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ مَجْرَى مَا أَعْطَتْهُ هِيَ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ فَقَالَ عَنْ أَصْبَغَ إنْ أَهْدَاهَا لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ وَجَدَهَا قَائِمَةً؛ لِأَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ إلَيْهِ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ وَإِنْ أَعْطَاهَا شَيْئًا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثُمَّ فُسِخَ نِكَاحُهَا بِحَدَثَانِ ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ مَا أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا عَلَى ثَبَاتِ الْحَالِ وَالْعِشْرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ طُولِ سَنَتَيْنِ أَوْ سِنِينَ فَلَا أَرَى لَهُ شَيْئًا وَإِنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أُعْطِيَ لَهُ قَدْ رَسَخَ وَانْتَفَعَ بِهِ فَالْفَسْخُ كَطَلَاقٍ حَادِثٍ   [حاشية العدوي] وَلَكِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ. (قَوْلُهُ: جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) ثُمَّ إنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا وَهَبَتْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا يَدْفَعُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَتْهُ لَهُ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُ لَهَا فَخُرُوجُهُ مِنْ يَدِهَا وَعَوْدُهُ لَهَا يُعَدُّ لَغْوًا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ وَلَا عَيْبَ بِأَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَيُعِيدُهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبِهَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَخْصٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي الْمُسَمَّى وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) : هَلْ يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِمَا وَهَبَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ حَيْثُ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ وَبِقَدْرِ مَا يَصْدُقُهَا حَيْثُ وَهَبَتْ لَهُ مَا يَصْدُقُهَا أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ هِبَتِهِ ذَلِكَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ يُحَرَّرُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَتْهُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ عج ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَتْهُ لَهُ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ يُظَنُّ مِنْهُ التَّوَاطُؤُ عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ بَلْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ تَوَاطُؤٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ تَوَاطُؤٌ عَلَى الرَّدِّ لَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ) مَعْنَاهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ لَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَفِي الْفَرْعِ الثَّانِي أَنَّ الْبَاقِيَ هُوَ الصَّدَاقُ وَقَوْلُهُ كَالْعَدَمِ أَيْ كَالْمَعْدُومِ أَوْ ذِي الْعَدَمِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَهَبَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْفَسْخُ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهَا عَالِمَةً بِعَيْبِهَا أَمْ لَا وَانْظُرْهُ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ حُصُولِ غَرَضِهَا) بِأَنْ خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ عَنْ بُعْدٍ بِحَيْثُ تَرَى أَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهَا فَلَا تَرْجِعُ وَالسَّنَتَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ بَعْدٌ، قَالَهُ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ تَدْفَعُ بِحَسَبِهِ فَقَوْلُهُ: قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهَا أَيْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَسْخِ، وَأَمَّا مَا كَانَ لِيَمِينٍ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْفَسْخِ إنَّمَا الْفِرَاقُ لِلطَّلَاقِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِيَمِينٍ أَوْ كَانَ لِيَمِينٍ تَعَمَّدَهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ دَخَلَتْ الدَّارَ فَلَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْتُ بِضَمِّ التَّاءِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَدَخَلَ نَاسِيًا، وَأَمَّا إنْ دَخَلَ مُتَعَمِّدًا فَتَرْجِعُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَمَّدْهَا) أَيْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا فَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَدَخَلَتْهَا أَوْ دَخَلَهَا غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ إذَا عَلَّقَ عَلَى دُخُولِهِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْحِنْثَ فَإِنَّ لَهَا الْقِيَامَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ لَهَا الرُّجُوعَ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَلَوْ أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَزَوَّجَ رَجَعَتْ مُطْلَقًا قَرُبَ أَوْ بَعُدَ. (قَوْلُهُ: وَأَجْرَى فِي تَوْضِيحِهِ) أَيْ وَذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْ وَلَمْ يُرِدْ وَقَاسَ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ أَصْبَغَ اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ إضَافَةُ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ وَالشَّارِحُ أَفَادَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْإِضَافَةُ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَقَامُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّحْوِ إضَافَةُ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ إلَيْهِ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ) وَهُوَ الْبِنَاءُ فَالْهَدِيَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْعَقْدِ الْمَقْصُودُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِذَلِكَ يُجْعَلُ قَوْلُهُ كَعَطِيَّتِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ تَارَةً وَإِلَى مَفْعُولِهِ أُخْرَى (ص) وَإِنْ أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَيُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ السَّفِيهَةَ إذَا أَعْطَتْ رَجُلًا مَالًا لِيَتَزَوَّجَهَا بِهِ مِنْ وَلِيِّهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ مَالِهِ مِثْلَ مَا وَهَبَتْهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهَا لِبُطْلَانِ هِبَتِهَا فِيهِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ تَبَيَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا نَظِيرَهُ هَذَا إذَا كَانَ مَا أَعْطَتْهُ قَدْرَ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَقَلَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ وَلِيَّتَهُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ (ص) وَإِنْ وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَ اتَّبَعَهَا وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِ نَفْسِهَا إذَا وَهَبَتْ صَدَاقَهَا لِشَخْصٍ غَيْرِ الزَّوْجِ وَقَبَضَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حِينَ الْهِبَةِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَهَبَتْهُ عَلَى أَنْ يَتِمَّ صَدَاقَهَا فَلَمْ يُتِمَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ عِلْمَهُ بِذَلِكَ كَبَيَانِهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ مَا وَهَبَتْهُ فَإِنْ جَاوَزَهُ بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ فَإِنْ قُلْت الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَ فَلَيْسَ لَهُ تَكَلُّمٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ قُلْت ذَاكَ فِي خَالِصِ مَالِهَا وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نِصْفُهُ أَوْ كُلُّهُ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ أُجْبِرَتْ هِيَ وَالْمُطَلِّقُ إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِ نَفْسِهَا إذَا وَهَبَتْ صَدَاقَهَا مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ هِيَ وَالْمُطَلِّقُ عَلَى إنْفَاذِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ وَلَوْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ فَتُجْبَرُ هِيَ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا لِلْمَوْهُوبِ، وَأَمَّا الْمُطَلِّقُ فَلَا يُجْبَرُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِنِصْفِهِ فَقَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَتْ شَرْطٌ فِي جَبْرِ الْمُطَلِّقِ فَقَطْ، وَأَمَّا هِيَ فَتُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا مُطْلَقًا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ؛ وَلِذَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا يَغْرَمُهُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ النِّصْفَ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْفُضُولِيِّ فِي هِبَةِ حِصَّةِ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَكَذَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا (ص) وَإِنْ خَلَعَتْهُ عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِ نَفْسِهَا إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ دَنَانِيرَ   [حاشية العدوي] مِنْهَا الْبِنَاءُ وَقَدْ حَصَلَ. (قَوْلُهُ: مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ مَا وَهَبَتْهُ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا. (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا أَعْطَتْهُ وَيُكْمِلُ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ سِيَاقِهِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ جَمِيعُهُ) فَإِنْ قُلْت مُفَادُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَجْرِ أَنَّهَا إذَا تَبَرَّعَتْ بِأَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ يَكُونُ صَحِيحًا حَتَّى يَرُدَّهُ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ بَطَلَ جَمِيعُهُ قُلْت مَا يَأْتِي فِي خَالِصِ مَالِهَا وَهُنَا الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَ فَقَدْ تَبَرَّعَتْ بِمَا نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ تَكَلُّمٌ أَيْ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا إذَا تَبَرَّعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى تَأَيَّمَتْ فَلَا كَلَامَ لَهُ أَيْ فَيُعَارِضُ قَوْلَكُمْ هُنَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ الْمُقْتَضِي أَنَّ لَهُ التَّكَلُّمَ. (قَوْلُهُ: بَلْ نِصْفُهُ أَوْ كُلُّهُ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ) أَيْ فَسَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ فَلَمْ يَكُنْ خَالِصَ مَالِهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ نَقُولُ تَعَيَّنَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ ذَلِكَ فَصَارَ مِلْكُهَا حِينَ الْعَقْدِ كَالْعَدَمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَرَدَ السُّؤَالُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ بِأَزْيَدَ يَصِحُّ الْجَمِيعُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ الثَّانِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا تَأَيَّمَتْ وَكَانَتْ تَبَرَّعَتْ بِأَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدٌّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا تَبَرَّعَتْ بِخَالِصِ مَالِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا . (قَوْلُهُ: أُجْبِرَتْ هِيَ وَالْمُطَلِّقُ) وَمَحَلُّ جَبْرِ الْمُطَلِّقِ بِشَرْطِهِ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ وَكَذَا إنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ صَدَاقٌ، وَأَمَّا هِيَ فَتُجْبَرُ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ فِي النِّصْفِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) وَأَوْلَى لَوْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ وَالْهِبَةِ وَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ مُوسِرَةً فِيهِمَا أَوْ مُعْسِرَةً فِيهِمَا أَوْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ وَمُعْسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الْعَكْسُ فَيُجْبَرُ الْمُطَلِّقُ فِي صُورَتَيْنِ إذَا أَيْسَرَتْ مُطْلَقًا وَلَا يُجْبَرُ فِي صُورَتَيْنِ إذَا أَعْسَرَتْ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُطَلِّقُ فَلَا يُجْبَرُ) اُنْظُرْ لَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ مَعَ عُسْرِهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ وَيَتْبَعُ ذِمَّتَهَا وَأَبَتْ ذَلِكَ هَلْ تُجْبَرُ هِيَ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْيُسْرُ هُنَا يَوْمَ الطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ اعْتِبَارُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِحِ لِلْحُرِّيَّةِ دُونَ الْهِبَةِ فَرُوعِيَ حَقُّ الزَّوْجِ فِيهَا أَقْوَى. (قَوْلُهُ: فَتُجْبَرُ هِيَ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا) وَلَا يَتْبَعُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِنِصْفِ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: أُجْبِرَتْ هِيَ وَالْمُطَلِّقُ. (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهِ يَتَشَطَّرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْفُضُولِيِّ) فَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى إمْضَاءِ النِّصْفِ وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً. (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا مَرَرْنَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا لَمْ تُجْبَرْ هِيَ وَلَا هُوَ؛ لِأَنَّهَا وَهَبَتْ مَا كَانَ مِلْكًا لِلْغَيْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اسْتَحَقَّتْ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ أُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى دَفْعِ النِّصْفِ فَصَارَتْ بِمَثَابَةِ مَنْ لَمْ تَمْلِكْ الْكُلَّ وَبَحَثَ بَهْرَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ وَمُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ قَائِلًا قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ وَهَبَتْ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ تَصَرُّفُهَا فِيهِ، وَطُرُوُّ الْعُسْرِ لَا يَضُرُّ كَمَنْ تَصَرَّفَ فِي حَالِ يُسْرِهِ بِهِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ فَلِسَ فَلَا يَضُرُّهُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهُ مِنْ يَدِ الْمُبْتَاعِ أَوْ الْمَوْهُوبِ وَالْجَوَابُ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ فَإِنَّهَا تَرُدُّهُ إلَيْهِ وَتَدْفَعُ مَا الْتَزَمَتْهُ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ يَقْتَضِي خُلْعَ مَالَهَا عَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ وَزَادَتْهُ مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ كَمَا لَوْ كَانَ صَدَاقُهَا ثَلَاثِينَ وَقَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ صَدَاقِي فَلَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ بَعْدَهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ (ص) لَا إنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ (ش) أَيْ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ فَلَهَا النِّصْفُ أَيْ نِصْفُ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى وَتَسْقُطُ الْعَشَرَةُ الَّتِي الْتَزَمَتْهَا مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ وَتَأْخُذُ بَاقِيَهُ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ قَوْلِهِ لَا نِصْفَ لَهَا وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ صَدَاقِي أَنَّ لَهَا نِصْفَ مَا بَقِيَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضٌ إنَّهُ صَوَابٌ (ص) أَوْ لَمْ تَقُلْ (ش) أَوْ قَالَتْ خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ (ص) مِنْ صَدَاقِي فَنِصْفُ مَا بَقِيَ (ش) فِيهِمَا فَمَتَى قَالَتْ خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ فَإِنَّ لَهَا نِصْفَ مَا بَقِيَ إنْ قَالَتْ مِنْ مَهْرِي وَإِلَّا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فِي الطَّلَاقِ وَتُؤَدِّي مِنْهُ مَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الْخُلْعِ مِنْ الصَّدَاقِ وَتُعْطَى مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا (ص) وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي أَنَّهَا تَغْرَمُ لَهُ الْعَشَرَةَ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ فَلَوْ خَالَعَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَإِنَّ صَدَاقَهَا لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ أَيْ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ بِأَوَّلِ وَطْئِهِ وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَمْ لَا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِهِ وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا فِيمَا إذَا قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَتَدْفَعُ مَا سَمَّتْ لَهُ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَرَّرُ الصَّدَاقُ هُنَا بِالْوَطْءِ فَنَصَّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ (ص) وَيَرْجِعُ إنْ أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا (ش) أَيْ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّدَاقِ إنْ أَصْدَقَهَا مِنْ قَرَابَتِهَا مَنْ يَعْلَمُ هُوَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا فَعَتَقَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنَّمَا قَصَدَ مُخَالَفَةَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَالِمٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَرَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِأَجْلِ الْبُضْعِ وَقَدْ اسْتَقَرَّ مِلْكُهَا عَلَيْهِ وَانْتَفَعَتْ بِعِتْقِ قَرِيبِهَا فَكَانَ ذَلِكَ كَاشْتِرَائِهَا لَهُ فَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ وَهِيَ الَّتِي بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ فِي يَعْلَمُ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا بِالْأَوْلَى عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَوْجَبَ رُجُوعَهُ عَلَيْهَا إنْ عَلِمَ وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحْرَى فَهِيَ صُورَةٌ مُوَافِقَةٌ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا عَلِمَتْ أَمْ لَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ اثْنَانِ مَنْطُوقَانِ وَاثْنَانِ مَفْهُومَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَوَلَاؤُهُ فِيهَا لَهَا (ص) وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ وَصُوِّبَ أَوْ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ الْعِتْقُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ إنْ رَشَدَتْ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ أَوْ لَا عِتْقَهُ عَلَيْهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بَلْ وَلَوْ سَفِيهَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَمَ وَلِيُّهَا أَمَّا إنْ عَلِمَ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ (ش) وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ " دُونَهَا " لِيُوَافِقَ   [حاشية العدوي] لَمْ يُوجِبْ لَهَا الشَّرْعَ عِنْدِي غَيْرَ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنِّي طَلَّقْتُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا وَهَبَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ قَدْ انْكَشَفَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ وَهُوَ بِيَدِي فَلَا أَدْفَعُهُ وَاتَّبَعَ ذِمَّةً أُخْرَى كَمَا لَوْ أَعْسَرَ يَوْمَ الْهِبَةِ وَالطَّلَاقِ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا أَوْ تَمْلِكُ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرِيٌّ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَإِلَّا فَتِلْكَ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي أَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ تَزِيدُ عَلَى نِصْفِ صَدَاقِهَا فَتُكْمِلُهَا مِنْ مَالِهَا وَيُعَدُّ قَوْلُهَا مِنْ صَدَاقِي الْأَخِيرِ لَغْوًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فِيهَا . (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَيَعْلَمُ كَذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ شَارِحُنَا وَتَبِعَ الشَّيْخَ سَالِمًا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَسَبَهُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وعج يَقْرَؤُهُ تَعْلَمُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ فَيُفِيدُ بِمَنْطُوقِهِ رُجُوعَهُ عَلَيْهَا إنْ عَلِمَتْ فَقَطْ أَوْ عَلِمَا وَالْأَوَّلُ يُتَّفَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمُسْتَحْسَنُ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَيُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ جَهِلَ هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ عج وَهُوَ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَصَدَ مُخَالَفَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ فَلَوْ رَجَعَ كَانَ رُجُوعًا عَمَّا أَرَادَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي تَوْضِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ رَجَعَ مَالِكٌ إلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَحَبُّ) أَيْ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ) وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا؛ وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إذْنُهَا وَلَمَّا أَذِنَتْ لَهُ فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى عَبْدٍ كَانَتْ مُجَوِّزَةً لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَلَوْ مُرَشَّدَةً أَوْ سَفِيهَةً عَلَى مَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالشَّامِلُ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبِكْرَ الْمُرَشَّدَةَ لَا يُجْبِرُهَا الْأَبُ وَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا أَوْ سَفِيهَةً فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ أَوْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا اُسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ عَلِمَ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ) إشَارَةٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي السَّفِيهَةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ وَلَوْ رَشِيدَةً إلَّا أَنَّ تَفْسِيرَ الْوَلِيِّ هُنَا بِالْأَبِ وَالْوَصِيِّ يُفِيدُ ذَلِكَ أَيْ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي السَّفِيهَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 النَّقْلَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ إلَّا عِلْمُ الْوَلِيِّ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ عِتْقِهِ عَلَى الْوَلِيِّ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا أَيْضًا أَيْ وَيَكُونُ رَقِيقًا لِلزَّوْجِ وَيَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَلَا يَكُونُ رَقِيقًا لَهَا إذْ لَا يَبْقَى فِي مِلْكِهَا مَنْ يَعْتِقُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَيْهَا وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْعِلْمُ بِالْعِتْقِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ تُحَابِيَ فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ وَالشَّرِكَةُ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ عَبْدًا وَجَنَى جِنَايَةً عَلَى شَخْصٍ وَهُوَ بِيَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ هُوَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَتْهُ مِنْهُ إذْ لَا فَرْقَ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ كَلَامٌ وَالْكَلَامُ لِلزَّوْجَةِ فِي أَنْ تُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ تَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَةِ لَا سِيَّمَا إنْ رَاعَيْنَا الْقَوْلَ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَإِنْ أَسْلَمَتْهُ الزَّوْجَةُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ الزَّوْجِ كَهَلَاكِهِ بِسَمَاوِيٍّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ حَابَتْ فِي ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ مُحَابَاتَهَا لَا تَمْضِي عَلَى الزَّوْجِ فِي نَصِيبِهِ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ حِينَئِذٍ إنْ شَاءَ أَمْضَى فِعْلَهَا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَكَانَ شَرِيكًا لَهُ فِي الْعَبْدِ لِلزَّوْجِ نِصْفُهُ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفُهُ بِخِلَافِ مُحَابَاتِهَا فِي بَيْعِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مِنْهَا فِي حَالَةٍ يَجُوزُ فِيهَا وَالْمُحَابَاةُ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا وَلَا تَمْنَعُ لُزُومَهُ، وَأَمَّا الْجِنَايَةُ فَهِيَ فِيهَا مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْفِدَاءِ فَلَمَّا حَابَتْ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لِلزَّوْجِ إبْطَالُهُ فِي حِصَّتِهِ تَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ فَإِنَّمَا لَهُ عَلَيْهَا نِصْفُ الْمُحَابَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ قَائِمٌ قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ فِيهِ وَمَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْجِنَايَةَ وَالْإِسْلَامَ وَقَعَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَلَهُمَا الْكَلَامُ (ص) وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا فَأَقَلَّ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بِذَلِكَ وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَبِأَكْثَرَ فَكَالْمُحَابَاةِ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى جِنَايَةً وَهُوَ بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَةَ فَدَتْهُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ فَدَتْهُ بِقَدْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَأَقَلَّ أَوْ فَدَتْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْشِهَا فَإِنْ فَدَتْهُ بِقَدْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَأَقَلَّ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ نِصْفِ الْعَبْدِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ مَا غَرِمَتْهُ الزَّوْجَةُ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ زَادَ مَا غَرِمَتْهُ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْجِنَايَةِ إذْ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ حَابَتْ أَيْ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ حِينَئِذٍ لِلزَّوْجِ إنْ شَاءَ أَمْضَى فِعْلَهَا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ نِصْفَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّائِدِ وَأَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ فَإِنْ قِيلَ الْأَكْثَرُ مُحَابَاةٌ فَقَوْلُهُ كَالْمُحَابَاةِ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى فَحُكْمُ فِدَائِهَا بِالْأَكْثَرِ كَحُكْمِ إسْلَامِهَا حَيْثُ حَابَتْ فِيهِ فِي التَّخْيِيرِ (ص) وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى الصَّدَاقِ نَفَقَةً بِأَنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَبْدًا أَوْ ثَمَرَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى الصَّدَاقِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَيْثُ طَلَّقَ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (ص) وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَبِي الْمُجْبَرَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغُرَتْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ عِتْقِهِ عَلَى الْوَلِيِّ) وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْوَلِيِّ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ حَصَلَ طَلَاقٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْعِلْمُ بِالْعِتْقِ) لَا الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ أَبَاهَا مَثَلًا . (قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لَهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ دَفْعُ إلَخْ) وَلَهُ إجَازَةُ فِعْلِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُحَابَاةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُحَابَاةَ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ فِيهَا مُخَيَّرَةٌ) أَيْ فَوَسَّعَ لَهَا وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مُخَيَّرًا فِيهِ، وَقَوْلُهُ تَأَمَّلْ أَمَرَ بِهِ لِمَا فِي الْمَقَامِ مِنْ الْإِشْكَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ أَيْضًا أَيْ يُخَيَّرُ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهَا قُدْرَةٌ عَلَى الْفِدَاءِ، وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَ الْأَوَّلِ، وَجَوَابُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ الْقُدْرَةُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا لَهُ عَلَيْهَا نِصْفُ الْمُحَابَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ مَا غَرِمَتْهُ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ الْجَانِي أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْجِنَايَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْجِنَايَةِ بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّتِهِ كَأَنْ حَابَتْ وَالْفَرْضُ لَا مُحَابَاةَ فَإِذَنْ قَوْلُهُ: إذْ الْمَعْنَى وَاحِدٌ لَا يَظْهَرُ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ) الْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ وَقَعَ صَدَاقًا فِي نِكَاحٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ صَدَاقٌ كَنِكَاحِ تَفْوِيضٍ لَمْ يُفْرَضْ فِيهِ أَوْ فُرِضَ دُونَ الْمِثْلِ وَلَمْ تَرْضَ وَطَلَّقَ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ . (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ) لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَصِيًّا مُجْبِرًا وَخُصَّ الْأَبُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ شَفَقَتِهِ دُونَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. (قَوْلُهُ: ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَبِلَهُ لِمَصْلَحَةٍ) فِيهَا لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِوَجْهٍ نُظِرَ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ حَمْلًا إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَابِلًا لِلْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ وَإِلَّا فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْخِلَافِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ: حَمْلًا فِي الْمَوْضُوعَيْنِ لِأَجْلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَوْنِهِ قَابِلًا لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْجَلَّابِ) رَاجِعٌ لِلثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ تت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِسْقَاطِ عَدَمُ الْمَصْلَحَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يَجُوزُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْأَبِ لَهَا حَمْلُهَا عَلَى الْمَصْلَحَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ كَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقًا قَوْلَانِ لِشُيُوخِنَا فَمَنْ قَالَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا اكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَمَنْ قَالَ هُوَ وِفَاقٌ يَقُولُ مَحَلُّ قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ حَيْثُ عُلِمَتْ الْمَصْلَحَةُ أَوْ عُلِمَ عَدَمُهَا وَيَخْتَلِفَانِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ بِالْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِهَا فِي ذَلِكَ فَقَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ عَفْوَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ جَائِزٍ حَمْلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِسْقَاطِ عَدَمُ الْمَصْلَحَةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُجِيزُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْأَبِ فِي حَقِّ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ، وَأَمَّا عَلَى الْوِفَاقِ فَكُلٌّ يَقُولُ إنَّ عَفْوَهُ حَالَ الْجَهْلِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَصْلَحَةِ فَقَوْلُهُ وَقَبِلَهُ لِمَصْلَحَةٍ أَيْ مَصْلَحَةٍ غَيْرِ مُحَقَّقَةٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْعَفْوَ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَصْلَحَةِ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ الْعَفْوُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ ثَيِّبًا صَارَ لَهَا الْكَلَامُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَالْكَلَامُ لِلْأَبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا فِي الْمُفَوَّضِ لَهَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَقَبَضَهُ مُجْبِرٌ وَوَصِيٌّ (ش) الْمُرَادُ بِالْمُجْبِرِ الْأَبُ فِي الْبِكْرِ وَإِنْ عَنَّسَتْ وَفِي الثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ ثِيبَتْ أَمْ لَا بَلَغَتْ أَمْ لَا وَأَيْضًا لِلْوَصِيِّ قَبْضُ الصَّدَاقِ، وَلَوْ لَمْ يُجْبِرْ لَكِنَّ عَطْفَهُ عَلَى الْمُجْبِرِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُجْبِرٍ (ص) وَصُدِّقَا وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ سَوَاءٌ كَانَ مَا ادَّعَى تَلَفَهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِمَا ادَّعَى تَلَفَهُ، وَكَذَا تُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ أَيْضًا إذَا قَبَضَتْهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يُصَدَّقَانِ مُطْلَقًا وَأَمَّا هِيَ فَتُصَدَّقُ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا التَّجْهِيزَ بِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ فِي الطَّلَاقِ فَلَا تُصَدَّقُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا تَضَمَّنَهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ كَذِبُهَا (ص) وَحَلَفَا (ش) يَعْنِي وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ وَالضَّيَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِمَا، وَسَوَاءٌ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ أَمْ لَا وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَهُوَ الْجِهَازُ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ يَلْزَمُهُ التَّجْهِيزُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ (ص) وَرَجَعَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا يُصَدَّقُ مَنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ فِي التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ دَفْعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ إلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً يَوْمَ الدَّفْعِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا عُقُوبَتَانِ ضَيَاعُ مَالِهَا مَعَ مَا حَصَلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِسْقَاطِ) لَا شَكَّ أَنَّ الْإِسْقَاطَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ الْمَقُولِ فِيهَا إنَّ أَفْعَالَ الْأَبِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ . (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: وَقَبِلَهُ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ لَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِيَكُونَ قَابِلًا لِلْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ الْعَفْوُ بَعْدَهُ) وَجَّهَهُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الصَّدَاقِ إلَّا بِالْمَسِيسِ فَضَعُفَ أَمْرُهُ قَبْلَهُ أَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ مَلَكَتْهُ فَقَوِيَتْ جِهَتُهَا عَلَى جِهَةِ الْأَبِ اهـ وَكَذَا لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ عَنْ صَدَاقِ الْبِكْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ مُجْبِرٌ وَوَصِيٌّ) وَكَذَا وَلِيُّ السَّفِيهَةِ غَيْرُ الْمُجْبِرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمُجْبِرِ مِنْ أَبٍ وَوَصِيٍّ يَقْبِضُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ كَأَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ سَفِيهًا فَيَقْبِضُ وَلِيُّهُ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيٌّ) أَيْ وَصِيُّ الْمَالِ وَيُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّ النِّكَاحِ وَلَوْ مُجْبِرًا وَكَذَا يَقْبِضُهُ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ غَيْرُ الْمُجْبِرِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَا) وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ لِبَرَاءَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يُتَوَهَّمُ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: فَلَا تُصَدَّقُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ كُلِّهِ بَلْ حَذْفُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ لَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ الِابْنَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْأَبِ دُونَ الْوَصِيِّ إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَيْ عَلَى الْقَبْضِ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِتَلَفِهِ وَالْمُبَالَغَةُ لَيْسَتْ رَاجِعَةً لِنَفْسِ التَّصْدِيقِ بَلْ لِبَرَاءَةِ الزَّوْجِ أَيْ صُدِّقَا وَبَرِئَ الزَّوْجُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَنْ مَعَهُمَا فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الزَّوْجِ مِنْهُ وَيَغْرَمُهُ ثَانِيَةً وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إجْحَافٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) حَيْثُ نَظَرَ فَقَالَ وَانْظُرْ هَلْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ لِحَقِّ الزَّوْجِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ قَابِضُهُ هَذَا كَالْأَمِينِ فِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا ادَّعَى الْأَمِينُ تَلَفَهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ هُنَا بِغَيْرِ الْأَمَانَةِ بَلْ بِجَعْلِ الشَّرْعِ لَهُ قَبْضَهُ. (قَوْلُهُ: ضَيَاعُ مَالِهَا) أَيْ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ النِّصْفِ الَّذِي يَخُصُّهَا وَقَوْلُهُ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهَا عَطْفٌ عَلَى ضَيَاعُ مَالِهَا أَيْ اتِّبَاعُ ذِمَّتِهَا بِنِصْفِ الزَّوْجِ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ إيسَارِهَا يَوْمَ الدَّفْعِ وَعُسْرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 لَهَا مِنْ الْكَسْرِ بِالطَّلَاقِ وَاتِّبَاعِ ذِمَّتِهَا وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ فِيمَا يَكُونُ ضَمَانُ الصَّدَاقِ مِنْهَا بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ. (ص) وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ شِرَاءُ جِهَازٍ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ أَوْ تَوْجِيهِهِ إلَيْهِ (ش) أَتَى بِالْحَصْرِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا قَبَضَ الصَّدَاقَ لِوَلِيَّتِهِ الَّتِي فِي حِجْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا ذَلِكَ عَيْنًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جِهَازًا وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ جِهَازًا يَصْلُحُ لَهَا وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِدَفْعِهِ لَهَا وَمُعَايَنَةِ قَبْضِهَا لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِقْرَارِهَا بِالْقَبْضِ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ الْجِهَازَ وَيُحْضِرَهُ لِوَلِيَّتِهِ بِبَيْتِ الْبِنَاءِ وَتُعَايِنُهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجِهَازَ وَيُوَجِّهَهُ إلَى بَيْتِ الْبِنَاءِ بَعْدَ تَقْوِيمِهِ وَمُعَايَنَتِهِ وَلَا تُفَارِقُهُ الْبَيِّنَةُ حَتَّى يُوَجَّهَ إلَى بَيْتِ الْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ تَصْحَبْهُ الشُّهُودُ إلَى الْبَيْتِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى بَيْتِهِ. (ص) وَإِلَّا فَالْمَرْأَةُ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ وَالْمَرْأَةُ مَالِكَةٌ لِأَمْرِ نَفْسِهَا فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي تَتَوَلَّى قَبْضَ مَهْرِهَا وَلَا يَقْبِضُهُ وَلِيُّهَا إلَّا بِتَوْكِيلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً فَوَلِيُّهَا يَقْبِضُهُ أَيْ وَلِيُّهَا فِي الْمَالِ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْحَاكِمَ وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى التَّلَفَ هَلْ يَحْلِفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (ص) وَإِنْ قَبَضَهُ اتَّبَعَتْهُ أَوْ الزَّوْجَ (ش) أَيْ وَإِنْ قَبَضَ الصَّدَاقَ وَلِيٌّ لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ مِنْهَا وَتَلِفَ مِنْهُ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي قَبْضِهِ وَالزَّوْجُ مُتَعَدٍّ فِي دَفْعِهِ فَإِنْ شَاءَتْ الْمَرْأَةُ اتَّبَعَتْ الْوَلِيَّ وَإِنْ شَاءَتْ اتَّبَعَتْ الزَّوْجَ وَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَقَرَارُ الْغُرْمِ عَلَى الْوَلِيِّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَطْفِ الزَّوْجِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْهَاءُ، وَأَمَّا عَلَى عَطْفِهِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُسْتَتِرِ فَالْمَعْنَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ اتِّبَاعَ الْوَلِيِّ وَشَرْطُ الْعَطْفِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ الْفَصْلُ بِالضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ. (ص) وَلَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بِالْقَبْضِ لَمْ أَقْبِضْهُ حَلَفَ الزَّوْجُ فِي كَالْعَشَرَةِ أَيَّامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَهُ قَبْضُ الْمَهْرِ إذَا اعْتَرَفَ عِنْدَ الشُّهُودِ بِقَبْضِ صَدَاقِ وَلِيَّتِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مَا قَبَضْت مِنْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا فَعَلْت ذَلِكَ تَوَثُّقًا مِنِّي لِلزَّوْجِ وَظَنِّي فِيهِ الْخَيْرُ، وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ دَفَعْتُهُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْ الْأَبِ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ قَبَضَهُ فَإِنْ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يُحَلِّفَ الزَّوْجَ أَنَّهُ أَقْبَضَ الصَّدَاقَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إذَا قَامَ بِقُرْبِ ذَلِكَ أَيْ إنْ كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا مِنْ يَوْمِ الْإِشْهَادِ كَالْعَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِنْ بَعُدَ فَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِبَيْتِ الْبِنَاءِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَقْوِيمِهِ) لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّقْوِيمِ لَا يَدْرِي هَلْ اشْتَرَاهُ بِكُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ تُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ إحْضَارِهِ بِالْأَوْلَى. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَشَارِحُنَا قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّا رَأَيْته وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا عَلَى الْكُلِّ . (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ مَالِكَةٌ لِأَمْرِ نَفْسِهَا) أَيْ الرَّشِيدَةِ فَإِنْ ادَّعَتْ تَلَفَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ وَلَمْ يَلْزَمْهَا تَجْهِيزٌ بِغَيْرِهِ وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ تَخْلُفُهُ مِنْ مَالِهَا وَتَتَجَهَّزُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَتَصْدِيقُهَا الْمَذْكُورُ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا التَّجْهِيزَ بِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فِي الطَّلَاقِ فَلَا تُصَدَّقُ أَيْ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى الْهَلَاكِ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْبِضُهُ وَلِيُّهَا) أَيْ وَلِيُّهَا فِي الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَلِيُّهَا فِي الْمَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ رَشِيدَةٍ فَلَا وَلِيَّ لَهَا فَكَيْفَ يَقُولُ أَيْ وَلِيُّهَا فِي الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْحَاكِمَ يَقْتَضِي تَعَدُّدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ وَيُعَيِّنُ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُهُ لَهَا وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ فِيمَا يَجِبُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُهْمَلَةً فَلَيْسَ إلَّا الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ يَقْبِضَ أَوْ يُعَيِّنَ لَهَا وَاحِدًا وَلَا تَقْبِضُ الصَّدَاقَ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا عَانِسَةً أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْمَرْأَةُ مَالِكَةٌ لِأَمْرِ نَفْسِهَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَ وَلِيِّ الْمَالِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْبِرًا فَإِذَنْ مَوْضُوعُ الْكَلَامِ نَفْيُ وَلِيِّ الْمَالِ بِأَقْسَامِهِ وَاَلَّذِي انْتَفَى عَنْهَا وَلِيُّ الْمَالِ بِأَقْسَامِهِ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً هِيَ الَّتِي تَقْبِضُ مَهْرَهَا وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ مَهْرِهَا أَوْ مَنْ يَنُوبُهُ وَلَا يَقْبِضُهُ أَخُوهَا وَلَا ابْنُ عَمِّهَا وَلَا ابْنُهَا الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ حَاكِمًا يَتَوَلَّى الْحُكْمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى عَطْفِهِ) هَذَا فِيهِ فَائِدَتُهُ مِنْ حَيْثُ إفَادَتُهُ أَنَّ لِلزَّوْجِ الِاتِّبَاعَ لَا يُفِيدُهُ الْأَوَّلُ وَكَذَا الْأَوَّلُ فِيهِ فَائِدَةٌ مِنْ حَيْثُ إفَادَتُهُ أَنَّهَا تَتْبَعُ الزَّوْجَ قَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ اتِّبَاعَ الزَّوْجِ لِلْوَلِيِّ ظَاهِرٌ حَيْثُ ادَّعَى الْقَابِضُ لِلصَّدَاقِ أَنَّهُ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ صَدَاقٌ وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ لَا يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ دَفْعَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْأَبُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِرُجُوعِ الْبِنْتِ عَلَى أَبِيهَا بِالصَّدَاقِ لِتَفْرِيطِهِ بِاعْتِرَافِهِ بِالْقَبْضِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: كَالْعَشَرَةِ أَيَّامٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِتَعْرِيفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا لَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّ وَلَا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ إذْ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ فِي الْمُضَافِ وَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّ تَعْرِيفُ الثَّانِي فَقَدْ قَالَ عج وَعَدَدًا تُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَا ... فَأَلْ بِجُزْأَيْهِ صِلْنَ إنْ عُطِفَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا فَالْأَوَّلُ ... وَفِي مُضَافٍ عَكْسُ هَذَا يُفْعَلُ وَخَالَفَ الْكُوفِيُّ فِي الْأَخِيرِ ... فَعَرِّفْ الْجُزْأَيْنِ يَا سَمِيرِي وَلَا تُظْهِرْ ثَمَرَةً لِلتَّعْرِيفِ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِي مَدْلُولِهِ إلَّا أَنَّ لَهُ ثَمَرَةً فِي نَحْوِ عَشَرَةِ الرِّجَالِ إشَارَةً لِرِجَالٍ مُعَيَّنِينَ بِخِلَافِ عَشَرَةِ رِجَالٍ فَأُلْحِقَ الْعَدَدُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فَمَا زَادَ عَلَى نِصْفَيْنِ شَهْرٌ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي دَفْعِهِ بِلَا يَمِينٍ فَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ إنْ كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا مِنْ يَوْمِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 (فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ الصَّدَاقِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ اقْتِضَاءً أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) فَقَالَ (ص) إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ (ش) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَالضَّمِيرُ فِي تَنَازَعَا رَاجِعٌ لِلْمُتَنَازِعَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ تَنَازَعَا أَوْ لِلْمُتَدَاعَيَيْنِ لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ إذْ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يَنْفِيهَا (ص) ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنْكَرَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ عَلَى النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ وَسَوَاءٌ شَهِدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا أَوْ عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِيَّ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ (ص) وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَلِعَدَمِ ثَمَرَتِهَا لَوْ تَوَجَّهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ إذَا نَكَلَ عَنْهَا إذْ لَا يُقْضَى بِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ نُكُولِ الْآخَرِ (ص) وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الْيَمِينِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُنْكِرِ إذْ لَا ثَمَرَةَ لِتَوَجُّهِهَا عَلَيْهِ إذْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ فَنَكَلَ عَنْهَا لَمْ يُقْضَ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ أَيْ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ لَا نِكَاحَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ. (ص) وَحَلَفَتْ مَعَهُ وَوَرِثَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ مَيِّتٍ أَنَّهُ كَانَ زَوْجًا لَهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَشْهَدُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ لَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ مَعَهُ وَتَرِثُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى آلَتْ إلَى مَالٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا إذْ هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا الْمَالَ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى عِلَّتِهِ أَنْ يَكُونَ   [حاشية العدوي] [فَصْل حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ] فَصْلُ التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ) . (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ أَيْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ أَيْ وُجُودِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّنَازُعَ فِي الصَّدَاقِ تَنَازُعٌ فِي النِّكَاحِ لَكِنْ لَيْسَ تَنَازُعًا فِي أَصْلِهِ بَلْ تَنَازُعٌ فِي قَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ طَارِئَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِدَعْوَاهُمَا الْمَأْخُوذَةِ مِنْ التَّنَازُعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ التَّجْرِيدِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِدَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إثْبَاتُهَا أَوْ نَفْيُهَا. (قَوْلُهُ: تَثْبُتُ) أَيْ تَثْبُتُ فَعَبَّرَ بِالْمَاضِي وَأَرَادَ الْمُضَارِعَ وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّمَاعِ) مَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مُجَوِّزَةً لِغَيْرِ مَنْ أَقَامَ بِالسَّمَاعِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُجَوِّزَةً لِأَحَدٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ الْمُقِيمُ لِلسَّمَاعِ الْجَائِزَ لَهَا. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ مَعَ مُعَايَنَتِهِمَا لَهُمَا كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوعِهِمْ أَوْ مَعَ ثُبُوتِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ قَيْدًا لِعَدَمِ ذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ فِي بَابِهَا بَلْ إنَّمَا ذَلِكَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ شُهُودَ السَّمَاعِ عَايَنُوا الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُجَوِّزًا لَهُمْ لِلْقَطْعِ بِالنِّكَاحِ وَلَا يُسْنِدُوهُ لِلسَّمَاعِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ. هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ شب إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَزَالَ الْإِشْكَالَ فَقَالَ قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّكَاحِ وَعَايَنَتْ الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَحَصَلَ لَهُمْ الْيَقِينُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ جُلُّ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ فِي النِّكَاحِ إذَا انْتَشَرَ خَبَرُهُ فِي الْجِيرَانِ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَسُمِعَ الدِّفَافُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَ فُلَانٍ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ النِّكَاحَ فَقَوْلُهُ: لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ بِالْقَطْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرُوا طُولَ الزَّمَانِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ بِالْقَطْعِ، وَالدِّفَافُ وَالدُّخَانُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى الِانْتِشَارِ وَكَثْرَتِهِ وَوُجُودِ الْأَمَارَاتِ الْمُفِيدِ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْقَطْعِ بِالشَّهَادَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ إذَا أَفَادَ الْعِلْمَ بِاسْتِفَاضَةٍ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ) أَيْ شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ أَوْ مُعْتَمِدَةً عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِي. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ بِالدُّفِّ أَوْ الدُّخَانِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ أَفَادَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُقْضَى) عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا) لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُنْكِرَةً لِلزَّوْجِيَّةِ . (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ) بَلْ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرَ أَنَّ مُحَشِّي تت قَدْ قَالَ وَاعْتَبَرَ الْقَيْدَ الْحَطَّابُ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَأَقَرَّهُ نَاصِرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ قَائِلًا سَيُصَرِّحُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ لَهَا) وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهَا عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ بِدَعْوَاهَا وَكَذَا يُقَالُ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بَعْدَ مَوْتِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَيَاةِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ أُخَرُ غَيْرُ الْمَالِ كَلُحُوقِ النَّسَبِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ أَثْبَتْنَا النِّكَاحَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِمَّا أَنْ تَثْبُتَ كُلُّ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ تَثْبُتَ الْأَحْكَامُ الْمَالِيَّةُ خَاصَّةً مَعَ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ بِذَلِكَ بَلْ الزَّوْجُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى نِكَاحِ مَيِّتَةٍ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا فَرَضَهُ الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الشَّهَادَةِ وَنِكَاحٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا حَالَ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةَ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى نِكَاحٍ وَالدَّعْوَى الَّتِي بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى مَالٍ، وَقَوْلُهُ مَعَهُ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَتَانِ. (ص) وَأُمِرَ الزَّوْجُ بِاعْتِزَالِهَا لِشَاهِدٍ ثَانٍ زَعَمَ قُرْبَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ حِينَئِذٍ يَأْمُرُ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ بِأَنْ يَعْتَزِلَهَا حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمُدَّعِي بِشَاهِدِهِ الثَّانِي الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ غَائِبٌ غَيْبَةً قَرِيبَةً لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي انْتِظَارِهِ فَإِنْ أَتَى بِشَاهِدِهِ عَمِلَ بِالشَّهَادَةِ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ وَتُرَدُّ إلَى عِصْمَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يَقْرَبُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَطِئَهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدِهِ الثَّانِي أَوْ كَانَ بَعِيدًا فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَبْقَى فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا لِأَجْلِ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَهُ. (ص) وَأُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ لِبَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهَا رَجُلٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَأَكْذَبَتْهُ فِي ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ غَيْبَةً قَرِيبَةً لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي انْتِظَارِهَا وَرَأَى الْحَاكِمُ لِدَعْوَاهُ وَجْهًا بِأَنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِانْتِظَارِهِ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَتِهِ فَإِنْ أَتَى بِهَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةَ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُؤْمَرُ بِانْتِظَارِهِ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهَا فِي الِانْتِظَارِ وَتَتَزَوَّجُ مَتَى شَاءَتْ (ص) ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ إذَا قَالَ لِي بَيِّنَةٌ قَرِيبَةٌ وَأَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ لِيَأْتِيَ بِهَا ثُمَّ عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْأَعْذَارِ أَيْ حُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا أَنَّ لَهُ حُجَّةً ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ أَمْ لَا وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي تَعْجِيزُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْحَبْسِ وَالدَّمِ وَضَابِطُهُ كُلُّ حَقٍّ لَيْسَ لِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيَأْتِي هَذَا فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ (ص) ، وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ (ش)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَثْبَتْنَا النِّكَاحَ) يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ قَصْدَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ بَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ) لِأَنَّ مُقْتَضَى ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ ثُبُوتُ الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَا يُعْمَلُ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى غَيْرِهَا وَيَشْهَدُ لَهُ ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَانْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ رَدَّ الْحَاكِمُ الْعَمَلَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ لِوُقُوعِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ حَالَ الْحَيَاةِ ثُمَّ إنَّهُ ادَّعَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِدَعْوَاهُ هَلْ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ كَمَا يَأْتِي مَا يُفِيدُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ مَعَ يَمِينٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ . (قَوْلُهُ: وَأُمِرَ الزَّوْجُ بِاعْتِزَالِهَا) هَذَا حَيْثُ كَانَ الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِالْقَطْعِ لَا عَلَى السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا تَنْفَعُ فِيمَا تَحْتَ زَوْجٍ وَأُمِرَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَعْنَاهُ نُدِبَ فَكَانَ الْأَفْضَلُ وَاعْتَزَلَهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ الْوَاقِعَةَ فِي عِبَارَاتِ الْمُؤَلِّفِينَ تُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ بَهْرَامَ وَنُسْخَةِ تت وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ، وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَحْسَنُ لِشُمُولِهَا لِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلِمَا إذَا زَعَمَ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرَبُهَا إلَّا بَعْدَ إلَخْ) وَنَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ الِاعْتِزَالِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهَا فَإِنْ ثَبَتَتْ لِمُقِيمِ الْبَيِّنَةِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مُدَّةَ الِاعْتِزَالِ وَمُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ الْأَوَّلِ . (قَوْلُهُ: وَأُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ إلَخْ) الْمُرَادُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِالْقَطْعِ أَوْ بِالسَّمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ تَحْتَ زَوْجٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِاعْتِزَالِهَا حَتَّى لِدَعْوَى شَخْصٍ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ. وَقَالَ بَعْضٌ يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَنْ تَحْتَ زَوْجٍ وَهِيَ أَخْذُ حَمِيلٍ بِالْوَجْهِ مِنْهَا أَوْ حَبْسُهَا إنْ خَشِيَ تَغَيُّبَهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يُلْقِي السِّلَاحَ وَيَقُولُ عَجَزْتُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا، وَتَارَةً يُنَازِعُ وَيُعَالِجُ وَيَقُولُ عِنْدِي الْبَيِّنَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَآتَى بِهَا وَيُنَازِعُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مُدَّعِي حُجَّةٍ وَالْمُرَادُ بِالْحُجَّةِ الْبَيِّنَةُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ مَعْذُورٌ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَالْإِعْذَارُ) أَيْ قَطْعُ الْعُذْرِ بِالتَّلَوُّمِ. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِي الدَّمِ؛ لِأَنَّ لَهُ إسْقَاطَهُ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُدَّعِي حُجَّةٍ لَا مُقَابِلُهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَذَكَرَ عج مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّعْجِيزَ لَهُ مَعْنَيَانِ تَعْجِيزٌ يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ، وَتَعْجِيزٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ حُكْمُهُ لِخَصْمِهِ بِمَا ادَّعَى أَوْ حُكْمُهُ بِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ إلَخْ وَانْظُرْ لَوْ حَكَمَ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ وَمَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَلَّ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا يُقَيِّدُ رُجْحَانَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا إنَّ التَّعْجِيزَ فِي هَذَا الْقِسْمِ بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ ظَاهِرُهَا ضَعِيفًا ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ نَذْكُرُ لَك مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيزِ هُنَا الْحُكْمَ بِعَدَمِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَلَا الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عَجَزَ بَلْ الْحُكْمُ بِرَدِّ دَعْوَاهُ كَأَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَك مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالتَّعْجِيزِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ ادِّعَائِهِ الْبَيِّنَةَ وَلَدَدِهِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ تُقْبَلُ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِي حُجَّةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِ الْبَيِّنَةِ. (ص) وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا (ش) صُورَتُهَا رَجُلٌ فِي عِصْمَتِهِ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَامِسَةً بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُطَلِّقَ هَذِهِ الرَّابِعَةَ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَأَحْرَى إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً غَيْرَهَا وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ بِرُجُوعِهِ عَنْ دَعْوَاهُ أَوْ تَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمَ حَدِّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً قَبْلَ طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْخَامِسَةِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ. (ص) وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَأَكْذَبَهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهَا أَوْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَتْهُ وَلَمْ يَأْتِ الرَّجُلُ بِمِدْفَعٍ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْإِنْكَارِ الطَّلَاقَ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُ الرَّجُلَ الدُّخُولُ عَلَيْهَا وَالنَّفَقَةُ لَهَا. (ص) وَلَوْ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ فَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ فُسِخَا كَالْوَلِيَّيْنِ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ ادَّعَى رَجُلَانِ عَلَيْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ أَيْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالْعَاقِدُ لَهُمَا عَلَيْهَا وَلِيٌّ وَاحِدٌ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ شَهِدَتْ لَهُ بِمَا قَالَ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَتْ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَإِنَّ النِّكَاحَيْنِ يَنْفَسِخَانِ مَعًا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ إذَا جُهِلَ زَمَنُ الْعَقْدَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا بِهَا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا يَفُوتُ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ وَهَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ كَالْوَلِيَّيْنِ وَإِلَّا كَانَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِأَعْدلِيَّتِهِما اوَلَا لِتَارِيخٍ وَلَا لِبَقِيَّةِ الْمُرَجِّحَاتِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ (ص) وَفِي التَّوْرِيثِ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الْبَلَدِيَّيْنِ إذَا أَقَرَّا بِأَنَّهُمَا زَوْجَانِ مُتَنَاكِحَانِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يَرِثُهُ الْآخَرُ أَوْ لَا يَرِثُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَتَوَارَثَانِ وَالزَّوْجِيَّةُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَوَارَثَانِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَمَّا الزَّوْجَانِ الطَّرِيئَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِإِقْرَارِهِمَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ لِثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَقَبِلَ دَعْوَى طَارِئَةِ التَّزْوِيجِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ وَقَعَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَنَّ مَحَلَّ الْإِرْثِ فِي الطَّارِئَيْنِ بِالْإِقْرَارِ حَيْثُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَرَضِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَإِنْشَاؤُهُ فِيهِ وَلَوْ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْمِيرَاثِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ. (ص) وَالْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَفِي التَّوْرِيثِ فِي الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ غَيْرِ وَلَدٍ   [حاشية العدوي] وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ أَقَرَّ إلَخْ لَيْسَ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ تَقْيِيدُ ابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَيَّدَ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْقَبُولُ وَغَيْرُهُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْقَبُولِ بِمَا إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى حُجَّةً وَلَمْ يُقِرَّ فَلَا تُقْبَلُ قَطْعًا، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمُ الْقَبُولِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ تُسْمَعُ بِبَيِّنَتِهِ إذَا عَجَّزَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ لِقَوْلِهَا أَوْ قَامَتْ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ انْتَفَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا وَلَوْ قَصَدَهُ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَلَيْسَ عِنْدَ خِطْبَتِهَا وَلَا نَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْإِنْكَارِ الطَّلَاقَ) وَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ طَلَاقًا أَنَّهُ يَحْتَاجُ الزَّوْجُ لِعَقْدٍ عَلَيْهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَتْ الْعِدَّةُ قَدْ انْقَضَتْ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا . (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَتْهُمَا) أَيْ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا أَوْ أَنْكَرَتْ أَحَدَهُمَا وَأَقَرَّتْ بِالْآخَرِ أَوْ سَكَتَتْ وَلَمْ تُقِرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِتَارِيخٍ إلَخْ) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ عج مَحَلُّ الْفَسْخِ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْبَيِّنَاتُ، وَأَمَّا إنْ رُجِّحَتْ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ زِيَادَةِ الْعَدَدِ كَالتَّارِيخِ أَوْ تَقَدُّمِهِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مَا يُفِيدُهُ وَذَكَرَهُ تت هُنَا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَزَادَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فَإِنْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا بِالشَّهْرِ وَالْأُخْرَى بِالْيَوْمِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ قُضِيَ بِالْمُؤَرَّخَةِ بِالْيَوْمِ إلَّا أَنْ تَقْطَعَ الْمُؤَرَّخَةُ بِالشَّهْرِ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ . (قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ إلَخْ) فَإِنْ أَقَرَّ وَلَمْ تُقِرَّ هِيَ وَلَا كَذَّبَتْهُ وَرِثَتْهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ هِيَ وَلَمْ يُقِرَّ هُوَ وَلَا كَذَّبَهَا بَلْ سَكَتَ وَرِثَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الشَّارِحِ شَرْطَانِ أَنَّهُمَا لَا بُدّ مِنْ تَقَارُرِهِمَا وَأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ وَيُزَادُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ فَإِذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِ الْحَاءِ يَرِثُ الْمَرْأَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِلْحَاقُ فِي الْمَرَضِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا وَلَكِنْ نَقْلُ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ بَلْ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجِيَّةُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا) يُنَافِيهِ مَا فِي شَرْحِ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَأَشْعَرَ جَعْلُهُ الْخِلَافَ فِي التَّوْرِيثِ عَدَمَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا أَشْعَرَ إذْ لَا يَثْبُتُ بِتَقَارُبِ الْبَلَدَيْنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ طُولٍ وَفِيهِ وَقْفَةٌ . (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَلَدٍ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ وَلَدًا فَهُوَ اسْتِلْحَاقٌ لَا إقْرَارٌ فَيُعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ الْمُقَرَّ بِهِ يَرِثُ الْأَبَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُتَّهَمُ فِيهِ كَاتِّهَامِهِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا إرْثُ الْأَبِ الْمُقِرِّ مِنْ الْوَلَدِ الْمُقَرِّ بِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حِينَ اسْتَلْحَقَهُ الْأَبُ حَيًّا غَيْرَ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْأَبَ يَرِثُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ رِقًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَقَلَّ الْمَالُ وَقَوْلُهُ وَلَا زَوْجٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجًا فَهُوَ مَا قَبْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِقْرَارُ بِالْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِالْمُعْتِقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 وَلَا زَوْجٍ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ الْمُقَرُّ بِهِ تَصْدِيقٌ وَلَا تَكْذِيبٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَارِثٌ ثَابِتٌ نَسَبُهُ حَائِزٌ لِلْإِرْثِ خِلَافٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَمَّ وَارِثٌ حَائِزٌ لِلْإِرْثِ كَابْنٍ وَأَخٍ فَلَا إرْثَ لِلْمُقَرِّ لَهُ اتِّفَاقًا وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا صَوَّبَ وَإِنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ وَإِلَّا فَخِلَافٌ أَيْ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَوْ حَائِزٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ. (ص) بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الطَّارِئَيْنِ عَلَى بَلْدَةٍ إذَا قَدِمَا وَأَقَرَّا بِالزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ فِي الزَّوْجِيَّةِ. (ص) وَإِقْرَارُ أَبَوَيْ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ (ش) أَيْ وَكَذَا يُقْبَلُ إقْرَارُ أَبَوَيْ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّ أَبُو الصَّبِيِّ وَأَبُو الصَّبِيَّةِ أَنَّهُمَا زَوْجَانِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِرْثَ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا تُهْمَةَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ فِي إقْرَارِهِمَا إذْ لَهُمَا الْقُدْرَةُ عَلَى إنْشَاءِ مَا أَقَرَّا بِهِ. (ص) وَقَوْلُهُ تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ بَلَى أَوْ قَالَتْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَالَعْتَنِي أَوْ قَالَ اخْتَلَعْتِ مِنِّي أَوْ أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ طَلِّقْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِلْمَرْأَةِ أَنَا تَزَوَّجْتُكِ فَقَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِهِ بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ قَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَالَعْتَنِي بِالْفِعْلِ الْمَاضِي أَوْ الْأَمْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ لُغَةً وَعُرْفًا، وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا اخْتَلَعْتِ مِنِّي أَوْ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا لَهُ طَلِّقْنِي فَإِنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ طَارِئَيْنِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَزَوَّجْتُكِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَقَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ قَدْ تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ إلَخْ إقْرَارٌ بِالزَّوْجِيَّةِ وَهَلْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ النِّكَاحُ أَمْ لَا فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّارِئَيْنِ أَيْ أَنَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ إذَا قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ فَقَالَتْ بَلَى لَكِنَّهُ يُخَصُّ بِالطَّارِئَيْنِ. (ص) لَا إنْ لَمْ يُجِبْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَلَمْ يُجِبْهُ الْآخَرُ بَلْ سَكَتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ كَمَا إذَا قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْتنِي فَلَمْ يُجِبْهَا أَوْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ فَلَمْ تُجِبْهُ فَيُجَبْ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ أَيْ لَا إنْ لَمْ يُجِبْ السَّائِلُ مِنْهُمَا الْبَادِيَ وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْئُولِ أَيْ لَا إنْ لَمْ يُجِبْ الْمَسْئُولُ السَّائِلَ فَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ. (ص) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ بِهَذَا وَهُوَ مَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا   [حاشية العدوي] بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ دُونَ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ الْمُقَرُّ بِهِ تَصْدِيقٌ) فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فَكُلٌّ مُقِرٌّ بِالْآخَرِ كَمَا يَأْتِي أَيْ وَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ وُجُودِ ثَابِتِ النَّسَبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ يَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَا زِيَادَةً وَرَاجِعْ بَابَ الِاسْتِلْحَاقِ فَإِنَّ فِيهِ مَا إذَا أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُنَاكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) رَجَّعَهُ عج لِلثَّانِيَةِ وَعَمَّمَ فِي الْأُولَى وَقَوَّاهُ وَاعْتَمَدَهُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ، فَفِي الْأُولَى أَنَّهُ إذَا كَانَ وَارِثٌ فَالْإِرْثُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بِخِلَافِ هَذِهِ هَذَا مُفَادُ النَّقْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُحَشِّي تت فَظَاهِرُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُرَادٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صُوِّبَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ . (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ) الْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَا بَلَدِيَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَلَدِيًّا فَلَيْسَا طَارِئَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَدِمَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ . (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ أَبَوَيْ إلَخْ) كَانَا طَارِئَيْنِ أَمْ لَا كَانَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَالسُّكُوتُ لَيْسَ كَالْإِقْرَارِ فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَإِنَّ سُكُوتَهُ لَا يُعَدُّ إقْرَارًا وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْبَالِغَيْنِ السَّفِيهَيْنِ بِإِقْرَارِ أَبَوَيْهِمَا وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي إقْرَارِ الرَّشِيدَيْنِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقَيَّدَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ بِحَالَةِ الْإِرْثِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالَةِ الْإِرْثِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ إقْرَارَ أَبَوَيْ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ مُوجِبٌ لِأَحْكَامِ النِّكَاحِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى إنْشَاءِ عَقْدِهِ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ حَيَاتِهِمَا إذْ لَا يَجْرِي فِيمَا إذَا مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِ الْأَبَوَيْنِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ كَانَا طَارِئَيْنِ أَمْ لَا بِشَرْطِ الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ . (قَوْلُهُ: تَزَوَّجْتُكَ) إذَا فُرِضَ فِي الطَّارِئَيْنِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ فُرِضَ فِي غَيْرِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ لِتَصْحِيحِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَالَعْتَنِي بِالْفِعْلِ الْمَاضِي) لِأَنَّهَا دَعْوَى مِنْهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى زَوْجٍ وَيُحْتَمَلُ بِفِعْلِ الْأَمْرِ طَلَبٌ مِنْهَا لِلطَّلَاقِ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ زَوْجٍ وَإِنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ الَّذِي قَبْلَهُ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ فِي الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ هَذَا وَلَمْ يُعِدْهُ مَعَ خَالَعْتَنِي؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى طَلَّقْتَنِي مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ اقْتِضَاءُ عَدَمِ الْبَقَاءِ فِي الْعِصْمَةِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ فِي جَوَابِهِ بَلَى) الْحَاصِلُ أَنَّ نَعَمْ يُجَابُ بِهَا مُطْلَقًا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى حَالِهِ، وَأَمَّا بَلَى فَلَا تَقَعُ جَوَابًا إلَّا بَعْدَ النَّفْيِ غَالِبًا تُصَيِّرُهُ إثْبَاتًا وَالْمُصَنِّفُ أَوْقَعَهَا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ فَهِيَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَالَ عج نَعَمْ لِتَقْرِيرِ الَّذِي قَبْلَهَا ... إيجَابًا أَوْ نَفْيًا كَذَا قَرَّرُوا بَلَى جَوَابَ النَّفْيِ لَكِنَّهُ يَصِيرُ إثْبَاتًا كَمَا حَرَّرُوا اهـ. (قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ طَلِّقْنِي) أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ لَا تَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ إلَّا إذَا سَأَلَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ زَوْجٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 طَلِّقْنِي أَمْ لَا لِصِدْقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُقَالُ إلَّا عَلَى مَنْ تَلَبَّسَ بِالظِّهَارِ حَالَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَهَذَا يَسْتَدْعِي زَوْجِيَّتَهَا حِينَئِذٍ. (ص) أَوْ أَقَرَّ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ فَأَنْكَرَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ الرَّجُلُ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ تَزَوَّجْتَنِي فَأَنْكَرَ هُوَ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَثْبُتُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا؛ إذْ لَا بَيِّنَةَ وَلَا إقْرَارَ وَلَا اشْتِرَاكَ فِي زَمَنَيْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ (ص) وَفِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الزَّوْجِيَّةِ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ بِأَنْ قَالَتْ قَدْرُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا مَثَلًا وَقَالَ هُوَ بَلْ بِعَشَرَةٍ فَقَطْ أَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ فَقَالَتْ هِيَ بِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مَثَلًا وَقَالَ هُوَ بَلْ بِعَبْدٍ تُرْكِيٍّ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ بِأَنْ قَالَتْ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَقَالَ هُوَ بَلْ لِعَرْضٍ صِفَتُهُ كَذَا فَإِنَّهَا تَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهَا إنْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ وَيَحْلِفُ هُوَ عَلَى دَعْوَاهُ إنْ كَانَ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُمَا. وَيُفْسَخُ النِّكَاح بَيْنَهُمَا بِطَلَاقٍ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَلَا طَلَاقٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَتَوَقَّفُ بِالْفَسْخِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَيَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَا يُنْظَرُ إلَى دَعْوَى شَبَهٍ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ (وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ وَغَيْرِهِ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الرُّجُوعِ وَأَفْرَدَ ضَمِيرَهُ مُلَاحَظَةً لِمَا ذُكِرَ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ كُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْغَرَضُ الذَّاتِيُّ مِنْ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ (كَالْبَيْعِ) الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِيَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا فِي فَصْلِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ حَكَمَ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَتَنَاكُلِهِمَا وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ وَحَلَفَ إنْ فَاتَ وَبُدِئَ الْبَائِعُ. فَقَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ أَيْ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ لِلْأَشْبَهِ وَعَدَمُ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِشَبَهٍ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُنْظَرُ فِيهِ لِلشَّبَهِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ إلَخْ. (ص) إلَّا بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيمَا ذُكِرَ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِمَا وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ مَعَ الْحَيِّ أَوْ وَرَثَتِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ (فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) بِشَرْطِ أَنْ يُشْبِهَ؛ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ حِينَ مَكَّنَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ نَفْسِهَا وَفَوَّتَتْ سِلْعَتَهَا وَأَيْضًا الزَّوْجُ غَارِمٌ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا أَوْ وَرَثَتِهَا فِي الْمَوْتِ وَإِحَالَةُ مَا ذُكِرَ عَلَى الْبَيْعِ يُفِيدُ شَرْطَ الشَّبَهِ لِلزَّوْجِ أَشْبَهَتْ هِيَ أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَتْ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَنُسْخَةُ أَوْ مَوْتٍ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ أَوْ مَوْتِهَا لِشُمُولِهَا لِمَوْتِهِمَا وَلِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ الْمَوْتِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُرَدُّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ) أَيْ حَالِ التَّكَلُّمِ وَعَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا حَالَ التَّلَبُّسِ كَمَا عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ . (قَوْلُهُ: إذْ لَا بَيِّنَةَ) أَيْ تَشْهَدُ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا اشْتِرَاكَ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَلَا إقْرَارَ أَيْ وَلَا اشْتِرَاكَ فِي الْإِقْرَارِ فِي زَمَنَيْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا الْحُكْمِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ لَك عِنْدِي عَشَرَةٌ فَقَالَ مَا لِي عِنْدَكَ شَيْءٌ فَرَجَعَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ فَرَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ لِتَصْدِيقِهِ فَاسْتَمَرَّ الْمُقِرُّ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ أَقَرَّتْ فَأَنْكَرَ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ فَأَنْكَرَتْ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ بِعَدَمِ اتِّحَادِ زَمَانِ إقْرَارِهِمَا جَارٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا . (قَوْلُهُ: حَلَفَا وَفُسِخَ) أَيْ بِطَلَاقٍ. (قَوْلُهُ: وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِدَعْوَى شَبَهٍ) لَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ عج بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ الْقَوْلُ لِمَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا بِيَمِينٍ فَإِنْ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّنَازُعَ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ مَا نَصُّهُ فِي الْجِنْسِ مُطْلَقًا كَفِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ إلَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ لَأَفَادَ أَقْسَامَ مَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِيَّةِ) أَيْ فِي الْأَحْكَامِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْمَشْهُورِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ) سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْفَوَاتِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَلَا يُلْتَفَتُ لِلشَّبَهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِشَبَهٍ قَبْلَ الْفَوَاتِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ الْقَوْلُ لِمَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا إذَا أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَا مَعًا أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ بِنَاءً) قَالَ الْحَطَّابُ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ التَّنَازُعَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ كَالتَّنَازُعِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ التَّصْرِيحَ بِهِ، لَكِنَّ إلْحَاقَ الْمَوْتِ بِالْبِنَاءِ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يُشْبِهَ) اعْتَمَدَ عج خِلَافَهُ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ فِي الطَّلَاقِ وَوَرَثَتُهَا فِي الْمَوْتِ فَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ أَوْ وَرَثَتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الزَّوْجَ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا. (قَوْلُهُ: وَإِحَالَةُ مَا ذُكِرَ عَلَى الْبَيْعِ) فِيهِ أَنَّ الْإِحَالَةَ عَلَى الْبَيْعِ إنَّمَا هِيَ فِيمَا قَبْلَ الْفَوَاتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى شَبَهٍ مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ دُونَ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ عَنْ دَعْوَاهُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّ الْمِثْلَ فِي جِنْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْهُ أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ وَثَبَتَ النِّكَاحُ) وَالنَّوْعُ كَالصِّفَةِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَقَوْلُهُ وَثَبَتَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ إلَّا فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ وَمُرَادُهُ الثُّبُوتُ حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَيْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ وَفِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْجِنْسِ لَيْسَ فِيهِ اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَإِنَّ فِيهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجِنْسِ وَعَلَى أَصْلِ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَمَّا كَانَ فِيهِ اتِّفَاقٌ فِي الْجُمْلَةِ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ (وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا عِنْدَ مُعْتَادِيهِ) مُبَالَغَةً فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالْمَعْنَى إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَفْوِيضٍ وَادَّعَتْ هِيَ فِي الطَّلَاقِ أَوْ وَرَثَتُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أَنَّهُ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَسْمِيَةٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا صَدَاقَ لَهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ التَّفْوِيضُ فَقَطْ أَوْ تَارَةً وَتَارَةً، أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ التَّسْمِيَةَ فَقَطْ أَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّسْمِيَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي التَّسْمِيَةِ بِيَمِينٍ. (ص) وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ (ش) أَيْ وَلَا كَلَامَ فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ لِلْمَرْأَةِ السَّفِيهَةِ وَلَا لِسَفِيهٍ بَلْ الْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ وَيَحْلِفُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَسَوَاءٌ وَافَقَتْ الْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ وَلِيَّهَا أَوْ خَالَفَتْهُ (ص) وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى صَدَاقَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ لَزِمَا وَقُدِّرَ طَلَاقٌ بَيْنَهُمَا وَكُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ بِأَلْفَيْنِ مَثَلًا فِي عَقْدَيْنِ وَأَكْذَبَهَا الرَّجُلُ فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهَا بِمَا قَالَتْ فَإِنَّ الشَّرْعَ يُقَدِّرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ وَيَلْزَمُ الرَّجُلَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا الصَّدَاقَ الثَّانِيَ كُلَّهُ بِلَا إشْكَالٍ؛ لِأَنَّهَا الْآنَ فِي عِصْمَتِهِ وَأَمَّا الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ يُقَدَّرُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ وَعَلَى الزَّوْجِ بَيَانُ أَنَّهُ قَبْلَهُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ إنَّمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ يُقَدَّرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهَا بَيَانُ أَنَّهُ بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ قَبْلَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِتَكْلِيفِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (ص) وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ أُمِّي حَلَفَا وَعَتَقَ الْأَبُ وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا   [حاشية العدوي] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَالْبَيْعِ مَحْذُوفٌ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ مَا بَعْدَ الْفَوَاتِ بِالْبِنَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِهِمَا) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا قَدْ تَدَّعِي أَنَّ الْمَهْرَ مِثْلِيٌّ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَ مِثْلِ مَا ادَّعَتْ أَيْضًا فَأَرَادَ بِالْقِيمَةِ الْعِوَضَ لِيَشْمَلَ الْمِثْلَ. (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ النِّكَاحُ) أَيْ إمَّا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَيْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَصْلِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْجِنْسُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَصْلِ ذَلِكَ) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا) لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مُبَالَغَةً؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقًا عَلَيْهَا وَالْأَمْرُ هُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ إذْ التَّنَازُعُ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَنَازُعٌ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ أَوْ صِفَتِهِ بَلْ هُوَ شَرْطُ حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ فَكَذَلِكَ أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّفْوِيضَ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّسْمِيَةَ وَوَقَعَ الْعَقْدُ فِي مَوْضِعِ أَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ وَإِنْ وَقَعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِمَا فَانْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ الْمَوْضِعُ أَيْضًا أَوْ يُغَلَّبُ جَانِبُ الزَّوْجِ وَلَوْ حَصَلَ التَّنَازُعُ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فُسِخَ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا فَرَضَهُ الْمَوَّاقُ فِيمَا إذَا حَصَلَ طَلَاقٌ أَوْ مَوْتٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِنَاءٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُصُولَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ فِيهِ وَأَمَّا قَبْلَ وُجُودِ مُفَوِّتٍ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ) أَيْ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَارَةً) أَيْ مَعَ التَّسَاوِي أَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَارَةً وَتَارَةً) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسَةٌ اعْتَادُوا التَّفْوِيضَ فَقَطْ أَوْ كَانَ أَغْلَبَ أَوْ مُسَاوِيًا فَهَذِهِ حُكْمُهَا وَاحِدٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي ادِّعَائِهِ التَّفْوِيضَ أَيْ بِيَمِينٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ أَوْ أَغْلَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّسْمِيَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي التَّفْوِيضِ فِي غَلَبَةِ التَّسْمِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ: وَلَا لِسَفِيهٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ فَأَرَادَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ السَّفِيهَ وَالسَّفِيهَةَ وَالصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلَوْ حَاكِمًا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً) أَيْ جِنْسَ بَيِّنَةٍ إذْ الصَّدَاقَانِ الْمُخْتَلِفَانِ لَا تَشْهَدُ بِهِمَا بَيِّنَةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: فِي عَقْدَيْنِ) أَيْ مُتَرَتِّبَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مُقِرَّةٌ بِالطَّلَاقِ فَيُقَدَّرُ طَلَاقُهَا أَيْ يُعْتَبَرُ وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهَا وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَهُوَ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ لَزِمَا أَيْ نِصْفُهُمَا أَيْ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدَلِيلٍ وَكُلِّفَتْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَتْ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ قَامَتْ أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْآنَ فِي عِصْمَتِهِ) تَعْلِيلٌ لِلُزُومِ كُلِّ الصَّدَاقِ. (أَقُولُ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِي دُخُولٌ وَلَا أَنْ تَكُونَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي الثَّانِي الصَّدَاقُ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ لَهُ . (قَوْلُهُ: الْمُصَنِّفِ حَلَفَا) أَيْ وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَإِذَا حَلَفَ الزَّوْجُ وَنَكَلَتْ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَعَتَقَ الْأَبُ فَقَطْ وَهُوَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ تَارَةً يَعْتِقُ الْأَبُ وَتَارَةً يُعْتَقَانِ مَعًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ) هَذَا شَامِلٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَمْلِكُ أَبَوَيْ امْرَأَةٍ فَقَالَ لَهَا أَصْدَقْتُكِ أَبَاك وَقَالَتْ هِيَ بَلْ أَصَدَقْتَنِي أُمِّي وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ غَيْرَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حَفِظَتْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَحْفَظْ عَلَى أَيِّهِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا مَرَّ وَالِاخْتِلَافُ هُنَا فِي الصِّفَةِ، وَيَعْتِقُ الْأَبُ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ حُرٌّ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا نَكَلَا وَوَلَاؤُهُ لَهَا وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ وَبِغَيْرِ طَلَاقٍ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مَعًا الْأَبُ لِإِقْرَارِهِ وَالْأُمُّ بِحَلِفِ الزَّوْجَةِ وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَلَاءُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا لِلزَّوْجَةِ وَهِيَ حَلِفُهُمَا نُكُولُهُمَا حَلِفُهُ دُونَهَا وَعَكْسُهُ فَقَوْلُهُ حَلَفَا قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الْعِتْقِ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ فِيمَا إذَا طَلَّقَ فَفِي حَلِفِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَبِ، وَفِي حَلِفِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ فَإِنْ حَلَفَ عَتَقَ الْأَبُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَعَتَقَا مَعًا فَإِنْ نَكَلَتْ عَتَقَ الْأَبُ فَقَطْ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (ص) وَفِي قَبْضِ مَا حَلَّ فَقَبْلَ الْبِنَاءِ قَوْلُهَا وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فِيهِمَا عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ وَإِسْمَاعِيلُ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهَا مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا وَأَكْذَبَتْهُ وَقَالَتْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا وَإِلَّا فَوَلِيُّهَا هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ وَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّهَا غَرِمَ لَهَا لِإِضَاعَتِهِ بِنُكُولِهِ وَكَذَا يَغْرَمُ لَهَا لَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِتَفْرِيطِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ وَقَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسْلِمُ سِلْعَتَهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا لَكِنْ بِيَمِينٍ إنْ كَانَ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَقَيَّدَ كُلٌّ مِنْ الْقُضَاةِ الثَّلَاثَةِ قَبُولَ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِقَيْدٍ فَقَيَّدَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْأَبْهَرِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِكِتَابٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا وَالْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إسْمَاعِيلُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ تَأْخِيرَ الْحَالِّ مِنْ الصَّدَاقِ عَنْ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِمَا إذَا ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى دَفْعَهُ لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُصَدَّقُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى دَفْعِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ كَلَامَ الْقُضَاةِ تَقْيِيدٌ (ص) وَفِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِيَمِينٍ وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي   [حاشية العدوي] لِمَا إذَا حَلَفَتْ بَعْدَ نُكُولِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَأَبَى الزَّوْجُ مِنْ الْحَلِفِ وَوَرَثَتُهُ حِينَئِذٍ وَلِمَا إذَا كَانَ نُكُولُهُ بَعْدَ حَلِفِهَا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ هِيَ الْمُبْدَأَةُ بِالْيَمِينِ فَلَا يَكُونُ نُكُولُهُ وَحَلِفُهُ إلَّا بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَتْ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَبْدَأُ بِيَمِينِهَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ وَلَا تَحْلِفُ هِيَ إلَّا إذَا نَكَلَ وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ إلَّا إذَا حَلَفَتْ وَخُلَاصَتُهُ كَمَا أَفَادَهُ عج أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا ثَبَتَ بِهِ النِّكَاحُ فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ فُسِخَ النِّكَاحُ وَعَتَقَ الْأَبُ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ. وَأَمَّا إذَا حَصَلَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يُتَصَوَّرُ حَلِفُهُمَا حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ هُوَ أَوْ وَرَثَتُهُ وَحَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَرَثَتُهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ وَعَتَقَا فَإِنْ نَكَلَ كُلٌّ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ فَحَيْثُ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُمَا يَعْتِقَانِ لَكِنَّ عِتْقَ الْأَبِ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ وَعِتْقَ الْأُمِّ لِثُبُوتِ كَوْنِهِ صَدَاقًا وَحَيْثُ عَتَقَ الْأَبُ لِإِقْرَارِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ أَخَذَ الزَّوْجُ الْقِيمَةَ وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ بِالْوَلَاءِ وَالْمِيرَاثِ اهـ. (قَوْلُهُ: يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ) أَيْ حَاكِمٍ يَفْسَخُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) هَذَا إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَتْ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْأَبُ فَقَطْ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ فَإِنْ فَسَخَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فِي الطَّلَاقِ وَبِقِيمَتِهِ بِتَمَامِهَا فِي الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَتْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا فِيمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفِيمَا قَبْلُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَا فَسْخَ. (قَوْلُهُ: انْفِرَادًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا انْفِرَادُ الْأَبِ وَحْدَهُ دُونَ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا) أَيْ أَوْ الْمُنَجَّمِ إذَا حَلَّ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ احْتِرَازًا مِمَّا حَلَّ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِ لَا قَبْلَ حُلُولِهِ وَلَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) أَيْ بِيَمِينٍ كَمَا فِي شَرْحِ عب وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا الَّذِي فِي عب وشب بِلَا يَمِينٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا فِي كَلَامِ إسْمَاعِيلَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَشَاهِدٍ وَانْظُرْ عَلَى كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ هَلْ يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ أَوْ لَا اهـ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الِاحْتِيَاجُ كَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِهَا رَهْنٌ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ) أَيْ بِيَمِينٍ كَمَا فِي شَرْحِ عب . (قَوْلُهُ: فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الرَّجُلُ وَهُوَ فِي حَوْزِهِ الْأَخَصِّ فَإِنْ ادَّعَاهُ وَهُوَ فِي حَوْزِهِ الْأَخَصِّ فَهُوَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ) ظَاهِرُهُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ لَا فَإِذَا اُعْتِيدَ لُبْسُ خَاتَمِ الذَّهَبِ لَهُمَا وَتَنَازَعَاهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلرَّجُلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَدَّعِهِ الْمَرْأَةُ وَهُوَ فِي حَوْزِهَا الْأَخَصِّ فَهُوَ لَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 مَتَاعِ الْبَيْتِ الْكَائِنِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بِلِعَانٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ فَسْخٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِمَا هُوَ الْعُرْفُ فَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا كَالْحُلِيِّ بِيَمِينٍ وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا أَوْ لِلرِّجَالِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلرَّجُلِ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَقِيرَةً وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِمِقْدَارِ صَدَاقِهَا وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِيمَا لَا يُشْبِهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِفَقْرِهِ مِمَّا هُوَ لِلرَّجُلِ عِنْدَ التَّنَازُعِ. (ص) وَلَهَا الْغَزْلُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي الْغَزْلِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ هُوَ لِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ هُوَ لِي وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمَرْأَةِ يُرِيدُ بَعْدَ حَلِفِهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْكَتَّانَ مِلْكُهُ أَوْ تُقِرَّ الزَّوْجَةُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ الْغَزْلِ هُوَ بِقِيمَةِ كَتَّانِهِ وَهِيَ بِقِيمَةِ غَزْلِهَا (ص) وَإِنْ نَسَجَتْ كُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَسَجَتْ شُقَّةً وَادَّعَتْ أَنَّ غَزْلَهَا لَهَا وَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ غَزْلُهُ، وَإِنَّمَا نَسَجَتْهَا لَهُ فَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا فَإِنْ بَيَّنَتْ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ الشُّقَّةَ وَيَدْفَعُ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَالَهَا حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ كَالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَادَّعَى الرَّجُلُ شَيْئًا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلنِّسَاءِ كَالْحُلِيِّ أَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ لَا لَهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ ثَمَنَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ إنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا ادَّعَتْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلرِّجَالِ كَالسَّيْفِ فَقَالَتْ هُوَ لِي وَأَقَامَتْ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ وَسَكَتَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ يَمِينِهَا فَقِيلَ اجْتِزَاءً بِيَمِينِ الرَّجُلِ عَنْ يَمِينِهَا وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي حَلِفِهَا تَأْوِيلَانِ) وَلَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ بِمِيرَاثِ مَا يُعْرَفُ لَهُمَا أَوْ بِهِبَتِهِ مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَوَرَثَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْحَلِفِ وَلَكِنْ يَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ (ص) الْوَلِيمَةُ مَنْدُوبَةٌ (ش) هِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ خَاصَّةً وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ النَّاسِ فِيهَا وَمِنْهَا أَوْلَمَ الْغُلَامُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ وَالْمَذْهَبُ   [حاشية العدوي] كَذَا قَالَ عج. (تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الزَّوْجَيْنِ الْقَرِيبَانِ كَرَجُلٍ سَاكِنٍ مَعَ مَحْرَمِهِ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ تَنَازَعَ مَعَهَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِمِقْدَارِ صَدَاقِهَا) أَيْ بِمِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ مِنْ صَدَاقِهَا أَيْ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قَدْرُ قِيمَتِهَا قَدْرُ الْمَقْبُوضِ مِنْ صَدَاقِهَا . (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسَجَتْ كُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا) هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَهَا الْغَزْلُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِيَ قَوْلُ مَالِكٍ أَوْ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ صَنْعَتُهَا النَّسِيجُ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ صَنْعَتُهَا الْغَزْلَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءٍ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ بِاشْتِرَائِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِاشْتِرَائِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُتَيْطِيُّ وَقَوْلُهُ حَلَفَ أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا لَا مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ بِاشْتِرَائِهِ فَقَطْ وَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ ثَمَنَهُ إلَخْ) وَيُجْمَعُ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) آمِرُونَ نَاهُونَ قَائِمُونَ بِأُمُورِهِنَّ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالشَّأْنُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَا اشْتَرَتْ ذَلِكَ إلَّا لِنَفْسِهَا لَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قَوَّامَةً عَلَى زَوْجِهَا وَانْظُرْ إذَا كَانَ عُرْفُ قَوْمٍ أَنَّ النِّسَاءَ قَوَّامَاتٌ عَلَى الرِّجَالِ كَالْبَدْوِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ نِسَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمَ رِجَالِ غَيْرِهِنَّ مِنْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَبْنَاهُ الْعُرْفُ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ بِمِيرَاثِ مَا يُعْرَفُ لَهُمَا) أَيْ أَوْ شِرَاءِ مَا يُعْرَفُ لَهُمَا أَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَكَذَا لَوْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِمِيرَاثِ مَا يُعْرَفُ لَهَا أَوْ بِهِبَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ دُونَ يَمِينٍ، وَكَذَا لَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهُ فَقَطْ بِذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهُ فَقَطْ أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهَا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِيمَا يُعْرَفُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ بِدُونِ يَمِينٍ . (قَوْلُهُ: وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ) بِأَنْ تَقُولَ وَلِيمَةُ الْخِتَانِ وَاعْلَمْ أَنَّ طَعَامَ الْخِتَانِ يُقَالُ لَهُ إعْذَارٌ وَالنَّقِيعَةُ طَعَامُ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ وَالْخُرْسُ طَعَامُ النِّفَاسِ وَالْمَأْدُبَةُ الطَّعَامُ الَّذِي يُعْمَلُ لِلْجِيرَانِ لِلْمَوَدَّةِ وَالْوَكِيرَةُ طَعَامُ بِنَاءِ الدُّورِ وَالْعَقِيقَةُ طَعَامُ الْوِلَادَةِ وَالْحَذَاقَةُ طَعَامُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْوُجُوبُ إنَّمَا هُوَ فِي طَعَامِ الْعُرْسِ خَاصَّةً لَا فِي غَيْرِهِ وَنَظَمَ عج ذَلِكَ فَقَالَ وَيُكْرَهُ إتْيَانٌ لِكُلٍّ سِوَى الَّذِي ... لِعُرْسٍ وَمَوْلُودٍ بِغَيْرِ تَنَاسِ فَيُنْدَبُ فِي الثَّانِي الْحُضُورُ لَهُ وَفِي ... الْوَلِيمَةِ أَوْجَبُ لَا تَكُونُ بِنَاسِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بَلْ يُبَاحُ لِكُلِّهَا ... سِوَى عُرْسٍ أَوْ مَأْدُبَاتٍ لِنَاسِ إذَا فَعَلْت لَا لِلْفَخَّارِ وَإِنْ لَهُ ... فَيُكْرَهُ يَا ذَا فَاجْنِ طِيبَ غِرَاسِ وَمَأْدُبَةٍ لِلْجَارِ قَصْدَ مَوَدَّةٍ ... فَفِيهَا أَتَى نَدْبًا حُضُورُ مُوَاسِ قَالَ مَالِكٌ وَيُكْرَهُ حُضُورُ أَهْلِ الْفَضْلِ غَيْرَ الْوَلِيمَةِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِغَيْرِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْأَصْحَابِ وَالْجِيرَانِ وَالرَّحِمِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا بِالْفِعْلِ أَوْ الِاجْتِمَاعِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْ النَّاسِ فِيهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ. (قَوْلُهُ: وَخُلُقُهُ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ مُرَادًا بِهَا كَمَالُ الْعَقْلِ وَكَانَ هَذَا يُقَالُ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 مَا هُنَا أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا فَلَا يُقْضَى بِهَا وَقِيلَ وَاجِبَةٌ يُقْضَى بِهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ سَابِقًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَوْنُ النَّدْبِ مُنَصَّبًا عَلَى كَوْنِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ (بَعْدَ الْبِنَاءِ يَوْمًا) هُوَ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَقْتُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا تَكْفِي لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَعَلَيْهِ أَيْضًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا دُعِيَ لَهَا وَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ فَاسِدٌ وَفِي كَلَامِ الْأَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ مُسْتَحَبٌّ فَفِعْلُهَا فِي غَيْرِهِ فِعْلٌ لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اسْتِحْبَابُ الْوَلِيمَةِ وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ طَلُقَتْ وَقَوْلُهُ (تَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالتَّعْيِينُ بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْعُرْسِ تَأْتِي عِنْدَنَا وَقْتَ كَذَا أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي فُلَانًا بِعَيْنِهِ لَا إنْ قَالَ اُدْعُ مَنْ لَقِيتَ. (ص) وَإِنْ صَائِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَةَ إلَى الْوَلِيمَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ صَاحِبُ الْوَلِيمَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْدُوبُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْعُوُّ صَائِمًا أَوْ غَيْرَ صَائِمٍ وَسَوَاءٌ أَكَلَ الْمُفْطِرُ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ (ص) إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى مَنْ عُيِّنَ أَنْ لَا يَحْضُرَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ حُضُورَ السَّفَلَةِ لَا يَأْمَنُ الْمَرْءُ مَعَهُمْ عَلَى دِينِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَأَذِّيهِ لِمُخَاطَبَتِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ، وَمِنْ شُرُوطِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَسْبِقَ الدَّاعِي غَيْرَهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ الدَّاعِي أَجَابَ الْأَسْبَقَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَذُو الرَّحِمِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا دَارًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ. (ص) وَمُنْكَرٌ كَفَرْشِ حَرِيرٍ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ فَإِنْ كَانَ سَقَطَتْ كَفَرْشِ حَرِيرٍ يَجْلِسُ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ يَجْلِسُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ التَّرَفُّهُ بِلِينِ الْفِرَاشِ وَهُوَ مَوْجُودٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الْجُدَرَانِ بِالْحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَمِمَّا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ أَنَّهُ يَكُونُ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ وَعَلَى رُءُوسِهِمْ قَوْمٌ يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَمِمَّا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ أَنْ يُخَصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ. (ص) وَصُوَرٌ عَلَى كَجِدَارٍ (ش) أَيْ وَمِنْ   [حاشية العدوي] حِينَ يَبْلُغُ الْحُلُمَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا) وَيَحْصُلُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَطْعَمَهُ وَلَوْ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهَا وَأَنَّهُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ حَصَلَ الْمَنْدُوبُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى بِهَا) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: يَوْمًا) أَيْ قِطْعَةَ زَمَنٍ يَقَعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِأَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَوْمًا بِتَمَامِهِ يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ تَكَرُّرُهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَدْعُوِّ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تَكْرَارَ الطَّعَامِ بَعْدَهَا لَا بِقَصْدِهَا فَلَا يُكْرَهُ قَالَ الْبَدْرُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَايَتَهَا لِلسَّابِعِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إنْ أَخَّرَ لِلسَّابِعِ كَانَتْ الْإِجَابَةُ مَنْدُوبَةً لَا وَاجِبَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ دُعِيَ أَوَّلًا وَأَجَابَ ثُمَّ دُعِيَ ثَانِيًا فِي ثَانِي يَوْمٍ مَثَلًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَتْ بِوَلِيمَةٍ قَطْعًا كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَقْتَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَوَقْتُهَا كَائِنٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَتَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ. (قَوْلُهُ: فَفَعَلَهَا فِي غَيْرِهِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا دُعِيَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: يَمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ شَرُّ الطَّعَامَ أَيْ أَنَّ مَنْ يَرْغَبُ فِي الْإِتْيَانِ لَهَا لِاحْتِيَاجِهِ لِلتَّنَاوُلِ مِنْهَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَلَا يُدْعَى إلَيْهَا وَقَوْلُهُ وَيُدْعَى إلَيْهَا إلَخْ أَيْ أَنَّ مَنْ يَأْبَاهَا وَلَا يُرِيدُ الذَّهَابَ إلَيْهَا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا يُدْعَى إلَيْهَا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمَحْصُورِينَ يَتَعَارَضُ فِيهَا قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ اُدْعُ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْإِجَابَةِ فِيهَا وَفِي الثَّانِي وُجُوبُ الْإِجَابَةِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْإِجَابَةُ لَوْ قَالَ اُدْعُ أَهْلَ مَحَلَّةِ كَذَا وَهُمْ مَحْصُورُونَ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ حُكْمًا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَحْصُورِ كَادْعُ مَنْ لَقِيتَ أَوْ الْعُلَمَاءَ أَوْ الْمُدَرِّسِينَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَلَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُخَاطِبُ الْمَدْعُوَّ أَوْ يُرْسِلَ كِتَابًا لَهُ أَوْ رَسُولًا ثِقَةً وَلَوْ مُمَيِّزًا غَيْرَ مُجَرَّبٍ فِي كَذِبٍ وَإِذَا تَنَازَعَ الرَّسُولُ وَالْمَدْعُوُّ فِي التَّعْيِينِ بِالشَّخْصِ وَغَيْرِهِ صُدِّقَ الرَّسُولُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَرِينَةٌ عَلَى الصِّدْقِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لعب بَلْ لَا يُحْتَاجُ لِلْيَمِينِ إلَّا فِي الْمُتَّهَمِ فِيمَا يَظْهَرُ . (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَةَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الْإِجَابَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْدُوبُهُ) أَيْ رَسُولُهُ الْمُمَيِّزُ الْغَيْرُ الْمُجَرَّبِ فِي الْكَذِبِ. (قَوْلُهُ: لِمُخَاطَبَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ مُخَاطَبَتِهِ أَيْ مُخَاطَبَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ رُؤْيَتِهِ أَيْ كَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ وَقَوْلُهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ يَتَأَذَّى مِنْ الْمُخَاطَبَةِ أَوْ الرُّؤْيَةِ لَا لِضَرَرٍ يَحْصُلُ بِذَلِكَ بَلْ لِحَظِّ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ) إلَّا أَنْ يُخْشَى بِمُجَالَسَتِهِ أَوْ خِطَابِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ بِهِ أَوْ أَذِيَّتِهِ اغْتِيَابُهُ أَوْ أَذِيَّتُهُ ك. (قَوْلُهُ: كَفَرْشِ حَرِيرٍ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّرْحُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَيَصِحُّ مُرَادًا مِنْهُ الْمَفْرُوشُ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ جَمْعًا أَيْ هَذَا الْجِنْسَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الْجُدْرَانِ إلَخْ) وَانْظُرْ بِالذَّهَبِ وَقَدْ رَأَيْت مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّتَائِرِ الَّتِي عَلَى الْجُدْرَانِ وَكَذَا تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ وَمِمَّا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: يُخَصُّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ) أَيْ فَإِنْ خُصَّ الْأَغْنِيَاءُ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَظَاهِرُهُ يَسْقُطُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَحُكْمُ اخْتِصَاصِ الدَّعْوَةِ بِالْأَغْنِيَاءِ الْكَرَاهَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ أَوْ صُوَرٌ مُجَسَّدَةٌ عَلَى الْجِدَارِ كَصُوَرِ السِّبَاعِ الَّتِي لَهَا ظِلٌّ وَلَوْ لَمْ يَدُمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ التِّمْثَالُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَيَوَانٍ كَالشَّجَرِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لِحَيَوَانٍ فَمَا لَهُ ظِلٌّ وَيُقِيمُ فَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يُقِمْ كَالْعَجِينِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ «الْمُصَوِّرِينَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا كُنْتُمْ تُصَوِّرُونَ» وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا فَتَرْكُهُ أَوْلَى انْتَهَى وَهَذَا فِي الصُّورَةِ الْكَامِلَةِ، وَأَمَّا نَاقِصُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ فَيُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ صُورَةٌ عَلَى كَجِدَارٍ عَنْ صُوَرِ الثِّيَابِ. (ص) لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ وَلَوْ فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ تُتْرَكُ الْإِجَابَةُ مَعَ مُنْكَرٍ لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ كَضَرْبِ الْغِرْبَالِ وَالْغِنَاءِ الْخَفِيفِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَدْعُوُّ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَضَرَ ضَرْبَ الدُّفِّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذُو الْهَيْئَةِ أَعْلَمَ وَأَهْيَبَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ لَا يَنْبَغِي لِذِي هَيْئَةٍ أَنْ يَحْضُرَ مَوْضِعًا فِيهِ لَهْوٌ وَاحْتُرِزَ بِالْمُبَاحِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَالْمَشْيِ عَلَى الْحَبْلِ وَجَعْلِ خَشَبَةٍ عَلَى جَبْهَةِ إنْسَانِ وَيَرْكَبُهَا آخَرُ فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ. (ص) وَكَثْرَةُ زِحَامٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ يَحْضُرُ مُضَمَّنًا مَعْنَى يُوجَدُ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ وَكَثْرَةُ زِحَامٍ أَوْ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى يَحْضُرُ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ كَثْرَةُ زِحَامٍ عَلَى طَرِيقَةِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا فَإِنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا إمَّا تَضْمِينُ عَلَفْتُهَا مَعْنَى أَنَلْتُهَا أَوْ جَعَلَ الْعَامِلَ فِي " مَاءً " مُقَدَّرًا أَيْ وَسَقَيْتُهَا. (ص) وَإِغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ يُغْلَقُ الْبَابُ عِنْدَ حُضُورِهِ وَلَوْ لِأَجْلِ الْمُشَاوَرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ مِنْ إغْلَاقِ الْبَابِ لِخَوْفِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ؛ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ (ص) وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دُعِيَ إلَى الْوَلِيمَةِ وَهُوَ مُفْطِرٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرَدُّدٌ لِلْبَاجِيِّ قَالَ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا وَفِي الْمُذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ أَيْ لِلْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَبِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ ابْنُ رُشْدٍ الْأَكْلُ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ فَحَمَلَ مَالِكٌ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ   [حاشية العدوي] وَكَذَا إذَا كَانَ صَائِمًا بِالْفِعْلِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ وَعِبَارَةُ عج وَمِمَّا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ أَيْضًا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ صَائِمٌ إلَخْ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ صَائِمًا أَيْ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لِلدَّاعِي وَقْتَ الدَّعْوَةِ أَنَّهُ صَائِمٌ بِالْفِعْلِ وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ وَالِانْصِرَافُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَكَذَا إذَا فَعَلَ طَعَامَ الْوَلِيمَةِ لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ لَا لِلْأَكْلِ فَإِنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا قَدْرَ مَا يَطِيبُ بِهِ خَاطِرُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَمْ تَحْرُمْ الدَّعْوَةُ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الضَّحِيَّةِ وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّاعِي امْرَأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ كَانَ هُنَاكَ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ وَمِثْلُهُ آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ أَمْرَدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً أَوْ قَالَةً وَيَظْهَرُ أَيْ يَكُونُ الدَّاعِي كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى الْمَدْعُوِّ دَيْنٌ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً. وَكَذَا إذَا كَانَ النِّسَاءُ بِسَطْحِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا يَنْظُرْنَ لِلرِّجَالِ أَوْ يَخْتَلِطْنَ بِهِمْ وَكَذَا يُبِيحُهُ مَرَضٌ أَوْ حِفْظُ مَالٍ أَوْ خَوْفُ عَدُوٍّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ مِمَّا يُبِيحُهُ شِدَّةُ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَكَذَا إنْ بَعُدَ مَكَانُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ تَلْحَقُ الْآكِلَ مِنْهُ بَلْ لَا يَجُوزُ الْحُضُورُ وَلَا الْأَكْلُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَالْمُرَادُ شُبْهَةٌ تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْأَكْلِ مِنْهُ وَيَأْتِي فِي الْقِرَاضِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَرَامًا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَالْأَكْلِ مِنْ طَعَامِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الشُّبْهَةَ الْمُبِيحَةَ لِلتَّخَلُّفِ كَوْنُ الطَّعَامِ كُلِّهِ مِنْ حَرَامٍ وَمِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ لِكَافِرٍ بَلْ لَا تَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّاعِي لَهُ مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ: وَيُقِيمُ) أَيْ يَدُومُ. (قَوْلُهُ: كَالْعَجِينِ) أَيْ وَكَقِشْرِ الْبِطِّيخِ فَإِنَّ لَهُ ظِلًّا مَا دَامَ طَرِيًّا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ) كَاَلَّذِي فِي الْبُسُطِ وَالْحِيطَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ) أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْبُسُطِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَاقِصُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ وَالْمُنْخَرِقَةُ بَطْنُهُ وَانْظُرْ لَوْ غُطِّيَ عُضْوٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ صُوَرِ الثِّيَابِ) أَيْ فِي الثِّيَابِ أَيْ صُوَرِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: لَا مَعَ ذِي هَيْئَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي بَاقِيَةً عَلَى مَعْنَاهَا أَيْ وَلَوْ كَانَ وَاقِعًا فِي حَضْرَةِ ذِي هَيْئَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ) تَفْسِيرٌ لِلْأَصَحِّ لَيْسَ الْمُرَادُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ بَهْرَامُ وَقَوْلُهُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ خَبَرُ مُقَابِلُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَشْيُ عَلَى الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ) وَرَخَّصَ ابْنُ رُشْدٍ فِي اللَّعِبِ عَلَى الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ نَعَمْ لَا تَرْخِيصَ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ حُضُورُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ زِحَامٍ) الظَّاهِرُ فِي دُخُولٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ أَكْلٍ كَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ) أَيْ لِلِازْدِرَاءِ بِهِ . (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ) أَيْ قَدْرًا يُطَيِّبُ خَاطِرَ رَبِّ الْوَلِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ: أَكْلِ الْمُفْطِرِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِحُضُورِهِ وَشُرْبِ نَحْوِ قَهْوَةٍ وَقِيَامِهِ قَبْلَ وَقْتِ الطَّعَامِ لِغَيْرِ مَانِعٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُذْهَبِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِبَهْرَامَ وَضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ كِتَابٌ لِابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ كَلَامَ الْبَاجِيِّ. (قَوْلُهُ: فَلْيَدْعُ) أَيْ بِأَنَّ اللَّهَ يُتِمُّ مَا هُمْ فِيهِ بِخَيْرٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَاسْتِعْمَالُ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى مِنْ إطْرَاحِ أَحَدِهِمَا. (ص) وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ مَدْعُوٍّ إلَّا بِإِذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَتَى إلَى مَكَانِ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ (ص) وَكُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَثْرَ مَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ فِي الْوَلِيمَةِ إذَا أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لِلنُّهْبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ شَيْئًا مِمَّا يَحْصُلُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ مَكْرُوهٌ لِمَا جَاءَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ النُّهْبَةِ، وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لَا لِلنُّهْبَةِ أَوْ لِلنُّهْبَةِ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مِنْ يَدِ بَعْضٍ فَحَرَامٌ. (ص) لَا الْغِرْبَالُ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ كُرِهَ وَالْغِرْبَالُ وَالدُّفُّ مُتَرَادِفَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هُوَ الْمُدَوَّرُ وَمُجَلَّدٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّرْبَ بِمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا لِلرِّجَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلِذَا بَالَغَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لِرَجُلٍ) خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ لَهُ. وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْكَبَرِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُدَوَّرُ الْمُجَلَّدُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْمِزْهَرِ وَهُوَ عُودٌ مُفَصَّلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ يُرَكَّبُ وَيُغْشَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِالْجَوَازِ كَالْغِرْبَالِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَبِالْكَرَاهَةِ فِيهِمَا وَبِالْجَوَازِ فِي الْكَبَرِ دُونَ الْمِزْهَرِ أَيْ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ وَهُوَ النَّفِيرُ قِيلَ مَعْنَاهُ الْبُوقَاتُ وَالزَّمَّارَاتُ الْيَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُلْهِي كُلَّ اللَّهْوِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ابْنُ كِنَانَةَ وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ) .   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ إلَخْ) أَيْ فَمَعْنَى التَّخْيِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مُتَعَيِّنًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَكْلُ . (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ تَحْرِيمًا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ مَعَ حُرْمَةِ مَجِيئِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَدْعُوٍّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَابَعَ ذِي قَدْرٍ عُرِفَ عَدَمُ مَجِيئِهِ وَحْدَهُ لِوَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عب وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ . (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ فِي الْوَلِيمَةِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ يُكْرَهُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لَا لِلنُّهْبَةِ) أَيْ بَلْ يَخُصُّ بِهِ مَنْ شَاءَ وَالنُّهْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَعِبَارَةُ غَيْرِ شَارِحِنَا أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَمَّا انْتِهَابُ مَا أَحْضَرَهُ لَا لِلنُّهْبَةِ أَوْ لِلنُّهْبَةِ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ فَحَرَامٌ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا لَهُ وَهِيَ أَقْرَبُ مِنْ الَّذِي ذَكَرْته أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ فَقَدْ رَأَيْت فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَرْعٌ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكَبِيرِ بِشَيْءٍ دُونَ مَنْ حَضَرَ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا الْغِرْبَالُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ فِي الْعُرْسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِصَرَاصِرٍ أَوْ جَرَسٍ مَثَلًا فَيَحْرُمُ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الطَّارَ الَّذِي بِالصَّرَاصِرِ مَمْنُوعٌ وَكَذَا الشَّبَّابَةُ وَالشَّبَّابَةُ الْقَصَبَةُ الْمَثْقُوبَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الْكَأْسِ وَفِي عج لَا الْغِرْبَالُ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِصَرَاصِرٍ كَمَا هُوَ فِي الْقُرْطُبِيِّ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعِ عَلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا بِصَرَاصِرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا الْغِرْبَالُ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ وَقُيِّدَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الرِّسَالَةِ قَالَ شَارِحُهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ تت وَقِيلَ بِجَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ النَّفْرَاوِيُّ الْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَالْخِتَانِ وَالْوِلَادَةِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ فَرَحٍ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ بَدْرٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يَحْرُمُ مَا عَدَا الدُّفَّ وَالْكَبَرَ مِنْ مِزْمَارٍ وَغَيْرِهِ وَأَبَاحَ الْقُرْطُبِيُّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ فِي كُلِّ سُرُورٍ وَأَجَازَ بَعْضٌ الضَّرْبَ بِهِ لِلْعَوَاتِقِ فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ غَيْرِ عُرْسٍ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ) وَأَمَّا بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ هُوَ الْمُقَابِلُ لِلصِّغَرِ وَأَمَّا بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْبَاءِ فَهُوَ الطَّعْنُ فِي السِّنِّ وَمَا عَدَا ذَلِكَ كَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ فَمَتْرُوكٌ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْكَبَرُ طَبْلَةٌ مِنْ فَخَّارٍ أَوْ عُودٌ لَهَا فَمَانِ ضَيِّقٌ وَوَاسِعٌ فَالْوَاسِعُ مُغَشًّى بِالْجِلْدِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُغَشًّى اهـ وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالدَّرَبُكَّةِ وَالْمَعْرُوفَةُ فِي الْحَدِيثِ بِالْكُوبَةِ وَالْقُرْطُبَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْبَازِ (قَوْلُهُ: يُرَكَّبُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَقَوْلُهُ عُودٌ مُفَصَّلٌ لَعَلَّهُ أَعْوَادٌ مُفَصَّلَةٌ أَيْ ابْتِدَاءً عِنْدَ صُنْعِهِ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمِزْهَرَ كَالدُّفِّ لَكِنَّهُ لَهُ جِهَتَانِ بَيْنَهُمَا نَحْوُ أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ وَفِي شَرْحِ شب عُودٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اهـ أَيْ أَعْوَادٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ) جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَذَا أَفَادَهُ عج وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ ضِدَّهُ فَقَالَ وَقَوْلُهُ تَجُوزُ ضَعِيفٌ. (فَائِدَةٌ) يُقَالُ رَجُلٌ زَمَّارٌ لَا زَامِرٌ وَفِي الْمَرْأَةِ بِالْعَكْسِ يُقَالُ زَامِرَةٌ لَا زَمَّارَةٌ ك. (قَوْلُهُ: الْبُوقَاتُ وَالزَّمَّارَاتُ الْيَسِيرَةُ) أَيْ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ هَذَا الْقَيْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ يَسِيرُ التَّزْمِيرِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ وَأَمَّا كَثْرَةُ التَّزْمِيرِ فَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ النِّكَاحِ خَتَمَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ أَرْكَانِهِ وَهِيَ الزَّوْجَةُ إذَا تَعَدَّدَتْ مَاذَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْقَسْمِ وَتَوَابِعِهِ فَقَالَ: (فَصْلٌ: إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ) (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ اثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءً مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ مِنْ صَغِيرَةٍ جُومِعَتْ أَوْ كَبِيرَةٍ عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً صَحِيحَةً أَوْ مَرِيضَةً وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ الْمُكَلَّفِ إجْمَاعًا عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ ذِي آلَةٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ مَجْبُوبٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ (فِي الْمَبِيتِ) فَقَطْ لَا فِي النَّفَقَةِ وَالْوَطْءِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ فَالْوُجُوبُ عَلَى وَلِيِّهِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومُ الْجَمْعِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيَاتُ عِنْدَهَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَهَا كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِالزَّوْجَاتِ الْإِمَاءُ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ لَهُنَّ كَمَا لَا يَجِبُ التَّسْوِيَةُ لِلزَّوْجَاتِ فِي غَيْرِ الْمَبِيتِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (ص) وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا كَمُحْرِمَةٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا وَرَتْقَاءَ (ش) لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيتِ عِنْدَهُنَّ الْأُنْسَ لَا الْمُبَاشَرَةَ وَجَبَ التَّسْوِيَةُ فِيهِ بَيْنَ كُلِّ مَدْخُولٍ بِهَا مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ فِي بَعْضِهِنَّ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا الْأَوَّلُ كَمُحْرِمَةٍ وَمَرِيضَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَالثَّانِي كَرَتْقَاءَ وَمَجْنُونَةٍ وَجَذْمَاءَ وَمَثَّلَ لِلشَّرْعِيِّ بِمِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمَنْعَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَتِهَا   [حاشية العدوي] [فَصْلٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ] ِ) (قَوْلُهُ: مَاذَا يَجِبُ لَهَا) أَيْ وَهُوَ مَا يَجِبُ أَوْ أَعْنِي الَّذِي يَجِبُ لَهَا (قَوْلُهُ: لِلزَّوْجَاتِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ قَوْلُهُ: لِلزَّوْجَاتِ أَيْ لَا الْإِمَاءِ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَبِيتِ أَيْ لَا النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ صَغِيرَةٍ جُومِعَتْ) أَيْ مُطِيقَةٍ (قَوْلُهُ: لَا فِي النَّفَقَةِ وَالْوَطْءِ) أَيْ وَلَا فِي الْمَحَبَّةِ وَالتَّعَهُّدِ وَالْإِقْبَالِ وَالنَّظَرِ وَالْمُفَاكَهَةِ بِالْكَلَامِ، وَالْمُرَادُ إذَا أَرَادَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 2 أَوْ مِنْ جِهَتِهِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ " طَبْعًا " عَادَةً إذْ الرَّتْقَاءُ لَا يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا طَبْعًا إذْ الطَّبْعُ رُبَّمَا يَمِيلُ إلَى وَطْئِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: مِثَالُ قَوْلِهِ " طَبْعًا " كَجَذْمَاءَ وَمَجْنُونَةٍ، فَتَرَكَ مِثَالَهُ، وَقَوْلُهُ " وَرَتْقَاءَ " مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ عَفْلَاءَ كَرَتْقَاءَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا أَوْ عَقْلًا كَمُحْرِمَةٍ. (ص) لَا فِي الْوَطْءِ إلَّا لِإِضْرَارٍ كَكَفِّهِ لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِأُخْرَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَسْمَ لَا يَجِبُ فِي الْوَطْءِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ بَلْ مَنْ دَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَيْهَا أَتَاهَا عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ سَجِيَّتُهُ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْشَطَ لِلْجِمَاعِ فِي يَوْمِ هَذِهِ دُونَ يَوْمِ الْأُخْرَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ الزَّوْجُ وَطْءَ وَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ ضَرَرًا بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ تَرْكُ الْكَفِّ. (ص) وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ إطَافَتُهُ وَعَلَى الْمَرِيضِ إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَاتٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَيْهِنَّ لِأَجْلِ الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَسْمِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَكِنْ شَرَطُوا فِيهِ مَنْفَعَةَ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَلَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ إطَافَتُهُ لِعَدَمِ مَنْفَعَةِ الْمَرْأَةِ بِوَطْئِهِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى وَلِيِّ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ عَلَى الزَّوْجِ وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَرِيضِ مَعْطُوفٌ عَلَى ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ، وَيَصِيرُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ أَعَمَّ أَيْ وَيَجِبُ الْقَسْمُ عَلَى زَوْجٍ وَعَلَى الْمَرِيضِ وَأَتَى بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ صَحِيحٍ وَعَلَى الْمَرِيضِ إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ فَيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ ثُمَّ إذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ. (ص) وَفَاتَ إنْ ظَلَمَ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ظَلَمَ فِي الْقَسْمِ بِأَنْ تَعَمَّدَ الْمُقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَهْرًا حَيْفًا فَإِنَّهُ لَا يُحَاسَبُ بِذَلِكَ وَيُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ ظَلَمَ أَحْرَوِيُّ كَمَا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَمَعَهُ إحْدَى زَوْجَاتِهِ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرَةِ أَنْ تُحَاسِبَ الْمُسَافِرَةَ بِالْمَاضِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَسْمِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ وَذَلِكَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَانِهِ، وَسَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَى عِدَائِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ لِتَالِيَةِ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ، وَاسْتِظْهَارُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص)   [حاشية العدوي] الْمَبِيتَ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَعْتَزِلَ الْجَمِيعَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ. (قَوْلُهُ: إذْ الطَّبْعُ رُبَّمَا يَمِيلُ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الطَّبْعَ تَابِعٌ لِلْعَقْلِ فَمَتَى مَنَعَ الْعَقْلُ مِنْ شَيْءٍ مَنَعَ مِنْهُ الطَّبْعُ وَقَوْلُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ دَفْعًا لِلِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: كَرَتْقَاءَ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا عَقْلًا أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَدَاخُلِ الْأَجْسَامِ أَيْ إذَا أُرِيدَ الْوَطْءُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ تِلْكَ الْحَالَةِ وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ الْوَطْءُ بِهَا بِحَيْثُ إنَّهُ يُدْخِلُ الذَّكَرَ وَيَتَحَوَّلُ اللَّحْمُ إلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فَهُوَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ عَادَةً. (قَوْلُهُ: إلَّا لِإِضْرَارٍ) التَّعْبِيرُ بِالْإِضْرَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوعَ قَصْدُ الضَّرَرِ سَوَاءٌ حَصَلَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ أَيْ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِي الْوَطْءِ مِنْ سَائِرِ أَحْوَالِهِ إلَّا لِإِضْرَارٍ (قَوْلُهُ: كَكَفِّهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ مَيْلِهِ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْكَفِّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلْإِضْرَارِ لِأَنَّ الْكَفَّ الْمَذْكُورَ يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ الْأُخْرَى بَعْدَ الْكَفِّ الْمَذْكُورِ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مُولًى مِنْهَا أَوْ مُظَاهَرًا مِنْهَا فَإِنَّ كَفَّهُ عَنْ وَطْءِ غَيْرِهَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: سَجِيَّتُهُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا هُوَ فِي خَطِّهِ أَيْ طَبِيعَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ) وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مَنْ شَاءَ أَنْ تُمَرِّضَهُ أَرْفَقَ بِهِ وَأَشْفَقَ عَلَيْهِ مِمَّنْ شَاءَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَاءَهَا لِمَيْلِهِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ بِمُجَرَّدِ مَحَبَّتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَسْمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَ تَزْوِيجِ الْمَجْنُونِ لِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ النِّسَاءِ سَبَبًا فِي وُجُوبِ الْإِطَافَةِ عَلَى الْوَلِيِّ خِطَابُ وَضْعٍ، وَوُجُوبُ الْإِطَافَةِ عَلَى الْوَلِيِّ خِطَابُ تَكْلِيفٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ إلَخْ) يَرْجِعُ لِلَّذِي قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَاتَ إنْ ظَلَمَ فِيهِ) لَيْسَ مِنْ الظُّلْمِ بَيَاتُ الْفَقِيهِ فِي قِرَاءَةِ الْخَتَمَاتِ وَالْمَوَاعِظِ وَالصُّنَّاعِ فِي حِرَفِهِمْ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ التَّعَيُّشِ فَلَا يُقْضَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: حَيْفًا) أَيْ ظُلْمًا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ اطَّلَعَ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ كَانَتْ لَيْلَةُ الْخَمِيسِ لِخَدِيجَةَ وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لِعَائِشَةَ وَلَيْلَةُ السَّبْتِ لِفَاطِمَةَ وَلَيْلَةُ الْأَحَدِ لِزَيْنَبِ فَإِذَا بَاتَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ خَدِيجَةَ فَقَدْ فَاتَتْ لَيْلَةُ عَائِشَةَ وَهِيَ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَى عَدَائِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ لِتَالِيَةِ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا بِأَنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَذَلِكَ قَبْلَ الْقَسْمِ لِفَاطِمَةَ الَّتِي هِيَ تَالِيَةُ عَائِشَةَ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ كَمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَذَلِكَ بَعْدَ الْقَسْمِ لِفَاطِمَةَ الَّتِي هِيَ تَالِيَةُ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتِظْهَارُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَدَائِهِ إلَّا بَعْدَ قَسْمِهِ لِتَالِيَةِ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ يَوْمُ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمِهِ لِلتَّالِيَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَاسْتِظْهَارُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ ظُلْمُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ. اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 كَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ يَأْبَقُ (ش) هَذَا يُشْبِهُ الدَّلِيلَ لِمَا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ قِنٌّ يَخْدُمُ نَفْسَهُ بِقَدْرِ الْجُزْءِ الْحُرِّ وَيَخْدُمُ سَيِّدَهُ بِقَدْرِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَإِذْ أَبَقَ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ زَمَنَ الْإِبَاقِ فَلَا يُحَاسَبُ بِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ خِدْمَةٌ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اسْتَعْمَلَهُ شَخْصٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَنُوبُهُ فِي مُدَّةِ الْإِبَاقِ، وَمِثْلُ خِدْمَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ الْمُشْتَرَكُ يَخْدُمُ بَعْضَ سَادَاتِهِ مُدَّةً ثُمَّ يَأْبَقُ ثُمَّ يُوجَدُ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمُطَالَبَةُ بِمَا ظُلِمَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَهَذَا حَيْثُ جُعِلَتْ الْخِدْمَةُ بَيْنَهُمَا قِسْمَةَ مُهَايَأَةٍ وَإِلَّا كَانَ مَا عَمِلَ لَهُمَا وَمَا أَبَقَ عَلَيْهِمَا. (ص) وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّيْلِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِالْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ لِلزَّوْجَاتِ وَلَهُ أَنْ يَعْكِسَ (ص) وَالْمَبِيتُ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ الْمَبِيتُ عِنْدَ الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ إمَاءٌ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِذَا شَكَتْ الْوَحْدَةَ ضُمَّتْ إلَى جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ " وَزَادَ هُنَا مَا نَصُّهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ الْإِضْرَارَ بِعَدَمِ الْمَبِيتِ انْتَهَى. (ص) وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَلَوْ حُرَّةً نَصْرَانِيَّةً وَأَمَةً مُسْلِمَةً لِتَرْجِيحِ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْأَمَةِ بِالْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ لِلزَّوْجَاتِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: لِلْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ الزَّوْجَةِ يَوْمٌ. (ص) وَقَضَى لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا عَلَى غَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْبِكْرُ أَمَةً فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهَا بِسَبْعِ لَيَالٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ ثَيِّبًا فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهَا بِثَلَاثِ لَيَالٍ أَيْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ يَخُصُّهَا بِهَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا (وَلَا قَضَاءَ) إذَا سَبَّعَ لِلْبِكْرِ وَثَلَّثَ لِلثَّيِّبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لِغَيْرِهِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَفَاتَ عَلَيْهِنَّ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ " وَلَا قَضَاءَ " أَنَّ قَوْلَهُ: قَضَى لِلْبِكْرِ إلَخْ فِيمَنْ نُكِحَتْ عَلَى ضَرَّةٍ فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لَهَا لَا سَبْعٌ وَلَا ثَلَاثٌ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَلَا تُجَابُ لِسَبْعٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ ثَيِّبٍ وَطَلَبَتْ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ كَالْبِكْرِ فَإِنَّهَا لَا تُجَابُ لِذَلِكَ وَلَا يَقْضِي لَهَا إلَّا بِثَلَاثِ لَيَالٍ فَقَطْ كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ: وَلَا تُجَابُ لِأَكْثَرَ لَكَانَ أَشْمَلَ أَيْ وَلَا تُجَابُ الْمَرْأَةُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا لِأَكْثَرَ مِمَّا لَهَا شَرْعًا. (ص) وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ (ش) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُكْمِلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فِي الْقَسْمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَنَبَّهَ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إلَّا لِحَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ غَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ كَمُنَاوَلَةِ ثَوْبٍ وَشِبْهِهِ وَلَا يُقِيمُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي تِلْكَ الْحَاجَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ. (ص) وَجَازَ الْأَثَرَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ يَأْبَقُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْبَقْ ثُمَّ خَدَمَ بَعْضَهُمْ مُدَّةً أَزْيَدَ مِنْ مُدَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَفُوتُ بَلْ يُعَوَّضُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمُطَالَبَةُ بِمَا ظُلِمَ مِنْ الْخِدْمَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَيَّامُ الْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا حَيْثُ جُعِلَتْ الْخِدْمَةُ بَيْنَهُمَا قِسْمَةَ مُهَايَأَةٍ) أَيْ بِأَنْ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ زَمَنًا يَخُصُّهُ هَذَا يَوْمٌ وَهَذَا يَوْمٌ أَوْ هَذَا جُمُعَةٌ وَهَذَا جُمُعَةٌ أَوْ هَذَا شَهْرٌ وَهَذَا شَهْرٌ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قِسْمَةٌ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ يَتَعَاطَى خِدْمَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِأَنْ كَانَ قِسْمَةَ مُرَاضَاةٍ أَوْ قِسْمَةَ قُرْعَةٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَأَتَّيَانِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِذَا شَكَتْ الْوَحْدَةَ) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ضُمَّتْ إلَى الْجَمَاعَةِ أَيْ سَكَنَتْ مَعَهُمْ لِلِاسْتِئْنَاسِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْوَحْدَةِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهَا الضَّرَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يُظَنَّ الضَّرَرُ بِالْوَحْدَةِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبِيتُ مَعَهَا امْرَأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ وَرُبَّمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ زَمَنَ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا ثَبَاتٌ بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهَا فِي بَيَاتِهَا وَحْدَهَا فَلَا يَجِبُ الْبَيَاتُ عِنْدَهَا وَإِلَّا فَيَجِبُ (قَوْلُهُ: وَزَادَ هُنَا) أَيْ الشَّارِحُ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ وَفِي قَوْلِهِ لِلزَّوْجَاتِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا يَجِبُ الْمَبِيتُ عِنْدَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ زَادَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِتَحْصِينَهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الضَّرَرِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْمَبِيتُ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْمَبِيتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُرَّةً نَصْرَانِيَّةً) كَأَنَّهُ يَقُولُ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ جَارٍ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ كِتَابِيَّةً دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ لِتَرْجِيحِ إلَخْ فِي قُوَّةِ لِأَنَّ الْأَمَةَ وَإِنْ تَرَجَّحَتْ بِالْإِسْلَامِ فَقَدْ تَرَجَّحَتْ الْحُرَّةُ الذِّمِّيَّةُ بِالْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ) أَيْ وَهُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ الْمَشْهُورُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى لِلْبِكْرِ إلَخْ) إزَالَةً لِلْوَحْشَةِ وَالِائْتِلَافِ وَزِيدَتْ الْبِكْرُ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ فَتَحْتَاجُ إلَى فَضْلِ إمْهَالٍ وَجَبْرٍ وَتَأَنٍّ وَالثَّيِّبُ قَدْ جَرَّبَتْ الرِّجَالَ إلَّا أَنَّهَا اسْتَحْدَثَتْ الصُّحْبَةَ فَأُكْرِمَتْ بِزِيَادَةِ الْوَصْلَةِ وَهِيَ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ) مُقَابِلُ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَقَضَى أَيْ حَكَمَ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَذَا قِيلَ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الْحُكْمُ فِي الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّ مُتَعَلَّقَهُ اخْتَلَفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَالْبِكْرُ لَهَا السَّبْعُ مُطْلَقًا وَالثَّيِّبُ لَهَا الثَّلَاثُ كَذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِبَيَاتِهِ عِنْدَهَا حَالَ عُرْسِهَا فَيُقْضَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُجَابُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: وَلَا تُجَابُ لِأَكْثَرَ) يُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُكْمِلُ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ لَهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ إنَّمَا مَرَّ لَهُ فِي الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ) أَيْ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عُسْرِ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِشَيْءٍ أَوْ لَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤْثِرَ زَوْجَةً مِنْ زَوْجَاتِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا إذَا رَضِيَتْ الْمُؤْثَرَةُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْأَثَرَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ كَدَرَجَةٍ، وَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَمَعْنَاهَا تَفْضِيلُ الْغَيْرِ. (ص) كَإِعْطَائِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا (ش) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ أَيْ يَجُوزُ أَنْ تُعْطِيَهُ إذَا أَسَاءَ عِشْرَتَهُ مَعَهَا شَيْئًا مِنْ الْمَالِ لِيُحْسِنَ عِشْرَتَهُ مَعَهَا أَوْ يُعْطِيَهَا إذَا أَسَاءَتْ عِشْرَتَهَا شَيْئًا مِنْ الْمَالِ لِتُحْسِنَ عِشْرَتَهَا مَعَهُ. (ص) وَشِرَاءُ يَوْمِهَا مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلضَّرَّةِ أَنْ تَشْتَرِيَ يَوْمَ ضَرَّتِهَا مِنْهَا وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ يَوْمَ زَوْجَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: شِرَاءُ يَوْمِهَا إلَخْ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا إلَخْ لِأَنَّ الْأَوْلَى مَا دَخَلَا فِيهِ عَلَى عِوَضٍ وَهُنَا دَخَلَا عَلَيْهِ أَوْ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَهُوَ إسْقَاطُ مَا لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ فِيهَا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَفِي تَسْمِيَةِ هَذَا شِرَاءً مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطٌ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مُقَابِلُ الِامْتِنَاعِ فَلَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُهُ " يَوْمِهَا " إشَارَةٌ إلَى زَمَنٍ مُعَيَّنٍ قَلِيلٍ لَا عَلَى الْأَبَدِ وَمَا وَقَعَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَمِنْ خَوَاصِّهِ. (ص) وَوَطْءُ ضَرَّتِهَا بِإِذْنِهَا (ش) أَيْ وَجَازَ فِي يَوْمِهَا وَطْءُ ضَرَّتِهَا بِإِذْنِهَا قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْ وَطْءِ الْأُخْرَى وَبَعْدَهُ. (ص) وَالسَّلَامُ بِالْبَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ إذَا مَرَّ بِبَابِ زَوْجَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ ضَرَّتِهَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ إلَيْهَا وَلَا جُلُوسٍ عِنْدَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا بَعَثَتْ بِهِ إلَيْهِ انْتَهَى أَيْ بِالْبَابِ لَا فِي بَيْتِ الْأُخْرَى لِمَا فِيهِ مِنْ أَذِيَّةِ الْأُخْرَى. (ص) وَالْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا إنْ أَغْلَقَتْ بَابَهَا دُونَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ يَبِيتُ بِحُجْرَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَتَى زَوْجَتَهُ فِي يَوْمِهَا لِيَبِيتَ عِنْدَهَا فَأَغْلَقَتْ بَابَهَا فِي وَجْهِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَبِيتَ فِي حُجْرَتِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ضَرَّتِهَا لِيَبِيتَ عِنْدَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِمْتَاعٍ فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَبِيتَ بِحُجْرَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ضَرَّتِهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ ظَالِمَةً أَوْ مَظْلُومَةً ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَذْهَبُ وَإِنْ كَانَتْ ظَالِمَةً، وَكَثُرَ مِنْهَا، بَلْ يُؤَدِّبُهَا أَصْبَغُ لَا يَذْهَبُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ ذَلِكَ مِنْهَا وَلَا مَأْوَى لَهُ سِوَاهَا انْتَهَى. (ص) وَبِرِضَاهُنَّ جَمَعَهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي دَارِ وَاحِدَةٍ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَنْزِلٌ مُسْتَقِلٌّ بِمَرَافِقِهِ وَمَنَافِعِهِ مِنْ كَنِيفٍ وَمَطْبَخٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ. الثَّانِي أَنْ يَرْضَيَا بِذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ وَلِهَذَا جَمَعَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ مَرَّةً وَثَنَّاهُ أُخْرَى فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِدَارٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْعِدَ مَا بَيْنَهُمَا. (ص) وَاسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذَ بَيْتًا لِنَفْسِهِ وَيَدْعُوَ كُلَّ مَنْ كَانَتْ نَوْبَتُهَا أَنْ تَأْتِيَ إلَيْهِ بِشَرْطِ رِضَاهَا بِذَلِكَ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ بَلْ يَأْتِي هُوَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ. (ص) وَالزِّيَادَةُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (ش) أَيْ   [حاشية العدوي] الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ خُصُوصَ النَّهَارِ بَلْ مُطْلَقَ الزَّمَانِ الشَّامِلَ لِلْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِفَاعِلِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَإِعْطَائِهَا أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ " إمْسَاكِهَا " مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَيَكُونُ " إمْسَاكِهَا " مُضَافًا لِفَاعِلِهِ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاءُ يَوْمِهَا) لَا مَفْهُومَ لِلْيَوْمِ وَإِنَّمَا أَشَارَ لِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ قَلِيلٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوْلَى مَا دَخَلَا فِيهِ عَلَى عِوَضٍ) أَيْ " عَلَى " عُقْدَةٍ مُحْتَوِيَةٍ عَلَى عِوَضٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا بِشَيْءٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَا يَتَّصِفُ بِالطَّهَارَةِ وَلَوْ قَالَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: يَوْمِهَا إشَارَةٌ إلَخْ) يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهُمَا طَرِيقَتَانِ فَقَوْلُهُ " فَهُوَ إسْقَاطُ مَا لَا غَايَةَ لَهُ " إشَارَةٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ جَوَّزَ شِرَاءَ النَّوْبَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَهَذَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْأَبَدِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَتَعَارَضُ فِي الزَّمَنِ الْكَثِيرِ فَقَوْلُهُ: قَلِيلٌ يَقْتَضِي مَنْعَ الْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ: لَا عَلَى الْأَبَدِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَمَا وَقَعَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) أَيْ لِأَنَّ «سَوْدَةَ زَوْجَتَهُ لَمَّا كَبِرَتْ وَهَبَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ فَأَجَازَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَكَانَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ وَلِغَيْرِهَا يَوْمًا» غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْوَاقِعَ شِرَاءٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ ضَرَّتِهَا) وَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: لَا فِي بَيْتِ الْأُخْرَى) الْعِبْرَةُ بِمَفْهُومِهِ لَا بِمَفْهُومِ " أَيْ بِالْبَابِ " كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْدِرْ يَبِيتُ) أَيْ لِبَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ ازْدِرَاءٍ بِهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ اسْتِمْتَاعٍ) أَيْ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ وَاعْتَمَدَ عج أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ قَوْلِ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَأْوَى لَهُ سِوَاهَا) الْمَوْجُودُ فِي بَهْرَامَ وَتت سِوَاهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَأْوًى سِوَاهُمَا لَذَهَبَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: جَمَعَهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ) وَكَذَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلٍ وَاحِدٍ مِنْ دَارِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ لَا يُقَالُ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلٍ مِنْ دَارٍ يُؤَدِّي إلَى وَطْءِ إحْدَاهُمَا بِمَنْزِلٍ فِيهِ مَعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَطَأُ أَوْ يَطَأُ إحْدَاهُمَا عِنْدَ خُرُوجِ الْأُخْرَى مِنْ الْمَنْزِلِ لِزِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ إلَخْ) فِي عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَ كُلٍّ بِمِرْحَاضٍ تَحْقِيقٌ لِكَوْنِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رِضَاهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ لَهُمَا مِرْحَاضٌ وَاحِدٌ إذْ هُوَ جَائِزٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الشَّارِحِ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَسْمِ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالْوَاجِبُ أَنْ يَقْسِمَ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَلَا يَجُوزُ تَنْصِيفُ اللَّيْلَةِ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهُنَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ فَلَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ مِمَّا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ لِتَجْرٍ أَوْ صَنْعَةٍ وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُؤَلِّفُ تَارَةً وَثَنَّى أُخْرَى إشَارَةً إلَى أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي جَانِبِ الْمَفْهُومِ بِالْمَنْعِ عَلَى التَّثْنِيَةِ فَقَالَ: (لَا إنْ لَمْ يَرْضَيَا) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَأَلْغَى اعْتِبَارَ الْجَمْعِ. ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمَمْنُوعِ مُشَارِكَاتٍ لَهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَدُخُولُ حَمَّامٍ بِهِمَا وَجَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ بِزَوْجَتَيْهِ وَلَا بِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَلَا بِزَوْجَاتِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اتَّصَفَتَا بِالْعَمَى، وَالْعِلَّةُ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ أَوْ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَوْ مِنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ " وَجَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ بِلَا وَطْءٍ " لَكَانَ أَخْصَرَ. (ص) وَفِي مَنْعِ الْأَمَتَيْنِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُمْنَعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمَتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ بِلَا وَطْءٍ كَالزَّوْجَتَيْنِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْغَيْرَةِ أَوْ يُكْرَهُ فَقَطْ لِقِلَّةِ غَيْرَتِهِنَّ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَبَاحَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمَنْعُ هُوَ الظَّاهِرُ فَرُبَّمَا تَكُونُ الْغَيْرَةُ فِي الْإِمَاءِ أَشَدَّ فِيهِنَّ مِنْ الْحَرَائِرِ وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ لِأَجْلِ الْوَطْءِ فَمَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا. (ص) وَإِنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ لَهُ الْمَنْعُ لَا لَهَا وَتَخْتَصُّ بِخِلَافٍ مِنْهُ وَلَهَا الرُّجُوعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ إذَا وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا أَوْ أَسْقَطَتْهَا فَتَارَةً لِضَرَّتِهَا وَتَارَةً لِزَوْجِهَا فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ مِنْ ضَرَّتِهَا فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْوَاهِبَةِ وَلَهُ الْإِجَازَةُ وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهَا فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لَهَا فِي الرَّدِّ إذَا أَجَازَ الزَّوْجُ وَلَا فِي الْإِجَازَةِ إذَا رَدَّ وَانْظُرْ مَفْهُومَ الْهِبَةِ فَهَلْ الشِّرَاءُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ " وَشِرَاءُ يَوْمِهَا " كَذَلِكَ أَيْ لَهُ الْمَنْعُ أَوْ لَا؟ لِضَرُورَةِ الْعِوَضِيَّةِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَهَبَ يَوْمَهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْوَلَدِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ غَيْرَ بَالِغَةٍ أَوْ كَانَتْ يَائِسَةً أَوْ حَامِلًا فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي هِبَتِهَا يَوْمَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا لِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَإِنْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا وَأَجَازَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَةَ تَخْتَصُّ بِالنَّوْبَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الضَّرَّاتِ فَتُضِيفُهَا لِنَوْبَتِهَا فَيَكُونُ لَهَا يَوْمَانِ وَتَبْقَى أَيَّامُ الْقَسْمِ عَلَى حَالِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَنْصِيفُ اللَّيْلَةِ) أَيْ الزَّمَنِ فَأَطْلَقَ الْخَاصَّ وَأَرَادَ الْعَامَّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ) أَيْ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَتَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِبَلَدَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَاحِدَةِ بِأَنْ يَرْتَفِقَ أَهْلُ كُلٍّ بِالْأُخْرَى كَمَا قَالُوهُ فِي الْقَصْرِ وَأَمَّا إنْ كَانَتَا بِبَلَدَيْنِ لَا فِي حُكْمِ الْوَاحِدَةِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ إلَخْ) بَانَ بِهَذَا أَنَّ لَنَا مَقَامَيْنِ؛ جَوَازَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ، وَجَوَازَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَعَ جَوَازِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَنْعَةٍ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي خَطِّهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمَمْنُوعِ مُشَارِكَاتٍ إلَخْ) هَذَا عَطْفٌ مَنْظُورٌ فِيهِ لِجَانِبِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ لَا يَجُوزُ مَا ذُكِرَ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا وَلَا دُخُولُ حَمَّامٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ النَّظَرِ) يُفِيدُ أَنَّهُنَّ دَخَلْنَ الْحَمَّامَ مُسْتَتِرَاتٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلِذَا قَرَّرَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كُنَّ مَكْشُوفَاتِ الْعَوْرَةِ أَوْ كَانَ يُخْشَى كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَفِي عب وَشُبْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كُنَّ غَيْرَ مُسْتَتِرَاتٍ وَهُمَا تَابِعَانِ فِي ذَلِكَ اللَّقَانِيِّ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي فَإِنْ اسْتَتَرْنَ أَوْ اتَّصَفْنَ بِالْعَمَى جَازَ كَمَا تَقْتَضِيهِ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ أَنَّ أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ أَجَابَ الْأَمِيرَ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِجَوَارِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ: جَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ بِلَا وَطْءٍ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَخْصَرَ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُفِيدَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالرَّدَّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَعِبَارَةُ شب مِثْلُ شَارِحِنَا لِأَنَّهُ قَالَ: الْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ جَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ مَعَ الْوَطْءِ مُمْتَنِعٌ وَلَوْ رَضِيَتَا اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْجَمْعَ مَظِنَّةُ وَطْءِ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ رَضِيَتَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَرُبَّمَا تَكُونُ الْغَيْرَةُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَهُ الْمَنْعُ) جَوَابُ الشَّرْطِ، وَحَذْفُ الْفَاءِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ مُمْتَنِعٌ أَوْ قَلِيلٌ كَخَبَرِ «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا» وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ الْمَنْعُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَائِدٍ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ فَهُوَ لَهُ الْمَنْعُ وَهَذَا الْحَذْفُ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَتَخْتَصُّ) وَلَيْسَ لَهُ جَعْلُهَا لِغَيْرِ الْمَوْهُوبَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافٍ مِنْهُ) أَيْ بِخِلَافِ هِبَتِهَا مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَهُ نَوْبَتَهَا مِنْهَا لَيْسَ كَهِبَتِهَا فَيَخُصُّ بِهِ مَنْ شَاءَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَفِي عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَهِبَتِهَا كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّ الشِّرَاءَ لَيْسَ كَالْهِبَةِ فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الشِّرَاءَ لَيْسَ كَالْهِبَةِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ سُئِلَ عَمَّنْ يُرْضِي إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَطِيَّةٍ فِي يَوْمِهَا لِيَكُونَ فِيهِ عِنْدَ الْأُخْرَى قَالَ: النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ انْتَهَى، وَإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَتَبَيَّنَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافٍ مِنْهُ حَذْفَ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَإِبْقَاءَ الْمُضَافِ عَلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ عَلَى مُضَافٍ إلَى مِثْلِ الْمَحْذُوفِ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: ضَرَّتِهَا) الضَّرَّةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْكَسْرِ انْتَهَى نَقَلَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مَيَّارَةُ وَالْأَوَّلُ يُفْهَمُ مِنْ مُخْتَصَرِ الصِّحَاحِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: فَهَلْ الشِّرَاءُ السَّابِقُ إلَخْ) وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ مُقَيَّدَةً بِوَقْتٍ أَوْ لَا وَكَذَا لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا بَاعَتْهُ مِنْ نَوْبَتِهَا لِمَا ذُكِرَ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ وَفِي شَرْحِ عب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا الرُّجُوعُ عَنْ رِضَاهُمَا بِجَمْعِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ لِخِفَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْهِبَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إسْقَاطُ نَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ، وَالْفَرْقُ فَرْطُ الْغَيْرَةِ بَدْرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 نَوْبَتَهَا لِزَوْجِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ بَلْ يُقَدِّرُ الْوَاهِبَةَ كَالْعَدَمِ فَمَنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَبَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ ثُمَّ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَوْبَتَهَا لَهُ فَتَسْقُطُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ التَّالِيَةَ لِمَنْ نَامَ عِنْدَهَا فَيَنَامُ عِنْدَ مَنْ يَلِيهَا وَهَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي سُؤَالُ وَاهِبَةِ الزَّوْجِ هَلْ أَرَادَتْ الْإِسْقَاطَ أَوْ أَرَادَتْ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّانِيَ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ انْتَهَى، وَإِذَا وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا أَوْ لِزَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ لِمَا يُدْرِكُهَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَيْرَةِ. (ص) وَإِنْ سَافَرَ اخْتَارَ إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَيُقْرِعُ وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَأَكْثَرُ وَأَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْ نِسَائِهِ مَنْ يَأْخُذُهَا مَعَهُ فِي سَفَرِهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَكُونُ فِي إقَامَةِ إحْدَاهُنَّ إمَّا لِثِقَلِ جِسْمِهَا أَوْ لِكَثْرَةِ عَائِلَتِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ وَلَا ضَرَرٍ اللَّخْمِيُّ وَمَنْ تَعَيَّنَ سَفَرُهَا جُبِرَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا أَوْ يَعِرّهَا انْتَهَى وَلَا تُحَاسَبُ مَنْ سَافَرَ بِهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ بَلْ يَبْتَدِئُ الْقَسْمَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَ نِسَائِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا أَخَذَهَا وَفِي كَلَامِ الذَّخِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ، وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ اللُّبَابِ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَخْتَارُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ كَانَ السَّفَرُ حَجًّا أَوْ غَزْوًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ لِمَالِكٍ وَهِيَ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا، الْقُرْعَةُ مُطْلَقًا، الْإِقْرَاعُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَقَطْ، الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْقَسْمِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ فَقَالَ (ص) وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجْرُهَا ثُمَّ ضَرْبُهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَشَزَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِأَنْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَعِظُهَا بِأَنْ يُذَكِّرَهَا أُمُورَ الْآخِرَةِ وَمَا يَلْزَمُهَا مِنْ طَاعَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَإِنَّهُ يَهْجُرُهَا فِي مَضْجَعِهَا بِأَنْ يَبْعُدَ عَنْهَا فِي الْمَضْجَعِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَإِنَّهُ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِضَرْبٍ مَخُوفٍ لَمْ يَجُزْ تَضْرِيرُهَا وَإِنْ ادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَدَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى حَالَةٍ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُفِيدُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ وَيَفْعَلُ مَا عَدَا الضَّرْبَ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ إفَادَتَهُ لَعَلَّهُ يُفِيدُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا إذَا ظَنَّ إفَادَتَهُ لِشِدَّتِهِ. (ص) وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ فَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُضَارِرُهَا فَإِنَّهُ يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّهُ عَنْهَا وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ زَجْرَهُ بِاجْتِهَادِهِ كَمَا كَانَ يَتَوَلَّى الزَّوْجُ زَجْرَهَا حِينَ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَعِظُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ضَرَبَهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَلَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ تَكُونَ أَحْفَظَ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَعَيَّنَ سَفَرُهَا) أَيْ بِالْقُرْعَةِ أَيْ أَوْ اخْتَارَ سَفَرَهَا جُبِرَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى السَّفَرِ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَنْ أَبَتْ السَّفَرَ مَعَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا أَيْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزًا (قَوْلُهُ: أَوْ يَعِرّهَا) أَيْ يَكُونُ عَلَيْهَا مَعَرَّةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تُحَاسَبُ مَنْ سَافَرَ بِهَا) أَيْ إنَّ ضَرَّتَهَا لَا تُحَاسِبُهُ مُدَّةَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْرِعُ إلَخْ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا كُنَّ يَصْلُحْنَ لِلسَّفَرِ (قَوْلُهُ: الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَزْوَ تَشْتَدُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِرَجَاءِ تَحْصِيلِ الشَّهَادَةِ كَذَا ظَهَرَ وَلَمْ أَرَهُ فَتَأَمَّلْهُ. [أَحْكَامِ النُّشُوزِ] (قَوْلُهُ: وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ) قَالَ الْحَطَّابُ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ النُّشُوزَ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِزَجْرِهَا هُوَ الزَّوْجُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا إصْلَاحَهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَوَلَّى زَجْرَهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَجْرُهَا) وَغَايَتُهُ شَهْرٌ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الَّتِي لِلْمُولِي قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ عج وَقَوْلُهُ: وَغَايَتُهُ شَهْرٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَهْجُرُهَا فَوْقَ شَهْرٍ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ هَجْرَهَا فَوْقَ الشَّهْرِ وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَغَايَتُهُ شَهْرٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ وَغَايَةُ الْأَوْلَى مِنْهُ شَهْرٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ) رَاجِعٌ لِلضَّرْبِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا ظَنُّ الْإِفَادَةِ بَلْ يَكْفِي شَكُّهَا وَلَا يُقَالُ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ظَنُّ الْإِفَادَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُمَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الشَّخْصِ ضَرَرًا عَنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيرَ مُضَافٍ أَيْ تَخَافُونَ ضَرَرَ نُشُوزِهِنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ) هُوَ مَنْزِلُهُ وَفِيهَا قُصُورٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَشْمَلُ وَنَصُّهُ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِ وَطْءٍ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ أَوْ خُرُوجٍ بِلَا إذْنٍ أَوْ عَدَمِ أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِهِ انْتَهَى إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً عَلَى تَجَوُّزٍ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً قَدْ يَكُونُ مَخُوفًا كَاللَّكْمَةِ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ عَلَى الثَّدْيَيْنِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ وَلِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِتَأْدِيبِهَا لَا لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ عج أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الزَّوْجُ مَوْكُولٌ فِي الزَّوْجَةِ إلَى أَمَانَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَعْظِ وَالْهَجْرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِسْقَاطِهِ نَفَقَتَهَا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِهِ الْعَدَاءَ مِنْهَا وَالنُّشُوزَ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ كَمَا كَانَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ضَرَبَهُ) الْمُنَاسِبُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَمَرَهَا بِهَجْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ ضَرَبَهُ وَبِهِ أَفْصَحَ شب فِي شَرْحِهِ وَفِي شَرْحِ عب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 يُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي: وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ وَمِثْلُ تَعَدِّيهِ مَا إذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِمَا مَعًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ (ص) وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ (ش) الْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الصَّالِحِينَ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا تَكَرَّرَتْ مِنْهَا الشَّكْوَى فَقَطْ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَفِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ الضَّرَرَ وَتَكَرَّرَتْ مِنْهُمَا الشَّكْوَى وَحَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى (ص) وَإِنْ أَشْكَلَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (ش) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِشْكَالِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ بَعَثَ حَكَمَيْنِ وَالْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ اتَّضَحَ الْحَالُ فَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ أَشْكَلَ أَيْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ بَعَثَ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ إلَخْ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْإِشْكَالُ بَعْدَ السُّكْنَى بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَوْ ابْتِدَاءً وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّامِلِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلِقَوْلِ الْأَكْثَرِ (ص) مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ (ش) أَيْ وَيُشْتَرَطُ وُجُوبًا كَوْنُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَلَوْ وَاحِدًا وَهَلْ يَنْتَقِضُ الْحُكْمُ إذَا بَعَثَ الْقَاضِي أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ وُجُودِهِمَا مِنْ أَهْلٍ أَمْ لَا؟ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ الْأَهْلِينَ مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبٌ شَرْطًا فَلَوْ أَمْكَنَ إقَامَةُ الْأَهْلِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ أَوْ يُقَامُ الَّذِي مِنْ الْأَهْلِ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى الثَّانِي اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّ مَفْهُومَ إنْ أَمْكَنَ عَدَمُ الْإِمْكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (ص) وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِهِمَا وَلِمَفْهُومِ إنْ أَمْكَنَ أَيْ وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْحَكَمَيْنِ جَارَيْنِ فِي صُورَةِ بَعْثِ الْأَهْلِينَ إنْ أَمْكَنَ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ فِي صُورَةِ بَعْثِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ بَعْثُ الْأَهْلِينَ. (ص) وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ وَسَفِيهٍ وَامْرَأَةٍ وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْمُحَكَّمِ أَيْ وَبَطَلَ حُكْمُ مَنْ ذُكِرَ بِطَلَاقٍ أَوْ إبْقَاءٍ أَوْ مَالٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الذُّكُورِيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالرُّشْدُ وَالْفِقْهُ بِمَا حُكِّمَ فِيهِ؛ فَيَبْطُلُ حُكْمُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ   [حاشية العدوي] أَنَّهَا لَا تَهْجُرُهُ (قَوْلُهُ: مَا إذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِمَا مَعًا) أَيْ فَإِنَّهُ يَزْجُرُهُمَا مَعًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ (قَوْلُهُ: وَسَكَّنَهَا إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي نَحْوُ هَذَا أَيْضًا إذَا تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الشَّكْوَى وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَكَانَ زَجْرُهَا لِلْإِمَامِ وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ " وَاعْلَمْ أَنَّ عج قَالَ ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ السُّكْنَى بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ وَبَيْنَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ مَرْتَبَةٌ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّتَّائِيِّ مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَرْتَبَةً وَهِيَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْأَمْرُ بِالسُّكْنَى بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ يُسْكِنُ مَعَهَا ثِقَةً أَوْ يُسْكِنُهَا مَعَ ثِقَةٍ، وَثِقَةٌ فِي كَلَامِهِ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ عَنْ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْأَمِينَةِ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلِ بِالْحَكَمَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسْكِنُهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ ثُمَّ إنْ عَمِيَ عَلَى الْإِمَامِ الْخَبَرُ وَطَالَ التَّكَرُّرُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الظُّلْمُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِأَمِينَةٍ بَلْ بِالْحَكَمَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قُوَّةُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ: أَعَمَّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ إلَّا بَعْدَ تَسْكِينِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ وَلَمْ يَتَّضِحْ الْحَالُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ إلَخْ) وَرَجَّحَهُ عج (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ) لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ وَأَطْيَبُ لِلصَّلَاحِ، وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إلَيْهِمَا فَيُبْرِزَانِ مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَإِرَادَةِ الصُّحْبَةِ وَالْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ ابْنُ الْحَاجِبِ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُرِيدُ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْحَكَمَانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ وَوُجِدَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْأَجَانِبِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ تَجِدُهُ مُوَافِقًا لِلَّخْمِيِّ وَإِلَّا لَقَالَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدَا فَالْأَجَانِبُ وَيَكُونُ صَادِقًا بِصُورَتَيْنِ فَعُدُولُهُ إلَى مَا قَالَ يَدُلُّ لِمَا قُلْنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُرَدُّ إلَيْهِ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلًا مُقَابِلًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْإِمْكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ الْإِمْكَانُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا هَذَا مُرَادُهُ وَبَعْدَ هَذَا فَأَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ أَيْ أَمْكَنَ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنَا مَعًا أَوْ أَمْكَنَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ) لِأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ تُوجِبُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِحَالِ الزَّوْجَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَسَفِيهٍ) عَطْفُ مُغَايِرٍ لِأَنَّ السَّفِيهَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا وَذَلِكَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ وَلَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَأَمَّا السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ عَدْلًا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مُوَلًّى عَلَيْهِ وَالسَّفِيهُ هُوَ الْمُبَذِّرُ مَالَهُ فِي اللَّذَّاتِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ بِقَيْدِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَامْرَأَةٍ) لَيْسَ مُرَادُهُ مَرْأَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا مُرَادُهُ مَرْأَتَانِ أَيْ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا تَكُونَانِ حَكَمَيْنِ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ حَكَمًا فَأَحْرَى الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمَالِ صُورَةٌ أُخْرَى مُغَايِرَةٌ لِلْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ، وَالْإِبْقَاءُ يَنْفَرِدُ عَنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَاضِحُ أَنْ يَقُولَ: بِطَلَاقٍ بِمَالٍ أَمْ لَا أَوْ إبْقَاءٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 وَالْعَبْدِ، وَالْكَافِرِ، وَالْفَاسِقِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمَرْأَةِ، وَغَيْرِ الْفَقِيهِ بِبَابِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَإِنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ " غَيْرِ " فِي قَوْلِهِ " وَغَيْرِ فَقِيهٍ " لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ " سَفِيهٍ " وَ " امْرَأَةٍ " مَعْطُوفَانِ عَلَى " غَيْرِ " لَا عَلَى " الْعَدْلِ " وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهَا. (ص) وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ لَا الْوَكَالَةُ وَلَا الشَّهَادَةُ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ فَإِذَا حَكَمَا بِطَلَاقٍ وَلَوْ خُلْعًا نَفَذَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَةِ حَاكِمِ الْبَلَدِ وَلَا إلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ وَمَحَلُّ نُفُوذِ طَلَاقِهِمَا إنْ لَمْ يَزِيدَا فِي حُكْمِهِمَا عَلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الزَّائِدَ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ الَّذِي بُعِثَا إلَيْهِ وَإِذَا حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِوَاحِدَةٍ وَالْآخَرُ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَلْبَتَّةَ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا وَاحِدَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ إلَخْ أَيْ بَعْدَ إيقَاعِهِمَا الطَّلَاقَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَهُمَا الْإِقْلَاعُ. (ص) وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَلَوْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ، وَمِنْ الضَّرَرِ قَطْعُ كَلَامِهِ عَنْهَا، وَتَحْوِيلُ وَجْهِهِ عَنْهَا، وَضَرْبُهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا لَا مَنْعُهَا الْحَمَّامَ أَوْ تَأْدِيبُهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّسَرِّي، وَالتَّزَوُّجُ عَلَيْهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا أَرَادَتْ الْفِرَاقَ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا أَرَادَتْ الْبَقَاءَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَهَا إلَخْ أَنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْبَالِغِينَ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا هَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ قَوْلَانِ. (ص) وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ وَبِالْعَكْسِ ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا وَإِنْ أَسَاءَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَغَيْرِ الْفَقِيهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يُشَاوِرَ الْعُلَمَاءَ. (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا) أَيْ وَجَازَ ابْتِدَاءً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ: لَا الْوَكَالَةُ إلَخْ) وَقِيلَ: طَرِيقُهُمَا الْوَكَالَةُ أَيْ عَنْ الْبَاعِثِ لَهُمَا الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَانِ وَقِيلَ طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا حَكَمَا بِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَلَسْت أَرَى ذَلِكَ لِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ أَقَامَاهُمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا أَيْ وَلَوْ كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَتِهِمَا وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي نُفُوذِ طَلَاقِهِمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِحُكْمِ حَاكِمٍ وَفِي عَدَمِ رِضَا الزَّوْجَيْنِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَوْ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ كَمَا قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ آخِرِ قَوْلِهِ وَلَا إلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُمَا وَكِيلَانِ لَاحْتِيجَ إلَى رِضَاهُمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ رِضَا الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْأَمْرَيْنِ الْوَكَالَةِ وَالشَّهَادَةِ، أَمَّا الْوَكَالَةُ فَقَدْ عَرَفْته وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَكُونَانِ حَكَمَيْنِ إلَّا إذَا كَانَا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَأَمَّا إذَا كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا فَلَا يَكُونُ طَرِيقُهُمَا ذَلِكَ بَلْ طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَيْهِمَا وَالْحُكْمُ لِغَيْرِهِمَا الَّذِي هُوَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ) الْمُرَادُ بِالْإِصْلَاحِ مَا فِيهِ صَلَاحٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِصْلَاحَ ضِدَّ الِافْتِرَاقِ، خِلَافَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرُ إلَخْ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " طَلَاقُهُمَا " وَ " أَوْقَعَا " فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا يَنْفُذُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَاهُ وَكَأَنَّهُ نَبَّهَ بِالصِّفَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَأَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا لِلطَّلَاقِ الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ وَاحِدَةٌ فَوُجِدَ شَرْطُ الْعَطْفِ بِلَا وَهُوَ أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ " طَلَاقُهُمَا " لِأَنَّهُ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ أَيْ تَطْلِيقُهُمَا وَاحِدَةً لَا أَكْثَرَ، وَجَرُّهُ بِالْفَتْحَةِ عَطْفًا أَيْضًا عَلَى مَعْمُولِ " طَلَاقُهُمَا " أَيْ تَطْلِيقُهُمَا بِوَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ مَنْ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ لِاخْتِلَافِهِمَا فَلَا يُسْتَغْنَى بِمَا قَبْلَهُ عَنْهُ وَالِاخْتِلَافُ إمَّا بِأَنْ يَقُولَ وَاحِدٌ أَوْقَعْت وَاحِدَةً وَيَقُولَ الْآخَرُ: أَوْقَعْت اثْنَتَيْنِ فَقَطْ أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: أَوْقَعْنَا مَعًا وَاحِدَةً وَقَالَ الْآخَرُ: أَوْقَعْنَا مَعًا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ) أَيْ وَيَزْجُرُهُ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: «لَا ضَرَرَ» إلَخْ) قَالَ عِيَاضٌ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقِيلَ الضَّرَرُ مَا كَانَ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَالضِّرَارُ مَا كَانَ عَنْ قَصْدٍ وَقِيلَ الضَّرَرُ مَا كَانَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِك فِيهِ مَضَرَّةٌ وَالضِّرَارُ مَا لَمْ يَكُنْ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِك مَضَرَّةٌ وَقِيلَ: الضَّرَرُ الِاسْمُ وَالضِّرَارُ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْبَالِغِينَ) يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا فِي عب وَدَلَّ قَوْلُهُ: وَلَهَا أَنَّ لَهَا الرِّضَا وَلَوْ مَحْجُورَةً وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ دُونَ وَلِيِّهَا وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ شُرِطَ فِيهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا لَيْسَ لِوَلِيِّهَا قِيَامٌ بِهِ إنْ رَضِيَتْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي إلَخْ) أَفَادَ بَعْضٌ هُنَا أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ يَجْرِي الْقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: بِنَظَرِهِمَا) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إذَا كَانَ النَّظَرُ الِائْتِمَانَ فَعَلَاهُ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ الْمُخَالَعَةَ فَعَلَاهُ وَيَكُونُ النَّظَرُ أَيْضًا فِي قَدْرِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الصَّدَاقِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ النَّظَرَ يَكُونُ فِي أَصْلِ الْخُلْعِ وَفِي قَدْرِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسَاءَا) أَيْ مَعًا أَوْ أَشْكَلَ الْمُسِيءُ مِنْهُمَا أَوْ أَيُّهُمَا أَشَدُّ إسَاءَةً وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسَاءَا أَيْ وَلَمْ تَكُنْ إسَاءَةُ الزَّوْجِ أَشَدَّ وَإِلَّا فَكَإِسَاءَتِهِ، وَلَا إسَاءَةُ الْمَرْأَةِ أَشَدَّ وَإِلَّا فَكَإِسَاءَتِهَا وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ " التَّعْيِينُ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا خُلْعٍ وَأَمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُمَا لِلْأُلْفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنْ يَخْلُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَرِيبِهِ وَيَسْأَلَهُ عَمَّا كَرِهَ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَقُولَ لَهُ: إنْ كَانَ لَك حَاجَةٌ فِي صَاحِبِك رَدَدْنَاهُ إلَى مَا تَخْتَارُ مَعَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ نَظَرَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ الزَّوْجِ طَلَّقَا عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ مِنْ صَدَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهَا ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُمَا يَجْعَلَانِهِ أَمِينًا عَلَيْهَا بِالْعَدْلِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَإِنْ رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَا لَهُ مِنْهَا شَيْئًا وَيُوقِعَا الْفِرَاقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَا إنْ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا وَسَدَادًا، وَلَوْ كَانَ مَا أَخَذَاهُ مِنْهَا لَهُ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهُمَا مَعًا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْإِصْلَاحِ الطَّلَاقُ بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْهَا لَهُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلُهُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ أَيْ إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ. (ص) وَأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا (ش) قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ وَلَا الْوَكَالَةُ كَمَا قِيلَ فَإِذَا حَكَمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ إنْ شَاءَا إلَى الْحَاكِمِ الَّذِي أَرْسَلَهُمَا يُخْبِرَانِهِ بِمَا حَكَمَا بِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِذَ حُكْمَهُمَا وَقِيلَ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا ظَهَرَ لَا بِقَطْعٍ وَشَهَادَةٍ وَبِقَوْلِنَا إنْ شَاءَ يَنْدَفِعُ مُعَارَضَةُ مَا هُنَا لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ، وَلَمَّا جَرَى خِلَافٌ فِي رَفْعِ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ لِلْخِلَافِ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُهُ ظَهَرَتْ فَائِدَةُ تَنْفِيذِ الْحَاكِمِ لِحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ لِيَصِيرَ رَفْعُ الْخِلَافِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (ص) وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ، وَفِي الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَهُمَا أَنْ يُقِيمَا وَاحِدًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا عَارِفًا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَلَا لِوَلِيِّ الزَّوْجَيْنِ الْمَحْجُورَيْنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ لَكِنْ إنْ نَزَلَ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ كَمَا عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَلِلْوَلِيَّيْنِ أَنْ يُقِيمَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا يَحْكُمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ رَجُلَانِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَهْلِ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] الطَّلَاقُ فَهُوَ بِإِرَادَةِ الزَّوْجَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا اللَّامُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ أَوْ عَلَيْهِمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ. (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ عَلَى الصَّوَابِ إذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ حُكْمَهُمَا أَتَيَا السُّلْطَانَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَحْضَرَيْ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَمَا أَنْفَذَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا وَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ وَإِنْفَاذِهِ انْتَهَى هَكَذَا فِي نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْهَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ تَعْلَمُ عَدَمَ صِحَّةِ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِالْإِتْيَانِ، وَالْإِشْكَالُ وَالْجَوَابُ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَحْمَةً وَاسِعَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمَّا جَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ) أَيْ بِمَا حَكَمَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ طَرِيقِهِمَا الْحُكْمَ لَا الشَّهَادَةَ لَا إعْذَارَ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا: طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ كَانَ عَلَيْهِمَا الْإِعْذَارُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنَاقَشُ فِي الشَّارِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْحُكْمُ يُوجَدُ الْإِعْذَارُ مَعَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْمَجْلِسِ لَا إعْذَارَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِعْذَارُ إذَا حَكَمَ بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ فَيُعْذِرُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَلَكَ حُجَّةٌ أَلَكَ مَطْعَنٌ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْك الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْذَارَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَعَ أَنَّ الْإِعْذَارَ عَلَى الْحَاكِمِ لَا عَلَى نَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ: لَا يُعْذِرُ الْحَكَمَانِ قَبْلَ حُكْمِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْكُمَانِ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ وَإِنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا خَلَصَ إلَيْهِمَا بَعْدَ النَّظَرِ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ (قَوْلَهُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا) فِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا هُنَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا ظَهَرَ لَا بِقَطْعٍ وَشَهَادَةٍ فَتَدَبَّرْ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ الْحَكَمَانِ إمَّا طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ أَوْ الشَّهَادَةُ أَوْ الْوَكَالَةُ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَابِلَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَقُولَ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْبَاجِيُّ فَقَالَ حُكْمُهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا الْوَكَالَةِ فَيَنْفُذُ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَ مَنْ بَعَثَهُمَا انْتَهَى أَيْ فَحُكْمُهُمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ النِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِهِمْ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ هَلْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ أَوْ الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ " وَاحِدٍ " شَامِلٌ لِلْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّالِثَةِ لِابْنِ عَرَفَةَ وَإِنْ خُصَّ بِالْأَجْنَبِيِّ كَانَ مُوَافِقًا لِلطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِهِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ لِأَنَّهُ بَعْضٌ مِنْهَا وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْتُ: فَفِي مَنْعِ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْثِ وَاحِدٍ مُطْلَقًا وَجَوَازِهِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مُطْلَقًا ثَالِثُ الطُّرُقِ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِلزَّوْجَيْنِ فَقَطْ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ إقَامَتِهِمَا لَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنَّ لِلزَّوْجَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْحَكَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ مَحْجُورَيْنِ وَمَعْنَاهُ إذَا قَامَتْ الزَّوْجَةُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ رَضِيَتْ سَقَطَ مَقَالُ وَلِيِّهَا وَلَوْ كَانَ أَبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إذَا أُقِيمَ اثْنَانِ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ فِي إقَامَتِهِمَا مُرَاعَاةً لِلزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيَّيْنِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحَكِّمَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ رَجُلَانِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَهْلِ فَإِذَا خَرَجَا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا، وَالتَّحْكِيمُ مِنْ قِبَلِ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَنْبِطُ عِلْمَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِهِ فَإِذَا خَرَجَا عَنْ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْأَهْلِ أَجْزَأَ وَاحِدٌ قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَا مُوَلًّى عَلَيْهِمَا وَالتَّحْكِيمُ مِنْ قِبَلِ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِمَا فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ كَانَ الْمُقِيمُ لِلْوَاحِدِ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمَ وَكَانَ الْمُقَامُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا امْتَنَعَتْ إقَامَتُهُ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمِ اتِّفَاقًا وَسُئِلَ الْمُؤَلِّفُ لِمَ جَازَ هُنَا بِحُكْمِ وَاحِدٍ وَلَمْ يَجُزْ فِي تَحْكِيمِ الصَّيْدِ إلَّا اثْنَانِ وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِتَحْكِيمِ اثْنَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ وَهَذَا حَقٌّ لِلزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهُ. (ص) وَلَهُمَا إنْ أَقَامَاهُمَا الْإِقْلَاعُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَيْنِ إذَا أَقَامَا حَكَمَيْنِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ وَيَعْزِلَا الْحَكَمَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ عَنْ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَمَّا إنْ اسْتَوْعَبَا الْكَشْفَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَعَرَفَا أَمْرَهُمَا وَعَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا يَحْكُمَانِ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمَا وَسَوَاءٌ رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَوْ رَجَعَا مَعًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَا بِالْبَقَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَمَّا إذَا رَجَعَا وَرَضِيَا بِالْإِصْلَاحِ وَالْبَقَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. (ص) وَإِنْ طَلَّقَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلَا طَلَاقَ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ اتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاخْتَلَفَا فِي الْعِوَضِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَعَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بِلَا عِوَضٍ فَإِنْ الْتَزَمَتْ الْمَرْأَةُ الْمَالَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَبَانَتْ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا وَعَادَ الْحَالُ كَمَا كَانَ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْحَاكِمِ الْوَاحِدِ وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ فَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ أَيْ فِي أَصْلِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ لَوَجَبَ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ وَكَذَا فِي صِفَتِهِ وَجِنْسِهِ كَذَا يَنْبَغِي، وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَى أَقَلِّهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) . وَلَمَّا جَرَى فِي نُشُوزِ الزَّوْجَيْنِ ذِكْرُ الْخُلْعِ عَقَدَ لَهُ فَصْلًا عَقِبَهُ فَقَالَ: (فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَمَعْنَاهُ الزَّوَالُ وَالْبَيْنُونَةُ يُقَالُ: خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ وَخَالَعَهَا إذَا افْتَدَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا وَأَبَانَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْفِرَاقُ خُلْعًا لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ النِّسَاءَ لِبَاسًا لِلرِّجَالِ وَالرِّجَالَ لِبَاسًا لَهُنَّ فَإِذَا افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ تُعْطِيهِ لِيُبِينَهَا مِنْهُ فَأَجَابَهَا إلَى ذَلِكَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَخَلَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِبَاسَ صَاحِبِهِ وَالطَّلَاقُ لُغَةً إزَالَةُ الْقَيْدِ كَيْفَ كَانَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي إرْسَالِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَزُولُ عَنْ الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ وَلِذَا تَقُولُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا امْتَنَعَتْ) أَيْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقَرَابَةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا لِلزَّوْجَيْنِ قَرَابَةً مُسْتَوِيَةً فَكَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَقْرَبَ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ بِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إلَخْ) وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ حَكَمَيْ الزَّوْجَيْنِ بِإِقَامَةِ الْقَاضِي وَحَكَمَيْ الصَّيْدِ بِإِقَامَةِ الْمَطْلُوبِ فَلَزِمَ تَعَدُّدُهُ لِتَنْتَفِيَ تُهْمَتُهُ وَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ فِي الزَّوْجَيْنِ لَهُ خَصْمٌ لَيْسَ هُوَ فِي الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُمَا إنْ أَقَامَاهُمَا إلَخْ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَقَامَاهُمَا أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَيْنِ الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ) مُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ إذَا حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْآخَرُ بِالْبَقَاءِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَا مَعًا بِمَالٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ) بَيَانُهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدَ بِالْمَالِ لَمَّا لَمْ تَلْتَزِمْ الْمَرْأَةُ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ الْمَالِ كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ حُكْمٌ أَصْلًا فَقَدْ انْتَفَى بَعْضُ الْمَجْمُوعِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَكَانَ خُلْعُ الْمِثْلِ ثَلَاثِينَ مَثَلًا فَاللَّازِمُ الْعِشْرُونَ وَإِذَا كَانَ خُلْعُ الْمِثْلِ ثَمَانِيَةً فَاللَّازِمُ عَشَرَةٌ. [فَصْل الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (فَصْلٌ: الْخُلْعُ) وَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ الْقَابِلُ وَالْمُوجِبُ وَالْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَالصِّيغَةُ فَالْقَابِلُ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ، وَالْمُوجِبُ زَوْجٌ أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ، وَالْعِوَضُ الشَّيْءُ الْمُخَالَعُ بِهِ، وَالْمُعَوَّضُ بُضْعُ الزَّوْجَةِ، وَالصِّيغَةُ خَالَعْتُك (قَوْلُهُ: وَالْبَيْنُونَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: يُقَالُ خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى أَزَالَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا وَمَعْنَاهُ الْإِزَالَةُ وَالْإِبَانَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلشَّيْءِ بِأَثَرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا افْتَدَتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ الزَّوَالُ إلَخْ أَنْ يُقَالَ خَلَعَ امْرَأَتَهُ وَخَالَعَهَا إذَا أَزَالَهَا عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ) الْأَوْلَى أَبَانَهَا (قَوْلُهُ: لِبَاسَ صَاحِبِهِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ كَانَ) أَيْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ لِيفٍ أَوْ حِلْفٍ أَوْ جِلْدٍ حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ الْعِصْمَةُ فَلَا يُنَاسِبُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَمَا تَبَيَّنَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ أَيْ لُغَةً وَتَبِعَهُ الشَّرْعُ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ الْمَنْقُولَةِ وَقَوْلُهُ: فِي إرْسَالٍ أَيْ فِي إزَالَةٍ وَقَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ أَيْ حِسِّيٍّ أَيْ وَأَطْلَقَهَا مِنْ وِثَاقٍ مَعْنَوِيٍّ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَاتَّضَحَ الْحَالُ وَهَذَا وَجْهُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ: هِيَ فِي حِبَالِك أَيْ مُقَيَّدَةٌ بِحِبَالِك أَيْ كَأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِحِبَالِك الْحِسِّيَّةِ أَوْ أَرَادَ بِهَا الْوِثَاقَ بِمَعْنَى الْعِصْمَةِ أَيْ أَرَادَ جِنْسَ الْحِبَالِ الْمُتَحَقِّقَ فِي وَاحِدٍ فَيَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مَجَازًا مَشْهُورًا. (فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: إذَا كَانَ النَّعْتُ مُنْفَرِدًا بِهِ الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ لَمْ تَدْخُلْ الْهَاءُ نَحْوُ طَالِقٍ وَطَامِثٍ وَحَائِضٍ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِفَارِقٍ لِاخْتِصَاصِ الْأُنْثَى بِهِ انْتَهَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 النَّاسُ: هِيَ فِي حِبَالِك إذَا كَانَتْ تَحْتَك وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْخُلْعَ مُقَدِّمًا ذِكْرَ حُكْمِهِ (ص) جَازَ الْخُلْعُ (ش) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِتَعْرِيفِ الطَّلَاقِ الصَّادِقِ بِالْخُلْعِ وَغَيْرِهِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبًا تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ فَقَوْلُهُ " مُوجِبًا " بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ إمَّا مِنْ ضَمِيرِ " تَرْفَعُ " أَوْ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِلصِّفَةِ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ (ص) وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (ش) وَهَذَا التَّعْرِيفُ مُعْتَرَضٌ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّهُ خُلْعٌ أَيْضًا مَعَ انْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ أَوْ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ نَوْعَيْ الْخُلْعِ، وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا، وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ بِعِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِ " جَازَ " لَا بِالطَّلَاقِ أَيْ وَجَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ، وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ فَسْخٌ. (ص) وَبِلَا حَاكِمٍ (ش) الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ حَالٌ مِنْ الْخُلْعِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِعِوَضٍ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُلْعًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِعِوَضٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (ص) وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ مِنْهَا أَيْ جَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَا وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَغْنَى عَنْهُ عُمُومُ قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) عَلَى أَنَّ شَرْطَ دَافِعِ الْعِوَضِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ أَيْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ انْتَهَى وَهُوَ الْعِصْمَةُ. (ص) لَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَسَفِيهَةٍ وَذِي رِقٍّ وَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَالسَّفِيهَةَ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا أَمْ لَا وَمَنْ فِيهَا بَعْضُ رِقٍّ إذَا خَالَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ زَوْجَهَا الرَّشِيدَ عَلَى عِوَضٍ دَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَرُدُّ الْعِوَضَ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجَةِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَوْ رَاجَعَهَا فِي إحْدَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَظُنُّ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ أَوْ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَاهُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَيَكُونُ الْوَطْءُ وَطْءَ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ رَجْعِيًّا انْتَهَى وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُحِلُّ الْحَرَامَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ " وَذِي رِقٍّ " أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ دُونَ إذْنِهِ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا تُتْبَعْ إنْ عَتَقَتْ وَبَانَتْ وَهَذَا فِيمَنْ يُنْتَزَعُ مَالُهَا أَمَّا غَيْرُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مُقَدِّمًا ذِكْرَ حُكْمِهِ) أَيْ عَلَى تَعْرِيفِهِ الَّذِي هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَصَوَّرَهُ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ حَكَمَ قَبْلَ التَّصَوُّرِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْجَائِزُ يَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ فَلَيْسَ فِيهِ رَدٌّ لِأَنَّا نَقُولُ الْجَائِزُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْأُصُولِ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَائِزِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَائِزُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ هُوَ الَّذِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمِيَّةٌ أَيْ لَا حِسِّيَّةٌ أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ هُوَ التَّلَفُّظَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَلَا اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ بَلْ صِفَةٌ تَنْشَأُ عَنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ هِيَ إرْسَالُ الْعِصْمَةِ الْمُشَارِ لَهَا أَوْ لَا؟ قُلْت لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَوْلُهُ: مُوجِبًا تَكَرُّرُهَا أَيْ تَكَرُّرُ مَا نَشَأَتْ عَنْهُ الَّذِي هُوَ التَّلَفُّظُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: تَكَرُّرُهَا) فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ مُوجِبًا وَقَوْلُهُ: حُرْمَتَهَا إلَخْ مَفْعُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: جَرَتْ عَلَى غَيْرِ إلَخْ) لِأَنَّ " تَكَرُّرُهَا " فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ مُوجِبًا (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ) نَبَّهَ بِقَوْلِهِ بِعِوَضٍ عَلَى أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ لَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ لَا عَطِيَّةٌ فَلَوْ أَحَالَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ فَمَاتَتْ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَالتَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ (قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا وَفِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّعْرِيفَ اللَّفْظِيَّ هُوَ التَّعْرِيفُ بِالْمُرَادِفِ فَلَا يُعْقَلُ فِيهِ عَدَمُ جَمْعٍ الثَّانِي أَنَّ التَّعْرِيفَ اللَّفْظِيَّ مِنْ قَبِيلِ الرَّسْمِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا مَانِعًا (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا) لَا تَظْهَرُ الْبَدَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ قَصْدُهُ التَّعْرِيفَ بَلْ مَا قَصَدَ إلَّا الرَّدَّ. (أَقُولُ) : وَحِينَئِذٍ فَكَانَ قَوْلُهُ: وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ قَصَدَ الْأَجْنَبِيُّ بِدَفْعِ الْعِوَضِ صَيْرُورَةَ الطَّلَاقِ بَائِنًا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ طَلَاقٌ. (قَوْلُهُ: وَبِلَا حَاكِمٍ) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ مَظِنَّةُ الْجَوْرِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْطُوفُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَيُعْتَرَضُ (قَوْلُهُ: بَاذِلُ الْخُلْعِ) أَيْ مُعْطِي الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ فَأَطْلَقَ الْخُلْعَ عَلَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَاذِلُ مَالِ الْخُلْعِ أَيْ الَّذِي هُوَ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عِوَضُهُ مَالًا لَمْ تَتَوَقَّفْ الصِّحَّةُ عَلَى صِحَّةٍ مَعْرُوفِهِ كَصِحَّةِ بَيْعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا. (قَوْلُهُ: وَسَفِيهَةٍ) أَيْ مُهْمَلَةٍ أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا جَازَ وَصَحَّ (قَوْلُهُ: مُوَلًّى عَلَيْهَا) أَيْ كَانَ لَهَا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُقَدَّمُ قَاضٍ وَقَوْلُهُ " أَمْ لَا " أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُهْمَلَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا) لَيْسَ هَذَا مَدْلُولَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَدْلُولُهُ لَا مِنْ صَغِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُقَلِّدًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّقْلِيدَ جَائِزٌ قَالُوا وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي لَا يَرَى ذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْظُرُ لِتَقْلِيدِهِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَأَمَّا إذَا رُفِعَ لِحَاكِمٍ لَا يَرَى ذَلِكَ فَيَحْكُمُ بِذَلِكَ وَلَا يَلْتَفِتُ لِتَقْلِيدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى ضَعْفِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا وَسَيَأْتِي تَوْجِيهُهُ بِمَا يُفِيدُ عَدَمَ ضَعْفِهِ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا أُحِلُّ حَرَامًا مِمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 فِي مَرَضِ السَّيِّدِ إذَا خَالَعَا وُقِفَ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ صَحَّ الْخُلْعُ وَإِنْ صَحَّ بَطَلَ وَرُدَّ الْمَالُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا خَالَعَتْ بِالْكَثِيرِ فَيُرَدُّ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعَجْزِهَا. (ص) وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ خُلْعَ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الْمُجْبَرَةِ مِنْ مَالِهَا - وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا - جَائِزٌ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ مِنْ الْمُجْبِرِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَدْخُلَ الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (بِخِلَافِ الْوَصِيِّ) أَيْ غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَمَّنْ تَحْتَ إيصَائِهِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَكَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ (ص) وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا خَالَعَ عَنْ ابْنَتِهِ الْبَالِغِ الثَّيِّبِ السَّفِيهَةِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ. (ص) وَبِالْغَرَرِ كَجَنِينٍ وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ وَلَهُ الْوَسَطُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهَا وَمِثْلُهُ الْآبِقُ وَالشَّارِدُ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَبِحَيَوَانٍ وَعَرْضٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا الْوَسَطُ مِنْ جِنْسِ مَا وَقَعَتْ الْمُخَالَعَةُ بِهِ لَا مِنْ وَسَطِ مَا يُخَالِعُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ حَالُ الْمَرْأَةِ وَإِذَا انْفَشَّ الْحَمْلُ الَّذِي وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِذَلِكَ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ. (ص) وَعَلَى نَفَقَةِ حَمْلٍ إنْ كَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا عَلَى أَنْ تُنْفِقَ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا إنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ أَعْسَرَتْ أَنْفَقَ هُوَ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ إنْ أَيْسَرَتْ فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ وَأَوْلَى الْحَمْلُ الظَّاهِرُ. (ص) وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا (ش) أَيْ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا لِلْأَبِ وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ فِيهَا لِلْأَبِ وَهَذَا دَلِيلٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْجَارِيَيْنِ فِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْحَضَانَةِ إلَى مَنْ هُوَ فِي ثَالِثِ دَرَجَةٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي الْقِيَامُ لِأَنَّ الْأَبَ الْمُسْقِطَ لَهُ قَامَ مَقَامَ الْأُمِّ الْمُسْقِطَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا قِيَامَ لِمَنْ بَعْدَهَا مَعَ وُجُودِهَا فَلَا كَلَامَ لَهُ مَعَ مَنْ قَامَ مَقَامَهَا وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا (ص) وَمَعَ الْبَيْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْخُلْعِ مَعَ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ مَعَ النِّكَاحِ لِتَنَافِي الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ لِبِنَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالثَّانِي عَلَى الْمُسَامَحَةِ. (ص) .   [حاشية العدوي] كَانَ ظَاهِرُهُ جَائِزًا وَبَاطِنُهُ مَمْنُوعٌ كَمَنْ حَكَمَ بِإِقَامَةِ شَاهِدَيْ زُورٍ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْمَالُ إلَخْ) مَا لَمْ يَقُلْ مُخَالِعُ الصَّغِيرَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ أَوْ ذَاتِ الرِّقِّ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَبْرَأْت كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُجِزْ الْوَلِيُّ وَالسَّيِّدُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ اللَّفْظَ لِرَشِيدَةٍ فَقَالَتْ لَهُ أَبْرَأَك اللَّهُ أَوْ أَبْرَأْتُك تَمَّ الْخُلْعُ وَبَرِئَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَهَا عَلَيْهِ أَشَارَ لِهَذَا عج فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا خَالَعَتْ بِكَثِيرٍ) وَأَمَّا لَوْ خَالَعَتْ بِيَسِيرٍ فَإِنَّهُ يُوقَفُ مَا خَالَعَتْ بِهِ فَإِنْ عَجَزَتْ بَطَلَ وَإِنْ أَدَّتْ صَحَّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ذَاتَ الرِّقِّ إذَا خَالَعَتْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا مَضَى الْخُلْعُ إلَّا الْمُكَاتَبَةَ بِالْكَثِيرِ فَإِنَّ إذْنَهُ لَهَا بِالْمُخَالَعَةِ كَالْعَدَمِ فَيَرُدُّ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَإِنْ خَالَعَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ كَانَ يَنْزِعُ مَالَهَا كَالْقِنِّ الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ فِيهِمَا وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا الْمُخَالَعَةُ وَبَطَلَ الْخُلْعُ وَإِذَا كَانَ لَا يَنْزِعُ مَالَهَا فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً لِأَجَلٍ وَقَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً فَلَا كَلَامَ لِلسَّيِّدِ فِيمَا فَعَلَاهُ. وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرَةً وَمَرِضَ سَيِّدُهُمَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِهِ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ صَحَّ الْخُلْعُ لَكِنْ فِي الْمُدَبَّرَةِ إنْ خَرَجَتْ حُرَّةً وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ فَلَهُ رَدُّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً فَإِذَا كَانَ مَا خَالَعَتْ بِهِ يَسِيرًا وُقِفَ مَا فَعَلَتْهُ أَيْضًا فَإِنْ أَدَّتْ مَضَى فِعْلُهَا وَإِنْ عَجَزَتْ فَلِلسَّيِّدِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَهَا رَدُّهُ أَيْ فَيَجِبُ رَدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَيِّدَهَا كَذَلِكَ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهَا فِي التِّجَارَةِ فَلَيْسَ لَهَا خُلْعٌ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِشْرَافِ مِنْ أَنَّ إذْنَهَا فِي التِّجَارَةِ إذْنٌ لَهَا فِي الْخُلْعِ وَلَا يَضْمَنُ سَيِّدٌ بِإِذْنٍ فِي خُلْعٍ، وَالْإِشْرَافُ كِتَابٌ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ أَشْرَفَ بِهِ عَلَى مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ مِمَّنْ ذُكِرَ وَلَمْ يَطَّلِعْ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَرُبَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَمَرِضَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْخُلْعِ أَوْ وَقْتُ الِاطِّلَاعِ أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: عَنْ الْمُجْبَرَةِ) أَيْ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجٍ يُجْبِرُهَا فَيُخَالِعُ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي خُلْعِهَا مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ لَهَا هِيَ فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِضَرَرِ ذَاتِهَا وَلَوَازِمِ عِصْمَتِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا) أَيْ وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ كَانَ مِنْ مَالِهَا بِإِذْنِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِإِذْنِهَا كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ اُنْظُرْ مُحَشِّيَ تت. (قَوْلُهُ: كَجَنِينٍ) فَإِذَا أَعْتَقَ الزَّوْجُ الْجَنِينَ الْمُخَالَعَ بِهِ شَرْعًا صَارَ حُرًّا بِبَطْنِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ) وَيَدْخُلُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْوَسَطُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْفَشَّ الْحَمْلُ) أَيْ أَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَيْ وَالْجَنِينُ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهَا. (قَوْلُهُ: أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ نَفَقَةَ الْحَمْلِ أَيْ نَفَقَةَ أُمِّ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا) مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ ضَرَرًا مَا بِعُلُوقِ قَلْبِهِ بِأُمِّهِ أَوْ لِأَنَّ مَكَانَ الْأَبِ غَيْرُ حَصِينٍ فَلَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْأَبُ عَلَى صِفَةِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَهَلْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ تَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهَا لِإِسْقَاطِ الْأُمِّ حَقَّهَا (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْحَقَّ لِمَنْ يَلِي الْأُمَّ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ لِلْأَبِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَقٌّ لِلْأُمِّ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا هُنَا نَعَمْ يُشْكِلُ إذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ لَهُ وَلَدَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَتَى بِهِ تَقْوِيَةً لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْجَارِيَيْنِ فِيمَنْ تَرَكَ حَقَّهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ هُنَا إلَّا أَنَّك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ مَعَهُ نِصْفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى عَبْدِهَا الْآبِقِ وَدَفَعَ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ أَلْفًا فَالْعَبْدُ الْآبِقُ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَلْفِ الْمَذْكُورَةِ فَمَا قَابَلَ الْعِصْمَةَ فَهُوَ خُلْعٌ صَحِيحٌ وَمَا قَابَلَ الْأَلْفَ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَتَرُدُّ الزَّوْجَةُ الْأَلْفَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَقَوْلُهُ " وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ " وَنَحْوِهِ مِنْ صُوَرِ الْغَرَرِ وَلَامُهُ لِلْعِلَّةِ " مَعَهُ " أَيْ مَعَ الْمَبِيعِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَهُوَ الْأَلْفُ فِي الْمِثَالِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ مِنْ الزَّوْجِ لَهَا بِنِصْفِ الْآبِقِ فَتَرُدُّهَا وَتَرُدُّ نِصْفَهُ أَيْ نِصْفَ الْآبِقِ مِنْ يَدِ الزَّوْجِ إلَيْهَا فَهِيَ تَرُدُّ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِهَا لِزَوْجِهَا وَتَرُدُّ نِصْفَ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ زَوْجِهَا إلَيْهَا فَيَتِمُّ لِلزَّوْجِ الْأَلْفُ وَهِيَ مَالُهُ وَنِصْفُ الْعَبْدِ فِي الْعِصْمَةِ وَيَبْقَى لَهَا نِصْفُهُ وَلَوْ قَالَ " وَرَدَّ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ بِيعَ نِصْفُهُ " لَكَانَ أَوْضَحَ. (ص) وَعُجِّلَ الْمُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ لَكِنْ أَجَّلَتْهُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ وَتَدْفَعُهُ لِلزَّوْجِ الْآنَ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَدْفَعَ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ يَوْمَ الْخُلْعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ - الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ - أَنَّ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ حَلَالٌ، وَكَوْنُهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ فَيَبْطُلُ الْحَرَامُ وَيُعَجَّلُ الْمَالُ وَوَجْهُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْبَاءُ فِي بِقِيمَتِهِ بِمَعْنَى " عَلَى " أَيْ عَلَى تَعْجِيلِ قِيمَتِهِ. (ص) وَرَدَّتْ دَرَاهِمَ رَدِيئَةً إلَّا لِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا رَدِيئَةٌ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُبْدِلَهَا عَلَيْهَا كَالْبَيْعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الرَّدِيءَ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ أَوْ قَالَتْ لَا أَعْرِفُ الدَّرَاهِمَ إنْ كَانَتْ زُيُوفًا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ " وَرَدَّ رَدِيءَ مُخَالَعٍ بِهِ " لَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا. (ص) وَقِيمَةَ كَعَبْدٍ اُسْتُحِقَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى عَبْدٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ وَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهَا قِيمَتَهُ أَمَّا إنْ عَلِمَتْ دُونَهُ فَهُوَ قَوْلُهُ لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ أَيْ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَإِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ، عَلِمَتْ مَعَهُ أَوْ لَا فَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ. (ص) وَالْحَرَامَ كَخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ وَإِنْ بَعْضًا وَلَا شَيْءَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخُلْعَ إذَا وَقَعَ بِشَيْءٍ حَرَامٍ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرْمَتُهُ أَصْلِيَّةً - كَخَمْرٍ كَانَ كُلُّهُ حَرَامًا أَوْ بَعْضُهُ كَخِنْزِيرٍ وَثَوْبٍ -، أَوْ عَارِضَةً كَأُمِّ وَلَدٍ وَمَغْصُوبٍ فَإِنَّ الْخُلْعَ يَنْفُذُ وَيَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا وَيُرَدُّ الْمَغْصُوبُ إلَى رَبِّهِ وَتُكْسَرُ آنِيَةُ الْخَمْرِ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُسَرَّحُ عَلَى مَا فِي وَلَائِهَا وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرَامِ - كُلًّا أَوْ بَعْضًا -، وَالْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ عَالِمًا، عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا. (ص) كَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَرَدَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى أَنْ أَخَّرَتْهُ بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ يُرَدُّ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهَا جَرَّ مَنْفَعَةً لَهَا وَهُوَ الْعِصْمَةُ وَبَانَتْ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا وَتَأْخُذُهُ بِالدَّيْنِ حَالًّا وَمِثْلُهُ سَلَفُهَا لَهُ ابْتِدَاءً وَتَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أَخَّرَ يُعَدُّ مُسْلِفًا كَمَنْ أَخَّرَ مَا عَجَّلَ وَإِنَّمَا أَتَى بِالْكَافِ   [حاشية العدوي] خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ وَغَيْرَهَا لَا أَنَّهُ يَبْتَكِرُ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ فَالْوَاضِحُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لِلْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ إلَخْ) وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَبِيعُ نِصْفَ الْعَبْدِ إذَا عَيَّنَتْ ذَلِكَ أَوْ دَفَعَتْهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْعِصْمَةِ مَعًا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي ذَلِكَ - حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ مَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَعْلُومِ - أَنَّ لِلْمَعْلُومِ النِّصْفَ وَلِلْمَجْهُولِ النِّصْفَ وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَتْ لِلْمَعْلُومِ قَدْرًا فَيُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ تَرُدُّ الْمَبِيعَ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَلْفُ أَوْ يَقُولُ الْمَعْنَى مَعَ رَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ وَاقِعًا عَلَى نِصْفِ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ رَدَّهَا ذَلِكَ حَقِيقَةٌ، وَإِسْنَادَ رَدِّ نِصْفِ الْعَبْدِ لَهَا مَجَازٌ لِأَنَّ الَّذِي يَرُدُّهُ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى غَرَرِهِ وَانْظُرْ كَيْفَ يُقَوَّمُ مَعَ أَنَّ أَجَلَهُ مَجْهُولٌ، وَكَيْفِيَّةُ تَقْوِيمِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَيْنًا قُوِّمَ بِعَرْضٍ ثُمَّ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا قُوِّمَ بِعَيْنٍ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ دَرَاهِمَ إلَخْ) سَوَاءٌ أَرَتْهُ إيَّاهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالْإِرَاءَةِ وَلَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِهَا فِي الْبَيْعِ وَالْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَتْ خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالشَّرْطِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهُ) أَيْ إذَا وَقَعَ عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْصُوفًا فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا. (تَنْبِيهٌ) : الرَّدُّ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَرَدَّتْ دَرَاهِمَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ يَرُدُّ الزَّوْجُ الدَّرَاهِمَ وَفِي الثَّانِي بِمَعْنَى الدَّفْعِ وَفِي الثَّالِثِ بِمَعْنَى كَسْرِ آنِيَةِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ. (قَوْلُهُ: وَتُكْسَرُ آنِيَةُ الْخَمْرِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ أُهْرِيقَتْ الْخَمْرُ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ كَسْرِ آنِيَتِهَا لِأَنَّهَا مَالُ مُسْلِمٍ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَتْبَعَهَا (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ إلَخْ) حَكَاهُمَا بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ (قَوْلُهُ: وَيُسَرَّحُ) أَيْ يُطْلَقُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَالِمًا) رَاجِعٌ لِلْمَغْصُوبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَرَامَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لَا شَيْءَ لَهُ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا لَا قِيمَةً وَلَا مِثْلًا وَكَذَا الْمَغْصُوبُ إذَا كَانَ عَالِمًا وَأَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَيَرُدُّ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَمِثْلَهُ فَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ فِي الْخَمْرِ وَكَذَا فِي الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَقْتَ الْخُلْعِ وَإِلَّا وَقَعَ وَلَزِمَهَا مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدٍ أَيْ بِأَنْ يُخَالِعَهُ رَجُلٌ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أُمَّ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: كَتَأْخِيرِهَا) وَقَوْلُهُ " وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا " وَقَوْلُهُ " وَتَعْجِيلِ إلَخْ " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ عَلَى حَرَامٍ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمُشَبَّهِ لَيْسَتْ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ. (ص) وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَسْكَنِهَا الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ لَا بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَتَحَمَّلُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ زَمَنَ الْعِدَّةِ مِنْ مَالِهَا فَيَجُوزَ. (ص) وَتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهُ كَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ مَعَ خَوْفِ الطَّرِيقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى " حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ " فَالزَّوْجَةُ قَدْ حَطَّتْ عَنْهُ الضَّمَانَ وَزَادَهَا الْعِصْمَةَ فَإِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ نَفَذَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى أَجَلِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ " وَتَعْجِيلِهِ " مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ لَهَا مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّى لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَقَوْلُهُ مَا مَفْعُولُهُ الثَّانِي تَعَدَّى لَهُ بِنَفْسِهِ. (ص) وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ أَوْ لَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَتَخَالَعَا عَلَى تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ الْخُلْعُ وَرُدَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ اهـ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَغَيْرِهِ كَالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ وَالطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ فَيُرَدُّ لِأَجَلِهِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَقِيلَ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَحَمَلَهَا بَعْضٌ عَلَى خِلَافِهِ وَفَصَّلَ فَقَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَمَا يَجِبُ قَبُولُهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ لَهَا ذَلِكَ وَلَا يُرَدُّ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَدْخُلُ هَهُنَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلَعَهَا بِلَا مَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ. (ص) وَبَانَتْ (ش) أَيْ وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى عِوَضٍ وَلَوْ صُورَةً بَانَتْ الْمَرْأَةُ تَمَّ الْعِوَضُ لِلزَّوْجِ أَمْ لَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَمَا يَأْتِي إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَهِيَ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا وَأَشَارَ لِحُرٍّ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ حُرٌّ فَأَعْطَتْهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْحَرَامَ. . (ص) وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نَصَّ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ طَلَاقِ الْخُلْعِ الْبَيْنُونَةُ وَلَوْ وَقَعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ يُرِيدُ إذَا صَرَّحَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِافْتِدَاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) إلَى أَنَّهُ إذَا نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ الْعِوَضِ بِأَنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا وَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَخَذَ مِنْهَا وَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ مَعَ الْعِوَضِ الْبَيْنُونَةُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا النَّصُّ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَمِثْلُ نَصِّهِ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ الْعِوَضِ نَصُّهُ عَلَيْهَا مَعَ لَفْظِ الْخُلْعِ. (ص) كَإِعْطَاءِ مَالٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى نَفْيِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ إنَّهَا دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةً ثَانِيَةً بَائِنَةً عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ عَدَمَ الِارْتِجَاعِ مَلْزُومٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَمَا أَنْشَأَهُ الْآنَ غَيْرُ مَا مَرَّ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ تَبِينُ بِالْأُولَى وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَهُ الرَّجْعَةُ وَيَرُدُّ لَهَا مَالَهَا وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَحَمَلَهُ الْمَوَّاقُ عَلَى كَلَامِ   [حاشية العدوي] الطَّلَاقُ فِي الْمَسَائِلِ لَازِمٌ بَائِنٌ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُهُ وَلَا الْخُرُوجُ وَلَا تَعْجِيلُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُشَبَّهَ مَا كَانَ بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّ الْإِشَارَةَ خَفِيَّةٌ وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ طَلَاقُهُ مَعَ تَأْخِيرِهِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا فَرَجْعِيٌّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْعٌ فِي التَّأْخِيرِ وَإِلَّا مُنِعَ وَبَانَتْ. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُخَالَعَةَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْكَنِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ وَالْمُخَالَعَةُ عَلَى كِرَاءِ الْمِثْلِ حَقُّ آدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَلَمٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ) لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: مِنْ بَيْعٍ أَيْ بِدُونِ سَلَمٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ " الْمُعَجَّلِ ". (قَوْلُهُ: وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَعَبَ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ صَادِقَةٌ بِكَوْنِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ كَوْنُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) الْكَلَامُ الْآتِي إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ " مِنْ قَرْضٍ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ " وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ مِنْ بَيْعٍ فَالْحَقُّ لَهُمَا فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ) لِكَوْنِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ بَائِنًا وَالْمَرْأَةُ فِي الْبَائِنِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: سُوءَ الْخُصُومَاتِ أَيْ الْخُصُومَاتِ السَّيِّئَةَ الَّتِي قَدْ تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا) وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ) كَأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ نَفْعٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَيْ جَرَّ لَهُ نَفْعًا مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ سُقُوطُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ أَوْ سُقُوطُ سُوءِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَمِنْ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ انْتَفَى السَّلَفُ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا بِاعْتِبَارِهِ وَنُفِيَ بِاعْتِبَارِ إسْقَاطِهِ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى لَفْظِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ مُصَالِحَةٌ لِي أَوْ مُبَرِّئَةٌ لِي أَوْ مُفْتَدِيَةٌ مِنِّي وَانْظُرْ قَوْلَ الشَّارِحِ إنَّهَا فِي مَعْنَى الْخُلْعِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى يَخْتَلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهَا بِمَعْنَاهُ اسْتِعْمَالًا فِي الْبَيْنُونَةِ فَيَكُونُ خُلَاصَتُهُ أَنَّهَا أَلْفَاظٌ تُعُورِفَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِوَضِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى بِلَا عِوَضٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بِعِوَضٍ نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ وَتَفُوتُهُ مَسْأَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 ابْنِ وَهْبٍ لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ حَيْثُ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ فَمُشْكِلٌ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقَبُولِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ. (ص) كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا وَالْمُخْتَارُ نَفْيُ اللُّزُومِ فِيهِمَا (ش) هَذَا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَاعَ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوَّجَ زَوْجَتَهُ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَجَاعَةٍ أَمْ لَا هَازِلًا أَوْ جَادًّا، وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا وَلَا يَتَزَوَّجُهَا وَلَا غَيْرَهَا حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ بَيْعِهَا ثَانِيَةً قَالَهُ فِي الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمَ لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ وَإِلَيْهِمَا يَعُودُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ لُزُومِهِ فِيهِمَا وَالْمَذْهَبُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. (ص) وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ إلَّا لِإِيلَاءٍ وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ حَكَمَ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ بِإِنْشَائِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا إلَّا الطَّلَاقَ عَلَى الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِمَا رَجْعِيٌّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ وَفِي قَوْلِهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِمِثْلِهَا وَقَوْلُنَا حُكِمَ بِإِنْشَائِهِ أَيْ لِكَعَيْبٍ أَوْ اضْطِرَارٍ أَوْ نُشُوزٍ أَوْ فَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِلُزُومِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ أَخْرَجَ مِنْهَا قَوْلَهُ (لَا إنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ) أَيْ لَا إنْ طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَشُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ (بِلَا عِوَضٍ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ وَهُوَ رَجْعِيٌّ. وَ " شُرِطَ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ شَرْطَهُ وَشَرْطَهَا. (ص) أَوْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَأَعْطَاهَا مِائَةً مَثَلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. (ص) أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى (ش) صُورَتُهَا أَنَّ لَهَا عَشَرَةً مَثَلًا فَأَخَذَتْ مِنْهُ خَمْسَةً وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً هِبَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ مَا تَرَكَتْهُ مِنْ دَيْنِهَا لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَمَا أَخَذَتْهُ فَهُوَ صُلْحٌ عَنْ بَعْضِ دَيْنِهَا وَقِيلَ بَائِنٌ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ طَلَّقَ وَأَعْطَى، وَصَالَحَ وَأَعْطَى فَقَالَ: إنْ أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ وَقَصَدَ الْمُتَارَكَةَ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَبَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَرَجْعِيَّةٌ وَتَأَوَّلَ ابْنُ الْكَاتِبِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ تَأْوِيلَانِ   [حاشية العدوي] إذَا نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ لَفْظِ الْمُخَالَعَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى ضَمِيرِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْخُلُوِّ وَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ) بِأَنْ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ قَبِلْت ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ أَيْ كَأَنْ يَتَكَلَّمَ بِقَلْبِهِ. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا) وَكَذَا إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِحَضْرَتِهِ وَسَكَتَ وَسَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ كَانَ هَازِلًا أَوْ جَادًّا إلَّا إنْ أَنْكَرَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَانْظُرْ إذَا عَلِمَ بِالْعَقْدِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَمَا بَاعَهَا أَوْ زَوَّجَهَا أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تُكَذِّبُهُ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ) أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ) كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَلِيءَ إذَا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاضِرٍ يُفْرَضُ لِزَوْجَتِهِ فِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ عَدَمِ نَفَقَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَتْ مَنْ يُدَايِنُ الْغَائِبَ وَيَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْغَائِبِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَدَايَنَ وَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا وَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُوجِبُ لِلْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ الِارْتِدَادُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَظْهَرْ ثَمَرَةٌ إلَّا عِنْدَ الْإِسْلَامِ نُظِرَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ، وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فَلَا يُحْتَاجُ لِإِنْشَائِهِ مِنْ حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ: لَا أَنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا رَجْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ الرَّجْعَةُ بِأَوَّلِ لَفْظِهِ فَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ بِقَوْلِهِ لَا رَجْعَةَ فِيهَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ فَإِنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَقِيلَ بَائِنَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَرَجَّحَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهَا بَائِنَةٌ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا ثَلَاثٌ ضَعِيفٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ طَلَاقٌ تَمْلِكِينَ بِهِ نَفْسَكِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَلَاثٌ بِاتِّفَاقٍ فَلَوْ زَادَ عَلَى تَمْلِكِينَ إلَخْ: وَلَا رَجْعَةَ عَلَيْك فَهُوَ بَائِنٌ كَمَا لِلْمِعْيَارِ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ) أَيْ كَلَفْظِ الْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ وَالِافْتِدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَقَوْلُهُ: وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً هِبَةً) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَعْطَى أَيْ وَأَعْطَى مَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةً وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بَائِنٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ فَلَا يُسَلَّمُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّأْوِيلَانِ ضَعِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا الْحَلُّ وَفِي عب أَنَّ الْمَعْنَى أَوْ صَالَحَ زَوْجَةً عَلَى مَا لَهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا وَأَعْطَاهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهِ وَلِلَّقَانِيِّ كَلَامٌ آخَرُ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ فَصَالَحَهَا عَلَى إسْقَاطِ بَعْضِهِ لِأَنَّ الَّذِي صَالَحَهَا بِهِ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُلْحٌ عَلَى وَجْهٍ مَا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ قِصَاصًا اهـ وَالظَّرْفُ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَظْهَرُ وَالثَّانِي قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ) أَيْ فَصَلَ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ " وَقَصَدَ الْمُتَارَكَةَ " عَطْفُ تَفْسِيرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 (ش) أَيْ وَهَلْ الطَّلَاقُ فِيهِمَا رَجْعِيٌّ سَوَاءٌ جَرَى بَيْنَهُمَا مَعْنَى الْخُلْعِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ أَمْ لَا أَوْ هِيَ رَجْعِيَّةٌ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ مَعْنَى قَصْدِ الْخُلْعِ إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ إذْ لَوْ قَصَدَهُ بِاللَّفْظِ لَمْ يَكُنْ نِزَاعٌ أَنَّهُ بَائِنٌ كَمَا لَا يَخْفَى. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقَابِلِ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُوجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) وَمُوجِبُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ (ش) أَيْ وَمُوجِبُ الْعِوَضِ عَلَى مُلْتَزِمِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا زَوْجٌ مُكَلَّفٌ أَيْ صُدُورُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجٍ - وَلَوْ سَكْرَانَ - أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ بِطَلَاقِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ وَمُوجِبُهُ أَيْ طَلَاقِ الْخُلْعِ أَيْ مَوْقِعُهُ لَا الْعِوَضِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ مُلْتَزِمُهُ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوقِعُ هُنَا رَشِيدًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ، وَلَمَّا شَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الرَّشِيدَ وَالسَّفِيهَ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سَفِيهًا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِهِ أَوْلَى (ص) أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ غَيْرَهُمَا (ش) أَيْ كَمَا يُوجِبُهُ طَلَاقُ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ يُوجِبُهُ أَيْضًا وَلِيُّ صَغِيرٍ أَيْ صُدُورُ طَلَاقٍ مِنْهُ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ سُلْطَانًا أَوْ مُقَامَ سُلْطَانٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ وَيَلْزَمُ الصَّغِيرَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " أَبًا " الْوَاقِعِ حَالًا، وَمِثْلُ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونُ فَالنَّظَرُ لِوَلِيِّهِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ الْوَلِيَّ بِقَوْلِهِ أَبًا إلَخْ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالسَّيِّدُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْحَاكِمِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ الْمُجْبِرُ كَمَا مَرَّ فِي خُلْعِ الْمُجْبَرَةِ (ص) لَا أَبُ سَفِيهٍ وَسَيِّدُ بَالِغٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّفِيهِ لَا بِيَدِ وَلِيِّهِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْبَالِغِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ لَا بِيَدِ سَيِّدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ " بَالِغٍ " لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ غَيْرُ الْبَالِغِ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّفَهِ كَالرَّقِيقِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِلصِّغَرِ وَالرِّقِّ فَقَوْلُهُ " بَالِغٍ " رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.   [حاشية العدوي] أَيْ يَتْرُكُهَا فَلَا يُرَاجِعُهَا وَقَوْلُهُ: وَجَرَى بَيْنَهُمَا مَا أَيْ لَفْظٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الطَّلَاقُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ رُجُوعَهُ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ عَلَى مَا هُوَ الْمَرْضِيُّ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَالرَّاجِحُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مَعْنَى الْخُلْعِ) أَيْ مَعْنًى هُوَ الْخُلْعُ أَوْ مَعْنَى لَفْظِ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَارَكَةِ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَوْ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفُ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ: وَالْقَصْدِ إلَيْهِ أَيْ أَوْ الْقَصْدِ إلَيْهِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَالْمَعْنَى أَوْ حَصَلَ الْقَصْدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ وَيَجْرِي بَيْنَهُمْ مَعْنَى الْخُلْعِ وَالْمُتَارَكَةِ وَقَوْلُهُ بِالدَّفْعِ أَيْ بِقَصْدِهِ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ أَيْ الْخُصُومَاتِ السَّيِّئَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا رَجْعَةَ لَا يَأْتِي خُصُومَةٌ مِنْ جِهَةِ نَفَقَةٍ وَلَا مِنْ جِهَةِ رَجْعَةٍ (قَوْلُهُ: إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ لَفْظُ الطَّلَاقِ مُسْتَعْمَلًا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ أَيْ أَوْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ فَطَابَقَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ إنَّمَا يَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِافْتِدَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّهُ مَعَ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَهُ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا مَعْنَى الْخُلْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا تَلَفَّظَ الزَّوْجُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى قَالَ خَالَعْتُك أَوْ فَادَيْتُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يَكُونُ بَائِنًا فَيُجَابُ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا تَلَفَّظَ الزَّوْجُ بِ " خَالَعْتُكِ " إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَابِلَةٌ أَيْ طَالِبَةٌ قَبُولَ الزَّوْجِ مِنْهَا ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ الْقَابِلَةُ لِلرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَهِيَ الرَّشِيدَةُ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَقَوْلُهُ: الْقَابِلِ أَيْ الصَّالِحِ لِلِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّقْدِيرِ فَإِذَا قُدِّرَ صُدُورُ الطَّلَاقِ صَحَّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ) هَذَا التَّوَهُّمُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ كَانَ يَدْفَعُ الْمَالَ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ الْمَالَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) وَكُمِّلَ لَهُ خُلْعَ الْمِثْلِ إنْ خَالَعَ بِدُونِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَبْرَأُ الْمُخْتَلِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلسَّفِيهِ بَلْ لِوَلِيِّهِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ التَّوْضِيحِ وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ الْمُخْتَلِعِ بِدَفْعِ الْخُلْعِ لِلسَّفِيهِ دُونَ وَلِيِّهِ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْحَجْرِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَبْضَ لِلْوَلِيِّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَإِذَا صَحَّحْنَاهُ أَيْ خُلْعَ السَّفِيهِ فَلَا يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ بَلْ إلَى وَلِيِّهِ وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّفِيهِ رَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُلْطَانًا إلَخْ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: فَالنَّظَرُ لِوَلِيِّهِ) وَوَلِيُّهُ إمَّا الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَإِمَّا الْأَبُ إذَا جُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رُشْدِهِ وَاتَّصَلَ (قَوْلُهُ: لَا أَبُ سَفِيهٍ وَسَيِّدُ بَالِغٍ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الْخُلْعُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَهُمَا فُضُولِيَّانِ وَلَوْ جَبَرَاهُمَا عَلَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّفِيهِ) وَقَوْلُهُ بَعْدُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ حَيْثُ قَالَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إنْ رَأَى الْوَلِيُّ لِلْمَحْجُورِ حُسْنَ النَّظَرِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: كَالرَّقِيقِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِسَفَهٍ خُلَاصَتُهُ أَنَّ السَّفِيهَ هُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الَّذِي يُضَيِّعُ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِلصِّغَرِ وَالرِّقِّ) أَيْ لَا لِلسَّفَهِ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ السَّفِيهِ بِكَوْنِهِ بَالِغًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَالِغًا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ إضَافَةَ " سَيِّدُ " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 (ص) وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا وَمَنْ فِي حُكْمِهِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ كَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَالْمَحْبُوسِ لِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ وَارِثٍ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (ص) وَوَرِثَتْهُ دُونَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا طَلَّقَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ ثُمَّ مَاتَتْ فِيهِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَرِثُهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا مَرِيضَةً لِأَنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَرِثُهُ لِأَنَّهُ فَارٌّ بِطَلَاقِهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْإِرْثِ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ أَمْ لَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمِيرَاثِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَحُكْمُهَا فِيهِ كَغَيْرِهَا مِنْ عِدَّةٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَدَمِهَا فِي غَيْرِهَا، وَيَتَنَصَّفُ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهَا وَإِنْ قَتَلَتْهُ خَطَأً وَرِثَتْ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا عُدْوَانًا لَا تَرِثُ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ. (ص) كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ فِيهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي إرْثِهَا مِنْهُ دُونَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَلَّكَهَا أَمْرَ نَفْسِهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ إذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ طَالَ مَرَضُهُ أَوْ قَصُرَ وَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ هِيَ فِي مَرَضِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا أَوْقَعَتْ طَلَاقًا بَائِنًا فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فِي مَرَضِهِ لَا رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَيَرِثُهَا وَتَرِثُهُ فَقَوْلُهُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَا بِمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ أَيْ وَأَوْقَعَتْهُ فِيهِ كَانَ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ. (ص) وَمُولًى مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا آلَى فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَانْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَيْئَةِ وَلَا وَعَدَ بِهَا فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ يَرْتَجِعْ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ. (ص) وَمُلَاعَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ تَقُومُ مَقَامَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ جَاءَ مِنْ سَبَبِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ طَلَاقَ الْإِيلَاءِ رَجْعِيٌّ، وَكَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْبَائِنِ وَبِعِبَارَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَمُلَاعَنَةٍ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَرِيضُ لَمْ تَرِثْهُ زَوْجَتُهُ وَلَا غَيْرُهَا فَإِنْ قِيلَ إذَا وَجَبَ الْمِيرَاثُ فِي اللِّعَانِ مَعَ كَوْنِهِ فَسْخًا فَفِي الرِّدَّةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا طَلَاقٌ وَالْفَسْخُ أَقْوَى مِنْهُ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ اللِّعَانَ خَاصٌّ بِالْمَرْأَةِ فَاتُّهِمَ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ سَائِرَ الْوَرَثَةِ. (ص) أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ: إنْ دَخَلْتِ دَارَ فُلَانٍ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْهَا فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَتَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ لَمْ يَرِثْهَا فَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ أَوْقَعَتْ الْحِنْثَ عَلَيْهِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِيهِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَأَوْلَى لَوْ أَحْنَثَهُ غَيْرُهَا. (ص) أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ (ش) صُورَتُهَا تَزَوَّجَ بِكِتَابِيَّةٍ أَوْ بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ ثُمَّ إنَّهُ مَرِضَ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَذْكُورَةَ وَلَوْ بَائِنًا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْكِتَابِيَّةَ الَّتِي أَسْلَمَتْ وَالْأَمَةَ الَّتِي عَتَقَتْ تَرِثُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى مَنْعِهَا مِنْهُ لَمَّا خَشِيَ الْإِسْلَامَ أَوْ الْعِتْقَ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا. (ص) أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ (ش) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ وَطَالَ مَرَضُهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَنَّ إرْثَهَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْهُ بَلْ لَوْ تَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا وَطَلَّقَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَطَالَ مَرَضُهُمْ ثُمَّ مَاتُوا فَإِنَّهَا تَرِثُهُمْ كُلَّهُمْ وَلَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ آخَرَ حَيٍّ غَيْرِ الْمَرِيضِ (ص) وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ بِصِحَّةٍ بَيِّنَةٍ (ش) أَيْ وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ إرْثُ الزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ بِحُصُولِ صِحَّةٍ بَيِّنَةٍ لَهُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ. (ص) وَلَوْ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا   [حاشية العدوي] لِبَالِغٍ يَمْنَعُ رُجُوعَهُ لَهُمَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ) مَخُوفًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعٍ) أَيْ خِيفَ مِنْهُ الْمَوْتُ حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ذَلِكَ نَافِذٌ وَجَائِزٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا فَنَافِذٌ وَلَمْ يَكُنْ جَائِزًا لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ وَارِثٍ وَلَوْ لِكَافِرَةٍ أَوْ أَمَةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَخُوفِ فَجَائِزٌ وَلَوْ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ مَعَ النُّفُوذِ بَقِيَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَبْسِ فِي الْقَطْعِ مُوجِبٌ لِمَنْعِ الْخُلْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْرِيبِ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إذَا طَلَّقَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ) ثُمَّ مَاتَ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ كَسُعَالٍ وَمَاتَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ حِينَ الطَّلَاقِ غَيْرَ مَخُوفٍ ثُمَّ صَارَ مَخُوفًا قَبْلَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ تَقُومُ مَقَامَ الطَّلَاقِ) أَيْ تَقُومُ مَقَامَ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَلَاقٌ) أَيْ كَطَلَاقٍ (قَوْلُهُ: لَمْ تَرِثْهُ زَوْجَتُهُ وَلَا غَيْرُهَا) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ دُونَ زَوْجَتِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ مُرَاجَعَةً وَتَرِثُهُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ عَوْدَهَا إلَيْهِ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ الْحَطَّابُ وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِهِ قُلْت الْأَظْهَرُ أَنْ تَرِثَهُ زَوْجَتُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ لِاخْتِصَاصِ الْحِرْمَانِ بِهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّمَا يَحْصُلُ حِرْمَانُهُ بِالْمَوْتِ فِي زَمَنِهَا فَقَطْ فَصَارَ اتِّهَامُهُ فِيهَا كَالِاتِّهَامِ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ لِجُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ فَلَا تَرِثُ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ لِنُشُوزٍ فَفِي إرْثِهَا قَوْلَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لِلْجُنُونِ وَمَا مَعَهُ حُكْمُهُمَا مَا مَرَّ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ وَمَا مَعَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ اُنْظُرْ عج. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ إرْثِهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ. (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَرَاجَعْت بَهْرَامَ وَغَيْرَهُ فَلَمْ أَرَ لَهُ مُقَابِلًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا فَأَرْدَفَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ فَتَرِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُرْدَفٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ زَالَتْ تُهْمَتُهُ فِي الصِّحَّةِ وَدَلِيلُ كَوْنِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا إذْ لَوْ كَانَ بَائِنًا لَمْ يَرْتَدِفْ عَلَيْهِ طَلَاقَ الْمَرَضِ الثَّانِي وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ ارْتَجَعَهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الثَّانِي وَعُلِمَ كَوْنُهُ مَرِيضًا مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ. (ص) وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ، وَالْعِدَّةُ مِنْ الْإِقْرَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى مَرَضِهِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْنَادِهِ لِلزَّمَنِ السَّابِقِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَرَّخَتْ فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ أَوْ الشَّهَادَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي انْقِضَائِهَا أَوْ بَعْضِهَا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَلَمْ يَرِثْهَا هُوَ إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ فَيُعْمَلَ عَلَى مَا أَرَّخَتْهُ الْبَيِّنَةُ فِي الْعِدَّةِ وَفِي الْإِرْثِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ فِي الْعِدَّةِ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا أَيْ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ خَاصَّةً لَا إنْ انْقَضَتْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ هُنَا مَرِيضٌ وَهُنَاكَ صَحِيحٌ. (ص) وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدَتْ بَعْدَ مَوْتِ شَخْصٍ عَلَى طَلَاقِهِ لِزَوْجَتِهِ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى حَسَبِ تَارِيخِهِمْ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُهُ أَبَدًا كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ) لِمَا مَرَّ لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الشُّهُودَ عُذِرُوا بِغَيْبَتِهِمْ إذْ لَوْ كَانُوا حَاضِرِينَ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِسُكُوتِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِطَلَاقِهَا لَمْ يَرِثْهَا وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ مَوْتِهِ وَمَوْتِهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ أَشْهَدَ بِهِ فِي سَفَرٍ ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فُرِّقَ وَلَا حَدَّ (ش) أَيْ وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ دُونَهُ أَيْ بِإِنْشَائِهِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فِي سَفَرٍ ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى يُحْكَمَ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ. (ص) وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَفَسَادُهُ لِعَقْدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ إدْخَالِ وَارِثٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ وَيُعَجَّلُ الْفَسْخُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ كَمَا مَرَّ فَالتَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْفَسْخِ وَلَوْ بَعْدَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) لَوْ قَالَ إلَّا فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا عِدَّةَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَرِثُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهُ وَالسَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ فِي قُوَّةِ عِدَّةِ الثَّانِي لَا إرْثَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ) أَيْ وَهُوَ مُنْكِرٌ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَهَلْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ يَوْمِ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: إنَّهُ طَلَّقَ، فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) أَيْ بِأَنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ: وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِرْثُ ثَابِتٌ لَهَا وَلَوْ انْقَضَتْ كَمَا بَيَّنَّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا تَقَدَّمَ إقْرَارٌ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، أَوْ إنْكَارٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَأَمَّا هَذِهِ فَهِيَ إقْرَارٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَيْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَلَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ فِي الْعِدَّةِ) حَاصِلُ مَا فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِيَوْمِ الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ فَالْمَرْأَةُ لَا تَرِثُ إلَّا إذَا مَاتَ وَالْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ بَاقِيَةٌ فَإِذَا انْقَضَتْ وَمَاتَ فَلَا تَرِثُ فَالْمُشَارُ لَهُ قَوْلُهُ: فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ) أَيْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَقَوْلُهُ: فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي شَهَادَتِهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَبِهَذَا أَيْضًا يُوَجَّهُ إرْثُهَا لَهُ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ حَيْثُ أَسْنَدَتْهُ لِصِحَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تَبْقَى لِمَوْتِهِ وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعُلِمَ ذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرِثْهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْفَرْقَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ يَجِبُ الْإِعْدَادُ فِيهَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ لِمَوْتِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَرِثَهُ لِاحْتِمَالِ إبْدَائِهِ مَطْعَنًا فِيهَا لَوْ كَانَ حَيًّا وَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ فَقَدْ أُعْذِرَ إلَيْهِ فِيهَا فَلَمْ يُبْدِ فِيهَا مَطْعَنًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَرِثَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ بِهِ) أَيْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ وَهُوَ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهَذَا الْوَطْءِ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ارْتِجَاعُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ) وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جُوِّزَ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ) فَإِشْهَادُهُ بِالطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَإِنْكَارُهُ الشَّهَادَةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجْعَةِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الِإِنْشَاءِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ صِحَّتِهِ) صَادِقٌ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ وَبِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي آخِرِ مَرَضِهِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ تَزَوَّجَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 الْبِنَاءِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الصَّدَاقِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ: عِلَّةُ فَسْخِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ - وَهِيَ إدْخَالٌ وَارِثٍ - مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِثُبُوتِ الْإِرْثِ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِرْثَ الَّذِي هُوَ ثَابِتٌ لَهَا تَقْطَعُهُ الصِّحَّةُ الْبَيِّنَةُ فَإِرْثُهَا إذَا حَصَلَتْ الصِّحَّةُ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّزْوِيجِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وُجِدَ مُوجِبُ فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ. (ص) وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ وَهَلْ يُرَدُّ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا وَوُقِفَ إلَيْهِ تَأْوِيلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اخْتَلَعَتْ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَأَنَا أَرَى أَنَّهَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَاخْتُلِفَ هَلْ قَوْلُهُمَا خِلَافٌ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ نَافِعٍ -، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ وَيَرُدُّ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا، أَوْ وِفَاقٌ - وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَكْثَرُ -، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ لَمْ يَجُزْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ مِنْ الْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى إرْثِهِ أَيْ إنَّهُ يَبْطُلُ الْقَدْرُ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ مِمَّا خَالَعَتْ بِهِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ وَاسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ أَيْ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ وَمَا كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَلَهُ، وَتُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْمُخَالَعِ بِهِ لِإِرْثِهِ وَعَدَمُ مُجَاوَزَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا لَا يَوْمَ الْخُلْعِ فَيُوقَفُ جَمِيعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ إلَى مَوْتِهَا لِيُنْظَرَ هَلْ هُوَ قَدْرُ إرْثِهِ أَوْ أَقَلُّ أَيْ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ فَيَأْخُذُهُ وَمَا زَادَ فَيَرُدُّهُ. (ص) وَإِنْ نَقَصَ وَكِيلُهُ عَنْ مُسَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِوَكِيلِهِ خَالِعْ لِي زَوْجَتِي بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَخَالَعَهَا بِخَمْسَةٍ فَإِنَّ الْخُلْعَ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْزُولٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَلْزَمَ إذْ لَا مِنَّةَ تَلْحَقُ الزَّوْجَ. (ص) أَوْ أَطْلَقَ لَهُ أَوْ لَهَا حُلِّفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَطْلَقَ لِوَكِيلِهِ فِي الْمُخَالَعَةِ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَطْلَقَ لِزَوْجَتِهِ فِي الْمُخَالَعَةِ عَنْ نَفْسِهَا فَنَقَصَ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُحَلَّفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تُتِمَّ لَهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَكِيلُ خُلْعَ الْمِثْلِ فَيَلْزَمَهُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الْيَمِينِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا وَإِلَّا لَقُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ أَوْ دَعَوْتِنِي إلَى الصُّلْحِ - مُعَرَّفًا -، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَعَوْتِنِي إلَى صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ فَيَلْزَمُهُ مَا أَتَتْ لَهُ بِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَكَذَا عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهَا عَلَى مَا قَصَدَتْ وَاسْتَعْمَلَهُ هُنَا فِي إبَانَةِ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَرُدُّ؟ الظَّاهِرُ - كَمَا قَالَ بَعْضٌ - أَنَّ هَذَا الرَّدَّ إبْطَالِيٌّ أَيْ الْخُلْعُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُلْعَ لَهُ مَعْنَيَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ) إنَّمَا الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا فِيهِ التَّصْرِيحُ إلَّا بِعَدَمِ كَوْنِهِ لَا يَرِثُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ إرْثِهَا مِنْهُ يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهَا طَالِبَةً لِلْفِرَاقِ لِأَنَّهَا خَالَعَتْهُ (قَوْلُهُ: فَيُوقَفُ جَمِيعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ) أَيْ لَا قَدْرُ الْإِرْثِ خَاصَّةً وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْإِنْفَاقِ مِنْهُ أَخَذَتْهُ وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَقْفِ جَمِيعِ مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْحَطَّابِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَقَالَ تت وَمَنْ تَبِعَهُ: يُوقَفُ قَدْرُ إرْثِهِ مِمَّا خَالَعَتْ بِهِ مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَمَعْنَى إيقَافِهِ أَنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهَا وَيُوقَفُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَفَقَةٍ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَتَلِفَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ رَضِيَهُ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَوُقِفَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيُوقَفُ عَنْ أَخْذِهِ إلَى الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْتِهَا) قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَإِنْ قُلْنَا يَوْمَ الْمَوْتِ وُقِفَ فَإِنْ صَحَّتْ أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَتْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الَّذِي كَانَ بِيَدِهَا وَمِمَّا حَدَثَ لَهَا مِنْ مَالٍ وَفِيمَا عَلِمَتْ بِهِ وَمَا لَمْ تَعْلَمْ مَا لَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ صَحَّتْ نَفَذَ الْخُلْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُلْعِ أَوْ يَوْمِ الْمَوْتِ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَعَلَى الْمُؤَلِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَتَقْدِيمِهِ تَأْوِيلَ الْأَقَلِّ بِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمِيرَاثِ وَإِنْ صَحَّتْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا خَالَعَتْ بِهِ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ الزَّوْجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا عَاشَتْ أَوْ مَاتَتْ وَهُوَ جَوْرٌ بَيِّنٌ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ النَّقْصُ وَالزَّوْجُ بَائِعٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ قَالَ أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا) بِأَنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ أَمَّا الْأُولَى فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي خُلْعَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ خُلْعِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَعْطَتْهُ قَدْرًا وَلَوْ خُلْعَ الْمِثْلِ وَقَالَ مَا أَرَدْت إلَّا نِصْفَ مَالِكِ أَيْ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ: إنْ دَعَوْتنِي إلَى صُلْحٍ فَلَمْ أُجِبْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِمَا دَفَعَتْ لَهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُ وَلَوْ حُلِّفَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهَا خَالَعْتَنِي عَلَى مَالٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 وَلَوْ تَافِهًا. (ص) وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا قَالَتْ لِوَكِيلِهَا خَالِعْ عَنِّي زَوْجِي بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّتْ لَهُ أَوْ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ فَإِنَّ الْخُلْعَ يَلْزَمُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ مَا سَمَّتْ لِلْوَكِيلِ فَقَطْ، وَالزَّائِدُ عَلَى مَا سَمَّتْهُ أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ عَلَى وَكِيلِهَا. (ص) وَرَدَّ الْمَالَ لِشَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الضَّرَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ أَنَّهَا مَا خَالَعَتْهُ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ مَا خَالَعَهَا بِهِ وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ السَّمَاعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا سُمِعَتْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ وَنَحْوِهِمْ عُمِلَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَ " أَلْ " فِي الضَّرَرِ لِلْعَهْدِ أَيْ الضَّرَرِ الَّذِي لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ فَلَيْسَ مِنْ الضَّرَرِ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَدَّبَهَا وَيَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ مُضَارَّتُهَا إذَا عَلِمَ مِنْهَا زِنًا حَتَّى تَفْتَدِيَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ (ص) وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَرُدُّ الزَّوْجُ الْمَالَ الْمُخَالَعَ بِهِ إذَا أَقَامَتْ عَلَى الضَّرَرِ شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِأَنَّهُ يَضُرُّهَا حَيْثُ حَلَفَتْ مَعَهُ وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ (ص) وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) الْمُرَادُ بِبَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا بِالضَّرَرِ أَيْ أَشْهَدَتْهَا بِالضَّرَرِ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا خَالَعَتْهُ لَا عَنْ ضَرَرٍ وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ لَهَا بِالضَّرَرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْإِشْهَادُ وَالْإِسْقَاطُ وَتَقُومُ بَيِّنَتُهَا فَأَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ الِاسْتِرْعَاءَ هُنَا عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَلَوْ قَالَ وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعَاةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَقَدْ ذَكَرَهُ (ز) هُنَا وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ فَانْظُرْ نَصَّهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ مَعَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ. (ص) وَبِكَوْنِهَا بَائِنًا لَا رَجْعِيَّةً (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِوَضَ الَّذِي تَدْفَعُهُ الْمَرْأَةُ فِي الْخُلْعِ إنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَنْ انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ فَإِذَا ثَبَتَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْخُلْعِ طَلَاقًا بَائِنًا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ فِيمَا دَفَعَتْهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ لِأَنَّ الْخُلْعَ صَادَفَ مَحَلًّا لِمِلْكِ الزَّوْجِ عِصْمَتَهَا وَلُحُوقِ طَلَاقِهِ لَهَا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ. (ص) أَوْ لِكَوْنِهِ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي يُفْسَخُ نِكَاحُهَا بِلَا طَلَاقٍ - بِأَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ كَالْخَامِسَةِ أَوْ الْمَحْرَمِ - إذَا خَالَعَهَا زَوْجُهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَسْنَدَ الْوَكِيلُ الِاخْتِلَاعَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَيْهَا أَوْ لَا إلَى نَفْسِهِ وَلَا إلَيْهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا أَسْنَدَ الِاخْتِلَاعَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ خَالِعْ فُلَانَةَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مِنْهَا أَوْ لَا إلَى نَفْسِهِ وَلَا إلَيْهَا كَقَوْلِهِ خَالِعْهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَأَمَّا لَوْ أَسْنَدَ الِاخْتِلَاعَ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ خَالِعْهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مِنِّي أَوْ قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك عِصْمَتَهَا بِكَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى أَيْ مَا سَمَّاهُ لِلزَّوْجِ قَالَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْبَيَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ هَذَا جَارٍ فِيمَا إذَا سَمَّتْ لَهُ وَفِيمَا إذَا أَطْلَقَتْ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْمَالَ إلَخْ) وَكَذَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ أَوْ إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا أَيْ وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَيَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا) عِنْدَ الْمُضَارَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ وَأَمَّا عَلَى السَّمَاعِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ الْمَالَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى السَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ، وَظَاهِرُ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ رَدَّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى السَّمَاعِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ ز) وَنَصُّهُ: الِاسْتِرْعَاءُ هُنَا عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ، وَنَصُّهُ: الِاسْتِرْعَاءُ هُوَ إيدَاعُ الشَّهَادَةِ وَذَلِكَ كَأَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِجَمَاعَةٍ مَثَلًا إنَّ لِي بَيِّنَةً عَلَى ضَرَرِهِ لِي وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَخَالِعَهُ وَأَقَرَّتْ بِعَدَمِ الضَّرَرِ فَإِذَا أَسْقَطَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ فَلَهَا أَنْ تُقِيمَهَا لِتُقِيمَ بَيِّنَةَ الضَّرَرِ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا مُكَذِّبَةٌ لَهَا انْتَهَى (قُلْت) وَأَسْقَطَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَقَرَّتْ بِعَدَمِ الضَّرَرِ وَهُوَ أَنِّي إنْ أَسْقَطْت بَيِّنَةَ الضَّرَرِ فَلَسْتُ مُلْتَزِمَةً لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَإِذَا أُسْقِطَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ وَإِذَا كَانَ لَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ فَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَكِنْ يَقْدَحُ فِيمَا ذَكَرَهُ ز أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَشَارَ بِهِ لِتَرْجِيحِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ إنَّمَا وَقَعَ فِي إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ ز لَا يُفِيدُ أَنَّ إسْقَاطَ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّ إسْقَاطَ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ لَا يَضُرُّ أَنَّ إسْقَاطَ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَا يَضُرُّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ بَيِّنَةَ الضَّرَرِ تَسْقُطُ إذَا أَسْقَطَتْهَا لِأَنَّ لَهَا فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِهَا مَنْدُوحَةً وَهِيَ اسْتِرْعَاؤُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُلْتَزِمَةً لِإِسْقَاطِهَا وَأَمَّا بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ فَلَيْسَ لَهَا فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِهَا مَنْدُوحَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا لِأَنَّا نَقُولُ كَمَا لَهَا مَنْدُوحَةٌ فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ بِمَا ذُكِرَ لَهَا مَنْدُوحَةٌ أَيْضًا فِي التَّخَلُّصِ عَنْ إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ بِالِاسْتِرْعَاءِ فَاسْتَوَيَا هَذَا وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ كُلَّ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِمَا يُنَافِي مَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا قَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: الْمُسْتَرْعِيَةُ هُوَ فِي النُّسَخِ مَرْسُومٌ بِالْيَاءِ، وَقَاعِدَةُ الْخَطِّ أَنَّ الْأَلِفَ إذَا تَجَاوَزَتْ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا يَاءٌ رُسِمَتْ يَاءً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ وَاوٍ أَوْ عَنْ أَلِفٍ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهُنَا كَذَلِكَ فَتُرْسَمُ بِالْيَاءِ وَتُقْرَأُ بِالْأَلِفِ وَقِرَاءَتُهُ بِالْيَاءِ لَحْنٌ فَاحِشٌ يَقْرَؤُهُ الْجَاهِلُ بِعِلْمِ الْخَطِّ وَالرَّسْمِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ) وَأَمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ مِلْكِيَّةِ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ (ص) أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ (ش) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ هُوَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَنَحْوُهُمَا فَإِذَا خَالَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنْ بِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا أَنْ تَرُدَّهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا فِي الْمُخَالَعَةِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى النِّكَاحِ وَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدَمِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ قَالَ: إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرَدُّ فِيهَا الْمَالُ لِلزَّوْجَةِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا عَلَى خُلْعِهَا، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَقَعُ الْخُلْعُ قَبْلَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِيَسْتَحِقَّ بِهِ الْمَالَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا وَلَا غَيْرَهُ أَوْ قَالَ وَاحِدَةً ثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ مَلَكَهُ وَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ (ش) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُخَالَعَةَ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ فَخَالَعَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادًا لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ لَا تَسْقُطُ بِالْمُخَالَعَةِ عَلَى نَفَقَةِ الرَّضَاعِ فِي هَذَا الْفَرْضِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِوَلَدِهَا مَنْ يَصِيرُ وَلَدًا أَيْ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ مَا تَلِدُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ بِهِ تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ مَا تَلِدُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي حَمْلِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (ص) وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ وَزَائِدُ شَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا نَفَقَتَهُ أَوْ نَفَقَةَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تَكْفُلَ وَلَدَهَا مُدَّةً زَائِدَةً عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مَا ذُكِرَ عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْهُ عَلَيْهَا أَوْ مِنْهَا عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَالْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَسَحْنُونٌ لَا تَسْقُطُ وَصَوَّبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: إنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ   [حاشية العدوي] الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يَرِدُ الْخُلْعُ فِيهِ لِكَوْنِهِ بِطَلَاقٍ وَأَمَّا خُلْعُ الْمُمَلَّكَةِ فَمَاضٍ وَيَكُونُ مِنْهَا رَدًّا لِمَا جَعَلَهُ وَلَا تُعْذَرُ بِجَهْلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ بِهَا مُثْلَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) أَيْ تَرْجِعُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا تَرْجِعُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى عَيْبِ خِيَارٍ بِالزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى طَلَاقٍ لَيْسَ بِخُلْعٍ وَالْمُعَارَضَةُ مَعَ قَوْلِهِ طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْخُلْعِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْخُلْعِ لَا مُعَارَضَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ) وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً أَوْ كَانَ وَاحِدَةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ اثْنَتَيْنِ أَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إنْ خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ خَالَعَهَا بِمَالٍ رَدَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِبَيْنُونَتِهَا بِالثَّلَاثِ وَبِالْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ إلَخْ) فَلَمْ يَكُنْ لِلْخُلْعِ مَحَلٌّ يَقَعُ فِيهِ وَعِبَارَةٌ أُخْرَى لِتَقْدِيرِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مُسَبَّبٌ، وَالْمُسَبَّبُ مَعَ السَّبَبِ إمَّا أَنْ يَقَعَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ الْمُسَبَّبُ بَعْدَ السَّبَبِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ) بَلْ وَصَادِقٌ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ إذَا خَالَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ لَا يَشْمَلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ثَلَاثَةٌ مَعَ صِحَّةِ الْخُلْعِ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَنْفِيهِ إلَّا وُقُوعُهُ مَعَ الثَّلَاثِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ شَرْطُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ لَهَا نَفَقَتُهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ الصَّقِلِّيُّ وَقَالَهُ سَحْنُونَ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ) وَلَا تَدْخُلُ الْكِسْوَةُ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَأَفْتَى النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بِدُخُولِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ بِهِ تَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْخُلْعِ فَإِذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ مَا تَلِدُهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْحَمْلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الْخُلْعِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ مُدَّةَ الشَّهْرِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بِمَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْحُقُوقَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ عج وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ تَسْقُطُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْمُخَالَعَةُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا جَازَ عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَلَزِمَ دُونَ مُدَّةِ غَيْرِهَا مَعَهُ أَوْ مُسْتَقِلَّةً عَلَى وَلَدِهَا الْكَبِيرِ مَعَ وُجُودِ الْغَرَرِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَلِأَنَّ رَضَاعَهُ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهَا حَيْثُ مَاتَ الْأَبُ وَهُوَ مُعْدِمٌ وَفِي عب أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهَا وَعَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَى الْمُخَالِعِ أَيْضًا مُدَّةَ رَضَاعِ وَلَدِهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجِ الْمُضَافَةُ لِلرَّضَاعِ فِي الشَّرْطِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُضَافَةً لِرَضَاعِ وَلَدِهَا وَقَدَّرَهَا بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَحَوْلَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَالْمَخْزُومِيُّ) لَا شَكَّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ هُوَ الْمَخْزُومِيُّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 مَالِكٍ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ: وَالْعَمَلُ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ غُرُورٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَأَمَّا لَوْ قُيِّدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ عَاشَ لَجَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْأَبُ ذَلِكَ مُشَاهَرَةً وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُقَابِلٌ وَأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ. (ص) كَمَوْتِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي السُّقُوطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَوْلَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْوَضْعِ فَمَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا ذَلِكَ. (ص) وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَعَلَيْهَا (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ مِنْهَا وَتُرْضِعَهُ مُدَّةَ حَوْلَيْنِ فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا مَا يُصْرَفُ عَلَى الْوَلَدِ فِي نَفَقَتِهِ وَرَضَاعِهِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهَا فَهُوَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَ الْمَالُ لِوَرَثَةِ أُمِّهِ يَوْمَ مَوْتِهَا فَإِنْ لَمْ تُخَلِّفْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فَإِنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَأُجْرَةَ رَضَاعِهِ عَلَى أَبِيهِ فَلَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَسْتَأْجِرَ مَنْ يُرْضِعُهُ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ أَنْ تُرْضِعَهُمَا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِمَا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ فَقَوْلُهُ فَعَلَيْهَا يَرْجِعُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ أَوْ عَنْ نَفَقَتِهَا نَفْسِهَا أَنْفَقَ الْأَبُ وَتَبِعَهَا إنْ أَيْسَرَتْ. (ص) وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ إلَّا لِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي: الزَّوْجُ إذَا خَلَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ بَعِيرِهَا الشَّارِدِ فَإِنَّ أُجْرَةَ تَحْصِيلِهِمَا وَالْجُعْلَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا صَارَا عَلَى مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْخُلْعِ وَزَالَ مِلْكُ الزَّوْجَةِ عَنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا. (ص) لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ أُمِّ الْجَنِينِ تَكُونُ عَلَى الزَّوْجَةِ حَيْثُ خَالَعَتْهُ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهَا إلَى حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ثُمَّ تَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ أُجْرَةُ رَضَاعِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ وَصَارَ فِي مِلْكِهِ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَلَى جَمْعِ الْجَنِينِ مَعَ أُمِّهِ بِأَنْ يَبِيعَاهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ. (ص) وَفِي نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِالْكُلِّيَّةِ هَلْ نَفَقَتُهَا إلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ تَمَّ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ شَرْعًا قَوْلَانِ لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَمْ تَطِبْ بَدَلَ " لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا " لَكَانَ أَخْصَرَ. (ص) وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ (ش) أَيْ كَأَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهٍ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ وَيَفْعَلَ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ كَأَنْ تَكُونَ عَادَتُهُمْ أَنَّهَا إذَا خَلَعَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهُ لَهُ أَوْ خَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَنَّهُ طَلَاقٌ وَكَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفَقَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ الْكَبِيرِ أَيْ الَّذِي لَيْسَ بِرَضِيعٍ لَا فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُفْرَضَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالزَّوْجِ بِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ عج وَيُحْمَلُ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْإِسْقَاطِ بِأَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِالرُّجُوعِ أَوْ لَمْ يَجْرِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَمَوْتِهِ تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْإِسْقَاطِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ عَنْهَا ذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ كَمَا يُفِيدُ أَبُو الْحَسَنِ وَمِثْلُ الْمَوْتِ اسْتِغْنَاؤُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ وَيُوقَفُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَبُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْوَلَدِ فَكَلَّمَا مَضَى أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ دَفَعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الْمَالِ لِوَرَثَةِ الْأُمِّ يَوْمَ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَقَصَ عَنْ كِفَايَةِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِشَرْطٍ) وَمِثْلُهُ الْعُرْفُ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ مَاتَتْ وَمَا بَعْدَهُ وَتَقْدِيمُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ كَالْعُرْفِ الْخَاصِّ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْجُعْلَ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ قَالَ اللَّقَانِيِّ تَعْبِيرُهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِالْجَعَالَةِ وَمِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِالْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَالنَّفَقَةُ تَشْمَلُ الْجَعَالَةَ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ تَحْصِيلِهِ لَا عَلَى الزَّوْجَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا وَضَمَانُهَا بِالْمُخَالَعَةِ عَلَيْهِ إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ النَّفَقَةِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا انْتَهَى فَتَبَيَّنَ قُصُورُ كَلَامِ شَارِحِنَا. (قَوْلُهُ: لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ) أَيْ أُمِّ جَنِينٍ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَيْ لَكِنْ بَعْدَ وَضْعِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَنِينًا بَعْدَ وَضْعِهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَيْ أُجْرَةُ رَضَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ) أَيْ وَأُجْبِرَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ) أَيْ لِأَنَّ بُعْدَهُ عَنْ أُمِّهِ بِعِوَضٍ فَلِذَلِكَ جُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ بَلْ يَكْفِي الْجَمْعُ فِي الْحَوْزِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِالْكُلِّيَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ) الظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَإِنْ بَدَا وَلَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ بُدُوِّهِ لِكُلْفَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ أَخْذِهَا إلَّا لِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلَ فِعْلًا) الْفِعْلُ فِي الْمَقَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ عَدَمُ الْمَنْعِ بِمَعْنَى الْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى صُورَتَيْنِ صُورَةٍ لِلْخُلْعِ وَصُورَةٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي الْخُلْعِ فَقَوْلُهُ " كَأَنْ تَكُونَ عَادَتُهُمْ " هَذِهِ صُورَةٌ لِلْخُلْعِ وَقَوْلُهُ " أَوْ خَرَجَتْ إلَخْ " صُورَةٌ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ " وَكَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ " هَذِهِ صُورَةُ خُلْعٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 دَرَاهِمَ أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً وَيَقْبَلَ مِنْهَا ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ الْحُفْرَةَ وَعُرْفُهُمَا دَلَالَةُ الْحُفْرَةِ وَالدَّفْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ. (ص) وَإِنْ عَلَّقَ بِالْإِقْبَاضِ وَالْأَدَاءِ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَقْبَضْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَدَّيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَدَّيْتنِي فَقَدْ طَلَّقْتُك لَمْ يَخْتَصَّ إقْبَاضُهَا أَوْ أَدَاؤُهَا بِالْمَجْلِسِ أَيْ الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلَ بَلْ إذَا أَقْبَضَتْهُ أَوْ أَتَتْ إلَيْهِ بِمَا طَلَبَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ يُرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَجْعَلُ التَّمْلِيكَ إلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْمَجْلِسَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى تِلْكَ الْقَرِينَةِ، وَالْوَاوُ فِي " وَالْأَدَاءِ " بِمَعْنَى " أَوْ " وَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ هَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ الْبَيْنُونَةُ أَمْ لَا يَأْتِي التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَمْ يَخْتَصَّ لِلْإِقْبَاضِ أَوْ الْأَدَاءِ وَأَمَّا الْقَبُولُ فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا وَإِنَّمَا يُنَاطُ الْحُكْمُ بِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ وَإِلَّا فَلَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُوَافِقٌ لِمَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ نَاجِزًا فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ. (ص) وَلَزِمَ فِي الْأَلْفِ الْغَالِبُ (ش) يَعْنِي لَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ هَذَا الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ هِيَ الْغَالِبَةَ أَيْ غَالِبُ تَعَامُلِ النَّاسِ بِهَا أَوْ الدَّنَانِيرُ فَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي غَنَمِ تِلْكَ الْبَلَدِ الضَّأْنَ أَوْ الْمَعَزَ فَإِنَّ الْأَلْفَ يُؤْخَذُ مِنْ الْغَالِبِ وَيَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الْغَالِبِ الْبَيْنُونَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْبَيْنُونَةُ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ. (ص) وَالْبَيْنُونَةُ إنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَارَقْتُكِ أَوْ أُفَارِقْكِ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا (ش) عَطَفَ عَلَى " الْغَالِبُ "   [حاشية العدوي] صُورَةٌ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ " وَيَقْبَلَ مِنْهَا ذَلِكَ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَكَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ " وَقَوْلُهُ " أَوْ يَرُدَّ الْحُفْرَةَ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً " وَيَكُونُ الْفِعْلُ الصَّادِرُ مِنْ الزَّوْجِ هُوَ عَدَمَ الْمَنْعِ أَيْ الْكَفَّ عَنْ الْمَنْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ " أَوْ خَرَجَتْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَرُدَّ الْحُفْرَةَ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ وَعَلَى هَذَا عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ: فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مَا يَغِيظُهَا وَأَخْرَجَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهُ لَهُ وَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَحْفِرَ حُفْرَةً بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ وَالرَّدُّ هُوَ الرَّدْمُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: وَعُرْفُهُمَا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ " وَعُرْفُهُمْ دَلَالَةُ مَا ذُكِرَ " لِيَشْمَلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخُلْعِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الدَّارِ وَمَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِلَّا وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ صَاحَبَهُ عِوَضٌ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِلَّا فَهُوَ رَجْعِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْأَمْثِلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِالْتِزَامِ أَوْ الْوَعْدِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مَنَاطُ الْحُكْمِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مُفِيدٌ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِالْتِزَامُ وَلَا وَعْدُ الِالْتِزَامِ وَالِالْتِزَامُ وَالْوَعْدُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ فِي نَحْوِ فَارَقْتُكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنَاطُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَكِّدُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ نَاجِزًا) مَثَلًا بِأَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ أَقْبَضْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَقُولَ أُقْبِضُك وَتَقْبِضُ فَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَتْبَعْ قَبُولٌ نَاجِزٌ بِالْمَجْلِسِ وَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَعَ قَرِينَةٍ عَلَى عَدَمِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ عِنْدَهُ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وُجُودُ الْقَبُولِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِالْمَجْلِسِ نَاجِزَيْنِ فَخُلْعٌ بِاتِّفَاقِهِمَا، الثَّانِيَةُ عَدَمُ وُجُودِهِمَا إلَى مَا يَرَى تَرْكَ الزَّوْجَيْنِ لِلتَّعْلِيقِ وَلَا قَرِينَةَ فَلَا خُلْعَ بِاتِّفَاقِهِمَا. الثَّالِثَةُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَعَ قَرِينَةٍ عَلَى عَدَمِ التَّرْكِ وَلَمْ يَقَعْ قَبُولٌ نَاجِزًا بِالْمَجْلِسِ فَهُوَ لَيْسَ خُلْعًا لَهَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَهَا ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ هَذَا مَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ إلَّا أَنَّهُ فِي شَرْحِ شب يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمُعَلَّقِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ نَاجِزًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ مِنْهُ مِثْلُ مَتَى أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مِنْهَا مِثْلُ مَتَى طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَلَّقِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ نَاجِزًا وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَوْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ نَاجِزًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ النَّقْدِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الذَّهَبَ فَالْأَلْفُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْفِضَّةَ فَالْأَلْفُ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ النِّصْفُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ اثْنَيْنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَمِنْ كُلٍّ الثُّلُثُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الذَّهَبَ أَصْنَافٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ أَلْفٌ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا قُبِلَ تَفْسِيرُهُ إنْ وَافَقَتْهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْهُ حُلِّفَتْ وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ (تَقْرِيرٌ) وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: لَزِمَ مَا تَأْتِي بِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْبَيْنُونَةُ) مَرْضِيُّ عج وَابْنِ فُجْلَةَ أَنَّ الْمُرَادَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْطَاءِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ الطَّلَاقِ وَمَرْضِيُّ النَّاصِرِ أَنَّ الْمَعْنَى وَلَزِمَ إنْشَاءُ الْبَيْنُونَةِ أَيْ إنْشَاءُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَأَنْ يَقُولَ هِيَ طَالِقٌ وَالْحَقُّ كَلَامُ النَّاصِرِ وَلِذَلِكَ كَتَبَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءٍ وَهُوَ ظَاهِرُ تَوْضِيحِهِ أَيْضًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِنْشَاءِ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَنْشَأْت عَقْدَ الْخُلْعِ وَفَائِدَةُ حُصُولِ الْإِنْشَاءِ أَنَّ الْوَعْدَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنْ يُنْشِئَ الطَّلَاقَ إذَا أَعْطَتْهُ أَلْفًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ) قَالَ الْحَطَّابُ فِي كِتَابِهِ الِالْتِزَامِ: الْمَرْجِعُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الِالْتِزَامِ وَالْوَعْدِ إلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَحَيْثُ دَلَّ الْكَلَامُ عَلَى أَحَدِهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ إنْ أَدَّيْتنِي أَلْفًا أَوْ إنْ أَتَيْتنِي بِأَلْفٍ مِنْ الْغَنَمِ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَتْ لَهُ بِأَلْفٍ مِنْ غَالِبِ نُقُودِ الْبَلَدِ أَوْ غَنَمِهَا أَوْ بَقَرِهَا أَوْ إبِلِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ هَذَا إذَا فُهِمَ مِنْهُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَوْ الْمَقَالِ كَمَتَى شِئْت أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا الِالْتِزَامُ لِذَلِكَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَذَا إنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَدْ وَرَّطَهَا أَيْ أَدْخَلَهَا فِي وَرْطَةٍ بِأَنْ بَاعَتْ أَمْتِعَتَهَا أَوْ دَارَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِذَلِكَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْخِلْهَا فِي وَرْطَةٍ بِسَبَبِ الْوَعْدِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ قَوْلُهُ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ رَاجِعٌ لِلصِّيغَتَيْنِ أَمَّا رُجُوعُهُ لِأُفَارِقكِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِفَارَقْتُكِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا إلَّا أَنَّ " إنْ " تُخَلِّصُ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ أُفَارِقْكِ بِالْجَزْمِ جَوَابُ الشَّرْطِ. (ص) أَوْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً (ش) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْبَيْنُونَةُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّلَاثِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا بِالثَّلَاثِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ الطَّلْقَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَائِنَةً نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَهَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ رَاجِعْ خُلْعَ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) أَوْ بِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ. (ص) أَوْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَفَعَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَبِنِّي بِأَلْفٍ أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ رُبُعَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ بِأَلْفٍ أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فِي جَمِيعِ هَذَا الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ بِأَلْفٍ فَفَعَلَ مَا سَأَلَتْهُ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْ عِصْمَتِهِ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَدْفَعَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي عَيَّنَتْهَا وَسَوَاءٌ أَوْقَعَ الْبَيْنُونَةَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ أَوْ أَثْنَائِهِ أَوْ آخِرِهِ فَقَوْلُهُ فَفَعَلَ جَوَابٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (ص) أَوْ قَالَ بِأَلْفٍ غَدًا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا بِأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْإِبِلِ مَثَلًا فَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَيَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلِّقْنِي غَدًا وَلَك أَلْفٌ فَإِذَا طَلَّقَ فِي الْغَدِ أَوْ قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ إذَا فُهِمَ مِنْ مَقْصُودِهَا تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ وَإِنْ فُهِمَ مِنْهَا تَخْصِيصُ الْيَوْمِ لَمْ يَلْزَمْهَا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهَا إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ مُطْلَقًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ. (ص) أَوْ بِهَذَا الْهَرَوِيِّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ (ش) الْهَرَوِيُّ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ بَعْدَهَا وَاوٌ   [حاشية العدوي] عُمِلَ عَلَيْهِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إذْ الِالْتِزَامُ قَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ بِالْقَرِينَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ خَلِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَكِنَّ صِيغَةَ الْمَاضِي تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ وَإِنْفَاذِ الْعَطِيَّةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْوَعْدُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِيهِ الْتِزَامٌ وَلَا وَعْدٌ بَلْ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ التَّمْثِيلُ بِمَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: كَمَتَى شِئْت إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هُوَ نَفْسُ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الِالْتِزَامِ وَلَا ظُهُورَ لَهُ بَلْ الْقَرِينَةُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَلْزَمُ وَيُحَلَّفُ مَا أَرَدْتُ طَلَاقًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ قَائِلًا بَعْدُ: فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ وَوَرَّطَهَا لَا يَخْتَصُّ الْإِعْطَاءُ بِالْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ فَالدَّفْعُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ بَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْبَيْنُونَةُ إنْ حَصَلَ مِنْهَا الدَّفْعُ مَتَى فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ وَوَرَّطَهَا وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَخُصُّهَا اهـ (قَوْلُهُ: إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الظُّهُورَ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَظَاهِرُ إلَخْ ظُهُورُهُ أَكْثَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَعْدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْجَزْمِ إلَخْ) وَيُقْرَأُ بِالْإِدْغَامِ لِأَنَّهُ مُتَقَارِبٌ ك. (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ مَذْهَبُهَا بِأَنَّ شَرْطَ الزَّوْجَةِ الثَّلَاثَ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِبَيْنُونَتِهَا بِوَاحِدَةٍ وَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ وَهُوَ عَدَمُ رُجُوعِهَا إلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ إذَا نَدِمَتْ. (قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) بَيَّنَهُ بَهْرَامُ بِقَوْلِهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثَلَاثًا أَنْ يُنْظَرَ إلَى سَبَبِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا وَهِيَ رَاغِبَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا مَقَالَ لَهَا وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً أَنْ تَرْجِعَ بِمَا أَعْطَتْهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يُوقِعَ إلَّا وَاحِدَةً لِتَحِلَّ لَهُ إنْ بَدَا لَهُمَا مِنْ قَبْلِ زَوْجٍ وَكَذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا فَطَلَّقَ وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى وَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ لِلثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ جَرَى عَلَى قَوْلَيْنِ فِيمَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَا يَنْفَعُهُ هَلْ يُوفِي بِهِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا مُقَابِلُ الْمَنْصُوصِ اهـ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي جَمِيع الشَّهْرِ) فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ وَقَعَ بَائِنًا وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَرْأَةَ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: إذَا فُهِمَ مِنْ مَقْصُودِهَا تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ) أَيْ أَوْ لَمْ يُفْهَمْ شَيْءٌ فِيمَا يَظْهَرُ عب (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ تَعْجِيلَ الطَّلَاقِ أَمْ لَا وَإِذَا فُهِمَ مِنْ الرَّجُلِ تَخْصِيصُ الْيَوْمِ فَالظَّاهِرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مِثْلُ مَا جَرَى فِي الْمَرْأَةِ وَفِي عب وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الرَّجُلِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا بِأَلْفٍ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى أَلْفٍ وَغَدًا مَعًا أَوْ عَلَى الْأَلْفِ وَوَقَعَ غَدًا ظَرْفًا لَهُ، وَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِمِثْلِ هَذَا الزَّمَنِ أَوْ جَعْلُهُ ظَرْفًا لَهُ لَغْوٌ فَيُنَجَّزُ الطَّلَاقُ مَتَى وُجِدَتْ الْأَلْفُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ: أَرَدْتُ خُصُوصَ الْيَوْمِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 مُشَدَّدَةَ الْيَاءِ ثَوْبٌ أَصْفَرُ يُعْمَلُ بِهِرَاوَةَ إحْدَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ يُقَالُ هَرَّيْت الثَّوْبَ إذَا صَبَغْته وَكَانَتْ السَّادَةُ مِنْ الْعَرَبِ يَتَعَمَّمُونَ بِالْعَمَائِمِ الْمُهَرَّاةِ، وَالْمَرْوِيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ثَوْبٌ يَلْبَسُهُ خَاصَّةُ النَّاسِ مَنْسُوبٌ إلَى مَرْوٍ وَهِيَ بَلْدَةٌ بِخُرَاسَانَ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا مَرْوِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَيُنْسَبُ إلَيْهَا أَيْضًا مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ زَايٍ وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ النَّسَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ الَّذِي فِي يَدِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ الثَّوْبَ كَانَ الْمَقْصُودُ ذَاتَه لَا نِسْبَتَهُ إلَى تِلْكَ الْبَلَدِ وَهُوَ مُقَصِّرٌ أَمَّا إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى ثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ هَرَوِيٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ. (ص) أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَفِيهِ مُتَمَوَّلٌ أَوْ لَا عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَفَعْت لِي مَا فِي يَدِك - وَكَانَتْ مَقْبُوضَةً - فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَتَحَتْهَا فَإِذَا فِيهَا شَيْءٌ تَافِهٌ مُتَمَوَّلٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَالدِّرْهَمِ أَوْ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَخِرْقَةٍ مَثَلًا، أَوْ فَارِغَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ بِذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ لِأَنَّهُ طَلَّقَ لِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَوْ لَا يَأْخُذُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْأَحْسَنِ. (ص) لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ لُزُومُ الْخُلْعِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْخُلْعُ فَمِنْ ذَلِكَ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا خَالِعْنِي عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَأَشَارَتْ إلَيْهَا فَخَالَعَهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا الدَّابَّةُ لَيْسَتْ لَهَا وَلَا مِلْكَ لَهَا فِيهَا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ لَهُ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَلَوْ أَجَازَ صَاحِبُهُ. (ص) أَوْ بِتَافِهٍ فِي: إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَقَدْ خَالَعْتُك فَإِنْ أَتَتْهُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَإِنْ أَتَتْهُ بِدُونِ خُلْعِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّافِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ يَمِينًا. (ص) أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ - مَثَلًا - فَقَبِلَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: مَا قَصْدِي وَغَرَضِي أَنْ تَتَخَلَّصِي مِنِّي إلَّا بِأَلْفٍ لَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِالْأَلْفِ لَزِمَهُ الْخُلْعُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ حَصَلَ، وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ بَلْ وُقُوعُ الثَّلَاثِ خِلَافُ طَلَاقِ السُّنَّةِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَإِنْ ادَّعَى الْخُلْعَ أَوْ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا حُلِّفَتْ وَبَانَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى وُقُوعِ طَلْقَةٍ مَثَلًا وَقَالَ الزَّوْجُ وَقَعَتْ بِعِوَضٍ وَلَمْ تَدْفَعْهُ لِي وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْخُلْعِ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ الْمَذْكُورَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ قَالَ وَقَعَتْ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَقَالَتْ بَلْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ قَالَ عَلَى عَبْدٍ وَقَالَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ الْخُلْعَ يَلْزَمُ بَيْنَهُمَا وَتُحَلَّفُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي دَعْوَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَإِنْ نَكَلَتْ حُلِّفَ الزَّوْجُ وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي دَعْوَاهُ الْخُلْعَ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي دَعْوَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ. (ص) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْعِوَضِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ وَاخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: ثَوْبٌ أَصْفَرُ إلَخْ) مِنْ رَقِيقِ الْقُطْنِ يُصَفَّرُ سَدَاهُ بِالزَّعْفَرَانِ أَوْ الْكَمُّونِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: يُقَالُ هَرَّيْت الثَّوْبَ إذَا صَبَغْته) أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْمَادَّةُ (قَوْلُهُ: يَلْبَسُهُ خَاصَّةُ النَّاسِ) مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْهَرَوِيَّ يَلْبَسُهُ خَاصَّةُ النَّاسِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ) هَكَذَا فِي التَّنْبِيهِ بِزِيَادَةِ " غَيْرِ " وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا وَالصَّوَابُ مَا فِي عج فَإِنَّهُ قَالَ مَرْوٌ بِسُكُونِ الرَّاءِ يُنْسَبُ إلَيْهَا مَا لَا يَعْقِلُ عَلَى الْقِيَاسِ فَيُقَالُ: ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ وَأَمَّا مَنْ يَعْقِلُ فَيُنْسَبُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَيُقَالُ: رَجُلٌ مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ " زَايٍ " ذَكَرَهُ التِّلْمِسَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مَرْوَزِيٌّ) لِقُرْبِ مَخْرَجِ الزَّايِ مِنْ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ) الْمُنَاسِبُ يَلْزَمُ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا فَإِذَا كَانَ فِي يَدِهَا حَجَرٌ ظَاهِرٌ مُتَمَوَّلٌ وَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِهَذَا الْحَجَرِ فَطَلَّقَهَا فَبَائِنٌ وَاسْتَحَقَّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا مَعَ إرَاءَتِهَا إيَّاهُ فَرَجْعِيٌّ. (قَوْلُهُ: خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ) وَهِيَ عَالِمَةٌ دُونَهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَوْصُوفٍ لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ وَعَلِمَتْ بِذَلِكَ بَانَتْ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَهِلَ مَعَهَا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ - عَلِمْت هِيَ أَمْ - لَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا خِلَافًا لِمَا فِي عب. (قَوْلُهُ: أَوْ فَقَدْ خَالَعْتُك) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّافِهِ) أَيْ فَلَمْ يُرَدْ التَّافِهُ لُغَةً وَهُوَ مَا لَا بَالَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا قَصْدِي إلَخْ) فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجُ صَحَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ) بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ فَاسِدٌ وَهُوَ تَنْفِيرُ الْأَزْوَاجِ عَنْهَا إذَا سَمِعُوا بِأَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقَعْ الثَّلَاثُ بِالنَّظَرِ لِلَفْظِهِ بِهَا نَظَرًا لِتَعْلِيقِهَا فِي الْمَعْنَى عَلَى شَيْئَيْنِ الْقَبُولِ وَالْأَلْفِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَلْفُ، أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَقَبِلْتِ الطَّلَاقَ بِالثَّلَاثِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ الشَّيْئَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْقَبُولُ لِلثَّلَاثِ فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ مَا يَقَعُ إلَّا مَا تُرِيدُهُ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَوْقَعَهَا، وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَتْ حُلِّفَ الزَّوْجُ) أَيْ لِأَنَّ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الطَّلَاقِ) " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 فَقَالَتْ الزَّوْجَةُ مَثَلًا طَلَّقْتَنِي ثَلَاثًا بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ طَلْقَةً وَاحِدَةً بِعَشَرَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِلَا يَمِينٍ وَوَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ، وَالْمَنْقُولُ بِيَمِينٍ. (ص) كَدَعْوَاهُ مَوْتَ عَبْدٍ أَوْ عَيْبَهُ قَبْلَهُ وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ بَعْدَهُ فَلَا عُهْدَةَ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى عَبْدِهَا الْغَائِبِ وَهُوَ غَيْرُ آبِقٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ الْمَوْتُ أَوْ الْعَيْبُ قَبْلَ الْخُلْعِ فَأَنَا أَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْتِ أَوْ أَرْشَ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَمُتْ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْخُلْعِ لِيَكُونَ ضَمَانُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهَا فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ لِانْتِقَالِهِ فَعَلَيْهَا الْبَيَانُ أَمَّا إنْ ثَبَتَ مَوْتُ الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي بَابِ الْخُلْعِ ضَمَانُهُ مِنْ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ هُنَا الضَّمَانُ أَيْ ضَمَانُ دَرَكِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ أَيْ لَا عُهْدَةَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَأَمَّا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ أَوْ السُّنَّةِ فَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ فَلَا تُرَادُ هُنَا وَأَمَّا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ عَلَى الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْخُلْعِ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِمَوْتِ الْآبِقِ قَبْلَ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ لِمُخَالِعِهَا لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ عَلَى غَرَرِهِ. (فَصْلٌ: طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الطَّلَاقَ سُنَّةٌ لِأَنَّ أَبْغَضَ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُقَابِلَةَ لِلْبِدْعِيِّ وَمِنْ الْبِدْعِيِّ مَا هُوَ حَرَامٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي وَالطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِيهِ مَا اسْتَوْفَى أَرْبَعَةَ قُيُودٍ. أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَاحِدَةً بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ بِلَا عِدَّةٍ (ش) الْأَوَّلُ: مِنْ الْقُيُودِ أَنْ يَكُونَ وَاحِدَةً، فَأَكْثَرُ مِنْهَا فِي دَفْعَةٍ بِدْعِيٌّ مَكْرُوهٌ الثَّانِي: أَنْ يُوقِعَ الطَّلْقَةَ فِي حَالِ طُهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ أَوْقَعَهَا فِي غَيْرِ طُهْرِهَا بَلْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ كَانَ بِدْعِيًّا لِأَنَّهُ يُطَوِّلُ عَلَيْهَا عِدَّتَهَا. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الطُّهْرُ الْمُوقَعُ فِيهِ الطَّلْقَةُ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ فَإِنْ أَوْقَعَهُ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ كَانَ بِدْعِيًّا لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَدْرِي هَلْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَقَدْ أَلْبَسَ عَلَيْهَا عِدَّتَهَا وَلِخَوْفِ النَّدَمِ إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَأَرَادَ نَفْيَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَبْرَأَةً فَإِذَا لَمْ يَمَسَّهَا صَارَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ نَفْيِهِ وَهُوَ أَحْسَنُهَا. الرَّابِعُ: أَنْ لَا تَكُونَ الْوَاحِدَةُ مُرْدَفَةً فِي الْعِدَّةِ فَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ أَرْدَفَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ شَيْئًا فَبِدْعِيٌّ مَكْرُوهٌ وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا لِتَطْوِيلِهِ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِلَا يَمِينٍ) وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّوْجُ هِيَ مُدَّعِيَةٌ لَهُ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَعَلَى مَا هُوَ الْمَنْقُولُ لَوْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ وَلَا يُقَالُ تُحَلَّفُ وَيَثْبُتُ مَا تَدَّعِيهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ مَعَ الْحَلِفِ وَتَبِينُ مِنْهُ فِي اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْخُلْعِ وَرَجْعِيَّةً فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ) أَيْ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِحْقَاقٍ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ " وَقِيمَةَ كَعَبْدٍ اُسْتُحِقَّ " وَيُجَابُ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعُهْدَةَ تَنْقَسِمُ إلَى الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ وَعُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَلَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْعُهْدَةِ هُنَا عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَلَا السُّنَّةِ بَلْ الضَّمَانُ الْمُفَسَّرُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُنَا عَدَمَ ضَمَانِ قِيمَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْقِيمَةُ عَلَى غَرَرِهِ) أَيْ وَتَكُونُ بَائِنَةً وَيُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ: لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزَّوْجَ هُنَا دَخَلَ عَلَى غَرَرٍ مَعَ كَوْنِهِ مُجَوِّزًا لِمَوْتِهِ. [بَاب الطَّلَاق] [فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ] (قَوْلُهُ: طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الَّذِي أَذِنَتْ فِيهِ رَاجِحًا كَانَ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا رَاجِحَ الْفِعْلِ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ وَلَمَّا كَانَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ كَوْنِهِ رَاجِحًا أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ مَرْجُوحًا، وَقُيُودُهُ عُلِمَتْ مِنْ السُّنَّةِ دُونَ الْكِتَابِ أَضَافَهُ إلَيْهَا دُونَ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا وَقَعَ فِي السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ مَا لَمْ يَحْرُمْ وَمَا لَمْ يُكْرَهْ وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ فَبِدْعِيٌّ فَاَلَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ مَا كَانَ وَاجِبًا أَوْ جَائِزًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ " لِأَنَّ أَبْغَضَ " فِيهِ إشْكَالٌ بِأَنَّ الْمُبَاحَ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ فَلَيْسَ فِيهِ مَبْغُوضٌ وَلَا أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ " أَفْعَلَ " التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُرَادُ بِالْحَلَالِ مَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فَيَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى فَخِلَافُ الْأَوْلَى مَبْغُوضٌ وَالْمَكْرُوهُ أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُغْضِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ كَوْنُهُ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ بَلْ مَا فِيهِ اللَّوْمُ إمَّا الْخَفِيفُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى أَوْ الشَّدِيدُ فِي الْمَكْرُوهِ وَيَكُونُ سِرُّ التَّعْبِيرِ بالْمَبْغُوضِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْغُوضُ هُوَ الْمُحَرَّمَ قَصْدَ التَّنْفِيرِ، بَقِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ عَرَفْنَا أَنَّهُ أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً وَيَكُونُ مَكْرُوهًا إلَّا أَنَّ التَّعْلِيلَ حِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِيهِ لَا يَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ، وَالْحَدِيثُ فِي الْمَكْرُوهِ فَتَدَبَّرْ وَبَقِيَ قَيْدَانِ آخَرَانِ وَهُمَا طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ، وَوُقُوعُهَا عَلَى كُلِّ الْمَرْأَةِ وَالْأَوَّلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَاحِدَةً، وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ " وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ " وَكَذَا قَيْدَانِ كَوْنُهَا مِمَّنْ تَحِيضُ وَتَالِيًا لِحَيْضٍ لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ وَاحْتَرَزَ بِالْأَوَّلِ عَنْ طَلَاقِ صَغِيرَةٍ وَيَائِسَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَبِالثَّانِي عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا لِفَهْمِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ بِطُهْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاحِدَةً) أَيْ وَلَوْ أَوْقَعَ بَعْدَهَا مَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهَا كَمَا إذَا طَلَّقَ أُخْرَى فِي الطُّهْرِ الثَّانِي مِنْ الْعِدَّةِ مَثَلًا فَإِنَّ الْأُولَى تَسْتَمِرُّ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 الْمُرَاجَعَةِ الْفِرَاقَ وَأَمَّا إنْ نَوَى الْبَقَاءَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَطَلَّقَ وَهَكَذَا فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً لَمْ تُكْرَهْ لَهُ الْمُرَاجَعَةُ وَلَا الطَّلَاقُ عِيَاضٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ. (ص) وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَ الْقُيُودِ بِأَنْ طَلَّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّهَا فِيهِ أَوْ قَبْلَ مَسِّهَا لَكِنْ أَرْدَفَهَا وَاحِدَةً أُخْرَى أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فِي غَيْرِ طُهْرٍ فَبِدْعِيٌّ وَالْبِدْعِيُّ مَنْسُوبٌ لِلْبِدْعَةِ أَيْ لَمْ تَأْذَنْ فِيهِ السُّنَّةُ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْبِدْعِيِّ مَكْرُوهٌ وَمَمْنُوعٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ الْبِدْعِيَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ الْوَاقِعُ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ أَوْ زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَوْ أَرْدَفَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إذْ لَمْ يَرِدْ الْجَبْرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَحَلِّ الْوُرُودِ. (ص) كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ وَالْكَرَاهَةِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ الَّتِي رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوْ الْقَصَّةَ قَبْلَ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى تَشْبِيهٌ فِي لَمْ يُجْبَرْ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ لَا فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِ الْجَبْرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ) لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ أَيْ مَقَامَ الْغُسْلِ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُسَافِرَةً لَا تَجِدُ مَاءً فَتَيَمَّمَتْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ التَّيَمُّمِ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ لَهَا. (ص) وَمُنِعَ فِيهِ وَوَقَعَ وَأُجْبِرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ - بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ - حَرَامٌ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُ، وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ أَوْ أَحْنَثَتْهُ الزَّوْجَةُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَةٍ وَوُجِدَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ وَالزَّوْجَةُ حَائِضٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ فَإِنْ فَعَلَتْ لَزِمَ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَالنِّفَاسُ مِثْلُهُ. (ص) وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا فِيهِ وَفِي الْحُرْمَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ فَطَلُقَتْ ثُمَّ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِ طُهْرِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ وَقَعَ فِي طُهْرٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الدَّمُ الْعَائِدُ بَعْدَ ذَلِكَ الطُّهْرِ يُضَافُ لِلدَّمِ قَبْلَهُ لِعَوْدِهِ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ دَمٍ وَاحِدٍ وَنُزِّلَ الطُّهْرُ بَيْنَهُمَا كَلَا طُهْرٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو عِمْرَانَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ خِلَافًا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ لِأَنَّهُ طَلَّقَ طَاهِرًا وَلَمْ يَتَعَمَّدْ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبَاجِيُّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الْجَبْرِ وَالْقَوْلَانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَآلِ أَوْ الْحَالِ، وَقَوْلُهُ (لِآخِرِ الْعِدَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأُجْبِرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا إلَى آخِرِ الْعِدَّةِ أَيْ إذَا غَفَلَ عَنْهَا لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي الْحَيْضِ أَيْ إلَى أَنْ طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ عَلِمْنَا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا مَا بَقِيَ شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَبَاحَ طَلَاقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْإِجْبَارِ مَعْنًى. (ص) وَإِنْ أَبَى هُدِّدَ ثُمَّ سُجِنَ ثُمَّ ضُرِبَ بِمَجْلِسٍ   [حاشية العدوي] سُنِّيَّتِهَا وَتَكُونُ الثَّانِيَةُ بِدْعِيَّةً وَقَوْلُهُ: بِلَا عِدَّةٍ كَانَ يَنْبَغِي قَرْنُهُ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صِفَةً لِطُهْرٍ وَلَا حَالًا مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةُ " وَاحِدَةً " (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ نَوَى الْبَقَاءَ إلَخْ) وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَ الْقُيُودِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَقْدُ جَمِيعِ الْقُيُودِ فِي صُورَةٍ لِأَنَّ الْبِدْعِيَّ يَكُونُ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ الَّذِي مَسَّ فِيهِ، وَمُحَالٌ اجْتِمَاعُ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ فِي آنٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ انْتِفَاءَ بَعْضِ الْقُيُودِ وَبِحَسَبِ مَا فَقَدَ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ يَبْعُدُ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ يَقْرَبُ مِنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْعِدَّةِ بِدْعِيٌّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَمُفَادُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا إلَّا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْمِلَ الْمُصَنِّفَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّيَمُّمِ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ الْجَمِيعِ فَمَتَى وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ فَلَا مَنْعَ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ إلَخْ) وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَ الطُّهْرِ فَحَرَامٌ وَلَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحْنَثَتْهُ الزَّوْجَةُ إلَخْ) كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الْحَيْضِ أَوْ قَبْلَهُ وَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُحْنِثُهُ فِيهِ وَإِلَّا فَبِهَا فَقَطْ مَعَ عِلْمِهَا بِتَعْلِيقِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ) مِنْ الْعَادَةِ أَيْ عَادَتُهَا الدَّمُ لَا مِنْ الْمُعَاوَدَةِ ك وَقَوْلُهُ: لِمَا أَيْ فِي زَمَنٍ وَقَوْلُهُ: يُضَافُ أَيْ الدَّمُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ لِلدَّمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَا فِيهِ وَفِي الْحُرْمَةِ) يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مُبَالَغَةً فِي الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِأَنْ يَعْلَمَ حِينَ طَلَاقِهَا أَنَّ الدَّمَ يَعُودُ إلَيْهَا فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى اعْتِبَارِ الْمَآلِ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ بِالْجَبْرِ وَقَوْلُهُ: وَالْحَالُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَبْرِ (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيْضِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: أَبَاحَ طَلَاقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ طَلَاقَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: بِمَجْلِسٍ) أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِمَجْلِسٍ لَا مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ بَلْ يُفِيدُ تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ ضُرِبَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِظَنِّ الْإِفَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ " وَوَعْظُ مَنْ نَشَزَتْ إلَخْ " وَيُقَالُ إنَّ التَّهْدِيدَ يُفْعَلُ مُطْلَقًا بَلْ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فِي التَّهْدِيدِ فَأَوْلَى الضَّرْبُ فَإِنْ ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ مَعَ فِعْلِهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَا الظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فَإِنْ فَعَلَتْ بِدُونِهِ ثُمَّ ارْتَجَعَ مَعَ إبَايَةِ الْمُطَلِّقِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ قَطْعًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 وَإِلَّا ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ بِأَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ اخْتِيَارًا فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ فِي حَالِ نِفَاسِهَا وَأَمَرَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَبَى مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُهَدِّدُهُ بِالسَّجْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ سُجِنَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ هُدِّدَ بِالضَّرْبِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضُرِبَ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ قَرِيبًا بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْصِيَةٍ فَإِنْ تَمَادَى أَلْزَمَهُ الرَّجْعَةَ وَيَرْتَجِعُهَا لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: ارْتَجَعْتُ لَك زَوْجَتَك (ص) وَجَازَ الْوَطْءُ بِهِ وَالتَّوَارُثُ (ش) أَيْ وَجَازَ الْوَطْءُ بِارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ لَهُ، وَالتَّوَارُثُ وَإِنْ كَانَ بِلَا نِيَّةٍ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَاكِمِ قَامَتْ مَقَامَ نِيَّتِهِ. (ص) وَالْأَحَبُّ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا وَرَاجَعَهَا أَوْ أَبَى أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَأَلْزَمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَرَادَ طَلَاقَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَإِنَّمَا أُمِرَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الْمُطَلَّقَ فِيهِ لِأَنَّهُ جُعِلَ لِلْإِصْلَاحِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَطْءِ وَبِالْوَطْءِ يُكْرَهُ لَهُ الطَّلَاقُ فَيُمْسِكُهَا حَتَّى تَحِيضَ أُخْرَى ثُمَّ تَطْهُرَ. (ص) وَفِي مَنْعِهِ فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ - لِأَنَّ فِيهَا جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ -، أَوْ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا - لِمَنْعِ الْخُلْعِ، وَعَدَمِ الْجَوَازِ وَإِنْ رَضِيَتْ، وَجَبْرِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ - خِلَافٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ وَذَكَرَ هُنَا الْخِلَافَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ هَلْ هِيَ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ أَوْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ مَا هِيَ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَبَّدٌ بِهَا فَمَنْ قَالَ الْعِلَّةُ لِأَجْلِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ أَجَازَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعِدَّةُ مُطَوَّلَةً كَمَا إذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ حَائِضٌ إذْ لَا تَطْوِيلَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ إنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَا هِيَ إلَّا لِلتَّعَبُّدِ مَنَعَ الْخُلْعَ فِي الْحَيْضِ وَإِنْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَلِأَنَّهَا أَعْطَتْ عَلَيْهِ مَالًا وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُجْبَرَ الْمُطَلِّقُ عَلَى أَنْ يُرَاجِعَهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: وَهَلْ مَنْعُهُ فِي الْحَيْضِ لَكَانَ أَفْهَمَ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَعْيِينِ الْعِلَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا الْمَنْعُ أَيْ وَفِي كَوْنِ تَعْيِينِ الْعِلَّةِ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ - وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِدَلِيلَيْنِ -، أَوْ تَعْيِينِهَا فِي التَّعَبُّدِ - وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِثَلَاثَةِ أَدِلَّةٍ - خِلَافٌ لَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي مَنْعِهِ وَعَدَمِ مَنْعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لِمَنْعِ الْخُلْعِ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ لَا لِلتَّعَبُّدِ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ لَا يُعَلَّلُ. (ص) وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ وَرُجِّحَ إدْخَالُ خِرْقَةٍ وَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ: طَلَّقْتَنِي فِي حَالِ حَيْضِي وَقَالَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُهَا فِي حَالِ طُهْرِهَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ حَصَلَ الِارْتِجَاعُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرِيفًا وَحِينَئِذٍ فَيُخَصَّصُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّعْزِيرَ فِي كُلِّ شَخْصٍ بِحَسَبِهِ بِمَا عَدَا هَذَا الْمَوْضِعَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَيَرْتَجِعُهَا لَهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " الرَّجْعَةَ " وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَسَّرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ارْتَجَعَ أَيْ أَلْزَمَهُ الرَّجْعَةَ وَبَعْضَهُمْ بِالْمُرَاجَعَةِ بِالْفِعْلِ فَأَرَادَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَلْزَمَهُ الرَّجْعَةَ وَيَرْتَجِعُهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ قَوْلُهُ: وَيَرْتَجِعُهَا عَطْفَ تَفْسِيرٍ لَا يَظْهَرُ بِهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ يُلْزِمُهُ أَوَّلًا بِأَنْ يَقُولَ أَلْزَمْتُك الرَّجْعَةَ ثُمَّ يَقُولَ ارْتَجَعْتُهَا لَك فَهَذَا بَعِيدٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَالْأَحَبُّ إلَخْ) الِاسْتِحْبَابُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ إذْ الْإِمْسَاكُ حَالَ الْحَيْضِ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَطْهُرَ فَإِنْ طَلُقَتْ حِينَئِذٍ كُرِهَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: وَرَاجَعَهَا إلَخْ) لَمْ يَرْتَضِهِ اللَّقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: الْأَحَبِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ حَيْثُ أُجْبِرَ عَلَى الِارْتِجَاعِ لَا إنْ ارْتَجَعَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَاجَعَهَا بِاخْتِيَارٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ نَاوِيًا الْبَقَاءَ وَدَوَامَ الْعِشْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُجْبِرَ عَلَى الِارْتِجَاعِ لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ فَاسْتُحِبَّ لَهُ الْإِمْسَاكُ حَتَّى تَطْهُرَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَتْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ لِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي حَالِ رِضَاهَا وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا لَجَازَ، وَقَوْلُهُ " وَإِنْ لَمْ تَقُمْ " الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: هَلْ هِيَ لِتَطْوِيلِ) اللَّامُ زَائِدَةٌ أَيْ هَلْ هِيَ تَطْوِيلٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ مَا هِيَ إلَخْ أَيْ عِلَّةُ الْمَنْعِ مَا هِيَ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ إلَّا كَوْنَهَا أَيْ تِلْكَ الْعِلَّةِ مُتَعَبَّدًا بِهَا أَيْ بِالْعِلَّةِ أَيْ أَمَرَ بِهَا الشَّارِعُ أَوْ نَهَانَا عَنْهَا الشَّارِعُ أَوْ جَوَّزَهَا لَنَا الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهَا مَعْنًى وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَقَوْلُهُ: فَمَنْ قَالَ: الْعِلَّةُ لِأَجْلِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَمَنْ قَالَ الْعِلَّةُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: مَا هِيَ إلَّا لِلتَّعَبُّدِ) اللَّامُ زَائِدَةٌ أَيْ مَا هِيَ إلَّا التَّعَبُّدُ أَيْ مَا هِيَ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَبَّدٌ بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ فَكَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: كَيْفَ يُعْقَلُ الرِّضَا فَقَالَ: لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا أَيْ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَهَا فِي الْخُلْعِ أَيْ لِأَنَّ خُلْعَهَا لِلرَّجُلِ مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي جُوِّزَ لَهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَأَتَّى الرِّضَا فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَعْطَتْ عَلَيْهِ مَالًا أَيْ وَلَا يُعْقَلُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَعْيِينِ الْعِلَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي اشْتَهَرَ أَنَّ الْحُكْمَ التَّعَبُّدِيَّ لَا يُعَلَّلُ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَفِي كَوْنِ تَعْيِينِ الْعِلَّةِ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ) مِنْ تَعْيِينِ الْمُطْلَقِ فِي الْمُقَيَّدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِدَلِيلَيْنِ) هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِدَلِيلٍ بَلْ مُتَفَرِّعٌ عَلَى مَا ذَكَرَ حَيْثُ قَالَ فَمَنْ قَالَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ هَلْ كَوْنُ الْمَنْعِ فِي الْحَيْضِ لِأَجْلِ التَّطْوِيلِ أَوْ كَوْنُ الْمَنْعِ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَيْ كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ التَّعَبُّدِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ لَهَا عِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَرُجِّحَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ طُرَرٍ ابْنِ عَاتٍ فَهُوَ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) هُنَّ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلنِّسَاءِ بَلْ الرِّجَالُ كَذَلِكَ يَعْرِفُونَ دَمَ الْحَيْضِ، وَقَوْلُ ابْنِ يُونُسَ ضَعِيفٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَاخْتَارَ ابْنُ يُونُسَ إدْخَالَ خِرْقَةٍ فِي فَرْجِهَا وَيَنْظُرُ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ رَأَيْنَ بِالْخِرْقَةِ أَثَرَ دَمٍ صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا (ص) إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا فَقَوْلُهُ (ش) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمَرْأَةِ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ مَا لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ فِي حَالِ الرَّفْعِ طَاهِرًا فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا فَطَاهِرًا حَالٌ، وَصَاحِبُهَا الْمَرْأَةُ الَّتِي هِيَ بَعْضُ مَدْلُولِ أَلِفِ الضَّمِيرِ مِنْ تَرَافَعَا أَيْ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَ الزَّوْجَانِ فِي حَالِ طُهْرِ الْمَرْأَةِ وَلَا حَاجَةَ لِدَعْوَى حَذْفِ صَاحِبِ الْحَالِ كَمَا قِيلَ وَعَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَالِ الْمَرْأَةُ اخْتِصَاصُ وَصْفِ الطُّهْرِ بِهَا كَقَوْلِك جَاءَ زَيْدٌ وَالْفَرَسُ مُتَكَلِّمًا. (ص) وَعُجِّلَ فَسْخُ الْفَاسِدِ فِي الْحَيْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ كَنِكَاحِ الْخَامِسَةِ وَعُثِرَ عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُعَجَّلُ فَسْخُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَتَّى تَطْهُرَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ الطُّهْرِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ إيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ فَارْتُكِبَ أَخَفُّ الْمَفْسَدَتَيْنِ حَيْثُ تَعَارَضَتَا. (ص) وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمُولِي وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ فِي حَالِ حَيْضِ امْرَأَتِهِ وَلَا وَعْدَ بِالْفَيْئَةِ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ وَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ فَلَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْإِعْسَارِ (ص) لَا لِعَيْبٍ وَمَا لِلْوَلِيِّ فَسْخُهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ عُجِّلَ لِلْفَسَادِ لَا لِعَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي صَاحِبِهِ كَجُنُونٍ وَعُنَّةٍ وَعِتْقِ أَمَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَا يُعَجَّلُ فِي الْحَيْضِ بَلْ حَتَّى تَطْهُرَ وَكَذَلِكَ لَا يُعَجَّلُ فَسْخُ نِكَاحٍ مَوْقُوفٍ إجَازَتُهُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ كَنِكَاحِ الْمَحْجُورِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ فَسْخَهُ وَالْمَرْأَةُ حَائِضٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَهُ فَيُشْكِلُ مَنْعُ تَعْجِيلِهِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ (ص) أَوْ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ وَلَا فِي النِّفَاسِ إذَا حَلَّ أَجَلُ تَلَوُّمِهِ فِيمَا ذُكِرَ حَتَّى تَطْهُرَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَاللِّعَانِ) إلَى أَنَّهُ لَا تَلَاعُنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِنَفْيِ الْحَمْلِ. (ص) وَنُجِّزَتْ الثَّلَاثُ فِي شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ شَرَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَقْبَحَهُ أَوْ أَكْمَلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا. (ص) وَفِي طَالِقٍ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَمْ لَا مُسْتَحَاضَةً أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ طَاهِرًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَدَّمَ ثَلَاثًا عَلَى قَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَخَّرَهُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. (ص) كَخَيْرِهِ أَوْ وَاحِدَةٍ عَظِيمَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ أَوْ كَالْقَصْرِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْمَعْنَى   [حاشية العدوي] كَمَا قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا) اسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْيَمِينَ لِدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الْعَدَاءَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَتُحَلَّفُ لِمُخَالَفَتِهَا الْأَصْلَ (قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ) أَيْ إنَّ بَعْضَهُمْ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَالِ مَحْذُوفٌ أَيْ فَكَانَ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا فَتُصَدَّقَ الْمَرْأَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا طَاهِرًا فَلَيْسَ الْمَحْذُوفُ صَاحِبَ الْحَالِ فَقَطْ بَلْ وَالْعَامِلُ وَعِبَارَةُ تت: وَصَاحِبُ الْحَالِ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي صُدِّقَتْ فَإِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فَلَيْسَ صَاحِبُ الْحَالِ مَحْذُوفًا وَلَا يَظْهَرُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ " طَاهِرَةً " لِأَنَّ " طَاهِرًا " حَالٌ مُشْتَقَّةٌ، وَالْحَالُ الْمُشْتَقَّةُ يَجِبُ مُطَابَقَتُهَا لِصَاحِبِهَا وَصَاحِبُهَا الْمَرْأَةُ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ لَا يُعَجَّلُ فِي الْحَيْضِ مَعَ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ وَالْمُوَافِقُ لِمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّعْمِيمُ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ لَا، كَأَنْ يُفْسَخَ قَبْلُ فَقَطْ أَوْ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا وَعْدَ بِالْفَيْئَةِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ طَلَبِ الْفَيْئَةِ، وَطَلَبُهَا حَالَ الْحَيْضِ مُمْتَنِعٌ وَإِنْ وَقَعَ لَا يُعْتَبَرُ وَيُجَابُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا وَقَعَ طَلَبُ الْفَيْئَةِ قَبْلَ الْحَيْضِ وَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بِالطَّلَاقِ حَتَّى حَاضَتْ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَمَا يَأْتِي قَوْلٌ آخَرُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ لَا يَتِمُّ مَعَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِكِتَابِ اللَّهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} [البقرة: 227] فَإِنْ قُلْت لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ بِالطَّلَاقِ قُلْت نَعَمْ لَيْسَ فِيهَا أَمْرٌ صَرِيحٌ إلَّا أَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يَقْتَضِي الْحَصْرَ وَالْمَعْنَى فَإِنْ انْقَضَتْ الْأَرْبَعَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا الْفَيْئَةُ وَهِيَ الَّتِي تُطْلَبُ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَفِئْ فَلَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ إمَّا بِاخْتِيَارِهِ وَإِمَّا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَيْ حِينَ يَمْتَنِعُ مِنْ الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} [البقرة: 227] أَيْ إنْ صَمَّمُوا عَلَى الطَّلَاقِ وَأَوْقَعُوهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: لَا لِعَيْبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بِالتَّأْوِيلِ أَيْ عُجِّلَ الْفَسْخُ لِفَسَادِهِ لَا لِعَيْبٍ، وَقَوْلُهُ: وَمَا لِلْوَلِيِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِعَيْبٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَهُ فَيُشْكِلُ) ذَكَرَهُ فِي ك فَقَالَ: وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَهَذَا حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ حَيْثُ كَانَ يَظْهَرُ قَبْلَهُ كَالْعُنَّةِ وَأَرَادَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُكِّنَتْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ فِي الْحَيْضِ انْتَهَى. (أَقُولُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَّرَهُ) وَلَا يَرِدُ حِينَئِذٍ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالْوَاحِدَةِ مَعَ وَصْفِهَا بِالسُّنَّةِ فَيُعَدُّ قَوْلُهُ بَعْدَهَا ثَلَاثًا لَغْوًا لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا نَسَّقَ اللَّفْظَيْنِ فَكَأَنَّهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ فَلَمْ تَبِنْ بِالْوَاحِدَةِ فِي تَقْدِيمِ السُّنَّةِ عَلَى " ثَلَاثًا ". (قَوْلُهُ: أَوْ كَالْقَصْرِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَالظَّاهِرُ لُزُومُ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَحْسَنَهُ أَوْ أَفْضَلَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَكْثَرَ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً عَظِيمَةً أَوْ قَبِيحَةً أَوْ كَالْقَصْرِ أَوْ كَالْجَبَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ سَحْنُونَ وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ. (ص) وَثَلَاثٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ بَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ فَثَلَاثٌ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلصُّورَتَيْنِ إذْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْعُمُومِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَقْسَامِ الطَّلَاقِ مِنْ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ مَصْحُوبٍ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ مَصْحُوبٍ بِهِ شَرَعَ فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْأَعَمِّ وَأَسْبَابِهِ وَشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ. (فَصْلٌ) : وَرُكْنُهُ أَهْلٌ وَقَصْدٌ وَمَحَلٌّ وَلَفْظٌ (ش) الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ جَازَ الْخُلْعُ وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَ " رُكْنُهُ " مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ كَأَنَّهُ قَالَ وَجَمِيعُ أَرْكَانِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ مُوقِعُ الطَّلَاقِ زَوْجًا كَانَ أَوْ وَلِيَّهُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ هَذَا الْمُوقِعِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ وَأَمَّا الْفُضُولِيُّ فَالْمُوقِعُ فِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ وَالْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَصَدَ مَدْلُولَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ. وَالْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْعِصْمَةُ الْمَمْلُوكَةُ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا. وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ مَا دَلَّ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّلَالَةُ وَضْعِيَّةً كَمَا فِي لَفْظِ الطَّاءِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ أَوْ عُرْفِيَّةً كَالْكِنَايَاتِ. (ص) وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ مُوقِعِ الطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا فَلَا يَصِحُّ طَلَاقٌ مِنْ كَافِرٍ لِكَافِرَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَيَجْرِيَ فِيهِ تَأْوِيلَاتٌ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا إلَخْ وَلَا لِكَافِرَةٍ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَلَوْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ عَلَيْهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا فَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مَجْنُونٍ، وَإِنْ جُعِلَ الْمُسْلِمُ صِفَةً لِذَكَرٍ خَرَجَ بِهِ الْأُنْثَى فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ أُنْثَى لَا يُقَالُ إذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ بَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ عَدَمِ وُقُوعِهِ مِنْ مُكَلَّفٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْبَيْنُونَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لَهَا. (ص) وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي لُزُومِ طَلَاقِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ إذْ سُكْرُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ التَّكْلِيفِ فَيَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ وَلَوْ سَكِرَ سُكْرًا حَرَامًا كَالْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ.   [حاشية العدوي] مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ) أَيْ تَعْجِيلُ ثَلَاثٍ عَلَى مُقْتَضَى النَّوَادِرِ وَمُقَابِلُهُ تَعْجِيلُ وَاحِدَةٍ الْآنَ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةٍ إذَا حَاضَتْ وَوَاحِدَةٍ إذَا طَهُرَتْ وَهَذَا إذَا قَالَهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا طَلُقَتْ مَكَانَهَا ثَلَاثًا لِأَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ فِيهَا وَاحِدَةٌ [فَصْلٌ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ] (قَوْلُهُ: الْأَعَمِّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَسْبَابِهِ) أَرَادَ بِالْأَسْبَابِ وَالْأَرْكَانِ شَيْئًا وَاحِدًا هُوَ مَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ " وَشُرُوطِهِ " أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ (فَصْلٌ: وَرُكْنُهُ أَهْلٌ) . (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ أَهْلٌ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَرْكَانِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَاهِيَّةُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أُمُورٌ حِسِّيَّةٌ، وَالطَّلَاقَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ إلَخْ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ حِسِّيًّا (قَوْلُهُ: وَلَفْظٌ) فَلَا يُطَلِّقُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ إلَّا لِعُرْفٍ كَمَسْأَلَةِ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: الْوَاوُ عَاطِفَةٌ إلَخْ) وَلَا يَكُونُ الْفَصْلُ بِالْفَصْلِ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَيْفَ يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْ مُفْرَدٍ بِمُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ قَالَ: وَجَمِيعُ أَرْكَانِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الْعُمُومِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفُضُولِيُّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: هَلَّا زِدْتَ فَقُلْتَ: زَوْجًا كَانَ أَوْ وَلِيَّهُ أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْفُضُولِيِّ وَأَيْضًا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَهْلُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا إلَخْ مَعَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ يُوقِعُ الطَّلَاقَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمُوقِعَ فِي الْحَقِيقَةِ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْعِصْمَةُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَجُوسِيُّ إذَا أَسْلَمَ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ وَطَلَّقَهَا بِقُرْبِ إسْلَامِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَالْكِنَايَاتِ) أَيْ الظَّاهِرَةِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِتَابَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَدْلُولَهُ وَهُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَقَصَدَ حَلَّهَا فِي الْكِتَابَةِ الْخَفِيَّةِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ قَاصِرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ) أَيْ زَوْجَتَهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَنْهُ وَالْفُضُولِيُّ مَعَ الْإِجَازَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ بَلْ تَمْيِيزٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ أُنْثَى) وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُخَيَّرَةً أَوْ مُمَلَّكَةً فَيَصِحُّ وَكَذَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا فُضُولِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ مَنُوطًا بِإِجَازَةِ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: هَذَا مُبَالَغَةٌ إلَخْ) فَالْمَعْنَى هَذَا إنْ لَمْ يَسْكَرْ بَلْ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا فَلَا يَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا سَكِرَ حَلَالًا كَمَا يَشْمَلُهُ لَفْظُهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ إذْ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكِرَ سُكْرًا حَرَامًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ " حَرَامًا " مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ السُّكْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ سَكِرَ أَيْ حَالَ كَوْنِ السُّكْرِ حَرَامًا أَوْ مِنْ فَاعِلِ " سَكِرَ " أَيْ حَالَ كَوْنِهِ حَرَامًا أَيْ آتِيًا بِحِرَامٍ وَالْمُرَادُ اسْتَعْمَلَ عَمْدًا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَلَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 أَوْ الْمِزْرِ أَوْ الْحَشِيشَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى إسْكَارَهَا وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمَ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ كَظَنِّهِ لَبَنًا أَوْ مَاءً لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَا حَدُّ قَذْفٍ وَمَحْمَلُهُ مَحْمَلُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى وَيُصَدَّقُ فِي ظَنِّهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي دِينِهِ وَهَلْ مَحَلُّ صِحَّةِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُمَيِّزُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ اتِّفَاقًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَيَّزَ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ إنْ كَانَ مَعَهُ مَيْزٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَيْزٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذِهِ الطُّرُقُ مَا عَدَا طَرِيقَ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ مُتَّفِقَانِ مَعْنًى فِي اللُّزُومِ لِلسَّكْرَانِ مُطْلَقًا إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا مُطْبِقًا أَوْ مُمَيِّزًا وَهُوَ مَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَعْبَانَ وَالصَّقَلِّيِّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَهُ وَرَدَّ مُقَابِلَهُ بِلَوْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ فَالطُّرُقُ ثَلَاثٌ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ ثَانِيهَا طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ ثَالِثُهَا طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَغْمُورِ لَا فِي الَّذِي مَعَهُ مَيْزٌ وَكَمَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ الطَّلَاقُ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالْحُدُودُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ. (ص) وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ كَبَيْعِهِ (ش) أَيْ وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ كَبَيْعِهِ إلَّا أَنَّ الْعِدَّةَ وَالْأَحْكَامَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي الْخِلَافُ هُنَا كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ النَّاسَ يَطْلُبُونَ فِي سِلَعِهِمْ الْأَرْبَاحَ بِخِلَافِ النِّسَاءِ. (ص) وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ إنْ هَزَلَ بِإِيقَاعِهِ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ هَزَلَ بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَالْعِتْقُ، وَبِعِبَارَةِ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ هَازِلًا لَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِقَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لِأَجْلِ إتْيَانِهِ بِلَوْ الَّتِي يُشِيرُ بِهَا إلَى الْخِلَافِ وَالْهَزْلِ بِإِيقَاعِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (ص) لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَالْتَوَى لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا   [حاشية العدوي] مَعَ شَكِّهِ أَنَّهُ يُغَيِّبُ كَالْخَمْرِ الَّذِي هُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّبِيذِ أَيْ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ التَّمْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمِزْرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالزَّايِ وَهُوَ الْبُوزَةُ الْمُسْكِرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْحَشِيشَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى إسْكَارَهَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا تُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَاسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ غَابَ عَقْلُهُ وَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْمُحَرَّمَ) بَقِيَ صُورَةٌ وَهُوَ مَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ خَمْرًا أَمْ لَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَكَّهُ فِي كَوْنِهِ مُسْكِرًا كَشُرْبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ أَنَّهُ مُسْكِرٌ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي ظَنِّهِ) أَيْ بِيَمِينٍ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ فَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ) أَيْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَيَّزَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إمَّا اتِّفَاقًا) فِي الَّذِي عِنْدَهُ مَيْزٌ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ) وَنَقُولُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ وَفِي بَعْضِهَا وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ بِإِسْقَاطِ لَا وَالْكُلُّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ) الْمُنَاسِبُ لِأَهْلِ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ يُعَدَّانِ طَرِيقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ) أَيْ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ فَهُوَ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ) بَلْ لَا تَصِحُّ الْعُقُودُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَحْكَامَ) أَيْ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي أَيَّامِ الْعِدَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَعَدَمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ إنَّ الْعِدَّةَ وَالْأَحْكَامَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَالْأَحْكَامُ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ وَبِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا أَجَازَهُ طَائِعًا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ، وَالْفُرْقُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ حَالَ الْإِكْرَاهِ قَدْ قِيلَ بِلُزُومِهِ وَأَيْضًا الْمُوقِعُ وَالْمُجِيزُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ وَاحِدٌ وَفِي مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ الْمُوقِعُ غَيْرُ الْمُجِيزِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ) فِيهِ خِلَافٌ بِالْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَوْقَعَ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُجِيزَ وَاحِدَةً أَوْ رَجْعِيَّةً فَالْمُعْتَبَرُ مَا يُجِيزُهُ لَا مَا أَوْقَعَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزَلَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ) أَيْ هَزَلَ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ أَيْ حَلِّ الْعِصْمَةِ أَيْ هَزَلَ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي السُّلَيْمَانِيَّة مِنْ قَوْلِهِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: جِدٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَجَدَّ فِي كَلَامِهِ جَدًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ ضِدُّ هَزَلَ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْجِدُّ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ» لِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُطَلِّقُ أَوْ يَعْتِقُ أَوْ يَنْكِحُ ثُمَّ يَقُولُ كُنْت لَاعِبًا وَيَرْجِعُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَوْلُهُ: هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ فَكَّ الْعِصْمَةِ أَيْ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ حُصُولِهَا (قَوْلُهُ: هَازِلًا) حَالٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي حَالِ كَوْنِهِ هَازِلًا فَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) عَطْفٌ عَلَى " بِاسْتِعْمَالِ " أَيْ لَا بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ قَاصِدًا لِفَكِّ الْعِصْمَةِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِقَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْهَزْلِ بِإِيقَاعِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِإِيقَاعِهِ أَيْ بِإِيقَاعِهِ مَعَ قَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ. (ص) أَوْ لُقِّنَ بِلَا فَهْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لُقِّنَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَأَوْقَعَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ فَهِمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا. (ص) أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا هَذَى لِمَرَضِهِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَنْكَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا فِي الْقَضَاءِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَجْنُونِ قَالَ مَالِكٌ وَيُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا شَعَرَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ وَتَقَدَّمَ إطْلَاقُ الْبَاجِيِّ وَتَقْيِيدُ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ وَقَعَ مِنِّي شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى كَذِبِهِ. (ص) أَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقُ: يَا طَالِقُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَالِقَ فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ قَاصِدًا بِذَلِكَ نِدَاءَهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ. (ص) وَقُبِلَ مِنْهُ فِي " طَارِقَ " الْتِفَاتُ لِسَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقَ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَا طَالِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ أَيْ الْتَوَى وَانْصَرَفَ عَنْ مَقْصُودِهِ فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ وَقَالَ: الْتَفَتَ لِسَانِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ لَقَالَ كَمَنْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ يَا طَالِقُ مُدَّعِيًا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَحَذَفَ قَوْلَهُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقَ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَطَلَقَتَا إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ وَلِعَمْرَةَ. (ص) أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا اسْمُهَا حَفْصَةُ وَالْأُخْرَى اسْمُهَا عَمْرَةُ فَقَالَ يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا حَفْصَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَفْظِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بَلْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّ حَفْصَةَ تَطْلُقُ فَقَطْ وَهِيَ الْمَدْعُوَّةُ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَفْظِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا تَطْلُقَانِ مَعًا حَفْصَةُ بِقَصْدِهِ وَعَمْرَةُ بِلَفْظِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ عَطْفٌ عَلَى " سَبَقَ لِسَانُهُ " فَهِيَ فِي النَّفْيِ أَيْ إنَّهُ لَا تَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ وَهِيَ عَمْرَةُ فِي الْفَتْوَى بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَالْمَدْعُوَّةُ لَيْسَ بَيَانًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بَلْ هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَتَطْلُقُ الْمَدْعُوَّةُ وَهِيَ حَفْصَةُ فِي الْفَتْوَى وَقَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا أَيْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى عَمْرَةَ الْمُجِيبَةِ لَفْظًا لَا نِيَّةً وَالضَّمِيرُ فِي طَلَقَتَا بِفَتْحِ اللَّامِ رَاجِعٌ لِمَنْ ادَّعَى فِيهَا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَلِعَمْرَةَ فِي مَسْأَلَةِ " أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ إلَخْ " وَأَمَّا حَفْصَةُ فَتَطْلُقُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَيَحْتَمِلُ ضَمِيرُ طَلَقَتَا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِحَفْصَةَ وَعَمْرَةَ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَتَمُّ فَائِدَةً. (ص) أَوْ أُكْرِهَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " سَبَقَ لِسَانُهُ " أَيْ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَلَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ. وَلَمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا وَغَيْرَهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ لَا يَنْفَعُ فِي رَفْعِ الْحِنْثِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَوْ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ فَأَخْرَجَهَا قَاضٍ لِتَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ فِي نِصْفِ عَبْدٍ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نِصْفَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْحَالِفِ وَكُمِّلَ بِهِ عِتْقُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِكَلَامِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ (وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) أَيْ لَا يَحْنَثُ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ   [حاشية العدوي] عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ صُورَةُ غَيْرِ الْهَزْلِ، وَاثْنَتَانِ فِي الْهَزْلِ فَمَا قَبِلَ الْمُبَالَغَةَ صُورَتَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْقَصْدِ) أَيْ لِعَدَمِ قَصْدِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ أَيْ تَكَلَّمَ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ) بَلْ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الصِّدْقِ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ وَقَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَذَيَانٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ يُكَذِّبُ بَيِّنَتَهُ، وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَأَنْكَرَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ صَدَرَ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ) فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ؛ الْحَذْفِ وَالِالْتِفَاتِ، وَالظَّاهِرُ فِي تَنَازُعِهِ مَعَهَا فِي الْتِفَاتِ لِسَانِهِ أَوْ فِي سَبْقِهِ أَنَّهُ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْبَيِّنَةِ) الْمُرَادُ عِنْدَ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ عِنْدَ الْقَاضِي مَعَ مُرَافَعَتِهَا لَهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْمُفْتِي فَكَإِقْرَارِهِ. (فَائِدَةٌ) : وَمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا أَفْعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْكِيَ كَلَامَ رَجُلٍ فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَنَسِيَ أَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ فَإِنْ كَانَ نَسَقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُنْتُ طَلَّقْتُكِ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَمَنْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ مِنْ ذِرَاعِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْإِيقَاعِ بَلْ وَلَوْ فِي تَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ مِمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا أَوْ فِي فِعْلٍ مِمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ غَيْرَ شَرْعِيٍّ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءٍ إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي حَالٍ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْجَبْرُ شَرْعِيًّا كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ لَا يُطِيعُ أَبَوَيْهِ أَوْ لَا يَقْضِي فُلَانًا حَقَّهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَأَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ وَلَوْلَا مَا بَعْدَهُ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فِي صُورَةِ حَلِفِهِ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ أَوْ فِي صُورَةِ حَلِفِهِ لَا اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَ هُوَ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ. (تَنْبِيهٌ) : الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ بِمَنْزِلَةِ الطَّوْعِ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ أَمَّا غَيْرُ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَالشَّرْعِيِّ وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَلَا يُوجِبُ حِنْثًا سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَلَفَ لَا خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَأَخْرَجَهَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَرَبِّ الدَّارِ أَوْ سَيْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ خَوْفٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَيَمِينُهُ حَيْثُ انْتَقَلَتْ بَاقِيَةٌ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. (ص) أَوْ فِي فِعْلٍ (ش) عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أُكْرِهَ أَيْ أُكْرِهَ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ فَكَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ فِي الْقَوْلِ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْفِعْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ أَوْ لَا أَكَلَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ أَوْ عَلَى أَكْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ. (ص) إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أُكْرِهَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ إذْ الْفِعْلُ لَا تُمْكِنُ فِيهِ التَّوْرِيَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ قَدْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا وَعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَأَمَّا إنْ تَرَكَ الْحَالِفُ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالتَّوْرِيَةُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَالِفُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرِيدُ الْبَعِيدَ كَقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ وَيُرِيدُ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ يُرِيدُ وَجَعَهَا بِالطَّلْقِ وَهُوَ الْمَخَاضُ وَمَعْنَى طَالِقٍ الْقَرِيبُ إبَانَةُ الْعِصْمَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيَّ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ (ص) بِخَوْفٍ مُؤْلِمٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ وَلَمْ يَقُلْ بِتَحَقُّقِ أَوْ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ بِقَوْلِهِ (ص) مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ (ش) وَلَوْ قَلَّ (ص) أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ (ش) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا أَيْضًا وَلَوْ قَلَّ. (ص) أَوْ صَفْعٍ (ش) فِي الْقَفَا (لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ) أَيْ بِجَمْعٍ فَإِنْ فُعِلَ بِهِ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ وَلَوْ فِي الْخَلَاءِ وَبِعِبَارَةٍ: الْمَلَأُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَشْرَافِ خَاصَّةً وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ مَعَهُ فِي الْخَلَاءِ وَالصَّفْعُ هُوَ الضَّرْبُ بِالْكَفِّ فِي الْقَفَا ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ يَسِيرَهُ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ التَّخْوِيفُ بِذَلِكَ لَا حُصُولُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ وَغَيْرِهِ - فِي الْمَلَإِ وَالْخَلَاءِ -، وَالْيَسِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ فِي الْمَلَأِ وَيَظْهَرُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُ الْمَخُوفِ بِهِ يَقَعُ نَاجِزًا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك فَعَلْت كَذَا بِك بَعْدَ شَهْرٍ وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ   [حاشية العدوي] يَنْفَعُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا مَا بَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ الشَّارِحَ يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) وَعَلَى عَدَمِهِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ) مِنْ كُلِّ فِعْلٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ وَزِنًا بِطَائِعَةٍ غَيْرِ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا سَيِّدٍ وَبِقَيْدِ بِمَا إذَا كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ بِرٍّ كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْيَمِينِ حَيْثُ قَالَ: وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ بِالْإِكْرَاهِ هُوَ الْحَالِفَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ: لَا أَدْخُلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ مُطْلِقِ الطَّلَاقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّوْرِيَةُ إلَخْ) وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْمَخْلَصُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْبَعِيدِ دُونَ الْقَرِيبِ أَوْ غَيْرِهِ كَجَوْزَتِي طَالِقٌ يُرِيدُ جَوْزَةَ حَلْقِهِ لَيْسَ فِيهَا لُقْمَةٌ مَثَلًا بَلْ سَالِكَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْقَوْلِيِّ لَا مِنْ الْفِعْلِيِّ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَخَاضُ) هُوَ وَجَعُ الْوِلَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ) وَالْمُعْتَمَدُ لَا حِنْثَ وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا (قَوْلُهُ: مُؤْلِمٍ) صِفَةٌ لِخَوْفٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَتْلَ وَمَا بَعْدَهُ أَنْوَاعٌ لِلْمَخُوفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِالْخَوْفِ الْمَخُوفَ وَفِي شَرْحِ شب مَا يَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ قَالَ لِخَوْفِ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ بِهِ وَهَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَقِينِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى؟ خِلَافٌ، وَالْمُرَادُ مُؤْلِمٌ حَالًا أَوْ مَآلًا فَالْخَوْفُ حَالًا وَالْمُتَخَوَّفُ مِنْ وُقُوعِهِ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا هُدِّدَ أَوْ لَا وَطُلِبَ فِيهِمَا مِنْهُ الْحَلِفُ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ بِالْحَلِفِ قَبْلَ الطَّلَبِ وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إكْرَاهٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ هُدِّدَ وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ إكْرَاهٍ مُطْلَقًا فَإِنْ قَيَّدَ كَلَامَهُ بِاللَّخْمِيِّ وَافَقَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَجْنٍ) عَلَى تَفْصِيلٍ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّهُ إكْرَاهٌ لِذَوِي الْأَقْدَارِ وَلَيْسَ إكْرَاهًا لِغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يُهَدَّدَ بِطُولِ الْمُقَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ - وَهُوَ الْأَفْصَحُ -، وَضَمِّهَا كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي) بَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَلَأِ أَوْ الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ) فَإِنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ مِنْ أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَقُّنِ بِذَلِكَ وَلَوْ خُوِّفَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ بِالسَّجْنِ فَهُوَ إكْرَاهٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 كَانَ إكْرَاهًا. (ص) أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظَّالِمَ إذَا خَوَّفَ شَخْصًا بِقَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ بِإِتْلَافِ مَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت وَلَدَك أَوْ أَخَذْت مَالَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إكْرَاهًا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَفِي تَخْوِيفِهِ بِعُقُوبَةِ وَلَدِهِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ هُنَا وَإِنْ سَفَلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْمَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ فَقَوْلُهُ " أَوْ قَتْلِ " مَعْطُوفٌ عَلَى " خَوْفٍ " وَقَوْلُهُ " أَوْ لِمَالِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى أُكْرِهَ أَيْ أَوْ فَعَلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ أَيْ مَالِ الْمُكْرَهِ نَفْسِهِ وَأَمَّا مَالُ غَيْرِهِ فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي. (ص) وَهَلْ إنْ كَثُرَ؟ تَرَدُّدٌ (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى فِي خَوْفِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ إكْرَاهٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَقِيلَ إنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ الثَّالِثُ تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ طَرِيقَةُ بَعْضِهِمْ وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ. (ص) لَا أَجْنَبِيٍّ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفِ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا قَالَ ظَالِمٍ لِشَخْصٍ: إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِفُلَانٍ أَقْتُلُهُ وَهُوَ عِنْدَك وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَإِلَّا قَتَلْتُ زَيْدًا مَثَلًا فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: فُلَانٌ لَيْسَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ وَلَا أَنَا قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَ فُلَانٍ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ وَلَكِنْ يُثَابُ الْحَالِفُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ) أَيْ وَأُمِرَ نَدْبًا بِالْحَلِفِ كَاذِبًا لِأَجْلِ سَلَامَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالِهِ وَفَائِدَةُ الْحَلِفِ مَعَ كَوْنِهِ يَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا. (ص) وَكَذَا الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْيَمِينُ وَنَحْوُهُ (ش) أَيْ وَمِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ الْإِكْرَاهُ عَلَى عِتْقِ رَقِيقِهِ وَإِنْكَاحِ بَنَاتِهِ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا، وَالْيَمِينُ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ مِنْ قَتْلٍ وَضَرْبٍ وَصَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ. (ص) وَأَمَّا الْكُفْرُ وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَتْلِ (ش) الْمَسَائِلُ الْمُتَقَدِّمَةُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ وَمَا مَعَهُ وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسَائِلُ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا إلَّا بِالتَّخْوِيفِ مَعَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَكْفُرَ بِاَللَّهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَسُبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ عَلَى أَنْ يَقْذِفَ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا مَعَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَقَطْ، وَعَطْفُ السَّبِّ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَلَمَّا كَانَ أَشَدَّ مِنْ الْكُفْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَتْلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَتَى بِهِ وَمِثْلُ قَذْفِ الْمُسْلِمِ سَبُّ الصَّحَابَةِ بِغَيْرِ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَأَمَّا قَذْفُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَتْلِ. (ص) كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا، وَصَبْرُهُ أَجْمَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ الْقُوتِ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) وَلَوْ عَاقًّا (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِهِ) أَيْ أَوْ بِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي تَخْوِيفِهِ بِعُقُوبَةِ وَلَدِهِ خِلَافٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَارًّا أَوْ عَاقًّا وَفِي عب مُشَبِّهًا فِي كَوْنِهِ إكْرَاهًا وَكَذَا بِعُقُوبَةِ الْبَارِّ إنْ تَأَلَّمَ بِهَا كَمَا بِنَفْسِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لَا إنْ لَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ كَذَا اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بِعُقُوبَةِ عَاقٍّ مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: احْلِفْ لِي عَلَى كَذَا وَإِلَّا عَاقَبْت وَلَدَك فَحَلَفَ لَهُ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي خَوْفِ الضَّرْبِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا فِي وَلَدِ الْبِنْتِ دُونَ غَيْرِهِ وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْحَلِفُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِتَخْوِيفِهِ بِالْأَخْذِ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ كَثُرَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَرْجَحِيَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَرَدُّدًا فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إنَّمَا ذَلِكَ طَرِيقَتَانِ فِي رُجُوعِ الْخِلَافِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ أَوْ إبْقَائِهَا عَلَى كَوْنِهَا أَقْوَالًا مُتَبَايِنَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَرَدَّدُوا فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ كَأَنَّ وَاحِدًا يَقُولُ: إنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَوَاحِدًا يَقُولُ: إنَّهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَحَذْفِ تَأْوِيلِ الْخِلَافِ وَهُوَ أَوْ مُطْلَقًا أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَيْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ لِكَوْنِهِ مُعْتَمَدًا وَطَرْحِ مَا عَدَاهُ. (قَوْلُهُ: لَا أَجْنَبِيٍّ) وَهُوَ مَا عَدَا النَّفْسَ وَالْوَلَدَ وَلَوْ أَخًا أَوْ أَبًا (قَوْلُهُ: وَأُمِرَ نَدْبًا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقُتِلَ الْمَطْلُوبُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِالْحَلِفِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ أَمْرَ الْيَمِينِ شَدِيدٌ وَحَرِجٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا نَعَمْ إنْ دَلَّ الظَّالِمَ ضَمِنَ. وَقَالَ اللَّقَانِيِّ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجَةِ أَخَفُّ مِنْ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا غُرْمُ الْمَالِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الذَّبْحِ: أَوْ تَرْكَ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا) أَيْ غَمُوسًا حَرَامًا بَلْ هِيَ غَمُوسٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: لَنَا غَمُوسٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ يُقَالُ لَنَا غَمُوسٌ أُجِرَ عَلَيْهَا وَكُفِّرَتْ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ يُنْدَبُ حَلِفُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَوْضِعَهُ، وَيُكَفِّرُ. (قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِعِتْقٍ إلَخْ) وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إكْرَاهٌ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ فِي تَعْلِيقِهِ فَلَا تَكْرَارَ. (قَوْلُهُ: وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَكَذَا كُلُّ نَبِيٍّ مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكٍ مُجْمَعٍ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ وَكَذَا الْحُورُ الْعِينُ لِمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ قَتْلِ سَابِّهِمْ وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ فَيُشَدَّدُ عَلَى سَابِّهِمْ فَقَطْ فَالْإِكْرَاهُ عَلَى سَبِّهِمْ دُونَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا) أَيْ حَيَاتَهَا أَيْ إلَّا مَا يُقِيمُ حَيَاتَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا) فَيُبَاحُ لَهَا وَتَتَنَاوَلُ مَا يُشْبِعُهَا لَا قَدْرَ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 بِأَنْ وَصَلَتْ إلَى حَالَةٍ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ لَمَاتَتْ فَإِنَّهُ يَسُوغُ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا مَنْ يَزْنِي بِهَا لَكِنَّ صَبْرَ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْقَتْلِ وَلَا يَكْفُرُ بِاَللَّهِ وَلَا يَسُبُّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا يَقْذِفُ الْمُسْلِمَ وَلَا تَزْنِي الْمَرْأَةُ أَجْمَلُ أَيْ أَفْضَلُ لَهُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا. (ص) لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ وَقَطْعُهُ وَأَنْ يَزْنِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ رِجْلِهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ فَهُوَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ وَلَا زَوْجَ لَهَا فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ. (ص) وَفِي لُزُومِ طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى لُزُومِ طَاعَةٍ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ نَحْوِهِمَا أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يَغُشُّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَوْلَانِ أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِمُبَاحٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا. (ص) كَإِجَازَتِهِ كَالطَّلَاقِ طَائِعًا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ وَهُمَا لِسَحْنُونٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مُكْرَهًا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِمْ ثُمَّ أَجَازَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ كَأَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى اللُّزُومِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي لُزُومِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) فَقَوْلُهُ كَإِجَازَتِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالطَّلَاقِ بِمَعْنَى " مِثْلِ " أَيْ كَإِجَازَةِ الْمُكْرَهِ - بِالْفَتْحِ - عَلَى الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوُهُ الطَّلَاقُ طَائِعًا وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْأَهْلُ وَأَشَارَ لِنَوْعٍ مِنْ الْقَصْدِ بِقَوْلِهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ وَيَأْتِي أَنَّهُ أَشَارَ لِنَوْعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي الْمَاءَ " أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ لَزِمَ ثُمَّ أَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا أَوْ إنْ دَخَلْت وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا (ش) أَيْ وَشَرْطُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكُهُ حِينَ التَّلَفُّظِ بِهِ مِلْكًا مُحَقَّقًا كَزَوْجَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ أَوْ تَعْلِيقًا سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالنِّيَّةِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَوَى إنْ دَخَلَتْهَا بَعْدَ نِكَاحِهَا أَوْ بِالْبِسَاطِ كَقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَةِ امْرَأَةٍ هِيَ طَالِقٌ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إنْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّ وُقُوعَ هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ   [حاشية العدوي] ذَلِكَ سَدُّ رَمَقِ صِبْيَانِهَا إنْ لَمْ تَجِدْهُ إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ " أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ " وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا تَجِدُ عَدَمُ جَوَازِ إقْدَامِهَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَيْتَةٍ تَسُدُّ رَمَقَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا الذَّكَرُ فَلَا وَلَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ فَلَا يُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ لِشِدَّةِ أَمْرِ اللِّوَاطِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَأَمَّا عج فَنَظَرَ فِيهِ وَأَمَّا الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ تُعْطِيهِ مَا يَسُدُّهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَزْنِيَ كَذَا فِي عب وَفِيهِ قُصُورٌ بَلْ هُوَ مَنْصُوصٌ عَنْ سَحْنُونَ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ. (قَوْلُهُ: لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ) وَلَوْ رَقِيقًا وَلَا يَجُوزُ لِخَوْفِ الْقَتْلِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْإِكْرَاهُ بِفِعْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِمَخْلُوقٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الذِّمِّيَّ كَالْمُسْلِمِ قَالَ عج: وَقُرِّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لَا مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَقَطْعُهُ أَيْ قَطْعُ مُسْلِمٍ غَيْرَهُ وَلَوْ أُنْمُلَةً فَيُمَكِّنُ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَقْطَعُ أُنْمُلَةَ الْغَيْرِ وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ الْمُكْرَهِ فَيُبَاحُ لَهُ لِخَوْفِ قَتْلِهِ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ) وَفِي عب: وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ مَعَ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْحَقَّ حِينَئِذٍ لِلَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذَا بِالْقَتْلِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ) هَذَا نَفْيٌ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ) مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ مُسْتَقْبَلًا فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ أَنَّهَا إذَا كَانَ مُتَعَلَّقُهَا مُسْتَقْبَلًا فَتَرْكُهُ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِأَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ عَلَى الْيَمِينِ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي الْحِنْثِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُرْسَلًا عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ أَمَّا إنْ كَانَ مُرْسَلًا عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ ثُمَّ أَجَازَ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ الْمَرَاغِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِنَوْعٍ مِنْ الْقَصْدِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ انْتَفَى الْقَصْدُ بِجَمِيعِ أَوْجُهِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الطَّلَاقِ كَفَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعْلِيقًا) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ أَيْ ذَا تَعْلِيقٍ أَوْ مُعَلَّقًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ خِطْبَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ فَقَالَ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَيْ أَوْ قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَقَدْ حَذَفَهُ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَطْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ إذْ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَمَا اُحْتِيجَ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ وَإِنْ عَادَ عَلَى الطَّلَاقِ يَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نُفُوذِهِ (قَوْلُهُ: الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ) مَأْخُوذٌ مِنْ الِاعْتِصَامِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ وَمِنْهُ عِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمَرْأَةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا فَلَهُ عِصْمَةٌ تَذْهَبُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِالْخُلْعِ وَبِالثَّلَاثِ وَبِالْوَفَاةِ، وَالْمُضِيُّ فِي الْعِدَّةِ لَيْسَ امْتِنَاعًا لِلزَّوْجِ بَلْ لِحَقِّ النَّسَبِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ) أَيْ إنَّهُ حِينَ خِطْبَتِهَا شَرَطُوا عَلَيْهِ شُرُوطًا فَكَرِهَهَا فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ إمَّا بِالْبِسَاطِ أَوْ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَتَرَكَ الثَّالِثَ لِظُهُورِهِ ثُمَّ إنَّهُ اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُمْ عَرَّفُوا الْمِلْكَ بِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ قِيلَ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ فَقَوْلُهُ " مَا " أَيْ عِصْمَةٌ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ فِي " مَلَكَ " نَظَرًا لِلَفْظِ " مَا " وَلَوْ رَاعَى مَعْنَاهَا لَقَالَ " مُلِكَتْ ". (ص) وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ (ش) عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ أَيْ عَقِبَ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَدُخُولِ الدَّارِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ النِّصْفُ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا أَوْ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا النِّصْفَ مِنْ صَدَاقِهَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلَتْ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِلَّا فَيَجِبُ لَهَا جَمِيعُهُ. (ص) إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَصْوَبِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا وَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ نِكَاحُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا رَابِعَةً قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا فَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ عَلَى الْأَصْوَبِ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ أَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًا وَبِعِبَارَةٍ: إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ أَيْ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَأَمَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَيَعُودُ الْحِنْثُ وَالنِّصْفُ إلَّا أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ وَهَكَذَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً حِينَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى كُلِّ عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ فَيَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ أَيْ إنْ كَانَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) وَلَوْ دَخَلَ فَالْمُسَمَّى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا وَدَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ (فَقَطْ) قَوْلَ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفُ صَدَاقٍ وَبِعِبَارَةٍ: فَالْمُسَمَّى أَيْ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ دَخَلَ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَدُخُولِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ. (ص) كَوَاطِئٍ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ (ش) مُشَبَّهٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا لِاسْتِنَادِهِ إلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهَا عَالِمَةً أَمْ لَا وَلَا لِكَوْنِهَا طَائِعَةً أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ وَالشُّبْهَةُ فِي وَطْئِهِ مُتَّحِدَةٌ وَلَوْ عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ الْحَانِثُ فِيهِ رَجْعِيًّا فَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ لَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ. . (ص) كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا (ش) التَّشْبِيهُ   [حاشية العدوي] التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ وَجْهٍ جَائِزٍ، وَالتَّصَرُّفُ يَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَالزَّوْجُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَصَرُّفٌ خَاصٌّ مِثْلُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ أَوْ التَّعْلِيقِ أَوْ التَّخْيِيرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى قُصُورٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُصَنِّفُ شَامِلًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ إلَخْ) مَعْلُومٌ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُحْتَاجُ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَقَوْلُهُ: عَقِبَهُ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْعَقِبِ الْمُقَارَنَةَ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فَيُجَابُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَيْ قَدْ يَقَعَانِ فَلَيْسَ كُلِّيًّا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْوَبِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَلَوْ قَبْلَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) وَكَذَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْوَصْفِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فِي قَبِيلَةِ كَذَا أَوْ بَلَدِ كَذَا أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا فَتَطْلُقُ عَقِبَهُ وَانْحَلَّتْ عَنْهُ يَمِينُهُ لِأَنَّ حِنْثَ الْيَمِينِ يُسْقِطُهَا. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِلُزُومِ النِّصْفِ مَعَ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْت نَعَمْ يَسَعُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ غَيْرُ فَاسِدٍ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّ التَّعْلِيقَ غَيْرُ لَازِمٍ فَالْقَائِلُ بِوُجُوبِ النِّصْفِ لَاحَظَ هَذَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ) كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَتُخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ مَحْلُوفٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: قَوْلَ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفُ) وَجْهُهُ أَنَّ النِّصْفَ لَزِمَ بِالْعَقْدِ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَقِبَهُ وَأَمَّا الصَّدَاقُ بِتَمَامِهِ فَبِالدُّخُولِ وَوَجْهُ مَذْهَبِنَا مَعَ ظُهُورِ تَعْلِيلِ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الدُّخُولُ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ بِالْبِنَاءِ وَنِصْفُهُ بِالْعَقْدِ إذْ لَوْ لَمْ يُلَاحَظْ أَنَّ الْبِنَاءَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ طَلَقَتْ عَقِبَهُ لَكَانَ وَطْؤُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ لِعَقْدٍ زِنًا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى) أَيْ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي إلَخْ) أَيْ وَالْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ وَكَانَ لِعَقْدِهِ فِيهِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَاسِدًا فَثُبُوتُ الصَّدَاقِ فِيهِ ظَاهِرٌ الَّذِي هُوَ الْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ: كَدُخُولِهِ أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَوَاطِئِ إلَخْ) صُورَتُهَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ فِي الْعِصْمَةِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَمْرٍ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فَحَنِثَ وَوَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى دُخُولِ دَارٍ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا فَوَطِئَ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالشُّبْهَةُ فِي وَطْئِهِ مُتَّحِدَةٌ) لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَةٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا) بِتَعْلِيقٍ وَبِدُونِهِ وَقَوْلُهُ: لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ ظَاهِرٌ أَيْ أَبْقَى شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ زَمَنٍ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُهُ: أَوْ زَمَانٍ مَعَ قَوْلِهِ كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَثِيرًا لَزِمَ أَنْ يُفَسِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهُ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) أَيْ غَالِبًا ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ مُدَّةً بَعْدَمَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا يَتَزَوَّجُ فِيهَا وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزَوُّجِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ أَيْ فَكَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ وَذَلِكَ الْجِنْسُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَبْقَى قَلِيلٌ كَقَوْلِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ السُّودَانِ أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ مِصْرَ طَالِقٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى سَنَةٍ - أَوْ إلَى أَجَلٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ - طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِفِ شَبَابًا وَكُهُولَةً وَشُيُوخَةً ابْنُ شَعْبَانَ، وَيُعَمَّرُ فِي هَذَا بِالتِّسْعِينَ عَامًا وَيَلْزَمُهُ إذَا كَانَ الْأَجَلُ حَيَاةَ فُلَانٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ فُلَانٍ قَبْلَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ فُلَانٍ. (ص) لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَهُ زَوْجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ الْبَلْدَةِ تَحْتَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ إنَّمَا تَنْصَرِفُ الْيَمِينُ فَيَلْحَقُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ نِكَاحُهَا لَا فِيمَنْ سَبَقَ نِكَاحُهَا وَهِيَ حَالَ الْيَمِينِ تَحْتَهُ (لَا إذَا) أَبَانَهَا وَ (تَزَوَّجَهَا) فَتَصِيرُ مَشْمُولَةً بِالْيَمِينِ وَتَطْلُقُ كَغَيْرِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ " وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ وَلُبْسِهِ فِي: لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ حَيْثُ جَعَلُوا الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ " أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ لَا يَرَى التَّعْلِيقَ وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ حَقِيقَتُهُ إنْشَاءُ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَمْ يَدْخُلْ مَنْ تَحْتَهُ فِي قَوْلِهِ " أَتَزَوَّجُهَا "، بِخِلَافِ أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ لَا يُنْشِئَ رُكُوبًا وَلَا لُبْسًا عُمِلَ بِنِيَّتِهِ أَيْضًا (ص) وَلَهُ نِكَاحُهَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا بِلَفْظٍ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَيْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَفَائِدَةُ جَوَازِ تَزْوِيجِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْوَطْءُ - وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ - تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ حِلِّيَّتُهَا لَهُ وَتَبْقَى مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. (ص) وَنِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي كُلِّ حُرَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ حُرَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْإِمَاءِ لِأَنَّهُ صَارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَعَادِمِ الطَّوْلِ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ هَذَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي وَإِلَّا وَجَبَ فَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فِي مَسْأَلَةِ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. (ص) وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ وَالطَّارِئَةِ إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِصْرِيَّةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْمِصْرِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَزِمَ أَيْضًا فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ وَأُمُّهَا شَامِيَّةٌ مَثَلًا وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ وَفِي الطَّارِئَةِ الْمُتَخَلِّقَةِ بِخُلُقِ نِسَاءِ الْمِصْرِ فِي طِبَاعِهِنَّ وَسِيرَتِهِنَّ. (ص) وَفِي مِصْرَ يَلْزَمُ فِي عَمَلِهَا إنْ نَوَى وَإِلَّا فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ فِي مِصْرَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ بِمِصْرَ وَفِي عَمَلِهَا إنْ نَوَاهُ وَالْمُرَادُ بِعَمَلِهَا إقْلِيمُهَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ مِصْرِيَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَمَلَهَا بَلْ نَوَى الْبَلَدَ خَاصَّةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنَّ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ فِيمَنْ عَلَى مَسَافَةٍ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ مِنْهَا إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَنَارِ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ مِصْرُ تَنْصَرِفُ لِلْقَاهِرَةِ لِلْعُرْفِ وَالْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ   [حاشية العدوي] وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا أَيْ مِنْ نِسَاءٍ وَزَمَنٍ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ زَمَنٍ " لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَلَمْ يَبْقَ هُنَاكَ زَمَنٌ لَا كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا أَيْ وَبَقِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ فَالزَّمَنُ الْكَثِيرُ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَوْلَادُ وَفِي شَرْحِ شب. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَدَاةُ أَدَاةَ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَبْقَى قَلِيلٌ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَ الْكَثِيرَ بِالْكَثِيرِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يُبْقِهِ فَمَنْ أَبْقَى الْفُسْطَاطَ أَوْ الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ لَزِمَهُ طَلَاقُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ أَبْقَى كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِالتِّسْعِينَ) بِتَقْدِيمِ التَّاءِ عَلَى السِّينِ الْمُعْتَمَدُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ سَبْعُونَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ) أَيْ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ إنْشَاءَ رُكُوبٍ وَلُبْسٍ بَلْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ الدَّوَامَ) أَيْ دَوَامَ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ الَّتِي عَتَقَتْ لَيْسَ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ دَوَامَ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ كَابْتِدَائِهِ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ. (وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَكَذَا إذَا قَالَ: كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (قَوْلُهُ: إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ) أَيْ الْأَخْلَاقِ الَّتِي تَحْمِلُ الزَّوْجَ عَلَى تَجَنُّبِ الْمِصْرِيَّاتِ وَمِثْلُ التَّخَلُّقِ بِخُلُقِهِنَّ مَا إذَا طَالَ مُقَامُهَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ طَالَ مُكْثُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى حَلِفِهِ التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الرَّدِيئَةِ وَقَدْ فُقِدَتْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ) فَمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ أُمُّهَا مِصْرِيَّةٌ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَسِيرَتِهِنَّ) أَيْ طَرِيقَتِهِنَّ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: إقْلِيمُهَا) سَيَأْتِي رَدُّهُ وَإِقْلِيمُهَا مِنْ إسْكَنْدَرِيَّةَ إلَى أُسْوَانَ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ بِعَيْنِهِ فَإِنْ نَوَى وَاحِدًا بِعَيْنِهِ عُمِلَ بِهِ وَكَذَا لَوْ جَرَى عُرْفُ الْحَالِفِ بِإِطْلَاقِ مِصْرَ عَلَى خُصُوصِ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا عِنْدَ رِيفِ مِصْرَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُطْلِقَ مِصْرُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ وَيَقُولَ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ جَرَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَمَلِهَا الْقَضَائِيُّ - وَهُوَ مِصْرُ وَنَوَاحِيهَا كَجَزِيرَةِ الْفِيلِ وَبُولَاقَ وَبِرْكَةِ الْحَجِّ وَمِصْرَ الْعَتِيقَةِ وَطُرَى وَمُعَيْصَرَةَ لَا السُّلْطَانِيُّ إذْ يَبْعُدُ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ الْخُرُوجَ عَنْ الْإِقْلِيمِ بِالْمَرَّةِ (ص) وَلَهُ الْمُوَاعَدَةُ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ فِي مِصْرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَاعِدَهَا عَلَى التَّزْوِيجِ فِي مِصْرَ وَيَخْرُجَ بِهَا عَنْ الْعَمَلِ إنْ نَوَى وَإِلَّا فَخَارِجَ الْمَحَلِّ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ لَا بِمَوْضِعِ الْمُوَاعَدَةِ. (ص) لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا وَمَعْنَى عُمُومِ النِّسَاءِ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُعَلَّقًا أَوْ لَا كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ أَبْقَى لِنَفْسِهِ التَّسَرِّيَ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ أَضْبَطُ لِمَا لَهُ مِنْ السُّرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذَا أَبْقَى قَلِيلًا كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا مِنْ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لِأَنَّ تَبْقِيَةَ ذَلِكَ الْقَلِيلِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّعْمِيمِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا تَفْوِيضًا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ عَمَّ النِّسَاءَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَيَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ الَّذِي عُلِّقَ مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ فِيهِ اخْتِصَاصُهُ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فَلِذَا لَزِمَ وَفِي غَيْرِهِ تَعْمِيمُ التَّحْرِيمِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (ص) أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ، صَغِيرَةٌ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَالْأَحْسَنُ فِي " صَغِيرَةٌ " الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ قَالَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ إذْ لَيْسَ " صَغِيرَةٌ " مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِهِ وَالصَّغِيرَةُ هِيَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يَتَزَوَّجُ أَيْ لَا يَجِدُ فِيهَا عَدَدًا يَتَخَيَّرُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا فَعَمِيَ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا طَالِقٌ فَعَمِيَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ وَمِثْلُهُ حَتَّى يَنْظُرَهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ أَوْ مَاتَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَخْشَى الْعَنَتَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَسَرَّى بِهِ وَحَتَّى هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُقَدَّرٌ أَيْ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهَا أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِعِبَارَةٍ: يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ " حَتَّى " جَارَّةً أَيْ إلَى أَنْ أَنْظُرَهَا أَيْ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ يَنْظُرَهَا وَأَنْ تَكُونَ تَعْلِيلِيَّةً أَيْ لِأَجْلِ أَنْ أَنْظُرَهَا وَأَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافِيَّةً. (ص) أَوْ الْأَبْكَارِ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ وَبِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَكُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْأَبْكَارِ وَيَلْزَمُهُ فِي الثَّيِّبَاتِ لِتَقَدُّمِهِنَّ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الثَّيِّبَاتِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَبْكَارِ لِتَقَدُّمِهِنَّ فِي يَمِينِهِ فَقَوْلُهُ " أَوْ الْأَبْكَارِ " أَيْ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْأَبْكَارِ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ كَمَا لَا يَلْزَمُ فِي الثَّيِّبَاتِ بَعْدَ كُلِّ بِكْرٍ فِي الْعَكْسِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ مَعَ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى   [حاشية العدوي] بِإِطْلَاقِ مِصْرَ عَلَى الْقَاهِرَةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَمَلِهَا الْقَضَائِيُّ) أَيْ الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِ قَاضِي الْعَسْكَرِ الَّذِي بِمِصْرَ وَأَمَّا الصَّعِيدُ وَالْبُحَيْرَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ عَمَلِهَا الْقَضَائِيِّ لِأَنَّ قُضَاةَ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ مِنْ إسْتَانْبُولَ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الْعَمَلُ السُّلْطَانِيُّ لِأَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا إلَيْهِ فَإِنْ نَوَى الْعَمَلَ انْصَرَفَ لِلسُّلْطَانِيِّ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ فَإِذَا جَرَى عُرْفٌ بِخِلَافِهِ عُمِلَ عَلَيْهِ وَكَذَا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ إذَا لَمْ يَنْوِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمُوَاعَدَةُ) إنَّمَا جَازَتْ هُنَا وَمُنِعَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْخِطْبَةِ وَالْمُوَاعَدَةُ لَيْسَتْ مِنْ التَّزَوُّجِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَالَهُ تت. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ) وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا فَقَدْ أَبْقَى قَلِيلًا أَيْ لِأَنَّ شَأْنَهُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ فَمَعْرِفَتُهُ عِنْدَ قَوْمٍ لَا تُعْتَبَرُ وَغَيْرُهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لِقِلَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ) أَيْ الْحِنْثُ بِالْمِلْكِ الَّذِي عَلَّقَهَا أَيْ بِالْعِصْمَةِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي عَلَّقَ عَلَيْهَا أَيْ فَإِذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ وَقَدْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا وَبَعْدَ زَوْجٍ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَا يَحْنَثُ فِي الْعِصْمَةِ الثَّانِيَةِ بَلْ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا دَقِيقٌ) وَجْهُ الدِّقَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ ذَلِكَ فِيهِ اخْتِصَاصُهُ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا أَيْ وَيُمْكِنُهُ فِرَاقُهَا فَيَخْرُجُ عَنْ الضِّيقِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ بِخِلَافِ مَنْ عَمَّمَ فَلَا طَرِيقَةَ لَهُ يَخْرُجُ بِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ " صَغِيرَةٌ " إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تُفِيدُ التَّعْيِينَ وَالصَّغِيرَةُ دُونَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا ظَهَرَ إلَخْ) وَتَكُونُ اسْتِثْنَائِيَّةً وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ ظَهَرَ أَنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تُجْعَلْ لِلِاسْتِثْنَاءِ بَلْ جُعِلَتْ غَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ يَنْظُرَهَا فَإِذَا نَظَرَهَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ يَنْظُرَهَا فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا غَيْرَ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا آخَرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْضًا فِي ذَلِكَ التَّقْدِيرِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالَةِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ " حَتَّى " جَارَّةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْفِعْلِ وَاسْتِمْرَارَهُ إلَى النَّظَرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَكَذَا جَعْلُهَا تَعْلِيلِيَّةً وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ عِلَّةً لِلطَّلَاقِ فَالْمُنَاسِبُ الْأَخِيرُ وَهُوَ جَعْلُهَا اسْتِثْنَائِيَّةً وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُؤَلِّفِ وَعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ " لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ " عَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينَيْنِ مَعًا وَحَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ لَكِنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمْ مَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا وَقِيلَ يَلْزَمُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلتَّخْصِيصِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْظُرْ هَلْ لُزُومُ الْيَمِينِ فِي الثَّيِّبَاتِ عِنْدَ تَقْدِيمِهِنَّ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَطْءِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَمَّ النِّسَاءَ لِأَنَّ نِسَاءَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ الْأَبْكَارِ وَقَدْ حَلَفَ عَلَيْهِنَّ أَوْ لَا تَأَمَّلْ. (ص) أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَعَيَّنَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ أَيْ الزِّنَا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ أَجَّلَ بِأَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فَأَلْ فِي الْمُؤَجَّلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِي تَنْعَقِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِأَنْ يَبْلُغَهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا. (ص) أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ (ش) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ لِأَنَّ الْآخِرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ فَهُوَ كَمَنْ حَرَّمَ جَمِيعَ النِّسَاءِ إذْ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى امْرَأَةٍ أَبَدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا آخِرَ امْرَأَةٍ لَهُ فَكُلَّمَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصُوِّبَ وُقُوفُهُ عَنْ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً ثُمَّ كَذَلِكَ (ش) لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ وَنَحْنُ نَرَى أَنْ يُوقَفَ عَنْ وَطْءِ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً فَتَحِلَّ لَهُ الْأُولَى وَيُوقَفَ عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةً وَهَكَذَا وَلَمَّا كَانَ فِي الَّتِي يُوقَفُ عَنْهَا تَعْذِيبٌ رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمُولِي) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ هُوَ عَنْهَا كَالْمُولِي فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ طُلِّقَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَتْ أُوقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً فَيَأْخُذَهُ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَيُرَدَّ إلَى وَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ الْمُتَزَوِّجُ عَمَّنْ وُقِفَ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ لِأَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ لَكِنْ قَالَ إلَّا الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَلَا أُوَافِقُ سَحْنُونًا عَلَى إيقَافِهِ عَنْهَا بَلْ الصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ جَعَلَ لِنِكَاحِهِ أَوَّلًا لَمْ يُرِدْهُ بِيَمِينِهِ وَآخِرًا عَلَّقَ بِهِ يَمِينَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَاخْتَارَهُ إلَّا الْأُولَى) أَيْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونَ إلَّا الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهَا وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَيَجْرِي فِي آخِرِ امْرَأَةٍ الْقَوْلَانِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْرِي فِيهَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ. (ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا نُجِّزَ طَلَاقُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَالَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نُجِّزَ طَلَاقُ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَمْلِيَّةٌ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ   [حاشية العدوي] حَالِ النَّظَرِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَعَطْفِهِ) أَيْ عَطْفِ جُمَلٍ لَا عَطْفِ مُفْرَدَاتٍ لِأَنَّ الْأَبْكَارَ اسْمٌ جَامِدٌ وَلَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ ذَكَرَ الْأَبْكَارَ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلُ " هَلْ " الْأُولَى فَتَكُونَ الْوَاوُ سَاكِنَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلُ " هَلْ " مَحْذُوفًا وَيُقْرَأَ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَيْ تَأَمَّلْ هَلْ يُعَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هَذَا أَوْ يُقَالُ كَلَامُهُمْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ يَقْدِرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ جَعَلَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ هُوَ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَنْ حَرَّمَ جَمِيعَ النِّسَاءِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْعَلَهُ تَعْلِيلًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَسْتَقِرُّ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ لَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَصُوِّبَ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ وَالْمُصَوِّبُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ وُقُوفُهُ حَتَّى يَتَزَوَّجَ وَلَوْ قَالَ أَنَا لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْنُ نَرَى إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيُوَافِقُهُ سَحْنُونَ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ) جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْكُوفِيِّينَ فِي عَدَمِ إبْرَازِ الضَّمِيرِ لِأَنَّ اللَّبْسَ هُنَا مَأْمُونٌ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يُوقَفُ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ وَالْأَصْلُ الْمَوْقُوفُ هُوَ عَنْهَا فَحَذَفَ الْجَارَّ وَهُوَ عَنْ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَهُوَ إلَخْ عَمَّا لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذَهُ) وَيُكَمَّلَ لَهَا الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: فَيُرَدّ إلَى وَرَثَتِهَا) وَلَا يُكَمَّلَ لَهَا الصَّدَاقُ، وَيُلْغَزُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَوُقِفَ مِيرَاثُهَا وَلَيْسَ فِي وَرَثَتِهَا حَمْلٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ وَيُقَالُ: مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ وَلَا يَرِثُهَا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمُتَزَوِّجُ إلَخْ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ مَاتَ عَنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فِي نِكَاحٍ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ. (قَوْلُهُ: نُجِّزَ طَلَاقُهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتُجْعَلُ حَمْلِيَّةً وَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِأَنْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ ذَلِكَ قُلْت لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ انْتَفَى تَزْوِيجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إنْ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَهَا) وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوَّلًا ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِيَّةِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالُ النُّفُوذِ (ش) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ شَرْحٌ لِقَوْلِهِ وَرُكْنُهُ أَهْلٌ أَيْ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وِلَايَةِ الْأَهْلِ - أَيْ الزَّوْجِ - عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ وَهِيَ الْعِصْمَةُ - حَالُ النُّفُوذِ أَيْ فِعْلِ الشَّيْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا وَقْتُ التَّعْلِيقِ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي نَحْوِ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ فَعَتَقَ وَدَخَلَتْ لَزِمَتْ أَيْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْعَبْدُ الثَّالِثَةَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ. (ص) فَلَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَوْ نَكَحَهَا فَفَعَلَتْهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيمَا يُوقِعُهُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَالُ النُّفُوذِ فَلِهَذَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَبَانَهَا بِأَنْ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ فَعَلَتْ ذَلِكَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا الْآنَ أَجْنَبِيَّةٌ وَمَحَلُّ الطَّلَاقِ مَعْدُومٌ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ إنْ بَقِيَ لَهُ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ طَلَاقُهَا الْأَوَّلُ قَاصِرًا عَلَى الْغَايَةِ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَهْدِمُ الطَّلَاقَ السَّابِقَ وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ وَانْقَضَى أَمَّا لَوْ انْقَضَى زَمَنُهَا فَلَا تَعُودُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَبَانَهَا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ رَدَّهَا وَلَمْ يَقْضِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ وَحَنِثَ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ ثَانِيًا إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا إلَّا مَسْأَلَةُ تَرْكِهِ الْوِتْرَ فَيَتَكَرَّرُ فِيهَا الْحِنْثُ بِتَرْكِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَرَّةً وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ بَقِيَ إلَخْ عَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ إنَّهَا فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا قَدْ زَالَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا أَبَتَّهَا فَكَأَنَّهَا مَاتَتْ وَصَارَتْ كَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَلَيْهَا يَمِينٌ. (ص) كَالظِّهَارِ (ش) تَشْبِيهٌ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهَا دَخَلَتْهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ مِلْكِهِ فَلَوْ نَكَحَهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ. (ص) لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَزَوْجَتُهُ مَحْلُوفٌ لَهَا فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَكُلُّ مَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ   [حاشية العدوي] تَزْوِيجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَلَا طَلَاقَ هَذَا وَجْهُ ذِكْرِ الْقَبْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ إلَخْ) بَلْ تَظْهَرُ فِيمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ فَعَلَتْ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا ذَكَرَ مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ التَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ: حَالُ النُّفُوذِ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ " حَالُ النُّفُوذِ " فِي الْمُصَنِّفِ نَائِبُ فَاعِلِ " اُعْتُبِرَ " فَهُوَ مَرْفُوعٌ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ اللُّزُومُ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ حَالِ النُّفُوذِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ لِيَشْمَلَ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ حَالَ التَّعْلِيقِ كَمَا إذَا عَلَّقَ صَبِيٌّ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَبَلَغَ فَدَخَلَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) وَمِنْ هُنَا حَصَلَ الْخِلَافُ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَمَالِكٌ يَقُولُ بِعَوْدِ الصِّفَةِ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَقُولُ بِعَوْدِهَا وَلِذَلِكَ يَقُولُ بِفَائِدَةِ الْخُلْعِ، وَفَائِدَتُهُ لَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ سَقَطَ التَّعْلِيقُ وَلَوْ أَعَادَهَا ثُمَّ فَعَلَتْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَعُودُ التَّعْلِيقُ حَيْثُ كَانَتْ الْعِصْمَةُ بَاقِيَةً (قَوْلُهُ: لَا يَهْدِمُ الطَّلَاقَ) أَيْ تَعْلِيقَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا هُنَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ) فَإِنْ كَانَ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا كَلَّمْتِ زَيْدًا أَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَتَى فَعَلَتْهُ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا لَزِمَهُ وَلَوْ طَلَّقَ وَعَادَتْ لِعِصْمَتِهِ وَبَقِيَ مِنْهَا بَقِيَّةٌ وَإِلَّا انْقَضَى التَّعْلِيقُ حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ التَّعْلِيقِ وَإِلَّا عَادَتْ الْيَمِينُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْعِصْمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ فِي هَذِهِ) أَيْ عَنْ قَوْلِنَا وَلَوْ حَلَفَ فَلَا يَحْنَثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا مَسْأَلَةُ تَرْكِ الْوِتْرِ) الْمَسْأَلَةُ نَوْعِيَّةٌ أَيْ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ كُلِّ عِبَادَةٍ ذَاتِ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ) أَيْ بِخِلَافِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا وَلَا تَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ حَالًا لِأَنَّهُ إذَا عَلَّقَ وَهُوَ مَالِكٌ الْعِصْمَةَ انْصَرَفَ إلَى مَا فِي مِلْكِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَمْلِكُ حَالًا الثَّلَاثَ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَّقَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ بِتَقْدِيرِ التَّزْوِيجِ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِعِصْمَةٍ إذْ لَيْسَ هُنَا مَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ لَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إلَخْ) فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ لُزُومِ الظِّهَارِ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. (قَوْلُهُ: صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) هَذِهِ مَحْلُوفٌ لَهَا وَبِهَا أَيْ فَهِيَ مَحْلُوفٌ لَهَا مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْك وَمَحْلُوفٌ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمُصَنِّفَ لِأَنَّهُ إنْ نُظِرَ لِكَوْنِهِ مَحْلُوفًا لَهَا حَنِثَ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَإِنْ نُظِرَ لِكَوْنِهِ مَحْلُوفًا بِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَقَدْ تَضَارَبَ الْحُكْمَانِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُرَجَّحَ جَانِبُ الْمَحْلُوفِ لَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنَّ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا تَطْلُقُ وَمِثْلُ الْمَحْلُوفِ لَهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ كَمَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ بِخِلَافِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ نَكَحَهَا فَفَعَلَتْهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ. (ص) وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَهَلْ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي طَلَّقَهَا يَرْجِعُ لِلْمَحْلُوفِ لَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَحْلُوفَ لَهَا أَيْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ أَوْ بِالثَّلَاثِ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَحْلُوفَ لَهَا فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَحْلُوفِ لَهَا وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ إذَا قَالَ إنَّمَا تَزَوَّجْت الْمَحْلُوفَ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَمْ أَتَزَوَّجْ غَيْرَهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ جَمَعَ فَقِيلَ إنَّمَا لَمْ يَنْوِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لَصُدِّقَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِلزَّوْجَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَهِيَ إنَّمَا نَوَتْ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا إنْ قِيلَ النِّيَّةُ هُنَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ لَا مُخَالِفَةٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ يَمِينَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْمَعُ مَعَهَا غَيْرَهَا فِي الْجُمْلَةِ وَحِينَئِذٍ فَادِّعَاؤُهُ مُخَالِفٌ لِلَفْظِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَحْمَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَإِنْ وَافَقَتْ مَدْلُولَ اللَّفْظِ لُغَةً لَكِنْ خَالَفَتْ مَدْلُولَهُ عُرْفًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أُمَّتَهُ وَقَالَ نَوَيْت بِرِجْلِي فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ مَعَ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْمَدْلُولِ لُغَةً. (ص) وَفِيمَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا تَحْتَهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَمُرَادُهُ بِفُلَانَةَ امْرَأَةٌ مُعَيَّنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ فُلَانَةُ تَحْتَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ أَوْ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ فُلَانَةُ تَحْتَهُ وَيَنْوِيَ بِحَيَاتِهَا مَا دَامَتْ زَوْجَةً لَهُ فَإِذَا طَلَّقَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا فَقِيلَ لَهُ حَنِثْت لِأَنَّك نَوَيْت مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ فَقَالَ: لَا لِأَنِّي نَوَيْتُ بِقَوْلِي مَا عَاشَتْ مَا دَامَتْ تَحْتِي وَقَدْ أَبَنْتُهَا فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (ص) وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ فَعَتَقَ وَدَخَلَتْ لَزِمَتْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالُ النُّفُوذِ أَيْ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ فَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ - وَلَوْ ذَا شَائِبَةٍ - لِزَوْجَتِهِ: إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ ثُمَّ إنَّهَا كَلَّمَتْ زَيْدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إنَّمَا هُوَ حَالُ النُّفُوذِ وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ وَلَوْ دَخَلَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ عَتَقَ ثُمَّ إنَّهَا دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ فَالتَّصْوِيرُ بِهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَحْلُوفِ لَهَا إلَخْ) فَلَوْ حَلَفَ لِزَيْنَبِ بِطَلَاقِ حَفْصَةَ إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَطَلَّقَ زَيْنَبَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَلَهُ وَطْءُ عَزَّةَ فَلَوْ عَادَتْ زَيْنَبُ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَوَطِئَ عَزَّةَ وَحَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ حَنِثَ فِي حَفْصَةَ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ عَزَّةَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَوَطِئَهَا وَحَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ حَنِثَ فِي حَفْصَةَ فَلَوْ أَبَان حَفْصَةَ ثُمَّ وَطِئَ عَزَّةَ لَمْ يَحْنَثْ فِي حَفْصَةَ فَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ حَفْصَةُ فَوَطِئَ عَزَّةَ حَنِثَ فِي حَفْصَةَ إلَّا أَنْ يَبُتَّ حَفْصَةَ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ تَعُودَ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ فَوَطِئَ عَزَّةَ لَمْ يَحْنَثْ فِي حَفْصَةَ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ بِطَلَاقِهَا وَقَدْ انْقَضَتْ عِصْمَتُهَا بِخِلَافِ زَيْنَبَ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ لَهَا وَعَزَّةَ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا فَالْيَمِينُ بِحَفْصَةَ بَاقِيَةٌ لِزَيْنَبِ وَعَلَى عَزَّةَ فِي عِصْمَتِهَا الْأُولَى وَفِي غَيْرِهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا بِالِاخْتِصَاصِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ) الْقَائِلِ إنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا تَخْتَصُّ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْمَلُ قَصْدُهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ قَصْدَهُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ (أَقُولُ) مَعَ جَرَيَان التَّأْوِيلَيْنِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ أَيْ لِقَوْلِهِ يُحْمَلُ قَصْدُهُ أَوْ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُحْمَلُ قَصْدُهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُفْتٍ وَقَاضٍ فَلَا دَاعِيَ لِقَوْلِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِلزَّوْجَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا التَّأْوِيلِ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَهَا بِأَنْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَوْ تَطَوَّعَ لَهَا بَعْدَهُ بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهَا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِي التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ إنَّمَا نَوَتْ إلَخْ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَلَوْ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ فَالتَّأْوِيلُ الْقَائِلُ إنَّهَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي مُشْكِلٌ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ عِنْدَ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ مُخَالِفَةً وَهُنَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ يَمِينَهُ مَحْمُولَةٌ) أَيْ شَرْعًا فَخَالَفَتْ النِّيَّةُ مَدْلُولَ اللَّفْظِ شَرْعًا فَخَالَفَ الْجَوَابُ الَّذِي بَعْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا مَحْمُولٌ شَرْعًا وَعُرْفًا عَلَى أَنْ لَا أَجْمَعَ بَيْنَهُمَا (ثُمَّ أَقُولُ) أَمَّا الثَّانِي فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الْيَمِينَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ لِأَنَّ النِّيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا إلَخْ) لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا تَحْتَهُ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا ثَلَاثًا فَإِنْ أَبَتَّهَا فَلَهُ تَزَوُّجُ غَيْرِهَا وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ بَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَبْدًا فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ فَالْعِبْرَةُ بِمَا تَبَيَّنَ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ وَهُوَ عَبْدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ وَبِالْعَكْسِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 (وَاثْنَتَيْنِ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ النُّفُوذِ يَمْلِكُ ثَلَاثًا عَلَى زَوْجَتِهِ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُعْتَقُ فَإِنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِذَهَابِ نِصْفِ طَلَاقِهِ وَهُوَ طَلْقَةٌ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ) قَالُوا: لِأَنَّهُ لَمَّا عَتَقَ مَلَكَ عَلَيْهَا عِصْمَةَ حُرٍّ وَقَدْ طَلَّقَ النِّصْفَ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ نِصْفَ طَلَاقِهِ ذَهَبَ فَصَارَ كَحُرٍّ ذَهَبَتْ لَهُ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَصَارَتْ طَلْقَتَانِ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَلَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ وَاحِدَةً عَلَى الدُّخُولِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ دَخَلَتْ بَقِيَتْ مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِعَدَدٍ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَعَلَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهِ بَقِيَتْ لَهُ طَلْقَتَانِ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى يَوْمُ الْحِنْثِ كَمَنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي ثُلُثِهِ. (ص) وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ لَمْ يَنْفُذْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ إذَا تَزَوَّجَ بِأَمَةِ وَالِدِهِ وَعَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي أَوْ إنْ مَاتَ أَوْ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ مَحَلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَحَلَّ أَحَدُ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ، وَالْمَاهِيَّةُ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ أَجْزَاءٍ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَبُ مَوْرُوثًا فَلَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ إذْ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ابْنُ عَرَفَةَ. (ص) وَلَفْظُهُ: طَلَّقْت وَأَنَا طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ، أَوْ مُطَلَّقَةٌ، أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ لَا مُنْطَلِقَةٌ وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ عَلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي فِي الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " وَلَفْظُهُ " اللَّفْظُ الصَّرِيحُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَلْفَاظِ وَهُوَ مَا فِيهِ الطَّاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ، وَأَمَّا مُنْطَلِقَةٌ فَلَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ طَلَاقٌ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ نَقَلَ " أَنْتِ طَالِقٌ " مِنْ الْخَبَرِ إلَى الْإِنْشَاءِ وَلَمْ يَنْقُلْ " أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ "، وَأَلْفَاظُ الطَّلَاقِ تَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ مَا يَلْزَمُ بِهِ طَلْقَةٌ فَقَطْ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَوْ قَدْ طَلَّقْتُك، أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ أَوْ قَدْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُنْطَقُ فِيهِ بِالطَّاءِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ وَمَا يَلْزَمُ بِهِ ثَلَاثٌ وَلَا يُنَوَّى، سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَمَا يَلْزَمُ بِهِ ثَلَاثٌ، وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ فِي كَالْمَيْتَةِ إلَى قَوْلِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ وَمَا يَلْزَمُهُ بِهِ ثَلَاثٌ وَيُنَوَّى فِي مَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرِهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَثَلَاثٌ فِي خَلَّيْت سَبِيلَك. وَقِسْمٌ يُنَوَّى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي وَانْصَرِفِي إلَى قَوْلِهِ أَوْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ وَشَبَّهَ بِمَا يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ مَا هُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ بِقَوْلِهِ (كَ " اعْتَدِّي ") فَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ اعْتَدِّي إعْلَامَهَا بِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَلَا يُنَوَّى، وَإِنَّمَا نُوِّيَ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ كَتَرَتُّبِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُنَافِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ   [حاشية العدوي] أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ مِنْ حُرِّيَّةٍ أَوْ رِقِّيَّةٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا تَبَيَّنَ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةٌ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الثَّلَاثَ نَعَمْ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ لَمْ يَنْفُذْ) وَفَائِدَةُ عَدَمِ النُّفُوذِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ زَوْجٍ وَلَوْ قِيلَ بِالنُّفُوذِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ مَاتَ) وَمِثْلُهُ " إذَا " وَقَالَ شب وَعَبَ تَبَعًا لِعَجِّ إذَا قَالَ " إذَا " أَوْ " إنْ " يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ إنْ عَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ تَنَجَّزَ وَعَلَى ظَرْفٍ فَلَا وَالْحَقُّ مَعَ شَارِحِنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مُتِّي لَا يَقَعُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ) وَهُوَ الطَّلَاقُ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَوْتُ ثُمَّ إنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِي أَيْ لِصِدْقِ الْيَوْمِ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْهُ مَثَلًا وَيَكُونُ مَوْتُهُ فِي آخِرِ النَّهَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ فَيُرَادُ بِيَوْمِهِ وَقْتُ الْمَوْتِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ) أَيْ لِأَنَّ بِمَوْتِ الْأَبِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ لَهُ مَحَلًّا (قَوْلُهُ: وَالْمَاهِيَّةُ الْمُرَكَّبَةُ) أَيْ مَاهِيَّةُ الطَّلَاقِ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ أَجْزَاءٍ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الزَّوْجِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ الَّذِي هُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَتَسْمِيَتُهَا أَجْزَاءً تَسَمُّحٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الطَّلَاقَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي إلَخْ) مُرَادُهُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ وَلَمْ يُرِدْ بِهَا قَصْدَ الطَّلَاقِ وَالتَّصْمِيمَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِاتِّفَاقٍ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْقَصْدَ وَالتَّصْمِيمَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا الطَّلَاقُ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يَسُوقَ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكِنَايَةِ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالنِّيَّةِ) أَيْ مَعَ التَّلَفُّظِ بِمُنْطَلِقَةٍ (قَوْلُهُ: تَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ) وَسَيَأْتِي قِسْمٌ سَادِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ) أَيْ إذَا نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ) أَيْ فَكَانَ لِلتَّنْوِيَةِ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ) أَيْ لِأَنَّ " ثُمَّ " لِلتَّرَاخِي وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ تَرَاخٍ فَحِينَئِذٍ فَهِيَ لِمُجَرَّدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 بِالْوَاوِ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ فَكَعَدَمِ الْعَطْفِ (ص) وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى الْعَدِّ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَ " اعْتَدِّي " أَيْ وَصُدِّقَ بِيَمِينٍ فِي دَعْوَى نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ اعْتَدِّي إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ جَوَابًا لِعَدَدِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً وَقَالَتْ: أَطْلِقْنِي وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا لَهُ - وَهِيَ مُوثَقَةٌ بِقَيْدٍ وَنَحْوِهِ - أَطْلِقْنِي، وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ مِنْ ذَلِكَ الْوِثَاقِ وَلَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ إرَادَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ فَفِي تَنْوِيَتِهِ وَعَدَمِهَا إذَا حَضَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا فَيُصَدَّقُ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ. (ص) وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يُنَوَّى بَنَى بِهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ وَمِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ كِنَايَاتٌ ظَاهِرَةٌ (ص) وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِك أَيْ كَتِفُك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَهَا بَنَى بِهَا أَوْ لَا فَهِيَ مِثْلُ الْبَتَّةِ فِي عَدَمِ التَّنْوِيَةِ فَإِنَّ الْحَبْلَ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ الَّتِي بِيَدِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَهِيَ مِثْلُ الْبَتَّةِ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ كَوْنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِوُضُوحِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ أَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ قَارَنَتْ عِوَضًا فَوَاحِدَةٌ وَبِعِبَارَةٍ: وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ قَوْلِهِ وَاحِدَةً وَنَظَرُوا إلَى قَوْلِهِ بَائِنَةً احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ. (ص) أَوْ نَوَاهَا بِ " خَلَّيْتُ " سَبِيلَكِ أَوْ اُدْخُلِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَلَّيْت سَبِيلَك أَوْ قَالَ لَهَا اُدْخُلِي الدَّارَ أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِك أَوْ اسْتَتِرِي أَوْ اُخْرُجِي وَنَوَى بِكُلِّ لَفْظٍ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَلَوْ نَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوَهُ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا إذَا نَوَاهَا بِ خَلَّيْت سَبِيلَك بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْ الثَّلَاثُ مَعَ كِنَايَتِهِ فَأَوْلَى مَعَ صَرِيحِهِ. (ص) وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَوَهَبْتُكِ وَرَدَدْتُكِ لِأَهْلِكِ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْت أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحُلِّفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَأَمَّا زَوْجَتُهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا إذَا قَالَ لَهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ. (ص) أَوْ أَنْتِ أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ حَرَامٌ سَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ قَالَ لَهَا مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ   [حاشية العدوي] الْعَطْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَتَكُونُ خَرَجَتْ عَنْ التَّرْتِيبِ وَعَنْ التَّرَاخِي وَأَمَّا إذَا جَعَلْنَاهَا مِثْلَ الْفَاءِ فَتَكُونُ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ التَّرَاخِي فَقَطْ وَالتَّرْتِيبُ ثَابِتٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ أَقْرَبُ مِنْ خُرُوجِهَا عَنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِلْحَاقُ ثُمَّ بِالْفَاءِ أَقْرَبُ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً) عَطْفٌ عَلَى دَلَّ بِسَاطٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبِسَاطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ، فَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْعَدِّ مَعَ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ وَالتَّقْدِيرُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ إمَّا عَلَى الْعَدِّ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ وَثَاقٍ بِأَنْ كَانَتْ مُوثَقَةً (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَوَابٍ) أَيْ سَتَطْلُقِي وَإِلَّا كَانَ كَذِبًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُوثَقَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُوثَقَةِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللُّزُومَ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ فَمَا هُنَا فِي الصَّرِيحِ وَمَا يَأْتِي فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَيُحَلَّفُ فِيهَا فِي الْقَضَاءِ، وَالنِّيَّةُ لَا تَنْفَعُ وَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ صَرْفِهِ مُنَافِيَةٌ لِمَوْضُوعِهِ وَالْبِسَاطُ سَبَبٌ حَامِلٌ عَلَى مُجَرَّدِ النُّطْقِ بِمَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ وَالْحَلِفِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ) فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَاطِعَةً أَوْ مَقْطُوعًا بِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَتِفُك) هُوَ فِي الْأَصْلِ كَتِفُ الدَّابَّةِ أَوْ مَا انْحَدَرَ مِنْ أَسْفَلِ صَنَمِ الْبَعِيرِ فَالْحَبْلُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ الَّتِي بِيَدِ الزَّوْجِ أَيْ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَكَوْنُهَا عَلَى كَتِفِهَا كِنَايَةٌ عَنْ مِلْكِهَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِالثَّلَاثِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَدْ تَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ كَمَا إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ) كَمَا إذَا نَوَاهَا بِ " خَلَّيْت " سَبِيلَك أَيْ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فِيمَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ: وَوَهَبْتُك) أَيْ نَفْسَك أَوْ طَلَاقَك أَوْ لِأَبِيك أَوْ قَالَ لِأَهْلِهَا: وَهَبْتُهَا لَكُمْ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ أَهْلٍ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا قَالَ حَاشَيْتُ الزَّوْجَةَ فَيُصَدَّقُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَهْلَ وَلَا يُصَدَّقُ حَيْثُ ذَكَرَهُ. (ص) أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ أَوْ أَنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ وَسَوَاءٌ قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ أَنَا خَلِيٌّ مِنْك أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْكِ أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ. (ص) وَحُلِّفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُنَوَّى فِيهَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّا إذَا قُلْنَا: يُنَوَّى وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَا يُحَلَّفُ قَبْلَ إرَادَةِ النِّكَاحِ فَلَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا وَمَفْهُومُهُ لَوْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ وَحُلِّفَ أَيْ إذَا رُوفِعَ وَعَبَّرَ بِالنِّكَاحِ دُونَ الِارْتِجَاعِ لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ بَائِنٌ (ص) وَدُيِّنَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَدُيِّنَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ صَرِيحَةً أَوْ كِنَايَةً بِيَمِينٍ إنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَبِغَيْرِهِ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فِي نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى نَفْيِ الطَّلَاقِ بِأَنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ غَيْرُ الطَّلَاقِ يَكُونُ هَذَا جَوَابَهُ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْهُ إذَا كَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً الْمُتَيْطِيُّ إنْ قَالَ لِمَنْ طَلَّقَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَهُ: يَا مُطَلَّقَةُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا قَدْ كَانَ أَوْ أَكْثَرْتَ فِي مُرَاجَعَتِهِ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ لَهَا: يَا مُطَلَّقَةُ أَيْ شِبْهُهَا فِي الْبِذَاءِ وَطُولِ اللِّسَانِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَبِعِبَارَةٍ: وَدُيِّنَ أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ قَوْلِهِ فِي كَالْمَيْتَةِ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ: أَرَدْت فِي الرَّائِحَةِ مَثَلًا وَكَأَنْ يَقُولَ أَرَدْت خَلِيَّةً مِنْ الْخَيْرِ وَكَأَنْ يَقُولَ أَرَدْت بِبَائِنَةٍ مُنْفَصِلَةً وَبِقَوْلِي أَنَا بَائِنٌ أَيْ مُنْفَصِلٌ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ أَيْ أَنْتِ مُنْفَصِلَةٌ مِنِّي أَوْ أَنَا مُنْفَصِلٌ مِنْك وَكَأَنْ يَقُولَ أَرَدْت بِالدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ إذَا كَانَتْ رَائِحَتُهَا قَذِرَةً أَوْ كَرِيهَةً. (ص) وَثَلَاثٌ فِي: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْكِ، أَوْ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ إلَّا لِفِدَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْفِدَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى الْخُلْعِ حَتَّى يُرِيدَ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى مُطْلَقًا إذَا اشْتَرَتْ الْعِصْمَةَ مِنْ زَوْجِهَا مِثْلُ أَنْ تَقُولَ بِعْنِي عِصْمَتَك عَلَيَّ فَيَفْعَلَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: اشْتَرَيْتُ مِلْكَكَ عَلَيَّ أَوْ طَلَاقَكَ عَلَيَّ لِأَنَّهَا اشْتَرَتْ كُلَّ مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْهَا بِخِلَافِ لَوْ قَالَتْ: بِعْنِي طَلَاقِي فَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهَا أَضَافَتْ الطَّلَاقَ إلَى نَفْسِهَا وَلَيْسَ لَهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ) هَكَذَا بِدُونِ التَّاءِ فِي نُسْخَتِهِ بِخِلَافِهَا فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهَا بِالتَّاءِ فِي نُسْخَتِهِ فَلَمْ يَأْتِ فِي الشَّارِحِ عَلَى طِبْقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا خَلِيٌّ مِنْك أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْك) ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ مِنْك فِي اللَّفْظَتَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عَلَيْك فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنَا حَرَامٌ وَعِبَارَةُ شب أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ أَنَا خَلِيٌّ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَرِيءٌ قَالَ مِنْك أَوْ لَمْ يَقُلْ فَقَوْلُهُ أَوْ أَنَا رَاجِعٌ لَهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا رُوفِعَ) وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ نَحْوَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ بَرِيَّةٍ وَخَلِيَّةٍ وَ " حَبْلُك عَلَى غَارِبِك " وَ " رَدَدْتُك " إنَّمَا كَانَ لِعُرْفٍ سَابِقٍ وَأَمَّا الْآنَ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِهَا إلَّا لِمَنْ عَرَفَ أَيْ وَإِلَّا كَانَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَلَا نَجِدُ أَحَدًا الْيَوْمَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ بِخَلِيَّةٍ وَلَا بَرِيَّةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِالطَّلَاقِ حَتَّى يَعْلَمَ الْعُرْفَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَدُيِّنَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ صَرِيحَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّرِيحَ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ الْبِسَاطَ يَنْفَعُ فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَدُيِّنَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى الْعَدِّ فَالْأَحْسَنُ قَصْرُهُ عَلَى غَيْرِ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: أَيْ شِبْهُهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: الْبِذَاءِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ، وَقَوْلُهُ " وَطُولِ اللِّسَانِ " تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَاجِعٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى رُجُوعُهُ لَهُ وَهَذَا الْحَلُّ قَدْ حَلَّ بِهِ أَوَّلًا شب وَقَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عُمُومُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي لَفْظِ خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَبَائِنَةٍ وَانْظُرْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَاقِي قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ أَيْ الَّذِي هُوَ أَحْمَدُ بَابَا وَقَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ فِي الدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ إذَا كَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا هَذَا مَعْنَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَخْ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْفِدَاءِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعَ مَعْنًى هُوَ الْفِدَاءُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك مُصَاحِبًا لِفِدَاءٍ قَالَ ابْنُ الْقُرْطُبِيِّ وَالْأَبْيَانِيّ فِي الْقَائِلِ لِزَوْجَتِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك: إنَّهَا ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِدَاءٌ فَتَكُونَ وَاحِدَةً حَتَّى يُرِيدَ ثَلَاثًا أَبُو مُحَمَّدٍ وَذَلِكَ صَوَابٌ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَا لِقَوْلِهِ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى مُطْلَقًا) أَيْ دَخَلَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: اشْتَرَيْت مِلْكَك عَلَيَّ) بِكَذَا فَيَقُولُ بِعْتُكِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ قَالَتْ بِعْنِي طَلَاقِي) أَيْ فَيَقُولُ بِعْتُك طَلَاقَك بِكَذَا وَعِبَارَةُ عب فَإِنْ قَالَتْ: بِعْنِي عِصْمَتَك عَلَيَّ أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك مِلْكَك عَلَيَّ أَوْ طَلَاقَك فَفَعَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ قَالَتْ بِعْنِي طَلَاقِي فَفَعَلَ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 هِيَ طَلَاقٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا قَصَدَتْ بِقَوْلِهَا طَلَاقِي مُطْلَقَ الطَّلَاقِ وَمُطْلَقُهُ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ أَضَافَتْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ إرَادَةُ الْجَمِيعِ. (ص) وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا فِي: خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: خَلَّيْت سَبِيلَك فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الثَّلَاثَ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ ثَلَاثٌ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِقَوْلِهِ ثَلَاثٌ وَلِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ. (ص) وَوَاحِدَةٌ فِي فَارَقْتُك (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ مُطْلَقًا: فَارَقْتُك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ. (ص) وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي وَانْصَرِفِي أَوْ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَكَ امْرَأَةٌ فَقَالَ: لَا، أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِكِ أَوْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ (ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَهِيَ الْمُحْتَمِلَةُ لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يُنَوَّى فِي الطَّلَاقِ وَفِي نَفْيِهِ فَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ طَلَاقًا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: نَوَيْتُ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ بِطَلْقَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عُمِلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي الْأَخِيرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَلَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ وَفِي الْفَتْوَى بِلَا يَمِينٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (ص) وَإِنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِتَابًا وَإِلَّا فَبَتَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنْ كَانَ عِتَابًا لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِتَابًا لَهَا بَلْ قَالَ ذَلِكَ لَهَا ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ أَيْ الثَّلَاثُ قَالَ بَعْضٌ: وَيَنْبَغِي فِي الْمَدْخُولِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا قَصَدَتْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ لَا طَلَاقَ لَهَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا لَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّفْرِيعَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ مَعَ إعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْجُمْلَةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ إطْلَاقِهَا حَيْثُ أَضَافَتْ إلَيْهِ جَمِيعَ الطَّلَقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَوَاهَا بِ " خَلَّيْت " سَبِيلَك لِأَنَّهُ نَوَى بِهَا الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ وَمَا هُنَا نَوَى حَلَّ الْعِصْمَةِ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَهُ وَوَاحِدَةً فِي فَارَقْتُك عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَفْظُهُ طَلَّقْت. (قَوْلُهُ: أَنْتِ حُرَّةٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِمِنِّي وَحَمَلَهُ بَعْضٌ عَلَى مَا إذَا أَطْلَقَ فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ، وَتَقْرِيرُ الْمَتْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ يَقُولُ بِالْحَلِفِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ " أَنْتِ مُعْتَقَةٌ مِنِّي " (قَوْلُهُ: وَالْحَقِي بِأَهْلِك إلَخْ) يُقْرَأُ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ لَحِقَ يَلْحَقُ لَا مِنْ أَلْحَقَ يُلْحِقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تُلْحِقَ الْغَيْرَ بِأَهْلِهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَهْلِهَا وَمِثْلُهُ انْتَقِلِي إلَى أَهْلِك أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا: اُنْقُلِي إلَيْكِ ابْنَتَكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ الْأَحَدَ الدَّائِرَ أَيْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِعَدَمِ الطَّلَاقِ بَلْ يَنْصَرِفُ لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ كَذِبٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الصُّوَرِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَفِي الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذِبًا لَكِنْ لَيْسَ مَعْنَاهُ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ) فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ وَقَالَ عج: إذَا نَوَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ أَوْ أَقَلَّ عُمِلَ بِمَا نَوَى وَظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ نَوَى عَدَمَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَهَلْ يُنَوَّى فِي عَدَدِهِ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ: وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ إلَخْ وَانْظُرْ هَلْ يُحَلَّفُ فِي دَعْوَى الْعَدَدِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَدَدِ دُونَ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَمَا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ فِيهِ الثَّلَاثُ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الصَّرِيحِ أَوْجَبَ رِيبَةً عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الثَّلَاثِ ذَكَرَهُ أَصْبَغُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَرَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُهُ اهـ عج (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي الْأَخِيرِ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَنُوِّيَ فِيهِ " وَلَوْ قَالَ كَ " لَسْتِ " لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ) أَيْ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ) أَيْ فَلَا يُؤْخَذُ حِينَئِذٍ بِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَظَهَرَ أَنَّ مُغَايَرَةَ التَّعْلِيقِ فِي الْأَخِيرِ لِغَيْرِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلًا فَإِنَّهُ فِي الْأَخِيرِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَهُ صُدِّقَ فِي الْفَتْوَى بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ هَذَا مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا نَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَأَمَّا إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ احْتِيَاطًا قَالَ عج وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَنْوِ عَدَدًا خَاصًّا فَيُعْمَلُ بِهِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: الْأَوْلَى حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: كَأَنْ عَلَّقَ فِي الْأَخِيرِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ بِالْحُكْمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 بِهَا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا. (ص) وَهَلْ تَحْرُمُ بِوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى اللُّزُومِ. (ص) أَوْ عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ بِتَخْفِيفِ " عَلَى " فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى نَقْلِ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ وَجْهُك حَرَامٌ بِتَشْدِيدِ " عَلَيَّ " فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُطْلَقُ جُزْءٍ فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. (ص) أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَيَلْزَمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ. (ص) كَقَوْلِهِ لَهَا يَا حَرَامُ أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا (ش) هَذِهِ الْفُرُوعُ الْأَرْبَعَةُ مُشَبَّهَةٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الْحَلَالُ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ " عَلَيَّ " لَا مُقَدَّمَةً وَلَا مُؤَخَّرَةً وَإِلَّا فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ لَهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ مَا أُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا، وَمِثْلُهُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَمَّا عَلَيَّ الْحَرَامُ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ: جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إدْخَالَ الزَّوْجَةِ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْإِدْخَالِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُحَاشَاةِ وَهِيَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْرَاجِ أَوَّلًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَمْ تَدْخُلْ إلَّا بِإِدْخَالِهَا فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ بِخِلَافِ " الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا فَاحْتِيجَ إلَى إخْرَاجِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ. (ص) وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهِ فَإِنْ نَكَلَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُنَوَّى فِي عَدَدِهِ أَيْ فِيمَا أَرَادَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ لِأَنَّ نُكُولَهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَلِذَلِكَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ كَيْفَ يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ كَذَا مِنْ الْعَدَدِ وَهُوَ مُنْكِرٌ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَنَا فِي هَذَا إلَّا مَحْضُ التَّقْلِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ نِيَّةً بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ (وَعُوقِبَ) رَاجِعٌ لِهَذَا الْقِسْمِ وَلِلسَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) وَأَمَّا غَيْرُهَا فَيُنَوَّى (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَفِي عب مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى اللُّزُومِ) وَلِذَلِكَ كَانَ هُوَ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَانَ اللَّائِقُ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَجْزِمَ بِمَا حَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى شُذُوذِ مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّفْظَ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا وَجْهِي عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ وَجْهِكِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ " عَلَى وَجْهِكِ " مُتَعَلِّقٌ بِحَرَامٌ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ) الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفَ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَإِنَّمَا فِيهَا لُزُومُ الطَّلَاقِ وَفِي شَرْحِ عب وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِي النِّيَّةِ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ هَذَا بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَيَّ الْحَرَامُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَعَلَيَّ الْحَرَامُ أَنَّ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُرْفِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ " عَلَيَّ حَرَامٌ " فَمَنْ قَاسَ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " عَلَى " عَلَيَّ حَرَامٌ " فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الْقِيَاسِ لِوُجُودِ الْفَارِقِ وَخَالَفَ الْمَنْصُوصَ فِي كَلَامِهِمْ فِي " عَلَيَّ الْحَرَامُ " أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهِ) مَحَلُّهُ فِي سَائِبَةٍ حَيْثُ لَا بِسَاطَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ كَقَوْلِهِ لَهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَا سَائِبَةُ فَهَلْ يُحَلَّفُ أَيْضًا أَوْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ) اُنْظُرْ كَيْفَ لَزِمَتْ الثَّلَاثُ بِلَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا مَعَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: زَوْجَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ طَلَاقٌ صَرِيحٌ، وَسَائِبَةٌ وَحُرَّةٌ وَمُعْتَقَةٌ كِنَايَاتٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ هُنَا لَمَّا نَكَلَ اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ نَوَى الثَّلَاثَ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ تُهْمَتَهُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا (قَوْلُهُ: وَعُوقِبَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُلِّفَ لَا عَلَى قَوْلِهِ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا عُطِفَ عَلَى نُوِّيَ فَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيمَا إذَا حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ) أَيْ إذَا قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَفِيهِ تَلْبِيسٌ مِنْ حَيْثُ الْوَاحِدَةُ أَوْ أَكْثَرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 لِتَلْبِيسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ. (ص) وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا جَوَابًا لِذَلِكَ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ قَالَ لَهَا - جَوَابَ قَوْلِهَا -: أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا بَرِيءٌ مِنْك أَوْ خَلِيٌّ أَوْ أَنَا بَاتٌّ مِنْك وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَانْظُرْ التَّفْصِيلَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ " فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي " الْمَاءَ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ لَزِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَلَا مِنْ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الظِّهَارِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ فِعْلًا كَضَرْبِهَا وَنَحْوِهِ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقَوْلُنَا وَلَا مِنْ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الظِّهَارِ احْتِرَازًا مِنْ صَرِيحِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرِيحُهُ بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٌ وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ تَأْوِيلَانِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ " اسْقِنِي الْمَاءَ " مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَاسْقِنِي الْمَاءَ لَيْسَ مَدْلُولُهُ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ لَا مِنْ بَابِ النِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ. (ص) لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا غَلَطًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَصَدَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بِأَنْ قَالَ اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِنِيَّتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ إيقَاعَهُ بِلَفْظِهِ فَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ وَلَا بِلَفْظٍ أَرَادَهُ بِهِ. (ص) أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الثَّلَاثَ فَتَلْزَمَهُ. (ص) وَسُفِّهَ قَائِلُ: يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا أُمِّي أَوْ قَالَ لَهَا: يَا أُخْتِي أَوْ: يَا عَمَّتِي وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسَفَّهُ أَيْ يُعَدُّ هَذَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ التَّفْصِيلَ إلَخْ) وَنَصُّ ك: وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْكِرْ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَلْ قَالَ قَصَدْته وَقَصَدْت وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا يُنَوَّى فِي بَتَّةٍ مُطْلَقًا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا إذَا لَمْ يَبْنِ قَالَهُ س زَادَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا بِطُرَّةِ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِ " يَنْبَغِي " قُصُورٌ انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا مَعَ إنْكَارِهِ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرِيَّةَ يَلْزَمُ بِهَا الثَّلَاثُ إذَا قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ عَدَمَ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ قَصْدُهُ عَدَمَ الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا مَعَ عَدَمِ إنْكَارِهِ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَكَمَفْهُومِ الشَّرْطِ فَإِذَا قَالَ قَصَدْته وَقَصَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مُطْلَقًا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا إلَّا فِي بَتَّةٍ. (قَوْلُهُ: اسْقِنِي الْمَاءَ) خِطَابًا لَهَا بِصِيغَةِ الْمُذَكَّرِ لَحْنًا أَوْ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ اسْتِهْزَاءً بِهَا أَوْ تَعْظِيمًا لَهَا وَأَوْلَى أَمْرُهَا بِقَوْلِهِ اسْقِينِي الْمَاءَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ بَابِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ إلَّا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ كَحُرَّةٍ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ: إذَا نَوَاهُ أَيْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَوْلُهُ: مَعَ الْبَيِّنَةِ أَيْ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَيْ فَالظِّهَارُ يُؤَاخَذُ بِهِ اتِّفَاقًا وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ الَّذِي نَوَاهُ تَأْوِيلَانِ رَاجِعْ بَابَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَدْلُولُهُ الطَّلَاقَ) أَيْ مَدْلُولُهُ الِالْتِزَامِيُّ أَيْ فَالطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ طَلَبُ السَّقْيِ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِنَايَةِ اللُّغَوِيَّةِ هِيَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنًى غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ فَلَيْسَتْ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَلَا كِنَايَةً قَالَ عج وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكُلِّ صَوْتٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ مَا إذَا قَصَدَهُ بِصَوْتٍ سَاذَجٍ أَيْ خَالٍ مِنْ الْحُرُوفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَهُ بِالصَّوْتِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَنْفِ لَزِمَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَهُ بِالصَّوْتِ الْحَاصِلِ مِنْ الْهَوَاءِ الْمُنْضَغِطِ بَيْنَ قَارِعٍ وَمَقْرُوعٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَصْدِهِ بِالْفِعْلِ وَالْفِعْلُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَهُ بِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهُ لِلطَّلَاقِ وَإِلَّا لَزِمَ وَمَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِهِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِنِيَّتِهِ) أَيْ نِيَّةِ اسْقِنِي أَيْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِ " اسْقِنِي " الْمُصَاحِبِ لِنِيَّتِهِ أَيْ لِنِيَّةِ حُصُولِ الطَّلَاقِ بِهِ وَهَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ) نُسْخَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِوُجُودِ ضَمِيرٍ وَعَدَمِهِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهَا عَدَمُهُ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَيْ فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةِ اسْقِنِي وَلَا بِلَفْظٍ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِهِ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الثَّلَاثَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَعَكَسَ الْمُصَنِّفُ: يُنَوَّى فِي الْفَتْوَى عِنْدَ سَحْنُونَ وَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 مِنْ كَلَامِ أَهْلِ السَّفَهِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الْحُرْمَةِ أَوْ الْكَرَاهَةِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ لَمَّا «قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخَيَّةُ أَأُخْتُكَ هِيَ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ» . (ص) وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ بِأَنْ احْتَفَّ بِهَا مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهَا الطَّلَاقُ وَهِيَ كَصَرِيحِهِ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ مَنْ عَايَنَهَا بِذَلِكَ فَهِيَ كَالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَخْرَسُ وَالسَّلِيمُ. (ص) وَبِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ بِهِ مَعَ رَسُولٍ (ش) لَا خِلَافَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِلرَّسُولِ بَلِّغْ زَوْجَتِي طَلَاقَهَا أَوْ أَخْبِرْ زَوْجَتِي بِطَلَاقِهَا أَنَّهُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلرَّسُولِ سَوَاءٌ بَلَّغَهَا الرَّسُولُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ إلَخْ أَيْ وَبِإِرْسَالِهِ الْمُجَرَّدِ. (ص) وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَتَبَ إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ إلَى غَيْرِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيُنَزَّلُ كَتْبُهُ لِلَفْظِ الطَّلَاقِ مَنْزِلَةَ مُوَاجَهَتِهَا بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْكِتَابَةِ: إذَا جَاءَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ وَوَصَلَ إلَيْهَا أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ (ص) أَوْ لَا إنْ وَصَلَ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَتَبَ إلَى زَوْجَتِهِ بِطَلَاقِهَا وَهُوَ غَيْرُ عَازِمٍ عَلَيْهِ حِينَ كَتَبَهُ أَيْ وَلَا أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَيْضًا بَلْ كَتَبَهُ وَأَخْرَجَهُ لِيَنْظُرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ وَصَلَ الْكِتَابُ لَهَا إلَّا إنْ لَمْ يَصِلْ وَسَوَاءٌ كَتَبَ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إذَا جَاءَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْكَتْبِ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى عَدَمِ الْعَزْمِ وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْعَزْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا مِنْ الْحِنْثِ بِالْكِتَابَةِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِالْكِتَابَةِ وَلَوْ عَازِمًا إلَّا بِالْوُصُولِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ بَابِ الطَّلَاقِ. (ص) وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ كَمَا يُنْشِئُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِلِسَانِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ. خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَلَيْسَ مَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ وَيُصَمِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَبْدُوَ لَهُ وَلَا أَنْ يَعْتَقِدَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ طَلَاقٌ إجْمَاعًا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ اللَّفْظُ تَشَعُّبٌ فَهُوَ أَطْوَلُهَا شَرَعَ فِي مُتَعَلَّقَاتِهِ فَمِنْهَا تَكَرُّرُهُ بِعَطْفٍ أَوْ دُونَهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعِيدَ الْمُبْتَدَأَ مَعَ الْعَطْفِ أَوْ لَا وَحُكْمُ الْفَاءِ وَثُمَّ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِي إرَادَةِ التَّأْكِيدِ فِي لُزُومِ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُنَافِيهِ وَمَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي الْوَاوِ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا مِثْلُ الْفَاءِ وَثُمَّ فَلَا يُنَوَّى فِيهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا كَالْمَدْخُولِ بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ النَّسَقِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَهْلِ السَّفَهِ) هُمْ أَهْلُ الْخُدْعَةِ وَالْمُجُونِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا احْتِمَالَانِ إلَخْ) أَيْ فَحَمَلَهُ بَعْضٌ عَلَى الْحُرْمَةِ وَبَعْضٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ) أَيْ نَهْيًا ضِمْنِيًّا مِنْ قَوْلِهِ: أَأُخْتُك هِيَ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْهُ، وَكَرَاهَتَهُ أَيْ لَمْ يُحِبَّهُ فَصَحَّ كَوْنُهُ مُحْتَمِلًا لِلْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْفَاهِمُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْطَعْ مَنْ عَايَنَهَا بِالْفَهْمِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَوَاهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَوَاهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ عج يَمِيلُ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَبِإِرْسَالِهِ الْمُجَرَّدِ) أَيْ عَنْ الْوُصُولِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكْتُبَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ تُضْرَبُ فِي مِثْلِهَا بِتِسْعٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَصِلَ أَوْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. فَإِذَا كَتَبَهُ عَازِمًا فَيَحْنَثُ بِصُوَرِهِ السِّتِّ وَهِيَ: إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَصِلَ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا إنْ وَصَلَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوُصُولِ أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ يَحْنَثُ فِيهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِلْ لَا حِنْثَ فِي السِّتَّةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُصُولِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ مُوَاجَهَتِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِمَنْزِلَةِ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: بَلْ كَتَبَهُ وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ) هَذَا الْإِضْرَابُ يُفِيدُ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْتَشِيرًا وَكَتَبَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ حَلٌّ لِلْفِقْهِ الْمُرَادِ وَقَدْ عَلِمْت ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعَارِضُ الْإِضْرَابَ الَّذِي حُمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا حَلٌّ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حَلِّهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَزْمِ هُنَا النِّيَّةُ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ لِأَنَّا نَقُولُ انْضَمَّ لَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكِتَابَةُ وَمُحْتَرَزُ الْعَزْمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ التَّرَوِّي وَالِاسْتِشَارَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّصْمِيمَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ اللَّفْظُ فَكَيْفَ لَزِمَ بِالْإِشَارَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ حَذْفًا دَلَّ عَلَيْهِ مَا هُنَا تَقْدِيرُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ مَعَ الْعَزْمِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مِثْلُ الْفَاءِ وَثُمَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِيمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 دَخَلَ بِهَا لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) كَمَعَ طَلْقَتَيْنِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي: الزَّوْجُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ مَصْحُوبَةً أَوْ مَقْرُونَةً بِهِمَا أَوْ تَحْتَهَا أَوْ فَوْقَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. (ص) وَبِلَا عَطْفٍ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إنْ نَسَقَهُ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ وَهَذَا قَسِيمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ اعْتَدِّي، اعْتَدِّي، اعْتَدِّي، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتَ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَأِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَبِشَرْطِ النَّسَقِ فِي غَيْرِهَا وَالْمُرَادُ بِالنَّسَقِ الْمُتَابَعَةُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِكَلَامٍ أَوْ صُمَاتٍ اخْتِيَارِيٍّ لَا بِسُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ فَإِنْ نَوَى بِاللَّفْظِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ التَّأْكِيدَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (ص) فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ أَيْ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ إنَّمَا تَنْفَعُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ أَصْلًا أَوْ تَعْلِيقٌ بِمُتَّحِدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ بِمُتَعَدِّدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا آخَرَ فَكَلَّمَتْ كُلًّا مِنْهُمَا لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَكَذَا إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتِ إنْسَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ فُلَانًا وَحْدَهُ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا " غَيْرُهُ مَعَ غَيْرِهِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " إنْ كَلَّمْتِ إنْسَانًا " فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِفُلَانٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ فِي نَفْسِهِ غَيْرُهُ مَعَ غَيْرِهِ. (ص) وَلَوْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ عَلَى زَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ مَا فَعَلْت فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ أَرَادَ إخْبَارَهُ بِمَا فَعَلَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأُولَى وَإِنْ نَوَى الْإِنْشَاءَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ مُرْدَفَةٌ عَلَى الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارًا وَلَا إنْشَاءً فَقِيلَ تَلْزَمُهُ الطَّلْقَةُ الْأُولَى فَقَطْ حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَارِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ كَمَا عِنْدَ غَيْرِهِ حَمْلًا عَلَى الْإِنْشَاءِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِأَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَقَالَ: مُطَلَّقَةٌ أَوْ طَلَّقْتهَا فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا الطَّلْقَةُ الْأُولَى اتِّفَاقًا. فَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وَأَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ وَالْإِنْشَاءَ كَمِثَالِ الْمُؤَلِّفِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ إنَّهُ يُحَلَّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ وَاحِدَةٍ حَيْثُ كَانَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ح أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا طَلَاقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، . وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ تَجْزِئَةِ الطَّلَاقِ أَنْ يُكَمَّلَ، وَحُكْمُ هَذَا الْبَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ مَا يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ اثْنَتَانِ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ ثَلَاثٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَنِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ أَوْ وَاحِدَةً فِي وَاحِدَةٍ أَوْ مَتَى مَا فَعَلْتِ وَكُرِّرَ أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا طَلْقَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهَا تُكَمَّلُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَعُشْرِ طَلْقَةٍ   [حاشية العدوي] أَيْ إنَّهُ إذَا خَالَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ طَلْقَةُ الْخُلْعِ وَالطَّلْقَةُ الَّتِي أَرْدَفَهَا وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا تَبِينُ بِالْأُولَى وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَعَةُ تَبِينُ بِالْخُلْعِ وَلَزِمَهَا الطَّلْقَةُ فَكَذَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّ نَسَقَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا، لَا يُقَالُ إنَّ اشْتِرَاطَ النَّسَقِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا غَيْرُ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْعَطْفِ بِثُمَّ لِدَلَالَتِهَا عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّا نَقُولُ دَلَالَتُهَا عَلَى التَّرَاخِي فِي الْإِخْبَارِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْإِنْشَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَهَا أَوْ فَوْقَهَا) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ الْعَائِدَةِ عَلَى الطَّلْقَةِ وَفِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَتَانِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالنَّسَقِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ النَّسَقَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَهُوَ تَوَسُّطُ أَحَدِ الْحُرُوفِ التِّسْعَةِ بَيْنَ التَّابِعِ وَمَتْبُوعِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ النَّسَقُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نِيَّةَ التَّأْكِيدِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَسَقًا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ نَسَقًا وَإِلَّا لَزِمَهُ لِأَنَّ الْفَصْلَ يَمْنَعُ إرَادَةَ التَّأْكِيدِ وَأَبْقَاهُ عج عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا مَا ذَكَرَهُ عج كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مَعَ عج انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) أَيْ بَلْ نَوَى التَّأْسِيسَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ) لَكِنْ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِدُونِهَا فِي الْفَتْوَى ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَكُونُ مَعَهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ) أَيْ وَلَا إنْشَاءَهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَارِ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَجِّحَ لِعَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ الْمُفْتِي تَقَدَّمَ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ) لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِلُزُومِ طَلْقَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَوَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَهُ طَلْقَةٌ) أَيْ بِأَنْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً قَبْلَ هَذِهِ الطَّلْقَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالِ إلَخْ) بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ: يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا، لَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا، أَيْ أَرَادَ رَجْعَتَهَا أَمْ لَا؛ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ: وَاحِدَةً فِي وَاحِدَةٍ) هَذَا إذَا كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِرُجُوعِ الْجُزْأَيْنِ إلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِذِكْرِ الطَّلْقَةِ فِي الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا عَلَّقَهُ بِأَدَاةٍ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ إذَا مَا أَوْ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ وَكَرَّرَ الْفِعْلَ وَسَوَاءٌ قَرَنَ بِمَا أَوْ لَا. وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ وَاسْتَمَرَّ طَلَاقُك أَبَدًا وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَلَمْ يُرَاجِعْهَا فَقَدْ اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا أَبَدًا وَقَوْلُهُ: وَنِصْفَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِشَارَةِ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ وَلَزِمَ فِي الْإِشَارَةِ وَفِي " نِصْفَ " طَلْقَةٌ، وَطَلْقَةٌ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فَاعِلُ لَزِمَ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلْقَتَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " طَلْقَةً " وَقَوْلُهُ: أَوْ مَتَى مَا فَعَلْتِ وَكُرِّرَ: " كُرِّرَ " مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ إنْ ضُمَّتْ تَاءُ " فَعَلْتِ " وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْحَالِفِ وَلِلْمَفْعُولِ إنْ كُسِرَتْ التَّاءُ وَنَائِبُهُ يَعُودُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجَعَ لِلْمَرْأَةِ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَتَعَيَّنَ إلْحَاقُ تَاءِ التَّأْنِيثِ لَهُ لِأَنَّهُ مُسْنَدٌ لِحَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ لِقَوْلِهِ وَمَتَى مَا إلَخْ نَظَرٌ مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَاثْنَتَانِ فِي رُبُعِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ وَوَاحِدَةٍ فِي اثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ رُبُعَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الرُّبُعِ وَالنِّصْفِ الْمَذْكُورَيْنِ مُضَافٌ إلَى طَلْقَةٍ غَيْرِ الَّتِي أُضِيفَ إلَيْهَا الْآخَرُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ مُمَيِّزَهُ فَاسْتَقَلَّ وَلِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا ذُكِرَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى. (ص) وَالطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ حُكْمَ التَّجْزِئَةِ التَّكْمِيلُ فَلَمَّا كَانَ الْحَاصِلُ طَلْقَةً وَنِصْفًا كَمَّلْنَا عَلَيْهِ الْكَسْرَ بِطَلْقَةٍ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَهَا وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَفُرِّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ نِصْفَهُ أَوْ نِصْفَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ وَاحِدَةٌ فَاسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا لَا يُفِيدُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَأَلْزَمَهُ مَعَ الضَّمِيرِ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا نِصْفَهُ وَأَلْزَمَهُ مَعَ غَيْرِهِ الثَّلَاثَ وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ. (ص) وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إنَّهُ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى قَرْيَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ وَأُخْرَى بِالْعُمُومِ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ - وَهُوَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِمَرْأَةٍ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ - يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي عَكْسُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِي مِنْ لُزُومِ طَلْقَتَيْنِ، وَوَجْهُ الْمُسْتَصْوَبِ أَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ نِسَاءِ الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الطَّلَاقُ ثَانِيًا. (ص) وَثَلَاثٌ فِي إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ   [حاشية العدوي] يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَقَصَدَهُ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَاحِدَةً عَلَى وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ إذَا مَا أَوْ مَتَى مَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا تَقْتَضِيَانِ التَّكْرَارَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إذَا مَا أَوْ مَتَى مَا) مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَتَى مَا مَعْنَى كُلَّمَا وَإِلَّا فَثَلَاثٌ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ التَّعَدُّدَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ لِجَعْلِ الْأَبَدِيَّةِ لِلْفِرَاقِ فِي أَزْمَانِ الْعِصْمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَذَلِكَ بِالثَّلَاثِ (أَقُولُ) وَهَذَا الْقَوْلُ إمَّا مُسَاوٍ لِلْمُصَنِّفِ أَوْ أَرْجَحَ لِذَهَابِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ لِأَنَّهُ عَجُوزَةُ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَاجِعْهَا) بَلْ وَلَوْ رَاجَعَهَا الطَّلَاقُ مُسْتَمِرٌّ لَهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ فَقَدْ اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا أَيْ أَثَرُ طَلَاقِهَا وَهُوَ مُفَارَقَتُهَا أَبَدًا (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِشَارَةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ " لَزِمَ " الْمَذْكُورَ مُسَلَّطٌ عَلَى " نِصْفَ " أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ " نِصْفَ " وَالْأَصْلُ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَ " طَلْقَةٌ " فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكُونُ تَوْكِيدًا لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ فِي نِصْفٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ " لَزِمَ " لِئَلَّا يَلْزَمَ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِعَاطِفٍ وَاحِدٍ (أَقُولُ) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ " طَلْقَةٌ " مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا وَحُذِفَ الْجَارُّ مِنْ الْخَبَرِ لِتَقَدُّمِ مِثْلِهِ أَيْ طَلْقَةٌ كَائِنَةٌ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَيْهِ فَاعِلُ لَزِمَ) الْمُنَاسِبُ دَلَّ عَلَيْهِ لَزِمَ الَّذِي هُوَ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْنَدٌ إلَى حَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ) وَمِثْلُهُ مَجَازِيُّهُ (قَوْلُهُ: وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: وَكُرِّرَ أَيْ اللَّفْظُ بِأَنْ قَالَ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَتَى مَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ وَاحِدَةٌ) أَيْ فِي الْمُسْتَثْنَى الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: فَاسْتِثْنَاؤُهُ أَيْ الشَّخْصِ وَقَوْلُهُ: مِنْهَا أَيْ مِنْ الصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي) الَّذِي هُوَ الْبُرْزُلِيُّ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِي) الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَإِنْ كَانَ مُعْتَمَدُ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ " وَوَجْهُ الْمُسْتَصْوَبِ " هَذَا التَّوْجِيهُ مَوْجُودٌ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا الطَّلَاقُ أَوَّلًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْمُسْتَصْوَبِ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا التَّوْجِيهُ جَارٍ فِي الْعَكْسِ وَقَدْ عَرَفْت الْحُكْمَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى نِصْفَ طَلْقَةٍ عُلِمَ أَنَّ الْغَرَضَ بِالطَّلَاقِ الطَّلَاقُ غَيْرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ فَيَلْزَمُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ الثَّلَاثُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ حُكْمَ الْكَسْرِ التَّكْمِيلُ. (ص) وَاثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا وَهُوَ طَلْقَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَارِفِ بِالْحِسَابِ وَغَيْرِهِ. (ص) أَوْ كُلَّمَا حِضْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتَ طَالِقٌ كُلَّمَا حِضْت أَوْ كُلَّمَا جَاءَ شَهْرٌ أَوْ يَوْمٌ أَوْ سَنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ مُنَجَّزًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرُ كَطَالِقٍ مِائَةً وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ لَا إنْ كَانَتْ شَابَّةً لَا تَحِيضُ أَوْ آيِسَةً كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ كُلَّمَا أَوْ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ " كُلَّمَا " وَ " مَتَى مَا " وَ " إذَا مَا " أَدَوَاتُ تَكْرَارٍ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ مَتَى مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَتَى مَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إذَا مَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إذَا مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّوَرِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ هُوَ فَاعِلُ الْمُسَبَّبِ فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى وُقُوعُ الثَّانِيَةِ وَمِنْ وُقُوعِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ مِمَّا هُوَ فِعْلُهُ وَهِيَ الْأُولَى صَارَتْ الثَّانِيَةُ فِعْلَهُ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَتَقَعُ الثَّالِثَةُ بِمُقْتَضَى أَدَاةِ التَّكْرَارِ. (ص) أَوْ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ طَلَاقِي ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ مِنْ الْمُنَجَّزِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ تَمَامِ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَبْلِيَّةِ لَغْوٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ مَا لَمْ يَزِدْ الْعَدَدُ عَلَى الرَّابِعَةِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَسْرَ فِي الطَّلَاقِ حُكْمُهُ التَّكْمِيلُ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ رُبُعُ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفُ طَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ فَكُمِّلَتْ عَلَيْهَا وَإِذَا قَالَ لَهُنَّ: بَيْنَكُنَّ خَمْسُ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ سِتُّ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ سَبْعُ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ ثَمَانُ تَطْلِيقَاتٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ لَهُنَّ: بَيْنَكُنَّ تِسْعُ تَطْلِيقَاتٍ إلَى أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. (ص) سَحْنُونَ وَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ شَرَّكْتُ بَيْنَكُنَّ فِي طَلْقَةٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَطْلُقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ شَرَّكْتُ بَيْنَكُنَّ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ شَرَّكْت بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ سَحْنُونَ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ مُوَافِقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ مَا لَمْ يُشَرِّكْ فَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَعَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ يَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ وَمَسْأَلَةُ التَّشْرِيكِ الْآتِيَةِ   [حاشية العدوي] الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا كَانَ يَقُولَ: إلَّا نِصْفَهُ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُسْتَغْرِقٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بَهْرَامُ وَأَوْلَى مِنْ مِثَالِ الشَّارِحِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَغَيْرِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ يُرِيدُ اثْنَتَيْنِ عَلَى اثْنَتَيْنِ يُنَوَّى عِنْدَ الْمُفْتِي أَوْ عَرَّفَهُمْ ذَلِكَ أَوْ يُعْلَمُ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ جُهَّالِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يُرِيدُونَ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ الثَّلَاثُ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا تَحِيضُ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ آيِسَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ) هُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى وَقَوْلُهُ " وَالْمُسَبَّبِ " الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَإِذَا كَانَ فَاعِلُ السَّبَبِ فَاعِلَ الْمُسَبَّبِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ فِعْلُهُ فَتُجْعَلُ سَبَبًا لِلثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: فَصَارَتْ الثَّانِيَةُ فِعْلَهُ أَيْضًا) أَيْ وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّالِثَةُ بِالثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ أَيْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَيْ كَأَنَّهُمَا فِعْلُهُ حَقِيقَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُولَى فِعْلُهُ حَقِيقَةً وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ الْتِزَامًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَزِمَتْهُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى الْأُولَى، وَالثَّالِثَةَ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: فَتَقَعُ عَلَى حَذْفِ أَيْ فَتَقَعُ إلَخْ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا هُوَ بِكُلَّمَا وَأَمَّا " إذَا مَا " وَ " مَتَى مَا " فَيَلْزَمُهُ فِيهِمَا طَلْقَتَانِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا تَلْزَمُهُ كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ، وَمِثْلُهُ " إذَا مَا " وَ " مَتَى مَا " وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَتَى مَا فَعَلْت وَكُرِّرَ فَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ غَيْرُ طَلَاقٍ فَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَالُوهُ مَعَ أَنَّ الْمَنْطِقِيِّينَ عَلَى أَنَّ " إنْ " وَ " لَوْ " وَ " إذَا " لِلْإِهْمَالِ وَ " مَتَى " مِنْ السُّوَرِ الْكُلِّيِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَبْلِيَّةِ لَغْوٌ) وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَغْوًا لَمْ يَلْزَمْهُ تَمَامُ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ وَكَذَا لَوْ اُعْتُبِرَتْ أَمْسِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَضَى زَمَنُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ) أَيْ أَوْ أَرْبَعٌ. (قَوْلُهُ: سَحْنُونَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَهُوَ مُنْصَرِفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَذَا لَقَبُهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ، لُقِّبَ بِسَحْنُونٍ اسْمِ طَائِرٍ حَدِيدِ النَّظَرِ لِحِدَّةِ فَهْمِهِ وَقَالَ عج بِفَتْحِ السِّينِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْكَثِيرُ وَأَمَّا اللُّغَةُ فَالضَّمُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ إلَخْ) بِفَتْحِ اللَّامِ عج وَ " ثَلَاثًا " حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَ " ثَلَاثًا " الثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ثَلَاثًا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْنَكُنَّ وَبَيْنَ هَذِهِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا تُوجِبُهُ الْقِسْمَةُ وَالْقِسْمَةُ تُوجِبُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ ثَلَاثَةٌ إلَى أَرْبَعٍ فَيُقَالُ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ وَلَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ شَيْئًا وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا نَطَقَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ لِكُلِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ يُسْتَشْعَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُرْتَضِيهِ لِأَنَّهُ قَالَ وَنَسَبَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ لِسَحْنُونٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ ابْنَ الْقَاسِمِ. (ص) وَإِنْ قَالَ أَنْتِ شَرِيكَةُ مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا وَلِثَالِثَةٍ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا طَلَقَتْ اثْنَتَيْنِ وَالطَّرَفَانِ ثَلَاثًا (ش) صُورَتُهَا ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ وَقَالَ لِلثَّانِيَةِ: وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا وَقَالَ لِلثَّالِثَةِ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالطَّرَفَيْنِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ الْتَزَمَ الثَّلَاثَ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ أَشْرَكَهَا مَعَهَا وَمَعَ الثَّانِيَةِ فَنَابَهَا مِنْ الْأُولَى طَلْقَةٌ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ فَكُمِّلَتْ طَلْقَتَانِ وَنَابَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَلَاثٌ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ فِيهَا طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ أَشْرَكَهَا مَعَ الْأُولَى فَنَابَهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَكُمِّلَتْ. (ص) وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ عَلَى زَوْجَتِهِ جُزْءَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَكَذَا يُؤَدَّبُ مُعَلِّقُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّجْزِئَةِ بِتَشْرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ لِإِيهَامِهِ عَلَى النَّاسِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَتَجَزَّأُ (ص) كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ وَإِنْ كَيَدٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي اللُّزُومِ وَالْأَدَبِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لَهَا يَدُكِ طَالِقٌ أَوْ عَيْنُك طَالِقٌ أَوْ نِصْفُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّجْزِئَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطْلِيقَاتِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْيَدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُعَيَّنَ لَيْسَ كَالشَّائِعِ (ص) وَلَزِمَ بِشَعْرُكِ طَالِقٌ أَوْ كَلَامُكِ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: شَعْرُك طَالِقٌ أَوْ كَلَامُك طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ لِأَنَّ الشَّعْرَ وَالْكَلَامَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ وَمِثْلُهُ الرِّيقُ وَالْعَقْلُ بِخِلَافِ الْعِلْمِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا قَصَدَ الشَّعْرَ الْمُتَّصِلَ بِهَا أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْمُنْفَصِلَ فَهُوَ كَالْبُصَاقِ. (ص) لَا بِسُعَالٍ وَبُصَاقٍ وَدَمْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ سُعَالُك أَوْ بُصَاقُك أَوْ دَمْعُك طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَاسِنِهَا. (ص) وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ بِإِلَّا إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الطَّلَاقِ بِإِلَّا أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَدَوَاتِ يَصِحُّ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَّصِلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ اخْتِيَارًا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ   [حاشية العدوي] وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ الْفَرْعَيْنِ سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ أَيْ فِي الْمَرْأَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ) أَيْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ خِلَافٌ أَيْ وَيَكُونُ ضَعِيفًا إذْ لَوْ كَانَ مُعْتَمَدًا لَكَانَ يَلْزَمُهُ فِي الثَّانِيَةِ الثَّلَاثُ بِمُقْتَضَى الشَّرِكَةِ مَعَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مُرْتَضِيهِ) أَيْ مُرْتَضِي أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ كَلَامُ سَحْنُونَ مُقَابِلًا نَقُولُ الْحُكْمُ كَمَا فِي الْأَوَّلِ عَبَّرَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالتَّشْرِيكِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ الْفَرْعَيْنِ سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ وَقَدْ ارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ وَفِي شَرْحِ عب وَشُبْ اعْتِمَادُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونَ فِي هَذَا الْفَرْعِ ضَعِيفٌ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْآتِيَةِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُشْعِرُ بِالتَّوَقُّفِ. (قَوْلُهُ: وَلِثَالِثَةٍ) فَلَوْ قَالَ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا بِالْإِفْرَادِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَوْدُهُ عَلَى الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْنِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْأُولَى وَاقْتَصَرَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَيْهَا أَلْبَتَّةَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَلْبَتَّةَ فَقَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ لِلْأُخْرَى وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا طَلَقْنَ أَلْبَتَّةَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ: ثَلَاثًا لِأَنَّهَا لَغْوٌ مَعَ أَلْبَتَّةَ قُدِّمَتْ أَوْ أُخِّرَتْ، وَأَلْبَتَّةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي هَذِهِ وَلَوْ قَالَ لِلثَّالِثَةِ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا بِالْإِفْرَادِ اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً بَلْ مَأْخُوذَةً مِنْ الْحُكْمِ بِالتَّأْدِيبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُؤَدَّبُ مُعَلِّقُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَهَلْ تَعْلِيقُهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مَمْنُوعٌ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ؟ خِلَافٌ فَذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى الْكَرَاهَةِ وَاللَّخْمِيُّ إلَى الْمَنْعِ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يُحَلِّفُ بِهِ سُلْطَانٌ وَلَا غَيْرُهُ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَيَدٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا كَنِصْفٍ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَائِعًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) وَذَلِكَ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا فِي كُلِّ الْبَدَنِ لِعُمُومِهِ وَأَمَّا الْخَاصُّ فَلَا (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَقَالَ سَحْنُونَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِمَا وَالرِّيقُ مَا لَمْ يُزَايِلْ وَالْبُصَاقُ مَا زَايَلَ وَالرِّيقُ يُلْتَذُّ بِهِ وَلِذَا «كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَمُصُّ لِسَانَ عَائِشَةَ» وَقَوْلُهُ " وَالْعَقْلُ " أَيْ لِأَنَّهُ مِمَّا يُلْتَذُّ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِهِ لِأَنَّهَا بِعَقْلِهَا يَصْدُرُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلرَّجُلِ الْقَبُولَ عَلَيْهَا وَالِالْتِذَاذَ بِخِلَافِ الْعِلْمِ الْمُجَرَّدِ وَيَدْخُلُ فِي الْمُنْفَصِلِ مَا لَوْ قَالَ: اسْمُكِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِكَوْنِهِ مُنْفَصِلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَاسِنِهَا) لِأَنَّهُ لَا يُلْتَذُّ بِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ شَعْرُ غَيْرِ حَاجِبِهَا وَرَأْسِهَا وَمَا شَابَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهَا وَحَاجِبِهَا وَمَا غَلُظَ مِنْ صَوْتِهَا فَلَا يَلْزَمُ بِطَلَاقِ مَا ذُكِرَ طَلَاقٌ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ هُوَ بِهِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ يَنْوِيَ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ فَكَالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ) أَيْ وَنَوَاهُ وَنَطَقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ أَيْ إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) وَفِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ هَلْ الْمُرَادُ اتِّصَالُهُ بِالْيَمِينِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اتِّصَالَ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إنْ دَخَلْت الدَّارَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا وَاحِدَةً فَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَّصِلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُعَدُّ مِنْ الْمُتَّصِلِ وَلَا يُعَدُّ فَصْلًا إلَّا السُّكُوتُ اخْتِيَارًا فَلَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ فَلَا يَضُرُّ وَلَا تُغْتَفَرُ سَكْتَةُ التَّفَكُّرِ كَمَا أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَكَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَوْ وَصَلَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 الثَّانِي أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ كَانَ قَدْرَهُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ إجْمَاعًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا أَوْ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَرُبُعًا أَوْ إلَّا ثَلَاثًا وَرُبُعًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِغْرَاقِ بِالذَّاتِ أَوْ بِالتَّكْمِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " وَثَلَاثٌ فِي إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ " وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ " وَلَمْ يُسَاوِ " لَفُهِمَ الْمُسْتَغْرَقُ بِالْأَوْلَى (ص) فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً اثْنَتَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُسْتَغْرَقَ بَاطِلٌ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثَّلَاثِ مِنْ نَفْسِهَا لَغْوٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إثْبَاتٌ "، وَقَوْلَهُ " إلَّا اثْنَتَيْنِ " نَفْيٌ مِنْ الثَّلَاثِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ، وَقَوْلَهُ " إلَّا وَاحِدَةً " إثْبَاتٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ الْمَنْفِيَّتَيْنِ فَهِيَ مُثْبَتَةٌ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى وَقَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَيَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ فَقَوْلُهُ فَفِي ثَلَاثٍ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ. (ص) وَوَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ فَوَاحِدَةٌ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَطَلْقَتَيْنِ إلَّا طَلْقَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ إلَّا طَلْقَتَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الْمَعْطُوفِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ حِينَئِذٍ حَيْثُ اُسْتُغْرِقَ، وَالْعَطْفُ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ بِغَيْرِهِمَا مِنْ الْحُرُوفِ مِمَّا يَأْتِي هُنَا كَالْفَاءِ وَحَتَّى كَذَلِكَ. (ص) وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ هَلْ يُلْغَى فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا أَوْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فَيَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا شَرْعًا لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ لَفْظًا فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَإِنْ اُعْتُبِرَ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ الْخَمْسِ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَالْقَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ وَرَجَعَ لِلْقَوْلِ بِالِاعْتِبَارِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَرْجَحِيَّتُهُ. (ص) وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَوْ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْأَوَّلِ وَسَيَأْتِي الثَّانِي وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: مَكْرُوهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَمْنُوعٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لَا يَخْلُو امْتِنَاعُهُ إمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ أَوْ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْعِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَالْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ حَضَرْتُ فُلَانًا أَمْسِ لَأَجْمَعَنَّ بَيْنَ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّ أَبَاهُ الْمَيِّتَ وَالثَّانِي إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَوْ حَضَرْتُ   [حاشية العدوي] بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لَفُهِمَ الْمُسْتَغْرِقُ بِالْأَوْلَى) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ شَامِلٌ لِلْمُسَاوِي (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثًا) أَيْ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَحُذِفَ اثْنَتَانِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ نَوَى ذَلِكَ وَإِنَّهُمَا كَمُعَبَّرٍ عَنْهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مِنْ الْكُلِّ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَقَطْ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ قَوْلَيْنِ لُزُومَ الثَّلَاثِ وَوَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُهُ) هُوَ الرَّاجِحُ فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِائَةَ طَلْقَةٍ إلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَالْقَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِالِاعْتِبَارِ لَيْسَ فِيهِ احْتِيَاطٌ لِلْفُرُوجِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْقَائِلِ بِالْإِلْغَاءِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ كَوْنِ الرَّاجِحِ الثَّانِيَ وَهُوَ الِاعْتِبَارُ إذَا كَانَ فِيهِ احْتِيَاطٌ لِلْفُرُوجِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِسَحْنُونٍ وَأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الزَّائِدِ قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ الْأَوْلَى لِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ فَأَنْتَ تَرَاهُ عَلَّلَ بِالْعُرْفِ لَا بِالِاحْتِيَاطِ فَالْوَاجِبُ إبْقَاءُ النَّقْلِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي الْعَبْدِ وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَانِ وَهَلْ يُلْغَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلَّفْظِ فَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اللَّفْظُ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَتَبْقَى لَهُ فِيهَا وَاحِدَةٌ وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ فِي الْعَبْدِ وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلَّقَ بِمَاضٍ) أَيْ رَبَطَهُ بِمَاضٍ يَمْتَنِعُ إلَخْ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ حَضَرْت لَجَمَعْت بَيْنَ وَجُودِك وَعَدَمِك وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ: وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقٌ عَلَى عَدَمِ صِدْقِ الْمُلَازَمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مُرْتَبِطٌ بِالْمُسْتَحِيلِ بِأَوْجُهِهِ وَفِي الْوَاقِعِ إنَّمَا هُوَ بِنَقِيضِهِ فَإِذَا كَانَ مُرْتَبِطًا ظَاهِرًا بِالْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى ضِدِّهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْعَقْلِيُّ وَقِسْ. (قَوْلُهُ: بِمَاضٍ) أَيْ بِأَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِأَجْلِ قَوْلِهِ " مُمْتَنِعٍ " لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ وَيُشِيرُ لِهَذَا حَلُّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ حَضَرْت إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَالْأَوَّلُ إذَا قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَوْ حَضَرْت فُلَانًا أَمْسِ لَأَجْمَعَنَّ بَيْنَ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ فَالطَّلَاقُ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ أَجْمَعْ فَهِيَ طَالِقٌ وَقِسْ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 فُلَانًا أَمْسِ لَأُدْخِلَنَّهُ الْأَرْضَ، وَالثَّالِثُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ: لَوْ حَضَرْتُ فُلَانًا أَمْسِ لَأَقْتُلَنَّهُ أَوْ لَفَقَأْتُ عَيْنَهُ ابْنُ بَشِيرٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَقْصِدُ الْمُبَالَغَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا حِنْثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِقِيَامِ الشَّكِّ فِي وُقُوعِهِ فِي الْمَاضِي وَلَوْ عُلِمَتْ الْقُدْرَةُ أَوْ قُصِدَتْ الْمُبَالَغَةُ لِجَوَازِ مَانِعٍ انْتَهَى وَإِنَّمَا نُجِّزَ فِي الْمُمْتَنِعِ عَقْلًا وَعَادَةً وَشَرْعًا، وَالْجَائِزِ لِلْقَطْعِ بِالْكَذِبِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِلشَّكِّ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي الْأَخِيرَيْنِ (ص) أَوْ جَائِزٍ كَلَوْ جِئْت قَضَيْتُك (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ مُمْكِنِ الْوُقُوعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِشَخْصٍ لَوْ جِئْتَنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك وَإِنَّمَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ لَوْ جَاءَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَوْ لَا يَقْضِيَهُ فَحَصَلَ الشَّكُّ وَبِمَا قَرَّرْنَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ بِقَوْلِهِ كَيْفَ يُمَثِّلُ الْمُؤَلِّفُ لِلْجَائِزِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ قَضَاءَهُ وَاجِبٌ وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ وَاجِبٍ عَادَةً كَقَوْلِهِ: زَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَوْ لَقِيَنِي أَسَدٌ أَمْسِ لَفَرَرْتُ مِنْهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَائِزِ وَأَمَّا الْوَاجِبُ عَقْلًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ لَقِيتُكَ مَا جَمَعْتُ بَيْنَ وَجُودِك وَعَدَمِك أَوْ مَا طَلَعْتُ بِك السَّمَاءَ وَلَا نَزَلْتُ بِك الْأَرْضَ. (ص) أَوْ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا عَادَةً كَبَعْدَ سَنَةٍ أَوْ يَوْمَ مَوْتِي (ش) عَطْفٌ عَلَى بِمَاضٍ أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ وُقُوعُهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقُ يَوْمَ مَوْتِي أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شَبِيهٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ حِلِّيَّةَ فَرْجِهَا إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِك وَأَمَّا إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتُّ أَوْ إذَا مُتِّي فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ بِمَا يُشْبِهُ مَا كَانَ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ فَأَقَلَّ وَبِمَا لَا يُشْبِهُ مَا كَانَ فَوْقَ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا بَلَغَهُ عُمُرُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَادَةً وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ عُمُرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ ح يُفِيدُ أَنَّهُ يُنَجَّزُ فِيمَا إذَا كَانَ يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ (ص) أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ أَيْ مُحَقَّقٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ الْمَسِّ وَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ لَا مُمْتَنِعٌ وَكَذَا إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْبَحْرَ أَوْ إنْ لَمْ أَلِجْ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ أَوْ إنْ لَمْ أَحْمِلْ الْجَبَلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ (ص) أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا (ش) أَيْ وَكَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: أَنْتَ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ) يَظْهَرُ هَذَا فِي الْأَخِيرِ فِي الْوَسَطِ بِالنِّسْبَةِ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْكُلِّ وَفِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخِيرَةِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ إلَخْ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى شب فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ وَلَوْ قَصَدَ الْمُبَالَغَةَ أَيْ الْكِنَايَةَ عَنْ كَوْنِهِ يَفْعَلُ بِهِ مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ رُبَّمَا يَدْفَعُهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فَلَا يُسَلَّمُ (قَوْلُهُ: مُمْكِنِ الْوُقُوعِ) أَيْ عَادَةً أَوْ عَقْلًا (قَوْلُهُ: كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِشَخْصٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَاضٍ جَائِزٍ شَرْعًا - كَزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَأَعْطَيْتُك كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ - فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَيْ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَاضٍ وَاجِبٍ شَرْعًا كَقَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك حَيْثُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ الْجَائِزُ الْعَقْلِيُّ سَقَطَ إلَخْ. (أَقُولُ) الْحَقُّ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْبِسَاطِيِّ مُتَّجَهٌ إذْ لَوْ أُرِيدَ بِالْجَائِزِ الْجَائِزُ الْعَقْلِيُّ لَدَخَلَ فِيهِ الْمُسْتَحِيلُ عَادَةً وَشَرْعًا فَكَانَ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْجَائِزَ لَا حِنْثَ فِيهِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ شَرْعًا أَوْ عَادَةً لَا حِنْثَ فِيهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ الْحِنْثَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَائِزِ أَيْ الْجَائِزِ الْعَقْلِيِّ أَيْ وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْوُقُوعِ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَسْلِيمُهُ وَأَنَّهُ لَا نَظَرَ (قَوْلُهُ: مَا طَلَعْت بِك السَّمَاءَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ طُلُوعَ السَّمَاءِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَكَذَا نُزُولُهُ بِهِ الْأَرْضَ فَعَدَمُهُمَا وَاجِبٌ عَادَةً لَا وَاجِبٌ عَقْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَمَ وَاجِبٌ عَادَةً لَاحَظَتْهُ عَدَمَ وَاحِدٍ أَوْ عَدَمَهُمَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَعَلَ حِلِّيَّةَ فَرْجِهَا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ آخِرَ النَّهَارِ فَتَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (أَقُولُ) وَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا يُقَوِّي الْبَحْثَ الْمُتَقَدِّمَ وَأَنَّهُ كَيْفَ يُعْقَلُ تَسْلِيطُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا عَلَى الْمِثَالِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِي هَكَذَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت بَعْضَ شُيُوخِنَا أَفَادَهُ قَائِلًا فَالْأَحْسَنُ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ أَنْ يَجْعَلَهُ مِثَالًا لِمُقَدَّرٍ فِي الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا أَوْ يَتَحَقَّقُ لَا بِقَيْدِ التَّثْنِيَةِ بَلْ الْمَعْنَى وَيَتَحَقَّقُ الْبُلُوغُ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِشَهْرٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ وَرُوحُ عَدَمِ الْفَرْقِيَّةِ التَّعْمِيمُ فِي مَوْتِهِ وَمَوْتِهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْتَفَتْ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ مَحَلًّا وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَاتَ أَوْ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ وَفِي شَرْحِ عب وَشُبْ وَيَوْمَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ جَارِيَةً لِفُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ أَبَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ) أَيْ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُسْتَقْبَلًا مُحَقَّقًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ طَائِرًا سَوَاءٌ قَدَّمَ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ، وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ نَدَمًا جَارٍ فِيهِمَا. (ص) أَوْ لِهَزْلِهِ كَطَالِقٍ أَمْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ وَهَذَا مُتَرَدِّدٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ بَيْنَ الْهَزْلِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ مَا يَقَعُ الْآنَ يَسْتَحِيلُ أَمْسِ فَيَكُونُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ هَزْلًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْإِخْبَارَ أَيْ أَخْبَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا الطَّلَاقُ وَعَلَى تَعْلِيلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا بِالْهَزْلِ فَالصَّوَابُ حِينَئِذٍ إسْقَاطُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِهَزْلِهِ فَيَكُونُ الْهَزْلُ عِلَّةً لَهَا وَعَلَى التَّصْوِيبِ يَكُونُ قَوْلُهُ كَطَالِقٍ أَمْسِ مُشَبَّهًا بِمَا قَبْلَهُ فِي التَّنْجِيزِ وَالْهَزْلِ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ الْإِنْشَاءَ فَهُوَ هَازِلٌ وَعَلَى عَدَمِهِ يَكُونُ الْمُؤَلِّفُ سَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الْأُولَى. (ص) أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْت (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِمَاضٍ أَيْ وَيُنَجَّزُ إنْ عَلَّقَ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت لِغَيْرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَوْ لَبِسْت لِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَصِحُّ ضَبْطُ تَاءِ الْفَاعِلِ بِكُلٍّ مِنْ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ فَيَشْمَلُ فِعْلَهُ وَفِعْلَهَا وَفِعْلَ الْغَيْرِ لِأَنَّ مَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ. (ص) أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي تَحِيضُ: إنْ حِضْتِ أَوْ إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَحِيضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ الْغَالِبُ وُقُوعُهُ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمُحَقَّقِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ. (ص) أَوْ مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَلَّيْت أَنَا أَوْ إنْ صَلَّيْت أَنْتِ أَوْ إنْ صَلَّى زَيْدٌ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا بُدَّ مِنْهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَرْكِهَا فَصَارَ كَالْمُحَقَّقِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ تَنْزِيلًا لِوُجُوبِهَا مَنْزِلَةَ وُقُوعِهَا. (ص) أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَيُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يَعْزِلْ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَعَزَلَ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ مِثْلُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ عُمُومِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (ص) أَوْ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنَجَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ أَوْ أَنَا أَوْ أَنْتِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَدَّمَ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ) الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ إنَّمَا هُوَ إذَا قَدَّمَهُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الشَّرْطِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ كَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ: جَارٍ فِيهِمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ هُوَ جَارٍ فِي تَأْخِيرِ الشَّرْطِ فَقَطْ أَيْ إنَّهُ لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَدِمَ فَأَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِالْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجَازُ وَهُوَ تَمَامُ الْأَوْصَافِ الْحَجَرِيَّةِ لِكَوْنِهَا صُلْبًا لَا يَتَأَثَّرُ بِالْحَدِيدِ فَيُنْظَرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَيَجْرِي أَيْضًا فِي إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ) أَيْ لَا صَبْرَ عَلَى عَدَمِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ لِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ يَعْسُرُ فِيهِ تَرْكُ الْقِيَامِ وَلَوْ دُونَ سَاعَةٍ لِأَنَّ مَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً لَا يَعْسُرُ تَرْكُهُ فِيهَا لَمْ يُنَجَّزْ عَلَيْهِ إلَّا إنْ قَامَتْ قَبْلَ فَوَاتِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ كَسِيحًا حَالَ الْيَمِينِ فَلَا يُنَجَّزُ إلَّا إنْ زَالَ بَعْدَهُ فَيَقَعُ كَالْآيِسَةِ إذَا حَاضَتْ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَحِيضِي إلَخْ) لَا يَصِحُّ هَذَا إلَّا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ تَحِيضُ وَقَيَّدَ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ وَأَنْ لَا تَحِيضَ لَا إنْ عَمَّ الزَّمَنَ أَوْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ بَعِيدٍ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ) بِأَنْ كَانَتْ آيِسَةً أَوْ بَالِغَةً إلَّا إنْ حَاضَتْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حَيْثُ قَالَ النِّسَاءُ: إنَّهُ حَيْضٌ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَا لَا يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا مَعًا إلَيْهِ وَبَلَغَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا قَالَهُ عج وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ هُنَا مُشْكِلٌ فِي الْآيِسَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالَ الْيَمِينِ لِلشَّكِّ حِينَهَا وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ عَقِبَ الْيَمِينِ بِأَنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا عَقِبَهَا فَإِنْ قُلْت الْمُعَلَّقُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَشْكُوكٌ فِي دُخُولِهِ فَلَمْ لَمْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ يُنْتَظَرُ دُخُولُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ ظَاهِرًا كَانَ أَسْهَلَ مِنْ تَعْلِيقِهِ عَلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ الْغُلَامِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ: أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَعَزَلَ عَنْهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحِنْثُ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ إلَخْ) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا قَلْبٌ فِي الْأُولَى وَقَلْبَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمُ بِتَنْجِيزِهِ فِي هَذَيْنِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَتَحْرِيكِهَا قُرْبَ أُذُنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ أَنَّ فِيهَا قَلْبًا أَوْ قَلْبَيْنِ وَكَسَرَهَا عَقِبَ يَمِينِهِ فَرَأَى فِيهَا مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَالَ حَلِفِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ حَلَفَ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ هُنَاكَ شَرْعِيَّةٌ وَهَذِهِ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا لَهُ بِالنَّارِ كَأَبِي لَهَبٍ وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ مَا يُوَافِقُهَا فِي الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ هَذِهِ وَمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ ثَبَتَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ وَكُلِّ مَنْ أُخْبِرَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْإِجْمَاعُ بِعَدَالَتِهِ وَصَلَاحِهِ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى صِحَّةِ جَمِيعِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِنْثِ بَيْنَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْحِنْثَ فِي الْأَوَّلِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ وَعَدَمَهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حُمِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَيَحْنَثُ فِيهِمَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ " إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ عَلَى الثَّانِي فَلَا يَحْنَثُ انْتَهَى. (ص) أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَيْ مِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ حَالًا وَتُعْلَمُ مَآلًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ هَذَا إنْ مَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَأَنْزَلَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ كَانَ مَحْمَلُهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَاخْتَارَهُ مَعَ الْعَزْلِ (ش) أَيْ وَحُمِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتَ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا طَلَقَتْ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا: عَلَى الْمَشْهُورِ - أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ - نَظَرًا لِلَّخْمِيِّ وَكَذَلِكَ أَرَى أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَيْضًا إنْ كَانَ يُنْزِلُ وَيَعْزِلُ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ نَادِرٌ فَلَا تَطْلُقُ فِي إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَطْلُقُ فِي إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَكِنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ. (ص) أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ اللَّهِ (ص) أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةٍ مُغَيَّبَةٍ عَنَّا كَإِنْ شَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ لِلْجَهْلِ لَنَا بِذَلِكَ فَالْعِصْمَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا (ص) أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ أَنَا الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الدُّخُولُ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَلَا يُفِيدُهُ صَرْفُ الْمَشِيئَةِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (ص) بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ (ش) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَدْخُلْهَا أَوْ تَدْخُلِيهَا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، فَيُفِيدُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَى الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَهُوَ الدُّخُولُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ مَوْقُوفًا عَلَى إرَادَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ الدَّارِ   [حاشية العدوي] يُوَافِقُهَا فِي الْمَعْنَى هِيَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا تَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: ابْنِ سَلَامٍ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: مَنْ شَهِدَ لَهُ الْإِجْمَاعُ إلَخْ) أَيْ وَالْإِجْمَاعُ مَعْصُومٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ) أَيْ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ) أَيْ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ كُتُبُ الصَّحِيحِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيْ لَوْ حَلَفَ أَنَّ مَا فِيهَا صَحِيحٌ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْعُلَمَاءُ وَحَكَمُوا بِضَعْفِهِ وَالْمُرَادُ بِالصَّحِيحِ مَا كَانَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَمَّا مَا فِي الْمُوَطَّأِ فَكُلُّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا إلَّا مَا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَضْعِيفِ غَيْرِهِ لَوْ ضَعَّفَ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِنْثِ) أَيْ بِخِلَافِ ابْنِ وَهْبٍ يَقُولُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ مُوَافِقًا لِلَّيْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) بَعِيدٌ وَالْأَظْهَرُ إبْقَاءُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالْأُولَى وَهُمَا إذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبَهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ) أَيْ الْحَالِفِ. (قَوْلُهُ: فِي هَذَا نَظَرٌ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي طُهْرٍ وَلَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ نَظَرٌ إذَا ذَهَبْنَا لِلْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَلَوْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَلَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ يَقُولُ بِهَا اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ السَّبْقَ نَادِرٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ الْحَمْلَ نَادِرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ كَثِيرًا وَالْعِبْرَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمَظِنَّةُ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَإِنْ نَدَرَ الْحَمْلُ وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ) أَيْ لِلَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَقَوْلُهُ: عَلَى مُعَلَّقٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَرَفَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَمَلَ وَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ التَّنْجِيزُ فِيمَا إذَا صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْلَى لِعَدَمِ إفَادَتِهِ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَمَا قَدَّمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَصْرِفُهَا لِشَيْءٍ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ سَبَبًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَهُ تت أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى جَعْلَهُ سَبَبًا وَلَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَلَوْ أَرَادَ جَعْلَهُ سَبَبًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَصْوِيرًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 سَبَبًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَجْعَلْهُ سَبَبًا لِوُقُوعِهِ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مَوْكُولٍ إلَى إرَادَةِ الْمُكَلَّفِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ، وَجَزْمِهِ عَلَى جَعْلِهِ سَبَبًا وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُعَلَّقِ نَفْسِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ فَيُنَجَّزُ. (ص) أَوْ كَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ غَدًا إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ أَوْ إنْ مَطَرَتْ غَدًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُنْ مَطَرَتْ بِالشَّامِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ وَلَا يُنْتَظَرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لِيُنْظَرَ أَيَكُونُ الْمَطَرُ أَمْ لَا وَلَوْ مَطَرَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَعَلَّلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْبِ أَيْ فَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الشَّكِّ وَالْهَزْلِ وَكِلَاهُمَا مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ وَهَذَا مَا لَمْ يَعُمَّ الزَّمَنَ فَإِنْ عَمَّهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَمْطُرْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَسَوَاءٌ عَمَّ أَوْ سَمَّى بَلَدًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَمْطُرَ فِي زَمَنٍ مَا وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَخَمْسِ سِنِينَ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ. (ص) أَوْ يَحْلِفُ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ (ش) أَيْ وَكَذَا لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا حَلَفَ لِعَادَةٍ اعْتَادَهَا كَمَا إذَا رَأَى سَحَابَةً وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا أَنْ تَمْطُرَ السَّمَاءُ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتُنْتَظَرُ السَّحَابَةُ هَلْ تَمْطُرُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ مَا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: إنْ حَلَفَ لِغَالِبِ ظَنِّهِ لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ فِي الشَّرْعِ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بِكِهَانَةٍ أَوْ عَلَى الشَّكِّ طُلِّقَ عَلَيْهِ (ص) وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي الْبِرِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يُنَجَّزُ كَالْحِنْثِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ مُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ لَا لِعَادَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ مَطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ هَلْ يُنْتَظَرُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ يُنَجَّزُ كَالْحِنْثِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ تَأْوِيلَانِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ لِعَادَةٍ وَقَرُبَ الزَّمَنُ كَشَهْرٍ مَثَلًا كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ   [حاشية العدوي] مَوْقُوفًا إلَخْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْفِيشِيَّ ذَكَرَ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَيْهِ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَصْرِفُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُنَجَّزُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ لَمْ تَكُنْ مَطَرَتْ بِالشَّامِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيمَا مَضَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مَطَرَتْ بِالشَّامِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ طَلَقَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ أَيْ سَوَاءٌ صِيغَةُ الْبِرِّ وَصِيغَةُ الْحِنْثِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَطَرَتْ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ إنْ مَطَرَتْ غَدًا لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي الْبِرِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَمَّ) أَيْ جَمِيعَ الْأَمْكِنَةِ أَوْ سَمَّى بَلَدًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ أَجَلًا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَمَّ جَمِيعَ الْأَمْكِنَةِ أَوْ سَمَّى بَلَدًا وَيُخَالِفُهُ مَا فِي عب وَنَصُّهُ وَمِثْلُ مَا إذَا عَمَّ الزَّمَنَ إذَا قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَكَانٍ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ وَالْأَحْسَنُ مَا فِي شَارِحِنَا كَمَا يُفِيدُهُ عج وَفِي شَرْحِ شب قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ " خَمْسِ سِنِينَ " لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْمُرَادُ زَمَنٌ لَا يَتَأَخَّرُ الْمَطَرُ فِيهِ عَادَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ يَحْلِفُ لِعَادَةٍ لِيُنْتَظَرَ) وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَالْمُرَادُ عَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى حَصَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَيُمْنَعُ مِنْهَا فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ لِأَنَّ فِي إرْسَالِهِ عَلَيْهَا إرْسَالًا عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا وَالظَّاهِرُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ) سِيَاقُ كَلَامِهِ فِي الْعَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ الْحَاكِمِ بِالتَّنْجِيزِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَمُفَادُ بَهْرَامَ أَنَّهَا أَقْوَالٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ بَهْرَامَ لَا يُسَلَّمُ وَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ يَقُولُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فَإِنْ غَفَلَ وَلَمْ يَطَّلِعْ فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فَالْأَوْلَى أَنَّ الشَّارِحَ يَذْكُرُ " انْتَهَى " آخِرًا لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَلِذَا قَالَ الْفِيشِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورَ مَا نَصُّهُ: قَالَ بَعْضٌ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ غَفَلَ عَنْهُ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ ابْتِدَاءً وِفَاقًا لِعِيَاضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ كَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَيُعْلَمُ مَآلًا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: " أَوْ كَإِنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ وَقَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَشَهْرٍ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لِعَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَيُنْتَظَرَ فَإِنْ أَطْلَقَ فِي الزَّمَنِ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ خَصَّهُ بِبَلَدٍ كَأَنْ قَيَّدَ بِخَمْسِ سِنِينَ أَوْ كَإِنْ مَطَرَتْ وَقَيَّدَ بِالْبَعِيدِ وَإِنْ خَصَّهُ بِمَكَانٍ فَإِنْ قَيَّدَ بِالْقَرِيبِ وَحَلَفَ لِعَادَةٍ اُنْتُظِرَتْ وَإِلَّا فَهَلْ كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يُنَجَّزُ؟ تَأْوِيلَانِ " لَوَفَّى بِالْمُرَادِ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ قَيَّدَ بِخَمْسِ سِنِينَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ كَذَا قَالَ عج وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ عج اعْتِمَادُ كَلَامِ عِيَاضٍ لَا كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ وَالْعَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «إذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَأَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ» قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ: بَحْرِيَّةً كَذَا رَأَيْته مَضْبُوطًا بِالْفَتْحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي " نَشَأَتْ " الْعَائِدِ لِلسَّحَابَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ وَغُدَيْقَةٌ - بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍ مَفْتُوحَةٍ - أَيْ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ، وَالْغَدَقُ - بِفَتْحِ الدَّالِ -: الْمَطَرُ الْكِبَارُ وَغَدَقٌ اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ فِيهِ وَرُوِيَ بِرَفْعِ " بَحْرِيَّةً " وَبِتَكْبِيرِ " غُدَيْقَةٌ " أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَقَوْلُهُ: تَشَأَّمَتْ أَيْ إذَا طَلَعَتْ السَّحَابَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَمَالَتْ إلَى جِهَةِ الشَّأْمِ فَتِلْكَ السَّحَابَةُ غَزِيرَةُ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: تَوَسَّمَهُ) أَيْ تَفَرَّسَهُ أَيْ أَدْرَكَهُ لِعَادَةٍ بِعَدَمِ وُقُوعِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: بِكِهَانَةٍ) هِيَ الْإِخْبَارُ بِالْمُسْتَقْبِلَاتِ مُعْتَمِدًا عَلَى إخْبَارِ الْجِنِّ الَّذِينَ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ وَأَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ قَوْلَ الْمُنَجِّمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 مَطَرَتْ بَعْدَ شَهْرٍ لِعَادَةٍ تَوَسَّمَهَا اُنْتُظِرَ قَطْعًا وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ نُجِّزَ اتِّفَاقًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ قَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَلَمْ يَحْلِفْ لِعَادَةٍ قَوْلُهُ كَالْحِنْثِ فَإِنَّهُ جَعَلَ مَحَلَّ التَّنْجِيزِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ حَيْثُ قَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَلَمْ يَحْلِفْ لِعَادَةٍ. (ص) أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ قَبْلَ التَّنْجِيزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَتَجَرَّأَ وَيَفْعَلَهُ فَلَا يُنَجَّزَ عَلَيْهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ بِاَللَّهِ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ إلَخْ فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَمْشِ أَوْ لِيُطَلِّقْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ اجْتَرَأَ فَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ زَالَتْ أَيْمَانُهُ فِيهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُحَرَّمِ أَيْ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ مُحَرَّمٍ. (ص) أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَمَآلًا (ش) أَيْ وَكَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَا نَعْلَمُهُ حَالًا وَلَا مَآلًا كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَدُيِّنَ إنْ أَمْكَنَ حَالًا وَادَّعَاهُ) كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ - وَالسَّمَاءُ مُطْبِقَةٌ بِالْغَيْمِ - لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ لَا لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا سَبَقَ إلَيْهِ قَلَمُ بَعْضٍ إذْ لَا يَكُونُ الشَّهْرُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا. (ص) فَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ عَلَى النَّقِيضِ كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ يَقِينًا طَلَقَتْ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَدُيِّنَ إنْ أَمْكَنَ حَالًا وَادَّعَاهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَأَى رَجُلَانِ طَائِرًا فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غُرَابٌ وَحَلَفَ الْآخَرُ عَلَى النَّقِيضِ وَهُوَ أَنَّ الطَّائِرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِغُرَابٍ وَتَعَذَّرَ التَّحْقِيقُ فَإِنْ ادَّعَيَا يَقِينًا أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ فَإِنَّهُمَا يُدَيَّنَانِ أَيْ يُوكَلَانِ إلَى دِينِهِمَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمَا وَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا يَقِينًا أَيْ اعْتِقَادًا جَازِمًا بِأَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا يَقِينًا عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا حِنْثَ عَلَى مَنْ ادَّعَى الْيَقِينَ وَيَحْنَثُ الْآخَرُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ يَقِينًا طَلَقَتْ أَيْ طَلَقَتْ امْرَأَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ سَوَاءٌ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا أَيْ مَعًا أَوْ عَلَى الْبَدَلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا زَوْجَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ وَقَدْ تَسَامَحَ فِي إطْلَاقِ الْيَقِينِ عَلَى الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ تَبَعًا لِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْيَقِينَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ وَعَدَمُ الشَّكِّ، وَلَا يَقْبَلُ التَّشْكِيكَ إلَّا الِاعْتِقَادُ وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ فَرَأَى طَائِرًا فَقَالَ إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَزَيْنَبُ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَزَّةُ طَالِقٌ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ طَلَقَتَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ دَعْوَى التَّحْقِيقِ فِي الْحَالَتَيْنِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ شَرَعَ فِيمَا لَا يُنَجَّزُ فِيهِ أَعَمَّ مِمَّا لَا شَيْءَ فِيهِ حَالًا وَلَا مَآلًا أَوْ حَالًا لَا مَآلًا فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (ص) وَلَا حِنْثَ إنْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمَسْت السَّمَاءَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَقَوْلُهُ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا كَإِنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَادَةً كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ أَوْ إنْ حَمَلْت الْجَبَلَ أَوْ شَرْعًا كَإِنْ شَرِبْت الْخَمْرَ. (ص) أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ (ش) صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ شَاءَ الطَّلَاقَ أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْتَ: تَقَدَّمَ مَسْأَلَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ إذْ لَمْ تُعْلَمْ الْمَشِيئَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهَذَا يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا،   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِعَادَةٍ أَوْ لَا أَنْ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ هُنَاكَ عَادَةً (ثُمَّ أَقُولُ) ذَكَرُوا أَنَّ الْبَعِيدَ خَمْسُ سِنِينَ وَالْقَرِيبَ مَا دُونَهَا الشَّهْرُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ قَيَّدَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ قَيَّدَ بِهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ بَلْ يَسْتَحِيلُ بِبَلَدِنَا وَنَحْوِهِ عَادَةً أَنْ تَمْضِيَ سَنَةٌ وَلَا يَحْصُلَ فِيهَا مَطَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَشْهُرُ الَّتِي لَا يَتَخَلَّفُ الْمَطَرُ فِيهَا عَادَةً كَالتَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ فَيَفْتَرِقُ فِيهَا صِيغَةُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُحَرَّمٍ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ الْحَاكِمِ لَا بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَإِنْ لَمْ أَزْنِ) وَمِثْلُهُ كَإِنْ لَمْ يَزْنِ زَيْدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَعَادَهُ إلَخْ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ يُمْكِنُ تَعَلُّقُ عَمَلِنَا بِهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ وَمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا لَهُ خَارِجٌ يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مِنْ غَيْرِ خَبَرٍ كَزَيْدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَحَاصِلُ جَوَابِ الْبِسَاطِيِّ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ لَا تُعْلَمُ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَكَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْلَمُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ جَوَابٌ بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى النَّقِيضِ) أَيْ جِنْسِ النَّقِيضِ إذْ حَلِفُ اثْنَيْنِ عَلَى النَّقِيضَيْنِ أَوْ التَّقْدِيرُ كُلٌّ عَلَى النَّقِيضِ (قَوْلُهُ: وَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا فَيَحْنَثَ أَيْضًا مَنْ بَانَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ) وَأَوْلَى إذَا تَوَهَّمَ تَبَيُّنَ شَيْءٍ بِصِدْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِكَوْنِهِ حَالَ الْيَمِينِ غَيْرَ جَازِمٍ عَلَى مَا حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ) بِأَنْ كَانَ جَازِمًا حِينَ الْيَمِينِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْتَبَسَ الْحَالُ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ. (قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٍ إلَخْ) أَيْ فِي صِيغَةِ بِرٍّ لَا فِي صِيغَةِ حِنْثٍ فَيُنَجَّزُ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ أَوْ إنْ لَمْ أَجْمَعْ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ الْحِنْثِ ثُمَّ إنَّهُ عُورِضَتْ هَذِهِ بِلُزُومِ طَلَاقِ الْهَزْلِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَمَشَى فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى قَوْلٍ وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَجَرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ الْآدَمِيُّ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا حِينَ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ أَوْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ صَغِيرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ الْآنَ وَيُنْتَظَرُ وَهَذَا فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ اُنْظُرْ الشَّارِحَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَيْ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ التَّفْوِيضِ وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ قَبْلَ بُلُوغِهَا. (ص) أَوْ لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا إلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا أَوْ عُمُرُ أَحَدِهِمَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ انْخَرَمَتْ الْعَادَةُ وَعَاشَا إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى حَيْضِ يَائِسَةٍ وَحَاضَتْ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ (ص) أَوْ طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ (ش) الْمَعْطُوفُ أَيْضًا مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَهَذَا إذَا عُلِمَ مِنْ الْقَائِلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فِي حَالَةِ الصِّبَا وَمِنْ الثَّانِي أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ جُنُونٌ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِاللَّفْظِ نَسَقًا. (ص) أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مُتِّي أَوْ إنْ. إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِي لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مُتِّ أَنْتِ أَوْ إنْ مُتِّ أَنْتِ أَوْ مَتَى مُتِّ أَنْتِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ وَلَا تَطْلُقُ مَيِّتَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الْمَوْتَ عِنَادًا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ. (ص) أَوْ إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً أَوْ إذَا حَمَلْتِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمُحَقَّقِ بَرَاءَتُهَا مِنْ الْحَمْلِ بِأَنْ قَالَ لَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا أَوْ إذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَيُنْزِلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي أَنَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً كَقَوْلِهِ لِأَمَتِهِ إنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَيْ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَيُمْسِكُ إلَى أَنْ تَحْمِلَ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ وَجَوَازِ الْعِتْقِ لَهُ. (ص) كَإِنْ حَمَلْتِ وَوَضَعْتِ (ش) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا حَمَلْتِ وَوَضَعْتِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَهِيَ مِمَّنْ تَحْمِلُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ تَحَقَّقَ حَمْلُهَا وَأَمَّا مَنْ تَحَقَّقَ حَمْلُهَا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ. (ص) أَوْ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ كَيَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ أَوَّلَهُ إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مِمَّا لَا يُنَجَّزُ فِيهَا الطَّلَاقُ وَهِيَ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبِ الْوُقُوعِ وَكَانَ مُثْبَتًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ ذَلِكَ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَيْهِ لَوْ   [حاشية العدوي] يَمْتَنِعُ عَادَةً وَعَقْلًا كَوْنُهُ غَيْرَ حَجَرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ قَلْبُ الْحَقَائِقِ كَانَ هَازِلًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ الْحَجَرِ فَإِنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ عَادَةً لَا عَقْلًا وَلِهَذَا لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ) وَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ مِنْ بَعْضِ الْأَمْوَاتِ وَكَأَنَّ عِلْمَ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ أَدْخَلَ فِي الْوُجُودِ مِنْ عِلْمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَمَا مَعَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِلَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ هَذَا مَا يُفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ) الْمُعْتَبَرُ الْعُمُرُ الشَّرْعِيُّ الْآتِي فِي الْفَقْدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ وُقُوعُهُ عِنْدَ بُلُوغِ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْحَدُّ الَّذِي فِيهِ التَّعْمِيرُ مِنْ سَبْعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَغَيْرِهِمَا وَانْظُرْ لَوْ عَلَّقَهُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ عَلَى زَمَنٍ آتٍ هَلْ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مُدَّةٍ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَبْلُغَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ قِصَرِ الْمُدَّةِ وَطُولِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْآيِسَةِ إذَا حَاضَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَذَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (أَقُولُ) لَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: الْمَعْطُوفُ أَيْضًا) الْأَوْلَى حَذْفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ الثَّانِي أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ الْجُنُونُ) أَيْ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ فِي حَالِ الْجُنُونِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ) أَيْ بِإِنْ أَوْ " إذَا " تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا مَتَى تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ أَيْضًا أَيْ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَمُوتُ أَيْ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إذَا حَمَلَتْ) وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِحَمْلٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْحَمْلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِحُصُولِ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ) أَيْ أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ أَوْ أَنْزَلَ وَعَزَلَ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُنْزِلُ) أَيْ وَكَانَتْ مِمَّنْ تَحْمِلُ احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَحْمِلَ) أَيْ أَوْ تَحِيضَ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ غَالِبٍ) شَامِلٌ لِمَا اسْتَوَى وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَلِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَهُ وَيَدُلُّ لَهُ الْأَمْثِلَةُ (قَوْلُهُ: كَيَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ قُدُومِهِ وَأَنَّ الزَّمَنَ تَبَعٌ لَهُ فَيَحْنَثُ بِالْقُدُومِ وَلَوْ لَيْلًا فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى الزَّمَنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَيَوْمَ وَأَنَّ الْفِعْلَ تَبَعٌ لَهُ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ نُجِّزَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِيَوْمِ الْقُدُومِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَصَدَ مَدْلُولَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْسَ الْقُدُومِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَيْلًا وَلَا يَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ أَوَّلَهُ إنْ قَدِمَ أَثْنَاءَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) وَثَمَرَتُهُ أَيْضًا التَّوَارُثُ وَرُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ أَوَّلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 كَانَتْ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ طَاهِرًا وَحَاضَتْ وَقْتَ مَجِيئِهِ لَمْ يَكُنْ مُطَلِّقًا فِي الْحَيْضِ وَعَلَيْهِ أَيْضًا فَتَحْسُبُ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ عِدَّتِهَا إذْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْغَاءِ وَانْظُرْ هَلْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ مُسَلَّمَةٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ هَذَا أَمْ لَا وَسَيَأْتِي قَسِيمُ قَوْلِهِ وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ اُنْتُظِرَ وَمُنِعَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمَ أَيْ حَيًّا وَأَمَّا إنْ قُدِمَ بِهِ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ص) وَ " إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ " مِثْلُ " إنْ شَاءَ " (ش) مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْحُكْمِ أَوْ هَذَا كَهَذَا فِي أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ فَإِنْ شَاءَ طَلَاقَهَا طَلَقَتْ وَإِنْ شَاءَ عَدَمَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَاتُّفِقَ فِي إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ رَفْعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَهُوَ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يُدْفَعُ وَفِي الثَّانِي وُقُوعُهُ مَشْرُوطٌ بِمَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا وَأَمَّا مَشِيئَتُهُ هُوَ فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتُ نَفَعَهُ بِخِلَافِ " إلَّا أَنْ أَشَاءَ " وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَةٍ، وَالثَّانِي رَفْعٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَإِنَّهُ رَافِعٌ أَيْضًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّافِعَ فِي قَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَشَاءَ " هُوَ الْمُوقِعُ، وَفِي قَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ " غَيْرُهُ فَضَعُفَتْ تُهْمَةُ رَفْعِ مَا هُوَ وَاقِعٌ (ص) بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي (ش) أَيْ فَلَا يَنْفَعُهُ حَيْثُ رَدَّهُ لِلْيَمِينِ أَوْ احْتَمَلَ رَدَّهُ لَهَا وَلِلْمُعَلَّقِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ حَيْثُ رَدَّهُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَيْ أَنْ أَجْعَلَ دُخُولَ الدَّارِ لَيْسَ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ وُكِّلَ إلَى إرَادَتِهِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ عَلَى جَعْلِهِ سَبَبًا (ص) كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: عَلَيَّ نَذْرُ كَذَا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ إنْ شَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَإِنْ قَالَ: إنْ شِئْتُ تَوَقَّفَ أَيْضًا وَأَمَّا إنْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ لَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ. (ص) ثُمَّ ذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ مُنِعَ مِنْهَا (ش) أَيْ وَإِنْ نَفَى بِأَنْ أَتَى بِصِيغَةِ الْحِنْثِ وَلَمْ يُؤَجِّلْ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَقْدَمْ مِنْ كَذَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنْ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ، وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ فِي قَوْلِهِ: وَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَمِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ لِتَكَرُّرِهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَفِي الْبِرِّ كَنَفْسِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْحِنْثِ إلَخْ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ الْجَزْمِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَيُجَابُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي " يَقْدَمْ " عَائِدٌ عَلَى الْحَالِفِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَكَاهُ بِصِيغَةِ الْمُغَيَّبَةِ (ص) إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ يُمْنَعُ مِنْهَا فِي كُلِّ لَفْظٍ فِيهِ نَفْيٌ وَلَمْ يُؤَجِّلْ إلَّا فِي هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيَسْتَرْسِلُ عَلَيْهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا فَإِنْ وَقَفَ عَنْ وَطْئِهَا كَانَ مُولِيًا عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْحَمْلُ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ. (ص) وَهَلْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا فِي كَإِنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَيْسَ وَقْتَ سَفَرٍ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ لَكِنْ هَلْ الْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ: أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ لَا يَقَعُ فِيهِ عَادَةً فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ حَلِفِهِ وَمَا لَهُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ لَا يَقَعُ قَبْلَهُ عَادَةً فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إنْ جَاءَ وَقْتُهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُهَا فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا أَوْ خِلَافًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَتَحْسُبُ هَذَا الْيَوْمَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ الطُّهْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْيَوْمِ الطُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَذِهِ الْأَحْكَامَ هَلْ هِيَ مُسَلَّمَةٌ) كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قُدِمَ بِهِ مَيِّتًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَدِمَ وَإِنَّمَا يُقَالُ قُدِمَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا كَهَذَا) تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عِتْقِ عَبْدِي إلَخْ) هَذِهِ فِي صِيَغِ النَّذْرِ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ إلَخْ وَشَارِحُنَا فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّذْرِ مَا صَرَّحَ فِيهِ بِلَفْظِ النَّذْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى) أَيْ أَتَى بِصِيغَةِ حِنْثٍ صَرِيحًا أَوْ مَعْنًى كَطَالِقٍ لَيَقْدَمَنَّ زَيْدٌ وَقَوْلُهُ: مُنِعَ مِنْهَا أَيْ وَيُنْتَظَرُ فَحَذَفَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا وَمِنْ هَذَا يُنْتَظَرُ فَهُوَ شِبْهُ الِاحْتِبَاكِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَجِّلْ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ) وَأَمَّا لَوْ أَجَلَّ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَقْدَمْ قَبْلَ شَهْرٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ زَيْدٌ) كَذَا الْمُصَنِّفُ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَتَى بِصِيغَةِ الْحِنْثِ) وَالْفَرْضُ أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَيُنَجَّزُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ كَإِنْ لَمْ يَزْنِ زَيْدٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافَ تَفْرِقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) أَيْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْأَقْرَبُ وَقَالَ تت فِيهِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ حَمْلُهَا وَلَوْ مِنْ جِهَتِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى لَا يَتَمَكَّنُ (قَوْلُهُ: لَا يَقَعُ فِيهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ قَبْلَهُ ثُمَّ هُوَ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ أَرَادَ لَا يُمْكِنُ قَبْلَهُ عَادَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَهُنَاكَ أُمُورٌ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ تُفْعَلُ فِيهِ عَادَةً وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 تَأْوِيلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَظْهَرَ عِنْدِي أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَلَا يَقْصِدُ أَحَدٌ الْحَجَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْخُرُوجِ لِبَلَدٍ وَلَا يُمْكِنُهُ حِينَئِذٍ وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " وَقْتَ سَفَرٍ " الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ لِلسَّفَرِ فِيهِ مِنْ مَحَلِّ الْحَالِفِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْعَامَ مَعَ أَنَّهُ فِي تَعْيِينِهِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا جَاءَ وَقْتُ الْفِعْلِ وَلِذَلِكَ تَمَحَّلَ لَهُ بَعْضٌ بِقَوْلِهِ: قَوْلُهُ " فِي هَذَا الْعَامِ " مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوْلِ الْمَدْخُولِ لِحَرْفِ الْجَرِّ لَا بِ " أَحُجَّ " أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ إنْ لَمْ أَحُجَّ مَثَلًا لِأَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ أُمُورًا كَثِيرَةً فَصَارَ الْقَوْلُ مُقَيَّدًا، وَالْفِعْلُ - وَهُوَ الْحَجُّ - مَثَلًا مُطْلَقًا. وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ يُمْنَعُ وَعَلَى مُؤَجَّلٍ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا مِنْ الْوَطْءِ خَشِيَ النَّقْضَ عَلَيْهِ بِمَسَائِلَ مِنْ ذَلِكَ يَتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ فِي مُطْلَقِهَا وَمُؤَجَّلِهَا فَأَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ مُطْلِقًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك السَّاعَةَ فَقَوْلُهُ إلَى أَجَلٍ هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ " مُطْلِقًا " بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ بِأَجَلٍ وَيَصِحُّ فَتْحُهَا أَيْ قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ مُنِعَ وَلَمْ يُنَجَّزْ إلَّا فِي كَذَا وَقَوْلُهُ " فَيُنَجَّزُ " قَرِينَةٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَأْتِ بِالْعَاطِفِ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا. (ص) أَوْ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ أَوْ الْآنَ فَيُنَجَّزُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ إحْدَى أَلْبَتَّتَيْنِ وَاقِعَةٌ رَأْسَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إمَّا بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ فَهُوَ كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ. وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَالْبَتَّةُ وَاقِعَةٌ إمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ وَمَا بَعْدَهُ وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَالَ: لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْحَالِفَ شَيْءٌ بِوَجْهٍ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى إيقَاعِ أَلْبَتَّةَ رَأْسَ الشَّهْرِ بِوُقُوعِ أَلْبَتَّةَ الْآنَ فَلَهُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ إيقَاعُ أَلْبَتَّةَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ الطَّلَبِ وَاخْتِيَارُ الْحِنْثِ كَمَا لِكُلِّ حَالِفٍ فَإِذَا اخْتَارَهُ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوعُ الْحِنْثِ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ زَمَانِ أَلْبَتَّةَ الْمَحْلُوفِ بِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهَا فِي زَمَانِ الْحَالِ الَّذِي عَادَ مَاضِيًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمُضِيِّ زَمَنِهِ يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ: إذَا كَلَّمْتُ فُلَانًا غَدًا أَنَّهُ إذَا كَلَّمَهُ غَدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَدَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَةٌ وَقَدْ انْقَضَى وَقْتُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ إذَا كَلَّمَهُ غَدًا وَلَيْسَ لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَيَّامِ وَجْهٌ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (وَيَقَعُ) أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ طَلَاقِ أَلْبَتَّةَ نَاجِزًا فِي إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ. (وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) وَلَيْسَ لِتَعْلِيقِهِ بِالْأَيَّامِ وَجْهٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَطْلُبُ بَتَّةَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ بَتَّتِهِ وَطَلَبُ بَتَّةِ أَوَّلِهِ فَلَا تَقَعُ لِانْعِدَامِ زَمَنِهَا وَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ وُقُوعُ أَلْبَتَّةَ رَأْسَ الشَّهْرِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ صَارَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ) الْمُنَاسِبُ تَقْيِيدٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ) يَتَخَرَّجُ مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذَكَرُوهَا هُنَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ وَلَمْ يَخْرُجْ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَاجُّ أَقَامَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً أَنَّهُ فَعَلَ مَعَ الْحَجِّ أَفْعَالَ الْحَجِّ وَادَّعَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْخُطْوَةِ بَلَّغَهُ ذَلِكَ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ سَقَطَ عَنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَبَرَّ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا الْعُرْفُ وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي شَرْحِ عب وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَيْ مِمَّا لَهُ وَقْتٌ (قَوْلُهُ: تَمَحَّلَ لَهُ بَعْضٌ) أَيْ تَكَلَّفَ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ) لَا يُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ كُلِّ حَالِفٍ وَاقِعٌ فِي عَامِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا جَوَابٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ وَكَانَ الْأَحْسَنُ حَذْفَهَا (قَوْلُهُ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ أُمُورًا كَثِيرَةً) عِلَّةٌ لِتَقْدِيرِ " مَثَلًا ". (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ) أَيْ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ مُطْلِقًا فِي ذَلِكَ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ بِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُنَجَّزْ. (قَوْلُهُ: إمَّا بِإِيقَاعِهِ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ إمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) لِأَنَّهُ حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهَا الْخِلَافَ فَقَدْ قَالَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الْهِلَالِ ثَلَاثًا فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْآنَ وَتَبْقَى حَتَّى يَبَرَّ بِفِعْلِ الطَّلَاقِ الَّذِي حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَقِيلَ: يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَدَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَةٌ) الْأَوْلَى لِأَنَّ الْيَوْمَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَيَّامِ) أَيْ لِارْتِبَاطِ الطَّلَاقِ بِالْأَيَّامِ أَيْ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا) أَيْ زَمَنُ أَحَدِ فَرْدَيْهَا الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الشَّهْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 مُحَقَّقَةَ الْوُقُوعِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَعُجِّلَتْ خِلَافًا لِمُخْتَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهَا وَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (ص) كَطَالِقٍ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا غَدًا (ش) وَكَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِفَجْرِ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْحِنْثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَلَّمَهُ فِي غَدٍ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهُوَ يَوْمَ كَلَّمَهُ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ إذَا تَأَخَّرَ زَمَنُ الْحِنْثِ عَنْ يَوْمِ الْحَلِفِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ لَمَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، وَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي مُطَلَّقَةٍ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ وَهَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَبَيُّنِ الْوُقُوعِ فِي أَوَّلِهِ أَمْ لَا انْتَهَى وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ الْأَوَّلَ. (ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَجَّلَهَا أَجْزَأَتْ وَإِلَّا قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا وَإِلَّا بَانَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ طَلْقَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يَضُرُّ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُنَجَّزَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا وُقِفَ وَقِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتَ التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مَجِيئِهِ طَلَقَتْ أَلْبَتَّةَ. (ص) وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَفِي الْبِرِّ كَنَفْسِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْحِنْثِ أَوْ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَيُتَلَوَّمُ لَهُ؟ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الزَّوْجَةَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْبِرِّ أَيْ الْمُطْلَقِ فَهُوَ كَحَلِفِهِ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إنْ دَخَلْتُ أَنَا الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ إنْ دَخَلْتِ أَنْتِ أَوْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنْتَظَرُ إنْ أَثْبَتَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعٍ وَلَا وَطْءٍ أَمَّا الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ كَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا يُمْنَعُ فِيهِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ مِنْ وَطْءٍ وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ كَحَلِفِهِ هُوَ أَوْ لَا يَكُونُ كَحَلِفِهِ هُوَ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ الثَّانِيَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَطَالِقٍ الْيَوْمَ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالْأَصْلُ وَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَطَالِقٍ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَعْنَى أَيْ إنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى وَرَدَّ اللَّقَانِيِّ كَوْنَهُ اسْتِظْهَارًا فَقَالَ جَعْلُهُ تَنْظِيرًا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ قِيَاسًا لِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَالْخَصْمَانِ هُنَا لَيْسَا مُتَّفِقَيْنِ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ رُشْدٍ خَالَفَا فِي ذَلِكَ انْتَهَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ فَكَيْفَ الْجَوَابُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ هُنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ أَصْلًا أَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَشَفَ الْغَيْبُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ عَلَيْهَا أَيْ لَمَّا كَشَفَ فَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَقَوْلُهُ: كِلَاهُمَا بَاطِلٌ أَيْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: مَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ هُنَا بَاطِلٌ بَلْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالثَّانِي لَمَّا كَشَفَ أَيْ إنَّ عَدَمَ كَشْفِ الْغَيْبِ بَاطِلٌ بَلْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي مُطَلَّقَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ، وَالطَّلَاقُ تَعَلَّقَ بِمُطَلَّقَةٍ أَيْ بِمُطَلَّقَةٍ بِهَذَا الطَّلَاقِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَمَضَى الزَّمَنُ الَّذِي تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ لَانْتَفَتْ عَنْهَا الْعِدَّةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمُطَلَّقَةٍ بِهِ بَلْ تَعَلَّقَ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَتَأَمَّلْ وَالثَّانِي مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ رَأْسَ الشَّهْرِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْبَيَانِ وَنَصُّهَا وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبَى وُقِفَ فَقِيلَ لَهُ: إمَّا عَجَّلْت التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ وَهَذَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَقُولُ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا أَنَّهُ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي جَعَلَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبِي أَنْ يُعَجِّلَهَا تُرِكَ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى هَلَّ الشَّهْرُ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ حَتَّى يَأْتِيَ الشَّهْرُ فَيَبَرَّ بِالطَّلَاقِ عِنْدَهُ أَوْ يَحْنَثَ وَإِنْ عَجَّلَ التَّطْلِيقَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الشَّهْرُ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ وَإِلَّا حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا بَانَتْ الْآنَ وَقَوْلُهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ أَيْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ، وَقَوْلُهُ " قَبْلَ مَجِيئِهِ " الْأَوْلَى قَبْلَ الْمُجَاوَزَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْفِعْلَ فِي الْأَجَلِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ وَأَوْقَعَ إذْ ذَاكَ وَاحِدَةً هَلْ تَكْفِيهِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بَانَتْ مِنْهُ الْآنَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ) هُوَ الْحِنْثُ الْمُقَيَّدُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى) وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ عَلَى الرَّاجِحِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 قَالَ: أَوْ لَا وَيُتَلَوَّمُ لَهُ كِفَاءً لِلْعِلْمِ بِنَفْيِ ضَرْبِ الْأَجَلِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا. (ص) وَإِنْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت صُدِّقَ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَخَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ فَحَلَفَ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ وَأَنِّي كُنْت كَاذِبًا فِي قَوْلِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ أَوَّلًا أَوْجَبَ التُّهْمَةَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَمْ يُحَلَّفْ وَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَوْ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَمْرٍ لَشَمِلَ الْقَوْلَ. (ص) بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَيُنَجَّزُ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ يُقِرُّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى جَارِيَةً فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ أَيْ بِالْقَضَاءِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفُتْيَا. (ص) وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ وَبَانَتْ وَلَا تَتَزَيَّنُ إلَّا كَرْهًا (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى جَارِيَةً ثُمَّ قَالَ لَقَدْ تَزَوَّجْت بَعْدَ يَمِينِي أَوْ تَسَرَّيْت ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حِينَ إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ فَلَا كَلَامَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ وَسَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ فَإِنَّهَا لَا تُمَكِّنُهُ وَلَا تَتَزَيَّنُ لَهُ إلَّا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ وَ " كَرْهًا " اسْمُ مَصْدَرِ " أَكْرَهَ " وَمَصْدَرُهُ إكْرَاهٌ فَأَطْلَقَ اسْمَ الْمَصْدَرِ وَأَرَادَ الْمَصْدَرَ أَيْ إلَّا إكْرَاهًا فَسَاوَى مُكْرَهَةً فَلَا اعْتِرَاضَ وَوَاوُ وَبَانَتْ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا بَانَتْ أَيْ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (ص) وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حِينَ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِشَعْرِ رَأْسِهَا لِتُخَلِّصَ نَفْسَهَا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَطَلَبَ مِنْهَا الْجِمَاعَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُطِيعَهُ وَلَا تُمَكِّنَهُ وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ عِنْدَ طَلَبِهِ ذَلِكَ مِنْهَا أَوْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَظَاهِرُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ قَتْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِشَبَهِهِ بِالصَّائِلِ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ. (ص) وَأُمِرَ بِالْفِرَاقِ فِي إنْ كُنْت تُحِبِّينِي أَوْ تَبْغُضِينِي وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَيُجْبَرَ؟ تَأْوِيلَانِ وَفِيهِمَا مَا يَدُلُّ لَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُغَيَّبٍ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ مِنْ كَذِبِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينِي أَوْ تُحِبِّي فِرَاقِي أَوْ تَبْغُضِينِي أَوْ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ أَوْ إنْ كُنْت دَخَلْتِيهَا فَقَالَتْ: لَا أُحِبُّك أَوْ لَا أَبْغَضُك أَوْ قَدْ دَخَلْتهَا أَوْ لَمْ أَدْخُلْهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لَشَمِلَ الْقَوْلَ) كَمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مَعْلُومَهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ فَأَظْهَرَ خَطُّهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّ خَطَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا بَعْدَهُ لِسَبْقِيَّةِ وُجُودِ الْخَطِّ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ الْحَلِفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْإِقْرَارِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانًا مَثَلًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا قَذَفَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ طَعْنِهِ فِي الْبَيِّنَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَكِنْ يُحَدُّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ) أَيْ أَوْ ثُبُوتِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ لِرَدِّ شَهَادَةِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ) أَيْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ وَإِلَّا عَمِلَتْ بِمُقْتَضَى عِلْمِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا كَرْهًا) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ؛ التَّمَكُّنِ وَالتَّزَيُّنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَهَذَا بِمَثَابَتِهِ وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: فَإِنْ شَهِدَتْ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ عَيْنُ الَّذِي قَبْلَهُ وَسَمِعَتْ ذَلِكَ زَوْجَتُهُ أَيْ فَقَطْ أَيْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ وَالظَّاهِرُ وَلَوْ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي (قَوْلُهُ: إلَّا إكْرَاهًا) أَيْ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ إلَخْ) أَيْ عَلَيْهِ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ قَوْلَ التَّهْذِيبِ إلَّا كَارِهَةً بِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهَا كَرَاهَتُهَا لِإِتْيَانِهِ لَهَا وَإِنَّمَا يَنْفَعُهَا كَوْنُهَا مُكْرَهَةً فَمَنْ عَبَّرَ بِمُكْرَهَةٍ أَحْسَنَ مِنْ التَّهْذِيبِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَائِنًا) بِأَنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا) أَيْ مُرَاوَدَتِهَا لِلْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ) وَإِنْ قَتَلَتْ إلَّا أَنْ تُثْبِتَ مَا ادَّعَتْهُ فَلَا تُقْتَلُ إذْ هُوَ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا لَا يُنَافِي الْقِصَاصَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ مِنْهُ مَا يُبِينُهَا (قَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ) أَيْ إذَا عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّوَابُ أَنَّهَا إنْ أَمِنَتْ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهَا إنْ قَتَلَتْهُ أَوْ حَاوَلَتْ قَتْلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا قَتْلُهُ لِإِبَاحَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهَا فِي مُدَافَعَتِهَا بِالْقَتْلِ أَوْ بَعْدَ قَتْلِهِ فَهِيَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَا مَنْ رَأَى فَاسِقًا يُحَاوِلُ فِعْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا الْقَتْلَ لَوْ قَتَلَتْهُ لَكِنْ لَا تُمَكِّنُهُ إلَّا إذَا خَافَتْ الْقَتْلَ. (قَوْلُهُ: تُحِبِّينِي أَوْ تَبْغُضِينِي) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفَرِحَ وَ " أَبْغَضَ " لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اُنْظُرْ الْقَامُوسَ (قَوْلُهُ: قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا) يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ قَالَ نَدْبًا إذَا أَجَابَتْ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ، وَوُجُوبًا إذَا أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ) رُدَّ بِأَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ بَلْ يُقَالُ إنَّهُ إنْ صَدَّقَهَا فِي قَوْلِهَا دَخَلْت جُبِرَ عَلَى الْفِرَاقِ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَذَّبَهَا أُمِرَ بِالْفِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 وَلَا يَعْلَمُ صِدْقَهَا مِنْ كَذِبِهَا وَهَلْ مَحَلُّ الْأَمْرِ مَعَ عَدَمِ الْجَبْرِ سَوَاءٌ أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ كَمَا إذَا قَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينِي نَعَمْ أُحِبُّك أَمْ لَا بِأَنْ قَالَتْ: لَا أُحِبُّك نَظَرًا إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا أَوْ غَيْرَ مُطَابِقٍ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَبْرِ إذَا أَجَابَتْهُ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ وَأَمَّا إنْ أَجَابَتْهُ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ جَبْرًا؟ تَأْوِيلَانِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لَهُمَا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا. (ص) وَبِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِ " أُمِرَ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَيَمْشِ إلَى مَكَّةَ وَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُنَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ (ص) وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ صَدَرَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ فَضْلًا عَنْ جَبْرِهِ بِخِلَافِ لَوْ شَكَّ هَلْ أَعْتَقَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ شَكَّ أَنَّ الظَّنَّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ فَهُوَ كَمَنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ أُلْغِيَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ هُوَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ رَاجِعٌ إلَى اسْتِيفَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَفِي الطَّلَاقِ رَاجِعٌ إلَى رَفْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الزَّوْجَةِ النِّكَاحُ الْمُبِيحُ لِلْوَطْءِ وَهُوَ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ. (ص) إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ - وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ - كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا شَكَّ فِي كَوْنِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُجْبَرُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ حَلَفَ وَشَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا كَمَنْ حَلَفَ مَثَلًا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَمْرٌو دَارَ زَيْدٍ ثُمَّ رَأَى شَخْصًا دَاخِلًا الدَّارَ أَوْ خَارِجًا مِنْهَا وَشَكَّ الْحَالِفُ - وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ مِنْ الْوَسْوَسَةِ - هَلْ هُوَ عَمْرٌو الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ وَخَفِيَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَتَعَذَّرَ التَّحْقِيقُ فَهَذَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا أَبَى وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ؟ تَأْوِيلَانِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ " مِنْ غَيْرِهِ كَالْمُوَسْوَسِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمُوَسْوِسِ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدُ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا (ش) أَيْ وَإِنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْمُوقَعِ عَلَيْهَا أَهِنْدُ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ فَحَنِثَ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ هِيَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُنَّ لَزِمَهُ طَلَاقُ مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقِهَا نَاجِزًا وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (ص) أَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (ش) أَيْ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، أَوْ لِزَوْجَاتِهِ، إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فِي الْجَمِيعِ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً وَنَسِيَهَا طَلَقَتَا أَوْ طَلَقْنَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَخْتَارُ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَسَوَّى الْمَدَنِيُّونَ فِي الِاخْتِيَارِ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ خِفَّةُ الْعِتْقِ لِجَوَازِ   [حاشية العدوي] وَسَوَاءٌ فِيهِمَا رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ لَمْ تَرْجِعْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَحَبَّةَ لَمَّا كَانَتْ قَلْبِيَّةً وَكَذَا بُغْضُهَا وَلَا يُتَوَصَّلُ فِيهِمَا إلَّا بِتَكْذِيبِهَا افْتَرَقَ حُكْمُهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ لِاحْتِمَالِ التَّوَصُّلِ فِيهَا إلَى الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ لَا أُحِبُّك) أَيْ أَوْ قَالَتْ لَا أُحِبُّك وَلَا أَبْغَضُك أَوْ سَكَتَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ) أَيْ وَهُوَ الِاحْتِمَالُ. (قَوْلُهُ: أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا) ذَكَرَ الْحَطَّابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ بِالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ وَاخْتَارَ كَوْنَهُ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ) لِأَنَّهُ قَالَ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا لَا كَلَّمَ زَيْدًا ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا انْتَهَى، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ لَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَالْوَهْمُ لَا يُؤَثِّرُ وَصُحِّحَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَشَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِرَاقُ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ فُرِّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ مَعَ شَكِّهِ فِي الْحِنْثِ فِي أَنَّهُ يَقَعُ وَبَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مَعَ شَكِّهِ فِي فِعْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَانْظُرْ الْفَرْقَ، هَذَا مَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ بَهْرَامَ فَإِنَّ مُفَادَ بَهْرَامَ أَنَّ التَّصْوِيرَ وَاحِدٌ وَالْمُخَالَفَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالتَّنْجِيزِ، وَنَصُّهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بِمَشْيٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَلْ صَدَرَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَوْ لَا) بِأَنْ شَكَّ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَحْنَثْ وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ هَلْ فَعَلَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ إلَى اسْتِيفَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ) أَيْ حُكْمٍ هُوَ الْأَصْلُ أَيْ تَحْصِيلُ الْأَصْلِ وَهُوَ شَغْلُ الذِّمَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ إنَّ الشَّكَّ رَاجِعٌ إلَى تَحْقِيقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَشْغَلُ الذِّمَّةَ بِالصَّلَاةِ فَالشَّكُّ فِيهِ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يُبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ إلَّا أَنَّهُ لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَيَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِتَحْقِيقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِأَنْ يُقَالَ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَّقَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ لِكَوْنِهِ شَكًّا فِي الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّمَا هُوَ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ شَكٌّ حَقِيقَةً فِي الْمَانِعِ وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الطَّلَاقِ لَوْ أُمِرَ بِهِ فَهُوَ حَرَجٌ وَيَسَارَةِ الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: وَنَسِيَهَا) وَأَمَّا لَوْ نَوَى مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَنْسَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ يَمِينٍ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 تَبْعِيضِهِ وَعَدَمِ تَنْجِيزِهِ إذَا عُلِّقَ بِمُحَقَّقٍ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِالْقُرْعَةِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَهِيَ فُرُوقٌ ضَعِيفَةٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ مِنْ الْعَوْدِ لِلْعِصْمَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (ص) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ أَنْتِ (ش) أَيْ فَإِنَّهُمَا يَطْلُقَانِ لِأَنَّ إضْرَابَهُ عَنْ الْأُولَى لَا يَرْفَعُ عَنْهَا طَلَاقَهَا فَقَوْلُهُ (طَلَقَتَا) جَوَابٌ عَنْ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ. (ص) وَإِنْ قَالَ: أَوْ أَنْتِ خُيِّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَوْ أَنْتَ طَالِقٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهِمَا إنْ شَاءَ طَلَّقَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُحْدِثَ نِيَّةً بَعْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الْأُولَى تَطْلُقُ عَلَيْهِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَفْعُ الطَّلَاقِ عَنْهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَهَا عَلَى خِيَارٍ وَهُوَ لَا يَخْتَارُ طَلَاقَهَا لَمَّا طَلَقَتْ الْأُولَى. (ص) وَلَا أَنْتِ طَلَقَتْ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ (ش) يَعْنِي لَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِلْأُخْرَى: لَا أَنْتِ طَلَقَتْ الْأُولَى فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " لَا أَنْتِ " الْإِضْرَابَ عَنْ الْأُولَى ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى الثَّانِيَةِ وَقَالَ أَنْتِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَطْلُقُ أَيْضًا وَبِعِبَارَةٍ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي أَوْ أَنْتِ وَلَا أَنْتِ أَيْ فَيُخَيَّرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَيَطْلُقَانِ مَعًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَنْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَتَطْلُقَانِ مَعًا وَانْظُرْ لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى فِي عِصْمَتِي فَهَلْ يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَتْوَى. (ص) وَإِنْ شَكَّ أَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَصُدِّقَ إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبُتَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ هُوَ طَلْقَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ طَلَاقَهُ كَانَ قَاصِرًا عَنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ لَكِنْ إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَانَ خَاطِبًا مِنْ خُطَّابِهَا وَإِنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ حَتَّى تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ   [حاشية العدوي] الْقَضَاءِ إنْ نَوَى بِطَلَاقِهِ الشَّابَّةَ أَوْ الْجَمِيلَةَ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ مَيْلَهُ لَهَا وَإِلَّا فَيَمِينٌ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ تَنْجِيزِهِ إذَا عَلَّقَ بِمُحَقَّقٍ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ جَاءَ الْمُحَرَّمُ فَهِيَ حُرَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدَانِ وَأَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدَهُمَا بِالْقُرْعَةِ خَشْيَةَ كَسْرِ خَاطِرِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ إذَا لَمْ يَضْرِبْ الْقُرْعَةَ، وَكَتَبَ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي وَرَقَةٍ رِقٌّ ثُمَّ يُخْلَطُ الْوَرَقَتَانِ ثُمَّ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدَةٍ وَرَقَةً فَمَنْ خَرَجَ لَهَا حُرٌّ عَتَقَتْ وَمَنْ خَرَجَ لَهَا رِقٌّ لَمْ تَعْتِقْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَصْوِيرِهِ وَانْظُرْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَهَلْ تَطْلُقُ الْمَرْأَتَانِ أَوْ لَا تَطْلُقُ إلَّا الَّتِي جَاءَتْ لَهَا الْوَرَقَةُ الَّتِي فِيهَا طَالِقٌ وَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَتَيْنِ مَثَلًا لَكَتَبَ فِي وَرَقَةٍ طَالِقٌ وَفِي الْأُخْرَى لَا وَخَلَطَهُمَا مَعًا ثُمَّ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدَةٍ وَرَقَةً وَقَضِيَّةُ التَّفْرِقَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْمَرْأَتَيْنِ مَعًا وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فُرُوقٌ ضَعِيفَةٌ) وَجْهُ ضَعْفِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ لِجَوَازِ تَبْعِيضِهِ قَدْ يُضْعِفُهُ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَقِيَاسُهُ عِتْقُهُمَا عَلَيْهِ لَا عِتْقُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَقَوْلُهُ: وَعَدَمِ تَنْجِيزِهِ قَدْ يُضَعَّفُ بِأَنَّ عِلَّةَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهَا فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ شُبْهَةٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَهَذَا لَا يَقْضِي بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بَلْ لَا مَانِعَ مَعَ هَذَا أَنْ يَعْتِقَا مَعًا وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهُ يَعْتِقُ بِالْقُرْعَةِ قَدْ يُضَعَّفُ بِأَنَّ عِتْقَهُ هُنَا وَاحِدَةً بِاخْتِيَارِهِ فِيهِ كَسْرٌ لِمَنْ لَمْ تَعْتِقْ فَكَانَ الْقِيَاسُ عِتْقَهُمَا بِخِلَافِ عِتْقِ الْقُرْعَةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَسَرَتْ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ لَكِنْ دُونَ كَسْرِهَا بِاخْتِيَارِهِ عِتْقَ غَيْرِهَا لِأَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ فِي الْقُرْعَةِ يُوجِبُ رِضَا كُلٍّ بِمَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ دُونَ اخْتِيَارِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِجَوَازِ إلَخْ عِلَّةٌ لِخِفَّةِ الْعِتْقِ وَمَا كَانَ يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا لَوْ قَالَ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ جَوَازُ التَّبْعِيضِ إلَخْ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فَرْقٌ وَاحِدٌ لَا فُرُوقٌ وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْخِفَّةِ فَلَمْ يَتِمَّ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ خُيِّرَ) وَالْفَرْضُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَإِلَّا طَلَقَتْ مَنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَهَذَا إذَا كَانَ نَسَقًا وَإِلَّا طَلَقَتْ الْأُولَى قَطْعًا وَالثَّانِيَةُ بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْدِثَ نِيَّةً) أَيْ نِيَّةَ التَّخْيِيرِ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى) أَيْ مَعَ نِيَّتِهِ ابْتِدَاءَ التَّخْيِيرِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى لِكَوْنِي نَوَيْت التَّخْيِيرَ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْفَتْوَى) أَيْ وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ قَصَدْت الْإِضْرَابَ فَكَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: أَطَلَّقَ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ " شَكَّ " أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ) وَأَحْرَى بَعْدَهَا لِأَنَّ لَهُ فِي الْعِدَّةِ مُرَاجَعَتَهَا وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَبُتَّ إلَخْ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا قَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقِي عَلَيْك ثَلَاثًا فَقَدْ أَوْقَعْت عَلَيْك تَكْمِلَةَ الثَّلَاثِ فَيُقْطَعُ الدَّوْرُ (قَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ) أَيْ ثَانِيَ مَرَّةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ تِلْكَ الطَّلْقَةَ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَيْ ثَالِثَ مَرَّةٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَسَائِلِ الشَّكِّ فَلَا دَوَرَانَ فِيهَا بَلْ تَارَةً لَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَتَارَةً لَا فَلَا يَأْتِي فِيهَا قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا فَكَذَلِكَ إلَخْ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي وَاحِدَةٍ وَاثْنَتَيْنِ تَحِلُّ قَبْلَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا جَاءَ الشَّكُّ فِي الثَّلَاثِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا فَكَذَلِكَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَالِثًا حَلَّتْ قَبْلَ زَوْجٍ ثُمَّ اعْمَلْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً حَلَّتْ قَبْلَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا لَمْ تَحِلَّ وَكَذَا إنْ طَلَّقَهَا ثَالِثَةً فَإِنْ طَلَّقَهَا رَابِعَةً حَلَّتْ قَبْلَ زَوْجٍ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَكَذَلِكَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا حَلَّتْ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَالِثَةً لَمْ تَحِلَّ وَاعْمَلْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهَا ثَلَاثًا وَهَذِهِ عِصْمَةٌ جَدِيدَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا أَرْبَعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا خَمْسًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً فَاثْنَتَانِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا سِتًّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا سَبْعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ؛ فَوَاحِدَةٌ تَكْمِلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَتَانِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا ثَمَانِيًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا تِسْعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا عَشْرًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ الْعَشَرَةِ تَكْمِلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْأُولَى وَتَبْقَى ثَلَاثُ عِصْمَاتٍ وَهَكَذَا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِأَلْبَتَّةَ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ تَصْدِيقَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ فَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ لَيْسَ مَعْمُولًا لِذَكَرَ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْمُولٌ لِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَارْتَجَعَ فِي الْعِدَّةِ. (ص) وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ عَلَى غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ فَحَلَفَ الْآخَرُ لَا دَخَلْتُ حُنِّثَ الْأَوَّلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَنَعَ طَعَامًا مَثَلًا وَدَعَا إلَيْهِ النَّاسَ وَحَلَفَ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ دَارِي مَعَ النَّاسِ فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ صَانِعِ الطَّعَامِ وَتَنَازَعَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَانِعِ الطَّعَامِ بِالتَّحْنِيثِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ، وَالْآخَرُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَمْرِ يَمْلِكُهُ أَمَّا لَوْ طَاعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ وَحَنَّثَ نَفْسَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَى صَانِعِ الطَّعَامِ فَقَوْلُهُ حُنِّثَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ لَا بِفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ طَاعَ الثَّانِي بِالدُّخُولِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا لَمْ يَدْخُلْ الثَّانِي مُكْرَهًا وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ وَقَدْ حَصَلَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ دُخُولَهُ مُكْرَهًا. (ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا (ش) هَذَا يُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَازِمٌ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِهِمَا مَعًا لِأَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوَّلًا تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ عَلَى تَكْلِيمِ زَيْدٍ وَإِنْ كَلَّمَتْ زَيْدًا أَوَّلًا تَعَلَّقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفْعَلَ الشَّرْطَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي اللَّفْظِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ صَادِقًا عَلَى الْكُلِّ وَعَلَى الْبَعْضِ كَقَوْلِهِ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الْأَكْلَ صَادِقٌ بِكُلِّ الرَّغِيفِ وَبَعْضِهِ وَأَمَّا الشَّرْطَانِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ وَغَيْرُ صَادِقٍ عَلَيْهِ وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لَهَا إنْ دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ كُلَّ دَارٍ غَيْرُ الْأُخْرَى وَغَيْرُ صَادِقَةٍ عَلَيْهَا وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ مِثْلُ قَوْلِهِ لَهَا إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَمَا أَنَّ الْأَكْلَ فِي الرَّغِيفِ صَادِقٌ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ كَمَا مَرَّ كَذَلِكَ الدُّخُولُ فِي الدَّارَيْنِ صَادِقٌ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَلَا يَنْحَصِرُ التَّعْلِيقُ عَلَى شَيْئَيْنِ بَلْ وَلَوْ تَعَدَّدَ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ شَرَعَ فِيمَا تُلَفَّقُ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَمَا لَا تُلَفَّقُ مِنْ تَعْلِيقٍ أَوْ إنْشَاءٍ، وَمُحَصَّلُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّلْفِيقَ يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ   [حاشية العدوي] عَلَى هَذَا انْتَهَى مِنْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَحَلَفَ الْآخَرُ) الْأَوْلَى الْوَاوُ لِيَصْدُقَ بِحَلِفِ الْآخَرِ قَبْلَ حَلِفِ صَانِعِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ نَبَّهَ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: مَنْ صَنَعَ طَعَامًا مَثَلًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ صَانِعُ طَعَامٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَرْكَبُ أَوْ يَلْبَسُ أَوْ يَقْرَأُ أَوْ يُسَافِرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَحَلَفَ الْآخَرُ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ حَنِثَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) إلَّا أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَدْخُلُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا فَيَحْنَثَ بِالْإِكْرَاهِ. (قَوْلُهُ: هَذَا يُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ) ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ هِيَ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ وَتَبِعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَنَازَعَهُ تت بِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ: تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ تَعْلِيقٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ كَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ لِزَيْدٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِدُخُولِهَا وَكَوْنِهَا لِزَيْدٍ وَلَوْ عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ اعْتِبَارًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْحِنْثَ إذَا فَعَلَهُمَا عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّ الثَّالِثَ مُعَلَّقٌ عَلَى الثَّانِي، وَالثَّانِيَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنْ حَيْثُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ فَالْوَجْهُ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَوَابَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالِاثْنَيْنِ تَقَدَّمَ هَذَا عَلَى هَذَا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ إلَخْ) هَكَذَا نُسْخَتُهُ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ صَادِقًا إلَخْ أَيْ إنَّ الْفِعْلَ كَالْأَكْلِ صَادِقٌ بِالْكُلِّ أَيْ صَادِقٌ بِأَكْلِ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ فَالْمَصْدُوقُ عَلَيْهِ أَكْلُ الْكُلِّ وَأَكْلُ الْبَعْضِ فَالْفِعْلُ هُوَ الْأَكْلُ وَمَاصَدَقَاتُهُ أَكْلُ الْكُلِّ وَأَكْلُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِكُلِّ الرَّغِيفِ) أَيْ بِأَكْلِ كُلِّ الرَّغِيفِ وَأَكْلِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ الدُّخُولُ فِي الدَّارَيْنِ) أَيْ الدُّخُولُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا يَصْدُقُ بِهِمَا جَمِيعًا وَبِأَحَدِهِمَا أَيْ صَادِقٌ بِدُخُولِهِمَا مَعًا أَوْ بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ تَعَدَّدَ) الْأَوْلَى بَلْ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيقٍ) إمَّا مِنْ حَيْثُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 وَلَوْ اخْتَلَفَتْ وَفِي الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ لَا فِي الْمُخْتَلِفِ مِنْهُ وَلَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٌ وَآخَرُ بِبَتَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ بِالثَّلَاثِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ، وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ. (ص) أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَالَ فِي رَمَضَانَ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ وَيَلْزَمُ مَا شَهِدَا بِهِ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّعْلِيقُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي زَمَنِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الدُّخُولَ لِلدَّارِ بَعْدَ ذِي الْحِجَّةِ وَرَمَضَانَ ثَابِتٌ بِهَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (ص) أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ الْآخَرُ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِعْلٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ. (ص) أَوْ بِكَلَامِهِ فِي السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى حُصُولِ الْكَلَامِ لِزَيْدٍ مَثَلًا ثَابِتٌ لَكِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ كَلَّمَهُ فِي السُّوقِ وَآخَرُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ لِأَنَّ الْكَلَامَ قَوْلٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ إنْ حَلَفَ بِهِ. (ص) أَوْ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمًا بِمِصْرَ وَيَوْمًا بِمَكَّةَ لُفِّقَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِمَكَّةَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِمِصْرَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لُفِّقَتْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّمَنُ تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا. (ص) كَشَاهِدٍ بِوَاحِدَةٍ وَآخَرَ بِأَزْيَدَ وَحُلِّفَ عَلَى الزَّائِدِ وَإِلَّا سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي التَّلْفِيقِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَشَهِدَ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَحُلِّفَ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ دُيِّنَ أَيْ وُكِلَ لِدِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ. (ص) لَا بِفِعْلَيْنِ أَوْ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الطَّلَاقِ لَا تُلَفَّقُ فِي الْفِعْلَيْنِ وَلَا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَإِنَّمَا تُلَفَّقُ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَطْ فَقَوْلُهُ لَا بِفِعْلَيْنِ أَيْ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَأَنَّهُ رَكِبَهَا وَأَمَّا بِفِعْلَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ يُلَفَّقُ فِيهِمَا فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْت الشَّهَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا بِفِعْلَيْنِ فَقَطْ قُلْت غُلِّبَ جَانِبُ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَكَذَلِكَ لَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَةُ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِفِعْلٍ وَالْآخَرُ بِقَوْلٍ (كَ) شَهَادَةِ (وَاحِدٍ بِتَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ) لِدَارِ زَيْدٍ (وَ) شَهَادَةِ (آخَرَ بِالدُّخُولِ) وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَمِينٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ   [حاشية العدوي] ذَاتُهُ أَوْ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، الْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ وَالثَّانِي مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا أَوْ بِكَلَامِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ " أَوْ إنْشَاءٍ " هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ) أَيْ فِي اللَّفْظِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي الْمَعْنَى فِي الْجُمْلَةِ كَمَا يَتَبَيَّنُ. (قَوْلُهُ: بِحَرَامٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ كَمَا يُشِيرُ لَهُ تَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَمَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الْإِنْشَاءِ يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ كَأَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ حَرَامٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ بَتَّةٌ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ) فِيهِ أَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا يُنَوَّى فِيهَا وَأَنْتِ حَرَامٌ يُنَوَّى فِيهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُنَا مُنْكِرٌ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَنْوِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ إلَخْ) هَذَا أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ مَعْنًى فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَعْلِيقِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِحَرَامٌ وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْمَتْنِ حِينَئِذٍ مِنْ التَّكَلُّفِ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا) هَذِهِ شَهَادَةٌ مُلَفَّقَةٌ فِي فِعْلٍ مُتَّحِدٍ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِهِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بِكَلَامِهِ إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ إلَى شَهَادَةٍ مُلَفَّقَةٍ فِي قَوْلٍ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَمَا تَعْتَقِدُهُ الزَّوْجَةُ مِنْ تَارِيخِ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ تَعْتَقِدْ شَيْئًا فَيَنْبَغِي مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَذَا فِي عب وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا حُكْمَ حِينَئِذٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَحُلِّفَ عَلَى الزَّائِدِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ أَيْ حُلِّفَ لِأَجْلِ نَفْيِ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ) لَعَلَّهُ إنَّمَا طُلِبَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُنْكِرَ أَصْلِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ الْحَالِ أَنَّهُ يَقُولُ مَا طَلَّقْت أَكْثَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ مَا طَلَّقَ أَزْيَدَ يَكْفِي وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: خُلِّيَ سَبِيلُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُسْجَنُ وَلَا يُضْرَبُ فَلَا يُنَافِي لُزُومَ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وُكِلَ لِدِينِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ: لَا تُلَفَّقُ فِي الْفِعْلَيْنِ) أَيْ الْمُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: لَا بِفِعْلَيْنِ إلَخْ) مَحَلُّ قَوْلِهِ لَا بِفِعْلَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَإِلَّا لُفِّقَتْ كَشَاهِدٍ بِرِيحِ خَمْرٍ وَآخَرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي مَسْأَلَةِ الْفِعْلَيْنِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى كَذِبِ مَا شَهِدَا بِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى وَأَنَّهُ إنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ حَيْثُ نَكَلَ طَلْقَتَانِ كَمَا ذَكَرَهُ ح. (ص) وَإِنْ شَهِدَا بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ وَنَسِيَاهَا لَمْ تُقْبَلْ وَحُلِّفَ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ نَسِيَا اسْمَهَا وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهُمَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَشْهُودِ بِطَلَاقِهِمَا لَكِنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَزِمَ الزَّوْجَ الْيَمِينُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوْجَبَتْ التُّهْمَةَ وَإِنْ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ. (ص) وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِيَمِينٍ وَنَكَلَ فَالثَّلَاثُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ كُلٌّ بِيَمِينٍ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَأَنَّهُ رَكِبَهَا وَشَهِدَ ثَالِثٌ أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَمُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنْ نَكَلَ طَلَقَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي التَّطْلِيقِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مِنْهَا الْأَهْلُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَصَالَةً شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَائِبِهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ تَوْكِيلٌ وَرِسَالَةٌ وَتَمْلِيكٌ وَتَخْيِيرٌ فَقَالَ: (فَصْلٌ: فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَأَحْكَامِهَا) وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا تَوْكِيلًا فَلَهُ الْعَزْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَى زَوْجَتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا قَبْلَ إيقَاعِهِ كَمَا لِكُلِّ مُوَكِّلٍ ذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ   [حاشية العدوي] بِشُرْبِهَا فَيُحَدُّ، الْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عَدَمَ الْيَمِينِ وَذَكَرَ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْفِعْلَيْنِ الْيَمِينَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ أَرَى أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُقِرَّ أَوْ تَقْطَعَ الْبَيِّنَةُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا حُكْمُ إنْكَارِهِ وَأَمَّا لَوْ صَدَّقَهُمَا وَادَّعَى النِّسْيَانَ أَيْضًا لَطَلَقْنَ كُلُّهُنَّ وَإِنْ عَيَّنَهَا لَصُدِّقَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ يُحَلَّفُ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى تَكْذِيبِ الْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَدْرُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَبِيعَةَ) بَلْ وَعِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِفِعْلَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّعَالِيقِ الْمُخْتَلِفَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَيُحَلَّفُ فَإِنْ نَكَلَ فَيَتَّفِقُ رَبِيعَةُ مَعَ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيُحَلَّفُ فِي الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ) أَيْ عِنْدَهُ أَيْ مَالِكٍ يُحْبَسُ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ - وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ " يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا " - لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّعَالِيقِ الْمُتَّحِدَةِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ وَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ بِطَلْقَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ عِنْدَ الْقَابِسِيِّ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا وَيُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّالِثِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ لَكِنْ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ فِيمَا إذَا نَكَلَ هَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ لِرَبِيعَةَ قَوْلًا فِيمَا إذَا نَكَلَ أَنْ يُحْبَسَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِ الْقَابِسِيِّ فَالْخِلَافُ بَيْنَ رَبِيعَةَ وَمَالِكٍ جَارٍ فِيهِمَا وَهُوَ أَنَّ رَبِيعَةَ يَقُولُ إنْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَأَمَّا مَالِكٌ فَيَقُولُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ وَيُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّالِثِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ثَانِيَةٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَأَمَّا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ فَالْخِلَافُ بَيْنَ رَبِيعَةَ وَمَالِكٍ فِيهِمَا فِي حَالَتَيْ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ فَهُوَ إنَّمَا يَجْرِي فِي التَّعَالِيقِ الْمُخْتَلِفَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثَةُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ سُجِنَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ. [فَصْلٌ فِي التوكيل فِي الطَّلَاق] (قَوْلُهُ: تَوْكِيلٌ) أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَرَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ ك وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مِنْهَا الْأَهْلُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَصَالَةً شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَائِبِهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النِّيَابَةُ فِيهِ تَوْكِيلٌ وَرِسَالَةٌ وَتَمْلِيكٌ وَتَخْيِيرُ التَّوْكِيلِ جَعْلُ إنْشَائِهِ بِيَدِ الْغَيْرِ بَاقِيًا مَنَعَ الزَّوْجَ مِنْهُ فَلَهُ الْعَزْلُ قَبْلَهُ اتِّفَاقًا وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَى الْإِنْشَاءِ يَعُودُ عَلَى الطَّلَاقِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَالْجِنْسِ وَهُوَ جَعْلٌ مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ وَذَلِكَ يَعُمُّ التَّمْلِيكَ وَالتَّخْيِيرَ، وَقَوْلُهُ " بَاقِيًا مَنَعَ الزَّوْجَ " مِنْهُ يُخْرِجُهُمَا لِأَنَّ لَهُ الْعَزْلَ فِي التَّوْكِيلِ وَأَخْرَجَ الرِّسَالَةَ بِقَوْلِهِ " جَعْلُ " لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ الْإِنْشَاءُ وَهُوَ جَلِيٌّ وَالرِّسَالَةُ جَعْلُ إعْلَامِ الزَّوْجَةِ ثُبُوتَهُ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ اثْنَيْنِ كَفَى أَحَدُهُمَا فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " جَعْلُ إعْلَامِ " الْوَكَالَةُ وَالتَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ وَقَوْلُهُ " ثُبُوتَهُ " أَيْ ثُبُوتَ الطَّلَاقِ أَيْ حُصُولَهُ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ قَالَ وَالتَّمْلِيكُ جَعْلُ إنْشَائِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَقَوْلُهُ جَعْلُ إنْشَائِهِ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْكِيلُ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ التَّخْيِيرَ بِقَوْلِهِ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا إلَخْ إلَى أَنَّ لَهُ مُنَاكَرَتَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي التَّمْلِيكِ وَإِلَّا فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ وَالضَّمِيرُ فِي دُونَهَا يَعُودُ عَلَى الثَّلَاثِ وَضَمِيرُ " أَحَدُهُمَا " يَعُودُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَالتَّخْيِيرُ جَعْلُ الزَّوْجِ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا حُكْمًا أَوْ نَصًّا عَلَيْهَا حَقًّا لِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ " حُكْمًا أَوْ نَصًّا " أَخْرَجَ بِهِ التَّمْلِيكَ، وَالْحُكْمُ كَقَوْلِهِ خَيَّرْتُكِ وَمَا شَابَهَهُ وَالنَّصُّ مَلَّكْتُكِ ثَلَاثًا قَالَ بَعْضٌ وَفِي جَعْلِ الرِّسَالَةِ دَاخِلَةً فِي النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ نَظَرٌ إنَّمَا هُوَ نِيَابَةٌ فِي التَّبْلِيغِ لَا فِي الْإِيقَاعِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " النِّيَابَةِ " مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا فِي الْإِيقَاعِ وَالتَّبْلِيغِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ) هَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 فِي قَوْلِهِ " فَوَّضَهُ " الْبَارِزُ لِلطَّلَاقِ، وَغَيْرُهُ لِلزَّوْجِ أَيْ فَوَّضَ الزَّوْجُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَ " تَوْكِيلًا " يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِالتَّوْكِيلِ أَيْ بِسَبَبِ التَّوْكِيلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ فَوَّضَ التَّوْكِيلَ لَهَا فَيَكُونُ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ غَرَسْت الْأَرْضَ شَجَرًا إلَّا أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ التَّمْيِيزِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ. (ص) إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ (ش) أَيْ زَائِدٍ عَلَى التَّوْكِيلِ كَمَا إذَا شَرَطَ لَهَا مَثَلًا إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا لِأَنَّ الْحَقَّ - وَهُوَ رَفْعُ الضَّرَرِ عَنْهَا - تَعَلَّقَ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ لَهُ عَزْلَهَا حَيْثُ وَكَّلَهَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ قَوْلَانِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِوَكِيلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَكِيلُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (ص) لَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " تَوْكِيلًا " وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ الْعَزْلُ أَيْ فَلَهُ الْعَزْلُ لَا فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَلِهَذَا كَانَ فِي الْعِبَارَةِ قَلَقٌ وَصِيغَةُ التَّخْيِيرِ: اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك وَرَوَى مُحَمَّدٌ أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا أَوْ اخْتَارِي أَمْرَكِ وَالتَّمْلِيكُ مُبَاحٌ كَمَا يَأْتِي دُونَ التَّخْيِيرِ وَصِيغَةُ التَّمْلِيكِ كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى جَعْلِ الطَّلَاقِ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهَا دُونَ تَخْيِيرٍ كَقَوْلِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَطَلِّقِي نَفْسَكِ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَطَلَاقُكِ بِيَدِكِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا مَلَّكْتُكِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَّيْتُكِ أَمْرَكِ (ص) وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَلَّكَ زَوْجَتَهُ أَوْ خَيَّرَهَا طَلَاقَهَا فَإِنَّهَا لَا تُمْهَلُ بَلْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي رَدًّا أَوْ أَخْذًا لِمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْمُوَكَّلَةِ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِيَدِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُ إلَيْهَا فَلَهُ عَزْلُهَا وَالتَّمَكُّنُ مِنْهَا وَيَنْبَغِي إذَا تَعَلَّقَ بِالتَّوْكِيلِ حَقٌّ أَنْ يَصِيرَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ. (ص) وَوُقِفَتْ - وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ - مَتَى عَلِمَ فَتَقْضِي وَإِلَّا أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ إلَى سَنَةٍ وُقِفَتْ مَتَى عُلِمَ ذَلِكَ وَلَا تُتْرَكُ تَحْتَهُ وَأَمْرُهَا بِيَدِهَا حَتَّى تُوقَفَ فَتَقْضِيَ بِرَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ إلَّا أَنْ يَطَأَ وَهِيَ طَائِعَةٌ فَيَزُولَ مَا بِيَدِهَا وَلَا قَضَاءَ لَهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَمَلًا بِاللَّفْظِ فَإِنْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ وَأَمَرَهَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا مِنْ التَّمْلِيكِ فَلَمْ تَفْعَلْ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا وَلَا يُمْهِلُهَا وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ فِيهِ التَّمَادِيَ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ " وَاوُ الْحَالِ وَ " إنْ " وَصْلِيَّةٌ لَا وَاوُ النِّكَايَةِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَعَ قَوْلِهِ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ وَبِعِبَارَةٍ: لَا شَكَّ أَنَّ مُفَادَ قَوْلِهِ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُفَادِ قَوْلِهِ وَوُقِفَتْ إلَخْ إذْ مُفَادُ الْأَوَّلِ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْهَا وَمَنْعُهَا مِنْهُ، وَمُفَادُ الثَّانِي طَلَبُهَا بِأَنْ تَقْضِيَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ جَعْلُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ إلَخْ لِلْمُبَالَغَةِ خِلَافًا لِمَنْ   [حاشية العدوي] يَقْتَضِي أَنَّ الْخَافِضَ الْمَنْزُوعَ " عَلَى " (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسْتَتِرُ فِي " فَوَّضَ " (قَوْلُهُ: أَيْ فَوَّضَ الزَّوْجُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَ " تَوْكِيلًا " يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْخَافِضَ " فِي " فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِ التَّوْكِيلِ) فِيهِ أَنَّ التَّوْكِيلَ تَفْوِيضٌ فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا فِي نَفْسِهِ فَلَوْ جَعَلَ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ " تَوْكِيلًا " مَفْعُولًا مُطْلَقًا أَيْ تَفْوِيضَ تَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فَوَّضَ التَّوْكِيلَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ التَّوْكِيلَ إنَّمَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضٌ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا) أَيْ قَالَتْ لَهُ مَثَلًا: إنِّي أَخَافُ أَنْ تُضَارِرَنِي بِتَزَوُّجِكَ عَلَيَّ فَقَالَ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِكِ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ: فَأَمْرُهَا أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِهَا تَوْكِيلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَكَّلَهَا عَلَى الطَّلَاقِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِكِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَكِيلُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ) أَيْ لَا وَكِيلُهُ فِي الطَّلَاقِ أَيْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا أَوْ يُمَلِّكَهَا إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ يُخَطِّئُ الْمُصَنِّفَ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا) وَالِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَغْوٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْهَزْلُ لَيْسَ جِدًّا اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ الْعَزْلُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى " تَوْكِيلًا " لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَفِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ مُخْرَجًا تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فَرْعُ الْإِدْخَالِ، وَالْمُزِيلُ لِلْقَلَقِ أَنْ يَقُولَ إنَّ " تَخْيِيرًا " وَ " تَمْلِيكًا " مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ فَوَّضَهُ تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا فَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهِ مَعْطُوفًا عَلَى " تَوْكِيلًا " وَفِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: دُونَ التَّخْيِيرِ) أَيْ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ قَطْعًا سَيَأْتِي الْخِلَافُ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ (قَوْلُهُ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ) صِيغَةٌ وَكَذَا طَلِّقِي نَفْسَكِ وَكَذَا وَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا وَطَلَاقُكِ بِيَدِكِ وَقَوْلُهُ: وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خُصُوصُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إلَخْ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْغَيْرِ غَيْرًا مَخْصُوصًا وَإِلَّا دَخَلَ فِيهِ الْعُتْبِيَّةُ، وَقَوْلُهُ: دُونَ تَخْيِيرٍ أَيْ بِلَفْظِهِ أَوْ بِلَفْظِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُوَكَّلَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ إلَخْ لِلتَّعْلِيلِ. (تَنْبِيهٌ) :: لَا نَفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قِبَلِهَا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَصِيرَ حُكْمُهُ إلَخْ) أَيْ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ وَقَوْلُهُ: وَالتَّمَكُّنُ مِنْهَا أَيْ مِنْ وَطْئِهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ وَطْءَ الْمُوَكَّلَةِ عَزْلٌ لَهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَلَوْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ تَوْكِيلِهَا هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَزْلٌ لَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؟ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ إلَى سَنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ خَيَّرْتُكِ (قَوْلُهُ: إلَى سَنَةٍ) أَوْ إلَى زَمَنٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: مَتَى عَلِمَ) أَيْ مَتَى عَلِمَ السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بِأَنَّهُ خَيَّرَهَا إلَى سَنَةٍ (قَوْلُهُ: وَاوُ الْحَالِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيْلُولَةِ الْإِيقَافُ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَ " إنْ " وَصْلِيَّةٌ) أَيْ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا وَاوُ النِّكَايَةِ) أَيْ الْإِغَاظَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 تَوَهَّمَ أَنَّهَا لِلْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَيْلُولَةَ وَالْوَقْفَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. (ص) وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ كَطَلَاقِهِ وَرَدِّهِ كَتَمْكِينِهَا طَائِعَةً (ش) أَيْ وَعُمِلَ بِمُقْتَضَى جَوَابِهَا الصَّرِيحِ فَإِنْ أَجَابَتْ بِالطَّلَاقِ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ كَقَوْلِهَا: أَنَا طَالِقٌ مِنْكَ أَوْ طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ أَنَا بَائِنَةٌ أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي وَإِنْ أَجَابَتْ بِرَدِّهِ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ كَقَوْلِهَا رَدَدْتُ مَا مَلَّكْتَنِي، أَوْ لَا أَقْبَلُهُ مِنْكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا إذَا طَلَّقَ هُوَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَمِثْلُ رَدِّهَا بِالْقَوْلِ كَمَا مَرَّ رَدُّهَا بِفِعْلٍ صَرِيحٍ كَمَا إذَا أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَوْ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ طَائِعَةٌ عَالِمَةٌ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا وَكَذَا لَوْ مَلَّكَ أَجْنَبِيًّا أَمْرَهَا فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَمَكَّنَهُ مِنْهَا زَالَ مَا بِيَدِهِ فَلَوْ مَكَّنَتْهُ غَيْرَ عَالِمَةٍ لَمْ يَبْطُلْ مَا بِيَدِهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ فِي الْإِصَابَةِ إنْ عُلِمَتْ الْخَلْوَةُ وَفِي الطَّوْعِ فِي الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ فَقَوْلُهَا بِيَمِينِهَا أَيْ إنْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي أَوْ غَلَبَنِي عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَكُونُ عَلَى هَيْئَةٍ وَصِفَةٍ قَالَهُ أَصْبَغُ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ (ص) وَمَضَى يَوْمُ تَخْيِيرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ اخْتَارِي الْيَوْمَ كُلَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَخْتَرْ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَتَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْيَوْمِ الْمُدَوَّنَةَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا عَلِمَتْ أَمْ لَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَشَامِلٌ أَيْضًا لِمَا إذَا حَصَلَ لَهَا جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ فِي جَمِيعِ زَمَنِ التَّفْوِيضِ وَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ يُنْظِرُهَا الْحَاكِمُ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ أَمْ لَا (ص) وَرَدِّهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا (ش) أَيْ وَيَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا بِرَدِّهَا لِلْعِصْمَةِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ لِاسْتِلْزَامِهِ رِضَاهَا وَاحْتَرَزَ بِالْبَيْنُونَةِ مِمَّا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَهَا فَإِنَّ خِيَارَهَا لَا يَسْقُطُ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ. (ص) وَهَلْ نَقْلُ قُمَاشِهَا أَوْ نَحْوُهُ طَلَاقٌ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَفَعَلَتْ فِعْلًا مُحْتَمِلًا بِأَنْ نَقَلَتْ قُمَاشَهَا أَوْ انْتَقَلَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَبَعُدَتْ أَوْ خَمَّرَتْ وَجْهَهَا وَاسْتَتَرَتْ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ لَمْ تُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا إلَّا إذَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ؟ . تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَهُوَ طَلَاقٌ اتِّفَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّامِلِ وَلَا يُقَالُ الْفِعْلُ لَا يَلْزَمُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ لِأَنَّا نَقُولُ انْضَمَّ إلَيْهِ تَمْلِيكُهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي نَقْلِ قُمَاشِهَا الَّذِي لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ عِنْدَ إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَهُوَ طَلَاقٌ قَطْعًا، وَنَقْلُ بَعْضِهِ كَكُلِّهِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِأَنَّ النَّقْلَ طَلَاقٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ ثَلَاثًا فِي التَّخْيِيرِ وَوَاحِدَةً فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَيْلُولَةَ وَالْوَقْفَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ) أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ وَأَمَّا الْخَفِيَّةُ فَتُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا وَلَوْ نَوَتْ بِهِ الطَّلَاقَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ يُعْمَلُ بِهِ فِي جَوَابِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُجِيبُ بِغَيْرِهِ مِمَّا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهَا اخْتَرْتُ نَفْسِي مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَلَا مِنْ كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا صَرِيحَ لَهَا إلَّا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ لِمَا فَاتَهُ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ وَقَوْلُهُ: كَتَمْكِينِهَا طَائِعَةً أَيْ مَنْ فَوَّضَ لَهَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ) أَيْ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ عِدَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا طَلَّقَ هُوَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ كَطَلَاقِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ أَيْ بِأَنْ تُطَلِّقَهُ بِأَنْ تَقُولَ طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَافَ إمَّا لِلتَّشْبِيهِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ أَيْ صَرِيحُ طَلَاقِهَا كَصَرِيحِ طَلَاقِهِ وَإِمَّا لِلتَّمْثِيلِ فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ حُذِفَ فَاعِلُهُ أَيْ كَأَنْ تُطَلِّقَهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ جَوَابُهَا بِاخْتَرْتُ نَفْسِي أَوْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ طَلَّقَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ تَخْتَارُ نَفْسَهَا قَبْلَهُ فَلَا نِصْفَ لَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّفْوِيضَ مِنْ جِهَتِهِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لِلطَّلَاقِ وَالْمُعْتَقَةَ تَحْتَ الْعَبْدِ هِيَ الْمُخْتَارَةُ لِلْفِرَاقِ قَهْرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ) أَيْ جَهِلَتْ أَنَّ التَّمْكِينَ يُسْقِطُ خِيَارَهَا (قَوْلُهُ: فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وَلَوْ لَمْ تَرْضَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ مَكَّنَتْ دُونَ رِضَاهُ فَلَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: فِي الْإِصَابَةِ إنْ عُلِمَتْ الْخَلْوَةُ) أَيْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْخَلْوَةَ عُلِمَتْ وَهِيَ تَقُولُ مَا أَصَابَنِي وَهُوَ يَقُولُ أَصَبْتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَفِي عج خِلَافُهُ فَإِنَّهُ اسْتَظْهَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَظَاهِرُهُ خَلْوَةُ زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةُ بِنَاءٍ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ التَّفْصِيلُ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا فِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ، وَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ فَإِذَا انْتَفَى إقْرَارُهُمَا أَوْ ثَبَتَ إقْرَارُ إقْرَارِ وَاحِدٍ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي كَلَامَ عج وَقَوْلُهُ: وَفِي الطَّوْعِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهَا وَافَقَتْهُ عَلَى الْوَطْءِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى الطَّوْعَ وَادَّعَتْ هِيَ الْإِكْرَاهَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي الْإِصَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَضَى يَوْمُ تَخْيِيرِهَا) أَيْ أَوْ تَمْلِيكًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَتْ) أَيْ عَلِمَتْ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ عَلِمَتْ بِالتَّخْيِيرِ أَمْ لَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّنْظِيرَ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الزَّمَنُ مَوْجُودًا لَا إنْ انْقَضَى كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ فَيُنْظَرُ فِي الْجُنُونِ دُونَ الْإِغْمَاءِ لِأَنَّ زَمَنَهُ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ) أَيْ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ ثُمَّ إنَّ الْمُوجِبَ لِذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ الْبَيْنُونَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَقَلَتْ عَنْ زَوْجِهَا إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى نَقْلُ قُمَاشِهَا وَيَصِحُّ الْجَرُّ أَيْ نَقْلُ غَيْرِ الْقُمَاشِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَخَصَّ الْقُمَاشَ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي الرِّوَايَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 التَّمْلِيكِ (ص) وَقُبِلَ تَفْسِيرُ قَبِلْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتَنِي بِرَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَلَّكَهَا مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْ الطَّلَاقِ فَقَالَتْ قَوْلًا مُحْتَمِلًا نَحْوُ قَبِلْتُ أَمْرِي أَيْ شَأْنِي أَوْ قَبِلْتُ نَفْسِي أَوْ مَا مَلَّكْتَنِي فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ مِنْهَا مَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ بِهِ الرَّدَّ أَيْ رَدَّ مَا جَعَلَهُ لِي وَأَبْقَى عَلَى الْعِصْمَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْتُ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَتَبِينُ وَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ الْبَقَاءَ عَلَى التَّرَوِّي فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنَّمَا قُبِلَ مِنْهَا تَفْسِيرُ الْقَبُولِ بِالرَّدِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لَهُ وَلَا مِنْ مُقْتَضِيَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّدُّ مِنْ آثَارِ قَبُولِ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ فَأَطْلَقَ السَّبَبَ - وَهُوَ الْقَبُولُ - وَأَرَادَ بِهِ الْمُسَبَّبَ وَهُوَ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُصَدَّقُ لِإِمْكَانِهَا مِنْ نَفْسِهَا وَقَدْ زَالَ مَا بِيَدِهَا اهـ وَلَوْ لَمْ تُفَسِّرْ حَتَّى حَاضَتْ أَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَالَتْ أَرَدْتُ طَلْقَةً وَاحِدَةً قُبِلَ مِنْهَا بِلَا يَمِينٍ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِتَفْرِيطِ الزَّوْجِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُوقِفْهَا وَلَمْ يَسْتَفْسِرْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَلَمَّا كَانَ فِي الْمُنَاكَرَةِ - وَهِيَ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِمَا أَوْقَعَتْ الْمَرْأَةُ - تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهَا مَا أَرَدْتُ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا نَكَرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ، وَأَمَّا الْمُمَلَّكَةُ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إذَا زَادَتْ عَلَى طَلْقَةٍ (ص) إنْ زَادَتَا عَلَى الْوَاحِدَةِ وَنَوَاهَا وَبَادَرَ وَحُلِّفَ إنْ دَخَلَ وَإِلَّا فَعِنْدَ الِارْتِجَاعِ وَلَمْ يُكَرِّرْ أَمْرَهَا بِيَدِهَا لَا إنْ نَوَى التَّأْكِيدَ كَنَسَقِهَا هِيَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْعَقْدِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الْمُنَاكَرَةِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَزِيدَ الْمُوقَعُ مِنْ الْمُخَيَّرَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمُمَلَّكَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْوَاحِدَةِ فَلَا تُفِيدُ مُنَاكَرَتُهُ فِي الْوَاحِدَةِ بِأَنْ يَقُولَ: مَا أَرَدْتُ طَلَاقًا. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ نَوَى الطَّلْقَةَ الَّتِي يُنَاكِرُ فِيهَا عِنْدَ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَهُ شَيْئًا فَلَا مُنَاكَرَةَ وَلَوْ نَوَى بَعْدَهُ وَيَلْزَمُ مَا أَوْقَعَتْ. الثَّالِثُ: أَنْ يُبَادِرَ عَلَى الْفَوْرِ لِلْمُنَاكَرَةِ عِنْدَ سَمَاعِهِ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ فَلَوْ لَمْ يُبَادِرْ وَأَرَادَ الْمُنَاكَرَةَ وَادَّعَى الْجَهْلَ فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْذَرْ وَيَسْقُطْ حَقُّهُ وَلَا يُعْذَرْ بِالْجَهْلِ. الرَّابِعُ: أَنْ يُحَلَّفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقَعَ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَمَحِلُّ يَمِينِهِ وَقْتُ الْمُنَاكَرَةِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ لِيَحْكُمَ لَهُ الْآنَ بِالرَّجْعَةِ وَتَثْبُتَ أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِارْتِجَاعِ لَا قَبْلَهُ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا. الْخَامِسُ: أَنْ لَا يُكَرِّرَ " أَمْرُهَا بِيَدِهَا " أَمَّا إنْ كَرَّرَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُكِ بِيَدِكِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيمَا زَادَ وَيَقَعُ مَا أَوْقَعَتْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ لِلَّفْظِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَكَرَّرَتْهُ فَهُوَ عَلَى التَّأْسِيسِ إلَّا أَنْ تَنْوِيَ التَّأْكِيدَ فَيُقْبَلَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ السَّادِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ التَّمْلِيكُ أَوْ التَّخْيِيرُ مَشْرُوطًا لَهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا فَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا لَهَا فِي عَقْدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: نَحْوُ قَبِلْتُ أَمْرِي) أَيْ كَاخْتَرْتُ أَوْ اخْتَرْتُ أَمْرِي أَوْ شِئْتُ وَفَرَغْتُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبِلْتُ نَفْسِي) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَذَكَرَ الْخَطَّابُ أَنَّهَا مِثْلُ اخْتَرْتُ نَفْسِي فَطَلَاقٌ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُبِلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَفْسِيرَ الْقَبُولِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْبَقَاءِ ظَاهِرٌ وَالْإِشْكَالُ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا فَسَّرَ الْقَبُولَ بِالرَّدِّ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ وَإِنَّمَا قُبِلَ تَفْسِيرُهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ قَبِلْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتُ صَالِحٌ لَأَنْ يُفَسَّرَ بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي تَفْسِيرِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْبَقَاءِ وَأَمَّا بِالرَّدِّ فَبَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْقَبُولِ بَلْ دَافِعٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مُقْتَضِيَاتِهِ) بِكَسْرِ الضَّادِ أَيْ أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلرَّدِّ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ) أَيْ اسْمِ السَّبَبِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا نَافَى قَوْلَهُ مِنْ مُقْتَضِيَاتِهِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي قَبُولِ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّدِّ بَلْ وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ وَالْبَقَاءُ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَ السَّبَبَ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلرَّدِّ فَيُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى حَاضَتْ) أَيْ جَمِيعَ الْحِيَضِ أَوْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ. (قَوْلُهُ: وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً) وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ جَعَلَهُمَا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَاحِدَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ قَدْ يَنْوِي اثْنَتَيْنِ فَيُنَاكِرُ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: هِيَ) إنَّمَا أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَقَاتِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُكَرِّرْ أَمْرَهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُدْرَى مِنْهُ عَيْنُ التَّنَاسُقِ أَيْ إنَّهُ أَصْرَحُ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي الضَّمَائِرِ الْمُؤَنَّثَةِ الْعَائِدَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) أَيْ أَوْ نَوَى بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِارْتِجَاعِ) عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِأَنْ يُقَدَّرَ فِي الْمَتْنِ فَيُقَالَ إنْ دَخَلَ وَأَرَادَ الِارْتِجَاعَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُرَاجَعَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُرَاجَعَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي طَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَكَرَّرَتْهُ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ النَّسَقُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ النَّسَقُ بَلْ الشَّرْطُ وُقُوعُ مَا بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ فَيُقْبَلَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ لِأَنَّهَا عَامَّةٌ فَيَشْمَلُ مَا إذَا نَوَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ الثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ نَحْوُ كُلَّمَا شِئْت فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 نِكَاحِهَا وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا مُنَاكَرَةَ لَهُ بَنَى بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ لَهُ الرَّجْعَةُ إنْ دَخَلَ إنْ أَبْقَتْ شَيْئًا مِنْ الْعِصْمَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِرُجُوعِهِ إلَى الْخُلْعِ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْ صَدَاقِهَا لِلشَّرْطِ قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ. (ص) وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ إنْ أَطْلَقَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي إذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الشَّرْطِ فَلَا مُنَاكَرَةَ أَوْ عَلَى الطَّوْعِ فَالْمُنَاكَرَةُ قَوْلَانِ. (ص) وَقُبِلَ إرَادَةُ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَلَّكَهَا أَوْ خَيَّرَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَأَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: لَمْ أُرِدْ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ طَلَاقًا أَصْلًا فَقِيلَ لَهُ: إنْ لَمْ تُرِدْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُكَ مَا أَوْقَعَتْ مِنْ الطَّلَاقِ فَرَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ: أَرَدْتُ بِمَا جَعَلْتُ لَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَإِنَّمَا قُبِلَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَصَدَ طَلْقَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُعَدُّ نَدَمًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (ش) أَيْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (ص) وَلَا نَكَرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُخَيَّرَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ يُنَاكِرُهَا إذَا قَضَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَأَشَارَ هُنَا إلَى حُكْمِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ الْعَارِي عَنْ التَّقْيِيدِ بِطَلْقَةٍ أَوْ بِطَلْقَتَيْنِ وَأَنَّ اخْتِيَارَهَا فِيهِ يَكُونُ ثَلَاثًا، سَوَاءٌ نَوَتْ هِيَ ذَلِكَ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ قَضَتْ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ بِدُونِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ اخْتِيَارَهَا يَبْطُلُ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ لَفْظًا بِطَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ (ص) وَإِنْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي سُئِلَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّلَاثَ لَزِمَتْ فِي التَّخْيِيرِ وَنَاكَرَ فِي التَّمْلِيكِ وَإِنْ قَالَتْ وَاحِدَةً بَطَلَ فِي التَّخْيِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا تَخْيِيرًا مُطْلَقًا أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ أَوْ مَلَّكَهَا أَمْرَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ قَبْلَهُ فَقَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي فَالْبَتَاتُ وَإِنْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ زَوْجِي أَوْ أَنَا مُطَلَّقَةٌ أَوْ هُوَ مُطَلَّقٌ فَإِنَّهَا تُسْأَلُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ بِالْقُرْبِ عَمَّا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي التَّخْيِيرِ أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَيُنَاكِرُهَا فِي التَّمْلِيكِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ بِشُرُوطِهِ وَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ بِذَلِكَ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تَلْزَمُ فِي التَّمْلِيكِ وَيَبْطُلُ جَمِيعُ مَا بِيَدِهَا فِي التَّخْيِيرِ بَعْدَ الدُّخُولِ (ص) وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَلَا نِيَّةَ لَهَا فِي عَدَدٍ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَلْزَمَ فِي التَّخْيِيرِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيُنَاكِرَ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا وَفِي التَّخْيِيرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَيَبْطُلَ فِي الْمُخَيَّرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَيُنَاكِرَ فِي الْمُمَلَّكَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُخَيَّرَةِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا تَأْوِيلَانِ (ص) وَالظَّاهِرُ سُؤَالُهَا إنْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي أَيْضًا (ش) صَوَابُهُ اخْتَرْتُ الطَّلَاقَ فَتُسْأَلُ فِي التَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ فَيَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ يُرَادُ بِهَا الْعَهْدُ وَهُوَ الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَهُوَ وَاحِدَةٌ. (ص) وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَكَرَاهَتِهِ، وَهَذَا يَجْرِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الثَّلَاثُ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُنَاكِرُ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ كَانَ مَوْضُوعُهُ الثَّلَاثَ فَلِمَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى كَرَاهَتِهِ قُلْت: نَظَرًا لِمَقْصُودِهِ إذْ هُوَ الْبَيْنُونَةُ وَيَنْبَغِي جَرْيُ الْخِلَافِ فِي التَّمْلِيكِ إذَا قَيَّدَ بِالثَّلَاثِ وَإِلَّا فَهُوَ مُبَاحٌ وَانْظُرْ التَّوْكِيلَ إذَا قُيِّدَ بِالثَّلَاثِ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ قَطْعًا (ص)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ الشَّرْطُ) الْمُكْتَتَبُ وَتَسْمِيَتُهُ شَرْطًا تَسَمُّحٌ وَلَوْ قَالَ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ الْكَتْبُ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ فِي الْعَقْدِ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ بِشَرْطٍ أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ؛ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِكَوْنِ ذَلِكَ وَقَعَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ) رَاجِعٌ لِخَيَّرَهَا وَأَمَّا التَّمْلِيكُ فَمُطْلَقٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْجَهْمِ مِنْ أَنَّ لَهُ الْمُنَاكَرَةَ فِي الثَّلَاثِ وَالطَّلْقَةُ بَائِنَةٌ وَظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونَ أَنَّ لَهُ الْمُنَاكَرَةَ وَالطَّلْقَةَ رَجْعِيَّةٌ وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّ اخْتِيَارَهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ لَفْظًا بِطَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَرَدْتُ أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَوْلُنَا وَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِي التَّخْيِيرِ) فِي نُسْخَتِهِ بَطَلَ بِدُونِ التَّاءِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَعُودُ وَتَخْتَارُ الثَّلَاثَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّخْيِيرُ يَبْطُلُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيُقْتَضَى قُوَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ) فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: قَدْ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ) أَيْ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ تُرِدْ شَيْئًا يُخَرَّجُ التَّأْوِيلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ الْإِبَاحَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرَيْنَ الْفِرَاقَ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِمَقْصُودِهِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْمَقْصُودَ إنَّمَا يَتَأَتَّى بِالثَّلَاثِ فَالْأَحْسَنُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ قَصْدَهُ الْبَيْنُونَةَ الَّتِي قَدْ تَكُونُ بِوَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْخُلْعِ أَوْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَتْ بِحَسَبِ مَا هُنَا إنَّمَا تَكُونُ بِالثَّلَاثِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ قَطْعًا) وَجْهُهُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ دَاخِلٌ عَلَى الثَّلَاثِ بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَخَيُّرِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا كَوْنُهَا تُوقِعُ الطَّلَاقَ لِمَا تَقَدَّمَ وَيُكْرَهُ فِي حَقِّهَا قَطْعًا وُقُوعُ الثَّلَاثِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ الْعَزْلُ فِي التَّوْكِيلِ صَارَ كَأَنَّهُ الْمُوقِعُ لِلثَّلَاثِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وَحُلِّفَ فِي اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَأَوْقَعَتْ ثَلَاثًا فَقَالَ: مَا أَرَدْتُ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَإِنَّمَا اسْتَحْلَفَهُ مَالِكٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ أَيْ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَتَكُونَ أَلْبَتَّةَ فَفِي إنْ أُرِيدَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فَهِيَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَإِنْ أُرِيدَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ بِهِ (ص) أَوْ فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَكِ طَلْقَةً وَاحِدَةً (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قُلْت فَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَكِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ فِي أَنْ تُقِيمِي فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي فَقَالَ سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ فَقَالَ يُقَالُ لِزَوْجِهَا احْلِفْ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ إلَّا وَاحِدَةً وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْيَمِينُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مُحْتَمَلٌ عِنْدَهُمْ لِإِمْضَاءِ الْفِرَاقِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ تُقِيمِي عَبْدُ الْحَقِّ يُحَلَّفُ لِزِيَادَةِ قَوْلِهِ " أَوْ تُقِيمِي " أَمَّا لَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ " أَوْ تُقِيمِي " وَقَالَ اخْتَارِي فِي تَطْلِيقَةٍ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ ابْنِ مُحْرِزٍ لِأَنَّ ضِدَّ الْإِقَامَةِ الْبَيْنُونَةُ فَعَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي إسْقَاطِ قَوْلِهِ أَوْ تُقِيمِي الدَّرَكُ (ص) لَا اخْتَارِي طَلْقَةً (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْتُهَا أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي لَمْ يَلْزَمْ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ وَنَصَبَ " طَلْقَةً " عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (ص) وَبَطَلَ إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي تَطْلِيقَتَيْنِ فَاخْتَارَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَبْطُلُ مَا قَضَتْ بِهِ وَيَسْتَمِرُّ مَا جَعَلَهُ لَهَا بِيَدِهَا كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَمَّا وَقَعَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي فِي اخْتِصَارِ أَكْثَرِهِمْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَلِّفُ وَمَفْهُومُ اخْتَارِي أَنَّ التَّمْلِيكَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَهَا الْقَضَاءُ بِوَاحِدَةٍ فِي مَلَّكْتُكِ طَلْقَتَيْنِ وَكَذَا ثَلَاثًا وَلَا يَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ (ص) وَمِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَقْضِي إلَّا بِوَاحِدَةٍ (ش) أَيْ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُوقِعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِنْ قَضَتْ بِأَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ. (ص) وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ إنْ قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ تَخْيِيرًا مُطْلَقًا أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ فَأَوْقَعَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَإِنَّ خِيَارَهَا يَبْطُلُ وَيَصِيرُ الزَّوْجُ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقَوْلِ لَهَا وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهَا عَدَلَتْ عَمَّا جَعَلَهُ الشَّارِعُ لَهَا وَهُوَ الثَّلَاثُ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ. (ص) كَطَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا (ش) أَيْ كَمَا يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَيْثُ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَضَتْ بِأَقَلَّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَعْيِينِ الثَّلَاثِ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ بِمَثَابَةِ التَّخْيِيرِ. (ص) وَوُقِفَتْ إنْ اخْتَارَتْ بِدُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا فَقَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي   [حاشية العدوي] فَلِذَا كُرِهَ قَطْعًا بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّهَا الْمُوقِعَةُ لَهَا (قَوْلُهُ: اخْتَارِي فِي مَرَّةٍ) أَيْ وَلَيْسَ لَكِ الْخِيَارُ فِي مَرَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى إلَّا أَنَّكِ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَرَّةِ الْبَتَّةُ فَكَيْفَ هَذَا التَّفْرِيعُ؟ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ لَكِ الْخِيَارُ إلَّا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِوُقُوعِهَا ثَلَاثًا وَبِأَقَلَّ (قَوْلُهُ: فَتَكُونَ أَلْبَتَّةَ) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا يَلْزَمُ إنَّمَا يُحْتَمَلُ الْبَتَّةُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ اخْتَارِي الْمُفَارَقَةَ بِسَبَبِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: قُلْت فَإِنْ قَالَ) أَيْ قَالَ سَحْنُونَ أَيْ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: فَقَالَ أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ إلَخْ) ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السُّؤَالَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ فِي هَذِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى وَابْنُ الْقَاسِمِ قَاسَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى (قَوْلُهُ: احْلِفْ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْتِ إلَخْ) فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ مَا قَضَتْ بِهِ وَهُوَ الثَّلَاثُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَحَيْثُ حَلَفَ وَقُلْنَا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا) أَيْ وَيَكُونُ أَقْوَى مِلْكًا لِرَجْعَتِهَا (قَوْلُهُ: فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ فَيَكُونُ أَرَادَ بِالتَّطْلِيقَةِ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ (قَوْلُهُ: الدَّرَكُ) أَيْ الْمُؤَاخَذَةُ (قَوْلُهُ: لَا اخْتَارِي طَلْقَةً) أَيْ وَاخْتَارَتْ أَكْثَرَ كَمَا فِي شَرْحِ شب خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِنَا (قَوْلُهُ: يَعْنِي إذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ فَهَذَا هُوَ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ " وَنَصَبَ طَلْقَةً عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ صَادِرًا مِنْ الزَّوْجِ فَيَكُونَ " طَلْقَةً " مَنْصُوبًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَأَمَّا الْكَبِيرُ فَيُوَافِقُ مَا فِي تت (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ مَا قَضَتْ بِهِ وَمِنْ إعَادَةِ الْكَافِ يُفْهَمُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ) أَيْ مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ) وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبْطُلُ اخْتِيَارُهَا وَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَقْضِيَ بِالثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ) وَإِنْ قَيَّدَ بِغَيْرِهِ كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَاخْتَارِي نَفْسَكِ وَفِيمَا يَأْتِي غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان (قَوْلُهُ: فَأَوْقَعَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهَا تَمَامُ الثَّلَاثِ وَإِلَّا لَزِمَتْ أَيْ وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِمَا أَوْقَعَتْ وَإِلَّا لَزِمَ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ - الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ " وَسَبَبُ ذَلِكَ " - غَيْرَ نَاهِضَةٍ هُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَدَلَتْ عَمَّا جَعَلَهُ الشَّارِعُ) الْأَنْسَبُ عُرْفُ الشَّرْعِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: كَطَلِّقِي نَفْسَك) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَشِيئَتِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَكِنَّ الْمُفَادَ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ " طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا " مِثْلُ " تَطْلِيقَتَيْنِ " سَوَاءً أَيْ وَلَيْسَ مِثْلَ مَا إذَا قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ، وَالنَّقْلُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا) أَيْ أَوْ مَلَّكَهَا وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا إنْ دَخَلَ عَلَى ضَرَّتِهَا فَلَهَا ذَلِكَ وَلَا تُوقَفُ لِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى عِصْمَةِ مَشْكُوكٍ فِيهَا رَضِيَ الزَّوْجُ أَوْ لَا قَالَ عج فَإِنْ قُلْتِ: مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا أَوْ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يُوقَفُ عَنْهَا فَلَيْسَ فِيهِ الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا فَلِمَ لَمْ يَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ؟ قُلْت: لِأَنَّ حُجَّةَ الزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا جَعَلْتُ لَهَا أَنْ تُوقِعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 إنْ دَخَلْتَ أَنْتِ عَلَى ضَرَّتِي أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ فَإِنَّهَا تُوقَفُ فَتَخْتَارُ الطَّلَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ وَلَا تُمْهَلُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِشَرْطِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَعُورِضَتْ بِمَا قَبْلَهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَالَفَتْ وَأَخَذَتْ بَعْضَ حَقِّهَا وَهُوَ الْوَاحِدَةُ فِي الْأُولَى وَفِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فِي هَذِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّتِي قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ تَضَمَّنَ قَضَاؤُهَا إبْطَالَ مَا بَقِيَ لَهَا مِنْ الثَّلَاثِ كَمَنْ أَبْطَلَ مَا لَا يَتَبَعَّضُ فَوَجَبَ بُطْلَانُهُ كَعَافٍ عَنْ بَعْضِ الدَّمِ، وَالثَّانِيَةَ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا عَلَى وَصْفٍ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهَا فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا وَلَمَّا اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي سُقُوطِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ وَبَقَائِهِمَا بَعْدَهُ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْقَوْلَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَ مَالِكٌ إلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا فِي الْمُطْلَقِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ كَمَتَى شِئْتِ وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا مَلَّكَهَا تَمْلِيكًا مُطْلَقًا أَوْ خَيَّرَهَا تَخْيِيرًا مُطْلَقًا أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّهُمَا بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ تُوطَأْ أَوْ تُمَكِّنْ مِنْ ذَلِكَ طَائِعَةً قَالَتْ فِي الْمَجْلِسِ قَبِلْتُ أَمْ لَا بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يَبْقَى ذَلِكَ بِيَدِهَا فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ وَثَبَ حِينَ مَلَّكَهَا يُرِيدُ قَطْعَ ذَلِكَ عَنْهَا لَمْ يَنْفَعْهُ، وَحَدُّ ذَلِكَ إذَا قَعَدَ مَعَهَا قَدْرَ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ وَلَمْ يَقُمْ فِرَارًا وَإِنْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ وَعَلِمَ أَنَّهُمَا قَدْ تَرَكَا ذَلِكَ وَخَرَجَا إلَى غَيْرِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَقَدْ رَجَعَ مَالِكٌ آخِرًا إلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي عَدَمَ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْوَاجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذَلِكَ الرَّاجِحِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ " تُوطَأْ " تُمَكِّنْهُ طَائِعَةً مِنْ التَّمَتُّعِ عَالِمَةً لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفْهَمَ مِنْهُ أَحْرَوِيَّةُ الْوَطْءِ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ كَمَتَى شِئْتِ تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ أَنَّهُمَا بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ. (ص) وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْتِ أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُكِ بِيَدِكِ إنْ شِئْتِ وَإِذَا شِئْتِ هَلْ يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ بِاتِّفَاقٍ كَمَتَى شِئْتِ أَوْ يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَالتَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمَا وَيَأْتِي الْخِلَافُ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَالتَّرَدُّدُ فِي إنْ وَإِذَا مَعًا لِأَنَّ إذَا وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الزَّمَانِ بِجَوْهَرِهَا فَقَدْ دَلَّتْ إنْ عَلَيْهِ بِوَضْعِهَا وَتَضَمُّنِهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى مَاضٍ صَرَفَتْهُ لِلِاسْتِقْبَالِ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ أَيْ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الْمَاضِي فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الِامْتِدَادِ وَضْعًا وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ غَفْلَةٌ عَنْ هَذَا (ص) كَمَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً وَبَلَغَهَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَهَلْ يَبْقَى مَا جَعَلَ لَهَا بِيَدِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهَا الِاتِّفَاقَ أَوْ يَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْحَاضِرَةِ بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمُ وَهِيَ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ. (ص) وَإِنْ عَيَّنَ أَمْرًا تَعَيَّنَ (ش) أَيْ وَإِنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ أَمْرًا كَخَيَّرْتُكِ أَوْ مَلَّكْتُكِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الْجُمُعَةِ   [حاشية العدوي] الطَّلَاقَ نَاجِزًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهَا فِي هَذِهِ أَيْضًا وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ لِلدُّخُولِ عَلَى ضَرَّتِهَا وَإِلَّا أُمْهِلَتْ (قَوْلُهُ: كَعَافٍ عَنْ بَعْضِ الدَّمِ) كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي (قَوْلُهُ: اخْتَارَتْ نَفْسَهَا) أَيْ فَلَمْ تُسْقِطْ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا أَيْ فَهُوَ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ الْمُطْلَقِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: قَالَتْ فِي الْمَجْلِسِ قَبِلْتُ أَمْ لَا) أَيْ قَبِلَتْ الَّتِي يُطْلَبُ مِنْهَا تَفْسِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَثَبَ) أَيْ قَامَ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ قَطْعَ ذَلِكَ عَنْهَا) أَيْ يُرِيدُ أَنَّهَا لِقَطْعِ خِيَارِهَا وَلَا تَقْضِي بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ: وَحَدُّ ذَلِكَ أَيْ وَحَدُّ الزَّمَنِ الَّذِي لَا تَقْضِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ) الْمَدَارُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْتِ أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ كَمَتَى شِئْتِ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ: بِجَوْهَرِهَا) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نُونٌ أَيْ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَادَّةُ زَمَنٍ وَقَوْلُهُ " وَتَضَمُّنِهَا " الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلتَّعْلِيقِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الزَّمَانُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الِامْتِدَادِ وَضْعًا) أَيْ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَضْعًا تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَإِذَا تَأَمَّلْت فِي الْحَقِيقَةِ تَجِدُ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ رَدٌّ لِقَوْلِ أَصْبَغَ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ غَفْلَةٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ أَصْبَغَ قَدْ قَالَ إنْ قَالَ إنْ شِئْتِ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَقْطَعُهُ الْوَطْءُ وَإِنْ قَالَ إذَا شِئْتِ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا حَتَّى تُوقَفَ، وَلَا يَقْطَعُهُ الْوَطْءُ اهـ قَالَ الْبِسَاطِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَهَذَا الْخِلَافُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اللُّغَةِ وَلَا عَلَى اصْطِلَاحِنَا الْيَوْمَ وَلَعَلَّهُ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ شَارِحِنَا أَنَّ الْبِسَاطِيَّ يَقُولُ بِالتَّرَدُّدِ فِي " إذَا " فَقَطْ لَا " إنْ " لِأَنَّهَا لَا تُعْطَى حُكْمَهَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهَا مِثْلُهَا لِأَنَّ " إذَا " وَ " إنْ " دَلَّتْ إلَخْ وَظَهَرَ لَكَ مِمَّا قُلْنَا أَنَّ الْبِسَاطِيَّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ اهـ أَرَادَ أَنَّ مَجْمُوعَ الْخِلَافِ لَا يَأْتِي عَلَى اصْطِلَاحِ اللُّغَةِ وَلَا عَلَى اصْطِلَاحِنَا وَهُوَ تَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ) إنَّمَا قَالَ فِي مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَرَدُّدٌ فِي الْحُكْمِ وَهُنَا اخْتِلَافُ طُرُقٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْحَاضِرَةِ) وَيُرَادُ بِالْمَجْلِسِ هُنَا مَجْلِسُ عِلْمِهَا.. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 أَوْ الْعَامِ أَوْ هَذَا الْمَكَانِ أَوْ الْمَجْلِسِ تَعَيَّنَ ذَلِكَ وَلَا يَتَعَدَّاهُ وَبِعِبَارَةٍ تَعَيَّنَ أَيْ يَمْتَدُّ إلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ مَا لَمْ يُوقِفْهَا الْحَاكِمُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهَا وَإِنْ وُقِفَتْ فَيُعَارِضُ قَوْلَهُ وَوُقِفَتْ وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ تَعَيَّنَ أَيْ لَا يَسْقُطُ مَا لَمْ تُوقَفْ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا إذَا أَجَابَتْ الْمَرْأَةُ بِمُعَيَّنٍ أَوْ مُحْتَمَلٍ ذَكَرَ مَا إذَا أَجَابَتْ بِمُتَنَافِيَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ اخْتَارِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَزَوْجِي فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِأَوَّلِ اللَّفْظَيْنِ وَالثَّانِي يُعَدُّ نَدَمًا وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ زَوْجِي وَنَفْسِي لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُهُمَا فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْمُتَقَدِّمِ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ مِنْ الزَّوْجِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ فَلَوْ شَكَّ فِي أَيِّهِمَا الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ وَشَكَّ هَلْ دَخَلَ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَتْ النُّطْقَ بِأَحَدِهِمَا وَشَكَّتْ فِي عَيْنِهِ (ص) وَهُمَا فِي التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِمُنْجِزٍ وَغَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا عَلَّقَهُمَا بِمَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُمَا يُنَجَّزَانِ الْآنَ فَإِنْ عَلَّقَهُمَا بِمَا لَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُمَا لَا يُنَجَّزَانِ الْآنَ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ مُخَيَّرَةٌ أَوْ مُمَلَّكَةٌ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ مَوْتِي أَوْ إنْ قُمْتِ أَوْ إنْ حِضْتِ فَإِنَّهُمَا يُنَجَّزَانِ الْآنَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَ بِمَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ إلَخْ وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُكِ بِيَدِكِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ " وَغَيْرِهِ " مَعْطُوفٌ عَلَى " التَّنْجِيزِ " أَيْ غَيْرِ التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنْجِزٍ فَحَذَفَ تَعْلِيلَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فَكَمَا لَا يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ إذَا عُلِّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ إنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ وَكَمَا يُنْتَظَرُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ كَذَلِكَ يُنْتَظَرُ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ. (ص) وَلَوْ عَلَّقَهُمَا بِمَغِيبِهِ شَهْرًا فَقَدِمَ وَلَمْ تَعْلَمْ وَتَزَوَّجَتْ فَكَالْوَلِيَّيْنِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا أَمْرَ نَفْسِهَا وَقَالَ لَهَا إنْ غِبْتُ عَنْكِ شَهْرًا مَثَلًا فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَغَابَ عَنْهَا ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ تَعْلَمْ زَوْجَتُهُ بِقُدُومِهِ ثُمَّ إنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَتْ غَيْبَتَهُ وَحَلَفَتْ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ إلَيْهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَأَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ فَكَالْوَلِيَّيْنِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِقُدُومٍ أَيْ الْأَوَّلِ وَغَيْرَ عَالِمَةٍ هِيَ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي فَتَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّمَا يَكُونُ عِلْمُهَا بِقُدُومِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الشَّهْرِ مُعْتَبَرًا إذَا حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهَا بِالْعِلْمِ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ وَإِلَّا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ (ص) وَبِحُضُورِهِ وَلَمْ تَعْلَمْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَلَّكَهَا وَعَلَّقَ ذَلِكَ عَلَى حُضُورِ شَخْصٍ غَائِبٍ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ حَضَرَ فُلَانٌ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَحَضَرَ وَلَمْ تَعْلَمْ بِحُضُورِهِ وَوَطِئَهَا زَوْجُهَا فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ لَهَا بَاقٍ بِيَدِهَا وَلَا يَسْقُطُ حَتَّى تُمَكِّنَهُ عَالِمَةً بِقُدُومِهِ فَقَوْلُهُ " وَبِحُضُورِهِ " أَيْ وَلَوْ عَلَّقَهُمَا بِحُضُورِ شَخْصٍ كَزَيْدٍ مَثَلًا وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ لَكَانَ أَوْلَى لِيُطَابِقَ مَا فِيهَا كَمَا قَالَهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا الْمَكَانِ أَوْ الْمَجْلِسِ) وَمِثْلُهُ التَّقْيِيدُ بِالْوَصْفِ كَقَوْلِهِ مَلَّكْتُكِ مَا دُمْتِ طَاهِرَةً أَوْ قَائِمَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُوقِفْهَا الْحَاكِمُ) أَيْ فِي التَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ فَإِذَا انْقَضَى مَا عَيَّنَهُ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصِّيغَةُ لَا تَقْتَضِي امْتِدَادَ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ تَقْتَضِيهِ كَأَمْرُكِ بِيَدِكِ مَتَى شِئْتِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الْمَجْلِسِ وَعِبَارَةُ شب لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي التَّقْيِيدِ بِالزَّمَنِ أَنَّهَا تُوقَفُ وَكَذَا فِي التَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّهَا بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: مَرْجِعِ الضَّمِيرِ) إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا صَرِيحًا أَوْ مَعْنًى أَمَّا الصَّرِيحُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَكِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى " أَوْ اخْتَارِينِي " (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَتْ النُّطْقَ بِأَحَدِهِمَا وَشَكَّتْ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ هَذَا مَعْنَاهُ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: لِتَعْلِيقِهِمَا) وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ وَهِيَ بِمَعْنَى لَامِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِمُنْجِزٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مُوجِبٍ لِلتَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى " التَّنْجِيزِ ") أَيْ أَوْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى " بِمُنْجِزٍ " وَيَكُونُ حَذْفُ " وَغَيْرِهِ " بَعْدَ قَوْلِهِ " التَّنْجِيزِ " وَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَهُمَا فِي التَّنْجِيزِ وَغَيْرِهِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِمُنْجِزٍ وَغَيْرِهِ (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَالطَّلَاقِ مَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَعَلَّلَهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَخْتَارُ الْبَقَاءَ مَعَ الزَّوْجِ وَبِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَخْتَرْنَ الْفِرَاقَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ وَتَشْبِيهُهُمَا بِالطَّلَاقِ يَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: فَقَدِمَ) فِي كَلَامِهِ حَذْفُ الْفَاءِ مَعَ مَا عَطَفَتْ وَالتَّقْدِيرُ فَقَدِمَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَأَتَى بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَتَزَوَّجَتْ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْعِلْمِ بِتَأْخِيرِ التَّزْوِيجِ عَنْ الِاخْتِيَارِ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِثُمَّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَعْلَمْ) وَأَمَّا لَوْ عَلِمَتْ بِقُدُومِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَتَزَوَّجَتْ لَمْ تَفُتْ بِدُخُولِ الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ حَدُّهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَ بِهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَمْ يَعْذُرُوهُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَمْ تَعْلَمْ لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَكَالْوَلِيَّيْنِ وَلِأَجْلِ شُمُولِهِ لِحَالَةِ الْعِلْمِ أَيْضًا وَلِإِفَادَتِهِ أَنَّ عِلْمَ وَلِيِّهَا كَعِلْمِهَا وَلِكَوْنِهِ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي) مُتَعَلِّقٌ بِعَالِمَةٍ وَمُتَعَلِّقُ الْقُدُومِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَغَيْرَ عَالِمَةٍ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِقُدُومِ الْأَوَّلِ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ (ص) وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ أَوْ مَتَى تُوطَأُ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا أَوْ وَكَّلَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَهُوَ لَازِمٌ وَهَلْ اعْتِبَارُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَنْجِيزِ مَا جُعِلَ لَهَا إنْ مَيَّزَتْ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِهَا وَإِطَاقَتِهَا لِلْوَطْءِ؟ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ " وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ " أَعَمُّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ وَالتَّوْكِيلِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " التَّخْيِيرُ " وَهِيَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَنْجِيزُ التَّخْيِيرِ الْمُقَابِلُ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ قَاصِرَةٌ وَبِعِبَارَةٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ وَالتَّمْلِيكَ مُعْتَبَرَانِ مَيَّزَتْ أَمْ لَا وُطِئَتْ أَمْ لَا فَيَضِيعُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ إلَخْ؟ . (ص) وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ التَّفْوِيضُ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا أَوْ قَرِيبًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا يَعْقِلُ أَوْ ذِمِّيًّا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْعِهِ طَلَاقُ النِّسَاءِ وَسَوَاءٌ شَرَكَهَا مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ لِغَيْرِهَا مُجْتَمِعًا مَعَهَا أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْهَا فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا قَضَى بِهِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ، وَالْعِبْرَةَ بِهَا فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ وَلَوْ قَالَ الْأَبُ: أَنَا أَدْرَى بِمَصَالِحِهَا مِنْهَا (ص) وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ قَوْلَانِ (ش) مُلَخَّصُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَذْهَبِ نَقْلٌ يُوَافِقُهُ سَوَاءٌ رَجَّعْنَا الضَّمِيرَ فِي " وَكِيلِهِ " لِلتَّفْوِيضِ أَوْ لِلتَّمْلِيكِ سَوَاءٌ قُلْنَا لَهُ أَوْ لَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَلَامُ ح لَا يُغْتَرُّ بِهِ لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ عَزَاهُمَا لِلَّخْمِيِّ وَأَصْلُهُمَا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْهُ وَقَدْ عَرَفْت مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهَا (ص) وَلَهُ النَّظَرُ (ش) أَيْ وَلِلْغَيْرِ النَّظَرُ فِي أَمْرِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا يَرُدُّ إلَّا إذَا كَانَ فِي الرَّدِّ مَصْلَحَةٌ، وَإِلَّا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ. وَقَوْلُهُ (وَصَارَ كَهِيَ) فَرْعٌ آخَرُ أَيْ وَصَارَ كَهِيَ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَمُنَاكَرَةِ الْمُخَيَّرَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ   [حاشية العدوي] الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ) أَيْ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُتَعَيَّنًا لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُمْ يَبْقَى بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوطَأْ فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حُضُورُ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ) هُوَ فَهْمُ الْخِطَابِ وَرَدُّ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ) أَيْ فِيهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ بَدَلُ قَوْلِهِ " وَهِيَ قَاصِرَةٌ " وَالْأُولَى لعج وَالثَّانِيَةُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاعْتَرَضَ صَاحِبُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مُبْقِيًا الْعِبَارَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ: مُعْتَبَرَانِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي الَّذِي تَقْضِي بِهِ تِلْكَ الْمُخَيَّرَةُ فِي حَالِ صِغَرِهَا فَقِيلَ يُعْتَبَرُ مُجَرَّدُ تَمْيِيزِهَا وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ إطَاقَتِهَا الْوَطْءَ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَنَا مَقَامَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ وُقُوعَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمْيِيزٍ وَلَا عَلَى وَطْءٍ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى ذَلِكَ التَّنْجِيزُ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ التَّفْوِيضُ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ فِي إبَاحَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْجَوَازَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْإِبَاحَةِ كَمَا هُوَ قَاعِدَتُهُ أَوْ أَنَّهُ مَرَّ هُنَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ حَاضِرًا وَهُوَ لِأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَذْهَبِ نَقْلٌ يُوَافِقُهُ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " وَكِيلِهِ " لِلطَّلَاقِ وَالْمُصَنِّفُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ قَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ لَهُ الْعَزْلَ بِاتِّفَاقٍ مَا لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ وَإِنْ تَجَوَّزْنَا بِالْوَكِيلِ عَنْ الْمُمَلَّكِ أَيْ أَنَّهُ إذَا مَلَّكَ رَجُلًا أَمْرَهَا فَهَذَا لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ وَإِنْ صَوَّبْنَا وَقُلْنَا وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ أَيْ الطَّلَاقِ أَيْ عَزْلُ وَكِيلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَيَقْتَضِي جَرَيَانَ قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَثْبُت إلَخْ (أَقُولُ) فَإِذَا عَلِمْت كَلَامَهُ فَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي عَزْلِهِ قَوْلَانِ سَنَذْكُرُهُ لَك وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ رَجَّعْنَا الضَّمِيرَ فِي وَكِيلِهِ لِلتَّفْوِيضِ أَيْ وَكِيلِ التَّفْوِيضِ أَيْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُفَوِّضَ الْأَمْرَ لِلزَّوْجَةِ إمَّا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا وَقَوْلُهُ: وَالتَّمْلِيكِ أَيْ وَكِيلِ التَّمْلِيكِ أَيْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَ زَوْجَتَهُ وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا لَهُ أَيْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لَهَا كَمَا إذَا عَدَلْنَا عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَابْنُ غَازِيٍّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَقُلْ سَوَاءٌ رَجَّعْنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْحَطَّابِ لَا يُغْتَرُّ بِهِ) أُخْبِرُك بِنَصِّ الْحَطَّابِ وَهُوَ وَاخْتُلِفَ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَ زَوْجَتَهُ أَمْرَهَا هَلْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَهُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَهُوَ عَيْنُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاخْتُلِفَ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَ زَوْجَتَهُ أَمْرَهَا هَلْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَهُ فَرَأَى اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا بِخِلَافِ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَرَأَى غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِي عَزْلِهِ كَالطَّلَاقِ اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ عَدَمَ صِحَّةِ قَوْلِهِ عَزَاهُمَا لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْزُ لِلَّخْمِيِّ إلَّا الْأَوَّلَ فَقَطْ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ وَقَوْلُهُ: وَأَصْلُهُمَا أَيْ وَأَصْلُ مَسْأَلَتِهِمَا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ اللَّخْمِيِّ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّوْضِيحِ قَدْ عَرَفْتهَا، وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ اللَّخْمِيِّ غَيْرُهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي ابْنِ غَازِيٍّ إذَا قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتِي هَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ وَكَالَةٌ حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ يُسْتَبْعَدُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَحَلَّ عج كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِحَلٍّ آخَرَ فَقَالَ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ إذَا وَكَّلَ الزَّوْجُ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُفَوِّضَ لَهَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ عَزْلِهِ كَذَا قَالَهُ عج (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ قَالَ عج وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا فَلَهُ الْعَزْلُ بِالْأَوْلَى مِنْهَا إذَا وَكَّلَهَا عَلَى طَلَاقِهَا وَأَمَّا إذَا خَيَّرَهُ فِي عِصْمَتِهَا أَوْ مِلْكِهِ إيَّاهَا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحُلُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ وَقَدْ عَلِمْته وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْعَزْلِ فَشُدَّ يَدَك عَلَى هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (أَقُولُ) قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى إلَخْ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ التَّوْضِيحِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَهَا أَمْرَهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّ إلَّا إذَا كَانَ فِي الرَّدِّ مَصْلَحَةٌ) أَيْ وَلَا يُمْضِي إلَّا إذَا كَانَ فِي الْإِمْضَاءِ مَصْلَحَةٌ وَإِلَّا قَامَ الْحَاكِمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 وَالْمُمَلَّكَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْجَوَازِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ، وَرُجُوعِ مَالِكٍ، وَأَخْذِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ، وَقَوْلُهُ (وَإِنْ حَضَرَ أَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا أَيْ إنَّمَا يَكُونُ التَّفْوِيضُ لِمَنْ هُوَ حَاضِرٌ أَوْ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُهُ (لَا أَكْثَرَ فَلَهَا) قَسِيمُ قَوْلِهِ كَالْيَوْمَيْنِ أَيْ لَا إنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ الْمُفَوَّضِ لَهُ أَمْرُ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ كَالْيَوْمَيْنِ فَيَنْتَقِلُ لَهَا النَّظَرُ فِي أَمْرِهَا إذْ فِي انْتِظَارِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَلَا مُوجِبَ لِنَقْلِهِ عَنْهَا وَلَا إلَى إبْطَالِهِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَلَهُ النَّظَرُ أَيْ فَإِنْ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا سَقَطَ مَا بِيَدِهَا إنْ كَانَ جَعَلَهُ بِيَدِهَا وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِهَا سَقَطَ مَا بِيَدِهِ وَلَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ اهـ قَالَ فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ. (ص) أَوْ يَغِيبَ حَاضِرٌ وَلَمْ يُشْهِدْ بِبَقَائِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " تُمَكِّنَ " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْمَجْعُولِ لَهُ أَمْرُ زَوْجَتِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْجَعْلِ ثُمَّ غَابَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ فِيمَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لَهُ مِنْ أَمْرِ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ مَعَ عَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى بَقَائِهِ بِيَدِهِ دَلِيلٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ (ص) فَإِنْ أَشْهَدَ فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَ فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ طَالَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ قَصُرَتْ أَوْ يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْبَعِيدَةِ وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْتُبُ إلَيْهِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ أَوْ إمْضَاءِ مَا جَعَلَ إلَيْهِ قَوْلَانِ فِي إبْقَائِهِ بِيَدِهِ وَانْتِقَالِهِ لِلزَّوْجَةِ عَلَى مَا مَرَّ وَإِذَا كَتَبَ إلَيْهِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ فَأَسْقَطَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ وَانْظُرْ لَوْ مَاتَ مَنْ فُوِّضَ لَهُ أَمْرُهَا وَلَمْ يُوصِ بِهِ لِأَحَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِهِ لِأَحَدٍ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ. (ص) وَإِنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا مَلَّكَ أَمْرَ امْرَأَتَهُ لِرَجُلَيْنِ وَأَمَرَهُمَا بِطَلَاقِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْتَقِلَّ بِطَلَاقِهَا دُونَ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمَا طَلِّقَا إنْ شِئْتُمَا كَالْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلثَّانِي تَمْلِيكٌ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمَا: طَلِّقَا امْرَأَتِي وَلَمْ يَقُلْ إنْ شِئْتُمَا وَبِعِبَارَةٍ: إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ أَيْ أَنْ تَتَحَقَّقَ رِسَالَتُهُمَا فَهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يُرِيدَ الرِّسَالَةَ فَيَكُونَ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَصْبَغَ تَارِكًا لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ   [حاشية العدوي] مَقَامَهُ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ) أَيْ مَسَافَتِهِمَا ذَهَابًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ مُحَشِّي تت وَهُوَ صَوَابٌ وَقَوْلُ الْبَاجِيِّ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مَكَّنَتْهُ وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَاسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِهَا إنْ مَلَّكَ أَمْرَهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ خَلَّى هَذَا الْأَجْنَبِيُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَأَمْكَنَهُ مِنْهَا زَالَ مَا بِيَدِهِ مِنْ أَمْرِهَا اهـ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ نَظَرَ لِهَذَا وَلَمْ يَنْظُرْ لِقَوْلِهَا قَبْلَهُ فَإِنْ قَامَا مِنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْأَجْنَبِيُّ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَهُمَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ مَا لَمْ يُوقَفَا أَوْ تُوطَأْ الزَّوْجَةُ اهـ وَقَدْ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فَلَوْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَةُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَجْنَبِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْقُطُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ مَا يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَغِيبَ حَاضِرٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِغَيْبَتِهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ بِحُضُورِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشْهَدَ فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ) أَيْ وَضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ عِنْدَ قِيَامِهَا بِحَقِّهَا إنْ رَجَا قُدُومَهُ وَاسْتِعْلَامَ مَا عِنْدَهُ وَطَلُقَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا إذْ هُوَ بِيَدِ غَائِبٍ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَهَلْ كَذَلِكَ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ أَوْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلِ إيلَاءٍ لَكِنْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِاجْتِهَادِ عَلَى نَحْوِ مَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْتُبُ إلَيْهِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ (قَوْلُهُ: يَكْتُبُ إلَيْهِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ) هَذَا التَّقْرِيرُ يُفِيدُهُ بَهْرَامُ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ شَاسٍ عَلَى مَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَرِيبَةِ إلَّا الْبَقَاءُ بِيَدِهِ مَعَ الْكِتَابَةِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) لَا يَخْفَى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ حَمْلَ الرِّسَالَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ حَمْلٌ لَهَا عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهَا فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا جَعْلُ الزَّوْجِ إعْلَامَ الزَّوْجَةِ بِثُبُوتِ طَلَاقِهَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ كَفَى أَحَدُهُمَا أَيْ فِي إعْلَامِهَا لَا فِي حُصُولِ الطَّلَاقِ إذْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ " أَعْلِمَاهَا بِأَنِّي قَدْ طَلَّقْتُهَا " اهـ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي فِيهِ خِلَافُ الشَّيْخَيْنِ قَوْلُهُ: لَهُمَا طَلِّقَا امْرَأَتِي وَلَمْ يَقُلْ إنْ شِئْتُمَا كَمَا هُوَ مُفَادُ الشَّيْخِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنْ تَتَحَقَّقَ رِسَالَتُهُمَا) أَيْ بِالْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُرِيدَ الرِّسَالَةَ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرَاهَا بِهِ أَيْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الرِّسَالَةِ حَتَّى يُبَلِّغَاهَا خِلَافُ مَا فِي عب (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إلَخْ) إنْ قُلْتَ يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى خِلَافِهِ قُلْتُ إنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ هُوَ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الرِّسَالَةِ حَتَّى يُبَلِّغَاهَا وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ حَتَّى يُرِيدَ الرِّسَالَةَ فَإِنْ أَرَادَ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرَاهَا بِهِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَحُمِلَ طَلِّقَا امْرَأَتِي عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَلَا يَقَعُ حَتَّى يُبَلِّغَهَا الرَّسُولُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَبْلِغَاهَا أَنِّي طَلَّقْتُهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يُبَلِّغَاهَا اهـ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ: طَلِّقَا امْرَأَتِي فَأَيُّهُمَا طَلَّقَ جَازَ لِأَنَّهُمَا رَسُولَانِ وَإِنْ طَلَّقَا بِالْبَتَّةِ وَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً صُدِّقَ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ لَهُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ قَالَ مُحَشِّي تت مَا نَصُّهُ سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ: طَلِّقَا امْرَأَتِي فَأَيُّهُمَا طَلَّقَ جَازَ طَلَاقُهُ وَإِنْ طَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ مَلَّكَ رَسُولَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَا وَكِيلَيْنِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَسَّمَهُ إلَى وَاقِعٍ مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ ذَكَرَ مَا قَدْ يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَهِيَ الرَّجْعَةُ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَفْعُ الزَّوْجِ أَوْ الْحَاكِمِ حُرْمَةَ الْمُتْعَةِ بِالزَّوْجَةِ لِطَلَاقِهَا. فَتَخْرُجُ الْمُرَاجَعَةُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " أَوْ الْحَاكِمِ " لِإِدْخَالِ مَا إذَا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ الرَّجْعَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَرْتَجِعُ لَهُ جَبْرًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُهُ " حُرْمَةَ الْمُتْعَةِ " هَذَا هُوَ الْمَرْفُوعُ وَقَوْلُهُ لِطَلَاقِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحُرْمَةِ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ رَفْعِ الزَّوْجِ الْحُرْمَةَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ كَمَا إذَا رَفَعَ حُرْمَةَ الظِّهَارِ بِالْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الْمُرَاجَعَةُ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ، وَالرَّجْعَةُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَخَرَجَتْ بِقَوْلِهِ " رَفْعُ الزَّوْجِ " وَلَمَّا كَانَ الْبَحْثُ فِي الرَّجْعَةِ يَتَعَلَّقُ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ؛ الْمُرْتَجِعِ وَالْمُرْتَجَعَةِ وَسَبَبِ الرَّجْعَةِ وَأَحْكَامِ الْمُرْتَجَعَةِ قَبْلَ الِارْتِجَاعِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (فَصْلٌ) يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّ كَلَامَهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ ارْتِجَاعُ مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَكِرَ بِحَلَالٍ وَلَا يَخْرُجُ الصَّبِيُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ طَلَاقَهُ إمَّا بَائِنٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ يُطَلِّقَ هُوَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ حُكْمُ النِّكَاحِ مِنْ جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَلَمَّا أَخْرَجَ الْمَرِيضَ وَالْمُحْرِمَ وَالْعَبْدَ بِقَوْلِهِ مَنْ يَنْكِحُ نَصَّ عَلَى دُخُولِهِمْ بِقَوْلِهِ. (ص) وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ كَانَ نِكَاحُهُ مَمْنُوعًا وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مُحْرِمَةً أَيْضًا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ مُنِعَ النِّكَاحَ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ لِأَنَّ فِي نِكَاحِهِ إدْخَالَ وَارِثٍ، وَالرَّجْعِيَّةُ تَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ فِي رَجْعَتِهَا إدْخَالُ وَارِثٍ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّفِيهِ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُفْلِسِ أَنْ يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ وَتَصِحُّ   [حاشية العدوي] وَاحِدَةً جَازَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ طَلِّقَا امْرَأَتِي فَهَذَا لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ فَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ حَمَلَ الرِّسَالَةَ عَلَى الْإِجْمَاعِ فَرَأَى الطَّلَاقَ وَاقِعًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الرِّسَالَةِ بَلَّغَاهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَهُمَا: أَعْلِمَا امْرَأَتِي بِطَلَاقِهَا وَحَمَلَ هَاهُنَا الرِّسَالَةَ عَلَى غَيْرِ الْإِجْمَاعِ فَرَأَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَبْلِيغِ مَنْ بَلَّغَهَا الطَّلَاقَ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ جَازَ وَمَا لَمْ يُطَلِّقْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمُمَلَّكِ الطَّلَاقَ وَقِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يُرِيدَ الرِّسَالَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَإِيَّاهُ اخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ اهـ وَمَعْنَى الْإِجْمَاعِ الْعَزْمُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اقْتِصَارَ س عَلَى هَذَا السَّمَاعِ فِي قَوْلِهِ إذَا حُمِلَ عَلَى الرِّسَالَةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُبَلِّغَاهَا وَتَبِعَهُ الْحَطَّابُ، وَقَوْلُ الشَّامِلِ وَحُمِلَ " طَلِّقَا امْرَأَتِي " عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَلَا يَقَعُ حَتَّى يُبَلِّغَ الرَّسُولُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ يُشِيرُ إلَى تَرْجِيحِهِ. [فَصَلِّ فِي الرَّجْعَةُ] (فَصْلٌ: الرَّجْعَةُ) (قَوْلُهُ: عَلَى الطَّلَاقِ) أَيْ مَسَائِلِهِ وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ كَقَوْلِهِ وَسُفِّهَ قَائِلُ: يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي، وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ) وَهُوَ الْمُمَلَّكَةُ وَالْمُخَيَّرَةُ وَالْمُوَكَّلَةُ (قَوْلُهُ: الرَّجْعَةُ) فَتْحُ رَائِهَا أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَأَنْكَرَ غَيْرُهُ الْكَسْرَ وَكَسْرُهَا أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ (قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ الْمُرَاجَعَةُ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَائِنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُوَثِّقِينَ يَسْتَعْمِلُونَ " رَاجَعَ " فِي الْبَائِنِ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ مَعًا فَهِيَ مُفَاعَلَةٌ وَيَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ " ارْتَجَعَ " فِي غَيْرِ الْبَائِنِ لِأَنَّهَا بِيَدِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا فَإِنَّهُ وَارِدٌ بِحَسَبِ اللُّغَةِ وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْحُرْمَةِ) أَيْ مُرْتَبِطٌ ارْتِبَاطًا مَعْنَوِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ الْحُرْمَةِ الْكَائِنَةِ لِأَجْلِ طَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: أَوْجُهٍ) الْأَوْلَى بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ (قَوْلُهُ: أَيْ يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ) أَيْ إنَّ الْمُصَنِّفَ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ الْمَرِيضُ وَالْمُحْرِمُ وَالْعَبْدُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَمَّا أَخْرَجَ الْمَرِيضَ إلَخْ وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ لِأَنَّ شَرْطَ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ دُخُولُهُ فِيمَا قَبْلَهَا فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَوْلَا الْمَانِعُ أَعْنِي الْمَرَضَ وَالْإِحْرَامَ وَالْحَجَّ قُلْتُ يُقَالُ: إنَّ الْمَجْنُونَ كَذَلِكَ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لَوْلَا الْمَانِعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَانِعُ الْجُنُونِ أَشَدُّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَخْرَجَ أَيْ يُتَوَهَّمُ إخْرَاجُهُ لَا أَنَّهُ خَارِجٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ ارْتِجَاعُ مَجْنُونٍ) أَيْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ مَنْ يَنْكِحُ مَنْ شَأْنُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ شَأْنَ كُلٍّ مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ وَالْعَبْدِ جَوَازُ النِّكَاحِ لَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَنْ يَنْكِحُ مَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لَمْ تَصِحَّ الْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا صَادِقًا عَلَيْهَا وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَنْ يَلْزَمُ نِكَاحُهُ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ " وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ " أَيْضًا وَنَحْوُهُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ غَيْرِهِ إلَّا الصَّبِيَّ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَرِيضِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 الرَّجْعَةُ إذَا وَضَعَتْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ قَبْلَ خُرُوجِ بَعْضِهِ الْآخَرِ وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ. (ص) طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ (ش) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُرْتَجَعَةُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " طَالِقًا " مِنْ الزَّوَاجِ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَالُ فِيهِ رَجْعَةٌ وَبِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ مِنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِخُلْعٍ أَوْ بِطَلَاقٍ بَلَغَ الْغَايَةَ وَقَوْلُهُ " طَالِقًا " مَفْعُولُ " يَرْتَجِعُ " وَ (فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْتَجِعُ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ حَلَّ وَطْؤُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَقَوْلُهُ " صَحِيحٍ " صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْفَاسِدِ يُرِيدُ الَّذِي لَا يُقَرُّ بِالدُّخُولِ وَسَوَاءٌ فَسَخَ أَوْ طَلَّقَ فِيهِ بَعْدَ الدُّخُولِ كَخَامِسَةٍ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ (ص) حَلَّ وَطْؤُهُ (ش) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ مِنْ وَطْءٍ وَأَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَا يُقَالُ الْعِدَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْوَطْءَ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَلَّ وَطْؤُهُ مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَ وَطْءٍ فَاسِدٍ كَفِي صَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ كَمَا لَا يَقَعُ بِهِ إحْلَالٌ وَلَا إحْصَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. وَأَشَارَ إلَى الْبَحْثِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَبَبُ الرَّجْعَةِ بِقَوْلِهِ: (ص) بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " يَرْتَجِعُ " وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ مَعَ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْقَوْلِ الْمُحْتَمِلِ نَحْوُ أَمْسَكْتُهَا وَرَجَعْتُهَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْتُ عَنْ مَحَبَّتِهَا وَأَمْسَكْتُهَا تَعْذِيبًا لَهَا فَقَوْلُهُ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ أَيْ بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ كَمَا مَثَّلَ لَهُ وَأَمَّا الْقَوْلُ الصَّرِيحُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَارْتَجَعْتُ وَرَاجَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا لِنِكَاحِي ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ عَدَمُ افْتِقَارِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةٍ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي النَّفْسِ فَإِذَا نَوَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ رَاجَعَهَا وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ فِي ضَمِيرِهِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَعِزُّ وُجُودُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ طَالِقًا إلَخْ) لَيْسَ قَصْدُهُ الِاحْتِرَازَ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُ الْفِيشِيِّ قَوْلُهُ: طَالِقًا لَا مُحْتَرَزَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ إلَّا طَالِقًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ: طَالِقٌ أَيْ طَلْقَةً وَالْمُعْتَبَرُ تَحَقُّقُ الطَّلَاقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي اعْتِقَادِ الْمُرْتَجِعِ فَمَنْ ارْتَجَعَ زَوْجَتَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا فَإِنَّ رَجْعَتَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا وَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ رَجْعَةٍ غَيْرِ الرَّجْعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَلَيْسَتْ مُسْتَنِدَةً لِلطَّلَاقِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ هَكَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ) أَيْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ " طَالِقًا " مَفْعُولُ " يَرْتَجِعُ ") أَيْ يَرْتَجِعُ امْرَأَةً مُطَلَّقَةً (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حِلُّ وَطْئِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ السَّفِيهَ إذَا تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَطَلَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا امْرَأَتَهُ وَرَاجَعَهَا فَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ وَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا نَعَمْ هِيَ مُتَوَقِّفَةٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: لَا يُغْنِي عَنْهُ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ مَنْ طَلُقَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا يُقَالُ فِيهَا: إنَّهَا مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا بَائِنًا بَلْ غَيْرَ بَائِنٍ فَلِذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَقَوْلُهُ: صَحِيحٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَامِسَةَ إذَا طَلُقَتْ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْخَامِسَةِ أَنَّهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَتْ فِي خُلْعٍ أَيْ صُورَتُهُ صُورَةُ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَهُوَ فَسْخٌ بِدُونِ طَلَاقٍ فَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ طَلَاقٌ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا تَعْتَدُّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ) يُغْنِي عَنْ هَذِهِ قَوْلُهُ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: كَفِي صَوْمٍ وَنَحْوِهِ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ كَأَنْ كَانَ فِي إحْرَامٍ أَوْ حَيْضٍ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَقَعُ بِهِ إحْلَالٌ وَلَا إحْصَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ يُحِلُّ وَيُحْصِنُ اللَّخْمِيُّ فَعَلَى هَذَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، وَفِي الْفِيشِيِّ اُنْظُرْ هَلْ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْحَرَامِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ لَا رَجْعَةَ فِيهِ فَفِيهِ النَّفَقَةُ وَالْإِرْثُ. (قَوْلُهُ: مَعَ نِيَّةٍ) أَيْ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةٍ أَيْ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا لِأَنَّهُمَا صِيغَتَانِ غَيْرُ صَرِيحَتَيْنِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ لِأَنَّ الصَّرِيحَ ارْتَجَعْتُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَعْت لَيْسَ صَرِيحًا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْتُ لِمَحَبَّتِهَا أَوْ مَوَدَّتِهَا لَا لِعِصْمَتِهَا وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ (قَوْلُهُ: كَارْتَجَعْتُ إلَخْ) هَذِهِ ثَلَاثُ صِيَغٍ (قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ عَدَمُ افْتِقَارِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةٍ) قَالَ بَهْرَامُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَافٍ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ) قَالَ عج وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) الْعِبَارَةُ فِيهَا تَغْيِيرٌ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ مُصَرِّحَةٌ بِالْمَقْصُودِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ تَخْرِيجُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِصُعُوبَةِ وُجُودِهِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 الْمَذْهَبِ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجُ ابْنِ الْمَوَّازِ نِيَّةَ الرَّجْعَةِ بِالْقَلْبِ لَا تَنْفَعُ إلَّا مَعَ فِعْلٍ مِثْلُ جَسَّةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرِ فَرْجٍ وَمَا قَارَبَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَنْفَعْهُ النِّيَّةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى ثُمَّ أَصَابَ فَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الرَّجْعَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فِيمَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ فِيهَا بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا رُفِعَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ. (ص) أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا فِيهِ لِأَنَّ هَزْلَهُ جِدٌّ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ النِّيَّةِ فَيُؤْخَذُ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِقَوْلٍ أَيْ صَرِيحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ كَارْتَجَعْتُهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ هَزْلًا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَا قَبْلَهَا مَعَ قَوْلِهِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ. (ص) لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْت الْحِلَّ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْعَارِيَ عَنْ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْمُحْتَمِلَ الْعَارِي عَنْ النِّيَّةِ وَعَنْ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ كَقَوْلِهِ أَعَدْتُ الْحِلَّ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلرَّجْعَةِ وَلِغَيْرِهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى عَمَلِ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ شَرَعَ فِي فِعْلِ الْجَوَارِحِ فَقَالَ. (ص) وَلَا يَفْعَلُ دُونَهَا كَوَطْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ مُجَرَّدٍ عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَلَوْ بِأَقْوَى الْأَفْعَالِ كَوَطْءٍ وَأَحْرَى قُبْلَةٌ وَلَمْسٌ، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا مِنْ الْفِعْلِ فَإِذَا نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ كَفَى قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ الْوَطْءِ، وَلَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْوَطْءِ بَلْ بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ رَجْعَةً حَتَّى يَنْوِيَهَا بِهِ وَكَانَ وَطْءُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ابْنِ الْمَوَّازِ إلَخْ) أَقُولُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُخَرَّجَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لُزُومُ الطَّلَاقِ بِهِ أَجَابَ الْبَدْرُ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْأَصَحُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْصُوصٌ أَيْ فَيَكُونُ قَوِيًّا فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ وَعَادَةُ الْمُصَنِّفِ إذَا قَدَّمَ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ يَكُونُ الْأَوَّلُ أَقْوَى عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُهُ وَتَضْعِيفُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرِ فَرْجٍ) وَالظَّاهِرُ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهَا) عِبَارَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ نَوَى الرَّجْعَةَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ إلَّا مَعَ فِعْلٍ مِثْلُ جَسَّةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ ضَمَّةٍ أَوْ نَظَرٍ إلَى فَرْجِهَا وَمَا قَارَبَهَا فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِشَارِحِنَا أَنْ يَزِيدَ " أَوْ ضَمَّةٍ " لِأَجْلِ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَارَبَهَا لِلْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى) أَيْ قَصَدَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِيَسِيرٍ أَيْ الْقَصْدُ: وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ أَوَّلًا فِي النِّيَّةِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَلَمْ يَأْتِ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ) أَيْ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " أَوْ نِيَّةٍ " عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا) أَيْ لِمَا قُلْنَا أَنَّهَا رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ وَحُكْمِ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ فِيهَا بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا هِيَ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ بَلْ نَقُولُ يَحِلُّ إرْثُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ تُقِمْ بَيِّنَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) أَيْ إنْ أَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً كَمَا ذَكَرُوا نَظِيرَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ فَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ظَاهِرٌ أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرْفَعْ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ مَعَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَذَلِكَ إرْثٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزْلًا) الْمُرَادُ بِالْهَزْلِ الْعَارِي عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فِي الظَّاهِرِ) رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَا الْبَاطِنِ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْهَزْلِ رَجْعَةً فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ لُزُومُ الْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَيَحِلُّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا مَعَ الْهَزْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَقَدْ قِيلَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ مُلَخَّصُ مَا فِي عب (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ الْقَوْلُ الْمُحْتَمِلُ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقَوْلٍ هَزْلًا غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ وَأَمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِنِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَهَلْ تَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ النِّيَّةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ أَوْ لَا وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ وَالرَّجْعَةَ تُحَلِّلُ. (قَوْلُهُ: الْعَارِيَ عَنْ النِّيَّةِ) وَصْفٌ مُخَصِّصٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ " وَعَنْ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ " وَصْفٌ كَاشِفٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلرَّجْعَةِ وَلِغَيْرِهَا) إذْ " أَعَدْتُ الْحِلَّ " يَحْتَمِلُ لِي وَلِلنَّاسِ وَقَوْلُهُ " وَرَفَعْتُ التَّحْرِيمَ " عَنِّي أَوْ عَنْ النَّاسِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ رَجْعَةٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ أَعَدْتُ حِلَّهَا أَوْ رَفَعْتُ تَحْرِيمَهَا فَرَجْعَةٌ لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَعَدْتُ حِلَّهَا لِلنَّاسِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَرَفَعْتُ تَحْرِيمَهَا عَنْ النَّاسِ لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ دَلَالَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: كَوَطْءٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَحِبَهُ قَوْلٌ بِلَا نِيَّةٍ مُحْتَمِلٌ أَوْ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَبْرِئُهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَطْءَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: بَلْ بِغَيْرِهِ) لَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَجْعَةٌ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ فُسِخَ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ هَذِهِ كَالْعِدَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 الْمَبِيعَةِ بِخِيَارٍ اخْتِيَارًا وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ جَعَلَ لَهُ الْبَائِعُ الْخِيَارَ وَأَبَاحَ لَهُ الْوَطْءَ بِهِ فَفَعَلَ مُبَاحًا وَتَمَّ بِهِ مِلْكُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّيَّةِ - فَقَطْ - تَكُونُ رَجْعَةً بِخِلَافِ الْفِعْلِ أَنَّ النِّيَّةَ مَوْضُوعَةٌ لِلرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ (ص) وَلَا صَدَاقَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَطْئًا عَارِيًّا عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَقُلْنَا لَا تَحْصُلُ لَهُ بِهِ الرَّجْعَةُ فَإِنَّهُ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ لَهَا بِذَلِكَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَإِنْ اسْتَمَرَّ وَانْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَاسْتَمَرَّ عَلَى وَطْئِهَا وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ إلَى أَنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ حَنِثَ فِيهَا بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ فَهُوَ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا يَلْحَقُهَا إذْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَانْظُرْ التَّلَذُّذَ بِهَا مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ إذَا حَصَلَ بِلَا نِيَّةٍ وَطَلَّقَ هَلْ يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ كَمَا إذَا وَطِئَ بِلَا نِيَّةٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَنْ وَافَقَهُ ثُمَّ إنَّ الْخِلَافَ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَأَمَّا إنْ أَسَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ بِاتِّفَاقٍ. (ص) وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ فَلَا رَجْعَةَ وَلَوْ تَصَادَقَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ وَأَوْلَى إذَا تَصَادَقَا بَعْدَهُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَدَاءِ الرَّجْعَةِ إلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيَّ وَلَا صَدَاقَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ فَتَصِحَّ حِينَئِذٍ رَجْعَتُهُ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَنْفِي التُّهْمَةَ وَبِعِبَارَةٍ لَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُ الدُّخُولِ أَوْ ظُنَّ أَوْ شُكَّ أَوْ تُوُهِّمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِلْمَ عَدَمِ الدُّخُولِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَلَا إنْ عُلِمَ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَتَعَقُّبُ الْبِسَاطِيِّ لِكَلَامِ الشَّارِحِ فَاسِدٌ إذْ لَا يَتَرَدَّدُ عَاقِلٌ فِي أَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ غَيْرُ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ (ص) وَأَخَذَا بِإِقْرَارِهِمَا (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَيَعْمَلُ بِهِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَكَامِلُ الصَّدَاقِ وَلَا يَتَزَوَّجُ بِأُخْتِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا بِخَامِسَةٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ الْعِدَّةُ وَعَدَمُ تَزْوِيجِ الْغَيْرِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ (ص) كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ عَلَى الْأَصْوَبِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمَيْنِ وَهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَالْأَخْذُ بِإِقْرَارِهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ   [حاشية العدوي] إذْ مَنْ عَقَدَ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ لَا يُفْسَخُ عَقْدُهُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَيَكُونُ رَجْعَةً. (قَوْلُهُ: وَتَمَّ بِهِ مِلْكُهُ) الظَّاهِرُ فَتَمَّ بِهِ مِلْكُهُ فَرُوحُ الْفَرْقِ قَوْلُهُ: فَعَلَ بِهِ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: أَنَّ النِّيَّةَ مَوْضُوعَةٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً لَمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَدْلُولَهَا ذَلِكَ لُغَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لُغَةً لَا شَرْعًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَقِيلَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا انْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ فِيهَا بِالثَّلَاثِ) بِأَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا وَدَخَلَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَهَا أَيْ بِدُونِ تَعْلِيقٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ وَيَكْفِي عِلْمُهَا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَتِهَا وَعَلَى شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِالْخَلْوَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ تَقَارُرِهِمَا عَلَى الْوَطْءِ وَلَكِنْ يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ إقْرَارَ الزَّوْجِ فَقَطْ بِالْوَطْءِ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ فَلَا رَجْعَةَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ فَلَا وَطْءَ فَلَا رَجْعَةَ (قَوْلُهُ: وَتَعَقُّبُ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ تت وَإِدْخَالُ الشَّارِحِ عِلْمَ عَدَمِ الدُّخُولِ تَحْتَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ تَعَقَّبَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ غَيْرُ عِلْمِ عَدَمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى كَلَامُ تت وَحَاصِلُ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَجْزِمُ بِأَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ غَيْرُ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ. فَبَهْرَامُ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُفِيدًا أَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ هُوَ الْعِلْمُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ بَلْ كَلَامُهُ مُفِيدٌ أَنَّ عِلْمَ الدُّخُولِ دَاخِلٌ تَحْتَ عَدَمِ عِلْمِ الدُّخُولِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فَاسِدٌ وَقَوْلُ تت وَهُوَ ظَاهِرٌ فَاسِدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ سَوَاءٌ كَانَ تَصَادُقُهُمَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِمَا إلَّا فِي الْعِدَّةِ فَقَطْ وَهُوَ تَابِعٌ لِلتَّتَّائِيِّ وَالزَّرْقَانِيِّ وَبَعْضِ الشَّارِحِينَ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالشَّيْخُ خَضِرٌ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا فَحُرْمَةُ تَزْوِيجِهَا بِالْغَيْرِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِالْعِدَّةِ بَلْ قَدْ يَكُونُ فِيهَا وَبَعْدَهَا أَيْ مَعَ ادِّعَاءِ الرَّجْعَةِ وَاعْتَمَدَ مُحَشِّي تت كَلَامَ تت وَبَعْضِ الشَّارِحِينَ وَجَعَلَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ خَضِرٌ وَمَنْ وَافَقَهُ غَيْرَ مُسَاعِدٍ لَهُ النَّقْلُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ) قَالَ مُحَشِّي تت فَمَنْ رَجَعَ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تت وَصَرَّحَ بِهِ س وَزَعَمَ ج أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَائِلًا إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى مَنْعِ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ قَوْلِهِ رَجَعْتُهَا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ يُجْبِرُهَا لَهُ إذَا أَعْطَاهَا رُبُعَ دِينَارٍ قَبُولُ رُجُوعِهَا عَنْ تَصْدِيقِهِ وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ قَبُولَ رُجُوعِهِمَا عَنْ قَوْلِهِمَا كَمَنْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَكَذَّبَهَا ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ مُرَاجَعَتَهُ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا أَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَاخْتَارَهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا فَتَأَمَّلْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَيْ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ قَدْ عُلِمَتْ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ وَهِيَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى الدَّوَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ وَكَذَا هِيَ إنْ صَدَّقَتْهُ وَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ أَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ بِأَنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ بَعْدَهَا أَيْ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَاهُ لَا بِالْهَاءِ مِنْ لَهَا وَقَوْلُهُ إنْ تَمَادَيَا يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا التَّصْدِيقُ عَلَى الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ دُخُولٍ وَدَعْوَى الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمَّا لَوْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَ نَفْسَهُ سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ مِنْهُمَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَانْظُرْ بَسْطَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ (ش) أَيْ وَلِلْمُصَدِّقَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي الْأُولَى وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَبَدًا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَا عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا شِبْهُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ إذْ التَّمَادِي عَلَى التَّصْدِيقِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَصْدِيقِهَا وَإِنَّمَا ارْتَكَبَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَا تَطْلُقُ) عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ قَامَتْ (لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا وَلَا هِيَ زَوْجَةٌ فِي الْحُكْمِ وَلِأَنَّ بِيَدِهَا أَنْ تَرْجِعَ فَيَسْقُطَ عَنْهَا مَا كَانَ لَازِمًا لَهَا بِإِقْرَارِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا تَطْلُقُ إلَخْ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الْأُولَى أَيْضًا لَكِنْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (ص) وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ (ش) أَيْ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُصَدِّقَةَ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ عَلَيْهَا بِرُبُعِ دِينَارٍ بِأَنْ يَحْضُرَ وَلِيُّهَا وَيَدْفَعَ لَهَا ذَلِكَ وَتُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ وَيُعِيدُهَا لَهُ وَلِيُّهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ شُرُوطِهِ وَذَلِكَ يَزُولُ بِوُجُودِ الْعَقْدِ الْجَدِيدِ فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَعْقِدُ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَبَتْ هِيَ (ص) وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ فِي زِيَارَةٍ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَذَّبَتْهُ فَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ لِإِقْرَارِهِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْخَلْوَةِ وَإِنْ خَلَا بِهَا خَلْوَةَ الْبِنَاءِ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ فَقَوْلُهُ وَلَا إنْ أَقَرَّ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ أَيْ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ رَجْعَةٌ عَلَيْهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ قَدْ عُلِمَتْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا تَكْفِي الْخَلْوَةُ فِي الْمُرَاجَعَةِ وَإِنْ كَفَتْ فِي الْعِدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ قَرِيبًا عَلَى خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ) يَقْتَضِي وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَلَوْ لَمْ تُصَدِّقْهُ وَيَرُدُّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَاهُ) أَيْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: لَا بِالْهَاءِ مِنْ لَهَا) أَيْ إذْ لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْهَاءِ مِنْ لَهَا لَكَانَ الْمَعْنَى لِلرَّجْعَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى إذَا رَجَعَتْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا) أَيْ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهَا أَيْ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: شِبْهُ تَكْرَارٍ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ شِبْهُ وَلَمْ يَقُلْ تَكْرَارٌ لِأَنَّهُ قَالَ إذْ التَّمَادِي عَلَى التَّصْدِيقِ مُسْتَلْزِمٌ وَلَمْ يَقُلْ هُوَ تَصْدِيقُهَا أَيْ وَلَمَّا كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَيْنَهُ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ: وَلَا هِيَ زَوْجَةٌ فِي الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأُولَى أَيْضًا لَكِنْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ الْحَلَّ الْمُتَقَدِّمَ لَهُ الَّذِي مَشَى فِيهِ عَلَى كَلَامِ تت مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِمَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَا مُؤَاخَذَةَ بِالْإِقْرَارِ وَتَتَزَوَّجُ بِالْغَيْرِ وَتِلْكَ الرَّجْعَةُ كَالْعَدَمِ فَهَذَا الْكَلَامُ يُنَاسِبُ كَلَامَ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالشَّيْخِ خَضِرٍ وَقَدْ عَلِمْتَ رَدَّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا ذَهَبَ أَوَّلًا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ تَمَادَيَا إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا ثُمَّ إنَّهَا رَجَعَتْ فَلَا يَلْزَمُهَا إتْمَامُهَا وَأَمَّا عج فَرَجَّعَهُ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ قَائِلًا. وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَمْ لَا إنْ اسْتَمَرَّتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَمَادَيَا وَإِلَّا عُمِلَ بِرُجُوعِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَسْأَلَةِ دَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا وَلَا يَلْزَمَانِ بِشَيْءٍ فَقَوْلُهُ إنْ تَمَادَيَا شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ أَخْذًا بِإِقْرَارِهِمَا تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَمْ لَا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ رَجَعَتْ، وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ فِيهَا وَلَوْ رَجَعَتْ أَيْضًا وَإِلَى كَلَامِ عج هَذَا مَالَ شَارِحُنَا آخِرًا حَيْثُ يَقُولُ وَفِي الْأُولَى أَيْضًا إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا حَيْثُ يَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ تَمَادَيَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَوْلِ شَارِحِنَا آخِرًا حَيْثُ يَقُولُ وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ عج (قَوْلُهُ: وَلَهُ جَبْرُهَا إلَخْ) هَذَا حَيْثُ لَمْ تَرْجِعْ قَبْلَ جَبْرِهِ حَيْثُ كَانَ يُعْمَلُ بِرُجُوعِهَا وَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ أَبَدًا وَفِي الْأُولَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَيُجْبِرُهَا وَلَوْ رَجَعَتْ لِأَنَّ رُجُوعَهَا لَا يُعْمَلُ بِهِ هَذَا عَلَى كَلَامِ عج الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا آخِرًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَعْقِدُ لَهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَهُ جَبْرُ سَيِّدِهَا حَيْثُ اعْتَرَفَ السَّيِّدُ بِارْتِجَاعِ الزَّوْجِ فَإِنْ أَبَى عَقَدَ السُّلْطَانُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبِنَاءِ) الْمَذْهَبُ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا عَلَى الْوَطْءِ وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إقْرَارِهِمَا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّ الْمَشْهُورَ: يُكْتَفَى بِإِقْرَارِهِ فَقَطْ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَظَهَرَ تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَقَطْ وَكَذَّبَتْهُ هِيَ فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ سَوَاءٌ زَارَتْهُ أَوْ زَارَهَا وَبِعِبَارَةٍ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الزَّائِرَ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةَ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ الْوَطْءَ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ. وَلَمَّا كَانَتْ الرَّجْعَةُ حَقًّا لِلزَّوْجِ وَفِيهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ أَشَارَ إلَى اجْتِمَاعِ الشَّيْئَيْنِ فِيهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي إبْطَالِهَا إنْ لَمْ تُنَجَّزْ كَغَدٍ أَوْ الْآنَ فَقَطْ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الرَّجْعَةِ إذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً غَيْرَ مُنَجَّزَةٍ كَقَوْلِهِ إذَا كَانَ فِي غَدٍ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ هَلْ تَبْطُلُ حَالًا وَمَآلًا وَلَا تَصِحُّ رَأْسًا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ مُؤَجَّلًا وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ أَوْ تَبْطُلُ الْآنَ فَقَطْ وَتَكُونُ صَحِيحَةً غَدًا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَهُ تَعْلِيقُهَا وَعَلَيْهِ فَلَا يَطَؤُهَا وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ مَجِيءِ غَدٍ أَيْ إنَّهَا قَبْلَ مَجِيئِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تُرَاجَعْ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَجِيءِ غَدٍ لِوَضْعٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ تَمَّ زَمَانُهَا إنْ كَانَتْ بِالْأَشْهُرِ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا بِمَجِيءِ غَدٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَطِئَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ كَانَ وَطْؤُهُ رَجْعَةً أَيْ لِأَنَّهُ فِعْلٌ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ (ص) وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ: إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا (ش) هُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ سَحْنُونَ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ وَخَافَ أَنْ تُحَنِّثَهُ فَقَالَ بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا فَقَالَ: لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ وَلَا تَتِمُّ لَهُ رَجْعَةٌ وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ خَافَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَعَلَّقَ الرَّجْعَةَ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ نَظَرٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبُطْلَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ بِعَبْدٍ إذَا أَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهَا إنْ تَمَّ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ فَقَدْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ أَوْ اخْتَارَتْهُ فَلَا يَلْزَمُهَا أَخْذٌ وَلَا إسْقَاطٌ وَلَهَا إذَا أُعْتِقَتْ أَنْ تَخْتَارَ خِلَافَ مَا أَشْهَدَتْ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ لَهَا وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ لِأَجَلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَخِلَافُ عَمَلِ الْمَاضِينَ (ص) بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تُخَالِفُ الْأَمَةَ فِي الشَّرْطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً إذَا شَرَطَ لَهَا زَوْجُهَا أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا مَثَلًا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ: فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّنِي إنْ فَعَلَ زَوْجِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ فَارَقْتُهُ أَوْ اخْتَرْتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْأَخْذُ أَوْ الْإِسْقَاطُ وَالْفَرْقُ أَنَّ خِيَارَ الْأَمَةِ إنَّمَا يَجِبُ بِعِتْقِهَا فَاخْتِيَارُهَا سَاقِطٌ كَالشُّفْعَةِ فِي إسْقَاطِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَالْمُمَلَّكَةُ جَعَلَ لَهَا زَوْجُهَا مَا كَانَ لَهُ إيقَاعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ فَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَمَاكِنَ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ شَرَعَ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ فَقَالَ (ص) وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدُّخُولَ قَدْ عُلِمَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِيهَا وَمَعْنَاهَا أَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ تَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ بِنِيَّةِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الرَّجْعَةَ وَفِي الشَّارِحِ احْتِمَالَانِ غَيْرُ هَذَا فِيهِمَا نَظَرٌ. (ص) أَوْ تَصَرُّفِهِ وَمَبِيتِهِ فِيهَا (ش) ضَمِيرُ فِيهَا لِلْعِدَّةِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْإِقْرَارِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْمَبِيتِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ تَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مَصَالِحِهَا وَأَنَّهُ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ التَّصَرُّفِ وَالْمَبِيتِ مَعَهَا لَا عَلَى إقْرَارِهِ بِهِمَا فِيهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: سَوَاءٌ زَارَتْهُ أَوْ زَارَهَا) كَذَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُخَالِفَةٌ لِأَبِي الْحَسَنِ وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. (قَوْلُهُ: إلَى اجْتِمَاعِ الشَّيْئَيْنِ) أَيْ مُلَاحَظَةِ الشَّيْئَيْنِ؛ كَوْنِهِ حَقًّا لِلزَّوْجِ، وَكَوْنِهِ فِيهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يُلَاحِظُ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ وَالثَّانِي يُلَاحِظُ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْآنَ فَقَطْ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحَ كَمَا عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَهُ تَعْلِيقُهُ وَتَنْجِيزُهُ وَمُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ يَبْطُلُ الْآنَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ الْآنَ لَا أَنَّهَا حَاصِلَةٌ الْآنَ وَلَا تَصِحُّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ فَرْعَ الْحُصُولِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَكَذَا عَلَى الثَّانِي لَوْ وَطِئَ قَبْلَ غَدٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ نَظَرٌ) وَذَلِكَ أَنَّهُ صَوَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ وَيَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَفِي إبْطَالِ إلَخْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالتَّعْلِيقِ عَلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ مَنْ يَغِيبُ أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْغَيْبَةَ وَيَخَافُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَجَلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ زَمَانُ تَمَامِ الْعِتْقِ وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ بِنِيَّةِ الرَّجْعَةِ) هَذِهِ زِيَادَةٌ مُلْحَقَةٌ وَلَيْسَتْ فِي نُسْخَتِهِ وَاَلَّذِي فِي نُسْخَتِهِ وَيُصَدَّقُ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ وَيَبْقَى إنْ قَامَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالتَّلَذُّذِ فِيهَا كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ دَخَلَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ وَبَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَلَا تَرِثُهُ وَلَا عِدَّةَ وَفَاةٍ (قَوْلُهُ: احْتِمَالَانِ إلَخْ) أَوَّلُهُمَا وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ لَا تَصِحُّ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَأَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ هَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ. الثَّانِي أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْحُكْمُ فِي الْأُولَى لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِيَةُ نَسَبَهَا بَعْضُهُمْ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي فِيهَا مَا صَوَّرَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ) وَأَمَّا الشُّهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَايَنَةٍ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفُ فِي حَوَائِجِهَا وَمَصَالِحِهَا لَا الدُّخُولُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَبِيتِ وَعَلَى هَذَا فَالْوَاوُ عَلَى حَالِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ مِنْ عَطْفِ الْمَبِيتِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِأَوْ يُحْمَلُ التَّصَرُّفُ عَلَى تَصَرُّفٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ كَدُخُولِهِ عَلَيْهَا وَغَلْقِ الْبَابِ عَلَيْهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (ص) أَوْ قَالَتْ: حِضْتُ ثَالِثَةً فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ بِمَا يُكَذِّبُهَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فَقَالَتْ: دَخَلْتُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَبِذَلِكَ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا ارْتِجَاعَ لَكَ عَلَيَّ فَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ عَلَى قَوْلِهَا أَنَّهَا قَالَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ أَحِضْ أَوْ قَدْ حِضْتُ حَيْضَةً وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ - مِنْ حِينِ قَوْلِهَا - يَحْتَمِلُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ بَقِيَّةَ الثَّلَاثِ حِيَضٍ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ صَحِيحَةٌ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فَقَوْلُهُ بِمَا يُكَذِّبُهَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ " أَقَامَ بَيِّنَةً " أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ (ص) أَوْ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا فَصَمَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ انْقَضَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَهَا فَصَمَتَتْ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا انْتَهَى زَمَنُ الْمُرَاجَعَةِ قَالَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ: عِدَّتِي كَانَتْ انْقَضَتْ قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَيُعَدُّ نَدَمًا وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهَا مَعَ الْإِشْهَادِ بِهَا دَلِيلُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَمَفْهُومُ صَمَتَتْ أَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْقِضَاءُ (ص) أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الثَّانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَّبَتْهُ وَعُلِمَ بَيْنَهُمَا دُخُولٌ وَوَطْءٌ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَمُكِّنَتْ مِنْ التَّزْوِيجِ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، وَوَضَعَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا كَامِلًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطْءِ الثَّانِي فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ الَّتِي ادَّعَاهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حِينَ الطَّلَاقِ كَانَتْ حَامِلًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عِدَّةَ الْحَامِلِ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْهَا هَذَا الْأَوَّلُ أَوْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِهَذَا الثَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ لَا مُعْتَدَّةً وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ يُؤَبَّدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ: وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عَلَى طَوْرٍ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى طَوْرٍ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ رَجْعَةَ الْأَوَّلِ لَا تَصِحُّ ثَانِيهِمَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَرُدَّتْ إلَخْ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَوِلَادَتِهَا لِلْوَلَدِ أَكْثَرُ مِنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَلَا تُرَدُّ بِرَجْعَتِهِ. (ص) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا حَتَّى انْقَضَتْ وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا فَكَالْوَلِيَّيْنِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهَا لِلرَّجْعَةِ وَفِي " تَعْلَمْ " لِلزَّوْجَةِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ بِرَجْعَةِ الزَّوْجِ لَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَتَفُوتُ عَلَى الْمُرَاجِعِ لَهَا بِوَطْءٍ أَوْ تَلَذُّذِ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا أَوْ السَّيِّدِ غَيْرِ الْعَالِمَيْنِ كَفَوَاتِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الثَّانِي (ص) وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا (ش) الْكَلَامُ الْآنَ عَلَى أَحْكَامِ الْمُرْتَجَعَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ حُكْمُهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمُوَارَثَةِ بَيْنَهُمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ بِنَظْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ رُؤْيَةِ شَعْرٍ وَاخْتِلَاءٍ بِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُضَادٌّ لِلنِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا بَقَاءَ لِلضِّدِّ مَعَ وُجُودِ ضِدِّهِ وَلَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا وَلَا يَأْكُلُ مَعَهَا وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ رَجْعَتَهَا حَتَّى يُرَاجِعَهَا وَهَذَا تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَذَاكَرَا مَا كَانَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ عَلَى حَالِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَبِيتِ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ الْوَصْفِ عَلَى نُسْخَةِ الْوَاوِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ نُسْخَةَ " أَوْ " أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَا تَكَلُّفَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَأَقَامَ بَيِّنَةً) الرِّجَالُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا النِّسَاءُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْحَيْضِ لَا عَلَى رُؤْيَةِ أَثَرِ الْحَيْضِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهُ وَلَوْ رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يُقِمْهَا) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِوُجُودِ بَيِّنَةٍ لَمْ يُقِمْهَا وَبِعَدَمِ بَيِّنَةٍ أَصْلًا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَتْ إلَخْ) إتْيَانُهُ بِثُمَّ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا تَرَاخَتْ بَعْدَ صُمَاتِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَمَّا انْتَهَى مِنْ الْمُرَاجَعَةِ قَالَتْ بَعْدَ يَوْمٍ إلَخْ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ نَسَقًا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ إلَخْ) الْمَعْطُوفُ عَلَى صَمَتَتْ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ وَحَذْفُ الْمَعْطُوفِ لِقَرِينَةٍ جَائِزٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا فَقَالَتْ انْقَضَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَضَعَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا كَامِلًا) أَيْ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَاضَتْ مَعَ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَوْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْكَذِبَ فِي قَوْلِهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ وَأَمَّا الْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعَةُ فَكَالسِّتَّةِ. (قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ أَوْ تَلَذُّذِ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا أَوْ السَّيِّدِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا عَقْدُ الثَّانِي لَمْ تَفُتْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ عَالِمًا بِتَزَوُّجِ الثَّانِي فَإِنَّهَا تَفُوتُ بِتَزَوُّجِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: بِنَظْرَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِلَذَّةٍ (قَوْلُهُ: وَاخْتِلَاءٍ بِهَا) تَفْسِيرٌ لِلدُّخُولِ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ لَكِنْ سَيَقُولُ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بَقَاءَ لِلضِّدِّ) أَيْ لَا أَثَرَ لِلضِّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْكُلُ مَعَهَا) وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا.. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَى وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا لِغَيْرِ لَذَّةٍ اتِّفَاقًا إذْ لِلْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ وَلَهُ السُّكْنَى مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهَا وَلِلنَّاسِ وَلَوْ أَعْزَبَ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ أَيْ الَّتِي لَا خَلَلَ وَلَا ثَلْمَ فِي عِصْمَتِهَا فَلَمْ يَلْزَمْ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَمِنْ أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهَا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ وَالطَّلَاقُ وَأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. (ص) وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ وَسُئِلَ النِّسَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ وَلَوْ أَمَةً إذَا رَاجَعَهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ عَقِبَ ذَلِكَ عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ إذَا كَانَ هُنَاكَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِمَا ادَّعَتْ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا لِأَنَّ النِّسَاءَ مَأْمُونَاتٌ عَلَى فُرُوجِهِنَّ وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا نَادِرًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يُسْأَلْنَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدْنَ لَهَا بِذَلِكَ أَيْ شَهِدْنَ أَنَّ النِّسَاءَ يَحِضْنَ لِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَسُئِلَ النِّسَاءُ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ صُدِّقَتْ وَلَا حَاجَةَ إلَى سُؤَالِ النِّسَاءِ بَلْ هُوَ مُقْتَضَبٌ رَاجِعٌ لِمَا إذَا ادَّعَتْ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ إلَّا نَادِرًا أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ ادِّعَاءَهَا فِي مُدَّةٍ لَا تَنْقَضِي فِيهَا بِحَالٍ لَا تُصَدَّقُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ. (ص) وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا، وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ أَوَّلًا قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ وَقُلْتُمْ هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كُنْتُ كَاذِبَةً وَإِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهَا نَدَمًا وَلَا يَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا رَجْعَتُهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ وَكَذَلِكَ لَا يُفِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا " دَخَلْتُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ": إنِّي رَأَيْتُ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ وَكُنْتُ أَظُنُّ دَوَامَهُ الدَّوَامَ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا إنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ وَكَذَلِكَ لَا يُفِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا " حِضْتُ ثَالِثَةً " رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَبَانَتْ حِينَ قَالَتْ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي مِقْدَارٍ تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ عُمُومُ ذَلِكَ فِي الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِأَنْ تَقُولَ وَضَعْتُ ثُمَّ تَقُولَ كَذَبْتُ وَرَأَيْنَهَا فَلَمْ يَجِدْنَ أَثَرَ وَضْعٍ وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ. (ص) وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ كَسَنَةٍ فَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ وَحُلِّفَتْ فِي كَالسِّتَّةِ لَا فِي كَالْأَرْبَعَةِ وَعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَالْوَضْعِ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَضْعُ سَقْطًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ إمْكَانِ تَصْدِيقِهَا أَيْ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا، وَقَوْلُهُ: وَسُئِلَ النِّسَاءُ وَهَلْ يُحَلَّفْنَ مَعَ تَصْدِيقِهِنَّ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ) فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ حَيْضُهَا ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ حَتَّى يُسْأَلَ النِّسَاءَ مَعَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ قُلْتُ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرٍ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِهِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ فَتَحِيضُ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْضًا فَتَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طَاهِرًا ثُمَّ يَأْتِيهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَسْتَمِرُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَأْتِيهَا الْحَيْضُ عَقِبَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الطُّهْرِ بِالْأَيَّامِ فَلَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْحَيْضِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِهَا وَكَذَا فِي سَادِسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً مِنْهُ، وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِهَا هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيَةٌ فَتَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ) بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ الْمُدَّةُ لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْمُدَّةُ كَيْفَ تَعْلَمُ النِّسْوَةُ الطَّرِيقَ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَنَا حَالَتَيْنِ حَالَةَ إمْكَانٍ وَحَالَةَ وُقُوعٍ فَأَمَّا حَالَةُ الْإِمْكَانِ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ لَنَا بِتَأَتِّيهَا فِي الشَّهْرِ وَأَمَّا حَالَةُ الْوُقُوعِ فَتُعْلَمُ مِنْ النِّسَاءِ عِنْدَ سُؤَالِهِنَّ فَأَيْنَ الْإِشْكَالُ الَّذِي يُرْجَعُ عِنْدَهُ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ لِتَحَقُّقِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ هَذِهِ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَسْنِدْ لِمَا تَعَذَّرَ بِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَوْ ذَكَرَ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ هَذِهِ كَالتَّتِمَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ) أَيْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَكَذَا الرَّجْعَةُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: لَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَيُحْمَلُ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهُ (أَقُولُ) وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ كَسَنَةٍ) مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَالصَّوَابُ بَعْدَ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ) وَأَمَّا الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ فَيُصَدَّقَانِ بِلَا يَمِينٍ مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَالْمَرَضِ وَتُصَدَّقُ الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ مَرَضًا شَأْنُهُ مَنْعُ الْحَيْضِ فِي عَدَمِ انْقِضَائِهَا بَعْدَ الْفِطَامِ بِالْفِعْلِ وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْ مُدَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَعْدَ الْمَرَضِ بِيَمِينٍ أَيْ قَبْلَ الْعَامِ وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَ عَامٍ وَلَوْ حَلَفَتْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ وَإِلَّا صُدِّقَا بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ (قَوْلُهُ: وَحُلِّفَتْ فِي كَالسِّتَّةِ) أَيْ إلَى تَمَامِ الْعَامِ (قَوْلُهُ: وَعَشْرٍ) أَيْ لَيَالٍ عَشْرٍ الْأَوْلَى حَذْفُهَا لِأَنَّهُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ أَنْ تُخَالِفَ عَادَتَهَا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ السَّنَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِظْهَارِ مَا لَمْ تُوَافِقْ عَادَتَهَا وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 لَمْ أَحِضْ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَنِي إلَى الْآنَ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الثَّالِثَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَمْرَيْنِ تَارَةً تُظْهِرُ احْتِبَاسَ دَمِهَا وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ قَوْلِهَا فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَامِ وَالْعَامَيْنِ وَتَارَةً لَمْ تَكُنْ تُظْهِرْهُ فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا لِدَعْوَاهَا أَمْرًا نَادِرًا فَالتُّهْمَةُ حِينَئِذٍ قَوِيَّةٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعَةٍ وَلَا مَرِيضَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ مُرْضِعَةً فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالرَّضَاعَ يَمْنَعَانِ الْحَيْضَ غَالِبًا فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ وَتَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ صُدِّقَتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَمَفْهُومُ مَاتَ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ طُولَ عِدَّتِهَا وَهُوَ حَيٌّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا صُدِّقَتْ لِأَنَّهَا مُعْتَرِفَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ رَجْعَتِهَا مُطْلَقًا لَكِنْ إنْ صَدَّقَهَا فَلَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا لِلرَّجْعِيَّةِ وَإِنْ كَذَّبَهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا. (ص) وَنُدِبَ الْإِشْهَادُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّجْعَةِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ كَمَا قِيلَ (ص) وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُجَامِعَهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهَا وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رُشْدِهَا وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً لِزَوْجِهَا بَلْ تُؤْجَرُ عَلَى الْمَنْعِ وَكَمَا يُنْدَبُ لِلْمُطَلِّقِ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ كَذَلِكَ يُنْدَبُ لَهُ إعْلَامُهَا أَيْضًا وَيُؤْخَذُ كَرَاهَةُ عَدَمِ الْإِشْهَادِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَصَابَتْ (ص) وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ كَالْعَدَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شَهِدَ سَيِّدُهَا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ وَلِلزَّوْجِ جَبْرُهَا عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ فَإِنْ أَبَى سَيِّدُهَا أَنْ يُعِيدَهَا لَهُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَعْقِدُ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَقَوْلُهُ " السَّيِّدِ " أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَلِيِّ مَعَ غَيْرِهِ كَالْعَدَمِ فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ إلَّا إذَا أَشْهَدَ رَجُلَيْنِ غَيْرَهُ. (ص) وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتْعَةَ وَهِيَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ لِمُطَلَّقَتِهِ لِيَجْبُرَ بِذَلِكَ الْأَلَمَ الَّذِي حَصَلَ لَهَا بِسَبَبِ الْفِرَاقِ مُسْتَحَبَّةٌ وَتَكُونُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وَإِنَّمَا رُوعِيَ قَدْرُ حَالِهِ فَقَطْ لِأَنَّ كَسْرَهَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَقَطْ فَيُرَاعَى جَبْرُهَا مِنْهُ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ الْمُرَاعَى فِيهَا وُسْعُهُ وَحَالُهَا، فَقَوْلُهُ " وَالْمُتْعَةُ " عَطْفٌ عَلَى " الْإِشْهَادُ " مِنْ قَوْلِهِ وَنُدِبَ الْإِشْهَادُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِالْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] وَقَالَ أَيْضًا عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ قُلْنَا صَرَفَهُ عَنْهُ هُنَا قَوْلُهُ عَلَى الْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِمَا وَبِعِبَارَةٍ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ " حَقًّا " وَ " عَلَى " مِنْ أَلْفَاظِ الْوُجُوبِ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الثَّابِتُ الْمُقَابِلُ لِلْبَاطِلِ، وَالْمَنْدُوبُ ثَابِتٌ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْأَمْرَ هُنَا لِلنَّدْبِ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ لَكِنَّ الْمُتْعَةَ تَكُونُ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا إثْرَ طَلَاقِهَا لِحُصُولِ الْوَحْشَةِ بِأَلَمِ الْفِرَاقِ وَلِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ فَلَا كَسْرَ عِنْدَهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لَهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهَا لِأَنَّهَا كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُمَتَّعَ فَإِنَّ الْمُتْعَةَ تُدْفَعُ إلَى وَرَثَتِهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ أَوْ وَرَثَتِهَا)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً) أَيْ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ كَرَاهَةُ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ فَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ بِالْجَوَازِ مُرَادًا بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى فَإِنْ قِيلَ هَذَا صَوَابٌ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَهُ خِلَافُ الصَّوَابِ وَلَا يُقَالُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى إنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ بَلْ يُقَالُ فِي الْمَكْرُوهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَلِيِّ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلسَّيِّدِ وَلَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُجْبِرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ كَمَا صَوَّرَ أَوَّلًا فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ كَالْعَدَمِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرِ حَالِهِ) لَوْ قَالَ: وَعَلَى قَدْرِ حَالِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ وَلَا فَرْقَ فِي الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهِ فِي مُقَابَلَةِ كَسْرِ الْمُطَلَّقَةِ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا وَلِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُوعِيَ قَدْرُ حَالِهِ فَقَطْ) فَلَوْ كَانَ غَنِيًّا مُتَزَوِّجًا بِفَقِيرَةٍ فَلَوْ رُوعِيَ حَالُهَا يُنَاسِبُهَا عَشَرَةُ أَنْصَافٍ وَإِنْ رُوعِيَ حَالُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَإِنْ رُوعِيَ حَالُهُمَا مَعًا عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُرَاعَى حَالُهُ فَتُعْطَى عِشْرِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْ " حَقًّا " وَ " عَلَى " وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ قَوْلَهُ {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] وَإِلَّا كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِمَا) وَرُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْإِحْسَانَ وَالتَّقْوَى مِنْ بَابِ التَّهْيِيجِ لَا مِنْ بَابِ تَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ أَيْ لَا يَأْبَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ إلَّا رَجُلُ سَوْءٍ وَقَدْ يُقَالُ وَالْمَنْدُوبَاتُ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) مَحَلُّ كَوْنِ الْمُتْعَةِ تُدْفَعُ لِلْوَرَثَةِ فِي الرَّجْعِيِّ إذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ فَلَا مُتْعَةَ لِوَرَثَتِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 فَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يُمَتِّعَهَا أَوْ رَدَّهَا إلَى عِصْمَتِهِ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا سَقَطَتْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً (ص) كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَهُوَ أَنَّ الْمُتْعَةَ تُدْفَعُ لَهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ لِوَرَثَتِهَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَاحْتَرَزَ بِالْمُطَلَّقَةِ مِمَّنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا فَإِنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا فِي فَسْخٍ كَلِعَانٍ) لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ قَدْ حَصَلَ لَهَا غَايَةُ الضَّرَرِ مِمَّا لَا تَجْبُرُهُ الْمُتْعَةُ وَقَوْلُهُ " فِي نِكَاحٍ " لَاغٍ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي نِكَاحٍ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَازِمٍ وَاللُّزُومُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِ فَمَا يَفُوتُ بِالدُّخُولِ أَوْ الطُّولِ أَوْ وِلَادَةِ الْأَوْلَادِ لَازِمٌ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّازِمِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْعَيْبِ فَإِنَّهَا إذَا رُدَّتْ بِهِ لَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا غَارَّةٌ بِعَيْبِهَا أَوْ مُخْتَارَةٌ لِفِرَاقِهِ لِعَيْبِهِ. (ص) وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَلَكَ جَمِيعَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّ الْمَالِكَ إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجَةَ فَإِنَّ الزَّوْجَ وَمَا يَمْلِكُهُ مِلْكٌ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الزَّوْجَ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهَا وَحْشَةٌ لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَمَّا لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الْآخَرِ فَالْمُتْعَةُ لِحُصُولِ الْأَلَمِ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَعْضِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ (ص) إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ أَوْ فُرِضَ لَهَا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمُخْتَارَةً لِعِتْقِهَا أَوْ لِعَيْبِهِ وَمُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لِعِتْقِهَا إلَخْ يَصْدُقُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ " مُطَلَّقَةٍ " يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ سَبَبِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِعِوَضٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا بِرِضَاهَا فَإِنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا إذْ لَا وَحْشَةَ لَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ اخْتَلَعَتْ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهَا هِيَ الْمُخْتَلِعَةُ وَأَنَّهَا مُخْتَارَةٌ وَلَمْ يَقُلْ خَلَعَتْ وَكَذَلِكَ لَا مُتْعَةَ لِمَنْ زُوِّجَتْ تَفْوِيضًا وَقَدْ فَرَضَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقًا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِبَقَاءِ سِلْعَتِهَا وَأَخْذِهَا نِصْفَهُ أَمَّا لَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ فَإِنَّهَا تُمَتَّعُ، وَمَفْهُومُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَعْدَهُ لَهَا الْمُتْعَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَنْ نُكِحَتْ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى ابْتِدَاءً وَكَذَلِكَ لَا مُتْعَةَ لِمَنْ عَتَقَتْ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَ زَوْجِهَا الْعَبْدِ أَوْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ " لَازِمٍ " وَأَحْرَى لَوْ فَارَقَهَا لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهَا لِأَنَّهَا غَارَّةٌ وَأَمَّا الْمُخْتَارَةُ لِتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ عِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلِفَتْ أَكْثَرَ فَإِنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبُهُ الزَّوْجُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَتْ كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ تَخْتَارُ نَفْسَهَا لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا دَخْلَ لِلزَّوْجِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَا مُتْعَةَ لِمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ لِأَنَّ تَمَامَ الطَّلَاقِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مَبْدَؤُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَقِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْمُتْعَةُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الرَّجْعَةِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْإِيلَاءِ لِتَسَبُّبِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَنْهُ فَقَالَ: (بَابُ الْإِيلَاءِ) كَذَا قِيلَ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ تَسَبُّبُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَنْهُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَهُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ كَذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلِذَا جَمَعَهُمَا مَعًا وَأَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءُ لُغَةً الِامْتِنَاعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِيَمِينٍ وَشَرْعًا عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: حَلِفُ زَوْجٍ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ) أَيْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ طَلَّقَهَا عَنْ مُشَاوَرَةٍ أَمْ لَا أَيْ بَائِنٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مَفْرُوضٌ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا خَرَجَتْ مَنْ ارْتَدَّتْ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَانْظُرْ لَوْ ارْتَدَّ هُوَ وَلَوْ أُرِيدَ مَنْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِطَلَاقِهَا فَيُسْتَثْنَى الْمُرْتَدَّةُ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا) أَيْ إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ كَانَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ كَمَا إذَا ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ) وَأَيْضًا حَصَلَ لَهَا الْجَبْرُ بِمِلْكِهِ عَلَى أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى عِتْقِهِ فَيَتَزَوَّجُهَا (قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ) أَيْ فِي الْغَالِبِ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لِلْعَيْبِ لَا طَلَاقَ مَعَهَا (قَوْلُهُ: كَانَ الطَّلَاقُ مِنْهُ) أَيْ فِي الْمُخْتَلِعَةِ وَاَلَّتِي فُرِضَ لَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْهَا أَيْ كَالْمُفَوَّضَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ سَبَبِهِ كَالْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ سَبَبِهَا كَذَاتِ الْعَيْبِ وَالْمُخْتَلِعَةِ (قَوْلُهُ: بِرِضَاهَا) تَقْيِيدٌ فِي الْغَيْرِ وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَتُمْنَعُ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ اخْتَلَعَتْ دُونَ خُولِعَتْ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ زُوِّجَتْ تَفْوِيضًا) قَاصِرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَنْ فُرِضَ لَهَا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ نُكِحَتْ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ لَا مُتْعَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهِ) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَتْ هِيَ الْفِرَاقَ وَأَمَّا لَوْ اخْتَارَ هُوَ الْفِرَاقَ فَيُمَتِّعُهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّمَتُّعِ لَوْ فَارَقَهَا لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ: اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ) وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَمِدْهُ فَلَا يُعَوَّلُ إلَّا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. [بَابُ الْإِيلَاءِ] (بَابُ الْإِيلَاءِ) (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) الظَّاهِرُ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا أَصْلًا لَا بَائِنًا وَلَا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: فَلِهَذَا جَمَعَهُمَا) الْمُؤَلِّفُ أَيْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِمَا طَلَاقًا جَمَعَهُمَا الْمُؤَلِّفُ أَيْ أَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ الشَّامِلِ الْبَائِنِ وَغَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يُفِيدُ التَّوْجِيهَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَعْلِ الْإِيلَاءِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا غَايَتُهُ إفَادَةُ جَمْعِ الْأَمْرَيْنِ وَالْإِتْيَانُ بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُقَالُ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: وَلِأَيِّ شَيْءٍ قَدَّمَ الرَّجْعَةَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تُؤَخَّرَ عَنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ الْمُتَّفَقِ عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَاخْتُلِفَ فِي مَدْلُولِ الْإِيلَاءِ لُغَةً فَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 زَوْجَتِهِ يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي طَلَاقِهِ وَرَسَمَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَرِيبٍ مِنْ رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ (ص) يَمِينُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِيلَاءَ حَلِفُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ عَبْدًا بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ أَوْ مَا فِيهِ الْتِزَامُ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَخَصَّهُ أَحْمَدُ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَيَنْعَقِدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِكُلِّ مَا فِيهِ الْتِزَامٌ غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ وَالْأَخْرَسِ إذَا فُهِمَ مِنْهُ بِإِشَارَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْأَعْجَمِيِّ بِلِسَانِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ كَافِرٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] يَمْنَعُهُ لِعَدَمِ حُصُولِهِمَا لِلْكَافِرِ بِالْفَيْئَةِ (ص) يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ (ش) " يُتَصَوَّرُ " بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ يُتَعَقَّلُ أَيْ يُمْكِنُ أَنَّ الْعَقْلَ يَتَصَوَّرُ وِقَاعَهُ أَيْ جِمَاعَهُ يَحْتَرِزُ بِهِ عَنْ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالْعِنِّينِ وَالشَّابِّ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْهُمْ إيلَاءٌ وَقَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِيَشْمَلَ قَوْلَهُ (وَإِنْ مَرِيضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمَوْصُوفُ بِمَا ذُكِرَ مَرِيضًا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا إذَا أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَ الْمَرَضُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ فَيُطَلَّقَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ (ص) بِمَنْعِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيلَاءِ هِيَ الْيَمِينُ بِمَنْعِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ إمَّا صَرِيحًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ تَضَمُّنًا كَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَلْتَقِيَ مَعَهَا أَوْ لَا يَغْتَسِلَ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَقَوْلُهُ " بِمَنْعِ " جَارٌّ وَمَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِيَمِينُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْحَلِفِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عَلَى " أَيْ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى لِأَنَّ مَنْعَ الْوَطْءِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ لَا مَحْلُوفٌ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ يُمْنَعُ بِالْفِعْلِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوْ الْفَوْقِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مُؤَنَّثَةٌ أَوْ مُذَكَّرَةٌ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْحَلِفِ أَحْسَنُ يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ لَا تَمْنَعُ مِثْلُ وَاَللَّهِ لَأَطَأَنَّهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي الْوَطْءِ وَمَفْهُومَ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى هِجْرَانِهَا مَثَلًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصِيبُهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ بِذَلِكَ وَمَفْهُومُ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ سُرِّيَّتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] عِيَاضٌ أَصْلُ الْإِيلَاءِ الِامْتِنَاعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِيَمِينٍ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْإِيلَاءُ فِي اللُّغَةِ الْيَمِينُ وَقَوْلُهُ يُوجِبُ خِيَارَهَا إلَخْ صِفَةٌ لِحَلِفِ الزَّوْجِ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ أَوْجَبَ خِيَارَهَا وَالْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ تَلَوُّمُ الْقَاضِي فِي الْوَطْءِ فَإِذَا امْتَنَعَ خُيِّرَتْ قُلْتُ لَمَّا كَانَ التَّلَوُّمُ مُسَبَّبًا عَنْ الْحَلِفِ صَحَّ ذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ السَّبَبِ سَبَبٌ قَالَهُ عج وَانْظُرْ قَوْلَهُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي نَفْسِ الْوَطْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ بِالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي طَلَاقِهِ) بِأَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي مِمَّا اُعْتُبِرَ فِي حَقِيقَةِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا مِنْ الصِّفَاتِ النَّفْسِيَّةِ إلَّا الْوُجُودُ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمَعَانِيَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِيهِ الْتِزَامُ عِتْقٍ) كَأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُ زَوْجَتِي فَسَعِيدٌ حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ طَلَاقٍ " كَأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ فَعَمْرَةُ إشَارَةً لِزَوْجَةٍ أُخْرَى طَالِقٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " اسْمِ اللَّهِ " (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَأَنْ يَقُولَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك أَوْ لَا أَطَؤُكِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الصَّلَاةِ) اُنْظُرْ عِنْدَهُمْ مَا وَجْهُ اسْتِثْنَاءِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَجْنُونٍ) أَيْ آلَى حَالِ جُنُونِهِ فَإِنْ آلَى عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَكَّلَ الْإِمَامُ مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يَفِيءَ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَفِيءَ كَفَّرَ عَنْهُ أَوْ أَعْتَقَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِعِتْقٍ قَالَهُ أَصْبَغُ وَإِنْ وَطِئَهَا حَالَ جُنُونِهِ فَهَلْ هُوَ فَيْئَةٌ وَيَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ نَظَرًا لِحَالِ الْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ أَوْ لَا يَحْنَثُ وَيَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْوَقْفِ وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ إذَا عَقَلَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ نَظَرًا لِحَالِ الْحِنْثِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْفُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ كَالْمَرَضِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ حُصُولِهِمَا لِلْكَافِرِ بِالْفَيْئَةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ عَذَابَ الْكُفْرِ وَعَذَابَ الْمَعْصِيَةِ، وَالْمُمْتَنِعَ غُفْرَانُهُ عَذَابَ الْكُفْرِ لَا عَذَابَ الْمَعْصِيَةِ. (قَوْلُهُ: يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ) أَيْ مِنْ جِهَتِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْكِنُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ يُمْكِنُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ يُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ يُعْقَلُ وَإِنْ فُسِّرَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ يُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ وَأَمَّا مِنْ جِهَتِهَا فَيَقَعُ الْإِيلَاءُ وَلَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ عَفْلَاءَ وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ وَطْئِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يَحْتَرِزُ بِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْعَقْلَ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُ الشَّيْخِ الْفَانِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ الْعَقْلِيِّ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعَادِيِّ فَإِذَنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ يُمْكِنُ عَادَةً (قَوْلُهُ: الْمَجْبُوبِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَوَّلًا غَيْرَ مَجْبُوبٍ ثُمَّ جُبَّ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ مَجْبُوبًا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَالشَّابِّ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ حَالًا وَمَآلًا لَا مَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوَطْءُ حَالًا لَا مَآلًا لَا كَمَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ثُمَّ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالشَّابِّ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا أَطْلَقَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ خِلَافًا لعب (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الضَّرَرِ) أَيْ لِأَجْلِ قَصْدِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَضَمُّنًا) أَيْ اسْتِلْزَامًا وَقَوْلُهُ: كَحَلِفِهِ إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الِالْتِقَاءَ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَكَذَا الِاغْتِسَالُ وَأَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُمَا فِي الْوَطْءِ لَكَانَ مِنْ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عَلَى ") يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ. (قَوْلُهُ: أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّ نُسْخَةَ بِمَنْعِ بِالْبَاءِ فِيهِ تَكَلُّفٌ لِمَا عَلِمْتِ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ التَّكَلُّفِ أَوْ لِأَنَّ يَمْنَعُ صِفَةٌ فَلَهَا مَفْهُومٌ بِخِلَافِ مَنْعٍ فَإِنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ إيلَاءٌ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ لَا سِيَّمَا أُمُّ الْوَلَدِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ إلَّا الْوَطْءُ وَحَلِفُهُ يَضُرُّ بِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الزَّوْجَةَ الصَّغِيرَةَ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ فِيمَنْ لَا تُطِيقُهُ حَتَّى تُطِيقَ وَفِيمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْ يَوْمِ الدُّعَاءِ وَمُضِيِّ مُدَّةِ التَّجْهِيزِ وَقَوْلُهُ " زَوْجَتِهِ " أَيْ الْكَائِنَةِ حِينَ الْحَلِفِ أَوْ الْمُتَجَدِّدَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ وَطْئِهَا (ص) وَإِنْ تَعْلِيقًا (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّعَالِيقَ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ عَلَى الصَّحِيحِ لَا مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ لِمُضِيِّ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا أَوْ مُعَلَّقًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَدْخُلَ الدَّارَ مَثَلًا وَبِعِبَارَةٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي يَمِينٍ وَفِي مَنْعِ الْوَطْءِ فِي زَوْجَتِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ مُنَجَّزَةً وَمُعَلَّقَةً، وَمَنْعَ الْوَطْءِ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ مُعَلَّقًا وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِمَنْعِ الْوَطْءِ تَعْلِيقًا أَيْ ذَاتَ تَعْلِيقٍ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْوَطْءِ تَعْلِيقًا أَيْ مُعَلَّقًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي أَوْ تَأْتِينِي أَوْ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَيْ الزَّوْجِيَّةُ تَعْلِيقًا أَيْ مُعَلَّقَةً كَأَنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُهَا ثُمَّ وَصَفَ الزَّوْجَةَ الْمُولَى مِنْهَا بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ وَلَدَهَا بِنَفْسِهَا) فَلَا إيلَاءَ فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ لِلْمُرْضِعِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ اسْتِصْلَاحَ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ نَوَى بِيَمِينِهِ حَوْلَيْنِ فَهُوَ مُولٍ إنْ بَقِيَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (ص) وَإِنْ رَجْعِيَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ مِنْ الزَّوْجَةِ بَيْنَ مَنْ هِيَ فِي الْعِصْمَةِ وَمَنْ طَلُقَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَمَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ فَهُوَ مُولٍ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ وَيُؤْمَرُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِالْفَيْئَةِ فَيَرْتَجِعُ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَ وَكَتَمَ وَهَذَا إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (ص) أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ أَجَلَ الْإِيلَاءِ لَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي مُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا فَقَوْلُهُ " أَكْثَرَ " ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ أَوْ لِلْيَمِينِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَثْرَةَ مُعْتَبَرَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ كَيَوْمٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ نَصِّ أَبِي عِمْرَانَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِزِيَادَةٍ مُؤَثِّرَةٍ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ مُولٍ فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْ بِالْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْفَيْئَةَ هَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ فِيهَا وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةَ إذَا حَصَلَ لَهُمَا الضَّرَرُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ قَالُوا إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ لِلضَّرَرِ لَا سِيَّمَا أُمُّ الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ: وَحَلِفُهُ يَضُرُّ بِهَا زَادَ بَهْرَامُ فَيُمْنَعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَبَعْدُ فَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبْرَ الْمَالِكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّعَالِيقَ) أَيْ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَمِينُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ) الَّذِي لَا يَلْزَمُ بِهِ إيلَاءٌ كَمَا إذَا قَالَ الْتَزَمْتُ عَدَمَ وَطْئِكِ وَلَكِنْ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَمُرَادُهُ بِالْيَمِينِ مَا يَشْمَلُ الِالْتِزَامَاتِ وَالنَّذْرَ وَإِلَّا لَخَرَجَ أَكْثَرُ مَسَائِلِ الْبَابِ كَإِنْ وَطِئْتُهَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ لَا أَطَؤُكِ اهـ وَلَا تَنَافِيَ لِأَنَّ الِالْتِزَامَاتِ الدَّاخِلَةَ الْتِزَامَاتٌ مَخْصُوصَةٌ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَلَّقًا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْيَمِينُ مُنَجَّزَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الْيَمِينِ مُعَلَّقَةً أَنَّ لُزُومَهَا لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ لَيْسَ مُعَلَّقًا بَلْ الْمُعَلَّقُ عَلَى السُّؤَالِ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ تَعْلِيقًا إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَيْسَتْ مُعَلَّقَةً بَلْ مُعَلَّقًا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا) أَيْ أَوْ مَا دَامَتْ تُرْضِعُهُ أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ حَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ اسْتِصْلَاحَ الْوَلَدِ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ الْحَوْلَيْنِ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ مِنْ الصُّوَرِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى بِيَمِينِهِ إلَخْ مُقَابِلُ مَا قَدَّرْنَاهُ أَيْ وَإِنْ نَوَى بِيَمِينِهِ الْحَوْلَيْنِ أَيْ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ أَيْ أَوْ قَيَّدَ بِالْحَوْلَيْنِ وَهِيَ الْأَخِيرَةُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ إلَخْ وَمِثْلُ قَصْدِهِ اسْتِصْلَاحَ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا الْمُضَارَّةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا رَضَعَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرِهَا أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي جَرَى فِي مَوْتِهِ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَ وَكَتَمَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي الرَّجْعِيَّةِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الرَّجْعِيَّةُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ وَالْوَقْفِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَهَا حَقٌّ فِيهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيُصِيبَ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى وَنُوقِشَ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَلَوْ لَمْ تَدَّعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ أَوْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ أُخْرَى جَوَابًا لِمَا يُقَالُ لَا يُحْتَاجُ لِطَلْقَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الرَّجْعِيَّةِ فِيهَا الْإِيلَاءُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ. (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ أَوْ لِلْيَمِينِ) الْمُتَعَيَّنُ هُوَ الْأَوَّلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ لِلْيَمِينِ فَلَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ مُؤَثِّرَةٍ) أَيْ مُعْتَبَرَةٍ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهَا وَالظَّاهِرُ مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ وَكَلَامُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْأَرْبَعَةِ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَهُوَ اخْتِلَافُ عِبَارَةٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَمْ لَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِهَا وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ مُرُورِهَا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِالْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتَكُونُ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ وَلِأَنَّ " إنْ " الشَّرْطِيَّةَ تُصَيِّرُ الْمَاضِيَ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلًا فَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً فِي الْأَرْبَعَةِ لَبَقِيَ مَعْنَى الْمَاضِي بَعْدَهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ وَرَأَى فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الْفَاءَ لَيْسَتْ إلَّا لِمُجَرَّدِ السَّبَبِ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُ الْمُسَبَّبِ عَنْ سَبَبِهِ فِي الزَّمَانِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانُوا فَاءُوا كَمَا تُؤُوِّلَ مِثْلُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] وَالْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ لِذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ اللَّامُ مِنْ قَوْلِهِ {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] فَالتَّرَبُّصُ إذَنْ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا لَا غَيْرُ انْتَهَى (ص) وَلَا يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ الْعَبْدُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ فِي الصَّرِيحِ بِتَقَرُّرِ الْحَلِفِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِأَجْلِ الْحُرِّ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَمَّا لَوْ عَتَقَ بَعْدَ الْإِيلَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي الْمُحْتَمَلِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِأَجْلِ الْحُرِّ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْإِيلَاءِ أَيْ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ. (ص) كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُكِ أَوْ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي أَوْ تَأْتِينِي (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ الْمِثْلِ الَّتِي لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْإِيلَاءُ وَاَلَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا وَبَدَأَ مِنْهَا بِغَامِضِهَا وَهُوَ مَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَهُوَ مُولٍ إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ طُلِّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى وَثَبَتَتْ عَلَى عِدَّتِهَا وَحَلَّتْ بِتَمَامِهَا وَلَوْ قَلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَسَاعَةٍ وَكَذَلِكَ يَكُونُ مُولِيًا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي الْوَطْءَ أَوْ حَتَّى تَأْتِيَنِي إذَا دَعَوْتُكِ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَلِمَعَرَّةِ إتْيَانِهَا إلَيْهِ عِنْدَهُنَّ مَعَرَّةً عَظِيمَةً وَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا لِلسُّلْطَانِ سُؤَالًا يَبَرُّ بِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ» (ص) أَوْ لَا أَلْتَقِي مَعَهَا أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ نَفْيُ الْوَطْءِ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فَالْأَوَّلُ كَوَاللَّهِ لَا أَلْتَقِي مَعَهَا سَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ قَيَّدَهُ بِأَجَلٍ زَائِدٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي كَوَاللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْهَا مِنْ جَنَابَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ (ص) أَوْ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا تَكَلَّفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ وَكَانَ عَلَيْهِ فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا مَشَقَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَكَثْرَةِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ لِأَنَّ عَيْنَهُ صَرِيحَةٌ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَالضَّمِيرُ فِي " تَكَلَّفَهُ " عَائِدٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَإِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ فَالْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَيْئَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ لَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ يَقُولُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا إذَا حَلَفَ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمَنْ يَقُولُ يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ يَقُولُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلِفِهِ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ قَبْلَ دُخُولِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ) كَحَرَكَةِ الْأُصْبُعِ فَإِنَّهَا سَبَبٌ فِي حَرَكَةِ الْخَاتَمِ مَعَ الْمُقَارَنَةِ (قَوْلُهُ: وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ إلَخْ) أَيْ الدَّالَّةَ عَلَى تَحَقُّقِ الْمُضِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا تُؤُوِّلَ مِثْلُهُ) مُرَادُهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى " قُلْتُهُ " فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ} [المائدة: 116] بَلْ زِيدَ كُنْتُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحَقُّقِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قُدِّرَ شَيْءٌ فِي الْآيَةِ وَبَعْضُهُمْ فَهِمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي قَوْلِهِ {فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] أَيْ فَقَدْ كُنْتَ عَلِمْتَهُ (أَقُولُ) لَا حَاجَةَ عَلَيْهِ لِتَقْدِيرِ كَانَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْتَى بِكَانَ إلَّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ وَمَعْنَى الْمُضِيِّ مُتَحَقِّقٌ مِنْ تَرْتِيبِهِ عَلَى كُنْتُ قُلْتُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ لِذَلِكَ) أَيْ لِحَذْفِ كَانَ (قَوْلُهُ: فَالتَّرَبُّصُ إذَنْ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ التَّرَبُّصَ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ الْحَلِفُ عَلَيْهَا لَا أَزْيَدَ وَالْجَوَابُ أَنَّ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ غَيْرُ مُدَّةِ الْحَلِفِ وَهُوَ لَمَّا جَعَلَ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ الْأَرْبَعَةَ فَلَا تَكُونُ الْفَيْئَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ بَلْ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ فَإِذَنْ الْحَلِفُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَبَعُدَ هَذَا كُلُّهُ فَيُقَالُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ تَرَبُّصَ الْأَرْبَعَةِ مَقْصُورٌ عَلَى الَّذِينَ لَا أَنَّ التَّرَبُّصَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ إنْ مَضَتْ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ إنْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَسْأَلِينِي إلَخْ) مَنْصُوبَانِ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وَنَصْبُهُمَا بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ وَالنُّونُ الْمَوْجُودَةُ نُونُ الْوِقَايَةِ وَأَخْطَأَ مَنْ نَصَبَهُمَا بِفَتْحِ الْيَاءِ لِأَنَّ مَا قَالَهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْغَائِبَةِ نَحْوُ لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي وَالْغَائِبَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ الَّتِي تُنْصَبُ بِحَذْفِ النُّونِ ثُمَّ نَقُولُ إنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ سَأَلَتْهُ أَوْ أَتَتْهُ فِي الْأَجَلِ وَلَمْ يَفِئْ أَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ لَمْ تَسْأَلْهُ أَصْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ حَتَّى تَأْتِينِي إذَا دَعَوْتُكِ) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى دُعَاءٍ بِحَضْرَةِ مَنْ يُسْتَحَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ) أَيْ الشَّأْنُ ذَلِكَ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ السُّؤَالَ وَالْإِتْيَانَ لَا يُزْرِي بِهَا وَلَا تَتَكَلَّفُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَلْتَقِي إلَخْ) إنْ قَصَدَ بِالِالْتِقَاءِ الْوَطْءَ أَوْ قَصَدَ الِالْتِقَاءَ الْمُطْلَقَ أَوْ هُمَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُولٍ إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ يَعْنِي إذَا حَلَفَ عَلَى مَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَخْ يَقْتَضِي إبْقَاءَ مَا ذُكِرَ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ قَيَّدَهُ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ نَفْيَهُ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُولٍ، وَدُيِّنَ فِي الْفُتْيَا لَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْهَا مِنْ جَنَابَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا بِتَرْكِهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَهَلْ حَلِفُهُ الْمَذْكُورُ كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ فَيَحْنَثَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 كَانَ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَيْسَ بِمُولٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ وَيُقَالُ لَهُ: طَأْ إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي أَنَّكِ لَسْتِ بِمُولٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إذَا تَكَلَّفَهُ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ حَصَلَ رِضَاهُ بِتَكَلُّفِ ذَلِكَ (ص) أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَحْسُنْ خُرُوجُهَا لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْسُنْ الْخُرُوجُ مِنْ الدَّارِ لِأَجْلِ الْوَطْءِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَحَالِهَا لِمَعَرَّةِ ذَلِكَ فَضَمِيرُ لَهُ رَاجِعٌ لِلْوَطْءِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَالَ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَعَرَّةُ بِهِ مِنْهُمَا أَنَا أَخْرُجُ وَلَا أُبَالِي بِالْمَعَرَّةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَسُنَ خُرُوجُ كُلٍّ لَهُ بِأَنْ كَانَ لَا مَعَرَّةَ لِلْخُرُوجِ لِلْوَطْءِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْخُرُوجِ لَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ. (ص) أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (ش) أَيْ وَكَذَا يَكُونُ مُولِيًا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ أَطَأْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُقِفَ عَنْ وَطْئِهَا وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأَنْ يَقِفَ عَنْ وَطْئِهَا عَلَى مَا حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ: لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ يَمِينٌ يَمْنَعُهُ الْجِمَاعَ وَصُوِّبَ وَبِعِبَارَةٍ. وَمَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا، وَقَوْلُ مَالِكٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ وَمَعَ الْقَيْدِ هُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْإِيلَاءِ بَلْ لِلضَّرَرِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ مَانِعَةً لَهُ مِنْ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا الِامْتِنَاعُ مِنْ نَفْسِهِ (ص) أَوْ إنْ وَطِئْتُكِ وَنَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ وَإِنْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا فَإِذَا وَطِئَهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ فَالنَّزْعُ حَرَامٌ، فَالْمُخَلِّصُ مِنْ الْحُرْمَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَنْ يَطَأَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ صَارَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِدَارَةِ تَكْرَارٍ وَإِلَّا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ (ص) وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إذَا حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ أَوْ ضَرَبَ الْأَجَلَ قَوْلَانِ فِيهَا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ (ش) اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ تُقِمْ وَهُوَ الْأَحْسَنُ عِنْدَ سَحْنُونَ وَغَيْرِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ وَبَاقِي الْوَطْءِ وَهُوَ النَّزْعُ حَرَامٌ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْفَرْجِ مِنْ الْفَرْجِ وَطْءٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُولٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ مُولٍ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ لَعَلَّهَا أَنْ تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَضَمِيرُ الْمُؤَنَّثِ عَائِدٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَضَمِيرُ مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْوَطْءِ أَيْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ (ص) كَالظِّهَارِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي   [حاشية العدوي] بِالْوَطْءِ وَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ أَوْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ مُرَادُهُ نَفْيَ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا اسْتَلْزَمَ شَرْعًا نَفْيَ الْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ فَيَحْنَثُ بِالْغُسْلِ وَأَجَلُهُ مِنْ الرَّفْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَإِنْ نَوَى بِهِ لَا أَطَأُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَدْلُولِهِ عُمِلَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: يُقَالُ لَهُ طَأْ إنْ كُنْتَ صَادِقًا) أَيْ كَفِّرْ أَوْ اُخْرُجْ وَطَأْ إنْ كُنْتَ صَادِقًا (قَوْلُهُ: إنْ كُنْتَ صَادِقًا) أَيْ وَطَأْ بَعْدَ خُرُوجِكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي أَنَّكَ لَسْتَ بِمُولٍ أَيْ لَمْ تَكُنْ قَاصِدًا الِامْتِنَاعَ مِنْ وَطْئِهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُولِي فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ ذَلِكَ فَهَلْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ رِضَاهُ بِتَكَلُّفِ ذَلِكَ) أَيْ إنَّهُ مُولٍ وَلَوْ خَرَجَ بِالْفِعْلِ وَتَكَلُّفِ الْخُرُوجِ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ ارْتِضَاءُ هَذَا الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَحْسُنْ خُرُوجُهَا) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: لَهُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَحَالِهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " فَيَكْفِي أَحَدُهُمَا وَأَوْلَى مَعًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ) أَيْ وَلَوْ خَرَجَ بِالْفِعْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ الْخُرُوجُ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ وَيُقَالُ لَهُ: طَأْ بَعْدَ خُرُوجِكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا أَنَّكَ لَسْتَ بِمُولٍ وَعِبَارَةُ عب وَشب مِثْلُ شَارِحِنَا فَمُؤَدَّاهُمْ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْكِ إلَخْ) وَانْظُرْ إذَا انْقَضَى الْأَجَلُ مَا الَّذِي يَفْعَلُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ فَإِنَّ مُطَالَبَتَهَا بِالْفَيْئَةِ وَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ لَا تَتَأَتَّى نَعَمْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَزْمِهِ عَلَى الضِّدِّ أَوْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَطْءِ مَغِيبَ كُلِّ الْحَشَفَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ بِتَمَامِهَا فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَمَا زَادَ عَلَى مَغِيبِ الْحَشَفَةِ يَنْوِي بِهِ الرَّجْعَةَ وَلَا يُخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّزْعِ فَقَطْ فَقَوْلُهُ: فَالنَّزْعُ حَرَامٌ أَيْ وَكَذَا الِاسْتِمْرَارُ لِأَنَّهُ بِمَغِيبٍ الْحَشَفَةِ يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَطْءٌ فِي مُظَاهَرٍ مِنْهَا قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ) أَيْ أَوْ النَّزْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ إلَخْ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ لَا يَطَأَ أَصْلًا أَوْ يَطَأَ لَكِنْ لَا يَنْوِي بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ) أَيْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهَا قَوْلَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ لِإِطْلَاقِ الْإِيلَاءِ كَمَا لِلشَّيْخِ خَضِرٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْسَانِ هُوَ التَّعْجِيلُ لِلثَّلَاثِ لَكِنْ بَعْدَ الرَّفْعِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا الْقَوْلُ فَإِنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ وَلَمْ يَحْصُلْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالْمُعَلَّقِ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ غَالِبٍ لِأَنَّ رِضَاهَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ نَادِرٌ فَيُنَجَّزُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ النَّزْعُ) أَيْ أَوْ الِاسْتِمْرَارُ وَإِنَّمَا عَدُّوا النَّزْعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 قَوْلِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَبِعِبَارَةٍ: تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا، وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَتَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ كَمَا قِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (ص) لَا كَافِرٍ وَإِنْ أَسْلَمَ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا (ش) لَا كَافِرٍ بِالرَّفْعِ وَالْجَرِّ إذْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى " مُسْلِمٍ " وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِهِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِيلَاءِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ كَافِرٍ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَلِفِ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَنَنْظُرُ هَلْ يَمِينُهُمْ تَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْوَطْءِ فَيَلْزَمَهُ الْإِيلَاءُ أَمْ لَا فَلَا يَلْزَمَهُ وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُطَالِبَةَ عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (ص) وَلَا لَأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتُهَا (ش) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ فِي حَلِفِهِ بِمَا ذُكِرَ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا اللَّخْمِيُّ لَكِنَّهُ مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بِهِ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلٍ فَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِذَلِكَ كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا إنْ وَقَفَ عَنْ مَسِّهَا فَهُوَ مُولٍ (ص) أَوْ لَا وَطِئْتُهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ لَيْلًا أَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا نَهَارًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ بِيَمِينِهِ الْأَزْمِنَةَ (ص) وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ فِي لَأَعْزِلَنَّ أَوْ لَا أَبِيتَنَّ أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وَإِنْ غَائِبًا أَوْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ بِلَا أَجَلٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عَنْ زَوْجَتِهِ زَمَانًا يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرُ الزَّوْجَةِ أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّارِكُ لِلْوَطْءِ ضَرَرًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا   [حاشية العدوي] هُنَا وَطْئًا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ بَابُ تَمَتُّعٍ فَلِذَا جُعِلَ بِالنَّزْعِ مُتَمَتِّعًا وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ صَارَ فَارًّا لِانْقِطَاعِ شَهْوَتِهِ فَلَمْ يَعُدُّوا النَّزْعَ وَطْئًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) أَيْ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَفِيهِ أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْعَزْمِ فَأَوْلَى لَا تَصِحُّ قَبْلَ لُزُومِ الظِّهَارِ، وَالظِّهَارُ لَمْ يَلْزَمْ وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ تَجَرَّأَ أَوْ وَطِئَ سَقَطَ إيلَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ وَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ إلَخْ) فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ سَقَطَ إيلَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ وَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ لَمْ تَطْلُبْهُ بِالْفَيْئَةِ وَهِيَ مِنْ الْمُظَاهِرِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تُجْزِئُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا بَعْدَ انْعِقَادِ الظِّهَارِ وَهُوَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةٌ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُ وَإِنَّمَا لَهَا الطَّلَبُ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَبْقَى مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ حَاضِرٌ وَقَالَ: أَنَا أَطَأُ وَأُعْتِقُهُ عَنْ ظِهَارِي إذَا أَوْلَجْتُ هَلْ يُتَّفَقُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى مُسْلِمٍ) وَ " مُسْلِمٍ " مَجْرُورٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ مَحَلًّا لِأَنَّهُ فَاعِلُ " يَمِينُ " لِأَنَّهُ بِمَعْنَى حَلِفٍ أَيْ أَنْ يَحْلِفَ مُسْلِمٌ ثُمَّ إنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ يَمِينٍ بِمَعْنَى حَلِفٍ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِي الْمَصْدَرِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ بَيْنَ التَّحَاكُمِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَّا مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: هَلْ يَمِينُهُمْ تَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْوَطْءِ) أَيْ أَوْ صَرِيحَةٌ فِي مَنْعِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُطَالِبَةَ) الْحَصْرُ لَيْسَ مُرَادًا وَلَوْ قَالَ وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ تُطَالِبُهُ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: لَأَهْجُرَنَّهَا) هُوَ عَدَمُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَمَسُّهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ غَيْرَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ أَصْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا أَنَّ الْمُقَيِّدَ اللَّخْمِيُّ كَمَا هُوَ مُفَادُ كَلَامِهِ بَعْدُ وَشَارِحُنَا تَابَعَ فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ بَهْرَامَ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَعِبَارَةُ عج تُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّ مُفَادَهَا أَنَّ الْقَيْدَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ وَاللَّخْمِيَّ أَجْرَاهُ فِي الْأُولَى أَيْضًا وَكَوْنُنَا نَقُولُ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ - أَيْ فِيمَا كُتِبَ عَلَيْهَا لِأَجْلِ بَقِيَّةِ الْعِبَارَةِ - بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ مُبَايِنٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عج (قَوْلُهُ: وَاجْتُهِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ الْفَاعِلِ أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَبِيتَنَّ) فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلٍ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْوَحْشَةِ وَمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ مِنْ كَوْنِ غَيْرِهَا مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا يَأْوِي إلَيْهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ هَكَذَا قَالُوا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اجْتِهَادٌ بَلْ يُجْزَمُ بِهَذَا الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَالظَّاهِرُ إمْكَانُ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النِّسْوَةِ لَهُ الْقُوَّةُ عَلَى الْبَيَاتِ وَحْدَهَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ الصَّوَابُ لَا أَبِيتُ مُجَرَّدًا عَنْ التَّوْكِيدِ لِأَنَّهُ جَوَابُ قَسَمٍ مَنْفِيٍّ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ إذَا كَانَ فِعْلًا مُضَارِعًا مَنْفِيًّا لَا يُؤَكَّدُ وَرُدَّ بِقَوْلِ التَّسْهِيلِ فِي بَابِ الْقَسَمِ: وَقَدْ يُؤَكَّدُ الْمَنْفِيُّ بِلَا كَقَوْلِهِ تَاللَّهِ لَا يُحْمَدَنَّ الْمَرْءُ مُجْتَنِبًا ... فِعْلَ الْكِرَامِ وَلَوْ فَاقَ الْوَرَى حَسَبًا وَالْأَكْثَرُ لَا يُؤَكَّدُ نَحْوُ {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: 38] أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْأَصَحِّ فَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ كَمَا فِي بَهْرَامَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِلَا أَجَلٍ الْمَنْفِيُّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي اجْتِهَادَهُ فِي ضَرْبِ قَدْرِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ هَذَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالسَّنَتَانِ وَالثَّلَاثُ لَيْسَتْ بِطُولٍ عِنْدَ الْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ السَّنَةُ فَأَكْثَرُ طُولٌ (قَوْلُهُ: ضَرَرًا) حَلُّ شَارِحِنَا يُفِيدُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِتَرْكِ الْوَطْءِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لِطَلَّقَ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ اجْتَهَدَ وَطَلَّقَ عَلَى مَنْ تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ وَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ ضَرَرِهَا بِذَلِكَ التَّرْكِ لَا لِتَرَكَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ تَرْكُهُ لِأَجْلِ ضَرَرِهَا فَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ وَلَوْ تَضَرَّرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْتَهِدُ وَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ ضَرَرِهَا كَمَنْ أَرَادَ اسْتِحْدَادًا فَتَرَامَتْ بِهِ الْمُوسَى حَتَّى قَطَعَتْ ذَكَرَهُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْإِيهَامَ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِقَوْمٍ غَابُوا بِخُرَاسَانَ إمَّا أَنْ يَقْدَمُوا أَوْ يُرَحِّلُوا نِسَاءَهُمْ إلَيْهِمْ أَوْ يُطَلِّقُوا أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقُوا طُلِّقَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ مُسْتَأْنَفٌ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِلَا أَجَلِ إيلَاءٍ فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَلَعَلَّهُ يَتْرُكُ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَمِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ ضَرَرًا قَطْعُ الذَّكَرِ ضَرَرًا لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْوَطْءِ وَالْمُرَادُ بِقَطْعِهِ ضَرَرًا أَنْ يَتَعَمَّدَ قَطْعَهُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَمَنْ شَرِبَ دَوَاءً لِقَطْعِ لَذَّةِ النِّسَاءِ كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ وَكَذَلِكَ إنْ شَرِبَهُ لِعِلَاجِ عِلَّةٍ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ يُذْهِبُ ذَلِكَ أَوْ شَاكٌّ. (ص) وَلَا إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ كَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَطِئْتُكِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَمَّمَ فِي يَمِينِهِ فَهِيَ يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ لَا يَلْزَمُهُ بِهَا حُكْمٌ (ص) أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ حُرٌّ أَوْ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ مِنْهَا صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا فَإِنْ مَلَكَ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ عَبْدًا أَوْ مَالًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَيَعْتِقَ، وَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى مَمْلُوكٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (ص) أَوْ لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ وَطْأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَتْرُكُ أَرْبَعَةً ثُمَّ يَطَأُ فَلَا يَبْقَى مِنْ السَّنَةِ إلَّا أَرْبَعَةٌ وَهِيَ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ (ص) أَوْ مَرَّةً حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ بِيَمِينٍ فَيُطَالَبُ بِالْوَطْءِ فَإِنْ وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الْمَرَّتَيْنِ فِي الْأُولَى أَوْ الْمَرَّةَ فِي الثَّانِيَةِ نُظِرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ فَلَا وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طُلِّقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُضَارًّا. (ص) وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ شَهْرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ حَتَّى يَزِيدَا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا إيلَاءَ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ صَوْمَ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَاهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَقَلُّ نَحْوُ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ هَذَا الشَّهْرِ أَوْ الشَّهْرَيْنِ أَوْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَاهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَمَّى شَهْرًا يَأْتِي بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ كَقَوْلِهِ وَهُوَ فِي رَمَضَانَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ صَفَرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَنْسَلِخَ صَفَرٌ فَإِنْ عَيَّنَ شَهْرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهِ أَرْبَعَةٌ فَأَقَلُّ كَقَوْلِ هَذَا فَعَلَيَّ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ أَوْ مَا قَبْلَهُ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بِصَوْمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ زَمَنَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ صَوْمَ يَوْمٍ، نَحْوُ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ ثُمَّ أَجَابَ سَائِلًا سَأَلَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ صَوْمُ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الشُّهُورِ الْأَرْبَعَةِ فَأَقَلَّ الْمُعَيَّنَةِ بِقَوْلِهِ (نَعَمْ إنْ وَطِئَ) فِي أَثْنَائِهَا (صَامَ بَقِيَّتَهَا) أَوْ قَبْلَ مَجِيءِ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ صَامَهُ إذَا جَاءَ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى مَضَتْ الْأَشْهُرُ الْمُعَيَّنَةُ أَوْ الشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ التَّعَيُّنِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ   [حاشية العدوي] أَوْ سَرْمَدَ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الضَّرَرُ عِلَّةً لِلتَّرْكِ قَضِيَّةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَذَا أَفَادَهُ عب وَيَرُدُّهُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا أَيْ لَا بِكَاعْتِرَاضٍ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سَبَبِهِ كَشُرْبِهِ مَا يُبْطِلُ شَهْوَتَهُ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ فُجْلَةَ فَإِنَّهُ قَالَ أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ غَيْرَ مُضَارٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا انْتَهَى وَالْحَقُّ مَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا وَغَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَمَا ذَكَرَهُ عب لَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ كَمَا يُعْلَمُ بِالْمُرَاجَعَةِ وَالْحُكْمُ يُؤْخَذُ صَرِيحًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بِكَاعْتِرَاضٍ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إلَخْ لَا يُفِيدُ الْمُدَّعَى مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ تَرْكُ الْوَطْءِ ضَرَرًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ غَيْبَتَهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَالْإِرْسَالَ لَهُمْ مَعَ عَدَمِ الْقُدُومِ وَالتَّرْحِيلِ وَالطَّلَاقِ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ تَرْكِ الْوَطْءِ ضَرَرًا وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إلَخْ) طَلَاقُ امْرَأَةِ الْغَائِبِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومُ مَوْضِعُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا الْجِمَاعَ بَلْ حَتَّى تَطُولَ غَيْبَتُهُ جِدًّا أَيْ سَنَةً فَأَكْثَرَ عَلَى مَا لِأَبِي الْحَسَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَا لِلْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ فَيُكْتَبُ لَهُ إنْ كَانَتْ تَبْلُغُهُ الْمُكَاتَبَةُ إمَّا قَدِمَ أَوْ تُرَحَّلُ امْرَأَتُهُ إلَيْهِ أَوْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطَلَّقَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ الْكَتْبِ إلَيْهِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْقُدُومِ وَالتَّطْلِيقِ تَلَوَّمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَاعْتَدَّتْ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الْمُكَاتَبَةُ طَلَّقَ عَلَيْهِ لِضَرَرِهَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي هَذِهِ وَفِي بُلُوغِ الْمُكَاتَبَةِ إلَيْهِ وَفِي دَعْوَاهَا التَّضَرُّرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَفِي خَوْفِ الزِّنَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَمَّدَ قَطْعَهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا وَمَفْهُومُ بَعْدَ مِلْكِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْمِلْكِ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُهُ وَأَمَّا مَا كَانَ مَالِكًا لَهُ حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَتْرُكُ وَطْأَهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ ذَلِكَ حَيْثُ رَجَعْنَا حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ (قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنَةِ) صِفَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَامَ مَا عَيَّنَهُ لِاحْتِمَالِ التَّبْعِيضِ فِي قَوْلِهِ فِي الشُّهُورِ الْأَرْبَعَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 كَإِنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ مَثَلًا كَانَ مُولِيًا كَمَا مَرَّ. (ص) وَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ فَمِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ (ش) أَيْ وَالْأَجَلُ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ شَهْرَانِ لِلْعَبْدِ مَبْدَؤُهُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رَفْعٌ وَلَا حُكْمٌ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا أَوْ لَا أَطَؤُكِ وَأَطْلَقَ أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنَاوَلَتْ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ أَوْ عُمُرِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَطَؤُكِ وَأَطْلَقَ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بَلْ احْتَمَلَتْ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ فَمِنْ الْحُكْمِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الصَّرِيحِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ لَا يَسْتَأْنِفُ الْأَجَلَ وَإِنْ رَفَعَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ حُسِبَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعُدْ بِالْوَطْءِ وَإِلَّا اُخْتُبِرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَقَوْلُهُ وَالْأَجَلُ أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِي الْإِيلَاءِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ الطَّلَاقُ فَأَجَلُ الْإِيلَاءِ أَيْ الْأَجَلُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُولِيًا غَيْرُ أَجَلِ الضَّرْبِ أَيْ غَيْرُ الْأَجَلِ الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِي الْأَجَلِ الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ وَفِيمَا مَرَّ فِي الْأَجَلِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُولِيًا. (ص) وَهَلْ الْمُظَاهِرُ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَامْتَنَعَ كَالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ أَوْ كَالثَّانِي وَهُوَ الْأَرْجَحُ أَوْ مِنْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ؟ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَبَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ فَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى إخْرَاجِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَامْتَنَعَ عَنْ إخْرَاجِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ حِينَئِذٍ وَإِذَا قُلْتُمْ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ فَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ فِي حَقِّهِ مِنْ يَوْمِ الظِّهَارِ كَمَنْ يَمِينُهُ صَرِيحَةٌ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ. وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةَ الْبَرَادِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ أَوْ يَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ فِي حَقِّهِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ كَمَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُحْتَمِلَةً لِأَجَلِ الْإِيلَاءِ وَلِأَقَلَّ مِنْهُ وَهُوَ لِمَالِكٍ أَيْضًا وَالْأَرْجَحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرِيحًا إنَّمَا هُوَ لَازِمٌ شَرْعًا أَوْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ وَهُوَ يَوْمُ الِامْتِنَاعِ مِنْ التَّكْفِيرِ وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ مُتَسَاوِيَةٌ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَا رُجِّحَ مِنْهَا وَلَا قَوْلَ الْبَاجِيِّ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ عَلَيْهِ أَجَلَ الْإِيلَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقِيَامِ عُذْرِهِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً إلَخْ) الصَّرَاحَةُ فِي الْمُدَّةِ لَا فِي تَرْكِ الْوَطْءِ فَتَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ أَيْ صَرِيحَةً وَلَوْ حُكْمًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ وَأَطْلَقَ فَإِنَّ هَذِهِ مُلْحَقَةٌ بِالصَّرِيحِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مُطِيقَةً وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطِيقَةِ فَالْأَجَلُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْإِطَاقَةِ قَالَ مُحَشِّي تت مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ بِشَرْطَيْنِ أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ إمَّا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا وَأَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ) فَالصَّرَاحَةُ لَيْسَتْ مُنْصَبَّةً لِتَرْكِ الْوَطْءِ كَمَا قُلْنَاهُ وَإِنَّمَا هِيَ مُنْصَبَّةٌ لِلْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ فَقَدْ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ الْوَطْءِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا هَذَا تَحْرِيرُ كَلَامِهِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ وَذِكْرِهِ فَإِذَا عَلِمْتِ ذَلِكَ فَكَلَامُ شَارِحِنَا مُوَافِقٌ لَهُ فَقَوْلُهُ: صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ الصَّرَاحَةُ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْمُدَّةِ، وَتَرْكُ الْوَطْءِ إمَّا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا وَقَوْلُهُ بَلْ احْتَمَلَتْ مُحْتَرَزُ الصَّرَاحَةِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ مُحْتَرَزُ تَرْكِ الْوَطْءِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالشَّرْطُ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ فَالْأَجَلُ فِي قَوْلِهِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ فَقَدْ قَالَ مُحَشِّي تت بَعْدَ كَلَامٍ فَقَدْ بَانَ لَكِ أَنَّ الْحَلِفَ مَتَى كَانَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَالْأَجَلُ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ وَلَوْ احْتَمَلَتْ يَمِينُهُ أَقَلَّ فَالشَّرْطُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْيَمِينَ مَتَى كَانَتْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَلَوْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ فَمِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَمِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ثُمَّ إنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ الَّتِي قُلْنَا إنَّ الْأَجَلَ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ تَارَةً يَظْهَرُ بِحَسَبِ الْحَالِ وَتَارَةً يَظْهَرُ بِحَسَبِ الْمَآلِ فَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ وَعُلِمَ تَأْخِيرُ قُدُومِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ بِحَسَبِ الْحَالِ وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ أَوْ يَمُوتَ زَيْدٌ وَمَضَى أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ تَارِكٌ لِلْوَطْءِ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ وَيُعْتَبَرُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ لَكِنْ بِحَسَبِ الْمَآلِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) أَيْ فَمَحَلُّ الْأَقْوَالِ إذَا كَانَ الظِّهَارُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ عَلَى الْوَطْءِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يُطَالَبْ بِالْفَيْئَةِ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا مَمْنُوعٌ بَلْ إمَّا أَنْ يُطَالَبَ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَمْكُثَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَإِنْ ارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَصَارَ مُظَاهِرًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرِيحًا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ نَاظِرٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّهُ مُولٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا رُجِّحَ مِنْهَا) وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَقَوْلُهُ " وَلَا قَوْلَ " مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ " الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ " مَقُولُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَهْرَامَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 الْعُسْرُ وَالْعَجْزُ عَنْ الصِّيَامِ بَعْدَ عَقْدِ الظِّهَارِ وَأَمَّا إنْ عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنْ حَلِّهِ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ الضَّرَرَ بِالظِّهَارِ ثُمَّ يُخْتَلَفُ هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ الْآنَ أَوْ يُؤَخَّرُ إلَى انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ (ص) كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ (ش) الْفَيْئَةُ الرُّجُوعُ وَالْمُرَادُ بِهَا فِي بَابِ الْإِيلَاءِ رُجُوعُهُ إلَى مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالتَّشْبِيهُ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ الْمُتَقَدِّمَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْطُوقِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ مَعَ قُدْرَتِهِ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ أَوْ أَرَادَ الْفَيْئَةَ بِالتَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ فَيُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ وَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ وَحُكْمِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ تَبَيَّنَ مِنْهُ الضَّرَرُ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ هَكَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ لَكِنْ يُحْتَاجُ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ لِنَقْلٍ فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَتَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّكْفِيرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إيلَاءٌ كَالْعَبْدِ إلَخْ وَعَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْوَجْهَيْنِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَوَجْهُ مَنْ يَرَى لُزُومَ الْإِيلَاءِ لِلْعَبْدِ إذَا مُنِعَ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ أَنَّهُ مُضَارٌّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى ذَلِكَ وَمَفْهُومُ " بِوَجْهٍ جَائِزٍ " أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ الصَّوْمَ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِيلَاءُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَنْحَلُّ بِهِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ فَقَالَ (ص) وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَعُودَ بِغَيْرِ إرْثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ عَنْهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُضَارًّا لَهَا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلٍ وَسَوَاءٌ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَبَيْعِ السُّلْطَانِ لَهُ فِي فَلَسٍ فَلَوْ عَادَ الْعَبْدُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا ثَانِيًا إلَى مِلْكِ الْحَالِفِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ غَيْرِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَعُودُ عَلَيْهِ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الزَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. أَمَّا إنْ عَادَ إلَيْهِ الْعَبْدُ كُلُّهُ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ الْإِرْثَ جَبْرِيٌّ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَعَوْدُ بَعْضِ الْعَبْدِ بِإِرْثٍ وَبَعْضِهِ بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ كَعَوْدِهِ كُلِّهِ بِغَيْرِ إرْثٍ وَإِذَا عَادَ بَعْضُهُ بِغَيْرِ إرْثٍ وَطُولِبَ بِالْفَيْئَةِ فَوَطِئَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ وَقُوِّمَ بَاقِيهِ. (ص) كَالطَّلَاقِ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا لَا لَهَا (ش) اللَّامُ فِي لَهَا بِمَعْنَى عَلَى أَيْ لَا عَلَيْهَا إذْ الْمَحْلُوفُ لَهَا لَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا ثُمَّ إنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَنَّهُ يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِعَوْدِ الْمَحْلُوفِ بِهَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الطَّلَاقُ غَايَتَهُ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَيَعُودُ فِيهَا وَلَوْ طَلُقَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا دَامَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ بِهَا لَمْ يَبْلُغْ غَايَتَهُ فَإِذَا قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَاحِدَةً مَثَلًا إنْ وَطِئْتُ عَزَّةَ فَطَلَّقَ زَيْنَبَ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ وَطْءُ عَزَّةَ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا عَادَ مُولِيًا فِي عَزَّةَ حَيْثُ لَمْ يُؤَجِّلْ أَوْ أَجَّلَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ وَطِئَ عَزَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ فِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُخْتَلَفُ) أَيْ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى دُخُولِ الْإِيلَاءِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ الْآنَ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ) أَيْ أَوْ يَحْدُثُ لَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِهِ ذَلِكَ فَيُؤْمَرُ بِالتَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ) ارْتَضَى عج تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَرَدَّ تَقْرِيرَ ابْنِ غَازِيٍّ أَيْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُظَاهِرِ الْعَاجِزِ قَائِلًا وَنَحْوَهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُوَطَّأِ وَلِلْمَرْأَةِ الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ حِينَئِذٍ فَتَرْفَعُهُ لِلْحَاكِمِ إمَّا فَاءَ أَوْ طَلَّقَ وَاعْتَرَضَ مُحَشِّي تت كَلَامَ عج قَائِلًا: وَأَمَّا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ فَبَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جِدًّا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّابِعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ مُطْلَقًا فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الصَّوْمِ وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ هَذَا لِمَالِكٍ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ثُمَّ تَأَوَّلَ عِبَارَةَ الْمُوَطَّأِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعُودَ بِغَيْرِ إرْثٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَعُودَ فَلَا يَنْحَلُّ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ يَعُودُ عَلَيْهِ وَالْعَوْدُ غَيْرُ الِانْحِلَالِ وَأَجَلُهُ حِينَئِذٍ مِنْ يَوْمِ الرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً أَوْ مُحْتَمِلَةً عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فَمِنْ الْعَوْدِ فِي الصَّرِيحَةِ وَمِنْ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَمِثْلُ الْعَوْدِ بِإِرْثٍ مَا إذَا عَادَ بِشِرَاءٍ بَعْدَ أَنْ عَتَقَهُ وَرَدَّهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ وَانْظُرْ لَوْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ عِتْقِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَرَاهِم هَلْ يَعُودُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَمَا طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ ثُمَّ إذَا عَادَ بِشِرَاءٍ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ السَّابِقِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ قَالَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا) فِي شَرْحِ شب وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: اللَّامُ فِي لَهَا بِمَعْنَى " عَلَى ") عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 107] أَيْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إذْ الْمَحْلُوفُ لَهَا) أَيْ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ طَالِقٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا عَادَ مُولِيًا فِي عَزَّةَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ إلَّا عِنْدَ الزَّوَاجِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي بَانَ قَاصِرًا عَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 عِدَّةِ زَيْنَبَ حَنِثَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ فِي زَيْنَبَ وَلَوْ طَلَّقَ زَيْنَبَ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ فِي عَزَّةَ إيلَاءٌ لِبُلُوغِ الطَّلَاقِ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا الْغَايَةَ وَلَوْ طَلَّقَ عَزَّةَ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَزَيْنَبُ عِنْدَهُ عَادَ مُولِيًا مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ زَيْنَبَ شَيْءٌ. (ص) وَبِتَعَجُّلِ الْحِنْثِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَنْحَلُّ وَيَزُولُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ عَنْ الْمُولِي إذَا عَجَّلَ الْحِنْثَ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَزَوْجَتِي فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلَاقًا ثَلَاثًا أَوْ أَخَّرَ طَلْقَةً أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَحْلُوفَ بِعِتْقِهِ أَوْ صَامَ الشَّهْرَ الَّذِي عَلَّقَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ وتت وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَ حِنْثٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِعْلُ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَتَرْكُ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا هُوَ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إلَخْ وَبِعِبَارَةٍ وَبِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ أَيْ وَبِتَعْجِيلِ مُقْتَضَى الْحِنْثِ كَعِتْقِ الْعَبْدِ الْمَحْلُوفِ بِعِتْقِهِ أَنْ لَا يَطَأَ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِي بَابِ الْيَمِينِ مُخَالَفَةُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُوجِبُهُ الْحِنْثُ وَهُوَ الْعِتْقُ فِي مِثَالِنَا وَأَمَّا الْحِنْثُ فَهُوَ وَطْؤُهَا بِالْفِعْلِ (ص) وَبِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ (ش) أَيْ وَمِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْحَلُّ بِهَا الْإِيلَاءُ وَيَزُولُ حُكْمُهُ مَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ لِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ فَقَوْلُهُ مَا يُكَفَّرُ أَيْ مَا يَقْبَلُ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ. (ص) وَإِلَّا فَلَهَا وَلِسَيِّدِهَا - إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا - الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ انْحِلَالُ الْإِيلَاءِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ عِتْقُ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الْمَحْلُوفِ بِعِتْقِهِ وَلَا تَعْجِيلُ الْحِنْثِ وَلَا تَكْفِيرُ مَا يُكَفَّرُ فَلِلزَّوْجَةِ حِينَئِذٍ الْحُرَّةِ دُونَ وَلِيِّهَا صَغِيرَةً مُطِيقَةً أَوْ كَبِيرَةً وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَلِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ حَيْثُ يُرْجَى مِنْهَا الْوَلَدُ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ الْآتِي تَفْسِيرُهَا هَذَا إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ الزَّوْجَةِ عَقْلًا كَرَتْقَاءَ أَوْ عَادَةً كَمَرِيضَةٍ أَوْ شَرْعًا كَحَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْقَيْدِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَنَّ الْمُطَالَبَةَ الْمَذْكُورَةَ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (ص) وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْقُبُلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَيْئَةَ فِي اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ - لِغَيْرِ الْمُظَاهِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ وَمَنْ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا شَرْعًا - مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْقُبُلِ فَلَوْ غَيَّبَهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَغْيِيبِهَا افْتِضَاضُ الْبِكْرِ وَكَانَ الْوَطْءُ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا افْتِضَاضَهَا قَالَ (وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ) فَلَا يَنْحَلُّ فِيهَا بِدُونِهِ وَإِنْ حَنِثَ وَأَمَّا الْفَيْئَةُ لِلْمُظَاهِرِ فَهِيَ تَكْفِيرُهُ كَمَا مَرَّ وَلِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ الْوَعْدُ كَمَا يَأْتِي ثُمَّ شَرَطَ فِي تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ الْإِبَاحَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ حَلَّ) لَا فِي حَيْضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ قِيلَ: لَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ يُحَنَّثُ بِهِ وَحَيْثُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ انْحِلَالَ الْيَمِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْفَرْجَ وَبِعِبَارَةٍ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ انْحِلَالَ الْيَمِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْئَةِ (ص) وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ (ش) هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا فِي حَالِ جُنُونِهِ فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ لِنَيْلِهَا بِوَطْئِهِ مَا تَنَالُ فِي صِحَّتِهِ فَلَوْ ظَاهَرَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ، وَفَاءَ حَالَ جُنُونِهِ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا   [حاشية العدوي] الْغَايَةِ أَوْ مُكَمِّلًا لَهَا (قَوْلُهُ: طَلَاقًا ثَلَاثًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِدُونِ فَطَلَّقَهَا، وَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ بَائِنًا. (قَوْلُهُ: أَوْ صَامَ الشَّهْرَ) فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يَنْفَعْهُ الصَّوْمُ وَإِذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَقَدْ فَاتَ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَلَّقَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَبِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ إلَخْ) وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ إلَخْ وَالْأَحْسَنُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمُرَادُ تَعْجِيلُ نَفْسِ الْحِنْثِ بِأَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الْوَقْفِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالنَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ) بِأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ نَذْرٌ. (قَوْلُهُ: صَغِيرَةً) وَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا مَا جَرَى فِي التَّفْوِيضِ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي تَمْيِيزُهَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا تُوطَأُ وَهَذَا الثَّانِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونَةً) وَالْمُرَادُ طَلَبُ الْمَجْنُونَةِ بَعْدَ عَقْلِهَا إذْ حَالَ جُنُونِهَا لَا يَثْبُتُ لَهَا طَلَبٌ وَالْمُغْمَى عَلَيْهَا مِثْلُهَا وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا كَلَامٌ حَالَ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُمَا (قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِهَا) أَيْ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ لَا إنْ عَتَقَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِهَا أَوْ بِالزَّوْجِ عُقْمٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) وَالْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمُطَالَبَةَ أَيْ بِالْوَطْءِ وَأَمَّا إذَا امْتَنَعَ الْوَطْءُ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْوَعْدِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقُبُلِ) يَصْدُقُ بِتَغْيِيبِهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ وَهَذَا كَتَغْيِيبِهَا فِي الدُّبُرِ فَلَا يَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ) فَلَا يَكْفِي تَغْيِيبُهَا مَعَ عَدَمِهِ فِي كَالْغَوْرَاءِ لِصَغِيرِ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ الْوَعْدُ) وَكَذَا الْمُمْتَنِعُ وَطْؤُهَا شَرْعًا كَحَيْضٍ (قَوْلُهُ: تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ انْتِشَارٌ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عج يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالتَّحْلِيلِ لِعَدَمِ مَقْصُودِهَا وَإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِدُونِهِ وَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ الِاكْتِفَاءُ بِانْتِشَارِهِ وَلَوْ دَاخِلَ الْفَرَجِ، وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَغْيِيبِهَا مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ أَوْ كَمَالَهَا، وَقَدْرُ الْحَشَفَةِ كَهِيَ (قَوْلُهُ: انْحَلَّ الْإِيلَاءُ) أَيْ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا سَبَبُهُ) أَيْ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَبَبُ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى السَّبَبُ يَنْتَفِي الْمُسَبَّبُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُنْتَفِيَ بِانْتِفَاءِ السَّبَبِ أَصْلُ وُجُودِهِ لَا اسْتِمْرَارِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مُسْتَلْزِمٌ لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْئَةِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْإِيلَاءِ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ظَاهَرَ عَاقِلًا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ جُنَّ أَيْ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ الْفَيْئَةَ وَفَاءَ حَالَ جُنُونِهِ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا بِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 بِهَا وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ فَإِذَا صَحَّ يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ وَحَمَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى جُنُونِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَذَكَرَ فِي التَّعْلِيلِ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يُفِيدُ اخْتِصَاصَهُ بِجُنُونِ الرَّجُلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَطْءُ الْمُكْرَهِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَا تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَبَحْثُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ ضَعِيفٌ (ص) لَا بِوَطْءٍ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَحَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا مَثَلًا فَإِنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَنْحَلُّ عَنْهُ بِذَلِكَ أَيْ الْمُطَالَبَةُ وَيَحْنَثُ أَيْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى عِنْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا فِي فَرْجِهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ وَلَا تَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَالْإِيلَاءُ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (ص) وَطُلِّقَ إنْ قَالَ لَا أَطَأُ بِلَا تَلَوُّمٍ وَإِلَّا اُخْتُبِرَ مَرَّةً وَمَرَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ الْمُطِيقَةُ لِلْوَطْءِ الْفَيْئَةَ وَهِيَ الْوَطْءُ أَوْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ السَّيِّدُ بَعْدَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ لَا أَفِيءُ أَيْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ وَمِنْ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوقِعُ عَلَيْهِ طَلْقَةً يَمْلِكُ الْوَلِيُّ فِيهَا الرَّجْعَةَ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْوَطْءِ بَلْ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَا أَفِيءُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَخْتَبِرُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طُلِّقَ عَلَيْهِ (ص) وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ جَامَعَ الْمُولَى مِنْهَا فِي أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَكَذَّبَتْهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُحَلَّفُ وَلِيُّهَا وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ سَفِيهَةً أَيْ حَيْثُ نَكَلَ الزَّوْجُ وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجَةِ فَلَيْسَ هَذَا كَمَا مَرَّ فِي الْعُيُوبِ فِي قَوْلِهِ وَحُلِّفَتْ هِيَ أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا فَيَنْبَغِي إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَيْ أَوْ مَجْنُونَةً أَنْ يَسْقُطَ عَنْهَا الْيَمِينُ (ص) وَإِلَّا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ الْوَطْءَ وَهُوَ الْفَيْئَةُ وَلَا وَعَدَ بِهَا وَمَضَى زَمَنُ الِاخْتِبَارِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ لِزَوْجَتِهِ إذَا طَلَبَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ سَيِّدُهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ امْتَنَعَ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِلَا تَلَوُّمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَصَالِحُو الْبَلَدِ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ وَيَجْرِي هُنَا مَا فِي امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ قَوْلَانِ وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا فَلَهَا الْقِيَامُ مَتَى شَاءَتْ وَقِيلَ تُحَلَّفُ مَا أَسْقَطَتْهُ لِلْأَبَدِ (ص) وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمَحْبُوسَ   [حاشية العدوي] إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ فَلَوْ آلَى حَالَ جُنُونِهِ فَظَاهِرٌ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ فَلَوْ آلَى أَيْ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْإِيلَاءِ وَكَذَا صَوَّبَ الْعِبَارَةَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ وَيُمْكِنُ صِحَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَا قُلْنَا وَنَقُولُ: قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ أَيْ حُكْمًا بِحَيْثُ لَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ فَالْإِيلَاءُ يَلْحَقُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ اخْتِصَاصَهُ بِجُنُونِ الرَّجُلِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْمُكْرَهِ لَغْوٌ) أَيْ فَلَا يَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ لَانْحَلَّ بِهِ الْإِيلَاءُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ انْحِلَالِ الْيَمِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْحِلَالِ الْيَمِينِ انْحِلَالُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ ضَعِيفٌ) لِأَنَّهُ قَالَ: وَقِيَاسُ قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْجُنُونِ بِأَنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهِ فَيْئَةٌ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي سُقُوطِ حَدِّ الْمَجْنُونِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْإِكْرَاهَ إنَّمَا يَنْفَعُ فِي الْأَقْوَالِ لَا الْأَفْعَالِ اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ) فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ لِمُطَابَقَةِ نِيَّتِهِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، وَالْإِيلَاءُ بَاقٍ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ تُفْهِمَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَرَادَ الِاجْتِنَابَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ حِينَئِذٍ قَالَهُ تت. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُخْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْوَطْءِ وَلَكِنْ وَعَدَ بِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَكَتَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ (قَوْلُهُ: مَرَّةً وَمَرَّةً) هَذِهِ الْوَاوُ زَادَهَا بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى الْمَتْنِ زَادَهَا فِي الْمَزْجِ إمَّا بِمَعْنَى " وَقْتًا فَوَقْتًا " فَيَكُونُ ظَرْفًا أَوْ اخْتِبَارًا مَرَّةً وَمَرَّةً فَيَكُونُ مَفْعُولًا مُطْلَقًا أَوْ " حَالَةَ كَوْنِ الِاخْتِبَارِ مَرَّةً مَرَّةً " فَيَكُونُ حَالًا كَذَا فِي عب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ كَتَارَةً وَطَوْرًا وَلَا بُدَّ مِنْ مَرَّةٍ ثَالِثَةٍ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا وَلَوْ أَسْقَطَ وَاوَ " مَرَّةً " الثَّانِيَةِ وَصَارَ عَلَى حَدِّ {صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] وَ {دَكًّا دَكًّا} [الفجر: 21] لَتُوُهِّمَ شُمُولُهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّهَا هِيَ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوقِعُ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَطَلَّقَ أَيْ وَطَلَّقَ الْحَاكِمُ أَوْ صَالِحُو الْبَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالطَّلَاقِ فَيَمْتَنِعَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ يَجْرِيَانِ أَيْضًا هُنَا فَيُقَالُ هَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ عب وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ شَارِحِنَا أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَطُلِّقَ " مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَالْمُرَادُ طَلَّقَ الْحَاكِمُ أَوْ صَالِحُو الْبَلَدِ إنْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ الْوَطْءِ وَمِنْ الطَّلَاقِ كَمَا أَفَادَهُ شَرْحُ شب وَفِي عب مَا يُفِيدُ قِرَاءَتَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لِأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَأُمِرَ بِهَا طَلَّقَ إنْ قَالَ لَا أَطَأُ بَعْدَ تَلَوُّمٍ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ صَالِحُو الْبَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثِ مِرَارٍ) وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ الثَّلَاثَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ) بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَقِّهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ هُوَ أَيْضًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ مَتَى عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِصِدْقِ مُرَادِهِ مَعَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْقُطَ عَنْهَا الْيَمِينُ) أَيْ وَيُطَلَّقَ عَلَيْهَا الْآنَ وَأَمَّا الْبَالِغُ فَتُحَلَّفُ وَلَوْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ: يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ الْوَطْءَ) أَيْ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَبَى الْحَلِفَ وَحُلِّفَتْ وَلَا يَدْخُلُ هُنَا إذَا قَالَ لَا أَطَأُ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَطُلِّقَ إنْ قَالَ لَا أَطَأُ بِلَا تَلَوُّمٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَعَدَ بِهَا) بَلْ سَكَتَ وَقَوْلُهُ: وَمَضَى زَمَنٌ أَيْ أَوْ وَعَدَ وَمَضَى زَمَنُ الِاخْتِبَارِ فَبِهَذَا الْحَلِّ اسْتَقَامَ الْكَلَامُ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَالرَّكَّةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْقَادِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَالْمَحْبُوسُ الْقَادِرُ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ بِمَا لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَالْغَائِبَ الْغَيْبَةَ الْبَعِيدَةَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ كُلِّ ذِي عُذْرٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا كَالْحَائِضِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَهُمْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَإِنَّ الْفَيْئَةَ فِي حَقِّهِمْ بِمَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِهِ مِنْ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ حَلَفَ بِعِتْقِهِ أَوْ بِتَعْجِيلِ حِنْثٍ أَوْ بِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ فِي غَيْرِ الْمُولَى مِنْهَا أَوْ فِيهَا وَلَا تَكُونُ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ بِالْوَطْءِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (ص) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ قَبْلَهُ كَطَلَاقٍ - فِيهِ رَجْعَةٌ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا -، وَصَوْمٍ - لَمْ يَأْتِ -، وَعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْوَعْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَزَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ عَلَيَّ مَشْيٌ أَوْ عَلَيَّ صِيَامُ أَيَّامٍ لَمْ يَأْتِ زَمَنُهَا فَإِنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَيْهِ لَمْ تَنْحَلَّ فَإِذَا وَطِئَهَا وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَ ضَرَّتَهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَهَا لَزِمَهُ عِتْقُ عَبْدٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْحِنْثِ أَنْ يَتَصَدَّقَ أَيْضًا لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْفَيْئَةُ فِي ذَلِكَ تَكُونُ بِالْوَعْدِ بِالْوَطْءِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ لَا بِالْوَطْءِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسِّجْنِ وَلَا بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالصَّوْمِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ إذْ لَوْ فَعَلَهُ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ كَمَا مَرَّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيهِ رَجْعَةٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ رَجْعَةٌ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَالِغًا الْغَايَةَ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ عَنْهُ بِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ وَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصُومُ حَتَّى يَطَأَ وَفِي الثَّانِي إذَا انْقَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَاتَ (ص) وَبَعَثَ لِلْغَائِبِ وَإِنْ بِشَهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ لِلشَّخْصِ الْحَالِفِ أَجَلَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ انْقَضَى فَوُجِدَ حِينَئِذٍ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً مَسَافَتُهَا شَهْرَانِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ طَلَّقَ عَلَيْهِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدَمَ فِي الْأَجَلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعَثَ أَنَّهُ مَعْلُومُ الْمَوْضِعِ وَإِلَّا فَهُوَ مَفْقُودٌ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْإِيلَاءِ لِعَدَمِ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مَعَ الْفَقْدِ سَاقِطٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ حَيْثُ أَرَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ فَإِنْ أَبَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَفَائِدَةُ إخْبَارِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ لَهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ. (ص) وَلَهَا الْعَوْدُ إنْ رَضِيَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُولَى مِنْهَا إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَرَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَأَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْفَيْئَةِ ثُمَّ إنَّهَا رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا وَطَلَبَتْ الْفِرَاقَ فَلَهَا أَنْ تُوقِفَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ فَإِمَّا أَفَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا صَبْرَ لِلنِّسَاءِ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ وَدَوَامِهِ فَكَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْ قَدْرَهُ وَمَرَّ نَظِيرُ هَذَا فِي امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ عِنْدَ قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] الْخَلَاصِ بِمَا لَا يُجْحِفُ فَفَيْئَةُ كُلٍّ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: وَالْغَائِبَ الْغَيْبَةَ الْبَعِيدَةَ) وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ إذَا بُعِثَ لَهُ يَفِيءُ بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ) أَيْ لَا يَنْفَعُ فِيهَا التَّكْفِيرُ أَوْ لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: كَطَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَطِئْتُ عَمْرَةَ فَزَيْنَبُ طَالِقٌ فَطَلَّقَ عَمْرَةَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ فِيهَا أَوْ طَلَّقَ زَيْنَبَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قَالَهُ شب وَنَصُّهُ فِيهَا نَحْوُ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرَهَا كَأَنْ يَقُولَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ مُولٍ بَلْ الْمُرَادُ يَمِينُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ مَعَ رُجُوعِهِ لَهُمَا لِأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ أَوْ بِتَأْوِيلِهِ بِمَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ مُعَيَّنَةٌ) الْأَوْلَى غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصُومُ حَتَّى يَطَأَ) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ " أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَسْلِيمُ هَذَا الظَّاهِرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَهُوَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ فِيهِ مِمَّا تُكَفَّرُ (قَوْلُهُ: وَبَعَثَ لِلْغَائِبِ إلَخْ) أَيْ الْمُولِي فِي غَيْبَتِهِ أَوْ كَانَ حَاضِرًا فَغَابَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَحَلَّ أَجَلُهُ فِي غَيْبَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْبَعْثُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ قَبْلَهُ لَيْسَ لَهَا كَلَامٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشَهْرَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ مُلْتَبِسًا بِشَهْرَيْنِ أَيْ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ بِمَسَافَةِ شَهْرَيْنِ أَيْ مَعَ الْأَمْنِ فِيمَا يَظْهَرُ وَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا مَعَ الْخَوْفِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمَيْنِ مَعَهُ يُقَاوِمُ عَشَرَةً مَعَ الْأَمْنِ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْمُطَالِبَةُ. (قَوْلُهُ: غَيْبَةً بَعِيدَةً) حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ هَذَا مَعَ الْأَمْنِ وَأَمَّا مَعَ الْخَوْفِ فَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ طُلِّقَ عَلَيْهِ (أَقُولُ) إذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ الشَّهْرَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ غَيْبَةً قَرِيبَةً وَمِثْلُهُ الِاثْنَا عَشَرَ مَعَ الْخَوْفِ غَيْبَةٌ قَرِيبَةٌ وَيَكُونَ الْبَعِيدُ مَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَضَرَرِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مَعَ الْفَقْدِ سَاقِطٌ) فَلَا يُضْرَبُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْعَوْدُ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْإِسْقَاطَ بِمُدَّةٍ وَإِلَّا لَزِمَهَا الصَّبْرُ لَهَا ثُمَّ تَقُومُ بِلَا أَجَلٍ وَلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ وَمِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ كَامْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَمْرٌ إلَخْ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّضَرُّرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ أَشَدُّ مِنْ التَّضَرُّرِ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ نَفَقَتَهَا لَزِمَهَا إسْقَاطُهَا وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْفَيْئَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ بِخِلَافِ امْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَيْ ذِي الذَّكَرِ الصَّغِيرِ. (ص) وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ زَوْجَتَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً بِشَرْطِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ وَانْحِلَالُهَا يَكُونُ إمَّا بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَإِمَّا بِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ فِي الْعِدَّةِ كَمَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ وَإِمَّا بِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ فِي الْعِدَّةِ كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ بَائِنٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِثْلُ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ رِضَا الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يَنْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ رَجْعَتَهُ تَكُونُ مُلْغَاةً أَيْ بَاطِلَةً لَا أَثَرَ لَهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِشُرُوطِهِ. وَكَذَا تُلْغَى رَجْعَةُ مَنْ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا مَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ وَهَذَا يُخَصِّصُ عُمُومَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ إلَخْ (ص) وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي " إنْ وَطِئْتُ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ " طَلَّقَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ قَالَ لَهُمَا إنْ وَطِئْتُ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ فَمَتَى وَطِئَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ الْأُخْرَى فَإِنْ أَبَى أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ أَوْ يُطَلِّقُ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ، وَإِلَّا فَطَلَاقُ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَا يُمْكِنُ إذْ الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي تَعْيِينَ مَحَلِّهِ وَفِي تَطْلِيقِ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمَنْ قَامَتْ بِحَقِّهَا مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُهُمَا مَعًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ: هَلْ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُمَا أَوْ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُمَا أَوْ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا مِنْ إحْدَاهُمَا اهـ لَفْظُ التَّوْضِيحِ وَمُرَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَعْضِ الشُّيُوخِ ابْنُ مُحْرِزٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا إذْ قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إذْ هِيَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمُولَى مِنْهَا وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِنْ رَفَعَتَاهُ جَمِيعًا ضُرِبَ لَهُ فِيهِمَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ثُمَّ وُقِفَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا. (ص) وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ) عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا فِي الْفَيْئَةِ ثُمَّ أَرَادَتْ الْإِيقَافَ فَلَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ كَاَلَّتِي تَرْضَى بِالْمُعْتَرِضِ أَوْ الْمُعْسِرِ لِأَنَّهَا تَقُولُ رَجَوْتُ فَيْئَتَهُ وَزَوَالَ اعْتِرَاضِهِ وَعُسْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَتْ بِالْعِنِّينِ أَيْ ذِي الذَّكَرِ الصَّغِيرِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ نَعَمْ يُتَلَوَّمُ فِي امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ أَيْ فَلَوْ قَالَتْ عِنْدَ انْقِضَاءِ التَّلَوُّمِ لَهُ فِي نَفَقَتِهَا لَا تُطَلِّقُونِي عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ ثُمَّ تَقُولُ بَعْدَ أَيَّامٍ طَلِّقُونِي عَلَيْهِ لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا وَتُلَوَّمُ لَهُ ثَانِيَةً ابْنُ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ وَالْمُولِي أَنَّ الْأَجَلَ فِيهِمَا سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ لَا اجْتِهَادَ فِيهَا فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ لَهَا فِيهِمَا لَمْ يَنْتَقِضْ حُكْمُهُ لَهَا بِتَأْخِيرِهَا لَهُ وَالتَّلَوُّمُ لِلْعَاجِزِ عَنْ النَّفَقَةِ إنَّمَا هُوَ بِالِاجْتِهَادِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِالْقِيَامِ مَعَهُ بَعْدَ تَلَوُّمِهِ لَهُ بَطَلَ ذَلِكَ التَّلَوُّمُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يُطَلَّقَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَلَوُّمٍ آخَرَ انْتَهَى قَالَ عج إنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ إذَا رَضِيَتْ بِالْعُسْرِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ إسْقَاطَ النَّفَقَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَازِمٌ قُلْت فُرِّقَ بَيْنَ الْإِسْقَاطِ وَبَيْنَ الرِّضَا بِالْعُسْرِ رَجَاءَ أَنْ يُوسِرَ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّضَرُّرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ أَشَدُّ مِنْ التَّضَرُّرِ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ نَفَقَتَهَا لَزِمَهَا إسْقَاطُهَا وَإِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْفَيْئَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّ رَجْعَتَهَا بَاطِلَةٌ مَعَ الرِّضَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَحْنُونًا يَقُولُ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إلَّا بِانْحِلَالِ الْيَمِينِ وَلَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِالْبَقَاءِ فِي غَيْرِ الْوَطْءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ (قَوْلُهُ: يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَالزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ فِي الَّتِي يُطَلِّقُهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ يُطَلِّقُ أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) هُوَ - أَيْ ذَلِكَ النَّظِيرُ - مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ مُحْرِزٍ بِقَوْلِهِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ إحْدَاكُمَا سَنَةً وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا فَقَدْ قِيلَ لَا إيلَاءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَطَأَ إحْدَاهُمَا وَإِنْ وَطِئَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْ الْأُخْرَى وَيَجِيءُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا مِنْ الْآنَ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُرَادَهُ إنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ هَذِهِ وَمِنْ وَطْءِ هَذِهِ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا أَفَادَتْهُ الْعِبَارَةُ الَّتِي بَعْدَ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شب مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ إحْدَاهُمَا تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ تَبَعًا لِمَا فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ ظَنًّا مِنْهُمْ جَرَيَانَهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ عَدَمِ الْإِيلَاءِ مِنْهُمَا وَمِنْ إحْدَاهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ مِنْهُمَا بَلْ مِنْ إحْدَاهُمَا وَهُمَا تَابِعَانِ لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَبِعَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ) وَلَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا أَنْ يَفِيءَ مِنْهُمَا إذْ بِوَطْءِ إحْدَاهُمَا يَتَنَجَّزُ طَلَاقُ الْأُخْرَى فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا) أَيْ حَيْثُ رَفَعَتَاهُ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَرْفَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَّا هِيَ لَا الَّتِي لَمْ تَرْفَعْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 لَا يَطَأُ وَاسْتَثْنَى أَنَّهُ مُولٍ وَحُمِلَتْ عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَأُورِدَ: لَوْ كَفَّرَ عَنْهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَفُرِّقَ بِشِدَّةِ الْمَالِ وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحَلِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ مُولٍ وَلَهُ الْوَطْءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَقَدْ اسْتَثْنَى، وَالِاسْتِثْنَاءُ حَلٌّ لِلْيَمِينِ أَوْ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ وَحُمِلَ قَوْلُ الْإِمَامِ فِيهَا لِيَزُولَ إشْكَالُهَا عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ زَوْجَتُهُ إلَى الْحَاكِمِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ، وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ ثُمَّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَإِنَّمَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى أَنَّ الْيَمِينَ تَرْتَفِعُ عَنْهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ صُدِّقَ فِي الْكَفَّارَةِ وَلَمْ يُتَّهَمْ كَمَا اُتُّهِمَ فِي الْأُولَى؟ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُكَفِّرَ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَالِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي الشِّدَّةِ الصَّوْمُ فَكَانَ ذَلِكَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَيْسَ بِشَدِيدٍ عَلَى النَّفْسِ بَلْ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ حَلَّ الْيَمِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ فَلِذَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَتِهِ حَلَّ الْيَمِينِ وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ الَّتِي هِيَ إخْرَاجُ الْمَالِ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ حَلِّ الْيَمِينِ بِلَا شَكٍّ وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ لِيَمِينٍ أُخْرَى بَعِيدٌ فَالتُّهْمَةُ فِي الْكَفَّارَةِ بَعِيدَةٌ وَفِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا لَهُ فِي إرَادَةِ الْحَلِّ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ فَيَرْجِعُ لِشِدَّةِ الْمَالِ فَيَبْطُلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَالُ الْمُرَافَعَةُ خَاصَّةٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لِأَنَّا نَقُولُ الْيَمِينُ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ لَكِنَّهَا آيِلَةٌ إلَى الطَّلَاقِ. وَلَمَّا كَانَ الظِّهَارُ شَبِيهًا بِالْإِيلَاءِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ وَيَرْفَعُ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَكَانَا طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ أَعْقَبَهُ بِالْإِيلَاءِ فَقَالَ: (بَابٌ) يُذْكَرُ فِيهِ رَسْمُ الظِّهَارِ وَأَرْكَانِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالظِّهَارُ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ، وَالرُّكُوبَ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الظَّهْرِ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَرِهَ أَحَدُهُمْ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ فَتَصِيرُ لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَتَّى ظَاهَرَ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ مِنْ امْرَأَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ حِينَ جَادَلَتْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاخْتَلَفَتْ   [حاشية العدوي] وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ طَلُقَتَا أَيْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَتْ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) وَأَيْضًا كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُخَالِفُ فِيهِ الْقَاضِي الْمُفْتِيَ إذَا أَتَى عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَهُنَا لَمْ يَأْتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ وَطْئِهَا جَعَلَ تِلْكَ النِّيَّةَ مُخَالِفَةً لِلظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ) لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْوَطْءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حَلَّ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: فَلِأَيِّ شَيْءٍ صُدِّقَ) فَكَانَ الْوَاجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا إمَّا بِحُكْمِ هَذِهِ أَوْ بِحُكْمِ هَذِهِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ مِنْ غَيْرِ فَارِقٍ (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ إلَخْ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَجْسَامِ وَتَخْفِيفِهَا فِي الْمَعَانِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا} [النساء: 130] وَنُقِضَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} [الأنعام: 159] (قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ صَرْفِ الْكَفَّارَةِ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ فَالْأَصْلُ عَدَمُ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَا كَفَّارَةَ فَلَا شِدَّةَ تَلْحَقُهُ وَيُبْحَثُ أَيْضًا بِأَنَّهُ إذَا حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى الرَّفْعِ كَانَ قَضِيَّتُهُ الْكَفَّارَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا كَفَّارَةَ. [بَاب الظِّهَارِ] (بَابُ الظِّهَارِ) (قَوْلُهُ: وَكَانَا طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ) مَعْطُوفٌ عَلَى " يَمِينٌ " وَالتَّقْدِيرُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ وَفِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ أَيْ وَالْجَاهِلِيَّةِ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَكَانَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ طَلَاقًا بَائِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّارِعُ حُكْمَهُمَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ عُمِلَ بِهِمَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ) فَقَضِيَّةُ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ تَفَارَقَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَعْقَبَهُ بِالْإِيلَاءِ) أَيْ لِلْإِيلَاءِ. (قَوْلُهُ: رَسْمُ الظِّهَارِ) أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ لِلظِّهَارِ رَسْمًا صَرِيحًا بَلْ ضِمْنًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ إلَخْ) وَعَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ إتْيَانُ النِّسَاءِ مِنْ قِبَلِ ظُهُورِهِنَّ وَلَمْ تَكُنْ الْأَنْصَارُ تَفْعَلُ غَيْرَهُ اسْتِبْقَاءً لِلْحَيَاءِ وَطَلَبًا لِلسَّتْرِ وَكَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْوُجُوهِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ فَكَانُوا يَأْتُونَهُنَّ مِنْ قِبَلِ الْوَجْهِ فَتَزَوَّجَ مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيَّةً وَرَاوَدَهَا عَلَى الْإِتْيَانِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا فَامْتَنَعَتْ لِخِلَافِ عَادَتِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي نُزُولِهَا (أَقُولُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَسُمِّيَ هَذَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْوَطْءِ ظِهَارًا لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ وَهُوَ فِي الْغَالِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ فَتَصِيرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا بَائِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لِلْحَطَّابِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ تت وَنَصُّ تت وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَرِهَ أَحَدُهُمْ امْرَأَةً وَلَمْ يُرِدْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ فَتَصِيرُ لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْتَ تَرَى مَا فِي عِبَارَةِ تت مِنْ التَّنَافِي وَقَدْ تَبِعَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) هَذَا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ الدُّخُولَ فَقَوْلُهُ: فِيهِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ أَيْ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ الْأُولَى فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَمَا قَبْلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: حَتَّى ظَاهَرَ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى أَنْ ظَاهَرَ إلَخْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 الْأَحَادِيثُ فِي نَصِّ مُجَادَلَتِهَا فَفِي بَعْضِهَا «إنَّهُ أَكَلَ شَبَابِي وَفَرَشْتُ لَهُ بَطْنِي فَلَمَّا كَبِرَ سِنِّي ظَاهَرَ مِنِّي وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا وَإِنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيَّ جَاعُوا وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1] أَيْ تَرَاجُعَكُمَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ: لَا يَجِدُ قَالَ فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَشَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَتْ مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِفَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا سَأُعِينُهُ بِفَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي وَأَطْعِمِي سِتِّينَ مِسْكِينًا وَأَرْجِعِي ابْنَ عَمِّكِ» وَالْفَرَقُ بِالتَّحْرِيكِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَبِالتَّسْكِينِ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الظِّهَارُ تَشْبِيهُ زَوْجٍ زَوْجَتَهُ - أَوْ ذِي أَمَةٍ - حَلَّ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِمَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ وَأَصْوَبُ مِنْهُ تَشْبِيهُ ذِي حِلِّ مُتْعَةٍ حَاصِلَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ بِآدَمِيَّةٍ إيَّاهَا أَوْ جُزْئِهَا بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مِمَّنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَوْ جُزْئِهِ فِي الْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ بِمَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْهُ إذْ لَوْ، كَانَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَقَالَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْمُلَاعَنَةِ مَثَلًا لَا يَكُونُ ظِهَارًا مَعَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ شَامِلٍ لِلتَّشْبِيهِ بَيْنَ الْجُزْأَيْنِ وَبَيْنَ الْجُزْءِ وَالْكُلِّ وَلَا يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ وَقَوْلُهُ وَأَصْوَبُ مِنْهُ إلَخْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ صَوَابٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِمَا إذَا شَبَّهَ مَنْ تَحِلُّ بِالْمُلَاعَنَةِ مَثَلًا وَلِمَا إذَا شَبَّهَ جُزْءَ مَنْ تَحِلُّ بِمَنْ تُحَرَّمُ أَوْ بِجُزْئِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِأَصْوَبَ أَنَّهُ صَوَابٌ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَشْبِيهُ مَنْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِمَنْ يُحَرَّمُ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِقَوْلِهَا قَالَ مَالِكٌ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَهِيَ الْبَتَاتُ وَعَكْسُهُ بِتَشْبِيهِ الْجُزْءِ اهـ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤَلِّفُ أَنَّ حَدَّ ابْنِ الْحَاجِبِ مَدْخُولٌ عَدَلَ عَنْهُ إلَى مَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْمُشَبَّهُ وَالْمُشَبَّهَةُ بِهَا وَأَدَاةُ التَّشْبِيهِ مَعَ الْجَمْعِ وَالْمَنْعِ. فَقَالَ (ص) تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ (ش) أَيْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَا الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فِي الْإِيلَاءِ فَرُبَّمَا تُسْقِطُهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ فَيَسْقُطُ، فَقَوْلُهُ " تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ " مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ مَالِكِ الْعِصْمَةِ الْمُسْلِمِ كَانَ زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ إذَا ظَاهَرَتْ مِنْ زَوْجِهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ وَلَا يَلْزَمُهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ فِي الْأَوَّلِ وَلَاسْتُحِقَّ فِي الثَّانِي (ص) الْمُكَلَّفِ (ش) أَيْ وَإِنْ عَبْدًا أَوْ سَكْرَانَ فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَإِتْيَانُهُ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا مُخْرِجٌ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ الطَّوْعِ فَلَا يَلْزَمُ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ وَشَمِلَ السَّفِيهَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إنَّهُ أَكَلَ شَبَابِي) كِنَايَةٌ عَنْ ذَهَابِ قُوَّتِهَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَشْتُ لَهُ بَطْنِي) كِنَايَةٌ عَنْ حُسْنِ عِشْرَتِهَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا كَبِرَ سِنِّي) فِي الْمِصْبَاحِ كَبِرَ الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ يَكْبَرُ مِنْ بَابِ تَعِبَ كِبَرًا وِزَانُ عِنَبٍ وَمَكْبِرًا مِثْلُ مَسْجِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَبُرَ الشَّيْءُ كُبْرًا - مِنْ بَابِ قَرُبَ - عَظُمَ فَهُوَ كَبِيرٌ اهـ (قَوْلُهُ: يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ) أَيْ الْأَوْلَى لَكِ أَنْ لَا تَشْكِيهِ فَإِنَّ التَّقْوَى تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَمَا بَرِحَتْ) أَيْ فَمَا زَالَتْ (قَوْلُهُ: مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ) " مِنْ " زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَكَذَا قَوْلُهُ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنِّي سَأُعِينُهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا يُكْمِلُ بِهِ الْكَفَّارَةَ فَقَوْلُهَا مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَيْ يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بِفَرَقٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا هُوَ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: إيَّاهَا) تَنَازَعَ فِيهِ تَشْبِيهٌ وَوَطْءٌ (قَوْلُهُ: فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا) مَدْخُولُ " فِي " رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ) كَأَنْ يَقُولَ يَدُكِ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَوْلُهُ: وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ أَيْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: كَالْحَاصِلِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: بِآدَمِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُتْعَةٍ وَقَوْلُهُ: إيَّاهَا مَعْمُولُ " تَشْبِيهُ " وَلَمْ يَقُلْ بَدَلَهُ " كُلَّهَا " وَإِنْ كَانَ أَخْصَرَ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْعَوَامِلَ اللَّفْظِيَّةَ وَقَوْلُهُ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَشْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ بِمَحْرَمٍ مِنْهُ لِصِدْقِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ فِي الْعِدَّةِ وَالْمُلَاعَنَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: بِظَهْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرْمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ) أَيْ إدْرَاكُهُ تَصْدِيقٌ لِأَنَّهُ قَضِيَّةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ) أَيْ إدْرَاكُهُ تَصَوُّرٌ (قَوْلُهُ: فَهِيَ الْبَتَاتُ) أَيْ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظِهَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالظَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَبْطُلُ عَكْسُهُ أَيْ كَوْنُهُ جَامِعًا وَالطَّرْدُ كَوْنُهُ مَانِعًا (قَوْلُهُ: بِتَشْبِيهِ الْجُزْءِ) أَيْ بِالتَّشْبِيهِ بِهِ فَإِنَّ الْجُزْءَ كَمَا يَقَعُ مُشَبَّهًا يَقَعُ مُشَبَّهًا بِهِ (قَوْلُهُ: مَدْخُولٌ) أَيْ مُعْتَرَضٌ (قَوْلُهُ: إلَى مَا يَشْتَمِلُ) أَيْ تَعْرِيفٍ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُسْتَلْزِمٍ لِلتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ إلَخْ) كَقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ كَمِثْلِ وَالْكَافِ فَإِنْ حَذَفَهَا خَرَجَ عَنْ الظِّهَارِ وَرَجَعَ إلَى كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ إلَخْ) وَلِذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ إنَّهَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ الْفِرَاقُ أَوْ الْبَقَاءُ بِلَا عَزْمٍ فَإِنْ قَالَتْ نَوَيْتُ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يُعْمَلْ بِنِيَّتِهَا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ صَرِيحَ بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ لِآخَرَ وَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا كَمَا ذَكَرَهُ عج عِنْدَ قَوْلِهِ وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 وَلِوَلِيِّهِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْعِتْقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ لَمْ يُعْتِقْ عَنْهُ لِإِجْحَافِهِ بِمَالِهِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهِ الظِّهَارَ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِلزَّوْجَةِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ صَامَ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ لِوَلِيِّهِ فَإِنْ أَبَى فَهُوَ مُضَارٌّ وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ (ص) مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِظَهْرِ مُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْمُشَبَّهَةُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ كَأَنْتِ عَلَيَّ أَوْ رَأْسُكِ أَوْ رِيقُكِ أَوْ كَلَامُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَ " مُحَرَّمٍ " إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَصَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ بِقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ زَوْجَتِي الْحَائِضِ وَنَحْوِهِ لِعُرُوضِ تَحْرِيمِ الْمُشَبَّهِ بِهَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا شَبَّهَ زَوْجَتَهُ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ بِمَنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ الثَّانِي بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَحَلَّ تَرَدُّدٍ وَعَلَى أَنَّهُ ظِهَارٌ فَيُقَالُ: لِمَ أُلْغِيَ اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ وَاعْتُبِرَ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَعَلَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْعِصْمَةِ، وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْأَصَالَةِ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَا يَكُونُ غَيْرَ أَصْلِيٍّ وَالْمَحْرَمُ مَنْ حُرِّمَ نِكَاحُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ لِحُرْمَتِهِ أَيْ لِشَرَفِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ فَإِذَا قَالَ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الدَّابَّةِ كَانَ مُظَاهِرًا تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ (ظِهَارٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ " تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ ". (ص) وَتَوَقَّفَ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ إذَا وَقَعَ مُعَلَّقًا مِنْ الزَّوْجِ بِأَدَاةِ تَعْلِيقٍ مِنْ " إنْ " أَوْ " إذَا " أَوْ " مَهْمَا " أَوْ " مَتَى " كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْتِ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى شِئْتِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ عَلَى مَشِيئَتِهَا أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا كَزَيْدٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ فَلَا يَقَعُ حَتَّى يَشَاءَ مَنْ عُلِّقَ بِمَشِيئَتِهِ فَإِنْ رَدَّهُ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ مَشِيئَةٌ لَمْ يَلْزَمْ فَقَوْلُهُ " وَتَوَقَّفَ " حُذِفَ مُتَعَلَّقُهُ أَيْ عَلَى مَشِيئَتِهَا (ص) وَهُوَ بِيَدِهَا (ش) أَيْ إنْ شَاءَتْ أَوْقَعَتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ أَبْطَلَتْ مَا جَعَلَ لَهَا فَقَوْلُهُ بِيَدِهَا أَيْ قُدْرَتِهَا وَحَوْزِهَا بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ تُوقَفْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَقَوْلُهُ (مَا لَمْ تُوقَفْ) أَيْ وَتَقْضِي أَوْ يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْإِيقَافِ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا (ص) وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الظِّهَارَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَعْدَ سَنَةٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَإِنْ حَدَّدَهُ بِوَقْتٍ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا تَأَبَّدَ لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ بِهَا كَالطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. (ص) أَوْ بِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَ الْيَأْسِ أَوْ الْعَزِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ التَّزْوِيجِ عَلَيْهَا وَالْيَأْسُ يَحْصُلُ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَمَنْعُ الْوَطْءِ لِمَصْلَحَةٍ وَاَللَّهُ يَقُولُ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [المجادلة: 4] إلَخْ أَيْ يُجْزِئُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ السَّفِيهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَقَوْلُهُ: كَانَ مُضَارًّا أَيْ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَيَحْتَمِلُ فَإِنْ أَبَى أَيْ الْوَلِيُّ فَتَرْفَعُهُ لِلْحَاكِمِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ إمْضَاءُ ظِهَارِ الْفُضُولِيِّ بِإِمْضَاءِ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ: مَنْ تَحِلُّ) زَوْجَةً أَوْ أَمَةً حِلًّا أَصْلِيًّا فَيَصِحُّ فِي حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمُحْرِمَةٍ وقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ جُزْأَهَا) حِسِّيًّا كَالْيَدِ أَوْ عُرْفِيًّا كَالشَّعْرِ وَالرِّيقِ وَالْكَلَامِ وَالْأَحْسَنُ أَوْ حُكْمِيًّا وَقَوْلُهُ " بِظَهْرِ " أَتَى بِهِ لِيَكُونَ صَرِيحًا وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْجُمْلَةُ لَا يَخْفَى دُخُولُهُ فِي جُزْئِهِ وَقِيلَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ؛ تَشْبِيهِ كُلٍّ بِكُلٍّ وَتَشْبِيهِ جُزْءٍ بِجُزْءٍ وَجُزْءٍ بِكُلٍّ وَكُلٍّ بِجُزْءٍ (قَوْلُهُ: وَ " مُحَرَّمٍ " إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ يَكُونُ شَامِلًا لِمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمَتِي الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ الْمُتَزَوِّجَةِ (قَوْلُهُ: لِمَ أُلْغِيَ اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ) أَيْ قُلْتُمْ إنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا إذَا شَبَّهَهَا بِمُحَرَّمٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ بِهَا لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ مَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ بِمَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى كُلٍّ يُنَافِي مُقْتَضَى الْآخَرِ وَيُمَثَّلُ أَيْضًا بِمَا إذَا شَبَّهَ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً بِامْرَأَةٍ رَجْعِيَّةٍ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ هَذَا يَأْتِي عَلَى نُسْخَةِ بِمُحَرَّمٍ بِالتَّشْدِيدِ فَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ بِخِلَافِ نُسْخَةِ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَقَاصِرَةٌ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) لَعَلَّهُ أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَأَفَادَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِشُمُولِ الْعِبَارَةِ ذَلِكَ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ) أَيْ وُقُوعُ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت) أَيْ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ) وَتُدْخِلُ الْكَافُ أَيْضًا رِضَاهَا أَوْ إرَادَتَهَا أَوْ اخْتِيَارَهَا وَالْمَدَارُ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ طَائِعَةً وَأَصْبَغُ يَقُولُ وَلَوْ وُطِئَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَقْضِي) بِبَقَاءٍ أَوْ رَدٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا لَمْ تَقْضِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ بِيَدِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِيمَا تُرِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْتِ أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْتِ أَوْ مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْتِ وَكَذَا أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْيَأْسُ يَحْصُلُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ بِهَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فُلَانَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْيَأْسُ يَحْصُلُ بِمَوْتِ فُلَانَةَ لَا بِتَزَوُّجِهَا وَلَا بِغَيْبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَزْمَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يَقَعُ الْحِنْثُ وَيُمْنَعُ مِنْهَا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ. (ص) وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ الْمُعَلَّقَ عَلَى صِيغَةِ بِرٍّ لَا يَصِحُّ أَنَّهُ يُخْرِجُ كَفَّارَتَهُ قَبْلَ لُزُومِهِ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ أَوْ الْكَلَامِ لِفُلَانٍ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي لُزُومِ الظِّهَارِ بَلْ لَوْ أَخْرَجَ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ لُزُومِهِ، وَقَبْلَ الْعَوْدِ الْآتِي بَيَانُهُ لَا تَصِحُّ أَيْضًا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ اللُّزُومِ وَقَبْلَ الْعَوْدِ الثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَصِحُّ فِيهِ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَكُونُ لَازِمًا وَغَيْرَ لَازِمٍ فَيَلْزَمُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ هُنَا اللُّزُومُ التَّحَتُّمِيُّ وَذَلِكَ بِأَنْ يَعُودَ ثُمَّ يَطَأَ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ هُنَا وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ يُرْجَعُ فِيهِ لِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ إلَخْ فَمَا هُنَا فِي الْمُعَلَّقِ وَمَا يَأْتِي فِي الْمُطْلَقِ فَأَفَادَ هُنَا حُكْمَيْنِ وَاحِدًا بِالنَّصِّ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ وَوَاحِدًا بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ فَيُقَيَّدُ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَتَجِبُ إلَخْ فَهَذَا الْمَفْهُومُ يُقَيَّدُ بِالْمَنْطُوقِ الْآتِي فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي يَمِينِ الْبِرِّ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا يَمِينُ الْحِنْثِ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ (ص) وَصَحَّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ (ش) أَيْ إنَّ الظِّهَارَ يَصِحُّ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ كَمَا يَصِحُّ مِمَّنْ هِيَ فِي الْعِصْمَةِ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا تَحْرِيمَهَا كَأَنَّهُ لِعَارِضٍ لَمَّا كَانَ زَوَالُ اسْتِمْتَاعِهِ بِيَدِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قِيلَ إنَّ ظِهَارَهُ مِنْهَا قَرِينَةُ ارْتِجَاعِهَا لَمَا بَعُدَ (ص) وَمُدَبَّرَةٍ وَمُحْرِمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الْمُدَبَّرَةِ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا وَلَا مِنْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَلَا مِنْ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَةٍ لِعَارِضٍ كَمُحْرِمَةٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ حَائِضٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّ وَطْأَهُنَّ جَائِزٌ وَإِنَّمَا حُرِّمْنَ لِعَارِضٍ مَا لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَإِنْ قَيَّدَ فَلَا. (ص) وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهَا مِنْ إسْلَامِهِ كَالشَّهْرِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَهِيَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ إسْلَامِهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَيَلْزَمُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِمَّنْ أَسْلَمَ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ ظَاهَرَ وَهُوَ مَجُوسِيٌّ لَكِنَّ هَذَا الْإِيهَامَ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ سَابِقًا تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرَاخِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِثُمَّ الْمُدَّةُ الَّتِي يُقَرُّ فِيهَا عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَهُوَ الشَّهْرُ لَا مُطْلَقُ التَّرَاخِي وَلَوْ بَعُدَ. (ص) وَرَتْقَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّتْقَاءَ يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِمْتَاعُهُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ خَاصٍّ لَا يَتَعَذَّرُ اسْتِمْتَاعُهُ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَسِيسِ وَعَلَيْهِ لُزُومُ ظِهَارِ الشَّيْخِ الْفَانِي وَالْمَجْبُوبِ وَالْمُعْتَرِضِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ وَرَتْقَاءَ هَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي الْإِيلَاءِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا ظِهَارٌ وَقَدْ قَالَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا أَيْ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا وَرَدُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ فَإِنَّ وَطْأَهَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَالظِّهَارُ يَنْعَقِدُ فِيهَا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا ظِهَارٌ وَكَلَامُهُ هُنَا يَرُدُّ كَلَامَهُ السَّابِقَ (ص) لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا فَإِذَا قَالَ لَهَا السَّيِّدُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ أَدَّتْ وَعَتَقَتْ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَجَعَتْ إلَى الرِّقِّ   [حاشية العدوي] عَلَى الضِّدِّ يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَفِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً وَلَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِتَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ وَلَا بِغَيْبَتِهَا أَيْ بِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهَا فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْيَأْسِ مِنْ التَّحَقُّقِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ وَكَمَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا يَحْصُلُ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الزَّوْجُ وَبِهَرَمِهِ الْمَانِعِ لِلْوَطْءِ لَا مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَا لَمْ يَكُنْ التَّزَوُّجُ لِأَجْلِ الْخِدْمَةِ فَقَطْ بِأَنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ وُجِدَ بِسَاطٌ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْهَرَمُ مُوجِبًا لِلظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظِّهَارِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُمْنَعُ مِنْهَا إلَخْ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَقَعُ الْحِنْثُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَعَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) هَذَا مُسَايَرَةٌ مَعَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ ثُمَّ يَلْزَمُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ لَا يَكُونُ إلَّا لَازِمًا (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ لَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْزِئُ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمُعَلَّقِ) لَا يُفِيدُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَدُلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنَّمَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ) وَكَذَا يَصِحُّ مِنْ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ عَتَقَتْ أَوْ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَهَلْ إنْ عَقَلَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ عِنْدَهُمَا ظِهَارٌ فِي هَؤُلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَرَتْقَاءَ) وَأَوْلَى قَرْنَاءُ وَعَفْلَاءُ وَبَخْرَاءُ وَبَاقِي الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ هُنَا يَرُدُّ) أَيْ فَثَبَتَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا يَرُدُّ كَلَامَهُ السَّابِقَ غَيْرَ أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ وِقَاعُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْبُوبٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْوَطْءِ فَقَطْ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَمَنُوطٌ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يَرُدُّ مَا فِي أَحَدِ الْبَابَيْنِ مَا فِي الْآخَرِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 فَفِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَجْزِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ اللُّزُومُ إذَا عَجَزَتْ اسْتِصْحَابًا لِحَالِ مِلْكِهَا الَّذِي كَشَفَهُ عَجْزُهَا وَقَوْلُهُ لَا مُكَاتَبَةٍ عَطْفٌ عَلَى " رَجْعِيَّةٍ " وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ حَصَلَ عَجْزُهَا بِالْقُرْبِ وَحِينَئِذٍ يُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَجُوسِيَّةِ تُسْلِمُ بِالْقُرْبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ حَيْثُ أَسْلَمَتْ بِالْقُرْبِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ عِصْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الظِّهَارُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى عَجْزِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ نَوَى وَلَوْ عَجَزَتْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَأَمَّا الْمُحَبَّسَةُ وَالْمُخْدَمَةُ فَعَلَى حُرْمَةِ وَطْئِهِمَا لَا يُظَاهَرُ مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُخْدَمَةَ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا. (ص) وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْ عَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ قَادِرٍ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَشَيْخٍ فَانٍ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ -، وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ تَأْوِيلَانِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ وَالرَّتْقَاءِ حَيْثُ جَرَى فِي الْأَوَّلِ خِلَافٌ، وَصِحَّةِ الظِّهَارِ فِي الثَّانِي أَنَّ الرَّتْقَاءَ وَنَحْوَهَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَطْءُ بَيْنَ شُفْرَيْهَا أَقْوَى مِنْ اسْتِمْتَاعِ الْمَجْبُوبِ بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَإِنْ أَنْزَلَ. وَلَمَّا كَانَتْ أَلْفَاظُ الظِّهَارِ صَرِيحَةً وَكِنَايَةً أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَرِيحُهُ بِظَهْرِ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ مَا فِيهِ ظَهْرُ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أُمِّ زَوْجَتِي أَوْ مُلَاعَنَتِي لَا أُخْتِ زَوْجَتِي وَعَمَّتِهَا (ص) أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ (ش) كَوْنُ هَذَا مِنْ الصَّرِيحِ مُشْكِلٌ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى ذِكْرِ ظَهْرِ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا مَرَّ وَلِذَا قِيلَ صَوَابُهُ لَا عُضْوِهَا أَوْ كَظَهْرِ ذَكَرٍ بِالنَّفْيِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ، نَحْوُ أَنْتِ عَلَيَّ كَيَدِ أُمِّي وَكَظَهْرِ أَبِي وَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ بَيَّنَ ثَمَرَةَ مَعْرِفَةِ الصَّرِيحِ مِنْ الْكِنَايَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ (ش) أَيْ وَلَا يَنْصَرِفُ صَرِيحُ الظِّهَارِ لِلطَّلَاقِ بِحَيْثُ يَكُونُ طَلَاقًا فَقَطْ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ كُلَّ صَرِيحٍ فِي بَابٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ. (ص) وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي مَعَهُ لِلظِّهَارِ وَفِي نَوَاهُ لِلطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ نَوَيْتُ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ الطَّلَاقَ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ لِنِيَّتِهِ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَبِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ حَتَّى يُكَفِّرَ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَأْوِيلَانِ وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِي الْقَضَاءِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِإِقْرَارِهِ (ص) كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي (ش) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ حَيْثُ نَوَاهُمَا مَعًا فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ وَهُنَاكَ تَقْرِيرٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ) وَنَصَّهُ الْجَلَّابُ لَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ فِي الْمُكَاتَبَةِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَلَوْ عَجَزَتْ فَيَلْزَمَهُ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ تَزَوَّجْتُكِ انْتَهَى فَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ اعْتِمَادُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُخْدَمَةَ إلَخْ) يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ فَتَكُونُ الْمُحَبَّسَةُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّتِهِ إلَخْ) الْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُظَاهِرِ هَلْ هُوَ الْوَطْءُ وَالِاسْتِمْتَاعُ مَعًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ الْوَطْءُ فَقَطْ كَذَا ذَكَرُوا إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت أَفَادَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَنْصُوصُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى إلَخْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَذْكُورِ أَقْوَى مِنْ اسْتِمْتَاعِ الْمَجْبُوبِ بِزَوْجَتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَصْرِهِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ قَصْرِهِ أَيْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِعِيسَى مِنْ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ إذَا نَوَاهُ وَلَوْ دُونَ الثَّلَاثِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقِيلَ يَنْصَرِفُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ لَا دُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ) أَيْ ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْدَلَ إلَخْ) أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُفْتِي لَا يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مُنَكَّرًا وَمُعَرَّفًا فَيَرِدُ أَنَّ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مُخَالِفًا لِظَاهِرِ لَفْظِهِ فَيُؤَاخَذَ الْقَاضِي نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَلَا يُؤَاخَذَ الْمُفْتِي عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَبَعْدَ التَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ التَّأْوِيلَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ يَقُولُ لَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا عِنْدَ الْمُفْتِي وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي يَقُولُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ عِنْدَ الْمُفْتِي وَأَمَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ مَعًا عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ قَالَ هُنَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ تَقْرِيرٌ آخَرُ) ذَكَرَهُ عب هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَيْ لَا بِقَيْدِ قِيَامٍ أَيْضًا وَرَجَّحَهُ مُحَشِّي تت وَنَصُّهُ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَذْكُرْ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ تُؤْخَذُ بِالْأَحْرَى، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ انْتَهَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 فِي الْكَبِيرِ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ الْمُؤَلِّفُ وَسَقَطَ - أَيْ الظِّهَارُ - إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي اهـ الشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَأَخَّرَ قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمَّا عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ لَمْ يَعْتَبِرْ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا هُنَا فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي كَالْحَالِ مِمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ: مِثْلُ أُمِّي. (ص) وَكِنَايَتُهُ كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ أَوْ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ كَانَ كِنَايَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ كَأُمِّي كَانَ هَذَا كِنَايَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ الظَّهْرِ وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِذَلِكَ الْكَرَامَةَ لِزَوْجَتِهِ مِنْ أَنَّهَا مِثْلُ أُمِّهِ فِي الشَّفَقَةِ وَالْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ ظِهَارٌ وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ وَلَوْ وَقَعَ الظِّهَارُ مُعَلَّقًا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَقَالَ سَحْنُونَ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ خِلَافُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْحِنْثِ أَوْ يَوْمِ الْيَمِينِ وَعَكْسُهُ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ فَعَلَ. (ص) وَنَوَى فِيهَا فِي الطَّلَاقِ فَالْبَتَاتِ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهَا يَرْجِعُ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى بِالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صُدِّقَ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ فَاللَّازِمُ لَهُ الْبَتَاتُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ إذْ الْجَامِعُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ التَّحْرِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْبَتَاتِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَوْلُهُ فَالْبَتَاتُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا قَرَّرْنَا. وَقَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الضَّمِيرِ فِي فِيهَا لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَشْمَلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (ص) كَأَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا أَنْ يُنَوِّيَهُ مُسْتَفْتٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَالْبَتَاتُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ أَوْ أَنْتِ فُلَانَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ظَهْرٍ وَلَا مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ عَلَى مَا مَرَّ وَالظِّهَارُ مَعًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. (ص) أَوْ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْبَتَاتُ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (ص) وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كِنَايَاتِ الظِّهَارِ مِنْهَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ مَرَّ وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِيٌّ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ؛ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ اسْقِينِي الْمَاءَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَالَ أَرَدْتُ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ الصَّوْتُ فَشَمِلَ كَنَعْقِ الْغُرَابِ وَنَهِيقِ الْحِمَارِ. وَالْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الظِّهَارِ كَالْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَأَمَّا الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الظِّهَارُ وَلَوْ نَوَاهُ بِهِ (ص) لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا إلَخْ) أَيْ صَرَفَ الْحَرَامَ عَنْ أَصْلِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَجَعَلَ مُرَادًا مِنْهُ الظِّهَارَ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُقَيَّدَ يُقَيِّدُ مَصَبَّ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ مَعَ أَنَّهُ أُخِذَ بِهِ قُلْت أُخِذَ بِهِ لِنِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ: كَالْحَالِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَالٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ حَرَامٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ كَالْحَالِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَكِنَايَتُهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَكَأُمِّي خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَالتَّقْدِيرُ وَكِنَايَتُهُ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ أَنْتِ أُمِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِنَايَةَ مَا سَقَطَ مِنْهُ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ؛ الظَّهْرِ أَوْ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ) أَيْ إذَا كَانَ يُهِينُ أُمَّهُ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ كَأُمِّي أَيْ فِي الْإِهَانَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا حَكَاهُ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ مَا لِسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَالتَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ أَيْ التَّحْرِيمُ الْحَقِيقِيُّ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ يُحَرَّمُ وَطْؤُهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْتَفِي بِالرَّجْعَةِ كَانَ كَلَا تَحْرِيمٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ " فِي الطَّلَاقِ " بَدَلُ اشْتِمَالٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الطَّلَاقِ سَابِقٌ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِهِ فَالْبَتَاتُ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ مُخَالِفٌ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ يَلْزَمُهُ فِيهَا الظِّهَارُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ فَيَلْزَمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى مَا مَرَّ وَأَمَّا أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الظِّهَارَ فَيَلْزَمَهُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَمَعَ الطَّلَاقِ فِي الْقَضَاءِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَلَا يُنَوَّى إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي شب وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي عب وَمَا فِي عب بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَابْنِي) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي فَظِهَارٌ وَهُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) لِأَنَّ الْكِتَابَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَالْخِنْزِيرَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَرَادَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَا فَالصَّرِيحُ أَوْلَى كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ عُرْفًا إلَخْ) كَمَا إذَا جَرَى عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الْحَفْرِ فِي الظِّهَارِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 وَطِئْتُ أُمِّي أَوْ لَا أَعُودُ لِمَسِّكِ حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي أَوْ لَا أُرَاجِعُكِ حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ وَطِئْتُ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ التَّابِعُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ لِغَيْرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلِ الصَّقِلِّيِّ شَيْءٌ لِعَدَمِ نَقْلِهِ الشَّيْخَ فِي نَوَادِرِهِ، وَكَوْنُهُ ظِهَارًا أَقْرَبُ مِنْ لَغْوِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ " إنْ وَطِئْتُكِ وَطِئْتُ أُمِّي " لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَطَأَ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَطْئِي إيَّاكِ كَوَطْءِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ وَهَذَا أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا يَسْرِقُ حَتَّى يَسْرِقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وَإِلَّا لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ مَعْنَاهُ سَرِقَتُهُ كَسَرِقَةِ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ وَلِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ لَا أَمَسُّ امْرَأَتِي أَبَدًا أَوْ لَا أُرَاجِعُكِ حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ وَحَذَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَقَوْلُهُ لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ إلَخْ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكِنَايَتُهُ أَيْ فَهَذَا لَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الظِّهَارِ نَفْيُ الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ قَالَ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ. (ص) وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عَلَى الْمُظَاهِرِ إذَا ظَاهَرَ بَعْدَ أَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ فِي ظِهَارٍ أَوَّلًا كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَدَخَلَتْ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ وَوَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْهَا وَعَادَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا لِأَنَّ الْأُولَى لَمَّا تَقَرَّرَتْ بِالْوَطْءِ صَارَ الظِّهَارُ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ وَامْتَنَعَ التَّأْكِيدُ فَيَجِبُ التَّأْسِيسُ فَقَوْلُهُ إنْ عَادَ صَوَابُهُ إنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ وَمُجَرَّدُ الْعَوْدِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدُّدِ فَلَوْ قَالَ إنْ كَفَّرَ أَوْ بَقِيَ يَسِيرٌ مِنْهَا أَوْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ وَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَادَ وَلَمْ يُكَفِّرْ وَلَمْ يَطَأْ ثُمَّ ظَاهَرَ أَنَّهَا تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا وَاحِدَةً وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الظِّهَارُ بِمُتَعَدِّدٍ إذْ مَعَ تَعَدُّدِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ تَعَدُّدِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْمُخْتَلِفِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَ الْيَمِينَيْنِ مُوجِبُ تَعَدُّدٍ (ص) أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: مَنْ دَخَلَتْ أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ لَهُ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَيَّتُكُنَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَيْ وَحَصَلَ مِنْهُنَّ دُخُولٌ لِلدَّارِ الْمُعَلَّقِ الظِّهَارُ عَلَى دُخُولِهَا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى عَامٍّ وَالْحُكْمَ عَلَى الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَهَكَذَا. (ص) لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَهُنَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لَكِنْ لَا يَقْرَبُ الْأُولَى حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً لَزِمَتْهُ وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبَوَاقِيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ تَزَوَّجْتُهَا مِنْكُنَّ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِإِبْهَامِ يَمِينِهِ وَخِطَابِ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَمَسْأَلَةُ الْمُؤَلِّفِ أَوْقَعَ فِيهَا الظِّهَارَ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ فَأَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (ص) أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ أَوْ كَرَّرَهُ (ش) أَيْ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظِّهَارَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجٌ بِالْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَالْيَمِينِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ، وَابْنَ يُونُسَ الَّذِي هُوَ الصَّقِلِّيُّ نَقَلَهُ عَنْ سَحْنُونَ فَيَرِدُ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي نَوَادِرِهِ لَا يَقْتَضِي الِاعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ يُونُسَ لِجَلَالَتِهِ وَعِظَمِ قَدْرِهِ مَعَ أَنَّهُ يَنْقُلُ شَيْئًا لَا أَصْلَ لَهُ، وَكَوْنُ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْهُ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَنْفِ وُجُودَهُ هَذَا مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ نُسْخَةَ النَّوَادِرِ الَّتِي بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا هَذَا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ ظِهَارًا إلَخْ) مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ فَهُوَ كَالْعَبَثِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى قَدْ عَلَّقَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ عَلَى وَطْءِ أُمِّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَطَؤُهَا أَبَدًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ إلَخْ) يَنْبَغِي كَمَا قَالَ عج إجْرَاءُ التَّفْصِيلِ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ: مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكِنَايَتُهُ) أَيْ مِنْ مَحْذُوفٍ مُرْتَبِطٍ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ وَكِنَايَتُهُ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ أَنْتِ كَأُمِّي لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا لَيْسَ بِكِنَايَةٍ) أَيْ ظَاهِرَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ يَلْزَمُهُ بِهَا الظِّهَارُ إذَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إلَخْ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الظِّهَارُ إذَا نَوَاهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّكَلُّفِ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ التَّأْسِيسُ) مُفَادُ هَذَا أَنَّ التَّأْسِيسَ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ الْأُخْرَى وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَهُنَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عُقُودٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ) فَإِنْ صَامَ عَنْ إحْدَاهُنَّ جَهْلًا مِنْهُ حَيْثُ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مَخْرَجٌ بِالْكَفَّارَةِ إلَخْ) أَيْ خُرُوجٌ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ مَخْرَجٌ مُصَوَّرٌ بِالْكَفَّارَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 بِاَللَّهِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحِدَةٌ كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْمُتَعَدِّدَاتِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَذَلِكَ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ، سَوَاءٌ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَايَرَ فِي لَفْظِهِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَرَّرَهُ لِوَاحِدَةٍ فِي مَجَالِسَ وَكَذَا لَوْ كَرَّرَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ. (ص) أَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَّحِدٍ (ش) كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَلَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ أَكَلْتِ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهَا فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ إنْ حَنِثَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْرَاجِ الْأُولَى وَلَا يُنَوَّى وَكَذَا قَبْلَ إخْرَاجِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا (ص) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ فَتَلْزَمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. (ص) وَلَهُ الْمَسُّ بَعْدَ وَاحِدَةٍ (ش) أَيْ إنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ لَهُ إذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً وَاحِدَةً أَنْ يَطَأَهَا لِأَنَّهَا هِيَ اللَّازِمَةُ بِالْأَصَالَةِ، وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ نَذْرٌ قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَأَبُو عِمْرَانَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِهَذِهِ الْكَفَّارَاتِ وَضَاقَ الثُّلُثُ أَنْ تُقَدَّمَ وَاحِدَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَتُقَدَّمَ كَفَّارَتُهُ عَلَى الْبَاقِي (ص) وَحُرِّمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ (ش) أَيْ وَحُرِّمَ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَبْلَ إكْمَالِ الْكَفَّارَةِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ حَمْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] عَلَى عُمُومِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ قَبْلَهَا وَلَوْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهَا (ص) وَعَلَيْهَا مَنْعُهُ (ش) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (ص) وَوَجَبَ إنْ خَافَتْهُ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ (ش) قَالَ فِيهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنْ خَشِيَتْ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا وَيُؤَدِّبُهُ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ بِشَرْطِ الِاسْتِتَارِ وَأَمَّا كَوْنُهُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ فَجَائِزٌ إنْ أُمِنَ عَلَيْهَا وَلَهُ النَّظْرُ لِوَجْهِهَا وَرَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا إنْ أُمِنَ) وَمَفْهُومُ " إنْ أُمِنَ " عَدَمُ جَوَازِ الْكَيْنُونَةِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ أُمِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُنْحَلَّةُ النِّكَاحِ، وَالْمُظَاهَرَ مِنْهَا ثَابِتَةُ الْعِصْمَةِ صَحِيحَةُ النِّكَاحِ. (ص) وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا عَلَّقَ ظِهَارَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ هَذَا مَا يَتَبَادَرُ أَيْ الْأَيْمَانِ الْمُتَعَدِّدَةِ ضِمْنًا فَلَا تُعْطَى حُكْمَ الصَّرِيحَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مُتَعَدِّدَةً ضِمْنًا لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ: فُلَانَةُ كَظَهْرِ أُمِّي وَفُلَانَةُ كَظَهْرِ أُمِّي وَهَكَذَا أَوْ أَرَادَ جَمِيعَ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّأْسِيسَ) أَيْ ظِهَارًا مُسْتَقِلًّا قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ وَمُقْتَضَى التَّأْسِيسِ أَنَّهُ تَتَعَدَّدُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ أَنَاطُوا التَّعَدُّدَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ لَا التَّأْسِيسِ فَيُتَّبَعُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهُ التَّعَدُّدَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ) وَأَمَّا لَوْ كَرَّرَهُ بِنِسْوَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ وَلَكِنَّهُ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ تَعَدَّدَتْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَّحِدٍ) جَعَلَ هَذَا قَسِيمَ الَّذِي قَبْلَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا فِيهِ تَعْلِيقٌ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَرَّرَهُ فَإِنْ جَمَعَ فِي صِيغَتِهِ الْمُكَرَّرَةِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَيُسَمَّى بَسِيطًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنْ لَبِسْتِ الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ لَبِسَتْهُ تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ قَدَّمَ الْبَسِيطَ عَلَى الْمُعَلَّقِ أَوْ أَخَّرَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَبْلَ إخْرَاجِهَا) وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ خِلَافًا لِمَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِقَوْلِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ وَطِئَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا أَوْ تَعَدَّدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْمُخْتَلِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِهَا) وَمُقَابِلُهُ لِلْمَخْزُومِيِّ مِنْ أَنَّهُ تُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمَهُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَمْ تُفِدْ زِيَادَةً عَلَى مَا أَفَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ نَوَى ظِهَارَيْنِ لَا تَتَعَدَّدُ كَفَّارَتُهُ وَمَنْ نَوَى كَفَّارَاتٍ تَتَعَدَّدُ أَنَّ لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ مَشْرُوطٌ بِالْعَوْدِ دُونَ نَاوِي الْكَفَّارَاتِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ إكْمَالِ الْكَفَّارَةِ) وَأَوْلَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ) وَلَوْ مِنْ مَجْبُوبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَطْءِ فَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَ وَيُبَاشِرَ وَيَطَأَ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهَا) هُوَ مَا أَفَادَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ النَّظَرُ إلَخْ أَيْ فَقَوْلُهُمْ وَيَجُوزُ النَّظَرُ لَهَا أَيْ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ عَلَيْهَا مَنْعُهُ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَمَّا جَاءَ مِنْ سَبَبِهِ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ فَدَفَعَهُ بِهَذَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إعَانَةٌ) أَيْ عَدَمَ الْمَنْعِ إعَانَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ خَافَتْهُ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَانْظُرْ فِي الشَّكِّ وَالْوَهْمِ وَلَا يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ " وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا " لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ بِغَيْرِ وَطْءٍ خِلَافًا لتت فَقَوْلُهُ: فَيَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ مِثْلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ لَذَّةٍ) أَيْ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَرَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا) أَيْ لَا لِصَدْرِهَا أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَهُ النَّظَرُ لِوَجْهِهَا أَوْ رَأْسِهَا وَأَطْرَافِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا لِصَدْرِهَا وَفِيهَا وَلَا لِشَعْرِهَا وَقِيلَ يَجُوزُ انْتَهَى وَيُفْهَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 ثَلَاثًا أَوْ طَلْقَةً مُكَمِّلَةً لِلْعِصْمَةِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ فَإِنَّ الظِّهَارَ يَنْحَلُّ عَنْهُ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ فَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا أَعَادَهَا إلَى عِصْمَتِهِ بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّ الظِّهَارَ يَعُودُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْأُولَى شَيْءٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ مِمَّا إذَا تَنَجَّزَ بِأَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ إنَّ إطْلَاقَ السُّقُوطِ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَمْ يَلْزَمْ حَتَّى يُقَالَ سَقَطَ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَسَقَطَ حُكْمُهُ وَاعْتِبَارُهُ أَوْ وَسَقَطَ تَعْلِيقُ الظِّهَارِ. (ص) أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ ابْتِدَاءً أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّ الظِّهَارَ لَا يَلْزَمُهُ لِسُقُوطِ تَعْلِيقِهِ وَلِعَدَمِ وُجُودِ مَحَلِّهِ وَهِيَ الْعِصْمَةُ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ انْقَطَعَتْ عِصْمَتُهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِأَنَّ الزَّوْجَةَ الْغَيْر الْمَدْخُولِ بِهَا بَانَتْ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرْدَفَ عَلَى الْخُلْعِ طَلَاقًا فَيَلْزَمُهُ حَيْثُ كَانَ نَسَقًا لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثَلَاثًا إذْ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ كَذَلِكَ (ص) لَا إنْ تَقَدَّمَ أَوْ صَاحَبَ كَإِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وَكَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ إذَا صَاحَبَهُ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ لِمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِمَا لِانْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ وَقَعَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ بِالْعَقْدِ فَتَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ثَلَاثًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ اللَّفْظِيُّ لَا الزَّمَانِيُّ وَلَا الْمَكَانِيُّ وَلَا الرُّتْبِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ صَاحَبَ أَيْ فِي الْوُقُوعِ لَا فِي اللَّفْظِ إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا وَالْمُعَلَّقَ مَجْمُوعُهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْوُقُوعِ وَإِذَا وَقَعَا مَعًا وَجَدَ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا، أَوْ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ أَوْ أَنَّ وُقُوعَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَقَوْلُ تت بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ فِي الْوُقُوعِ كَانَ بِعَطْفٍ أَوْ لَا كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ أَوْ غَيْرِهَا بِقَرِينَةِ التَّعْلِيقِ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْتِ   [حاشية العدوي] مِنْهُ أَنَّ النَّظَرَ لِلصَّدْرِ وَالشَّعْرِ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْأَطْرَافُ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا لَهَا إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّظَرَ لِلرَّأْسِ نَظَرٌ لِشَعْرِهَا فَفِيهِ تَنَافٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَمَنْ يُعَبِّرُ بِالنَّظَرِ لِلرَّأْسِ أَيْ بِجَوَازِ النَّظَرِ لَهَا يَحْكُمُ بِجَوَازِ النَّظَرِ لِلشَّعْرِ وَمَنْ يَحْكُمُ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلشَّعْرِ يَحْكُمُ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلرَّأْسِ فَإِنْ قُلْت النَّظَرُ لِلرَّأْسِ أَيْ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ شَعْرٍ وَشَعْرِهَا إذَا كَانَتْ فِيهَا شَعْرٌ فَرُؤْيَةُ الشَّعْرِ أَشَدُّ مِنْ رُؤْيَةِ الْجِلْدِ لِأَنَّهُ يُلْتَذُّ بِهِ فَهُوَ دَاعِيَةٌ لِلْوَطْءِ فَلَا تَنَافِي قُلْت هُوَ قَرِيبٌ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ) أَيْ وَدَخَلَتْ الدَّارَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ فَرَجَعَ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ " أَوْ وَسَقَطَ تَعْلِيقُ ظِهَارٍ ". (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَ) عَطْفٌ عَلَى " تَعَلَّقَ " لَا عَلَى " لَمْ يَتَنَجَّزْ " لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا تَعْلِيقٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ مُتِمَّهَا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ تَعْلِيقِهِ) أَيْ لِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعَلَّقَيْنِ عَلَى شَيْءٍ يَقَعَانِ مَعًا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِمَا الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ فِي مَجْلِسٍ) هُوَ قَوْلُهُ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَوْلَى لَوْ قَدَّمَ " وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي " عَلَى " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا " وَقَوْلُهُ: أَوْ مَجْلِسَيْنِ أَيْ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّوْضِيحُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ اللَّفْظِيُّ) أَيْ وَالزَّمَنُ وَاحِدٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: لَا الزَّمَانِيُّ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلًا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ يَقُولَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَوْلُهُ: وَلَا الْمَكَانِيُّ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا فِي مَكَان عَلَى مَكَانِ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ: وَلَا الرتبي أَيْ لَا نَقُولُ: إنَّ الظِّهَارَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ الرُّتْبَةُ كَتَقَدُّمِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ وَإِنْ كَانَتْ مُقَارِنَةً لَهُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَحَرَكَةِ الْأُصْبُعِ فَإِنَّهَا عِلَّةٌ فِي حَرَكَةِ الْمِفْتَاحِ وَكَتَقَدُّمِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَوْلِك فِي الدَّارِ زَيْدٌ وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا (قَوْلُهُ: وَإِذَا وَقَعَا مَعًا) أَيْ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَجَدَ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ فَيَقَعَانِ مَعًا عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْوَاوَ إلَخْ أَيْ بَانِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بَانِينَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ) يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ وُقُوعَ أَحَدِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ التَّعْلِيقِ) أَيْ إنَّ التَّعْلِيقَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَطْفِ بِثُمَّ أَوْ غَيْرِهَا رَدًّا عَلَى ابْنِ مُحْرِزٍ فَإِنَّهُ فَرَّقَ فَقَالَ وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ بِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَفِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ نَظَرٌ. (ص) وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ هِيَ أُمِّي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إذَا تَزَوَّجَهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ هِيَ أُمِّي قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ فَعَلْت فَهِيَ أُمِّي فَإِذَا تَزَوَّجَهَا كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ وَصْفَهَا بِالْكِبَرِ أَوْ الْكَرَامَةِ أَوْ الْإِهَانَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مَعَ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ كَمَا فِي التَّبْصِرَةِ. (ص) وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ تَجِبُ بِالْعَوْدِ الْآتِي تَفْسِيرُهُ فَلَوْ كَفَّرَ قَبْلَ الْعَوْدِ لَمْ تَجْزِهِ لِأَنَّهُ كَفَّرَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَهَذَا الْوُجُوبُ مَحَلُّهُ مَا دَامَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِصْمَتِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ وَتَتَحَتَّمُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ بِوَطْئِهِ لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا وَسَوَاءٌ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَسَوَاءٌ قَامَتْ بِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ إذْ لَوْ حَذَفَهُ لَأَوْهَمَ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى الْوَطْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ لَأَغْنَاهُ عَنْ التَّكْرَارِ قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ كَذَلِكَ وَنَصُّهَا: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَعَلَيْهَا فَلَا لَبْسَ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ تَوَجُّهُ الْخِطَابِ عَلَيْهِ بِهِ وَفَائِدَتُهُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ إذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَوْلِهِ وَتَجِبُ وَتَتَحَتَّمُ لُزُومٌ وَلَا أَنَّ أَحَدَهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَلَا أَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ بَلْ الْأَوَّلُ مِنْ قَبِيلِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فَلَوْ سَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ لَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ مَتَى عَادَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ أَغْنَى عَنْهُ بِلَا شَكٍّ وَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ لَكِنَّهُ لَمَّا قَالَ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ وَتَتَحَتَّمُ (ص) وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ؟ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ هُوَ يَعُودُ إلَى الْعَوْدِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعَوْدُ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ إمْسَاكِ الْعِصْمَةِ مَعًا فَهُمَا رِوَايَتَانِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا تَقْتَضِيهِ الْمُدَوَّنَةُ مِنْ ذَلِكَ فَاللَّخْمِيُّ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ هُوَ إرَادَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ وَفَهِمَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ هُوَ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ الْعِصْمَةِ مَعًا وَلَوْ سَنَةً تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَبِعِبَارَةٍ الْعَوْدُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْآيَةِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِنَقِيضِ مَا قَالُوا أَيْ قَوْلِهِمْ، وَقَوْلُهُمْ التَّحْرِيمُ، وَنَقِيضُهُ التَّحْلِيلُ أَيْ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا عَلَى الْفَوْرِ أَيْ يُمْسِكَهَا مُدَّةً تُنَافِي الْفَوْرَ. (ص) وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا وَمَوْتِهَا (ش) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ أَيْ وَسَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ نَظَرٌ) كَانَ الْمُتَيْطِيُّ يَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ إلَخْ) حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ عج أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عُرِضَ بَلْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَمَا سَيَأْتِي عَنْ التَّبْصِرَةِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الظِّهَارِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا تَقَدَّمَهُ إيلَاءٌ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ إيلَاءٌ فَإِنَّ الظِّهَارَ يَصِحُّ (أَقُولُ) وَهَذَا لَا يَتِمُّ بَلْ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ فَهِيَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ظِهَارُهُ شَيْئًا وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ بِمُتْعَةٍ حَاصِلَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ أَيْ كَصُورَةِ التَّعْلِيقِ وَالْفَرْضِ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ) أَيْ لِأَنَّ تَحَتُّمَ الْكَفَّارَةِ حَقٌّ لِلَّهِ أَيْ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ الْمُتَحَتِّمَةَ حَقٌّ لِلَّهِ (قَوْلُهُ: تَوَجُّهُ الْخِطَابِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِالْوُجُوبِ الْوُجُوبَ الْمُخَيَّرَ وَالتَّحَتُّمِ الْوُجُوبَ الْمُضَيَّقَ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ) أَيْ فَائِدَةُ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ لَا التَّحَتُّمَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: الْمُخَيَّرِ) أَيْ الْمُوَسَّعِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: أَغْنَى عَنْهُ بِلَا شَكٍّ) أَيْ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّحَتُّمِ يُفِيدُ سَبْقَ تَوَجُّهِ خِطَابٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ تَوَجُّهُ ذَلِكَ الْخِطَابِ هَلْ بِالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ فَقَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَغْنَى عَنْهُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ إلَخْ مَعْنَاهُ يَجِبُ وُجُوبًا مُضَيَّقًا فَيَقْتَضِي سَبْقَ وُجُوبٍ مُوَسَّعٍ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ احْتَاجَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَقَامَ فِي غُنْيَةٍ عَنْهَا لِأَنَّهُ مَا قَالَهَا إلَّا لِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ مَعَ أَنَّهُ بِصَدَدِ أَنَّ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلِمُحَشِّي تت هُنَا كَلَامٌ لَمْ أَفْهَمْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمْسَاكَ لَا فَائِدَةَ فِي الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ إذَا كَانَ يَعْقُبُهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ هَذَا جَارٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الْمُدَوَّنَةِ أُوِّلَتْ عَلَيْهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ بِاعْتِبَارِ فَهْمِ اللَّخْمِيِّ. وَهَذَا الْجَوَابُ يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ مَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ الْعَوْدَةُ هُنَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ وَالتَّصْمِيمُ وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ " إرَادَةُ " (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَنَةً) كَذَا عَنْ الْبَاجِيِّ وَانْظُرْهُ هَلْ هُوَ مِثَالٌ فَمَا دُونَهَا كَذَلِكَ أَوْ هُوَ أَقَلُّ مَا يَكْفِي فِي الْإِمْسَاكِ قَالَهُ تت فِي صَغِيرِهِ وَقَالَ عج وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ إمْسَاكِهِ وَلَمْ يَدْعَمْهُ بِنَقْلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى السَّنَةِ تَقْتَضِي أَنَّ مَا دُونَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ: أَنْ يُمْسِكَهَا مُدَّةً تُنَافِي الْفَوْرَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَنَةً (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَرْكُ الْفِرَاقِ بِأَثَرِ الظِّهَارِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْعَوْدِ إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَطَأْ حَتَّى طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا فَيَسْتَمِرُّ الْخِطَابُ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ بِهَا وَإِنْ عَادَتْ لِعِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا قَبْلَ عَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا تَأْوِيلَانِ فَإِنَّ فَائِدَةَ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ فَإِنَّهُ يَقْرَبُهَا مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ (ص) وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُظَاهِرَ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ وَلَمْ يَطَأْ وَشَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهَا ثُمَّ إنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ أَكْمَلَ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِدَّةِ فَهَلْ تُجْزِئُهُ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ أَوْ لَا تُجْزِئُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا جَدِيدًا هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ أَتَمَّهَا أَوْ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ عَمِلَ أَقَلَّ الْكَفَّارَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ أَمَّا لَوْ أَتَمَّ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا أَيْ إذَا نَوَى رَجْعَتَهَا وَعَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَانَ كَالْبَائِنِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا فَعَلَ بَعْضَهَا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْنَفَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا تُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ قَوْلٌ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ. (ص) وَهِيَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَهِيَ إعْتَاقٌ ثُمَّ صِيَامٌ ثُمَّ إطْعَامٌ وَالْمُؤَلِّفُ أَتَى بِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَذَلِكَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِنَصِّ التَّنْزِيلِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْكِسْوَةِ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَلِهَذَا بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالْعِتْقِ فَالضَّمِيرُ فِي وَهِيَ يَرْجِعُ لِلْكَفَّارَةِ أَيْ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا إعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَإِعْتَاقُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ هِيَ، أَوْ أَنَّ هِيَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فَأَصْلُهُ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا إعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ فَانْفَصَلَ الْمُضَافُ إلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ ضَمِيرًا مُنْفَصِلًا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهَا جِنْسٌ تَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ وَعَبَّرَ بِإِعْتَاقٍ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الرُّبَاعِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا فَلَا تُجْزِئُ بِدُونِهِ كَمَا إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا وَلَوْ عَبَّرَ بِعِتْقٍ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ لَفُهِمَ مِنْهُ الْإِجْزَاءُ حَيْثُ عَتَقَ كَانَ بِإِيقَاعٍ أَمْ لَا وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إعْتَاقُ الْمُظَاهِرِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا رَقَبَةً وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ عِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي (ص) لَا جَنِينٍ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُجْزِئُ عِتْقُ كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ لَا جَنِينٍ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَقَعَ عَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالرَّقَبَةِ الْمُحَقَّقَةُ، وَالْجَنِينُ وَمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ لَيْسَتْ رَقَبَتُهُمَا مُحَقَّقَةً وَجُمْلَةُ " وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ " مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا حُكْمُ الْجَنِينِ إذَا عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ وَلَمْ يَجْزِ فَقَالَ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ حُكْمُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ نَفَذَ فِيهِ الْعِتْقُ السَّابِقُ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عِتْقٍ الْآنَ (ص) وَمُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ (ش)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَوْدِ هَذَا مُفَادُهُ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) بِهَذَا تَعْلَمُ أَنْ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ " لَا إنْ تَقَدَّمَ " الْمُفِيدِ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِتَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا أَعَادَهَا لَعِصْمَتِهِ وَتَقْيِيدِ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يُعِدْهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ فَائِدَةَ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ إلَخْ) وَفَائِدَةُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ لَا بُدَّ مِنْ التَّكْفِيرِ فَالدَّلَالَةُ فِي كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَفَعَلَ بَعْضَهَا ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْمَسِّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِمَذْهَبِهَا وَأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِهَا إنْ أَتَمَّهَا لَمْ تُجْزِئْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَالْبَيَانِ أَوْ وِفَاقٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى فِي الْمُدَوَّنَةِ اللُّزُومَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْوِفَاقِ بِقَوْلِهِ إلَخْ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إنْ أَتَمَّهَا وَهَلْ التَّأْوِيلَانِ وَلَوْ أَتَمَّهَا بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ مَحَلُّهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ أَوْ لَمْ تَنْقَضِ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ وَأَمَّا إذَا نَوَى الرَّجْعَةَ وَأَتَمَّهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَمِلَ أَقَلَّ الْكَفَّارَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا) أَيْ وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ) رَدَّهُ عج وَارْتَضَى أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْإِطْعَامِ لَا فِيهِ وَفِي الصِّيَامِ خِلَافًا لِبَهْرَامَ أَيْ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَيُتَّفَقُ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا كَانَ مُسْقِطًا لِلْكَفَّارَةِ أَوْجَبَتْ خَلَلًا فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُتِمَّ كَفَّارَتَهُ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الصِّيَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْنِي عَلَى الْإِطْعَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَبْنِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ نَافِعٍ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَالرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْهُ أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَمَعْنَى الثَّالِثِ أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَّا إذَا أَتَمَّهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا قَبْلُ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَدْخَلَ لِلْكِسْوَةِ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) اُنْظُرْ عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ مَا مَرْتَبَتُهَا (قَوْلُهُ: فَلِهَذَا) أَيْ فَلِأَجْلِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَتَى بِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ بَدَأَ بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَحَذَفَ الْمُضَافَ) الْقَصْدُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جِنْسٌ تَحْتَهُ) فِيهِ أَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ نَفْسَ إعْتَاقٍ بَلْ إعْتَاقٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ) إلَّا أَنَّهُ مُقْتَرِنٌ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ وَضْعِهِ) أَيْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ لَك عَبْدٌ غَائِبٌ فِي تِجَارَةٍ أَوْ إبَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ عَنْك فَأَعْتَقْته عَنْ ظِهَارِك فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُك عَنْ ذَلِكَ إذْ لَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا تُعْلَمُ سَلَامَتُهُ فَلَوْ كُشِفَ الْأَمْرُ عَنْ سَلَامَتِهِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْجَنِينِ فَإِنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً كَمَا مَرَّ. (ص) مُؤْمِنَةٍ وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ وَفِي الْوَقْفِ حَتَّى يُسْلِمَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنْ تَكُونَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الرَّقَبَةَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِالْإِيمَانِ وَأَطْلَقَهَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقُرْبَةُ بِهَا وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا، وَالْإِيمَانُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي رَقَبَةِ الظِّهَارِ وَفِي كُلِّ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ لَكِنْ لَوْ أَعْتَقَ كَافِرًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَعْجَمِيِّ فَهَلْ يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ أَوْ لَا فِيهِ تَأْوِيلَانِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ح أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْأَعْجَمِيِّ مُطْلَقًا وَمُقْتَضَى تَقْرِيرِ ز أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ دِينَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ فَهَلْ يُمْنَعُ الْمُظَاهِرُ مِنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ بِالْفِعْلِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجْزِهِ حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بِلَفْظِ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ ابْنُ يُونُسَ وَقُلْت أَنَا بَلْ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَى دِينِ مَنْ اشْتَرَاهُ وَلَمَّا كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يَأْبَاهُ فِي غَالِبِ أَمْرِهِ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا مَا أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْوَقْفَ وَاجِبٌ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ وَيَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تُعْطِي أَنَّ الظِّهَارَ يَسْقُطُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَقْفِ وَعَدَمِهِ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ بِخِلَافِهَا وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَسْقُطُ الظِّهَارُ أَوْ لَا فَهِيَ مُحَرَّرَةٌ عَنْ هَذِهِ وَأَحْسَنُ مِنْهَا. (ص) سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي تُجْزِئُ فِي عِتْقِ الظِّهَارِ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً عَنْ الْعُيُوبِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْهَا قَطْعُ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ الْخِنْصَرَ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الذَّهَابُ وَلَوْ خِلْقَةً وَالْمُرَادُ بِالْأُصْبُعِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَطْعَ مَا دُونَ الْأُصْبُعِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ لَا يَضُرُّ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ " وَأُنْمُلَةٍ " يَقْتَضِي أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضِ أُنْمُلَةٍ يَضُرُّ وَانْظُرْ: الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ أَيِّهِمَا؟ لَكِنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَلَوْ كُشِفَ الْأَمْرُ عَنْ سَلَامَتِهِ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ كَانَ مِمَّنْ يُجْزِئُ وَيُسَمَّى رَقَبَةً (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى أَيْ فِي قَوْلِهِ أَيْ فَيُجْزِئُ عِتْقُ كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِصِفَةِ مَنْ يُجْزِئُ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَ أَمَتِهِ عَنْ ظِهَارِهِ ظَانًّا عَدَمَ وَضْعِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَنْ يُجْزِئَهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَهُ بَهْرَامُ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا وَضَعَتْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حِينَ الْعِتْقِ لَمْ تَضَعْهُ لَا يُجْزِئُ. (قَوْلُهُ: مُؤْمِنَةٍ) لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِرَقَبَةٍ لِأَنَّ فِيهِ الْفَصْلَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَالْأَوْلَى إعْرَابُهُ بَدَلًا مِنْ رَقَبَةٍ وَالْبَدَلُ يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْإِيمَانُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِيمَانُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِدُخُولِ الْأَعْجَمِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِكَوْنِ الْأَعْجَمِيِّ يُجْزِئُ يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَمَنْ يَقُولُ لَا يُجْزِئُ يَقُولُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَطَّابِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْأَعْجَمِيِّ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ: وَفِي الْأَعْجَمِيِّ أَيْ الْكَافِرِ إذَا كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَالْمَجُوسِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَمَنْ لَا يَعْقِلُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَفِي إجْزَائِهِ خِلَافٌ اُنْظُرْ اللَّخْمِيَّ اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ مَجُوسِيًّا مُطْلَقًا أَوْ كِتَابِيًّا صَغِيرًا فَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْجَمِيِّ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالصَّغِيرُ الْكِتَابِيُّ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمَجُوسِيِّ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْأَعْجَمِيِّ خُصُوصُ الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ الْكَبِيرُ فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الَّذِي يَقُولُ بِإِجْزَاءِ الْأَعْجَمِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِعِتْقِ الْأَعْجَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ إلَخْ) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ (وَأَقُولُ) وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ هُوَ الْوَجِيهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ يُجْبَرُ إلَخْ) أَيْ وَخُصُوصًا كَوْنُهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ مُطْلَقًا) أَيْ وُقِفَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَهِيَ مُحَرَّرَةٌ عَنْ هَذِهِ وَأَحْسَنُ) كَذَا قِيلَ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ عب وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهَا مُحَرَّرَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ هَلْ يَسْقُطُ الظِّهَارُ أَمْ لَا مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْقُطْ الظِّهَارُ فَلَا إجْزَاءَ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُفَرَّعَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ عَدَمُ سُقُوطِ الظِّهَارِ فَإِنْ قُلْت وَعَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَمَا مَعْنَى الْإِجْزَاءِ مَعَ كَوْنِهِ يُشْتَرَطُ الْوَقْفُ حَتَّى يُسْلِمَ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُجْزِئُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قُلْت مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صِيغَةُ إعْتَاقٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ رَأْسًا فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى صِيغَةِ إعْتَاقٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) وَمِثْلُهُ الشَّلَلُ وَالْإِقْعَادُ وَذَهَابُ الْأَسْنَانِ كُلِّهَا وَيُجْزِئُ ذَاهِبُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الذَّهَابُ وَلَوْ خِلْقَةً) كَذَا اللَّقَانِيِّ وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ عَبَّرَ بِقَطْعِ الظَّاهِرِ فِي حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَفِي عب وَلَوْ زَائِدًا إنْ أَحَسَّ وَسَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ كَذَا يَنْبَغِي انْتَهَى وَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 كَلَامَ ح يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَفْهُومُ أُصْبُعٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ مَا إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ. (ص) وَعَمًى وَبُكْمٍ وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلَجٍ (ش) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْهَا الْعَمَى وَكَذَا الْغِشَاوَةُ الَّتِي لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ وَأَمَّا الْخَفِيفُ وَالْأَعْشَى وَالْأَجْهَرُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَعْوَرَ يُجْزِئُ وَمِنْهَا الْبُكْمُ وَهُوَ عَدَمُ فَصَاحَةِ النُّطْقِ بِالْكَلَامِ وَمِنْهَا الْجُنُونُ وَلَوْ قَلِيلًا كَمَرَّةٍ فِي الشَّهْرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَمِنْهَا الْمَرَضُ الْمُشْرِفُ وَهُوَ الَّذِي بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ وَغَيْرُهُ يُجْزِئُ وَمِنْهَا قَطْعُ أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ فَقَوْلُهُ وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ أَيْ أَشْرَافِهِمَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ قَطْعُهُمَا مِنْ أَصْلِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَسَتَأْتِي الْوَاحِدَةُ فِي قَوْلِهِ وَجَدْعٍ فِي أُذُنٍ وَمَفْهُومُ فِي أُذُنِهِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّهَا الْجَدْعُ لَا تُجْزِئُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَمِنْهَا الصَّمَمُ إنْ فَسَّرْنَاهُ بِعَدَمِ السَّمْعِ لَمْ يَأْتِ التَّقْيِيدُ بِالثَّقِيلِ وَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِثِقَلِ السَّمْعِ يَأْتِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ خَفِيفًا وَمِنْهَا الْهَرَمُ الشَّدِيدُ بِأَنْ لَا يُمْكِنَ مَعَهُ الْكَسْبُ بِصَنْعَةٍ تَلِيقُ بِهَرَمِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ وَإِنَّمَا مَنَعَ الْهَرِمَ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ مَنَافِعَ الصَّغِيرِ مُسْتَقْبَلَةٌ، وَمِنْهَا الْعَرَجُ الشَّدِيدُ فَقَوْلُهُ الشَّدِيدَيْنِ وَصْفٌ لِلْهَرَمِ وَالْعَرَجِ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُمَا فِي كَلَامِهِ وَمِنْهَا الْجُذَامُ وَإِنْ قَلَّ وَمِنْهَا الْبَرَصُ وَإِنْ قَلَّ وَمِنْهَا الْفَلَجُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَيُبْسُ الشِّقِّ لَيْسَ شَرْطًا وَلَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بَعْدَ عِتْقِهِ لَا يُجْزِئُ بِهِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَاسْتَعَانَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ، وَأَرْشُ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ وَالدَّيْنُ الْمَانِعُ سَعْيَهُ لِنَفْسِهِ لِصَرْفِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ. (ص) بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رَقَبَةِ الظِّهَارِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً عَنْ شَوَائِبِ الْعِوَضِيَّةِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ مَالٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ (ص) لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُجْزِئُ عِتْقُ مَا لَا شَوْبَ عِوَضٍ فِيهِ لَا عِتْقُ مُشْتَرًى بِشَرْطِ الْعِتْقِ لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ لَيْسَتْ كَامِلَةً لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَضَعَ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَجْلِ الْعِتْقِ (ص) مُحَرَّرَةٍ لَهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِلظِّهَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِأَجْلِ الظِّهَارِ يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ كَقَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا بِسَبَبِ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ لِحُكْمٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ. (ص) وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي تَأْوِيلَانِ (ش) التَّأْوِيلَانِ وَقَعَا فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يَجْزِهِ وَفِي قَوْلِ الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ فِيمَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ بِحَمْلِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ) وَمِثْلُهُمَا أُنْمُلَتَانِ وَبَعْضُ أُنْمُلَةٍ لِقَوْلِهِ بَعْدُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ. (قَوْلُهُ: مُشْرِفٍ) أَيْ صَاحِبِهِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَعْشَى) هُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ لَيْلًا وَقَوْلُهُ وَالْأَجْهَرُ هُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ فَصَاحَةِ النُّطْقِ بِالْكَلَامِ) الْمُرَادُ لَا يَنْطِقُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شب كَانَ مَعَهُ صَمَمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنْ كَانَ يَأْتِي فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَتَأْتِي الْوَاحِدَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ قَطْعُ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ عب اضْطِرَابٌ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَا: وَقَطْعُ أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ ظَاهِرُهُ وَكَذَا قَطْعُ أَشْرَافِ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي إنَّ قَطْعَ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ لَا يَضُرُّ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ قَطْعَ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَيُبْسُ الشِّقِّ لَيْسَ شَرْطًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فَسَّرَتْهُ الْمُدَوَّنَةُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالْيُبْسِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحَرُّكِهِ وَالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ إلَخْ) أَيْ الدَّيْنُ مَنَعَ سَعْيَ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَسْعَى لِأَجْلِ أَنْ يَصْرِفَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ وَشَأْنُ الرَّقَبَةِ الَّتِي تَعْتِقُ فِي الظِّهَارِ وَنَحْوِهِ أَنْ لَا تِبَاعَةَ عَلَيْهَا لِأَحَدٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يُعْتِقَهُ السَّيِّدُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنَ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا لَمْ يُسْقِطْهُ سَيِّدُهُ عَنْهُ قَبْلُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَيْبًا فِي الْعَبْدِ يَمْنَعُ إجْزَاءَ عِتْقِهِ عَنْ الظِّهَارِ كَظُهُورِ عَيْبٍ تَبَيَّنَ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ كَعَمًى أَوْ عَجْزٍ وَسَوَاءٌ كَانَ سَيِّدُهُ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ. (قَوْلُهُ: بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ) اسْمٌ بِمَعْنَى " غَيْرِ " ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَالشَّوْبُ الْخَلْطُ أَيْ بِلَا مُخَالَطَةِ عِوَضٍ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ أَسْقَطَ " شَوْبِ " لَتُوُهِّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا الْعِوَضُ الْكَامِلُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ السَّلَامَةُ مِنْ مُخَالِطٍ أَيْ عِوَضٍ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) وَأَمَّا بِمَا فِي يَدِهِ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ (قَوْلُهُ: لَا عِتْقُ مُشْتَرًى إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الْعِوَضِيَّةِ وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَيْ إنَّ الْبَائِعَ يَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْتِقَهُ (قَوْلُهُ: لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ حِينَ الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُ مِنْ شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ رَدُّهُ فَأَذِنُوا لَهُ فِي الشِّرَاءِ أَوْ فِي الْعِتْقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيُجْزِئُ عَنْ ظِهَارِهِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ احْتَاجَ لِحُكْمٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَلْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: وَفِي إنْ اشْتَرَيْته إلَخْ) بِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 حُرٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ - أَيْ مِنْ شُمُولِهِ لِمَا إذَا قَالَ عَنْ ظِهَارِي أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ حُرٌّ -، أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ عَنْ ظِهَارِي فَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَهُ فَالْإِجْزَاءُ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي أَنَّ قَوْلَهُ عَنْ ظِهَارِي يُعَدُّ نَدَمًا بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ تَعْلِيقَ عِتْقِ الظِّهَارِ لَا يُفِيدُ فَتَقْيِيدُهُ بِالظِّهَارِ بَعْدَ قَوْلِهِ حُرٌّ لَا يُفِيدُ فَمِلْكُهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ أَيْ لَمْ يَسْتَمِرَّ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ الظِّهَارُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ وَقَعَ مِنِّي وَنَوَيْت الْعَوْدَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ. (ص) وَالْعِتْقِ لَا مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ أَيْ وَبِلَا شَوْبِ الْعِتْقِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ بَعْضِهِمْ " وَعِتْقٍ " بِتَنْكِيرِهِ وَجَرِّهِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ أَيْ وَبِلَا شَوْبِ عِتْقٍ أَيْ خَالِيَةٍ عَنْ شَائِبَةِ عِوَضٍ وَعِتْقٍ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِصِحَّةِ عَطْفِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُ عِتْقُ مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُبَعَّضٍ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ نُجُومِهِ وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُمَا وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَقُلْنَا بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ كَالْمُكَاتَبِ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ (ص) أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا فَكَمَّلَ عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَالْعَبْدُ شَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَقَوَّمَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ أَوْ لَا ثُمَّ أَعْتَقَ نِصْفَهُ الْآخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنْ تَخْرُجَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَهَذَا بَعْضُهَا وَلِأَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ التَّتْمِيمَ فِي الْبَاقِي صَارَ مِلْكُهُ غَيْرَ تَامٍّ (ص) أَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ شَيْءٌ إذَا أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ وَشَرِكَهُنَّ فِي الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ رَقَبَةٍ وَالْعِتْقُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ شَرِكَهُنَّ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ وَإِنْ عَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَقَبَةً حَلَلْنَ أَوْ أَطْلَقَ حَلَلْنَ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ وَأَبْهَمَ الْأُخْرَى حَلَّتْ الْمُعَيَّنَةُ مُطْلَقًا كَالْأُخْرَى إنْ تَعَيَّنَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ نَسِيَ الَّتِي أَعْتَقَ عَنْهَا كَفَّرَ عَنْ الْأُخْرَى وَأَجْزَأَهُ وَمُنِعَ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ الْأُخْرَى وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ. (ص) وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ مِنْ ظِهَارِهِ عَبْدًا أَعْوَرَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَقُومُ مَقَامَ الِاثْنَتَيْنِ وَيَرَى بِهَا مَا يَرَى بِهِمَا وَدِيَتُهَا دِيَةُ الْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا أَلْفُ دِينَارٍ وَالْخِلَافُ فِي الْأَنْقَرِ الَّذِي خَرَجَتْ عَيْنُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ وَالظَّاهِرُ إجْزَاءُ عِتْقِ مَنْ فَقَدَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ بَعْضَ نَظَرِهَا (ص) وَمَغْصُوبٌ، وَمَرْهُونٌ وَجَانٍ إنْ افْتَدَيَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ عَبْدَهُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَيَجُوزُ وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ   [حاشية العدوي] لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ عَلَّقَ تَحْرِيرَهُ بِاشْتِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَجْزِهِ وَعَنْ ظِهَارِهِ يُجْزِئُ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ) أَيْ وَوَجْهُ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَائِمًا بِهِ الظِّهَارُ وَحَاصِلًا لَهُ بِالْفِعْلِ صُرِفَ ذَلِكَ الشِّرَاءُ إلَى الظِّهَارِ فَقَوْلُهُ: عَنْ ظِهَارِي لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: أَنَّ تَعْلِيقَ عِتْقِ الظِّهَارِ) أَيْ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يُفِيدُ فِي عِتْقِ الظِّهَارِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُجْزِئُهُ اتِّفَاقًا فَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَقُولُ لِلْقَائِلِ بِالْإِجْزَاءِ: أَنْتَ تُوَافِقُنِي عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَإِذَنْ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ظِهَارِي يُعَدُّ نَدَمًا، وَقَوْلُهُ فَمِلْكُهُ أَيْ لِأَنَّ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ: لَأَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا) فِي عب وَوَجْهُ الْإِجْزَاءِ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى الشِّرَاءِ عَلَى شَرْطٍ وَهُوَ ظِهَارُهُ إنْ وُجِدَ مِنْهُ وَلِلشَّرْطِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَشْرُوطِ أَقْوَى مِنْ الْقَيْدِ فِي مُقَيَّدِهِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُكَاتَبِ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يُجْزِئُهُ إلَخْ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَقَوَّمَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النِّصْفُ الَّذِي كَمَّلَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجْزَاءِ وَمُفَادُ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْفِيشِيِّ بِالْحَرْفِ وَلَيْسَ فِيهَا عَنْ امْرَأَةٍ وَكَذَا بِخَطِّهِ لَيْسَ فِيهِ عَنْ امْرَأَةٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ " وَاحِدَةً " مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ وَإِذَا أَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ ظِهَارِهِ فَأَعْتَقَ وَاحِدَةً عَنْ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَسَكَتَ عَنْ الْأُخْرَى فَقَوْلُهُ: وَأَبْهَمَ الْأُخْرَى مَعْنَاهُ وَأَبْهَمَ الْمَرْأَةَ الْأُخْرَى الَّتِي أَعْتَقَ عَنْهَا الرَّقِيقَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: كَالْأُخْرَى إنْ تَعَيَّنَتْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا امْرَأَتَانِ قَدْ ظَاهَرَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ رَقِيقَيْنِ عَنْ ظِهَارِهِ وَعَيَّنَ أَحَدَ الرَّقِيقَيْنِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ فَتَحِلُّ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ أَوْ أَرْبَعٌ فَأَعْتَقَ رَقِيقَيْنِ عَنْ ظِهَارِهِ وَعَيَّنَ وَاحِدًا مِنْ الرَّقِيقَيْنِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ النِّسَاءِ وَسَكَتَ عَنْ الرَّقِيقِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَطَأُ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ إلَّا إذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً ثَالِثَةً أَوْ كَفَّارَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسِيَ الَّتِي أَعْتَقَ عَنْهَا) هَذَا يَتَحَقَّقُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مَرْأَتَانِ وَأَكْثَرُ وَأَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَسِيَهَا بِأَنْ يُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ " كَفَّرَ عَنْ الْأُخْرَى أَيْ جِنْسِ الْأُخْرَى " الْمُتَحَقَّقُ فِي وَاحِدَةٍ وَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: الَّذِي خَرَجَتْ عَيْنُهُ) أَيْ قُلِعَتْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْأَقْطَعِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 يُجْزِئُ عِتْقُ عَبْدِهِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْجَانِي عَنْ ظِهَارِهِ لِبَقَاءِ كُلٍّ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً أَنْ يَفْتَكَّ الرَّهْنَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ إسْقَاطِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَأَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْقِطَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَغْصُوبَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي لَا يَجُوزُ عِتْقُ كُلٍّ ابْتِدَاءً إلَّا إنْ افْتَدَيَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمَوَّاقِ. (ص) وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ (ش) فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ ذُو مَرَضٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صَاحِبِ الْعَيْبِ دُونَ الْعَيْبِ نَفْسِهِ ثُمَّ إنَّ " خَفِيفَيْنِ " إمَّا حَالٌ أَوْ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ وَذَلِكَ عَلَى أَنَّ " مَرَضٍ، وَعَرَجٍ " بِالرَّفْعِ وَإِنْ كَانَا بِالْجَرِّ فَهُوَ صِفَةٌ لَهُمَا وَيَلْزَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ أَوْ قَطْعُ نَعْتِ النَّكِرَةِ وَكِلَاهُمَا قَلِيلٌ وَعَلَى الثَّانِي حَذْفُ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءُ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ قَلِيلٌ أَيْضًا وَالشَّرْطُ الْمَفْقُودُ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا كَمَا ... قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا حُذِفْ ... مُمَاثِلًا لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ (ص) وَأُنْمُلَةٍ وَجَدْعِ أُذُنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ عَبْدًا مَقْطُوعَ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُنْمُلَةُ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالْأُنْمُلَتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْأُنْمُلَةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَفْهُومِ أُصْبُعٍ فِيمَا مَرَّ وَكَذَا يُجْزِئُ عِتْقُ الْعَبْدِ الْمَجْدُوعِ أَيْ الْمَقْطُوعِ الْأَنْفِ أَوْ الْأُذُنِ حَيْثُ لَمْ يُوعِبْهَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: عَلَى أَنَّ مَقْطُوعَ الْأُذُنِ لَا يُجْزِئُ انْتَهَى وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. (ص) وَعِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ إنْ عَادَ وَرَضِيَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ ظِهَارٍ لَازِمٍ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَسَوَاءٌ أَذِنَ الْمُظَاهِرُ لِهَذَا الرَّجُلِ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُظَاهِرُ قَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِأَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْعَوْدُ أَيْ نَوَى وَطْءَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَطِئَهَا بِالْفِعْلِ وَبِشَرْطِ أَنْ يَرْضَى الْمُظَاهِرُ بِالْعِتْقِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَوْدٌ أَوْ لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ مَيِّتٍ فَالْعَوْدُ كَافٍ لِتَعَذُّرِ الرِّضَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَادَ أَيْ إنْ كَانَ عَادَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَرَضِيَ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ إنْ عَادَ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ وَرَضِيَهُ شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَهَا لَا فِيمَا قَبْلَهَا (ص) وَكُرِهَ الْخَصِيُّ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ (ش) أَيْ وَكُرِهَ عِتْقُ الْخَصِيِّ مَعَ الْإِجْزَاءِ وَاغْتُفِرَ نَقْصُهُ لِزِيَادَةِ مَنْفَعَتِهِ وَهَذَا جَارٍ فِي بَاقِي الْكَفَّارَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهَا بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَعَقَلَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَيْ عَقَلَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقُرَبِ بِأَنْ بَلَغَ حَدَّ التَّمْيِيزِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الِاحْتِلَامِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَالْعَمَلِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُسْلِمًا حَقِيقَةً وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ مُسْلِمٌ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ. (ص) ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهُوَ الصِّيَامُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ يَرْجِعُ لِلْعِتْقِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِالْعِتْقِ وَقْتَ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ أَيْ وَقْتَ إخْرَاجِهَا فَإِنَّهُ يَصُومُ حِينَئِذٍ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ (لَا قَادِرٍ) وَإِنْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُعْسِرٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ بِمِلْكٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِكَمَرَضٍ أَوْ مَنْصِبٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَانَ قَادِرًا وَقْتَ الْأَدَاءِ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ بِأَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ افْتَدَيَا لَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِجْزَاءِ بَلْ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ أَيْ، وَأَمَّا الْإِجْزَاءُ فَيَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يُخَلَّصَا وَقَدْ تَبِعَ غَيْرَهُ وَهُوَ عج وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ قَالَ ج وَمَنْ تَبِعَهُ هَذَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَيَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَدِيَا قَائِلًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيعُ الْمَوَّاقِ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ بِالِافْتِدَاءِ إنْفَاذُ الْعِتْقِ بِخَلَاصِهِ مِنْ الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْتَدِ بِأَنْ أَخَذَهُ ذُو الْجِنَايَةِ أَوْ الدَّيْنِ وَبَطَلَ الْعِتْقُ فَكَيْفَ يَصِحُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِالْإِجْزَاءِ فَظَهَرَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْإِجْزَاءِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا وَلَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ مَا يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ وَالْجَانِيَ عَتَقَا عَنْ الظِّهَارِ قَبْلَ افْتِدَائِهِمَا فَيُجْزِئُ إنْ افْتَدَيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ فَرْضِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَانْظُرْ لَوْ اجْتَمَعَا فِيهِ خَفِيفَيْنِ هَلْ يُجْزِئُ أَمْ لَا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَرَجٍ (قَوْلُهُ: وَأُنْمُلَةٍ) قَالَ اللَّقَانِيِّ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَاقْتَصَرَ فِي الصِّحَاحِ عَلَى الْفَتْحِ وَهِيَ رَأْسُ الْأُصْبُعِ الْعُلْيَا (قَوْلُهُ: وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ مَنْفَعَتِهِ) كَذَا قَالَ تت قَالَ عب: وَانْظُرْ زِيَادَتَهُ فِيمَا ذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ إلَّا فِي خَصِيِّ الضَّحِيَّةِ قَالَ بَهْرَامُ وَانْظُرْ هَلْ حُكْمُ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ كَذَلِكَ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَوْ لَا يُكْرَهُ بَلْ يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَيُتَوَقَّفُ فِيهِ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُكْرَهُ فَاقِدُ إحْدَى الْأَلْيَتَيْنِ وَلَا يُكْرَهُ فَاقِدُهُمَا مَعًا أَوْ مَعْنَاهُ لَا يَجْرِي انْتَهَى شَرْحُ عب (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ كَالْخَصِيِّ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْخَصِيِّ مِنْ الْإِنْسَانِ لَيْسَتْ شَرْعِيَّةً (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ عِتْقَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا السِّنَّ يُجْزِئُ وَإِنْ رَضِيعًا كَمَا فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ كَذَلِكَ فَكَبِرَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ مُقْعَدًا أَوْ مُطْبَقًا فَعَنْ أَصْبَغَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَكَذَا لَوْ ابْتَاعَهُ فَكَبِرَ عَلَى مِثْلِ هَذَا لَا يُرَدُّ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ إخْرَاجِهَا لَا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَوْدُ وَلَا وَقْتَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لِكَمَرَضٍ) وَاقِعٍ أَوْ مُتَوَقَّعٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 كَانَ عِنْدَهُ ثَمَنُهَا أَوْ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ رَقَبَةٍ فَقَطْ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ لِأَجْلِ مَنْصِبٍ أَوْ سُكْنَى مَسْكَنٍ لَا فَضْلَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَضَمَّنَ " مُعْسِرٍ " مَعْنَى عَاجِزٍ فَقَابَلَهُ بِقَوْلِهِ " لَا قَادِرٍ ". (ص) أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقَدْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْتِقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ لَهَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ حَلَّتْ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تُجْزِئُ قَبْلَ الْعَوْدِ وَالْعَوْدُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَوَطْءُ هَذِهِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا عَوْدٌ وَنَحْوُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَجْزَأَهُ عِتْقُهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَالَ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ تُوجِبُ كَفَّارَتَهُ وَإِنَّمَا يُضَعِّفُ هَذَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا لِلسَّلَفِ اهـ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ أَخْذِ اللَّخْمِيِّ مِنْهَا أَنَّ الْعَوْدَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ. (ص) صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ (ش) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لِمُعْسِرٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْسَرَ عَنْ عِتْقِ الرَّقَبَةِ وَقْتَ أَدَائِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ إذَا بَدَأَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَسَوَاءٌ كَانَ نَاقِصًا أَوْ كَامِلًا (ص) مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَفَّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ تَتَابُعَ الشَّهْرَيْنِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ أَيْضًا بِالصَّوْمِ الْكَفَّارَةَ عَنْ ظِهَارِهِ، وَيَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ كَفَّارَةٍ وَاجِبَةٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِصَوْمِهِ التَّكْفِيرَ عَنْ تِلْكَ الْكَفَّارَةِ (ص) وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فِي الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُ الشَّهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَ الصَّوْمَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ الصَّوْمَ وَيَصُومُ الشَّهْرَ الَّذِي بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ ثُمَّ يُكْمِلُ الْأَوَّلَ الْمُنْكَسِرَ مِنْ الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَلَوْ صَامَ مِنْ الْمُحَرَّمِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصُومُ صَفَرًا بِالْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا ثُمَّ يُكْمِلُ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَكَذَا لَوْ مَرِضَ فِي صَفَرٍ تَمَّمَهُ ثَلَاثِينَ وَلَوْ مَرِضَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فِي الثَّانِي ثُمَّ صَحَّ كَمَّلَهُمَا ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (ص) وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ إنْ أَضَرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُظَاهِرَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِالصَّوْمِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ يَضُرُّ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ إنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ أَوْ لَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ إنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ خِلَافًا لتت فَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ كُلًّا مِنْهُمَا وَحَصَلَ بِالصَّوْمِ ضَرَرٌ فِي أَحَدِهِمَا فَلَهُ الْمَنْعُ. (ص) وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ (ش) أَيْ وَتَعَيَّنَ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ لِذِي الرِّقِّ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُكَاتَبِ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَجَزَ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا أَذِنَ   [حاشية العدوي] أَوْ لِأَجْلِ مَنْصِبٍ) كَمَا إذَا كَانَ مِثْلَهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ سُكْنَى مَسْكَنٍ) وَكَذَا كُتُبُ فَقِيهٍ مُحْتَاجٍ لَهَا وَلَا يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَلَا النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِإِتْيَانِهِ بِمُنْكَرٍ مِنْ الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَأُورِدَ أَنَّ إثْبَاتَ الْحِلِّيَّةِ بِالْعِتْقِ الْمَذْكُورِ مُؤَدٍّ إلَى رَفْعِهَا وَمَا أَدَّى إثْبَاتُهُ إلَى رَفْعِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ حِلِّيَّةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ حِلِّيَّةُ الْمِلْكِ وَالْمَطْلُوبُ مُطْلَقُ حِلِّيَّةٍ الصَّادِقَةُ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ هَذِهِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ) أَيْ وَالْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ أَيْ وَلَوْ مَعَ نِيَّةِ التَّكْفِيرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مَعَ نِيَّةِ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَإِنَّمَا كَانَ الْعَزْمُ هُنَا مُمْتَنِعًا وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّكْفِيرِ لِأَنَّهَا بَعْدَهُ تَصِيرُ حُرَّةً فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَعَ نِيَّةِ التَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا) رُبَّمَا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَوَطْءُ هَذِهِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ أَيْ فَالْعَزْمُ مُمْتَنِعٌ وَقَوْلُهُ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ أَيْ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا وَقَوْلُهُ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ أَخْذِ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَوْدَ شَرْطٌ وَهَذَا الْأَخْذَ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ " صَوْمُ " مَعْطُوفٌ عَلَى " إعْتَاقُ " الَّذِي هُوَ خَبَرُ هِيَ الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً أَيْ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْخَبَرِ خَبَرٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّرَهُ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ إعْتَاقُ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ وَالْمَعْنَى وَالْكَفَّارَةُ أَنْوَاعٌ مُرَتَّبَةٌ فَيَكُونُ قَوْلُهُ " ثُمَّ صَوْمُ " مَعْطُوفًا عَلَى " إعْتَاقُ " وَقَوْلُهُ " لِمُعْسِرٍ " مُرْتَبِطٌ بِهِ وَعَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ: مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ عَلَى كَلَامِهِ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ صَوْمُ شَهْرَيْنِ كَائِنٌ لِمُعْسِرٍ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَرِضَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ صَامَ الْأَوَّلَ بِتَمَامِهِ ثُمَّ مَرِضَ الثَّانِيَ فَيَكُونُ الْمُنْكَسِرُ هُوَ الثَّانِيَ فَقَطْ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْكَسْرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي أَوْ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْت: إنَّهُ فِي رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَ يَقْضِي بِالْعَدَدِ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ آيَتَيْ الظِّهَارِ وَرَمَضَانَ لَفْظُ شَهْرٍ وَهُوَ كَمَا فِي الْخَبَرِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ قُلْنَا إنَّ الشَّهْرَيْنِ فِي الظِّهَارِ لَمْ يُقَيَّدَا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَحُمِلَا عَلَى الشَّهْرَيْنِ الْكَامِلَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَبْدَآ بِالْهِلَالِ وَإِنَّ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُقَيَّدٌ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَاقْتُصِرَ عَلَى مَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ فِي الْعَدَدِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِالتَّعْيِينِ يُتَشَوَّفُ إلَى كَوْنِ السَّيِّدِ لَهُ الْمَنْعُ أَمْ لَا فَهُوَ كَالْمُتَفَرَّعِ عَلَيْهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 لَهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ وَبِعِبَارَةٍ: وَتَعَيَّنَ - أَيْ الصَّوْمُ - لِذِي الرِّقِّ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعِتْقِ وَإِنْ أَذِنَ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ يَصِحُّ مِنْهُ إنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ فَهُوَ يُشْبِهُ الْحَصْرَ الْإِضَافِيَّ. (ص) وَلِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِعَشْرِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ فِي حَقِّ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِمُدَّةٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ وَهِيَ هُنَا الْكَفَّارَةُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ إذْ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْعُسْرِ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِلظِّهَارِ. (ص) وَإِنْ أَيْسَرَ فِيهِ تَمَادَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ فَرْضِهِ الصِّيَامَ لِعَجْزِهِ عَنْ عِتْقِ الرَّقَبَةِ إذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى الصَّوْمِ وَلَا يَرْجِعُ لِلْعِتْقِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ حَيْثُ صَامَ مَا لَهُ بَالٌ كَالثَّلَاثِ وَأَمَّا إنْ كَانَ صَامَ كَالْيَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةٍ تَمَادَى أَيْ جَازَ لَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَمَادَى وُجُوبًا وَهَذَا إنْ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمَهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ صَوْمِهِ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ الْمُظَاهِرِ وَقْتَ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ لَمَّا أَبْطَلَ صَوْمَهُ خُوطِبَ بِأَدَائِهَا وَهُوَ الْآنَ مُوسِرٌ فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) (ص) وَنُدِبَ الْعِتْقُ فِي كَالْيَوْمَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا قَدَّمَهُ - مِنْ أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ يَتَمَادَى - مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ صَامَ مَا لَهُ بَالٌ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَامَ الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْيَوْمِ يُسْتَحَبُّ بِاتِّفَاقٍ وَمِثْلُهُ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ لِغِلَظِ أَمْرِهِمَا. (ص) وَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْمُعْسِرُ جَازَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُظَاهِرَ الْمُعْسِرَ إذَا تَكَلَّفَ الْعِتْقَ بِأَنْ تَدَايَنَ وَاشْتَرَى رَقَبَةً فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَنَظِيرُهُ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ فَتَكَلَّفَ الْغُسْلَ أَوْ مَنْ فَرْضُهُ الْجُلُوسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَكَلَّفَ الْقِيَامَ فِيهَا وَمَعْنَى جَازَ مَضَى لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَرْبَابُهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالٍ لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ السُّؤَالُ أَمْ لَا كَانَ إذَا سَأَلَ يُعْطَى أَمْ لَا. (ص) وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَذَكَرَ هُنَا أُمُورًا تَقْطَعُ تَتَابُعَ الصَّوْمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِهِ وَيَبْتَدِئُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا وَأَمَّا إذَا وَطِئَ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ لَيْلًا وَلَوْ عَالِمًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ " وَمِثْلُ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي قَطْعِ الصَّوْمِ وَوُجُوبِ ابْتِدَائِهِ مَا إذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ مَثَلًا ظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُنَّ فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِهِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ مُقَدِّمَاتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَطْعِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعِتْقِ وَإِنْ أَذِنَ) أَيْ فَالرَّقِيقُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَذِنَ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَلَازَمَ الْعِتْقُ الْوَلَاءَ وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى مَلْزُومُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُمْ فِي الْحَالِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ وَالْمُعْتِقُ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ لَهُمْ وَلَاءُ مَا أَعْتَقُوهُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُمْ إنَّمَا هُوَ إذَا أَعْتَقُوا (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ) أَيْ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الصِّيَامِ. (تَنْبِيهٌ) :: السَّفِيهُ الْمُظَاهِرُ الْعَاجِزُ عَنْ غَيْرِ الصَّوْمِ كَالْعَبْدِ وَكَذَا الْقَادِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَيَضُرُّ بِهِ فِي مَالِهِ لَا إنْ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ الْتَزَمَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَ أَيْ قَبْلَ الظِّهَارِ وَأَمَّا بَعْدَ الظِّهَارِ فَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الظِّهَارُ مُسْتَثْنًى وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ سَوَاءٌ كَانَ الِالْتِزَامُ قَبْلَ الظِّهَارِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: كَالثَّلَاثِ) حَاصِلُ مَا فِي عب أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ تَمَادَى وُجُوبًا وَيُنْدَبُ التَّمَادِي إذَا أَيْسَرَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الرَّابِعِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّمَادِي وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إذَا أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي وَنَقُولُ إنَّ قَوْلَ بَهْرَامَ " لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ " صَادِقٌ بِجَوَازِ التَّمَادِي وَبِوُجُوبِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ عج فَإِذَا حَمَلَ عِبَارَةَ الشَّارِحِ عَلَيْهِ تَكُونُ الْكَافُ أَدْخَلَتْ الرَّابِعَ وَأَقَلَّ مِنْهُ لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ) التَّمَادِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ مَا فِي عب وَتُوَافِقُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) الْأَوْلَى إلَّا إنْ فَسَدَ لِإِيهَامِ كَلَامِهِ قَصْرَهُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْيَوْمِ بِاتِّفَاقٍ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ يُخَالِفُ مَا فِي عب وَشُبْ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ أَيْ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ وَقَوْلُهُ لِغِلَظِ أَمْرِهِمَا أَيْ فَلِذَلِكَ قُلْنَا يُنْدَبُ الرُّجُوعُ فِي الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ دُونَ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدَةٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت الْوَاحِدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ مُظَاهَرٌ مِنْهَا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ غُمُوضٌ قَدْ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ أَوْ مُنَازَعٌ فِيهِ ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا وَطِئَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَا يَبْطُلُ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا ثُمَّ وَطِئَ أَنْ لَا يَبْطُلَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ مَحْضُ عَدَاءٍ وَبَعْدَ إخْرَاجِ الْبَعْضِ مَحْضُ عَدَاءٍ مَعَ الْمُنَافَاةِ كَالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ فِيهَا وَإِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَاتٌ مُتَعَدِّدَاتٌ لَيْلًا فِي الصَّوْمِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ إذْ وَطْؤُهُ لَيْلًا لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ إطْعَامَهُ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ أَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ إطْعَامَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَعَبَّرَ بِالِانْقِطَاعِ فِي الصَّوْمِ لِمُنَاسَبَةِ وُجُوبِ تَتَابُعِهِ وَفِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِيهِ لَا تَفَنُّنًا. (ص) وَبِفِطْرِ السَّفَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَفَّرَ بِالصَّوْمِ ثُمَّ إنَّهُ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى " فِي " لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ ظَرْفٌ لِلْمُضَافِ (ص) أَوْ بِمَرَضٍ هَاجَهُ لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَتَابُعَ الصَّوْمِ يَنْقَطِعُ بِسَبَبِ الْمَرَضِ الَّذِي حَرَّكَهُ السَّفَرُ وَأَفْطَرَ فِيهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ بِغَيْرِ سَبَبِ السَّفَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ وَيَبْنِي عَلَى صَوْمِهِ إذَا صَحَّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمَرَضٍ أَيْ أَوْ بِفِطْرِ مَرَضٍ هَاجَهُ أَيْ حَرَّكَهُ السَّفَرُ لَا إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَهِجْهُ بِأَنْ هَاجَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَيَجَانٌ أَصْلًا بِأَنْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ إنَّ هَذَا الْهِيَاجَ لَيْسَ مِنْ السَّفَرِ وَيَهِيجُهُ بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَضَمِّهِ لِأَنَّهُ يُقَالُ هَاجَهُ يَهِيجُهُ وَأَهَاجَهُ يُهِيجُهُ. (ص) كَحَيْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَزِمَهَا صَوْمٌ يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ ثُمَّ حَصَلَ لَهَا حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ تَتَابُعَ الصَّوْمِ بَلْ تُفْطِرُ وَتَبْنِي (ص) وَإِكْرَاهٍ وَظَنِّ غُرُوبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِطْرَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَحْرَى الْفِطْرُ لِظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ وَمِثْلُهُ مَنْ صَامَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ أَصْبَحَ مُفْطِرًا لِظَنِّهِ الْكَمَالَ وَأَمَّا لَوْ أَفْطَرَ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ كَمَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا (ص) وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ (ش) أَيْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْقَطِعُ بِسَبَبِ فِطْرِ نِسْيَانٍ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ وَطْءِ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَأَمَّا وَطْءُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَلَوْ نَاسِيًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَقَوْلُهُ وَنِسْيَانٍ أَيْ وَضُمَّ لِمَا لَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَتَابُعٌ النِّسْيَانُ فَالْعَطْفُ يُسَمَّى بِالْعَطْفِ التَّلْقِينِيِّ. (ص) وَبِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ لَا جَهْلَهُ وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ أَوْ يُفْطِرُهُنَّ وَيَبْنِي تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارٍ عَلَيْهِ مُتَعَمِّدًا لِصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ صَوْمَهُ لِعَدَمِ تَتَابُعِهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَتَابُعِ الصَّوْمِ وَأَمَّا لَوْ صَادَفَ الْعِيدَ فِي شَهْرَيْ ظِهَارِهِ جَاهِلًا لِلْعَدَدِ أَوْ غَافِلًا عَنْ أَنَّ زَمَنَ صَوْمِ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ وَيُجْزِئُهُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْإِجْزَاءِ مَعَ الْجَهْلِ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَامَ الْعِيدَ وَالْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ قَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصِيَامِهِ وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَصُمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَلْيَسْتَأْنِفْ شَهْرَيْ ظِهَارِهِ وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ الْإِجْزَاءُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَقَيَّدُ بِصَوْمِ أَيَّامِ النَّحْرِ الثَّلَاثَةِ بَلْ يَبْنِي قَضَاءَهُنَّ مُتَّصِلًا أَمْسَكَ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ أَمْ لَا وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ جَهْلُ كَوْنِ الْعِيدِ يَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ لَا جَهْلُ حُكْمِهِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ التَّتَابُعَ وَمَشَى أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْلِ جَهْلُ الْحُكْمِ وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ يَكُونُ جَهْلُ الْعَيْنِ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ وَالْمُرَادُ بِالصَّوْمِ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ ظَاهِرًا لِأَنَّ صَوْمَ هَذِهِ الْأَيَّامِ حَرَامٌ وَالْمُحَرَّمُ لَا يَنْعَقِدُ وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَصُومُ وَيُجْزِئُهُ فَإِنَّ فِطْرَهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اتِّفَاقًا (ص) وَجَهْلُ رَمَضَانَ كَالْعِيدِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) أَيْ وَحُكْمُ جَهْلِ رَمَضَانَ كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ وَرَمَضَانَ شَعْبَانُ كَالْجَهْلِ بِالْعِيدِ فِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ شَعْبَانُ وَرَمَضَانُ عَلَى فَرْضِهِمَا وَيَصُومُ شَوَّالًا مُتَّصِلَةً وَيُلْغِي يَوْمَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِمُنَاسَبَةِ وُجُوبِ تَتَابُعِهِ) لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ يُقَابِلُهُ التَّتَابُعُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَرَضٍ هَاجَهُ) الصِّفَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَجَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ اللَّبْسَ مَأْمُونٌ (قَوْلُهُ: حَرَّكَهُ السَّفَرُ) أَيْ وَلَوْ وَهْمًا فَقَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ أَيْ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى قَوْلِهِ " وَأَمَّا إلَخْ " لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْبِنَاءُ وَإِنْ هَاجَهُ السَّفَرُ لِأَنَّ السَّفَرَ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ هَاجَ بِنَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ تَحَرَّكَ الْمَرَضُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَيَجَانٌ أَصْلًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا قَبْلَ السَّفَرِ مَرَضًا يُجَوِّزُ الْفِطْرَ. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ) أَيْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهَا نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَأَمَّا مِنْهَا فَيَنْقَطِعُ بِهِ تَتَابُعُهُ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا (قَوْلُهُ: فَهَذَا يُسَمَّى بِالْعَطْفِ التَّلْقِينِيِّ) كَأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَقَّنَ الْمُتَكَلِّمَ ذَلِكَ الْمَعْطُوفَ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يُفْطِرُهُنَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِالْفِطْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَأْمُورٌ بِصَوْمِهِمَا عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَوْمُ الْجَمِيعِ يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غَافِلًا أَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ عِنْدَهُ غَفْلَةٌ عَنْ الْعَدِّ بَلْ عَدَّ إلَّا أَنَّهُ جَهِلَ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ الْقَعْدَةُ إلَّا أَنَّهُ غَفَلَ عَنْ كَوْنِ الْعِيدِ يَأْتِي فِي الصِّيَامِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ قَضَاهَا مُتَّصِلَةً) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا الْأَوَّلَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَبْنِي قَضَاءَهُنَّ) أَيْ بَلْ يَبْنِي فِي حَالِ كَوْنِهِ قَدْ قَضَاهُنَّ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: لَا جَهْلُ حُكْمِهِ) الْحُكْمُ هُوَ كَوْنُ الْعِيدِ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ اشْتَمَلَ الرَّابِعَ (قَوْلُهُ: وَجَهْلُ رَمَضَانَ كَالْعِيدِ إِلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَهْلُ ذَاتِ الشَّهْرِ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ أَوْ جَهْلُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ جَهْلَ رَمَضَانَ لَيْسَ كَالْعِيدِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 الْعِيدِ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يَكْفِي وَيَقْضِيهِ وَيَبْنِي لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَهَلْ إنْ صَامَهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ لِأَنَّهُ هُنَا يَصُومُهُ عَنْ فَرْضِهِ قَطْعًا أَمَّا لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَجْزِهِ سَوَاءٌ صَامَهُ عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ شَرِكَ فِيهِ فَرْضَهُ وَظِهَارَهُ. (ص) وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِلْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِصِيَامِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَاطِعًا لِتَتَابُعِهِ وَسَوَاءٌ فَصَلَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَيَبْتَدِئُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَعْذُرُوهُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِيمَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَلَمْ يَغْسِلْهُ حِينَ ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّهَارَةَ نَسِيَ ذَلِكَ أَوْ تَعَمَّدَهُ بِخِلَافِ نَاسِي النَّجَاسَةِ ثُمَّ رَآهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسِيَ غَسْلَهَا حَتَّى دَخَلَ فِيهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى صَلَّى أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ لِخِفَّةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إذْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِ إزَالَتِهَا بِخِلَافِ الْمُوَالَاةِ وَتَقَدَّمَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اغْتِفَارُ النِّسْيَانِ الثَّانِي فِي الْمُوَالَاةِ أَيْضًا فِيمَنْ صَلَّى الْخَمْسَ كُلًّا بِوُضُوءٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ وُضُوءٍ مِنْهَا شَيْئًا وَقَوْلُهُ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَيْ بِمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَمَّا إذَا فَصَلَ بِمَا لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَيَوْمِ الْعِيدِ (ص) وَشُهِّرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ (ش) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ " وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِهَا فَمَا شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الذَّبَائِحِ وَشَهَّرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ. (ص) فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّسْيَانَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَفْطَرَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ نَاسِيًا وَلَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُمَا هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ آخِرِ الْأُولَى وَالْآخَرُ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِاجْتِمَاعِهِمَا فَإِنَّهُ يَصُومُهُمَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى إكْمَالِهَا وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا قَضَاءُ شَهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْأُولَى أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ (ص) وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا صَامَهُمَا وَالْأَرْبَعَةَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اجْتِمَاعَ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ الْمَذْكُورِ مِنْ افْتِرَاقِهِمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُهُمَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا صَوْمُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْيَوْمَيْنِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّى الْخَمْسَ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْخَمْسَ كُلًّا بِوُضُوءٍ ثُمَّ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ وَاحِدٍ فَذَهَبَ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَنَسِيَ وَصَلَّى الْخَمْسَ ثَانِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَقَطْ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَلَلُ فِي وَاحِدٍ مِنْ وُضُوآتِ غَيْرِ الْعِشَاءِ، وَوُضُوءُ الْعِشَاءِ صَحِيحٌ فَقَدْ صَلَّاهَا ثَانِيًا بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ الْخَلَلُ فِي وُضُوءِ الْعِشَاءِ فَقَدْ مَسَحَ الرَّأْسَ فِيهِ وَصَلَّاهُ فَظَهَرَ اغْتِفَارُ النِّسْيَانِ الثَّانِي بِالنَّظَرِ لِلْعِشَاءِ وَلَوْ لَمْ يُغْتَفَرْ لَمَا سَاغَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِمَسْحِ رَأْسِهِ فَقَطْ وَيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَشُهِّرَ أَيْضًا " مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ غَيْرَ نِسْيَانٍ وَشُهِّرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَطْعِ لَا بِفَصْلِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ هُنَا قَوْلًا شُهِّرَ بِأَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا إلَخْ) بَلْ مِثْلُهُ فِي أَنَّ التَّشْهِيرَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالتَّشْهِيرَ الثَّانِيَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لَعَلَّ هَذَا فِيمَا يَنْوِي كُلَّ لَيْلَةٍ وَإِلَّا صَامَ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ لِأَنَّ تَتَابُعَهُ انْقَطَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ ذَكَرَ جَدُّ عج عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِكَمَرَضٍ أَنَّ نِسْيَانَهُ أَيْ التَّتَابُعِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لَا عَلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَذَلِكَ لِأَنَّ صِيَامَ الْيَوْمَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِتَتْمِيمِ الثَّانِيَةِ قَطْعًا وَظَاهِرُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ احْتَمَلَ كَوْنَ الْيَوْمَيْنِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَضَاءُ الشَّهْرَيْنِ إلَّا عَنْ الْأَوَّلِ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ الثَّانِيَةِ بَلْ مِنْ الْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْيَوْمَانِ لِتَتْمِيمِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْأُولَى لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنْ لَا يَقْطَعَ التَّتَابُعَ لَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَانِ مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ آخِرِهَا لَا يَكْفِي الْيَوْمَانِ أَنْ يَكُونَا مُتَمِّمَيْنِ لِلثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ) أَيْ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهَا أَوْ آخِرِهَا لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ بِالْفِطْرِ نَاسِيًا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عب يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا حَيْثُ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرَّعَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ أَيْ الْفِطْرُ فِيهِ نَاسِيًا لَا يُبْطِلُهُ فَلِذَا صَامَ الْيَوْمَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ فَلِذَا قَضَى الشَّهْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَصُومُ شَهْرَيْنِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَلَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ آخِرِهَا وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ آخِرِهَا فَظَهَرَ أَنَّ صِيَامَ الْأَرْبَعَةِ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِصَوْمِ الْيَوْمَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ يَصُومُ الْأَرْبَعَةَ فَظَهَرَتْ الرَّكَّةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ إلَخْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 الْمَذْكُورَيْنِ، وَالتَّفْرِيقُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ التَّفْرِيعَ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَطْعِ النِّسْيَانِ وَهُوَ أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ مُفْتَرِقَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ وَيَقْضِي شَهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى وَقَدْ بَطَلَتْ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ لِلْفَصْلِ. (ص) ثُمَّ تَمْلِيكُ سِتِّينَ مِسْكِينًا (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَشَرْطُهُ الْعَجْزُ عَنْ الصِّيَامِ بِيَأْسٍ أَوْ شَكٍّ عَلَى مَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] يَدْفَعُ الْمُظَاهِرُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَثُلُثَيْ مُدٍّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَوْ دَفَعَ الْكَفَّارَةَ لِأَقَلَّ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ فَلَا تُجْزِئُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إذَا أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَقَدْ سَدَّ خَلَّةَ سِتِّينَ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ حَاجَةَ سِتِّينَ مُحَقَّقَةٌ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَاحِدُ فِي سِتِّينَ يَوْمًا، وَلِمَا يُتَوَقَّعُ فِي الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَمُصَادَفَةِ وَلِيٍّ وَلَوْ تَنَاهَبَهَا الْمَسَاكِينُ ابْتَدَأَهَا إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ وَإِلَّا بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وَكَمَّلَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَسَاكِينِ أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا لَا عَبِيدًا لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِسَادَاتِهِمْ لِجَبْرِهِمْ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ تَبْتِيلِ عِتْقِ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ لِيَصِيرَ مِنْ أَهْلِهَا مُسْلِمِينَ حَمْلًا عَلَى الزَّكَاةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بُرًّا وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ فَعِدْلُهُ (ش) الْبُرُّ هُوَ الْمُخْرَجُ مِنْهُ بِالْأَصَالَةِ فَإِنْ كَانَ قُوتُهُمْ غَيْرَهُ تَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَهُوَ الشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالذُّرَةُ وَالْأَرُزُّ وَالدُّخْنُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهُ بِعِدْلِ مُدِّ هِشَامٍ أَيْ بِعِدْلِ شِبَعِ مُدِّ هِشَامٍ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ: إذَا شَبِعَ الرَّجُلُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا فَيُقَالُ كَذَا فَيُخْرِجُ ذَلِكَ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ: الْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ زَادَ عَلَى مُدِّ هِشَامٍ أَوْ نَقَصَ نَقَلَهُ عَنْهُمَا حُلُولُو فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي مِثْلُهُ مَكِيلَةُ الْقَمْحِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَلَا يُجْزِئُ عَرَضٌ وَلَا ثَمَنٌ فِيهِ وَفَاءُ الْقِيمَةِ وَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى إجْزَاءِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُرَدُّ بِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِي الْكَفَّارَةِ بِقَدْرِ الْمُعْطَى وَعَدَدِ آخِذِيهِ انْتَهَى. وَإِنْ أَعْطَى الدَّقِيقَ بِرِيعِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا قَالَهُ   [حاشية العدوي] عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَمَا بَيَّنَّا وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا صَامَهُمَا وَالْأَرْبَعَةَ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَيْنِ فِي جَمِيعِ الصَّوْمِ وَيَقْضِي شَهْرَيْنِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ قَطْعِ النِّسْيَانِ) أَيْ بِعَدَمِ قَطْعِ الْفِطْرِ نِسْيَانًا التَّتَابُعَ. (قَوْله تَمْلِيكُ) عَبَّرَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي الْآيَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ الْوَاجِبُ التَّمْلِيكُ قِيَاسًا عَلَى الْكِسْوَةِ فَلَوْ أَعَارَهُمْ الثِّيَابَ لَمْ يَجْزِهِ (قَوْلُهُ: مِسْكِينًا) أَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْفَقِيرَ لِأَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا وَإِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ الْحَاجَةِ لَا يُسَلَّمُ بَلْ الْمَقْصُودُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْآيَةِ سَدُّ خَلَّةِ سِتِّينَ إنْسَانًا مِسْكِينًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي الْأَخْذِ فَلَا يُكَمِّلُ لِوَاحِدٍ مُدًّا كَامِلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وَكَمَّلَ) لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنَّ مَعَ وَاحِدٍ مُدًّا كَامِلًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِنْفَاقِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَامٌّ، وَقَوْلُهُ " أَوْ الْبَيْعِ " أَيْ فِيمَنْ لَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ تَبْتِيلٍ " أَيْ تَنْجِيزٍ (قَوْلُهُ: أَحْرَارًا) بِالْجَرِّ صِفَةُ سِتِّينَ وَبِالنَّصْبِ صِفَةُ مِسْكِينًا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَسَاكِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا إلَخْ) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ أَوْ جُلُّهُمْ أَفْرَدَ التَّمْرَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هُوَ الْأَصْلَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَلَا يَدْفَعُ عِدْلَ الْبُرِّ وَقَوْلُهُ أَوْ مُخْرَجًا إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ جَائِزٌ كَعَكْسِهِ عَلَى مَا فِي الدَّمَامِينِيِّ وَيَمْتَنِعُ عَلَى مَا فِي خَالِدٍ عَلَى التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ فَقَالَ أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ غَيْرَ التَّمْرِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) وَهُوَ الْبُرُّ وَالتَّمْرُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أَرَدْنَا بِهِ التَّمْرَ وَالْبُرَّ فَيَكُونُ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْمُخْرَجِ فِي الْفِطْرِ مُطْلَقًا بِدُونِ نَظَرٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَوْ اُقْتِيتَ غَيْرُ هَذِهِ كَاللَّحْمِ وَالْقَطَّانِيِّ أَجْزَأَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ قَالَهُ تت وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي الْمُخْرَجِ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ مَا يَغْلِبُ اقْتِيَاتُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اُقْتِيتَ مِنْ غَيْرِهَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ التِّسْعَةِ وَهُوَ خِلَافُ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِعِدْلِ شِبَعٍ) أَيْ لَا كَيْلًا خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ: مُدِّ هِشَامٍ) هُوَ هِشَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ نَقَلَهُ مُحَشِّي تت وَفِي عب هِشَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ نَقَلَهُ عَنْ الْغِرْيَانِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَفِي شَرْحِ شب هُوَ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُدُّ هِشَامٍ مُدٌّ وَثُلُثَا مُدٍّ بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا) وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِمَحَلِّ الْإِخْرَاجِ فَإِذَا ظَاهَرَ شَخْصٌ بِالْمَدِينَةِ وَكَفَّرَ بِمِصْرَ مَثَلًا بِغَيْرِ بُرٍّ وَكَانَ مَا يَعْدِلُ الْبُرَّ مِمَّا أَخْرَجَ بِمِصْرَ يَزِيدُ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ لَوْ أَخْرَجَ بِالْمَدِينَةٍ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ مَحَلَّ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَاجِيُّ) مُقَابِلٌ لِاعْتِبَارِ الشِّبَعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: ثَمَنٌ فِيهِ وَفَاءُ الْقِيمَةِ) الْأَوْلَى وَلَا الْقِيمَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ هُنَاكَ قِيمَةً وَثَمَنًا مُخَالِطًا لَهَا فِيهِ وَفَاؤُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى إجْزَاءِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ) وَهِيَ لَا تُجْزِئُ فِيهَا الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ التَّخْرِيجُ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْمُعْطَى) أَيْ بِاعْتِبَارِ تَحْدِيدِ الْمُعْطَى بِكَوْنِهِ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ لَا أَزْيَدَ وَكَوْنِ الْآخِذِينَ سِتِّينَ أَيْ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَإِلَّا فَقَدْرُ الْمُعْطَى مُحَدَّدٌ فِي الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: بِرِيعِهِ) الرِّيعُ هُوَ الزَّائِدُ بَعْدَ طَحْنِهِ أَيْ بِرِيعِ أَصْلِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يُخَالِفُ فِي هَذَا ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (ص) وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَ السِّتِّينَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ غَدَاءً وَعَشَاءً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ مُدًّا بِالْهَاشِمِيِّ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) بِخِلَافِ الْيَمِينِ أَنْ " لَا أُحِبُّ " مَعْنَاهُ لَا يُجْزِئُ كَقَوْلِهِ فِيهَا وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءً وَعَشَاءً إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمَعْنَى " لَا أُحِبُّ " لَا يُجْزِئُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهَاشِمِيِّ. (ص) وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ إنْ شَكَّ قَوْلَانِ فِيهَا وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَشْيَاخَ الْمَذْهَبِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْمُظَاهِرِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِالْإِطْعَامِ هَلْ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ لَا يُطْعِمَ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ حِينَ الْعَوْدَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِأَنْ كَانَ الْمُظَاهِرُ حِينَئِذٍ مَرِيضًا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ الْآنَ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ الشَّكِّ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ مُجَرَّدُ الشَّكِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِيَاسُ وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَذَهَبَ ابْنُ شَبْلُونَ إلَى بَقَاءِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ وَلَا تَوْفِيقٍ بَيْنَهُمَا وَذَهَبَ الْقَرَوِيُّونَ إلَى رَدِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَالتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الَّذِي أَيِسَ مِنْ الصَّوْمِ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَتَلَبَّسَ بِالْعَمَلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي يَكْتَفِي بِالشَّكِّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَلَا تَلَبَّسَ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ شَكَّ أَيْ أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. (ص) وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَكَالْيَمِينِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَدَدَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مُعْتَبَرٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ سِتُّونَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا أَطْعَمَ طَعَامَ السِّتِّينَ لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا بِأَنْ أَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ الْوَاجِبِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ لِسِتِّينَ مِنْهُمْ وَيَنْتَزِعَ مِنْ الْبَاقِينَ بِالْقُرْعَةِ إنْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ كَفَّارَةٌ وَبَقِيَ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَ طَعَامَ الْعَشَرَةِ الْمَسَاكِينِ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ حَيْثُ قَالَ: وَمُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعَ الْكَفَّارَةِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِنْ كَفَّارَتِي. (ص) وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ (ش) أَيْ لَهُ وَلَهُ أَيْ وَلِلْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ الْإِطْعَامُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ وَلَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إمَّا بِفَرَاغِ عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ بِتَأْدِيَةِ خَرَاجِهِ أَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِيهِ وَالضَّمِيرُ فِي " إخْرَاجُهُ " لِلْقَدْرِ السَّابِقِ مِنْ الْإِطْعَامِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُحْتَاجُ إلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى " عَلَى " (ص) وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوْ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ أَوْ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمُ أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ فَقَطْ تَأْوِيلَاتٌ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا ظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) إشَارَةٌ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: كَفِدْيَةِ الْأَذَى) أَيْ كَمَا لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَمِينِ) أَيْ فَيُجْزِئُ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ فِيهَا وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) أَيْ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى (قَوْلُهُ: لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا إلَخْ) ابْنُ نَاجِي فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَنِي عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَإِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى الْعِلْمِ انْتَهَى فَلَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ بُلُوغِهِمَا الْمُدَّ وَثُلُثَيْهِ لَمْ يَجْزِيَا فَيَجُوزُ حَمْلُ لَا أُحِبُّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَيْثُ تَحَقَّقَ عَدَمُ بُلُوغِهِمَا الْمُدَّيْنِ كَذَا فِي عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا ابْنُ نَاجِي لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ عب أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ يُجْزِئُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَأَنَّ مُرَادَ ابْنِ نَاجِي أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَنَّ ظَنَّ بُلُوغِ الْمُدَّيْنِ يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: بِالْهَاشِمِيِّ صَوَابُهُ الْهِشَامِيُّ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِهِشَامٍ لَا لِهَاشِمٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَيِسَ) الْمُرَادُ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ شَكَّ) إلَّا إنْ تَوَهَّمَ وَأَوْلَى مِنْ الشَّكِّ إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ أَوْ أَيِسَ لَا إنْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِالْخِلَافِ تُؤُوِّلَتْ بِالْوِفَاقِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالتَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ) أَيْ وَيَكْفِي فِي انْتِقَالِهِ عَنْهُ إنْ شَكَّ فِي الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ وَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ أَوْ أَيِسَ لَا إنْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ) وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ إنْ شَكَّ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَيِسَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيَاسُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي هُنَا وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ إلَخْ أَيْ ثُلُثِ الْهَاشِمِيِّ أَوْ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعَ الْكَفَّارَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنْ بَيَّنَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيَانِ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا مُسْتَأْنَفًا بَيَانًا لِحُكْمٍ آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِمُطْلَقِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ لَا يَكْفِي بِأَنْ أَعْطَاهُ سَاكِتًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ الْقَوْلَانِ فَيُمْكِنُ جَرَيَانُهُمَا هُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ لَهُ وَلَهُ) بِمَعْنَى لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ الصَّبْرُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَاجِزًا فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ وَعَلَيْهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى فَالشَّارِحُ يَقُولُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا قَرَّرْت لَك تَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 سَيِّدُهُ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطْعِمُ مَنْ قَدَرَ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ حَمَلَ جَوَابَ مَالِكٍ عَلَى الْوَهْمِ لِقَوْلِهِ مَا أَدْرِي مَا هَذَا وَلَا أَرَى جَوَابَ مَالِكٍ فِيهَا إلَّا وَهْمًا أَيْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ ظَنَّ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَأَجَابَ بِيَنْبَغِي لَا بِيَجِبُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لِلصَّوْمِ أَيْ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ أَنَّ " أَحَبُّ " مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَلِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ أَيْ إنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ فِي مَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ وَلِلْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ يُنْدَبُ لِلْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا أَيْضًا حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الصَّوْمُ وَلِلْأَبْهَرِيِّ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ عَلَى بَابِهَا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ لِكَمَرَضٍ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ ابْنُ بَشِيرٍ وَبَنَى ابْنُ مُحْرِزٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْقَادِرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ الِاعْتِذَارُ بِذَلِكَ وَإِلَى الْأَفْهَامِ الْخَمْسَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَأْوِيلَاتٌ وَلِابْنِ عَرَفَةَ فِيهَا بَحْثٌ وَتَحْرِيرٌ فِي عَزْوِهَا. (ص) وَفِيهَا إنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ (ش) أَيْ ثِقَلٌ وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ إثْرَ الَّتِي قَبْلَهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ مَنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي فِي قَلْبِ الْإِمَامِ مِنْ جِهَةِ الْإِطْعَامِ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَوْ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ. (ص) وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ (ش) بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ نَاوِيًا تَشْرِيَكَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكَمِّلَ لِكُلِّ مَنْ وَجَدَهُ مُدًّا وَهَلْ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا مَرَّ فَقَوْلُهُ " تَشْرِيكُ " أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ حَظَّ كُلِّ مِسْكِينٍ مَأْخُوذًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّشْرِيكَ وَقَعَ فِي الْإِطْعَامِ، وَالصِّيَامُ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ التَّشْرِيكَ وَقَعَ فِي جَمِيعِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَكَذَا حَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ التَّشْرِيكُ فِي بَعْضِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَتَيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فَأَجَابَ بِيَنْبَغِي حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ حِكَايَةٌ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ ظَنَّ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ " وَهْمٌ " بِالسُّكُونِ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْغَلَطُ اللِّسَانِيُّ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْأَدَبِ لِأَنَّ الْغَلَطَ اللِّسَانِيَّ أَخَفُّ مِنْ الْغَلَطِ الْقَلْبِيِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ ذَكَرَ هَذِهِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ إنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِيَصُومَ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ فِي حَلِّ التَّأْوِيلِ الرَّابِعِ مَا نَصُّهُ أَوْ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ فَالْأَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يُطْعِمَ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ بَلْ يَصْبِرُ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ الْآنَ لَعَلَّهُ يَأْذَنُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَجْزَأَهُ وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَجْزَأَهُ، وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ وَالصِّيَامُ أَبْيَنُ عِنْدِي فَلَمْ يَرَ مِلْكَهُ لِلْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ مِلْكًا مُتَقَرِّرًا انْتَهَى وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ الَّتِي ذَكَرَهَا شَارِحُنَا وَفِيهَا إنْ أَذِنَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ بِالْحَرْفِ وَفِيهَا " مَنْ حَمَلَ الْأُولَى " وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ " إنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ " (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا شَكَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَالُ حَمْلُ الْأَحَبِّيَّةِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ صَارَ الصَّوْمُ غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْهُ أَصْلًا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْأَحَبِّيَّةُ حِينَئِذٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ أَوْ يُشَكُّ فِي مِلْكِهِ وَقَوْلُهُ: عَلَى حَقِّهِ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ صَحِيحًا إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ فَسَادُ غَيْرِهِ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ (أَقُولُ) بَلْ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَيْ إمَّا لِلْجَزْمِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَوْ لِلشَّكِّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَيْفَ يَتَأَتَّى جَزْمٌ وَشَكٌّ فِي ذَلِكَ فِي آنٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ لِلْجَزْمِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ الشَّكِّ عَلَى قَوْلٍ بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ جَزَمَ وَبَعْضَهُمْ تَرَدَّدَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَعَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا التَّرَدُّدُ رُبَّمَا يُنْتِجُ وُجُوبَ الصَّوْمِ لَا أَحَبِّيَّتَهُ فَتَدَبَّرْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَ بِقَوْلِهِ إنَّمَا اُسْتُحْسِنَ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ الْإِطْعَامُ بِإِذْنِهِ بِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً وَعِبَارَةُ عب وَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ " هُنَا أَجْزَأَهُ " قَوْلَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ مَعَ إذْنِهِ لَهُ فِيهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ أَحَبَّ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَيُكَمِّلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا) أَيْ يُكَمِّلُ لِلسِّتِّينَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا وَيَنْتَزِعُ مِنْ الْبَاقِي بِالْقُرْعَةِ فَيُعْطِي نِصْفَ مُدٍّ تَمَامَ كَفَّارَةٍ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ تَمَامَ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ) فِيهِ أَنَّ التَّتَابُعَ مَوْجُودٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 كَمَا لَوْ أَعْطَى مِائَةً وَعِشْرِينَ مُدًّا كُلَّ مُدٍّ لَمِسْكِينٍ إلَّا أَنَّهُ نَوَى فِي مُدَّيْنِ مِنْهَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّشْرِيكُ فَقَطْ وَلَيْسَ تَصْوِيرُ تت التَّابِعَ لِلشَّارِحِ بِحَسَنٍ (ص) وَلَا تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَصَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ صَامَ ثَلَاثِينَ وَأَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ مِنْ التَّلْفِيقِ إطْعَامُ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا بُرًّا ثُمَّ ثَلَاثِينَ تَمْرًا أَوْ شَعِيرًا لِضِيقٍ أَوْ لِخُرُوجِهِ لِبَلَدٍ ذَلِكَ عَيْشُهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يُعَشِّيَ وَيُغَدِّيَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مُدًّا كَمَا يَظْهَرُ. (ص) وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا أَوْ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَنَوَى لِكُلِّ كَفَّارَةٍ عَدَدًا دُونَ الْوَاجِبِ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ ثَمَانِينَ وَنَوَى لِكُلٍّ أَرْبَعِينَ أَوْ لِوَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثِينَ وَعَيَّنَ صَاحِبُهُ كُلَّ عَدَدٍ أَوْ أَخْرَجَ الْجُمْلَةَ عَنْ الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ تَشْرِيكٍ فِيهِمَا فِي كُلِّ مِسْكِينٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْنِي عَلَى مَا نَوَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَيُكَمِّلُ لَهَا مَا بَقِيَ مِنْهَا فَيُكَمِّلُ لِصَاحِبَةِ الْأَرْبَعِينَ بِعِشْرِينَ وَلِصَاحِبَةِ الثَّلَاثِينَ بِثَلَاثِينَ وَلِصَاحِبَةِ الْخَمْسِينَ بِعَشَرَةٍ وَلَا يَضُرُّ شُرُوعُهُ فِي أُخْرَى قَبْلَ كَمَالِ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُتَابَعَةُ بِخِلَافِ الصِّيَامِ (ص) وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَوَى عَنْ كُلٍّ عَدَدًا مُتَّفِقًا أَوْ مُخْتَلِفًا فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنَّ حَظَّ مَنْ مَاتَتْ مِنْهُنَّ يَسْقُطُ وَلَيْسَ لَهُ نَقْلُ حَظِّهَا لِمَنْ بَقِيَ حَيًّا فَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ خَمْسِينَ وَلِلْمَيِّتَةِ ثَلَاثِينَ سَقَطَ حَظُّهَا وَكَمَّلَ لِلثَّلَاثِ عَشَرَةً عَشَرَةً وَلَوْ نَوَى لِلْمَيِّتَةِ سِتِّينَ وَلِلْبَوَاقِي أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ سَقَطَ مَنَابُ الْمَيِّتَةِ وَكَمَّلَ لِلثَّلَاثِ عِشْرِينَ عِشْرِينَ وَهَكَذَا. (ص) وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلُقَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَزِمَهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ لِكُلِّ امْرَأَةٍ كَفَّارَةٌ ثُمَّ إنَّهُ أَعْتَقَ ثَلَاثَ رِقَابٍ عَنْ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ وَلَمْ يُشْرِكْ فِيهِنَّ وَلَمْ يَنْوِ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ الرَّابِعَةِ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ إمَّا بِعِتْقٍ أَوْ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ أَوْ بِإِطْعَامٍ إنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَلَوْ عَيَّنَ الْعِتْقَ أَوْ غَيْرَهُ عَنْ وَاحِدَةٍ حَلَّ لَهُ وَطْءُ مَنْ عَيَّنَ عَنْهَا وَلَمَّا كَانَ يَنْشَأُ عَنْ اللِّعَانِ تَحْرِيمُ الْمُلَاعَنَةِ مُؤَبَّدًا كَمَا يَنْشَأُ عَنْ الظِّهَارِ مُعَلَّقًا نَاسَبَ تَعْقِيبَهُ بِهِ فَقَالَ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ اللِّعَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً الْبُعْدُ يُقَالُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَيْ أَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَطْرُدُ الشِّرِّيرَ الْمُتَمَرِّدَ لِئَلَّا تُؤَاخَذَ بِجَرَائِرِهِ وَتُسَمِّيهِ لَعِينًا وَاشْتُقَّ مِنْهُ اللَّعْنَةُ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ وَلَمْ يُسَمَّ غَضَبًا بِخَامِسَةِ الْمَرْأَةِ تَغْلِيبًا لِلذَّكَرِ وَلِسَبْقِ لِعَانِهِ وَلِكَوْنِهِ سَبَبًا فِي لِعَانِهَا وَمِنْ جَانِبِهِ أَقْوَى مِنْ جَانِبِهَا؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الِائْتِلَافِ دُونَهَا وَاصْطِلَاحًا عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّشْرِيكُ) أَيْ فَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ صُورَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ تَصْوِيرُ تت) فَإِنَّ تت صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ يُعْطِيَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ كَلَامُهُ غَيْرَ ظَاهِرٍ لِإِجْزَاءِ هَذِهِ، وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ مِنْ ظِهَارَيْنِ فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُمَا مِسْكِينًا وَاحِدًا طَعَامَ مِسْكِينَيْنِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَيَبْنِي إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيَبْنِي مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَاعْلَمْ أَنَّ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ خَاصَّتَانِ بِالْإِطْعَامِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةُ التَّتَابُعِ فَشُرُوعُهُ فِي الثَّانِيَةِ مُبْطِلٌ لِمَا صَامَهُ عَنْ الْأُولَى فَلَا يُكَمِّلُ لِمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأَمَّا الْعِتْقُ فَذَكَرَهُ بَعْدُ فَلَوْ نَسِيَ مَنْ عُيِّنَتْ لَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُكَمِّلُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَّلَ (قَوْلُهُ: فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ) حَاصِلُهُ أَنَّ عِنْدَهُ نِسْوَةً أَرْبَعًا ظَاهَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا وَلَزِمَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ: سَقَطَ) أَيْ الْبَاقِي الَّذِي لَمْ يُخْرِجْهُ وَاَلَّذِي أَخْرَجَهُ لَا يَحْسُبُهُ عَمَّنْ بَقِيَ حَيًّا (قَوْلُهُ: سَقَطَ مَنَابُ الْمَيِّتَةِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ حَظُّهَا لِمَنْ بَقِيَ حَيًّا، وَلَا يَأْتِي أَنْ يُقَالَ: وَسَقَطَ عَنْهُ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَا بَاقِيَ وَمِثْلُ الْمَوْتِ مَنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إنْ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ طَلَاقِهَا وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ حَظُّهَا فَيُكَمِّلُ لَهَا حَظَّهَا وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرَ الْوَاحِدَةِ وَنَسِيَهَا وَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ قَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا جَعَلَ مَا نَسِيَهُ لَهَا حَيْثُ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا لِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) لَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ قَبْلُ وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا أَوْ مَوْتِهَا لِأَنَّ مَا هُنَا فِيهِ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْكَفَّارَاتِ الَّتِي أَخْرَجَهَا عَمَّنْ طَلَقَتْ أَوْ مَاتَتْ وَالْحَيَّةُ الَّتِي يُرِيدُ وَطْأَهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ كَفَّارَتَهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يُكَفِّرَ إلَخْ) رُبَّمَا أَفَادَ هَذَا مَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَعْتَقَ ذَكَرَ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ وَإِنْ طَالَ أَمَدُ عَجْزِهِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ. [بَابٌ اللِّعَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابُ اللِّعَانِ) (قَوْلُهُ مُعَلَّقًا) أَيْ عَلَى عَدَمِ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ وَالتَّنْظِيرُ فِي مُطْلَقِ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ تَعْقِيبَهُ) أَيْ الظِّهَارَ بِاللِّعَانِ أَيْ نَاسَبَ مُلَاصَقَتَهُ الْمُتَحَقِّقَةَ فِي التَّعْقِيبِ وَإِلَّا فَالْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ التَّعْقِيبَ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ وَوَرِثَ الْمُسْتَحْلَفُ إلَخْ (قَوْلُهُ لُغَةً الْبُعْدُ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ أَيْ أَبْعَدَهُ أَنْ يَقُولَ الْإِبْعَادُ؛ لِأَنَّ الْبُعْدَ نَاشِئٌ مِنْ الْإِبْعَادِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْعَرَبُ إلَخْ) الشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ وَتُسَمِّيهِ لَعِينًا إلَخْ (قَوْلُهُ الشِّرِّيرَ) أَيْ الَّذِي تَكَرَّرَ مِنْهُ الشَّرُّ، وَقَوْلُهُ الْمُتَمَرِّدَ أَيْ الَّذِي اشْتَدَّ شَرُّهُ (قَوْلُهُ وَتُسَمِّيهِ لَعِينًا) أَيْ مَلْعُونًا أَيْ مُبْعَدًا (قَوْلُهُ وَاشْتُقَّ مِنْهُ اللَّعْنَةُ) الْأَوْلَى وَاشْتُقَّ مِنْ اللَّعْنَةِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَمَّ غَضَبًا) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ وَلَمْ يُسَمَّ غِضَابًا اشْتِقَاقًا مِنْ خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَمِنْ جَانِبِهِ أَقْوَى إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِيَدِهِ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 حَلِفُ الزَّوْجِ عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ أَوْ نَفَى حَمْلَهَا اللَّازِمَ لَهُ وَحَلِفُهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ إنْ أَوْجَبَ نُكُولُهَا حَدَّهَا بِحُكْمِ قَاضٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ اللَّازِمَ الْحَمْلُ غَيْرُ اللَّازِمِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا لِعَانَ فِيهِ كَمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ وَكَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ خَصِيًّا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَحَلِفُهَا إلَخْ مَا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَتْ وَلَمْ يُوجِبْ النُّكُولُ حَدَّهَا كَمَا إذَا غُصِبَتْ فَأَنْكَرَ وَلَدَهَا وَثَبَتَ الْغَصْبُ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا وَاللِّعَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِحُكْمِ قَاضٍ لِعَانُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلِعَانٍ شَرْعِيٍّ وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِأَرْكَانِهَا فَمِنْهَا الزَّوْجُ فَقَالَ (ص) إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ (ش) أَيْ لَا سَيِّدٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ أَمْ لَا وَيُشْكِلُ عَلَى الْحَصْرِ مَا وَقَعَ لِأَبِي عِمْرَانَ أَنَّ اللِّعَانَ يَكُون مِنْ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهُ كَانَ فِي حُكْمِ الزَّوْجِ وَأَغْنَاهُ عَنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ هُوَ صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْعِنِّينُ وَالْهَرِمُ وَالْأَخْرَسُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ بِقَسِيمَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ فِي الرُّؤْيَةِ وَالْقَذْفِ وَأَمَّا فِي الْحَمْلِ فَلَا لِعَانَ فِي الْمَجْبُوبِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْخَصِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إحَالَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْعِدَّةِ وَلِلْقَرَافِيِّ يُلَاعَنُ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ إذَا أَنْزَلَا كَغَيْرِهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَهُ. . (ص) وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ أَوْ فَسَقَا أَوْ رَقَّا لَا كَفَرَا (ش) يَعْنِي أَنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي لَا يُقَرُّ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ بِحَالٍ كَالصَّحِيحِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ وَيَكُونُ أَيْضًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْفَاسِقَيْنِ أَوْ الرَّقِيقَيْنِ وَأَمَّا الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا اللِّعَانُ نَعَمْ إنْ جَاءُوا إلَيْنَا وَرَضَوْا بِأَحْكَامِنَا حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَمَفْهُومُ كَفَرَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُلَاعِنُ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّة قَالَ فِي الْجَلَّابِ لَكِنَّ لِعَانَهُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ لَا لِلرَّمْيِ وَلَمَّا كَانَ لِلِّعَانِ أَسْبَابٌ أَوْ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ. (ص) إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا (ش) صَرِيحٍ لَا تَعْرِيضٍ هِيَ طَائِعَةٌ فِيهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَرَفَعَتْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا وَإِلَّا فَلَا لِعَانَ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّرِيحِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ حَلَفَ الزَّوْجُ) أَيْ أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ فِي ذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ ثُمَّ يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ حَلِفِهِ فَقَطْ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً وَمَاتَتْ أَوْ كَانَ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ وَأَيْضًا يَخْرُجُ اللِّعَانُ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ زَوْجٍ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي الْمَجَازِ الْمَشْهُورِ هَلْ يَسُوغُ وُقُوعُهُ فِي التَّعَارِيفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَصْفَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ قَطْعًا مَجَازٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ قَطْعًا وَأَمَّا فِي الْمَاضِي فَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي السَّعْدِ فِي الْمُطَوَّلِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْأَبِيِّ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا غُصِبَتْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا إذَا غُصِبَتْ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا أَصْلًا فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَنَكَلَتْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ إنَّهَا طَلَبَتْ بِالْحَلِفِ فَلَمْ تَحْلِفْ مَعَ إنَّهَا لَا تُطَالَبُ بِذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ حَذْفُ قَوْلِهِ وَخَرَجَ إلَخْ وَيَقُولُ بَدَلَهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ وَجَبَ شَرْطٌ فِي حَلِفِهَا أَيْ إنَّمَا تُطَالَبُ بِالْحَلِفِ إذَا كَانَ نُكُولُهَا يُوجِبُ حَدَّهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ نُكُولُهَا لَا يُوجِبُ حَدَّهَا فَلَا تُطَالَبُ بِلِعَانٍ (قَوْلُهُ بِحُكْمٍ) أَيْ بِسَبَبِ حُكْمٍ إلَخْ أَيْ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا حَكَمَ بِهِ قَاضٍ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فَلَوْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَلَيْسَ بِلِعَانٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَافَعَا لِقَاضٍ وَصَدَرَ مِنْهُمَا اللِّعَانُ بِدُونِ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ لَا يَكُونُ لِعَانًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِأَرْكَانِهِ) أَيْ وَلَمْ يَعْتَنِ بِتَعْرِيفِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ) لَا سَيِّدٌ فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ كَالزَّوْجِ 1 - (قَوْلُهُ إنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ مِنْ شُبْهَةِ النِّكَاحِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْحَمْلِ) سَيَأْتِي أَنَّ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ طُرُقٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى أُخْتِهِ مَثَلًا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا أُخْتُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ فَسَقَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ الْعَبْدُ وَلَا الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ مِنْ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ الشُّهَدَاءِ بِقَوْلِهِ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فَسَمَّاهُمْ شُهَدَاءَ بِذَلِكَ إذْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقَالَ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [النور: 6] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ وَالْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ غَيْرُ قَوْلِهِمْ كَمَا قَالُوا الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَالْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يُقَرُّ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ بِحَالٍ) كَالْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ (قَوْلُهُ حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَيْ فِي وُجُوبِ اللِّعَانِ وَبَعْدُ فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ عَلَى قَوْلِ عِيسَى وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا قَالَ عِيسَى بِالرَّجْمِ لِوُجُودِ الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَوْنَ نِكَاحِهِمْ صَحِيحًا ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ بِالرَّجْمِ ضَعِيفٌ وَحُدَّتْ عِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ (قَوْلُهُ لَا لِلرَّمْيِ) أَيْ أَنَّ لِعَانَ الْمُسْلِمِ لِلنَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ دُونَ الرَّمْيِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ بَلْ يَجُوزُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا إسْقَاطَ الْحَمْلِ فَيَلْزَمَ لِعَانُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ كَمَا إذَا أَسْلَمَتْ تَحْتَهُ أَوْ غَرَّهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ غَيْرُ زِنًا كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ فَيَتَلَاعَنَانِ فَإِنْ نَكَلَ هُوَ حُدَّ وَإِنْ حَلَفَ الْأَيْمَانَ وَنَكَلَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَيْمَانُ كَافِرٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الشَّهَادَةِ وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ أَسْبَابٌ أَوْ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ: مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا، الثَّانِي: مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَبِنَفْيِ حَمْلٍ. الثَّالِثُ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ إلَخْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَبَّرَ بِأَوْ لِلتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهَا أَسْبَابًا أَوْ شَرْطًا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحَقِيقَةُ السَّبَبِ غَيْرُ حَقِيقَةِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَالشَّرْطُ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ (قَوْلُهُ لَا تَعْرِيضٌ) وَلَكِنْ فِيهِ الْأَدَبُ عَلَى الرَّاجِحِ لَا الْحَدُّ وَعَلَى هَذَا فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ كَالتَّصْرِيحِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا) أَيْ قَذْفَهُ لَهَا مِنْ حَقِّهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 وَالطَّوْعِ لِذِكْرِهِ حُكْمَهُمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَتَلَاعَنَا إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ إلَخْ وَبِقَوْلِهِ كَقَوْلِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ (وَقَوْلُهُ فِي نِكَاحِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَذْفٍ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَذْفُهُ لَهَا فِي نِكَاحِهِ يُرِيدُ وَتَوَابِعُ النِّكَاحِ مِنْ الْعِدَّةِ كَالنِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي وَسَوَاءٌ كَانَ حُصُولُ الزِّنَا مِنْهَا فِي نِكَاحِهِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا رَأَيْتُك تَزْنِي قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك أَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَلَمْ يُحَدَّ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَقَذَفَهَا يَحْتَرِزُ عَمَّا لَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ فَقَذَفَهَا أَوْ قَذَفَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَقْذِفْهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا فَقَوْلُهُ (وَإِلَّا حُدَّ) أَيْ بِأَنْ قَذَفَهَا قَبْلَ نِكَاحِهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ حُدَّ. (ص) تَيَقَّنَهُ أَعْمَى وَرَآهُ غَيْرُهُ (ش) صِفَةٌ لِزِنًا أَيْ زِنًا مُتَيَقَّنٍ لِأَعْمَى بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ مِنْ جَسٍّ أَوْ حِسٍّ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَوْ إخْبَارٍ يُفِيدُ ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ مَرْئِيٍّ لِغَيْرِ الْأَعْمَى وَهُوَ الْبَصِيرُ فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى شَكٍّ وَلَا ظَنٍّ وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ الْجَزْمُ وَقَوْلُهُ رَآهُ أَيْ الْفِعْلَ الدَّالَّ عَلَى الزِّنَا لَا الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَى؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي بِأَنْ يُرَى فَرْجُهُ فِي فَرْجِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ كَالشُّهُودِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ رَأَيْت فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ رَأَيْتهَا تَزْنِي وَبِعِبَارَةِ الْمَشْهُورِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ الْبَصِيرُ زِنَاهَا لَاعَنَ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ تَيَقَّنَهُ وَلَوْ بَصِيرًا لَحَسُنَ. (ص) وَانْتَفَى بِهِ مَا وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ يَرْجِعُ لِلِعَانِ الرُّؤْيَةِ، وَقَوْلُهُ مَا أَيْ وُلِدَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَاعَنَهَا بِسَبَبِ رُؤْيَةِ الزِّنَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْهُ بِذَلِكَ مَا وَلَدَتْهُ مِنْ وَلَدٍ كَامِلٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَتُعَدُّ كَأَنَّهَا غَيْرُ بَرِيئَةِ الرَّحِمِ يَوْمَ اللِّعَانِ وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ غَيْرِ سَقْطٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ إنَّمَا كَانَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا لَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا يَأْتِي وَيَلْحَقُ إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِهِ وَضْعُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ عَنْ مَالِكٍ وَفِي حُكْمِ السِّتَّةِ مَا نَقَصَ عَنْهَا بِيَسِيرٍ كَأَرْبَعَةِ أَوْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ (ص) إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ (ش) أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَلْحَقُ مَنْ لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ مَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الرُّؤْيَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَيَنْتَفِي بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَهَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ اسْتِبْرَائِهِ وَوَضْعِهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا فَأَكْثَرُ أَمَّا إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَطْنِهَا حَالَ اسْتِبْرَائِهَا. (ص) وَبِنَفْيِ حَمْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُلَاعِنُ إذَا رَمَى زَوْجَتَهُ بِنَفْيِ حَمْلٍ ظَاهِرٍ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِلْوَضْعِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبِقَطْعِ نَسَبٍ لَكَانَ أَشْمَلَ لِلْحَمْلِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّ مَا قَالَهُ هُوَ الْغَالِبُ (ص) وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ أَوْ التَّوْأَمُ (ش) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ لِعَانِ الزَّوْجِ وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ لِقَذْفِهِ وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ أَوْ الْحَمْلُ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ وَفَائِدَةُ اللِّعَانِ حِينَئِذٍ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ كَمَا لَوْ وَضَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي بُطُونٍ وَكَانَ الْأَبُ غَائِبًا فَلَمَّا قَدِمَ وَعَلِمَ بِذَلِكَ نَفَى الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ يَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ التَّوْأَمُ كَمَا إذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِذِكْرِهِ حُكْمَهُمَا) أَيْ حُكْمَ ضِدِّهِمَا أَيْ الْحُكْمَ الْمُرْتَبِطَ بِضِدِّهِمَا وَهُوَ التَّعْرِيصُ وَالْغَصْبُ أَيْ فَلَمَّا ذَكَرَ الْحُكْمَ الْمُتَعَلِّقَ بِضِدِّهِمَا فِيمَا سَيَأْتِي دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا لَيْسَ فِي ضِدِّهِمَا بَلْ فِيهِمَا وَهُوَ الصَّرِيحُ وَالطَّوْعُ فَتَأَمَّلْ تُرْشَدْ (قَوْلُهُ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَذْفُهُ لَهَا فِي نِكَاحِهِ) يُرِيدُ وَتَوَابِعِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَا قَامَتْ إلَّا بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُحَدَّ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَقَذَفَهَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لِلثَّانِي حُدَّ حَدًّا وَاحِدًا لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ الْأَوَّلِ حُدَّ لِلْأَوَّلِ وَلَاعَنَ لِلثَّانِي وَإِنْ نَكَلَ فَحَدٌّ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ أَوْ حِسٍّ بِكَسْرِ الْحَاءِ) خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَعْمَى إنَّمَا يُلَاعِنُ إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْفَرَجِ مُقَابِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي) ؛ لِأَنَّهُ إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي الْفَرَجِ وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ الْهَيْئَةَ الظَّاهِرَةَ عِنْدَ سُلُوكِ الذَّكَرِ فِي الْفَرَجِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَلْ مِنْ شَرْطِ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ أَنْ يَصِفَ كَالْبَيِّنَةِ فَيَقُولَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ أَوْ يَقُولَ رَأَيْتهَا تَزْنِي وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ انْتَهَى وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ مَشْهُورًا وَإِنَّمَا قَالَ فِي شَرْطِ الرُّؤْيَةِ بِكَشْفِهِ كَالْبَيِّنَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِرَأَيْتُهَا تَزْنِي سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ وَالشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ نَافِعٍ فَقَطْ انْتَهَى (أَقُولُ) وَمِنْ عَادَةِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ مَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَصِيرًا) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الْبَصِيرَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَنْ مَالِكٍ) أَيْ لِمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ أَنَّهُ إذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا وَعَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ فَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَقْوَالًا ثَلَاثَةً هَلْ الْوَلَدُ لَازِمٌ لَهُ أَوْ أَمْرُهُ مَوْقُوفٌ أَوْ يُنْفَى عَنْهُ فَقَيَّدَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي حُكْمِ السِّتَّةِ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَإِنَّمَا كَانَ حُكْمُ السِّتَّةِ مَا نَقَصَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى النَّقْصِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَتَوَالَى ثَلَاثَةٌ نَاقِصَةٌ وَالشَّهْرَانِ الْبَاقِيَانِ بَعْدَ الرَّابِعِ التَّامِّ نَاقِصَانِ أَيْضًا وَأَمَّا إنْ كَانَ النَّقْصُ سِتَّةَ أَيَّامٍ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ السِّتَّةِ (قَوْلُهُ وَيَنْتَفِي بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ فِي نَفْيِهِ لِلِعَانٍ ثَانٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحْتَاجُ لِلِعَانِ ثَانٍ عِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا) هِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةً، وَقَوْلُهُ أَمَّا إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ وَمَا فِي حُكْمِهَا (قَوْلُهُ أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ) ابْنُ رُشْدٍ هَذَا إنْ أَمْكَنَ إتْيَانُهُ لَهَا سِرًّا كَدَعْوَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِهِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فِي بَطْنٍ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ وَمَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ وَقَوْلُهُ (بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ يَنْتَفِي الْحَمْلُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ بِلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ مَرِيضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ فَيُؤَخَّرَانِ. (ص) كَالزِّنَا وَالْوَلَدِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الِانْتِفَاءِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي وَمَا هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي أَوْ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَزَنَتْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا (ص) إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ وَضْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَوْ الْحَمْلِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَعْتَمِدَ فِي لِعَانِهِ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ أَنَا مَا وَطِئْتهَا مِنْ حِينِ وَضَعَتْ الْحَمْلَ الْأَوَّلَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْحَمْلِ الْمَنْفِيِّ وَبَيْنَ الْوَضْعَيْنِ مَا يَقْطَعُ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُلَاعِنُ فَأَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَكَانَ الثَّانِي مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ الثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ الْمُدَّةِ) فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ تَقْدِيرُهُ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ لِشَهْرٍ مَثَلًا وَأَمْسَكَ عَنْهَا لَكِنْ وَضَعَتْ الثَّانِي لِمُدَّةٍ (لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا) بِالزَّوَاجِ إمَّا (لِقِلَّةٍ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِصَابَةِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْيِهِ وَيُلَاعِنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ هُوَ لِلْوَطْءِ الثَّانِي لِنَقْصِهِ عَنْ سِتَّةٍ وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِ لِقَطْعِ السِّتَّةِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ (أَوْ) وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَأَمْسَكَ عَنْهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ (لِكَثْرَةٍ) كَخَمْسِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْيِهِ وَيُلَاعِنُ فِيهِ، الثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ) فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَضْعٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ بَعْدَ وَطْئِهِ إيَّاهَا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ ثُمَّ رَآهَا تَزْنِي ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا وَبَيْنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَوَضْعِ الْحَمْلِ الْمَنْفِيِّ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي نَفْيِهِ عَلَى ذَلِكَ وَيُلَاعِنُ وَالْحَيْضَةُ فِي ذَلِكَ تُجْزِئُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ) إلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِالتَّصَادُقِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى نَفْيِهِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يَنْتَفِي الْحَمْلُ إلَّا بِلِعَانٍ أَيْ مِنْهُ فَقَطْ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ (ص) إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَصَادَقَا أَيْ لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ إلَّا بِاللِّعَانِ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ بِشَيْءٍ لَهُ بَالٌ كَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَيَنْتَفِي حِينَئِذٍ بِغَيْرِ لِعَانٍ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ عَلَى نَفْيِهِ. (ص) أَوْ وَهُوَ صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ أَوْ مَجْبُوبٌ أَوْ ادَّعَتْهُ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِغَيْرِ لِعَانٍ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حِينَ الْحَمْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا لِقِيَامِ الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ عَلَى نَفْيِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وَطِئَ الْمَجْبُوبُ أَمْ لَا أَنْزَلَ أَمْ لَا وَهُوَ مَا فِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَكَذَلِكَ يَنْتَفِي عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ إذَا عَقَدَ مَشْرِقِيٌّ عَلَى مَغْرِبِيَّةٍ وَتَوَلَّى الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُمَا وَعَلِمَ بَقَاءَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ إلَى إنْ ظَهَرَ الْحَمْلُ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الْعَادِيِّ عَلَى نَفْيِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى مَشْرِقِيٍّ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَدَّعِيَهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ إلَيْهَا مَعَ خَفَائِهِ وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِي مَفْهُومِ مَجْبُوبٍ وَهُوَ الْخَصِيُّ وَمَقْطُوعُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَنْتَفِي الْحَمْلُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ) وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِنَفْيِ الَّذِي لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ فِي نَفْيِ حَمْلٍ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ لَا مُؤَخَّرٍ أَيْ فَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ حَيْثُ تَأَخَّرَ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْآتِي إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ فَلَا يَعْتَرِضُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَيْسَ إلَخْ) إشَارَةٌ لِصُورَةٍ ثَانِيَةٍ وَتَمَامُهَا قَوْلُهُ وَزَنَيْت، وَقَوْلُهُ قَبْلَ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ) الْأَوْلَى عَلَى النَّفْيِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْوَطْءِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالْوَضْعِ الثَّانِي سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُعْتَمَدُ وَيُلَاعِنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَآهَا تَزْنِي) فِي شب وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ رُؤْيَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ الْأَوْلَى فَرْضُهُ فِي عَدَمِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ أَنَّ اللِّعَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى عُقْمِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ لِعَانِ الزَّوْجِ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفَةٍ؛ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا وَتُحَدُّ الزَّوْجَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا وَسَوَاءٌ تَصَادَقَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ رَجَعَتْ عَنْ تَصَادُقِهَا فَوْرًا كَمَا عَلَيْهِ ابْنُ الْكَاتِبِ. (قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَصَادَقَا) الْأَوْلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ إلَّا بِلِعَانٍ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. (قَوْلُهُ كَخَمْسَةِ أَيَّامٍ) صَوَابُهُ سِتَّةُ أَيَّامٍ أَيْ وَالْفَرْضُ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَارِيخِ الْعَقْدِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَارِيخِ الْعَقْدِ لَمْ يَنْتَفِ إلَّا بِلِعَانٍ وَيَقُولُ فِي يَمِينِهِ وَمَا تَزَوَّجْتهَا إلَّا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَتَقُولُ هِيَ وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْوَلَدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ صَبِيٌّ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِدُونِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا فِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَمِيدِ) سَيَأْتِي تَتِمَّةُ الْكَلَامِ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الْحُكْمَ) مُلَخَّصُهُ مَا فِي عج أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخَصِيَّ بِقِسْمَيْهِ وَمَقْطُوعَ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ زَوْجَةُ الْخَصِيِّ بِقِسْمَيْهِ بِوَلَدٍ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ وَخِلَافُ مَا لِلْقَرَافِيِّ مِنْ أَنَّ الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ إذَا كَانَا لَا يُنْزِلَانِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِمَا الْوَلَدُ وَإِنْ أَنْزَلَا لَاعَنَا كَغَيْرِهِمَا وَأَنَّ مُفَادَ الشَّامِلِ أَنَّهُ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ إذَا كَانَ مَجْبُوبًا أَوْ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ أَوْ مَقْطُوعَ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى كَانَ الذَّكَرُ قَائِمًا أَمْ لَا وَإِنْ أَنْزَلَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ قَائِمُ الْيُسْرَى فَقَطْ وَأَوْلَى قَائِمُ الذَّكَرِ وَالْيُسْرَى حَيْثُ أَنْزَلَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَتْ الْبَيْضَةُ الْيُسْرَى وَأَنْزَلَ لَا بُدَّ مِنْ اللِّعَانِ مُطْلَقًا وَأَمَّا إذَا فُقِدَتْ فَيَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ مُطْلَقًا وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ أَوْ لِعَانِهِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ زَنَيْت فَقَطْ أَوْ قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةً فَقَطْ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ زِنًا وَلَا بِنَفْيِ حَمْلٍ هَلْ يُحَدُّ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ اللِّعَانِ أَوْ يُلَاعِنُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلْقَذْفِ لِعُمُومِ آيَةِ اللِّعَانِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا رُؤْيَةَ زِنًا وَلَا نَفْيَ حَمْلٍ وَلَا وَلَدٍ قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَبَعْضُ كِبَارِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَإِنْ لَاعَنَ لِرُؤْيَةٍ وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا وَعُدِمَ الِاسْتِبْرَاءُ فَلِمَالِكٍ فِي إلْزَامِهِ بِهِ وَعَدَمِهِ وَنَفْيِهِ أَقْوَالٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَبْلَهَا يَرْجِعُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَقَالَ وَطِئْتهَا قَبْلَ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ فِي يَوْمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أَنَّهَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ فَلِمَالِكٍ فِي إلْزَامِ الزَّوْجِ بِالْوَلَدِ فَيَتَوَارَثَانِ لَكِنْ إنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ انْتَفَى؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ الْأَوَّلَ مَا كَانَ إلَّا لِرَفْعِ الْحَدِّ لَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَسَوَاءٌ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَعَدَمِ إلْزَامِهِ بِهِ أَيْ فَلَا يَتَوَارَثَانِ لِلشَّكِّ وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي الْوَلَدِ مَوْقُوفًا وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ بَلْ إنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ انْتَفَى وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ وَنُفِيَ الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ الْأَوَّلَ مَوْضُوعٌ لِنَفْيِ الْحَدِّ وَالْوَلَدِ مَعًا فَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ وَبِعِبَارَةٍ وَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ إنَّ الْوَلَدَ لَازِمٌ لَهُ أَيْ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ مَوْضُوعٌ لِنَفْيِ الْحَدِّ فَقَطْ وَعُدُولُهُ عَنْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَإِذَا اسْتَلْحَقَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ مَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَلْحَقُ إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا) لَكِنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا لِمَالِكٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِمَالِكٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَلَوْ قَالَ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْحَقُ إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا كَانَ أَحْسَنَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِظُهُورِهِ اتِّضَاحَهُ بَلْ تَحَقُّقَهُ وَثُبُوتَ وُجُودِهِ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ أَقَلِّيَّةً بَيِّنَةً. (ص) وَلَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى عَزْلٍ وَلَا مُشَابَهَةٍ لِغَيْرِهِ وَإِنْ بِسَوَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ وَيَعْزِلُ عَنْهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ كَانَ يَطَؤُهَا وَلَا يَعْزِلُ إلَّا أَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدًا لَا يُشْبِهُ أَبُوهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ أَوْ يَخْرُجُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَوْ يَقُولُ مَا هَذَا وَلَدِي مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ عَلَى عَدَمِ الْمُشَابَهَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ أَبْيَضَ وَأَبُوهُ أَسْوَدَ أَوْ بِالْعَكْسِ بِخِلَافِ بَابِ الْقَافَةِ. (ص) وَلَا وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ وَلَا وَطْءٍ بِغَيْرِ إنْزَالٍ إنْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبُلْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَيُنْزِلُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا أَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ وَيُلَاعِنَ فِيهِ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَيَدْخُلُ الْفَرَجَ فَتَحْمِلُ مِنْهُ وَمِثْلُهُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ لَاعَبَ، أَوْ أُمَّتَهُ وَأَنْزَلَ ثُمَّ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُنْزِلْ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَوْلٌ بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالْوَطْءِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ فِيهِ فَحَمَلَتْ زَوْجَتُهُ الثَّانِيَةُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ مَا هَذَا الْحَمْلُ أَوْ مَا هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ فِي الزَّوْجَةِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ   [حاشية العدوي] فِي الْمَقْطُوعِ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ هَلْ يُولَدُ لَهُ وَلَكِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قَالُوا إنَّهُ يُولَدُ لَهُ لَاعَنَ وَإِلَّا فَلَا وَمَشَى عب عَلَى كَلَامِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ (أَقُولُ) فَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) أَيْ الْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ عَنْ دَعْوَى رُؤْيَةٍ وَنَفْيِ وَلَدٍ. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي الْوَلَدِ مَوْقُوفًا) هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَرَضَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَكُونُ لَاحِقًا بِهِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اللُّحُوقُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ. 1 - (قَوْلُهُ وَنُفِيَ الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَانْتَفَى بِهِ مَا وُلِدَ لِسِتَّةٍ فَإِنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا بَعْضٌ فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ بَلْ وَفِي كَلَامِ مُحَشِّي تت مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ) أَيْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ حَتَّى جُعِلَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَتُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ رَأَيْت امْرَأَتِي تَزْنِي الْيَوْمَ وَلَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنِّي كُنْت وَطِئْتهَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فِي الْيَوْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَتَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ فَيَلْزَمَهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً قَالَ بِنَفْيِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ حَمْلٌ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ إذْ النَّفْيُ عَلَى الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَابِ الْقَافَةِ) خُولِفَ بَابُ الْقَافَةِ؛ لِأَنَّ بَابَهَا فِيهِ إثْبَاتُ أَصْلٍ مُشَبَّهٍ بِهِ وَهُنَا لَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى عَدَمِ شَبَهِهِ بِهِ لِاحْتِمَالِ شَبَهِهِ بِأَجْدَادِهِ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيَاضَ وَالسَّوَادَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ الْقَافَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَالِمًا بِتِلْكَ الْمَسَائِلِ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ) (الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَيُنْزِلُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا أَتَتْ بِوَلَدٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَيَدْخُلُ الْفَرَجَ إلَّا أَنَّ الْبَاجِيَّ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا حُدَّتْ امْرَأَةٌ بِحَمْلِهَا وَلَا زَوْجَ لَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءٍ فِي غَيْرِ الْفَرَجِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 مَائِهِ فِي قَنَاةِ ذَكَرِهِ فَيَخْرُجَ مَعَ الْوَطْءِ أَمَّا إنْ كَانَ حَصَلَ مِنْهُ بَوْلٌ بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالْوَطْءِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ فِيهِ فَحَمَلَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَنْفِيَ الْوَلَدَ وَيُلَاعِنَ فِيهِ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ. (ص) وَلَاعَنَ فِي الْحَمْلِ مُطْلَقًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ اللِّعَانُ لِنَفْيٍ أَوْ رُؤْيَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللِّعَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لَا يَتَقَيَّدُ زَمَنُهُ بِكَوْنِ الْمَرْأَةِ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ لَا كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيْتَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُجَاوِزَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ بِهِ حِينَئِذٍ وَلَا يُعَارِضُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ أَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ لِقِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ مِنْ أَنَّهُ يُلَاعِنُ؛ لِأَنَّهَا هُنَاكَ زَوْجَةٌ وَهُنَا لَيْسَتْ فِي الْعِصْمَةِ. (ص) وَفِي الرُّؤْيَةِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ مِنْ بَائِنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي فَإِنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ وَدَعْوَاهَا فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ مِنْ تَوَابِعِ الْعِصْمَةِ وَأَحْرَى لَوْ رَمَى مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُلَاعِنُ فَقَوْلُهُ وَفِي الرُّؤْيَةِ أَيْ وَلَاعَنَ بِسَبَبٍ أَوْ لِأَجْلِ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ لِلزِّنَا وَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ صِفَةٌ لِلرُّؤْيَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِكَوْنٍ خَاصٍّ أَيْ الرُّؤْيَةِ الْمُدَّعَاةِ فِي الْعِدَّةِ أَيْ إنَّمَا يُلَاعِنُ إذَا ادَّعَى فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَأَى فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ إحْدَاهَا أَنْ يَدَّعِيَ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا وَهَذِهِ يُلَاعِنُ فِيهَا وَبَعْدَهَا الثَّانِيَةُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى بَعْدَهَا وَهَذِهِ لَا يُلَاعِنُ فِيهَا الثَّالِثَةُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى فِيهَا وَهَذِهِ لَا يُلَاعِنُ لَهَا أَيْضًا. (ص) وَحُدَّ بَعْدَهَا كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتهَا تَزْنِي فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَكَذَلِكَ يُحَدُّ إذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ) مُخَرَّجٌ مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا زَالَتْ عِفَّتُهَا بِأَنْ زَنَتْ بَعْدَ اللِّعَانِ فَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ إذَا رَمَاهَا بِزِنًا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ بَعْدَ أَنْ لَاعَنَ فِيهِ كَقَاذِفِ عَفِيفٍ فَلَمْ يُحَدَّ لَهُ حَتَّى زَنَى الْمَقْذُوفُ (ص) وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي بِهَا وَأُعْلِمَ بِحَدِّهِ (ش) أَيْ وَحُدَّ لِلْأَجْنَبِيِّ مَعَ اللِّعَانِ لِلزَّوْجَةِ فِي تَسْمِيَةِ الزَّانِي بِهَا كَقَوْلِهِ رَأَيْت فُلَانًا يَزْنِي بِكِ وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ الْحَدِّ لِفُلَانٍ لِعَانُهُ إذَا تَقَدَّمَ أَمَّا لَوْ حُدَّ أَوَّلًا سَقَطَ عَنْهُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ مَنْ حُدَّ لِقَذْفٍ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ حَدٍّ ثَبَتَ قَبْلَهُ مِمَّنْ قَامَ وَمِمَّنْ لَمْ يَقُمْ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّهِ لِأَحَدٍ وَكَفَاهُ اللِّعَانُ كَقَوْلِهِ رَأَيْت رَجُلًا يَزْنِي بِهَا وَأُعْلِمَ مَنْ سَمَّاهُ بِحَدِّهِ بِأَنْ يُقَالَ فُلَانٌ قَذَفَك بِامْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَرِفُ أَوْ يَعْفُو لِإِرَادَةِ السَّتْرِ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكْمُ الْإِعْلَامِ الْوُجُوبُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعْلِمَ مَنْ سَمَّاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ نَدْبًا. (ص) لَا إنْ كَرَّرَ قَذْفَهَا بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ بَعْدَهُ رَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لَهُ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ عَلَى هَذَا بَيْنَ مَا قَالُوهُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ إذَا قَذَفَ شَخْصٌ شَخْصًا فَحُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ قِيلَ الْفَرْقُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ كَاذِبٌ إلَّا أَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ مِنْهُمَا فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ مَا كُنْت إلَّا صَادِقًا فَإِنَّا لَا نَحِدُّهُ إذْ لَعَلَّهُ كَانَ صَادِقًا وَالْقَاذِفُ إنَّمَا حُدَّ تَكْذِيبًا لَهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيْتَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ لِعَانَ الْمَيْتَةِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَفْيِ الْوَلَدِ لَا لِنَفْيِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ وَهُنَا لَيْسَتْ فِي الْعِصْمَةِ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُنَا لَيْسَتْ فِي الْعِصْمَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجَوَابَ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْإِطْلَاقِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً (قَوْلُهُ إنَّهُ رَأَى فِيهَا) طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي فَإِنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ وَدَعْوَاهَا فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَأَوْلَى أَنَّهُ رَأَى قَبْلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ) أَيْ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ لَهُ أَوْ لِلرُّؤْيَةِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ اسْتَلْحَقَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَحَدٌّ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَاحِدًا بَعْدَمَا حُدَّ لِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَهُ فَيَتَعَدَّدَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا وَالْجَارِي عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ) أَيْ وَقِيلَ الِاسْتِلْحَاقُ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ لَاعَنَ فِيهِ كَقَاذِفِ عَفِيفٍ) هَذَا مِمَّا يُعَيِّنُ رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ فَقَطْ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ قَبْلُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ اسْتَلْحَقَ الْمُفِيدُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ وَأُعْلِمَ بِحَدِّهِ) أَيْ بِمُوجِبِ حَدِّهِ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ حُدَّ أَوَّلًا إلَخْ) أَيْ إذَا حُدَّ لِفُلَانٍ أَوَّلًا وَكَذَا لَوْ حُدَّ لِلزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّهُ لِلرَّجُلِ قَامَ أَوْ لَمْ يَقُمْ. (قَوْلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي حَدِّهِ، وَقَوْلُهُ ثَبَتَ قَبْلَهُ أَيْ مُوجِبُهُ قَبْلَ الْحَدِّ، وَقَوْلُهُ مِمَّنْ قَامَ وَمِمَّنْ لَمْ يَقُمْ الَّذِي قَامَ كَالرَّجُلِ الْمَقْذُوفِ وَاَلَّذِي لَمْ يَقُمْ كَالْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تَقُمْ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ عَلَى الْمَشْهُورِ) بِمَعْنَى أَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَعْفُوَ إنْ أَرَادَ السَّتْرَ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنْ أَرَادَ السَّتْرَ فَلَا عَفْوَ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَبِهَذَا الْحَلِّ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْإِعْلَامِ الْوُجُوبُ) كَذَا فِي عب فَإِنَّهُ قَالَ وَظَاهِرُ نَقْلِ ق أَنَّ إعْلَامَهُ وَاجِبٌ وَأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ إنْ أَرَادَ سَتْرًا فَإِنْ عَلِمَ بِهِ عَدْلَانِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ إعْلَامِهِمَا الْمَقْذُوفَ أَيْضًا انْتَهَى (قَوْلُهُ لَا إنْ كَرَّرَ قَذْفَهَا بِهِ) اُنْظُرْ هَلْ تَحْصُلُ الْمُغَايَرَةُ بِالْإِضَافَةِ لِشَخْصٍ غَيْرِ مَنْ أُضِيفَ لَهُ الزِّنَا بِهَا قَبْلَ الْحَدِّ كَزَنَيْتِ بِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ بِعَمْرٍو وَهُوَ الظَّاهِرُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ بَعْدَ الْخَاصِّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَكَذَا اخْتِلَافُ الْمَكَانِ كَزَنَيْتِ بِفَرْجِك بَعْدَ لِعَانِهِ فِي كَزَنَيْتِ بِدُبُرِك أَوْ عَكْسِهِ. (قَوْلُهُ قِيلَ الْفَرْقُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ إلَخْ) فِي هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ أَحَدَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ كَاذِبٌ كَذَا وَاحِدٌ مِنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ لَهُ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ الْحَدِّ مَا كُنْت إلَّا صَادِقًا فَلَا يُحَدُّ إذْ لَعَلَّهُ كَانَ صَادِقًا (قَوْلُهُ وَالْقَاذِفُ إنَّمَا حُدَّ تَكْذِيبًا لَهُ) قَدْ يُقَالُ وَالْمُلَاعِنُ إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ اللِّعَانُ لِكَوْنِهِ قَدْ كَذَّبْنَاهُ وَلَوْ صَدَّقْنَاهُ لَمَا طَلَبْنَا مِنْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 فَإِذَا قَالَ كُنْت صَادِقًا فَهُوَ كَالْقَذْفِ الْمُبْتَدَأِ فَوَجَبَ أَنْ يُحَدَّ تَارَةً أُخْرَى وَقِيلَ إنَّ الْمُلَاعِنَ أَيْمَانُهُ كَأَرْبَعَةِ شُهُودٍ أَقَامَهَا عَلَى قَذْفِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِهِ مِمَّا إذَا قَذَفَهَا بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ يَقْذِفَهَا ثَانِيًا بِنَفْيِ النَّسَبِ بَعْدَ أَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَنْتِ تَزْنِي مَعَ كُلِّ النَّاسِ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهَا زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ أَوْ شَخْصٍ وَلَا بُدَّ أَنْ نَتَجَوَّزَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِهِ فَنَقُولَ بِعَيْنِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَصْدُقُ إذَا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ أَوَّلًا إذْ الْأَخَصُّ دَاخِلٌ فِي الْأَعَمِّ فَلِذَلِكَ تَوَرَّكَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَيْهِ. (ص) وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا نَفَى وَلَدَهُ وَلَاعَنَ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ فَإِنَّ الْأَبَ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَرِثُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ الْمَيِّتِ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَلَوْ أُنْثَى يُشَارِكُ الْأَبَ فِي سُدُسِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ كَذَلِكَ بِأَنْ عَدِمَ رَأْسًا أَوْ وُجِدَ لَا عَلَى الصِّفَةِ بَلْ عَبْدٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَلَكِنْ قَلَّ الْمَالُ الَّذِي يَحُوزُهُ الْمُسْتَلْحَقُ أَوْ الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ فَيَرِثُ أَيْضًا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ وَمِنْ يَدِهِ أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَّبِعَ التُّهْمَةُ فَقَدْ يَكُونُ السُّدُسُ كَثِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرِثَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَقَدْ يَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ يَسِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ انْتَهَى فَقَوْلُهُ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ أَيْ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ وَلَدُ أَوْ وَلَدٍ وَلَدٌ وَلَوْ بِنْتًا عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَدْ نُوزِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّقْيِيدِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَانْظُرْهُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَانْظُرْ نَصَّهُ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ اللِّعَانِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِلْوَضْعِ خَوْفَ انْفِشَاشِهِ بِقَوْلِهِ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ تَكَلَّمَ عَلَى مَا يَمْنَعُ اللِّعَانَ فِي الرُّؤْيَةِ وَنَفْي الْحَمْلِ. فَقَالَ (ص) وَإِنْ وَطِئَ أَوْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ أَخَّرَ لِعَانَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ بِلَا عُذْرٍ فِي التَّأْخِيرِ امْتَنَعَ لِعَانُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَحُدَّ لِلْمُسْلِمَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا فَيَنْفَشُّ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالْمَانِعُ فِي الرُّؤْيَةِ الْوَطْءُ لَا التَّأْخِيرُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ الْمُلَاعِنِ وَالْمُلَاعِنَةِ وَعَلَى مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُلَاعِنُ فِي لِعَانِهِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةِ اللِّعَانِ فَقَالَ (ص) وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ تَارَةً يُلَاعِنُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَتَارَةً يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْكَلَامُ الْآنَ لِلْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَاعَنَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ رَأَيْتهَا تَزْنِي فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي وَيَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ يَمِينٍ، قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَيْ يَزِيدُ هَذَا   [حاشية العدوي] اللِّعَانَ وَإِلَّا حُدَّ (أَقُولُ) الْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الِاخْتِلَاطِ الْمُوجِبِ لِعِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ صَاحِبِهِ اكْتَفَى الشَّرْعُ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بِاللِّعَانِ وَلَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ وَمِنْ أَثَرِ ذَلِكَ عَدَمُ الْحَدِّ بِقَذْفِهَا ثَانِيًا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ كَأَرْبَعَةِ شُهُودٍ) قَدَحَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ حَدِّ قَاذِفِهَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَعَدَمَ حَدِّ زَوْجِهَا إذَا قَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا قَذَفَهَا بِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَلَامَهُ يَصْدُقُ إلَخْ) بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ الْمَيِّتَ) وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَهُ فِي صِحَّتِهِ وَرِثَهُ مُطْلَقًا وَاسْتِلْحَاقُهُ لَهُ فِي مَرَضِهِ كَاسْتِلْحَاقِهِ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ فِي سُدُسِ الْمَالِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمَعْنَى وَلَوْ أُنْثَى يُشَارِكُهَا الْأَبُ بِأَخْذِ سُدُسِ الْمَالِ فَرْضًا. (قَوْلُهُ وَمِنْ يَدِهِ أَخَذَهُ) أَيْ سَلَّمَهُ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَمَدَهُ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِمَادَ الْإِطْلَاقِ يَقْوَى أَنْ لَا يُلْتَفَتَ لِلتُّهْمَةِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ نَصَّهُ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ) حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ النُّقُولَ مُصَرِّحَةٌ بِالتَّعْمِيمِ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَنْقَالُ فِي الْإِلْحَاقِ لَا فِي الْإِرْثِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ انْتَهَى قَالَ عج وَفِيهِ بَحْثٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَطَّابَ ارْتَضَى تَعَقُّبَ ابْنِ غَازِيٍّ وَنَقَلَ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ عَنْ نَوَازِلِ سَحْنُونَ مَا يَشْهَدُ لَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ وُجُودُ مَا ذُكِرَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الْكَافِرِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُوجِبُ لَهُ مِيرَاثًا (قَوْلُهُ خَوْفَ انْفِشَاشِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّأْخِيرِ لِاحْتِمَالٍ لَا نَقُولُ بِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا فَيَنْفَشُّ وَلَا يُؤَخَّرُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ لِلْوَضْعِ لَرُبَّمَا انْفَشَّ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ احْتَوَى عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ وَطِئَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَالْأَرْبَعُ لَيْسَتْ فِي اللِّعَانِ لِلرُّؤْيَةِ لِمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْعِبَارَةِ وَزَادَ الشَّارِحُ وَاحِدَةً وَهِيَ الْخَامِسَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَيْ وَيَكُونُ اللِّعَانُ فِي ذَلِكَ لِلرُّؤْيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ إلَّا أَنَّ أَرْبَعَةً مُتَعَلِّقَةٌ بِاللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَهِيَ الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَاَلَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ فِي اللِّعَانِ لِلرُّؤْيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ أَنَّهُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ وَأَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ دَعْوَاهُ امْتَنَعَ لِعَانُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَا يَضُرُّهُ وَلَهُ الْقِيَامُ وَإِنْ طَالَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَخَّرَ مَعَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ امْتَنَعَ كَوَطْئِهِ وَإِنْ بِرُؤْيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَدَبَّرْ قَوْلَهُ وَالْمَانِعُ فِي الرُّؤْيَةِ الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ بَهْرَامُ يُرِيدُ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ) هِيَ قَوْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ هَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ أُخِّرَ لِعَانُهُ إلَخْ صُورَتَانِ. (قَوْلُهُ حُكْمُ الْمُلَاعِنِ إلَخْ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُلَاعِنِ وَالْمُلَاعِنَةِ. (قَوْلُهُ أَرْبَعًا) الْأُولَى تَأَخُّرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي لِيَكُونَ التَّكْرَارُ أَرْبَعًا لِلصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا لَا لِأَشْهَد بِاَللَّهِ فَقَطْ 1 - (قَوْلُهُ أَيْ يَزِيدُ هَذَا إلَخْ) الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّذِي لَا إلَهَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ وَحَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَدَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى لَفْظِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَحُكِيَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ بَعْدَهُ وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ اللِّعَانَ إذَا كَانَ لِأَجْلِ نَفْيِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ لَزَنَتْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ زَنَتْ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ زِنَاهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ غَصْبٍ لَكِنَّ وَجْهَ مَا فِيهِمَا أَنَّا نُشَدِّدُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَحْلِفَ لَزَنَتْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ فَيَتَقَرَّرَ النَّسَبُ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لَهُ. (ص) وَوَصَلَ خَامِسَتَهُ بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ أَوْ إنْ كُنْت كَذَبْتهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ فِي خَامِسَتِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ أَوْ إنَّ كُنْت كَذَبْتهَا أَيْ كَذَبْت عَلَيْهَا يَعْنِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ وَالْأَحَبُّ لَفْظُ الْقُرْآنِ وَمَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ قَبْلَ اللِّعَانِ وَرُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ اُنْتُظِرَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَوَصَلَ إلَخْ مُتَعَلَّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِشَهَادَاتِهِ الْأَرْبَعِ وَقَوْلُهُ بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ صِفَةٌ لِخَامِسَةٍ وَهِيَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ أَيْ يَمِينُهُ الْخَامِسَةُ الَّتِي هِيَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ لَا مُتَعَلَّقَ بِوَصْلٍ أَوْ حَالٌ مِنْهَا أَيْ خَامِسَةٌ كَائِنَةٌ بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إلَخْ وَبِهَذَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَارَ الْجَلَّابِ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ فِي الْخَامِسَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (ص) وَأَشَارَ الْأَخْرَسُ أَوْ كَتَبَ (ش) فِيهَا يُلَاعِنُ الْأَخْرَسُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِنْ إشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَكَذَلِكَ يُعْلَمُ قَذْفُهُ انْتَهَى وَكَذَا يُقَالُ فِي بَاقِي أَيْمَانِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ نُكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَكَرُّرُ الْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ كَاللَّفْظِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَلَوْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ فَقَالَ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. (ص) وَشَهِدَتْ مَا رَآنِي أَزْنِي أَوْ مَا زَنَيْت (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى صِفَةِ لِعَانِ الزَّوْجِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى صِفَةِ لِعَانِ الْمَرْأَةِ لِأَجْلِ إبْطَالِ لِعَانِ الرَّجُلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَاعَنَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا يَقُولُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي فَتَرُدُّ هِيَ ذَلِكَ بِأَنْ تَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَى مَا مَرَّ مَا رَآنِي أَزْنِي تَقُولُ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ أَوْ تَقُولُ مَا زَنَيْت فِي رَدِّهَا الْأَيْمَانَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَمَا هُنَا مُطَابِقٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لَزَنَتْ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي كَمَا مَرَّ وَالْمُطَابِقُ لَهُ أَنْ تَقُولَ هَذَا الْحَمْلُ مِنْهُ (ص) أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي أَوْ لَزَنَتْ فَتَرُدُّ هِيَ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ كَذَبَ وَتَصِلُ خَامِسَتَهَا بِغَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَيَصِحُّ فِي ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى لِعَانِ رُؤْيَةِ الزِّنَا وَإِلَى لِعَانِ نَفْيِ الْحَمْلِ (ص) وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذْ   [حاشية العدوي] إلَّا هُوَ وَكَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ وَصَدَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (تَنْبِيهٌ) : يَقُولُ الْأَعْمَى لَعَلِمْتهَا أَوْ تَيَقَّنْتهَا وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَلَا زِيَادَةُ الْبَصِيرِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَالَاةِ الْخَمْسَةِ قَبْلَ بِدَايَتِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَفِي الْإِرْشَادِ وَيَزِيدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَقْعَدُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) اُنْظُرْ عَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ قَالَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي هَلْ يُعِيدُ الْأَيْمَانَ أَوْ يَكْتَفِي بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ زَنَتْ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَقَصْدُهُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ زِنَاهَا أَيْ فَكَيْفَ يَقُولُ لَزَنَتْ مَعَ أَنَّ دَعْوَاهُ إنَّمَا هِيَ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنَّا نُشَدِّدُ) الْحَاصِلُ أَنَّ غَرَضَهُ نَفْيُ الْحَمْلِ الْمُجَامِعِ كَوْنَهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ إلَّا كَوْنَهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْحَمْلِ لَا عَلَى الزِّنَا فَلَا تُحَدِّثُهُ بِهِ نَفْسُهُ لِكَوْنِهِ يَكْرَهُ ذَلِكَ فَتَطْلُبُ مِنْهُ الْيَمِينَ بِأَنَّهَا زَنَتْ فَيَنْكُلُ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ زِنَاهَا وَأَمَّا فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ زَنَتْ إلَخْ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ زَنَتْ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مَعَ أَنَّ قَصْدَهُ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الزِّنَا ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ يَقُولُ لَزَنَتْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ لَكِنَّ نَفْسَهُ تَنْجَذِبُ إلَى كَوْنِهِ يَقُولُ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي الْمُجَامِعِ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَلَا تَنْجَذِبُ لِكَوْنِهِ يَقُولُ لَزَنَتْ فَطُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ لَزَنَتْ لِأَجْلِ أَنْ يَنْكُلَ فَيَثْبُتَ النَّسَبُ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَجْهُ مَا فِيهِمَا رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ) أَيْ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ اللِّعَانِ. (قَوْلُهُ مُتَعَلَّقُهُ مَحْذُوفٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ الْمُتَعَلَّقُ بِهِ مَحْذُوفٌ فَيُقْرَأُ مُتَعَلَّقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ. (قَوْلُهُ وَهِيَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) أَيْ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِلَعْنَةِ اللَّهِ زَائِدَةٌ أَيْ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْخَامِسَةِ أَيْ مُبَيِّنَةٌ لَهَا أَيْ الْخَامِسَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِأَنَّهَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمُرَادُ الْمُبَيِّنَةُ. (قَوْلُهُ لَا مُتَعَلَّقَ بِوَصْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِوَصْلِ لَأَوْهَمَ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الصِّيغَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي خَامِسَتِهِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ أَوْ حَالٌ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ صِفَةٌ. (قَوْلُهُ أَيْ خَامِسَةٌ كَائِنَةٌ بِلَعْنَةِ اللَّهِ) أَيْ ثَابِتَةٌ بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَيْ خَامِسَةٌ فِي حَالِ كَوْنِهَا ثَابِتَةً فِي هَذَا اللَّفْظِ مِنْ ثُبُوتِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَالْمَنْظُورُ لَهُ ذَلِكَ الْخَاصُّ وَالْأَقْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ جَعْلُ الْبَاءِ لِلتَّصْوِيرِ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا كَانَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ التَّعَالِيقَ مِنْ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ أَوْ لَزَنَتْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ لَزَنَتْ فَلَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَحَلَّ بَلْ الْمُنَاسِبُ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْعِبَارَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَتَصِلُ خَامِسَتَهَا بِغَضَبِ اللَّهِ) أَيْ الْمُصَوَّرَةِ بِغَضَبِ اللَّهِ إلَخْ قَوْلُ الْمُحَشِّي بِفَتْحِ اللَّامِ بِهَامِشِ الْأَصْلِ لَعَلَّهُ بِكَسْرِ اللَّامِ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 الْتَعَنَتْ تَقُولُ فِي خَامِسَتِهَا غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ زَوْجُهَا مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ إنْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ غَضِبَ بِالْفِعْلِ وَبِالْمَصْدَرِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ خُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ فِي الْيَمِينِ هُنَا وَفِي الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَأَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ مُدَّعُونَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قِيلَ أَمَّا الْمُلْتَعِنُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ يَحْلِفُ هُوَ وَالْمَرْأَةُ وَبُدِئَ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَذَفَهَا طَالَبَتْهُ بِحَقِّهَا فَاحْتَاجَ لِذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ إذْ صَارَ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْحَدُّ وَأَمَّا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ حُكْمًا وَإِنْ كَانُوا مُدَّعِينَ فِي الصُّورَةِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وَهُمْ كَذَلِكَ إذْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُمْ بِاللَّوْثِ. (ص) وَوَجَبَ أَشْهَدُ وَاللَّعْنُ وَالْغَضَبُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ يَمِينٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِأَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ وَنَحْوِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّعْنِ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ وَلِوَلَدِهِ فَنَاسَبَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ مَعْنَاهُ الْبُعْدُ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْغَضَبِ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا مُغْضِبَةٌ لِزَوْجِهَا وَلِأَهْلِهَا وَلِرَبِّهَا فَنَاسَبَهَا ذَلِكَ وَلَا يُجْزِئُ لَوْ أَبْدَلَ الرَّجُلُ اللَّعْنَةَ بِالْغَضَبِ أَوْ الْمَرْأَةُ الْغَضَبَ بِاللَّعْنَةِ. (ص) وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِعَانُهُمَا فِي أَشْرَفِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْطِعٌ لِلْحَقِّ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ التَّخْوِيفُ وَالتَّغْلِيظُ عَلَى الْمُلَاعِنِ وَلِلْمَوْضِعِ حَظٌّ وَلِذَا كَانَ لِعَانُ الذِّمِّيَّةِ فِي كَنِيسَتِهَا وَالْيَهُودِيَّةِ فِي بِيعَتِهَا فَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَفِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ (ص) وَبِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِعَانُهُمَا بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ لِتَظْهَرَ شَعِيرَةُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَقَلُّ مَا تَظْهَرُ بِهِ تِلْكَ الشَّعِيرَةُ أَرْبَعَةٌ لَا لِاحْتِمَالِ نُكُولٍ أَوْ إقْرَارٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ. (ص) وَنُدِبَ إثْرَ صَلَاةٍ (ش) أَيْ إيقَاعُ اللِّعَانِ إثْرَ صَلَاةٍ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ. (ص) وَتَخْوِيفُهُمَا وَخُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مُوجِبَةُ الْعَذَابِ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَوِّفَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تُبْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُذَكِّرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ بِلَا شَكٍّ وَخُصُوصًا   [حاشية العدوي] لَا يَخْفَى أَنَّ أَنَّ بِالتَّشْدِيدِ تَدْخُلُ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ وَأَمَّا الْفِعْلُ فَلَا تَكُونُ أَنَّ فِيهِ إلَّا مُخَفَّفَةً مِنْ الثَّقِيلَةِ وَظَاهِرُ هَذَا إذَا أَتَى بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَفْتُوحَةً حِكَايَةً لِمَا فِي الْآيَةِ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ لَفْظِ أَنْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ) أَيْ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ أَوْلَى كَذَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ جَزْمًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْأَخِيرِ وَالتَّقْدِيرُ يَقُولُ فِيهِمَا وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فَظَاهِرُ شَارِحِنَا أَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ أَيْ الشَّارِحُ عَلَى قَوْلِهِ لَقَدْ كَذَبَ وَلَمْ يَقُلْ فِي قَوْلِهِ رَأَيْتهَا تَزْنِي إلَخْ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَلُّقِهِ عَلَيْهِ بِكَذِبٍ تَأَمَّلْ (ثُمَّ أَقُولُ) إنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ أَيْ لِقُرْبِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ. (تَنْبِيهٌ) : هَلْ الصِّيغَةُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ مَا رَآنِي أَزْنِي أَوْ مَا زَنَيْت أَفْضَلُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ الْجَلَّابُ أَوْ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لَقَدْ كَذَبَ لِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ) وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُدَّعًى عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُدَّعِيَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ يَحْلِفُ هُوَ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ فَقَوْلُهُ يَحْلِفُ هُوَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْمَرْأَةُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَمُدَّعٍ أَيْ وَذَلِكَ الْحَلِفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِمَا لِمَا تَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالْيَمِينِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِالْحَلِفِ فَلِمَ بُدِئَ بِالْيَمِينِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا تَوَجُّهَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لَا تَبْدِئَتَهَا مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي عِلَّةِ التَّبْدِئَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ حُكْمًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ) كَدَعْوَى شَخْصٍ عَلَى آخَرَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَيَدَّعِي رَدَّهَا لَهُ فَمُدَّعِي الرَّدِّ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الرَّادَّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلٌ أَيْ يَذْكُرُهُ مِنْ أَفْرَادِ اللَّوْثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ تَرَجَّحَ قَوْلُهُمْ بِاللَّوْثِ وَسَيَأْتِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ أَشْهَدُ إلَخْ) كُلٌّ مِنْ أَشْهَدُ وَاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ وَاجِبٌ شَرْطٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الزَّوْجَةُ. (قَوْلُهُ وَلِوَلَدِهِ) أَيْ الَّذِي نَفَاهُ (قَوْلُهُ وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ) وَهُوَ الْجَامِعُ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِدُونِهِ وَهُوَ وَاجِبُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ مُقْطِعٌ لِلْحَقِّ) أَيْ مُثْبِتٌ لَهُ أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَقْطَعَ أَوْ مَحَلُّ قَطْعِ الْحَقِّ أَيْ إثْبَاتِهِ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ اسْمُ مَكَان عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَطَعَ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ) هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الْمَعْنَى تَبْيِينٌ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلِلْمَوْضِعِ حَظٌّ) أَيْ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لَهُ دَخْلٌ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ) أَيْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ شَعِيرَةٌ) أَيْ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ النُّكُولَ وَالْإِقْرَارَ هَذَا مَا رَجَّحَهُ اللَّقَانِيِّ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ النُّكُولَ وَالْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ كَالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ) سَحْنُونَ وَبَعْدَهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُعَظِّمُهُ (فَإِنْ قُلْت) هَذَا الْقَدْرُ مَوْجُودٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ (قُلْت) صَلَاةُ الصُّبْحِ وَقْتُ نَوْمٍ وَلَيْسَ وَقْتَ تَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ وَتَخْوِيفُهُمَا) ابْتِدَاءً قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ عِنْدَ الْأُولَى وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثَةِ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُرَادُ وَعْظُهُمَا (قَوْلُهُ إنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا) وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَحَدُّ الزِّنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ وَخُصُوصًا) أَيْ وَأَخَصُّ الْوَعْظِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ خُصُوصًا كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَعْرِفُ كَوْنَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَعَزَاهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَنُدِبَ الْقَوْلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّ الْخَامِسَةَ مُوجِبَةٌ لِلْعَذَابِ أَيْ هِيَ مَحَلُّ نُزُولِهِ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ رَتَّبَ الْعَذَابَ عَلَيْهَا أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهَا مُتَمِّمَةٌ لِلْأَيْمَانِ وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ الرَّجْمُ أَوْ الْجَلْدُ عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ تَحْلِفْ وَعَلَى الرَّجُلِ إنْ بَدَأَتْ قَبْلَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ إعَادَتِهَا (ص) وَفِي إعَادَتِهَا إنْ بَدَأَتْ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَفِي وُجُوبِ إعَادَةِ الْمَرْأَةِ إنْ بَدَأَتْ بِأَيْمَانِ اللِّعَانِ لِتَقَعَ بَعْدَ أَيْمَانِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ كَمَا لَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ قَبْلَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ فَلَا تُجْزِئُ وَاخْتِيرَ وَصُحِّحَ وَعَدَمُ إعَادَتِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ سَوَاءٌ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ لَا كَمَا يَحْلِفُ الرَّجُلُ فَقَالَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ مَا زَنَيْت أَوْ أَنَّ حَمْلِي مِنْهُ وَقَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيَّ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ أَوْ حَلَفَتْ كَمَا تَحْلِفُ هِيَ فَقَالَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَقَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيَّ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ ابْنِ رُشْدٍ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِالْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا خِلَافَ فِي إعَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا حَلَفَتْ عَلَى تَكْذِيبِهِ وَهُوَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يَمِينٌ ثُمَّ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ يَتَوَقَّفُ تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا عَلَى الْإِعَادَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِلِعَانِ الرَّجُلِ بَعْدَهَا. (ص) وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ بِكَنِيسَتِهَا (ش) أَيْ وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ بِالْمَكَانِ الَّذِي تُعَظِّمُهُ وَلَوْ قَالَ بِمَوْضِعٍ تُعَظِّمُهُ لَكَانَ أَوْلَى فَتُلَاعِنُ النَّصْرَانِيَّةُ بِكَنِيسَتِهَا وَالْيَهُودِيَّةُ بِبِيعَتِهَا وَالْمَجُوسِيَّةُ بِبَيْتِ نَارِهِمْ وَلِلزَّوْجِ الْحُضُورُ مَعَهُمْ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ الْمَسْجِدَ (ص) وَلَمْ تُجْبَرْ (ش) أَيْ الذِّمِّيَّةُ عَلَى الِالْتِعَانِ بِكَنِيسَتِهَا هَكَذَا قَرَّرَهُ بَعْضٌ وَقَرَّرَهُ بَعْضٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى الِالْتِعَانِ لَكِنْ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ (ص) وَإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ وَرُدَّتْ لِمِلَّتِهَا (ش) أَيْ وَإِنْ أَبَتْ الذِّمِّيَّةُ مِنْ   [حاشية العدوي] عِيَاضٌ لِلشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ إلَخْ) أَيْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا الْمُوجِبَةُ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ وَبِمَعْنَى إنَّهَا مُتَمِّمَةٌ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ الَّذِي قَبْلَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِتَتْمِيمِ الْأَيْمَانِ يَحْصُلُ الْعَذَابُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ خَامِسَةُ الرَّجُلِ مُوجِبَةً ذَلِكَ الْعَذَابَ عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّجْمَ فِي الْمُحْصَنَةِ وَالْجَلْدَ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الرَّجُلِ إنَّمَا هُوَ الْجَلْدُ فَقَطْ الَّذِي هُوَ حَدُّ الْقَذْفِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ نُكُولِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ) وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ فَالْمُوجِبُ لِلْحَدِّ عَلَيْهِ نُكُولُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْلِفُ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَتَخْوِيفُهُمَا عَلَى مَا فُسِّرَ بِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَذَابُ عَذَابَ الْآخِرَةِ لَا عَذَابَ الدُّنْيَا وَكَأَنَّ الْمَعْنَى الْمَلْحُوظَ هُنَا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَذَابِ عَذَابُ الدُّنْيَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْخَامِسَةُ تُوجِبُ عَذَابَ الدُّنْيَا فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الصَّاحِبِ فَيُعْقِبُهَا الْعِقَابُ الْأَعْظَمُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ صِدْقِهَا. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ كَمَا يَحْلِفُ الرَّجُلُ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى التَّكْذِيبِ أَوْ حَلَفَتْ كَمَا تَحْلِفُ هِيَ أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِهِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ حَلَفَتْ كَمَا تَحْلِفُ هِيَ فَقَالَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فَقَدْ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّكْذِيبِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَهُ وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا كَمَا يَحْلِفُ الرَّجُلُ لَا عَلَى تَكْذِيبِ أَيْمَانِهِ فَقَالَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ مَا زَنَيْت وَأَنْ حَمْلِي هَذَا مِنْهُ وَقَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيَّ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ بِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْتَعِنُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهَا لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَلَقَدْ زَنَتْ وَمَا حَمْلُهَا هَذَا مِنِّي وَيَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كَانَتْ مِنْ الصَّادِقِينَ وَأَمَّا إنْ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا فَقَالَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَقَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيَّ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي إعَادَةِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ وَقَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيَّ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ) الَّذِي فِي تت وَغَيْرِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ قَالَ عج قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يُخَالِفُ فِيهِ الرَّجُلُ أَوْ تُخَالِفُهُ إنَّمَا هُوَ الْخَامِسَةُ فَقَطْ وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا فَهِيَ مُوَافِقَةٌ فِيهِ لِلرَّجُلِ قَطْعًا سَوَاءٌ بَدَأَتْ قَبْلَهُ أَمْ لَا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ أَنْ يَقُولَ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهَا أَيْضًا بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ خِلَافًا إلَخْ) عِبَارَةُ عب بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَذَا لعج وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَانْظُرْ كَيْفَ يُقَالُ خِلَافًا وَيُقَدَّمُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَقْيِيدِ إمَامِ الْمَذْهَبِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ) زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكَافِرِ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَكَذَا الْمَجُوسِيَّةُ زَوْجَةُ الْمَجُوسِيِّ تَرَافَعَا إلَيْنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَصُورَةُ مُلَاعَنَةِ الْمَجُوسِيَّةِ أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَظَهَرَتْ حَامِلًا فَلَهُ مُلَاعَنَتُهَا وَلَوْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لَا تَتَقَيَّدُ بِكَوْنِ الْمَرْأَةِ فِي الْعِصْمَةِ وَلَا فِي الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَوْلَى) أَيْ لِكَوْنِهِ أَشْمَلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَنِيسَةَ لَيْسَتْ لِكُلِّ ذِمِّيَّةٍ. (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ الْحُضُورُ مَعَهُمْ) كَذَا فِي عج وَفِي عِبَارَةٍ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ فِي الْحُضُورِ مَعَ الذِّمِّيَّةِ وَبِلِعَانِهَا يَنْقَطِعُ نِكَاحُهَا. (قَوْلُهُ أَيْ الذِّمِّيَّةُ عَلَى الِالْتِعَانِ بِكَنِيسَتِهَا) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَهُ بِأَشْرَفِ الْبَلَدِ وَاجِبٌ شَرْطٌ فَلَعَلَّ هَذَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ هَكَذَا قَرَّرَ بَعْضٌ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللِّعَانَ فِي أَشْرَفِ الْبَلَدِ وَاجِبٌ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُجْبَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا يُحْمَلُ الْأَشْرَفُ عَلَى خُصُوصِ الْجَامِعِ أَوْ وُجُوبًا لَا يَقْتَضِي الْجَبْرَ وَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ وَقَرَّرَهُ بَعْضٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى الِالْتِعَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَمْ تُحَدَّ. (قَوْلُهُ نَوْعَ تَكْرَارٍ) إنَّمَا كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ ظَاهِرًا الْأَدَبُ مَعَ إبَايَتِهَا لَكِنْ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْجَبْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 اللِّعَانِ أُدِّبَتْ لِإِذَايَتِهَا لِزَوْجِهَا وَإِدْخَالِهَا التَّلْبِيسَ فِي نَسَبِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُوطَأُ فَإِنَّهَا لَا تُلَاعِنُ بَلْ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَقَطْ وَلَا تُؤَدَّبُ إنْ أَبَتْ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا لَا يُحَدُّ لِإِقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ وَرُدَّتْ لِمِلَّتِهَا أَيْ رُدَّتْ بَعْدَ تَأْدِيبِهَا لِحُكَّامِ مِلَّتِهَا لِاحْتِمَالِ تَعَلُّقِ حَدِّهَا عِنْدَهُمْ بِنُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا وَالْمِلَّةُ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ فَإِنْ قِيلَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَك أَنْ تَقُولَ: اللِّعَانُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي الذِّمِّيَّةِ؟ وَلَعَلَّهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُجْبَرُ لِحَقِّ الزَّوْجِ. (ص) كَقَوْلِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ مُضَاجِعَةً لَهُ أَوْ مُتَجَرِّدَةً مَعَهُ فِي لِحَافٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يُلَاعِنُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْأَدَبِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَحُدَّ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَيُعَايَا بِهَا وَيُقَالُ قَذْفٌ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَا يُحَدُّ فِيهِ الزَّوْجُ وَلَا لِعَانَ وَبِعِبَارَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ تَعْرِيضَ الزَّوْجِ بِالْقَذْفِ لَيْسَ كَتَصْرِيحِهِ بِهِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْقَذْفِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ. (ص) وَتَلَاعَنَا إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَظْهَرْ وَتَقُولُ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ زَنَيْت غَصْبًا أَوْ قَالَ لَهَا وُطِئْت بِشُبْهَةٍ مَعَ زَيْدٍ وَسَكَتِّي لَهُ لِظَنِّك أَنَّهُ إيَّايَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْ الْوَطْءَ جُمْلَةً فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ يَثْبُتْ الْغَصْبُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْجِيرَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ فِي لِعَانِهَا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا زَنَيْت وَلَا أَطَعْت وَلَكِنْ غُلِبْت وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَتَقُولُ فِي خَامِسَتِهَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْكَاذِبِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ. (فَرْعٌ) إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ اللِّعَانِ مَعَ ثُبُوتِ الْغَصْبِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ لَمْ يُحَدَّ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْهُ؛ لِأَنَّ مَحْمَلَ قَوْلِ الزَّوْجِ مَحْمَلُ الشَّهَادَةِ لَا مَحْمَلُ التَّعْرِيضِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ (ص) وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ (ش) أَيْ وَإِنْ ثَبَتَ غَصْبُهَا أَوْ ظَهَرَ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ يَلْتَعِنُ فَقَطْ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَمْ يُحَدَّ. (ص) كَصَغِيرَةٍ تُوطَأُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّهُ يَلْتَعِنُ وَحْدَهُ وَلَا تَلْتَعِنُ زَوْجَتُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ رَجْمِهَا إنْ كَانُوا يَرَوْنَهُ. (قَوْلُهُ وَالْمِلَّةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَحْكَامَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى يُقَالُ لَهَا شَرِيعَةٌ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا يُتَعَبَّدُ بِهَا يُقَالُ لَهَا دِينٌ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُمْلَى وَتُكْتَبُ يُقَالُ لَهَا مِلَّةٌ. (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا تُجْبَرُ لِحَقِّ الزَّوْجِ) لَا مَعْنًى لِتِلْكَ الْحَقِّيَّةِ (فَإِنْ قُلْت) إنَّهَا إذَا لَاعَنَتْ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَ زِنًا فَيَكُونُ تَمْهِيدًا لِاسْتِلْحَاقَةِ وَصِحَّةِ نَسَبِهِ (نَقُولُ) اسْتِلْحَاقُهُ وَصِحَّةُ نَسَبِهِ بِاسْتِلْحَاقِهِ لَاعَنَتْ أَمْ لَا وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْقَذْفِ إلَخْ) قَالَ عج وَلَكِنْ مَا هُنَاكَ هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ وَعَلَى هَذَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَانِ بِاللِّعَانِ فِي التَّعْرِيضِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ قَوْلِهِ إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا إلَخْ أَنَّ فِي اللِّعَانِ بِالتَّعْرِيضِ قَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ التَّعْرِيضَ مِنْهُ مَا فِيهِ اللِّعَانُ وَهُوَ الْقَرِيبُ مِنْ الصَّرِيحِ وَمِنْهُ مَا لَا لِعَانَ فِيهِ وَهُوَ الْبَعِيدُ مِنْهُ وَأَنَّ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافٌ فِي التَّعْرِيضِ انْتَهَى عج (قَوْلُهُ وَتَلَاعَنَا إلَخْ) وَيَحْلِفُ الزَّوْجُ فِي الْغَصْبِ لَقَدْ غُصِبَتْ وَفِي الِاشْتِبَاهِ لَقَدْ غُلِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَا يَحْلِفُ لَقَدْ زَنَتْ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا غُصِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ يَثْبُتْ وَثَمَرَةُ لِعَانِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْهُ وَثَمَرَةُ لِعَانِهَا نَفْيُ الْحَدِّ عَنْهَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ) هُوَ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ بِالْبَيِّنَةِ وَالظُّهُورِ وَلَوْ بِالْإِشَاعَةِ أَوْ الْقَرِينَةِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت) هَذَا وَتَقُولُ فِي لِعَانِهَا إذَا صَدَّقَتْهُ فِي دَعْوَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت وَأَمَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فَتَقُولُ مَا زَنَيْت بِحَالٍ وَأَمَّا إنْ كَذَّبَتْهُ فَتَقُولُ مَا زَنَيْت بِحَالٍ فِيهِمَا فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ رُجِمَتْ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ انْتَهَى (قُلْت) وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ دَعْوَى الْغَصْبِ وَالشُّبْهَةِ فَعِبَارَةُ عب أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً وَلَمْ تُثْبِتْ مَا ذَكَرَ مِنْ غَصْبِهَا أَوْ شُبْهَتِهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْجِيرَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ وَتَقُولُ إنْ صَدَّقَتْهُ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَإِنَّهَا تَقُولُ مَا زَنَيْت وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ. (قَوْلُهُ وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ فَإِنَّهَا تَقُولُ مَا زَنَيْت وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ. (قَوْلُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ) عِبَارَةُ عج فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ رُجِمَتْ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ فَأَحْرَى إذَا كَذَّبَتْهُ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنْ لَا لِعَانَ عَلَيْهَا إذَا الْتَعَنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ عَلَيْهَا بِأَيْمَانِهِ غَصْبًا أَوْ وَطْءَ شُبْهَةٍ وَوَجَّهَ الْبِسَاطِيُّ رَجْمَهَا حَيْثُ لَمْ تُلَاعِنْ بِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً فَتَرْكُهَا اللَّعَّان يُوجِبُ عَلَيْهَا الْحَدَّ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ أَوْ الْغَلَطِ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَدُّ. (قَوْلُهُ مَحْمَلُ الشَّهَادَةِ) وَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا أَشْهَدُ بِأَنَّك مَعْذُورَةٌ فِي وَطْئِك غَصْبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ خِيفَ ظُهُورُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ لِعَانِهِمَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَقُولُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ دُونَهَا؛ لِأَنَّ غَصْبَهَا ثَابِتٌ فَعَدَمُ حَلِفِهَا لَا يُوجِبُ شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَعَدَمُ لِعَانِهَا يُوجِبُ رَجْمَهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ فِي ثُبُوتِ الْبَيِّنَةِ أَوْ التَّصَادُقِ فَلَا حَدَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ وَنَكَلَ فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً مُرَادُهُ الشَّهَادَةُ لَهَا بِالْعُذْرِ لَا أَنَّهُ قَذْفٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْأَجَانِبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رَمَى زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِالزِّنَا بِأَنْ قَالَ رَأَيْتهَا تَزْنِي وَالْحَالُ أَنَّ مِثْلَهَا يُوطَأُ فَإِنَّهُ يَلْتَعِنُ وَحْدَهُ فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ سَحْنُونَ وَتَبْقَى لَهُ زَوْجَةً؛ لِأَنَّهُ لَاعَنَ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ تُوطَأُ مِمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُوطَأُ فَإِنَّ زَوْجَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا. (ص) وَإِنْ شَهِدَ مَعَ ثَلَاثَةٍ الْتَعَنَ ثُمَّ الْتَعَنَتْ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ لَا إنْ نَكَلَتْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِزَوْجِيَّتِهِ حَتَّى رُجِمَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا وَعَلِمْنَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّ زَوْجَهَا يَلْتَعِنُ أَوَّلًا ثُمَّ تَلْتَعِنُ الْمَرْأَةُ بَعْدَهُ ثُمَّ يُحَدُّ الشُّهُودُ لِلْقَذْفِ وَإِنْ نَكَلَتْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُقِّقَ عَلَيْهَا مَا شَهِدُوا بِهِ بِنُكُولِهَا وَالْجَلْدُ عَلَيْهَا وَتَبْقَى زَوْجَةً إنْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ وَإِنْ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ بَقِيَتْ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَيَرِثُهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الزُّورَ لِيَقْتُلَهَا أَوْ يُقِرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَرِثُهَا وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الشُّهُودِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ بِأَنَّ أَحَدَهُمْ زَوْجٌ إلَّا بَعْدَ أَنْ رَجَمَهَا الْإِمَامُ وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ فَقَطْ وَيَرِثُهَا عَلَى مَا مَرَّ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ الثَّلَاثَةُ فِي حَالَةِ نُكُولِهِ؛ لِأَنَّهُ كَرُجُوعِهِ وَهُوَ بَعْدَ الْحُكْمِ يُوجِبُ حَدَّ الرَّاجِعِ فَقَطْ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَيْسَ بِخَطَأٍ صَرِيحٍ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّوْجِيهِ فِي عَدَمِ حَدِّ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ نَكَلَتْ فَإِنْ قُلْت فَمَا فَائِدَةُ لِعَانِهَا بَعْدَ جَلْدِهَا قُلْت تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا وَإِيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الشُّهُودِ. (ص) وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةٍ فَكَالْأَمَةِ وَلِأَقَلَّ فَكَالزَّوْجَةِ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ وَلَدَ الْحُرَّةِ يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُرَكَّبَةً مِنْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ الْمُتَزَوِّجَ بِأَمَةٍ إذَا اشْتَرَاهَا وَلَيْسَتْ بِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَوَطِئَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ الْحَاصِلِ مِنْ الشِّرَاءِ فَلَا يَنْتَفِي وَلَا لِعَانَ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَكَالْأَمَةِ وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ انْتَفَى بِلَا لِعَانٍ وَلَا يَمِينٍ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَكَالزَّوْجَةِ إنْ اعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ اعْتِمَادُهُ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ مِنْهُ مَا مَرَّ مِنْ تَأْخِيرٍ أَوْ وَطْءٍ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ. (ص) وَحُكْمُهُ رَفْعُ الْحَدِّ أَوْ الْأَدَبِ فِي الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَقَطْعُ نَسَبِهِ وَبِلِعَانِهَا تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا (ش) اعْلَمْ أَنَّ ثَمَرَةَ اللِّعَانِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ أَوَّلُهَا رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهُ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ الْأَدَبِ فِي الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ ثَانِيهَا إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلَوْ أَمَةً أَوْ الْأَدَبِ عَلَى الذِّمِّيَّةِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْمُصَدَّقَةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا تَحْمِلُ فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ يَلْتَعِنُ وَحْدَهُ فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَتَبْقَى لَهُ زَوْجَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ فَلَهُ الْمُلَاعَنَةُ اتِّفَاقًا إنْ ادَّعَى رُؤْيَةً وَهَلْ يَجِبُ قَوْلَانِ وَوَقَفَتْ فَإِنْ ظَهَرَ حَمْلٌ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَاعَنَتْ هِيَ أَيْضًا فَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ حَدَّ الْبِكْرِ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِحَقِّهِ حَتَّى ظَهَرَ حَمْلُهَا وَجَبَ لِعَانُهَا اتِّفَاقًا فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ وَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ كَالْبِكْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْأَوَّلِ فِيمَا لَوْ لَاعَنَتْ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ ثُمَّ ظَهَرَ بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهَا حِينَ الْمُلَاعَنَةِ كَانَتْ بَالِغًا وَلَا يَحْتَاجَانِ لِلِعَانٍ آخَرَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَفَادَ ذَلِكَ عج إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ بِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ كَيْفَ يُعْقَلُ حَمْلُهَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَلْتَعِنُ الْمَرْأَةُ بَعْدَهُ) هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْجَلْدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ بِنُكُولِهَا) أَيْ بِسَبَبِ نُكُولِهَا، وَقَوْلُهُ وَالْجَلْدُ عَلَيْهَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنُكُولِهَا وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ) أَيْ وَيُلَاعِنُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ وَهُوَ بَعْدَ الْحُكْمِ يُوجِبُ حَدَّ الرَّاجِعِ فَقَطْ) فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ وَلَاعَنَتْ بَعْدَ لِعَانِهِ أَنَّهُ يُحَدُّ الشُّهُودُ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَاعَنَتْ بَعْدَ لِعَانِهِ فَلَيْسَ فِيهَا رُجُوعٌ وَلَا نُكُولٌ. (قَوْلُهُ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ فِي رَجْمِهِ تِلْكَ الْمَرْأَةَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) كَانَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَكْتَفِي فِي شُهُودِ الزِّنَا بِأَرْبَعَةٍ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ الزَّوْجَ. (قَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّوْجِيهِ حَيْثُ نَكَلَتْ) أَيْ مَعَ نُكُولِهِ أَيْ فِي صُورَةِ الْجَلْدِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَتْ فَعَدَمُ حَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّقَ عَلَيْهَا مَا شَهِدُوا بِهِ بِنُكُولِهَا وَالْحَدُّ عَلَيْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ يُشْكِلُ كَلَامُهُ فَيُقَالُ لَا جَرَيَانَ أَصْلًا ثُمَّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إذَا حَلَفَتْ وَحَلَفَ بَعْدَ جَلْدِهَا قَدْ أَفَادَ أَنَّهُ يُحَدُّ الثَّلَاثَةُ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ فَحَرِّرْ الْمَقَامَ. (قَوْلُهُ بَعْدَ جَلْدِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ حَدُّهَا الْجَلْدَ كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا إلَخْ) ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي مَنْطُوقِهِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ قَوْلُهُ فَكَالْأَمَةِ فِي كَوْنِهِ لَا يَنْتَفِي وَلَا لِعَانَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ وَيَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَاسْتَبْرَأَهَا بَعْدُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذِهِ الثَّانِيَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ انْتَفَى إلَخْ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ فِي حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ وَلَدَتْ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَالْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً وَلَاعَنَ وَلَمْ تُلَاعِنْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ إذْ لَا يَجِبُ بِأَيْمَانِ الْكَافِرِ وَيَجِبُ بِأَيْمَانِ الْعَبْدِ وَالْفَاسِقِ. (قَوْلُهُ وَبِلِعَانِهَا) أَيْ وَبِتَمَامِ لِعَانِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 ثَالِثُهَا قَطْعُ نَسَبِهِ مَنْ حَمْلٍ حَاصِلٍ أَوْ سَيَظْهَرُ وَثَلَاثَةٌ مُرَتَّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجَةِ أَوَّلُهَا رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا، ثَانِيهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا اللَّازِمِ، ثَالِثُهَا تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا فَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ أَيْ فَائِدَتُهُ وَثَمَرَتُهُ وَأَمَّا حُكْمُهُ فِي نَفْسِهِ فَإِمَّا الْجَوَازُ وَإِمَّا الْوُجُوبُ وَإِمَّا الْكَرَاهَةُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لَهُ فَقَوْلُهُ وَبِلِعَانِهَا أَيْ وَبِتَمَامِ لِعَانِهَا وَيُفْهَمُ مِنْ التَّأْبِيدِ الْفَسْخُ وَيُفْهَمُ رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ فَذَكَرَ الْأَحْكَامَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى لِعَانِهَا بَعْضَهَا تَصْرِيحًا وَبَعْضَهَا تَلْوِيحًا (ص) وَإِنْ مُلِكَتْ أَوْ انْفَشَّ حَمْلُهَا (ش) هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي تَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَى الْأَبَدِ وَكَذَلِكَ إذَا انْفَشَّ حَمْلُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَتَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ إذْ لَعَلَّهَا أَسْقَطَتْهُ وَكَتَمَتْهُ. (ص) وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قُبِلَ كَالْمَرْأَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا نَكَلَ عَنْ اللِّعَانِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ اتِّفَاقًا عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَعِنْدَهُ لَا يُقْبَلُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ نُكُولِهَا فَيُقْبَلُ مِنْهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَالْمُؤَلِّفُ لَفَّقَ كَلَامَهُ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ فَمَشَى فِي الرَّجُلِ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَهِيَ الْحَاكِيَةُ لِلِاتِّفَاقِ وَعَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمَرْأَةِ وَلَوْ مَشَى عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ لَقَالَ وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ مَشَى عَلَى الْأُخْرَى لَقَالَ وَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ رُجُوعُهُ إلَيْهِ قَوْلَانِ وَالْمَذْهَبُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ نُكُولَهَا كَالْإِقْرَارِ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ وَنُكُولُ الرَّجُلِ عَنْ اللِّعَانِ كَالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ بِالْقَذْفِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ وَوَجْهُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِ الْمَرْأَةِ تَعَلُّقُ حَقِّ الزَّوْجِ بِنُكُولِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ. (ص) وَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لَحِقَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَبَطْنَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اسْتَلْحَقَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ وَهُمَا مَنْ وُضِعَا مَعًا أَوْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّ التَّوْأَمَ الْآخَرَ يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ فَلَا يُمْكِنُ لِحَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَلِهَذَا إذَا لَاعَنَ فِي أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الْآخَرُ بِذَلِكَ اللِّعَانِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ أَوْ التَّوْأَمُ وَيَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا أَشِقَّاءُ كَمَا فِي تَوْأَمَيْ الْمَسْبِيَّةِ والْمُسْتَأْمَنَةِ بِخِلَافِ تَوْأَمَيْ الزَّانِيَةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِمَا أَنَّهُمَا أَخَوَانِ لِأُمٍّ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَهُمَا بَطْنَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُمَا وَأَنْ يَنْفِيَهُمَا أَوْ يَسْتَلْحِقَ أَحَدَهُمَا وَيَنْفِيَ الْآخَرَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ بِمَعْنَى الْوَلَدَيْنِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ (ص) إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ أَقَرَّ بِالثَّانِي وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ سُئِلَ النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا لَمْ يُحَدَّ (ش) هَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ فَبَطْنَانِ مِنْ   [حاشية العدوي] أَيْ وَفُسِخَ نِكَاحُهَا بِلَا خِلَافٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ حَصَلَ قَبْلُ لِاتِّهَامِهِ بِاللِّعَانِ عَلَى إسْقَاطِهِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا حُكْمُهُ فِي نَفْسِهِ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْفِيشِيِّ وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ بَلْ الْمُفَادُ أَنَّهُ لِلرُّؤْيَةِ جَائِزٌ وَالسَّتْرُ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَخْشَى الْحَدَّ فَيَجِبُ كَمَا يَجِبُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ حَيْثُ تَحَرَّكَ أَوْ ظَهَرَ. (قَوْلُهُ إذْ لَعَلَّهَا أَسْقَطَتْهُ وَكَتَمَتْهُ) كَذَا عَلَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ انْفِشَاشُهُ بِحَيْثُ لَا يُشَكُّ فِيهِ كَأَنْ تُلَازِمَهَا بَيِّنَةٌ وَلَا تُفَارِقَهَا لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْحَمْلِ لَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ عَنْ صِدْقِهِمَا جَمِيعًا وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْمُحَالِ الْعَادِيِّ مُطْلَقًا بَلْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَدَعْوَى أَنَّ تَحَقُّقَ الِانْفِشَاشِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ مَمْنُوعَةٌ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَادَ الزَّوْجُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى اللِّعَانِ بَعْدَ نُكُولِهِ عَنْهُ وَقَبْلَ حَدِّهِ لَا بَعْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إلَيْهِ قَوْلَانِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يُقْبَلُ مِنْهُ رُجُوعُهُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا بَعْدَ نُكُولِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طُرُقٍ: الْأُولَى لِصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ أَنَّ رُجُوعَهُ مَقْبُولٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي الْمَرْأَةِ، الثَّانِيَةِ لِابْنِ يُونُسَ الْخِلَافُ فِيهِمَا، الثَّالِثَةُ لِابْنِ رُشْدٍ الْخِلَافُ فِي الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهِ (قَوْلُهُ التَّوْأَمَيْنِ) تَثْنِيَةُ تَوْأَمٍ فِي الْمُذَكَّرِ وَتَوْأَمَةٍ فِي الْمُؤَنَّثِ وَهُوَ مِمَّا اسْتَغْنَى فِيهِ بِتَثْنِيَةِ الْمُذَكَّرِ عَنْ تَثْنِيَةِ الْمُؤَنَّثِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ) أَيْ الْإِمَامُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ بِالثَّانِي أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ اسْتَلْحَقَ الْأَوَّلَ وَأَمَّا لَوْ نَفَى الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الثَّانِيَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ أَنْ نَفَاهُ فَيُحَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَنَقَلَ عب عَنْ عج خِلَافَهُ فَقَالَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ اسْتَلْحَقَ الْأَوَّلَ وَأَمَّا إنْ نَفَاهُ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَيُسْأَلُ النِّسَاءُ أَيْضًا فَإِنْ قُلْنَ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا حُدَّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالثَّانِي اسْتِلْحَاقٌ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ نَفَاهُ فَيُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَإِنْ قُلْنَ لَا يَتَأَخَّرُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَمَرَّ مَنْفِيًّا عَنْهُ وَإِقْرَارُهُ بِالثَّانِي بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حَمْلٍ مُسْتَقِلٍّ وَلَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ لِعَانٌ بِشُرُوطِهِ قَالَهُ عج وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَقَرَّ بِالثَّانِي أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَأَتَتْ بِالثَّانِي لِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الثَّانِي بِلِعَانٍ؛ لِأَنَّهُمَا بَطْنَانِ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَانْظُرْ لَوْ شَكَّتْ النِّسَاءُ عَنْ تَأَخُّرِهِ وَعَدَمِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ. (قَوْلُهُ لَمْ يُحَدَّ) ؛ لِأَنَّهُ بَطْنٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَفْيًا لِلثَّانِي صَرِيحًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ بِالْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ عَمَلًا بِقَوْلِهِنَّ يَتَأَخَّرُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ قُلْنَ لَا يَتَأَخَّرُ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالثَّانِي وَلَحِقَ بِهِ وَقُلْنَ لَا يَتَأَخَّرُ صَارَ قَوْلُهُ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ قَذْفًا لَهَا. (قَوْلُهُ هَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ) هَذَا الْحَمْلُ دُفِعَ بِهِ الْإِشْكَالُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمْلٌ مُسْتَقِلٌّ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ وَبِعِبَارَةٍ وَتَقْرِيرُ الْإِشْكَالِ أَنَّ السِّتَّةَ إنْ كَانَتْ قَاطِعَةً فَلَا يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ وَيُحَدُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً فَيُرْجَعُ لَهُنَّ وَلَا يُحَدُّ وَهُوَ قَدْ قَالَ فِي الْأَوَّلِ: إنَّهَا قَاطِعَةٌ وَيُحَدُّ وَفِي الثَّانِي يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يُحَدُّ فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ السِّتَّةَ قَاطِعَةٌ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا أَصْلٌ وَهُنَا قَدْ عَارَضَهَا ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَسُؤَالُهُنَّ شُبْهَةٌ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَعَلَى مُحَلِّلَاتِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَفَسْخٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَوَابِعِهِ مِنْ عِدَّةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى وَغَيْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْعِدَّةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدَدِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ تَوَابِعِ النِّكَاحِ وَأَسْبَابُهَا مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ وَأَنْوَاعُهَا قَرْءٌ وَشَهْرٌ وَحَمْلٌ، وَأَصْنَافُهَا مُعْتَادَةٌ وَآيِسَةٌ وَصَغِيرَةٌ وَمُرْتَابَةٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ بِهِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ. فَقَالَ (بَابٌ فِي بَيَانِ مَا ذُكِرَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إحْدَادٍ وَغَيْرِهِ) وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْعِدَّةَ بِقَوْلِهِ: مُدَّةُ مَنْعِ النِّكَاحِ لِفَسْخِهِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ فَيَدْخُلُ مُدَّةُ مَنْعِ مَنْ طَلَّقَ رَابِعَةً نِكَاحَ غَيْرِهَا إنْ قِيلَ هُوَ عِدَّةٌ وَإِنْ أُرِيدَ إخْرَاجُ الرَّجُلِ قِيلَ مُدَّةُ مَنْعِ الْمَرْأَةِ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَبِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقَرْءُ فَقَالَ (ص) تَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَإِنْ كِتَابِيَّةً (ش) إنَّمَا ذَكَرَ الْحُرَّةَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ طَلَاقِ ذِمِّيٍّ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَافِرٌ فَلَا نَعْرِضُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَلَكِنْ لَا يُطْلَقُ عَلَى تَرَبُّصِ الْكَافِرَةِ إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ إذَا كَانَ طَلَاقَ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا أُقِرَّ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ (ص) أَطَاقَتْ الْوَطْءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّةَ الْمُطِيقَةَ لِلْوَطْءِ إذَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ حَيْثُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِعَدَمِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا لَا إنْ لَمْ تُطِقْهُ فَلَا تُخَاطَبُ بِهَا وَإِنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا كَالْجَرْحِ. (ص) بِخَلْوَةِ بَالِغٍ غَيْرِ مَجْبُوبٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَالِغَ غَيْرَ الْمَجْبُوبِ إذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْجِمَاعُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ تَنْزِيلًا لِلْخَلْوَةِ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ فَإِنْ اخْتَلَى الْبَالِغُ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا كَمَا يَأْتِي وَاحْتَرَزَ بِالْبَالِغِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا خَالَعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَإِنَّ وَطْأَهُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً عَلَى زَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مَجْبُوبٍ مِنْ الْمَجْبُوبِ الْبَالِغِ الْمَقْطُوعِ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَإِنَّ طَلَاقَهُ لَا يُوجِبُ عَلَى زَوْجَتِهِ عِدَّةً تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَأَمَّا الْخَصِيُّ الْقَائِمُ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ وَطْأَهُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ إذَا طَلَّقَهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. (ص) أَمْكَنَ شَغْلُهَا مِنْهُ وَإِنْ نَفَيَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا خَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا خَلْوَةً يُمْكِنُ أَنْ   [حاشية العدوي] مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَدْ قَالَ فِي الْأَوَّلِ إنَّهَا قَاطِعَةٌ) أَيْ قَالَ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ فَبَطْنَانِ أَنَّ السِّتَّةَ قَاطِعَةٌ وَيُحَدُّ (قَوْلُهُ وَعَلَى مُحَلِّلَاتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَلِّلُ النِّكَاحَ أَيْ يُزِيلُهُ. (قَوْلُهُ وَأَصْنَافُهَا) الْمُنَاسِبُ عَلَى الْعِدَّةِ وَأَصْحَابُهَا [بَابٌ الْعِدَّةَ] (قَوْلُهُ مُدَّةُ مَنْعِ مَنْ طَلَّقَ رَابِعَةً نِكَاحَ غَيْرِهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَقَوْلُهُ: " نِكَاحَ غَيْرِهَا " مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى دُخُولِ هَذِهِ فِيهِ قُصُورٌ إذْ تَدْخُلُ بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قِيلَ إنَّ الرَّجُلَ يَعْتَدُّ فِيهَا كَأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَلَوْ قَالَ وَنَحْوِهِ لَكَانَ أَوْلَى قَالَ الْحَطَّابُ وَيَظْهَرُ أَنَّ فِي حَدِّهِ لِلْعِدَّةِ دَوْرًا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ مُدَّةِ مَنْعِ النِّكَاحِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ كَوْنَ الْمَرْأَةِ مُعْتَدَّةً فَالْأَوْلَى تَعْرِيفُهَا بِأَنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي جُعِلَتْ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لِفَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ لِمَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ مُدَّةِ مَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ النِّكَاحِ إذَا طَلَّقَ الرَّابِعَةَ أَوْ أُخْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عِدَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَجَازٌ فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهُ فِي حَقِيقَةِ الْعِدَّةِ الشَّرْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ إنْ قِيلَ هُوَ عِدَّةٌ) وَالرَّاجِحُ أَنَّ إطْلَاقَ الْعِدَّةِ عَلَى ذَلِكَ مَجَازٌ. (قَوْلُهُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ) الْمُنَاسِبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ تَعْتَدُّ حُرَّةٌ) أَيْ تَحِيضُ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي أَيْ تَعْتَدُّ مِنْ طَلَاقٍ مُحَقَّقٍ أَوْ مُقَدَّرٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْمَفْقُودِ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يُطْلَقُ عَلَى تَرَبُّصِ الْكَافِرَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْفَرْدَيْنِ الدَّاخِلَيْنِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى مَنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا وَلَا عَلَى الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا يُخْشَى مِنْهَا الْحَمْلُ (قَوْلُهُ بِخَلْوَةِ بَالِغٍ) أَيْ خَلْوَةِ زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةِ اهْتِدَاءٍ وَلَوْ مَرِيضًا مُطِيقًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ صَائِمَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى الْمُطِيقَةِ دُونَ وَطْءِ الصَّغِيرِ لِلْبَالِغَةِ هُوَ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْئِهِ دُونَ وَطْئِهَا فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ غَيْرُ مُمْكِنٍ عَقْلًا وَعَادَةُ الْحَمْلُ مِنْهُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ فَعَدَمُ حَمْلِهَا عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ وَهَذَا الْفَرْقُ مَعَ التَّنَزُّلِ وَإِلَّا فَالْعِدَّةُ فِيهَا شَائِبَةُ تَعَبُّدٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْخَصِيُّ الْقَائِمُ الذَّكَرِ إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ قَائِمِ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَجْبُوبٌ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَأَمَّا الْخَصِيُّ مُتَعَارِضٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ يُولَدُ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمْكَنَ شَغْلُهَا مِنْهُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِهَا مَعَ اتِّبَاعِ ثَانِيهِ وَتَسْكِينِهِ أَفَادَهُ فِي الصِّحَاحِ وَهُوَ صِفَةٌ لِحُرَّةٍ أَوْ خَلْوَةٍ مَعَ تَقْدِيرِ الْعَائِدِ أَيْ أَمْكَنَ شَغْلُهَا فِيهَا وَهُوَ إمَّا مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 يُصِيبَهَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ فَإِنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ فِي تِلْكَ الْخَلْوَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ أَمْكَنَ شَغْلُ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ فَلَوْ أَقْبَلَ وَانْصَرَفَ بِمَحْضَرِ نِسَاءٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَدْلَةٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذَا كُنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِفَّةِ لَا مِنْ شِرَارِ النِّسَاءِ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ (ص) وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ مَعَ الْخَلْوَةِ الَّتِي يُمْكِنُ شَغْلُهَا مِنْهُ فِيهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّ الْعِدَّةَ لَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يُؤْخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي نَفْيِ الْوَطْءِ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْمَرْأَةِ مِنْ النَّفَقَةِ وَتَكْمِيلُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِنَفْيِ الْوَطْءِ وَيُؤَاخَذُ الرَّجُلُ بِإِقْرَارِهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ رَجْعَتِهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِنَفْيِ الْوَطْءِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهُ وَأُخِذَ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ نَفَيَاهُ وَالْفَرْضُ بِحَالِهِ أَنَّ الْخَلْوَةَ عُلِمَتْ بَيْنَهُمَا وَبِهَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وتت (ص) لَا بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ تُقِرَّ بِهِ أَوْ يَظْهَرَ حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ (ش) أَيْ وَلَا عِدَّةَ بِغَيْرِ الْخَلْوَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِمَا ذُكِرَ بِأَنْ عُدِمَتْ وَطَلَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ عُدِمَتْ أَوْصَافُهَا بِأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ صَبِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ لَمْ يُمْكِنْ شَغْلُهَا مِنْهُ فِيهَا إلَّا أَنْ تُقِرَّ الزَّوْجَةُ بِالْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِوَطْءِ الْبَالِغِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ لَهُ دُخُولٌ وَلَا خَلْوَةٌ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ خَلْوَةٌ بَيْنَهُمَا إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ أَبُوهُ بِلِعَانٍ وَتَصِيرُ كَالْمَدْخُولِ بِهَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَمَّا لَوْ نَفَاهُ لَاعَنَ وَاسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَنْفِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْحَمْلِ لَكِنْ مَعَ نَفْيِهِ يُسَمَّى اسْتِبْرَاءً وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعِدَّةِ مِنْ التَّوَارُثِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ص) بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْتَدُّ حُرَّةٌ يَعْنِي أَنَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ الْكِتَابِيَّةِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ وَلَوْ كَانَتْ مُلَاعِنَةً وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحِيَضُ وَلِكُلٍّ دَلِيلٌ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت وَالْقَرْءُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ يُجْمَعُ عَلَى قُرُوءٍ كَثِيرًا وَعَلَى أَقْرَاءٍ قَلِيلًا وَقَوْلُهُ أَطْهَارٌ بَدَلٌ مِنْ أَقْرَاءٍ لَا نَعْتٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّعْتِ التَّخْصِيصُ فَيُوهِمُ أَنَّ لَنَا أَقْرَاءً أَطْهَارًا أَوْ أَقْرَاءً غَيْرَ أَطْهَارٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَوْنُهُ صِفَةً كَاشِفَةً خِلَافُ الْأَصْلِ فِي النَّعْتِ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ. (ص) وَذِي الرِّقِّ قُرْءَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عِدَّةَ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ إذَا   [حاشية العدوي] تَشْتَغِلُ مِنْهُ أَوْ الْمَفْعُولِ أَوْ أَنَّهُ مَصْدَرُ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ عَلَى الْقَوْلِ بِبِنَاءِ الْمَصْدَرِ مِنْهُ وَمِنْهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ أَمْكَنَ كَوْنُهَا مَشْغُولَةً مِنْهُ (قَوْلُهُ بِمَحْضَرِ نِسَاءٍ) أَيْ مُتَّصِفَاتٍ بِالْعِفَّةِ (قَوْلُهُ وَأَخْذًا بِإِقْرَارِهِمَا) الْمَعِيَّةُ لَيْسَتْ شَرْطًا أَيْ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِأَمْرٍ أُخِذَ بِهِ أَيْ بِإِقْرَارِهِمَا اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا. (قَوْلُهُ مُفَرَّعٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ اسْتِدْرَاكٌ. (قَوْلُهُ أَحْسَنُ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ يَعْنِي فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ وَلَا خَلْوَةٌ أُخِذَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالدُّخُولِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهَا فَلَزِمَهَا كَسَائِرِ الْإِقْرَارَاتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ هُوَ فَقَطْ فَإِنَّهُ دَعْوَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ فَلَا تُقْبَلُ كَغَيْرِهِ مِنْ الدَّعَاوَى نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِلَوَازِمِهَا مِنْ تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِمَا وَقَالَ تت وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَطْءَ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ وَإِنَّمَا كَانَ أَحْسَنَ أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ وَمُفَادُ تت أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ الْوَطْءُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُقِرَّ الزَّوْجَةُ بِالْوَطْءِ) وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَأَخْذًا بِإِقْرَارِهِمَا فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ وَلَا خَلْوَةٌ) عَطْفُ مُرَادِفٍ أَوْ مُغَايِرٍ بِأَنْ يُرَادَ بِالدُّخُولِ الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ مَعَ نَفْيِهِ) وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ نَفْيِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ التَّوَارُثِ وَالرَّجْعَةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ مَفْهُومٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ بِثَلَاثَةٍ إلَخْ) وَلَوْ فِي مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ يَدْرَأُ وَطْؤُهُ الْحَدَّ وَإِلَّا فَزِنًا وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَمْكُثُ فِيهِ قَدْرَ عِدَّتِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَذِي الرِّقِّ قُرْآنِ. (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ دَلِيلٌ) فَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعَرَبَ تُؤَنِّثُ الْمُذَكَّرَ فِي الْعَدَدِ وَتُذَكِّرُ الْمُؤَنَّثَ وَهُوَ فِي الْآيَةِ مُؤَنَّثٌ وَالطُّهْرُ مُذَكَّرٌ وَالْحَيْضَةُ مُؤَنَّثَةٌ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْحَيْضَ لَمَا حَرُمَ الطَّلَاقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ بِهِ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَالْحَيْضَةُ تُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَالطُّهْرُ عَلَى قُرُوءٍ وَهُوَ الْوَارِدُ فِي الْآيَةِ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ لَا بِالْأَطْهَارِ. (قَوْلُهُ وَالْقَرْءُ) بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَفْصَحِ. (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ يُجْمَعُ غَالِبًا عَلَى قُرُوءٍ وَبِمَعْنَى الْحَيْضِ عَلَى أَقْرَاءٍ غَالِبًا هَذَا هُوَ اللَّائِقُ وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْمِصْبَاحِ يُفِيدُ أَنَّهُ بِكُلِّ مَعْنًى يُجْمَعُ عَلَى قُرُوءٍ وَعَلَى أَقْرَاءٍ وَأَمَّا كَلَامُ الْقَامُوسِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ يُجْمَعُ عَلَى قُرُوءٍ وَبِمَعْنَى الْحَيْضِ عَلَى أَقْرَاءٍ وَظَاهِرُهُ لَا غَيْرُ فَيَتَنَافَى مَعَ الْمِصْبَاحِ وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْقَامُوسِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَلَبَةِ وَأَمَّا كَلَامُ الْمِصْبَاحِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَصْلِ أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْقَرْءَ بِأَيِّ مَعْنًى يُجْمَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ فَيُوهِمُ) أَيْ يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا تَكُونُ أَطْهَارًا لَا غَيْرُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَصَّصَ لَا يَكُونُ إلَّا كُلِّيًّا أَيْ لَا مُشْتَرَكًا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَكُ مُخَصَّصًا وَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّ النَّعْتَ لَا يَكُونُ إلَّا مُشْتَقًّا لَكَانَ أَوْضَحَ فَإِنْ قُلْت يَقْتَضِي تَفْسِيرُ الْأَقْرَاءِ بِالْأَطْهَارِ عَدَمَ حِلِّهَا بِقُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قَرْءٍ مَعَ أَنَّهَا إنْ طَلَقَتْ فِي أَثْنَاءِ طُهْرٍ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِهِ وَلَوْ لَحْظَةً فَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَمْعَ يُطْلَقُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ بَعْضَ وَاحِدٍ نَحْوُ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ شَهْرَانِ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ إضَافَةُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ إذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ إذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ (قَوْلُهُ وَذِي الرِّقِّ قُرْآنِ) أَيْ وَعِدَّةُ الشَّخْصِ ذِي الرِّقِّ قُرْآنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قُرْآنِ لِتَعَذُّرِ التَّنْصِيفِ كَالطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِنًّا أَوْ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ قِنَّا (ص) وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَقْرَاءَ الثَّلَاثَةَ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَالْقُرْأَيْنِ فِي حَقِّ الْأَمَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ لَا الْأَوَّلُ مِنْهَا فَقَطْ وَالْبَاقِي تَعَبُّدٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْعِدَّةِ عَنْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الذِّمِّيَّةِ فَيَلْزَمُهَا الثَّلَاثُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي يَكْتَفِي بِقَرْءِ الطَّلَاقِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالتَّعَبُّدِ وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الَّتِي تَعْتَدُّ كَعِدَّةِ الطَّلَاقِ لِفَسَادِ نِكَاحِهَا فَعَلَيْهَا إحْدَادٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ إلَّا فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ عَلَى الثَّانِي فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ رَاجِعٌ لَمَا قَبْلَ لَا وَقَوْلُهُ وَالْجَمِيعُ أَيْ جَمِيعُ الْأَقْرَاءِ بِمَعْنَى الْحِيَضِ لَا بِمَعْنَى الْأَطْهَارِ؛ لِأَنَّ الَّذِي لِلِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ الْحَيْضُ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ. (ص) وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي كَالسَّنَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا أَنَّ الْقَرْءَ لَا يَأْتِيهَا إلَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ إلَّا بِالْأَقْرَاءِ وَلَا تَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مِنْ أَهْلِ الْأَقْرَاءِ فَتَنْتَظِرُ الْعَادَةَ عَلَى عَادَتِهَا لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ وَرَّدَ بِلَوْ عَلَى خِلَافِ طَاوُسٍ الْقَائِلِ بِاكْتِفَائِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَا تَنْتَظِرُ الْحِيَضَ وَالضَّمِيرُ فِي اعْتَادَتْهُ لِلْحَيْضِ وَمِثْلُ السَّنَةِ الْعَشْرُ فَمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَرَّةً فَإِنَّهَا تُنْظِرُهُ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ مَجِيئِهِ وَهُوَ الْعَشْرُ سِنِينَ وَلَمْ يَجِئْ حَلَّتْ وَإِنْ جَاءَ انْتَظَرَتْ وَقْتَ مَجِيءِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ الْمَجِيءِ وَلَمْ تَجِئْ حَلَّتْ وَإِنْ جَاءَ انْتَظَرَتْ وَقْتَ مَجِيءِ الثَّالِثَةِ فَإِنْ لَمْ تَجِئْ أَوْ جَاءَتْ حَلَّتْ. (ص) أَوْ أَرْضَعَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْضِعَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ أَتَاهَا الْحَيْضُ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَإِنَّهَا تَسْتَقْبِلُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ بَعْدَ ذَهَابِ زَمَنِ الرَّضَاعِ فَإِنَّ الرَّضَاعَ يَرْفَعُ عَنْهَا الْحَيْضَ فَإِنْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ بَعْدَ الرَّضَاعِ وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا فَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّا عَرَفْنَا أَنَّ الرَّضَاعَ هُوَ الَّذِي رَفَعَ حَيْضَهَا فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْآيِسَاتِ فَقَوْلُهُ أَوْ أَرْضَعَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ وَلَوْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (ص) أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ إذَا مَيَّزَتْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ أَيْ دَمِ الْحَيْضِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ بِالرَّائِحَةِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ إلَّا بِالْأَقْرَاءِ لَا بِالسَّنَةِ فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَإِنَّ عِدَّتَهَا سَنَةٌ كَمَا يَأْتِي وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَوْ وَجُمْلَةُ مَيَّزَتْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فَتُقَدَّرُ قَدْ. (ص) وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعُ وَلَدِ الْمُرْضِعِ فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ رَابِعَةً إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمُرْضِعَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَمَكَثَتْ سَنَةً لَمْ تَحِضْ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا وَلَدَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَمُوتَ فَتَرِثَهُ إنْ لَمْ يُضِرَّ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا لِأَجْلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ مَنْ لَا يَحِلُّ جَمْعُهُ مَعَهَا أَوْ خَامِسَةً بِالنِّسْبَةِ لَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ كَوْنَ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا لِلْعِلْمِ بِكَوْنِ الْإِرْثِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ رَجْعِيَّةٍ وَلِكَوْنِ الْأُخْتِ إنَّمَا تَحْرُمُ حَيْثُ طَلَقَتْ أُخْتُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَائِنًا فَتَحِلُّ وَلَوْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَحَلَّتْ الْأُخْتُ بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ وَإِذَا كَانَ لَهُ الِانْتِزَاعُ رَعْيًا لِحَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَحْرَى لِحَقِّ نَفْسِهِ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ لِيَتَعَجَّلَ حَيْضَهَا لِأَجْلِ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ وَكَذَا لِلزَّوْجَةِ طَرْحُهُ لِتَحِيضَ   [حاشية العدوي] وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ وَذَاتُ الرِّقِّ مَعَ مُرَاعَاةِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِخَلْوَةِ بَالِغٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ سُقُوطِ إلَخْ) إذْ لَوْ كَانَ تَعَبُّدًا لَوَجَبَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا قُرْآنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُفَّارَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ مُتَعَبَّدًا بِهَا أَوْ مُعَلَّلَةً وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ مُعَلَّلَةً أَوْ مُتَعَبَّدًا بِهَا، وَقَوْلُهُ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ضَمِيرًا بَلْ اسْمًا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ وَرَدَ بِلَوْ عَلَى خِلَافِ طَاوُسٍ) فِيهِ أَنَّ طَاوُسًا مُجْتَهِدٌ وَلَوْ يَرِدُ بِهَا عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَغْلَبِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ السَّنَةِ الْعَشْرُ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَالنَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: التَّحْدِيدُ بِخَمْسِ سِنِينَ فَقَطْ وَأَمَّا مَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا مَرَّةً فَانْظُرْ هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ يَأْتِيهَا فِي عُمُرِهَا مَرَّةً أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الَّتِي تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ مَحْصُورَةٌ فِي مَسَائِلَ تَأْتِي لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا قَالَهُ عج وَاسْتَظْهَرَ عج عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَمَا عِدَّتُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ لَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اهـ. وَالظَّاهِرُ مِنْ عَزْوِهِمْ اعْتِمَادُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ بَلْ أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ جَزْمًا (فَإِنْ قُلْت) تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ مَنْ يَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ مَعَ الْقَطْعِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَتَأَخَّرُ فَوْقَ الْخَمْسِ سِنِينَ فَضْلًا عَنْ الْعَشَرَةِ فَضْلًا عَنْ الْعِشْرِينَ فَضْلًا عَنْ الثَّلَاثِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَوْجَبَ ذَلِكَ مَعَ مَا فِي الْعِدَّةِ مِنْ التَّعَبُّدِ . (قَوْلُهُ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ) أَيْ لَا لِرَدِّ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالسَّنَةِ وَقَوْلُ ابْن الْقَاسِمِ هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ أَوْ الْكَثْرَةِ) قَالَ بَهْرَامُ فَدَمُ الْحَيْضِ كَثِيرٌ وَالِاسْتِحَاضَةُ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعٌ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ تَبَيَّنَ صِدْقُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَدْ يَأْتِي بَغْتَةً. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ طَرْحُهُ لِتَحِيضَ) أَيْ إنْ قَبِلَ غَيْرُهَا وَكَانَ لِلْأَبِ مَالٌ وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى عَلِيَّةِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا يَلْزَمُهُ الْإِرْضَاعُ (فَإِنْ قُلْت) عَلِيَّةُ الْقَدْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وَقَوْلُهُ الْمُرْضِعَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا وَصْفٌ لِلْوَلَدِ أَوْ لِلْمُطَلَّقَةِ وَقَوْلُهُ وَلَدُ الْمُرْضِعِ وَأَحْرَى وَلَدُ غَيْرِهَا. (ص) وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ أَوْ مَرِضَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ أَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرِيضَةٍ وَلَا مُرْضِعَةٍ بَلْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ تَأَخَّرَ لِأَجْلِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ سَنَةً تِسْعَةَ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً لِأَجْلِ زَوَالِ الرِّيبَةِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لِلْعِدَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَوْلُهُ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَهَلْ تُعْتَبَرُ التِّسْعَةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ يَوْمِ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا قَوْلَانِ. (ص) كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ وَالْيَائِسَةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ يَعْنِي أَنَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ وَالشَّابَّةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ فِي عُمُرِهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَمَّا مَنْ حَاضَتْ فِي عُمُرِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ سَنَةٍ بَيْضَاءَ وَلَا تَكْتَفِي بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ إلَّا مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ فِي عُمُرِهَا وَالْيَائِسَةَ الَّتِي قَعَدَتْ عَنْ الْمَحِيضِ فَعِدَّتُهُمَا الَّتِي يَحِلَّانِ بِهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ فِي انْتِظَارِ الْأَقْرَاءِ وَالسَّنَةُ وَالْأَشْهُرُ مُسْتَوِيَانِ فَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِرِقٍّ) رَاجِعٌ لِلْبَابِ كُلِّهِ بِتَغْلِيبِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ عَلَى غَيْرِهِ. (ص) وَتَمَّمَ مِنْ الرَّابِعِ فِي الْكَسْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إنْ وَقَعَ طَلَاقُهَا فِي أَوَّلِ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بِالْأَهِلَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَشْهُرُ كَامِلَةً أَوْ نَاقِصَةً وَإِنْ وَقَعَ طَلَاقُهَا فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ أَيْضًا بِالْأَهِلَّةِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَأَمَّا الشَّهْرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّهَا تُكَمِّلُهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ الشَّهْرِ الرَّابِعِ. (ص) وَلَغَا يَوْمُ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَقَتْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَإِنَّهَا تُلْغِي بَعْضَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا تَحْتَسِبُ بِهِ نَعَمْ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ فَجْرِهِ فَإِنَّهَا تَحْتَسِبُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تُلْغِي يَوْمَ الْمَوْتِ نَعَمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ فَجْرِهِ اعْتَدَّتْ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ قَدْ أَدْرَكَتْهَا بِإِدْرَاكِ جَزْءٍ مِنْهَا وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الِاعْتِدَادِ بِالْيَوْمِ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ نِيَّةُ الْمُسَافِرِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَالِاعْتِدَادُ بِيَوْمِ الْوِلَادَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَدُخُولُ الْمُعْتَكَفِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَغَا أَيْ عَدُّهُ وَأَمَّا حُكْمُهُ فَيُعْتَبَرُ فَلَا تُخْطَبُ وَلَا يُعْقَدُ فِيهِ عَلَيْهَا. (ص) وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ   [حاشية العدوي] لَهَا رَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَصْلَحَةٌ فِي رَدِّهِ فَلَا يَتِمُّ هَذَا الْحَمْلُ (قُلْت) لَمْ يَقَعْ فِي النَّقْلِ تَقْيِيدُ رَدِّهِ بِمَصْلَحَتِهَا فَلَيْسَتْ كَالزَّوْجِ، وَقَوْلُهُ الْمُرْضِعُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا أَمَّا الْكَسْرُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْفَتْحُ فَيَصِحُّ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ أَوْ يُقْرَأُ وَلَدٌ بِالتَّنْوِينِ (فَإِنْ قُلْت) يَلْزَمُ وَصْفُ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ (قُلْت) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُرْضِعِ الْوَصْفَ الْحَقِيقِيَّ حَتَّى تَكُونَ أَلْ مَوْصُولَةً بَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ وَيُرَادُ الْجِنْسُ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَكِرَةٌ. (قَوْلُهُ وَأَحْرَى وَلَدُ غَيْرِهَا) أَيْ الَّتِي تُرْضِعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِإِجَارَتِهَا وَأَقَرَّهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ. (تَنْبِيهٌ) : عُورِضَتْ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ خَرَجَتْ عَنْ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْأُمِّ بَلْ مَبْنِيَّةٌ عَلَى خِلَافِهِ وَهُوَ أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْوَلَدِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَضَانَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهَا بَعْدَ حَيْضِهَا (قَوْلُهُ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ) أَيْ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ كَمَنْ حَاضَتْ مَرَّةً فِي عُمُرِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا سِنِينَ كَثِيرَةً وَلَدَتْ أَوْ لَمْ تَلِدْ ثُمَّ طَلُقَتْ وَلَمْ تَرَ حَيْضًا، وَقَوْلُهُ أَوْ مَرِضَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا. (قَوْلُهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً إلَخْ) وَقِيلَ إنَّ التِّسْعَةَ عِدَّةٌ أَيْضًا وَانْظُرْ هَلْ فَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّ تَزَوُّجَهَا فِي التِّسْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الزَّوَاجِ فِي الْعِدَّةِ فَيَتَأَبَّدُ عَلَى الثَّانِي تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إنْ دَخَلَ وَيَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ أَيْ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِتَزَوُّجِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عِدَّةً كَذَا فِي عب وَالْمُنَاسِبُ وَلَا يَحْصُلُ بِالْوَاوِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ سَابِقًا كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ اسْتِبْرَاءٌ لَمْ تَعْقُبْهُ عِدَّةٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا أَيْ مَا تَقَدَّمَ اسْتِبْرَاءٌ مَحْضٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْحَيْضُ غُسَالَةُ الْجَسَدِ يَنْبَعِثُ مِنْ الْعُرُوقِ لِلْفَرْجِ إذَا كَثُرَ فِي الْجَسَدِ فَإِذَا حَصَلَ الْحَمْلُ انْغَلَقَ عَلَيْهِ الرَّحِمُ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ غَالِبًا وَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ أَعْدَلِهِ لَحْمُ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ تَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَنِيِّ بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَمَا يَلِيهِ مِنْ الِاعْتِدَالِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَبَنٌ يُغَذِّي الرَّضِيعَ وَيَجْتَمِعُ أَكْدَرُهُ فَيَخْرُجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَالصَّغِيرَةُ وَالْيَائِسَةُ يَقِلُّ دَمُهُمَا لِضَعْفِ حَرَارَتِهِمَا فَلَا تُوجَدُ لَهُمَا غُسَالَةٌ تَنْدَفِعُ وَاعْتَبَرَ الشَّرْعُ فِيهَا الْأَشْهُرَ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعِدَّةُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَحَرَّكُ لِمِثْلِ مَا يَتَخَلَّقُ وَيُوضَعُ لِمِثْلَيْ مَا يَتَحَرَّكُ وَمُدَّةُ التَّخَلُّقِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَالْأَوَّلُ يَتَحَرَّكُ فِي شَهْرَيْنِ وَيُوضَعُ لِسِتَّةٍ وَالثَّانِي يَتَحَرَّكُ لِشَهْرَيْنِ وَثُلُثٌ وَيُوضَعُ لِسَبْعَةٍ وَالثَّالِثُ يَتَحَرَّكُ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيُوضَعُ لِتِسْعَةٍ فَلِذَلِكَ عَاشَ ابْنُ سَبْعَةٍ دُونَ ابْنِ ثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَهُ عَنْ السَّبْعَةِ لِعِلَّةٍ وَتَقَدُّمَهُ عَلَى التِّسْعَةِ لِعِلَّةٍ فَيُولَدُ مَعْلُولًا وَابْنُ السِّتَّةِ يَعِيشُ لِمَجِيئِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَلَا تُطَالَبُ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعِدَّةٍ وَلَمْ يَقُلْ كَمَنْ لَمْ تَرَ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي التِّسْعَةِ وَالثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ لَا زِيَادَةٌ 1 - (قَوْلُهُ وَالْيَائِسَةُ) أَيْ الَّتِي تَحَقَّقَ يَأْسُهَا وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِرِقٍّ) رَاجِعٌ لِلْبَابِ كُلِّهِ أَيْ قَوْلُهُ وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ إلَى هُنَا. (قَوْلُهُ بِتَغْلِيبِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ كَقَوْلِهِ كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ إلَخْ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ وَاَلَّذِي لَيْسَ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي مَيَّزَتْ فَإِنَّ الْحُرَّةَ مُسَاوِيَةٌ لِلْأَمَةِ فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيهَا كَمَا هُوَ كَلَامُ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ فَجْرِهِ) وَمِثْلُهُ مَعَ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ فَجْرِهِ) أَيْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا مَاتَ مَعَ طُلُوعِ فَجْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعَ الْفَجْرِ كَاَلَّذِي قَبْلَ الْفَجْرِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ (ش) هَذَا تَتْمِيمٌ لِحُكْمِ الْمُرْتَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَأَفَادَ هُنَا أَنَّ شَرْطَ حِلِّيَّتِهَا بِالسَّنَةِ أَنْ لَا تَحِيضَ فِيهَا فَإِنْ حَاضَتْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَقْرَاءِ فَتَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ لَا دَمَ فِيهَا فَإِنْ مَضَتْ لَهَا السَّنَةُ الْبَيْضَاءُ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا أَلْغَتْهَا وَاعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ وَانْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ كَمَا فَعَلَتْ فِيمَا قَبْلَهَا أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ الْحَيْضِ وَتَمَامِ السَّنَةِ وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ وَلَوْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ لَا تَحِلُّ كَمَا تَوَهَّمَهُ الشَّارِحُ. (ص) ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ فَالثَّلَاثَةُ (ش) الضَّمِيرُ فِي احْتَاجَتْ رَاجِعٌ لِمَنْ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَأْتِهَا الدَّمُ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلَقَتْ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً؛ لِأَنَّهَا لَمَّا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ صَارَتْ كَيَائِسَةٍ إلَّا أَنْ يُعَاوِدَهَا الْحَيْضُ مَرَّةً فَتَرْجِعَ لِحُكْمِهِ وَقَوْلُنَا وَلَمْ يَأْتِهَا فِيهَا دَمٌ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا أَتَاهَا فِيهَا دَمٌ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ وَالثَّالِثَةُ كَذَلِكَ إذَا احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَإِنَّمَا تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ فَإِنْ أَتَاهَا الدَّمُ فِيهَا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّالِثَةِ. (ص) وَوَجَبَ إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ وَلَا يَعْقِدُ أَوْ غَابَ غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَا يَرْجِعُ لَهَا قَدْرُهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي وُطِئَتْ عَائِدٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُرَّةَ إذَا وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ إمَّا غَلَطًا أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَمُحَرَّمِ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لَا أَوْ غَابَ عَلَيْهَا غَاصِبٌ ثُمَّ خَلَصَتْ مِنْهُ أَوْ غَابَ عَلَيْهَا السَّابِي لَهَا أَوْ غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَهَا جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ تَمْكُثَ قَدْرَ عِدَّتِهَا عَلَى تَفْصِيلِهَا السَّابِقِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ اسْتِبْرَاءً لَا عِدَّةً أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً أَوْ سَنَةً إنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ أَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَلَمْ تُمَيِّزْ أَوْ مَرِيضَةً وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ إنَّ الْغَاصِبَ وَمَنْ مَعَهُ لَمْ يَطَآنِي وَلَا تُصَدَّقُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى ذَلِكَ الْغَاصِبُ وَمَنْ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لِحَقِّ اللَّهِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الِاسْتِبْرَاءِ فَفَاعِلُ وَجَبَ هُوَ قَوْلُهُ قَدْرُهَا وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا مِمَّا ذُكِرَ وَمِثْلُهُ الِاسْتِمْتَاعُ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ فِي زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا مِمَّا ذُكِرَ سَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ زَوْجَهَا الَّذِي فَسَخَ نِكَاحَهُ مِنْهَا أَوْ كَانَ الْعَاقِدُ أَجْنَبِيًّا فَاسْتُعْمِلَ الزَّوْجُ فِي حَقِيقَتِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَالثَّالِثَةَ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي السَّنَةِ مُتَحَقِّقٌ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ رَاجِعٌ لِلْأُولَى، وَقَوْلُهُ وَالثَّالِثَةَ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ أَوْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ كَمَا حَاضَتْ فِي الْأُولَى انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ (قَوْلُهُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) الصَّوَابُ أَقْرَبُ الْأَجَلَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْتِهَا الدَّمُ) أَيْ فِي السَّنَةِ الْبَيْضَاءِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعَاوِدَهَا الْحَيْضُ مَرَّةً) أَيْ بَعْدَ أَنْ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ زِيَادَةً عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُنَا وَلَمْ يَأْتِهَا فِيهَا دَمٌ) أَيْ فِي السَّنَةِ الْبَيْضَاءِ الْأُولَى، وَقَوْلُهُ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا أَتَاهَا فِيهَا دَمٌ إلَخْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مُحَصَّلُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ إلَخْ 1 - (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ بَعْدَ ذَلِكَ) يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ حِلُّهَا فِي الْعِدَّةِ الْأُولَى بِالْحَيْضِ لَا بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ وَإِلَّا فَتَحِلُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حِلٌّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ إلَخْ فَذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَشْتِيتٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَاهَا الدَّمُ فِيهَا) أَيْ السَّنَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا بَيْضَاءَ (قَوْلُهُ وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ) أَيْ يَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْهُ وَإِلَّا فَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ يُنْدَبُ تَرْكُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحَمْلِ مِنْ سَيِّدِهَا كَبَيِّنَةِ الْحَمْلِ مِنْ زَوْجِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْأَمَةَ إذَا غُصِبَتَا أَوْ زُنِيَ بِهِمَا أَوْ وُطِئَا وَطْءَ شُبْهَةٍ وَكَانَتَا ظَاهِرَتَيْ الْحَمْلِ مِنْ زَوْجِهَا وَسَيِّدِهَا فَهَلْ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ الْوَطْءُ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ قَدْرُهَا) فَاعِلُ وَجَبَ وَفَائِدَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْحُرَّةِ الْمُتَزَوِّجَةِ مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ عَدَمُ حَدِّ مَنْ رَمَى مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ وَحَدُّ رَامِي مَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءَهَا أَيْ الْحُرَّةِ الْمُتَزَوِّجَةِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِي الزِّنَا أَوْ الرِّدَّةِ وَاسْتِبْرَاءَهَا الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُلَاعِنُ فَإِنَّهُ بِحَيْضَةٍ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَنَظَمَهَا عج بِقَوْلِهِ وَالْحُرَّةُ اسْتِبْرَاؤُهَا كَالْعِدَّةِ ... لَا فِي لِعَانٍ وَزِنًا وَرِدَّةٍ فَإِنَّهَا فِي كُلِّ ذَا تُسْتَبْرَا ... بِحَيْضَةٍ فَقَطْ وُقِيتَ الضُّرَّا فَإِنْ حَاضَتْ وَأُقِيمَ عَلَيْهَا غَيْرُ الرَّجْمِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ لَمْ يَحِلَّ لِزَوْجٍ وَطْؤُهَا حَتَّى تَمْضِيَ حَيْضَتَانِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ بَلْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمُحَرَّمٍ وَفِي عب الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ إنْ فَسَدَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ كَلَامُ شَارِحِنَا لَهُ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ نَسَبًا وَلَا رَضَاعًا بَلْ صِهَارًا. (قَوْلُهُ الْمُشْتَرِي لَهَا جَهْلًا) أَيْ جَهِلَ أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَسِيَهَا أَيْ كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ نَسِيَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا عِنْدَ عج أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إنْ وُطِئَتْ أَيْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ الَّذِي فُسِخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ) يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 وَمَجَازِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ امْتَنَعَ فِيهِ الِاسْتِمْتَاعُ امْتَنَعَ فِيهِ الْعَقْدُ إلَّا الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالصِّيَامَ وَالِاعْتِكَافَ. (ص) وَفِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ أَوْ فَسْخِهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا عَقَدَ نِكَاحَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَتَوَقَّفَتْ إجَازَةُ النِّكَاحِ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ وَلَمْ يُعْثَرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ هَلْ يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ الزَّوْجُ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بَلْ يَطَأُ فِيهِ تَرَدُّدٌ أَوْ فَسَخَهُ هَلْ يَجِبُ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ مِنْ الْمَاءِ الْفَاسِدِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْفَسْخِ إذَا أَرَادَ زَوْجُهَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ أَوْ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بَلْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا فِيهِ تَرَدُّدٌ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا حَصَلَ إمْضَاءٌ أَوْ فَسْخٌ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ الَّذِي حَصَلَ فِي نِكَاحِهِ فَسْخٌ أَوْ إمْضَاءٌ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ قَطْعًا وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ. (ص) وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَحْظَةً فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلَقَتْ بِكَحَيْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَقَتْ فِي حَالِ طُهْرِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ الَّذِي طَلَقَتْ فِيهِ وَيَكُونُ قَرْءًا وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ يَسِيرَةٍ ثُمَّ إذَا حَاضَتْ ثَانِيَةً فَقُرْآنِ وَثَالِثَةً فَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ حَيْضَةٍ أَتَتْ بَعْدَ طُهْرٍ وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ فَإِنْ طَلَّقَهَا حَالَ طُهْرِهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالدُّخُولِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ حَيْضَةٍ وَلِيَتْ طُهْرًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَذِي الرِّقِّ قُرْآنِ فَإِنْ قِيلَ كَوْنُهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ هُنَا يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَالْجَوَابُ: لَا مُعَارَضَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ الدَّمُ وَهُنَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ فَمُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ كَافٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ وَلَوْ انْقَطَعَ لَكَانَ حُكْمُهُ مَا يَأْتِي. (ص) وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ قَوْلُ أَشْهَبَ فِيهَا بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ التَّزْوِيجَ بِرُؤْيَتِهِ أَيْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ الثَّالِثِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ اسْتِمْرَارِ حَيْضَةٍ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ طَرِيقُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ حَمْلًا لِقَوْلِهِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ خِلَافٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ لِقَوْلِهِ هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ أَشْهَبَ " وَأُحِبُّ " مَحْمُولًا عَلَى الْوُجُوبِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ تَعْلِيلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ إذْ قَدْ يَنْقَطِعُ عَاجِلًا فَإِنَّهَا عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَأْوِيلَانِ لِلْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ مَا نَصَّهُ أَشْهَبُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ وَهَلْ خِلَافٌ؟ تَأْوِيلَانِ؛ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ أَيْ وَهَلْ قَوْلُ أَشْهَبَ يَنْبَغِي إلَخْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ وِفَاقٌ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَإِنْ عَجَّلَتْ بِرُؤْيَتِهِ وَانْقَطَعَ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ فَكَمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي ح. (ص) وَرَجَعَ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَيْ هَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ يَوْمًا أَوْ يَكْتَفِي بِبَعْضِ يَوْمٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَعْضٌ لَهُ بَالٌ وَظَاهِرُ كَلَامَهُ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ لَا يُرْجَعُ فِيهِمَا لِلنِّسَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ كَالْيَوْمِ فَفِيهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَإِنْ قَالَ النِّسَاءُ إنَّ مِثْلَ   [حاشية العدوي] فِي الْمَنْكُوحَةِ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ، وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ زَوْجَهَا كَمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ) وَهُوَ السَّفِيهُ وَالْعَبْدُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الشَّرِيفَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَمْ يَطُلْ وَفَسَخَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ أَوْ أَمْضَاهُ اُنْظُرْ عب وَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا حَصَلَ فَسْخٌ وَعَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي عب وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْوُجُوبُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إنْ طَلُقَتْ بِحَيْضٍ إلَخْ) أَيْ لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَوْ نِفَاسِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ تَحْتَ الْكَافِ النِّفَاسَ فَتَكُونُ الْحَيْضَةُ الرَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّفَاسِ فَيَكُونُ النِّفَاسُ بِمَنْزِلَةِ الْحَيْضَةِ وَأَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ وَهُنَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِمْرَارَ اسْتِقْبَالِيٌّ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَهُوَ قَدْ حَكَمَ بِأَنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَمَا هُنَا مَنْظُورٌ فِيهِ لِمَا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَمَا سَيَأْتِي مَنْظُورٌ فِيهِ لِمَا وَقَعَ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا حَكَمْنَا بِالْحِلِّيَّةِ وَتَزَوَّجَتْ وَلَمْ يَمْضِ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَيَكُونُ كَمَنْ نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ) وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَأَحَبُّ إلَخْ) حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ تَعْلِيلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ إذْ قَدْ يَنْقَطِعُ) هَذَا حِكَايَةٌ أَيْضًا بِالْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ) لَا يُسَلَّمُ. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ بَعْضٌ لَهُ بَالٌ) وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 ذَلِكَ حَيْضَةٌ أَجْزَأَتْهَا. اهـ. وَإِنَّمَا رُجِعَ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ لِلنِّسَاءِ لِاخْتِلَافِ الْحَيْضِ فِيهِنَّ بِالنَّظَرِ إلَى الْبُلْدَانِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ هُنَا عَنْ بَابِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ أَقَلَّهُ فِيهِ دَفْعَةٌ. (ص) وَفِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ لَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُرْجَعُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ فِي حُكْمِ الشَّخْصِ الْمَقْطُوعِ ذَكَرُهُ أَوْ بَعْضُهُ أَوْ الْمَقْطُوعُ أُنْثَيَاهُ فَقَطْ هَلْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَلَا تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي هَذَا لِلنِّسَاءِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النِّسَاءِ بِدَلِيلِ الْإِحَالَةِ عَلَيْهِنَّ فِي السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ فَيُكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مَقْصُودٍ. (ص) وَمَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ هَلْ هُوَ حَيْضٌ لِلنِّسَاءِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُرْجَعُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي حُكْمِ الدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَةُ الْآيِسَةُ هَلْ هُوَ حَيْضٌ أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالْآيِسَةِ مَنْ شُكَّ فِي يَأْسِهَا كَبِنْتِ خَمْسِينَ لَا بِنْتِ سَبْعِينَ وَدَمُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسِينَ حَيْضٌ قَطْعًا. (ص) بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عِدَّةَ الصَّغِيرَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَأَخَذَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فَرَأَتْ الدَّمَ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَشْهُرِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ وَتُلْغِي مَا تَقَدَّمَ لَهَا مِنْ الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا يُرْجَعُ فِي دَمِهَا لِلنِّسَاءِ هَذَا إذَا كَانَ مِثْلُهَا يَحِيضُ أَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سَبْعِ سِنِينَ فَمَا تَرَاهُ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَشْهَرُ بَلْ قَدَّمَ الْيَائِسَةَ وَالْجَوَابُ أَنَّا مَعَ الْإِيَاسِ نَشُكُّ فِي كَوْنِهَا يَائِسَةً أَمْ لَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَنَاسَبَ أَنَّا نَرْجِعُ فِيهِ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ لِيَتَرَجَّحَ أَحَدُ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَنَعْمَلَ بِهِ، وَمَعَ الصَّغِيرَةِ عِنْدَنَا غَلَبَةُ ظَنٍّ مِنْ حَيْضِهَا فَنَعْمَلُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَنَحْكُمُ بِهِ فَلَا نَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ حَيْضَهَا مُمْكِنٌ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا وَسَمَّاهَا صَغِيرَةً مَعَ إمْكَانِ الْحَيْضِ تَجُوزُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَلَمَّا لَمْ تَفْتَرِقْ الْعِبَادَةُ وَالْعِدَّةُ إلَّا فِي قَدْرِ الْحَيْضِ نَبَّهَ عَلَى اسْتِوَائِهِمَا فِي الطُّهْرِ بِقَوْلِهِ (وَالطُّهْرُ هُنَا كَالْعِبَادَةِ) فَأَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ عَاوَدَهَا دَمٌ قَبْلَ إتْمَامِهِ لَمْ تَحْتَسِبْ بِهِ وَضَمَّتْهُ إلَى مَا قَبْلَ الطُّهْرِ مِنْ الدَّمِ. (ص) وَإِنْ أَتَتْ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَحِقَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا وَلَمْ تَكُنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ صَاحِبِ الْحَمْلِ أَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ عَقْدِ الثَّانِي فَإِنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ الْحَيُّ بِلِعَانٍ وَلَا يَضُرُّهَا إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَكْثَرِيَّةٌ وَالْحَامِلُ تَحِيضُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فِي حُكْمِهَا فَأَكْثَرَ مِنْ عَقْدِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْحَيْضِ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ تُعِدُّ الْعَارِفَاتُ الْيَوْمَ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ بَلَدِهِنَّ وَقَدْ تُعِدُّ عَارِفَاتٌ أُخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ بَلَدِهِنَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ بَعْضُهُ ثُمَّ أَنَّ هَذَيْنِ ضَعِيفَانِ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَوَّلِ سُؤَالُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لَا النِّسَاءِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ وَالرَّاجِحُ فِي الثَّانِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ وَأَوْلَى مَقْطُوعُ إحْدَاهُمَا كَذَا فِي شب وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ خِلَافًا لِمَا فِي عب وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الرَّاجِحِ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ اعْتِمَادُهُ لعب مِنْ تَرْجِيحِ كَلَامِ الشَّامِلِ الْمُعَوَّلِ عَلَى وُجُودِ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى غَيْرَ أَنَّ مُحَشِّي تت أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ قَالَ وَعَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِسُؤَالِ النِّسَاءِ دُونَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ تَرْجِعُ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُهُنَّ اهـ. وَالْمُصَنِّفُ فِي هَذَا اتَّبَعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَمِثْلُهُ لِعِيَاضٍ خِلَافُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ مَجْبُوبُ الذَّكَرِ وَالْخَصِيُّ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ وَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصْيَتَيْنِ فَعَلَى الْمَرْأَةِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصْيَتَيْنِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوَهُ حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ اهـ. وَقَوْلُهُ فَيَكْتَفِي بِالْوَاحِدَةِ قَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ بِالْوَاحِدَةِ) لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ (قَوْلُهُ لَا بِنْتِ سَبْعِينَ) أَيْ الْمُوَفِّيَةِ لَهَا لَا الدَّاخِلَةِ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ فِي الْيَتِيمَةِ وَبَلَغَتْ عَشْرًا فَإِنْ شَكَكْنَ فَهُوَ حَيْضٌ. (قَوْلُهُ مَعَ الْيَائِسَةِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ تَنَافٍ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ مَعْنَاهُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْإِيَاسِ قُلْت يَرُدُّهُ مَا بَعْدُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ شَكَّ فِي أَنَّ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ غَلَبَةُ ظَنٍّ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ تَوَقُّعٌ مِنْ حَمْلِهَا. (قَوْلُهُ فَأَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ عَشَرَةٌ وَقِيلَ خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) مِثْلُهُ وَضْعُهَا عَقِبَ تَمَامِ الْأَقْصَى خِلَافُ ظَاهِرِ مَفْهُومِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا مَفْهُومُهُ وَضْعُهُ بَعْدَهُ لَا عَقِبَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ حَيْضَةٍ) لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ حَيْضَةٍ الْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِأَكْثَرَ مِنْ حَيْضَةٍ. (قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهَا) تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 وَحُدَّتْ كَمَا يَأْتِي بَعْدُ كَمَا فِي شَرْحِ س. (ص) وَتَرَبَّصَتْ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ وَهَلْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ الْمُطَلَّقَةَ إذَا ارْتَابَتْ فِي الْحَمْلِ بِحِسٍّ فِي بَطْنِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَهَلْ خَمْسًا مِنْ السِّنِينَ فَهُوَ أَقْصَاهُ أَوْ أَرْبَعًا خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَزَادَتْ الرِّيبَةُ مَكَثَتْ حَتَّى تَرْتَفِعَ الرِّيبَةُ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا. (ص) وَفِيهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْخَمْسِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةٍ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحُدَّتْ وَاسْتُشْكِلَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النِّكَاحِ الثَّانِي فَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ نَكَحَ حَامِلًا أَمَّا عَدَمُ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ فَلِمُجَاوَزَتِهِ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَهُوَ خَمْسُ سِنِينَ بِشَهْرٍ وَأَمَّا عَدَمُ لُحُوقِهِ بِالثَّانِي فَلِنُقْصَانِهِ عَنْ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ بِشَهْرٍ وَحَيْثُ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُحَدُّ عَبْدُ الْحَقِّ اسْتَعْظَمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنْ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ بِشَهْرٍ كَأَنَّ الْخَمْسَ سِنِينَ فَرْضٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ اُنْظُرْ ابْنَ يُونُسَ فَإِنَّهُ عَزَا اسْتِعْظَامَ ذَلِكَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِشْكَالُ مُفَرَّغٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ خَمْسُ سِنِينَ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إنَّ أَقْصَاهُ أَرْبَعٌ فَلَا إشْكَالَ. (ص) وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَا بَعْضِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا وَلِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ أَوْ الْآخَرُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَشَرْطُ كَوْنِ وَضْعِ الْحَمْلِ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَإِلَّا فَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْوَفَاةِ وَالْأَقْرَاءِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَ صَبِيًّا حِينَ الْحَمْلِ أَوْ ادَّعَتْهُ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ وَنَحْوَ ذَلِكَ. (ص) وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ (ش) الْمُرَادُ بِالدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الَّذِي لَا يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ (ص) وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ إنْ فَسَدَ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا وَالْحَالُ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ مَاتَ عَنْهَا، وَنِكَاحُهَا فَاسِدٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ قُرْآنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً اُسْتُبْرِئَتْ بِالْأَشْهُرِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ كَالْمَرِيضِ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَزَادَتْ الرِّيبَةُ) مَفْهُومُهُ إذَا لَمْ تَزِدْ حَلَّتْ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْحِسِّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حَرَكَةَ رِيحٍ أَمَّا إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهَا حَرَكَةُ حَمْلٍ لَمْ تَحِلَّ أَبَدًا أَفَادَهُ شَرْحُ شب. (قَوْلُهُ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَا يَلْحَقُ بِوَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ . (قَوْلُهُ اسْتَعْظَمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ) الَّذِي فِي عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ اسْتَعْظَمَ أَبُو الْحَسَنِ فَبَعْضُ الشُّيُوخِ نَاقِلٌ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ثُمَّ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ) فَإِنْ طَلَقَتْ وَمَاتَ عَنْهَا بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ حَلَّتْ بِخُرُوجِ بَاقِيهِ وَلَوْ قَلَّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِخِلَافِ خُرُوجِ ثُلُثَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَأَمَّا خُرُوجُ الْبَعْضِ الْبَاقِي وَلَوْ قَلَّ يَكُونُ دَالًّا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَإِنْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ قَبْلَ خُرُوجِ بَقِيَّتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالظَّاهِرُ الِاسْتِئْنَافُ لِلِاحْتِيَاطِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرٍ) تَصَوُّرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِتَابِيَّةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ وَالْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ قُلْت يُتَصَوَّرُ إذَا أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ زَوْجِهَا الْكَافِرِ أَوْ أَسْلَمَتْ أَمَتُهُ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيِّ لِلْمُسْلِمَةِ لَيْسَ بِزِنًا وَحَمَلَتْ مِنْهُ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ أَوْ الْآخَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الْمُتَّحِدِ ثُلُثَاهُ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) أَيْ كَابْنِ الْمُلَاعِنَةِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ كَمَا إذَا لَاعَنَهَا وَلَمْ تُلَاعِنْهُ وَمَاتَ أَوْ أَطْلَقَهَا. (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَتَتْ بِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَ زَوْجُهَا صَبِيًّا أَوْ ادَّعَتْهُ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَبَعْدُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ عِدَّةَ وَفَاةٍ فَتَحِلُّ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ عِدَّةَ طَلَاقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَتَعُدُّ النِّفَاسَ قُرْءًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْحَامِلُ عِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا لَا بِأَوَّلِ تَوْأَمٍ وَعَلَيْهِ قَوْلُهَا تَرْجِعُ بَعْدَهُ قَبْلَ آخِرِ تَوْأَمٍ إنْ لَزِمَ حَمْلُهَا مُطْلَقًا أَوْ صَحَّ اسْتِلْحَاقُهُ وَإِلَّا فَلَغْوٌ وَنِفَاسُهَا حَيْضَةٌ (قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ اسْتِثْنَاءً وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي بَطْنِهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ وَقِيلَ تَنْقَضِي بِمَوْتِهِ وَلَوْ بَقِيَ فِي بَطْنِهَا عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْحَمْلِ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَقُطِعَ هَلْ عِدَّتُهَا بَاقِيَةٌ حَتَّى يَخْرُجَ مَا بَقِيَ أَمْ لَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ كَالْمَرِيضِ) فِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ إنْ فَسَدَ نِكَاحُهَا أَيْ فَسَادًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ حَيْثُ لَا إرْثَ كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا عِدَّةَ وَإِنْ دَخَلَ فَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ خَاصَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي فِيهِ الْإِرْثُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَأَرْبَعَةُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ دَخَلَ أَمْ لَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 الْوَفَاةِ بِالْأَشْهُرِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ وَفِيهِ الْإِرْثُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالصَّحِيحِ. (ص) كَالذِّمِّيَّةِ تَحْتَ ذِمِّيٍّ (ش) تَشْبِيهٌ فِي حُكْمِ الْمُطَلَّقَةِ يَعْنِي أَنَّ الذِّمِّيَّةَ الْحُرَّةَ غَيْرَ الْحَامِلِ تَحْتَ ذِمِّيٍّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ وَأَرَادَ مُسْلِمٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا حَلَّتْ لِلْمُسْلِمِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا حَلَّتْ مَكَانَهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ إجْرَاءً لِنِكَاحِ الْكُفَّارِ مَجْرَى الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ ذِمِّيٍّ عَمَّا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ وَفَاتِهِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ طَلَاقِهِ إنْ دَخَلَ بِهَا إمَّا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ وَمَا هَذَا شَأْنُهُ يُغَلَّبُ فِيهِ الْمُسْلِمُ. (ص) وَإِلَّا فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ نِكَاحُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا صَحِيحًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِنْ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَعِدَّتُهَا فِي الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً حَسْمًا لِلْبَابِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْآيَةِ وَالْمُرَادُ اللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا وَإِنَّمَا أَنَّثَ عَشْرًا إمَّا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ عَشْرُ مُدَدٍ كُلُّ مُدَّةٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ عَلَى الْأَيَّامِ لِسَبْقِهَا عَلَيْهَا فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ عَشْرِ لَيَالٍ فُسِخَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْكُوفِيُّونَ وَجُعِلَتْ الْعِدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ بِهَا يَتَحَرَّكُ الْحَمْلُ وَزِيدَتْ الْعَشْرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَنْقُصُ الْأَشْهُرُ أَوْ تُبْطِئُ حَرَكَةُ الْجَنِينِ وَقِيلَ إنَّمَا أَنَّثَ الْعَشْرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ فَعَلَيْهِ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرِ لَيَالٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَسْمَرُ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ. (ص) وَإِنْ رَجْعِيَّةً (ش) مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ يَعْنِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إذَا مَاتَ زَوْجُهَا عَنْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَتَنْهَدِمُ الْعِدَّةُ الْأُولَى لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْعِدَّةَ هُنَا لِلتَّعَبُّدِ لَا لِلِاسْتِبْرَاءِ فَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَاحْتَرَزَ بِالرَّجْعِيَّةِ مِنْ الَّتِي طَلَقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَتَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْأَقْرَاءِ. (ص) إنْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا وَقَالَ النِّسَاءُ لَا رِيبَةَ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ الْحُرَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ إنْ تَمَّتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَتُوُفِّيَ عَنْهَا عَقِبَ طُهْرِهَا وَمِثْلُهُ لَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ أَوْ حَاضَتْ فِيهَا وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَقُولَ النِّسَاءُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِنَّ لَهَا لَا رِيبَةَ بِهَا (ص) وَإِلَّا انْتَظَرَتْهَا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا بِأَنْ تَمَّتْ بَعْدَ مَجِيءِ حَيْضَتِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا إمَّا لِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا لَكِنْ قَالَ النِّسَاءُ بِهَا رِيبَةٌ مِنْ حِسِّ بَطْنٍ اُنْتُظِرَتْ الْحَيْضَةُ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَهَا عَنْ وَقْتِهَا وَلَوْ لِمَرَضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ وَقَوْلُهُ: النِّسَاءُ ذَلِكَ أَوْجَبَ الشَّكَّ فِي بَرَاءَةِ رَحْمِهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِالْحَيْضَةِ يُرِيدُ أَوْ تَمَامِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِنْ زَادَتْ ارْتَفَعَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَقَوْلُهُ (إنْ دَخَلَ بِهَا) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ إنْ تَمَّتْ إلَخْ أَيْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ كُلَّهُ إنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا حَلَّتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ إنْ دَخَلَ خَشْيَةَ الْحَمْلِ وَرُجُوعُهُ لِلذِّمِّيَّةِ بَعِيدٌ لِطُولِ الْفَصْلِ وَأَيْضًا تَشْبِيهُهَا بِالْمُطَلَّقَةِ يُغْنِي عَنْهُ ثُمَّ زَمَنُ الِانْتِظَارِ عِدَّةٌ وَقَوْلُهُ انْتَظَرَتْهَا أَيْ الْحَيْضَةَ أَيْ حَيْضَةً وَاحِدَةً إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ) وَمُقَابِلُهُ يُقَيِّدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا دَخَلَ بِهَا، وَقَوْلُهُ وَفِيهِ الْإِرْثُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ إجْرَاءً إلَخْ) إنَّمَا قَالَ إجْرَاءً؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمْ. (قَوْلُهُ عَمَّا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ إلَخْ) أَرَادَ مُسْلِمٌ أَخْذَهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَعَشْرٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ. (قَوْلُهُ حَسْمًا لِلْبَابِ) أَيْ سَدًّا لِلذَّرَائِعِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ عَلَى الْأَيَّامِ) أَيْ فَأَطْلَقَ اللَّيْلَ عَلَى مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. (قَوْلُهُ فُسِخَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ) لَعَلَّهُ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَوْ تَغْلِيبًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ تَنْقُصُ الْأَشْهُرُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ عَلَى مَا قِيلَ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِذَلِكَ وَعَلَى تَقْدِيرِ إذَا تَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ فَغَايَةُ مَا تَنْقُصُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فَكَانَ يُكْتَفَى بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَالْأَحْسَنُ الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ تُبْطِئُ حَرَكَةُ الْجَنِينِ (قَوْلُهُ وَقَالَ النِّسَاءُ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقُلْنَ شَيْئًا. (قَوْلُهُ لَا رِيبَةَ بِهَا) أَيْ لَا رِيبَةَ حَمْلٍ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ رِيبَةَ تَأْخِيرِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ زَمَنَ الْعِدَّةِ يَتِمُّ قَبْلَ مَجِيءِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَهَذَا عَلَى جَعْلِ الْوَاوِ عَلَى بَابِهَا وَأَمَّا إنْ جُعِلَتْ بِمَعْنَى أَوْ فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ لَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ عَقِيمَةً (قَوْلُهُ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ) هَذَا وَاضِحٌ إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ إتْيَانَ حَيْضِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إذْ جَعَلُوا مِنْ عَادَتِهَا تَأَخُّرُ زَمَنِ حَيْضَتِهَا عَنْ زَمَنِ الْعِدَّةِ تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً مُمَيِّزَةً أَمْ لَا أَوْ غَيْرَ مُسْتَحَاضَةٍ. (قَوْلُهُ وَقَالَ النِّسَاءُ بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ) أَيْ أَوْ ارْتَابَتْ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ زَمَنُ الِانْتِظَارِ عِدَّةٌ) وَفَائِدَةُ ذَلِكَ الْإِحْدَادُ. (قَوْلُهُ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ) يُوَافِقُهُ عِبَارَةُ شب وعب وَعِبَارَةُ شب فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ تَزُولَ الرِّيبَةُ وَمِثْلُهُ فِي عب وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَاَلَّذِي فِي عج الْأَوَّلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 بِهَا تَعْتَدُّ فِي الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَأْخِيرِ حَيْضٍ أَوْ مَجِيئِهِ وَكَذَا الْمَدْخُولُ بِهَا الَّتِي يُؤْمَنُ حَمْلُهَا إمَّا مِنْ جَانِبِهِ كَالصَّغِيرِ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَإِمَّا مِنْ جَانِبِهَا كَالْيَائِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَكَذَا مَنْ لَا يُؤْمَنُ حَمْلُهَا وَتُتِمُّ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ قَبْلَ مَجِيءِ حَيْضَتِهَا أَوْ لَا تُتِمُّ قَبْلَ مَجِيئِهِ وَأَتَاهَا فِيهَا أَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ لِمَرَضٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ لَمْ تُمَيِّزْ فَتَنْتَظِرُهَا أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ. (ص) وَتَنَصَّفَتْ بِالرِّقِّ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتِسْعَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ تَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَهِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَكِنْ إنَّمَا يُكْتَفَى بِالشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَحَاضَتْ فِيهَا فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ سَوَاءٌ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا أَوْ لَا فَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ عَلَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَحْسَنُهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَحِلُّ بِمُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ مُطْلَقًا وَلِمَالِكٍ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ بِهَا اكْتَفَتْ وَإِلَّا فَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَا تَحِلُّ بِدُونِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ تَرْتَبْ فَإِنْ ارْتَابَتْ مُعْتَادَةُ الْحَيْضِ بِحِسِّ بَطْنٍ فَتَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ إنَّمَا رُفِعَتْ الْأَمَةُ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ تَمَّتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا بِخِلَافِ الْحُرَّةِ لِقِصَرِ أَمَدِ عِدَّتِهَا فَلَا يَظْهَرُ الْحَمْلُ فِيهَا قَالَهُ بَعْضٌ. (ص) وَلِمَنْ وَضَعَتْ غُسْلَ زَوْجِهَا وَلَوْ تَزَوَّجَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا وَلَوْ بِلَحْظَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَغْسِلَهُ وَيُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَكِنَّ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَتْ مُقَابِلَ الْحُرْمَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ الْأَحَبَّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ. (ص) وَلَا يُنْقَلُ الْعِتْقُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ أَنَّهَا عَتَقَتْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ عَنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي هِيَ قُرْآنِ وَلَا عَنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ الَّتِي هِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ إلَى عِدَّةِ الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ النَّاقِلَ عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ مَا أَوْجَبَ عِدَّةً أُخْرَى وَالْعِتْقُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً أُخْرَى وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُوجِبُ عِدَّةً وَكَذَا لَوْ طَلَقَتْ الْأَمَةُ رَجْعِيًّا ثُمَّ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ وَهُوَ الْمَوْتُ لَمَّا نَقَلَهَا صَادَفَهَا حُرَّةً فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ لِلْوَفَاةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا قُرْأَيْنِ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ لَهَا حَيْضَةٌ أَوْ لَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَمَّا نَقَلَهَا لَمْ يُصَادِفْهَا حُرَّةً وَإِنَّمَا صَادَفَهَا أَمَةً لَكِنَّهَا تَنْتَقِلُ عَنْ حَيْضَتَيْنِ إلَى شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ. (ص) وَلَا مَوْتُ زَوْجِ ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ (ش) أَيْ وَلَا يَنْقُلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ مَوْتُ زَوْجِ ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَقُلْنَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ إسْلَامِهَا فَتَسْتَمِرَّ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فَلَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَيُقَرُّ عَلَيْهَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَمَوْتِ زَوْجِ مُطَلَّقَةٍ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَدَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَائِنِ وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ. (ص) وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ طَلَاقٌ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي الطَّلَاقِ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ أَمْرِ الطَّلَاقِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي تَارِيخِ الطَّلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَتَسْتَأْنِفُ الْمَرْأَةُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ أَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِإِقْرَارِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَتْ فِيهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ طَلَّقَ فِيهِ   [حاشية العدوي] وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتِسْعَةً) مِنْ الْأَشْهُرِ إنْ لَمْ تَحِضْ قَبْلَهَا فَإِنْ حَاضَتْ أَثْنَاءَهَا حَلَّتْ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَتَمَّتْ التِّسْعَةُ حَلَّتْ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ فَإِنْ بَقِيَتْ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا أَوْ أَقْصَى الْحَمْلِ فَإِنْ مَضَى أَقْصَاهُ حَلَّتْ إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ وُجُودَهُ بِبَطْنِهَا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ فِي الْحُرَّةِ بِامْتِلَاءِ الْبَطْنِ وَيُفْهَمُ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَهَا أَوْ أَقْصَاهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ تَمَّتْ بَعْدَ زَمَنِ حَيْضِهَا وَلَمْ تَحِضْ فَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُهُ لِرَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَكِنَّ عِدَّتَهَا فِيهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ وَلَيْسَ الْبَاقِي عِدَّةً وَفَائِدَةُ ذَلِكَ سُقُوطُ الْإِحْدَادِ عَنْهَا وَحَقِّهَا فِي السُّكْنَى وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِغَيْرِهِ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَمْكُثُ تِسْعَةً إلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةً يُحْمَلُ عَلَى مَنْ دُخِلَ بِهَا وَعَادَتُهَا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ وَعَلَى مَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِيهَا وَتَأَخَّرَ لِغَيْرِ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةٌ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى السِّيَاقِ فَإِنَّهَا لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةٌ وَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَتَنَصَّفَتْ بِالرِّقِّ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ فَتَمْكُثُ ثَلَاثَةً كَانَتْ دَاخِلَةً فِيهَا وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهَا تَمْكُثُ تِسْعَةً فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ لِغَيْرِ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ (قَوْلُهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضِهَا أَمْ لَا حَاضَتْ فِيهِمَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ) وَلَا تَحِلُّ بِدُونِهَا مُطْلَقًا تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضِهَا أَوْ لَا حَاضَتْ فِيهَا أَوْ لَا صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً وَاعْلَمْ أَنَّ مَعَ عَدَمِ الدُّخُولِ تَحِلُّ بِالشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ بِلَا شَكٍّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 فَفَاعِلُ أَقَرَّ هُوَ الصَّحِيحُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا وَإِلَّا لَكَانَ إرْثُهَا لَا يَتَقَيَّدُ بِفِيهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ. (ص) وَلَمْ يَرِثْهَا إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ وَقَدْ مَضَى مِقْدَارُ الْعِدَّةِ قَبْلَ إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا حِينَئِذٍ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا صَارَتْ مِنْهُ أَجْنَبِيَّةً وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ (ص) وَوَرِثَتْهُ فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَرِثُ الْمُقِرَّ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي الْعِدَّةِ الَّتِي أَسْتَأْنَفَتْهَا مِنْ يَوْمِ إقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَمْ يَتَوَارَثَا بِحَالٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْهَا إذَا انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ وَوَرَثَتُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يَسْرِي إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ وَالْعِدَّةُ مِنْ الْإِقْرَارِ أَيْ وَلَهَا الْإِرْثُ فِيهَا وَبَعْدَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ صَحِيحٌ وَذَاكَ مَرِيضٌ (ص) إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ (ش) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ اسْتَأْنَفَتْ وَلِقَوْلِهِ وَوَرَثَتُهُ فِيهَا فَتَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَيْ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَتْ الْبَيِّنَةُ إنَّهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِيهِ وَلَا إرْثَ إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى مَا أَرَّخَتْ الْبَيِّنَةُ وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ فِي هَذَا وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَلَا إرْثَ لَهَا أَيْضًا وَلَكِنْ تَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ مَخَافَةَ التَّوَاطُؤِ عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ إلَخْ هَذَا إذَا كَانَ مُقِرًّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لَهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْكِرًا وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْخُلْعِ. (ص) وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَبَعْدَ طَلَاقِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهَا بِهِ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ لِعُذْرِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مُفَرِّطٌ إذْ لَمْ يُعْلِمْهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَتْ تَسَلَّفَتْ شَيْئًا وَأَنْفَقَتْهُ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ مَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُخْبِرْهَا مَنْ يَثْبُتُ بِخَبَرِهِ الطَّلَاقُ مُحَمَّدٌ، فَلَوْ قَدِمَ عَلَيْهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ يَشْهَدُ بِطَلَاقِهَا فَأَعْلَمَهَا أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا مَنْ يَحْكُمُ بِهِ السُّلْطَانُ فِي الطَّلَاقِ. (ص) بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَاتَ فَأَنْفَقَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهَا بِالْمَوْتِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ تَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ وَكَذَلِكَ الْوَارِثُ إذَا أَنْفَقَ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ صَارَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ دُونَ غَيْرِهِ وَلَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَرَابَةِ سَنَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَاسْتِبْرَاؤُهَا فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ يَجْتَمِعُ الْمُوجِبَانِ بَيْنَ مَا يُبَرِّئُهَا مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ أَمَةٌ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ) وَلَمْ تَسْتَرِبْ حَلَّتْ إنْ مَضَى قُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَحَيْضَةٌ لِلشِّرَاءِ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ شَيْئًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ حَلَّتْ مِنْهُمَا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَ قَرْءٍ مِنْهَا حَلَّتْ مِنْهُمَا بِالْقَرْءِ الْبَاقِي أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْقُرْأَيْنِ حَلَّتْ مِنْ الشِّرَاءِ بِحَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ (فَ) إنْ (ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا) بَعْدَ الشِّرَاءِ (حَلَّتْ) بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ (إنْ مَضَتْ) لَهَا (سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ) عِدَّةُ طَلَاقِ الْمُسْتَرَابَةِ (وَثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ (لِلشِّرَاءِ) اسْتِبْرَاؤُهَا فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ حَلَّتْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ وَشَهْرٍ وَبَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْكِرًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ كَشَهَادَتِهَا لَهُ فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْخُلْعِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ. (فَائِدَةٌ) مَنْ بَلَغَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا عِدَّتُهَا فَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً. (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْخُلْعِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْ الشَّخْصِ إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ أَوْ يَحْصُلَ مِنْهُ إقْرَارٌ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ تَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ أَوْ تَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ فَإِذَا حَصَلَ مِنْ الشَّخْصِ الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِرُّ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَأَمَّا الْإِرْثُ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَحِيحًا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ بَاقِيَةً فَإِنْ انْقَضَتْ لَمْ يَرِثْهَا وَتَرِثُهُ هِيَ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ بَاقِيَةً مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا إرْثَ لَهَا وَالْعِدَّةُ مِنْ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَا إرْثَ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَرِيضًا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَأَمَّا إنْ انْضَمَّ إلَى الْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ وَتَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أَرَّخَتْ وَهُوَ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا مِنْ يَوْمِ الشَّهَادَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ عَلَى شَخْصٍ بَيِّنَةٌ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَهَلْ تَعْتَدُّ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ كَمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ) وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِصِدْقِ دَعْوَاهُ وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لَا يَغْرَمُ لَهَا مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا وَلَا يَلْزَمُ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا كَأَنْ تَسَلَّفَتْ مَا يَزِيدُ عَلَى نَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا إلَخْ) وَهُوَ الشَّاهِدَانِ الْعَادِلَانِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) أَيْ الْكَبِيرِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ عِدَّةُ الْمُسْتَرَابَةِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا هِيَ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ الْأَخِيرَةُ وَأَمَّا التِّسْعَةُ الْأُوَلُ فَهِيَ اسْتِبْرَاءٌ وَلِذَلِكَ قَالَ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إذَا اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ تِسْعَةٍ لَا يُقَالُ لَهَا اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةَ طَلَاقٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 وَشَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ سَنَةٍ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا لِرَضَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ إلَّا بِقُرْأَيْنِ. (ص) أَوْ مُعْتَدَّةٍ مِنْ وَفَاةٍ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا اشْتَرَاهَا شَخْصٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَمْكُثَ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهُمَا الشَّهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَحَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ لِنَقْلِ الْمِلْكِ إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ اسْتُرِيبَتْ فَتَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ إنْ مَضَى الشَّهْرَانِ وَخَمْسٌ قَبْلَهَا وَتَمَامَهَا إنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَقْسَامِ الْعِدَّةِ السِّتَّةِ مُعْتَادَةٍ وَمُرْتَابَةٍ بِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ وَصَغِيرَةٍ وَيَائِسَةٍ وَحَامِلٍ وَمُرْتَابَةٍ بِالْحَمْلِ وَكَانَ مِنْ مُتَعَلَّقِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ الْإِحْدَادُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَدِّ وَهُوَ الْمَنْعُ يُقَالُ حَدَدْت الرَّجُلَ مِنْ كَذَا إذَا مَنَعْته وَمِنْهُ الْحُدُودُ الشَّرْعِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ وَيُقَالُ لِلْبَوَّابِ حَدَّادٌ وَيُقَالُ حَدَّتْ وَأَحَدَّتْ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَرْكُ مَا هُوَ زِينَةٌ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ تَرْكُ الْخَاتَمِ فَقَطْ لِلْمُبْتَذِلَةِ فَقَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَيْ أَنَّ تَرْكَ مَا هُوَ زِينَةٌ وَحْدَهُ أَيْ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ كَثَوْبِ الزِّينَةِ وَحْدَهُ وَاجِبٌ وَكَذَا مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهَا خَاتَمٌ فَقَطْ وَهِيَ مُبْتَذِلَةٌ وَلَا زِينَةَ لَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا طَرْحُ الْخَاتَمِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ قَالُوا وَلَوْ حَدِيدًا وَهُوَ صَحِيحٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَرَكَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَطْ وَإِنْ صَغُرَتْ وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ دُونَ الطَّلَاقِ تَرْكُ التَّزَيُّنِ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهَا أَنْ يُجَنِّبَهَا مَا تَتَجَنَّبُهُ الْكَبِيرَةُ وَعَلَى الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ وَإِنَّمَا شُرِعَ الْإِحْدَادُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَشَوُّفَ الرَّجُلِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا تَزَيَّنَتْ يُؤَدِّي إلَى التَّشَوُّفِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْوَطْءِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَهُوَ حَرَامٌ وَمَا أَدَّى إلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مَنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا لِرَضَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ إلَّا بِقُرْأَيْنِ) وَانْدَرَجَ اسْتِبْرَاؤُهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَأَخُّرُ اسْتِبْرَائِهَا عَنْ عِدَّتِهَا وَأَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ إنْ مَيَّزَتْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَأَمْرُهَا وَاضِحٌ كَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَاضَةً خِلَافًا لعب وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً لِلرِّيبَةِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَاسْتَبْرَأَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ أَثْنَاءَ التِّسْعَةِ لَا يُقَالُ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةَ طَلَاقٍ وَبَعْدَهَا قَدْ يَسْتَوِيَانِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَنْ عِدَّتِهَا وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ أَوْ طَلَقَتْ لِذَلِكَ فَعِدَّةُ طَلَاقِهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَاسْتِبْرَائِهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا تَأَخُّرُهَا عَنْهُ بَلْ تَسَاوِيهِمَا أَوْ تَأَخَّرَ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ عَنْ زَمَنِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَهُمَا الشَّهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ إنَّمَا تَكُونُ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا أَوْ الَّتِي دُخِلَ بِهَا وَكَانَتْ يَائِسَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَكِنْ حَاضَتْ فِيهِمَا وَأَمَّا إذَا دُخِلَ بِهَا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ تَمْضِي قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا أَوْ تَمْضِي بَعْدَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا وَتَأَخَّرَ لِغَيْرِ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَتَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مَا لَمْ تَحِضْ قَبْلَهَا وَأَمَّا لِمَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ فَتَتَرَبَّصُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَكِنْ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ عِدَّةٌ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِحَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْ تَنْتَظِرُ حَيْضَةَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ أَيْ بِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ فَإِنْ اسْتُرِيبَتْ بِهِ انْتَظَرَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَيْ مَا لَمْ تُحِسَّ بِشَيْءٍ فِي بَطْنِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَتْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ. (قَوْلُهُ فَتَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا إذَا لَمْ تَسْتَرِبْ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِكَوْنِ عَادَتِهَا أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَأْتِي إلَّا بَعْدَهَا فَقُدِّرَ أَنَّ الْحَيْضَ جَاءَ قَبْلَهَا بَعْدَ تَمَامِ طُهْرٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَحِلُّ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَامِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهِمَا انْتَظَرَتْ تَمَامَ الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسَ لَيَالٍ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهِمَا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْحَيْضَةُ عَنْ وَقْتِهَا انْتَظَرَتْ تَمَامَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ مَا لَمْ تُحِسَّ بِشَيْءٍ فِي بَطْنِهَا وَإِلَّا تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَأَمَّا إنْ دُخِلَ بِهَا وَحَاضَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ حَلَّتْ بِمُضِيِّهِمَا وَإِنْ لَمْ تَحِضْ لِكَوْنِ الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ يَأْتِيَانِ قَبْلَهَا بِأَنْ كَانَ الْحَيْضُ يَأْتِيهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَمَاتَ زَوْجُهَا عَقِبَ الطُّهْرِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا عَقِبَ ذَلِكَ الْمَوْتَ الشِّرَاءُ فَلَا تَكُونُ الْحَيْضَةُ هُنَا إلَّا مُتَأَخِّرَةً عَنْ الْعِدَّةِ فَتَنْتَظِرُهَا فَإِنْ كَانَتْ الْحَيْضَةُ تَأْتِيهَا عَقِبَ شَهْرَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَتَأَخَّرَتْ فَتَحِلُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ الْعِدَّة فَإِنْ اسْتُرِيبَتْ بِحِسِّ الْبَطْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِسْعَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ التِّسْعَةِ الَّتِي هِيَ لِلْوَفَاةِ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ [أَحْكَام الْإِحْدَادُ] (قَوْلُهُ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَقْسَامِ الْعِدَّةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَقْسَامِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ الْإِحْدَادُ مَأْخُوذٌ) مِنْ أَحَدَّ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ، وَقَوْلُهُ وَيُقَالُ حَدَّتْ إلَخْ أَيْ يُقَالُ مَزِيدًا وَمُجَرَّدًا. (قَوْلُهُ تَرْكُ مَا هُوَ زِينَةٌ) هَذَا غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ مَنْ تَرَكَتْ مَا هُوَ زِينَةٌ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَدَّةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْإِحْدَادِ وَلَوْ قَالَ تَرْكُ مَا هُوَ زِينَةٌ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ لِزَوْجَةٍ مَاتَ زَوْجُهَا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ قَالُوا) لَيْسَ الْقَصْدُ التَّبْرِيءُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ وَتَرَكَتْ إلَخْ) الدَّوَامُ كَالِابْتِدَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلِيِّهَا نَزْعُ مَا يَأْتِي وَيَدْخُلُ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ فِي الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ حَرَامٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَاخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ لَيْسَ فِعْلًا فَالْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ وَالْعَقْدُ أَيْ وَاخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ يُؤَدِّي لِعَدَمِ تَعَاهُدِ الْآبَاءِ الْأَوْلَادَ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ الذُّرِّيَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 بَائِنَةً بِالْبَتَاتِ أَوْ دُونَهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ بَاقٍ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ إنْ ظَهَرَ حَمْلٌ وَقَوْلُهُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ (التَّزَيُّنَ بِالْمَصْبُوغِ) هُوَ مَفْعُولُ تَرَكَتْ أَيْ التَّجَمُّلَ بِالْمَصْبُوغِ (ص) وَلَوْ أَدْكَنَ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ (ش) الْأَدْكَنُ مَا فَوْقَ لَوْنِ الْحُمْرَةِ وَدُونَ السَّوَادِ وَهُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بالْحَمَاحِمِيِّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَلَوْ بِبَيْعِهِ وَاسْتِخْلَافِ غَيْرِهِ (ص) إلَّا الْأَسْوَدَ (ش) أَيْ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُهُ مَا لَمْ يَكُنْ زِينَةَ قَوْمٍ وَمَا لَمْ تَكُنْ اللَّابِسَةُ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ (ص) وَالتَّحَلِّي وَالتَّطَيُّبُ وَعَمَلُهُ وَالتَّجْرُ فِيهِ (ش) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ لُبْسِ الْحُلِيِّ وَلَوْ خَاتَمًا وَقُرْطًا وَأُخِذَ مِنْ هَذَا جَوَازُ ثَقْبِ أُذُنِ الْمَرْأَةِ لِلُبْسِ الْقُرْطِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ سَارَةَ حَلَفَتْ لَتُمَثِّلَنَّ بِهَاجَرَ فَخَفَضَتْهَا وَثَقَبَتْ أُذُنَيْهَا بِأَمْرِ الْخَلِيلِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتْرُكَ التَّطَيُّبَ فَلَا تَمَسَّهُ وَلَا تَعْمَلَهُ وَلَا تَتَّجِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي التَّطَيُّبِ وَالتَّحَلِّي وَالزِّينَةِ دَاعِيَةٌ إلَى النِّكَاحِ وَتَهْيِيجِ الشَّهْوَةِ فَمُنِعَتْ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَالتَّزَيُّنُ فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمِ (ش) مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُرَادُ بِهِ الْمَلْبُوسُ وَأَمَّا التَّزَيُّنُ هُنَا فَالْمُرَادُ بِهِ التَّزَيُّنُ فِي الْبَدَنِ فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ بِالْمَدِّ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهِ دُهْنٍ وَلَا بِكَتَمٍ وَهُوَ شَيْءٌ أَسْوَدُ يُصْبَغُ بِهِ الشَّعْرُ يُذْهِبُ حُمْرَتَهُ وَلَا يُسَوِّدُهُ (ص) بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ وَالسِّدْرِ وَاسْتِحْدَادُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَدَّهِنَ بِالزَّيْتِ وَالشَّيْرَقِ وَالِادِّهَانُ غَيْرُ الْمُطَيِّبِ وَالشَّيْرَقُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ وَهُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ وَكَذَلِكَ لَهَا أَنْ تَمْتَشِطَ بِالسِّدْرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحْلِقَ عَانَتَهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِحْدَادِ وَإِنْ كَانَتْ زِينَةً لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ. (ص) وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ الْحَمَّامَ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا بِالنُّورَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ تَحْضُرَ الْعُرْسَ وَلَا تَتَهَيَّأُ فِيهِ بِمَا لَا يَلْبَسُهُ الْحَادُّ وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا زَادَ غَيْرُهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ وَتَحْتَجِمَ وَتُقَلِّمَ أَظْفَارَهَا وَتَنْتِفَ إبْطَيْهَا اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ. (ص) وَلَا تَكْتَحِلُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَإِنْ بِطِيبٍ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَكْتَحِلَ إلَّا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَيْلًا وَإِنْ بِطِيبٍ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِطِيبٍ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ الِاكْتِحَالِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ مَسْأَلَةَ الْحَمَّامِ وَطَلْيِ الْجَسَدِ وَجَعَلَهُمَا قَوْلَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمَا الضَّرُورَةَ وَأَفْرَدَ مَسْأَلَةَ الِاكْتِحَالِ بِقَوْلَةٍ أُخْرَى وَاسْتَثْنَى مِنْهَا الضَّرُورَةَ وَجَوَّزَ الطِّخِّيخِيُّ رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فِي الْكُحْلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِطِيبٍ أَمْ لَا وَاَلَّذِي عِنْدَ الْأَبِيِّ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا حَيْثُ كَانَ بِطِيبٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ وَكَانَ سَبَبُهَا أَمْرَيْنِ طَلَاقًا وَوَفَاةً شَرَعَ فِيمَا يَحْتَمِلُهُمَا وَهِيَ عِدَّةُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا وَأَخَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَالتَّدَاخُلِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ. (فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ (ص) وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ الرَّفْعُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ يَذُبُّ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ نَقْطُهَا أَيْ يَدْفَعُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ اللُّغَةِ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي زَوْجَةٍ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ حُكْمًا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ تَرَكَتْ الْمَفْقُودُ زَوْجُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكُنْ اللَّابِسَةُ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ) أَيْ خَالِصَةَ الْبَيَاضِ أَيْ وَغَيْرَ قَوْمٍ هُوَ زِينَتُهُمْ. (قَوْلُهُ وَالتَّجْرُ فِيهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرَهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ غَيْرُهَا لَهَا بِأَمْرِهَا كَخَادِمٍ لَمْ تُمْنَعْ. (قَوْلُهُ حَلَفَتْ لَتُمَثِّلَن بِهَاجَرَ) فِيهِ أَنَّ الْمُثْلَةَ حَرَامٌ فَكَيْفَ يُجِيبُهَا لِذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهَا مُثْلَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ فَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَاصِلَ مِنْ الْأَمْرِ وَانْتَفَى كَوْنُهُ مُثْلَةً (قَوْلُهُ فَلَا تَمْتَشِطُ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَمْتَشِطُ امْتِشَاطًا مُلَابِسًا أَوْ مُصَاحَبًا بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ (قَوْلُهُ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهِ دُهْنٌ) كَدُهْنِ الْيَاسَمِينِ (قَوْلُهُ يُذْهِبُ حُمْرَتَهُ) أَيْ الْأَصْلِيَّةَ فَلَا يُنَافِي وُجُودَ حُمْرَةٍ أُخْرَى فَفِي الْقَامُوسِ وَالْكَتَمُ مُحَرَّكَةٌ نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْحِنَّاءِ وَيُخَضَّبُ بِهِ الشَّعْرُ فَيَبْقَى لَوْنُهُ وَأَصْلُهُ (قَوْلُهُ وَالشَّيْرَقِ) بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بَعْدَ الشِّينِ فِي نُسْخَتِهِ وَاَلَّذِي فِي عب بِكَسْرِ الشِّين الْمُعْجَمَةِ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَقَافٍ وَتُبْدَلُ جِيمًا وَهُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عِنْدَنَا سِيرَجٌ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا) أَيْ تَفُوحُ رَائِحَتُهُ بِأَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ مِنْ الطِّيبِ فِي الدُّهْنِ وَيُجْعَلُ فِي الرَّأْسِ فَتَفُوحُ رَائِحَتُهُ فِيهَا . (قَوْلُهُ زَادَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَالِكٍ، وَقَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَيْ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ أَشْهَبَ وَفِي بَهْرَامَ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ الَّذِي زَادَ مَالِكٌ أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ هِيَ ظَاهِرُهَا أَوْ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ. (فَائِدَةٌ) لَا بَأْسَ بِاكْتِحَالِ الرَّجُلِ لِضَرُورَةِ دَوَاءٍ وَلِغَيْرِهَا قَوْلَانِ عَنْ مَالِكٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَالْجَوَازِ، وَالْخِلَافُ فِي الْإِثْمِدِ وَغَيْرُهُ جَائِزٌ قَطْعًا وَالِاكْتِحَالُ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا الْمَالِكِيَّةِ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ مُعَصْفَرٍ وَمُزَعْفَرٍ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَجَوَّزَ الطِّخِّيخِيُّ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيِّ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْكُحْلِ وَالْحِنَّاءِ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي عِنْدَ الْأَبِيِّ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عب فَيُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ [فَصْلٌ لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ] (فَصْلُ الْمَفْقُودِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ عِدَّةُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا) وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقَدَّرُ مَيِّتًا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقَدَّرُ طَلَاقُهُ تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَمُقَابِلُهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى ذَلِكَ عَلَى لُزُومِ الْإِحْدَادِ لَهَا. (قَوْلُهُ وَمُتَعَلَّقَاتِهِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 لِلْقَاضِي وَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ (ش) الْمَفْقُودُ مِنْ فَقَدَ بِالْفَتْحِ يَفْقِدُ بِالْكَسْرِ فَقْدًا وَفِقْدَانًا بِالْكَسْرِ وَفُقْدَانًا بِالضَّمِّ يُقَالُ فَقَدَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَهِيَ فَاقِدٌ بِلَا هَاءٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالْمَفْقُودُ هُوَ الَّذِي يَغِيبُ فَيَنْقَطِعُ أَثَرُهُ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ خَبَرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَفْقُودُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ مُمْكِنٌ الْكَشْفُ عَنْهُ فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ ابْنُ عَاتٍ وَالْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ. وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ لِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى الْقَاضِي أَوْ إلَى الْوَالِي وَهُوَ قَاضِي الشُّرْطَةِ أَيْ السِّيَاسَةِ وَإِلَى وُلَاةِ الْمِيَاهِ وَهُمْ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الزَّكَاةَ لِيَكْشِفُوا عَنْ أَمْرِ زَوْجِهَا إذْ الْحَقُّ لَهَا، وَلَهَا أَنْ لَا تَرْفَعَ وَتَرْضَى بِإِقَامَتِهَا فِي عِصْمَتِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْقَاضِي أَضْبَطُ وَقَوْلُهُ الْمَفْقُودُ أَيْ الَّذِي لَهُ مَالٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَا شَرْطَ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَّا الَّتِي لَهَا شَرْطٌ كَقَوْلِهِ إنْ غِبْت عَنْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك فَأَخْذُهَا بِالشَّرْطِ أَحْسَنُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا أَمَّا الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا شَرْطَ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَفْقُودُ الْغَيْبَةُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا الزَّوْجِيَّةُ وَالْبَقَاءُ فِي الْعِصْمَةِ فَالْفُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تُثْبِتُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ. (ص) وَإِلَّا فَالْجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ الْمَرْأَةُ أَحَدًا مِمَّنْ ذُكِرَ فَإِنَّهَا تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَأَخْرَجَ الْمُؤَلِّفُ بِالزَّوْجَةِ أُمَّ الْوَلَدِ وَمَا فِي حُكْمِهَا (ص) فَتُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا مِنْ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَفْقُودُ زَوْجُهَا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِهِ إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي أَوْ لِمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهَا أَنْ تُثْبِتَ الزَّوْجِيَّةَ وَأَنَّ زَوْجَهَا غَائِبٌ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ إلَى غَيْبَتِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْحَاكِمُ مِنْ مَعَارِفِ زَوْجِهَا وَمِنْ جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ ثُمَّ يُرْسِلُ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهِ وَيَكْتُبُ فِي كِتَابِهِ صِفَةَ زَوْجِهَا وَحِرْفَتَهُ وَاسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ الْخَبَرُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ ضَرَبَ لَهَا الْأَجَلَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ تَعَبُّدٌ لِفِعْلِ عُمَرَ وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ أَمَدِ الْحَمْلِ أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى مَا تَرْجِعُ فِيهِ الْمُكَاتَبَاتُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَهَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْحَرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيُؤَجَّلُ نِصْفَ الْحُرِّ   [حاشية العدوي] مِنْ الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) أَيْ كَسْرِ الْفَاءِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِالضَّمِّ. (قَوْلُهُ فَهِيَ فَاقِدٌ بِلَا هَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الْحُدُوثَ كَمَا فِي حَائِضٍ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَفْقُودَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ مَفْقُودَ غَيْرِهَا مِنْ الْمَفَاقِيدِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَسِيرَ لَا يُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ وَالْمَفْقُودَ فِي بِلَادِهِمْ يُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُمْنَعُ مِنْ الْإِيَابِ وَالذَّهَابِ إلَّا أَنَّهُ يُنَكِّدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ اسْتِوَاءَ الْحُكْمِ فِي مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ وَالْأَسِيرِ فِي الْبَقَاءِ لِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ. (قَوْلُهُ ابْنُ عَاتٍ وَالْمَحْبُوسُ) أَيْ وَيَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ. (قَوْلُهُ أَيْ قَاضِي السِّيَاسَةِ) أَيْ حَاكِمُ السِّيَاسَةِ كَالْكَاشِفِ الَّذِي يَنْزِلُ يَحْكُمُ فِي الْبَلَدِ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَ الَّذِي يَنْزِلُ فِي الْقُرَى. (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) هَذَا لِلَّقَانِيِّ، وَقَوْلُهُ أَضْبَطُ أَيْ أَوْلَى وَأَحْوَطُ وَفِي عب أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهَا حَيْثُ أَرَادَتْ الرَّفْعَ وَوَجَدَتْ الثَّلَاثَةَ وَجَبَ الْقَاضِي فَإِنْ رَفَعَتْ مَعَ وُجُودِهِ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ صَحَّ ذَلِكَ وَإِنْ رَفَعَتْ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِهِ بَطَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ فَتُخَيَّرُ فِيهِمَا فَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِهِمَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَلَا فَرْقَ فِي الْقَاضِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَاضِيَ أَنْكِحَةٍ أَوْ غَيْرَهُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ غِبْت عَنْك فَأَنْتِ طَالِقٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ وَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا الزَّوْجِيَّةُ وَالْبَقَاءُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ. (قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ لِجَمَاعَةٍ وَالْجَمَاعَةُ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَرَّ إنْ غَابَ إلَخْ أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ. (تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ هَلْ أُجْرَةُ الْبَعْثِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصِّ ابْنِ نَاجِي الصَّوَابُ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا طَالِبَةٌ لِلْفِرَاقِ لَا سِيَّمَا إذَا ادَّعَى مَنْعَ عُدُولِهِ عَنْ الْإِتْيَانِ لِبَلَدِهِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْغُبْرِينِيُّ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا عَلَيْهَا إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهَا) كَالْمُدَبَّرَةِ. (قَوْلُهُ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرَ دَاعِيَةٍ لَهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ وَمِثْلُهَا فِي فَرْضِ نَفَقَتِهَا فِي مَالِهِ مُطِيقَةٌ لِغَائِبٍ غَيْرِ مَفْقُودٍ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ تَدَّعِ قَبْلَ الْغَيْبَةِ حَيْثُ طَلَبَتْهَا الْآنَ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ بَعُدَتْ وَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ اشْتِرَاطِ الدُّعَاءِ إلَيْهِ فَفِي الْحَاضِرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ لِفِعْلِ عُمَرَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ وَالرَّاجِحُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ أَمَدِ الْحَمْلِ) يَرُدُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ لَوْ أَقَامَتْ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ رَفَعَتْ اُسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ لَهَا وَبِأَنَّهَا تُضْرَبُ لِامْرَأَةِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ وَحَيْثُ لَا يُخْشَى حَمْلٌ. (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى إلَخْ) يَرُدُّ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ تُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْيَأْسِ وَأَيْضًا يَرُدُّهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ وَهُوَ أَنَّ الْأَرْبَعَ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْكَشْفُ بَعْدَ سَنَةٍ فَتُنْتَظَرُ تَمَامُ الْأَرْبَعِ فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ كَوْنَهَا أَمَدَ الْكَشْفِ لَمْ تَنْتَظِرْ تَمَامَ الْأَرْبَعِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْإِيلَاءِ وَالِاعْتِرَاضِ وَمَحَلُّ التَّأْجِيلِ الْمَذْكُورِ مَعَ دَوَامِ النَّفَقَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَفْقُودِ مَالٌ يُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي الْأَجَلِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ طَلَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْآنِ كَالْمُعْسِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَكْفِي فِي الْأَجَلِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَعْدَ فَرَاغِ مَالِهِ وَسَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَمَنْ فُرِضَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَغَيْرُهُمَا. (ص) ثُمَّ اعْتَدَّتْ كَالْوَفَاةِ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَشَفَ الْحَاكِمُ عَنْ أَمْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ وَلَا مَوْضِعَهُ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ حِينَئِذٍ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَوَفًّى عَنْهَا بِخِلَافِ الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا فَإِنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ مَوْتِهِ رَدَّتْ مَا أَنْفَقَتْ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ (ص) وَسَقَطَتْ بِهَا النَّفَقَةُ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ عَائِدٌ عَلَى الْعِدَّةِ وَالْبَاءُ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ بِسَبَبِ اعْتِدَادِهَا وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَيْ وَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ فِي زَمَنِ الِاعْتِدَادِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَهُنَا إنَّمَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ وَلَوْ حَامِلًا. (ص) وَلَا تَحْتَاجُ فِيهَا لِإِذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحْتَاجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ بَعْدَ الْعِدَّةِ إلَى إذْنٍ فِي التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ حَصَلَ بِضَرْبِ الْأَجَلِ أَوَّلًا. (ص) وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَهَا (ش) أَيْ وَلَيْسَ لِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْعِصْمَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى بَعْضُ الْعِدَّةِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْإِحْدَادُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِاخْتِيَارِهَا وَأَمَّا فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا وَمَتَى رُفِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ اُبْتُدِئَ لَهَا الْأَجَلُ وَقَوْلُهُ لَهَا أَيْ لِمَنْ قَامَتْ لَا لِمَنْ ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ وَإِنْ أَبَيْنَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ؛ لِأَنَّهَا أُبِيحَتْ لِغَيْرِهِ وَلَا حُجَّةَ فِي أَنَّهُ إنْ قَدِمَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى حُكْمِ الْفِرَاقِ حَتَّى تَظْهَرَ حَيَاتُهُ إذْ لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ يُوقَفْ لَهُ مِنْهَا إرْثٌ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَامِلِهِ تَرْجِيحُ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ مُقَابِلٌ. (ص) وَقُدِّرَ طَلَاقٌ يَتَحَقَّقُ بِدُخُولِ الثَّانِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ وُقُوعِ طَلَاقٍ مِنْ الْمَفْقُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ يُفِيتُهَا عَلَيْهِ وَيَتَحَقَّقُ وُقُوعُ ذَلِكَ الطَّلَاقِ الْمُقَدَّرِ فِي أَوَّلِ الْعِدَّةِ عِنْدَ دُخُولِ الثَّانِي حُكْمًا قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ حَتَّى لَوْ جَاءَ الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي كَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهَا فَإِذَا دَخَلَ الثَّانِي فَقَدْ بَانَتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَأْخُذُ مِنْ الْمَفْقُودِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا كَالْمَيِّتِ وَكَالْمُعْتَرِضِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَمَضَى. (ص) فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ لَوْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ هَذِهِ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ عِصْمَةِ الْمَفْقُودِ قُدِّرَ وُقُوعُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ وَيُحَقِّقُهَا دُخُولُ الثَّانِي بِالْمَرْأَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا الثَّانِي حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ وَإِنَّمَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إذَا حَصَلَ مِنْ الثَّانِي وَطْءٌ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ لَا نَكِرَةَ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ بَالِغٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيمَنْ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ إذْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ أَبَتَّهَا الْمَفْقُودُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ أَرْبَعٌ كَالْحُرِّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَزَادَ فِي تَنْصِيفِ الْأَجَلِ هُنَا وَالِاعْتِرَاضُ وَالْإِيلَاءُ مُشْكِلٌ إذْ السَّبَبُ مُسْتَوْفِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ طَلَّقَ عَلَيْهِ) وَيَأْتِي هُنَا وَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ وَهَذَا الطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَعِدَّتُهُ عِدَّةُ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَقَدْرُ طَلَاقٍ يَتَحَقَّقُ إلَخْ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَدْ حُكِمَ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ فَقَطْ لِأَجْلِ حِلِّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ جَاءَ وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ طَلْقَتَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً وَلِكَوْنِهِ تَمْوِيتًا رَجَّحَ عَدَمَ تَعْجِيلِ مَا أَجَّلَ وَيُكَمِّلُ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقَ عَلَى مَا بِهِ الْقَضَاءُ وَقِيلَ لَا اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) إنَّمَا كَانَ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ حَتَّى تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ وَإِنْ صَحَّتْ لَكِنْ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهَا بَلْ الْمَعْنَى إنَّمَا هُوَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَالذَّوْقُ حَاكِمٌ بِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ أَوْلَى وَإِنْ صَحَّتْ الْمَعِيَّةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَسَقَطَتْ رَاجِعٌ لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ) فَلَوْ قُلْنَا وَلَيْسَ لِمَنْ ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ لَاقْتَضَى أَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ لَيْسَ ضَرْبًا لِبَقِيَّتِهِنَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ يُفْهَمُ مِنْهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَمْ يُضْرَبْ لَهَا الْأَجَلُ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَامِلِهِ) لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنَّ لَهَا الْبَقَاءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ انْتَهَى فَيُقَالُ أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ مُقَابِلٌ) كَلَامُ أَبِي عِمْرَانَ هُوَ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا بَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ يَتَحَقَّقُ) يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيْ يَتَقَرَّرُ وَيَثْبُتُ وُقُوعُهُ وَلِلْمَفْعُولِ أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُحَقِّقُهُ وَيُقَرِّرُهُ. (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ حِينَ الْأَخْذِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا دُخُولُ الثَّانِي يُحَقِّقُ وُقُوعَهُ أَيْ يُظْهِرُ وُقُوعَهُ وَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ خَلْوَتُهُ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ التَّلَذُّذَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ مَظِنَّتُهُ وَانْدَفَعَ بِهَذَا إشْكَالُ بَعْضٍ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْأُصُولِ بِوُقُوعِهِ فِي عِصْمَةِ الثَّانِي وَبِأَنَّ الْعِدَّةَ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ. (قَوْلُهُ حُكْمًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُقُوعٌ أَيْ الْوُقُوعُ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً هَذَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِرْشَادِ أَيْ وُقُوعٌ حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ لَا بِإِيقَاعِ مُوقِعٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَمَضَى) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (ص) فَإِنْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ فَكَالْوَلِيَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ إذَا جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ تَكُونَ إلَى الْآنَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ فَحُكْمُهَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كَحُكْمِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ يُزَوِّجُهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَفُوتُ بِتَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ هِيَ هُنَا لِلْمَفْقُودِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ أَنْ يَجِيءَ أَوْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَتَفُوتُ عَلَى الْمَفْقُودِ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي دَخَلَ بِهَا أَيْ أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا بِلَا عِلْمٍ وَحَيْثُ رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى الطَّلَاقِ كُلِّهِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بِدُخُولِ الثَّانِي لَا قَبْلَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَوْ مَاتَ عَطْفٌ عَلَى حَيٍّ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ فَهُوَ اسْمٌ يُشْبِهُ الْفِعْلَ أَيْ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ عَلَى جَاءَ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَطْفُهُ عَلَى حَيٍّ أَيْ فَإِنْ جَاءَ أَوْ مَاتَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ. (ص) وَوَرِثَتْ الْأَوَّلَ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ تَرِثُهُ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا أَيْ تَرِثُهُ إنْ مَاتَ فِي حَالٍ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَهِيَ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ أَنْ يَمُوتَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ خَرَجَتْ وَلَمْ يَعْقِدْ الثَّانِي أَوْ عَقَدَ وَلَمْ يَدْخُلْ (ص) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةٍ فَكَغَيْرِهِ (ش) أَيْ وَلَوْ كَشَفَ الْأَمْرَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي وَقْتٍ تَكُونُ فِيهِ فِي عِدَّةٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَكَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَزَوَّجَ فِي عِدَّةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ فَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا فُسِخَ نِكَاحُهُ وَكَانَ خَاطِبًا إنْ أَحَبَّ وَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ وَطِئَهَا وَلَوْ بَعْدَهَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا. (ص) وَأَمَّا إنْ نُعِيَ لَهَا أَوْ قَالَ عَمْرَةُ طَالِقٌ مُدَّعِيًا غَائِبَةً فَطَلَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَثْبَتَهُ وَذُو ثَلَاثٍ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا وَذَاتُ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا فَيُفْسَخُ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ أَوْ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ فَيُفْسَخُ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ أَتْبَعَ ذَلِكَ الْكَلَامَ عَلَى مَسَائِلَ خَمْسَةٍ يُتَوَهَّمُ مُسَاوَاتُهَا لِذَلِكَ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُخَالِفٌ فَلَا يُفِيتُهَا الدُّخُولُ أَوْ لَهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَمَّا هَذِهِ فَتَفُوتُ بِالدُّخُولِ. وَأَمَّا إنْ نُعِيَ لَهَا وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِئْنَافُ عَلَى غَيْرِ الْأَغْلَبِ فِي أَمَّا فَلَا تَقْدِيرَ وَلَا حَذْفَ وَالْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا هِيَ الَّتِي أُخْبِرَتْ بِمَوْتِهِ فَاعْتَمَدَتْ عَلَى الْإِخْبَارِ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ الثَّانِي وَسَوَاءٌ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا وَقِيلَ تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي كَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَتَعْتَدُّ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ شُهُورٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا الَّتِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِيهِ مَعَ الْآخَرِ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ فَعِدَّةُ وَفَاةٍ وَلَا تُرْجَمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ فَاشِيًا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ فَلَوْ جَاءَ الْمَنْعِيُّ فَطَلَّقَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ مِنْ حَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ لَيْسَ مِنْ الْمُطَلِّقِ. وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ فِيهَا مُسْتَنِدٌ لِأَمْرٍ قَوِيٍّ وَلَا كَذَلِكَ   [حاشية العدوي] عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ إنْ قَدِمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَمَضَى أَيْ فِي صُورَةِ عَدَمِ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَجِيءِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْأَوَّلِ وَتَلَذُّذٍ بِلَا عِلْمٍ لَكِنْ فِي فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِي خَمْسِ صُوَرٍ وَتَكُونُ لِلثَّانِي فِي صُورَتَيْنِ: دُخُولِهِ غَيْرِ عَالِمٍ فِي صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ إنْ قَضَى لَهُ بِهَا) أَيْ فِيهَا أَيْ بِتِلْكَ الْحَالِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بَعْدَ عِدَّةِ الْمَفْقُودِ فَهِيَ لِلثَّانِي دَخَلَ عَالِمًا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ لَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَتَرِثُ الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِهِ وَوَرِثَتْ الْأَوَّلَ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ الْمَنْعِيُّ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا) عِبَارَةُ عب وَهِيَ لعج وَأَمَّا إنْ نُعِيَ أَيْ أُخْبِرَتْ مِنْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ بِمَوْتِهِ وَمِثْلُ الْمَنْعِيِّ لَهَا مَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِهِ أَيْضًا وَهَذِهِ لَا تُسَمَّى بِالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا قَالَهُ عج إلَّا أَنْ يُقَالَ تُسَمَّى بِهَا نَظَرًا لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ حَيَاتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ عَدْلَيْنِ بَلْ وَلَوْ عَدْلَانِ وَقَدْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُمَا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَفُوتُ إلَخْ) وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي وَإِلَّا لَمْ تَفُتْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي فَهِيَ لِلْأَوَّلِ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ فَعِدَّةُ وَفَاةٍ) وَيُنْتَظَرُ حِينَئِذٍ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِالنَّظَرِ لِلْقَادِمِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ مَثَلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ الثَّانِي فَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَوَضْعِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ فَاشِيًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَوْتُهُ فَاشِيًا صَادِقًا بِوُجُودِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَشْهَدُ بِذَلِكَ أَوْ لَا، بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ فَاشِيًا قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ بِأَنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ أَيْ وَأَشَاعَتْ ذَلِكَ فَعَقَدَ الْقَاضِي ظَانًّا أَنَّ الشُّهُودَ عَايَنُوا الْمَوْتَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُزَوَّجَ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) أَيْ بَلْ تَعُدُّهُ حَيْضَةً وَتَنْتَظِرُ حَيْضَتَيْنِ. (قَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ الْحُكْمِ بِضَرْبِ الْأَجَلِ وَعِبَارَةُ عب أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ لَمَّا احْتَاجَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ نِصْفِهَا احْتَاجَتْ لِحُكْمٍ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ فِيمَا يَظْهَرُ ضَرْبُ الْحَاكِمِ الْأَجَلَ فَالْمُرَادُ الْمَحْكُومُ بِهِ، وَقَوْلُهُ لِأَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْفَحْصُ عَنْهُ وَالْبَعْثُ إلَيْهِ أَيْ وَالْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا تَرْجِعُ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَا يُفِيتُهَا الدُّخُولُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 هَذِهِ ثَانِيَتُهَا مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ تُسَمَّى عَمْرَةَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا فَقَالَ عَمْرَةُ طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ امْرَأَةً لَهُ غَائِبَةً تُسَمَّى عَمْرَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فَإِذَا طَلَقَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَاضِرَةُ وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الثَّانِي ثُمَّ أَنَّهُ أَثْبَتَ حِينَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً غَائِبَةً غَيْرَ هَذِهِ تُسَمَّى عَمْرَةَ فَإِنَّ هَذِهِ لَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَتُرَدُّ إلَيْهِ ثَالِثَتُهَا، شَخْصٌ فِي عِصْمَتِهِ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ ثُمَّ إنَّهُ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ أَنْ يُزَوِّجَاهُ فَزَوَّجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِامْرَأَةٍ وَسَبَقَ عَقْدُ أَحَدِهِمَا عَقْدَ الْآخَرِ فَفَسَخْنَا عَقْدَ الْأُولَى مِنْهُمَا ظَنًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ وَهِيَ صَاحِبَةُ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّتِي كَانَ أَبْقَاهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ نِكَاحِهَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا. وَلَيْسَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهَا رَابِعَتُهَا مَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا لِأَجْلِ عَدَمِ النَّفَقَةِ بِأَنْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا مَثَلًا ثُمَّ اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ أَثْبَتَ زَوْجُهَا أَنَّ نَفَقَتَهَا سَاقِطَةٌ بِأَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَرْسَلَ بِهَا إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَامِسَتُهَا إحْدَى الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ وَذَاتُ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ الْمُقَرَّرَةِ لَهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَحْرَى لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الْأَجَلِ فَفُسِخَ نِكَاحُهَا ثُمَّ إنَّهَا اُسْتُبْرِئَتْ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ عِدَّتَهَا كَانَتْ انْقَضَتْ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ قَبْلَ نِكَاحِ الثَّانِي فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى الزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الثَّالِثِ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ لِزَوْجِهَا الْمَفْقُودِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَّا بِقَوْلِهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَفَسَخْنَا نِكَاحَهَا. ثُمَّ إنَّهَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ لِثُبُوتِ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّالِثِ وَتُرَدُّ إلَى الثَّانِي لِظُهُورِ صِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا الْمَوْتَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ أَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ شَخْصٍ غَائِبٍ بِشَهَادَةِ شَخْصَيْنِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ عَلَى مَوْتِهِ فَيُفْسَخُ لِعَدَمِ عَدَالَةِ شُهُودِ الْمَوْتِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثَالِثًا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا الثَّالِثُ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتَزَوِّجِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ لِكَوْنِ الْعُدُولِ أَرَّخُوا مَوْتَهُ بِتَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّتُهَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّالِثِ بِهَا فَقَوْلُهُ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ جَوَابُ أَمَّا وَقَوْلُ الشَّارِحِ خَبَرٌ مُرَادُهُ بِالْخَبَرِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَهُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ لَا يُفِيتُهُمَا الدُّخُولُ أَيْضًا اُنْظُرْهُمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ وَإِنْ أَبَيْنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَامَ مِنْ نِسَائِهِ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ لِلثَّانِيَةِ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَامَتْ مِنْ نِسَائِهِ فَضَرَبَ لَهَا الْأَجَلَ ثُمَّ اعْتَدَّتْ أَنَّ الْعِدَّةَ تَلْزَمُ الْبَاقِي وَتَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ النَّفَقَةُ وَلَوْ اخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ أَثْبَتَ حِينَ حَلِفِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ حِينَ حَلِفِهِ فَيَقُولَ ثُمَّ أَثْبَتَ بَعْدُ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً حِينَ حَلِفِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُثْبِتُ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا قَصَدَ إلَّا الْغَائِبَةَ فَالْحَلِفُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَثْبَتَ زَوْجُهَا إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إسْقَاطَ الْمَرْأَةِ نَفَقَتَهَا عَنْ زَوْجِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَازِمٌ لَهَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهَا وَقَبِلَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَأَمَّا لَوْ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا بِسَبَبِ عِلْمِهَا حِينَ تَزَوَّجَتْهُ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ فَإِنَّ هَذِهِ لَا تَفُوتُ بِدُخُولِهِ أَيْضًا وَلَوْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ. (قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ لِزَوْجِهَا الْمَفْقُودِ) هَذِهِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَفْقُودِ بَلْ تَأْتِي فِي الَّتِي زَوْجُهَا غَائِبٌ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ) أَيْ بِظُهُورِ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) فِي شَرْحِ شب وَمَفْهُومُ غَيْرِ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَزَوُّجُهَا ثَالِثًا؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي لَا يُفْسَخُ بَلْ تَسْتَمِرُّ لَهُ زَوْجَةً انْتَهَى وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَمِثْلُ الْمَنْعِيِّ لَهَا مَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِهِ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ كَمَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ إلَخْ وَصَوَابُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَوْلُهُ فِي الشَّهَادَاتِ وَنُقِضَ إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُ وَهَذَا لَا يُسَمَّى بِالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا قَالَهُ عج إلَّا أَنْ يُقَالَ يُسَمَّى نَظَرًا لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ حَيَاتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ) : الْأُولَى: إذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ النَّصْرَانِيِّ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فِي الْعِدَّةِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ. الثَّانِيَةُ: الْأَسِيرُ يَتَنَصَّرُ وَلَا يُدْرَى كَانَ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ ثُمَّ يَقْدُمُ وَيُثْبِتُ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا فَإِنَّهَا تُرَدُّ وَإِنْ دُخِلَ بِهَا إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ فَتَرْكُ الْمُصَنِّفِ لِهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَفُوتُ فِيهَا بِالدُّخُولِ مُوَافِقٌ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَيْنَ) أَيْ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ ضَرْبًا لَهُنَّ وَطَلَبْنَ الْقِيَامَ وَضَرْبًا آخَرَ فَلَا يَحْتَاجُ مِنْ طَلَبٍ الْآنَ لِضَرْبٍ حَتَّى أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَحْتَاجُ لِعِدَّةٍ بَلْ تَتَزَوَّجُ إنْ أَحَبَّتْ وَإِنْ كَانَتْ امْتَنَعَتْ حِينَ ضَرْبِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَشْفَ وَالضَّرْبَ لِلْأَجَلِ وَالْعِدَّةِ لِوَاحِدَةٍ كَشْفٌ وَضَرْبٌ وَعِدَّةٌ لَبَقِيَّتِهِنَّ. (قَوْلُهُ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ) وَنَصُّ الْمُتَيْطِيِّ وَلَوْ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ سِوَاهَا فَقُمْنَ فِي خِلَالِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ فَطَلَبْنَ مَا طَلَبَتْهُ مِنْ الْفِرَاقِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْإِمَامُ الْفَحْصَ عَنْهُ لَهُنَّ وَإِعَادَةَ ضَرْبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 ص) وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَمَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَوْ كَانَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَأَرَادَتْ أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ لِيَضْرِبَ لَهَا الْأَجَلَ كَزَوْجَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تُجَابُ لِذَلِكَ وَتَسْتَمِرُّ بَاقِيَةً حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ أَوْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهِ وَهُوَ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يُوقَفُ مَالُهُ إلَى التَّعْمِيرِ فَيُورَثُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بِشَكٍّ وَيُقَسَّمُ عَلَى وَرَثَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ وَلَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ التَّعْمِيرِ وَعَطْفُ الْمَالِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَإِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مَالٌ أَيْضًا. (ص) وَزَوْجَةُ الْأَسِيرِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تُوقَفُ زَوْجَةُ الْأَسِيرِ الَّتِي تَرَكَ لَهَا مَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَلَا شَرْطَ لَهَا وَأَوْلَى مَا لَهُ إلَى التَّعْمِيرِ فَتَعْتَدُّ حِينَئِذٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْرِبْ الْإِمَامُ لِزَوْجَةِ الْأَسِيرِ أَجَلًا؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ لَا يَصِلُ الْإِمَامُ إلَى الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ وَالْفَحْصِ عَنْ خَبَرِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْمَفْقُودِ ثُمَّ إنَّهُ يُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى رَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ وَلَا يُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى أَبَوَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَضَى بِذَلِكَ قَاضٍ قَبْلَ الْفَقْدِ. (ص) وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَسِيرِ لَا تَتَزَوَّجُ زَوْجَتُهُ وَلَا يُقَسَّمُ مَالُهُ وَلَا تَعْتِقُ أُمُّ وَلَدِهِ إلَّا إذَا صَحَّ مَوْتُهُ أَوْ يَمْضِي عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَنِ مَا لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (لِلتَّعْمِيرِ) عَائِدٌ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ وَمَا بَعْدَهَا (ص) وَهُوَ سَبْعُونَ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ ثَمَانِينَ وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى التَّعْمِيرِ أَيْ مُدَّتِهِ أَيْ أَنَّ نِهَايَتَهُ سَبْعُونَ عَامًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ أَيْضًا أَنَّهُ ثَمَانُونَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي بْنُ السَّلِيمِ وَابْنُ زَرْبٍ وَغَيْرُهُ كَانُوا يَحْكُمُونَ بِأَنَّ حَدَّ التَّعْمِيرِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ عَامًا وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّبْعِينَ دَقَّاقَةَ الْأَعْنَاقِ وَلَعَلَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ وَلِهَذَا لَمْ يَحْكِهَا أَقْوَالًا جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ (ص) فَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالْأَقَلُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا اخْتَلَفَتْ شَهَادَتُهَا فِي قَدْرِ سِنِّ الْمَفْقُودِ حِينَ فُقِدَ فَقَالَتْ بَيِّنَةٌ فُقِدَ وَسِنُّهُ كَذَا وَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى بَلْ فُقِدَ وَسِنُّهُ بِأَزْيَدَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِجِهَةِ الْمَفْقُودِ كَمَا قَالُوا فِي الْأَسِيرِ إذَا تَنَصَّرَ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ تَنَصَّرَ طَائِعًا وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ تَنَصَّرَ مُكْرَهًا أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ مُقَدَّمَةٌ لِلِاحْتِيَاطِ فِي إخْرَاجِ مَالِهِ عَنْهُ   [حاشية العدوي] الْأَجَلِ مِنْ بَعْدِ الْيَأْسِ أَمْ يُجْزِئُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ الْأَوَّلِ فَذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ ابْنِ الْفَخَارِ أَنَّهُ رَأَى لِمَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَسْتَأْنِفُ لَهُنَّ ضَرْبًا وَقَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُنَّ وَضَرْبُ الْإِمَامِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ كَضَرْبِهِ لِجَمِيعِهِنَّ كَمَا أَنَّ تَفْلِيسَهُ لِلْمِدْيَانِ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ تَفْلِيسٌ لِجَمِيعِهِمْ. (قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ) فَتَبْقَى بِغَيْرِ عِتْقٍ لِلتَّعْمِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ وَإِلَّا نَجَّزَ عِتْقَهَا وَحَلَّتْ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ أَنْ تُثْبِتَ أُمُومَةَ الْوَلَدِ وَغَيْبَةَ السَّيِّدِ وَعَدَمَ إمْكَانِ الْأَعْذَارِ فِيهَا وَعَدَمَ النَّفَقَةِ وَمَا يُعَدَّى فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ سِنَّ التَّعْمِيرِ. (قَوْلُهُ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ) مَا لَمْ تُثْبِتْ مَوْتَهُ يَوْمَ فَقْدِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَإِنْ ثَبَتَ قَسَّمَ حِينَ ثُبُوتِهِ فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ فَإِنَّ الْقَسْمَ لَا يَمْضِي وَيَرْجِعُ لَهُ مَتَاعُهُ (قَوْلُهُ وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ الْبَقَاءِ لِلزَّوْجِيَّةِ لِلتَّعْمِيرِ فِي الْأَسِيرِ وَمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا وَإِلَّا طَلَقَتَا وَخَشْيَةُ الزِّنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِتَسَلُّفٍ أَوْ سُؤَالٍ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ فَإِنْ جَاءَ كُلٌّ بَعْدَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ لَمْ يَمْضِ الْقَسْمُ وَرَجَعَ لَهُ مَتَاعُهُ فَإِنْ شُكَّ فِي فَقْدِهِ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ فَيَنْبَغِي كَالْكُفْرِ احْتِيَاطًا فِي زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ. (قَوْلُهُ لِلتَّعْمِيرِ) أَيْ لِلْحَكَمِ بِالتَّعْمِيرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالْأَقَلُّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ إرْثِهِ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَمْوِيتِهِ لَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ تَمْوِيتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ سَبْعُونَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (فَائِدَةٌ) الْأَخَوَانِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَخَوَانِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَالْمُحَمَّدَانِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَالْإِمَامُ لِلْمَازِرِيِّ وَالصِّقِلِّيَّانِ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَالْقَاضِيَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَإِسْمَاعِيلُ وَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي اصْطِلَاحِهِ وَأَمَّا بَهْرَامُ فَيَقُولُ الشَّيْخُ فَمُرَادُهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ شَيْخُهُ وَأَمَّا اصْطِلَاحُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ فَيُشِيرُ بِعْ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَ (هـ) لِابْنِ هَارُونَ وَ (ر) لِابْنِ رَاشِدٍ وَ (خ) لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ ابْنُ السَّلِيمِ) بِفَتْحِ السِّينِ بِضَبْطِ بَعْضِ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ دَقَّاقَةَ الْأَعْنَاقِ) كِنَايَةٌ عَنْ ضَعْفِ الْحَالِ. (قَوْلُهُ وَسِنُّهُ بِأَزْيَدَ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ (أَقُولُ) بَقِيَ مَنْ يُفْقَدُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ عَشْرُ سِنِينَ وَكَذَلِكَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً فَإِنَّمَا يُضْرَبُ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ ابْنَ مِائَةٍ اُجْتُهِدَ فِيمَا يُضْرَبُ لَهُ وَسَكَتَ عَمَّنْ غَابَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ سِنَّ التَّعْمِيرِ وَكَذَلِكَ سَكَتَ أَيْضًا عَمَّنْ غَابَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ سِنُّ التَّعْمِيرِ وَذَكَرَ تت وَغَيْرُهُ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يُزَادُ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ ابْنَ سَبْعِينَ أَوْ تِسْعِينَ يُنْظَرُ إلَى حَالِهِ مِنْ قُوَّةٍ وَضَعْفٍ يَوْمَ فَقْدِهِ فَقَدْ يَكُونُ صَحِيحَ الْبِنْيَةِ مُجْتَمِعَ الْقُوَى وَعَكْسُهُ فَيُعْتَبَرُ فِي الزِّيَادَةِ حَالُهُ فَيُزَادُ بِحَسَبِهِ انْتَهَى وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي ابْنِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَابْنِ الثَّمَانِينَ أَوْ أَكْثَرَ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 وَلِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ قَدْ عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى (ص) وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى سِنِّ الْمَفْقُودِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّقْدِيرِ أَيْ عَلَى مَا يُقَدِّرُونَهُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِمْ أَيْ أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلتَّعَذُّرِ (ص) وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ (ش) أَيْ وَإِذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى سِنِّ الْمَفْقُودِ عَلَى التَّقْدِيرِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فَإِنَّ الْوَارِثَ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْقَطْعِ فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّقْدِيرِ أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِتَارِيخِ الْوِلَادَةِ فَلَا يَمِينَ. (ص) وَإِنْ تَنَصَّرَ أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ أَمْرُهُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ طَائِعًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَأَقْوَالِهِمْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مَعَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ ثَبَتَ إكْرَاهُهُ فَحَالُهُ كَحَالِ الْمَفْقُودِ فِي زَوْجَتِهِ فَتَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَقِيلَ لَا تَفُوتُ بِالدُّخُولِ كَحَالِ الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا. (ص) وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فُقِدَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ الْحَاصِلِ لِأَجْلِ الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا قَرُبَتْ الدَّارُ أَوْ بَعُدَتْ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهُ حَضَرَ الْمُعْتَرَكَ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ مِنْ حِينِ فَرَاغِ الْقِتَالِ وَيُحْمَلُ أَمْرُ مَنْ فُقِدَ فِي ذَلِكَ الْقِتَالِ عَلَى الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ الْجَيْشِ فَقَطْ فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ قَالَهُ ح وَاعْتَذَرَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بِقَوْلِهِ إمَّا؛ لِأَنَّ يَوْمَ الِالْتِقَاءِ هُوَ يَوْمُ الِانْفِصَالِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَتَحْسِبُهَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ (ص) وَهَلْ يُتَلَوَّمُ وَيُجْتَهَدُ تَفْسِيرَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يُتَلَوَّمُ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَهَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ تَفْسِيرٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فَإِنَّهُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ أَصْلًا فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بِإِثْرِ الِانْفِصَالِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَبِعِبَارَةٍ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَالَ إنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْتَقْصَى أَمْرُهُ وَيُسْتَبْرَأُ خَبَرُهُ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ يُتَلَوَّمُ إلَخْ فَأَطْلَقَ التَّلَوُّمَ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ وَالِاجْتِهَادَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ الْوَارِدَيْنِ فِي كَلَامِ أَصْبَغَ قَالَهُ الشَّارِحُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَأَطْلَقَ التَّفْسِيرَيْنِ عَلَى حَمْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِكَلَامِ أَصْبَغَ عَلَى الْوِفَاقِ وَحَمْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ (ص) وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ (ش) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا صَادِقٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَحِينَ انْقِضَاءِ التَّلَوُّمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُنْتَجِعِ) أَيْ الْمُرْتَحِلِ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ بَلَدِهِ (لِبَلَدِ الطَّاعُونِ) فَفُقِدَ (أَوْ) فُقِدَ فِي بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِجَاعٍ لَكِنْ (فِي زَمَنِهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الطَّاعُونِ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ إلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ يُحْمَلُ مَنْ فُقِدَ فِي بَلَدِهِ زَمَنَ الطَّاعُونِ أَوْ فِي بَلَدٍ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَفِيهِ طَاعُونٌ عَلَى الْمَوْتِ إلَخْ وَلَا مَفْهُومَ لِلطَّاعُونِ بَلْ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا يَكْثُرُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَبَاءِ لَشَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَالطَّاعُونُ بَثْرَةٌ مِنْ مَادَّةٍ سُمِّيَّةٍ مَعَ لَهَبٍ وَاسْوِدَادٍ حَوْلَهَا مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ يَحْدُثُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّوْعُ فَخِلَافُهُ يَكُونُ خَفِيًّا فَلِذَلِكَ قَالَ عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى التَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَطْعِ) مُعْتَمِدًا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ لَكِنْ بَلْ الظَّاهِرُ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي سِنِّهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الطَّوْعِ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَسَرَهُ مَنْ اُشْتُهِرَ عَنْهُ أَنَّهُمْ يُكْرِهُونَ الْأَسِيرَ الْمُسْلِمَ عَلَى الْكُفْرِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَأَحْرَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ عَلَى الطَّوْعِ فَإِنْ عُلِمَ إكْرَاهُهُ فَكَالْمُسْلِمِ تَبْقَى زَوْجَتُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ عِلْمِنَا بِحَالِ مَوْتِهِ فَإِذَا جَهِلْنَا فَيُحْمَلُ عَلَى ارْتِدَادِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ كَائِنٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَفُوتُ بِالدُّخُولِ) ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ) أَيْ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ تَفْسِيرَانِ) لَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ هَلْ يُتَلَوَّمُ بِالِاجْتِهَادِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عَطْفَ الِاجْتِهَادِ مُغَايِرٌ وَهُوَ الْحَقُّ. (قَوْلُهُ فَأَطْلَقَ التَّلَوُّمَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَطْفَ فِي كَلَامِ أَصْبَغَ مُغَايِرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُرَادِفٌ وَأَمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا فَقَدْ قَالَ الزَّرْقَانِيِّ الْمُرَادُ بِالتَّلَوُّمِ انْتِظَارُ مُدَّةٍ تَعْتَدُّ بَعْدَهَا وَبِالِاجْتِهَادِ الِاجْتِهَادُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ) أَيْ التَّلَوُّمُ وَالِاجْتِهَادُ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ تَفْسِيرَانِ فِيهِ تَغْلِيبٌ؛ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى التَّقْيِيدِ. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مَوْتِ النَّاسِ بِهِ. (قَوْلُهُ بَثْرَةٌ) أَيْ: خُرَّاجٌ. (قَوْلُهُ سُمِّيَّةٍ) نِسْبَةٌ لِلسُّمِّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي يَطْعَنُ بِهَا فِيهَا سُمٌّ أَوْ كَأَنَّ فِيهَا سُمًّا وَهُوَ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ) أَيْ طَعْنِ الْجِنِّ الْحَاصِلُ أَنَّ «الطَّاعُونَ قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ وَخْزُ إخْوَانِكُمْ وَلَمْ تَصِحَّ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا وَوُرُودِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 مَعَهَا وَرَمٌ فِي الْغَالِبِ وَقَيْءٌ وَخَفَقَانٌ فِي الْقَلْبِ يَحْدُثُ غَالِبًا فِي الْمَوَاضِعِ الرِّخْوَةِ وَالْمَغَابِنِ كَتَحْتِ الْإِبْطِ وَخَلْفِ الْأُذُنِ، وَالْوَبَاءُ: كُلُّ مَرَضٍ عَامٍّ وَقَالَ بَعْضٌ هُوَ مَرَضُ الْكَثِيرِ مِنْ النَّاسِ فِي جِهَةٍ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُعْتَادِ مِنْ الْأَمْرَاضِ فِي الْكَثْرَةِ وَغَيْرِهَا وَيَكُونُ نَوْعًا وَاحِدًا. (ص) وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي مَفْقُودٍ وَمُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ هُوَ بِهِ وَهُوَ اعْتَدَّتْ أَيْ وَاعْتَدَّتْ فِي الْفَقْدِ فِي الْقِتَالِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَدَّتْ أَيْضًا أَيْ تَأْخُذُ فِي الِاعْتِدَادِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَقْدِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ كَائِنَةٍ تِلْكَ السَّنَةُ بَعْدَ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَفْقُودِ مِنْ السُّلْطَانِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ تِلْكَ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ فَقَالَ (ص) وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّكْنَى وَاجِبَةٌ لِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَالْمَحْبُوسَةُ بِسَبَبِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالْمَزْنِيِّ بِهَا وَمَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا إذْ غَيْرُهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فَلَا يَتَأَتَّى لَهَا سُكْنَى لَكِنْ إنَّمَا تَجِبُ السُّكْنَى لِمَنْ حُبِسَتْ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِهِ قَبْلَ مَوْتٍ مِنْ الْحَبْسِ بِسَبَبِهِ كَأَنْ يَطَّلِعَ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ فِي حَيَاتِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ إنْ مَاتَ مِنْ الْحَبْسِ بِسَبَبِهِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَى مُوجِبِ الْحَبْسِ كَمَا لَوْ فُسِخَ نِكَاحُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسَةِ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ الطَّلَاقُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَسْتَمِرُّ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَاتَ وَعَطْفُ الْمَحْبُوسَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِشُمُولِهِ مَا سَبَقَ وَغَيْرَهَا حَامِلًا أَوْ لَا مِنْ مُطَلَّقَةٍ أَوْ مَزْنِيٍّ بِهَا أَوْ مَنْ يَخْلَعُهَا أَوْ مَغْصُوبَةٍ أَوْ مِمَّنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ لَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الْمُغَايِرِ كَمَا قِيلَ نَظَرًا لِلْقَيْدِ فِي الثَّانِي وَهُوَ مَحْبُوسَةٌ وَلِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ النَّظَرُ لِمُطَلَّقَةٍ أَوْ مَحْبُوسَةٍ بِسَبَبِهِ فَإِذَا نَظَرْت لِمَفْهُومِ هَذَا وَمَفْهُومِ هَذَا كَانَ كَمَا قُلْنَاهُ وَاعْتُرِضَ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُؤَلِّفِ السُّكْنَى بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السُّكْنَى لَا تَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ اُنْظُرْ   [حاشية العدوي] فَالْجَمْعُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأُخُوَّةَ فِي الدِّينِ لَا تُنَافِي الْعَدَاوَةَ؛ لِأَنَّ عَدَاوَةَ الْجِنِّ لِلْإِنْسِ بِالطَّبْعِ وَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَالْعَدَاوَةُ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِنْسِ آدَم وَحَوَّاءُ وَأَصْلَ الْجِنِّ إبْلِيسُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِنَّ يُوصَفُونَ بِكَوْنِهِمْ أَعْدَاءَ لِلْإِنْسِ سَوَاءٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يُحْمَلُ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لِاتِّحَادِ مَخْرَجِ الْحَدِيثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ اللَّفْظَيْنِ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ الْآخَرُ مِنْ الْمَقْصُودِ فَحَيْثُ جَاءَ لَفْظُ أَعْدَائِكُمْ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ إذْ لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إلَّا فِي عَدُوٍّ لِعَدُوِّهِ وَيَكُونُ الْخِطَابُ لِجَمِيعِ الْإِنْسِ بِأَنَّ الطَّعْنَ يَكُونُ مِنْ كَافِرِي الْجِنِّ فِي مُؤْمِنِي الْإِنْسِ أَوْ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فِي كَافِرِي الْإِنْسِ وَحَيْثُ جَاءَ بِلَفْظِ إخْوَانِكُمْ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ أَيْضًا لَكِنَّ الْمَعْنَى بِأُخُوَّةِ التَّقَابُلِ كَمَا يُقَالُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ أَخَوَانِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ أَخَوَانِ أَوْ أُخُوَّةِ التَّكْلِيفِ كَذَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الطَّعْنَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ لَا بِإِذْنِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ لِكَثْرَةِ الزِّنَا يُحَرِّكُ الْجِنَّ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا يَتَحَرَّكُ الْعَدُوُّ مِنَّا عَلَى عَدُوِّهِ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ دُونَ بَعْضٍ لِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ اللَّهَ لَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّاسِ وَيُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّاسِ لِبُعْدِ الْمِلْكِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَخَفَقَانٌ) أَيْ اضْطِرَابٌ (قَوْلُهُ وَالْمَغَابِنِ) أَيْ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ. (قَوْلُهُ كُلُّ مَرَضٍ) أَيْ فَيَشْمَلُ الطَّاعُونَ. (قَوْلُهُ مَرَضُ الْكَثِيرِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ مَرَضٌ عَامٌّ. (قَوْلُهُ دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِهِ فِي جِهَةٍ دُونَ أُخْرَى وَالْوَبَاءُ بِالْقَصْرِ وَالْمُدِّ. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَانَ يَغْلِبُ الْمَوْتُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُ نَوْعًا وَاحِدًا) أَيْ هَذَا الْمَوْصُوفُ بِالْكَثْرَةِ نَوْعًا وَاحِدًا أَيْ يَكُونُ نَوْعًا وَاحِدًا وَإِنْ جَازَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ النَّظَرِ) صِفَةٌ لِسَنَةٍ أَيْ سَنَةٍ كَائِنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ. (قَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ كَائِنَةً تِلْكَ السَّنَةُ بَعْدَ النَّظَرِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ النَّظَرِ بِالِاجْتِهَادِ وَالسَّنَةِ بَعْدَهُ وَلَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ خِلَافُهُ رَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ أَجَلٌ سَنَةً مِنْ وَقْتِ النَّظَرِ لَهَا ثُمَّ يُورَثُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَتَنْكِحُ زَوْجَتُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُتَلَوَّمُ لَهُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ رَفْعِ أَمْرِهِ لِلسُّلْطَانِ [مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ] (قَوْلُهُ رَجْعِيًّا) إلَّا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ فَيَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إنْ دَخَلَ وَأَمَّا الْبَائِنُ فَيَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ. (قَوْلُهُ كَالْمَزْنِيِّ بِهَا) أَيْ الَّتِي وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ إلَّا أَنَّهَا نَائِمَةٌ وَأَمَّا الْعَالِمَةُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا سُكْنَى. (قَوْلُهُ إذْ غَيْرُهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) فِي اعْتِبَارِ الدُّخُولِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا كَادِّعَاءِ طُرُوقِهِ لَيْلًا فَكَيْفَ يَكُونُ لَاحِقًا وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ وَإِذَا اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ لَحِقَ وَلَا يُسْتَبْرَأُ بِوَضْعِهِ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لِعَانَ الرُّؤْيَةِ الْمُتَضَمَّنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الرُّؤْيَةِ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عج. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسَةِ) الْأَحْسَنُ تَعَلُّقُهُ بِمُقَدَّرٍ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ أَوْ فُسِخَ أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ فَيَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ عَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ فَسْخٌ حِينَئِذٍ فَلَا سُكْنَى لَهَا مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ مِنْ مُطَلَّقَةٍ) بَيَانٌ لِمَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْبُوسَةٌ) ضَمِيرُ هُوَ رَاجِعٌ لِلثَّانِي وَالْقَيْدُ هُوَ قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ إذَا نَظَرْت لِمَفْهُومِ هَذَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نُظِرَ لِذَلِكَ يَكُونُ مُغَايِرًا (قَوْلُهُ لَا تَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ النِّكَاحِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 نَصَّهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إنْ دَخَلَ بِهَا وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقْدُ كِرَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا يُقْضَى لَهَا بِالسُّكْنَى مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ الَّذِي هِيَ سَاكِنَةٌ فِيهِ وَقْتَ مَوْتِهِ لِلْمَيِّتِ بِمِلْكٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَقَدْ نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ نَقَدَ الْبَعْضَ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِهِ فَقَطْ وَحُكْمُهَا فِي الْبَاقِي حُكْمُ مَنْ لَمْ يُنْقَدْ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا مَاتَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَأَمَّا إنْ مَاتَ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ بَائِنَةٍ مُسْتَحَقَّةُ السُّكْنَى فَهِيَ ثَابِتٌ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَالسُّكْنَى لَهَا بِلَا شَرْطٍ وَسَيُنَبِّهُ الْمُؤَلِّفُ عَلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ أَيْ الْمُطَلِّقُ (ص) لَا بِلَا نَقْدٍ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا الْوَجِيبَةَ تَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا مَرَّ أَيْ وَالْمَسْكَنُ لَهُ بِمِلْكٍ أَوْ نَقْدِ كِرَاءٍ لَا بِلَا نَقْدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَاتَ وَالْمَسْكَنُ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ كِرَاءَهُ فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ مِنْ مَالِهَا وَهَلْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ كَانَ مُشَاهَرَةً كَكُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا إنْ كَانَتْ الدَّارُ بِكِرَاءٍ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا سُكْنَى لَهَا فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْمُشَاهَرَةِ وَلَهَا السُّكْنَى فِي الْوَجِيبَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الزَّوْجُ الْكِرَاءَ؛ لِأَنَّ الْوَجِيبَةَ تَقُومُ مَقَامَ النَّقْدِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ تَأْوِيلَانِ. (ص) وَلَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إلَّا أَنْ يَسْكُنَهَا إلَّا لِيَكُفَّهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا سُكْنَى لَهَا إلَّا إنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا مَعَهُ وَضَمَّهَا إلَيْهِ وَلَوْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا وَإِنَّمَا أَسْكَنَهَا وَضَمَّهَا إلَيْهِ لِيَكُفَّهَا فَقَطْ عَمَّا يُكْرَهُ فَلَا سُكْنَى لَهَا وَيَكُفُّهَا بِغَيْرِ لَامٍ بَعْدَ الْفَاءِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الصَّقَلِّيِّ عَنْهُ لِيُكَلِّفَهَا مِنْ بَابِ الْكَفَالَةِ وَالْحَضَانَةِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا أَنْ يَسْكُنَهَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَهِيَ أَنَّ الْمَسْكَنَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَهَا أَيْ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ أَسْكَنَهَا لِيَكُفَّهَا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ إلَّا لِيَكُفَّهَا أَيْ وَهِيَ غَيْرُ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ فَنُسْخَةُ لِيَكْفُلَهَا مِنْ الْكَفَالَةِ الَّتِي هِيَ الْحَضَانَةُ هِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ إذْ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِهَا وَفِي كَلَامِ تت وَالْبِسَاطِيِّ نَظَرٌ. (ص) وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ (ش) أَيْ وَسَكَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَتْ تَسْكُنُ مَعَ   [حاشية العدوي] الْفَاسِدِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى فَسَادِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَسَوَاءٌ فَسَخَ مَا يَحْتَاجُ لِلْفَسْخِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ إنْ دَخَلَ بِهَا) أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ لَا سَكَنَ مَعَهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ وَالْمَسْكَنُ لَهُ وَلَوْ مَنْفَعَةَ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ وَهَلْ مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ وَهَلْ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ مِنْ مَالِهَا) أَيْ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا رَبُّ الدَّارِ وَيَطْلُبُ مِنْ الْكِرَاءِ مَا لَا يُشْبِهُ. (قَوْلُهُ أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) أَيْ كَسَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ شَهْرَيْنِ. (قَوْلُهُ كَكُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا) أَوْ كُلِّ يَوْمٍ بِكَذَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشَاهَرَةَ مَا صَرَّحَ فِيهَا بِلَفْظِ كُلٍّ وَلَوْ بِلَفْظِ الْأَيَّامِ كَكُلِّ يَوْمٍ أَوْ بِلَفْظِ السِّنِينَ كَكُلِّ سَنَةٍ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ وَجِيبَةً وَلَمْ يَنْقُدْ فَلَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ يَبْقَى عَلَى وَرَثَتِهِ فَلِمَ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى سُكْنَاهَا قُلْت انْتِقَالُ التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ مَعَ عَدَمِ نَقْدِ الْمَيِّتِ الْكِرَاءَ أَضْعَفَ تَعَلُّقَهَا بِالسُّكْنَى (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَسْكَنَهَا وَضَمَّهَا) أَيْ فَلَا تَكْفِي السُّكْنَى بِدُونِ الضَّمِّ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الضَّمِّ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ) هَذَا عَلَى بَعْضِ نُسَخِهِ وَإِلَّا فَفِي نُسَخٍ مِنْهُ كَابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْكَفُّ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْكَفَالَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ تَقْرِيرَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمُطِيقَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا بَعْدَهُ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا عَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمُطِيقَةِ وَمَا بَعْدَهُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ) قَالَ عج وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنَّ الْوَجِيبَةَ لَيْسَتْ مِثْلَ النَّقْدِ اتِّفَاقًا فَلَيْسَتْ كَالْمَدْخُولِ بِهَا فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ مُطِيقَةٍ) فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ الْكَفَّ فَلَهَا السُّكْنَى فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَنُسْخَةُ) التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ غَيْرُ مُطِيقَةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ مِثْلَهَا لَا يُقَالُ فِيهِ لِيَكُفَّهَا. (قَوْلُهُ هِيَ الصَّوَابُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفَّ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الَّتِي تُطِيقُ وَاَلَّتِي تُطِيقُ لَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا قَصَدَ الْكَفَّ أَمْ لَا فَالْمُنَاسِبُ نُسْخَةً لِيَكْفُلَهَا أَيْ لِيَحْضُنَهَا وَالْحَضَانَةُ تَكُونُ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَذَلِكَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الذَّكَرَ لَا يَحْضُنُ الْأُنْثَى الَّتِي يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا إلَّا فِي مُدَّةِ عَدَمِ الْإِطَاقَةِ (قَوْلُهُ إذْ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ) نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْت: فَفِي كَوْنِ الصَّغِيرَةِ الْمَضْمُومَةِ أَحَقَّ ثَالِثُهَا إنْ ضَمَّهَا لَا بِمُجَرَّدِ كَفَالَتِهَا لِابْنِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدُوسٍ مَعَ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعَ مُحَمَّدٍ انْتَهَى قَالَ عج قُلْت وَمِنْ هَذَا يَتَّجِهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَالَ لِمَ تَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُوَافِقَ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَدَرَجَ عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعَ مُحَمَّدٍ انْتَهَى وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لِصِغَرٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَلَيْهَا فِي الْوَفَاةِ الْعِدَّةُ وَلَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَالْمَنْزِلُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ نَقَدَ كِرَاءَهُ فَلْتَعْتَدَّ عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَوْلُهُ وَلَهَا السُّكْنَى هُوَ فَرْعُ الْمُصَنِّفِ فَيُقَيَّدُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ فِيهَا انْتَهَى قَالَ عج فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَضَمَّهَا إلَيْهِ إذْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَهَا لَا يُفِيدُ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَبِمَا إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَبَ حَذْفُ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي وَقَدْ مَشَى فِي الشَّامِلِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِي فَلِذَا قَالَ عج لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 الزَّوْجِ فَتَلْزَمُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ مَشْتَاهَا وَمَصِيفَهَا فِي شِتَائِهَا وَصَيْفِهَا (ص) وَرَجَعَتْ لَهُ إنْ نَقَلَهَا وَاتُّهِمَ (ش) يَعْنِي لَوْ نَقَلَهَا زَوْجُهَا إلَى غَيْرِ الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَ تُعْرَفُ بِالسُّكْنَى فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى الْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ فَتَعْتَدُّ فِيهِ وَيُتَّهَمُ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ إسْقَاطَ حَقِّهَا مِنْ السُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ فِي الْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ وَالْعِدَّةُ حَقٌّ لِلَّهِ وَوَاوُ وَاتُّهِمَ وَاوُ الْحَالِ أَوْ وَاوُ الْعَطْفِ عَلَى نَقَلَهَا. (ص) أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ وَإِنْ لِشَرْطٍ فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ وَانْفَسَخَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ الَّذِي عُرِفَتْ بِالسُّكْنَى فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهُ بِسَبَبِ اسْتِئْجَارٍ لِأَجْلِ إرْضَاعِ شَخْصٍ وَشَرَطُوا عَلَيْهَا أَنْ تُرْضِعَهُ فِي دَارِ أَهْلِهِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهَا الْأَوَّلِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِأَجْلِ حَقِّ اللَّهِ إنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُ الطِّفْلِ بِإِرْضَاعِهَا لِلطِّفْلِ فِي مَسْكَنِهَا فَلَوْ كَانَتْ قَابِلَةً تُوَلِّدُ غَيْرَهَا أَوْ مَاشِطَةً فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَبِيتَ عِنْدَهُمْ وَلَوْ مُحْتَاجَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِحْدَادِ وَالطِّيبِ وَعَمَلِهِ وَلَوْ مُحْتَاجَةً. (ص) وَمَعَ ثِقَةٍ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ إنْ خَرَجَتْ ضَرُورَةً فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فِي كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا إلَى حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ الْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ فَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهَا لِأَجْلِ الْعِدَّةِ فِي صُحْبَةِ شَخْصٍ ثِقَةٍ مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِ مُحْرِمٍ أَوْ نَاسٍ لَا بَأْسَ بِهِمْ إنْ كَانَتْ سَارَتْ شَيْئًا قَلِيلًا كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا هَذَا إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِدَّتِهَا بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى مَنْزِلِهَا وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَمَّا إنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عِدَّتِهَا شَيْءٌ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ مَا لَمْ تَكُنْ تَلَبَّسَتْ بِالْإِحْرَامِ أَوْ مَا لَمْ تَكُنْ سَارَتْ كَثِيرًا فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ وَتَسْتَمِرُّ فِي ذَهَابِهَا إلَى حِجَّتِهَا فَقَوْلُهُ إنْ بَقِيَ إلَخْ أَيْ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ بَعْدَ رُجُوعِهَا إلَى مَسْكَنِهَا لَا حَالَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَهَذَا الشَّرْطُ يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا الرُّجُوعُ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ وَلِذَا لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ جَمِيعِهَا كَانَ أَحْسَنَ وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مَعَ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَمْضِيَ عِدَّتُهَا فِيهَا ضَرُورَةً وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي الْحَامِلِ إذَا حَصَلَ لَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى قُرْبِ وَضْعِ الْحَمْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ مَسْكَنِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا سَابِقًا وَبَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ مَسَافَةُ الطَّرِيقِ فَقَطْ فَلَا تَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ. (ص) وَفِي التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ إنْ خَرَجَ لِكَرِبَاطٍ لَا لِمُقَامٍ وَإِنْ وَصَلَتْ وَالْأَحْسَنُ وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا لِحَجِّ تَطَوُّعٍ أَوْ لِرِبَاطٍ أَوْ لِجِهَادٍ أَوْ لِزِيَارَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهَا لِأَجْلِ عِدَّتِهَا فِيهِ وَلَوْ وَصَلَتْ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَصَدَتْهُ فَلَوْ وَصَلَتْ إلَيْهِ وَأَقَامَتْ بِهِ السِّتَّةَ أَشْهُرٍ فَهَلْ تَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهَا الْأَوَّلِ لِتَعْتَدَّ فِيهِ أَوْ لَا تَرْجِعُ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَرْجِعُ وَهُوَ الْأَحْسَنُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا تَرْجِعُ فَقَوْلُهُ وَفِي التَّطَوُّعِ مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ   [حاشية العدوي] بَدَلَ قَوْلِهِ وَلَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ كَأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَمِثْلُهَا يُجَامَعُ إنْ ضَمَّهَا إلَيْهِ كَأَنْ دَخَلَ بِمَنْ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَطَابَقَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى (أَقُولُ) مُفَادُ هَذَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَامَعْ مِثْلُهَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ عَلَيْهَا وَلَا يَكْفِي الضَّمُّ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الضَّمَّ يَكْفِي فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنُ عَرَفَةَ مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا فَلَا مَعْنَى لِلضَّمِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدُّخُولَ فِي غَيْرِ الْمُطِيقَةِ عَدَمٌ وَالْمَدَارُ عَلَى الضَّمِّ كَمَا هُوَ مُفَادُ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَوَاوُ وَاتُّهِمَ وَاوُ الْحَالِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُؤَدَّى الْمَعْنَيَيْنِ وَاحِدٌ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَيُتَّهَمُ الزَّوْجُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الِاتِّهَامِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَرِينَةِ وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَيُتَّهَمُ الزَّوْجُ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ اكْتَرَى مَنْزِلًا وَانْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَمَّا سَكَنَهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَالَ تَرْجِعُ إلَى الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ أَوَّلًا وَيُحْمَلُ الزَّوْجُ عَلَى التُّهْمَةِ أَنَّهُ قَصَدَ بِالْكِرَاءِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْمَسْكَنِ الْأَوَّلِ وَلَا تَعْتَدَّ فِيهِ اهـ. . (قَوْلُهُ وَإِنْ لِشَرْطٍ فِي إجَارَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ وَانْفَسَخَتْ) أَيْ صَارَتْ مُعَرَّضَةً لِلْفَسْخِ لَا لَزِمَهُ الْفَسْخُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَجَعَلَ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَانْفَسَخَتْ إنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ. (قَوْلُهُ خَرَجَتْ ضَرُورَةً) أَيْ أَوْ مَنْذُورَةً (قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) هَلْ يَشْمَلُ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ أَوْ خُصُوصَ الرَّابِعِ فَقَطْ كَذَا نَظَرُوا. (قَوْلُهُ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا) قَضِيَّةُ الْمُبَالَغَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ لَا تَرْجِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَظَهَرَ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ إلَخْ وَعِبَارَةُ عب وَظَاهِرُ قَوْلِهِ شَيْءٍ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ يَوْمًا قَالَهُ تت وَلَكِنْ قَيَّدَهَا اللَّخْمِيُّ بِمَا لَهُ بَالٌ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِمَوْضِعِهَا إنْ كَانَ مُسْتَعْتِبًا وَإِلَّا فَالْمَوْضِعُ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ مِمَّا لَهُ بَالٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ) يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا . (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ نَحْوِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمُسْتَحْسَنَ أَنَّهَا تَرْجِعُ بَعْدَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَالصَّوَابُ سِتَّةُ الْأَشْهُرِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ بِتَعْرِيفِ الْجُزْءِ الثَّانِي أَوْ السِّتَّةُ الْأَشْهُرِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ بِتَعْرِيفِهِمَا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ، وَقَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ ضَعِيفٌ وَلِذَلِكَ قِيلَ وَالنَّقْلُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُسْتَحْسَنِ وَعِبَارَةُ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ فِي الرِّوَايَةِ التَّقْيِيدُ بِالسِّتَّةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ قَدْ وَصَلَتْ وَفِي كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونِسِيِّ وَلَوْ أَقَامَ سَنَةً أَوْ أَشْهُرًا وَكَذَا فِي عِبَارَةِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ ذَلِكَ عَلَى الصَّوَابِ فَلَعَلَّ أَصْلَهُ نَحْوُ السَّنَةِ أَوْ أَشْهُرٍ فَصَحَّفَ النَّاسِخُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 تَطَوُّعٍ. الْحَجُّ مِنْ أَسْفَارِ النَّوَافِلِ وَالْإِبَاحَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنْ خَرَجَ لِكَرِبَاطٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجَتْ كَقَوْلِهِ وَصَلَتْ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ وَلَوْ خَرَجَتْ وَحْدَهَا وَقَوْلُهُ لَا لِمُقَامٍ أَيْ انْتِقَالٍ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ. (ص) وَفِي الِانْتِقَالِ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا لِمُقَامٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا سَافَرَ بِهَا سَفَرَ نُقْلَةٍ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا مُخَيَّرَةٌ فَإِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ فِي أَقْرَبِ الْمَكَانَيْنِ إلَيْهَا أَيْ الْمَكَانِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ أَوْ الْمَكَانِ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ فِي أَبْعَدِهِمَا وَإِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فِيهِ وَعَلَّلَ فِي الْمَوْتِ بِأَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ وَلَا قَرَارَ لَهَا لِرَفْضِ قَرَارِهَا وَلَمْ تَصِلْ إلَى قَرَارِهِ بَعْدُ وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا كَذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ قَرَّرَهُ شُرَّاحُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذِهِ أَقْوَالٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ. (ص) وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا (ش) أَيْ حَيْثُ لَزِمَهَا الرُّجُوعُ وَكَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ جَائِزًا كَمَا إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ بِأَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضٌ وَالْجَارِي عَلَى الْأُصُولِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ فِي الرُّجُوعِ أَوْ التَّمَادِي إنْ كَانَ نَقَدَ وَفِيمَا إذَا اعْتَدَّتْ بِمَكَانِ الْمَوْتِ نَظَرٌ. انْتَهَى وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَرَجَعَتْ فِي كُلِّ الْأَقْسَامِ مُقَيَّدًا بِمَنْ طَرَأَ عَلَيْهَا مُوجِبُ الْعِدَّةِ قَبْلَ تَلَبُّسِهَا بِحَقِّ اللَّهِ كَمَا قَدَّمْنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ. بِقَوْلِهِ (ص) وَمَضَتْ الْمُحْرِمَةُ أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ اعْتَكَفَتْ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى إحْرَامِهَا وَعَلَى اعْتِكَافِهَا وَلَا تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْهُ (ص) أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ (ش) أَيْ وَكَذَا تَمْضِي فِي إحْرَامِهَا إذَا أَحْرَمَتْ الْمُعْتَدَّةُ بَعْدَ مُوجِبِ الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ وَعَصَتْ هَذِهِ بِإِدْخَالِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْعِدَّةِ لِخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بِخِلَافِ الْمُعْتَكِفَةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفُذُ إذَا أَحْرَمَتْ وَتَبْقَى عَلَى اعْتِكَافِهَا حَتَّى تُتِمَّهُ إذْ لَوْ قِيلَ أَنَّهَا تَخْرُجُ لِلْحَجِّ الَّذِي أَحْرَمَتْ بِهِ لَبَطَلَ اعْتِكَافُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ فَالْإِحْرَامُ يُخِلُّ بِجُمْلَةِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يُخِلُّ بِجُمْلَةِ الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا يُخِلُّ بِمَبِيتِهَا فَقَوْلُهُ أَوْ أَحْرَمَتْ إلَخْ أَيْ الَّتِي كَانَتْ أَحْرَمَتْ وَاَلَّتِي كَانَتْ اعْتَكَفَتْ وَاَلَّتِي أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ فَالْمَعْطُوفُ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَحْرَمَتْ مَحْذُوفٌ وَلَيْسَ أَحْرَمَتْ مَعْطُوفًا عَلَى كَانَ الْمُقَدَّرَةِ؛ لِأَنَّ صِلَةَ أَلْ لَا تَكُونُ فِعْلًا مَاضِيًا وَحَذْفُ الْمَوْصُولِ وَإِبْقَاءُ صِلَتِهِ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ وَمَنْ يَهْجُوهُ وَيَمْدَحُهُ سَوَاءٌ. (ص) وَلَا سُكْنَى لِأَمَةٍ لَمْ تُبَوَّأْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ قَدْ بُوِّئَتْ بَيْتًا مَعَ زَوْجِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَلَهَا السُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا وَأَعَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَعَ فَهْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا) أَيْ وَحَيْثُ شَاءَتْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لَشَمِلَ غَيْرَ الْأَمْكِنَةِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمُطَلَّقَةُ إلَخْ) أَيْ فِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ هَذِهِ عِبَارَةُ اللَّقَانِيِّ فَلْيُرَاجَعْ ابْنُ عَرَفَةَ (أَقُولُ) حَيْثُ كَانَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ التَّخْيِيرَ فَلَا اعْتِرَاضَ بِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا) أَيْ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ عَنْهَا فِي مَسْأَلَةِ سَفَرِ الرُّجُوعِ لِإِدْخَالِهِ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِهِ حَالَ كَوْنِهِ رَاجِعًا؛ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ لِأَجْلِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَرْجِعْ هُوَ مَعَهَا وَلَزِمَهَا الرُّجُوعُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمَنْزِلِ الَّذِي يَرْجِعُ لَهُ فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِمَحَلِّهِ أَثِمَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ كِرَاءُ رُجُوعِهَا كَمَا أَنَّهُ فِي مَوْتِهِ لَا كِرَاءَ لَهَا لِرُجُوعِهَا لِلْمَسْكَنِ اللَّازِمِ لَهَا لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ وَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ. (قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ لَزِمَهَا الرُّجُوعُ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ: " وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا " الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ طَلَقَتْ وَلَزِمَهَا الرُّجُوعُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي تَوْضِيحِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ بِتَمَامِهِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عِمْرَانَ إنْ طَلَّقَهَا فِي سَفَرِهِ فَلَزِمَهَا الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ رُجُوعِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ إنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ) أَيْ كِرَاءَ الْجَمَّالِ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ إنَّمَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ فَإِنَّهُ عَلَيْهَا قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا اعْتَدَّتْ بِمَكَانِ الْمَوْتِ نَظَرٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ هَلْ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَدَ تَقَوَّى حَقُّهَا فَلَهَا الْكِرَاءُ رَاجِعًا وَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمَوْضِعِ مَوْتِهِ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا اعْتَدَّتْ بِمَكَانِ الْمَوْتِ هَلْ تُؤْخَذُ بَقِيَّةُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْجَمَّالِ فَتُدْفَعُ فِي مَكَانِ الْعِدَّةِ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الَّتِي خَرَجَتْ لِلِانْتِقَالِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي الِانْتِقَالِ إلَخْ. (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا طَرَأَ مُوجِبُ الْعِدَّةِ بَعْدَ تَلَبُّسِهَا بِحَقِّ اللَّهِ نَعَمْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ) الصُّوَرُ سِتَّةٌ وَذَلِكَ أَنَّ عِنْدَنَا ثَلَاثَةً إحْرَامٌ وَاعْتِكَافٌ وَعِدَّةٌ وَيَطْرَأُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُهُ فَتُتِمَّ السَّابِقَ فِي خَمْسٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُعْتَكِفَةً وَطَرَأَ إحْرَامٌ أَوْ عِدَّةٌ أَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً وَطَرَأَ اعْتِكَافٌ أَوْ عِدَّةٌ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ مَضَتْ عَلَى إحْرَامِهَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِهَا تُتِمُّ الِاعْتِكَافَ السَّابِقَ عَلَى الْإِحْرَامِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَخَفْ فَوَاتَ الْحَجِّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا تُتِمُّ الْعِدَّةَ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَيْ وَتَفْعَلُ الصَّوْمَ الَّذِي تَفْعَلُهُ فِي الِاعْتِكَافِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا طَرَأَ الِاعْتِكَافُ عَلَى الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ أَيْ الَّتِي كَانَتْ أَحْرَمَتْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا: الْمُحْرِمَةُ وَالْمُعْتَكِفَةُ وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ فَهُوَ قَوْلُهُ وَاَلَّتِي أَحْرَمَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ أَحْرَمَتْ مَعْطُوفًا عَلَى كَانَ الْمُقَدَّرَةِ) الْأَحْسَنُ وَلَيْسَ أَحْرَمَتْ مَعْطُوفًا عَلَى صِلَةِ أَلْ الَّتِي هِيَ مُحْرِمَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) وَلَهَا حِينَئِذٍ الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَاتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَمْ تَكُنْ قَدْ بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَمْ تُبَوَّأْ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِالِانْتِقَالِ مَعَ سَادَاتِهَا إذَا انْتَقَلُوا وَلَا كَلَامَ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْخِدْمَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ بِالتَّزْوِيجِ وَأَمَّا إنْ بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَلَيْسَ لِسَادَاتِهَا أَنْ يَنْقُلُوهَا مَعَهُمْ. (ص) كَبَدْوِيَّةٍ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ أَيْ يَجُوزُ لِلْبَدْوِيَّةِ أَيْ سَاكِنَةِ الْعَمُودِ أَنْ تَنْتَقِلَ مَعَ أَهْلِهَا فَقَطْ وَأَحْرَى لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَأَهْلُ زَوْجِهَا مَعًا اجْتَمَعُوا أَوْ افْتَرَقُوا لَكِنْ إنْ اجْتَمَعُوا اعْتَدَّتْ مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَإِنْ افْتَرَقُوا اعْتَدَّتْ مَعَ أَهْلِهَا وَمَفْهُومُ أَهْلِهَا فَقَطْ أَنَّهَا لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ لَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَهَذَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَهْلٌ اعْتَدَّتْ حَيْثُ كَانَتْ مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَبِعِبَارَةٍ الصُّوَرُ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا إذَا بَقِيَتْ مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا مَشَقَّةٌ فِي لَحَاقِهَا بِأَهْلِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمْ لَا فَفِي الْأَوَّلِ تَرْتَحِلُ مَعَ أَهْلِهَا وَفِي الثَّانِي لَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَإِذَا ارْتَحَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا إذَا ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ مَشَقَّةٌ فِي عَوْدِهَا لِأَهْلِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمْ لَا فَفِي الْأَوَّلِ لَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَفِي الثَّانِي تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ. وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُبِيحُ خُرُوجَ الْبَدْوِيَّةِ ذَكَرَ مَا يُبِيحُهُ لِلْحَضَرِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ لِعُذْرٍ لَا يُمْكِن الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا كَسُقُوطِهِ أَوْ خَوْفِ جَارِ سَوْءٍ وَلَزِمَتْ الثَّانِي وَالثَّالِثَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَأَخَذَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهَا ضَرَرٌ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هِيَ فِيهِ لَا يُمْكِنُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ وَالْعُذْرُ إمَّا سُقُوطُهُ أَوْ خَوْفُهَا عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا لِأَجْلِ الْجَارِ السَّوْءِ أَوْ لِأَجْلِ انْتِقَالِ جِيرَانِهَا مِنْ حَوْلِهَا وَوَجَدَتْ وَحْشَةً وَإِذَا انْتَقَلَتْ لِعُذْرٍ إلَى الْمَكَانِ الثَّانِي صَارَ حُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ فِي لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ حَصَلَ عُذْرٌ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ وَهَكَذَا وَإِذَا انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا الْمُطَلِّقُ. (ص) وَالْخُرُوجُ فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ أَيْ الْمَحْكُومُ لَهُمَا فِي التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ النَّهَارِ وَهُمَا مِنْ قُبَيْلِ الْفَجْرِ بِقَلِيلٍ وَمِنْ الْغُرُوبِ لِلْعِشَاءِ وَأَحْرَى نَهَارًا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ فِي غَيْرِ حَوَائِجِهَا وَظَاهِرُ النَّقْلِ جَوَازُهُ فَإِنَّهُ قَالَ تَخْرُجُ لِلْعُرْسِ وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا (ص) لَا لِضَرَرِ جِوَارٍ لِحَاضِرَةٍ وَرُفِعَتْ لِلْحَاكِمِ وَأَقْرَعَ لِمَنْ يَخْرُجُ إنْ أَشْكَلَ (ش) نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّ ضَرَرَ الْجِيرَانِ فِي حَقِّ الْحَاضِرَ قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ لَا يَكُونُ عُذْرًا يُبِيحُ لَهَا الِانْتِقَالَ إلَى غَيْرِ مَنْزِلِهَا وَلَكِنَّهَا تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ فَيَنْظُرُ فِيهِ فَمَنْ كَانَ ظَالِمًا كَفَّهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ السَّهْمُ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَيَحْتَرِزُ بِالْحَاضِرَةِ مِنْ الْبَدْوِيَّةِ فَإِنَّ ضَرَرَ الْجِيرَانِ فِي حَقِّهَا عُذْرٌ يُبِيحُ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ مَوْضِعِهَا وَنَازَعَ ابْنُ عَرَفَةَ الْجَمَاعَةَ فِي الْقُرْعَةِ وَارْتَضَى إخْرَاجَ غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ اُنْظُرْ نَصَّهُ وَمَا يَرِدُ عَلَيْهِ فِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلَهَا الِانْتِقَالُ) وَكَذَا لَهَا الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَاتِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ (قَوْلُهُ كَبَدْوِيَّةٍ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا) وَأَمَّا الْحَضَرِيَّةُ وَلَوْ حُكْمًا كَأَهْلِ الْأَخْصَاصِ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَ أَهْلِهَا بَلْ تَعْتَدُّ بِمَحَلِّهَا وَسَأَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَمَّنْ مَاتَتْ وَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِ وَأَرَادَتْ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ عَصَبَتِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ كَبَدْوِيَّةٍ ارْتَحَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ) هَذِهِ مُغَايِرَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ عِبَارَةُ عج إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ مَعَ الْأُولَى فَالْوَاجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ) زَادَ عج فَقَالَ وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا هَلْ يَجْرِي فِيهَا وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ أَمْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي ارْتِحَالِ أَهْلِهَا أَوْ أَهْلِ زَوْجِهَا فِي حَالِ عِدَّتِهَا وَأَمَّا فِي حَالِ الْعِصْمَةِ فَتَرْتَحِلُ مَعَ زَوْجِهَا حَيْثُ ارْتَحَلَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ سَفَرِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَلَمْ يَخُصُّوا ذَلِكَ بِحَضَرِيَّةٍ وَلَا بَدْوِيَّة اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ جَارٍ إلَخْ) هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ ضَرَرِهَا بِوَجْهٍ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى رَفْعِهِ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فَإِنَّهَا تُرْفَعُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَمَّا سُقُوطُهُ) أَيْ خَوْفُ سُقُوطِهِ وَأَحْرَى سُقُوطُهُ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ مِنْ قُبَيْلِ الْفَجْرِ إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَجَعْلُهُمَا طَرَفَيْ النَّهَارِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِطَرَفَيْ اللَّيْلِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ أَحَدَ طَرَفَيْ النَّهَارِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَلَا يَصِحُّ إذْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الزَّمَنُ مَأْمُونًا وَالْحَاكِمُ عَادِلًا وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا نَهَارًا 1 - (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهَا التَّصَرُّفُ نَهَارًا وَالْخُرُوجُ سَحَرًا قُرْبَ الْفَجْرِ وَتَرْجِعُ إلَى بَيْتِهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نُظِرَ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أُوِّلَ بِمَا قَالَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرَفَيْنِ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَافَقَهَا. (قَوْلُهُ قَرْيَةٍ) أَيْ فِي ذَاتِ قَرْيَةٍ أَوْ ذَاتِ مَدِينَةٍ. (قَوْلُهُ فَمَنْ كَانَ ظَالِمًا كَفُّهُ) فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ أَخْرَجَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا زَجَرَهُ فَإِنْ امْتَثَلَ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ فَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا أَخْرَجَ الْحَاكِمُ الظَّالِمَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا، وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ أَوْ خَوْفَ جَارِ سَوْءٍ أَيْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ أَنَّهُ فِيمَنْ لَمْ يُمْكِنْهَا الرَّفْعُ وَهَذِهِ فِيمَنْ يُمْكِنُهَا الرَّفْعُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ إلَخْ) أَيْ بِادِّعَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُونِ مُرَجِّحٍ أَوْ بِإِقَامَةِ كُلٍّ بَيِّنَةً بِالضَّرَرِ وَلَمْ تُرَجَّحْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ إخْرَاجَ غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْمُعْتَدَّةِ حَقٌّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ لِزَوْجِهَا بِالسُّكْنَى مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا الَّذِي تَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا فَطَلَبَتْ مِنْهُ أُجْرَةَ السُّكْنَى فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكَارَمَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَا فِيهِ خِلَافٌ وَمَفْهُومُ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَنْهَا لَا شَيْءَ لَهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَعَادَةُ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَجَعْلُ الشَّارِحِ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَنْ طَاعَتْ بِسُكْنَى زَوْجِهَا مَعَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (ص) وَسَقَطَتْ إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ (ش) ضَمِيرُ سَقَطَتْ يَرْجِعُ لِأُجْرَةِ السُّكْنَى زَمَنَ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ وَلَوْ رَجْعِيًّا أَوْ وَفَاةٍ إذَا أَقَامَتْ بِغَيْرِ مَنْزِلِهَا الَّذِي لَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ السُّكْنَى أَيْ إذَا طَلَبَتْ أُجْرَةَ الْمَنْزِلِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تَرَكَتْ مَا كَانَ وَاجِبًا لَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدُ وَلَهَا عَنْهُ عِوَضٌ وَسَوَاءٌ أَكْرَى الْمَنْزِلَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ أَمْ لَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا أَكْرَاهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا اكْتَرَى بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ اكْتَرَتْ وَقَوْلُهُ وَسَقَطَتْ إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُهُ. (ص) كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ أَيْ أَنَّهُ يَسْقُطُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الَّذِي هَرَبَتْ بِهِ مُدَّةً ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُ نَفَقَتَهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَأَقَامُوا ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَ غَيْرُهُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ هَرَبَتْ بِالْوَلَدِ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ الزَّوْجُ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْضِعِهَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهَا كَذَلِكَ وَكَلَامُ الشَّيْخِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ هَذَا التَّقْيِيدُ قُلْت وَلَعَلَّ كَلَامَ الْغَيْرِ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْضِعِهَا قَادِرًا عَلَى رَدِّهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا فَهُوَ كَغَيْرِ الْعِلْمِ بِمَوْضِعِهَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَلَمَّا كَانَ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ حَقًّا تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ يَجُوزُ لِغُرَمَاءِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعُوا الدَّارَ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا الْمَرْأَةُ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا ابْتِدَاءً لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَثْنُوا مُدَّةَ السُّكْنَى لِلْعِدَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ أَوْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الدَّارَ تَعْتَدُّ فِيهَا وَيَرْضَى بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنُوا ذَلِكَ وَلَا بَيَّنُوهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَنْ بَاعَ دَارًا مُؤَجَّرَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (ص) فَإِنْ ارْتَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ يَجُوزُ لَهُمْ ابْتِدَاءً أَنْ يَبِيعُوا دَارِهِ وَيَسْتَثْنُوا سُكْنَى مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ يُبَيِّنُوا عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ ارْتَابَتْ الْمَرْأَةُ بِحِسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأْخِيرِ الْحَيْضَةِ فَهِيَ أَحَقُّ بِالسُّكْنَى إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَالتَّمَاسُكُ بِهِ لِلضَّرَرِ. (ص)   [حاشية العدوي] لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَرِدُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ جَوَازُ إخْرَاجِ الْمُعْتَدَّةِ لِشَرِّهَا مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ إلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ التَّابِعَ لِلَّخْمِيِّ قَدْ أَشْكَلَ الْأَمْرَ فِيهَا وَمَسْأَلَةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ثَبَتَ فِيهَا شَرُّهَا (قَوْلُهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ طَاعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى فِي الْعِصْمَةِ وَتَوَابِعِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ طَاعَتْ مُدَّةَ الْعِصْمَةِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ وَعَادَةُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَبِالتَّرَدُّدِ لِكَذَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ مَتَى تَرَدَّدُوا عَبَّرْت بِتَرَدُّدٌ حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ) فَإِذَا طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ السُّكْنَى وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ مِلْكًا لَهَا قَبْلَهُ وَأَمَّا لَوْ اكْتَرَتْهُ أَوْ مَلَكَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا. (تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ فِي الْخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهِيَ تَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ وَجِيبَةً وَلَمْ تُبَيِّنْ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَ الدُّخُولِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ. (تَنْبِيهٌ آخَرُ) إذَا لَمْ يَثْبُتْ تَمَلُّكُ الزَّوْجَةِ لِلْبَيْتِ الَّذِي سَكَنَتْ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهِ لَهَا فَإِنَّ عَلَى الزَّوْجِ الْكِرَاءَ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجْعِيًّا) وَلَوْ طَلَبَ عَوْدَ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لِلْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَتْ تَعْتَدُّ فِيهِ وَامْتَنَعَتْ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا فَإِنْ رَاجَعَهَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ الْعَوْدِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا قَبْلَ ارْتِجَاعِهِ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا فَلَا يُسْقِطُ امْتِنَاعُهَا لِلْمَسْكَنِ نَفَقَتَهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ مِمَّا اكْتَرَى) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَيُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُكْرٍ (قَوْلُهُ هَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَأَقَامُوا ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ فِيهَا وَإِذَا انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رَدَّهَا الْإِمَامُ بِالْقَضَاءِ إلَى مَنْزِلِهَا حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا فِيهِ وَلَا كِرَاءَ لَهَا فِيمَا أَقَامَتْ فِي غَيْرِهِ 1 - . (قَوْلُهُ وَقَيْدُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْغَيْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ. (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ كَلَامَ الْغَيْرِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَقَيْدُ غَيْرِهِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا أَيْ كَمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَيْدُ غَيْرِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ) الْإِشَارَةُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ ارْتَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ وَلِلْغُرَمَاءِ) أَيْ لَا الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ دَيْنٍ وَإِلَّا فَجَائِزٌ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ رَبُّ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَلِلْغُرَمَاءِ إلَخْ) قَالَ عج وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِبَيْعِ الدَّارِ فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَمَنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ. (قَوْلُهُ كَمَنْ بَاعَ) أَيْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا. (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ فِي الْمُؤَجَّرَةِ وَكَذَا فِي الْمُعْتَدَّةِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْبَيَانِ فِيمَا يَظْهَرُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَلِلزَّوْجِ فِي الْأَشْهُرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الَّتِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ كَبِنْتِ السَّبْعِينَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً أَنْ يَبِيعَ الدَّارَ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا مُطَلَّقَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مُدَّةَ الْعِدَّةِ أَمَّا إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَبِيعَهَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَمَدِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ فِي الْأَشْهُرِ أَيْ فِي عِدَّةِ مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَيْ مَنْ تَحَقَّقَ اعْتِدَادُهَا بِالْأَشْهُرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ. (ص) وَمَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْحَيْضُ كَبِنْتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَبِنْتِ خَمْسِينَ وَنَحْوِهَا هَلْ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ ابْتِدَاءً أَنْ يَبِيعَ الدَّارَ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا الْمَرْأَةُ أَوْ لَا يَجُوزُ فَمَنْ نَظَرَ إلَى الطَّوَارِئِ مَنَعَ الْبَيْعَ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ إذَا حَصَلَ لَهَا الْحَيْضُ وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ. (ص) وَلَوْ بَاعَ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ فَسَدَ (ش) يَعْنِي لَوْ بَاعَ الْغُرَمَاءُ فِي الْوَفَاةِ أَوْ الزَّوْجُ فِي مُتَوَقِّعِ الْحَيْضِ بِشَرْطِ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ أَصْلًا أَوْ حَصَلَتْ وَزَالَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَفَسَدَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِزَوَالِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَأُبْدِلَتْ فِي الْمُنْهَدِمِ وَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ فِي مَكَان جَارٍ فِي مِلْكِ مُطَلِّقِهَا إذَا انْهَدَمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْدِلَهَا مَكَانًا غَيْرَهُ تَمْكُثُ فِيهِ إلَى آخِرِ عِدَّتِهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ فِي مَكَان يَمْلِكُ الْمُطَلِّقُ مَنْفَعَتَهُ إمَّا بِأُجْرَةٍ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا أَوْ بِعَارِيَّةٍ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْدِلَهَا غَيْرَهُ إلَى تَمَامِ الْعِدَّةِ فَقَوْلُهُ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ يَرْجِعُ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَأَمَّا الْمُعَارُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ وَإِلَّا فَإِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ وَأَمَّا مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ وَإِذَا انْهَدَمَ انْعَدَمَ كَوْنُهُ لَهُ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَحِينَئِذٍ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْمَسْكَنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُبْدَلُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ حَيْثُ حَصَلَ الْهَدْمُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ حِينَئِذٍ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ تُقَيَّدْ الْمُدَّةُ فَلِرَبِّهَا إخْرَاجُهَا مَتَى أَحَبَّ وَلَهَا فِي الطَّلَاقِ الْبَدَلُ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ أُجِيبَتْ (ش) مُفَرَّعٌ عَلَى صُورَةِ الْإِبْدَالِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُبْدَلَ الْوَاوُ بِالْفَاءِ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَالْمُطَلِّقُ بَعْدَ تَعَذُّرِ السُّكْنَى فِي تِلْكَ الْمَسَاكِنِ الثَّلَاثَةِ بِمَا ذُكِرَ فِي مَكَانَيْنِ فَدُعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى بَدَلٍ غَيْرِ الْبَدَلِ الَّذِي دُعِيَ إلَيْهِ الْآخَرُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُجِيبَتْ لِسُكْنَاهَا فِيمَا طَلَبَتْهُ إلَّا أَنْ تَدْعُوَهُ إلَى مَا يَضُرُّ بِهِ لِكَثْرَةِ كِرَاءٍ أَوْ تَدْعُوَ إلَى مَوْضِعٍ تَبْعُدُ مِنْهُ، أَوْ فِيهِ سُوءٌ؛ لِأَنَّ لَهُ التَّحَفُّظَ لِنَسَبِهِ فِي مِثْلِ هَذَا. (ص) وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ وَإِنْ ارْتَابَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمِيرَ وَالْقَاضِيَ أَوْ الْمُعَمَّرَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ أَوْ الْقَضَاءِ أَوْ الْعُمْرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ قَدِمَ أَنْ يُخْرِجَهَا حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَلَوْ ارْتَابَتْ بِحِسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ إلَى خَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يَجْعَلُوا مَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَمِيرُ مِنْ السُّكْنَى كَالْأُجْرَةِ حَقِيقَةً وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوِلَايَةِ (ص) كَالْحَبْسِ حَيَاتَهُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْإِخْرَاجِ أَيْ وَكَذَلِكَ مَنْ حُبِسَتْ عَلَيْهِ دَارٌ وَعَلَى آخَرَ بِعِدَّةٍ فَهَلَكَ الْأَوَّلُ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ طَلَّقَهَا فَلَا يُخْرِجُهَا مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ الدَّارُ حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا وَلَوْ لِخَمْسِ سِنِينَ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حَيَاتَهُ لَوْ حُبِسَ عَلَيْهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ أَحَقَّ بِالسُّكْنَى إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا إذَا جَعَلَ الدَّارَ وَقْفًا عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ فِي الْأَشْهُرِ) وَالْغُرَمَاءُ مِثْلُهُ فِي الْأَشْهُرِ وَلَوْ مَعَ تَوَقُّعِ حَيْضِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يَجْرِي فِي بَيْعِهِمْ مَا جَرَى فِي بَيْعِ الزَّوْجِ فِي ذَاتِ الْأَشْهُرِ مَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ لَا فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَتَكَلَّمُ فِي الْغُرَمَاءِ فِي الْحَامِلِ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ عج . (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ أَصْلًا إلَخْ) أَيْ فَيُرَادُ بِزَوَالِهَا عَدَمُهَا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا حُجَّةَ لِلْمُبْتَاعِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُعَارُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ مُفْرَدَ صِفَةٍ لِأَحَدِهِمَا مَحْذُوفٌ مِثْلُهُ مِنْ الْآخَرِ وَالْمُدَّةُ فِي الْعَارِيَّةِ إمَّا حَقِيقَةٌ أَوْ حُكْمٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ) الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ. (قَوْلُهُ وَإِذَا انْهَدَمَ انْعَدَمَ كَوْنُهُ لَهُ) إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ انْهَدَمَتْ مَقْصُورَتُهَا فَتُبْدَلُ بِمَقْصُورَةٍ أُخْرَى مِنْ مَقَاصِيرِ دَارِ الْمَيِّتِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِتَمَامِهَا. (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا إخْرَاجُهَا إلَخْ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا إخْرَاجُهَا مَتَى أَحَبَّ إلَخْ) فَإِنْ أَرَادَتْ الْبَقَاءَ بِهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا فِي الْمَوْتِ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ إلَّا لِوَجْهٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَدْعُو إلَى مَوْضِعٍ تَبْعُدُ مِنْهُ) أَيْ بِمَحَلٍّ لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عب (قَوْلُهُ أَوْ الْمُعَمَّرَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ حَيَاتُهُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَمُوتَ عَنْهَا حَالًا. (قَوْلُهُ إلَى خَمْسِ سِنِينَ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي الْمُرْتَابَةِ بِحِسِّ بَطْنٍ وَأَمَّا الْمُرْتَابَةُ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ فَسَنَةٍ وَبَالَغَ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَلَوْ ارْتَابَتْ بِحِسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ إلَى خَمْسِ سِنِينَ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي مَسْأَلَةِ الْحِسِّ وَمَحَلُّ الْخَمْسِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقُوا أَنَّ فِي بَطْنِهَا حَمْلًا وَإِلَّا تَأَخَّرَتْ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ أَحَقَّ بِالسُّكْنَى) أَيْ فِي الْحَبْسِ وَيَلْزَمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ السُّكْنَى بِمَحَلٍّ آخَرَ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 ذُرِّيَّتِهِ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَقْفِيَّةَ خَارِجَةٌ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ وَالسُّكْنَى مِنْ تَوَابِعِ الْمِلْكِ. (ص) بِخِلَافِ حَبْسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَبْسَ الْمَسْجِدِ لَيْسَ كَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِ حَيَاتُهُ أَيْ فَلِلْإِمَامِ الثَّانِي إخْرَاجُ زَوْجَةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ إذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَ وَزَوْجَتُهُ فِي دَارِ الْإِمَامَةِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ بِخِلَافِ امْرَأَةِ الْأَمِيرِ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَدَارِ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُحْبَسَةً عَلَى الْمَسْجِدِ حَبْسًا مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُحْبَسَةً عَلَى أَئِمَّةِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ دَارِ الْإِمَارَةِ وَدَارِ الْإِمَامَةِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَانْظُرْ نَصَّهُ وَمَا قِيلَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا السُّكْنَى (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي مُدَّةِ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ وَكَذَا إنْ قُلْنَا هِيَ مَحْضُ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ أَيْ وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهَا وَبِعِبَارَةٍ وَكَذَا إذَا أَعْتَقَهَا ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا السُّكْنَى حَيْثُ مَاتَ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَبِيتَ فِي مَنْزِلِهَا زَمَنَ انْتِظَارِ الْحَيْضَةِ وَلَيْسَتْ كَالْحُرَّةِ. (ص) وَزِيدَ مَعَ الْعِتْقِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ (ش) أَيْ وَزِيدَ لِأُمِّ الْوَلَدِ يُنْجِزُ سَيِّدُهَا عِتْقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مَعَ السُّكْنَى النَّفَقَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَفَّى عَنْهَا فَإِنَّ لَهَا السُّكْنَى فِي زَمَنِ حَيْضَتِهَا وَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ (ص) كَالْمُرْتَدَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ إذَا كَانَتْ حَامِلًا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ إلَى حِينِ وَضْعِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا لَمْ تُؤَخَّرْ وَاسْتُبْرِئَتْ فَإِمَّا أَنْ تُقْتَلَ أَوْ تَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ. (ص) وَالْمُشْتَبِهَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى إلَى حِينِ الْوَضْعِ كَمَنْ نَكَحَ ذَاتَ مَحْرَمٍ جَهْلًا فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَلَوْ نَكَحَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ دُونَهَا فَحَمَلَتْ فَلَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ غُيِّرَ لَهُ حَقٌّ بِهِ إذْ لَا نَسَبَ لِوَلَدِ الزِّنَا فَقَوْلُهُ (إنْ حَمَلَتْ) رَاجِعٌ لِلْمُرْتَدَّةِ وَالْمُشْتَبِهَةِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِإِعَادَتِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ. (ص) وَهَلْ نَفَقَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ؟ قَوْلَانِ (ش) صُورَتُهَا غَلِطَ بِذَاتِ زَوْجٍ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا فَوَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أُمَّتَهُ وَلَمْ تَحْمِلْ مِنْ الْغَالِطِ فَهَلْ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ لِلْحُرَّةِ وَحَيْضَةٍ لِلْأَمَةِ عَلَيْهَا نَفْسِهَا أَوْ عَلَى وَاطِئِهَا قَوْلَانِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا إلَى حِينِ الْوَضْعِ عَلَى وَاطِئِهَا بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ بَنَى بِهَا زَوْجُهَا لَكَانَتْ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى زَوْجِهَا لَا عَلَى الْغَالِطِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الزَّوْجُ بِمَا يَنْفِي عَنْهُ ذَلِكَ الْحَمْلَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ التَّابِعِ لِابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَقْفِيَّةَ خَارِجَةٌ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا لِلْمَوْتِ خَارِجَةٌ مِنْ الثُّلُثِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي السُّكْنَى إلَخْ مُرْتَبِطٌ مَعْنًى بِذَلِكَ الَّذِي قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ) أَيْ وَعُزِلَ أَوْ فَرَغَ مِنْ وَظِيفَتِهِ بَعْدَ طَلَاقِهِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا فَرْقَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَالَ وَدَارُ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا مَوْجُودٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) فَقَالَ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا حَبْسًا عَلَى الْمَسْجِدِ حَبْسًا مُطْلَقًا إمَّا أَنْ يُوجِبَ حَقًّا لِلْإِمَامِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَبْسًا عَلَى الْمَسْجِدِ حَبَسَا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى إمَامِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَجُزْ لِإِمَامِهِ أَنْ يَسْكُنَهَا إلَّا بِالْإِجَارَةِ مُؤَجَّلَةً فَلَا يُخْرِجُ مِنْهَا زَوْجَتَهُ إلَّا بِتَمَامِ أَجَلِهِ كَمُكْتَرَاةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اهـ. قُلْت وَيُبْحَثُ فِيهِ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَيُفَرَّقُ بِضَعْفِ حَقِّهِ فِيمَا إذَا كَانَ حَبْسًا مُطْلَقًا وَقُوَّتُهُ فِي الْحَبْسِ عَلَى الْإِمَامِ وَمِثْلُ الْحَبْسِ عَلَى الْإِمَامِ الْحَبْسُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا سُكْنَى لِأُمِّ وَلَدٍ وَلَا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أَعْتَقَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لَهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا الْحَيِّ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ إذَا كَانَتْ حَامِلًا إلَخْ) تَعَقَّبَ بِأَنَّهَا تُسْجَنُ فِي مُدَّةِ رِدَّتِهَا حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تُقْتَلَ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا وَأُجِيبَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا غَفَلَ عَنْ سَجْنِهَا أَوْ تَعَذَّرَ أَوْ كَانَ لِمَوْضِعِ السِّجْنِ أُجْرَةٌ. (قَوْلُهُ لَمْ تُؤَخَّرْ وَاسْتُبْرِئَتْ) أَيْ لَمْ تُؤَخَّرْ كَتَأْخِيرِ الْحَامِلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُؤَخَّرُ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ وَلَهَا السُّكْنَى حَيْثُ لَا تُحْبَسُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ قَالَ عج وَإِذَا لَمْ تَحْمِلْ الْمُشْتَبِهَةُ فَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ وَكَذَا الْمُرْتَدَّةُ حَيْثُ تُصُوِّرَ عَدَمُ سَجْنِهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَلَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ) فَإِنْ عَلِمَتْ أَيْضًا فَلَا سُكْنَى لَهَا. (قَوْلُهُ لِإِعَادَتِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ التَّذْكِيرُ مَعَ أَنَّهُ قَالَ حَمَلَتْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا ذُكِرَتْ. (قَوْلُهُ فَهَلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ) الْأَرْجَحُ أَنَّهُ عَلَيْهَا لَا عَلَى زَوْجِهَا وَأَمَّا مَسْكَنُهَا فَهُوَ عَلَى الْغَالِطِ 1 - (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الزَّوْجُ بِمَا يَنْفِي ذَلِكَ الْحَمْلَ) حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي غَلِطَ بِهَا تَارَةً تَكُونُ لَا زَوْجَ لَهَا وَتَارَةً يَكُونُ لَهَا زَوْجٌ وَإِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ تَارَةً تَكُونُ مَدْخُولًا بِهَا وَتَارَةً لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ فَإِنْ حَمَلَتْ فَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى الْغَالِطِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالسُّكْنَى عَلَيْهِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ الْغَالِطِ فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى الْغَالِطِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَسُكْنَاهَا عَلَى الْغَالِطِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَى زَوْجِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ وَأَمَّا لَوْ بَنَى بِهَا زَوْجُهَا فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ الزَّوْجُ بِلِعَانٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَلْحَقَ بِالثَّانِي فَإِنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَسُكْنَاهَا مَا لَمْ يَنْفِهِ الثَّانِي أَيْضًا بِلِعَانٍ فَإِنْ نَفَاهُ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَهَا السُّكْنَى عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالثَّانِي لَا لِكَوْنِهِ نَفَاهُ بَلْ لِأَجْلِ قِصَرِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ سُكْنَاهَا عَلَى الْأَوَّلِ قَطْعًا وَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 بِأَنَّ نَفَقَتَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ نَفَقَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الزَّوْجِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ وَوَفَاةٍ وَتَوَابِعِهَا أَتْبَعَهَا بِالْكَلَامِ عَلَى شَبَهِهَا وَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ الْمُشْتَقُّ مِنْ التَّبَرِّي وَهُوَ التَّخَلُّصُ وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ وَالْكَشْفُ عَنْ الْأَمْرِ الْغَامِضِ وَشَرْعًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الْأَرْحَامِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ مُرَاعَاةً لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُدَّةُ دَلِيلِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةٍ أَوْ طَلَاقٍ لِتَخْرُجَ الْعِدَّةُ وَيَدْخُلَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ وَلَوْ لِلِعَانٍ وَالْمَوْرُوثَةِ؛ لِأَنَّهُ لِلْمِلْكِ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ. (فَصْلٌ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إنْ لَمْ تُوقِنْ الْبَرَاءَةَ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى حُكْمِهِ وَإِلَى شُرُوطِهِ فَاحْتَرَزَ بِحُصُولِ الْمِلْكِ عَمَّنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُوقِنْ الْبَرَاءَةَ مِمَّا إذَا تَيَقَّنَتْ أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَوْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ كَحَيْضِ الْمُودَعَةِ وَالْمَبِيعَةِ بِالْخِيَارِ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا حَتَّى اشْتَرَاهَا كَمَا يَأْتِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْمِلْكِ مُبَاحًا عَمَّنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ كَمَا يَأْتِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ عَمَّنْ تَحْرُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمُشْتَرِي ذَاتِ مَحْرَمِهِ أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْمِلْكُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِانْتِزَاعِهَا مِنْ عَبْدِهِ أَوْ اشْتِرَائِهَا مِنْهُ وَلَمْ يَقُلْ بِنَقْلِ الْمِلْكِ لِيَشْمَلَ مَا أُخِذَ بِالْقِيمَةِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِمَّا أَخَذُوهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَهْرِ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهَذَا وَجَّهَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلِذَا جَاءَ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَبْيٍ مُنْخَرِطًا فِي سِلْكِ الْإِغْيَاءِ وَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غُنِمَتْ فَلَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ كَمَا قِيلَ. (ص) وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ أَمَةٌ صَغِيرَةٌ تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا فِي الْعَادَةِ كَبِنْتِ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ كَبِيرَةٍ قَعَدَتْ عَنْ الْمَحِيضِ كَبِنْتِ السِّتِّينَ فَمَا فَوْقَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فَمَصَبُّ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً لَا قَوْلُهُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ بَلْ وَإِنْ أَطَاقَتْهُ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ كَمَا سَيَأْتِي وَجُمْلَةُ لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً حَالٌ لَا صِفَةٌ أَمَّا مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ صَغِيرَةٍ فَلِوَصْفِهَا بِجُمْلَةِ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ وَأَمَّا مِنْ كَبِيرَةٍ فَلِعَطْفِهَا عَلَى مَا لَهُ مُسَوِّغٌ. (ص)   [حاشية العدوي] نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَتَأَتَّى اللِّعَانُ مِنْ الثَّانِي حَيْثُ لَا نِكَاحَ قُلْت يَأْتِي فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ [فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ] (قَوْلُهُ الْمُشْتَقُّ مِنْ التَّبَرِّي) مِنْ أَخْذِ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ مِنْ الْمُجَرَّدِ. (قَوْلُهُ وَالْبَحْثُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْكَشْفُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْبَحْثِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الطَّلَبِ، وَقَوْلُهُ الْكَشْفُ أَيْ طَلَبُ الْكَشْفِ. (قَوْلُهُ مُدَّةُ دَلِيلِ) أَيْ مُدَّةُ شَيْءٍ أَيْ حَيْضٍ ثُمَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِبْرَاءِ نَفْسُ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَفْسُ الْحَيْضِ فَكَمَا أَنَّ الْعِدَّةَ نَفْسُ الطُّهْرِ يَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ نَفْسَ الْحَيْضِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إذَا كَانَ بِالْأَشْهُرِ يَكُونُ نَفْسَ الْأَشْهُرِ فَيَكُونُ إضَافَةَ مُدَّةٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَإِذَا كَانَ بِالْحَيْضِ فَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ لَا لِرَفْعٍ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِرَفْعِ عِصْمَةٍ بِأَنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيُقَالُ لِذَلِكَ عِدَّةً وَكَذَا إنْ كَانَ لِطَلَاقٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ رَفْعِ الْعِصْمَةِ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٌ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ الْأَوَّلَ بِمَا عَدَا الطَّلَاقَ (فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ) . (قَوْلُهُ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ) أَيْ لَا لِذَاتٍ هِيَ الْمَوْتُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَبَيْنَهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْآخَرُ أَنَّ الْمُسْتَبْرَأَةَ لَا يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي الْوَفَاةِ وَلَا مُلَازَمَةُ الْمَنْزِلِ بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا) الْمُرَادُ مُبَاحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ فَقَدْ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا هَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ يَسْتَبْرِئُ فَأَجَابَ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ كَانَ فَاسِدًا وَيَجْرِي هَذَا فِيمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ. (قَوْلُهُ كَحَيْضِ الْمُودَعَةِ) أَيْ الْمُودَعَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ مَنْ اشْتَرَاهَا وَقَدْ حَاضَتْ عِنْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهَا بِخِيَارٍ وَكَانَتْ عِنْدَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَيْ وَكَبَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا قَبْلَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يُمْكِنْ شَغْلُهَا فِيهَا لِقِصَرِ الْمُدَّةِ وَمَعَهُ مَنْ لَا يَطَأُ بِحَضْرَتِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ. (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ عَبَّرَ بِنَقْلٍ لِمَا شَمِلَ إلَخْ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرَيْنِ فَيُرَادُ بِالنَّقْلِ أَوْ حُصُولُ الْمِلْكِ إنْشَاءً أَوْ تَمَامًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ مَعْنَاهُ بِالْمِلْكِ الْحَاصِلِ أَصَالَةً أَوْ تَمَامًا وَكَذَا قَوْلُهُ بِنَقْلِ الْمِلْكِ أَيْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْمِلْكِ الْمَنْقُولِ إنْشَاءً أَوْ تَمَامًا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ تُمْلَكُ (قَوْلُهُ وَلِذَا جَاءَ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَبْيٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَا غَنِمْنَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَقَدْ كَانُوا اغْتَنَمُوهُ مِنَّا سَابِقًا أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ قَوْلَهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أُخِذَ بِالْغَنِيمَةِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِمَّا أَخَذُوهُ مِنْ أَمْوَالٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غُنِمَتْ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ غُنِمَتْ أَيْ سَبَيْنَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ مِمَّا كَانَ لَهُمْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَغَنِمْنَاهُ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ) أَيْ عَنْ غُنِمَتْ كَمَا قِيلَ أَيْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ قَوْلَهُ أَوْ غُنِمَتْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ سَبْيٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُخِذَ بِالْغَنِيمَةِ رَجَعَ مِنْ سَبْيٍ أَيْضًا وَتَأَمَّلْهُ . (قَوْلُهُ لَا صِفَةً) اقْتَصَرَ عج عَلَى الصِّفَةِ فَقَالَ صِفَةً لَهُمَا وَأَتَى بِهِ مُطَابِقًا مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ عَلَى الْفَصِيحِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ الْإِفْرَادَ (أَقُولُ) وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الصِّفَةِ وَخَرَجَ لِلنَّادِرَةِ كَبَنَاتِ مَكَّةَ وَتِهَامَةَ فَاسْتِبْرَاؤُهُمَا مُحَقَّقٌ لَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 أَوْ وَخْشًا أَوْ بِكْرًا (ش) الْوَخْشُ بِسُكُونِ الْخَاءِ الْحَقِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْوَخْشُ: الرَّذْلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ جَارِيَةً مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُرَادُ لِلْوَطْءِ غَالِبًا وَإِنَّمَا يُرَادُ لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ مَنْ مَلَكَ أَمَةً بِكْرًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا يُرِيدُ إذَا كَانَتْ تُطِيقُ الْوَطْءَ كَمَا مَرَّ لِاحْتِمَالِ إصَابَتِهَا خَارِجَ الْفَرَجِ وَحَمْلِهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ. (ص) أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا غَصَبَهَا شَخْصٌ وَغَابَ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُ شَغْلُهَا مِنْهَا فَإِذَا رَجَعَتْ إلَى سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ وَخْشِهِ وَلَا تُصَدَّقُ هِيَ وَلَا هُوَ إذَا أَنْكَرَتْ أَوْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ فَالْمُرَادُ بِالْمِلْكِ فِي قَوْلِهِ بِحُصُولِ مِلْكٍ إنْشَاءً أَوْ تَمَامًا فَيَنْطَبِقُ عَلَى الرَّاجِعَةِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ وَإِنَّمَا حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ بِعَدَمِ التَّصَرُّفِ فَإِذَا رَجَعَتْ فَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ. (ص) أَوْ سَبْيٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْأَمَةِ إذَا غَابَ عَلَيْهَا السَّابِي ثُمَّ قَدَرْنَا عَلَيْهَا وَأَرْجَعْنَاهَا لِمَالِكِهَا قَالَ فِيهَا إذَا سَبَى الْعَدُوُّ أَمَةً أَوْ حُرَّةً لَمْ تُوطَأْ الْحُرَّةُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَلَا الْأَمَةُ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَا يُصَدَّقْنَ فِي نَفْيِ الْوَطْءِ وَإِنْ زَنَتْ الْحَامِلُ فَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَضَعَ (ص) أَوْ غُنِمَتْ (ش) صُورَتُهَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ أَمَةً مِنْ إمَاءِ الْعَدُوِّ أَوْ حُرَّةً فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ وَكَذَا قَوْلُهُ (أَوْ اُشْتُرِيَتْ) وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ (ص) وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً وَطَلَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُتَزَوِّجَةً فَلَمَّا تَمَّ الْبَيْعُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَبِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ وَطْؤُهَا بِإِخْبَارِ السَّيِّدِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً أَيْ بِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ وَقَوْلُهُ وَطَلَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَمَّا لَوْ طَلَقَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا. (ص) كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْمَوْطُوءَةَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا قَبْلَ صُدُورِ أَحَدِهِمَا فِيهَا وَهَذَا مَا لَمْ يَقْطَعْ بِانْتِفَاءِ وَطْئِهِ لَهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي اللِّعَانِ أَوْ ادَّعَتْهُ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ اُنْظُرْ ز (ص) وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ (ش) أَيْ وَقُبِلَ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ لِلزَّوْجِ قَوْلُ سَيِّدِهَا فِي أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَيَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى تَزْوِيجِهَا أَمَّا وَطْءُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكْفِي فِيهِ قَوْلُ السَّيِّدِ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ لِحَقِّ اللَّهِ فَقَدْ بَانَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقُبِلَ إلَخْ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ أَوْ زُوِّجَتْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ أَيْ مُدَّعِي الِاسْتِبْرَاءِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ أَنَّ وَطْأَهُ هُوَ لَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ فِيهِ عَلَى دَعْوَى الْبَائِعِ كَمَا قُلْنَا (ص) وَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَ الْبَائِعُ لِلْأَمَةِ وَالْمُشْتَرِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ الْوَخْشُ الرَّذْلُ) أَيْ مِنْ النَّاسِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ أَخَصَّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْوَخْشِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا غَصَبَهَا شَخْصٌ) أَيْ بَالِغٌ وَغَابَ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُ شَغْلُهَا مِنْهُ فَإِنْ غُصِبَتْ أَوْ سَبَاهَا صَبِيٌّ وَغَابَ عَلَيْهَا لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهَا وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِالْغَصْبِ فَيَتَعَدَّى بِالْمَسِّ أَيْضًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ الْآتِيَةِ فَالْغَالِبُ عَدَمُ الْمَسِّ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ شَامِلٌ لِلْمُتَزَوِّجَةِ وَغَيْرِهَا فَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ مِنْ الْغَصْبِ وَالزِّنَا بِحَيْضَةٍ وَلَيْسَ كَعِدَّتِهَا. (قَوْلُهُ مِنْهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ) يُقَالُ انْتَقَلَ كَمَالُهُ كَمَا أَنَّهُ حَصَلَ كَمَالُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَنَتْ الْحَامِلُ إلَخْ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ حَامِلٌ حَمَلَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَأَمَّا مَنْ حَصَلَ لَهَا حَمْلٌ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا كَانَ مَذْكُورًا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فِي شَيْءٍ لَا يُقَالُ إنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُبَالَغَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا فِيهِ تَوَهُّمٌ . (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً) لَوْ حَذَفَ لَوْ كَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاشْتُرِيَتْ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ فَقَدْ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا اسْتِبْرَاءٌ وَتَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ إذْ لَا مُوجِبَ عِنْدَهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَعَبُّدِيٌّ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ عُطِفَ عَلَى؛ لِأَنَّهَا (قَوْلُهُ وَطَلَقَتْ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَقَدْ طَلَقَتْ (قَوْلُهُ كَالْمَوْطُوءَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ لِبَيْعِهَا إلَّا إنْ زَنَتْ عِنْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ لَمْ يَنْفِ وَطْأَهَا فَفِي مَفْهُومِ مَوْطُوءَةٍ تَفْصِيلٌ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي إخْرَاجِ الْمِلْكِ حَقِيقَةً كَبَيْعِهَا أَوْ حُكْمًا كَتَزْوِيجِهَا وَمَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي حُصُولِهِ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَوْطُوءَةِ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَمَنْ سَكَتَ عَنْهُ وَعَنْ عَدَمِهِ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَنْصُوصٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يُقْطَعْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا دَاعِيَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ كَالْمَوْطُوءَةِ إلَخْ وَهَذِهِ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ. (قَوْلُهُ اُنْظُرْ ز) نَظَرْنَاهُ وَقَدْ حَصَلَ بِمَا كَتَبَ مَا يُغْنِي عَنْ نَقْلِ عِبَارَتِهِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) هَذِهِ يُفْهَمُ مِنْهَا قَوْلُهُ وَقِيلَ سَيِّدُهَا بِالْأَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِمَّنْ يَدَّعِي اسْتِبْرَاءَهَا فَأَوْلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَبْرَأْتهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 لَهَا عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لِلْمَوْطُوءَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ لَا يَعْتَمِدُ فِي وَطْئِهِ عَلَى قَوْلِهِ فَيَحْصُلُ غَرَضُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمُوَاضَعَتِهَا تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ حَتَّى تَرَى الدَّمَ (ص) وَكَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ وَإِنَّمَا أَعَادَ كَافَ التَّشْبِيهِ لِبُعْدِ الْفَصْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ كَغَلَطٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحُرَّةِ لَكِنَّ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ بِحَيْضَةٍ لَا بِمِقْدَارِ عِدَّتِهَا وَفَائِدَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي هَذَا مَعَ أَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ لَاحِقًا بِهِ تَظْهَرُ فِيمَنْ رَمَاهُ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَ يَلْحَقُ بِالشُّبْهَةِ فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ رَمَاهُ وَإِلَّا حُدَّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا إلَخْ. (ص) أَوْ سَاءَ الظَّنَّ كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ لِأَجْلِ حُصُولِ ظَنِّ الْوَطْءِ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً عِنْدَهُ مُودَعَةً أَوْ مَرْهُونَةً مَثَلًا وَهِيَ تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قَدْ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ اغْتِصَابٍ وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَى هَذَا بِأَمَتِهِ الَّتِي عِنْدَهُ تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ فِي أَمَتِهِ. (ص) أَوْ لِكَغَائِبٍ أَوْ مَجْبُوبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ عَجَزَتْ (ش) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ اسْتِبْرَاءِ سُوءِ الظَّنِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً لِشَخْصٍ غَائِبٍ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا أَوْ لِشَخْصٍ مَجْبُوبٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمُكَاتَبَةُ إذَا كَانَتْ تَتَصَرَّفُ ثُمَّ عَجَزَتْ وَرَجَعَتْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَالْبَيْعِ فَعَجْزُهَا كَابْتِدَاءِ الْمِلْكِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَا تَتَصَرَّفُ وَلَا تَدْخُلُ وَلَا تَخْرُجُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى سَيِّدِهَا. (ص) أَوْ أَبْضَعَ فِيهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ أَرْسَلَ مَالًا مَعَ شَخْصٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَارِيَةً فَاشْتَرَاهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ فَحَاضَتْ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَنْ يَطَأَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا تُجْزِئُ تِلْكَ الْحَيْضَةُ فِي الطَّرِيقِ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ تَعَدَّى بِإِرْسَالِهَا وَبِهِ يُجَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ التُّونُسِيِّ بِأَنَّ الرَّسُولَ أَمِينُهُ وَيَدُهُ كَيَدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْعَثْ بِهَا كَانَ لِلْآمِرِ وَطْؤُهَا بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِلْمَ الْمُبْضِعِ بِأَنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ لَا يَأْتِي بِهَا وَإِنَّمَا يُرْسِلُهَا مَعَ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُ فِي إرْسَالِهَا، وَلَمَّا كَانَ مُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى ضَرْبَيْنِ حُصُولُ الْمِلْكِ وَتَقَدَّمَ وَزَوَالُهُ؛ أَشَارَ إلَيْهِ. بِقَوْلِهِ (ص) وَبِمَوْتِ سَيِّدٍ وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ سَيِّدُهَا حَاضِرًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ) فَإِنْ قُلْت إنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَقَدْ فَعَلَ الْبَائِعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَقَدْ فَعَلَ الْمُشْتَرِي مَا وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الْبَائِعِ قُلْت كَأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَتَيْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ مَجَازٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَعَادَ كَافَ التَّشْبِيهِ لِبُعْدِ الْفَصْلِ) وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَادَ كَافَ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ لَا بِحُصُولِ الْمِلْكِ وَلَا بِزَوَالِهِ وَالْعِتْقِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الزِّنَا وَالْغَصْبَ وَالْأَسْرَ وَالسَّبْيَ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ يَبِيعَهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا بِحَيْضَةٍ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ الِاسْتِبْرَاءِ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَرَمَاهُ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ حَيْثُ كَانَ السَّيِّدُ مُرْسِلًا عَلَيْهَا لَا فَائِدَةَ لِلِاسْتِبْرَاءِ إذْ الْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطَأْهَا أَوْ وَطِئَهَا وَاسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ يَلْحَقُ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حُدَّ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ) أَيْ أَوْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً) عِنْدَهُ مُودَعَةً بِهَذَا الْحَلِّ يَكُونُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي كَمُودَعَةٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ لَمْ يَطَأْهَا وَأَرَادَ بَيْعَهَا حَالَةَ إسَاءَةِ الظَّنِّ بِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَيَكُونُ تَفْصِيلًا فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ أَيْ فَإِنْ لَمْ تُوطَأْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا إلَّا إنْ سَاءَ الظَّنُّ وَحَمَلَهُ بَعْضٌ آخَرُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي يُرِيدُ وَطْأَهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ سَاءَ ظَنُّهُ بِهَا وَإِنَّمَا سَاءَ بِغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَأَمَّا الْمَأْمُونَةُ فَلَا كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَفِي الْمَجْهُولَةِ قَوْلَانِ أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ فِي أَمَتِهِ) أَفَادَ بَعْضٌ أَنَّ هَذَا فِي الْمَأْمُونَةِ لَا غَيْرِهَا وَفِي الْمَجْهُولَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ أَوْ لِكَغَائِبٍ أَوْ مَجْبُوبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِسُوءِ الظَّنِّ فَالِاسْتِبْرَاءُ فِي هَذِهِ وَاجِبٌ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهُ تُجْزِئُهُ حَيْضَتُهَا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ أَوْ عِنْدَ الْوَكِيلِ وَلَا تُسْتَبْرَأُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ 1 - (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ تَعَدَّى بِإِرْسَالِهَا) أَيْ وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي إرْسَالِهَا مَعَ غَيْرِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ كَمَا إذَا جَاءَ بِهَا الْمُبْضِعُ مَعَهُ. (قَوْلُهُ أَمِينُهُ) أَيْ أَمِينُ الْمُرْسِلِ، وَقَوْلُهُ أَلَا تَرَى إلَخْ مِنْ كَلَامِ التُّونِسِيِّ أَيْ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونِسِيِّ وَنَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ أَيْ فِي الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ أَمِينُهُ وَاسْتِبْرَاؤُهُ يُجْزِئُهُ أَلَا تَرَى وَلَوْ لَمْ يَبْعَثْ بِهَا وَاسْتَبْرَأَهَا لَكَانَ لِلْآمِرِ أَنْ يَطَأَ فَكَذَلِكَ إذَا بَعَثَهَا مَعَ ثِقَةٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَكِيلَ تَعَدَّى فِي بَعْثِهِ إيَّاهَا مَعَ غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ الْآمِرُ فَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ حَيْضُهَا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 أَوْ غَائِبًا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَسَوَاءٌ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا أَوْ لَا وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِنًّا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا بِالنِّسْبَةِ لِأُمِّ الْوَلَدِ مَعَ قَوْلِهِ وَاسْتَأْنَفَتْ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ (ص) أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَاعْتَدَّتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مَنْ مَلَكَهَا بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ زَمَنًا مَا فَالِاسْتِبْرَاءُ لِسُوءِ الظَّنِّ إذْ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ بَاعَهَا سَيِّدُهَا أَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ وَأَحْرَى لَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا زَمَنًا مَا. (ص) وَبِالْعِتْقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الِاسْتِبْرَاءِ الْعِتْقَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ تَنْجِيرًا أَوْ تَعْلِيقًا أَوْ حِنْثًا فَإِذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ وَأَمَّا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَقَدْ حَلَّتْ مَكَانَهَا وَبِعِبَارَةٍ وَبِالْعِتْقِ أَيْ وَيَجِبُ بِالْعِتْقِ لِأُمِّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ لِغَيْرِ السَّيِّدِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا وَأَمَّا هُوَ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ وَبِعِبَارَةٍ وَبِالْعِتْقِ مَا لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ غَابَ السَّيِّدُ غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا فَحَاضَتْ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَمَّا هِيَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَسْتَأْنِفَ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ عِتْقِهَا وَلِتَعَدُّدِ سَبَبِ زَوَالِ الْمِلْكِ أَعَادَ الْعَامِلَ فِي قَوْلِهِ: وَبِالْعِتْقِ النَّاجِزِ إنْشَاءً أَوْ تَعْلِيقًا إذَا حَصَلَ سَبَبُهُ وَأَيْضًا لِلتَّخَالُفِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْمَوْتِ بِالِاسْتِبْرَاءِ أَوْ الْعِدَّةِ السَّابِقَيْنِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِمَا فِي الْعِتْقِ إلَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَإِلَى التَّخَالُفِ الْمَذْكُورِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَاسْتَأْنَفَتْ إنْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ غَابَ غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا بِحَيْضَةٍ أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ غَابَ سَيِّدُهَا عَنْهَا غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا خُفْيَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ وَلَا يُكْتَفَى بِالِاسْتِبْرَاءِ وَالْعِدَّةِ السَّابِقَيْنِ عَلَى عِتْقِهَا وَلَا بِغَيْبَةِ السَّيِّدِ الْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا فَالْحَيْضَةُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ فِي الْحُرَّةِ فَكَمَا أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا تَكْتَفِي بِذَلِكَ فَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ وَبِخِلَافِ الْمَوْتِ السَّابِقِ فَلَا تَكْتَفِي فِيهِ الْقِنُّ بِذَلِكَ أَيْضًا لِحُصُولِ مِلْكِ الْوَارِثِ لَهَا فَقَوْلُهُ أَوْ غَابَ إلَخْ أَيْ وَأَرْسَلَ لَهَا الْعِتْقَ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ حُصُولُ الْمِلْكِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ (بِحَيْضَةٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إلَخْ. (ص) وَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ فَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ الْقِنَّ أَوْ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا عَنْ عَادَتِهَا بِلَا سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبِ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَتَنْظُرُ النِّسَاءُ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ تَرْتَبْ حَلَّتْ وَإِنْ ارْتَابَتْ بِحِسِّ بَطْنٍ فَتَمْكُثُ تَمَامَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ غَائِبًا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَطَأَ بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ هَذَا إذَا أَرَادَ بَقَاءَهَا فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَى مُوَرِّثِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَأَرَادَ بَيْعَهَا 1 - (قَوْلُهُ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مَنْ مَلَكَهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ حُصُولِ الْمِلْكِ لَا زَوَالِهِ كَمَا قَالَ وَلَمَّا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ) إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مَعْطُوفٌ عَلَى اُسْتُبْرِئَتْ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ هَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بَلْ وَإِنْ انْقَضَتْ مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ لَا اسْتِبْرَاءَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى إنْ اُسْتُبْرِئَتْ وَالْإِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اُسْتُبْرِئَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ حِنْثًا) يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ هُوَ الْحِنْثُ. (قَوْلُهُ إذَا حَصَلَ سَبَبُهُ) أَيْ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَبِهِ تَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا (قَوْلُهُ وَأَيْضًا إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ أَعَادَ الْعَامِلَ لِتَعَدُّدِ سَبَبِ زَوَالِ الْمِلْكِ أَعَادَ الْعَامِلَ لِلتَّخَالُفِ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ) أَيْ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ احْتِبَاكًا فَقَدْ حَذَفَ الْغَيْبَةَ فِي الْمَوْتِ وَحَذَفَ فِي الْعِتْقِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَهُوَ مِنْ النَّوْعِ الْمُسَمَّى بِالِاحْتِبَاكِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ لَا اسْتِبْرَاءَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الْمَوْتِ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَوْتِ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَكْتَفِي. (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا لَا حُصُولَ مِلْكٍ فِيهَا. (فَائِدَةٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى أَمَةً أَوْ أُهْدِيَتْ إلَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا يَتَزَوَّجُهَا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَلَا تُصَدَّقُ أَنَّهَا حَاضَتْ قَبْلَ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ بِحَيْضَةٍ) وَيُرْجَعُ فِي قَدْرِهَا هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ لِلنِّسَاءِ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ حَيْضَةٌ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا طُهْرٌ (قَوْلُهُ إذَا تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا عَنْ عَادَتِهَا) أَيْ وَأَمَّا مَنْ عَادَتُهَا أَنْ لَا يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ بَعْدَ تِسْعَةٍ فَإِنَّ اسْتِبْرَاءَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَهَا الْحَيْضَةُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا لَمْ تَرْتَبْ بِحِسِّ بَطْنٍ فَإِنْ ارْتَابَتْ مَكَثَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ وَتَنْظُرُ النِّسَاءُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ وَظَاهِرُهُ حَتَّى فِيمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لِرَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ لَا تَحِلُّ بِمُضِيِّ الثَّلَاثَةِ إلَّا إذَا نَظَرَ النِّسَاءُ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِمَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَنْزِلَةِ الْآتِي فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَعَلَيْهِ فَتَحِلُّ بِمُضِيِّ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْهَا النِّسَاءُ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَرْتَبْ) أَيْ النِّسَاءُ أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ أَوْ ذَهَبَتْ حَلَّتْ وَإِنْ زَادَتْ تَرَبَّصَتْ تَمَامَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَنْظُرُ النِّسَاءُ فَإِنْ ارْتَبْنَ فَتِسْعَةً (ش) أَيْ تَمَامَهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ النِّسَاءُ الْعَارِفَاتُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمْعَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ (كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ اسْتِبْرَاءَ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (ص) وَبِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ وَفِي قَوْلِهِ وَتَرَبَّصَتْ إنْ ارْتَابَتْ وَهَلْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا خِلَافٌ وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا بِهِ أَوْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا. (ص) وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ الِاسْتِمْتَاعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَمَةً بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ شَابًّا أَوْ شَيْخًا؛ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ مَا دَامَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهَا وَهِيَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ مِنْهُ وَاسْتَبْرَأَهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا لَهُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ فِيمَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ شَرَعَ فِي مَفَاهِيمِ قُيُودِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَمِنْهَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (ش) وَمَفْهُومِ إنْ لَمْ تُوقِنْ الْبَرَاءَةَ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمُودَعَةٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ مُودَعَةٌ أَوْ مَرْهُونَةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَحَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مُتَيَقَّنَةٌ. (ص) وَمَبِيعَةٌ بِالْخِيَارِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِالْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَحَاضَتْ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِشَرْطٍ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ لَا تَخْرُجُ لِلتَّصَرُّفِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا لِأَجْلِ سُوءِ الظَّنِّ وَإِذَا رَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ جَازَ لِبَائِعِهَا أَنْ يَطَأَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَخْرُجْ إلَخْ يَرْجِعُ لِلْأَمَةِ الَّتِي حَاضَتْ مِنْ مُودَعَةٍ وَمَرْهُونَةٍ وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ. (ص) أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً عِنْدَهُ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَوَطْأَهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ (ص) أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ (ش) هَذَا عَكْسُ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ وَصَارَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ وَهَذِهِ كَانَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ صَارَ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَقَدْ مَلَكَهَا وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ وَإِنْ طَرَأَ بِلَا طَلَاقٍ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَوَطْؤُهُ صَحِيحٌ وَعَبَّرَ بِزَوْجَتِهِ دُونَ مَوْطُوءَتِهِ لِتَخْرُجَ الْأَمَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ فَإِنَّهُ يَسْتَبْرِئُهَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا وَفِي الْمُبَالَغَةِ نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرَاةَ وَقَدْ   [حاشية العدوي] تَشُكَّ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ بَابَ الِاسْتِبْرَاءِ يُخَالِفُ بَابَ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ تَتَرَبَّصُ سَنَةً تِسْعَةَ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً وَثَلَاثَةً عِدَّةً ثُمَّ هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الرَّحِمِ وَاحِدٌ فَلِمَ طَلَبَ سَنَةً فِي الْعِدَّةِ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ إلَخْ) يُخَالِفُ مَا فِي عب فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ لَمْ تَزُلْ قَبْلَهُ وَشَارِحُنَا يُوَافِقُ عج فِيمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ) ذَكَرَهُمَا قَبْلُ فِي أَصْلِ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُنَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضَةٍ (قَوْلُهُ وَبِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ) أَيْ وَاسْتَبْرَأَ الْحَامِلَ بِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ (قَوْلُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا) أَيْ مُوَاضَعَتُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْجَارِيَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَهِيَ الْفَائِقَةُ غَيْرَهَا أَوْ الْوَخْشُ الَّتِي أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا لَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ. (قَوْلُهُ وَاسْتَبْرَأَهَا) فِعْلٌ مَاضٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِبْرَاءَ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ بَلْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ فَالْعِبَارَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى تَتَّضِحُ [مَفَاهِيمِ قُيُودِ الِاسْتِبْرَاء] (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ مُودَعَةٌ إلَخْ) بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمُودَعَةٍ لِلتَّمْثِيلِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّشْبِيهِ أَيْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيمَا إذَا عَادَتْ لِمُودِعِهَا أَوْ رَاهِنِهَا (قَوْلُهُ وَمَبِيعَةٌ بِالْخِيَارِ) كَانَ الْخِيَارُ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا كَمُشْتَرِيهَا مِنْ فُضُولِيٍّ وَأَجَازَ رَبُّهَا فِعْلَهُ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَسَمِعْت مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا آخَرَ بِالِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ وَهُوَ أَظْهَرُ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ لِعَانِهِ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَطِئَهَا بِمِلْكِ يَمِينِهِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا عِيَاضٌ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَسْتَبْرِئُهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَلْ مَعْنَاهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِبْرَاءِ أَوْ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَقَدْ نَبَّهَ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْمِلْكِ كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَتَحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ لِيَحْصُلَ الْعِلْمُ هَلْ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ أَمْ لَا اهـ. إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَفِي الْمُبَالَغَةِ نَظَرٌ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَمَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمَدْخُولَ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنَّمَا تَحْسُنُ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 دَخَلَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ مَاتَ أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ وَلَا زَوْجٍ إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْحُرَّ أَوْ الْعَبْدَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ أَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ عَجَزَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَرَجَعَتْ لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِسَيِّدٍ وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي أَمَةِ الْمُكَاتَبِ الَّتِي رَجَعَتْ إلَى السَّيِّدِ وَفِي حَقِّ مَنْ اشْتَرَى، وَلَا زَوْجٍ يُرِيدُ نِكَاحًا فِي الْأَرْبَعِ إلَّا بِقُرْأَيْنِ أَيْ طُهْرَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ النَّاشِئِ عَنْ شِرَاءِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ قُرْآنِ كَعِدَّةِ طَلَاقِهَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ تَجْرِي مَجْرَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ يَرْجِعُ لِلْأَرْبَعِ مَسَائِلَ. (ص) وَبَعْدَهُ بِحَيْضَةٍ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَمَةَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِسَيِّدٍ وَلَا لِزَوْجٍ إلَّا بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا فَسْخٌ لِعِدَّتِهِ مِنْهَا (ص) كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي حِلِّهَا بِحَيْضَةٍ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَرْجِعُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ الْوَاقِعِ عَلَى بَيْعِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ عَلَى مَوْتِ زَوْجِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا أَوْ عَلَى عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا ثُمَّ حَاضَتْ عِنْدَهُ حَيْضَةً وَاحِدَةً أَوْ حَاضَتْ عِنْدَهُ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرَجَعَتْ إلَى السَّيِّدِ فَإِنَّهَا تَكْتَفِي بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا إذَا كَانَ الِانْتِقَالُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ الْمَذْكُورَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ الْحَيْضَةُ الثَّانِيَةُ الْمَطْلُوبَةُ مُكَمِّلَةً لِلْعِدَّةِ وَمُغْنِيَةً عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ حَصَلَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ كَانَتْ الْحَيْضَةُ الْمَطْلُوبَةُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ تَمَّتْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَقَدْ دَخَلَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فَعَلَيْهَا فِي الْجَمِيعِ اسْتِبْرَاءٌ بِحَيْضَةٍ (ص) أَوْ حَصَلَتْ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ وَهَلْ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ أَكْثَرُهَا تَأْوِيلَانِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَسْبَابَ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مِلْكٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إذَا حَصَلَتْ فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِهَا فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يُحْتَاجُ فِي اسْتِبْرَائِهَا إلَى حَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ وَهَلْ الِاكْتِفَاءُ بِهَذِهِ الْحَيْضَةِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ مِنْهَا مِقْدَارُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ أَيْ مِقْدَارُ حَيْضَةٍ كَافِيَةٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ أَكْثَرُ الْحَيْضَةِ لَكِنْ لَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِأَكْثَرِهَا أَقْوَاهَا انْدِفَاعًا وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضَةِ الَّتِي اعْتَادَتْهَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِيهِمَا يَكُونُ أَكْثَرَ انْدِفَاعًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ   [حاشية العدوي] مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَحْرَى عِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ الْمُبَالَغَةُ تَحْسُنُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الصَّوَابُ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ يُقَيَّدُ شِرَاؤُهَا قَبْلَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ وَتَزَوُّجَهُ بِهَا لِعَدَمِ الطَّوْلِ (قَوْلُهُ عِدَّةَ فَسْخِ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قُرْأَيْنِ وَيَصِحُّ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ وَهَذَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) بَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الْكُلِّ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ أَعْتَقَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ بِحَيْضَةٍ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ وَكَذَا فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَفِي الْبَيْعِ يَجْرِي عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي حَيْضَةُ وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى وَاحِدَةٍ 1 - (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ) أَيْ أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ) فِيهِ أَنَّ انْتِقَالَ الْمِلْكِ لَمْ يَتَقَدَّمْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَحُصُولِهِ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ إلَخْ أَوْ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ. (قَوْلُهُ الْوَاقِعِ عَلَى بَيْعِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَخْ) أَيْ الْوَاقِعِ لِأَجْلِ بَيْعِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ حَصَلَتْ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّاءِ وَقَدْ فَسَّرَ الشَّارِحُ الْفَاعِلَ وَهُوَ أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ حَصَلَ أَيْ مُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءِ. (تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَالْمُدَوَّنَةِ عَمَّا إذَا تَسَاوَيَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا نَصَّ إنْ تَسَاوَيَا وَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ مُتَعَارِضَانِ وَالْأَظْهَرُ لَغْوُهُ اهـ أَيْ فَلَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَتَسْتَأْنِفُ حَيْضَةً بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ سَوَاءٌ عَتَقَتْ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا وَلَوْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب حَلٌّ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَيْضَةٍ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرَ أَيَّامِ الدَّمِ فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ مَثَلًا وَمَلَكَهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ طُرُوقِ الدَّمِ أَجْزَأَ مَعَ أَنَّهُ مَضَى لَهَا حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ حَصَلَ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَحْصُلَ الْمِلْكُ فِي أَثْنَائِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرِهَا ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْحَيْضَةِ بِمَعْنَى دَمِهَا لَا بِمَعْنَى زَمَنِهَا أَيْ أَكْثَرِهَا دَمًا وَأَقْوَاهَا انْدِفَاعًا وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ الَّتِي اعْتَادَتْهَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِيهِمَا يَكُونُ أَكْثَرَ انْدِفَاعًا أَيْ جَرْيًا وَسَيَلَانًا وَهَذَا الْحَلُّ الَّذِي حَلَّ بِهِ شب حَلٌّ يُصْلِحُ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَبَادِرًا بَلْ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَحَاصِلُ مَا هُنَاكَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ قَيْدٌ لِابْنِ الْمَوَّازِ خَارِجٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَالتَّأْوِيلَانِ هَلْ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ أَكْثَرُهَا أَيَّامًا أَوْ أَكْثَرُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِي مُوسَى بْنِ مَنَاسٍ تَأْوِيلَانِ وَتَفْسِيرُ الْأَكْثَرِ بِالْيَوْمَيْنِ ظَاهِرٌ فِيمَنْ تَحِيضُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَأَمَّا مَنْ حَيْضُهَا يَأْتِي يَوْمَيْنِ فَأَقَلَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي أَكْثَرِهِمَا انْدِفَاعًا. (ص) أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا عَزَلَ جَارِيَةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ عَنْهُ حَتَّى اسْتَبْرَأَهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ مَاءِ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا الْأَبُ فَقَدْ مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى اسْتِبْرَاءٍ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَبْرَأَهَا الِابْنُ ثُمَّ وَطِئَهَا الْأَبُ فَقَدْ مَلَكَهَا بِأَوَّلِ وَضْعِ يَدِ الْأَبِ عَلَيْهَا وَبِجُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ وَوَجَبَتْ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى أَبِيهِ فَصَارَ وَطْءُ الْأَبِ فِي مَمْلُوكَةٍ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ مَاءِ ابْنِهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا وَطِئَهَا الِابْنُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ (ص) وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ (ش) أَيْ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ ثَانِيًا مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ الْأَوَّلِ لِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ مِلْكَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بِتَلَذُّذِهِ وَلَوْ بِالْوَطْءِ بَلْ يَكُونُ لِلِابْنِ التَّمَاسُكُ بِهَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ هُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَبْرَأَهَا الْأَبُ ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الْأَبُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ وَطْئِهِ اتِّفَاقًا. (ص) وَيُسْتَحْسَنُ إذَا غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا رُدَّتْ الْمَبِيعَةُ بِالْخِيَارِ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ لَهُ خَاصَّةً وَإِذَا اخْتَارَ الرَّدَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فَإِنْ أَحَبَّ الْبَائِعُ أَنْ يَسْتَبْرِئَ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ خَاصَّةً فَذَلِكَ حَسَنٌ إذْ لَوْ وَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ لَكَانَ بِذَلِكَ مُخْتَارًا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَمَا اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاءُ مَنْ غَابَ عَلَيْهَا الْغَاصِبُ (ص) وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا (ش) وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْغَاصِبِ فَتَحَصَّلَ بِذَلِكَ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ الْوُجُوبُ فِي الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبِ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيهِمَا وَالِاسْتِحْبَابُ فِي الْمُشْتَرِي وَالْوُجُوبُ فِي الْغَاصِبِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِخِيَارٍ لَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي بَلْ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا وَهُوَ صَرِيحُ الشَّارِحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَلَمَّا كَانَتْ الْمُوَاضَعَةُ نَوْعًا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ خَالَفَتْهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَالنَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَضَمَانُهَا مِنْهُ وَأَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ يُفْسِدُهَا بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ أُفْرِدَتْ بِالْكَلَامِ لِبَيَانِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُوَاضَعَةُ جَعْلُ الْأَمَةِ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزٍ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا وَلَوْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَدَلَ عَنْ حَيْضَتِهَا عَنْ بَرَاءَتِهَا لَشَمِلَ الصَّغِيرَةَ وَالْيَائِسَةَ فَإِنَّ مُوَاضَعَةَ كُلٍّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَمَّا كَانَتْ الْمُوَاضَعَةُ لَا تَجِبُ كَمَا   [حاشية العدوي] انْدِفَاعًا وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ وَالْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَظْهَرُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الذَّاهِبُ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ مِقْدَارَ حَيْضَةٍ صَحَّ بِهَا الِاسْتِبْرَاءُ اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَيْدِ إذَا مَضَى قَدْرُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ لَا يُجْزِئُ الْبَاقِي وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَلَكَهَا بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا يُسْتَغْنَى بِبَقِيَّةِ هَذَا الدَّمِ لِتَقَدُّمِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ اهـ. (قَوْلُهُ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْعَطَّارِ) هُوَ صَاحِبُ أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَلَكَهَا) أَيْ الْأَبُ، وَقَوْلُهُ بِأَوَّلِ وَضْعِ يَدِ الْأَبِ عَلَيْهَا كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيَكُونُ أَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ وَبِجُلُوسِهِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَرُمَتْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ قَوْلُهُ لِفَسَادِهِ مُتَحَقِّقٌ وَلَوْ قُلْنَا الْأَبُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الْأَبُ ابْتِدَاءً) وَأَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلَ أَبِيهِ لَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ وَلَوْ وَاسْتَبْرَأَهَا مِنْ مَاءِ ابْنِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِمَا إنْ وَطِئَاهَا كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلُ (قَوْلُهُ خَاصَّةً) زَادَ شب فَقَالَ لَا لِلْبَائِعِ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا لَهُمَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يُسْتَحَبُّ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَارَ الرَّدَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ) هُوَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ بِذَاتِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ يَسُوغُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَ الْمَبِيعَةَ بِالْخِيَارِ حَيْثُ حَاضَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا فَالنَّهْيُ إذَا لَمْ تَحِضْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا) هَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْغَاصِبِ يَقْتَضِي عُمُومَهُ فِي الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ. (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ صَدْرَ الْعِبَارَةِ وَهُوَ لَا يَسْلَمُ بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا) مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ كَلَامَهُ. قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَا سِيَّمَا كَمَا قُلْنَا مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ نَوْعًا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ خَالَفَتْهُ) فِي هَذَا الْكَلَامِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ تُفِيدُ الْمُبَايَنَةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْمُوَاضَعَةِ الضَّمَانَ وَالنَّفَقَةَ عَلَى الْبَائِعِ وَمِنْ لَوَازِمِ الِاسْتِبْرَاءِ عَدَمَ ذَلِكَ، وَتَبَايُنُ اللَّوَازِمِ يَقْتَضِي تَبَايُنَ الْمَلْزُومَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَعَمَّ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ وَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ فَقَوْلُهُ نَوْعًا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَرَادَ الْأَعَمَّ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَتْهُ أَيْ الِاسْتِبْرَاءَ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْأَخَصُّ. (قَوْلُهُ لَشَمِلَ الصَّغِيرَةَ وَالْيَائِسَةَ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ الْغَالِبُ أَوْ يُجْعَلُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ عَمَّا يَنْقَضِي بِهِ تَوَاضُعُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 فِي التَّحْرِيرِ لِابْنِ بَشِيرٍ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ فِي الَّتِي يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا وَفِي الَّتِي وَطِئَهَا الْبَائِعُ إلَى الْأُولَى أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ (ش) أَيْ الرَّائِعَةُ الْجَيِّدَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْفِرَاشِ لَا لِلْخِدْمَةِ وَإِلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ وَخْشٌ) بِسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَسِيسَةٌ حَقِيرَةٌ (أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ فَلَا مُوَاضَعَةَ وَإِنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا عَطَفَ الْوَخْشَ بِأَوْ وَلَمْ يَأْتِ بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ قَوْلِهِ (عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ) لِلْوَخْشِ خَاصَّةً مَعَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَتَوَاضَعَ أَيْ تَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ مُطْلَقًا وَالْوَخْشُ الَّتِي أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ وَلَوْ رَجُلًا لَا أَهْلَ لَهُ وَهُوَ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا وَبِعِبَارَةٍ فَلَوْ وُضِعَتْ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ قُبِلَ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضِهَا فَعَلَى هَذَا الْوَضْعِ عِنْدَ أَمِينٍ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ (وَالشَّأْنُ النِّسَاءُ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ وَالْمَطْلُوبُ أَوْ السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي يَرَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ. (ص) وَإِذَا رَضِيَا بِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَا الْأَمَةَ الْمُوَاضَعَةَ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِمَا فِي زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ عِنْدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَأَمَّا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الِانْتِقَالَ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِيمَنْ تُوضَعُ عِنْدَهُ حَيْثُ عَيَّنَ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ (ص) وَنَهْيًا عَنْ أَحَدِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَا مَأْمُونَيْنِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ الْمُوَاضَعَةُ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ حَيْضَتِهَا خَوْفَ تَسَاهُلِ الْمُشْتَرِي فِي إصَابَتِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ نَظَرًا لِعَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْبَائِعِ نَظَرًا لِتَأْوِيلِ أَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَا غَيْرَ مَأْمُونَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَالنَّهْيُ إمَّا كَرَاهَةً وَإِمَّا حُرْمَةً. (ص) وَهَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ قَالَ يَخْرُجُ عَلَى التُّرْجُمَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ هَلْ تُجْزِئُ فِي ائْتِمَانِهَا عَلَى الْأَمَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّ الْأَمَةَ قَدْ حَاضَتْ أَوْ مَا حَاضَتْ قَالَ الْمَازِرِيُّ يَخْرُجُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي التُّرْجُمَانِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ فَيُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَوْ هُوَ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ فَلَا يُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ فِي الْخِلَافِ اُنْظُرْهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ وَحَامِلٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَزَانِيَةٍ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ فِيمَا ذُكِرَ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْمُوَاضَعَةِ فِيهِنَّ أَمَّا الْمُتَزَوِّجَةُ فَلِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْحَامِلُ أَيْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا فَلِعِلْمِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الرَّحِمَ مَشْغُولٌ بِالْوَلَدِ وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تُغْنِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ وَعَنْ الِاسْتِبْرَاءِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فِي الَّتِي يُنْقِصُ الْحَمْلُ) أَيْ وَهِيَ الرَّائِعَةُ. (قَوْلُهُ وَتَتَوَاضَعُ) خَبَرٌ مَعْنَاهُ الطَّلَبُ وَالْأَصْلُ وَلْيَتَوَاضَعْ الْمُتَبَايِعَانِ وَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا فَالْمُرَادُ أَصْلُ الْفِعْلِ وَهُوَ الْوَضْعُ أَيْ يَجِبُ وَضْعُهَا عِنْدَ أَمِينٍ وَتَتَوَاضَعُ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَخْشٌ وَهَلْ يُرَاعَى فِي كَوْنِهَا وَخْشًا أَوْ عَلِيَّةً حَالُ مَالِكِهَا أَوْ حَالُهَا عِنْدَ النَّاسِ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَ بَعْضٍ. (قَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ) صَادِقٌ بِالْوَاحِدَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى اخْتِيَارِهِ مَا هُوَ الرَّاجِحُ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ ذِي أَهْلٍ خُلُوُّهُ عَنْ كَأُمٍّ أَوْ جَارِيَةٍ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ لَا يَجُوزُ خُلُوُّ أَجْنَبِيَّةٍ بِأَجْنَبِيٍّ كَذَا لِبَعْضِ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا جَعَلَهُ الْأَصْوَبَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ. (قَوْلُهُ لَوْ وُضِعَتْ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ) أَيْ أَوْ مَأْمُونٍ وَلَا أَهْلَ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ وَحَاضَتْ. (قَوْلُهُ الَّتِي يَرَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا) أَيْ السُّنَّةَ أَيْ الطَّرِيقَةَ، وَقَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ أَيْ جِهَةٍ هِيَ الِاسْتِحْبَابُ وَالْمُرَادُ الَّتِي يَرَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فَعَلَى زَائِدَةٌ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ السُّنَّةُ إلَخْ تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ. (قَوْلُهُ وَنَهْيًا عَنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ لَا مَعًا . (قَوْلُهُ التُّرْجُمَانُ) هُوَ الَّذِي يُفَسِّرُ لُغَةً بِلُغَةٍ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ التُّرْجُمَانَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا شَاهِدَانِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْحَاكِمِ خِلَافًا لِلْآتِي لِلْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ فَلَوْ قَالَ وَكَفَتْ وَاحِدَةٌ لَكَانَ أَحْسَنَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ أَيْ بَلْ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ إلَخْ) أَيْ فِي الْخِلَافِ ذَكَرَهَا فِي الذَّخِيرَةِ الْقَائِفُ وَالْمُزَكِّي وَكَاتِبُ الْقَاضِي وَالْمُحَلِّفُ وَمُسْتَنْكِهُ رِيحِ الشَّارِبِ إذَا أَمَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُ ذَلِكَ عج وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ حَكَمٌ وَقَائِفُ تُرْجُمَانٌ كَاتِبٌ ... مُسْتَنْكِهٌ وَمُقَوِّمٌ وَمُحَلِّفُ مَعَ قَائِسِ الْجِرَاحِ أَوْ كَشْفِ الْهَنَا ... فِي التِّسْعِ يَكْفِي مُخْبِرٌ يَا مُنْصِفُ وَكَذَا طَبِيبٌ وَالْمُزَكِّي ضِفْ إلَى ... مَا قُلْته أَنْتَ الْحَلِيفُ الْمُتْحَفُ اهـ. وَالْمُرَادُ الطَّبِيبُ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً فِي عَيْبِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ الْحَاضِرَيْنِ أَمَّا مَعَ الْغَيْبَةِ أَوْ الْفَوَاتِ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا الشَّهَادَةُ بِشَرْطِهَا (قَوْلُهُ وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ) بَلْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَى نَفْيِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا مُوَاضَعَةَ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) لَمْ أَقِفْ عَلَى مُقَابِلِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تُغْنِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا وَأَمَّا إذَا ارْتَفَعَتْ فَإِنْ كَانَ لِرَضَاعٍ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ بَعْدُ مِنْ حَيْضَتِهَا وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ رَضَاعٍ لَمْ تَحِلَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 وَأَمَّا الزَّانِيَةُ وَالْمُغْتَصَبَةُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ لَا بِالْبَائِعِ وَلَا بِالْمُشْتَرِي وَلَا بِغَيْرِهِمَا إذْ لَا نَسَبَ لِوَلَدِ الزِّنَا. (ص) كَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ أَوْ فَسَادٍ أَوْ إقَالَةٍ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مَا يُتَّقَى مِنْ الْحَمْلِ أَوْ خَوْفِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَالْأَمَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَحْتَجْ الْبَائِعُ إلَى الْمُوَاضَعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ أَمَّا لَوْ غَابَ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ لَوَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ مَذْكُورٍ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَفَسَدَ إنْ نَقَدَ بِشَرْطٍ لَا تَطَوُّعًا (ش) أَيْ وَفَسَدَ الْبَيْعُ الْمَدْخُولُ فِيهِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ نَصًّا إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي نَقْدَ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ لَا إنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِالنَّقْدِ وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ لِمَنْعِ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا نَصًّا عَمَّا لَوْ اشْتَرَطَا عَدَمَهَا أَوْ أَبْهَمَا فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيُنْتَزَعُ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَجْرِي عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الضَّمَانِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِ الثَّمَنِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُبْتَاعُ وَلَوْ طُبِعَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَفَسَدَ إنْ شَرَطَ النَّقْدَ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا هُوَ شَرْطُهُ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ بِالْفِعْلِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ وَإِنْ زَائِدَةٌ أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ نَقْدٍ (ص) وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي إيقَافِ الثَّمَنِ فِي أَيَّامِ الْمُوَاضَعَةِ هَلْ يُحْكَمُ بِهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُ مَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُوضَعُ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي إخْرَاجُ الثَّمَنِ حَتَّى تَجِبَ لَهُ الْأَمَةُ بِخُرُوجِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِيقَافِ فَتَلِفَ فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ لَوْ سَلَّمَ وَهُوَ الْبَائِعُ إذَا رَأَتْ الْأَمَةُ الدَّمَ وَالْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تَرَ الدَّمَ فَالضَّمِيرُ فِي مُصِيبَتِهِ وَفِي بِهِ يَرْجِعُ لِلثَّمَنِ وَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَقْدِيمِ قَوْلِهِ وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ عَلَى قَوْلِهِ وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ هُوَ الصَّوَابُ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ مُفَرَّعًا عَلَى الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَنُسْخَةُ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ فِي بِهِ هِيَ الصَّوَابُ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَنُسْخَةُ بِهَا   [حاشية العدوي] إلَّا بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ سَنَةٍ لِلطَّلَاقِ وَثَلَاثَةٍ لِلشِّرَاءِ وَأَمَّا مُعْتَدَّةُ الْوَفَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ عِدَّتِهَا إنْ جَاءَتْهَا حَيْضَةٌ قَبْلَ تَمَامِهَا وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا فَلَا بُدَّ لِلْمِلْكِ مِنْ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ وَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَعِدَّتُهَا إمَّا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ وَإِمَّا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ ارْتَابَتْ فَتِسْعَةٌ وَالِاسْتِبْرَاءُ كَذَلِكَ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي الْعِدَّةِ فَقَدْ يَتَأَخَّرُ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ عَنْ زَمَنِ الْعِدَّةِ وَقَدْ يَسْتَوِي مَعَهُ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الزَّانِيَةُ وَالْمُغْتَصَبَةُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِيهِمَا مُوَاضَعَةٌ فَفِيهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ حَمَلَتْ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغِبْ) أَيْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ صَادِقٌ بِعَدَمِ الْغَيْبَةِ أَصْلًا وَبِغَيْبَةٍ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ مَا يُتَّقَى مِنْ الْحَمْلِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ اتِّقَاءُ مَا يُتَّقَى مِنْ الْحَمْلِ أَوْ أَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الِاتِّقَاءُ مِنْ الْحَمْلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ خَوْفٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مِنْ الْحَمْلِ وَالْمَعْنَى الِاتِّقَاءُ مِنْ الْحَمْلِ أَوْ مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ الْمَخُوفِ أَيْ أَنَّ الْمَلْحُوظَ إمَّا هَذَا أَوْ هَذَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَحَدَهُمَا لَازِمٌ لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ مَذْكُورٍ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ) هُوَ أَنَّهُ إنْ غَابَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ بَعْدَ دُخُولِهِمَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَيْ بَعْدَ أَنْ رَأَتْ الْحَيْضَةَ فَفِيهَا الْمُوَاضَعَةُ يَعْنِي الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ حَصَلَتْ قَبْلَ دُخُولِهِمَا فِي ضَمَانِهِ فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ فَفِيهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهِمَا وَأَمَّا الْمُشْتَرَاةُ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَفِيهَا الْمُوَاضَعَةُ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَهَذَا فِي الْفَاسِدِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَيْ وَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ وَأَمَّا الْفَاسِدُ الَّذِي اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ أَوْ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ كَاَلَّتِي تَتَوَاضَعُ وَقَدْ اُشْتُرِيَتْ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهَا إذَا غَابَ عَلَيْهَا قَبْلَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ مَا جَرَى فِي الْمَقَالِ مِنْهَا وَفِي الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ كَذَا يَظْهَرُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْفَاسِدِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ اتِّفَاقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ اُنْظُرْ تَمَامَهُ . (قَوْلُهُ عَمَّا لَوْ اشْتَرَطَا عَدَمَهَا أَوْ أَبْهَمَا) أَيْ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِعَدَمِهَا وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مَعَ النَّقْدِ بِشَرْطٍ أَوْ بِشَرْطِ النَّقْدِ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا وَهَذَا ظَاهِرٌ مَعَ الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي الثَّانِي لِتَنْزِيلِهِمْ شَرْطَ النَّقْدِ مَنْزِلَةَ النَّقْدِ بِشَرْطٍ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ لَا يُوجِبُ الْمَنْعَ إلَّا مَعَ الشَّرْطِ لَا مَعَ التَّطَوُّعِ، وَقَوْلُهُ لِمَنْعِ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَذَلِكَ أَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِذَا مَضَتْ فَقَدْ فَسَخَهَا فِي مُؤَخَّرٍ وَهُوَ الْجَارِيَةُ الَّتِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا لَمَّا تَرَى الدَّمَ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ الثَّانِي مُفَرَّعًا عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ الْقَوْلُ بِالْجَبْرِ وَأَمَّا عَلَى عَدَمِهِ فَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَيْ مَتَى حَصَلَ وَقْفٌ وَلَوْ بِتَرَاضِيهِمَا فَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَأَمَّا إنْ اسْتَمَرَّ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَهُوَ مِنْهُ لَا مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ لَوْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَتَلِفَ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا لَوْ قَبَضَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَبْرِ وَتَلِفَتْ الْأَمَةُ أَوْ ظَهَرَتْ حَامِلًا مِنْهُ فَيَبْقَى ضَمَانُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ إنْ جَعَلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ تَوَثُّقًا وَإِنْ جَعَلَهُ وَدِيعَةً لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ جَعَلَهُ عِنْدَهُ فَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْوَدِيعَةِ أَوْ لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 تَصِحُّ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِلُزُومِهَا وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ مِمَّنْ قَضَى عَلَيْهِ بِلُزُومِهَا لِصَاحِبِهِ وَهِيَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ أَلْزَمَهَا الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَرَهُ أَلْزَمَهَا الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ مُنْفَرِدَةً وَالِاسْتِبْرَاءِ كَذَلِكَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا لَوْ اجْتَمَعَا مُتَّفِقَيْنِ وَمُخْتَلِفَيْنِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ بَابُ التَّدَاخُلِ قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ بَابٌ يَمْتَحِنُ بِهِ الْفُقَهَاءُ وَيُمْتَحَنُونَ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ مُوجَبَيْنِ مِنْ نَوْعٍ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَفِعْلٌ سَائِغٌ أَمْ لَا وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِضَابِطِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ طَرَأَ مُوجَبٌ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ وَأْتَنَفَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ ثُمَّ تَجَدَّدَ قَبْلَ تَمَامِ مَا هِيَ فِيهِ مُوجَبٌ آخَرُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوجَبَانِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنْ كَانَا مِنْ وَاحِدٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا بِفِعْلٍ جَائِزٍ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَا مِنْ وَاحِدٍ وَبِفِعْلٍ سَائِغٍ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَتَنْهَدِمُ الْأُولَى وَيَصِحُّ فِي انْهَدَمَ قِرَاءَتُهُ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ انْقَطَعَ حُكْمُهُ وَمِنْهُ هَذَمَ السَّبْيُ النِّكَاحَ أَيْ قَطَعَ وَبِالْمُهْمَلَةِ أَيْ نَقَضَ حُكْمَهُ. وَقَوْلُهُ وَأْتَنَفَتْ حُكْمَ غَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْحُكْمِ الْآخَرِ غَيْرَ الْأَوَّلِ أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَنْ لَزِمَهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ إذْ لَا يُقَالُ فِيهَا انْهَدَمَ الْأَوَّلُ (ص) كَمُتَزَوِّجٍ بَائِنَتَهُ ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ يَمُوتُ مُطَلِّقًا (ش) بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ بِطُرُوءِ عِدَّةٍ عَلَى عِدَّةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ طَلَاقًا بَائِنًا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَأْتَنِفُ عِدَّةً مِنْ طَلَاقِهِ الثَّانِي وَتَنْهَدِمُ الْأُولَى وَلَوْ طَلَّقَ ثَانِيًا قَبْلَ الْبِنَاءِ بَنَتْ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ تَأْتَنِفُ عِدَّةَ وَفَاةٍ إذَا مَاتَ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا سَوَاءٌ بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَلَا تَبْنِي إذْ لَا تُبْنَى عِدَّةُ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ لِاخْتِلَافِهِمَا نَوْعًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُبَانَتُهُ مِنْ أَبَانَ فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مُتَعَدٍّ وَيَأْتِي مَفْهُومُ بَائِنَتِهِ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ ظَرْفٌ لَغْوٌ أَوْ حَالٌ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ يَتَنَازَعُهُ بَائِنَتُهُ وَيُطَلِّقُ وَأَمَّا الْحَامِلُ إذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ فَإِنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ حَمْلِهَا وَيُبَرِّئُهَا ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ (ص) وَكَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ فَاسِدٍ ثُمَّ يُطَلِّقُ (ش) هَذَا طُرُوُّ عِدَّةٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ ذَاتَ الزَّوْجِ إذَا وُطِئَتْ وَطْئًا فَاسِدًا بِزِنًا أَوْ بِاشْتِبَاهٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَقَبْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَاللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى عَلَى اللَّامِ وَالْمَعْنَى وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِإِلْزَامِهَا لِصَاحِبِهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَرَهُ أَلْزَمَهَا الْمُشْتَرِي أَيْ وُجُوبًا إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْ الْبَائِعِ لَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْبَائِعِ إنْ خَرَجَتْ سَالِمَةً مِنْ الْعَيْبِ وَالْحَمْلِ وَالْمُبْتَاعِ إنْ هَلَكَتْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ ظَهَرِ بِهَا حَمْلٌ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ قَبْلَ الْحَيْضَةِ وَقَدْ هَلَكَ الثَّمَنُ فَالْمُبْتَاعُ مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِهَا بِالْعَيْبِ أَوْ الْحَمْلِ بِالثَّمَنِ التَّالِفِ وَتَصِيرُ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَكَانَ مِنْهُ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهَا شَامِلًا لِمَنْ قَضَى لَهُ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ جَبْرًا [فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعَدَد] . (قَوْلُهُ لَوْ اجْتَمَعَا مُتَّفِقَيْنِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ وَالِاسْتِبْرَاءُ بِالْأَقْرَاءِ وَقَوْلُهُ وَمُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ وَالِاسْتِبْرَاءُ بِالْأَقْرَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ تَطْرَأَ عِدَّةٌ عَلَى عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٌ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ أَوْ عِدَّةٌ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٌ عَلَى عِدَّةٍ وَالْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَصَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ فِي الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ مُتَّفِقَانِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ أَنْ يَطْرَأَ عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَالنَّوْعُ الثَّانِي فَرْدٌ خَامِسٌ وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ فَرْدَانِ عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَالنَّوْعُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ وَإِنْ رُوعِيَ كَوْنُ الطَّلَاقِ الطَّارِئِ أَوْ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا زَادَتْ الْأَقْسَامُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ بِحَسَبِ الْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ طُرُوءُ عِدَّةِ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ. (قَوْلُهُ يَمْتَحِنُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ إلَخْ) أَيْ جِنْسُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُرَادُ يَمْتَحِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. (قَوْلُهُ فِي تَدَاخُلِ مُوجَبَيْنِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَقَوْلُهُ مِنْ نَوْعٍ أَيْ كَعِدَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَوْعَيْنِ أَيْ كَعِدَّةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَقَوْلُهُ وَفِعْلٌ سَائِغٌ أَيْ كَالطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ. (قَوْلُهُ مُوجَبٌ آخَرُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَذَا مَا بَعْدُ وَلَكِنْ يَقْرَأُ الْمُصَنِّفُ مُوجَبُ بِكَسْرِ الْجِيمِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ انْهَدَمَ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَةُ مُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَمَصْدُوقُهُ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ مُوجِبٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيَحْتَاجُ لِلتَّقْدِيرِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ انْهِدَامِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ انْهَدَمَ بِبِنَائِهِ بِهَا ثَانِيًا وَلَمْ يَنْهَدِمْ بَعْدَهُ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي وَلَا بِمَوْتِهِ بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ وَلَوْ كَانَ انْهَدَمَ بِالْبِنَاءِ لَا يَظْهَرُ أَثَرُ الِانْهِدَامِ إلَّا بِالطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَنَسَبَ الِانْهِدَامَ لِلطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لِكَوْنِهِمَا مُؤَثِّرَيْنِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْأَوَّلِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ كَمَا إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ مِنْ وَفَاةٍ فَزَنَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ تَمَامُ الْعِدَّةِ وَالْأَقْرَاءُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقَالُ فِيهَا انْهَدَمَ الْأَوَّلُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إذْ يُقَالُ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ مِنْ حَيْثُ الْخُصُوصُ وَإِلَّا لَبَطَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ أَيْ غَالِبًا . (قَوْلُهُ أَوْ يَمُوتُ مُطَلِّقًا) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ فِي غَيْرِ الْحَامِلِ وَأَمَّا الْحَامِلُ فَبِالْوَضْعِ. (قَوْلُهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ إلَخْ) ظَرْفٌ لَغْوٌ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْحَالِيَّةُ فَالْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِ الطَّلَاقِ وَاقِعًا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَحَالَةَ كَوْنِ الْبَيْنُونَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ . (قَوْلُهُ بِزِنًا) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ أَوْ بِاشْتِبَاهٍ فَهِيَ لِلْمُلَابَسَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا وَيَنْهَدِمُ الِاسْتِبْرَاءُ الْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَبِوَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَمَفْهُومُ يُطَلِّقُ لَوْ مَاتَ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ (ص) وَكَمُرْتَجِعٍ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ إلَّا أَنْ يُفْهَمَ ضَرَرٌ بِالتَّطْوِيلِ فَتَبْنِي الْمُطَلَّقَةُ إنْ لَمْ يَمَسَّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ رَاجَعَهَا وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الثَّانِي أَوْ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ وَسَوَاءٌ مَسَّهَا بَعْدَ أَنْ رَاجَعَهَا أَوْ لَا وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْوَطْءُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الرَّجْعَةَ تَهْدِمُ الْعِدَّةَ إلَّا إذَا أَرَادَ بِارْتِجَاعِهَا الضَّرَرَ بِهَا لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَإِنَّهُ يُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَتَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى أَمَّا إذَا ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ كَمَا مَرَّ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الثَّانِي لِأَنَّ وَطْأَهُ هَدَمَ عِدَّتَهَا فَصَارَتْ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ حَمْلٍ عَنْ وَطْئِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِقَصْدِ الضَّرَرِ وَعِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ وَلَوْ قَصَدَ ضَرَرًا وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ. فَإِنْ قُلْت مَنْ تَزَوَّجَ بَائِنَتُهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي عِدَّةِ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَمَنْ طَلَّقَ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا بَعْدَ ارْتِجَاعِهَا وَقَبْلَ الْمَسِّ فَإِنَّهَا تَأْتَنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الِارْتِجَاعِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ مُبَانَتَهُ كَأَجْنَبِيَّةٍ وَمَنْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فَطَلَاقُهُ الْوَاقِعُ فِيهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهَا طَلَاقُ زَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَعْتَدُّ مِنْهُ وَلَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِارْتِجَاعَ هَدَمَهَا (ص) وَكَمُعْتَدَّةٍ وَطِئَهَا الْمُطَلِّقُ أَوْ غَيْرُهُ فَاسِدًا بِكَاشْتِبَاهٍ (ش) هَذَا طُرُوُّ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى عِدَّةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ إذَا وَطِئَهَا مُطَلِّقُهَا أَوْ غَيْرُهُ فِي عِدَّتِهَا وَطْئًا فَاسِدًا بِاشْتِبَاهٍ أَوْ بِزِنًا أَوْ لَمْ يَنْوِ مُطَلِّقُهَا بِوَطْئِهِ الرَّجْعَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَتَزَوَّجَهَا مُطَلِّقُهَا أَوْ غَيْرُهُ فِي الْعِدَّةِ تَزْوِيجًا فَاسِدًا وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحِيَضِ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَيَنْهَدِمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعِدَّةِ. وَإِذَا وَطِئَهَا مُطَلِّقُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ وَكَانَ هَذَا الْوَطْءُ بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ مَثَلًا وَقُلْتُمْ بِانْهِدَامِ الْأَوَّلِ وَتَسْتَأْنِفُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ فَهَلْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ إلَى آخِرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَقْرَاءِ الَّتِي هِيَ اسْتِبْرَاءٌ أَوْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا فِي آخِرِ الْعِدَّةِ فَقَطْ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا تَبِينُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَهَا فَإِذَا بَانَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقُهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا مَرَّ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا فِي بَقِيَّةِ اسْتِبْرَائِهَا فَإِذَا تَمَّ اسْتِبْرَاؤُهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا (ص) إلَّا مِنْ وَفَاةٍ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ (ش) كَذَا بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا لَا مِنْ وَفَاةٍ بِالْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ مِنْ طَلَاقٍ لَا مِنْ وَفَاةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ إذَا وُطِئَتْ فِي عِدَّتِهَا وَطْئًا فَاسِدًا مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَمْكُثَ أَقْصَى أَيْ أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ مِنْ الْأَشْهُرِ وَالْأَقْرَاءِ فَتَتَرَبَّصَ تَمَامَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ إنْ كَمَّلْت قَبْلَهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَوْ تَمَامَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ إنْ كَمَّلْت قَبْلَهَا الْأَقْرَاءَ هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ اسْتِبْرَاءَهَا بِحَيْضَةٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّ عِدَّتَهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (ص) كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ وَطْءٍ فَاسِدٍ مَاتَ زَوْجُهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّهَا تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ بِزِنًا أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا إذَا مَاتَ زَوْجُهَا فِي أَثْنَاءِ   [حاشية العدوي] وَكَذَا مَا بَعْدَ وَالْمُرَادُ فَاسِدٌ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ لَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا إلَخْ) أَيْ إذَا حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَحِلُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ يُطَلِّقُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُكَدِّرُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ وَانْتَفَتْ إلَخْ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ وَكَمُرْتَجِعٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ وَالطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ ارْتِجَاعٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي الْمَوْتِ لِانْتِقَالِ الرَّجْعِيَّةِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ حُصُولِهِ) عِلَّةٌ لِلْعَلِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّمَا كَانَ رَاجِحًا لِأَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ قَالَ إذَا وُجِدَ قَوْلُ الْمُوَطَّأِ وَالْمُدَوَّنَةِ يُقَدَّمُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْمُوَطَّأَ قُرِئَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ بِخِلَافِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا سَمَاعُ أَصْحَابِهِ مِنْهُ . (قَوْلُهُ كَاشْتِبَاهٍ) إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاسِدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَرَامٍ وَلَوْ قَالَ وَإِنْ مُشْتَبِهَةً لَكَانَ أَحْسَنَ بَدْرٌ (قَوْلُهُ كَذَا بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ) إذْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَالَ الْبَدْرُ مُتَّصِلٌ لِأَنَّهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ مُعْتَدَّةٌ وَلَا يَضُرُّهُ قَوْلُهُ وَطِئَهَا الْمُطَلِّقُ لِأَنَّهُ إحْدَى صُوَرِ الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ بِالْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ) يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ قَوْلُهُ وَطِئَهَا الْمُطَلِّقُ أَوْ غَيْرُهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 اسْتِبْرَائِهَا فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ أَجَلِ تَمَامِ أَقْرَاءِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ يَوْمِ شُرُوعِهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَأَجَلِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ مَوْتِهِ وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَالْأَجَلُ فِيهَا أَجَلُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ أَجَلُ عِدَّةِ وَفَاتِهَا (ص) وَكَمُشْتَرَاةٍ مُعْتَدَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ وَحَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٍ لِأَجْلِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ أَوْ طَلَاقٍ وَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ لِلطَّلَاقِ وَثَلَاثَةٍ لِلشِّرَاءِ وَقَدْ مَرَّ هَذَا كُلُّهُ وَإِنَّمَا أَعَادَهَا جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُ صَاحِبِهِ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ تَكَلَّمَ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُ وَهُوَ الْحَمْلُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ أَحَدُ الْوَاطِئِينَ فَيَحْتَاجُ إلَى السُّؤَالِ هَلْ يُبْرِئُ الْحَمْلَ مِنْ صَاحِبِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ أَوْ يُبْرِئُ مِنْ صَاحِبِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ (ص) وَهَدَمَ وَضْعُ حَمْلٍ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ غَيْرَهُ وَبِفَاسِدٍ أَثَرَهُ وَأَثَرَ الطَّلَاقِ لَا الْوَفَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَفُسِخَ نِكَاحُهَا أَوْ زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ كَامِلٍ غَيْرِ سِقْطٍ. فَإِنْ أُلْحِقَ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَاحِبُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِأَنْ وَطِئَهَا الثَّانِي قَبْلَ حَيْضَةٍ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَضْعَ يَهْدِمُ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي وَأَوْلَى يَهْدِمُ نَفْسَهُ وَهُوَ عِدَّةُ الصَّحِيحِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَيْ أَجْزَأَهَا عَنْ الْوَطْأَيْنِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا كَانَ لِمَا يُتَّقَى مِنْ الْحَمْلِ وَهُوَ هُنَا مَأْمُونٌ وَإِنْ أُلْحِقَ بِالْفَاسِدِ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَلَمْ يَنْفِهِ الثَّانِي فَإِنَّ وَضْعَهُ يَهْدِمُ أَثَرَ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ أَيْ يُجْزِئُهَا عَنْ اسْتِبْرَائِهَا وَيَهْدِمُ أَيْضًا أَثَرَ الطَّلَاقِ أَيْ يُجْزِئُهَا أَيْضًا عَنْ عِدَّةِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَ طَلَاقًا سَابِقًا عَلَى الْفَاسِدِ وَلَا يَهْدِمُ أَثَرَ الصَّحِيحِ مِنْ الْوَفَاةِ وَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ (ص) وَعَلَى كُلٍّ الْأَقْصَى مَعَ الِالْتِبَاسِ كَامْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَإِحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ (ش) التَّدَاخُلُ فِيمَا مَرَّ هُوَ بِاعْتِبَارِ مُوجِبَيْنِ وَهُنَا الْمُوجِبُ وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الِالْتِبَاسَ تَارَةً يَكُونُ مِنْ جِهَةِ مَحَلِّ الْحُكْمِ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ جِهَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ وَقَدْ مَثَّلَ الْمُؤَلِّفُ لِلْأَوَّلِ بِمِثَالَيْنِ أَحَدُهُمَا إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَالْأُخْرَى بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ مَثَلًا وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَتَعْتَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَبِثَلَاثِ حِيَضٍ اسْتِبْرَاءً فَتَمْكُثُ لِلْأَخِيرِ مِنْهُمَا. أَمَّا لَوْ عُلِمَتْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا لَاعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ وَتَعْتَدُّ الْأُخْرَى بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ الْحُكْمُ فِيهِمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفَاةٍ وَقَوْلُهُ وَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا وَأَمَّا إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا لِأَنَّهَا تَحْرُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ شب وعب مُخَالِفَةٌ لِعِبَارَةِ شَارِحِنَا وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِمَا أَنَّ قَوْلَهُ وَهَذَا فِيمَنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا جَارٍ فِي مُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ لَا الطَّلَاقِ فَقَطْ فَإِنْ قُلْت مَنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا تَحْرُمُ أَيْضًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِمَ جَعَلَ عَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ قُلْت كَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَخْ (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ كَلَامُ شَارِحِنَا هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تُغْنِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ [الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ] . (قَوْلُهُ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ حَيْضَةٍ وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَنَفَاهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَإِنْ أُلْحِقَ بِالْفَاسِدِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفَاسِدٌ مَعْطُوفٌ عَلَى صَحِيحٍ أَيْ وَإِنْ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمِثْلُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ أَيْ وَأَمَّا الزِّنَا فَلَا تَخْرُجُ بِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ الْحَمْلِ مِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ وَلَا وَفَاةٍ بِوَضْعِهِ بَلْ تَعْتَدُّ فِي الطَّلَاقِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ تَعُدُّ مِنْهَا الطُّهْرَ الَّذِي يَلِيهِ نِفَاسُهَا وَفِي الْوَفَاةِ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا فَفُسِخَ نِكَاحُهَا أَوْ زَنَتْ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا أُلْحِقَ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا إنْ أُلْحِقَ بِالْفَاسِدِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا أُلْحِقَ بِالْفَاسِدِ لَا يُحْمَلُ إلَّا عَلَى نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا زِنًا أَوْ غَصْبٍ. (قَوْلُهُ أَيْ يُجْزِئُهَا عَنْ اسْتِبْرَائِهِ) فَأَثَرُ الْفَاسِدِ هُوَ مَا يُوجِبُهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا إذَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَحَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ أَوَّلًا وَإِنَّمَا مَاتَ الْآنَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي لِكَوْنِهِ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ مَوْتِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ لَمْ تَحِلَّ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَإِنْ انْقَضَتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ بِأَنْ ثَبَتَ مَوْتُ الْأَوَّلِ وَهِيَ أَوَّلُ الْحَمْلِ لَمْ تَحِلَّ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَيُتَصَوَّرُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَفُوتَ فِيهَا بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ) أَيْ وَدَخَلَ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا وَجُهِلَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا أَيْضًا كَمَا جُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ. (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مُوجِبَيْنِ) هُمَا الْوَفَاةُ وَالطَّلَاقُ (قَوْلُهُ وَهُنَا الْمُوجِبُ وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ كَامْرَأَتَيْنِ الْمُوجِبُ بِالنِّسْبَةِ لِلَّتِي نِكَاحُهَا صَحِيحٌ الْوَفَاةُ وَفِي الَّتِي نِكَاحُهَا فَاسِدٌ الدُّخُولُ فِي فَاسِدٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ أَنْ تُسْتَبْرَأَ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فَالْمُوجِبِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ مُوجَبٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ. (قَوْلُهُ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ مَحَلِّ الْحُكْمِ) الْمَحَلُّ هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَسْتَحِقُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تَسْتَحِقُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ أَيْ وَالْحُكْمُ هُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ بِمَعْنَى الْمَحْكُومِ بِهِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ هَذَا مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّ الِالْتِبَاسَ هُنَا مِنْ جِهَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ الْحُكْمُ) أَيْ مَحَلُّ الْحُكْمِ كَمَا أَفَادَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 طُولِبَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا الثَّانِي مَاتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ عَنْ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا بَائِنًا وَالْأُخْرَى فِي الْعِصْمَةِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا فَتَعْتَدُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَبِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ عِدَّةَ الطَّلَاقِ إذْ لَوْ عُلِمَ الْحُكْمُ فِيهِمَا لَاعْتَدَّتْ الْمُطَلَّقَةُ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَتَعْتَدُّ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ، فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ الْحُكْمُ فِيهِمَا طُولِبَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا إذْ لَا تَتَحَقَّقُ حِلِّيَّتُهُمَا لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بِذَلِكَ (ص) وَكَمُسْتَوْلَدَةٍ مُتَزَوِّجَةٌ مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ أَوْ جُهِلَ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ وَفِي الْأَقَلِّ عِدَّةُ حُرَّةٍ وَهَلْ قَدْرُهَا كَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَوْلَانِ (ش) هَذَا مِثَالٌ لِلِالْتِبَاسِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ جِهَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا لِشَخْصٍ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ فِي غَيْبَتِهِمَا وَعُلِمَ سَبْقُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ السَّابِقِ مِنْهُمَا أَهُوَ السَّيِّدُ أَمْ الزَّوْجُ فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْنِ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ أَوْ جُهِلَ مَا بَيْنَهُمَا هَلْ أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ مُسَاوٍ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ عِدَّةُ حُرَّةٍ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ وَهُوَ حَيْضَةٌ وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تَرَ الدَّمَ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَرَهَا وَلَمْ تُحِسَّ بِرِيبَةٍ حَلَّتْ مَكَانَهَا وَإِنْ زَادَتْ رِيبَتُهَا مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ. وَإِنَّمَا لَزِمَهَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهَا بِتَقْدِيرِ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوَّلًا لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ بِسَبَبِهِ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ حُرَّةٌ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَبِتَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوَّلًا يَلْزَمُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسٌ لِأَنَّهَا أَمَةٌ بَعْدُ ثُمَّ يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ لِكَوْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ عِدَّتِهَا حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَلِأَجْلِ هَذَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ. وَحُكْمُ مَا إذَا جُهِلَ مَا بَيْنَهُمَا حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا شَهْرَانِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوَّلًا فَمَوْتُ الزَّوْجِ عَنْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ وَبِتَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوَّلًا فَإِنَّمَا عَلَيْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ وَهِيَ مُنْدَرِجَةٌ فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَمَوْتُ السَّيِّدِ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ فَلَمْ تَحْتَجْ لِحَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا قَدْرُ عِدَّةِ الْأَمَةِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَتَكْتَفِي بِعِدَّةِ حُرَّةٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ شَبْلُونٍ إذْ لَمْ يَمْضِ لَهَا وَقْتٌ تَحِلُّ فِيهِ لِلسَّيِّدِ أَوْ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْأَمْرَانِ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ قَوْلَانِ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَابِقٌ أَلْبَتَّةَ بِأَنْ مَاتَا مَعًا لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا مَاتَا مُتَعَاقِبَيْنِ وَلَكِنْ تَارَةً يُعْلَمُ السَّابِقُ وَتَارَةً لَا يُعْلَمُ أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَا مَعًا فَالْأَصْلُ أَنَّهَا أَمَةٌ إلَّا أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ احْتِيَاطًا فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ لَا يَلِيقُ بِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَدَارَ هَذَا الْعِلْمِ الْعَقْلُ وَعِلْمُ الْعَقْلِ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا إذَا وَافَقَهُ نَقْلٌ وَالنَّقْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا عَلِمْت وَلَمَّا كَانَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَكَمُسْتَوْلَدَةٍ) عَطْفٌ عَلَى كَامْرَأَتَيْنِ وَفِيهِ قَلَقٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ إذْ لَيْسَ هُنَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى كُلٍّ الْأَقْصَى أَيْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي مَجْمُوعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " كُلٍّ " الْمَجْرُورِ بِعَلَى أَيْ عَلَى كُلٍّ وَعَلَى مِثْلِ مُسْتَوْلَدَةٍ أَوْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلَى كُلٍّ وَعَلَى الْوَاحِدَةِ مِثْلُ مُسْتَوْلَدَةٍ أَيْ مُدَبَّرَةٍ تَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ مُسْتَوْلَدَةٍ) احْتَرَزَ عَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ عِدَّةَ أَمَةٍ وَاسْتِبْرَاءَهَا وَفِي الثَّانِيَةِ عِدَّةً فَقَطْ وَفِي الثَّالِثَةِ هَلْ هِيَ عِدَّةُ أَمَةٍ فَقَطْ أَوْ عِدَّةُ أَمَةٍ وَاسْتِبْرَاؤُهَا وَغَيْرُ الْمُسْتَوْلَدَةِ يَشْمَلُ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَةَ إذَا لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَيَشْمَلُ الْمُكَاتَبَةَ وَالْمُبَعَّضَةَ وَالْمُعْتَقَةَ لِأَجَلٍ إلَّا أَنَّهُنَّ لَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهُنَّ. (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ) الْحُكْمُ الْعِدَّةُ أَوْ الِاسْتِبْرَاءُ وَالسَّبَبُ لِذَلِكَ الْآنَ هُوَ إمَّا مَوْتُ الزَّوْجِ أَوْ مَوْتُ السَّيِّدِ وَهُوَ مَجْهُولٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَرَ الدَّمَ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ حَاضَتْ الْحَيْضَةَ وَهِيَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ تَرَبَّصَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَرَهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الدَّمِ بِمَعْنَى الْحَيْضَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ أَحَسَّتْ بِرِيبَةٍ وَلَا يَقُولَ فَإِنْ زَادَتْ بَلْ كَانَ يَقُولُ وَإِنْ أَحَسَّتْ بِشَيْءٍ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ حَلَّتْ فَإِنْ زَادَتْ رِيبَتُهَا مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ حَيٌّ. (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَنْبَغِي إلَخْ) هَذَا الْبَعْضُ هُوَ الْبِسَاطِيُّ (أَقُولُ) الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا فِي هَذَا الثَّانِي لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَخْ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الصِّدْقُ بِالْمَعِيَّةِ يَرُدُّهُ التَّفْصِيلُ الْمُفْهِمُ لِلتَّرْتِيبِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إنَّ مَدَارَ هَذَا الْعِلْمِ) أَيْ الْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِكَوْنِ السَّالِبَةِ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ وَقَوْلُهُ وَعِلْمُ الْعَقْلِ لَا يُعْمَلُ بِهِ أَيْ وَعِلْمُ الْمَعْقُولِ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا إذَا وَافَقَهُ نَقْلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْإِجْمَالَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ إجْمَالٌ بِحَسَبِ عِلْمِ الْمَعْقُولِ لَا بِحَسَبِ الْفِقْهِ إلَّا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي نُسْخَةِ الْفِيشِيِّ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الشَّارِحِ أَنَّ مَدَارَ هَذَا الْعِلْمِ النَّقْلُ أَيْ مَدَارُ عِلْمِ الْفِقْهِ النَّقْلُ. (قَوْلُهُ وَالْعَقْلُ) أَيْ فَعِلْمُ الْعَقْلِ لَا يُعْمَلُ بِهِ هُنَا مِنْ كَوْنِ السَّالِبَةِ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ [بَابٌ مَسَائِلُ الرَّضَاعِ] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 الرَّضَاعُ مُحَرِّمًا لِمَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمُنْدَرِجًا فِيهِ حَيْثُ ذُكِرَ كَقَوْلِهِ وَحَرَّمَ أُصُولَهُ وَفُصُولَهُ وَمَا ذُكِرَ بَعْدُ؛ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَقَالَ (بَابٌ) مَسَائِلُ الرَّضَاعِ وَبَيَانُ مَا يُحَرِّمُ وَمَا لَا يُحَرِّمُ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ التَّاءِ وَتَرْكِهَا وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ سَمِعَ وَعِنْدَ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالْمَرْأَةُ مُرْضِعٌ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَإِنْ وَصَفْتهَا بِإِرْضَاعِهِ قِيلَ مُرْضِعَةٌ وَيُقَالُ لُبْنٌ وَلِبَّانٌ لِبَنَاتِ آدَمَ وَغَيْرِهِ وَأَنْكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ لُبْنٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ وَالْأَحَادِيثُ عَلَى خِلَافِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الرَّضَاعُ عُرْفًا وُصُولُ لَبَنٍ آدَمِيٍّ لِمَحَلِّ مَظِنَّةِ غِذَاءٍ آخَرَ لِتَحْرِيمِهِمْ بِالسَّعُوطِ وَالْحُقْنَةِ وَلَا دَلِيلَ إلَّا مُسَمَّى الرَّضَاعِ. وَقَوْلُهُ عُرْفًا خُصِّصَ هَذَا الْمَحْدُودُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يَحُدُّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الرَّضَاعَ غَلَبَ فِي الْمَعْهُودِ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ ضَمُّ الشَّفَتَيْنِ عَلَى مَحَلِّ خُرُوجِ اللَّبَنِ مِنْ ثَدْيٍ لِطَلَبِ خُرُوجِهِ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ حَيْثُ حَكَمُوا بِأَنَّ الْحُقْنَةَ وَالسَّعُوطَ يَقَعُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ عُرْفًا شَرْعِيًّا صَادِقٌ عَلَيْهِمَا وَأَوْرَدَ الشَّيْخُ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَحْدُودَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَضَاعٌ وَكَوْنُهُ لَا يُحَرِّمُ أَوْ يُحَرِّمُ أَمْرٌ آخَرُ فَالْمَحْدُودُ مَاهِيَّةُ الرَّضَاعِ بِمَا هِيَ لَا أَفْرَادُهَا وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ لِمَحَلِّ مَظِنَّةِ غِذَاءٍ آخَرَ مَعَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي فِي الْحُقْنَةِ تَكُونُ غِذَاءً فِيمَا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِ الرَّضَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَقَوْلُهُ «إنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» فَفِيهِ بَيَانٌ لِلْآيَةِ وَزِيَادَةٌ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) حُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُصُولَ لَبَنِ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا أَوْ كَبِيرَةً حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً تُحُقِّقَ أَنَّ فِي ثَدْيِهَا لَبَنًا حَالَ الْمَصِّ لَا إنْ شُكَّ، مُتَزَوِّجَةً أَوْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا فِي جَوْفِ الصَّغِيرِ الْمُرْضَعِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَمَا يَنْشُرُهَا النَّسَبُ وَسَوَاءٌ وَصَلَ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ بِوَجُورٍ أَوْ سَعُوطٍ وَيَأْتِي تَفْسِيرُهُمَا وَيَأْتِي مُحْتَرِزَاتُ الْقُيُودِ وَبَالَغَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ مَيِّتَةً) دَبَّ الطِّفْلُ فَرَضَعَهَا وَتَحَقَّقَ أَنَّ فِي ثَدْيِهَا لَبَنًا حَالَ الْمَصِّ. وَكَذَا إنْ شَكَّ عِنْدَ ابْنِ نَاجِي خِلَافًا لِابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ حُلِبَ مِنْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِرَدِّ مَا حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَوْلِ الشَّاذِّ بِعَدَمِ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَقَعُ بِغَيْرِ الْمُبَاحِ وَالْجَوَابُ   [حاشية العدوي] (بَابُ الرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ وَمُنْدَرِجًا فِيهِ) أَيْ وَمُنْدَرِجًا مَعَهُ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالِانْدِرَاجِ الْحَمْلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِبَنَاتِ آدَمَ) أَيْ لِلَبَنِ بَنَاتِ آدَمَ. (قَوْلُهُ وَالْأَحَادِيثُ عَلَى خِلَافِهِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ» . (قَوْلُهُ لِمَحَلِّ مَظِنَّةٍ) أَيْ لِمَحَلٍّ هُوَ مَظِنَّةُ الْغِذَاءِ. (قَوْلُهُ لِتَحْرِيمِهِمْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْبِيرِ بِوُصُولِ دُونَ أَنْ يُعَبِّرَ بِضَمٍّ. (قَوْلُهُ وَلَا دَلِيلَ إلَّا مُسَمَّى الرَّضَاعِ) أَيْ لَا دَلِيلَ إلَّا لِكَوْنِهِ رَضَاعًا فَإِنْ قُلْت فِيهِ دَوْرٌ لِأَنَّ مُسَمَّى الرَّضَاعِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ السَّعُوطِ وَالْوَجُورِ وَتَحْرِيمُ السَّعُوطِ وَالْوَجُورِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ وُصُولُ الَّذِي هُوَ الْمُسَمَّى قُلْت يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى التَّحْرِيمِ مُسَمَّى الرَّضَاعِ الْمُجْمَلِ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ السَّعُوطِ الْمُسَمَّى الْمُفَصَّلُ. (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَحُدُّ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا كَانَ يَحُدُّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ عُرْفًا وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إشَارَةً إلَخْ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ لِمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى لَمَّا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ مُخَالِفَةً لِلْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الْعُرْفِيَّةَ ضَمُّ الشَّفَتَيْنِ إلَخْ وَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ وُصُولُهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ عُرْفًا أَيْ عُرْفَ أَهْلِ الشَّرْعِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُخَالِفًا لِذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَأَمَّا تَفْصِيلُ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ أَيْ تَعْيِينُهُ فَلَمْ يُعْلَمْ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ) اسْتِدْرَاكٌ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَعْنَى الْعُرْفِيَّ مُرَادٌ. (قَوْلُهُ مَا صَدَقَ) أَيْ مَاهِيَةٌ صَدَقَ عَلَيْهَا أَيْ حُمِلَ عَلَيْهَا أَنَّهَا رَضَاعٌ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَاصَدَقَاتِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مَاهِيَّةُ الرَّضَاعِ بِمَا هِيَ) أَيْ فَالْمَحْدُودُ مَاهِيَّةُ الرَّضَاعِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِحَدٍّ هِيَ هُوَ لِأَنَّ الْحَدَّ عَيْنُ الْمَحْدُودِ وَالِاخْتِلَافُ بِالْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ أَوْ نَقُولُ مُلْتَبِسَةً بِحَالَةٍ هِيَ أَنَّهَا مَاهِيَّةٌ كَأَنَّهُ قَالَ الْمَاهِيَّةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَاهِيَّةٌ. (قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي) سَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى غَيْرِ الْحُقْنَةِ . (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ) أَيْ خِلَافًا لِلْمُتَبَادَرِ مِنْ قَوْلِهِ {أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] مِنْ الْمُبَاشَرَةِ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْآيَةِ أَيْ فَفِيهِ بَيَانٌ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ. (قَوْلُهُ حُصُولُ إلَخْ) أَيْ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ لَا ذَكَرٍ وَلَوْ زَادَ وَكَثُرَ (فَائِدَةٌ) إنَّمَا سُمِّيَتْ الْمَرْأَةُ مَرْأَةً لِأَنَّهَا لَمَّا خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ سَأَلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَتْ لَهُ مَا هَذِهِ فَقَالَ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ مَا اسْمُهَا قَالَ حَوَّاءُ فَقَالَتْ لَهُ لِمَ سَمَّيْتهَا امْرَأَةً وَحَوَّاءَ قَالَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الْمَرْءِ وَحَوَّاءُ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ صَغِيرَةً) وَكَذَا عَجُوزٌ قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ تَحَقَّقَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ. (قَوْلُهُ لَا إنْ شَكَّ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الشَّكَّ يُحَرِّمُ أَيْضًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ نَاجِي. (قَوْلُهُ وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) أَيْ بِمَثَابَةِ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَتَيَقَّنَ حُصُولَ لَبَنِهِ بِجَوْفِ الرَّضِيعِ كَتَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ وَالشَّكُّ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ أَوْ حُلِبَ مِنْهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَرَضَعَهَا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ مَيِّتَةً أَيْ أَنَّ لَبَنَ الْمَيْتَةِ يُحَرِّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ لَا تَقَعُ بِغَيْرِ الْمُبَاحِ) أَيْ وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ غَيْرُ مُبَاحٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 عَنْ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْآدَمِيَّةُ فَلَبَنُ الْجِنِّيَّةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ (ص) وَصَغِيرَةً (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَيِّتَةٍ وَتُقَيَّدُ بِمَنْ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ حَتَّى تَكُونَ دَاخِلَةً فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ إذْ لَبَنُ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ يَنْشُرُهَا اتِّفَاقًا (ص) بِوَجُورٍ أَوْ سَعُوطٍ أَوْ حُقْنَةٍ (ش) الْبَاءُ بَاءُ الْآلَةِ أَيْ أَوْ كَانَتْ الْآلَةُ الْمُوَصِّلَةُ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ وَجُورًا بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يَدْخُلُ فِي وَسَطِ الْفَمِ أَوْ مَا صُبَّ فِي الْحَلْقِ وَفِعْلُهُ وَجَرَ وَأَوْجَرَ أَوْ سَعُوطًا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَا صُبَّ مِنْ الْأَنْفِ أَوْ لَدُودًا مَا صُبَّ مِنْ جَانِبِ الشِّدْقِ، وَلَدِيدَا الْوَادِي: جَانِبَاهُ أَوْ حُقْنَةٌ وَهِيَ دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ يَصْعَدُ إلَى الْجَوْفِ فَإِذَا وَصَلَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ثُمَّ إنَّ مَسْأَلَةَ الْوَجُورِ تُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّعُوطِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ حَذَفَهَا مَا ضَرَّهُ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ (ص) تَكُونُ غِذَاءً (ش) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَا يُتَغَذَّى بِهِ مِنْ الطَّعَامِ يُقَالُ غَذَوْت الصَّبِيَّ بِالْوَاوِ لَا غَذَّيْته بِالْيَاءِ رَجَّعَهُ الشُّرَّاحُ لِلثَّلَاثَةِ وَغَيْرُهُمْ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ وَمَعْنَى كَوْنِهَا غِذَاءً أَنْ تَصِلَ إلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْغِذَاءُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ تُحَرِّمُ وَهِيَ لَا تَكُونُ غِذَاءً وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لِمَظِنَّةِ غِذَاءٍ آخَرَ كَانَ فِي نَفْسِهِ غِذَاءً أَوَّلًا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ يُقَالُ عَلَى حَمْلِ الْغِذَاءِ بِالْفِعْلِ لَا يُنَافِي كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا وَصَلَ لِلْجَوْفِ بِغَيْرِ الْحُقْنَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ فِي اللَّبَنِ الَّذِي يَصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ أَنْ يَكُونَ غِذَاءً كَمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الْحُقْنَةِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى مَخْرَجِ الطَّعَامِ مِنْ الْحُقْنَةِ (ص) أَوْ خُلِطَ لَا غَلَبَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ مَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ مِنْ اللَّبَنِ وَلَوْ خُلِطَ بِغَيْرِهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ عَقَاقِيرَ كَعَنْزَرُوتٍ أَوْ مُرٍّ أَوْ طَعَامٍ إنْ كَانَ اللَّبَنُ مُسَاوِيًا أَوْ غَالِبًا لَا إنْ غَلَبَ بِغَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَا بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا وَقَوْلُهُ (وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَيْ وَلَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ لَبَنًا بَلْ كَمَاءٍ أَصْفَرَ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِلَبَنٍ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الثَّدْيِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَبَنٍ فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ (وَبَهِيمَةٍ) مُحْتَرَزُ امْرَأَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا وَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ فَلَوْ رَضَعَ صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ عَلَيْهَا لَمْ يَحْرُمْ تَنَاكُحُهُمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ {أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا أَنَّ لَهُ مَفْهُومًا حَتَّى يُخْرِجَ الْمَيْتَةَ. (قَوْلُهُ فَلَبَنُ الْجِنِّيَّةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ) كَذَا قَالُوا وَأَقُولُ مُقْتَضَى تَكْلِيفِهِمْ التَّحْرِيمُ . (قَوْلُهُ مَا يَدْخُلُ) أَيْ آلَةُ مَا يَدْخُلُ أَوْ آلَةُ مَا يَصُبُّ فِي الْحَلْقِ وَتِلْكَ الْعِبَارَةُ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ مَوْجُودَةٌ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ مَا يَدْخُلُ فِي وَسَطِ الْفَمِ) أَيْ بِآلَةٍ أَوْ يُقَالُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَرَادَ بِالْوَجُورِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الْفِعْلَ بِمَعْنَى الْإِدْخَالِ الْمَخْصُوصِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا صُبَّ إلَخْ) فِي كَلَامِ عب مَا يُفِيدُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَهِيَ دَوَاءٌ) شَارِحُنَا مُوَافِقٌ لِغَيْرِهِ فِي تَفْسِيرِ الْحُقْنَةِ بِأَنَّهَا نَفْسُ الدَّوَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيرِ وَآلَةِ حُقْنَةٍ. (قَوْلُهُ رَجَّعَهُ الشُّرَّاحُ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَرَادَ شُرَّاحًا مَخْصُوصَةً وَكَأَنَّهُ عَنَى بَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيَّ وَالْأَقْفَهْسِيَّ وَنَصُّ الشَّيْخِ سَالِمٍ رَجَّعَهُ الشُّرَّاحُ لِلثَّلَاثَةِ وَغَيْرُهُمْ لِلْحُقْنَةِ فَقَالَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حُقِنَ بِلَبَنٍ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ غِذَاءً حَرُمَ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ. اهـ. وَمَشَى عب عَلَى ذَلِكَ وَعِبَارَةُ عب تَكُونُ الْحُقْنَةُ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا غِذَاءً بِالْفِعْلِ أَيْ كَافِيَةً لِلرَّضِيعِ عِنْدَ وُجُودِهَا وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ لِغِذَاءٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ فِي اللَّبَنِ الَّذِي يَصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ مِنْ عَالٍ أَنْ يَكُونَ غِذَاءً بَلْ وَإِنْ مَصَّهُ بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ فَاشْتَرَطَ فِيهَا لِكَوْنِ الْأَوَّلِ أَقْرَبَ إلَى مَحَلِّ الطَّعَامِ مِنْ الْحُقْنَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا غِذَاءً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَنْ رَجَعَ يَكُونُ غِذَاءً لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَهَا فَقَطْ يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ يَكُونُ غِذَاءً بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ إلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ) فَلَا يَكْفِي الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ شُرِطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحُقْنَةِ مَعَ كَوْنِهَا وَاصِلَةً إلَى جَوْفِهِ أَنْ تَكُونَ غِذَاءً لَهُ وَإِلَّا لَمْ تَحْرُمْ. (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ عَلَى حَمْلٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ إلَى مَخْرَجِ الطَّعَامِ) الْمُنَاسِبُ إلَى مَحَلِّ الطَّعَامِ . (قَوْلُهُ لَا غَلَبَ) عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ لَمْ يَغْلِبْ لَا غَلَبَ ذَكَرَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ لَا بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا خُلِطَ لَبَنُ آدَمِيَّةٍ بِلَبَنِ غَيْرِ عَاقِلٍ أَوْ بِدَوَاءٍ أَوْ بِطَعَامٍ إنْ سَاوَاهُ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَا غُلِبَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ بِأَنْ اُسْتُهْلِكَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ فَلَا يُحَرِّمُ سَوَاءٌ حَصَلَ الْغِذَاءُ بِهِ أَمْ لَا فَإِذَا خُلِطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى صَارَ ابْنًا لَهُمَا مُطْلَقًا تَسَاوَيَا أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ إنْ جُبِّنَ أَوْ سُمِّنَ وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّضِيعُ . (قَوْلُهُ كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَوْ أَحْمَرَ فَلَا يُحَرِّمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَبَنٍ وَأَمَّا تَغَيُّرُ طَعْمِ اللَّبَنِ أَوْ رِيحِهِ فَيُحَرِّمُ وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ يَسِيرًا بِغَيْرِ صُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَأَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ اللَّبَنُ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ قَالَ عج إذْ بَقَاءُ طَعْمِ مَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِالصُّفْرَةِ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَاطَ الْحُكْمَ بِصَيْرُورَتِهِ كَمَاءٍ أَصْفَرَ لَا لَوْنُهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) وَهُوَ الْمَاءُ الْأَحْمَرُ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَبَنٍ) فِيهِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ غَلَبَ إلَخْ وَهَذَا لَا يُنَافِي اللَّفَّ وَالنَّشْرَ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي لَهُ . (قَوْلُهُ وَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ غَلَبَ وَلَا إنْ كَانَ الْخَارِجُ كَمَاءٍ أَصْفَرَ وَلَا إنْ كَانَ الْمُرْضِعُ كَبَهِيمَةٍ وَلَا إنْ كَانَ الْمُوَصِّلُ لَهُ كَاكْتِحَالٍ أَوْ إدْخَالٍ فِي أُذُنٍ فَالْكَافُ لَيْسَتْ مُدْخِلَةً لِلَّبَنِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْ الْأُذُنِ بَلْ يُقَالُ مُدْخِلَةٌ لِلْإِدْخَالِ فِي الْأُذُنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 اتِّفَاقًا وَفِي مَعْنَاهُ مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ الرَّجُلُ إذَا دَرَّ ثَدْيُهُ وَقَوْلُهُ (وَاكْتِحَالٌ بِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِوَجُورٍ فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ الْمُقَدَّرَةُ مَعَهُ مِثْلُهُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ الْأُذُنِ وَمَسَامِّ الرَّأْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهِيَ مَعَاطِيفٌ يُفَرِّقُ مَتْبُوعَاتِهَا ذِهْنُ السَّامِعِ وَقَوْلُهُ (مُحَرِّمٌ) أَيْ نَاشِرٌ لِلْحُرْمَةِ خَبَرُ حُصُولٍ ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطَ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ حَصَلَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ نَشْرِ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ أَنْ يَحْصُلَ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ فِي الْحَوْلَيْنِ مِنْ وِلَادَتِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ مَا قَرُبَ مِنْهُمَا مِمَّا لَهُ حُكْمُهُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ وَقِيلَ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرِ وَهَذَا مَا دَامَ مَقْصُورًا عَلَى الرَّضَاعِ أَوْ يَأْكُلُ مَعَهُ مَا يَضُرُّ بِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَلَوْ فُطِمَ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ فِصَالِهِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَرُمَ لِأَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ لِلَّبَنِ لَكَانَ قُوَّةً فِي غَدَائِهِ وَعَشَائِهِ فَلَوْ فُصِلَ فِصَالًا بَيِّنًا فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ (ش) اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا عَنْ اللَّبَنِ بِالطَّعَامِ فَلَا يَحْرُمُ الرَّضَاعُ حِينَئِذٍ (وَلَوْ) حَصَلَ الِاسْتِغْنَاءُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَوْلَيْنِ وَسَوَاءٌ اسْتَغْنَى فِيهِمَا بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ فِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ إلَى تَمَامِهِمَا وَقَوْلُهُ (مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) أَيْ وَالصِّهْرُ مِثْلُهُ مَفْعُولُ " مُحَرِّمٌ " الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فَكَمَا حَرَّمَ السَّبْعَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَى قَوْلِهِ {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] حَرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَقَوْلُهُ مَا حَرَّمَهُ أَيْ الذَّوَاتُ وَالْأَعْيَانُ الَّتِي حَرَّمَهَا النَّسَبُ (ص) إلَّا أُمَّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك وَأُمَّ وَلَدِ وَلَدِك وَجَدَّةَ وَلَدِك وَأُخْتَ وَلَدِك وَأُمَّ عَمِّك وَعَمَّتِك وَأُمَّ خَالِك وَخَالَتِك فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ (ش) هَذِهِ الْمَسَائِلُ تَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَلَا تَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ الْأُولَى أُمُّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك مِنْ النَّسَبِ هِيَ أُمُّك أَوْ زَوْجَةُ أَبِيك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّك وَلَا زَوْجَةَ أَبِيك الثَّانِيَةُ أُمُّ وَلَدِ وَلَدِك ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِأَنَّهَا إمَّا بِنْتُك نَسَبًا أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَ وَلَدِك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمُحَرِّمِ لَهَا نَسَبًا الثَّالِثَةُ جَدَّةُ وَلَدِك لِأَنَّهَا نَسَبًا أُمُّ أُمِّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك فَمَا حَرُمَتْ إلَّا بِوَصْفِ النَّسَبِ لَك أَوْ لِزَوْجَتِك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك أُمُّهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أُمًّا لَك وَلَا أُمًّا لِزَوْجَتِك الرَّابِعَةُ أُخْتُ وَلَدِك لِأَنَّهَا نَسَبًا بِنْتُك أَوْ بِنْتُ زَوْجَتِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك لَكِنْ بِوَصْفِ النَّسَبِ مِنْك أَوْ مِنْ زَوْجَتِك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا الَّتِي هِيَ أُخْتُ وَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ عَلَيْك لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمُحَرِّمِ لَهَا نَسَبًا وَخَامِسَتُهَا أُمُّ عَمِّك وَعَمَّتِك لِأَنَّهَا نَسَبًا إمَّا جَدَّتُك لِأَبِيك أَوْ حَلِيلَةُ جَدِّك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ عَمَّك أَوْ عَمَّتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمُحَرِّمِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْجُدُودَةُ سَادِسَتُهَا أُمُّ خَالِك وَخَالَتِك لِأَنَّهَا إمَّا جَدَّتُك لِأُمِّك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك لَهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ الْبَهِيمَةِ. (قَوْلُهُ وَمَسَامِّ الرَّأْسِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الْكَفُّ عَنْ كُلِّ مُفْطِرٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ مَتْبُوعَاتُهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ يُدْرِكُ مَتْبُوعَاتِهَا . (قَوْلُهُ أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ زِيَادَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ لَا تُحَرِّمُ. اهـ. بَدْرٌ. (قَوْلُهُ أَوْ يَأْكُلُ مَعَهُ مَا يَضُرُّ بِهِ) مَفْهُومُهُ لَوْ أَكَلَ مَعَهُ مَا لَا يَضُرُّ فَلَا يُحَرِّمُ وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ لَكَانَ قُوَّةً فِي غِذَائِهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَكْلِ وَحْدَهُ لَضَرَّ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا اسْتَغْنَى غِنًى بَيِّنًا يَكُونُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأَكْلِ وَحْدَهُ لَمْ يَضُرَّهُ. (قَوْلُهُ بَعِيدَةٍ) أَيْ مِنْ الْوَضْعِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ قَرِيبَةً هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ مَعْنَى قَرِيبَةً كَمَا لَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ كَالشَّهْرِ أَوْ بَعِيدَةٍ كَمَا لَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى (تَتِمَّةٌ) الْحَقُّ فِي الْحَوْلَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ مَعًا فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا رَضَاعَهُ فِيهِمَا لَمْ يُلْتَفَتْ لِمُرِيدِ فِطَامِهِ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى فِطَامِهِ قَبْلَهُمَا كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ خِلَافَ الْمَشْهُورِ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ إلَخْ نَصُّ بَهْرَامَ يُعَيِّنُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الصَّبِيُّ قَدْ فُصِلَ وَاسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ وَأَمَّا إذَا اسْتَغْنَى فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ إذَا فُصِلَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِصَالًا بَيِّنًا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَغْنَى فِي الْحَوْلَيْنِ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبُغُ فِي الْوَاضِحَةِ يُحَرِّمُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ. اهـ. . (قَوْلُهُ أَيْ وَالصِّهْرُ مِثْلُهُ) أَيْ وَالصِّهْرُ مِثْلُ النَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَيَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَتْهُ الصُّهَارَةُ وَقَوْلُهُ وَالْأَعْيَانُ مُرَادِفٌ. (قَوْلُهُ حَرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ} [النساء: 23] إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إلَّا لَوْ كَانَ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ السَّبْعَ مِنْ الرَّضَاعِ فَفِي عِبَارَةِ عب وَسَبْعُ الرَّضَاعِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا صَرِيحًا مَعَ آيَةِ تَحْرِيمِ النَّسَبِ إلَّا الْأُمَّ وَالْأُخْتَ وَأَمَّا الْبِنْتُ مِنْ الرَّضَاعِ فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَلَمْ يَكْتَفِ بِدُخُولِ أُمِّ الرَّضَاعِ وَأُخْتِهِ فِي آيَةِ النَّسَبِ كَالْبِنْتِ لِقُوَّةِ اتِّصَالِ الْبِنْتِ بِأَبِيهَا أَقْوَى مِنْ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الرَّضَاعِ إنَّمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهَا بِخَبَرِ «يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ» . اهـ. وَتَأَمَّلْ فِي قَوْلِهِ لِقُوَّةِ اتِّصَالِ الْبِنْتِ إلَخْ . (قَوْلُهُ مِنْ النَّسَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُخْتُك أَيْ أُخْتُك مِنْ النَّسَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ وَالْعَمَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ وَالْمَوْصُوفُ بِالتَّحْلِيلِ الْأُمُّ مَثَلًا مِنْ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ الثَّانِيَةُ أُمُّ وَلَدِ وَلَدِك إلَخْ) وَأَمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك لِمَا قُلْنَا فِيمَا قَبْلَهَا وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ خَالَك أَوْ خَالَتِك لَمْ تَحْرُمْ لِفَقْدِ ذَلِكَ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ حَفَدَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ وَكَذَا يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِجَدَّةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ أُمُّ امْرَأَتِهِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِعَمَّةِ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِأَبِي أَخِيهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَبِأَخِي وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَبِأَبِي حَفَدَتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَبِجَدِّ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ كَمَا مَرَّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَقَدْ؛ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلتَّحْقِيقِ وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَقُدِّرَ الطِّفْلُ خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ مِنْ وَطْئِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الطِّفْلَ الرَّضِيعَ إذَا شَرِبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ وَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَلَدًا لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ تَقْدِيرًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَيَكُونُ وَلَدًا لِصَاحِبِ اللَّبَنِ أَيْضًا كَأَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ بَطْنِهَا وَظَهْرِهِ مِنْ حِينِ وَطْئِهِ لِلْمُرْضِعَةِ مَعَ الْإِنْزَالِ لَا مِنْ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَلَا بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مِنْ قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَا بِغَيْرِ إنْزَالِهِ، وَفُرُوعُهُ كَهُوَ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمُرْضَعَةُ وَأُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَعَمَّاتُهَا وَخَالَاتُهَا كَمَا تَحْرُمُ عَلَى فُصُولِهِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَى أُصُولِهِ وَإِخْوَتِهِ فَمُحْتَرَزُ خَاصَّةً أُصُولُهُ وَإِخْوَتُهُ وَأَمَّا فُصُولُهُ فَلَمْ يَحْتَرِزْ بِخَاصَّةٍ عَنْهَا (ص) لِانْقِطَاعِهِ وَإِنْ بَعْدَ سِنِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّبَنَ مَحْكُومٌ بِهِ لِلْوَاطِئِ الْأَوَّلِ الَّذِي نَشَأَ اللَّبَنُ عَنْ وَطْئِهِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ لِزَوْجَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ اللَّبَنُ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ فَمُضَافٌ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونَ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ خَرَجَتْ عَنْ عِصْمَتِهِ أَوْ مِلْكِهِ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَبَنُهُ فِي ثَدْيِهَا وَوَطِئَهَا زَوْجٌ ثَانٍ اشْتَرَكَ الثَّانِي مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَاشْتَرَكَ مَعَ الْقَدِيمِ) فِي الْوَلَدِ الَّذِي تُرْضِعُهُ بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِي فَكَانَ ابْنًا لَهُمَا وَانْتَشَرَتْ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَزْوَاجُ كَانَ ابْنًا لِلْجَمِيعِ مَا دَامَ اللَّبَنُ الْأَوَّلُ فِي   [حاشية العدوي] أُمِّ رَضَاعٍ لِوَلَدِك نَسَبًا أَيْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَك نَسَبًا فَهِيَ وَأُمُّهَا حَلَالٌ لَك وَلَا يُتَوَهَّمُ تَحْرِيمُهَا مِنْ قَوْلِهِ وَأُمُّ وَلَدِ وَلَدِك وَمِنْ قَوْلِهِ وَجَدَّةُ وَلَدِك وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الْمُسْتَثْنَى مِمَّا يَحْرُمُ وَأُمُّ وَلَدِك لَيْسَتْ حَرَامًا عَلَيْك حَتَّى نَسَبًا. (قَوْلُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ حَفَدَتِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ عَيْنُ قَوْلِهِ وَأُمُّ وَلَدِ وَلَدِك لِأَنَّ الْحَفَدَةَ هُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِجَدَّةِ وَلَدِهِ) هَذِهِ عَيْنُ قَوْلِهِ وَجَدَّةُ وَلَدِك وَقَوْلُهُ أَوْ ابْنَتُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى حَلِيلَةٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّضَاعِ رَاجِعٌ لِجَدَّةٍ وَأَمَّا وَلَدُهُ فَهُوَ نَسَبٌ وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّضَاعِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ عَمَّةٌ أَيْ أَنَّ ابْنَهُ نَسَبًا لَهُ عَمَّةٌ مِنْ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ مِنْ الرَّضَاعِ) مُتَعَلِّقٌ بِابْنٍ أَيْ أَنَّ أَخَاهَا نَسَبًا لَهُ عَمٌّ مِنْ الرَّضَاعِ فَتَتَزَوَّجُ بِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّضَاعِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَخٌ وَأَمَّا وَلَدُهَا فَهُوَ نَسَبٌ وَقَوْلُهُ وَبِأَبِي حَفَدَتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ هُمْ حَفَدَةٌ مِنْ النَّسَبِ وَلَهُمْ أَبٌ مِنْ الرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ بِجَدِّ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْوَلَدُ مِنْ النَّسَبِ وَأَمَّا الْجَدُّ فَهُوَ مِنْ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ وَقَدْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلتَّحْقِيقِ) وَقِيلَ لَيْسَتْ لِلتَّحْقِيقِ وَالْمَعْنَى وَقَدْ يَحْرُمْنَ لِعَارِضٍ كَكَوْنِ أُمِّ أَخِيك وَأُخْتِك اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا أُخْتَك مِنْ الرَّضَاعِ بِأَنْ ارْتَضَعَتْ مَعَهَا عَلَى ثَدْيٍ أَيْ الْمُشَارُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] . (قَوْلُهُ وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي دَعْوَى أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْحَدِيثِ قَائِلًا دَعْوَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ غَلَطٌ لِأَنَّ الْعَامَّ لَمْ يَشْمَلْ الْمَذْكُورَاتِ حَتَّى يَدَّعِيَ الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ شَرْطَ الِاسْتِثْنَاءِ صِدْقُ الْعَامِّ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَمَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالنَّسَبِ إلَّا بِالِانْدِرَاجِ تَحْتَ قَوْلِهِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَبِالِانْدِرَاجِ تَحْتَ قَوْلِهِ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَبِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ لَا يَصْدُقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ بِالرَّضَاعِ وَلَا مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ إلَّا أُمَّ أَخِيك مُنْقَطِعٌ وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ وَهُوَ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهَا لَمْ يَتَنَاوَلْهَا نَهْيٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ فَهِيَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَعَلَى بَقَائِهِ عَلَى عُمُومِهِ . (قَوْلُهُ مِنْ وَطْئِهِ) أَيْ وَلَدٌ كَائِنٌ مِنْ وَطْئِهِ أَيْ لَا مِنْ عَقْدِهِ وَلَا بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَرِبَ فِي السَّنَتَيْنِ وَالشَّهْرَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَفِيمَا بَعْدَهُمَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ وَفُرُوعُهُ كَهُوَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ فُرُوعَهُ رَضَاعًا بِمَنْزِلَةِ فُرُوعِهِ نَسَبًا فَمَا يَحْرُمُ عَلَى فُرُوعِهِ نَسَبًا مِنْ أُصُولِهِ وَإِخْوَتِهِ نَسَبًا وَرَضَاعًا يَحْرُمُ عَلَى فُرُوعِهِ رَضَاعًا وَمَا لَا فَلَا فَإِنْ قُلْت لِمَ أَوْجَبَ الرَّضَاعُ الْحُرْمَةَ بَيْنَ فُرُوعِ الشَّخْصِ رَضَاعًا وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ نَسَبًا وَلَمْ يُوجِبْهَا بَيْنَ أُصُولِهِ رَضَاعًا وَأَقَارِبِهِ نَسَبًا قُلْنَا الْفَرْضُ أَنَّ فُرُوعَهُ رَضَاعًا حَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ نَسَبًا بِالرَّضَاعِ اتِّصَالٌ وَنَسَبُهُ وَأُصُولُهُ رَضَاعًا لَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ نَسَبًا بِالرَّضَاعِ مَا ذُكِرَ. . (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ خَرَجَتْ عَنْ عِصْمَتِهِ أَوْ مِلْكِهِ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتَزَوَّجَتْ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ. (قَوْلُهُ وَاشْتَرَكَ مَعَ الْقَدِيمِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا أَصَابَهَا وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ فَكَثُرَ بِإِصَابَتِهَا ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْهَا زَمَنًا طَوِيلًا ثُمَّ عَادَ اللَّبَنُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ سَقَطَ حُكْمُ الْوَطْءِ وَلَوْ وَطِئَهَا ثَالِثٌ بِنِكَاحٍ وَلَبَنِ وِلَادَةٍ الْأَوَّلُ مُسْتَمِرٌّ سَقَطَ حُكْمُ الثَّانِي لِطُولِ عَدَمِ وَطْئِهِ وَلَبَنُهَا لِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ إنَّمَا لَهُ حُكْمٌ فِي التَّكْثِيرِ خَاصَّةً وَالطُّولُ يُسْقِطُ حُكْمَهُ وَالْأَوَّلُ سَبَبُ وُجُودِهِ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِانْقِطَاعِهِ خَاصَّةً. اهـ. الْمُرَادُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 ثَدْيِهَا (ص) وَلَوْ بِحَرَامٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ بِإِسْقَاطِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ قَوْلِهِ بِحَرَامٍ أَيْ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَتَنْتَشِرُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ وَلَوْ حَصَلَ اللَّبَنُ بِسَبَبِ وَطْءٍ حَرَامٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهِ كَمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ حَصَلَ بِوَطْئِهِ لَبَنٌ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَنْ شَرِبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ كَابْنِهِ أَوْ تَزَوَّجَ بِخَامِسَةٍ أَوْ بِمَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ عَالِمًا وَأَحْرَى لَوْ كَانَ بِحَرَامٍ يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ بِمَنْ ذُكِرَ جَاهِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ عَدَمُ نَشْرِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ إذَا حَصَلَ بِسَبَبِ وَطْءٍ حَرَامٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهِ وَسَوَاءٌ وَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ كَالزِّنَا أَوْ لَا كَالْغَالِطِ بِمَنْكُوحَةٍ فَإِنَّ الْغَلَطَ بِهَا لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِالْغَالِطِ إنَّمَا الْوَلَدُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَهَذَا ظَاهِرُ مَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (ص) وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ إنْ أَرْضَعَتْ مَنْ كَانَ زَوْجًا لَهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِصَاحِبِ اللَّبَنِ وَصُورَتُهَا امْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ تَزَوَّجَتْ بِصَغِيرٍ بِوِلَايَةِ أَبِيهِ ثُمَّ خَالَعَ عَنْهُ أَبُوهُ ثُمَّ إنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ كَبِيرٍ وَدَخَلَ بِهَا وَأَنْزَلَ فَحَدَثَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ ذَلِكَ الطِّفْلَ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي هُوَ صَاحِبُ اللَّبَنِ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ حَلِيلَةَ الِابْنِ تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَقَوْلُهُ {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ (صِ) كَمُرْضِعَةِ مُبَانَتِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي التَّحْرِيمِ أَيْ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ مُرْضِعَةُ رَضِيعَةِ مُبَانَتِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَزَوَّجَ رَضِيعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ إنَّ زَوْجَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَرْضَعَتْ تِلْكَ الرَّضِيعَةَ الْمُبَانَةَ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ (ص) أَوْ مُرْتَضِعٌ مِنْهَا (ش) أَيْ مِنْ مُبَانَتِهِ وَمُرَادُهُ بِلَبَنٍ غَيْرِ لَبَنِهِ لِئَلَّا يَكُونَ تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَةً وَقَدْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَحَصَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيَّةً فَإِنَّ تِلْكَ الصَّبِيَّةَ تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِ الْمُطَلَّقَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بِنْتُ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِأَنْ تَكُونَ مَدْخُولًا بِهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمَّهَاتِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ بِمُجَرَّدِهِ وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ ذَاتَ لِبَانٍ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا قَرَّرْنَا (ص) وَإِنْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتَيْهِ اخْتَارَ وَإِنْ الْأَخِيرَةَ (ش) صُورَتُهَا تَزَوَّجَ بِمُرْضِعَتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَقَدَ لَهُ عَلَيْهِمَا وَلِيُّهُمَا ثُمَّ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ زَوْجَتُهُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ هِيَ الْأَخِيرَةُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَرَأَى ابْنُ بُكَيْرٍ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً بِمَنْزِلَةِ مُتَزَوِّجِ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا وَقَعَ صَحِيحًا بَيْنَهُمَا وَطَرَأَ لَهُ مَا أَفْسَدَهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ مُتَزَوِّجِ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ لِلصَّغِيرَتَيْنِ أُمَّ الزَّوْجِ أَوْ أُخْتَهُ فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ مَعًا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ لَهُ أَوْ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ (ص) وَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى بِهَا حَرُمَ الْجَمِيعُ (ش) لَوْ قَالَ تَلَذَّذَ بِهَا بَدَلَ بَنَى كَانَ أَوْلَى وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ قَدْ تَلَذَّذَ بِالْكَبِيرَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ زَوْجَتَيْهِ فَإِنَّ الْجَمِيعَ يَحْرُمْنَ، عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ لِأَنَّهَا أُمٌّ لَهُمَا وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ وَالرَّضِيعَتَانِ لِأَنَّهُمَا بِنْتَا امْرَأَةٍ تَلَذَّذَ بِهَا وَالتَّلَذُّذُ بِالْأُمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَلَذَّذَ بِالْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى مَعَ الْكَبِيرَةِ (ص) وَأُدِّبَتْ الْمُتَعَمِّدَةُ لِلْإِفْسَادِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَبِيرَةَ إذَا كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْإِفْسَادَ بِالرَّضَاعِ بَيْنَ الصَّغِيرَتَيْنِ فَإِنَّهَا تُؤَدَّبُ إنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِالْحُكْمِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَا غُرْمَ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِعِبَارَةٍ وَأُدِّبَتْ الْمُرْضِعَةُ الْمُفْسِدَةُ بِإِرْضَاعِهَا نِكَاحًا، الْمُعْتَمَدَةُ لِلْإِفْسَادِ فَقَوْلُهُ لِلْإِفْسَادِ الْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِالْمُتَعَمِّدَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ فَلَا تُؤَدَّبُ الْجَاهِلَةُ (ص) وَفَسْخُ نِكَاحِ الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُمَا   [حاشية العدوي] مِنْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالتَّتَّائِيِّ اعْتِمَادُهُ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ . (قَوْلُهُ وَلَوْ بِحَرَامٍ) الْمُرَادُ بِالْحَرَامِ الْفَاسِدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشُّبْهَةِ حُرْمَةٌ (قَوْلُهُ إنَّمَا الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْغَلَطُ بَعْدَ تَيَقُّنِ بَرَاءَتِهَا مِنْ حَمْلِ الْفِرَاشِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت . (قَوْلُهُ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ) ذَكَرَ الْحُكْمَ وَهُوَ الْحُرْمَةُ، وَالصُّورَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ إنْ أَرْضَعَتْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ وَهُوَ الْعِلَّةُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إلَخْ) فَالْبُنُوَّةُ الطَّارِئَةُ بَعْدَ وَطْءِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ فَيُقَالُ امْرَأَةٌ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَحَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا . (قَوْلُهُ مُرْضِعَةُ رَضِيعَةِ مُبَانَتِهِ) إضَافَةُ رَضِيعَةٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ . (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَكُونَ تَكْرَارًا) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ وَلِصَاحِبِهِ إلَخْ . (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ هِيَ الْأَخِيرَةَ فِي الرَّضَاعِ) أَيْ وَالْعَقْدُ إنْ تَرَتَّبَا وَالرَّضَاعُ فَقَطْ إنْ كَانَتَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَذَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى مَا فِي شَارِحِنَا لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي النَّصِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَارِدَ فِي النَّصِّ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ مُتَرَتِّبًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ هِيَ الْأَخِيرَةَ) عِبَارَتُهُ تُؤْذِنُ أَنَّ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَيُنَافِيهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَرَأَى ابْنُ بُكَيْرٍ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ. (قَوْلُهُ فِي الرَّضَاعِ) أَيْ وَالْعَقْدُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ. (قَوْلُهُ الْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِالْمُتَعَمِّدَةِ) يُفْهَمُ مِنْهُ صِحَّةُ تَعَلُّقِهِ بِأُدِّبَتْ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِالْأَوْلَى وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ عُلِّقَ بِأُدِّبَتْ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَعَمِّدَةَ تُؤَدَّبُ لِلْإِفْسَادِ الْحَاصِلِ مِنْهَا فَلَا يُعْلَمُ هَلْ تَعَمَّدَتْ الْإِفْسَادَ الْمُقْتَضِي لِعِلْمِهَا بِالتَّحْرِيمِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْدِيبِ أَوْ تَعَمَّدَتْ الْإِرْضَاعَ وَلَمْ تَتَعَمَّدْ الْإِفْسَادَ لِكَوْنِهَا جَاهِلَةً وَلَوْ عُلِّقَ بِالْمُتَعَمِّدَةِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا عَالِمَةٌ بِالتَّحْرِيمِ فَالْأَمْرُ فِيهَا وَاضِحٌ وَالْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 أَخَوَانِ مِنْ الرَّضَاعِ وَهُمَا مِمَّنْ يُقْبَلُ تَصَادُقُهُمَا بِأَنْ يَكُونَا مُكَلَّفَيْنِ وَلَوْ سَفِيهَيْنِ فَإِنَّ نِكَاحَهُمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ (ص) كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْفَسْخِ يَعْنِي لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَنَّهُمَا أَخَوَانِ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّ نِكَاحَهُمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ وَسَوَاءٌ فِيهِ إقْرَارُهُ وَإِقْرَارُهَا وَمَفْهُومُهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةَ لَمْ يُفْسَخْ لِاتِّهَامِهَا عَلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ (ص) وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ فَقَطْ فَكَالْغَارَّةِ (ش) أَيْ أَنَّهُ إذَا فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى حَلَالٌ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَهَذَا إذَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ عَلِمَ وَحْدَهُ وَأَمَّا إنْ عَلِمَتْ هِيَ وَحْدَهَا وَأَنْكَرَ الْعِلْمَ فَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ فَقَطْ كَاَلَّتِي غَرَّتْ مِنْ نَفْسِهَا وَتَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ عَالِمَةً بِالْحُكْمِ (ص) وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَهَا النِّصْفُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَخٌ لِزَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَّبَتْهُ زَوْجَتُهُ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ مِنْ فِرَاقٍ وَغَرَامَةٍ فَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَسْخُ قَبْلَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَقَوْلُهُ وَلَهَا النِّصْفُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي فَسْخِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ نِكَاحَهُ وَقَعَ فَاسِدًا عَلَى دَعْوَاهُ (ص) وَإِنْ ادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ لَمْ يَنْدَفِعْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَحْدَهَا وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهَا لَا يُقْبَلُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ لَيْسَ بِيَدِهَا (ص) وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ قَبْلَهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَبْلَهُ يَرْجِعُ إلَى الدُّخُولِ أَيْ لَا تَقْدِرُ الْمَرْأَةُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالدُّخُولِ أَوْ الطَّلَاقِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَلَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَوْتِ وَلَا مُخَلِّصَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ إلَّا بِالْفِدَاءِ مِنْهُ أَوْ يُطَلِّقُ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ الْمَهْرِ قَبْلَهُ لِأَنَّ نَفْيَ الْقُدْرَةِ أَبْلَغُ مِنْ نَفْيِ الطَّلَبِ (ص) وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَبَوَيْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الصَّغِيرَيْنِ إذَا تَصَادَقَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى أَنَّ وَلَدَيْهِمَا أَخَوَانِ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّ إقْرَارَهُمَا يُقْبَلُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ فَإِنْ كَانَ إقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ بِذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَحُكْمُ السَّفِيهَيْنِ كَالصَّغِيرَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ أَمَّا الْكَبِيرَانِ غَيْرُ السَّفِيهَيْنِ فَحُكْمُهُمَا مَعَهُمَا كَالْأَجَانِبِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الْأَبَوَيْنِ يَشْمَلُ أَبَاهُ وَأَبَاهَا وَأَبَا أَحَدِهِمَا وَأُمَّ الْآخَرِ وَلَا يَشْمَلُ أُمَّ كُلٍّ وَيَدْخُلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا (ص) كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ فَيُقْبَلُ إقْرَارُ أَبِي أَحَدِهِمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ إلَخْ) أَقَامَهَا الْآخَرُ أَوْ قَامَتْ احْتِسَابًا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الرَّضَاعُ الْآتِيَةُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ عج وَجَزَمَ بِهِ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا مُنْكِرَانِ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ غَيْرُ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهَا) وَلَمْ يُتَّهَمْ هُوَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا بَعْدَهُ رُبُعُ دِينَارٍ (قَوْلُهُ وَالْفَسْخُ قَبْلَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ لَوْلَا الِاتِّهَامُ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَفَسْخِ الْمُتَرَاضِعَيْنِ وَهِيَ هَذِهِ. . (قَوْلُهُ لَمْ يَنْدَفِعْ) أَيْ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا تَقْدِرُ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهَا وَحَدُّهَا الْأُخُوَّةُ فَهُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَادَّعَتْ وَأَنْكَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ إلَّا بِالدُّخُولِ أَوْ بِالطَّلَاقِ) أَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَيْ فَإِذَا دَخَلَتْ اسْتَحَقَّتْ الصَّدَاقَ وَإِذَا طَلَّقَ اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الصَّدَاقِ هَذَا مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَقَوْلُهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَوْتِ أَيْ ظَاهِرُهُ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا بِالطَّلَاقِ وَلَا بِالْمَوْتِ فَحِينَئِذٍ فَفِي الْعِبَارَةِ تَنَافٍ فَالْأُولَى مَا فِي عج مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا لَا بِطَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ بِالطَّلَاقِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . (قَوْلُهُ فَحُكْمُهُمَا مَعَهُمَا كَالْأَجَانِبِ) فَيُقْبَلُ قَبْلُ وَبَعْدُ فَشَا أَمْ لَا حَيْثُ كَانَا عَدْلَيْنِ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنْ نَقُولَ الْمُتَزَوِّجَانِ إمَّا أَنْ يَكُونَا سَفِيهَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ رَشِيدَيْنِ فَأَمَّا السَّفِيهَانِ وَالصَّبِيَّانِ فَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ أَيْ الذَّكَرَيْنِ أَوْ أَبُ أَحَدِهِمَا وَأُمُّ الْآخَرِ يُعْتَبَرُ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ وَأَمَّا الرَّشِيدَانِ فَالْوَالِدَانِ الذَّكَرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَالْأَجَانِبِ فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا يَجْرِي فِي الْأَجَانِبِ وَهَذَا سَيَأْتِي فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَيُشْتَرَطُ الْفَشْوُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. (قَوْلُهُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ حَيْثُ كَانَ أَبَا أَحَدِهِمَا وَأُمَّ الْآخَرِ فُشُوٌّ، فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ الْمُشْتَرَطُ فِيهِ الْفُشُوُّ. (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ هَذَا) أَيْ أُمُّ كُلٍّ إلَخْ فَيُشْتَرَطُ الْفُشُوُّ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ إذَا أَرَادَ النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إنَّهُ أَرَادَ) أَيْ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ الِاعْتِذَارَ لِعَدَمِ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَيْهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 حَيْثُ كَانَ وَلَدُهُ غَيْرَ بَالِغٍ وَكَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ فَلَوْ قَالَ الْأَبُ أَرَدْت بِقَوْلِي قَبْلَ النِّكَاحِ الِاعْتِذَارَ لِعَدَمِ إرَادَةِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إذَا أَرَادَ النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَنَاكَحَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ بِأَنْ رَشَدَ الْوَلَدُ وَعَقَدَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى الْآخَرِ مَشَى ابْنُ الْحَاجِبِ (ص) بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا فَالتَّنَزُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُمَّ أَحَدِهِمَا إذَا قَالَتْ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ هَذَا رَضَعَ مَعَ ابْنَتِي فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ التَّنَزُّهُ فَقَطْ وَلَيْسَتْ كَالْأَبِ وَلَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ قَالَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حِينَئِذٍ كَالْعَاقِدِ لِلنِّكَاحِ فَكَانَتْ كَالْأَبِ وَأَمَّا أُمَّهَاتُهُمَا فَسَيَأْتِي (ص) وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ يُرِيدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فَاشِيًا قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ قَوْلِهِمَا وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ يُرِيدُ إنْ كَانَ فَاشِيًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ كَانَتَا أُمَّهَاتِهِمَا أَوْ أَجْنَبِيَّتَيْنِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا النِّسَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَاشِيًّا قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ فَشَرْطُ الْفُشُوِّ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَمَّا الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَشْوُ فِي ذَلِكَ وَبِعِبَارَةِ: وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَيْ وَلَيْسَ الرَّجُلُ أَبًا وَلَا الْمَرْأَةُ أُمًّا لِأَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ وَامْرَأَتَيْنِ أَيْ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أُمًّا لِأَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ بِرَجُلَيْنِ أَيْ أَجْنَبِيَّيْنِ وَقَوْلُهُ لَا بِامْرَأَةٍ أَيْ: وَلَيْسَتْ أُمًّا لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهَا تَقَدَّمَتْ فَلَا تَكْرَارَ (ص) وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ فِي الصُّورَتَيْنِ إذَا كَانَا فَاشِيًّا فَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ الْفُشُوِّ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ ثُبُوتُ عَدَالَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَوْ عَدَالَةُ الْمَرْأَتَيْنِ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ تَرَدُّدٌ (ص) وَبِرَجُلَيْنِ لَا بِامْرَأَةٍ وَلَوْ فَشَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَشَا أَمْ لَا وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَلَوْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَتْ عَدْلَةً (ص) وَنُدِبَ التَّنَزُّهُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّنَزُّهُ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ لَا تُوجِبُ فِرَاقًا بِأَنْ كَانَتْ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمَا أَوْ أَجْنَبِيَّةً أَوْ كَانَتْ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَحْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا أَوْ كَانَتْ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فُشُوٌّ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَعْنَى التَّنَزُّهِ بِأَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً أَوْ يُطَلِّقَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً (ص) وَرَضَاعُ الْكُفْرِ مُعْتَبَرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ فِي ثُبُوتِ الرَّضَاعِ فَإِذَا رَضَعَ صَغِيرٌ عَلَى كَافِرَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَرْفَعُ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ وَبِعِبَارَةٍ فَلَوْ أَرْضَعَتْ ذِمِّيَّةٌ مُسْلِمًا صَغِيرًا مَعَ ابْنَةٍ لَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهِ وَلَوْ لَمْ تُسْلِمْ وَلَيْسَ الظَّرْفُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُعْتَبَرُ رَضَاعُ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ قَيْدًا وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ (ص) وَالْغِيلَةُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَرْجِعَ وَتَقُولَ كُنْت كَاذِبَةً أَوْ تَسْتَمِرَّ عَلَى إقْرَارِهَا وَسَوَاءٌ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ قَالَتْهُ اعْتِذَارًا أَمْ عَلَى حَقِيقَتِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ وَعَلَى الْآخَرِ مَشَى ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْ فَقَالَ وَفِي انْفِرَادِ أُمِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَبِيهِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ قَوْلَانِ. اهـ. هَذَا وَرَجَّحَ مُحَشِّي تت نَاقِلًا أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ قَوْلَ الْأُمِّ قَبْلَ الْعَقْدِ يُحَرِّمُ إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا وَلَمْ تُكَذِّبْ نَفْسَهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ وَصِيَّةً فَكَالْأَبِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ إنْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمَا وَشَمِلَتْ مَسْأَلَتَانِ الْأُمَّ وَالْأَبَ الْبَالِغَيْنِ الرَّشِيدَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأُمَّهُمَا مُطْلَقًا أَيْ رَشِيدَيْنِ أَوْ صَغِيرَيْنِ أَوْ سَفِيهَيْنِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ أَوْ سَفِيهَيْنِ فَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ فَشَا أَمْ لَا وَكَذَا أَبُ أَحَدِهِمَا وَأُمُّ الْآخَرِ وَأَمَّا أُمُّهُمَا فَيُقْبَلُ إنْ فَشَا وَأَمَّا الرَّشِيدَانِ فَأَبَوَاهُمَا الذَّكَرَانِ يُقْبَلُ مُطْلَقًا كَالْأَجَانِبِ، وَالْأَبُ وَالْأُمُّ يُقْبَلُ إنْ فَشَا كَالْأَجَانِبِ. وَأَمَّا الْأَمَانُ فَيُقْبَلُ إنْ فَشَا فَظَهَرَ أَنَّ حُكْمَ الْأُمَّيْنِ وَاحِدٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ فَشَا قَبْلُ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّ حُكْمَهُمَا كَالْأَجَانِبِ. (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَشْوُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فَهُمَا كَالرَّجُلَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الرَّجُلُ أَبًا وَلَا الْمَرْأَةُ أُمًّا لِأَحَدِهِمَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَبًا وَالْمَرْأَةُ أُمًّا لِأَحَدِهِمَا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ إنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ أَوْ سَفِيهَيْنِ فَيُقْبَلُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ وَأَمَّا الرَّشِيدَانِ فَكَالْأَجَانِبِ أَيْ فِيهِ خِلَافٌ هُنَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمَا إنْ فَشَا وَقَوْلُهُ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أُمًّا لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ هَذَا يَقْتَضِي تَفْصِيلًا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا إنْ فَشَا. وَأَمَّا الْأَمَانُ فَيُقْبَلُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ فَيُدْخِلُهُمَا فِي قَوْلِهِ وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالصَّغِيرَيْنِ وَالسَّفِيهَيْنِ فَيُمْكِنُ حِينَئِذٍ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَتْ أُمًّا أَيْ فِي الصَّغِيرَيْنِ وَالسَّفِيهَيْنِ وَأَمَّا الْكَبِيرَانِ فَيَدْخُلَانِ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا وَقَوْلُهُ أَجْنَبِيَّيْنِ وَأَمَّا أَبَوَاهُمَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَمَّا الصَّغِيرَانِ وَالسَّفِيهَانِ فَمَقْبُولٌ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ وَأَمَّا الْكَبِيرَانِ فَكَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فَيَدْخُلَانِ هُنَا وَقَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ لَا بِامْرَأَةٍ أَيْ وَلَا تَنَاقُضَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهَا مِمَّا ذُكِرَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَبِي أَحَدِهِمَا وَامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْفُشُوُّ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ) هَذَا اللَّخْمِيُّ فَقَدْ قَالَ يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ فَإِنَّهُ لَمَّا عَزَا لِسَحْنُونٍ قَبُولَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْفَشْوِ قَالَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعَ الْفَشْوِ عَدَالَتُهُمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ. اهـ. فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ الثَّانِي (قَوْلُهُ عَدْلَيْنِ) وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلَيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ فُشُوٌّ فَيَأْتِي التَّأْوِيلَانِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَتَجُوزُ (ش) الْغِيلَةُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ عَلَى الْأَكْثَرِ وَهِيَ إرْضَاعُ وَلَدِهَا وَزَوْجُهَا يَطَؤُهَا أَنْزَلَ أَمْ لَا وَقِيلَ بِقَيْدِ الْإِنْزَالِ وَأَصْلُهَا مِنْ الضَّرَرِ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «هَمَمْت أَنْ أَنْهَى النَّاسَ عَنْ الْغِيلَةِ حَتَّى سَمِعْت أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» فَنَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الْغِيلَةِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَقِيلَ هِيَ إرْضَاعُ الْحَامِلِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَنْ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّفَقَاتِ وَبَدَأَ بِأَقْوَى أَسْبَابِهَا وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ فَقَالَ (بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ) وَيَلِيهَا فِي الرُّتْبَةِ نَفَقَةُ غَيْرِهِنَّ وَالنَّفَقَةُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا بِهِ قِوَامٌ مُعْتَادٌ حَالَ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ فَأَخْرَجَ بِهِ قِوَامَ مُعْتَادٍ غَيْرَ الْآدَمِيِّ وَأَخْرَجَ بِهِ أَيْضًا مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِي حَالِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ سَرَفٍ مَا كَانَ سَرَفًا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا وَالْمُرَادُ بِالسَّرَفِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى الْعَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي نَفَقَةِ الْمُسْتَلَذَّةِ وَبِعِبَارَةِ السَّرَفِ صَرْفُ الشَّيْءِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي وَالتَّبْذِيرُ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي (ص) يَجِبُ لِمُمَكِّنَةٍ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ عَلَى الْبَالِغِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ الْمُمَكِّنَةِ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّعَاءِ إلَى الدُّخُولِ بَعْدَ مُضِيِّ الزَّوْجِ مِنْ الَّذِي يَتَجَهَّزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَالِغًا حَدَّ السِّيَاقِ فَتَجِبُ مَعَ الْمَرَضِ الْخَفِيفِ الْمُمْكِنِ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَمَعَ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَمْ يَبْلُغْ صَاحِبُهُ حَدَّ السِّيَاقِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إرْضَاعُ وَلَدِهَا) لَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ الْمَدْلُولَ وَطْءَ الْمُرْضِعِ وَالشَّارِحَ جَعَلَ الْمَدْلُولَ الْإِرْضَاعَ وَالتَّحْقِيقُ مَعَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلُّغَةِ وَمِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُرْضِعُ دُونَ الْمُرْضِعَةِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ زَمَنَ الرَّضَاعِ لَا الْوَطْءُ فِي حَالِ الْإِرْضَاعِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ وَزَوْجُهَا يَطَؤُهَا) أَيْ مِنْ زَمَنِ وَطْءِ زَوْجِهَا وَالْمُرَادُ يَطَؤُهَا زَوْجُهَا فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهَا مِنْ الضَّرَرِ) أَيْ سَبَبُ مَنْعِهَا عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهَا الضَّرَرُ الْحَاصِلُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ الْجَوَازَ. (قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إلَخْ) هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. مِعْيَارٌ. (قَوْلُهُ فَنَهْيُهُ) أَيْ فَنَهْيُهُ الْمُتَرَقِّبُ أَوْ الْمَعْنَى فَهِمَهُ بِنَهْيِهِ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ) أَيْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا ضَرَرَ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إرْضَاعُ الْحَامِلِ) فِي شَرْحِ شب هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدُلُّ عَلَى ضَرَرِ إرْضَاعِ الْحَامِلِ وَأَيْضًا ضَعَّفَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا [بَابُ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ] . (قَوْلُهُ وَشُرُوطِهِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ أَرْكَانَهُ مِنْ صِيغَةٍ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ طَلَاقٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ وَلِعَانٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمَوَانِعِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ (بَابُ النَّفَقَةِ) (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ زَوْجَةً وَغَيْرَهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يَشْمَلُ مَا تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ وَفِي ك وَهَلْ تَدْخُلُ الْكِسْوَةُ فِي مُسَمَّى النَّفَقَةِ فِيهِ خِلَافٌ وَفِي شب مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ مَا بِهِ قِوَامٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْكِسْوَةُ ضَرُورَةً قَالَ عج مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً لَزِمَتْ الْكِسْوَةُ بِاتِّفَاقِ ابْنِ زَرْبٍ وَابْنِ سَهْلٍ وَكَذَا إنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهَا حَيْثُ قَالَ الْمُتَطَوِّعُ لَمْ يَكُنْ لِي نِيَّةٌ بِشَيْءٍ أَيْ حِينَ الِالْتِزَامِ وَأَمَّا إنْ قَالَ أَرَدْت الْمَطْعَمَ فَقَطْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ زَرْبٍ وَيُقْبَلُ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ ابْنِ زَرْبٍ حَيْثُ عُرِفَ بِتَخْصِيصِهَا بِالْإِطْعَامِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُهُ وَالْقِوَامُ بِالْكَسْرِ نِظَامُ الشَّيْءِ وَعِمَادُهُ وَالْمَعْنَى مَا بِهِ نِظَامُ حَالِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَادِ وَمَصْدُوقُ نِظَامِ الْقُوتِ أَيْ قُوتٌ بِهِ حُصُولُ قُوَّةِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَادِ فَإِضَافَةُ مُعْتَادِ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَبِالْفَتْحِ الْعَدْلُ قَالَ تَعَالَى {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وَذَكَرَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَلَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ النَّفَقَةِ أَرْبَعَةً ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً كَابْنِ الْحَاجِبِ: النِّكَاحُ وَالْقَرَابَةَ وَالْمِلْكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَتَرَكَ الرَّابِعَ وَهُوَ الِالْتِزَامُ لِأَنَّ مُرَادَهُ مَا يَجِبُ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ بِبَابٍ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَخْرَجَ بِهِ قِوَامَ مُعْتَادِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) الْمُنَاسِبُ فَأَخْرَجَ بِهِ مَا بِهِ حُصُولُ قُوَّةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَالتِّبْنِ فَإِنَّ بِهِ حُصُولَ قُوَّةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ الْبَهِيمَةُ وَقَوْلُهُ وَأَخْرَجَ بِهِ أَيْضًا مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِي حَالِ الْآدَمِيِّ أَيْ كَالْحَلْوَاءِ فَلَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ فِي نَفَقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَادَةِ أَيْ الْعَادَةِ الْكَائِنَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْمُسْتَلَذِّ بِهَا فَإِضَافَةُ نَفَقَةٍ إلَى مَا بَعْدَهَا مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى الصِّفَةِ كَأَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً فِي مِثْلِهِ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ فِي الْجُمُعَةِ مَرَّتَيْنِ فَيُطْلَبُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا سَرَفٌ أَوْ أَنَّ نَفَقَةً بِمَعْنَى إنْفَاقٍ أَيْ فِي إنْفَاقٍ بِسَبَبِ الْمُسْتَلَذِّ بِهَا. (قَوْلُهُ صَرْفُ الشَّيْءِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي) أَيْ كَمَا مَثَّلْنَا وَكَمَا إذَا كَانَ يُنَاسِبُهُ شِرَاءُ رِطْلٍ مِنْ الْجَامُوسِ فَيَشْتَرِي رِطْلَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالتَّبْذِيرُ إلَخْ أَيْ كَالصَّرْفِ فِي شَرَابِ الْبَنَفْسَجِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّرَفَ الْمَصْرُوفَ فِيهِ يَنْبَغِي وَيُطْلَبُ إلَّا أَنَّهُ حَصَلَ زِيَادَةٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَالتَّبْذِيرُ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمَصْرُوفُ فِيهِ لَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ أَصْلًا (قُوتٌ) هُوَ مَا يُقْتَاتُ أَيْ يُؤْكَلُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْقُوتِ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ. (قَوْلُهُ الْمُمَكِّنَةِ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّعَاءِ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَ قَيْدًا وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّمْكِينَ حِينَئِذٍ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ إذَا طَلَبَ وَطْأَهَا. (قَوْلُهُ وَالْحَالُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُهَا وَلَوْ دَخَلَ لَا عِبْرَةَ بِالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ حَدُّ السِّيَاقِ) أَيْ حَدٌّ هُوَ السِّيَاقُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَهُوَ الْأَخْذُ فِي النَّزْعِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا نِصْفُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَلَا تَجِبُ لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ وَلَا لِذِي مَانِعٍ مِنْ رَتَقٍ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِهَا لِأَنَّهُ يَسْتَمْتِعُ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَلَا عَلَى غَيْرِ بَالِغٍ وَلَوْ أَطَاقَ الْوَطْءَ وَلَوْ بَالِغَةً وَلَوْ دَخَلَ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ تَدْعُوَ لِلدُّخُولِ أَوْ وَلِيِّهَا الْمُجْبَرِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَإِلَّا فَيَكْفِي أَنْ لَا تَمْتَنِعَ مِنْ التَّمْكِينِ بِأَنْ يَسْأَلَهَا الْقَاضِي هَلْ تُمَكِّنُهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَجَابَتْ بِالتَّمْكِينِ وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَبِعِبَارَةِ: مُمَكِّنَةٌ بِالْفِعْلِ وَهَذَا فِي الْحَاضِرِ أَوْ بِالْقُوَّةِ وَهَذَا عَامٌّ بِأَنْ لَا تَمْتَنِعَ (ص) بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا (ش) أَيْ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْعَادَةِ مُقَدَّرًا بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا فَلَا تُجَابُ هِيَ لِأَكْثَرَ مِنْ لَائِقٍ بِهَا وَلَا هُوَ لِأَنْقَصَ مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّجُلِ بِالسَّعَةِ وَالْمَرْأَةِ بِحَالِهَا وَلَوْ قَالَ بِحَالِهِمَا لَكَانَ أَخْصَرَ يُقَالُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالسَّعَةِ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ اقْتِدَاءً بِالْقُرْآنِ {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] (ص) وَالْبَلَدِ وَالسِّعْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِ بَلَدِهِ وَحَالِ السِّعْرِ فِيهِ إذْ لَيْسَ بَلَدُ الْخِصْبِ كَبَلَدِ الْجَدْبِ وَلَا بَلَدُ الرَّخَاءِ كَبَلَدِ الْغَلَاءِ وَلَا حَالُ الْمُوسِرِ كَحَالِ الْمُعْسِرِ (ص) وَإِنْ أَكُولَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَتْ أَكُولَةً جِدًّا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ فَوَجَدَهُ أَكُولًا فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ الْخِيَارُ فِي إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ وَفَسْخِهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْأَجِيرِ طَعَامًا وَسَطًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَمُسْتَأْجِرٍ أَوْجَرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا قَالَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي إلْزَامِ الْأَجِيرِ بِطَعَامٍ وَسَطٍ ضَرَرًا بِهِ وَيَحُطُّ مَنْ فَوَّتَهُ (ص) وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَقْوَى بِهِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلزَّوْجَةِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُرْضِعِ وَأَمَّا هِيَ فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا فَيُزَادُ لَهَا مَا تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى رَضَاعِهَا   [حاشية العدوي] الصَّدَاقِ فَإِنْ وَطِئَهَا تُكْمِلُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ السِّيَاقُ طَارِئًا عَلَى الدُّخُولِ فَلَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ إلَّا الْمَوْتُ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ وَلَمْ يُمْكِنْ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. (قَوْلُهُ وَلَا لِذِي مَانِعٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْغَيْرِ الْمُطِيقَةِ. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَقَرَنٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِهَا) زَادَ عب وَأَوْلَى إنْ وَطِئَ الصَّغِيرَةَ غَيْرَ الْمُطِيقَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا) أَيْ وَلَوْ افْتَضَّهَا وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بِإِطَاقَةِ الْوَطْءِ وَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ حَكَاهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ) الْأَوْلَى خَامِسٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيِّهَا الْمُجْبَرِ) أَيْ أَوْ وَكِيلِهَا، الْحَاصِلُ: أَنَّ لِأَبِي الْبِكْرِ وَسَيِّدِ الْأَمَةِ طَلَبَ الزَّوْجِ لِلدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ هِيَ وَإِلَّا كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا أَوْ وَكِيلِهَا (قَوْلُهُ أَوْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً وَقَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ أَيْ بِأَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً يُخَالِفُ مَا فِي عب وشب فَإِنَّ فِيهِمَا مَحَلَّ اعْتِبَارِ الدُّعَاءِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ وَجَبَتْ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَدْعُهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِشَرْطِ إطَاقَتِهَا وَبُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ مُمَكِّنَةٌ بِالْفِعْلِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّمْكِينَ بِالْفِعْلِ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى إلَّا الدُّعَاءَ لِلدُّخُولِ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ عَلَى مَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ أَوْ بِالْقُوَّةِ) وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ الْحَاضِرَ لَا بُدَّ مِنْ دُعَائِهَا لِلدُّخُولِ أَوْ تَمْكِينِهَا بِالْفِعْلِ وَتَمْكِينِهَا بِالْقُوَّةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّمْكِينَ بِالْفِعْلِ مُغَايِرٌ لِلتَّمْكِينِ بِالْقُوَّةِ فَلَا يَظْهَرُ اتِّصَافُ الْحَاضِرَةِ بِذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُمَكِّنَةِ فِي الْمُصَنِّفِ الدَّاعِيَةُ لِلدُّخُولِ فِي الْحَاضِرَةِ وَالْإِجَابَةُ بِالتَّمْكِينِ فِي الْغَائِبَةِ . (قَوْلُهُ بِالْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا) بَدَلُ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ. (قَوْلُهُ فَلَا تُجَابُ هِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا هُوَ لَا نَقْصَ مِنْهُ أَيْ أَنْقَصَ مِنْ اللَّائِقِ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَضِيعُ قَوْلُهُ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَصَّلَ فَيُقَالَ إذَا كَانَ غَنِيًّا يَقْدِرُ عَلَى الضَّأْنِ وَهِيَ فَقِيرَةٌ يُنَاسِبُهَا الْعَدَسُ أَنْ تُعْطَى حَالَةً وُسْطَى مَنْظُورًا فِيهَا لِلْحَالَتَيْنِ كَالْجَامُوسِ فَلَوْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهُ فَقْرًا وَغِنًى فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ كَأَنْ يَكُونَ اللَّائِقُ بِهَا الضَّأْنَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَكَأَنْ يَكُونَ اللَّائِقُ الْعَدَسَ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى خِلَافِهِ فَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً لَا يُنَاسِبُهَا إلَّا الضَّأْنُ وَالرَّجُلُ فَقِيرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ إلَّا عَلَى الْعَدَسِ فَقَطْ فَيُرَاعَى قَدْرُ وُسْعِهِ فَقَطْ فَهَذِهِ الصُّورَةُ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ بَلَدٌ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَطْفُ السِّعْرِ عَلَى الْبَلَدِ تَفْسِيرًا لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا بَلَدُ الرَّخَاءِ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ عَطْفٌ مُغَايِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَلَدَ الْحَضَرِيَّةَ الَّتِي يُجْلَبُ لَهَا الشَّيْءُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ لَيْسَتْ كَالْبَلَدِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الشَّيْءُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالسِّعْرُ أَيْ بِأَنْ تَقُولَ لَيْسَ زَمَنُ الْغَلَاءِ كَزَمَنِ الرَّخَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَكُولَةً) يُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهَا غَيْرَ أَكُولَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْوَسَطِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ وَالْبَلَدُ وَالسِّعْرُ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا فَإِنَّ الْوُسْعَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمِنَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي إلْزَامِ الْأَجِيرِ) أَيْ إلْزَامِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ بِطَعَامٍ وَسَطٍ أَيْ فَيَضُرُّ بِالْمُسْتَأْجِرِ لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا بَحْثٌ لَا يَرُدُّ الْمَنْقُولَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الضَّعْفُ بِالْفِعْلِ خُيِّرَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ فَإِنَّ فِي إلْزَامِ الْمُسْتَأْجِرِ بِطَعَامٍ وَسَطٍ ضَرَرًا بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ . (قَوْلُهُ وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَقْوَى بِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا كَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ دَاخِلٌ فِي بِالْعَادَةِ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُرْضِعِ زِيَادَةُ الْأَكْلِ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ التَّنْصِيصَ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهَا لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْمُرْضِعُ أَيْ الَّتِي وَلَدُهَا لَيْسَ رَقِيقًا (ص) إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا مَا تَأْكُلُ عَلَى الْأَصْوَبِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ فَهُوَ مُتَّصِلٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَرِيضَةَ إذَا قَلَّ أَكْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا مِنْ النَّفَقَةِ إلَّا مَا يَكْفِيهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا كَامِلًا لِتَصْرِفَ الْبَاقِيَ فِي مَصَالِحِهَا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الصَّحِيحَةُ الْقَلِيلَةُ الْأَكْلِ لَا يَلْزَمُ زَوْجُهَا لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ إلَّا بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا كَامِلًا لِأَجْلِ أَنْ تَصْرِفَ بَاقِيَهُ فِي مَصَالِحِهَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُقَرَّرِ لَهَا النَّفَقَةُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ مَا قُرِّرَ وَلَا يُرَاعَى حِينَئِذٍ مَرِيضَةٌ وَلَا قَلِيلَةُ أَكْلٍ مِنْ غَيْرِهِمَا (ص) وَلَا يَلْزَمُ الْحَرِيرُ وَحُمِلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعَلَى الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا طَلَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يَكْسُوَهَا حَرِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِصْرِيَّةً أَوْ غَيْرَ مِصْرِيَّةٍ وَهَلْ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ خَاصٌّ بِأَهْلِ مَدِينَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَجْلِ قَنَاعَتِهِمْ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَعَلَى حَسَبِ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ كَالنَّفَقَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُهُ الْحَرِيرُ وَإِنْ كَانَ مُتَّسِعَ الْحَالِ فَأَجْرَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمَدِينَةِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَابِلْ ابْنَ الْقَاسِمِ بِابْنِ الْقَصَّارِ وَإِلَّا لَقَالَ قَوْلَانِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقُوتُ وَمَا مَعَهُ بَيَّنَ مَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِي بِهِ هَلْ الْأَعْيَانُ أَوْ أَثْمَانُهَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَفْرِضُ الْأَعْيَانَ بِقَوْلِهِ (ص) فَيُفْرَضُ الْمَاءُ وَالزَّيْتُ وَالْحَطَبُ وَالْمِلْحُ وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِزَوْجَتِهِ الْمَاءُ لِشُرْبِهَا وَوُضُوئِهَا وَغُسْلِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْ غَيْرِ وَطْئِهِ وَلِشُرَّاحِ الرِّسَالَةِ فِيهِ كَلَامٌ وَيَلْزَمُهُ لَهَا أَيْضًا الزَّيْتُ لِأَكْلِهَا وَوَقِيدِهَا وَالِادِّهَانِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَلْزَمُهُ لَهَا أَيْضًا الْحَطَبُ لِلطَّبْخِ وَلِلْخَبْزِ وَيَلْزَمُهُ الْخَلُّ وَالْمِلْحُ لِأَنَّهُ مُصْلِحٌ وَيَلْزَمُهُ اللَّحْمُ لِمَنْ اعْتَادَهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَبِعِبَارَةٍ فِي حَقِّ الْقَادِرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَالْمُتَوَسِّطِ مَرَّتَيْنِ وَالْمُنْحَطِّ الْحَالِ مَرَّةً (ص) وَحَصِيرٌ وَسَرِيرٌ اُحْتِيجَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُفْرَضُ لِلزَّوْجَةِ حَصِيرٌ مِنْ حَلْفَاءَ أَوْ بَرْدِيٍّ يَكُونُ تَحْتَ فَرْشِهَا وَيُفْرَضُ لَهَا سَرِيرٌ يَمْنَعُ عَنْهَا الْعَقَارِبَ وَالْبَرَاغِيثَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْبَرْدِيُّ: وَرَقٌ نَابِتٌ يَخْرُجُ فِي وَسَطِ الْمَاءِ لَهُ عُصْعُوصٌ فِيهِ بَيَاضٌ الْغَالِبُ أَنَّهُ فِي بِلَادِ الْأُرْزِ (ص) وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ أُجْرَةَ الْقَابِلَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَلِّدُ النِّسَاءَ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لَيْسَ رَقِيقًا) وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَالزَّائِدُ عَلَى السَّيِّدِ كَأُجْرَةِ الْقَابِلَةِ . (قَوْلُهُ إلَّا الْمَرِيضَةَ) فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُهُ مَحَلُّهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ مَا تَأْكُلُهُ حَالَ مَرَضِهَا عَلَى حَالِ صِحَّتِهَا فَقَدْرُ صِحَّتِهَا فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ أَطْلَقَ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَكُولَةِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكُولَةِ ثُمَّ لُزُومُ مَا تَأْكُلُهُ الْمَرِيضَةُ شَامِلٌ لِنَحْوِ سُكَّرٍ وَلَوْزٍ حَيْثُ كَانَا غِذَاءَيْنِ لَهَا لَا دَوَاءً قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا قَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَكُولَةَ ابْتِدَاءً مَدْخُولٌ عَلَيْهَا وَلَيْسَ مِنْهُ الدَّوَاءُ بِخِلَافِ الطَّارِئِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الدَّوَاءَ لِأَنَّ هُنَاكَ مَرَضًا يَكْثُرُ فِيهِ أَكْلُ الْمَرِيضِ لِشِدَّةِ سُخُونَةِ الْمَعِدَةِ فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ زَادَ مَرَضُهُ فَصَارَ الْأَكْلُ الزَّائِدُ يُشْبِهُ الدَّوَاءَ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْوَبِ) مُقَابِلُهُ مَا لِأَبِي عِمْرَانَ مِنْ أَنَّهُ يَقْضِي لِكُلٍّ بِالْوَسَطِ وَيُصْرَفُ الْفَاضِلُ فِيمَا أَحَبَّ. (قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ) إذَا تَأَمَّلْت تَجِدْ ذَلِكَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَادَةِ فَكَيْفَ يَأْتِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأَصْوَبِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُتْبِعَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالصَّوَابِ . (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَدِينَةِ) أَيْ سَاكِنَتِهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَرِيرُ) أَيْ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْخَزِّ وَلَوْ مِنْ الزَّوْجِ الْمُتَّسِعِ الْحَالِ وَكَوْنُ حَالِهَا ذَلِكَ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُلْزَمُ بِالْحَرِيرِ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ . (قَوْلُهُ فَيُفْرَضُ الْمَاءُ إلَخْ) وَلَا يُفْرَضُ عَسَلٌ وَلَا سَمْنٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ إدَامًا عَادَةً. (قَوْلُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) قَالَ بَهْرَامُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَفْرِضُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَإِلَّا فُرِضَ كُلَّ يَوْمٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْعَامِلُ يُفْرَضُ وَالْمَعْنَى يُفْرَضُ زَمَنًا بَعْدَ زَمَنٍ أَوْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي التَّفْصِيلُ الْآتِي وَبَعْدَ زَمَنٍ إمَّا حَالٌ أَوْ صِفَةٌ. (قَوْلُهُ وَغُسْلُهَا) وَالظَّاهِرُ لَوْ كَانَ الْغُسْلُ سُنَّةً كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ مُسْتَحَبًّا كَالْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ بَلْ وَلِلرَّشِّ إنْ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ وَطْئِهِ) أَيْ كَاحْتِلَامٍ أَوْ غَلَطٍ أَوْ زِنًا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَلَا غَرَابَةَ فِي إلْزَامِهِ الْمَاءَ لِغُسْلِهَا مِنْ الزِّنَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ اهـ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِهَا الْحَمَّامَ إلَّا مِنْ سَقَمٍ أَوْ نِفَاسٍ قَالَهُ مَالِكُ ابْنُ شَعْبَانَ يُرِيدُ تَخْرُجُ إلَيْهِ لَا أُجْرَةُ الْحَمَّامِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الْحَمَّامِ لِأَجْلِ سَقَمٍ أَوْ نِفَاسٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ. (قَوْلُهُ لِأَكْلِهَا وَوَقِيدِهَا) أَيْ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُوقَدُ لَا كَزَيْتِ السَّلْجَمِ وَالْخِرْوَعِ إلَّا أَنَّهُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ يُعْمَلُ بِهِ فَزَيْتُ السَّلْجَمِ يُسْتَعْمَلُ بِبِلَادِ الصَّعِيدِ بَدَلَ الشَّيْرَجِ (قَوْلُهُ وَالِادِّهَانِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَكْلِهَا، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُصْلِحٌ) أَيْ الْمِلْحُ وَأَمَّا الْخَلُّ فَهُوَ أُدْمٌ. (قَوْلُهُ وَالْمُنْحَطُّ الْحَالِ مَرَّةً) الْأَظْهَرُ أَنَّ الْفَقِيرَ يُفْرَضُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ حَيْثُ كَانَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهِ وَلَوْ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً مَثَلًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ وَأَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مَا نَصُّهُ وَاللَّحْمُ أَيْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَا الطَّيْرُ وَالسَّمَكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُعْتَادًا فَيَجْرِي عَلَى الْعَادَةِ. . (قَوْلُهُ الْبَرْدِيِّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ . (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ أُجْرَةَ الْقَابِلَةِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 كَالنَّفَقَةِ أَيْ فِي وَلَدٍ لَاحِقٍ بِالزَّوْجِ وَيَجِبُ لِلزَّوْجَةِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ مَا يَصْلُحُ لَهَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ مُطَلَّقَةً بَائِنًا لَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ لِأَنَّ وَلَدَهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا بَلْ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ (ص) وَزِينَةٌ تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا كَكُحْلٍ وَدُهْنٍ مُعْتَادَيْنِ وَحِنَّاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِزَوْجَتِهِ الزِّينَةُ الَّتِي تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا كَالْكُحْلِ لِعَيْنِهَا وَالدَّهْنِ لِشَعْرِهَا وَالْحِنَّاءِ لِرَأْسِهَا وَبَدَنِهَا الْجَارِي بِذَلِكَ الْعَادَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طِيبٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا خِضَابٌ لِيَدَيْهَا إذْ لَا يَضُرُّ بِهَا تَرْكُهُ أَيْ وَلَوْ اُعْتِيدَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ (ص) وَمَشْطٌ (ش) الْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِالْفَتْحِ أَيْ مَا تَمْتَشِطُ بِهِ مِنْ دُهْنٍ مَثَلًا وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ عَكْسُ {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] لَا بِالضَّمِّ وَهُوَ الْآلَةُ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَشَى عَلَى التَّفْرِقَةِ فِي الْآلَةِ بَيْنَ الْمُشْطِ وَالْمُكْحُلَةِ وَالْمَشَايِخُ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِي (ص) وَإِخْدَامُ أَهْلِهِ (ش) ضَمِيرُ أَهْلِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِخْدَامِ لَا عَلَى الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِخْدَامُ أَهْلِ الْإِخْدَامِ وَهُوَ كَلَامٌ مُوَجَّهٌ يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ لِلْفَاعِلِ وَلِلْمَفْعُولِ فَكَأَنَّهُ لِشِدَّةِ الِاخْتِصَارِ أَشَارَ لِاشْتِرَاطِ الْأَهْلِيَّةِ فِيهِمَا فَفِي الزَّوْجِ لِسَعَتِهِ وَفِيهَا لِشَرَفِهَا وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَاحَظَ أَنَّ شَرْطَ الْأَهْلِيَّةِ فِي أَحَدِهِمَا يَتَضَمَّنُهَا فِي الْآخَرِ فَلَا يَكُونُ أَهْلًا لِإِخْدَامِهَا إلَّا إذَا اسْتَحَقَّتْهُ وَبِالْعَكْسِ وَيَحْصُلُ إخْدَامُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَمْلُوكَتِهِ أَوْ يُنْفِقُ عَلَى خَادِمِهَا أَوْ يُكْرِي لَهَا خَادِمًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ بِكِرَاءٍ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يُخْدِمَ زَوْجَتَهُ الَّتِي هِيَ أَهْلُ الْإِخْدَامِ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَقَضَى لَهَا بِخَادِمِهَا إنْ أَحَبَّتْ إلَّا لِرِيبَةٍ (ش) يَعْنِي لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ يَخْدُمُنِي خَادِمِي وَيَكُونُ عِنْدِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ زَوْجِي وَقَالَ الزَّوْجُ خَادِمِي هُوَ الَّذِي يَخْدُمُكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى خَادِمِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَيَّدَ ابْنُ شَاسٍ الْقَضَاءَ بِخَادِمِهَا إذَا كَانَتْ مَأْلُوفَةً وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِطْلَاقُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتَرِيَ لَهَا دَارًا وَرَغِبَتْ هِيَ فِي السُّكْنَى فِي دَارِهَا بِمِثْلِ مَا يُكْرِي لَهَا أَوْ دُونَ فَلَوْ كَانَ فِي خِدْمَةِ خَادِمِهَا لَهَا رِيبَةٌ فَإِنَّهَا لَا تُجَابُ لِذَلِكَ وَخَادِمُ الزَّوْجِ هُوَ الَّذِي يَخْدُمُهَا لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ تَثْبُتَ الرِّيبَةُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ يَعْرِفَ ذَلِكَ جِيرَانُهَا (ص) وَإِلَّا فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لَأَنْ يُخْدِمَهَا زَوْجُهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ بَلْ كَانَتْ مِنْ لَفِيفِهِمْ أَوْ كَانَ زَوْجُهَا فَقِيرَ الْحَالِ وَلَوْ كَانَتْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَيَجِبُ لِلزَّوْجَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَزَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ . (قَوْلُهُ تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا) أَيْ تَحْتَاجُ لَهَا بِأَنْ يَحْصُلَ لَهَا شَعَثٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِضْرَارُ لَا مَا لَا تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا وَلَوْ اعْتَادَتْهُ. (قَوْلُهُ مُعْتَادَيْنِ) لَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ ذَلِكَ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا. (قَوْلُهُ مِنْ دُهْنٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ زَيْتٍ وَقَوْلُهُ الْخَاصُّ أَيْ الَّذِي هُوَ دُهْنٌ (فَإِنْ قُلْت) لَيْسَ هُوَ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ بَلْ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ كَكُحْلٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْطُوفُ بِالْوَاوِ فِي مَقَامِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ قَالَ مُعْتَادَاتٌ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمُشْطٌ لِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمُشْطِ وَالْحِنَّاءِ وَالْكُحْلِ وَالدُّهْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ لَا بِالضَّمِّ وَهُوَ الْآلَةُ) عَلَى مَا لِلنَّوَوِيِّ وَهُوَ خِلَافُ قَاعِدَةِ أَنَّ اسْمَ الْآلَةِ مَكْسُورٌ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَامُوسِ قَالَ الْمُشْطُ مُثَلَّثَةٌ وَكَكَتِفٍ وَعُنُقٍ وَعُتُلٍّ وَمِنْبَرٍ آلَةٌ يُمْتَشَطُ بِهَا وَجَمْعُهُ أَمْشَاطٌ. (قَوْلُهُ وَالْمَشَايِخُ لَمْ يُفَرِّقُوا) أَيْ فَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْآلَةِ لَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ لِشِدَّةِ الِاخْتِصَارِ أَشَارَ) أَيْ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ لِاشْتِرَاطِ الْأَهْلِيَّةِ فِيهِمَا بِهَذَا الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ لِأَجْلِ شِدَّةِ الِاخْتِصَارِ وَمُفَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ وَالزَّوْجَةِ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ غَنِيٌّ بِفَقِيرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْدِمَهَا وَقَوْلُهُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ لَا حَاجَةَ لِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ اشْتِرَاطُ الْأَهْلِيَّةِ فِي أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ الْأَهْلِيَّةَ فِي الْآخَرِ فَلَوْ جَعَلْنَاهُ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ فَقَطْ أَفَادَ مَا أَفَادَهُ الْآخَرُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلْنَاهُ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ فَقَطْ أَفَادَ مَا أَفَادَهُ إضَافَتُهَا لِلْفَاعِلِ أَيْ فَهُوَ يُفِيدُ مَا أَفَادَهُ جَعْلُهُ مِنْ بَابِ الْمُوَجَّهِ مَعَ أَقْرَبِيَّتِهِ لِلْفَهْمِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ أَهْلًا إلَخْ مُفَادُهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ زَوْجَاتِهِمْ وَزَوْجَتُهُ فَقِيرَةٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ يُقَالُ إنَّهُ إذَا جُعِلَ مِنْ بَابِ التَّوْجِيهِ لَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ أَهْلِيَّةِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي التَّوْجِيهِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَيَتَوَقَّفُ الْحَالُ عَلَى التَّعْيِينِ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَتَدَبَّرْ وَالتَّوْجِيهُ احْتِمَالُ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ كَقَوْلِهِ خَاطَ لِي عَمْرٌو قُبَاءْ ... لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءْ فَتَدَبَّرْ (فَائِدَةٌ) إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِخْدَامِ لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ لِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي كَوْنِهَا مِمَّنْ تُخْدَمُ فَهَلْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ. (قَوْلُهُ إنْ أَحَبَّتْ إلَخْ) قَالَ عج قَالَ شَيْخُنَا وَيَكُونُ إخْدَامُهَا بِأُنْثَى أَوْ بِذَكَرٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ. اهـ. قُلْت الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ لِيُطَابِقَ مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى الْمُقَابِلِ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ مَأْلُوفَةً) أَيْ أَلِفَتْهَا نَفْسَهَا وَاسْتَأْنَسَتْ بِهَا. (قَوْلُهُ الْبَاطِنَةُ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الِاسْتِقَاءُ مِنْ الدَّارِ وَخَارِجِهَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهَا بَاطِنَةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 يَلْزَمُهَا الْخِدْمَةُ فِي بَيْتِهَا بِنَفْسِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَطَبْخٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ خَارِجِهَا إنْ كَانَتْ عَادَةَ بَلَدِهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِنْ الْأَشْرَافِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ أَزْوَاجَهُمْ فِي الْخِدْمَةِ فَعَلَيْهِ الْإِخْدَامُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ. (ص) بِخِلَافِ النَّسْجِ وَالْغَزْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَنْسِجَ لِزَوْجِهَا وَلَا أَنْ تَغْزِلَ وَلَا أَنْ تَخِيطَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَكْتَسِبَ لَهُ إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةَ نِسَاءِ بَلَدِهَا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي الْمُفْلِسِ لَا يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ وَلَمَّا قَدَّمَ الْأُمُورَ الَّتِي تَلْزَمُ الزَّوْجَ لِزَوْجَتِهِ مِنْ أُجْرَةِ الْقَابِلَةِ وَالزِّينَةِ الَّتِي تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهُ فَقَالَ (ص) لَا مُكْحُلَةٌ وَدَوَاءٌ وَحِجَامَةٌ وَثِيَابُ الْمَخْرَجِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَلْزَمُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُكْحُلَةُ وَهِيَ الْوِعَاءُ الَّتِي يُجْعَلُ الْكُحْلُ فِيهَا بِخِلَافِ الْكُحْلِ فَيَلْزَمُهُ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الدَّوَاءُ عِنْدَ مَرَضِهَا لَا أَعْيَانٌ وَلَا أَثْمَانٌ وَمِنْهُ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ لَهَا أُجْرَةُ الْحَجَّامِ الَّذِي يَحْجُمُهَا مَالِكٌ وَلَا يُقْضَى بِدُخُولِ حَمَّامٌ إلَّا مِنْ سَقَمٍ أَوْ نِفَاسٍ ابْنُ شَعْبَانَ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ لَا أُجْرَتَهُ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لَهَا ثِيَابُ الْمَخْرَجِ وَهِيَ الَّتِي تَتَزَيَّنُ بِهَا عِنْدَ ذَهَابِهَا إلَى الزِّيَارَةِ وَالْأَفْرَاحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَنِيًّا (ص) وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا (ش) الشَّوْرَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ هِيَ مَتَاعُ الْبَيْتِ وَبِضَمِّهَا هِيَ الْجَمَالُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَمَتَّعَ مَعَ زَوْجَتِهِ بِشَوْرَتِهَا الَّتِي تَجَهَّزَتْ بِهَا وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ بِهَا مِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَلِبَاسٍ وَنَحْوِهَا وَبِعِبَارَةٍ وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ بَيْعِهَا وَهِبَتِهَا لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعَ بِهَا وَهُوَ حَقٌّ لَهُ وَالْمُرَادُ بِشَوْرَتِهَا الَّتِي دَخَلَتْ بِهَا مِنْ مَقْبُوضِ صَدَاقِهَا الَّتِي تَجَهَّزَتْ بِهِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا وَإِنَّمَا تَجَهَّزَتْ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا الْحَجْرُ إذَا تَبَرَّعَتْ بِزَائِدِ الثُّلُثِ (ص) وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا (ش) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ بَدَلُ الشُّورَةِ الْأُولَى بَلْ يَلْزَمُهُ مَا لَا غِنًى عَنْهُ لَهَا (ص) وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ الثُّومِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْضَى لِلرَّجُلِ بِأَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ أَكْلِ كُلِّ شَيْءٍ رَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ عَلَيْهِ يَتَأَذَّى مِنْهَا كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْفُجْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَأْكُلْ مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ أَيْ أَوْ يَكُونَ فَاقِدَ الشَّمِّ وَلَيْسَ لَهَا هِيَ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا أَيْضًا مِنْ فِعْلِ مَا يُوهِنُ جَسَدَهَا مِنْ الصَّنَائِعِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَهَا (ص) لَا أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَدْخُلُوا لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ أَبَوَيْ زَوْجَتِهِ أَنْ يَدْخُلَا إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ أَوْلَادَهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَدْخُلُوا إلَيْهَا بَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِ هَؤُلَاءِ لِتَفَقُّدِ حَالِ أَوْلَادِهَا وَيَتَفَقَّدُ الْأَبَوَانِ حَالَ ابْنَتِهِمَا وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إلَى الْمُوَاصَلَةِ وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَيَلْزَمُ الرَّجُلَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ) أَيْ لَهُ وَلَهَا لَا لِضُيُوفِهِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا الْخِدْمَةُ لِأَوْلَادِهِ وَعَبِيدِهِ وَوَالِدَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ خَارِجِهَا إنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ مِنْ بِئْرِ دَارِهَا أَوْ مَا قَارَبَ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا . (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ تَخِيطَ إلَخْ) أَفَادَ بَعْضٌ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافَ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا وَأَنَّ خِيَاطَةَ ثَوْبِهِ وَثَوْبِهَا يَلْزَمُهَا وَيَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ وَرَأَيْت مَا نَصُّهُ وَأَمَّا غَسْلُ ثِيَابِهِ وَثِيَابِهَا فَقَالَ بَعْضٌ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْعَادَةِ وَالنَّصُّ فِي الْأَبِيِّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ فَهُوَ كَالْخِيَاطَةِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ عَدَمِ لُزُومِ الْخِيَاطَةِ . (قَوْلُهُ وَمِنْهُ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ) أَيْ وَمِنْ ثَمَنِ الدَّوَاءِ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ. (قَوْلُهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ لَا أُجْرَتَهُ) أَيْ وَأَمَّا أُجْرَتُهُ لَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ لِسَقَمٍ أَوْ نِفَاسٍ لِأَنَّهُ مِنْ التَّدَاوِي وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَعَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ دُخُولِهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ يَفْسُقُ وَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَوَجْهُ الْمَشْهُورِيَّةِ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَنِيًّا فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْهُ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْغَنِيَّ . (قَوْلُهُ أَنْ يَتَمَتَّعَ مَعَ زَوْجَتِهِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَهُ التَّمَتُّعُ سَوَاءٌ تَمَتَّعَ بِهَا وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا وَالْمُرَادُ الشُّورَةُ الَّتِي يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ أَفَادَ بَعْضٌ مَا نَصُّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ كِسْوَتُهَا مَا دَامَ عِنْدَهُ ثِيَابُ عُرْسِهَا وَلِضَيْفِ الزَّوْجِ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِشُورَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ بُسُطٍ وَوَسَائِدَ وَنَحْوِهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. (قُلْت) وَانْظُرْ هَلْ يُسَلَّمُ ذَلِكَ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ لَا وَحُرِّرَ (قُلْت) فَلَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ يَقْضِي لَهَا بِأَخْذِ الَّذِي جَدَّدَهُ وَالظَّاهِرُ لَا. (قَوْلُهُ وَلِبَاسٌ) لَعَلَّهُ مَا تَأْتِي بِهِ مِنْ الْقَمِيصِ وَاللِّبَاسِ وَالدَّكَّةِ. (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا) أَيْ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ يَتَمَتَّعُ بِهَا فَالشَّارِحُ يَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ مَالٌ إلَّا التَّمَتُّعَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهَا مَعَ أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِهَا. (قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ مَا لَا غِنَى عَنْهُ) أَيْ مِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَمَا يَقِيهَا وَيَحْفَظُهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (قَوْلُهُ كَالثُّومِ) بِضَمِّ الثَّاءِ. (قَوْلُهُ الْفُجْلِ) بِضَمِّ الْفَاءِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهَا هِيَ مَنْعُهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَهَا) رَاجِعٌ لِلْعَزْلِ (قَوْلُهُ لَا أَبَوَيْهَا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي مَنْعِهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْأَقَلِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَبَوَانِ دِنْيَةً وَالْوَلَدُ حَقِيقَةً لَا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ مِنْ شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ) أَيْ طَلَبَ الشَّرْعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 أَنْ يَأْذَنَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا ذَوَاتُ رَحِمِهَا مِنْ النِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ إلَّا فِي ذَوِي الْمَحْرَمِ مِنْهَا خَاصَّةً (ص) وَحَنِثَ إنْ حَلَفَ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ عَلَى مَنْعِ أَبَوَيْهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ وَلَا بِطَلَبِ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا الدُّخُولَ وَلَا بِالْحُكْمِ لَهُمْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْحِنْثُ بِحُصُولِ ضِدِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (ص) كَحَلِفِهِ أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدَيْهَا إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً وَلَوْ شَابَّةً (ش) التَّشْبِيهُ فِي التَّحْنِيثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً فَحَلَفَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدَيْهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ يَحْكُمَ لَهَا الْقَاضِي بِالْخُرُوجِ إلَيْهِمَا لِلزِّيَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ الشَّابَّةُ وَغَيْرُهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِخُرُوجِهَا لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا وَلَوْ مَعَ أَمِينَةٍ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ (ص) لَا إنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا تَخْرُجُ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ فِي زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا إذَا طَلَبَتْهَا وَهُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ سَمِعَ الْقَرِينَانِ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ إنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَنْ لَا يَدَعَهَا تَخْرُجُ أَبَدًا أَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَيَحْنَثُ قَالَ لَا. اهـ. وَفِي ابْنِ حَبِيبٍ مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ لِلْفَرْقِ بِأَنَّهُ حَالَ التَّخْصِيصِ يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ الضَّرَرِ بِخِلَافِ حَالِ التَّعْمِيمِ (ص) وَقَضَى لِلصِّغَارِ كُلَّ يَوْمٍ وَلِلْكِبَارِ فِي الْجُمُعَةِ كَالْوَالِدَيْنِ وَمَعَ أَمِينَةٍ إنْ اتَّهَمَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلَادَ الْمَرْأَةِ إذَا كَانُوا صِغَارًا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُمْ بِالدُّخُولِ عَلَى أُمِّهِمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً لِتَتَفَقَّدَ أُمُّهُمْ حَالَهُمْ وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُمْ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا الْأَبَوَانِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُمَا بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنْ اتَّهَمَهُمَا الزَّوْجُ فِي إفْسَادِ زَوْجَتِهِ وَأَشْبَهَ قَوْلَهُ بِالْقَرَائِنِ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّة مَعَ أَمِينَةٍ مِنْ جِهَتِهِ لَا تُفَارِقُهُمَا لِئَلَّا يَخْتَلِيَا بِهَا فَيُغَيِّرَانِ حَالَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَبِعِبَارَةٍ وَمَعَ أَمِينَةٍ وَحُضُورِ الزَّوْجِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِحُضُورِهِ أَنْ لَا يَكُونَ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَأْتِيَا بِأَمِينَةٍ لِأَنَّهَا مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ جِهَتِهِمَا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَمَعَ أَمِينَةٍ إنْ اتَّهَمَهُمَا أَيْ بِإِفْسَادِهِمَا كَمَا فِي النَّقْلِ فَاتِّهَامُهُمَا بِأَخْذِ مَالِهِ لَا يُوجِبُ مَنْعَهُمَا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادُ مِنْ الْأَقَارِبِ وَقَدْ نَصَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَخَاهَا وَعَمَّهَا وَخَالَهَا وَابْنَ أَخِيهَا وَابْنَ أُخْتِهَا وَلَا يَبْلُغُ بِمَنْعِهِمْ الدُّخُولُ لَهَا وَخُرُوجُهَا لَهُمْ مَبْلَغَ الْأَبَوَيْنِ فِي التَّحْنِيثِ إذْ لَا حِنْثَ فِي غَيْرِهِمَا (ص) وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِهِ إلَّا الْوَضِيعَةَ (ش) أَيْ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ السُّكْنَى مَعَ أَقَارِبِ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَيْعَةَ الْقَدْرِ فَلَا كَلَامَ لَهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ هِيَ وَأَهْلُ زَوْجِهَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَتَقُولُ إنَّ أَهْلَك يُؤْذُونَنِي فَأَخْرِجْهُمْ عَنِّي أَوْ أَخْرِجْنِي عَنْهُمْ رُبَّ امْرَأَةٍ لَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ لِكَوْنِ صَدَاقِهَا قَلِيلًا وَتَكُونُ وَضِيعَةَ الْقَدْرِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ تَزَوَّجَهَا وَفِي الْمَنْزِلِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ رَحِمِهَا مِنْ النِّسَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ الْأَقَارِبُ كَانُوا مَحْرَمًا أَيْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ ذَوِي الْمَحْرَمِ أَيْ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ (أَقُولُ) إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ أَبَوَيْهَا وَأَعْمَامَهَا وَأَخْوَالَهَا وَأَوْلَادَ أَخِيهَا وَأَوْلَادَ أُخْتِهَا فَكَيْفَ هَذَا مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُقَيِّدِ لِلْقُصُورِ عَلَى مَا ذُكِرَ خُصُوصًا وَقَدْ عَلِمْت فِي شَرْحِ عب فَتَدَبَّرْ وَجَوَابُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَهُوَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ لَزِمَ لَكِنْ لَا يَقْضِي بِالْحِنْثِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ بِحُصُولِ ضِدِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) فَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَضِدُّهُ الدُّخُولُ. (قَوْلُهُ كَحَلِفِهِ أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدَيْهَا) أَيْ لَا وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِقُصُورِ مَرْتَبَتِهِ عَنْ مَرْتَبَةِ وَالِدَيْهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً) وَالشَّابَّةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا غَيْرُ مَأْمُونَةٍ. (قَوْلُهُ لِلزِّيَارَةِ) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ مَرَّةً وَالْفَرْضُ أَنَّ وَالِدَيْهَا فِي الْبَلَدِ لَا إنْ بَعُدُوا عَنْ الْبَلَدِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِهِ وَإِذَا دَفَعَتْ لَهُ دَرَاهِمَ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ رَجَعَتْ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي مَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْحُكْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ أَرْبَعٌ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْوَلَدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَعَلَى الْخُرُوجِ كَذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي ثَلَاثٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ أَنَّ الدُّخُولَ أَخَفُّ مِنْ الْخُرُوجِ. اهـ. بَدْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ أَمِينَةٍ) أَيْ لِتَطَرُّقِ الْفَسَادِ عِنْدَ خُرُوجِهَا مَعَ الْأَمِينَةِ. (قَوْلُهُ وَأُطْلِقَ) أَيْ لَفْظًا وَنِيَّةً. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ) أَيْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِخُرُوجِهَا حَتَّى يَحْنَثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ضَرَرٌ. (قَوْلُهُ الْقَرِينَانِ) أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ. (قَوْلُهُ يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ الضَّرَرِ) أَيْ فَلِذَلِكَ يَحْنَثُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ حَالِ التَّعْمِيمِ فَلَا يَحْنَثُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ كَالْوَالِدَيْنِ) اُنْظُرْ هَلْ وَإِنْ عَلَوْا أَوْ الْأَدْنَوْنَ وَالظَّاهِرُ الْأَدْنَوْنَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَادَ مُطْلَقًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إنْ اتَّهَمَهُمَا كَالْوَالِدَيْنِ. (قَوْلُهُ وَمَعَ أَمِينَةٍ إنْ اتَّهَمَهُمَا تَنْبِيهٌ) أُجْرَةُ الْأَمِينَةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ أَوْلَادَ الْمَرْأَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا الْمَوْجُودِ مَعَهَا. (قَوْلُهُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ) هُوَ بِمَعْنَى كُلِّ جُمُعَةٍ فَالْمُغَايَرَةُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ أَنَّ دُخُولَ الْكِبَارِ كُلَّ جُمُعَةٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اتَّهَمَهُمْ وَإِلَّا فَكُلُّ يَوْمٍ كَذَا فِي عب وَصَوَابُهُ الْوَالِدَيْنِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ وَإِذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَتِهِ هَذَا مُفَادُهُ يُقَالُ لَهُ بَلْ يَتَأَتَّى بِأَنْ يُوَكِّلَ حِينَ يَتَوَجَّهُ أَمِينَةً فَلَهُمَا الدُّخُولُ مَعَهَا أَوْ أَقَامَهَا الْقَاضِي كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ وَقَدْ يُقَالُ عِنْدَ السَّفَرِ يُخْشَى تَغَيُّرُ الْأَمِينَةِ (قَوْلُهُ فِي التَّحْنِيثِ) أَيْ أَوْ فِي الْإِتْيَانِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ . (قَوْلُهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) وَلَهَا الرُّجُوعُ بَعْدَ الرِّضَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ يُتَرَجَّى أَنْ يَكُونَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 سَعَةٌ فَأَمَّا ذَاتُ الْقَدْرِ فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا فَإِنْ حَلَفَ عَنْ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى الْحَقِّ أَبَرَّهُ أَوْ أَحْنَثَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي بِخِلَافٍ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ قُلْت اُنْظُرْ هَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ خَدَمِهِ وَجَوَارِيهِ وَالظَّاهِرُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ وَطْءَ أَمَتِهِ وَرُبَّمَا احْتَاجَ إلَى خِدْمَةِ أَرِقَّائِهِ (ص) كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا إنْ كَانَ لَهُ حَاضِنٌ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الِامْتِنَاعِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ مِنْ الْمَنْزِلِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ مَنْ يَحْضُنُهُ وَيَكْفُلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْضُنُهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إقَامَتِهِ عِنْدَهُ (ص) إلَّا أَنْ يَبْنِيَ وَهُوَ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا بَنَى بِصَاحِبِهِ وَمَعَهُ وَلَدٌ يَعْلَمُ بِهِ صَاحِبُهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَهَذَا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ وَإِلَّا فَلَا امْتِنَاعَ لِمَنْ لَيْسَ مَعَهُ الْوَلَدُ عَنْ السُّكْنَى مَعَ الْوَلَدِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْبِنَاءُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ لَا (ص) وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ مِنْ يَوْمٍ لِكَوْنِ رِزْقِهِ مُيَاوَمَةً كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ أَوْ جُمُعَةٍ كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ بِقُرَى مِصْرَ أَوْ شَهْرٍ كَأَرْبَابِ الْمَدَارِسِ وَبَعْضِ الْجُنْدِ أَوْ سَنَةٍ كَأَرْبَابِ الرِّزْقِ وَقَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ إلَخْ أَيْ وَتَقْبِضُهَا مُعَجَّلَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَضَمِنَتْ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ النَّفَقَةَ إذَا كَانَتْ تَتَأَخَّرُ تَنْتَظِرُ حَتَّى تَقْبِضَهَا وَلَا يَكُونُ عَدَمُ قُدْرَتِهِ الْآنَ عُسْرًا بِالنَّفَقَةِ (ص) وَالْكِسْوَةُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كِسْوَةَ الزَّوْجَةِ وَالْغِطَاءَ وَالْوِطَاءَ يُقَدَّرُ ذَلِكَ لَهَا مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً فِي الشِّتَاءِ وَمَرَّةً فِي الصَّيْفِ لِاخْتِلَافِ مُنَاسِبِ الزَّمَنَيْنِ مِنْ فَرْوٍ وَلَبَدٍ وَسَرِيرٍ وَغَيْرِهَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَتَكُونُ بِالْأَشْهُرِ وَالْأَيَّامِ وَالْمُرَادُ بِالشِّتَاءِ فَصْلُهُ وَمَا وَالَاهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصَّيْفِ (ص) وَضَمِنَتْ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّوْجَةَ ضَامِنَةٌ لِكُلِّ مَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِحَقِّ نَفْسِهَا مِنْ أُجْرَةِ رَضَاعٍ وَغَيْرِهِ مَاضِيَةٍ أَوْ مُسْتَقْبَلَةٍ قَامَتْ عَلَى ضَيَاعِهَا بِنِيَّةٍ أَمْ لَا صَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا تَلِفَتْ بِسَبَبِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ لِحَقِّ نَفْسِهَا وَأَمَّا مَا قَبَضَتْهُ لِحَقِّ غَيْرِهَا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا قَبَضَتْ نَفَقَةَ الْمَحْضُونِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهَا ضَمَانَ الرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ   [حاشية العدوي] دُخُولُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ حَلَفَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْكُنُ خَارِجًا عَنْ أَقَارِبِهِ وَقَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى الْحَقِّ أَيْ عَلَى الشَّرْعِ وَقَوْلُهُ أَبَرَّهُ أَيْ إذَا كَانَتْ حَقِيرَةً أَيْ أَوْ شَرِيفَةً وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ سُكْنَاهَا مَعَهُمْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِهَا أَوْ بَعْضِهَا وَالْحَقِيرَةُ قَلِيلَةُ الْجَمَالِ أَوْ قَلِيلَةُ الْمَهْرِ أَوْ السَّوْدَاءُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَحْنَثَهُ إذَا كَانَتْ شَرِيفَةً. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ تَشَاجَرَتْ مَعَهُنَّ وَلَمْ تَنْدَفِعْ إلَّا بِبُعْدِهِنَّ عَنْهَا هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كُنَّ يَطَّلِعْنَ عَلَى عَوْرَاتِهَا . (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ عَنْ الْبِنَاءِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ لَيْسَ لَهُ الْإِخْرَاجُ وَإِلَّا فَلَا . (قَوْلُهُ وَقَدَرَتْ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا أَنَّ الْفَرْضَ وَقَعَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَقْدِيرَهَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ) هَذَا فِي غَيْرِ الْمَلِيءِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ) بَيَانٌ لِحَالِهِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الزَّمَنُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْحَالِ الطَّاقَةَ مِنْ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إمَّا قَبْلَ حَالٍ أَيْ زَمَنَ حَالِهِ لِأَجْلِ تَبْيِينِهِ بِقَوْلِهِ مِنْ يَوْمٍ وَإِمَّا قَبْلَ يَوْمٍ وَيَكُونُ بَيَانًا لِحَالِهِ أَيْ مِنْ يُسْرِ يَوْمٍ وَعُسْرِهِ وَأَفَادَ فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْمُرَادَ وَقَدْرُ قَبْضِهَا وَالزَّمَنُ الَّذِي تُدْفَعُ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَضَمِنَتْ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا تَحْدِيدُهَا وَقَدْرُهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِوُسْعِهِ وَالْبَلَدُ وَالسِّعْرُ وَقَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ أَيْ مَثَلًا أَيْ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِحَسَبِ حَالِهِ. (قَوْلُهُ كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ) أَيْ بَعْضِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ. (قَوْلُهُ وَتَقْبِضُهَا مُعَجَّلَةً) فَتَقْبِضُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالشَّهْرَ مِنْ أَوَّلِهِ وَالسَّنَةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَتَقْبِضُهَا مُعَجَّلَةً إذَا كَانَ الْحَالُ التَّعْجِيلَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَالُ التَّأْخِيرَ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) لَا دَلِيلَ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَتْ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَيْ وَتَقْبِضُهَا مُعَجَّلَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ وَظَاهِرٌ إلَخْ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ دَلِيلِهِ . (قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) وَكُلٌّ يُكْسَى مَا يُنَاسِبُهُ إنْ لَمْ تُنَاسِبْ كِسْوَةُ كُلٍّ عَادَةً ثُمَّ الْمَعْنَى كُلَّ شِتَاءٍ وَكُلَّ صَيْفٍ إنْ خَلِقَتْ كُلٌّ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تَخْلَقْ بِأَنْ كَانَتْ تَقِيهَا الْبَرْدَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ تَقِيهَا الْحَرَّ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ اكْتَفَى بِهَا إلَى أَنْ تَخْلَقَ وَمِثْلُهَا الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ شِتَاءً وَصَيْفًا وَمَا يَخْلَقُ مِنْ الْكِسْوَتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْعُرْفِ مِنْ كَوْنِهِ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلِلزَّوْجِ. وَالْكِسْوَةِ قَمِيصٌ وَوِقَايَةٌ وَقِنَاعٌ وَانْظُرْ لَوْ أَجَاعَتْ نَفْسَهَا وَانْظُرْ أَيْضًا لَوْ بَقِيَتْ كِسْوَةُ الشِّتَاءِ إلَى قَابِلٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ كِسْوَةَ الصَّدَاقِ لَا تَلْزَمُهُ كِسْوَةٌ مَعَ بَقَائِهَا قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَتَكُونُ بِالْأَشْهُرِ) أَيْ بِجِنْسِ الْأَشْهُرِ فَيَصْدُقُ بِالشَّهْرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَيَّامِ كَمَا إذَا كَانَتْ تُكْسَى كُلَّ عِشْرِينَ يَوْمًا لِكَثْرَةِ خِدْمَتِهَا وَضَعْفِ مَا تُكْسَى بِهِ. (قَوْلُهُ وَمَا وَالَاهُ) وَهُوَ فَصْلُ الرَّبِيعِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصَّيْفِ وَاَلَّذِي وَالَاهُ فَصْلُ الْخَرِيفِ . (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ) قَالَ بَهْرَامُ وَحَصَّلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ فِيمَا تَلِفَ مِمَّا قَبَضَتْهُ مِنْ كِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ لَهَا وَلِوَلَدِهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ يُفَرَّقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ مَا قَبَضَتْهُ لِنَفْسِهَا فَتَضْمَنُهُ وَبَيْنَ مَا قَبَضَتْهُ لِوَلَدِهَا فَلَا تَضْمَنُهُ وَقِيلَ إنَّهَا تَصْدُقُ فِي تَلَفِ مَا قَبَضَتْهُ لِوَلَدِهَا وَتَحْلِفُ . (قَوْلُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ) لَا يَخْفَى أَنَّ ضَمَانَ الرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا وَلَا هِيَ مُتَمَحِّضَةٌ لِلْأَمَانَةِ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهَا بِحَقٍّ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَإِلَّا ضَمِنَتْهَا وَهَلْ يَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّودَانِيُّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَنْ الْمَاضِي تَضْمَنُهُ مُطْلَقًا كَنَفَقَتِهَا لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ لَهَا قَبَضَتْهُ وَمِثْلُ مَا لِلْبِسَاطِيِّ لِلتَّوْضِيحِ وَالشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَمَا فِي تت مُعْتَرَضٌ وَقَدْ أَشَارَ تت إلَى أَنَّ مَا تَقْبِضُهُ مِنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ كَنَفَقَتِهَا تَضْمَنُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ صَحِيحٌ مُطَابِقٌ لِلنَّقْلِ وَكَذَا تَضْمَنُ نَفَقَةَ الْوَلَدِ مُطْلَقًا إذَا شَرَطَ عَلَيْهَا ضَمَانَهَا وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ تت أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفَقَةِ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ نَفَقَةَ الرَّضَاعِ أُجْرَةٌ لَهَا حَقِيقَةً وَلَيْسَتْ بِنَفَقَةٍ لِلْوَلَدِ فَلِذَا تَضْمَنُهَا مُطْلَقًا (ص) وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ عَمَّا لَزِمَهُ (ش) أَيْ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَ الزَّوْجَةَ عَنْ جَمِيعِ مَا لَزِمَهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ ثَمَنًا وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الَّذِي يُقْضَى بِهِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْأَصْلِ هُوَ مَا فُرِضَ لَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ لَا ثَمَنُهُ وَأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَ الثَّمَنَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ تت وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي لَزِمَهُ لَهَا طَعَامًا يُمْتَنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُعَلَّلٌ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّلٍ فَيُمْتَنَعُ وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ. اهـ. وَالثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ آخِرَ بَابِ الْخِيَارِ وَقَوْلُ تت إنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ اللَّازِمَ لِلزَّوْجِ هُوَ الْأَعْيَانُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ إنَّمَا هُوَ الْأَثْمَانُ وَنَسَبَهُ الشَّارِحُ لِظَاهِرِهِ مَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ وَخِلَافَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا فَيُفْرَضُ الْمَاءُ إلَخْ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ بَعْدُ: وَالْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَا فَرَضَهُ لَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ فُرِضَ عَيْنًا (ص) وَالْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِهِ إلَّا لِضَرَرٍ (ش) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فَرَضَ لَهَا ثَمَنًا أَوْ تَكُونَ النَّفَقَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الزَّوْجِ ابْتِدَاءً ثَمَنُ الْأَعْيَانِ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَوَّلًا وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ عَمَّا لَزِمَهُ وَمَحَلُّ إجَابَةِ الزَّوْجِ إذَا دَعَا لِلْمُقَاصَّةِ وَجَبَرَهَا عَلَيْهَا لَمْ يَحْصُلْ بِسَبَبِهَا ضَرَرٌ لِلزَّوْجَةِ بِأَنْ كَانَتْ فَقِيرَةَ الْحَالِ فَإِنَّهُ إذَا قَاصَّهَا بِدَيْنِهِ وَأَسْقَطَ نَفَقَتَهَا فِي ذَلِكَ حَصَلَ لَهَا الضَّرَرُ وَضَاعَ حَالُهَا فَلَا يُجَابُ لَهُ وَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ لِعَطْفِهِ عَلَى الْجَائِزِ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ طَلَبُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا) أَيْ حَتَّى تَضْمَنَهَا وَقَوْلُهُ وَلَا هِيَ مُتَمَحِّضَةٌ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُتَمَحِّضَةً لِلْأَمَانَةِ فَلَا تَضْمَنُهَا مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّهُ نُوقِشَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ لِقَابِضِهَا وَفِي الْحَضَانَةِ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْمَحْضُونَ وَلَا سِيَّمَا عَلَى أَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ لِلْمَحْضُونِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَرُدُّ الْمَنْقُولَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَيْهَا) أَيْ حَيْثُ ضَمِنَتْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْأَبِ أَيْ وَالْأَبُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ) وَاعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت كَلَامُ تت وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ تَضْمَنُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا أَوْ لَمْ تَقُمْ. (قَوْلُهُ وَمَا فِي تت مُعْتَرَضٌ) قَالَ تت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي تَوْضِيحِهِ وَالشَّارِحِ وَابْنِ عَرَفَةَ سَوَاءٌ قَبَضَتْ ذَلِكَ أَيْ نَفَقَةَ الْوَلَدِ بِمَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ وَتَخْصِيصُ الْبِسَاطِيِّ ذَلِكَ بِالْمُسْتَقْبَلِ أَيْ وَأَمَّا الْمَاضِيَةُ فَتَضْمَنُهَا وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ أَوْ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبَ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَمْلَ الْبِسَاطِيِّ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَمَا نَسَبَهُ لِظَاهِرِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ) أَيْ مَعَ رِضَا الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا تَخَافُ اخْتِلَافَ السِّعْرِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ أَيْ وَيَزِيدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ غَلَا سِعْرُ الْأَعْيَانِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ نَقَصَ سِعْرُهَا (قَوْلُهُ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَيَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مِنْ تَحْتُ وَكَذَا مِنْ غَيْرِ شَارِحِنَا أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا فِي عب (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَفِي شَرْحِ عب بِالْعِينَةِ وَهِيَ التَّحَيُّلُ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (أَقُولُ) وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ أَيْضًا وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْعِينَةِ مُقْتَضِيَةً لِلْمَنْعِ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ أَيْ لِأَنَّ الَّذِي بِيَدِ الزَّوْجِ تَحْتَ حَوْزِهِ وَحَوْزِ زَوْجَتِهِ أَيْ الشَّأْنُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ) لَيْسَ فِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْمَفْرُوضَ الثَّمَنُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ بَلْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَفْرُوضَ أَوَّلًا الْأَعْيَانُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ) أَيْ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الْمَفْرُوضَ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُخَالِفُ إلَخْ) كَأَنْ تَوَهَّمَ الْمُخَالَفَةَ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُقَاصَّةِ أَنَّهَا فِي الْعَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ فُرِضَ عَيْنًا) أَيْ وَارْتَكَبُوا خِلَافَ الْأَصْلِ وَفُرِضَ عَيْنًا (قَوْلُهُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فَرَضَ لَهَا ثَمَنًا) أَيْ ارْتَكَبُوا خِلَافَ الْأَصْلِ وَفَرَضَ ثَمَنًا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْبَدْرُ إطْلَاقُ الْمُقَاصَّةِ عَلَى النَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَجَازٌ لِأَنَّهَا فِيمَا تَرَتَّبَ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا فُرِضَتْ عَلَيْهِ وَقُرِّرَتْ صَارَتْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ دَيْنًا لَازِمًا. اهـ. كَلَامُ الْبَدْرِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ فَقِيرَةَ الْحَالِ) أَيْ دُونَ الْغَنِيَّةِ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ طَلَبَتْ لَقُضِيَ بِهَا وَتَكُونُ وَاجِبَةً لَا جَائِزَةً فَقَطْ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَكِنَّهُ يُفِيدُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 فِي بَابِ الْمُقَاصَّةِ (ص) وَسَقَطَتْ بِالْأَكْلِ مَعَهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَكَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا الْمُقَرَّرَةَ أَوْ الْمُطَالَبَةَ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُقَرَّرَةً تَسْقُطُ عَنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ الْأَكْلِ مَعَهُ وَتَقُولَ لَهُ ادْفَعْ إلَيَّ نَفَقَتِي أَنَا أُنْفِقُ عَلَى نَفْسِي وَتُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُفْرَضُ لَهَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ الْأَثْمَانِ، وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ فَإِذَا كَسَاهَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّفَقَةِ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ وَأَمَّا الْكِسْوَةُ إنْ كَانَتْ مَحْجُورَةً فَلَا تَسْقُطُ كِسْوَتُهَا الْمُقَرَّرَةُ أَوْ كِسْوَتُهَا الْمُعْتَادَةُ لَهَا بِكِسْوَتِهَا مَعَهُ (ص) أَوْ مَنَعَتْ الْوَطْءَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا مَنَعَتْ زَوْجَهَا مِنْ الْوَطْءِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْعَهَا نُشُوزٌ وَالنَّفَقَةُ تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا إنَّمَا مَنَعَتْهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ حَيْثُ خَالَفَهَا الزَّوْجُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ الثُّبُوتِ بِامْرَأَتَيْنِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ هِيَ تَمْنَعُنِي مِنْ وَطْئِهَا حَيْثُ قَالَتْ لَمْ أَمْنَعْهُ وَإِنَّمَا الْمَانِعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ النَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ. (ص) أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِمَنْعِهَا الِاسْتِمْتَاعَ كَمَنْ لَا تُوطَأُ كَالرَّتْقَاءِ وَنَحْوِهَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَالْمَنْعُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِمْتَاعِ يُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ تُقِرَّ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْمَنْعَ الْمَذْكُورَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ يَعِظُهَا ثُمَّ يَهْجُرُهَا ثُمَّ يَضْرِبُهَا إنْ أَفَادَ (ص) أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّ طَاعَةِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَوْدِهَا إلَى مَحَلِّ طَاعَتِهِ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِالْحَاكِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَشَدَّ النُّشُوزِ فَتَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا وَتَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ التَّعْزِيرَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَسْتَحْسِنُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُقَالَ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْجِعِي إلَى بَيْتِك أَوْ تُحَاكِمِي زَوْجَك وَتُنْصِفِيهِ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَك لِتَعَذُّرِ الْأَحْكَامِ وَالْإِنْصَافِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَيُؤَدِّبُهَا هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْهَارِبَةُ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ مِثْلُ النَّاشِزِ. وَأَمَّا إلَى مَوْضِعٍ   [حاشية العدوي] هَذَا يُنَافِي مَضْمُونَ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ إجَابَةِ إلَخْ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ بِالْأَكْلِ مَعَهُ) أَيْ مُدَّةُ أَكْلِهَا مَعَهُ فَلَوْ قَامَتْ وَطَلَبَتْ الْفَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) وَيَنْبَغِي مَا لَمْ تَلْتَزِمْ الْأَكْلَ مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ كَذَا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إذَا طَلَبَتْ دَرَاهِمَ وَادَّعَى أَنَّهَا أَكَلَتْ مَعَهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تُؤْمَرُ بِالْأَكْلِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّوَدُّدِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّوَدُّدِ مَا لَمْ تَكُنْ كَبِيرَةً يَضُرُّهُ ذَلِكَ مَعَهَا فَلَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْكِسْوَةُ إذَا كَانَتْ مَحْجُورَةً) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ أَنَّ النَّفَقَةَ هَالِكَةٌ بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لَا تَسْقُطُ عَنْ امْتِنَاعِهَا مِنْ الْوَطْءِ وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيُّ وَجَمَاعَةٌ. (قَوْلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) وَمِثْلُ الْعُذْرِ إذَا كَانَ يَسِيرًا ثُمَّ سُقُوطُ نَفَقَتِهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي مَنْعِهَا. (قَوْلُهُ كَخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِكَوْنِ ظَالِمٍ أَخْرَجَهَا مَثَلًا حَتَّى يُنَاسِبَ الْمَقَامَ مِنْ أَنَّهَا مَنَعَتْهُ الْوَطْءَ أَيْ وَالْخُرُوجُ بِلَا إذْنٍ مَنْعٌ مِنْ الْوَطْءِ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ فَالْمَرَضُ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَمَرَضِ الْبَطْنِ وَاَلَّذِي يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَمَرَضٍ بِالْوَجْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ) أَيْ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا أَفَادَهُ الشُّرَّاحُ وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ وَمَنَعَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا تَكُونُ نَاشِزَةً. (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِظْهَارَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَدْلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ) أَيْ مُوجِبِ التَّعْزِيرِ. (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا تَعْزِيرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ إذَا كَانَ وَاقِعًا مِنْ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَوْدِهَا) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهُ كَخُرُوجِهَا بِإِذْنِهِ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ ظَالِمَةً لَا إنْ خَرَجَتْ لِظُلْمٍ رَكِبَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا وَأَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا حَاضِرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَخَرَجَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَا تَسْقُطُ وَأَنْ تَكُونَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إذَا خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَنْ لَا تَكُونَ حَامِلًا وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا. (قَوْلُهُ أَبُو عِمْرَانَ إلَخْ) مُلَخَّصُهُ أَنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَى ذَهَابِ زَوْجِهَا إلَى حَاكِمٍ بَلْ يُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْجِعِي إلَى بَيْتِك أَوْ تَتَعَاطَيْ الشَّرْعَ مَعَ زَوْجِك وَلِذَلِكَ قَالَ شب وَأَمَّا فِي زَمَنٍ تَعَذَّرَ فِيهِ الْإِحْكَامُ وَالْإِنْصَافُ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا حَيْثُ طَلَبَهَا لِلْعَوْدِ وَلَمْ تَرْضَ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُنْصِفٍ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ بَلْ يُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْجِعِي أَوْ تَتَعَاطَيْ مَعَ زَوْجِك الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ أَوْ تَسْقُطَ نَفَقَتُك فَإِنْ رَجَعَتْ لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَتْ. (قَوْلُهُ وَيُؤَدِّبُهَا هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا ظَهَرَ مِنْهَا مُوجِبُ التَّأْدِيبِ وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا بِكَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ فَعَلَى كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ لَا تُؤَدَّبُ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْهَارِبَةُ) أَيْ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ رَدِّهَا وَعِبَارَةُ شب أَيْ فَيَجْرِي فِيهَا عَجْزُهُ عَنْ رَدِّهَا بِالْحَاكِمِ إذَا كَانَ مُنْصِفًا. (قَوْلُهُ مِثْلُ النَّاشِزِ) أَرَادَ بِالنَّاشِزِ مَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا ابْتِدَاءً كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ لَكِنْ ذَكَرَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 مَجْهُولٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى كَمُطَلَّقَةٍ خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَجْزِ أَوْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِمَكَانِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ السُّكْنَى مُتَعَيِّنَةٌ فِي مَسْكَنِ الطَّلَاقِ لَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُوجِبَ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَبِعِبَارَةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى رَدِّهَا وَلَا عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً وَلَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ وَهَذَا فِي الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْوَطْءِ وَمَا بَعْدَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَحَيْثُ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا نَفَقَةَ الْحَمْلِ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ حَمْلَ الْبَائِنِ لَا مَنْ فِي الْمَعْصِيَةِ وَلَا الرَّجْعِيَّةِ وَلَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهِنَّ أَمَّا الْأُولَيَانِ فَلِانْدِرَاجِ نَفَقَةِ حَمْلِهِمَا فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَحَمْلُهَا وَارِثٌ وَحَيْثُ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ وَجَبَتْ الْكِسْوَةُ (ص) أَوْ بَانَتْ (ش) أَيْ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا بِثَلَاثٍ أَوْ بِخُلْعٍ أَوْ بِفَسْخٍ أَوْ إيقَاعِ حَاكِمٍ وَنَحْوِهِ لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] فَشَرَطَ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَتَنْتَفِيَ النَّفَقَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ كَالسُّكْنَى لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ فِيهِمَا وَهَذَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَلَهَا النَّفَقَةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ) فَأَفَادَ بِهِ أَنَّ حَمْلَ الْبَائِنِ تَجِبُ نَفَقَتُهُ (ص) وَالْكِسْوَةُ فِي أَوَّلِهِ وَفِي الْأَشْهُرِ قِيمَةُ مَنَابِهَا (ش) أَيْ وَلِلْبَائِنِ مَعَ النَّفَقَةِ الْكِسْوَةُ بِتَمَامِهَا إذَا بَانَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا تَجِبُ حَيْثُ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ وَإِنْ بَانَتْ بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا فَلَهَا قِيمَةُ مَنَابِ تِلْكَ الْأَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ فَيَقُومُ مَا يَصِيرُ لِتِلْكَ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ لَوْ كُسِيَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَيَسْقُطُ وَتُعْطَى مَا يَنُوبُ الْأَشْهُرَ الْبَاقِيَةَ الْقِيمَةُ دَرَاهِمَ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةُ فِي أَوَّلِهِ هَذَا إذَا أَبَانَهَا فِي أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْأَشْهُرِ إلَخْ هَذَا إذَا أَبَانَهَا فِي أَثْنَائِهِ وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِهِ رَاجِعٌ لِلْكِسْوَةِ لَا لِنَفَقَةِ الْحَمْلِ أَيْضًا خِلَافًا لتت إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَمْلُ بِدَعْوَاهَا فَلَا نَفَقَةَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ بِدَعْوَاهَا وَإِنْ كَانَ بِظُهُورِهِ وَحَرَكَتِهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَلْ بِظُهُورِهِ وَحَرَكَتِهِ فَتَجِبُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمَّا نَبَّهَ عَلَى ابْتِدَاءِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَوَارِضَ تَعْرِضُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَأَنَّ مِنْ تِلْكَ الْعَوَارِضِ مَا يَقْطَعُ وَمِنْهَا مَا لَا يَقْطَعُ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَنْ الْمَسْكَنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ (ش) الصَّوَابُ نُسْخَةُ اسْتَمَرَّ بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَسْكَنِ أَيْ اسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ لِلْبَائِنِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا إنْ مَاتَ زَوْجُهَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ   [حاشية العدوي] يَدْخُلَ بِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا نَفَقَةَ لِلنَّاشِزِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لَهَا النَّفَقَةُ وَهَذَا فِي بَلَدٍ لَا حُكْمَ فِيهِ وَأَمَّا بَلَدٌ فِيهِ الْحُكْمُ فَيُنْفِقُ لِأَنَّهُ حِينَ لَمْ يَرْفَعْهَا فَقَدْ رَضِيَ قَالَ وَالنُّشُوزُ أَنْ تَخْرُجَ إلَى أَوْلِيَائِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ تَمْنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا سُكْنَى إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَلِمُطَلَّقَةٍ: مُتَعَلِّقٌ بِسُكْنَى فَلِمُطَلَّقَةٍ بِاللَّامِ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ فَلَا مَفْهُومَ لِمُطَلَّقَةٍ بَلْ كَذَلِكَ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي السُّكْنَى لِخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ شِدَّةُ الضَّرَرِ بِتَرْكِهَا دُونَ السُّكْنَى. (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى أَفَادَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا مِثْلُ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ فِي أَنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ إذَا عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً وَأَمَّا الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ فَتُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُعْطَى حُكْمَهَا بَلْ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَهَا النَّفَقَةُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ لَمْ تَسْقُطْ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَحَيْثُ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا نَفَقَةَ الْحَمْلِ) فَمَعْنَاهُ نَفَقَةُ أُمِّ الْحَمْلِ فِي زَمَنِ الْحَمْلِ وَبَعْدَ الْوَضْعِ يُقَالُ لَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ وَالْمُرَادُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ لِأَنَّ الرَّضِيعَ لَا يَأْكُلُ كَمَا أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَأْكُلُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ حَمْلَ الْبَائِنِ) أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الَّتِي نَشَزَتْ كَاَلَّتِي مَنَعَتْ زَوْجَهَا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ . (قَوْلُهُ وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْحَامِلَ لَهَا النَّفَقَةُ بَائِنَةً أَوْ نَاشِزَةً وَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهَا فِي الْبَائِنِ بِحَالِهِ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا بَائِنًا حَامِلًا وَإِنْ كَانَتْ أَهْلًا وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ الْبَائِنِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا وَأَنْ يَكُونَ الْأَبُ حُرًّا. (قَوْلُهُ فَأَفَادَ بِهِ أَنَّ حَمْلَ الْبَائِنِ تَجِبُ نَفَقَتُهُ) أَيْ نَفَقَةُ أُمِّهِ مُدَّةَ حَمْلِهَا بِهِ وَبَعْدَ انْفِصَالِهِ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ . (قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةُ إلَخْ) الْمُرَادُ كِسْوَةُ أُمِّ الْحَمْلِ وَنَفَقَةُ أُمِّ الْحَمْلِ كَمَا تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ شب قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُكْسَى بِالْعَادَةِ وَلَوْ كَانَتْ تَبْقَى بَعْدَ أَمَدِ الْحَمْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي أَوَّلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِهِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْأَشْهُرِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي بَقِيَّةِ الْأَشْهُرِ أَيْ وَفِي أَثْنَائِهَا وَقَوْلُهُ قِيمَةُ مَنَابِهَا عُطِفَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَمْلِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لتت) ذَكَرَ فِي صَغِيرِهِ مَا يَرُدُّ هَذَا فَقَالَ هَذَا فِيمَا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا. اهـ. أَيْ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا نَفَقَةَ بِدَعْوَاهَا (وَأَقُولُ) مَا قِيلَ مِنْ الْبَحْثِ فِي النَّفَقَةِ يَجْرِي فِي الْكِسْوَةِ فَأَيُّ فَرْقٍ حَتَّى يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى خُصُوصِ الْكِسْوَةِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا رَجَعَ قَوْلُهُ فِي أَوَّلِهِ إلَخْ لِلْكِسْوَةِ لِكَوْنِ هَذَا التَّفْصِيلِ إنَّمَا هُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ عَلَى ابْتِدَاءِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ) أَيْ بِقَوْلِهِ تَجِبُ لِمُمَكِّنَةٍ إلَخْ كَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ التَّمْكِينِ. (قَوْلُهُ عَوَارِضَ) أَيْ كَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَا لَا يَقْطَعُ) أَيْ كَالْمَوْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْكَنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ وَبِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ يَقْطَعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 أَمْ لَا وَالْأُجْرَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ كَلَامِهِ فِي الْبَائِنِ الْحَامِلِ بِخِلَافِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ فَلَا يَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَيَسْقُطَانِ بِالْمَوْتِ لَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَسْكَنِ مَعَ النَّفَقَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِجَعْلِ الضَّمِيرِ فِي مَاتَ لِلْوَلَدِ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ وَالنَّفَقَةُ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ لَكِنَّ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الشِّقَاقِ وَابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ بِمَوْتِ الْوَلَدِ فِي بَطْنِهَا (ص) لَا إنْ مَاتَتْ (ش) أَيْ لَا إنْ مَاتَتْ الْمُطَلَّقَةُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا فِي كِرَاءِ الْمَسْكَنِ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَقَوْلُهُ (وَرُدَّتْ النَّفَقَةُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَتَنَاوَلَ مَوْتَهُ وَمَوْتَهَا وَالْبَائِنَ الْحَامِلَ وَمَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةَ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ لَمْ يَزَلْ فِي الْبَائِنِ الْحَامِلِ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ فِي رَدِّهَا النَّفَقَةَ بِلَا تَفْصِيلٍ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْكِسْوَةِ عَامٌّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ (كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَرُدَّتْ النَّفَقَةُ لَكِنْ فِي الْأُولَى تَرُدُّ النَّفَقَةَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الزَّوْجِ وَفِي هَذِهِ تَرُدُّهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ لِانْفِشَاشِهِ وَنُسْخَةُ الْكَافِ خَيْرٌ مِنْ نُسْخَةِ لِانْفِشَاشِ الْحَمْلِ بِاللَّامِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ الْعِلَلَ الْغَيْرَ الْقَرِيبَةِ غَيْرُ مَعْهُودٍ مَعَ أَنَّهُ يُفَوِّتُهُ عَلَيْهَا فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ أَيْ فَتَرُدُّ نَفَقَتَهُ جَمِيعَهَا وَكَذَلِكَ كِسْوَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَسَوَاءٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَسَوَاءٌ أَخَذَتْهُ بِحُكْمٍ أَمْ لَا وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَدَتْهُ وَقَالَ الزَّوْجُ: إنَّهُ رِيحٌ وَانْفَشَّ مَثَلًا فَقَوْلُهَا بِلَا يَمِينٍ (ص) لَا الْكِسْوَةُ بَعْدَ أَشْهُرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ كِسْوَتَهَا لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ لِلْحَمْلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ مِنْ الْكِسْوَةِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَتُرَدُّ وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فِي ذَلِكَ (ص) بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُ بِكِسْوَتِهِ وَإِنْ خَلَقَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ إذَا مَاتَ بَعْدَ قَبْضِ حَاضِنَتِهِ كِسْوَتَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَيَرْجِعُ وَالِدُهُ بِكِسْوَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ خَلِقَةً وَلَا تُورَثُ عَنْ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ عَمَّا يَظُنُّ لُزُومَهُ لَهُ فَإِذَا هُوَ سَاقِطٌ وَكَمَا تَرْجِعُ لِلْأَبِ الْكِسْوَةُ تَرْجِعُ لَهُ النَّفَقَةُ وَالْمَسْكَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ سُكْنَى وَخَلَقَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلْوَلَدِ فِي كِسْوَةِ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ الْأَبَ وَتُرَدُّ لِلْوَرَثَةِ (ص) وَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةً فَلَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ أَيْضًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَامِلَ الْبَائِنُ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالْمَسْكَنُ فَلَوْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ تُرْضِعُ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ أَيْضًا أَيْ أُجْرَتُهُ مُضَافَةً لِنَفَقَةِ الْحَمْلِ لِأَنَّ الرَّضَاعَ سَبَبٌ آخَرُ وَالْبَائِنُ لَا إرْضَاعَ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] فَالضَّمِيرُ فِي كَانَتْ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ وَحَقُّ هَذَا أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ (ص) وَلَا نَفَقَةَ بِدَعْوَاهَا بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لَكِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الشِّقَاقِ إلَخْ) الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مَا قَالَهُ ابْنُ الشِّقَاقِ وَابْنُ دَحُونٍ فَالْمُعْتَمَدُ لَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْجَنِينِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ إلَّا بِخُرُوجِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ ظَاهِرٌ فِي اسْتِمْرَارِ السُّكْنَى وَفِي شَرْحِ شب مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ أَيْ اسْتَمَرَّ إلَى نُزُولِ الْحَمْلِ أَيْ وَهُوَ يُرْجَى نُزُولُهُ فَلَوْ أَمِنَ مِنْ نُزُولِهِ كَمَا إذَا مَاتَ فِي بَطْنِهَا انْقَطَعَ لِأَنَّ بَطْنَهَا صَارَ قَبْرًا وَسَكَنًا لَهُ لَكِنْ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إلَّا بِنُزُولِهِ اهـ (قَوْلُهُ لَا إنْ مَاتَتْ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَسْتَمِرُّ الْمَسْكَنُ لِأَنَّ السُّكْنَى إنَّمَا كَانَتْ حَقًّا لَهَا لِعَيْنِهَا لِوُجُوبِ عِدَّتِهَا فِي مَنْزِلِهَا فَلَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهَا حَتَّى تُورَثَ (قَوْلُهُ لِيَتَنَاوَلَ مَوْتَهُ إلَخْ) الصُّوَرُ سِتٌّ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ: قَوْلُهُ عَامٌّ، وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ فِي رَدِّهَا بِلَا تَفْصِيلٍ عَامٌّ وَقَوْلُهُ وَالتَّفْصِيلُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فِي الْكِسْوَةِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْكِسْوَةِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ أَشْهُرٍ لَا رَدَّ لَهَا وَإِلَّا رُدَّتْ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْأُولَى) أَيْ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِانْفِشَاشِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ) هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ لِيَتَنَاوَلَ مَوْتَهُ وَمَوْتَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ أَشْهُرٍ) مِنْ قَبْضِهَا أَيْ فَإِذَا انْفَشَّ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ قَبْضِهَا فَتَرُدُّهَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ) خِلَافًا لِابْنِ وَهْبَانَ لَا تَرُدُّ مَا أَنْفَقَتْهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ (قَوْلُهُ لَا الْكِسْوَةُ بَعْدَ أَشْهُرٍ) فَرَّقَ أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ بِأَنَّهَا تُدْفَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا لِتَبْعِيضِهَا وَالْكِسْوَةُ لَا تَتَبَعَّضُ غَالِبًا بَلْ تُدْفَعُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَأَنَّ قَبْضَ أَوَائِلِهَا قَبْضٌ لَهَا. (قَوْلُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ) أَيْ مِنْ قَبْضِهَا ثَلَاثَةً فَمَا فَوْقَهَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ . (قَوْلُهُ وَلَا تُورَثُ عَنْ الْوَلَدِ إلَخْ) هَذَا مَا عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَذَكَرَ عب قَبْلَهُ مَا يُخَالِفُهُ فَقَالَ فَيَرْجِعُ بِكِسْوَتِهِ أَيْ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَبَاقِيهَا لِأُمِّهِ حَاضِنَتِهِ فَالْمُرَادُ رُجُوعًا خَاصًّا وَهُوَ قَدْرُ إرْثِهِ مِنْهَا لَا جَمِيعُهَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَرِيمُ الدِّينِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَ مُحَشِّي تت وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْمُدَّةِ رَجَعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِمَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَإِنْ كَانَتْ خَلِقَةً وَمِثْلُهُ فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ فَمَا فِي عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَيَرْجِعُ فِي الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ مَلَكَهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا يَوْمًا فَيَوْمًا وَأَقَرَّهُ خَطَأٌ صُرَاحٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ خَلِقَةً قَالَ عب وَيَنْبَغِي إرْثُ الْكِسْوَةِ عَنْ الْوَلَدِ أَيْضًا إنْ مَاتَ وَالْأُمُّ فِي الْعِصْمَةِ إنْ كَسَاهُ هُوَ لَا هِيَ اهـ (أَقُولُ) وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَا إرْثَ بَلْ تُرَدُّ لِلْأَبِ. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لِلْوَلَدِ فِي الْكِسْوَةِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا خَصَّهُ مِنْ الْإِرْثِ . (قَوْلُهُ أَيْ أُجْرَتُهُ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ تَأْخُذُ نَفَقَتَيْنِ وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْحَمْلِ فَكَيْفَ يَدْفَعُ لَهَا نَفَقَةَ الرَّضَاعِ أَيْضًا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ أَبُو الْحَسَنِ وَتَكُونُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ نَقْدًا لَا طَعَامًا وَيُشْتَرَطُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 وَحَرَكَتِهِ فَتَجِبُ مِنْ أَوَّلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِنَ إذَا ادَّعَتْ الْحَمْلَ لَمْ تُعْطَ نَفَقَتَهَا حَتَّى يَظْهَرَ وَظُهُورُهُ بِحَرَكَتِهِ فَإِذَا ظَهَرَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ أُعْطِيت نَفَقَةَ الْحَمْلِ كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ قَالُوا وَفِي حَرَكَتِهِ بِمَعْنَى " مَعَ " عَلَى مَا شَهَرَهُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ أَنَّ الظُّهُورَ مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ لَا يُوجِبُ لَهَا نَفَقَةً وَلَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَتَحَرَّكُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَجَوَابُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ تَكْرَارِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةِ فِي أَوَّلِهِ وَاضِحٌ فَإِنَّ مَعْنَى الْأُولَى أَنَّ النَّفَقَةَ تُعَجَّلُ لَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ وَهُنَا مُرَادُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لَهَا فِي الْأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَتَأْخُذُهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَدْفَعُ لَهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا تُحَاسِبُنِي الْآنَ وَبِالْجُمْلَةِ فَبَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَوْعُ تَكْرَارٍ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَأْخُذُهَا الْبَائِنُ مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ إلَى آخِرِهِ فَتَأَمَّلْ أَوْ الْأَوَّلُ بَيَانٌ لِلْوُجُوبِ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْمَبْدَأِ أَوْ الْأَوَّلُ فِي الْكِسْوَةِ وَهَذَا فِي النَّفَقَةِ أَوْ فِيهِمَا (ص) وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ (ش) أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا وَمَا بَعْدَهُ إلَى شُرُوطِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِلْحَمْلِ فَأَشَارَ لِكَوْنِهِ لَاحِقًا بِالزَّوْجِ فَلِهَذَا لَا نَفَقَةَ عَلَى مُلَاعِنٍ لِحَمْلِ مُلَاعَنَتِهِ لِقَطْعِ نَسَبِهِ لَكِنْ لَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ نَعَمْ إنْ اسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ لَهُ وَلَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ مِنْ أَوَّلِهِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لَا لِرُؤْيَةِ الزِّنَا مَا لَمْ تَأْتِ بِالْحَمْلِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَانْتَفَى بِهِ مَا وُلِدَ لِسِتَّةٍ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ وَمِثْلُ مَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ مَنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَهَا فَلَوْ قَالَ وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ إلَّا إنْ لَحِقَ بِهِ لَشَمِلَ هَذَا وَشَمِلَ مَا إذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ وَكَوْنُهُ حُرًّا فَلِذَا قَالَ (وَأَمَةٍ) أَيْ وَلَا لِحَمْلِ أَمَةٍ عَلَى أَبِيهِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا وَالْمِلْكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ بِالتَّزْوِيجِ وَانْتِزَاعِ الْمَالِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَحَوْزِ الْمِيرَاثِ دُونَ الْأَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا يُشْكِلُ بِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَمَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْوَضْعِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ يَبِيعُونَهَا وَلَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ بَعْدَ عِتْقِ السَّيِّدِ لِجَنِينِهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلزَّوْجِ بِذَلِكَ الْحَمْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِعِتْقِ السَّيِّدِ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا هُوَ إلَّا إنْ غَشِيَهُ دَيْنٌ فَإِنْ بِيعَتْ لِغَيْرِ دَيْنٍ رُدَّ بَيْعُهَا فَإِنْ قُلْت كَوْنُهَا أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْحَمْلِ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ أُمُّ الْوَلَدِ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَتْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ   [حاشية العدوي] أَنْ لَا يَضُرَّ رَضَاعُهَا بِهِ وَهِيَ حَامِلٌ وَإِلَّا كَانَتْ أُجْرَتُهُ لِمَنْ تُرْضِعُهُ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ لِلْأُمِّ فِي رَضَاعِهِ حِينَئِذٍ . (قَوْلُهُ فَتَجِبُ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ وَانْدَرَجَ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ وَظُهُورُهُ) أَيْ وَظُهُورُ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْحَاصِلُ بِحَرَكَتِهِ لَا بِكِبَرِ الْبَطْنِ أَوْ الرَّحِمِ. (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ أَنَّ الظُّهُورَ مُصَاحِبٌ لِحَرَكَتِهِ أَيْ مِنْ مُصَاحَبَةِ الشَّيْءِ لِلْحَاصِلِ بِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ تَكْرَارِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَنْ تَكْرَارٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَاضِحٌ فَإِنْ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ فَإِنَّ مَعْنَى الْأُولَى إلَخْ غَيْرُ جَوَابِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ جَوَابُهُ (قَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَبَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا قَالَ نَوْعُ تَكْرَارٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْجَوَابِ الَّذِي قَالَهُ مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافُ الْغَرَضِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حَيْثُ أَجَابَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يُقَالَ لَا تَكْرَارَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَوَّلُ بَيَانٌ لِلْوُجُوبِ) أَيْ بَيَانٌ لِكَوْنِ الْحَامِلِ يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَقَوْلُهُ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْمَبْدَأِ أَيْ وَهُوَ أَنَّهَا تَدْفَعُهُ بَعْدَ الظُّهُورِ. (قَوْلُهُ أَوْ الْأَوَّلُ فِي الْكِسْوَةِ إلَخْ) فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي النَّفَقَةِ لِصَرِيحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَأَيْضًا قَدْ قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَجَوَابُ الشَّارِحِ عَنْ عَدَمِ تَكْرَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ فِيهِمَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّفَقَةِ وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ فِيهِمَا . (قَوْلُهُ فَأَشَارَ لِكَوْنِهِ لَاحِقًا) أَيْ لِشَرْطِ كَوْنِهِ لَاحِقًا. (قَوْلُهُ لَا لِرُؤْيَةِ الزِّنَا إلَخْ) أَيْ فَلَهُ النَّفَقَةُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ لَمْ تَأْتِ بِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا لِرُؤْيَةِ الزِّنَا لَهَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ مَا لَمْ تَأْتِ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَجْلِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَحِقَ) أَيْ وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ لَحِقَ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَا نَفَقَةَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ مَنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَهَا) أَيْ فَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ لَشَمِلَ هَذَا) أَيْ الْمُشَارَ لَهُ الْمَذْكُورَ وَهُوَ الظَّاهِرَةُ الْحَمْلِ وَالْوَالِدَةِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ . (قَوْلُهُ بِالتَّزْوِيجِ) أَيْ لِكَوْنِ سَيِّدِ الرَّقِيقِ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُ لَا أَبُوهُ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْجَنَابَةِ) أَيْ عَفْوُ السَّيِّدِ عَمَّنْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَحَوْزِ الْمِيرَاثِ) الْمُرَادُ أَخْذُ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ الْعَبْدُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ) فَإِذَا طَلَّقَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ النَّفَقَةُ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِهَا) فَإِنْ أَعْتَقَهَا أَوْ عَتَقَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ الْحُرِّ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى أَبِيهِ إذَا أَعْتَقَهَا غَيْرُ الْجَدِّ لِدُخُولِ عِتْقِهِ فِي عِتْقِهَا. (قَوْلُهُ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَةُ أُمِّهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ يَبِيعُونَهَا) أَيْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّ وَلَدٍ بَلْ قِنَّةً مَحْضَةً لِأَنَّ وَلَدَهَا مِنْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ لَا يَبِيعُهَا) أَيْ السَّيِّدُ سَيَأْتِي بِقَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ غَشِيَهُ دَيْنٌ أَيْ لَحِقَهُ دُيُونٌ أَيْ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ طَرَأَ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا غَشِيَهُ دَيْنٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِزَوْجِهَا وَلِغَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَغْشَهُ دَيْنٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِزَوْجِهَا لَا غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَيْ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْعِبَارَةِ الَّذِي هُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 وَقَدْ مَلَكَهُ أَبُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَحَرَّرَ بِوَطْءِ مَالِكِهَا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا هُوَ أَيْ: السَّيِّدُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَأَمَّا لِلزَّوْجِ فَيَجُوزُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَمَا ذَكَرَهُ ح وَكَوْنُ الزَّوْجِ حُرًّا فَلِذَا قَالَ (وَلَا عَلَى عَبْدٍ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى عَبْدٍ لِحَمْلِ زَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً إذْ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْعَبْدِ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] خَاصٌّ بِالزَّوْجِ الْحُرِّ عَلَى الْمَشْهُورِ نَعَمْ إنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَصَارَ حُرًّا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ زَوْجَتُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَصَالَةً أَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ. وَقُلْنَا: طَلَاقًا بَائِنًا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الرَّجْعِيَّةَ) فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ (ص) وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَاجِبَاتِ الزَّوْجَةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَا مَعَهَا تَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِإِعْسَارِهِ أَيْ فِي زَمَنِهِ فَقَطْ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] وَهَذَا مُعْسِرٌ لَمْ يُؤْتِهِ شَيْئًا فَلَا يُكَلَّفُ بِشَيْءٍ. إذَا سَقَطَتْ فَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا شَيْئًا فِي زَمَنِ إعْسَارِهِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ الْإِنْفَاقِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَالْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ اللُّزُومِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ حِينَ الْعُسْرِ (ص) لَا إنْ حُبِسَتْ أَوْ حَبَسَهُ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِعُسْرِ زَوْجِهَا وَلَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا فِي دَيْنٍ شَرْعِيٍّ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا وَكَذَلِكَ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِحَبْسِ زَوْجِهَا فِي دَيْنٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ وَأَخْفَاهُ فَيَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لِعَدَمِ أَدَائِهِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ (ص) أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ وَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ إلَى حَجَّةِ الْفَرْضِ أَصَالَةً مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا لَكِنْ لَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ وَعَلَيْهَا مَا ارْتَفَعَ مِنْ السِّعْرِ أَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ إذَا خَرَجَتْ إلَيْهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهِ عَلَى زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَوْ يَقْدِرَ عَلَى رَدِّهَا فَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ كَالْفَرْضِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَذَكَرَ الْعَجْمَاوِيُّ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصَّهُ وَاحْتَرَزَ بِالْفَرْضِ مِنْ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فَيَكُونَ لَهَا نَفَقَةُ سَفَرٍ فَلَوْ نَقَصَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَنْ نَفَقَةِ الْحَضَرِ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهَا وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ الْحَضَرِ مُقَرَّرَةً وَلَا يَدْفَعُ مَا زَادَ مِنْ نَفَقَةِ الْحَضَرِ عَلَى نَفَقَةِ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ رَتْقَاءَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ وَالْمُرَادُ بِالرَّتْقَاءِ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ: مِنْ كُلِّ ذَاتِ عَيْبٍ دَخَلَ عَالِمًا بِهِ تَصِيرُ كَالصَّحِيحَةِ وَيُلْغَى الْمَانِعُ الْمَدْخُولُ عَلَيْهِ كَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ (ص) وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ يُسْرٍ فَالْمَاضِي فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهُ حَاكِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ مَا تَجَمَّدَ لِزَوْجَتِهِ فِي زَمَنِ الْيُسْرِ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ تَأْخُذُهُ مِنْهُ إذَا أَيْسَرَ وَسَوَاءٌ كَانَ فَرَضَهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا وَلَا يَنْعَطِفُ السُّقُوطُ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ عَلَى مَا تَجَمَّدَ فِي زَمَنِ الْيُسْرِ وَلَا يَسْقُطُ الْعُسْرُ إلَّا زَمَنَهُ خَاصَّةً وَلَمَّا كَانَ الْعُسْرُ لَا يُسْقِطُ عَنْ الزَّوْجِ إلَّا مَا يُوجَبُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ لَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ فَلِذَا لَوْ أَنْفَقَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا عَلَيْهِ أَتْبَعَتْهُ بِهِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ سَرَفٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ وَإِنْ مُعْسِرًا كَمُنْفِقٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ إلَّا لِصِلَةٍ (ش) أَيْ وَرَجَعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى زَمَنِ الْإِنْفَاقِ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مُعْسِرًا كَمَا يَرْجِعُ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ) أَيْ فَقَدْ قَالَ وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِهَا فَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ وَتَكُونُ مَا تَضَعُهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ عِتْقُ السَّيِّدِ إذْ لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ إلَّا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فَلَسِهِ وَيَبِيعُهَا وَرَثَتُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ شَاءُوا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ مِلْكِ الْعَبْدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ الْعَبْدُ وَلَوْ كَانَ ابْنُهُ حُرًّا بَلْ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الْحُرِّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَالرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ وَفِي بَهْرَامَ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِ السَّيِّدِ فِيمَا لَا يَعُودُ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ اهـ . (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُقَرَّرَةً بِحُكْمٍ مَالِكِيٍّ. (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ سَاقِطَةً عَنْهُ تُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ مِنْهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ الْمَانِعُ إلَخْ) عِبَارَةُ شب لِأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ يُمَكَّنُ مِنْهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَأْسُورَةِ وَإِذَا وُجِدَ الْفَارِقُ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الَّذِي قَالَهُ يَظْهَرُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُمَاطِلَةً فَحُبِسَتْ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا تَسْقُطُ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ أَدَائِهِ اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالتَّقْدِيرُ لَا تَسْقُطُ لِعَدَمِ أَدَائِهِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَخْفَى الْمَالَ عَلَى احْتِمَالٍ . (قَوْلُهُ أَصَالَةً) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا نَذَرَتْهُ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْعَجْمَاوِيُّ) كَأَنْ ظَهَرَ لَنَا أَنَّ مَا قَالَهُ الْعَجْمَاوِيُّ هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ أَنَّ لَهَا نَفَقَةَ السَّفَرِ حَيْثُ أَذِنَ لَهَا فِي حِجَّةِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْأَظْهَرُ بَلْ يَتَعَيَّنُ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ بِإِذْنِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. (قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَصَتْ نَفَقَةُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ غَيْرَ سَرَفٍ) إلَّا أَنْ تَقُولَ أَنْفَقْت عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيُوَافِقَهَا عَلَى ذَلِكَ فَتَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ 1 - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 مُعْسِرًا بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ إلَّا لِصِلَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَنْفَقَهُ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَقَوْلُهُ غَيْرَ سَرَفٍ حَالٌ مِنْ " مَا "، وَحَلَفَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَشْهَدَتْ أَوَّلًا أَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِتَرْجِعَ وَكَذَا مَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَيْ كَبِيرٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الصَّغِيرَ بَعْدَهُ (ص) وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِغَيْرِ السَّرَفِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَغِيرٍ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ وَعَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَيَتَعَذَّرُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ كَعَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ لَيْسَتْ بِيَدِ الْمُنْفِقِ وَيَعْسُرُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَأَنْ يَنْوِيَ الْمُنْفِقُ الرُّجُوعَ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ وَأَنْ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لَا إنْ تَلِفَ وَتَجَدَّدَ غَيْرُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ سَرَفًا ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَبُ الْمُوسِرُ كَالْمَالِ انْتَهَى أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِهِ وَبِأَنَّهُ مُوسِرٌ وَيَسْتَمِرُّ يَسَارُهُ إلَى حِينِ الرُّجُوعِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ طَرْحَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ أَيْ إذَا كَانَ مَلِيئًا وَسَوَاءٌ عُلِمَ مِلَاؤُهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُجْعَلْ طُرُوُّ الْمَالِ هُنَا كَطُرُوِّ الْأَبِ هُنَاكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَبَ هُنَاكَ يُعَاقَبُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ وَلِئَلَّا يَسْتَرْسِلَ النَّاسُ عَلَى طَرْحِ أَوْلَادِهِمْ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَلَكِنْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُنْفِقِ بِالْأَبِ بَلْ إذَا ظَهَرَ لَهُ أَبٌ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ كَمَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى رَبِيبِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ (ص) وَلَهَا الْفَسْخُ إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ لَا مَاضِيَةٍ (ش) أَيْ إذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ النَّفَقَةِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِمَنْ يُرِيدُ سَفَرًا دُونَ الْمَاضِيَةِ؛ وَالْكِسْوَةُ كَذَلِكَ بِأَنْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَثْبَتَهُ أَمْ لَا فَإِنَّ لِزَوْجَتِهِ اخْتِيَارَ الْمُقَامِ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَهَا الْقِيَامُ بِالْفَسْخِ وَإِذَا اخْتَارَتْهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُثْبِتَ عُسْرَهُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ عُسْرَهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَإِنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ فَلَا يَأْمُرُهُ بِنَفَقَةٍ وَلَا كِسْوَةٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إلَّا لِصِلَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِصِلَةٍ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ خِلَافُ قَاعِدَتِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَيَكُونَ فِي اللَّفْظِ احْتِبَاكٌ فَقَدْ حَذَفَ صِلَةً مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي غَيْرَ سَرَفٍ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) : يُعْرَفُ كَوْنُهُ لِصِلَةٍ بِالْقَرَائِنِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) أَيْ كَبِيرٍ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَغِيرًا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى الصَّغِيرِ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى الصَّغِيرِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَتْ) أَيْ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِتَرْجِعَ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ إلَخْ) فَلِذَا قَالَ عج وَمَنْ قَالَ أُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَخَذْت مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَا مَنْ بَنَى مَسْجِدًا مِنْ عِنْدِهِ لِكَوْنِهِ لَا مَالَ لَهُ فَبَانَ لَهُ مَالٌ لَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) وَلَوْ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَوَّلًا أَنَّهُ يُنْفِقُ وَيَرْجِعُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحَلَفَ يَتَضَمَّنُ أَحَدَ الشُّرُوطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ) الْمُرَادُ بِمَدْخُولِهَا مَا بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَجْنَبِيٌّ. (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَبَ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَيَصِيرُ كَاللَّقِيطِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ طَرْحُهُ عَمْدًا فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَعْلَمَ حِينَ الْإِنْفَاقِ أَنَّ لَهُ أَبًا وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُوسِرٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ عُلِمَ مَلَاؤُهُ أَمْ لَا) الْأَوْلَى سَوَاءٌ عُلِمَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ كَطُرُوِّ الْأَبِ) أَيْ وَيَكُونُ لِلْمُنْفِقِ الرُّجُوعُ فِي الْمَالِ الطَّارِئِ بَلْ قَالُوا هُنَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْمَالِ الطَّارِئِ وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَالِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْإِنْفَاقِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُنْفِقُ عَالِمًا بِهِ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ) أَيْ وَلِذَلِكَ لَوْ عَلِمَ هُنَا أَنَّ الْأَبَ طَرَحَهُ عَمْدًا لَاسْتَوَى الْبَابَانِ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُنْفِقُ حِينَ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ نَقْلَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ الْمَلِيءِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ طَرْحَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَالِ وَالْأَبِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَنَصُّ مَسْأَلَةِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَلَوْ قَالَ مَنْ فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ عَدِيمٌ أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَفَادَ مَالًا أَخَذْته مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ فِي حِلٍّ فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَا يُتْبَعُ الْيَتِيمُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ عُرُوضٌ فَيُسَلِّفُهُ حَتَّى يَبِيعَ عُرُوضَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَصَرَ ذَلِكَ الْمَالَ عَمَّا أَسَلَفَهُ لَمْ يُتْبَعْ بِالتَّالِفِ أَبُو الْحَسَنِ التَّالِفُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ أَسْلَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْلَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَنَّ حَقَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت وَرَأَيْت مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَعْنَى كَمَا فِي بَابِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ فَقَدْ رَأَيْت مَا نَصُّهُ قَالَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْهَا وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَبِيٍّ فَإِذَا لَهُ أَبٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُنْفِقُ بِالْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَنْ أَنْفَقَ) فِي الْمِعْيَارِ الرَّبِيبُ كَغَيْرِهِ مَعَ الشُّرُوطِ وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ هُوَ لَيْسَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَدِ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَأَمَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ بَلْ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِيهِ لَا يَتَلَوَّمُ الصَّحِيحُ وَإِنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ تَلَوَّمَ الْحَاكِمُ فَلَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ فَافْهَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 يُطَلِّقْ تَلَوَّمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْ الْقِيَامُ بِهِ فَلَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ ثُمَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُ بِالْفَسْخِ هُنَا الطَّلَاقُ أَيْ وَلِلزَّوْجَةِ الْفَسْخُ لِنِكَاحِ زَوْجِهَا عَلَيْهَا بِطَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ وَمِثْلُهَا الْمُسْتَقْبَلَةُ لَا إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ لِصَيْرُورَتِهَا دَيْنًا يُنْظَرُ فِيهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ (ص) وَإِنْ عَبْدَيْنِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَهَا الْفَسْخُ لَا لِقَوْلِهِ مَاضِيَةٍ وَدَخَلَ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ هُوَ حُرٌّ وَهِيَ أَمَةٌ، أَوْ هِيَ حُرَّةٌ وَهُوَ عَبْدٌ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ (ص) لَا إنْ عَلِمَتْ فَقْرَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا عَلِمَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَنَّ زَوْجَهَا مِنْ السُّؤَالِ الطَّائِفِينَ عَلَى الْأَبْوَابِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَدَخَلَتْ عَلَى ذَلِكَ رَاضِيَةً فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ فِي الْفَسْخِ وَلَزِمَهَا الْمُقَامُ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ السُّؤَالِ لِشُهْرَةِ حَالِهِ وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَسْأَلُ (ص) لَا أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ يَشْتَهِرَ بِالْعَطَاءِ وَانْقَطَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا مِنْ السُّؤَالِ ثُمَّ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا تَرَكَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا لَيْسَ مِنْ السُّؤَالِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَطَاءِ أَيْ يَقْصِدُهُ النَّاسُ بِالْعَطَاءِ وَدَخَلَتْ عَالِمَةً بِذَلِكَ ثُمَّ انْقَطَعَ الْعَطَاءُ عَنْهُ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَشْتَهِرُ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ عَلِمَتْ فَقْرَهُ إذْ هُوَ صَادِقٌ بِالْمُشْتَهِرِ بِالْعَطَاءِ وَبِغَيْرِهِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ (ص) فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَوْ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ عَنْ كِسْوَتِهَا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ وَشَكَتْ ضَرَرَ ذَلِكَ وَأَثْبَتَتْ الزَّوْجِيَّةَ وَلَوْ بِالشُّهْرَةِ أَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ زَوْجَهَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِذَا أَنْفَقَ وَكَسَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الطَّلَاقِ أَيْضًا وَادَّعَى الْعُسْرَ أَوْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحَلِفِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِاجْتِهَادِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ يُرْتَجَى لَهُ شَيْءٌ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا تَلَوَّمَ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ مَا ذُكِرَ مَعَ دَعْوَاهُ الْعُسْرَ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ أَوْ مَعَ إثْبَاتِهِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ أَثْبَتَهُ ابْتِدَاءً تَلَوَّمَ لَهُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي زَمَنِ التَّلَوُّمِ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ طَلَّقَ وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ ثُمَّ قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَوُّمِ ثَانِيًا بِخِلَافِ امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى أَجَلٍ ثَانٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَجَلَ الْمُعْتَرِضِ سُنَّةٌ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا فَإِذَا حَكَمَ بِهَا وَوَجَبَ لِلْمَرْأَةِ الْقَضَاءُ بِتَمَامِ الْأَجَلِ لَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ الْمَاضِي بِتَأْخِيرِهَا مَا وَجَبَ لَهَا وَالتَّلَوُّمُ فِي النَّفَقَةِ إنَّمَا هُوَ اجْتِهَادٌ فَإِذَا رَضِيَتْ بَعْدَهُ بِالْمُقَامِ بَطَلَ (ص) وَزِيدَ إنْ مَرِضَ أَوْ سُجِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَرِضَ أَوْ سُجِنَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنَّهُ يُزَادُ لَهُ فِي تَلَوُّمِهِ بِقَدْرِ مَا يُرْتَجَى لَهُ شَيْءٌ وَهَذَا إذَا كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ خَلَاصُهُ مِنْ السِّجْنِ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ (ص) ثُمَّ طَلَّقَ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَعَدَمِ الْوِجْدَانِ لِلنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَيَجْرِي فِيهَا قَوْلُهُ فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ (ص)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ. (قَوْلُهُ أَيْ الْقِيَامُ بِهِ) أَيْ فَلَوْ أُبْقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَالًا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمُصَنِّفِ إلَّا مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى وَلَهَا طَلَبُ الْفَسْخِ فَلَا إشْكَالَ وَلَا جَوَابَ. (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ ثَلَاثَةُ صُوَرٍ . (قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَهِرَ بِالْعَطَاءِ إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا مَعْذُورًا إذْ لَا خِيرَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى رَفْعِ ضَرَرِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ السُّؤَالَ فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ وَقَادِرٌ عَلَى رَفْعِ الضَّرَرِ بِإِعَادَةِ السُّؤَالِ وَهَذَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَثْبَتَهُ) أَيْ وَادَّعَى الْعُسْرَ بِدُونِ إثْبَاتٍ أَوْ أَثْبَتَهُ فِيهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا هَاتَانِ الصُّورَتَانِ ادِّعَاءُ الْعُسْرِ بِدُونِ إثْبَاتٍ أَوْ إثْبَاتُ انْتِهَاءٍ فَلَيْسَ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا تَلَوَّمَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ إلَخْ شُرُوعٌ فِي جَعْلِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِثَالِثَةٍ وَهِيَ إثْبَاتُ الْعُسْرِ ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّهَا هِيَ الْمُفَادَةُ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا ثَبَتَ الْعُسْرُ انْتِهَاءً وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَوُّمَ عِنْدَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعُسْرُ فَلَا تَلَوُّمَ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ رَتَّبَ التَّلَوُّمَ عَلَى عَدَمِ الِامْتِثَالِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ إثْبَاتِ الْعُسْرِ فَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ مَعَ إثْبَاتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْإِنْفَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ مَعَ دَعْوَاهُ الْعُسْرَ) وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَهُوَ يُقِرُّ بِالْمَلَاءِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَالطَّلَاقِ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ عَلَى قَوْلٍ وَيُسْجَنُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَيْهَا عَلَى آخَرَ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فَإِذَا سُجِنَ وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ كَمَا أَنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ بِلَا تَلَوُّمٍ إذَا لَمْ يُجِبْ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ حِينَ رَفَعَتْهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أُخِذَ مِنْهُ كُرْهًا كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ أَوْ أَثْبَتَهُ ابْتِدَاءً) ظَاهِرُ حِلِّهِ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَهُ ابْتِدَاءً وَيُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ التَّلَوُّمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الطَّلَاقُ وَإِنَّمَا هُوَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ) أَيْ تَرْضَى بِالْبَقَاءِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَلَهَا الْمُقَامُ ثَانِيًا فَإِذَا قَامَتْ ثَانِيًا فَلَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ لِأَنَّ الضَّرْبَ الْأَوَّلَ مُعْتَبَرٌ فَلَا يُنْقَضُ وَقَوْلُهُ بِتَأْخِيرِهَا مَا وَجَبَ لَهَا أَيْ بِتَأْخِيرِهَا الْفِرَاقَ الَّذِي وَجَبَ لَهَا فَإِذَا قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ وَقَوْلُهُ بَطَلَ أَيْ فَإِذَا قَامَتْ يُضْرَبُ لَهَا الْأَجَلُ. (تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 وَإِنْ غَائِبًا (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي ثَبَتَ عُسْرُهُ وَتَلَوَّمَ لَهُ غَائِبًا وَمَعْنَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ فِي الْغَائِبِ عَدَمُ وُجُودِ مَا يُقَابِلُ النَّفَقَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَالتَّلَوُّمُ لِلْغَائِبِ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ غَيْبَتُهُ أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا إنْ قَرُبَتْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَسَائِلِهِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ عَدْلٍ (ص) أَوْ وَجَدَ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ (ش) عُطِفَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَقْدِرْ مِنْ الْقُوتِ إلَّا عَلَى مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَاجِزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ جُمْلَةً لِمَا يَلْحَقُ الْمَرْأَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ الشَّدِيدِ لَوْ أَلْزَمْنَاهَا الْإِقَامَةَ مَعَ ذَلِكَ (ص) لَا إنْ قَدَرَ عَلَى الْقُوتِ وَمَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ وَإِنْ غَنِيَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى قُوتِ زَوْجَتِهِ الْكَامِلِ مِنْ الْخُبْزِ مَأْدُومًا أَوْ غَيْرَ مَأْدُومٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لَهَا بِحَقِّ الْفَسْخِ وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَغِنًى عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَا قِيَامَ لَهَا إذَا كَانَ يَقْدِرُ لَهَا عَلَى مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهَا وَيُوَارِيهَا مِنْ غَلِيظِ الْكَتَّانِ أَوْ الْجِلْدِ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ جَمِيعُ بَدَنِهَا كُلِّهِ لَا السَّوْأَتَانِ فَقَطْ وَتُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُرَاعَى حَالُهُمَا فِي النَّفَقَةِ فَلِمَ لَا يُجْعَلُ الزَّوْجُ عَاجِزًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَنِيَّةِ قُلْت ذَاكَ مِنْ فُرُوعِ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا يُفْرَضُ وَهَذَا مِنْ فُرُوعِ الْعَجْزِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ وَلَمَّا عُلِمَ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ بَائِنٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وَقَدَّمَ شَرْطَ تَمَامِ رَجْعَةِ الْمَوْلَى بِقَوْلِهِ وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ شَرَعَ فِي شَرْطِ رَجْعَةِ الْمُطَلَّقِ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا أَوْقَعَ عَلَى الزَّوْجِ طَلْقَةً لِأَجْلِ عُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ فَهِيَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ فَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ مَعَهُ يَسَارٌ يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا لَا أَقَلَّ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا الْحَاكِمُ إنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ ضَرَرِ فَقْرِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا إذَا زَالَ مُوجِبُ الطَّلْقَةِ وَهُوَ الْإِعْسَارُ إلَّا أَنْ تَرْضَى لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ هَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إذْ غَيْرُهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الزَّمَنِ الَّذِي إذَا أَيْسَرَ بِهِ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفَقَةُ شَهْرٍ وَقِيلَ نِصْفُ شَهْرٍ وَقِيلَ إذَا وَجَدَ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ تُؤَوَّلَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إدَامَةِ النَّفَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (ص) وَلَهَا النَّفَقَةُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ (ش) أَيْ وَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ إذَا   [حاشية العدوي] تَصْدِيقِهَا لِيَمِينِهِ وَيَحْتَاجُ لَهَا مَعَ بَيِّنَةِ عُسْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَائِبًا) ذَكَرَ بَهْرَامُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ أَوْ يُدْعَى تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَرَدَّهُ الْحَطَّابُ وَالتَّتَّائِيُّ بِأَنَّ شَرْطَ الدُّخُولِ أَوْ الدُّعَاءِ خَاصٌّ بِالْحَاضِرِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ رَدَّ عَلَى الْحَطَّابِ وتت. (قَوْلُهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ) أَيْ يُرْسِلُ إلَيْهِ . (قَوْلُهُ لَا إنْ قَدَرَ إلَخْ) وَلَوْ دُونَ مَا يَكْتَسِبُهُ فُقَرَاءُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّكَسُّبِ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ ضَرَرَ رَبِّ الدَّيْنِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِهَا لِقُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِهِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِ رَبِّ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَمَّا يُشْبِهُهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ جَمِيعُ بَدَنِهَا) حُرَّةً أَوْ أَمَةً. (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ قَادِرًا (قَوْلُهُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا) إنَّمَا قَالَ بِوَاجِبِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ مِثْلِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْيَسَارُ الشَّرْعِيُّ لَا التَّبَسُّطُ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ فِي الرَّجْعَةِ الْيَسَارَ الشَّرْعِيَّ الْكَامِلَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إنْ وَجَدَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُوتِ لِأَنَّ الْمُلَاءَمَةَ وَالرَّغْبَةَ عَنْ الطَّلَاقِ نَاسَبَتْ ذَلِكَ بِخِلَافِ فِكَاكِهَا مِنْهُ وَصَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً فَلَا تَعُودُ لِلضَّرَرِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْخُبْزِ قِفَارًا لَهُ الرَّجْعَةُ فَيُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا) هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَاَلَّذِي لِسَحْنُونٍ فِي السُّلَيْمَانِيَّة لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَلَوْ رَضِيَتْ. (قَوْلُهُ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفَقَةُ شَهْرٍ) الْمُنَاسِبُ شَهْرًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّمَنِ (أَقُولُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْقَائِلَ بِالشَّهْرِ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ نَفَقَةَ شَهْرٍ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ أَمْلَكُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَشِبْهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَمْلَكَ وَهَذَا فِيمَنْ يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَهْرٌ بِشَهْرٍ وَلَوْ كَانَ قُوتُهُ بِالْأَيَّامِ لِعَدَمِ وِجْدَانِهِ فَإِذَا جَاءَ بِمَا لَوْ وَجَدَهُ لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إذَا وَجَدَ أَيَّ زَمَنٍ إلَخْ إلَّا أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمُقْتَاتَ بِدُونِ أُدْمٍ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إذَا وَجَدَ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا الَّذِي هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) يَرُدُّهُ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ إذَا وَجَدَ نَفَقَةَ شَهْرٍ فَهُوَ أَمْلَكُ بِهَا ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ لَهُ بِمَالٍ سِوَى ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ عج وَبِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ وَالْقُصُورِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ إذَا وَجَدَ نَفَقَةَ شَهْرٍ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَقْدِرُ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى إجْرَاءِ النَّفَقَةِ مُشَاهَرَةً وَقَدَرَ بَعْدَهُ عَلَى إجْرَائِهَا مُيَاوَمَةً أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ وَلَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ . (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 وَجَدَ يَسَارًا يَمْلِكُ بِهِ الرَّجْعَةَ وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ رَجْعِيَّةٌ يَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُنَا يَسَارًا يَمْلِكُ بِهِ الرَّجْعَةَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ وَجَدَ يَسَارًا يَنْقُصُ عَنْ وَاجِبِ مِثْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إذْ لَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا لِلْمُطَلَّقَةِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ (ص) وَطَلَبُهُ عِنْدَ سَفَرِهِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ لِيَدْفَعَهَا لَهَا أَوْ يُقِيمَ لَهَا كَفِيلًا (ش) عُطِفَ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا الْفَسْخُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلِزَوْجَتِهِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِنَفَقَةِ مُدَّةِ غِيَابِهِ لِيَدْفَعَهَا لَهَا نَقْدًا أَوْ يُقِيمَ لَهَا بِهَا كَفِيلًا يَتَكَفَّلُ لَهَا بِهَا يَدْفَعُهَا لَهَا عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ الزَّوْجُ يَفْعَلُ كَمَا مَرَّ وَلِلْبَائِنِ الْحَامِلِ طَلَبُهُ بِنَفَقَةِ الْأَقَلِّ مِنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ حَمْلُهَا غَيْرَ ظَاهِرٍ وَخَافَتْهُ فَلَمْ يَرَ لَهَا مَالِكٌ طَلَبَهُ بِحَمِيلٍ وَرَآهُ أَصْبَغُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ قَامَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ وَالْأَوَّلَ إنْ قَامَتْ بَعْدَهَا فَإِنْ اُتُّهِمَ أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ السَّفَرِ الْمُعْتَادِ حَلَفَ أَوْ أَقَامَا حَمِيلًا (ص) وَفُرِضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ وَوَدِيعَتِهِ وَدَيْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا فَطَلَبَتْ نَفَقَتَهَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ أَوْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ يَفْرِضُ لَهَا ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ الْمَرْجُوِّ وَكَذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا نَفَقَتُهَا فِي دَيْنِهِ الشَّرْعِيِّ وَيَكْفِي إقْرَارُ الْمَدِينِ وَتَصِحُّ نُسْخَةُ دِيَتِهِ بِدَالٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ فَفَوْقِيَّةٍ أَيْ دِيَةٌ وَجَبَتْ لَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا فِي وَدِيعَتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَفُرِضَ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي مَالِ الْغَائِبِ إذَا طَلَبُوا ذَلِكَ (ص) وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُنْكِرِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْغَائِبِ تُفْرَضُ لَهَا فِي دَيْنِهِ الشَّرْعِيِّ فَإِذَا أَنْكَرَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى دَيْنِ زَوْجِهَا فَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا بِدَيْنِ زَوْجِهَا حَلَفَتْ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّتْ كَمَا لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ ذَلِكَ (ص) بَعْدَ حَلِفِهَا بِاسْتِحْقَاقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَفْرِضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ الْمَرْجُوِّ أَوْ فِي دَيْنِهِ أَوْ فِي وَدِيعَتِهِ إلَّا أَنْ يُحَلِّفَهَا الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْهَا وَلَا بَعْضَهَا عَنْهُ ثُمَّ يَفْرِضُ لَهَا وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ حَلِفِهَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ إلَخْ وَبِقَوْلِهِ وَفُرِضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ أَيْضًا أَيْ إنَّمَا يُفْرَضُ لَهَا وَلِمَنْ ذُكِرَ مَعَهَا وَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ حَلِفِ مَنْ ذُكِرَ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَقَدُّمِ حَلِفِهَا عَلَى الْفَرْضِ وَعَلَى بَيْعِ الدَّارِ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ أَنَّهَا إذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا بِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ أَنَّهَا تَحْلِفُ مَعَهُ ثَانِيًا وَكَذَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ   [حاشية العدوي] الْوَاوُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْمَوْلَى حَتَّى يَرْتَجِعَ . (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى الْفَسْخِ) فَإِنْ قُلْت هَلَّا جَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا النَّفَقَةُ قُلْت الْمَانِعُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْمُطَلَّقَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَطَلَبُهُ فَلَيْسَ مِنْ تَعَلُّقَاتِهَا. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) أَيْ اخْتَارَ قَوْلَ أَصْبَغَ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إنْ قَامَتْ بَعْدَهَا أَيْ لِأَنَّ الْغَائِبَ أَنْ لَا حَمْلَ مَعَ الْحَيْضِ وَإِطْلَاقُ أَصْبَغَ مِنْ حَيْثُ مُرَاعَاةُ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اُتُّهِمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الْمُعْتَادَ وَالْآنَ طَفِقَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا اُتُّهِمَ عَلَى أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الزَّائِدَ عَلَى السَّفَرِ الْمُعْتَادِ وَقَدْ أَعْطَاهَا نَفَقَةَ السَّفَرِ الْمُعْتَادِ أَوْ أَقَامَ لَهَا بِهَا حَمِيلًا (قَوْلُهُ وَدَيْنِهِ) لَكِنْ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا تَوَلَّى الْحَاكِمُ الْإِنْفَاقَ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ وَيَأْخُذُهُ مِنْ دَيْنِهِ إذَا حَلَّ. (قَوْلُهُ أَوْ الْغَائِبِ الْمَرْجُوِّ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا نَفْرِضُ لَك فِي هَذَا الْمَرْجُوِّ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ. (قَوْلُهُ فِي دَيْنِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَفَائِدَةُ الْحَلِفِ مَعَ التَّأْجِيلِ قَبْلَ حُلُولِهِ أَنَّهَا تَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ وَيَكْفِي إقْرَارُ الْمَدِينِ إلَخْ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ مِنْهَا أَنَّ لَهُ دَيْنًا وَانْظُرْ مَا وَجْهُ تَوَهُّمِ هَذَا حَتَّى يُنْفَى. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنٌ وَلَا غَيْرُهُ أَيْ مِنْ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِ مَنْ ذُكِرَ بِالِاسْتِحْقَاقِ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ الْمُسَمَّاةَ بِيَمِينِ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْ صَرَّحَ بَعْضٌ بِأَنَّهَا لِلِاسْتِظْهَارِ وَصَرِيحُهُ أَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ إمَّا شَاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَقَدْ يَصْحَبُ ذَلِكَ يَمِينٌ أُخْرَى يُقَالُ لَهَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ إذَا كَانَتْ دَعْوَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ وَاحِدًا يَصْحَبُهُ ثَلَاثُ أَيْمَانٍ يَمِينَانِ لِلِاسْتِظْهَارِ وَيَمِينٌ تَكْمِلَةُ النِّصَابِ إلَّا أَنَّ إحْدَى يَمِينَيْ الِاسْتِظْهَارِ الَّتِي هِيَ يَمِينُ الِاسْتِحْقَاقِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي قَدْ يَكُونُ مَعَهَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ الْأُخْرَى وَكَوْنُ الدَّعْوَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَقَوْلُهُ إنَّهَا تَحْلِفُ مَعَهُ ثَانِيًا أَيْ يَمِينًا تَكْمِلَةً لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ حَيْثُ أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ أَيْ لِكَوْنِ الدَّعْوَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَحْلِفُ يَمِينًا حَيْثُ أَقَامَتْ الشَّاهِدَيْنِ لِكَوْنِ الدَّعْوَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَهِيَ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ أَيْ غَيْرُ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي هِيَ يَمِينُ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَوْلُهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ هِيَ الْيَمِينُ الْمُفَادَةُ بِالتَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ وَجَبَ إلَخْ وَلَكِنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ يَمِينَ الِاسْتِحْقَاقِ الَّتِي أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ شَاهِدَانِ فَقَطْ أَوْ شَاهِدَانِ وَيَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ لِكَوْنِ الدَّعْوَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَيْ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَقَطْ أَوْ، شَاهِدٌ وَيَمِينَانِ إحْدَاهُمَا الْمُكَمِّلَةُ لِلنِّصَابِ وَالْأُخْرَى لِلِاسْتِظْهَارِ الَّتِي هِيَ تَكُونُ عِنْدَ الدَّعْوَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ حَلِفِهَا مُتَعَلِّقٌ بِفَرَضَ فَقَطْ وَذَكَرَ بَعْضٌ مَا نَصُّهُ الْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 حَيْثُ أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ (ص) وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا بِهَا كَفِيلٌ وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا قَضَى لَهَا الْقَاضِي بِنَفَقَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ وَدَفَعَهَا لَهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَرْأَةِ كَفِيلٌ يَضْمَنُهَا فِيمَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْهَا عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ وَزَوْجُهَا بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ فَإِنْ أَثْبَتَ مُسْقِطًا رَجَعَ عَلَيْهَا (ص) وَبِيعَتْ دَارُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عَمَلِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقَارَ الْغَائِبِ يُبَاعُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا دَيْنٌ وَلَا وَدِيعَةٌ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ تَشْهَدُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ إذْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ بَعْدُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِبِيعَتْ وَقَوْلُهُ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ وَقَدْ حَكَى فِي بَابِ الشَّهَادَةِ خِلَافًا فِي وُجُوبِهِ وَكَوْنِهِ شَرْطَ كَمَالٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِيعَتْ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ تُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنْ بِيعَ عَقَارُهُ هُنَا أَوْ فِي دَيْنٍ ثُمَّ قَدِمَ وَأَثْبَتَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا بِيعَ فِيهِ عَقَارُهُ فَذَكَرَ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ بِحَالٍ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِمَا قَبَضَ إلَخْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ (ص) ثُمَّ بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ قَائِلَةٌ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هِيَ الَّتِي شَهِدَ بِمِلْكِهَا لِلْغَائِبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الْغَائِبِ لِلْعَقَارِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يُوَجِّهَ مِنْ عِنْدِهِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ لِأَجْلِ حِيَازَةِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَتَطُوفُ الْبَيِّنَةُ بِهِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَتَحُدُّهُ بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ تَأْتِي بَيِّنَةُ الْحِيَازَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فَتَقُولُ الَّذِي حُزْنَاهُ هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا بِمِلْكِهِ لِلْغَائِبِ إنْ كَانُوا هُمْ شُهُودَ الْمِلْكِ أَوْ شَهِدَ بِمِلْكِهَا لِلْغَائِبِ إنْ كَانُوا غَيْرَهُمْ وَلَعَلَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ شُهُودُ الْمِلْكِ بِأَنَّ لَهُ دَارًا بِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ تَذْكُرْ حُدُودَهَا وَلَا جِيرَانَهَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ بِهِ وَأَمَّا إنْ ذَكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ بَلْ يَزِيدُونَ بَيَانَ صِفَةِ جُدْرَانِهَا وَمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ وَالْمَرَافِقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ (ص) وَإِنْ تَنَازَعَا فِي عُسْرِهِ فِي غَيْبَتِهِ اُعْتُبِرَ حَالُ قُدُومِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَطَالَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِنَفَقَتِهَا فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَخَالَفَتْهُ الزَّوْجَةُ فِي دَعْوَاهُ لِتَجِبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ حَالُ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فَإِنْ قَدِمَ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ قَدِمَ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا بِيَمِينِهَا وَتَأْخُذُهَا مِنْهُ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ حَالَ خُرُوجِهِ وَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فِي هَذَا كَالزَّوْجَةِ (ص) وَفِي إرْسَالِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إنْ رَفَعَتْ مِنْ يَوْمِئِذٍ لِحَاكِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَطَالَبَتْهُ زَوْجَتُهُ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ بِنَفَقَتِهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ فَقَالَ أَرْسَلْتهَا لَك أَوْ قَالَ تَرَكْتهَا عِنْدَك عِنْدَ سَفَرِي وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا فِي ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ فَلَمْ يَجِدْ لِزَوْجِهَا مَالًا وَأَبَاحَ لَهَا الْإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهَا وَأَذِنَ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ وَالرُّجُوعِ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا لَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لَا مِنْ   [حاشية العدوي] مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَإِذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا حَلَفَتْ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّتْ ثُمَّ تَحْلِفُ يَمِينًا أُخْرَى بِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ إلَخْ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ لَا تُجْمَعُ مَعَ غَيْرِهَا وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهَا تُجْمَعُ فَتَقُولُ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدَيْ حَقٍّ وَأَنَّ نَفَقَتِي عَلَيْهِ لَمْ يَصِلْنِي مِنْهَا شَيْءٌ . (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا) فَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا أَخَذَتْهُ وَتَرُدُّ لَهُ الزَّوْجَةُ إنْ تَزَوَّجَتْ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا النَّفَقَةَ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَا تُرَدُّ لَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ . (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ) الْمَعْطُوفُ مُقَدَّرٌ أَيْ وَشَهَادَتُهُمْ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ عَقَارَ الْغَائِبِ يُبَاعُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ) وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ وَإِنْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي بَيْعِ عَقَارِهِ وَفِي نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ لُبَابَةَ بَيْعُهُ بَعْدَ حَلِفِ الْأَبِ أَنَّهُ عَدِيمٌ خِلَافًا لِابْنِ عَتَّابٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَيْعُ جَمِيعِ مَالِ الْغَائِبِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِفَتْوَى ابْنِ لُبَابَةَ (قَوْلُهُ تَشْهَدُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ بَيَانٌ لِلشَّهَادَةِ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَعِبَارَةُ شب بَعْدَ قَوْلِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ مَا نَصُّهُ وَاسْتِمْرَارُهُ إلَى حِينِ الْبَيْعِ وَهُوَ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْهُ أَيْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ لَا عَلَى الْقَطْعِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ) هِيَ أَنْ لَا يُنْقَضَ الْبَيْعُ بِحَالٍ وَيَرْجِعَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِمَا قَبَضَ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ نُقِضَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْأَخْذَ وَحَلَفَ الْمَدِينُ أَنَّهُ دَفَعَ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعَ وَهَذَا مُشْكِلٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ) عِبَارَةُ عب وَإِذَا قَدِمَ بَعْدَ بَيْعِ دَارِهِ فَأَثْبَتَ بَرَاءَتَهُ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ أَخْذِهِ وَدَفْعِ ثَمَنِهِ قَالَهُ تت (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ فِي قِ) لَيْسَ فِي نَقْلِ قِ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي فِي نَقْلِ قِ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ بِحَالٍ أَصْلًا سَوَاءٌ تَغَيَّرَ أَمْ لَا فَكَلَامُ شَارِحِنَا أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ عب فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَأْتِي بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ عِنْدَ الْقَاضِي إلَخْ) هَذَا مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ وَفِي عب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ قَائِلَةٌ لِمَنْ يُوَجِّهُهُ الْقَاضِي مَعَهَا مِمَّنْ يُعْرَفُ الْعَقَارُ وَيَحُدُّهُ بِحُدُودِهِ وَالْوَاحِدُ كَافٍ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى. اهـ. وَهُوَ الَّذِي فِي النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الشَّارِحِ صَحِيحًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ حَالُ قُدُومِهِ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا جَهِلَ حَالَ خُرُوجِهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ إلَخْ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَيْدُ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ حِكَايَةِ هَذَا الْقِيلِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ لِحَاكِمٍ) سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ قَاضٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 يَوْمِ سَفَرِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ سَفَرِهِ قَبْلَ رَفْعِهَا وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مُطْلَقًا وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ وَقَوْلُهُ يَوْمِئِذٍ أَيْ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا بِرَفَعَتْ وَالتَّنْوِينُ عِوَضٌ عَنْ جُمْلَةٍ مُضَافٍ إلَيْهَا أَيْ مِنْ يَوْمِ إذْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ (ص) لَا لِعُدُولٍ وَجِيرَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا بِسَبَبِ نَفَقَتِهَا فِي حَالِ غِيَابِ زَوْجِهَا إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُولِ أَوْ الْجِيرَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ كَرَفْعِهَا إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا الْحُكْمُ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَحُكْمُ نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ حُكْمُ نَفَقَتِهَا يَعْنِي لَوْ نَازَعَتْهُ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فِي نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ فَقَالَ أَرْسَلْتهَا لَك أَوْ تَرَكْتهَا عِنْدَك قَبْلَ سَفَرِي فَإِنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا فِي ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (ص) وَإِلَّا فَقَوْلُهُ كَالْحَاضِرِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْ أَصْلًا أَوْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ أَوْ لِجِيرَانٍ أَوْ رَفَعَتْ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَسَكَتَتْ بَعْضَهَا فَقَوْلُهُ فِيمَا لَمْ تَرْفَعْ لِلْحَاكِمِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْحَاضِرِ فِي أَنَّهُ أَنْفَقَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُقَرَّرَةً وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَثَابَةِ الدَّيْنِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْحَاضِرِ فِي النَّفَقَةِ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ أَوْ يَدْفَعُ النَّفَقَةَ فِي زَمَنِهَا أَمَّا إذَا تَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ لِمَا مَضَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَكُلُّ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَأَمَّا الْبَائِنُ الْحَامِلُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ اُنْظُرْ حُلُولُو (ص) وَحَلَفَ لَقَدْ قَبَضَتْهَا لَا بَعَثْتُهَا (ش) أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا حَلَفَ لَقَدْ قَبَضَتْهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ وَلَا يَحْلِفُ لَقَدْ بَعَثْتهَا إلَيْهَا لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُصُولِ مَا بَعَثَهُ لَهَا وَهُوَ الْأَصْلُ وَيَعْتَمِدُ فِي يَمِينِهِ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ كِتَابِهِ (ص) وَفِيمَا فَرَضَهُ فَقَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَقَوْلُهَا إنْ أَشْبَهَتْ وَإِلَّا ابْتَدَأَ الْفَرْضَ وَفِي حَلِفِ مُدَّعِي الْأَشْبَهَ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي فَرَضَهُ عَائِدٌ عَلَى الْحَاكِمِ وَكَذَا ابْتَدَأَ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِتَنَازُعٍ وَالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ فَقَالَتْ الزَّوْجَةُ مَثَلًا فَرَضَ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمًا وَقَالَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا فَإِنْ أَشْبَهَتْ وَحْدَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ابْتَدَأَ الْفَرْضَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَهَا نَفَقَةُ الْمِثْلِ فِي الْمَاضِي وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِيمَا فَرَضَهُ قَاضِي وَقْتِهِمَا أَوْ قَاضِي سَابِقٍ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِذَا قُلْنَا الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الشَّبَهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ فَهَلْ ذَلِكَ بِيَمِينٍ أَمْ لَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَقْوَى أَسْبَابِ النَّفَقَةِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَهُمَا الْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ وَمُتَعَلَّقُهُمَا فَقَالَ (فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَأَدْخَلَ الْمُؤَلِّفُ أَدَاةَ الْحَصْرِ وَهِيَ قَوْلُهُ (ص) إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى (ش) وَلَيْسَ مَوْضِعَ حَصْرٍ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ أَنَّ نَفَقَةَ خَادِمِ الْأَبِ الْفَقِيرِ تَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ وَكَذَا خَادِمُ الْأُمِّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصَبُّهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَرْعًى يَكْفِي وَلَا يُكَلَّفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيَكُونُ عَلَى هَذَا فِي كَلَامِهِ حَذْفٌ وَتَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَمَعْنَاهُ   [حاشية العدوي] أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) رَفَعَتْ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَمَنْ فِي الْعِصْمَةِ أَنَّ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي إرْسَالِ نَفَقَتِهَا بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ فَإِنَّهَا بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) حَلَّ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدَ عِوَضٍ عَنْ جُمْلَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَفَعَهَا إلَيْهِمْ يُنَزَّلُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْحَاكِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْوِتْرُ وَصَوَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِثِقَلِ الرَّفْعِ عَلَى كَثِيرٍ وَلِحِقْدِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ إذَا قَدِمَ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ عَمَلَ قُضَاةِ بَلْدَةِ تُونِسَ أَنَّ الرَّفْعَ لِلْعُدُولِ كَالرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ وَالرَّفْعُ لِلْجِيرَانِ لَغْوٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ كَأَنْ رَفَعَهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لَهُمْ. (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ كَالْحَاضِرِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ سَفِيهًا أَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ وَلِيُّ الْمَحْجُورَةِ مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ الدَّفْعَ إلَيْهِ دُونَهَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ أَوْ لِجِيرَانٍ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَثَابَةِ الدَّيْنِ) وَالدَّيْنُ لَا يَصْدُقُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي دَفْعِهِ لِصَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُ فِي يَمِينِهِ عَلَى رَسُولِهِ) أَيْ وَيَعْتَمِدُ فِي حَلِفِهِ لَقَدْ قَبَضْتهَا عَلَى رَسُولِهِ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ الدَّرَاهِمَ لِمَا يَعْرِفُ مِنْ أَمَانَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ كِتَابِهِ أَيْ الَّذِي فِيهِ وَاصِلٌ لَك فِيهِ نَفَقَةُ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ قُلْت إنَّهُ يَرْجِعُ لِرَسُولِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَ مَعَ الرَّسُولِ قُلْت يُرَادُ بِالرَّسُولِ إنْسَانٌ أَرْسَلَ مَعَهُ النَّفَقَةَ وَأَعْلَمَهُ بِهَا وَأَمَّا الْكِتَابُ فَإِنَّهُ وَإِنْ أُرْسِلَ مَعَ إنْسَانٍ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَ مَعَهُ نَفَقَةً لِجَوَازِ أَنْ يُرْسِلَ كِتَابًا فَيَأْخُذَ النَّفَقَةَ مِنْ وَدِيعَتِهِ أَوْ مَالِهِ الْكَائِنِ فِي خِزَانَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ) أَيْ وَاسْتَظْهَرَهُ عِيَاضٌ فَهَذَا تَرْجِيحٌ لَهُ (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ [فَصْلٌ فِي نَفَقَة الرَّقِيق والدواب] . (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَمُتَعَلِّقُهُمَا) أَمَّا مُتَعَلِّقُ الْمِلْكِ فَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ إلَخْ وَأَمَّا مُتَعَلِّقُ الْقَرَابَةِ فَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَخَادِمُهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَخَادِمُهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ نَفَقَةِ الْقَرَابَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ يَجِبُ نَفَقَةُ الْأُمِّ وَالْأَبِ. (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ) أَيْ إذَا عَلِمْت مَا ذُكِرَ فَنَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ حُذِفَ) أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَفٌ مَعَ أَنَّ نَفَقَةَ مُسَلَّطَةٌ عَلَى دَابَّةٍ وَالدَّابَّةُ نَفَقَتُهَا الْعَلَفُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ دَابَّتِهِ أَيْ عَلَفُهَا وَالتَّقْدِيمُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَالتَّأْخِيرُ قَوْلُهُ وَدَابَّتِهِ إلَخْ أَيْ تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ الْقِنِّ، وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَالْمُكَاتَبُ نَفَقَتُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ عَلَفُ دَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقَةِ وَإِلَّا بِيعَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَصْرَ أَسْبَابِ النَّفَقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ أَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَصَالَةِ إلَّا بِسَبَبِ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَيَكُونُ رَقِيقَ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْبِرِّ لَهُمَا وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ أَيْ فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرَابَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَصَبَّهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ أَيْ إنَّمَا يَجِبُ لِلرَّقِيقِ النَّفَقَةُ لَا التَّزْوِيجُ أَوْ الْحَجُّ أَوْ الْبَيْعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَإِلَّا بِيعَ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ بِيعَ مَا يُبَاعُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَكَاةِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِلَّا بِيعَ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقِيلَ تُزَوَّجُ وَقِيلَ تَعْتِقُ وَاخْتِيرَ وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ فَيُقَالُ لَهُمَا اخْدِمَا بِمَا يُنْفَقُ عَلَيْكُمَا إنْ كَانَ لَهُمَا خِدْمَةٌ وَإِلَّا عَتَقَا وَأَمَّا قَوْلُهُ (كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ) أَيْ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَأَمَّا الْمَرَّةُ وَالْمَرَّتَانِ فَلَا يُبَاعُ لِذَلِكَ وَمَحَلُّ الْبَيْعِ مَا لَمْ يُرْفَعْ الضَّرَرُ وَإِلَّا فَيُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَيْعِ (ص) وَيَجُوزُ مِنْ لَبَنِهَا مَا لَا يَضُرُّ بِنِتَاجِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَالِكِ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لَبَنِهَا مَا لَا يَضُرُّ بِنِتَاجِهَا فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهِ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ (ص) وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا الْمُوسِرِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23] وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبَوَانِ صَحِيحَيْنِ أَوْ زَمِنَيْنِ، مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (ص) وَأَثْبَتَا الْعُدْمَ لَا بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي لَوْ طَلَبَ الْأَبَوَانِ نَفَقَتَهُمَا مِنْ الْوَلَدِ فَقَالَ لَهُمَا لَا يَلْزَمُنِي لَكُمَا نَفَقَةٌ لِأَنَّكُمَا غَنِيَّانِ وَخَالَفَاهُ فِي ذَلِكَ وَادَّعَيَا الْعُدْمَ فَعَلَيْهِمَا أَنْ يُثْبِتَا فَقْرَهُمَا لِتَقَدُّمِ الْغِنَى وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إثْبَاتَ الْعُدْمِ يَكُونُ بِعَدْلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ الْفَلَسِ أَنَّ الْعُدْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ فَالتَّرَدُّدُ لَا مَحَلَّ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِمَا يَمِينًا فِي غَيْرِ   [حاشية العدوي] عَلَى نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ الرَّقِيقِ الْمُخْدَمِ عَلَى مُخْدَمِهِ بِفَتْحِ الدَّالِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَصْرَ أَسْبَابِ النَّفَقَاتِ) أَيْ بَقِيَّةَ أَسْبَابِ النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَصْرُ الْبَاقِي فِي الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالْمَعْنَى إنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةِ فَالْحَصْرُ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَصَبَّهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ) أَقُولُ هَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ يُبْعِدُهُ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقْرَأَ وَدَابَّتُهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَصْرُ بِاعْتِبَارِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ أَيْ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ لَا رَقِيقِ رَقِيقِهِ فَنَفَقَةُ رَقِيقِ رَقِيقِهِ عَلَى رَقِيقِهِ لَا عَلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ دَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَيُرَادُ بِالدَّابَّةِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ هِرَّةً عَمِيَتْ وَانْقَطَعَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى الِانْصِرَافِ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا لِأَنَّ لَهُ طَرْدَهَا وَكَلْبًا مَأْذُونًا لَهُ فِي اتِّخَاذِهِ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ) حَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَوْعَبَ أَسْبَابَ النَّفَقَةِ الثَّلَاثَةِ أَيْ ذَكَرَهَا بِتَمَامِهَا فَيُعْلَمُ مِنْهُ الْحَصْرُ فِيهَا فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِلْحَصْرِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحَصْرَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِبَيَانِ الْأَسْبَابِ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ كُلْفَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى رَقِيقِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ تَجِبُ لِعَدَمِ الْمَرْعَى (قَوْلُهُ بِيعَ) مَا يُبَاعُ إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَكَانَ مِمَّا يُبَاعُ وَإِلَّا وُهِبَ أَوْ أُخْرِجَ عَنْ مِلْكِهِ يَوْمًا مَا أَوْ ذَكَاةِ مَا يُؤْكَلُ. (قَوْلُهُ بِمَا يُنْفِقُ عَلَيْكُمَا) أَيْ بِنَفَقَةٍ تُنْفَقُ عَلَيْكُمَا. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهَا خِدْمَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُمَا قُوَّةٌ عَلَى الْخِدْمَةِ وَوَجَدَا مَنْ يَخْدُمَانِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَتَقَا) الْمُنَاسِبُ أُعْتِقَا فَلَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ كَتَكْلِيفِهِ أَيْ الْمَمْلُوكِ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ مَا لَا يُطِيقُهُ) الْمُرَادُ مَا لَا يُطِيقُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا لَا يُطِيقُهُ أَصْلًا كَيْفَ يُكَلَّفُ بِهِ (تَتِمَّةٌ) مَنْ كَانَ لَهُ شَجَرٌ يَضِيعُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ بِتَضْيِيعِ الْمَالِ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَتِهِ وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ لَبَنِهَا إلَخْ) وَكَذَا مِنْ لَبَنِ الْأَمَةِ مَا لَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا بِالْأَوْلَى . (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ} [الإسراء: 23] إلَخْ) تَأَمَّلْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فَإِنَّ الْإِحْسَانَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَحَقَّقُ بِمُطْلَقِ إحْسَانٍ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ إلَخْ) لَكِنْ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَعَلَى الْكَبِيرِ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِخِطَابِهِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ أَرْبَعًا لَا عَنْ نَفَقَةِ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ لَهُمَا وَلَا يُلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا . (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ الْغِنَى) أَيْ غِنَى الْأَبَوَيْنِ عَنْ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي تَرَدَّدَ يَقُولُ أَنَّهُ يَئُولُ لِلْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ النَّفَقَةَ فَقَدْ آلَ إلَى الْمَالِ. (قَوْلُهُ فَالتَّرَدُّدُ لَا مَحَلَّ لَهُ) أَيْ تَرَدَّدَ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ شَيْخُ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِمَا إلَخْ) أَيْ لَيْسَ يَمِينٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِثْبَاتِ الْعُدْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ يَمِينَ اسْتِظْهَارٍ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ لَيْسَ هُنَاكَ يَمِينٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِثْبَاتِ الْعُدْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ يَمِينَ اسْتِظْهَارٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُصَنِّفِ وَأَثْبَتَا الْعُدْمَ بِعَدْلَيْنِ لَا بِيَمِينٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 إثْبَاتِ الْعُدْمِ وَهِيَ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُدْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَمِينَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ اسْتِظْهَارٌ بِخِلَافِ إثْبَاتِ الْعُدْمِ فِي الدُّيُونِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ (ص) وَهَلْ الِابْنُ إذَا طُولِبَ بِالنَّفَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَلَاءِ أَوْ الْعُدْمِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا طَلَبَ نَفَقَةً مِنْ وَلَدِهِ فَادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَلَاءِ حَتَّى يُثْبِتَ فَقْرَهُ أَوْ يُحْمَلُ الْوَلَدُ عَلَى الْعُدْمِ وَعَلَى الْأَبِ إثْبَاتُ مَلَائِهِ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ أَخٌ مُوسِرٌ يُشَارِكُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أَخٌ مُوسِرٌ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَلَاءِ حَتَّى يُثْبِتَ الْعُدْمَ لِأَنَّ أَخَاهُ يُطَالِبُهُ بِالنَّفَقَةِ مَعَهُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْوَالِدَيْنِ الْعُدْمَ جَرَى الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَخَادِمُهُمَا وَخَادِمُ زَوْجَةِ الْأَبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ الْمُوسِرَ كَمَا لَزِمَهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْمُعْسِرَيْنِ كَذَلِكَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ خَادِمِهِمَا وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا نَفَقَةُ خَادِمِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَهَذَا اللُّزُومُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ إلَى الْخَادِمِ وَأَمَّا خَادِمُ الْبِنْتِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَلَوْ احْتَاجَتْ لَهَا وَكَذَلِكَ خَادِمُ الْوَلَدِ (ص) وَإِعْفَافُهُ بِزَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى نَفَقَةٍ أَيْ إنَّمَا يَجِبُ إعْفَافُهُ بِزَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ لَا بِأَمَةٍ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْأَمَةِ وَإِنَّمَا أَكَّدَ بِوَاحِدَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّوْجَةِ الْجِنْسُ (ص) وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَمَةً عَلَى ظَاهِرِهَا (ش) تَتَعَدَّدُ مَبْدُوءٌ بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ وَالضَّمِيرُ لِلنَّفَقَةِ وَعَلَى أَنَّهُ مَبْدُوءٌ بِمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ فَالضَّمِيرُ لِلْإِنْفَاقِ الْمَفْهُومِ مِنْ نَفَقَةٍ أَيْ وَلَا يَتَعَدَّدُ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْوَلَدِ لِزَوْجَاتِ أَبِيهِ كَانَتْ أُمُّهُ مَعَ أَبِيهِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ إلَخْ وَأَحْرَى إنْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ تَعِفُّ الْأَبَ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ أُمُّهُ بِالْقَرَابَةِ وَالْأُخْرَى بِالزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ إحْدَاهُمَا فَالزَّوْجَةُ وَالْقَوْلُ لِلْأَبِ فِيمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا الْوَلَدُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ وَطَلَبَ الْأَبُ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ نَفَقَتُهَا أَكْثَرُ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ الْأُمُّ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً لِأَنَّ النَّفَقَةَ هُنَا لِلزَّوْجِيَّةِ لَا لِلْقَرَابَةِ وَخِلَافُ هَذَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (ص) لَا زَوْجِ أُمِّهِ وَجَدٍّ وَوَلَدِ ابْنٍ (ش)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُدْمَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إثْبَاتِ الْعُدْمِ فِي الدُّيُونِ) وَالْفَرْقُ عُقُوقُ الْوَلَدِ بِيَمِينِهِمَا وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ لَا مَعَ يَمِينٍ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ لَا يَمِينَ مَعَ الْعَدْلَيْنِ بِخِلَافِ إثْبَاتِ الدُّيُونِ فَإِنَّ مَعَهَا يَمِينًا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ . (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَخَاهُ يُطَالِبُهُ بِالنَّفَقَةِ مَعَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَالشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي كَذَلِكَ وَانْظُرْ إذَا طُولِبَ الْأَبُ بِالنَّفَقَةِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَلَاءِ أَوْ الْعُدْمِ أَوْ يَجْرِي الْقَوْلَانِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ النَّاسُ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمَلَاءِ وَذِكْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الِابْنِ هَذِهِ يَقْتَضِي حَمْلَهُ عَلَى الْمَلَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ أَنَّ الْغَالِبَ وُجُوبُ نَفَقَةِ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ وَعَكْسُهُ نَادِرًا (قَوْلُهُ وَخَادِمُهُمَا) مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَيْ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ وَنَفَقَةُ خَادِمِهِمَا. (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا نَفَقَةُ خَادِمِ زَوْجَةِ أَبِيهِ) لِأَنَّهَا تَخْدُمُ الْأَبَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ إنَّمَا يَجِبُ إخْدَامُهَا عَلَى الْأَبِ حَيْثُ كَانَتْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةُ الْأَبِ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ نَفَقَةُ خَادِمِهَا وَانْظُرْ إذَا تَعَدَّدَ خَادِمُ زَوْجَةِ الْأَبِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ أَوْ الْجَمِيعُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَخَادِمُهُمَا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ لِلْخَادِمِ) أَيْ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَى الْخِدْمَةِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا خَادِمُ الْبِنْتِ) أَيْ الَّتِي يَلْزَمُ الْأَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ حَقَّ الْوَالِدِ فِي النَّفَقَةِ آكَدُ مِنْ عَكْسِهِ وَيَرُدُّهُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ أَبٌ وَوَلَدٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ أَوْ يَشْتَرِكَانِ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ الْأَبِ سِوَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ تت وَهُوَ غَيْرُ جَيِّدٍ قَالَهُ عَجَّ وَهَذَا التَّقْرِيرُ كَلَامُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَخْدُمَ الْوَلَدَ فِي الْحَضَانَةِ إنْ احْتَاجَ وَكَانَ الْأَبُ مَلِيئًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَضَانَةِ فَلَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ لَا تُعِفُّهُ فِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ لَا تُعِفُّهُ هَلْ يَلْزَمُ الِابْنَ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَاحِدَةً تُعِفُّهُ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ وَفِي شَرْحِ عب وَإِعْفَافُهُ بِزَوْجَةٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَائِدَةً عَلَى وَاحِدَةٍ حَيْثُ تَوَقَّفَ إعْفَافُهُ عَلَيْهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُهُ كَذَا يَظْهَرُ . (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ) أَيْ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ أُمِّهِ فَقَطْ حَيْثُ كَانَتْ تُعِفُّهُ وَحْدَهَا وَإِلَّا أَنْفَقَ عَلَى الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا) قَيَّدَ بِالْأُمِّ بِقَوْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَيْرَ أُمِّهِ فَلَا يَتَعَدَّدُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ) وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْفَافُ بِأَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ الْإِعْفَافُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يُعِفَّهُ بِهِ فَيُنْفِقَ عَلَى الْجَمِيعِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَتِلْكَ الْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ تَكُونَ الْعِفَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِمَا أَوْ تَتَحَقَّقَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَحْدَهَا وَقَوْلُهُ أُمُّهُ بِالْقَرَابَةِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أُمُّهُ بِالزَّوْجِيَّةِ الْمُقَوَّاةِ بِالْقَرَابَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّنَا لَوْ رَاعِينَا الْقَرَابَةَ وَحْدَهَا لَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْأُمِّ إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً مَعَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً نَظَرًا لِكَوْنِهَا زَوْجَةً وَقَوْلُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيُنْفِقُ عَلَى الْأُمِّ لِلزَّوْجِيَّةِ الْمُقَوَّاةِ بِالْقَرَابَةِ وَتِلْكَ التَّقْوِيَةُ مَفْقُودَةٌ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْحَاصِلِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَخْصِيصِ الْأُمِّ بِالنَّفَقَةِ فِيمَا خُصَّتْ فِيهِ الزَّوْجِيَّةُ الْمُقَوَّاةُ بِالْقَرَابَةِ. (تَنْبِيهٌ) : وُجُوبُ الْإِعْفَافِ بِزَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ قُوتٌ كَمَا عَلَيْهِ أَشْهَبُ. (قَوْلُهُ وَخِلَافُ هَذَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) وَهُوَ الزَّرْقَانِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ يُنْفِقُ عَلَى أُمِّهِ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ أَيْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَفَقَةُ الْأُمِّ تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ فَسَقَطَتْ وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ إنَّمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ الْمُوسِرَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى زَوْجِ أُمِّهِ الْمُعْسِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَلْزَمُ وَلَدَ الِابْنِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى جَدِّهِ وَلَا جَدَّتِهِ الْمُعْسِرَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْجَدَّ نَفَقَةُ وَلَدِ ابْنِهِ وَأَوْلَى وَلَدُ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْغَيْرِ (ص) وَلَا يُسْقِطُهَا تَزْوِيجُهَا مِنْ فَقِيرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْأُمِّ لَا تَسْقُطُ عَنْ الْوَلَدِ بِسَبَبِ تَزْوِيجِهَا مِنْ رَجُلٍ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ ثُمَّ افْتَقَرَ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ وَكَذَلِكَ مَنْ الْتَزَمَ نَفَقَةَ امْرَأَةٍ لَا يُسْقِطُهَا تَزْوِيجُهَا بِفَقِيرٍ وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا غَنِيٌّ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ تَقْرِيرٌ وَمِثْلُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ الْبِنْتُ وَلَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ تَمَّمَ الِابْنُ أَوْ الْأَبُ بَاقِيَهَا (ص) وَوُزِّعَتْ عَلَى الْأَوْلَادِ وَهَلْ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ الْإِرْثِ أَوْ الْيَسَارِ أَقْوَالٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ وَاجِبَةٌ عَلَى أَوْلَادِهِمَا الْمُوسِرَيْنِ وَاخْتُلِفَ هَلْ تُوَزَّعُ تِلْكَ النَّفَقَةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْأَوْلَادِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلَا قَدْرِ يَسَارٍ أَوْ تُوَزَّعُ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ فَيَضْعُفُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى أَوْ تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ يَسَارِهِمْ الْغَنِيُّ بِحَسَبِ حَالِهِ وَالْفَقِيرُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ بِحَسَبِ حَالِهِ كَانَ ذَلِكَ الْغَنِيُّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَالْمَذْهَبُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ (ص) وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ (ش) أَيْ وَيَجِبُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ بِهِ عَلَى الْأَبِ الْحُرِّ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَيَجِدَ مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ صَنْعَةٌ لَا مَعَرَّةَ فِيهَا تَقُومُ بِهِ لَسَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عَنْ الْأَبِ الْحُرِّ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَالُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ يَدْفَعَهُ الْأَبُ قِرَاضًا وَيُسَافِرَ الْعَامِلُ وَلَا يُوجَدُ مُسَلِّفٌ فَتَعُودَ عَلَى الْأَبِ وَأَمَّا الْوَلَدُ الرَّقِيقُ فَعَلَى سَيِّدِهِ وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى فَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ وَلَوْ كَانَ يُجَنُّ حِينًا بَعْدَ حِينٍ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَلَغَ مَجْنُونًا قَالَهُ بَعْضٌ وَتَسْتَمِرُّ نَفَقَةُ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ جُمْلَةً بِزَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالْقَادِرِ عَلَى الْبَعْضِ عَلَى الْأَبِ تَتْمِيمُهَا وَلَوْ طَرَأَ عَجْزُهُ أَوْ جُنُونُهُ أَوْ زَمَانَتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ تُعَدَّ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ (ص) وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْأُنْثَى الْحُرَّةَ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا الْبَالِغُ أَوْ يُدْعَى لِلدُّخُولِ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْ الْأَبِ لِوُجُوبِهَا عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ فَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا بَعْدَ أَنْ أَزَلْ بَكَارَتَهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَعُودُ عَلَى أَبِيهَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَفْهُومُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً (ص) وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ إلَّا لِقَضِيَّةٍ أَوْ يُنْفِقُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَبِيهِ الْمُوسِرِ وَأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ الْمُعْسِرِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُوسِرِ إنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ وَسَدِّ الْخَلَّةِ تُدْفَعُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ فَإِذَا تَحَيَّلَ الْمُعْسِرُ مِنْهُمَا فِي نَفَقَتِهِ وَأَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مُدَّةَ التَّحَيُّلِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمُوسِرِ بِهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ لِأَنَّ الْخَلَّةَ قَدْ اسْتَدَّتْ وَزَالَ سَبَبُ وُجُوبِهَا مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ أَمَّا إنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِقَضِيَّةِ   [حاشية العدوي] تَجِبُ لِزَوْجَةِ الْأَبِ فَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً (ثُمَّ أَقُولُ) بِمَا قُلْنَا مِنْ الْأَبْحَاثِ يَظْهَرُ لَك صِحَّةَ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَخِلَافُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ يَلْزَمُهُ الثَّانِي التَّفْصِيلُ إنْ كَانَتْ الْأُمُّ قَدْ تَزَوَّجَتْهُ فَقِيرًا فَلَا يَجِبُ أَوْ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ فَيَجِبُ . (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ) أَيْ إذَا افْتَقَرَ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَيْ بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ افْتَقَرَ يَرْجِعُ فَيُنْفِقُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمَعْنَى فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا أَيْ وَهِيَ عِنْدَ زَوْجِهَا الْغَنِيِّ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَيْ بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْتِزَامِ نَفَقَتِهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجِهَا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ الْبِنْتُ) أَيْ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا بِفَقِيرٍ . (قَوْلُهُ أَوْ الْإِرْثُ) فَيُضَعَّفُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى إنْ كَانُوا كُلُّهُمْ صِغَارًا فِي مُدَّةِ صِغَرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا أَوْ صَارُوا كِبَارًا فَكَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى عَدَدِهِمْ كَذَا يُقَيَّدُ هَذَا الْقَوْلُ فَإِذَا كَانَ بَعْضٌ صِغَارًا وَبَعْضٌ كِبَارًا فَمَا نَابَ الصِّغَارَ فَعَلَى الْإِرْثِ وَمَا نَابَ الْكِبَارَ فَعَلَى الرُّءُوسِ كَذَا يَنْبَغِي أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ أَوْ الْيَسَارِ) أَيْ كَمَنْ لَهُ أَوْلَادٌ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهُمْ يَمْلِكُ ثَلَثَمِائَةٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ وَالْآخَرُ مِائَةً فَعَلَى صَاحِبِ الثَّلَثِمِائَةِ نِصْفُ النَّفَقَةِ وَصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ ثُلُثُهَا وَصَاحِبِ الْمِائَةِ سُدُسُهَا . (قَوْلُهُ لَا مَعَرَّةَ فِيهَا) أَيْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ابْنِهِ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ تَكْسُدُ صَنْعَتُهُ فَعَلَى الْأَبِ وَالْعِبْرَةُ فِي كُلِّ قَوْمٍ بِحَسَبِ عُرْفِهِمْ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَلَدُ الرَّقِيقُ فَعَلَى سَيِّدِهِ) وَانْظُرْ الْمُبَعَّضَ مَا حُكْمُ جُزْئِهِ الْحُرِّ إذَا عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَعْمَى) مَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ صَنْعَةً وَيُمْكِنُهُ تَعَاطِيهَا فِي حَالَةِ الْعَمَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَغَيْرِ الْأَعْمَى. (قَوْلُهُ أَوْ زَمَانَتُهُ) أَيْ ضَعْفُهُ فَعَطْفُهُ عَلَى الْعَجْزِ مُغَايِرٌ وَيُحْتَمَلُ مَا هُوَ أَعَمُّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا) أَيْ الْمُوسِرُ لَا الْفَقِيرُ فَتَسْتَمِرُّ فَلَا تَسْقُطُ. (قَوْلُهُ وَهِيَ مُطِيقَةٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَدَّعِي وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ إطَاقَتُهَا خِلَافًا لِقَوْلِ تت هُنَا بِشَرْطِ الْإِطَاقَةِ حَتَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَمُرَادُهُ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءٌ . (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ) أَيْ نَفَقَةُ الْقَرَابَةِ الشَّامِلَةِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِقَضِيَّةٍ) الْمُرَادُ بِالْقَضِيَّةِ قَوْلُهُ فُرِضَتْ وَقُدِّرَتْ فَإِنَّ فَرْضَهُ كَالْحُكْمِ بِهَا فَصَارَتْ كَالدَّيْنِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُوهِمُ قَصْرَهُ عَلَى الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ الْمُسَاوَاةِ) أَيْ الْإِعَانَةِ وَقَوْلُهُ وَسَدِّ الْخَلَّةِ بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ الْحَاجَةِ وَقَوْلُهُ وَزَالَ سَبَبُ وُجُوبِهَا أَيْ النَّفَقَةِ وَسَبَبُ وُجُوبِهَا هُوَ الْحَاجَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 الْحَاكِمِ كَالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ عَنْ الْمُوسِرِ مِنْهُمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ قَاصِدًا الرُّجُوعَ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ فَيَرْجِعُ بِهَا وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ كَحُكْمِ الْقَاضِي بِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لِلْمُنْفِقِ غَيْرِ مُتَبَرِّعٍ إلَّا إذَا وَقَعَ الْإِنْفَاقُ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا فَيَقْضِي بِهَا لَهُمَا أَوْ لِمَنْ أَنْفَقَ بَعْدَهَا عَلَيْهِمَا غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ لَكَانَ أَصْوَبَ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ (ص) وَاسْتَمَرَّتْ إنْ دَخَلَ زَمِنَةً ثُمَّ طَلَّقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُنْثَى إذَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَهِيَ زَمِنَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا زَمِنَةٌ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَسْتَمِرُّ عَلَى أَبِيهَا وَكَذَلِكَ تَعُودُ عَلَى الْأَبِ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ ثُمَّ ذَهَبَ وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلَ زَمِنَةً وَكَذَا تَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهَا إنْ رَشَّدَهَا وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِمْرَارِ الْعَوْدُ إذْ فِي مُدَّةِ زَوْجِيَّتِهَا نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا عَلَى الْأَبِ (ص) لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ (ش) أَيْ لَا إنْ تَزَوَّجَهَا صَغِيرَةً صَحِيحَةً ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَبِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ بَالِغَةً صَحِيحَةً قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ مِنْ غَيْرِ السُّؤَالِ ثَيِّبًا أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ بَعْدُ بَالِغَةً ثَيِّبًا فَلَا تَعُودُ نَفَقَتُهَا الَّتِي كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْأَبِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً أَيْ ثَيِّبًا صَحِيحَةً دَخَلَ بِهَا صَحِيحَةً أَوْ زَمِنَةً وَقَوْلُهُ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهَا عَادَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ قَبْلَهُ وَبِعِبَارَةٍ لَا إنْ عَادَتْ أَيْ ثَيِّبًا صَحِيحَةً دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً أَوْ صَحِيحَةً فَإِنْ عَادَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ عَادَتْ النَّفَقَةُ وَهَلْ إلَى بُلُوغِهَا أَوْ دُخُولِ زَوْجٍ قَوْلَانِ وَإِنْ عَادَتْ بِكْرًا أَعَادَتْ النَّفَقَةَ إلَى دُخُولِ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ أَيْ إذَا دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً ثُمَّ زَالَتْ الزَّمَانَةُ عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَالِغَةً ثُمَّ عَادَتْ الزَّمَانَةُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أُنْثَى تَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا إلَّا الْمُكَاتَبَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْأُمِّ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ الْيَتِيمِ الْفَقِيرِ وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي آخِرِ سُورَةِ الطَّلَاقِ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ دُونَ الْأُمِّ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَتَأْوِيلُهُ بِحَالِ عُسْرِ الْأَبِ نَحْوَ قَوْلِ التُّونُسِيِّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْأَبَ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا لَبَنَ لِلْأُمِّ أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْجِرَ لَهُ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ لِاتِّفَاقِنَا عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ لَا تَلْزَمُهَا فِي عُسْرِ الْأَبِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا لِبَانٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ طَلَبُهُ بِذِمَّتِهَا كَمَا تَلْزَمُهَا نَفَقَتُهُ انْتَهَى نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَفَقَةُ وَلَدِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ عَجْزُهُ عَنْهَا عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ أَوْلَادِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَيْهَا دُونَ سَيِّدِهِمْ إذَا دَخَلُوا مَعَهَا فِي كِتَابَتِهَا بِشَرْطٍ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِمْ أَوْ حَدَثُوا بَعْدَ الْكِتَابَةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَيَقْضِي بِهَا لَهُمَا) أَيْ لِلْوَالِدَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ أَنْفَقَ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ الْقَضِيَّةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى الْوَالِدَيْنِ (أَقُولُ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ سَاكِتًا عَمَّنْ أَنْفَقَ عَلَى الِابْنِ قَاصِدًا الرُّجُوعَ مِنْ غَيْرِ قَضِيَّةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْأَبِ وَلَا يَسَارِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَبٌ وَكَانَ مُوسِرًا وَقَصَدَ الرُّجُوعَ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ نَفَقَةِ الْأَبِ وَالِابْنِ قُلْت إنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ كَانَتْ سَاقِطَةً وَطَرَأَتْ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ الْأَصْلِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَوْ لَمْ يُصَوِّبْ الْمَتْنَ وَقَصَرَ قَوْلَهُ: أَوْ يُنْفِقُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ عَلَى خُصُوصِ الِابْنِ لِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّكَ تَقُولُ قَوْلُهُ: إلَّا لِقَضِيَّةٍ؛ عَامٌّ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُنْفِقُ قَاصِرٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَلَامُ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ فَلَا لَا تَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضِيَّةٍ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَيَقْضِي بِهَا لَهُمَا أَيْ بِخِلَافِ نَفَقَةٍ إلَخْ . (قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَّقَ) أَيْ أَوْ مَاتَ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِمْرَارِ الْعَوْدُ أَيْ فَتَجُوزُ عَنْ عَادَتْ بِاسْتَمَرَّتْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ إلَخْ وَالْمَجَازُ أَبْلَغُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ اسْتَمَرَّتْ زَمِنَةً فَلَمْ تَذْهَبْ . (قَوْلُهُ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ) أَيْ بِأَنْ تَزَوَّجَ بِهَا زَمِنَةً مَرِيضَةً ثُمَّ ذَهَبَتْ الزَّمَانَةُ ثُمَّ عَادَتْ. (قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا صَحِيحَةً أَوْ زَمِنَةً) هَذَا التَّعْبِيرُ يُخَالِفُ صَدْرَ حِلِّهِ. (قَوْلُهُ عَادَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ) هَذَا التَّعْمِيمُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ عِنْدَ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ) أَيْ ثَيِّبًا. (قَوْلُهُ أَوْ دُخُولِ زَوْجٍ قَوْلَانِ) الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عَادَتْ الزَّمَانَةُ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ ثَلَاثَةَ تَقَارِيرَ مَأْخُوذَةً مِنْ كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً فِيهِ تَقْرِيرٌ إنْ قَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَعُودُ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَاجِ فِيمَا إذَا تَأَيَّمَتْ بَالِغًا ثَيِّبًا صَحِيحَةً قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ لَا بِسُؤَالٍ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً وَفِيمَا إذَا تَأَيَّمَتْ ثَيِّبًا بَالِغَةً زَمِنَةً وَكَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا صَحِيحَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَيْضًا وَتَخَلَّلَ بَيْنَ الزَّمَانَتَيْنِ صِحَّةٌ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ تَعُودُ نَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَاجِ وَهَذَا عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ التَّتَّائِيِّ وَبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَشَيْخِنَا الْقَرَافِيِّ مِنْ أَنَّ مَنْ تَأَيَّمَتْ زَمِنَةً بَالِغًا ثَيِّبًا وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا صَحِيحَةً أَوْ زَمِنَةً وَتَخَلَّلَ بَيْنَ الزَّمَانَتَيْنِ صِحَّةٌ لَا تَعُودُ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ كَمَنْ تَأَيَّمَتْ بَالِغًا ثَيِّبًا صَحِيحَةً وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ مِنْ أَنَّهَا تَعُودُ عَلَى الْأَبِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إلَّا إذَا تَأَيَّمَتْ بَالِغًا ثَيِّبًا صَحِيحَةً قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ هَذَا: وَلَا تَعُودُ إنْ وُطِئَتْ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ مِنْهُ بَالِغَةً صَحِيحَةً قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ لَا بِسُؤَالٍ؛ لَأَفَادَ الْمُرَادَ مَعَ السَّلَامَةِ مِمَّا يَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ . (قَوْلُهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أُنْثَى) الْمُرَادُ خُصُوصُ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ وَتَأْوِيلُهُ) أَيْ تَأْوِيلُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ بِحَالِ عُسْرِ الْأَبِ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا فَعَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَكَأَنَّهُ قَالَ خِلَافًا لَهُ أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَخِلَافًا لِتَأْوِيلِهِ بِحَالِ عُسْرِ الْأَبِ وَقَوْلُهُ " نَحْوَ ": حَالٌ مِنْ تَأْوِيلٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ نَحْوَ إلَخْ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْعُسْرِ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ يُبَيِّنُ أَيْ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ مَا وَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ عَلَيْهَا الِاسْتِئْجَارَ وَقَوْلُهُ لِاتِّفَاقِنَا هَذَا الِاتِّفَاقُ يُخَالِفُ حَمْلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 فَدَخَلُوا بِغَيْرِ شَرْطٍ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُمْ مَعَهُمْ فِي الْكِتَابَةِ بِأَنْ كَانُوا أَحْرَارًا أَوْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى وَنَفَقَتُهَا هِيَ عَلَى زَوْجِهَا أَمَّا إنْ كَانَ الْأَبُ مَعَهُمْ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُمْ وَنَفَقَةَ أَوْلَادِهَا عَلَى أَبِيهِمْ فَلَوْ عَجَزَ الْأَبُ عَنْ نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ أَوْ عَنْ نَفَقَةِ أُمِّهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عَجْزًا لَهُ عَنْ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِرَقَبَتِهِ فَكَانَتْ كَالْجِنَايَةِ وَالنَّفَقَةُ شَرْطُهَا الْيَسَارُ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَيْسَ لَنَا أُنْثَى يَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا إلَّا الْمُكَاتَبَةَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَاسْتَأْجَرَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لِبَانٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِإِرْضَاعِهَا فَهُوَ كَالشَّرْطِ أَيْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ لَا مِنْ بَابِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَاءِ الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْهَا عَنْ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَكَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْكِتَابَةِ (ص) وَعَلَى الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ إرْضَاعُ وَلَدِهَا بِلَا أَجْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ الْمُتَزَوِّجَةَ بِأَبِي الطِّفْلِ يَلْزَمُهَا إرْضَاعُ وَلَدِهَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ أَجْرٍ وَكَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ (ص) إلَّا لِعُلُوِّ قَدْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا كَانَتْ عَالِيَةَ الْقَدْرِ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِاخْتِيَارٍ مِنْهَا فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ أَبَاهُ بِالْأُجْرَةِ وَمِثْلُ عَالِيَةِ الْقَدْرِ مَنْ حَصَلَ لَهَا قِلَّةُ لَبَنٍ أَوْ سَقَمٍ فَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَالِيَةِ الْمِقْدَارِ وَبِعِبَارَةٍ وَعُلُوُّ الْقَدْرِ بِالْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ (ص) كَالْبَائِنِ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا أَوْ يُعْدَمَ الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا بَائِنًا لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا وَأُجْرَةُ رَضَاعِهِ لَازِمَةٌ لِأَبِيهِ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الشَّرِيفَةِ وَالْبَائِنِ الْإِرْضَاعُ مَعَ إمْكَانِهِ مِنْهَا بِوُجُودِ اللَّبَنِ فِي ثَدْيِهَا وَتَجِبُ لِكُلٍّ الْأُجْرَةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ مَالِ الْأَبِ فَإِنْ أُعْدِمَ فَمِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الشَّرِيفَةِ أَوْ الْبَائِنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا لَكِنْ مَجَّانًا إذَا قَبِلَ غَيْرَهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا أَوْ مَيِّتًا وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ لَهُ مِنْهُ مَنْ يُرْضِعُهُ كَمَالِ الْأَبِ وَيُقَدَّمُ مَالُ الْأَبِ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا أَيْ الشَّرِيفَةِ الْقَدْرِ وَالْبَائِنُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ (ص) وَاسْتَأْجَرَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لِبَانٌ (ش) أَيْ وَاسْتَأْجَرَتْ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُ وَلَدِهَا مَجَّانًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لِبَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لَهَا وَلَا يَكْفِيهِ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ حَمَلَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ مَجَّانًا فَعَلَيْهَا خُلْفُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى الْأَبِ أَوْ الصَّبِيِّ إذَا أَيْسَرَ وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ إيرَادِ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَيْسَ لَنَا أُنْثَى يَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا وَقَوْلُنَا عَلَيْهَا إرْضَاعُ وَلَدِهَا مَجَّانًا يَشْمَلُ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَعَالِيَةَ الْقَدْرِ أَوْ الْبَائِنَ إنْ أَعْدَمَ الْأَبُ أَوْ مَاتَ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ خَصَّهُ بِعَالِيَةِ الْقَدْرِ وَالْبَائِنِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْأَبِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ لِقُصُورِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ لِعَارِضٍ تَسْتَأْجِرُ إذَا عُدِمَ   [حاشية العدوي] كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَلَى حَالَةِ الْعُسْرِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانُوا أَحْرَارًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا وَقَوْلُهُ فَلَوْ عَجَزَ الْأَبُ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ ضَمِيرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ عَجْزُهُ أَيْ عَجْزُ الْمُكَاتَبِ وَالْأَحْسَنُ مَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ عَجْزُهُ أَيْ عَجْزُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِتَابَةَ مَنُوطَةٌ بِرَقَبَتِهِ أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ فَكَانَتْ كَالْجَنَابَةِ أَيْ فِي التَّعَلُّقِ بِرَقَبَتِهِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ أَيْ إعَانَةٌ أَيْ وَلَا تَكُونُ الْإِعَانَةُ إلَّا بِالْيَسَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالرَّقَبَةِ وَالنَّفَقَةُ لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَا بَلْ أَمْرٌ خَارِجٌ مَنُوطٌ بِالْيَسَارِ فَلَمْ يَكُنْ الْعَجْزُ عَنْهَا عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالشَّرْطِ) وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا كَانَ بِالشَّرْطِ فَهُوَ لَيْسَ بِالْأَصَالَةِ أَيْ فَقَوْلُهُمْ إلَّا بِالْمُكَاتَبَةِ أَيْ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَكِنْ بِالشَّرْطِ وَقَوْلُهُ أَيْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُسَاوَاةِ أَيْ أَنَّ هَذَا الْإِرْضَاعَ لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ وَجَبَتْ بِجَرَيَانِ الْعُرْفِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ . (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِاخْتِيَارٍ مِنْهَا) لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَهَا وَلَهُ أَوْ لِأَبِيهِ مَالٌ لَهَا الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ عَالِيَةِ الْقَدْرِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الِاسْتِئْجَارُ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتَأْجَرَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَعُلُوُّ الْقَدْرِ بِالْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ) أَيْ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ بِشَرَفِ النَّسَبِ كَمَا أَفَادَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ إلَخْ) فِي عِبَارَةِ عب أَوْ يَمُوتُ مُعْدَمًا فَإِنْ مَاتَ مَلِيئًا أَخَذَتْ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ مَالُهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ مُعْدَمًا، وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ فَمِنْهُ. اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْأَبُ مَلِيئًا صَارَ الرَّضِيعُ وَارِثًا فَتَسْقُطُ أُجْرَةُ رَضَاعِهِ عَنْ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَالُ الْأَبِ إلَخْ) لَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ وَيُقَدَّمُ عَلَى مَالِ الْأَبِ وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ فِي قَوْلِهِ وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ ثُمَّ هَلْ مَالُ الْأَبِ أَوْ مَالُهَا تَأْوِيلَانِ مَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ وَإِلَّا قُدِّمَ بِاتِّفَاقٍ فَهَذَا صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي تَقْدِيمِ مَالِ الْوَلَدِ عَلَى مَالِ الْأَبِ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ شب وَنَصُّهُ وَلَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ أَوْ مَالِ أَبِيهِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ يَجْرِي فِيهَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ ثُمَّ هَلْ مَالُ الْأَبِ أَوْ مَالُهَا تَأْوِيلَانِ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ مَالَ الْوَلَدِ يُقَدَّمُ عَلَى مَالِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى إلَخْ) أَيْ عَلَى خِلَافِ الْأَغْلَبِ مِنْ رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 لِبَانُهَا فَأُولَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الرَّضَاعُ أَصَالَةً وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا عَيْبٌ يُؤَثِّرُ فِي اللَّبَنِ كَكَوْنِهَا حَمْقَاءَ أَوْ جَذْمَاءَ مِمَّا اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ فِي الظِّئْرِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهَا بِلِبَانٍ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِلَبَنٍ حَيْثُ قَالَ حُصُولُ لَبَنِ آدَمِيٍّ إلَخْ لِأَنَّهُ رَدَّ فِيمَا مَرَّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ لَا يُقَالُ فِيهِ الْأَلْبَانُ وَهُنَا وَافَقَهُ (ص) وَلَهَا إنْ قَبِلَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا عَلَى الْأَرْجَحِ فِي التَّأْوِيلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ الْغَيْرَ اللَّازِمَ لَهَا الرَّضَاعُ مِنْ شَرِيفَةِ قَدْرٍ أَوْ بَائِنٌ إذَا قَبِلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ مَالِ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي طَلَبِ الْأُجْرَةِ وَلَوْ وَجَدَ أَبُوهُ مَنْ يُرْضِعُ الْوَلَدَ عِنْدَ أُمِّهِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ مَجَّانًا لِأَنَّ الظِّئْرَ وَإِنْ كَانَتْ تُرْضِعُهُ عِنْدَ أُمِّهِ فَالظِّئْرُ هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُهُ بِالرَّضَاعِ وَالْمَبِيتِ وَذَلِكَ تَفْرِقَةٌ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا إنْ قَبِلَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَهَا لَا أُجْرَةَ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا الْأُجْرَةَ فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يُعْدَمَ الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ كَعَدَمِ قَبُولِهِ غَيْرَهَا وَلَهَا أُجْرَتُهَا كَأَنْ قَبِلَ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا لَسَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ الْمَذْكُورِ وَنُسْخَةُ عِنْدَهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ أَنْكَرَهَا ابْنُ غَازِي لِأَجْلِ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَرْجِيحُ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ عَلَى نُسْخَةِ التَّأْنِيثِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النَّفَقَاتِ الَّتِي مِنْ أَسْبَابِهَا الْقَرَابَةُ وَكَانَتْ خَاصَّةً بِالْأَبِ وَأَتْبَعَهَا بِالرَّضَاعِ الَّذِي هُوَ مِنْ فُرُوعِهِ وَكَانَا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ شَرَعَ فِي تَوَابِعِهَا وَهِيَ الْحَضَانَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُمَا وَغَيْرِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ مَحْصُولُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ حِفْظُ الْوَلَدِ فِي مَبِيتِهِ وَمُؤْنَةِ طَعَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَضْجَعِهِ وَتَنْظِيفِ جِسْمِهِ فَقَالَ (ص) وَحَضَانَةُ الذَّكَرِ لِلْبُلُوغِ وَالْأُنْثَى كَالنَّفَقَةِ لِلْأُمِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَضَانَةَ ثَابِتَةٌ وَكَائِنَةٌ لِلْأُمِّ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكِنَّ حَضَانَةَ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ وِلَادَتِهِ لِلْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا غَيْرَ زَمِنٍ وَإِنْ صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ وَالْأُنْثَى لِدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا وَلَا تَكْفِي الدَّعْوَةُ إلَى الدُّخُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا الْبُلُوغُ بِالْإِنْبَاتِ وَقَوْلُنَا " الْمُحَقَّقِ " احْتَرَزْنَا بِهِ عَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحَضَانَةِ مَا دَامَ مُشْكِلًا وَبِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ الدُّعَاءَ لِلدُّخُولِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَتُعْتَبَرُ   [حاشية العدوي] لَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَكَوْنِهَا حَمْقَاءَ) لِأَنَّ الْحَمْقَاءَ يَتَغَيَّرُ لَبَنُهَا عِنْدَ حَمَاقَتِهَا فَيُؤْذِي الْوَلَدَ. (قَوْلُهُ مِمَّا اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ فِي الظِّئْرِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَبَ وَإِلَّا فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ظِئْرٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَهُنَا وَافَقَهُ) أَيْ عَبَّرَ بِلَبَانٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ يُقَالُ لَهُ لِبَانٌ كَمَا يُقَالُ لَهُ لَبَنٌ . (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا إلَّا لِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا لَا لِقَوْلِهِ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ) تَقَدَّمَ الْبَحْثُ مَعَهُ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ. (قَوْلُهُ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ مَا ذُكِرَ هُنَا أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَازِمَةٌ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ فَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ دَوَامَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ عَلَيْهِ لِمُرَاعَاةِ وُسْعِهِ وَحَالُهَا بِخِلَافِ هَذِهِ. (قَوْلُهُ كَعَدَمِ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهَا إرْضَاعُهُ لَكِنْ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ لَا أُجْرَةَ لَهَا وَفِيمَا بَعْدَ الْكَافِ لَهَا الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ قَبِلَ غَيْرَهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عَلَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ [الْحَضَانَةُ] . (قَوْلُهُ وَكَانَتْ خَاصَّةً بِالْأَبِ) أَيْ كَانَتْ بِالْقَرَابَةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَسْبَابِ خَاصَّةً بِالْأَبِ اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الِابْنَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَالِدِهِ فَلَمْ تَكُنْ خَاصَّةً بِالْأَبِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْخُصُوصِ النِّسْبِيَّ أَيْ دُونَ الْأُمِّ (قَوْلُهُ مِنْ فُرُوعِهِ) الْأَوْلَى مِنْ فُرُوعِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّضَاعَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مِنْ فُرُوعِ النَّفَقَاتِ إنَّمَا هُوَ الرَّضَاعُ اللَّازِمُ لِلْأَبِ فَالْإِرْضَاعُ لِلطِّفْلِ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَكَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ أَيْ تَارَةً تُطْلَبُ مِنْ الْأَبِ وَتَارَةً تُطْلَبُ مِنْ الْأُمِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ فَطَلَبُهُ تَارَةً مِنْ الْأَبِ وَتَارَةً مِنْ الْأُمِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ النَّفَقَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ النَّفَقَاتِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَكَانَ مُشْتَرَكًا (الْحَضَانَةُ) . (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي تَوَابِعِهَا وَهِيَ الْحَضَانَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحَضَانَةَ مِنْ تَوَابِعِ النَّفَقَاتِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحَضَانَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فَمَا وَجْهُ كَوْنِهَا مِنْ تَوَابِعِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَابِعَةٌ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَلَى الْأَبِ. (قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاكِ كَوْنَهَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ كُلٍّ لَهَا وَلَوْ بِاعْتِبَارِ أَزْمَانٍ كَاشْتِرَاكِ الرَّضَاعِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهُ بِحَسَبِ زَمَنَيْنِ. (قَوْلُهُ هِيَ مَحْصُولُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحْصُولَ وَحَاصِلَ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَلَيْسَ مَحْصُولٌ اسْمَ مَفْعُولٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى صِيغَتِهِ وَأَنَّ عَادَةَ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرُهُ سَابِقًا بِتَعْرِيفٍ لِلْحَقِيقَةِ يَكْتَفِي بِهِ فَيَقُولُ مَثَلًا وَعَرَّفَهُ فُلَانٌ بِكَذَا وَلَا يَقُولُ مَحْصُولٌ وَلَا حَاصِلٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَمَّا كَانَ مُطَوَّلًا وَدَأْبُهُ الِاخْتِصَارُ أَتَى بِقَوْلِهِ مَحْصُولٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ هِيَ حِفْظُ شَأْنِ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ حَاصِلُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ كَذَا. (قَوْلُهُ ثَابِتَةٌ وَكَائِنَةٌ لِلْأُمِّ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِلْأُمِّ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَحَضَانَةٌ وَلَيْسَ الْخَبَرُ لِلْبُلُوغِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَوْصُولِ الْحَرْفِيِّ قَبْلَ كَمَالِ صِلَتِهِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَأُجِيبَ بِاغْتِفَارِ ذَلِكَ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَإِنَّمَا قُلْنَا يَلْزَمُ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ حَضَانَةً مُؤَوَّلٌ بِأَنْ وَالْفِعْلِ وَالْأَصْلُ أَنْ يَحْضُنَ الذَّكَرَ لِلْبُلُوغِ لِلْأُمِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ إذَا طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَأَمَّا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ فَالْحَضَانَةُ حَقٌّ لَهُمَا. (قَوْلُهُ لَكِنَّ حَضَانَةَ إلَخْ) حِلٌّ مَعْنًى لَا حِلٌّ إعْرَابٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 عَلِمْت مَا فِي التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَلَوْ أَمَةً عَتَقَ وَلَدُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِحُرٍّ فَطَلَّقَهَا وَمَعَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّ حَضَانَتَهُ لِأُمِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا أُعْتِقَ وَلَدُ الْأَمَةِ وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَطَلَّقَهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَظْعَنَ إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْأَبِ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهِ أَوْ يُرِيدَ الْأَبُ انْتِقَالًا إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْأُمِّ فَلَهُ أَخْذُهُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ أَمَةً مُتَزَوِّجَةً عَتَقَ وَلَدُهَا فَلَهَا حَضَانَتُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَمْ لَا وَفَرَضَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْأَبِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ وَنَصَّ عَلَى قَوْلِهِ عَتَقَ وَلَدُهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَحْضُنُ الْحُرَّ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) إلَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا مِنْ سَيِّدِهَا إذَا أَعْتَقَهَا أَوْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ إذَا عَتَقَ وَكَانَ مِنْ زَوْجِهَا فَلَهَا حَضَانَتُهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَعْتِقْ وَكَذَا وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ زَوْجِهَا وَلَمْ تُعْتَقْ وَأَمَّا وَلَدُهُمَا مِنْ سَيِّدِهِمَا فَلَهُمَا حَضَانَتُهُ إذَا أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ سَيِّدُهُمَا لَكِنْ إذَا مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ صَارَتْ حُرَّةً فَلَيْسَ فِيهِ حَضْنُ رَقِيقٍ لِحُرٍّ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَمَةً عَتَقَ وَلَدُهَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت هَذَا إذَا لَمْ يَتَسَرَّرْهَا السَّيِّدُ انْتَهَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّسَرُّرِ الْوَطْءُ لَا اتِّخَاذُهَا لِلْوَطْءِ (ص) وَلِلْأَبِ تَعَاهُدُهُ وَأَدَبُهُ لِلْمَكْتَبِ (ش) أَيْ وَلِلْوَلِيِّ تَعَاهُدُ الْمَحْضُونِ وَأَدَبُهُ وَبَعْثُهُ لِلْمُعَلِّمِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ أَبًا وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْأَبِ الْقِيَامَ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ وَبِخَتْنِهِ فِي دَارِهِ وَيُرْسِلُهُ لِلْأُمِّ وَأَنَّ الْبِنْتَ تُزَفُّ مِنْ بَيْتِ أُمِّهَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَبُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالْأَدَبِ التَّأْدِيبُ (ص) ثُمَّ أُمُّهَا ثُمَّ جَدَّةُ الْأُمِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْحَضَانَةِ بَعْدَ أُمِّ الطِّفْلِ إذَا تَزَوَّجَتْ أَوْ حَصَلَ لَهَا وَجْهٌ مُسْقِطٌ جَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّهِ لِأَنَّ شَفَقَتَهَا عَلَى وَلَدِ بِنْتِهَا كَشَفَقَةِ أُمِّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لِلْحَضَانَةِ وَمُسْتَحِقَّهَا هُوَ مَنْ كَانَتْ شَفَقَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ أَقْوَى مِنْ شَفَقَةِ غَيْرِهِ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّ قَرَابَاتِ الْأُمِّ أَشْفَقُ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ قَرَابَاتِ الْأَبِ مَا عَدَا أُمَّ الطِّفْلِ وَأُمَّهَا فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا أَشْفَقُ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ قَرَابَاتِ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَوْ كَانَتْ وَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فَإِنَّ الْحَقَّ فِي حَضَانَتِهِ يَنْتَقِلُ إلَى جَدَّةِ أُمِّهِ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ قَصْرَهُ عَلَى جَدَّةِ الْأُمِّ دِنْيَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ أَيْ ثُمَّ الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَيَشْمَلُ جِهَةَ الذُّكُورِ وَجِهَةَ الْإِنَاثِ لَكِنَّ جِهَةَ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الذُّكُورِ (ص) إنْ انْفَرَدَتْ بِالسُّكْنَى عَنْ أُمٍّ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي انْفَرَدَتْ يَعُودُ عَلَى جَدَّةِ الطِّفْلِ وَعَلَى جَدَّةِ أُمِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ إلَّا بِشَرْطِ انْفِرَادِهَا بِالسُّكْنَى بِالطِّفْلِ عَنْ أُمٍّ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِالتَّزْوِيجِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ الْحَضَانَةَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالسُّكْنَى عَنْ الَّتِي سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا (ص) ثُمَّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلِمْت مَا فِي التَّشْبِيهِ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَارَةً تَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَالْحَضَانَةُ مَعًا وَذَلِكَ إذَا حَصَلَ دُخُولٌ بِالْفِعْلِ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ مُوسِرٌ وَقَدْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَتَسْتَمِرُّ الْحَضَانَةُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا بَالِغًا وَدُعِيَ لِلدُّخُولِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْفِعْلِ وَقَدْ تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ وَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا وَلَوْ كَبِيرًا وَحَصَلَ دُخُولٌ . (قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ فَفِي شَرْحِ شب وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ إذَا طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا فَإِنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ سَوَاءٌ أَعَتَقَ وَلَدُهَا أَمْ لَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَقَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ إذَا عَتَقَ إلَخْ أَيْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا . (قَوْلُهُ إذَا أَعْتَقَهَا أَوْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَهَّمُ عَدَمَ الْحَضَانَةِ لَهَا حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُعْتَقْ إلَخْ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا عَتَقَتْ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً وَقَوْلُهُ وَأَمَّا وَلَدُهُمَا أَيْ وَلَدُ الْقِنَّةِ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَاتَ سَيِّدُهُمَا لَكِنَّ سَيِّدَ الْقِنِّ عَبْدٌ لَا حُرٌّ حَتَّى يَكُونَ حَمْلُهَا حُرًّا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَقَوْلُهُ لَكِنْ إذَا مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ الْعَبْدُ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَلَا تَصِيرُ حُرَّةً فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ تَعَاهُدُهُ) وَلَوْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لِلْمَكْتَبِ) وَالْمَكْتَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَوْ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْمُعَلِّمَةُ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَدَبِ التَّأْدِيبُ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ التَّأْدِيبُ (قَوْلُهُ أَنَّهُمَا أَشْفَقُ) بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ فَيَشْمَلُ إلَخْ) وَذَلِكَ بِالْإِتْيَانِ بِاللَّامِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ التَّشْبِيهِ الشَّامِلَةِ لَكِنْ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ لَكِنَّ الَّذِي بِمَعْنَى الشَّيْءِ لَا يُعْطَى حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ جِهَةَ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الذُّكُورِ) هَذَا الْكَلَامُ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ وَذَكَرَ عَجَّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ تُقَدَّمُ جَدَّةَ الْأُمِّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا عَلَى جَدَّتِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا وَلَوْ كَانَتْ الْجَدَّةُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ أَبْعَدَ أَوْ مَا لَمْ تَكُنْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ أَبْعَدَ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي الْحَطَّابِ ثُمَّ جَدَّةُ الْأُمِّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ جَدَّتَهَا لِأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ قَالَ فَإِنْ اجْتَمَعَتَا فَأُمُّ أُمِّهَا أَحَقُّ مِنْ أُمِّ أَبِيهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَأُمُّ أُمِّ أُمِّهَا أَوْ أُمُّ أُمِّ أَبِيهَا أَوْ أُمُّ أَبِي أَبِيهَا أَوْ أُمُّ أَبِي أُمِّهَا فَإِنْ اجْتَمَعَ الْأَرْبَعُ فَأُمُّ أُمِّ الْأُمِّ ثُمَّ أُمُّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمُّ أُمِّ الْأَبِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ أُمُّ أَبِي الْأَبِ وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أُمَّهَاتُهُنَّ مَا عَلَوْنَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَأُخْتُ الْأُمِّ الشَّقِيقَةُ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ انْفِرَادِهَا عَنْ أُمٍّ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي جَدَّةِ الطِّفْلِ وَأَمَّا جَدَّةُ أُمِّهِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى فَقْدِ جَدَّةِ الطِّفْلِ. (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ) لَا شَكَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ سُقُوطِ حَضَانَةِ الْأُمِّ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْحَنَانُ بِالْأَوْلَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 الْخَالَةُ ثُمَّ خَالَتُهَا ثُمَّ جَدَّةُ الْأَبِ (ش) يَعْنِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَوْ كَانَتْ وَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ خَالَةَ الطِّفْلِ أُخْتَ أُمِّهِ شَقِيقَةً أَوْ لِأُمٍّ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَعَلَيْهِ وَتُقَدَّمُ الْخَالَةُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الَّتِي لِلْأُمِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ خَالَةٌ أَوْ كَانَتْ وَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ خَالَةَ الْأُمِّ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَهِيَ أُخْتُ جَدَّةِ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ فَالضَّمِيرُ فِي خَالَتِهَا يَرْجِعُ لِأُمِّ الطِّفْلِ أَيْ بَعْدَ خَالَةِ الطِّفْلِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ أُمِّهِ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ فِي الْحَضَانَةِ لِخَالَةِ أُمِّهِ وَهِيَ أُخْتُ جَدَّتِهِ لِأُمِّهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فَإِرْجَاعُ الضَّمِيرِ لِلْأُمِّ الْبَعِيدَةِ الذِّكْرِ أَوْلَى مِنْ إرْجَاعِهِ لِلْخَالَةِ الْقَرِيبَةِ الذِّكْرِ لِأَنَّ خَالَةَ الْخَالَةِ قَدْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً لِلْمَحْضُونِ كَمَا لَوْ كَانَ خَالُهَا مِنْ أَبِيهَا وَأَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الْعَمَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَعَمَّةَ الْخَالَةِ وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ قِبَلَ الْجَدِّ لِلْأَبِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ خَالَتُهَا ثُمَّ عَمَّةُ الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْخَالَةِ ثُمَّ جَدَّةُ الْأَبِ أَيْ جَدَّةُ الْمَحْضُون مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَعَمُّ مِنْ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَتْ وَبِعِبَارَةٍ: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ قَصْرَهُ عَلَى جَدَّةِ الْأَبِ دِنْيَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ أَيْ الْجَدَّةُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَيَشْمَلَ جِهَةَ الذُّكُورِ وَجِهَةَ الْإِنَاثِ لَكِنَّ جِهَةَ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الذُّكُورِ (ص) ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأُخْتُ (ش) أَيْ ثُمَّ مَرْتَبَةُ الْأَبِ تَلِي مَرْتَبَةَ أُمِّهِ ثُمَّ مَرْتَبَةُ أُخْتِ الطِّفْلِ تَلِي مَرْتَبَةَ أَبِيهِ شَقِيقَةً ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ (ص) ثُمَّ الْعَمَّةُ (ش) أَيْ ثُمَّ مَرْتَبَةُ الْعَمَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَوَاءٌ كَانَتْ أُخْتَ الْأَبِ أَوْ أُخْتَ أَبِي الْأَبِ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ تَلِي مَرْتَبَةَ أُخْتِ الطِّفْلِ وَأَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الْخَالَةَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهِيَ بَعْدَ عَمَّةِ الْأَبِ وَسَوَاءٌ أُخْتُ أُمِّ الْأَبِ أَوْ أُخْتُ أُمِّ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَتْ فَحَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ ثُمَّ هَلْ إلَخْ (ص) ثُمَّ هَلْ بِنْتُ الْأَخِ أَوْ الْأُخْتِ أَوْ الْأَكْفَأُ مِنْهُنَّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَقْوَالٌ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ خَالَةٌ لِأَبِيهِ أَوْ كَانَتْ وَسَقَطَ حَقُّهَا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ قَامَ بِهَا فَقِيلَ بِنْتُ الْأَخِ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ وَقِيلَ بِنْتُ الْأُخْتِ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ الْقِيَاسُ هُمَا فِي الْمَرْتَبَةِ سَوَاءٌ يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ فَيَقْضِي لِأَحْرَزِهِمَا وَأَكْفَئِهِمَا أَيْ: مِنْ الْكِفَايَةِ لَا مِنْ الْمُكَافَأَةِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ الْأَشَدُّ كِفَايَةً بِقِيَامِ الصَّبِيِّ وَطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَمَضْجَعِهِ وَتَنْظِيفِ ثِيَابِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ اعْتِرَاضَاتٌ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) ثُمَّ الْوَصِيُّ (ش) أَيْ ثُمَّ مَرْتَبَةُ الْوَصِيِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَرْتَبَةِ الْعَصَبَةِ فِي الْإِنَاثِ الصِّغَارِ وَفِي الذُّكُورِ مُطْلَقًا وَلَهُ حَضَانَةُ الْإِنَاثِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ) أَيْ جَدَّةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهِيَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ خَالَةَ الْخَالَةِ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ خَالَتُهَا إذَا رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْخَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا خَالَةَ الْخَالَةِ أَنْ تَكُونَ خَالَةً لِلْأُمِّ كَمَا لَوْ كَانَتْ خَالَةُ الطِّفْلِ أُخْتَ أُمِّهِ مِنْ أَبِيهَا فَخَالَتُهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْأُمِّ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ قُلْنَا إنَّ الْأُخْتَ الَّتِي لِلْأَبِ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ أَنَّ خَالَةَ الطِّفْلِ أُخْتُ أُمِّهِ لِأَبِيهِ لَا تَسْتَحِقُّ وَحَمَلْنَا الْمُصَنِّفَ عَلَى خَالَةِ الطِّفْلِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِلْأُمِّ فَإِنَّ الضَّمِيرَ يَصِحُّ سَوَاءٌ رَجَّعْته لِلْأُمِّ أَوْ الْخَالَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا خَالَةَ الْخَالَةِ أَنْ تَكُونَ خَالَةً لِلطِّفْلِ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ خَالَهَا مِنْ أَبِيهَا الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا لَوْ كَانَتْ خَالَتُهُ أُخْتَ أُمِّهِ مِنْ أَبِيهَا أَيْ فَخَالَتُهَا لَيْسَتْ خَالَةً لِأُمِّ الطِّفْلِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَتَقَدُّمُ الْخَالَةُ الشَّقِيقَةِ عَلَى الَّتِي لِلْأُمِّ يُؤْذَنُ بِأَنَّ الْخَالَةَ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا حَضَانَةَ لَهَا كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ) أَيْ مَصْدُوقُهُمَا ذَاتٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَالَةُ أُخْتَ الْأُمِّ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ عَمَّةُ الْخَالَةِ عَمَّةَ الْأُمِّ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْخَالَةُ أُخْتَ الْأُمِّ مِنْ أُمِّهَا فَلَيْسَتْ عَمَّةُ الْخَالَةِ عَمَّةً لِلْأُمِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ إنَّهُ حَيْثُ كَانَ مَصْدُوقُهُمَا وَاحِدًا فَكَانَ الْأَحْسَنُ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَاهُمَا. (قَوْلُهُ لَكِنَّ جِهَةَ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ) وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاءُ جِهَةِ الْإِنَاثِ فِي الْمَرْتَبَةِ وَكَذَا جِهَةُ الذُّكُورِ وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ تَلِي أُمَّهُ) أَيْ أُمَّ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ أُخْتَ إلَخْ) وَأُخْتُ الْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أُخْتِ أَبِي الْأَبِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ أُخْتَ الْأَبِ أَوْ أُخْتَ إلَخْ) الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَأَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الْخَالَةَ) بِهَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الْعَمَّةَ إلَخْ تَعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ احْتِبَاكًا فَذَكَرَ هُنَا الْعَمَّةَ الشَّامِلَةَ لِعَمَّةِ الطِّفْلِ وَلِعَمَّةِ أَبِيهِ وَأَسْقَطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا بَعْدَهَا خَالَةَ الْأَبِ وَذَكَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ الْخَالَةَ وَخَالَةَ الْأُمِّ وَأَسْقَطَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا بَعْدَهَا عَمَّةَ الْأُمِّ . (قَوْلُهُ ثُمَّ هَلْ بِنْتُ الْأَخِ) مُفَادُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُهُ. (قَوْلُهُ فَقِيلَ بِنْتٌ إلَخْ) الَّذِي يَنْبَغِي قَصْرُهُ عَلَى بِنْتِ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ أَوْ الْأُخْتَ لِلْأَبِ لَا حَضَانَةَ لَهُمَا فَبِنْتَاهُمَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَكْفَئِهِمَا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَحْرَزِهِمَا. (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْمُكَافَأَةِ) أَيْ الْمُسَاوَاةِ. (قَوْلُهُ اعْتِرَاضَاتٌ) أَحَدُهَا أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ أَوْ الْكَفْأَى إذْ تِلْوُ أَلْ طِبْقُ الثَّانِي جَمْعُهُ بَيْنَ أَلْ وَمِنْ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَفْضُولِ وَهُوَ شَاذٌّ الثَّالِثُ جَمْعُهُ مِنْهُنَّ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ شَيْئَانِ وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَوْصُوفَ الشَّخْصُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مِنْ لَيْسَتْ دَاخِلَةً عَلَى الْمَفْضُولِ بَلْ هِيَ لِلتَّبْعِيضِ وَهِيَ وَمُتَعَلَّقُهَا حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ بَعْضَهُنَّ أَوْ أَنَّ أَلْ زَائِدَةٌ أَوْ أَنَّ مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ مُجَرَّدٍ مِنْ أَلْ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ الْكَفْأَى كُفْءٌ مِنْهُنَّ وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ الْجَمْعَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ تَأَمَّلْ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بِأَنَّ حَقَّهُ التَّعْبِيرُ بِتَرَدُّدٍ (قَوْلُهُ: مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَرْتَبَةِ الْعَصَبَةِ) أَيْ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى مَرْتَبَةِ الْوَصِيِّ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ إنَاثٌ وَلَيْسَ فِيهِنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 الْكِبَارِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَوَاتُ مَحَارِمِ فَهَلْ لَهُ الْحَقُّ فِي حَضَانَتِهِنَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافًا فِي حَالٍ فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الشَّفَقَةِ فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا فَلَا وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْوَصِيِّ مَا يَشْمَلُ مُقَدَّمَ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَصِيَّ الْوَصِيِّ كَهُوَ وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَوْلِيَاءِ النِّكَاحِ (ص) ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ لَا جَدٌّ لِأُمٍّ وَاخْتَارَ خِلَافَهُ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ قَبْلَهُ أَوْ كَانَ وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْحَضَانَةِ فَإِنَّ الْأَخَ مُقَدَّمٌ وَيَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَيُقَدَّمُ الشَّقِيقُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي ثُمَّ بَعْدَ الْأَخِ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ ثُمَّ بَعْدَهُ ابْنُ الْأَخِ ثُمَّ بَعْدَهُ عَمُّ الْمَحْضُونِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَابْنُ عَمِّ الْمَحْضُونِ وَأَمَّا الْجَدُّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ خِلَافَ هَذَا وَأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ لِأَنَّ لَهُ حَنَانًا وَشَفَقَةً وَتُغَلَّظُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمُوا الْأَخَ لِلْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْعَمَّ مَعَ عُصُوبَتِهِمَا (ش) عَلَى الْمَوْلَى الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلِ (ش) أَيْ ثُمَّ يَلِي مَرْتَبَةَ الْعَمِّ وَابْنَهُ وَهُمَا آخِرُ عَصَبَةِ النَّسَبِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَهُوَ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَعَصَبَتُهُ مِنْ مَوَالِي النَّسَبِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَصُورَتُهُ إنْسَانٌ انْتَقَلَ إلَيْهِ حَضَانَةٌ وَهُوَ مَوْلًى أَعْلَى فَوُجِدَ قَدْ مَاتَ وَلَهُ عَتِيقٌ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَنْتَقِلُ لِعَتِيقِهِ وَانْظُرْ هَلْ لِعَصَبَةِ الْأَسْفَلِ نَسَبًا حَضَانَةٌ أَمْ لَا (ص) وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ فِي الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ مِنْ مَرَاتِبِ الْحَضَانَةِ الشَّقِيقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى يُقَدَّمُ فِيهَا عَلَى الَّذِي لِلْأُمِّ وَيُقَدَّمُ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَقْرَبُ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَهُ مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنْهُ مَرْتَبَةً وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلسُّلْطَانِ وَقَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ أَيْ فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ الَّتِي يَدْخُلُهَا الشِّقَاقَةُ وَعَدَمُهَا احْتِرَازًا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَنَحْوِهِمْ (ص) وَفِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِالصِّيَانَةِ وَالشَّفَقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّقِيقَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَرْتَبَةُ فَإِنْ اتَّحَدَتْ كَمُعْتَقَيْنِ وَعَمَّيْنِ مَثَلًا فَيُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَقْوَى شَفَقَةً وَحَنَانًا عَلَى الْمَحْضُونِ وَيُقَدَّمُ الْأَسَنُّ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّبْرِ وَالرِّفْقِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا صِيَانَةٌ وَفِي الْآخَرِ شَفَقَةٌ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ ذِي الشَّفَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الرَّجْرَاجِيِّ وَلَمَّا كَانَتْ الْحَضَانَةُ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ تَفْتَقِرُ إلَى وُفُورِ الصَّبْرِ عَلَى الْأَطْفَالِ فِي كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَالتَّضَجُّرِ مِنْ الْهَيْئَاتِ الْعَارِضَةِ لِلصِّبْيَانِ وَمَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَالرِّقَّةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الرِّفْقِ بِالْمَحْضُونِ فَلِذَلِكَ فُرِضَتْ عَلَى النِّسَاءِ لِأَنَّ عُلُوَّ هِمَّةِ الرِّجَالِ تَمْنَعُهُمْ الِانْسِلَاكَ فِي أَطْوَارِ الصِّبْيَانِ   [حاشية العدوي] ذَكَرٌ سِوَى أَبَى الْمَحْضُونِ وَجَمِيعُ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْوَصِيِّ كُلُّهُمْ ذُكُورٌ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ مَرْتَبَةُ الْوَصِيِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَرْتَبَةِ الْعَصَبَةِ. (قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ حَقٌّ فِي حَضَانَتِهِنَّ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُرَجَّحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافًا فِي حَالٍ أَيْ صِفَةٍ أَيْ خِلَافًا مَبْنِيًّا عَلَى حَالٍ وَصِفَةٍ . (قَوْلُهُ لَا جَدٌّ لِأُمٍّ) هَذَا كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ قَاعِدَتُهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ أَرْجَحُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ خِلَافَهُ) عَلَى هَذَا فَمَرْتَبَتُهُ تَلِي الْجَدَّ لِلْأَبِ أَيْ فَيَكُونُ بَيْنَ الْأَخِ وَابْنِهِ وَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ دِنْيَةً أَوْ وَلَوْ بَعُدَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الْأَخِ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ) تَرَدَّدَ ابْنُ رُشْدٍ هَلْ الْمُرَادُ الْجَدُّ دِنْيَةً أَوْ وَلَوْ عَلَا وَاسْتَظْهَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَخِ الْجَدُّ وَأَمَّا ابْنُ الْأَخِ فَبَعْدَ الْجَدِّ قَالَ عج بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءٍ جِنَازَةٍ ... نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قَدِّمْ وَعَقْلٌ وَوَسَطُهُ بِبَابِ حَضَانَةٍ ... وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ وَالْعَقْلُ الدِّيَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَمِّ وَابْنِهِ دِنْيَةً أَوْ وَلَوْ بَعُدَ وَمَعْلُومٌ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ. (قَوْلُهُ تُغَلَّظُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا يَأْتِي . (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتِقُ) أَيْ الذَّكَرُ أَيْ الْمُعْتِقُ لِلْمَحْضُونِ إذْ لَا حَضَانَةَ لِمَوْلَاةِ النِّعْمَةِ إذْ لَا تَعْصِيبَ فِيهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَيْ قِيَاسًا عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَعَصَبَتُهُ مِنْ مَوَالِي النَّسَبِ) الْأَحْسَنُ حَذْفُ قَوْلِهِ مَوَالِي وَكَانَ يَقُولُ وَعَصَبَتُهُ مِنْ النَّسَبِ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَصَبَتُهُ نَسَبًا ثُمَّ وَلَاءً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى الْأَعْلَى فِي ذَلِكَ إذْ لَا رَحِمَ لَهُ وَعَلَى قَوْلِهِ فَلَا حَقَّ لِلْأَسْفَلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَهْرَامُ (قَوْلُهُ لِلْأُمِّ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ الْمَنْسُوبُ لِلْأُمِّ مِنْ حَيْثُ الْأُخُوَّةُ أَوْ الْعُمُومَةُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ) أَيْ الَّذِي لِلْأُمِّ يُقَدَّمُ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَقْرَبُ) وَهُوَ الشَّقِيقُ انْتَقَلَ لِلْأَبْعَدِ وَهُوَ مَا بَعْدَ الشَّقِيقِ وَقِسْ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأَخِ لِلْأَبِ وَلَا الْأُخْتِ لِلْأَبِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلسُّلْطَانِ) الظَّاهِرُ مَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَإِذَا تَعَذَّرَ فَيُقَدِّمُ السُّلْطَانُ مَنْ يَحْضُنُهَا. (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ فِي هَؤُلَاءِ قُدِّمَ الشَّقِيقُ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَهُوَ وَقُدِّمَ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ بِالشَّفَقَةِ وَفِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِالصِّيَانَةِ، وَالصِّيَانَةُ غَيْرُ الشَّفَقَةِ فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ فَالْمُرَادُ بِأَحَدِهِمَا . (قَوْلُهُ وُفُورِ الصَّبْرِ) أَيْ عِظَمِ الصَّبْرِ. (قَوْلُهُ فِي كَثْرَةِ الْبُكَاءِ) أَيْ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ (قَوْلُهُ وَالتَّضَجُّرُ) أَيْ تَضَجُّرِ الْحَاضِنِ وَقَوْلُهُ (مِنْ الْهَيْئَاتِ) أَيْ الْأَحْوَالِ الْعَارِضَةِ لِلصِّبْيَانِ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَمَزِيدِ الشَّفَقَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى وُفُورِ. (قَوْلُهُ وَالرِّقَّةُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ. (قَوْلُهُ تَمْنَعُهُمْ الِانْسِلَاكَ) أَيْ الدُّخُولَ وَقَوْلُهُ فِي أَطْوَارِ أَيْ أَحْوَالِ الصِّبْيَانِ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَغَيْرِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 وَمَا يَلِيقُ بِهِمْ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَمُلَابَسَةِ الْأَقْذَارِ وَتَحَمُّلِ الدَّنَاءَةِ انْتَهَى شَرَعَ فِي صِفَاتِهَا الْمُحَصِّلَةِ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ (ش) أَيْ وَشَرْطُ الشَّخْصِ الْحَاضِنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْعَقْلُ فَلَا حَقَّ فِي الْحَضَانَةِ لِمَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ وَلَا لِمَنْ بِهِ طَيْشٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى فِي قَوْلِهِ لَا كَمُسِنَّةٍ لِكَوْنِهَا الْأَصْلَ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ شُرُوطٌ أَوَّلُهَا الْعَقْلُ إلَخْ وَ " مَنْ " مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوْ كَانَ مُسِنًّا عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ فِيهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْعَمَى وَالْخَرَسَ وَالصَّمَمَ وَمِنْ شَرْطِ الْحَاضِنِ أَيْضًا عَدَمُ الْقَسْوَةِ فَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْأَبْعَدُ وَالْأَجْنَبِيُّ (ص) وَالْكِفَايَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْقِيَامِ بِالطِّفْلِ وَبِأُمُورِهِ فَالْعَاجِزُ لَا يَكُونُ حَاضِنًا وَلِهَذَا قَالَ (لَا كَمُسِنَّةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَلَغَتْ مِنْ السِّنِّ مَا لَا تَقُومُ مَعَهُ بِأُمُورِ الْمَحْضُونِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ كَبِنْتِ سِتِّينَ سَنَةً فَصَاعِدًا فَإِنَّ حَقَّهَا يَسْقُطُ فَقَوْلُهُ لَا كَمُسِنَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ ثَبَتَتْ الْحَضَانَةُ لِلْقَادِرِ لَا كَمُسِنَّةٍ أَيْ أَقْعَدَهَا السِّنُّ وَإِلَّا فَلَهَا الْحَضَانَةُ وَقَوْلُهُ لَا كَمُسِنَّةٍ أَيْ نَفْسٍ مُسِنَّةٍ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ (ص) وَحِرْزُ الْمَكَانِ فِي الْبِنْتِ يُخَافُ عَلَيْهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْحَاضِنِ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ الَّذِي يَسْكُنُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِنْتِ حِرْزًا مَصُونًا كَأَنْ يَخْشَى عَلَى الْبِنْتِ الْفَسَادَ فَالصَّبِيُّ وَالْبِنْتُ الَّتِي لَمْ يَبْلُغَا سِنًّا يَخَافُ عَلَيْهِمَا الْفَسَادُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ قَوْلُهُ يُخَافُ عَلَيْهَا حَالٌ مِنْ الْبِنْتِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَارِنَةً وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَدَّرَةً مُنْتَظِرَةً وَقَوْلُهُ يَخَافُ عَلَيْهَا أَيْ الْفَسَادَ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ، أَوْ سَرِقَةَ مَالِهَا مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ حَيْثُ يَخَافُ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَقْرَأَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا وَآخِرًا (ص) وَالْأَمَانَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَلَوْ كَانَ أَبًا أَوْ أُمًّا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ فَرُبَّ أَبٍ شِرِّيبٍ يَذْهَبُ يَشْرَبُ وَيَتْرُكُ ابْنَتَهُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ الْأَبْعَدُ (ص) وَأَثْبَتَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَأَنَّهُ يُخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهُ الْفَسَادُ وَقَالَ الْحَاضِنُ بَلْ أَنَا مَأْمُونٌ وَمِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ وَالصِّيَانَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَارَ مُدَّعِيًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مِنْ التَّكَلُّفِ) تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ فِي الْقِيَامِ بِشَأْنِهِنَّ. (قَوْلُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ) أَيْ مُعَامَلَاتِ الْحَاضِنِ لِلْمَحْضُونِ فِي حِفْظِ شَأْنِهِ وَقَوْلُهُ وَمُلَابَسَةُ الْأَقْذَارِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَامَلَاتِ (قَوْله وَتَحَمُّلِ الدَّنَاءَةِ) هِيَ مُلَابَسَةُ الْأَقْذَارِ. (قَوْلُهُ الْمُحَصِّلَةِ لِذَلِكَ) أَيْ لِوُفُورِ الصَّبْرِ. (قَوْلُهُ لِمَنْ بِهِ طَيْشٌ) أَيْ عِنْدَهُ خِفَّةُ عَقْلٍ تَحْمِلُهُ عَلَى التَّعَسُّفِ فِي الْأُمُورِ وَارْتِكَابِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي. (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ وَبِهَذَا التَّعْمِيمِ الْمُؤَيِّدِ لِمَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَبِقَوْلِنَا وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ سَقَطَ مَا قِيلَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إذَا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْكِفَايَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ وَالْكِفَايَةُ فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ الْكِفَايَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُنْثَى لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا كَمُسِنَّةٍ وَأَمَّا الذَّكَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ تَصِحُّ مِنْهُ الْحَضَانَةُ وَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ شَرْطَ الْكِفَايَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ الْجَوَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلذَّكَرِ الْمُسِنِّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي اللُّبَابِ وَلَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ شَارِحِنَا اعْتِمَادُ خِلَافِهِ وَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْأُنْثَى الْمُسِنَّةِ وَالرَّجُلِ الْمُسِنِّ لَا حَضَانَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ قَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ شُرُوطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِفَقْدِهَا ضَرَرٌ بِالْمَحْضُونِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ بِفَقْدِهَا ضَرَرُ الْمَحْضُونِ فَهِيَ شُرُوطٌ لِمُبَاشَرَةِ الْحَضَانَةِ فَالْمَجْذُومُ وَنَحْوُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَلَوْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لَهَا عِنْدَهُ غَيْرَهُ لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِهِ بِالْمَحْضُونِ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ وَأَمَّا الْمُسِنُّ الَّذِي لَهُ مَنْ يَحْضُنُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوْ كَانَ مُسِنًّا إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَالْأُنْثَى إذَا كَانَتْ مُسِنَّةً تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إلَّا أَنَّكَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدَ كَلَامَ الشَّارِحِ صَحِيحًا وَذَلِكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْحَاضِنَةِ الْأُنْثَى أَنَّهَا الَّتِي تُبَاشِرُ الصَّبِيَّ وَقَدْ اشْتَرَطْنَا فِي الذَّكَرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الذَّكَرُ فِيهِ الْكِفَايَةُ بَلْ وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا لِأَنَّ الْحَاضِنَ حَقِيقَةً الْمَرْأَةُ الَّتِي تَحْضُنُ. (قَوْلُهُ أَيْ نَفْسٌ مُسِنَّةٌ) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى نَسَقِ أَنَّهُ جَوَابٌ ثَانٍ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَقُولَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى أُنْثَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا كَمُسِنَّةٍ أَيْ نَفْسٍ مُسِنَّةٍ فَتَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إلَّا إذَا بَلَغَا حَدَّ الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَدَّرَةً مُنْتَظِرَةً) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا قُلْنَاهُ مِنْ الْمَعْنَى لَا تَكُونُ الْحَالُ إلَّا مُقَارِنَةً وَقَوْلُهُ إذَا بَلَغَتْ إلَخْ هَذَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ حَالًا مُنْتَظِرَةً وَمُقَدَّرَةً هُوَ مَعْنَى مُنْتَظِرَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةَ مَالِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْفَسَادِ . (قَوْلُهُ وَالْأَمَانَةُ) أَيْ فِي الدِّينِ فَقَطْ لَا لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَتَهَا لِئَلَّا يَصِيرَ قَوْلُهُ وَرُشْدٌ ضَائِعًا (قَوْلُهُ شِرِّيبٍ) أَيْ كَثِيرِ شُرْبِ الْخَمْرِ. (قَوْلُهُ وَأَثْبَتَهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ الْأَمَانَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُ ذَهَبَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الْوَاجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَمَانَةِ فَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِهَا حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ الْأَمَانَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُدَّعِيًا) أَيْ مُدَّعِيًا لِلْأَمَانَةِ وَقَوْلُهُ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَيْ لِأَجْلِ الْجَرَيَانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ هِيَ مِنْ شَأْنِ الْمُدَّعِي أَنْ يَثْبُتَ مَا ادَّعَاهُ وَقَوْلُهُ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ وَلَوْ أَرَادَ جَمِيعَ شُرُوطِ الْحَضَانَةِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَأَخَّرَهُ عَنْ الْجَمِيعِ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ جَمِيعُ الشُّرُوطِ أَيْ يَثْبُتُ كُلُّ شَرْطٍ نُوزِعَ فِيهِ مِنْهَا (ص) وَعَدَمُ كَجُذَامٍ مُضِرٍّ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ أَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنْ الْبَرَصِ الْمُضِرِّ بِالْمَحْضُونِ وَأَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنْ الْجُذَامِ الْمُضِرِّ بِالْمَحْضُونِ فَخَفِيفُهُمَا لَا يَمْنَعُ وَبِعِبَارَةٍ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبَرَصَ الْمُضِرَّ وَالْجَرَبَ الدَّامِيَ وَالْحِكَّةَ وَذَكَرَ صَاحِبُ اللُّبَابِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَجُذَامٍ جَمِيعُ الْعَاهَاتِ الَّتِي يُخْشَى حُدُوثُ مِثْلِهَا بِالْوَلَدِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَعَدَمُ كَجُذَامٍ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بِالْمَحْضُونِ ذَلِكَ أَيْضًا إذْ قَدْ يَحْصُلُ بِانْضِمَامِهِمَا زِيَادَةٌ فِي جُذَامِ الْمَحْضُونِ وَبَرَصِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْعُيُوبِ مَا يُفِيدُهُ (ص) وَرُشْدٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ وَعَطَفَ عَلَيْهِ إذْ يَصِحُّ عَطْفُ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ أَيْضًا رُشْدٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لِأَنَّهُ كَالْبَالِغِ فِي أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ لَهُ حِفْظٌ وَيَكُونُ مَنْ يَحْضُنُهُ يَحْضُنُ مَعَهُ الْمَحْضُونَ الصَّغِيرَ وَلِهَذَا نَكَّرَهُ وَلَمْ يَعْطِفْهُ مُعَرَّفًا كَالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ الْعَجْمَاوِيِّ كَانَ الْأَوْلَى تَعْرِيفَهُ كَالشُّرُوطِ الَّتِي قَبْلَهُ لِئَلَّا يَسْبِقَ لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى كَجُذَامٍ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ (ص) لَا إسْلَامٌ وَضُمَّتْ إنْ خِيفَ لِمُسْلِمَيْنِ وَإِنْ مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلذِّمِّيَّةِ إذَا طَلَقَتْ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ يُسْلِمُ زَوْجُهَا وَتَأْبَى هِيَ مِنْ الْإِسْلَامِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْحَضَانَةِ مَا لِلْمُسْلِمَةِ إنْ كَانَتْ فِي حِرْزٍ وَتُؤْمَنُ أَنْ تُغَذِّيَهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَإِنْ خِيفَ أَنْ تَفْعَلَ مَعَهُمْ ذَلِكَ ضُمَّتْ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُنْتَزَعُونَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْجَارِيَةُ وَتَكُونَ عِنْدَهَا فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَبِعِبَارَةٍ وَضُمَّتْ أَيْ الْحَاضِنَةُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ أَوْ الْعُرُوضِ كَأَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ جَدًّا مَثَلًا وَعِنْدَهُ أُنْثَى تَحْضُنُ فَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ الْحَضَانَةُ إلَّا لِلْأُنْثَى لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلذَّكَرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ مِنْ الْإِنَاثِ وَبِهَذَا سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ (ص) وَلِلذَّكَرِ مَنْ يَحْضُنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ إذَا كَانَ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَهْلٌ يَتَوَلَّوْنَ الْمَحْضُونَ مِنْ سُرِّيَّةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ بِذَلِكَ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَا يَصِيرُ عَلَى مَا تَصِيرُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنْ أَحْوَالِ الْأَطْفَالِ كَمَا مَرَّ   [حاشية العدوي] أَنْ يُثْبِتَ إلَخْ أَيْ إنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ ادَّعَى خِلَافَ الظَّاهِرِ وَمُدَّعِي الْأَمَانَةِ مُدَّعِي خِلَافِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ) هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي عب وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْأَمَانَةُ مَا لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِهَا فَيَكُونُ الْأَصْلُ فِيهِمْ الْجُرْحَةَ فَعَلَيْهِمْ إثْبَاتُهَا. (قَوْلُهُ أَيْ يَثْبُتُ كُلُّ شَرْطٍ نُوزِعَ فِيهِ) أَيْ إلَّا الْعَقْلَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ إنْ نُوزِعَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ مُضِرٍّ) أَيْ رُؤْيَتُهُ أَوْ رِيحُهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِهِ بِالْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ وَالْجَرَبُ الدَّامِي وَالْحَكَّةُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْجَرَبَ يُدْمِي وَالْحَكَّةَ لَا تُدْمِي. اهـ. (أَقُولُ) فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ الدَّامِي وَصْفًا كَاشِفًا. (قَوْلُهُ جَمِيعُ الْعَاهَاتِ) الشَّامِلَةِ لِلْبَرَصِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ يُخْشَى حُدُوثُهَا بِالطِّفْلِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا نَوْعٌ مِنْهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرُّشْدَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ الْبُلُوغِ الثَّانِي حِفْظُ الْمَالِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا نَوْعٌ مَخْصُوصٌ الَّذِي هُوَ حِفْظُ الْمَالِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ وَالْمُرَادُ أَيُّ نَوْعٍ وُجِدَ كَفَى لَصَحَّ الْمَعْنَى ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الرُّشْدَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ وَالْمُرَادُ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ فَقَطْ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الرُّشْدُ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ الْبُلُوغِ أَيْ بِحَسَبِ الْأَغْلَبِ وَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ لَحُمِلَ الرُّشْدُ عَلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ الْبُلُوغِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ حِفْظٌ) أَيْ لِلْمَالِ وَقَوْلُهُ يَحْضُنُ أَيْ أَنَّ الذَّكَرَ الْبَالِغَ يَحْضُنُ الْمَحْضُونَ الصَّغِيرَ مَعَ حَضَانَتِهِ لِلصَّغِيرِ ذِي الْحِفْظِ فَيَكُونُ الْأَعْلَى وَالْمُتَوَسِّطُ مُشْتَرَكَيْنِ فِي حَضَانَةِ الْأَسْفَلِ فَحَضَانَةُ الْكَبِيرِ مِنْ حَيْثُ الْحِفْظُ لِلذَّاتِ وَالصَّغِيرُ مِنْ حَيْثُ حِفْظُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ نَوْعٌ مِنْ الرُّشْدِ. (تَنْبِيهٌ) : شَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأُنْثَى فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الرُّشْدُ فَلَا حَضَانَةَ لِسَفِيهَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ فَإِنَّهُ يَحْضُنُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَلَا حَضَانَةَ لَهُ . (قَوْلُهُ وَضَمَّتْ إنْ خِيفَ) أَيْ الضَّمُّ وَقْتَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ وَالْجَمْعُ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ يَكْفِي أَنْ يَضُمَّ لِمُسْلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَجُوسِيَّةً) مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ لَا فِي الضَّمِّ إذْ لَا تَأْتِي الْمُبَالَغَةُ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْأُمِّ الْحَضَانَةُ وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً. (قَوْلُهُ مِنْ الْحَضَانَةِ) بَيَانٌ لِمَا مِنْ تَقْدِيمِ الْبَيَانِ عَلَى الْمُبَيَّنِ بِفَتْحِ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْجَارِيَةُ) أَيْ تَبْلُغَ حَدَّ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَضُمَّتْ بِأَنَّ الْأَوْلَى وَضُمَّ؛ الْحَاضِنُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَأَجَابَ تت بِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ جَوَابِ شَارِحِنَا أَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ بِالنَّظَرِ لَأَنْ يُرَادَ الْحَاضِنَةَ أَصَالَةً أَوْ عُرُوضًا وَهِيَ النَّائِبَةُ عَنْ الذِّكْرِ كَأَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ جِدًّا وَعِنْدَهُ أُنْثَى إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ الْمُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ إلَخْ . (قَوْلُهُ وَلِلذَّكَرِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَشُرِطَ لِلْحَاضِنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْعَقْلُ وَشَرْطُهُ لِلذَّكَرِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا مَنْ يَحْضُنُ أَيْ وُجُودُ مَنْ يَحْضُنُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ مَنْ يَحْضُنُ) أَيْ يَصْلُحُ لِلْحَضَانَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ سُرِّيَّةٍ إلَخْ أَيْ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشُّرُوطِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ الذَّكَرِ إنْ كَانَتْ الْمَحْضُونَةُ أُنْثَى تُطِيقُ الْوَطْءَ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا لَهَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ الْمَحْضُونَةِ فِي زَمَنِ إطَاقَتِهَا وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ فِي زَمَنِهَا وَلَوْ كَانَ مَأْمُونًا ذَا أَهْلٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (ص) وَلِلْأُنْثَى الْخُلُوُّ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْحَاضِنَةِ إذَا كَانَتْ أُنْثَى أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا وَإِنَّمَا سَقَطَ حَقُّهَا حَيْثُ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ لِاشْتِغَالِهَا بِالزَّوْجِ عَنْ الطِّفْلِ وَلِهَذَا اشْتَرَطَ فِي السُّقُوطِ الدُّخُولَ إذْ قَبْلَهُ لَمْ يَحْصُلْ اشْتِغَالٌ عَنْ الْوَلَدِ فَلَيْسَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ وَهَذَا فِي الْأُنْثَى الَّتِي تَحْضُنُ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ وَأَمَّا مَنْ تَحْضُنُ لِلذَّكَرِ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ فِيهَا بِذَلِكَ بَلْ يَطْلُبُ الذَّكَرُ غَيْرَهَا وَتَسَرُّرِ الْأَمَةِ كَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ كَمَا مَرَّ (ص) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ الْعَامَ (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَانْتَقَلَتْ لِمَنْ يَلِيهَا فِي الْمَرْتَبَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ بِدُخُولِ الزَّوْجِ وَيَسْكُتَ الْعَامَ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَبِعِبَارَةٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَ الْمُتَزَوِّجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وتت وَجَعَلَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ يَعْلَمُ لِلْوَلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُرَادُ بِعِلْمِهِ عِلْمُهُ بِالدُّخُولِ وَبِالْحُكْمِ فَلَوْ جَهِلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَالْعَامُ مَحْسُوبٌ مِنْ يَوْمِ الْعِلْمِ الْمُسْقِطِ (ص) أَوْ يَكُونَ مَحْرَمًا وَأَنْ لَا حَضَانَةَ لَهُ كَالْخَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ بِشَخْصٍ هُوَ مَحْرَمٌ لِلْمَحْضُونِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا لَا تَسْقُطُ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَحْرَمُ مِمَّنْ لَهُ حَضَانَةٌ كَالْعَمِّ وَالْجَدِّ لِلْأَبِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا حَضَانَةَ لَهُ كَالْخَالِ وَالْجَدِّ لِلْأُمِّ فَقَوْلُهُ وَإِنَّ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَحْرَمِ أَيْ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِهِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْإِسْقَاطِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِمَحْرَمٍ لَهُ الْحَضَانَةُ (ص) أَوْ وَلِيًّا كَابْنِ الْعَمِّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَبْقَى حَضَانَتُهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِوَلِيِّ حَضَانَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا بِأَنْ تَكُونَ لَهُ حَضَانَةٌ وَلَوْ بَعُدَ كَابْنِ الْعَمِّ تَتَزَوَّجُهُ حَاضِنَةٌ غَيْرُ الْأُمِّ الْجَدَّةِ مِمَّنْ لَا يُصَيِّرُهُ دُخُولُهُ مَحْرَمًا وَالْمَحْضُونُ ذَكَرٌ وَلَيْسَ لَهُ حَاضِنَةٌ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهَا فَارِغَةٌ مِنْ زَوْجٍ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الطِّفْلِ وِلَايَةُ مَالٍ أَوْ وِلَايَةُ حَضَانَةٍ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بَقَاءِ الْحَضَانَةِ مَعَ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَهُ شَرَعَ فِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ) أَيْ وَلَوْ صَارَ مَحْرَمًا فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَحْرَمٍ . (قَوْلُهُ وَلِلْأُنْثَى الْخُلُوُّ) مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ. (قَوْلُهُ بَلْ يَطْلُبُ الذَّكَرُ غَيْرَهَا) الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الَّتِي تَحْضُنُ لِلذَّكَرِ أَجْنَبِيَّةً وَتَزَوَّجَتْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ زَوْجَتَهُ تَحْضُنُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ يَطْلُبُ الذَّكَرُ غَيْرَهَا فَقَدْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا أَيْ الْعَارِضَةَ. (قَوْلُهُ وَتَسَرُّرُ الْأَمَةِ كَالدُّخُولِ) فَإِذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ أَمَةً ثُمَّ إنَّ سَيِّدَهَا وَطِئَهَا بَعْدَ طَلَاقِ زَوْجِهَا أَوْ مَوْتِهِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا تَسْقُطُ. (تَنْبِيهٌ) : هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ وَيَأْتِي أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلْحَاضِنِ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْحَاضِنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ) أَرَادَ بِالْوِلَايَةِ الْحَضَانَةَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادِرِ. (قَوْلُهُ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا) بَلْ تَكُونُ الْحَضَانَةُ لَهَا قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ مُشْكِلٌ كَيْفَ وَقَدْ قُلْنَا إنَّ قَوْلَهُ وَلِلْأُنْثَى إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ وَكَوْنُ ذَلِكَ حَقًّا لَهُ يَقْتَضِي الِانْتِقَالَ لِمَنْ كَانَ بَعْدَ السَّاكِنَةِ كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْهَا بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ حَقَّهُ انْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ؛ وَالنَّقْلُ يُتَّبَعُ وَإِنْ أَشْكَلَ وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ تت. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْوَلِيِّ وَلِيُّ الْحَضَانَةِ أَيْ مُسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ بِالْحُكْمِ) إنْ وُجِدَ نَصٌّ بِذَلِكَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَصٌّ فَلَا يُتَّبَعُ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الْعِلْمُ بِالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ جُهِلَ إلَخْ) أَيْ أَوْ سَكَتَ دُونَ الْعَامِ أَوْ عَامًا لِعُذْرٍ انْتَقَلَتْ لَهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ تَتَأَيَّمَ قَبْلَ قِيَامِهِ فِي سُكُوتِهِ دُونَ عَامٍ فَلَا نَزْعَ لَهُ . (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ مَحْرَمًا) بِالْأَصَالَةِ كَتَزَوُّجِ الْأُمِّ بِعَمِّ الْمَحْضُونِ أَوْ بِالْعُرُوضِ كَتَزَوُّجِهَا بِابْنِ عَمِّ الْمَحْضُونِ وَدَخَلَ بِهَا. (قَوْلُهُ كَالْخَالِ) لِلْمَحْضُونِ تَتَزَوَّجُهُ حَاضِنَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَلَا يَدْخُلُ الْأَجْنَبِيُّ إذْ طُرُوُّ الْمَحْرَمِيَّةِ فِيهِ لَا يُعْتَبَرُ . (قَوْلُهُ مِمَّنْ لَا يَصِيرُ دُخُولُهُ مُحَرَّمًا) أَيْ وَإِلَّا تَكَرَّرَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ بِابْنِ عَمِّ الْمَحْضُونِ وَقَوْلُهُ وَالْمَحْضُونُ ذَكَرٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ثُمَّ هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَالَ عج لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْضُونِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهَا إذَا كَانَتْ أُنْثَى مُطِيقَةً أَنْ يَصِيرَ بِتَزَوُّجِ الْحَاضِنَةِ مَحْرَمًا لَهَا كَابْنِ عَمٍّ لَهَا فَيَتَزَوَّجَ أُمَّهَا بِخِلَافِ خَالَتِهَا الْحَاضِنَةِ فَتَتَزَوَّجُ ابْنَ عَمٍّ لَهَا فَيُنْتَزَعُ مِنْهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَكُونُ حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ يَكُونَ مَحْرَمًا أَيْ بِالْأَصَالَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ وَلِيًّا أَيْ لَيْسَ مَحْرَمًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ تَارَةً تَعْرِضُ لَهُ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ بِابْنِ عَمِّ الْمَحْضُونِ وَتَارَةً لَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ خَالَتُهُ بِابْنِ عَمِّ الْمَحْضُونِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ حَاضِنَةٌ أَقْرَبَ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ حَاضِنَةٌ أَقْرَبُ إلَخْ فَتَسْتَحِقُّ كَمَا إذَا كَانَتْ أُمُّ الْأُمِّ مُتَزَوِّجَةً ابْتِدَاءً حِينَ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ وَلَمْ تَحْضُنْ الْوَلَدَ وَاسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةَ الْخَالَةُ حَيْثُ لَا جَدَّةَ فَتَزَوَّجَتْ بِابْنِ الْعَمِّ فَتَأَيَّمَتْ الْجَدَّةُ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَنْتَقِلُ لَهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَلَا تَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ فِيمَنْ تَقَرَّرَ لَهَا حَقٌّ فِيهَا وَسَقَطَ بِالنِّكَاحِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُهُ الْآتِي لَا فِيمَنْ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهَا حَقٌّ فِيهَا ابْتِدَاءً [بَقَاءِ الْحَضَانَةِ مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ] . (قَوْلُهُ عَلَى بَقَاءِ الْحَضَانَةِ) أَيْ لِلْحَاضِنَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ لَا أَنَّ الْحَاضِنَ الزَّوْجُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ. (قَوْلُهُ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ وَلِيًّا كَابْنِ الْعَمِّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 الْكَلَامِ عَلَى بَقَائِهَا مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ يَصِحُّ بَقَاءُ حَقِّ الْمَرْأَةِ فِي الْحَضَانَةِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَجْنَبِيًّا فِي سِتِّ مَسَائِلَ أَوَّلُهَا قَوْلُهُ عَاطِفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ (ص) أَوْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ فَإِنَّهَا تَبْقَى عَلَى حَضَانَتِهَا وَلَوْ قَالَ أَوْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ الْحَاضِنِ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) أَوْ لَمْ تُرْضِعْهُ الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ أُمِّهِ (ش) مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِهَذَا أَنَّ الْحَضَانَةَ إذَا انْتَقَلَتْ عَنْ الْأُمِّ بِتَزَوُّجِهَا بِأَجْنَبِيٍّ مَثَلًا لِغَيْرِهَا وَالْمَحْضُونُ رَضِيعٌ وَأَبَتْ الْمُرْضِعُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لَهَا وَقَالَتْ لَا أُرْضِعُهُ إلَّا فِي بَيْتِي وَرَضِيَتْ الْأُمُّ بِأَنْ تُرْضِعَهُ فِي مَنْزِلِهَا أَوْ قَالَتْ الْمُرْضِعُ أَنَا أُرْضِعُهُ فِي بَيْتِ أُمِّهِ وَلَا أُرْضِعُهُ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ فَإِنْ قُلْت كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ هَذَا وَإِنَّمَا مُفَادُهُ أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ وَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِمَنْ بَعْدَهَا وَأَبَتْ الْمُرْضِعُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ أُمِّهِ فَإِنَّ حَضَانَتَهُ لِأُمِّهِ وَلَوْ رَضِيَتْ الْمُرْضِعُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ عِنْدَ بَدَلِ أُمِّهِ لَكِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ صَوَابٍ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِي صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ بَدَلِهَا فَيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الْأُمِّ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُرَادُ بِبَدَلِهَا مَنْ انْتَقَلَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا بِتَزْوِيجِهَا كَمَا فَرَضَهَا اللَّخْمِيُّ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَنْتَقِلْ الْحَضَانَةُ عَنْ الْأُمِّ بِتَزْوِيجِهَا لِعَدَمِ وُجُودِ حَاضِنٍ أَوْ لِوُجُودِهِ مُتَّصِفًا بِمَانِعٍ إذْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ عَنْ الْأُمِّ بِحَالٍ وَأَيْضًا حَمْلُهُ عَلَيْهَا يُؤَدِّي إلَى تَكْرَارِهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ إلَخْ (ص) أَوْ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ أَوْ عَاجِزٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْ الْحَاضِنَةِ بِتَزْوِيجِهَا لِمَنْ يُسْقِطُ حَضَانَتُهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ بَعْدَهَا حَاضِنٌ شَرْعِيٌّ حَاضِرٌ أَوْ يَكُونُ لَهُ لَكِنْ غَيْرُ مَأْمُونٍ أَوْ عَاجِزٌ لِمَانِعٍ بِهِ (ص) أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَبَا الْمَحْضُونِ إذَا كَانَ عَبْدًا وَأُمُّهُ حُرَّةً وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى عِنْدَ أُمِّهِ لَا يُنْتَزَعُ مِنْهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ قَائِمًا بِأُمُورِ سَيِّدِهِ فِيهِ كِفَايَةٌ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيُّ حُرٍّ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا أَيْ وَالْحَضَانَةُ بَعْدَ الْأُمِّ لِلْأَبِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ قِبَلَهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ قِبَلَهُ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لَهُ ثُمَّ تَمَّمَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ بِسَادِسَةِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ قَوْلُهُ (ص) وَفِي الْوَصِيَّةِ رِوَايَتَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْحَاضِنَاتِ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَى الْأَطْفَالِ وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْأَطْفَالِ فَهَلْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهَا لِتَزْوِيجِهَا بِأَجْنَبِيٍّ كَغَيْرِهَا أَوْ يَبْقَوْا عِنْدَهَا فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَرَّةً يَبْقَوْا عِنْدَهَا إنْ جَعَلَتْ لَهُمْ بَيْتًا يَسْكُنُوا فِيهِ وَلِحَافًا وَطَعَامًا وَمَا يُصْلِحُهُمْ إلَّا أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِمْ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ قَالَ فِي إيصَائِهِ إنْ تَزَوَّجَتْ فَانْزِعُوهُمْ فَلَا يُنْزَعُونَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَلَا وَصِيَّةَ لَهَا وَقَالَ مَرَّةً يُنْزَعُوا مِنْهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ غُلِبَتْ عَلَى جُلِّ أَمْرِهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا لَيْسَ بِصَوَابٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ بَدَلِهَا) بَلْ إنَّمَا قَالَتْ الْمُرْضِعَةُ أُرْضِعُهُ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ أُمِّهِ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ الْمُرْضِعِ لَمْ تَرْضَ بِالرَّضَاعِ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَسْتَمِرُّ لِلْأُمِّ. (قَوْلُهُ إذْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إلَخْ) نَقُولُ وَفَرَضَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا لَمْ تَنْتَقِلْ الْحَضَانَةُ عَنْ الْأُمِّ فَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ تَثْبُتْ شَرْعًا لِغَيْرِ الْأُمِّ أَيْ وَفَرَضَ الْمُصَنِّفُ تَثْبُتُ شَرْعًا لِلْغَيْرِ . (قَوْلُهُ أَوْ عَاجِزًا) أَيْ أَوْ غَائِبًا نَعَمْ تَصِحُّ وَكَالَتُهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا لِمَنْ يُبَاشِرُهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ الْأُنْثَى كَذَلِكَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ . (قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهُ مَعَ أُمِّهِ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً أَرْفَقُ بِهِ وَأَصْلَحُ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَ أَبِيهِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَكَيْفَ يَحْضُنُ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ قَائِمًا بِأُمُورِ مَالِكِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ حَضَانَةَ وَلَدِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِتَزْوِيجِ أُمِّهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ . (قَوْلُهُ ثُمَّ تَمَّمَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ بِسَادِسَةِ الْمَسَائِلِ) اعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَهَا قَوْلُهُ أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَآخِرُهَا قَوْلُهُ وَفِي الْوَصِيَّةِ قَوْلَانِ فَإِنْ قُلْت إنَّهَا سَبْعَةٌ قُلْت إنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بِسَادِسَةِ الْمَسَائِلِ إلَخْ) هِيَ مَا أَشَارَ إلَيْهَا اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ بِقَوْلِهِ وَيَصِحُّ بَقَاءُ حَقِّ الْمَرْأَةِ فِي الْحَضَانَةِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَجْنَبِيًّا وَذَلِكَ فِي سِتِّ مَسَائِلَ أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَوْ يَكُونُ الْوَلَدُ رَضِيعًا لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا أَوْ يَقْبَلُ غَيْرَهَا وَقَالَتْ الظِّئْرُ لَا أُرْضِعُهُ إلَّا عِنْدِي لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي رَضَاعِ أُمِّهِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَرْفَقَ بِهِ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ يُسَلَّمُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ الظِّئْرُ ذَاتَ زَوْجٍ كَانَ أَبْيَنَ أَوْ كَانَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْحَضَانَةِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ أَوْ يَكُونُ الْوَلَدُ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا مِنْ النِّسَاءِ قَوْلُ سَحْنُونَ فَيُتْرَكُ مَعَ أُمِّهِ اهـ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ فَزَادَهَا غَيْرُ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْحَاضِنَاتِ) الَّذِي فِي النَّقْلِ خُصُوصُ الْأُمِّ فَقَطْ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَكُلُّ مَنْ يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ أَوْ يَبْقَوْا عِنْدَهَا) الْحَاصِلُ أَنْ يَبْقَوْا عِنْدَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَوْلُهُ يَسْكُنُوا فِيهِ وَقَوْلُهُ يُنْزَعُوا مِنْهُ كُلُّهَا بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ بِحَذْفِ النُّونِ فِي نُسْخَتِهِ جَارِيًا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَجْزِمُ الْمُضَارِعَ بِغَيْرِ جَازِمٍ. (قَوْلُهُ غَلَبَتْ) أَيْ كَثُرَتْ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَلَهَا الْحَضَانَةُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فَقِيلَ فِي مَرْتَبَةِ الْأَبِ فَهِيَ بَعْدَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 السُّقُوطِ فَهِيَ فِي مَرْتَبَةِ الْأَبِ وَقِيلَ الْأُمِّ . (تَتِمَّةٌ) عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَوْ تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِالْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلَتْهُمْ فِي بَيْتٍ بِنَفَقَتِهِمْ وَخَادِمِهِمْ لَمْ يُنْزَعُوا مِنْهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (ص) وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ حُرٌّ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ (ش) أَيْ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ حُرٌّ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ وَلَوْ رَضِيعًا سَفَرَ نُقْلَةٍ سِتَّةَ بُرُدٍ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَحْضُونَ مِنْ حَاضِنَتِهِ وَيُقَالُ لَهَا اتْبَعِي وَلَدَك إنْ شِئْت وَلَا يَأْخُذَهُ إنْ سَافَرَ لِغَيْرِ سُكْنَى كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ أَعَمُّ مِنْ وَلِيِّ الْمَالِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُقَدَّمُ وَوَلِيُّ الْعُصُوبَةِ كَانَتْ الْعُصُوبَةُ سَبَبًا كَالْمُعْتَقِ وَعَصَبَتِهِ أَوْ نَسَبًا فَإِذَا أَرَادَ الْعَمُّ مَثَلًا السَّفَرَ الْمَذْكُورَ بِالْمَحْضُونِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْحَاضِنَةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلِيٌّ حُرٌّ عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ لِلْمَحْضُونِ عَبْدًا وَأَرَادَ السَّفَرَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ مَعَهُ وَيَبْقَى عِنْدَ أُمِّهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَرَارَ لَهُ وَمَسْكَنَ وَاحْتَرَزَ بِالْوَلَدِ الْحُرِّ مِنْ الْوَلَدِ الْعَبْدِ إذَا سَافَرَ وَلِيُّهُ لَا يَأْخُذُهُ مَعَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَحْتَ نَظَرِ سَيِّدِهِ سَفَرًا وَحَضَرًا وَقَوْلُهُ وَلَدٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ عَنْ مَحْضُونٍ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ رَضِيعًا) مُبَالَغَةً فِي الْمَفْهُومِ أَيْ إنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ الْحُرُّ عَنْ الْوَلَدِ الْحُرِّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَيَأْخُذُهُ وَلِيُّهُ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَمِثْلُ الْأُمِّ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ (ص) أَوْ تُسَافِرَ هِيَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي حَضَانَةِ الْحَاضِنَةِ أَنْ لَا تُسَافِرَ عَنْ بَلَدِ الْوَلِيِّ الْحُرِّ عَنْ الْمَحْضُونِ الْحُرِّ فَإِنْ سَافَرَتْ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا (ص) سَفَرَ نُقْلَةٍ لَا تِجَارَةٍ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِسَفَرِ الْحَاضِنِ وَسَفَرِ الْوَلِيِّ أَيْ وَشَرْطُ سَفَرِ الْحَاضِنِ الْمُسْقِطِ لِحَضَانَتِهِ أَوْ سَفَرِ الْوَلِيِّ الْمُوجِبِ لِأَخْذِ الْوَلَدِ مِنْ حَاضِنَتِهِ أَنْ يَكُونَ سَفَرَ نُقْلَةٍ وَانْقِطَاعٍ فَإِنْ كَانَ سَفَرَ تِجَارَةٍ وَنُزْهَةٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ الْحَاضِنِ بِسَفَرِهِ بَلْ تَأْخُذُهُ إنْ قَرُبَ الْمَوْضِعُ   [حاشية العدوي] الْخَالَة وَنَحْوِهَا أَوْ فِي مَرْتَبَةِ الْأُمِّ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْجَدَّةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ مَرْتَبَةٌ فِي الْأَبِ) هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْصَى بِهَا [تَتِمَّةٌ تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِالْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَتْهُمْ فِي بَيْتٍ بِنَفَقَتِهِمْ وَخَادِمِهِمْ] . (قَوْلُهُ وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) أَقُولُ الْعَكْسُ مِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي حَاضِنَتِهِ وَصِيَّةٌ تَعَلَّقَتْ بِغَيْرِ وَصِيٍّ وَهُوَ زَوْجُهَا الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِهِ وَهَذَا الْعَكْسُ فِي حَاضِنَةٍ غَيْرِ وَصِيَّةٍ تَعَلَّقَتْ بِوَصِيٍّ وَهُوَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَ بِهَا ثُمَّ نَقُولُ وَهَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لتت وَقَالَ مُحَشِّيهِ هَذَا وَهْمٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي عَكْسِهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَة سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْوَصَايَا إنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ الْوَصِيَّ وَجَعَلَتْ الْوَلَدَ فِي بَيْتٍ بِنَفَقَتِهِمْ وَخَادِمِهِمْ لَمْ يُنْزَعُوا وَرَوَى مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالَ فِي إيصَائِهِ إنْ تَزَوَّجَتْ فَانْزِعُوهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَلَا وَصِيَّةَ لَهَا وَرَوَى أَشْيَاخِي إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَيْعَتَهُمْ. اهـ. فَإِنَّهُ فِي كَبِيرِهِ اسْتَدَلَّ بِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ هَذَا عَلَى عَكْسِ السَّابِقَةِ يُوهِمُ أَنَّ الْوَصِيَّ فِي كَلَامِهِ مَفْعُولُ تَزَوَّجْت وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ نَعْتٌ لِلْأُمِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ آخِرًا. اهـ. . (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ حُرٌّ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الْحَضَانَةُ بِهَذَا السَّفَرِ لِأَنَّ نَظَرَ الْوَلِيِّ لِوَلِيِّهِ عَامٌّ وَنَظَرَ الْأُمِّ إنَّمَا هُوَ فِي أُمُورٍ خَاصَّةٍ فَكَانَ تَحْصِيلُ مَا يَنْظُرُ فِيهِ الْوَلِيُّ أَوْلَى مِنْ تَحْصِيلِ مَا تَنْظُرُ فِيهِ الْأُمُّ وَلِهَذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَوْلِيَاءِ إذَا أَرَادَ سَفَرًا بِالْمَحْضُونِ وَإِذَا كَانَ لِلْوَلَدِ وَلِيَّانِ وَهُمَا فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ وَسَافَرَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرِّحْلَةُ بِالْوَلَدِ وَالْمُقِيمُ أَوْلَى لِبَقَاءِ الْوَلَدِ مَعَ أُمِّهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي نِكَاحِهَا إنْ كَانَتْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ أَيْ يُرِيدَ سَفَرًا. (قَوْلُهُ عَنْ وَلَدٍ) أَيْ عَنْ مَوْضِعِ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ يُرِيدُ سَفَرًا بِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ وَلِيٌّ حَاضِرٌ يُسَاوِيهِ فِي الدَّرَجَةِ فَتَسْقُطُ حَضَانَةُ الْحَاضِنَةِ فَإِنْ وَجَدَ مُسَاوِيَهُ دَرَجَةً كَعَمٍّ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا لِمُرِيدِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ) أَيْ لِلْحَاضِنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا يُنَافِيهِ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ تُسَافِرُ هِيَ لِأَنَّهُمْ يَفْرِضُونَ الْكَلَامَ فِي الْأُنْثَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْحَاضِنِ أُنْثَى. (قَوْلُهُ وَالْمُقَدَّمُ إلَخْ) قَالَ عَجَّ بَعْدَ تِلْكَ الْعِبَارَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَالِ الْحَاكِمُ قَالَهُ بَعْدَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَإِنَّهَا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ. (قَوْلُهُ وَوَلِيُّ الْعُصُوبَةِ) أَيْ إذَا فُقِدَ وَلِيُّ الْمَالِ حَاصِلُهُ أَنَّ وَلِيَّ الْمَالِ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُقَدَّمُ فَقَطْ وَأَمَّا هُنَا فَشَمِلَ مَا ذُكِرَ وَشَمِلَ وَلِيَّ الْمَحْضُونَةِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَهُوَ صَوَابٌ فَفِيهَا ثُمَّ الْعَمَّةُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخِ ثُمَّ الْعَصَبَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ هُمْ الْعَصَبَةُ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ الْجَدُّ وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ ثُمَّ قَالَتْ وَكُلُّ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مُنْتَقِلًا لِسُكْنَاهُ بَلَدًا آخَرَ غَيْرَ بَلَدِ الْأُمِّ مِنْ أَبٍ أَوْ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا فَلَهُ الرِّحْلَةُ بِالْوَلَدِ ثُمَّ قَالَتْ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَنْقُلَ الْوَلَدَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَالِدُهُمْ وَأَوْلِيَاؤُهُمْ إلَّا مَا قَرُبَ كَالْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ فَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَمَا قَالَهُ س مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ عَنْ سَنَدٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا قَالَهُ. اهـ. فِي غَايَةِ الْقُصُورِ وَكَلَامُ سَنَدٍ الَّذِي نَقَلَهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهِ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ لِلْمَحْضُونِ عَبْدًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا) وَحَدِيثُ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ هَذَا وَبِغَيْرِ سَائِرِ الْمُسْقِطَاتِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ الْفِطَامِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أُمِّهِ وَالثَّانِي لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يُثْغِرَ . (قَوْلُهُ السَّفَرُ الْمَذْكُورُ) أَيْ سِتَّةُ بُرُدٍ وَيَكُونُ السَّفَرُ سَفَرَ نُقْلَةٍ . (قَوْلُهُ بَلْ تَأْخُذُهُ إنْ قَرُبَ الْمَوْضِعُ) أَيْ كَبَرِيدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَرُبَ الْمَوْضِعُ كَالْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ تَأْخُذُهُ لَا إنْ بَعُدَ فَلَا تَأْخُذُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ وَلِذَا قَالَ عج أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا تِجَارَةَ أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ السَّفَرِ وَأَمَّا حُكْمُ السَّفَرِ ابْتِدَاءً فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَلَا يَجُوزُ لَهَا حَيْثُ كَانَ بَعِيدًا فَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ لِلْحَاضِنِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَحْضُونِ السَّفَرَ الْبَعِيدَ سَوَاءٌ كَانَ لِنُقْلَةٍ أَمْ لَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَنْتَقِلَ بِالْوَلَدِ مِنْ الْمَوْضِعِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 وَلَا يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ مِنْ حَاضِنَتِهِ وَقَوْلُهُ (حَلَفَ) أَيْ الْوَلِيُّ أَنَّهُ يُرِيدُ بِسَفَرِهِ النُّقْلَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ أَخَذَهُ وَحَلَفَ وَقَوْلُهُ (سِتَّةَ بُرُدٍ) ظَرْفٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ عَامِلُهُ يُسَافِرُ وَتُسَافِرُ فَهُوَ شَامِلٌ لِسَفَرِ الْوَلِيِّ وَلِسَفَرِ الْحَاضِنَةِ فَالسَّفَرُ الَّذِي يَقْطَعُ الْحَضَانَةَ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ الْحَاضِنَةِ هُوَ مَا كَانَ مِقْدَارَ سِتَّةِ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا أَقَلَّ كَمَا يَأْتِي (ص) وَظَاهِرُهُ بَرِيدَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ سَفَرَ الْبَرِيدَيْنِ يَكُونُ كَافِيًا فِي قَطْعِ الْحَضَانَةِ إذَا سَافَرَ الْوَلِيُّ أَوْ سَافَرَتْ الْحَاضِنَةُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ بَرِيدَيْنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَسَافَةَ بَرِيدَيْنِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَجْرُورًا وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ بَرِيدَانِ بِالْأَلِفِ وَأَصْلُهُ وَمُوجَبُ ظَاهِرِهَا بَرِيدَانِ (ص) إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ وَأَمِنَ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ فِيهِ بَحْرٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ سَافَرَ يَعُودُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الَّذِي لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ سَافَرَ بِالْمَحْضُونِ إلَى بَلَدٍ مَأْمُونٍ وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً يُسْلَكُ فِيهَا بِالْمَالِ وَالْحَرِيمِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22] وَيُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَطَبُ الْبَحْرِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ فَقَوْلُهُ إنْ سَافَرَ إلَخْ شُرِطَ فِي مَفْهُومِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ أَخَذَهُ إنْ سَافَرَ إلَخْ (ص) إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ أَيْ الْحَاضِنَةُ مَعَهُ أَيْ مَعَ الْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَلَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَمَّا كَانَ الضَّمِيرُ فِي سَافَرَ وَأَمِنَ مُفْرَدًا مُذَكَّرًا عَائِدًا عَلَى الْوَلِيِّ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى الْحَاضِنِ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الضَّمِيرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ اللَّبْسُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ سَفَرَ نُقْلَةٍ لَا تِجَارَةٍ سِتَّةَ بُرُدٍ رَاجِعًا لِسَفَرِهِمَا كَانَ قَوْلُهُ: (لَا أَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ بَرِيدَيْنِ عَلَى الثَّانِي؛ رَاجِعًا لَهُمَا أَيْضًا فَلَا يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ وَلَا تَتْرُكُهُ الْحَاضِنَةُ إذَا سَافَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ (ص) وَلَا تَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا   [حاشية العدوي] الَّذِي فِيهِ وَالِدُهُمْ وَأَوْلِيَاؤُهُمْ إلَّا مَا قَرُبَ كَالْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَبْلُغُ الْأَبَ وَالْأَوْلِيَاءَ خَبَرُهُمْ ثُمَّ إنَّ لَهَا أَنْ تُقِيمَ هُنَاكَ. اهـ. وَأَفَادَ أَوَّلًا مَا ذَكَرَهُ عب وَنَصُّهُ لَا تِجَارَةَ أَوْ نُزْهَةَ أَوْ طَلَبَ مِيرَاثٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا تَأْخُذُهُ أَوْ يَسْقُطُ حَقُّ الذَّاتِ الْحَاضِنَةِ بِسَفَرِهَا لِلتِّجَارَةِ بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا وَلَوْ بَعُدَ بِإِذْنِ أَبِيهِ فِيهِمَا وَوَصِيِّهِ فِي الْبَعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ سَافَرَتْ بِهِ إنْ خِيفَ بِتَرْكِهَا لَهُ ضَيْعَةٌ قَالَ الْحَطَّابُ بَلْ الظَّاهِرُ وَإِنْ لَمْ تَخَفْ عَلَيْهِ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِنَةِ أَنْ تُسَافِرَ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا فَإِنْ سَافَرَتْ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي الْبَعِيدِ وَأَمَّا الْقَرِيبُ فَلَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَقُولُ) وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ التَّقْيِيدُ بِقُرْبِ الْمَوْضِعِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُفَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ السَّفَرُ لِلتِّجَارَةِ فَلَهَا السَّفَرُ وَلَوْ سِتَّةَ بُرُدٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَإِنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ يَجُوزُ لَهَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَلَوْ خَمْسَةَ بُرُدٍ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَ يُتْبَعُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ الْوَلِيُّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدُ اسْتِيطَانٍ وَكَذَا الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ تَحْلِفُ أَنَّهَا تُرِيدُ سَفَرَ تِجَارَةٍ وَنَحْوَهَا يَبْقَى بِيَدِهَا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا إلَخْ) ضَعِيفٌ وَقَدْ عَلِمْتَ لَفْظَهَا. (قَوْلُهُ أَيْ مَسَافَةَ بَرِيدَيْنِ) أَيْ كَائِنَةً مَسَافَةَ بَرِيدَيْنِ لِأَنَّ مَسَافَةَ ظَرْفٌ وَهُوَ مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْخَبَرِ مَسَافَةً وَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ جِنِّي وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ عِنْدَك هَكَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَسَافَةَ مُتَصَرِّفٌ فَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَجْرُورًا) هَذَا خِلَافُ الْكَثِيرِ لِأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَبْقَى الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ مُمَاثِلًا لِمَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ نَحْوُ وَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْخَيْرِ يَتْرُكُهُ الْفَتَى ... وَلَا الشَّرِّ يَأْتِيهِ امْرُؤٌ وَهُوَ طَائِعٌ أَيْ وَلَا مِثْلَ الشَّرِّ وَهُنَا لَا عَطْفَ لِأَنَّ هُنَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ نَحْوُ {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [الأنفال: 67] بِالْجَرِّ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَدَمُ مُمَاثَلَةِ الْمَحْذُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْطُوفًا أَصْلًا كَمَا فِي الْآيَةِ وَالْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ وَمُوجَبٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ مُقْتَضَى ظَاهِرِهَا بَرِيدَانِ أَيْ أَصْلُ الْعِبَارَةِ أَيْ قُلْت بَرِيدَيْنِ أَوْ بَرِيدَانِ فَقَوْلُهُ بَرِيدَانِ أَيْ أَوْ بَرِيدَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِلَفْظِ مُوجَبٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بَرِيدَانِ. (قَوْلُهُ إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ إلَخْ) أَيْ تَغْلِبُ السَّلَامَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقِ وَالْبَلَدِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَنْزِعْهُ الْوَلِيُّ وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ يُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي سَفَرِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا كَوْنُهُ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ وَغَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا وَكَوْنُ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ قَرِيبًا لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِهَا خَبَرُهَا وَكَوْنُهُ حُرًّا وَتُقَامُ الْأَحْكَامُ فِيهَا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ أَنْ يَكُونَ بَرًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَحْرًا فَلَا يُسَافِرُ بِهِ. (قَوْلُهُ {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ السَّفَرَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَائِنٌ مِنْ اللَّهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ وَيُقَيِّدُ هَذَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَمِنَ فِي الطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الضَّمِيرُ فِي سَافَرَ إلَخْ) رَوْحُ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ عَائِدًا عَلَى الْوَلِيِّ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى الْحَاضِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ الْفَاعِلُ أُبْرِزَ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ الْعَائِدُ إلَى الْحَاضِنَةِ بِالتَّاءِ . (قَوْلُهُ وَلَا تَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ) أَشْعَرَ لَفْظُ الْعَوْدِ أَنَّ الْحَضَانَةَ كَانَتْ وَاجِبَةً لِمَنْ حَدَثَ لَهَا الطَّلَاقُ وَالتَّزَوُّجُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَهَا ابْتِدَاءً لِتَقَدُّمِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا شَرْعًا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأُمِّ ثُمَّ طَلَقَتْ تِلْكَ الْغَيْرُ كَانَتْ لَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ بِسَبَبِ تَزْوِيجٍ كَمَا مَرَّ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهَا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَعُودُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا بَلْ الْحَقُّ فِيهَا بَاقٍ لِمَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ وَإِذَا أَرَادَ رَدَّ الْمَحْضُونِ فَإِنْ كَانَ لِلْأُمِّ فَلَا مَقَالَ لِلْأَبِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ لِأُخْتِهِ فَلِلْأَبِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَا تَعُودُ إلَخْ أَيْ جَبْرًا عَلَى مَا انْتَقَلَتْ لَهُ بِتَزْوِيجِهَا أَمَّا لَوْ سَلَّمَ لَهَا الْحَضَانَةَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا تَعُودُ لَهَا وَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ وَلَا تَعُودُ إلَخْ بِمَا إذَا لَمْ يَمُتْ مِنْ بَعْدِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ بِمَوْتِ الْجَدَّةِ وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ وَيُقَيَّدُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْحَاضِنَةُ بَعْدَهَا بِمَنْ تَزَوُّجُهُ لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مَحْرَمٍ كَابْنِ الْعَمِّ عَلَى مَا مَرَّ (ص) أَوْ فُسِخَ الْفَاسِدُ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِالتَّزْوِيجِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَفُسِخَ لِذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهَا كَطَلَاقِهَا مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْأَرْجَحِ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ (ص) أَوْ الْإِسْقَاطُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ حَضَانَةِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ قَامَ بِهَا ثُمَّ أَرَادَتْ أَخْذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْإِسْقَاطُ عُطِفَ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْإِسْقَاطِ السُّقُوطُ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ (ص) إلَّا لِكَمَرَضٍ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّقُوطُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمَحْضُونِ أَوْ عَدَمِ لَبَنٍ أَوْ حَجِّ الْفَرْضِ أَوْ سَافَرَ زَوْجُهَا بِهَا غَيْرَ طَائِعَةٍ أَوْ رَجَعَ الْوَلِيُّ مِنْ سَفَرِ النُّقْلَةِ فَلَهَا أَخْذُهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ بِأَنْ صَحَّتْ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَفَرِهَا أَوْ عَادَ لَبَنُهَا بِقُرْبِ زَوَالِهَا إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ بَعْدَ السَّنَةِ   [حاشية العدوي] الْحَضَانَةُ حَيْثُ أَفَضْت النَّوْبَةُ لَهَا. (قَوْلُهُ وَإِذَا أَرَادَ رَدَّ الْمَحْضُونِ) أَيْ لِمَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ الْحَضَانَةُ أَيْ إذَا أَرَادَ مَنْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لَهُ رَدَّ الْمَحْضُونِ لِمَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْحَضَانَةُ انْتَقَلَتْ لِلْجَدَّةِ لِكَوْنِ الْأُمِّ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلَقَتْ الْأُمُّ ثُمَّ مَاتَتْ الْجَدَّةُ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَرْجِعُ لِلْأُمِّ. (قَوْلُهُ وَيُقَيَّدُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْحَاضِنَةُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ ثَابِتَةً لِلْجَدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِلْخَالَةِ ثُمَّ طَلَقَتْ الْجَدَّةُ فَنَقُولُ الْحَضَانَةُ ثَابِتَةٌ لِلْخَالَةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِابْنِ الْعَمِّ مَثَلًا فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِابْنِ الْعَمِّ فَتَرْجِعُ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ وَمَفْهُومُهُ لَوْ تَزَوَّجَتْ بِالْعَمِّ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا لِلْجَدَّةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَتْ الْجَدَّةُ وَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِلْخَالَةِ فَمَا دَامَتْ الْخَالَةُ لَا تَتَزَوَّجُ أَصْلًا فَلَا تَرْجِعُ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ وَلَوْ طَلُقَتْ أَيْ الْجَدَّةُ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْخَالَةُ بِأَجْنَبِيٍّ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِابْنِ الْعَمِّ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِذَا طَلُقَتْ الْجَدَّةُ وَتَزَوَّجَتْ الْخَالَةُ بِابْنِ عَمٍّ لِلْمَحْضُونِ فَتَرْجِعُ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ وَأَوْلَى لَوْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ . (قَوْلُهُ لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ) كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ وَكَانَ وَطْؤُهُ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِلَّا عَادَتْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ) لِأَنَّ حَقَّ الْغَيْرِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ فَمَنَعَ مِنْ الْعَوْدِ فَلَا يُقَالُ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وَهِيَ هُنَا اشْتِغَالُهَا بِالزَّوْجِ وُجُودًا وَعَدَمًا فَإِذَا وُجِدَ الِاشْتِغَالُ انْتَفَتْ الْحَضَانَةُ وَإِذَا عُدِمَ ثَبَتَتْ الْحَضَانَةُ . (قَوْلُهُ إذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ حَضَانَةِ وَلَدِهَا) أَيْ بَعْدَ وُجُوبِهَا وَهُوَ شَامِلٌ لِإِسْقَاطِهَا لِلْأَبِ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَهُمَا زَوْجَانِ وَلَمَّا إذَا خَالَعَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا فَتَسْقُطُ وَلَا تَعُودُ وَلَمَّا إذَا أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ حَضَانَتَهَا بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْ بِنْتُهَا حَضَانَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ خُلْعِهَا فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا وَإِسْقَاطِ أُمِّهَا بَعْدَهَا لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَةُ أُمِّهَا وَقُلْنَا بَعْدَ وُجُوبِهَا احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ حَقَّهَا فِي حَالِ مُخَالَعَةِ بِنْتِهَا فَإِنَّ فِي وُجُوبِ سُقُوطِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى لُزُومِ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَعَدَمِهِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا أَسْقَطَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ حَقَّهُ فَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِمَنْ يَلِي مَرْتَبَةَ الْمُسْقِطِ وَلَا يَكُونُ الْحَقُّ لِمَنْ أَسْقَطَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْإِسْقَاطِ السُّقُوطُ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوجَبَ لِعَدَمِ أَخْذِهَا حَقَّهَا الْإِسْقَاطُ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْقَاطِ السُّقُوطُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ الْإِسْقَاطِ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ نَاشِئًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى وَإِذَا كَانَ السُّقُوطُ لُوحِظَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ صَحَّ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِيهِ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الْإِسْقَاطُ (قَوْلُهُ أَوْ سَافَرَ زَوْجُهَا بِهَا) أَيْ وَكَانَ تَزْوِيجُهَا بِذَلِكَ الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ لِمُقْتَضٍ مِنْ الْمُقْتَضَيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّ سِيَاقَنَا فِي نَفْسِ الْأَعْذَارِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَأَيْضًا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ (قَوْلُهُ بِقُرْبِ زَوَالِهَا) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ أَيْ بَعْدَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ بِقُرْبِ زَوَالِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ أَيْ بِأَنْ نَتْرُكَهُ سَنَةً فَأَقَلَّ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ مَفْهُومُ قُرْبِ زَوَالِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ بَعْدَ السَّنَةِ) أَيْ فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَعْذَارُ وَمَكَثَتْ سَنَةً وَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 وَنَحْوِهَا فَلَا تَأْخُذُهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَانْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهِ اللَّخْمِيُّ أَوْ يَكُونَ الْوَلَدُ أَلِفَ مَنْ هُوَ عِنْدَهَا وَشَقَّ نُقْلَتُهُ (ص) أَوْ لِمَوْتِ الْجَدَّةِ وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَأَخَذَتْ الْجَدَّةُ الْوَلَدَ ثُمَّ فَارَقَ الزَّوْجُ الْأُمَّ فَإِنَّ لِلْجَدَّةِ رَدَّهُ إلَيْهَا وَلَا مَقَالَ لِلْأَبِ وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَتْ الْجَدَّةُ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْجَدَّةِ وَلَا لِلْأُمِّ وَلَا لِلْمَوْتِ بَلْ تَزَوُّجُ الْجَدَّةِ وَبَقِيَّةُ الْمَوَانِعِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَضَانَةِ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ أَوْ لِكَمَوْتِ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ وَقَدْ خَلَا مِنْ قِبَلِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) أَوْ لِتَأَيُّمِهَا قَبْلَ عِلْمِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ عِلْمِ مَنْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ لِلْحَاضِنَةِ وَلَا مَقَالَ لِمَنْ بَعْدَهَا وَمَفْهُومُ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ مِنْ بَعْدِهَا لَا مَقَالَ لَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى بِشَرْطِهِ وَهُوَ مُضِيُّ عَامٍ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ الْعَامَ فَيُقَيَّدُ مَفْهُومُ كَلَامِهِ هُنَا بِمَا مَرَّ وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا الْمَانِعُ زَالَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِ أَوْ أَقَلَّ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَامَ مُسْقِطٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَزُلْ الْمَانِعُ وَهُوَ أَوْلَى (ص) وَلِلْحَاضِنَةِ قَبْضُ نَفَقَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ أُمًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا لَهَا أَنْ تَقْبِضَ نَفَقَةَ الْمَحْضُونِ وَجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ ابْتِدَاءً بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ أَبَى فَإِنْ قَالَ الْأَبُ لِمَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ تَبْعَثِي إلَيَّ الْمَحْضُونَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ عِنْدِي ثُمَّ يَعُودُ إلَيْك لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْوَلَدِ وَعَلَى مَنْ هُوَ فِي حَضَانَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَطْفَالَ لَا يَنْضَبِطُ الْوَقْتُ الَّذِي يَأْكُلُونَ فِيهِ وَأَكْلُهُمْ مُتَفَرِّقٌ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْإِخْلَالِ بِصِيَانَتِهِمْ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ لِلْحَاضِنَةِ قَبْضَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَحْضُونُ ثُمَّ ادَّعَتْ تَلَفَهُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا ضَامِنَةٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا ضَمَانُ أَصَالَةٍ (ص) وَالسُّكْنَى بِالِاجْتِهَادِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ كُلَّهَا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَعِنْدَ سَحْنُونَ أَنَّهَا عَلَى الْحَاضِنِ وَأَبِي الْمَحْضُونِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُوَزِّعُهَا عَلَيْهِمَا فَيَجْعَلُ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ مَثَلًا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَنِصْفَهَا عَلَى الْحَاضِنِ أَوْ ثُلُثَهَا مَثَلًا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَثُلُثَيْهَا عَلَى الْحَاضِنِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَعَلَى الْمُؤَلِّفِ الدَّرْكُ فِي اخْتِيَارِهِ لِمَذْهَبِ سَحْنُونَ لِأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ بِالِاجْتِهَادِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى مَذْهَبِهَا بِجَعْلِ قَوْلِهِ بِالِاجْتِهَادِ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلِلْحَاضِنَةِ قَبْضُ نَفَقَتِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) عِبَارَةُ عب إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ بَعْدَ زَوَالِ جَمِيعِ مَا مَرَّ سَنَةً وَنَحْوَهَا فِي الْكَثْرَةِ اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَنَحْوُهَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى فَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ. (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ الْوَلَدُ أَلِفَ غَيْرَهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى تَتْرُكَهُ أَيْ إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ أَوْ يَكُونَ أَلِفَ غَيْرَهَا . (قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ لِكَمَوْتِ الْجَدَّةِ وَتَكُونُ الْكَافُ مُرَاعًى دُخُولُهَا عَلَى الْمَوْتِ وَعَلَى الْجَدَّةِ وَعَلَى الْأُمِّ فَيُفِيدُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ تَسْلِيطُ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ لِكَمَرَضٍ عَلَى ذَلِكَ بِجَعْلِ قَوْلِهِ أَوْ لِمَوْتٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَرَضٍ قُلْت لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَرَضٍ لِإِعَادَةِ اللَّامِ. (تَنْبِيهٌ) : اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْعَوْدِ لِلْأُمِّ عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ . (قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَ عِلْمِهِ لَا تَسْتَمِرُّ لَهَا الْحَضَانَةُ مَعَ أَنَّهُ تَسْتَمِرُّ لَهَا الْحَضَانَةُ بَعْدَ الْعِلْمِ وَمُضِيِّ عَامٍ وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ. (قَوْلُهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِ أَوْ أَقَلَّ) أَيْ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ مَنْ اسْتَحَقَّ الْحَضَانَةَ وَتَرَكَ وَلَمْ يَأْخُذْ بِحَقِّهِ وَتَأَيَّمَ مِنْ قِبَلِهَا فَتَرْجِعُ الْحَضَانَةُ لَهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ عِلْمِهِ لَهُ مَفْهُومٌ وَنَقُولُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَادَرَ لِأَخْذِ حَقِّهِ فَلَا تَسْقُطُ وَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ تَسْقُطُ وَتَثْبُتُ لِمَنْ زَالَ عَنْهَا الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى) بَلْ الْمُتَعَيِّنُ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ الَّذِي انْتَقَلَتْ لَهُ لَمَّا عَلِمَ بِحُصُولِ الْمُسْقِطِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَأْخُذْ بِحَقِّهِ فَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ حَقِّهِ فَتَسْتَمِرُّ الْحَضَانَةُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِلْحَاضِنَةِ قَبْضُ نَفَقَتِهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَعَلَيْهَا قَبْضُ نَفَقَتِهِ. (قَوْلُهُ وَجَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) هُوَ نَفْسُ نَفَقَتِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ النَّفَقَةِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا إذَا فَقَدَ الْيَسَارَ فَلَا يُطَالِبُ بِالنَّفَقَةِ أَصْلًا لَا ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً بَلْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ) وَهُوَ الْيَسَارُ (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا ضَامِنَةٌ) وَمُقَابِلُهُ لَا تَضْمَنُ (قَوْلُهُ لَا ضَمَانَ أَصَالَةٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَضَمِنَتْهُ وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً كَالْمُقْتَرِضِ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ اللَّازِمِ . (قَوْلُهُ إنَّ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ إلَخْ) الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَةَ مِنْ الْمَسْكَنِ وَأَمَّا السُّكْنَى فِيمَا يَخُصُّ الْمَحْضُونَ فَعَلَى الْأَبِ اتِّفَاقًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 وَأَنَّهُ غَيْرُ مُرْتَبِطٍ بِقَوْلِهِ وَالسُّكْنَى وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى السُّكْنَى وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي قَبْضِ نَفَقَةِ الْمَحْضُونِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَظِرُ فِي حَالِ الْحَاضِنَةِ وَمَا يَلِيقُ مِنْ إقْبَاضِهَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالسُّكْنَى عُطِفَ عَلَى قَبْضِ نَفَقَتِهِ وَعَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى حَمْلِ قَوْلِهِ (وَلَا شَيْءَ لِحَاضِنٍ لِأَجْلِهَا) عَلَى أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْحَاضِنِ وَلَا أُجْرَةَ حَضَانَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ السُّكْنَى وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِأَجْلِهَا عَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ غَيْرُهَا كَمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا وَهُوَ مَحْضُونٌ لِأُمِّهِ الْفَقِيرَةِ فَلَهَا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي مَالِهِ وَلَوْ لَمْ تَحْضُنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُرْتَبِطٍ بِقَوْلِهِ وَالسُّكْنَى) بَلْ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ السُّكْنَى مِنْ حَيْثُ قُرْبُهُ مِنْهُ وَبُعْدُهُ وَأُجْرَتُهُ الَّتِي يَعْرِفُهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَتَقُولُ ذَكَرَ مُحَشِّي تت كَلَامًا حَاصِلُهُ اعْتِمَادُ كَلَامِ سَحْنُونَ قَائِلًا إنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوِّنَةِ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَى الْأَبِ السُّكْنَى وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونَ تَكُونُ السُّكْنَى عَلَى حَسَبِ الِاجْتِهَادِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَهُوَ قَرِيبٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ أَنَّ عَلَى الْأَبِ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ مِنْ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ بِالِاجْتِهَادِ وَبِهِ قَرَّرَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ صَوَابٌ. (قَوْلُهُ فَلَهَا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ) تَسْمَحُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا وَهِيَ فَقِيرَةٌ فَنَفَقَتُهَا لَازِمَةٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا أُمَّهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ كَانَتْ قَدْرَ أُجْرَةِ الْحَضَانَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَجَاذَبَ الْحَضَانَةَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ مُنْشَؤُهَا وَالْآخَرُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْحَاضِنَ عَلَيْهِ حِفْظُ الْمَحْضُونِ وَلَهُ قَبْضُ نَفَقَتِهِ وَتَحْصِيلُ مَا بِهِ قَوَامُهُ بِالنَّفَقَةِ إذَا كَانَتْ عَيْنًا وَنَحْوَهَا، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْبَيْعِ فَلِذَا وَضَعَ الْبَيْعَ مُتَّصِلًا بِالْحَضَانَةِ فَقَالَ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ جَرَى مُؤَلَّفُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي وَضْعِهِمْ النِّكَاحَ وَتَوَابِعَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي مِنْهُ وَالْبَيْعَ وَتَوَابِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَهُوَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِ وَبِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالْبَلْوَى بِهِ   [حاشية العدوي] [بَابٌ الْبَيْعَ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (قَوْلُهُ تَجَاذَبَ الْحَضَانَةَ إلَخْ) أَيْ سَحَبَتْهُمَا وَسَحَبَاهَا أَيْ طَلَبَتْهُمَا وَطَلَبَاهَا هَذَا حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ النِّكَاحَ طَالِبٌ لَهَا لَا مَطْلُوبٌ لَهَا وَالْبَيْعُ بِالْعَكْسِ فَإِذَنْ أَرَادَ بِهِ التَّعَلُّقَ وَالْمَعْنَى وَلَمَّا تَعَلَّقَ بِالْحَضَانَةِ أَمْرَانِ وَلَمَّا تَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ فِيهَا نَاسَبَ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ الْبَيْعَ مُسَبَّبٌ عَنْهَا نَاسَبَ تَأْخِيرُهُ (قَوْلُهُ قَوَامُهُ) بِالْفَتْحِ فِي الْقَامُوسِ وَالْقَوَامُ بِالْفَتْحِ مَا يُعَاشُ بِهِ انْتَهَى، وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْكَسْرِ وَالْمَعْنَى يَتَعَلَّقُ بِهِمَا نِظَامُ الْعَالَمِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى عَقْدَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مَعَاشُ الْعَالَمِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْقُوتِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ عَيْنًا) أَيْ النَّفَقَةُ بِمَعْنَى الْمُنْفَقِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوَهَا أَيْ كَالْعُرُوضِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا بِهِ قَوَامُهُ وَلَا يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلتَّحْصِيلِ (قَوْلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ) ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي) أَيْ وَأَمَّا الرُّبُعُ الْأَوَّلُ فَهُوَ رُبُعُ الْعِبَادَاتِ الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَتَوَابِعِهِ وَالْحَجِّ (قَوْلُهُ وَالْبَيْعَ وَتَوَابِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي) أَيْ فِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَالْإِجَارَةَ وَتَوَابِعَهَا فِي الرُّبُعِ الثَّانِي مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَالْحُدُودِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ الْإِجَارَةِ دُونَ الْبَيْعِ، (قَوْلُهُ وَبِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ) تَوْضِيحٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ) أَيْ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ أَيْ كَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْبَلْوَى) هِيَ نَفْسُ الْحَاجَةِ، وَكَانَ التَّعْبِيرُ عَنْهَا بِالْبَلْوَى إشَارَةً إلَى مَشَقَّةِ حُصُولِهِ وَمَعْنَى عُمُومِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2 إذْ لَا يَخْلُو الْمُكَلَّفُ غَالِبًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهِ وَالْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ عَقْدَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا قَوَامُ الْعَالَمِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ يَكْفِي رُبُعُ الْعِبَادَاتِ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مُحْتَاجًا إلَى الْغِذَاءِ مُفْتَقِرًا لِلنِّسَاءِ وَخَلَقَ لَهُ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَتْرُكْهُ سُدًى يَتَصَرَّفُ كَيْفَ شَاءَ بِاخْتِيَارِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ الْعَمَلُ بِمَا عَلِمَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَرِزُ مِنْ إهْمَالِهِ فَيَتَوَلَّى أَمْرَ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُ بِمُشَاوَرَتِهِ وَلَا يَتَّكِلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ أَوْ يَعْرِفُهَا وَيَتَسَاهَلُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ وَعُمُومِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ الْوُصُولُ إلَى مَا فِي يَدِ الْغَيْرِ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا، وَذَلِكَ مُفْضٍ إلَى عَدَمِ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالْحِيَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ لُغَةً مَصْدَرُ بَاعَ الشَّيْءَ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ فَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْقُرْءِ لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَلِلزَّنَاتِيِّ لُغَةُ قُرَيْشٍ اسْتِعْمَالُ بَاعَ إذَا أَخْرَجَ وَاشْتَرَى إذَا أَدْخَلَ وَهِيَ أَفْصَحُ وَاصْطَلَحَ عَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ وَأَمَّا شَرَى فَيُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى بَاعَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إذْ لَا يَخْلُو الْمُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَجْنُونِ فَحَاجَتُهُمَا مُتَعَلِّقَةٌ بِغَيْرِهِمَا وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ يَخْلُو عَنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِتَجَرُّدِهِ لِلْعِبَادَةِ وَطَرْحِهِ الدُّنْيَا وَرِضَاهُ بِمَا يَسُوقُهُ اللَّهُ مِنْ الرِّزْقِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ إلَخْ) وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ يُرِيدُ التَّلَبُّسَ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ مُتَّفَقًا عَلَى تَحْرِيمِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ أَثِمَ مِنْ جِهَةِ الْقُدُومِ وَالْفِعْلِ فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ هَلْ نُؤَثِّمُهُ بِنَاءً عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى التَّحْلِيلِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا، وَكَانَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ أَنَّهُ آثِمٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدَّمَ غَيْرَ عَالِمٍ (قَوْلُهُ قَوَامُ الْعَالَمِ) أَرَادَ عَالَمًا مَخْصُوصًا وَهُوَ النَّوْعُ الْإِنْسَانِيُّ وَالنَّوْعُ الْجِنِّيُّ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ) أَيْ نَظَرٌ الظَّاهِرُ إطْلَاقُهُ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى أَهْلِ التَّجْرِيدِ الْمَوْصُوفِينَ بِمَا سَبَقَ حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْكِنَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ إذَا بَلَغَهُ عَنْ فَقِيرٍ أَنَّهُ مَشَى خُطْوَةً فِي طَلَبِ الرِّزْقِ هَجَرَهُ، وَيَقُولُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا شَأْنُ الْفَقِيرِ أَنْ تَتْبَعَهُ الدُّنْيَا انْتَهَى (قَوْلُهُ إلَى الْغِذَاءِ) مِثْلُ كِتَابٍ مَا يُغْتَذَى بِهِ وَهُوَ مَا تَقُومُ بِهِ بِنْيَتُهُ (قَوْلُهُ مُفْتَقِرًا لِلنِّسَاءِ) بِمَعْنَى مُحْتَاجًا، وَعَبَّرَ بِهِ دَفْعًا لِلثِّقَلِ الْحَاصِلِ بِالتَّكْرَارِ اللَّفْظِيِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقُوتِ (قَوْلُهُ وَخَلَقَ لَهُ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) إشَارَةٌ إلَى قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] أَيْ تَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي غِذَاءٍ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى خَلَقَ أَوْ أَنَّهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ سُدًى) أَيْ هَمْلًا (قَوْلُهُ يَتَصَرَّفُ) تَفْسِيرٌ لِسُدًى (قَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَتَصَرَّفُ أَيْ يَتَصَرَّفُ بِإِرَادَتِهِ كَيْفَ شَاءَ أَيْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شَاءَهُ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَ لَهُ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَجَعَلَهُ مُحْتَاجًا لِلْغِذَاءِ مُفْتَقِرًا لِلنِّسَاءِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ سُدًى يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ) أَيْ اتَّصَفَ بِالتَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ مَزِيدُ الْإِيضَاحِ فَلَا يُبَالِي بِمِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ أَحْكَامِهِ) أَيْ أَحْكَامِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَرِزُ مِنْ إهْمَالِهِ) أَلْفَاظٌ بِمَعْنًى (قَوْلُهُ فَيَتَوَلَّى) أَيْ فَيَتَأَكَّدُ عَلَيْهِ أَيْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ نَدْبًا أَكِيدًا. قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي السُّوقِ أَنْ يُبَاشِرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ السُّنَّةُ، وَيَبْرَأَ مِنْ الْكِبْرِ وَإِنْ عَاقَهُ عَائِقٌ اسْتَنَابَ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالْأَحْكَامِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ بِقَوْلِهِ يَجِبُ أَيْ يَتَأَكَّدُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ فَغَيْرُهُ بِمُشَاوَرَتِهِ أَيْ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ وَلَا يَتَسَاهَلُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَّكِلُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بِأَنْ عَاقَهُ عَائِقٌ فَغَيْرُهُ بِمُشَاوَرَتِهِ وَلَا يَتَّكِلُ فَالْعِبَارَةُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ فِي قَوْلِهِ لَا يَتَّكِلُ إلَخْ ظَاهِرٌ وَثَابِتٌ سَوَاءٌ غَلَبَ الْفَسَادُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَعُمُومُهُ) بِمَعْنَى غَلَبَتِهِ (قَوْلُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ) أَرَادَ بِهِ زَمَنَهُ وَمَا شَابَهَهُ مِمَّا قَبْلَهُ مِنْ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي اخْتَلَّ نِظَامُ الدِّينِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَذَلِكَ مُفْضٍ) أَيْ وَالْوُصُولُ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا مُفْضٍ (قَوْلُهُ وَالْمُقَاتَلَةِ) مُغَايِرَانِ أُرِيدَ بِالْمُنَازَعَةِ الْمُخَالَفَةُ بِالْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ وَالْحِيَلِ) كَأَنْ يُكْرِمَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِغَبَنٍ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ أَيْ حِكْمَةُ الْبَيْعِ الشَّرْعِيِّ وَالْبَيْعُ مَعَ الْحِيَلِ بَيْعٌ غَيْرُ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَالْغَصْبِ، (قَوْلُهُ وَهُوَ لُغَةً) أَيْ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ مَصْدَرُ بَاعَ) أَيْ مَدْلُولُ مَصْدَرِ بَاعَ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَالْإِدْخَالُ (قَوْلُهُ يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) أَيْ يُطْلَقُ عَلَى الْإِخْرَاجِ وَالْإِدْخَالِ عَلَى طَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَالشِّرَاءُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ كَمَا فِي ك وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُ شَامِلٌ لِلْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ كَالْقُرْءِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ لَفْظًا بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَهُمَا الْحَيْضُ وَالطُّهْرُ (قَوْلُهُ وَهِيَ أَفْصَحُ) أَيْ مِنْ الْأُولَى وَعَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ فَلَيْسَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَضْدَادِ (قَوْلُهُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ) بِخِلَافِهِ عَلَى اللُّغَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ فِيهِ تَقْرِيبٌ لِلْفَهْمِ لِاحْتِيَاجِ الْمُشْتَرَكِ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْهُ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ إلَى قَرِينَةٍ، (قَوْلُهُ وَأَمَّا شَرَى فَيُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى بَاعَ) ذَوْقُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى اشْتَرَى وَهُوَ الْأَصْلُ وَبِمَعْنَى بَاعَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بَاعَ لَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا شَرَى فَهُوَ بِمَعْنَى بَاعَ وَفِي الْقَامُوسِ إنَّ شَرَى يُسْتَعْمَلُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] أَيْ بَاعُوهُ فَفَرَّقَ بَيْنَ شَرَى وَاشْتَرَى، وَأَمَّا مَعْنَاهُ شَرْعًا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهِ ضَرُورِيَّةٌ حَتَّى لِلصِّبْيَانِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَعْلُومَ ضَرُورَةً وُجُودُهُ عِنْدَ وُقُوعِهِ لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِلْمُ حَقِيقَتِهِ، ثُمَّ قَالَ الْبَيْعُ الْأَعَمُّ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ فَتَخْرُجُ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ وَالنِّكَاحُ وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ وَالصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ وَالسَّلَمُ وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَخَصُّ مِنْهُ بِزِيَادَةِ ذُو مُكَايَسَةٍ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ إلَخْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ} [يوسف: 20] أَيْ بَاعُوهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لِإِخْوَةِ يُوسُفَ وَالْوَاقِعُ مِنْهُمْ الْبَيْعُ لَا الشِّرَاءُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَمِيرَ بَاعُوهُ لِلْآخِذِينَ لِيُوسُفَ وَالْوَاقِعُ مِنْهُمْ الْبَيْعُ لَا الشِّرَاءُ وَالْآخِذُونَ لَهُ إخْوَتُهُ مِنْ السَّيَّارَةِ الَّذِينَ أَخْرَجَهُ وَارِدُهُمْ حِينَ أَدْلَى دَلْوَهُ، وَقَالَ إخْوَتُهُ هُوَ غُلَامُنَا سُرِقَ مِنَّا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ خَوْفًا مِنْهُمْ، ثُمَّ بَاعُوهُ لِلسَّيَّارَةِ فَلَوْ جَعَلَ ضَمِيرَ شَرَوْهُ لِلسَّيَّارَةِ لَمْ يَلْتَئِمْ مَعَ قَوْلِهِ {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] إذْ الزَّاهِدُونَ فِيهِ إخْوَتُهُ لَا السَّيَّارَةُ وَإِنْ جَعَلَ ضَمِيرَ شَرَوْهُ لِلسَّيَّارَةِ وَضَمِيرَ كَانُوا لِأُخُوَّتِهِ لَزِمَ تَشْتِيتُ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ. اهـ. (أَقُولُ) لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ السَّيَّارَةَ يَتَّصِفُونَ بِأَنَّهُمْ زَاهِدُونَ فِيهِ لِاشْتِرَائِهِمْ لَهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ يُظَنُّ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَدُومُ لَهُمْ ثُمَّ وَجَدْت ذَلِكَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ (قَوْلُهُ فَفَرَّقَ بَيْنَ شَرَى وَاشْتَرَى) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ اشْتَرَى لِلْإِدْخَالِ لَا غَيْرُ، وَأَمَّا شَرَى فَهُوَ لِلْإِخْرَاجِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا} [البقرة: 90] (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعْنَاهُ شَرْعًا) كَأَنَّهُ يَقُولُ أَمَّا مَعْنَاهُ لُغَةً فَقَدْ عَرَفْته (قَوْلُهُ مَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهِ) أَيْ مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ ضَرُورَةً) أَيْ لَا تَحْتَاجُ لِلنَّظَرِ وَلَا لِلِاسْتِدْلَالِ فَلَا تَحْتَاجُ لِتَعْرِيفٍ (قَوْلُهُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُقُوعِهِ) فِيهِ أَنَّ وُجُودَهُ عَيْنُ وُقُوعِهِ وَثُبُوتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ أَوْ وُقُوعُهُ عِنْدَ وُقُوعِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّكَّةِ فَلَوْ حَذَفَ عِنْدَ وُقُوعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (أَقُولُ) وَلَوْ قَالَ إنَّ الْمَعْلُومَ حَقِيقَتُهُ عَلَى الْإِجْمَالِ لَا عَلَى التَّفْصِيلِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِلْمُ حَقِيقَتِهِ) أَيْ بِالْجِنْسِ وَالْفَصْلِ. (قَوْلُهُ الْبَيْعُ الْأَعَمُّ) الْأَعَمُّ صِفَةُ الْبَيْعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ وَحَدُّ الْبَيْعِ الْأَعَمِّ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ عَقْدُ إلَخْ مِثْلُ قَوْلِكَ الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَقَوْلِنَا حَدُّ الْإِنْسَانِ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ) أَيْ تَحْصِيلًا أَوْ تَرْكًا لِيَشْمَلَ الْخُلْعَ وَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ زِيَادَتِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُطْلَقُ عَلَى مُتْعَةِ اللَّذَّةِ وَهُوَ الْكَثِيرُ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ فَتَخْرُجُ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ) أَيْ بِقَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ شِرَاءُ مَنَافِعِ الْحَيَوَانِ الْعَاقِلِ وَالْكِرَاءَ شِرَاءُ مَنَافِعِ غَيْرِ الْعَاقِلِ، وَقَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ. (قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ) وَكَذَا تَدْخُلُ الْمُبَادَلَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فِي الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى أَعْنِي تَوْلِيَةَ الْبَعْضِ وَالْقِسْمَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَالشَّرِكَةَ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا تَدْخُلُ الشُّفْعَةُ نَفْسُهَا؛ لِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ أَخْذَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الَّتِي بَاعَهَا بِثَمَنِهَا قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَالصَّرْفُ) هُوَ دَفْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي مُقَابَلَةِ الْآخَرِ كَدَفْعِ ذَهَبٍ فِي مُقَابَلَةِ فِضَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَاطَلَةُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ بِالْمِيزَانِ بِأَنْ يَضَعَ ذَهَبَ هَذَا فِي كِفَّةٍ وَالْآخَرَ فِي كِفَّةٍ حَتَّى يَعْتَدِلَا فَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَهَبَ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَالِبُ عُرْفًا) أَيْ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ مُعَيَّنٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِعَقْدٍ فَإِنَّهُ مُضَافٌ لِنَكِرَةٍ فَلَا يَتَعَرَّفُ فَصَحَّ وَصْفُهُ بِالنَّكِرَةِ وَقَوْلُهُ غَيْرُ الْعَيْنِ نَائِبُ فَاعِلِ مُعَيَّنٌ وَفِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ إلَخْ) أَعْنِي هِبَةَ الثَّوَابِ بِقَوْلِهِ ذُو مُكَايَسَةٍ إذْ لَا مُكَايَسَةَ أَيْ مُغَالَبَةَ فِيهَا وَالصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ بِقَوْلِهِ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَالْمُسْلَمُ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِي السَّلَمِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَمِنْ شُرُوطِهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَشَمَلَ الْمُعَيَّنَ الْغَائِبَ الْمَبِيعَ بِالصِّفَةِ وَنَحْوَهُ لَا الْحَاضِرَ فَقَطْ حَتَّى يَرِدَ أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ يَكُونُ لِغَائِبٍ بِشُرُوطِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ سَلَمُ عَرْضٍ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ وَهُوَ الْعَرْضَانِ مَعًا لَمْ يَتَعَيَّنَا بَلْ أَحَدُهُمَا وَهُوَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ فَصَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ غَيْرُ الْعَيْنِ أَيْ جَمِيعُهُ بَلْ بَعْضُهُ فَلَمْ تَدْخُلْ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي التَّعْرِيفِ الْأَخَصِّ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ بَعْضِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ فِيهِ كَصُلْحٍ عَنْ دَيْنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِعَرْضٍ يُسَاوِي ذَلِكَ أَوْ يُقَارِبُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَالسَّلَمُ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنَةٍ مَعَ أَنَّهُ سَلَمٌ انْتَهَى، وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِالْتِزَامِ دُخُولِ الْأَوَّلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ كَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بَيْعٌ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَائِطِ لَا لِعَيْنِ الْمُشْتَرَى وَهُوَ الثَّمَنُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إجْمَالٌ فِي قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ التَّعْيِينِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْكَامِلُ، أَوْ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ نَادِرَةٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ لَهَا شُرُوطًا تَخُصُّهَا غَيْرَ شُرُوطِ السَّلَمِ فِي غَيْرِهَا أَوْ أَنَّ فِي إطْلَاقِ السَّلَمِ عَلَيْهَا تَجَوُّزًا انْتَهَى. وَفِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِمَنْعِهِمْ تَسْمِيَةَ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ بَيْعًا فِي غَالِبِ الْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ وَالْمُرَاطَلَةَ وَمَا مَعَهَا أَقْرَبُ إلَى الدُّخُولِ فِيهِ مِنْهُ فَحَيْثُ أُخْرِجَتْ فَهُوَ أَحْرَى وَكَوْنُهُ بَيْعًا إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَالْمُكَايَسَةُ الْمُغَالَبَةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَدَفْعُ عَرْضٍ فِي مَعْلُومِ قَدْرٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ لِأَجَلٍ سَلَمٌ لَا بَيْعٌ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَنْفَسِخْ بَيْعُهُ وَلَوْ كَانَ بَيْعَ مُعَيَّنٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحَدِّهِ بَلْ تَعَرَّضَ لِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (ص) يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (ش) اعْلَمْ أَنَّ لِلْبَيْعِ أَرْكَانًا ثَلَاثَةً الصِّيغَةَ وَالْعَاقِدَ وَهُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ إمَّا لِقِلَّتِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَوَّلَهَا فِي الْوُجُودِ وَبَعْدَهُ يَحْصُلُ تَقَابُضُ الْعِوَضَيْنِ وَالْمَعْنَى تَثْبُتُ وَتُوجَدُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ بِسَبَبِ وُجُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْعَاقِدِ مِنْ لَفْظٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ غَيْرَ أَعْمَى عَرَبِيٍّ أَوْ عَجَمِيٍّ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ أَخْرَسَ أَعْمَى مُنِعَتْ مُعَامَلَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ لِتَعَذُّرِ الْإِشَارَةِ مِنْهُ وَبِعِبَارَةٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ فِعْلٍ مِنْهُمَا أَوْ قَوْلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَفِعْلٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مِنْ الْآخَرِ، وَدَخَلَتْ فِيهِ الدَّلَالَةُ الْمُطَابِقِيَّةُ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَالتَّضَمُّنِيَّةُ كَخُذْ وَهَاتِ وَالِالْتِزَامِيَّة كَعَاوَضْتُكَ هَذَا بِهَذَا وَالْعُرْفِيَّةُ كَالْمُعَاطَاةِ وَقَوْلُهُ بِمَا أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَتُفَسَّرُ بِنَكِرَةٍ أَوْ بِمَعْرِفَةٍ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ أَيْ بِكُلِّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ) زَائِدَةٌ أَيْ وَإِنْ   [حاشية العدوي] لَانْفَسَخَ بَيْعُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ انْتَهَى. وَالْعَيْنُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ فَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ إذَا لَمْ يَكُونَا مَسْكُوكَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ فَتَصِيرُ هَذِهِ الصُّورَةُ كَمَسْأَلَةِ عَرْضٍ فِي عَرْضٍ وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُفِيدُ إطْلَاقَ الْعَيْنِ عَلَى الذَّهَبِ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالْمُمَاكَسَةُ قَرِيبٌ مِنْهَا كَمَا قَالَ فِي الْمُحْكَمِ تَمَاكَسَ الْمُتَبَايِعَانِ تَشَاحَّا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ إلَخْ) هَذَا التَّرَجِّي ضَعِيفٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْحَقَائِقِ وَلَوْ كَانَتْ نَظَرِيَّةً (قَوْلُهُ بَلْ تَعَرَّضَ لِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ) أَمَّا التَّعَرُّضُ لِشُرُوطِهِ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ وَأَمَّا الْأَرْكَانُ فَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا إلَّا الصِّيغَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَقَوْلُهُ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُذْكَرُ بَعْدَ الْبَقِيَّةِ صَرِيحًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يَحْصُلُ تَقَابُضُ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ وَبِهِ يَحْصُلُ الْعِوَضَانِ الْمَقْبُوضَانِ أَيْ اللَّذَيْنِ شَأْنُهُمَا الْقَبْضُ، وَإِلَّا فَقَدْ يَتَأَخَّرُ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَتُوجَدُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ تَثْبُتُ وَتُوجَدُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْبَيْعُ عَقْدٌ فَلَا يَصِحُّ التَّعْبِيرُ بِيَنْعَقِدُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْعِقَادِ الثُّبُوتُ وَالْوُجُودُ وَعَطْفُ تُوجَدُ عَلَى تَثْبُتُ عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ وَتُوجَدُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ) ثُمَّ أَقُولُ وَبَعْدُ فَفِي الْكَلَامِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِوَصْفِ كَوْنِهِ بَائِعًا وَالْمُشْتَرِي بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا وَالثَّمَنُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ ثَمَنًا وَالْمُثَمَّنُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُثَمَّنًا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْبَيْعِ كَيْفَ، وَقَدْ جُعِلَتْ مِنْ أَرْكَانِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّك إذَا نَظَرْت لِذَاتِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَتَجِدُهَا مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْعَقْدِ الْمُسَمَّى بِكَوْنِهِ بَيْعًا وَإِنْ نَظَرْت لَهَا بِاعْتِبَارِ وَصْفِهَا الْمَذْكُورِ فَتَجِدُهَا مُتَأَخِّرَةً فَلَا يَظْهَرُ عَدُّهَا أَرْكَانًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ ثُمَّ لَوْ جُعِلَتْ أَرْكَانًا عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّسَامُحِ أَيْ أَنَّ وُجُودَ حَقِيقَتِهِ تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَوَاتِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَكَانَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَخْرَسَ أَعْمَى) ، أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ الْأَخْرَسِ عَدَمُ السَّمَاعِ وَإِلَّا فَلَوْ وُجِدَ السَّمَاعُ مَا امْتَنَعَ. وَأَمَّا مَا عَلَّلَ بِهِ بِقَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ الْإِشَارَةِ فَلَا يَنْتِجُ الْمَنْعُ لِوُجُودِهِ فِي الْأَعْمَى فَقَطْ وَقَوْلُهُ مِنْهُ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ فَفِي الْحَقِيقَةِ الْعِلَّةُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ تَعَذُّرُ الْإِشَارَةِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ فَعْلٍ) أَيْ غَيْرِ إشَارَةٍ كَالْكِتَابَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِعْلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ سِتُّ صُوَرٍ غَيْرُ صُورَةِ الْمُعَاطَاةِ وَهِيَ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ أَوْ كِتَابَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ الْمُطَابِقِيَّةُ) أَيْ الصَّرِيحَةُ (قَوْلُهُ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت) أَيْ أَنَّ حُصُولَ اللَّفْظَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ الْبَائِعِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْمُشْتَرِي يَدُلُّ مُطَابَقَةً عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ وَالتَّضَمُّنِيَّةُ لَمْ يُرِدْ بِهَا اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَنْطِقِ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى جَزْءِ الْمَعْنَى بَلْ أَرَادَ بِهَا الِالْتِزَامِيَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ حَيْثُ عَطَفَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ الِالْتِزَامِيَّةُ تُنَافِي ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّضَمُّنِيَّةَ وَالِالْتِزَامِيَّة فِي الْمَقَامِ شَيْءٌ وَاحِدٌ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَيْعَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ الْمُتَوَقِّفُ حُصُولُهُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَهَذَا مَفْهُومُ مُطَابَقَةٍ فِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ خُذْ هَذَا وَائْتِ بِهَذَا إلَّا الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ فَكَيْفَ يَقُولُ مُطَابِقِيَّةٌ وَتَضَمُّنِيَّةٌ وَالْتِزَامِيَّةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بالمطابقية مَا دَلَّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً مِنْ حَيْثُ الْعِنْوَانُ وَهُوَ بِعْت وَاشْتَرَيْت وَأَرَادَ بِالتَّضَمُّنِيَّةِ مَا دَلَّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً إلَّا أَنَّهَا أَخْفَى مِنْ الْأُولَى، وَأَرَادَ بِالدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ مَا دَلَّ دَلَالَةً إلَّا أَنَّهَا أَخْفَى مِنْ التَّضَمُّنِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ وَإِنْ دَلَّتْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً أَظْهَرُ مِنْ خُذْ وَهَاتِ إلَّا أَنَّهَا يَحْسِبُ الْعَوَامُّ فِيهَا خَفَاءً هَذَا غَايَةُ مَا يُتَمَحَّلُ فِي الْمَقَامِ وَاَللَّهُ يُلْهِمُنَا الصَّوَابَ. (قَوْلُهُ وَاشْتَرَيْت) يَدُلُّ مُطَابَقَةً عَلَى الرِّضَا بِالْإِدْخَالِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى إلَخْ) ، وَأَمَّا النَّكِرَةُ فَقَدْ تَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَنْ يَكُونَ فِعْلٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمِنْ الْآخَرِ قَوْلٌ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَلَوْ قَالَ وَإِنْ إعْطَاءً كَانَ أَوْلَى أَيْ وَإِنْ كَانَ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا إعْطَاءً (قَوْلُهُ زَائِدَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ زِيَادَةَ الْبَاءِ فِي خَبَرِ كَانَ نَادِرَةٌ كَمَا قَالَهُ النَّحْوِيُّونَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ مَعَ تَقْدِيرِ كَانَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُلْتَبِسًا بِمُعَاطَاةٍ مِنْ الْتِبَاسِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ وَقَالَ بَعْضٌ هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَإِنْ حَصَلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَوْ الدَّالُّ عَلَيْهِ مُعَاطَاةً، وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَيُعْطِيَهُ الْمَثْمُونَ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ وَلَا اسْتِيجَابٍ وَالْمُعَاطَاةُ الْمَحْضَةُ الْعَارِيَّةُ عَنْ الْقَوْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ حُضُورِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ أَيْ قَبْضِهِمَا، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَمَنْ أَخَذَ مَا عَلِمَ ثَمَنَهُ لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ إلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ مَنْ دَفَعَ ثَمَنَ رَغِيفٍ مَثَلًا لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ حَتَّى يَقْبِضَ الرَّغِيفَ، وَأَمَّا أَصْلُ وُجُودِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَمَنْ أَخَذَ مَا عَلِمَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِكِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ فَقَدْ وُجِدَ بِذَلِكَ أَصْلُ الْعَقْدِ وَلَا يُوجَدُ لُزُومُهُ إلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ وُجُودُ الْعَقْدِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ لَكَانَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ (ص) وَبِبِعْنِي فَيَقُولُ بِعْت (ش) أَيْ وَكَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ يَنْعَقِدُ بِتَقَدُّمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَقُولَ بِعْنِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ وَفِيمَا قَبْلَهَا وَلِهَذَا أَتَى بِهَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ لِدُخُولِهَا مَعَهَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَلَمَّا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا عُرْفًا اسْتَوَى لَفْظُ الْأَمْرِ مَعَ الْمَاضِي فَقَوْلُ الْمُشْتَرِي لِمَنْ سِلْعَتُهُ فِي يَدِهِ بِعْنِي سِلْعَتَك بِكَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي إيجَابِ الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِاحْتِمَالِ أَمْرِهِ بِهِ أَوْ الْتِمَاسِهِ مِنْهُ فَيُحْتَمَلُ رِضَاهُ بِهِ وَعَدَمُهُ لَكِنْ الْعُرْفُ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي هَذِهِ السِّلْعَةَ أَوْ خُذْهَا أَوْ دُونَكَهَا فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَبِلْت أَوْ فَعَلْت فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبِكَبِعْنِي لَكَانَ أَحْسَنَ (ص) وَبِابْتَعْتُ أَوْ بِعْتُك وَيَرْضَى الْآخَرُ فِيهِمَا (ش) أَيْ وَكَذَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي ابْتَعْت وَيَرْضَى الْبَائِعُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ بِقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك وَنَحْوُهُ وَيَرْضَى الْمُشْتَرِي بِأَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِمَّا مَرَّ وَلَوْ قَالَ الْبَادِئُ مِنْهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ صَاحِبِهِ لَا أَرْضَى   [حاشية العدوي] بِمُعَاطَاةٍ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الرِّضَا بَلْ هَذَا أَوْلَى مِمَّا ذُكِرَ وَيَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ كَانَ عَائِدًا عَلَى الدَّلَالَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ يَدُلُّ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ بِسَبَبِ مُعَاطَاةٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُعْطِيَهُ الْمَثْمُونَ فَيُعْطِيَهُ الثَّمَنَ (ثُمَّ أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْقُبَ إعْطَاءُ الْمَثْمُونِ إعْطَاءَ الثَّمَنِ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَعْقِيبٌ لَا تَصِحُّ الْمُعَاطَاةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَذَكَرُوا كَلَامًا عَامًّا فَنَذْكُرُهُ لَك لِأَجْلِ أَنْ تَعْلَمَ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا مَا نَصُّهُ وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ أَجَابَهُ صَاحِبُهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ لَزِمَهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ حَصَلَ فَصْلٌ يَقْتَضِي الْإِعْرَاضَ بِحَيْثُ لَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ جَوَابًا لِلْكَلَامِ السَّابِقِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا انْتَهَى اُنْظُرْ تَتِمَّةَ ذَلِكَ فِي الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِعْت وَقَوْلُهُ وَلَا اسْتِيجَابٍ أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُهُ اشْتَرَيْت وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُعَاطَاةَ ظَاهِرَةٌ فِي الْفِعْلِ مِنْهُمَا، وَسَيُصَرِّحُ بِمَا إذَا وَقَعَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ وَبِابْتَعْتُ أَوْ بِعْتُك وَيَرْضَى الْآخَرُ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا التَّعْرِيفِ لِلْمُعَاطَاةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْعَقْدُ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ إلَّا بِإِعْطَائِهِ الثَّمَنَ فَيُعْطِيهِ الْمَثْمُونَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لُزُومُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ لَا أَصْلُ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ اللَّازِمَ كَانَ قَاصِرًا إذْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ إلَخْ شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ غَيْرِ اللَّازِمِ وَاللَّازِمِ بِدَلِيلِ تَفْصِيلِهِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهَا) أَيْ فِي لُزُومِهَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُعَاطَاةِ مَا كَانَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ الَّتِي هِيَ الصُّوَرُ اللَّازِمَةُ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ فِي مُطْلَقِ الصِّحَّةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْمُعَاطَاةُ الْمَحْضَةُ أَيْ الْمُعَاطَاةُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ لَا بُدَّ فِي لُزُومِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ إلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ) وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ (قَوْلُهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي إيجَابِ الْبَيْعِ) أَيْ فِي الرِّضَا بِهِ بِدَلِيلِ آخِرِ الْعِبَارَةِ وَإِنْ كَانَ يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَمْرِهِ بِهِ أَيْ إذَا كَانَ أَعْلَى مِنْ الْمَسْئُولِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْتِمَاسِهِ أَيْ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ دُعَائِهِ إذَا كَانَ أَدْنَى مِنْهُ فَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَمْرِهِ أَيْ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ رِضَا كُلٍّ لَكِنْ الْعُرْفُ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ أَيْ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مَوْجُودٌ فِي صِيغَةِ الْمَاضِي أَيْضًا فَيُقَالُ إنَّهُ يَحْتَمِلُ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ لَا الرِّضَا لَكِنْ الْعُرْفُ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا انْعَقَدَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فِي الْقَبُولِ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْإِيجَابِ فَأَوْلَى إذَا كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ كَاشْتَرِ مِنِّي (قَوْلُهُ أَيْ وَكَذَلِكَ يَنْعَقِدُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَبِابْتَعْتُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِعِلْمِ حُكْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِبِعْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك) اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ قَوْلِهِ أَوْ بِعْتُك بِدَفْعِ تَوَهُّمِ شَيْءٍ يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْعَقْدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَبِبِعْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْبَادِئُ مِنْهُمَا بَعْدَ إلَخْ) بَلْ وَلَوْ قَبْلَ الْإِجَابَةِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 إنَّمَا كُنْت مَازِحًا أَوْ مَرِيدًا خِبْرَةَ ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ صِيغَةِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَقَبِلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ وَالضَّمِيرُ فِي فِيهِمَا رَاجِعٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ وَالْآخَرُ الْبَائِعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (ص) وَحَلَفَ وَإِلَّا لَزِمَ إنْ قَالَ أَبِيعُكَهَا بِكَذَا أَوْ أَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ مِنْ لَفْظِ بِالْمُضَارِعِ ابْتِدَاءً مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ ثُمَّ قَالَ لَا أَرْضَى بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدُّ الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَعْدَ أَوْ الْمَزْحَ لَمْ يَلْزَمْ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْوَعْدَ وَنَحْوَهُ أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَنَا أَشْتَرِيهَا بِكَذَا بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ فَقَالَ صَاحِبُهَا خُذْ وَنَحْوَهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْوَعْدَ وَنَحْوَهُ حَلَفَ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى وَالشِّرَاءُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي لَمْ يُقْبَلْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِهِ أَوْ لَا يَمِينَ كَمَا مَرَّ وَالْيَمِينُ لَا تَنْقَلِبُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَرَدُّدٌ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَمِينٌ، وَيَلْزَمُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْمُضَارِعِ أَوَّلًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَرَدُّدَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَاعِبٍ، وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُ بِالْأَمْرِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدَمُ إرَادَةِ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَبِبِعْنِي فَيَقُولُ بِعْت، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ سَوَّى فِيهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ الْآتِيَةِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا يُفِيدُ الْحَلِفَ فِي الْأَمْرِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحَالِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (ص) أَوْ تَسَوَّقَ بِهَا فَقَالَ: بِكَمْ؟ فَقَالَ بِمِائَةٍ فَقَالَ أَخَذْتهَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْلِفُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ إذَا أَوْقَفَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ الْمُعَدِّ لَهَا لِلْبَيْعِ كَثُرَ التَّسَوُّقُ أَمْ لَا فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ: بِكَمْ هِيَ؟ فَقَالَ بِمِائَةٍ فَقَالَ أَخَذْتهَا بِهَا فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ أَنَا أَشْتَرِيهَا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ أَنَا وَقَالَ أَشْتَرِيهَا بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِأَنَا لِأَجْلِ أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ الِاتِّحَادُ فِي فَاعِلِ أَبِيعُكَهَا فَيَكُونَ الْقَائِلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدًا وَهُوَ الْبَائِعُ فَلَيْسَ حَشْوًا (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ الْحَلِفِ فِي الصُّورَتَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ كَمَا قُرِّرَ فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ، وَهَذَا الْقَيْدُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ لَا بَيْعَ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ بِهِ الْآخَرُ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بَعْدُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةٍ يَلْزَمُ بِهَا الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ كَصِيغَةِ مَاضٍ وَمَا لِلْمُصَنِّفِ هُنَا صِيغَةُ مُضَارِعٍ كَمَا هُوَ لَفْظُهُ فَإِنْ أَتَى أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ مَاضٍ وَرَجَعَ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ لَمْ يَنْفَعْهُ رُجُوعُهُ كَمَا إذَا أَتَى بِصِيغَةِ مَاضٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِابْتَعْتُ أَوْ بِعْتُك وَيَرْضَى الْآخَرُ فَإِنَّ الشَّارِحَ قَالَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَوْ قَالَ الْبَادِئُ مِنْهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ صَاحِبِهِ لَا أَرْضَى (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَرَدُّدٌ) سَحْنُونَ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ تَبِيعُنِي دَابَّتَك بِكَذَا فَيَقُولُ لَا إلَّا بِكَذَا فَيَقُولُ اُنْقُصْنِي دِينَارًا فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ أَخَذْتهَا بِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ لِدَلَالَةِ تَرَدُّدِ الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَاعِبٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَمَحَلُّ انْعِقَادِهِ بِذَلِكَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الرِّضَا بِهِ أَوْ خَالَفَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ، وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْلِفُ مَعَ الْمُضَارِعِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَعَ الْأَمْرِ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ فَيَقُولُ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالنَّصْبُ بَعْدَ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَبِبِعْنِي إلَخْ فَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي خِلَافِ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْمُضَارِعِ يُفِيدُ الْحَلِفَ بِالْأَمْرِ بِالْأَوْلَى فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ كَثُرَ التَّسَوُّقُ أَمْ لَا) وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُشْعِرُ بِالتَّكْرَارِ لِدَلَالَةِ صِيغَةِ التَّفَعُّلِ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَثُرَ الْوُقُوفُ فِي سُوقِهَا الْمُعَدِّ لَهَا لِلسَّوْمِ أَوَّلًا فَتَدَبَّرْ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْحَطَّابِ يُفِيدُ أَنَّ التَّسَوُّقَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ قَالَ مَفْهُومُ تَسَوُّقٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَحُكْمُ مَا إذَا تَسَوَّقَ وَمَا إذَا لَمْ يَتَسَوَّقْ سَوَاءٌ، وَهُوَ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا وَإِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْبَيْعِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْبَائِعِ كَمَا إذَا حَصَلَ تَمَاكُسٌ فِي الثَّمَنِ أَوْ سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ قَالَ بَعْدُ لَا أَرْضَى فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ وَانْظُرْ هَلْ مِنْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ مَا إذَا ذَكَرَ الْبَائِعُ ثَمَنًا قَلِيلًا فِيمَا يَكْثُرُ قِيمَتُهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ بِكَمْ فَقَالَ بِمِائَةٍ وَهِيَ تُسَاوِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَفْهُومُ تَسَوُّقٍ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ فَإِنَّ غَيْرَ الْمَوْقُوفَةِ لِلسَّوْمِ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ كَانَ لَاعِبًا بِلَا يَمِينٍ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ بِيَمِينٍ ضَعِيفٌ، وَالْمَوْقُوفَةُ فِي غَيْرِ سُوقِهَا الْمُعَدِّ لَهَا حُكْمُهَا حُكْمُ غَيْرِ الْمُتَسَوَّقِ بِهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَقَالَ: بِكَمْ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: بِكَمْ تَبِيعُهَا لِي فَيَنْبَغِي لُزُومُ الْبَيْعِ (ص) وَشَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ (ش) الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَاقِدٌ عَائِدٌ عَلَى الْبَيْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْعَاقِدِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي التَّمْيِيزُ، وَهُوَ إذَا كَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمُؤَلِّفِ وَابْنِ رَاشِدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقْدُ الْمَجْنُونِ حَالَ جُنُونِهِ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ بِالْأَصْلَحِ فِي إتْمَامِهِ وَفَسْخِهِ إنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَلْزَمُهُ عَقْدُهُ، وَاسْتَدَلَّ بِأَشْيَاءَ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَقْدَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا مِنْ جِهَةٍ دُونَ جِهَةٍ كَعَقْدِ رَشِيدٍ مَعَ عَبْدٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ صَحِيحًا مِنْ جِهَةٍ دُونَ جِهَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا إذْ لَا يُمْكِنُ اتِّصَافُهُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْرَفْ التَّمْيِيزُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ التَّمْيِيزُ التَّامُّ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ. قَوْلُهُ (ص) إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ فِي بَيْعِ السَّكْرَانِ وَشِرَائِهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنْ كَانَ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ أَيْ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ أَيْ نَوْعٌ مِنْ التَّمْيِيزِ فَلَا خِلَافَ فِي انْعِقَادِ بَيْعِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الطُّرُقُ فِي لُزُومِهِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُعَلِّمِ لِجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا إذَا عَلِمْت هَذَا. فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ لَكَانَ أَخْصَرَ وَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ وَسَلِمَ مِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنْ كَانَ مِنْ الْمَنْطُوقِ فَالْبَاءُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى مَعَ، وَالْمُرَادُ بِالسُّكْرِ حِينَئِذٍ نَوْعٌ مِنْهُ لَا غَيْبُوبَةُ الْعَقْلِ الْمُنَافِيَةُ لِلتَّمْيِيزِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّمْيِيزُ مَعَ سُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي انْعِقَادِ بَيْعِ السَّكْرَانِ الْمُمَيِّزِ أَيْ صِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي لُزُومِهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي انْعِقَادِهِ فَلَا تَصِحُّ حِكَايَةُ التَّرَدُّدِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ   [حاشية العدوي] مِائَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْبَيْعَ فَهَلْ لَا يَحْلِفُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ عَائِدٌ عَلَى الْبَيْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ) الْأَوْلَى عَلَى الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَقَدْ يُقَالُ لِمَا بَعْدَ الْمَرْجِعِ جَعَلَ الضَّمِيرَ عَائِدًا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ صِحَّةَ عَقْدِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافَيْنِ مَحْذُوفَيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلُزُومُهُ وَلِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ الْعَقْدُ لَا الْعَاقِدُ (قَوْلُهُ التَّمْيِيزُ) وَلَا يَنْضَبِطُ بِحَدٍّ (قَوْلُهُ وَهُوَ إذَا كَلَّمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّمْيِيزَ لَيْسَ هُوَ إذَا كَلَّمَ فَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وَهُوَ ذُو إذَا كَلَّمَ إلَخْ أَيْ هُوَ حَالَةٌ مُصَاحِبَةٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَ مِثْلِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ. (قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ بِأَشْيَاءَ) أَيْ كَقَوْلِهَا مَنْ جُنَّ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ نَظَرَ لَهُ السُّلْطَانُ وَبِسَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ مَرِيضٌ لَيْسَ فِي عَقْلِهِ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا كَبَيْعِ السَّكْرَانِ وَاعْتَرَضَ دَلِيلَهُ الْأَوَّلَ بِطُرُوِّهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، وَلَعَلَّ دَلِيلَهُ الثَّانِيَ فِيمَنْ عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ كَالْمَعْتُوهِ، وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَأَنَّ كَلَامَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ قَوْلُهُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ يَكُونُ الْمَعْنَى إلَّا إنْ كَانَ التَّمْيِيزُ مَعَ السُّكْرِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّمْيِيزَ الَّذِي مَعَ السُّكْرِ نَوْعٌ مِنْهُ لَا التَّمْيِيزُ التَّامُّ وَإِنْ كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ يَكُونُ الْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ فَلَوْ أُرِيدَ التَّمْيِيزُ التَّامُّ يَكُونُ الْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا تَمْيِيزَ كَامِلٌ عِنْدَهُ أَيْ وَعِنْدَهُ أَصْلُ التَّمْيِيزِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي انْعِقَادِ بَيْعِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْخِلَافِ جَعَلَهُ كَالْمَجْنُونِ وَقَالَ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا طَلَاقٌ فَيُؤْذِنُ بِصِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيُّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنَّ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ قَوْلَيْنِ بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ أَيْ مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ ظَاهِرُهُ التَّرَدُّدُ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لِذِكْرِهِمَا الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الصِّحَّةِ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيُّ وَعِيَاضٌ وَاللَّخْمِيُّ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ إلَخْ) عِبَارَةٌ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ أَقْوَالٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَهَا ابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فَلَا يُحَدُّ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ بَقِيَّةً مِنْ عَقْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَالثَّالِثُ يَلْزَمُهُ الْأَفْعَالُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ، وَالرَّابِعُ يَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ لِلَّهِ بِهِ حَقٌّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمَفْهُومِ وَعَلَيْهِ دَرَجَ الشَّارِحُ وَمَنْ وَافَقَهُ أَيْ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّمْيِيزِ بِسَبَبِ سُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْعَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ صَحِيحٍ إمَّا اتِّفَاقًا عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ فَالْمُنَاسِبُ لِلِاخْتِصَارِ وَالْمُطَابِقُ لِمَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى الْجَزْمُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَتَرْكُ ذِكْرِ التَّرَدُّدِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ لِطَرِيقَةِ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَلِطَرِيقَةِ ابْنِ شَعْبَانَ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِيهَا ضَعِيفًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهِ صِحَّةَ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالسُّكْرِ الْحَرَامُ وَهُوَ الْخَمْرُ أَوْ غَيْرُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَعَدِّيًا عَالِمًا أَمَّا إنْ شَرِبَهُ غَيْرَ عَالِمٍ أَوْ لِلتَّدَاوِي فَكَالْمَجْنُونِ (ص) وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ (ش) عَطْفٌ عَلَى عَاقِدِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ عَلَى الصِّحَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ لَا يُقَابِلُ الْعَاقِدَ فَيُعْطَفُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُقَابِلُ الصِّحَّةَ فَلِذَلِكَ صَحَّ الْعَقْدُ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ لُزُومِ الْبَيْعِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ مُكَلَّفٍ وَهُوَ الرَّشِيدُ الطَّائِعُ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ كَصَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مُكْرَهٍ لَمْ يَلْزَمْ وَإِنْ صَحَّ (ص) لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ طَائِعًا وَأَمَّا إذَا أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ طَلَبُ مَالٍ ظُلْمًا فَبَاعَ شَيْئًا لِوَفَائِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَاحْتَرَزَ بِالْجَبْرِ الْحَرَامِ مِنْ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ كَجَبْرِ الْقَاضِي الْمِدْيَانِ عَلَى الْبَيْعِ لِوَفَاءِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْمُنْفِقِ لِلنَّفَقَةِ وَالْخَرَاجِ الْحَقِّ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ لَازِمٌ وَجَائِزٌ شِرَاؤُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَيُلْجَأُ إلَى بَيْعِ مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ فَكَالْإِكْرَاهِ الظُّلْمُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَمِنْ الْإِكْرَاهِ الْحَقِّ الْجَبْرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ لِلطَّرِيقِ أَوْ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَالطَّعَامِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَلِلْمُكْرَهِ إكْرَاهًا حَرَامًا أَنْ يَلْزَمَ   [حاشية العدوي] مِنْ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُودِ إذَا لَمْ يَلْزَمْ السَّفِيهَ وَالصَّبِيَّ لِنُقْصَانِ عَقْلِهِمَا فَأَحْرَى أَنْ لَا يَلْزَمَ السَّكْرَانَ لِنُقْصَانِ عَقْلِهِ بِالسُّكْرِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ يَلْزَمُهُ وَلَا يَسْقُطُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِيهَا ضَعِيفًا) أَيْ فِي طَرِيقَةِ ابْنِ شَعْبَانَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ طَرَفَيْ التَّرَدُّدِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ وَهَذَا التَّرَدُّدُ غَيْرُ الْقِسْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَبِالتَّرَدُّدِ إلَخْ أَيْ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ وَالْغَالِبُ مَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ إلَّا بِسُكْرٍ فَطَرِيقَتَانِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالسُّكْرِ الْحَرَامُ) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْحَرَامِ الْمُغَيِّبِ لِلْعَقْلِ حَتَّى يَشْمَلَ الْمُفْسِدَ وَالْمُرْقِدَ لَا خُصُوصَ ذُهُولِ الْعُقُولِ مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرَبٍ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) كَلَبَنٍ حَامِضٍ وَكَذَا الْمُرَقِّدُ وَالْمُخَدِّرُ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ رَاجِعٌ لِلْخَمْرِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ عَالِمًا) حَالٌ لَازِمَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ عَالِمٌ وَقَوْلُهُ أَوْ لِلتَّدَاوِي أَيْ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْمُنَاوِيُّ مَا نَصُّهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حِلُّ التَّدَاوِي بِكُلِّ نَجَسٍ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخَبَرُ مَوْضِعُهُ إذَا وُجِدَ دَوَاءٌ طَاهِرٌ يُغْنِي عَنْ النَّجَسِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ انْتَهَى وَالْخَبَرُ هُوَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «وَلَا تُدَاوِي بِحَرَامٍ» فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ لِلتَّدَاوِي أَيْ مُقَلِّدًا مَنْ يَرَى الْجَوَازَ لِلتَّدَاوِي (قَوْلُهُ وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ) وَبَقِيَ شَرْطَانِ لِلُّزُومِ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاقِدِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَالِكًا مِلْكًا تَامًّا لِمَا بَاعَهُ أَوْ وَكِيلًا عَنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَمِلْكُ غَيْرِهِ عَلَى رِضَاهُ وَثَانِيهِمَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ بِدَلِيلٍ وَالْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّشِيدُ الطَّائِعُ) يَعْنِي مَعَ الْبُلُوغِ أَوْ أَرَادَ بِالرُّشْدِ مَا يَشْمَلُ الْبُلُوغَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ إلَخْ مُخْرِجًا مِنْ أَحَدِ الْمَفْهُومَيْنِ وَهُوَ الطَّوَاعِيَةُ وَفِيهِ أَنَّهُ حَمَلَ لَهُ عَلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ الْمَشْهُورِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا لِدَلِيلٍ فَقَوْلُهُ وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ أَيْ وَرُشْدٌ وَطَوَاعِيَةٌ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ الْآتِي لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُهُ. (قَوْلُهُ لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ فَقَوْلُهُ لَا إنْ أُجْبِرَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ أَيْ فَكُلُّ رَشِيدٍ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ إنْ طَاعَ شَرْعًا لَا إنْ أُجْبِرَ وَقَوْلُنَا إنْ طَاعَ شَرْعًا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيْعِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا أَوْ يُقَالُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْبَيْعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ إلَخْ) لَكِنْ حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ أَشَدُّ وَإِذَا ثَبَتَ الْجَبْرُ لَمْ يَلْزَمْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِجَبْرِهِ وَسَوَاءٌ بَاعَ الْمَضْغُوطَ أَيْ الْمَظْلُومَ بِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَهُ قَرِيبُهُ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَمَّا لَوْ بَاعَ قَرِيبُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ مَالَ نَفْسِهِمَا لِتَخْلِيصِهِ وَلَوْ مِنْ الْعَذَابِ فَلَيْسَ بَيْعَ مَضْغُوطٍ لِاخْتِيَارِهِمَا فِي ذَلِكَ إلَّا الْوَالِدَيْنِ إذَا عُذِّبَ وَلَدُهُمَا فَبَاعَا أَوْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِمَا فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ سَوَاءٌ أُخْرِجَ لِلْبَيْعِ مَقْبُوضًا عَلَيْهِ أَوْ مُسَرَّحًا بِكَفِيلٍ أَوْ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ هَرَبَ خَلْفَهُ الظَّالِمُ إلَى مَنْزِلِهِ بِالْأَخْذِ وَالْمَعَرَّةِ فِي أَهْلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا بَاعَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيَ الْبَيْعَ أَوْ وُكِّلَ عَلَيْهِ وَلَا يُفِيتُ بَيْعَ الْمَضْغُوطِ تَدَاوُلُهُ الْأَمْلَاكَ وَلَا عِتْقُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَكَذَا لَوْ تَسَلَّفَ الْمَضْغُوطُ مَا ضُغِطَ فِيهِ مِنْ رَجُلٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا تَسَلَّفَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ) أَيْ مَسْجِدِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَالطَّعَامِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ سُوقِ بَلَدِهِ وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ فِي وَقْتِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَهْلَ سُوقِهِ أَوْ غَيْرَهُمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ شُرُوطِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ الْآتِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ثَمَنَهُ فَسِعْرُ يَوْمِهِ أَيْ يَوْمِ الْبَيْعِ فِي وَقْتِ الضَّرَرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ وَقْتُ الشِّرَاءِ لَا ضَرَرَ فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ اُضْطُرَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَقْتَ الضَّرُورَةِ بِسِعْرِ وَقْتِهِ، وَأَمَّا إنْ احْتَكَرَ مَا زَرَعَهُ أَوْ جَلَبَهُ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَقَالَ الْبَاجِيُّ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ احْتِكَارِهِ كَانَ ذَلِكَ ضَرُورَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَرَوَى مُحَمَّدٌ يَبِيعُ هَذَا مَتَى شَاءَ وَيُمْسِكُ إذَا شَاءَ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ. وَظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إذَا وَقَعَتْ الشِّدَّةُ أُمِرَ أَهْلُ الطَّعَامِ بِإِخْرَاجِهِ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ زِرَاعَةٍ أَوْ جَلَبٍ خِلَافُ مَا قَالَ الْبَاجِيُّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ مَا اشْتَرَاهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِيهِ فَهُوَ مُنْحَلٌّ مِنْ جَانِبِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ (ص) وَرُدَّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمَالُ إذَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِ شَيْئِهِ الَّذِي بَاعَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ بِلَا غُرْمِ ثَمَنِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الظَّالِمِ أَوْ وَكِيلِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ مُكْرَهٌ أَمْ لَا وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ وَالضَّمَانُ وَالْغَلَّةُ وَعَدَمُهُمَا وَالْحَدُّ إنْ وَطِئَ وَلَوْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ دُونَ الْمَالِ فَيُرَدُّ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ وَهَلْ يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ كَالْمُودَعِ أَمْ لَا خِلَافٌ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِيمَا إذَا أُجْبِرَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمَالُ لَا عَلَى الْبَيْعِ فَقَطْ فَلِذَا قَالَ بَعْضٌ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ وَقَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا إنْ فَاتَ (ص) وَمَضَى فِي جَبْرِ عَامِلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَجْبَرَ الْعَامِلَ عَلَى بَيْعِ مَا بِيَدِهِ لِيُوَفِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا كَانَ الْعَامِلُ ظَلَمَ فِيهِ غَيْرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ مَاضٍ، وَسَوَاءٌ دَفَعَ السُّلْطَانُ لِلْمَظْلُومِ حَقَّهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ إغْرَامَ السُّلْطَانِ الْعُمَّالَ مَا ظَلَمُوهُ لِلنَّاسِ حَقُّ فِعْلِهِ لَكِنْ إنْ رَدَّ الْمَالَ إلَى أَرْبَابِهِ فَقَدْ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَدْ ظُلِمَ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِلِ مَنْ يَأْخُذُ الْمَالَ ظُلْمًا سَوَاءٌ ضَرَبَ عَلَى يَدَيْهِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ تت وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَام عَلَى شَرْطَيْ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ شَرَعَ فِي شَرْطِ الْجَوَازِ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعَ صِحَّتِهِ، وَيَجُوزُ شِرَاءُ الْقَرِيبِ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَدُمْ مِلْكُهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَمُنِعَ بَيْعُ مُسْلِمٍ وَمُصْحَفٍ وَصَغِيرٍ لِكَافِرٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَبِيعَ لِلْكَافِرِ مُسْلِمًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ مُصْحَفًا أَوْ جُزْأَهُ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ امْتِهَانَ حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ بِمِلْكِ الْمُصْحَفِ وَإِذْلَالَ الْمُسْلِمِ وَاسْتِيلَاءَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَبِيعَ لِلْكَافِرِ كَافِرًا صَغِيرًا كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا لِجَبْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّانِي اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ أَبُوهُ أَمْ لَا كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَالتَّأْوِيلَانِ الْآتِيَانِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ مَنْعُ الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَوْ مُطْلَقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ ضَعِيفَانِ وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ وَهُوَ الْبَالِغُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَالْمَجُوسِيِّ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ كَالْكِتَابِيِّ الْكَبِيرِ جَازَ بَيْعُهُ إنْ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ إنْ قَامَ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ هُنَا مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيُّ الصَّغِيرُ وَكَلَامُهُ فِي الْكَافِرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَيْعُ وَهُوَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ يَمْلِكُ، وَالْكَافِرُ الَّذِي تَحْتَ الذِّمَّةِ لَا يُرَادُ هُنَا وَالْمُرَادُ بِالْمَجُوسِيِّ الْمَسْبِيُّ. وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ الَّذِي ثَبَتَ عَلَى مَجُوسِيَّتِهِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مِنْ الْمَجُوسِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ عَقَلَ دِينَهُ سَوَاءٌ بَلَغَ أَمْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح وَيَلْحَقُ بِمَنْعِ بَيْعِهِ لِلْكَافِرِ بَيْعُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلْحَرْبِيِّ وَالدَّارِ لِمَنْ   [حاشية العدوي] الْمَجْلُوبِ وَالْمَزْرُوعِ قَوْلَيْنِ بِالْجَبْرِ عَلَى إخْرَاجِهِ وَقْتَ الضَّرُورَةِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَفَادَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الظَّالِمِ أَوْ وَكِيلِهِ) أَيْ فِي الدَّفْعِ لِلظَّالِمِ إنْ كَانَ دَفَعَ لِلظَّالِمِ وَإِنْ دَفَعَ لِوَكِيلِ الظَّالِمِ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الظَّالِمِ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِلظَّالِمِ وَأَنَّ الظَّالِمَ أَوْصَاهُ بِقَبْضِهِ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْوَكِيلِ كُنْت مُكْرَهًا وَخِفْت عَلَى نَفْسِي وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الظَّالِمَ قَبَضَهُ أَوْ وَكِيلُهُ مِنْ الْمَضْغُوطِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ جَهِلَ هَلْ قَبَضَهُ الظَّالِمُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَبُّ الْمَتَاعِ أَوْ ثَبَتَ أَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ قَبَضَهُ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ دَفَعَهُ لِلظَّالِمِ أَوْ أَصْرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ أَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ. أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُكْرَهَ أَصْرَفَ الثَّمَنَ فِي مَصَالِحِهِ أَوْ أَبْقَاهُ أَوْ أَتْلَفَهُ بِاخْتِيَارِهِ فِي غَيْرِ مَصَالِحِهِ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ إلَّا بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ فِي الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ فَيَضْمَنُ التَّلَفَ وَلَا غَلَّةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا ضَمَانَ وَلَهُ الْغَلَّةُ فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَعَ الْعِلْمِ الضَّمَانَ وَلَا غَلَّةَ وَمَعَ عَدَمِهِ لَا ضَمَانَ وَفِيهَا الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ وَمَضَى إلَخْ) بَلْ بَيْعُهُ مَطْلُوبٌ ثُمَّ طَلَبُ السُّلْطَانُ بِالْبَيْعِ حَيْثُ احْتَاجَ لَهُ فَإِنْ غَصَبَ الْعَامِلُ أَعْيَانًا بَاقِيَةً عَلِمَ رَبُّهَا رُدَّتْ لَهُ. (قَوْلُهُ فِي جَبْرِ عَامِلٍ) إضَافَةُ جَبْرٍ إلَى عَامِلٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ ضَرَبَ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ أُلْزِمَ بِإِقْلِيمٍ أَوْ بَلَدٍ بِشَيْءٍ يَدْفَعُهُ [شَرْطِ الْجَوَازِ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعَ صِحَّتِهِ] (قَوْلُهُ شُرِعَ فِي شَرْطِ الْجَوَازِ) أَيْ جَوَازِ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ مَعَ صِحَّتِهِ هَذَا لَازِمٌ لِدَوَامِ الْمِلْكِ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ إلَّا وَمُنِعَ إلَخْ فَأَيْنَ شَرْطُ الْجَوَازِ وَشَرْطُ دَوَامِ الْمِلْكِ قُلْت إنَّهُ لَمَّا أَفَادَ مَنْعَ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُبَاعَ لِمُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ شِرَاءُ الْقَرِيبِ إلَخْ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ الْبَيْعِ فَنَصَّ عَلَى الْجَوَازِ (قَوْلُهُ أَوْ مُصْحَفًا أَوْ جُزْأَهُ) وَمِثْلُهُ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْسُوخَانِ مَعَ أَنَّهُمْ بَدَّلُوهُمَا وَغَيَّرُوهُمَا (قَوْلُهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعُوقِبَ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ خِلَافًا لتت (قَوْلُهُ إنْ قَامَ بِهِ) فِي بَلَدِنَا أَيْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ جَاسُوسًا (قَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْكِتَابِيِّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَسْبِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبِيرِ الْبَالِغُ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ يَرُدُّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَالْخَشَبَةِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا صَلِيبًا وَالْعِنَبِ لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا وَالنُّحَاسِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ نَاقُوسًا وَكُلُّ شَيْءٍ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِشِرَائِهِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْجَارِيَةِ لِأَهْلِ الْفَسَادِ الَّذِينَ لَا غَيْرَةَ لَهُمْ أَوْ يُطْعِمُونَهَا مِنْ حَرَامٍ وَالْمَمْلُوكِ مِمَّنْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَالْحُكْمُ الْجَبْرُ عَلَى الْإِخْرَاجِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَأُجْبِرَ) مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (عَلَى إخْرَاجِهِ) أَيْ إخْرَاجِ مَا ذُكِرَ مِنْ مِلْكِهِ، وَقِيلَ يُفْسَخُ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِكُفْرِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَجَّرَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لِكَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَبِيعَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَاجَرُ لِمُسْلِمٍ وَتُعُقِّبَ مَذْهَبُهَا بِفَسْخِ شِرَاءِ عَدُوٍّ لِدَيْنٍ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْجَامِعُ الْعَدَاوَةُ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَأُجِيبَ بِتَعَذُّرِ بَيْعِ الدَّيْنِ غَالِبًا، وَلِأَنَّ الْأُولَى عَدَاوَةٌ عَامَّةٌ وَالثَّانِيَةَ عَدَاوَةٌ خَاصَّةٌ وَالْخَاصَّةُ أَقْوَى أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَرُدُّ الشَّهَادَةَ. وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ عَدَمَ دَوَامِ مَا ذُكِرَ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْإِذْلَالِ فِي الْمُسْلِمِ وَخَشْيَةِ الِامْتِهَانِ فِي الْمُصْحَفِ كَفَى فِيهِ مَا يُحَصِّلُ ذَلِكَ إمَّا مِنْ بَيْعٍ وَتَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ أَوْ بِعِتْقٍ نَاجِزٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَقَرْنُهُ الْهِبَةَ بِالْعِتْقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ أَيْ الْهِبَةُ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوْبِ فَهِيَ بَيْعٌ وَقَوْلُهُ بِعِتْقٍ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا بَانَ عَنْهُ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ إنْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا. وَقَوْلُهُ (بِعِتْقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَالْإِخْرَاجُ بِعِتْقٍ إلَخْ لَا بِكِتَابَةٍ وَرَهْنٍ وَإِنَّمَا احْتَجْنَا إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ عَدَمُ الْكِفَايَةِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الْكِفَايَةِ وَبِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ انْدَفَعَ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ (ص) أَوْ هِبَةٍ وَلِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ (ش) أَيْ الْمُسْلِمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَةَ إذَا اشْتَرَتْ مَنْ تُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَوَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا الْمُسْلِمِ وَلَوْ صَغِيرًا فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ، وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ مُسْلِمًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ زَوْجِهَا الْكَافِرِ وَأَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ إسْلَامِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ أَبَوَيْهِ وَأَوْلَى لِوَلَدِهَا الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ، وَقُدْرَتُهَا عَلَى الِاعْتِصَارِ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي الْإِخْرَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) خِلَافًا لِابْنِ مُنَاسٍ وَقَوْلُهُ (لَا بِكِتَابَةٍ) أَيْ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ بَيْعِهَا وَأَمَّا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فَتَكْفِي وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ بَيْعِهَا فَقَالَ وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَبِيعَتْ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِخْرَاجُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ الْحَالِ عَلَى حَالِهِ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ يَتَوَلَّى أَخْذَ الْكِتَابَةِ بَلْ تُبَاعُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُقَالُ قَدْ كَفَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْإِخْرَاجِ، وَلَوْ قَالَ لَا بِكِتَابَةٍ لِيَدْخُلَ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَكْفِي أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ الْحَالِ عَلَى حَالِهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْكِتَابَةِ بَلْ يُؤَاجَرُ لَهُ (ص) وَرَهَنَ وَأَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَإِلَّا عَجَّلَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا رَهَنَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ وَيُبَاعُ وَيُعَجَّلُ لِلْمُرْتَهَنِ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَنْ لَا يَقَعَ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى رَهْنٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى رَهْنٍ مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْحَقِّ وَقَيَّدَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ   [حاشية العدوي] فِيمَا يَأْتِي وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا غَيْرَةَ لَهُمْ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ وَالْمَمْلُوكُ مِمَّنْ) أَيْ لِمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ أَيْ فَالْمُشْتَرِي يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ فِي الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ) فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لتت (قَوْلُهُ وَتُعُقِّبَ مَذْهَبُهَا) وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ أَنَّ الدَّيْنَ قِيلَ فِيهِ بِالْفَسْخِ وَلَمْ يَقُلْ يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى بَيْعِهِ وَالْعَبْدُ مَثَلًا قِيلَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يُفْسَخُ فَفِي الدَّيْنِ يُفْسَخُ وَفِي الْعَبْدِ لَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ بِتَعَذُّرِ بَيْعِ الدَّيْنِ غَالِبًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ قَلَّ وُجُودُهَا أَيْ فَكَانَ أَصْلُهُ الْمَنْعَ فَمَنَعَ فِي الْجُزْئِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَدْ يُقَالُ وَمَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ) وَالْعَامَّةُ لَا تَرُدُّهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْكَافِرِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَشْهَدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَاوَةَ الْخَاصَّةَ أَشَدُّ مِنْ الْعَدَاوَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ تَزُولُ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ) أَيْ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يَكُونُ بِالْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ بَلْ يَبِيعُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ أَيْ وَتَوَلِّي الْكَافِرِ الْعِتْقَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَيْسَ كَتَوْلِيَةِ الْبَيْعِ فِي إهَانَةِ الْمُسْلِمِ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ هِبَةُ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ إنْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا) مُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَالرِّضَا بِحُكْمِنَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا وَكَانَ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءَ بِالرِّضَا بِحُكْمِنَا (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَةَ إلَخْ) وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ فَذِكْرُ الْكَافِرَةِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، أَوْ لِأَنَّهُ الْكَثِيرُ الْغَالِبُ فِي الْخَارِجِ وَأَمَّا وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَأَبُوهُ كَافِرٌ فَقَلِيلٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ مَنَاسٍ) مُحْتَجًّا بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي حِلْيَةِ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ بِهِبَةِ الْأُخْرَى لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ مَالِكَ الْأُخْتَيْنِ يُسَلَّمُ لَهُ الِاعْتِصَارُ وَالْكَافِرَةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ فَإِنْ اعْتَصَرَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ يَتَوَلَّى أَخْذَ الْكِتَابَةِ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِيلَادُ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ أَمَتُهُ الْقِنُّ فَيَطَؤُهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا فَتَحْمِلُ مِنْهُ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ هُوَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَكَذَا إنْ أَوْلَدَهَا قَبْلَ إسْلَامِهَا أَيْ وَطِئَهَا وَهِيَ قِنٌّ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِيهَا وَتُبَاعُ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ فَيَكْتَفِي بِذَلِكَ لَا بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ بَلْ يُؤَاجَرُ لَهُ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَجْهُولَةٌ (قَوْلُهُ وَرَهْنٍ) أَيْ لِتَحَقُّقِ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ الرَّهْنُ وَيُبَاعُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 بِمَا إذَا عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْحَقِّ وَعَلَى هَذَا فَيَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْقَرَوِيِّينَ أَنَاطَ التَّعْجِيلَ بِتَعْيِينِهِ وَابْنُ مُحْرِزٍ أَنَاطَهُ بِعَدَمِ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِإِسْلَامِهِ. فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ عِلْمُ الْمُرْتَهِنِ بِإِسْلَامِهِ وَعَدَمُ تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَعَلَى عَدَمِ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَنْطُوقُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ عَدَمُ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِإِسْلَامِهِ مَعَ تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ أَيْضًا عَلَى تَعْجِيلِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَفْهُومُ الْقَيْدَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهِ تَعْيِينَهُ وَعَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ عَجَّلَ الْحَقَّ عِنْدَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَلَمْ يُعَجِّلْ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ عَدَمُ تَعْيِينِهِ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الْحَقَّ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَيَأْتِي بِرَهْنٍ ثِقَةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ: صُورَتَانِ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ وَهُمَا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَصُورَتَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِسْلَامِهِ وَهُمَا كَوْنُهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا عَجَّلَ يَدْخُلُ تَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ وَعَيَّنَ وَهِيَ يَتَّفِقُ فِيهَا ابْنُ مُحْرِزٍ وَالْقَرَوِيُّونَ عَلَى التَّعْجِيلِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَمَا إذَا عَيَّنَ وَعَلِمَ بِإِسْلَامِهِ وَكِلَاهُمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ. فَلَوْ قَالَ وَأَتَى بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَهَلْ إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ أَوْ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَإِلَّا عَجَّلَ كَعِتْقِهِ تَأْوِيلَانِ لَطَابَقَ مَا فِي كَلَامِهِمْ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ قَبْلَ رَهْنِهِ وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رَهْنِهِ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا اتِّفَاقًا لِعُذْرِ الرَّاهِنِ وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَالْمُرَادُ بِالثِّقَةِ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ كَقِيمَتِهِ تَحَرِّيًا وَضَمَانُهُ كَضَمَانِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا عَجَّلَ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا بِقَوْلِهِ (كَعِتْقِهِ) أَيْ كَعِتْقِ الرَّاهِنِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِلْعَبْدِ الرَّهْنُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ عُرُوضًا مِنْ بَيْعٍ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي بَابِ الرَّهْنِ اُنْظُرْ هَلْ يَبْقَى رَهْنًا أَوْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَتَبْقَى رَهْنًا أَوْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ مَكَانَهُ أَقْوَالٌ. اهـ. وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ إشَارَةٌ إلَيْهِ (ص) وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (ش) أَيْ إذَا بِيعَ عَلَى الْكَافِرِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ إذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْكَافِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ (ص) وَفِي خِيَارِ مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ يُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا بَاعَ عَبْدًا كَافِرًا لِمُسْلِمٍ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يُمْهَلُ إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِ خِيَارِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ الْكَافِرِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ كَافِرًا اسْتَعْجَلَ بِاسْتِعْلَامِ مَا عِنْدَهُ مِنْ رَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ لِئَلَّا يَدُومَ مِلْكُهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا يُمْهَلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَيُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ) مِنْهُمَا (ص) كَبَيْعِهِ إنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ إلَخْ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا بَلْ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَبِهِ يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا مُرَادُهُ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا لَمَا تَمَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَاقِعِ هَكَذَا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إلَخْ) هَذَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا عَجَّلَ تَرْكَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَرَكَ قَيْدًا آخَرَ فِي قَوْلِهِ وَأَتَى بِرَهْنٍ ثِقَةٍ بِأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَخْذَ الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ الْعَبْدُ الَّذِي لَمْ يَكْتَفِ بِرَهْنِهِ فَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ فِي الدَّيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دُونَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ يَقُومُ مَقَامَهُ ثُمَّ يَتْبَعُهُ بِبَاقِي مَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الصُّوَرِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا تَعْجِيلُ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ بِقَبُولِ ثَمَنِ الْعَبْدِ حَيْثُ كَانَ دُونَ الدَّيْنِ بَلْ لِلْمُرْتَهِنِ جَبْرُهُ عَلَى تَعْجِيلِ الدَّيْنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا) لَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا صُورَتَانِ التَّعْيِينُ وَعَدَمُهُ وَلَا يُعْقَلُ الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ كَضَمَانِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْأَوَّلِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ ضَيَاعَهُ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ) بِأَنْ كَانَ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ فَإِنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ فَسَيَأْتِي الشَّارِحُ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ طَعَامًا وَقَوْلُهُ عُرُوضًا (قَوْلُهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا عُجِّلَ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَعِتْقِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا عُجِّلَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَفِي شب مِثْلُ مَا فِي الشَّارِحِ عَلَى مَا فِي النُّسْخَةِ الصَّحِيحَةِ، وَاَلَّذِي فِي عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ عب أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي قَبُولِ التَّعْجِيلِ وَفِي إبْقَاءِ ثَمَنِ الْعَبْدِ الَّذِي أَسْلَمَ رَهْنًا وَفِي الْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ مَكَانَهُ وَلَا يُخَيَّرُ فِي بَقَاءِ الْعَبْدِ رَهْنًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ، وَلَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيَ هَذَا أَشَدُّ مِنْ التَّعَدِّي فِي مَسْأَلَةِ عِتْقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ الرَّهْنَ وَالدَّيْنَ مِمَّا يُعَجَّلُ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ عَلَى جَوَازِ رَدِّهِ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ إلَّا السُّلْطَانُ وَبَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيْعُهُ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ وَفِي خِيَارٍ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ مُبْتَدَؤُهُ يُمْهَلُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَدَثِ فَقَطْ، أَوْ لِأَنَّ أَنْ حُذِفَتْ وَارْتَفَعَ الْفِعْلُ فَإِنْ رَدَّهُ الْمُسْلِمُ لِبَائِعِهِ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ أَوْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْذُوفٌ التَّقْدِيرُ وَفِي خِيَارِ مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْهُمَا) أَيْ الْكَافِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَافِرِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مُقَابِلًا لِلْمُسْلَمِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرَى إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ كَمَا فَعَلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 أَسْلَمَ وَبَعُدَتْ غَيْبَةُ سَيِّدِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَسْلَمَ وَسَيِّدُهُ الْكَافِرُ غَائِبٌ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ وَالْيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَسْتَعْجِلُ بَيْعَهُ وَلَا يُمْهَلُ إلَى مَجِيءِ سَيِّدِهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي اسْتِعْجَالِ بَيْعِهِ وَجَهْلِ مَحَلِّ السَّيِّدِ كَبَعْدِهِ فَلَوْ بِيعَ ثُمَّ قَدِمَ سَيِّدُهُ، وَأَثْبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْعَبْدِ نُقِضَ الْبَيْعُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نُقِضَ الْعِتْقُ وَلَوْ حُكِمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مِنْ مُخَالِفٍ يَرَى أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يُنْقَضُ (ص) وَفِي الْبَائِعِ يُمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ مِنْ كَافِرٍ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يُمْنَعُ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ بَلْ وَلَوْ قُلْنَا بِانْبِرَامِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بِيَدِ الْمُسْلِمِ رُفِعَ تَقْرِيرُهُ وَابْتِدَاءُ تَقْرِيرِهِ بِجَامِعِ تَمْلِيكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ لَهُ إمْضَاءَهُ عَلَى أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ فَقَوْلُهُ وَفِي الْبَائِعِ إلَخْ أَيْ وَالْحُكْمُ فِي خِيَارِ الْبَائِعِ الْمُسْلِمِ يَمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ كَافِرًا فَلَا يَمْنَعُ مِمَّا ذُكِرَ بَلْ يَسْتَعْجِلُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ (ص) وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ بِخِيَارٍ تَرَدُّدٌ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ وَقُلْنَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ عَلَى خِيَارٍ لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ مِنْ طَلَبِ الِاسْتِقْصَاءِ لِلْكَافِرِ فِي ثَمَنِهِ وَفِي الْعُدُولِ عَنْهُ تَضْيِيقٌ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا يُدْفَعُ ضَرَرٌ بِضَرَرٍ أَوْ لَا يَجُوزُ لِبَقَاءِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ زَمَنَ الْخِيَارِ تَرَدُّدٌ لِلْمَازِرِيِّ وَحْدَهُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ الْحَاجِبِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ بِصِيغَةِ " فَرْعٌ " فَقَالَ قَالَ الْمَازِرِيُّ إلَخْ وَهَلْ الْخِيَارُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا جُمُعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الثَّمَنِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ كَجُمُعَةٍ مِثْلِ الْخِيَارِ فِي اخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ طَرِيقَتَانِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ ظَاهِرُ مَا لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فَإِنْ قِيلَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ بَيْعِهِ بِالْخِيَارِ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَيَسْتَعْجِلُ الْكَافِرُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الثَّمَنِ فَلَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِعْجَالِ وَلَوْ مُنِعَ هُنَا مِنْ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ ابْتِدَاءً لَفَاتَ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الثَّمَنِ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ فَلِذَلِكَ جَرَى قَوْلٌ بِالْجَوَازِ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَنْ أَسْلَمَ أَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْكَافِرِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْمَازِرِيِّ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ اشْتَرَاهُ   [حاشية العدوي] الشَّارِحُ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ الِاسْتِعْجَالِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُسْلِمُ وَالْمُشْتَرِي كَافِرًا وَالْخِيَارُ لَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَخْتَبِرُ الْعَبْدَ بِالِاسْتِخْدَامِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الْمِلْكَ لَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَبَعُدَتْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَأَمَّا إنْ قَرُبَتْ كَتَبَ إلَيْهِ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ بَيْعِ الْعَبْدِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَقْضِيَ بِعِتْقٍ قَبْلَ بَيْعِ الْعَبْدِ أَيْ قَبْلَ بَيْعِ الْعَبْدِ وَلَوْ تَأَخَّرَ إسْلَامُ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَجَهْلُ مَحَلِّ السَّيِّدِ كَبُعْدِهِ) وَهَلْ يُتَلَوَّمُ لِلسَّيِّدِ فِي الْبَعِيدَةِ وَالْمَجْهُولَةِ إنْ رُجِيَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ مَا إذَا أَثْبَتَ السَّيِّدُ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ بَيْعِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ) مُبْتَدَأٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي آخِرِ الشَّارِحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ يَمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ فِي الْبَائِعِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَانْظُرْ إذَا كَانَ الْخِيَارُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِغَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ ثُمَّ لَمَّا اسْتَعْجَلَ الْكَافِرُ قَضَى بِشَيْءٍ، وَقَضَى الْمُسْلِمُ بِخِلَافِهِ فِي مُدَّةِ إمْهَالِهِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قَضَى بِهِ الْمُسْلِمُ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِرًا وَالْخِيَارُ لَهُمَا وَقَضَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا قَضَى بِهِ الْآخَرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا قَضَى بِهِ الْبَائِعُ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَقْضِ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ فِي الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ، وَانْظُرْ إذَا كَانَ كُلٌّ مُسْلِمًا وَالْخِيَارُ لَهُمَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا قَضَى بِهِ الْبَائِعُ أَوْ يُتْرَكَانِ حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ) بَدَلٌ مِنْ مَا أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ أَوْ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بِيَدِ الْمُسْلِمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السِّلْعَةَ إذَا بِيعَتْ عَلَى الْخِيَارِ فَإِذَا قُلْنَا بَيْعُ الْخِيَارِ مُنْبَرِمٌ فَاَلَّذِي بِيَدِ الْبَائِعِ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ أَيْ الْبَيْعِ بِأَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَاَلَّذِي بِيَدِهِ أَيْ الْبَائِعِ ابْتِدَاءُ تَقْرِيرِهِ بِأَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ قُلْنَا الَّذِي بِيَدِهِ هَذَا أَوْ هَذَا فَيُمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ بِجَامِعِ تَمْلِيكٍ إلَخْ وَيَصِحُّ وَجْهٌ آخَرُ بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِرَفْعِ تَقْرِيرِهِ أَيْ رَفْعُ تَمْلِيكِهِ أَيْ مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْبَرِمٌ، وَقَوْلُهُ وَابْتِدَاءُ تَقْرِيرِهِ أَيْ وَابْتِدَاءُ تَمْلِيكِهِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ ابْتَدَأَ تَمْلِيكًا آخَرَ غَيْرَ التَّمْلِيكِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ الْأَوَّلَ كَانَ خَالِيًا عَنْ تَعَلُّقِ غَيْرٍ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ هَذَا التَّمْلِيكِ فَلِلْغَيْرِ تَعَلُّقٌ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ الْمَازِرِيُّ) أَيْ أَنَّ الْمَازِرِيَّ خَرَجَ عَلَى أَنَّهُ مُنْعَقِدُ الْإِمْضَاءِ أَيْ وَعَدَمُ الْإِمْضَاءِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ (قَوْلُهُ بِخِيَارٍ) يَتَعَلَّقُ بِبَيْعٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ بَاعَ بِخِيَارٍ فَالظَّاهِرُ رَدُّ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ أَوَّلُهُمَا مَعًا فَلَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ (قَوْلُهُ طَرِيقَتَانِ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى هَذَا الْخِلَافُ بِالطَّرِيقَتَيْنِ عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَمَا عَلِمْت لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ (قَوْلُهُ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَيُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ) فَإِذَا لَمْ يُؤَخَّرْ لِانْقِضَاءِ أَيَّامِ الْخِيَارِ مَعَ طُرُوءِ إسْلَامِهِ فَكَيْفَ يُؤْذَنُ لَهُ فِي بَيْعِهِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ إسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ فَلَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ قَدْ حَدَثَ الْإِسْلَامُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِقْصَاءُ بِاعْتِبَارِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا مَضَرَّةَ فِي الِاسْتِعْجَالِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا التَّرَدُّدُ فَلَا اسْتِعْجَالَ فِيهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ فَقَدْ حَصَلَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يَتِمُّ إذَا وَقَعَ الْإِسْلَامُ عَقِبَ الْبَيْعِ حَالًا فَقَوْلُهُ جَرَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 مُسْلِمًا وَأَرَادَ بَيْعَهُ بِخِيَارٍ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُتَعَدٍّ فِي شِرَائِهِ فَلَمْ يُمْكِنْ مِنْ بَيْعِهِ بِالْخِيَارِ بِخِلَافِ إسْلَامِهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ (ص) وَهَلْ مُنِعَ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَوْ مُطْلَقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مُنِعَ الصَّغِيرُ الْكَافِرُ الْكِتَابِيُّ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الصَّغِيرِ السَّابِقِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ بِأَنْ يَكُونَ يَهُودِيًّا وَالْمُشْتَرِي لَهُ نَصْرَانِيًّا وَعَكْسُهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ فَلَوْ وَافَقَهُ فِي الدِّينِ لَجَازَ كَمَا تَأَوَّلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عِيَاضٍ أَوْ الْمَنْعُ مُطْلَقٌ وَافَقَ دِينَ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ أَبُوهُ تَأْوِيلَانِ وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ جَازَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إذَايَتِهِ إذَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ كَمَا إذَا انْفَرَدَ بِهِ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا آذَاهُ رَفَعَهُ أَبُوهُ لِلْحَاكِمِ ثُمَّ إنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَيُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِمْ لِلْكُفَّارِ اتِّفَاقًا فِي الصِّغَارِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكِبَارِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ حُكْمًا وَالْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُ فَكَذَا مَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ (ص) وَجَبْرُهُ تَهْدِيدٌ وَضَرْبٌ (ش) أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلْكَافِرِ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيُّ الصَّغِيرُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالتَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ وَتَقْدِيمُ التَّهْدِيدِ عَلَى الضَّرْبِ وَاجِبٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا ظَنُّ الْإِفَادَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُهَدَّدُ بِالسِّجْنِ (ص) وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ إنْ أَقَامَ بِهِ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلْكَافِرِ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْبَالِغِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ لَا غَيْرِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ أَقَامَ بِهِ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْرُجُ بِهِ لِبَلَدِ الْحَرْبِ خَوْفًا مِنْ عَوْدِهِ جَاسُوسًا، وَبِعِبَارَةٍ إنْ أَقَامَ بِهِ أَيْ إنْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ يُقِيمُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ أَقَامَ بِهِ بِالْفِعْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ بَحْثًا، وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ وَلِلْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ وَقَوْلُهُ بَالِغٍ مَفْهُومُ صَغِيرٍ وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ وَصْفٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ وَقَوْلُهُ إنْ أَقَامَ بِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِمَنْ هُوَ عَلَى دِينِهَا وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَالذَّكَرِ فِي كَشْفِ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ. (ص) لَا غَيْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِلْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَمَنْعُ الشِّرَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَكَذَا مُنِعَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَظَاهِرٌ. (ص) وَالصَّغِيرُ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ إنْ عَطَفَ عَلَى الْمُثْبَتِ أَيْ وَلَهُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ فَصَوَابُهُ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ عَطَفَ عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ لَا شِرَاءُ الصَّغِيرِ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ وَهَذَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِيهِ تَرْجِيحٌ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ   [حاشية العدوي] قَوْلٌ أَيْ احْتِمَالٌ (قَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقٌ) أَيْ أَوْ الْمَنْعُ مُطْلَقٌ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِقْرَارٍ مَحْذُوفٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْخَبَرِ أَوْ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ أَيْ هَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ أَوْ مُطْلَقٌ أَوْ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ الظَّرْفِ أَيْ أَوْ مُسْتَقِرٌّ مُطْلَقًا أَوْ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى اسْمٍ وَهُوَ قَوْلُهُ مَنَعَ أَيْ أَوْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَلَوْ وَافَقَهُ فِي الدِّينِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ نَصْرَانِيًّا مَثَلًا الْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ الدِّينُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ الْخَاصِّ لَا أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ إذْ تَحْتَهَا أَنْوَاعٌ إذْ يُبْغِضُ بَعْضُ الْمُتَّصِفِ بِأَحَدِهَا الْمُتَّصِفَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لَجَازَ) يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ إقَامَتِهِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إنْ رَاهَقَ لَا دُونَهُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ) أَيْ أَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَكْفِي اجْتِمَاعُهُمَا فِي حَوْزٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَالِكٌ وَهَا هُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ يُبَاعُ لِمَنْ عَلَى غَيْرِ دِينِ مُشْتَرِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الْكَافِرِ الْبَالِغِ لِمَنْ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ فَيُخَالِفُ قَوْلَهُ وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَبَاهُ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِمَا، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ أَبَاهُ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ حُكْمًا) يُقَالُ وَالصَّغِيرُ الْكِتَابِيُّ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَصَغِيرٍ لِكَافِرٍ وَهَذَا وَجْهُ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، أَيْ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ حِكَايَةَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَجَبْرُهُ تَهْدِيدٌ وَضَرْبٌ) أَيْ جَبْرُهُ يَكُونُ بِالتَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَبْرُهُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَجْلِسٍ وَأَنْ يُكَرِّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَقْدِيمُ التَّهْدِيدِ عَلَى الضَّرْبِ وَاجِبٌ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُهَدَّدُ بِالسَّجْنِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى السَّجْنِ امْتِدَادُ الْكُفْرِ وَالْمَطْلُوبُ إزَالَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ عَوْدِهِ جَاسُوسًا) هَذَا التَّعْلِيلُ يُرْشِدُ إلَى أَنَّهُ فِيمَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَدَّ بَابَ الِاسْتِكْشَافِ وَانْظُرْ مَنْ لَيْسَ لَهُ دِينٌ كَالسُّودَانِ هَلْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ شِرَاؤُهُمْ وَاسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ لِانْقِيَادِهِمْ لِلْإِسْلَامِ بِأَوَّلِ وَهْلَةٍ (قَوْلُهُ بَحْثًا) أَيْ اسْتِظْهَارًا (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ وَصْفٍ) أَقُولُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ مَفْهُومُهُ فَنَقُولُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إنْ أَقَامَ بِهِ) فَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ بِهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ الشِّرَاءُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ التَّمْكِينِ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَا فَرْقَ قُلْنَا بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَظَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَهَذَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ بِأَنَّ هَذَا صَحِيحٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي، وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَكُونُ إشَارَةً لِتَرْجِيحِ التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 فِي رُكْنَيْ الْبَيْعِ الْأَوَّلَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الثَّالِثِ وَذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا طَهَارَتُهُمَا فَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي فَإِنْ قِيلَ إجَازَةُ بَيْعِ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ يُنَافِي اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الطَّهَارَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَمَا عَرَضَ عَلَيْهَا مِمَّا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَكِنَّهُ يَجِبُ تَبْيِينُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ كَانَ الْغَسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ لَا كَانَ يُنْقِصُهُ أَوْ لَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُصَلِّي أَمْ لَا كَانَ لَبِيسًا أَمْ لَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ح فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ كَالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ (ص) لَا كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ (ش) فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ انْتَفَتْ الطَّهَارَةُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُّ بِمَعْنَى مِثْلَ وَهِيَ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ لَا يُبَاعُ مِثْلُ زِبْلٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَلَوْ مَكْرُوهًا خَرَّجَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَنْعِ مَالِكٍ بَيْعَ الْعَذِرَةِ وَمَا وَقَعَ لِمَالِكٍ مِنْ كَرَاهَةِ بَيْعِهَا عَبَّرَ عَنْهُ عِيَاضٌ بِلَا يَجُوزُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا نَجَاسَتُهُ ذَاتِيَّةٌ كَالْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِي قَوْلِهِ وَزَيْتٌ تَنَجَّسَ لِإِدْخَالِ كُلِّ مَا نَجَاسَتُهُ كَالذَّاتِيَّةِ وَهُوَ مَا لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ بَيْعِ مَا نَجَاسَتُهُ عَارِضَةٌ وَيُمْكِنُ زَوَالُهَا (ص) وَانْتِفَاعُ لَا كَمُحَرَّمٍ أَشْرَفُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ قُلْت كَالْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَلَا يُبَاعُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ حِينَئِذٍ حَالًا وَمَآلًا وَلَا الْعَصَافِيرُ الَّتِي لَا يَجْتَمِعُ مِنْ مِائَةٍ مِنْهَا أُوقِيَّةُ لَحْمٍ وَقَوْلُ تت يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُنْتَفَعًا بِهِ وَالْعَصَافِيرُ الَّتِي إذَا اجْتَمَعَ مِنْهَا مِائَةٌ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهَا أُوقِيَّةُ لَحْمٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُحَرَّمُ مِنْ الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ حَاصِلَةٌ فِي الْحَالِ لِإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَشْرَفَ مِمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُشْرِفٍ فَإِنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ وَلَوْ مُحَرَّمًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَمَّا مَنْ فِي السِّيَاقِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ بَيْعَهُ وَلَوْ مَأْكُولًا فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُشْرِفِ وَمَنْ فِي السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِفَ أَعَمُّ وَاَلَّذِي فِي السِّيَاقِ أَخَصُّ وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْدُقَ بِأَخَصِّ مُعَيَّنٍ فَاَلَّذِي فِي السِّيَاقِ أَشَدُّ غَرَرًا مِنْ الْمُشْرِفِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الْمَوْتِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ إلَّا إزْهَاقُ رُوحِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (ص) وَعَدَمُ   [حاشية العدوي] دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ التَّأْوِيلَ الْآخَرَ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ هُنَا تَرْجِيحٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَح وَمَنْ تَبِعَهُمَا [شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ فِي رُكْنَيْ) أَيْ أَحَدِ رُكْنَيْ وَهُوَ الْعَاقِدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَرْكَانَ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْعَاقِدُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَبِيسًا) عَلَى وَزْنِ كَرِيمٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ أَيْ مَلْبُوسًا كَثِيرًا خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقِرَاءَتُهُ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَكْسُورَةً خَطَأٌ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَطَّابُ) قَالَهُ اسْتِظْهَارًا وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا نَقَلَهُ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّبْيِينِ، وَلَوْ كَانَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا خَشْيَةَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ خُصُوصًا إذَا كَانَ بَائِعُهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ اهـ. وَفِي تت الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا مَا نَجَاسَتُهُ عَارِضَةٌ وَيُمْكِنُ زَوَالُهَا كَالثَّوْبِ يَقَعُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ، وَيَجِبُ بَيَانُهُ إنْ كَانَ الْغَسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ كَانَ مُشْتَرِيهِ مُصَلِّيًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا صِحَّةَ لَهُ، وَقَوْلُهُ أَيْ فَإِنْ انْتَفَتْ إلَخْ يَرْجِعُ مَعْنًى لِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَظْهَرُ الْعَطْفُ. (تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ أَيْضًا مُصْحَفٌ كُتِبَ بِدَوَاةٍ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِلَا مُقَدَّرٍ وَالْعَطْفُ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَاهِرًا إلَى غَيْرِهِ كَزِبْلٍ إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) : اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَتَخْرُجُ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ فَلَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ كَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَالْخَمْرِ لِلْمَغْصُوصِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِيمَا يَشْمَلُ الصِّحَّةَ وَمَا يَشْمَلُ الْجَوَازَ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ شَرْطُ صِحَّةٍ بِلَا رَيْبٍ، وَالْمِثَالُ بِالْآبِقِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ خَرَّجَهُ) أَيْ خَرَّجَ مَنْعَ زِبْلِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَقَوْلُهُ عَبَّرَ عَنْهُ عِيَاضٌ بِلَا يَجُوزُ أَيْ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ وَانْتِفَاعٌ) أَيْ شَرْعِيٌّ فَتَخْرُجُ آلَاتُ اللَّهْوِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَلَّتْ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَالًا أَوْ مُتَرَقَّبَةً كَالْمَهْرِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ فِي السِّيَاقِ) أَيْ نُزِعَ الرُّوحُ لِلْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُشْرِفَ أَعَمُّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِفَ مُغَايِرٌ لِمَنْ فِي السِّيَاقِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّ السِّيَاقَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَالِ الْمَقْطُوعِ لِحُصُولِ الْمَوْتِ فِيهَا، وَأَمَّا الْإِشْرَافُ فَهُوَ الْحَالُ الَّذِي يُظَنُّ الْمَوْتُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَقْيِيدِهِ بِالْمُحَرَّمِ، وَنَسَبَهُ لَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ وَنَصَّ ابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ مَنْ فِي السِّيَاقِ وَلَوْ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ اهـ. فَكَيْفَ يُقَيِّدُ بِالْمُحَرَّمِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُشْرِفَ غَيْرُ مَنْ فِي السِّيَاقِ أَيْ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُوَافِقُ ابْنَ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ مَنْ فِي السِّيَاقِ يُمْنَعُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُشْرِفُ فَلَمْ يَأْخُذْ فِي السِّيَاقِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَمُبَاحِ الْأَكْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْرِفًا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ لَا وَمَنْ فِي السِّيَاقِ يَمْنَعُ بَيْعَهُ مُطْلَقًا، وَيُفَصَّلُ فِي الْمُشْرِفِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ فَكَمَا لَا اعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي السِّيَاقِ يُبَاعُ مُطْلَقًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَمْ لَا وَنَصُّهُ قَوْلُهُ لَا كَمُحْرِمٍ أَشْرَفُ الْمُرَادُ بِأَشْرَفُ بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا قَالَهُ ح فَقَوْلُ ج اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُؤَلِّفِ إنْ فُسِّرَ أَشْرَفُ بِمَنْ فِي السِّيَاقِ، وَأَمَّا إنْ فُسِّرَ بِمَنْ قَوِيَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْ بَيْعِهِ فَلَا يُبَاعُ كَلْبُ الصَّيْدِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ثَمَنِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ فِي اتِّخَاذِهِ وَلُزُومِ قِيمَتِهِ لِقَاتِلِهِ يُوهِمُ صِحَّةَ بَيْعِهِ نَبَّهَ عَلَى مَنْعِهِ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ هُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَجَازَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ كِنَانَةَ بَيْعَهُ وَسَحْنُونٌ قَائِلًا وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ وَمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ لَا يُبَاعُ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ وَعَدَمُ نَهْيٍ أَيْ عَنْ بَيْعِهِ مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا لَا عَنْ اتِّخَاذِهِ إذْ كَلْبُ الصَّيْدِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْ اتِّخَاذِهِ وَقَوْلُهُ نَهْيٍ أَيْ تَحْرِيمٍ لِكُلِّهِ أَوْ لِبَعْضِهِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مِائَةِ قُلَّةِ خَلٍّ مَثَلًا وَفِيهَا قُلَّةُ خَمْرٍ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُؤَلِّفِ إدْخَالُهَا عَلَى الْمُضَافِ وَإِرَادَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ (ص) وَجَازَ هِرٌّ وَسَبُعٌ لِلْجِلْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شِرَاءَ ذَاتِ الْهِرِّ وَذَاتِ السَّبُعِ لِأَخْذِ جِلْدِهِ جَائِزٌ، وَأَمَّا شِرَاءُ مَا ذُكِرَ لِلَّحْمِ أَوْ لَهُ وَلِلْجِلْدِ فَمَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا ذُكِّيَ لِلْجِلْدِ لَا لِلَّحْمِ فَيُؤْكَلُ اللَّحْمُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ، وَإِنْ قُلْنَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ، وَأَمَّا الْجَلْدُ فَيُؤْكَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالسَّبُعِ مَا يَتَسَبَّعُ أَيْ كُلُّ مَا لَهُ جَرَاءَةٌ أَيْ شِدَّةٌ وَقُوَّةٌ عَلَى الِافْتِرَاسِ وَالْعَدَاءِ (ص) وَحَامِلٍ مُقَرَّبٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ حَامِلٍ مُقَرَّبٍ أَيْ وَاقِعٌ عَلَيْهَا الْبَيْعُ فَإِضَافَةُ بَيْعٍ إلَى حَامِلٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ بَيْعِهَا وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لِحَمْلِهَا، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا كَانَتْ بَائِعَةً فِي بَابِ الْحَجْرِ فِي قَوْلِهِ وَحَامِلُ سِتَّةٍ أَيْ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهَا إذَا تَمَّتْ السِّتَّةُ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ (ص) وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ لَا كَآبِقٍ (ش) أَيْ وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَلَا يُبَاعُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ وَعَجَزَ عَنْهُ بَائِعُهُ وَلَا مَا عَجَزَا عَنْهُ كَآبِقٍ لِقَوْلِ مَالِكٍ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي إبَاقِهِ فَاسِدٌ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَيُفْسَخُ وَإِنْ قُبِضَ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ حِسِّيَّةٌ احْتِرَازٌ عَنْ الْآبِقِ وَالْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَ أَوْ شَرْعِيَّةٌ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ إضَافَةُ مَالٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْعَمُودِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ فَإِنْ قُلْت بَيْعُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ مُسَلَّمًا بِالْفِعْلِ، وَذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ (ص) وَإِبِلٍ أُهْمِلَتْ وَمَغْصُوبٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الَّتِي تُرِكَتْ فِي الْمَرْعَى حَتَّى تَوَحَّشَتْ وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهَا إلَّا بِعُسْرٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا بِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَاجِزٌ عَنْ تَحْصِيلِ الْمَبِيعِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ غَاصِبُهُ مُمْتَنِعًا مِنْ دَفْعِهِ وَلَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مُقِرًّا أَوْ غَيْرَ مُقِرٍّ، وَلِمَا إذَا كَانَ غَاصِبُهُ مُنْكِرًا وَتَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْغَصْبِ   [حاشية العدوي] عَرْضُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَمْنَعُ بَيْعَ الْمُحَرَّمِ دُونَ غَيْرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ السِّيَاقَ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَانَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ أَمْ لَا اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ مِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ فِي اتِّخَاذِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي مَنْعُ قَتْلِهِ قِيلَ وَالنَّصُّ كَذَلِكَ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِهِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا فِي الْحَطَّابِ فِي بَابِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى مَنْعِهِ) الْأَوْلَى عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا) أَيْ وَمُنْتَفَعًا بِهِ أَيْ فَحِينَئِذٍ غَايَرَ مَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَبْقَى اللَّفْظَ عَلَى عُمُومِهِ فَيُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ طَهَارَةٌ وَانْتِفَاعٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّجَسِ وَالْمُحَرَّمِ الْمُشْرِفِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ كَغَيْرِهِ عَقْدُ الْبَيْعِ يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ الْمُنْهَيَاتِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ وَجَازَ هِرٌّ) وَاللَّحْمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ وَجَازَ كَهِرٍّ لَكَانَ أَشْمَلَ لِيَشْمَلَ الْفِيلَ لِعِظَمِهِ وَقِطَّ الزَّبَادِ لِزِيَادَةٍ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالسَّبُعِ إلَخْ قَوْلُهُ وَقُوَّةٌ يُفَسِّرُ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَالْعَدَاءُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ) (ذَاتِ الْهِرِّ وَذَاتِ السَّبُعِ) إضَافَةُ ذَاتٍ لِسَبُعٍ إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا تَتَبَعَّضُ) أَيْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ وَهُوَ تَرْجِيحٌ مِنْهُ لِكَلَامِ عج فَإِنَّهُ جَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَنَقَلَ الْفِيشِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ) أَيْ فَهُوَ مَيْتَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالسَّبُعِ مَا يَتَسَبَّعُ) أَيْ فَيَشْمَلُ الضَّبُعَ وَالثَّعْلَبَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ لَا خُصُوصَ السَّبْعِ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا (قَوْلُهُ مُقْرِبٌ) مِنْ أَقْرَبَتْ الْحَامِلُ إذَا قَرُبَ وَضْعُهَا (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا إلَّا فِي التَّبَرُّعَاتِ لَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ (قَوْلُهُ لَا كَآبِقٍ) أَيْ وَبَعِيرٍ شَارِدٍ (قَوْلُهُ فَاسِدٌ) مَا لَمْ يُقْبَضْ عَلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى صِفَتِهِ وَلَا خُصُومَةَ فِيهِ بِأَنْ كَانَ الْقَابِضُ عَلَيْهِ غَيْرَ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَقْدُ لَكِنْ إنْ قَرُبَ مَوْضِعُهُ جَازَ النَّقْدُ أَيْضًا وَإِلَّا امْتَنَعَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ) ذَكَرَهُ بَهْرَامُ، وَلَمَّا كَانَ فِيهِ تَطْوِيلٌ وَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ لَمْ نُبَيِّنْهُ (قَوْلُهُ شَرْعِيَّةٌ احْتِرَازًا عَمَّا إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ يَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ كَانَ مُسْلِمًا بِالْفِعْلِ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يُبَاعُ إلَخْ فِيمَا إذَا بِيعَ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَإِبِلٍ أُهْمِلَتْ) مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَجْزُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ اضْطِرَارِيًّا كَالْآبِقِ أَوْ أَصْلُهَا اخْتِيَارِيًّا كَالْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ وَمَغْصُوبٍ) يَظْهَرُ أَنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ غَيْرُ جَائِزٍ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ مُحَشِّي تت وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِإِطْبَاقِ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْمَغْصُوبِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يُمْنَعُ بَيْعُهُ مَفْسُوخٌ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ بَيْعُهُ رَبُّهُ وَهُوَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْغَاصِبُ لَا يَأْخُذُ لَهُ حُكْمٌ فَاسِدٌ إجْمَاعًا وَقَالَ قَبْلَهُ وَشِرَاؤُهُ مَا غَصَبَهُ وَهُوَ بِيَدِهِ إنْ عَلِمَ مَنْعَهُ رَبَّهُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا فَالشُّرُوطُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ كَمَنْعِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ إذْ لَا عَجْزَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوْلُهُ (إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ) يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ أَيْ لَكِنْ بَيْعُهُ مِنْ غَاصِبِهِ جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْغَاصِبَ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَرُبَّمَا لَوَّحَ الْمُؤَلِّفُ لِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةً تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يُزَادُ عَلَى عِلْمِ الْعَزْمِ شَرْطٌ آخَرُ فَيُقَالُ مَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ وَبَقِيَ تَحْتَ يَدِهِ مُدَّةً حَدَّهَا بَعْضُهُمْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، وَإِلَّا كَانَ مَضْغُوطًا بَائِعًا بِنَجَسٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى الْعَزْمِ الرَّدُّ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْعَزْمُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا طُلِبَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ انْتِفَاءُ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَهَا وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً يَسِيرَةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْغَاصِبِ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ كَانَ بَاعَ مَغْصُوبًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ انْتِفَاءِ الْغَصْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبَضَهَا وَبَاعَهَا لِغَيْرِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبِعْ مَغْصُوبًا فَقَدْ ظَهَرَ لَك الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (ص) وَلِلْغَاصِبِ نَقْضُ مَا بَاعَهُ إنْ وَرِثَهُ لَا اشْتَرَاهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا بَاعَ مَا غَصَبَهُ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَرِثَهُ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّ لَهُ نَقْضَ الْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنْهُ قَبْلَ الْإِرْثِ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لِمُورَثِهِ إلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ لِمُورَثِهِ النَّقْضُ وَلِهَذَا لَوْ تَعَدَّى شَرِيكٌ فِي دَارٍ فَبَاعَ جَمِيعَهَا ثُمَّ وَرِثَ حَظَّ شَرِيكِهِ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِ وَأَخْذُ حِصَّتِهِ بِالشُّفْعَةِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ سَحْنُونَ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْغَاصِبِ بِمَا ذُكِرَ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَيْعِ كُلِّ فُضُولِيٍّ فَإِنْ تَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبِلَهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ رَبِّهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ بَيْعِهِ الصَّادِرِ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَوُقِفَ مَرْهُونٌ عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ (ش) هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ، وَأَشَارَ إلَى بَيَانِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ أَوْ دَيْنُهُ عَرْضًا وَإِنْ أَجَازَ تَعَجُّلٌ فَقَوْلُهُ وَوَقْفُ مَرْهُونٍ أَيْ إمْضَاءُ مَرْهُونٍ أَيْ بِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا قَبْلَهُ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي مَفْهُومِهِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ نَصٌّ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي فِي بَابِ الرَّهْنِ (ص) وَمِلْكُ غَيْرِهِ عَلَى رِضَاهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي (ش) يُرِيدُ أَنَّ   [حاشية العدوي] الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ كَغَيْرِهِ كُلُّهَا لِلصِّحَّةِ وَلَا تَنْوِيعَ أَصْلًا اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَطْعَنُ فِي الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا جَرَى مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَبْيِينِ الْأَحْكَامِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ عَامًّا أُخْرِجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ يُلْتَفَتُ إلَى تَمْيِيزِ الْأَحْكَامِ وَتَبْيِينِهَا بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ مَا قَبْلَ إلَّا إذَا بِيعَ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا لَوَّحَ الْمُؤَلِّفُ) لَا تَلْوِيحَ أَصْلًا لَا بِالنَّظَرِ لِلْقَوْلِ الْمُصَرَّحِ بِهِ وَلَا بِالنَّظَرِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَهَلْ يُزَادُ عَلَى عِلْمِ الْعَزْمِ شَرْطٌ آخَرُ إلَخْ) لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ، وَالرَّدُّ بِالْفِعْلِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْعَزْمِ عَلَى الرَّدِّ لِرَبِّهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الرَّدُّ لِرَبِّهِ بَلْ يُفَصَّلُ وَيُقَالُ إنْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا أَوْ غَيْرَ عَازِمٍ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الْجَوَازُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ تَرَدُّدٌ مَعْنَاهُ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَنْ يُشْتَرَطَ الرَّدُّ لِرَبِّهِ وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُفَصِّلَةُ الْقَائِلَةُ إنْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الْجَوَازُ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ. (تَنْبِيهٌ) : حَيْثُ قِيلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنًا مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْلِصٌ بَعْضَ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ فَالرَّاجِحُ مِنْ التَّرَدُّدِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الرَّدِّ حَيْثُ عَزَمَ عَلَى الرَّدِّ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ نَقَضَ مَا بَاعَهُ) أَيْ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ مَا لَمْ يَسْكُتْ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ لَا إنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ لِيَتَحَلَّلَ بِذَلِكَ صَنِيعُهُ أَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ فَقَطْ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَهُ نَقْضُ بَيْعِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ أَنَّ الْمِيرَاثَ هَجَمَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِلَابٍ مِنْهُ فَلِذَلِكَ قَامَ فِيهِ مَقَامَ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تُورَثُ كَمَا تُورَثُ الْأَعْيَانُ وَاَلَّذِي اشْتَرَى مَا بَاعَ هُوَ الَّذِي اجْتَلَبَ مِلْكَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ جَهِدَ فِي إمْضَائِهِ وَإِثْبَاتِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْضُهُ (قَوْلُهُ لِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ مَا كَانَ إلَخْ) مَا كَانَ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي انْتِقَالِهِ، وَلَوْ حَذَفَ الضَّمِيرَ فِي انْتِقَالِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى بَيَانِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي بَابِ الرَّهْنِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي سَاقَهُ بَيَانٌ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَآخِرُ الْعِبَارَةِ يُوَافِقُ صَدْرَهَا فِي أَنَّ جَمِيعَ مَا يَأْتِي تَفْصِيلٌ لِهَذَا الْمُجْمَلِ (قَوْلُهُ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ) وَيَأْخُذُ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ بِالْإِمْضَاءِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا وَبِعَدَمِهِ وَتَبْقَى ذَاتُهُ رَهْنًا وَقَوْلُهُ بِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ أَيْ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ لَهُ بِمُوَافِقٍ لِلدَّيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ عَرْضًا) أَيْ مِنْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ أَيْ التَّقْيِيدَ أَيْ مَفْهُومَهُ وَهُوَ إذَا لَمْ يَقْبِضْ وَقَوْلُهُ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ أَيْ الْمَفْهُومُ وَقَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ نَصٌّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ نَصٌّ فِي التَّفْصِيلِ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) لَيْسَ نَصًّا فِي التَّفْصِيلِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 مَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ فُضُولِيٌّ وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ عِلْمِهِ وَلَوْ أَمْضَاهُ الْمَالِكُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْمَالِكُ قَرِيبًا أَوْ حَاضِرًا لَا غَائِبًا بَعِيدًا يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَى قُدُومِهِ أَوْ مَشُورَتِهِ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ الْغَلَّةُ قَبْلَ عِلْمِ الْمَالِكِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّعَدِّي أَوْ كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْ الْبَائِعِ التَّعَدِّيَ لِكَوْنِهِ حَاضِنًا لِلْأَطْفَالِ مَثَلًا كَالْأُمِّ تَقُومُ بِهِمْ وَتَحْفَظُهُمْ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ سَبَبِ الْمَالِكِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى أُمُورَهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ ثُمَّ يُقَدَّمُ الْمَالِكُ وَيُنْكِرُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ (ص) وَالْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَحَلَفَ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الرِّضَا بِالْبَيْعِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ وَرَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ (ش) أَيْ وَوَقَفَ بَيْعُ الْعَبْدِ الْجَانِي عَلَى إجَازَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا ادَّعَى مُسْتَحِقُّ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّ بَيْعَهُ رِضًا مِنْهُ بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ أَيْ أَرْشُهَا، وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا قَصَدَ بِالْبَيْعِ تَحَمُّلَ الْأَرْشِ كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ رَدُّ بَيْعِ الْعَبْدِ وَأَخْذُهُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ، وَلَهُ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنْ دَفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ. وَإِنْ دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ رَجَعَ بِالْأَرْشِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَضَاعَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ لَهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ لَا يَلْزَمُنِي إلَّا مَا دَفَعْت لِي، وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ قَالَ لَهُ لَا يَلْزَمُنِي غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي أَيْ وَوَقَفَ إمْضَاءُ بَيْعِ الْبَائِعِ الْعَبْدَ الْجَانِيَ عَلَى رِضَا مُسْتَحِقِّ أَرْشِهَا   [حاشية العدوي] بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِبَعْضِ التَّفْصِيلِ الْآتِي عَلَى أَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ لَا هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ وَبِغَيْرِ حَضْرَتِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَا يُعْذَرُ هُنَا بِجَهْلٍ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ فَإِنْ سَكَتَ عَامًا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إلَى سَنَةٍ فَإِنْ مَضَتْ فَلَهُ الثَّمَنُ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ أَيْ عَشْرَ سِنِينَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ قَرِيبًا) أَيْ يَتَيَسَّرُ إعْلَامُهُ سُرْعَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ حَاضِرًا أَيْ فِي الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرَ الْعَقْدِ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ كَمَا قُلْنَا وَالْمَطَالِبُ بِالثَّمَنِ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ صَارَ وَكِيلًا عَنْهُ وَسَيَأْتِي وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ فَإِذَا فَاتَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ غَيْرِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ عَلَى الْفُضُولِيِّ فِيمَا بَاعَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَاصِبًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّعَدِّي) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ دَاخِلٌ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ مَالِكُهُ أَوْ لَا يَعْتَقِدُ شَيْئًا أَوْ يَقُولُ بِأَنْ كَانَتْ شُبْهَةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْأُولَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ مَالِكُهُ الثَّانِيَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِشَيْءٍ أَيْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكُهُ أَوْ غَيْرُ مَالِكِهِ الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شُبْهَةٍ تَنْفِي الْعَدَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ سَبَبِ الْمَالِكِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ مَالِكِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ) أَيْ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلٌ وَمُقْتَضَى أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا الْخِلَافُ الْجَارِي فِي الْيَمِينِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ) أَيْ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَيْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ فَنَزَلَ مَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ مَنْزِلَةَ مَا كَانَ مِنْ مِلْكِهِ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ أَيْ بَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَكَانَ الَّذِي مِنْ نَاحِيَتِهِ يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ فَنَزَلَ فِي بَابِ الْيَمِينِ مَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ مَنْزِلَتَهُ فَكَذَلِكَ نَزَلَ هُنَا مَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ مِثْلَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) (الْأَوَّلُ) مِثْلُ الْبَيْعِ الشِّرَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَاءٍ لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَشْمَلُهُمَا بِأَنْ يُرِيدَ وَقْفَ إخْرَاجِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَإِدْخَالَهُ عَلَى رِضَا مَنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَمَنْ أَدْخَلَهُ فِي مِلْكِهِ فِي الثَّانِي. (الثَّانِي) ضَمَانُ مَبِيعِ الْفُضُولِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَجَازَ رَبُّهُ الْبَيْعَ وَإِنْ رَدَّ كَانَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالتَّعَدِّي فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغُصَّابِ. (الثَّالِثُ) بَيْعُ الْفُضُولِيِّ بِلَا مَصْلَحَةٍ لِرَبِّهِ حَرَامٌ وَإِنْ بَاعَهُ خَوْفَ تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ فَغَيْرُ حَرَامٍ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا) فَلَهُ رَدُّ بَيْعِ الْمَالِكِ وَإِجَازَتُهُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَعَ تَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ الْبَائِعُ كَمَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ) أَيْ بِسَبَبِ الْبَيْعِ وَذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ إلَخْ) فَالْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ ابْتِدَاءً فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْأَرْشِ فَلِلْمُبْتَاعِ دَفْعُهُ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَتَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَقَلَّ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَرْشِ وَالثَّمَنِ أَيْ رَجَعَ بِالْأَرْشِ إنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ كَانَ الْمُدَّعِي عَلَى السَّيِّدِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْ وَرَثَتَهُ أَوْ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي نَقْضِ شِرَائِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ فَيَلْزَمَهُ الْأَرْشُ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لِبَيْعِهِ وَلَا تُرَدُّ تِلْكَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ أَقَلَّ أَيْ الْمَرْجُوعُ بِهِ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا بَاعَ رَبُّ الْعَبْدِ الْجَانِيَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ فَدَاهُ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَاعَهُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي سَلَّمَهُ الْبَائِعُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَدَفَعَ لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ أَوْ الثَّمَنَ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ لِكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَجَازَ الْبَيْعَ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 وَلَا فَرْقَ بَيْنِ كَوْنِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ هُنَا، وَتَفْصِيلُهُ فِي الرَّدِّ بِهَا بَعْدَهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ تَعَمَّدَهَا ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَتْ عَمْدًا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ حَيْثُ اسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ النَّفْسِ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ النَّفْسِ فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ الْخِيَارَ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَلِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحَقِّ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى انْطِبَاقِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ تَقْرِيرِ ابْنِ غَازِيٍّ (ص) وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ تَعَمَّدَهَا (ش) أَيْ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْعَبْدِ الْجَانِي إذَا اطَّلَعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى جِنَايَتِهِ حَيْثُ صَدَرَتْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ عَمْدًا إذْ لَا يُؤْمَنُ عَوْدُهُ لِمِثْلِهَا فَفِي جِنَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَفْتَكَهُ الْبَائِعُ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَهُ الْبَائِعُ (ص) وَرُدَّ الْبَيْعُ فِي لِأَضْرِبَنَّهُ مَا يَجُوزُ وَرُدَّ لِمِلْكِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ لِيَضْرِبَنَّهُ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ كَعَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ أَجَّلَ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ أَنَّ الْبَيْعَ يُنْقَضُ وَيُرَدُّ الْعَبْدُ إلَى مَالِكِهِ، وَيُمْنَعُ فِي الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَفِي الْمُؤَجَّلِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْهُ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ لَهُ رُدَّ الْبَيْعُ وَعُجِّلَ عِتْقُهُ بِالْحُكْمِ   [حاشية العدوي] مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ أَنْتَ أَخَذْت مِنِّي الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّك سَلَّمْتَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَادْفَعْ لِي مَا أَخَذْته مِنِّي. (قَوْلُهُ بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَمَا هُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَتْ عَمْدًا إلَخْ) هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَتِنَا لَأَنَّنَا قُلْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ الْأَرْشَ إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْشَ لِلسَّيِّدِ ابْتِدَاءً وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُقَابِلَهُ الْإِسْلَامُ فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَرْشِ الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا) أَيْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ عَلَى رِضَا مُسْتَحِقِّهَا وَرَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ. (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ إمْضَاءُ بَيْعِ الْعَبْدِ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ مُوَضِّحٌ لَهُ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَوَقَفَ الْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا أَنَّ لَهُ أَخْذَ ثَمَنِهِ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ أَيْ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ الْمُوَضِّحُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ مُقَيَّدًا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِانْطِبَاقِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّ بِرُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا يَلْزَمُهُ انْطِبَاقُ الشَّرْطِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ لِيَنْطَبِقَ الشَّرْطُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا. وَنَصُّ ابْنِ غَازِيٍّ لَوْ قَالَ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ أَوْ أَخْذُ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَنْطَبِقَ الشَّرْطُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَلِيَتَّصِلَ قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِمَا يُفَرَّعُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَاعِ دَفَعَ الْأَرْشَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَقَدْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ الَّذِي هُوَ السَّيِّدُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّكَلُّفِ بَلْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ دُونَ قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَوُقِفَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَدَّهُ وَكِلَاهُمَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ إلَخْ أَوْ أَنَّهُ حُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الْبَائِعُ حَيْثُ الْبَيْعُ فَإِنْ بَيَّنَهُ حِينَ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ صَدَرَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ قَبْلُ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَعْدَ الْبَيَانِ لَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ أَوْ كَانَتْ خَطَأً فَلَا رَدَّ لَهُ لَا مِنْ عَوْدِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ صَدَرَتْ مِنْهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً حُمِلَتْ عَلَى الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ الْقَصْدُ (قَوْلُهُ وَرُدَّ الْبَيْعُ) وَانْظُرْ لَوْ وَهَبَهُ لَا لِثَوَابٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ (قَوْلُهُ فِي لِأَضْرِبَنَّهُ) أَيْ فِي حَلِفِهِ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صِيغَةُ حَنِثَ، وَقَوْلُهُ لِأَضْرِبَنَّهُ أَيْ مَثَلًا أَيْ فَمِثْلُهُ أَحْبِسُهُ أَوْ أَفْعَلُ بِهِ شَيْئًا يَجُوزُ (قَوْلُهُ وَرُدَّ لِمِلْكِهِ) وَاسْتَمَرَّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَدِّ الْمَبِيعِ رَدُّ الْبَيْعِ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ دِينَارٍ يَقُولُ يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَيُعْتَقُ حِينَ رَدِّهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ رَدِّهِ لِيَضْرِبَهُ مَا يَجُوزُ ثُمَّ يُعَادُ لِلْمُشْتَرِي اهـ. (قَوْلُهُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ) كَذَا فَرَضَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ الْعِتْقِ الطَّلَاقُ لَمْ يُنَجَّزْ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَنُقِلَ عَنْ الْجِيزِيِّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى ضَرْبٍ لَا يَجُوزُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ، وَيَحْنَثُ وَأَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ وَإِذَا بَاعَهُ فَقَدْ عَزَمَ عَلَى ضِدِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ إذْ قَدْ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ. (تَنْبِيهٌ) : فُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ رَدِّ الْبَيْعِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ وَإِذَا لَمْ يَبِعْهُ السَّيِّدُ أَوْرَدَ الْبَيْعَ بَعْدَ صُدُورِهِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ قَالَ فَضْلٌ: لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي الْمَرَضِ لَبَرَّ فَتَرْكُهُ ذَلِكَ كَبَدْءِ عِتْقِهِ فِي الْمَرَضِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَفِي بِرِّهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُؤَجَّلِ) أَيْ الْمُقَيَّدِ بِزَمَنٍ كَيَلْزَمُنِي عِتْقُهُ لَأَضْرِبَنَّهُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ فِي هَذَا الشَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ الْعَبْدَ الَّذِي حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مَا يَجُوزُ فَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ بَاعَهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ ثُمَّ بَاعَهُ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَبِعْهُ بَلْ كَاتَبَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ بَرَّ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبَرُّ وَيَمْضِي عَلَى كِتَابَتِهِ وَيُوقَفُ مَا يُؤَدِّي فَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ ثُمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا وَأَخَذَ كُلَّ مَا أَدَّى وَإِنْ عَجَزَ ضَرَبَهُ إنْ شَاءَ. وَقَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِثْلُهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سِلْكِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلضَّرْبِ بَلْ حَيْثُ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ (ص) وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ كَوْنَهُ عَلَيْهِ بِنَاءً لِلْبَائِعِ يَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ بَيْعُ عَمُودٍ عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِبَائِعِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِقَيْدَيْنِ أَوَّلُهُمَا لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِصِحَّتِهِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ) أَيْ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ خَاصَّةً بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ أَوْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْعَمُودَ، أَوْ يَكُونَ الْبَائِعُ احْتَاجَ إلَى بَيْعِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ بِسَبَبِ اخْتِلَالِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ وَالنَّهْيُ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، وَلَوْ يَسِيرًا بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الْغَبْنِ وَالثَّانِي لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأُمِنَ كَسْرُهُ) أَيْ وَأُمِنَ عَلَى الْعَمُودِ كَسْرُهُ عِنْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبِنَاءِ لِيَحْصُلَ التَّسْلِيمُ الْحِسِّيُّ وَيَرْجِعُ فِي أَمْنِ الْكَسْرِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ صَحَّ الْبَيْعُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ) أَيْ قَبْلَ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا ضَرَبَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى حِنْثٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى بِرٍّ كَيَلْزَمُنِي عِتْقُهُ لَأَضْرِبَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْبَيْعَ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَفِي مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَرُدَّ الْبَيْعُ فِي لَأَضْرِبَنَّهُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلضَّرْبِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَوْنُ الْيَمِينِ عَلَى حِنْثٍ، وَإِنَّمَا نَقْضُ الْبَيْعِ لِعَقْدِ الْحُرِّيَّةِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ حِينَ الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهِ فَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِحُرِّيَّةِ غَيْرِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ فَفِيهَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ. وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَجْلِدَنَّ عَبْدَهُ جَلْدًا يَجُوزُ لَهُ فَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْلِدَهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْمُولِي إنْ رَفَعْته فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَجَلَدَهُ طَلَّقْنَا عَلَيْهِ وَاحِدَةً فَإِنْ مَلَكَهُ فِي الْعِدَّةِ أَيْضًا فَضَرَبَهُ كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ إنْ نَكَحَهَا عَادَ مُولِيًا وُقِفَ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ فَيَضْرِبَهُ فَيَبَرَّ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ سَاعَةَ بَاعَهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَفِيهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ أَمَتِهِ لَيَضْرِبَنَّهَا ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنْ بَاعَهَا نُقِضَ الْبَيْعُ اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهَا وَالطَّلَاقِ. فَقَوْلُ س اُنْظُرْ هَلْ تَخْتَصُّ الْمَسْأَلَةُ بِيَمِينِ الْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُ ج الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ حُرِّيَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى ضَرْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ فِيهِ قُصُورٌ مِنْهُمَا وَقَوْلُ ح إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَنِثَ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ لِلْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّهَا نَعَمْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ دِينَارٍ وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ اغْتِرَارٌ مِنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ بِمَا يَشْفِي. اهـ. (قَوْلُهُ بَرَّ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَأَنَّهُ يَبَرُّ بِضَرْبِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ قَالَ إنَّهُ لَا يَبَرُّ بِضَرْبِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِهَا وَلَوْ عَجَزَ كَذَا يَظْهَرُ (أَقُولُ) هَذَا يُفِيدُ رُجْحَانَ قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ خُصُوصًا وَهُمَا صَاحِبَا الْإِمَامِ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ وَلَوْ مَكَّنَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَرْبِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَضَرَبَهُ فَفِي بِرِّهِ قَوْلَانِ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ مَنْصُوصَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَقَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَرَدُّ الْبَيْعِ وَاضِحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِضَرْبِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى أَنَّهُ يَبَرُّ لَكِنَّهُ لَا يُمَكِّنُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الضَّرْبِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِرَدِّ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ بِمَا إذَا وَقَعَ الضَّرْبُ قَبْلَ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَدَائِهَا فَلَا يَبَرُّ إذْ بِالْأَدَاءِ تَمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا ضَرَبَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ صَارَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَيْعُ عَمُودٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَمُودُ اللُّغَوِيُّ أَيْ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ، وَيُبَاعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالزَّمَنِ أَوْ مُضِيِّ مَا يُعَارُ لَهُ مِنْ الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ أَيْ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ) أَيْ وَلِذَا عَرَّفَ الْإِضَاعَةَ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقِ مَا عَلَيْهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ انْتِفَاءِ إضَاعَةِ الْمَالِ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ فَقَطْ يُوجِبُ تَوَجُّهَ النَّفْسِ إلَى طَلَبِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي هَذَا، وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْبِنَاءِ وَاقِعًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَلَوْ يَسِيرًا وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ يُقَالُ لَهُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا بَاعَ الْعَمُودَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَيَنْزِلُ هَذَا الثَّمَنُ كَأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَتِهِ وَمُقَابَلَةُ الْبِنَاءِ وَبَيْعُ الْغَبْنِ جَائِزٌ فَلَمْ يَلْزَمْ إضَاعَةُ الْمَالِ. (أَقُولُ) بَلْ هَذَا يَقْضِي بِالْكَرِّ عَلَى قَوْلِهِ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَفِي عب ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْجَوَازِ وَظَاهِرُ غَيْرِهِ الْجَوَازُ مُعَلِّلًا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ إنَّمَا تُمْنَعُ حَيْثُ وَقَعَتْ لَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ النَّفِيسِ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ رَاجِعٌ لِبَيْعِ الْغَبْنِ أَوْ بَابِ السَّفَهِ وَكِلَاهُمَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ صَحَّ الْبَيْعُ) فَإِنْ قِيلَ هَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ انْتَفَتْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 وَأَمَّا إنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ (ص) وَنَقَضَهُ الْبَائِعُ (ش) الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الْبَيْعُ وَجَازَ إنْ نُقِضَ الْبِنَاءُ عَلَى الْبَائِعِ فَالضَّمِيرُ فِي نَقْضِهِ يَرْجِعُ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا نَقْضُ الْعَمُودِ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا صَدَّرَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْقَابِسِيِّ وَعَلَى هَذَا فَضَمَانُ الْعَمُودِ فِي قَلْعِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ (ص) وَهَوَاءٌ فَوْقَ هَوَاءٍ إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ أَرْضٍ بِعْنِي عَشْرَةَ أَذْرُعٍ فَوْقَ مَا تَبْنِيهِ فَوْقَ أَرْضِك إنْ وُصِفَ مُتَعَلِّقُ الْبِنَاءِ لِلْأَسْفَلِ وَلِلْأَعْلَى فَيَصِفُ كُلٌّ بِنَاءَهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ يَرْغَبُ فِي خِفَّةِ بِنَاءِ الْأَعْلَى وَصَاحِبُ الْأَعْلَى يَرْغَبُ فِي ثِقَلِ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ، وَيُوصَفُ الْمِرْحَاضُ وَقَنَاتُهُ وَالْمِيزَابُ وَمَصَبُّهُ فَقَوْلُهُ وَهَوَاءٌ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ هَوَاءٍ، وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهَوَاءٌ بِالْمَدِّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكُلُّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ وَأَمَّا بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَفَرْشُ سَقْفِ الْأَسْفَلِ بِالْأَلْوَاحِ عَلَى مَنْ اشْتَرَطَ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِ الْهَوَاءِ بَيْعُ مَا عَلَى سَقْفِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثِّقَلَ عَلَى حَائِطِهِ اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَلَكَ مَا فَوْقَ بِنَائِهِ مِنْ الْهَوَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِحَقِّ الْبَائِعِ فِي الثِّقَلِ إلَخْ وَمَفْهُومُ فَوْقَ هَوَاءٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ بِأَنْ يَبْنِيَ الْمُشْتَرِي الْأَسْفَلَ وَالْبَائِعُ الْأَعْلَى، وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ لِيَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى (ص) وَغَرْزُ جِذْعٍ فِي حَائِطٍ وَهُوَ مَضْمُونٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً فَإِجَارَةٌ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ وَجَازَ مُعَاقَدَةُ غَرْزِ جِذْعٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ وَجَازَتْ الْمُعَاقَدَةُ عَلَى مَوْضِعِ غَرْزِ جِذْعٍ أَيْ إدْخَالِ جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ فِي حَائِطٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ تَارَةً لَا يُعَيَّنُ فِيهِ مُدَّةٌ فَيَكُونُ بَيْعًا، وَإِذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ لَزِمَ الْبَائِعَ إعَادَتُهُ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي مَوْضِعِ الْغَرْزِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا خَلَلَ فِي الْحَائِطِ وَلَوْ   [حاشية العدوي] الْإِضَاعَةُ لِكَوْنِهِ مُغْنِيًا عَنْ قَوْلِهِ وَأُمِنَ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ كَسْرُهُ لَمْ تَنْتَفِ إضَاعَةُ الْمَالِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَكَانَ فَاسِدًا، وَذَلِكَ لِصِدْقِ الْجَوَازِ بِصُورَةٍ الْحُكْمُ فِيهَا الْمَنْعُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ إنْ مُسْتَقْبَلٌ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ أَفَادَ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ كَسْرُهُ وَخَاطَرَ وَسَلَّمَ لِانْتِفَاءِ الْإِضَاعَةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ) ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ يَجُوزُ إذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ وَوَجْهُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْغَرَرَ الْمَانِعَ مَانِعٌ وَلَوْ اشْتَرَطَ فِيهِ السَّلَامَةَ (قَوْلُهُ لَا عَاطِفَةٌ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الشَّرْطِ شَرْطٌ وَنَقْضُ الْبَائِعِ لَيْسَ شَرْطًا (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ رُجِّحَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَذَكَرَ عج مَا نَصُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَخْلِيصَ السَّيْفِ مِنْ الْحِلْيَةِ أَيْ نَقْضُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِلْيَةِ حَيْثُ بِيعَ السَّيْفُ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا أَنَّ جَزَّ الصُّوفِ الَّذِي بِيعَ غَنَمُهُ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي بِيعَ أَصْلُهَا عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَضَمَانُ الْعَمُودِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤْمَنَ كَسْرُهُ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَمِنَ كَسْرَهُ عَلَى مَا قَالَتْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَيُفْرَضُ أَنَّهُ حَصَلَ كَسْرٌ مِنْ عَدَمِ إتْقَانِ مَنْ يُخْرِجُ الْعَمُودَ فَهُوَ كَسْرٌ طَارَ (قَوْلُهُ وَهَوَاءٌ فَوْقَ هَوَاءٍ) وَأَمَّا هَوَاءٌ فَوْقَ أَرْضٍ فَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ إذْ الْأَرْضُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَاطِنَ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَحْرَى مِنْ الْمُصَنِّفِ هَوَاءٌ فَوْقَ بِنَاءٍ وَقَوْلُهُ فَوْقَ هَوَاءٍ أَيْ يَبْنِيهِ رَبُّ الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ أَوْ يُرِيدُ غَيْرُهُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِشِرَاءٍ مِنْهُ أَوْ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ فَوْقَ أَرْضِكَ) أَيْ تَبْنِيهِ فَوْقَ أَرْضِكَ (قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ مُتَعَلِّقُ الْبِنَاءِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبِنَاءَ مَصْدَرٌ، وَالْوَصْفُ إنَّمَا هُوَ لِمُتَعَلِّقِهِ مِنْ الْمَبْنِيِّ مِنْ كَوْنِهِ خَفِيفًا أَوْ ثَقِيلًا أَحْجَارًا أَوْ آجُرًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ الْبِنَاءُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْمَبْنَى (قَوْلُهُ وَقَنَاتُهُ) الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إلَى الْفَضَاءِ مَثَلًا أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ الْمَخْزَنَ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ الْفَضَلَاتُ (قَوْلُهُ مِقْدَارٌ مِنْ هَوَاءٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْفَرَاغِ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ الْفَرَاغِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْهَوَاءِ الْفَرَاغَ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا مِقْدَارٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ ذَاتُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ أَيْ الْفَرَاغُ بِتَمَامِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَمَامِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَانْتِفَاعٌ وَقَوْلُهُ وَالْهَوَاءُ بِالْمَدِّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَيْ مِنْ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا نَحْنُ فِيهِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْفَرَاغِ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ وَكُلُّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَمَا فِي دَاخِلِ كُلِّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ (قَوْلُهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا اشْتَرَى قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْهَوَاءِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ مَا فَوْقَهُ قُلْت كَأَنَّ الْبَائِعَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَاهُ وَمَا فَوْقَهُ إذْ لَوْ مُكِّنَ الْبَائِعُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَعْلَى لَضَرَبَهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمُ الْبَقَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ لَزِمَ رَبَّهُ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِجَارَةٌ) أَيْ فَإِنْ ذَكَرَ مُدَّةً فَهُوَ إجَارَةٌ أَيْ فَالْعَقْدُ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِكَوْنٍ مَحْذُوفٍ لَكِنْ عَلَى قِلَّةٍ؛ لِأَنَّ كَانَ لَا تُحْذَفُ إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ إلَّا قَلِيلًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَمَوْضِعُ الْجِذْعِ مَبِيعٌ، وَإِذَا ذَكَرَ مُدَّةً فَمَوْضِعُ الْجِذْعِ مُؤَجَّرٌ (قَوْلُهُ أَوْ جُذُوعٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ (جِذْعٍ) فِي الْمُصَنِّفِ يُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 بَاعَ الْبَائِعُ دَارِهِ بِحَائِطِهِ أَوْ مَاتَ فَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ بِنَاءَ الْحَائِطِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَيْبٌ وَتَارَةً يُعَيِّنُ مُدَّةً فَتَكُونُ إجَارَةً لِمَوْضِعِ الْغَرْزِ مِنْ الْحَائِطِ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الْحَائِطِ وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ لِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ بَيْعًا فَلِمَ لَزِمَ الْبَائِعَ إعَادَةُ الْحَائِطِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُشْتَرِيَ مَحَلِّ الْجِذْعِ بِمَثَابَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى بِالِانْتِفَاعِ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مُعَاقَدَةً لِيَشْمَلَ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ (ص) وَعَدَمُ حُرْمَةٍ (ش) أَيْ وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ حُرْمَةٍ لِمِلْكِهِ أَوْ بَيْعِهِ جُمْلَةً وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَعَدَمُ نَهْيٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (لَوْ لِبَعْضِهِ) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ خَاصَّةٌ بِالْجُمْلَةِ فَنَبَّهَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَرْجِعَ الْمُبَالَغَةُ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ فَالْمُحَرَّمُ الْمِلْكُ جُمْلَةً كَالْخَمْرِ وَالْبَيْعُ كَالْكَلْبِ وَبَعْضًا كَأَحَدِهِمَا مَعَ ثَوْبٍ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ بِالنَّهْيِ النَّهْيُ الْخَاصُّ كَالْكَلْبِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْخِنْزِيرِ نَهْيٌ خَاصٌّ فَأَتَى بِهَذَا لِإِخْرَاجِهِ أَوْ لِيُعْلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ السَّابِقِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَيَخْرُجُ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلَوْ لِبَعْضِهِ بِمَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِ التَّهْذِيبِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهَا لَزِمَهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ أَيْ إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بِحُرِّيَّةٍ كَالصَّفْقَةِ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعُيُوبِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ بَعْضَهَا حَبْسًا أَوْ شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا غَيْرَ مُذَكَّاةٍ أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا اهـ. (ص) وَجَهْلٍ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ عَدَمُ الْجَهْلِ بِالْمَثْمُونِ وَالثَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا مَعْلُومَيْنِ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ، وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْجَاهِلُ وَقَوْلُهُ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ أَيْ قَدْرًا وَكَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً وَصِفَةً، وَإِنَّمَا فَصَّلَ فِي هَذَا الشَّرْطِ دُونَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ بِأَنْ أَجْمَلَ فِيهَا لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا اُشْتُرِطَ فِي أَحَدِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْآخَرِ أَيْ لِيُعْلَمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ شَرْطٌ فِيهِمَا أَيْ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى إجْمَالِهِ لَتُوُهِّمَ مِنْهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَثْمُونِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ تَفْصِيلًا) إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ مَجْهُولًا جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ (كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَانِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ عَكْسُهُ وَيَبِيعَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِكَذَا) فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي نَقْضِ شِرَائِهِ هُوَ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِي مَحَلِّ الْجِذْعِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ بَيْعًا) أَيْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى مَوْضِعِ الْجِذْعِ بَيْعًا ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ شَبَهَ احْتِبَاكٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مَضْمُونٌ فَلَا يَنْفَسِخُ وَقَوْلُهُ فَإِجَارَةٌ كَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيُفْسَخُ، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ مَوْضِعُ الْجِذْعِ وَقَوْلُهُ فَالْجَوَابُ حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَك وَكَانَ الْمُنَاسِبُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمُنَاسِبُ كَوْنُ الْبَائِعِ يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ وَلَوْ تَأَمَّلَ السَّائِلُ لَمْ يَسْأَلْ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا بِجَامِعِ أَنْ لَا فَرْقَ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ الشُّرُوطِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ النَّهْيُ الْخَاصُّ) بِأَنْ وَرَدَ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخُصُوصِ الْكَلْبِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْخِنْزِيرِ نَهْيٌ خَاصٌّ بَلْ النَّهْيُ عَامٌّ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْفِقْهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ النِّصْفُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّ الْبَاقِيَ وَأَخَذَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ اُنْظُرْ وَجْهَ عَدَمِ جَعْلِهِمْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا كَانَ التَّقْدِيرُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ؛ لِأَنَّهُمَا وَيُفْهَمُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ) أَيْ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ هَذَا) أَيْ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً يُفْسَخُ الْكُلُّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَجَهْلٌ بِمَثْمُونٍ) أَيْ كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ مَجْهُولٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٍ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِسِعْرِ الْيَوْمِ أَوْ بِمَا يَبِيعُ بِهِ فُلَانٌ مَتَاعَهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَلَا يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِالْجَهْلِ إلَّا إذَا جَهِلَا مَعًا أَوْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ وَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ فَلَا فَسَادَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِذَا ادَّعَى الْجَاهِلُ عَلَى الْعَالِمِ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَجْهَلُهُ حَلَفَ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَفُسِخَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ ضَعْفَ هَذَا التَّفْصِيلِ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَنَّهُ يَفْسُدُ إذَا جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَجَهِلَ أَحَدُهُمَا) إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ مَعَ جَهْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَائِبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَمْيَّةً) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَصِفَةً عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ) بِجَامِعٍ لَا فَارِقٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَفْصِيلًا) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا جُمْلَةً وَمَعْلُومًا تَفْصِيلًا لَجَازَ كَبَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا وَيُرِيدُ أَخْذَهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ) فَإِنْ مَضَى فَالْقِيمَةُ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُفِيدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَفِ الْجَهْلُ فَإِنْ انْتَفَى جَازَ كَمَا إذَا سَمَّيَا لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِاشْتِرَاكِهِمَا أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَلَوْ تَفْصِيلًا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنَّ جَهْلَ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ مُضِرٌّ وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ فِي التَّفْصِيلِ وَلَا مَفْهُومَ لِعَبْدَيْنِ وَلَا لِرَجُلَيْنِ وَكَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الثَّمَنِ. فَإِنْ قُلْت كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا فَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ دُخُولَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَبْدَيْنِ مِثَالًا لِمَجْهُولِ التَّفْصِيلِ، وَإِذَا حَصَلَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى السَّوِيَّةِ فَالثَّمَنُ مَعْلُومُ التَّفْصِيلِ وَمِثْلُ جَهْلِ التَّفْصِيلِ جَهْلُ الصِّفَةِ فِي أَنَّهُ يُضِرُّ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْعَطْفِ عَلَى مَجْهُولِ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (وَرِطْلٍ مِنْ شَاةٍ) أَيْ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ رِطْلًا أَوْ كُلَّ رِطْلٍ مَثَلًا مِنْ لَحْمِ شَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَبْلَ سَلْخِهَا ذُبِحَتْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ مُغَيَّبٌ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ مَثَلًا هُوَ الْبَائِعُ لِلشَّاةِ وَوَقَعَ الشِّرَاءُ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَازَ وَلَوْ قَبْلَ السَّلْخِ. (ص) وَتُرَابِ صَائِغٍ (ش) أَيْ وَمُنِعَ بَيْعُ تُرَابِ صَائِغٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَبْدَيْ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ تَفْصِيلًا، وَأَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ جُمْلَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ رُئِيَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ تَفْصِيلًا، وَإِنْ لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ جُمْلَةً وَلَا مَفْهُومَ لِصَائِغٍ أَيْ أَوْ عَطَّارٍ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى صَائِغٍ أَيْ وَتُرَابٍ كَصَائِغٍ أَيْ تُرَابِ صَانِعِ صَنْعَةٍ مِنْ الصَّنَائِعِ الَّتِي تَخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ وَيَعْسُرُ تَخْلِيصُهَا كَالْعَطَّارِينَ وَنَحْوِهِمْ (ص) وَرَدَّهُ مُشْتَرِيهِ (ش) أَيْ لِأَجْلِ فَسَادِ بَيْعِ مَا ذُكِرَ رَدَّهُ مُشْتَرِيهِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ تَفُتْ فَإِنْ فَاتَتْ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ عَلَى غَرَرِهِ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُخَلِّصْهُ (وَ) كَذَا (لَوْ خَلَّصَهُ) أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى غَرَرِهِ وَيَبْقَى لِمُبْتَاعِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ خَلَّصَهُ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا مُخَلَّصًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ (وَلَهُ الْأَجْرُ) أَيْ وَحَصَلَ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ خَلَّصَهُ فَيَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ مَا زَادَ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُخَلَّصِ؛ لِأَنَّك قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ عَلَّقَ الْأُجْرَةَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ مُخَلَّصٍ، وَهِيَ تَدُورُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا قِلَّةً وَكَثْرَةً فَيَكُونُ الْمُؤَلِّفُ لَوَّحَ لِطَرِيقِ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ (ص) لَا مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (ش) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُبَاعُ بِصِنْفِهِ أَوْ بِغَيْرِ صِنْفِهِ فَشَيْءٌ آخَرُ سَيَأْتِي (ص) وَشَاةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا (ش) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ مَثَلًا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَقَبْلَ سَلْخِهَا جُزَافًا لَا وَزْنًا؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ بِخِلَافِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ   [حاشية العدوي] أَوْ قَوَّمَا كُلًّا بِانْفِرَادِهِ وَدَخَلَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ أَوْ جَعَلَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَبْلَ ذِكْرِهِ ثُمَّ بِيعَ عَقْدًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ اتَّحَدَتْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْعَبْدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا سُدُسُ كُلٍّ أَوْ ثُلُثُ كُلٍّ أَوْ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ فِي الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ عَبْدٍ النِّصْفَ (قَوْلُهُ وَرِطْلٌ مِنْ شَاةٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى جَعْلِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ قَبْلَ سَلْخِهَا) وَأَمَّا بَعْدَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ تَدُورُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الْمُخَلَّصُ كَثِيرًا تَكُونُ الْأُجْرَةُ كَثِيرَةً وَقَلِيلًا قَلِيلَةً، وَلَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ أُجْرَةُ عِلَاجِهِ وَكَثْرَةُ تَعَبِهِ لَا كَثْرَةُ الْمُخْرَجِ وَقِلَّتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ شَيْءٍ. (ثُمَّ أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَلِّقْ الْأُجْرَةَ بِالتَّخْلِيصِ بَلْ أَتَى بِهِ مُقْتَرِنًا بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُتَبَادِرِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَرَدَّهُ مُشْتَرِيهِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لِطَرِيقِ ابْنِ يُونُسَ إلَخْ) حَاصِلُ طَرِيقَةِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى قِيمَةِ مَا وَجَدَهُ، وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ عِلَّةُ الْأَجْرِ التَّخْلِيصُ فَالْأُجْرَةُ مَنُوطَةٌ بِالتَّخْلِيصِ فَإِذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ أَيْ أُجْرَةُ تَعَبِهِ عَلَى مَا خَلَّصَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا خَلَّصَهُ فَإِذَا أَخْرَجَ عَشْرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْفِلْفِلِ، وَكَانَ تَعَبُهُ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ فَمَا لَهُ إلَّا الْخَمْسَةُ فَإِذَا كَانَ أَخْرَجَ مِنْ الْفُلْفُلِ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً فِضَّةً وَأُجْرَةُ تَعَبِهِ خَمْسَةٌ فِضَّةٌ فَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ أَوْ يُعْطِيهِ مَا أَخْرَجَهُ وَمُقَابِلُهُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ وَيَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَزْيَدَ يَأْخُذُ الزَّائِدَ (قَوْلُهُ أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ الذَّهَبِ) أَيْ جُزَافًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ مِنْ مَنْعِ تُرَابِ صَائِغٍ شِدَّةُ الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِيعَ تُرَابُ مَعْدِنٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَأَمَّا نَفْسُ الْمَعْدِنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَفِيهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرَاضِي الْمَعَادِنِ؛ لِأَنَّ مَنْ أُقْطِعَتْ لَهُ إذَا مَاتَ أُقْطِعَتْ لِغَيْرِهِ وَلَمْ تُورَثْ، وَيَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَتُرَابِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ) ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَأَمَّا بِصِنْفِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ) أَيْ وَمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ، حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ يَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ فَلَا يَجُوزُ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَاَلَّتِي بِيعَتْ قَبْلَ السَّلْخِ جُزَافًا فَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا ثُمَّ نَقُولُ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ لَا ظُهُورَ لَهَا؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ هُوَ الْمَبِيعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ مُغَيَّبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ شَأْنَ اللَّحْمِ أَنْ يُوزَنَ فَيَكُونَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَكَأَنَّهُ لَمَّا بِيعَ جُزَافًا خَرَجَ عَنْ أَصْلِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ غَيْرِ اللَّحْمِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَيْسَتْ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ الْمُرَادُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ أَصْلًا فَلَيْسَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ بَلْ الْمُقَيَّدُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ وَالْمَعْنَى بَلْ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ الذَّاتُ بِجُمْلَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جُمْلَةٌ حَاضِرَةٌ، وَهَذَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِيمَا إذَا بِيعَتْ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 كَالرِّطْلِ مِنْ الشَّاةِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ، وَمِثْلُهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ هُنَا عَلَى الْوَزْنِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ فَقَوْلُ تت بِالْجَوَازِ وَلَوْ بِيعَتْ وَزْنًا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَقَوْلُهُ وَشَاةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى عَمُودٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَ سَلْخِهَا وَأَوْلَى بَعْدَهُ (ص) وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ وَتِبْنٍ إنْ بِكَيْلٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَجُوزُ أَيْضًا بَيْعُ الْحِنْطَةِ مَثَلًا بَعْدَ يُبْسِهَا فِي سُنْبُلِهَا وَتِبْنِهَا بَعْدَ دَرْسِهِ يُرِيدُ وَكُلُّ مَا يَصِلُ إلَى مَعْرِفَةِ جَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ بِفَرْكٍ وَنَحْوِهِ، وَجَوَازُ مَا ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى الزَّرْعَ كُلَّهُ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا أَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمَجْمُوعِ كَيْلًا مَعْلُومًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ تَمَامُ حَصَادِهِ وَدِرَاسِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ بِكَيْلٍ مِمَّا لَوْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ تِبْنِهِ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مَا لَمْ يَرَهُ فِي سُنْبُلِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَيُحْرِزُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمَنْفُوشِ حَيْثُ رَآهُ قَائِمًا (ص) وَقَتٍّ جُزَافًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْقَتِّ وَهُوَ الْحُزَمُ جُزَافًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا مَنْفُوشًا (ش) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ وَتَكْدِيسِهِ مَنْفُوشًا أَيْ مُخْتَلِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ وَهُوَ قَائِمٌ لِقَوْلِ عِيَاضٍ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا خُلِطَ فِي الْأَنْدَرِ لِلدِّرَاسِ أَوْ كُدِّسَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ تَصْفِيَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَقَتٍّ جُزَافًا بِنَحْوِ الْقَمْحِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ مِمَّا ثَمَرَتُهُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي سَاقِهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَمَنْفُوشًا حَالٌ مِنْ وَقَتٍّ بِنَاءً عَلَى مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ، وَإِطْلَاقُ الْقَتِّ عَلَى الْمَنْفُوشِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْفُوشًا عَطْفٌ عَلَى قَتٍّ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ (ص) وَزَيْتِ زَيْتُونٍ بِوَزْنٍ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ زَيْتِ هَذَا الزَّيْتُونِ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا قَبْلَ عَصْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الزَّيْتِ مِنْ الزَّيْتُونِ عِنْدَ النَّاسِ لَا يَخْتَلِفُ وَكَانَ الْعَصْرُ قَرِيبًا مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا أَوْ مُفَادُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ شُرِطَ فَإِنْ كَانَ خُرُوجُ الزَّيْتِ يَخْتَلِفُ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَرُؤْيَتِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ كَكُلِّ بَيْعِ خِيَارٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا   [حاشية العدوي] الْوَزْنِ وَذَلِكَ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ عَلَى الْوَزْنِ صَارَ الْمَنْظُورُ لَهُ كُلُّ رِطْلٍ رِطْلٌ لَا الذَّاتُ الْجُمْلَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جُمْلَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ سَلْخِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ وَمِثْلُ الرِّطْلِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَتِبْنٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ) وَكَانَ الْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لِلضَّرُورَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحِنْطَةٍ إلَخْ لَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ بَدَا صَلَاحُهُ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَتَرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِهِ جُزَافًا، وَأَمَّا عَلَى الْكَيْلِ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ جُزَافًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرَهُ فِي سُنْبُلِهِ) فَإِنْ رَآهُ فِي سُنْبُلِهِ يُمْكِنُهُ حَزْرُ كُلٍّ مِنْ الْقَمْحِ وَالتِّبْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ كَوْنُ الْقَمْحِ جُزَافًا وَحْدَهُ أَشَدُّ غَرَرًا فَلِذَا مُنِعَ بِخِلَافِ بَيْعِهِ مَعَ التِّبْنِ جُزَافًا فَلَمْ يَكُنْ غَرَرُهُ شَدِيدًا فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُ مَعَهُ جُزَافًا إذَا رَآهُ فِي سُنْبُلِهِ وَهُوَ قَائِمٌ (قَوْلُهُ وَيُحْرِزُهُ) فَالْحَرْزُ يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْ الْقَمْحِ وَالتِّبْنِ (قَوْلُهُ لَا مَنْفُوشًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَنْدَرِ أَوْ فِي مَوْضِعِ حَصْدِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ) وَقَيَّدَ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ أَطْرَافُهُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ عَلَى جِهَةِ التَّخَالُفِ، وَأَمَّا لَا عَلَى جِهَةِ التَّخَالُفِ فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ أَوْ كُدِّسَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ خُلِطَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَدَّسَ أَوْ كُدِّسَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَحْوُ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ مِمَّا ثَمَرَتُهُ مُتَفَرِّقَةٌ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ وَقَوْلُهُ وَمَنْفُوشًا حَالٌ مِنْ قَتٍّ أَيْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ لَا قَتٍّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَنْفُوشًا فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفًا، وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ حَالًا مِنْ مَوْصُوفِ قَتٍّ أَيْ لَا زَرْعِ قَتٍّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَنْفُوشًا فَلَا يَكُونُ حَالًا مِنْ النَّكِرَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَدْ نَاقَشَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنْ جَعَلَهُ حَالًا يَحُوجُ إلَى تَكْرَارٍ لَا كَمَا فِي النَّعْتِ وَالْخَبَرِ نَحْوُ {لا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: 47] {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] فَالْحَالُ وَالنَّعْتُ وَالْخَبَرُ يَتَكَرَّرُ مَعَهُ لَا (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ وَالْمَعْنَى وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ مَقْتُوتًا أَيْ مَحْزُومًا لَا مَنْفُوشًا، وَيَكُونُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَوَّزَ فِي الِاتِّبَاعِ مُرَاعَاةَ الْمَحَلِّ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَمَنْ رَاعَ فِي الِاتِّبَاعِ الْمَحَلَّ فَحَسَنٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِبَيْعِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ أَحَدُهَا بَيْعُهُ جُزَافًا فَلَا يَجُوزُ بِالْفَدَّانِ كَمَا لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ كَذَلِكَ حَيْثُ جَعَلَاهُ مِعْيَارًا إلَّا إنْ حُرِزَ مَا فِيهِ مِنْ قَمْحٍ وَتِبْنٍ ثَانِيهَا كَوْنُ ثَمَرَتِهِ فِي رَأْسِ الشَّجَرَةِ كَالْقَمْحِ فَإِنْ كَانَتْ فِي جَمِيعِ قَصَبَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ ثَالِثُهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ غَلَّتَهُ مَعَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ تِبْنٍ رَابِعُهَا أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ يُبْسِهِ لَا قَبْلَهُ، وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْبِرْسِيمِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ قَائِمًا فَلَا يُشْتَرَطَانِ فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِمَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّرْطَانِ الْآخَرَانِ وَاَلَّذِي يُحْزَرُ فِي غَيْرِ الْبِرْسِيمِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ حَبٍّ وَتِبْنٍ فِي بَيْعِ الْبِرْسِيمِ مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْمَالِ إذَا بِيعَ عَلَى الرَّعْيِ وَبِهِ وَمِمَّا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ إنْ بِيعَ لِيُحْصَدَ وَيُؤْخَذَ حَبُّهُ، وَإِذَا بِيعَ الْكَتَّانُ تَعَلَّقَ الْحَزْرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْبِزْرِ وَالْكَتَّانِ (قَوْلُهُ وَزَيْتُ زَيْتُونٍ) أَشْعَرَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَيْتُونًا عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهِ عَصْرَهُ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا) النَّحْوُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ) أَيْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 يُفْهَمَ الْفَسَادُ مُطْلَقًا إذَا اخْتَلَفَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ أَيْ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ (ص) وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ دَقِيقِ حِنْطَةٍ قَبْلَ طَحْنِهَا عَلَى الْأَشْهَرِ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك صَاعًا أَوْ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كَمَا مَرَّ فِي الزَّيْتُونِ وَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ مَطْحُونًا وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَافِ خُرُوجِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ طَحْنُهُ بِالْقُرْبِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُهُ مُنِعَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَشْتَرِي مِنْك هَذَا الصَّاعَ عَلَى أَنْ تَطْحَنَهُ فَهَذَا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَإِذَا أَوْفَاهُ إيَّاهُ حَبًّا خَرَجَ مِنْ ضَمَانِهِ (ص) وَصَاعٍ أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَإِنْ جُهِلَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ عَدَدِ آصُعَ مِنْ صُبْرَةٍ مَعْلُومَةِ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتِهَا، وَكَذَا شِرَاءُ كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَالْمُشْتَرَى جَمِيعُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ كُلِّ صَاعٍ مِنْ الصُّبْرَةِ بِكَذَا حَيْثُ أُرِيدَ الْبَعْضُ سَوَاءٌ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِجَهْلِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ حَالًا وَمَآلًا؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ الصَّادِقِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا فَلَا يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا وَاحِدًا مِنْهُمَا فَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ الْمَنْعُ (ص) وَشَاةٍ وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشَّاةَ مَثَلًا وَيَسْتَثْنِي مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ أَوْ أَكْثَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الثُّلُثَ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ كِبَرًا وَصِغَرًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْأَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَاةٍ وَيَصِحُّ فِي اسْتِثْنَاءُ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ وَالرَّفْعُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَلَا يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى شَاةٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَبَيْعُ اسْتِثْنَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ بَعْدَهُ لَا حَقَّ لَهُ وَاللَّاحِقُ لِلْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ (ص) وَلَا يَأْخُذُ لَحْمَ غَيْرِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ الْأَرْطَالِ الْمُسْتَثْنَاةِ عَدَدَهَا أَرْطَالًا مِنْ لَحْمِ غَيْرِ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالِ لَشَمَلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُ غَيْرِ اللَّحْمِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِي هَذِهِ هِيَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى فَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مُغَيَّبٍ وَهُوَ يَمْتَنِعُ بِاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ   [حاشية العدوي] أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَصْرُهُ قَرِيبًا مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك صَاعًا أَوْ كُلَّ صَاعٍ) وَأُخِذَ جَمِيعُ هَذِهِ الصُّبْرَةِ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَدَقِيقُ حِنْطَةٍ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ طَحْنِهِ بِالْقُرْبِ) فَحِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ شُرُوطِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَالْقُرْبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) لَا يَخْفَى جَوَازُ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَاسْتَخَفَّهُ مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ كَرِهَهُ، وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْقَمْحَ عُرِفَ وَجْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَجُعِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ التَّخْفِيفَ وَالِاسْتِحْسَانَ لَا الْقِيَاسُ (أَقُولُ) إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَافٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا أَوْفَاهُ إلَخْ أَيْ فِي صُورَةِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَأَمَّا شِرَاءُ زَيْتُونٍ وَسِمْسِمٍ وَحَبِّ فُجْلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ أَوْ زَرْعُ قَائِمٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ حَصْدَهُ وَدَرْسَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا إنْ ابْتَعْت ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ لَك أَوْ نَعْلَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ شِرَاءُ غَزْلٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ لَك (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ عَدَدِ آصُعَ) هَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ وَكَذَا يَجُوزُ ذِرَاعٌ أَوْ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ فَالْحِكَايَةُ لِلْخِلَافِ فِي كُلِّ صَاعٍ رَدًّا عَلَى ابْنِ مَسْلَمَةَ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) كَمَا إذَا أَوْهَمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا آصُعًا كَثِيرَةً وَمُرَادُهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضًا مِنْهَا قَلِيلًا، وَإِنَّمَا أَوْهَمَهُ لِيَتَسَاهَلَ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَخْذٌ مِنْ تَوْبٍ أَوْ شُقَّةٍ أَوْ شَمْعَةٍ لِزِفَافٍ مَثَلًا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ رُؤْيَةُ الصُّبْرَةِ وَالثَّوْبِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ كُلُّ صَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ حَزْرِهِ لَا لِتُعْلَمَ صِفَةُ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا اكْتَفَى بِبَعْضِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ شُرُوطِ الْجُزَافِ كَمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ بَقِيَّتِهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ هُنَا عَلَى الْكَيْلِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ جُزَافٍ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى ثُلُثَهَا أَوْ رُبُعَهَا مَثَلًا لَجَازَ (قَوْلُهُ حَالًا وَمَآلًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُعْلَمُ مَآلًا حِينَ يَقِفُ عَلَى مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَآلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْكَيْلِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مَا يُرَادُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ) وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّ صَاعٍ مُشْتَرًى جِنْسُهُ هَذِهِ الصُّبْرَةُ أَيْ جِنْسًا لَيْسَ مَشُوبًا بِتَبْعِيضٍ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا، وَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِ حَيْثُ يَدَّعِي النِّسْيَانَ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى، وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْمَبِيعُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى شَاةً قَبْلَ سَلْخِهَا إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا وَلَوْ بَلَغَ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الثُّلُثَ) فَمَتَى بَلَغَهُ مُنِعَ وَلَوْ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ (قَوْلُهُ وَالرَّفْعُ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ يُفِيدُ الْمُقَارَنَةَ الْمَقْصُودَةَ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا لَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاءُ الثُّلُثِ كَالصُّبْرَةِ وَالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْمَنْعِ هُنَا أَشَدُّ كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ قَرِيبًا وَمَحَلُّ هَذَا إنْ بِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَهُ فَلِبَائِعِهَا اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ بَاعَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مُشْتَرًى) أَيْ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشَّاةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَقْلًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مُغَيَّبٍ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ (ص) وَصُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ ثَمَرَةٍ وَبَيْعُ صُبْرَةٍ جُزَافًا وَاسْتِثْنَاءُ بَائِعِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَيْلًا قَدْرَ ثُلُثٍ مِنْهُمَا فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ، وَأَشْعَرَ ذِكْرُ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى كَيْلٌ فَلَوْ كَانَ شَائِعًا جَازَ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجُزْءٍ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِجَوَازِ الثُّلُثِ هُنَا وَمَنْعُهُ فِي الشَّاةِ بِرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ هُنَا وَعَدَمِهِ هُنَاكَ فَقَوْلُهُ وَصُبْرَةٍ عَطْفٌ عَلَى شَاةٍ (ص) وَجِلْدٍ وَسَاقِطٍ بِسَفَرٍ فَقَطْ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ وَاسْتِثْنَاءُ سَاقِطِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ جِلْدِهَا فِي السَّفَرِ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ وَكَرِهَهُ لِلْحَاضِرِ وَأَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا أَيْ وَلَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ، وَأَمَّا الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ فَلَا يُكْرَهُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ فَقَوْلُهُ بِسَفَرٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجِلْدٍ فَقَطْ وَلَيْسَ مِنْ السَّاقِطِ الْكَرِشُ وَالْكَبِدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَحْمٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ (ص) وَجُزْءٍ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَجَازَ اسْتِثْنَاءُ جَزْءٍ شَائِعٍ مِنْ شَاةٍ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ صُبْرَةٍ أَوْ ثَمَرَةِ نِصْفٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا، وَكَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْتَثْنِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ الْحَيَاةِ، وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُبْتَاعِ بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى (ص) وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي. (ش) الضَّمِيرُ فِي تَوَلَّاهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ لَا عَلَى الْجُزْءِ أَيْ تَوَلَّى شَأْنَهُ مِنْ ذَبْحٍ وَسَلْخٍ وَعَلَفٍ وَسَقْيٍ وَحِفْظٍ وَغَيْرِهِ فَأُجْرَةُ الذَّبْحِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْبُورٍ عَلَى الذَّبْحِ إذْ لَوْ شَاءَ أَعْطَى جِلْدًا مِنْ عِنْدِهِ وَفِي أُجْرَةِ السَّلْخِ قَوْلَانِ وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ عَلَيْهِمَا بِالْقِسْطِ وَفِي الْجُزْءِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ. (ص) وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِلْبَائِعِ لَحْمًا وَلَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِالذَّبْحِ (ص) وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ أَوْ قِيمَتِهَا وَهِيَ أَعْدَلُ (ش) لِمَا قَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ أَوْ الرَّأْسِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِثْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِلْدٍ وَرَأْسٍ أَوْ قِيمَتَهُ وَهِيَ أَعْدَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْقَوَاعِدَ فِي أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ. وَقَوْلُهُ فِي دَفْعِ رَأْسٍ نَائِبُ فَاعِلِ خُيِّرَ أَيْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ تَخْيِيرُهُ أَوْ حُكِمَ بِالتَّخْيِيرِ فِي   [حاشية العدوي] أَيْ بَاعَهُ الْبَائِعُ بِهَذَا الْبَدَلِ أَيْ غَابَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ كَمَا تَقَدَّمَ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا حَصَلَ مَوْتٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَرْطَالَ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى (قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ) صُورَتُهَا أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ إلَّا عَشَرَةَ أَرَادِبَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ ثُلُثٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا بَاعَ الصُّبْرَةَ أَوْ الثَّمَرَةَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَّا قَدْرَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ، وَقَدْ جَعَلَ مُحَشِّي تت التَّفْصِيلَ إذَا أَبْقَاهُ لِيَأْخُذَهُ ثَمَرًا أَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ حِينِهِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَهُوَ مُطَّلِعٌ، وَإِنْ كَانَ الْجَمَاعَةُ لَمْ يُقَيِّدُوا (قَوْلُهُ لِلْمَشْهُورِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ لَا كَيْلًا وَلَا جُزَافًا اُنْظُرْ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ بِرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ) تَرَدَّدَ الْأَبْهَرِيُّ فِيمَا لَوْ عُكِسَ الْحَالُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فِي السَّفَرِ هَلْ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ أَمْ لَا (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِمُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ، وَالْمُعْتَبَرُ سَفَرُ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ كَانَ بَائِعُهُ مُقِيمًا (قَوْلُهُ وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُ ثَمَنًا وَوَجْهُ تِلْكَ الْعِلَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْجِلْدَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّحْمِ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يُتَعَارَفْ أَكْلُهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْمَأْكُولِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجِلْدٍ فَقَطْ) الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ بِسَفَرٍ رَاجِعٌ لِلْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ لَا خُصُوصِ الْجَلْدِ فَقَطْ كَمَا هُوَ مُفَادُ النُّقُولِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَحْمٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ) وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِمَا سَقَطٌ عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ لَا اسْتِثْنَاؤُهُ مَجْهُولًا. (قَوْلُهُ وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا اسْتَثْنَى الْجِلْدَ مَعَ السَّاقِطِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى أَرْطَالًا أَوْ جُزْءًا مُطْلَقًا فَإِنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فَمَا مَعْنَى تَوْلِيَةِ الْمُشْتَرِي الذَّبْحَ إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلذَّبْحِ، وَمَا مَعْنَى تَوْلِيَةِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إنْ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الْمَبِيعِ وَفِي جَبْرِ مَنْ أَبَى الذَّبْحَ قَوْلَانِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ حِكَايَةَ الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ (قَوْلُهُ فَأُجْرَةُ الذَّبْحِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ السَّاقِطِ. وَأَمَّا أُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي اسْتِثْنَاءِ السَّاقِطِ وَحْدَهُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ فِي أُجْرَةِ السَّلْخِ قَوْلَانِ اقْتَصَرَ عب عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ، وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الْبَدَلَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الذَّبْحِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ تَشَاحَّا فِي الذَّبْحِ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا، وَدُفِعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ، وَإِنَّمَا كَانَ أُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَيْهِمَا فِي الْجُزْءِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ شَرِيكٌ فَبِسَبَبِ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ) مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِهِمَا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ فِيهَا لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ) أَيْ وَبَقِيَّةِ سَاقِطٍ وَمِثْلِ جِلْدٍ فَلَوْ قَالَ كَرَأْسٍ لَكَانَ أَشْمَلَ اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فَرَضَهُ الْعُلَمَاءُ فِي الْجِلْدِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّأْسِ مَقِيسَةٌ (قَوْلُهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ هَلْ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ صَدَرَ الْحِلُّ إشَارَةً لِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ أَيْ وَشَأْنُ الْمُقَوَّمِ أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ إلَخْ) الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ التَّنَافِي الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 دَفْعِ مِثْلٍ أَوْ بَدَلِ رَأْسٍ أَوْ قِيمَتِهَا فَلَا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ (ش) وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِنَا بَدَلِ أَوْ مِثْلِ رَأْسٍ كَمَا قَرَّرْنَا؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ الذَّبْحِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَفْعُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا حَيْثُ ذُبِحَتْ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَقِيمَتُهَا وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اُسْتُحِقَّ أَخْذُهَا أَوْ يَوْمَ فَوَاتِهَا اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا حَيْثُ ذُبِحَتْ وَلَمْ تَفُتْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ عَنْهَا وَلَوْ غَيْرَ لَحْمٍ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْطَالِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ أَيْ غَيْرِ لَحْمٍ عَنْهَا وَعَلَيْهِ فَيَفْتَرِقُ مَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ فِي هَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَرْطَالِ وَهَذِهِ أَنَّ فِي الْأَرْطَالِ بَيْعَ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ بِخِلَافِ هَذِهِ ثُمَّ إنَّهُ أَنَّثَ قَوْلَهُ أَوْ قِيمَتَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الرَّأْسَ بِمَعْنَى الْهَامَةِ (ص) وَلَوْ مَاتَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مُعَيَّنٌ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِلْدًا وَسَاقِطًا إلَّا لَحْمًا (ش) يُرِيدُ بِالْمُعَيَّنِ مَا قَابَلَ الْجُزْءَ الشَّائِعَ فَيَدْخُلُ فِي الْمُعَيَّنِ اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَالْأَرْطَالِ فَإِذَا مَاتَتْ الشَّاةُ الَّتِي اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ مِثْلَ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُ دَفْعَ مِثْلِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَضْمَنُ لَهُ مِثْلَ اللَّحْمِ لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ فِي طَلَبِهِ بِالذَّبْحِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ مَا أَيُّ حَيَوَانٍ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ شَائِعٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ لِلشَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ لَا لَحْمًا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُ مِثْلَ الْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَلَمَّا اُشْتُرِطَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ الْجَهْلِ وَكَانَ الْجُزَافُ مِمَّا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ تَخْفِيفًا وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَخُفِّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ اهـ. ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَاطِفًا عَلَى عَمُودٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَجُزَافٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ جُزَافٍ أَيْ صُودِفَ جُزَافًا، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ جُزَافٌ لَا مَا كَانَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْتِيَ لِلَّحَّامِ مَثَلًا وَعِنْدَهُ صُبْرَةُ لَحْمٍ مُجَزَّفَةٌ، وَتَقُولَ لَهُ زِدْنِي؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى الْجُزَافِ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ، وَكَذَا لِلْعَطَّارِ فَيَدْفَعُ لَهُ دِرْهَمًا فَيَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأَبَازِيرِ أَوْ الْفُلْفُلِ مَثَلًا فِي كَاغَدٍ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ وَيَذْهَبُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْتَحَهَا؛ لِأَنَّهُ جُزَافٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَفْتَحَهَا وَيَنْظُرَ مَا فِيهَا وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ أَيْ بِالْفِعْلِ أَيْ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُتَعَاقِدَانِ قَدْرَهُ حَالَ الْعَقْدِ (ص) إنْ رُئِيَ وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَجَهِلَاهُ وَحَزَرَا   [حاشية العدوي] لِأَنَّ قَوْلَهُ وَخُيِّرَ فِي دَفْعٍ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي إلَخْ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا أُرِيدَ مِنْ دَفْعِ مَصْدَرِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ فِي أَنْ تُدْفَعَ رَأْسٌ. (قَوْلُهُ يَوْمَ اسْتَحَقَّ أَخْذَهَا) أَيْ وَهُوَ يَوْمُ الذَّبْحِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَوْمُ الْفَوَاتِ أَيْ الَّذِي قَدْ يَكُونُ بَعْدَ يَوْمِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ) كَذَا بِالْأَصْلِ بِدُونِ وَاوٍ وَالْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ لَحْمٍ عَنْهَا) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْبَدَلِ وَأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ إمَّا دَفْعُ الْأَصْلِ أَوْ قِيمَتُهُ لَا رَأْسٌ أُخْرَى مِثْلُ الرَّأْسِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا قَضِيَّةُ عج فَيَرِدُ أَنَّهُ مَا الْفَرْقُ حِينَ عَدَمِ الذَّبْحِ يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ رَأْسٍ أَوْ الْقِيمَةِ وَحِينَ الذَّبْحِ، أَمَّا الْقِيمَةُ أَوْ الْأَصْلُ لَا الْبَدَلُ (قَوْلُهُ فَيَفْتَرِقُ مَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ) أَيْ وَهُوَ الْأَرْطَالُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيَفْتَرِقُ) أَيْ فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ إلَخْ (قَوْلُهُ بِيعَ اللَّحْمُ الْمُغَيَّبُ) أَيْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى بَاعَ الْأَرْطَالَ الْمُغَيَّبَةَ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ أَيْ فَإِنَّ الرَّأْسَ مُتَمَيِّزَةٌ بِذَاتِهَا فَهِيَ مُعَيَّنَةٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إلَّا أَنْ يَأْكُلَهَا الْمُشْتَرِي وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا مَاتَتْ فَلَمْ تُذَكَّ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ رَبُّهَا مُضْطَرًّا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهَا فَأَكَلَهَا الْمُشْتَرِي مُخْتَارًا أَوْ مُضْطَرًّا فَيَضْمَنُ مِثْلَهَا وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِهِ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَثُرَ جِدًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ تَصْدُقُ بِالصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ صَادِقٌ بِالْكَثِيرِ لَا جِدًّا وَصَادِقٌ بِالْقَلِيلِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِي عَدِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَشَقَّةَ الْعَدِّ شَرْطٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ) أَيْ عِلْمُ عَدَدِهِ فَهَذَا فِي الْمَعْدُودِ فَلَوْ أَمْكَنَ عَدُّهُ بِدُونِ مَشَقَّةٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَقَوْلُهُ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ أَيْ أَوْ لَمْ يَشُقَّ عِلْمُهُ بِأَنْ كَانَ يَسْهُلُ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ لَكِنْ قَلَّ جَهْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا فَيُمْكِنُ حَزْرُهُ فَهَذَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدُودَ لَوْ قَلَّ جِدًّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَوْ قَلَّ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ جِدًّا فَيَمْتَنِعُ فِي الْكُلِّ الْمَعْدُودِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْكُلِّ مِنْ الْجَهْلِ الْقَلِيلِ الَّذِي يُمْكِنُ مَعَهُ الْحَزْرُ (قَوْلُهُ وَجُزَافٍ) مُثَلَّثِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ أَيْ صُودِفَ جُزَافًا) قَرَّرَ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ أَنَّ الْمُصَادَفَةَ جُزَافًا إنَّمَا هِيَ فِي الْمَعْدُودِ فَعَلَيْهِ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُسَلَّمُ وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ عب أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ اشْتِرَاطَ مُصَادَفَةِ الْجُزَافِيَّةِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جُزَافٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ) لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَكُونُ إلَخْ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيهِ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ لَا كَوْنُهُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ نَعَمْ قَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا) صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ مُطْلَقًا جِدًّا أَوْ غَيْرَ جِدٍّ وَبِالْكَثِيرِ لَا جِدًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ الْمَعْدُودَ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ قَلِيلًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَدُّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ (قَوْلُهُ وَجَهِلَاهُ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْجُزَافِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَرْئِيًّا أَيْ حَاضِرًا لَا غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى كَيْلٍ أَوْ مُغَيَّبًا فِي تِبْنِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُشْكِلُ جَوَازُ شِرَاءِ الظَّرْفِ الْمَمْلُوءِ جُزَافًا مَعَ أَنَّ الْمَرْئِيَّ مِنْهُ بَعْضُهُ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِجُزَافٍ أَيْ وَجُزَافٍ مَرْئِيٍّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَقَعُ صِفَةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُزَافَ قَدْ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ كَمَا فِي مُغَيَّبِ الْأَصْلِ وَكَمَا فِي بَيْعِ مَا فِي الظَّرْفِ حَيْثُ وَجَدَهُ مَمْلُوءًا وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ بَاطِنِهَا. وَهَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ فِي الْجُزَافِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَكْفِي رُؤْيَةُ الْبَعْضِ مُنْفَصِلًا عَنْهَا وَقَدْ يُبَاعُ الْجُزَافُ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي قِلَالِ الْخَلِّ إنْ كَانَ يُفْسِدُهَا الْفَتْحُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مَمْلُوءَةً أَوْ عَلِمَ مَا نَقَصَ مِنْهَا مِنْ ثُلُثٍ وَنَحْوِهِ وَيَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ ح وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْخَلِّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكْثُرَ الْمَبِيعُ كَثْرَةً بَلِيغَةً بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزْرُهُ. وَأَمَّا أَصْلُ الْكَثْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَمِنْهَا أَنْ يَجْهَلَ الْمُتَبَايِعَانِ قَدْرَ الْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَلِمَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَ الْآخِرُ كَانَ الَّذِي عَلِمَ قَدْ قَصَدَ إلَى خَدِيعَةِ الَّذِي جَهِلَ وَبِعِبَارَةٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِهِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ، وَمِمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ أَعْلَمَهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ فَسَدَ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنْ يَكُونَا مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوهُ وَإِنْ يَحْزِرَا بِالْفِعْلِ وَمِنْهَا أَنْ تَسْتَوِيَ أَرْضُ الْمَبِيعِ مِنْ انْخِفَاضٍ وَارْتِفَاعٍ   [حاشية العدوي] وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَبَيْعِهِ عَدَدًا، وَهُمَا يَجْهَلَانِ عَدَدَهُ وَيَعْرِفَانِ وَزْنًا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ كَوَزْنٍ وَعَدَدٍ لَكِنْ جَهْلُهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ) أَيْ بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ) أَيْ الْجُزَافِ بِمَعْنَى الْمُجَزَّفِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِذَا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ. (قَوْلُهُ أَيْ حَاضِرًا لَا غَائِبًا) هَذَا يُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ فَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ أَوْ مُغَيَّبٌ فِي تِبْنِهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالرُّؤْيَةِ عَلَى حَقِيقَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى كَيْلٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ فَعَلَى مَا قَالَهُ لَا يُبَاعُ الْجُزَافُ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ سَوَاءٌ بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ أَمْ لَا وَفِي الْمَذْهَبِ أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ يُبَاعُ بِهَا الثَّانِي لَا يُبَاعُ بِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الرُّؤْيَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ، الثَّالِثُ يَكْتَفِي بِالرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْعَقْدِ فِي الثِّمَارِ عَلَى أُصُولِهَا وَفِي الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَلَا يَكْتَفِي بِهَا فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُزَافَ سَوَاءٌ كَانَ حَبًّا أَوْ زَرْعًا قَائِمًا وَسَوَاءٌ كَانَ فَدَادِينَ أَمْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَا عَلَى الصِّفَةِ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَعَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْحَبُّ جُزَافًا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُغَيَّبٌ فِي تِبْنِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَائِبٌ وَإِنْ كَانَ الرَّسْمُ لَا يُسَاعِدُهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا مُغَيَّبًا فِي تِبْنِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَقْضِي بِإِبْقَاءِ لَفْظِ الرُّؤْيَةِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْحُضُورَ لَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْقَمْحِ الْمُغَيَّبِ فِي أَصْلِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى كَيْلٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُغَيَّبًا فِي تِبْنِهِ فَيَقْتَضِي جَوَازَهُ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ، وَلَا يَكْفِي تَغْيِيبُهُ فِي تِبْنِهِ إلَّا عَلَى شِرَائِهِ جُزَافًا عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْحُضُورُ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ رُؤْيَتُهُ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَاضِرٌ إلَخْ) يُقَالُ لَهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ حَقِيقَتُهَا وَيُرَادُ مَرْئِيًّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مُغَيَّبِ الْأَصْلِ) بِأَنْ يَنْتَزِعَ عَنْ الْأَرْضِ فُجْلَةً وَيَنْظُرَ رَأْسَهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ الْجُزَافِ عَلَى الْكَيْلِ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُبَاعُ الْجُزَافُ إلَخْ) وَقَدْ يُبَاعُ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَبَيْعِ ثَمَرَةِ حَائِطٍ غَائِبٍ جُزَافًا بِالصِّفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ اشْتِرَاطُ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي ثَمَرَةِ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ الْحَائِطُ الْغَائِبَةُ يُبَاعُ ثَمَرُهُ كَيْلًا أَوْ جُزَافًا أَيْ عَلَى الصِّفَةِ، وَهِيَ عَلَى مَسِيرَةِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِشَرْطٍ، وَإِنْ بَعُدَ جِدًّا كَأَفْرِيقِيَّةَ مِنْ مِصْرَ لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تُجَذُّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَرًا يَابِسًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَصْلُ الْكَثْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ) لَا يَظْهَرُ هَذَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا، وَالْفَسَادُ إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَ الْجَهْلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَهَذَا إذَا فُسِّرَ الْجُزَافُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إذَا فُسِّرَ بِبَيْعِ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ الصَّادِقُ بِذَلِكَ جُعِلَ قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَاهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا عَلِمَاهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَعْلَمَهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا) لَكِنْ إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَالِمِ فَقَطْ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا مَعًا أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ فَسَدَ) بَلْ لَوْ أَعْلَمَهُ الْغَيْرُ بِعِلْمِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَا مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوهُ، وَأَنْ يَحْزِرَا بِالْفِعْلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ وَوَكَّلَا فِيهِ كَفَى بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ وَوَكَّلَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى ذَلِكَ قَالَ عج قَوْلُهُ وَحَزَرَا أَيْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا اعْتَادَ الْحَزْرَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ اللَّخْمِيِّ شَرْطُ الْجَوَازِ كَوْنُهُمَا مِمَّنْ اعْتَادَ الْحَزْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْطِئُ إلَّا يَسِيرًا، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُعْتَادِهِ لَمْ يَجُزْ وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ انْتَهَى. وَهَذَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ اعْتِيَادِ الْحَزْرِ لَا مَعْرِفَتَهُ مُطْلَقًا، وَاعْتِيَادُهُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ مَعْرِفَتِهِ وَمَا ذَكَرَهُ عج لَا يُنَافِي الِاسْتِظْهَارَ الَّذِي قُلْنَاهُ وَانْظُرْ إذَا كَانَا مِمَّنْ اعْتَادَ الْحَزْرَ غَيْرَ أَنَّ كَيْلَهُمَا أَوْ وَزْنَهُمَا مُخْتَلِفٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُحْرِزُ مَا فِي الْمَبِيعِ عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ كَالْأَعْرَابِ يَبِيعُونَ السَّمْنَ جُزَافًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 فِي ظَنِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَالَ الْعَقْدِ وَأَنْ يَكْشِفَ الْغَيْبَ عَنْ الِاسْتِوَاءِ فَإِنْ عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَنْ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ عُلْوَةٌ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ فِيهَا حُفْرَةٌ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ انْتَفَى لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَيُخَيَّرُ مَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ مِنْهُمَا. وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ فَهُوَ فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ فَإِنْ قِيلَ الِاسْتِوَاءُ شَرْطٌ فِي الْحَزْرِ لَا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا قُلْنَا شَرْطُ الشَّرْطِ شَرْطٌ وَمِنْهَا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ انْتَفَتْ الْمَشَقَّةُ عُدَّ وَلَا يُبَاعُ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا جُزَافًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ مَشَقَّةٌ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ وَبِعِبَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَّ مُتَيَسِّرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الشَّرْعِيَّيْنِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تُقْصَدَ أَفْرَادُ الشَّيْءِ الْجُزَافِ كَالْجَوْزِ وَصِغَارِ السَّمَكِ فَإِنْ قُصِدَتْ الْأَفْرَادُ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ أَفْرَادِ الشَّيْءِ الْجُزَافِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْدِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ ثَمَنَهَا. وَبِعِبَارَةٍ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَا يَلِيهِ أَيْ أَنَّ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ لَا يُبَاعُ جُزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ كَالْبِطِّيخِ وَالْأُتْرُجِّ وَالرُّمَّانِ وَالْقِثَّاءِ وَالْمَوْزِ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ قَصْدُ الْإِفْرَادِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَبِعِبَارَةٍ بِأَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ كَثِيرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِلَّةَ بِالْعُرْفِ عِنْدَ مُعْتَادِي ذَلِكَ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَعُّبِ فَقَالَ (ص) لَا غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَإِنْ مِلْءَ ظَرْفٍ وَلَوْ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ (ش) غَيْرِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ إنْ رُئِيَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ جَرٌّ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِجُزَافٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَرْئِيٍّ لَا غَيْرِ حَاضِرٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ لِلْخُرُوجِ عَنْ الرُّخْصَةِ وَلِأَجْلِ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاءُ مِلْءِ الظَّرْفِ الْفَارِغِ عَلَى أَنْ يَمْلَأَهُ أَوْ مَلَأَهُ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا وَفَرَّغَهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَمْلُوءًا فَيَشْتَرِيَ مَا فِيهِ مَعَ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِ مَا فِيهِ بِدِينَارٍ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ   [حاشية العدوي] وَالْبَائِعُ مِنْهُمْ يَحْزِرُ الْمَبِيعَ عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِ وَالْمُشْتَرِي يَحْزِرُ الْمَبِيعَ عَلَى حُكْمِ الْأَرْطَالِ الْمِصْرِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ مِصْرِيًّا فَهَلْ يَجُوزُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَالِمٌ بِالْمَبِيعِ وَاخْتِلَافُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي التَّسْمِيَةِ أَمْ لَا، وَحَزَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ عج. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكْشِفَ الْغَيْبَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ فَقَطْ أَيْ فَهُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَيَكُونُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى عَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كُشِفَ الْغَيْبُ لَا فِي حَالَةِ عِلْمِهِ عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ، وَلَا يُعْقَلُ عَدَمُ جَوَازٍ حَيْثُ اعْتَقَدَا حَالَ الْعَقْدِ أَنَّهُ مُسْتَوٍ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ شَرْطٌ أَيْضًا فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ بِاعْتِبَارِ الِاعْتِقَادِ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا) أَيْ لَا فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمَبِيعِ جُزَافًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الشَّرْعِيَّيْنِ) لِتَوَقُّفِهِمَا عَلَى آلَةٍ سَيَأْتِي مَا يُوَضِّحُهُ. (قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْدِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ التَّفْرِيعُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ فَرْدِ الشَّيْءِ الْجُزَافِ فَالضَّمِيرُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْفَرْدِ بَلْ عَائِدٌ عَلَى الْأَفْرَادِ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ثَمَنُهَا، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الضَّمِيرُ فِي ثَمَنِهِ رَاجِعٌ لِلْفَرْدِ الَّذِي فُهِمَ مِنْ أَفْرَادِهِ أَيْ لَا لِجُمْلَةِ الْجُزَافِ كَمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ كَثِيرًا انْتَهَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا يَلِيهِ) أَيْ لِمَفْهُومِ مَا يَلِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ) أَيْ ثَمَنُ فَرْدٍ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ فَيُوَافِقُ الْعِبَارَةَ السَّابِقَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ قَصْدُ الْإِفْرَادِ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ فِي بَيْعِهِ جُزَافًا، فَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ) تَفْسِيرٌ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ كَثِيرًا أَيْ وَلَوْ بِكَثْرَةِ ثَمَنِ كُلٍّ فَرْدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِنْ قُصِدَتْ جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثٍ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَعْدُودَاتُ إنْ قَلَّتْ أَثْمَانُهَا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا وَإِنْ كَثُرَتْ أَثْمَانُهَا وَاخْتَلَفَتْ آحَادُهَا اخْتِلَافًا بَيِّنًا كَالثِّيَابِ وَالْجَوَاهِرِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا جُزَافًا، وَنَقَلَ كَلَامَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا وَأَقَرُّوهُ فَأَقُولُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَمُفَادُهُ أَنَّ الْبِطِّيخَ وَالْأُتْرُجَّ مِمَّا قَلَّ ثَمَنُهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَفْرَادُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا، وَأَمَّا مَا كَثُرَ ثَمَنُهُ فَيُفْصَلُ فِيهِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَفْرَادُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا كَالثِّيَابِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ جُزَافًا وَإِلَّا جَازَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقِلَّةِ الثَّمَنِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَلَا مَا قَالَهُ شب بَلْ كَوْنُهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا عَدَاهُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي أَفْرَادِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ قَلِيلًا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا أَظُنُّ جَوَازَ ذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ بَيْنَ أَفْرَادِ الْبِطِّيخِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَهُوَ مَا فِي تت حَيْثُ قَالَ إنَّ الْأُتْرُجَّ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ ثَمَنُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأُتْرُجُّ الَّذِي كُلُّهُ كَبِيرٌ أَوْ كُلُّهُ صَغِيرٌ، وَأَمَّا مَا بَعْضُهُ صَغِيرٌ وَبَعْضُهُ كَبِيرٌ فَلَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبِطِّيخِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاءُ مِلْءِ الظَّرْفِ الْفَارِغِ) يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الظَّرْفُ مِكْيَالًا مَجْهُولًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 مَمْلُوءًا فَاشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا فِيهِ إلَى الْغَرَرِ وَفِي قَوْلِهِ امْلَأْهُ لِي ثَانِيًا بِدِينَارٍ قَصْدٌ إلَى الْغَرَرِ فِي الثَّانِي إذْ تَرَكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ فَاشْتَرَاهُ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ (ص) إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي سَلَّةِ تِينٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مِلْئِهِ فَارِغًا أَوْ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ التِّينَ وَالْعِنَبَ غَيْرُ مَكِيلٍ وَكَثُرَ تَكْيِيلُ النَّاسِ لَهُمَا بِالسِّلَلِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْمِكْيَالِ لَهُمَا وَالْقَمْحُ مَكِيلٌ فَمِلْءُ الْغِرَارَةِ مِنْهُ مِكْيَالٌ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الْغِرَارَةَ لَيْسَتْ بِمِكْيَالٍ لَهُ. ثُمَّ عَطَفَ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ مُشَارَكَةً فِي الْمَنْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ بِقَوْلِهِ (ص) وَعَصَافِيرَ حَيَّةٍ بِقَفَصٍ وَحَمَامِ بُرْجٍ وَثِيَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَصَافِيرِ الْمَحْبُوسَةِ فِي قَفَصٍ وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَحْبُوسَةِ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ فَلَا يُمْكِنُ الْحَزْرُ فَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً فَيَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا لِعَدَمِ التَّدَاخُلِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ مُجَرَّدًا عَنْ بُرْجِهِ جُزَافًا عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ عَدِّهَا وَحَزْرِهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِجَوَازِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّامِلِ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ حَزْرِهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَا فِي الْبُرْجِ مِنْ حَمَامٍ أَوْ بَيْعِهِ بِحَمَامِهِ جُزَافًا. وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ بَيْعَ الْخَشَبِ الْمُلْقَى بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ جُزَافًا لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ عَدَدِهِ كَالْغَنَمِ وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ صِغَارِهِ جُزَافًا انْتَهَى، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ غَيْرِ الْحُوتِ الصَّغِيرِ جُزَافًا لِقَصْدِ إفْرَادِهِ فَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لَا غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ وَالْأَخِيرُ بِقَوْلِهِ وَثِيَابٍ وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ غَيْرِهِمَا لِوُضُوحِهِ (ص) وَنَقْدٍ إنْ سُكَّ، وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ وَإِلَّا جَازَ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّقْدَ الْمَسْكُوكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، وَتَدْخُلُ الْفُلُوسُ فِي النَّقْدِ وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا لِعَدَمِ قَصْدِ الْآحَادِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَسْكُوكِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ إنْ سُكَّ أَيْضًا، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمِثْلُ النَّقْدِ الْفُلُوسُ وَالْجَوَاهِرُ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى النَّقْدِ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَجِهَةِ الْآحَادِ؛ لِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي كَثْرَتِهَا لِيَسْهُلَ الشِّرَاءُ بِهَا وَلَا يُعَلَّلُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ لِئَلَّا يَرُدَّ الْجَوَاهِرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَنَحْوَهُمَا (ص) فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ خُيِّرَ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنَّ الْآخَرَ كَانَ عَالِمًا حِينَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ مِنْهُمَا يُخَيَّرُ كَعَيْبٍ دُلِّسَ فِيهِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا كَانَ   [حاشية العدوي] وَلَهُمْ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ غَيْرُهُ وَإِلَّا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ حَاضِرٍ بِبَادِيَةٍ بِمِكْيَالِهَا لِعَدَمِ مِكْيَالٍ مَعْلُومٍ لَهُ بِهَا وَمِنْ جَوَازِ شِرَاءِ بَادٍ بِحَاضِرَةٍ بِمِكْيَالِهَا لِعَدَمِ مِكْيَالٍ مَعْلُومٍ لِلْبَادِي نَعَمْ شِرَاءُ مَا فِي الْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ جُزَافًا جَائِزٌ بِشُرُوطِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَكِيلٌ بِهِ مَعَ تَيَسُّرٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ كَسَلَّةِ تِينٍ) وَمِثْلُ سَلَّةِ التِّينِ قِرْبَةُ الْمَاءِ وَرِوَايَتُهُ وَجِرَارُهُ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِ الْمَاءِ فِيهِ، وَبَيْعُ الْمَاءِ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْجُزَافِ وَلَكِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِضَمَانِ بَائِعِهِ إذَا انْشَقَّ ظَرْفُهُ قَبْلَ تَفْرِيغِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمِيَاهُ تَعَيَّنَ فَتْحُهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ وَالْعِنَبُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ الْكَافَّ عَلَى سَلَّةٍ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَصَافِيرَ حَيَّةٍ) أَيْ وَسَائِرُ مَا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ لَا يُبَاعُ جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ يَمُوجُ وَيَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ فَيَخْفَى حَزْرُهُ (قَوْلُهُ وَحُمَامِ بُرْجٍ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الْبُرْجِ لَا أَنَّهَا طَائِرَةٌ فِي الْهَوَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الَّذِي فِي الْبُرْجِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا لَمْ تُحِطْ بِهِ مَعْرِفَةٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا جَازَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِحَاطَةِ بِهِ مَعْرِفَتُهُ بِالْحَزْرِ مُجَرَّدًا عَنْ بُرْجِهِ أَيْ وَأَمَّا مَعَ الْبُرْجِ فَجَائِزٌ لِكَوْنِهِ تَبَعًا (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْفُلُوسُ فِي النَّقْدِ) أَيْ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّقْدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفُلُوسَ لَيْسَتْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ النَّقْدِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا نَفَى الشَّرْطَيْنِ أَيْ إنْ لَمْ يُسَكَّ وَلَمْ يَتَعَامَلْ بِهِ عَدَدًا بَلْ وَزْنًا فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا كَالْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا مَا يُوزَنُ بِصَنْجَةٍ وَيَنْقُصُ صَرْفُهُ بِنَقْصِ وَزْنِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ عَدَدٍ، وَإِنْ تُعُومِلَ بِهِمَا مَعًا كَدَنَانِيرِ مِصْرَ وَقُرُوشِهَا رُوعِيَ الْعَدَدُ، وَدَرَاهِمُ مِصْرَ تَارَةً يَقَعُ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الْمُنَادَاةِ عَلَى عَدَمِ التَّعَامُلِ بِالْمَقْصُوصِ مِنْهَا وَتَارَةً يَقَعُ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا فِي حَالِ التَّعَامُلِ بِالْمَقْصُوصِ مِنْهَا. (أَقُولُ) وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا اقْتِضَاءَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مُقَيَّدٌ بِاجْتِمَاعِ الْقَيْدَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجْتَمِعْ الْقَيْدَانِ صَادِقٌ بِنَفْيِهِمَا وَنَفْيِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ أَنَّ شَيْخَنَا السَّلْمُونِيَّ قَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، وَيُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُ النَّقْدِ الْفُلُوسُ وَالْجَوَاهِرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ الْجَوَاهِرِ مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا سِكَّةٌ (قَوْلُهُ لِحُصُولِهِ) أَيْ الْكَثْرَةِ وَذُكِّرَ لِاكْتِسَابِهَا التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْنَى لِحُصُولِ الْغَرَرِ الْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ أَيْ جِهَةٍ هِيَ الْكَمِّيَّةُ، وَقَوْلُهُ وَجِهَةِ الْآحَادِ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرْغَبُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْعَدَدِ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي كَثْرَتِهَا أَيْ الْآحَادِ لِيَسْهُلَ الشِّرَاءُ بِهَا، وَأَمَّا الشِّرَاءُ بِالْجَوَاهِرِ فَلَا يَسْهُلُ الشِّرَاءُ بِهَا وَكَذَا الْجُدُدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَفْرَادُ النَّقْدِ يَتَيَسَّرُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي الْبَيْعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهَا مِنْ فُلُوسٍ وَجَوَاهِرَ يَكْثُرُ وَقْعُ الْغَرَرِ بِتَعَاطِي النَّاسِ ذَلِكَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَلَا يُعَلَّلُ) أَيْ الْغَرَرُ وَقَوْلُهُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ أَيْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهَا كَمَكِيلٍ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِكَيْلِهِ وَجَهِلَهُ الْآخَرُ. أَمَّا لَوْ جَهِلَا كَيْلَهُ وَعَلِمَ أَحَدُهُمَا وَزْنَهُ أَوْ عَدَدَهُ فَلَا خِيَارَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي جَهْلِ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهَا وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الْقَصَّارِ كَوْنَ عِلْمِ أَحَدِهِمَا عَيْبًا بِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا أَعْلَمَ بِهِ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ بَلْ لِلْمُشْتَرِي الرِّضَا وَهُنَا لَوْ أَعْلَمَ الْعَالِمُ الْجَاهِلَ بِعِلْمِهِ فَسَدَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَعْلَمَهُ) أَيْ أَعْلَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِعِلْمِهِ (أَوَّلًا) حِينَ الْعَقْدِ وَدَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (فَسَدَ) الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ إذَا قَارَنَهُ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ إذَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قُلْت هَكَذَا عِبَارَةُ الْمُوَضَّحِ، وَمِثْلُهُ لِلشَّارِحِ وَفِيهَا حَزَازَةٌ فَلِذَا قَالَ مُحَشِّي التَّوْضِيحِ صَوَابُهُ لَا مُنَافَاةَ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ فِيمَنْ بَاعَ أَمَةً، وَشَرَطَ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ خُيِّرَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمُغَنِّيَةِ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إنْ بَيَّنَ غِنَاءَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ قَالَ الشَّيْخُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْقَصْدُ بِالتَّبْيِينِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ لَا التَّبَرِّي، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَغِنَاءُ الْعَبْدِ لَيْسَ كَالْأَمَةِ فَلَا يُوجِبُ خِيَارًا وَلَا فَسَادًا فَقَوْلُهُ كَالْمُغَنِّيَةِ تَشْبِيهٌ تَامٌّ، وَلَمَّا كَانَ الْغَرَرُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ انْضِمَامِ الْمَعْلُومِ إلَى الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَهُ إلَيْهِ يَصِيرُ فِي الْمَعْلُومِ جَهْلًا لَمْ يَكُنْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَجُزَافٌ. فَإِذَا اجْتَمَعَ شَيْئَانِ فِي صَفْقَةٍ فَإِمَّا مَعْلُومَانِ أَوْ مَجْهُولَانِ وَسَيَأْتِيَانِ، وَإِمَّا مَعْلُومٌ وَمَجْهُولٌ وَهُوَ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلَ كَصُبْرَةِ حَبٍّ جُزَافًا وَأُخْرَى مِنْهُ كَيْلًا أَوْ أَصْلُهُمَا مَعًا الْجُزَافُ كَأَرْضٍ جُزَافًا وَأُخْرَى مِنْهَا ذَرْعًا أَوْ أَصْلُ مَا بِيعَ جُزَافًا الْكَيْلُ وَأَصْلُ مَا بِيعَ بِالْكَيْلِ الْجُزَافُ كَصُبْرَةٍ جُزَافًا وَأَرْضٍ ذَرْعًا أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَرْضٍ جُزَافًا وَصُبْرَةٍ كَيْلًا فَالثَّلَاثُ الْأُوَلُ مَمْنُوعَةٌ لِخُرُوجِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَاطِفًا لَهُ بِالْجَرِّ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى (وَجُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) جُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلِ   [حاشية العدوي] الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا أَعْلَمَ بِهِ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ) أَعْلَمَهُ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ لِتَعَاقُدِهِمَا إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ أَيْ فَسَدَ الْعَقْدُ لِدُخُولِهِمَا إلَخْ وَالْخَطَرُ مُرَادِفٌ لِلْغَرَرِ بِخِلَافِ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَعَاقُدَ عَلَى غَرَرٍ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يُجَابُ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مِنْ كَلَامِ الْمُسْتَشْكِلِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ فِي كَلَامِكَ أَيُّهَا الْمُسْتَشْكِلُ مَا يَنْفِي إشْكَالَك وَهُوَ قَوْلُك لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ هَكَذَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ، وَيُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَسَدَ هُنَا وَخُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْفَسَادِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَدَمُ الْفَسَادِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ حِينَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هُنَا، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ وَخُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَيْسَ فِي الِاطِّلَاعِ فِيهِ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ تَعَاقُدٌ عَلَى غَرَرٍ وَخَطَرٍ. (قَوْلُهُ كَوْنُ الشَّيْءِ) هُوَ عِلْمُ أَحَدِهِمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ حَالَةَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ إذَا قَارَنَهُ) أَيْ الْعَقْدَ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ أَيْ إنَّمَا فَسَدَ عِنْدَ الْمُقَارَنَةِ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ وَلَمْ يَفْسُدْ بَعْدُ لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ (قَوْلُهُ عِبَارَةُ الْمُوَضَّحِ) أَيْ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ وَفِيهَا حَزَازَةٌ أَيْ رِكَّةٌ لَا يُفْهَمُ الْمَعْنَى بِهَا (قَوْلُهُ مُحَشِّي التَّوْضِيحِ) هُوَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا جَوَابَانِ فَإِنْ قُلْت هَلْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ قُلْت فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْأَوَّلِ ادِّعَاءُ الْمُلَازَمَةِ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ كُلِّيَّةً تَنْقُضُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ وُجُودِ الْغَرَرِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ الْمُلَازَمَةَ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الدُّخُولُ عَلَى الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي دُخُولَ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَآخِرُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ (قَوْلُهُ وَغِنَاءُ الْعَبْدِ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْ غِنَائِهِ تَعَلُّقُ النَّاسِ بِهِ عَادَةً أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ (تَتِمَّةٌ) هِيَ أَنَّهُ حَيْثُ حُكِمَ بِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْجُزَافِ الَّذِي عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَدْرِهِ فَفَاتَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْجُزَافِ وَحَيْثُ حُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ فَفَاتَتْ الصُّبْرَةُ فَفِيهَا الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ أَنْ يَصْدُقَ الْبَائِعَ فِي الْمَكِيلَةِ وَيَرُدَّهَا أَيْ مِثْلَهَا لَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الِاقْتِضَاءِ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا، وَبَقِيَ حُكْمُ تَخْيِيرِ الْبَائِعِ حَيْثُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِهِ وَفَاتَ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ عَنْ ذَلِكَ طَعَامًا أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ انْضِمَامَهُ) أَيْ الْمَعْلُومِ إلَيْهِ أَيْ الْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلَ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا كَالْحُبُوبِ وَمِنْهَا مَا الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا كَالْأَرْضِينَ وَالثِّيَابِ وَمِنْهَا مَا لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا جُزَافًا كَالْعَبِيدِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلَ هَذِهِ الْأُولَى فِي الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلُهُمَا مَعًا الْجُزَافَ هَذِهِ الثَّالِثَةُ فِي الْمُصَنِّفِ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَجُزَافُ أَرْضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلُ مَا بِيعَ جُزَافًا هَذِهِ هِيَ الثَّانِيَةُ فِي الْمُصَنِّفِ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ أَرْضٌ (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمُصَنِّفِ لَا فِي الشَّارِحِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ. (قَوْلُهُ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهَا، وَهَذِهِ الصُّبْرَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا فَخَرَجَا عَنْ الْأَصْلِ فَأَرْضٍ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَجْرُورِ مِنْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ. وَفِي الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَجُزَافِ أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا (مَعَ مَكِيلِهِ) بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْأَرْضِ نَظَرًا لِلْجِنْسِ وَتَأْنِيثُهُ مَنُونًا صِفَةٌ لِأَرْضٍ مَحْذُوفًا أَيْ مَعَ أَرْضٍ مَكِيلَةٍ لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ فِي هَذِهِ فِيمَا أَصْلُهُ الْجُزَافُ (لَا) إنْ اجْتَمَعَ جُزَافُ أَرْضٍ (مَعَ) مَكِيلٍ (حَبٍّ) مِمَّا أَصْلُهُ الْكَيْلُ فَلَا مَنْعَ لِمَجِيئِهِمَا عَلَى الْأَصْلِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَيَجُوزُ جُزَافَانِ) عَلَى أَيِّ حَالٍ بِثَمَنٍ أَوْ ثَمَنَيْنِ كَانَا عَلَى الْأَصْلِ أَوْ عَلَى خِلَافِهِ أَوْ خَالَفَ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْجُزَافِ الْوَاحِدِ مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلُ الرُّخْصَةِ لَهُمَا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَتَمْرٍ جُزَافًا وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ، وَيَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرِ الْحَائِطَيْنِ جُزَافًا وَإِنْ اخْتَلَفَ تَمْرُهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (وَ) يَجُوزُ (مَكِيلَانِ) كَذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً (ص) وَجُزَافٍ مَعَ عَرْضٍ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ جُزَافٌ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ غَيْرِ أَصْلِهِ كَصُبْرَةٍ أَوْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مَعَ عَرْضٍ كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ (ص) وَجُزَافَانِ عَلَى كَيْلٍ إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ وَالصِّفَةُ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ جُزَافَانِ فِي صَفْقَةٍ عَلَى كَيْلٍ أَيْ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ إنْ اتَّحَدَ ثَمَنُ الْكَيْلِ وَالصِّفَةِ اتِّفَاقًا كَصُبْرَةِ تَمْرٍ وَأُخْرَى مِثْلُهَا كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا مَعًا لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اتَّفَقَتْ الصِّفَةُ وَاخْتَلَفَ ثَمَنُ الْكَيْلِ كَصُبْرَتَيْ طَعَامٍ وَاحِدٍ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةٌ بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَةٌ بِهِ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ أَوْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ وَاتَّفَقَ الثَّمَنُ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ بِدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ قَالَ إنْ اتَّحَدَتْ الصِّفَةُ وَثَمَنُ الْكَيْلِ لَأَفَادَ الْمُرَادَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ أَنَّهُ يَصِيرُ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ مَعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا وَعَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةَ كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا بَلْ ثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ السِّلْعَةَ مِنْ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ مَجْهُولٌ وَمَعْنَى مُطْلَقًا كَانَ الْغَيْرُ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَذْرُوعًا وَبِعِبَارَةٍ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلْغَيْرِ ثَمَنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ قَدْ يُسَاوِي أَكْثَرَ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا وَمَعَ عَدَمِهَا لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا   [حاشية العدوي] الْمَعْلُومَةُ الْقَدْرِ كَوْنُهَا عَشْرَةَ أَرَادِبَ ابْتِدَاءً، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي وَمِثْلُ الْمَكِيلِ الْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَأَرْضٍ مَجْرُورٌ إلَخْ) . وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَوْصُوفِ مَكِيلٍ أَيْ مَعَ حَبٍّ مَكِيلٍ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَلْزَمْ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْخَافِضِ، وَصِفَةُ أَرْضٍ مَحْذُوفَةٌ أَيْ مَكِيلَةٌ (قَوْلُهُ بِثَمَنٍ) كَقَوْلِهِ أَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ بِدِينَارٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنَيْنِ كَأَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ هَذِهِ بِدِينَارٍ وَهَذِهِ بِدِينَارَيْنِ، وَقَوْلُهُ كَانَا عَلَى الْأَصْلِ أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَرْضَ وَهَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَرْضَ بِدِينَارٍ أَوْ هَذِهِ بِدِينَارٍ وَهَذِهِ بِدِينَارَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا مَثَّلْنَا مِنْ قَوْلِنَا كَأَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ أَحَدُهُمَا كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَرْضَ وَهَذِهِ الصُّبْرَةَ بِدِينَارٍ أَوْ هَذِهِ بِدِينَارٍ وَالثَّانِيَةَ بِدِينَارَيْنِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا جُزَافٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَيَجُوزُ جُزَافَانِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ صُبْرَةُ الْقَمْحِ بِدِينَارٍ وَصُبْرَةُ التَّمْرِ بِدِينَارَيْنِ (قَوْلُهُ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) وَكَذَا بِثَمَنَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ مَكِيلَانِ صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْك مَكِيلَيْنِ عَشَرَةَ أَرَادِبَ وَعَشَرَةَ أَرَادِبَ مَثَلًا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ قَمْحًا وَشَعِيرًا كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا اتَّفَقَ الثَّمَنُ فِي الْمَكِيلَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ اتَّفَقَتْ صِفَةُ الْمَكِيلَيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَجُزَافٍ مَعَ عَرْضٍ) أَيْ جُزَافٌ عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَصُبْرَةٍ) مِثَالٌ لِمَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مِثَالٌ لِلَّذِي كَانَ عَلَى أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ أَيْ مِمَّا لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا جُزَافًا، وَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ فِي الْأَصْلِ مَا عَدَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَيْسَ مُرَادًا، وَبَعْدُ فَفِي التَّمْثِيلِ بِالثِّيَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثِّيَابِ أَنْ تُبَاعَ جُزَافًا، وَيَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ كَيْلًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ جُزَافًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْجُزَافَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَيْلًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ جُزَافٍ مَعَ مَكِيلٍ (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) أَيْ الْمَكِيلُ، وَبَيَّنَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِاخْتِلَافِ ثَمَنِ الْكَيْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الدِّينَارُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثَةِ فَصَارَ كُلُّ إرْدَبٍّ بِثُلُثِ دِينَارٍ، وَإِذَا كَانَ أَرْبَعَةٌ بِدِينَارٍ يَكُونُ كُلُّ إرْدَبٍّ بِرُبُعِ دِينَارٍ فَقَدْ ظَهَرَ اخْتِلَافُ الثَّمَنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ عج أَنَّ الشَّرْطَ الِاتِّحَادُ فِي نَفْسِ الْكَيْلِ وَفِي ثَمَنِهِ أَيْضًا، وَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَوْلَى هُمَا مَنْعٌ (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْكَيْلِ) أَيْ الْمَكِيلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ جُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ مَعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَجُوزُ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ لَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ) أَيْ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِأَنَّ حُكْمَ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ حُكْمُ الْمَكِيلِ، وَصَرَّحَ الْقَبَّابُ بِأَنَّ اللَّبَنَ أَصْلُهُ الْكَيْلُ وَالزُّبْدَ أَصْلُهُ الْوَزْنُ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةٌ مُغَايِرَةٌ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلْغَيْرِ ثَمَنًا) بِأَنْ قَالَ آخُذُ مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ دِينَارٍ بِكَذَا وَهَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَيْرَ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَقَوْلُهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا الْجُزَافِ وَالْمُغْتَفِرُ الْبَائِعُ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَثَابَةِ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَلَا تَسْمِيَةَ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ بِأَرْضِهِ (ص) وَجَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ وَالصُّوَانِ (ش) أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِ مَكِيلٍ كَقَمْحٍ وَمَوْزُونٍ كَقُطْنٍ وَأَخْرَجَ الْمُقَوَّمَاتِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمُقَوَّمِ لِلْمِثْلِيِّ وَعَطْفُ الصُّوَانِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهُوَ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَفِيهِ لُغَةٌ صِيَانٌ وَهَكَذَا فِي عِدَّةِ نُسَخٍ بِجَرِّ رُؤْيَةٍ بِالْبَاءِ وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ عَلَى مَا هُوَ دَاخِلُ الصُّوَانِ فَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ رُؤْيَةُ خَارِجِهِ عَنْ رُؤْيَةِ دَاخِلِهِ (ص) وَعَلَى الْبَرْنَامَجِ (ش) أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ مُعْتَمَدًا فِيهِ عَلَى الْأَوْصَافِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْبَرْنَامَجِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ صِفَةُ مَا فِي الْعِدْلِ وَكَانَ الْأَصْلُ مَنْعَهُ لَكِنَّهُ أُجِيزَ لِمَا فِي حِلِّ الْعِدْلِ مِنْ الْحَرَجِ عَلَى بَائِعِهِ مِنْ تَلْوِيثِهِ وَمُؤْنَةِ شَدِّهِ إنْ لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي فَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ وُجِدَ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَ وَالْأَخِيرُ الْمُشْتَرِي (ص) وَمِنْ الْأَعْمَى (ش) أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَجَمِيعُ الْمُعَامَلَاتِ إلَّا بَيْعَ الْجُزَافِ وَشِرَاءَهُ مِنْ الْأَعْمَى غَيْرِ الْأَصَمِّ لِلضَّرُورَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَسَوَاءٌ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ طَرَأَ عَمَاهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ بَعْدَ كِبَرِهِ خِلَافًا لِلْأَبْهَرِيِّ فِي مَنْعِهِ بَيْعَ مَنْ وُلِدَ أَعْمَى وَفِي مَعْنَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ إبْصَارُهُ فِي صِغَرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَيَّلُ الْأَلْوَانَ، وَالْخِلَافُ فِيمَا لَا يُدْرَكُ إلَّا بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَلَا مَانِعَ فِيمَا يُدْرَكُ بِغَيْرِهَا مِنْ الْحَوَاسِّ وَلَا تَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ بِخِلَافِ الْأَبْكَمِ الْأَصَمِّ (ص) وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ، أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرًا بِهِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْغَيْبَةُ إلَّا فِيمَا بِيعَ عَلَى الْوَصْفِ وَمَفْهُومُ لَا يَتَغَيَّرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ أَيْ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ (ص) وَحَلَفَ مُدَّعٍ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَنَّ مُوَافَقَتَهُ لِلْمَكْتُوبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ إذَا ادَّعَى بَعْدَمَا قَبَضَ الْمَتَاعَ وَغَابَ عَلَيْهِ عَدَمَ مُوَافَقَةِ الْمَتَاعِ أَوْ بَعْضِهِ لِمَا فِي الْبَرْنَامَجِ، وَقَدْ تَلِفَ الْبَرْنَامَجُ أَوْ بَقِيَ وَادَّعَى الْبَائِعُ فِيمَا ادَّعَى فِيهِ الْمُخَالَفَةَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ غَيْرُ مَا أَتَى بِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِأَرْضِهِ) أَيْ مَعَ أَرْضِهِ بِأَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَرْضَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَجَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ بَيْعُ الْبَتِّ وَأَوْلَى الْخِيَارُ أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ جُزَافًا فَرُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ فِي الْجُزَافِ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي غِرَارَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَكِيلُ مِنْ الْجُزَافِ إلَّا أَنَّ الْجُزَافَ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَالْمَكِيلُ يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ غَائِبًا (قَوْلُهُ وَالصُّوَانِ) عَطْفٌ عَلَى الْمِثْلِيِّ لَا عَلَى بَعْضٍ خِلَافًا لِلزَّرْقَانِيِّ فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) عِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمِثْلِيُّ (ثُمَّ أَقُولُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصُّوَانَ لَيْسَ مِنْ الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ هُوَ دَاخِلُ الصُّوَانِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ التَّعْبِيرُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى نُسْخَةِ الْبَاءِ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَجَازَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ الصُّوَانِ فَالصُّوَانُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَجَوُّزٌ أَيْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَجَازَ رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ أَيْ وَجَازَ رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ فِي الْبَيْعِ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى نُسْخَةِ الْبَاءِ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ أَيْ بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ، وَأَمَّا عَلَى حَذْفِهَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَيْسَ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْبَرْنَامَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا وَقِيلَ بِكَسْرِهِمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا حَفِظَ مَا فِي الْعِدْلِ وَصِفَتَهُ كَانَ كَافِيًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَرْنَامَجًا. (قَوْلُهُ صِفَةُ مَا فِي الْعِدْلِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ ثَوْبًا وَاحِدًا مَطْوِيًّا كَالسَّاجِ الْمُدْرَجِ أَيْ الطَّيْلَسَانِ الْمَطْوِيِّ فِي وِعَاءٍ مِنْ الْجِلْدِ وَقِيلَ الثَّوْبُ الرَّفِيعُ لَمْ يُبَعْ عَلَى صِفَةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَرَى مَا تُعْلَمُ بِهِ صِفَتُهُ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي نَشْرِهِ وَطَيِّهِ وَالْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ إمْكَانِهِ غَرَرٌ كَثِيرٌ أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْصُلُ بِنَشْرِهِ فَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ السِّلْعَةَ غَيْرَ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ حُلُولُو إلَّا أَنْ يُمْكِنَ عِلْمُ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ بِلَا وَصْفٍ كَالْمَسِّ فِي الشَّاةِ إذَا أَخْبَرَ بِسِنِّهَا وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ فِي الْأَدْهَانِ وَالْمِسْكِ. (قَوْلُهُ إلَّا بَيْعَ الْجُزَافِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَصَفَهُ لَهُ اثْنَانِ عُدُولٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ) أَيْ لِتَعَذُّرِ الْإِشَارَةِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبْكَمِ الْأَصَمِّ فَتُمْكِنُ الْإِشَارَةُ لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ شِرَاءُ الْأَعْمَى مَا لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْبَصِيرِ لَهُ فِي لَيْلٍ وَلَوْ مُقْمِرًا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي شِرَائِهِ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي عَلِمَهُ بِالسَّمْعِ أَمْ لَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ لِلْأَعْمَى عَلَى الصِّفَةِ وَالْبَيْعَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ وَبَيْعَ السَّاجِ الْمُدْرَجِ وَقِلَالِ الْخَلِّ مُطَيَّنَةً مُسْتَثْنًى مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ حَاضِرًا بِالْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ مَا مَرَّ، وَهُوَ بِرُؤْيَةٍ إلَخْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا عَلَى نُسْخَةِ وَرُؤْيَةٍ بِدُونِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْغَيْبَةُ) أَيْ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ بَرْنَامَجٍ (قَوْلُهُ أَنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ الْعِدْلِ الْمَبِيعِ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ حَاصِلَةٌ فَهُوَ مَعْمُولُ حَلَفَ أَوْ تَنَازَعَ فِيهِ كُلُّ مَنْ حَلَفَ وَمُدَّعٍ وَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا الْمُوَافَقَةَ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْبَائِعِ هُنَا، وَبِذَلِكَ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ) أَيْ: الْمُشْتَرِيَ. (تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ غَرِمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ يَمِينِ الْآخَرِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا لَوْ وَافَقَهُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 الْبَائِعُ أَنَّ مَا فِي الْعَدْلِ مُوَافِقٌ لِلْمَكْتُوبِ (ص) وَعَدَمِ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِ مِنْ قَوْلِهِ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَيْ وَحَلَفَ مُدَّعٍ عَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مِنْ صَرَّافٍ أَوْ أَخَذَهَا مِنْ مُقْرِضٍ أَوْ مَدِينٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَبَضَهَا الْمَدْفُوعَةُ لَهُ بِقَوْلِ الدَّافِعِ إنَّهَا جِيَادٌ وَغَابَ عَلَيْهَا الْآخِذُ ثُمَّ رَدَّهَا أَوْ رَدَّ شَيْئًا مِنْهَا وَادَّعَى أَنَّهُ أَلْفَاهُ رَدِيئًا أَوْ نَاقِصًا وَأَنْكَرَ الدَّافِعُ لَهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ أَوْ دَنَانِيرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِي ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَلَا دَنَانِيرِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ النُّقَّادُ فِي الرَّدَاءَةِ وَالْجُودَةِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الدَّيْنِ إلَّا مَا اُتُّفِقَ عَلَى جَوْدَتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الدَّافِعَ فِي الْبَدَلِ إلَّا مَا اتَّفَقَ الشُّهُودُ عَلَى رَدَاءَتِهِ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ إلَخْ لَكِنْ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي الْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَنَقْصِ الْوَزْنِ يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ كَمَا مَرَّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى الْمُفَاصَلَةِ أَوْ اخْتَلَفَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ عَلَى الْمُفَاصَلَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ أَنَّ مَا قَبَضَهُ رَدِيءٌ أَوْ نَاقِصٌ بِيَمِينِهِ (ص) وَبَقَاءُ الصِّفَةِ إنْ شَكَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا غَائِبًا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ثُمَّ تَنَازَعَ هُوَ وَالْبَائِعُ فِي أَنَّ هَذِهِ هِيَ الصِّفَةُ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَبِيعُ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي أَنَّهُ تَغَيَّرَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْتِقَالِ عَلَى الصِّفَةِ فَحَيْثُ قَطَعَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ رَجَّحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ. وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ بَقَاءِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حُلُولُو فَقَالَ فِي قَوْلِهِ وَبَقَاءُ الصِّفَةِ إنْ شَكَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا انْتَهَى (ص) وَغَائِبٍ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ الْغَائِبِ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ لِلْمُشْتَرِي نَوْعُهُ وَلَا جِنْسُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْخِيَارَ إذَا رَأَى الْمَبِيعَ لِيَخِفَّ غَرَرُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا عَلَى اللُّزُومِ أَوْ عَلَى السَّكْتِ فَيَفْسُدُ فِي غَيْرِ التَّوْلِيَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنَّ السُّكُوتَ فِيهَا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَقَوْلُهُ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ لَا لِمَا قَبْلَهُ وَالْبَيْعُ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَتِهِمَا مَعًا. (ص) أَوْ عَلَى يَوْمٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا بِاللُّزُومِ يَعْنِي أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ، وَمَنَعَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ فِي الْيَوْمِ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ لَا فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَلَا   [حاشية العدوي] مَا أَتَى بِهِ فَيَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَزِمَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ إلَخْ) إلَّا أَنَّ اللَّامَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى فِي وَبِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ زَائِدَةٌ لِلتَّقْوِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي الرَّدَاءَةِ وَالْجَوْدَةِ إلَخْ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الدَّيْنِ إلَّا مَا اتَّفَقَ الشُّهُودُ أَيْ الصُّرَّافُ عَلَى جَوْدَتِهِ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَدِّلْهُ لِأَنِّي وَجَدْته زَائِفًا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَدِّلَهُ إلَّا مَا اتَّفَقَ الصُّرَّافُ عَلَى رَدَاءَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ كَمَا مَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْغِشِّ لِقَوْلِهِ جِيَادًا، وَمَا نَحْنُ فِيهِ نَقْصُ الْوَزْنِ وَأَيْضًا التَّحْقِيقُ فِي الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقٌ بِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ فَقَطْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَلَى بَعْدُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي مُطْلَقِ التَّحْقِيقِ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَلِفًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ) وَمَرْجِعُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَحَيْثُ قُطِعَتْ إلَخْ) وَهَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ قَوْلَانِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إذْ مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَنْظُرُ فِيهِ لِمَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ قَطْعًا فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْته فِيمَا إذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي حَالَةِ الشَّكِّ مُخَالِفٌ لِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَرْنَامَجِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ عَلَى مَا وُصِفَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَرْنَامَجِ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ، وَتَرَكَ ذَلِكَ كَانَ كَالْمُصَدِّقِ لِلْبَائِعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى مَا وُصِفَ فِي الْبَرْنَامَجِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ الْمَبِيعِ بِالصِّفَةِ فَافْتَرَقَا فَإِنْ قُلْت فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ بِيَمِينٍ، وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ فَفِي حَالَةِ الشَّكِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَا الْفَرْقُ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ مُعَلَّقٌ عَلَى بَقَاءِ صِفَةِ الْمَبِيعِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا فَمَنْ ادَّعَى الِانْتِقَالَ فَهُوَ مُدَّعٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ تَنَازَعَا فِي عَيْنِ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَغَائِبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَمُودٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِشَرْطٍ إلَخْ) فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ، وَأَمَّا الَّذِي وُصِفَ وَلَوْ كَانَ عَلَى اللُّزُومِ فَيَجُوزُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ لِلْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَمُقَابِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ السُّكُوتَ فِيهَا لَا يَضُرُّ) عِبَارَةُ شب فَالسُّكُوتُ فِيهَا كَشَرْطِ الْخِيَارِ انْتَهَى فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى يَوْمٍ) أَيْ ذَهَابًا فَقَطْ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا بِيعَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَوْمٍ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ) أَيْ الْخِيَارِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَدَّمَهُ لِجَمْعِهِ مَعَ نَظِيرِهِ فِي الْخِلَافِ إذْ لَوْ قَالَ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَهُوَ عَلَى يَوْمٍ لَمْ يُفِدْ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَوْ قَالَ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَوْ عَلَى يَوْمٍ لَطَالَتْ الْعِبَارَةُ. (ص) أَوْ وَصْفِهِ غَيْرُ بَائِعِهِ (ش) وَصْفِ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى وَصْفٍ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا وَصْفٍ وَالضَّمِيرُ فِي وَصْفِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ أَيْ وَلَوْ بِلَا وَصْفِ الْمَبِيعِ غَيْرُ بَائِعِهِ، وَإِذَا انْتَفَى وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ ثَبَتَ وَصْفُ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مُفِيدًا لِلْخِلَافِ وَالصِّحَّةِ مَعَ وَصْفِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِوَصْفِ غَيْرِ بَائِعِهِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يُبَاعُ بِوَصْفِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِوَصْفِهِ إذْ قَدْ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَةِ لِإِنْفَاقِ سِلْعَةٍ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي النَّقْدِ فَقَطْ. (ص) إنْ لَمْ يَبْعُدْ كَخُرَاسَانَ مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ (ش) شَرْطٌ فِي الْمَبِيعِ عَلَى اللُّزُومِ كَانَ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لِلْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ، وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَوْلُهُ (وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) الْمَنْفِيُّ بِلَا مَشَقَّةٍ شَرْطٌ فِي الْغَائِبِ الْمَبِيعِ عَلَى وَصْفٍ بِإِلْزَامٍ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَجِدَارٍ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مَثَلًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ غَائِبًا وَكَوْنِهِ حَاضِرًا أَيْ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ رُؤْيَةٌ ثَانِيَةٌ (ص) وَالنَّقْدُ فِيهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَازَ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ عَائِدٌ عَلَى الْغَائِبِ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ عَقَارًا كَانَ أَوْ لَا حَيْثُ بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ فَإِنْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ فِيهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي قَوْلِهِ وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ بِخِيَارٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا النَّقْدَ بِالتَّطَوُّعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ (ش) إذْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ الْمَذْكُورِ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فِي الْعَقَارِ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَنْ لَا يُبَاعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا جَازَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ وَإِنْ بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَا إذَا قَرُبَتْ مَسَافَةُ غَيْرِهِ وَلَوْ حَيَوَانًا كَالْيَوْمَيْنِ جَازَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ غَالِبًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (ش) أَيْ وَجَازَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ إنْ بِيعَ بِغَيْرِ وَصْفِ بَائِعِهِ وَبِيعَ عَلَى اللُّزُومِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَقَرُبَ مَكَانُهُ كَالْيَوْمَيْنِ ذَهَابًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ مَالِكٍ الْقَرِيبُ مَا كَانَ عَلَى يَوْمٍ وَنَحْوُهُ ابْنُ شَاسٍ وَقِيلَ نِصْفُ يَوْمٍ فَفِي الْإِتْيَانِ بِالْكَافِ مَعَ الْيَوْمَيْنِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ النَّقْدَ مَعَ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مَعَ الْبُعْدِ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ وَهُوَ جَهْلٌ فِي الثَّمَنِ (ص) وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرِي جُزَافًا إذَا   [حاشية العدوي] كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الثَّوْبِ مَثَلًا فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حِينَ يَرَاهُ يَثْبُتُ لَهُ الِاخْتِيَارُ (قَوْلُهُ فَكَانَ حَقُّهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ كَلَامَهُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ مَفْرُوضٌ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ وَالْكَلَامُ قَبْلُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْغَائِبِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى الْوَصْفِ أَوْ لَا. (تَنْبِيهٌ) : اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ حَاضِرِ الْبَلَدِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ حَاضِرَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا فِيمَا فَتْحُهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ وَغَيْرُ حَاضِرٍ مَجْلِسَ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ وَلَوْ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ لَطَالَتْ الْعِبَارَةُ) أَيْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَصَفَهُ غَيْرُ بَائِعِهِ) . (تَنْبِيهٌ) : يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَعْرِفُ مَا وُصِفَ لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي النَّقْدِ) أَيْ وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ) جِدًّا أَيْ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرَكُ عَلَى مَا رُئِيَ أَوْ وُصِفَ (قَوْلُهُ كَخُرَاسَانَ مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يُظَنُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا اجْتَمَعَ الْبَيْعُ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَعَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَالْحُكْمُ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ) فِي الصُّورَتَيْنِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا بَاعَهُ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَمِنْ غَيْرِ وَصْفٍ وَلَا تَقَدُّمِ رُؤْيَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ أَوْ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ رُؤْيَةٌ ثَانِيَةٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَازَ) أَيْ فَاعِلِ جَازَ (قَوْلُهُ وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) سَوَاءٌ بِيعَ مُزَارَعَةً أَوْ جُزَافًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهِ إنْ بِيعَ مُزَارَعَةً ضَعِيفٌ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت فَانْظُرْهُ، وَذَكَرَ أَيْضًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَصْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ الذَّرْعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَالدَّارِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الدَّارَ لَا بُدَّ فِيهَا مَعَ الْوَصْفِ مِنْ ذِكْرِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ وَذِكْرُ النَّصِّ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ عَلَى اللُّزُومِ) وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُبَاعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ) أَيْ، وَأَمَّا بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ أَوْ عُدَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ إنَّمَا هُوَ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ إنْ بِيعَ مُزَارَعَةً لَا عَلَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي هُوَ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ الْقَرِيبُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ مَالِكٍ هُوَ عَيْنُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنْ يُرَادَ مِنْ نَحْوِ الْيَوْمِ يَوْمٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَفِي الْإِتْيَانِ) لَيْسَ هُنَاكَ مَا يَقْتَضِي التَّفْرِيعَ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَقَرُبَ مَكَانُهُ وَهُوَ الْيَوْمَانِ أَوْ قَالَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا فِي عب لَحَسُنَ (قَوْلُهُ أَيْ وَضَمِنَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَى جُزَافًا) وَأَمَّا إذَا بِيعَ مُزَارَعَةً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ بَعُدَ مَكَانُهُ أَوْ قَرُبَ وَسَوَاءٌ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيِّدَةٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ (ص) وَضَمِنَهُ بَائِعٌ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ مُنَازَعَةٍ (ش) أَيْ وَضَمِنَ غَيْرَ الْعَقَارِ سَوَاءٌ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا بَائِعَ، وَقَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَازَعَةٌ الْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إمَّا أَصَالَةً فِي الْعَقَارِ أَوْ بِالشَّرْطِ فِي غَيْرِهِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَصَالَةً أَوْ فِي غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْمَبِيعَ هَالِكًا أَوْ بَاقِيًا أَوْ سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا فَإِنْ حَصَلَتْ مُنَازَعَةٌ فِيمَا ذُكِرَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَعَزَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ (ص) وَقَبَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (ش) أَيْ وَقَبَضَ الْغَائِبُ وَالْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ الْعَامَّةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَوَانِعَ مُخْتَصَّةٍ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ فَمِنْهَا الرِّبَا مَقْصُورًا وَهُوَ رِبَا فَضْلٍ أَيْ زِيَادَةٍ وَنَسَاءٍ بِالْمَدِّ مَهْمُوزٌ وَهُوَ التَّأْخِيرُ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ (ش) أَيْ وَحَرُمَ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا وَصَحَّ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ إبَاحَةِ رِبَا الْفَضْلِ {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحِيحِ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ» فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مَضْرُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَمَصْلَحَةٍ رِبَا فَضْلٍ أَيْ زِيَادَةٍ وَنَسَاءٍ أَيْ تَأْخِيرٍ لَكِنْ رِبَا الْفَضْلِ يُمْنَعُ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْ النَّقْدِ وَاتَّحَدَ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي مُخْتَلِفِ الْجِنْسِ فِيهِمَا يَدًا بِيَدٍ وَرِبَا النَّسَاءِ يَحْرُمُ فِي النُّقُودِ وَالطَّعَامِ، وَلَوْ جِنْسَيْنِ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ. فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ أَوْ أَنَّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ لِمَا بَعْدَهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ بَابُ حُرْمَةِ النُّقُودِ وَالطَّعَامِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي عَيْنٍ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَلَامِ عَلَى الصَّرْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِفُلُوسٍ لِقَوْلِهَا مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ بِفُلُوسٍ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ فَقَالَ (ص) لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا (ش) لَا دِينَارٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٌ أَيْ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ الْخَالِي عَنْ الْمَانِعِينَ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُ الدِّرْهَمِ كَشَاةٍ مَثَلًا وَبَيْعُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ أَوْ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ أَوْ الدِّينَارِ وَالثَّوْبِ بِمِثْلِهِمَا فَالدِّينَارُ هُوَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، وَقَدْ صَاحَبَهُ دِرْهَمٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ ثَوْبٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَغَيْرِهِمَا بِمِثْلِهِمَا بِجَرِّ دِينَارٍ بِالْكَافِ وَعَطْفِ دِرْهَمٍ بِأَوْ وَعَطْفِ غَيْرِهِمَا بِالْوَاوِ فَضَمِيرُ مِثْلِهِمَا يَعُودُ عَلَى دِينَارٍ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةٍ وَعَلَى دِرْهَمٍ وَغَيْرِهِ فِي أُخْرَى أَيْ فَالدِّينَارُ هُوَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي صُورَةٍ وَالدِّرْهَمُ طَرَفُ بَدَلِهِ فِي أُخْرَى   [حاشية العدوي] فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ كَذَا فِي عب وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ) كَانَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ إلَخْ) أَيْ وَخِلَافُ الْأَحْسَنِ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ الْمُنَاسِبَ لِحَلِّ اللَّفْظِ إلَّا رُجُوعَهُ لِلْأَوَّلِ، وَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى مَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَصَالَةً (قَوْلُهُ وَقَبْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهِ مِنْهُ يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ كَوَكِيلِ الْمُبْتَاعِ فَانْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ فَشَرْطُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مُوجِبُ الْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ (قَوْلُهُ وَالْخُرُوجُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ (قَوْلُهُ وَمُوكِلُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ دَافِعُ الزِّيَادَةِ وَالْآكِلُ هُوَ قَابِضُ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جِنْسَيْنِ) يَرْجِعُ لِلنُّقُودِ وَالطَّعَامِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فِي الطَّعَامِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُ النَّقْدَ مُطْلَقًا وَالطَّعَامَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْجَمَةَ مُجْمَلَةٌ لَكِنْ لَا يُنْظَرُ فِيهَا لِلْإِجْمَالِ بَلْ النَّظَرُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَرْجَمَةً وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِجْمَالُ بِخِلَافِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ نَظَرَ فِيهَا لِلْإِجْمَالِ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ وَرِبَا فَضْلٍ يَشْمَلُ الْفَضْلَ فِي الصِّفَةِ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ خَاصَّةٌ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي عَاطِفًا عَلَى مَا يَجُوزُ وَقَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً يُفِيدُ قَصْرَ قَوْلِهِ هُنَا فَضْلٍ عَلَى فَضْلِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ دُونَ الصِّفَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ) هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ وَهِيَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَنَقَدَ إنْ سُكَّ يَعُمُّ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَسْكُوكِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ الْقَامُوسُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَيْنَ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ وَلَفْظُهُ وَالْعَيْنُ مَا ضُرِبَ مِنْ الدَّنَانِيرِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا لَا أَوْلَوِيَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الصَّرْفِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الصَّرْفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا دِينَارٌ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَانِعِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّرْفَ يُطْلَقُ تَارَةً بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ وَتَارَةً بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ مَا قَابَلَ الْمُرَاطَلَةَ وَالْمُبَادَلَةَ وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ التَّوْضِيحِ اعْلَمْ أَنَّ الْعَيْنَ إنْ بِيعَ بِعَيْنٍ مُخَالِفٍ فَهُوَ الصَّرْفُ وَبِمُمَاثِلٍ وَزْنًا مُرَاطَلَةً وَعَدَدًا مُبَادَلَةً انْتَهَى أَفَادَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ إلَخْ) إنَّمَا صَوَّرُوا النَّقْدَ بِالتَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 وَقَدْ صَاحَبَ وَاحِدًا مِنْهُمَا غَيْرُهُ كَشَاةٍ فَهُوَ مِثَالٌ لِرِبَا الْفَضْلِ وَوَجْهُهُ عَلَى كَلَا النُّسْخَتَيْنِ خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ الرَّغْبَةُ فِي أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ أَكْثَرَ فَيُقَابِلُهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ وَأَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ وَالْمُجْتَمِعُ مَعَ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا كَالشَّاةِ مَثَلًا كَالنَّقْدِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الدِّينَارَيْنِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ فَإِذَا مَنَعَ ذَلِكَ فِي التَّفَاضُلِ الْمُتَوَهَّمِ وَيُسَمَّى التَّفَاضُلَ الْمَعْنَوِيَّ فَأَحْرَى التَّفَاضُلُ الْمُحَقَّقُ الْحِسِّيُّ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِاثْنَيْنِ (ص) وَمُؤَخَّرٌ وَلَوْ قَرِيبًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ فِي الصَّرْفِ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَرِيبًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالِانْتِقَالِ إلَى حَانُوتٍ أَوْ دَارٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا، وَطَالَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ كَاسْتِقْرَاضِهِ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ وَلَا قِيَامٍ بَلْ كَحَلِّ الصُّرَّةِ. وَمُقَابِلُهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ جَوَازُ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا عَادَتْ الْمُفَارَقَةُ بِمَصْلَحَةٍ عَلَى الصَّرْفِ كَتَقْلِيبٍ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) الْبَاجِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ وَمُؤَخَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دِينَارٍ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَقَوْلُهُ لَا دِينَارٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ رِبَا فَضْلٍ وَقَوْلُهُ وَمُؤَخَّرٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنَسَاءٍ. وَقَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةٍ قَرِيبًا أَيْ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً وَفِي الْمُبَالَغَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ كَالْقَرِيبِ وَهِيَ تُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْبَعِيدِ (ص) أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَوْ فَهُوَ مُنْخَرِطٌ فِي سِلْكِ الْإِغْيَاءِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الصَّرْفُ إذَا تَوَلَّى قَبْضَهُ غَيْرُ عَاقِدِهِ بِأَنْ عَقَدَ شَخْصٌ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ فِي الْقَبْضِ وَعَكْسُهُ بِأَنْ يُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ وَيَتَوَلَّى الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الصَّرْفِ كَوْنُ الْعَاقِدِ هُوَ الْقَابِضَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَجْرَوْا التَّوْكِيلَ مَظِنَّةَ التَّأْخِيرِ فَأَجْرَوْا عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا مُشْكِلٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا لِلْمُوَكِّلِ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ فَيُمْنَعُ إنْ لَمْ يَقْبِضْ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا جَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ (ص) أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ (ش) مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مَدْخُولِ لَوْ أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ   [حاشية العدوي] الْعِوَضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ كَانَ دِينَارٌ مِنْ جِهَةٍ وَدِينَارٌ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ قَدْ تُوجَدُ إلَّا أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ. (قَوْلُهُ خَشْيَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّنَا إذَا تَحَقَّقْنَا تَسَاوِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مَعَ مُقَابِلِهِمَا فَيَجُوزُ وَالْمُضِرُّ الشَّكُّ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلْوَهْمِ فَأَحْرَى التَّحَقُّقُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ وَقَوْلُهُ وَالْمُجْتَمِعُ مَعَ النَّقْدَيْنِ تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِأَنَّ الْمُجْتَمِعَ مَعَ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا كَالشَّاةِ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَيْضًا الْمَنْعَ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا مُسَاوَاةَ الدِّينَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْقَرْضَ الْمُصَاحِبَ لِلدِّينَارِ يُقَدَّرُ ذَهَبًا فَتَأْتِي الْمُفَاضَلَةُ وَلَوْ مَعَ مُسَاوَاةِ الدِّينَارَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَتَحَقَّقْنَا الْمُسَاوَاةَ فِي الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دِينَارٌ وَثَوْبٌ فَيَمْتَنِعُ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا مُسَاوَاةَ الدِّينَارَيْنِ لِتَقْدِيرِنَا الْعَرْضَ ذَهَبًا بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ) أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي، وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ يَجُوزُ فَيُنَافِي قَوْلَهُ هُنَا وَلَوْ قَرِيبًا فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لِرَدِّهِ) أَيْ لِرَدِّ حَمْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمَوَّازِيَّةِ ذِكْرٌ، وَلَكِنْ الْوَاقِعُ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ مِثْلُ الْعُتْبِيَّةِ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَةً مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةً قَرِيبًا أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ بِلَوْ بِطَرَفَيْهَا الِاخْتِيَارِ وَالْغَلَبَةِ مَعَ أَنَّ الْعُتْبِيَّةَ وَالْمَوَّازِيَّةَ فِي الِاخْتِيَارِ لَكِنْ الْغَلَبَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي إنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ كَالْقَرِيبِ مَعَ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَرِيبِ وَسَيَأْتِي تَتِمَّتُهُ. (قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) حَلَّ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يُبَاحُ صَرْفُ دِينَارٍ وَغَيْرِهِ بِمِثْلِهِمَا وَلَا صَرْفُ مُؤَخَّرٍ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً) كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا دَخَلَا عَلَى التَّأْخِيرِ فَيَفْسُدُ حَصَلَ تَأْخِيرٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ كَانَ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْبَعْضِ، وَأَمَّا إذَا دَخَلَا عَلَى عَدَمِ التَّأْخِيرِ فَيَمْتَنِعُ إنْ حَصَلَ تَأْخِيرٌ اخْتِيَارًا، وَلَوْ فِي الْبَعْضِ كَاضْطِرَارٍ فِي الْجَمِيعِ أَوْ جَمِيعِ أَحَدِهِمَا لَا فِي بَعْضِ أَحَدِهِمَا فَيَمْضِي فِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ وَاخْتَلَفَ فِي مُضِيِّ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّأْخِيرُ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً) كَحُلُولِ سَيْلٍ أَوْ انْهِدَامٍ بَنَاهُ وَسَوَاءٌ غَلَبَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَهُرُوبِ صَاحِبِهِ قَاصِدًا لِنَقْضِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِالتَّأْخِيرِ تَعَلُّقُهَا بِإِتْمَامِ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ غَلَبَةً؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ عَلَى شَيْءٍ لَا إثْمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُخَالِفَ الْمَوَّازِيَّةُ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ فِي كَلَامِهِمَا بِالْقُرْبِ نَعَمْ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ غَلَبَةً لَا يُقَيِّدُ بِالْقُرْبِ فَإِذَا كَانَ هَذَا مُرَادَ الشَّارِحِ فَلَا يَظْهَرُ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَةً عَلَى اخْتِيَارًا الْمَحْذُوفَةِ بَلْ مَعْطُوفًا عَلَى قَرِيبًا، وَنُوزِعَ فِي الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ بَعِيدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا هَذَا إذَا كَانَ اخْتِيَارًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَلَبَةً (قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَ فِي الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَقَدَ شَخْصٌ) وَهُوَ رَبُّ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ فِي الْمُصَنِّفِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثٍ الْأَوَّلُ يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 الصَّرْفُ إذَا غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَطَالَ أَيْ وَلَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةُ أَجْسَامٍ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ لَمْ يَفْسُدْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَبِعِبَارَةٍ، وَطَالَ بِأَنْ قَامَ وَبَعَثَ إلَى دَارِهِ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ أَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ وَلَا بَعْثٍ كُرِهَ فَقَطْ (ص) أَوْ نَقْدَاهُمَا (ش) أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ الصَّرْفُ إذَا غَابَ نَقْدَاهُمَا مَعًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَرُبَ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَظِنَّةُ الطُّولِ بِأَنْ تَسَلَّفَ الدَّنَانِيرَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ جَانِبِهِ، وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ جَانِبِهِ. وَقَوْلُهُ أَوْ نَقْدَاهُمَا هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ بِدَيْنٍ إلَخْ هِيَ مَسْأَلَةُ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ (ص) أَوْ بِمُوَاعَدَةٍ (ش) أَيْ وَقَدْ عَقَدَ الصَّرْفَ النَّاشِئَ عَنْ مُوَاعَدَةٍ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ بِدَرَاهِمِك فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا أَخَذْتهَا مِنْك كَذَا وَكَذَا بِدِينَارٍ قَالَ فِيهَا وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ انْتَهَى وَجَعَلْنَا الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقٌ بِفَسَدَ وَفَاعِلُهُ عَقْدُ الصَّرْفِ أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِحَرُمَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ لَيْسَ هُنَا عَقْدٌ مُعَلَّقٌ وَالْعُقُودُ لَا تُعَلَّقُ انْتَهَى ابْنُ شَاسٍ. وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى ابْنُ يُونُسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنِّي لَمُحْتَاجٌ إلَى دَرَاهِمَ أَصْرِفُهَا وَنَحْوُ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ بَعْضٌ وَعَلَى مَا أَجَازُوهُ فِي النِّكَاحِ إنِّي أُحِبُّ دَرَاهِمَك وَأَرْغَبُ فِي الصَّرْفِ مِنْك انْتَهَى وَانْظُرْ مَا مَعْنَى التَّعْرِيضِ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَعَلَهُ عَقْدًا فَسَدَ الصَّرْفُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ عَقْدًا بَلْ أَنْشَأَ عَقْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْجَوَازِ (ص) أَوْ بِدَيْنٍ إنْ تَأَجَّلَ وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِسَبَبِ دَيْنٍ يَمْتَنِعُ إنْ تَأَجَّلَ وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَفَسَدَ الصَّرْفُ الْوَاقِعُ بِدَيْنٍ أَوْ فِي دَيْنٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ ذَهَبٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ   [حاشية العدوي] إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ فَيَجُوزُ بَعْدَ ذَهَابِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ) أَيْ بِدُونِ طُولٍ أَيْ وَالثَّانِي لَمْ يَسْتَقْرِضْ بِأَنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَامَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةُ بَدَنٍ فَإِنْ قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا انْتَصَبَ قَائِمًا فَقَطْ قُلْت كَذَلِكَ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْجَوَازَ إنْ لَمْ يَنْتَصِبْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَافْهَمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْبَعْثِ إلَى الدَّارِ قَامَ أَوْ لَمْ يَقُمْ وَقَوْلُهُ بَعْدُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ مُقَابِلُ قَامَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةُ بَدَنٍ وَتَبَيَّنَ مِنْ مَجْمُوعِ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ الطُّولَ يُفَسَّرُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَلَا قِيَامَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا مِنْ رَسُولِهِمَا وَبِالْقِيَامِ مِنْ رَسُولِهِمَا مُدَّةً وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ (قَوْلُهُ كَحَلِّ الصُّرَّةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُضُورَ كَوْنُهُ مُشَاهَدًا فَيُرَادُ بِذَلِكَ حَلُّ الصُّرَّةِ مِنْ الْمُقْرِضِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَلَّ الصُّرَّةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَا يَضُرُّ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا بِأَنْ اسْتَقْرَضَ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ فِي التَّهْذِيبِ وَإِنْ اشْتَرَيْت مِنْ الرَّجُلِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ فِي مَجْلِسٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضْت أَنْتِ دِينَارًا مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِك وَاسْتَقْرَضَ هَذَا الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِهِ فَدَفَعْت إلَيْهِ الدِّينَارَ وَقَبَضْت الدَّرَاهِمَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ وَاسْتَقْرَضْت أَنْتَ الدِّينَارَ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ وَلَا يَبْعَثُ وَرَاءَهُ وَلَا يَقُومُ لِذَلِكَ جَازَ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت نَصَّهَا فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَمْ يَفْسُدْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَوْلُهُ آخِرَ الْعِبَارَةِ كُرِهَ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ) أَيْ إلَى دَارِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا قِيَامٍ بِأَنْ يَقُومَ وَيَذْهَبَ إلَى دَارِهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ كَحَلِّ الصُّرَّةِ أَيْ صُرَّةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (قَوْلُهُ هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ) الْحَاصِلُ كَمَا فِي شب أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ مَفْرُوضَةٌ فِي اسْتِقْرَاضِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي الذِّمَّةِ فَهِيَ فِي الدُّيُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى عَقْدِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ عَلَى الذِّمَّةِ) أَيْ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى مَا فِي الْيَدِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَلْ جَعَلَاهَا نَفْسَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَا أَنْ يَعْقِدَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَرَرَ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ سِرْ بِنَا إلَى السُّوقِ بِدَرَاهِمِك فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا تَصَارَفْنَا أَيْ أَوْقَعْنَا عَقْدَ الصَّرْفِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَاعَدَةُ بِدُونِ عَقْدٍ، وَالْعَقْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ فَقَدْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ. وَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْعِدَّةِ بِأَنَّ مُوَاعَدَتَهَا حِفْظٌ لِلْأَنْسَابِ خَوْفَ كَوْنِهَا حَامِلًا (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ) أَيْ عَلَى غَيْرِ عَقْدِ صَرْفٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ اتِّفَاقًا عَلَى الصَّرْفِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي السُّوقِ (قَوْلُهُ أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِحَرُمَ دَلَالَةً عَلَى الْمُرَادِ لَكِنْ لَا أَدَلِّيَّةَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ مِنْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ حَرَامًا كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفَسَادُ. (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ) أَرَادَ بِهِ الْبِسَاطِيَّ عِبَارَةُ الْبِسَاطِيِّ بَعْدَ أَنَّ قَرَّرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُوَاعَدَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدٌ مُعَلَّقٌ فَالْمَنْعُ إمَّا؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا تُعَلَّقُ عَلَى مَذْهَبِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَضَمَّنَ الطُّولَ، وَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ انْتَهَى. فَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْعُقُودُ لَا تُعَلَّقُ أَيْ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ فِي الْمُوَاعَدَةِ الَّتِي هِيَ حَرَامٌ عَقْدٌ مُعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا وَلَا صِحَّةَ لَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى الْمُوَاعَدَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا عَقْدٌ مُعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا لَصَحَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ جَازَ وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ إلَخْ) غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَا بَلْ فُرِّقَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَنْعِ هُنَا فِي الْمُوَاعَدَةِ يَجْعَلُهُ مِثْلَ النِّكَاحِ، وَكَمَا تَحْرُمُ الْمُوَاعَدَةُ فِي الْعِدَّةِ تَحْرُمُ الْمُوَاعَدَةُ فِي الصَّرْفِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 فَتَطَارَحَاهُمَا كُلُّ دِينَارٍ بِكَذَا إنْ تَأَجَّلَا أَوْ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا. فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ حَلَّا مَعًا جَازَ وَلَا يُقَالُ هَذَا مُقَاصَّةٌ لَا صَرْفٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُتَحَدِّي الصِّنْفِ فَلَا تَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ وَلَا فِي صِنْفَيْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِهَا مُتَارَكَةً مَطْلُوبٌ بِمُمَاثِلٍ صَنَّفَ مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا (ص) أَوْ غَابَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ عَقْدُ الصَّرْفِ إذَا تَصَارَفَ مُرْتَهِنٌ مَعَ رَاهِنِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ مُودَعٌ مَعَ مُودَعٍ وَغَابَ رَهْنٌ مُصَارَفٌ عَلَيْهِ أَوْ وَدِيعَةٌ كَذَلِكَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ اتِّفَاقًا وَأَشَارَ قَوْلُهُ (وَلَوْ سُكَّ) الْمُصَارَفُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ لِرَدِّ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ جَوَازَ صَرْفِ الْمَرْهُونِ الْمَسْكُوكِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ أَوْ لِلِالْتِفَاتِ إلَى إمْكَانِ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ فَأَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ. وَمَفْهُومُ إنْ غَابَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا مَنْعَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ الْمَصُوغِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْكُوكِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَلَوْ سَكَّا بِالْمُطَابَقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ إذَا كَانَ بِأَوْ يَجُوزُ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ نَحْوُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] (ص) كَمُسْتَأْجِرٍ وَعَارِيَّةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فِي الْمَنْعِ إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَالصِّحَّةُ إنْ حَضَرَ لَا فِيهِمَا وَفِي سَكٍّ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمَسْكُوكِ فِيهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ لَا نَقْلًا بِهِ قَرْضًا فِي الْعَارِيَّةِ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ. (ص) وَمَغْصُوبٍ إنْ صُبِغَ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ فَكَالدَّيْنِ (ش) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُشَبَّهِ قَبْلَهُ أَيْ وَيَجُوزُ صَرْفُ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الصَّرْفِ حَيْثُ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مَصُوغًا كَحُلِيٍّ لَا إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِهِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَاخْتَارَ رَبُّهُ قِيمَتَهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْمُصَارَفَةُ عَلَيْهَا كَصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالْمَصُوغِ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَالتِّبْرِ وَالْمَكْسُورِ فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ صَرْفِهِ غَائِبًا وَبِعِبَارَةٍ وَفِي مَعْنَى الْمَسْكُوكِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْمَكْسُورِ وَالتِّبْرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ قُلْت لِمَ امْتَنَعَ صَرْفُ الْمَصُوغِ مَعَ غَيْبَتِهِ وَجَازَ صَرْفُ مَا عَدَاهُ مَعَ الْغَيْبَةِ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْمَصُوغَ إذَا هَلَكَ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ فَيَحْتَمِلُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَزِمَتْهُ   [حاشية العدوي] لِأَنَّ أَصْبَغَ يَقُولُ بِالْفَسْخِ إنْ وَقَعَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَيَحْيَى لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ حُرْمَةَ الْمُوَاعَدَةِ تُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ تَأْخِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالصَّرْفُ يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ) أَيْ فَبِوُقُوعِ عَقْدِ الصَّرْفِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَجِّلًا لِمَا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيُعَدُّ مُسَلِّفًا، وَقَوْلُهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ أَيْ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ الَّذِي سَلَّفَهُ لِنَفْسِهِ أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ، وَهُنَا تَحَقَّقَ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةٍ فَقَطْ وَأَرَادَ أَنْ يُصَارِفَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ حَلَّ وَدَفَعَ الْعِوَضَ سَاعَتَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تَكُونُ فِي دِينَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَقَوْلُهُ وَلَا فِي صِنْفَيْ نَوْعٍ كَإِبْرَاهِيمِيٍّ وَمُحَمَّدِيٍّ. (قَوْلُهُ بِمُمَاثِلِ صُنِّفَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ إنْ صُنِّفَ مَا عَلَيْهِ مَاثَلَ الَّذِي لَهُ عَلَى طَالِبِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُتَارَكَةً أَيْ تَارَكَهُ مِنْ الَّذِي ذُكِرَ عَلَيْهِمَا أَيْ فِي الَّذِي ذُكِرَ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ كَائِنًا عَلَيْهِمَا، وَيَنْحَلُّ لَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ تُرِكَ مَطْلُوبٌ بِاَلَّذِي مَاثَلَ صِنْفَ مَا عَلَيْهِ مَالُهُ عَلَى طَالِبِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الرِّكَّةِ؛ لِأَنَّ مَدْخُولَ الْبَاءِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُضْطَرُّ إلَى جَعْلِ إضَافَةِ صِنْفٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِشَيْءٍ مُمَاثِلٍ مَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِي الصِّنْفِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ تَارِكُهُ فِي الَّذِي ذُكِرَ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَيْ رَضِيَ بِالصَّرْفِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ الْمُبْتَاعِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ) أَيْ فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أُعْطِيكَ صَرْفَ الرَّهْنِ الْمَسْكُوكِ وَقَبِلَ الرَّاهِنُ حَصَلَتْ الْمُنَاجَزَةُ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ) أَيْ الْمَسْكُوكِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِتَلَفِهِ أَيْ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ. (قَوْلُهُ لَا نَقْلًا بِهِ قَرْضًا فِي الْعَارِيَّةِ) بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ عَيْنِهِ وَهَلْ قَرْضٌ حَرَامٌ حَيْثُ تَلَفَّظَ بِهِ بِالْعَارِيَّةِ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ يَتَزَيَّنُ بِهِ فِي الْأَعْرَاسِ لَا حُرْمَةَ وَإِنْ انْقَلَبَ قَرْضًا (قَوْلُهُ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ) لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ، وَمَحَلُّ الْحُكْمِ قَوْلُهُ فَكَالدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَجُوزُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلْمَفْهُومِ، وَإِلَّا فَالْمَنْطُوقُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ مِنْ غَاصِبِهِ) ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ مُقِرًّا، وَتَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْمُصَارَفَةُ عَلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَصُوغُ ذَهَبًا فَقِيمَتُهُ فِضَّةٌ فَيَقَعُ الصَّرْفُ عَلَى الْفِضَّةِ بِذَهَبٍ أَوْ بِفُلُوسٍ (قَوْلُهُ كَصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ حُلُولِهِ) كَأَنْ يَكُونَ لَك عَلَيْهِ دِينَارٌ حَلَّ فَتَأْخُذُ مِنْهُ صَرْفَهُ عَاجِلًا (قَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ يُقْصَدُ لِذَاتِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 قِيمَتُهُ وَمَا دَفَعَهُ فِي صَرْفِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَتَّى فِي صَرْفِهِ فِي غَيْبَتِهِ الِاحْتِمَالُ السَّابِقُ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْمَسْكُوكِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَكْسُورَ وَالتِّبْرَ فِي مَعْنَاهُ (ص) وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي نَقْدٍ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَحَرُمَ الصَّرْفُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ مِنْ وَزْنٍ وَعَدَدٍ وَجَوْدَةٍ وَالْعِلَّةُ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصْدِيقِ فُرُوعًا خَمْسَةً بِقَوْلِهِ (ص) كَمُبَادَلَةٍ رِبَوِيَّيْنِ (ش) أَيْ مِنْ نَقْدَيْنِ أَوْ طَعَامَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ أَوْ مُخْتَلِفَيْهِ لِئَلَّا يُوجَدَ نَقْصٌ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ أَوْ التَّأْخِيرُ فَالْمُرَادُ مَا يَدْخُلُهُ الرِّبَا فَضْلًا أَوْ نَسَاءً فَيَشْمَلُ الطَّعَامَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مِمَّا يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ أَمْ لَا. (ص) وَمُقْرَضٍ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ وَرَأْسِ مَالٍ سُلِّمَ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ التَّصْدِيقُ فِي الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِاحْتِمَالِ وِجْدَانِ نَقْصٍ فَيَغْتَفِرُهُ الْمُقْتَرِضُ لِحَاجَتِهِ أَوْ عِوَضًا عَنْ مَعْرُوفِ الْمُقْرَضِ فَيَدْخُلُهُ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ، وَفِي الْمَبِيعِ لِأَجَلٍ لِئَلَّا يُغْتَفَرَ أَخْذُهُ نَقْصًا فِيهِ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَفِي الْمُعَجَّلِ قَبْلَ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَغْتَفِرَ فِيهِ نَقْصًا فَيَصِيرَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ مُسَلِّفٌ وَلَا فَرْقَ فِي رَأْسِ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ أَوْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَقْتَضِيَ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَجَلِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ فَيُؤَدِّيَ إلَى فَسَادِ السَّلَمِ وَلَا يُقَالُ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَمَبِيعٌ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ أَعَمُّ وَهَذَا أَخَصُّ. وَأَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ بَعْدَ الْأَجَلِ ثُمَّ إنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ حَوَاشِي الْفِرْيَابِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ فِي الْمَبِيعِ لِأَجْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا وَحَكَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يُفْسَخُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ رَأْسَ مَالِ الْمُسْلَمِ كَالْمَبِيعِ لِأَجَلٍ، وَأَنَّ الْمُعَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُرَدُّ وَيَبْقَى حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ وَأَنَّ الصَّرْفَ يُرَدُّ وَكَذَا مُبَادَلَةُ الرِّبَوِيَّيْنِ (ص) وَبَيْعٌ وَصَرْفٌ (ش) أَيْ وَحَرُمَ جَمْعُ بَيْعٍ وَصَرْفٍ فِي عَقْدٍ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا وَدِينَارَيْنِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مَثَلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ كَرِهَهُ قَالَ، وَإِنَّمَا الَّذِي كَرِهَهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَهُمَا سِلْعَةٌ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مَعَهُمَا سِلْعَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ وَعَلَّلَ الْمَشْهُورَ بِتَنَافِي الْأَحْكَامِ لِجَوَازِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ دُونَهُ، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَرَتُّبِ الْحِلِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ أَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ) تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ صَرْفَ الْمَصُوغِ وَكَانَ فِضَّةً يُعْطِيهِ صَرْفَهُ ذَهَبًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ تَلِفَ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيمَةَ الْفِضَّةِ ذَهَبٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ مَثَلًا فَيَئُولُ الْحَالُ إلَى بَيْعِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَهَذَا تَفَاضُلٌ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ. (قَوْلُهُ وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ) سَوَاءٌ وَقَعَ فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَزْنِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ طَعَامَيْنِ) وَبِيعَا كَيْلًا أَوْ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مَكِيلٌ وَالْآخَرُ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ لَا جُزَافَيْنِ عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَصْدِيقٌ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ) أَيْ فِي النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ الْمُتَّحِدِي الْجِنْسِ، وَقَوْلُهُ أَوْ التَّأْخِيرُ أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمُقْرَضٍ إلَخْ) يَعْنِي الطَّعَامَ الْمُقْرَضَ فَفِيهَا وَلَا تَفْرِضُ لِرَجُلٍ طَعَامًا عَلَى تَصْدِيقِك فِي كَيْلِهِ، وَكَذَا فَرَضَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْقَابِسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ) فَرَضَهَا الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي الطَّعَامِ الْمَبِيعِ نَسِيئَةً، وَكَذَا فِي ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَالْقَابِسِيِّ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ التَّصْدِيقِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ رُخْصَةٌ (قَوْلُهُ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) لَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمُقْرَضٍ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَيْسَ سَلَفًا حَقِيقَةً بَلْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) مَفْرُوضٌ أَيْضًا فِي الطَّعَامِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ الْكَاتِبِ فِي الطَّعَامِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ يُنْهَى عَنْ التَّصْدِيقِ فِيهِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ فِي الَّذِي أَخَذَ مِنْ غَرِيمِ الطَّعَامِ عَلَى التَّصْدِيقِ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَصْدِيقُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِمَا يَدْخُلُ ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا صَدَّقَهُ مِنْ أَجْلِ تَعْجِيلِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيَدْخُلُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ مَعْنَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ انْتَهَى. فَلَمْ يَجْزِمْ بِالْمَنْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ سَرَدَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا سَرَدَهَا فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَلَا بَيَانِ مَا الرَّاجِحُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْجَوَازُ وَفِي مُبَادَلَةِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ قَوْلَانِ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ انْتَهَى مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ ذَاكَ أَعَمُّ) أَيْ قَوْلُهُ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَخَصُّ أَيْ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ سَلِّمْ الْمُغَايَرَةَ وَلَكِنْ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ النُّكْتَةَ الرَّدُّ عَلَى الْمُقَابِلِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاصْطِلَاحُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَثَمَنُهُ رَأْسُ الْمَالِ جَرَى عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْبَائِعَ لِأَجَلٍ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ بَاعَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْفَسْخِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الصَّرْفَ يَرِدُ) وَكَذَا مُبَادَلَةُ رِبَوِيَّيْنِ أَيْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفْسَخُ [الْجَمْعُ بَيْن بَيْع وَصَرْف فِي عَقْدٍ] (قَوْلُهُ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعَقْدَ اشْتَمَلَ عَلَى أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى انْفِرَادِهِ فَلَا يُمْنَعُ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ كَرِهَهُ) أَيْ حَرَّمَهُ. (قَوْلُهُ مَعَهُمَا سِلْعَةٌ) أَيْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمُصَاحِبَةَ لِلنَّقْدِ تُقَدَّرُ نَقْدًا (قَوْلُهُ بِتَنَافِي الْأَحْكَامِ) أَيْ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ وَقَوْلُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقٍ فِيهَا فَلَا يُعْلَمُ مَا يَنُوبُهُ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ، سَنَدُ هَذَا مِنْ بَابِ الْجَهَالَةِ لَا النَّسِيئَةِ فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ مَعَ الْقِيَامِ وَمَضَى مَعَ الْفَوَاتِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ اسْتَثْنَوْا صُورَتَيْنِ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ لِلْيَسَارَةِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ دِينَارًا وَاحِدًا كَشَاةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ، وَسَوَاءٌ تَبِعَ الْبَيْعُ الصَّرْفَ أَوْ الْعَكْسُ فَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِدَاعِيَةِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ كَشِرَاءِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَلَوْ سَاوَى الثِّيَابُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَعْطَاهُ مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ تَبَعِيَّةِ الْبَيْعِ لِلصَّرْفِ أَوْ مَتْبُوعِيَّتِهِ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا بِأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْعَرْضِ ثُلُثَ الدَّنَانِيرِ فَدُونَ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى مُرَاعَاةِ الثُّلُثِ فِي الِاتِّبَاعِ، وَقَوْلُهُ الْجَمِيعُ أَيْ ذُو الْجَمِيعِ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِخْبَارُ بِاسْمِ الذَّاتِ عَنْ اسْمِ الْمَعْنَى. (تَنْبِيهٌ) : كَمَا لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ مَعَ الصَّرْفِ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْقَرْضِ وَالنِّكَاحِ وَالشَّرِكَةِ وَالْجُعْلِ وَمِنْهُ الْمُغَارَسَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ وَاحِدٍ مَعَ الْآخَرِ (ص) وَسِلْعَةٌ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ إنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ السِّلْعَةُ أَوْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا أَوْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرُمَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ سِلْعَةٍ لِشَخْصٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ حَيْثُ تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعُ وَالدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ أَوْ تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ إلَّا إلَى مِثْلِ خِيَاطَتِهَا أَوْ بَعَثَ مَنْ يَأْخُذُهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ الدِّينَارُ أَوْ الدِّرْهَمَانِ وَعُجِّلَتْ السِّلْعَةُ وَالنَّقْدُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِهِ فِي الصَّرْفِ، وَأَنَّهُ مَقْصُودٌ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَمْ تَحْصُلْ فِيهِ مُنَاجَزَةٌ وَتَأْجِيلُ بَعْضِ السِّلْعَةِ كَتَأْجِيلِهَا كُلِّهَا. وَكَذَلِكَ تَأْجِيلُ بَعْضِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ كَتَأْجِيلِ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا إنْ تَعَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ لَمَّا عُجِّلَتْ عُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْبَيْعُ فَلَمْ يَكُنْ صَرْفًا مُسْتَأْخَرًا لَكِنْ حَيْثُ كَانَ الْأَجَلُ فِي النَّقْدَيْنِ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَيْ فَدُونَ، وَأَمَّا أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ حِينَئِذٍ مُرَاعًى بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ فَإِنَّهُمَا لِقِلَّتِهِمَا سُومِحَ فِيهِمَا وَعُلِمَ أَنَّ الصَّرْفَ غَيْرُ مُرَاعًى فَأُجِيزَ مَعَ تَأْجِيلِ النَّقْدَيْنِ مَعًا لِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ وَإِذَا جَازَ تَعْجِيلُ السِّلْعَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ مَعَ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِتَتْمِيمِ أَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا مَرَّ. (ص) كَدَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ بِالْمُقَاصَّةِ وَلَمْ يَفْضُلْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَيْ حَالَ التَّأْجِيلِ وَحَالَ النَّقْدِ يَعْنِي   [حاشية العدوي] لِاحْتِمَالِ إلَخْ لَا يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْجَهَالَةَ (قَوْلُهُ سَنَدٌ) هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ رَدًّا لَهُ أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ هَذَا مَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ يُفْسَخُ وَلَوْ فَاتَتْ ذَكَرَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ تَبِعَ الْبَيْعُ الصَّرْفَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ تَابِعًا لِلصَّرْفِ أَوْ الْعَكْسَ وَالتَّابِعُ الثُّلُثُ فَمَا دُونُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْيَسِيرِ مِثْلُ أَنْ يَصْرِفَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَيَعْجِزَ الدِّرْهَمُ أَوْ النِّصْفُ فَيَدْفَعَ لَهُ عَرْضًا بِقَدْرِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ الْوَاحِدِ تَابِعًا الثُّلُثَ فَأَقَلَّ وَمُنِعَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ تَابِعًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ بِاسْمِ الذَّاتِ وَهُوَ الدِّينَارُ (قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مُرَاعَاةِ الثُّلُثِ فِي الِاتِّبَاعِ) أَيْ فِي اتِّبَاعِ الْعُلَمَاءِ الثُّلُثُ لِمَا هُوَ أَكْثَرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ حَلَّى بِهِمَا لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ وَلَوْ قَالَ فِي التَّبَعِيَّةِ لَكَانَ أَوْضَحَ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ تَابِعًا وَقَوْلُهُ عَنْ اسْمِ الْمَعْنَى وَهُوَ الْجَمِيعُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْجَمِيعُ اسْمَ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ وَالْبَيْعُ وَالصَّرْفُ مَعْنَيَانِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْقَرْضِ إلَخْ) ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ يَخْتَصُّ بِأَحْكَامٍ تُخَالِفُ مَا اخْتَصَّ بِهِ غَيْرُهُ فَتَنَافَيَا (قَوْلُهُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ) أَيْ فَدُونَ، وَكَانَ الْأَوْلَى التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ مَا دُونَهُمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِخِفَّةِ أَمْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ) أَوْ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ فِي الدِّرْهَمَيْنِ وَمَا قَابَلَهُمَا مِنْ الدِّينَارِ وَدَيْنٍ بِدَيْنٍ فِي السِّلْعَةِ وَمَا قَابَلَهَا مِنْ الدِّينَارِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَبَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ) وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَكُنْ صَرْفًا مُسْتَأْخَرًا) وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ بَيْعُ مَا إذَا تَعَجَّلَ النَّقْدَيْنِ، وَتَأَخَّرَتْ السِّلْعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ كَالْجُزْءِ مِنْ النَّقْدَيْنِ كَانَ تَأْجِيلُهَا تَأْجِيلًا لِبَعْضِهِمَا، وَلَوْ تَقَدَّمَا مَعَ تَأْجِيلِهَا مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْأَجَلُ فِي النَّقْدَيْنِ وَاحِدًا) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ أَوْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ. (فَائِدَةٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسِلْعَةٌ إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّقْيِيدُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ قِيلَ لَهُ فَهَلْ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي أَفْرَادِهِ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَكْثَرُ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ إلَخْ) وَأَمَّا بَيْعُهَا بِدِينَارٍ إلَّا رُبُعَهُ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ نِصْفَهُ فَهُوَ جَائِزٌ نَقْدًا وَمُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا بَيْعًا مَحْضًا (قَوْلُهُ كَدَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ بِالْمُقَاصَّةِ) أَيْ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى عَلَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ بَقَاؤُهَا عَلَى مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الْعُدُولِ عَنْهُ قَالَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 إذَا تَعَدَّدَتْ السِّلَعُ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ تَقَاصَّا فِيهِ أَيْ أَسْقَطَا مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ حَيْثُ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ لَا يَفْضُلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَيْءٌ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِتَّةَ عَشَرَ ثَوْبًا كُلَّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَصَرْفُ الدِّينَارِ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ ثَمَنُ الْأَثْوَابِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ جَازَ أَيْضًا إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ تَعَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ مَعَ تَأَخُّرِ النَّقْدَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ لَا إنْ تَأَخَّرَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ أَوْ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (ص) وَفِي الدِّرْهَمَيْنِ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَفِي فَضْلِ الدِّرْهَمِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ كَكُلِّ ثَوْبٍ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَنِصْفَ ثُمُنِ دِرْهَمٍ أَوْ إلَّا دِرْهَمَانِ وَثُمُنُ دِرْهَمٍ. وَمَعْنَى كَذَلِكَ أَيْ كَمَسْأَلَةِ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَتُجْرَى عَلَى تَفْصِيلِهَا كَمَا مَرَّ وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ كَكُلِّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَرُبُعَ دِرْهَمٍ فَيَجُوزُ أَنْ تُعَجِّلَ الْجَمِيعَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي أَكْثَرَ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (ش) أَيْ وَالْحُكْمُ فِي فَضْلِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ كَائِنٌ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فَيَجُوزُ مَعَ التَّعْجِيلِ لَا مَعَ التَّأْجِيلِ فَقَوْلُهُ بِالْمُقَاصَّةِ أَيْ عَلَى شَرْطِهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا دَخَلَا عَلَيْهَا أَوَّلًا وَحَصَلَتْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَا تَنْفَعُ الْمُحَاسَبَةُ أَيْ الْمُقَاصَّةُ بَعْدَ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَا نَفْيَهَا فَيُمْنَعُ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَتَا عَنْهَا فَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ. وَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً دُونَ صَرْفِ دِينَارٍ إنْ كَانَ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَيْ أَوْ صَرْفِ دِينَارٍ فَلَا يَجُوزُ نَقْدًا وَلَا إلَى   [حاشية العدوي] الشَّيْخُ أَحْمَدُ. ثُمَّ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ دَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ، وَقَدْ مَثَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَيُنْظَرُ لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ هَلْ الْحُكْمُ الْجَوَازُ أَوْ لَا لِكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى كَثِيرًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ وَفِي عج الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ حَيْثُ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ وَفِي فَضْلِ الدِّرْهَمَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَالْحُكْمُ فِي فَضْلِ الدِّرْهَمَيْنِ كَائِنٌ مِثْلَ مَسْأَلَةِ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فِي الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ، وَذَلِكَ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْكَافَ اسْمٌ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ كَائِنٌ فِي فَضْلِ الدِّرْهَمَيْنِ. (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ وَصَرْفٌ حَقِيقَةً فَكَيْفَ شَبَّهَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى شَرْطِهَا) لَا حَاجَةَ لِجَعْلِ الْبَاءِ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ) أَيْ لَا الْفَاضِلَةُ الدِّرْهَمَ إلَخْ مِثَالُ الدِّرْهَمِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عِشْرِينَ ثَوْبًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا إلَّا نِصْفَ عُشْرِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ، وَكَانَ صَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمِثَالُ الدِّرْهَمَيْنِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عِشْرِينَ ثَوْبًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا إلَّا عُشْرَ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ فَالْمُسْتَثْنَى دِرْهَمَانِ، وَظَاهِرُ هَذَا إمْكَانُ الْمُقَاصَّةِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى الدِّرْهَمَيْنِ وَفِي عج أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ فَفِي بَيَانِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ هَذَا مُقْتَضَاهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَأَجَّلَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ الْمَنْعُ فَيَنْبَغِي هُنَا الْمَنْعُ حَيْثُ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مُؤَجَّلَةً فَقَطْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ هَذَا الْقَدْرُ الْيَسِيرُ مُسْتَثْنًى مِنْ دَنَانِيرَ صَارَ كَالْعَدَمِ فَسُومِحَ فِيهِ التَّعْجِيلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عج مِنْ جَرَيَانِهِ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَسِلْعَةٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِالْمُقَاصَّةِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا نَفْيَهَا مُنِعَ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ سَكَتَا عَنْهَا جَازَ مَعَ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ أَوْ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَنَقَصَ عَنْ دِينَارٍ جَازَ نَقْدًا فَقَطْ وَإِنْ كَانَ دِينَارًا أَوْ أَكْثَرَ امْتَنَعَ مُطْلَقًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً دُونَ صَرْفٍ إلَخْ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ عِشْرِينَ ثَوْبًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا إلَّا رُبُعَ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ فَالْمُسْتَثْنَى هُنَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ صَرْفِ الدِّينَارِ لِمَا فَرَضْنَاهُ مِنْ أَنَّ صَرْفَ كُلِّ دِينَارٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا (قَوْلُهُ إنْ كَانَ نَقْدًا) أَيْ الدَّرَاهِمُ نَقْدًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّنَانِيرُ نَقْدًا وَالْمُفَادُ مِنْ عج لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ وَسِلْعَةٌ بِدِينَارٍ. وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْفِيشِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا تَبَيَّنَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي الدِّرْهَمَيْنِ كَذَلِكَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْ أَوْ صَرْفِ دِينَارٍ أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ كَدَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ بِالْمُقَاصَّةِ وَلَمْ يَفْضُلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج يُجْرِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَكَانَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ عَلَى مَسْأَلَةِ وَسِلْعَةٌ بِدِينَارٍ إلَخْ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْفِيشِيِّ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ قَوْلُ عج؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِابْنِ عَرَفَةَ فَعَلَى كَلَامِ عج إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ أَوْ السِّلْعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَصِلْ إلَى دِينَارٍ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ وَالْأَحْسَنُ حَمْلُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا عَلَيْهِ فَنَقُولُ نَقْدًا أَيْ الْجَمِيعُ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى أَجَلٍ أَيْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ أَيْ مَعَ تَعْجِيلِ السِّلْعَةِ. وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ نَقْدًا أَيْ الْجَمِيعُ نَقْدًا وَقَوْلُهُ فَلَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 أَجَلٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) وَصَائِغٌ يُعْطِي الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ حَرُمَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَحَرُمَ مُعَاقَدَةُ صَائِغٍ وَقَوْلُهُ يُعْطِي الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ تَفْسِيرٌ لَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّخْصُ مِنْ الصَّائِغِ فِضَّةً بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ وَيَدْفَعَهَا لَهُ يَصُوغُهَا وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةَ عَنْ صِيَاغَتِهِ كَانَتْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يُرَاطِلَهُ الشَّيْءَ الْمَصُوغَ بِجِنْسِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَزِيدَهُ الْأُجْرَةَ وَالْحُكْمُ فِي الْأُولَى الْمَنْعُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ أُجْرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْحُكْمُ الْجَوَازُ إنْ لَمْ يَزِدْهُ أُجْرَةً فَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِنَقْدٍ مُخَالِفٍ لِنَقْدِ الصَّائِغِ جِنْسًا امْتَنَعَتْ الصُّورَةُ الْأُولَى وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ (ص) كَزَيْتُونٍ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ (ش) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ دَفْعُ زَيْتُونٍ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ لِيَأْخُذَ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ زَيْتًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَلَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ السِّمْسِمَ وَبِزْرَ الْفُجْلِ وَبِزْرَ الْكَتَّانِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ إذْ الْمَنْعُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ غَيْرِ يَدٍ بِيَدٍ إنْ كَانَ يُوَفِّيهِ مِنْ زَيْتِ مَا يَعْصِرُهُ وَلِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ حَيْثُ كَانَ يُوَفِّي لَهُ مِنْ زَيْتٍ حَاضِرٍ عِنْدَهُ عَاجِلًا. وَإِلَّا فَالْمَنْعُ لِمَا ذُكِرَ وَلِلنَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ (ص) بِخِلَافِ تِبْرٍ يُعْطِيهِ الْمُسَافِرُ وَأُجْرَتُهُ دَارُ الضَّرْبِ لِيَأْخُذَ زِنَتَهُ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لِأَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ تِبْرًا لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ زِنَتَهُ مَضْرُوبًا ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَشَقَّةِ حَبْسِ رَبِّهَا وَخَوْفِهِ أَرَاهُ خَفِيفًا لِلْمُضْطَرِّ وَذِي الْحَاجَةِ ابْنُ رُشْدٍ خَفَّفَهُ مَالِكٌ فِي دَارِ الضَّرْبِ لِمَا ذُكِرَ، وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا لِخَوْفِ النَّفْسِ الْمُبِيحِ لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَإِلَى تَصْوِيبِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَنْعَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ (ش) مُحَمَّدٌ رَوَى أَشْهَبُ إنَّمَا كَانَ هَذَا حِينَ كَانَ الذَّهَبُ لَا نَقْشَ فِيهِ وَالسِّكَّةُ وَاحِدَةً وَالْيَوْمُ فِي كُلِّ بَلَدٍ سِكَّةٌ زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَلَا يَجُوزُ. (ص) وَبِخِلَافِ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي بَيْعٍ وَسُكَّا وَاتَّحَدَتْ وَعُرِفَ الْوَزْنُ وَانْتُقِدَ الْجَمِيعُ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَإِلَّا فَلَا (ش) هَذَا مِمَّا أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ دِرْهَمًا لِآخَرَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِنِصْفِهِ طَعَامًا أَوْ فُلُوسًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِضَّةٌ وَذَكَرَ لِجَوَازِ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] يَجُوزُ نَقْدٍ أَوَّلًا إلَى أَجَلٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَدَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ إلَخْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُقَاصَّةِ فَالسُّكُوتُ يَضُرُّ (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ لَهُ) أَيْ لِلْمُعَاقَدَةِ بِمَعْنَى الْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ امْتَنَعَتْ الصُّورَةُ الْأُولَى) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ، وَقَوْلُهُ وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ أَيْ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَكَوْنِهِ يَدًا بِيَدٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ إعْطَاءُ زِنَتِهِ (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ) هَذَا يَأْتِي عَلَى الصُّورَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَبِزْرُ الْكَتَّانِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُوَفِّيهِ مِنْ زَيْتِ مَا يَعْصِرُهُ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يَجْمَعُ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ وَيَعْصِرُ الْجَمِيعَ فَالْجَائِزُ إنَّمَا هُوَ عَصْرُهُ لَهُ وَحْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوَفِّ لَهُ مِنْ زَيْتٍ حَاضِرٍ عِنْدَهُ أَيْ بَلْ مِنْ زَيْتِ مَا يَعْصِرُهُ مِنْ غَيْرِ زَيْتُونِهِ تَحْقِيقًا وَقَوْلُهُ فَالْمَنْعُ لِمَا ذُكِرَ أَيْ وَهُوَ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تِبْرٍ) وَمِثْلُهُ مَسْكُوكُ سِكَّةٍ لَا تَرُوجُ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ لِلشِّرَاءِ بِهَا كَسِكَّةِ غَرْبٍ بِمِصْرَ وَالْحِجَازِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ دَارُ الضَّرْبِ) أَيْ أَهْلُ دَارِ الضَّرْبِ، وَالظَّاهِرُ لَا مَفْهُومَ لَهُ خِلَافًا لِمَنْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِأَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ، وَأَمَّا الْمَصُوغُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَيُرِيدُ بَدَلَهُ نَقْدًا فَاسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حُرْمَةُ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ خَرَجَتْ مَسْأَلَةُ التِّبْرِ مَعَ الْمُسَافِرِ لِضَرُورَةِ سَفَرِهِ فَهِيَ كَالرُّخْصَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَصُوغَ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ وَذِي الْحَاجَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُضْطَرِّ ذُو الْحَاجَةِ قَالَ شب وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ خَفَّفَهُ مَالِكٌ فِي دَارِ الضَّرْبِ لِمَا ذُكِرَ (وَأَقُولُ) وَيَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ جَوَازُ فِعْلِ أَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ مَعَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَخْ) ضَعِيفٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ رَوَى أَشْهَبُ) أَيْ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَالسِّكَّةُ وَاحِدَةٌ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَفِي كُلِّ بَلَدٍ سِكَّةٌ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَعَدُّدِ السِّكَّةِ، وَأَمَّا النَّقْشُ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فَلَوْ قَالَ حَيْثُ كَانَتْ السِّكَّةُ وَاحِدَةً لَكَانَ أَوْضَحَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَفِي كُلِّ بَلَدٍ سِكَّةٌ أَيْ بِنَقْشٍ أَيْ مُخْتَلِفٍ فِي السِّكَّةِ وَالْمَعْنَى وَحَيْثُ كَانَتْ السِّكَّةُ مُتَعَدِّدَةً فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الضَّرْبُ فِي هَذِهِ الْبَلَدِ تَيَسَّرَ لَهُ فِي الْبَلَدِ الذَّاهِبِ إلَيْهَا. وَأَقُولُ وَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَوْضِعٌ يَتَيَسَّرُ لَهُ فِيهِ الضَّرْبُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ دِرْهَمٍ) أَيْ شَرْعِيٍّ أَوْ مَا يَرُوجُ رَوَاجَهُ زَادَ وَزْنُهُ عَنْهُ أَوْ نَقَصَ كَثَمَنِ رِيَالٍ إذْ لَيْسَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ دِرْهَمٌ شَرْعِيٌّ يُتَعَامَلُ بِهِ فِي شِرَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ سَبْعَةٌ كَوْنُ الْمُبَاعِ دِرْهَمًا وَالْمَرْدُودِ نِصْفَهُ وَفِي بَيْعٍ وَسِكَّةٍ وَاتَّحَدَتْ وَعُرِفَ الْوَزْنُ وَانْتُقِدَ الْجَمِيعُ وَفِي عب فَالِانْتِقَادُ قَيْدٌ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفُلُوسِ أَيْ كَلَحْمٍ وَذَكَرَ ضَمِيرَهُ لِعَوْدِهِ عَلَى جَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَهُوَ يَعُودُ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ مُفْرَدًا مُذَكَّرًا وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا جَمَعَ شب. (قَوْلُهُ وَعُرِفَ الْوَزْنُ) لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الشَّرْطَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَرْتَضِيَا الشَّرْطَيْنِ (قَوْلُهُ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ) هَذِهِ النُّسْخَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ إلَّا إذَا تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ وَمَسْأَلَةُ كَدِينَارٍ إلَخْ يَجُوزُ عِنْدَ تَعْجِيلِهَا أَوْ تَعْجِيلِ السِّلْعَةِ فَلِذَلِكَ صَوَّبَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ فَقَالَ وَإِلَّا فَلَا كَدِينَارٍ وَدِرْهَمَيْنِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الدِّينَارِ وَلَا فِي الدِّرْهَمَيْنِ، وَصُورَةُ الرَّدِّ فِي الدِّينَارِ أَنْ يَدْفَعَهُ وَيَأْخُذَ نِصْفَهُ ذَهَبًا وَبِنِصْفِهِ غَيْرَهُ وَالرَّدُّ فِي الدِّرْهَمَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 شُرُوطًا وَإِلَّا الْأَصْلُ الْمَنْعُ فِي الرَّدِّ فِي الدِّرْهَمِ لِكَوْنِهِ بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَ أَحَدِهِمَا سِلْعَةٌ فَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ النِّصْفَ فَدُونَ لِيُعْلَمَ أَنَّ الشِّرَاءَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَلَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ، وَيَأْخُذَ نِصْفًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَدْفَعَ ثَلَاثَةً وَيَأْخُذَ نِصْفًا، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ لَا قَبْلَهُ كَدَفْعِهِ لَهُ نَعْلًا أَوْ دَلْوًا يُصْلِحُهُ وَدَفَعَ لَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا وَرَدَّ عَلَيْهِ صَغِيرًا وَتَرْكُ شَيْئِهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَصْنَعَهُ. وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهِ انْتِقَادَ الْجَمِيعِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ وَالْمَدْفُوعُ مَسْكُوكَيْنِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ مُتَّحِدَةً بِأَنْ يَقَعَ التَّعَامُلُ بِالدِّرْهَمِ وَبِالنِّصْفِ الْمَرْدُودِ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ التَّعَامُلِ بِالْآخَرِ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَدْفَعَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِنْ سِكَّةٍ لَا يَتَعَامَلُ بِهَا فَلَوْ قَالَ وَتُعُومِلَ بِهِمَا لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاتِّحَادِهِمَا كَوْنَهُمَا سِكَّةَ سُلْطَانٍ وَاحِدٍ أَوْ مَمْلَكَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ قَدْ عُرِفَ الْوَزْنُ فِيهِمَا بِأَنْ يَكُونَا فِي الرَّوَاجِ هَذَا دِرْهَمٌ وَهَذَا نِصْفُهُ. وَلَوْ كَانَ الْوَزْنُ مُخْتَلِفًا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَةِ الضَّرُورَةُ فَحَيْثُ جَرَى النَّفَاقُ هَكَذَا وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ لَمْ يَضُرَّ وَكَذَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْجُودَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ جَهْلِ الْأَوْزَانِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَقِدَ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ بِنِصْفِ الدِّرْهَمِ أَوْ الْفُلُوسِ الْمَأْخُوذَةِ بِنِصْفِهِ وَالدِّرْهَمُ الْكَبِيرُ وَالنِّصْفُ الْمَرْدُودُ كَمَسْأَلَةِ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ حَيْثُ تَجُوزُ مَسْأَلَتُهُ إذَا اُنْتُقِدَ فِيهَا الْجَمِيعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّقْدَيْنِ إذَا تَأَجَّلَا وَتَعَجَّلَتْ السِّلْعَةُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ عَدَمُ الْجَوَازِ. وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ بِالشُّرُوطِ لِلضَّرُورَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ تُشْتَرَطْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ فَلَا تَجُوزُ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ بِأَنْ وَقَعَ الرَّدُّ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ رَدَّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفٍ أَوْ فِي غَيْرِ بَيْعٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَفِي قَرْضٍ كَأَنْ يَدْفَعَ لَهُ عَنْ دِرْهَمٍ عِنْدَهُ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَعَرْضًا مَثَلًا، وَهَذَا عِنْدَ الِاقْتِضَاءِ وَمِثَالُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنْ يَدْفَعَ شَخْصٌ لِآخَرَ دِرْهَمًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتَرِضَ نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْآنَ نِصْفَهُ فِضَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَيَكُونَ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ بِوَقْتٍ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْمَنْعُ فِيمَا إذَا دَفَعَ شَخْصٌ لِآخَرَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ صَدَقَةً، وَيَدْفَعُ لَهُ نِصْفَهُ فِضَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ لَمْ يَسُكَّ أَحَدَهُمَا أَوْ لَمْ تَتَّحِدْ سِكَّتُهُمَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْوَزْنَ عَلَى مَا مَرَّ (ص) وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ بَعْدَهُ لِعَيْبِهِ لَا لِعَيْبِهَا وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا أَوْ إنْ عُيِّنَتْ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الصَّرْفِ لَا يَرُدُّهَا آخِذُهَا لِأَجْلِ وُجُودِ عَيْبٍ بِهَا وَيَرُدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ لِأَجْلِ وُجُودِ عَيْبٍ بِهِ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ الزِّيَادَةُ لَا تُرَدُّ لِعَيْبِهَا سَوَاءٌ عُيِّنَتْ أَمْ لَا أَوْجَبَهَا الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِيهَا خِلَافٌ لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ أَوْ لَا تُرَدُّ الزِّيَادَةُ لِعَيْبِهَا إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ فَتُرَدُّ لِعَيْبِهَا فَهُوَ وِفَاقٌ لِلْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا الْقَابِسِيُّ وَمَعْنَى إيجَابِهَا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ نَقَصْتَنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ لَا تُرَدُّ الزِّيَادَةُ لِعَيْبِهَا إنْ عُيِّنَتْ كَهَذَا الدِّرْهَمِ وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ كَأَزِيدُكَ دِرْهَمًا رَدَّهَا فَهُوَ وِفَاقٌ أَيْضًا لِلْمَوَّازِيَّةِ فَقَوْلُهُ أَوْ إنْ عُيِّنَتْ عَطْفٌ عَلَى مُطْلَقًا وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا لَكَانَ أَظْهَرَ إذْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَا لِعَيْبِهَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ وَهَلْ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ   [حاشية العدوي] ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَ أَحَدِهِمَا سِلْعَةٌ) مَبِيعَةٌ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ أَيْ وَالسِّلْعَةُ تُقَدَّرُ مِنْ جِنْسِ مَا صَاحَبَتْهُ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَيْعِ أَعَمَّ مِنْ بَيْعِ الذَّاتِ وَبَيْعِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ وَعَجَّلَ الصَّانِعُ نِصْفَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ أَيْ وَلَمْ يَدْخُلَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى دَفْعِ الدِّرْهَمِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ أَوْ مَمْلَكَةٌ وَاحِدَةٌ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِيهَا السَّلَاطِينُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَزْنُ مُخْتَلِفًا) أَيْ وَزْنُ كُلٍّ مِنْ النِّصْفِ وَالدِّرْهَمِ مُخْتَلِفًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ يَتَفَاوَتُ فِي الْوَزْنِ وَكَذَا النِّصْفُ وَلَكِنْ الرَّوَاجُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ) أَيْ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الدِّرْهَمِ أَوْ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ جَهْلٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ لَمْ يَضُرَّ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْجَوْدَةِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ تَجُوزُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَخْ أَيْ فِي صُورَةٍ فَقَطْ وَهُوَ مَا إذَا انْتَقَدَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّقْدَيْنِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَانْتَقَدَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُرِيدُ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فِي الْجَوَازِ وَلَا يُنْقَضُ الصَّرْفُ فَتِلْكَ الزِّيَادَةُ كَالْهِبَةِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّرْفِ وَلَا صَرْفٍ مُسْتَأْنَفٍ (قَوْلُهُ بَعْدَهُ إلَخْ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعَقْدِ تُرَدُّ لِعَيْبِهِ وَعَيْبِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى إيجَابِهَا أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ نَعَمْ أَزِيدُك وَأَوْلَى إذَا اجْتَمَعَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَنَا أَزِيدُك وَعَدَمُ إيجَابِهَا كَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى دَفْعِهَا عَقِبَ قَوْلِ الْآخَرِ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِطَلَبِ زِيَادَةٍ وَلَا نُطْقِ الْآخَرِ بِأَزِيدُكَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مُطْلَقًا إلَخْ) وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ عَطْفُهُ عَلَى أَوْ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا مِنْ حَيْثُ الْمُنَاسَبَةُ مِنْ أَنَّهَا إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لَا مُطْلَقًا بَلْ يُفَصَّلُ فَيُقَالُ مَحَلُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَظْهَرَ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ مُطْلَقًا إلَى التَّأْوِيلِ بِالْخِلَافِ، وَأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ رَدِّ الزِّيَادَةِ لِعَيْبِهَا عَلَى أَيِّ حَالٍ وَأَشَارَ لِلْوِفَاقِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا وَثَانِيهمَا بِقَوْلِهِ أَوْ إنْ عُيِّنَتْ وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَا يَنْقُضُ الصَّرْفَ مِنْ افْتِرَاقِ الْمُتَصَارِفَيْنِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا يَطْرَأُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَقَالَ (ص) وَإِنْ رَضِيَ بِالْحَضْرَةِ بِنَقْصِ وَزْنٍ أَوْ بِكَرَصَاصٍ بِالْحَضْرَةِ أَوْ رَضِيَ بِإِتْمَامِهِ أَوْ بِمَغْشُوشٍ مُطْلَقًا صَحَّ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَإِنْ طَالَ نُقِضَ إنْ قَامَ بِهِ كَنَقْصِ الْعَدَدِ وَهَلْ مُعَيَّنُ مَا غُشَّ كَذَلِكَ أَوْ يَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ تَرَدُّدٌ (ش) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَيْبَ إمَّا نَقْصُ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ مَغْشُوشٌ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةٍ وَلَا طُولٍ جَازَ الرِّضَا بِهِ وَبِالْبَدَلِ فِي الْجَمِيعِ، وَيُجْبَرُ عَلَى إتْمَامِ الْعَقْدِ مَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ فَإِنْ عُيِّنَتْ فَلَا جَبْرَ وَإِنْ كَانَ اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ فَلَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْضِ فِيهِ سَوَاءٌ قَامَ بِهِ أَوْ رَضِيَ بِهِ. وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ بِهِ نَقْصَ الْوَزْنِ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا، وَإِنْ قَامَ بِهِ نَقْضٌ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ كَهَذَا الدِّينَارِ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ طَرِيقَةٌ أَنَّ الْمَذْهَبَ كُلَّهُ عَلَى إجَازَةِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَفِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ فَلَمْ يَزَلْ مَقْبُوضًا إلَى وَقْتِ الْبَدَلِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ وَذِمَّةُ أَحَدِهِمَا مَشْغُولَةٌ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهُمَا النَّقْضُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَ أَيْ وَاجِدُ الْعَيْبِ بِالْعَيْبِ بِالْحَضْرَةِ أَيْ حَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ وَالْمُرَادُ بِالْحَضْرَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةُ بَدَنٍ وَلَا طُولٌ وَالْكَافُ فِي كَرَصَاصٍ أَدْخَلَتْ النُّحَاسَ وَالْحَدِيدَ وَالْقَصْدِيرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذِكْرِ الْحَضْرَةِ فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُهَا بِهِ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِإِتْمَامِهِ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَيْ أَوْ رَضِيَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِدَ الْعَيْبِ أَوْ غَيْرَهُ بِإِتْمَامِ الْعَقْدِ فَيَشْمَلُ تَبْدِيلَ الرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْإِزَالَةُ   [حاشية العدوي] ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا أَوْ مَحَلُّ ذَلِكَ إنْ عُيِّنَتْ. [مَا يَطْرَأُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ] (قَوْلُهُ بِالْحَضْرَةِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي بِخِلَافِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِنَقْصِ وَزْنٍ فَلَمْ يَلْزَمْ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ بِنَقْصِ وَزْنٍ) أَيْ أَوْ عَدَدٍ وَالْأَوْلَى قَدْرٍ لِيَشْمَلَهُمَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْوَزْنَ وَقَابَلَهُ بِالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْمَغْشُوشِ عَيَّنَ أَنَّهُ كَنَّى بِنَقْصِ الْوَزْنِ عَنْ النَّقْصِ الْحِسِّيِّ فَشَمَلَ نَقْصَ الْعَدَدِ وَبِالرَّصَاصِ وَشَبَهِهِ عَنْ النَّقْصِ الْمَعْنَوِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ إلَخْ) فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ هُنَا مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ صَحَّ الْعَقْدُ وَالْجَبْرُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ أَشَارَ لِبَيَانِهِ بِقَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ بِالْحَضْرَةِ أَيْ حَضْرَةِ الْعَقْدِ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ يُفَسِّرُ الطُّولَ بِأَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بَدَنٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ أَوْ بَعْدَ طُولٍ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةُ بَدَنٍ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ) أَيْ أَوْ قَزْدِيرٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْمُشَارَ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِكَرَصَاصٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ) أَيْ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الطُّولُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَغْشُوشِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِ وَنَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَنَّ غَيْرَ نَقْصِ الْعَدَدِ قَبْضٌ، وَهُوَ الْعِوَضُ بِتَمَامِهِ فَكَانَ لَهُ الرِّضَا بِهِ مُطْلَقًا كَسَائِرِ الْعُيُوبِ بِخِلَافِ نَقْصِ الْقَدْرِ فَإِنَّ الْعِوَضَ بِتَمَامِهِ لَمْ يُقْبَضْ فَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الرِّضَا بِهِ الْحَضْرَةَ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ فَيُؤَدِّي لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ ثُمَّ لَا يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ تَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ أَوْ الْمُفَارَقَةِ فَقَدْ افْتَرَقَا وَلَيْسَ فِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّعْيِينُ فِي الْمُعَيَّنِ بِذَاتِهِ أَقْوَى مِنْ تَعْيِينِ غَيْرِهِ بِالْقَبْضِ وَقَوْلُهُ الْمُعَيَّنُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ إحْدَاهُمَا فَالرَّاجِحُ النَّقْضُ إنْ قَامَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ طَالَ نَقْضٌ إنْ قَامَ بِهِ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ طَرِيقَانِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّرَدُّدِ الطُّرُقَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَ وَاجِدُ الْعَيْبِ بِالْحَضْرَةِ إلَخْ) يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَضْرَةِ حَضْرَةُ الْعَقْدِ، وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْحَضْرَةَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَضْرَةَ الْعَقْدِ. وَقَالَ إنَّمَا أَعَادَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُهَا بِهِ وَيَرُدُّهُ أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَهَا فِي قَوْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِإِتْمَامِهِ وَفِي قَوْلِهِ أَوْ بِمَغْشُوشٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهَا ثَانِيًا آذَنَ بِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ فِي الْكُلِّ إذْ لَا فَارِقَ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الْأُولَى حَضْرَةَ الِاطِّلَاعِ وَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهَا قَدْ تَبْعُدُ مِنْ حَضْرَةِ الْعَقْدِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ حَضْرَةُ الِاطِّلَاعِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَضْرَةِ) هَذَا يَأْتِي سَوَاءٌ فَسَّرْنَا الْحَضْرَةَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ حَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ (قَوْلُهُ اخْتِصَاصُهَا) أَيْ الْحَضْرَةِ، وَقَوْلُهُ بِهِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ بِهَا أَيْ بِإِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِدُ الْعَيْبِ) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ رَبُّ الْمَعِيبِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَالَ لَا أُبَدِّلُ الْمَعِيبَ. (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ تَبْدِيلَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ أَرَدْنَا بِالْإِتْمَامِ إتْمَامَ الْعَقْدِ شَمَلَ تَبْدِيلَ الرَّصَاصِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْعَدَدِ لَمْ يَشْمَلْ تَبْدِيلَ الرَّصَاصِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْإِزَالَةُ أَيْ أَوْ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِلْعَيْبِ وَيُفَسَّرُ إتْمَامُهُ بِإِزَالَتِهِ فَشَمَلَ تَبْدِيلَ الرَّصَاصِ فَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ فَيَشْمَلُ إلَخْ عَنْ الْأَمْرَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَاصِلَ الْبَحْثِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ شَامِلٌ لِرَبِّ السَّلِيمِ وَرَبِّ الْمَعِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَنَقُولُ كَذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنْ يُبَدِّلَ لَهُ النَّقْصَ شَامِلٌ لِرَبِّ الْعَيْبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَرَبِّ السَّلِيمِ بِأَنَّ الْمَعْنَى رَضِيَ رَبُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 بِأَنْ يُبَدِّلَ لَهُ النَّاقِصَ وَالرَّصَاصَ وَالْمَغْشُوشَ وَيُكْمِلَ لَهُ الْعَدَدَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ لَا بِالْحَضْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَوْضُوعِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ أَيْ وَأُجْبِرَ الْآبِي لِلْإِتْمَامِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورِ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ أَوْ عَلَى عَيْنِ مَا وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ مِنْهُمَا. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ تَعْيِينَ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ كَتَعْيِينِهِمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ قَدْ يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْيِينُ فِي الْعِوَضِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِيهِ الْعَيْبُ مَعَ أَنَّهُ يُجْبَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْبَدَلِ فَإِذَا وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى عَيْنِ الذَّهَبِ وَلَمْ تُعَيَّنْ الْفِضَّةُ، وَوَجَدَ الْعَيْبَ فِي الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَدَلِ الْعَيْبِ مَنْ أَبَى بَدَلَهُ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ أَيْ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ أَوْ حَصَلَ افْتِرَاقٌ وَلَوْ بِالْقُرْبِ وَقَوْلُهُ نَقَضَ هُوَ كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ إنْ قَامَ بِهِ أَيْ إنْ قَامَ وَاجِدُ الْعَيْبِ بِهِ أَيْ بِالْعَيْبِ أَيْ بِحَقِّهِ فِي الْعَيْبِ وَهُوَ تَبْدِيلُ نَاقِصِ الْوَزْنِ وَالنُّحَاسِ وَالْمَغْشُوشِ وَتَتْمِيمِ الْعَدَدِ النَّاقِصِ أَيْ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْقِيَامِ يَنْقُضُ الصَّرْفَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَنْقُضُ الصَّرْفَ إلَّا إذَا قَامَ بِهِ وَأَخَذَ الْبَدَلَ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا إنْ أَرْضَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ إبْدَالٍ فَإِنَّ الصَّرْفَ لَا يُنْقَضُ، وَقَوْلُهُ كَنَقْصِ الْعَدَدِ تَشْبِيهٌ فِي النَّقْضِ بَعْدَ الطُّولِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غُشَّ أَيْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعْيِينُ مِنْ إحْدَاهُمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيُنْتَقَضُ إنْ قَامَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا (ص) وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرُ مِنْهُ لَا الْجَمِيعُ (ش) أَيْ حَيْثُ حَصَلَ النَّقْضُ لِلصَّرْفِ، وَكَانَ فِي الدَّنَانِيرِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَكَانَتْ السِّكَّةُ مُتَّحِدَةً فِي النَّفَاقِ وَالرَّوَاجِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَيَنْتَقِضُ الصَّرْفُ فِي الْأَصْغَرِ وَلَا يَتَجَاوَزُ الْأَكْبَرَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوجِبَ النَّقْضِ تَعَدِّي الصَّغِيرِ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ لِأَكْبَرَ مِنْهُ فَيَنْتَقِلُ النَّقْضُ إلَيْهِ. وَهَكَذَا لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ لَا تُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى إبْقَاءِ الْأَصْغَرِ وَنَقْضِ الْأَكْبَرِ وَيُكْمِلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ اسْتَحَقَّ النَّقْضَ فَيُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَقَوْلُهُ لَا الْجَمِيعُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ لَكِنْ صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (ص) وَهَلْ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ دِينَارٍ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ فَسْخُ أَصْغَرِ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرَ مِنْهُ دُونَ فَسْخِ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بَلْ جَعَلُوا الْكُلَّ فِي مُقَابَلَةِ الْكُلِّ فَيُنْتَقَضُ الْجَمِيعُ تَرَدُّدٌ أَيْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي السِّكَّةِ الْمُتَّحِدَةِ النَّفَاقُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ يُفْسَخُ فِي السِّكَكِ أَعْلَاهَا أَوْ الْجَمِيعُ قَوْلَانِ (ش) الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَيْبَ إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ دَافِعِ الدَّرَاهِمِ الْمَرْدُودَةِ فَهُوَ مُدَلِّسٌ إنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ أَوْ مُقَصِّرٌ فِي الِانْتِقَادِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَأُمِرَ بِرَدِّ أَجْوَدِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ   [حاشية العدوي] السَّلِيمِ أَنْ يُبَدِّلَ لَهُ رَبُّ الْمَعِيبِ النَّقْصَ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أَرَادَ فَسْخَهُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُبَدِّلَ لَهُ النَّاقِصَ وَالرَّصَاصَ وَالْمَغْشُوشَ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ وَالْمَغْشُوشَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِإِتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَسِيمَهُ مُتَعَلِّقَانِ بِهِ أَيْضًا أَيْ كَنَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ وَالنُّحَاسِ وَشَبَهِهِ (قَوْلُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَشْمَلُ تَعْيِينَهُمَا مَعًا، وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وعج سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْطُوقَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ وَهُمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنَا أَوْ عَيَّنَ السَّلِيمَ دُونَ الْمَعِيبِ، وَمَفْهُومُهُ صُورَتَانِ أَيْضًا أَنْ يُعَيِّنَا عِنْدَ الْعَقْدِ كَهَذَا الدِّينَارِ بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ يُعَيِّنُ مَا وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ (قَوْلُهُ وَالْمَغْشُوشِ) هُوَ مَا خُلِطَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كَامِلٌ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي وَاحِدٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَوْضُوعِ أَيْ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ بِالْحَضْرَةِ. (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي النَّقْضِ) أَيْ أَنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ بَعْدَ الطُّولِ أَوْ الْمُفَارَقَةِ مُوجِبٌ لِنَقْضِ الصَّرْفِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى النَّقْصِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا إذَا وَقَعَ نِسْيَانٌ أَوْ غَلَطٌ أَوْ سَرِقَةٌ مِنْ الصَّرَّافِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ يَسِيرًا كَدِرْهَمٍ وَدَانَقٍ أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ نُقِضَ) الصَّرْفُ أَيْ بَعْضُهُ لَا كُلُّهُ لِعَدَمِ الْتِئَامِهِ مَعَ قَوْلِهِ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ السِّكَّةُ مُتَّحِدَةً فِي النَّفَاقِ وَالرَّوَاجِ) عَطْفُ النَّفَاقِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ اخْتَلَفَ صَاحِبُهَا وَزَمَنُهَا كَسَلِيمٍ وَسَلِيمَانِ أَوْ اتَّفَقَ أَحَدُهُمَا كَسِكَّةٍ عُثْمَانِيٍّ وَتَتَرٍ حَيْثُ اتَّفَقَ رَوَاجُهُمَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ وَمَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ اتَّفَقَا كَسُكْنَى سُلْطَانٍ بِمَمْلَكَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّغِيرَ اسْتَحَقَّ النَّقْضَ) تَوْضِيحُهُ مَثَلًا لَوْ كَانَ دَفَعَ لَهُ مَحْبُوبًا وَنِصْفَ مَحْبُوبٍ وَبُنْدُقِيًّا وَقَدْرَ صَرْفِ الْمَحْبُوبِ بِمِائَةٍ وَنِصْفُهُ بِخَمْسِينَ وَالْبُنْدُقِيُّ بِمِائَتَيْنِ فَوَجَدَ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ زُيُوفًا خَمْسِينَ فَيُنْتَقَضُ النِّصْفُ مَحْبُوبٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَحَقَّ النَّقْضَ فَلَوْ أَرَادَ دَافِعُ الذَّهَبِ رَدَّ الْمَحْبُوبَ إلَيْهِ، وَيَدْفَعُ لِدَافِعِ الدَّرَاهِمِ خَمْسِينَ نِصْفًا، وَيَبْقَى نِصْفُ الْمَحْبُوبِ بِيَدِ دَافِعِ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ أَنَّ دَافِعَ الذَّهَبِ بَاعَ نِصْفَ الْمَحْبُوبِ وَالْخَمْسِينَ فِضَّةً الَّتِي رَدَّهَا بِذَهَبٍ وَهُوَ الْمَحْبُوبُ (قَوْلُهُ فَأَكْبَرَ مِنْهُ) أَيْ فَيُنْتَقَضُ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ فَيَنْتَقِلُ إلَخْ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ فَيَنْتَقِلُ النَّقْضُ إلَخْ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَيْخُنَا سَلْمُونِيٌّ. (قَوْلُهُ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ مُخْتَلِفَةً كَانَتْ الْأَغْرَاضُ مُخْتَلِفَةً فَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ فِي وَاحِدٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَوَجَبَ فَسْخُ الْجَمِيعِ وَلَوْ زَادَ مَا فِيهِ الْعَيْبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ صَرْفِ الْأَعْلَى وَهُنَاكَ مُتَوَسِّطٌ كَبِيرٌ وَأَدْنَى صَغِيرٌ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الْمُتَوَسِّطُ دُونَ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْأَدْنَى وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. (تَنْبِيهٌ) : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَخْ (ص) وَشُرِطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةٌ وَتَعْجِيلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْبَدَلِ حَيْثُ أُجِيزَ أَوْ وَجَبَ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الْجِنْسِيَّةُ وَالتَّعْجِيلُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْجِنْسِيَّةُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ قِطْعَةِ ذَهَبٍ بَدَلَ دِرْهَمٍ زَائِفٍ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى أَخْذِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ وَلَا أَخْذِ عَرْضٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى دَفْعِ ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ وَعَرْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ يَسِيرًا فَيُغْتَفَرُ اجْتِمَاعُهُ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَاشْتُرِطَ التَّعْجِيلُ لِلسَّلَامَةِ عَنْ رِبَا النَّسَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ النَّوْعِيَّةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرُدَّ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ أَوْزَنَ أَوْ أَنْقَصَ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْحَضْرَةِ وَيَجُوزُ فِيهَا الرِّضَا بِأَنْقَصَ وَأَرْدَأَ. وَلَمَّا كَانَ الطَّارِئُ عَلَى الصَّرْفِ عَيْبًا أَوْ اسْتِحْقَاقًا وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ سُكَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ أَوْ مَصُوغٍ مُطْلَقًا نُقِضَ، وَالْأَصَحُّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ بِمَسْكُوكَيْنِ أَوْ بِمَسْكُوكٍ وَمَصُوغٍ فَاسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الطُّولِ مِنْ غَيْرِ افْتِرَاقِ أَبْدَانٍ فَإِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ يُنْقَضُ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَصُوغًا انْتَقَضَ عَقْدُ الصَّرْفِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَسْكُوكًا بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ صَحَّ عَقْدُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يُجْبِرُ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَبَى مِنْهُمَا، وَأَمَّا صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي الْمُعَيَّنِ فَمُقَيَّدَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ تَرَاضَيَا بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَى مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا أَطْلَقَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ مُعَيَّنٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا تَرَدُّدٌ فَإِنَّ التَّرَدُّدَ فِيهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى وَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ إتْمَامَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ (ص) وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفَ (ش) أَيْ وَلِلْمُسْتَحِقِّ لِلْمَصُوغِ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ إجَازَةُ الصَّرْفِ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ وَلَهُ نَقْضُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْ مَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بِأَنَّ مَنْ صَارَفَهُ مُتَعَدٍّ قَالَهُ   [حاشية العدوي] أَيْ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ) قَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ ابْنِ يُونُسَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ كَانَتْ الْأَغْرَاضُ مُخْتَلِفَةً) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوَدُّ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ الرَّائِجُ الَّذِي يَرْغَبُ فِي التَّعَامُلِ بِهِ كَمَحْبُوبٍ فِي زَمَانِنَا مَعَ زنجرلي فَإِنَّ الْمَحْبُوبَ يُرْغَبُ فِيهِ دُونَ الزنجرلي (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ فِي وَاحِدٍ) وَهُوَ الرَّائِجُ (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ شَامِلًا لِإِتْمَامِ النَّقْصِ، وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ الْبَدَلَ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ جِنْسِيَّةٌ) أَيْ نَوْعِيَّةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جِنْسَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاحِدٌ وَهُوَ النَّقْدُ. (قَوْلُهُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ) وَذَلِكَ لِأَنَّ دَافِعَ الذَّهَبِ إذَا أَخَذَ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَذَلِكَ تَفَاضُلٌ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ الَّتِي مَعَ الْقِطْعَةِ الذَّهَبِ تُقَدَّرُ ذَهَبًا فَقَدْ بَاعَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَكْثَرَ مِنْهُ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ تَفَاضُلًا مَعْنَوِيًّا صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ مُحَشِّي تت، وَأَمَّا التَّفَاضُلُ الْحِسِّيُّ فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ النَّوْعِيَّةِ) الْأَوْلَى وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الصِّنْفِيَّةِ (قَوْلُهُ سُكَّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهَا وَالشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَصُوغٌ مُطْلَقًا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَوْنُ غَيْرِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا بِالْحَضْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ فَلِمَ لَا يُقَالُ بِجَوَازِهِ وَكَانَ الصَّرْفُ وَقَعَ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ إنَّ أَخْذَ عِوَضِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ بِمِثْلِ مَنْ عَقَدَ وَوُكِّلَ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ يُنْقَضُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ إذْ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا عُيِّنَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ كَيْفَ يَتَأَتَّى عَدَمُ التَّعْيِينِ فِي الْمَصُوغِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (وَأَقُولُ) وَكَذَا قَوْلُ شَارِحِنَا وَالْمَصُوغُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ إلَخْ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ نَادِرُ الْوُقُوعِ فَلِذَا خُيِّرَ بِخِلَافِ الْعَيْبِ فِي الْمُعَيَّنِ إذْ الضَّرَرُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ أَقْوَى. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ، وَأَمَّا إنْ اُسْتُحِقَّ الْبَعْضُ فَيَجْرِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إلَّا الْمِثْلِيَّ، وَيُنْقَضُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت فَقَالَ إنَّ الصِّحَّةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا فَتَخْصِيصُ س لَهُ بِالْمُعَيَّنِ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ الْآتِي لَكِنْ الْمُسْتَحَقُّ إلَخْ الَّذِي هُوَ مُنَافٍ لِذَلِكَ فَضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت إلَخْ عِلَّةٌ مِمَّا يُؤَيِّدُ ضَعْفَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُ نَقْضُهُ) حَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الشِّقَّ وَهُوَ عَدَمُ الْإِجَازَةِ لِظُهُورِهِ، وَلِأَنَّ الْقَيْدَ وَهُوَ إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفُ خَاصٌّ بِإِجَازَتِهِ وَإِذَا أَخَذَ عَيْنَهُ وَطَلَبَ دَافِعُ الْمُسْتَحَقِّ إعْطَاءَ بَدَلِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا. (تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ الْإِجَازَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِحُضُورِ الشَّيْءِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ فَلَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ، وَأَمَّا إنْ أَخْبَرَ بِتَعَدِّيهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَصَرْفِ الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْمُصْطَرِفُ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ آخِذِ الدَّرَاهِمِ وَآخِذِ الدَّنَانِيرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُنْقَضُ فِيهَا الصَّرْفُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ، وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يُنْقَضُ الصَّرْفُ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ بِالْحَضْرَةِ فِي غَيْرِ الْمَصُوغِ فَبِالْأَوْلَى مِنْ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ الْإِجَازَةُ لَكِنْ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِإِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْتَقِضُ فِيهَا الصَّرْفُ، وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَنْتَقِضُ فِيهَا الصَّرْفُ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي (ص) وَجَازَ مُحَلًّى وَإِنْ ثَوْبًا يَخْرُجُ مِنْهُ إنْ سُبِكَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ أُبِيحَتْ وَسُمِّرَتْ وَعُجِّلَ مُطْلَقًا وَبِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ وَهَلْ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ مُحَلًّى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمُصْحَفٍ وَسَيْفٍ حُلِّيَ بِأَحَدِهِمَا وَثَوْبٍ طُرِّزَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نُسِجَ بِهِ حَيْثُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالسَّبْكِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي فَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إنْ سُبِكَ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحِلْيَةِ، وَيَكُونُ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ح الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ مُبَاحَةً كَمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا هِيَ فِيهِ لَا بِجِنْسِ مَا حُلِّيَ بِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ بَلْ بِالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ تَقِلَّ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْمُحَلَّى بِالْحِلْيَةِ الْمُبَاحَةِ يَجُوزُ بِصِنْفِهِ وَبِغَيْرِ صِنْفِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَمِيعُ دِينَارًا وَإِلَّا اجْتَمَعَا فِيهِ لِاتِّصَالِهِمَا فَهُوَ أَوْسَعُ مِنْ الْمُنْفَصِلَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ وَصُرِفَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ مُسَمَّرَةً عَلَى الشَّيْءِ الْمُحَلَّى بِمَسَامِيرَ يُؤَدِّي نَزْعُهَا لِفَسَادٍ كَمُصْحَفٍ سُمِّرَتْ عَلَيْهِ أَوْ سَيْفٍ عَلَى جَفْنِهِ أَوْ حَمَائِلِهِ فَلِإِبَاحَتِهَا وَالْمَشَقَّةِ فِي نَزْعِهَا لَمْ يُحَاذِ فِيهِ اجْتِمَاعُ الصَّرْفِ وَالْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ تُسَمَّرْ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ بِصِنْفِهَا وَلَا بِغَيْرِهِ مِنْ النَّقْدِ إلَّا عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. وَأَمَّا بِغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فَتُبَاعُ وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحِلْيَةِ وَمَا هِيَ فِيهِ عَلَى انْفِرَادِهِ جَائِزٌ وَمِنْ بَيْعِ الْحِلْيَةِ الْمُسَمَّرَةِ بَيْعُ عَبْدٍ لَهُ أَنْفٌ مِنْ نَقْدٍ أَوْ أَسْنَانٌ مِنْهُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يُبَاعَ مُعَجَّلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الشُّرُوطِ يَجُوزُ الْبَيْعُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا لِلْجَوْهَرِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بِصِنْفِهِ أَوْ بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْإِطْلَاقِ فَلَوْ حَصَلَ تَأْخِيرٌ فُسِخَ مَعَ الْقِيَامِ إنْ كَانَ تَبَعًا وَإِلَّا فَيَنْتَقِضُ وَلَوْ فَاتَ، وَيُزَادُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ إنْ بِيعَ بِصِنْفِهِ شَرْطٌ رَابِعٌ أَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ ثُلُثَ مَا هِيَ فِيهِ فَدُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِذَا كَانَ وَزْنُ الْحِلْيَةِ عِشْرِينَ وَلِصِيَاغَتِهَا تُسَاوِي ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ النَّصْلِ أَرْبَعِينَ جَازَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ انْتَهَى. وَمُرَادُنَا بِالْأَوَّلِ وَبِالثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَإِنْ حُلِّيَ بِهِمَا لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا (ش) أَيْ وَإِنْ حُلِّيَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَعًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَمْ لَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ بَيْعُ سِلْعَةٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ فَأَحْرَى بَيْعُ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَبِالْعَكْسِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِصِنْفِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ الْمَتْبُوعُ وَفِي بَيْعِهِ بِصِنْفِ التَّابِعِ قَوْلَانِ   [حاشية العدوي] الْمُسْتَحَقِّ وَقَبْضِ الثَّمَنِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ مَكَانَهُ، وَسَوَاءٌ افْتَرَقَ الْمُتَصَارِفَانِ أَمْ لَا بَلْ لَوْ أَمْضَاهُ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَرَضِيَ الْمُبْتَاعُ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ جَازَ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَيْ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ لِلْمَصُوغِ إجَازَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) تَنَازَعَ فِيهِ بَيْعُ الْمُقَدَّرِ وَمُحَلًّى وَفَاعِلُ يَخْرُجُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْحُلِيِّ الْمَفْهُومِ مِنْ مُحَلًّى (قَوْلُهُ أَيْ وَجَازَ بَيْعُ مُحَلًّى إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حَذْفٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ) ظَاهِرٌ أَنَّ فَاعِلَ يَخْرُجُ مَحْذُوفٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ فَالْأَنْسَبُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يَخْرُجُ عَائِدٌ عَلَى الْحُلِيِّ الْمَأْخُوذِ مِنْ مُحَلًّى (قَوْلُهُ إنْ سُبِكَ) أَيْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا) فَيُبَاعُ بِمَا فِيهِ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَهْلَكِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الذَّهَبِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً) أَيْ كَدَوَاةٍ وَسَرْجٍ وَرِكَابٍ (قَوْلُهُ بِمَسَامِيرَ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسْمِيرِ أَنْ يَكُونَ فِي نَزْعِهَا فَسَادٌ وَغُرْمُ دَرَاهِمَ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَوْ مَخِيطَةً أَوْ مَنْسُوجَةً أَوْ مُطَرَّزَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا لِلْجَوْهَرِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ عَلَى قَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بِصِنْفِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا إلَخْ فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ وَبِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِالْقِيمَةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ جَازَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ) الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْوَزْنُ أَيْ الْوَزْنُ تَحَرِّيًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّحَرِّي فَالْقِيمَةُ اتِّفَاقًا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ الْوَزْنُ يَكُونُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضُمَّ عِشْرُونَ لِأَرْبَعِينَ ثُلُثُ الْمَجْمُوعِ سِتُّونَ وَنِسْبَةُ عِشْرِينَ لِسِتِّينَ الثُّلُثُ، وَأَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ الْقِيمَةُ لَكَانَ ثَلَاثُونَ مَضْمُومَةٌ لِأَرْبَعِينَ وَالْمَجْمُوعُ سَبْعُونَ، وَلَيْسَتْ الثَّلَاثُونَ ثُلُثَ السَّبْعِينَ بَلْ أَكْثَرَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمَنْسُوبَ إلَيْهِ الْمَجْمُوعُ مِنْ قِيمَةِ الْمُحَلَّى أَوْ وَزْنِ الْمُحَلَّى وَقِيمَةِ الْحِلْيَةِ أَوْ وَزْنِهَا، وَالْمَنْسُوبُ قِيمَةُ الْحِلْيَةِ وَحْدَهَا أَوْ وَزْنُهَا وَحْدَهَا (قَوْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ الَّذِي هُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا وُجِدَ مَنْ يَعْلَمُ صِفَتَهُ وَقَدْرَ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ الْحِلْيَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) مُفَادُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْعَكْسَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَصْدُ أَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا) وَالْفَرْضُ عَدَمُ الْمَتْبُوعِيَّةِ لِلْجَوْهَرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ جَوَازُهُ نَقْدًا وَبِهِ أَخَذَ أَشْهَبُ فَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا وَأَوْلَى بِهِمَا. وَقَوْلُهُ (إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) إشَارَةٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْمُحَلَّى يَكُونُ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَلُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الثُّلُثُ فَأَقَلَّ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرَ أَنَّهُ يُبَاعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ كَالسَّيْفِ وَلِقَوْلِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا عَرْضٌ وَهُمَا الْأَقَلُّ بِيعَ بِأَقَلِّهِمَا قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى، وَالْمُرَادُ بِالْجَوْهَرِ مَا قَابَلَ النَّقْدَيْنِ فَمَا حُلِّيَ بِنَقْدَيْنِ وَفِيهِ لُؤْلُؤٌ فَاللُّؤْلُؤُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَرْضِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا حَيْثُ تَبِعَ الْجَوْهَرُ سَوَاءٌ بِيعَ بِأَقَلِّهِمَا أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ فَيَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا وَأَمَّا بِهِمَا فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَبَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ. وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ غَيْرِ صِنْفِهِ صَرْفًا وَبِصِنْفِهِ إمَّا مُرَاطَلَةً وَهِيَ بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ وَزْنًا كَمَا يَأْتِي، وَإِمَّا مُبَادَلَةً وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِمِثْلِهِ عَدَدًا فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ يَخْرُجُ الصَّرْفُ وَقَوْلُهُ عَدَدًا أَخْرَجَ بِهِ الْمُرَاطَلَةَ وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ تَفَاضُلٌ وَلِشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ الْمَعْدُودِ دُونَ سَبْعَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَتْ الْمُبَادَلَةُ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِشُرُوطٍ أَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْمُبَادَلَةِ وَأَنْ يَكُونَ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا لَا وَزْنًا وَأَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً وَأَنْ تَكُونَ دُونَ سَبْعَةٍ وَأَنْ تَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ، وَأَنْ تَكُونَ مَسْكُوكَةً وَأَنْ تَتَّحِدَ السِّكَّةُ فَقَوْلُهُ وَجَازَتْ مُبَادَلَةٌ أَيْ وَجَازَ الْعَقْدُ مُعَبَّرًا عَنْهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ بَيْنَهُمَا الْمُعَاقَدَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِمَا يَتَضَمَّنُ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (ص) بِأَوْزَنَ مِنْهَا بِسُدُسٍ سُدُسٍ (ش) أَيْ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا سُدُسًا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَهُوَ دَانَقٌ لَا أَزْيَدُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ غَالِبًا وَمُقْتَضَى النَّظَرِ مَنْعُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَبِعَا) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إذَا تَبِعَا الْجَوْهَرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَهَلْ التَّبَعِيَّةُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ خِلَافٌ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي صِنْفِ مَا بِيعَ بِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ اعْتِبَارُ وَزْنِهِ بَلْ قِيمَتُهُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ وَزْنِهِ أَوْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي صِنْفٍ لَمْ يُبَعْ بِهِ أَيْضًا عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِالْقِيمَةِ قِيمَتُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَبِالْقِيمَةِ قِيمَةُ وَزْنِهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْمُحَلَّى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُحَلَّى ثَوْبٌ وَقَدْ حُلِّيَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ وَالتَّبَعِيَّةُ بِالنَّظَرِ لِلُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ، وَقِيمَةُ الثَّوْبِ لَا دَخْلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِالْجَوْهَرِ كَمَا فِي شَرْحِ شب الذَّاتُ الَّتِي رُكِّبَتْ عَلَيْهَا الْحِلْيَةُ ثَوْبًا كَانَتْ أَوْ مُصْحَفًا أَوْ سَيْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا اللُّؤْلُؤُ انْتَهَى، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي عب حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَهُوَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ انْتَهَى ثُمَّ قَوْلُهُ إشَارَةٌ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا مَتَى تَبِعَا الْجَوْهَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا مُطْلَقًا كَانَ تَابِعًا أَوْ لَا وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ شب يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَفِي كَلَامِ بَعْضٍ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ مُبَادَلَةً) هَذَا شَرْطٌ وَقَوْلُهُ الْقَلِيلُ أَيْ النَّقْدُ الْقَلِيلُ، وَالنَّقْدُ لَا يَكُونُ إلَّا مَسْكُوكًا وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَوْنِهِ مَسْكُوكًا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ وَاحِدَةً إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ دُونَ سَبْعَةٍ) حَالٌ مِنْ الْقَلِيلِ أَوْ نَعْتٌ لَهُ أَوْ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُهُ يَقْتَضِي جَوَازَهَا فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى السِّتَّةِ وَلَمْ يَبْلُغْ سَبْعَةً وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي مَنْعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ دُونَ سَبْعَةٍ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَعَدَمُ ذِكْرِ الْقِلَّةِ؛ لِأَنَّ دُونَ السَّبْعَةِ يَسْتَلْزِمُ الْقِلَّةَ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَازَ الْعَقْدُ مُعَبَّرًا عَنْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُفِيدُهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ وُجُودُهُ فِي الْمُرَاطَلَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الْمُرَاطَلَةِ (قَوْلُهُ لِمَا يَتَضَمَّنُ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ) وَهُوَ الْمُبَادَلَةُ بِأَوْزَنَ وَقَوْلُهُ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ أَيْ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الزِّيَادَةِ السُّدُسَ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ عَدِّ الْقَلِيلِ شَرْطًا أَوَّلَ وَقَوْلُهُ دُونَ سَبْعَةٍ بَيَانٌ لِلْقَلِيلِ وَالْمَعْدُودُ شَرْطٌ ثَانٍ وَالثَّالِثُ هُوَ أَنَّ الْمَزِيدَ السُّدُسُ لَا أَزْيَدَ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِأَوْزَنَ مِنْهَا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى اعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مُبَادَلَةُ سِتَّةٍ فَأَقَلَّ بِأَوْزَنَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ بِسُدُسٍ سُدُسٍ) كَرَّرَ لَفْظَ سُدُسٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ سُدُسٌ فِي الْجَمِيعِ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَقَلَّ مِنْهُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا السُّدُسَ وَالْبَعْضُ الثَّانِي دُونَ السُّدُسِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا أَقَلَّ مِنْ سُدُسٍ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ وَسُدُسُ الثَّانِي مَعْطُوفٌ عَلَى سُدُسِ الْأَوَّلِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي النَّثْرِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ عِيسَى الصَّفْوِيَّ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ سَعْدِ الدِّينِ أَنَّ الْمُخْتَصَرَاتِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَشْعَارِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ وَمَا عُطِفَتْ فِي أَرْبَعٍ بَعْدَ الثَّانِي الْمَذْكُورِ حَتَّى يَكُونَ الْمُتَعَاطِفَاتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ الْمُقْتَضِيَةِ لِانْقِسَامِ الْآحَادِ. (قَوْلُهُ بِسُدُسٍ سُدُسٍ) ثَالِثٍ وَهَذَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَالَهُ قَبْلُ بَلْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ دِرْهَمٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي سِتَّةِ رِيَالَاتٍ أَوْزَنَ مِنْهَا بَلْ مَا يَجْرِي إلَّا فِي الدِّرْهَمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَنَّى بِالدِّرْهَمِ عَنْ قِطْعَةِ الْفِضَّةِ الشَّامِلَةِ لِلرِّيَالِ وَالْكَلْبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 لِطَلَبِ الشَّرْعِ الْمُسَاوَاةَ فِي النُّقُودِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ وَقَصْدُ الْمَعْرُوفِ بِانْفِرَادِهِ لَا يُخَصِّصُ الْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّ التَّعَامُلَ لَمَّا كَانَ بِالْعَدَدِ صَارَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَجَرَى مَجْرَى الرَّدَاءَةِ وَالزِّيَادَةِ مَجْرَى الْجُودَةِ فَقَدْ زَادَهُ مَعْرُوفًا، وَالْمَعْرُوفُ يُوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ التِّبْرِ وَشَبَهِهِ انْتَهَى، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا يُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْكُوكِ وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْزَنَ. فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِي الْوَزْنِ جَازَتْ الْمُبَادَلَةُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ، وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ الْمَعْرُوفِ شُرِطَ تَمَحُّضُهُ وَحُصُولُهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمُنِعَ دَوَرَانُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَجْوَدُ أَنْقَصُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ (ش) أَيْ وَالنَّقْدُ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةٌ حَالَةَ كَوْنِهِ أَنْقَصَ وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِأَرْدَأَ جَوْهَرِيَّةٌ كَامِلًا وَزْنًا اتِّفَاقًا لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَجْوَدِ يَرْغَبُ لِلْأَدْنَى لِكَمَالِهِ وَصَاحِبُ الْأَرْدَأِ الْكَامِلِ يَرْغَبُ لِلنَّاقِصِ لِجَوْدَتِهِ، وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النَّقْدُ الْأَجْوَدُ سِكَّةً الْأَنْقَصُ وَزْنًا بِرَدِيءِ السِّكَّةِ الْكَامِلِ الْوَزْنِ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. فَقَوْلُهُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الْأَجْوَدُ وَحَذَفَ أَيْ الْأَجْوَدُ أَنْقَصُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ عَنْهُمَا (ص) وَإِلَّا جَازَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةٌ أَوْ سِكَّةٌ أَنْقَصَ بَلْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَوْزَنَ جَازَ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُرَاطَلَةَ وَهِيَ بَيْعُ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ وَزْنًا بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَتْ (مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِمِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ لِيَشْمَلَ الْمَسْكُوكَ وَأَصْلَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ بِمِثْلِهِ الْعَائِدَ عَلَى الْمُؤَنَّثِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَيْنَ نَقْدٌ وَبِعِبَارَةٍ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ كَوْنِهِمَا ذَهَبَيْنِ أَوْ فِضَّتَيْنِ فَلَا يَدْخُلُ الذَّهَبُ مَعَ الْفِضَّةِ   [حاشية العدوي] رُبَّمَا يَقْتَضِي مَنْعَهَا فِي دِينَارٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ كَجَوْزٍ فَإِنَّ سُدُسَهُ كَثُلُثِ الشَّرْعِيِّ، وَكَذَا دِرْهَمٌ كَبِيرٌ وَيَحْتَمِلُ اغْتِفَارَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِانْفِرَادِهِ) بَلْ وَكَذَا مَعَ غَيْرِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِانْفِرَادِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ إلَخْ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ صَارَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ كَانَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا هُوَ أَزْيَدَ. (قَوْلُهُ فَجَرَى مَجْرَى الرَّدَاءَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِبْدَالُ الْأَجْوَدِ بِالْأَرْدَأِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الْوَزْنِ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ فَقَدْ زَادَهُ مَعْرُوفًا كَالتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحِينَئِذٍ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ مَعْرُوفًا أَيْ وَالْمَعْرُوفُ يُوَسَّعُ فِيهِ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ التِّبْرِ وَشَبَهِهِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ صَارَ النَّقْصُ الْيَسِيرُ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ بِخِلَافِ التِّبْرِ وَشَبَهِهِ فَإِنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ يُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِ التَّعَامُلِ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ) وَلَا يُعْمَلُ بِهَذَا الْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ، وَلَوْلَا أَنَّ الْوَارِدَ كَوْنُ ذَلِكَ فِي الْمَسْكُوكِ مَا ذَكَرُوهُ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَسْكُوكًا وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ. (قَوْلُهُ وَالنَّقْدُ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ فِي الْأَوَّلِ جَوْهَرِيَّةً وَأَثْبَتَ نَظِيرَهُ فِي الْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ سِكَّةٌ وَحَذَفَ مِنْ الْمَعْطُوفِ أَنْقَصَ وَأَثْبَتَ مِثْلَهُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَفِيهِ شَبَهُ احْتِبَاكٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَوْهَرِيَّةً حَالٌ مِنْ الْأَجْوَدِ الَّذِي هُوَ الْمُبْتَدَأُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ بَلْ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُبْتَدَأُ صَالِحًا لِلْعَمَلِ وَلَا يَحْتَاجُ لِجَعْلِهِ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النَّقْدُ الْأَجْوَدُ سِكَّةً الْأَنْقَصُ وَزْنًا) أَيْ وَالْجَوْهَرِيَّةُ مُسْتَوِيَةٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَابَلَ الْأَجْوَدَ سِكَّةً وَأَنْقَصَ جَوْهَرِيَّةً وَوَزْنًا رَدِيءُ السِّكَّةِ وَكَامِلٌ وَزْنًا وَجَوْهَرِيَّةً، وَكَذَلِكَ لَوْ قَابَلَ الْأَجْوَدُ سِكَّةً الْأَجْوَدَ جَوْهَرِيَّةً فَقَطْ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ. (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ) أَيْ وَحَيْثُ قَدَّرْنَا حَذْفَ الْحَالِ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ لَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِالِامْتِنَاعِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ التَّمْيِيزَ وَهُوَ جَوْهَرِيَّةٌ وَذَكَرَ الْحَالُ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي الْحَالَ الَّذِي هُوَ أَنْقَصَ وَذَكَرَ التَّمْيِيزَ الَّذِي هُوَ سِكَّةٌ فَفِيهِ شَبَهُ احْتِبَاكٍ لَا احْتِبَاكٌ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَحْذُوفُ مِنْ الْأَوَّلِ سِكَّةً لَكَانَ احْتِبَاكًا فَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ الْحَالُ فِي الْمَعْطُوفِ لَأَشْكَلَ الْإِخْبَارُ بِالِامْتِنَاعِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَلَمَّا قُدِّرَ الْحَالُ ظَهَرَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَظَهَرَ الِامْتِنَاعُ. (قَوْلُهُ عَنْهُمَا) فَإِنْ قُلْت إنَّ أَجْوَدَ نَكِرَةٌ فَكَيْفُ يُعْطَفُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، وَعَطْفُهُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ يُصَيِّرُهُ مُبْتَدَأً وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مُسَوِّغٌ لِلِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ فَإِنْ قُلْت كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُمْتَنِعَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ مُبَادَلَةِ الْكِلَابِ بِالرِّيَالَاتِ وَالْبَنَادِقَةِ بِالْمُحَمَّدِيَّةِ لِاتِّحَادِ الْوَزْنِ فَالْفَضْلُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَمَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الرِّيَالَاتِ بِالْكِلَابِ وَالْبَنَادِقَةِ بِالْمُحَمَّدِيَّةِ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ بَلْ كَانَ مُسَاوِيًا) أَوْ أَوْزَنَ هَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ بَيْعُ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ وَزْنًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ تَخْرُجُ الْفُلُوسُ، وَتَدْخُلُ بِزِيَادَةٍ أَوْ فَلْسٌ بِمِثْلِهِ عَدَدًا لَا وَزْنًا فِي آخَرَ سَلَّمَهَا لَا يَصْلُحُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ نَقْدًا وَلَا مُؤَجَّلًا وَالْفُلُوسُ فِي الْعَدَدِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي الْوَزْنِ. (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَيْنَ تُطْلَقُ عَلَى مَا يَعُمُّ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ الذَّهَبُ مَعَ الْفِضَّةِ أَيْ لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَلَا أَحَدِهِمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ كَانَا مَسْكُوكَيْنِ أَمْ لَا اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَمْثِيلُهُ بِالْمَغْرِبِيِّ وَالسَّكَنْدَرِيِّ وَالْمِصْرِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَشْمَلُ الْأَنْصَافَ مَعَ الْكِبَارِ بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا أَنْ تَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِصَنْجَةٍ تُوضَعُ فِي إحْدَى الْكِفَّتَيْنِ وَالذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الْأُخْرَى فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَزَالَ الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ، وَوَضَعَ ذَهَبَ الْآخَرِ أَوْ فِضَّتَهُ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِكِفَّتَيْنِ يُوضَعُ عَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَعَيْنُ الْآخَرِ فِي الْأُخْرَى وَهَذِهِ مَنْصُوصَةٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ لِحُصُولِ التَّسَاوِي بَيْنَ النَّقْدَيْنِ اعْتَدَلَ الْمِيزَانُ أَمْ لَا وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. وَالصَّنْجَةُ بِالصَّادِ وَبِالسِّينِ وَالْكِفَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتَدَارَ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ وَقَوْلُهُ (ص) وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كِفَّتَيْنِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِرَدِّ قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ كُلِّ نَقْدِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا أَيْ النَّقْدَانِ الْمُتَمَاثِلَانِ الْكَائِنَانِ فِي الْكِفَّتَيْنِ وَهَذَا فِي الْمَسْكُوكَيْنِ أَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَا نِزَاعَ فِيهِمَا وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ إذْ هُوَ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الْجُزَافُ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ذَلِكَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (ص) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ (ش) أَيْ تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ إسْكَنْدَرِيَّةٍ أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَجْوَدُ مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ وَبَعْضُهُ مُسَاوٍ كَمَغْرِبِيٍّ وَمِصْرِيٍّ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيٍّ كُلِّهِ (ص) لَا أَدْنَى وَأَجْوَدَ (ش) أَيْ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضُهُ أَدْنَى مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ وَبَعْضُهُ أَجْوَدُ كَدَرَاهِمَ مَغْرِبِيَّةٍ وَسَكَنْدَرِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيَّةٍ؛ لِأَنَّ فِي فَرْضِهِمْ أَنَّ فِي الْمَغْرِبِيَّةِ أَجْوَدَ والسكندرية أَدْنَى وَالْمِصْرِيَّةِ مُتَوَسِّطَةً فَرَبُّ الْمِصْرِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِرَدَاءَةِ السَّكَنْدَرِيَّةِ نَظَرًا لِجَوْدَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ، وَرَبُّ الْمَغْرِبِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَةَ بَعْضِهَا لِجَوْدَةِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ قَلَّ الرَّدِيءُ الَّذِي مَعَ الْجَيِّدِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَكْثَرُ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ دَوَرَانَ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَحْصُلُ بِالْجَوْدَةِ ذَكَرَ دَوَرَانَهُ بِالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ كَالْجَوْدَةِ (ش) أَيْ وَالْأَكْثَرُ مِنْ الشُّيُوخِ عَلَى فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السِّكَّةَ كَالْجَوْدَةِ فِي بَابِ الْمُرَاطَلَةِ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ نَاقِصٍ بِرَدِيءٍ كَامِلٍ لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ بِجَيِّدٍ تِبْرٍ وَكَذَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ دَنَانِيرِ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ بِدَنَانِيرِ سِكَّتَيْنِ وَلَا مَسْكُوكٍ بِتِبْرَيْنِ أَوْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ، وَالْأَكْثَرُ أَيْضًا عَلَى فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الصِّيَاغَةَ فِي   [حاشية العدوي] مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ إطْلَاقَ الْعَيْنِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ خِلَافُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّعْمِيمِ مِنْ قَوْلِهِ اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الْأَنْصَافُ مَعَ الْكِبَارِ) أَيْ كَأَنْصَافِ الْمَحَابِيبِ مَعَ الْمَحَابِيبِ. (قَوْلُهُ أَوْ كِفَّتَيْنِ) أَوْ إشَارَةٌ لِقَوْلَيْنِ كَمَا فِي تت لَا لِلتَّخْيِيرِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ (فَإِنْ قُلْت) أَيُّ غَرَضٍ حِينَئِذٍ فِي هَذَا الْفِعْلِ (أَقُولُ) يُمْكِنُ الْغَرَضُ بِاعْتِبَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْأَنْصَافِ دُونَ الْكِبَارِ أَوْ بِالْعَكْسِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرَاطَلَةُ بَيْنَ كِبَارٍ وَصِغَارٍ أَوْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ فَيَرْغَبُ فِي ذَهَبِ صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ جَيِّدًا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ اعْتَدَلَ الْمِيزَانُ أَمْ لَا أَيْ كَانَتْ الْكِفَّتَانِ فِي ذَاتِهِمَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الزِّنَةِ أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَثْقَلَ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَبِالسِّينِ) هِيَ أَفْصَحُ وَقَوْلُهُ بِالصَّادِ أَيْ الْمَفْتُوحَةِ (قَوْلُهُ وَكَسْرِهَا) الْفَتْحُ قَلِيلٌ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَعِبَارَتُهُ تُؤْذِنُ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتَدَارَ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ كِفَّةَ الْمِيزَانِ مِنْ أَفْرَادِ الْكِفَّةِ، وَإِنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْكِفَّةِ الطَّبَقَ الْمُسْتَدِيرَ، وَالظَّاهِرُ لَا وَأَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ كِفَّةِ الْمِيزَانِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ كُلِّ نَقْدِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَصْدُقُ بِصُورَةٍ غَيْرِ مُرَادَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ كُلٌّ وَزْنَ ذَهَبِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ صَاحِبُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفَا الْوَزْنَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ كُلٍّ) فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْأَصْلُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ كُلٍّ وَزْنَ نَقْدِهِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الْجُزَافُ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَجْوَدُ مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ) الْأَوْلَى حَذْفُ بَعْضٍ وَيَقُولُ أَجْوَدُ مِنْ كُلِّ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ أَدْنَى مِنْ بَعْضِ الْآخَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَدْنَى مِنْ الْآخَرِ، وَيُسْقِطُ لَفْظَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ فِي فَرْضِهِمْ) أَيْ عُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمُتَوَسِّطٍ لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ جَعَلَ السِّكَّةَ كَالْعَدَمِ جَازَ (قَوْلُهُ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا تَسَاوَى جَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَإِحْدَى السِّكَّتَيْنِ أَعْلَى مِنْ الْمُنْفَرِدَةِ وَالْأُخْرَى أَدْنَى مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَلَا مَسْكُوكٍ بِتِبْرَيْنِ) بِجَعْلِ أَحَدِهِمَا أَجْوَدَ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَالثَّانِي مُسَاوِيًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّانِي أَرْدَأَ جَوْدَةً مِنْ الْمَسْكُوكِ لَدَارَ الْفَضْلُ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ لِلسِّكَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ التِّبْرُ أَجْوَدَ مِنْ الْمَسْكُوكِ الْمُنْفَرِدِ وَالْمَسْكُوكُ الْمُصَاحِبُ لِلتِّبْرِ مُسَاوٍ لِلْمَسْكُوكِ الْمُنْفَرِدِ إذْ لَوْ كَانَ أَدْنَى مِنْهُ لَامْتَنَعَ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ لِلسِّكَّةِ وَفِي شَرْحِ شب، وَكَذَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ دَنَانِيرِ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ بِدَنَانِيرِ سِكَّتَيْنِ أَجْوَدَ وَأَدْنَى وَلَا مَسْكُوكٍ بِتِبْرَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 الْمُرَاطَلَةِ كَالْجَوْدَةِ فَمَا قِيلَ فِي السِّكَّةِ يَجْرِي فِي الصِّيَاغَةِ فَقَوْلُهُ كَالْجَوْدَةِ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَيُقَابِلُهُ تَأْوِيلُ الْأَقَلِّ عَدَمَ اعْتِبَارِهِمَا، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْوَزْنُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقَدْرِ وَعَزَا فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلْغَاءَهُمَا لِلْأَكْثَرِ عَكْسُ مَا هُنَا فَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ النَّقْدِ الْخَالِصِ بِجِنْسِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ شَرَعَ فِي بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ بَيْعُ مَغْشُوشٍ بِمِثْلِهِ وَبِخَالِصٍ (ش) وَجَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ الْمَذْهَبَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْعَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ (ش) وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ دُخُولُ الْخِلَافِ فِيهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ فِي قَوْلِهِ وَبِخَالِصٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِلَّا ظَهَرَ خِلَافُهُ فَإِنَّ خِلَافَ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّانِيَةِ (ص) لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغِشُّ بِهِ (ش) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي بَيْعِهِ مُرَاطَلَةً بِخَالِصٍ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي بَيْعِهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَلَوْ بِعَرْضٍ أَيْ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ مُطْلَقًا أَنْ يُبَاعَ لِمَنْ يَكْسِرُهُ وَلَا يَغُشُّ بِهِ بَعْدَ الْكَسْرِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْفِيَتِهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَلِمَنْ يَكْسِرُهُ كَذَا هُوَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ انْتَهَى وَعَلَى نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ وَمُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ وَجَازَتْ مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ مَغْشُوشٍ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ بِأَنْ يُصَفِّيَهُ أَوْ يُبْقِيَهُ وَلَا يُعَامِلُ بِهِ أَحَدًا أَوْ يُغَيِّرُ ضَرْبَ الدِّرْهَمِ وَيَضْرِبُهُ قِلَادَةً مَثَلًا قَالَ ز: أَيْ: وَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَغْشُوشِ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ (ص) وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ (ش) أَيْ وَكُرِهَ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ الْمُسْلِمِينَ كَالصَّيَارِفَةِ وَلَا يُفْسَخُ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَفْسَخَ بَيْعَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ تَعَذَّرَ الْمُشْتَرَى وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَفُوتَ (ش) أَيْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ فَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَفُوتَ إيهَامُ خِلَافِ الْمُرَادِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي ثَمَنِهِ حَيْثُ فَاتَ بِقَوْلِهِ (فَهَلْ يَمْلِكُهُ) أَيْ يَمْلِكُ الثَّمَنَ وَيُنْدَبُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ (ص) أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ (ش) أَيْ بِجَمِيعِ الْعِوَضِ وُجُوبًا (أَوْ) يَتَصَدَّقُ (بِالزَّائِدِ) حَيْثُ كَانَ   [حاشية العدوي] أَحَدُهُمَا أَجْوَدُ وَالْآخَرُ أَدْنَى أَوْ بِتِبْرٍ أَجْوَدَ وَمَسْكُوكٍ أَرْدَأَ انْتَهَى فَيَكُونُ حَلًّا لِكَلَامِ شَارِحِنَا وَتَفْسِيرًا لِلْمُرَادِ مِنْهُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ تَفْسِيرًا لِلْمُرَادِ مِنْهُ لَلَزِمَ مَا قُلْنَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَلَعَلَّ صَوَابَهُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ لَعَلَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ [بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ] (قَوْلُهُ شُرِعَ فِي بَيْعِ الْمَغْشُوشِ) كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُرَاطَلَةِ أَوْ الْمُبَادَلَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ كَذَهَبٍ فِيهِ فِضَّةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُهُ تَسَاوِي الْغِشِّ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّهُ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ قَيْدًا؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَلِعُسْرِ تَحْقِيقِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي بَيْعِهِ مُرَاطَلَةً) هَذَا يَأْتِي عَلَى حَلِّ تت الَّذِي قَصَرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَغْشُوشٌ عَلَى خُصُوصِ الْمُرَاطَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُرَاطَلَةً بِخَالِصٍ بِغَيْرِهِ أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ بِيعَ بِعَرْضٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْفِيَتِهِ) أَيْ أَوْ ضَرْبِهِ قِلَادَةً مَثَلًا أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُغَشُّ بِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ أَيْ لِصَاحِبِهِ مِنْ تَصْفِيَتِهِ أَيْ أَوْ ضَرْبِهِ قِلَادَةً (أَقُولُ) وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا يُغَشُّ بِهِ بَعْدَ الْكَسْرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَيْ وَيُبْقِيهِ مَكْسُورًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوَّلًا يُغَشُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ وَلِأَجْلِ الْعُمُومِ الَّذِي لَيْسَ مُتَبَادِرًا مِنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَغْشُوشٌ فِي خُصُوصِ الْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ الْبَيْعَ بِعَرْضٍ وَلَا الصَّرْفَ بَلْ قَاصِرٌ عَلَى الْمُرَاطَلَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوْ وَالْمُبَادَلَةِ كَمَا هُوَ مُمْكِنٌ وَقَوْلُهُ فِي بَيْعٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ وَكَذَاهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ شَامِلٌ لِمَا عَدَا الْبَيْعِ مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ عَطْفُ جُمْلَةٍ، وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ مَغْشُوشٍ عَلَى جُمْلَةٍ وَجَازَتْ مُرَاطَلَةٌ وَلَوْ جَعَلَهُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ لَصَحَّ بِأَنْ تُعْطَفَ مُعَاقَدَةٌ عَلَى مُرَاطَلَةٍ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ) أَيْ وَيُبْقِيهِ مَكْسُورًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ بِأَنْ يُصَفِّيَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يُبْقِيهِ) أَيْ يُبْقِيهِ بِذَاتِهِ وَلَا يُعَامِلُ بِهِ أَحَدًا. (فَإِنْ قِيلَ) إتْيَانُ وَاوِ الْعَطْفِ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ فِيمَا سَبَقَ بِلَا شَرْطٍ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا، وَمَا اُشْتُرِطَ فِي الْأَعَمِّ يُشْتَرَطُ فِي الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ وَيَضْرِبُهُ قِلَادَةً مَثَلًا) أَيْ يُغَيِّرُ سِكَّتَهُ وَيَضْرِبُهُ قِلَادَةً بِأَنْ يَجْعَلَهُ حَبًّا كَحَبِّ الْمَرْجَانِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ إلَخْ) هَذَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) صَرْفًا أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ مُرَاطَلَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ هِبَةً (قَوْلُهُ كَالصَّيَارِفَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ بِلَادٍ يُشَكُّ فِي غِشِّهِمْ وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ يَتَحَقَّقُ غِشُّهُمْ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ (قَوْلُهُ لِذَهَابِ عَيْنِهِ) لَا تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْعِبَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ إيهَامُ خِلَافِ الْمُرَادِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ تَعَذُّرَ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ شُمُولُهُ (قَوْلُهُ أَيْ يَمْلِكُ الثَّمَنَ) أَيْ يَسْتَمِرُّ مَالِكًا لَهُ أَوْ لَا يَسْتَمِرُّ مَالِكًا لَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّهِ فَسَقَطَ مَا يُقَالُ هُوَ مِلْكُهُ فَكَيْفَ قَالَ وَهَلْ يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالزَّائِدِ) هَذَا الْقَوْلُ الْأَعْدَلُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا وَقَعَ بِهِ التَّعَدِّي، وَهُوَ الَّذِي تَمِيلُ إلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 عَلَى) فَرْضِ بَيْعِهِ م (مَنْ لَا يَغُشُّ أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ وَيُسْتَحَبُّ عَلَى هَذَا التَّصَدُّقُ بِغَيْرِ الزَّائِدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَوَاتَ إنْ كَانَ مَصُوغًا بِمَا تَفُوتُ بِهِ الْعُرُوض وَإِنْ كَانَ مَسْكُوكًا بِمَا تَفُوتُ بِهِ الْمِثْلِيَّاتُ وَيُزَادُ أَوْ تَعَذَّرَ الْمُشْتَرَى وَسَيَأْتِي مَا تَفُوتُ بِهِ الْعُرُوض وَالْمِثْلِيَّاتُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعُقُودِ الْمُعَمِّرَةِ لِلذِّمَّةِ شَرَعَ فِيمَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ وَبَدَأَ بِالْقَضَاءِ فَقَالَ (ص) وَقَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً (ش) وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاقْتِضَاءَ بِقَوْلِهِ هُوَ عُرْفًا قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْقَابِضِ قَوْلُهُ قَبْضُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ حِسِّيٌّ وَحُكْمِيٌّ وَلِذَلِكَ أَخْرَجَ الْمُقَاصَّةَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ الْقَابِضِ، وَأَخْرَجَ بِالذِّمَّةِ الْمُعَيَّنَ إذَا قَبَضَهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ أَنْ يَقْضِيَهُ بِالْمُسَاوِي لِمَا فِي الذِّمَّةِ لِدُخُولِهِمَا عَلَيْهِ وَبِالْأَفْضَلِ صِفَةً إذْ هِيَ زِيَادَةٌ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهَا فَلَمْ يَتَّهِمُوا بِسَبَبِ زِيَادَتِهَا وَسَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا. وَلِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَدَّ فِي سَلَفِ بَكْرٍ رُبَاعِيًّا، وَقَالَ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ رُخْصَةٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا تَمَكَّنَّا بِعُمُومِ النَّصِّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَفْضَلُ صِفَةً فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (ص) وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ يَجُوزُ لَهُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا مِمَّا عَلَيْهِ وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْحُلُولُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ مُمْتَنِعٌ إذْ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي النَّقْدِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا. وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ فَقَوْلُهُ بِأَقَلَّ صِفَةً مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ الْمُقَدَّرِ الْعَامِلِ فِي قَضَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَاءُ قَرْضٍ (ص) لَا أَزْيَدَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا (ش)   [حاشية العدوي] إلَيْهِ النَّفْسُ وَيُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي الْإِجَارَةِ وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَهُوَ أَرْجَحُهَا وَانْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ الزَّائِدُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ الْآنَ كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ وَيُزَادُ أَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ) تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُصَنِّفَ شَامِلًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ بَلْ يَرِدُ أَنَّ فَوَاتَ الْعُرُوضِ يَكُونُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَيُفِيدُ كَلَامُهُ هُنَا أَنَّهُ مِنْ الْمُفَوَّتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ مَا تَقَدَّمَ. [مَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ] (قَوْلُهُ بِمُسَاوٍ) كَرِيَالٍ عَنْ مِثْلِهِ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا أَوْ عَدَدًا وَوَزْنًا حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَكَإِرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا، وَقَوْلُهُ وَأَفْضَلَ صِفَةً كَرِيَالٍ عَنْ كَلْبٍ لِاتِّحَادِ وَزْنِهِمَا وَفَضْلِ صِفَةِ الرِّيَالِ حِلُّ الْأَجَلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْعَيْنِ مِنْ حَقِّ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَكَقَضَاءِ قَمْحٍ جَدِيدٍ عَنْ مِثْلِهِ كَيْلًا قَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ، وَقَيَّدَ الْقَضَاءَ بِالْأَفْضَلِ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُشْتَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَرْضِ، وَإِلَّا مُنِعَ وَفَسَدَ كَاشْتِرَاطِ زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْعَادَةِ كَالشَّرْطِ الثَّانِي أَنْ يَتَّحِدَ نَوْعُهُمَا أَوْ يَخْتَلِفَ، وَلَكِنْ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ مُنِعَ كَقَضَاءِ إرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك كَمَا يُمْنَعُ عَكْسُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ. (قَوْلُهُ صِفَةً) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَلَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ إذْ أَفْضَلُ نَكِرَةٌ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهُ صِفَةٌ وَمَوْصُوفُهُ فِي نَحْوِ هَذَا إنْ كَانَ ذَاتًا امْتَنَعَ إضَافَةُ اسْمِ التَّفْضِيلِ كَمَا هُنَا إذْ لَا يُقَالُ زَيْدٌ أَفْضَلُ صِفَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ زَيْدًا بَعْضُ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ صِفَةً فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إضَافَتُهُ لَهُ كَأَنْ يُقَالَ الْعِلْمُ أَفْضَلُ صِفَةٍ إذْ الْعِلْمُ مِنْ بَعْضِ الصِّفَاتِ وَاسْمُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةٍ) انْتَقَضَ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى قَبْضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْكِتَابَةِ اقْتِضَاءً وَقَبْضِ مَنَافِعِ مُعَيَّنٍ لِإِطْلَاقِهِمْ اقْتِضَاءَ مَنَافِعِ مُعَيَّنٍ مِنْ دَيْنٍ وَلَيْسَا فِي ذِمَّةٍ، فَيُقَالُ قَبْضُ مَا وَجَبَ مَنْفَعَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي غَيْرِ ذِمَّةِ قَابِضِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعْرِيفِ الْقَضَاءِ، وَلَعَلَّهُ لِغَلَبَةِ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الِاقْتِضَاءِ وَلِإِمْكَانِ أَخْذِ حَدِّهِ مِنْ حَدِّهِ هُنَا فَيُقَالُ فِيهِ دَفْعُ مَا وَجَبَ مَنْفَعَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي غَيْرِ ذِمَّةِ قَابِضِهِ (قَوْلُهُ أَشَارَ بِهِ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِالْقَبْضِ مَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ وَالْحُكْمِيَّ. (قَوْلُهُ أَخْرَجَ الْمُقَاصَّةَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ الْقَابِضِ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ أَيْ قَبْضُ مَا فِي ذِمَّتِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمُعَيَّنَ إذَا قَبَضَهُ) أَيْ كَسِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ وَدِيعَةٍ أَخَذَهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُتَّهَمُوا) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إذْ هِيَ زِيَادَةٌ إلَخْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مُوجِبَ الِاتِّهَامِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ وَالْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ مُوجِبَ ذَلِكَ رُخْصَةً رَخَّصَهَا الشَّارِعُ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ) اسْتِدْلَالٌ ثَانٍ بِالدَّلِيلِ النَّقْلِيِّ بَعْدَ أَنْ اسْتَدَلَّ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ وَالْأَوْلَى الْعَكْسُ. (قَوْلُهُ رَدَّ فِي سَلَفِ بَكْرٍ إلَخْ) الْبَكْرُ مِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ وَمِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ فِي الثَّانِيَةِ وَضَأْنٍ مَا تَمَّ لَهُ عَامٌ وَالرَّبَاعِيَةُ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ مِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ (قَوْلُهُ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ إنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ الزِّيَادَةِ فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قُلْت) أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَعَلَّهُمْ رَأَوْهُ مُصَادِمًا لِأَدِلَّةِ مَنْعِ الرِّبَا وَهِيَ قَوِيَّةٌ جِدًّا فَقَصَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الصِّفَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الَّتِي انْبَنَى عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ سَدَّ الذَّرَائِعِ فَلَوْ أَجَازُوا الزِّيَادَةَ فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ لَوَجَدَ أَكَلَةُ الرِّبَا طَرِيقًا لِلدُّخُولِ عَلَى الزِّيَادَةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَيَقُولُونَ لَمْ نَقْصِدْ ذَلِكَ فَيَكْثُرُ الرِّبَا فَجَعَلُوا هَذِهِ الْمَادَّةَ تَقْصُرُ الْحَدِيثَ عَلَى زِيَادَةِ الصِّفَةِ قَصْدًا لِتَقْلِيلِ الرِّبَا مَا أَمْكَنَ وَحِمَايَةً لِجَانِبِ الرِّبَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ رُخْصَةٌ) لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَ أَفْضَلَ صِفَةً فِي غَيْرِ الْبَكْرِ وَالرُّبَاعِيِّ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا وَرَدَ، وَقَوْلُهُ إنَّمَا تَمَسَّكْنَا بِعُمُومِ النَّصِّ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ «إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ أَفْضَلَ صِفَةً (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) كَذَا فِي عج بِذَاتِهِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ الْمُقَدَّرِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَاءٍ الْمُقَدَّرِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَجَازَ الْقَضَاءُ بِالْأَقَلِّ صِفَةً وَقَدْرًا (قَوْلُهُ لَا أَزْيَدَ عَدَدًا) أَيْ كَعَشَرَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ وَكَقَرْشِ كَلْبٍ مَعَ عَشَرَةِ أَنْصَافٍ عَنْ قِرْشِ رِيَالٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ أَزْيَدَ عَدَدًا عَنْ أَقَلَّ عَدَدًا حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ وَلَا أَزْيَدَ وَزْنًا عَنْ أَقَلَّ وَزْنًا سَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ أَوْ بِهِ وَبِالْعَدَدِ بِنَاءً عَلَى إلْغَاءِ الْعَدَدِ حَيْثُ اجْتَمَعَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً جِدًّا (ص) كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ (ش) عَلَى مِيزَانٍ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ جَازَ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الْعَدَدُ كَانَ مِثْلَ وَزْنِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَزْيَدَ عَدَدًا كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْوَزْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ قَضَاهُ أَقَلَّ مِنْ الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَ وَزْنُهُ مُسَاوِيًا لِلْعَدَدِ أَوْ أَقَلَّ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الْوَزْنَ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ أَوْ نَقَصَ أَوْ سَاوَى أَمَّا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا أَلْغَى الْوَزْنَ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ يُلْغَى الْعَدَدُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهَا. (ص) أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَا إنْ زَادَ الْعَدَدُ أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْ لَا إنْ قَضَاهُ أَزْيَدَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ عَنْ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ فَضْلَ عَدَدِ الْيَزِيدِيَّةِ لِجَوْدَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَمِثْلُهُ عَشَرَةٌ وَازِنَةٌ رَدِيئَةٌ عَنْ تِسْعَةٍ نَاقِصَةٍ جَيِّدَةٍ مِنْ نَوْعِهَا ثُمَّ إنَّ هَذَا يَجْرِي فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَفِي غَيْرِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ. (ص) وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ، وَجَازَ بِأَكْثَرَ (ش) أَيْ يَجْرِي فِي قَضَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَيْثُ كَانَ عَيْنًا مَا جَرَى فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَيَجُوزُ قَضَاؤُهُ مِنْهَا بِالْمُسَاوِي وَأَفْضَلَ صِفَةً قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ وَبِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ لَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ هُنَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ بِأَكْثَرَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا كَقَضَاءِ عَشَرَةٍ ثَمَنَ سِلْعَةٍ عَنْ تِسْعَةٍ بِخِلَافِهِ فِي الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِي الْقَرْضِ وَهُوَ السَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ مَعْدُومَةٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَسَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا يَدْخُلُهَا حَطُّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ مَا لَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا اُنْظُرْ تَلْخِيصَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَدَارَ الْفَضْلُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْكَيْلَ، وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا فِي الْمَقْضِيِّ عَنْهُ فَيَجُوزُ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ لَا إنْ لَمْ يَحُلَّ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيُجَوِّزُ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِجِدٍّ أَوْ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ مَعَ كَثْرَةِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ فَحَيْثُ كَانَ إلَخْ) كَالْحَاصِلِ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ) أَقُولُ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَضَاهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا جَازَ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ كَانَ مِثْلَ وَزْنِهِ أَمْ لَا حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فَهِيَ سِتَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَزْيَدَ عَدَدًا) حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فَهِيَ سِتَّةٌ. (قَوْلُهُ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْوَزْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) أَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ فَلِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ فَلِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْقَضَاءُ بِالْأَوْزَنِ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا لِلسَّلَفِ فَيَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ بِالْأَزْيَدِ عَدَدًا حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا بِمَنْزِلَةِ الْوَزْنِ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا، وَهَذَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ جَوَازِ قَضَاءِ الْأَزْيَدِ عَدَدًا عَلَى الْأَقَلِّ عَدَدًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْأَقَلُّ أَجْوَدَ، وَإِلَّا امْتَنَعَ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ عَدَدًا أَزْيَدَ وَزْنًا وَفِي عِبَارَةِ عج مَا يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَزْنُهُ مُسَاوِيًا) أَيْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَلَّ جَازَ أَيْ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ مُنِعَ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ أَيْ بِأَنْ قَضَاهُ بِأَزْيَدَ وَزْنًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّةٌ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الْوَزْنَ) أَيْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَإِذَا زَادَ فِي الْوَزْنِ امْنَعْ فِي سِتَّةٍ أَيْضًا فَإِنْ قَضَاهُ أَنْقَصَ وَزْنًا أَجْزَأَ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ فِي ثَلَاثَةٍ وَامْنَعْ إنْ لَمْ يَحِلَّ فِي ثَلَاثَةٍ أَيْ الزِّيَادَةِ فِي الْعَدَدِ وَالنَّقْصِ وَالْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ يُلْغِي الْعَدَدَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُعْطِيَهُ عَشَرَةَ أَنْصَافٍ مَقْصُوصَةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ جِيَادًا. وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَنَّ هَذَا أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ دَارَ فَضْلٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ إلَخْ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَهُوَ فِي خُصُوصِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا يَدْخُلُهَا إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلرَّجْرَاجِيِّ فَهُوَ مُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ حَالًّا وَتَارَةً يَكُونُ مُؤَجَّلًا فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ إلَّا مِثْلَ صِفَتِهِ وَقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ حُطَّ الضَّمَانُ وَأَزِيدُك وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ ضَعْ مِنْ حَقِّك وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا حَلَّ الْأَجَلُ جَازَ أَنْ يَقْضِيَهُ أَكْثَرَ عَدَدًا وَأَجْوَدَ صِفَةً فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ. فَإِنْ قَضَاهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَقَلَّ قَدْرًا فَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ فِي مُقَابَلَةِ قَدْرِهِ، وَيُبَرِّئُهُ مِمَّا زَادَ فَإِنْ جَعَلَ الْأَقَلَّ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمِيعِ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا، وَإِنْ قَضَاهُ قَدْرَهُ وَأَرْدَأَ جَازَ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي قَضَائِهِ مَا جَرَى فِي قَضَاءِ الْمُؤَجَّلِ بَعْدَ حُلُولِهِ، وَفِيهِ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ لِمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ فِي قَوْلِهِ، وَجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ قَبُولُ صِفَتِهِ وَكُلُّ ذَا فِي قَضَائِهِ بِجِنْسِهِ فَإِنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ عَنْهُ خِلَافَ جِنْسِهِ غَيْرَ طَعَامٍ وَأَنْ يُبَاعَ الْمَأْخُوذُ بِالْمَأْخُوذِ عَنْهُ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ (ش) الْوَاوُ فِي وَصِيَاغَةٍ بِمَعْنَى أَوْ وَفِي جَوْدَةٍ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَدَارَ الْفَضْلُ فِي بَابِ الِاقْتِضَاءِ بِسِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ مَعَ جَوْدَةٍ أَيْ يُقَابِلَانِ الْجَوْدَةَ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ عَشَرَةٍ تِبْرًا طَيِّبَةٍ عَنْ مِثْلِهَا رَدِيئَةٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مَصُوغَةٍ وَلَا الْعَكْسُ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْمُرَاطَلَةِ فَلَا يَدُورُ الْفَضْلُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَكْثَرِ إلَّا بِالْجَوْدَةِ خَاصَّةً لَا بِالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ، وَلَمَّا كَانَتْ النُّقُودُ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا يَجْرِي بِهِ التَّعَامُلُ كَالْفُلُوسِ مِثْلِيَّاتٍ تُضْمَنُ بِمِثْلِهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَضَائِهَا إذَا تَرَتَّبَتْ فِي الذِّمَّةِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ثُمَّ حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْمُعَامَلَةِ بِهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ أَوْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى آخَرَ فُلُوسٌ أَوْ نَقْدٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَطَعَ التَّعَامُلَ بِهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ مِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْمِثْلُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَطْعِ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ التَّغَيُّرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ عُدِمَتْ فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِمَّا تَجَدَّدَ وَظَهَرَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَ أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ عِنْدَ تَخَالُفِ الْوَقْتَيْنِ مِنْ الْعَدَمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ كَانَ انْقِطَاعُ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ تَغَيُّرُهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ، وَإِنَّمَا حَلَّ الْأَجَلُ آخِرَهُ فَالْقِيمَةُ آخِرَهُ وَبِالْعَكْسِ بِأَنْ حَلَّ الْأَجَلُ أَوَّلَهُ وَعُدِمَتْ آخِرَهُ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَدَمِ وَلَوْ أَخَّرَهُ أَجَلًا ثَانِيًا، وَقَدْ عَدِمَتْ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَالْقِيمَةُ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ الثَّانِيَ إنَّمَا كَانَ بِالْقِيمَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ أَخَّرَهُ بِهَا بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهَا وَقَبْلَ عَدَمِهَا ثُمَّ عَدِمَتْ فِي أَثْنَاءِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ عَدَمُهَا عَنْ الْأَجَلِ الثَّانِي أَنَّ قِيمَتَهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ عَدَمِهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمَدِينِ مَطْلٌ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَالٌ إلَيْهِ أَيْ مِنْ الْمُعَامَلَةِ الْجَدِيدَةِ لَا الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ حُكْمُ النَّقْدِ حُكْمَ الْفُلُوسِ فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفُلُوسَ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ فِيهَا لِكَوْنِهَا كَالْعُرُوضِ أَيْ فِيهَا الْقِيمَةُ كَذَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ يَنْقَسِمُ إلَى مِثْلِيٍّ وَمُقَوَّمٍ فَالْمِثْلِيُّ يَلْزَمُ فِيهِ الْمِثْلُ وَالْمُقَوَّمُ يَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَالْعِبْرَةُ بِالْعَدَمِ فِي بَلَدِ الْمُعَامَلَةِ أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي تَعَامَلَا فِيهَا وَلَوْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْغِشِّ لِوُقُوعِهِ غَالِبًا فِي الْبِيَاعَاتِ وَهُوَ ضِدُّ النَّصِيحَةِ يُقَالُ غَشَّهُ يَغُشُّهُ غِشًّا بِالْكَسْرِ وَاسْتَغَشَّهُ ضِدُّ اسْتَنْصَحَهُ وَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ لِخَبَرِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَلَا عَلَى هَدْيِنَا وَبَدَأَ مِنْ أَحْكَامِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَصَدَّقَ (ش) وُجُوبًا (ص) بِمَا غَشَّ (ش) أَدَبًا لِلْغَاشِّ لِئَلَّا يَعُودَ (ص) وَلَوْ كَثُرَ (ش) فَيَتَصَدَّقُ بِهِ كُلِّهِ وَبِعِبَارَةٍ، وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ أَيْ عَنْ الْبَائِعِ إذَا عَدِمَ وَيَتْبَعُهُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ إنْ وَجَدَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَوْجُودًا فَهُوَ قَوْلُهُ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ وَلَا يُطْرَحُ فِي الْأَرْضِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ مَعَ جَوْدَةٍ) أَيْ وَأَمَّا اقْتِضَاءُ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَصُوغِ وَعَكْسُهُ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي بَابِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ لَمْ يَجِبْ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ الْآخَرِ شَيْءٌ قَبْلَهَا فَيُتَّهَمُ فِي تَرْكِ الْفَضْلِ لِأَجْلِهِ، وَهُنَا قَدْ وَجَبَ لَهُ ذَهَبٌ مَسْكُوكٌ أَوْ مَصُوغٌ فَفِي أَخْذِهِ عَنْهُ تِبْرًا أَجْوَدَ تُهْمَةٌ لِتَرْكِ الْفَضْلِ فِيهِمَا لِأَجْلِ الْجَوْدَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا) كَنِكَاحٍ (قَوْلُهُ وَقْتَ اجْتِمَاعٍ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ إذَا لَمْ يَقَعْ تَحَاكُمٌ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ حُلُولِهَا إنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَيَوْمَ طَلَبِهَا إنْ كَانَتْ حَالَّةً أَوْ يُقَالُ طَلَبُهَا بِمَنْزِلَةِ التَّحَاكُمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قُطِعَ التَّعَامُلُ بِهَا) أَيْ بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَتْ أَيْ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْضُهَا وَالْمَعْنَى وَقَعَ التَّغَيُّرُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَعُمَّهَا بِالتَّحْتِيتِ أَوْ النَّقْصِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَوْ عُدِمَتْ رَأْسًا لِأَجْلِ أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً إلَخْ وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ انْقِطَاعٌ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَوْ كَانَ عَدَمُهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَتْ) أَيْ بِأَنْ قُصَّتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ظَالِمٌ) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ الَّذِي يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ وَلَوْ بِغَلَاءٍ مَعَ أَنَّهُ أَشَدُّ ظُلْمًا مِنْ الْمُمَاطِلِ أَوْ مِثْلُهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ يَغْرَمُ الْغَلَّةَ فِي الْجُمْلَةِ خُفِّفَ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمُمَاطِلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَرْضَ يَنْقَسِمُ) أَيْ فَأَرَادَ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالْفُلُوسَ فَيَدْخُلُ فِي الْعَرْضِ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ (قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) ظَاهِرُهُ إنْ غِشًّا بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ الْغِشُّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا) لَمَّا كَانَ الظَّاهِرُ غَيْرَ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ أَوَّلَهُ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا الَّذِي يَقْرُبُ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْكُفْرِ فَأَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ الشَّامِلَةَ لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ وُجُوبًا) كَذَا فِي تت وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا عِنْدَهُ التَّصَدُّقُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ كَذَا فِي عِبَارَةِ اللَّخْمِيِّ الَّذِي كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُنْسَلِخٌ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَلَا سَلَفَ لَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَثُرَ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرُدَّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ بَلْ يُؤَدَّبُ صَاحِبُهُ وَيُتْرَكُ لَهُ حَيْثُ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ، وَإِلَّا بِيعَ مِمَّنْ يُؤْمَنُ (قَوْلُهُ إذَا عُدِمَ إلَخْ) أَيْ فُقِدَ وَقَوْلُهُ مَوْجُودًا أَيْ غَيْرَ مَفْقُودٍ. (قَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ) الْمُنَاسِبُ فَلَا تَنَافِي ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لِلَّقَانِيِّ وَلَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ وَأَعَدَّهُ لِيَغُشَّ بِهِ النَّاسَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ لَا لِبَيْعِهِ أَوْ لِبَيْعِهِ مُبَيِّنًا غِشَّهُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ أَصْلًا أَوْ بِيعَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 إذَا كَانَ لَبَنًا وَفِعْلُ عُمَرَ مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ مَذْهَبًا لَنَا وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ أَيْ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ إلَّا الْعَالِمَ لِيَبِيعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وَهَبَهُ فَوَجَدَهُ مَغْشُوشًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ، وَلَا يُتَصَدَّقُ بِهِ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِغِشِّهِ وَاشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَبِعْهُ حَيْثُ فَاتَ عِنْدَهُ بِأَنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ، وَإِلَّا فُسِخَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ وَفِي تَصَدُّقِ الْبَائِعِ لَهُ بِثَمَنِهِ أَوْ بِالزَّائِدِ وَعَدَمِ تَصَدُّقِهِ الْأَقْوَالُ السَّابِقَةُ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِغِشِّهِ أَوْ عَالِمٍ بِغِشِّهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهِ لِيَغُشَّ بِهِ بَلْ لِيَكْسِرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ وَلِلْغِشِّ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ أَدْخَلَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ (ص) كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنَّشَا (ش) لِقَوْلِهِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِي خَمْرٍ تُعْمَلُ مِنْ الْخَزِّ وَتُرَشُّ بِخُبْزٍ مَبْلُولٍ لِتَشْتَدَّ وَتَصْفِقَ وَهُوَ غِشٌّ ابْنُ رُشْدٍ لِظَنِّ مُشْتَرِيهَا أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ صَفَاقَتِهَا فَإِنْ عَلِمَ مُشْتَرِيهَا أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ لِلْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (ص) وَسَبْكُ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ وَنَفْخُ اللَّحْمِ (ش) ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ خَلْطُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ وَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ الْجَيِّدِ مِنْ الرَّدِيءِ وَصِفَتَهُمَا قَبْلَ الْخَلْطِ قَوْلُهُ وَنَفْخُ اللَّحْمِ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ السَّلْخِ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَ اللَّحْمِ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ سَمِينٌ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا نَفْخُ الذَّبِيحَةِ قَبْلَ السَّلْخِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَفِيهِ إصْلَاحٌ وَمَنْفَعَةٌ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ لِاسْتِخْرَاجِ زُبْدِهِ وَبِالْعَصِيرِ لِيَتَعَجَّلَ تَخْلِيلَهُ لِلْإِصْلَاحِ، وَكَذَلِكَ التِّبْنُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْقَمْحِ لَكِنْ إضَافَةُ الْمُؤَلِّفِ النَّفْخَ لِلَّحْمِ يُخْرِجُ نَفْخَ الْجِلْدِ فَلَا يَحْتَاجُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ بَعْدَ السَّلْخِ لِاسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى وُجُوهِ الرِّبَا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى كَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَوْ مُعَلَّلًا وَعَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ هَلْ عِلَّتُهُ غَلَبَةُ الثَّمَنِيَّةِ أَوْ مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ دُخُولُ الْفُلُوسِ النَّحَاسِ فَتَخْرُجُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِلَّتِهِ فِي الطَّعَامِ وَعَلَى مُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَمُخْتَلِفِهِ لِحُرْمَةِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَحُرْمَةِ رِبَا النَّسَاءِ فِيهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إجْمَالًا بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ فَقَالَ (فَصْلٌ فِي بَيَانِ ذَلِكَ تَفْصِيلًا) وَاعْلَمْ أَنَّ عِلَّةَ رِبَا النَّسَاءِ مُجَرَّدُ الطُّعْمِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّدَاوِي كَانَ مُدَّخَرًا مُقْتَاتًا أَمْ لَا كَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ نَحْوِ تُفَّاحٍ وَمُشْمِسٍ وَكَالْخُضَرِ نَحْوِ بِطِّيخٍ وَكَالْبُقُولِ نَحْوِ   [حاشية العدوي] وَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْفَسْخِ، وَأَمَّا إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِعْلُ عُمَرَ) أَيْ مِنْ طَرْحِ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ) أَيْ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ. (قَوْلُهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُبَيِّنَ غِشَّهُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ فَلَا بَأْسَ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ) أَيْ أَوْ يَبِيعُهُ غَيْرَ مُبَيِّنٍ غِشَّهُ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ فَلَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ) أَيْ أَوْ بَاعَهُ وَأَمْكَنَ رَدُّهُ قَالَ عج ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِطْلَاقِ غَيْرِهِ أَنَّهُ مَتَى بَاعَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَفُتْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ عَالِمٌ بِغِشِّهِ بِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي ك وَأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا حِينَ الشِّرَاءِ بِغِشِّهِ وَاشْتَرَاهُ لِيَغُشَّ بِهِ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يُبَيِّنَ غِشَّهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ إنْ لَمْ يَبِعْهُ وَبِثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ أَيْ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَفِي عب يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي بَائِعِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَالِمًا بِغِشِّهِ وَاشْتَرَاهُ لِيَغُشَّ بِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ، وَهُوَ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ مَنْ يَكْسِرُهُ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ كَسْرَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا) أَيْ فَيُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالْبَقَاءِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَصْلَ النَّشَا وَالصَّمْغِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا فِيهِ فَبَيْعُ الْغِشِّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَرَدِيءٍ) أَيْ مَعَ رَدِيءٍ وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ وَيُكْسَرُ إنْ خِيفَ التَّعَامُلُ بِهِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فَفِيهِ إصْلَاحٌ وَمَنْفَعَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثِيَّةِ تَمْيِيزِ اللَّحْمِ عَنْ الْجِلْدِ وَتَيَسُّرِ السَّلْخِ وَعِبَارَةُ شَبَّ فَفِيهِ بِالْفَاءِ فَيَظْهَرُ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَبِالْعَصِيرِ) ظَاهِرُهُ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ اللَّبَنِ بِالْعَصِيرِ لِيَتَعَجَّلَ تَخْلِيلَهُ أَيْ لِيَتَعَجَّلَ كَوْنَهُ خَلًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَا بَأْسَ بِخَلْطِ الْمَاءِ بِالْعَصِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ التِّبْنُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْقَمْحِ) أَيْ فَإِذَا صَارَ الْقَمْحُ مُخْتَلَطًا بِذَلِكَ التِّبْنِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ فُعِلَ لِإِصْلَاحٍ (قَوْلُهُ وُجُوهُ الرِّبَا) هِيَ الزِّيَادَةُ فِي الْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ مُحَقَّقَةٌ أَوْ مُتَوَهَّمَةٌ، وَالتَّأْخِيرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ. (قَوْلُهُ عَلَى كَوْنِهِ) أَيْ كَوْنِ الرِّبَا أَيْ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى كَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَوْ مُعَلَّلًا مَعَ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ، وَاخْتُلِفَ عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ هَلْ عِلَّتُهُ غَلَبَةُ الثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُهُ فَتُخَرَّجُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ إلَّا أَنَّ جُلَّ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا الْكَرَاهَةُ لِلتَّوَسُّطِ بَيْنَ الدَّلِيلِ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَابِهَا لَا عَلَى الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (قَوْلُهُ الْفُلُوسُ النُّحَاسُ) أَيْ الَّتِي مِنْ النَّحَّاسِ وَهُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ وَقَوْلُهُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِبَعْضِ قَوْلِهِ إلَخْ وَهُوَ قَوْلُهُ وَطَعَامٌ. [فَصَلِّ فِي الربا] (قَوْلُهُ: الطُّعْمِ) بِالضَّمِّ الطَّعَامُ أَيْ: مُجَرَّدُ كَوْنِهِ طَعَامًا. (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) صَادِقٌ بِمَا انْتَفَى عَنْهُ الْأَمْرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: نَحْوَ تُفَّاحٍ وَمِشْمِشٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ التُّفَّاحَ لَا يُدَّخَرُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ وَهَلْ هُوَ مُقْتَاتٌ تَقُومُ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَمِشْمِشٍ لَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ الْبِلَادِ يَدَّخِرُهُ وَبَعْضَهَا لَا وَهَلْ هُوَ مُقْتَاتٌ، أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُقْتَاتٍ (قَوْلُهُ: وَكَالْخُضَرِ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُقْتَاتَةً وَقَدْ تُدَّخَرُ كَالْمُلُوخِيَّةِ وَالْبَامِيَةِ فَإِنَّهُمَا قَدْ يُدَّخَرَانِ. (قَوْلُهُ: كَالْخُضَرِ وَالْبُقُولِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبُقُولَ مَا يُقْلَعُ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْخُضَرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 خَسٍّ وَهِنْدَبَا وَأَمَّا عِلَّةُ رِبَا الْفَضْلِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ وَهَلْ لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ تَأْوِيلَانِ (ش) الْمُرَادُ بِالْعِلَّةِ الْعَلَامَةُ أَيْ: عَلَامَةُ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ الِاقْتِيَاتُ وَهُوَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ بِهِ وَفَسَادُهَا بِعَدَمِهِ وَالِادِّخَارُ وَهُوَ عَدَمُ فَسَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا حَدَّ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا الْمَرْجِعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَحَكَى التَّادَلِيّ حَدَّهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ الْوَصْفَيْنِ اتِّخَاذُهُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةٌ عَلَى الِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ تَأْوِيلَانِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي رِبَوِيَّةِ التِّينِ وَالْبَيْضِ وَالْجَرَادِ وَالزَّيْتِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَيْضِ وَالزَّيْتِ عَلَى أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَذَكَرَ فِي الْجَرَادِ الْخِلَافَ فِي رِبَوِيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ وَذَكَرَ أَنَّ التِّينَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَكَوْنُهُ مُتَّخَذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا، ثُمَّ نُخَالَةَ الْقَمْحِ طَعَامٌ بِخِلَافِ نُخَالَةِ الشَّعِيرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ حُرْمَةَ رِبَا الْفَضْلِ فِي الطَّعَامِ وَلَوْ فِي قَلِيلٍ فَلَا تُبَاعُ حَبَّةُ قَمْحٍ بِحَبَّتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (ص) كَحَبٍّ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ (ش) مِثَالٌ لِمَا وُجِدَتْ الْعِلَلُ فِيهِ وُجُودًا وَاضِحًا وَلِبَيَانِ اتِّحَادِ جِنْسِ الثَّلَاثَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ جِنْسٌ) أَيْ الثَّلَاثَةُ جِنْسٌ وَاحِدٌ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا لِاتِّحَادِ مَنْفَعَتِهَا، أَوْ تَقَارُبِهَا فِي الْقُوتِيَّةِ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ فِي أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ   [حاشية العدوي] مَا يُتَنَاوَلُ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ كَالْبَامِيَةِ وَالْمُلُوخِيَّةِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: وَهِنْدَبَا) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَقَدْ تُكْسَرُ مَقْصُورَةٌ وَتُمَدُّ بَقْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ نَافِعَةٌ لِلْمَعِدَةِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ أَكْلًا وَلِلَسْعَةِ الْعَقْرَبِ ضِمَادًا بِأُصُولِهَا قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْغِيطَانِ يَعْرِفُهَا النَّاسُ. (قَوْلُهُ: عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا) إضَافَةُ طَعَامٍ إلَى الرِّبَا مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى الصِّفَةِ أَيْ: الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ أَيْ: عِلَّةُ حُرْمَةِ إلَخْ (فَائِدَةٌ) الطَّعَامُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ، أَوْ لِإِصْلَاحِهِ، أَوْ لِشُرْبِهِ اهـ. فَيَدْخُلُ الْمِلْحُ وَالْفُلْفُلُ لَا الزَّعْفَرَانُ وَمَاءُ الْوَرْدِ وَالْمَصْطَكَى وَالزَّرَارِيعُ الَّتِي لَا زَيْتَ لَهَا وَالْحَرْفُ وَهُوَ حَبُّ الرَّشَادِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِشُرْبِهِ عَطْفٌ عَلَى أَكْلٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ اللَّبَنُ؛ لِأَنَّهُ غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِشُرْبِ الْآدَمِيِّ وَيَخْرُجُ الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِغَيْرِ شُرْبِ الْآدَمِيِّ لِكَثْرَةِ مَنْ يَشْرَبُهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَيَرِدُ عَلَى هَذَا زَيْتُ الزَّيْتُونِ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَلَا يَغْلِبُ اتِّخَاذُهُ لِلشُّرْبِ وَلَا لِلطَّعَامِ بَلْ الْغَالِبُ فِيهِ الْوَقِيدُ وَالْأَدْهَانُ وَنَحْوُهُمَا وَلَمْ يَغْلِبْ اتِّخَاذُهُ لِإِصْلَاحِ الطَّعَامِ أَيْضًا وَيُجَابُ بِأَنَّ أَصْلَ اتِّخَاذِهِ لِلطَّعَامِ وَلِإِصْلَاحِهِ وَمَا عَدَاهُ عَارِضٌ وَالْعَارِضُ لَا يُعْتَبَرُ، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ طَعَامًا فِي عُرْفٍ وَغَيْرَ طَعَامٍ فِي عُرْفٍ فَإِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ اللَّيْمُونُ طَعَامٌ وَالنَّارِنْجُ غَيْرُ طَعَامٍ وَكَأَنَّهُ أَجْرَاهُ عَلَى عُرْفِ بَلَدِهِ تُونُسَ أَنَّ اللُّيَّمَ يَصْبِرُ لِلْإِدَامِ وَالنَّارِنْجُ إنَّمَا يُصْنَعُ لِلْمَصْبَغَاتِ وَنَحْوِهَا وَلَا يُؤْكَلُ إلَّا نَادِرًا وَلَوْ عَكَسَ، أَوْ جَرَى مَجْرَى اللُّيَّمِ فِي بَلَدٍ لَكَانَ طَعَامًا. اهـ. وَانْظُرْ عَلَى أَنَّ كُلًّا طَعَامٌ هَلْ هُمَا جِنْسَانِ، أَوْ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصْطَكَى تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَالْفُلْفُلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: اقْتِيَاتٌ) وَفِي مَعْنَى الِاقْتِيَاتِ إصْلَاحُ الْقُوتِ فَيَدْخُلُ الْمِلْحُ وَالتَّوَابِلُ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ إلَخْ) وَهَلْ يُقْتَصَرُ فِي الْعِلَّةِ عَلَى مَا سَبَقَ، أَوْ يُشْتَرَطُ مَعَهَا كَوْنُهُ مُتَّخَذًا لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ، أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْعِلَّةِ الْعَلَامَةُ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعِلَّةِ الْمُؤَثِّرَةَ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْأَشْيَاءِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ قَدِيمٌ فَلَا يُعْقَلُ فِيهِ تَأْثِيرٌ. (قَوْلُهُ: الطَّعَامُ الرِّبَوِيُّ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ إضَافَةَ طَعَامٍ إلَى الرِّبَا مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ لِلصِّفَةِ لَكِنْ بِالتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الرِّبَوِيُّ لَا الرِّبَا أَيْ: عِلَّةُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ إلَّا أَنَّ فِي الْكَلَامِ رَكَّةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فَسَّرَ الرِّبَوِيَّ بِمَا يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ عِلَّةُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِيَامُ الْبِنْيَةِ بِهِ وَفَسَادُهَا بِعَدَمِهِ) أَيْ: ذُو قِيَامِ الْبِنْيَةِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَفَسَادُهَا بِعَدَمِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِعَدَمِ الْتِئَامِهِ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى وَفَسَادُهَا بِعَدَمِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ فَسَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ) أَيْ: إلَى الْأَمَدِ الْمُبْتَغَى مِنْهُ أَيْ: الزَّمَنِ الَّذِي يُرَادُ لَهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) بَلْ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمَرْجِعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَالْعُرْفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، ثُمَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الِادِّخَارُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمَا كَانَ ادِّخَارُهُ نَادِرًا وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجَوْزِ وَالرُّمَّانِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وَكَذَا فِي الْبِطِّيخِ وَالتُّفَّاحِ وَلَوْ كَانَ يُدَّخَرُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ مِنْ شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: اتِّخَاذُهُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا) أَيْ: أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ اسْتِعْمَالَهُ فِي اقْتِيَاتِ الْآدَمِيِّ بِالْفِعْلِ كَقَمْحٍ، أَوْ أَنْ لَوْ اُسْتُعْمِلَ كَدُخْنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَلَبَةِ الْأَكْثَرِيَّةَ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الزَّيْتَ تَقُومُ الْبِنْيَةُ بِهِ وَحْدَهُ أَنْ لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ) فَإِنْ قُلْنَا هِيَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَغَلَبَةُ الْعَيْشِ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَإِنْ قُلْنَا الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ فَقَطْ فَرِبَوِيٌّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَنَّ التِّينَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ) وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ التِّينَ رِبَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نُخَالَةِ الشَّعِيرِ) أَيْ: فَلَيْسَتْ بِطَعَامٍ بِالْكُلِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُرْمَةِ رِبَا النَّسَاءِ وَهِيَ مُطْلَقُ الطُّعْمِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ لَا التَّدَاوِي. (قَوْلُهُ: كَحَبٍّ إلَخْ) أَيْ: بُرٍّ وَأَطْلَقَ اتِّكَالًا عَلَى شُهْرَتِهِ وَعَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ جِنْسٌ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَبَّ شَامِلٌ لِلْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ. (قَوْلُهُ: الْعِلَلُ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَتَسَمَّحَ فِي التَّعْبِيرِ فَأَطْلَقَ عَلَى أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ عِلَلًا، أَوْ أَلْ لِلْجِنْسِ الْمُتَحَقِّقِ فِي وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الْقُوتِيَّةِ) رَاجِعٌ لِاتِّحَادِ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ تَقَارُبِهَا فَاتِّحَادُ الْمَنْفَعَةِ نَاظِرٌ لِلْقَمْحِ مَعَ السُّلْتِ وَقَوْلُهُ، أَوْ تَقَارُبِهَا نَاظِرٌ لِلشَّعِيرِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ إلَخْ) قَائِلًا إنَّ مَنْفَعَتَهُمَا مُتَبَاعِدَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 جِنْسَانِ وَالسُّلْتُ حَبٌّ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ لَا قِشْرَ لَهُ (ص) وَعَلَسٌ وَأُرْزٌ وَدَخَنٌ وَذُرَةٌ وَهِيَ أَجْنَاسٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ أَجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَهَا يَدًا بِيَدٍ وَهِيَ الْعَلَسُ حَبٌّ مُسْتَطِيلٌ عَلَيْهِ زَغَبٌ حَبَّتَانِ مِنْهُ فِي قِشْرَةٍ قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ الْبُرِّ طَعَامُ أَهْلِ صَنْعَاءَ وَالْأُرْزُ مَعْرُوفٌ وَالدُّخْنُ قَرِيبٌ مِنْ حَبِّ الْبِرْسِيمِ وَهُوَ قَمْحُ السُّودَانِ وَالذُّرَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتُسَمَّى البشنة وَفِي عُرْفِ أَهْلِ الطَّائِفِ بِالْأُحَيْرِشِ (ص) وَقُطْنِيَّةٌ وَمِنْهَا كِرْسِنَّةٌ وَهِيَ أَجْنَاسٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَطَانِيَّ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ أَجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَهَا يَدًا بِيَدٍ وَهِيَ الْعَدَسُ وَاللُّوبْيَا وَالْحِمَّصُ وَالتُّرْمُسُ وَالْفُولُ وَالْجُلُبَّانُ وَالْبَسِيلَةُ وَهِيَ الْمَاشُّ وَالْكِرْسِنَّةُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُجَانَسَةُ الْعَيْنِيَّةُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَقَارُبُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَهُمَا جِنْسَانِ فِي الْبَيْعِ وَالْقُطْنِيَّةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَتَسْهِيلِ الْيَاءِ وَاحِدَةُ الْقَطَّانِيِّ كُلُّ مَا لَهُ غِلَافٌ كَمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْثِلَةِ (ص) وَتَمْرٌ وَزَبِيبٌ وَلَحْمُ طَيْرٍ وَهُوَ جِنْسٌ (ش) أَيْ: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ التَّمْرِ بَرْنِيُّ وَصَيْحَانِيٌّ وَعَجْوَةٌ جَدِيدٌ، أَوْ قَدِيمٌ عَلِيٌّ، أَوْ دَنِيءٌ وَالزَّبِيبُ أَحْمَرُهُ وَأَسْوَدُهُ صَغِيرُهُ، أَوْ كَبِيرُهُ، أَوْ قشمش وَهُوَ زَبِيبٌ صَغِيرٌ لَا عُجْمَ لَهُ وَلَحْمُ الطَّيْرِ بَرِّيٌّ، أَوْ بَحْرِيٌّ مِنْ دَجَاجٍ وَإِوَزٍّ وَغِرْبَانٍ وَرَخَمٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَقَوْلُهُ وَهُوَ جِنْسٌ رَاجِعٌ لِلتَّمْرِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْزِيعِ أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جِنْسٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَحْمُ الطَّيْرِ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ (ص) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ (ش) كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَطْبُوخُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ طَبْخِهِ كَقَلْيِهِ بِعَسَلٍ وَأُخْرَى بِخَلٍّ، أَوْ لَبَنٍ اللَّخْمِيُّ الْقِيَاسُ اخْتِلَافُهُ لِتَبَايُنِ الْأَغْرَاضِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ طُبِخَ فِي أَمْرَاقٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَبْزَارٍ أَمْ لَا وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ جِنْسًا وَاحِدًا وَمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَطَبْخُ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ غَيْرِ هَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَقْلِهِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ (ص) كَدَوَابِّ الْمَاءِ (ش) أَيْ: جِنْسٌ وَاحِدٌ وَيَدْخُلُ فِي دَوَابِّ الْمَاءِ آدَمِيُّ الْمَاءِ وَفَرَسُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ تِمْسَاحٍ   [حاشية العدوي] تَقَارُبَ مَنْفَعَتِهِمَا يُصَيِّرُهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ «الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا» إلَى أَنْ قَالَ «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ» إلَخْ مِمَّا يُقَوِّي كَلَامَ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُوَافِقُ عَلَى كَوْنِ السُّلْتِ مَعَ الْقَمْحِ جِنْسًا وَاحِدًا وَهِيَ إحْدَى الثَّلَاثِ الَّتِي حَلَفَ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّهُ لَا يُفْتِي فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ الثَّانِيَةُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ الثَّالِثَةُ التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ . (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَجْنَاسٌ) أَيْ: الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا هَلْ هِيَ جِنْسٌ، أَوْ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا الْعَلَسُ فَخَارِجٌ عَنْهَا إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ جِنْسٌ مِنْهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ، أَوْ جِنْسٌ بِانْفِرَادِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَمْحُ السُّودَانِ) أَيْ: كَالْقَمْحِ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّودَانِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ السُّودَانُ لَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ قَمْحًا (قَوْلُهُ: كِرْسِنَّةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ قَالَ تت قَرِيبَةٌ مِنْ الْبِسِلَّةِ وَفِي لَوْنِهَا حُمْرَةٌ وَقَالَ الْبَاجِيُّ هِيَ الْبِسِلَّةُ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحِمَّصُ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَفْتُوحَةً وَمَكْسُورَةً مَعَ كَسْرِ الْحَاءِ فِيهِمَا وَالْعَدَسُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُمِّيَتْ قَطَانِيَ؛ لِأَنَّهَا تَقْطُنُ بِالْمَكَانِ أَيْ: تَمْكُثُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْبَسِيلَةُ) هِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَنَا بِالْبِسِلَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمَاشُّ) تَفْسِيرٌ لِلشَّيْءِ بِالظَّاهِرِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَالْعِرَاقِ لَا فِي بِلَادِنَا (قَوْلُهُ: الْمُجَانَسَةُ الْعَيْنِيَّةُ) أَيْ: الْمُنَاسَبَةُ الْعَيْنِيَّةُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) أَيْ: فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَيْنِيَّةُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَقَارُبُ الْمَنْفَعَةِ هَذَا مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَالطَّاءُ سَاكِنَةٌ وَقَوْلُهُ وَبِتَسْهِيلِ الْيَاءِ أَيْ: تَخْفِيفِهَا وَيُفِيدُهُ مُحَشِّي تت وَحَكَى صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ إنَّهَا بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَحَكَى فَتْحَ الطَّاءِ وَالْقَافِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ جِنْسٌ إلَخْ) إنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ وَهِيَ أَجْنَاسٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ التَّمْرَ أَجْنَاسٌ وَالزَّبِيبَ أَجْنَاسٌ وَهَكَذَا وَهَذَا لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ لِيَكُونَ رَاجِعًا لَهَا وَلِمَا هُنَا وَبَيَّنَهُمَا لَا؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَطْبُوخُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ عَامٌّ فِي الْمَطْبُوخِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ فَالِاسْتِدْلَالُ بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ حَيْثُ إذَا كَانَ الْمَطْبُوخُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ طَبْخِهِ فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ لَحْمُ الطَّيْرِ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ مَرَقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَطْبُوخِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَطْبُوخُ كُلُّهُ صِنْفٌ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ اللَّحْمِ أَيْ: أَنْوَاعُ الْمَطْبُوخِ مِنْ عَدَسٍ وَحِمَّصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَقَلِيَّةٍ) لَعَلَّهُ أَرَادَ قَمْحًا مَقْلِيًّا مَثَلًا مَطْبُوخًا بِعَسَلٍ، أَوْ بِخَلٍّ وَانْظُرْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِعَسَلٍ أَيْ: مُلْتَبِسَةً بِعَسَلٍ (قَوْلُهُ: اللَّخْمِيُّ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِلْمُصَنِّفِ فَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ اخْتِلَافُهُ) رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بِلَوْ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَهْرَامٌ (قَوْلُهُ: بِأَبْزَارٍ أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ أَبْزَارٌ يَحْصُلُ الِاخْتِلَافُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَبْزَارٌ فَأَيْنَ الِاخْتِلَافُ قُلْت الِاخْتِلَافُ يَكُونُ بِغَيْرِ الْأَبْزَارِ كَالرُّزِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَبْزَارِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَمَا سَيَأْتِي) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: أَمْ لَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَلَحْمٌ طُبِخَ بِأَبْزَارٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا سَيَأْتِي فِي إخْرَاجِهِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ وَمَا هُنَا لَيْسَ فِي ذَلِكَ بَلْ فِي إبْقَائِهَا عَلَى أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ كَلْبِهِ وَخِنْزِيرِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 وَسُلَحْفَاةٍ وَحُوتٍ وَبَيَاضٍ حَيِّهَا وَمَيِّتِهَا (ص) وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ وَإِنْ وَحْشِيًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ ذَوَاتَ الْأَرْبَعِ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَإِبِلٍ وَلَوْ وَحْشِيًّا كَغَزَالٍ وَحِمَارٍ وَحْشٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا وَهَذَا فِي مُبَاحِ الْأَكْلِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْأَنْعَامُ وَالْوَحْشُ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ انْتَهَى قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا، أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَأَمَّا بِالْهِرِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ فَمَكْرُوهٌ بَيْعُ لَحْمِ الْأَنْعَامِ بِهَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا وَمَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ انْتَهَى وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَكْرُوهَ الْأَكْلِ مِنْ ذَاتِ الْأَرْبَعِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحِ مِنْهَا وَإِلَّا لَحَرُمَ بَيْعُ لَحْمِ الْمُبَاحِ مِنْهَا بِالْمَكْرُوهِ مُتَفَاضِلًا وَإِنَّمَا كَرِهَ التَّفَاضُلَ فِي بَيْعِ لَحْمِهَا بِلَحْمِ الْمُبَاحِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي حُرْمَةِ أَكْلِهَا وَعَدَمِهَا وَلَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْوَطْوَاطِ مَعَ مُبَاحِ الْأَكْلِ مِنْهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ كَكَلْبِ الْمَاءِ وَخِنْزِيرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِمَا (ص) وَالْجَرَادُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَرَادَ طَعَامٌ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ طَعَامٌ رِبَوِيٌّ، أَوْ طَعَامٌ غَيْرُ رِبَوِيٍّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي رِبَوِيَّتِهِ خِلَافٌ) فَقَوْلُهُ وَالْجَرَادُ بِالرَّفْعِ أَيْ: وَالْجَرَادُ طَعَامٌ وَعَلَى جَرِّهِ عَطْفًا عَلَى حَبٍّ، أَوْ دَوَابَّ يَصِيرُ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَفِي رِبَوِيَّتِهِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّ الْحَبَّ رِبَوِيٌّ وَدَوَابُّ الْمَاءِ رِبَوِيٌّ (ص) وَفِي جِنْسِيَّةِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ: وَفِي كَوْنِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ بِأَبْزَارٍ فِي قِدْرٍ، أَوْ قُدُورٍ كَلَحْمِ طَيْرٍ وَلَحْمِ حُوتٍ، أَوْ لَحْمٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ جِنْسًا وَاحِدًا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَعَدَمُ كَوْنِهِ جِنْسًا بَلْ هُمَا جِنْسَانِ عَلَى حَالِهِمَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَانِ وَأَمَّا إنْ طُبِخَ أَحَدُهُمَا بِمَا يُنْقَلُ بِأَنْ طُبِخَ بِأَبْزَارٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِهَا، أَوْ طُبِخَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ أَبْزَارٍ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ قَطْعًا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بِيعَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا إنْ قُلْنَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَيَجُوزُ إنْ قُلْنَا جِنْسَانِ وَأَمَّا هُمَا مَعَ لَحْمٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطْبُوخًا بِنَاقِلٍ جَازَ بَيْعُهُ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ مُتَفَاضِلًا سَوَاءً كَانَ مِنْ جِنْسِهِمَا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا بِنَاقِلٍ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا هَلْ يَصِيرُ مَعَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا، أَوْ يَبْقَى كُلٌّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (ص) وَالْمَرَقُ وَالْعَظْمُ وَالْجِلْدُ كَهُوَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرَقَ إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِلَحْمٍ، أَوْ مَرَقٍ وَلَحْمٍ بِمِثْلِهِمَا كَاللَّحْمِ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْمَرَقَةُ، أَوْ اخْتَلَفَتْ وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْمَبِيعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَذَلِكَ الْعَظْمُ الْمُخْتَلِطُ بِاللَّحْمِ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالْأَكَارِعِ إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِلَحْمٍ بَعْدَ الْعَظْمِ كَأَنَّهُ لَحْمٌ وَهَذَا إنْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَأَمَّا إنْ انْفَصَلَ عَنْهُ اللَّحْمُ فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا فَلَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَيُبَاعُ بِاللَّحْمِ مُتَفَاضِلًا كَالنَّوَى بِالتَّمْرِ وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ كَاللَّحْمِ وَلَوْ كَانَ الْجِلْدُ مُنْفَصِلًا عَنْ اللَّحْمِ فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِأُخْرَى وَلَا يُسْتَثْنَى الْجِلْدُ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ بِخِلَافِ الصُّوفِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: بِالْخَيْلِ) أَيْ: الْحَيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالْهِرِّ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ: وَأَمَّا الْهِرُّ وَالثَّعْلَبُ وَالضَّبُعُ أَيْ: الْأَحْيَاءُ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا) أَيْ: بِالتَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي كَمَا نُبَيِّنُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ بِالْجَوَازِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا) أَيْ: بِالْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا الصَّادِقِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَقَوْلُهُ وَمَالِكٌ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ وَأَيُّ شَيْءٍ ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَجَابَ بِقَوْلِهِ وَمَالِكٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ) أَيْ: كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كُرِهَ التَّفَاضُلُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مُقْتَضَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْجِنْسِيَّةِ جَوَازُ التَّفَاضُلِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ بِالْكَرَاهَةِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ أَيْ: مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ أَكْلِهَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ الْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ وَقَوْلُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ أَيْ: كَرَاهَةَ بَيْعِ لَحْمِ الْأَنْعَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ يَكُونُ مُبَاحُ الْأَكْلِ وَمَكْرُوهُهُ جِنْسًا وَاحِدًا وَإِنْ قُلْنَا عَلَى التَّنْزِيهِ يَكُونَانِ جِنْسَيْنِ (وَأَقُولُ) قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْأَنْعَامُ وَالْوَحْشُ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَنْعَامَ لَا تَشْمَلُ الْهِرَّ وَالثَّعْلَبَ وَالضَّبُعَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِمَا) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْجَوَازُ. (قَوْلُهُ: يَصِيرُ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا قَالَ نَوْعُ تَكْرَارٍ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُصَنِّفَ ذَهَبَ أَوَّلًا إلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُ مِنْ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا، ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ. (قَوْلُهُ: فِي قَدْرٍ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ اللَّحْمِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عب أَنَّ مَرَقَ كُلٍّ كَلَحْمِهِ وَلَكِنْ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرَقِ إلَّا إذَا طُبِخَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي إنَاءٍ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا بِنَاقِلٍ إلَخْ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِلَحْمٍ) ، أَوْ بِهِمَا، فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرَقٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي بِيَعٍ. وَالتَّقْدِيرُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرَقَ إذَا بِيعَ مَرَقٌ وَلَحْمٌ بِمِثْلِهِمَا أَيْ: أَوْ بِمَرَقٍ، أَوْ بِلَحْمٍ فَهَذِهِ صُوَرٌ خَمْسٌ. (قَوْلُهُ: كَاللَّحْمِ) خَبَرُ إنَّ أَيْ: إنَّ الْمَرَقَ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ يُعَدُّ كَاللَّحْمِ (قَوْلُهُ: اتَّفَقَتْ الْمَرَقَةُ) بِأَنَّ كُلًّا بِخَلٍّ وَقَوْلُهُ، أَوْ اخْتَلَفَتْ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِعَسَلٍ وَالْآخَرُ بِلَبَنٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا) أَيْ: كَالْقَرْقُوشِ. (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ بِاللَّحْمِ مُتَفَاضِلًا) وَلَا يُنْظَرُ لِمَا فِي الْمُنْفَصِلِ مِنْ الْمُخِّ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ مِنْ إخْرَاجِ مَا فِي الْعَظْمِ مِنْ الدُّهْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ) أَيْ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْبُوغًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَدْبُوغًا فَيَصِيرُ كَالْعَرْضِ (قَوْلُهُ: فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِأُخْرَى) أَيْ: وَزْنًا وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِمَا فِي دَاخِلِ بَطْنِهَا مِنْ الْفَضَلَاتِ الْمُحْتَمِلَةِ لِتَفَاوُتِهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 لِأَنَّهُ عَرْضٌ مَعَ طَعَامٍ (ص) وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ (ش) الْمَازِرِيُّ إنَّمَا يُجَوِّزُ الْبَيْضَ بِالْبَيْضِ بِشَرْطِ تَحَرِّي الْمُسَاوَاةِ وَاتِّحَادِ قَدْرِهِ وَإِنْ اقْتَضَى التَّحَرِّي مُسَاوَاةَ بَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ بَيْضُ النَّعَامِ بِبِيضِ الدَّجَاجِ تَحَرِّيًا بَعْدَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ صَاحِبُ بَيْضِ النَّعَامِ قِشْرَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قَدْرًا مِنْ الثَّمَنِ فَيَصِيرُ الْبَيْضُ بِالْبَيْضِ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ فَقَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ أَيْ: إذَا بِيعَ بِبَيْضِ غَيْرِهِ، أَوْ بِبَيْضِ نَعَامٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ حَيْثُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ بَيْعُ عَرْضٍ وَطَعَامٍ بِطَعَامٍ، أَوْ بِعَرْضٍ وَطَعَامٍ (ص) وَذِي زَيْتٍ كَفُجْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا لَهُ زَيْتٌ كَبِزْرِ الْفُجْلِ وَالسَّلْجَمِ وَالْجُلْجُلَانِ وَالْقُرْطُمِ وَالزَّيْتُونِ رِبَوِيٌّ وَلَكِنَّهُ أَصْنَافٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ (وَالزُّيُوتُ أَصْنَافٌ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ زُيُوتُهَا أَجْنَاسًا كَانَتْ أُصُولُهَا أَجْنَاسًا بِالْأَوْلَى فَإِنْ قُلْت وَمِنْ أَيْنَ يُسْتَفَادُ أَنَّ الزُّيُوتَ رِبَوِيَّةٌ قُلْت مِنْ حُكْمِهِ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا أَصْنَافٌ أَيْ: أَجْنَاسٌ إذْ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ رِبَوِيَّةً وَأَيْضًا الْحُكْمُ عَلَى أَصْلِهَا بِالرِّبَوِيَّةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ لَا يُقَالُ يَرِدُ النَّشَا لِأَنَّهُ فَرْعُ الْقَمْحِ وَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ لِأَنَّا نَقُولُ الْكَلَامُ فِي فَرْعٍ قَرِيبٍ مِنْ أَصْلِهِ وَالنَّشَا بَعِيدٌ مِنْهُ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَذِي بِالْجَرِّ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى حَبٍّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَذُو زَيْتٍ بِالرَّفْعِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَصْنَافٌ وَالزُّيُوتُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِخْبَارُ بِالْجَمْعِ عَنْ الْمُفْرَدِ؛ لِأَنَّ ذُو شَامِلٌ لِمُتَعَدِّدٍ لَكِنَّ نُسْخَةَ الْجَرِّ أَوْلَى لِأَنَّهَا تُفِيدُ فَائِدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ أُصُولَ الزُّيُوتِ طَعَامٌ رِبَوِيٌّ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا أَصْنَافٌ لَا يُقَالُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا أَصْنَافٌ لِأَنَّا نَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ زُيُوتِهَا أَصْنَافًا أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ وَنُسْخَةُ الرَّفْعِ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا كَوْنُهُ رِبَوِيًّا وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ ذَا الزُّيُوتِ أَصْنَافٌ وَكَوْنُهُ رِبَوِيًّا، أَوْ لَا مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَيُفِيدُ قَوْلُهُ وَذُو زَيْتٍ بِمَا يُؤْكَلُ زَيْتُهُ غَالِبًا لَا عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي فَلَا يَرِدُ أَكْلُ بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَالصَّعِيدِ لِزَيْتِ بِزْرِ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ وَلَا مَا يُؤْكَلُ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي كَدُهْنِ اللَّوْزِ وَقَوْلُهُ كَفُجْلٍ أَيْ: الْأَحْمَرِ وَأَمَّا حَبُّ الْفُجْلِ الْأَبْيَضِ فَلَيْسَ بِطَعَامٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَا زَيْتَ لَهُ (ص) كَالْعُسُولِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي كَوْنِهَا أَصْنَافًا وَأَمَّا كَوْنُهَا رِبَوِيَّةً فَسَيَذْكُرُهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَعَسَلٌ وَقَدْ يُقَالُ جَعْلُهَا أَصْنَافًا يُفِيدُ كَوْنَهَا رِبَوِيَّةً وَتَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ أَيْ: الْعُسُولُ الْمُخْتَلِفَةُ الْأُصُولِ مِنْ نَحْلٍ وَقَصَبٍ وَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا (ص) لَا الْخُلُولِ وَالْأَنْبِذَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخُلُولَ كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِذَةُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْ الْخُلُولِ الْحَمْضُ وَمِنْ الْأَنْبِذَةِ الشُّرْبُ فَقَوْلُهُ لَا الْخُلُولُ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ أَعْنِي قَوْلَهُ الْعُسُولَ فَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْكَافِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِلَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَحُكْمُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَصْنَافٌ وَحُكْمُ الْمَعْطُوفِ مُخَالِفٌ لَهُ فَهُوَ صِنْفٌ (ص) وَالْأَخْبَازُ (ش) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْأَنْبِذَةِ وَأَلْ لِلْعُمُومِ وَمِنْهَا أَيْ: كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ (ص) وَلَوْ بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً (ش) كَفُولٍ وَنَحْوِهِ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَرْضٌ مَعَ طَعَامٍ أَيْ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرْضِ مَعَ الطَّعَامِ بِطَعَامٍ وَلَا بِعَرْضٍ وَطَعَامٍ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ الْمُصَاحِبَ لِلطَّعَامِ يُعَدُّ طَعَامًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِوَزْنِ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ لَا يُوزَنَ وَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ صَاحِبٌ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِثْنَاءَ الشَّارِعِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيْضِ فَيَصِيرُ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ أَيْ: لِأَنَّهُ يُنَزِّلُ الْعَرْضَ مَنْزِلَةَ الْبَيْضِ (قَوْلُهُ: أَيْ: إذَا بِيعَ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا بِيعَ بِدَرَاهِمَ مَثَلًا فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَعَلَى رَبِّ الْبَيْضِ أُجْرَةُ كَسْرِهِ وَمِثْلُ بَيْضِ النَّعَامِ بَيْعُ عَسَلٍ بِشَمْعِهِ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِعَسَلٍ بِدُونِ شَمْعِهِ فَيَجُوزُ إنْ اسْتَثْنَى الشَّمْعَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ بِيعَ بِدَرَاهِمَ، أَوْ نَحْوِهَا جَازَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ زُيُوتُهَا أَجْنَاسًا) أَيْ: مَعَ اتِّحَادِ الصُّورَةِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ أُصُولُهَا أَجْنَاسًا بِالْأَوْلَى أَيْ: لِاخْتِلَافِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) وَجْهَ الْبُعْدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّشَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ فِي تَحْسِينِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا فَقَدْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْأَكْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْإِخْبَارُ إلَخْ) فِيهِ إذَا كَانَ الزُّيُوتُ عَطْفًا عَلَى ذُو فَالْمُخْبَرُ عَنْهُ مُتَعَدِّدٌ وَهُوَ ذُو زَيْتٍ وَزُيُوتٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ ذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ لَكِنَّ الْمَعْنَى الْخَبَرُ مُتَعَدِّدٌ وَالتَّقْدِيرُ وَذُو زَيْتٍ أَصْنَافٍ وَالزُّيُوتُ أَصْنَافٌ (قَوْلُهُ: مَسْكُوتٌ عَنْهُ) تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ رَدَّهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ رِبَوِيَّةً (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي) قَيْدٌ ثَانٍ فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ: غَالِبًا وَالثَّانِي قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي وَقَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ أَكْلُ نَاظِرٍ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا مَا يُؤْكَلُ نَاظِرٌ لِلثَّانِي فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الطُّعْمِيَّةُ يُنْظَرُ فِيهَا لِلْعُرْفِ أَنْ يَكُونَ زَيْتُ الْكَتَّانِ إذَا اُسْتُعْمِلَ كَزَيْتِ الزَّيْتُونِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ) أَيْ: فَلَيْسَ بِطَعَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ هَذَا مُرَادُهُ لَكِنْ مَا قُلْنَاهُ يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَحْمَرُ) أَيْ: أَنَّ الْفُجْلَ نَفْسَهُ أَحْمَرُ لَا أَنَّ مُرَادَهُ بِزْرُهُ أَحْمَرُ. (قَوْلُهُ: الْأَبْيَضُ) صِفَةٌ لِلْفُجْلِ أَيْ: أَنَّ الْفُجْلَ أَبْيَضُ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ . (قَوْلُهُ: لَا الْخُلُولِ وَالْأَنْبِذَةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا جِنْسٌ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَعْنَى لَا الْخُلُولُ وَالْأَنْبِذَةُ فَكُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ الْخُلُولُ صِنْفٌ وَالْأَنْبِذَةُ صِنْفٌ وَكَأَنَّ سِرَّ الْعُدُولِ عَنْ ذَلِكَ التَّعْبِيرِ بِالْجَمْعِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ لَا الْخَلُّ وَالنَّبِيذُ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْخُلُولَ كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا الْخُلُولُ أَيْ: الْخُلُولَ لَيْسَتْ أَصْنَافًا بَلْ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَنْبِذَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ الْأَخْبَازِ الْأَسْوِقَةُ، ثُمَّ إنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِي دَقِيقِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَصْنَافٍ اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِي وَزْنِهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ السَّوِيقِ وَالْخُبْزِ لِاخْتِلَافِ طُعُومِهِمَا وَمَنَافِعِهِمَا فَإِنْ قِيلَ لِمَ كَانَ الْخُبْزُ كُلُّهُ جِنْسًا وَاحِدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَجَرَى فِي الْمَطْبُوخِ خِلَافٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْخَبْزَ أَشَدُّ مِنْ الطَّبْخِ لِاحْتِيَاجِهِ لِأُمُورٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّبْخِ؛ لِأَنَّ الْخَبْزَ لَا يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ الطَّبْخِ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْتَاجُ لِأُمُورٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهِ كَتَحْصِيلِ الْحَطَبِ وَالنَّارِ مَثَلًا (ص) إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ (ش) أَيْ: أَوْ أَدْهَانٍ كَالْإِسْفَنْجَةِ وَهِيَ الزَّلَابِيَةُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ عَمَّا لَا أَبْزَارَ فِيهِ وَلَا أَدْهَانَ وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَالْأَبْزَارُ جَمْعُهَا أَبَازِيرُ وَوَاحِدُهَا بِزْرٌ بِكَسْرٍ فِي الْأَفْصَحِ وَيُفْتَحُ وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ إذْ مَا عُجِنَ بِبِزْرٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ وَالْكَعْكَ بِدُهْنٍ صِنْفٌ وَاحِدٌ (ص) وَبَيْضٍ وَسُكَّرٍ وَعَسَلٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى حَبٍّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَيْضَ وَمَا مَعَهُ رِبَوِيٌّ وَالسُّكَّرَ كُلَّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَبِعِبَارَةٍ وَالْعَسَلُ رِبَوِيٌّ وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ مَعَ قَوْلِهِ كَالْعُسُولِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَصْنَافًا إلَّا وَهِيَ رِبَوِيَّةٌ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْعَسَلَ رِبَوِيٌّ قَالَ: وَعَسَلٍ وَلَوْ قَالَ: وَعَسَلٍ وَهُوَ أَصْنَافٌ كَفَاهُ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْضِ بَيْضُ الْحَشَرَاتِ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الطَّعَامِ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ كَمَا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ لَحْمَهَا كَذَلِكَ وَجَزَمَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ بِأَنَّ لَحْمَهَا رِبَوِيٌّ لَا يَظْهَرُ (ص) وَمُطْلَقُ لَبَنٍ (ش) أَيْ: فَإِنَّهُ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ وَدَوَامُهُ كَادِّخَارِهِ وَهُوَ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَآدَمِيِّ حَلِيبٍ وَمَخِيضٍ وَغَيْرِهِمَا وَالْمَخِيضُ مَا يُمْخَضُ بِالْقِرْبَةِ وَالْمَضْرُوبُ مَا يُضْرَبُ بِالْمَاءِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ وَاللِّبَأُ مِنْ جِنْسِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ الشَّعِيرِ لِلْقَمْحِ اللَّذَيْنِ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (ص) وَحُلْبَةٌ وَهَلْ إنْ اخْضَرَّتْ تَرَدُّدٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ قِيلَ هِيَ أَصْنَافٌ وَهُوَ قَوْلُ الْبَرْقِيِّ وَقِيلَ خُبْزُ الْقَطَّانِيِّ صِنْفٌ وَخُبْزُ غَيْرِهَا صِنْفٌ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِي وَزْنِهَا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نُظِرَ لِدَقِيقِهَا لَجَازَ التَّفَاضُلُ فَقَطَعَ النَّظَرَ عَنْ ذَلِكَ وَنَظَرَ لِصُورَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمَنَافِعِهِمَا) أَيْ: مَنْفَعَةُ الْخُبْزِ غَيْرُ مَنْفَعَةِ السَّوِيقِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْخُبْزَ أَشَدُّ) أَيْ: فَلَمَّا كَانَ الْخُبْزُ أَشَدَّ تَبَاعَدَ الْمَخْبُوزُ عَنْ أَصْلِهِ وَقُطِعَ النَّظَرُ عَنْ أَصْلِهِ وَصَارَ الْمَنْظُورُ لَهُ صُورَتَهُ وَهِيَ مُتَّحِدَةٌ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخُبْزَ لَا يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ الطَّبْخِ فَيَتَيَسَّرُ فَلَمَّا لَمْ يَتَيَسَّرْ لِكُلِّ أَحَدٍ وَيَتَعَذَّرُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ تَبَاعَدَ عَنْ أَصْلِهِ وَصَارَ النَّظَرُ لَهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْتَاجُ) لَا يَخْفَى أَنَّ أُمُورَ الْخُبْزِ أَكْثَرُ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا كَانَ الْخُبْزُ لَا يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَالطَّبْخُ يَتَيَسَّرُ لِكَثْرَةِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا الْخُبْزُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ) أَيْ: تَوَابِلَ وَمِثْلُ الْكَعْكِ غَيْرُهُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ أَدْهَانٌ) أَيْ: أَوْ سُكَّرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَبْزَارٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَيْثُ يَخْتَلِفُ الطَّعْمُ أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ وَمِثْلُ الْعَجْنِ بِالْأَبْزَارِ التَّلْطِيخُ بِهَا كَالْكَعْكِ بِالسِّمْسِمِ بِمِصْرَ لَا وَضْعُ حَبَّةٍ سَوْدَاءَ عَلَى بَعْضِ رَغِيفٍ. (قَوْلُهُ: كَالْإِسْفَنْجَةِ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ مَا فِيهِ أَبْزَارٌ وَمَا لَا أَبْزَارَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْأَبْزَارِ السُّكْرُ فَالْكَعْكُ بِهِ نَاقِلٌ عَمَّا بِدُونِهِ وَعَنْ خُبْزٍ وَانْظُرْ هَلْ مَا كَانَ بِسُكَّرٍ مَعَ ذِي الْأَبْزَارِ صِنْفٌ، أَوْ صِنْفَانِ وَكَذَا اُنْظُرْ فِي الْكَعْك بِأَبْزَارٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَيْثُ يَخْتَلِفُ طَعْمُ كُلٍّ هَلْ الْجَمِيعُ صِنْفٌ وَاحِدٌ، أَوْ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِاخْتِلَافِ الطَّعْمِ وَمِثْلُ الْعَجْنِ بِأَبْزَارٍ تَلْطِيخُهُ بِهَا كَالْكَعْكِ بِالسِّمْسِمِ بِمِصْرَ لَا وَضْعُ حَبَّةٍ سَوْدَاءَ عَلَى بَعْضِ رَغِيفٍ كَمَا ذَكَر ذَلِكَ فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَقَوْلُهُ نَوْعَ تَكْرَارٍ إنَّمَا عَبَّرَ بِنَوْعِ تَكْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَكْرَارًا صَرِيحًا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَصْنَافًا إلَخْ قَوْلُهُ: كَفَاهُ أَيْ: وَأَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ كَالْعُسُولِ وَلَوْ عَطَفَ قَوْلَهُ وَبَيْضٌ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ الْخُلُولُ فَتَكُونُ دَاخِلَةً فِي حَيِّزِ النَّفْيِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعَسَلِ نَوْعًا خَاصًّا كَعَسَلِ الْقَصَبِ وَالْمَعْنَى لَا الْعَسَلُ فَلَيْسَ أَصْنَافًا أَيْ: عَسَلَ قَصَبٍ وَحْدَهُ لَيْسَ بِأَصْنَافٍ بَلْ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ تَكْرَارًا أَصْلًا. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ) أَيْ: عَنْ قَوْلِهِ كَالْعُسُولِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الطَّعَامِ) فَإِنَّهُ عَرَّفَهُ كَمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ، أَوْ لِإِصْلَاحِهِ، أَوْ شُرْبِهِ انْتَهَى أَيْ: كَاللَّبَنِ وَلَا يَدْخُلُ الْمَاءُ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِشُرْبِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الشَّيْخُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ لَا يَظْهَرُ خَبَرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ: مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ مَا أَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ. (قَوْلُهُ: وَدَوَامُهُ كَادِّخَارِهِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ؛ لِأَنَّ ادِّخَارَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ سَمْنٍ وَجُبْنٍ بِمَنْزِلَةِ ادِّخَارِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَقَرٍ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَشْمَلُ مَكْرُوهَ الْأَكْلِ بَلْ لَيْسَ بِطَعَامٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَاللِّبَأُ مِنْ جِنْسِ اللَّبَنِ) أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْقَصْدِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ سَمْنٌ وَلَا يُؤْكَلُ إلَّا مَطْبُوخًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَصْلُهُ) أَيْ: لِأَنَّ اللِّبَأَ أَصْلُ اللَّبَنِ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْأَصَالَةِ كَوْنَهُ أَوَّلَ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْ ثَدْيِ الْبَقَرَةِ وَاللَّبَنُ يَتْبَعُهُ فِي الْخُرُوجِ أَيْ: يَأْتِي بَعْدَهُ وَإِلَّا فَاللَّبَنُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدُ لَمْ يَكُنْ لِبَأً وَانْقَلَبَ لَبَنًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْحَلَبَةِ فَقِيلَ طَعَامٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، أَوْ دَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ الْخَضِرَةُ طَعَامٌ وَالْيَابِسَةُ دَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ تَفْسِيرٌ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَرَأَى بَعْضٌ إبْقَاءَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلَى هَذَا التَّوْفِيقِ وَالْخِلَافِ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَلْ مُطْلَقًا إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ، أَوْ إنْ اخْضَرَّتْ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُلْبَةَ بِضَمِّ الْحَاءِ طَعَامٌ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ اخْضَرَّتْ وَأَمَّا الْيَابِسَةُ فَدَوَاءٌ وَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً مُطْلَقًا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا (ص) وَمُصْلِحِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى حَبٍّ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الطَّعَامِ وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ الِانْتِفَاعُ بِالطَّعَامِ عَلَيْهِ أَيْ: وَمُصْلِحُهُ رِبَوِيٌّ وَبِعِبَارَةٍ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَمُصْلِحُهُ كَذَلِكَ وَأَمَّا جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى حَبٍّ فَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَيْسَ مِنْ أَمْثِلَةِ الطَّعَامِ بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصْلِحَ فِي مَعْنَى الْمُقْتَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ اقْتِيَاتٌ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذَلِكَ بَلْ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْإِصْلَاحِ وَمَثَّلَ لِلْمُصْلِحِ بِقَوْلِهِ (كَمِلْحٍ وَبَصَلٍ وَثُومٍ) الْأَخْضَرُ وَالْيَابِسُ يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّفَاضُلُ (وَتَابِلٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَفُلْفُلٍ) بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ وَزَنْجَبِيلٍ (وَكُزْبُرَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَبِزَايٍ، أَوْ سِينٍ بَدَلَهَا وَضَمِّ الْبَاءِ الْجَوْهَرِيُّ وَقَدْ تُفْتَحُ وَأَظُنُّهُ مُعَرَّبًا انْتَهَى وَتَابِلٌ مُفْرَدُ تَوَابِلَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْأَلْفِ (ص) وَكَرَوْيا وَأَنِيسُونَ (ش) أَصْلُهُ كَرَوْيَى فَعَوْلَلْ وَكَزَكَرِيَّا وَتَيْمِيَّا (وَشَمَارٍ) بِوَزْنِ سَحَابٍ مَعْرُوفٌ (وَكَمُّونَيْنِ) أَبْيَضُ وَأَسْوَدُ وَهِيَ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ وَقَوْلُهُ (وَهِيَ أَجْنَاسٌ) أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ جِنْسٌ وَالْكَمُّونَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَمَّا ذَكَرَ مَا فِيهِ عِلَّةُ الرِّبَا أَخْرَجَ مِنْهُ مَا لَيْسَتْ فِيهِ فَقَالَ: (لَا خَرْدَلٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ كَمَا فِي التَّنْزِيلِ وَجَاءَ إعْجَامُهَا فَلَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ لَكِنَّ سِيَاقَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ بِاتِّفَاقٍ وَاسْتَظْهَرَ فِي تَوْضِيحِهِ رِبَوِيَّتَهُ وَكَذَا رِبَوِيَّةُ التِّينِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ هُنَا عَدُّهُمَا مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ وَالْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّ السِّمْنَ لَا يُنْقَلُ خِلَافًا لِمَا مَشْي عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَسَمْنٌ وَقَوْلُهُ لَا خَرْدَلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى حَبٍّ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُخْرَجٌ مِنْهُ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى خَرْدَلٍ لِيَدْخُلَ بِزْرُ الْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْبِطِّيخِ وَالْكُرَّاثِ وَالْقَرْعِ وَالْحَرْفِ وَهُوَ حَبُّ الرَّشَادِ لَكَانَ أَحْسَنَ (ص) وَزَعْفَرَانٍ وَخُضَرٍ وَدَوَاءٍ وَتِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّعْفَرَانَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ وَهُوَ مَصْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لَا عَلَمٌ وَكَذَلِكَ الْخُضَرُ كَخَسٍّ وَبَقْلٍ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَكَذَلِكَ الدَّوَاءُ كَصَبْرٍ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَكَذَلِكَ التِّينُ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِبَوِيَّةُ التِّينِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَيْبَسْ (ص) وَمَوْزٌ وَفَاكِهَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْزَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ وَكَذَا الْفَاكِهَةُ كَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ وَتُفَّاحٍ وَكُمَّثْرَى وَرُمَّانٍ   [حاشية العدوي] وَلَيْسَتْ إلَخْ كَلَامُ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ: أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرِبَوِيَّةٍ لَا خَضِرَةٍ وَلَا يَابِسَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ) أَيْ: فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْمُصْلِحَ فِي مَعْنَى الْمُقْتَاتِ) أَيْ: وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ التَّفْرِيعُ فِي قَوْلِهِ فَلَيْسَ الْغَرَضُ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَلْ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَيْ إمَّا بِارْتِكَابِ حَذْفِ الْوَاوِ وَمَا عُطِفَتْ أَيْ: اقْتِيَاتٌ وَإِصْلَاحٌ، أَوْ بِالتَّجَوُّزِ فِي الِاقْتِيَاتِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْإِصْلَاحَ أَيْ: وَيُرَادُ بِالطَّعَامِ مِنْ قَوْلِهِ عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا اقْتِيَاتُ مَا يَشْمَلُ الطَّعَامَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمُصْلِحَ، أَوْ تُقَدِّرُ فِي الْعِبَارَةِ عَاطِفًا وَمَعْطُوفًا وَكَأَنَّهُ قَالَ عِلَّةُ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ وَمُصْلِحِهِ اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ إلَخْ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَصَلٍ وَثُومٍ) هُمَا جِنْسَانِ وَالثُّومُ بِضَمِّ الثَّاءِ. (قَوْلُهُ: وَكُزْبَرَةٍ) رِبَوِيَّةٌ إنْ كَانَتْ يَابِسَةً لَا خَضْرَاءَ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ يَجْعَلُهَا كَالسَّلْقِ مِنْ الْمُصْلِحِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَأَظُنُّهُ مُعَرَّبًا) أَيْ: الْفَتْحُ أَيْ: اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ أَيْ: فَالْفَتْحُ طَارِئٌ بِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ (قَوْلُهُ: أَصْلُهُ كَرَوْيٍ) كَذَا فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَنَقَلَهُ الْفِيشِيُّ وَلَفْظُهُ قَوْلُهُ: كَرَوْيَا أَصْلُهُ كَرَوْيَى فَعَوْلَلْ وَكَزَكَرِيَّا وَتَيْمِيَّا انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ وَعِبَارَةُ عج وَكَرَوْيَا بِوَزْنِ زَكَرِيَّا وَفِي رِوَايَةٍ بِوَزْنِ تَيْمِيَّا انْتَهَى فَعَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ سَالِمٍ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَمَّا بِوَزْنِ زَكَرِيَّا وَتَيْمِيَّا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ يُقْرَأُ كَرَوْيَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ فَيَكُونُ أَصْلُهُ كَرَوْيَى فَعَوْلَلْ بِفَتْحِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْأُولَى فَنَقُولُ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ الثَّانِيَةُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَ كَرَوْيَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَامُوسُ فِيمَا يُوثَقُ بِصِحَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا عَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا لُغَاتٌ ثَلَاثٌ قَطْعًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَزَكَرِيَّا وَتَيْمِيَّا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ تَيْمِيَّا أَصْلُهُ كَرَوْيَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ الْأَخِيرَةُ فَانْقَلَبَتْ أَلْفًا فَصَارَ عَلَى وَزْنِ تَيَمْيَّا وَأَمَّا عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ زَكَرِيَّا فَنَقُولُ أَوَّلًا إنَّ زَكَرِيَّا فِيهِ لُغَتَانِ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ وَالْمَدُّ أَشْهَرُ كَمَا يُفِيدُهُ الْقَامُوسُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى لُغَةِ الْقَصْرِ وَأَنَّ الْأَصْلَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْأُولَى فَقُلِبَتْ الْيَاءُ الْأَخِيرَةُ أَلِفًا لِاسْتِثْقَالِ ثَلَاثِ يَاءَاتٍ وَيَحْتَمِلُ كَمَا فَهِمَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ أَصْلَهُ كَرَوْيَو اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَتُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً وَتُدْغَمُ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لُغَةِ الْمَدِّ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ وَزِيدَ أَلِفٌ فَاجْتَمَعَ أَلْفَانِ فَقُلِبَتْ الثَّانِيَةُ هَمْزَةً وَلْيُحَرَّرْ كُلُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّ السِّمَنَ لَا يُنْقَلُ) أَيْ: التَّسَمُّنَ لَا يُنْقَلُ أَيْ: عَنْ اللَّبَنِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى وَجْهٍ لَا اعْتِرَاضَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّعْفَرَانَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ) بَلْ لَيْسَ بِطَعَامٍ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: لَا عَلَمٌ) وَلَوْ كَانَ عَلَمًا لَمُنِعَ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعِلْمِيَّةِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالنُّونِ (قَوْلُهُ: كَخَسٍّ وَبَقْلٍ) تَمْثِيلٌ لِلْخَضِرَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَقْلَ مِنْ أَفْرَادِ الْخُضَرِ مَعَ أَنَّ الْبَدْرَ فَرْقٌ بَيْنَ الْبَقْلِ وَالْخُضَرِ فَجَعَلَ الْبَقْلَ مَا قُطِعَ بِأَصْلِهِ وَالْخُضَرَ مَا قُطِعَ شَيْئًا فَشَيْئًا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَيْبَسْ) وَقِيلَ غَيْرُ الْيَابِسِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَفَاكِهَةٌ) فِي شَرْحِ شب وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَوْزَ لَيْسَ مِنْ الْفَاكِهَةِ لِعَطْفِهَا عَلَيْهِ، أَوْ هُوَ مِنْهَا وَعَطْفُهَا عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ) أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ. (قَوْلُهُ: وَعِنَبٌ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِنَبَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْفَاكِهَةِ رِبَوِيٌّ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ كَأَنْ يَتَزَبَّبَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 وَعِنَبٍ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ فِي رَطْبِهِ بِرَطْبِهِ وَيَابِسِهِ بِيَابِسِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ (ش) وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ رِبَوِيَّةَ الرُّمَّانِ قَالَ: لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ وَادُّخِرَتْ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهَا بِالْمُعْجَمَةِ وَالْإِجَّاصُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مِنْ غَيْرِ نُونٍ بَيْنَهُمَا ثَمَرٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ أَهْلُ دِمَشْقَ الْخَوْخَ (ص) وَكَبُنْدُقٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا الْبُنْدُقُ فِي عَدَمِ دُخُولِ الرِّبَا فِيهِ وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُدَّخَرُ وَلَا يُقْتَاتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الِادِّخَارِ وَالِاقْتِيَاتِ وَالْقَائِلُ بِالِادِّخَارِ فَقَطْ قَائِلٌ بِرِبَوِيَّتِهِ (ص) وَبَلَحٍ إنْ صَغُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَلَحَ الصَّغِيرَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا بِطَعَامٍ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ أَيْ: جِدًّا مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّامِخِ فَإِنْ كَبُرَ كَانَ رِبَوِيًّا لَكِنْ صُورَةً بِاتِّفَاقٍ وَهُوَ مَا إذَا بَلَغَ حَدَّ الزَّهْوِ وَصُورَةً عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ مَا إذَا بَلَغَ حَدَّ الزَّهْوِ الرَّامِخِ وَبِعِبَارَةٍ وَبَلَحٍ إنْ صَغُرَ بِأَنْ انْعَقَدَ وَاخْضَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَلَفٌ وَالطَّلْعُ أَحْرَى (ص) وَمَاءٌ وَيَجُوزُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَلَا بِطَعَامٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ هُوَ الْقَلِيلَ إذْ فِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْكَثِيرَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُهُ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ السَّلَمِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ أَيْ: يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ وَالْمَاءِ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا عَدَاهُ مِمَّا مَرَّ مِنْ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَلَا بَأْسَ بِالْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ وَمَا لَا يُدَّخَرُ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ. اهـ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الرِّبَوِيَّات الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ شَرَعَ فِيمَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ فَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ (ص) وَالطَّحْنُ وَالْعَجْنُ وَالصَّلْقُ إلَّا التُّرْمُسَ وَالتَّنْبِيذَ لَا يَنْقُلُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الطَّحْنَ لَا يَنْقُلُ الْقَمْحَ فَلَا يَصِيرُ الدَّقِيقُ جِنْسًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ أَجْزَاءٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ الْعَجْنُ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْقَمْحِ وَالدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ ضَمُّ أَجْزَاءٍ بِاتِّفَاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَذَلِكَ الصَّلْقُ لِشَيْءٍ مِنْ الْحُبُوبِ لَا يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُبَاعُ مَصْلُوقٌ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَبْلُولٌ بِمِثْلِهِ وَلَا بِيَابِسٍ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ إلَّا التُّرْمُسَ فَيَنْقُلُهُ الصَّلْقُ لِطُولِ أَمَدِهِ وَتَكَلُّفِ مُؤْنَتِهِ وَقَوْلُ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالصَّلْقِ حُلْوًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُرًّا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلُو بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّنْبِيذَ لِتَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَا يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِهِ فَفِيهَا سَأَلْت مَالِكًا عَنْ   [حاشية العدوي] عَلَى الْحِصْرِمِ الَّذِي لَا يُرَادُ لِلْأَكْلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ) أَيْ: إلَى هَذَا التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اُدُّخِرَتْ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُدَّخَرِ الْيُبْسُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مِنْ حَيْثُ الْيَابِسُ فَقَطْ فَتَكُونُ الْإِشَارَةُ لِلْمُبَالَغَةِ فَقَطْ لَا مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ) رَدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْفَاكِهَةَ رِبَوِيَّةٌ إذَا اُدُّخِرَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ إلَخْ) فَهُوَ غَيْرُ الْخَوْخِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ: وَالْفُسْتُقُ) الْفَاءُ مَضْمُومَةٌ وَالتَّاءُ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَضْمُومَةً وَأَنْ تَكُونَ مَفْتُوحَةً (قَوْلُهُ: قَائِلٌ بِرِبَوِيَّتِهِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصُ الْبُنْدُقِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْعَقَدَ وَاخْضَرَّ) أَيْ: وَهُوَ صَغِيرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَلَفٌ) أَيْ: وَغَلَبَةُ اتِّخَاذِهِ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ نَادِرٌ، ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَفٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ وَبِكَبِيرٍ، أَوْ بُسْرٍ، أَوْ رُطَبٍ، أَوْ تَمْرٍ وَلَوْ إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ مَجْذُوذًا، أَوْ يُجَذُّ قَبْلَ أَنْ يُرَادَ لِلْأَكْلِ وَإِلَّا مُنِعَ بَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ إلَى أَجَلٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ يَدًا بِيَدٍ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا وَاعْلَمْ أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ سَبْعٌ فَالطَّلْعُ وَالْإِغْرِيضُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَا عَدَاهُ إمَّا بَلَحٌ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ، أَوْ بُسْرٌ، أَوْ رُطَبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَالْمُرَادُ بِالْبُسْرِ مَا يَشْمَلُ الزَّهْوَ فَالْأَقْسَامُ خَمْسَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا سِتَّةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا عَشْرٌ وَالْبَاقِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ بَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبُسْرِ بِمِثْلِهِ وَبِالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ وَبِالتَّمْرِ وَبَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْجَائِزُ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالْأَرْبَعِ بَعْدَهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبُسْرِ بِالزَّهْوِ وَالْإِغْرِيضِ وَالطَّلْعِ بَعْدَ انْشِقَاقِ جُفِّهِ عَنْهُ أَيْ: وِعَائِهِ عَنْهُ وَالزَّهْوُ الْبُسْرُ الْمُلَوَّنُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْبَلَحُ الْكَبِيرُ هُوَ الْقَرِيبُ مِنْ الْبُسْرِ فَقَوْلُهُ فَإِنْ كَبُرَ أَيْ: بِأَنْ صَارَ وَهُوَ الْمُقَارِبُ لِلزَّهْوِ. (قَوْلُهُ: وَالطَّلْعُ أَحْرَى) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْإِغْرِيضَ (قَوْلُهُ: وَلَا بِطَعَامٍ إلَخْ) وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَذُقْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاءَ الْعَذْبَ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا لَا يُشْرَبُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ جِنْسٌ وَالْأُجَاجُ الَّذِي لَا يُشْرَبُ بِحَالٍ جِنْسٌ آخَرُ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ ثَمَرَةٌ لِكَوْنِ الْعَذْبِ مِنْهُ وَالْمَالِحِ جِنْسَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا بَاعَ قَلِيلًا مِنْهُ بِكَثِيرٍ لِأَجَلٍ فَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ امْتَنَعَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ نَقُلْ مَبْنِيٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرِّسَالَةِ) دَلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ [مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ] (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ: لَا يَنْقُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ: خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ وَأَبِي ثَوْرٍ (قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ: وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَقَدْ اخْتَلَفُوا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الصَّلْقُ) أَيْ: بِنَارٍ لَيِّنَةٍ لِلْقَمْحِ يُسَمَّى بَلِيلَةً لَا يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِهِ لِعَوْدِهِ لَهُ إذَا يَبِسَ. (قَوْلُهُ: لِطُولِ أَمَدِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ مُدَّةَ الصَّلْقِ مَعَ أَنَّ الصَّلْقَ لَيْسَ فِيهِ طُولُ أَمَدٍ إنْ قُلْت طُولُ أَمَدِ التُّرْمُسِ فَلَا يَكُونُ الصَّلْقُ هُوَ النَّاقِلَ بَلْ النَّاقِلُ الْهَيْئَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالصَّلْقِ النَّاقِلَ الْهَيْئَةِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْهُ وَمِنْ نَقْعِهِ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَنْقُلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 التَّنْبِيذِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ وَالْعَصِيرُ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ وَالصَّلْقُ وَيَأْتِي أَنَّ الْقَلْيَ يَنْقُلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلْقَ لَا يَذْهَبُ مَعَهُ جَمِيعُ مَا يُرَادُ لَهُ بِخِلَافِ الْقَلْيِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (بِخِلَافِ خَلِّهِ) عَائِدٌ عَلَى التَّنْبِيذِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: خَلِّ أَصْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ: خَلِّ أَصْلِ التَّنْبِيذِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِهِ لَا عَنْ التَّنْبِيذِ أَيْ وَالتَّنْبِيذُ لِشَيْءٍ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ بِخِلَافِ خَلِّ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَالْخَلُّ يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِ التَّنْبِيذِ وَلَا يَنْقُلُ عَنْ التَّنْبِيذِ وَحَاصِلُ مَا لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّمْرِ بِخَلِّهِ وَقَاسَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْعِنَبَ بِخَلِّهِ مُتَفَاضِلًا وَيَجُوزُ الْخَلُّ بِالنَّبِيذِ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا فَالْخَلُّ وَالتَّمْرُ طَرَفَانِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا لِقُرْبِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا أَظْهَرُ لِمَا وَقَعَ فِي سَمَاعِ عِيسَى فَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَسَلَّمَهُ (ص) وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ وَهُوَ خَلٌّ لَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الضَّمِيرُ خِلَافًا لتت وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّحْمَ إذَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ كَانَتْ كُلْفَةً أَمْ لَا كَمَا إذَا أُضِيفَ لِلْمَاءِ وَالْمِلْحِ بَصَلٌ فَقَطْ، أَوْ ثُومٌ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ النِّيءِ فَيُبَاحُ التَّفَاضُلُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَاحْتَرَزَ بِأَبْزَارٍ مِمَّا لَوْ طُبِخَ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُلُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ بِأَبْزَارٍ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ مَا خَلَا مِنْ الْأَبْزَارِ يُسَمَّى صَلْقًا وَيَرُدُّ هَذَا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَحْمٌ طُبِخَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ بِالْأَبْزَارِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَصْلُوقُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) وَشَيُّهُ وَتَجْفِيفُهُ بِهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ شَيُّ اللَّحْمِ بِالنَّارِ وَتَجْفِيفُهُ بِالشَّمْسِ، أَوْ الْهَوَاءِ بِالْأَبْزَارِ نَاقِلٌ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: بَيْعُ الْقَدِيدِ وَالْمَشْوِيِّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، أَوْ بِالنِّيءِ مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا أَبْزَارَ فِيهِمَا، أَوْ فِيهِمَا أَبْزَارٌ فَإِنْ كَانَتْ الْأَبْزَارُ فِي أَحَدِهِمَا جَازَ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَمُتَفَاضِلًا (ص) وَالْخَبْزُ (ش) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: نَاقِلٌ عَنْ الْعَجِينِ وَالدَّقِيقِ وَالْقَمْحِ (ص) وَقَلْيُ قَمْحٍ وَسَوِيقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَلْيَ الْقَمْحِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْحُبُوبِ نَاقِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَصْلِ غَالِبًا وَكَذَلِكَ السَّوِيقُ نَاقِلٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الَّذِي صُلِقَ، ثُمَّ طُحِنَ بَعْدَ صَلْقِهِ وَلَا يُسْتَفَادُ الْحُكْمُ فِيهِ مِنْ الْقَلْيِ؛ لِأَنَّ هُنَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ كُلٌّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَالْعَصِيرُ مِثْلُهُ) أَيْ: فَالْعَصِيرُ غَيْرُ التَّنْبِيذِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي شَأْنِ الْعَصِيرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتٍ بِزَيْتُونٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَ هَذَا الزَّيْتُونُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ زَيْتٌ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَصَبِ بِعَصِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَلْيِ) أَيْ: فَيَذْهَبُ مِنْهُ جَمِيعُ مَا يُرَادُ لَهُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّدْمِيسَ يُذْهِبُ مِنْ الْفُولِ جَمِيعَ مَا يُرَادُ لَهُ فَلَا يَتَأَتَّى زَرْعُهُ وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا يُرَادُ لَهُ فَهُوَ نَاقِلٌ بَلْ فِي شَرْحِ عب أَنَّ الْفُولَ الْحَارَّ كَذَلِكَ أَيْ: لِأَنَّ الْفُولَ الْحَارَّ يَحْتَاجُ لِنَارٍ قَوِيَّةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّدْمِيسِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ بَحَثَ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَائِدٌ عَلَى التَّنْبِيذِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ أَيْ: بِخِلَافِ خَلِّ أَصْلِ التَّنْبِيذِ بِمَعْنَى النَّبِيذِ؛ لِأَنَّ الْأَصَالَةَ لَيْسَتْ لِلتَّنْبِيذِ بَلْ لِلنَّبِيذِ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ: خَلُّ أَصْلِ التَّنْبِيذِ أَيْ: النَّبِيذِ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّنْبِيذِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى، أَوْ نَقُولُ قَوْلُهُ: التَّنْبِيذُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّنَا أَرَدْنَا مِنْ الضَّمِيرِ التَّنْبِيذَ بِمَعْنَى النَّبِيذِ فَيَكُونُ آتِيًا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ) فَالْقَدِيدُ يَابِسٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَشْوِيِّ وَكِلَاهُمَا يَابِسٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّيءِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَظْهَرُ لِمَا وَقَعَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ يَجُوزُ خَلُّ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا كَخَلِّ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ اهـ. فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحْتَمَلُ مُخَالِفَتُهَا لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى؛ لِأَنَّ سَمَاعَ عِيسَى يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ خَلُّ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَلَا خَلُّ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ خَلِّ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الْأَظْهَرِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ الِاقْتِضَاءَ وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ النَّبِيذُ لَا يَصِحُّ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَيَصِحُّ الْخَلُّ بِالتَّمْرِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ أَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ يَبْعُدُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا يَقْرَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ اهـ. فَقَوْلُهُ وَهَذَا أَظْهَرُ أَيْ: مَا قُلْنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْخَلِّ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا وَقَوْلُهُ لِمَا وَقَعَ اللَّامُ بِمَعْنَى فِي وَالتَّقْدِيرُ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ جَوَازُ بَيْعِ الْخَلِّ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا أَظْهَرُ فِي فَهْمِ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ) أَيْ: إذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى أَظْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ عِيسَى أَيْ: وَحَيْثُ إنَّ سَمَاعَ عِيسَى حُمِلَ عَلَى جَوَازِ مَا ذُكِرَ كَانَ سَمَاعُ عِيسَى مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا لَوْ حُمِلَ عَلَى الْمَنْعِ لَكَانَ مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ بِخِلَافِ خَلٍّ طُبِخَ وَلَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ كُلْفَةٌ إلَخْ) أَيْ: مَشَقَّةٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ: ذَاتَ كُلْفَةٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بَصَلٌ فَقَطْ، أَوْ ثُومٌ فَقَطْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَمْعَ الْمُصَنِّفِ الْأَبْزَارَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ يُكْتَفَى بِبِزْرٍ وَاحِدٍ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْزَارِ مَا يَشْمَلُ مُصْلِحَ الطَّعَامِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ عب وَحَاصِلُ مَا قِيلَ كُلَّ مَا زِيدَ عَنْ الْمَاءِ وَالْمِلْحِ مِنْ بَصَلٍ، أَوْ غَيْرِهِ يُبَاحُ التَّفَاضُلُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَبِالْمَطْبُوخِ بِغَيْرِ الْبَصَلِ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ النِّيءِ) بَلْ وَعَنْ اللَّحْمِ الَّذِي طُبِخَ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَبْزَارِ مَا يَشْمَلُ مُصْلِحَ الطَّعَامِ كَمَا تَقَدَّمَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 مِنْهُمَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ بِانْفِرَادِهِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ تَأْثِيرِ اجْتِمَاعِهِمَا فَبَيَّنَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا نَاقِلٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّوِيقِ الْقَمْحَ الْمَقْلِيَّ الْمَطْحُونَ لِاسْتِفَادَةِ الْحُكْمِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَلْيُ قَمْحٍ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ (وَسَمْنٌ) يَعْنِي أَنَّ التَّسْمِينَ نَاقِلٌ عَنْ لَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَلَيْسَ بِنَاقِلٍ عَنْ لَبَنٍ لَمْ يُخْرَجْ زُبْدُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَالطِّخِّيخِيُّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ مُتَمَاثِلًا وَمُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ (ص) وَجَازَ تَمْرٌ وَلَوْ قَدُمَ بِتَمْرٍ (ش) لَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ الْقَدِيمَيْنِ، أَوْ الْجَدِيدَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَدِيمِ بِالْجَدِيدِ هَلْ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، أَوْ يُمْنَعُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَحْسَنُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ بِكَثْرَةِ الْجَفَافِ فَأَشَارَ بِلَوْ لِمُخَالَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِمَالِكٍ (ص) وَحَلِيبٌ وَرُطَبٌ وَمَشْوِيٌّ وَقَدِيدٌ وَعَفَنٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ بِمِثْلِهَا (ش) يَعْنِي وَجَازَ حَلِيبٌ مِنْ أَيْ لَبَنٍ بِمِثْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الزُّبْدُ الْمُبْتَغَى مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ بِمِثْلِهِ وَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ بِمِثْلِهِ بِأَنْ يَتَحَرَّى مَا فِي هَذَا وَمَا فِي هَذَا قَبْلَ الشَّيِّ وَالتَّقْدِيدِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَفِنِ بِمِثْلِهِ إنْ تَقَارَبَا فِي الْعَفَنِ وَإِنْ تَبَاعَدَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى أَنَّ اجْتِمَاعَ الصَّلْقِ وَالطَّحْنِ نَاقِلٌ. (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ بِالْقَلْيِ وَحْدَهُ فَأَحْرَى مَعَ الطَّحْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ) عِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَأَمَّا السِّمْنُ فَنَاقِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَأَمَّا بِلَبَنٍ فِيهِ زُبْدُهُ فَلَا يُعَدُّ نَاقِلًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي التَّوْضِيحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ) فَإِنَّ فِيهِ فَإِنْ بِيعَ بِلَبَنٍ لَمْ يُخْرَجْ زُبْدُهُ مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ وَإِنْ بِيعَ بِمَا أُخْرِجَ زُبْدُهُ جَازَ ذَلِكَ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ كَمَا قَرَّرْنَا وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَمَاثَلَا لَمُنِعَ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَتَجِدُ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّ السِّمَنَ لَا يَنْقُلُ خِلَافًا لِمَا مَشْي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسِمَنٌ فَلَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ حَلَّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا صَوَابٌ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَالُ إنَّ كَلَامَ شَارِحِنَا أَوَّلًا وَاعْتِرَاضَهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ جَارٍ فِيهِ عَلَى كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ وَكَلَامُهُ هُنَا جَارٍ عَلَى الصَّوَابِ وَأَمَّا كَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِمَا عَلِمَتْهُ وَنَصُّ الزَّرْقَانِيِّ وَسِمَنٌ أَيْ: التَّسْمِينُ نَاقِلٌ عَنْ اللَّبَنِ وَجَعْلُهُ كَذَلِكَ تَبَعًا لِابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ عَنْ اللَّبَنِ مُطْلَقًا، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ بِيعَ بِلَبَنٍ لَمْ يُخْرَجْ زُبْدُهُ مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ وَإِنْ بِيعَ بِمَا أُخْرِجَ زُبْدُهُ جَازَ ذَلِكَ لَكِنْ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ كَمَا قَرَّرْنَا وَلَوْ لَمْ يَتَمَاثَلَا لَمُنِعَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدُمَ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ هُنَا لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ لِسَمَاحَةِ النُّفُوسِ، أَوْ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ مُمْكِنٌ (قَوْلُهُ: وَمَشْوِيٌّ وَقَدِيدٌ وَعَفِنٌ) أَيْ: مِنْ الْبَلَحِ وَقَرَّرَهُ عج عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اللَّحْمِ أَيْ: لَا يُبَاعُ الْمَشْوِيُّ وَالْقَدِيدُ بِمِثْلِهِمَا إذَا اخْتَلَفَتْ صِفَةُ شَيِّهِ وَتَقْدِيدِهِ وَلَعَلَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ التَّمْرِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ دُونَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمَشْوِيَّيْنِ وَالْقَدِيدَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّبَنَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ حَلِيبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَبَيْعُ هَذِهِ السَّبْعَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مِنْ نَوْعِهِ وَغَيْرِ نَوْعِهِ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ الْجَائِزُ مِنْهَا قَطْعًا سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً بَيْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بِنَوْعِهِ مُتَمَاثِلًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مُتَمَاثِلًا وَبَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَضْرُوبِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَبَيْعُ كُلٍّ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ بِحَلِيبٍ، أَوْ زُبْدٍ، أَوْ سَمْنٍ، أَوْ جُبْنٍ مِنْ حَلِيبٍ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْجُبْنُ لَا مِنْ حَلِيبٍ بَلْ مِنْ مَخِيضٍ، أَوْ مَضْرُوبٍ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَأَمَّا بَيْعُ الْمَخِيضِ، أَوْ الْمَضْرُوبِ بِالْأَقِطِ فَقِيلَ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمَاثُلِ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّ الْأَقِطَ مَخِيضٌ، أَوْ مَضْرُوبٌ يَبِسَ فَهُوَ مِنْ بَابِ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ وَمَنْعِهِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ كَذَا قَالُوا وَظَاهِرُهُ سَوَاءً كَانَ الْجُبْنُ مِنْ حَلِيبٍ، أَوْ مِنْ مَخِيضٍ، أَوْ مَضْرُوبٍ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ إذَا كَانَ الْجُبْنُ مِنْ مَخِيضٍ، أَوْ مَضْرُوبٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ حَلِيبٍ. فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ وَالصُّوَرُ الْمُمْتَنِعَةُ تِسْعَةٌ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِهَا وَهِيَ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِزُبْدٍ، أَوْ سَمْنٍ، أَوْ جُبْنٍ، أَوْ أَقِطٍ وَبَيْعُ الزُّبْدِ بِسَمْنٍ، أَوْ جُبْنٍ، أَوْ أَقِطٍ وَبَيْعُ السَّمْنِ بِجُبْنٍ، أَوْ أَقِطٍ كَذَا فِي عج (وَأَقُولُ) قَضِيَّةُ كَوْنِ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ مُتَفَاضِلًا أَنَّ الْأَقِطَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَقْطَ أَصْلُهُ الْمَخِيضُ وَالْمَضْرُوبُ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ الْجَائِزَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُمَاثَلَةِ فِي بَيْعِ كُلٍّ مِنْ الْأَنْوَاعِ السَّبْعَةِ بِمِثْلِهِ وَكَذَا إذَا بِيعَ الْمَخِيضُ، أَوْ الْمَضْرُوبُ بِحَلِيبٍ فَإِنْ بِيعَا بِزُبْدٍ، أَوْ سَمْنٍ، أَوْ جُبْنٍ لَمْ تُعْتَبَرْ الْمُمَاثَلَةُ انْتَهَى أَيْ: جُبْنٍ مِنْ حَلِيبٍ وَأَمَّا مِنْ مَخِيضٍ وَمَضْرُوبٍ فَيَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ. قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُبْنَ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَالْجُبْنَ مِنْ الْحَلِيبِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّ التَّجْبِينَ مِنْ الْحَلِيبِ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ وَالتَّجْبِينَ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ بَاعَ حَلِيبًا بِهِمَا وَيُرَاعَى فِيهِمَا التَّسَاوِي فِي الرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ لَا رَطْبُهُمَا بِيَابِسِهِمَا وَأَفَادَ عج أَنَّ تَجِبِينَ الْحَلِيبِ يَنْقُلُ عَنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَلَا يَنْقُلُ عَنْ الْحَلِيبِ فَالتَّجْبِينُ نَاقِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِشَيْءٍ وَلَيْسَ بِنَاقِلٍ بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ انْتَهَى فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ جَوَازُ بَيْعِ الْحَلِيبِ بِالْجُبْنِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ الْحَلِيبِ بِأَنْ يُقَالَ التَّجْبِينُ عَنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ نَاقِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَلِيبِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَضْرُوبِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ، ثُمَّ إنَّ التَّجْبِينَ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ هَلْ يَنْقُلُ عَنْ الْحَلِيبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّجْبِينُ مِنْ الْحَلِيبِ نَاقِلًا عَنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَالتَّجْبِينُ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ نَاقِلٌ عَنْ الْحَلِيبِ، أَوْ لَيْسَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 مُسَوَّسٌ وَمَعْفُونٌ بِسَالِمٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَجُوزُ شَعِيرٌ مَغْلُوثٌ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ الْغَلْثُ وَيَخِفَّ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِمِثْلِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ السَّمْنِ بِمِثْلِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْجُبْنِ بِمِثْلِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَقِطِ بِمِثْلِهِ وَهُوَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ مُسْتَحْجِرٌ يُطْبَخُ بِهِ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهَا رَاجِعٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ أَيْ: كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ لَا الْمَجْمُوعُ بِالْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مُمَاثَلَةِ الْأَفْرَادِ (ص) كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ لَا رَطْبُهَا بِيَابِسِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تُسَاوِيهِمَا فِي الرُّطُوبَةِ وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا ذُبِحَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَقَارِبٍ وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِمِثْلِهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ بَيْعِ الزَّيْتُونِ الْغَضِّ الطَّرِيِّ بِمَا ذَبَلَ وَنَقَصَ كَيْلًا بِكَيْلٍ اهـ. أَيْ وَلَا وَزْنًا بِوَزْنٍ، ثُمَّ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَا رَطْبُهُمَا بِيَابِسِهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهُوَ يُفِيدُ اعْتِبَارَ هَذَا فِيهِمَا لَا فِيمَا قَبْلَهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَدْخُلُ فِيهِ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ وَالرُّطَبُ بِالتَّمْرِ وَمَحَلُّ مَنْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ فِي اللَّحْمِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا أَبْزَارٌ وَإِلَّا فَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ (ص) وَمَبْلُولٌ بِمِثْلِهِ (ش) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَبْلُولٍ بِمِثْلِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّمَاثُلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْوَزْنِ وَأَمَّا الْكَيْلُ فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يُمَاثِلُ حَالَةَ الْجَفَافِ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا يَشْرَبُ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ أَيْ: بِمَبْلُولٍ مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ وَمَبْلُولٌ عَطْفٌ عَلَى رَطْبِهَا (ص) وَلَبَنٌ بِزُبْدٍ (ش) أَيْ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنٍ بِزُبْدٍ سَوَاءٌ أُرِيدَ إخْرَاجُ زُبْدِهِ، أَوْ أَكْلُهُ (ص) إلَّا أَنْ يَخْرُجَ (ش) بِمَخْضٍ، أَوْ ضَرْبٍ (ص) زُبْدُهُ (ش) فَيُبَاعُ بِالزُّبْدِ وَبِعِبَارَةٍ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ: لَبَنٌ مَعَ زُبْدٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِزُبْدٍ، أَوْ سَمْنٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَقَدْ حَذَفَ الشِّقَّ الثَّانِيَ فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ اللَّبَنُ أَيْضًا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَرَّ مَا يُخْرِجُهُ وَأَمَّا النَّقْدُ وَشَبَهُهُ فَخُرُوجُهُ وَاضِحٌ لَا يَخْفَى كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ (ز) وَأَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ إدْخَالُ مَسْأَلَةِ السَّمْنِ الَّتِي قِيلَ إنَّ الْمُؤَلِّفَ قَدْ أَخَلَّ بِهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَعَ زُبْدٍ مِمَّا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ لَا زُبْدَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ كَلَبَنِ الْإِبِلِ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ: وَلَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْإِبِلِ بِالزُّبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا زُبْدَ فِيهِ (ص) وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ (ش) أَيْ: وَاعْتُبِرَ قَدْرُ الدَّقِيقِ فِي بَيْعِ خُبْزٍ بِمِثْلِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا إنْ كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ   [حاشية العدوي] بِنَاقِلٍ وَعَلَيْهِ فَيُطْلَبُ الْفَرْقُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: مُسَوِّسٌ وَمَعْفُونٌ إلَخْ) أَيْ: مُسَوِّسٌ بِسَالِمٍ، أَوْ مَعْفُونٌ بِسَالِمٍ كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: وَيُمْنَعُ عِنْدَ أَشْهَبَ فَيُكْرَهُ فِي الْعَفِنِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُسَوِّسِ عِنْدَ سَحْنُونَ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَقُولُ) وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْمُسَوَّسَ كَالْعَدَمِ فَقَدْ وُجِدَ التَّفَاضُلُ وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّهُمَا عَلَى صُورَةِ الطَّعَامِ الْحَقِيقِيِّ فَاكْتُفِيَ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْغَلَثِ فَلَيْسَ بِطَعَامٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ الْغَلَثُ وَيَخِفَّ) أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنُ التَّحَرِّي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ) أَيْ: أُخْرِجَ زُبْدُهُ (قَوْلُهُ: يُطْبَخُ بِهِ) أَيْ: يُجْعَلُ فِي اللَّحْمِ لِأَجْلِ الْحُمُوضَةِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَحْمٌ) وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّحْمَ إمَّا قَدِيدٌ، أَوْ مَشْوِيٌّ، أَوْ مَطْبُوخٌ، أَوْ نِيءٌ فَبَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ وَأَمَّا الْقَدِيدُ وَالْمَشْوِيُّ وَالْمَطْبُوخُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا بِوَاحِدٍ مِنْ بَاقِيهَا حَيْثُ كَانَ النَّاقِلُ بِكُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ أَوَّلًا نَاقِلًا بِهِمَا وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَإِنْ كَانَ النَّاقِلُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ جَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا وَأَمَّا بَيْعُ النِّيءِ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَاحِدِ نَاقِلٌ جَازَ بَيْعُهُ بِالنِّيءِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ لَا نَاقِلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَشْوِيًّا، أَوْ قَدِيدًا امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِالنِّيءِ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا جَازَ بَيْعُهُ بِهِ مُتَمَاثِلًا فَقَطْ (قَوْلُهُ: بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِمِثْلِهِ) وَلَوْ كَانَ زَيْتُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ كَقَمْحٍ بِشَعِيرٍ وَلَوْ كَانَ رِيعُ الْقَمْحِ أَكْثَرَ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: الطَّرِيُّ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ الْغَضُّ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَهُوَ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: لَا يَجُوزُ رَطْبُهَا بِيَابِسِهَا، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ وَالْأَصْلُ فِي التَّشْبِيهِ التَّمَامُ فَيُفِيدُ مَنْعَ رَطْبِ الزَّيْتُونِ وَاللَّحْمِ بِمِثْلِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَيْلُ فَبِالنَّظَرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْوَزْنِ إنَّمَا هُوَ نَظَرٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يُمَاثِلُ حَالَةَ الْجَفَافِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ فِيهِمَا فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ الْمُؤْذِنِ بِالْمُغَايَرَةِ . (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أُرِيدَ إخْرَاجُ زُبْدِهِ) أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ بِالزُّبْدِ) وَلَوْ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: أَيْ: لَبَنٌ مَعَ زُبْدٍ) أَيْ: لَبَنٌ لَمْ يُخْرَجْ زُبْدُهُ. (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَرَّ مَا يُخْرِجُهُ) أَيْ: مِنْ أَنَّ اللَّبَنَ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ مُتَمَاثِلًا (قَوْلُهُ: إدْخَالُ مَسْأَلَةِ السَّمْنِ) أَيْ: بَيْعُ اللَّبَنِ الْحَلِيبِ بِالسَّمْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا زُبْدَ فِيهِ) لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَاعْتُبِرَ قَدْرُ الدَّقِيقِ) أَيْ: فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ دَقِيقِ كُلٍّ إنْ عُرْف وَإِلَّا تَحَرَّى. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ) أَيْ: رِبَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ) أَيْ: مُطْلَقًا، أَوْ وَاحِدٌ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فَيُعْتَبَرُ وَزْنُ الْخُبْزَيْنِ فَقَطْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ الْخُبْزَانِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَامْتَنَعَ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَكَانَتْ الْمُمَاثَلَةُ أَضْبَطَ وَأَيْسَرَ؛ لِأَنَّ النَّارَ قَدْ تُؤَثِّرُ فِي مَخْبُوزِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ وَالْمَاءُ الْمُضَافُ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ رُوعِيَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْأَصْلِ وَأَمَّا خَبَرُ الصِّنْفَيْنِ مُطْلَقًا، أَوْ الْوَاحِدُ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ فَإِنَّمَا رُوعِيَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِي وَزْنِهِمَا دُونَ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رُوعِيَتْ فِي الْأَصْلِ اقْتَضَى الْجَوَازَ حَيْثُ وُجِدَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَزْنُهُمَا وَاقْتَضَى الْمَنْعَ فِيهِ حَيْثُ اُخْتُلِفَ وَإِنْ اتَّحَدَ وَزْنُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَنْعُ التَّفَاضُلُ خَاصٌّ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ الرِّبَوِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ ذَكَرَهُ عب تَبِعَ فِيهِ عج وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الرِّبَوِيِّ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ وَيُبْعِدُ غَيْرَ الرِّبَوِيِّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 الدَّقِيقُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْخُبْزُ فَيُنْظَرُ فِي الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالدَّقِيقِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَيْعِ خُبْزٍ بِمِثْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا الْقَرْضُ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ سَوَاءً كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ رِبَوِيًّا، أَوْ جِنْسَيْنِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (ص) كَعَجِينٍ بِحِنْطَةٍ، أَوْ دَقِيقٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الدَّقِيقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنْ بِالتَّحَرِّي مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ جَانِبِ الْعَجِينِ فِي الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ أَصْلُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ وَإِلَّا فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ بِالْكُلِّيَّةِ لِدَقِيقِهِمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِ الْعَجِينِ وَمُقَابِلِهِ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي فِيمَا يَكُونُ فِيهِ التَّحَرِّي لِيَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَعْلُومٍ (ص) وَجَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ وَزْنًا، أَوْ كَيْلًا وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ وَزْنًا، أَوْ كَيْلًا فَبَعْضُهُمْ حَمَلَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى إطْلَاقِهِمَا وَجَمَعَ ابْنُ الْقَصَّارِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَزْنِ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَيْلِ وَإِلَى هَذَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ وُزِنَا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ: وَهَلْ الْجَوَازُ إنْ وُزِنَا وَهُوَ حَمْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ، أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ حَمْلُ غَيْرِهِ (ص) وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ (ش) أَيْ: وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي الرِّبَوِيِّ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا فِيمَا حُفِظَتْ فِيهِ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا فَلَا يُبَاعُ قَمْحٌ بِمِثْلِهِ وَزْنًا وَلَا نَقْدًا بِمِثْلِهِ كَيْلًا وَالْمُرَادُ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الشَّرْعِيَّيْنِ مَا وَضَعَهُمَا السُّلْطَانُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا عَيْنَ الْكَيْلِ وَالصَّنْجَةِ الْمَوْجُودَيْنِ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْكَيْلِ فِي الدَّرَاهِمِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوَزْنُ (ص) وَإِلَّا فَبِالْعَادَةِ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ الشَّارِعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِعْيَارٌ مُعَيَّنٌ فَبِالْعَادَةِ الْعَامَّةِ كَاللَّحْمِ وَالْجُبْنِ فِي كُلِّ بَلَدٍ، أَوْ الْخَاصَّةِ كَالْجَوْزِ وَالرُّمَّانِ وَالْأُرْزِ الْمُخْتَلِفِ الْعَادَةِ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَلَا يَخْرُجُ فِي بَلَدٍ عَمَّا اعْتَادَتْهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ بِوَجْهَيْنِ اُعْتُبِرَ بِأَيِّهِمَا إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَوْزُونَيْنِ وَلَا مَكِيلَيْنِ كَالْبَيْضِ فَبِالتَّحَرِّي، وَإِنْ اقْتَضَى مُسَاوَاةَ بَيْضَتَيْنِ بِبَيْضَةٍ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ (ص) ، فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي (ش) أَيْ: فَإِنْ عَسُرَ فِي الْمَوْزُونِ الْوَزْنُ فِي سَفَرٍ، أَوْ بَادِيَةٍ جَازَ التَّحَرِّي فَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ أَيْ: فِيمَا اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ عَنْ الشَّارِعِ وَزْنًا وَقَوْلُهُ (ص) : إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ (ش) صَوَابُهُ، إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ، أَوْ سَقَطَ مِنْهُ لَا أَيْ: لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ (لِكَثْرَتِهِ) جِدًّا وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ لَكَانَ حَسَنًا وَلَمَّا انْقَضَى كَلَامُهُ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْبَيَّاعَاتِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَعْرِضُ لَهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بُيُوعٍ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا فَقَالَ: (ص) وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ   [حاشية العدوي] الرِّبَوِيَّاتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ وَالْإِخْبَازُ إلَخْ وَالْقُطْنِيَّةُ رِبَوِيَّةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَرْعُ وَهُوَ الْخُبْزُ مَا لَا يُعْطَاهُ الْأَصْلُ مِنْ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا، أَوْ يُقَالُ الْقُطْنِيَّةُ لَا تُقْصَرُ عَلَى الرِّبَوِيِّ بِحَسَبِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهَا سُمِّيَتْ قُطْنِيَّةً لِإِقَامَتِهَا أَيْ: لِطُولِ إقَامَتِهَا وَطُولُ الْإِقَامَةِ صَادِقٌ عَلَى الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَخُبْزِ الْحُلْبَةِ، أَوْ خُبْزِ الْكَتَّانِ، أَوْ بِزْرِ الْغَاسُولِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَرْضُ إلَخْ) . (تَنْبِيهٌ) : هِبَةُ الثَّوَابِ كَالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْوَزْنُ) أَيْ: لِصُعُوبَةِ تَحَرِّي الدَّقِيقَ، وَلِأَنَّهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ قَلَّ ذَلِكَ الْقَرْضُ أَوْ كَثُرَ كَذَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ إلَّا أَنَّهُ لَا وُجُودُ الْعِلَّةِ الْأُولَى فِي الْبَيْعِ لَكِنَّ مُفَادَ مَا نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْقَرْضِ رَدُّ الْعَدَدِ وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ قَلَّ الْعَدَدُ أَوْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ: لِدَقِيقِهَا وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي أَيْ: لِذَاتِ الْعَجِينِ وَمُقَابِلُهُ لَا بِالدَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ) أَيْ: بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَيْ: طَارِحًا لِلْقَوْلِ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَمْعُ ابْنِ الْقَصَّارِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَ مَالِكٍ بِمَا نَصَّ عَلَى خِلَافِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا مَنَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعَ الْقَمْحِ بِالدَّرَاهِمِ وَزْنًا؛ لِأَنَّهُ عُدُولٌ بِهِ عَنْ مِكْيَالِهِ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْغَرَرِ فَكَيْفَ يُبَاعُ وَزْنًا بِمَا يُمْنَعُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ دَقِيقُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْكَيْلِ إلَخْ) حَاصِلُهُ كَمَا أَفَادَهُ تت وَنَصُّ الْمَوَّاقِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ أَنَّ الْقَمْحَ يُكَالُ وَالنَّقْدَ يُوزَنُ فَلَا يُغَيَّرُ ذَلِكَ أَبَدًا نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ الْآلَةِ الَّتِي كَانَ يُكَالُ بِهَا فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِينَئِذٍ فَلَوْ أَنَّ السُّلْطَانَ حَكَمَ بِأَنَّ الْقَمْحَ يُوزَنُ فَلَا يُتَّبَعُ بَلْ لَا يُتَّبَعُ إلَّا فِي خُصُوصِ الْآلَةِ الَّتِي كَانَ يَضَعُهَا لِلْكَيْلِ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْكَيْلِ إلَخْ) هَذَا مَنَافٍ لِمَا اقْتَضَاهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقْرِيرَيْنِ مُتَّفِقَانِ مَعْنًى عَلَى أَنَّ الْقَمْحَ مِثْلًا لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ إلَّا بِالْكَيْلِ لَا بِالْوَزْنِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْآلَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَاللَّحْمِ وَالْجُبْنِ) قَالَ شب فَإِنَّهُمَا بِالْوَزْنِ فِي كُلِّ بَلَدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْخَاصَّةُ كَالْجَوْزِ وَالرُّمَّانِ) كَانَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بِالْوَزْنِ، أَوْ الْعَدَدِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُرْزُ) الِاخْتِلَافُ فِيهِ بِالْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ: فَإِنْ عَسُرَ فِي الْمَوْزُونِ الْوَزْنُ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ وَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ الْوَزْنُ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحَرِّي مِنْ شُرُوطِ الْجُزَافِ مَا يُمْكِنُ مِنْهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إنْ عَجَزَ عَنْ التَّحَرِّي لِكَثْرَتِهِ جَازَ التَّحَرِّي وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَخَصَّ التَّحَرِّيَ بِعُسْرِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْعَدَدَ لَا يَعْسُرَانِ فَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ (قَوْلُهُ: لِكَثْرَتِهِ لَكَانَ حَسَنًا) أَيْ: لِكَثْرَتِهِ جِدًّا وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ تَوَقُّفُ صِحَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَرُوحُ الْحُسْنِ هُوَ الْكَثْرَةُ جِدًّا وَإِلَّا فَقَدْ تَمَّ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ صَوَابُهُ إلَخْ أَيْ: وَأَمَّا إنْ كَثُرَ جِدًّا فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ بَلْ يُبَاعُ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ [الْبُيُوع الْمُنْهِي عَنْهَا] . (قَوْلُهُ: وَمَا يَعْرِضُ لَهَا) أَيْ: مِنْ لُزُومٍ، أَوْ عَدَمِهِ، أَوْ فَسْخٍ كَالْمَغْشُوشِ، أَوْ عَدَمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ: لِذَاتِهِ كَالدَّمِ، أَوْ لِوَصْفِهِ كَالْخَمْرِ وَهُوَ الْإِسْكَارُ، أَوْ لِخَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ وَأَمَّا لِخَارِجٍ عَنْهُ غَيْرِ لَازِمٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 إلَّا لِدَلِيلٍ (ش) أَيْ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ عَقْدٍ، أَوْ عِبَادَةٍ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ شَرْعًا إلَّا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا فَسَادَ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُخَصِّصًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ الْجُزْئِيِّ بَعْدَ الْكُلِّيِّ أَوْضَحَ وَأَجْلَى فِي بَيَانِهِ سَلَكَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ مُمَثِّلًا بِقَوْلِهِ (ص) كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ، إنْ لَمْ يُطْبَخْ، أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ فَلَا يَجُوزُ، إنْ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ كَخُصْيِ ضَأْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ كَانَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَخَصَّ مَالِكٌ النَّهْيَ بِمَا إذَا بِيعَ بِلَحْمِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ وَخَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالنِّيءِ، فَإِنْ طُبِخَ اللَّحْمُ بِأَبْزَارٍ جَازَ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ وَعَمَّمَ الْأَقْفَهْسِيُّ الطَّبْخَ سَوَاءٌ كَانَ بِأَبْزَارٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ انْتِقَالَ: اللَّحْمِ عَنْ الْحَيَوَانِ يَحْصُلُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَبْزَارِ إنَّمَا هُوَ فِي انْتِقَالِهِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ الْقَرِيبِ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ كَطَيْرِ الْمَاءِ وَالشَّارِفِ وَلَا بِلَحْمٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَعَ اللَّحْمِ حَيَوَانًا وَمَعَ الْحَيَوَانِ لَحْمًا وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ كَذَلِكَ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ بِحَيَوَانٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ كَخُصْيِ الْمَعْزِ وَلَا يُبَاعُ بِحَيَوَانٍ قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ غَيْرَ اللَّحْمِ كَخُصْيِ ضَأْنٍ إذْ مَنْفَعَتُهُ وَهِيَ الصُّوفُ يَسِيرَةٌ فَلَوْ كَثُرَتْ كَأُنْثَى الضَّأْنِ جَازَ بَيْعُهَا بِاللَّحْمِ لِمَا فِيهَا مِنْ لَبَنٍ وَأَوْلَادٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ بِطَعَامٍ مِنْ قَمْحٍ، أَوْ غَيْرِهِ لِأَجَلٍ   [حاشية العدوي] كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِدَلِيلٍ) يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ النَّجْشِ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ فَسَدَ الْمَذْكُورِ وَعَلَيْهِ شَارِحُنَا وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَفُسِخَ إلَّا لِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَسْخِ مُطْلَقًا كَمَا فِي تَلَقِّي الرَّكْبَانِ، أَوْ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ كَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عَقْدٍ، أَوْ عِبَادَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقَامَ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَالْمُتَبَادِرُ الْعُقُودُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا. (قَوْلُهُ: سَلَكَ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذَا يُنَافِي الِاخْتِصَارَ، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ قَوْلُهُ: مَنْهِيٌّ عَنْهُ كُلِّيًّا مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى وَفَسَدَ كُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَالْمَعْنَى عَلَى الْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ) دَخَلَ تَحْتَهُ صُوَرٌ أَرْبَعُ كَانَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) أَيْ: أَوْ بَيْعُ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ يَدْخُلُ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ بَيْعُ حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ يُبَاعُ كُلٌّ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ أَيْضًا قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ تَتَكَرَّرُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ بَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ فَتَكُونُ الصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ إحْدَى عَشْرَةَ وَقَوْلُهُ، أَوْ قَلَّتْ يَدْخُلُ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ صُورَتَانِ الْأُولَى بَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا قَلَّتْ الثَّانِيَةُ بَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِمَا قَلَّتْ وَيَبْقَى صُورَتَانِ وَهُمَا بَيْعُ مَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ بِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ وَبَيْعُ مَا قَلَّتْ بِمَا يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَشْمَلُ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِاللَّحْمِ وَبَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِالْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ وَبَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِالْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ وَبَيْعُ مَا قَلَّتْ كَذَلِكَ الْمُكَرَّرُ ثَلَاثٌ تَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ) يُجْعَلَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَاحِدَةً وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ، أَوْ قَلَّتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: مَا ذُكِرَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَقَوْلُهُ كَخُصْيِ ضَأْنٍ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَلَحْمِ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِكَايَةٌ لِلْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ) أَيْ: وَهُوَ اللَّحْمُ وَقَوْلُهُ بِمَجْهُولٍ الَّذِي هُوَ الْحَيَوَانُ أَيْ: لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالنِّيءِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبْزَارٌ فَيُوَافِقُ تَعْمِيمَ الْأَقْفَهْسِيِّ قَالَ سَيِّدِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ وَفِي اشْتِرَاطِ الْأَبْزَارِ نَظَرٌ اهـ. فَيَكُونُ كَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: الْقَرِيبُ مِنْهُ) وَصْفٌ كَاشِفٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ صُوَرًا أَرْبَعًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَطَيْرِ الْمَاءِ) أَيْ: حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ يُلَازِمُ الْمَاءَ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا بَعُدَ عَنْ الْمَاءِ يَمُوتُ (قَوْلُهُ: وَالشَّارِفُ) هُوَ الْمُسِنُّ الْهَرِمُ كَمَا أَفَادَهُ الْقَامُوسُ أَيْ: الَّذِي صَارَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا لَحْمُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِلَحْمٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لَهُ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَدْلُولَ الْعِبَارَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ بِلَحْمٍ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ الشَّامِلِ لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَعَ اللَّحْمِ حَيَوَانًا) أَيْ: حَيَوَانًا فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ تَطُولُ حَيَاتُهُ وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يُبَاعَ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِاللَّحْمِ فَيُقَدَّرُ حَيَوَانًا صَحِيحًا فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ «نَهَى الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْحَدِيثِ دُخُولًا بَيِّنًا هَذَا مَدْلُولُهُ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ وَإِنْ لَمْ تُقَدَّرْ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حَيَوَانٌ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ حَيَوَانًا يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ لَاحْتَجْنَا لِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَقَوْلُهُ وَتُقَدَّرُ أَيْ: الثَّلَاثَةُ إذَا بِيعَتْ بِحَيَوَانٍ بِالْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ لَحْمًا فَيَمْتَنِعُ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: جَازَ بَيْعُهَا بِاللَّحْمِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ السِّيَاقُ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَيَوَانٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِمِثْلِهِ نَسِيئَةً وَيَجُوزُ بَيْعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تُبَاعُ بِاللَّحْمِ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ مُطْلَقًا وَمَا لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بِلَحْمٍ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْهَا كِرَاءَ الْأَرْضِ وَلَا قَضَاءً عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِهَا وَلَا يُؤْخَذُ فِي ثَمَنِهَا حَيَوَانٌ لَا يُرَادُ إلَّا اللَّحْمُ وَلَا طَعَامٌ أَمَّا حَيَوَانٌ فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ فَيُبَاعُ بِحَيَوَانٍ، أَوْ لَحْمٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَإِلَّا مُنِعَ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِيهِ يُرِيدُ ذَبْحَهُ وَقَوْلُهُ كَحَيَوَانٍ أَيْ: مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ صَيَّرَهُ جِنْسًا مُسْتَقِلًّا وَقَوْلُهُ كَخُصْيِ ضَأْنٍ مِثَالٌ لِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اقْتَنَاهُ لِصُوفِهِ وَمِثْلُهُ خُصْيُ الْمَعْزِ الْمُقْتَنَى لِشَعْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمَعْنَى وَنُسِبَ لِلزَّقَّاقِ التَّعَرُّضُ لَهُ وَفِي التَّبْصِرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَإِرَادَةِ الصُّوفِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُهُ فَانْظُرْهُ (ص) وَكَبَيْعِ الْغَرَرُ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي النَّهْيِ وَالْغَرَرِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُمْتَنِعٌ إجْمَاعًا كَطَيْرِ الْهَوَاءِ وَسَمَكِ الْمَاءِ وَجَائِزٌ إجْمَاعًا كَأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَحَشْوِ الْجُبَّةِ الْمُغَيَّبَةِ وَنَقْصِ الشُّهُورِ وَكَمَالِهَا فِي إجَارَةِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا وَاخْتِلَافُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَاءِ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ وَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَاءِ وَمُخْتَلَفٌ فِي إلْحَاقِهِ بِالْأَوَّلِ، أَوْ بِالثَّانِي وَمِنْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا، أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ حُكْمِ غَيْرٍ، أَوْ رِضَاهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ عَقَدَ الْبَيْعَ فِي سِلْعَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بَلْ عَلَى مَا تُسَاوِي مِنْ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَجْهُولٌ، أَوْ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَوْقُوفٌ عَلَى حُكْمِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ عَلَى رِضَا مَنْ ذُكِرَ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ فِي الْجَمِيعِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَحْكُمُ بِهِ الْمُحَكَّمُ، أَوْ مَا يَرْضَى بِهِ الْمُشْتَرَطُ رِضَاهُ وَالضَّمِيرُ فِي حُكْمِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ عَلَى رِضَا مَنْ ذُكِرَ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ فِي الْجَمِيعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْعَاقِدِ لِيَعُمَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْأَجْنَبِيَّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا أَنَّ الْحُكْمَ   [حاشية العدوي] بِلَحْمِ جِنْسِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَوْ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: يَدًا بِيَدٍ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ لِلْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ إذَا بِيعَ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ. (قَوْلُهُ: لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ بَيْعُ الَّذِي يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ بِمَا يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا نَقْدًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: نَقْدًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ فَتَخْرُجُ تِلْكَ الصُّورَةُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا بِلَحْمٍ) أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ شَامِلٌ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَقَوْلُهُ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْهَا أَيْ: مِنْ الْأَرْبَعَةِ يَخْرُجُ مِنْهُ صُورَةُ مَا إذَا كَانَ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ وَقَوْلُهُ وَلَا قَضَاءً عَنْ دَرَاهِمَ إلَخْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا وَاحِدٌ مِمَّا يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ فَيَجُوزُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ فِي ثَمَنِهَا الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بَاعَهُ وَاحِدًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِأَنْ بَاعَهُ مَا يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ، أَوْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِثَمَنٍ كَدَرَاهِمَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ حَيَوَانًا لَا يُرَادُ إلَّا لِلَّحْمِ فَلَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ وَلَا طَعَامَ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ حَيَوَانًا يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ وَبِيعَ بِدَرَاهِمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهَا طَعَامًا (قَوْلُهُ: أَيْ: مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ: قَوْلُهُ: حَيَوَانٌ وَقَوْلُهُ لَحْمٌ أَيْ: نَقْدًا وَمُؤَجَّلًا وَأَمَّا اللَّحْمُ مِنْ جِنْسِهِ فَامْنَعْ وَأَمَّا حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسِهِ يُفَصَّلُ فِيهِ إنْ كَانَ مِثْلُهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ أَجِزْ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْحَيَوَانُ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ اللَّحْمُ مِنْ جِنْسِهِ مُنِعَ تَخْرُجُ مِنْهُ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِيهِ يُرِيدُ ذَبْحَهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِصُورَةِ الْجَوَازِ أَيْ: فَيُبَاعُ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ ذَبْحَهُ أَيْ: دَفْعًا لَمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ ذَبْحُهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيْعِ لَحْمِ بِحَيَوَانٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَأْكُولِ اللَّحْمِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ غَفَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ بِلَحْمِ جِنْسِهِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ يُؤْكَلُ فَيَلْزَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اقْتَنَاهُ لِصُوفِهِ) وَأَمَّا إذَا اقْتَنَاهُ لِصُوفِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ يُتَّخَذُ لِلْقِنْيَةِ وَلَهُ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ الْمَعْنَى) وَهُوَ الْعِلَّةُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اقْتَنَاهُ بِصُوفِهِ صَارَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا اقْتَنَاهُ لِشَعْرِهِ وَقَوْلُهُ وَفِي التَّبْصِرَةِ مَا يُفِيدُ إلَخْ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ وَفِي التَّبْصِرَةِ مَا يُفِيدُهُ [بَيْعِ الْغَرَرُ] . (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ) الْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَيْ: الْبَيْعِ الْمُلَابِسِ لِلْغَرَرِ لَا أَنَّ الْغَرَرَ مَبِيعٌ وَالْغَرَرُ هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَرَضِ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْغَرَرُ إلَخْ) أَيْ: وَبَيْعُ الْغَرَرِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَقَوْلُهُ كَطَيْرِ الْهَوَاءِ أَيْ: كَبَيْعِ الطَّيْرِ الَّذِي فِي الْهَوَاءِ وَقَوْلُهُ كَأَسَاسِ الدَّارِ أَيْ: كَبَيْعِ الدَّارِ بِأَسَاسِهَا وَقَوْلُهُ وَحَشْوِ الْجُبَّةِ أَيْ: وَبَيْعُ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ وَقَوْلُهُ الْمُغَيَّبَةِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ الْمُغَيَّبُ صِفَةٌ لِلْحَشْوِ، أَوْ الْمَعْنَى الْمُغَيَّبِ حَشْوُهَا وَقَوْلُهُ وَنَقْصُ الشُّهُورِ وَكَمَالُهَا فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَكَالْإِجَارَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِنَقْصِ الشُّهُورِ وَكَمَالِهَا وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافٌ إلَخْ أَيْ: وَكَبَيْعِ الْمَاءِ الْمُخْتَلَفِ اسْتِعْمَالُهُ وَقَوْلُهُ وَالشُّرْبُ مِنْ السِّقَاءِ مَعْطُوفٌ عَلَى دُخُولٍ (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ: وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْأَجْنَبِيَّ وَالْبَائِعَ وَقَوْلُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَيْ: بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ، أَوْ غَيْرِهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَسَكَتَ عَنْ تَرْجِيعِ الضَّمِيرِ لِلْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ الْأَجْنَبِيَّ مَعَ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ:، أَوْ رِضَا مَنْ ذَكَرَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَقَوْلُهُ، أَوْ رِضَاهُ مَعْنَاهُ، أَوْ رِضَا مَنْ ذَكَرَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ وَالْجَبْرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُحَكَّمَ يُلْزِمُهُمَا الْبَيْعَ جَبْرًا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّضَا فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُمَا ذَلِكَ بَلْ، إنْ رَضِيَا فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا رَجَعَا وَلَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ (ص) ، أَوْ تَوَلَّيْتُك سِلْعَةً لَمْ يَذْكُرْهَا، أَوْ ثَمَنَهَا (ش) هَذَا أَيْضًا مِنْ الْغَرَرِ الْمُفْسِدِ لِلْبَيْعِ وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ الْمُشْتَرِيَ سِلْعَةً إذَا وَلَّاهَا لِآخَرَ بِأَنْ قَالَ لَهُ: وَلَّيْتُك مَا اشْتَرَيْت بِمَا اشْتَرَيْت وَلَمْ يَذْكُرْ السِّلْعَةَ لَهُ هُوَ وَلَا غَيْرِهِ، أَوْ ذُكِرَتْ لَهُ لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ الثَّمَنَ وَقَوْلُهُ (بِإِلْزَامٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ وَالسُّكُوتُ مِثْلُ الْإِلْزَامِ إلَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَتَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ، ثُمَّ الْمُضِرَّ إلْزَامُهُمَا، أَوْ إلْزَامُ أَحَدِهِمَا فِي بَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا، أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ رِضَاهُ وَأَمَّا عَلَى حُكْمِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ رِضَاهُ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالرِّضَا مِنْهُمَا وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ الْجَاهِلِ بِالثَّمَنِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (ص) وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ، أَوْ مُنَابَذَتِهِ فَيَلْزَمُ (ش) الْمُفَاعَلَةُ فِي كَلَامِهِ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا أَيْ: وَكَلَمْسِ الثَّوْبِ، أَوْ نَبْذِهِ مِنْ جَانِبَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمُلَامَسَةٍ وَمُنَابَذَةٍ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ قَالَ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ: وَالْمُلَامَسَةُ شِرَاؤُك الثَّوْبَ لَا تَنْشُرُهُ وَلَا تَعْلَمُ مَا فِيهِ، أَوْ تَبْتَاعُهُ لَيْلًا وَلَا تَتَأَمَّلُهُ، أَوْ ثَوْبًا مَدْرَجًا لَا يُنْشَرُ مِنْ جِرَابِهِ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ تَبِيعَهُ ثَوْبَك وَتَنْبِذَهُ إلَيْهِ، أَوْ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذُهُ إلَيْك مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْكُمَا عَلَى الْإِلْزَامِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ وَلَا تَعْلَمُ مَا فِيهِ يَعْنِي وَيَكْتَفِي بِاللَّمْسِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَبْتَاعَهُ لَيْلًا أَيْ: مُقْمِرًا، أَوْ مُظْلِمًا وَقَوْلُهُ مِنْ جِرَابِهِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ اهـ. وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُ هُوَ كَقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ أَمَّا الْمُلَامَسَةُ فَهِيَ أَنْ يَلْمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إلَى الْآخَرِ بِاللَّيْلِ، أَوْ بِالنَّهَارِ وَلَا يُقَلِّبَهُ إلَّا بِذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ الْمَازِرِيُّ وَلَوْ فَعَلَ عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَيَتَأَمَّلَهَا، فَإِنْ رَضِيَ أَمْسَكَ جَازَ اهـ. مِنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ (ص) وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ وَهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا، أَوْ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا، أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ، أَوْ بِعَدَدِ مَا تَقَعُ تَفْسِيرَاتٌ (ش) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَأْوِيلَاتٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَرْضِهِ قَدْرَ مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَصَاةِ وَلَا شَكَّ فِي جَهْلِهِ لِاخْتِلَافِ الرَّمْيِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَتَى وَقَعَتْ الْحَصَاةُ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْضًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَيُّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ حَصَاةٌ فَهُوَ الْمَبِيعُ وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْضًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ فَلَكَ بِعَدَدِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ الْفَرْقَ الْمُتَقَدِّمَ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى فِي ذَاتِهِ وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِلْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا أَمَّا الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ اشْتَرَاهَا لَهُ وَكِيلُهُ الْمُفَوَّضُ وَلَمْ يَعْرِفْ الْقَدْرَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ وَكِيلُهُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا) رَاجِعٌ لِلَّمْسِ وَالنَّبْذِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَلَكِنَّ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الْمُنَابَذَةِ وَاللَّمْسُ فِي الْمُشْتَرِي فَكَانَ الرَّجُلَانِ يُسَاوِمَانِ السِّلْعَةَ فَإِذَا لَمَسَهَا الْمُشْتَرِي، أَوْ نَبَذَهَا إلَيْهِ الْبَائِعُ لَزِمَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ) أَيْ: وَهُوَ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» (قَوْلُهُ: لَا تَنْشُرُهُ وَلَا تَعْلَمُ مَا فِيهِ) أَيْ: وَبِمُجَرَّدِ لَمْسِك إيَّاهُ مَعَ عَدَمِ النَّشْرِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: لَا يُنْشَرُ مِنْ جِرَابِهِ) أَيْ: لَا يُخْرَجُ مِنْ جِرَابِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوَّلَ الْمَبِيعُ لَمْ يَكُنْ مَسْتُورًا فِي جِرَابِهِ وَهَذَا الْمَبِيعُ مَسْتُورٌ فَإِذَنْ فَهَذِهِ مَفْهُومَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُلَامَسَةِ فَيَكُونُ الْمَنْعُ لِلْجَهَالَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ وَبِمُجَرَّدِ لَمْسِ الْجِرَابِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ ثَوْبًا مُدْرَجًا أَيْ: أَوْ شِرَاؤُك ثَوْبًا مُدْرَجًا. (قَوْلُهُ: تَبِيعَهُ ثَوْبَك) لَاحَظَ مُخَاطَبًا مُعَيَّنًا وَإِلَّا لَمَا احْتَاجَ لِمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: أَنْ تَبِيعَهُ ثَوْبَك وَتَنْبِذَهُ إلَيْهِ) وَجَعَلَا الْعَقْدَ مُنْبَرِمًا بِمُجَرَّدِ النَّبْذِ وَقَوْلُهُ بِاللَّمْسِ أَيْ: لَمْسِ الْمُشْتَرِي أَيْ: يُكْتَفَى بِاللَّمْسِ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ وَتَحَقُّقِهِ. (قَوْلُهُ: مُقْمِرًا، أَوْ مُظْلِمًا) وَمِثْلُ الثَّوْبِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَكَذَا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ شِرَاءُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بِلَيْلٍ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْخِبْرَةَ بِالْيَدِ تُبَيِّنُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مِنْ سِمَنٍ وَهُزَالٍ وَقِيلَ: أَنَّ الدَّوَابَّ يَجُوزُ بَيْعُهَا فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَيَجُوزُ فِي اللَّيْلِ مُطْلَقًا لِمَعْرِفَةِ سِمَنِهِ بِالْمَسِّ وَفِي مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَ يَصِلُ لِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِالْقَمَرِ مِثْلَ النَّهَارِ جَازَ الْبَيْعُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُوتَ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِي شِرَاءِ الْحُبُوبِ بِاللَّيْلِ الْمُقْمِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْأَوَّلِ [بَيْعِ الْحَصَاةِ] (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ) أَيْ: الْبَيْعِ الْمُلَابِسِ لِلْحَصَاةِ لَا الْحَصَاةَ مَبِيعَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا) كَانَ الرَّامِي الْبَائِعَ، أَوْ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ غَيْرَهُمَا أَيْ: بِإِلْزَامٍ فَإِنْ وَقَعَ بِخِيَارٍ جَازَ بِشَرْطِ عِلْمِ مَا يُبَاعُ حَيْثُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) أَيْ: مِنْ يَدِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ فِي جَهْلِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ عَلَى الْإِلْزَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: مَتَى وَقَعَتْ الْحَصَاةُ) أَيْ: إنَّ فِي يَدِي الْحَصَاةُ وَمَتَى وَقَعَتْ لَزِمَ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَيُّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ حَصَاةٌ) أَيْ: بِلَا قَصْدٍ لِشَيْءِ مُعَيَّنٍ فَلَوْ كَانَ بِقَصْدٍ أَجْزَأَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَذَا مِنْ الْبَائِعِ بِشَرْطِ جَعْلِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْبَائِعِ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ السِّلَعُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ جَازَ كَانَ بِقَصْدٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ) أَيْ: وَقَعَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمُتَفَرِّقَةِ بِسَبَبِ الرَّمْيِ فَلَكَ بِعَدَدِهِ دَرَاهِمُ أَيْ: يَقُولُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ فَلَكَ إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 دَنَانِيرُ، أَوْ دَرَاهِمُ فَقَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: بَيْعُ ذِي مُنْتَهَاهَا أَيْ: صَاحِبِ مُنْتَهَاهَا أَيْ: مَا بَيْنَ مَبْدَئِهَا وَبَيْنَ مُنْتَهَاهَا أَيْ: مَا بَيْنَ الرَّامِي وَبَيْنَ مُنْتَهَاهَا لَا أَنَّ مُنْتَهَاهَا هُوَ الْمَبِيعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ إذْ لَمْ يُفَسِّرْ أَحَدٌ الْحَدِيثَ بِهِ قَوْلُهُ، أَوْ يَلْزَمُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُنْتَهَاهَا أَيْ: أَوْ بَيْعٌ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ وَيُقَدَّرُ الْمَوْصُولُ أَيْ: أَوْ بَيْعُ مَا يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَصْدَرٌ وَهُوَ لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ فَلَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ أَيْ: وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ مَعْلُومَانِ وَقَدْ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا شَرْعِيًّا وَجَعَلَا الْوُقُوعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ انْبِرَامًا لِلْبَيْعِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ فِي الْأَجَلِ بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ الْحَصَاةِ إذْ لَا يُدْرَى فِي أَيِّ زَمَنٍ تَقَعُ وَأَمَّا مَعَ الْقَصْدِ فَيَجُوزُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الزَّمَنُ مَعْلُومًا كَمَا إذَا قَالَ لَهُ: إنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الظُّهْرِ مَثَلًا قَصْدًا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَلْزَمُ (ص) وَكَبَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ، أَوْ ظُهُورِهَا، أَوْ إلَى أَنْ يُنْتَجَ النِّتَاجُ وَهِيَ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ (ش) يُنْتَجُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَالنِّتَاجُ بِكَسْرِ النُّونِ لَيْسَ إلَّا لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا «لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ» وَإِنَّمَا نَهَى فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ: الْمَضَامِينِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إنَاثِ الْإِبِلِ وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ فَهِيَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي وَالثَّالِثُ لِلثَّالِثِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْإِبِلَ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِبِلِ أَيْ: مَا فِي بُطُونِ الْحَيَوَانَاتِ وَظُهُورِهَا وَقَوْلُهُ، أَوْ ظُهُورِهَا أَيْ: بَيْعُ مَا يَتَكَوَّنُ عَنْ ضِرَابِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَبِيعُك مَا يَتَكَوَّنُ مِنْ مَاءِ فَحْلِي هَذَا فِي بَطْنِ نَاقَتِي هَذِهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَهُوَ ضِرَابُهُ أَيْ: نَزْوُهُ وَصُعُودُهُ عَلَيْهِ فَلَا تَكْرَارَ وَقَوْلُهُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ لِلْجَهْلِ فِي الْأَجَلِ وَالْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مَلْقُوحٍ وَهُوَ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَالْمَضَامِينُ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَغَلِطَ مَنْ شَدَّدَهَا جَمْعُ مَضْمُونٍ وَهُوَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ هَذَا عَلَى غَيْرِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَجَّلَ الثَّمَنَ بِمُدَّةِ حَمْلِ امْرَأَةٍ اُعْتُبِرَ الْمُعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَلَوْ أَجَّلَهُ بِمُدَّةِ حَمْلِ نَاقَةٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا اُعْتُبِرَ مُدَّةُ الْمُعْظَمِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ (ص) وَكَبَيْعِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ الْمَوْصُولُ) بَلْ وَيُقَدَّرُ بَيْعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ أَيْ: أَوْ بَيْعُ مَا يَلْزَمُ إلَخْ وَإِذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ الْأَوْلَى حَذْفُ بَيْعٍ وَتَكُونُ مَا وَاقِعَةً عَلَى بَيْعٍ. (قَوْلُهُ: أَجَلًا شَرْعِيًّا) وَهُوَ الزَّمَنُ الْمُعَيَّنُ لِلْخِيَارِ وَهُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْجَهْلِ فِي الْأَجَلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ مَعَ صُورَةِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الزَّمَنُ مَعْلُومًا) أَيْ: قَدْرُ زَمَنِ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا قَالَ لَهُ إنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ) أَيْ: أَنَا بِيَدِي الْحَصَاةُ فَمَتَى، أَوْقَعْتهَا قَصْدًا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ لَزِمَ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ لِكُلِّ سِلْعَةٍ زَمَنًا مُعَيَّنًا لِخِيَارِهَا وَالْمَمْنُوعُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُعَيَّنِ لَا النَّقْصُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: قَصْدًا كَانَ الْبَيْعُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ قَصْدًا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ رَدَّهُ وَجَعَلَهُ رَاجِعًا لِلَّذِي قَبْلَهُ بِلَصْقِهِ [بَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ أَوْ ظُهُورِهَا] . (قَوْلُهُ: يُنْتَجُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ) أَيْ: لَفْظًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُرَادٌ مِنْهُ الْبِنَاءُ لِلْفَاعِلِ وَكَلَامُ الْمِصْبَاحِ يُفِيدُ أَنْ يَنْتِجَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى يُنْتَجُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي مُضَارِعِهِمَا وَاقْتَصَرَ فِي مُخْتَصَرِ الصِّحَاحِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ النُّونِ) هَذَا ضَبْطٌ لِلنَّوَوِيِّ وَضَبَطَهُ السَّكَّاكِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ مَصْدَرُ نُتِجَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: مُرْسَلًا) الْمُرْسَلُ مَا حُذِفَ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ بِأَنْ يُسْنِدَ التَّابِعِيُّ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الْحَدِيثَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْذِفَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ الصَّحَابِيُّ. (قَوْلُهُ: وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ) عِيَاضٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مَصْدَرُ حَبِلَتْ الْمَرْأَةُ بِالْكَسْرِ وَالثَّانِيَ جَمْعُ حَابِلٍ كَظَالِمٍ وَظُلْمَةٍ وَقَالَ الْأَخْفَشُ جَمْعُ حَابِلَةٍ أَيْ: مَحْبُولِ الْمَحْبُولِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ) أَيْ: إلَى أَنْ يَلِدَ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ مِنْ الْأَوْلَادِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ حَبَلُ الْحَبَلَةِ وَلَدُ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْإِبِلِ بَلْ الْإِبِلُ وَقَعَتْ فِي الْمُوَطَّأِ. (قَوْلُهُ: أَبِيعُك مَا يَتَكَوَّنُ) أَيْ: يَتَحَصَّلُ وَقَوْلُهُ فِي بَطْنِ نَاقَتِي هَذِهِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ فِي ظَهْرِ الْفَحْلِ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَوَّرَ بِتَصْوِيرٍ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ نَزْوَهَا عَلَى وَجْهِ الْأَبَدِ بِأَنْ يَتَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ رَبِّهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَسِيبِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مَلْقُوحٍ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مَا صَدَّرَ بِهِ أَوَّلًا فَوَقَعَ فِي كَلَامِهِ التَّخَالُفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَهَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ فَابْنُ حَبِيبٍ جَعَلَ الْمَضَامِينَ بَيْعَ مَا فِي الظُّهُورِ، وَالْمَلَاقِيحَ بَيْعَ مَا فِي الْبُطُونِ [يَبِيعَ سِلْعَةً أَوْ يُؤَاجِرُهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ] (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِهِ) هُوَ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَكَبَيْعِ الْبَائِعِ سِلْعَةً دَارًا، أَوْ غَيْرَهَا وَكَوْنُهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَكَبَيْعِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ الْبَائِعَ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ: الْبَائِعِ وَالضَّمِيرُ فِي حَيَاتِهِ الْمُتَبَادِرُ حَيَاةُ الْبَائِعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الْعَاقِدِ وَعَلَى الشَّخْصِ أَيَّ شَخْصٍ كَانَ الْبَائِعَ، أَوْ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ غَيْرَهُمَا وَمَفْهُومُ حَيَاتِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ تَمَامِهَا رَجَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِوَرَثَتِهِ، أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ هِبَةٌ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 الشَّخْصَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً، أَوْ يُؤَاجِرُهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَعِيشُ مِنْ الزَّمَانِ فَهُوَ جَهْلٌ بِالثَّمَنِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فُسِخَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَالِكِ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ، إنْ كَانَ مِثْلِيًّا جُهِلَ قَدْرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ، وَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ بِمِثْلِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَكِيلَةً مَعْلُومَةً مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرْجِعُ بِمَا كَانَ سَرَفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْمُعْتَادِ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، أَوْ بِمِثْلِهِ، إنْ عَلِمَ وَلَوْ سَرَفًا عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) وَقَوْلُهُ (وَرُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، أَوْ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ، إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ مَضَى وَقُضِيَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ بِقِيمَةِ - مَا أَنْفَقَ فَيَتَقَاضَانِ فَمَنْ لَهُ فَضْلٌ أَخَذَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ وَقْتَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهَا يَوْمَ الْقَبْضِ فَفِي الْبَيْعِ يَوْمَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَفِي الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ قِيمَةُ الْمَنَافِعِ فِي أَزْمَانِهَا وَفِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ لَهُ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ فِي أَزْمَانِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ فَمِثْلُهُ ، ثُمَّ عَطَفَ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى مِثْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ يُسْتَأْجَرُ عَلَى عُقُوقِ الْأُنْثَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ وَلَا شَكَّ فِي جَهَالَتِهِ إذْ قَدْ لَا تَحْمِلُ فَيُغْبَنُ رَبُّ الْفَحْلِ وَقَدْ تَحْمِلُ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ فَيُغْبَنُ رَبُّ الْأُنْثَى وَالدَّلِيلُ عَلَى حَمْلِهَا غَالِبًا أَنْ تُعْرَضَ عَنْ الْفَحْلِ وَعُقُوقٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ لَا بِفَتْحِهَا خِلَافًا لح اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَجَازَ زَمَانٌ، أَوْ مَرَّاتٌ، فَإِنْ أَعَقَّتْ انْفَسَخَتْ (ش) أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِالْأَكْوَامِ وَزَمَنِهَا لَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا جَازَ كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ مَرَّةٍ، أَوْ مَرَّاتٍ كَثَلَاثَةِ أَكْوَامٍ أَيْ: مَرَّاتٍ وَعَطَفَ بِ أَوْ: لِإِفَادَةِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ، إنْ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَمِّيَ نَزَوَاتٍ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ، فَإِنْ حَصَلَ الْإِعْقَاقُ أَيْ: الْحَمْلُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا انْتَفَعَ (ص) وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ وَالنَّهْيُ عَنْهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ أَشَارَ لِإِحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ (ص) يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشْرَةٍ نَقْدًا، أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ (ش) أَيْ: يَبِيعُ سِلْعَتَهُ بِإِلْزَامٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَاجِرُهَا) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْبَيْعِ مَا يَعُمُّ بَيْعَ الذَّوَاتِ وَالْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقَوَّمًا) أَيْ: مُطْلَقًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَمْ لَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ فِي ثَلَاثٍ وَبِالْمِثْلِ فِي وَاحِدَةٍ وَالرُّجُوعُ فِي الْأَرْبَعِ مُخْتَلِفٌ فَالْمُقَوَّمُ الْمَعْلُومُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَالْمَجْهُولُ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ) فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِتُنْفِقْ مَا يَكْفِينِي مُدَّةَ حَيَاتِي، أَوْ تَدْفَعْ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا مُدَّةَ حَيَاتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَفًا) وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالسَّرَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ إذَا كَانَ السَّرَفُ قَائِمًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَلَا بِعِوَضِهِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فَيَرْجِعُ بِهِ وَبِعِوَضِهِ إنْ فَاتَ وَالْفَرْقُ أَنَّ مُشْتَرِيَ الذَّاتِ يَمْلِكُ فِيهِ الْغَلَّةَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلِذَا لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْفَوَاتِ بِالسَّرَفِ وَالْإِجَارَةُ لَا تُمْلَكُ فِيهَا غَلَّةٌ لِعَدَمِ مِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ: الَّذِي صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَحَدُهُمَا الرُّجُوعُ كَمَا قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْوَسَطِ كَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى يَتِيمٍ لَهُ مَالٌ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ مَعَ قِيَامِهِ فِي النَّفَقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِالرُّجُوعِ عُرِفَ أَنَّ الْمَبِيعَ رُدَّ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا تُرَدُّ عَيْنُهُ وَإِنْ فَاتَ تُرَدُّ قِيمَتُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رُجُوعٌ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ دَارًا. (قَوْلُهُ: مَضَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُحْذَفَ مَضَى وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى قِيلَ مَضَى فَالْمَعْنَى إنَّمَا يَمْضِي بِالثَّمَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ وَرُدَّ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّدَّ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ بِمَعْنَى رَدِّ ذَاتِهِ وَمَعَ فَوَاتِهِ فَمَعْنَاهُ رَدُّ قِيمَتِهِ [يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ] (قَوْلُهُ: وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ) بِالْيَاءِ يُطْلَقُ عَلَى ذَكَرِ الْفَحْلِ وَضِرَابِهِ وَأَمَّا بِدُونِ يَاءٍ فَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى ضِرَابِهِ وَقَوْلُهُ يَسْتَأْجِرُ تَفْسِيرِيَّةٌ، أَوْ بَدَلٌ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ بِتَقْدِيرِ الْمُبْتَدَأِ وَقَوْلُهُ عَقُوقٌ أَيْ: حَمْلٌ (قَوْلُهُ: تُعْرِضَ عَنْ الْفَحْلِ) أَيْ: فَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْ الْفَحْلِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا حَمَلَتْ فِي الْحَالِ وَعَدَمُ ظُهُورِ الْحَمْلِ عِنْدَ ذَلِكَ أَمْرٌ نَادِرٌ. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ وَجْهَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَصَادِرَ الْآتِيَةَ عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْقَبُولُ وَالْوَقُودُ وَالْوَلُوعُ وَالطَّهُورُ وَالْوَضُوءُ قَالَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ فِي مُقَرَّبِهِ زَادَ الْجَمَالُ بْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ التَّسْهِيلِ وَمَا عَدَاهُنَّ فَبِالضَّمِّ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَيَجُوزُ النُّطْقُ بِالضَّمِّ قِيَاسًا فِيمَا وَرَدَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَصَادِرِ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَإِنَّهَا تَأْتِي كَثِيرًا عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ كَصَبُورٍ وَشَكُورٍ وَغَفُورٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَقَّتْ) أَيْ: نَفَرَتْ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْأَصْلِ) أَيْ: الْقَاعِدَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَرَّاتِ أَيْ: الَّذِي هُوَ كُلِّيُّ مَا ذَكَرَ وَهُوَ تَسْمِيَةُ الزَّمَنِ مَعَ تَسْمِيَةِ الْمَرَّاتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ (قَوْلُهُ: كَمَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ رَجَعَهُ لِلْمَرَّاتِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي الزَّمَانِ فَلَا فَسْخَ بِعَقُوقِهَا أَوَّلَهُ، أَوْ أَثْنَاءَهُ بَلْ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأُنْثَى يَسْتَوْفِي بِهَا الْمَنْفَعَةَ، أَوْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ . (قَوْلُهُ: عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ عَلَى صُورَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيهِ كَأَنْ يَبِيعَهَا إمَّا بِعَشْرَةٍ نَقْدًا، أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَجَلٍ وَجَعَلَهَا بَيْعَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ: فِي بَيْعَةٍ أَيْ: فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَالْمُرَادُ بِالْبَيْعَةِ الْعَقْدُ، أَوْ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: بِسَبَبِ بَيْعَةٍ أَيْ: بَيْعَةٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِبَيْعَتَيْنِ وَلَوْ عَكَسَ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ لَجَازَ لِعَدَمِ التَّرَدُّدِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ لِأَجَلٍ وَأَشَارَ لِثَانِي الصُّورَتَيْنِ بِقَوْلِهِ. (ص) ، أَوْ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ (ش) فِي الْجِنْسِيَّةِ كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ، أَوْ الصِّنْفِيَّةِ كَرِدَاءٍ وَكِسَاءٍ، أَوْ الرَّقْمِ أَيْ: وَالْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ مُتَّفِقَةٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَبَاعَ إحْدَاهُمَا وَلَوْ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بِإِلْزَامٍ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِالْمُثَمَّنِ، إنْ اتَّحَدَ الثَّمَنُ، أَوْ بِالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ (ص) إلَّا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا (ش) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ، أَوْ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ يُوهِمُ عُمُومَ الِاخْتِلَافِ كَيْفَ كَانَ أَخْرَجَ هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ السِّلْعَتَيْنِ إذَا اخْتَلَفَتَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِيمَا عَدَاهُمَا جَازَ بَيْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى اللُّزُومِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ وَلَيْسَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى الْأَجْوَدِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِجَوْدَةٍ إلَخْ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَيْ: مُخْتَلِفَتَيْنِ بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ فَيَجُوزُ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الِاخْتِلَافِ الْمُنْدَرِجِ فِي النَّهْيِ إذْ لَيْسَتْ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ بِجَوْهَرٍ زَائِدٍ فَكَأَنَّهُمَا سِلْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَّحِدُ مَعَ الِاخْتِلَافِ تَارَةً وَيَخْتَلِفُ تَارَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتْبَعُ الرَّغَبَاتِ وَالْقِيمَةُ دَائِمًا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْمُبَالَغَةِ حِينَئِذٍ (ص) لَا طَعَامٍ (ش) يَعْنِي مَا مَرَّ مِنْ الْجَوَازِ لِاشْتِرَاءِ إحْدَى سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ بِالْإِلْزَامِ سَوَاءٌ كَانَتَا ثَوْبَيْنِ، أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْعَبِيدِ وَالْبَقَرِ وَالشَّجَرِ الَّذِي لَا ثَمَرَ فِيهِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الطَّعَامِ أَمَّا إذَا كَانَتَا طَعَامَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ إحْدَى صُبْرَتَيْنِ طَعَامًا وَلَوْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا وَصِفَتُهُمَا وَلَا بَيْعُ أَحَدِ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ كَصُبْرَةٍ وَثَوْبٍ وَلَا بَيْعُ أَحَدِ طَعَامَيْنِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا غَيْرُهُ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ (ص) ، وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ (ش) كَعَرْضٍ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْجَوَازُ وَأَنَّ الطَّعَامَ تَبَعٌ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فَقَوْلُهُ: لَا طَعَامٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: إلَّا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ فَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَا طَعَامٍ وَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (ص) كَنَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلَاتٍ (ش) أَيْ: كَبَيْعِ نَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ عَلَى اللُّزُومِ يَخْتَارُهَا الْمُشْتَرِي مِنْ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَاتٍ، أَوْ غَيْرِ مُثْمِرَاتٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَإِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً يُعَدُّ أَنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيهِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا مَنْعَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُرَادُ بِالْبَيْعَةِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي: بَاقِيَةٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَوْ أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ فَقَوْلُهُ أَيْ: بِسَبَبِ بَيْعَةٍ رَاجِعٌ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: بَيْعَتَيْنِ بِسَبَبِ بَيْعَةٍ أَيْ: بَيْعَتَيْنِ نَاشِئَتَيْنِ عَنْ بَيْعَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَيْ: بَيْعَةٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِبَيْعَتَيْنِ فَلَا يُنَاسِبُ السَّبَبِيَّةَ بَلْ مَا يُنَاسِبُ إلَّا جَعْلُهَا لِلظَّرْفِيَّةِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَفِي: بَاقِيَةٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَوْ أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: بَيْعَةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيْعَتَيْنِ، أَوْ بَيْعَتَيْنِ نَاشِئَتَيْنِ عَنْ بَيْعَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: مُتَضَمِّنَةٌ رَاجِعًا لِبَقَائِهَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَمَعْنَى تَتَضَمَّنُ تَشْتَمِلُ مِنْ اشْتِمَالِ الظَّرْفِ عَلَى الْمَظْرُوفِ وَقَوْلُهُ، أَوْ بَيْعَتَيْنِ نَاشِئَتَيْنِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ مُتَّفِقَةٌ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَوْ الصِّفَةِ وَأَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا عَدَا الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) أَيْ: كُلُّ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ أَيْ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ وَاحِدًا بِأَنْ كَانَتْ هَذِهِ بِعَشَرَةٍ وَهَذِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ بَلْ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: عَلَى اللُّزُومِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) هَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فَلَوْ كَانَ بِثَمَنَيْنِ لَضَرَّ (قَوْلُهُ: مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) بَلْ مِنْ مَحْذُوفٍ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُمَا سِلْعَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ: لِمَا لَمْ تَكُنْ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ بِجَوْهَرٍ زَائِدٍ فَالسِّلْعَتَانِ بِمَثَابَةِ سِلْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُقَالُ إنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَالْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ بِمَنْزِلَةِ جَوْهَرٍ زَائِدٍ فَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ أَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى الْأَجْوَدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الثَّمَنُ إلَخْ) أَيْ: وَيَكُونُ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ اتَّحَدَ الثَّمَنُ الَّذِي بَلَغَا بِهِ فِي النِّدَاءِ بَلْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ أَيْ: اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِالنَّظَرِ لِوَقْتِ النِّدَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّفَقَ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ وَاحِدٌ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّكَلُّفِ (وَأَقُولُ) الْأَقْرَبُ إبْقَاءُ الْقِيمَةِ عَلَى حَالِهَا وَجَعْلُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَاخْتَلَفَتْ لِلْحَالِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا وَانْتَقَلَ عَنْهَا إلَى هَذِهِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ، إنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُنْتَقَلَ إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمَّا قَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ الْمَنْعَ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ عَلَى الِاخْتِيَارِ لُزُومًا وَكَانَتْ الْعِلَّةُ عَدَّ الْمُخْتَارِ مُنْتَقِلًا وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيمَنْ بَاعَ بُسْتَانَه الْمُثْمِرَ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَ نَخَلَاتٍ يَخْتَارُهَا أَشَارَ إلَى جَوَازِهَا بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا الْبَائِعَ خُمُسًا مِنْ جِنَانِهِ (ش) أَيْ: إلَّا الْبَائِعَ يَسْتَثْنِي خُمُسًا مِنْ جِنَانِهِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ أَنْ يَعْرِفَ جَيِّدَ حَائِطِهِ مِنْ رَدِيئِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنْ يَخْتَارَ، ثُمَّ يَنْتَقِلَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ الْمُسْتَثْنَى قَدْرَ الثُّلُثِ أَيْ: قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ كَيْلًا فِيمَا إذَا اسْتَثْنَى الثَّمَرَةَ وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى النَّخْلَ بِثَمَرِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَرُهُ قَدْرَ الثُّلُثِ سَوَاءٌ زَادَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى خُمُسٍ، أَوْ نَقَصَ خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَمَا دُونَ وَالْمُسْتَثْنَى هُنَا الثَّمَرَةُ مَعَ الْأُصُولِ؛؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَصُبْرَةٌ وَثَمَرَةٌ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَاكَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ خُمُسًا مِنْ جِنَانِهِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ أَمَّا لَوْ اسْتَثْنَى خُمُسًا مَثَلًا عَلَى اللُّزُومِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ زَادَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدِ مَا اسْتَثْنَى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا اسْتَثْنَى جُزْءًا مُعَيَّنًا كَثُلُثٍ، أَوْ نِصْفٍ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي هَذِهِ كَانَتْ مُصِيبَةُ حِصَّةِ الْبَائِعِ مِنْهُ وَمُصِيبَةُ حِصَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ مَا اسْتَثْنَى، أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ أَقَلُّ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ وَأَمَّا لَوْ اسْتَثْنَى خُمُسًا عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ فَعَلَى الْبَائِعِ الضَّمَانُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ، ثُمَّ عَطَفَ جُزْئِيًّا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْغَرَرِ عَلَى قَوْلِهِ كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَكَبَيْعِ (ش) أَمَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (ص) حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ (ش) إذَا كَانَ الشَّرْطُ لِاسْتِزَادَةِ الثَّمَنِ لِمَا فِيهِ الْغَرَرُ حِينَئِذٍ وَهِيَ مِمَّنْ يَزِيدُ الْحَمْلُ فِي ثَمَنِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، إنْ لَمْ يَظْهَرْ، أَوْ مِنْ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ، إنْ ظَهَرَ أَبُو إِسْحَاقَ بَيْعُ الْأَجِنَّةِ لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ، وَإِنْ قَبَضَهَا رُدَّتْ، وَإِنْ فَاتَتْ كَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَأُجْبِرَا عَلَى أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَهُمَا، أَوْ يَبِيعَا إلَخْ وَبِعِبَارَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَصَدَ الِاسْتِزَادَةَ فِي الثَّمَنِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ فِي الْعَلِيِّ وَالْوَخْشِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَفِي الْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَخْشِ حَيْثُ جَازَ التَّبَرِّي مِنْ حَمْلِهَا مُطْلَقًا دُونَ الرَّائِعَةِ قُلْتُ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِ الرَّائِعَةِ كَثِيرًا وَذَلِكَ غَرَرٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الظَّاهِرِ فِي الرَّائِعَةِ وَالْخَفِيِّ فِيهَا حَيْثُ جَازَ التَّبَرِّي مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قُلْتُ هُوَ الْغَرَرُ فِي الْخَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجُوزُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ فَلَا غَرَرَ فِيهِ وَهَذَا إذَا صَرَّحَ بِمَا قَصَدَ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِزَادَةِ   [حاشية العدوي] قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: لَا طَعَام إلَخْ) لِأَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ شَيْئًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ وَهُوَ تَفَاضُلٌ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا وَصِفَتُهُمَا) أَيْ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ وَغَيْرُهُمَا إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُمَا إذَا اتَّحَدَا نَوْعًا وَكَيْلًا، وَاخْتَلَفَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ الْجَوَازُ. وَالْوَزْنُ كَالْكَيْلِ وَأَحْرَى إذَا اتَّفَقَا نَوْعًا وَكَيْلًا وَجَوْدَةً وَرَدَاءَةً فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا مُتَّحِدُ النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَالصِّفَةِ فَيَجُوزُ. ثَانِيهَا مُخْتَلِفُ الثَّلَاثَةِ مُمْتَنِعٌ. ثَالِثُهَا مُتَّحِدُ النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَاخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ فَيَجُوزُ. وَوَجَّهَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا نَصُّهُ: وَلَيْسَ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَحْمُولِهِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ سَمْرَاءَ مِثْلَ الْكَيْلِ بَعْدَ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مَثْمِرَاتٍ) أَيْ: كُلِّهِنَّ بَلْ الْمُثْمِرُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ. وَعِلَّةُ الْمَنْعِ لِمَا يُؤَدِّي مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا تَبَيَّنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُرَادُ بِقَوْلِهِ: مُثْمِرَاتٍ أَيْ كُلُّهُنَّ أَوْ مَجْمُوعُهُنَّ وَيُرَادُ أَزْيَدُ مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَتَأَتَّى بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَتَأَتَّى بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُثْمِرُ وَاحِدَةً فَلَا يَتَأَتَّى إلَّا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ نَخْلَةٌ مُثْمِرَةٌ عَلَى اللُّزُومِ لَيْسَ مُرَادُهُ اللُّزُومَ لَهَا بِعَيْنِهَا بَلْ الْمُرَادُ لُزُومٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ. (قَوْلُهُ: وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقْنَا الْمُمَاثَلَةَ لَجَازَ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ خَلَفَتْنَا عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ذَكَرَهُ تَنْصِيصًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ) أَيْ: دَخَلَا عَلَى الْكَيْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزَافًا فَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضُهُ. . (قَوْلُهُ: أَيْ: قَدْرَ الثُّلُثِ) أَيْ: قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ كَيْلًا إلَخْ هَذِهِ صُورَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عَلَى اللُّزُومِ) الْأَوْلَى الشُّيُوعُ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْبَائِعِ الضَّمَانُ) أَيْ: ضَمَانُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَلَعَلَّ وَجْهَ الضَّمَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْمُشْتَرِي شَيْءٌ فَهُوَ يُشْبِهُ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ النَّخْلِ إلَّا قَدْرَ مَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا لِلْبَائِعِ الْمُسْتَثْنِي [بَيْعِ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ] (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الشَّرْطُ لِاسْتِزَادَةِ الثَّمَنِ) بِأَنْ كَانَ مِثْلَهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ تُبَاعُ بِأَقَلَّ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَا عَلَى أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: أُجْبِرَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَجَنِينِهَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْأَجِنَّةِ وَحْدَهَا فَهِيَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَطْعًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ فِيهَا لُزُومُ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ يَفُوتُ بِالثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ امْتَنَعَ فِي ثَمَانِي صُوَرٍ عَلِيَّةً، أَوْ وَخْشًا، ظَاهِرَةَ، الْحَمْلِ أَمْ لَا وَطِئَهَا وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً أَمْ لَا وَمَتَى قَصَدَ التَّبَرِّي امْتَنَعَ أَيْضًا إنْ وَطِئَ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ عِلِّيَّةً، أَوْ وَخْشًا ظَاهِرَةً، أَوْ خَفِيَّةً فَإِنْ لَمْ يَطَأْ، أَوْ اسْتَبْرَأَ جَازَ التَّبَرِّي فِي ظَاهِرَتِهِ عَلِيَّةً، أَوْ وَخْشًا وَفِي حَفِيَّتِهِ فِي الْوَخْشِ دُونَ الْعَلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطَأَهَا) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ) لَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِالسُّؤَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَجَوَابُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا نَظَرَ بَيْنَ الْوَخْشِ وَالْعَلِيِّ لَا بَيْنَ حَالَتَيْ الْعَلِيِّ وَهَذَا بَيْن حَالَتَيْ الْعَلِيِّ بَلْ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُهُ يُسْتَغْنَى قَطْعًا بِالْجَوَابِ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ عَنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي جَوَابِهِ الْأَوَّلِ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِ الرَّائِعَةِ كَثِيرًا وَذَلِكَ غَرَرٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَرَرٌ وَلَا يُقَالُ غَرَرٌ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْحَمْلِ الْخَفِيِّ لَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَكَذَا فِي الْآدَمِيِّ إذَا كَانَ الْحَمْلُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا، فَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهَا حُمِلَ عَلَى قَصْدِ التَّبَرِّي انْتَهَى وَلَمَّا كَانَ الْغَرَرُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مُمْتَنِعٌ إجْمَاعًا كَطَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ وَجَائِزٌ إجْمَاعًا كَأَسَاسِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَبَيْعِ السِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا وَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ أَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ لِلْحَاجَةِ لَمْ يُقْصَدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَرَرَ الْيَسِيرَ يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا لَكِنْ حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ كَأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَإِجَارَتِهَا مُشَاهَرَةً مَعَ احْتِمَالِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَكَالْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ وَاللِّحَافِ وَالْحَشْوُ مُغَيَّبٌ وَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَاءِ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ اخْتِلَافِ الِاسْتِعْمَالِ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَسَارَةِ الْكَثِيرُ كَبَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا وَمِنْ الْغَرَرِ الْكَثِيرِ بَيْعُ نَحْوِ الطَّرَّاحَةِ الْمَحْشُوَّةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالْوَزْنِ وَيُتَحَرَّى ظَرْفُهُ، أَوْ يُوزَنُ، أَوْ يَكُونُ مُلْغًى كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ السَّمْنِ بِظُرُوفِهِ وَبِقَيْدِ عَدَمِ الْقَصْدِ خَرَجَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ وَقَيْدُ الْحَاجَةِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ، ثُمَّ عَطَفَ جُزْئِيًّا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْغَرَرِ عَلَيْهِ لِوُرُودِ النَّهْيِ بِخُصُوصِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَمُزَابَنَةِ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ، أَوْ مَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ (ش) قَوْلُهُ مَجْهُولٍ عَطْفٌ عَلَى بِمَعْلُومٍ أَيْ: أَوْ بَيْعِ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ وَقَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَلَمَّا كَانَتْ الْمُزَابَنَةُ مَأْخُوذَةً مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ زَبُونٌ إذَا مَنَعَتْ مِنْ حِلَابِهَا وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ فَلَوْ عَدِمَتْ الْمُغَالَبَةُ وَتَحَقَّقَتْ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَلَا مَنْعَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ، إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ (ش) أَيْ: وَجَازَ بَيْعُ الْمَجْهُولِ بِمِثْلِهِ وَبِالْمَعْلُومِ، إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً بَيِّنَةً حَالَ كَوْنِ الْعَقْدِ وَاقِعًا فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ أَيْ: مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ فَيَشْمَلُ قَوْلُهُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ مَا يَدْخُلُ رِبَا النَّسَاءِ وَمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبًا أَصْلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْفَاكِهَةِ بِالْفَاكِهَةِ مِنْ جِنْسِهَا إذَا تَبَيَّنَ الْفَضْلُ لَكِنْ بِشَرْطِ النَّقْدِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّلَمِ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَوْ قَالَ: فِيمَا لَا رَبَا فَضْلٍ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَيْ: الْعِوَضَيْنِ مِنْ جِنْسٍ كَصُبْرَةِ تُفَّاحٍ بِصُبْرَةِ تُفَّاحٍ، أَوْ جِنْسَيْنِ كَصُبْرَةِ تُفَّاحٍ بِصُبْرَةِ خَوْخٍ مَثَلًا جُزَافًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ مِنْ الرِّبَوِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ كَثْرَةِ أَحَدِهِمَا لِلتَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ وَلَمَّا قَيَّدَ الْمُزَابَنَةَ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ وَلَوْ بِدُخُولِ نَاقِلٍ لَا مُزَابَنَةَ عَطَفَ عَلَى فَاعِلِ جَازَ قَوْلُهُ (ص) وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ (ش) أَيْ: وَجَازَ بَيْعُ نُحَاسٍ مُثَلَّثِ النُّونِ بِتَوْرٍ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ إنَاءٌ يُشْرَبُ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْ إنَاءِ الشُّرْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ نَقْدًا وَمُؤَجَّلًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْحَمْلُ يَزِيدُ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ وَخْشًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهَا) بِأَنْ كَانَتْ عَلِيَّةً . (قَوْلُهُ: غَرَرٌ يَسِيرٌ) فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ يَسِيرًا فَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ شَرْحُ الْمُوَطَّأِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْغَرَرِ فَقِيلَ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَقِيلَ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ النِّزَاعِ وَقِيلَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ. (قَوْلُهُ: وَاللِّحَافُ وَالْحَشْوُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَاللِّحَافُ الْمَحْشُوُّ وَيَحْذِفَ قَوْلَهُ وَالْحَشْوُ الْمُغَيَّبُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ مُلْغًى) مَعْطُوفٌ عَلَى يَتَحَرَّى وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَيَتَحَرَّى ظَرْفَهُ، أَوْ يُوزَنُ وَيُؤْخَذُ لَهُ ثَمَنٌ، أَوْ يَكُونُ مُلْغًى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُوزَنُ الطَّرَّاحَةُ كُلُّهَا، ثُمَّ يُوزَنُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ، أَوْ يَتَحَرَّى وَبَعْدَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ لَهُ ثَمَنٌ، أَوْ يَلْغَى أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَتُوزَنُ الطَّرَّاحَةُ كُلُّهَا كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا الشَّامِلُ لِلطَّرَّاحَةِ وَمَا فِيهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ خَفِيفٌ فَكَالْعَدِمِ نَظِيرُهُ فِي السَّمْنِ إذَا كَانَ الْوِعَاءُ زِقًّا يَكُونُ التَّفَاوُتُ قَلِيلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوَانِيَ السَّمْنِ يَجْرِي فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ وَيَجْرِي كَذَلِكَ هُنَا هَذَا هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ. (قَوْلُهُ: إذْ الْبَيْعُ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ أَيْ: ابْنُ عَرَفَةَ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِحَشْوِهَا الْمَجْهُولِ وَفَسَادُ بَيْعِ جُمْلَةِ ثِيَابٍ قِيمَتُهَا ضِعْفُ قِيمَةِ الْجُبَّةِ مَعَ حَشْوِ الْجُبَّةِ دُونَهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَلَا مُفَرِّقَ غَيْرُ الْحَاجَةِ لِلْحَشْوِ فِي بَيْعِهِ مَعَ جُبَّتِهِ وَعَدَمُهَا فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَثْوَابِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ س وَتَبِعَهُ ج وَلَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا لِقَيْدِ الْحَاجَةِ وَكَأَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهَا مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ وَقَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَتَقَدَّمْ (قَوْلُهُ: وَكَمُزَابَنَةٍ إلَخْ) بِالتَّنْوِينِ وَقَوْلُهُ مَجْهُولٌ أَيْ: بَيْعٌ مَجْهُولٌ وَهُوَ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّهَا لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِهِ إلَخْ) وَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ. (تَنْبِيهٌ) : تَعْرِيفُ الْمُزَابَنَةِ بِمَا ذُكِرَ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَبَيْعِ الْحَبِّ بِدُهْنِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الدَّفْعُ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَمَّا يَرُومُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الدَّفْعُ) أَيْ: فَتَقْتَضِي مُدَافَعَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَنَعَتْ وَهَذَا جَوَابٌ لِمَا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ زَبُونٌ) أَيْ: إنَّ الزَّبْنَ مَأْخُوذٌ مِنْ زَبُونٍ وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ، أَوْسَعُ أَيْ: وَالْمَنْعُ يَسْتَلْزِمُ الدَّفْعَ فَحَصَلَتْ الْمُنَاسَبَةُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ) أَيْ: وَمِنْ الزَّبْنِ أُخِذَتْ الزَّبَانِيَةُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَيْضًا فَيَقُولَ وَمِنْ الزَّبْنِ أُخِذَتْ الزَّبَانِيَةُ أَيْضًا أَيْ: كَمَا أُخِذَ مِنْهُ الْمُزَابَنَةُ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَمِنْ زَبُونٍ أُخِذَتْ الزَّبَانِيَةُ أَيْضًا أَيْ: كَمَا أُخِذَ مِنْهَا الزَّبْنُ لِمَا قُلْنَا إنَّ الْمَنْعَ مُسْتَلْزَمُ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ: لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوهِمٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ لَا يَشْمَلُ مِثْلَ التُّفَّاحِ؛ لِأَنَّ التُّفَّاحَ رِبَوِيٌّ رِبَا نَسَاءٍ وَلَوْ قَالَ فِيمَا لَا رِبَا فَضْلٍ بِهِ شَمِلَ التُّفَّاحَ؛ لِأَنَّهُ لَا رِبَا فَضْلٍ فِيهِ بَلْ فِيهِ رِبَا نَسَاءٍ فَقَطْ وَقَوْلُهُ، أَوْ جِنْسَيْنِ الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِيمَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ يَجُوزُ نَقْدًا وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْفَضْلُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ لِأَجَلٍ هَذَا قَوْلُ الثَّانِي الْمَنْعُ لِأَجَلٍ وَالْجَوَازُ نَقْدًا إنْ تَبَيَّنَ الْفَضْلُ (قَوْلُهُ: نَقْدًا وَمُؤَجَّلًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى النَّقْدِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَأَمَّا مَا كَانَ مُؤَجَّلًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 لِانْتِقَالِهِ بِالصَّنْعَةِ سَوَاءٌ كَانَا، أَوْ كَانَ الْجُزَافُ أَحَدَهُمَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَوَانِي النُّحَاسِ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا بِالْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهُمَا مَصْنُوعَانِ وَأَمَّا مَا يُكْسَرُ مِنْ الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْفُلُوسِ وَكَذَلِكَ الْفُلُوسُ الَّتِي بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْفُلُوسِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نُحَاسًا وَهَذَانِ دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ (ص) لَا فُلُوسٌ (ش) عَطَفَ عَلَى تَوْرٍ أَيْ: لَا يُبَاعُ نُحَاسٌ بِفُلُوسٍ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْفُلُوسِ بِصَنْعَتِهَا بِخِلَافِ صَنْعَةِ الْإِنَاءِ وَانْظُرْ بَسْطَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ ، ثُمَّ عَطَفَ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَكَالِئٍ بِمِثْلِهِ (ش) لِخَبَرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ مَهْمُوزٌ مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الدَّيْنَ مَكْلُوءٌ لَا كَالِئٌ وَإِنَّمَا الْكَالِئُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَكْلَأُ صَاحِبَهُ أَيْ: يَحْرُسُهُ لِأَجْلِ مَا لَهُ قِبَلَهُ وَلِذَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ لِإِفْضَائِهِ لِلْمُنَازَعَةِ وَالْمُشَاجَرَةِ وَأُجِيبَ إمَّا بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْمُفْرَدِ أُطْلِقَ عَلَى الْمَكْلُوءِ لِعَلَاقَةِ الْمُلَازَمَةِ كَمَا فِي إطْلَاقِ دَافِقٍ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] عَلَى مَدْفُوقٍ، أَوْ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ الْفِعْلِ لِمُلَابِسِهِ أَيْ: كَالِئٌ صَاحِبُهُ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ: مَرْضِيَّةٍ، أَوْ يُقَدَّرُ الْإِضْمَارُ فِي الْحَدِيثِ أَيْ: نَهَى الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِمَالِ الْكَالِئِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَمَّا كَانَتْ حَقِيقَةُ هَذَا الْبَيْعِ مُحْتَوِيَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ لُغَةً إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ سَمَّوْا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِاسْمٍ يَخُصُّهُ ابْتَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِأَشَدِّهَا؛ لِأَنَّهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ رَبُّ الدَّيْنِ لِمَدِينِهِ إمَّا أَنْ تَقْضِيَنِي حَقِّي وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ لِي فِيهِ فَقَالَ: (ص) : فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَلَوْ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ هُوَ أَنْ يَفْسَخَ مَا فِي ذِمَّةِ مَدِينِهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ جِنْسِهِ إلَى أَجَلٍ، أَوْ يَفْسَخَ مَا فِي ذِمَّتِهِ فِي غَيْرِ جِنْسِهِ إلَى أَجَلٍ كَعَشْرَةٍ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مُؤَخَّرَةٍ، أَوْ فِي عَرْضٍ مُؤَخَّرٍ أَمَّا لَوْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ، أَوْ حَطَّ مِنْهَا دِرْهَمًا وَأَخَّرَهُ بِالتِّسْعَةِ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ سَلَفٌ، أَوْ مَعَ حَطِيطَةٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فُسِخَ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ مَا فِي الذِّمَّةِ، أَوْ بَعْضِهِ لَيْسَ فَسْخًا إنَّمَا حَقِيقَةُ الْفَسْخِ الِانْتِقَالُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَوْلُهُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي مُؤَخَّرٍ وَقَوْلُهُ قَبْضُهُ أَيْ: ضَمَانُهُ (ص) كَغَائِبٍ وَمُوَاضَعَةٍ (ش) مِثَالٌ لِلْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ غَائِبٍ مِنْ الْمَدِينِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَعَقَارٍ بِيعَ مُزَارَعَةً، أَوْ أَمَةٍ تَتَوَاضَعُ، أَوْ ثِمَارٍ يَتَأَخَّرُ   [حاشية العدوي] فَسَيَأْتِي فِيهِ أَنَّ صَعْبَ الصَّنْعَةِ تَارَةً يُسَلَّمُ فِي أَصْلِهِ وَتَارَةً يُسَلَّمُ فِيهِ أَصْلُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا فَإِذَا كَانَ صَعْبُ الصَّنْعَةِ يُمْكِنُ عَوْدُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِهِ فِي أَصْلِهِ وَفِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِأَنْ لَا يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ فِيهِ إلَى أَصْلِهِ وَأَمَّا سَلَمُ أَصْلِهِ فِيهِ فَبِأَنْ لَا يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ الصَّنْعَةُ فِيهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ لَا سَلَمُهُ فِي أَصْلِهِ إنْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالنُّحَاسِ فِي قَوْلِهِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ مَا يَشْمَلُ الْجُدُدَ الَّتِي بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا وَيَشْمَلُ مَا يُكْسَرُ مِنْ أَوَانِي النُّحَاسِ وَالنُّحَاسَ الَّذِي يَأْتِي غَيْرَ مَصْنُوعٍ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْفُلُوسِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ) وَأَمَّا بَيْعُ فُلُوسٍ لَمْ يَبْطُلْ التَّعَامُلُ بِهَا بِمَا لَمْ يَبْطُلْ التَّعَامُلُ بِهَا فَذَكَرَ عب أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ اسْتَوَى عَدَدُ كُلٍّ فَإِنْ اخْتَلَفَ مُنِعَ وَلَوْ عُرِفَ الْوَزْنُ انْتَهَى وَانْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَدْخُلُهَا الرِّبَا فَلَعَلَّ هَذَا عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا يُبَاعُ نُحَاسٌ بِفُلُوسٍ) مَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ جُهِلَ عَدَدُ الْفُلُوسِ سَوَاءٌ عُلِمَ وَزْنُ النَّحَّاسِ أَمْ لَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا، أَوْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ حَيْثُ لَمْ يُتَيَقَّنْ فَضْلُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا إذَا عَلِمَ عَدَدَ الْفُلُوسِ وَوَزْنَ النُّحَاسِ سَوَاءٌ عَلِمَ عَدَدَ وَزْنِهَا أَيْضًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مِعْيَارَهَا الشَّرْعِيَّ الْعَدَدُ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ خَمْسَةٌ مُمْتَنِعَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَصُوَرٌ ثَلَاثٌ جَائِزَاتٌ وَقَدْ عَرَفْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٍ وَسَكَتَ عَنْ تَوْرٍ بِفُلُوسٍ فَيَجُوزُ إنْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَوَزْنُهُ وَكَذَا إنْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُهُ لَكِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ فَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ لِنَقْلِ الصَّنْعَةِ لَهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُهُ مُنِعَ كَمَا لَوْ جُهِلَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ جُهِلَ عَدَدُ الْفُلُوسِ امْتَنَعَ عَلِمَ وَزْنَ التَّوْرِ أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ عَدَدَ الْفُلُوسِ أَجْزَأَ إنْ عَلِمَ وَزْنَ التَّوْرِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ أَجْزَأَ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ لِنَقْلِ الصَّنْعَةِ لَهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُنِعَ هَذَا بَسْطُ الْمَسْأَلَةِ [بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ] (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الدَّيْنَ مَكْلُوءٌ) أَيْ: يَكْلَؤُهُ صَاحِبُهُ فَصَحَّ مُوَافَقَتُهُ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكْلَأُ صَاحِبَهُ) هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: الْمُلَازَمَةُ) أَيْ: مُلَازَمَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْحَافِظِ الْمَحْفُوظِ وَالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ الْفِعْلِ) أَيْ: مَعْنَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ كَالِئَ لَيْسَ بِفِعْلٍ بَلْ فِي مَعْنَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَرْضِيَّةٍ) بَيَانٌ لِوَصْفِ عِيشَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ مَا هُوَ فِيهِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: رَاضٍ صَاحِبُهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ: ضَمَانُهُ) أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِالْفِعْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْضُهُ الْقَبْضَ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَتُهُ بَلْ الضَّمَانُ وَلَوْ حَصَلَ قَبْضٌ بِالْفِعْلِ كَالسِّلْعَةِ الَّتِي فِيهَا خِيَارٌ. (قَوْلُهُ: بِيعَ مُذَارَعَةً) يُصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ بَاعَ لَهُ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِالدَّيْنِ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلَى الذِّرَاعِ وَهَذِهِ هِيَ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ بَهْرَامَ تَصْوِيرًا لِلْمُصَنِّفِ الثَّانِيَةُ تُؤْخَذُ مِمَّا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 جَذُّهَا، أَوْ سِلْعَةٍ فِيهَا خِيَارٌ، أَوْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ، أَوْ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ أَمَّا عَقَارٌ بِيعَ جُزَافًا فَيَجُوزُ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ (ص) ، أَوْ مَنَافِعِ عَيْنٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ أَيْ: أَوْ مَنَافِعُ مُعَيَّنٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ سُكْنَى دَارٍ، أَوْ خِيَاطَةِ أَجِيرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ مُدَّةً فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فِي الدَّارِ وَالْخَيَّاطِ وَالْعَبْدِ فَهِيَ كَالدَّيْنِ لِتَأْخِيرِ أَجْزَائِهَا وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَإِنَّمَا قُلْنَا وَالْمُرَادُ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا مَنَافِعُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ فِيهِ كَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي رُكُوبِ مَضْمُونَةٍ، أَوْ خِيَاطَةٍ كَذَلِكَ وَهَذَا إذَا أَخَذَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَوْ أَخَذْتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ غَرِيمِك لَجَازَ (ص) وَبَيْعُهُ بِدِينٍ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْكَالِئِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَ وَلَوْ حَالًّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِدَيْنٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ عُمَارَةِ الذِّمَّتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا وَيُتَصَوَّرُ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَيَبِيعُهُ مِنْ ثَالِثٍ بِدَيْنٍ وَفِي أَرْبَعَةٍ كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى، إنْسَانٍ وَلِثَالِثٍ دَيْنٌ عَلَى رَابِعٍ فَيَبِيعُ كُلَّ مَا يَمْلِكُ مِنْ الدَّيْنِ بِمَالِ صَاحِبِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا زِيَادَةَ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ عَلَى اثْنَيْنِ أَيْ: وَلَا يُتَصَوَّرُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَرِدُ مَا يَأْتِي فِي بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ، إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَقَدْ وُجِدَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ هُوَ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا فَهُوَ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إذْ لَيْسَ لِلْكَالِئِ قِسْمٌ رَابِعٌ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِدَيْنٍ عَدَمُ مَنْعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، أَوْ بِمَنَافِعِ مُعَيَّنٍ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَبَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ (ص) وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي لِمَا فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تُعَمَّرُ إلَّا عِنْدَ الْمُعَاقَدَةِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي هُوَ أَخَفُّ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ وَأَنَّهُ لَا يَخْلُو مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا غَائِبًا، أَوْ حَاضِرًا فَقَالَ: (ص) : وَمُنِعَ بَيْعُ دَيْنِ مَيِّتٍ وَغَائِبٍ وَلَوْ قَرُبْت غَيْبَتُهُ وَحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ بَيْعُ مَالِهِ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ دَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي تَرِكَتَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ بِتَقْدِيرِ دَيْنٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ مُقِرًّا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ وَبَيْعٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ   [حاشية العدوي] شَخْصٌ اشْتَرَى الْعَقَارَ بِالذِّرَاعِ وَقَبْلَ الذِّرَاعِ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ، أَوْ أَمَةٌ تَتَوَاضَعُ، فِي شب مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ تَتَوَاضَعُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَتَوَاضَعَ بِأَنْ دَفَعَ لَهُ فِي دَيْنِهِ أَمَةً عِنْدَهُ تَسْتَحِقُّ الْمُوَاضَعَةَ أَنْ لَوْ بِيعَتْ لِغَيْرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ تَكُونَ تَتَوَاضَعُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكُونَ اشْتَرَى جَارِيَةً شَرَعَتْ فِي الْمُوَاضَعَةِ، ثُمَّ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي الدَّيْنِ (أَقُولُ) وَكَذَا يَجْرِي هَذَا فِي قَوْلِهِ، أَوْ سِلْعَةً فِيهَا خِيَارٌ، أَوْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ، أَوْ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَمَتَى أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَ الْقَمْحَ عِنْدَهُ فِي مُقَابِلَةِ الدَّيْنِ وَيُرِيدُ الْكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبَعْدُ هَذَا كُلّه فَالْمُتَبَادِرُ التَّصْوِيرُ الْأَوَّلُ وَيَكُونُ غَيْرُهُ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَمَّا عَقَارٌ بِيعَ جُزَافًا إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وَلَوْ بِيعَ جُزَافًا كَذَا فِي شَرْحِ شب وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ لَكِنْ يُرَادُ بِالْقَبْضِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْقَبْضَ الْحِسِّيَّ وَالْمَجَازِيَّ وَهُوَ الضَّمَانُ فَالْقَبْضُ الْحِسِّيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقَارِ الَّذِي بِيعَ جُزَافًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنَافِعُ عَيْنٍ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمَنَافِعُ تُسْتَوْفَى قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، أَوْ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ، أَوْ بِبُعْدٍ (قَوْلُهُ: وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أُسْنِدَتْ لِمُعَيَّنٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمَقْبُوضَةَ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عج كَانَتْ أُجْرَةُ دُكَّانٍ لَهُ عِنْدَ مُجَلِّدِ كُتُبٍ فَأَعْطَاهُ كُتُبًا يُجَلِّدُهَا وَقَصَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ وَكَانَ يَقُولُ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَخَذَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْغَرِيمِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِمَا إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لَا إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِدَيْنٍ إلَخْ تَخْصِيصُهُ بِمَنَافِعِ الْمُعَيَّنِ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُهُ بِدَيْنٍ) مُتَّحِدًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوْ مُتَعَدِّدًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تُعَمَّرُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ ابْتِدَاءً وَلَمْ نَقُلْ فَسْخٌ وَلَا بَيْعٌ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تُعَمَّرُ إلَخْ بِخِلَافِ الْأَمْرَيْنِ فَالذِّمَّةُ عَامِرَةٌ قَبْلَ الْمُعَاقَدَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَخَفُّ إلَخْ) سَيَأْتِي تَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَالْأَضْيَقُ صَرْفُ إلَخْ [بَيْعِ الْكَالِئِ بِالنَّقْدِ] . (قَوْلُهُ: دَيْنُ مَيِّتٍ) أَيْ: دَيْنٌ مَنْسُوبٌ لِمَيِّتٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَى عَلَى؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لَا تَأْتِي بِمَعْنَى عَلَى كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَكَذَا تُمْنَعُ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ وَعُلِمَ مِلَاؤُهُ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ: وَحَاضِرٌ) وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ) اشْتَرَطَ حُضُورَهُ لِعِلْمِ حَالِهِ مِنْ فَقْرٍ، أَوْ غِنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مِقْدَارِ عِوَضِهِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدِينِ مِنْ فَقْرٍ، أَوْ غِنًى وَالْمَبِيعُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ: وَبَيْعٌ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) بِأَنْ يَكُونَ عَرْضًا وَبِيعَ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ بِالْعَكْسِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ وَكَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ حَالٍّ فَقَدْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ بِزِيَادَةٍ عِنْدَ حُلُولِهِ فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فَمُنِعَ بِجِنْسِهِ وَلَوْ حَالًّا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ ذَكَرَهُ عب وَلَمْ يَذْكُرْهُ عج وَلَا شب وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا غَيْرَ ذَلِكَ فَقَالَ يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ كَانَ حَيَوَانًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلَا عَكْسَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ الْمُشْتَرِي إعْنَاتَ الْمَدِينِ وَأَمَّا، إنْ لَمْ يُقِرَّ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ وَقَوْلُهُ وَمُنِعَ بَيْعٌ أَيْ: بِالنَّقْدِ وَأَمَّا بِالدَّيْنِ فَقَدْ مَرَّ (تَتِمَّةٌ) مَنْ مَلَكَ دَيْنًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ مَا عَدَا الْإِرْثَ وَكَانَ فِيهِ رَهْنٌ، أَوْ حَمِيلٌ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ، أَوْ الْحَمِيلِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ دُخُولَهُمَا وَيَحْضُرَ الْحَمِيلُ وَيُقِرَّ بِالْحِمَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِالتَّحَمُّلِ لِمَنْ مَلَكَ، لِلسَّلَامَةِ مِنْ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، لَكِنْ لِرَبِّ الرَّهْنِ أَنْ يَطْلُبَ وَضْعَهُ عِنْدَ أَمِينٍ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ لَوْ مَلَكَ مَا ذُكِرَ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ بِرَهْنِهِ وَحَمِيلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلِلرَّاهِنِ طَلَبُ وَضْعِهِ عِنْدَ أَمِينٍ غَيْرِ الْوَارِثِ (ص) وَكَبَيْعِ الْعُرْبَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ، إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى كَحَيَوَانِ بِلَحْمِ وَقَدْ «نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْطِي الْبَائِعَ، أَوْ غَيْرَهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ، إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ مَا دَفَعَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ الْبَيْعَ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَغَرَرٌ قَالَ عِيسَى: وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ، فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ إذَا كَانَ يَتْرُكُهُ لَهُ مَجَّانًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَصْدُقُ بِهَذِهِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّوَاتِ وَالْمَنَافِعِ (ص) وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ فَقَطْ مِنْ وَلَدِهَا، وَإِنْ بِقِسْمَةٍ (ش) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ أَمَرَ بِتَفْرِيقِ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَهُوَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ الْأُمِّ فَلَا يَحْرُمُ تَفْرِقَةُ الْأَبِ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا الْأَخُ مِنْ أَخِيهِ، أَوْ ابْنِ أَخِيهِ وَلَا الْجَدِّ، أَوْ الْجَدَّةِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ قَوْلُهُ أُمٌّ أَيْ: وِلَادَةً لَا أُمُّ رَضَاعٍ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ أَخْبَرُ بِمَصْلَحَتِهِ وَأَشْفَقُ وَقَوْلُهُ أُمٌّ مُسْلِمَةٌ، أَوْ كَافِرَةٌ غَيْرُ حَرْبِيَّةٍ مِنْ وَلَدِهَا، وَإِنْ مِنْ زِنًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَجْنُونًا وَأُمُّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ أَحَدِهِمَا حُصُولُ ضَرَرٍ بِالْآخَرِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ بِقِسْمَةٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَنْعِ كَمَا لَوْ وَرِثَ جَمَاعَةٌ الْوَلَدَ وَأُمَّهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهُمَا وَلَوْ بِالْقُرْعَةِ، وَإِنْ اشْتَرَطُوا عَدَمَ التَّفْرِقَةِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَأَمَّا بِالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا أُجْرَةً، أَوْ بِالنِّكَاحِ بِأَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا صَدَاقًا فَيَجُوزُ وَيُجْعَلَانِ فِي حَوْزٍ وَاحِدٍ وَبَالَغَ بِقَوْلِهِ (ص) ، أَوْ بِيعَ أَحَدُهُمَا لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ (ش) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَبْدَ وَمَا مَلَكَ لِسَيِّدِهِ أَيْ: لَا يَجُوزُ لِمَنْ مَلَكَ أُمًّا وَوَلَدَهَا أَنْ يَبِيعَ الْأُمَّ لِرَجُلٍ وَوَلَدَهَا لِعَبْدِ الرَّجُلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الرَّجُلَ يُعْتِقُ عَبْدَهُ وَقَوْلُهُ لِعَبْدٍ وَأَوْلَى لِوَلَدٍ سَيِّدِ الْآخَرِ (ص) مَا لَمْ يُثْغِرْ (ش) أَيْ: وَحَدُّ مَنْعِ التَّفْرِقَةِ مَا لَمْ يُثْغِرْ أَيْ: يُنْبِتْ بَدَلَ   [حاشية العدوي] مِنْ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ أَيْضًا عَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ عُرُوضٌ، ثُمَّ بَاعَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا فَلَا يَجُوزُ كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ بَاعَهَا بِأَحَدَ عَشَرَ نَقْدًا، أَوْ ثَمَانِيَةً نَقْدًا فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك فِي الْأَكْثَرِ وَمِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ فِي الْأَقَلِّ مُؤَلَّفُ كَبِيرٍ بِالْمَعْنَى وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَهَا لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَالْجَوَازُ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْوَجْهُ هَكَذَا بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ يُفَصَّلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ صِفَةً وَقَدْرًا أَجِزْ وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُهُ بِقَلِيلٍ وَيَعُودُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَلِتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَسَيَأْتِي. يَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ الشَّامِلُ لِلْمُقَوَّمِ وَغَيْرِهِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ ذَهَبًا إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا أَدَّى لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَقْصِدَ الْمُشْتَرِي إعْنَاتَ الْمَدِينِ) وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ وَذَلِكَ، لِأَنَّ قَصْدَ الْإِعْنَاتِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ عَدَاوَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الرَّهْنُ وَالْحَمِيلُ) أَيْ: إذَا اشْتَرَطَ عَدَمَهُمَا، أَوْ سَكَتَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ وَالتَّوَثُّقَ بِالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ حَقٌّ لَهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَكٌّ عَنْ الْآخَرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا لِلْإِنْسَانِ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْهُ بِرِضَاهُ. (قَوْلُهُ: لِلسَّلَامَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يُقِرَّ (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ: خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ دُخُولِ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ [بَيْعِ الْعُرْبَانِ] (قَوْلُهُ: الْعُرْبَانِ) اسْمٌ مُفْرَدٌ لَا جَمْعٌ وَلَا اسْمُ جَمْعٍ وَيُقَالُ عُرْبُونٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا) بَدَلٌ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ يَتْرُكُهُ لَهُ مَجَّانًا) أَيْ: فَلَا يُحَاسَبُ بِهِ مُطْلَقًا كَرِهَ الْبَيْعَ، أَوْ أَحَبَّ وَأَمَّا إنْ أَعْطَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ أَخَذَهُ وَإِنْ رَضِيَهُ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَصْدُقُ) صَدَقَ فِيمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ عَدَمَ الصِّدْقِ وَمَا تَقَدَّمَ حَلٌّ بِالْمُتَبَادِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرَةً غَيْرَ حَرْبِيَّةٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً أَيْ: بِأَنْ ظَفِرْنَا بِالْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَأْخُذَ مَنْ ظَفِرْنَا بِهِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّفْرِقَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالرَّهْنِ إلَخْ) هَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَلَمْ يَرْتَضِهِ عج بَلْ ارْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ فِي الْمِلْكِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ شب وَفِي عب اعْتِمَادُهُ وَعِبَارَةُ شب وَمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مِنْ جَوَازِ جَعْلِ أَحَدِهِمَا أُجْرَةً، أَوْ صَدَاقًا فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ انْتَهَى وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَعَلَى هَذَا كَلَامُ شَارِحِنَا فِي الرَّهْنِ مُسَلَّمٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُجْعَلَ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَ أَحَدَهُمَا، أَوْ زَوَّجَ الْأُمَّ فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ فِي الْمِلْكِ وَأُجْبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي النَّفَقَاتِ مُشَبِّهًا فِي الِامْتِنَاعِ كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُرِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَثَّغِرُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ ثَانِيهِ وَهُوَ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ، أَوْ ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَيَجُوزُ أَيْضًا ضَمُّ أَوَّلِهِ وَسُكُونُ ثَانِيهِ مَعَ الْمُثَلَّثَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْإِثْغَارِ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ احْتِيَاجِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ وَظُهُورَ أَثَرِ الْمَحَبَّةِ مِنْهَا تَنْتَهِي بِالْإِثْغَارِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 رَوَاضِعِهِ بَعْدَ سُقُوطِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَبَاتُ كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا وَلَوْ الْمُعْظَمَ وَأَنَّهُ يُرَاعَى زَمَنُ السُّقُوطِ الْمُعْتَادِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ السُّقُوطُ بِالْفِعْلِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ (مُعْتَادًا) لِيُخْرِجَ مَا إذَا عَجَّلَ الْإِثْغَارَ وَالْمُرَادُ بِأَسْنَانِ الرَّوَاضِعِ مَا يَنْبُتُ مِنْ الْأَسْنَانِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ (ص) وَصَدَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ وَلَا تَوَارُثَ (ش) ابْنُ عَرَفَةَ وَتَثْبُتُ الْبُنُوَّةُ الْمَانِعَةُ لِلتَّفْرِيقِ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ إقْرَارِ مَالِكَيْهِمَا، أَوْ دَعْوَى الْأُمِّ مَعَ قَرِينَةِ صِدْقِهَا انْتَهَى وَتَصْدِيقُ الْمَسْبِيَّةِ فِي مَنْعِ التَّفْرِقَةِ فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الْبُنُوَّةِ فَلَا يَخْتَلِي بِهَا، إنْ كَبِرَ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا لَكِنْ هِيَ لَا تَرِثُ مَنْ أَقَرَّ بِهِ وَأَمَّا هُوَ فَيَرِثُهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ (مَا لَمْ تَرْضَ) رَاجِعٌ لِلتَّفْرِيقِ، فَإِنْ رَضِيَتْ جَازَ التَّفْرِيقُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْأُمِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لِلْوَلَدِ وَعَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ وَلَوْ رَضِيَتْ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّ حُرْمَةَ التَّفْرِقَةِ خَاصَّةٌ بِالْعَاقِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ نَاجِي وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ حُرْمَتَهَا فِي الْبَهِيمِيِّ إلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ (ص) وَفُسِخَ، إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ (ش) أَيْ: وَفَسْخُ الْعَقْدِ الَّذِي فِيهِ التَّفْرِقَةُ إذَا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ حَيْثُ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يُفْسَخْ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ وَاحِدٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ حَبِيبٍ يُضْرَبُ بَائِعُ التَّفْرِقَةِ وَمُبْتَاعُهَا، إنْ عَلِمَا ضَرْبًا وَجِيعًا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ ذَكَرَهُ تت فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اعْتَادَا ذَلِكَ أَمْ لَا وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي هَلْ يُقَيَّدُ الْأَدَبُ بِالِاعْتِيَادِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مَنْعَ التَّفْرِقَةِ أَشَدُّ وَمَحَلُّ الْأَدَبِ حَيْثُ لَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ التَّلَقِّي (ص) وَهَلْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَلِكَ، أَوْ بِحَوْزٍ كَالْعِتْقِ تَأْوِيلَانِ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ التَّفْرِقَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا، أَوْ وَصِيَّتِهِ، أَوْ وَهَبَهُمَا مُشْتَرٍ لِشَخْصَيْنِ، أَوْ وِرْثًا لِشَخْصَيْنِ هَلْ هِيَ كَالتَّفْرِقَةِ بِعِوَضٍ فَيُجْبَرَانِ عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ بِجَامِعِ التَّفْرِقَةِ وَكَوْنِ ذَلِكَ بِعِوَضٍ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَسْخِ بِحَالٍ، أَوْ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي حَوْزٍ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا ابْتَدَأَ بِفِعْلِ الْمَعْرُوفِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا، إنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا فَيُكْتَفَى بِجَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا وَهِبَةُ الثَّوَابِ كَالْبَيْعِ فَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ: مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ وَقَوْلُهُ كَالْعِتْقِ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الثَّانِي مُتَّفَقًا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْحَوْزِ (ص) وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ (ش) أَيْ: يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفِهِمَا، أَوْ ثُلُثُهُمَا، أَوْ ثُلُثَيْهِمَا، أَوْ نِصْفِ أَحَدِهِمَا وَرُبُعِ الْآخَرِ مِثْلًا سَوَاءٌ اشْتَرَى ذَلِكَ الْجُزْءَ الْمُشْتَرَى لِلْعِتْقِ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْعِتْقِ النَّاجِزِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَبَاتُ كُلِّهَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ نَبَاتُهَا كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ الْمَسْبِيَّةُ) أَيْ: هِيَ وَوَلَدُهَا اتَّحَدَ سَابِيهِمَا، أَوْ اخْتَلَفَ صَدَّقَهَا السَّابِي أَمْ لَا إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى كَذِبِهَا وَيَنْبَغِي حَالَةَ الْإِشْكَالِ أَنْ تُصَدَّقَ بِيَمِينٍ إنْ اُتُّهِمَتْ وَإِلَّا فَبِدُونِهِ كَذَا فِي شَرْحِ عب وشب. (قَوْلُهُ: أَوْ دَعْوَى الْأُمِّ مَعَ قَرِينَةِ صِدْقِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِصِدْقِهَا وَلَا كَذِبِهَا بِأَنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ وَتَجُوزُ التَّفْرِقَةُ فَيُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شَرْحِ شب وعب وَلَكِنْ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَكَأَنَّهُمَا رَأَيَاهُ أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَتُصَدَّقُ الْمَسْبِيَّةُ فِي مَنْعِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ إقْرَارَ الْمَالِكَيْنِ مِثْلُ الْبَيِّنَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَوَارُثَ) أَقُولُ وَحَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِرْثِ فَلَوْ، أَوْصَتْ لَهُ مَعَ وُجُودِ وَارِثٍ يَحُوزُ جَمِيعُ الْمَالِ هَلْ تَصِحُّ لِكَوْنِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ حِينَئِذٍ، أَوْ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ فِي الْجُمْلَةِ لَوْلَا الْأَصْلُ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: مَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ فَيَتَّفِقُ عَلَى الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَرْضَ) رَاجِعٌ لِلتَّفْرِيقِ أَيْ: كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يُثْغِرْ رَاجِعٌ لَهُ لَكِنْ يَرِدُ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ تَوَارَدَ هُنَا ظَرْفَانِ وَهُمَا مَا لَمْ يَثْغَرْ وَمَا لَمْ تَرْضَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَرْفٌ وَالثَّانِيَ حَالٌ وَالْعَامِلُ فِيهِ يَمْنَعُ الْمَفْهُومُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّفْرِقَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَيْ: يَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ مُدَّةَ عَدَمِ الْإِثْغَارِ حَالَةَ كَوْنِ الْأُمِّ غَيْرَ رَاضِيَةٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَتْ) أَيْ: رَضِيَتْ طَائِعَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ وَلَا خَائِفَةٍ وَلَا مَخْدُوعَةٍ (قَوْلُهُ: وَرَوَى عِيسَى إلَخْ) وَعَلَيْهِ إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ فَلَا فَسْخَ وَهَلْ يُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ أَمْ لَا وَمُفَادُهُ تَضْعِيفُ كَلَامِ عِيسَى. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ) دَخَلَ هِبَةُ الثَّوَابِ وَدَفْعُ أَحَدُهُمَا صَدَاقًا وَالْمُخَالَعَةُ بِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَا ضَرْبًا وَجِيعًا) أَيْ: عَلِمَا حُرْمَةَ التَّفْرِقَةِ لَا الْوَلَدِيَّةَ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْأَدَبِ) أَيْ: فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي لَا فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ إنْ عَلِمَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ أَيْ: يُقَالُ بِالْأَدَبِ فِيهَا لَكِنْ حَيْثُ لَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ بِغَيْرِ عِوَضٍ إلَخْ) فَإِذَا وُجِدَتْ الْأُمُّ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَالْوَلَدُ فِي مِلْكِ آخَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ صَارَ إلَيْهِمَا بِمُعَاوَضَةٍ، أَوْ لَا فَإِنَّهُمَا يُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ وَلَا يَكْفِي الْحَوْزُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَيْ: تَحْقِيقًا أَيْ: ذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ. (قَوْلُهُ: كَالْعِتْقِ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَعْتَقَ ابْنَ أَمَتِهِ الصَّغِيرَ فَلَهُ بَيْعُ أُمِّهِ وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُبْتَاعِ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَمُؤْنَتَهُ وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْوَلَدَ مِمَّنْ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وِرْثًا لِشَخْصَيْنِ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ وَرِثَ جَمَاعَةٌ الْوَلَدَ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ مُرُورٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَسْخِ بِحَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا فُسِخَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَعَقْدُ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا إذَا فُسِخَ بَطَلَ مِلْكُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ يَأْخُذُهُ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ فَسْخِ الْعَقْدِ فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ فَتَدَبَّرْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 وَالْمُؤَجَّلِ فَقَوْلُهُ: لِلْعِتْقِ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ وَفِي كَلَامِ ح مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعِتْقُ النَّاجِزُ (ص) وَالْوَلَدِ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى نِصْفٍ أَيْ: وَجَازَ بَيْعُ الْوَلَدِ مَعَ بَيْعِ كِتَابَةِ أُمِّهِ وَبِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَبِيعَ الْوَلَدُ مَعَ بَيْعِ كِتَابَةِ أُمِّهِ أَيْ: إذَا بِيعَتْ كِتَابَةُ الْأُمِّ وَجَبَ بَيْعُهُ مَعَهَا فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ وَكَذَا الْعَكْسُ فَلَوْ قَالَ: وَأَحَدُهُمَا مَعَ كِتَابَةِ الْآخَرِ لَكَانَ أَشْمَلَ قَالَ الشَّارِحُ: وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَتْ الْأُمُّ إلَى وَقْتِ الْإِثْغَارِ انْتَهَى وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِالشَّرْطِ فَهَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُجْبَرَانِ عَلَى الْجَمْعِ (ص) وَلِمُعَاهَدٍ التَّفْرِقَةُ (ش) أَيْ: وَلِمُعَاهَدٍ حَرْبِيٍّ نَزَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ التَّفْرِقَةُ (وَكُرِهَ) لَنَا (ص) الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ (ش) مُفَرِّقًا وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ غَيْرِهِمَا، أَوْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُسِخَ رَجَعَ إلَى مِلْكِ الْمُعَاهَدِ وَالْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَانْظُرْ هَلْ يُجْبَرَانِ عَلَى الْجَمْعِ أَيْضًا إذَا حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، أَوْ بِجَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ فِي هَذَا اتِّفَاقًا وَفُهِمَ مِنْ مُعَاهِدٍ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ ، ثُمَّ عَطَفَ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى مِثْلِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ (ش) قَدْ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَحَمَلَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ النَّهْيَ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ، أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ وَذَكَرَهُمَا الْمُؤَلِّفُ وَأَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ) مِنْ الْبَيْعِ (كَأَنْ لَا يَبِيعَ) عُمُومًا، أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ، أَوْ لَا يَهَبُ، أَوْ لَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْبَلَدِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ يَعْزِلَ عَنْهَا، أَوْ لَا يُجِيزَهَا الْبَحْرَ، أَوْ عَلَى الْخِيَارِ إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ، إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ وَلَا يُنَافِي هَذَا جَوَازَ الْإِقَالَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا شَرْطُ الْمُبْتَاعِ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ، إنْ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْإِقَالَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا تَأَمَّلْ وَبَقِيَ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ وَاضِحُ الصِّحَّةِ كَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالْقِيَامِ بِالْعَيْبِ وَرَدِّ الْعِوَضِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ وَهُوَ لَازِمٌ دُونَ شَرْطٍ فَشَرْطُهُ تَأْكِيدٌ وَشَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ جَائِزٌ لَازِمٌ بِالشَّرْطِ سَاقِطٌ بِدُونِهِ كَالْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَالرَّهْنِ وَلَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا عِتْقٍ حَتَّى يُعْطِيَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ إعْطَاءُ الثَّمَنِ لِأَجَلٍ مُسَمًّى (ص) إلَّا بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ (ش) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُخْرَجٌ مِنْ جَارٍّ وَمَجْرُورٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا أَيْ: وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ مُلْتَبِسٍ بِكُلِّ كَيْفِيَّةٍ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ إلَّا شَرْطًا مُلْتَبِسًا بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ وَعَلَى نُسْخَةٍ إسْقَاطُ الْبَاءِ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطٌ أَيْ: إلَّا شَرْطَ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ تَجْرِيدَ الْبَاءِ أَحْسَنُ وَالْمُخْتَارُ اشْتِرَاطَ التَّحْبِيسِ كَاشْتِرَاطِ الْعِتْقِ وَأَنَّ أَقْسَامَهُ أَقْسَامُهُ وَحُكْمَهُ حُكْمُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ) رُبَّمَا أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ يُفِيدُ قُوَّتَهُ. (قَوْلُهُ: الْعِتْقُ النَّاجِزُ) وَأَمَّا لِأَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: وَكَذَا الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ بِالْأَوْلَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّحْبِيسُ كَالْعِتْقِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: أَيْ: وَبَيْعُ الْوَلَدِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ. (قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا بَاعَ أَحَدَهُمَا لِلْعِتْقِ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي حَوْزٍ. (قَوْلُهُ: وَلِمُعَاهَدٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَهُوَ الشَّائِعُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَيْ: الَّذِي عَاهَدَهُ الْمُسْلِمُونَ أَيْ: أَعْطَوْهُ عَهْدًا وَمَوْثِقًا أَنْ لَا يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَكَسْرِهَا أَيْ: الَّذِي عَاهَدَ الْمُسْلِمِينَ أَيْ: أَخَذَ مِنْهُمْ عَهْدًا وَمَوْثِقًا بِالْأَمَانِ. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْمُعَاهَدُ أَيْ: إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَلَا فَسْخَ لَكِنْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ جَوَازِ الْبَيْعِ لِلْمُعَاهَدِ وَجَبْرِهِ عَلَى الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَ لِمُعَاهَدٍ مِثْلِهِ جَازَ وَلَا جَبْرَ وَإِنْ بَاعَ لِمُسْلِمٍ كُرِهَ لِلْمُسْلِمِ ذَلِكَ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا عِنْدَ غَيْرهمَا، أَوْ عِنْدَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ) الظَّرْفُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْخِلَافَ وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ) هَذَا إذَا كَانَتْ التَّفْرِقَةُ فِي دِينِهِمْ مَمْنُوعَةً وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِمَنْعِهِمْ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت شب يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْإِطْلَاقِ كَمَا قُلْنَا [بَيْعٍ وَشَرْطٍ] (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ) وَأَمَّا أَنْ لَا يَبِيعَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ فَيَجُوزُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهُ لَا تَبِيعُهَا مِنْ الْمَغَارِبَةِ، أَوْ الصَّعَائِدَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نَفَرٌ كَثِيرٌ وَأَبْقَى أَكْثَرَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمَنْعُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ فَانْظُرْ مَا الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ) أَيْ: زَائِدٍ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ وَهِيَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. (قَوْلُهُ: شَرْطُ الْمُبْتَاعِ) أَيْ: الْمُقِيلِ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ: الْمَقَالِ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَأَمَّلْ وَجْهَهُ وَنَقُولُ وَجْهُهُ أَنَّهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا شَرْطًا مُلْتَبِسًا بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ) مِنْ الْتِبَاسِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكَسْرِ بِالْمُتَعَلَّقِ بِالْفَتْحِ هَذَا حَيْثُ يُرَادُ مِنْ الشَّرْطِ الِاشْتِرَاطُ وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَشْرُوطُ لَكَانَ مِنْ الْتِبَاسِ الْكُلِّيِّ بِالْجُزْئِيِّ (وَأَقُولُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَّا كَيْفِيَّةً هِيَ تُجِيزُ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَيْفِيَّاتُ وَقَوْلُهُ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ: وَيُلَاحَظُ الْعُمُومُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَبَيْعٍ أَيْ: وَشَرْطٍ إلَّا كَذَا وَقَوْلُهُ أَحْسَنُ أَيْ: لِأَنَّ التَّكَلُّفَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ) أَيْ: فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّ أَقْسَامَهُ) أَيْ: مِنْ التَّنْجِيزِ وَالْإِبْهَامِ وَالشَّرْطِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ) أَيْ: مِنْ الْجَوَازِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 رَاجِعْ الْحَطَّابَ وَالْمُرَادُ بِالتَّنْجِيزِ مَا قَابَلَ التَّأْجِيلَ وَالتَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ وَالْإِيلَادَ فَيَشْمَلُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَقْسَامِ مِنْ الْإِبْهَامِ، أَوْ التَّخْيِيرِ، أَوْ الْإِيجَابِ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ فَالْكَلَامُ الْآنَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَعَدَمِهِ وَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ إنَّ مِثْلَ شَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ شَرْطُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وُجُوهًا أَرْبَعَةً اللَّخْمِيُّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِيهَا وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي صِفَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ انْتَهَى أَشَارَ لِأَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ (ص) وَلَمْ يُجْبَرْ، إنْ أَبْهَمَ (ش) أَيْ: وَلَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ، إنْ أَبْهَمَ الْبَائِعُ فِي شَرْطِهِ الْعِتْقَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأَنْ قَالَ: أَبِيعُك بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِإِيجَابٍ وَلَا خِيَارٍ وَشَرْطُ النَّقْدِ فِي هَذَا يُفْسِدُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِتَنْجِيزِ الْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ فَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَفِي عَدَمِهِ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ. وَأَشَارَ لِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (ص) كَالْمُخَيَّرِ (ش) أَيْ: فِي الْعِتْقِ وَفِي رَدِّهِ لِبَائِعِهِ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ بِاتِّفَاقٍ هُنَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَالْحُكْمُ فِي النَّقْدِ وَتَخْيِيرِ الْبَائِعِ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِتْمَامِهِ، إنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْعِتْقَ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا هَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ بِتَرَدُّدِ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّعْلِيلُ، وَأَيْضًا فَهَذَا أَمْرٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي هَذَا خِيَارٌ إذَا لَمْ يُعْتِقْ الْمُشْتَرِي إذْ قَدْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ وَأَشَارَ لِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (ص) بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ (ش) بِأَنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: أَبِيعُك عَلَى شَرْطِ أَنْ تُعْتِقَ وَهُوَ لَازِمٌ لَك لَا تَتَخَلَّفُ عَنْهُ فَرَضِيَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنْ أَبَى أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَقَوْلُهُ (ص) كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْعِتْقِ لَا فِي الْجَبْرِ إذْ الْعِتْقُ هُنَا حَاصِلٌ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ رَاجِعٌ لِلرَّقَبَةِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (ص) ، أَوْ يَحِلُّ بِالثَّمَنِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ، وَمَعْنَى إخْلَالِهِ بِالثَّمَنِ بِأَنْ يَعُودَ جَهْلُهُ فِي الثَّمَنِ إمَّا بِزِيَادَةٍ، إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ نَقْصٍ، إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، أَوْ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَوْلُهُ وَسَلَفٌ أَيْ: بِشَرْطٍ وَأَمَّا بَيْعٌ وَسَلَفٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا يَأْتِي مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ أَوَّلَ بُيُوعِ الْآجَالِ مِنْ أَنَّ الِاتِّهَامَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ مُضِرٌّ يَأْتِي مَا فِيهِ (ص) وَصَحَّ، إنْ حُذِفَ، أَوْ حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ (ش) أَيْ: وَصَحَّ الْبَيْعُ، إنْ حُذِفَ شَرْطُ السَّلَفِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَأَمَّا لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يُؤَثِّرُ إسْقَاطُهُ بَعْدَ فَوْتِهَا فِي يَدِ مُشْتَرِيهَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ وَجَبَتْ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا حُذِفَ كُلُّ شَرْطٍ مُنَاقِضٍ كَالتَّدْبِيرِ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ التَّدْبِيرَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ مَآلَهُ لِلْعِتْقِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُ اشْتِرَاطِهِ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ: إنْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَالتَّدْبِيرِ بِإِدْخَالِ الْكَافِ عَلَى التَّدْبِيرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ، إنْ حُذِفَ أَيْ: الشَّرْطُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا لَكَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالتَّنْجِيزِ مَا قَابَلَ التَّأْجِيلَ إلَخْ) أَيْ: فَتِلْكَ الْأُمُورُ لَا تَجُوزُ وَلَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الْمَشَذَّالِيِّ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: فَالْكَلَامُ الْآنَ) أَيْ: لِأَنَّ الْكَلَامَ الْآنَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ مَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ وَالشَّرْطُ وَعَدَمُهُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الشَّرْطِ أَيْ: عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَعَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَالَ وَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ وَالشَّرْطِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: شَرْطُ الْهِبَةِ) أَيْ: وَكَذَا الْوَقْفُ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ) أَيْ: وَفِي جَوَازِ شَرْطِ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ فَشَرْطُ النَّقْدِ يَجُوزُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيجَابِ وَعَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِبْهَامِ وَالتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِإِيجَابٍ) أَيْ: وَلَمْ يَقُلْ لَهُ وَالْعِتْقُ لَك لَازِمٌ وَلَا أَنْتَ بِالْخِيَارِ. (قَوْلُهُ: فِي رَدِّ الْبَيْعِ) أَيْ: فَإِنْ رَدَّ بَعْدَ أَنْ فَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا) أَيْ: فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ بِاللُّزُومِ فِيهَا قَدْ يُقَالُ إنَّهَا حِينَئِذٍ تُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْكَافُ دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ لَظَهَرَ. (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ دَخَلَ) أَيْ: الْبَائِعُ عَلَى عَدَمُ الْخِيَارِ وَإِذَا دَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ الْعِتْقِ أَيْ: عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْعِتْقِ) أَيْ: فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ فِي الْأَوَّلِ بِالْإِيقَاعِ وَفِي هَذِهِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرَى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَشْتَرِيهَا بِثَمَنٍ غَالٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَلِّفُ وَقَوْلُهُ، أَوْ نَقَصَ إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الْمُتَسَلِّفُ وَقَوْلُهُ، لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ: عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا مُغَايِرٌ لِمُفَادِ قَوْلِهِ يَعُودُ إلَخْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْأَوَّلِ جَهْلٌ فِي الثَّمَنِ وَحَاصِلُ الثَّانِي جَهْلٌ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَيْ: إنْ كَانَ الْمُتَسَلِّفُ الْمُشْتَرِيَ. وَقَوْلُهُ، أَوْ الْمُثَمِّنُ أَيْ: إنْ كَانَ الْمُتَسَلِّفُ الْبَائِعَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِشَرْطٍ) أَيْ: وَلَوْ بِحَسَبِ مَا يُفْهَمُ مِنْ حَالِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ: مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ) أَيْ: وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ سَوَاءٌ فَاتَ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ وَجَبَتْ إلَخْ) هَذَا عَلَى قَوْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي الْمُعْتَمَدُ أَنَّ فِيهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، أَوْ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَآلَهُ لِلْعِتْقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِ التَّدْبِيرِ كَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْكِتَابَةِ فَإِذَنْ لَا يَتِمُّ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: كَالتَّدْبِيرِ) أَيْ: الصَّادِقِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ، أَوْ الْمُسْتَفَادُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَّا بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ ذِكْرَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ لِوُضُوحِهِ أَخَذَ يَذْكُرُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ بِقَوْلِهِ مُشَبِّهًا لَهُ بِالْحُكْمِ قَبْلَهُ وَهُوَ الصِّحَّةُ (ص) كَشَرْطِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ وَأَجَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ مَعَ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُ السِّلْعَةَ عَلَى رَهْنٍ، أَوْ كَفِيلٍ، أَوْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُوم، أَوْ عَلَى خِيَارٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ فَسَادٌ وَلَا كَرَاهِيَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا يَعُودُ عَلَى الْبَيْعِ بِمَصْلَحَتِهِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ أَيْ: فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الصِّحَّةِ لَا بِقَيْدِ حَذْفِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاقِضُ وَلَا يُخِلُّ أَيْ: كَمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَ شَرْطِ رَهْنٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ غَابَ) مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ إذَا أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ أَيْ: إذَا رَدَّ السَّلَفَ إلَى رَبِّهِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَوْ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُتَسَلِّفِ عَلَى السَّلَفِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَصَحَّ، إنْ حُذِفَ كَانَ أَوْلَى وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ: الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ (ص) وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ (ش) وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ يُنْقَضُ مَعَ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ وَلَوْ أُسْقِطَ شَرْطُ السَّلَفِ لِتَمَامِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا الْأَقَلُّونَ وَلَوْلَا قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ لَأَمْكَنَ رُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ غَابَ إلَى الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ أَيْ: أَنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ غَائِبَيْنِ فَأَمَّا شَرْطُ الرَّهْنِ الْغَائِبِ فَفِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا لَوْ بِعْتهَا بِرَهْنٍ وَتُوقَفُ السِّلْعَةُ الْحَاضِرَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الرَّهْنُ الْغَائِبُ وَأَمَّا عَلَى شَرْطِ حَمِيلٍ غَائِبٍ فَفِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ، إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَلَمْ يَنْقُدْ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ شَيْئًا ابْنُ يُونُسَ وَفَرَّقَ بَيْنَ بُعْدِ الْغِيبَةِ فِي الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ انْتَهَى وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْحَمِيلَ قَدْ يَرْضَى بِالْحِمَالَةِ وَقَدْ لَا يَرْضَى فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْقُرْبُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِشَرْطٍ سَوَاءٌ أُسْقِطَ شَرْطُ السَّلَفِ أَمْ لَا بَعْدَ الْفَوَاتِ إذْ الْإِسْقَاطُ حِينَئِذٍ لَا يُوجِبُ الصِّحَّةَ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِيهِ، إنْ فَاتَ أَكْثَرُ الثَّمَنِ، أَوْ الْقِيمَةِ، إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَإِلَّا فَالْعَكْسُ (ش) أَيْ: وَفِي الْمَبِيعِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَلَوْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ حَيْثُ فَاتَ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ الْقِيمَةِ، إنْ كَانَ الْمُسَلِّفُ هُوَ الْمُشْتَرِيَ فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِعِشْرِينَ وَالْقِيمَةُ ثَلَاثُونَ، أَوْ بِالْعَكْسِ لَزِمَهُ ثَلَاثُونَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْلَفَ أَخَذَهَا بِالنَّقْصِ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّفُ هُوَ الْبَائِعَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَفَ لِيَزْدَادَ فَيَكُونُ لَهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عِشْرُونَ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْآجَالِ وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنْ يُقَيَّدَ أَيْ: السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ بِمَا إذَا لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّلَفِ مُدَّةً يَرَى أَنَّهَا الْقَدْرُ الَّذِي أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ فِيهَا، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ كَانَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْعِينَةِ وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ، أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ (ص) وَكَالنَّجْشِ يَزِيدُ لِيَغُرَّ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ النَّجْشِ وَفَسَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِلْمَازِرِيِّ بِأَنَّهُ الَّذِي يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ النَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ فِي سِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي نَفْسِك اشْتِرَاؤُهَا لِيَقْتَدِيَ بِك غَيْرُك لِدُخُولِ عَطَائِك مِثْلَ ثَمَنِهَا، أَوْ أَقَلَّ فِي قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَخُرُوجِهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي عِنْدِي، إنْ بَلَّغَهَا بِهِ النَّاجِشُ قِيمَتَهَا وَرَفَعَ الْغَبْنَ عَنْ صَاحِبِهَا فَهُوَ مَأْجُورٌ وَلَا خِيَارَ لِمُبْتَاعِهَا   [حاشية العدوي] يَفُوتُ بِالتَّدْبِيرِ وَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنَ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّةِ إسْقَاطِ السَّلَفِ فِي غَيْرِ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا مَعَ الْغَيْبَةِ فَذَكَرَ الْخِلَافَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِمَشْهُورٍ وَإِنَّمَا نَسَبَ الصِّحَّةَ لِأَصْبَغَ فَقَطْ وَكَذَا فَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: لِتَمَامِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: لِتَمَامِ مُوجِبِ الرِّبَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بِعْتهَا بِرَهْنٍ) أَيْ: بِعْتهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَتُوقَفُ السِّلْعَةُ أَيْ: لَا تُعْطَى لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْبِضَ الرَّهْنَ الْغَائِبَ) أَيْ: عَلَى الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى شَرْطِ حَمِيلٍ غَائِبٍ) قَالَ عج لَعَلَّهُ فِي الْحَمِيلِ الْمُعَيَّنِ انْتَهَى وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ قُرْبَ الْغَيْبَةِ وَلَعَلَّهُ الْقُرْبُ الْمُبَيَّنُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْقُدْ مِنْ ثَمَنِ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَنْقُدَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ شَيْئًا وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ نَقْدَ بَعْضِهِ فَلَا يَجُوزُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرْضَى بِالْحِمَالَةِ وَأَنْ لَا يَرْضَى فَإِنَّهُ إنْ رَضِيَ بِالْحِمَالَةِ كَانَ ثَمَنًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كَانَ سَلَفًا (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ) يَحْتَمِلُ قِرَاءَتَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى وَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بَيْنَ بُعْدِ الْغَيْبَةِ فَأُجِيزَ فِي الرَّهْنِ وَمُنِعَ فِي الْحَمِيلِ وَيَحْتَمِلُ قِرَاءَتَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ: وَفَرَّقَ الْإِمَامُ، أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ بُعْدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ هَذَا بَعْدَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَالْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ وَيَكُونُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْمَصْدَرِ أَيْ: وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ إلَخْ وَيَكُونُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ الثَّمَنِ، أَوْ الْقِيمَةِ) أَيْ: يَوْمَ الْقَبْضِ أَيْ: إنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْمُقَوَّمِ وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَإِنَّمَا فِيهِ مِثْلُهُ،؛ لِأَنَّهُ كَعَيْنِهِ فَلَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَثَابَةِ مَا إذَا كَانَ قَائِمًا وَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْحَطَّابِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت بِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مُقَابِلٌ لِمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ الَّذِي يَزِيدُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ النَّجْشَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ هُوَ نَفْسُ الرَّجُلِ الَّذِي يَزِيدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ النَّجْشُ هُوَ الزِّيَادَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 وَكَانَ بِالْكُتُبِيِّينَ بِتُونُسَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ عَارِفٌ بِالْكُتُبِ يَسْتَفْتِحُ لِلدَّلَّالِينَ مَا يَبْنُونَ عَلَيْهِ فِي الدَّلَالَةِ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَا عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ الْمَازِرِيِّ، ثُمَّ حَصَلَ فِيمَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ الْمَنْعُ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَالْجَوَازُ لِدَلِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ وَالِاسْتِحْبَابُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِإِتْلَافِهِ مَالَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَيْسَ بِنَاجِشٍ انْتَهَى زَادَ بَعْضٌ وَهَذَا مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ حَمْلٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَنْ تُعْطِيَهُ فِي سِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَلَّغَهُ فِي النِّدَاءِ لَاتَّفَقَ مَعَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَيُرَشِّحُهُ قَوْلُهُ لِيَغُرَّ وَلَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَةِ سِوَى قَوْلَيْنِ قَوْلِ مَالِكٍ مَعَ الْمَازِرِيِّ وَقَوْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ تَأَمَّلْ انْتَهَى وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ مُجَرَّدُ الْعَطَاءِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ غُرُورُ الْغَيْرِ كَانَ الْغُرُورُ مَقْصُودًا بِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِهَا فَاللَّامُ فِي لِيَغُرَّ لِلْعَاقِبَةِ وَالْمَآلِ لَا لِلتَّعْلِيلِ فَقَوْلُهُ: وَكَالنَّجْشِ أَيْ: وَكَبَيْعِ النَّجْشِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ حَيْثُ عَلِمَ بِالنَّاجِشِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ تَعَلَّقَ بِالنَّاجِشِ فَقَطْ (ص) وَإِنْ عَلِمَ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ. (ش) أَيْ: وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالنَّاجِشِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يَزْجُرْهُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا رَدَّ ذَاتَه، وَإِنْ فَاتَ فَلَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ بِالثَّمَنِ أَيْ: ثَمَنِ النَّجْشِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهَا مُتَحَتِّمَةٌ بَلْ، إنْ أَرَادَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ مَعَ الْقِيَامِ وَتَحَتُّمُ الْقِيمَةِ مَعَ الْفَوَاتِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ شَاءَ ذَلِكَ قَالَ الْمَوَّاقُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ خَلِيلٍ بِذَلِكَ (ص) وَجَازَ سُؤَالُ الْبَعْضِ لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ لَا الْجَمِيعِ (ش) أَيْ: جَازَ لِحَاضِرٍ سَوْمُ سِلْعَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا سُؤَالُ الْبَعْضِ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِلسَّوْمِ لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ فِيهَا لِيَشْتَرِيَهَا السَّائِلُ بِرُخْصٍ وَلَيْسَ لَهُ سُؤَالُ الْجَمِيعِ، أَوْ الْأَكْثَرِ وَالْوَاحِدُ الَّذِي كَالْجَمَاعَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُقْتَدًى بِهِ كَالْجَمِيعِ، فَإِنْ وَقَعَ سُؤَالُ الْجَمِيعِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ فِي رَدِّهَا وَعَدَمِهِ، وَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ الثَّمَنِ عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ أَمْضَى بَيْعَهَا فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ بِتَوَاطُئِهِمْ عَلَى تَرْكِ الزِّيَادَةِ زَادَتْ، أَوْ نَقَصَتْ، أَوْ تَلِفَتْ وَمِنْ حَقِّ الْمُبْتَاعِ مِنْهُمْ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الشَّرِكَةَ، إنْ نَقَصَتْ، أَوْ تَلِفَتْ وَمِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ، إنْ زَادَتْ وَكَانَ فِيهَا رِبْحٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا فِي سُوقِ السِّلْعَةِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ أَرَادَهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ لِغَيْرِهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ التِّجَارَةِ، أَوْ لَا قَالَهُ تت أَيْ: وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاءُ بِالسُّوقِ لَا بِالْبَيْتِ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ إلَخْ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ هُنَا فِي الظُّلْمِ إذْ السَّائِلُ ظَالِمٌ بِسُؤَالِهِ لِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ ظَالِمٌ بِإِجَابَتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ وَكَلَامُ تت ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَمَّا، إنْ فَاتَتْ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُشْتَرِي (ص) وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ أَيْ: نَهَى عَنْ بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ شَيْئًا مِنْ السِّلَعِ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُمْ بِلَا ثَمَنٍ مِنْ حَطَبٍ وَسَمْنٍ وَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ جَاهِلًا بِالْأَسْعَارِ أَمْ لَا أَمَّا فِي سِلَعٍ نَالُوهَا بِثَمَنٍ، أَوْ كَسْبٍ أَيْ: عَمَلٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَمَحَلُّ النَّهْيِ: فِي سِلَعٍ لَيْسَتْ مَأْخُوذَةً لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ تُوَلِّي بَيْعِهَا لَهُ، وَلَيْسَ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَكَانَ بِالْكُتُبِيِّينَ إلَخْ) تَقْوِيَةٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّجُلِ الْمُسْتَفْتِحِ بِالْكُتُبِيِّينَ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى إذْ الْمَعْنَى الَّذِي، أَوْجَبَ النَّهْيَ فِي النَّجْشِ مُنْتَفٍ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ بَلْ وَتَفْسِيرُ مَالِكٍ وَالْمَازِرِيِّ لَا يَشْمَلُهَا وَهُوَ عَيْنُ مَا يَفْعَلُهُ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ بِمِصْرَ الْعَارِفُونَ بِأَثْمَانِ السِّلَعِ يَفْتَتِحُونَ لِدَلَّالٍ دُونَ ثَمَنِهَا لِيَبْنِيَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَفْتَتِحَ جَاهِلٌ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا فَيَضُرَّ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ: بَلْ يُسَاوِي الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: وَيُرَشِّحُهُ) أَيْ: يُرَشِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَلَغَهُ فِي النِّدَاءِ قَوْلُهُ: لِيَغُرَّ الَّذِي مَعْنَاهُ هُوَ قَوْلُهُ: لِيَقْتَدِيَ بِك غَيْرُك، لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْحُرْمَةِ النَّجْشُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ) تَقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ النَّجْشِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَوَّاقُ) هُوَ مُعْتَمَدُ شَيْخِنَا السَّلْمُونِيِّ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ كُفَّ عَنِّي) هَذَا إذَا كَانَ السُّؤَالُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ كُفَّ عَنِّي وَلَك دِينَارٌ وَيَلْزَمُهُ الدِّينَارُ اشْتَرَاهَا، أَوْ لَا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، أَوْ يَسْعَى فِي رِزْقَةٍ، أَوْ وَظِيفَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِعِوَضٍ مِنْ السِّلْعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ كُفَّ عَنِّي وَلَك بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَطَاءِ مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ تت ظَاهِرٌ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَالَ خُيِّرَ الْبَائِعُ إلَخْ فَالْإِمْضَاءُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ حَالَةُ التَّخْيِيرِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ لَا زَادَتْ إلَخْ أَيْ: بَعْدَ الْإِمْضَاءِ فَتَدَبَّرْ (أَقُولُ) وَالْإِمْضَاءُ كَمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْقِيَامِ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْفَوَاتِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا بَلْ إنْ أَرَادَهَا، لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ إلَخْ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ فَدَفْعُ الْقِيمَةِ يَرْجِعُ لِلرَّدِّ وَدَفْعُ الثَّمَنِ يَرْجِعُ لِلْإِمْضَاءِ [بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ] (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ) أَيْ: وَكَانَ الْبَيْعُ لِحَضَرِيٍّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ لِبَدَوِيٍّ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ: بِلَا ثَمَنٍ) أَيْ: وَبِلَا عَمَلٍ مُشِقٍّ. (قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِالْأَسْعَارِ أَمْ لَا) الْمُعْتَمَدُ شَرْطُ الْجَهْلِ بِالْأَسْعَارِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَمَلٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَمَلٌ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِثْلُ السَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْعَمَلِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّ النَّهْيِ إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 لِلْعَمُودِيِّ خَاصًّا بِمَا إذَا تَوَجَّهَ الْعَمُودِيُّ بِمَتَاعِهِ إلَى الْحَضَرِيِّ بَلْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ مَا إذَا وَجَّهَ الْعَمُودِيُّ مَتَاعَهُ مَعَ رَسُولٍ إلَى الْحَضَرِيِّ لِيَبِيعَهُ لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ لَهُ (ش) وَيُفْسَخُ، إنْ وَقَعَ خِلَافًا لِلْأَبْهَرِيِّ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ اُضْطُرَّ إلَيْهَا وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ أَيْ: وَلَوْ بِإِرْسَالِ الْعَمُودِيِّ لِلْحَضَرِيِّ السِّلْعَةَ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَالضَّمِيرُ فِي بِإِرْسَالِهِ: لِلْعَمُودِيِّ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ (ص) وَهَلْ لِقَرَوِيٍّ قَوْلَانِ (ش) أَيْ: وَهَلْ النَّهْيُ مَخْصُوصٌ بِالْبَادِي لَا يَتَعَدَّاهُ لِأَهْلِ الْقُرَى الَّتِي لَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا، أَوْ مُتَنَاوِلٌ لَهُ وَلِقَرَوِيٍّ قَوْلَانِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْقُرَى خِلَافُ الْمُدُنِ وَانْظُرْ حُكْمَ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ حَاضِرٍ وَبَادٍ هَلْ يُقْسَمُ حَيْثُ يُمْكِنُ قَسْمُهُ وَيَجْرِي كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ يَصْبِرُ الْحَاضِرُ حَتَّى يَبِيعَ الْبَادِي حِصَّتَهُ تَأَمَّلْ (ص) وَفُسِخَ وَأُدِّبَ (ش) أَيْ: وَإِذَا وَقَعَ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِمَنْ يَمْنَعُ بَيْعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيُؤَدَّبُ كُلٌّ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْمَالِكِ وَالْمُشْتَرِي حَيْثُ عَلِمَ وَلَا أَدَبَ عَلَى الْجَاهِلِ وَهَلْ الْأَدَبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ، إنْ اعْتَادَهُ قَوْلَانِ (ص) وَجَازَ الشِّرَاءُ لَهُ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِلْحَاضِرِ الشِّرَاءُ لِلْعَمُودِيِّ، أَوْ لِلْقَرَوِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِمَنْعِ الْبَيْعِ لَهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ بِسِلَعٍ نَالَهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي مَنْعِ الْبَيْعِ لَهُ تَأْتِي حِينَئِذٍ (ص) وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ، أَوْ صَاحِبِهَا كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِ سُوقِهَا، أَوْ الْبَلَدِ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ، أَوْ تَلَقَّى صَاحِبَهَا بَعْدَ أَنْ وَصَلَتْ السِّلْعَةُ وَلَمْ يَصِلْ صَاحِبُهَا، أَوْ تَقَدَّمَ صَاحِبُهَا عَلَيْهَا وَلَمْ تَصِلْ فَيَلْقَاهُ رَجُلٌ فَيَشْتَرِي مِنْهُ مَا سَيَصِلُ بَعْدُ كَمَا يُمْنَعُ أَخْذُ السِّلَعِ فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ فِي الْبَلَدِ اُخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي تَعَبُّدٌ، أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْحَقُّ لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، أَوْ لِلْجَالِبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، أَوْ لَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ. اهـ. (ص) وَلَا يُفْسَخُ (ش) أَيْ: لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ النَّاشِئُ عَنْ التَّلَقِّي ابْنُ الْمَوَّازِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شِرَاءِ الْمُتَلَقِّي فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ الْمَازِرِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ عَرْضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوقٌ فَأَهْلُ الْمِصْرِ فَيَشْتَرِكُ فِيهَا مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ (تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُنْهَى، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَلَوْ فَعَلَهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَعَزَّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ، ثُمَّ إنَّ مَا يَأْتِي لَا يُغْنِي عَنْ النَّصِّ عَلَى الْأَدَبِ هُنَا؛ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُنَا فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ اسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِمَا يَأْتِي غَيْرُ صَحِيحٍ (ص) وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ   [حاشية العدوي] لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ لِلتِّجَارَةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ اُشْتُرِيَ بِثَمَنٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَهَلْ النَّهْيُ مَخْصُوصٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا جَهِلَ الْقَرَوِيُّ السِّعْرَ كَالْبَادِي كَمَا مَرَّ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا وَخَرَجَ بِالْقَرَوِيِّ الْمَدَنِيُّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ كَالْقَرَوِيِّ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ ظَهَرَ لَهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْقُرَى خِلَافُ الْمُدُنِ) ظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ خِلَافًا لِمَا فِي عب فَإِنَّهُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ سَاكِنُ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ. (قَوْلُهُ: هَلْ يُقْسَمُ) أَيْ: حَيْثُ يُمْكِنُ قَسْمُهُ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ وَحُكْمُهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ كَذَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ. (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ إلَخْ) أَيْ: تَأَمَّلْ مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ: وَيَمْضِي فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ بِالثَّمَنِ وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَلِمَ) أَيْ: كُلٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَزَّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ بِسِلَعٍ إلَخْ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ: إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ سِلَعًا [تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِ سُوقِهَا أَوْ الْبَلَدِ] (قَوْلُهُ: وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) ظَاهِرُهُ قَرُبَ، أَوْ بَعُدَ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ وَقِيلَ حَدُّ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الَّذِي إذَا زَادَ عَلَيْهِ فِي الْبُعْدِ لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ مِيلٌ وَقِيلَ فَرْسَخَانِ وَقِيلَ يَوْمَانِ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ التَّمْهِيدِ أَنَّ جُمْلَةَ قَوْلِ مَالِكٍ إنْ كَانَ التَّلَقِّي عَلَى رَأْسِ السِّتَّةِ الْأَمْيَالِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ السِّتَّةِ يَجُوزُ تَلَقِّيه بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ فِي الْبَلَدِ) أَيْ: وَصَلَ إلَيْهِ خَبَرُهَا، أَوْ الَّذِي قَدِمَ الْبَلَدَ قَبْلَ وُصُولِهَا (قَوْلُهُ: فَهَلْ الْحَقُّ لِأَهْلِ الْبَلَدِ) أَيْ: فَإِذَا أَجَازُوا ذَلِكَ جَازَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْجَالِبِ) فَإِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ لَكِنْ اُنْظُرْ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ لَهُ بَيْعُهُ لِمَنْ يَتَلَقَّاهُ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُ فَهُوَ رِضًا بِذَلِكَ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ يُنْهَى عَنْهُ لِحَقِّهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ لَكِنْ رُبَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالسُّوقِ أَزِيدَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْمُسَاوَاةَ فَعَلَى هَذَا لَوْ عَلِمَ بِسِعْرِ السُّوقِ يَجُوزُ وَلْيُرَاجَعْ مَذْهَبُهُ. (قَوْلُهُ: أَوَّلُهُمَا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي إنَّمَا هُوَ لِنَفْعِ الْحَاضِرَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَقِّي فِي الْمَعْنَى قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. (قَوْلُهُ: عِيَاضٌ إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ خِلَافٍ مَشْهُورٍ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْمُصَنِّفُ مُحْتَمَلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُخَالِفُ إلَخْ) أَيْ: فَتُسْتَثْنَى مِنْ الْمُصَنِّفِ الْآتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَحِينَئِذٍ فَمَا يَأْتِي لَا يُغْنِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ) أَيْ: وَهِيَ حَالَةُ الْعَوْدِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةٍ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمَوَّاقُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ يُمْنَعُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا لِمَنْ مَنْزِلُهُ بِالْبَلَدِ وَلِلسِّلْعَةِ سُوقٌ قَبْلَ هُبُوطِهَا لِلسُّوقِ وَيَجُوزُ مُطْلَقًا لِمَنْ مَنْزِلُهُ بِالْبَلَدِ وَلَا سُوقَ لَهَا إذَا وَصَلَتْ لِلْبَلَدِ وَلَا يَخْرُجُ لَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَيَجُوزُ لِمَنْ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الْبَلَدِ وَلِلسِّلْعَةِ سُوقٌ أَنْ يَأْخُذَ لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ فَيَأْخُذُ لِقُوتِهِ وَلِلتِّجَارَةِ اهـ. لَكِنْ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ: فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 إلَيْهِ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ مَنْزِلُهُ، أَوْ قَرْيَتُهُ خَارِجَةٌ عَنْ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا السِّلَعُ بَعِيدَةٌ عَنْهُ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِقُوتِهِ لَا لِلتَّجْرِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي يُجْلَبُ إلَيْهَا وَهُنَا مَرَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ قَرْيَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا وَمَفْهُومُ عَلَى كَسِتَّةٍ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى دُونِ السِّتَّةِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ. وَأَمَّا مَنْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَسِتَّةٍ إلَى يَوْمَيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ فَجَائِزٌ لَهُ الشِّرَاءُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَلَيْسَ مِنْ التَّلَقِّي الْخُرُوجُ لِلْبَسَاتِينِ لِشِرَاءِ ثَمَرِ الْحَوَائِطِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَلْحَقُ أَرْبَابَهَا الضَّرُورَةُ بِتَفْرِيقِ بَيْعِهَا وَكَذَلِكَ شِرَاءُ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّفُنِ بِالسَّوَاحِلِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ فَهُوَ كَاحْتِكَارِهِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَى مَدَارِكِهَا وَدَلَائِلهَا وَمَحَالِّهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ: خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُذْكَرُ فِيهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ، أَوْ فَوَاتٍ وَالْمَقْصُودُ النَّظَرُ فِي نَقْلِ الضَّمَانِ وَفِي نَقْلِ الْمِلْكِ فَإِلَى الْأُولَى أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَبْضِهِ قَبْضًا مُسْتَمِرًّا فِي الْعَقْدِ لَا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَلَا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْمُنْتَقِلُ بِالْقَبْضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانُ الرِّهَانِ الْمُفَصَّلِ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِ قِيَامِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ عَلَى نَحْوِ مَا يَقْبِضُهُ الْمَالِكُ لَا يُوَثِّقُهُ كَالرِّهَانِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْعَوَارِيِّ وَلَا دَخْلَ عَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ كَمَا فِي الْخِيَارِ وَقَيَّدْنَا الْقَبْضَ بِالِاسْتِمْرَارِ لِنَحْتَرِزَ عَمَّا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ أَمَانَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى رُكُوبَ الدَّابَّةِ فَهَلَكَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ وَقَبْضُ الْمُشْتَرِي لَهَا كَلَا قَبْضٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ لِي أَنْ أَرُدَّهَا عَلَيْك وَهَا هِيَ فِي يَدِك وَقَيَّدْنَا أَيْضًا الْعَقْدَ بِالْمُنْبَرِمِ احْتِرَازًا مِنْ بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ فَأَحْرَى الْفَاسِدُ وَلَا غَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَا مِلْكُهُ   [حاشية العدوي] مَنْزِلِهِ خَارِجَ الْبَلَدِ وَلِلسِّلْعَةِ سُوقٌ أَنْ يَأْخُذَ لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَلَا شَكَّ فِي مُخَالَفَةِ هَذَا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ إلَخْ إنْ حُمِلَ عَلَى سِلْعَةٍ لَهَا سُوقٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ قَرُبَ، أَوْ بَعُدَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى سِلْعَةٍ لَا سُوقَ لَهَا جَازَ قَرُبَ مَكَانُهُ، أَوْ بَعُدَ كَانَ الشِّرَاءُ لِحَاجَتِهِ، أَوْ لِلتِّجَارَةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ فِيهَا النِّزَاعُ وَمُقَابِلُهُ الْمَنْعُ قَالَ عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّلَقٍّ الْمَمْنُوعِ فَعَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَعَنْهُ إبَاحَتُهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَاحْتِكَارِهِ إلَخْ) خَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ «مَنْ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» حَدِيثٌ حَسَنٌ وَخَرَّجَ هُوَ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ مَعْمَرٍ مَرْفُوعًا «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» [خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ] (قَوْلُهُ: وَدَلَائِلِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَلَكِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّهْيِ وَقَوْلُهُ وَمَحَالِّهَا لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ بَيْعَ الْحَامِلِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذِهِ بِيَاعَاتٌ وَلَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ حَتَّى يَقُولَ وَمَحَالُّهَا فَإِنْ قُلْت يُصَوَّرُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ بَيْعٌ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَالْحَامِلُ مَحَلُّ الْبَيْعِ قُلْت الَّذِي قَدْ جُعِلَ بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعَاتِ لَيْسَ مُطْلَقَ بَيْعٍ بَلْ بَيْعُ الْحَامِلِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ فَالْحَامِلُ قَدْ أُخِذَ فِي مَفْهُومِ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لَهُ. (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهَا) مِنْ ضَمَانٍ وَفَوَاتٍ وَمُضِيِّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالثَّمَنِ وَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَقْدِ أَيْ: مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَبْضِ الضَّمَانُ وَعَلَى الْفَوَاتِ غُرْمُ الْقِيمَةِ، أَوْ الثَّمَنُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَأَيُّ حَاجَةٍ لِقَوْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالْمَقْصُودُ مُرْتَبِطٌ فِيمَا يَظْهَرُ بِقَوْلِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهَا أَيْ: الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا وَقَوْلُهُ فَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ: وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ فَاتَ إلَخْ (أَقُولُ) قَصْرُ الْمَقْصُودِ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْصُودِ أَنَّ الْفَوَاتَ يَكُونُ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَبْضِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرِي وَوَكِيلِهِ كَهُوَ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُنْتَفَعًا بِهِ شَرْعًا فَيَخْرُجُ شِرَاءُ الْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَلْ وَلَوْ أَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ: فَأَشْهَبُ يَقُولُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ إمَّا بِقَبْضِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِمَّا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَإِمَّا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: الْمُفَصَّلُ إلَخْ) أَيْ: وَذَلِكَ أَنَّ الرَّهْنَ يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَالْعَارِيَّةُ كَالرَّهْنِ فِي الضَّمَانِ وَالْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ التَّوَثُّقُ وَالِانْتِفَاعُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ: سَحْنُونَ يَقُولُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى الْهَلَاكِ الْبَيِّنَةُ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى إلَخْ) وَكَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ إذَا بِيعَتْ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ حَيْضِهَا وَلَمْ يَقْبِضْهَا بَعْدَ وَضْعِهَا عِنْدَ أَمِينَةٍ وَبَعْدَ حَيْضِهَا فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لَهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ بِالْقَبْضِ وَلَا يَنْتَقِلُ فِيهِ الْمِلْكُ إلَّا بِالْفَوَاتِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي مَفْهُومِ الْفَاسِدِ تَفْصِيلٌ فَمِنْهُ مَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُهُ بِالْعَقْدِ وَمِنْهُ مَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُهُ بِالْقَبْضِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ (ص) وَرُدَّ وَلَا غَلَّةَ (ش) الضَّمِيرُ فِي رُدَّ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ أَيْ: وَرُدَّ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا غَلَّةَ تَصْحَبُهُ فَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُقَالُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَمِلُ لَهُ، أَوْ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَلَّةَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَى حِينِ الْحُكْمِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ لِكَوْنِهِ فِي ضَمَانِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَلَوْ عُلِمَ بِالْفَسَادِ وَلَوْ فِي بَيْعِ الثُّنْيَا الْمَمْنُوعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا نَقَلَهُ ح عِنْدَ قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَسْتَغِلَّهُ عَالِمًا فَيَرُدُّ الْغَلَّةَ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ وَلَوْ عَلِمَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ رَشِيدًا (ص) ، فَإِنْ فَاتَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ (ش) أَيْ: فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا كُلُّهُ، أَوْ أَكْثَرُهُ بِمُفَوِّتٍ مِمَّا يَأْتِي مَضَى بِالثَّمَنِ، إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ الْحَائِطِ بِعَيْنِهِ وَقَدْ أَزْهَى وَيَشْتَرِطُ أَخْذَهُ ثَمَرًا فَيَفُوتُ بِالْقَبْضِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَيْعِ الْعِينَةِ بِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَآخُذُهَا بِعَشْرَةٍ نَقْدًا فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى أَيْ: الِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلِهَا إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ، أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ قَوْلَانِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا، فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ يُخَالِفُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ فَلَمْ يَمْضِ بِالْفَوَاتِ بِالثَّمَنِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ هُنَاكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْفَسْخِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِمْضَاءِ بِالثَّمَنِ ضَعِيفٌ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ أُفْرِكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا جَمْعُ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ (ص) وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ (ش) أَيْ: وَإِلَّا يُخْتَلَفْ فِيهِ بَلْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي فِي الْمُقَوَّمِ الْقِيمَةَ حِينَ الْقَبْضِ وَفِي الْمِثْلِيِّ مِثْلَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلِيُّ فَالْقِيمَةُ كَثَمَرٍ فَاتَ أَبَانَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ إذْ لَمْ يُوجَدْ الْمِثْلُ   [حاشية العدوي] السَّابِقَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ لَيْسَ مُسْتَمِرًّا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ) كَانَ مُقَابِلُهُ يَقُولُ يَنْتَقِلُ بِالْقَبْضِ وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ: فَاَلَّذِي يَكُونُ ضَمَانُهُ بِالْعَقْدِ الْمَبِيعُ الْحَاضِرُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ كَحَيَوَانٍ وَكَتَّانٍ وَاَلَّذِي يَكُونُ ضَمَانُهُ بِالْقَبْضِ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِمَّا ذُكِرَ وَكَغَائِبٍ وَمُوَاضَعَةٍ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي مُفَصَّلًا. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) ، ثُمَّ إنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَمْ يَحْتَجْ فَسْخُهُ لِحَاكِمٍ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ السُّلْطَانِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ مُحَكَّمٍ وَالْعُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ إنْ تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ أَمَانَتِهِ، أَوْ عَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِالْأُمُورِ فَإِذَا غَابَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَفَعَ الْآخَرُ إلَى الْحَاكِمِ وَفَسَخَهُ، أَوْ الْعُدُولِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَحِينَئِذٍ يَنْظُرُ هُوَ فِي ذَلِكَ بِمَا يُخَلِّصُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ تَبَاعَةِ الْغَيْرِ قَالَهُ الْقَبَّابُ. (قَوْلُهُ: وَلَا غَلَّةَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّفَقَةِ حَيْثُ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ، أَوْ سَاوَتْ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ لَا تَفِي بِالنَّفَقَةِ رَجَعَ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي بَيْعِ الثُّنْيَا الْمَمْنُوعَةِ) أَيْ: الْمَمْنُوعِ الْبَيْعِ الْمُضَافِ لَهَا، صُورَتُهَا: أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى أَتَى بِالثَّمَنِ إلَى مُدَّةِ كَذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ السِّلْعَةُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي شَرْطَهُ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا بِخِلَافِ الثُّنْيَا الْجَائِزَةِ وَهِيَ أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَالْمَبِيعُ عَائِدٌ لَهُ اُنْظُرْ عج وشب. (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ إنَّهَا فِيهِ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفَرَّقَ بَعْضُ مَشَايِخِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْفَاسِدِ أَنَّ غَيْرَهُ دَخَلَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيهِ جَزْمًا عَلَى أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا هُوَ فَإِنَّهُمَا دَخَلَا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ حَيْثُ أُتِيَ بِالثَّمَنِ فَلَمْ يَكُنْ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وُقِفَ عَلَى بَائِعِهِ أَيْ: الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَغِلُّهُ عَالِمًا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَيَفُوزُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ وُقِفَ عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ: أَوْ عَلَى غَيْرِ بَائِعِهِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ رَشِيدٌ عَالِمٌ بِاسْتِغْلَالِهِ لَهُ سَاكِتًا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ) فَإِذَا أَخَذَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ الْحَبْسَ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ بِشِرَاءٍ رَجَعَ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ بِشِرَاءٍ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ فَإِنْ أُعْدِمَ اسْتَوْفَى مِنْ غَلَّةِ الْحَبْسِ فَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ ضَاعَ عَلَيْهِ بَاقِي ثَمَنِهِ وَرَجَعَ الْحَبْسُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (قَوْلُهُ: كُلُّهُ، أَوْ أَكْثَرُهُ) وَأَمَّا نِصْفُهُ، أَوْ رُبُعُهُ، أَوْ ثُلُثُهُ فَيَفُوتُ مِنْهُ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَاتَتْ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) لَا شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ تَشُقُّ إلَّا بِنَصٍّ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ أَسْلَمَ إلَخْ) مِثَالٌ لِمَا إذَا كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ غَيْرَ الْمَذْهَبِ يَقُولُ بِجَوَازِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرٍ) أَيْ: أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَالْفَسَادُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ اشْتِرَاطِ أَخْذِهِ ثَمَرًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَخْفَى إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ مُضِيُّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالثَّمَنِ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ يُبْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَيْعٌ (قَوْلُهُ: جَمْعُ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ: بِدُونِ تَقْوِيمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ) وَهَذَا أَيْضًا أَكْثَرِيٌّ إذْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 يَصِيرُ لِوُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا دَخَلَ عَلَى تَمَلُّكِهِ فَلَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ وَأَبَاحَهُ لَهُ بَائِعُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيمَةِ مَعَ التَّعَذُّرِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ التَّعَذُّرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الْعَدَمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ الْقَبْضِ فَحِينَئِذٍ مِنْ الظُّرُوفِ الَّتِي تُضَافُ لِلْجُمَلِ أَيْ: حِينَ إذْ قُبِضَ أَيْ: وَقْتَ قَبْضِهِ وَأُجْرَةُ الْمُقَوَّمِ فِي ذَلِكَ، إنْ كَانَ لَا يُقَوَّمُ إلَّا بِأُجْرَةٍ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا فِي الْبَيْعِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ (ص) بِتَغَيُّرِ سُوقِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ (ش) يُعْنَى أَنَّ الْفَوَاتَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ فِي الْعَرُوضِ وَالْحَيَوَانِ دُونَ الْعَقَارِ وَالْمِثْلِيِّ، فَإِنْ تَغَيَّرَ السُّوقُ لَا يُفِيتُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الرَّغْبَةُ فِيهِمَا بِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُرَادُ لَهُ الْعَقَارُ الْقِنْيَةُ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ كَثْرَةُ ثَمَنٍ وَلَا قِلَّتُهُ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ وَالْقِيمَةُ كَالْفَرْعِ فَلَا يُعْدَلُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ فَقَوْلُهُ: بِتَغَيُّرِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِ فَاتَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ عَامِلٍ (ص) وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ وَفِيهَا شَهْرٌ وَشَهْرَانِ وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ وَقَالَ: بَلْ فِي شَهَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُجَرَّدَ الطُّولِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ نَقْلٍ وَلَا تَغَيُّرٍ فِي بَدَنٍ، أَوْ سُوقٍ مُفِيتٍ لِلْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَإِذَا فَاتَ مَعَ الْمَظِنَّةِ فَمَعَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى وَالْحَيَوَانُ يَشْمَلُ الْآدَمِيَّ وَقَوْلُهُ وَفِيهَا شَهْرٌ وَشَهْرَانِ وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ وَقَالَ: بَلْ فِي شَهَادَةِ بَيَانٍ لِطُولِ الزَّمَانِ الَّذِي حَكَمَ بِأَنَّهُ فَوْتٌ أَيْ: وَالطُّولُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ شَهْرٌ كَمَا فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ وَفِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثُ لَيْسَ الشَّهْرَانِ وَلَا الثَّلَاثَةُ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ التَّغَيُّرُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ بِقَوْلِهِ وَالثَّانِي أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ صَغِيرًا فَإِنَّ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا وَيَنْتَقِلُ وَقَالَ: الْمَازِرِيُّ: لَيْسَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي شَهَادَةٍ أَيْ: مُشَاهَدَةِ أَيْ: حُضُورٍ أَيْ: إنَّ مَالِكًا تَكَلَّمَ عَلَى حَيَوَانٍ بِحَسَبِ مَا شَاهَدَهُ وَعَايَنَهُ مِنْهُ فَمَرَّةً رَأَى أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ يُفِيتُهُ الشَّهْرُ لِسُرْعَةِ تَغَيُّرِهِ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ وَمَرَّةً رَأَى أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُفِيتُهُ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ   [حاشية العدوي] قَدْ تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوَاتِ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ ضَمِنَ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ إذَا بِيعَ بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ وَلَمْ يَجْهَلْ ذَلِكَ بَعْدُ وَوُجِدَ الْمِثْلُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَمَحَلُّ الْقِيمَةِ فِي الْجُزَافِ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ مَكِيلَتُهُ بَعْدُ فَإِنْ عُلِمَتْ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هُنَاكَ مُقَابِلًا يَقُولُ يَلْزَمُ الْمِثْلُ وَيَصْبِرُ (قَوْلُهُ: أَيْ: حِينَ إذْ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْمُقَوِّمِ إلَخْ) أُجْرَةُ الْمُقَوِّمِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْفَاسِدِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالشُّفْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ الطَّالِبُ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُقَوَّمِ رَدُّ عَيْنِهِ بَعْدَ فَوْتِهِ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ بِالْقِيمَةِ الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الْقِيمَةُ كَانَ بَيْعًا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ) أَيْ: مُتَلَبِّسًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ مُتَوَقِّفٌ تَحْصِيلُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ كَالْفَرْعِ) اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَمَ بِأَنَّهُ عِنْدَ الْفَوَاتِ يَضْمَنُ الْمِثْلَ لَا الْقِيمَةَ وَقَدْ حَكَمَ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ فِيهِ الْمِثْلُ بِالْفَوَاتِ وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ لَا يُفِيتُهُ فَلَا يَكُونُ مُفَادُهُ إلَّا رَدَّ عَيْنِهِ بِالْخُصُوصِ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا بِفَوَاتِهِ فَيُرَدُّ مِثْلُهُ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ . (قَوْلُهُ: وَفِي كِتَابِ السَّلَمِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا شَهْرٌ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي السُّكُوتُ عَلَى قَوْلِهِ وَفِيهَا شَهْرٌ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَشَهْرَانِ مَعْنَاهُ وَفِيهَا شَهْرَانِ أَيْ: وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ قَالَ وَفِي حَدِّ الطُّولِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ شَهْرٌ وَفِيهَا ثَلَاثٌ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ الشَّهْرَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذْ مَا ذَكَرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ فَوْتٌ بِاتِّفَاقِ الْمَحَلَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَالشَّهْرَانِ لَيْسَا بِفَوْتٍ قُلْنَا ذِكْرُ الشَّهْرَانِ بَعْدَ الشَّهْرِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى كَذَلِكَ لَمَا كَانَ لِذَلِكَ فَائِدَةٌ وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ خِلَافٌ إلَّا بِهَذَا الْمَعْنَى فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا الثَّلَاثَةُ بِفَوْتٍ) فَالْأَرْبَعَةُ فَوْتٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ خِلَافٌ) فَعِنْدَهُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا) أَيْ: فَيُكْتَفَى بِالْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ تَخْتَلِفُ أَيْضًا بِاخْتِلَافِ صِغَرِ الْحَيَوَانِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ: كَالْكُبْرِ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّةً إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَيَوَانَ يَخْتَلِفُ فَمِنْهُ مَا يُفِيتُهُ الشَّهْرُ وَمِنْهُ مَا يُفِيتُهُ الشَّهْرَانِ وَهَكَذَا (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِي الْمَقَامِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ صَغِيرًا فَإِنَّ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا لَا يَخْفَى أَنَّ مَصْدُوقَ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ الشَّهْرُ فَحَيْثُ نَظَرَ لِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي يُظَنُّ فِيهَا تَغَيُّرُ الْحَيَوَانِ فَقَدْ رَجَعَ فِي الْمَعْنَى لِكَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَيَكُونُ لَا اخْتِلَافٌ فَيَكُونُ مُنَافِيًا لِجَعْلِهِ اخْتِلَافًا حَقِيقِيًّا وَهَذَا كُلُّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ وَحَلَّ بِهِ شَارِحُنَا الثَّانِيَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْخِلَافِ وَأَنْ الْمَازِرِيَّ رَدَّ عَلَيْهِ حَمْلَهَا عَلَى الْخِلَافِ بَلْ إنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهَا لِمُشَاهَدَةِ حَيَوَانٍ صَغِيرٍ كَالْغَنَمِ الشَّهْرَ فِيهِ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ فَقَالَ بِفَوْتِهِ وَلِمُشَاهَدَةِ حَيَوَانٍ كَبِيرٍ كَبَقَرٍ وَإِبِلٍ لَيْسَ الشَّهْرَانِ وَالثَّلَاثَةُ مَظِنَّةً لِذَلِكَ فَقَالَ بِعَدَمِ فَوْتِهِ وَالْحُكْمَانِ الْمُخْتَلِفَانِ لِاخْتِلَافِ مَحَلِّهِمَا لَيْسَا مُخْتَلِفَيْنِ حَقِيقَةً إنَّمَا الْخِلَافُ الْحَقِيقِيُّ مَا اتَّحَدَ مَحَلُّهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى حَمْلِهِمَا عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّ لَفْظَ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي الطُّولِ فِي الْحَيَوَانِ فَفِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ الشَّهْرُ فَوْتٌ وَفِي السَّلَمِ الشَّهْرَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَلَفْظُ الْمَازِرِيِّ اُخْتُلِفَ فِي مُجَرَّدِ طُولِ الزَّمَانِ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 أَيْ: وَالثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ ذَلِكَ فِيهِ فَالْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ هُنَا مَا قَابَلَ الْغَيْبَ وَهُوَ الْحُضُور لِقَوْلِهِ {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: 73] (ص) وَبِنَقْلِ عَرْضٍ وَمِثْلِيٍّ لِبَلَدٍ بِكُلْفَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَقْلَ الْعُرُوضِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْمِثْلِيِّ كَقَمْحٍ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ مُفِيتٌ إذَا كَانَ بِكُلْفَةٍ مِنْ كِرَاءٍ، أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ، أَوْ مُكْسٍ فَيَرُدُّ قِيمَةَ الْعَرْضِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ فِي مَحَلِّهِمَا وَاحْتَرَزَ بِكُلْفَةٍ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ نَقْلَهُ لَا يُفِيتُهُ إلَّا فِي خَوْفِ طَرِيقٍ وَلَا مَفْهُومَ لِبَلَدٍ بَلْ لَوْ نُقِلَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى قَوْلِهِ بِكُلْفَةٍ وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهُ الْكُلْفَةُ وَلَوْ نَقَلَهُ بِعَبِيدِهِ وَدَوَابِّهِ مَثَلًا (ص) وَبِالْوَطْءِ (ش) أَيْ: وَمِنْ الْمُفَوِّتِ وَطْءُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا رَفِيعَةً، أَوْ وَخْشًا لِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِالْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ وَلِاسْتِلْزَامِ الْوَطْءِ الْمُوَاضَعَةَ الْمُسْتَلْزِمَةَ لِطُولِ الزَّمَانِ الْمُفَوِّتِ فِي الْحَيَوَانِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهَا لَيْسَتْ فَوْتًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَخْشِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا، إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْوَطْءِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ، أَوْ كَذَّبَهُ وَأَمَّا الرَّفِيعَةُ، فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْوَطْءِ وَصَدَّقَهُ فَلَا تَفُوتُ وَلَكِنْ تُسْتَبْرَأُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَإِنَّهَا تَفُوتُ، وَإِنْ قَالَ وَطِئْتهَا صُدِّقَ فِي الرَّائِعَةِ وَالْوَخْشِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ فِيهِمَا أَيْ: فَلَا تُسْتَبْرَأُ الْوَخْشُ وَلَا تَفُوتُ وَأَمَّا الرَّائِعَةُ فَلَا تَفُوتُ وَلَكِنْ تُسْتَبْرَأُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا غَابَ وَادَّعَى عَدَمَ الْوَطْءِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَتَوْجِيهُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُفِيتَ هُوَ وَطْءُ الْبَالِغِ الَّذِي يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ فِي الْمُطِيقَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَيَفْتَضَّهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَغَيُّرِ الذَّوَاتِ (ص) وَبِتَغَيُّرِ ذَاتٍ غُيِّرَ (ش) أَيْ: كَعَقَارٍ بِذَهَابِ عَيْنِهِ وَانْدِرَاسِهِ وَالدُّورِ بِهَدْمِهَا وَبِنَائِهَا وَالْأَرْضِ بِغَرْسِهَا وَقَلْعِ الْغَرْسِ مِنْهَا وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَا يُفِيتُهُ ذَلِكَ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ وَمِنْ تَغَيُّرِ الذَّاتِ تَغَيُّرُ الدَّابَّةِ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ بِخِلَافِ سِمَنِ الْأَمَةِ وَأَمَّا هُزَالُ الْأَمَةِ فَمُفِيتٌ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فَلَيْسَ بِمُفِيتٍ فِيهَا كَسِمَنِهَا (ص) وَخُرُوجٌ عَنْ يَدٍ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُفِيتُ الْمَبِيعَ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِ مُبْتَاعِهِ بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ بَيْعٍ صَحِيحٍ، أَوْ حَبْسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ نَفْسِهِ وَقَيَّدْنَا الْبَيْعَ بِالصَّحِيحِ احْتِرَازًا مِنْ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفِيتٍ وَقَيَّدْنَا الْحَبْسَ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ نَفْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا، أَوْصَى الْمَيِّتُ بِشِرَاءِ دَارٍ، أَوْ بُسْتَانٍ، وَأَنْ   [حاشية العدوي] الْحَيَوَانِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي سُوقِهِ فَذَكَرَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ، ثُمَّ قَالَ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي أَيْ: وَهُوَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَوْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ فَتَغَيُّرُهُ فِي ذَاتِهِ، أَوْ سُوقِهِ مُعْتَبَرٌ أَيْ: اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَنِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى التَّغَيُّرِ انْتَهَى فَأَنْتَ تَرَى الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا بِالْخِلَافِ وَلَوْ فَهِمَ الْمُصَنِّفُ مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَقَالَ وَاخْتَارَ وَقَالَ إنَّهُ خِلَافٌ وَإِنَّمَا اعْتِرَاضُ الْمَازِرِيِّ عَلَى اللَّخْمِيِّ بِقَوْلِهِ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي إلَخْ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ يَقُولُ بِحَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي حَدِّ الطُّولِ وَلَوْ تَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ اللَّخْمِيِّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي مَظِنَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ وَعِنْدَ وُجُودِهِ لَا خِلَافَ وَأَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلتَّعَقُّبِ عَلَى الْمَازِرِيِّ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ فَقَالَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ تَعَسُّفٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ لَا فِي التَّغَيُّرِ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ (أَقُولُ) فَإِذَا كَانَ الْحَالُ هَكَذَا فَرَجَعَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي الْمَعْنَى لِكَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَتَدَبَّرْ فِي الْمَقَامِ . (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ طَرِيقٍ) أَيْ: أَوْ مُكْسٍ أَفَادَهُ شب . (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِالْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ) أَيْ: فَرُبَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اخْتِلَاسُهَا، أَوْ الزِّنَا فِيهَا وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ لِتَعَلُّقِ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِهِ أَيْ: فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا غَيْرُهُ، ثُمَّ هَذَا التَّعْلِيلُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاطِئَ بَالِغٌ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لَا صَغِيرٌ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ قَلْبِهَا بِوَطْئِهِ غَالِبًا إلَّا أَنْ يَفْتَضَّهَا وَهَلْ يَشْمَلُ وَطْءَ الْبَالِغِ بِدُبُرِهَا فَيُفِيتُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا جِدًّا، أَوْ لَا لِعَدَمِ ظُهُورِ التَّعْلِيلِ بِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى مَحَلٌّ لِلْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَمَّا وَطْءُ الذَّكَرِ فَلَيْسَ بِمُفِيتٍ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) مُفَادُ بَهْرَامَ أَنَّ الْمُقَابِلَ يَجْعَلُ الْغَيْبَةَ عَلَى الْوَخْشِ فَوْتًا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ تُسْتَبْرَأُ) فَإِذَا وَطِئَهَا وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَيَكُونُ ابْنَ شُبْهَةٍ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا) أَيْ: فَأَوْلَى فِي الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ الشَّارِحِ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ وَجْهُهُ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى إيقَافِهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْبَالِغِ فَلَا يُوجِبُ وَطْؤُهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَيَفْتَضَّهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِافْتِضَاضَ مُفِيتٌ مُطْلَقًا كَانَ الْوَاطِئُ بَالِغًا أَمْ لَا كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مُطِيقَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَعَقَارٍ بِذَهَابِ عَيْنِهِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْأَرْضِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْعَقَارِ. (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ) أَيْ: فَلَمَّا كَانَ مِثْلُهُ كَأَنَّهُ هُوَ لَمْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ فَوْتًا وَقِيلَ فَوْتٌ وَرَجَّحَهُ عج وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا فَاتَ فِيهِ الْمِثْلُ وَتَغَيُّرُ الذَّاتِ مُفِيتٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ وَكَوْنُ الْمِثْلِيِّ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لَا يَنْفِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ قِيمَةَ الشَّيْءِ تَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سِمَنِ الْأَمَةِ) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ سِمَنِ الدَّابَّةِ جَعَلَهُ مُفَوِّتًا بِخِلَافِ سِمَنِ الْأَمَةِ قُلْت؛ لِأَنَّ سِمَنَ الْأَمَةِ تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ إذْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَرْغَبُ فِي سِمَنِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ سِمَنِ الدَّابَّةِ فَاتَّفَقَتْ الْعُقَلَاءُ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي سِمَنِهَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمُفِيتٍ فِيهَا) أَيْ: لَهَا أَيْ: إنَّ الْهُزَالَ لَيْسَ بِمُفِيتٍ لِلْإِقَالَةِ فَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجٌ عَنْ يَدٍ) يَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاسِدًا تَصَرُّفٌ فِيهِ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ شِرَاؤُهُ مِنْهُ وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْيَدِ يُفِيتُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: بِهِبَةٍ) وَلَوْ وَهَبَهُ لِبَائِعِهِ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 يُحْبَسْ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْوَصِيُّ شِرَاءً فَاسِدًا وَحَبَسَهُ يَظْهَرُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْبَعْضِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ، وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِ الْكُلِّ وَأَمَّا فِيمَا يَنْقَسِمُ، فَإِنَّ بَيْعَ أَكْثَرِهِ كَبَيْعِ كُلِّهِ وَأَكْثَرُهُ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَإِلَّا فَيَفُوتُ مِنْهُ مَا وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ، وَالتَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ لَا يَحْصُلُ بِهِمَا فَوْتٌ وَفِي الْإِقَالَةِ نَظَرٌ (ص) وَتَعَلُّقُ حَقٍّ كَرَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا هُوَ مُفِيتٌ لِلْمَبِيعِ الْفَاسِدِ تَعَلُّقُ حَقِّ غَيْرِ الْمُشْتَرِي كَرَهْنِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَوْتًا وَإِجَارَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى فَسْخِهَا بِتَرَاضٍ، أَوْ كَوْنِهَا مُيَاوَمَةً وَإِخْدَامُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَالْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ الْفَاسِدِ يُفِيتُهُ الْكِرَاءُ الصَّحِيحُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ فِي الْكِرَاءِ الصَّحِيحِ لِلْمُكْتَرِي كِرَاءً فَاسِدًا كَالْغَلَّةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا يَرُدُّهَا الْمُكْتَرِي فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اكْتَرَى إلَيْهَا عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ كِرَاءً فَاسِدًا لَا غَلَّةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَلَمَّا دَخَلَتْ الْأَرْضُ فِيمَا يَفُوتُ بِتَغَيُّرِ ذَاتِهِ كَمَا قَدَّمْنَا تَكَلَّمَ عَلَى مَا يُفِيتُ ذَاتَهَا فَقَالَ: (ص) : وَأَرْضٌ بِبِئْرٍ وَعَيْنٍ وَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْأَرْضَ تَفُوتُ بِحَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا وَإِجْرَاءِ عَيْنٍ إلَيْهَا، أَوْ فَتْقٍ فِيهَا، أَوْ غَرْسِ شَجَرٍ زَادَ ابْنُ شَاسٍ، أَوْ قَلْعِهِ مِنْهَا، أَوْ بِنَاءٍ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَعْظُمْ الْمُؤْنَةُ لَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ وَرُدَّ جَمِيعُهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الزَّرْعَ لَا يُفِيتُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْفَسْخُ فِي الْإِبَّانِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَا يُقْلَعُ زَرْعُهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَاشْتِرَاطُ عِظَمِ الْمُؤْنَةِ فِي الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْبِئْرِ   [حاشية العدوي] أَوْ يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ كَالْبَيْعِ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ مُفِيتٌ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا كَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَنْ الْغَيْرِ لِكَوْنِهِ وَصِيًّا عَنْهُ فَلَا يَفُوتُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ كَالْأَوَّلِ وَنَظِيرُهُ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ لِنَفْسِهِ يَلْزَمُ وَلِغَيْرِهِ لَا يَلْزَمُ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ بِهِمَا فَوْتٌ) وَجْهُ كَوْنِ التَّوْلِيَةِ لَا يَحْصُلُ بِهَا فَوْتٌ كَمَا لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ نَفْسِ الْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الشَّرِكَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ فِيمَا تَنْقَسِمُ وَإِلَّا كَانَ فَوْتًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِقَالَةِ نَظَرٌ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَوْتًا، لِأَنَّهَا بَيْعُ كَذَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِقَالَةِ نَظَرٌ) أَيْ: هَلْ هِيَ مُفَوِّتَةٌ، أَوْ لَا أَيْ: إقَالَةُ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ السِّلْعَةَ بَيْعًا فَاسِدًا فَعَلَى أَنَّهَا مُفَوِّتَةٌ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقِيمَةُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الْقِيمَةِ مَثَلًا لَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِعَشْرَةٍ، ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْقِيمَةُ عِشْرُونَ فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِعَشْرَةٍ وَإِنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ مَعَ الثَّمَنِ لَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ عَشْرَةً وَالثَّمَنُ عِشْرُونَ وَقَدْ رَجَعَهَا لِصَاحِبِهَا بِالْإِقَالَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَشْرَةٍ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَوْتًا، لِأَنَّهَا بَيْعٌ هَكَذَا ظَهَرَ لِي، ثُمَّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ التَّوَقُّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَحَيْثُ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ فَلَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ لَا مَحَلَّ لَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . (قَوْلُهُ: وَتَعَلُّقُ حَقٍّ) هَذَا فِي رَهْنٍ وَإِجَارَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِتَرَاضٍ) هَذَا فِي الْوَجِيبَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُيَاوَمَةِ مَعَ نَقْدِ أُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُيَاوَمَةً) أَيْ: إذَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَجِيبَةَ لَازِمَةٌ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ حَصَلَ قَبْضُ أُجْرَةٍ أَمْ لَا وَالْمُشَاهَرَةُ وَيُقَالُ لَهَا مُيَاوَمَةٌ وَمُسَانَاةٌ مَا صُرِّحَ فِيهَا بِلَفْظِ كُلٍّ كَكُلَّ يَوْمٍ، أَوْ شَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا فَلَا يَلْزَمُ إلَّا قَدْرُ مَا قَبَضَ وَالْوَجِيبَةُ اسْمٌ لِلْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ كَأَكْرِ لِي هَذِهِ الدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنِهَا مُيَاوَمَةً) مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَوْلِهِ بِتَرَاضٍ وَالْمُيَاوَمَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ غَيْرِ الْمُحَدَّدَةِ كَكُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا، أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضُ أُجْرَةٍ فَتَلْزَمُ بِقَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِخْدَامُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَالْإِجَارَةِ) أَيْ: لِأَنَّ فِي رَدِّهِ ضَيَاعَ حَقِّ الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ قَالَ بَعْضٌ اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْأَجَلُ غَيْرَ مَحْدُودٍ هَلْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، أَوْ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الرِّبْحُ إلَخْ) هَذِهِ ثَمَرَةُ الْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَكُونُ الْكِرَاءُ الصَّحِيحُ مُفَوِّتًا لِلْكِرَاءِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: وَأَرْضٌ بِبِئْرٍ وَعَيْنٍ) وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ، أَوْ الْعَيْنُ بِدُونِ رُبُعِهَا. (قَوْلُهُ: عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ) أَيْ: وَإِلَّا لَمْ يُفِتْ شَيْئًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَحَاطَ بِهَا كُلِّهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمُعْظَمِهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ بِمُعْظَمِهَا فَيُفِيتُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ عَظِيمُ الْمُؤْنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَظِيمَهَا وَأَوْلَى إنْ وَقَعَ بِكُلِّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِجْرَاءُ عَيْنٍ إلَيْهَا) أَيْ: بِالْحَفْرِ فِي الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَتْقٍ فِيهَا) أَيْ: أَوْ فَتْقِ عَيْنٍ فِيهَا أَيْ: إخْرَاجِ عَيْنٍ فِيهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ قَلْعِهِ مِنْهَا إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَلْعُ عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ هَذَا يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا إلَخْ وَذَلِكَ، لِأَنَّ مُفَادَ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْبِئْرَ وَالْعَيْنَ يُفِيتَانِهَا مُطْلَقًا عَظُمَتْ مُؤْنَتُهُمَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا عِظَمُ الْمُؤْنَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ (قَوْلُهُ: فِي الْإِبَّانِ) أَيْ: زَمَنِ زَرْعِ الْأَرْضِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 وَالْعَيْنِ عِظَمُ الْمُؤْنَةِ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ خُرُوجُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ وَحَذَفَ قَوْلَهُ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي فَلَمَّا كَانَ الثَّانِي أَدَلَّ عَلَى الْمُرَادِ أَخَّرَهُ وَذَكَرَهُ مَعَهُ (ص) وَفَاتَتْ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ فَقَطْ لَا أَقَلُّ وَلَهُ الْقِيمَةُ قَائِمًا عَلَى الْمَقُولِ وَالْمُصَحَّحِ (ش) مَا مَرَّ حَيْثُ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ مُحِيطَيْنِ بِالْمَبِيعِ وَتَكَلَّمَ الْآنَ عَلَى مَا إذَا كَانَا عَلَى حِدَةٍ مِنْ غَيْرِ إحَاطَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَرْسَ وَالْبِنَاءَ إذَا وَقَعَا فِي جِهَةٍ مِنْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تِلْكَ الْجِهَةِ مُنْفَرِدَةً رُبُعَ، أَوْ ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ فَإِنَّ تِلْكَ الْجِهَةَ تَفُوتُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْأَرْضِ الَّذِي لَا غَرْسَ وَلَا بِنَاءَ فِيهِ فَيُرَدُّ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تِلْكَ الْجِهَةِ الْوَاقِعِ فِيهَا الْبِنَاءُ، أَوْ الْغَرْسُ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ فَلَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْهَا وَيَرُدُّ جَمِيعَهَا إلَى الْبَائِعِ وَعَلَى الْبَائِعِ قِيمَةُ بِنَاءِ وَغَرْسِ الْمُشْتَرِي قَائِمًا يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى مَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَعِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ حَيْثُ قَالَا الصَّوَابُ أَنَّ لَهُ قِيمَةَ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِشُبْهَةٍ وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ الْقِيمَةُ مَقْلُوعًا يَوْمَ جَاءَ بِهِ وَإِذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنْ لَا مَفْهُومَ لِلرُّبُعِ فِي فَوَاتِ الْجِهَةِ بَلْ وَمِثْلُهُ الثُّلُثُ وَأَمَّا النِّصْفُ فَمِنْ قَبِيلِ الْأَكْثَرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الثُّلُثَ حَدَّ الْيَسِيرِ فَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الرُّبُعِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَا أَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: هِيَ الثُّلُثُ فَسَدَ قَوْلُهُ لَا أَقَلُّ لِدُخُولِ الرُّبُعِ فِي الْأَقَلِّ فَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ شَيْئًا وَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ جِهَةً أَيْ: إنَّمَا تَفُوتُ الْجِهَةُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْأَرْضِ الَّذِي لَا غَرْسَ وَلَا بِنَاءَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ هِيَ الرُّبُعُ لِإِيهَامِهِ أَنَّ مَا فَوْقَ الرُّبُعِ لَيْسَ كَالرُّبُعِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مِثْلَهُ الثُّلُثُ بَلْ وَالنِّصْفُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَانْظُرْ صِفَةَ التَّقْوِيمِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمُفَوَّتِ بِاتِّفَاقٍ، أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ ذَكَرَ مَا فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى السَّوَاءِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ جَرَى فِي بَيْعِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الشَّيْءُ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَائِعِينَ لَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا بِأَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ بِيَدِ بَائِعِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ الْبَائِعُ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَوْتٌ وَعَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِبَائِعِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَحَذَفَ قَوْلَهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْبِئْرَ وَالْعَيْنَ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عِظَمُ الْمُؤْنَةِ بِالْفِعْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالشَّأْنِ فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ غَيْرِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: لَا أَقَلُّ) أَيْ: مِنْ الرُّبُعِ فَلَا يُفِيتُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَوْ عَظُمْت مُؤْنَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْقِيمَةُ قَائِمًا) أَيْ: عَلَى التَّأْبِيدِ لِشَبَهِهِ بِمَنْ بَنَى فِي سَاحَةٍ فَاسْتَحَقَّتْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ) مُقَابِلُهُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ الْآتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ جِهَةَ) وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ الرُّبُعَ نَعَمْ قَوْلُهُ: لَا أَقَلُّ مُرَادُهُ لَا أَقَلُّ مِنْ الرُّبُعِ فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ صِفَةَ التَّقْوِيمِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ تُقَوِّمَ الْجِهَةَ الْمَبْنِيَّةَ وَالْمَغْرُوسَةَ، ثُمَّ تُقَوِّمَ غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجِهَةِ وَحْدَهَا مِائَةً وَقِيمَةُ الْبَاقِي مِائَتَانِ، أَوْ ثَلَثَمِائَةٍ فَاتَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ فَقَطْ وَفُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي فَظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُلْتَفَتْ فِي ذَلِكَ لِمِسَاحَةِ الْأَرْضِ بَلْ نُظِرَ لِلْقِيمَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَفْرَ بِئْرِ غَيْرِ الْمَاشِيَةِ وَإِجْرَاءَ الْعَيْنِ بِالْأَرْضِ يُفِيتُهَا وَلَوْ كَانَتْ بِدُونِ رُبُعِهَا وَلَا يُرَاعَى فِيهِمَا عِظَمُ الْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُهُمَا وَأَمَّا الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِكُلِّهَا، أَوْ بِجُلِّهَا فَإِنَّهُ يُفِيتُهَا وَإِنْ لَمْ تَعْظُمْ مُؤْنَتُهُ سَوَاءٌ أَحَاطَ بِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُهُ بِهَذَا الْمَحَلِّ وَكَذَا إنْ كَانَ بِدُونِ جُلِّهَا وَأَحَاطَ بِهَا لَكِنْ إنْ عَظُمَتْ مُؤْنَتُهُ وَلَوْ كَانَ مَحَلُّهُ دُونَ الرُّبُعِ وَإِنْ كَانَ دُونَ الْجُلِّ وَلَمْ يُحِطْ بِهَا فَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ الرُّبُعَ، أَوْ الثُّلُثَ فَإِنْ عَظُمَتْ مُؤْنَتُهُ أَفَاتَ مَحَلَّهُ وَإِلَّا لَمْ يُفِتْ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ النِّصْفَ فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الثُّلُثِ وَالرُّبُعُ وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ، أَوْ كَجُلِّهَا فَيُفِيتُهَا كُلَّهَا بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ عَظِيمُ الْمُؤْنَةِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ دُونَ الرُّبُعِ، أَوْ لِعَدَمِ عِظَمِ مُؤْنَتِهِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عِظَمُهَا فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ قَائِمًا عَلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: الْمُفَوِّتِ بِاتِّفَاقٍ إلَخْ) أَيْ: كَتَغَيُّرِ السُّوقِ وَنَقْلِ عَرْضٍ وَمِثْلِيٍّ وَقَوْلُهُ، أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ: كَطُولِ الزَّمَنِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُفِيتُ الْحَيَوَانِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُفِيتٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِهِ إلَخْ) مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي بَيْعِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ خِلَافًا لِشَارِحِنَا كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ جَارِيًا فِي بَيْعِ الْبَائِعِ وَبِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ شَامِلَانِ لِلصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَهُمَا بَيْعُ الْمُشْتَرِي لَهُ، أَوْ الْبَائِعِ وَبَقِيَتْ ثَالِثَةٌ هُمَا فِيهَا أَيْضًا وَهِيَ أَنْ يَبِيعَهُ الْبَائِعُ بَيْعًا صَحِيحًا بَعْدَ مَا بَاعَهُ فَاسِدًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا لَهُ وَلَكِنْ كَأَنْ مَكَّنَهُ مِنْ قَبْضِهِ وَأَمَّا قَبْلَ تَمْكِينِهِ فَبَيْعُهُ ثَانِيًا صَحِيحٌ مَاضٍ اتِّفَاقًا فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الرَّابِعَةُ فِي كَلَامِهِ قَالَ ح وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ الْإِمْضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالصَّدَقَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَتَقَ الْمُشْتَرَى بِأَنْوَاعِهِ وَهِبَتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَوْتٌ إنْ كَانَ الْمُشْتَرَى مَلِيًّا بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا رُدَّ عِتْقُهُ وَنُقِضَ بَيْعُهُ وَرُدَّ لِبَائِعِهِ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ بَيْعِهِ) أَيْ: بَيْعِ الْمُشْتَرَى هَذِهِ تُخَصِّصُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْبَائِعَ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ رَدِّهِ مِنْهُ فَإِنَّ بَيْعَهُ يَمْضِي وَيَكُونُ بَيْعُهُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَصْلِهِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي ثَانِيهمَا لَيْسَ بِفَوْتٍ وَعَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِيَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَيَسْتَمِرُّ بِيَدِ بَائِعِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهِ لِرَبِّهِ، إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْبَائِعَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ بَائِعِهِ فِيهِ بَيْعٌ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَضَمَانُهُ، إنْ حَصَلَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَبِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِمَّا يُفِيتُهُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ أَمْ لَا كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ الْبَائِعَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا إذْ لَا يَحْصُلُ الْفَوَاتُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ اتِّفَاقًا (ص) لَا، إنْ قَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ (ش) أَيْ: لَا، إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي الْفَسَادَ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ فَلَا يَمْضِي وَلَا يُفِيتُهُ اتِّفَاقًا مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا يَتِمُّ الِاتِّفَاقُ إذَا وَاطَأَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ وَبِعِبَارَةٍ: لَا إنْ قَصَدَ أَيْ: الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا وَالْبَائِعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ قَوِيَّةٌ وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لَا الْعِتْقُ فَإِنَّهُ فَوْتٌ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فَلَيْسَتَا بِفَوْتٍ وَفِي الْإِقَالَةِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَوْتًا؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الْإِفَاتَةِ، أَوْ عَدَمِهِ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ وَإِذَا حَصَلَ الْمُفِيتُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَلَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِعَدَمِ الرَّدِّ وَوُجُوبِ الْغُرْمِ عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ زَالَ الْمُوجِبُ ارْتَفَعَ الْمُفِيتُ، إنْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى حَالِهِ كَانَ عَوْدُهُ اخْتِيَارِيًّا كَشِرَاءٍ، أَوْ ضَرُورِيًّا كَإِرْثٍ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ وَرُدَّ إلَى بَائِعِهِ فَقَوْلُهُ: (وَارْتَفَعَ الْمُفِيتُ، إنْ عَادَ) أَيْ: ارْتَفَعَ حُكْمُهُ وَهُوَ عَدَمُ الرَّدِّ، إنْ عَادَ الْمَبِيعُ لَا الْمُفِيتُ أَيْ: إنْ عَادَ الْمَبِيعُ فَاسِدًا لِحَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي طُولِ الزَّمَانِ وَلَا فِي الْعِتْقِ إلَّا أَنْ يَعْتِقَ وَهُوَ مَدْيَنُ وَيَرُدَّ الْغُرَمَاءُ مَا أَعْتَقَهُ وَلَا فِي الْمَوْتِ وَلَا فِي إذْهَابِ الْعَيْنِ نَعَمْ يَتَأَتَّى فِي تَغَيُّرِ ذَاتٍ وَفِي نَقْلِ الْعَرْضِ وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِتَغَيُّرِ سُوقٍ) إلَى أَنَّ الْمُفِيتَ إذَا كَانَ تَغَيُّرَ السُّوقِ فِيمَا يُفِيتُهُ تَغَيُّرُ السُّوقِ، ثُمَّ عَادَ السُّوقُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْفَوْتِ وَوَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا وَجَبَ مِنْ غُرْمٍ فِي غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ   [حاشية العدوي] مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ بَيْعَهُ يَمْضِي) وَيَكُونُ مَعْنَى تَفْوِيتِهِ أَيْ: تَفْوِيتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْضِي) بَلْ يُفْسَخُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَمَّا لَوْ لَمْ يُوَاطِئْهُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُفَسِّرَ بِهِ الْمُرَادَ مِنْ الْمُوَاطَأَةِ أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُوَاطَأَةِ الْمُوَافَقَةُ لَا الِاتِّفَاقُ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا) أَيْ: الَّذِي بَيْعُهُ مُفِيتٌ اتِّفَاقًا أَيْ: حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا الْأَوَّلُ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ الثَّانِي إذَا بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ الرَّاجِحَ الْإِفَاتَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالْبَائِعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: الَّذِي بَيْعُهُ مُفَوِّتٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ قَوِيَّةٌ تَعْلِيلٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالتَّفْوِيتِ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ شب حَيْثُ قَالَ وَمِثْلُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيْعَهُ مُفِيتٌ اتِّفَاقًا. اهـ. وَعِبَارَةُ عج وَانْظُرْ إذَا قَصَدَ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيْعَهُ فَوْتٌ فَهَلْ يَكُونُ كَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ. اهـ. وَلَكِنْ عَلَى هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مُتَبَادَرًا ارْتَكَبْنَاهُ لِتَصْحِيحِ الْعِبَارَةِ وَإِلَّا فَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ الِاتِّفَاقَ وَعَدَمَهُ فِي حَالِ قَصْدِ الْإِفَاتَةِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْإِفَاتَةَ فَالْمُشْتَرِي لَا يُفِيتُ اتِّفَاقًا وَالْبَائِعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا جَرَى الْقَوْلَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ قَوِيَّةٌ أَكْثَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَبَادِرِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ لَمْ يُوَافِقْهُ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَوْتًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا هُنَا إنَّمَا يُنَاسِبُ ذِكْرُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْإِفَاتَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْإِفَاتَةَ فَالْإِفَاتَةُ لَيْسَتْ مُفِيتَةً قَطْعًا فَيَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ الْإِفَاتَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فِيمَا سَبَقَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ قَصْدُ الْإِفَاتَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي) أَيْ: فَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ فَلَا رَدَّ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ الْمُوجِبُ ارْتَفَعَ الْمُفِيتُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ زَالَ الْمُوجِبُ بِأَنْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ ارْتَفَعَ عَدَمُ الرَّدِّ أَيْ: وَثَبَتَ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: وَارْتَفَعَ الْمُفِيتُ) هُوَ الْمُوجِبُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ زَالَ الْمُوجِبُ بِأَنْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى حَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ عَدَمُ الرَّدِّ وَيَثْبُتُ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْمَوْتِ) أَيْ: مَوْتِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ) أَيْ: هِبَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعِهِ لَهُ وَصَدَقَتِهِ. (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْفَوْتِ) أَيْ: وَهُوَ عَدَمُ الرَّدِّ أَيْ: لَا يَرْتَفِعُ عَدَمُ الرَّدِّ بَلْ عَدَمُ الرَّدِّ بَاقٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ) أَيْ: تَغَيُّرَ السُّوقِ الَّذِي، أَوْجَبَ الْفَوَاتَ أَيْ: وَإِذَا كَانَ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ فَارْتِفَاعُهُ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ كَالْبَيْعِ مِنْ سَبَبِهِ فَيُتَّهَمُ فِيهِ عَلَى قَصْدِ الْفَوَاتِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إذَا رَجَعَ لَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ) لَا يَرِدُ أَنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ قَدْ لَا يَكُونُ مِنْ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُهُ عَنْ تَفْرِيطِهِ فِي صَوْنِهِ وَالْقِيَامِ لَهُ وَيُحْمَلُ غَيْرُ الْغَالِبِ عَلَيْهِ وَصَارَ كَأَنَّهُ مِنْ سَبَبِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 فَلَا يُتَّهَمُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فِي الْغَالِبِ؛ وَلِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ لَمَّا كَانَ لَا يَنْضَبِطُ لِسُرْعَةِ تَقَلُّبِهِ وَغَيْرُهُ مِنْ بَاقِي الْمُفَوِّتَاتِ يَنْضَبِطُ كَانَ ارْتِفَاعُهُ كَالْعَدَمِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْبِيَعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا بِنَصِّ الشَّارِعِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ بِيَاعَاتٍ لَا نَصَّ فِيهَا عَنْهُ وَإِنَّمَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَمُنِعَتْ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ وَالذَّرِيعَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْوَسِيلَةُ إلَى الشَّيْءِ وَأَصْلُهَا عِنْدَ الْعَرَبِ مَا تَأْلَفُهُ النَّاقَةُ الشَّارِدَةُ مِنْ الْحَيَوَانِ لِتَنْضَبِطَ بِهِ، ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الْبَيْعِ الْجَائِزِ الْمُتَحَيَّلِ بِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُشَابَهَةِ وَالذَّرَائِعُ ثَلَاثَةٌ مَا أُجْمِعَ عَلَى إلْغَائِهِ كَالْمَنْعِ مِنْ زَرْعِ الْعِنَبِ لِأَجْلِ الْخَمْرِ وَمَا أُجْمِعَ عَلَى إعْمَالِهِ كَالْمَنْعِ مِنْ سَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ وَمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ كَالنَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَالتَّحَدُّثِ مَعَهَا وَبُيُوعِ الْآجَالِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ مَنْعُهَا ابْنُ عَرَفَةَ بُيُوعُ الْآجَالِ يُطْلَقُ مُضَافًا وَلَقَبًا الْأَوَّلُ مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُهَا سَلَمٌ وَالثَّانِي لَقَبٌ لِتَكَرُّرِ بَيْعِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ انْتَهَى قَوْلُهُ لِتَكَرُّرِ إلَخْ أَخْرَجَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَّهَمُ فِيهِ) أَيْ: لَا يُتَّهَمُ فِي كَوْنِهِ قَصَدَ بِهِ الْإِفَاتَةَ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا، أَوْ هِبَتِهِ مَثَلًا فَيُتَّهَمُ عَلَى قَصْدِ الْإِفَاتَةِ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ لَا يَنْضَبِطُ) قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى عَدَمِ انْضِبَاطِهِ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَوَاتٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ [الْبِيَاعَات الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا مِنْ الشَّارِع] . (قَوْلُهُ: الْمَنْهِيُّ عَنْهَا بِنَصِّ الشَّارِعِ) أَيْ: فَهِيَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: لَا نَصَّ فِيهَا إلَخْ) أَيْ: مَثَلًا إذَا بَاعَهَا بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشْرَةٍ نَقْدًا فَالشِّرَاءُ بِعَشْرَةٍ نَقْدًا تُوُصِّلَ بِهِ إلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَقَوْلُهُ فَمُنِعَتْ أَيْ: تِلْكَ الْبِيَاعَاتُ وَهِيَ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ، أَوْ مَجْمُوعُ الْبَيْعَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَمُنِعَتْ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ) أَيْ: حِمَايَةً لَهَا أَيْ: دَفْعًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ لِلْمَمْنُوعِ وَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْحَيَوَانِ) بَيَانٌ لِمَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الْبَيْعِ الْجَائِزِ) الَّذِي هُوَ الثَّانِي وَالْمُرَادُ أَنَّهُ جَائِزٌ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِالْمَنْعِ وَقَوْلُهُ إلَى الْبَيْعِ الْجَائِزِ أَيْ: وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ وَسِيلَةً لِشَيْءٍ مَا عَدَا الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَقَوْلُهُ الْمُتَحَيَّلُ بِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ السَّلَفُ الْجَارُّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ: كَأَنْ يُكْرِمَ بَائِعٌ مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ مِنْهُ لِأَجْلِ أَنْ يَغُرَّهُ بِالْبَيْعِ لَهُ بِثَمَنٍ مُرْتَفِعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ التَّحَيُّلُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُشَابَهَةِ) أَيْ: شَبَّهْنَا كُلَّ شَيْءٍ كَانَ وَسِيلَةً لِشَيْءٍ غَيْرِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُشَابَهَةِ) أَيْ: بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَمَجَازُ الْمُشَابَهَةِ هِيَ الِاسْتِعَارَةُ وَهِيَ هُنَا تَصْرِيحِيَّةٌ فَالْمُسْتَعَارُ لَفْظُ ذَرِيعَةٍ وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ الْعُقْدَةُ الْمُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَا لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: مَا أُجْمِعَ عَلَى إلْغَائِهِ) أَيْ: إلْغَاءِ حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الْخَمْرِ) أَيْ: الْمَنْعُ مِنْ زَرْعِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ حُصُولُ الْخَمْرِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أُجْمِعَ عَلَى إعْمَالِهِ) أَيْ: إعْمَالِ حُكْمِهِ فَقَوْلُهُ كَالْمَنْعِ مِثَالٌ لِلْحُكْمِ وَالْوَسِيلَةُ هِيَ الزَّرْعُ وَالسَّبُّ (قَوْلُهُ: كَالنَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ) أَيْ: بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَمَالِكٌ يُجِيزُهُ وَغَيْرُهُ يَمْنَعُهُ أَمَّا بِشَهْوَةٍ فَمُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّحَدُّثُ مَعَهَا لَا يَخْفَى أَنَّ مَذْهَبَنَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: مَنَعَهَا) أَيْ: مَنَعَ بُيُوعَ الْآجَالِ وَغَيْرِهِمْ يُجَوِّزُهَا. (قَوْلُهُ: يُطْلَقُ مُضَافًا إلَخْ) أَيْ: بُيُوعُ الْآجَالِ لَهَا مَفْهُومَانِ مَفْهُومٌ إضَافِيٌّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ أُضِيفَ إلَى أَجَلٍ وَضِدُّ ذَلِكَ بَيْعُ النَّقْدِ وَلَهُ مَفْهُومٌ يُسَمَّى فِيهِ بِالْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَصَارَ فِيهِ لَقَبًا أَيْ: اسْمًا عَلَمًا مَثَلًا إذَا وَصَفْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ فَعَبْدُ اللَّهِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَبِيلِ الْأَوَّلِ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْإِضَافِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ ذَاتٌ مَنْسُوبَةٌ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَإِذَا أُتِيَ لَك وَلَدٌ وَسَمَّيْته بِعَبْدِ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْقَبِيلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَبْدُ اللَّهِ اسْمًا عَلَمًا عَلَيْهِ قُصِدَ بِهِ الذَّاتُ الْمُشَخَّصَةُ لَا الْمَعْنَى الْإِضَافِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ ذَاتٌ مَنْسُوبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) الَّذِي هُوَ بُيُوعُ الْآجَالِ الْمَعْنَى الْإِضَافِيُّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَمْعٌ مُرَادٌ مِنْهُ الْإِفْرَادُ وَالتَّعْرِيفُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْحَقِيقَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ الْأَوَّلَ أَيْ: حَقِيقَةُ الْأَوَّلِ أَيْ: حَقِيقَةُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ) بِأَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ لِلْمُحَرَّمِ فَهَذَا بَيْعٌ لِأَجَلٍ لَا بَيْعُ نَقْدٍ وَقَوْلُهُ الْعَيْنُ صِفَةٌ لِلثَّمَنِ كَمَا صَوَّرْنَا وَقَوْلُهُ غَيْرُهَا حَالٌ مِنْ ثَمَنِهِ أَيْ: وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ حَالَ كَوْنِ الثَّمَنِ غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ سَلَمٌ كَأَنْ يُعْطِيَهُ دِينَارًا عَلَى إرْدَبِّ قَمْحٍ لِرَبِيعٍ مَثَلًا فَالْمُؤَجَّلُ وَهُوَ الْإِرْدَبُّ الْقَمْحِ غَيْرُ عَيْنٍ فَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ لَهُ بَيْعٌ لِأَجَلٍ بَلْ يُقَالُ لَهُ سَلَمٌ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْمُؤَجَّلُ إنَّمَا يُقَالُ لَهُ مَثْمُونٌ لَا ثَمَنٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ثَمَنٌ لِلْمُقَدَّمِ وَإِنْ كَانَ مَثْمُونًا وَفِيهِ بُعْدٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا بَاعَ ثَوْبًا بِعَشْرَيْنِ فِضَّةً جُدُدًا إلَى شَهْرٍ فَيُقَالُ لَهُ سَلَمٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْعَرُوضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَيَصْدُقُ بِمَا إذَا بَاعَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا كَمَا إذَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ سَلَمٌ. (قَوْلُهُ: لَقَبٌ) أَيْ: اسْمٌ (قَوْلُهُ: لِتَكَرُّرِ بَيْعِ عَاقِدِي الْأَوَّلِ) مَثَلًا بِأَنْ يَبِيعَهَا بِعَشْرَةٍ لِلْمُحَرَّمِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا فَتَكَرُّرُ الْبَيْعِ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يُقَالُ لَهُ بُيُوعُ الْآجَالِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ إلَخْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: إنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِعَيْنٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنٍ كَمَا إذَا بَاعَ حِمَارًا بِعَشْرَةِ أَثْوَابٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَائِهِ) أَيْ: انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ أَيْ: أَجَلِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 بِهِ عَدَمَ تَكَرُّرِ الْبَيْعِ فِي الْعُقْدَةِ وَتَكَرُّرَهَا مِنْ غَيْرِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ فَقَالَ: عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (فَصْلٌ) وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ (ش) أَيْ: وَمُنِعَ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدٍّ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ لِلتُّهْمَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ التَّوَصُّلَ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ لِلنَّاسِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَصْدًا فَيَكُونُ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا فِي كَثُرَ عَائِدًا إلَى مَا وَقَصْدًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ: مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ: مَا كَثُرَ حَالَةَ كَوْنِهِ مَقْصُودًا (ص) كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ (ش) أَيْ: كَتُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَتُهْمَةِ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ فَإِنَّ قَصْدَ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ يَكْثُرُ فَنُزِّلَتْ التُّهْمَةُ عَلَيْهِ كَالنَّصِّ عَلَيْهِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا فَالسِّلْعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْيَدِ وَعَادَتْ إلَيْهَا مُلْغَاةٌ وَخَرَجَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ سِلْعَةٌ وَدِينَارٌ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَالْآخَرُ عَنْ الدِّينَارِ الْمَنْقُودِ وَهُوَ سَلَفٌ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ إلَى شَهْرٍ وَيَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّ شَيْئًا مُرْجَعٌ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَةً وَإِنَّمَا مُنِعَ تُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِأَدَائِهِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنْ يَكْتَفِيَ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً يُغْنِي عَنْهُ؛؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ، وَإِنْ   [حاشية العدوي] صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحَالِّ ابْتِدَاءً كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي وَصَارَ الَّذِي عَلَيْهِ حَالًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا بِمَثَابَةِ الْحَالِّ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: وَتَكَرُّرُهَا إلَخْ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا أَوَّلًا بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ جَاءَ إنْسَانٌ آخَرُ وَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ بِالْمَعْنَى اللَّقَبِيِّ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ عَاطِفًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيِّ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ أَكْثَرُ مَا تَقَعُ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ فِي أَوَائِلِ الْفُصُولِ وَالْأَبْوَابِ وَمَطَالِعِ الْقَصَائِدِ فَهِيَ لِلِاسْتِئْنَافِ هُنَا وَذَكَرَ السَّعْدُ فِي تَصْرِيفِ الْعِزِّيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْعَطْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَطْفُ وَوُجُودُ الْفَصْلِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةٍ مُعْتَرِضَةٍ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ: هَذَا فَصْلٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّهْيِ صَرِيحًا، أَوْ ضِمْنًا وَلَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِ مَا يُمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْأَمْرَ الْمَمْنُوعَ (قَوْلُهُ: كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ) فَالْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ جَائِزَةٌ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدِّيَةٌ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ أَيْ: الَّذِي هُوَ السَّلَفُ الْجَارُّ نَفْعًا فَالْعَاقِلُ لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى تَحْصِيلِ الْفَوَائِدِ يَفْعَلُ أَفْعَالًا جَائِزَةً فِي الظَّاهِرِ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى بَاطِنٍ مَمْنُوعٍ خَوْفًا مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَتُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِثَالٌ لِمَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ وَالْمَعْنَى كَالْعُقْدَةِ الَّتِي تُؤَدِّي لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَالْجَائِزُ فِي الظَّاهِرِ تِلْكَ الْعُقْدَةُ وَالْمَمْنُوعُ فِي الْبَاطِنِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَكَذَا الْعُقْدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِسَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً جَائِزَةً فِي الظَّاهِرِ وَالسَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ هُوَ الْمَمْنُوعُ بَاطِنًا فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَمُنِعَ مَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ لَهُ كَتُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ فِي الْأَوَّلِ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ فِي الثَّانِي، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقَالُ لَيْسَ كُلُّ مَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ يَمْتَنِعُ أَلَا تَرَى أَنَّ قَصْدَ النَّاسِ يَكْثُرُ إلَى شِرَاءِ الْمُحْتَاجِ لَهُ مِمَّا لَا يُمْنَعُ فِيهِ. وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ ذُكِرَ قَيْدًا. (قَوْلُهُ: مِثَالُ الْأَوَّلِ) وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الثَّوْبَ قَدْ لَا يُسَاوِي الدِّينَارَ وَبَعْدَ هَذَا فَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بِالْفِعْلِ عَلَى اجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لَا الِاتِّهَامِ عَلَى شَرْطِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ: الَّذِي تَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ. (قَوْلُهُ: لِأَدَائِهِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ إلَخْ) أَيْ: إنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ أَيْ: إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ أَيْ: التَّأَدِّي إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ أَيْ: وَلَيْسَ بِأَبْيَنَ فِي كُلِّ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَبْيَنَ فِي الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ أَبْيَنَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ أَيْ: التَّعْلِيلُ فِي الْأُولَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ التَّأْدِيَةِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا التَّأَدِّي الظَّاهِرُ الْمُتَحَقَّقُ فِي قَوْلِهِ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَلَيْسَ مُتَحَقِّقًا فِي الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ أَيْ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ فِي الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَيْ: إنَّمَا كَانَ الْمَنْعُ فِي الْأَوَّلِ لِتَأَدِّيهِ إلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنَّمَا صَحَّ التَّعْلِيلُ مَعَ أَنَّ السَّلَفَ جَرَّ مَنْفَعَةً غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ لَا بِالتَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ فَكَانَ أَضْبَطَ أَيْ: إنَّ التَّعْلِيلَ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ الَّذِي هُوَ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ أَضْبَطُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالسَّلَفِ جَرَّ مَنْفَعَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ الْقَصْرِ السَّفَرَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ الْمَشَقَّةَ مَعَ أَنَّ فِي الْحَقِيقَةِ الْعِلَّةُ الْمَشَقَّةُ إلَّا أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي السَّفَرِ تَخْتَلِفُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَظُهُورِهَا وَعَدَمِ ظُهُورِهَا فَاخْتَارُوا أَنَّ الْعِلَّةَ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ وُجِدَتْ أَوْ لَا فَكَذَلِكَ نَقُولُ هُنَا الْعِلَّةُ فِي الْأُولَى الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ إلَّا إنَّهُ أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَكَانَ أَضْبَطَ وَبِأَنَّ الْمَنْعَ فِي سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا صَرِيحٌ وَفِي غَيْرِهِ ضِمْنِيٌّ وَبِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ أَيْ: وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ وَقَدْ يَكُونُ وَسِيلَةً كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَبَيَّنُوا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ اتِّفَاقًا فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ لَمْ يَلْزَمْ كَثْرَةُ الْقَصْدِ فِيمَا يُقْصَدُ وَسِيلَةً ضَرُورَةَ أَنَّ قَصْدَ الْمَقَاصِدِ أَقْوَى مِنْ قَصْدِ الْوَسَائِلِ فَلَوْ عَكَسَ الْإِيرَادَ كَانَ صَوَابًا وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالْبَدَلَ الْمُؤَخَّرَ (ص) لِأَقَلَّ (ش) أَيْ: كُلُّ مَا قَلَّ الْقَصْدُ إلَيْهِ لَا يَمْتَنِعُ لِلتُّهْمَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ صَرِيحُهُ وَقَوْلُهُ (ص) كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ، أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك (ش) أَيْ: كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَتُهْمَةِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبَيْنِ بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ أَحَدَهُمَا بِالْعَشَرَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ فَقَدْ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدَهُمَا بِثَوْبٍ إلَى الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْشَى عَلَيْهِ مِنْ السَّرِقَةِ، أَوْ التَّلَفِ مَثَلًا وَلَا خِلَافَ أَنَّ صَرِيحَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ. وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا وَدِينَارٍ لِشَهْرَيْنِ فَالثَّوْبُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ دِينَارًا سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي يَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مُقَابَلَةِ دِينَارِهِ وَالْآخَرُ سَلَفٌ يُدْفَعُ مُقَابِلُهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي الْأَوَّلِ وَضَمِّهَا فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَبَابُ الْأَفْعَالِ تُفْتَحُ هَمْزَةُ أَمْرِهِ وَتُضَمُّ هَمْزَةُ مُضَارِعِهِ فَقَوْلُهُ: مَا كَثُرَ قَصْدُهُ أَدْخَلَ فِيهِ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْبَابِ الْمُمْتَنِعَةِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ لِأَقَلَّ جَمِيعُ مَسَائِلِ الْبَابِ الْجَائِزَةِ فَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ كُلُّهَا تَكْرَارٌ مَعَ هَذَا لَكِنَّهُ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ مُفَصِّلَةً لِلْمَسَائِلِ الْأُولَى الْمُجْمَلَةِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ مُجْمَلًا، ثُمَّ ذِكْرُهُ مُفَصَّلًا، أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ فَقَالَ: (ص)   [حاشية العدوي] لِلسَّلَفِ جَرَّ نَفْعًا وُجِدَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَوْ لَا. فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْمَنْعَ فِي سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ صَرِيحٌ أَيْ: ظَاهِرٌ أَيْ: مَنْعُ الْعُقْدَةِ لِلتَّأَدِّي لِسَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً ظَاهِرٌ لِظُهُورِ عِلَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهِ ضِمْنِيٌّ أَيْ: خَفِيٌّ أَيْ: الْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ خَفِيٌّ لِخَفَاءِ عِلَّتِهِ فَلَوْ جَعَلْنَا الْعِلَّةَ السَّلَفَ جَرَّ نَفْعًا وَأَطْلَقْنَا لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا الظَّاهِرَةُ فَلَا يُقْضَى بِالْمَنْعِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيهَا فَاحْتَجْنَا إلَى أَنْ نُعَلِّلَ الْأُولَى بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَعْنَى يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ) أَيْ: مَلْحُوظًا لِذَاتِهِ وَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَيْ: وَلَيْسَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ مَلْحُوظًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَلْحُوظٌ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي لِسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ أَيْ: فَلَوْ جَعَلُوا الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ السَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ السَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ ظَاهِرًا فِيهِ وَقَوْلُهُ فَبَيَّنُوا أَنَّ إلَخْ أَيْ: فَبَيَّنُوا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَالسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ بِذَاتِهِ بَلْ مَا اقْتَضَاهُ إلَّا لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا) أَيْ: الْعِلَّةِ الَّتِي تُقْصَدُ لِذَاتِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْمَنْعَ. (قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالْبَدَلَ الْمُؤَخَّرَ سَيَأْتِي النَّصُّ عَلَيْهِمَا فَلَا حَاجَةَ لِدُخُولِهِمَا تَحْتَ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ لِلْمُحَرَّمِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ وَقَوْلُهُ وَالْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ كَأَنْ يَبِيعَهَا بِعَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: كُلُّ مَا قَلَّ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا الَّذِي قَلَّ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَحَذْفُ الْمَوْصُولِ وَبَقَاءُ صِلَتِهِ جَائِزٌ وَتَقْدِيرُ كُلٍّ لِإِظْهَارِ الْعُمُومِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ. (قَوْلُهُ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) إطْلَاقُ الضَّمَانِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْحِفْظُ (قَوْلُهُ: أَيْ: كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ لَا يُقَدِّرَ تُهْمَةً وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَمُنِعَ مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ لِلتُّهْمَةِ كَالْعُقْدَةِ الْآيِلَةِ إلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ، أَوْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً إلَّا أَنَّهُ يُؤَوَّلُ الْمَعْنَى فِي سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَمُنِعَ مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ كَالْعُقْدَةِ الْآيِلَةِ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ لِأَجْلِ تُهْمَةِ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَفِي بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَمُنِعَ مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ كَالْعُقْدَةِ الْآيِلَةِ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لِلتُّهْمَةِ أَيْ: لِتُهْمَةِ الدُّخُولِ عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلسَّلَفِ جَرَّ مَنْفَعَةً. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَيَقُولُ كَالْعُقْدَةِ الَّتِي تُؤَدِّي لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ، أَوْ تُؤَدِّي لِأَسْلِفْنِي إلَخْ وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْجَاهَ وَالْقَرْضَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ سُحْتٌ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَجَلِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ يَشْتَرِي أَيْ: أَنَّ الشُّرَاةَ بِالْعَشَرَةِ وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ أَيْ: قَبْلَ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ: وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ أَمَّا عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: بِثَوْبٍ إلَى الْأَجَلِ) أَيْ: كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ عَلَى وَزْنِ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ الْمَبْدُوءِ بِالْهَمْزَةِ كَأَسْلِفْ وَأَكْرِمْ. (قَوْلُهُ: فَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا تَكْرَارٌ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، لِأَنَّ الْأَمْثِلَةَ لَا تُعَدُّ تَكْرَارًا مَعَ الْمُمَثَّلِ لَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ) دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِهِ تَكْرَارًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ فَإِمَّا نَقْدًا، أَوْ لِلْأَجَلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شُرُوطَ بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُتَطَرِّقِ إلَيْهَا التُّهْمَةُ خَمْسَةٌ أَنْ تَكُونَ الْبَيْعَةُ الْأُولَى لِأَجَلٍ فَلَوْ كَانَتْ نَقْدًا كَانَتْ الثَّانِيَةُ نَقْدًا، أَوْ لِأَجَلٍ فَلَيْسَتَا مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا هُوَ الْبَائِعَ أَوَّلًا، أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ. وَأَنْ يَكُونَ ثَانِيًا هُوَ الْمَبِيعَ أَوَّلًا وَأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ ثَانِيًا هُوَ الْمُشْتَرِيَ أَوَّلًا، أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ وَالْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ وَكِيلُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ، أَوْ الْمُوَكِّلُ بِبَيْعِ الْآخَرِ، أَوْ شِرَائِهِ، أَوْ جَهِلَا وَعَبْدُ كُلٍّ، إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ، أَوْ مَأْذُونًا لَهُ وَهُوَ يَتَّجِرُ لِلسَّيِّدِ كَوَكِيلِهِ، وَإِنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَسَوَاءٌ بَاعَ السَّيِّدُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدُ، أَوْ بَاعَ الْعَبْدُ، ثُمَّ اشْتَرَى السَّيِّدُ، وَإِنْ اشْتَرَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ كُرِهَ ذَلِكَ وَمِثْلُ شِرَاءِ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَيْ: لِمَحْجُورِهِ شِرَاءُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ شِرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ شِرَاءُ مَحْجُورِهِ لَهُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلًّا إنَّمَا يَشْتَرِي لَهُ بِالْوَكَالَةِ أَيْ: آلَ الْأَمْرُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَجَازَ الشِّرَاءَ الْوَاقِعَ لَهُ مِنْهُمَا لَهُ ابْتِدَاءً بِطَرِيقِ الْفُضُولِ فَكَأَنَّهُ وَكَّلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَبِهَذَا لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَوَكِيلُ كُلٍّ بِمَنْزِلَتِهِ وَأَنَّ وَارِثَ كُلٍّ بِمَنْزِلَتِهِ لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي حَلَّ مَا عَلَيْهِ فَصَارَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ كَأَنَّهُ وَقَعَ بِنَقْدٍ ابْتِدَاءً فَخَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ بِمَوْتِهِ عَنْ بُيُوعِ الْآجَالِ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فَالْمَسْأَلَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ وَلَا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ إلَّا مَا جَازَ لَهُ مِنْ شِرَائِهَا قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَإِذَا بَاعَ الْمُقَارِضُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ جَازَ لِرَبِّ الْمَالِ شِرَاؤُهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ اهـ. وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي مِنْ صِفَةِ ثَمَنِهِ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ إنَّ الصُّوَرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثِ صُوَرِ الثَّمَنِ الثَّانِي وَهُوَ إمَّا مِثْلٌ، أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ فِي أَرْبَعِ صُوَرِ الشِّرَاءِ الثَّانِي وَهُوَ إمَّا نَقْدًا، أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ إلَى أَقَلَّ، أَوْ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ وَضَابِطُ الْجَائِزِ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ أَنْ يَتَسَاوَى الْأَجَلَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ، أَوْ يَتَسَاوَى الثَّمَنَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ وَالْأَجَلُ فَانْظُرْ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا قَلِيلٌ عَادَ إلَيْهَا كَثِيرٌ فَامْنَعْ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْآجِلِ، أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فِي الْأُولَيَيْنِ يَدْفَعُ ثَمَانِيَةً الْآنَ، أَوْ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً وَالْبَائِعُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَدْفَعُ فِي الْأَخِيرَةِ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً يَأْخُذُ بَعْدَ شَهْرٍ آخَرَ اثْنَيْ عَشَرَ فَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ مُسْلِفٌ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مُسْلِفٌ فِي الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْيَدِ السَّابِقَةِ كَثِيرٌ عَادَ إلَيْهَا قَلِيلٌ فَالْجَوَازُ، وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ لِأَجَلِ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَهُمَا مَضْمُومَتَانِ إلَى   [حاشية العدوي] أَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ فِيهِ أَصْلًا فَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ ثَمَرَةً (قَوْلُهُ: فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ) أَيْ: شَيْئًا مُقَوَّمًا فَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمُقَوَّمِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمِثْلِيِّ كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَيَأْتِي يَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ فَمَنْ عَمَّمَ أَخْطَأَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّرَاخِي وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ جَوَازُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ) فَاعِلُ اشْتَرَاهُ هُوَ فَاعِلُ بَاعَ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ عَائِدٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ. (قَوْلُهُ: فَإِمَّا نَقْدًا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ الْجَوَابُ وَالتَّقْدِيرُ فَفِي شِرَائِهِ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إمَّا نَقْدًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتَا مِنْ هَذَا الْبَابِ) فَيَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ ثَانِيًا هُوَ الْمُشْتَرِيَ أَوَّلًا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْإِشَارَةِ لِهَذَا فِي كَلَامِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى فَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ لِكَوْنِ الْمِلْكِ مَا تَحَقَّقَ إلَّا لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهْلًا) الْمُنَاسِبُ، أَوْ جَهِلَ أَيْ: الَّذِي هُوَ الْوَكِيلُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِ أَوْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَتَّجِرُ) عَائِدٌ عَلَى الْمَأْذُونِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ بَاعَ السَّيِّدُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ عَبْدُ كُلٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ) وَأَمَّا ابْنُهُ الْكَبِيرُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَيُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا يَشْمَلُ ابْنَهُ الْكَبِيرَ. (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِهِ) فِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ التَّكَلُّمِ إلَى الْغَيْبَةِ أَيْ: مَعَ قَوْلِنَا وَوَكِيلُ كُلٍّ الَّذِي هُوَ مُؤَدَّى قَوْلِهِ وَالْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ إلَخْ) أَيْ: فَحِينَئِذٍ نَقُولُ لَوْ مَاتَ الْمُبْتَاعُ إلَى أَجَلٍ قَبْلَهُ جَازَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَارِثِهِ لِحُلُولِ الْأَجَلِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ لِوَارِثِهِ إلَّا مَا جَازَ لَهُ مِنْ شِرَائِهَا وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ بَحْثٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْقُولٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْقُولَ: أَنَّ وَارِثَ الْبَائِعِ كَهُوَ وَأَمَّا وَارِثُ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ كَهُوَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَحُلُّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَاعَ الْمُقَارَضُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الَّذِي هُوَ الْعَامِلُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الصُّوَرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَجْلِسِ الْبَيْعِ، أَوْ لَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمْ لَا فَهِيَ أَرْبَعٌ تُضْرَبُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَتَكُونُ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ فَلَوْ اشْتَرَى أَجْنَبِيٌّ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَكَذَلِكَ كَانَ بِمَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بِمَجْلِسِ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ إلَّا لِتَوَاطُؤٍ عَلَى تَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ) الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ صُورَةٌ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الصُّوَرُ سِتًّا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ) الْمُنَاسِبُ فِي ثَلَاثَةٍ، الثَّالِثَةُ هِيَ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ وَقَوْلُهُ مَضْمُومَتَانِ إلَى السَّبْعِ الْحَقُّ كَمَا قُلْنَا أَنَّهَا سِتَّةٌ لَا سَبْعَةٌ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا مُكَرَّرَةٌ وَهِيَ لِلْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَإِذَا ضُمَّتْ السِّتُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 السَّبْعِ الْجَائِزَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَجُمْلَةُ الْجَائِزَةِ تِسْعٌ وَهِيَ شِرَاءُ مَا بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ بِعَشْرَةٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ لِدَفْعِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَشْرَةً الْآنَ، أَوْ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ يَأْخُذُ عَشْرَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَقَدْ خَسِرَ التَّعْجِيلَ وَإِلَى الْأَجَلِ تَقَعُ مُقَاصَّةٌ وَلِأَبْعَدَ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً يَأْخُذُ بَعْدَ شَهْرٍ مِثْلَهَا فَقَطْ خَسِرَ التَّعْجِيلَ وَبِثَمَانِيَةٍ لِلشَّهْرِ تَقَعُ مُقَاصَّةٌ بَعْدَ شَهْرٍ فِي ثَمَانِيَةٍ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ دِرْهَمَيْنِ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَلِأَبْعَدَ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً يَأْخُذُ بَعْدَ شَهْرٍ ثَمَانِيَةً فَقَدْ خَسِرَ دِرْهَمَيْنِ وَبِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ يَدْفَعُ اثْنَيْ عَشَرَ يَأْخُذُ عِنْدَ الشَّهْرِ عَشْرَةً فَقَدْ خَسِرَ دِرْهَمَيْنِ وَلِلشَّهْرِ تَقَعُ مُقَاصَّةٌ فِي عَشْرَةٍ وَيَدْفَعُ دِرْهَمَيْنِ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَقَوْلُهُ: بِجِنْسِ الثَّمَنِ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُنَا الصِّنْفُ أَيْ: بِصِنْفِ ثَمَنِهِ كَجَيِّدٍ بِجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِرَدِيءٍ وَمَحْمُولَةٌ بِمَحْمُولَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَبِسِكَّتَيْنِ وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ إلَخْ وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ فَإِنَّ الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ وَلَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ كُلِّهِ، أَوْ تَأْجِيلِهِ كُلِّهِ وَكَانَتْ أَرْبَعَةً فِي ثَلَاثَةٍ ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ بَعْضِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي كُلِّ الصُّوَرِ وَتَأْجِيلِ الْبَعْضِ الْبَاقِي إلَى أَحَدِ آجَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ إلَى دُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ إلَيْهِ، أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَضْرُوبَةٌ فِي أَحْوَالِ الْقَدْرِ الثَّلَاثَةِ الْمُسَاوَاةِ لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَتَكُونُ الصُّوَرُ تِسْعًا يَمْتَنِعُ مِنْهَا أَرْبَعٌ شَبَّهَهَا فِي الْمَنْعِ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَذَا لَوْ أُجِّلَ بَعْضُهُ مُمْتَنِعٌ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ، أَوْ بَعْضُهُ (ش) أَيْ: وَكَمَا امْتَنَعَ فِيمَا مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كَذَا لَوْ أُجِّلَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي بَعْضُهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ صُوَرِهِ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كُلُّهُ وَهُوَ صُورَتَانِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةً نَقْدًا وَأَرْبَعَةً لِدُونِ الْأَجَلِ لِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةً نَقْدًا وَسَبْعَةً لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَجَّلَ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْعَشَرَةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَكْثَرِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً خَمْسَةً عِوَضًا عَنْ الْخَمْسَةِ الْأُولَى وَخَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرٍ سَبْعَةً فَهِيَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ وَكَذَا يَمْتَنِعُ أَيْضًا مَا تُعُجِّلَ فِيهِ بَعْضُ الْأَقَلِّ وَيَدْخُلُ فِيهِ صُورَتَانِ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةً نَقْدًا وَأَرْبَعَةً لِلْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ مُقَاصَّةٌ فِي أَرْبَعَةٍ عِنْدَ الشَّهْرِ وَيَأْخُذُ سِتَّةً عَنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي نَقَدَهَا أَوَّلًا فَهِيَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةً نَقْدًا وَأَرْبَعَةً لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً سِتَّةً فِي مُقَابَلَةِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى فَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ وَأَرْبَعَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرٍ مِثْلَهَا فَالْعِلَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدَةٌ وَيَبْقَى مِنْ التِّسْعِ خَمْسٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِعَشْرَةٍ خَمْسَةً نَقْدًا وَالْخَمْسَةُ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْلَهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ، أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةً نَقْدًا وَسَبْعَةً لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ بَعْضٌ عَائِدٌ إلَى الثَّمَنِ وَمُمْتَنِعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا تُعُجِّلَ مُبْتَدَأٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعٌ مُبْتَدَأً وَمَا بَعْدَهُ فَاعِلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الِاعْتِمَادَ وَقَوْلُهُ كَذَا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُؤَكِّدٌ عَامِلَهُ مُمْتَنِعٌ أَيْ: مُمْتَنِعٌ كَالِامْتِنَاعِ السَّابِقِ فِي عِلَّتِهِ وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا فِي شَرْحِ س وَلَمَّا كَانَ مِنْ ضَابِطِ الْجَوَازِ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ أَنْ يَسْتَوِيَ الْأَجَلَانِ وَمِنْ ضَابِطِ الْمَنْعِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ الْمَنْعُ لِلْجَائِزِ فِي الْأَصْلِ وَالْجَوَازُ لِلْمُمْتَنِعِ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ مُشَبِّهًا فِي الْمَنْعِ (ص) كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ، إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (ش) أَيْ: كَالِامْتِنَاعِ عِنْدَ تَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ، إنْ تَعَاقَدَا عَلَى نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْمِيرَ الذِّمَّتَيْنِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَا الْمُقَاصَّةَ، أَوْ سَكَتَا عَنْهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُقَاصَّةُ فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الزَّائِدِ فِي إحْدَى الذِّمَّتَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: إنْ شَرَطَ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ: كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالتَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا بَاعَهَا بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ   [حاشية العدوي] الْمَذْكُورَةُ إلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَصِيرُ الْجَمِيعُ تِسْعَةً (قَوْلُهُ: وَمَحْمُولَةٌ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهَا لِدُخُولِهَا فِي الرَّدِيءِ وَيَزِيدُ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ وَمُحَمَّدِيَّةٌ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٌ بِيَزِيدِيَّةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ . (قَوْلُهُ: وَمُمْتَنِعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ) أَيْ: وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ أَيْ: كَالِامْتِنَاعِ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُشَبَّهَ هُوَ نَفْسُ الِامْتِنَاعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الِامْتِنَاعُ وَجْهُ الشَّبَهِ فَالْمُشَبَّهُ هُوَ التَّسَاوِي أَيْ: الْعُقْدَةُ الْمُحْتَوِيَةُ عَلَى التَّسَاوِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 وَاشْتَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: بِالْجَوَازِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ إذْ الْمُقَاصَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْأَجَلِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ لُزُومُ الْمُقَاصَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: بِالْمَنْعِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُقَاصَّةَ مُمْكِنَةٌ وَقَدْ اشْتَرَطَ إبْطَالَهَا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (ص) وَلِذَلِكَ صَحَّ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا شَرَطَاهَا (ش) أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ تَعْمِيرَ الذِّمَّتَيْنِ يُؤَثِّرُ الْمَنْعَ فِيمَا أَصْلُهُ الْجَوَازُ صَحَّ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ كَشِرَائِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْعِهَا بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، إنْ شَرَطَا الْمُقَاصَّةَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذْ بَاقِي الصُّوَرِ الْمُمْتَنِعَةِ كَذَلِكَ (ص) وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ (ش) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ الصُّوَرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهَا مَا امْتَنَعَ مَعَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَكَمَا يَمْتَنِعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ، أَوْ بَعْضُهُ يَمْتَنِعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَرْدَأُ، أَوْ بَعْضُهُ وَيَجُوزُ مَا جَازَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَعَكْسُهُ وَمِنْهُ الْبَيْعُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَالشِّرَاءُ بِيَزِيدِيَّةٍ وَعَكْسُهُ، فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا أَيْضًا امْتَنَعَ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا فَكَذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى صُورَتَانِ وَهُمَا مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِالْجَيِّدَةِ نَقْدًا بِمِثْلٍ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ مَعَ تَعْجِيلِ الْمُسَاوِي، أَوْ الْأَكْثَرِ تَنْتِفِي تُهْمَةُ الْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِ الْبَائِعِ، وَبِعِبَارَةٍ وَالرَّدَاءَةُ مِنْ جَانِبٍ وَالْجَوْدَةُ مِنْ جَانِبٍ وَالْمُرَادُ الرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ وَالْجِنْسُ مُتَّحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَالسِّكَّةُ مُتَّحِدَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَالْعَدَدُ وَالرَّوَاجُ مُتَّحِدَانِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ رِبَا فَضْلٍ فَمَا بَقِيَ الِاخْتِلَافُ إلَّا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ أَيْ: مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ وَتَشْبِيهُ الرَّدَاءَةِ وَضِدِّهَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ فَالْأَرْدَأُ كَالْأَنْقَصِ وَالْأَجْوَدُ كَالْأَوْفَى وَعَلَيْهِ فَمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ يَجْرِي عَلَيْهِمَا وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى اُعْتُبِرَتْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْمَنْعِ) هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلِأَجْلِ أَنَّ تَعْمِيرَ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ التُّهْمَةَ دَائِرَةٌ مَعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أُجِيزَ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ بَقِيَ الْمَنْعُ إلَخْ) أَيْ: فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الَّتِي أَصْلُهَا الْمَنْعُ وَاَلَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْجَوَازُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فَلَا يَفْسُدُ إلَّا بِشَرْطِ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ لِتَحَقُّقِ التُّهْمَةِ وَهَذَا الْأَصْلُ مَنَعَهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ فَلَا تَنْتِفِي إلَّا بِشَرْطِهَا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ أَجْرَيْنَا الْكَلَامَ فِي بَابِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَلَى بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لَجَازَ فِيمَا إذَا بَاعَ بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ وَاشْتَرَى بِمِثْلِهَا مُحَمَّدِيَّةً لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ وَتَأَمَّلْ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ تَجِدْهَا جَارِيَةً عَلَى هَذَا الْقَانُونِ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الْبَيْعُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ اخْتِلَافِ السِّكَّةِ فَقَطْ وَيَأْتِي عَلَى أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الِاخْتِلَافَ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، أَوْ السِّكَّةِ لَا غِنَى عَنْ الْآتِي. (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا) وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الثَّانِيَ إمَّا دُونُ، أَوْ مُسَاوٍ، أَوْ أَبْعَدُ وَفِي كُلٍّ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِجَيِّدٍ وَالشِّرَاءُ بِرَدِيءٍ، أَوْ عَكْسُهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّفَاوُتِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ فَلَا تَأْتِي هَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا وَقَوْلُهُ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَيْ: لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ شَامِلٌ لِسِتِّ صُوَرٍ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَجْوَدَ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ مُسَاوٍ، أَوْ الثَّانِي أَدْنَى كَذَلِكَ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ أَخْرَجَ مِنْهَا اثْنَتَانِ تَبْقَى أَرْبَعٌ غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْعِلَّةَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ ابْتِدَاءَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بَلْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهَا الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ فَلِذَلِكَ قَالَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ فَكَيْفَ حَاصِلُهُ الْعِلَّةُ فِي صُوَرِ الْأَجَلِ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَفِي صُوَرِ النَّقْدِ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ، ثُمَّ يَرِدُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ هَلَّا جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي الْكُلِّ الْبَدَلَ الْمُؤَخَّرَ وَيَكُونُ أَظْهَرَ لِاطِّرَادِ الْعِلَّةِ غَيْرَ أَنَّ غَيْرَهُ قَالَ غَيْرَ مَا قَالَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَنَعَ الصُّوَرَ كُلَّهَا عَلَّلَ بِالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ إذْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُؤَجَّلَةً فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ وَلَوْ كَانَتْ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ نَقْدًا وَمَنْ مَنَعَ صُوَرَ الْأَجَلِ وَفَصَّلَ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ عَلَّلَ مَنْعَ صُوَرِ الْأَجَلِ بِالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّتَيْنِ وَعَلَّلَ الْمَنْعَ فِي صُوَرِ النَّقْدِ بِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَبِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الِاقْتِصَادَ عَلَى مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مَعَ الِاخْتِصَارِ لَحَذَفَ قَوْلَهُ وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَقَوْلُهُ كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ إلَخْ وَقَالَ وَإِنْ بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَعَكْسُهُ مُنِعَ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ كَانَ نَقْدًا مُطْلَقًا إلَّا إنْ بَاعَ بِرَدِيءٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدٍ مِثْلَهُ، أَوْ أَكْثَرَ. اهـ. وَشَارِحُنَا يَقُولُ إنَّ الْعِلَّةَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ فِي صُوَرِ النَّقْدِ إلَّا أَنَّ التُّهْمَةَ مُنْتَفِيَةٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْعَدَدُ وَالرَّوَاجُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَحْذِفَ الرَّوَاجَ وَيَأْتِيَ بَدَلَهُ بِالْوَزْنِ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَيْ: مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْن (أَقُولُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا تَأْتِي الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ صُورَةً وَقَوْلُهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَدَدِ هُوَ الَّذِي فَرَّعَ مِنْهُ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَمَنْ بَاعَ إلَخْ وَقَصَدَ صَاحِبُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ رَدَّ الِاعْتِرَاضِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَمَا لَيْسَ فِيهِ مَعْنًى زَائِدٍ إلَخْ) الْمَعْنَى الزَّائِدُ هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، أَوْ دَوَرَانُ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِثَالُ مَا لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَوْ بَاعَ بِعَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَى بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ نَقْدًا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَيْسَ هَذَا ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَا دَوَرَانُ فَضْلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَجْرِي عَلَى بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ قَلِيلًا وَهُوَ الْيَزِيدِيَّةُ أَخَذَ كَثِيرًا وَهُوَ الْمُحَمَّدِيَّةُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْجَوْدَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَدَدَ مُتَّحِدٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 أَيْ: كَاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ وَهِيَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، أَوْ دَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ح فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَوْدَةِ كَالْكَثْرَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَالْقِلَّةِ وَبَيْنَ امْتِنَاعِ صُوَرٍ مِنْهَا لَا تُمْنَعُ فِي الْكَثْرَةِ (ص) وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (ش) أَيْ: وَمُنِعَ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِذَهَبٍ وَشِرَاؤُهَا بِغَيْرِ صِنْفِهِ مِنْ نَحْوِ فِضَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَصُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً بِاعْتِبَارِ الْبَيْعِ بِالذَّهَبِ وَالشِّرَاءِ بِالْفِضَّةِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ فَلَوْ انْتَفَتْ تُهْمَةُ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ جَازَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا (ش) بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الثُّلُثَ وَانْظُرْ لَوْ عَجَّلَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا هَلْ هُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تُهْمَةَ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ تَنْتِفِي بِالْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ قَدْ يَأْخُذُ الْقَلِيلَ لِحَاجَتِهِ وَيَدْفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَثِيرَ جِدًّا ، ثُمَّ إنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ وَالْمُسَاوَاةَ فِي هَذِهِ بِاعْتِبَارِ صَرْفِ الْمِثْلِيِّ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ وَالْمُسَاوَاةَ لَا تَتَأَتَّى إلَّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَبِعِبَارَةٍ جِدًّا بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ يَزِيدُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمُؤَخَّرِ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ (ص) وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ بِمُحَمَّدِيَّةٍ مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُمْنَعُ الْبَيْعُ، ثُمَّ الشِّرَاءُ بِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ، أَوْ اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْعَدَدِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ أَمْ لَا كَاشْتِرَاءِ مَا بَاعَهُ بِيَزِيدِيَّةٍ بِمُحَمَّدِيَّةٍ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَأَوْلَى فِي الْمَنْعِ لَوْ اشْتَرَاهُ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ الثَّانِيَةُ أَدْنَى مِنْ الْأُولَى وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ: وَنَبَّهَ بِالْمِثَالِ الْأَدْنَى الْأَخَفِّ تُهْمَةً دُونَ الْأَشَدِّ تُهْمَةً وَالصُّوَرُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الشِّرَاءَ الثَّانِيَ إمَّا لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ أَمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ عَدَدًا، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَالسِّكَّةُ الثَّانِيَةُ أَمَّا أَجْوَدُ مِنْ الْأُولَى، أَوْ أَدْنَى مِنْهَا وَكُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ إلَّا إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ الثَّانِيَةُ جَيِّدَةً نَقْدًا وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ، أَوْ أَكْثَرُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّدَاءَةِ وَالْجَوْدَةِ (ص) ، وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ (ش) أَيْ: وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بَاعَهُ لِشَهْرٍ مَثَلًا بِعَرْضٍ كَجَمَلٍ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ الْأَوَّلَ فِي الْجِنْسِيَّةِ كَبَغْلٍ فَالْبَغْلُ إمَّا نَقْدًا، أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَثَمَنُهُ إمَّا مُسَاوٍ لِثَمَنِ الْجَمَلِ، أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي الْأَرْبَعِ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا تِسْعٌ وَهِيَ مَا أُجِّلَ فِيهِ الثَّمَنَانِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: أَيْ: كَاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ إلَخْ) وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ فَهَذِهِ جَائِزَةٌ فِي بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إلَّا أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ هُنَا لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِتِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ نَقْدًا فَلَيْسَ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَوْ نُظِرَ لِبَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لَجَازَ فَالِامْتِنَاعُ إنَّمَا هُوَ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَالرَّدَاءَةُ إلَخْ فَيَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ فِي بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ يَجُوزُ هُنَا فَالْجَوْدَةُ كَالْكَثْرَةِ وَالرَّدَاءَةُ كَالْقِلَّةِ مَعَ أَنَّهُ وُجِدَ مَا امْتَنَعَ هُنَا مَا جَازَ فِي بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَكَوْنُ الْجَوْدَةِ كَالْكَثْرَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَالْقِلَّةِ يُنَافِي قَضِيَّةَ الْمَنْعِ فِيمَا ذُكِرَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثِيَّةِ أَنَّ الْأَرْدَأَ كَالْأَنْقَصِ فِي مُطْلَقِ نَقْصٍ وَالْأَجْوَدُ كَالزِّيَادَةِ فَقَطْ أَيْ: فِي مُطْلَقِ زِيَادَةٍ وَالْمَنْعُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ وُجِدَتْ عِلَّةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، أَوْ دَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا. فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا مُنَافَاةَ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَشْبِيهٌ إلَخْ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ أَيْ: عَلَى الْقِلَّةِ الْمَنْظُورِ لَهَا فِي بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا أَيْ: عَلَى الْقِلَّةِ الْمَنْظُورِ لَهَا فِيهِمَا وُجُودًا وَعَدَمًا (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَكَذَا قَوْلُهُ: وَدَوَرَانُ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ اخْتِلَافِ الْعَدَدِ فَلَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَالْعَدَدُ مُتَّحِدٌ [بَيْعُ السِّلْعَةِ بِذَهَبٍ وَشِرَاؤُهَا بِغَيْرِ صِنْفِهِ مِنْ نَحْوِ فِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ] . (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ مَا جَعَلَهُ الْإِمَامُ قِيمَةً فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ الْجَارِيَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَاسْتَظْهَرَ عج رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَسْأَلَةِ الرَّدَاءَةِ وَالْجَوْدَةِ وَتَرَدَّدَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِيهِ وَاسْتَبْعَدَهُ بِقَوْلِهِ قِيمَةٌ وَبَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْعَادَ إذْ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ إنَّمَا يُنْظَرُ لَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لَقِيمَتهمَا لَا بِاعْتِبَارِ وَزْنِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الثَّانِي) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ مَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ مِنْ الْمَنْعِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الثُّلُثَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّك إذَا زِدْت عِشْرِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَرْبَعِينَ الَّتِي هِيَ صَرْفُ الدِّينَارَيْنِ يَكُونُ الْجَمِيعُ سِتِّينَ فَالْمَزِيدُ الَّذِي هُوَ الْعِشْرُونَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَتِلْكَ الْعِشْرُونَ بِقَدْرِ النِّصْفِ الْمُؤَخَّرِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَخَّرَ أَرْبَعُونَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الدِّينَارَيْنِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (قَوْلُهُ: وَبِسِكَّتَيْنِ إلَخْ) دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ إلَخْ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تَكُونُ بِطِيبِ الْأَصْلِ وَرَدَاءَتِهِ تَكُونُ بِحُسْنِ السِّكَّةِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَخْ) الْمُحَمَّدِيَّةُ سِكَّةٌ وَالْيَزِيدِيَّةُ سِكَّةٌ وَمَعْنَى جَوْدَةِ السِّكَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ كَوْنُ رَوَاجِ مَا هِيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ رَوَاجِ السِّكَّةِ الْيَزِيدِيَّةِ وَيُقَاسُ عَلَى الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْيَزِيدِيَّةِ غَيْرُهُمَا كَالشَّرِيفِيِّ وَالْإِبْرَاهِيمِيّ فِي زَمَانِنَا فَالْمُحَمَّدِيَّةُ أَجْوَدُ وَلَوْ كَانَ مَعْدِنُهَا أَرْدَأَ وَالْيَزِيدِيَّةُ أَرْدَأُ وَلَوْ كَانَ مَعْدِنُهَا أَجْوَدَ وَالْمُحَمَّدِيَّةُ نِسْبَةً إلَى مُحَمَّدٍ السِّفَاحِ أَوَّلِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَالْيَزِيدِيَّةُ نِسْبَةً إلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى أَجَلٍ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ . (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْعَرْضَيْنِ لَوْ كَانَا نَوْعًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا أَفْهَمَ كَبَيْعِهِ كَتَّانًا بِثَوْبٍ لِشَهْرٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَوْبٍ فَالْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ إمَّا نَقْدًا، أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ، أَوْ مِثْلِهِ، أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَعَلَى كُلٍّ قِيمَتُهَا إمَّا مُسَاوِيَةٌ، أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً يُمْنَعُ مِنْهَا مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ اتِّفَاقًا وَيَجُوزُ مِنْهَا مَا لَمْ يُعَجَّلْ فِيهِ الْأَكْثَرُ اتِّفَاقًا وَفِي جَوَازِ مَا عُجِّلَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ مُنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَجَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْبَغْلِ الْمَنْقُودِ مِثْلَ ثَمَنِ الْجَمَلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَأَمَّا صُوَرُ الْآجَالِ التِّسْعِ فَمُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدِينٍ فَثَمَنَهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَنْصُوبٌ مَفْعُولُ مُخَالِفٍ أَيْ: بِعَرِضٍ مُخَالِفٍ جِنْسُهُ جِنْسَ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ وَسَوَاءٌ سَاوَاهُ فِي قِيمَتِهِ، أَوْ نَقَصَ ثَمَنُهُ عَنْهَا، أَوْ زَادَ لَا مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ أَيْ: ثَمَنُهُ بِمَعْنَى قِيمَتِهِ مُخَالِفٌ لَقِيمَة الْعَرَضِ الْأَوَّلِ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الشَّارِحِ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي النَّقْدِ ثَلَاثٌ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْضِ إذْ هُمَا اثْنَانِ فَقَطْ وَمُرَادُهُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ وَنَوْعِ ثَمَنِهِ إلَى عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرَضٍ مُوَافِقٍ لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ مُخَالِفٍ فِي الْقَدْرِ، أَوْ فِي الصُّفَّةِ، أَوْ فِي الْجِنْسِ شَرَعَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا وَهُوَ إمَّا عَيْنُ الْأَوَّلِ وَإِمَّا مِثْلُهُ وَإِمَّا مُخَالِفُهُ فَأَفَادَ حُكْمَ الْعَيْنِ وَالْمِثْلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ مِثْلِيًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَ طَعَامٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ صِفَةً كَمَحْمُولَةٍ، ثُمَّ مَحْمُولَةٍ وَقَدْرًا كَإِرْدَبٍّ، ثُمَّ إرْدَبٍّ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَ وَمَنْ اشْتَرَى عَيْنَ شَيْئِهِ فَإِمَّا نَقْدًا، أَوْ لِلْأَجَلِ، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ فَيُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ شِرَاؤُهَا ثَانِيًا بِأَقَلَّ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ وَيَجُوزُ مَا عَدَاهَا وَهِيَ بِمِثْلِهِ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْأَجَلِ وَلِأَبْعَدَ وَبِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ وَلِأَبْعَدَ وَبِأَكْثَرَ نَقْدًا وَلِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْأَجَلِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمَمْنُوعِ ثَلَاثًا، إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ الثَّانِي قَبْلَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمِثْلِيِّ فَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ يَمْتَنِعُ أَيْضًا صُورَتَانِ أُخْرَيَانِ وَهُمَا شِرَاؤُهُ ثَانِيًا مِثْلَهُ بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) فَيَمْتَنِعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ، أَوْ لِأَبْعَدَ، إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ (ش) فَيَصِيرُ الْمَمْنُوعُ خَمْسًا وَهِيَ شِرَاؤُهُ مِثْلَ الَّذِي بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ إلَى شَهْرٍ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا، أَوْ لِنِصْفِ الشَّهْرِ، أَوْ لِلشَّهْرِ، أَوْ لِشَهْرَيْنِ، أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَصِيرُ لَهُ دِرْهَمَانِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ تَرَكَهُمَا لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي نَظِيرِ غَيْبَتِهِ عَلَى الْمِثْلِيِّ وَالْغَيْبَةُ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِكَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ تُعَدُّ سَلَفًا وَمَفْهُومُ صِفَةٍ هُوَ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مُخَالِفٌ، أَوْ لَا تَرَدُّدٌ وَمَفْهُومُ قَدْرًا إنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى ثَانِيًا أَقَلَّ مِنْ الْمَبِيعِ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ وَسَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَ ثَانِيًا أَكْثَرَ مِنْ الْمَبِيعِ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ مَعَ سِلْعَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَابَ عَلَى الْمِثْلِيِّ مُنِعَ السَّبْعَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ، فَإِنْ غَابَ مُنِعَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا لِلسَّلَفِ الْجَارِّ نَفْعًا، إنْ اشْتَرَى بِالْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، إنْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ كَمِثْلِهِ لَوْ قَالَ: كَعَيْنِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ جِنْسَهُ) أَيْ: فَالشَّرَابُ بِثَوْبٍ إلَخْ أَيْ: بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الثَّوْبِ مُخَالِفٌ جِنْسَ ذَلِكَ الْفَرْدِ الَّذِي هُوَ الْمَاهِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ ثَمَنُهُ الْأَوَّلُ وَأَرَادَ بِالْجِنْسِيَّةِ مَا يَشْمَلُ النَّوْعِيَّةَ كَمَا مَثَّلَ فَإِنَّ جِنْسَ الْبَغْلِ وَالْجَمَلِ وَاحِدٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ بِثَوْبٍ مِنْ الْقُطْنِ وَيَشْتَرِيَ بِثَوْبٍ مِنْ الْكَتَّانِ [بَاعَ مِثْلِيًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ طَعَامًا أَوْ غَيْرَ طَعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ صِفَةً] . (قَوْلُهُ: وَنَوْعُ ثَمَنِهِ) أَيْ: فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ. (قَوْلُهُ: فَأَفَادَ حُكْمَ الْعَيْنِ وَالْمِثْلِ) بِقَوْلِهِ كَمِثْلِهِ إلَّا أَنَّ الْإِفَادَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَعَيْنِهِ إلَّا إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ أَخْذَ الْمُصَنِّفِ بِظَاهِرِهِ لَا يَظْهَرُ فَيُقَدَّرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالتَّقْدِيرُ فَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ صِفَةً وَقَدْرًا كَعَيْنِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لَا كَمِثْلِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ الْوَاوُ لَا الْفَاءُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ فَرْعَ الْمِثْلِيَّةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ كَمِثْلِهِ مُفِيدٌ لِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا امْتِنَاعُ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَالثَّانِي أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَلَفًا لَكَانَ كَغَيْرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ امْتِنَاعَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مُسَبَّبٌ عَلَى هَذَا الثَّانِي. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ) أَيْ: غَيْبَةٍ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ) أَيْ: فِي مَجْمُوعِهَا أَيْ: بَعْضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا بَاعَهَا بِعَشْرَةٍ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَرْبَعِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَيْ: إنَّ الْبَائِعُ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِيَ قَمْحًا فَرَدَّ مِثْلَهُ وَأَعْطَاهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ كَانَ نَقْدًا، أَوْ لِنِصْفِ الشَّهْرِ، أَوْ لِلشَّهْرِ، أَوْ لِلشَّهْرَيْنِ هَذَا عِنْدَ الْغَيْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحْصُلْ غَيْبَةٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ السَّلَفُ الْجَارُّ نَفْعًا فِي النَّقْدِ وَلِدُونِ الْأَجَلِ وَفِي الْأَكْثَرِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَالْمَنْعُ فِي صُورَةٍ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرِ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْجَارِّ لَهُ نَفْعًا هُوَ زِيَادَةُ الدِّرْهَمَيْنِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ: تُعَدُّ سَلَفًا) فَآلَ الْأَمْرُ إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا. قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ خَمْسٌ وَهِيَ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا، أَوْ أَقَلُّ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ بَلْ يُزَادُ هُنَا سَادِسَةٌ وَهِيَ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ؛ لِأَنَّ الْإِرْدَبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ سَلَفٌ وَالْإِرْدَبَّ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ مَبِيعٌ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ الْإِرْدَبِّ الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: مُنِعَ السَّبْعَةُ الْآتِيَةُ) هِيَ شِرَاؤُهُ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ بِمِثْلٍ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فِي أَرْبَعٍ وَهِيَ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، وَبَيْعٌ وَسَلَفٌ إنْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ. (قَوْلُهُ: إنْ اشْتَرَاهُ بِالْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ) أَيْ: إذَا اشْتَرَى بِالْمِثْلِ فَالنَّفْعُ هُوَ الزَّائِدُ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِأَقَلَّ فَالنَّفْعُ مَا ذُكِرَ مَعَ مَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ كَدِرْهَمَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ وَاشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ) كَمَا لَوْ بَاعَ بِعَشْرَةٍ وَاشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فَالسَّلَفُ هُوَ قَدْرُ الْمِثْلِ الَّذِي بَاعَهُ وَالْبَيْعُ هُوَ الزَّائِدُ مِنْ الْمِثْلِيِّ الَّذِي أَخَذَهُ بِدِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ كَعَيْنِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِثْلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْأَخْبَارِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ (ص) وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مُخَالِفٌ، أَوْ لَا تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ لَوْ اشْتَرَى غَيْرَ صِنْفِ طَعَامِهِ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي جِنْسِهِ كَقَمْحٍ بَاعَهُ لِشَخْصٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ شَعِيرًا، أَوْ سُلْتًا هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا اشْتَرَى غَيْرَ مَا بَاعَ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا، أَوْ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ ثَلَاثٌ، إنْ لَمْ يَغِبْ وَخَمْسٌ، إنْ غَابَ تَرَدُّدٌ وَالصِّنْفِيَّةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا عَلَى إثْبَاتِ لَفْظِ غَيْرٍ وَبِمَعْنَى الْجِنْسِيَّةِ عَلَى إسْقَاطِ غَيْرٍ أَيْ: وَهَلْ جِنْسُ طَعَامِهِ الْمُخَالِفِ لَهُ فِي الصِّنْفِيَّةِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ يُقَدَّرُ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْجِنْسِيَّةِ، أَوْ لَا يُقَدَّرُ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْجِنْسِيَّةِ فَيُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثْلِ الْمُقَوَّمِ وَأَنَّهُ كَالْغَيْرِ فَقَالَ: (ص) : وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ مُقَوَّمًا كَفَرَسٍ، أَوْ ثَوْبٍ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ مِنْ فَرَسٍ، أَوْ ثَوْبٍ آخَرَ فَإِنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا تَجُوزُ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَى غَيْرَ جِنْسِ مَا بَاعَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ ذَوَاتَ الْقِيَمِ لَا يَقُومُ فِيهَا مَقَامَ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَ مِنْ الْمُقَوَّمِ إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ تَغْيِيرًا كَثِيرًا بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لَهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَالْكَافُ فِي كَغَيْرِهِ زَائِدَةٌ أَيْ: فَمِثْلُهُ غَيْرُهُ، أَوْ فَمِثْلُهُ فِي الصِّنْفِيِّةِ كَغَيْرِهِ فِي الْجِنْسِيَّةِ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ مَا إذَا اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَهُ، أَوْ جِنْسَهُ، أَوْ مِثْلَهُ أَشَارَ لِبَيَانِ مَا إذَا اشْتَرَى بَعْضَهُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا، أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا امْتَنَعَ لَا بِمِثْلِهِ، أَوْ أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَهُ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لَهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ. الْمُمْتَنِعُ خَمْسُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ، أَوْ بِأَقَلَّ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ لِمَا فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَلِمَا فِي الْأَقَلِّ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ أَبْعَدَ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَالْجَائِزُ سَبْعُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ بِأَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَبِمِثْلٍ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ لِلْأَجَلِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ أَيْ: أَوْ غَيْرَهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَوْبَيْهِ بِالْإِضَافَةِ أَنَّهُ بَاعَهُمَا أَوَّلًا وَلَوْ قَالَ ثَوْبَيْنِ بِلَا إضَافَةٍ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ، أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا حَقِيقَةً، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ فِي الْخَمْسِ صُوَرٍ وَقَوْلُهُ لَا بِمِثْلِهِ أَيْ: نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ، أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَسَكَتَ عَنْ صُوَرِ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ أَيْ: بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (ص) وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ (ش) أَيْ: فَلَوْ اشْتَرَى الْبَائِع مِنْ الْمُبْتَاعِ بَعْضَ مَا بَاعَهُ بِغَيْرِ صِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَبَيْعِهِمَا بِذَهَبٍ، أَوْ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا بِفِضَّةٍ، أَوْ بِيَزِيدِيَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ أَحَدُ ثَوْبَيْهِ وَخَرَجَ مِنْهُ ثَوْبٌ وَذَهَبَ يَأْخُذُ عَنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فِضَّةً وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا، أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ لِأَبْعَدَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْأَوَّلِ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهَا، أَوْ بِأَكْثَرِ فَعِلَّةُ الْمَنْعِ الصَّرْفُ، أَوْ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُعَجَّلُ جِدًّا فَيَجُوزُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ (ش) فَيَجُوزُ كَبَيْعِهِمَا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ وَصَرْفَ كُلِّ دِينَارٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ   [حاشية العدوي] تَأْتِي بِمَعْنَى ذَاتٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] عَلَى حَدِّ مَا خُرِّجَ فِيهَا (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) هَذَا التَّرَدُّدُ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ أَجَازَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ . (قَوْلُهُ: كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا) وَلَيْسَ طُولُ زَمَانِهَا عِنْدَهُ كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا لِبَقَاءِ الِاتِّهَامِ مَعَهُ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ الْمِثْلَ لَيْسَ كَالْمُخَالِفِ بَلْ كَالْعَيْنِ فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ نَقْدًا امْتَنَعَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى تِلْكَ السِّلْعَةَ بِعَيْنِهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ: فَمِثْلُهُ غَيْرُهُ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ قَطْعًا غَيْرُهُ لَا عَيْنُهُ وَهَذَا يُمْكِنُ فِي الْمِثْلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّانِي الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فَمِثْلُهُ فِي الصِّنْفِيَّةِ كَغَيْرِهِ فِي الْجِنْسِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ مِنْ) (سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) وَالْمُسَلِّفُ هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشْرَةً يَأْخُذُ عَشْرًا وَاثْنَيْ عَشَرَ وَمَعَهُ الثَّوْبُ الثَّانِي زِيَادَةً وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ سَلَفٌ وَالْخَمْسَةُ الْأُخْرَى فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ الَّذِي لَمْ يَرِدْ وَهِيَ بَيْعٌ لَكِنَّ الْمُسَلِّفَ الْبَائِعُ فِيمَا إذَا كَانَ نَقْدًا وَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَأُفِيدُك أَنَّ مَا هُنَا مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى تُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تُهْمَةَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ مُلْغَاةٌ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ صُوَرِ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ) لَك أَنْ تَقُولَ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِمِثْلِهِ، أَوْ أَكْثَرَ أَيْ: نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ وَلَا يَدْخُلُ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ دَاخِلَانِ فِي قَوْلِهِ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ جَائِزَةً وَهِيَ إذَا كَانَ بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَثْرَةً جِدًّا، أَوْ بِالنِّسْبَةِ لَمَا يَنُوبُ مَا اشْتَرَى مِنْ الثَّمَنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْجِدِّيَّةِ غَيْرَ أَنَّ شَارِحَنَا وعب قَيَّدَا بِهَا وَالشَّيْخُ سَالِمٌ لَمْ يُقَيِّدْ بِهَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا لِشَارِحِنَا وعب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 دِرْهَمًا نَقْدًا فَيَجُوزُ لِبُعْدِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فَقَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ إلَخْ هَذَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَهُ وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى كُلَّ مَا بَاعَهُ وَقَوْلُهُ وَامْتَنَعَ إلَخْ فِيهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْبَيْعَ بِذَهَبٍ وَالشِّرَاءَ بِفِضَّةٍ وَعَكْسَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ فَقَدْ عَجَّلَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْمُعَجَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُ مَا اشْتَرَى مِنْ الثَّمَنِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ ثَمَنِ مَا بَاعَ (ص) وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا، أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا اشْتَرَى مَا بَاعَهُ مِنْ سِلْعَةٍ أُخْرَى مِنْ عِنْدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ كَثَوْبٍ، أَوْ شَاةٍ مَثَلًا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً يَمْتَنِعُ مِنْهَا سَبْعٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ كَانَ الثَّمَنُ فِي السِّلْعَتَيْنِ مِثْلَ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالسَّابِعَةُ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَبَقِيَ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَمْسٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ صُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى مَبِيعَهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِمِثْلٍ، أَوْ أَقَلَّ لِأَبْعَدَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ وَبِمِثْلٍ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ فَإِنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ (ص) ، أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَعَ سِلْعَةٍ لَكِنَّ السِّلْعَةَ هُنَاكَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَهُ الْمَبِيعَ بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ بِأَرْبَعَةٍ، أَوْ بِسِتَّةٍ، أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ كَعَبْدٍ مَثَلًا وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ أَنَّ الشِّرَاءَ الثَّانِيَ نَقْدًا، أَوْ لِأَبْعَدَ وَقَوْلُهُ (امْتَنَعَ) جَوَابٌ عَنْ السَّبْعِ فِيمَا قَبْلَهَا وَهِيَ شِرَاؤُهَا مَعَ سِلْعَةٍ وَعَنْ الثَّلَاثِ، أَوْ التِّسْعِ فِي هَذِهِ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ وَوَجْهُ كَوْنِهَا ثَلَاثًا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ، وَوَجْهُ كَوْنِهَا تِسْعًا أَنْ يُفْرَضَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمُشْتَرَى بِهَا ثَانِيًا مَعَ الْخَمْسَةِ وَالسِّلْعَةُ خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، أَوْ سِتَّةٌ فَيَكُونَ الثَّمَنُ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي مِثْلَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ فَصُوَرُهُ ثَلَاثٌ مَضْرُوبَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَهِيَ النَّقْدُ وَلِدُونِ الْأَجَلِ وَلِأَبْعَدَ وَالْجَمِيعُ مَمْنُوعٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا عَدَا صُورَةَ الْأَجَلِ مَمْنُوعَةٌ سَوَاءٌ فَرَضْتهَا ثَلَاثًا، أَوْ تِسْعًا وَلِلْأَجَلِ نَفْسِهِ جَائِزٌ سَوَاءٌ فَرَضْته صُورَةً وَاحِدَةً، أَوْ ثَلَاثًا وَانْظُرْ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَقَوْلُهُ (ص) لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ (ش) مُقَابِلُ الْخَمْسَةِ وَسِلْعَةٌ مُخْرَجٌ مِنْ حُكْمِهِ وَهُوَ الْمَنْعُ إلَى الْجَوَازِ لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِحَالَتَيْ النَّقْدِ أَيْ: لَا، إنْ اشْتَرَى سِلْعَتَهُ الْمَبِيعَةَ بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ بِعَشْرَةٍ وَسِلْعَةٍ مَثَلًا كَشَاةٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْبَائِعِ أَنَّهُ دَفَعَ شَاةً وَعَشْرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ وَأَمَّا لِأَبْعَدَ فَيَمْتَنِعُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ، أَوْ لَا يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلَّ وَلَا يَخْفَى جَوَازُ صُورَةِ الْأَجَلِ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا نَفْيَهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ غَيْرُ أَرْبَعِ صُوَرٍ يَجُوزُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ النَّقْدُ وَلِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْأَجَلِ وَيَمْتَنِعُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ لِأَبْعَدَ اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ غَيْرُ أَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ مَوْجُودَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالسِّلْعَةُ دَائِمًا زَائِدَةٌ عَلَى الْعَشَرَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ نَعَمْ، إنْ فُرِضَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ لَا بِقَيْدِ الْعَشَرَةِ تَأْتِي فِيهَا الِاثْنَتَا عَشْرَةَ لَكِنَّهَا تَتَدَاخَلُ مَعَ خَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى عَشْرَةٍ قَوْلَهُ (ص) وَبِمِثْلٍ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ (ش) وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ فَحَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ هُنَاكَ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ هُنَا لِعَطْفِهِ عَلَى الْجَائِزِ (ص) وَلَوْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ، ثُمَّ رَضِيَ بِالتَّعْجِيلِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَضِيَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ) قَرَّرَهُ شب فَقَالَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ أَيْ: الْمَنْقُودُ فِي الْحَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَقَدْ قَرَّرَ بِهِ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ وَاعْتَرَضَ عَلَى شَارِحِنَا. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْمُعَجَّلِ إلَخْ) أَيْ: إنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَالتَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ وَيَشْتَرِي أَحَدُهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِثَلَاثِينَ لَجَازَ، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا اسْتِظْهَارٌ مِنْ عج وَاَلَّذِي فِي تت الْكَبِيرِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَتُهُ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ لَا عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، ثُمَّ أَقُولُ فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا بِدَلِيلٍ . (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ) هُوَ السَّلَفُ جَرَّ نَفْعًا فِي شِرَائِهِ بِمِثْلٍ وَأَقَلَّ نَقْدًا وَلِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي شِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ أَنَّ ثَوْبَهُ رَجَعَ لَهُ وَخَرَجَ مِنْهُ عَشْرَةٌ، أَوْ ثَمَانِيَةٌ يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَشْرَةً وَقَدْ زَادَ ثَوْبٌ، أَوْ شَاةٌ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ) عِلَّةُ الْمَنْعِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ فِي الْجَمِيعِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ آلَ أَمْرُ الْبَائِعِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ خَمْسَةٌ وَسِلْعَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ نَقْدًا وَلِدُونِ الْأَجَلِ يَأْخُذُ عِنْدَ الْأَجَلِ عَشْرَةً فَخَمْسَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ سَلَفٌ وَخَمْسَةٌ فِي مُقَابَلَةِ السِّلْعَةِ وَهِيَ بَيْعٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَالْمُسَلِّفُ نَفْسُ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ يَدْفَعُ عَشْرَةً لِلْبَائِعِ خَمْسَةً عِوَضًا عَنْ السِّلْعَةِ وَهِيَ بَيْعٌ وَخَمْسَةً يُسَلِّفُهَا لِلْبَائِعِ يَقْبِضُهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُلْتَفَتْ لِكَوْنِ الثَّوْبِ يُسَاوِي أَكْثَرَ فَيَكُونُ فِيهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً. (تَنْبِيهٌ) : يَجِبُ تَعْجِيلُ السِّلْعَةِ الْوَاقِعَةِ ثَمَنًا فِي الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ فِي صُوَرٍ خَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ وَصُوَرُ مَسْأَلَةٍ عَشْرَةٌ فَأَكْثَرُ وَإِلَّا لَزِمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ إنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً إذْ ذِمَّةُ كُلٍّ فِيهِمَا مُعَمَّرَةٌ لِلْأُخْرَى (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فَقَالَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّوْبَ الرَّاجِعَ إلَى يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ مَبِيعًا بِالسِّلْعَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ ثَانِيًا وَجَعَلَ الْعَشَرَةَ النَّقْدَ سَلَفًا فِي الْعَشَرَةِ الْمُؤَجَّلَةِ فَيَكُونُ بَيْعًا وَسَلَفًا فَيَمْتَنِعُ فِي النَّقْدِ وَلِدُونِ الْأَجَلِ إمَّا لِلْأَجَلِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْجَوَازُ عَلَى حَالِهِ لَا سِيَّمَا حَيْثُ يَكُونُ الثَّمَنُ عَيْنًا فَإِنَّ الْأَجَلَ فِيهَا مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَا تُهْمَةَ، أَوْ يُمْنَعُ مِنْ التَّعْجِيلِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ لِأَجَلِهِ، ثُمَّ تَرَاضَيَا بِالتَّأْخِيرِ، أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، ثُمَّ رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ لِأَبْعَدَ فَلَوْ قَالَ وَفِيمَا آلَ لِلْمَنْعِ وَقَدْ وَقَعَ جَائِزًا قَوْلَانِ لَشَمِلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ (ص) كَتَمْكِينِ بَائِعٍ مُتْلِفٍ مَا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَتْلَفَ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ عَمْدًا وَلَزِمَهُ غُرْمُ الْقِيمَةِ لِلْمُشْتَرِي حَالَّةً فَهَلْ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ يُمَكَّنُ الْبَائِعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ لَا يُمَكَّنُ إلَّا مِنْ مِقْدَارِ مَا دَفَعَ مِنْ الْقِيمَةِ إذْ يُتَّهَمَانِ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ مُتْلِفٌ اسْمُ فَاعِلِ مَا أَيْ: شَيْئًا بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ. مِثْلًا مَفْعُولُ مُتْلِفٍ وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ مُتَعَلِّقٌ بِتَمْكِينٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ مُتْلِفٌ بِالتَّنْوِينِ وَبِالْإِضَافَةِ فَمَحَلُّ مَا نُصِبَ، أَوْ جُرَّ وَلَوْ قُرِئَ مُتْلَفٌ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمَ مَفْعُولٍ لَصَحَّ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى تَعْيِينِ مَنْ أَتْلَفَ وَقَوْلُهُ مُتْلِفٌ أَيْ: عَمْدًا وَأَمَّا خَطَأً فَيُمْكِنُ اتِّفَاقًا إذْ لَا تُهْمَةَ وَقَوْلُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: أَخْذِ الزِّيَادَةِ فَلَا اعْتِرَاضَ (ص) وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشْرَةِ أَثْوَابٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ مُنِعَ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشْرَةِ أَثْوَابٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا، ثُمَّ قَبْلَ الْأَجَلِ اسْتَرَدَّ فَرَسًا مِثْلَ الْأَوَّلِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَمْسَةُ الْمَزِيدَةُ مَعَ الْفَرَسِ مُعَجَّلَةً، أَوْ مُؤَجَّلَةً لِلشَّهْرِ، أَوْ لِدُونِهِ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَسْلَفَ الْمُشْتَرِيَ فَرَسًا رَدَّ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَهُوَ عَيْنُ، السَّلَفِ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَثْوَابِ زِيَادَةٌ لِأَجْلِ السَّلَفِ فَالْمُسْلِفُ هُنَا الْبَائِعُ قَطْعًا وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ تَارَةً الْبَائِعُ وَتَارَةً الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَمْ يُجِيزُوا هَذِهِ إذَا بَقِيَتْ الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا كَمَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ مِثْلُ سِلْعَتِهِ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا السَّلَفَ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَتْ عَيْنُهَا، أَوْ رَجَعَ غَيْرُ جِنْسِهَا إذْ كَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا رَدَّ الْعَيْنِ، أَوْ رَدَّ غَيْرِ الْجِنْسِ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي وَجْهِ كَوْنِ الْغَيْبَةِ عَلَى الْمُقَوَّمِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَشْرَةً وَلَا لِأَثْوَابٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ أَسْلَمَ مُقَوَّمًا كَانَ ثِيَابًا، أَوْ غَيْرَهَا كَانَتْ الثِّيَابُ عَشْرَةً، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ خَمْسَةً وَلَا لِأَثْوَابٍ أَيْ: كَانَ الْمَرْدُودُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ (ص) كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ   [حاشية العدوي] فَلَا تَوَهُّمَ فِيهِ وَكَذَا لِأَبْعَدَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْجَوَازُ عَلَى حَالِهِ) أَيْ: نَظَرًا لِلْحَالِ وَقَوْلُهُ، أَوْ يُمْنَعُ قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحَ؛ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ السِّلْعَةَ رَجَعَتْ لِصَاحِبِهَا وَيَدْفَعُ الْآنَ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ عَشْرَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ عَلَى هَذَا أَنْ يُؤَخِّرَ الْقِيمَةَ وَيَقُولَ لِلْمُشْتَرِي قَاصِصْنِي بِهَا عِنْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا تُسَاوِيهُمَا حُلُولًا وَالْفَرْضُ أَنَّ الْحَالَّ الْقِيمَةُ فَقَطْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ثُبُوتُ هَذَا الْحُكْمِ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْإِتْلَافِ كَذَبْحِ الْمَأْكُولِ وَفِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَحَرْقِ الثَّوْبِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُمْ أَجْرَوْا الْبَابَ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّ مَا نُصِبَ، أَوْ جُرَّ) بَلْ فِي حَالِ الْجَرِّ مَحَلُّ مَا نُصِبَ وَجُرَّ إلَّا أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْإِضَافَةِ تَكُونُ إضَافَةَ بَائِعٍ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: اسْمُ مَفْعُولٍ) وَحِينَئِذٍ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: إضَافَةُ مُتْلِفٍ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا يَصِحُّ النَّصْبُ؛ لِأَنَّ الرَّسْمَ يَمْنَعُهُ إلَّا عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَقَوْلُهُ مَا قِيمَتُهُ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ مُتْلِفٍ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِيهِ) أَيْ: لَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ تُؤُمِّلَ فِي الْمَعْنَى يُعْلَمُ الْمُتْلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْمَزِيدَ، أَوْ الزَّائِدَ، أَوْلَى مِنْ الزِّيَادَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى فَلِمَ لَمْ يَرْتَكِبْهُ اهـ. أَمَّا كَوْنُهُ، أَوْلَى لَفْظًا؛ فَلِأَنَّهُ أَخْصَرُ بِحَرْفٍ وَأَمَّا مَعْنًى؛ فَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَصْدَرٌ وَهِيَ فِعْلُ الْفَاعِلِ وَفِعْلُ الْفَاعِلِ لَا يُوصَفُ بِالْأَخْذِ؛ وَلِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ مِنْ إحْدَاثِ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَنْ أَخَذَهَا، هَذَا حَاصِلُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ جَوَابَ الشَّارِحِ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِاعْتِبَارِ التَّعْلِيلِ الْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ ظَاهِرَهُ إلَخْ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ) وَأَمَّا لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ فَقَطْ لَجَازَ الصُّوَرُ كُلُّهَا وَقَوْلُهُ مَعَ خَمْسَةٍ لَيْسَ الْمُرَادُ مَعَ تَعْجِيلِ خَمْسَةٍ وَإِلَّا نَافَى بَعْضَ الصُّوَرِ الْإِطْلَاقُ بَلْ الْمُرَادُ مَعَ الْمُوَافَقَةِ عَلَى رَدِّ خَمْسَةٍ. (قَوْلُهُ: فِي وَجْهٍ إلَخْ) أَيْ: إنَّ قَوْلَهُ إذْ كَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّوْضِيحِ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَتْ عَيْنُهَا كَمَا قُلْنَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إنَّمَا قَالَهُ فِي مَقَامٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمُقَوَّمِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ فَيُمْنَعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ أَيْ: عِنْدَ الْغَيْبَةِ وَالْعِلَّةُ السَّلَفُ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا فَيُقَالُ هَلَّا كَانَ الْمُقَوَّمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَابَ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَقَدْ انْتَفَعَ وَالسَّلَفُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِ بَلْ يَجُوزُ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْمِثْلِ فَلِمَ لَا يَعُدُّوهُ سَلَفًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا رَجَعَتْ الْعَيْنُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَعِبَارَةُ شَارِحِنَا أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ عب؛ لِأَنَّ فِيهَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَوَجْهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ: وَفِي هَذَا الْوَجْهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى الِاشْتِرَاطِ كَذَا فَهِمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَدِّ غَيْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: أَسْلَمَ مُقَوَّمًا) أَيْ: فِي مُقَوَّمٍ. (قَوْلُهُ: وَلِأَثْوَابٍ) أَيْ: الْمَقْدِرَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ) لَوْ مَصْدَرِيَّةٌ كَمَا فَذِكْرُهَا مَعَ مَا تَأْكِيدٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 لِأَجَلِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ، أَوْ الْمُؤَخَّرَ مُسَلِّفٌ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ أَيْ: كَمَا يُمْنَعُ اسْتِرْدَادُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْفَرَسُ بِعَيْنِهِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مُعَجَّلَةٍ، أَوْ مُؤَجَّلَةٍ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ الْمَزِيدَةُ فِي هَذِهِ لِأَجَلِهَا الْأَوَّلِ لَا مُعَجَّلَةً وَلَا مُؤَجَّلَةً بِدُونِهِ وَلَا لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ حِينَئِذٍ فِي مُقَابَلَةِ خَمْسَةٍ فَهِيَ مَحْضُ بَيْعٍ وَبَقَاءُ الْخَمْسَةِ الْمُصَاحِبَةِ لِلْفَرَسِ لِلْأَجَلِ أَسْقَطَتْ الْمَنْعَ وَلَوْ عُجِّلَتْ الْخَمْسَةُ، أَوْ أُخِّرَتْ لِدُونِ أَجَلِهَا، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ فَالْمَنْعُ؛؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ مَبِيعٌ بِخَمْسَةٍ وَالْمُعَجَّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ أَجَلِهِ، أَوْ الْمُؤَخَّرُ عَنْهُ مُسَلِّفٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشْرَةُ أَثْوَابٍ لِشَهْرٍ أَعْطَاهُ مِنْهَا خَمْسَةً الْآنَ مَعَ الْفَرَسِ فَالْخَمْسَةُ سَلَفٌ يَقْبِضُهَا أَيْ: الْبَائِعُ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ وَالْخَمْسَةُ الَّتِي أَسْقَطَهَا عَنْ ذِمَّتِهِ مَبِيعٌ بِالْفَرَسِ وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ الْمَرَضِيُّ عِنْدَ الشُّيُوخِ وَلِطَرْدِهِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْمُؤَخَّرُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فَمُسْلِفٌ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِمُقَدَّرٍ كَمَا تَرَى وَهُوَ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى لَيْسَتْ مُعَلَّلَةً بِذَلِكَ إذْ لَوْ عُلِّلَتْ بِهِ لَزِمَ فِيهَا الْجَوَازُ فِيمَا إذَا بَقِيَتْ الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا مَعَ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ أَيْ: لِلتُّهْمَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْأُولَى السَّلَفَ بِزِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمِثْلِ هُوَ الْغَالِبُ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَأَمَّا فِي رَدِّ الْعَيْنِ فَهُوَ نَادِرٌ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَكَذَا رَدُّ غَيْرِ الْجِنْسِ وَلِذَا جُعِلَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِي الثَّانِيَةِ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ (ص) وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى حِمَارًا بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ تَقَايَلَ مَعَ بَائِعِهِ عَلَى رَدِّهِ لَهُ وَزِيَادَةِ دِينَارٍ نَقْدًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الدِّينَارُ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَفَعَ عَنْهَا مُعَجَّلًا الْحِمَارَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَدِينَارًا لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَشْرَةً تِسْعَةً عِوَضًا عَنْ الْحِمَارِ وَهُوَ بَيْعٌ وَدِينَارًا عَنْ الدِّينَارِ السَّابِقِ وَهُوَ سَلَفٌ (ص) ، أَوْ مُؤَجَّلًا مُنِعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ (ش) أَيْ: وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ مَعَ الْحِمَارِ دِينَارًا مُؤَجَّلًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ أَيْضًا كَانَ التَّأْجِيلُ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِدُونِهِ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلُ مِنْ صِنْفِ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ بِأَنْ يُوَافِقَهُ فِي سَكَنِهِ وَجَوْهَرِيَّتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ فِي وَزْنِهِ أَيْضًا، وَتَأْجِيلُهُ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ لَا لِدُونِهِ وَلَا لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَأَبْقَى دِينَارًا لِأَجَلِهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَالصُّوَرُ سِتٌّ أَيْ: صُوَرُ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ إمَّا مُوَافِقٌ، أَوْ مُخَالِفٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لَهُ، أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ مِنْهَا إلَّا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ) أَيْ: حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا دُونَ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ مُسَلِّفٌ أَيْ: فِي حُكْمِ الْمُسَلِّفِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَرْدَأَ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْبَرْقِيِّ إنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسَلِّفًا (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّعْلِيلِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ التَّعْلِيلُ بِضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَيْ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ حَيْثُ كَانَ الْفَرَسُ لَا يُسَاوِي خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فِي فَرْضِهِ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك حَيْثُ كَانَ يُسَاوِي سِتَّةَ أَثْوَابٍ. (قَوْلُهُ: وَلِطَرْدِهِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ) أَيْ: فِي كَوْنِ الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ عَنْهُ جِنْسًا وَاحِدًا أَيْ: فِي غَيْرِ مَا هُنَا، أَوْ لَيْسَ جِنْسًا وَاحِدًا أَيْ: كَمَا هُنَا فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ عَنْهُ الْأَثْوَابُ وَالْمَأْخُوذَ الْفَرَسُ مَعَ الْخَمْسَةِ وَأَمَّا ضَعْ وَتَعَجَّلْ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشْرَةُ أَثْوَابٍ فَقَالَ لَهُ ضَعْ مِنْهَا خَمْسَةً وَخُذْ الْبَاقِيَ فَالْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ الْمَأْخُوذِ عَنْهُ وَكَذَا حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الَّذِي عَلَيْهِ مَثَلًا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ فَقَالَ لَهُ حُطَّ الضَّمَانَ عَنِّي وَأَزِيدُك عَلَيْهَا شَيْئًا فَاتَّحَدَ جِنْسُ الْمَأْخُوذِ عَنْهُ وَالْمَأْخُوذُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ هَذَا الْمَزِيدِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ مُطَّرِدًا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُطَّرِدًا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا الْمُمْكِنَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ عَنْهُ جِنْسًا وَاحِدًا وَالْمَأْخُوذُ بَعْضُ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَشَيْءٌ آخَرُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ الْمَرَضِيُّ عِنْدَ الشُّيُوخِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ هُنَا ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلَا حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَهُنَا اخْتَلَفَ كَمَا تَبَيَّنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك إنَّمَا يَدْخُلَانِ فِيمَا اتَّحَدَا عِوَضًا وَالْعِوَضَانِ هُنَا غَيْرُ مُتَّحِدَيْنِ إذْ أَحَدُهُمَا الْأَثْوَابُ الْمُسَلَّمُ فِيهَا وَالْآخَرُ الْفَرَسُ مَعَ بَعْضِ الْأَثْوَابِ وَقِيلَ إنَّ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك يَدْخُلُ فِي الْجِنْسِ وَالْجِنْسَيْنِ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ اخْتِصَاصُهُ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ فَلَا يَكُونَانِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ هَذَا مَا ظَهَرَ وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ . (قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ دِينَارِ نَقْدًا إلَخْ) أَيْ: فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَهَا بِعَشْرَةٍ مِنْ دَنَانِيرَ فَيَخْرُجُ مَا إذَا بَاعَهُ بِعَرَضٍ مُؤَجَّلٍ كَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ الْحِمَارَ وَدِينَارًا فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُمَا مَبِيعَانِ بِالْأَثْوَابِ وَالْمُرَادُ أَخْذُهُمَا مَعًا عَاجِلًا وَإِلَّا كَانَ فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي جِنْسٍ إلَخْ) فَيَجُوزُ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ. (قَوْلُهُ: لِلْأَجَلِ) حَالٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ وَالْحَالُ وَإِنْ كَانَ قَيْدًا لِعَامِلِهَا إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَحَطُّهُ الْأَوَّلُ مُقَيَّدًا بِالثَّانِي فَلَيْسَ الثَّانِي مَقْصُودًا بِالذَّاتِ بَلْ بِالتَّبَعِ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ شَيْئَيْنِ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ) مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشْرَةِ أَثْوَابٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا مُؤَجَّلًا فَقَدْ بَاعَ الْحِمَارَ بِتِسْعَةِ أَثْوَابٍ وَفُسِخَ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ فِي الدِّينَارِ الْمُؤَجَّلِ وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ، ثُمَّ رَدَّهُ وَزَادَهُ دِينَارًا مُؤَجَّلًا نَعَمْ فِيهِ بَيْعٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 وَهِيَ الْمُسْتَثْنَاةُ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِضَّةً، فَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَيَدْخُلُهُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فَأَجْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا بَاعَهُ بِيَزِيدِيَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ زِيَادَةٍ بِمُحَمَّدِيَّةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ اهـ. أَيْ: فَيَمْتَنِعُ لِلصَّرْفِ وَالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا لِلسَّلَامَةِ مِمَّا ذُكِرَ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ أَيْ: صِنْفُ الثَّمَنِ فَيَشْمَلُ اتِّحَادَ السِّكَّةِ وَاتِّحَادَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ السِّكَّةُ، أَوْ الْجَوْدَةُ، أَوْ الرَّدَاءَةُ مُنِعَ (ص) ، وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَبِيعَ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ إذَا كَانَ الْمَزِيدُ مَعَ الْحِمَارِ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ أَيْ: غَيْرَ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بَلْ عَرَضٌ، أَوْ حَيَوَانٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَاعَ الْحِمَارَ بِغَيْرِهِ لِأَجَلٍ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِعَرَضٍ وَحِمَارٍ مُعَجَّلَيْنِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الْمَزِيدَ لِحُصُولِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ عَلَى التَّعْجِيلِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُقْبَضْ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا، أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ مَعَ الْحِمَارِ فَقَوْلُهُ: وَبِيعَ أَيْ: الْحِمَارُ بِنَقْدٍ أَيْ: ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ حَالًا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ أَعْطَاهُمَا جَوَابًا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْلُهُ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ، فَإِنْ تَأَخَّرَ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ، إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ سَلَفٌ مُقَارِنٌ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ الْحِمَارُ بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنًا فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَهُوَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَمْ لَا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قُبِضَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ وَفَسَّرْنَا قَوْلَهُ بِنَقْدٍ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَهُوَ حَالٌّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا جَازَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ ، ثُمَّ لَمَّا، أَوْهَمَ قَوْلُهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ يُمْنَعُ كَذَا مُنِعَ الْبَيْعَتَيْنِ لِارْتِبَاطِهِمَا كَمَا يَقُولُ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَكَانَ الْأَصَحُّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ صِحَّةُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَفَسَادُ الثَّانِي فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ دَائِرٌ مَعَ الثَّانِي وُجُودًا وَعَدَمًا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى اقْتِضَاءِ الطَّعَامِ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَا يُفْسَخُ إلَّا الثَّانِي دَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ (ش) عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ: وَفُسِخَ الثَّانِي وَخَالَفَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَقَالَ: يُفْسَخَانِ مَعًا وَهَذَا الْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِقِيَامِ السِّلْعَةِ أَمَّا إذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا يُفْسَخَانِ؛ لِأَنَّهُ بِالْفَوَاتِ سَرَى الْفَسَادُ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ لَا طَلَبَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدًا قَدْ رَجَعَ لِبَائِعِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِرُجُوعِهِ لِبَائِعِهِ وَالثَّمَنُ الثَّانِي سَاقِطٌ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْفَسْخُ لِلْبَيْعَتَيْنِ فِي الْفَوَاتِ سَوَاءٌ   [حاشية العدوي] وَسَلَفٌ إذَا كَانَ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ أَبْعَدَ وَيَأْتِي الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ وَالْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ إلَخْ أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ (أَقُولُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ وَأَرَدْنَا بِالْجِنْسِ الصِّنْفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ إلَخْ) رَاجِعٌ أَيْضًا إلَى الْيَزِيدِيَّةِ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ وَالصِّفَةُ. (قَوْلُهُ: جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْمَزِيدُ فِضَّةً وَالثَّمَنُ ذَهَبًا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ الْعِوَضِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَرَدَّهُ وَعَرَضًا مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ دُونَهُ، أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ فَسَخَ مَثَلًا دِينَارًا فِي الْعَرَضِ الْمُؤَخَّرِ وَبَيْعِ الْحِمَارِ بِتِسْعَةٍ حِينَ رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا بِيعَ بِمُؤَجَّلِ وَلَمْ تَقَعْ الْإِقَالَةُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَبِيعَ بِنَقْدٍ إمَّا مُوَافِقٌ لِلثَّمَنِ أَيْ: الْأَوَّلِ، أَوْ مُخَالِفٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ سَلَفٌ) أَيْ: مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَدْ صَرَفَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُعَجَّلُ جِدًّا بِحَيْثُ تَنْتِفِي تُهْمَةُ الصَّرْفِ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُحَمَّدِيَّةً وَالْمَزِيدُ يَزِيدِيَّةً، أَوْ عَكْسُهُ امْتَنَعَ أَيْضًا لِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَهِيَ مَا إذَا أُخِّرَتْ الزِّيَادَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ بِالنِّسْبَةِ لِلدِّينَارِ الْمَزِيدِ فَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا جَازَ مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الذِّمَّةَ فَلَيْسَ فِيهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ: جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ) وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا صَرْفُ مُسْتَأْخِرٍ فَالْعِلَّةُ إمَّا تَأْخِيرُ بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ فَفِيهِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، أَوْ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (تَنْبِيهٌ) هَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ زَادَ الْبَائِعُ شَيْئًا وَاسْتَرَدَّ الْحِمَارَ جَازَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى نَقْدًا، أَوْ لِأَجَلٍ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ، أَوْ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُؤَجَّلَةً وَهِيَ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيَمْتَنِعُ كَمَا إذَا زَادَهُ حِمَارًا مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعَدُّ كَأَنَّهُ أَسْلَفَ الْبَائِعَ حِمَارًا يَقْبِضُهُ إلَى أَجَلٍ أَيْ: يَقْبِضُ بَدَلَهُ عَلَى أَنْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ الْعَشَرَةَ الَّتِي تَرَتَّبَتْ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ هَذَا غَايَةُ مَا فِيهِ مِمَّا قَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيَاسِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَعَشْرَةٍ، أَوْ دُونَهُ كَثَمَانِيَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كَاثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ شَاسٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا ارْتَبَطَا صَارَا فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، أَوْ مَحَلِّ فَسْخِ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي لَزِمَتْ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي يَوْمَ قَبْضِهِ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَنْ تَكُونَ ثَمَانِيَةً مَثَلًا لَا عَشْرَةً، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّا، إنْ لَمْ نَفْسَخْ الْأَوَّلَ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ دَفْعُ الْقِيمَةِ مُعَجَّلًا وَهِيَ أَقَلُّ وَيَأْخُذُ عَنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَكْثَرَ فَهُوَ عَيْنُ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعْنَا مِنْهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَفُتْ، أَوْ فَاتَتْ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّا إذَا فَسَخْنَا الثَّانِيَةَ وَدَفَعْنَا الْقِيمَةَ عَشْرَةً، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ وَبَقِيَتْ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا فَلَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَدْفَعُ عَشْرَةً، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ وَنَأْخُذُ عَشْرَةً وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَقَيَّدْنَا فَوَاتَهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إذْ لَوْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَفُسِخَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيُّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا. اهـ. ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِعَدَمِ وُصُولِ السِّلْعَةِ بِيَدِهِ وَإِنَّمَا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي أَيْ: مَبِيعُ الثَّانِي أَيْ: مَبِيعُ الْبَيْعِ الثَّانِي فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَفُوتُ إنَّمَا هُوَ الْمَبِيعُ لَا الْبَيْعُ. وَلَمَّا جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِتَذْيِيلِ بُيُوعِ الْآجَالِ بِمَا يُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِبَيْعِ أَهْلِ الْعِينَةِ لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُمَا فِي التَّحَيُّلِ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ الْبَيْعُ الْمُتَحَيَّلُ بِهِ إلَى دَفْعِ عَيْنٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا اهـ. مِثَالُهُ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا فَإِنَّ السِّلْعَةَ رَجَعَتْ إلَى يَدِ صَاحِبِهَا، وَدَفَعَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا عَشَرَةً عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَصَدَقَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَمَا شَابَهَهَا أَنَّ فِيهَا بَيْعًا مُتَحَيَّلًا بِهِ إلَى دَفْعِ عَيْنٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْبَيْعِ جِنْسُهُ لِأَنَّ التَّحَيُّلَ وَقَعَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ. اهـ. وَأَصْلُ عِينَةٍ عِوْنَةٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ الْمُعَاوَنَةِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا سُمِّيَتْ تِلْكَ الْبِيَاعَاتُ بِذَلِكَ لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ غَرَضِهِ أَوْ لِحُصُولِ الْعَيْنِ، وَهُوَ النَّقْدُ لِبَائِعِهَا، وَقَدْ بَاعَهَا بِتَأْخِيرِ قَوْلِهِ لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ الْمُرَادُ بِالْبَائِعِ هُوَ الثَّانِي الَّذِي طُلِبَتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ، وَالْمُشْتَرِي هُوَ الطَّالِبُ، وَالْمُرَادُ بِتَحْصِيلِ غَرَضِهِ هُوَ الرِّبْحُ فِيهَا، وَسَمَّاهُ بَائِعًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ لَمْ يَبِعْ سَلَكَ الْمُؤَلِّفُ مَسْلَكَهُمْ فَقَالَ (فَصْلٌ) جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِثَمَنٍ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةٌ لَيْسَتْ عِنْدَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ، وَلَوْ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ لِيَبِيعَهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ بِمُعَجَّلٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَكَرِهَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْهَا بِعْ مِنْهَا حَاجَتَك، وَالْبَاقِي لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ، وَالْغَالِبُ   [حاشية العدوي] الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ: وَلِلْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) فَإِنْ قُلْت لَمْ اُعْتُبِرَ سَرَيَانُ الْفَسَادِ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ قُلْت؛ لِأَنَّهَا فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ قَبْضٌ فَقَوِيَ بِذَلِكَ وَإِذَا فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَبْضٌ فَضَعُفَ وَلَمْ يَرْجِعْ لِلْقِيمَةِ عَلَى قَاعِدَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ فَيَلْزَمُ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَلَا يُرَاعَى كَوْنُهُ جِدًّا [بَيْعِ أَهْلِ الْعِينَةِ] (قَوْلُهُ لِلْمُنَاسَبَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ إنَّمَا تَقْتَضِي اجْتِمَاعَهُمَا الصَّادِقَ بِتَذْيِيلِ هَذَا لِهَذَا أَوْ بِالْعَكْسِ لَا لِتَذْيِيلِ بَيْعِ الْعِينَةِ بِالْخُصُوصِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ الْبَيْعُ الْمُتَحَيَّلُ بِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ يَصْدُقُ بِبُيُوعِ الْآجَالِ فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ مَانِعًا (قَوْلُهُ مِثَالُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِثَالٌ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَالتَّعْرِيفُ غَيْرُ مَانِعٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَاعَهَا بِتَأْخِيرٍ) أَيْ اشْتَرَاهَا بِتَأْخِيرٍ أَيْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَقَدْ بَاعَهَا بِنَقْدٍ غَيْرَ أَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يُنْظَرُ لَهُ إنَّمَا الَّذِي يُنْظَرُ لَهُ كَمَا يَأْتِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ بِبَيْعِهَا لِلطَّالِبِ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ، وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ كَمَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ لِعِيَاضٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ. (فَصْلٌ) جَازَ لِمَطْلُوبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِيَبِيعَهَا) أَيْ عَلَى قَصْدِ أَنْ يَبِيعَهَا، وَقَوْلُهُ بِمَالٍ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً، وَذَلِكَ بِأَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَقُولَ لَهُ هَلْ عِنْدَك سِلْعَةُ كَذَا أَبْتَاعُهَا فَيَقُولُ لَهُ لَا فَيَذْهَبُ مِنْ عِنْدِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا رَأْيٍ أَيْ إفْهَامٍ، وَلَا عَادَةٍ فَيَشْتَرِيهَا ثُمَّ يَلْقَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُخْبِرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِيَبِيعَهَا لَهُ بِمَا شَاءَ، وَقَوْلُهُ بِثَمَنٍ إلَخْ لَيْسَ لِذَلِكَ ثَمَرَةٌ إلَّا تَرَتُّبَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ، وَكَذَا نُسْخَةُ بِمَالٍ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَاعَ إنَّمَا يَبِيعُ بِمَالٍ أَوْ ثَمَنٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِنَمَاءٍ أَيْ بِزِيَادَةٍ، وَهِيَ أَحْسَنُ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِينَةِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهَا تَشْتِيتُ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) أَشَارَ بِهِ لِمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ، وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَكَرِهَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ إلَخْ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ شِرَاءُ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي فَرْضِهَا شِرَاءُ الطَّالِبِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ قَيْدًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهَا بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ اشْتَرَاهَا لِيَبِيعَهَا لِحَاجَتِهِ، وَدَخَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَرَكَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ بِمُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ) أَيْ أَوْ بَعْضُهُ مُعَجَّلٍ، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ) أَيْ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَصْلِيَّ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ يَقُولُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ: خُذْ بِعْ مِنْهُ لِحَاجَتِك أَيْ بِعْ مِنْهَا مَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي، وَمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 أَنَّ مَا بَقِيَ لَا يَفِي بَقِيَّةَ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِيَشْتَرِي أَيْ مَا اشْتَرَى مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ بِثَمَنٍ، وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ لِيَبِيعَهُ جَمِيعَهُ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ بِثَمَنٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَى أَنَّ عِيَاضًا قَالَ عَقِبَ مَا سَبَقَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ بَعْضَ ثَمَنِهِ، وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهُ لِأَجَلٍ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ كُلَّهُ لِحَاجَتِهِ بِثَمَنِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ كُلَّهُ بِعَشَرَةِ نَقْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ لِأَجَلٍ قَالَ لَهُ خُذْهُ فَبِعْ مِنْهُ مَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ هَذَا أَهْلُ الْعِينَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إلَخْ، وَمَشَى ابْنُ شَاسٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْجَوَازِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ قَالَهُ عِيَاضٌ، وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ (ش) أَيْ وَكُرِهَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِمَنْ سَأَلَهُ سَلَفَ ثَمَانِينَ بِمِائَةٍ لَا يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَك ثَمَانِينَ فِي مِائَةٍ، وَلَكِنْ هَذِهِ سِلْعَةٌ قِيمَتُهَا ثَمَانُونَ خُذْ مِنِّي بِمِائَةٍ مَا أَيْ سِلْعَةً إذَا قُوِّمَتْ كَانَتْ بِثَمَانِينَ (ص) أَوْ اشْتَرِهَا، وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ، وَلَمْ يَفْسَخْ (ش) أَيْ وَكُرِهَ أَنْ يَقُولَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِينَةِ إذَا مَرَّتْ بِك السِّلْعَةُ الْفُلَانِيَّةُ اشْتَرِهَا، وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَذَا فَإِنَّا أُرْبِحُك فِيهَا أَوْ أَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ، وَلَا صَرَّحَ بِهِ، وَبِعِبَارَةٍ لَا مَفْهُومَ لِيُومِئَ أَيْ أَوْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ يُرْبِحُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ قَدْرِهِ أَيْ الرِّبْحِ فَالْمُرَادُ بِالْإِيمَاءِ بِهِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِتَفْصِيلِ الرِّبْحِ سَوَاءٌ أَوْمَأَ أَوْ صَرَّحَ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَفْسَخْ مَعَ الْحُكْمِ بِالْكَرَاهَةِ لِنَفْيِ تَوَهُّمِ كَوْنِ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ فَقَوْلُ ز وَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ اصْطِلَاحِهِ، فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْحُكْمِ بِالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا إذَا صَرَّحَ بِبَيَانِ قَدْرِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا أَنَّ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ هُنَا صَرَّحَ بِقَدْرِ الرِّبْحِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِقَدْرِ الرِّبْحِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْمَنْعَ قُلْت هَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَ التَّأْجِيلُ مِنْ الْآمِرِ فِيمَا يَشْتَرِي بِهِ، وَمَا فِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَأْجِيلٌ، وَالتَّأْجِيلُ يُقَوِّي جَانِبَ   [حاشية العدوي] بَقِيَ فَهُوَ لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبِيعُ بَعْضَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَفِيَ بِالْبَعْضِ النَّقْدِ، وَقَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يَبِيعَهَا كُلَّهَا لِأَجْلِ التَّوْفِيَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ إنَّمَا اشْتَرَى لِيَرْبَحَ، وَشِرَاؤُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ إنَّمَا لَهُ خَسَارَةٌ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ لِلطَّالِبِ أَيْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ إذَا بَاعَهَا لِلطَّالِبِ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ يَقُولُ لَهُ بِعْ مِنْهَا مَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي، وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ عج، وَرَدَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِيَشْتَرِيهَا بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَبِيعُهَا أَيْ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ، وَلَوْ بِثَمَنٍ الْوَاوُ لِلْحَالِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَى لَا يَظْهَرُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ، وَأَهْلُ الْعِينَةِ هُمْ مَنْ يُطْلَبُ مِنْهُمْ السِّلْعَةُ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ فَيَشْتَرُونَهَا ثُمَّ يَبِيعُونَهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ، وَأَيْضًا هَذَا التَّعْلِيلُ أَعْنِي قَوْلَهُ لِأَنَّهُ كَانَ إلَخْ لَا يَأْتِي مَعَ كُلٍّ التَّعْمِيمُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لِيَبِيعَهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ بِمُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ) أَيْ اشْتَرَاهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَذَلِكَ أَيْ بِثَمَنٍ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ عَقِبَ مَا سَبَقَ) يُشِيرُ بِهِ إلَى قَوْلِهِ، وَكَرِهَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى مَا فَهِمَ شَارِحُنَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ، وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ الْمُنَاسِبُ يَكُونُ الطَّالِبُ (قَوْلُهُ لِيَبِيعَهُ كُلَّهُ) أَيْ مِثْلًا أَوْ بَعْضَهُ، وَقَوْلُهُ لِحَاجَتِهِ بِثَمَنِهِ، وَهُوَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَنْقُدَهُ (قَوْلُهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ) أَيْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ كُلَّهُ) يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُتَبَادِرِ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبِيعُهُ كُلَّهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ إلَخْ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ قَالَ لَهُ أَيْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ الطَّالِبُ خُذْهُ فَبِعْ مِنْهُ مَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَ إلَخْ نَعَمْ يَرِدُ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ فِي التَّأْجِيلِ لِلْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ شِرَاءُ الطَّالِبِ مِنْ الْمَطْلُوبِ لَا بَيْعُ الطَّالِبِ لِغَيْرِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ كُلَّهُ أَيْ، وَكَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ إذَا بَاعَهُ كُلَّهُ لِلطَّالِبِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا إلَخْ قَالَ لَهُ خُذْهُ فَبِعْ مِنْهُ مَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي غَيْرَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ رِكَّةً، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ خُذْهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَقَعْ فِيهِ كُلِّهِ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ الْبَيْعُ كُلُّهُ فَتَدَبَّرْ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ هَذَا أَيْ كَوْنُ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ يَتَوَجَّهُ، وَيَشْتَرِي السِّلْعَةَ الَّتِي لَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَيَبِيعُهَا لِلطَّالِبِ لِيَرْبَحَ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْ كَوْنُهُ لَا خَيْرَ فِيهِ الَّذِي هُوَ الْكَرَاهَةُ، وَقَوْلُهُ، وَانْظُرْ الِاعْتِرَاضَ أَيْ مِنْ كَوْنِ الْمُصَنِّفِ أَخَلَّ بِقَيْدِ، وَهُوَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهَا بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ اشْتَرَاهَا لِيَبِيعَهَا لِحَاجَتِهِ أَيْ دَخَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا ذَهَبَ إلَى أَنَّ الَّذِي اشْتَرَى بِالثَّمَنِ الَّذِي بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ، وَبَنَى عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ، وَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْمَرَضِيُّ لعج أَنَّهُ الطَّالِبُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ أَيْ وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ إلَخْ) وَالْفَاعِلُ لِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ذِكْرُهُ هُنَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ النَّقْلِ الْإِطْلَاقَ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرِهَا، وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ) اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ، وَأَنَا أُرْبِحُك، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ الْكَرَاهَةُ مَعَ الْإِيمَاءِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيمَاءِ ذِكْرَ لَفْظِ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ قَدْرِهِ، وَسَمَّاهُ إيمَاءً لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِهِ وَلَا بِقَدْرِهِ كَاشْتَرِهَا، وَلَك الْخَيْرُ جَازَ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْإِيمَاءِ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيمَاءِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِقَدْرِ الرِّبْحِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ حُكْمَ الْإِيمَاءِ التَّصْرِيحُ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْقَدْرِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ فِي الْكَرَاهَةِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ الْمُصَنِّفُ اصْطَلَحَ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ يَكُونُ مُرَادُهُ التَّنْزِيهَ نَقُولُ هُوَ، وَإِنْ لَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 السَّلَفِ بِخِلَافِ مَا لَا تَأْجِيلَ فِيهِ. وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ، وَأَيْضًا فَهَذَا مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ مُشْبِهٌ لَهُ (ص) بِخِلَافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَلَزِمَتْ الْآمِرَ إنْ قَالَ لِي وَفِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ أَوْ إمْضَاؤُهَا وَلُزُومُهُ الِاثْنَيْ عَشَرَ قَوْلَانِ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَفْسَخْ لِئَلَّا يُنَاقِضَ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ، وَهَذَا يُنَافِي إخْرَاجَهُ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ قُلْت لَا يُنَافِيهِ إذْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ جَازَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ كَشَهْرٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا ثُمَّ تَارَةً يَقُولُ الْآمِرُ لِي وَتَارَةً لَا يَقُولُ لِي فَإِنْ قَالَ لِي فَإِنَّ السِّلْعَةَ تَلْزَمُ الْآمِرَ بِالْعَشَرَةِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَسَيَأْتِي مَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ فِي تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي يُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَهُوَ آخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ لَكِنْ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْآمِرِ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَلْزَمُ الْآمِرَ حَالَةَ يَوْمِ الْقَبْضِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَتْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ نَقَصَتْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ تَمْضِي الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ الْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ ضَامِنًا لَهَا وَلَوْ شَاءَ الْآمِرُ عَدَمَ شِرَائِهَا لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ. وَهَذَا رَوَاهُ سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَانِ، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا مَعَ الْفَوَاتِ لَا فَسْخَ وَلُزُومُ الْقِيمَةِ فَسْخٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي الْفَسْخِ مُطْلَقًا وَتُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً لَكِنْ إنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ وَاسْتَشْكَلَ أَيْضًا بِلُزُومِ الْقِيمَةِ مَعَ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ يَمْضِي بِالثَّمَنِ لَكِنْ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ أَكْثَرِيٌّ (ص) وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ آخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا أَنَّ نَقْدَ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَانْقُدْهَا عَنِّي وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ جَعَلَ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ سَلَفِهِ وَتَوْلِيَتِهِ الشِّرَاءَ لَهُ فَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا حَذَفَ الشَّرْطَ صَحَّ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ أَنَّ نَقْدَ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ لَكِنْ قَوْلُهُ، وَجَازَ بِغَيْرِهِ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ مِنْ الْمَأْمُورِ بِغَيْرِ شَرْطٍ مِنْ الْآمِرِ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّقْدِ بِشَرْطٍ وَبِعِبَارَةٍ، وَعَلَّلَ الْمَنْعَ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطِ السَّلَفِ إذْ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ بِدِرْهَمَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَهُ عَشَرَةً فَمَنَعَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ تَلْزَمُ السِّلْعَةُ الْآمِرَ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ لِي فَقَدْ رُوعِيَ هُنَا الْآمِرُ إنْ رُوعِيَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَمَنَعَ ذَلِكَ، وَرُوعِيَ قَوْلُهُ لِي فَلَزِمَتْ الْآمِرَ السِّلْعَةُ (ص) وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جَعَلَ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِمَا (ش) أَيْ، وَلِلْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ أَخْذِ سَلَفِهِ فِي تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلِ الْأَقَلِّ مِنْ جَعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ. وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ لَا جَعْلَ لَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَالْأَظْهَرُ، وَالْأَصَحُّ لَا جَعْلَ لَهُ (ش) إذْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ لِأَنَّ جَعْلَنَا لَهُ الْأُجْرَةَ تَتْمِيمٌ لِلسَّلَفِ وَالرِّبَا الَّذِي عَقَدَا عَلَيْهِ ثُمَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْأَقَلُّ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْآمِرِ بِالسَّلَفِ، وَأَمَّا   [حاشية العدوي] يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَكِنْ اُسْتُقْرِئَ كَلَامُهُ فَوُجِدَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْكَرَاهَةَ التَّنْزِيهِيَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ مُشَبَّهٌ لَهُ) أَيْ مُشَبَّهٌ لِلتَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ (أَقُولُ) لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَفْهُومَ التَّصْرِيحُ بِالرِّبْحِ، وَفِيهِ التَّفْصِيلُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقَدْرَ كُرِهَ كَالْإِيمَاءِ، وَإِنْ بَيَّنَ فَتَارَةً يَكُونُ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَجَلٍ فَيَحْرُمُ وَتَارَةً لَا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُنَاقِضَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَزِمَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) لَا مَوْرِدَ لِهَذَا السُّؤَالِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْآتِيَةَ لَمْ تَكُنْ مُخْرِجَةً مِمَّا تَقَدَّمَ حَتَّى يَرِدَ السُّؤَالُ، وَيَأْتِيَ الْجَوَابُ (قَوْلُهُ أَوْ تَمْضِي إلَخْ) اعْتَمَدَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ ذَلِكَ الْقَوْلَ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَدْ مَرَّ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ (قَوْلُهُ فَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ) أَيْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ وَهَذَا يُفِيدُ) أَيْ هَذَا التَّقْرِيرُ يُفِيدُ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا حَذَفَ إلَخْ كَأَنَّ إفَادَةَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا احْتَوَى عَلَى إجَارَةٍ وَسَلَفٍ ثُمَّ حَذَفَ الشَّرْطَ يَصِحُّ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ أَيْ وَهَذَا التَّقْرِيرُ يُفِيدُهُ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا التَّقْرِيرُ مَنْقُولًا عَنْ الْقَوْمِ صَحَّ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَيْسَ مَدْلُولَ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَدْلُولُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ النَّقْدُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَالْمَذْكُورُ هُوَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ بِأَنَّهُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَيْ أَنَّ لَهُ الْجُعْلَ بَالِغًا مَا بَلَغَ لَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ فِيهِمَا لَسَلِمَ مِنْ هَذَا، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ سَكَتَ عَمَّا يَلْزَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ) الْأَوْلَى وَالدِّرْهَمَيْنِ أَوْ تُجْعَلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَتَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْقَوْلَ يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ. (قَوْلُهُ، وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ لَا جُعْلَ لَهُ) وَهَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَقَالَ عج لَا يَجْرِي فِيهَا ذَلِكَ لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ فِيهَا بِهِ ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لِلتَّعْلِيلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ مُجْتَهِدٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالْأَظْهَرِ لِمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 إنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَفَعَ الْآمِرُ بِالسَّلَفِ بِأَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا تَحْصِيلُ الثَّمَنِ فَاخْتَلَفَ هَلْ لَا شَيْءَ لَهُ أَوْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَوْلَانِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ ذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْأُولَى، وَالظَّاهِرُ جَرَى مِثْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (ص) وَجَازَ بِغَيْرِهِ كَنَقْدِ الْآمِرِ (ش) أَيْ وَجَازَ هَذَا الْعَقْدُ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ سَوَاءٌ نَقَدَ الْمَأْمُورُ أَمْ لَا، وَاسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ الدِّرْهَمَيْنِ كَمَا يَجُوزُ حَيْثُ نَقَدَ الْآمِرُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ عَشَرَةً، وَيَقُولَ لَهُ اُنْقُدْهَا وَأَنَا آخُذُهَا مِنْك بِمَا ذَكَرَ كَمَا فِي ز، وَنَصِّهِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ الْمَأْمُورَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فِيهِ الْأَقَلُّ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ، وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَنَصُّهُ: فَإِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ وَلَمْ يَمْضِ قَدْرُ مُدَّةِ نَفْعِ الْمُتَسَلِّفِ فَفِي لُزُومِ الْأَقَلِّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ وَالرِّبْحِ أَوْ أَجْرِ مِثْلِهِ فَقَطْ ثَالِثُهَا لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلرِّبَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ رُشْدٍ، وَلَوْ مَضَى قَدْرُ مُدَّةِ نَفْعِهِ فَالْأَخِيرَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَالْأَوَّلَانِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، وَلَمْ يَقُلْ اشْتَرِهَا لِي فَقِيلَ إنَّ شِرَاءَهُ مِنْهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَقِيلَ إنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ إنَّ جَزْمَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِهَا، وَأَنَا أُرْبِحُك مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الرِّبْحِ مُشْكِلٌ مَعَ حِكَايَتِهِ الْقَوْلَ هُنَا بِالْجَوَازِ مَعَ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الرِّبْحِ الْمَحْكُومِ لَهُ هُنَاكَ بِالْمَنْعِ، وَمَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ (ص) وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ، وَأَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى، وَلَا تُعَجِّلْ الْعَشَرَةَ، وَإِنْ عَجَّلْت أَخَذْت، وَلَهُ جَعَلَ مِثْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْآمِرَ إذَا قَالَ لِلْمَأْمُورِ اشْتَرِ لِي سِلْعَةَ كَذَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ، وَأَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُمْنَعُ لِأَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ يَدْفَعُهَا لَهُ فَيَنْتَفِعَ بِهَا إلَى الْأَجَلِ ثُمَّ يَقْضِي عَنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ سَلَفٌ مِنْ الْآمِرِ بِزِيَادَةٍ، وَهِيَ الدِّرْهَمَانِ، وَإِذَا وَقَعَ هَذَا الْبَيْعُ الْمَمْنُوعُ فَالسِّلْعَةُ لَازِمَةٌ لِلْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَجَلِ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمَأْمُورِ لَهُ، وَإِنَّمَا وَعَدَهُ الْآمِرُ بِسَلَفِ عَشْرَةٍ لِيَغْرَمَ عَنْهُ الدِّرْهَمَيْنِ، وَلَيْسَ لِلْآمِرِ تَعْجِيلُ الْعَشَرَةِ لِلْمَأْمُورِ الَّذِي وَعَدَهُ بِالشِّرَاءِ بِهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْأَمْرِ حَتَّى عَجَّلَهَا لِلْمَأْمُورِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ لِلْآمِرِ، وَلَا تُتْرَكُ لِلْمَأْمُورِ لِلْأَجَلِ، وَلَمَّا كَانَ الْآمِرُ هُنَا مُسَلِّفًا سَلَفًا حَرَامًا فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَجُعِلَ عَلَيْهِ لِلْمَأْمُورِ فِي تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ جُعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَالْمُسَلِّفُ فِي الْقِسْمَيْنِ قَبْلَهُ هُوَ الْمَأْمُورُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ أَيْضًا فَكَانَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جَعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى أَيْ الْحَلَالِ، وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ لِلْأَجَلِ لَا الْعَشَرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا تُعَجِّلْ الْعَشَرَةَ أَيْ لِلْمَأْمُورِ أَيْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا عَجَّلَ الْعَشَرَةَ لِلْبَائِعِ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ ثُمَّ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَنْعُ، وَلَوْ رَضِيَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ بِالتَّعْجِيلِ لَهُ (ص) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ أَوْ يَفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ قَوْلَانِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْآمِرَ إذَا قَالَ اشْتَرِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ، وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ فَرَوَى سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ بِالْعَشَرَةِ لَا يُرَدُّ إذَا فَاتَ بِمُفَوِّتٍ بَلْ يَمْضِي لِلْآمِرِ بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَاخْتُلِفَ هَلْ لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى قَصْدِ الرِّبَا بِسَبَبِ انْتِفَاعِ الْآمِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ مُدَّةَ قَصْدِهِمَا السَّلَفَ مَعَ الِانْتِفَاعِ كَهِيَ (قَوْلُهُ حَيْثُ نَقَدَ الْآمِرُ) وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ كَانَ نَقَدَ الْآمِرُ بِشَرْطٍ، وَلَهُ الدِّرْهَمَانِ (قَوْلُهُ وَنَصِّهِ) بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى ز (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ عِنْدَ شَرْطِ النَّقْدِ كَمَا يُفِيدُهُ عب، وَكَلَامُ ز عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَصُوَرُ مَحْظُورِهَا ثَلَاثٌ الْأُولَى اشْتَرِ لِي كَذَا بِعَشَرَةٍ وَآخُذُ مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فِيهِمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَقْدَ الْمَأْمُورِ جَازَ، وَإِلَّا فَسَدَتْ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ، وَسَلَفٌ إنْ وَقَعَ لَزِمَتْ الْآمِرَ فَإِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ، وَلَمْ يَمْضِ قَدْرُ مُدَّةِ نَفْعِ السَّلَفِ فَفِي لُزُومِ الْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَالرِّبْحِ أَوْ أَجْرِ مِثْلِهِ فَقَطْ ثَالِثُهَا لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلرِّبَا (قَوْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ بِلُزُومِ الْأَقَلِّ، وَقَوْلُهُ وَسَحْنُونٌ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَجَّرَ مِثْلَهُ، وَقَوْلُهُ وَابْنُ رُشْدٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثَالِثُهَا لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَسَطَ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَالْأَوَّلَانِ أَيْ اللَّذَانِ هُمَا أَجْرُ مِثْلِهِ أَوْ الْأَقَلُّ. (أَقُولُ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ أَيْ مَعَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ فَيَكُونُ عَلَى مِنْوَالِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ مَعَ الشَّرْطِ أَيْ دَخَلُوا عَلَى شَرْطِ النَّقْدِ، وَلَكِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ فَفِي الْجَوَازِ) أَيْ جَوَازِ شِرَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، وَقَوْلُهُ وَالْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَمَحَلُّهَا حَيْثُ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ فَإِنْ نَقَدَ تَطَوُّعًا جَازَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ) الْجَوَابُ الْمَارُّ مِنْ حَيْثُ إشْكَالٌ آخَرُ، وَهُوَ حِكَايَةُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مَعَ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الرِّبْحِ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِشْكَالُ الْمُورَدُ هُنَا، وَهُوَ الْحُكْمُ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ حِكَايَةِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا هُنَا الْأَخْذُ بِنَقْدٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَمُؤَجَّلٌ فَيَقْوَى جَانِبُ السَّلَفِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي) لَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ لِي، وَبَيْنَ أَشْتَرِيهَا الْمُضَارِعِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَى لِي لِأَجْلِي (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَّلَتْ إلَخْ) وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ تَعْجِيلَهَا عُقْدَةُ سَلَفٍ مُسْتَقِلَّةٌ وَقَعَتْ بَعْدَ عَقْدِ بَيْعٍ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ بِالتَّعْجِيلِ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ أَيْ هَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ الْآمِرُ بِالتَّعْجِيلِ بِأَنْ عَجَّلَهَا قَهْرًا عَنْهُ أَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُورُ بِالتَّعْجِيلِ بَلْ أَخَذَهَا قَهْرًا عَنْهُ بَلْ لَوْ رَضِيَ كُلٌّ بِالتَّعْجِيلِ (قَوْلُهُ إذَا فَاتَ) فَإِذَا لَمْ يَفُتْ فَالرَّدُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 وَعَلَى الْمَأْمُورِ الِاثْنَا عَشَرَ لِلْأَجَلِ يُؤَدِّيهَا لِبَائِعِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ مِمَّا يَمْضِي بِالثَّمَنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً رُدَّتْ بِعَيْنِهَا أَوْ فَاتَتْ فَعَلَى الْآمِرِ فِيهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهَا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ إلَخْ إيضَاحٌ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ أَوْ يُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ أَوْ يَفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً تُرَدُّ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ تُرَدُّ حِينَئِذٍ. ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ، وَمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ، وَكَانَ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِهِ الْغَرَرُ، وَكَانَ بَيْعُ الْخِيَارِ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْغَرَرِ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ خِلَافٌ اهـ. أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ: (فَصْلٌ) لِذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الْخِيَارِ بَيْعُ وَقْفٍ بَتَّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ فَقَوْلُهُ بَيْعُ وَقْفٍ بَتَّهُ أَوَّلًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَتَّ الْأَوَّلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءٍ يَأْتِي فَأَخْرَجَ بَيْعَ الْبَتِّ، وَيَخْرُجُ ذُو الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ لِأَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي فِيهِ خِيَارٌ حُكْمِيٌّ لَمْ يَتَوَقَّفْ بَتُّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ فَيُقَالُ فِي الْحُكْمِيِّ بَيْعٌ آلَ إلَى خِيَارٍ فَإِنْ قُلْت هَلْ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَيِّدَ الْمَحْدُودَ بِقَوْلِنَا بَيْعُ الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ قُلْت لَا لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْحُكْمِيِّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالنَّقِيصَةِ أَنَّ مُوجِبَ الْخِيَارِ إمَّا مُصَاحِبٌ لِلْعَقْدِ أَوْ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ التَّرَوِّي، وَالثَّانِي النَّقِيصَةُ، وَهُوَ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ لِأَنَّهُ بِعَيْبٍ سَابِقٍ عَلَى الْعَقْدِ ثُمَّ شَرَعَ فِي تَنْوِيعِ أَمَدِ الْخِيَارِ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَذَكَرَ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الدَّارِ شَهْرٌ بِقَوْلِهِ (ص) إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ (ش) وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْخَمْسَةَ الْأَيَّامَ وَالسِّتَّةَ لِأَجْلِ اخْتِبَارِ جُدُرِهَا وَأُسُسِهَا وَمَرَافِقِهَا وَمَكَانِهَا وَجِيرَانِهَا، وَالدُّورُ وَالْأَرَضُونَ سَوَاءٌ، وَكَذَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ فَقَوْلُهُ كَشَهْرٍ إلَخْ مِثَالٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَيَخْتَلِفُ الْخِيَارُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ كَكَذَا، وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ كَشَهْرٍ إلَخْ مِنْ مَدْخُولِ الْحَصْرِ أَيْضًا، وَهُوَ أَحْسَنُ، وَيَكُونُ رَادًّا بِالْأَوَّلِ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَبِالثَّانِي عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ بِشَرْطٍ، أَيْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ إنَّمَا الْخِيَارُ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ، وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ، وَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ إلَخْ (ص) وَلَا يَسْكُنُ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْكُنَ إذَا كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَوْلَا اخْتِبَارُ حَالِ الدَّارِ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ هَذَا إذَا كَانَ بِلَا أَجْرٍ   [حاشية العدوي] بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ إيضَاحٌ إلَخْ) وَكَأَنَّهُ قَالَ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً تُرَدُّ، وَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ إلَّا بِمَنْزِلَةِ لَكِنْ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالْمَجْمُوعُ تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَكَفَاهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، وَعَلَى هَذَا فَلَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً عَلَى مَحْذُوفٍ بَلْ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَحْذُوفٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي الْعَقْدِ لَا سِيَّمَا فِي جَانِبِ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ لَكِنْ أَجَازَهُ الشَّارِعُ لِيَدْخُلَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى بَصِيرَةٍ بِالثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ، وَلِيَنْفِيَ الْغَبْنَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمَازِرِيُّ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) أَيْ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً خِلَافٌ، وَكَانَ الْمُقَابِلُ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ غَرَرًا. [فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ] (فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ) (قَوْلُهُ الْبَتَّ الْأَوَّلَ) جَعَلَ الْأَوَّلَ صِفَةً لِلْبَتِّ أَيْ صِفَةً مِنْ أَوْصَافِ الْبَتِّ، وَلَا يَظْهَرُ بَلْ قَوْلُهُ أَوَّلًا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وُقِفَ (قَوْلُهُ فَأَخْرَجَ بَيْعَ الْبَتِّ) أَيْ بِقَوْلِهِ وُقِفَ، وَالْبَتُّ الْقَطْعُ لِقَطْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا خِيَارَ صَاحِبِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ، وَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ ذُو الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ بَيْعُ وَقْفٍ بَتَّهُ لَكِنْ هَذَا الْوُقُوفُ لَيْسَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بَلْ فِي آخِرَتِهِ عِنْدَ ظُهُورِ عَيْبٍ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ بَتُّهُ أَوَّلًا) أَيْ أَنَّ الْبَتَّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقِّفًا فِي الْأَوَّلِ عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ فِي الْآخَرِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ بَيْنَ خِيَارِ التَّرَوِّي) هُوَ عَيْنُ الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَخِيَارُ النَّقِيصَةِ هُوَ عَيْنُ الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مُوجِبَ الْخِيَارِ إمَّا مُصَاحِبٌ) أَيْ وَهُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ أَيْ وَهُوَ الْعَيْبُ الَّذِي فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ (قَوْلُهُ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) أَيْ الْخِيَارُ الْمَعْهُودُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ خِيَارُ التَّرَوِّي لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ حَيْثُ أَطْلَقُوا الْخِيَارَ فِي عُرْفِهِمْ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَجَلِ اخْتِبَارِ جُدُرِهَا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ أَيْ إنَّمَا جُعِلَ مُدَّةُ الْخِيَارِ الشَّهْرَ أَيْ هَذِهِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ لِاخْتِبَارِ جُدُرِهَا، وَقَوْلُهُ وَمَكَانِهَا أَيْ جِهَتِهَا الَّتِي هِيَ فِيهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الدَّارَ مَكَانٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا مَكَانٌ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ أَيْ كَالطَّاحُونِ، وَالْمَعْصَرَةِ، وَالْحَمَّامِ (قَوْلُهُ وَيَخْتَلِفُ الْخِيَارُ) أَيْ مُدَّتُهُ (قَوْلُهُ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ إلَخْ) الْقَائِلِينَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَيْ أَنَّهُ مَا دَامَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فَلِكُلٍّ وَاحِدٍ الْخِيَارُ فَلَيْسَ مَعْمُولًا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ، وَمُدَّتُهُ بِشَرْطٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ وَمُدَّتُهُ وَيَقُولَ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ أَيْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَلَا تَكُونُ مُدَّتُهُ إلَّا كَشَهْرٍ فِي دَارٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرْطٌ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا مِنْ قَوْلِهِ إنَّمَا الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِاخْتِبَارٍ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِاخْتِبَارٍ بَلْ، وَلَوْ لِاخْتِبَارٍ، وَقَوْلُهُ هَذَا إلَخْ أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ إذَا كَانَ بِلَا أَجْرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بِهِ جَازَ أَيْ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 فَإِنْ كَانَ بِهِ جَازَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسِيرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْكَثِيرِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَإِنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا فَيَجُوزُ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ. (ص) ، وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ (ش) هَذَا نَحْوُ قَوْلِهَا، وَالْجَارِيَةُ مِثْلُ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَالْجُمُعَةِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ. اهـ. وَكَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يُخَالِفُ مَا فِيهَا، وَإِنَّمَا تَوَسَّطَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الرَّقِيقِ لِإِمْكَانِهِ كَتْمَ عُيُوبِهِ لِإِرَادَتِهِ الْبَقَاءَ عِنْدَ سَيِّدِهِ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ لَيْسَ كَذَلِكَ (ص) وَاسْتَخْدَمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَخْدِمَ الرَّقِيقَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ، وَإِنَّمَا أَجَزْنَا لَهُ الِاسْتِخْدَامَ إذْ لَا يُخْتَبَرُ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّهَا تُخْتَبَرُ بِغَيْرِ سُكْنَى، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي اسْتِخْدَامِهِ، وَاسْتِخْدَامُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ تُجْعَلَ الْأَمَةُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ، وَتَأْتِيَ وَقْتَ الْخِدْمَةِ فَلَا اعْتِرَاضَ. (ص) وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ، وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا، وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ، وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَرَدُّدٌ (ش) الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا لِغَيْرِ رُكُوبِهَا مِنْ غَلَاءٍ وَرُخْصٍ وَكَثْرَةِ أَكْلِهَا وَقِلَّتِهِ وَقُوَّتِهَا عَلَى الْحَمْلِ وَضَعْفِهَا الثَّانِي لِاخْتِبَارِ رُكُوبِهَا فِي الْبَلَدِ الثَّالِثُ لِاخْتِبَارِ رُكُوبِهَا خَارِجَ الْبَلَدِ، وَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَنَحْوُهَا، وَالثَّانِي يَوْمٌ، وَشَبَهُهُ، وَالثَّالِثُ بَرِيدٌ، وَنَحْوُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبَرِيدَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ، وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فَالْبَرِيدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَالْبَرِيدَيْنِ عِنْدَ أَشْهَبَ أَوْ الْبَرِيدُ كَذَلِكَ ذَهَابًا، وَمِثْلُهُ إيَابًا، وَالْبَرِيدَانِ كَذَلِكَ، وَهُوَ فَهْمُ أَبِي عِمْرَانَ أَوْ وِفَاقًا، وَعَزَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ فَالْبَرِيدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَهَابًا، وَمِثْلُهُ إيَابًا، وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ، وَالْبَرِيدَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَصَرَّحَ أَشْهَبُ بِمَا سَكَتَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ تَأْوِيلَانِ فَقَوْلُهُ، وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تُرْكَبَ كَبَقَرَةٍ أَوْ شَأْنُهَا أَنْ تُرْكَبَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ اخْتِبَارَهَا بِهِ فَإِنْ شَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِهِ فَزَمَنُ الْخِيَارِ فِيهَا يَوْمٌ وَنَحْوُهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا) وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا شَرَطَ اخْتِبَارَهَا لِلرُّكُوبِ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ اخْتِبَارَهَا لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَمَعْرِفَةِ أَكْلِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا كَمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ دَابَّةَ الرُّكُوبِ الْخِيَارُ فِيهَا يَوْمٌ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ أَمْ لَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ قَصْدَ الرُّكُوبِ بِمَنْزِلَةِ   [حاشية العدوي] الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى إلَخْ) وَهُوَ أَنَّك تَقُولُ يَجُوزُ إذَا كَانَ بِأَجْرٍ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ أَوْ لَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلَا بِشَرْطٍ أَمْ لَا هَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا. (تَنْبِيهٌ) : فَإِذَا عَلِمْت مَا ذُكِرَ فَاخْتِبَارُ الدَّارِ وَجِيرَانِهَا يُمْكِنُ بِمَبِيتِهِ لَيْلًا مِنْ غَيْرِ سُكْنَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا إلَخْ) لَا يُخْفِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ، وَعَلَى هَذَا الْحَلِّ الَّذِي سَلَكَهُ لَا يَفْتَرِقُ الْعَبْدُ مِنْ الدَّارِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا يَتَبَيَّنُ وَبَهْرَامٌ جَعَلَ قَوْلَهُ: وَلَا يَسْكُنُ إلَخْ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَالَ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الدَّارِ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَخْتَبِرُ جِيرَانَهَا، وَيَعْرِفُ الصَّالِحَ مِنْ غَيْرِهِ، وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بَيْنَ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ سُكْنَاهَا لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِحَالِ الْجِيرَانِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمُحَلَّةِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِيَخْتَبِرَ حَالَهُمْ. وَقَالَهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَكَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ شَبَهُ ذَلِكَ يَشْمَلُ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامَ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِهِ كَتْمَ عُيُوبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ السَّيِّدِ الْبَائِعُ، وَكَتْمُ الْعُيُوبِ عَنْهُ إنَّمَا هِيَ عِلَّةٌ فِي عَدَمِ الْبَقَاءِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلرَّغْبَةِ فِي الْمُشْتَرِي. فَإِنْ قِيلَ كَتْمُ الْعُيُوبِ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الصَّغِيرِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَتْمَ لَمَّا وُجِدَ فِي الْأَكْثَرِ طَرَدَ الْحُكْمَ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ) وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ اسْتِخْدَامَهُ أَوْ لَا مُحْتَرَزُ ذَلِكَ عَبِيدُ الصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَةِ فَإِذَا كَانَ ذَا صَنْعَةٍ لَمْ يَسْتَعْمِلْ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِدُونِهِ وَهُوَ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا اسْتَعْمَلَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ، وَكَذَا عَبْدُ التِّجَارَةِ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي قَوْلُهُ إذْ لَا يُخْتَبَرُ إلَّا بِهِ، وَقَيَّدَهُ فِي غَيْرِ الْمُقَدَّمَاتِ بِمَا إذَا كَانَ يَسِيرًا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِخْدَامُ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَوْ يَسِيرًا كَالْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ ثَمَنٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ فَإِذَا كَانَ لِغَيْرِ الِاخْتِبَارِ يَمْتَنِعُ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلِاخْتِبَارِ فَأَجِزْ إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا كَثِيرًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَإِلَّا أَجِزْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الدَّارِ يَأْتِي هُنَا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَيَأْتِي يُصَرِّحُ الشَّارِحُ بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَلُبْسُ ثَوْبٍ فَمُقْتَضَاهُ يُنَافِي أُسْلُوبَ الْمُصَنِّفِ، وَيُنَافِي قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الدَّارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَظَرَ لِلْأَصْلِ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ وَتَأْتِي وَقْتَ الْخِدْمَةِ) أَيْ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ فِي حَضْرَةِ أُنَاسٍ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ مُسْتَلْزِمُ الْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا مِنْ غَلَاءٍ وَرُخْصٍ) وَدَخَلَ فِي الدَّابَّةِ الطَّيْرُ كَالدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ كَذَا قَرَّرَ. وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إنْ جَرَى عُرْفٌ فِيهَا بِشَيْءٍ عَمِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِاخْتِبَارِ رُكُوبِهَا إلَخْ) أَيْ وَتُرْكَبُ عَلَى الْعَادَةِ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ رُكُوبِهَا الْحَارِثُ عَلَيْهَا، وَالطَّحْنُ وَالْحَمْلُ وَالدَّرْسُ وَالسَّقْيُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) كَذَا فِي غَيْرِهِ، وَحَيْثُ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ وَنَحْوُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّحْوِ الْبَرِيدَ فَيَكُونُ الْوِفَاقُ هُوَ الظَّاهِرَ (قَوْلُهُ، وَالْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ تَأْوِيلَانِ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ وَعِيَاضٍ، وَكِلَاهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تُرْكَبَ إلَخْ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 شَرْطِ اخْتِبَارِهَا بِهِ، وَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُرْتَضَى، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ إلَخْ هُوَ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَ الْبَلَدِ، وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِهِ فِي الْبَلَدِ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ ح، وَهُوَ الظَّاهِرُ (ص) وَكَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ (ش) الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ مَا قَابَلَ مَا مَرَّ فَيَشْمَلُ الْكُتُبَ وَنَحْوَهَا كَالْمِثْلِيِّ، وَإِنَّمَا كَانَ الْخِيَارُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَّا إلَى قِيَاسِهِ وَمَعْرِفَةِ ثَمَنِهِ لَكِنْ قَالَ الْبَاجِيُّ لِكَوْنِهِ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ وُسِّعَ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ لِلْمُبْتَاعِ إنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ ثَمَنِهِ أَوْ لِلتَّرَوِّي فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ لَزِمَ تَسْلِيمُهُ لَهُ فَإِنْ وَقَعَ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لَمْ يَلْزَمْ تَسْلِيمُهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا وَادَّعَى كُلٌّ نَقِيضَ قَصْدِ صَاحِبِهِ فُسِخَ. (ص) وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ، وَهَلْ إنْ نَقَدَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ خِيَارَ التَّرَوِّي يَصِحُّ، وَيَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ بَعْدَ صُدُورِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَتِّ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا، وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ الْمُدَوَّنَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا سَوَاءٌ انْتَقَدَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْهُ إذْ لَيْسَ عُقْدَةً حَقِيقَةً إذْ الْمَقْصُودُ بِهِ تَطْيِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ لَا حَقِيقَةُ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الْآتِي أَوْ هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا انْتَقَدَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْوَاقِعَ بَعْدَ ذَلِكَ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ عَلَى خِيَارٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَإِنْ جَعَلَ الْخِيَارَ لَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَقَرَّرَ لَهُ ثَمَنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي أَوْجَبَ لَهُ عِنْدَهُ سِلْعَةً فِيهَا خِيَارٌ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْعُ ذَلِكَ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنَّمَا قَالَ صَحَّ دُونَ جَازَ لِأَجْلِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ نَقَدَ إلَخْ أَيْ لَا إنْ لَمْ يَنْقُدْ فَلَا يَصِحُّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِجَازِ لَاقْتَضَى أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُصَرِّحَا بِجَعْلِ السِّلْعَةِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ فَيَمْنَعُ قَطْعًا (ص) وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْمَبِيعَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخِيَارُ بَعْدَ الْبَتِّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا وَافَقَ الْبَائِعَ عَلَى مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ عُدَّ بَائِعًا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ السِّلْعَةَ عَنْ مِلْكِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ جَعَلَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ اتِّفَاقًا أَوْ بِالْعَكْسِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ جَعَلَ الْخِيَارَ بَعْدَ بَتٍّ. (ص) وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوِرَةِ بَعِيدٍ أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ إذَا وَقَعَ بِالْخِيَارِ عَلَى شَرْطِ مُشَاوِرَةِ شَخْصٍ بَعِيدٍ عَنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَعِيدِ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِأَمَدٍ بَعِيدٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا إذَا وَقَعَ عَلَى خِيَارٍ أَكْثَرَ مِنْ خِيَارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِكَثِيرٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا إذَا وَقَعَ عَلَى خِيَارٍ لِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ كَمَا إذَا وَقَعَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا إلَى قُدُومِ زَيْدٍ، وَلَيْسَ لِقُدُومِهِ عَادَةٌ تُنْتَظَرُ أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ أَوْ إلَى أَنْ تَضَعَ زَوْجَةُ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّهُ يَسْتَمِرُّ الْفَسَادُ فِيمَا -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تُرْكَبَ إلَخْ، وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَنَّ دَابَّةَ الرُّكُوبِ مَعْنَاهَا الدَّابَّةُ الَّتِي الْقَصْدُ رُكُوبُهَا، وَقَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ قَصْدَ الرُّكُوبِ أَيْ أَنَّ شِرَاءَ الدَّابَّةِ بِقَصْدِ رُكُوبِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ قَصْدَ الِاخْتِبَارِ بِالرُّكُوبِ بَلْ الْمُرَادُ مَا قُلْنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ بَهْرَامَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَيْنَ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ شَأْنُهَا أَنْ تُرْكَبَ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ ح، وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَجُعِلَ قَوْلُهُ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا فِيمَا إذَا شَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ، وَلَمْ يُحَدِّدْهُ بِمَكَانٍ، وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ وَحَدَّدَهُ بِمَكَانٍ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْكُتُبَ وَنَحْوَهَا) أَيْ حَتَّى الْمِثْلِيَّاتِ، وَانْظُرْ الْخِيَارَ فِي السُّفُنِ هَلْ يَلْحَقُ بِالدَّارِ أَوْ بِالرَّقِيقِ أَوْ بِالثَّوْبِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ ثَمَنِهِ) أَيْ لِيَنْظُرَ غَلَاءَهُ وَرُخْصَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقَا عَلَى الْإِطْلَاقِ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ وَقَعَ مُطْلَقًا، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي الْمُحْتَرَزِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَادَّعَى كُلٌّ نَقِيضَ) أَيْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي اخْتِبَارَ الْمَبِيعِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ، وَادَّعَى الْبَائِعُ اخْتِبَارَ الثَّمَنِ فَلَا يَتَسَلَّمُهُ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ) أَيْ وَجَازَ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَسْخُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُبْتَاعِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ الطَّارِئُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ فَالْمَنْعُ بِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ (قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا) أَيْ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (قَوْلُهُ لَمَّا وَافَقَ الْبَائِعَ) أَيْ لَمَّا اتَّفَقَ مَعَ الْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا جُعِلَ لَهُ أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَخْرَجَ السِّلْعَةَ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِهِ الْمُحَتَّمِ الْخَالِي عَنْ خِيَارٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَهُوَ هُنَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا اللَّاحِقُ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَفَسَدَ إلَخْ) وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغٍ إلَخْ) مَثَلًا الْخِيَارُ فِي الدَّارِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَاَلَّذِي يَلْحَقُ بِهَا يَوْمَانِ وَلَيْلَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ فَإِذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ يَمْضِي أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِأَمَدٍ كَثِيرٍ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 ذُكِرَ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ، قَوْلُهُ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ أَيْ وَالزَّمَانُ مُلْغًى، وَقَوْلُهُ أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ أَيْ وَالزَّمَانُ مُعْتَبَرٌ فَتَغَايَرَا، وَقَوْلُهُ مُشَاوَرَة بَعِيدٍ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْبُعْدِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَجْهُولَةٍ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِلْبُعْدِ فَتَغَايَرَا فَلَا تَكْرَارَ (ص) أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بِخِيَارٍ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ، وَشَرَطَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ لِتَرَدُّدِ الْمَبِيعِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ مَبِيعٌ، وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ سَلَفٌ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ. أَمَّا غَيْبَةُ الْمُشْتَرِي فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا غَيْبَةُ الْبَائِعِ فَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ لَهُ فَهُوَ بَيْعٌ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَلَفٌ إنْ رَدَّهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طُبِعَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ وَقَبِلَهُ، وَأَمَّا مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يَفْسُدُ بِشَرْطِ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى مِثْلِيٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَطَابَقَ النَّقْلَ إذْ فِي بَعْضِ الْعُرُوضِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَقْتَضِي كَلَامُهُ مَنْعَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت مَا بَيَانُ التَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ مِنْ الْبَائِعِ قُلْت قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ يُقَدَّرُ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ يَعْنِي يُقَدَّرُ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ فِي نَفْسِهِ، وَأَخْفَاهُ عِنَادًا ثُمَّ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ مِنْهُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ بِأَنْ رَدَّ الْبَيْعَ فَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ مِنْ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْتِزَامِهِ أَوَّلًا، وَإِنْ رَدَّ الطَّعَامَ بِأَنْ أَجَازَ الشِّرَاءَ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفًا مَرْدُودًا (ص) أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ (ش) أَيْ وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ لُبْسِ ثَوْبٍ لَبِسَا مُنَقِّصًا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلثَّوْبِ بِمَا ذُكِرَ بَلْ حُكْمُ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَرَدَ أُجْرَتَهُ) أَيْ أُجْرَةَ اللُّبْسِ أَيْ أَرْشَ اللُّبْسِ أَيْ وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي اشْتِرَاطِ لُبْسِ الثَّوْبِ وَنَقَصَ كَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَةُ لُبْسِهِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا فُسِخَتْ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ الْغَلَّةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لُبْسَ الثَّوْبِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ بَلْ هُوَ نَقْصٌ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ إنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ، وَلَا فِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَوْ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ، وَسُكْنَى الدَّارِ هَذَا إذَا كَانَ بِلَا كِرَاءٍ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ، وَفِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ -   [حاشية العدوي] وَالْحُكْمُ بِالْكَرَاهَةِ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَانْظُرْ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ مُسَلَّمٌ أَمْ لَا فَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ مُشَاوَرَةُ بَعِيدٍ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ، وَلَكِنْ بَعْدَهُ يَزِيدُ عَلَى أَجَلِ الْخِيَارِ رَجَعَ لِلْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ رَجَعَ لِلْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ (قَوْلُهُ أَوْ إلَى أَنْ تَضَعَ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ إلَخْ قَالَ عج وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ لَا يَكُونُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ وَقْتَ حُصُولِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مُعْظَمِ أَحْوَالِهِ كَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ كَشَهْرٍ، وَكَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ بَيْعُ الْخِيَارِ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا مَضَتْ التِّسْعَةُ الْأَشْهُرُ، وَنَحْوُهَا تَمَّتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فِي كَدَارٍ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ وَضْعُهَا كَذَا فِي عب. (تَنْبِيهٌ) : ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ (قَوْلُهُ وَالزَّمَانُ مُلْغًى) أَيْ لَا يُلَاحَظُ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مُشَاوَرَةُ بَعِيدٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ أَوْ الْمَجْهُولَةِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُلَاحَظُ فِيهِ الْبُعْدُ، وَلَا يُلَاحَظُ الْبُعْدُ فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَلَا الْمَجْهُولَةِ بَلْ يُلَاحَظُ الزَّمَنُ فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَيُلَاحَظُ الْجَهَالَةُ فِي الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ فَإِذَنْ لَا تَكْرَارَ فَقَوْلُهُ وَالزَّمَانُ مُلْغًى أَيْ، وَالْبُعْدُ مُلَاحَظٌ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا، وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ لَا يُعْلَمَ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْخِيَارِ يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِلْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَلَا يُعْرَفُ الْبُعْدُ إلَّا بِذَلِكَ فَإِذَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ، وَالزَّمَانُ مُلْغًى لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْبُعْدُ إلَّا بَعْدَ مُلَاحَظَةِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ غَيْبَةٍ إلَخْ فَإِذَا غَابَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا فَسَادَ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ مَعَ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْتَضِي أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ مَبِيعٌ قَطْعًا، وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ سَلَفٌ مُطْلَقًا كَانَتْ الْغَيْبَةُ غَيْبَةَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ نَقَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ، وَأَقَرَّهُ أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُوهِمَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ فِيمَا لَا يُطْبَعُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ سَحْنُونَ، وَلَا يَغِيبُ مُبْتَاعٌ عَلَى مِثْلِيٍّ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ فَإِنْ غَابَ دُونَهُ، وَلَمْ يُفْسِدْ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ، وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا فَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ يَفْسُدُ قَطْعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُزَادُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَرٌ فِي أُصُولِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُدْ، وَلَمْ يُمْنَعْ (قَوْلُهُ أَيْ وَفَسَدَ الْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ اللُّبْسُ كَثِيرًا، وَأَمَّا الْيَسِيرُ كَلُبْسِهِ لِيَقِيسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لُبْسَ إلَخْ) ، وَأَيْضًا الْغَلَّةُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ كَانَ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمْضَى الْبَيْعَ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ نَقْصٌ) أَقُولُ بَلْ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ غَلَّةٌ لِأَنَّهُ يَرُدُّ أُجْرَةَ اللُّبْسِ الْكَثِيرِ الْمُنَقِّصِ، وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَرُدُّ الْمَبِيعَ، وَلَا غَلَّةَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ فِيمَا بِيعَ عَلَى الْبَتِّ، وَمَا هُنَا بِخِيَارٍ إذْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ زَمَنُهُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى الْبَتِّ بَلْ فِي الْحَطَّابِ أَنَّ الْأُجْرَةَ وَالْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الصَّحِيحِ كَالْفَاسِدِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الصَّحِيحِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْخِيَارِ إنْ كَانَ كَثِيرًا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا لَهُ ثَمَنٌ، وَالْيَسِيرُ مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ فِي قَوْلِهِ، وَاسْتَخْدَمَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ اخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ فَحُكْمُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهُ، وَاشْتِرَاطُهُ مَجَّانًا، وَحَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ مَا يَجُوزُ بِالْكِرَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ عِلْمِ الْكِرَاءِ، وَهَذَا يَجْرِي فِيمَا يُفْعَلُ بِشَرْطٍ، وَفِيمَا يُفْعَلُ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَأَنْ يُرِيدَ رُكُوبَ الدَّابَّةِ رُكُوبًا لَهُ ثَمَنٌ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا بِأَجْرٍ يُتَّفَقُ عَلَيْهِ مَعَ رَبِّهَا ثُمَّ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى مَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ دَلِيلُ رَفْعِهِ قَوْلُ وَفِعْلُ الْمَازِرِيِّ، وَتَرَكَ هُوَ عَدَمَهُمَا. اهـ. أَيْ عَدَمَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا إذَا بَقِيَ الْمَبِيعُ عَلَى خِيَارٍ بِيَدِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ أَمَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْخِيَارَ فَالتَّرْكُ هُوَ قَوْلُهُ (ص) وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ، وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ (ش) أَيْ وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ عَلَى خِيَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِمُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ رَدًّا وَإِمْضَاءً كَانَ ذَا الْخِيَارَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ إمْضَاءُ الْبَيْعِ كَانَ ذَا الْخِيَارَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَهُ الرَّدُّ فِي كَالْغَدِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الرَّدُّ أَيْ رَدُّ الْبَيْعِ كَانَ ذَا الْخِيَارَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَهُ الرَّدُّ فِي كَالْغَدِ، وَلَمَّا حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْعِبَارَةَ عَلَى الْإِمْضَاءِ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَوْ عَلَى الرَّدِّ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْإِمْضَاءُ، وَمَا جَاءَتْهُمْ الْحَيْرَةُ وَالْوَقْفَةُ إلَّا مِنْ جَعْلِهِمْ الضَّمِيرَ فِي يَلْزَمُ عَائِدًا عَلَى الْخِيَارِ أَوْ الْبَيْعِ، وَنَحْنُ نَقُولُ وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ رَدًّا وَإِمْضَاءً كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ (ص) وَبِشَرْطِ نَقْدٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى بِشَرْطِ مُشَاوَرَةٍ أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ كَذَا، وَبِشَرْطِ نَقْدٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ كَافٍ فِي الْفَسَادِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَلَعَلَّهُ لِتَنَزُّلِ الشَّرْطِ مَنْزِلَةَ النَّقْدِ بِالْفِعْلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ يَحْصُلُ النَّقْدُ مَعَ شَرْطِهِ غَالِبًا أَوْجَبَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ الْفَسَادَ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْفَسَادُ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَيْسَ كَشَرْطِ السَّلَفِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِشَرْطِ نَقْدٍ أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالنَّقْدِ لَا يُفْسِدُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إيقَافُ الثَّمَنِ إذَا طَلَبَهُ الْبَائِعُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ لِانْحِلَالِ الْعَقْدِ هُنَا وَانْبِرَامِهِ هُنَاكَ. وَشَبَّهَ فِي فَسَادِ شَرْطِ النَّقْدِ مَسَائِلَ سَبْعًا بِقَوْلِهِ (ص) كَغَائِبٍ وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَمُوَاضَعَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا بَاعَ شَيْئًا غَائِبًا عَلَى الْبَتِّ، وَاشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ نَقْدَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ حَيْثُ كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً، وَكَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ عَقَارٍ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ فَإِنْ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَالثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَفْسُدُ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَإِجْمَالُهُ هُنَا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ، وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ إذَا بَاعَ أَمَةً أَوْ عَبْدًا عَلَى عُهْدَةِ الثَّلَاثَةِ، وَاشْتَرَطَ النَّقْدَ لِلثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَجُوزُ فِعْلُهُ) أَيْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ مَجَّانًا، وَأَوْلَى بِأُجْرَةٍ. (قَوْلُهُ فِيمَا يَفْعَلُهُ بِشَرْطٍ إلَخْ) أَيْ جَازَ فِيمَا الْفِعْلُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ مَعَ الشَّرْطِ، وَفِي فِعْلٍ دَخَلَ فِيهِ بِدُونِ شَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ (قَوْلُهُ كَانَ يُرِيدُ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ، وَفِيمَا يُفْعَلُ بِغَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ) أَيْ وَانْقِضَاءِ مَا فِي حُكْمِهِ فَقَوْلُهُ فِي كَالْغَدِ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي حُكْمِهِ مَثَلًا الْخِيَارُ فِي الْعَبْدِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَيَلْحَقُ بِهَا يَوْمَانِ فَالْيَوْمَانِ عِبَارَةٌ عَنْ كَالْغَدِ فَلَمَّا قَدَّرْنَا، وَمَا فِي حُكْمِهِ لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي فِي الْحُكْمِ يَوْمَانِ وَلَيْلَةٌ، وَهُمَا الَّذِي كَالْغَدِ. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ قَرُبَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي بِالْقُرْبِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، وَالْبَعِيدُ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالْيَوْمَيْنِ مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ فَيَصْدُقُ بِيَوْمَيْنِ وَلَيْلَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا لَهُ الرَّدُّ لَهُ الِاخْتِيَارُ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَمَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ ثُمَّ اخْتَارَ بِالْقُرْبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ فِيمَا مُدَّةُ الْخِيَارِ فِيهِ يَوْمٌ، وَأَمَّا مَا مُدَّةُ الْخِيَارِ فِيهِ دُونَ يَوْمٍ كَالْفَوَاكِهِ فَلَا، وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ النَّصُّ عَلَى مُدَّتِهِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى مُدَّتِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَمَا فِي حُكْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الرَّدُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَائِدًا عَلَى الْخِيَارِ) أَقُولُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْخِيَارِ إلَّا إذَا قُدِّرَ مُضَافٌ أَيْ بَيْعُ الْخِيَارِ أَوْ مَبِيعُ الْخِيَارِ، وَقَوْلُهُ وَنَحْنُ نَقُولُ (أَقُولُ) هَذَا مَعْنًى مُمْكِنٌ فِي تَقْدِيرِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَقُولُ يُمْكِنُ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ لَاحَظَ مَا لَاحَظَهُ الْمُعْتَرِضُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ وُجُودَ النَّقْدِ مَعَ الشَّرْطِ صَحَّ أَنْ يُقَالَ نَزَلَ شَرْطُ النَّقْدِ مَنْزِلَةَ النَّقْدِ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ كَشَرْطِ السَّلَفِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ قُلْت فَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ هَذَا الْفَسَادَ وَاقِعٌ فِي الْمَاهِيَّةِ لِأَنَّهُ غُرَرٌ فِي الثَّمَنِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ ثَمَنٌ أَمْ لَا، وَمَسْأَلَةُ شَرْطِ السَّلَفِ الْفَسَادُ فِيهَا مَوْهُومٌ، وَخَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ اهـ. (أَقُولُ) إنَّمَا كَانَ مَوْهُومًا لِوَهْمِ عِلَّتِهِ، وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ خَارِجًا عَنْ الْمَاهِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضٌ، وَنَاقَشَ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي فَرْقِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْضٌ فَقَالَ إنَّ الْفَسَادَ فِي شَرْطِ السَّلَفِ وَاقِعٌ فِي الْمَاهِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِي الثَّمَنِ بِجَهَالَةٍ يَعُودُ فِيهَا لِأَنَّ السَّلَفَ بِشَرْطِهِ يَصِيرُ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ مَجْهُولٌ اهـ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ، وَهَذَا صَحِيحٌ إنْ قَبَضَ السَّلَفَ، وَأَمَّا مَعَ إسْقَاطِهِ فَلَا غَرَرَ لِصَيْرُورَةِ الْجَمِيعِ لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ شَرْطِ النَّقْدِ فِي الْخِيَارِ فَإِنَّ غَرَرَهُ فِي نَفْسِ الثَّمَنِ لِجَهْلِ كَوْنِهِ ثَمَنًا كُلِّهِ أَوْ سَلَفٌ اهـ. (أَقُولُ) ، وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. وَقَالَ الْبَدْرُ هَذَا الْفَرْقُ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا الْجَهَالَةُ فَذَلِكَ رَاجِعٌ لِلْمَاهِيَّةِ لِكَوْنِ الْجَهَالَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ، وَذَلِكَ رُكْنٌ اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ) أَيْ يَلْزَمُ إيقَافُ الثَّمَنِ إذَا طَلَبَهُ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ لِانْحِلَالِ الْعَقْدِ هُنَا أَيْ فِي الْخِيَارِ، وَقَوْلُهُ وَانْبِرَامِهِ هُنَاكَ أَيْ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ. (قَوْلُهُ فَإِجْمَالُهُ هُنَا) الْأَوْلَى فَذِكْرُهُ هُنَا إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 النَّقْدِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِقِلَّةِ الضَّمَانِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا إلَّا بِعُيُوبٍ ثَلَاثَةٍ فَاحْتِمَالُ الثَّمَنِ فِيهَا لِلسَّلَفِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَاحْتِمَالُ السَّلَفِ فِي الثَّمَنِ قَوِيٌّ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ، وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ إذَا بَاعَ أَمَةً تَتَوَاضَعُ، وَاشْتَرَطَ النَّقْدَ لِلثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَظْهَرَ حَامِلًا فَيَكُونَ سَلَفًا أَوْ تَحِيضَ فَيَكُونَ ثَمَنًا، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَقَعَ بَيْعُهَا عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ لَا إنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهَا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَهَا كَمَا فِي بِيَاعَاتِ مِصْرَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُ النَّقْدِ لَكِنْ لَا يُقِرُّ أَنَّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ تُنْزَعُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَيُجْبَرَانِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَنْ تُسْتَبْرَأُ فَلَا يَضُرُّ اشْتِرَاطُ نَقْدِ الثَّمَنِ فِيهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ احْتِمَالَ الْحَمْلِ فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ أَقْوَى مِنْهُ فِيمَنْ تُسْتَبْرَأُ. (ص) وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ آجَرَ أَرْضًا لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا إجَارَةً عَلَى الْبَتِّ، وَاشْتَرَطَ فِي عَقْدِ كِرَائِهَا انْتِقَادَ ثَمَنِهَا فَإِنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ يَكُونُ فَاسِدَ الدَّوْرِ أَنَّهُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهَا إنْ رُوِيَتْ كَانَ أَجْرًا، وَإِنْ لَمْ تُرْوَ كَانَ سَلَفًا فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً كَأَرْضِ النِّيلِ جَازَ النَّقْدُ فِيهَا. (ص) وَجُعْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَاعَلَ شَخْصًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَوْ بَعِيرِهِ الشَّارِدِ، وَاشْتَرَطَ الْمَجْعُولُ لَهُ انْتِقَادَ الْجُعْلِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا، وَظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ مَعَ ظَاهِرِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْجُعْلِ إنَّمَا يُفْسِدُهُ شَرْطُ النَّقْدِ لَا التَّطَوُّعُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٍ لِمَا فِيهَا مِنْ أَنَّ النَّقْدَ يُفْسِدُ مُطْلَقًا اُنْظُرْ نَصَّهَا مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَإِجَارَةٍ لِحَزْرِ زَرْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا يَحْزِرُ زَرْعَهُ أَوْ يَحْصُدُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاطُ انْتِقَادِ الْكِرَاءِ، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ رُبَّمَا يَتْلَفُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخَلَفُ فَهُوَ إنْ سَلَّمَ كَانَ أُجْرَةً، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَانَ سَلَفًا، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الزَّرْعِ خَلَفُهُ إذَا تَلِفَ، وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ إذَا تَلِفَ فَلَا يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ النَّقْدِ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ. (ص) وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا مُعَيَّنًا أَوْ دَابَّةً مُعَيَّنَةً بِقَبْضِ مَنْفَعَةِ مَنْ ذُكِرَ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ لِلْأُجْرَةِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ، وَيَفْسُدُ بِذَلِكَ، وَقَيَّدْنَا الْأَجِيرَ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْكِرَاءَ الْمَضْمُونَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ أَوْ الشُّرُوعُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَا دُونَ الشَّهْرِ لَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إذَا تَأَخَّرَ فَوْقَ نِصْفِ الشَّهْرِ، وَنَحْوَهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقُ فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ بِشَرْطٍ ذَكَرَ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ تَطَوُّعًا إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا فَقَالَ (ص) وَمُنِعَ، وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبَةٍ وَكِرَاءٍ ضَمِنَ وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً بِخِيَارٍ، وَهِيَ مِمَّنْ يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بَيَانُهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ ذَاتًا غَائِبَةً عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَكَذَلِكَ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ، وَصَدَرَ ذَلِكَ عَلَى خِيَارٍ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ، وَسَوَاءٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا بِعُيُوبٍ ثَلَاثَةٍ) الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) أَقُولُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ هِيَ كَوْنُ الرَّقِيقِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا حَدَثَ فِيهَا شَيْءٌ يُرَدُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ أَوْ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهَا (أَقُولُ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ حَالُ النَّاسِ يَخْتَلِفُ فِيهَا فَأَقُولُ يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ اعْتِبَارِهَا أَوْ عَدَمِهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ، وَتَبْقَى حَالَةُ التَّسَاوِي (أَقُولُ) وَيُرْتَكَبُ الْأَحْوَطُ فَيُحْكَمُ بِالْفَسَادِ. (قَوْلُهُ كَأَرْضِ النِّيلِ) أَيْ بَعْضِ أَرْضِ النِّيلِ فَإِذَا رُوِيَتْ بِالْفِعْلِ وَجَبَ النَّقْدُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ وَجُعْلٍ) أَيْ وَشُرِطَ نَقْدٌ فِي جُعْلٍ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ نَصَّهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ نَقَلَ الْمَوَّاقُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ ذَكَرَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مِثْلَ شَرْطِ النَّقْدِ النَّقْدُ تَطَوُّعًا، وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا هِيَ إجَارَةٌ اُشْتُرِطَ فِيهَا التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَاشْتُرِطَ ذَلِكَ لَا يَخْرُجهَا عَنْ كَوْنِهَا إجَارَةً، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ، وَعَلَى أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِيهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا إجَارَةً أَنَّ اللَّخْمِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ فِيهَا مِنْ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ بِحِسَابِهِ، وَالْجُعْلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَبِفَرْضِ كَوْنِهَا جِعَالَةً فَهِيَ جِعَالَةٌ عَلَى خِيَارٍ، وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ فِي جُعْلٍ لَا خِيَارَ فِيهِ اهـ. وَلِذَلِكَ أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجُعْلَ لَا يَضُرُّ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ يَحْزِرُ زَرْعَهُ) هَذَا عَلَى أَنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ حَرْزٌ بِحَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَزَايٍ سَاكِنَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَحْصُدُهُ هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ بِجَزٍّ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ وَزَايٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَاشِيًا عَلَى ضَعِيفٍ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْكَلَامِ الْحَاوِي لِلنَّظَائِرِ ذِكْرُ غَيْرِ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُ كَمَا فِي شَرْحِ شب. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الزَّرْعِ خَلَفُهُ أَوْ يُعْطِيَهُ الْأُجْرَةَ بِتَمَامِهَا. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ مَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ) وَهِيَ أَنَّهُ إذَا أُكْرِيَتْ السَّفِينَةُ لِتُرْكَبَ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا فَفِي ابْنِ يُونُسَ إنْ اكْتَرَى سَفِينَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا وَقْتَ صَلَاحٍ لِرُكُوبٍ جَازَ ثُمَّ إنْ كَانَ وَقْتُ صَلَاحِ الرُّكُوبِ قَرِيبًا مِثْلَ نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوُهُ جَازَ النَّقْدُ، وَإِنْ بَعُدَ كَالشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ اهـ. أَيْ بِشَرْطِ إذْ هُوَ الَّذِي تَتَرَدَّدُ فِيهِ النُّقُودُ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَنْقُودٍ لَا تُعْرَفُ عَيْنُهُ) وَهُوَ الْمِثْلِيُّ (قَوْلُهُ إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُكْرِي أَوْ لِلْمُكْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَانْظُرْ مَا قَدْرُ أَجَلِ الْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ هَلْ يُحَدُّ بِزَمَانٍ أَوْ هُوَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَضْمُونٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَضْمُونُ، وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ. وَإِنَّمَا امْتَنَعَ النَّقْدُ فِي الْكِرَاءِ بِالْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَجَازَ فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ تَطَوُّعًا لِأَنَّ اللَّازِمَ فِي النَّقْدِ فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَهَذَا إنَّمَا يُؤَثِّرُ مَعَ الشَّرْطِ، وَأَمَّا فِي الْكِرَاءِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ الْخِيَارُ فَاللَّازِمُ فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ فِي مُؤَخَّرٍ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي النَّقْدِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا فَتَأَمَّلْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يُعَجَّلُ مِنْ النَّقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ ثَمَنًا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَانْبِرَامِ الْبَيْعِ فَفِي نَقْضِهِ قَبْلَ انْبِرَامِ الْبَيْعِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِيهَا مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بِأَنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ لِمَا يُؤَخَّرُ إلَيْهِ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلَا يُنْظَرُ لِجِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ. (ص) وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً أَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ كَزَيْدٍ مَثَلًا ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبْرِمَ الْبَيْعَ دُونَ مَشُورَةِ زَيْدٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ، وَلَا يَفْتَقِرُ انْبِرَامُ الْبَيْعِ إلَى مَشُورَتِهِ قَوْلُهُ عَلَى مَشُورَةٍ أَيْ الْمَشُورَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَمَّا الْمَشُورَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ بَاعَ عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ بِأَنَّهُ إنْ أَمْضَى الْبَيْعَ مَضَى بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَلَا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْبَيْعِ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْمَشُورَةُ مُطْلَقَةً، وَقَوْلُهُ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ أَيْ، وَالثَّمَنُ، وَالْمُثْمَنُ مَعْلُومَانِ، وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ فَلَا مُنَافَاةَ (ص) لَا خِيَارُهُ وَرِضَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً أَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى رِضَاهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُبْرِمَ الْبَيْعَ، وَيَسْتَقِلَّ بِهِ دُونَ خِيَارِ فُلَانٍ أَوْ دُونَ رِضَاهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا فُلَانٍ أَوْ خِيَارِهِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَشُورَةِ أَنَّ مُشْتَرِطَ الْمَشُورَةِ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي بِهِ نَظَرَهُ، وَمُشْتَرِطَ الْخِيَارِ أَوْ الرِّضَا لِغَيْرِهِ مُعْرِضٌ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ (ص) وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ فِي مُشْتَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ وَابْنَ لُبَابَةَ تَأَوَّلَا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِبْدَادِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي خَاصَّةً فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَا لِلْغَيْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِانْبِرَامِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ دُونَ مَنْ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ أَوْ الرِّضَا، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ (ص) وَعَلَى نَفْيِهِ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ (ش) أَيْ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً أَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى رِضَاهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُبْرِمَ الْبَيْعَ أَوْ يَرُدَّهُ دُونَ خِيَارِ فُلَانٍ أَوْ دُونَ رِضَاهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ، وَأَمَّا الرِّضَا فَلِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِانْبِرَامِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا مَنْ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخِيَارِ وَالرِّضَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْخِيَارُ قَدْ يَحْصُلُ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ اخْتَرْت كَذَا بِخِلَافِ الرِّضَا فَإِنَّهُ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ لَا يُعْلَمُ، وَقَدْ يُخْبِرُ بِخِلَافِ مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ (ص) وَعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ تَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الَّذِي اشْتَرَطَ رِضَاهُ وَخِيَارَهُ كَالْوَكِيلِ فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَا، وَإِلَيْهِمَا يَعُودُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ، وَإِذَا كَانَ كَالْوَكِيلِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الِاسْتِبْدَادُ مَا لَمْ يَسْبِقْ الْوَكِيلُ بِالْإِجَازَةِ أَوْ الرَّدِّ لِلْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَإِنْ بِعْت، وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا بِقَبْضٍ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى رَافِعِ الْخِيَارِ مِنْ الْفِعْلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَرِضَا مُشْتَرٍ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ هَلْ يُحَدُّ بِزَمَانٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحَدُّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَفِي شَرْحِ شب فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْكِرَاءَ بِكَوْنِهِ مَضْمُونًا لَكَانَ أَوْلَى لِيَجْرِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَنَافِعُ عَيْنٍ اهـ. أَيْ فَالضَّعِيفُ يُفَرَّقُ وَيَقُولُ الْمُعَيَّنُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ لِتَعَيُّنِ مَا تُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ وَالذِّمَّةُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَ. (تَنْبِيهٌ) : زَادَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ إذَا وَقَعَتْ مَعَ خِيَارٍ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) أَيْ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدُهُ صَحِيحًا، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ مَعُونَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ إلَخْ أَيْ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا ثُمَّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ لِمَ كَانَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا مَعَ الشَّرْطِ بِخِلَافِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ) لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُشَاوَرَةِ الْمُوَافَقَةُ لِخَبَرِ «شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ» ، وَهَذَا حَيْثُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَشُورَتِهِ لِقُرْبِ مَكَانِهِ، وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ لَا لِمَنْعِ الْجَمْعِ إذْ لَوْ حَصَلَ الْبَيْعُ مِنْ الْمَالِكِ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ، وَالشِّرَاءُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ وَاتَّحَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَشُورَتِهِ فِيهِمَا أَوْ تَعَدَّدَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَبِدُّ (قَوْلُهُ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ) أَيْ إلَى آخِرِهِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَمَا مَرَّ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا خِيَارُهُ أَوْ رِضَاهُ (قَوْلُهُ فِي الثَّمَنِ) أَيْ إنَّ الرِّضَا فِي الثَّمَنِ أَيْ فَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ لَا خِيَارِهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فَمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِرَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِفِعْلِ الثَّانِي قَبْضٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَكَالَةِ، وَإِنْ بِعْت وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا بِقَبْضٍ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ، وَجَمْعٍ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَهَذَا إذَا وُجِدَ سَبْقٌ وَعِلْمٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ سَبْقٌ بِأَنْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ أَوْ وُجِدَ سَبْقٌ وَجَهْلٌ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِعْت) أَيْ: يَا مُوَكِّلُ. وَقَوْلُهُ وَبَاعَ أَيْ الْوَكِيلُ. (قَوْلُهُ وَرَضِيَ إلَخْ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً أَوْ عَبْدًا عَلَى الْخِيَارِ فَكَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِالْبَيْعِ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا زَوَّجَ الْأَمَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا زَوَّجَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ عَبْدًا (ش) وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ زَوَّجَ أَنَّ الْعَقْدَ كَافٍ (ص) أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا (ش) يَعْنِي إذَا فَعَلَ فِعْلًا كَتَجْرِيدِهَا، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ الْفِعْلَ تَلَذُّذًا فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ فَقَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا أَيْ بِفِعْلٍ لَمْ يَكُنْ مَوْضُوعًا لِقَصْدِ التَّلَذُّذِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ، وَأَمَّا الْفِعْلُ الْمَوْضُوعُ لِقَصْدِ التَّلَذُّذِ فَهُوَ مَحْمُولٌ فِيهِ عَلَى قَصْدِ التَّلَذُّذِ أَقَرَّ أَنَّهُ قَصَدَهُ أَمْ لَا. (ص) أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ أَوْ تَسَوَّقَ أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ (ش) الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَهَنَ الْأَمَةَ أَوْ الْعَبْدَ أَوْ غَيْرَهُمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رِضًا مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا بَعْدَ قَبْضِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى، وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا مَا يَأْتِي فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ قَبْلَ قَبْضِهِ يَمْضِي لِأَنَّ ذَلِكَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ أَقْوَى بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ، وَمِمَّا يُعَدُّ رِضًا بِانْبِرَامِ الْبَيْعِ إذَا آجَرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ أَوْ تَسَوَّقَ بِهِ أَيْ أَوْقَفَهُ لِلْبَيْعِ غَيْرَ مَرَّةٍ أَوْ جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ عَمْدًا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَيْهِ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ، وَمَا نَقَصَ، وَمِثْلُ الْعَبْدِ الدَّابَّةُ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَنَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي عَمْدًا كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِلُزُومِ الْبَيْعِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا خَطَأً رَدَّهَا، وَمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ (ص) أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا نَظَرَ إلَى فَرْجِ الْأَمَةِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِلُزُومِ الْبَيْعِ لَهُ لِأَنَّ فَرْجَ الْأَمَةِ لَا يُجَرَّدُ لِلْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) أَوْ عَرَّبَ دَابَّةً أَوْ وَدَّجَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا عَرَّبَ الدَّابَّةَ بِأَنْ فَصَدَهَا فِي أَسَافِلِهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِلُزُومِ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَدَّجَهَا بِأَنْ فَصَدَهَا فِي أَوْدَاجِهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدّ رِضًا مِنْهُ بِلُزُومِ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ إذَا هَلَّبَ ذَنَبَهَا بِأَنْ جَزَّهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِلُزُومِ الْبَيْعِ لَهُ (ص) لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا جَرَّدَ الْجَارِيَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ التَّلَذُّذَ فَيُعَدُّ رِضًا مِنْهُ (ص) ، وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا مَرَّ أَنَّهُ رِضًا مِنْ الْمُشْتَرِي رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ إذَا حَصَلَ مِنْهُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ، وَاسْتَثْنَى الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ ذَلِكَ كَاللَّخْمِيِّ الْإِجَارَةَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا الْإِجَارَةَ (ش) أَيْ فَلَيْسَتْ مِنْ الْبَائِعِ بِرَدٍّ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ زَادَ اللَّخْمِيُّ، وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ، وَهَذَا مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَإِلَّا كَانَتْ رَدًّا مِنْ الْبَائِعِ، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ بِعَمَلِهِ مُدَّةً، وَلَكِنْ هَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ. (ص) وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ   [حاشية العدوي] فِعْلٌ مَاضٍ فَاعِلُهُ مُشْتَرٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) نَاجِزًا أَوْ لِأَجَلٍ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِيلَادُ، وَيُتَصَوَّرُ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ كَافٍ) وَلَوْ فَاسِدًا إلَّا مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فِيمَا يَظْهَرُ عب، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَرَأَ الْحَدَّ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ مَا لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا) ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ فَإِنْ جَرَّدَهَا لِلتَّقْلِيبِ لَا لِقَصْدِ لَذَّةٍ لَمْ يَكُنْ رِضًا، وَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ الْتَذَّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْفِعْلُ الْمَوْضُوعُ لِقَصْدِ التَّلَذُّذِ) وَهُوَ نَظَرُ الْفَرْجِ. (قَوْلُهُ أَوْ آجَرَ) وَلَوْ مُسَاوَمَةً (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ) وَلَوْ هَيِّنَةً أَوْ لِلْمَكْتَبِ (قَوْلُهُ أَوْ تَسَوَّقَ) الَّذِي فِي النَّقْلِ أَوْ سَاوَمَ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) الْخِلَافُ فِي الْخَمْسَةِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا رِضًا، وَلَمْ يَرَ أَشْهَبُ هَذِهِ رِضًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِلُزُومِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعِهَا هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَدْ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ بَلْ، وَيُفِيدُهُ عِبَارَةُ عب إلَّا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ قَدْ وَجَدْته مَنْسُوبًا لِلَّقَانِيِّ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ شَيْخِ الْفِيشِيِّ صَاحِبِ الْحَاشِيَةِ ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى الْحَاشِيَةِ فَوَجَدْت اللَّقَانِيِّ نَسَبَ قَوْلَهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ لِلزَّرْقَانِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنْ نَقُولَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَيُفْهَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِذَلِكَ الْمُشْتَرَى، وَقَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ الْوُرُودُ لِأَنَّ هَذَا مَوْضُوعٌ آخَرُ (قَوْلُهُ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَ) مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَبِيعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَنَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَمْسَةَ دَرَاهِمَ رُبْعُ الْعِشْرِينَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِرُبْعِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ الْمِائَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ مِيزَانًا. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ) كَلَامُ بَهْرَامَ وَالتَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ النَّظَرُ الَّذِي يَحِلُّ بِالْمِلْكِ كَنَظَرِ الذَّكَرِ لِفَرْجِ الْأَمَةِ، وَإِنَّ نَظَرَ الذَّكَرُ لِفَرْجِ الْعَبْدِ، وَنَظَرَ الْأُنْثَى لِفَرْجِ الْعَبْدِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لِعَدَمِ حِلِّ ذَلِكَ حَالًا وَمَآلًا (قَوْلُهُ لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً) أَيْ دُونَ الْفَرْجِ لِمُجَرَّدِ التَّقْلِيبِ (قَوْلُهُ بِعَمَلِهِ مُدَّةً) أَيْ لَا يُعْطِي الْمُعَلِّمَ أُجْرَتَهُ فِي مُقَابِلَةِ تَعْلِيمِهِ بَلْ الْأُجْرَةُ هِيَ عَمَلُهُ فِي الصَّنْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَمَّا أَنْ أَسْلَمَهُ لِلصَّنْعَةِ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْبَائِعِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ. (قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِبَيِّنَةِ مَالٍ (قَوْلُهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ) أَيْ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الرَّدَّ أَحَدُ نَوْعَيْ الِاخْتِيَارِ، وَلَا يَكُونُ قَسِيمًا لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَعْمُولَ اخْتَارَ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 الْإِمْضَاءَ لِيَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ غَيْرِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ أَوْ يَلْزَمُهَا لِغَيْرِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ لِيُلْزِمَهَا لِمَنْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ أَوْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ اخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ أَوْ الرَّدَّ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَذَلِكَ (ص) وَلَا بَيْعُ مُشْتَرٍ (ش) أَيْ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لِلسِّلْعَةِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهَا فَهُوَ مَصْدَرٌ مَرْفُوعٌ مَنْفِيٌّ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً، وَيَحْتَمِلُ النَّهْيَ مَعَ الْفِعْلِ، وَيُجْزَمُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَخْتَارَ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ مِنْ جِهَةِ عَدِّ التَّسَوُّقِ رِضًا دُونَ الْبَيْعِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّسَوُّقَ لَمَّا كَانَ مُتَكَرِّرًا دَلَّ عَلَى الرِّضَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ قَدْ يَقَعُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ (ص) فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ يَصْدُقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَعَلَى كُلٌّ مِنْ النَّفْيِ وَالنَّهْيِ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يُخْبِرْ الْبَائِعُ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا أَشْهَدَ بِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ، وَأَرَادَ نَقْضَ الْبَيْعِ أَوْ أَخْذَ الرِّبْحِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ الِاخْتِيَارَ قَبْلَ الْبَيْعِ بِيَمِينٍ؟ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ يَمِينُ تُهْمَةٍ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَمْ يُحَقِّقْهَا الْبَائِعُ لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ أَوْ لَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَلِلْبَائِعِ نَقْضُ بَيْعِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ أَوْ أَخَذَ الثَّمَنَ، وَهُوَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ لَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ إذَا نَقَضَهُ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ السِّلْعَةِ لِأَنَّ أَيَّامَ الْخِيَارِ لَمْ تَنْقَضِ، وَإِنَّمَا لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ فَقَطْ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ أَيْ رِبْحُ الْمُشْتَرِي الْحَاصِلُ فِي بَيْعِهِ، وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَوَقَعَ الْبَيْعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ الْمَبِيعَ يَلْزَمُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَهُوَ لَمْ يَكُنْ حِينَ انْقِضَائِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ فِي نَقْضِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حِينَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بَلْ فِي يَدِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَمِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا بِعْته قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَهُ فَقَدْ بِعْت مَا فِي مِلْكِي بِغَيْرِ إذْنِي فَلِي رَدُّهُ، وَانْظُرْ إيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُشْتَرِطِ الْخِيَارِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ   [حاشية العدوي] أَوْ رَدَّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ اخْتَارَ فَأَمْضَى أَوْ رَدَّ (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ غَيْرِهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَهِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَلْزَمُهَا هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَهِيَ فِي يَدِهِ لَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِيُلْزِمَهَا لِمَنْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَهِيَ فِي يَدِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَأْخُذَهَا هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَهِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ أَيْ فَالصُّوَرُ الْمَقْصُودَةُ بِالْإِفَادَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ إنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ فَلَهُ صُوَرٌ أَرْبَعٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَخْتَارَ الْإِمْضَاءَ أَوْ يَخْتَارَ الرَّدَّ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ، وَالْخِيَارُ لَهُ، وَاخْتَارَ الرَّدَّ فَاخْتِيَارُهُ الرَّدَّ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا بَلْ تَأْكِيدٌ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَاخْتَارَ الْإِمْضَاءَ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا، وَكَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَاخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَهِيَ بِيَدِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا، وَكَذَا اخْتِيَارُهُ الرَّدَّ، وَهِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا (قَوْلُهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مَرْفُوعٌ) فِي الْحَقِيقَةِ الْمَرْفُوعُ الْفِعْلُ الْمَحْذُوفُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ يُمْنَعُ أَقُولُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ قَوْلُهُ إنْ فَعَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْيَدِ أَقْوَى مِنْ التَّكَرُّرِ هَذَا عَلَى أَنَّ التَّسَوُّقَ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ لِأَنَّ صِيغَةَ التَّفَعُّلِ قَدْ تَأْتِي لِغَيْرِ التَّكْرَارِ كَثِيرًا كَتَعَجَّبَ بِمَعْنَى عَجِبَ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سَامَ بِهَا فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَسْأَلَةَ التَّسَوُّقِ إنَّمَا هِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ أَحْرَى فِي الرِّضَا، وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يَدُلُّ الْبَيْعُ عَلَى الرِّضَا فَالتَّسَوُّقُ أَحْرَى فَهُمَا قَوْلَانِ وَقَعَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ فِي التَّسَوُّقِ قَالَ يَقُومُ مِنْ هُنَا أَنَّ الْبَيْعَ رِضًا بِالْأَحْرَى، وَيَأْتِي خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ مُقَوِّيَةٌ لِوَضْعِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ قَوْلَانِ) عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَصْدُقُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلِمَ لَا يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَلَا مَقَالَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا أَخْتَارُ الْآنَ عَلَى تَسْلِيمِ عَدَمِ الِاخْتِيَارِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ عَدُّوا بَيْعَهُ كَاخْتِيَارِهِ الرَّدَّ فَلَا كَلَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَأْتِي الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لَكِنْ لَا فَائِدَةَ إلَخْ. وَقَوْلُهُ فَالصَّوَابُ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ رَبَّهَا يُمَكَّنُ مِنْ نَقْضِهِ، وَكَوْنُهُ لَهُ فَائِدَةٌ أَوْ لَا مَقَامٌ آخَرُ، وَعِبَارَةُ شب وَلِرَبِّهَا نَقْضُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ كَمَا قَالَ الْمَوَّاقُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، وَهُوَ إمَّا حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَسَكَتَ عَنْ الْقَوْلِ الثَّالِثِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا الرِّبْحُ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَعَنَى قَوْلَهُ وَلَا بَيْعُ مُشْتَرٍ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ إمَّا هَذَا أَوْ هَذَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ أَيْ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَبَيَانُهَا أَنَّك قَدْ عَلِمْت مِنْ الشَّارِحِ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهُ، وَالْخِيَارُ لَهُ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَتَبْقَى صُورَتَانِ، وَهُمَا مَا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي زَمَنَهُ مَا هُوَ بِيَدِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ رَدُّهُ قَطْعًا فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 عَلَى مَوَانِعَ تَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَهِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا خَمْسَةٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (ص) ، وَانْتَقَلَ لِسَيِّدٍ مُكَاتَبٌ عَجَزَ، وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ (ش) يَعْنِي إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ مِنْ رِقٍّ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لَهُ إلَى مَنْ صَارَ إلَيْهِ فَيَنْتَقِلُ لِسَيِّدٍ مُكَاتَبٌ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ مَا كَانَ لَهُ مِنْ رَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ، وَلَا يَبْقَى لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَ عَجْزِهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَيَنْتَقِلُ مَا كَانَ لِمَدِينٍ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ لَهُ ثُمَّ فَلَّسَ أَوْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ لِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِ الْمَدِينِ الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ فَلَهُمْ الْأَخْذُ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لِلْمُفْلِسِ، وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ يُؤَدِّي عَنْهُ الثَّمَنَ، هَذَا مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ أَوْ نَقْصٍ فَلِلْمُفْلِسِ أَوْ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ لَازِمٌ لِلْمُفْلِسِ، وَاَلَّذِي ابْتَاعَ بِخِيَارٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ إلَّا بِمَشِيئَةِ الْغُرَمَاءِ فَلَمْ يَجِبْ أَنْ يُدْخِلُوا عَلَى الْوَرَثَةِ ضَرَرًا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَلِغَرِيمٍ عَامِلُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَانْتَقَلَ خِيَارُ الْمَدِينِ لِغَرِيمٍ إلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى لِسَيِّدٍ مُكَاتَبٌ لِأَنَّ فَاعِلَ انْتَقَلَ الْمَذْكُورَ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ فَاعِلِ الْمُقَدَّرِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ إلَخْ انْتَهَى (ص) وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ (ش) يَعْنِي إذَا اتَّفَقَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى أَخْذٍ أَوْ رَدٍّ فَلَهُمْ، وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْوَارِثُ بِمَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ رَدِّ الْغُرَمَاءِ، وَانْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَ الْغُرَمَاءُ فَرَدَّ بَعْضُهُمْ، وَأَجَازَ آخَرُونَ فَهَلْ يَكُونُونَ كَالْوَرَثَةِ، وَيَجْرِي فِيهِمْ مَا جَرَى فِيهِمْ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ اسْتِحْسَانٍ أَوْ تَكُونُ الْوَرَثَةُ أَحَقَّ بِنَصِيبِ الرَّادِّ دُونَ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ، وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ، وَفِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ رَدُّوا أَيْ الْغُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يُؤَدُّوا الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ انْتَهَى، وَيُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَى رَدِّهِمْ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ (ص) وَلِوَارِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ غَرِيمٌ لَمْ يَحُطَّ دَيْنَهُ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَرِيمٌ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِ الْمَيِّتِ فَهُوَ مَا قَبْلَهُ ثُمَّ إنْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ أَوْ اخْتَلَفُوا وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِالتَّبْعِيضِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ، وَأَبَى مَنْ أَخَذَ نَصِيبَ الرَّادِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَالْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ؛ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ (ش) أَيْ، وَالْقِيَاسُ عِنْدَ أَشْهَبَ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ فَيُكَلَّفُ مَرِيدُ الْإِمْضَاءِ الرَّدَّ مَعَ مَرِيدِهِ لِأَنَّ نَصِيبَ الرَّادِّ عَادَ لِمِلْكِ الْبَائِعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ إلَّا مِمَّنْ أَحَبَّ   [حاشية العدوي] فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَمَا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ لِأَنَّ بِمُضِيِّهِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُشْتَرٍ أَنَّ الْبَائِعَ لَهُ بَيْعُهَا وَهِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ زَمَنُهُ، وَيَكُونُ رَدًّا لَا بَعْدَهُ قَائِمًا لَهُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلُزُومِ الْبَيْعِ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ. وَهَاتَانِ صُورَتَانِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَبَاعَ الْبَائِعُ زَمَنَهُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ مَعَ الْقِيَامِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ الْفَوَاتِ فَإِنْ بَاعَ الْبَائِعُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَهِيَ بِيَدِهِ أَيْ الْبَائِعِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَدْ نَقَدَهُ لِلْبَائِعِ. [بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ] (قَوْلُهُ وَهِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا خَمْسَةٌ) أَيْ الَّتِي هِيَ الرِّقُّ وَالْفَلَسُ وَالْمَوْتُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَمُفَادُهُ أَنَّ فِيهَا كَلَامًا آخَرَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ) بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ (قَوْلُهُ أَحَاطَ دَيْنُهُ) بِالْمُفْلِسِ، وَفَلَّسَ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَأَوْلَى الْأَخَصُّ، وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْقِنُّ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ، وَأَمْضَى السَّيِّدُ ذَلِكَ فَالْخِيَارُ لِلْعَبْدِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ أَمْضَى الْعَقْدَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ قَدْ أَمْضَى ذَلِكَ فَيَكُونُ الْخِيَارُ لَهُ (قَوْلُهُ لِغَرِيمٍ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لِلْمَدِينِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ، وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ بِخِلَافِ هِبَةِ الثَّوَابِ فَيُجْبَرُ عَلَى الثَّوَابِ إذَا كَانَ أَرْجَحَ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْأَخْذُ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي عَنْهُ الثَّمَنَ) أَيْ فِي بَيْعِ الْبَتِّ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا كَانَ) أَيْ حُكْمُ هَذَا مَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجِبْ) أَيْ يَثْبُتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فَاعِلَ انْتَقَلَ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِلْخِيَارِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَيُصْرَفُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ لِمَا يَلِيقُ بِهَا فَيُقَالُ انْتَقَلَ الْخِيَارُ الْمُطْلَقُ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي خِيَارِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ، وَانْتَقَلَ الْخِيَارُ الْمُطْلَقُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي خِيَارِ مَنْ أُحِيطَ بِمَالِهِ لِغَرِيمٍ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا مَاتَ شَخْصٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، وَعِنْدَهُ تَرِكَةٌ، وَأَرَادَتْ الْغُرَمَاءُ أَخْذَ تِلْكَ الْأَعْيَانِ، وَأَرَادَتْ الْوَرَثَةُ دَفْعَ الثَّمَنِ لِلْغُرَمَاءِ وَيَأْخُذُونَ الْأَعْيَانَ فَإِنَّ الْكَلَامَ لِلْغُرَمَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهَا، وَالْمُرَادُ بِاَلَّذِي لَهُ أَيْ بِاَلَّذِي يَمْلِكُهُ لَا الَّذِي لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا اتَّفَقَتْ الْغُرَمَاءُ إلَخْ) أَيْ الَّذِينَ أَحَاطَ دَيْنُهُمْ بِمَالِ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ وَأَبَى مِنْ أَخْذِ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَوْ يَدُلُّ أَنَّ الْقِيَاسَ مُتَصَوَّرٌ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ دُونَ إجَازَةِ الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ إمَّا أَنْ يُجْبَرُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْإِجَازَةِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِجَمِيعِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يُجْبَرُوا عَلَى رَدِّ الْمَبِيعِ جَمِيعِهِ لِلْبَائِعِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَوَّاقِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالِاسْتِحْسَانُ ضَعِيفٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 وَالِاسْتِحْسَانُ عِنْدَهُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ أَيْ يُمَكَّنُ مَنْ أَرَادَ الْإِجَازَةَ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِ الرَّادِّ، وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ لِتَرْتَفِعَ الْعِلَّةُ الَّتِي شَكَاهَا مِنْ التَّبْعِيضِ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقِيَاسَ، وَالِاسْتِحْسَانَ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي، وَسَكَتَ عَنْهُ فِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ، وَاخْتَلَفَ شُيُوخُهَا هَلْ هُمْ كَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا مَاتَ، وَلَهُ الْخِيَارُ، وَتَرَكَ وَرَثَةً، وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ فَهَلْ يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَيَنْزِلُ الرَّادُّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ إلَّا نَصِيبُهُ ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ الرَّادِّ لَهُ، وَبِتَمَسُّكِهِ بِنَصِيبِ الْمُجِيزِ، وَبِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ فِيهَا، وَنِعْمَت، وَإِلَّا أُجْبِرَ الرَّادُّ عَلَى الْإِجَازَةِ مَعَ مَنْ أَجَازَ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نَصِيبِ الْمُجِيزِ. فَيَصِيرُ مُحَصَّلُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إذَا أَجَازَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ الرَّادِّ لَهُ، وَيَدْخُلُهُمْ أَيْضًا الِاسْتِحْسَانُ، وَهُوَ أَنَّ لِلرَّادِّ أَخْذَ الْجَمِيعِ نَصِيبَهُ وَنَصِيبَ الْمُجِيزِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ الِاسْتِحْسَانُ وَرَثَةَ الْبَائِعِ وَهُوَ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا نَصِيبُهُ إنْ سَلَّمَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي وَرَضِيَ بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ، وَلَا أُجْبِرَ عَلَى الْإِجَازَةِ مَعَ مَنْ أَجَازَ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ تَأْوِيلَانِ لِهَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ، وَالْقِيَاسُ الْأُصُولِيُّ حَمْلُ فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ فِي الْحُكْمِ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ فَالْأَصْلُ الْمُوَرِّثُ، وَالْفَرْعُ الْوَارِثُ، وَالْحُكْمُ عَدَمُ التَّبْعِيضِ، وَالْعِلَّةُ الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِهِ، وَالِاسْتِحْسَانُ تَقْدِيمُ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ عَلَى أَنَّ فِي أَخْذِ الْمُجِيزِ مَصْلَحَةً بِدَفْعِ الثَّمَنِ جَمِيعِهِ لِلْمُشْتَرِي مَعَ اسْتِلْزَامِ ذَلِكَ عَدَمَ التَّبْعِيضِ الْحَاصِلِ بِهِ الضَّرَرُ. (ص) وَإِنْ جُنَّ نَظَرَ السُّلْطَانُ، وَنَظَرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنْ طَالَ فُسِخَ (ش) أَيْ وَإِنْ جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ بِالْآخَرِ الصَّبْرُ إلَيْهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يُفِيقُ عَنْ قُرْبٍ فَلَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ، وَأَمَّا إنْ أُغْمِيَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ لِيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ فَإِنْ طَالَ إغْمَاؤُهُ فُسِخَ الْعَقْدُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَبِعِبَارَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُغْمَى فَاعِلُ نَظَرَ فَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ قَالَ   [حاشية العدوي] أَيْ الْبَائِعَ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ أَيْ يُمَكَّنُ إلَخْ) وَهَذَا حَيْثُ أَرَادَ الْمُجِيزُ أَخْذَ الْجَمِيعِ، وَإِنْ أَرَادَ رَدَّ الْجَمِيعِ لِلْبَائِعِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِمَا طَلَبَهُ مِنْ التَّبْعِيضِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ يُمْكِنُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُجِيزَ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ فَيَنْزِلُ الرَّادُّ إلَخْ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدْخُلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَنْزِلُ الرَّادُّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُدْخَلٌ فِي الْمِلْكِ، وَيَنْزِلُ الْمُجِيزُ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُخْرَجٌ عَنْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْقِيَاسِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ أَجَازَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ أَوْ رَدُّوا أَوْ أَجَازَ الْبَعْضُ وَرَدَّ الْبَعْضُ، وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهَلْ يَجْرِي الْقِيَاسُ، وَالِاسْتِحْسَانُ أَوْ لَا يَجْرِي إلَّا الْأَوَّلُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فَعَلَى الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ إلَّا نَصِيبُهُ ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ لَا دَخْلَ لَهُ، وَرَوْحُ الْمَقْصُودِ آخَرَ الْعِبَارَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ دُخُولِ الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِحْسَانِ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ إذَا تَعَدَّدَ الْوَرَثَةُ وَاخْتَلَفُوا وَلَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ، أَمَّا إنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ، وَاخْتَارَ الْإِجَازَةَ أَوْ الرَّدَّ أَوْ تَعَدَّدَ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِجَازَةِ أَوْ الرَّدَّ، وَاخْتَلَفُوا، وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ فَلَا قِيَاسَ وَلَا اسْتِحْسَانَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُجْبِرَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ، وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ فَيَنْزِلُ الرَّادُّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي، وَالْمُجِيزُ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ فَيُقَالُ الْقِيَاسُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ، وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ أَوْ إنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُجِيزَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ صَارَ إلَيْهِ نَصِيبُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْبَائِعُ أَنْتَ رَضِيت بِإِخْرَاجِ السِّلْعَةِ بِهَذَا الثَّمَنِ فَأَنَا أَدْفَعُهُ، وَلَا يُمْكِنُ الرَّادَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمَنْ صَارَ لَهُ حِصَّةُ الْمُجِيزِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ قَالَ لِأَخِيهِ الْمُجِيزِ أَجَابَهُ بِإِنِّي أَجَزْت، وَانْتَقَلْت عَنِّي إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ فَلَمْ يَبْقَ بِيَدِي الْآنَ شَيْءٌ فِيهِ الْإِعْطَاءُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ، فَعَلَى لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ جَمِيعِهِ لِلْمُشْتَرِي) الْأَوْلَى لِلْبَائِعِ، وَهَذَا فِي الِاسْتِحْسَانِ مِنْ جَانِبِ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ وَرَثَةِ الْبَائِعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّ فِي أَخْذِ الرَّادِّ إلَخْ، وَبَعْضُهُمْ يُفَسِّرُ الِاسْتِحْسَانَ بِأَنَّهُ مَعْنًى يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى دَلِيلُ الْحُكْمِ لَا الْحُكْمُ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ يَذْكُرُ الْحُكْمَ، وَهُوَ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ مَنَابَ الْآبِي وَالْمُجِيزِ إنْ شَاءَ جَبْرًا عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَبَى رَدَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ. [جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ بِالْآخَرِ الصَّبْرُ إلَيْهِ] (قَوْلُهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ) فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ حَتَّى أَفَاقَ أَثْنَاءَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَانْظُرْ هَلْ يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْأَجَلُ أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَطَّلِعَ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ وَيُؤَخَّرُ أَوْ لَا يَطَّلِعَ حَتَّى أَفَاقَ، وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ حَتَّى مَضَى أَجَلُ الْخِيَارِ أَوْ بَعْضُهُ هَلْ يَسْتَأْنِفُ لَهُ أَمَدَ الْخِيَارِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ يُفِيقُ عَنْ قُرْبٍ فَلَا) قَالَ فِي شَرْحِ شب، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ) وَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ طَالَ إغْمَاؤُهُ) بِأَنْ يَتَضَرَّرَ الْآخَرُ أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَيْ أَوْ فِي زَمَنِهِ، وَقَوْلُهُ فُسِخَ الْعَقْدُ فَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَهُ اُسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ طُولُ أَمَدِ الْمَجْنُونِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَاظِرٍ فِي أُمُورِهِ، وَالْغَالِبُ فِي الْإِغْمَاءِ عَدَمُ التَّمَادِي، وَالْمَفْقُودُ كَالْمَجْنُونِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَانْظُرْ الْأَسِيرَ هَلْ هُوَ كَالْمَفْقُودِ أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ، وَانْظُرْ الْمُرْتَدَّ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هَلْ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 يُرِيدُ أَنَّ الْمُغْمَى هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ أَيْ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ أَيْ وَلَوْ أَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يَطُولَ فَيُفْسَخَ الْعَقْدُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ " نُظِرَ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَيَكُونَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُوَافِقِ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ، وَانْتُظِرَ الْمُغْمَى إلَخْ (ص) وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ (ش) أَيْ إنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ لِلْخِيَارِ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ لَا تَقْرِيرٌ، وَقِيلَ إنَّ الْمِلْكَ لِلْمُبْتَاعِ فَالْإِمْضَاءُ تَقْرِيرٌ لَا نَقْلٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ أَيْ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ مُنْعَقِدٌ أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لَكِنْ مِلْكُهُ لَهُ غَيْرُ تَامٍّ، وَلِذَلِكَ كَانَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اتِّفَاقًا (ص) وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ يَكُونُ لِمَالِكِهِ، وَهُوَ الْبَائِعُ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَمَّا إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الْمَعْلُومُ وَالْمَجْهُولُ فَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَالَهُ الْأَصْلِيَّ فَهَذَا تَبَعٌ لَهُ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ هُنَا الِاشْتِرَاطُ. (ص) وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ حَيْثُ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مَعِيبًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ ثَمَرَةُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فِيهِ نَخْلٌ وَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهِ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى قَوْلٍ فَيُتَصَوَّرُ عَلَيْهِ طُلُوعُ الثَّمَرِ، وَقَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ إلَخْ، وَلَوْ اسْتَثْنَى مَالَهُ فِيهِمَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْأَرْشَ بِمَنْزِلَةِ جَزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَالْغَلَّةُ تَنْشَأُ عَنْ التَّحْرِيكِ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ (ص) بِخِلَافِ الْوَلَدِ (ش) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ أَيْ فَهُوَ كَجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَمِثْلُهُ الصُّوفُ تَمَّ أَمْ لَا. (ص) وَالضَّمَانُ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَحَصَّلَ حِينَئِذٍ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَثَبَتَ تَلَفُهُ أَوْ ضَيَاعُهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (ص) وَحَلَفَ مُشْتَرٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (ش) أَيْ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَ مَا اشْتَرَاهُ بِالْخِيَارِ أَوْ تَلَفَهُ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ، وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ ضَاعَتْ أَمْسِ فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا أَمْسِ أَوْ يَقُولُ ضَاعَتْ أَوَّلَ أَمْسِ بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَيَقُولُ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي عِلْمِي، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحُلِيِّ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ، وَمِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ   [حاشية العدوي] إنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ، وَإِنْ تَابَ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) فَثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ) وَضَّحَهُ الْفِيشِيُّ فَقَالَ مَعْنَى انْحِلَالِهِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَمَعْنَى انْعِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ) لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَفْسِهِ بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَفِي التَّتَّائِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَنَحْوُهُ لِلشَّاذِلِيِّ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَيْعِهِ كَالْعَدَمِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى بِالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ يَكُونُ لِمَالِكِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَا مُبْتَدَأٌ وَالْغَلَّةُ، وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ لَهُ. [الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ] (قَوْلُهُ وَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهِ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى قَوْلٍ) كَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَهُ هَلْ هُوَ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ وَالْوَاضِحَةَ الشَّهْرَانِ (قَوْلُهُ إنَّ الْأَرْشَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ يَنْتِجُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْجُزْئِيَّةِ كَمَا فِي الْوَلَدِ وَالْغَلَّةِ تَنْشَأُ عَنْ التَّحْرِيكِ أَيْ فَلَيْسَ لَهَا وُجُودٌ فِي نَفْسِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْضِي بِالْمُنَافَاةِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ جَزْءٍ، وَأَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ فَرْقًا بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَأْخُوذًا فِي نَظِيرِ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَقْدَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ تَنْشَأُ عَنْ التَّحْرِيكِ) أَيْ وَالْمُحَرِّكُ لَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ الْبَائِعُ فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ أَيْ فَلَيْسَ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ) وَلَمْ يَقُلْ إلَّا الْوَلَدَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ مِنْ الْغَلَّةِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ، وَمَا عَبَّرَ بِهِ مُفِيدٌ لِكَوْنِهِ غَيْرَ غَلَّةٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ ثَمَّ أَمْ لَا) وَذَلِكَ أَنَّ الصُّوفَ جَزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ فَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ ثَمَرَةٍ حَدَثَتْ أَيَّامَ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ لَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِشَرْطٍ، وَحِينَئِذٍ فَالصُّوفُ التَّامُّ، وَالثَّمَرَةُ وَالْمُؤَبَّرَةُ مُفْتَرَقَانِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَبِيعَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَتَقَوَّى جَانِبُهُ بِخِلَافِ بَابِ الرَّهْنِ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الضَّمَانِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ، وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا) وَصِفَةُ يَمِينِ التُّهْمَةِ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْتُ، وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطْت خَاصَّةً (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ وَالتَّقْدِيرُ وَيَحْلِفُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَيَضْمَنَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا لِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَقَوْلُهُ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ عَطْفٌ عَلَى يَظْهَرُ كَذِبُهُ. (ص) ، وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خَيَّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ إذَا أَتْلَفَ أَوْ ضَيَّعَ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَمْضَيْت إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، وَأَنْ يَقُولَ رَدَدْت إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَأَتَّى الْإِمْضَاءُ فِي مَعْدُومٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَدَمَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَكَأَنَّهُ مَوْجُودٌ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَحْلِفَ (ش) أَيْ (فَ) يَضْمَنَ (الثَّمَنَ) فَقَطْ (ص) كَخِيَارِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، وَغَابَ عَلَى الْمَبِيعِ، وَادَّعَى تَلَفَهُ ضَمِنَ الثَّمَنَ فَقَطْ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاضِيًا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالشِّرَاءِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (ص) ، وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعُ إذَا غَابَ عَلَى الْمَبِيعِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ خَاصَّةً سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَتْلَفَ سِلْعَةً وُقِفَتْ عَلَى ثَمَنٍ، وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ ذَكَرَ جِنَايَةَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَأَنَّهَا سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً ثَمَانِيَةٌ فِي جِنَايَةِ الْبَائِعِ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ أَمْ لَا، وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي، وَمِثْلُهَا فِي جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي. وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْ جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَقَالَ (ص) وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ، وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا فَرَدٌّ (ش) أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ جِنَايَتِهِ، وَهَذَا تَصَرُّفٌ يَفْعَلُهُ الشَّخْصُ فِي مِلْكِهِ، وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا الْإِجَارَةَ اغْتَفَرَهُ جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ (ص) وَخَطَأً فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَيْ وَإِنْ جَنَى الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جِنَايَةَ خَطَأٍ عَيَّبَتْهُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ بِمَالِهِ فِيهِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْمَبِيعِ فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ بِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ خِيَارِ النَّقِيصَةِ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ إنْ كَانَ دَفَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَلِذَلِكَ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَالْمُرَادُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أَنْ يَتَمَاسَكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يَرُدُّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَرَادَ الْبَائِعُ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَإِنْ رَدَّهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُهُ خَطَأً رَدًّا كَجِنَايَتِهِ عَمْدًا لِأَنَّ الْخَطَأَ مَنَافٍ لِقَصْدِ الْفَسْخِ. (ص) وَإِنْ تَلِفَ انْفَسَخَ فِيهِمَا (ش) الضَّمِيرُ الْمُثَنَّى يَرْجِعُ إلَى الْجِنَايَةِ عَمْدًا وَخَطَأً، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَتَلِفَ الْمَبِيعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ فِيهِمَا لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ، وَهُوَ الْجَانِي، وَلَا مَقَالَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ إذْ الْخِيَارُ بِيَدِ الْبَائِعِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ تَلِفَ انْفَسَخَ كَفَاهُ، وَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِمَسْأَلَةِ الْخَطَأِ فَقَطْ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَمْدِ فَقَدْ حَكَمَ فِيهَا بِالرَّدِّ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَلِفَ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ، وَتَعَمَّدَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، وَأَخْذُ الْجِنَايَةِ (ش) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ وَتَعَمَّدَ يَرْجِعُ لِلْبَائِعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ   [حاشية العدوي] ظَهَرَ كَذِبُهُ إذْ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُعَارَضَةِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ، وَبَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ رَجَعَهُ لِلْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خَيَّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ قَالَ أَجَزْت الْبَيْعَ أَوْ رَدَدْته، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ اسْتِفْسَارُهُ قَبْلَ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَمْضَى الْبَيْعَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَإِنْ رَدَّ فَلَهُ الْقِيمَةُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْأَكْثَرُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ إذَا أَتْلَفَ) أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْإِتْلَافِ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَدَمَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْإِمْضَاءَ يَتَأَتَّى فِي مَعْدُومٍ كَالْمُحَقَّقِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنَ الثَّمَنَ) أَيْ دُونَ الْقِيمَةِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ لَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً فَالثَّمَنُ دُونَ يَمِينٍ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ أَشْهَبَ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ) أَيْ يَرُدُّهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ سُودَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ إلَخْ) أَيْ، وَلِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ بِمِلْكِهِ بِخِلَافِ السَّابِقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُ إذَا تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَتَلِفَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعَ إلَّا الثَّمَنَ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَائِعَ جَانِبُهُ أَقْوَى مِنْ الْمُشْتَرِي بِدَلِيلِ مِلْكِهِ السَّابِقِ، وَضَمَانُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ يَوْمَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ، وَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ لَهُ الثَّمَنَ أَيْضًا، وَيَتَقَاصَّانِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْمُقَاصَّةِ، وَإِلَّا غَرِمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عِنْدَ الْغَيْبَةِ، وَالْمُشْتَرِي وَقْتَ حُلُولِ مَا أُجِّلَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بِمَثَابَةِ إلَخْ تَخْصِيصٌ لِقَاعِدَةِ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ سِلْعَةٌ انْتَهَتْ الرَّغَبَاتُ فِيهَا وَوَقَفَتْ عَلَى ثَمَنٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا بَلْ الثَّمَنُ لِأَنَّ ثَمَنَهَا عُلِمَ وَالْقَاعِدَةُ فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ (قَوْلُهُ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ جِنَايَتِهِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى فَفِعْلُهُ رَدٌّ أَيْ أَنَّ فِعْلَهُ يُعَدُّ رَدًّا. [الْبَائِعَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَصَرَ إلَخْ) الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذْ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفِ لَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ فِيهَا بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ فَلِلْمُشْتَرِي) اسْتَشْكَلَ أَخْذُ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ مَعَ أَنَّ الْبَائِعَ جَنَى عَلَى سِلْعَتِهِ إذْ بَيْعُ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 مُشْتَرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي، وَتَعَمَّدَ الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَبِيعِ، وَلَمْ يَتْلَفْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ، وَدَفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَيُقَاصُّهُ بِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَمَنْ لَهُ فَضْلٌ رَجَعَ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَوْ قِيمَةُ الْعَيْبِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي نَحْوِ الْمُوضِحَةِ مِمَّا فِيهِ مُسَمَّى أَنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَيْبِ مَعَ أَنَّ فِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ كَنِصْفِ الْعُشْرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ (ص) ، وَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ. أَتْلَفَهُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ، وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ، وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، وَرَضِيَ بِمَا يَفْعَلُهُ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَإِنْ رَدَّ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَجَازَ ضَمِنَ الثَّمَنَ كَذَا يَنْبَغِي. (ص) وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَخْذُهُ نَاقِصًا أَوْ رَدُّهُ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ يَعْنِي أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ جِنَايَةَ خَطَأٍ وَلَمْ يُتْلِفْهُ فَالْخِيَارُ حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَسَقَطَ عَنْهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُهُ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَجِنَايَتُهُ عَلَى مِلْكِهِ (ص) وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ (ش) أَيْ وَإِنْ تَلِفَتْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِسَبَبِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْعُقْدَةَ تَنْفَسِخُ حِينَئِذٍ، وَهَذِهِ آخِرُ الثَّمَانِيَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ ثُمَّ شَرَعَ فِي جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي، وَعَدَّهَا كَعَدِّهَا بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ، وَالْخِيَارُ لَهُ، وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جِنَايَةَ عَمْدًا، وَالْخِيَارُ لَهُ، وَلَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ رِضًا بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ، وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ اُغْتُفِرَ جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ (ص) وَخَطَأً فَلَهُ رَدُّهُ، وَمَا نَقَصَ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جِنَايَةَ خَطَأٍ، وَلَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ، وَالْخِيَارُ لَهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَأَخَذَهُ بِعَيْبِهِ، وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَدَفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ. وَلَوْ قَالَ فَلَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ كَمَا مَرَّ لَأَفَادَ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ لَكِنْ أَتَى بِهَذَا الْقَصْدِ تَفْسِيرُ خِيَارِ الْعَيْبِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَةُ الْمُشْتَرِي خَطَأً رِضًا كَجِنَايَتِهِ عَمْدًا لِأَنَّ الْمُخْطِئَ لَا يَقْصِدُ بِفِعْلِهِ التَّمَسُّكَ كَمَا لَا يَقْصِدُ بِهِ الْبَائِعُ الْفَسْخَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ أَرْشِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (ص) وَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جِنَايَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَأَتْلَفَهُ، وَالْخِيَارُ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، وَعَلَّلَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعَدُّ إتْلَافُهُ لِلسِّلْعَةِ كَالْمُتْلِفِ لِثَمَنِهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ إيَّاهُ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا إلَخْ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ كَخِيَارِهِ (ص) وَإِنْ خَيَّرَ غَيْرَهُ وَجَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ (ش) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ الْبَائِعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ، وَالْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ تَتْلَفْ السِّلْعَةُ بِسَبَبِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَأَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَأَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ كَمَنْ أَتْلَفَ سِلْعَةً وُقِفَتْ عَلَى ثَمَنٍ. وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لِمَا مَرَّ (ص) وَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَالْجَانِي   [حاشية العدوي] الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْضِيَ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ عَدَا عَلَى مَا لِلْغَيْرِ فِيهِ حَقٌّ أَوْ مَشَى عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ فَيَكُونُ مَشْهُورًا مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَخْصَرَ) لِأَنَّ غَيْرَهُ كَلِمَتَانِ وَمُشْتَرٍ كَلِمَةٌ، وَقَوْلُهُ أَظْهَرُ لِأَنَّ غَيْرَهُ يَصْدُقُ بِالْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَمَنْ لَهُ فَضْلٌ) هَذَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِجَانِبِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَكُونُ لَهُ الْفَضْلُ قَطْعًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، وَالْمُشْتَرِي لَهُ عَلَيْهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقِيمَتُهُ تِسْعُونَ وَالْجِنَايَةُ تُسَاوِي ثُلُثَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ الثَّمَنَ) أَيْ الْبَائِعُ قَدْ يُقَالُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَجْهُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَتْلَفَ سِلْعَةً وُقِفَتْ عَلَى ثَمَنٍ خُصُوصًا، وَالْمِلْكُ لَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهُ نَاقِصًا) سَوَاءٌ كَانَ لِلْجِنَايَةِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَمْ لَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَلَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ فَلَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ بَدَلَ مَا قَالَ تَفَنُّنًا، وَحَذَرًا مِنْ صُورَةِ التَّكْرَارِ مَعَ الْقُرْبِ، وَتَفْسِيرًا لِمَعْنَى خِيَارِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْجِنَايَةِ عَمْدًا (قَوْلُهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ) لَا دَخْلَ لَهُ هُنَا وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ وَخَطَأً إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَغْرَمَ لِلْبَائِعِ الْأَرْشَ إذَا تَمَاسَكَ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَكِنْ أُتِيَ بِهَذَا إلَخْ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا خِيَارُ الْعَيْبِ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ أَنَّهُ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) هَذَا لَا يُنْتِجُ إلَّا الْغُرْمَ، وَلَا يُنْتِجُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ كَالْمُتْلِفِ لِثَمَنِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِإِتْلَافِهِ لَهَا كَالْمُمْضِي لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ كَخِيَارِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّلَفُ فِيهِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَمَا هُنَا التَّلَفُ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ) خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ لِلْبَائِعِ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ، وَفِي تَرْكِ الْمَبِيعِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ) الْأَوْلَى أَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً إلَّا أَنَّهَا أَتْلَفَتْ الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، وَمِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ رَضِيَ بِمَا يَفْعَلُهُ الْبَائِعُ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَلَهُ الرَّدُّ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ، وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ هَكَذَا يَظْهَرُ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَفِي عِبَارَةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ فَلَوْ اشْتَرَطَ لَهُمَا فَإِنَّهُ يَغْلِبُ جَانِبُ الْبَائِعِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَيْعِ الِاخْتِيَارِ الْقَسِيمِ لَهُ، وَهُوَ بَيْعُ بَتٍّ فِي بَعْضِ عَدَدٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَلَى خِيَارِ الْمُبْتَاعِ فِي تَعْيِينِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُجَامِعْ الْخِيَارَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي تَعْيِينِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ جَامَعَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَهُمَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي تَعْيِينِهِ، وَهُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالْخِيَارِ فَيُحَدُّ بِأَنَّهُ بَيْعُ بَعْضِ عَدَدٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَلَى خِيَارِ الْمُبْتَاعِ فِي تَعْيِينِهِ فَقَطْ أَوْ عَلَى خِيَارِهِ فِي تَعْيِينِهِ وَبَتِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ بَيْعُ خِيَارٍ، وَبَيْعُ اخْتِيَارٍ، وَبَيْعُ خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَالْخِيَارُ التَّرَوِّي فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ، وَالِاخْتِيَارُ فِي التَّعْيِينِ، وَالْخِيَارُ وَالِاخْتِيَارُ يَكُونُ الِاخْتِيَارَ فِي التَّعْيِينِ وَبَعْدَهُ، هُوَ فِيمَا عَيَّنَهُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ أَوْ فِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضِيعَ الثَّوْبَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ، وَحَاصِلُ ثَلَاثَةٍ فِي مِثْلِهَا تِسْعٌ وَالْمُؤَلِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى الْجَمِيعِ فَأَشَارَ إلَى الثَّالِثِ، وَهُوَ بَيْعُ الِاخْتِيَارِ مَعَ الْخِيَارِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدٌ بِالثَّمَنِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى أَحَدَ شَيْئَيْنِ يُغَابُ عَلَيْهِمَا كَثَوْبَيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ أَوْ قُرْطَيْنِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقَبَضَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ لِيُعَيِّنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا ثُمَّ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالْخِيَارِ فِي إمْسَاكِهِ أَوْ رَدِّهِ مَعَ الْآخَرِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ مَعَ الْخِيَارِ أَوْ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالزُّورِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ فَيَدَّعِي فِي كُلٍّ ضَيَاعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَطْ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْآخَرِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ طَوْعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا وَسُؤَالِ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ. وَلِهَذَا حَسُنَتْ الْمُبَالَغَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا (ش) لَهُ، وَقِيلَ إنْ سَأَلَ يَضْمَنُهُمَا أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبِيعٍ، وَالْآخَرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْتِزَامِهِ بِالثَّمَنِ وَرَدِّهِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ فَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاحِدًا لَا إلَى قَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْآخَرَ بِغَيْرِ الثَّمَنِ، وَعَمَّمْنَا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ ثُمَّ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِاللُّزُومِ أَوْ بِالْخِيَارِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّمَا قَصَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ أَيْ دُونَ أَنْ يَجْعَلَهُ شَامِلًا لِلِاخْتِيَارِ أَيْ اللُّزُومِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ اخْتِيَارٌ فَقَطْ فَيَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا، وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَقِيَّتَهُ، وَإِلَى انْفِرَادِ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ، وَإِلَى انْفِرَادِ الِاخْتِيَارِ بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ هَذَا إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمَّا إنْ قَامَتْ فَفِيمَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَلَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ عَلَى اللُّزُومِ بَيْنَ قِيَامِهَا وَعَدَمِهِ، وَهُوَ ضَمَانٌ وَاحِدٌ فَقَطْ. وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَأَحَدِ عَبْدَيْنِ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا عَلَى الْإِلْزَامِ فَيَهْلِكَانِ أَمَّا لَوْ هَلَكَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْعَبْدَيْنِ الْمُشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَلَى اللُّزُومِ لَلَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ كَمَا يَأْتِي فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ، وَسَوَاءٌ قَامَتْ -   [حاشية العدوي] يَقُولَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ قِيمَةُ الْعَيْبِ إلَخْ، وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اُشْتُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ) فَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ لَهُ الْمُشْتَرِيَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ لَهُ الْبَائِعَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَلَوْ اشْتَرَطَ لَهُمَا) مُقَابِلُ قَوْلِهِ، لِأَحَدِهِمَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ فَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِزَيْدٍ، الثَّانِيَةُ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِزَيْدٍ وَالْمُشْتَرِيَ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِعَمْرٍو فَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ بِمَثَابَةِ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ. [بَيْعِ الِاخْتِيَارِ] (قَوْلُهُ وَهُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ إلَخْ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ وَاحِدًا بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنَ الثَّمَنَ خَاصَّةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ فِي الِاخْتِيَارِ، وَالْخِيَارِ مَعًا فَيُؤْذِنُ بِقَصْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ دُونَ جَعْلِهِ شَامِلًا لِلِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) أَيْ أَنَّهُمَا ضَاعَا (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَقُولُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْآخَرَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ أَوْ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ) لَفْظُ فَقَطْ مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمِ وَالْأَصْلُ، وَإِنَّمَا قَصَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ فَقَطْ دُونَ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَإِلَى انْفِرَادِ الْخِيَارِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُمَا مَعًا بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ، وَأَشَارَ إلَى انْفِرَادِ الْخِيَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَى انْفِرَادِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ الْآتِيَةَ لَيْسَ فِيهَا ضَيَاعٌ كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ أَمَّا إنَّ قَامَتْ إلَخْ) فَإِذَا ضَاعَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلَى خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْبَاقِي وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي إلَخْ) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَيْ وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 بَيِّنَةٌ فِي الثَّوْبَيْنِ أَمْ لَا (ص) أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ (ش) يَعْنِي إذَا ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْقُرْطَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ نِصْفَ الضَّائِعِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالضَّائِعِ هَلْ هُوَ الْمَبِيعُ أَوْ غَيْرُهُ فَأَعْمَلْنَا الِاحْتِمَالَيْنِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي نِصْفِ الْبَاقِي لَا فِي جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي أَوْ رَدُّهُ (ش) وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ كَمَا مَرَّ، وَأَوْرَدَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لُزُومَ كَوْنِ الْمَبِيعِ ثَوْبًا وَنِصْفًا، وَلَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ إلَّا ثَوْبًا، وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَبِمِثْلِ هَذَا يَقْتَنِعُ بِهِ فِي الْفُرُوعِ الظَّنِّيَّةِ انْتَهَى، وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي اخْتِيَارِ بَعْضِ الْبَاقِي ضَرَرَ الشَّرِكَةِ فَلَا يُرْتَكَبُ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي أَيْ كُلِّ الْبَاقِي أَيْ وَلَهُ أَنْ لَا يَخْتَارَ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ النِّصْفَ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي حَيْثُ كَانَ زَمَنُ الْخِيَارِ بَاقِيًا، وَلَوْ قَالَ كُنْت اخْتَرْت هَذَا الْبَاقِي ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ فَلَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ التَّالِفَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ كُنْت اخْتَرْت التَّالِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَهَلْ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي أَمْ لَا أَوْ لَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي التَّشْرِيكِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ (ص) كَسَائِلٍ دِينَارًا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ شَرِيكًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دِينَارٌ عَلَى شَخْصٍ دَيْنًا فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا عَلَى أَنَّ لَهُ أَحَدَهَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ ثُمَّ إنَّ الْقَابِضَ لِلثَّلَاثَةِ تَلِفَ مِنْهُ اثْنَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ فِي كُلِّ دِينَارٍ ثُلُثٌ فَيَكُونُ لَهُ فِي السَّالِمِ مِنْهَا ثُلُثٌ، وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ، وَسَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ أَمْ لَا ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى الضَّيَاعِ لِيَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَهُمَا أَيْضًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا أَوْ مُتَّهَمًا وَحَلَفَ عَلَى الضَّيَاعِ فَيُحْسَبُ لَهُ دِينَارٌ إنْ أَخَذَهُ قَضَاءً، وَيَكُونُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ قَرْضًا، وَهَذَا إذَا أَخَذَهُ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ قَضَاءً أَوْ قَرْضًا كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ يَزِنَهَا فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا طِيبًا وَازِنًا أَخَذَهُ، وَإِلَّا رَدَّ جَمِيعَهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنْ قَبَضَهَا لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يَقْتَضِيَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَهَذَا يَضْمَنُ جَمِيعَهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الضَّيَاعَ، وَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ عَلَيْهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَنَّهُ أَخَذَ وَاحِدًا بَعْدَمَا رَآهَا جِيَادًا أَوْ مَا أَخَذَهُ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فَزَعَمَ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بِالتَّلَفِ، وَقَوْلُهُ فَيَكُونُ شَرِيكًا تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الشَّبَهِ لِخَفَائِهِ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا خَفِيٌّ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ ضَائِعٌ لِأَنَّهُ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّشْبِيهِ. وَقَوْلُهُ فَيَكُونُ شَرِيكًا أَيْ فِيمَا تَلِفَ، وَبَقِيَ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَيَغْرَمُ فِيمَا ضَاعَ ثُلُثَيْ دِينَارٍ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ ثُلُثَهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ مِنْ شِرَاءِ الثَّوْبَيْنِ وَجْهَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارٌ فَقَطْ أَوْ اخْتِيَارٌ، وَخِيَارٌ الدَّاخِلَيْنِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ كَمَا قَرَّرْنَا ذَكَرَ ثَالِثَ الْأَوْجُهِ، وَهُوَ الْخِيَارُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ لِيَسْتَوْفِيَ أَقْسَامَ الثَّوْبَيْنِ الْمَذْكُورَةَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (ص) وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ، وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَهُمَا بِيَدِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ اشْتِرَاءَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى خِيَارِ التَّرَوِّي فِيهِمَا وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَهُمَا مَعًا أَوْ يَرُدَّهُمَا فَادَّعَى -   [حاشية العدوي] ضَمَانٌ وَاحِدٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ ضَيَاعٌ وَاحِدٌ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ضَمَانَهُ إنْ كَانَ لِلتُّهْمَةِ فَكَالتُّهْمَةِ فَكَأَنْ يَضْمَنَ جَمِيعَهُ لِاسْتِحَالَةِ تُهْمَتِهِ فِي نِصْفِهَا، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ نِصْفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ شَرْطَ اتِّحَادِ تُهْمَةِ ضَمَانِهِ كَوْنُهُ فِي مُشْتَرًى لَهُ، وَمُشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا وَفُضَّ عَلَيْهِمَا وَكَانَ مُشْتَرَاهُ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَصَارَ كَثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا مُشْتَرًى، وَالْآخَرُ وَدِيعَةٌ ادَّعَى تَلَفَهَا. (قَوْلُهُ فَأَعْمَلْنَا الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ هَلْ هُوَ الْمَبِيعُ إلَخْ أَيْ فَمِنْ حَيْثُ احْتِمَالُ كَوْنِ الضَّائِعِ هُوَ الْمَبِيعُ غَرِمَ نِصْفَهُ، وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَيْسَ هُوَ الْمَبِيعَ لَمْ يَغْرَمْ النِّصْفَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ بَيَانُهَا أَيْ بَيَانُ تِلْكَ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ) أَيْ كَوْنُهُ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ يُقَالُ وَمَا الْأَحْكَامُ الَّتِي جَرَتْ لِكَوْنِهِ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي، وَهَلْ يَصِحُّ الْعُدُولُ لَهُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ فَالْأَوْجَهُ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَأَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ أَوْ لَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ) اُنْظُرْ فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْيَمِينِ هُنَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَجْهُ الْيَمِينِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ اخْتَارَ التَّالِفَ يُعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى سُنَنِ الِاسْتِقَامَةِ فَيُعَوَّضُ بِإِعْطَاءِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ) أَيْ وَضَاعَ عَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ لِيَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ الثُّلُثَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَآلَ الْأَمْرُ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ لَهُ فِي السَّالِمِ الثُّلُثُ وَضَاعَ عَلَيْهِ الثُّلُثُ مِنْ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ فَإِنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُطَالَبُ بِدِينَارِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ لِيَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ الثُّلُثَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ الضَّائِعَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ مَا أَخَذَهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ وَاحِدًا بَعْدَمَا أَخَذَ الَّذِي رَآهُ جَيِّدًا فَقَطْ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ رَآهَا كُلَّهَا جِيَادًا (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ) وَيَمِينُهُ أَنْ يَقُولَ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ آخُذَ مِنْهَا وَاحِدًا، وَمُرَادُ الدَّافِعِ يَضْمَنُهُ وَاحِدًا مِنْ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ) وَهُوَ مُطْلَقُ الشَّرِكَةِ، وَقَوْلُهُ خَفِيَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ إلَّا أَنَّهُ خَفِيَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ضَمِنَ نِصْفَهُ يَتَضَمَّنُ الشَّرِكَةَ فِي هَذَا الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِضَمَانِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ فِيمَا ضَاعَ ثُلُثَيْ دِينَارٍ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ وَيَغْرَمُ بَدَلَ الَّذِي ضَاعَ فِي كُلِّ دِينَارٍ ثُلُثَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَدْفَعُ الدِّينَارَ بِتَمَامِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لَهُ إلَّا ثُلُثَ السَّالِمِ فَقَطْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَرِمَ فِي الَّذِي ضَاعَ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَ أَقْسَامَ الثَّوْبَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى مَا حَلَّ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 ضَيَاعَهُمَا أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا ضَمَانَ مَبِيعِ الْخِيَارِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَهُمَا بِيَدِهِ لَزِمَاهُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ أَعَادَهُ لِقَوْلِهِ هُنَا وَهُمَا بِيَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِمَّا مَرَّ لَكِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ فِيمَا مَرَّ وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلِاخْتِصَارِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَهُمَا بِيَدِهِ مِمَّا إذَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ تَقْرِيرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا إلَّا بَيْعُ خِيَارٍ فَقَطْ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّتُهُ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْءٌ. (ص) وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ (ش) أَيْ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا يَخْتَارُهُ مِنْ ثَوْبَيْنِ يُرِيدُ أَوْ عَبْدًا يَخْتَارُهُ مِنْ عَبْدَيْنِ، وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِاللُّزُومِ فَإِنَّهُ إذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَتَبَاعَدَتْ وَالثَّوْبَانِ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ، وَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا هُوَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَا فِيهِمَا شَرِيكَيْنِ (ص) وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (ش) أَيْ وَفِي اشْتِرَائِهِ أَحَدَهُمَا عَلَى الِاخْتِيَارِ ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَهُوَ أَوَّلُ صُوَرِ هَذَا الْكِتَابِ إذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا لِانْقِطَاعِ اخْتِيَارِهِ بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَا بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا فَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَتَعَلَّقُ بِالضَّمَانِ وَقَدْ مَرَّ وَبِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَهُوَ هَذَا، وَانْظُرْ تَحْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى خِيَارِ التَّرَوِّي أَتْبَعَهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَقَبٌ لِتَمْكِينِ الْمُبْتَاعِ مِنْ رَدِّ مَبِيعِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ حَالَةٍ بِيعَ عَلَيْهَا غَيْرِ قِلَّةِ كَمِّيَّةٍ قَبْلَ ضَمَانِهِ مُبْتَاعَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِنَقْصِهِ عَمَّا إذَا أَقَالَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّ لَهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ قِلَّةِ كَمِّيَّةٍ صِفَةٌ لِحَالَةٍ، أَخْرَجَ بِهِ صُورَةَ اسْتِحْقَاقِ الْجُلِّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ قَبْلَ ضَمَانِهِ يَتَعَلَّقُ بِالنَّقْصِ، وَمُبْتَاعُهُ فَاعِلٌ بِالْمَصْدَرِ، وَلَمْ يَقُلْ قَبْلَ بَيْعِهِ لِيَدْخُلَ فِي ذَلِكَ حَادِثُ النَّقْصِ فِي الْغَائِبِ وَالْمُوَاضَعَةِ، وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْبَائِعِ، وَالنَّقْصَ وَاقِعٌ فِي الْمَبِيعِ، وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ، وَحَالَةُ الْمَبِيعِ الْمُعْتَبَرِ نَقْصُهَا إمَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ فَقَالَ (ص) وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ (ش) ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَاشْتَرَطَ فِيهَا شَرْطًا لِغَرَضٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مَالِيَّةً كَكَوْنِهَا طَبَّاخَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ كَمِثَالِ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ لَمْ يَجِدْ الْمُبْتَاعُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مَا اشْتَرَطَهُ لَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ تَمَسَّكَ، وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ وَرُدَّ إلَخْ أَيْ وَجَازَ لَهُ الرَّدُّ بِسَبَبِ عَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ (ص) كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ فَيَجِدُهَا بِكْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَشَرَطَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَيَجِدُهَا بِكْرًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا أَنْ لَا يَطَأَ الْأَبْكَارَ   [حاشية العدوي] صُورَةَ الِاخْتِيَارِ فِيمَا إذَا ضَاعَ وَاحِدٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَفِي اللُّزُومِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ قَرَّرَ بِهِ الْمَوَّاقُ وَقَرَّرَهُ الْحَطَّابُ عَلَى أَنَّهُ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ الصُّوَرِ فَإِنَّهُ إذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَتَبَاعَدَتْ قَالَ عج فَالِاخْتِيَارُ لَا يُحَدُّ بِمُدَّةِ الْخِيَارِ خِلَافًا لِمَنْ حَدَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) وَلَا يُعَارِضُ كَلَامُهُ هُنَا قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ، وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا، وَمَا هُنَا وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ يَخْتَارُهُ مِنْ مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ تَحْصِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي ك فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، خِيَارٌ مَعَ اخْتِيَارٍ وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الضَّمَانِ أَوْ لَا بِقَوْلِهِ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا، وَآخِرًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ اللُّزُومِ بِقَوْلِهِ وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَخِيَارٌ مُجَرَّدٌ، وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ، وَالِاخْتِيَارُ الْمُجَرَّدُ وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ انْتَهَى، وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقُول وَحَاصِلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فِي كُلِّ قِسْمٍ ثَلَاثُ صُوَرٍ بَقَاؤُهُمَا وَادِّعَاءُ ضَيَاعِهِمَا أَوْ وَاحِدٍ، الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا فِيهِ خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ، وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي، وَأَشَارَ لِحُكْمِ بَقَائِهِمَا مَعَ مُضِيِّ أَيَّامِ الِاخْتِيَارِ وَالْخِيَارِ بِقَوْلِهِ وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا فِيهِ خِيَارٌ فَقَطْ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ إلَى قَوْلِهِ بِيَدِهِ، الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا فِيهِ اخْتِيَارٌ فَقَطْ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ ضَاعَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ بَقِيَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الِاخْتِيَارِ فَفِي كُلِّ قِسْمٍ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَصَرَّحَ بِالثَّلَاثِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَصَرَّحَ هُنَا فِي الثَّانِي بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَهُمَا بِيَدِهِ، وَذَكَرَ فِيمَا مَرَّ حُكْمَ دَعْوَى ضَيَاعِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَدْ عَلِمْت تَعْمِيمَ الثَّالِثِ. [خِيَارِ الْعَيْبِ] (قَوْلُهُ صِفَةٌ لِحَالَةٍ) أَيْ حَالَةٍ مِنْ صِفَتِهَا أَنَّهَا غَيْرُ قِلَّةِ كَمِّيَّةٍ أَيْ غَيْرِ نَقْصِ كَمِّيَّةٍ بَلْ نَقْصُ كَيْفِيَّةٍ، وَلَا صِحَّةَ لَهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِنَقْصِهِ عَنْ نَقْصِ كَيْفِيَّةٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُجْعَلَ حَالًا مِنْ النَّقْصِ أَيْ حَالَ كَوْنِ النَّقْصِ غَيْرَ نَقْصِ الْكَمِّيَّةِ بَلْ نَقْصُ الْكَيْفِيَّةِ، وَقَوْلُهُ أَخْرَجَ اسْتِحْقَاقَ الْجُلِّ نَقُولُ بَلْ، وَخَرَجَ اسْتِحْقَاقُ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِعَدَمٍ مَشْرُوطٍ إلَخْ) رُدَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ، وَمَشْرُوطٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، وَنَائِبُ فَاعِلِ مَشْرُوطٌ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمَوْصُوفِ، وَجُمْلَةُ فِيهِ غَرَضٌ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرٌ صِفَةٌ لِمَشْرُوطٍ أَيْ وَرُدَّ الْمَبِيعُ بِعَدَمِ وُجُودِ وَصْفٍ مَشْرُوطٍ أَيْ ذَلِكَ الْوَصْفُ فِيهِ غَرَضٌ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضٌ فَاعِلًا بِالظَّرْفِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 أَوْ لَا يَشْتَرِي الْأَبْكَارَ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَجَلِ يَمِينِهِ، وَيَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا، وَلَا يَصْدُقُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ فَإِذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً، وَقَالَ إنَّمَا أَرَدْتهَا نَصْرَانِيَّةً لِأَنِّي أُرِيدُ تَزْوِيجَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ عِنْدِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْيَمِينَ مَظِنَّةُ الْخَفَاءِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا. (ص) وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ إذَا نَادَى الَّذِي يَبِيعُ الْجَارِيَةَ فِي الْمِيرَاثِ أَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَوَجَدَهَا عَلَى خِلَافِهِ أَوْ أَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ فَتُوجَدُ بِخِلَافِهِ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي شَرْطًا لَا غَرَضَ فِيهِ، وَلَا مَالِيَّةَ كَمَا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ جَاهِلٌ فَوَجَدَهُ عَالِمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرْطَ يَسْقُطُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ، وَكَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا لِحِرَاسَةٍ زَرْعِهِ مَثَلًا وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ غَيْرُ كَاتِبٍ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا إنْ انْتَفَى (ش) أَيْ لَا إنْ انْتَفَى الْغَرَضُ السَّابِقُ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ فَلِذَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ لَا إنْ انْتَفَى بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ (ص) وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى عَدَمٍ أَيْ وَرُدَّ بِوُجُودِ شَيْءٍ الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ سَوَاءٌ أَثَّرَ ذَلِكَ الشَّيْءُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ كَالْإِبَاقِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ كَالْخِصَاءِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَالْعُسْرِ وَالتَّخَنُّثِ أَوْ خِيفَ عَاقِبَتُهُ كَجُذَامِ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَعَوَرٍ) وَأَحْرَى الْعَمَى، وَذَهَابُ بَعْضِ نُورِ الْعَيْنِ كَذَهَابِ كُلِّهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ السَّلَامَةَ مِنْهُ (وَقَطْعٍ) ، وَلَوْ أُنْمُلَةٍ (ص) وَخِصَاءٍ وَاسْتِحَاضَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ خَصِيًّا فَإِنَّهُ عَيْبٌ، وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَزِيَادَةِ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ الْمُغَنِّيَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَهَا مُغَنِّيَةً يَرُدُّهَا قَالَ فِي الْجَلَّابِ الْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالرَّتْقُ وَالْإِفْضَاءُ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَأَمَّا الْعُنَّةُ وَالِاعْتِرَاضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رَدَّ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا مُسْتَحَاضَةً فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَلَوْ فِي الْوَخْشِ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا إنْ اتَّصَلَتْ بِدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَبِعِبَارَةِ تَقْيِيدِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا إذَا ثَبَتَتْ اسْتِحَاضَتُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ تَحِيضُ حَيْضَةً لَا شَكَّ فِيهَا ثُمَّ تَسْتَمِرُّ مُسْتَحَاضَةً فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ بِذَلِكَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ تَقْيِيدِ مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ الْآتِيَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْحَلِفِ وَالْوَضْعِ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحَاضَةِ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يُقَيَّدُ بِشَهْرٍ وَلَا بِشَهْرَيْنِ (ص) وَرَفْعَ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ (ش) الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ التَّأَخُّرُ عَنْ الْعَادَةِ فِي الرَّائِعَةِ وَالْوَخْشِ بِمَا عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِ ضَرَرٌ، وَهَذَا فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَتَوَاضَعُ إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي نَفْيِ قِدَمِهِ، وَصَارَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَعُسْرٍ وَزِنًا وَشُرْبٍ وَبَخَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَهُ أَعْسَرَ فَإِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، وَهُوَ الْبَطْشُ بِالْيُسْرَى دُونَ الْيُمْنَى ذَكَرًا كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ لَا يَشْتَرِي الْأَبْكَارَ) فِي التَّمْثِيلِ بِهَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ فَاشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا، وَحَيْثُ كَانَ يَحْصُلُ الْحِنْثُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَرُدَّ بِعَدَمٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلرَّدِّ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ فَإِذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً إلَخْ) أَيْ وَقَدْ اُشْتُرِطَ أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَلَا رَدَّ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ إنَّمَا أَرَدْتهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا اشْتَرَطْت كَوْنَهَا نَصْرَانِيَّةً لِأَنِّي أُرِيدُ إلَخْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرْطِ لَا فِي الْإِرَادَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَيْ: يَشْهَدُهَا أَوَّلًا أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ فِي الْمِيرَاثِ) إنَّمَا خَصَّ الْمِيرَاثَ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِطُ، وَقَوْلُهُ أَوْ وُجِّهَ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَصْرَانِيٌّ، وَتَقُومُ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ تَزْوِيجُهُ (قَوْلُهُ فَيُلْغَى الشَّرْطُ) أَيْ الْمَشْرُوطُ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَيَلْتَزِمُهُ الْبَائِعُ لَا مِنْ الْمُنَادِي بَدْرٌ (قَوْلُهُ فَلِذَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ انْتَفَيَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ أَيْ الْغَرَضُ وَالْمَالِيَّةُ، وَهِيَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ظَاهِرَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ كُتُبُ الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَجِدْ فِيهَا لَفْظَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُرَدُّ، وَلَا يَكْفِي الرَّمْزُ كَصَلْعَمْ انْتَهَى بَدْرٌ (قَوْلُهُ كَعَوَرٍ، وَأَحْرَى الْعَمَى) وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يَبْصُرُ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا فَإِنْ كَانَ خَفِيَا كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَسْلُوبَ بَصَرِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَقَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِبَاقَ وَالسَّرِقَةَ وَلَوْ مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ الثَّمَنَ، وَهُرُوبُهُ مِنْ الْمَكْتَبِ لَا لِخَوْفٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ فَلَا يُسَمَّى بِهِ هَارِبًا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ، وَاخْتُلِفَ إذْ انْتَقَلَ عَنْ عَادَتِهِ، وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ انْتَهَى عج (قَوْلُهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ خِصَاءَ فُحُولِ الْبَقَرِ الْمُعَدَّةِ لِلْعَمَلِ لَيْسَ عَيْبًا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ إلَّا الْخَصِيُّ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الدَّمَ يُضْعِفُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَيَّدُ بِشَهْرٍ وَلَا بِشَهْرَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنَّ فِيهَا: وَالِاسْتِحَاضَةُ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا شَهْرَانِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ فَرَّقَ فِي الْبَرَصِ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْبَرَصِ وَالِاسْتِحَاضَةِ أَنَّ الْبَرَصَ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ فِي الْغَالِبِ بِخِلَافِ الِاسْتِحَاضَةِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ فِي الْغَالِبِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 أَوْ أُنْثَى عَلِيًّا أَوْ وَخْشًا، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ بِالزِّنَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ دَنِيِّهِ، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ نَحْوِ أَفْيُونٍ وَحَشِيشٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ دَنِيِّهِ، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ بِوُجُودِ الْبَخَرِ فِي الْفَمِ أَوْ فِي الْفَرْجِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ دَنِيِّهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (ص) وَزَعَرٍ وَزِيَادَةِ سِنٍّ وَظُفُرٍ وَعُجُرٍ وَبَجَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّعَرَ عَيْبُ، وَهُوَ قِلَّةُ الشَّعْرِ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلَوْ فِي الْحَاجِبَيْنِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ دَوَاءٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ الرَّقِيقُ مُطْلَقًا بِوُجُودِ زِيَادَةِ سِنٍّ فِيهِ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ أَوْ بِمُؤَخَّرِهِ يُرِيدُ إذَا عَلَتْ عَلَى الْأَسْنَانِ أَمَّا فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحَنَكِ لَا يَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ فَلَا، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِوُجُودِ ظُفْرٍ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَهُوَ الْبَيَاضُ أَوْ الْفَصُّ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ أَوْ لَحْمٌ نَابِتٌ فِي شَفْرِ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِوُجُودِ عُجَرٍ، وَهِيَ الْعُقَدُ فِي عُرُوقِ الْجَسَدِ أَوْ بَجَرٌ، وَهِيَ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا، وَبِعِبَارَةٍ الْعُجَرُ الْعُرُوقُ، وَالْأَعْصَابُ الْمُنْعَقِدَةُ فِي الْجَسَدِ مُطْلَقًا، وَالْبَجَرُ انْتِفَاخُ الْبَطْنِ. (ص) وَوَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَإِذَا لَهُ أَبَوَانِ أَوْ وَلَدٌ فَإِنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ لِمَا جُبِلَا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْأُلْفَةِ وَالشَّفَقَةِ فَيَحْمِلُهُمَا ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاقِ إلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا وَجَدَ الْمُبْتَاعُ لِلْأَمَةِ زَوْجًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ وَجَدَ لِلْعَبْدِ زَوْجَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ وَجَدَ لِأَحَدِهِمَا وَلَدًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ وَجَدَ لَهُمَا أَبًا أَوْ ابْنًا ذَلِكَ كُلُّهُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ فَقَوْلُهُ وَوَالِدَيْنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَحَدِ وَالِدَيْنِ، وَأَحْرَى هُمَا (ص) لَا جَدٍّ وَلَا أَخٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَإِذَا لَهُ جَدٌّ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَوْ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عَيْبًا. (ص) وَجُذَامِ أَبٍ أَوْ جُنُونِهِ بِطَبْعٍ لَا بِمَسِّ جِنٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ أَمَةً ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى جُذَامٍ فِي أَبِيهِ أَوْ فِي جَدِّهِ أَوْ فِي أُمِّهِ أَوْ فِي جَدَّتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَيْبًا يُوجِبُ الرَّدَّ لِأَنَّهُ يُعْدِي، وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ جَدًّا، وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْجِنْسُ فَيَدْخُلُ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، وَمِثْلُ الْأَبِ الْأُمُّ لِأَنَّ الْمَنِيَّ حَاصِلٌ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِوُجُودِ جُنُونٍ بِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَ بِطَبْعٍ مِنْ وَسْوَاسٍ أَوْ صَرَعٍ مُذْهِبٍ لِلْعَقْلِ لِخَشْيَةِ عَاقِبَتِهِ لَا إنْ كَانَ بِمَسِّ جِنٍّ، وَبِعِبَارَةٍ بِطَبْعٍ بِأَنْ كَانَ مِنْ اللَّهِ لَا بِسَبَبٍ شَيْءٍ أَوْ جُنُونِهِ أَيْ الْأَبِ، ابْنُ شَاسٍ. وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ بِأَحَدِ الْآبَاءِ مِنْ فَسَادِ الطَّبْعِ انْتَهَى. فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبِ الْجِنْسُ (ص) وَسُقُوطِ سِنِينَ (ش) أَيْ، وَيُرَدُّ الرَّقِيقُ بِسَبَبِ سُقُوطِ سِنِينَ مِنْ مُقَدَّمٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلِيٌّ أَوْ وَخْشٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَأَمَّا فِي الرَّايِعَةِ فَتُرَدُّ بِسُقُوطِ وَاحِدَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ نَقَصَتْ الثَّمَنَ أَمْ لَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي الرَّايِعَةِ الْوَاحِدَةُ (ش) وَهِيَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُرَدُّ بِالزِّنَا) أَيْ إنْ كَانَ فَاعِلًا لَا إنْ كَانَ مَفْعُولًا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا أَيْضًا لِذِكْرِهِ بَعْدَ، وَإِنَّمَا كَانَ الزِّنَا يُرَدُّ بِهِ وَلَوْ غَصْبًا لِأَنَّهُ يَنْقُصُ، وَلِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهَا، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَرَّةً، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ تَابَ (قَوْلُهُ وَهُوَ قِلَّةُ الشَّعْرِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ، وَنَصُّهُ، وَزَعَرٌ عَدَمُ شَعْرِ عَانَةٍ لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى سَحْنُونَ لِأَنَّ الشَّعْرَ يَشُدُّ الْفَرْجَ، وَعَدَمَهُ يُرْخِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا زَعْرَاءَ الْعَانَةِ لَا تَنْبُتُ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ عَدَمُ نَبَاتِ الشَّعْرِ فِي غَيْرِهَا كَالْحَاجِبَيْنِ (قَوْلُهُ يُرَدُّ إذَا عَلَتْ عَلَى الْأَسْنَانِ) أَيْ بِحَيْثُ تُقَبِّحُ الْخِلْقَةَ، وَقَوْلُهُ لَا تَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ أَيْ لَا يَحْصُلُ بِهَا تَعْيِيبٌ (قَوْلُهُ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ) أَيْ الْبَيَاضُ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ أَوْ الْفَصُّ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَحْمٍ نَابِتٍ إلَخْ) وَكَذَا الشَّعْرَةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْبَصَرَ، وَحَلَفَ مُشْتَرٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ كَذَا فِي عب، وَاَلَّذِي فِي عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَحْلِفُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ وَنُتُوءُهَا) أَيْ ارْتِفَاعُهَا هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ وَغِلَظُ أَصْلِهَا أَرَادَ بِأَصْلِهَا أَسْلَفَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَعْلَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَالْأَسْفَلُ أَصْلٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَعْصَابُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا الْبَطْنَ أَوْ غَيْرَهُ. وَقَوْلُهُ وَوَالِدَيْنِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِهِمَا ظُهُورُهُمَا بِبَلَدِ شِرَاءِ الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَا مَجِيئُهُمَا مِنْ بَلَدِهِمَا بَعْدَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَوَلَدٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدٌ، وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ أَوْ ابْنًا) الْمُنَاسِبُ أَوْ أُمًّا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِهِ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ وَلَدًا (قَوْلُهُ وَلَا أَخٌ) أَعَادَ لَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُمَا عَلَى الْمُثْبَتِ. (قَوْلُهُ وَجُذَامِ أَبٍ) وَمِثْلُهُ الْبَرَصُ الشَّدِيدُ، وَسَائِرُ مَا تَقْطَعُ الْعَادَةُ بِانْتِقَالِهِ لَا الْبَرَصُ الْخَفِيفُ (قَوْلُهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى جُذَامٍ فِي أَبِيهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ حَدَثَ بِالْأَبِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي سَرَيَانِهِ لِلْمَبِيعِ فَيُرَدُّ أَوْ لَا فَلَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِطَبْعٍ) أَيْ إنْ كَانَ بِسَبَبِ الطَّبْعِ أَيْ الْجِبِلَّةِ أَيْ إنْ كَانَ جِبِلِّيًّا أَيْ خِلْقِيًّا، وَقَوْلُهُ مِنْ وَسْوَاسٍ بَيَانٌ لِلْجُنُونِ الَّذِي بِسَبَبِ الْخِلْقَةِ، وَالْوَسْوَاسُ بِالْفَتْحِ مَرَضٌ يَحْدُثُ مِنْ غَلَبَةِ السَّوْدَاءِ يَخْتَلِطُ مَعَهُ الذِّهْنُ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صَرَعٍ هُوَ دَاءٌ يُشْبِهُ الْجُنُونَ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَإِذَا عَلِمْته فَيَكُونُ الشَّارِحُ تَسَمَّحَ فِي جَعْلِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْجُنُونِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَسْوَاسَ وَالصَّرَعَ مَرَضَانِ يَخْتَلِطُ مَعَهُمَا الذِّهْنُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ وَسْوَاسٍ إلَخْ بَيَانًا لِقَوْلِهِ جُنُونٍ (قَوْلُهُ مُذْهِبٍ) صِفَةٌ لِكُلٍّ مِنْ وَسْوَاسٍ وَصَرْعٍ كَاشِفَةٌ (قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَ بِمَسِّ جِنٍّ) فَلَا يُرَدُّ بِهِ الْفَرْعُ إلَّا أَنْ تَجْزِمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِسَرَيَانِهِ (قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِ شَيْءٍ) أَرَادَ شَيْئًا خَاصًّا، وَهُوَ مَسُّ الْجِنِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ سَبَبٌ (قَوْلُهُ أَوْ جُنُونِهِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَقَوْلُهُ أَوْ جُنُونِهِ أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إلَخْ) أُتِيَ بِهِ دَلِيلًا عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ، وَبَيَانًا لِلْمُرَادِ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ فَسَادِ الطَّبْعِ أَيْ الْجِبِلَّةِ، وَقَوْلُهُ فَعُلِمَ أَيْ مِنْ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِأَحَدِ الْآبَاءِ أَيْ حَيْثُ جَمَعَ، وَقَوْلُهُ الْجِنْسُ لَا خُصُوصُ الْوَحْدَةِ، وَقَوْلُهُ الْوَحْدَة أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَالرَّاءِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْجَمِيلَةُ مِنْ الْإِمَاءِ، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْمُقَدَّمِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ، وَمِثْلُ الْوَخْشِ الذَّكَرُ (ص) وَشَيْبٌ بِهَا فَقَطْ، وَلَوْ قَلَّ (ش) أَيْ وَلَهُ الرَّدُّ بِسَبَبِ وُجُودِ شَيْبٍ بِالرَّائِعَةِ الشَّابَّةِ، وَلَوْ قَلَّ الشَّيْبُ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَنْ لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا، وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّهُ لَيْسَ عَيْبًا فِي غَيْرِ الرَّائِعَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنَ، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الذَّكَرِ (ص) وَجُعُودَتِهِ وَصُهُوبَتِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ الرَّائِعَةِ وَغَيْرِهَا جُعُودَةُ شَعْرِهَا أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ مُرَجَّلٍ أَيْ مُرْسَلٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ فِيهِ تَكْسِيرَاتٌ مِنْ لَفِّهِ عَلَى عُودٍ، وَنَحْوِهِ لَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَمَدَّحُ بِهِ لَكِنْ الْمُنَاسِبُ لِهَذَا أَنْ يَقُولَ وَتَجْعِيدُهُ لِأَنَّ الْجُعُودَةَ مَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لَا مَا كَانَ بِمُعَانَاةٍ، وَصُهُوبَتُهُ أَيْ كَوْنُهُ يَضْرِبُ إلَى الْحُمْرَةِ، وَسُهُولَتُهُ ضَرْبُهُ إلَى الْبَيَاضِ لِأَنَّ النَّفْسَ غَالِبًا لَا تُحِبُّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ. (ص) وَكَوْنُهُ وَلَدَ زِنًا وَلَوْ وَخْشًا (ش) أَيْ لِأَنَّهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ عَادَةً، وَالضَّمِيرُ فِي كَوْنِهِ لِلْمَبِيعِ وَالْوَخْشِ الدَّنِيءِ الْخَسِيسِ (ص) وَبَوْلٍ فِي فُرُشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا حَلَفَ إنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرِهِ (ش) أَيْ وَيَثْبُتُ رَدُّ الرَّقِيقِ بِبَوْلٍ صَدَرَ مِنْهُ، وَلَوْ قَدِيمًا فِي فُرُشٍ حِينَ نَوْمِهِ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ فِيهِ الْبَوْلُ مِنْهُ، وَهُوَ بَعْدَ تَرَعْرُعِهِ وَمُفَارَقَتِهِ حَدَّ الصِّغَرِ جِدًّا، وَإِنْ انْقَطَعَ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَالَ عِنْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبُولَ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ ذِي زَوْجَةٍ، وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ أَوْ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ بِبَوْلِهَا، وَلَا يُحَلِّفُ الْمُبْتَاعُ بَائِعَهُ عَلَى عِلْمِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَلَا بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ عِنْدَ الْغَيْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَوْلِ عِنْدَ مَنْ وُضِعَتْ عِنْدَهُ فَقَوْلُهُ إنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْ وَبَالَتْ، وَغَيْرُ الْمُشْتَرِي يَشْمَلُ الْبَائِعَ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا إنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَبَالَتْ يَحْلِفُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ مِنْ غَيْرِهِ لَكَانَ أَبَيْنَ، وَالضَّمِيرُ فِي أَقَرَّتْ لِلنَّسَمَةِ، وَحَلِفُ الْبَائِعِ هُنَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ، وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ أَيْ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ أَيْ بِلَا يَمِينٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّسَمَةَ لَمَّا أَقَرَّتْ عِنْدَ الْغَيْرِ، وَبَالَتْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ حَلَفَ الْبَائِعُ. (ص) وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ وَفُحُولَةِ أَمَةٍ إنْ اشْتَهَرَتْ، وَهَلْ هُوَ الْفِعْلُ أَوْ التَّشَبُّهُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُرَدُّ بِهِ الرَّقِيقُ الِاطِّلَاعُ عَلَى تَخَنُّثِ الْعَبْدِ اشْتَهَرَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَنْقُصُ قُوَّتَهُ، وَيُضْعِفُ نَشَاطَهُ، وَعَلَى فُحُولَةِ الْأَمَةِ إنْ اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ خِصَالِ النِّسَاءِ، وَلَا يَنْقُصُهَا فَإِذَا اشْتَهَرَتْ كَانَتْ مَلْعُونَةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ عِيَاضٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَخُصَّ قَيْدَ الِاشْتِهَارِ بِالْوَخْشِ، وَأَمَّا الرَّائِعَةُ فَالتَّشَبُّهُ فِيهَا عَيْبٌ اتِّفَاقًا إذْ الْمُرَادُ مِنْهَا التَّأَنُّثُ، وَيُزَادُ فِي أَثْمَانِهِنَّ بِقَدْرِ مُبَالَغَتِهِنَّ فِيهِ، وَيُكْرَهُ ضِدُّهُ، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ، وَيُرَدُّ الْعَبْدُ إنْ وُجِدَ مُخَنَّثًا، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمُذَكِّرَةُ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْمُرَادُ بِالتَّخَنُّثِ وَالذُّكُورَةِ الْفِعْلُ بِأَنْ يُؤْتَى الذَّكَرُ، وَتَفْعَلُ الْأُنْثَى فِعْلَ شِرَارِ النِّسَاءِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ التَّشَبُّهُ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْكَلَامِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْمُقَدَّمِ فَكَذَلِكَ) نَقَصَتْ الثَّمَنَ أَمْ لَا كَذَا فِي عب (قَوْلُهُ فِي الْجَارِيَةِ الرَّائِعَةِ، وَغَيْرِهَا إلَخْ) فِي عب خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ، وَصُهُوبَتُهُ أَيْ كَوْنُهُ يَضْرِبُ إلَى الْحُمْرَةِ فِي رَائِعَةٍ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْظُرْهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُنَّ ذَلِكَ فَلَا، وَلَا فِي وَخْشٍ لِعَدَمِ سَلَامَتِهَا مِنْهُ عَادَةً، وَلِعَدَمِ إرَادَتِهَا لِلتَّمَتُّعِ غَالِبًا بَلْ لِلْخِدْمَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ شب وَجُعُودَتُهُ إنَّهُ شَعْرُ الرَّائِعَةِ ثُمَّ قَالَ وَمَفْهُومُ الرَّائِعَةِ أَنَّ تَجْعِيدَ شَعْرِ غَيْرِهَا لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَصُهُوبَتُهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْوَخْشِ. الْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا عَمَّمَ فِي الْجُعُودَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّائِعَةِ وَغَيْرِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصُّهُوبَةَ كَذَلِكَ، وعب عَمَّمَ فِي الْجُعُودَةِ وَقَيَّدَ فِي الصُّهُوبَةِ بِالْعَلِيَّةِ، وَشب قَيَّدَ فِي الْجُعُودَةِ، وَأَطْلَقَ فِي الصُّهُوبَةِ فَهُوَ عَكْسُ مَا فِي عب، وَلَكِنْ الْوَاقِعُ أَنَّ كَلَامَ شب مُوَافِقٌ لِمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ تَجْعِيدُ شَعْرِ غَيْرِ الرَّائِعَةِ وَتَسْوِيدُهُ لَغْوٌ اهـ. لَكِنْ وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِالصُّهُوبَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى تَأْوِيلِ بَعْضِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ تَكْسِيرَاتٌ) أَيْ: الْتِوَاءَاتٌ. (قَوْلُهُ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا) يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي بَيْعِ وَلَدٍ مِنْ جَارِيَةِ مُسْلِمٍ وَفِي مَجْلُوبٍ ثَبَتَ كَوْنُهُ لَيْسَ ابْنَ أَبِيهِ فِي زَعْمِهِمْ فَلَا يَرِدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ أَفَادَهُ عب (قَوْلُهُ الْخَسِيسُ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدِيمًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرْبٍ عَقْدِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّتْ إلَخْ) وَنَفَقَتُهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَنَّهَا إنْ أَقَرَّتْ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَقَرَّتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إذْ الْبَائِعُ لَا تُقِرُّ عِنْدَهُ أَقُولُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمَتْنِ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ فَيَشْمَلُ الْمُشْتَرِيَ وَالْأَجْنَبِيَّ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقِرُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ مَعَ قَوْلِهِ إنْ أَقَرَّتْ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ لَا فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ إذْ اخْتِلَافُهُمَا فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ لِمَنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لَهُ أَوْ ظَنَّتْ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ شَكَّتْ أَوْ لَمْ تُوجَدْ عَادَةٌ أَصْلًا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّ النَّسَمَةَ) أَيْ الذَّاتَ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنْ اشْتَهَرَتْ) أَيْ تِلْكَ الصِّفَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ اشْتَهَرَا هَذَا عَلَى غَيْرِ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ قُوَّتَهُ وَيُضْعِفُ نَشَاطَهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّخْنِيثَ عِلَّةٌ مُوجِبَةٌ لِذَلِكَ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي التَّكَسُّرِ وَالْفِعْلِ مَعًا لِأَنَّ كَوْنَهُ يَتَكَلَّمُ كَكَلَامِ النِّسَاءِ أَوْ يُفْعَلُ فِيهِ يُورِثُ تَخَلُّفَهُ بِأَخْلَاقِهِنَّ مِنْ نَقْصِ الْقُوَّةِ وَضَعْفِ النَّشَاطِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ) هُوَ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ» أَيْ بِالرِّجَالِ (قَوْلُهُ فِعْلَ شِرَارِ النِّسَاءِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُسَاحَقَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 وَالتَّمَايُلِ بِأَنْ يَكْسِرَ الْعَبْدُ مَعَاطِفَهُ، وَيُؤَنِّثَ كَلَامَهُ كَالنِّسَاءِ إمَّا خَلْقًا أَوْ تَخَلُّقًا، وَتَتَشَبَّهَ الْأَمَةُ بِالرَّجُلِ فِي تَذْكِيرِ كَلَامِهَا وَخُشُونَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا فِعْلُ الْفَاحِشَةِ تَأْوِيلَانِ فَقَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَفُحُولَةِ الْأَمَةِ الْفِعْلُ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ فِي كَلَامِهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَزِنًا فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَزِنًا بِالنِّسْبَةِ لِلذَّكَرِ عَلَى الْفَاعِلِ فَلَا تَكْرَارَ، وَأَيْضًا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاشْتِهَارُ بِخِلَافِهِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي، وَبِعِبَارَةٍ قَيْدُ الِاشْتِهَارِ عَامٌّ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ حَتَّى عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ. (ص) وَقَلْفِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مَوْلِدًا وَطَوِيلِ الْإِقَامَةِ، وَخُتِنَ مَجْلُوبُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ إذَا كَانَ مَوْلُودًا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ طَوِيلَ الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَرْكِ خِتَانِ الذَّكَرِ وَخِفَاضِ الْأُنْثَى فَإِنَّهُ يَكُونُ عَيْبًا حَيْثُ فَاتَ وَقْتُهُ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يُخْشَى مَرَضُهُ بِسَبَبِهِ إنْ فُعِلَ بِهِمَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ بِفَوْزِ الْقُدُومِ مِنْ غَيْرِ طُولِ إقَامَةٍ عِنْدَنَا فَلَيْسَ تَرْكُ مَا ذُكِرَ عَيْبًا بَلْ اطِّلَاعُنَا عَلَى فِعْلِهِ عَيْبٌ خَوْفًا مِنْ كَوْنِهِمَا مِنْ رَقِيقٍ آبِقٍ إلَيْهِمْ أَوْ أَغَارُوا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ قَلَفٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ، وَهُوَ تَرْكُ خِتَانِ الذَّكَرِ، وَتَرْكُ خِفَاضِ الْأُنْثَى الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَعْمَلَ الْقَلَفَ فِيهِمَا تَغْلِيبًا أَوْ يَكُونُ خِفَاضٌ مَحْذُوفًا مِنْ الثَّانِي مَعْطُوفًا عَلَى قَلَفٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَفُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ قَيْدَيْنِ، وَهُمَا كَوْنُهُمَا مُسْلِمَيْنِ، وَفَاتَ وَقْتُ خِتَانِهِمَا، وَتَرَكَ شَرْطًا ثَالِثًا، وَهُوَ كَوْنُ طُولِ إقَامَتِهِمَا فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ، وَكَوْنُ الْمُوَلَّدِ مِنْهُمَا وُلِدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ، وَعَلَيْهِ فَشَرْطُ الرَّدِّ بِعَدَمِ الْخِتَانِ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إذَا وُلِدَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُولَدَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ، وَأَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ وَأَنْ يَفُوتَ وَقْتُ خِتَانِهِمَا، وَشُرِطَ الرَّدُّ فِيمَنْ لَمْ يُولَدْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، وَأَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ، وَأَنْ يَفُوتَ وَقْتُ خِتَانِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ مَنْ وُلِدَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ مَنْ لَمْ يُولَدْ بِهِ لَمْ يُرَدَّ بِوُجُودِهِ غَيْرَ مَخْتُونٍ فَإِذَا أَسْلَمَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ، وَطَالَتْ إقَامَتُهُمَا بِهِ فَإِنَّهُمَا لَا يُرَدَّانِ بِتَرْكِ الْخِتَانِ بَلْ وُجُودُهُمَا مَخْتُونَيْنِ عَيْبٌ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ قَوْلُهُ (ص) كَبَيْعٍ بِعُهْدَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا وَطَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ لِآخَرَ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَإِذَا عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ لِأَنَّ كَتْمَهُ مَا ذُكِرَ كَعَيْبٍ كَتَمَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى مِنْهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْت أَنَّك ابْتَعْته بِالْبَرَاءَةِ لَمْ أَشْتَرِهِ إذْ قَدْ أُصِيبَ بِهِ عَيْبًا، وَتُفْلِسُ أَوْ تَكُونُ عَدِيمًا فَلَا يَكُونُ لِي رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِك فَقَوْلُهُ مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ صَرِيحًا شَرْطُهُ الْمُتَقَدِّمُ أَوْ حُكْمًا كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ الْمِيرَاثِ قَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِالْبَرَاءَةِ أَوْ مِنْ الْمِيرَاثِ فَلَا يَبِعْهُ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ، وَعُهْدَتُهُ حَتَّى يَبِينَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِالْعُهْدَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرُدَّ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ إلَى التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَإِذَا وَقَعَ يَمْضِي، وَلَمَّا أَرَادَ الْكَلَامَ عَلَى الْعُيُوبِ الْخَاصَّةِ بِالدَّوَابِّ عَطَفَهُ مُكَرَّرًا بِكَافِ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَرَهْصٍ وَعَثْرٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَعَاطِفَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمْعُ عِطْفٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ أَيْ جَانِبٍ (قَوْلُهُ أَمَّا خَلْقًا) أَيْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَخَلُّقًا أَيْ اكْتِسَابًا (قَوْلُهُ وَأَيْضًا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاشْتِهَارُ) كَأَنَّهُ يَقُولُ يُحْمَلُ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَزِنًا عَلَى الْفَاعِلِ لِأَجْلِ دَفْعِ التَّكْرَارِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاشْتِهَارُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ أَيْ بِخِلَافِهِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي فَلَيْسَ فِيهِ تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ) هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ حَتَّى عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ) فَإِنْ قُلْت الْفَاعِلُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ اشْتِهَارٌ، وَالْمَفْعُولُ اُعْتُبِرَ مَعَ أَنَّهُ أَقْبَحُ (قُلْت) إنَّ الْفَاعِلَ يَظُنُّ اشْتِغَالَهُ فَيُضَيِّعُ السَّيِّدَ بِخِلَافِ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ وَخَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا) النَّصُّ يُفِيدُ أَنَّ الْخِتَانَ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْمَجْلُوبِ إذَا كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ كَافِرًا غَيْرُهُ لَا يُخْتَتَنُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُخْتَتَنُ فَلَا يَكُونُ وُجُودُهُ مَخْتُونًا عَيْبًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِفَاضَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ الْمَجْلُوبَةِ وَمَنْ يُشْبِهُهَا كَالْخِتَانِ فِي الذَّكَرِ الْمَجْلُوبِ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَسْلَمَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ) أَيْ وَسَيِّدُهُ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رِقٌّ لِلسَّيِّدِ، وَإِلَّا كَانَ حُرًّا (قَوْلُهُ فَإِذَا أَسْلَمَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَطَالَتْ إقَامَتُهُمَا بِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ فَقَدْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْبَائِعَ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَنْفَعُ بَرَاءَةُ الْبَائِعِ إلَّا مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْبَائِعُ وَطَالَتْ إقَامَةُ ذَلِكَ الرَّقِيقِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّ عُهْدَةَ الْإِسْلَامِ هِيَ دَرْكُ الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ تَثْبُتُ، وَلَوْ اشْتَرَطَ إسْقَاطَهَا فَإِذَا اشْتَرَى بِإِسْقَاطِهَا ثُمَّ بَاعَ بِهَا مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَتِهَا وَاسْتَحَقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَضُرُّ إسْقَاطُ الْبَائِعِ الثَّانِي لَهَا لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُفَسِّرَ الْعُهْدَةَ بِعَدَمِ الْبَرَاءَةِ أَصْلًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَرَاءَةٌ لَا تَمْنَعُ رَدًّا كَتَبْرِئَةٍ فِي رَقِيقٍ مِنْ عَيْبٍ يَعْلَمُ بِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ بِهِ حَيْثُ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ، وَكَتَبْرِئَةٍ فِي غَيْرِ رَقِيقٍ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ الْمِيرَاثِ) وَمِثْلُ مَا إذَا وَهَبَ لَهُ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ عَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا قَدْ وَهَبَ لَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وَهَبَ لَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي مُتَكَلِّمٌ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ ظَهَرَ لَهُ عَيْبٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَكَلِّمٌ مَعَ الْوَاهِبِ، وَمِثْلُ الْهِبَةِ غَيْرُهَا مِنْ بَاقِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا عُهْدَةَ فِيهَا كَذَا يَنْبَغِي كَذَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ وَعُهْدَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَأَرَادَ دَرْكَ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ) ظَاهِرُ اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ عَطَفَهُ) أَيْ عَطَفَ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ بِكَافِ التَّشْبِيهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 وَحَرَنٍ وَعَدَمِ حَمْلِ مُعْتَادٍ (ش) الرَّهْصُ وَقْرَةٌ تُصِيبُ بَاطِنَ الْحَافِرِ مِنْ إصَابَةِ حَجَرٍ وَالْعَثْرُ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَهَذَا حَيْثُ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَحْدُثُ بَعْدَ بَيْعِهَا أَوْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَثَرُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرُدَّ قَالَهُ تت. وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ، وَالْحَرُونُ هُوَ الَّذِي لَا يَنْقَادُ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ مَا شَابَهُ الثَّلَاثَةَ كَالدَّبَرِ، وَتَقْوِيسِ الذِّرَاعَيْنِ، وَقِلَّةِ الْأَكْلِ وَالنُّفُورِ الْمُفْرِطَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَمْلِ هُنَا مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا الْوَلَدُ فَإِذَا وَجَدَ الدَّابَّةَ لَا تَحْمِلُ حَمْلَ مِثْلِهَا، وَهِيَ مِمَّا تُرَادُ لِلْحَمْلِ فَإِنَّ لَهُ رَدَّهَا (ص) لَا ضَبْطٍ (ش) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى عَدَمٍ مِنْ قَوْلِهِ وَرُدَّ بِعَدَمٍ مَشْرُوطٍ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ وُجُودَ الرَّقِيقِ يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَفِعْلُهُ ضَبِطَ يَضْبَطُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ، وَيُسَمَّى أَعْسَرَ يَسَرَ، وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَلِكَ زَادَ فِي الشَّامِلِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَ قُوَّةُ الْيُمْنَى اهـ. أَيْ إلَّا أَنْ تَنْقُصَ عَنْ قُوَّتِهَا الْمُعْتَادَةِ لَهَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ بِهَا وَحْدَهَا، وَإِنْ سَاوَتْهُ الْيُسْرَى، وَهَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ (ص) وَثُيُوبَةٍ إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا (ش) أَيْ وَلَا رَدَّ لَهُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى ثُيُوبَةٍ، وَلَوْ فِي رَائِعَةٍ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهَا قَدْ وُطِئَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهَا لَا يُفْتَضُّ فَهُوَ عَيْبٌ لَكِنْ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ لَا فِي الْوَخْشِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ (ص) وَعَدَمِ فُحْشِ صِغَرِ قُبُلٍ (ش) أَيْ وَلَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى عَدَمِ فُحْشِ صِغَرِ قُبُلٍ أَيْ بِصِغَرِ قُبُلٍ صِغَرًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ فَإِنْ تَفَاحَشَ فَيَصِيرُ كَالنَّقْصِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ضِيقِ، وَنُسْخَةُ صِغَرِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الضِّيقَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ إلَّا أَنْ يَفْحُشَ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِجَارِيَةِ الْوَطْءِ، وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا فِي الثُّيُوبَةِ وَعَدَمِهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ، وَكَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي تَفَاحُشِ ضِيقِهِ وَعَدَمِ تَفَاحُشِهِ (ص) وَكَوْنِهَا زَلَّاءَ (ش) أَيْ وَعَدَمِ فُحْشِ كَوْنِهَا زَلَّاءَ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ضِيقِ، وَالزَّلَّاءُ قَلِيلَةُ لَحْمِ الْأَلْيَتَيْنِ، وَتُسَمَّى الرَّسْحَاءُ بِالرَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (ص) وَكَيٍّ لَمْ يَنْقُصْ (ش) أَيْ لَيْسَ بِعَيْبٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ ثَمَنًا، وَلَا خِلْقَةً وَلَا جَمَالًا فَلَوْ نَقَصَ أَحَدَهَا كَانَ عَيْبًا، وَهَذَا عَامٌّ فِي أَفْرَادِ الْحَيَوَانِ كُلِّهَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْإِنْسَانِ. (ص) وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ حُبِسَ فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ (ش) أَيْ وَلَا رَدَّ بِاطِّلَاعِهِ عَلَى تُهْمَةٍ سَبَقَتْ لَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِسَرِقَةٍ حُبِسَ فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ مِنْهَا بِأَنْ ثَبَتَ أَنَّ غَيْرَهُ سَرَقَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُتَّهَمَ فِيهِ أَوْ يَقُولُ وَجَدْت مَتَاعِي عِنْدَ آخَرَ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ أَوْ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ عِنْدِي وَلَمْ يَسْرِقْ، وَلَا يُتَّهَمُ رَبُّ الْمَتَاعِ فِي إقْرَارِهِ بِمَا ذُكِرَ، وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحْبَسْ ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ، وَقَوْلُهُ حُبِسَ فِيهَا أَيْ بِسَبَبِهَا أَمَّا لَوْ حُبِسَ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ أَوْ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِسَرِقَةٍ (ص) وَمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ، وَالْجَوْزِ، وَمُرِّ قِثَّاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَى وُجُودِهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا عَلَى الْمَشْهُورِ (وَلَا قِيمَةً) لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ كَخُضْرَةِ بَطْنِ الشَّاةِ، وَكَسُوسِ الْخَشَبِ بَعْدَ شَقِّهِ، وَفَسَادِ بَاطِنِ الْجَوْزِ، وَمُرِّ الْقِثَّاءِ، وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّدَّ بِهِ فَيُعْمَلَ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَقْرَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ فَسَادٌ تُصِيبُ بَاطِنَ الْحَافِرِ أَيْ حَافِرِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ كَالدَّبَرِ) وَهُوَ الْقُرْحَةُ (قَوْلُهُ وَقِلَّةُ الْأَكْلِ) أَيْ وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ الْخَارِجَةُ عَنْ الْعَادَةِ فِي الرَّقِيقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَيْبًا لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ يَنْقُصُ ثَمَنَهُ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْلِهِ فَوَجَدَهُ أَكُولًا (قَوْلُهُ لَا ضَبْطَ) يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَضْبَطُ، وَلِلْأُنْثَى ضَبْطَاءُ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى أَعْسَرَ يَسَرَ) الْمُرَادُ أَعْسَرَ الْيُسْرَى يَتَيَسَّرُ لَهُ الْعَمَلُ بِالْيُمْنَى مِثْلَ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ وَثُيُوبَةٍ) اسْتَشْكَلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَاتَيْنِ، وَفِيمَا بَعْدَهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ فِي دَاخِلِ قَوْلِهِ، وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَإِلَّا رُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ (قَوْلُهُ لَا يُفْتَضُّ) بِالْقَافِ وَالْفَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضِّيقَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ) أَيْ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَيْبٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ) وَكَذَا السَّعَةُ الْمُتَفَاحِشَةُ، وَاخْتِلَاطُ مَسْلَكَيْ الْبَوْلِ وَالْوَطْءِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ زَلَّاءَ) بِالْقَصْرِ كَمَا هُوَ الْمَسْمُوعُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّظْمِ وَأُمُّهُمْ زَلَّاءُ مِنْطِيقٌ فَلِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَصَ أَحَدُهَا) فِي عب فَالْمَدَارُ فِي الرَّدِّ عَلَى نَقْصِ الثَّمَنِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَتَى نَقَصَ الْجَمَالُ أَوْ الْخِلْقَةُ فَقَدْ نَقَصَ الثَّمَنُ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتْبَعُهُمَا، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِ الثَّمَنِ نَقْصُ الْجَمَالِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقُصُ الثَّمَنَ لِظَنِّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لِعِلَّةٍ، وَلَا يَنْقُصُ الْجَمَالُ، وَنَقْصُ الْجَمَالِ يُوجِبُ نَقْصَ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُتَّهَمُ رَبُّ الْمَتَاعِ) بَلْ وَلَوْ اُتُّهِمَ لَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ الِاتِّهَامِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ حُبِسَ لِكَوْنِهِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لِأَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ) أَيْ لِكَوْنِ الشَّخْصِ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْعَدَاءِ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَأَنَّ الْحَالَةَ الْقَائِمَةَ بِهِ نَاشِئَةٌ مِنْ السَّرِقَةِ، وَيَكُونُ هَذَا آتِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَاصِمٍ وَإِنْ تَكُنْ دَعْوَى عَلَى مَنْ يُتَّهَمْ فَمَالِكٌ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ حَكَمَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) بَيَّنَ بَهْرَامُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَالْمَشْهُورُ فِي الْخَشَبِ الْمُسَوِّسِ وَنَحْوُهُ عَدَمُ الرَّدِّ كَمَا ذُكِرَ، وَقِيلَ يُرَدُّ بِهِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِتَغْيِيرٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرَى غَيْرُ الْمَبِيعِ أَيْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا غَيْرَهُ فَأَطْلَقَ التَّغَيُّرَ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْمَبِيعِ عَلَى التَّغْيِيرِ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِلَا تَغَيُّرٍ لَوْ طَلَبَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَيُشِيرُ إلَى مَا يُفِيدُهُ بِقَوْلِهِ، وَرُدَّ الْبَيْضُ ثُمَّ إنَّ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ تَارَةً يُدَلِّسُ فِيهِ الْبَائِعُ بِأَنْ يَعْلَمَهُ وَلَا يُبَيِّنَ، وَهَذَا لَا كَلَامَ فِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُدَلِّسِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الرَّدِّ وَغَيْرِهِ، وَتَارَةً لَا يُدَلِّسُ فِيهِ الْبَائِعُ بِأَنْ لَا يُعْلِمَهُ بِالْفِعْلِ، وَفِي هَذَا لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِهِ أَوْ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ مُفَوِّتٌ عِنْدَهُ فَلَهُ قِيمَةُ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهُ مُفَوِّتٌ رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) وَرُدَّ الْبَيْضُ (ش) أَيْ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَسَرَ أَمْ لَا دَلَّسَ أَمْ لَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَمْرُوقًا فَقَطْ وَكَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَلَا يُرَدُّ، وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَصَحِيحٌ مَعِيبٌ فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَعِيبٍ عَشَرَةٌ، وَصَحِيحًا مَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ الْبَيْعِ بَعْدَ الْكَسْرِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُرَدَّ بِهِ إذْ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ قَالَهُ مَالِكٌ ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُهَا، وَلَوْ بَيْضَ نَعَامٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُرَدُّ بَيْضُ النَّعَامِ لِكَثَافَةِ قِشْرِهِ فَلَا يُعْرَفُ فَسَادُهُ وَصِحَّتُهُ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا،. وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ وُجُوبَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا الدَّارَ فَعُيُوبُهَا ثَلَاثَةٌ قَلِيلٌ لَا تُرَدُّ بِهِ، وَلَا أَرْشَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي، وَمُتَوَسِّطٌ فِيهِ الْأَرْشُ، وَكَثِيرٌ تُرَدُّ بِهِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ، وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَلَا يَخْلُو مَا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا جِدًّا لَا يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ كَسُقُوطِ شرافة وَنَحْوِهَا أَوْ قَلِيلًا لَا جِدًّا كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ لَمْ يَخَفْ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطَ مِنْهُ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَوْ كَثِيرًا كَصَدْعٍ بِحَائِطٍ خِيفَ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رَدَّ بِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا جِدًّا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَلَا رَدَّ لَهُ أَيْضًا لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ لِلْعَادَةِ، وَهُوَ الْأَصْلُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا دُونَ الثُّلُثِ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ لَيْسَ مَنْصُوصًا بَلْ اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيُشِيرُ إلَى مَا يُفِيدُهُ بِقَوْلِهِ وَرُدَّ الْبَيْضُ) أَيْ لِأَنَّ الْبَيْضَ مِمَّا يُعْلَمُ وَيَظْهَرُ فَاسِدُهُ قَبْلَ كَسْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْبَيْضُ. (قَوْلُهُ مِنْ الرَّدِّ وَغَيْرِهِ) كَالْبَيْضِ الْمَمْرُوقِ إذَا دَلَّسَ فِيهِ الْبَائِعُ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ كَسْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الرَّدِّ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَرُدُّهُ، وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا بَلْ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) كَالْبَيْضِ إذَا كَسَرَهُ وَوَجَدَهُ مَمْرُوقًا، وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ الرَّدِّ فَيَدْفَعُ أَرْشَ الْحَادِثِ بِالْكَسْرِ كَمَا يَأْتِي تَصْوِيرُهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ مُفَوِّتٌ بِأَنْ شَوَاهُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهُ مُفَوِّتٌ أَيْ بِأَنْ كَسَرَهُ وَلَمْ يَشْوِهِ، وَقَوْلُهُ رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَ أَيْ أَوْ تَمَاسَكَ وَرَجَعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْمَمْرُوقِيَّةُ فَإِنَّهَا عَيْبٌ مَثَلًا إذَا كَانَ سَلِيمًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا كَانَ مَمْرُوقًا يُسَاوِي ثَمَانِيَةً فَإِذَا كَسَرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَجَدَهُ يُسَاوِي سِتَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ نَقَصَهُ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا كَالْمِيزَانِ يُعْرَفُ بِهَا مَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ الْمَمْرُوقَ بَعْدَ كَسْرِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ خُمُسَ الثَّمَنِ لِأَنَّ كَسْرَهُ أَثَّرَ فِيهِ خُمُسَ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَلِيمًا، هَذَا مَعْنَاهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ) أَيْ بِأَنْ صَارَ فَاسِدًا. (قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ، وَقَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ) كَمَا صَوَّرْنَا فِي الْبَيْضِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَالصِّحَّةُ كَوْنُهُ سَالِمًا مِنْ الْمَمْرُوقِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَالدَّاءُ أَيْ الْمَمْرُوقِيَّةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فَلَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَهُ إلَخْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مُقَابِلًا لِلْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْنَا مِنْهُ ذَلِكَ، وَفِي شب مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ الْبَيْعِ بَعْدَ الْكَسْرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَيْضُ مَمْرُوقًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً بَعْدَ الْكَسْرِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ بِأَنْ صَارَ فَاسِدًا هَذَا مُرَادُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَصَدْعِ جِدَارٍ) أَيْ شَقِّ جِدَارٍ (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا) اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ النَّقْلِ إنَّمَا هُوَ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبْعِهِ ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ، وَرَابِعُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ، وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ إلَّا بِمَا أَضَرَّ لِابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِيَاضٍ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ وَابْنِ الْقَطَّانِ وَابْنِ رُشْدٍ وَنَقْلِ عِيَاضٍ اهـ. لَكِنْ قَوْلُ ابْنِ الْقَطَّانِ الثَّالِثُ بِأَنَّ الْعَشَرَةَ كَثِيرٌ لَمْ يُبَيِّنْ مِنْ كَمْ، وَلَعَلَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ الرَّابِعَ تَفْسِيرٌ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا كَانَ الثُّلُثَ كَمَا يُفِيدُهُ تَقْدِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ، وَأَيْضًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَابْنُ عَتَّابٍ مَا دُونَ الرُّبْعِ وَابْنُ الْقَطَّانِ الْمِثْقَالَانِ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَكَثِيرٌ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مِنْ الْمِائَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ، وَيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَتَمَاسَكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فَالْقَلِيلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى الْقَلِيلِ جِدًّا وَهُوَ الَّذِي لَا قِيمَةَ، وَعَلَى الْقَلِيلِ لَا جِدًّا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَقَوْلُهُ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ أَيْ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَقَوْلُهُ كَصَدْعِ جِدَارٍ مِثَالٌ لِلْعَيْبِ الْقَلِيلِ الَّذِي فِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالدَّارِ أَنَّ الدَّارَ تُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ غَالِبًا، وَالسِّلْعَةُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ أَنَّ الدَّارَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ فَلَوْ رُدَّتْ بِالْيَسِيرِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ، وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِهَتَهَا) مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَالضَّمِيرُ فِي يَكُونُ عَائِدٌ عَلَى الْعَيْبِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يَكُونُ فِي وَاجِهَتِهَا لَا يَكُونُ مُتَوَسِّطًا، وَأَمَّا الْعَيْبُ الْقَلِيلُ جِدًّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ، وَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَوَاجِهَتَهَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ فِي وَاجِهَتِهَا. (ص) أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ أَوْ مِلْحِ بِئْرِهَا بِمَحِلِّ الْحَلَاوَةِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي الدَّارِ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَنَافِعِهَا كَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا أَوْ مِرْحَاضِهَا بِقُرْبِ الْحِيطَانِ أَوْ الْبُيُوتِ أَوْ تَحْتَهَا السُّقُوفُ الْمَخُوفَةُ أَوْ جَرَيَانُ مَاءِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ مَاءُ بِئْرِهَا مِلْحًا بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ، وَكَذَلِكَ سُوءُ جَارِهَا أَوْ شُؤْمُهَا هِيَ أَوْ جَانُّهَا أَوْ بَقُّهَا أَوْ نَمْلُهَا كَبَقِّ السَّرِيرِ وَقَمْلِ الثَّوْبِ أَوْ كَوْنِ بَابِ مِرْحَاضِهَا عَلَى بَابِهَا أَوْ دِهْلِيزِهَا أَوْ لَا مِرْحَاضَ لَهَا ثُمَّ إنْ كَانَ قَوْلُهُ أَوْ مِلْحُ بِئْرِهَا بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ مَعْطُوفًا بِأَوْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِالْكَافِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِهِ أَوْ مِثَالٌ لَهُ، وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُبُوتَهُ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ لَكِنَّهُ عَيْبٌ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ (ش) أَيْ وَإِنْ قَالَتْ الْأَمَةُ لِلْمُشْتَرِي أَنَا أُمُّ وَلَدٍ لِبَائِعِي لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ، وَكَذَا الْعَبْدُ يَقُولُ أَنَا حُرٌّ لَا يَكُونُ عَيْبًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ قَالَتْهُ وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ ضَمَانِهِ بِأَنْ قَالَتْهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ لَكِنْ إنْ صَدَرَ مِنْهُمَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ مِنْ عُهْدَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ يَكُونُ عَيْبًا يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِمَا مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ أَمَّا بَيَانُهُ إذَا بَاعَ   [حاشية العدوي] اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَاصِمٍ (قَوْلُهُ الْمِثْقَالَانِ) الْمِثْقَالُ وَزْنُهُ دِرْهَمٌ، وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَقَوْلُهُ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَكَثِيرٌ أَيْ أَمَّا الْعَشَرَةُ مَثَاقِيلَ فَكَثِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَلِيلُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَلِذَا قَالَ عب مُعَبِّرًا عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمِائَةِ) أَيْ مِائَةِ مِثْقَالٍ (قَوْلُهُ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ) هُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِمَعْنًى، وَإِعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ بِخِلَافِ شِبْهِ الِاسْتِخْدَامِ فَهُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِمَعْنًى، وَإِعَادَتُهُ اسْمًا ظَاهِرًا بِمَعْنًى آخَرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ لِلْعُرْفِ أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ أَوْ عَنْ الرُّبْعِ أَوْ عَنْ الْعَشَرَةِ مِنْ الْمِائَةِ بِالتَّرَدُّدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتَوَسِّطِ يَأْتِي التَّرَدُّدُ فِي الْكَثِيرِ لِكَوْنِهِ مَا زَادَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ عَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالدَّارِ) أَيْ أَنَّ الْعُرُوضَ يُرَدُّ فِيهَا، وَلَوْ بِالْقَلِيلِ دُونَ الدَّارِ أَيْ وَلِذَلِكَ يُرَدُّ الْكِتَابُ بِنَقْصِ وَرَقَةٍ مِنْهُ قَالَهُ الْبَدْرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَيْبَ غَيْرِ الدَّارِ كَمَا قُلْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ، وَرَدُّ الْبَدْرِ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ غَيْرَ عَيْبٍ لِقِلَّتِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ) مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَيْبَ الدَّارِ يُصْلَحُ وَيَزُولُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَمِنْهَا عُيُوبُ الدَّارِ لَا تُخْلَطُ بِهَا، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَسْوَاقٌ فَيَضُرُّ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهَا إذْ قَدْ لَا يَجِدُ مَا يَشْتَرِي (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ كَصَدْعِ جِدَارٍ بِدُونِ اتِّصَافِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ مَفْهُومِ لَمْ يَخَفْ أَيْ وَهُوَ الْخَوْفُ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدْعُ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَاجِهَتَهَا، وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَاجِهَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْأُمِّ إنْ وُجِدَ بِالدَّارِ صَدْعٌ يُخَافُ مِنْهُ سُقُوطُهَا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَعِبَارَةُ شب إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ الَّذِي لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ السُّقُوطَ أَوْ الْعَيْبُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا وَاجِهَتَهَا فَالرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْ وَنَقَصَ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ الَّذِي تُرَدُّ بِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَصَدْعِ جِدَارٍ إلَخْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الصَّدْعُ يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ نَقْصُهُ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ أَوْ الْعَشَرَةَ مِنْ الْمِائَةِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ الْكَثِيرِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنُ كَانَ مِنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا رَدَّ بِهِ وَلَا رُجُوعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بَلَغَ مَا ذُكِرَ كَانَ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي يُوجِبُ الرَّدَّ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ كَلَامِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ الصَّدْعُ فِي الْوَاجِهَةِ. (قَوْلُهُ كَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا) أَيْ سُقُوطِ جَوَانِبِهَا (قَوْلُهُ بِقُرْبِ الْبُيُوتِ) أَرَادَ بِالْبُيُوتِ مَوْضِعَ الْجُلُوسِ أَوْ النَّوْمِ كَالْخِزَانَةِ أَوْ الْقَاعَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَحْتَهَا أَيْ الدَّارِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ الدَّارِ (قَوْلُهُ أَوْ شُؤْمُهَا) كَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ سَكَنَهَا يَمُوتُ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ الْفَقْرُ أَوْ تَمُوتُ ذُرِّيَّتُهُ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ شُؤْمُهَا أَيْ تَرَقُّبُ الْمَكْرُوهِ بِهَا لِكَوْنِهِ يَحْصُلُ فِيهَا أَوْ نَفْسُ حُصُولِ الْمَكْرُوهِ بِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ جَانُّهَا هِيَ أَيْ أَوْ شُؤْمُ جَانِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَقُّهَا أَوْ نَمْلُهَا) أَيْ بَقُّهَا الْكَثِيرُ، وَنَمْلُهَا الْكَثِيرُ (قَوْلُهُ كَبَقِّ السَّرِيرِ وَقَمْلِ الثَّوْبِ) أَيْ الْكَثِيرَيْنِ إلَخْ، وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثِيرِ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ سَوَاءٌ قَالَتْهُ وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَوْ قَالَتْهُ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهَا، وَكَذَا فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 فَوَاجِبٌ مُطْلَقًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي تَقْرِيرِهِ خِلَافُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ هُنَا، وَنَحْوُهُ فِي تَوْضِيحِهِ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ مِنْ أَنَّهُ لَا بَيَانَ عَلَيْهِ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الرِّضَا، وَهُوَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَلَغَا قَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ وَنَحْوُهُ، وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ قَالَهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ، وَبَيَّنَهُ إنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَظْهَرَ، وَأَبْلَغَ لِأَنَّ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ أَبْلَغُ مِنْ دَعْوَى الِاسْتِيلَادِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعُيُوبِ الذَّاتِيَّةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ كَالذَّاتِيِّ، وَهُوَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ كَالشَّرْطِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّصْرِيَةَ لِلْحَيَوَانِ، وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعُ حَلْبَ مَا بَاعَهُ لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا، وَيَحْسُنَ حِلَابُهَا ثُمَّ يَبِيعَهَا كَذَلِكَ كَاشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ فَتُوجَدُ بِخِلَافِهِ فَيُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فِي ثَوْبِهِ مِدَادٌ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَاتِبٌ فَظَهَرَ خِلَافَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا بَيْعُهُ، وَبِيَدِهِ الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ فِعْلِ الْعَبْدِ دُونَ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ (ص) فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ مِنْ تَصْرِيَةٍ وَغَيْرِهَا يُرَدُّ لِبَائِعِهِ لَكِنْ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّصْرِيَةُ مِنْ الْأَنْعَامِ فَقَطْ يُرَدُّ مَعَ صَاعٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَثُرَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّمْرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» ، وَحَمَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَى أَنَّهُ غَالِبُ قُوتِ الْمَدِينَةِ (ص) وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ (ش) أَيْ الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا بَدَلًا عَنْ الصَّاعِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اللَّبَنِ وَلَوْ بِتَرَاضِيهِمَا غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ بِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ تَعَيَّنَ الصَّاعُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ اللَّبَنِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَوْ رَدَّ اللَّبَنَ لَكَانَ بَاعَهُ ذَلِكَ الصَّاعَ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُ غَيْرِ اللَّبَنِ عَنْ الصَّاعِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ فَلَوْ قَالَ وَحَرُمَ رَدُّ غَيْرِهِ عَنْهُ أَيْ عَنْ الصَّاعِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ قَبْلَ أَخْذِ اللَّبَنِ فَلَا صَاعَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ مَعَ الصَّاعِ فَلَا حُرْمَةَ، وَبِعِبَارَةٍ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حُرْمَةِ رَدِّ اللَّبَنِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَيْنَ شَيْئِهِ لَا يَحْرُمُ رَدُّهُ، وَرَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ وَحَرُمَ رَدُّ الْعِوَضِ كَانَ أَحْسَنَ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ رَدُّ غَيْرِ الْغَالِبِ عَنْ الْغَالِبِ مِنْ الْقُوتِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (ص) لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً (ش) أَيْ لَا إنْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدٌّ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَلِيلَةَ الدَّرِّ بِأَنْ وَجَدَهَا تَحْلُبُ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا (ص) أَوْ لَمْ تُصَرَّ وَظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ لَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تُصَرَّ لَكِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ لِكِبَرِ ضَرْعِهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فِي الْكَثْرَةِ مَعَ كَوْنِهَا تَحْلُبُ   [حاشية العدوي] دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ كَدَعْوَى إغَارَةِ عَدُوٍّ عَلَى بَلَدِهَا أَوْ سَبْيِهَا مَعَ حُرِّيَّتِهِمْ وَشُهْرَةِ الْإِغَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَصْدِيقِ الْبَائِعِ عَلَى شِرَائِهِ لَهَا مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقِيلَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَلَا تَحْرُمُ، وَعَلَيْهَا إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ، وَقِيلَ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ النَّاحِيَةِ إثْبَاتُ الرُّقْيَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ) أَيْ لَا فِي خُصُوصِ الْأَمَةِ حَتَّى يُجَابَ بِهِ عَنْ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ أَوَّلُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ السَّمَاعَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ. [يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ] (قَوْلُهُ الْعُيُوبِ الذَّاتِيَّةِ) أَيْ الْقَائِمَةِ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ الْغُرُورُ الْفِعْلِيُّ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ كَعَامِلْ فُلَانًا وَهُوَ ثِقَةٌ مَلِيءٌ فَيُوجَدُ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ) مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا كَالْحُمُرِ وَالْآدَمِيَّاتِ (قَوْلُهُ كَتَلْطِيخِ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا ثَبَتَ) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فِي كَوْنِ الْبَائِعِ أَمَرَ الْعَبْدَ أَمْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ إلَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ لَكِنْ مَا وَقَعَ مِنْهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرَّدَّ بِسَبَبِ التَّصْرِيَةِ عَامٌّ حَتَّى فِي الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا رَدُّ الصَّاعِ فَإِنَّمَا هُوَ مَعَ تَصْرِيَةِ النَّعَمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) إنْ اخْتَلَفَ قُوتُ مَحَلِّهِ كَحِنْطَةٍ وَتَمْرٍ وَأُرْزٍ وَشَعِيرٍ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ قُوتُهُمْ اللَّبَنَ، وَالظَّاهِرُ رَدُّ صَاعٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ لَبَنِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَالِبٌ فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ مِمَّا شَاءَ مِنْ الْقُوتِ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِي مِنْ الْوَسَطِ تت، وَأَرَادَ بِبَعْضِ مَشَايِخِهِ الشَّيْخَ عَلِيًّا السَّنْهُورِيَّ، وَلَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ مَعَ صَاعٍ إلَخْ) وَلَوْ تَكَرَّرَ حَلْبُهَا حَيْثُ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا، وَقَدْرُ الصَّاعِ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَغَزَارَتِهِ، وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ وَنَدَارَتِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ لِغَلَاءِ الصَّاعِ وَرُخْصِهِ (قَوْلُهُ وَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ يَرُدُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَرَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ اللَّبَنِ أَمَّا لِأَنَّهُ إقَالَةٌ قَالَ سَحْنُونَ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَكُونُ إقَالَةً إذَا رَدَّتْ الشَّاةَ الْمُصَرَّاةَ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَاهِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا لِأَنَّهُ عَيْنُ شَيْئِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَوْ كَانَ اللَّبَنُ مَأْخُوذًا عَنْ التَّمْرِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالتَّمْرُ لَمْ يَجِبْ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ بِيعَ بِاللَّبَنِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ صَاعًا عَلَى طَرِيقِ رَفْعِ النِّزَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّاعَ يَجِبُ فِي لَبَنِ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ، وَأَلْبَانُهَا مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ، وَالصَّاعُ وَاحِدٌ فَمِثْلُ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَايَعَةُ الْحَقِيقِيَّةُ فَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلُ (قَوْلُهُ لَا إنْ اشْتَرَاهَا، وَهُوَ عَالِمٌ) وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ شِرَائِهَا، وَقَبْلَ حَلْبِهَا، وَأَمْسَكَهَا لِيَخْتَبِرَ حِلَابَهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إمْسَاكَهَا وَرَدَّهَا، وَلَوْ أَشْهَدَ لَمْ يَحْلِفْ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 حِلَابَ أَمْثَالِهَا، وَإِلَّا فَيَرُدُّهَا بِغَيْرِ صَاعٍ لَكِنْ مَحَلُّ عَدَمِ الرَّدِّ حَيْثُ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ فِي الْكَثْرَةِ مَعَ كَوْنِهَا تَحْلُبُ حِلَابَ أَمْثَالِهَا مَا لَمْ تُسْتَوْفَ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ قَصَدَ (ش) أَيْ قَصَدَ مِنْهَا اللَّبَنَ لَا غَيْرَهُ مِنْ لَحْمٍ وَعَمَلٍ. (ص) وَاشْتُرِيَتْ وَقْتَ حِلَابِهَا (ش) أَيْ وَقْتَ كَثْرَةِ لَبَنِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ كَثْرَتُهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ وَقْتِ الشِّرَاءِ قَرِيبًا مِنْ زَمَنِ وِلَادَتِهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الزَّمَنِ مُقْتَضِيًا لِلْكَثْرَةِ كَزَمَنِ الرَّبِيعِ، وَعَلِمَ الْبَائِعُ قِلَّةَ لَبَنِهَا عَمَّا ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي مَعَ كَوْنِ حِلَابِهَا حِلَابَ أَمْثَالِهَا (وَكَتَمَهُ) عَنْ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يُخْبِرْهُ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْعِلْمِ بِالْكِتْمَانِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ عَالِمٍ فَإِذَا تَوَفَّرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ رَدَّهَا بِغَيْرِ صَاعٍ إذْ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ التَّصْرِيَةِ إذْ هِيَ مِنْ بَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (ص) ، وَلَا بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ بَلْ رَدَّهَا لِرِهْصٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الصَّاعَ مَعَهَا عَلَى مَا اسْتَحْسَنَهُ التُّونِسِيُّ، وَرَوَى أَشْهَبُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّ مُصَرَّاةً، وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ، وَغَيْرُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَلَا يَرُدُّ الصَّاعَ بِرَدِّهَا بِعَيْبٍ غَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ (ص) وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَدَدًا مِنْ الْغَنَمِ فَوَجَدَ كُلًّا مُصَرَّاةً فَإِنَّ عَلَيْهِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ رَدَّهَا صَاعًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ الِاكْتِفَاءُ بِصَاعٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِهَا لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُفِيدُهُ التَّعَدُّدُ كَثْرَةَ اللَّبَنِ، وَهَذَا غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الصَّاعِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا. (ص) وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَلَبَ الْمُصَرَّاةَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهَا فَحَلَبَهَا ثَانِيَةً لِيَخْتَبِرَهَا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً عَنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ فَلَهُ رَدُّهَا اتِّفَاقًا فَلَوْ حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ رِضًا بِهَا فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذْ بِهَا يُخْتَبَرُ أَمْرُهَا كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ، وَوَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ حَلْبُهَا ثَالِثَةً وَلَا يُعَدُّ رِضًا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهَا لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مَا تَأْتِي قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا، وَعَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ، وَغَيْرُهُمَا أَوْ وِفَاقًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ الصَّقَلِّيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ تَأْوِيلَانِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ ذِكْرُ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْحَلْبِ الْحَاصِلِ بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي لَا مَا وَقَعَ فِي غِيَابِهِ، وَفِي الْحَلْبِ الْوَاقِعِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ لَا مَا حَصَلَ فِي زَمَنِهِ فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَلَوْ كَثُرَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِالْحَلْبَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْأَيَّامُ وَلَوْ حُلِبَتْ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِرَارًا. وَلَمَّا ذَكَرَ خِيَارَ النَّقِيصَةِ ذَكَرَ مَوَانِعَهُ   [حاشية العدوي] وَأَمْسَكَهَا حَتَّى يَحْلُبَهَا ثَانِيًا وَيَنْتَظِرَ عَادَتَهَا، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ فَحَلَبَهَا أَهْلُهُ زَمَانًا فَلَهُ إذَا قَدِمَ رَدَّهَا وَصَاعًا كَمَا قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ إلَخْ) الْمُسْتَثْنَى مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ فَلَا يَرُدُّ فِي كُلِّ حَالَةٍ، وَهِيَ اجْتِمَاعُ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ فَلَا يَرُدُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ جُمْلَةُ الشَّرْطِ لَا تَقَعُ مُسْتَثْنَاةً (قَوْلُهُ أَيْ قُصِدَ مِنْهَا اللَّبَنُ لَا غَيْرُهُ) فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ هُوَ الْمَقْصُودَ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قُصِدَ، وَاشْتُرِيَتْ وَقْتَ الْحِلَابِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ ظَنُّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَعَلَيْهِ شَرَحَهُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَقَيَّدَ س، وَتَبِعَهُ ح ذَلِكَ بِكَوْنِهَا تَحْلُبُ حِلَابَ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي الْقَيْدِ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ لَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَغَيْرُ مُقَيَّدَةٍ أَيْضًا بِكَوْنِهَا تَحْلُبُ حِلَابَ مِثْلِهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ بَاعَ شَاةً حَلُوبًا غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَحْلُبُ فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ اللَّبَنُ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ مَا تَحْلُبُ وَكَتَمَهُ فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْضَاهَا أَوْ يَرُدَّهَا كَصُبْرَةٍ يَعْلَمُ الْبَائِعُ كَيْلَهَا دُونَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا رَدَّ لِلْمُبْتَاعِ، وَكَذَلِكَ مَا تُنُوفِسَ فِيهِ مِنْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ وَلَوْ بَاعَهَا فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا ثُمَّ حَلَبَهَا الْمُبْتَاعُ حِينَ الْإِبَّانِ فَلَمْ يَرْضَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ كَانَ الْبَائِعُ يَعْرِفُ حِلَابَهَا أَمْ لَا اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ رَدَّهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّهْصَ فِي الْحَافِرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَافِرُ فَرْضُ مِثَالٍ أَوْ مُرَادُهُ هُنَا بِالرَّهْصِ مَا يُشْبِهُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ إلَخْ) يَرُدُّهُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) أَيْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَكْثَرِ ابْنُ الْكَاتِبِ، وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْكَاتِبِ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) أَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَتْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتْ بِعُقُودٍ تَعَدَّدَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لَهُ حَلْبُهَا ثَالِثَةً مُطْلَقًا لَا بِالتَّقْيِيدِ بِالْقَيْدِ السَّابِقِ، وَهُوَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى، وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت فَإِنْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً قَالَ إنْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ حَلَبَهَا بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ مِنْ حِلَابِهَا مَا فِيهِ خِبْرَةٌ لَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ، وَيُعَدُّ حِلَابُهُ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ رِضًا بِهَا، وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذْ بِهَا يُخْتَبَرُ أَمْرُهَا، وَإِنَّمَا يَخْتَبِرُ النَّاسُ بِالْحِلَابِ الثَّانِي وَلَا يُعْرَفُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَابِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ، وَحَصَلَ فِيهَا التَّأْوِيلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ مُفَادُهَا (قَوْلُهُ لَا مَا وَقَعَ فِي غِيَابِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا غَابَ، وَحُلِبَتْ فِي غَيْبَتِهِ مِرَارًا ثُمَّ قَدِمَ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وتت (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَلْبَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْأَيَّامُ) الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَلْبَاتِ الْمَرَّاتُ لَا الْأَيَّامُ، وَالنُّقُولُ مَوْجُودَةٌ فِي مُحَشِّي تت. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 وَهِيَ ضَرْبَانِ مَانِعٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ سَتَأْتِي فَوَاتُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا أَوْ حُكْمًا، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَزَوَالِ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقِيَامِ وَمَانِعٌ مُقَيِّدٌ، وَهُوَ اثْنَانِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (ص) وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ رَقِيقًا فَقَطْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ الرَّقِيقَ فِي الدُّيُونِ أَوْ الْمَغْنَمِ أَوْ عَلَى السَّفِيهِ أَوْ الْغَائِبِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ يَمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّدِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ، وَسَوَاءٌ بَيَّنَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْوَارِثِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ لِلرَّقِيقِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ أَيْضًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الرَّقِيقَ إرْثٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَاعَ لِلْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ، وَعَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ إرْثٌ كَبَيَانِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ، وَقَوْلُهُ رَقِيقًا رَاجِعٌ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ فَقَطْ (ص) وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ آخَرَ ظَنَّهُ أَنَّهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا، وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبٍ، وَيَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْأَحْكَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِ الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ أَقْرَبُ (ص) وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ (ش) هَذَا هُوَ الثَّانِي مِنْ الْمَانِعَيْنِ الْمُقَيَّدَيْنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ إلَّا أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِمَّا يَظْهَرُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ تَنْفَعُهُ تِلْكَ الْبَرَاءَةُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِفَوْرِ شِرَائِهِ، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْبَرَاءَةُ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا تَنْفَعُ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً. وَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ لَهُ فِي الثَّمَنِ إنْ بَيَّنَهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ، وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ، وَلَمْ يُجْمِلْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا عَلِمَ عَيْبًا فِي سِلْعَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ قَالَ أَبِيعُك بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ بِهِ لَمْ يُفِدْهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ حَاكِمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا بُدَّ فِي الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا، وَلَوْ حَاكِمًا أَوْ وَارِثًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يُعْتَبَرْ عَمَلُهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى كَالْإِبَاقِ وَصَفَهُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيَانِهِ أَنَّهُ بِهِ وَصْفًا شَافِيًا كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ بِمَوْضِعٍ دُونَ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ أَرَاهُ لَهُ كَالْقَطْعِ وَالْعَوَرِ، وَلَمْ يُجْمِلْهُ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] [مَوَانِعْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ] (قَوْلُهُ مَانِعٌ مُطْلَقٌ) أَيْ فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ مُقَيَّدٌ أَيْ بِالرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَقَوْلُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْعَيْبِ كَتَبَ عَلَى نُسْخَتِهِ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ خُصُوصِهِ بِالرَّقِيقِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ) فَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ أَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَدِينُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ لِأَنَّ كَتْمَ ذَلِكَ تَدْلِيسٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُ حَاكِمٍ مَا إذَا كَانَ وَارِثًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَلَى مَالِكِهِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ بَيَّنَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا) أَيْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ) أَيْ أَنَّ الْبَاجِيَّ يَقُولُ لَا يَكُونُ بَيْعُ الْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ وَعِيَاضٌ يَقُولُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِقِسْمَةٍ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةُ عِيَاضٍ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ فَقَطْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا مَعًا هَذَا الْكَلَامُ وَقَعَ مِنْهُ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْبَيَانَ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ بَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ مُحَشِّي تت، وَبِهِ اغْتَرَّ الْأُجْهُورِيُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَجْرِ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ لِإِثْبَاتِهِ التَّخْيِيرَ لِلْمُبْتَاعِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَاكِمِ، وَعَلَى ظَاهِرِهَا لَا خِيَارَ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكَادُ يَخْفَى كَمَا قِيلَ بِهِ، وَاعْتَمَدَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ بَيْعُ الْمِيرَاثِ، وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يُحْبَسَ بِلَا عُهْدَةٍ (قَوْلُهُ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا) ظَاهِرٌ فِي الْحَاكِمِ دُونَ الْوَارِثِ إذْ مَعَ شَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لَا يَتَأَتَّى ظَنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ظَنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ مَعَ تَبَيُّنِ أَنَّهُ وَارِثٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى أَنَّهُ وَارِثٌ، وَيَظُنَّ خِلَافَهُ ثُمَّ يَثْبُتُ مَا ادَّعَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْأَحْكَامِ) أَيْ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ (قَوْلُهُ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، وَقَدَّمَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ حَادِثٌ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَرِهَهُ يَكُونُ أَبْخَسَ (قَوْلُهُ وَوَصَفَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا كَالْإِبَاقِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ إنْ كَانَ حِسِّيًّا كَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهُ إلَخْ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ لِأَجْلِ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يُعْتَبَرْ عِلْمُهُ) أَيْ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ (قَوْلُهُ وَصَفَهُ) أَيْ وَمَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ الْعَيْبَ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْإِجْمَالِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مَعْنَوِيًّا، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَيْبِ الْقَائِمِ بِهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 وَعَلَى غَيْرِهِ مَعَ تَفَاوُتِهِ فِي أَفْرَادِهِ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ أَوْ يَذْكُرُ مَا فِيهِ وَغَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَوْلِهِ زَانٍ سَارِقٌ، وَهُوَ سَارِقٌ فَقَطْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَظَنَّ أَنَّ ذِكْرَ الثَّانِي مَعَهُ كَذِكْرِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ التَّفَاحُشِ، وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ، وَالنَّقْلُ يُوَافِقُهُ أَوْ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّ بَيَانَهُ مُجْمَلًا كَلَا بَيَانٍ، وَعَلَيْهِ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (ص) وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمَلَ الْعَوْدِ (ش) أَيْ وَمَنَعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ زَوَالُ الْعَيْبِ الْكَائِنِ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ إلَّا الْعَيْبَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ فَإِنَّ زَوَالَهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ كَبَوْلِ الْمَبِيعِ فِي فِرَاشِهِ وَسَلِسِ الْبَوْلِ وَالسُّعَالِ الْمُفْرِطِ وَرَمْيِ الدَّمِ مِنْ الْقُبُلِ وَالِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ الْحُمَّى وَبَيَاضِ الْعَيْنِ وَنُزُولِ مَاءٍ مِنْهَا إذَا كَانَ بُرْؤُهُ قَدْ اسْتَمَرَّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا تُخَافُ عَوْدَتُهُ إلَّا بِإِحْدَاثٍ مِنْ اللَّهِ، وَأَمَّا الْبَرَصُ وَالْجُذَامُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَلَا رَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَيْبًا، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ (ص) وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا، وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ وَالْأَحْسَنُ أَوْ بِمَوْتٍ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ لَا أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ، وَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ إنْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَهُ الرَّدُّ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لَا يَصْبِرُ عَنْهُ غَالِبًا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ قَالَ بِمَوْتِ الزَّوْجِ الشَّامِلِ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَانْظُرْ الْفَسْخَ بِلَا طَلَاقٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ طَلَاقِهَا بِفِرَاقِهَا لَشَمَلَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا وَطْءٌ (ص) وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حُصُولُ الشَّيْءِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي مِنْ تَصْرِيحٍ بِقَوْلٍ كَرَضِيت أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ، وَإِنْ كَانَ غَلَّةً أَوْ سُكُوتٌ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا جَعْلُهُ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي إلَى الْقَضَاءِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَلَّةٍ لَا تَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ أَمَّا لَوْ فَعَلَ فِعْلًا لَا يُنْقِصُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا إذَا سَكَنَ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ، وَهُوَ يُخَاصِمُ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَيْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ إلَخْ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا هُنَا لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى الرَّدِّ مِنْ الْبَائِعِ هُنَاكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا هَذَا فِي الْحَاضِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ مَا لَا يُنْقِصُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَالْمُرَادُ شَأْنُ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ مَا لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ فَيُجْعَلُ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنْ الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَسُكْنَى الدَّارِ سَوَاءٌ سَكَنَهَا أَوْ أَسْكَنَهَا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ فَإِنَّ سَارِقٌ شَامِلٌ لِسَرِقَةِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، وَشَامِلٌ لِسَرِقَةِ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَائِمَ بِهِ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ يَذْكُرُ مَا فِيهِ، وَغَيْرِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي هَذَا إجْمَالًا مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْغَيْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ سَارِقٌ فِيهِ إجْمَالٌ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ زَانٍ سَارِقٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ إجْمَالًا أَيْضًا مِنْ حَيْثُ سَارِقٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ فِيهِ لِإِجْمَالٍ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ الَّذِي هُوَ الْبَيَانُ الْإِجْمَالِيُّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ) مَوْضُوعُهُ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْعُيُوبَ كُلَّهَا كَثِيرَهَا وَقَلِيلَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فِي بَعْضِ الْبِيَاعَاتِ فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ بَحْثُ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرِهِ أَمْ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي هَذَا بِشَيْءٍ، وَفِي شَرْحِ شب، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا عَلِمَهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَزَوَالُهُ) سَوَاءٌ زَالَ قَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ إلَّا مُحْتَمَلٌ) بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ مَنْفِيٌّ مَعْنًى كَقَوْلِهِ تَغَيَّرَ إلَّا التَّوَى إلَخْ بَدْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ انْقَطَعَ زَمَنَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَيْبًا) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ (قَوْلُهُ طَلَاقِهَا) أَيْ بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَأَمَّا طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَوْتُهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَوْتٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لَكِنْ مَوْتُهَا الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقٌ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا، وَمَوْتُهُ إنَّمَا يَزُولُ بِهِ عَيْبُ الْوَخْشِ دُونَ الرَّائِعَةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) لِأَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ جَارِيَةٌ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ، وَكَأَنْ يَقُولَ وَطَلَاقِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ بَدَلٌ، وَطَلَاقِهَا، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْأَقْوَالِ فِي التَّزْوِيجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ تَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مَعَ الْوَطْءِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِهِ مَعَ تَسَلُّطِهِ عَلَيْهِ فَعَيْبٌ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَسَلُّطٍ، وَلَمْ يَطَأْ فَغَيْرُ عَيْبٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ) أَيْ كَعَبْدٍ، وَلَوْ زَمَنَ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ كَاللَّبَنِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ إلَّا لِطُولِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ فَلَا، وَقَوْلُهُ وَهُوَ يُخَاصِمُ أَمَّا فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (قَوْلُهُ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَوُقِفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ هُنَاكَ يَرِدُ هَذَا، وَأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْإِسْلَامَ لِلصَّنْعَةِ يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا إذَا صَدَرَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِهَذَا التَّعْمِيمِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْإِسْكَانِ، وَقَوْلُهُ أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ تَفْسِيرٌ لِسُكْنَى بِاعْتِبَارِ تَعْمِيمِهِ ثُمَّ أَقُولُ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَوَقَفَ إلَخْ كَأَنْ أَسْكَنَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكُتُبِ (ص) وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي كَالْيَوْمِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا، وَلِغَيْرِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رُدَّ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ كَالْيَوْمِ حَلَفَ وَرَدَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَا رَدَّ لَهُ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُخْتَارِ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ أَخْرَجَ مِنْهُ مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا كَمُسَافِرٍ اُضْطُرَّ لَهَا) أَيْ لِرُكُوبِ الدَّابَّةِ فِي سَفَرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهَا فَيَسْتَمِرُّ رَاكِبًا لَهَا وَلَهُ رَدُّهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا، وَلِيَرْكَبَ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ يَحْبِسُهَا، وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّ رُكُوبَهُ إيَّاهَا لَيْسَ رِضًا بِالْعَيْبِ، وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ إذْ رُكُوبُ الْمُسَافِرِ لَهَا اخْتِيَارًا كَذَلِكَ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُكْرَهَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى الدَّابَّةِ لِيَشْمَلَ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ، وَلَا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ) لِلدَّابَّةِ، وَأَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَرْضًا بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ بَعْضٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَةِ الدَّابَّةِ لِامْتِنَاعِ سَيْرِهَا غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ ذَا هَيْئَةٍ، وَقَيْدُ التَّعَذُّرِ إنَّمَا هُوَ فِي رُكُوبِهَا لِمَوْضِعِهِ أَمَّا رُكُوبُهَا لِلرَّدِّ فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ بِغَيْرِ تَعَذُّرٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ، وَأَقَرَّهُ. (ص) فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ غَيْبَةَ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذْ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ بِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ لَا أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الرَّدِّ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغِيبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بَائِعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ بِعَجْزِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ حَيْثُ رُجِيَ قُدُومُهُ كَمَا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ حَيْثُ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْقَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا قَدِمَ، وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ (ص) وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ فَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ أَيْ نَفْيُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ انْتِفَاءُ التَّلَوُّمِ إطْلَاقًا لِلْمَصْدَرِ، وَإِرَادَةَ   [حاشية العدوي] الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِغَالُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا نَقَصَهُ الِاسْتِعْمَالُ أَمْ لَا. الثَّانِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ كَعَبْدٍ فَاسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ. الثَّالِثُ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا كَأَخْذِ اللَّبَنِ وَالتَّمْرِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ طُولٌ. الرَّابِعُ مَا فِيهِ تَفْصِيلٌ كَسُكْنَى الدَّارِ فَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِلَّا دَلَّ هَذَا حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ كَذَا فِي عب وشب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ يَوْمًا آخَرَ، وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ) أَيْ كَخَوْفٍ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَافَ إذَا أَدْخَلَتْ الْمُكْرَهَ تَظْهَرُ لَهَا فَائِدَةٌ فَمَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِظْهَارِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ صُورَةَ الْإِكْرَاهِ لَا تُتَوَهَّمُ فَيَكُونَ الْأَحْسَنُ دُخُولَهَا عَلَى مَا يُفِيدُ دُخُولَهُ مَنْ قَدْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ) لِأَنَّا نَقُولُ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّابَّةِ مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ) أَيْ شَاهِدَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِشْهَادَ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْغَيْبَةِ مُطْلَقًا قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ، وَوَجَدَ الْبَائِعَ غَائِبًا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَهَا، وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ يُفَصِّلُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى وَكِيلِ الْحَاضِرِ أَوْ يُرْسِلُ لَهُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغِيبَةِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ الْبَائِعَ حَتَّى يَقْدَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ بِالْعَجْزِ عَنْ الرَّدِّ، وَحِينَئِذٍ يَتَلَوَّمُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ الرَّدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ رَدَّ الْمُقَدَّرِ لَا الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ أَيْ بِعَجْزِهِ أَيْ رَفَعَ إلَيْهِ الْأَمْرَ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ الرَّدِّ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَى الْمَبِيعَ تَحْتَ يَدِهِ إلَى قُدُومِ الْبَائِعِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ إنْ هَلَكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْلِمَ الْقَاضِيَ أَوْ لَا يُعْلِمَ بَلْ يَصْبِرَ حَتَّى يَقْدَمَ فَيُرَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَقَوْلُهُ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ أَيْ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُدُومُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ الْقَائِلِ أَنَّهُ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ) الْمُنَاسِبُ لَا تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الرَّدِّ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ) لَكِنْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بَائِعَهُ) أَيْ لِقُدُومِهِ كَمَا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَيْ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَهْلِ مَوْضِعِهِ عَدَمُ رَجَاءِ قُدُومِهِ كَالْعَطَّارِينَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ بِالْمَبِيعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 الْحَاصِلِ بِهِ أَيْ عَدَمِ وُجُودِهِ لَا نَفْيِ التَّلَوُّمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَإِلَّا لَمَا تَأَتَّى الْوِفَاقُ الْآتِي، وَلَا نُفِيَ ذِكْرُ التَّلَوُّمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّلَوُّمَ، وَلَا السُّكُوتَ عَنْ التَّلَوُّمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ وَسَكَتَ عَنْ التَّلَوُّمِ (ص) وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ لِلْمَحَلِّ الْآخَرِ أَوْ عَلَى الْوِفَاقِ بِأَنْ يُحْمَلَ الْمَحَلُّ الَّذِي أَطْلَقَ فِيهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ أَوْ خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ أَوْ الضَّيَاعُ فَيُبَاعُ الْعَبْدُ، وَيُحْمَلُ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا طَمِعَ فِي قُدُومِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ. (ص) ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً، وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّلَوُّمِ يَقْضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ إنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي الشِّرَاءَ وَصِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ، وَعُهْدَتِهِ أَيْ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَيْبِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَحْلِفَ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْبَرَاءَةِ، وَمِثْلُهُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ، وَيَثْبُتُ يَوْمَ التَّبَايُعِ لِأَنَّ الْعُيُوبَ تَقْدُمُ وَتَحْدُثُ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ إثْبَاتُ الْعُهْدَةِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ لَكِنْ فِي الرَّقِيقِ فَقَطْ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَتَبَرِّئ غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ، وَقَوْلُنَا فِي الْعَيْبِ أَيْ فَقَطْ هُوَ الصَّوَابُ، وَمَنْ قَالَ وَالِاسْتِحْقَاقُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ لَا قِيَامَ لَهُ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ كَالْعَيْبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ، وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَيَتِمُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْغَائِبِ بِشُرُوطٍ: إثْبَاتِ الشِّرَاءِ وَأَنَّ الثَّمَنَ كَذَا وَأَنَّهُ نَقَدَهُ، وَأَمَدِ التَّبَايُعِ، وَإِثْبَاتِ الْعَيْبِ وَأَنَّهُ مُنْقِصٌ وَأَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ، وَغَيْبَةِ الْبَائِعِ، وَبُعْدِ الْغَيْبَةِ أَوْ أَنَّهُ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ. وَبَعْدَ إثْبَاتِ هَذِهِ الْفُصُولِ يَحْلِفُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَتَبَرَّأْ لَهُ مِنْهُ، وَلَا بَيَّنَهُ لَهُ، وَأَنَّهُ مَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَرَضِيَهُ، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الْفُصُولَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَإِثْبَاتُ قَدْرِ الثَّمَنِ وَنَقْدِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الثَّمَنِ، وَأَيْضًا إنَّمَا يَلْزَمُهُ إثْبَاتُ أَنَّهُ نَقَدَهُ إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ بِحَيْثُ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُ الْبَائِعِ الْقَبْضَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ الْعَامُ وَالْعَامَانِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْعِشْرُونَ عَامًا، وَنَحْوُهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمَانِعَ الرَّابِعَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْعَامَّةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفَوْتُهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَوْتُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ الْفَوْتُ حِسًّا كَتَلَفِهِ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّلَفُ بِاخْتِيَارِهِ كَقَتْلِ الْمُشْتَرِي عَمْدًا أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ خَطَأً أَوْ غَصْبِهِ مِنْهُ أَوْ حُكْمًا كَكِتَابَةٍ، وَتَدْبِيرٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ) أَيْ بِدُونِ تَقْدِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَلَا نَفْيُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ أَيْ بِإِبْقَاءِ نَفْيُ عَلَى مَعْنَاهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا السُّكُوتُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ أَيْ وَلَيْسَ فِيهَا السُّكُوتُ عَنْ التَّلَوُّمِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لِمَا تَأَتَّى الْوِفَاقُ الْآتِي) أَقُولُ بَلْ يَتَأَتَّى بِأَنْ يُقَالَ الْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ فِيهِ لَا يَتَلَوَّمُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ فِيهِ التَّلَوُّمُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا رُجِيَ قُدُومُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ عُهْدَةً) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَا عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَالسَّنَةِ أَيْ أَثْبَتَ عُهْدَةً، وَإِنَّمَا قَدَّرَ كَانَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إثْبَاتِ الْعُهْدَةِ الْمُؤَرَّخَةِ، وَقَوْلُهُ مُؤَرَّخَةً فِي إسْنَادِ التَّارِيخِ لِلْعُهْدَةِ تَجَوُّزٌ، وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخَةُ حَقِيقَةً زَمَنَ الْبَيْعِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ كَوْنُ الْعَيْبِ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا، وَقَوْلُهُ وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَحَصَلَ مُفَوِّتٌ فَيَمْضِيَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا التَّارِيخُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَلِفَ مُقَدَّمٌ عَلَى الثُّبُوتِ فِيهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِثْبَاتَ فِي الْعُهْدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلِفِ، وَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا طَاعَ بِهِ كَفَى (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي الشِّرَاءَ) هَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَصِحَّةُ مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ اشْتَرَى إلَخْ) هَذَا يَقُومُ فِيهِ الْحَلِفُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا إنْ لَمْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَعُهْدَتُهُ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ أَيْ فِي أَنَّ الْيَمِينَ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ وَيَثْبُتُ يَوْمَ التَّبَايُعِ هَذَا لَا يَكْفِي فِيهِ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَعَهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ) أَيْ تِسْعَةٍ، وَزَادَ فِي التَّوْضِيحِ عَاشِرًا، وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الشِّرَاءِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الرَّدُّ مِنْهُ مَا لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالتَّارِيخِ وَمِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَضِيَ بِهِ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ إذْ قَدْ يُخْبِرُ بِخِلَافِ ضَمِيرِهِ، وَمِنْهُ مَا يَكْفِي فِيهِ الْإِثْبَاتُ أَوْ الْحَلِفُ، وَهُوَ الْعُهْدَةُ، وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ إثْبَاتِ هَذِهِ الْفُصُولِ) أَيْ هَذِهِ الْفُصُولِ التِّسْعَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَحْلِفُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلْحَلِفِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ لَهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثِ بِيَمِينٍ، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ كُلَّهَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْجَمْعَ مِنْ الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْعَامُ وَالْعَامَانِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ شَيْخُنَا سَلْمُونِيٌّ. (قَوْلُهُ كَكِتَابَةٍ إلَخْ) فَلَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِكِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ فَلَا رَدَّ لَهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ ثُمَّ عَجَزَ فَلَهُ رَدُّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 وَعِتْقٍ، وَصَدَقَةٍ، وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَقَوْلُهُ وَكَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ حَذَفَ الْمُمَثَّلَ لَهُ أَيْ أَوْ حُكْمًا كَكِتَابَةٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُشَبَّهًا بِمَا قَبْلَهُ فِي مَنْعِ الرَّدِّ (ص) فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ (ش) جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا وَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي سَالِمًا بِمِائَةٍ، وَمَعِيبًا بِثَمَانِينَ فَقَدْ نَقَصَهُ الْعَيْبُ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَيْفَ كَانَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ انْتَقَدَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ فَيُقَوَّمُ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا أَيْ فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ حَقٌّ مِنْ رَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ إخْدَامٍ. وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ إذَا خَلَصَ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ (ش) وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى رَهْنِهِ لِيَشْمَلَ الْعَارِيَّةَ وَالْإِخْدَامَ لَكَانَ أَحْسَنَ (ص) وَرُدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ إلَخْ أَيْ وَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ خَلَاصِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِشَرْطِهِ، وَلَوْ قَامَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ حَالَ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَمَا مَعَهُ بِهِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ لَا رَدَّ لَهُ مَا دَامَ فِي الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ لَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا عَمِلَ بِهِ أَيْضًا ذَكَرَهُ ح، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ التَّغَيُّرَ إمَّا مُتَوَسِّطٌ أَوْ قَلِيلٌ جِدًّا أَوْ مُخْرِجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ وَسَيَأْتِي (ص) كَعَوْدِهِ لَهُ بِعَيْبٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَيْ كَعَوْدِهِ أَيْ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ هُوَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ أَوْ غَيْرَهُ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ حَيْثُ اشْتَرَى بِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَوْدُهُ لِتَفْلِيسٍ أَوْ فَسَادٍ كَعَوْدِهِ بِعَيْبٍ، وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَعَوْدِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةِ ثَوَابٍ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا قِيَامَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ (ص) أَوْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ (ش) أَيْ إذَا عَادَ لِبَائِعِهِ بِمَا ذُكِرَ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ اشْتَرَيْته لِأَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ فِيهِ، وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا رِوَايَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَقَطْ مَا نَصُّهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ عَادَ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَيْ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الثَّانِي فَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الثَّانِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَصَدْقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَبْسُ وَالْأَرْشُ لِلْمُحْبِسِ وَالْوَاهِبِ، وَالْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا ذَلِكَ الْمَعِيبَ دُونَ الْأَرْشِ، وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَكَالْبَيْعِ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْفَوَاتُ بِالْكِتَابَةِ، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ، وَبَعْدَهُ أَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ مَرَضًا فَاتَ بِهِ الْمَقْصُودُ ثُمَّ زَالَ لَكِنْ فِي الشَّامِلِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ إنْ زَالَ قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ، وَنَصُّهُ وَلَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِمَرَضِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ أَوْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ صَحَّ أَوْ عَجَزَ فَاتَ انْتَهَى (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ مَعِيبًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمَنْسُوبَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا، وَالْمَنْسُوبُ إلَيْهِ قِيمَتُهُ سَلِيمًا بَلْ الْمُرَادُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةٍ مِمَّا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إلَى قِيمَتِهِ، سَلِيمًا مَثَلًا قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةٌ وَمَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ نَقَصَ اثْنَانِ وَنِسْبَتُهُمَا مِنْ الْعَشَرَةِ الْخُمُسُ فَيَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَوُقِفَ) أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ أُمْهِلَ فَلَا يُقْضَى فِيهِ بِرَدٍّ وَلَا إلْزَامٍ (قَوْلُهُ لِبَائِعِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَرَادَ بِالْعُهْدَةِ مَا يَشْمَلُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ لِتَفْلِيسٍ) أَيْ تَفْلِيسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَقَوْلُهُ أَوْ فَسَادٍ أَيْ فَسَادِ الْبَيْعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَعَوْدِهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ بَيْعٍ هِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ) هُوَ مَا إذَا كَانَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةِ ثَوَابٍ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ إلَخْ) إنَّمَا زَادَ مُسْتَأْنَفٍ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بِمِلْكٍ لَكَانَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِعَيْبٍ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ الَّذِي هُوَ نَوْعُ تَكْرَارٍ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ بِالْعَيْبِ رَدٌّ بِمِلْكِهِ أَيْضًا لَكِنَّهُ بِمِلْكٍ قَدِيمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ فِيهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ أَيْ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ لَا حَاجَةَ لَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي خُيِّرَ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ فِي تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ عَمْرٌو لِخَالِدٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ خَالِدٌ لِبَكْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ الْآتِي لِأَنَّ الْكَلَامَ الْآتِيَ مَفْرُوضٌ فِي عَدَمِ التَّعَدُّدِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي شِرَاءِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَيْعِ عَمْرٍو لِخَالِدٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَمْرٌو مِنْ خَالِدٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ مَا نَصُّهُ) أَيْ لِمَا نَصُّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا عَادَ لَهُ كُلُّهُ، وَأَمَّا إنْ عَادَ لَهُ بَعْضُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ لَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا رُدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ بِأَقَلَّ كَمِثْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَوْ بِأَكْثَرَ، وَكَانَ دَلَّسَ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالزَّائِدِ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَكْثَرَ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي تَمَسَّكَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا وَيَدْفَعُ مَا فَضَلَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يُكْمِلُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَيَدْفَعُ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ دَلَّسَ أَمْ لَا فَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا عَدَا الْبَائِعَ وَلَوْ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى إذْ ضَمِيرُ دَلَّسَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى. (ص) وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ (ش) هَذَا شَرْحٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُخْرِجٍ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَيَسِيرٍ جِدًّا، وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا، وَيَأْتِي أَمْثِلَةُ كُلٍّ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ، وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْمَبِيعِ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ يَرُدَّهُ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالْعَدَمِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ، وَقَوْلُهُ وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إلَخْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ فِي عَيْنِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَأَمَّا بِسَبَبِهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ثُمَّ إنَّ التَّخْيِيرَ لَيْسَ فِي كُلِّ أَفْرَادِ الْحَادِثِ الْمُتَوَسِّطِ بَلْ فِي بَعْضِهَا كَمَا يَأْتِي فِي سِمَنِ الدَّابَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ يَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَيْبُ عَرَضًا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى بَيَانِ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ مُرَتَّبًا عَلَى قَوْلِهِ وَرَدَّهُ بِقَوْلِهِ (وَقُوِّمَا) أَيْ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ) أَيْ بِسَبَبِ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَادَ لَهُ بَعْضُهُ كَعَبْدٍ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيْنَ قَبُولِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ دَفْعِ قِيمَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا يَنْقَسِمُ كَمَا قُلْنَا فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ كَثَوْبٍ مِنْ ثِيَابٍ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَإِلَّا فَلَا قِيَامَ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ، وَقَوْلُ بَعْضٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ أَوَّلُهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَعْنَى إذْ ضَمِيرُ دَلَّسَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَيْثُ يَثْبُتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْرَبُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الرَّدُّ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ أَيْ بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا بَاعَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِزَائِدِ الثَّمَنِ وَلَوْ مُدَلِّسًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حِينَ شِرَائِهِ الثَّانِيَ لِتَجْوِيزِهِ أَنَّهُ قَدْ زَالَ فِيمَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ إذَا بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لِعَوْدِ ثَمَنِهِ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَحْرَى بِأَكْثَرَ وَبِأَقَلَّ احْتَجَّ لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَاعَ عَالِمًا فَقَدْ رَضِيَهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَمِنْ أَيْنَ أَنَّ النَّقْصَ كَانَ لِأَجْلِ الْعَيْبِ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ لِظُلْمِهِ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ إلَخْ) لَا يُعْقَلُ مُقَاصَّةٌ بَعْدَ هَذَا التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ يَرُدُّهُ لَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ فَأَنَّى تُعْقَلُ مُقَاصَّةٌ أَوْ رُجُوعٌ بِأَزْيَدَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَقَلَّ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَنَّهُ يُرَدُّ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا كَمَا فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لِمَا بَاعَهُ بِأَكْثَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَتَمَاسَكُ بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَغِبَ فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ لِلزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَا إلَّا التَّكْمِيلُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ بِأَقَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دَلَّسَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَيَدْفَعُ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ بَقِيَّةَ إلَخْ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا نَظَرٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَمَا هُوَ حُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ. (قَوْلُهُ مُرَتَّبًا إلَخْ) أَيْ فَالتَّقْوِيمَاتُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا هِيَ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ صَحِيحًا، وَبِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيَعْلَمَ النَّقْصَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ أَوْ يَسْقُطَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَصِيرَ الثَّمَنُ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئَيْنِ تَقْوِيمَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَتَقْوِيمَ نَفْسِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ سَبَبٌ فِي الثَّانِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 ثُمَّ بِالْحَادِثِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا أَيْضًا، وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا تَقْوِيمُ الْمَعِيبِ، وَكَلَامُهُ فِي تَقْوِيمٍ يَنْدَرِجُ فِيهِ تَقْوِيمُ الْعَيْبِ مُكَرَّرًا، وَبِعِبَارَةٍ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ قُوِّمَ الْعَيْبَانِ مَعَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا فَكَلَامُهُ دَالٌّ عَلَى ثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا إلَخْ لَيْسَ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ إلَخْ تَكْرَارٌ إذْ الْأَوَّلُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَفُتْ، وَحَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَأَرَادَ التَّمَسُّكَ بِهِ أَوْ رَدَّهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقَاوِيمِ الثَّلَاثَةِ (يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ لَا يَوْمُ الْعَقْدِ وَلَا يَوْمُ الْحُكْمِ، وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كَوْنِ الْبَيْعِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا ثُمَّ الصَّحِيحُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَبِيعُ أَمَةً مُتَوَاضِعَةً، وَقَدْ يَكُونُ ثِمَارًا، وَقَدْ يَكُونُ مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ، وَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا. (ص) وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا زَادَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ بِمَا أَضَافَهُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بِصَبْغٍ وَخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ نَقْصٍ عِنْدَهُ فَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، أَوْ يَرُدَّهُ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ بِصَبْغِهِ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا غَيْرَ مَصْبُوغٍ عِشْرُونَ فَقَدْ زَادَهُ الصِّبْغُ الْخُمُسَ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِهِ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَقِيلَ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ كَالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ، وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ قَهْرًا، وَقَدْ لَا يَزِيدُهُ الصَّبْغُ فَيَذْهَبُ ذَلِكَ بَاطِلًا بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي عَنْهُ الضَّرَرَ، وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ نَقْصٍ عِنْدَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ، وَقَوْلُهُ بِكَصِبْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ، وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ الثَّوْبَ فِي الصِّبْغِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِيَاطَةَ وَالْكَمَدَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ أَوْ يَنْفَصِلُ عَنْهُ بِفَسَادٍ، وَالتَّقْوِيمُ الْمَذْكُورُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَيَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَصَوَابُ قَوْلِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ زَادَ أَيْ حَالَ كَوْنِ مَا زَادَ مُعْتَبَرًا يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ زَادَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ بَلْ مُعْتَبَرَةٌ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ، وَلَوْ صَبَغَهُ فَلَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ لَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَهُ رَدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، أَوْ حَبْسُهُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَلَهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. (ص) وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَيْبٌ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ خِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ وَسِمَنٍ وَوَلَدٍ تَجْبُرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ مِنْ قَطْعٍ وَإِنْكَاحٍ وَغَيْرِهِمَا، وَكَيْفِيَّةُ الْجَبْرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ سَاوَتْ النَّقْصَ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ تَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ بِأَنْ جَبَرَتْ بَعْضَ جَبْرٍ فَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ دَفَعَ أَرْشَ الْحَادِثِ الَّذِي لَمْ تَجْبُرْهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ زَادَتْ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ، وَيَأْتِي   [حاشية العدوي] لَيْسَ عِنْدَنَا إلَّا تَقْوِيمُ ذَاتِ الْمَبِيعِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعِيبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالْحَادِثِ) هَذَا التَّرْتِيبُ أَوْلَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا) أَيْ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ تَقْوِيمَ الْعَيْبِ مُكَرَّرًا وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِتَقْوِيمِهِ بِالْعَيْبَيْنِ إلَّا بِسَبَقِهِمَا بِشَيْءٍ وَهُوَ تَقْوِيمُهُ سَالِمًا (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ الْأُولَى، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنْ يُقَالَ تَقْوِيمُ الْعَيْبِ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِهِ لَا بِذَاتِهِ إذْ الْعَيْبُ لَا يُقَوَّمُ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الذَّاتُ الَّتِي قَامَ بِهَا الْعَيْبُ (قَوْلُهُ دَالٌّ عَلَى ثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت عِنْدَ الرَّدِّ فَمَا الْمُوجِبُ لِتَقْوِيمِهِ صَحِيحًا قُلْت أَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ النُّكْتَةَ فِي ذَلِكَ الرِّفْقُ بِالْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَبِالْقَدِيمِ ثَمَانِيَةً وَبِالْحَادِثِ سِتَّةً فَالْحَادِثُ يَنْقُصُهُ اثْنَيْنِ فَلَوْ نَسَبْت لِلثَّمَانِيَةِ لَلَزِمَ أَنْ يَدْفَعَ رُبْعَ الثَّمَنِ فَلَمَّا نَسَبَ لِلْعَشَرَةِ وَجَدْنَاهُ خُمُسًا فَيَدْفَعُ خُمُس الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَخْتَلِفُ إلَخْ) فِي شُمُولِهِ لِلْفَاسِدِ نَظَرٌ لِأَنَّ حُصُولَ الْمُتَوَسِّطِ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ لِرَدِّ الْمَعِيبِ فَاسِدًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَبِتَغَيُّرِ ذَاتٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ مَضَى بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَا يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَلَا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ مَضَى بِالثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ صَحِيحًا وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ كُلُّهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ سَالِمٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ. (قَوْلُهُ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ) أَيْ مَعِيبًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ) زَادَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِكَصِبْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَظَرَ لِلْكَسْرِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ وَالْفَتْحِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ الْأَمْرَانِ مَعًا فَيُنْظَرُ لِلْمَادَّةِ فِي ذَاتِهَا بِاعْتِبَارِ تَحَمُّلِهَا لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ أَوْ يَتَمَاسَكُ، وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ) كَذَا فِي عب نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَاجَعْت خَطَّ الشَّارِحِ فَوَجَدْته جَرَّ بِالْقَلَمِ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَنِهَايَةُ الشَّطْبِ قَوْلُهُ أَرْشُ الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ سَاوَتْ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا مِائَةً وَبِالْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْحَادِثِ ثَمَانِينَ وَبِالزِّيَادَةِ تِسْعِينَ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ فَإِذَا رَدَّ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ غَرِمَ مَعَ الرَّدِّ نِصْفَ عُشْرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 قَوْلُهُ، وَلَهُ إنْ زَادَ إلَخْ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّمَاسُكَ أَسْقَطَ الزِّيَادَةَ، وَفِي الثَّالِثَةِ يُقَوَّمُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّمَاسُكَ أَسْقَطَ الزِّيَادَةَ وَقُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُدَلَّسِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُجْبَرُ لَهُ بِالزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَشَارَكَ بِهَا مُطْلَقًا وَتُنْسَبُ الْقِيمَةُ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ. وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ أَحْكَامِ التَّدْلِيسِ وَأَنَّ الْمُدَلِّسَ يُخَالِفُ غَيْرَهُ فِي بَعْضِ أَحْكَامٍ ذَكَرَ أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا أَحْكَامُهُمَا سِتَّةٌ، وَسَنَذْكُرُ مَا زِيدَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ (ش) فُرِّقَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمُدَلِّسُ هُوَ الْعَالِمُ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَغَيْرُهُ هُوَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عَلِمَهُ وَنَسِيَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَمِمَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثِّيَابَ إذَا نَقَصَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا تَصَرُّفًا مُعْتَادًا، وَلَمْ يَكُنْ النَّقْصُ نَاشِئًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَتَقْطِيعِ الشُّقَّةِ ثِيَابًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ صَبْغِهَا صَبْغًا مُعْتَادًا فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ وَسَوَاءٌ غَرِمَ لِلْقَطْعِ أَوْ الصَّبْغِ ثَمَنًا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ هُوَ مَا اعْتَادَهُ الْمُبْتَاعُ فِي بَلَدِهِ أَوْ فِي بَلَدٍ يُسَافِرُ إلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَعْتَدَّ بِبَلَدِ الْبَائِعِ، وَمَعَ عَدَمِ التَّدْلِيسِ يَرُدُّ الْأَرْشَ إنْ رَدَّ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَهُوَ فَوْتٌ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّقْصُ نَاشِئًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالثَّوْبِ يَلْبَسُهُ لُبْسًا يَنْقُصُهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَ الثَّوْبِ قِيمَةَ اللُّبْسِ لِأَنَّهُ صَوْنٌ بِهِ مَالُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَافْتِضَاضُ الْأَمَةِ كَاللُّبْسِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ لَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الِافْتِضَاضِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ. وَجُمْلَةُ وَفُرِّقَ دَالَّةٌ عَلَى الْجَوَابِ، وَإِنْ نَقَصَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى إنْ زَادَ أَيْ وَإِنْ نَقَصَ الْمَبِيعُ فُرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ حِينَئِذٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّقْصِ، وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَ أَيْ نَقْصًا مُتَوَسِّطًا حَاصِلًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الثِّيَابِ لَا فِي الْحَيَوَانِ، وَلَا فِي الدُّورِ أَيْ الْعَقَارِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ وَكُلَّمَا حَدَثَ بِالدُّورِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ عَيْبٍ مُفْسِدٍ أَيْ مُتَوَسِّطٍ فَلَا يَرُدُّهُ إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا إلَّا بِمَا نَقَصَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ يَفْعَلُ بِهَا مَا يَفْعَلُ بِمِثْلِهَا كَصَبْغِهَا وَقَصْرِهَا وَتَقْطِيعِهَا قُمْصَانًا أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ أَوْ أَقْبِيَةً، وَالْجُلُودِ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا، وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عَمِلَ بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ بِفَسَادٍ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ يُخَيَّرُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ حَبْسِهَا وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرَدِّهَا وَمَا نَقَصَتْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ إنْ رَدَّ لِأَنَّ الْمُدَلِّسَ كَالْآذِنِ وَلَهُ الْأَرْشُ إنْ تَمَاسَكَ. اهـ. لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّدْلِيسَ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ يَنْدُرُ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، وَيَكْثُرُ فِي الثِّيَابِ وَالْكَثِيرُ يُقْصَدُ وَيُرَاعَى فِي نَفْسِهِ (ص) كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ (ش) أَيْ فَرَّقُوا فِي نَقْصِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَمَا فَرَّقُوا فِي هَلَاكِهِ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِذَا سَرَقَ الْمَبِيعُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أَبِقَ فَهَلَكَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ بِإِبَاقِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ بِأَنْ عَلِمَ وَكَتَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَمِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّفْرِيقُ مَعَ الْهَلَاكِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَوْ قَالَ كَهَلَاكِهِ بِالْعَيْبِ لَكَانَ أَوْلَى أَيْ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ الَّذِي هَلَكَ بِسَبَبِهِ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هُنَا حَذْفَ مَعْطُوفٍ أَيْ كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ ظُهُورُ   [حاشية العدوي] الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ شَارَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ التَّقْوِيمَاتُ إنَّمَا هِيَ مَعَ الرَّدِّ، وَإِنْ تَمَسَّكَ لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا) أَيْ بِمِائَةٍ كَمَا قَرَّرْنَا، وَقَوْلُهُ وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ هُوَ تِسْعُونَ كَمَا قَرَّرْنَا، وَقَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ بَعْدَ إحْدَاثِ الصِّبْغِ فَيُقَالَ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ فَإِنَّهُ إذَا رُدَّ يَرُدُّ نِصْفَ عُشْرِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ أَنَّ الْحَادِثَ إنَّمَا نَقَصَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءً إنَّمَا نَقَصَهُ الْعُشْرَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَوَّمَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بِدُونِ الْجَبْرِ الْحَاصِلِ بِالزِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ أَيْ وَيَكُونُ شَرِيكًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْقَدِيمِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْصِيلَ الشُّقَّةِ ثِيَابًا يُعَدُّ مِنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَلِّسِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُعَدُّ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صَبَغَهَا صَبْغًا مُعْتَادًا أَيْ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَنَقَصَتْ بِذَلِكَ الصَّبْغِ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَيُعَدُّ حِينَئِذٍ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ لَا مِنْ الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا كَانَ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِمَّا يَأْتِي قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ مُنَقِّصًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ غُرْمِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ حَبَسَهَا، وَأَخَذَ الْأَرْشَ اهـ. (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الثِّيَابِ إلَخْ) فِي عب لَكِنْ يَقْدَحُ فِي التَّخْصِيصِ بِالثِّيَابِ قَوْلُهُ الْآتِي إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبٍ التَّدْلِيسُ أَيْ فَإِنَّ قَضِيَّةَ الْكَلَامِ الْآتِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا إلَخْ، وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يُرَدُّ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ) لَا يَخْفَى عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَعْنَى يُفَرَّقُ عِنْدَ الْأَمْرَيْنِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدِّ مَا قُبِلَ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ اللَّذَيْنِ تَضَمَّنَتْهُمَا تِلْكَ الْحَالَةُ فَالْمُدَلِّسُ حُكْمُهُ كَذَا، وَغَيْرُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَفْرِيقَ مَعَ هَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ كَمَا قُلْنَا، وَمَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْغَيْرِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي. (ص) وَأَخَذَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (ش) أَيْ كَمَا فَرَّقُوا فِي أَخْذِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ لَهُ كَبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ، وَإِلَّا رَدَّهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا رُدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ (ص) ، وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ (ش) أَيْ وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّبَرُّؤ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرُّؤ وَهُوَ إنْ عَلِمَ بِعَيْبٍ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ لِأَنَّ بِكَتْمِهِ إيَّاهُ صَارَ مُدَلِّسًا، وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ الْوَاوِ، وَمَا عُطِفَتْ أَيْ وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ، وَمِمَّا عَلِمَ (ص) ، وَرَدَّ سِمْسَارٌ جُعْلًا (ش) أَيْ وَكَمَا فَرَّقُوا فِي رَدِّ سِمْسَارٍ جُعْلًا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ بَلْ يَفُوزُ بِهِ السِّمْسَارُ، وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ ابْنُ يُونُسَ إذَا رَدَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمَّا إنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَرُدَّ كَالْإِقَالَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي رَدِّ الْجُعْلِ لِلْبَائِعِ كَالْعَيْبِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الْجُعْلَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوَّلًا ثُمَّ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السِّمْسَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَأَمَّا مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي حَلَاوَةً لِلسِّمْسَارِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ السِّمْسَارُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جُعْلَ السِّمْسَارِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْعُرْفِ، وَلِلسِّمْسَارِ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ، وَلَوْ كَانَ السِّمْسَارُ نَفْسُهُ مُدَلِّسًا فَرَدَّ الْمَبِيعَ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. (ص) وَمَبِيعٍ لِمَحَلِّهِ إنْ رُدَّ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ رَدَّ الْمَبِيعِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ أَيْ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَنَقَلَهُ عَنْهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ إلَى بَيْتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ذَكَرَهُ الْغَرْنَاطِيُّ (ص) وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرَّبَ، وَإِلَّا فَاتَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدَّهُ إنْ نَقَلَهُ لِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ فَإِنْ بَعُدَ فَاتَ وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ فَقَوْلُهُ وَمَبِيعٍ عَطْفٌ عَلَى سِمْسَارٍ أَيْ فُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ مَبِيعٍ لِكَذَا أَيْ فَالْمُدَلِّسُ يَأْخُذُهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ إلَى مَحَلِّ الْأَخْذِ وَغَيْرِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي إنْ قَرُبَ بِأَنْ يَكُونَ لَا كُلْفَةَ فِيهِ، وَإِنْ بَعُدَ فَاتَ (ص) كَعَجَفِ دَابَّةٍ، وَسِمَنِهَا، وَعَمًى، وَشَلَلٍ، وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ (ش)   [حاشية العدوي] حُكْمُهُ كَذَا اهـ. . (قَوْلُهُ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرِّي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لَا يَأْتِي عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ، وَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْحَلِّ، وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ فِي زَعْمِهِ أَيْ إذَا قَالَ لَا أَعْلَمُ بِهِ عَيْبًا فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ فَغَيْرُ مُدَلِّسٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَيَتَبَيَّنُ كَوْنُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ أَمْ لَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْقَاقُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ كَالْعَيْبِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الْجُعْلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، وَأَمَّا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى السِّمْسَارِ ابْتِدَاءً أَوْ اشْتَرَطَهُ السِّمْسَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ السِّمْسَارِ عَلَى التَّدْلِيسِ أَمْ لَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلُهُ إلَّا كَذَا أَيْ فَلَهُ الْجُعْلُ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُدَلِّسًا، وَلَا يَتَعَامَلُ مَعَ السِّمْسَارِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتٌّ هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ. وَقَالَ عج مُخَالِفًا لِذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَرَدَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّ السِّمْسَارَ يَرُدُّ الْجُعْلَ وَلَوْ كَانَ السِّمْسَارُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّ لِلسِّمْسَارِ الْمُسَمَّى إنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا، وَانْظُرْ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ السِّمْسَارِ أَنْ يَقُولَ قَدْ فَعَلْت مَا جَعَلْت لِي فِيهِ الْعِوَضَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنْ كَانَ السِّمْسَارُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْمُسَمَّى عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْقَابِسِيِّ سَوَاءٌ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَأَمَّا عِنْدَ الْقَابِسِيِّ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا وَلَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ اتِّفَاقِهِ مَعَ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ اهـ. . (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِنَقْلِهِ لِبَلَدِهِ فَكَنَقْلِهِ لِدَارِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرُبَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ تَبِعَ فِيهِ الْمُتَيْطِيَّ، وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا نَقَلَهُ وَالْبَائِعُ غَيْرُ مُدَلِّسٍ فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ (قَوْلُهُ أَيْ فَرَّقَ إلَخْ) هَذَا الْحِلُّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ أَيْ وَإِلَّا فَالْمَتْنُ مُشْكِلٌ فِي فَهْمِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَرُدَّ مَبِيعٌ لِمَحِلِّهِ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَحُكْمُهُ كَذَا، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَذَا مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَرُدَّ مَبِيعٌ لِمَحَلِّهِ مَعْنَاهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا (قَوْلُهُ كَعَجَفِ دَابَّةٍ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ مَا كَانَ مِنْ عُيُوبِ الْأَخْلَاقِ كَزِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَمِنْ الْمُتَوَسِّطِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُتَوَسِّطَ كَهُزَالِ الدَّابَّةِ وَسِمَنِهَا سِمَنًا بَيِّنًا، وَالْعَمَى، وَالشَّلَلِ، وَتَزْوِيجِ الرَّقِيقِ وَلَوْ عَبْدًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ الْحَادِثِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُنَا سِمَنًا بَيِّنًا احْتِرَازًا مِنْ السِّمَنِ الَّتِي تَصْلُحُ بِهِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا، وَمُقْتَضَى جَعْلِ السِّمَنِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَدَفْعَ أَرْشِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَنَّهُ إذَا رُدَّ لَا يَرُدُّ شَيْئًا لِلسِّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ. وَعَلَى هَذَا فَالسِّمَنُ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَلَا مِنْ الْمُفِيتِ وَلَا مِنْ الْقَلِيلِ، وَمَنْ عَدَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ كَالْمُؤَلِّفِ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُ فِي مُطْلَقِ التَّخَيُّرِ، وَمَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ السِّمَنَ وَالْهُزَالَ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِمُفِيتٍ هُوَ كَذَلِكَ (ص) وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ (ش) أَيْ وَجُبِرَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْبِ التَّزْوِيجِ بِالْوَلَدِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا التَّمَاسُكَ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَالرَّدَّ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ. هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ تُجْبِرُ النَّقْصَ أَيْ تُسَاوِيهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَقَلَّ مِنْ النَّقْصِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ إلَخْ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لَا يَرُدُّ الْبَائِعُ الزَّائِدَ بِخِلَافِ الصَّبْغِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّبْغَ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِهِ، وَالسِّمَنُ كَالْوَلَدِ فِيمَا ذُكِرَ (ص) إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ، وَرَدُّهُ، وَدَفْعُ الْحَادِثِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فِي التَّمَاسُكِ، وَأَخْذِ الْأَرْشِ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ الرَّدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيَصِيرُ الْحَادِثُ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ التَّمَاسُكُ، وَأَخْذُ الْقَدِيمِ لِخَسَارَتِهِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فَحَيْثُ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ حُكْمَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ زَالَ مَعْلُولُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ فَكَالْعَدِمِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ فَكَالْعَدِمِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ جِدًّا بِقَوْلِهِ (ص) كَوَعْكٍ، وَرَمَدٍ، وَصُدَاعٍ، وَذَهَابِ ظُفْرٍ، وَخَفِيفِ حُمَّى، وَوَطْءِ ثَيِّبٍ، وَقَطْعٍ مُعْتَادٍ (ش) الْوَعْكُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْجَوْهَرِيُّ مَغْثُ الْحُمَّى، وَالْمَغْثُ ضَرْبٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا لَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ أَوْ شُرْبُ خَمْرٍ أَوْ إبَاقٌ، وَمِنْهَا الرَّمَدُ وَالصُّدَاعُ أَيْ وَجَعُ الرَّأْسِ، وَمِنْهَا ذَهَابُ الظُّفْرِ وَلَوْ فِي رَائِعَةٍ، وَأَمَّا ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ فَعَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ، وَذَهَابُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا، وَمِنْهَا خَفِيفُ الْحُمَّى، وَهُوَ مَا لَا يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفُ، وَمِنْهَا وَطْءُ الثَّيِّبِ، وَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ، وَهُوَ أَنْ تُقْطَعَ الشُّقَّةُ لِمَا تُرَادُ لَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَبِعِبَارَةٍ وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي الْمَبِيعِ، وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ مُقَابِلُهُ ثُمَّ إنْ فَسَّرَ الْمُعْتَادَ بِقَطْعِ الشُّقَّةِ نِصْفَيْنِ كَانَ مِنْ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَسَّرَ بِجَعْلِهَا قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَلِّسِ، وَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ فَمَنْ فَسَّرَهُ بِالثَّانِي، وَقَيَّدَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْمُدَلِّسِ فَقَدْ حَمَلَهُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ بِلَا دَاعٍ لِذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُهَا قِلَاعًا وَنَحْوَهَا فَهُوَ فَوْتٌ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبَيْنِ الْمُتَوَسِّطِ وَالْخَفِيفِ شَرَعَ فِي الْمُفِيتِ فَقَالَ (ص) وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ فَالْأَرْشُ (ش) أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَبِيعِ بِذَهَابِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ مُفِيتٌ لِلرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَالْوَاجِبُ التَّمَاسُكُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَالْأَرْشُ وَاجِبٌ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ وَالْمُخْرِجُ أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الْمُخْرِجُ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّغَيُّرِ، وَتَقْدِيرُ الْمَوْصُوفِ بِالْعَيْبِ فَاسِدٌ لِأَنَّ كِبَرَ الصَّغِيرِ لَيْسَ عَيْبًا، وَقَوْلُهُ فَالْأَرْشُ أَيْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ كَعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ عَنْ ذَلِكَ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُفِيتٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لَيْسَ بِمَعِيبٍ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ يَجْبُرُ عَيْبَ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْهُ، وَفَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ إلَى حَدِّ قَوْلِهِ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ أَوْ يَقِلُّ) إنَّمَا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ، وَلَوْ قَلَّ بِخِلَافِ الْحَادِثِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ الْمَغْثُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَخَفِيفِ حُمَّى فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِأَمْرَاضٍ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَخِفُّ أَلَمُهَا كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَغْثُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ (قَوْلُهُ لَيْسَ عَيْبًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَيْبٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرَادُ مِنْهُ فَالصَّغِيرُ مِنْ الْآدَمِيِّ قَدْ يُرَادُ لِلدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ ثُمَّ بَرِئَتْ) وَلَوْ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا، وَلَوْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ شَيْنَهَا مِنْ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ ذَهَابُ ظُفْرٍ) وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الظُّفْرُ الْوَاحِدُ أَوْ وَلَوْ كَثُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ مُتَوَسِّطٌ فِي رَائِعَةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ) اُنْظُرْ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ) هَذَا يُخَالِفُ تَفْسِيرَهُ الْآتِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِقَوْلِهِ كَتَفْصِيلِ شُقَّةِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ قَلَنْسُوَةً أَوْ الثَّوْبِ الصُّوفِ قَمِيصًا، وَالْأَوْلَى مَا يَأْتِي، وَهُوَ التَّعْمِيمُ فِي الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ أَيْ وَالتَّغَيُّرُ إلَخْ) وَلَا يَأْتِي هُنَا، وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ كَمَا قَالَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَأْتِي هُنَا إذَا جُبِرَ بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا يَصِيرُ مُتَوَسِّطًا فَيَتَعَيَّنُ، وَلَا يُقَالُ صَارَ كَالْعَدَمِ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِي الْمُتَوَسِّطِ ابْتِدَاءً اُنْظُرْ ك (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 فَيَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَعَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، وَطَرِيقُ الْأَرْشِ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيَأْخُذَ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةَ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ (ص) كَكِبَرِ صَغِيرٍ، وَهَرَمٍ وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ، وَقَطْعٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ الْمُفِيتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُوجِبَ لِلرُّجُوعِ لِلْأَرْشِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ، وَهَرَمِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَنْ يَضْعُفَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَظَاهِرُهُ عُمُومُهُ فِي الْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الصَّغِيرَ جِنْسٌ، وَالْكَبِيرَ جِنْسٌ، وَتَقْيِيدُ الزَّرْقَانِيِّ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْإِبِلِ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِنْهَا افْتِضَاضُ بِكْرٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِي كِتَابِهِ الْمُذْهَبِ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ بِالْعُلْيَا، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَلَا يَنْقُصُهَا بَلْ يَزِيدُهَا، وَمِنْهَا الْقَطْعُ الْغَيْرُ الْمُعْتَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ كَتَفْصِيلِ شُقَّةَ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ قَلَنْسُوَةً أَوْ الثَّوْبِ الصُّوفِ قَمِيصًا. ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ الْمُفِيتِ الْمُوجِبَ لِلْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْضَ مُفِيتَاتٍ فِيهَا الرُّجُوعُ لِلْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَا بِالْأَرْشِ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَبِسَمَاوِيٍّ زَمَنُهُ كَمَوْتِهِ فِي إبَاقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا إذَا حَصَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ إنْ لَمْ يَهْلِكْ الْمَعِيبُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ فِي زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِنْ هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ الَّذِي دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ عَلِمَ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ كَمَا لَوْ دَلَّسَ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقَتَلَ أَوْ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ فَاقْتَحَمَ نَهْرًا فَمَاتَ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ أَوْ دَخَلَ حَجَرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ أَوْ هَلَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ لَكِنْ فِي زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ كَمَوْتِهِ فِي زَمَنِ إبَاقِهِ الْمُدَلَّسِ بِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ الْهَلَاكِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا بَاعَهُ أَمَةً حَامِلًا وَدَلَّسَ عَلَيْهِ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى أَنَّهُ دَلَّسَ عَلَيْهِ بِالْإِبَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا غَيَّبَهُ، وَعَلَى الْبَائِعِ تَحْصِيلُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنُهُ مِمَّا إذَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَرْشِ. وَلَمَّا ذَكَرَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ذَكَرَ مَا إذَا هَلَكَ عِنْدَ غَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ فَقَالَ (ص) وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، وَهَلَكَ بِعَيْبِهِ رَجَعَ عَلَى الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنْ زَادَ فَلِلثَّانِي، وَإِنْ نَقَصَ فَهَلْ يُكْمِلُ الثَّانِيَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْمُدَلِّسِ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَهَلَكَ الشَّيْءُ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَلِّسُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِكَشْفِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ لِتَدْلِيسِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ الْمُدَلِّسِ مُسَاوِيًا لِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِلْبَائِعِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ زَادَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَيَبْقَى بِيَدِهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ بَائِعُهُ الْغَيْرُ الْمُدَلِّسُ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَنْ ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي دَفَعَهُ لِبَائِعِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَلِّسُ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِآخَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَهَلْ يُكْمِلُ الْبَائِعُ الثَّانِي لِمُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ دِرْهَمَيْنِ تَمَامَ ثَمَنِهِ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الزَّائِدَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا يُكْمِلُهُ الثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي غَيْرُ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ الْمُدَلِّسِ وَحَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ وَكِتَابِ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ، وَقَيَّدَ الثَّانِي بِأَنْ لَا يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِتَمَامِ قِيمَةِ عَيْبِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الثَّانِي   [حاشية العدوي] وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَطْعُ مُعْتَادًا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادَةِ فَمُفِيتٌ، وَلَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ) فِي مَبِيعٍ يُرَادُ لِصِغَرِهِ كَدُخُولٍ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْمُرَادُ بِكِبَرِهِ بُلُوغُهُ، وَانْظُرْ لَوْ رَاهَقَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْتًا لِعَدَمِ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَصَغِيرُ غَنْمٍ يُرَادُ لِلَحْمِهِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ جَعْلِهِ مِثَالًا لِلْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا افْتِضَاضُ بَكْرٍ) بِالْقَافِ وَالْفَاءِ، وَاقْتَصَرَ فِي الصِّحَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ) الرَّاجِحُ قَوْلُ مَالِكٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَزِيدُهَا) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سِمَنِهَا (قَوْلُهُ قَلَنْسُوَةً) كَأَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشُّقَّةَ تُجْعَلُ قَلَانِسَ (قَوْلُهُ أَوْ الثَّوْبُ الصُّوفُ قَمِيصًا) هَذَا فِي شَأْنِ بَلْدَةٍ يَجْعَلُونَ الثَّوْبَ الصُّوفَ قُفْطَانًا، وَلَا يَجْعَلُونَهُ قَمِيصًا، وَأَمَّا فِي عُرْفِ بِلَادِنَا فَيَجْعَلُونَ الثَّوْبَ الصُّوفَ قَمِيصًا. (قَوْلُهُ فَاقْتَحَمَ نَهْرًا) أَيْ دَخَلَ نَهْرًا (قَوْلُهُ كَمَوْتِهِ فِي زَمَنِ إبَاقِهِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ هَلْ هَلَكَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَهَلَكَ) الْوَاوُ عَاطِفَةٌ لَا حَالٌ لِأَنَّ الْهَلَاكَ لَيْسَ فِي وَقْتِ الْبَيْعِ، وَالْحَالُ الْمُقَدَّرَةُ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُقَدِّرُ لَهَا الْمُتَكَلِّمَ بَدْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ بِأَنْ أُعْدِمَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا مَالَ لَهُ فَإِنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَيَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ إذْ مِنْ حُجَّةِ الْمُدَلِّسِ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ لَمْ يَنْقُصْ عَلَيْك بِتَدْلِيسِي سِوَى مَا دَفَعْته مِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ فَلَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ لَوْ هَلَكَ بِيَدِك إلَّا بِمَا دَفَعْت لِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ لِضَرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي فَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَحْصُرَ الثَّانِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 بِمِائَةٍ فِي مِثَالِنَا، وَالْعَيْبُ يَنْقُصُهُ الْخُمُسَ، وَخُمُسُ الْمِائَةِ عِشْرُونَ، وَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَشَرَةٌ فَيُكْمِلُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ أَرْشَ الْعَيْبِ بِعَشَرَةٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ فَقَالَ (ص) وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَنْتِ رَأَيْته وَقْتَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَ رُؤْيَتَهُ وَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ رَآهُ بِإِرَاءَتِهِ هُوَ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ، وَمِثْلُ دَعْوَى الْإِرَاءَةِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا أَيْ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَلَبَ وَعَايَنَ فَفِي الْحَصْرِ نَظَرٌ، وَيَصِحُّ فِي يَحْلِفُ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَفَتْحُ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُهُ، وَفَتْحُ الْيَاءِ وَسُكُونُ الْحَاءِ وَكَسْرُ اللَّامِ أَيْ لَمْ يَقْضِ الشَّرْعُ بِتَحْلِيفِهِ (ص) وَلَا الرِّضَا بِهِ إلَّا بِدَعْوَى مُخْبِرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَيْهِ الرِّضَا بِالْعَيْبِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ أَنَّك رَضِيَتْ بِهِ أَوْ تَسَوَّقْت بِالسِّلْعَةِ بَعْدَ اطِّلَاعِك عَلَى عَيْبِهَا فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مَا رَضِيت بِالْعَيْبِ بَعْدَ اطِّلَاعِي عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَوَّلًا لَقَدْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرُ صِدْقٍ، وَلَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ سَقَطَتْ عَنْ الْبَائِعِ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ مَسْخُوطًا ثُمَّ إنَّ الرُّؤْيَةَ مَعَ الِاسْتِمْرَارِ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلرِّضَا فَكَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ذَكَرَهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. (ص) وَلَا بَائِعٌ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَخْشَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ بِقُرْبِ الْبَيْعِ إلَّا وَقَدْ كَانَ عِنْدَك أَبَقَ فَاحْلِفْ لِي فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَأْبَقْ مِثَالٌ أَيْ أَوْ لَمْ يَسْرِقْ أَوْ لَمْ يَزْنِ أَوْ لَمْ يَشْرَبْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ لِإِبَاقِهِ عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ يَحْلِفُ، وَقَوْلُهُ بِالْقُرْبِ، وَأَوْلَى بِالْبُعْدِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الْمُعَيَّنِ جَمِيعِهِ أَوْ الْمَكْتُومِ جَمِيعِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا بَيَّنَ بَعْضَهُ وَكَتَمَ بَعْضَهُ فَقَالَ (ص) وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَكْثَرِ الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ، وَأَقَلِّهِ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا أَوْ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيْنَهُ أَوْ لَا أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي بَعْضَ الْعَيْبِ الْكَائِنِ فِي الْمَبِيعِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ الْآخَرَ عَنْهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَكْثَرَ بِأَنْ يَقُولَ هُوَ يَأْبَقُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَدْ كَانَ يَأْبَقُ عِشْرِينَ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الزَّائِدِ الَّذِي كَتَمَهُ فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْبَقُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ، وَبَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَقَلَّ بِأَنْ يَقُولَ يَأْبَقُ خَمْسَةً، وَيَكْتُمَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَكَأَنَّهُ بِكَتْمِ الْأَكْثَرِ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَ أَوْ فِيمَا كَتَمَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسَافَاتِ وَالْأَزْمِنَةِ، وَلَا يُعْلَمُ حُكْمُ مَا إذَا بَيَّنَ النِّصْفَ، وَيَنْبَغِي عَلَى -   [حاشية العدوي] فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَيْهِ. [تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ] (قَوْلُهُ عَلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا بَائِعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ) هَذَا فِي الْخَفِيِّ، وَالظَّاهِرُ الَّذِي يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْ، وَلَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ كَكَوْنِهِ أَعْمَى وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ أَمَّا الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ اخْتَبَرَ الْمَبِيعَ تَقْلِيبًا لِكَوْنِ الْأَعْمَى مُقْعَدًا أَوْ مَطْمُوسَ الْعَيْنَيْنِ فَلَا قِيَامَ لَهُ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَيَرُدُّ، وَقَدْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ لَا رَدَّ لَهُ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ شب فِي حِلِّ قَوْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي بِمَا نَصُّهُ، وَأَمَّا الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَخْفَى غَالِبًا وَلَا عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ فَلَا قِيَامَ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ لِعَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ فِي خَفِيٍّ، فَإِذَا كَانَ ظَاهِرًا وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَلَّبَ، وَعَايَنَ وَرَضِيَ فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَا يَمِينَ لَهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لُزُومُ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْبَائِعُ عَيَّنَ الْمُخْبِرُ أَمْ لَا مَسْخُوطًا أَوْ عَدْلًا حَيْثُ لَمْ يَحْلِفْ الْبَائِعُ مَعَ الْعَدْلِ، وَإِنْ حَلَفَ مَعَهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْمَبِيعُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَيُفِيدُهُ عب (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ مَسْخُوطًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا بَلْ وَلَوْ مَسْخُوطًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخْبَرَهُ بِالرِّضَا حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَذَبَ الْبَائِعَ أَوْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا وَرَدَّهُ، وَهُوَ مَا أَرَادَهُ الشَّارِحُ بِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَسْخُوطًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا حَيْثُ كَانَ الْمُخْبِرُ مَسْخُوطًا أَوْ عَدْلًا وَكَذَبَ الْبَائِعَ أَوْ رُدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الرُّؤْيَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كِلَا الصُّورَتَيْنِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْعَقْدِ لَكِنْ الْأُولَى ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ حِينَ الْعَقْدِ، وَهَذِهِ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ بَعْدَهُ وَلَكِنْ رَضِيَ بِهِ فَلَا يُقَالُ أَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَقَوْلُهُ يَأْبَقْ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ وَلَمْ يَقُلْ أَخْبَرْت أَوْ عَلِمْت أَنَّهُ أَبِقُ عِنْدَك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا فِي الْمُخْبِرِ مَا جَرَى فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ. [الْبَائِعَ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي بَعْضَ الْعَيْبِ الْكَائِنِ فِي الْمَبِيعِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ الْآخَرَ عَنْهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ.] (قَوْلُهُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا) أَيْ مِنْ الْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقَوِّمُهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْبَقُ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ كَذَا قَرَّرُوا أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ سَالِمًا مِنْ الْعَيْبِ أَصْلًا أَوْ يَأْبَقُ الزَّمَنَ الَّذِي عَيَّنَ فَإِنَّ الْأَمْرَ يَئُولُ إلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسَافَاتِ وَالْأَزْمِنَةِ) أَمَّا الْأَزْمِنَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْأَمْكِنَةُ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ إنَّهُ يَأْبَقُ مِنْ مِصْرَ إلَى رَشِيدٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَأْبَقُ مِنْ مِصْرَ إلَى أَزْيَدَ مِنْ رَشِيدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 هَذَا الْقَوْلِ الرُّجُوعُ بِالزَّائِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ قَوْلًا مُسْتَقِلًّا، الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ عَنْهُ الْبَائِعُ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْأَكْثَرَ أَوْ الْأَقَلَّ هَلَكَ فِيمَا بَيْنَهُ أَوْ فِيمَا كَتَمَهُ، الْقَوْلُ الثَّالِثُ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ فِيمَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ عَنْهُ الْبَائِعُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَكْثَرَ أَوْ الْأَقَلَّ، وَبَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْأَكْثَرَ أَوْ الْأَقَلَّ، هَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَا قَبْلَهُ قَوْلُ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ ابْنِ يُونُسَ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ الْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَقَوْلُهُ بَيْنَ أَكْثَرِ الْعَيْبِ أَيْ بَيْنَ بَيَانِ أَكْثَرِ الْعَيْبِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِالزَّائِدِ أَيْ بِقِيمَةِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِالزَّائِدِ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا، وَالْعَامِلُ مَعْطُوفٌ عَلَى يُفَرَّقُ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ هَلَاكِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْنَ أَيْ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ أَوْ لَا يُبَيِّنُهُ فَإِنْ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ هَلَكَ فِيمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. (ص) وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَلَيْسَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ يَنُوبَهُ مِنْ الْجُمْلَةِ بَعْدَ تَقْوِيمِ السِّلَعِ مُنْفَرِدَةً وَضَمِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ بِمِائَةٍ، وَقِيمَةُ كُلِّ ثَوْبٍ عَشَرَةٌ وَالْمَعِيبُ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ إلَى خَمْسَةٍ فَيَجِبُ التَّمَاسُكُ بِالْخَمْسَةِ السَّلِيمَةِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَيَرُدُّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ عَشَرَةٌ، أَوْ ثَوْبَيْنِ رَجَعَ بِخَمْسَةٍ وَهُوَ عِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِهِ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعَةُ أَثْوَابٍ رَجَعَ بِخُمُسَيْهِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ، أَوْ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ كَانَ يَنُوبُهُ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْجَمِيعِ، وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ كَمَا يَأْتِي، وَبِعِبَارَةِ وَتُقَوَّمُ كُلُّ سِلْعَةٍ بِمُفْرَدِهَا وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ إلَى الْجَمِيعِ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الشَّائِعُ وَغَيْرُ الْمُقَوَّمِ كَالْمِثْلِيِّ فَسَيَأْتِيَانِ، وَقَوْلُهُ بِحِصَّتِهِ أَيْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ مَفْضُوضًا عَلَى الْقِيَمِ فَقَوْلُهُ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا فَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً) بَيَانٌ لِحُكْمِ بَعْضِ أَفْرَادِ هَذَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ ثَمَنَ الْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مِثَالِنَا إذَا وَقَعَ بِسِلْعَةٍ كَدَارٍ تُسَاوِي يَوْمَ الْبَيْعِ مِائَةً فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عُشْرِهَا عَشَرَةٌ أَوْ خُمُسِهَا عِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْشَارِهَا ثَلَاثُونَ. وَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ لَا بِمَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الدَّارِ شَرِكَةً لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الدَّارِ بِمَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ فَيَرْجِعُ فِي الْمِثَالِ بِعُشْرِهَا أَوْ خُمُسِهَا إلَخْ (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ وَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَا يَرُدُّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ بَلْ إنَّمَا يَتَمَاسَكُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّ الْجَمِيعَ، وَبِعِبَارَةٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ لَا إلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رَدِّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ بَلْ إنَّمَا يَتَمَاسَكُ بِالْجَمِيعِ أَوْ يَرُدُّ الْجَمِيعَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ ثَمَنًا بِأَنْ يَنُوبَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ، وَلَوْ يَسِيرًا، وَمَحَلُّ مَنْعِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ حَيْثُ كَانَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ قَائِمًا أَمَّا إنْ هَلَكَ بَعْضُهُ، وَوُجِدَ الْبَاقِي مَعِيبًا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَدْ فَاتَ رَدَّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ تَمَسَّكَ بِالْهَالِكِ السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَوْ دُونَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ التَّرَاجُعُ فِي مِثْلِيٍّ وَهُوَ الْعَيْنُ أَوْ قِيمَةُ الْعَرْضِ الْفَائِتِ فَكَأَنَّ الْمَبِيعَ مِثْلِيٌّ، وَلَوْ رَدَّ الْهَالِكَ أَيْضًا رَدَّ قِيمَتَهُ وَهُوَ قَدْ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ لَا جَهْلَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا لَمْ يَفُتْ. وَالْمَعِيبُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَلَوْ تَمَسَّكَ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا) اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي هَذَا الثَّانِي إنَّمَا فَرَضَهُ فِيمَا إذَا بَيَّنَ النِّصْفَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَهْلِكُ فِيمَا بَيَّنَهُ بَلْ فِيمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ، وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَوْ قَالَ وَغَيْرُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ، وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ وَادَّعَى لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ فِيمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ، وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ بَعْضُ الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا وَوَجَدَ عَيْبًا فِي بَعْضِهِ فَيُؤْمَرُ بِالْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا اشْتَرَى إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ كُلُّ ثَوْبٍ عَلَى حِدَتِهِ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ مِنْ الْعَيْبِ فَإِذَا قَوَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدْت الْمَعِيبَ وَاحِدًا مَثَلًا فَتَنْسُبُ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ لِلْمَجْمُوعِ، وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَرْجِعُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بَعْدُ، وَبِعِبَارَةٍ وَتُقَوَّمُ كُلُّ سِلْعَةٍ إلَخْ، وَلَك طَرِيقَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ تُقَوِّمُ جَمِيعَ الْمَبِيعِ عَلَى أَنَّهُ لَا عَيْبَ فِيهِ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ ثُمَّ يُقَوَّمُ مَا عَدَا الْمَعِيبَ فَمَا نَقَصَ رُدَّ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ قُوِّمَ الْمَعِيبُ وَحْدَهُ عُرِفَتْ النِّسْبَةُ (قُوِّمَ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ) ، وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا يَوْمُ الْحُكْمِ كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ التُّونِسِيِّ (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عُشْرِهَا) هَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ، وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ يَرْجِعُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِيمَةَ بَعْضِ السِّلْعَةِ أَقَلُّ مِنْ بَعْضِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا إلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) أَيْ لَا إلَيْهِ فَقَطْ أَيْ بَلْ رَاجِعٌ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فَكَأَنَّ الْمَبِيعَ مِثْلِيٌّ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَرَضُ الْفَائِتُ الَّذِي نَظَرَ فِيهِ إلَى قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَدْ لَزِمَهُ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 الَّذِي هُوَ الْعَرْضُ الْقَائِمُ لَكَانَ مُتَمَسِّكًا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّ السَّلِيمَ مِنْ الْعَرَضِ الْقَائِمِ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّ الْجَمِيعِ وَهُوَ الْقَائِمُ وَقِيمَةُ الْهَالِكِ فِي يَدِهِ، وَيَرْجِعُ فِي عَيْنِ عَرْضِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ تَوَاصَفَاهُ ثُمَّ قُوِّمَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنْ انْتَقَدَ، وَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَنْتَقِدْ، وَقِيلَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا، وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ (ص) أَوْ أَحَدَ مُزْدَوَجَيْنِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَا لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ حَقِيقَةً كَالْخُفَّيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ أَوْ حُكْمًا كَالْقُرْطَيْنِ وَالسِّوَارَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ عَادَةً أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ. (ص) أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَوَلَدَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا مَعًا لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْإِثْغَارِ، وَهَذَا مَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ أَصْلًا وَالْعَيْبُ فَرْعًا أُتِيَ بِهِ مُصَرِّحًا بِحُكْمِهِ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ فَقَالَ (ص) وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَعَدِّدٌ كَثِيَابٍ مَثَلًا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ السَّالِمِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْحَلَّتْ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ أَوْ تَعَيَّبَ أَكْثَرُهُ أَوْ تَلِفَ أَكْثَرُهُ فَتَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِبَاقِيهِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ بَيَانُهُ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ قِيمَةُ الْجُزْءِ الْبَاقِي إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوَّلًا ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلِّ جَزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَلَوْ جَازَ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْقَلِيلِ السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَدَّى إلَى مَا ذُكِرَ أَمَّا إنْ كَانَ الْبَيْعُ مُتَّحِدًا كَدَارٍ مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا قَلِيلُهَا أَوْ كَثِيرُهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْقَاءِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَوْصُوفًا فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ. (ص) وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشَرَةً بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ، وَفَاتَ الثَّوْبُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ، وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ فَإِنَّ الْعُقْدَةَ تَنْفَسِخُ مِنْ أَصْلِهَا، وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ فَلَوْ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ الْعَطْفَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دِرْهَمَيْنِ وَسِلْعَةً تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ فَلَمَّا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الدِّرْهَمَيْنِ وَالسِّلْعَةَ اسْتَحَقَّهَا شَخْصٌ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَهَا فَإِنَّ الْعُقْدَةَ تَنْفَسِخُ لِاسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِهَا وَهِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ لِلْبَائِعِ الدِّرْهَمَيْنِ وَيَرْجِعُ فِي   [حاشية العدوي] هُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَزِمَهُ أَيْ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِاللُّزُومِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْ السَّلِيمِ وَالْمَعِيبِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ) أَيْ تَقْوِيمِ الْعَرْضِ الَّذِي وَقَعَ ثَمَنًا فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي جَوَازِ التَّمَاسُكِ بِالسَّلِيمِ الْفَائِتِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَفَاتَ عَدَمُ الْجَهْلِ مِمَّا يَنُوبُ السَّلِيمَ فَيُجْرَى ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ السَّلِيمُ بَاقِيًا وَالثَّمَنُ مِثْلِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ وَفَاتَ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِلَّةَ أَيْ عِلَّةَ الْجَوَازِ لَيْسَتْ هِيَ عَدَمَ الْجَهْلِ بِمَا يَنُوبُ السَّلِيمَ فَقَطْ بَلْ هِيَ هَذَا وَكَوْنُهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِ عَيْنٍ وَرَدِّ عَيْنٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِلَّةَ الْجَوَازِ لَمْ تُوجَدْ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا لَمْ يَفُتْ أَوْ فَاتَ وَالسَّلِيمُ بَاقٍ فَلِذَا حَكَمَ بِالْمَنْعِ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْت عِلَّةُ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ، وَلِمَ لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّلِيمَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحُ يَغْلِبُ الْفَاسِدَ مَا لَمْ يَكُنْ الْفَاسِدُ أَكْثَرَ فَإِنْ قُلْت الْعَرْضُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِهِ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا فَالْجَهَالَةُ مَوْجُودَةٌ مُطْلَقًا قُلْت يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا تَلِفَ نُظِرَ لِقِيمَتِهِ حَالًّا، وَصَارَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا بِيعَتْ بِعَيْنٍ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ التَّرَاضِيَ عَلَى الرَّدِّ فِي أَحَدِ السِّوَارَيْنِ وَالْقُرْطَيْنِ لَيْسَ فِيهِ فَسَادٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَيْنِ. [اشْتَرَى أَمَةً وَوَلَدَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا] (قَوْلُهُ أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَبَقَاؤُهَا عَلَى بَابِهَا فَاسِدٌ إذْ تَقْدِيرُهُ حِينَئِذٍ أَوْ يَكُونُ الْبَعْضُ أُمًّا وَوَلَدَهَا، وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ أَصْلًا إلَخْ) كَأَنَّ أَصَالَتَهُ مِنْ حَيْثُ وُرُودُ النَّصِّ فِيهِ، وَقَوْلُهُ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثُرُهُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلِّ مَبِيعٍ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ تَقْوِيمُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فَهُوَ إشَارَةٌ لِلْوَجْهِ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَقْوِيمُ كُلِّ فَرْدٍ إلَخْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُعْرَفَ مَا يَنُوبُ الْمُسْتَحَقَّ، وَمَا يَنُوبُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَوْصُوفًا) وَمِثْلُهُ الْمِثْلِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ مُعَيَّنٌ، فَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ شَائِعًا فَكَذَلِكَ قَالَ عج فِي بَيَانِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ نَظْمًا: ثُمَّ الْكَثِيرُ الثُّلُثُ فِي الْمِثْلِيِّ وَفِي ... مُقَوَّمٍ مَا فَاتَ نِصْفًا فَاعْرِفْ فِيمَا خَلَا الْأَرْضَ فَإِنَّ النِّصْفَا ... فِيهِ كَثِيرٌ نَصُّ ذَا لَا يَخْفَى إنْ شَاعَ أَوْ عُيِّنَ ذَا الَّذِي ظَهَرْ ... لِي مِنْ كَلَامِ كُلِّ مَنْ يَعْتَبِرْ وَالثُّلُثُ فِي الدَّارِ كَثِيرٌ مُطْلَقَا ... كَالْعُشْرِ إنْ فِي الْقَسْمِ ضُرٌّ حُقِّقَا (قَوْلُهُ بِكَمَالِهِ) فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ بِكَمَالِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ جَمِيعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ، وَلِيُعْلَمَ الْمُرَادُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ (قَوْلُهُ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ) اسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ فَلَهُ قِيمَةُ إلَخْ مَعَ التَّفْرِيعِ عَلَى حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنَّ قَسِيمَ مَا ذُكِرَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ الثَّوْبِ كُلِّهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِهِ فَقَطْ، وَبِأَنَّ اللَّامَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا فِي قَوْلِهِ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ، وَمَجَازُهَا فِي قَوْلِهِ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ إذْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ، وَإِنْ قُرِئَ فِعْلًا مَاضِيًا فَلَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ صَرِيحًا فِي الْوُجُوبِ، وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ التَّمَاسُكَ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ فَلَوْ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْلَى) هَذَا عَلَى نُسْخَتِهِ، وَوُجِدَ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 ثَوْبِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّمَاسُكُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِيمَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ سُدُسِ الثَّوْبِ، وَكَانَ شَأْنِيَّةٌ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ، وَالْجُمْلَةُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، أَيْ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْ الشَّأْنُ دِرْهَمَانِ، وَسِلْعَةٌ بِيعَا بِثَوْبٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دِرْهَمَيْنِ بِالنَّصْبِ فَكَانَ نَاقِصَةٌ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ وَدِرْهَمَيْنِ خَبَرُهَا، وَسِلْعَةٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الْأُولَى، وَبِالنَّصْبِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى اتِّحَادِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعَدُّدِهِمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَالَ (ص) وَرَدَّ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا وَكَانَ الْبَائِعُ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ عَلَى الْبَائِعُ وَأَبَى غَيْرُهُ مِنْ الرَّدِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ، وَلَوْ أَبَى الْبَائِعُ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ الْعُقَدِ بِتَعَدُّدِ مُتَعَلِّقِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَانَ يَقُولُ إنَّمَا لَهُمَا الرَّدُّ مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ مَعًا، وَالْقَوْلَانِ فِيهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي التِّجَارَةِ، وَأَمَّا هُمَا إذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا مَعِيبًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقْبَلَ الْجَمِيعَ لِأَنَّ كُلًّا وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ. (ص) وَعَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَالْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالسِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبِيعِ دُونَ الْبَاقِي. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الثَّابِتِ وُجُودُهُ وَقِدَمُهُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ فِيمَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمَا فِي وُجُودِهِ أَوْ فِي قِدَمِهِ فَقَالَ (ص) وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبٌ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا عَيْبَ بِهِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ السَّلَامَةُ فِي الْأَشْيَاءِ، وَأَيْضًا صُدُورُ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ، فَقَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ الْخَفِيِّ كَالزِّنَا وَنَحْوِهِ (ص) أَوْ قِدَمِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي، وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا وَافَقَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ لَكِنْ الْبَائِعَ يَدَّعِي حُدُوثَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي قِدَمَهُ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا إنْ شَهِدَتْ لَهُ الْعَادَةُ بِالْحُدُوثِ قَطْعًا أَوْ رُجْحَانًا أَوْ شَكًّا فَإِنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ قَطْعًا أَوْ رُجْحَانًا لِلْمُشْتَرِي بِالْقِدَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ قَطَعَتْ الْعَادَةُ بِصِدْقِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَعَلَى مَنْ رَجَحَتْ لَهُ الْيَمِينُ، وَإِذَا شَكَّتْ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ إمَّا أَنْ تَقْطَعَ بِالْحُدُوثِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ تُرَجِّحَهُ أَوْ تَشُكَّ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ فِيهِمَا، وَإِمَّا أَنْ تَقْطَعَ بِالْقِدَمِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ، وَإِمَّا أَنْ تُرَجِّحَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ لِأَنَّهُ يَدَّعِي انْبِرَامَ الْعَقْدِ، وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي حَلَّهُ، وَالْأَصْلُ انْبِرَامُهُ. وَلِذَا لَوْ صَاحَبَ الْعَيْبَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُبْتَاعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ الْبَائِعَ الرَّدُّ بِهَذَا الْقَدِيمِ مِنْ الْعَيْبِ فَيَصِيرُ مُدَّعِيًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِهَذَا الَّذِي فِيهِ النِّزَاعُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ قَاصِرٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قِدَمِهِ لَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ (ص) ، وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ، وَإِنْ مُشْرِكِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي مَعْرِفَتِهِ غَيْرُ الْعُدُولِ، وَإِنْ   [حاشية العدوي] بَعْضِ النُّسَخِ تَفْرِيعُهُ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ أَعْلَى مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ أَيْ كَتَغَيُّرِ الذَّاتِ (قَوْلُهُ وَالْجُمْلَةُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ) فَدِرْهَمَانِ مُبْتَدَأٌ وَسِلْعَةٌ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ بِيعَا بِثَوْبٍ فَإِنْ قُلْت دِرْهَمَانِ نَكِرَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ قُلْنَا صَحَّ الِابْتِدَاءُ بِهَا لِعِطْفِ مَا فِيهِ الْمُسَوِّغُ عَلَيْهِ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِكَوْنِ اسْمِهَا ضَمِيرَ الشَّأْنِ بَلْ يُجْعَلُ دِرْهَمَانِ بِالرَّفْعِ اسْمَهَا وَسِلْعَةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَيْهِ أَوْ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ بِثَوْبٍ مُتَعَلِّقُ خَبَرِهَا أَيْ بِيعَا بِثَوْبٍ، وَقَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دِرْهَمَيْنِ بِالنَّصْبِ فَكَانَ نَاقِصَةٌ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْمُثْمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِيَا عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى شِرَائِهِمَا شَيْئًا، وَلَوْ مُتَّخَذًا لِلْقِنْيَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِتَعَدُّدِ مُتَعَلِّقُهُ) الْأَوْلَى مُشْتَرِيهِ وَالْمُتَعَلِّقُ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ نَصِيبَهُ) أَيْ وَلَا يَرُدُّ الْجَمِيعَ إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْ تِجَارَةٍ حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ تَعَدَّدَ بِأَنْ بَاعَا شَيْئًا كَانَ اتَّخَذَاهُ خِدْمَةً مَثَلًا فَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخِرِ مَا لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْ تِجَارَةٍ لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا شَرِيكَيْ تِجَارَةٍ فَهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا رَدٌّ عَلَى الْآخَرِ. [تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ] (قَوْلُهُ إلَّا بِشَهَادَةٍ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ خَفِيًّا أَوْ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ غَالِبًا كَكَوْنِهِ أَعْمَى وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَخْفَى غَالِبًا وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ فَلَا قِيَامَ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ لِعَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا أَسْنَدَ الشَّهَادَةَ لِلْعَادَةِ وَأَنَّ الشَّاهِدَ فِي الْحَقِيقَةِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا يَسْتَنِدُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ بِمَا دَلَّتْ الْعَادَةُ عَلَيْهِ غَالِبًا صَحَّ إسْنَادُ الشَّهَادَةِ لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ) أَيْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُبْتَاعِ) فَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ لِمَا ادَّعَى حُدُوثَهُ أَرْشًا (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ مُدَّعِيًا إلَخْ) أَيْ وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ وَالْأَصْلُ قَبُولُ قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِيمٌ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَ الشَّارِحُ، وَفِي عب أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ أَيْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ، وَمِثْلُهُ فِي شب، وَكَذَا فِي بَهْرَامَ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 مُشْرِكِينَ، وَإِنْ تَيَسَّرَتْ الْعُدُولُ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَافٍ إذَا أَرْسَلَهُمْ الْقَاضِي لِيَقِفُوا عَلَى الْعَيْبِ، وَكَانَ الْعَبْدُ حَيًّا حَاضِرًا أَمَّا إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا أَوْ أَوْقَفَهُمْ الْمُبْتَاعُ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ وَحُلُولُو فِي إيقَافِ الْمُبْتَاعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ ظَاهِرَهُ وَهُوَ مَنْ يُشْرِكُ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ فِي الْعِبَادَةِ حَتَّى يَخْرُجَ مَنْ يَقُولُ بِانْفِرَادِ غَيْرِ الْبَارِئِ بِهَا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْكَافِرُ. (ص) ، وَيَمِينُهُ بِعْته، وَفِي ذِي التَّوْفِيَةِ وَأَقْبَضْته، وَمَا هُوَ بِهِ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَى الْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ بِأَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ بِعْته وَمَا هُوَ بِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِأَنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَغَائِبٍ وَمُوَاضَعَةٍ وَثِمَارٍ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَذِي عُهْدَةٍ وَخِيَارٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ بِعْته وَأَقْبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ أَيْ بِالْمَبِيعِ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا كَالْعَوَرِ وَضَعْفِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ بَتًّا، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ وَمَا أَعْلَمُهُ بِهِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْيَمِينِ هُوَ نَقِيضُ نَفْسِ الدَّعْوَى وَحَلِفُهُ أَنَّهُ مَا هُوَ بِهِ لَيْسَ نَقِيضَ نَفْسِ دَعْوَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِيمٌ قُلْت هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهِ. (تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ، وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهَا كَيَمِينِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ هَلْ مِثْلُ مَا تَوَجَّهَتْ وَهِيَ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَبِيبٍ، وَعَلَيْهِ فَيَحْلِفُ لَقَدْ اشْتَرَيْته وَهُوَ بِهِ قَطْعًا أَوْ فِي عِلْمِي، وَمَا عَلِمْت بِذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ، وَيَمِينُهُ بِعْته، وَفِي ذِي التَّوْفِيَةِ، وَأَقْبَضْته، وَمَا هُوَ بِهِ فَقِيلَ بَتًّا، وَقِيلَ نَفْيًا، وَمَشْهُورُهَا بَتًّا فِي الظَّاهِرِ، وَنَفْيًا فِي الْخَفِيِّ، وَفِي يَمِينِ الْمُبْتَاعِ إنْ نَكَلَ الْبَائِعُ أَقْوَالٌ. (ص) وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَمْ تُرَدَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ لِلْمُشْتَرِي إلَى يَوْمِ فَسْخِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي ضَمَانِهِ، وَالْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، وَالْفَسْخَ يَحْصُلُ بِرِضَاهُ بِالْقَبْضِ وَبِالثُّبُوتِ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ لَا غَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي مَعَ عِلْمِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْغَاصِبِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ مَرَّ أَيْضًا تَصْرِيحُهُ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ تُرَدَّ لِأَنَّ نَفْيَ الرَّدِّ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَنْ قَبَضَهَا وَهُوَ الْمُشْتَرِي، وَحِينَئِذٍ ظَهَرَ أَنَّ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ تُرَدَّ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ وَبِعِبَارَةٍ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ أُتِيَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تُرَدَّ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ، وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَائِدَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلْفَسْخِ يُفِيدُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لِلْفَسْخِ بَلْ هِيَ لَهُ عَلَى الدَّوَامِ فَلَا تُغَيَّا بِغَايَةٍ فَهَذِهِ الْغَايَةُ عَيَّنَتْ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِلْمُشْتَرِي لَا لِقَوْلِهِ: وَلَمْ تُرَدَّ، وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الَّتِي لَا يَكُونُ اسْتِيفَاؤُهَا دَلِيلًا عَلَى الرِّضَا بِالْمُبْتَاعِ بِأَنْ تَكُونَ نَاشِئَةً عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ وَأَخْذِهَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَمِثْلُهُ مَا اغْتَلَّهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ كَسُكْنَى الدَّارِ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يَنْقُصُ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْغَلَّةُ لَهُ مُسْتَمِرَّةٌ لَا لِلْفَسْخِ فَقَطْ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الرِّضَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ، وَبِهَذَا اتَّفَقَ كَلَامُهُ هُنَا   [حاشية العدوي] وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَتْ الْعُدُولُ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّعَذُّرِ، وَعِبَارَةُ عب، وَمَفْهُومُ لِلتَّعَذُّرِ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ الْمُسْلِمِ مَعَ وُجُودِ الْعَدْلِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ، وَكَلَامُ ابْنِ شَاسٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ قَالَ عج، وَتَبِعَهُ شب. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلتَّعَذُّرِ فِيهِ تَفْصِيلٌ أَيْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْعَدْلُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ الْمُسْلِمُ اتِّفَاقًا غَيْرَ الْعَدْلِ مَعَ وُجُودِ الْعَدْلِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْلِمِ الْعَارِفِ بِالْعَيْبِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ اهـ. غَيْرَ أَنَّ كَلَامَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ قُوَّةَ كَلَامِ عج فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَنَصُّهُ الْمُتَيْطِيُّ الْوَاحِدُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ إذْ طَرِيقُ ذَلِكَ الْعِلْمُ لَا الشَّهَادَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَعْمُولُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ إلَخْ) وَالِاثْنَانِ أَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا) مَحَلُّ كَوْنِ الْمَيِّتِ كَالْغَائِبِ إذَا دُفِنَ أَوْ تَغَيَّرَتْ حَالَتُهُ بِحَيْثُ يَخْفَى الْعَيْبُ مَعَهَا أَوْ كَانَ الْعَيْبُ يَخْفَى بِمَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ حَالَتُهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَوَجَّهَتْ إلَخْ) انْدَفَعَ بِذَلِكَ اسْتِشْكَالُ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي شَاهِدًا عَنْ الْعَيْبِ، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، وَتَوَجَّهَتْ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ الْأُصُولِ بَدَلٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا تَوَجَّهَتْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُبْتَاعِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ تُرَدُّ هَلْ مِثْلُ مَا تَوَجَّهَتْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ هَلْ مِثْلُ مَا تَوَجَّهَتْ تَصْوِيرًا لِسُؤَالِ سَائِلٍ قَائِلًا هَلْ تَرُدُّ مِثْلَ مَا تَوَجَّهَتْ. (قَوْلُهُ وَهِيَ رِوَايَةُ يَحْيَى) أَقُولُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ هُنَاكَ رِوَايَةً أُخْرَى تَقُولُ بِأَنَّهَا لَا تَرُدُّ مِثْلَ مَا تَوَجَّهَتْ، وَكَلَامُ الشَّامِلِ الْآتِي مَعَ حِكَايَتِهِ الْأَقْوَالَ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلًا مِنْهَا أَنَّهَا لَا تَرُدُّ مِثْلَ مَا تَوَجَّهَتْ (قَوْلُهُ وَمَشْهُورُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَقْدِيرًا، وَكَأَنَّهُ قَالَ فَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ قِيلَ بَتًّا، وَقِيلَ نَفْيًا، وَمَشْهُورُهَا أَيْ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ ظَهَرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ تَصْرِيحٌ كَقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ زَائِدَةٌ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ) هَذَا رَدٌّ لِلْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلَصْقِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ الْغَلَّةُ الَّتِي تُجَامِعُ الْفَسْخَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مَا نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ، وَلَا تَنْقُصُ مِثَالُهُ سُكْنَى الدَّارِ بِنَفْسِهِ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 مَعَ قَوْلِهِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ (ص) بِخِلَافِ وَلَدٍ (ش) الْأَوْلَى إخْرَاجُهُ مِنْ الْغَلَّةِ، وَعَدَمُ الرَّدِّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُرَدُّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى إبِلًا أَوْ غَنَمًا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَا يَرُدُّهَا إلَّا مَعَ وَلَدِهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَهَا ذَلِكَ فَيَرُدَّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا ابْنُ يُونُسَ إنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ مَا يُجْبِرُ النَّقْصَ جَبَرَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ فِي جَعْلِهِ الْوَلَدَ غَلَّةً. (ص) وَثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أُصُولًا وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ يَوْمَ الْبَيْعِ فَاشْتَرَطَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ إذَا رَدَّ الْأُصُولَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّمَرَةَ مَعَهَا لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِغَلَّةٍ، وَلِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ عِلَاجِهَا إذَا رَدَّهَا مَعَ أُصُولِهَا، وَبِعِبَارَةٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّمَرَةَ مَعَ الْأَصْلِ وَلَوْ طَابَتْ أَوْ جُذَّتْ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ فَلَوْ فَاتَتْ رَدَّ مَكِيلَتَهَا إنْ عُلِمَتْ وَقِيمَتَهَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ وَثَمَنَهَا إنْ بِيعَتْ، وَمَفْهُومُ أُبِّرَتْ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لَا تُرَدُّ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ (ص) وَصُوفٍ تَمَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ قَدْ تَمَّ يَوْمَ الْبَيْعِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الْغَنَمَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الصُّوفَ مَعَ الْغَنَمِ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ فَاتَ رَدَّ وَزْنَهُ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ فَاتَتْ الثَّمَرَةُ رَدَّ مَكِيلَتَهَا إنْ عُلِمَتْ، وَقِيمَتَهَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ فَإِنْ قِيلَ لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ عِنْدَ انْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَكِيلَةِ وَالْوَزْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْأُصُولَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ مِثْلَ الْغَنَمِ لَزِمَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُنْفَرِدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطٍ مُنْتَفِيَةٍ هُنَا، وَسَتَأْتِي أَيْ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِبَيْعٍ بِخِلَافِ رَدِّ الْغَنَمِ لِأَنَّ الصُّوفَ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْغَنَمِ، وَمَحَلُّ رَدِّهِ لِلصُّوفِ التَّامِّ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بَعْدَ جَزِّهِ مِثْلُهُ فَأَمَّا إذَا حَصَلَ فَإِنَّهُ يُجْبِرُهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَهَذَا أَحَدُ مَوَاضِعَ خَمْسَةٍ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي فِيهَا بِالْغَلَّةِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالشُّفْعَةِ وَالتَّفْلِيسِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ إذَا فَارَقَتْ الثَّمَرَةُ الْأُصُولَ فَإِنْ لَمْ تُفَارِقْهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ إذَا أَزْهَتْ وَإِنْ لَمْ تُجَذَّ فِي الْعَيْبِ وَالْفَسَادِ، وَتُرَدُّ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ أَزْهَتْ مَا لَمْ تَيْبَسْ، وَفِي التَّفْلِيسِ تُرَدُّ وَلَوْ يَبِسَتْ مَا لَمْ تُجَذَّ، وَأَفَادَ بَقِيَّةَ الْخَمْسِ بِقَوْلِهِ (ص) كَشُفْعَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ وَتَفْلِيسٍ وَفَسَادٍ (ش) أَيْ فَلَا غَلَّةَ لِلشَّفِيعِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، وَلَا لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ، وَلَا لِبَائِعٍ فَلَّسَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَلَا عَلَى مُشْتَرٍ فُسِخَ شِرَاؤُهُ لِفَسَادِهِ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ إلَّا فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِوَقْفِيَّتِهِ رَدَّ الْغَلَّةَ. (ص) وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ بِالْقَبْضِ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَرْدُودَةَ بِالْعَيْبِ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهَا، وَيَنْتَقِلُ ضَمَانُهَا عَنْ مُشْتَرِيهَا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ   [حاشية العدوي] إسْكَانُهَا، وَقِرَاءَةٌ فِي مُصْحَفٍ، وَمُطَالَعَةٌ فِي كُتُبٍ، وَاغْتِلَالُ ثَمَرِ حَائِطٍ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ وَلَوْ طَالَ لَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى الرِّضَا، وَلَوْ لَمْ يَطُلْ، وَمَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ، وَلَا يَنْقُصُ كَلَبَنٍ، وَصُوفٍ، وَبَيْضٍ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، وَلَوْ طَالَ، وَقَبْلَهُ إذَا لَمْ يَطُلْ فَإِنْ طَالَ فَيُعَدُّ رِضًا، وَالْغَلَّةُ الَّتِي قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ تُجَامِعُ الْفَسْخَ مُطْلَقًا نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ، وَلَا تَنْقُصُ نَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ، وَلَا تَنْقُصُ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُمَا نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ، وَتَنْقُصُ كَاسْتِعْمَالِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالْغَلَّةِ الَّتِي لَا تُجَامِعُ الْفَسْخَ بَلْ لَا فَسْخَ هِيَ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ فِيمَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ، وَلَا يَنْقُصُ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ وَمَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ، وَلَا يَنْقُصُ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ وَطَالَ وَمَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ، وَيَنْقُصُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ وَقَبْلَهُ طَالَ أَمْ لَا فَجَمِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ دَالٌّ عَلَى الرِّضَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى إخْرَاجُهُ إلَخْ) أَيْ مُخْرِجٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ إخْرَاجَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ) مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ أَوْ ثَمَنَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا أَوْ ثَمَنُهَا (قَوْلُهُ رَدَّ مَكِيلَتَهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ فَاتَتْ بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ سَمَاوِيٍّ لِضَمَانِهِ لَهَا فِيهِ بَعْدَ جَذِّهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَضْمَنُهَا قَبْلَ الْجَذِّ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ (قَوْلُهُ وَثَمَنَهَا إنْ بِيعَتْ) أَيْ وَعَلِمَ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ الْإِبَارِ وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَالْمَنْظُورُ لَهُ هَذَا الزَّمَنُ لَا زَمَنُ جَذِّ الْمُشْتَرِي لَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُذُّهَا غَالِبًا إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لَكِنْ لَا يُنْظَرُ لِهَذَا، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِزَمَنِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ رَدِّهِ لِلصُّوفِ التَّامِّ إلَخْ) وَهَلْ الثَّمَرَةُ الَّتِي أُبِّرَتْ كُلُّهَا يُقَالُ يَرُدُّهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ مِثْلُهَا قِيَاسًا عَلَى الصُّوفِ التَّامِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَدُ مَوَاضِعَ) أَيْ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ فِي هَذَا، وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ إلَخْ) ضَبَطَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا يَضْبِطُهُ تَجُذُّ عفزا شسيا فَالتَّاءُ إشَارَةٌ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْجِيمُ وَالذَّالُ لِلْجِذَاذِ أَيْ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا تَكُونُ الثَّمَرَةُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالْجِذَاذِ، وَقَوْلُهُ عفزا إشَارَةٌ لِلْعَيْبِ، وَالْفَسَادِ، وَالزَّايُ إشَارَةٌ لِلزَّهْوِ أَيْ أَنَّهُ لَا تَكُونُ الثَّمَرَةُ فِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالزَّهْوِ، وَأَحْرَى إذَا يَبِسَ أَوْ جُذَّ، وَقَوْلُهُ شسيا إشَارَةٌ لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَالْيَاءُ إشَارَةٌ لِلْيُبْسِ أَيْ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِيهِمَا إلَّا بِالْيُبْسِ لَا بِالزَّهْوِ، وَأَحْرَى مِنْ الْيُبْسِ الْجِذَاذُ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ أَيْ: وَهَذَا فِي الثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ إلَخْ، وَالْمُشَارُ لَهُ فَوْزُ الْمُشْتَرِي أَيْ وَفَوْزُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْإِبَارَ فَوْتٌ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ كَشُفْعَةٍ إلَخْ) التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ تُرَدَّ لَا إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ وَلَدٍ، وَمَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَأَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأُمَّهَاتِ مَعَهَا، وَكَذَلِكَ فِي التَّفْلِيسِ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمَّهَاتِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْوَلَدَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْضَى بَائِعُهَا بِقَبْضِهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا، وَلَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهَا قَبْضُهَا، وَثَانِيهِمَا أَنْ يَثْبُتَ الْمُوجِبُ لِلرَّدِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالرَّدِّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ، وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ رَضِيَ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ، وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ. [الْبَائِعَ إذَا غَلِطَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ] وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبِ الرَّدِّ، وَهُوَ الْخِيَارُ الشَّرْطِيُّ، وَالْحُكْمِيُّ شَرَعَ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الرَّدِّ بِهِ فَمِنْهَا الْغَلَطُ فِي الذَّوَاتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ (ص) وَلَمْ يُرَدَّ بِغَلَطٍ إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعُ إذَا غَلِطَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ بِأَنْ لَا يَعْرِفَهُ الْمُتَبَايِعَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا رَدَّ لَهُ حَيْثُ صَدَقَ الِاسْمُ عَلَيْهِ بِأَنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْعَامِّ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الْحَجَرَ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ فَيَقُولُ الْبَائِعُ مَا ظَنَنْته يَاقُوتَةً فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ يَاقُوتَةً فَإِذَا هِيَ حَجَرٌ فَإِنَّ لِمُشْتَرِيهِ رَدَّهُ، وَبِعِبَارَةٍ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَطِ جَهْلُ اسْمِهِ الْخَاصِّ وَحَقِيقَتِهِ الْمُتَضَمِّنِ ذَلِكَ لِجَهْلِ قِيمَتِهِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِشَخْصِهِ، وَقَوْلُهُ إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ أَيْ الْعَامِّ إنْ سَمَّاهُ بِلَفْظٍ يُطْلَقُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ، وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ بِاسْمِهِ الْعَامِّ دُونَ الْخَاصِّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الْجَهْلِ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَرَكَ تَسْمِيَتَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ح، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ وَكِيلٍ، وَإِلَّا رَدَّ الْمَبِيعَ بِالْغَلَطِ بِلَا نِزَاعٍ (ص) وَلَا بِغَبْنٍ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُرَدُّ بِالْغَبْنِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاءِ السِّلْعَةِ بِأَكْثَرَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ النَّاسَ يَتَغَابَنُونَ بِهِ أَوْ يَبِيعُهَا بِأَقَلَّ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ فَلَا يُوجِبُ رَدًّا اتِّفَاقًا. فَقَوْلُهُ (وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) إشَارَةٌ لِرَدِّ مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَقْوَالِ (ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ مَا لَا يَسْتَسْلِمُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِأَنْ يُخْبِرَهُ أَنَّهُ يَجْهَلُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَثَمَنَهُ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ قِيمَتُهُ كَذَا، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ بِاتِّفَاقٍ فَقَوْلُهُ (ص) وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ (ش) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يَسْتَسْلِمُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ، وَأَشَارَ إلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ لِابْنِ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ (ش) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ مَا لَمْ يَسْتَأْمِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ صَاحِبَهُ أَيْ وَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِئْمَانِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ سِلْعَتِي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي أَوْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي بِعْنِي كَمَا تَبِيعُ غَيْرِي فَيَغُرُّ الْآخَرُ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْمُكَايَسَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْمَانِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْنِي كَذَا وَكَذَا رِطْلًا كَمَا تَبِيعُ النَّاسَ فَيَقُولُ قَدْ بِعْت كَذَا بِكَذَا فَلَا رَدَّ لَهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ فِيمَا قَالَهُ (تَرَدُّدٌ) لِصَاحِبَيْ هَاتَيْنِ   [حاشية العدوي] يُفَوِّتُهُ، وَيُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ، وَلَهُ غَلَّةٌ تُبْتَغَى كَالْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ فَسَادٍ لَا يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ غَلَّةً تُبْتَغَى كَالنَّخْلِ إذَا رُدَّتْ مَعَ ثِمَارِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ سَقْيِهَا وَعِلَاجِهَا. () (قَوْلُهُ وَحَقِيقَتَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمَهُ أَيْ جَهِلَ اسْمَهُ الْخَاصَّ أَيْ وَجَهِلَ حَقِيقَتَهُ (قَوْلُهُ بِشَخْصِهِ) أَيْ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) يُنَافِي صَدْرَ حَلِّهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَعْرِفَهُ الْمُتَبَايِعَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُحْمَلُ عَلَى طَرِيقَةِ التَّكْمِيلِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ وَكِيلٍ إلَخْ) وَمِثْلُ الْوَكِيلِ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ لِرَدِّ مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَقْوَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ غَيْرُ الطُّرُقِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَخْ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ إنَّمَا الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقَابِلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ وَاحِدٍ يَقُولُ إذَا خَالَفَ الْعَادَةَ يُرَدُّ بِهِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ خَطَرَ لِي ذَلِكَ اطَّلَعَتْ فَوَجَدْت الْبَدْرَ قَالَ قَوْلُهُ وَلَا بِغَبْنٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ إلَى الرَّدِّ بِالْغَبْنِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَقَلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ خِلَافًا فِي بَيْعِ جَاهِلِ السُّوقِ لِلْعَالِمِ بِهِ هَلْ لِلْجَاهِلِ الرَّدُّ انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْ بَهْرَامُ خِلَافًا بِحَيْثُ يُقَالُ رَدَّ عَلَيْهِ بِلَوْ غَايَةُ مَا قَالَ حَصَلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ فِي الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ، وَعَدَمُ الْقِيَامِ بِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ الْأُولَى لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ بِاتِّفَاقٍ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ الثَّانِيَةُ لِلْمَازِرِيِّ إنْ اسْتَسْلَمَ أَيْ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِقِيمَتِهِ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ قِيمَتُهَا كَذَا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا قَوْلَانِ الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ لِصَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ الْبَيْعُ إنْ وَقَعَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِئْمَانِ وَجَبَ الْقِيَامُ بِالْغَبْنِ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ مِنِّي سِلْعَتِي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ وَثَمَنِهِ) أَيْ جَاهِلُ قِيمَتِهِ فِي ذَاتِهِ وَثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ النَّاسُ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى) لَا يَخْفَى أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمَعْنَى تَرْجِعُ لِطَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّدِّ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ الْجَهْلُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِحِكَايَتِهِمَا نَعَمْ قَالَ الْبَدْرُ قَوْلُهُ يَسْتَسْلِمُ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ بِهَذَا التَّوْزِيعِ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ فِي الْجُمْلَةِ انْتَهَى ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَيْسَ ثَمَّ قَوْلٌ مُرَجِّحٌ بِعَدَمِ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ مُطْلَقًا، وَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مَصْدَرًا بِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ انْتَهَى، وَلَوْ قَالَ لَا يُغْبَنُ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِئْمَانِ) هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) صَرِيحُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِطَرِيقِ الْمُكَايَسَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا عَيْنُ الِاسْتِئْمَانِ. (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِصَاحِبَيْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ حِكَايَتَهُمَا حَيْثُ رَجَعَا لِمَعْنًى وَاحِدٍ لَا وَجْهَ لَهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ شَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ تَرَدُّدٌ لِصَاحِبَيْ إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 الطَّرِيقَتَيْنِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الِاسْتِئْمَانِ جَائِزٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَسَمَاعُ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَصِحُّ، وَيُفْسَخُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةَ الْمُقَوَّمِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ عَامَّةٍ، وَهِيَ عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ دَرَكِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَهِيَ عَلَى مُتَوَلِّي الْعَقْدِ إلَّا الْوَكِيلَ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِي صُورَتَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَهُمَا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ يَعْلَمَ الْعَاقِدُ مَعَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ، وَأَمَّا هُوَ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحَلَّ نَفْسَهُ مَحَلَّ الْبَائِعِ، وَكَذَا الْمُقَارَضُ وَالشَّرِيكُ الْمُفَوَّضُ فِي الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِمَا فِيمَا وَلِيَا بَيْعَهُ، وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى فَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْيَتَامَى ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَيْتَامِ، وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى مَا يَبِيعُهُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ لِلضَّرُورَةِ قَالَ وَإِنْ اتَّجَرَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ اُتُّبِعَتْ ذِمَّتُهُ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ أَنَّ عَلَيْهِمَا الْيَمِينَ، وَإِنْ ذَكَرَا أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمَا أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُ اتِّبَاعًا وَاسْتِحْسَانًا لِقَوْلِ مَالِكٍ انْتَهَى. وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الْعُهْدَةِ، وَهِيَ الْخَاصَّةُ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ أَشَارَ إلَى حُكْمِهَا وَمَحَلِّهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَرُدَّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِكُلِّ حَادِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ فِي الرَّقِيقِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِكُلِّ مَا حَدَثَ فِيهِ عِنْدَهُ فِي زَمَنِهَا حَتَّى الْمَوْتُ مَا عَدَا ذَهَابَ الْمَالِ فَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَطَ مَالَهُ ثُمَّ ذَهَبَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ تَلِفَ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَالَ اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَهَابِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي الْعُهْدَةِ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ كَانَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ (ص) إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ   [حاشية العدوي] لَا يَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ، وَجَعَلَ عب فِي عِبَارَتِهِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرَهُ بِجَهْلِهِ أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ أَوْ لَا رَدَّ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ انْتَهَى، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا طُرُقٌ ثَلَاثٌ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَةَ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ لِطَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَالْبَحْثُ يَكُونُ مَعَ الْمُصَنِّفِ مِنْ جِهَةِ مَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) أَيْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ هُوَ عَيْنُهُ فِي الْمَعْنَى فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِ. (تَتِمَّةٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ قَالَ عج تَتِمَّةٌ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْوَكِيلَ أَوْ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ كُلٌّ أَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْبَائِعِ إنْ فَاتَ بِمَا حَابَى بِهِ، وَالرُّجُوعُ عَلَى الْوَصِيِّ مَشْرُوطٌ بِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ أَوْ عَلَى الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا إذَا أَجَرَ النَّاظِرُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِتَمَامِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى النَّاظِرِ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ وَسَمَاعُ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا سَلْمُونِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ عَيْبٍ) أَيْ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ عَلِمَ الْمُعَاقَدُ مَعَهُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ الْمُقَارَضُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ عَامِلُ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى) أَيْ الَّذِينَ تَوَلَّى الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ بَيْعَ أَمْتِعَتِهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَبِيعُهُ) أَيْ الْوَصِيُّ، وَقَوْلُهُ قَالَ أَيْ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ اتَّجَرَ الْوَصِيُّ جَعَلَ التَّفْصِيلَ فِي الْوَصِيِّ، وَتَرَكَ الْقَاضِيَ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنُهُ التِّجَارَةَ فَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ، وَاتَّجَرَ الْقَاضِي لِلْيَتَامَى فَهَلْ كَالْوَصِيِّ أَوْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَحُرِّرَ، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ لَا يُتْبَعَانِ، وَقَوْلُهُ أَنَّ عَلَيْهِمَا الْيَمِينَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ يَحْلِفَانِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا، وَلَا يُتَّبَعَانِ، وَإِنْ ذَكَرَا فِي وَقْتِ الْبَيْعِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمَا أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ عَيْبٍ لَا يَحْلِفَانِ بَلْ يَنْتَفِي عَنْهُمَا الرُّجُوعُ بِدُونِ حَلِفٍ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ ضَعِيفٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْبَائِعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَهُوَ قَدْ حَكَمَ بِالْيَمِينِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ اتِّبَاعًا) أَيْ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ مَالِكٍ، وَاسْتِحْسَانًا لَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكًا، وَغَيْرَهُ اخْتَلَفَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ قَدْ رَجَّحَ قَوْلَ مَالِكٍ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْيَمِينِ إلَّا عِنْدَ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ حُكْمُهَا) أَيْ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهَا أَيْ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ وَرُدَّ أَيْ الرَّقِيقُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ) الْعُهْدَةُ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَهْدِ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ وَالِالْتِزَامُ، وَاصْطِلَاحًا تَعَلُّقُ الْمَبِيعِ بِضَمَانِ بَائِعِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَالْبَيْعُ فِيمَا هِيَ فِيهِ لَازِمٌ لَا خِيَارَ فِيهِ لَكِنْ إنْ سَلَّمَ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ عُلِمَ لُزُومُهُ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَعًا، وَإِنْ أَصَابَهُ نَقْصٌ ثَبَتَ خِيَارُ الْمُبْتَاعِ كَعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَيُلْغَى الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَإِنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) بِدُونِ ضَمِيرٍ، وَأَصْلُهَا لعج، وَقَوْلُهُ وَهَذَا، وَمَا بَعْدَهُ أَيْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي مَالِهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَيْ مَجْمُوعُهُمَا يُفِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ حَتْمًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَنْقُضُ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَيَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُ مَا تَلِفَ فَيَكُونُ بِمَثَابَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَقَدْ كَانَ قَدْ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ قَدِيمٍ كَالْإِبَاقِ فَإِنَّهُ إذَا حَدَثَ مِثْلُهُ أَيْ إبَاقٌ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا رَدَّ بِهِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إذَا اُشْتُرِطَتْ أَوْ اُعْتِيدَتْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَخَصَّ الشَّمْسُ اللَّقَانِيِّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْمُعْتَادَةِ فَقَطْ أَمَّا الْبَيْعُ بِالْبَرَاءَةِ فِي الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 ش) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا حَدَثَ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِيمَا عَدَاهُ كَمَا إذَا تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ الْإِبَاقِ فَأَبِقَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلَاكُهُ فِي زَمَنِهَا فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْإِبَاقِ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ فَتَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ فَقَطْ. أَمَّا إنْ تَحَقَّقَ الْهَلَاكُ فِي زَمَنِهَا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَطْ لَا مِنْهُ، وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ السَّرِقَةِ فَسَرَقَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ وَلَمْ يَقْطَعْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ قَطَعَ ضَمِنَ، وَالْعِلَّةُ مَا مَرَّ (ص) وَدَخَلَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَاجْتَمَعَ مَعَ ذَلِكَ مُوَاضَعَةٌ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ تَدْخُلُ فِيهَا بِمَعْنَى أَنَّ الزَّمَانَ مَحْسُوبٌ لَهُمَا فَتَنْتَظِرُ أَقْصَاهُمَا فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَتَدَاخَلَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الثَّلَاثَةِ انْتَظَرَتْهُ، وَلَا تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِي الْخِيَارِ بَلْ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ انْبِرَامِ الْعَقْدِ فِي الْخِيَارِ أَيْ وَقْتِ إمْضَائِهِ، وَلَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي السَّنَةِ بَلْ تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا الْمُرَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ هُنَا الْمُوَاضَعَةُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي (ص) وَالنَّفَقَةُ وَالْأَرْشُ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ أَيْ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْخِيَارِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الضَّمَانُ لَهُ النَّمَاءُ. وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى شَخْصٌ عَلَى الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي الْمُوَاضَعَةِ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْغُرْمُ لَهُ الْغُنْمُ، وَكَذَلِكَ مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ أَوْ لِلْأَمَةِ فِي زَمَنِ مُوَاضَعَتِهَا فَهُوَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ فَإِنَّ مَا وُهِبَ لَهُ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي أَيَّامِ الْمُوَاضَعَةِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ (ش) فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَعَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ ق، وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْكِسْوَةِ الْمُعْتَادَةُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ أَيْ مَا يَقِيهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ لَا مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ خِلَافًا لتت، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْبَائِعِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ لَكِنْ اللَّامُ فِي لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ بِمَعْنَى عَلَى، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشِ لِلْمِلْكِ أَيْ، وَالنَّفْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْأَرْشُ لَهُ. (ص) وَفِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ يُرَدُّ الرَّقِيقُ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِي الرَّقِيقِ عَلَى عُهْدَةِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا إلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ، وَلَا يُرَدُّ بِغَيْرِهَا فَلَوْ أَصَابَ الرَّقِيقَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ ثُمَّ ذَهَبَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا لَمْ يُرَدَّ إلَّا أَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَوْدَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِحُدُوثِ بَهَقٍ أَوْ حُمْرَةٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَجُنُونٍ لَا بِكَضَرْبَةٍ (ش) إلَى أَنَّ الْجُنُونَ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ الرَّقِيقُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ طَبْعِ الرَّقِيقِ   [حاشية العدوي] الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا مِنْ السُّلْطَانِ فَيُرَدُّ مَعَهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ الَّذِي بِيعَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ تُرَدُّ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ إنْ لَمْ يَبِعْ الْبَائِعُ بِبَرَاءَةٍ مِنْ قَدِيمٍ، وَإِلَّا سَقَطَ حُكْمُهَا مُطْلَقًا إنْ جَرَى بِالْبَيْعِ بِهَا عُرْفٌ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَيْعَ بِهَا أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ رُدَّ بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّمْسِ لَا عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي عب، وَيُفْهَمُ مِنْ عج أَنَّ كَلَامَ الشَّمْسِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الزَّمَانَ مَحْسُوبٌ لَهُمَا) وَكَذَا يَدْخُلُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَتَدَاخَلَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) ، بَلْ وَتَدَاخَلَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ (قَوْلُهُ بَلْ تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ وَبَعْدَ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ وَالِاسْتِبْرَاءُ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي) فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ عُهْدَةٌ فَتَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَائِقَ خَمْسَةٌ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ، وَعُهْدَةُ سَنَةٍ، وَخِيَارُ مُوَاضَعَةٍ، وَاسْتِبْرَاءٌ، فَعُهْدَةُ السَّنَةِ تَكُونُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِمَّا ذُكِرَ إلَّا الِاسْتِبْرَاءَ الْمُجَرَّدَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَأْتِ مَا تَسْتَبْرِئُ بِهِ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِمَّا يُوجِبُ الرَّدَّ فِي السَّنَةِ، وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ تَكُونُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ، وَتَدْخُلُ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ الْمُجَرَّدُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهَا أَيْ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ اُعْتُبِرَ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْقَى فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى وُجُودِهِ بَلْ بِانْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْخِيَارُ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْمُوَاضَعَةُ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ فِي دُخُولِهَا مَعَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ الْمُجَرَّدُ مَعَ الْخِيَارِ فَهُوَ كَالِاسْتِبْرَاءِ الْمُجَرَّدِ مَعَ الْعُهْدَةِ، وَأَمَّا الْمُوَاضَعَةُ، وَالِاسْتِبْرَاءُ الْمُجَرَّدُ فَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ مَعَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ الْخِيَارِ يَتَدَاخَلَانِ، وَأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ الْمُجَرَّدَ يَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا عَدَاهُ، وَيُنْتَظَرُ مَجِيئُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ وَالْقَاعِدَةُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَيْ ضَمَانُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) عِبَارَةُ عب إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْعَبْدِ فَمَا يُوهَبُ لَهُ زَمَنَهَا، وَزَمَنَ الْمُوَاضَعَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَعَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا، وَلَهُ الْغَلَّةُ زَمَنَهَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْبَائِعِ) أَيْ وَيَكُونُ نَائِبُ فَاعِلِ الْمَوْهُوبِ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَيَجُوزُ كَوْنُ لَهُ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ مِثْلُ الْمَوْجُودِ انْتَهَى مِنْ عب أَيْ إذَا جُعِلَ نَائِبُ الْفَاعِلِ لَهُ يَكُونُ خَبَرُ النَّفَقَةِ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ لَهُ مِثْلُ الْمَذْكُورِ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ عب لِأَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ الْمَوْهُوبِ ضَمِيرٌ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَالتَّقْدِيرُ كَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ لَكِنْ اللَّامُ فِي لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ بِمَعْنَى عَلَى إلَخْ) أَيْ فَاللَّامُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا، وَالْأَحْسَنُ جَعْلُهَا لِلِاخْتِصَاصِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ أَصَابَ الرَّقِيقَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 كَمَسِّ الْجَانِّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِسَبَبِ ضَرْبَةٍ أَوْ طَرِبَةٍ أَوْ خَوْفٍ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَجُذَامٍ، وَبَرَصٍ أَيْ مُحَقَّقَيْنِ، وَفِي مَشْكُوكِهِمَا قَوْلَانِ. (ص) إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا (ش) يَعْنِي أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ لَا يُعْمَلُ بِهِمَا إلَّا إذَا اُشْتُرِطَ الْعَمَلُ بِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بِحَمْلِ السُّلْطَانِ النَّاسَ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ تَجْرِ بِهِمَا عَادَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ ضَمَانُ الدَّرْكِ مِنْ عَيْبٍ وَاسْتِحْقَاقٍ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ قَاضِيَةً بِالْعَمَلِ بِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِمَا، قَوْلُهُ إنْ شُرِطَا وَاعْتِيدَا جَرَّدَ الْفِعْلَ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي مَعْنَى الضَّمَانِ أَوْ الزَّمَانِ أَيْ إنْ شُرِطَ الزَّمَانَانِ أَوْ اُعْتِيدَ الضَّمَانَانِ أَوْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي مَعْنَى الْإِلْزَامِ أَيْ إنْ شُرِطَ الْإِلْزَامَانِ أَوْ اُعْتِيدَا (ص) وَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُمَا (ش) أَيْ وَلِلْمُشْتَرِي إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْعُهْدَتَيْنِ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ إسْقَاطُهُمَا عَنْ الْبَائِعِ وَتَرْكُ الْقِيَامِ بِمَا يَحْدُثُ فِيهِمَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَلَا يُقَالُ هُوَ إسْقَاطٌ قَبْلَ الْوُجُوبِ لِأَنَّا نَقُولُ سَبَبُ وُجُوبِهِ جَرَى، وَهُوَ زَمَانُ الْعُهْدَةِ، وَلِلْبَائِعِ إسْقَاطُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي، وَأَنْ لَا عُهْدَةَ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ فِيمَا يَأْتِي ضَمَانُ الدَّرْكِ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ، وَاسْتِحْقَاقٍ. (ص) وَالْمُحْتَمِلُ بَعْدَهُمَا مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُهْدَةَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهَا ثُمَّ اُطُّلِعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْعَبْدِ مَثَلًا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فِيهِ بِأَنْ احْتَمَلَ حُدُوثَهُ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ السَّلَامَةُ، وَالْعُيُوبُ طَارِئَةٌ عَلَيْهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْبِ وَالْمَوْتِ فَإِذَا وُجِدَ الْعَبْدُ مَيِّتًا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَدْرِي هَلْ مَاتَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلْمُشْتَرِي. وَلَمَّا اسْتَثْنَى الْمُتَيْطِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً لَا عُهْدَةَ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ دَرَجَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا عَدَّهَا فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ (ص) لَا فِي مُنْكَحٍ بِهِ (ش) يَعْنِي لَا عُهْدَةَ ثَلَاثَةٍ، وَلَا سَنَةً عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَصْدَقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُكَارَمَةُ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِخْرَاجِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا أَيْ فَلَا عُهْدَةَ إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا (ص) أَوْ مُخَالَعٍ بِهِ (ش) يَعْنِي إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى رَقِيقٍ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُنَاجَزَةُ. (ص) أَوْ مُصَالَحٍ بِهِ فِي دَمِ عَمْدٍ (ش) أَيْ فِي دَمٍ فِيهِ قِصَاصٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى إقْرَارٍ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ وَالْخَطَأُ وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ فَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِيهِ (ص) أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ أَوْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] عِبَارَةُ غَيْرِهِ، وَإِذَا حَدَثَ الْجُنُونُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ يُرَدُّ بِهِ، وَلَوْ زَالَ لَا إنْ زَالَ جُذَامٌ وَبَرَصٌ عَلَى الْأَرْجَحِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لَا يُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ (قَوْلُهُ كَمَسِّ الْجَانِّ) تَشْبِيهٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ) أَيْ لِإِمْكَانِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَةٍ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ أَيْ مَا كَانَ مِنْ طَبْعِ الرَّقِيقِ، وَمَا كَانَ مِنْ مَسِّ الْجَانِّ كَذَا ذَكَرَ عب، وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُعَالِجُهُ إذَا كَانَ مِنْ مَسِّ الْجَانِّ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ثُبُوتِ الرَّدِّ بِالْجُنُونِ الطَّبَعِيِّ دُونَ مَسِّ الْجِنِّ أَوْ ضَرْبِهِ لِأَنَّ الْجُنُونَ هُنَا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ فَلَهُ زِيَادَةُ تَأْثِيرٍ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي أَصْلِهِ فَمَا كَانَ بِالطَّبْعِ يَسْرِي دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفِي مَشْكُوكِهِمَا قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَشْكُوكَ كَالْمُحَقَّقِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ وَهْبٍ. (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ ضَمَانُ الدَّرْكِ مِنْ عَيْبٍ) أَيْ قَدِيمٍ أَيْ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا فِي الرَّقِيقِ فَيَجُوزُ التَّبَرِّي مِنْ عُيُوبِهِ، وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ عَدَمُ الرَّدِّ بِعَيْبِهِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ أَنْ يَكُونَ التَّبَرِّي مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ مَعَ طُولِ الْإِقَامَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَرْطَ عَدَمِ الرَّدِّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُعْمَلُ بِهِ مُطْلَقًا إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْبِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ أَيْضًا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيُعْمَلُ بِهِ فِيهِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عُهْدَةَ الْإِسْلَامِ هِيَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ دُونَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ إنَّ شُرِطَ الزَّمَانَانِ) أَيْ أَوْ الضَّمَانَانِ، وَقَوْلُهُ أَوْ اُعْتِيدَ الضَّمَانَانِ أَيْ أَوْ الزَّمَانَانِ، وَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ أَوْ الْمُعْتَادَ إنَّمَا هُوَ الضَّمَانُ فِي الزَّمَانِ، وَلَوْ اُخْتُلِفَ فِي الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَهُوَ زَمَانُ الْعُهْدَةِ) الْأَوْلَى وَهُوَ الِاشْتِرَاطُ الْحَاصِلُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ الْعَادَةِ الْمُتَقَرِّرَةِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ بَعْدَهُمَا) أَيْ الْمُطَلَّعُ عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَ عَادَةً أَوْ يَظُنَّ بِحُدُوثِ زَمَنِهِمَا فَمِنْ الْبَائِعِ دُونَ يَمِينِ الْمُشْتَرِي فِي الْأَوْلَى، وَبِهَا فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ قَطَعْت بِأَنَّهُ بَعْدَهُمَا فَمَنْ اشْتَرَى بِدُونِ يَمِينٍ عَلَى الْبَائِعِ كَأَنْ ظَنَّتْ أَوْ شَكَّتْ، وَلَوْ فِي مَوْتٍ فَمِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً) عِشْرُونَ صَرَّحَ بِهَا الْمُصَنِّفُ وَوَاحِدَةٌ دَاخِلَةٌ تَحْتَ كَافِ كَفَلَسٍ، وَهُوَ السَّفَهُ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا عُهْدَةَ إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا) هَذَا لِلزَّرْقَانِيِّ، وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرَطَةَ يُوَفَّى بِهَا فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ شُرِطَ فِيهِ غَرَضٌ أَوْ مَالِيَّةٌ أَوْ هُمَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَنَحْوُهُ لِلْقَرَافِيِّ، وَعَزَاهُ لِشَيْخِهِ الْجِيزِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى إقْرَارٍ) فِي الشَّامِلِ خِلَافُهُ، وَأَنَّ مَا كَانَ عَلَى إقْرَارٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ، وَكَلَامُ بَعْضٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ كَلَامِ الشَّامِلِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْعُهْدَةِ فِي عَبْدٍ مُصَالَحٍ بِهِ عَنْ إنْكَارٍ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ دَمٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ إقْرَارٍ فِي عَمْدٍ فِيهِ قِصَاصٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ الْعُهْدَةُ لَرَجَعَ فِي الْأَوَّلِ لِلْخُصُومَةِ، وَفِي الثَّانِي لِلْقِصَاصِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالصُّلْحِ بِخِلَافِ دَمِ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ أَوْ مَعَ خَطَأٍ عَنْ إقْرَارٍ فَفِيهِمَا الْعُهْدَةُ لِلرُّجُوعِ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ فِي مُقَابَلَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا فِي ذِمَّتِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنًا كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِكِتَابٍ مُعَيَّنٍ فَصَالَحَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ إلَخْ) الْمُقَابِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَفِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 الْمُسْلَمَ فِيهِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ دِينَارًا فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا عُهْدَةَ لِلْمُسْلَمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ بِهِ كَمَا إذَا دَفَعَ عَبْدًا فِي قَمْحٍ مَثَلًا فَلَا عُهْدَةَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلَمِ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ يُطْلَبُ فِيهِ التَّخْفِيفُ فِيمَا يُدْفَعُ فِيهِ أَوْ بِهِ. (ص) أَوْ قَرْضٍ (ش) يَعْنِي لَا عُهْدَةَ فِي الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ الْمَدْفُوعِ قَرْضًا أَوْ الْمَأْخُوذِ عَنْ قَضَائِهِ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ، وَبِعِبَارَةٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ فَإِذَا اقْتَرَضَ رَقِيقًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ فِي الْعُهْدَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرِضُ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً (ص) أَوْ عَلَى صِفَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ الرَّقِيقُ غَائِبًا فَاشْتَرَاهُ شَخْصٌ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَرْئِيِّ، وَبِخِلَافِ الْمَبِيعِ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي سُقُوطِهَا فِي الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ قَوْلَا سَحْنُونَ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ أَصْبَغَ، وَهَذَا إذَا انْتَقَدَ، وَإِلَّا سَقَطَتْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْعُهْدَةُ فِي الْإِقَالَةِ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُرَابَحَةِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا قَوْلًا وَاحِدًا (ص) أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٍ أَوْ مَبِيعٍ عَلَى كَمُفْلِسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَخَذَ رَقِيقًا عَمَّا فِي ذِمَّةِ مُكَاتَبِهِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَعَ زِيَادَةِ التَّسَاهُلِ، وَالْعُهْدَةُ رُبَّمَا أَدَّتْ لِعَجْزِهِ فَيَرِقُّ، وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِيمَنْ بَاعَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُفْلِسِ لِأَجْلِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ أَوْ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ غَائِبٍ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ كَمَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فِيمَا وَجَدَ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْقَدِيمَةِ كَمَا مَرَّ. (ص) أَوْ مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ الْمُشْتَرَى عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَلِأَنَّهُ يُتَسَاهَلُ فِي ثَمَنِهِ لَا أَنَّهُ أَوْصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ لِأَنَّ هَذِهِ سَتَأْتِي، وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِي الرَّقِيقِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ أَعَمَّ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالْقَرْضِ الْمَرْدُودِ لِشُمُولِهِ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ أَيْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ بَلْ عَنْ وَجْهِ الْبَيْعِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِطْلَاقُ، وَعَلَيْهِ قَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِي ذَلِكَ اتِّفَاقًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (ص) أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ وُرِثَ أَوْ وُهِبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الرَّقِيقِ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ فَلَا عُهْدَةَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَلٌّ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ لَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَمِثْلُهُ الْمَرْدُودُ بِالْإِقَالَةِ، وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ، وَخَصَّ بَعْضَهُمْ رَقِيقٌ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ الرَّقِيقُ الْمَوْرُوثُ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إرْثٌ أَمْ لَا، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْوَارِثِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَحْدُثُ. وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ لِلْمَوْهُوبِ عَلَى الْوَاهِبِ لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ، وَأَحْرَى هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ (ص) أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ لِلزَّوْجِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَعَدَمِ الْوَحْشَةِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا فَلَهَا عَلَى بَائِعِهِ الْعُهْدَةُ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ، وَهُوَ لَا يَطَؤُهَا   [حاشية العدوي] الْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي إلَخْ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ أَوْ قَرْضٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ غَيْرَهُ) وَلَوْ قُلْنَا بِالْعُهْدَةِ لَجَازَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ) أَيْ فِي الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ مِنْهُ أَيْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ أَقِلْنِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ، وَقَوْلُ سَحْنُونَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ بِالسُّقُوطِ، وَقَوْلُهُ وَابْنُ حَبِيبٍ مَعَ أَصْبَغَ رَاجِعٌ لِلْمُقَابِلِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ) أَيْ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَالْعُهْدَةُ جَزْمًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الشُّفْعَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الْإِقَالَةِ فَسْخًا أَيْ إقَالَةُ مُشْتَرِي شِقْصِ الدَّارِ مِنْهَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ حِينَئِذٍ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ يَأْتِي يَقُولُ إنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ، وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ وَالْمُرَابَحَةُ أَيْ فَإِذَا كَانَ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً بِدُونِ بَيَانٍ إلَّا عَلَى الْعَشَرَةِ أَيْ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ، وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ بِدُونِ بَيَانٍ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ التَّسَاهُلِ إلَخْ) إنَّمَا زَادَهُ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَخْ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَأَفْهَمَ أَنَّ الْمُقَاطَعَ بِهِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ مِثْلُهُ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَلَمَّا زَادَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ خَرَجَ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ التَّسَاهُلَ خَاصٌّ بِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى سَفِيهٍ) أَيْ لِأَجْلِ دَيْنٍ أَوْ إنْفَاقٍ، وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ لِدَيْنِ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فِيهِ الْعُهْدَةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ عب فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الصُّلْحِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ لَكِنْ نَصَّ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ يُفِيدُ أَنَّ مَا أُخِذَ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ فِيهِ الْعُهْدَةُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ عَنْ دَيْنٍ أَوْ مُعَيَّنٍ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ عَلَى إنْكَارٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب، وَلِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَا أُخِذَ عَنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ الْعُهْدَةُ، وَعَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ أَقُولُ وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِيمَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ مُوَافَقَةَ صَاحِبِ الْبَيَانِ، وَيُنَاقِضُ كَلَامَهُ هُنَا فَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى الْإِنْكَارِ، وَأَمَّا عَلَى الْإِقْرَارِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَوْ الْمُبَايَعَةِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ، وَحِينَئِذٍ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا فَإِنَّهُ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِي الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ مَثَلًا أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ الرَّقِيقُ الْبَيْعَ لَهُ فَأَحَبَّ شَخْصًا لِئَلَّا يَفُوتَ غَرَضُ الْمَيِّتِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ اشْتَرَى زَيْدٌ عَالِمًا بِأَنَّهُ أَوْصَى بِبَيْعِهِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَضُرُّ الْمُشْتَرِيَ لِتَنْفِيذِ غَرَضِ الْمُوصِي (ص) أَوْ بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ أَوْ مُكَاتَبٍ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي تَنْفِيذًا لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ كَمَا مَرَّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنًا، وَإِلَّا فَالْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ إذَا رُدَّ بِحَادِثٍ فِي الْعُهْدَةِ يَشْتَرِي غَيْرَهُ فَلَمْ يَفُتْ غَرَضُ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ لِلسَّيِّدِ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِهِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٍ (ص) أَوْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا (ش) أَيْ لَا عُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي رَدِّهِ الْمَبِيعَ فَاسِدًا لِبَائِعِهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الرَّدَّ فِي الْمَبِيعِ الْفَاسِدِ بَيْعٌ فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعُهْدَةُ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى أَشْهَبُ لَا عُهْدَةَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ فَسْخُ بَيْعٍ، وَكَذَا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُفْسَخُ. اهـ. وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إذَا لَمْ يُفْسَخْ تَكُونُ الْعُهْدَةُ فِيهِ ثَابِتَةً لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَفَائِدَةُ ثُبُوتِهَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَنْ عِوَضِهِ أَرْشُ الْعَيْبِ، وَفِي تت أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ إذَا فَاتَ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ فِيهِ الْعُهْدَةَ (ص) وَسَقَطَتَا بِكَعِتْقٍ فِيهِمَا (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعُهْدَةِ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ تَسْقُطُ، وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ تَوَابِعُهَا مِنْ نَفَقَةٍ وَضَمَانٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ شَرَعَ فِي حُكْمِ مَا هِيَ فِيهِ، وَمَتَى يَنْتَهِي ضَمَانُهُ فَقَالَ (ص) وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ (ش) أَيْ إنَّ ضَمَانَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَهُوَ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِمَّا يُعَدُّ أَوْ يُوزَنُ فَبِعَدَدِهِ أَوْ وَزْنِهِ فَاللَّامُ فِي لِقَبْضِهِ لِلْغَايَةِ أَيْ، وَغَايَةُ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ يَنْتَهِي لِقَبْضِهِ مَتَاعَهُ، وَبِعِبَارَةٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ أَنَّ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي الْمِكْيَالِ يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي فَتُجْعَلُ الْبَاءُ سَبَبِيَّةً مُتَعَلِّقَةً بِقَبْضِهِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لِقَبْضِهِ بِسَبَبِ تَمَامِ كَيْلٍ، وَيُرَادُ بِالْكَيْلِ الْفِعْلِيُّ لَا الْآلَةُ، وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ تَخْصِيصٌ لَهُ لِأَنَّ تَمَامَ كَيْلِهِ خُرُوجُهُ مِنْ مِعْيَارِهِ، وَالْمُرَادُ تَمَامُ كَيْلِ مَا كِيلَ أَوْ تَمَامُ وَزْنِ مَا وُزِنَ أَوْ تَمَامُ عَدِّ مَا عُدَّ لِإِتْمَامِ الْجَمِيعِ أَيْ مَا كِيلَ وَمَا لَمْ يُكَلْ، وَوُزِنَ مَا وُزِنَ وَمَا لَمْ يُوزَنْ، أَوْ عَدَّ مَا عُدَّ وَمَا لَمْ يُعَدَّ، أَوْ بِمَعْنَى فِي، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِضَمِنَ أَيْ ضَمِنَهُ فِي كَيْلِهِ أَيْ فِي حَالِ كَيْلِهِ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لِلْبَائِعِ فَلَا مُنَافَاةَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِكَيْلٍ أَنَّ الْجُزَافَ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِمُجَرَّدِهِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ (ش) أَيْ أَنَّ أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ التَّوْفِيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} [يوسف: 88] كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ كَيْلِ الثَّمَنِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَائِعُهُ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ ثُمَّ أَخْرَجَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (ص) بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) أَيْ:   [حاشية العدوي] لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ أَخْذُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ لَا عُهْدَةَ) أَيْ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَلَهُ رَدُّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ إلَخْ) يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ وَرِثَ أَيْ حَيْثُ عَمَّمَ هُنَاكَ، وَقَيَّدَ هُنَا (قَوْلُهُ إنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ثُبُوتِ الْعُهْدَةِ (قَوْلُهُ وَفِي تت إلَخْ) كَلَامُ عب يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ جَعَلَ هَذَا التَّفْصِيلَ غَيْرَ ظَاهِرٍ إذْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ الِاسْتِيلَادُ لَا يَأْتِي إلَّا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ تَسْقُطُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ أَرْشٌ. [أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ] (قَوْلُهُ لِقَبْضِهِ مَتَاعَهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَهِيَ تَحْرِيفٌ، وَالْمُنَاسِبُ مُبْتَاعُهُ (قَوْلُهُ أَنَّ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي الْمِكْيَالِ) أَيْ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيغِهِ فِي الْأَوْعِيَةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ) هَذَا رُوحُ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ تَخْصِيصٌ لَهُ) أَيْ تَبْيِينٌ لَهُ أَيْ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَمَامِ الْفِعْلِ تَفْرِيغُهُ، وَتَمَامُ الْفِعْلِ بِالتَّفْرِيغِ لِأَنَّ الْكَيْلَ يُرَادُ بِهِ مَجْمُوعُ وَضْعِ الْحَبِّ فِي الْقَدَحِ وَتَفْرِيغُهُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ تَمَامَ كَيْلِهِ خُرُوجُهُ إلَخْ أَيْ وَلَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ إلَّا قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ أَوْ عُدَّ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ الْبَعْضَ فَضَمَانُهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَمَالِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ وَلَا فِعْلُ بَعْضِ ذَلِكَ كَافٍ فِي ضَمَانِ الْجَمِيعِ بَلْ كُلُّ مَا عُلِمَ بِمِعْيَارِهِ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ فِي حَالِ كَيْلِهِ) أَيْ وَيُرَادُ بِحَالِ الْكَيْلِ مَا دَامَ فِي الْمِكْيَالِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ إلَّا قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ يُفَرِّغُهُ فِي الْحَالِ فِي أَوْعِيَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَمَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَنْصَرِفُ بِهِ لِمَنْزِلِهِ، وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ يَنْصَرِفُ بِهِ لِمَنْزِلِهِ، وَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ يُفَرِّغُهُ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْجُزَافُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ، وَيَكُونُ تَعْلِيلًا لِكَوْنِ التَّوْفِيَةِ وَاجِبَةً عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَخْرَجَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ الَّتِي هِيَ الْقَرْضُ إنَّمَا ذُكِرَتْ دَلِيلًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 فَالْأُجْرَةُ فِيهَا عَلَى سَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْقَرَوِيِّينَ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا لِأَنَّهُ فَاعِلُ الْمَعْرُوفِ فَكَانَتْ مَقِيسَةً عَلَى الْفَرْضِ فَهُوَ أَصْلُهَا فَلَا أُجْرَةَ فِيهِ عَلَى فَاعِلِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْمُقْرِضُ وَإِنْ كَانَ بَائِعًا، وَالْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ (فَكَالْقَرْضِ) لِلسَّبَبِيَّةِ فِي مَقَامِ لَامِ الْعِلَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ (ص) وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي (ش) قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةِ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، وَنَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ الْمَذْكُورَ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ تَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ أَوْ الْعَدَدَ، وَيُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ لَكِنْ أَعَادَهَا لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ. وَلِذَا جَعَلَ بَعْضَ الْوَاوِ وَاوَ الْحَالِ، وَالضَّمِيرُ فِي تَوَلَّاهُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ، فَإِذَا سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ فَهَلَكَ مَا فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى غَرَائِرِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى مَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمِكْيَالُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ إلَى مَنْزِلَةٍ لَيْسَ لَهُ إنَاءٌ غَيْرَهُ فَضَمَانُ مَا فِيهِ إذَا امْتَلَأَ مِنْهُ، وَلَوْ بِاسْتِعَارَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ رَوَاهُ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ. (ص) وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّجْلِيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِمُجَرَّدِ تَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَتَمْكِينِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِدَفْعِ الْمَفَاتِيحِ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِخْلَاءُ مِنْ شَوَاغِلِ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفَاتِيحُ فَيَكْتَفِي التَّمْكِينُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَانْظُرْ لَوْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقَبَضَ الْعَقَارَ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ قَبَضَ الْمِثْلِيَّ بِالْكَيْلِ، وَقَبَضَ الْعَقَارَ بِكَذَا، وَاعْتِبَارُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ إذْ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَائِدَةٌ (ص) وَغَيْرُهُ بِالْعُرْفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ عَقَارٍ، وَمَكِيلٍ، وَمَوْزُونٍ، وَمَعْدُودٍ يَكُونُ بِالْعُرْفِ كَتَسْلِيمِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (ص) وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ الْمَبِيعَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ إلَّا مَا يَسْتَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا مَا قَدَّمَهُ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ ثَمَرَةً غَائِبَةً عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ بَلْ بِالْقَبْضِ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ قَبْلُ وَبَعْدُ (ص) إلَّا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ فَكَالرَّهْنِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِإِتْيَانِ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهَا الْحَالِّ أَوْ الْمَحْبُوسَةَ لِأَجْلِ أَنْ يُشْهِدَ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُبْتَاعِ أَوْ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ حَالٌّ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ، أَوْ مُؤَجَّلٌ فَإِنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ، وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ، فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ هَلَاكَهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ، وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ هُوَ فِي ضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَعُلِمَ مِمَّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ سَائِلُ الْإِقَالَةِ) سَوَاءٌ كَانَ السَّائِلُ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ أَوْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ، وَانْظُرْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَالِبًا لِمَا ذُكِرَ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَبَ حَقِيقَةٌ إنَّمَا هُوَ مِنْ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا، وَالظَّاهِرُ قَسْمُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا، وَانْظُرْ لَوْ تَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ أَوْ الْعَدَّ بِنَفْسِهِ هَلْ لَهُ طَلَبُ الْبَائِعِ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ تَوَلَّى الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي عَدَّ ثَمَنِهِ وَوَزْنَهُ فَهَلْ لَهُ طَلَبُ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّشْبِيهَ عَلَى هَذَا الْحَلِّ يَكُونُ فِي الْجَامِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَهُوَ كَوْنُ الْأُجْرَةِ عَلَى السَّائِلِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ) حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجِيرُهُ أَوْ وَكِيلُهُ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَغْنَى إلَخْ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ تَخْصِيصُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلِذَا جُعِلَ إلَخْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ لِلْحَالِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (قَوْلُهُ فَإِذَا سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَوَلَّى الْكَيْلَ نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى الْكَيْلَ ثُمَّ نَاوَلَ الْمِكْيَالَ لِلْمُشْتَرِي يُفْرِغُهُ فِي أَوْعِيَتِهِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ فَالْكَلَامُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُفِيدُ أَنَّهُ مَا دَامَ فِي الْمِكْيَالِ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْكَيْلَ الْمُشْتَرِي فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ) وَغَيْرُهُ بِالْعُرْفِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِخْلَاء مِنْ شَوَاغِلِ الْبَائِعِ) إلَّا فِي دَارِ السُّكْنَى فَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالْإِخْلَاءِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ) أَيْ بِأَنْ فَتَحَ الدَّارَ لَهُ وَمَكَّنَهُ مِنْ السُّكْنَى وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمَفَاتِيحَ. (قَوْلُهُ وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِالْعَقْدِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَتْلَفُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ) فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِانْقِضَائِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ) سَيَأْتِي تَصْوِيرُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَبَنَ شَاتَيْنِ مَثَلًا مِنْ شِيَاهٍ عَشَرَةٍ مُعَيَّنَاتٍ (قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ قَبْلُ وَبَعْدُ) الْبَعْضُ الَّذِي بَيَّنَهُ قَبْلُ كَاَلَّذِي فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ بَعْدُ هُوَ قَوْلُهُ إلَّا الْمَحْبُوسَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِثَمَنِهَا الْحَالِّ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ لِسَنَةٍ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ حَبْسُهَا كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَعَلَيْهِ لَوْ حَبَسَهَا بِغَيْرِ رِضًا بِهَا لَكَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَهَلْ مَا حَلَّ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا لِقَبْضِهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَسْلِيمِهَا دُونَ قَبْضٍ أَوْ كَالْحَالِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ) هَذَا رُوحُ الِاسْتِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ) أَيْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 قَرَّرْنَا أَنَّ الْحَبْسَ لِلْإِشْهَادِ يَجْرِي فِي الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ وَأَنَّ الْحَبْسَ لِلثَّمَنِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا، وَهَلْ مَا حَلَّ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ كَالْحَالِّ فِيهِ خِلَافٌ (ص) وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا غَائِبًا عَلَى صِفَةٍ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُهُ عَنْ بَائِعِهِ إلَى مُشْتَرِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ. وَأَمَّا هُوَ فَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا حَيْثُ لَا شَرْطَ، وَبِعِبَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْعَقَارِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ ضَمَانَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَفِي الْعَقَارِ حَيْثُ بِيعَ مُزَارَعَةً أَوْ جُزَافًا، وَتَنَازَعَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّ الْعَقْدَ أَدْرَكَهُ سَالِمًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ (ص) وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ مِنْ وَخْشِهِ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا فَإِنَّ فِيهَا الْمُوَاضَعَةَ، وَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ إلَى أَنْ تَرَى الدَّمَ فَتَدْخُلُ حِينَئِذٍ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَبِأَوَّلِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي، وَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ فَمِنْ بِمَعْنَى إلَى، وَهَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ أَوْلَى لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ فِيهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ الَّذِي شَأْنُهُ حُصُولُ الضَّمَانِ بِهِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فَأَوْلَى الْفَاسِدُ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ فِي الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَوْ مَعَهَا كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ فَقَدْ افْتَرَقَ الصَّحِيحُ، وَالْفَاسِدُ فِي هَذِهِ أَيْضًا (ص) وَإِلَّا الثِّمَارَ لِلْجَائِحَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثِمَارًا بَدَا صَلَاحُهَا فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا إلَى أَنْ تَأْمَنَ مِنْ الْجَائِحَةِ، وَذَلِكَ إذَا تَنَاهَتْ فِي الطِّيبِ فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ ضَمَانُهَا لِمُشْتَرِيهَا فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ إلَى أَمْنِ الْجَائِحَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الثِّمَارِ مِنْ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِلْأَمْنِ مِنْ الْجَائِحَةِ حَيْثُ كَانَ مُوجِبُ الضَّمَانِ فِيهَا الْجَائِحَةَ، وَإِنْ كَانَ مُوجِبُ الضَّمَانِ فِيهَا غَيْرَ الْجَائِحَةِ فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ بِالْعَقْدِ. وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا بَيْعٌ فَاسِدٌ يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَجُذَّهَا الْمُشْتَرِي (ص) وَبَدَأَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ (ش) أَيْ وَإِذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ، وَالْمُشْتَرِي فِي التَّسْلِيمِ أَوَّلًا بَدَأَ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ مَا بَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِهِ كَالرَّهْنِ بِالثَّمَنِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَاعَ مِنْهُ، وَلَا يَزِنَهُ وَلَا يَكِيلَهُ لَهُ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي غَيْرِهِ انْتَهَى هَذَا إذَا بِيعَ عَرْضٌ بِنَقْدٍ، وَأَمَّا إذَا بِيعَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَنَانِيرُ بِمِثْلِهَا فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَبْدِئَةٌ بَلْ يُوَكِّلُ الْقَاضِي فِي الْمُرَاطَلَةِ مَنْ يَأْخُذُ بِعَلَّاقَةِ الْمِيزَانِ ثُمَّ يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالَ الْآخَرِ، وَفِي الصَّرْفِ يُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُمَا، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالتَّرَاخِي فِي النُّقُودِ، وَفِي بَيْعِ الْعَرْضِ بِمِثْلِهِ يُوَكِّلُ أَيْضًا، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالتَّرَاخِي قَالَهُ سَنَدٌ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى ضَمَانِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ تَلَفٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ فَسْخٍ وَعَدَمِهِ فَقَالَ (ص) وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ، وَيُفْسَخُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْكَائِنَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إذَا تَلِفَ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ الْمُنْبَرِمِ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَوْ ثِمَارٌ قَبْلَ أَمْنِ الْجَائِحَةِ أَوْ غَائِبٌ أَوْ مُوَاضَعَةٌ، وَثَبَتَ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصَادُقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَيْهِ فَإِمَّا بِسَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ أَيْ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ، وَسَتَأْتِي جِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ، وَالْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ، وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُمَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا، وَبِقَوْلِنَا وَثَبَتَ التَّلَفُ خَرَجَتْ الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ فَإِنَّهَا مَعَ ثُبُوتِ التَّلَفِ لَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا ذُكِرَ إلَّا ضَمَانَ الرِّهَانِ، وَمَتَى ثَبَتَ   [حاشية العدوي] فَالتَّشْبِيهُ بِالرَّهْنِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ الْأَمَةَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الرَّهْنَ فَيُحَدُّ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَبِالْقَبْضِ جَارٍ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا الْغَائِبَ) كَأَنَّهُ يَقُولُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا الْغَائِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِأَوَّلِ الدَّمِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ فَقَدْ افْتَرَقَ الصَّحِيحُ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ الصَّحِيحَ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ وَقَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبُ الضَّمَانِ فِيهَا غَيْرَ الْجَائِحَةِ) أَيْ كَغَصْبِ إنْسَانٍ مُعَيَّنٍ لَهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَفِي بَيْعِ الْعَرْضِ بِمِثْلِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ بَيْعِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ. (قَوْلُهُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ الْمُنْبَرِمِ) وَأَوْلَى الْخِيَارُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ) أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ بِخِلَافِ تَلَفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ إحْضَارِهِ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ مِثْلُهُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ أَخَّرَهُمَا) التَّثْنِيَةُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ مَسْأَلَةٌ، وَقَوْلُهُ وَالْبَائِعُ إلَخْ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 التَّلَفُ انْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ التَّلَفُ فَهُوَ قَوْلُهُ. (ص) ، وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غُيِّبَ أَوْ عُيِّبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخْفَى الْمَبِيعَ، وَادَّعَى هَلَاكَهُ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي، وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ التَّمَسُّكِ، وَطَلَبِ الْبَائِعِ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ الْبَائِعُ فَالْفَسْخُ لَيْسَ إلَّا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي السَّلَمِ، وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ وَنَقْضِ السَّلَمِ وَحَلَفَ، وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ صَوَابُهُ بَعْدَ نُكُولِ الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَاسُكِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إنْ عَيَّبَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي زَمَانِ ضَمَانِهِ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فَقَوْلُهُ إنْ غَيَّبَ أَوْ عَيَّبَ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ (ص) أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمَبِيعِ شَائِعٌ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ، وَبَيْنَ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا (ص) وَتَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ، وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ (ش) أَيْ إنَّ تَلَفَ بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ أَوْ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِهِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ اسْتِحْقَاقَ الشَّائِعِ فِيمَا مَرَّ كَعَيْبٍ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي النِّصْفَ فَأَكْثَرَ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَجَبَ رَدُّهُ، وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي الْأَقَلِّ، وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْعَيْبِ لِقَوْلِهِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ (ص) إلَّا الْمِثْلِيَّ (ش) فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلِّهِ بَلْ يَجْرِي عَلَى تَفْصِيلِ الْعَيْبِ الْآتِي لِأَنَّهُ إنَّمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَإِنْ غَيَّبَ الْبَائِعُ أَوْ عَيَّبَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَأَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ عِوَضَ الْمَبِيعِ فِي الْأُولَى، وَأَرْشَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يَتَأَتَّى خِيَارُ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي هُنَا مَعَ أَنَّ السِّلْعَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا مُنْبَرِمٌ فَتَعَلُّقُ الْمُشْتَرِي قَوِيٌّ لِكَوْنِ السِّلْعَةِ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ إذَا أَخْفَى الْمَبِيعَ وَادَّعَى هَلَاكَهُ) وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيْعَ بَتٌّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى خِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي، وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَيَضْمَنُ الثَّمَنَ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ بَعْدَ نُكُولِ الْبَائِعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ وتت تَابِعَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي السَّلَمِ يُخَالِفُ هَذَا لِإِثْبَاتِهِ التَّخْيِيرَ بَعْدَ النُّكُولِ، وَعِنْدَ الْحَلِفِ لَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ، وَتِلْكَ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعج فِي تَقْرِيرِهِ الشَّارِحَ وتت غَيْرُ صَوَابٍ اهـ. غَيْرُ صَوَابٍ نَعَمْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ نُكُولٍ لِيَتَوَافَقَ الْمَحَلَّانِ لَا أَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لَهُمَا سَلَفًا فِي تَقْرِيرِهِمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى ذَلِكَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاتِّهَامَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّغْيِيبِ وَالتَّعْيِيبِ، وَيُفْصِحُ بِهِ كَلَامُ الْفِيشِيِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ بَلْ الِاتِّهَامُ قَاصِرٌ عَلَى التَّغْيِيبِ دُونَ التَّعْيِيبِ فَهُوَ مُحَقَّقٌ، وَقَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى التَّغْيِيبِ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَأَنَّ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ لَا أَصْلَ لَهَا، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ أَيْ التَّغْيِيبُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى إتْلَافِهِ. (قَوْلُهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي) هَذَا إذَا كَثُرَ الْمُسْتَحَقُّ كَثُلُثٍ أَوْ أَكْثَرَ مُطْلَقًا انْقَسَمَ أَوْ لَا اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ أَمْ لَا كَانَ أَقَلَّ عَنْ ثُلُثٍ إنْ لَمْ يَنْقَسِمْ كَحَيَوَانٍ وَشَجَرٍ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ انْقَسَمَ أَوْ كَانَ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ مُنْقَسِمًا أَمْ لَا فَلَا خِيَارَ لَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ، وَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ قَلَّ الَّذِي هُوَ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ مُنْقَسِمٍ، وَغَيْرِ الْمُتَّخَذِ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ انْقَسَمَ أَيْ عَلَى حَسَبِ الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ بِأَنْ كَانَ يَنْقَسِمُ أَعْشَارًا مَثَلًا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ إنْ اُسْتُحِقَّ الْعُشْرُ أَوْ أَثْلَاثًا عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الثُّلُثِ، وَهَكَذَا أَوْ كَانَ مُتَّخِذًا لَهَا مُنْقَسِمًا أَمْ لَا لَمْ يُخَيَّرْ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْكَثِيرُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ الثُّلُثُ، وَفِيمَا تَعَدَّدَ مِنْ الدُّورِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، وَالنِّصْفُ فِي الْأَرْضِ كَثِيرٌ، وَهِيَ دَائِمًا مِمَّا يَنْقَسِمُ فَلَيْسَتْ كَالدَّارِ، وَالْمُرَادُ بِمَا يَنْقَسِمُ بِضَرَرٍ، وَهُوَ قَلِيلٌ مَا يَنْقُصُ عِوَضُهُ إذَا قُسِمَ عَلَى الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ كَانَ قَسَمَهُ عَلَيْهِ فِيهِ اشْتِرَاكٌ فِي سَاحَةٍ أَوْ مَدْخَلٍ فَإِنْ انْقَسَمَ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ لِكُلِّ نَصِيبٍ حَظُّهُ مِنْ السَّاحَةِ وَالْمَدْخَلِ عَلَى حَدِّهِ فَهَذَا يَنْقَسِمُ بِلَا ضَرَرٍ (قَوْلُهُ وَتَلَفُ بَعْضِهِ) أَيْ تَلَفُ الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ الِاسْتِحْقَاقُ فَسَوَاءٌ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَيْ إنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّلَفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مُعَيَّنٍ، وَكَذَا الْعَيْبُ فَلَا حَاجَةَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ نَعَمْ يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ كَعَيْبٍ بِهِ) هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْعَيْبَ أَصْلٌ فِينَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ أَصْلٌ، وَقَوْلُهُ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ إلَخْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إلَّا الْمِثْلِيَّ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) يُخَالِفُ مَا فِي عب فَإِنَّهُ قَالَ فَيَنْظُرُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَزِمَ الْبَاقِي بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ فَإِنْ اتَّحَدَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ إذَا كَانَ النِّصْفَ فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ، وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت، وَانْتَصَرَ لِمُفَادِ شَارِحِنَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بَلْ يَجْرِي عَلَى تَفْصِيلِ الْعَيْبِ الْآتِي) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّلَفُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمِثْلُهُ الْمَعِيبُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا فِي الْمَعِيبِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُقَوَّمِ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ أَوْ تَلَفِهِ قَدْ انْحَلَّتْ الْعُقْدَةُ فَالتَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ نِسْبَةُ الْجُزْءِ الْبَاقِي إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَنِسْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ مَجْمُوعِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِ بَاقِي الْمِثْلِيِّ فَإِنَّ مَنَابَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ. (ص) وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ كَقَاعٍ وَإِنْ انْفَكَّ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبْعِ بِحِصَّتِهِ لَا أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا فَوَجَدَ أَسْفَلَهُ مُخَالِفًا لِأَوَّلِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِمَّا يَنْفَكُّ عَنْ الطَّعَامِ عَادَةً أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ كَقِيعَانِ الْأَهْرَاءِ وَالْأَنْدَرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَالْمَعِيبُ كُلُّهُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْفِكَاكِ الْعَيْبِ عَنْ الطَّعَامِ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ قَدْرَ رُبْعِ فَأَقَلَّ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ مَا ذُكِرَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ السَّلِيمُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الرُّبْعَ أَوْ الْخُمُسَ قَلِيلٌ لَا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي رَدًّا، وَلَيْسَ لَهُ الْتِزَامُ السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ إنْ أَبَى الْبَائِعُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ السَّلِيمُ بَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْجَمِيعِ وَرَدِّ الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ بِحِصَّتِهِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَعِيبَ مِنْ الْمِثْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ رُبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَرُدُّ الْمَعِيبَ لِبَائِعِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ. (ص) وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ شِيَاهٍ مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَمَّيَا لِكُلِّ ثَوْبٍ دِينَارًا فَاسْتُحِقَّ أَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِهَا وَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَوَجَبَ التَّمَاسُكُ بِبَاقِي الصَّفْقَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى الْقِيمَةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ الْمَعِيبُ وَبَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الصَّفْقَةِ، وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ الْمَعِيبِ إلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَةِ، وَيَرْجِعُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ سَكَتَ الْمُتَبَايِعَانِ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ عَنْ الرُّجُوعِ إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْعَيْبِ صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ) الْعَقْدُ إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ بَلْ (وَلَوْ سَكَتَا) عَنْ الرُّجُوعِ لِلتَّسْمِيَةِ وَالْقِيمَةِ، وَيَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ (لَا إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لَهَا) أَيْ لِلتَّسْمِيَةِ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْقِيمَةِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَرُدَّ بَعْضُ -   [حاشية العدوي] الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ، وَبَيْنَ التَّمَاسُكِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ لَا بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ أَوْ التَّالِفُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَقَدْ اسْتَوَوْا فِي لُزُومِ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَفِي الْعَيْبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْجَمِيعِ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ، أَوْ رَدَّ الْجَمِيعَ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْبَاقِي فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ قَوْلُ عب إلَّا الْمِثْلِيَّ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَاسُكُ بِالْأَقَلِّ بَلْ يُخَيَّرُ عَلَى تَفْصِيلٍ فَفِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَفِي التَّعْيِيبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ وَبَيْنَ التَّمَاسُكِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ لَا بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا اهـ. يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّالِفُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَشُدَّ يَدَك عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ وَنِسْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْمَنْسُوبُ إمَّا السَّلِيمُ أَوْ غَيْرُهُ فَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ. (قَوْلُهُ لِوَاجِدٍ) صِلَةُ الْكَلَامِ، وَقَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا كَلَامًا لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُضَافِ لِأَنَّ كَلَامًا بِمَعْنَى تَكَلَّمَ عَامِلٌ فِي وَاجِدٍ النَّصْبَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا عَلَى قِلَّةٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ) أَيْ فِي عَيْبٍ قَلِيلٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَنْفَكُّ أَيْ لَا تَجْرِي الْعَادَةُ بِانْفِكَاكِهِ غَالِبًا، وَقَوْلُهُ كَقَاعٍ أَيْ كَتَغَيُّرِ طَعَامِ قَاعٍ لِأَنَّ الْقَاعَ اسْمٌ لِلْمَحَلِّ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ كَقِيعَانِ الْأَهْرَاءِ) جَمْعُ هُرْيٍ الْقَمْحُ الْمُجْتَمِعُ كَقَمْحِ الشُّوَنِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَنْدَرِ كَالْجُرْنِ يُوجَدُ بِقَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَلَلٌ يَسِيرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ قَدْرَ رُبْعٍ) أَيْ، وَفَوْقَ رُبْعٍ، وَدُونَ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الرُّبْعِ فَالْمُرَادُ بِالرُّبْعِ مَا دُونَ الثُّلُثِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهَا لَهُ ذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ، وَنَصُّ بَهْرَامَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي ابْنِ يُونُسَ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ هَذَا، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ فِي تَعْيِيبِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّبْعِ مَا يَشْمَلُ مَا فَوْقَهُ إلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ إلَخْ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الثُّلُثَ وَالنِّصْفَ فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ، وَاخْتِيَارِ سَحْنُونَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ، وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ) أَيْ الْتَزَمَ السَّالِمَ وَالْمَعِيبَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ السَّالِمَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَرَدَّ الْمَعِيبَ فَلَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَإِذَا رَجَعَ لِلْقِيمَةِ فَلْيَنْظُرْ لِوَجْهِ الصَّفْقَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مُخَالَفَةٌ لِلْقِيمَةِ) وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ مُوَافِقَةً لِلْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ الْعَقْدُ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَرَدَّ إلَخْ يَخْطِرُ أَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً، وَالْقِيمَةُ هُنَاكَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ الْمَرْجُوعِ فِيهَا، وَهُنَا الْمَرْجُوعِ بِهَا. (ص) وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَالْبَائِعُ وَالْأَجْنَبِيُّ يُوجِبُ الْغُرْمَ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يَفْسَخُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ وَالْأَجْنَبِيُّ يُوجِبُ الْغُرْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِمَا إذَا وَقَعَ التَّلَفُ مِنْهُمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّلَفُ مِنْهُمَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا أَيْ وَإِتْلَافِ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ لِمَبِيعٍ عَلَى الْبَتِّ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ يُوجِبُ عَلَى الْمُتْلِفِ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ، وَبِعِبَارَةٍ وَالْبَائِعُ يُوجِبُ الْغُرْمَ أَيْ لِلْمُشْتَرِي فِي زَمَانِ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءَ، وَقَوْلُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ يُوجِبُ الْغُرْمَ أَيْ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (ص) وَكَذَلِكَ إتْلَافُهُ (ش) صَوَابُهُ تَعْيِيبُهُ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّكْرَارِ، وَيَجْرِيَ عَلَى مَا سَبَقَ فَتَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ، وَالْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ أَيْ أَنَّ تَعْيِيبَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ لِمَا عَيَّبَهُ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيَغْرَمُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةَ، وَيُخَيَّرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ فَإِنْ تَمَاسَكَ دَفَعَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ، وَإِنْ رَدَّ أَخَذَهُ إنْ كَانَ دَفَعَهُ، وَإِلَّا سَقَطَ فَإِذَا قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ مَثَلًا قُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيَغْرَمُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةَ أَيْ نِسْبَةَ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ ثُمَّ يُخَيَّرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ، وَكَأَنَّهُ سِلَعٌ تَعَيَّبَ بَعْضُهَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سِلَعًا، وَعَيَّبَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، وَتُقَوَّمُ كُلُّ سِلْعَةٍ بِمُفْرَدِهَا، وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ إلَى الْجَمِيعِ، وَيَغْرَمُ مَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ، وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ لَكِنْ بَعْدَ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي، وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ أَوْ عَيَّبَ فَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ غَرِمَ لَهُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ غَرِمَ لَهُ الْأَرْشَ، وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُوجِبُ الْأَرْشَ.   [حاشية العدوي] يُقَالَ هَلْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ لِلْقِيمَةِ أَوْ لِلتَّسْمِيَةِ فَأَفَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَالْقِيمَةُ هُنَاكَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ الْمَرْجُوعِ فِيهَا) أَيْ الَّتِي كَانَتْ وَقَعَتْ ثَمَنًا، وَأَمَّا هُنَا فَهِيَ الْمَرْجُوعُ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْمَبِيعَةُ، وَالثَّمَنُ غَيْرُهَا. (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ) أَيْ لِمَا أَتْلَفَهُ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ، أَقُولُ وَحَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْته قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَهُوَ كَقَبْضِهِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ اهـ. فَالْحَمْدُ لِلَّهِ (قَوْلُهُ يُوجِبُ عَلَى الْمُتْلِفِ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْغُرْمَ لِلْمُشْتَرِي، وَيُفِيدُهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ أَيْ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ أَتْلَفَهَا هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ الْإِتْلَافَ يُوجِبُ الْغُرْمَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَا يَغْرَمُ، وَصَرَّحَ فِي الْجَوَاهِرِ بِغُرْمِ الْقِيمَةِ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ اهـ. فَتِلْكَ الْعِبَارَةُ ظَاهِرَةٌ فِي عَدَمِ التَّخْيِيرِ بِخِلَافِ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ وَهِيَ لِلَّقَانِيِّ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَيْ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَيَغْرَمُ لِلْبَائِعِ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ التَّمَسُّكَ فَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ قَبْضٌ لِمَا عَيَّبَهُ) أَيْ لِلْجُزْءِ الَّذِي عَيَّبَهُ، وَثَمَرَةُ ذَلِكَ دَفْعُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ رَادًّا لَهُ كَرَدَّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمَ أَرْشِ الْمَعِيبِ لِلْمُبْتَاعِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ فِي ضَمَانِهِ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَيْنَ الرَّدِّ كَمَا إذَا كَانَ بِسَمَاوِيٍّ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُوجِبُ الْأَرْشَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْمَبِيعُ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَمْ لَا، وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمُبْتَاعِ، وَبَعْضُ شُيُوخِنَا أَفَادَ أَنَّ مَعْنَى الْعِبَارَةِ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُوجِبُ الْأَرْشَ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَقُولُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ إلَخْ مَعْنَاهُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ أَيْ لِلْمُشْتَرِي إذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَأَمَّا إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ فَيَرُدُّ لَهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ ظَاهِرٌ فِي مَا يُوجِبُ الْأَرْشَ أَيْ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ الْإِمْضَاءَ، وَلِلْبَائِعِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ الرَّدَّ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَهَذَا عَلَى مَا قُلْنَا مِمَّا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا لِكَوْنِهِ الْمُنَاسِبَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَا فِي شَرْحِ شب الَّذِي ذَكَرَهُ فِي تَعْيِيبِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى أَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ فِي قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ إلَخْ الَّذِي صَوَّبَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِالتَّخْيِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَالْبَائِعُ وَالْأَجْنَبِيُّ يُوجِبُ الْغُرْمَ، وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا، وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غُيِّبَ أَوْ عُيِّبَ فَيَقْرَأُ عُيِّبَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ أَنَّ الْعَيْبَ حَصَلَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، وَبَعْدَ أَنْ كَتَبْت ذَلِكَ رَأَيْت عَنْ الْبِسَاطِيِّ مَا يُوَافِقُ مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ الْغُرْمُ بِدُونِ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي، وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ، وَإِتْلَافُ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ اهـ. وَقَدْ حَلَّهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ تَعْيِيبُ الْمَبِيعِ كَإِتْلَافِهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ ح وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ الطَّعَامَ الْمَجْهُولَ كَيْلُهُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ، وَتَأَمَّلْ فِي الْمَقَامِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 (ص) وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعُ صُبْرَةٍ عَلَى الْكَيْلِ فَالْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِيُوَفِّيَهُ، وَلَا خِيَارَ لَك (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَهْلَكَ الصُّبْرَةَ الَّتِي بَاعَهَا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ أَفَاتَهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْلَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِصُبْرَةٍ مِثْلِهَا عَلَى التَّحَرِّي لِيُوَفِّيَ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ يَتَمَسَّكَ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِثْلَ صُبْرَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا لَمْ يَظْلِمْ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى الْكَيْلِ بَلْ مِثْلُهُ الْوَزْنُ وَالْعَدَدُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا كَالْحِنَّاءِ، وَالْكَتَّانِ، وَالْعُصْفُرِ (ص) أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ هَلَكَتْ بِفِعْلِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةَ الْكَيْلِ أَوْ مَعْلُومَتَهُ فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا عَيْنًا لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا جُهِلَتْ مَكِيلَتُهُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ إذْ الْجُزَافُ مُقَوَّمٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ أَنَّا لَوْ أَغْرَمْنَا الْأَجْنَبِيَّ الْمِثْلَ لَكَانَ مُزَابَنَةً لِأَنَّهَا بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَالْغَالِبُ عَلَى الْبَائِعِ عِلْمُ مَكِيلَةِ مَا بَاعَهُ (ص) ثُمَّ اشْتَرَى الْبَائِعُ مَا يُوَفِّي فَإِنْ فَضَلَ فَلِلْبَائِعِ، وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي يَغْرَمُهَا الْأَجْنَبِيُّ يَأْخُذُهَا الْبَائِعُ فَيَشْتَرِي بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا طَعَامًا لِيُوَفِّيَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى حُكْمِ مَا اشْتَرَى مِنْهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِرُخْصٍ حَدَثَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَغْرَمَتْ، وَلَوْ أُعْدِمَ الْمُتَعَدِّي أَوْ ذَهَبَ فَلَمْ يُوجَدْ كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْتِوَاءٌ كَانَ لَهُ النَّمَاءُ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَظْلِمْ إذَا أَخَذَ مِثْلَ مَا اشْتَرَى، وَإِنْ نَقَصَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْوَفَاءِ لِغَلَاءٍ حَدَثٍ فَإِنَّ النَّقْصَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمَبِيعِ، وَاسْتِحْقَاقُ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ كَعَيْبِهِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ كَثِيرًا فَوْقَ الرُّبْعِ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ أَوْ التَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَيْ الرُّبْعَ فَأَقَلَّ لَزِمَهُ التَّمَاسُكُ بِمَا بَقِيَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَقَعَ عَمْدًا، وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْإِتْلَافُ خَطَأً لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَكُونُ كَالسَّمَاوِيِّ لَكِنْ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَمَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ، وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ نَبَّهَ عَلَى تَصَرُّفِهِ بِالْعِوَضِ فَغَيْرُهُ أَحْرَى بِقَوْلِهِ. (ص) وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا مُطْلَقَ الطَّعَامِ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالْفَوَاكِهِ الْمَأْخُوذَةِ بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا كُلَّ شَيْءٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ، وَبِعِبَارَةٍ وَجَازَ بَيْعُ مَا مُلِكَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمُعَاوَضَةِ كَمَا قَالَ وَأَمَّا تَقْدِيرُ مَا اشْتَرَى كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالْمُعَاوَضَةِ فِي الْمُسْتَثْنَى فَيَصِيرُ مُسْتَدْرَكًا، وَأَخْرَجَ بِهِ مَا أُخِذَ بِقَرْضٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَدَخَلَ فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَأْخُوذُ صَدَاقًا أَوْ فِي خُلْعٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُؤْخَذُ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ الْمِثْلِيِّ إذَا فَاتَ وَوَجَبَ مِثْلُهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَا أُخِذَ عَنْ مُتْلَفٍ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا بِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ عَلَى مَنْعِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي أَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَوُلَاةِ السُّوقِ وَالْكُتَّابِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَإِنْ أَهْلَكَ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْهَلَاكُ بِسَمَاوِيٍّ لَكَانَتْ مِنْ الْبَائِعِ، وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يُفْسَخُ، وَمِثْلُهُ الْخَطَأُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَهْلَكَ كَالْمُدَوَّنَةِ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ كَالْعَمْدِ أَيْ فَيَلْزَمُ الْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِأَنَّهُ كَالْخَطَأِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ آخِرًا فَإِنْ جَهِلَ هَلْ كَانَ مِنْ سَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ مُتْلِفٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَ مَا بَاعَ، وَإِنْ أَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي وَعُرِفَتْ مَكِيلَتُهَا غَرِمَ الثَّمَنَ فَإِنْ جُهِلَتْ لَزِمَهُ تَحَرِّيًا (قَوْلُهُ فَالْمِثْلُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ لَهُمَا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى تَرْكِ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ طَعَامًا أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ لَا لِلُزُومِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا وَجَبَ لَهُ الْمِثْلُ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الشِّرَاءُ بِهِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَهْلَكَ عَمْدًا، وَأَمَّا خَطَأً فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رُجُوعٌ بِمَا يُوَفِّي إذَا رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُخْطِئِ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ أَقُولُ الظَّاهِرُ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ بِهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِلَفْظِ أَهْلَكَ، وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ أَتْلَفَ، وَلَفْظُ أَتْلَفَ يُقَالُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ) أَيْ وَيَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ عَلِمَ مَكِيلَةَ مَا بَاعَهُ) وَهَذَا لَا يُنَافِي الرُّجُوعَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي ذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّ مَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ هُوَ عَيْنُ مَا فِي ذِهْنِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَى) أَيْ فَالْبَائِعُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْكِتَابِ، وَقِيلَ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أُغْرِمَتْ) أَيْ أُغْرِمَتْ لَهُ أَيْ فَصَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ فَإِذَا فَضَلَ شَيْءٌ فَازَ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْدَمَ إلَخْ) وَجْهٌ ثَانٍ لِكَوْنِ الْفَاضِلِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْتِوَاءٌ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ الْهَلَاكِ كَانَ لَهُ النَّمَاءُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ كَثِيرًا إلَخْ) بِأَنْ كَانَ الثُّلُثَ فَمَا فَوْقُ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ. [الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ إلَّا طَعَامَ الْمُعَاوَضَةِ مُطْلَقًا رِبَوِيًّا أَمْ لَا (قَوْلُهُ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا بِيعَ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ رَدَّ الْعِوَضِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ فِي فَوَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِمَثَابَةِ مَا أُخِذَ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ (قَوْلُهُ وَوُلَاةُ السُّوقِ) أَيْ وَأَصْحَابُ السُّوقِ أَيْ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ، وَكَذَا الْعُلَمَاءُ إنْ جَعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ تَعْلِيمِهِمْ لِلنَّاسِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ، وَلَا مَنْ اشْتَرَى عُلُوفَةً بِشُوَنٍ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ إذْ الْأَصْلُ أَنَّ السُّلْطَانَ وَضَعَهَا لِلصَّدَقَةِ، وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي تَعَدٍّ فَيَجُوزُ بَيْعُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 وَالْأَعْوَانِ وَالْجُنْدِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ (ش) وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ عَنْ أَمْرٍ وَاجِبٍ فَأَشْبَهَ الْإِجَارَةَ أَمَّا مَا أُخِذَ رِفْقًا وَصِلَةً عَلَى غَيْرِ عَمَلٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ عَمِلَ أَوْ لَا، وَمَا فُرِضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلُ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى قَاضٍ فَدَخَلَ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ (أُخِذَ بِكَيْلٍ) حَالٌ مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ صِفَةٌ لَهُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّعَامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ هُوَ مَا أُخِذَ بِكَيْلٍ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي أُخِذَ جُزَافًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ (ص) أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ أَيْ الْجُزَافُ الَّذِي فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَلَبَنِ أَغْنَامٍ بِأَعْيَانِهَا أَوْ لَبَنِ إبِلٍ بِأَعْيَانِهَا أَوْ لَبَنِ بَقَرٍ بِأَعْيَانِهَا اشْتَرَى جُزَافًا أَوْ ثَمَرٍ غَائِبٍ اشْتَرَى بِصِفَةٍ جُزَافًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ جُزَافًا، وَبِعِبَارَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ أَيْ أَوْ كَانَ كَلَبَنِ شَاةٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ أُخِذَ بِكَيْلٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ مُعَيَّنَاتٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى شَاةٍ عَمَلًا بِقَاعِدَتِهِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ مِنْ إدْخَالِ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَإِرَادَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ، وَشِرَاءُ اللَّبَنِ جُزَافًا جَائِزٌ بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا مُعَيَّنَةً، وَأَنْ تَكْثُرَ كَعَشَرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا لِلْغَرَرِ بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي لَبَنِ شَاتَيْنِ كَيْلًا مَعْلُومًا كَذَا، وَكَذَا قِسْطًا بِكَذَا. وَكَذَا دِرْهَمًا فِي إبَّانِ لَبَنِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَنْ يُعْرَفَ وَجْهُ حِلَابِهَا، وَلَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الضَّعِيفُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ قَوِيٍّ أَشَارَ لِلْقَبْضِ الْغَيْرِ الْكَافِي بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ إلَّا كَوَصِيٍّ لِيَتِيمَيْهِ (ش) لَيْسَ هَذَا مَعْطُوفًا عَلَى الْحَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ أُخِذَ بِكَيْلٍ بَلْ هُوَ حَالٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهَذَا الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَلَا قَبْضٍ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ وَدِيعَةٍ، وَشَبَهُهَا فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ غَيْرُ تَامٍّ بِدَلِيلِ أَنَّ رَبَّ الطَّعَامِ لَوْ أَرَادَ إزَالَتَهُ مِنْ يَدِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَبْضُ قَوِيًّا كَمَا فِي حَقِّ الْوَالِدِ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ طَعَامَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ وَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ عَلَيْهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ   [حاشية العدوي] كُلٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَصْلُ الشِّرَاءِ قَرَّرَهُ عج (قَوْلُهُ وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَوْلِ بِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ فَأَشْبَهَ الْعَطِيَّةَ (قَوْلُهُ وَمَا فُرِضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ مِثْلُ مَا فُرِضَ أَيْ كَأَنْ يَفْرِضَ حَاكِمٌ لِزَوْجَةِ عَالِمٍ مَثَلًا، وَالْكُتَّابُ كَرُمَّانٍ الْكَاتِبُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَرْزَاقِ الْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ) الْحَالِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَعْرِفَةٌ ظَاهِرٌ، أَوْ صِفَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ) وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَلَبَنِ أَغْنَامٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِشَاةٍ الْجِنْسَ، وَالْمُرَادُ شِيَاهٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَصْوِيرِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهُ فِي لَبَنِ شَاتَيْنِ مِنْ شِيَاهٍ عَشَرَةٍ مُعَيَّنَاتٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ شَاةٌ (قَوْلُهُ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْعِبَارَةِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَلَبَنِ شَاةٍ. (قَوْلُهُ كَأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ شِيَاهٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يُسْلِمَ فِي شَاةٍ أَيْ لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ شِيَاهٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَشِرَاءُ اللَّبَنِ إلَخْ) لَا مَا يَفْعَلُهُ الْفَلَّاحُونَ، وَيُسَمُّونَهُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ فَيَرْجِعُ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ بِمِثْلِ اللَّبَنِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِكُلْفَةِ الْبَهِيمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ عب، وَصُورَتُهَا أَنْ تَأْتِيَ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَتُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَتَأْخُذَ الْبَقَرَةَ تَأْخُذُ لَبَنَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَالْكُلْفَةُ مِنْ عِنْدِك (قَوْلُهُ كَذَا وَكَذَا قِسْطًا) أَيْ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قِسْطًا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَيْ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَثَلًا ثُمَّ إنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ خُصُوصَ كَوْنِ الْمَعْدُودِ مَعْطُوفًا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مَا يَشْمَلُ الْمُرَكَّبَ كَأَحَدَ عَشَرَ قِسْطًا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَأَنْ يَعْرِفَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ تَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ لَيْسَ هَذَا مَعْطُوفًا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِلْجَوَازِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ شَرْطٌ لِلِامْتِنَاعِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى كَرِزْقِ قَاضٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى عَدَمُ الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ جَازَ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ مُطْلَقِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ يَجُوزُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِهَذَا الْقَبْضِ) أَيْ الَّذِي مِنْ النَّفْسِ. (قَوْلُهُ وَشَبَهُهَا) أَيْ شَبَهُ الْوَدِيعَةِ أَيْ كَرَهْنٍ (قَوْلُهُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِسِّيٌّ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْقَبْضِ الْمَعْنَوِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ الْقَبْضُ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَبْضِ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ الْقَبْضُ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبْضُ السَّابِقُ الْحِسِّيُّ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ الَّذِي هُوَ مِنْ نَفْسِهِ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَلَا قَبْضٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الْقَبْضُ الْحِسِّيُّ قَوِيًّا لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا ضَعِيفًا (قَوْلُهُ وَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْبَيْعَ لِوَاحِدٍ، وَالشِّرَاءَ لِلْآخِرِ، وَقَوْلُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَيْ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ لِأَجْنَبِيٍّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 يَقْبِضَهُ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ فِي يَتِيمَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ بَعْضَ مُحْتَرَزَاتِ قُيُودِ الْمَنْعِ فَمِنْهَا قَيْدُ الْكَيْلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ بِالْعَقْدِ جُزَافٌ (ش) أَيْ، وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَيْعُ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ جُزَافًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْجُزَافِ الَّذِي لَيْسَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا مَا فِي ضَمَانِهِ فَكَالْمَكِيلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ، وَمِنْهَا قَيْدُ الْمُعَاوَضَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَكَصَدَقَةٍ (ش) أَيْ أَنَّ طَعَامَ الصَّدَقَةِ وَطَعَامَ الْقَرْضِ، وَمَا أَشْبَهَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ أَنْ يَتَوَالَى عُقْدَتَا بَيْعٍ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ هُنَا. (ص) وَبَيْعُ مَا عَلَى مُكَاتَبٍ مِنْهُ، وَهَلْ إنْ عَجَّلَ الْعِتْقَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى طَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ لِلْمُكَاتَبِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَهُ لِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَلْ مَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الطَّعَامِ مِنْهُ إنْ عَجَّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ بِأَنْ بَاعَ السَّيِّدُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا بَاعَهُ بَعْضَ النُّجُومِ وَأَبْقَى النُّجُومَ الْبَاقِيَةَ إلَى أَجَلِهَا، وَعَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ قَبْلَ قَبْضِ ذَلِكَ النَّجْمِ أَيْ، وَلَمْ يُعَجِّلْ الْعِتْقَ الْآنَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ الْجَوَازُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِذَلِكَ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ لِلْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ بَاعَهُ جَمِيعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ أَوْ نَجْمًا مِنْهَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ ثَابِتَةً فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يُحَاصِصُ بِهَا السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ فِي مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكِتَابَةِ مِنْ الْعَبْدِ نَفْسِهِ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ، وَلَا تُبَاعُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الطَّعَامِ، وَيُفْهَمُ كَوْنُ الْمُشْتَرِي لَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ الْمَعْنَى، وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمُكَاتَبِ، وَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَبِيعَ طَعَامٌ مِنْ كَوْنِ الْبَحْثِ فِيهِ. (ص) وَإِقْرَاضُهُ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ طَعَامَ الْمُعَاوَضَةِ يَجُوزُ إقْرَاضُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِذَا اشْتَرَيْت مِنْ إنْسَانٍ إرْدَبَّ حِنْطَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ أَنْ تُقْرِضَهُ لِشَخْصٍ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ فَلَمْ يُؤَدِّ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (ص) أَوْ وَفَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ طَعَامَ الْمُعَاوَضَةِ يَجُوزُ وَفَاؤُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عَنْ قَرْضٍ مَثَلًا عَلَيْك لِرَجُلٍ إرْدَبُّ حِنْطَةٍ مِنْ قَرْضٍ ثُمَّ اشْتَرَيْت إرْدَبًّا مِنْ الْحِنْطَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ أَنْ تُقْبِضَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَفَاءً عَنْ إرْدَبِّهِ الَّذِي عَلَيْك (ص) وَبَيْعُهُ لِمُقْتَرَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اقْتَرَضَ إرْدَبَّ حِنْطَةٍ مَثَلًا أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَسَوَاءٌ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْمُقْرِضِ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ، وَالْجَوَازُ مَحَلُّهُ إذَا اقْتَرَضَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا إنْ اقْتَرَضَهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ أَيْ جَازَ لِمُقْتَرَضِ طَعَامٍ غَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ فَلَيْسَ لِمُقْتَرَضِهِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَهُ (ص) وَإِقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ (ش) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِثَمَنِهِ مَا إذَا تَرَكَهُ بِثَمَنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ بَيْعٌ آخَرُ، وَمَا إذَا تَرَكَهُ هِبَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهَا حِلُّ بَيْعٍ لَا بَيْعَ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا غَابَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ الْجَمِيعِ لَوْ وَقَعَتْ فِي الْبَعْضِ جَازَتْ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِأَنْ بَاعَ السَّيِّدُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ) أَيْ أَنَّ التَّعْجِيلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَيْ مَبِيعِ الْجَمِيعِ سَبَبٌ فِي تَعْجِيلِ عِتْقِهِ كُلِّهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَبِيعَهُ جَمِيعَ النُّجُومِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِلَفْظِ الْعِتْقِ، الثَّانِي أَنْ يَبِيعَهُ بَعْضَ النُّجُومِ، وَلَكِنْ يُنَجِّزُ عِتْقَهُ عَلَى بَقَاءِ الْبَاقِي إلَى أَجَلِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ وَعَجَّلَ الْعِتْقَ إلَخْ) أَيْ لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ تُوجَدْ حُرْمَةُ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَلَا تُبَاعُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَعْنَى) وَهُوَ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ فَلَمْ يُؤَدِّ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ الْمَحْذُورِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْمُقْرِضِ) ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا بَاعَهُ لَهُمَا بِغَيْرِ طَعَامٍ، وَإِلَّا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِطَعَامٍ غَيْرِ يَدٍ بِيَدٍ، وَإِذَا بَاعَهُ لِمُقْرِضِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الْقَرْضِ إلَى مِثْلِ أَجَلِ السَّلَمِ وَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ عَنْ أَجَلِ السَّلَمِ لَمْ يَجُزْ إذْ الْقَرْضُ يُعَدُّ لَغْوًا بِاشْتِرَائِهِ لَهُ مِنْ الْمُقْتَرَضِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ دَفَعَ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا فِي طَعَامٍ مِثْلِ الْقَرْضِ صِفَةً وَقَدْرًا لِيَأْخُذَهُ بَعْدَ أَجَلِ الْقَرْضِ، وَهَذَا سَلَمٌ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْمُعَاوَضَةِ) أَرَادَ بِهِ مَا اقْتَرَضَهُ مِنْ رَبِّهِ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِهِ أَوْ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ أَرَادَ بِهِ مَا اقْتَرَضَهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَرَادَ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَخَذَهُ مِنْ مُشْتَرٍ فَيُقَالُ لَهُ طَعَامُ مُعَاوَضَةٍ قَبَضَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ التَّرْكِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ مِنْ الْجَمِيعِ أَنْ يَقُولَ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ شَخْصٍ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُوقِعَا الْإِقَالَةَ فِي جَمِيعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ التَّعْبِيرُ بِرَأْسِ الْمَالِ يَقْتَضِي قَصْرَهُ عَلَى السَّلَمِ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ (قَوْلُهُ غَابَ عَلَيْهِ) أَيْ غَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ طَعَامًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمَ إرْدَبًّا مِنْ الْحِنْطَةِ فِي قِنْطَارٍ مِنْ الْقُطْنِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ خُرُوجًا عَنْ الْمَوْضُوعِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ طَعَامٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ عَرْضًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 وَلَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الِامْتِنَاعُ لَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ مِنْ الْبَعْضِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالطَّعَامُ، وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُهُ بَيْعُ فِضَّةٍ نَقْدًا بِفِضَّةٍ وَعَرْضٍ إلَى أَجَلٍ وَبَيْعٌ وَسَلَفٌ مَعَ مَا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْإِقَالَةِ إذَا وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ عَلَى الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَتُمْنَعُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ (ص) وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شَيْئِك لَا بَدَنُهُ كَسِمَنِ دَابَّةٍ وَهُزَالِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ (ش) الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ مَا دَفَعْته ثَمَنًا لِلطَّعَامِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِذَا أَسْلَمْته الدَّابَّةَ مَثَلًا فِي طَعَامٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ تِلْكَ الدَّابَّةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَيْنِ الْمَدْفُوعِ ثَمَنًا، وَهُوَ بَاقٍ، وَأَمَّا إنْ تَغَيَّرَتْ الدَّابَّةُ فِي بَدَنِهَا كَمَا إذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ أَوْ هُزِلَ الْكَبِيرُ أَوْ سَمِنَ أَوْ قُلِعَتْ عَيْنُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيتُ الْإِقَالَةَ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الطَّعَامِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ بَيْعًا مُؤْتَنَفًا بِخِلَافِ لَوْ تَغَيَّرَتْ الْأَمَةُ الْمَدْفُوعَةُ ثَمَنًا فِي بَدَنِهَا بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيتُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنْهَا اللَّحْمُ، وَقَوْلُنَا بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ تَغَيَّرَتْ بِعَوَرٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ لَكَانَ ذَلِكَ مُفِيتًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ ثَمَنِك إلَى شَيْئِك لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْعَيْنُ أَيْ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ إذْ هِيَ الْغَالِبُ فِيهِ أَيْ وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شَيْئِك كَانَ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا. (ص) وَمِثْلُ مِثْلَيْك (ش) أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك بَائِعَك مِثْلَ ثَمَنِك الْمِثْلِيِّ الَّذِي دَفَعْته إلَيْهِ ثَمَنًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الطَّعَامِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بَدَنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ نَقْدًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ دَرَاهِمِهِ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ اسْتِرْجَاعَهَا بِعَيْنِهَا أَمْ لَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا الْعَيْنَ، وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (ش) لِأَنَّهُ لَمَّا قَبَضَهَا، وَصَارَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا أَعْطَاك مِثْلَهَا لَمْ يَظْلِمْك، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ الْخِطَابَ فِيمَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ فَالضَّمِيرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا لِلْبَائِعِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِثْلُ مِثْلَيْك فِي الثَّمَنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ نَصِّهَا، وَشَرَحَ بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ كَلَامَهَا فِي الْمُثَمَّنِ فَهُوَ فَرْعٌ آخَرُ (ص) وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ إلَّا فِي الطَّعَامِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرَابَحَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ، وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ، الْأُولَى فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْبَيْعِ بَلْ هِيَ فِيهِ حِلُّ بَيْعٍ فَلِذَا جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ آخَرَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ بَائِعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، الثَّانِيَةُ فِي الشُّفْعَةِ فَلَيْسَتْ فِيهَا بَيْعًا وَلَا حِلَّ بَيْعٍ بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ فَمَنْ بَاعَ شِقْصًا ثُمَّ أَقَالَ   [حاشية العدوي] لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَطْعِمَةَ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ أَحْضَرَ الْمِثْلَ عِنْدَ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ وَالطَّعَامُ وَغَيْرُهُ) أَيْ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا مَثَّلْنَا قَرِيبًا (قَوْلُهُ بَيْعُ فِضَّةٍ نَقْدًا) أَيْ وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ بِفِضَّةٍ) أَيْ وَهِيَ مُقَابِلُ الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَبَيْعٌ وَسَلَفُ الْبَيْعِ هُوَ مَا كَانَ فِي الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَالسَّلَفُ هُوَ مَا كَانَ فِي الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ مَعَ مَا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا وَوَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَعْضِ فَيَلْزَمُهُ أَنَّ الْمُسْلَمَ بَاعَ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا فِي الطَّعَامِ حَلَّ بَيْعٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا حَلًّا فِيمَا ثَبَتَ الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنْهَا اللَّحْمُ) وَالْعَبْدُ مِثْلُ الْأَمَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَا يُرَادُ مِنْ الرَّقِيقِ لِلْخِدْمَةِ كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ تَغَيَّرَتْ إلَخْ) وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ تَغَيَّرَتْ بِزِيَادَةٍ غَيْرِ السِّمَنِ كَالْوِلَادَةِ لَفَاتَتْ الْإِقَالَةُ بِذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ مِثْلَيْك) أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ مِثْلَيْك أَيْ كَأَنْ يَدْفَعَ لَك قِنْطَارًا مِنْ الْكَتَّانِ بَدَلَ قِنْطَارِك الَّذِي دَفَعْته لَهُ مِنْ الْكَتَّانِ فِي مُقَابَلَةِ إرْدَبٍّ مِنْ الْقَمْحِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَرُدّ عَلَيْك بَائِعُك) فِي شب الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ، وَفِي عب خِلَافُهُ لِأَنَّهُ قَالَ وَكَذَا طَعَامُ غَيْرِ السَّلَمِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقَوْلُهُ مِنْ الطَّعَامِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْمِثْلِيَّ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ فَيَجُوزُ التَّقَايُلُ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى بَدَنِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ مِثْلَيْك (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) وَنَصُّهُ قَوْلُهُ وَمِثْلُ مِثْلَيْك أَيْ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَيْك إلَّا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ لَا رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِهِ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ السَّلَمِ، الثَّانِي، وَكُلُّ مَا ابْتَعْته مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ فَقَبَضْته فَأَتْلَفْته فَجَائِزٌ أَنْ تُقِيلَ مِنْهُ وَتَرُدَّ مِثْلَهُ بَعْدَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهَلَاكِهِ، وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمِثْلُ حَاضِرًا وَتَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ) وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهَا فِيهِ أَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَلَا، وَأَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ) فَإِذَا وَقَعَتْ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فُسِخَتْ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْجُمُعَةِ حَتَّى فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُقِيلَ مِنْهُ بَائِعَهُ) أَيْ إنْ وَقَعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَإِنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ مِنْهُ فَبَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ. (قَوْلُهُ بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَتْ حَلَّ بَيْعٍ لَمْ تَثْبُتْ شُفْعَةٌ، وَفِي عج أَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا حَلًّا عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ هِيَ بَيْعٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 مُشْتَرِيهِ مِنْهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا، وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ، وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، الثَّالِثَةُ فِي الْمُرَابَحَةِ فَالْإِقَالَةُ فِيهَا حِلُّ بَيْعٍ فَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ أَقَالَ مِنْهَا لَمْ يَبِعْهَا ثَانِيًا إلَّا عَلَى عَشَرَةٍ. وَإِنْ بَاعَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ بَيَّنَ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقَالَةَ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيْعٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّبْيِينُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ يَكْرَهُ ذَلِكَ اهـ. ثُمَّ عَطَفَ بَقِيَّةَ الرُّخْصِ الَّتِي سَبِيلُهَا الْمَعْرُوفُ عَلَى الرُّخْصَةِ الْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ وَإِقَالَةٌ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَوْلِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْلِيَةَ تَجُوزُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْإِقَالَةِ فِيهِ، ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ تَصْيِيرُ مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَهِيَ فِي الطَّعَامِ غَيْرُ جُزَافٍ قَبْلَ كَيْلِهِ رُخْصَةٌ، وَشَرْطُهَا كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا (ص) وَشَرِكَةٌ (ش) أَيْ وَجَازَ شَرِكَةٌ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِيَ هُنَا جَعْلُ مُشْتَرٍ قَدْرَ الْغَيْرِ بَائِعَهُ بِاخْتِيَارِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَوْلُهُ هُنَا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْمُتَرْجَمِ عَنْهَا بِكِتَابِ الشَّرِكَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هُنَا إلَى فَصْلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَهُمَا، وَقَوْلُهُ قَدْرًا أَخْرَجَ بِهِ التَّوْلِيَةَ فَإِنَّهَا فِي جَمِيعِ الْمُشْتَرَى، وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ شِقْصٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ مِنْ يَدِهِ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ جَعْلُ الْمُشْتَرِي قَدْرًا لِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَقَوْلُهُ لِنَفْسِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بِنَصٍّ، وَقَوْلُهُ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِدِينَارٍ ثُمَّ جَعَلَ لِأَجْنَبِيٍّ فِيهَا الرُّبْعَ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ شَرِكَةٌ هُنَا. وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ فِي جَوَازِ الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّهَا أَشْبَهَتْ الْقَرْضَ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَإِقَالَةٍ» ، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ قَوْلَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك) رَاجِعٌ لِلتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ مَعًا أَيْ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَنْ يَنْقُدَ الْمَوْلَى أَوْ الْمُشْرِكُ عَنْك جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ حِصَّتَك مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ مِنْهُ لَك أَمَّا رُجُوعُهُ لِلشَّرِكَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلتَّوْلِيَةِ فَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ يَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فَيُفْلِسَ الْمُشْتَرِي أَوْ بِعَدَمٍ فَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ الثَّمَنَ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ لِلشَّرْطِ فِي التَّوْلِيَةِ فَائِدَةً، وَيُشْتَرَطُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّعَامُ الْمَقَالُ مِنْهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (ص) وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا فِيهِمَا (ش) أَشَارَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي التَّوْلِيَةِ، وَشَرْطُهَا كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا، وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ كَذَلِكَ، وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا أَيْ عَقْدُ الْمُولِي وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَحُكْمُ الْإِقَالَةِ فِي هَذَا حُكْمُهُمَا قَدْرًا، وَأَجَلًا، وَحُلُولًا، وَرَهْنًا، وَحَمِيلًا   [حاشية العدوي] فِي الْجُمْلَةِ فَكَانَتْ بَيْعًا فِي الْجُمْلَةِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وَكَانَتْ حَلَّ بَيْعٍ فِي الْجُمْلَةِ لِكَوْنِ الْعُهْدَةِ فِيهَا عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَيَكْتُبُ الْوَثِيقَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْبَائِعُ لَهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ يَكْرَهُ ذَلِكَ) فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً إلَّا مَعَ الْبَيَانِ، وَلَوْ عَلَى الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَيَانُ إذَا بَاعَ عَلَى الْعَشَرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ كَثْرَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ إلَى فَصْلِ الْإِقَالَةِ إلَخْ) أَيْ مَسَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبَّرَ عَنْهَا بِفَصْلٍ (قَوْلُهُ نِصْفُ شِقْصٍ) أَيْ اشْتَرَى نِصْفَ حِصَّةِ زَيْدٍ فِي دَارٍ كَالرُّبُعِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ أَيْ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَهُوَ الثُّمْنُ، وَقَوْلُهُ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّفِيعَ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ صَاحِبُ النِّصْفِ الثَّانِي وَالْمُسْتَحِقُّ فَلَا يَبْقَى بِيَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ فَلَا يُقَالُ جَعَلَ الْمُشْتَرِي قَدْرًا لِغَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ فَيَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهُ جَعَلَ قَدْرًا لِغَيْرِهِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّسَمُّحِ، وَلَا يَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّفِيعِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ شِقْصٍ إلَخْ لَا يَظْهَرُ ذِكْرُهُ هُنَا لِأَنَّهُ قَالَ فِي صَدْرِ التَّعْرِيفِ، وَهِيَ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهَا أَشْبَهَتْ الْقَرْضَ لَكِنْ الْوَجْهُ بِاعْتِبَارِهِ بِمَعْنَى الدَّلِيلِ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقُ، وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُسَاعِدُهُ نَقْلٌ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ إلَخْ) فَإِذَا أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ فَيَصِحُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ يَجْرِي فِي غَيْرِ الطَّعَامِ، وَلَكِنْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالطَّعَامِ (قَوْلُهُ قَدْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فَفِيهِ سَلَفُ ابْتِدَاءٍ، وَبَيْعُ انْتِهَاءٍ، وَقَوْلُهُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ لِلشَّرْطِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك، وَقَوْلُهُ فَائِدَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُوَلِّيَ بِالْكَسْرِ قَدْ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ لِعَدَمِهِ أَوْ تَفْلِيسِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَالًا، وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ، وَقَدْ تَخْتَلِفُ فَيُؤَدِّي إلَى اخْتِلَافِ الثَّمَنِ فَصَارَ اسْتِوَاءُ الْعَقْدَيْنِ مُسْتَلْزِمًا لِكَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا، وَقَوْلُهُ وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ كَذَلِكَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا لَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ: وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا رُجُوعٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا إلَخْ، وَلَوْ كَانَ بِصُورَةِ أَلِفٍ بَعْدَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ قَدْرًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا أَيْ اسْتَوَى عَقْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ظَاهِرَةٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَالْمُمْكِنُ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِي الْإِقَالَةِ إلَّا الْقَدْرُ، وَلَا يُعْقَلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 إنْ كَانَ. وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِوَجْهٍ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَجُوزُ إنْ كَانَ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مُنِعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ أَشْهَبَ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ أَيْ قَوْلُ أَشْهَبَ أَحْسَنُ إذَا كَانَ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ اهـ. (ص) وَإِلَّا فَبَيْعٌ كَغَيْرِهِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اشْتَرَطَ الْمُولِي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ النَّقْدَ عَلَى الْمَوْلَى، وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ أَوْ اخْتَلَفَ الْعَقْدَانِ فِي النَّقْدِ وَالتَّأْجِيلِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ لَمْ تَجُزْ الشَّرِكَةُ، وَلَا التَّوْلِيَةُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَصَارَ بَيْعًا، وَبَطَلَتْ الرُّخْصَةُ فِي الثَّلَاثَةِ فَإِنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ الْبَيْعِ، وَانْتَفَتْ مَوَانِعُهُ فَبَيْعٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ أَوْ حَصَلَ مَانِعٌ كَعَدَمِ الْقَبْضِ فَبَاطِلٌ (ص) ، وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنَ (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ فَفَاعِلُ ضَمِنَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ لِلْمُشْرِكِ فَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَالصَّوَابُ ضَمِنَ الْمُشْرَكُ؛ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَشْرَكَ الرُّبَاعِيِّ بِحَذْفِ التَّاءِ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ السَّلَمِ، وَإِنْ ابْتَعْت سِلْعَةً بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى أَشْرَكْت فِيهَا ثُمَّ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْرِكِ أَوْ ابْتَعْت طَعَامًا فَاكْتَلْته ثُمَّ أَشْرَكْت فِيهِ رَجُلًا فَلَمْ تُقَاسِمْهُ حَتَّى هَلَكَ الطَّعَامُ فَضَمَانُ ذَلِكَ مِنْكُمَا، وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ اهـ. وَلَيْسَ فِيهَا نَصٌّ عَلَى التَّصْدِيقِ بِوَفَاءِ الْكَيْلِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْمُشْرَكُ الْحِصَّةَ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ فِي الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ. (ص) وَطَعَامًا كِلْته، وَصَدَّقَك (ش) يُشِيرُ بِهِ لِقَوْلِهَا فِي السَّلَمِ الثَّانِي، وَإِنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي مُدَّيْ حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ أَجَلُهُ قُلْت لَهُ: كِلْهُ فِي غَرَائِرِك أَوْ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِك أَوْ فِي غَرَائِرَ دَفَعْتهَا إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ كِلْته، وَضَاعَ عِنْدِي فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي هَذَا ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ مَالِكٌ، وَلَا يَبِيعُهُ بِذَلِكَ الْقَبْضِ، ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَنَا أَرَاهُ ضَامِنًا لِلطَّعَامِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى كَيْلِهِ أَوْ تُصَدِّقُهُ أَنْتَ فِي الْكَيْلِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ لِأَنَّهُ لَمَّا اكْتَالَهُ صِرْت أَنْتَ قَابِضًا لَهُ اهـ. فَقَوْلُهُ، وَطَعَامًا إلَخْ عَلَى هَذَا لَيْسَ فِي طَعَامِ الشَّرِكَةِ، وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ هُوَ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ شُمُولَهُ لَهُمَا،. وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ الشَّرِكَةِ فِي كَلَامِهِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ التَّشْرِيكِ فَقَالَ (ص) وَإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ، وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَى النِّصْفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَشْرَكَ شَخْصًا فِيمَا بِيَدِهِ بِأَنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْ النِّصْفِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي شَرِكَتِهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا تَرْجِيحَ فِيهِ لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْوِيبِ كَلَامِهِ بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ مِنْ، وَإِنْ أَطْلَقَ إذْ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ حَمْلَهُ عَلَى النِّصْفِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ. (ص) وَإِنْ سَأَلَ ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا فَلَهُ الثُّلُثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا سَأَلَ مِنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا عَبْدًا أَنْ يُشْرِكَاهُ فِي الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى، وَسَأَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ سَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا وَقَالَ أَشْرِكَانِي وَاسْتَوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا كَانَ لَهُ الثُّلُثُ مِمَّا أَشْرَكَاهُ فِيهِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا أَشْرِكْنِي فَلَهُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ   [حاشية العدوي] فِيهَا الرَّهْنُ مِنْ كُلٍّ، وَالْحَمِيلُ مِنْ كُلٍّ، وَلَا يَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْأَجَلِ أَيْ بِحَيْثُ نَقُولُ إنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجَلٍ يَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي حَالًّا يَنْقَلِبُ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ حَالًّا، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ، وَكَذَا الْمُتَقَدِّمَةُ أَوَّلَ الدَّرْسِ قَالَ فِي ك، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ عَيْنًا يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا اهـ، وَمُفَادُ عب وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعُمُومِ، وَضَعْفُ هَذَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يُؤَدِّي لِعَدَمِ اسْتِوَاءِ الْعَقْدَيْنِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَنْضَبِطُ (قَوْلُهُ مَنَعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) فِي ك وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ عَيْنًا أَنَّ هَذَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَفَّرَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى التَّسَامُحُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ مِمَّا تَقَدَّمَ وُجُودُ الْمَانِعِ، وَهُوَ عَدَمُ الْقَبْضِ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ الْمُعَيَّنُ) وَهُوَ الْحِصَّةُ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ بِالشَّرِكَةِ فَقَطْ فَيَرْجِعُ الْمُشْرَكُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهَا نَصٌّ عَلَى التَّصْدِيقِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ مُدَّيْ) الْمُدُّ وَزْنُ قُفْلٍ مِكْيَالٌ يَسَعُ تِسْعَةَ عَشَرَ صَاعًا (قَوْلُهُ هُوَ فِي طَعَامِ الشَّرِكَةِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَوْ ابْتَعْت طَعَامًا إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ) (فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا قُيِّدَ بِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَحْتَاجُ حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِالِاحْتِيَاجِ يَقُولُ إنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النِّصْفِ، وَإِنْ قَيَّدَ بِالثُّلُثِ مَثَلًا أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ إذَا قَيَّدَ بِثُلُثِ مَثَلًا بَلْ، وَإِنْ أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَشْرِكَانِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ سَأَلَ كُلٌّ وَاحِدًا مُنْفَرِدًا، وَقَوْلُهُ وَاسْتَوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ وَسَأَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ، وَقَالَ أَشْرِكَانِي أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَشْرِكْنِي فَظَهَرَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا) هَذَا يَأْتِي فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ مُجْتَمَعَيْنِ، وَمُنْفَرِدَيْنِ أَفْرَدَ أَوْ ثَنَّى، وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَيْ أَوْ اتَّحَدَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا، وَقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا أَشْرِكْنِي فَظَهَرَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ النَّشَرْتِيُّ فِي شَرْحِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 وَاحِدٍ نِصْفُهُ فَلَوْ كَانَا بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ لَكَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ وَنِصْفُ الثُّلُثَيْنِ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ، وَلِلْأَوَّلِ السُّدُسُ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ النِّصْفُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّبْعُ قَالَهُ سَنَدٌ. (ص) وَإِنْ وَلَّيْت مَا اشْتَرَيْت بِمَا اشْتَرَيْت جَازَ إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ وَلَّاهَا لِشَخْصٍ بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا لَهُ، وَلَا ثَمَنَهَا أَوْ ذَكَرَ لَهُ أَحَدَهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ، وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى، وَعَلِمَ الثَّمَنَ، وَسَوَاءٌ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ صِفَةِ الْعَرْضِ بِعَيْنِهِ أَوْ الْحَيَوَانِ، وَنَحْوِهِ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَالْمِثْلِيُّ حَاضِرٌ عِنْدَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ عَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى الْإِلْزَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَسَدَ فِي صُورَتَيْ الْإِلْزَامِ وَالسُّكُوتِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ جَازَ إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ، وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي الْبَلَدِ، وَهَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّوْلِيَةَ رُخْصَةٌ فَيُتَسَامَحُ فِيهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ (ص) وَإِنْ رَضِيَ بِأَنَّهُ عَبْدٌ ثُمَّ عَلِمَ بِالثَّمَنِ فَسَّرَهُ فَذَلِكَ لَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ الْمَوْلَى بِالْفَتْحِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي وَلَّاهُ مُبْتَاعُهُ عَبْدٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِثَمَنِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالثَّمَنِ فَكَرِهَهُ لِغَلَائِهِ مَثَلًا فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ يَلْزَمُ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَرْضَى (ص) وَإِلَّا ضِيقُ صَرْفٍ ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ ثُمَّ تَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ فِيهِ ثُمَّ إقَالَةُ عُرُوضٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَضْيَقَ الْأَبْوَابِ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ الصَّرْفُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ التَّأْخِيرُ وَلَوْ قَرِيبًا أَوْ غَلَبَةً ثُمَّ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ يُرِيدُ مَنْ سَلَّمَ فَإِنَّهُ يَلِي الصَّرْفَ فِي الضَّيِّقِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا فِيهِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى بَيْتِهِ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ لِيَأْتِيَ بِهِ، وَالْعِلَّةُ فِي مَنْعِ التَّأْخِيرِ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي طَعَامِ السَّلَمِ الْمُوَلَّى فِيهِ أَوْ الْمُشْرَكِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الثَّمَنِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ بِشَرْطٍ فِي الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّوْلِيَةِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ. وَمُقْتَضَى كَوْنِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ أَوْسَعَ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِمَا تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِيمَا قَارَبَ الْيَوْمَ مَثَلًا، وَعِلَّةُ مَنْعِ التَّأْخِيرِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ الْمُسْلَمِ فِيهَا وَتَأْخِيرُهُ أَيْضًا حَيْثُ دَخَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفَسَخَهُ فِيمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَبِعِبَارَةٍ يَعْنِي أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الْعُرُوضِ مِنْ سَلَمٍ أَوْسَعُ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ يُرِيدُ، وَالْمِثْلِيُّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي غَيْرِهِ، وَالْمِثْلُ بِدُونِ يَاءٍ أَيْ وَمِثْلُ الثَّمَنِ حَاضِرٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا، وَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعٌ إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَقَدْ بَاعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ إلَخْ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا قُلْت ذَلِكَ فِي التَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا فِيهِ بَعْدَهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ أَوْ تَوَلَّيْتُك سِلْعَةً لَمْ تَذْكُرْهَا أَوْ ثَمَنَهَا بِإِلْزَامٍ، وَصَرَّحَ بِهَا هُنَا لِأَنَّهَا مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ مُخَاطَرَةٌ) أَيْ غَرَرٌ، وَقَوْلُهُ وَقِمَارٌ أَيْ مُغَالَبَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْبَلَدِ هَذَا مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ إلَخْ) أَوْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْمُثْمَنِ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ بِأَحَدِ الْعِوَضَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْآخَرِ فَكَرِهَ، وَيَحْتَمِلُ بِأَنَّهُ أَيْ الثَّمَنَ عَبْدٌ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُهُ فَكَرِهَ فَذَلِكَ لَهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَذْهَبَ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَيْ يَذْهَبَ إلَى بَيْتِهِ، وَظَاهِرُهُ قُرْبُ بَيْتِهِ أَوْ بُعْدٌ، وَقَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَيْ فَسْخِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي النَّقْدِ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ لَهُ رَأْسَ مَالٍ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَلَمْ لَمْ يَكُنْ فِي مَرْتَبَتِهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى لِكَوْنِهِ مَدْخُولًا عَلَيْهِ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَازِمٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَمَّا قَارَنَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَوِيَ فَارْتَفَعَتْ مَرْتَبَتُهُ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَنْهُ، فَإِنْ قِيلَ الْإِقَالَةُ فِي الطَّعَامِ لَيْسَتْ بَيْعًا فَكَيْفَ قَالَ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْإِقَالَةَ لَمَّا قَارَنَهَا التَّأْخِيرُ عُدَّتْ بَيْعًا مِنْ ك (قَوْلُهُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الثَّمَنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الضِّيقَ وَالسَّعَةَ بِاعْتِبَارِ الْخِلَافِ وَعَدَمِهِ، وَلَيْسَ هَذَا مُتَبَادِرًا مِنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الضِّيقَ بِاعْتِبَارِ التَّوْسِعَةِ فِي الزَّمَنِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّأْخِيرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِدُونِ شَرْطٍ فَيَكُونُ أَوْسَعَ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَوْسَعَ مِنْهُ قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ، وَهِيَ لَا تُنَاسِبُ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَذَلِكَ عَدَلَ الشَّارِحُ إلَى مَا يُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فِيمَا قَارَبَ الْيَوْمَ مَثَلًا، وَيُرَادُ بِمَا قَارَبَ الْيَوْمَ جُلُّهُ، وَيُرَادُ بِالْيَوْمِ تَمَامُ الْيَوْمِ. (قَوْلُهُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ) أَيْ عَدَمُ أَخْذِهِ نَاجِزًا مِنْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ وَالْمُشْرَكِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) يُقَالُ إذَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَمْ لَا يَكُونُ فِي مَرْتَبَتِهِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ، وَقَوْلُهُ بَيْعُ الدَّيْنِ أَيْ بَيْعُ الطَّعَامِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ وَالْمُشْرَكِ (قَوْلُهُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ الْمُسْلَمِ فِيهَا) أَيْ عَدَمُ أَخْذِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَاجِلًا (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُ أَيْضًا) أَيْ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ أَيْ ثَمَنِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ أَوْسَعَ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ) بِحَيْثُ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ يَوْمًا وَنِصْفًا هَذَا مُقْتَضَى كَوْنِهِ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهُ، وَأَضْيَقَ مِمَّا بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ لَمْ يُضَيِّقْ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 الشَّارِعَ لَمْ يُضَيِّقْ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ كَمَا ضَيَّقَ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَصْلُهُ بَيْعُ الْعُرُوضِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ فَهُوَ أَيْضًا أَوْسَعُ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الذِّمَّةِ كَبَيْعِ الْعَرْضِ مِنْ سَلَمٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ. وَعَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَأَخَّرَ ثَمَنُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ، وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ فِي تِلْكَ الْأَبْوَابِ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ، وَالْخِلَافُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ قَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ مَا عَدَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ   [حاشية العدوي] التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ قَدْ جُوِّزَ فِيهِمَا تَأْخِيرُ يَوْمٍ فَقَطْ فَيَكُونُ هُنَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ كَيَوْمٍ وَنِصْفٍ فَقَطْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ الَّذِي بَعْدَهُ يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرُ يَوْمَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ بَيْعُ الْعُرُوضِ) بِمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَ الْمَفْسُوخَ كَانَ عَرْضًا فَسَخَهُ فِي غَيْرِهِ فَمَعْنَى الْأَصَالَةِ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَيْعِ الْعُرُوضِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَفْسُوخُ عَرْضًا، وَقَوْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ إلَخْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُتَرَتِّبَ فِي الذِّمَّةِ كَانَ عَرْضًا انْتَقَلَ مِنْهَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ الَّذِي هُوَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ. (قُلْت) وَمُسَاوٍ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ أَيْضًا أَوْسَعُ إلَخْ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْفَسْخُ الْمَذْكُورُ مُسَاوِيًا لِلْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الْعُرُوضِ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ الْفَسْخُ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ لَازِمَ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ لَازِمٌ لِلْمُسَاوِي الْآخَرِ ثُمَّ نُخْبِرُك أَنَّ ابْنَ فُجْلَةَ اعْتَرَضَهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ فَسْخِ الدَّيْنِ أَوْسَعَ مِمَّا قَبْلَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مَعَ أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِهِ إلَّا بِقَدْرِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْبَيْتِ، وَيَنْقُلَهُ، وَلِذَلِكَ شَرَحَ عب فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ الدَّيْنُ مَا نَصُّهُ أَيْ وَمُنِعَ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفَسَخَهُ فِيمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إلَّا مَا كَانَ يَسِيرًا بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِمَنْ يَحْمِلُهُ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا كَثِيرًا جَازَ أَيْضًا مَعَ اتِّصَالِ الْعَمَلِ وَلَوْ شَهْرًا قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ لَا إنْ كَانَ غَائِبًا فَيُمْنَعُ، وَقَالَ ق وَيَجُوزُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَوَابِّهِ أَوْ بِمَا يَحْمِلُ فِيهِ مَا يَأْخُذُهُ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَرَكَ بَقِيَّةَ الْكَيْلِ لِيَوْمٍ آخَرَ أَقُولُ، وَلِذَلِكَ قَرَّرَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّوْسِعَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لِدَاعِي النَّقْلِ فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ دَاعٍ لَا يَكُونُ أَوْسَعَ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ التَّأْخِيرَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِ النَّقْلِ. وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ يَجُوزُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَنْ يَأْتِيَ بِالثَّمَنِ مِنْ دَارِهِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَيَجُوزُ فِي التَّوْلِيَةِ، وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ الْيَوْمَ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ، وَيَجُوزُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ مِنْ سَلَمٍ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِمَنْ يَحْمِلُهُ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا كَثِيرًا جَازَ أَيْضًا مَعَ اتِّصَالِ الْعَمَلِ، وَلَوْ شَهْرًا، وَبَيْعُ الدَّيْنِ يَجُوزُ فِيهِ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ، وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ اهـ. (قَوْلُهُ وَعَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَذَا وَكَذَا، وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا كَلَامُهُمْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرَهُ أَوَّلًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ أَوَّلًا يُفِيدُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ، وَأَمَّا هَذَا الَّذِي قَدْ جَعَلَهُ الْمَشْهُورَ فَلَيْسَ فِيهِ تَوْسِعَةٌ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ بَلْ التَّوْسِعَةُ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ يَقُولُ إنَّ التَّوْسِعَةَ فِي الزَّمَنِ فِي إقَالَةٍ الْعُرُوضِ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِالتَّوْسِعَةِ فِي الزَّمَنِ فِي التَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ، وَإِنْ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الضَّعْفِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَسُوقَهُ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَقُولُ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّوْسِعَةَ فِي الزَّمَنِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ لَا بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ لِأَنَّ مَا عَدَا الصَّرْفَ، وَابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اشْتَرَكَتْ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَّا بِقَدْرِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ قَوِيٌّ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ أَنْ لَا يُخَصِّصَ الْقُوَّةَ بِإِقَالَةِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّ الْقُوَّةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِهَا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَجُوزُ إلَخْ وَالشَّارِحُ تَبِعَ الْفِيشِيَّ، وَعِبَارَةُ الْفِيشِيِّ أَحْسَنُ، وَنَصُّهُ وَقَالَ ق أَيْ اللَّقَانِيِّ الْمَشْهُورُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ مَا عَدَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالضِّيقِ وَالسَّعَةِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الْعُرُوضِ قَوِيٌّ، وَالتَّأْخِيرُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ، وَمَا بَعْدَهُ فِي الثَّمَنِ أَيْ ثُمَّ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ إلَخْ اهـ. أَقُولُ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ مَا عَدَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كُلُّهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَا عَدَا الصَّرْفَ مُسَاوٍ لِلصَّرْفِ، وَلَا يَظْهَرُ بَلْ يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ بِلَصْقِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إلَخْ فَالْأَحْسَنُ لَفْظُ الْحَطَّابِ حَيْثُ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَضْيَقَ هَذِهِ الْأُمُورِ الصَّرْفُ وَأَوْسَعُهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ. وَأَنَّهُ يَضُرُّ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ قَالَ شب وَعَلَى هَذَا فَلَا يُغْتَفَرُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ وَإِقَالَةِ الْعُرُوضِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إلَّا مَا يُغْتَفَرُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مِنْ التَّأْخِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ الذَّهَابُ إلَى الْبَيْتِ، وَالْحَوَالَةُ بِهِ فَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي هُنَا فَإِنَّهَا مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ. وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ لشب هُوَ كَلَامُ الْمَوَّاقِ الْقَائِلِ يَجُوزُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَوَابِّهِ أَوْ بِوِعَاءٍ يَحْمِلُ فِيهِ مَا يَأْخُذُ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَرَكَ بَقِيَّةَ الْكَيْلِ لِيَوْمٍ آخَرَ. اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرْفَ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِ لَا بِالذَّهَابِ لِلْبَيْتِ، وَلَا لِغَيْرِهِ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ غَيْرِ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِ بِقَدْرِ النَّقْلِ، وَتَتِمُّ لَك الْفَائِدَةُ بِذِكْرِ مَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي يُقْبَضُ مِنْ سَلَمٍ أَوْ لَا فَلَوْ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ التَّوْلِيَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 بِالدَّيْنِ، وَعَلَى هَذَا فَأَضْيَقُ الْأَبْوَابِ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ الصَّرْفُ، وَأَوْسَعُهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى بَيْعِ مُسَاوَمَةٍ وَاسْتِمَانَةٍ وَمُزَايَدَةٍ وَمُرَابَحَةٍ فَالْأَوَّلُ بَيْعٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثَمَنُ مَبِيعِهِ الْمَعْلُومِ قَدْرُهُ عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَنٍ فِي بَيْعٍ قَبْلَهُ إنْ الْتَزَمَ مُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ لَا عَلَى قَبُولِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُهُ إنْ الْتَزَمَ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ، وَالثَّانِي بَيْعٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى صَرْفِ قَدْرِ ثَمَنِهِ لِصَرْفِ عِلْمِ أَحَدِهِمَا، وَالثَّالِثُ، وَهُوَ تَعْرِيضُ السِّلْعَةِ لِلسَّوْمِ لِمَنْ يَزِيدُ، وَالرَّابِعُ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ بَيْعٌ مُرَتَّبٌ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ مَبِيعٍ تَقَدَّمَهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُزَايَدَةِ وَالِاسْتِيمَانِ، وَبِالثَّانِي الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشُّفْعَةُ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى كَوْنِهِ بَيْعًا لَكِنْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ فَقَالَ عَطْفًا عَلَى جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ، أَوْ عَلَى وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اسْتِئْنَافٌ (فَصْلٌ وَجَازَ مُرَابَحَةٌ) (ش) أَيْ وَجَازَ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ أَيْ الْمُرَابَحَةُ فِيهِ، وَمُرَابَحَةٌ مُفَاعَلَةٌ، وَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا لِأَنَّ الَّذِي يَرْبَحُ إنَّمَا هُوَ الْبَائِعُ فَهَذَا مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْوَاحِدَةِ كَسَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ أَوْ أَنَّ مُرَابَحَةً بِمَعْنَى إرْبَاحٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَرْبَحَ الْآخَرَ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا بِتَكَلُّفٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَرْبَحَ الْبَائِعَ، وَلَا كَلَامَ، وَهُوَ لَا يَأْخُذُ السِّلْعَةَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا إلَّا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ مَثَلًا أَيْ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا تَزِيدُ فَقَدْ أَرْبَحَهُ الْبَائِعُ أَيْضًا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) يُرِيدُ الْمُسَاوَمَةَ إلَى قَوْلِهِ فِي   [حاشية العدوي] أَوْ الشَّرِكَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي كُلٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِزَمَنٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْعُرُوضِ أَنْ تَكُونَ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ التَّعْلِيلُ بِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ وَلَوْ سَنَةً، وَلِذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابُ تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْعَرْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ ابْتَعْت مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِعَيْنِهَا، وَنَقَدْته ثَمَنَهَا ثُمَّ أَقَلْته، وَافْتَرَقْتُمَا عَلَى أَنْ تَقْبِضَ رَأْسَ مَالِك أَوْ أَخَّرْته إلَى سَنَةٍ جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَادِثٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَاسْتِنَامَةٌ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِسِينٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ، وَأَصْلُ الشَّارِحِ وَاسْتِنَامَةٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ، وَكَذَا فِي الْفِيشِيِّ، وَعِبَارَةُ شب، وَالِاسْتِيمَانُ بِالتَّاءِ وَالْيَاءِ بِدُونِ هَاءٍ فِي الْآخِرِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَالِاسْتِنَامَةُ بِالنُّونِ قَبْلَ الْأَلِفِ وَالْمِيمِ بَعْدَهَا هَكَذَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالتَّنْبِيهَاتِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ صَحِيحٌ لَفْظًا وَمَعْنًى قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَاسْتَنَامَ إلَيْهِ أَيْ سَكَنَ إلَيْهِ وَاطْمَأَنَّ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ، وَاسْتَنَامَ إلَى الرَّجُلِ اسْتَأْنَسَ إلَيْهِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَعْنَى الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِيمَانِ، وَيَقَعُ فِي بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ الِاسْتِمَانَةُ بِالْمِيمِ قَبْلَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ بَعْدَهَا كَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ، وَهُوَ وَهْمٌ وَتَصْحِيفٌ تَأْبَاهُ صِنَاعَةُ التَّصْرِيفِ لِمَا عُلِمَ مِنْ اخْتِصَاصِ بَابِ الِاسْتِعَاذَةِ بِالْأَجْوَفِ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ الِاسْتِيمَانُ عَلَى وَزْنِ الِاسْتِفْعَالِ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ كَالِاسْتِدْخَالِ وَالِاسْتِخْرَاجِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الصَّحِيحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ الِاسْتِمَانَةُ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ فَقَدْ حُذِفَ فَاؤُهُ الصَّحِيحَةُ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِعَاذَةِ، وَبَابُهَا مِمَّا حُذِفَتْ عَيْنُهُ الْمُعْتَلَّةُ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ اهـ. (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ) لِأَنَّهُ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ هُوَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ يَزِيدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صَرْفِ) أَيْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَوَجُّهِ قَدْرِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ لِصَرْفِ عِلْمٍ الْمُنَاسِبُ حَذْفُ صَرْفِ، وَيَقُولُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ لِعِلْمِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ تَعْرِيضُ السِّلْعَةِ) أَيْ ذُو تَعْرِيضٍ أَيْ عُقْدَةٍ احْتَوَتْ عَلَى تَعْرِيضٍ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ نَفْسَ التَّعْرِيضِ (قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ) صَادِقٌ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالتَّسَاوِي كَمَا قَالَهُ الْفِيشِيُّ، وَزَادَ فَقَالَ فَبَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ يُسَمَّى شَرْعًا مُرَابَحَةً اهـ. أَيْ فَإِطْلَاقُ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْوَضِيعَةِ مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ فِي التَّسْمِيَةِ أَوْ أَنَّهُ رِبْحٌ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ رِبْحٌ لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا الْمُسَاوِي فَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ رِبْحِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ إذْ قَدْ يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً أُخْرَى يَرْبَحُ فِيهَا، وَانْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ إذْ قَدْ يَبِيعُهَا فَيَرْبَحُ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِئْنَافٌ) وَهُوَ أَوْلَى كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ [مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ] {فَصْلٌ} وَجَازَ مُرَابَحَةٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُرَابَحَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَقْدِيرِ جَارٍّ وَمَجْرُورٍ كَمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ الْمُرَابَحَةُ فِيهِ، وَجَعَلُهُ حَالًا أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْ جَازَ الْبَيْعُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ مُرَابَحَةً، وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ فِيهِ وُقُوعَ الْحَالِ مَصْدَرًا، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ بَيْعُ مُرَابَحَةٍ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَيْعُ مُرَابَحَةٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعُهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا الْإِعْرَابِ عَدَمُ تَأْنِيثِ الْعَامِلِ لِأَنَّ مُرَابَحَةً مَجَازِيُّ التَّأْنِيثِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَسَافَرَ، وَعَافَاهُ اللَّهُ) الشَّاهِدُ فِي عَافَاهُ مِنْ الْمُعَافَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ مُرَابَحَةً بِمَعْنَى إرْبَاحٍ) حَاصِلُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُرَابَحَةً مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ بَلْ بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ إرْبَاحٌ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَفْظَ مُرَابَحَةً يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُفَاعَلَةِ، وَفِي أَصْلِ الْفِعْلِ، وَيَتَوَقَّفُ هَذَا عَلَى نَقْلٍ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْفِيشِيَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْمُفَاعَلَةِ. (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) أَقُولُ لَمَّا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجَازَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِجَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَجَازَا أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ فِي بَابِ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب،. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ جَائِزَةٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهَةٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ الْمُسَاوَمَةَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاوَمَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَالْمُزَايَدَةِ، وَالِاسْتِيمَانِ قَالَ عب، وَلَعَلَّهُ أُطْلِقَ لِكَوْنِ الْغَالِبِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 الْمُقَدِّمَاتِ الْبَيْعُ عَلَى الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُمَاكَسَةُ أَحَبُّ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَحْسَنُ عِنْدَهُمْ، وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ خَصَّصَ كَرَاهَةَ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بِإِكْثَارِ الْعَوَامّ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ مِنْ الْقَيْدَيْنِ أَيْ وَالْأَحَبُّ خِلَافُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَهُوَ الْمُسَاوَمَةُ لَا الْمُزَايَدَةُ، وَالِاسْتِمَانَةُ فَالْإِضَافَةُ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ مَعْهُودٌ مُعَيَّنٌ، وَهُوَ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ (ص) ، وَلَوْ عَلَى مُقَوَّمٍ، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَرْضًا مُقَوَّمًا مَضْمُونًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِحَيَوَانٍ مَضْمُونٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ، وَيَزِيدُهُ عَلَيْهِ زِيَادَةً مَعْلُومَةً، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ، وَاخْتُلِفَ هَلْ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ بِالْجَوَازِ فِي الْمُقَوَّمِ الْمَضْمُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوْ لَا يُخَالِفُهُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَوْصُوفٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَيْ وَهَلْ الْجَوَازُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَضْمُونِ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى حَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ الْجَوَازِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ تَأْوِيلَانِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُقَوَّمِ الْمَضْمُونِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْمَضْمُونُ الَّذِي عِنْدَهُ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ بَلْ يَتَّفِقَانِ عَلَى الْمَنْعِ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَعَلَى الْجَوَازِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ، وَلَوْ قَالَ وَلَوْ عَلَى عِوَضٍ مَضْمُونٍ، وَهَلْ مُطْلَقًا إلَخْ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَطَابَقَ النَّقْلَ إذْ الْخِلَافُ فِي الْعِوَضِ الْمَضْمُونِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا غَيْرَ الْمُعَيَّنِ (ص) وَحُسِبَ رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَصَبْغٍ، وَطَرْزٍ، وَقَصْرٍ، وَخِيَاطَةٍ، وَكَمْدٍ، وَفَتْلٍ، وَتَطْرِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا يُرْبَحُ لَهُ، وَمَا لَا يُرْبَحُ بَلْ وَقَعَ عَلَى رِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا وَجَبَ أَنْ يُحْسَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ السِّلْعَةِ، وَرِبْحُهُ، وَيُحْسَبَ أَيْضًا عَلَيْهِ مِنْ مُؤَنِهَا وَكُلَفِهَا رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ تُؤَثِّرُ زِيَادَةً فِي الْمَبِيعِ مِنْ صَبْغٍ أَوْ طَرْزٍ أَوْ تَطْرِيَةٍ، وَهِيَ جَعْلُ الثَّوْبِ فِي الطَّرَاوَة   [حاشية العدوي] الْمُرَابَحَةَ وَالْمُسَاوَمَةَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَلَا يَشْمَلُ قَوْلُهُ خِلَافَهُ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ لِكَرَاهَةِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَهُ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ قَبْلَ الرُّكُونِ، وَإِشْحَانًا لِلْقُلُوبِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُمَاكَسَةُ) مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ وَالْمُكَايَسَةُ (قَوْلُهُ وَلَا يُرِيدُ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُحْكَمُ بِكَرَاهَةِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مُطْلَقًا وَقَعَتْ مِنْ الْعَوَامّ أَوْ لَا بِكَثْرَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَوَامّ، وَأَنْ يَكُونَ بِكَثْرَةٍ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا يُفِيدُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ الْمَعْهُودَ أَنَّ الْجَوَازَ يُطْلِقُهُ عَلَى اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ إذَا لَمْ يُعْقِبْهُ بِقَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ خِلَافُهُ، وَإِلَّا كَانَ مَعْنَاهُ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا الْكَرَاهَةَ نَعَمْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُزَايَدَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ أَقْسَامِ الْبَيْعِ الْمُسَاوَمَةُ ثُمَّ الْمُزَايَدَةُ، وَكَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَأَضْعَفُهَا الْمُرَابَحَةُ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُزَايَدَةَ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهَا تُورِثُ الضَّغَائِنَ فَلْتَكُنْ الْمُرَابَحَةُ مَكْرُوهَةً بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُلْت يُرِيدُ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمُحَرَّمَ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ قُلْنَا هَذَا خِلَافُ اصْطِلَاحِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاوَمَةَ إنَّمَا كَانَتْ أَفْضَلَ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَحْتَاجُ لِصِدْقٍ مَتِينٍ، وَالْمُزَايَدَةُ تُورِثُ الضَّغَائِنَ، وَبَقِيَ الِاسْتِيمَانُ فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ شب. وَأَمَّا بَيْعُ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِيمَانِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حَالَ الْجَهْلِ بِالسِّعْرِ اهـ. أَيْ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مُمَاكَسَةٌ وَلَا مُشَاحَحَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا عَلَى صِدْقٍ مَتِينٍ فَالْعُدُولُ إلَى الْمُسَاوَمَةِ أَحْسَنُ، وَالْمُشْتَرِي يُعْطِي مِنْ دِرْهَمٍ فَأَكْثَرَ نَعَمْ يُقَالُ هَذَا لَا يَتَأَتَّى لِكُلِّ النَّاسِ، وَلَا فِي كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مَعْهُودٌ مُعَيَّنٌ) أَيْ مَعْهُودٌ خَارِجِيٌّ تَقَدَّمَ عِلْمًا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فَلَا يَنْصَرِفُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ) أَيْ مُرَابَحَةً أَيْ الَّذِي قَصَدَ الْبَائِعُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي يَشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ لَهُ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ) أَرَادَ بِالْحُلُولِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَجَلُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِيَ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَهَلْ مُطْلَقًا لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ مُرَجِّحًا لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ طَارِحًا لِكَلَامِ أَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَجَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمُقَوَّمٍ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ، وَهَلْ خِلَافُ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ وَيَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَإِلَّا مُنِعَ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ إذْ الْخِلَافُ إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُقَوَّمِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ فَيَشْمَلُ الْمِثْلِيَّ غَيْرَ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَحُسِبَ رِبْحٌ) وَأَحْرَى أَصْلٌ (قَوْلُهُ كَصَبْغٍ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ فَتْحُ الصَّادِرِ مُرَادًا مِنْهُ الْمَصْدَرُ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مَعْنَاهُ مَا لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ، وَإِنْ كُسِرَتْ كَانَ تَشْبِيهًا فِيهِ، وَعَلَى جَعْلِهِ تَشْبِيهًا لَمْ يُمَثِّلْ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ مَا لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إنْ تَوَلَّاهُ الْبَائِعُ بِنَفْسِهِ أَوْ عُمِلَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ أَيْ عِوَضُ الْعَمَلِ فِيهِ، وَلَا يُحْسَبُ رِبْحُهُ، وَأَمَّا إنْ عُمِلَ لَهُ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ، وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا، وَهَذَا مَا أَرَادَهُ شَارِحُنَا بِكَلَامِهِ، وَأَمَّا مَا يُصْبَغُ بِهِ أَوْ يُخَاطُ بِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ هُوَ، وَلَا رِبْحُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ هُوَ، وَرِبْحُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 لِيَلِينَ، وَتَذْهَبَ خُشُونَتُهُ أَوْ كَمْدٍ، وَهُوَ دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ لِلتَّحْسِينِ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ كَالثَّمَنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُحْسَبُ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَلَى الْمَبِيعِ فِي صَبْغِهِ، وَقَصْرِهِ، وَخِيَاطَتِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيُحْسَبُ أَيْضًا رِبْحُ مَا زَادَتْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْمَبِيعِ، وَهَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى فِعْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَدْفَعْ فِيهِ أُجْرَةً فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ أَصْلٌ، وَلَا رِبْحٌ (ص) ، وَأَصْلُ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ كَحُمُولَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا فَعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا زَادَ فِي ثَمَنِهِ، وَلَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَأُجْرَةِ الْحُمُولَةِ، وَمَا مَعَهَا، وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ، وَلَا يُحْسَبُ رِبْحُهُ فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، وَاسْتَأْجَرَ مَنْ حَمَلَهَا بِخَمْسَةٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى شَدِّهَا أَوْ عَلَى طَيِّهَا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَسَمَّى مَا ذُكِرَ أَصْلًا بِاعْتِبَارِ رِبْحِهِ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْحُمُولَةَ بِأَنْ تَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بِأَنْ نُقِلَ مِنْ بَلَدٍ أَرْخَصَ إلَى بَلَدٍ أَغْلَى لِرَغْبَةِ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ إذَا عَلِمَ بِهِ قَالَ وَلَوْ كَانَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ سَوَاءً لَمْ يُحْسَبْ، وَلَوْ كَانَ سِعْرُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَتْ إلَيْهِ أَرْخَصَ لَمْ يَبِعْ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَإِنْ أَسْقَطَ الْكِرَاءَ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ كَانَتْ لِمَا وَقَعَ مِنْ شِرَاءِ الرِّقَابِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْمَازِرِيُّ إذَا حَمَلَ الْمَتَاعَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ، وَسَاقَ فِي الشَّامِلِ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لَكِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِمَا زَادَ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَزِيدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَكِنَّهُ لَا يُخَالِفُ اللَّخْمِيَّ فِي الْبَيَانِ لِأَنَّ الْبَيَانَ اتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ (ص) وَشَدٌّ وَطَيٌّ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّدَّ وَالطَّيَّ إذَا كَانَ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ أُجْرَتُهُمَا، وَلَا يُحْسَبُ رِبْحُهَا، وَسَيَأْتِي مَا إذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ (ص) ، وَكِرَاءُ بَيْتٍ لِسِلْعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كِرَاءَ الْبَيْتِ لِلسِّلْعَةِ خَاصَّةً يُحْسَبُ، وَلَا يُحْسَبُ رِبْحُهُ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَإِذَا كَانَ لِنَفْسِهِ، وَالْمَتَاعُ تَبِعَ أَوَّلَهُ، وَلِلسِّلْعَةِ لَمْ يَحْسِبْ الْأُجْرَةَ، وَلَا رِبْحَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ لَا يَحْسِبُ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ لَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا بَعْضُ الْكِرَاءِ، وَهُوَ رُجُوعُهُ لِلتَّوْظِيفِ (ص) ، وَإِلَّا لَمْ يَحْسِبْ (ش) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ أَوْ لَمْ تَزِدْ الْحُمُولَةُ فِي الثَّمَنِ بَلْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ عَلَى تَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ أَوْ لَمْ تَكُنْ أُجْرَةُ الشَّدِّ وَالطَّيِّ مُعْتَادَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كِرَاءُ الْبَيْتِ لِلسِّلْعَةِ خَاصَّةً لَمْ يُحْسَبْ أَصْلٌ، وَلَا رِبْحُهُ ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْحَسَبِ قَوْلُهُ (كَسِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ) فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ أَنْ تُشْتَرَى بِسِمْسَارٍ فَلَا يُحْسَبُ لِمَا أَخَذَهُ لَا أَصْلَ وَلَا رِبْحَ، وَالْمُرَادُ بِالسِّمْسَارِ الَّذِي يَجْلِسُ كَمَا يَفْعَلُ سَمَاسِرَةُ إسْكَنْدَرِيَّةَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُتَوَلِّيَ الْبَيْعِ فَإِنَّ أُجْرَةَ هَذَا عَلَى الْبَائِعِ، وَهِيَ مِنْ الثَّمَنِ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلِمَا ذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ وُجُوهَ الْمُرَابَحَةِ لَا تَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهُ مِمَّا يُحْسَبُ أَوْ لَا يُحْسَبُ مُفَصَّلًا، وَمُجْمَلًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ أَيْضًا رِبْحُ مَا زَادَتْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْمَبِيعِ) أَيْ الرِّبْحُ الْمُشَارُ لَهُ بِكَوْنِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ مَا) أَيْ الْفِعْلِ الَّذِي زَادَ فِي الثَّمَنِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُعْطَى لِلْبَائِعِ مُجَرَّدًا عَنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ كَحُمُولَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْأَحْمَالُ أَيْ كِرَائِهَا، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَالْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُهَا (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ رِبْحِهِ) أَيْ أَنْ لَوْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ) عِلَّةٌ لِلْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ مِنْ شِرَاءِ الرِّقَابِ) بَيَانٌ لِمَا وَقَعَ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ) أَيْ اسْتَحْسَنَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ لَا مُطْلَقًا بَلْ إذَا حَمَلَ الْمَتَاعَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ يَكُونُ الْبَلَدُ الْمَنْقُولُ إلَيْهَا أَرْخَصَ أَيْ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْكِرَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ إذَا حَمَلَ الْمَتَاعَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ، وَأَمَّا إذَا حَمَلَ الْمَتَاعَ حِينَئِذٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ يَرْبَحُ فَوَجَدَهُ لَمْ يَرْبَحْ بَلْ إمَّا مُسَاوٍ أَوْ أَنْقَصَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ الْأَصْلُ لِعُذْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ) أَيْ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَرْتَضِ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ، وَسَاقَهُ فِي الشَّامِلِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيَانَ) أَيْ كَوْنَهُ يُبَيِّنُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ السِّلْعَةَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ عَنْهَا ثَمَنُهَا أَكْثَرُ مِنْ الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ رُجُوعُهُ لِلتَّوْظِيفِ) أَيْ التَّوْزِيعِ، وَسَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ بَيَانُهُ أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لَهُ هُنَا. {تَنْبِيهٌ} قَوْلُهُ وَحُسِبَ رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يُحْسَبْ هَذَا حَيْثُ لَا شَرْطَ، وَلَا عُرْفَ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إنْ شُرِطَ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ كَحِسَابِ مَا لَا يُحْسَبُ كَالسِّمْسَارِ الَّذِي لَمْ يَعْتَدْ ضَرْبَ الرِّبْحِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَفْعَلُهُ سَمَاسِرَةُ إسْكَنْدَرِيَّةَ) أَيْ فَتُوضَعُ السِّلْعَةُ عِنْدَهُمْ، وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَهَا رَبُّهَا لَا السِّمْسَارُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَمَاسِرَةَ إسْكَنْدَرِيَّةَ لَا يَتَوَلَّوْنَ الْبَيْعَ فَلَا يُحْسَبُ أُجْرَةُ مَا وَضَعَهُ عِنْدَهُمْ إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ لَهُمْ فِي مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ أَنْ تُوضَعَ عِنْدَهُ لِلتَّعْرِيضِ لِلْبَيْعِ، وَأَمَّا مَا يُوضَعُ عِنْدَهُمْ لِلتَّعْرِيضِ لِلْبَيْعِ، وَيَأْخُذُونَ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْسِبُ تِلْكَ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَوَلَّوْنَ الْبَيْعَ كَسَمَاسِرَةِ إسْكَنْدَرِيَّةَ (قَوْلُهُ فَهِيَ مِنْ الثَّمَنِ لَا شَكَّ فِيهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يُعْتَدْ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى اُعْتِيدَ أَنَّ السِّلْعَةَ لَا تُبَاعُ إلَّا بِسِمْسَارٍ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ الْأَصْلُ، وَلَا يُحْسَبُ الرِّبْحُ كَانَ مِنْ الْجَالِسِينَ أَوْ مِنْ الطَّائِفِينَ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا اُعْتِيدَ أَنْ تُبَاعَ بِلَا سِمْسَارٍ ثُمَّ حَصَلَ سِمْسَارٌ فِي بَيْعِهَا، وَبِيعَتْ، وَأَخَذَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ تَحْتَ سَمْسَرَتِهِ فَلَا يُحْسَبُ حِينَئِذٍ أَصْلٌ، وَلَا رِبْحٌ كَانَ مِنْ الْجَالِسِينَ أَوْ الطَّائِفِينَ (قَوْلُهُ مِمَّا يُحْسَبُ) كَصَبْغٍ أَيْ أَصْلًا وَرِبْحًا أَوْ أَصْلًا فَقَطْ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا يُحْسَبُ كَمَا إذَا لَمْ يَرُدَّ الْحَمْلَ لَهُ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ أَيْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ أَصْلٌ وَلَا رِبْحٌ، وَقَوْلُهُ مُفَصَّلًا أَيْ بِأَنْ يَقُولَ ذَهَبَ فِي الصَّبْغِ كَذَا، وَذَهَبَ فِي الطَّرْزِ كَذَا، وَقَوْلُهُ وَمُجْمَلًا كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَجُمْلَةُ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَثَلًا أَوْ أَنَّهُ يُصَرِّحُ بِالْإِجْمَالِ أَوْ لَا ثُمَّ يَذْكُرُ التَّفْصِيلَ أَوْ لَا يَذْكُرُ الْإِجْمَالَ أَصْلًا لِأَنَّ بِذِكْرِ التَّفْصِيلِ يُعْلَمُ الْإِجْمَالُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ الثَّانِي أَنْ يُفَسِّرَ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يُحْسَبُ، وَيُرْبَحُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا يُرْبَحُ لَهُ، وَمَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً، وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى مَا يُحْسَبُ ضَرْبُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً. الثَّالِثُ أَنْ يُفَسِّرَ الْمُؤْنَةَ بِأَنْ يَقُولَ لَزِمَهَا فِي الْحَمْلِ كَذَا، وَفِي الصَّبْغِ كَذَا، وَفِي الْقَصْرِ كَذَا وَالشَّدِّ وَالطَّيِّ كَذَا، وَبَاعَ عَلَى الْمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ، وَلَمْ يُفَصِّلْ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الرِّبْحُ مِنْ غَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنْ يُبْهِمَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيَجْمَعَهُ جُمْلَةً فَيَقُولُ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا أَوْ ثَمَنُهَا كَذَا، وَبَاعَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ دِرْهَمٌ الْخَامِسُ أَنْ يُبْهِمَ فِيهَا النَّفَقَةَ بَعْدَ تَسْمِيَتِهَا فَيَقُولَ قَامَتْ بِشَدِّهَا، وَطَيِّهَا، وَحَمْلِهَا، وَصَبْغِهَا بِمِائَةٍ أَوْ يُفَسِّرَهَا فَيَقُولَ عَشَرَةٌ مِنْهَا فِي مُؤْنَتِهَا، وَلَا يُفَسِّرَ الْمُؤْنَةَ اهـ. حَوَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى اخْتِصَارِ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ مُشِيرًا لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ بَيْنَ الْجَمِيعِ) بِأَدَاةِ الشَّرْطِ الرَّاجِعِ لِقَوْلِهِ وَجَازَ مُرَابَحَةٌ إنْ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَيَضْرِبُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا) كَثَمَانِينَ (وَحَمْلُهَا كَذَا) كَعَشَرَةٍ وَصَبْغُهَا خَمْسَةٌ، وَقَصْرُهَا ثَلَاثَةٌ، وَشَدُّهَا وَاحِدٌ، وَطَيُّهَا وَاحِدٌ أَيْ وَضَرَبَ الرِّبْحَ عَلَى مَا يُرْبَحُ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ، وَبَيْنَ كَرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، وَلَمْ يُفَصِّلَا مَا لَهُ رِبْحٌ (ش) أَيْ أَوْ قَالَ أَبِيعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ، وَبَيْنَ الْكُلَفِ وَالْمُؤَنِ، وَفَصَّلَهَا كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَبَاعَ عَلَى قَدْرٍ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَمْ يُفَصِّلَا مَا لَهُ الرِّبْحُ مِمَّا لَا رِبْحَ لَهُ بِخِلَافِ الْقِسْمَيْنِ قَبْلَهُ، وَيَرْجِعُ فِيمَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ بَيْنَ الْجَمِيعِ شَرْطٌ فِي جَازَ لَا فِي حُسِبَ خِلَافًا لِلشَّارِحِ هُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يُشْكِلَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أُبْهِمَ لَا يُحْسَبُ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ فِي رِبْحٍ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ تَنْوِينُهَا، وَإِضَافَتُهَا إلَى الْعَشَرَةِ، وَعَلَى التَّنْوِينِ يَصِحُّ فِي الْعَشَرَةِ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ رِبْحٍ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ رِبْحٌ يُصَيِّرُ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ، وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ الْعَشَرَةُ أَيْ وَالرِّبْحُ الْمُشْتَرَطُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ، وَهَذَا أَوْلَى (ص) ، وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ (ش) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الثَّمَنُ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ السِّلْعَةُ أَيْ وَإِذَا وَقَعَ عَلَى أَنَّ رِبْحَ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ زِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ فَإِذَا كَانَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ مِمَّا يُحْسَبُ، وَيَرْبَحُ عَلَيْهِ) أَيْ كَالصَّبْغِ، وَقَوْلُهُ وَمَا لَا يُرْبَحُ لَهُ أَيْ كَالْحُمُولَةِ، وَقَوْلُهُ وَمَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً أَيْ أَصْلًا كَأُجْرَةِ الشَّدِّ وَالطَّيِّ إذَا لَمْ يَكُونَا مُعْتَادَيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْإِجْمَالَ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا أَوْ لَا يَذْكُرُ إجْمَالًا أَصْلًا، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يُحْسَبُ ضَرْبُهُ عَلَيْهِ أَيْ مِمَّا تَقَدَّمَ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ الثَّالِثُ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي الثَّالِثِ أَيْضًا بَيْنَ ذِكْرِ الْإِجْمَالِ وَعَدَمِهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا فَقَدْ اشْتَرَكَتْ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فِي بَيَانِ التَّفْصِيلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ الْإِجْمَالِ وَعَدَمِهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا (قَوْلُهُ وَبَاعَ عَلَى الْمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْكُلِّ (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهَا كَذَا) أَيْ وَأَرَادَ بِالثَّمَنِ مَا صُرِفَ فِي شَأْنِهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْمِيَتِهَا) أَيْ تَسْمِيَةِ مُوجِبِهَا فَالْإِبْهَامُ فِي قَوْلِهِ بِمِائَةٍ، وَمُوجِبُهَا هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ شَدُّهَا وَطَيُّهَا (قَوْلُهُ وَلَا يُفَسِّرُ الْمُؤْنَةَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ ذَهَبَ فِي الطَّيِّ كَذَا، وَفِي الشَّدِّ كَذَا (قَوْلُهُ إنْ بَيَّنَ الْجَمِيعَ) أَيْ بَيَّنَ جَمِيعَ مَا يَلْزَمُ السِّلْعَةَ ابْتِدَاءً، وَشَرَطَ الرِّبْحَ لِلْجَمِيعِ مَا لَا رِبْحَ، وَمَا لَهُ رِبْحٌ (قَوْلُهُ فَيُضْرَبُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُفَسِّرٌ لِلْمُؤْنَةِ أَيْضًا فَالتَّفْسِيرُ لِلْمُؤْنَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (قَوْلُهُ فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ) ذِكْرُ الْإِجْمَالِ أَوْ لَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَا يُشْتَرَطُ أَصْلًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى بَيَانِ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ أَيْ وَضَرْبُ الرِّبْحِ) أَيْ وَشَرْطُ الرِّبْحِ لِمَا يُرْبَحُ لَهُ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الرِّبْحَ لِبَعْضٍ مِنْ الْمُؤْنَةِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ إلَخْ) هَذَا الْقِسْمُ هُوَ نَفْسُ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَحُسِبَ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَيْضًا بَاعَ عَلَى الْمُرَابَحَةِ، وَالْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ الْفَارِقَ أَنَّهُ فِي الثَّالِثِ أَجْمَلَ فَلَمْ يَشْتَرِطْ ضَرْبَ الرِّبْحِ لَا عَلَى الْكُلِّ، وَلَا عَلَى الْبَعْضِ بَلْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ) بَلْ شَيْءٌ آخَرُ يُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ شب بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ رُجُوعَهُ بِحَسَبِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُرَاعِي التَّفْصِيلَ الْمُتَقَدِّمَ فِي قَوْلِهِ وَحُسِبَ إلَخْ، وَلَوْ بَيَّنَ الْجَمِيعَ، وَضَرَبَ الرِّبْحَ عَلَى مَا يُحْسَبُ لَهُ، وَمَا لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا شُرِطَ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ عَلَى بَعْضٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ، وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَلَا يُرَاعَى التَّفْصِيلُ السَّابِقُ مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَعَدَمِ الْعُرْفِ إلَّا إذَا قَالَ أَبِيعُ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ اهـ. كَلَامُ شب، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ شب أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ، وَبَيَّنَ مَعْنَاهُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْكُلَفِ إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ مُجْمَلًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرِّبْحَ عَلَى جَمِيعِ مَا بَيَّنَهُ، وَلَا عَلَى بَعْضٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قَالَ أَبِيعُ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ وَحُسِبَ اهـ. كَلَامُ شب (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) بَلْ هُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ وَإِضَافَتُهَا لِلْعَشَرَةِ) عَلَى هَذَا فَأَحَدَ عَشَرَ حَالٌ، وَكَذَا عَلَى جَعْلِهِ بَدَلًا، وَأَوْرَدَ الْبَدْرُ عَلَى جَعْلِ الْعَشَرَةِ مُبْتَدَأً أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إمَّا عَيْنُ الْخَبَرِ أَوْ مُشَبَّهٌ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ، وَالْعَشَرَةُ هُنَا لَيْسَتْ عَيْنَ أَحَدَ عَشَرَ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الِاتِّحَادَ هُنَا مُقَدَّرٌ أَيْ أَنَّ عَشَرَتَهُ صَارَتْ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ يُقَدَّرُ الْخَبَرُ أَيْ الْعَشَرَةُ تَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ وَهُوَ الْعَشَرَةُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ فَيَقُولُ أَيْ وَهُوَ أَيْ الرِّبْحُ الْمُشْتَرَطُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ أَيْ الْفَرْدُ الْمُصَيِّرُ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى) أَيْ أَنْسَبُ فِي مَقَامِ التَّفْسِيرِ وَالْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ زِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ) وَإِذَا بَاعَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ زِيدَ خُمُسُ الْأَصْلِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 الثَّمَنُ مِائَةً فَالرِّبْحُ عَشَرَةٌ أَوْ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَالرِّبْحُ اثْنَا عَشَرَ، وَإِنْ بَاعَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ زِيدَ خُمُسُ الْأَصْلِ فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الرِّبْحُ عِشْرُونَ، وَفِي الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَهَذَا مَدْلُولُهُ عُرْفًا، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى مَدْلُولِهِ لُغَةً أَنْ يَكُونَ قَدْرُ رِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ يَكُونُ الرِّبْحُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الثَّمَنِ وَالرِّبْحِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ (ص) وَالْوَضِيعَةُ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَالْحَطِيطَةُ كَذَلِكَ أَيْ فَيُحَطُّ الْأَحَدَ عَشَرَ إلَى عَشَرَةٍ فَيَنْقُصُ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ فَتَصِيرُ الْأَحَدَ عَشَرَ عَشَرَةً كَمَا صَارَتْ الْعَشَرَةُ فِي مُرَابَحَةِ الزِّيَادَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَعْنَى أَنَّ الْوَضِيعَةَ حَطُّ عُشْرِ الْأَصْلِ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الْكَبِيرِ. ثُمَّ تَمَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَقْسَامَ عِيَاضٍ بِالْقِسْمَيْنِ الْمَمْنُوعَيْنِ بِقَوْلِهِ فِي الرَّابِعِ (لَا أَبْهَمَ) أَيْ بِأَنْ أَجْمَلَ الْأَصْلَ مَعَ الْمُؤَنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْهَا (كَقَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا) أَوْ ثَمَنُهَا كَذَا، وَبَاعَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا، وَالْخَامِسُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يَقُولُ (قَامَتْ بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا بِكَذَا، وَلَمْ يُفَصِّلْ) وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا، وَالْحُكْمُ فِي الْقِسْمَيْنِ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْفَسَادُ، وَقَوْلُهُ (وَهَلْ هُوَ كَذِبٌ أَوْ غِشٌّ تَأْوِيلَانِ) لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ لِأَنَّ حَطَّ الْبَائِعِ عَنْ الْمُشْتَرِي الْقَدْرَ الْوَاجِبَ حَطُّهُ أَمْرٌ طَارِئٌ، وَبِعِبَارَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَذِبٌ، وَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَذَبَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ، وَرَبِحَهُ بِخِلَافِ الْغِشِّ، وَهَذَا مَعَ الْقِيَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَإِنْ فَاتَتْ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ لُبَابَةَ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَالثَّانِي، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ، وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ فَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي حُكْمِ الْغِشِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَعَ الْقِيَامِ يَتَحَتَّمُ فَسْخُهُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُنَا يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ، وَذُكِرَ أَنَّهُ مَعَ الْفَوَاتِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَذُكِرَ هُنَا أَنَّ الْمُبْتَاعَ يَلْزَمُهُ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّف أَوْ غِشٌّ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَوْ قَالَ وَهَلْ هُوَ كَذِبٌ أَوْ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَيَمْضِيَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ فَيَحُطُّ الْأَحَدَ عَشَرَ إلَى عَشَرَةٍ) أَيْ يُجْزِئُ الْعَشَرَةُ إلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا ثُمَّ يَحُطُّ الْأَحَدَ عَشَرَ إلَى عَشَرَةٍ، وَقَوْلُهُ فَيَنْقُصُ عَلَى حَذْفٍ أَيْ فَيَنْقُصُ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ، وَقَوْلُهُ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ عَلَى حَذْفٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلضَّمِيرِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ فَيَسْقُطُ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَحْذُورُ بَلْ التَّشْبِيهُ بِهِ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهِ بِمَعْنًى آخَرَ أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ زِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ تَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ أَيْ بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ، وَيَدْفَعُ لِلْبَائِعِ زِيَادَةً عَلَى الْأَصْلِ كَذَلِكَ إذَا قَالَ أَبِيعُك عَلَى وَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَنَّ الْعَشَرَةَ تَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ لَكِنْ لَا بِالِانْضِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تُجَزَّأُ إلَيْهَا، وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا يُجْعَلُ أَحَدَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ مُخْتَلِفًا فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَنْتَفِي الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَشَرَةَ تُجَزَّأُ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَيُنْسَبُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا لَهَا. وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي أَيْ فَيُحَطُّ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِاسْتِحَالَةِ وَضْعِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ عَشَرَةٍ، وَبِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عِشْرُونَ فَنِصْفُ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا، وَثَلَاثُونَ فَمِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ثُلُثَانِ وَأَرْبَعُونَ فَمِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَخَمْسُونَ فَمِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ فِي وَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ تَأْخُذُ الزَّائِدَ فَقَطْ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَهُوَ الْوَاحِدُ تَضُمُّهُ إلَى الْعَشَرَةِ ثُمَّ تَنْسُبُ ذَلِكَ الزَّائِدَ لِلْمَجْمُوعِ فَيَنْقُصُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَفِي الْعَشَرَةِ عِشْرُونَ تَضُمُّ الْعَشَرَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ الْعَشَرَةُ، وَتَنْسُبُهَا إلَى الْمَجْمُوعِ نِصْفِ الْأَصْلِ، وَهَكَذَا لَا تُزَالُ تَضُمُّ الزَّائِدَ ثُمَّ تَنْسُبُهُ إلَى الْمُجْتَمِعِ، وَهَكَذَا إذَا كَانَ عَدَدُ الْوَضِيعَةِ يَزِيدُ عَلَى عَدَدِ الْأَصْلِ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَدَدُهَا يُسَاوِي عَدَدَ الْأَصْلِ أَوْ يَنْقُصُ فَإِنَّك تَضُمُّ أَحَدَهُمَا لِلْآخَرِ فِي الْمُسَاوِي، وَالْأَقَلُّ لِلْأَكْثَرِ فِي النَّاقِصِ، وَتَنْسُبُ الْوَضِيعَةَ لِلْمَجْمُوعِ، وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ تَحُطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا بَاعَهُ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عَشَرَةً فَإِنَّك تَزِيدُهَا عَلَى الْأَصْلِ فَتَصِيرُ عِشْرِينَ، وَتَنْسُبُ الْوَضِيعَةَ، وَهِيَ الْعَشَرَةُ إلَى الْعِشْرِينَ فَتَكُونُ نِصْفًا فَتَحُطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ، وَإِذَا بَاعَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً فَتَضُمُّ الْخَمْسَةَ لِلْعَشَرَةِ، وَتَنْسُبُ الْخَمْسَةَ لِذَلِكَ يَكُونُ ثُلُثًا فَيُوضَعُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُلُثُهُ، وَإِذَا بَاعَ بِوَضِيعَةِ الْمِائَةِ أَرْبَعُونَ فَتَضُمُّ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْمِائَةِ، وَتَنْسُبُ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْمَجْمُوعِ يَكُونُ سُبْعَانِ فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْمِائَةِ سُبْعَاهَا، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ وَاحِدٍ، وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ كَقَامَتْ بِكَذَا) أَيْ إذَا صَرَفَ عَلَيْهَا شَيْئًا غَيْرَ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهَا كَذَا كَمَا إذَا لَمْ يَصْرِفْ شَيْئًا إلَّا الثَّمَنَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَطَّ الْبَائِعِ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الْكَذِبِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ، وَرَبِحَهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْوَاجِبُ حَطُّهُ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ أَيْ حَتَّى يُنَافِيَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْفَسَادِ، وَقَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ كَذِبٌ أَيْ لِزِيَادَتِهِ فِي ثَمَنِ مَا لَا يُحْسَبُ فِيهِ، وَجُمْلَةُ الرِّبْحِ عَلَى مَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ غُشَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَإِنَّمَا أَبْهَمَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْغِشِّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ مَا غَشَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ) أَيْ وَالْقِيمَةِ أَيْ وَالْمُخَيَّرُ هُنَا الْبَائِعُ (قَوْلُهُ إنَّهُ يَتَحَتَّمُ فَسْخُ الْبَيْعِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْضًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 بِمَا بَقِيَ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ مِنْ الثَّمَنِ تَأْوِيلَانِ لَطَابَقَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْكَذِبِ، وَلَا عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَلَمَّا قَدَّمَ وُجُوبَ بَيَانِ الْبَائِعِ مَا فِي سِلْعَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ، وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ، وَلَمْ يُجَمِّلْهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ثَانِيًا بِطَرِيقِ الْعُمُومِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْبًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ أَوْ لَا بِقَوْلِهِ (ص) وَوَجَبَ تَبْيِينُ مَا يُكْرَهُ (ش) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ بَائِعٍ مُرَابَحَةً أَوْ غَيْرَهَا تَبْيِينُ مَا يَكْرَهُهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ أَمْرِ السِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ، وَتَقِلُّ بِهِ رَغْبَتُهُ فِي الشِّرَاءِ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ غَيْرُهُ لَا يَجِبُ بَيَانُهُ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَكْرَهُهُ نَظَرَ فِيمَا كَتَمَهُ فَإِنْ كَانَ عَدَمُ بَيَانِهِ مِنْ الْغِشِّ جَرَى عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَذِبِ جَرَى عَلَى حُكْمِهِ، وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يُكْرَهُ كَانَ غِشًّا (ص) كَمَا نَقَدَهُ وَعَقَدَهُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي إذَا عَقَدَ عَلَى ذَهَبٍ فَنَقَدَ فِضَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ عَقَدَ عَلَى نَقْدٍ فَنَقَدَ عَرْضًا مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا أَوْ عَقَدَ عَلَى عَرْضٍ مُقَوَّمٍ فَنَقَدَ مِثْلِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ مُرَابَحَةً أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ كَمَا نَقَدَهُ إلَخْ خَاصٌّ بِالْمُرَابَحَةِ أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فِي الْمُرَابَحَةِ مَا نَقَدَهُ، وَعَقَدَهُ أَيْ عَقَدَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَتْ مَا مَصْدَرِيَّةً، وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ كَنَقْدِهِ وَعَقْدِهِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ، وَجَعْلُهَا مَصْدَرِيَّةً خَطَأٌ لِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ بَيَانُهُ إنَّمَا هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي نَقَدَهُ، وَالثَّمَنُ الَّذِي عَقَدَهُ أَيْ عَقَدَ عَلَيْهِ لَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ أَيْ بِمَا نَقَدَ، وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ بِمَا نَقَدَ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْغِشِّ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَالْأَجَلُ وَإِنْ بِيعَ عَلَى النَّقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ الْأَجَلَ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى النَّقْدِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى التَّأْجِيلِ، وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فَنَائِبُ الْفَاعِلِ فِي بِيعَ يَعُودُ عَلَى بَائِعِ الْمُرَابَحَةِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي أَيْ وَإِنْ بِيعَ الْبَائِعُ عَلَى النَّقْدِ ثُمَّ أَجَّلَهُ بِهِ بَائِعُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ عَلَى الْمَبِيعِ أَيْ وَإِنْ بِيعَ الْمَبِيعُ عَلَى النَّقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْأَجَلِ، وَالْأُولَى أَوْلَى إذْ نِيَابَةُ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ فِي بَابِ أَعْطَى أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ غِشًّا، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ كَذِبًا لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (ص) وَطُولُ زَمَانِهِ (ش) أَيْ وَوَجَبَ بَيَانُ طُولِ زَمَانِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ لَا الْأَجَلِ وَاحْتُرِزَ بِالطُّولِ مِمَّا إذَا مَكَثَ عِنْدَهُ مُدَّةً يَسِيرَةً، وَأَرَادَ الْبَيْعَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَوَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَيَانُ طُولِ زَمَانٍ مَكَثَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ طَوِيلًا سَوَاءٌ تَغَيَّرَ فِي سُوقِهِ أَوْ فِي ذَاتِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ النَّاسَ أَرْغَبُ فِي الطَّرِيِّ مِنْ الْعَتِيقِ، وَبِعِبَارَةٍ وَطُولُ زَمَانِهِ، وَلَوْ فِي الْعَقَارِ ثُمَّ إنَّ طُولَ الزَّمَانِ الَّذِي يَجِبُ بَيَانُهُ هُوَ مَا تَغَيَّرَتْ فِيهِ الْأَسْوَاقُ أَوْ مَا يُوجِبُ شِدَّةَ الرَّغْبَةِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ غِشًّا (ص) وَتَجَاوُزُ الزَّائِفِ وَهِبَةٍ اُعْتِيدَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَتَجَاوَزَ الْبَائِعُ عَنْهُ فِي الثَّمَنِ عَنْ دِرْهَمٍ زَائِفٍ أَيْ رَدِيءٍ أَوْ حَطَّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا لِأَجْلِ الْبَيْعِ أَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَأَرَادَ هَذَا الْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي مَا تَجَاوَزَ عَنْهُ الْبَائِعُ مِنْ الرَّدِيءِ أَوْ مَا حَطَّ عَنْهُ لِأَجْلِ الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَتْ الْحَطِيطَةُ مُعْتَادَةً بَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ أَوْ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ، وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِيَادِ أَنْ تُشْبِهَ حَطِيطَةَ النَّاسِ ثُمَّ إنَّ قَيْدَ الِاعْتِيَادِ مُعْتَبَرٌ فِي تَجَاوُزِ الزَّائِفِ   [حاشية العدوي] كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِيَاضٍ فَإِنَّهُ قَالَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ، وَرَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ فَاتَتْ أَوْ لَمْ تَفُتْ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ) أَيْ مِنْ رِبْحِ الْحُمُولَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَيْبًا) كَثِيَابٍ مَنْ بِهِ الْحَكَّةُ، وَالْجَرَبُ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا كَمَا لَوْ أَخَذَ ذَلِكَ فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ (قَوْلُهُ مَا يُكْرَهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ وَتَقِلُّ بِهِ رَغْبَتُهُ إلَخْ) إمَّا لِكَرَاهَةٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ وَصْفِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ مَعَ شَكِّ الْبَائِعِ فِي كَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَدَمُ بَيَانِهِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَوِلَادَتُهَا، وَإِنْ بَاعَ مَعَهَا وَلَدَهَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ دُونَ مَا بَعْدَهُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ عَلَى أَنَّك تَقُولُ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي يَنْظُرُ فِيمَا كَتَمَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْعَيْبِ جَرَى عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْغِشِّ جَرَى عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْكَذِبِ جَرَى عَلَى حُكْمِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ بَيَانِ اخْتِلَافِ مَا نَقَدَ لِمَا عَقَدَ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْبَيَانِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِحَالٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّمَسُّكُ) أَيْ وَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا) أَيْ إنْ فُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ أَقَلُّ، وَإِلَّا فَقَدْ تُوجَدُ الْمُسَاوَاةُ (قَوْلُهُ وَالْأَجَلِ) يَصِحُّ جَرُّهُ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مَا بِوَجْهَيْهِمَا لِأَنَّ لَهَا مَحَلَّيْنِ مَحَلُّ جَرٍّ بِالْإِضَافَةِ، وَمَحَلُّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمَعَاطِيفُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ إلَى أَجَلٍ) أَيْ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَيَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِقُرْبِهِ وَبُعْدِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى التَّأْجِيلِ) لِأَنَّ اللَّاحِقَ لِلْأَجَلِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ غِشًّا) وَسَيَأْتِي أَنَّ الْغِشَّ مَعَ الْقِيَامِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَمَعَ الْفَوَاتِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَفِي شَرْحِ شب فَإِنْ بَاعَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْقِيمَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ نَقْدًا إلَّا أَنَّ الرَّدَّ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِهِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ وَطُولُ زَمَانِهِ إلَخْ) . {تَنْبِيهٌ} كَمَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ يَجِبُ فِي الْمُسَاوَمَةِ، وَكَذَا الْمُزَايَدَةُ وَالِاسْتِيمَانُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ، وَتَجَاوُزُ الزَّائِفُ) هُوَ الْمَغْشُوشُ الَّذِي خَلَطَ ذَهَبَهُ أَوْ فِضَّتَهُ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْهِبَةَ فَلَهُ حُكْمُ الْكَذِبِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ تَجَاوُزَ الزَّائِفِ فَلَهُ حُكْمُ الْغِشِّ (ص) ، وَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ (ش) هَذَا مِنْ بَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَلَيْسَ هُوَ خَاصًّا بِبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعُ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ السِّلْعَةَ لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً إنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي السِّلَعِ الْبَلَدِيَّةِ أَكْثَرَ أَوْ إنَّهَا بَلَدِيَّةٌ إنْ قَلَّتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا أَوْ يُبَيِّنُ أَنَّهَا مِنْ التَّرِكَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً، وَيَحْتَمِلُ عَطْفُهُ عَلَى خَبَرِ لَيْسَ أَيْ يُبَيِّنُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي التَّرِكَةِ أَكْثَرَ (ص) وَوِلَادَتُهَا، وَإِنْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ذَاتًا كَانَتْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَعْقِلُ أَوْ مِنْ نَوْعِ مَنْ يَعْقِلُ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ ذَلِكَ، وَلَوْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَظُنُّ أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ مَعَ وَلَدِهَا لِأَنَّ حُدُوثَ الْوَلَدِ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَطُولُ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ إلَى أَنْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ غِشٌّ وَخَدِيعَةٌ، وَمَا نَقَصَهَا التَّزْوِيجُ وَالْوِلَادَةُ مِنْ قِيمَتِهَا كَذِبٌ فِي الثَّمَنِ، وَقَدْ لَا تُوجَدُ كُلُّهَا إذْ قَدْ تَلِدُ بِإِثْرِ شِرَائِهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ، وَكَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا الْمُشْتَرِي أَوْ تَمَاسَكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُهَا لَهُ بِحَطِّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَالْغِشِّ، وَإِنْ حَصَلَ فِيهَا مُفَوِّتٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَبَيْعِهَا، وَهَلَاكِهَا وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُفِيتُ الْمَقْصُودَ فَإِنْ شَاءَ قَامَ بِالْعَيْبِ فَيُحَطُّ عَنْهُ أَرْشُهُ، وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ الْقِيَامُ بِغِشٍّ وَلَا كَذِبٍ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَقِيَامُهُ بِالْغِشِّ حَيْثُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ أَنْفَعُ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ بِالْكَذِبِ إذْ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فِي الْغِشِّ، وَأَمَّا فِي الْكَذِبِ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ، وَرِبْحِهِ، وَالْقِيمَةِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ، وَرِبْحِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْغِشِّ، وَلَيْسَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ، وَحُدُوثِ قَلِيلِ الْعَيْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْخِيَارِ أَوْ يَقِلُّ فَكَالْعَدِمِ، وَكَحُدُوثِ عَيْبٍ مُتَوَسِّطٍ فَقِيَامُهُ بِالْغِشِّ أَنْفَعُ لَهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ خُيِّرَ فِي رَدِّهَا، وَمَا نَقَصَهَا الْحَادِثُ، وَإِمْسَاكُهَا، وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَمَنَابِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَبَيْنَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ فَيُرَدُّ إلَى قِيمَتِهَا، وَلَوْ زَوْجُهَا وَجَبَ بَيَانُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ، وَهِيَ بِحَالِهَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ قَبُولِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَرَدِّهَا، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُهَا لَهُ بِحَطِّ قِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَزُولُ بِحَطِّهِ بِخِلَافِ الْكَذِبِ وَالتَّخْيِيرِ فِي رَدِّهَا، وَمَا نَقَصَهَا الْحَادِثُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ مَرَّ فِي بَابِ الْخِيَارِ أَنَّ الْمُفِيتَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْأَرْشُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَيْبٌ غَيْرُهُ كَمَا هُنَا (ص) ، وَجَذُّ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ وَصُوفٍ تَمَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أُصُولًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ يَوْمَ الْبَيْعِ فَاشْتَرَطَهَا أَوْ اشْتَرَاهَا مَعَ أُصُولِهَا فَجَذَّ الثَّمَرَةَ أَوْ اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ قَدِيمٌ يَوْمَ الْبَيْعِ ثُمَّ إنَّهُ جَزَّ الصُّوفَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ جَذَّ الثَّمَرَةَ أَوْ جَزَّ الصُّوفَ لِأَنَّ لِمَا ذَكَرَ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْبَيْعِ تَامًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْبُتْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ وَالْمُؤَلِّفُ اسْتَغْنَى عَنْ بَيَانِ غَيْرِ التَّامِّ بِمَا سَبَقَ مِنْ   [حاشية العدوي] وَالْمُرَادُ بِتَجَاوُزِهِ الرِّضَا بِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَرْكَهُ، وَتَرْكَ بَدَلِهِ إذْ يَدْخُلُ هَذَا فِي الْهِبَةِ، وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِ مَا يَسْمَحُ فِيهِ أَمْ لَا، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) الَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ تَجَاوُزَ الزَّائِفِ يُبَيَّنُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَوْ إنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَغِشٌّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ قَائِمَةً) أَيْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا مُفَوِّتٌ أَصْلًا أَيْ لَا مُفَوِّتُ الْعَيْبِ، وَلَا الْغِشِّ، وَلَا غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْكَذِبُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مُفَوِّتًا لِلْعَيْبِ كَوْنُهُ مُفَوِّتًا لِلْغِشِّ وَالْكَذِبِ لَا الْعَكْسِ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُفَوِّتًا لِلْغِشِّ كَوْنُهُ مُفَوِّتًا لِلْكَذِبِ، وَالْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَاءَ قَامَ بِالْعَيْبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا قِيَامَ لَهُ بِالْعَيْبِ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الْهَلَاكِ، وَالنَّحْوِ (قَوْلُهُ أَوْ حُدُوثُ قَلِيلِ الْعَيْبِ) أَيْ كَالرَّمَدِ (قَوْلُهُ وَكَحُدُوثِ عَيْبٍ مُتَوَسِّطٍ) أَيْ كَعَجَفِ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ فَقِيَامُهُ بِالْغِشِّ أَنْفَعُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَحْدُثْ عَيْبٌ أَصْلًا أَوْ حَدَثَ، وَكَانَ قَلِيلًا، وَأَرَادَ التَّمَاسُكَ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمَ فَلَا يَكُونُ الْقِيَامُ بِالْغِشِّ أَنْفَعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا إذَا كَانَ هُنَاكَ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ فَيُعْقَلُ كَوْنُ أَرْشِ الْعَيْبِ أَنْفَعَ مِنْ الْغِشِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفَوِّتَ لِلْعَيْبِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْيَدِ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ، وَهَذَا قِسْمٌ، وَإِمَّا أَنْ يَهْلَكَ أَوْ يَخْرُجَ لَا بِعِوَضٍ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَصْدُوقُ النَّحْوِ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِهِمَا، وَهَذَا قِسْمٌ، وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ بِهِ شَيْءٌ يَخْرُجُ عَنْ الْمَقْصُودِ فَهُوَ هَذَا الْقِسْمُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ أَيْ الْمُفِيتَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَكِبَرٍ صَغِيرِ إلَخْ أَيْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْيَدِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَبَيْعِهَا إلَخْ فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ فَالْخَارِجُ مِنْ الْيَدِ قِسْمَانِ هَلَاكٌ، وَبَيْعٌ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا الثَّالِثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْيَدِ (قَوْلُهُ فَيُرَدُّ إلَى قِيمَتِهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ بِالْغِشِّ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ فَقِيَامُهُ بِالْغِشِّ أَنْفَعُ لَهُ (قَوْلُهُ عَيْبٌ غَيْرَهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ شَيْءٌ غَيْرَهُ. {تَنْبِيهٌ} حَيْثُ قُلْنَا بِالتَّقْوِيمِ فِي الْفَوَاتِ فَهَلْ تُقَوَّمُ سَالِمَةً، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَوْ مَعِيبَةً، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ عَبْدُوسٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْبَيْعِ تَامًّا) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ، وَالصُّوفِ غَيْرِ التَّامِّ فَالْجَوَابُ أَنَّ الصُّوفَ غَيْرَ التَّامِّ فِيهِ مِنْ النَّفْعِ مَا لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي الثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْزَلُ أَوْ يُجْعَلُ حَشْوًا فِي نَحْوِ الْوِسَادَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُؤَلِّفُ اسْتَغْنَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي لَوْ تَرَكَهُ، وَلَمْ يَجُزَّهُ مَعَ الطُّولِ، وَأَمَّا لَوْ جَزَّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جَزِّهِ، وَلَا يَكْفِي عَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 قَوْلِهِ وَطُولِ زَمَانِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ضَمَّنَ جَذَّ مَعْنَى أَخَذَ فَصَحَّ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمَعْطُوفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِي الصُّوفِ جَزَّهُ بِالزَّايِ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَيُقَالُ فِيهَا جَذَّهَا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِي مَسْأَلَةِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَالصُّوفِ التَّامِّ فَهُوَ كَذِبٌ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ التَّامِّ فَهُوَ غِشٌّ (ص) ، وَإِقَالَةُ مُشْتَرِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ بَاعَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ ثُمَّ أَقَالَ الْمُشْتَرِيَ فِيهَا فَإِذَا أَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى أَصْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانٍ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا عَلَى ثَمَنِ الْإِقَالَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَهَا بِثَلَاثِينَ ثُمَّ تَقَايَلَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّلَاثِينَ، وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهَا مُرَابَحَةً، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ عَلَى الْعِشْرِينَ فَلَا بَيَانَ (ص) إلَّا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقَصَ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّقَايُلَ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَيَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَى مَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَةٍ كَأَحَدٍ وَثَلَاثِينَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ نُقْصَانٍ كَتِسْعَةٍ، وَعِشْرِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ حَقِيقَةً (ص) ، وَالرُّكُوبُ، وَاللُّبْسُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ الْمُنْقِصِ مِنْ الرُّكُوبِ لِلدَّابَّةِ وَاللُّبْسِ لِلثَّوْبِ الْكَثِيرَيْنِ كَرُكُوبِهَا فِي السَّفَرِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ كَذِبٌ (ص) وَالتَّوْظِيفُ، وَلَوْ مُتَّفَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً أَنْ يُبَيِّنَ التَّوْظِيفَ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَثَلًا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا، وَيُوَظِّفُ عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ مِنْهَا دِرْهَمًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ ذَلِكَ التَّوْظِيفَ مِنْهُ إذْ قَدْ يُخْطِئُ نَظَرُهُ فِي التَّوْظِيفِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الثِّيَابُ غَيْرَ مُتَّفِقَةٍ فِي الصِّفَةِ وَالْقِيمَةِ، وَلَا إشْكَالَ فِي الْبَيَانِ أَوْ كَانَتْ مُتَّفِقَةً فِي الْقَدْرِ، وَفِي الْقِيمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ قَدْ لَا يَرْضَى الْمُبْتَاعُ بِتَوْظِيفِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيَزِيدُ لِأَجْلِ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ قَالَ لِبُعْدِ الْخَطَأِ فِي الْمُتَّفَقِ، وَلِأَنَّ التَّوْظِيفَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ بَيْنَ التُّجَّارِ، وَمِنْ عَادَتِهِمْ فَقَوْلُهُ وَلَوْ مُتَّفَقًا أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُوَظَّفُ عَلَيْهِ مُتَّفِقًا فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَالتَّوْظِيفُ (ص) إلَّا مِنْ سَلَمٍ (ش) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْظِيفُ مُتَّفِقًا مِنْ سَلَمٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ فِيهِ إلَى الْأَجْزَاءِ وَالسَّلَمِ الْقَصْدُ مِنْهُ إلَى الصِّفَةِ، وَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ، وَقَيَّدَ فِيهَا الْجَوَازَ فِي السَّلَمِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْلِمُ تَجَاوَزَ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِأَخْذِ أَدْنَى مِمَّا فِي الذِّمَّةِ (ص) لَا غَلَّةِ رَبْعٍ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ تَبْيِينُ مَا يُكْرَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَبْعًا، وَهُوَ الْأَرْضُ، وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَاغْتَلَّهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً، وَلَا يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ اغْتَلَّهُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَلَّةِ الرِّبَاعِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ، وَأَمَّا الصُّوفُ التَّامُّ فَلَيْسَ بِغَلَّةٍ، وَغَيْرُ التَّامِّ فَيُبَيِّنُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ طُولَ الزَّمَانِ لِلْحَيَوَانِ كَمَا مَرَّ فَيُخَصُّ مَا هُنَا بِغَيْرِ ذَلِكَ (ص) كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى نِصْفَ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ اشْتَرَى أَوَّلًا بِكَذَا، وَثَانِيًا بِكَذَا، وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ إلَّا مُجَرَّدُ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْبَقِيَّةَ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَجَبَ الْبَيَانُ (ص) لَا إنْ، وَرِثَ بَعْضَهُ (ش) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] ذَلِكَ بَيَانُ طُولِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ فَصَحَّ تَسْلِيطُهُ) هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَدْرُ بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ وَصُوفٌ تَمَّ عَامِلٌ يُنَاسِبُهُ، وَهُوَ جَزَّ بِالزَّايِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) وَهِيَ بِحَالِهَا أَيْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ، وَلَا مُفِيتٌ، وَلَا يُفِيتُ هَذِهِ حَوَالَةُ سُوقٍ أَوْ نَقْصٌ خَفِيفٌ، وَلَا زِيَادَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا إلَخْ) هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَرَادَهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ) أَيْ لِنُفْرَةِ النُّفُوسِ مِمَّا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ، وَلَا يُرَدُّ أَنَّ هَذَا يَأْتِي فِيمَا إذَا بَاعَ عَلَى الْعَشَرَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النُّفْرَةِ مِنْ غُلُوِّهِ عِنْدَ بَيْعِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَهَذَا مُنْتَفٍ عِنْدَ بَيْعِهِ بِالْعَشَرَةِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذِبًا، وَقَوْلُهُ إلَّا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ طُولٍ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءً بَيْعٌ حَقِيقَةً) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّعْلِيلُ بِالنُّفْرَةِ، وَمَفْهُومُ إقَالَةٍ أَنَّ شِرَاءَهُ لَهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجِبُ الْبَيَانُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْآخَرِ، وَرَجَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ كَالْإِقَالَةِ مُسَاوَاةً وَنُقْصَانًا وَزِيَادَةً (قَوْلُهُ كَرُكُوبِهَا فِي السَّفَرِ) فُرِضَ مِثَالٌ، وَخَصَّهُ لِكَوْنِ الْغَالِبِ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً) أَيْ بَعْضَهَا لَا كُلَّهَا (قَوْلُهُ مُتَّفِقَةً فِي الصِّفَةِ وَالْقِيمَةِ) خَرَجَ الْمِثْلِيُّ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْبَيَانُ إذَا بَاعَ بَعْضَهُ مُرَابَحَةً عَلَى التَّوْظِيفِ حَيْثُ اتَّفَقَتْ أَجْزَاؤُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ رَغْبَةٌ فِي الْكُلِّ فَيَزِيدُ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَالرَّغْبَةُ فِي الْجُمْلَةِ لَا تَأْتِي فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ بَاعَ الْبَعْضَ مُرَابَحَةً لَا كُلَّ الثِّيَابِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غِشًّا فِي الْمُتَّفَقِ لِإِيهَامِ شِرَائِهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا فِي الْمُخْتَلِفِ لِاحْتِمَالِ خَطَئِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْظِيفُ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَّفَقُ حَصَلَ مِنْ سَلَمٍ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ شب، وَلَا فَرْقَ فِي التَّوْظِيفِ الَّذِي مِنْ سَلَمٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمَوَّاقِ، وَكَذَا فِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَالسَّلَمُ الْقَصْدُ مِنْهُ إلَى الصِّفَةِ) أَيْ، وَلِذَلِكَ لَوْ اُسْتُحِقَّ ثَوْبٌ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ رَجَعَ بِمِثْلِهِ لَا بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْضُ، وَمَا اتَّصَلَ بِهَا إلَخْ) فِي عب مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّسَامُحِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالرُّبْعِ الْأَرْضُ، وَمَا اتَّصَلَ بِهَا (قَوْلُهُ وَغَيْرُ التَّامِّ إلَخْ) أَيْ فَغَيْرُ التَّامِّ غَلَّةٌ (قَوْلُهُ لَا إنْ، وَرِثَ بَعْضَهُ) مِثْلُ الْإِرْثِ مَا حَصَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَرِثَ بَعْضَ شَيْءٍ، وَاسْتَكْمَلَ بَاقِيَهُ بِالشِّرَاءِ كَمَا لَوْ وَرِثَ النِّصْفَ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ بِعَشَرَةٍ أَوْ الْعَكْسُ، وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْبَعْضَ الْمُشْتَرَى مُرَابَحَةً، وَأَخْبَرَ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ عَشَرَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْرُوثٌ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا ابْتَاعَ، وَمَا وَرِثَ، وَإِذَا بَيَّنَ فَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى مَا ابْتَاعَ فَإِنْ بَاعَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ، وَفَاتَ فَالْمَبِيعُ، وَهُوَ النِّصْفُ نِصْفُهُ مُشْتَرًى فَيَمْضِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَنِصْفِ الرِّبْحِ، وَنِصْفُهُ الْآخَرِ مَوْرُوثٌ فَيَمْضِي بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالرِّبْحِ لِسَرَيَانِ الْمَوْرُوثِ فِي أَجْزَاءِ مَا اشْتَرَى، وَقَوْلُنَا وَأَرَادَ بَيْعَ الْبَعْضِ الْمُشْتَرَى مُرَابَحَةً احْتِرَازٌ مِنْ الْبَعْضِ الْمَوْرُوثِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ مُرَابَحَةً إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ (ص) وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ وُجُوبُ الْبَيَانِ فِيمَا وَرِثَ بَعْضَهُ، وَاشْتَرَى بَعْضَهُ الْآخَرَ إنْ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِ النِّصْفِ الْمُشْتَرَى لِيَكْمُلَ لَهُ مَا وَرِثَ نِصْفَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ فَيَبِيعُ النِّصْفَ الْمُشْتَرَى مُرَابَحَةً، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْرُوثٌ أَوْ وُجُوبُ الْبَيَانِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا اشْتَرَى النِّصْفَ ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهَا أَنْ يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ زَادَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لِيَكْمُلَ لَهُ جَمِيعُهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِتَكْمِيلِ مَا وَرِثَ أَكْثَرَ قَصْدًا مِنْهُ إلَيْهَا لِتَكْمِيلِ مَا اشْتَرَى قَبْلُ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ غَلَطَ الْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ لَا قِيَامَ بِهِ أَشَارَ إلَى غَلَطِ الْمُرَابَحَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ غَلِطَ بِنَقْصٍ، وَصُدِّقَ أَوْ أَثْبَتَ رَدَّ أَوْ دَفَعَ مَا تَبَيَّنَ، وَرِبْحَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ غَلِطَ الْبَائِعُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِأَنْقَصَ عَمَّا اشْتَرَاهُ، وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَتَى مِنْ رَقْمِ الْمَبِيعِ أَوْ حَالِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّهِ إلَى بَائِعِهِ أَوْ دَفَعَ الصَّحِيحَ مَعَ رِبْحِهِ فَقَوْلُهُ بِنَقْصٍ مُتَعَلِّقٌ بِغَلِطَ، وَالْبَاءُ بَاءُ الْآلَةِ لِأَنَّ النَّقْصَ آلَةُ الْغَلَطِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ نَقْصًا مُصَاحِبًا لِلْغَلَطِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْلِيقِهِ بِمِقْدَارٍ أَيْ فَأَخْبَرَ بِنَقْصٍ (ص) وَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ مُشْتَرِيهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَقِيمَتِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ بَاعَ مُرَابَحَةً، وَغَلِطَ عَلَى نَفْسِهِ بِنَقْصٍ، وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ الصَّحِيحَ الَّذِي تَبَيَّنَ وَرِبْحَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ عَنْ الْغَلَطِ، وَرِبْحَهُ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ فَجُعِلَ النَّقْصُ مُفِيتًا، وَمَا لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْكَذِبِ وَالْغِشِّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِهِمَا مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوْتِهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ كَذَبَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ وَرَبِحَهُ بِخِلَافِ الْغِشِّ (ش) يَعْنِي إنَّ الْبَائِع إذَا كَذَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بِأَنْ زَادَ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ عَلَى مَا هُوَ فِي الْوَاقِعِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ مَثَلًا فَيُخْبِرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ، وَبَاعَهَا مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ حَطَّ الْبَائِعُ مَا كَذَبَ بِهِ عَلَيْهِ، وَرِبْحَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ، وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ أَوْ يَأْخُذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ بِخِلَافِ الْغِشِّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ، وَإِنْ حَطَّ بَائِعُهُ عَنْهُ مَا غَشَّهُ بِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ مَثَلًا، وَيُرَقِّمُ عَلَيْهَا عَشَرَةً ثُمَّ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَانِيَةِ لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّهُ غَلِطَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ غِشٌّ وَخَدِيعَةٌ فَالْمُشْتَرِي فِي حَالَةِ الْغِشِّ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ فَقَوْلُهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ أَيْ لَزِمَ الْمَبِيعُ الْمُشْتَرِي إنْ حَطَّهُ أَيْ الْكَذِبَ بِمَعْنَى الْمَكْذُوبِ بِهِ بِخِلَافِ الْغِشِّ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَالْمُخَالَفَةُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ، وَلَيْسَ هُنَا حَطِيطَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ هُنَا حَطِيطَةٌ، وَهِيَ الرِّبْحُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ   [حاشية العدوي] وَإِعْرَابٍ لَا أَنَّ وِرْثَ بَعْضِهِ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ مُقَدَّرًا أَيْ لَا كَتَكْمِيلِ مِلْكِهِ إنْ وَرِثَ بَعْضَهُ، وَيَصِحُّ فَتْحُ الْهَمْزَةِ قَالَهُ الْبَدْرُ (أَقُولُ) أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَكْمِيلُهُ بِإِرْثِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ وَفَاتَ) فَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ أَوْ التَّمَسُّكُ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ لِتَرَقُّبِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ رَدَّ أَوْ دَفَعَ) أَيْ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ وَبَيْنَ أَنَّهُ دَفَعَ أَيْ يَدْفَعُ مَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) هَذَانِ الْأَمْرَانِ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَصُدِّقَ (قَوْلُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ) أَيْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحَلِفَ مَعَ الْقَرِينَةِ أَيْ وَأَمَّا التَّصْدِيقُ، وَالْبَيِّنَةُ فَلَا حَلِفَ مَعَهُمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّقْصَ آلَةُ الْغَلَطِ) فِيهِ شَيْءٌ إذْ الْآلَةُ غَيْرُ مَا يُفْعَلُ، وَالنَّقْصُ نَفْسُهُ نَفْسُ الْغَلَطِ، وَكَذَا الْمُصَاحِبُ بِالْكَسْرِ غَيْرُ الْمُصَاحَبِ بِالْفَتْحِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ) أَيْ فَلَيْسَتْ بِمُفِيتَةٍ هُنَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْكَذِبِ فَهِيَ فَوْتٌ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ قِيمَتَهُ أَيْ حَيْثُ كَانَ مُقَوَّمًا فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا ضَمِنَ مِثْلَهُ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالتَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ فَجُعِلَ النَّقْصُ مُفِيتًا) أَيْ فَجُعِلَ النَّقْصُ أَيْ نَقْصُ الْقِيمَةِ عَنْ الْغَلَطِ مُفِيتًا لِدَفْعِهَا (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى الثَّمَنِ الصَّحِيحِ، وَرِبْحِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ أَيْ فَيَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْمُدَوَّنَةِ فَيَقُولُ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ الْغَلَطِ، وَرِبْحِهِ، وَمَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَرِبْحِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (أَقُولُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ إذَا زَادَتْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَرِبْحِهِ لَا يَعْمِدُ إلَيْهَا الْعَاقِلُ [حُكْمِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوْتِهَا] (قَوْلُهُ إنْ حَطَّ عَنْهُ بَائِعُهُ مَا غَشَّهُ بِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ غِشَّهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى عَشَرَةٍ فِي الرَّقْمِ فَلَا يَتَأَتَّى حَطٌّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهِيَ الرِّبْحُ) لِأَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 كَذَبَ أَيْ بِزِيَادَةٍ، وَعَبَّرَ مَعَ الْغَلَطِ بِالنَّقْصِ، وَمَعَ الْكَذِبِ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ لِأَنَّ الْغَلَطَ يُنَاسِبُهُ النَّقْصُ، وَالْكَذِبَ يُنَاسِبُهُ الزِّيَادَةُ فَعَبَّرَ مَعَ كُلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَإِلَّا فَالْكَذِبُ، وَالْغَلَطُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ (ص) وَإِنْ فَاتَتْ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعُ إذَا غَشَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ رِبْحٍ عَلَيْهَا (ص) وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ (ش) أَيْ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فِي حَالَةِ الْكَذِبِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ أَيْ الْكَذِبِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي هُوَ الصَّوَابُ كَمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ مَا لَمْ تَزِدْ إلَخْ فَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَمَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ فِيهِ عَنْ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُهَا الْبَائِعُ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ وَلَمَّا كَانَ الْغَاشُّ أَعَمَّ مِنْ الْمُدَلِّسِ لِأَنَّ مَنْ طَالَ زَمَانُ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ غَاشٌّ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مُدَلِّسٌ أَوْ بَاعَ عَلَى غَيْرِ مَا عَلَيْهِ عَقْدٌ أَوْ نَقْدٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ غَاشٌّ عِنْدَ سَحْنُونَ، وَلَيْسَ بِمُدَلِّسٍ أَفْرَدَ الْمُدَلِّسَ بِحُكْمٍ يَخُصُّهُ فَقَالَ (ص) وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ كَغَيْرِهَا (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ كَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرَّدِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَاسُكِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَيَحْتَمِلُ كَغَيْرِهَا فِيمَا مَرَّ مِنْ الْمَسَائِلِ السِّتِّ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ إلَخْ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ تَارَةً، وَوُضِعَ مِنْهُ أُخْرَى شَرَعَ فِيمَا يُشْبِهُهَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِبَابِ التَّدَاخُلِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَبِيعِ تَارَةً، وَنَقْصٌ مِنْهُ أُخْرَى فَقَالَ {فَصْلٌ} فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَمِنْهُ مَا يُخَالِفُ فِيهِ عُرْفُ الشَّرْعِ اللُّغَةَ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) تَنَاوَلَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ، وَالْأَرْضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى بِنَاءٍ أَوْ عَلَى شَجَرٍ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ الَّتِي هُمَا فِيهَا لَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى يُشْتَرَطَ أَفْرَادُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ عَنْهَا، وَالْعَقْدُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا أَوْ وَصِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ وَقْفًا أَوْ هِبَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (ص) وَتَنَاوَلَتْهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأَرْضِ يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ اللَّذَيْنِ فِيهَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ   [حاشية العدوي] يَدْفَعُ الثَّمَنَ الْأَصْلِيَّ وَحْدَهُ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ، وَلَا يُضْرَبُ رِبْحٌ عَلَى ذَلِكَ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا) وَكَذَا نَقُولُ فِي الْكَذِبِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَلَطِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت) أَيْ الْقَائِلِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْمُبْتَاعِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّخْيِيرُ لِلْمُبْتَاعِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ، وَرِبْحِهِ مَعْنًى صَحِيحٌ الثَّالِثُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْقِيمَةُ عَنْ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ غَاشٌّ عِنْدَ سَحْنُونَ إلَخْ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ غَاشًّا أَنَّهُ عِنْدَ الْفَوَاتِ يَلْزَمُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ عج، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ بِمَا نَقَدَ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَفِي حَالَةِ الْقِيَامِ لَهُ الرَّدُّ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا نَقَدَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْغِشِّ، وَقَدْ عَلِمْته، وَلَا لَهُ حُكْمُ التَّدْلِيسِ لِأَنَّ الْمُدَلِّسَ بِالْعُيُوبِ يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغِشِّ عِنْدَ سَحْنُونَ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغِشِّ عِنْدَهُ، وَلَا حُكْمَ الْكَذِبِ، وَلَا حُكْمَ الْعَيْبِ، وَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ غَيْرَ سَحْنُونَ يَقُولُ إنَّهُ مُدَلِّسٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ) لَوْ قَالَ عَيْبُ الْمُرَابَحَةِ كَغَيْرِهَا لَكَانَ أَشْمَلَ لَكِنَّهُ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ أَتَى فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فَجَاءَ كَلَامُهُ حَسَنًا مُحَشِّي تت، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّف بِالْمُدَلِّسِ مَنْ فِي سِلْعَتِهِ عَيْبٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ تَارَةً يَكُونُ مُفِيتًا، وَتَارَةً يَكُونُ مُتَوَسِّطًا، وَتَارَةً يَكُونُ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَتَارَةً لَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَرُدَّ، وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْحَادِثِ أَوْ يَتَمَاسَكَ، وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، وَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا لَكَانَ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ يَرُدُّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ أَيْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ إنْ نَقَصَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) تَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَكَانَ مُتَوَسِّطًا، وَرُدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ فَإِذَا رُدَّ يَدْفَعُ أَرْشَ الْحَادِثِ [فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَابِ التَّدَاخُلِ] (قَوْلُهُ وَنَقَصَ) تَرَكَ الْمُسَاوَاةَ مَعَ أَنَّهَا هِيَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُرَابَحَةِ {فَصْلٌ تَنَاوَلَ الْبِنَاءَ إلَخْ} (قَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا يُخَالِفُ عُرْفَ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ، وَأَمَّا اللُّغَةُ فَلَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ (قَوْلُهُ الَّتِي هُمَا فِيهَا) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ حَرِيمُهَا كَذَا أَفَادَهُ السَّنْهُورِيُّ وتت، وَالشَّيْخُ خَضِرٌ، وَاسْتَظْهَرَ دُخُولَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ يَتَنَاوَلُ لَفْظُ الشَّجَرِ الْأَغْصَانَ وَالْأَوْرَاقَ وَالْعُرُوقَ اهـ. وَالْعُرُوقُ يَتَّسِعُ مَحَلُّهَا بِبَعْضِ الشَّجَرِ، وَفِي شَرْحِ شب تَرْجِيحُ مَا لِلسَّنْهُورِيِّ وتت أَيْ تَبَعًا لعج قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلِيُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عج عَزَاهُ لِجَمَاعَةٍ، وَأَقُولُ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ، وَإِلَيْهِ نَحَا عب (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ إلَخْ) وَمِثْلُ الشَّرْطِ الْعُرْفُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 وَهَذَا حَيْثُ لَا شَرْطَ، وَلَا عَادَةَ بِخِلَافِهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ إلَّا بِشَرْطٍ لِهَذَا أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرٌ أُبِّرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِلسُّنَّةِ لِخَبَرِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا، وَفِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ» ، وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِابْنِ عَتَّابٍ (ص) لَا الزَّرْعُ وَالْبَذْرُ (ش) صَوَابُهُ، وَالْبَذْرُ وَلَا الزَّرْعُ أَيْ وَتَنَاوَلَتْ الْأَرْضُ الْبَذْرَ الْمُغَيَّبَ فِيهَا لَا الزَّرْعَ الْبَارِزَ عَلَى وَجْهِهَا لِأَنَّ إبَارَ الزَّرْعِ خُرُوجُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ، وَعَلَى نُسْخَةِ لَا الزَّرْعَ وَالْبَذْرَ يَكُونُ الْبَذْرُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُثْبَتِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْتِيتٌ فِي الْعَطْفِ عَلَى الْمُثْبَتِ تَارَةً، وَعَلَى الْمَنْفِيِّ أُخْرَى، وَهُوَ عَطَفَ مَدْفُونًا عَلَى الزَّرْعِ فَيَكُونُ فَصَلَ بِمُثْبَتٍ بَيْنَ مَنْفِيَّيْنِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ الْبَذْرِ عَلَى الزَّرْعِ، وَأَنْ يَقُولَ وَتَنَاوَلَتْهُمَا، وَالْبَذْرُ لَا الزَّرْعُ، وَلِقَوْلِهِ (وَمَدْفُونًا) أَيْضًا بِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا وُجِدَ مَدْفُونًا بِالْأَرْضِ لَا حَقَّ لِلْمُبْتَاعِ فِيهِ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ إذَا ادَّعَاهُ، وَأَشْبَهَ، وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَبِعِبَارَةٍ وَلَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضُ الْمَدْفُونَ فِيهَا مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ عُمَدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ الَّذِي عَلِمَ صَاحِبُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (كَلَوْ جَهِلَ) صَاحِبُهُ، وَقَوْلُهُ وَمَدْفُونًا يُشْعِرُ بِقَصْدِ الدَّفْنِ فَيَخْرُجُ مَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ كَالْحِجَارَةِ الْمَخْلُوفَةِ فِي الْأَرْضِ وَالْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ أَيْ الْقَدِيمَةِ الْمَنْسُوبَةِ لِعَادٍ فَكُلُّ قَدِيمٍ يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ قَالَ ح فِيمَا إذَا كَانَ الْمَدْفُونُ جُبًّا أَوْ بِئْرًا إنَّ الْمُبْتَاعَ يُخَيَّرُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ، وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ أَرْضِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَنَاوُلِ الْأَرْضِ لِلْمَدْفُونِ عَدَمُ تَخْيِيرِ الْمُبْتَاعِ عَلَى مَا فِي ح ثُمَّ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَا الزَّرْعُ، وَمَدْفُونًا قَوْلُهُ (ص) وَلَا الشَّجَرُ الْمُؤَبَّرُ أَوْ أَكْثَرُهُ إلَّا بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أُصُولًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَنَاوَلُهَا، وَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْمُؤَبَّرِ أَيْ الْمُؤَبَّرِ هُوَ أَوْ أَكْثَرُهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِضَمِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالتَّأْبِيرُ خَاصٌّ بِالنَّخْلِ الصِّحَاحُ التَّأْبِيرُ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى لِئَلَّا تَسْقُطَ ثَمَرَتُهَا، وَهُوَ اللِّقَاحُ ابْنُ حَبِيبٍ شَقُّ الطَّلْعِ عَنْ الثَّمَرِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَالتَّأْبِيرُ فِي التِّينِ، وَمَا لَا زَهْرَ لَهُ أَنْ تَبْرُزَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا، وَتَتَمَيَّزَ عَنْ أَصْلِهَا، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَإِبَارُهُ أَنْ يَبْرُزَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي مَعْنَى الْمَأْبُورِ كُلُّ ثَمَرَةٍ انْعَقَدَتْ، وَظَهَرَتْ لِلنَّاظِرِينَ (ص) كَالْمُنْعَقِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أُصُولًا، وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ انْعَقَدَتْ جَمِيعُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا كَالْخَوْخِ، وَالتِّينِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ (ص) وَمَالِ الْعَبْدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَتَّابٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ حَيْثُ تَنَاوَلَتْ الْأَرْضُ الشَّجَرَ، وَهُوَ أَصْلُ الثَّمَرِ الْمُؤَبَّرِ فَتَتَنَاوَلُهُ بِالْأَوْلَى، وَجَوَابُهُ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَيْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَلَا يَحْسُنُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ عَتَّابٍ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ شَجَرًا أَيْ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ) أَيْ فَإِنَّهُمَا جُزْءٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ) وَمُقَابِلُهَا إنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ الْبَذْرَ فَعَلَى هَذَا إبَارُهُ وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُثْبَتِ تَارَةً، وَهُوَ عَطْفُ الْبَذْرِ عَلَى الضَّمِيرِ فِي وَتَنَاوَلَتْهُمَا، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْمَنْفِيِّ أُخْرَى، وَهُوَ عَطْفُ مَدْفُونًا عَلَى الزَّرْعِ، وَقَوْلُهُ فَصَلَ بِمُثْبَتٍ، وَهُوَ الْبَذْرُ بَيْنَ مَنْفِيَّيْنِ، وَهُوَ الزَّرْعُ، وَمَدْفُونًا (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ وَمَدْفُونًا إلَخْ) أَيْ لِتَعْيِينِ الْمُرَادِ، وَلِقَوْلِهِ وَمَدْفُونًا أَيْضًا أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَدْفُونًا لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ عَدَمَ الْإِدْخَالِ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْبَذْرِ لِأَنَّ عَدَمَ تَقْدِيمِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَدْفُونَ حُكْمُهُ فِي الدُّخُولِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَعْلُومَ) أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَعْلُومَ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ إذَا ادَّعَاهُ إلَخْ) هَذَا يَأْتِي فِي الْمَجْهُولِ إذَا ادَّعَاهُ وَأَشْبَهَ أَنْ يَمْلِكَهُ هُوَ أَوْ مُوَرِّثُهُ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَاعَ الْأَرْضَ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَإِنْ عَلِمَهُ حِينَ بَيْعِهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَلَا قِيَامَ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ) أَيْ أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ يُعَرِّفُهُ سَنَةً أَيْ لِأَنَّهُ جَهِلَ صَاحِبَهُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ مَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ) أَيْ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا الْبِئْرُ الْعَادِيَّةُ أَيْ الَّتِي لِلْجَاهِلِيِّ لَا لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ، وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَقَوْلُهُ فَكُلُّ قَدِيمٍ أَيْ لِأَنَّ كُلَّ قَدِيمٍ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَكَأَنَّهُ قَالَ أَيْ بِئْرٌ تُبَاعُ يُقَالُ فِيهَا عَادِيَّةٌ لَا خُصُوصُ بِئْرٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ كُلَّ قَدِيمٍ يُقَالُ فِيهِ عَادِيٌّ فَإِذَا كَانَ مُؤَنَّثًا تُزَادُ فِيهِ التَّاءُ، وَعِبَارَةُ عب بِالْوَاوِ حَيْثُ قَالَ وَكُلُّ إلَخْ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ يُخَيَّرُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُنَا مُعَيَّنٌ فَإِنْ قَلَّ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَإِنْ كَثُرَ وَجَبَ رَدُّهُ، وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي إلَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي النِّصْفَ فَأَكْثَرَ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَجَبَ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ قَدْ أُبِّرَتْ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا) وَمَفْهُومُ أَكْثَرِهَا شَيْئَانِ النِّصْفُ، وَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ، وَالْأَقَلُّ الْمُؤَبَّرُ، وَهُوَ يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ، وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ فَلِلْمُبْتَاعِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ شَرْطُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى خِلَافًا لِتَصْحِيحِ اللَّخْمِيِّ الْجَوَازُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ مِنْ الْمُبْتَاعِ لِجَمِيعِ مَا أُبِّرَ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيْعَ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِخِلَافِ شَرْطِ بَعْضِ الْمُزْهِي. {تَنْبِيهٌ} أَرَادَ بِالْمُؤَبَّرِ مَا بَلَغَ حَدَّ الْإِبَارِ كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ لَا مَا أُبِّرَ بِالْفِعْلِ، وَإِذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ، وَالْمُبْتَاعُ فِي التَّأْبِيرِ وَعَدَمِهِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ اللِّقَاحُ) أَيْ أَنَّ التَّأْبِيرَ يُقَالُ لَهُ لِقَاحٌ (قَوْلُهُ شَقُّ الطَّلْعِ عَنْ الثَّمَرِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ فَالثَّمَرَةُ مُسْتَتِرَةٌ فَتَظْهَرُ بِالشَّقِّ أَيْ وَيَذُرُّ فِيهِ مِنْ طَلْعِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ وَالتَّأْبِيرُ فِي التِّينِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَالتَّأْبِيرُ خَاصٌّ بِالنَّخْلِ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ كَالْمُنْعَقِدِ (قَوْلُهُ وَمَا لَا زَهْرَ لَهُ) أَيْ لَا نَوْرَ لَهُ (قَوْلُهُ وَتَتَمَيَّزُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ) هَذَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا نَزْعُهُ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ فَحِينَ بَاعَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ قَبِلَهُ فَلِلْمُبْتَاعِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 (ش) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى كَالْمُنْعَقِدِ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَبْدِ الْكَامِلِ الرِّقِّ مَالُهُ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَإِضَافَةُ الْمَالِ لِلْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ مِلْكًا غَيْرَ تَامٍّ، وَلَا يُشْكَلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَثَلِ بِعَبْدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُنَا الْكَامِلِ الرِّقِّ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا أَوْ مُبَعَّضًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَبْقَى بِيَدِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا يَخْدُمُ فِيهِ سَيِّدَهُ فَإِذَا مَاتَ يَوْمًا مَا وَرِثَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ، وَقَوْلُهُ وَمَالِ الْعَبْدِ شَامِلٌ لِلْحَالَاتِ الثَّلَاثِ أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ أَوْ يَشْتَرِطُهُ مُبْهَمًا، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَبَعْضِ الصُّبْرَةِ، وَبَعْضِ الزَّرْعِ، وَبَعْضِ حِلْيَةِ السَّيْفِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عَبْدَيْنِ، وَاسْتِثْنَاءُ مَالِ أَحَدِهِمَا (ص) وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ (ش) الْخِلْفَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يَخْلُفُ مِنْ الزَّرْعِ بَعْدَ جَزِّهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَفَ شَيْئًا فَهُوَ خِلْفَتُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْقَصِيلِ كَالْقَصَبِ وَالْقُرْطِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ خِلْفَتَهُ وَلَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِلْفَةِ بِشُرُوطٍ أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً بِأَنْ تَكُونَ فِي بَلَدِ السَّقْيِ لَا فِي بَلَدِ الْمَطَرِ. الثَّانِي: أَنْ يُشْتَرَطَ كُلُّ الْخِلْفَةِ لَا بَعْضُهَا. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَرْكُ الْأَصْلِ إلَى أَنْ يُحَبِّبَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا خِلْفَةَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَبِّ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَرْكُ الْخِلْفَةِ إلَى أَنْ تُحَبِّبَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ   [حاشية العدوي] أَيْ الَّذِي هُمَا السَّيِّدَانِ، وَعِبَارَةُ شب إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَاهُ عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَبْقَى بِيَدِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ مِنْهُ) وَلَا يَنْتَزِعُهُ مُشْتَرٍ، وَلَا بَائِعٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ وَرِثَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ) فِيهِ تَجَوُّزٌ إذْ هُوَ يَأْخُذُ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا لَا إرْثًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ حُرٌّ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي حَالِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ لَا فِي حَالِ الِاشْتِرَاطِ إلَّا أَنَّهُ إذَا شَرَطَهُ لِلْعَبْدِ يَبْقَى بِيَدِ الْعَبْدِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي، وَاشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ يَجُوزُ بِشُرُوطٍ أَنْ يَشْتَرِطَ جَمِيعَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَنْ يَكُونَ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِمَا يُبَاعُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ تت فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذَا الثَّالِثِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلَهُ ثَلَاثُ أَحْوَالٍ حَالٌ يَشْتَرِطُهُ لِلْعَبْدِ فَيَتْبَعُهُ، وَيُقَرُّ فِي يَدِهِ كَمَا كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَنْتَزِعَهُ مُشْتَرِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ دَيْنًا، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالثَّمَرَةِ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَحَالٌ يَشْتَرِطُهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْبَغْدَادِيَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ لَا، وَهُوَ تَبَعٌ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا، وَإِلَّا كَانَ شِرَاءُ مَعْلُومٍ، وَمَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمُرَاعَاةِ كَوْنِ الْمَالِ بِمَا يُبَاعُ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ تت فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنَّ مَالَ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِهِ كَالْعَدَمِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ ذَهَبًا، وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَلَوْ لِأَجَلٍ، وَتَارَةً يَشْتَرِطُهُ مُبْهَمًا لَا لِلْعَبْدِ، وَلَا لِنَفْسِهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ أَوْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ مُبْهَمًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ اشْتِرَاطِهِ مُبْهَمًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ أَيْ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ الشَّرْطُ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَوْ أُلْحِقَ شِرَاءُ مَالِهِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِي الشَّامِلِ الْمَشْهُورِ الصِّحَّةُ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا أَبْهَمَ الْمُشْتَرِي فِي اشْتِرَاطِهِ لَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيَجُوزُ كَذَا صَرَّحُوا بِمُقَابِلِهِ ثُمَّ أَقُولُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ عَيْنًا أَمْ لَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، عَلِمَ قَدْرَ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا. وَلَعَلَّ الْمَنْعَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا أَوْ مَعْلُومًا، وَكَانَ مَالُ الْعَبْدِ عَيْنًا، وَاشْتَرَاهُ بِعَيْنٍ إمَّا مُوَافَقَةٌ كَأَنْ يَكُونَا ذَهَبَيْنِ أَيْ وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ الْبَعْضُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوْ مَالُ الْعَبْدِ ذَهَبًا، وَاشْتَرَاهُ بِفِضَّةٍ فَيُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فَيُمْنَعُ فِي مَوْضِعِ الْمَنْعِ، وَسِرُّ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَعْضِ تَظْهَرُ الْقَصْدِيَّةُ بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ فَهُوَ بَيْعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ كَبَعْضِ الصُّبْرَةِ) الْمُنَاسِبُ، وَالصَّوَابُ كَبَعْضِ الثَّمَرَةِ، وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ الْأَشْجَارَ الَّتِي عَلَيْهَا ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ، وَيَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَرَةِ، وَتَقَدَّمَ وَجْهُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ وَبَعْضِ الزَّرْعِ) أَيْ أَنْ يَبِيعَهُ أَرْضًا، وَفِيهَا زَرْعٌ، وَيَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الزَّرْعِ، وَالْعِلَّةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ فِيهِ بَيْعَ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْته قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ بَعْضَ مَا أُبِّرَ أَوْ بَعْضَ مَا خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيْعَ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ بَعْضِ مَا أُزْهِيَ أَوْ بَعْضِ مَا يَبِسَ مِنْ الزَّرْعِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ بَعْضِ ذَلِكَ كَاشْتِرَاطِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فَدَّانَيْنِ، وَاشْتُرِطَ زَرْعُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ بِالْجَوَازِ عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ كُلَّ فَدَّانٍ بِالْبَيْعِ، وَاشْتَرَطَ زَرْعَهُ جَازَ حَكَاهُ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ وَبَعْضِ حِلْيَةِ السَّيْفِ) صُورَتُهَا وَجَدَ سَيْفًا مُحَلًّى بِفِضَّةٍ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ السَّيْفَ مَعَ بَعْضِ الْحِلْيَةِ بِنَقْدٍ مِنْ نَوْعِ الْحِلْيَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي) وَلَا يَدْخُلُ الْبَطْنُ الثَّانِي بِشِرَاءِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ) وَهَذِهِ الشُّرُوطُ إنَّمَا هِيَ فِي الِاشْتِرَاطِ، وَأَمَّا فِي شِرَائِهَا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا، وَيُشْتَرَطُ مِنْهَا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا قَبْلَ جُذَاذِ الْأَصْلِ لَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ غَيْرُ تَابِعٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 الرَّابِعُ أَنْ يَبْلُغَ الْأَصْلُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَإِنْ أُبِّرَ النِّصْفُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ أُبِّرَ النِّصْفُ أَوْ انْعَقَدَ النِّصْفُ أَوْ مَا قَارَبَهُ فَمَا أُبِّرَ أَوْ انْعَقَدَ فَلِلْبَائِعِ إلَّا لِشَرْطٍ، وَمُقَابِلُ ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَا أُبِّرَ فِي نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا، وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ فِي نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَا أُبِّرَ شَائِعًا فِي كُلِّ نَخْلَةٍ، وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ شَائِعًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ كُلُّهُ لِلْمُبْتَاعِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي تَسْلِيمِهِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ، وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَقِيلَ الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ ابْنُ الْعَطَّارِ، وَاَلَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا أَحَدِهِمَا بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ لِلْآخَرِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ (ص) وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ (ش) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْأَصْلُ لِأَحَدِهِمَا، وَالثَّمَرَةُ لِلْآخَرِ أَوْ بَيْنَهُمَا فَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي أَوْ لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْ الْمَأْبُورِ وَالْمُنْعَقِدِ السَّقْيُ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِجَذِّ الثَّمَرَةِ فِيهِ مَا لَمْ يَضُرَّ سَقْيُ الْمُشْتَرِي بِأَصْلِ الْبَائِعِ أَوْ سَقْيُ الْبَائِعِ بِثَمَرِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَا لَمْ يَضُرَّ سَقْيُ الْبَائِعِ بِأَصْلِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا حَيْثُ لَا مُشَاحَّةَ، وَأَمَّا مَعَ الْمُشَاحَّةِ فَالسَّقْيُ عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقِسْمَةِ (ص) وَالدَّارُ الثَّابِتُ كَبَابٍ وَرَفٍّ وَرَحًى مَبْنِيَّةٍ بِفَوْقَانِيَّتِهَا، وَسُلَّمٍ سُمِّرَ، وَفِي غَيْرِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الدَّارِ يَتَنَاوَلُ الثَّابِتَ حِينَ الْعَقْدِ كَبَابِهَا غَيْرِ الْمَخْلُوعِ، وَكَذَا رَفُّهَا، وَالرَّحَى الْمَبْنِيَّةُ فِيهَا مَعَ فَوْقَانِيَّتِهَا وَالسُّلَّمِ الْمُسَمَّرِ فِيهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَهَلْ كَذَلِكَ غَيْرُ الْمُسَمَّرِ أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ بَلْ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ الرَّحَى عَلَى السُّفْلِيِّ تَجَوُّزًا، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ الرَّحَى اسْمٌ لِلسُّفْلَى وَالْعُلْيَا، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ بِفَوْقَانِيَّتِهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفَصِّلِ بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ، وَلَوْ قَالَ بِفَوْقِيَّتِهَا كَانَ أَخْصَرَ (ص) وَالْعَبْدُ ثِيَابُ مَهْنَتُهُ (ش) الْمَهْنَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ الْخِدْمَةُ، وَالْمَاهِنُ الْخَادِمُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ عَلَى الْأَمَةِ يَتَنَاوَلُ ثِيَابَهُ الْخَلِقَةَ، وَأَمَّا ثِيَابُ الزِّينَةِ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (ص) وَهَلْ يُوفِي بِشَرْطِ عَدَمِهَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ لَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا شَرَطَ أَنَّ ثِيَابَ الْمَهْنَةِ لَهُ بِأَنْ قَالَ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَبِيعُك الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ خَلَا ثِيَابَ الْمَهْنَةِ هَلْ يُوفِي لَهُ بِذَلِكَ، وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا ثِيَابِ مَهْنَةٍ أَوْ لَا يُوفِي لَهُ بِذَلِكَ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَصُحِّحَ تُرَدُّ فَقَوْلُهُ، وَصُحِّحَ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِ أَوْ لَا، وَمَا بَيْنَهُمَا نَظَائِرُ تَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا ، وَلَمَّا   [حاشية العدوي] ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَبْلُغَ الْأَصْلُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ الْقَصِيلُ عَلَى الْقَطْعِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ لِلْمُصَنِّفِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ خِلْفَتِهِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْخِلْفَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ مَقْصُودَةً بِالْبَيْعِ كَالْأَصْلِ أَوْ أَعْظَمَ فَيَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ قَصْدًا، وَأَمَّا إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ فَهِيَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ ابْنُ الْعَطَّارِ إلَخْ) هَذَا خَامِسٌ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (أَقُولُ) حَيْثُ ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّامِلُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ السَّقْيُ إنْ كَثُرَ نَفَعَ الْأَصْلَ، وَضَرَّ الثَّمَرَةَ وَإِنْ قَلَّ نَفَعَ الثَّمَرَةَ، وَضَرَّ الْأَصْلَ (قَوْلُهُ أَيْ لِكُلِّ إلَخْ) هَذَا عَلَى مَا فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ شَيْخِهِ وَابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَالثَّمَرُ لِلْآخَرِ) أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَرُ لِلْبَائِعِ كُلِّهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَرُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَيْنَهُمَا، وَالْأُصُولُ لِلْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لِكُلِّ إلَخْ هَذَا عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ أَوْ لِكُلٍّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ الْمَوْضُوعَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضُرَّ سَقْيُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُعْقَلُ إلَّا فِي الشِّرَاءِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا لَمْ يَضُرَّ سَقْيُ الْبَائِعِ بِأَصْلِ الْمُشْتَرِي) يُنَاسِبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ الْمُشَاحَّةِ) لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي الْقِسْمَةِ وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ كَبَائِعِهِ الْمُسْتَثْنَى ثَمَرَتُهُ حَتَّى يُسْلَمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لِلزَّرْقَانِيِّ قَالَ عج، وَيُبْعِدُهُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ قَالَ عب بَلْ لَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الضَّرَرِ مَعَ التَّرَاضِي أَيْ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّرَاضِي عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ أَيْ إذَا انْتَفَى الضَّرَرُ فَعِنْدَ التَّرَاضِي لِكُلٍّ السَّقْيُ، وَعِنْدَ الْمُشَاحَّةِ يُقْضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالسَّقْيِ (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهِ قَوْلَانِ) إنَّمَا جَرَى فِي هَذَا قَوْلَانِ دُونَ الْبَابِ الْمُلْقَى بِهَا الْمَقْلُوعِ مِنْ مَحَلٍّ فِيهَا لِأَنَّ السُّلَّمَ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّرْ بِخِلَافِ الْبَابِ الْمَخْلُوعِ فَإِنَّهُ لَا انْتِفَاعَ بِهِ، وَقَدْ يُوجَدُ فِيهِ انْتِفَاعٌ إلَّا أَنَّهُ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ كَبَابِهَا غَيْرِ الْمَخْلُوعِ) أَيْ وَرَفٍّ كَذَلِكَ لَا مَخْلُوعٍ، وَلَا مُهَيَّأٍ لِدَارٍ جَدِيدَةٍ بِهَا قَبْلَ تَرْكِيبِهِ، وَلَوْ حَذَفَ مَبْنِيَّةً لَكَانَ أَخْصَرَ لِعِلْمِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَالدَّارُ الثَّابِتُ (قَوْلُهُ تَجَوُّزًا) مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ، وَإِرَادَةِ الْجُزْءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ بِفَوْقِيَّتِهَا إلَخْ) وَأَيْضًا إثْبَاتُ النُّونِ فِي فَوْقَانِيَّةٍ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَى فَوْقُ فَهُوَ مِنْ بَابِ رَقَبَانِيٍّ فَالْقِيَاسُ فَوْقِيَّتُهَا، وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَاءَ وَنَصَبَ فَوْقِيَّتَهَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ رَحَى صَحَّ (قَوْلُهُ ثِيَابُ مَهْنَتِهِ) أَيْ الَّتِي عَلَيْهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ ثِيَابِ الزِّينَةِ أَوْ عَلَيْهِ ثِيَابُ الزِّينَةِ فَقَطْ فَيَجِبُ لَهُ ثِيَابُ مَهْنَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا ثِيَابِ مَهْنَةٍ) أَيْ عُرْيَانًا إلَّا أَنَّهُ مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ يُسَلِّمُهُ عُرْيَانًا مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ، وَمَسْتُورُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ يُقَالُ لَهُ عُرْيَانٌ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ شب إلَّا أَنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَخْذَهَا عُرْيَانَةً فَفِي بُطْلَانِ شَرْطِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا يُوَارِيهَا أَوْ لُزُومُ شَرْطِهِ سَمَاعُ أَشْهَبَ، وَقَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَبِهِ الْفَتْوَى، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ فُتُوحٍ عَنْ الْمَذْهَبِ إلَّا الْأَوَّلَ غَيْرَ مَعْزُوٍّ لِمُعَيَّنٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَاتٍ عَنْ ابْنِ مُغِيثٍ هُوَ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْفَتْوَى عِنْدَ الشُّيُوخِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فَأَنْتَ تَرَى الْخِلَافَ هَلْ يُوفِي بِشَرْطِ بَيْعِهَا عُرْيَانَةً أَوْ لَا، وَيَلْزَمُ مَا يُوَارِيهَا، وَكَذَا فِي عِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَا يُعْطِي هَذَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِاشْتِرَاطِ بَيْعِهِ عُرْيَانًا أَنْ يَنْزِعَ جَمِيعَ ثِيَابِهِ، وَلَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْئًا اهـ. أَفَادَهُ مُحَشِّي تت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 شَارَكَ قَوْلُ مَالِكٍ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ الْعَقْدِ سِتَّ مَسَائِلَ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ زَرْعًا أَخْضَرَ مَعَ أَصْلِهِ، وَشَرَطَ أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعُ فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ، وَتَكُونُ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، وَلَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ (ص) وَأَنْ لَا عُهْدَةَ (ش) أَيْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ أَيْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ أَوْ سَنَةٍ إذَا اُعْتِيدَا أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا لَا عُهْدَةَ إسْلَامٍ لِأَنَّ التَّبَرِّي مِنْ الْعَيْبِ الْغَيْرِ مَعْلُومٍ لَا يَنْفَعُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلَا تَنْفَعُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ، وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَأَمَّا التَّبَرِّي مِنْ الْعَيْبِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ فَلَا يَنْفَعُ مُطْلَقًا، وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ مَا لَا عُهْدَةَ فِيهِ، وَهِيَ الْإِحْدَى وَالْعِشْرُونَ السَّابِقَةُ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا، وَالشَّرْطُ فِيهَا مُؤَكِّدٌ لَا مُؤَسِّسٌ (ص) أَوْ لَا مُوَاضَعَةَ (ش) هُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنْ بَاعَهَا بِشَرْطِ تَرْكِ الْمُوَاضَعَةِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَيُحْكَمُ بَيْنَهُمَا بِالْمُوَاضَعَةِ اهـ. أَيْ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهَا (ص) أَوْ لَا جَائِحَةَ (ش) سَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ شَرْطُ إسْقَاطِ الْجَائِحَةِ لَغْوٌ، وَهِيَ لَازِمَةٌ، وَظَاهِرُ السَّمَاعِ عَدَمُ فَسَادِ الْبَيْعِ، وَلَوْ اُشْتُرِطَ هَذَا الشَّرْطُ فِيمَا عَادَتُهُ أَنْ يُجَاحَ، وَفِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ فِيهِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ (ص) أَوْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ (ش) أَيْ أَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَقَالَ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا أَوْ إنْ أَتَيْت بِهِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا أَوْ فَالْبَيْعُ بَيْنَنَا فَيُلْغَى الشَّرْطُ، وَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا يَفْسُدُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِنَحْوِ هَذَا الشَّرْطِ قَبْلُ، وَيَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَجُوزُ فِيهِ التَّأْجِيلُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (ص) أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ، وَلَا مَالِيَّةَ (ش) أَيْ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْأَمَةِ نَصْرَانِيَّةً فَتُوجَدُ مُسْلِمَةً وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّرْطُ لِأَجْلِ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا انْتَفَيَا، وَقَوْلُهُ (وَصُحِّحَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ (تَرَدُّدٌ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَلَمَّا قَدَّمَ انْدِرَاجَ الْبَذْرِ وَالثَّمَرِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَصْلِهِمَا دُونَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ الْمُؤَبَّرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِهَا مُنْفَرِدَيْنِ فَقَالَ (ص) وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ بَدَا صَلَاحُهُ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّمَرَ وَنَحْوَهُ كَالْخَوْخِ، وَالتِّينِ، وَالْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْفُولِ، وَالْخَسِّ، وَالْكُرَّاثِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ إذَا لَمْ يَسْتَتِرْ فَإِنْ اسْتَتَرَ فِي أَكْمَامِهِ كَقَلْبِ لَوْزٍ، وَجَوْزٍ فِي قِشْرِهِ، وَقَمْحٍ فِي سُنْبُلِهِ، وَبِزْرِ كَتَّانٍ فِي جَوْزِهِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ جُزَافًا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ، وَيَصِحُّ كَيْلًا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ، وَتِبْنٍ إنْ بِكَيْلٍ، وَأَمَّا شِرَاءُ مَا ذُكِرَ مَعَ قِشْرِهِ فَيَجُوزُ جُزَافًا، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا فِي شَجَرِهِ، وَلَمْ يُقْطَعْ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَسْتَتِرْ بِوَرَقِهِ فِيمَا لَهُ وَرَقٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَمُشْتَرِطِ إلَخْ) تَعَقَّبَ الْحَطَّابُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ، وَالْعُتْبِيَّةِ، وَابْنِ يُونُسَ، وَابْنِ رُشْدٍ، وَأَبِي الْحَسَنِ، وَصَاحِبِ النَّوَادِرِ وَالطِّرَازِ فَسَادُ الْبَيْعِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ، وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَتَوْضِيحِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي الْتِزَامَاتِهِ لَا فِي كَلَامِهِ هُنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ أَيْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِالشَّرْطِ فِي عَدَمِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ فَالْمُنَاسِبُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنْ الْقِيَامِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَقَبْلَ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّبَرِّي مِنْ الْعَيْبِ) أَيْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ) يُقَالُ لَهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّف عَلَيْهَا، وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ بِالشُّرُوطِ (قَوْلُهُ فَلَا تَنْفَعُ فِيهِ) مُطْلَقًا عَلِمَ بِهِ أَوْ لَا طَالَتْ إقَامَتُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إسْقَاطُ الْجَائِحَةِ لَغْوٌ) ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَكَذَا فِي الْعَقْدِ فَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادًا لِأَنَّهُ لَا حَظَّ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ أَمْرٌ نَادِرٌ (قَوْلُهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ) أَيْ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ (قَوْلُهُ فَلَا بَيْعَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَأْتِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فَالْبَيْعُ بَيْنَنَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَتَيْت (قَوْلُهُ وَقَالَ إنْ لَمْ تَأْتِ إلَخْ) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَيْ قَالَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَقَعَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ فِي النِّكَاحِ، وَيَصِحُّ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ) لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْجِيلُ إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ تِلْكَ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ التَّأْجِيلَ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ كَأَنْ يَقُولَ إذَا جَاءَ الشَّهْرُ الْفُلَانِيُّ فَقَدْ زَوَّجْتُك ابْنَتِي أَوْ بِعْتُك سِلْعَتِي فَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ إنْ مِتّ فَقَدْ زَوَّجْتُك ابْنَتِي بِكَمَرَضٍ قَالَ عج لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بَيْعٌ وَالنِّكَاحُ ... فَلَا يَصِحُّ بِعْت ذَا إنْ جَا فَلَاحُ وَإِنْ أَرَادَ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ وَالصَّدَاقِ كَأَنْ يَقُولَ إذَا جَاءَ الشَّهْرُ الْفُلَانِيُّ دَفَعْت لَك الصَّدَاقَ أَوْ الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ) أَيْ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ ثَمَرٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالْخَوْخِ، وَالتِّينِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثَمَرٌ، وَقَوْلُهُ وَالْقَمْحُ، وَالشَّعِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنَحْوِهِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَعَبَّرَ يَصِحُّ إمَّا إشَارَةٌ إلَى الْمَفْهُومِ أَوْ إلَى الْمَخْرَجِ لِيُعْلَمَ عَدَمُ الصِّحَّةِ صَرَاحَةً فِيهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ ذَلِكَ بِالصَّرَاحَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيمَا يَمْنَعُ الْفَسَادَ، وَتَعْمِيمُ الشَّارِحِ فِي النَّحْوِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ فِي الْإِتْيَانِ بِالشَّرْطِ فَائِدَةٌ فَالْقَمْحُ، وَالشَّعِيرُ خَرَجَا بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ لِأَنَّهُمَا قَدْ اسْتَتَرَا، وَأَمَّا الْخَسُّ، وَالْكُرَّاثُ فَهُمَا غَيْرُ مَسْتُورَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَالْفُولُ خَرَجَ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا لَا وَحْدَهُ، وَلَا مَعَ حَبِّهِ لِأَنَّ لَهُ وَرَقًا (قَوْلُهُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ) أَيْ بِيُبْسِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 وَإِلَّا امْتَنَعَ بَيْعُهُ جُزَافًا أَيْضًا (ص) وَقَبِلَهُ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ أَوْ عَلَى قَطْعِهِ إنْ نَفَعَ، وَاضْطُرَّ لَهُ، وَلَمْ يَتَمَالَآ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ يَصِحُّ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى بَيْعُهُ مَعَ أَصْلِهِ كَبَلَحٍ صَغِيرٍ مَعَ نَخْلِهِ أَوْ زَرْعٍ مَعَ أَرْضِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَبِيعَ أَصْلَهُ مِنْ نَخْلٍ أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ بِحَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَهُ أُلْحِقَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ بِأَصْلِهِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذُكِرَ مُنْفَرِدًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى شَرْطِ قَطْعِهِ فِي الْحَالِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ طَوْرِهِ إلَى طَوْرٍ آخَرَ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ إضَاعَةُ مَالٍ الثَّانِي الِاضْطِرَارُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُضْطَرُّ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِلَّا لَكَانَ مِنْ الْفَسَادِ، وَالْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ هُنَا الْحَاجَةُ لَا بُلُوغُ الْحَدِّ الَّذِي يَنْتَفِي مَعَهُ الِاخْتِيَارُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَحْصُلَ تَمَالُؤٌ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْبُدُوِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمَالُؤِ هُنَا أَنْ يَتَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ تَوَافُقُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمِثْلُ تَوَافُقِ الْجَمِيعِ تَوَافُقُ الْأَكْثَرِ أَيْضًا (ص) لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ (ش) أَيْ لَا بَيْعُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِجَذِّهِ، وَلَا تَبْقِيَتِهِ فَلَا يَصِحُّ، وَضَمَانُ الثَّمَرَةِ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ فَإِذَا جَذَّهَا رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهَا، وَتَمْرًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ (ص) وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ كَافٍ فِي جِنْسِهِ إنْ لَمْ تُبْكِرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ عُمُومَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَا يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ الْحَائِطِ بَلْ يَكْفِي فِي بَعْضِهِ، وَلَوْ نَخْلَةً وَاحِدَةً إنْ لَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً فَإِنْ أَزْهَى بَعْضُ حَائِطٍ، وَلَوْ نَخْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً فَهُوَ كَافٍ فِي جَوَازِ بَيْعِ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ ذَلِكَ الْحَائِطِ، وَمِنْ الْحَوَائِطِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ، وَهُوَ مَا يَتَلَاحَقُ طِيبُهُ بِطِيبِهِ عَادَةً أَوْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَأَخْرَجَ غَيْرَ الْجِنْسِ فَلَا يُبَاعُ بَلَحٌ بِبُدُوِّ صَلَاحِ مِشْمِشٍ مَثَلًا، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي بَعْضِ حَائِطٍ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالثِّمَارِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرِّسَالَةِ، وَإِنْ نَخْلَةً مِنْ نَخَلَاتٍ كَثِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ بَعْضِهِ قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهَا اهـ. أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَيْبَسَ جَمِيعُ الْحَبِّ لِأَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ لِأَكْلِ الثِّمَارِ رَطْبَةً لِلتَّفَكُّهِ بِهَا أَكْثَرُ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ تَتَابُعُ طِيبِ الثِّمَارِ، وَلَيْسَ الْحُبُوبُ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لِلْقُوتِ لَا لِلتَّفَكُّهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ نَحْوَ الْمَقْثَأَةِ كَالثِّمَارِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضٍ كَحَائِطٍ كَافٍ فِي جِنْسِهِ لَشَمِلَ الْبَطْنَ الثَّانِي فِي الْمَقَاثِي، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ تُبْكِرْ أَنَّ الْبَاكُورَةَ لَا تَكْفِي فِي صِحَّةِ بَيْعِ جِنْسِهَا، وَتَكْفِي فِي نَفْسِهَا (ص) لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ يَكْفِي بُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ لَا فِي بَطْنٍ ثَانٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بَطْنٌ ثَانٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَاعَ بَطْنًا بَدَا صَلَاحُهُ ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْبَطْنَ الثَّانِي بَعْدَ وُجُودِهِ، وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ بَيْعُهُ جُزَافًا) أَيْ كَالْفُولِ فَإِنَّهُ مَسْتُورٌ بِوَرَقِهِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ) أُلْحِقَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ بِهِ أَيْ بِأَصْلِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَمَمْنُوعٌ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ إنْ نَفَعَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ تَشْتَدُّ رَغْبَتُهُمْ فِي الْبَلَحِ الْأَخْضَرِ قَبْلَ احْمِرَارِهِ، وَاصْفِرَارِهِ، وَقَوْلُهُ وَاضْطُرَّ لَهُ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ، وَلَمْ يَتَمَالَآ عَلَيْهِ أَيْ لِئَلَّا يَكْثُرَ الْغَلَاءُ، وَتُمْنَعُ الزَّكَاةُ ذَكَرَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَحْصُلَ تَمَالُؤٌ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَتَمَالَآ مَعْنَاهُ أَيْ لَمْ يَتَمَالَأْ أَكْثَرُ أَهْلِ مَحَلِّهِمَا، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمَالُؤِ أَنْ يَتَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمَالُؤِ اجْتِمَاعُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَيْ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُونَ فِي مَجْلِسٍ، وَيَقُولُونَ نَفْعَلُ كَذَا، وَقَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ تَوَافُقُهُمْ أَيْ بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وُقُوعِ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَضُرُّ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ تَمَالَأَ أَكْثَرُهُمْ عَلَيْهِ أَوْ كَانَتْ لَهُمْ بِذَلِكَ عَادَةٌ سَابِقَةٌ قَبْلَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ مُنِعَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعُوا إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ فَإِذَا جَذَّهَا رُطَبًا إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ عج، وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يَرُدُّ الْقِيمَةَ كَانَ الرُّطَبُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا عُلِمَ، وَزْنُهُ أَمْ لَا، وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الثَّمَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يُوزَنُ فَيَرُدُّ عَيْنَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ، وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ عِنْدَ الْجُذَاذِ مَا فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الرُّطَبِ اهـ. أَقُولُ، وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَلْيُعَوَّلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَافٍ فِي جِنْسِهِ) أَيْ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً) أَيْ بِأَنْ تَسْبِقَ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ مَعَهُ تَتَابُعُ الطِّيبِ لِمَرَضٍ، وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتُبَاعُ، وَكَذَلِكَ كَافِيَةٌ فِي مَرِيضَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِثْلُهَا عَادَتُهَا لِمَرَضِهَا أَنْ تُبْكِرَ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْحَوَائِطِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَلَاحَقَ طِيبه بِطِيبِهِ مُلَاصِقًا لَهُ، وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُلَاصِقًا لَهُ فَمَا تَلَاحَقَ طِيبُهُ بِطِيبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُلَاصِقًا لَهُ لَا يَكُونُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِ حَائِطِهِ كَافِيًا فِيهِ ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْحَوَائِطُ الْمُجَاوِرَةُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الَّذِي فِيهِ الْبَاكُورَةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لِلْقُوتِ لَا لِلتَّفَكُّهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ، وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ (قَوْلُهُ لَشَمِلَ الْبَطْنَ الثَّانِي) هَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ إلَخْ لَا بِقَوْلِهِ لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ ثُمَّ أَقُولُ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا كُلِّهِ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ نَحْوِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ نَحْوَ الْمَقْثَأَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) أَيْ انْقِطَاعِهِ رَأْسًا بِحَيْثُ إنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي جَاءَ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ، وَتَمَيَّزَ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ تَلَاحَقَتْ الْبُطُونُ لَكَانَتْ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينٍ يُوضِحُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ انْقَطَعَ رَأْسًا قَوْلُ الْجَلَّابِ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ نَوْعَانِ صَيْفِيٌّ، وَشَتْوِيٌّ لَمْ يُبَعْ أَحَدُهُمَا بِطِيبِ الْآخَرِ، وَكُلَّمَا طَابَ نَوْعٌ مِنْهُ بِيعَ عَلَى حِدَتِهِ اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 صَلَاحِ السَّابِقِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي ثُمَّ بَيَّنَ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِ الْأَجْنَاسِ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَهُوَ الزُّهُوُّ (ش) أَيْ فِي النَّخْلِ كَاحْمِرَارِهِ وَاصْفِرَارِهِ، وَمَا فِي حُكْمِهِمَا كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ، وَالزُّهُوُّ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْهَاءِ، وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ زَهَا النَّخْلُ يَزْهُو إذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ، وَأَزْهَى يُزْهِي إذَا احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ اهـ. (ص) وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ (ش) لَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَهُوَ الزُّهُوُّ فِي الْبَلَحِ، وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ فِي غَيْرِهِ كَالْمِشْمِشِ، وَالْعِنَبِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (ص) وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ (ش) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ إذَا قُطِعَ لَا يَفْسُدُ بَلْ يَمِيلُ إلَى الصَّلَاحِ كَالْمَوْزِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُدْفَنَ فِي التِّبْنِ وَنَحْوِهِ (ص) وَفِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي صَاحِبِ النَّوْرِ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنْ تَنْفَتِحَ أَكْمَامُهُ، وَيَظْهَرَ نَوْرُهُ قَوْلُهُ وَفِي ذِي إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَبِانْفِتَاحِهِ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ وَالْبُدُوُّ فِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ (ص) وَالْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي الْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا أَيْ بِأَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا فِي الْحَالِ الْبَاجِيُّ، وَالصَّلَاحُ فِي الْمُغَيَّبَةِ فِي الْأَرْضِ كَاللُّفْتِ، وَالْجَزَرِ، وَالْفُجْلِ، وَالْبَصَلِ إذَا اسْتَقَلَّ وَرَقُهُ وَتَمَّ، وَانْتَفَعَ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ اهـ. فَقَدْ اعْتَبَرَ فِي بُدُوِّ صَلَاحِ الْبُقُولِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (ص) وَهَلْ هُوَ فِي الْبِطِّيخِ الِاصْفِرَارُ أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَشْيَاخَ اخْتَلَفُوا فِي بُدُوّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ هَلْ هُوَ اصْفِرَارُهُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ الْمُرَادُ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ أَنْ يَتَهَيَّأَ لِلتَّبَطُّخِ، وَيَقْرُبُ مِنْ الِاصْفِرَارِ، وَلَمْ يَذْكُرْ صَلَاحَ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ بِتَلَوُّنِ لُبِّهِ بِالْحُمْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا (ص) وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينٍ وَمَقْثَأَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُقْضَى لَهُ بِالْبُطُونِ كُلِّهَا فِي نَحْوِ الْيَاسَمِينِ وَالْمَقْثَأَةِ كَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ، وَبِطِّيخٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْلُفُ، وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، وَلَهُ آخَرُ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا قَالَ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا تُطْعَمُ الْمَقَاثِي شَهْرًا لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ فِيهِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ اهـ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَجُوزُ بِكَشَهْرٍ) فَإِنْ تَمَيَّزَتْ بُطُونُهُ كَالْقَصَبِ وَالْقُرْطِ فَلَا تَدْخُلُ خِلْفَتُهُ إلَّا بِشَرْطٍ فِي الْأَرْضِ الْمَأْمُونَةِ كَأَرْضِ النِّيلِ لَا الْمَطَرِ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (ص) وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ إنْ اسْتَمَرَّ كَالْمَوْزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً تَسْتَمِرُّ طُولَ الْعَامِ لَا تَنْقَطِعُ، وَلَيْسَ لَهَا غَايَةٌ تَنْتَهِي إلَيْهِ بَلْ كُلَّمَا انْقَطَعَ شَيْءٌ مِنْهَا خَلْفَهُ غَيْرَهُ كَالْمَوْزِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ، وَهُوَ غَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَثُرَ الْأَجَلُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَمُضِيِّ بَيْعِ حَبٍّ أُفْرِكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَبَّ مِنْ قَمْحٍ، وَشَعِيرٍ، وَنَحْوِهِمَا إذَا بِيعَ فِي سُنْبُلِهِ بَعْدَ إفْرَاكِهِ، وَقَبْلَ يُبْسِهِ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى بِقَبْضِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَبْضَهُ جِذَاذُهُ، وَقَوْلُنَا مَعَ سُنْبُلِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا جُزَّ كَالْفُولِ الْأَخْضَرِ   [حاشية العدوي] وَكَذَلِكَ التِّينُ فِي صِقِلِّيَةَ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ خِلْفَةِ الْقَصِيلِ قَبْلَ وُجُودِهَا بَعْدَ شِرَاءِ الْقَصِيلِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ إنَّمَا تَخَلَّفَتْ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْقَصِيلِ بِخِلَافِ الْبَطْنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ) أَيْ كَحَلَاوَةِ الْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَالزُّهُوُّ بِضَمِّ الزَّايِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ (قَوْلُهُ وَأَزْهَى يُزْهِي إلَخْ) الشَّاهِدُ فِي هَذَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ أَزْهَى يُزْهِي إلَخْ غَيْرَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ، وَالْإِزْهَاءُ لَا الزُّهُوُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الزَّهْوُ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَزْهَى لَا مَصْدَرٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ إلَخْ) التَّفْرِيعُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ. (فَائِدَةٌ) الزُّهُوُّ بَعْدَ الْبُسْرِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَقَبْلَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ بِانْفِتَاحِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ يَتَلَاحَقُ (قَوْلُهُ أَكْمَامُهُ) جَمْعُ كِمٍّ بِالْكَسْرِ وِعَاءُ الطَّلْعِ، وَغِطَاءُ النَّوْرِ، وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ، وَالنَّوْرُ هُوَ الْوَرَقُ الْمَخْصُوصُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْوَرْدِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَقَوْلُهُ أَنْ تَنْفَتِحَ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِانْفِتَاحِهِ زَائِدَةٌ، وَأَنَّ الْأَصْلَ، وَفِي ذِي النَّوْرِ انْفِتَاحُهُ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ قَوْلُهُ وَفِي إلَخْ مِمَّا يُبْعِدُهُ (قَوْلُهُ وَتَمَّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ) كَذَا قَالَ عج، وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى إطْعَامِهَا لِجَعْلِهِمَا كَلَامَهُ شَرْحًا لِلْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِطْعَامِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ كَجَزَرٍ، وَفُجْلٍ صَغِيرَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ عب، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِطْعَامِهَا فَيَكُونُ الزَّائِدُ قَوْلُهُ وَتَمَّ أَوْ اسْتَقَلَّ وَرَقُهُ أَيْ بِأَنْ ارْتَفَعَ عَنْ الْأَرْضِ إذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ الْأَرْضِ، وَالتَّمَامُ غَيْرُ الِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِقْلَالِ وَرَقِهِ أَنْ يَتِمَّ وَرَقُهُ بِأَنْ يَبْلُغَ الْحَدَّ الْمُعْتَادَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَلَا حَاجَةَ لَهُ، وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ صِحَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ إلَخْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِطْعَامِ الْإِطْعَامَ التَّامَّ فَيَكُونُ عَيْنُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ كَيَاسَمِينٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مُنَوَّنَةٍ فَهِيَ بِالصَّرْفِ عَلَى الْأَصْلِ، وَبِفَتْحِ النُّونِ غَيْرِ مُنَوَّنَةٍ لِلْعَلَمِيَّةِ وَشِبْهِ الْعُجْمَةِ (قَوْلُهُ كَالْقَصَبِ، وَالْقُرْطِ) فِيهِ أَنَّ أَثَرَ هَذَا خِلْفَةٌ لَا بَطْنٌ ثَانٍ لِأَوَّلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخِلْفَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْبَطْنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا سَنَةٌ وَنَحْوُهَا، وَفِي شب، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزَّائِدُ عَلَى سَنَتَيْنِ، وَمِثْلُ ضَرْبِ الْأَجَلِ اسْتِثْنَاءُ بُطُونٍ مَعْلُومَةٍ قَالَهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ قَبْلَ يُبْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ الْوَاقِعِ مَصْدَرًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُنَا مَعَ سُنْبُلِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِشَارَةُ لَهُ بِكَوْنِ فِي بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَيْعٌ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ أَطْلَقَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا بِيعَ مَعَ سُنْبُلِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَطْعِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَبْضُهُ جِذَاذُهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ الزَّرْعَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا بِيعَ مَعَ سُنْبُلِهِ جُزَافًا فَإِنْ كَانَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 وَالْفَرِيكِ فَإِنَّ بَيْعَهُمَا جَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَمْنُوعٌ، وَبَعْدَهُ جَائِزٌ بِشَرْطِ عَدَمِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ، وَعَدَمِ الْمَوَانِعِ ذَكَرَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ بَيْعُ الْعَرَايَا وَهِيَ مَا مُنِحَ مِنْ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ، وَرَوَى الْمَازِرِيُّ هِيَ هِبَةُ الثَّمَرَةِ فَقَالَ (ص) وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ، وَإِنْ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ فَقَطْ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ كَلَوْزٍ لَا كَمَوْزٍ (ش) الْمُعْرِي، وَاهِبُ الثَّمَرَةِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَعْرَى يُعْرِي إعْرَاءً، وَعَرِيَّةً أَيْ وَرُخِّصَ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ لِمُعْرٍ، وَقَائِمٍ مَقَامَهُ مِنْ وَارِثٍ، وَمَوْهُوبٍ، وَمُشْتَرٍ لِلْأُصُولِ مَعَ الثِّمَارِ أَوْ لِلْأُصُولِ فَقَطْ بَلْ، وَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ بِاشْتِرَاءِ بَقِيَّةِ الثَّمَرَةِ الَّتِي وَقَعَتْ الْعَرِيَّةُ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ دُونَ أُصُولِهَا اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ بِخَرْصِهَا مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ، وَمَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا مِنْ غَاصِبِهَا مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ تَيْبَسُ بِالْفِعْلِ إذَا تُرِكَتْ، وَلَا يُكْتَفَى بِيُبْسِ جِنْسِهَا كَلَوْزٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ، وَجَوْزٍ، وَنَخْلٍ، وَعِنَبٍ، وَتِينٍ، وَزَيْتُونٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ لَا كَمَوْزٍ، وَرُمَّانٍ، وَخَوْخٍ، وَتُفَّاحٍ لِفَقْدِ يُبْسِهِ لَوْ تُرِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَا يَيْبَسُ مِمَّا أَصْلُهُ بِيُبْسٍ كَعِنَبِ مِصْرَ (ص) إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ، وَبَدَا صَلَاحُهَا، وَكَانَ بِخَرْصِهَا وَنَوْعِهَا (ش) لِمَا أَفَادَ بَعْضَ الشُّرُوطِ بِالْوَصْفِ أَفَادَ بَعْضَهَا بِالشَّرْطِ، وَالْمَعْنَى إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَرِيَّةِ مَا مَرَّ، وَإِنْ بِلَفْظِ الْمُعْرِي فِي هِبَتِهِ بِالْعَرِيَّةِ كَأَعْرَيْتُك، وَأَنْتَ مُعْرًى لَا بِلَفْظِ الْعَطِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالْمِنْحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا حِينَ الشِّرَاءِ. وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَاصًّا بِالْعَرِيَّةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لِأَجْلِ الرُّخْصَةِ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِكَيْلِهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْخَرْصِ، وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِثَمَرٍ مِنْ نَوْعِهَا فَلَا يُبَاعُ صَيْحَانِيٌّ بِبَرْنِيِّ وَصِفَتِهَا فَلَا يُبَاعُ جَيِّدٌ بِرَدِيءٍ فَإِنْ قِيلَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِي اشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ بِخَرْصِهَا وَأَمَّا إنْ بِيعَتْ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ بَلْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فَقَطْ فَكَيْفَ جُعِلَ الْخَرْصُ شَرْطًا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَرْصِ هُنَا قَدْرُ الْكَيْلِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ أَزْيَدَ فِي الْكَيْلِ أَوْ أَنْقَصَ، وَفِي قَوْلِهِ اشْتِرَاءُ إلَخْ حُذِفَ أَيْ عَلَى الْكَيْلِ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ، وَبِهِ يَتَّضِحُ جَعْلُهُ شَرْطًا (ص) يُوفِي عِنْدَ الْجِذَاذِ (ش) الْمُرَادُ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى شَرْطِ تَعْجِيلِهَا فَالْمُضِرُّ الدُّخُولُ عَلَى شَرْطِ تَعْجِيلِهَا، وَأَمَّا تَعْجِيلُهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَضُرُّ فَلَوْ قَالَ غَيْرُ مُشْتَرِطٍ تَعْجِيلَهَا لَطَابَقَ النَّقْلَ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَرْطِ تَعْجِيلِهَا فُسِخَ فَإِنْ جَذَّهَا رُطَبًا رَدَّ مِثْلَهَا إنْ وَجَدَ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا، وَالْجِذَاذُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ هُوَ قَطْعُ ثِمَارِ النَّخْلِ وَقِطَافُهَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ فِي ذِمَّةِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ لَا فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ   [حاشية العدوي] عَلَى الْقَطْعِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ فَلَا، وَقَبْضُهُ جِذَاذُهُ، وَأَمَّا إذَا بِيعَ وَحْدَهُ فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْيُبْسِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهَلْ يَمْضِي بِقَبْضِهِ، وَقَبْضُهُ كَيْلُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَمْ أَرَهُ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْحَبَّ وَحْدَهُ عَلَى الْكَيْلِ فَكَذَا لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْيُبْسِ، وَإِذَا وَقَعَ فَيَمْضِي بِالْقَبْضِ، وَقَبْضُهُ كَيْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْيُبْسِ فَجَائِزٌ [بَيْعُ الْعَرَايَا] (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا مُنِحَ) أَيْ جِنْسُ الْعَرِيَّةِ مَا مُنِحَ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ الْجِنْسُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مِنْ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ) شَأْنُهَا الْيُبْسُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ قَبْلُ (قَوْلُهُ هِيَ هِبَةُ الثَّمَرَةِ) أَيْ الْعَرَايَا أَيْ جِنْسِ الْعَرِيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هِيَ هِبَةُ الثَّمَرَةِ فَلَمْ يَجْعَلْهَا نَفْسُ الْمُعْرَى بَلْ نَفْسُ الْإِعْطَاءِ فَعَلَى مَا قَرَّرَ الشَّارِحُ يَكُونُ فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ خِلَافٌ هَلْ هِيَ نَفْسُ الْإِعْطَاءِ أَوْ الْمُعْطَى، وَلَك أَنْ تَرْجِعَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي بِأَنْ تُقَدِّرَ مُضَافًا أَيْ هِيَ إعْطَاءُ مَا مُنِحَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَنْ أَعْرَى إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرِيَّةَ مَصْدَرٌ (قَوْلُهُ لِمُعْرٍ، وَقَائِمٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُعْرِي مِثْلُ الْمُعْرِي فِي جَوَازِ ذَلِكَ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْخِيصَ مَحْكُومٌ بِهِ لِلْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَالْمُصَنِّفُ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ أَوْ إنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لِمُعْرٍ أَوْ إنَّ التَّرْخِيصَ لِلْمُعْرِي بِالْكَسْرِ يَسْتَلْزِمُ التَّرْخِيصَ لِلْمُعْرَى بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ كَلَوْزٍ فِي غَيْرِ مِصْرَ) يَقْتَضِي أَنَّ اللَّوْزَ فِي مِصْرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ لَفْظَ بِالْعَرِيَّةِ) أَيْ إنْ ثَبَتَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنَّهُ كَانَ حَالَ الْعَقْدِ لَفْظٌ بِالْعَرِيَّةِ (قَوْلُهُ أَفَادَ بَعْضَ الشُّرُوطِ بِالْوَصْفِ) اُنْظُرْ مَا النُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ مِنْ نَوْعِهَا) الْأَوْلَى بِصِنْفِهَا فَإِنَّ الصِّنْفَ أَخَصُّ مِنْ النَّوْعِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُبَاعُ جَيِّدٌ بِرَدِيءٍ) الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِأَدْنَى أَوْ أَجْوَدَ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ جُعِلَ الْخَرْصُ شَرْطًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَكُونُ مُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا بِغَيْرِ الْخَرْصِ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى الْكَيْلِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَلَى الْكَيْلِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْكَيْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ وَكَانَ بِخَرْصِهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَا أَزْيَدَ، وَلَا أَنْقَصَ، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ هَذَا الْحَذْفِ، وَقَوْلُهُ وَبِهِ يَتَّضِحُ أَيْ بِهَذَا الْمَحْذُوفِ يَتَّضِحُ جَعْلُ قَوْلِهِ وَكَانَ بِخَرْصِهَا شَرْطًا أَيْ قَدْرَ الْكَيْلِ أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إلَّا بِخَرْصِهَا لَا بِغَيْرِهَا، وَلَوْ نَقْدًا إذْ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِهِ، وَالْعَرْضِ (قَوْلُهُ فَالْمُضِرُّ الدُّخُولُ عَلَى شَرْطِ التَّعْجِيلِ) سَوَاءٌ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ) أَيْ سَوَاءٌ اُشْتُرِطَ التَّأْجِيلُ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ) أَيْ وَعَلِمَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً (قَوْلُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ) مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ فِيهِمَا، وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ وَقِطَافُهَا) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ قَطَفَ الْعِنَبَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَالْقِطْفُ بِالْكَسْرِ الْعُنْقُودُ إلَى أَنْ قَالَ، وَالْقِطَافُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا، وَقْتُ الْقَطْفِ اهـ. لَا يَخْفَى عَلَى هَذَا أَنَّ عَطْفَ قِطَافُ عَلَى قَطْعُ لَا يَظْهَرُ نَعَمْ يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمِصْبَاحِ حَيْثُ قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 اتِّبَاعًا لِلرُّخْصَةِ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فُسِخَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ، وَفِي الْمَبْسُوطِ يَبْطُلُ شَرْطُ التَّعْيِينِ، وَيَبْقَى فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ يُوفِي عِنْدَ الْجِذَاذِ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا بِثَمَرٍ مِنْ نَوْعِهَا مُعَيَّنٍ فَأَحَدُ الشَّرْطَيْنِ لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَأَشَارَ لِشَرْطٍ آخَرَ مِنْ شُرُوطِهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ (ش) إلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا اُشْتُرِطَ فِي شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْمُشْتَرِي خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَرِيَّةُ أَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ وَالْمَبِيعُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلُّ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ كَانَ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا أَعْرَاهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَاشْتَرَى خَمْسَةً بِالْخَرْصِ، وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّهُ جَائِزٌ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهَا كَمَا لَوْ أَقَالَهُ مِنْ طَعَامٍ ابْتَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبَاعَهُ سِلْعَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَكَمُسَاقَاةٍ، وَبَيْعٍ، وَقِرَاضٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الرُّخَصِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ هَذَا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ دُونَ الْأَرْجَحِ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ حَاكٍ لِلتَّصْوِيبِ عَنْ غَيْرِهِ، وَبِعِبَارَةِ الضَّمِيرَانِ فِي عَلَيْهِ وَمَعَهُ عَائِدَانِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ أَيْ أُخِذَ زَائِدٌ مِمَّا أَعْرَاهُ كَمَا إذَا أَعْرَاهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَاشْتَرَى خَمْسَةً بِالْخَرْصِ، وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا بِالْعَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الزَّائِد سِلْعَةً فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَعَهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَجْمُوعَ الثَّمَرَةِ بِعَيْنٍ جَازَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ مَرَّ، وَهَذَا الْمَفْهُومُ يُضْعِفُ كَوْنَ قَوْلِهِ وَكَانَ بِخَرْصِهَا شَرْطًا (ص) إلَّا لِمَنْ أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ، وَكُلُّ خَمْسَةٍ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلُّ، وَالْوَاوُ مِنْ قَوْلِهِ وَكُلُّ وَاوِ الْحَالِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمِنْ كُلِّ خَمْسَةٍ، وَهِيَ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهَا، وَمَنْ أَعْرَى أُنَاسًا شَتَّى مِنْ حَائِطٍ أَوْ مِنْ حَوَائِطَ لَهُ فِي بَلَدٍ أَوْ بُلْدَانٍ شَتَّى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَدْنَى، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ مِنْ كُلِّ عَرِيَّةٍ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ، وَاحِدٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ، وَأَقَرَّهُ فَإِقْرَارُهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَلِذَا نُسِبَ لَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعَدُّدِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَاتِّحَادِهِ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا لِلرَّجْرَاجِيِّ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ لِجَمَاعَةٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ثُمَّ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ عَرَايَا، وَلَا حَوَائِطَ أَيْ أَوْ حَائِطٌ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعَدُّدُ الْعَرِيَّةِ، وَتَعَدُّدُ الْعَقْدِ الْوَاقِعَةُ بِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ ثُمَّ تَمَّمَ شُرُوطَ الْعَرِيَّةِ بِعَاشِرِهَا فَقَالَ (ص) لِدَفْعِ الضَّرَرِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ (ش) أَيْ وَأَنْ يَكُونَ شِرَاءُ الْمُعْرِي لِلْعَرِيَّةِ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْبَدَلِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِدُخُولِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ، وَخُرُوجِهِ عَلَيْهِ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا لَا يُرِيدُ اطِّلَاعَهُ عَلَيْهِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ بِالرِّفْقِ بِالْمُعْرَى بِالْفَتْحِ بِكِفَايَتِهِ حِرَاسَتَهُ، وَمُؤْنَتَهُ، وَعَلَّلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ التَّعْلِيلَ بِالثَّانِيَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ   [حاشية العدوي] قَطَفْت الْعِنَبَ، وَنَحْوَهُ قَطْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَقَتَلَ قَطَعْته، وَهَذَا زَمَنُ الْقِطَافِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اهـ. فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْقِطَافَ اسْمٌ لِلْقَطْعِ لَكِنْ اُنْظُرْ هَلْ قِطَافٌ مَصْدَرٌ ثَانٍ لِقَطَفَ سَمَاعِيٌّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ) أَيْ وَقَعَ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَبْسُوطِ) كَلَامُ الْمَازِرِيِّ يُفِيدُ ضَعْفَهُ، وَالْمَبْسُوطُ كِتَابٌ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا بِثَمَرٍ إلَخْ) أَيْ وَيَأْخُذُهَا عِنْدَ الْجِذَاذِ (قَوْلُهُ وَكَمُسَاقَاةٍ وَبَيْعٍ، وَقِرَاضٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَمُسَاقَاةٍ أَوْ قِرَاضٍ مَعَ بَيْعٍ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي بَيَانِ اجْتِمَاعِ الرُّخْصَةِ كَالْمُسَاقَاةِ، وَالْقِرَاضِ مَعَ غَيْرِهَا كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ حَاكٍ لِلتَّصْوِيبِ عَنْ غَيْرِهِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلُ، وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَقُولُ غَيْرَ أَنَّهُ ارْتَضَاهُ فَيَكُونُ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الزَّائِدُ سِلْعَةً) أَيْ اشْتَرَى خَمْسَةً بِالْخَرْصِ، وَسِلْعَةً بِدِينَارٍ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّائِدُ عَلَى الْخَمْسَةِ سِلْعَةً فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَابِلُ ظَاهِرًا مِنْ جِهَةِ اجْتِمَاعِ الرُّخْصَةِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ يَضْعُفُ) تَقَدَّمَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَانَ بِخَرْصِهَا شَرْطٌ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا عَلَى الْكَيْلِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَهِيَ أَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَا غَيْرُ وَتِلْكَ الْعِبَارَةُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ) أَيْ عُقُودٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ زَمَنُهَا مُخْتَلِفًا فَإِنْ اتَّحَدَ زَمَنُهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ لَا بِلَفْظٍ أَيْ لَا بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عُقُودٍ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ) وَأَمَّا إنْ كَانَتْ فِي حَائِطٍ فَإِنْ قِيلَ إنَّ شِرَاءَ الْعَرِيَّةِ مُعَلَّلُ مَنْعِ الشِّرَاءِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّلٍ جَازَ كَذَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ حَوَائِطُ يَجُوزُ بِعُقُودٍ وَعَقْدٍ وَاحِدٍ قَطْعًا، وَأَمَّا فِي حَائِطٍ فَالْمَنْعُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ شِرَاءَ الْعَرِيَّةِ مُعَلَّلٌ، وَأَمَّا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ بِعُقُودٍ فِي أَزْمِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ اتَّحَدَ زَمَنُهَا فَهِيَ بِمَثَابَةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَاعْتَمَدَ عب، وَغَيْرُهُ كَلَامَ الرَّجْرَاجِيِّ فَحَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ أَيْ عُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي أَزْمِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَاحِدٌ كَانَ فِي حَائِطٍ أَوْ حَوَائِطَ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُعْرَى لَمْ يُشْتَرَطْ تَعَدُّدُ الْأَلْفَاظِ أَيْ الْعُقُودِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَوَائِطَ لَا إنْ كَانَ فِي حَائِطٍ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ مِنْ أَنَّ الشِّرَاءَ مُعَلَّلٌ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّلٍ جَازَ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إلَخْ) وَالْمُصَنِّفُ يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ فَتَكُونُ أَوْ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُهُمَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَوْ إشَارَةً لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 أَقْرَبُهَا، وَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَدَلِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِغَيْرِهِمَا كَالتَّجْرِ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ، وَقَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ وَرُخِّصَ، وَبِقَوْلِهِ اشْتِرَاءُ لَكِنَّ تَعَلُّقَهُ بِالْفِعْلِ أَوْلَى، وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ (ص) فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا (ش) أَيْ فَبِسَبَبِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْرُوفُ يَجُوزُ شِرَاءُ الْمُعْرِي بَعْضَ عَرِيَّتِهِ كَثُلُثِهَا مَثَلًا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ قِيَامِ الْمُعْرِي بِبَعْضِ مَا يَلْزَمُ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ دَفْعُ الضَّرَرِ فَقَطْ فَلَا إذْ لَا يَزُولُ الضَّرَرُ بِشِرَاءِ الْبَعْضِ لِدُخُولِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ لِلْحَائِطِ لِبَقِيَّةِ الْعَرِيَّةِ، وَكَذَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْرُوفُ قَوْلُهُ (ص) كَكُلِّ الْحَائِطِ (ش) إذَا أَعْرَاهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لَهُ إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ الضَّرَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ مَعَ كَوْنِ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِغَيْرِهِ، وَكَذَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْرُوفُ قَوْلُهُ (ص) وَبَيْعُهُ الْأَصْلَ (ش) أَيْ بَيْعُ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْأَصْلَ لِغَيْرِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا بَاعَ الْأَصْلَ، وَثَمَرَتَهُ أَيْ بَاقِي ثَمَرَتِهِ أَيْ بَاعَ كُلُّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ، وَلِمَا إذَا بَاعَ الْأَصْلَ فَقَطْ لَكِنْ فِي الْأُولَى إنَّمَا يَأْخُذُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ مَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ فَقَوْلُهُ وَبَيْعُهُ الْأَصْلَ مَعْطُوفٌ عَلَى كُلُّ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ كَبَيْعِ الْمُعْرِي الْأَصْلَ لِلْمُعْرَى أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَرِيَّةَ وَلَمَّا كَانَتْ لَنَا مَا يُشْبِهُ الْعَرِيَّةَ فِي التَّرْخِيصِ فِي شِرَاءِ الثَّمَرَةِ بِخَرْصِهَا، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْعَرِيَّةِ فِي شَيْءٍ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ لَك شِرَاءُ أَصْلٍ فِي حَائِطِك بِخَرْصِهِ إنْ قَصَدْت الْمَعْرُوفَ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ مَلَكَ أَصْلًا فِي حَائِطِ شَخْصٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ ثَمَرَ ذَلِكَ الْأَصْلِ بِخَرْصِهِ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْعَرِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ إذْ شَرْطُ لَفْظِ الْعَرِيَّةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا حَيْثُ قَصَدَ الْمَعْرُوفَ بِكِفَايَةِ الْبَائِعِ الْمُؤْنَةَ أَمَّا إنْ قَصَدَ دَفْعَ الضَّرَرِ بِدُخُولِهِ لَهُ فِي حَائِطِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ شَيْئًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ قَوْلُهُ شِرَاءُ أَصْلٍ أَيْ ثَمَرُ أَصْلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِخَرْصِهِ، وَقَوْلُهُ فِي حَائِطِك أَيْ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ شِرَاءُ أَنَّ الصَّلَاحَ بَدَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ شِرَاءً، وَمِنْ قَوْلِهِ بِخَرْصِهَا أَنَّهُ بِنَوْعِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِدَرَاهِمَ، وَنَحْوِهَا فَكَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بِخَرْصِهَا فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقَوْلُهُ إنْ قَصَدْت الْمَعْرُوفَ فَقَطْ شَرْطٌ فِي بِخَرْصِهِ، وَأَمَّا بِدَرَاهِمَ فَيُشْتَرَطُ مَعَهُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجَازَ لَك، وَلِقَوْلِهِ إنْ قَصَدْت الْمَعْرُوفَ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِغَيْرِ رَبِّ الْحَائِطِ قَصْدُ الْمَعْرُوفِ أَوْ دَفْعُ الضَّرَرِ، وَلَا لِرَبِّ الْحَائِطِ إنْ قَصَدَ دَفْعَ الضَّرَرِ أَوْ التَّجْرِ (ص) وَبَطَلَتْ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ (ش) أَيْ وَبَطَلَتْ الْعَرِيَّةُ إنْ مَاتَ مُعْرِيهَا أَوْ حَدَثَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ إحَاطَةِ دَيْنٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ عَرْضٍ مُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْحَوْزِ لَهَا عَنْ مُعْرِيهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْهِبَةِ، وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ فَلَا مَفْهُومَ لِلْمَوْتِ (ص) وَهَلْ هُوَ حَوْزُ الْأُصُولِ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ الْحَوْزُ الَّذِي إذَا مَاتَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ هَلْ هُوَ حَيِّزُ الْأُصُولِ فَقَطْ أَيْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَلَوْ لَمْ يَطْلُعْ فِيهَا ثَمَرَةٌ أَوْ هُوَ حَوْزُ الْأَصْلِ، وَأَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا أَيْ يَخْرُجَ ثَمَرُهَا أَيْ طَلْعُهَا فَالْقَوْلُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ فِي الْحَوْزِ الْأَمْرَانِ مَعًا فَالصَّوَابُ عَلَى هَذَا زِيَادَةً، وَأَوْ قَبْلَ إنْ كَمَا حَلَّيْنَا عَلَيْهِ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ فَبِسَبَبِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْرُوفُ) وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْعَرِيَّةُ مُتَفَرِّقَةً فِي حَوَائِطَ، وَكَانَ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ سَاكِنًا بِبَعْضِهَا، وَاشْتَرَى الْبَعْضَ الَّذِي فِي مَحَلِّ سَكَنِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ الضَّرَرِ إلَخْ) أَقُولُ الضَّرَرُ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَوْفِ عَلَى الثِّمَارِ بَلْ يَكُونُ بِالْخَوْفِ عَلَى الْأُصُولِ (قَوْلُهُ أَيْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ) أَيْ أَوْ بَاعَهُمَا مَعًا لِوَاحِدٍ، وَصَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ الْآخِذُ الَّذِي أَخَذَ الْأَصْلَ أَوْ الثَّمَرَ الْمُعْرَى أَوْ غَيْرَهُ أَوْ الَّذِي أَخَذَهُمَا مَعًا الْمُعْرَى أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلِمَا إذَا بَاعَ الْأَصْلَ فَقَطْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأَصْلَ فَقَطْ يَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الضَّرَرُ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ عج بَعْدَ ذَلِكَ، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَأْخُذْ مَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ، وَتَنَازَعَ مَنْ لَهُ الْأَصْلُ، وَالْمُعْرِي بِالْكَسْرِ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا بَاعَ الْمُعْرِي حَائِطَهُ أَوْ أَصْلِهِ دُونَ ثَمَرَتِهِ أَوْ ثَمَرَتَهُ دُونَ أَصْلِهِ أَوْ الثَّمَرَةَ مِنْ رَجُلٍ، وَالْأَصْلَ مِنْ آخَرَ جَازَ لِمَالِكِ الثَّمَرَةِ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ الْأُولَى بِخَرْصِهَا اهـ فَإِنْ أَبَى مَالِكُ الثَّمَرَةِ أَخَذَ مَالِكُ الْأَصْلِ فَإِنْ أَبَى مَالِكُ الْأَصْلِ أَخَذَ الْمُعْرَى هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا لَمْ يَأْخُذْ مَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ أَيْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَنْ لَهُ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ إذْ شَرْطُ لَفْظِ الْعَرِيَّةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ) وَكَذَا كَوْنُ الْمُشْتَرِي الْمُعْرَى (قَوْلُهُ أَيْ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِك) تَفْسِيرٌ لِأَصْلٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْعُرُوضِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِخَرْصِهَا أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ بِنَوْعِهَا (قَوْلُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ) كَوْنُهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمُعَيَّنٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ يَتَحَقَّقُ مَعَهُ كَوْنُهُ بِخَرْصِهَا [بُطْلَانُ الْعَرِيَّة] (قَوْلُهُ يَطْلُعُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَضَمِّ اللَّامِ عَلَى وَزْنِ يَنْصُرُ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ يَخْرُجُ ثَمَرُهَا) أَيْ طَلْعُهَا أَيْ، وَلَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ فَالصَّوَابُ عَلَى هَذَا زِيَادَةُ، وَأَوْ) أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ أَوْ وَأَنْ فَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ أَيْ وَبَعْدَ أَوْ بِحَيْثُ يَجْمَعُ بَيْنَ أَنْ، وَأَوْ وَالْوَاوِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْذِفُ أَوْ، وَيَأْتِي بَدَلَهَا بِالْوَاوِ، وَلَكِنَّ هَذَا التَّصْوِيبَ لَا يَأْتِي فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ لِأَنَّ نُسْخَةَ الشَّارِحِ أَوْ، وَإِنْ فُقِدَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُصَنَّفِ فِي نُسْخَتِهِ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ جَرَى قَلَمُهُ عَلَى نُسْخَةِ غَيْرِهِ الَّتِي لَمْ تَذْكُرْ فِي الْمُصَنِّفِ الْوَاوَ (قَوْلُهُ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ) فِي قُوَّةِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ الصَّوَابُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَكِنْ غَايَةُ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّصْوِيبِ بَلْ يَكُونُ هُوَ اللَّائِقُ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ أَوْ يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 حَذْفُ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي النَّثْرِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَلَمَّا كَانَ الْمَعْرُوفُ فِي الْعَرِيَّةِ أَشَدَّ مِنْهُ فِي بَقِيَّةِ الْعَطَايَا كَانَ مِنْ تَمَامِهِ قَوْلُهُ (ص) وَزَكَاتُهَا وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُعْرِي، وَكُمِّلَتْ (ش) أَيْ زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا عَلَى الْمُعْرِي، وَسَقْيُهَا أَيْ سَقْيُ شَجَرِ الْعَرِيَّةِ أَيْ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِآلَةٍ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْرِي، وَمَا عَدَاهُ مِنْ تَقْلِيمٍ، وَتَنْقِيَةٍ وَحِرَاسَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ، وَإِنْ قَصُرَتْ الْعَرِيَّةُ عَنْ النِّصَابِ، وَكَانَ عِنْدَ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ فِي حَائِطِهِ ثَمَرٌ يُكَمِّلُهَا نِصَابًا ضُمَّتْ إلَيْهِ، وَأَخْرَجَ زَكَاةَ الْجَمِيعِ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يُنْقِصُ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ مِنْ عَرِيَّتِهِ شَيْئًا (ص) بِخِلَافِ الْوَاهِبِ (ش) أَيْ فَلَا زَكَاةَ، وَلَا سَقْيَ عَلَى الْوَاهِبِ بَلْ هُوَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ حَيْثُ حَصَلَتْ الْهِبَةُ قَبْلَ الزُّهُوِّ، وَإِلَّا اسْتَوَتْ مَعَ الْعَرِيَّةِ فِي أَنَّ الزَّكَاةَ وَالسَّقْيَ عَلَى الْمُعْرِي وَالْوَاهِبِ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ مُتَعَلِّقِ الثِّمَارِ الْجَائِحَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَوْحِ، وَهُوَ الِاسْتِئْصَالُ، وَالْهَلَاكُ، وَاصْطِلَاحًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا أُتْلِفَ مِنْ مَعْجُوزٍ عَنْ دَفْعِهِ عَادَةً قَدْرًا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ نَبَاتٍ بَعْدَ بَيْعِهِ قَوْلُهُ مِنْ مَعْجُوزٍ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَقَوْلُهُ قَدْرًا مَفْعُولٌ، وَأَطْلَقَ فِي الْقَدْرِ حَتَّى يَعُمَّ الثِّمَارَ وَغَيْرَهَا إلَّا أَنَّ الثِّمَارَ فِيهَا شَرْطُ الثُّلُثِ، وَأَطْلَقَ فِي الثَّمَرِ ظَاهِرُهُ أَيُّ ثَمَرٍ كَانَ، وَكَذَلِكَ النَّبَاتُ كَالْبُقُولِ، وَمَا شَابَهَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ فِي قَدْرِهَا، وَلَمَّا كَانَ لَا فَرْقَ فِيمَا تُوضَعُ جَائِحَتُهُ بَيْنَ أَنْ يَيْبَسَ وَيُدَّخَرَ كَالْبَلَحِ، وَالْعِنَبِ، وَمَا لَا يَيْبَسُ كَالْمَوْزِ وَالْخَوْخِ، وَمَا كَانَ بَطْنًا كَمَا ذُكِرَ أَوْ بُطُونًا، وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ بَلْ يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا كَالْمَقَاثِئِ، وَالْوَرْدِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ (ش) أَيْ تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي أَيْ وُجُوبًا إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (كَالْمَوْزِ) وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَالْمَقَاثِئِ) إذَا أَذْهَبَتْ قَدْرَ ثُلُثِ النَّبَاتِ، وَالْمَقَاثِئُ جَمْعُ مَقْثَأَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْقِثَّاءَ، وَالْخِيَارَ، وَالْعَجُّورَ، وَالْبِطِّيخَ، وَالْقَرْعَ، وَالْبَاذِنْجَانَ، وَاللُّفْتَ، وَالْبَصَلَ، وَالثُّومَ، وَالْكُزْبَرَةَ وَالسِّلْقَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ (ص) وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ (ش) هَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَيْ أَنَّ الْجَائِحَةَ تُوضَعُ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى شَرْطِ الْجِذَاذِ كَالْفُولِ، وَالْقَطَانِيِّ تُبَاعُ خَضْرَاءَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُوضَعُ جَائِحَتُهَا إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ، وَعَدَمِ التَّأْخِيرِ، وَحَصَلَتْ الْجَائِحَةُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تُجَذُّ فِيهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَوْ حَصَلَتْ بَعْدَهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا عَلَى عَادَتِهَا، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي، وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي غَيْرِ مَا بِيعَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ) اعْتَمَدَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ جَوَازَهُ بِدُونِ ضَعْفٍ [زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ] (قَوْلُهُ وَسَقْيُهَا إلَخْ) سَوَاءٌ أَعْرَى قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْت جَعْلُ السَّقْيِ عَلَى الْمُعْرِي يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ أَنَّهُ الْقِيَامُ عَنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ بِالْمُؤْنَةِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ السَّقْيَ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُؤْنَةَ تُفَسَّرُ بِغَيْرِ السَّقْيِ (قَوْلُهُ بَلْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ) أَيْ إذَا كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ حَيْثُ حَصَلَتْ الْهِبَةُ قَبْلَ الزُّهُوِّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ زُهُوٌّ لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَاهِبِ فَحِينَئِذٍ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا اسْتَوَتْ أَيْ لِأَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَ الزُّهُوُّ عِنْدَ الْوَاهِبِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ فَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ إلَخْ) جَوَابٌ لِمَا مَحْذُوفٌ أَيْ تَعَرَّضَ لَهُ (قَوْلُهُ الِاسْتِئْصَالُ) هُوَ الْإِهْلَاكُ، وَقَوْلُهُ وَالْهَلَاكُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْإِهْلَاكُ لِيَكُونَ تَفْسِيرًا (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ فِي الْقَدْرِ) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالثُّلُثِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَعُمَّ الثِّمَارَ إلَخْ) أَيْ فَيُنَاسِبُ قَوْلُهُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ نَبَاتٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ بِقَوْلِهِ الثُّلُثُ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ مِنْ تَمْرٍ أَوْ نَبَاتٍ لَكِنَّ الْأَوْلَى حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الثِّمَارَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا شَرْطُ الثُّلُثِ إلَّا أَنَّ الْبُقُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الثُّلُثُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ النَّبَاتُ كَالْبُقُولِ) أَيْ أَطْلَقَ فِيهَا أَيْ فَظَاهِرُهُ أَيْ بِقَوْلٍ كَانَ، وَقَوْلُهُ وَمَا شَابَهَهَا أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَزَعْفَرَانَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ وَالْمَوْزِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَوْزِ لِأَنَّهُ بُطُونٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ) أَيْ بَلْ أَيُّ شَيْءٍ حَصَلَ أُخِذَ، وَلَا يُمْهَلُ الْأَوَّلُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ الْآخَرُ لِفَسَادِهِ ثُمَّ أَقُولُ، وَشَأْنُ مَا كَانَ بُطُونًا أَنْ لَا يُحْبَسَ فَقَوْلُهُ وَلَا يُحْبَسُ إلَخْ مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْبُقُولُ هُنَا لِمَا ذُكِرَ، وَأَيْضًا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشْبِهُ فَيَقُولُ كَالْبُقُولِ فَيُفِيدُ عَدَمَ الدُّخُولِ، وَلِذَلِكَ أَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ اللُّفْتُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ نَحْوِ الْبَصَلِ مِنْ مُغَيَّبِ الْأَصْلِ تُوضَعُ جَائِحَتُهُ. وَإِنْ قَلَّتْ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ نَحْوِ الذُّرَةِ، وَالسِّلْقِ مِنْ الْبُقُولِ تُوضَعُ، وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ الَّذِي يَيْبَسُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَى الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي لَا يَيْبَسُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَى الثَّالِثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ بُطُونٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ مَا كَانَ بَطْنًا إلَخْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي فَلَا يُعَدُّ قِسْمًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ وَالْمَقَاثِئُ) جَعَلَ الشَّارِحُ الْمَقَاثِي شَامِلًا لِلْبُقُولِ يُفِيدُ أَنَّ الْبُقُولَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ذَهَابِ الثُّلُثِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ الْبُقُولَ، وَمَا شَابَهَهَا لَا تَحْدِيدَ فِيهَا، وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبُقُولَ لَا تُحَدُّ بِالثُّلُثِ فَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْبُقُولَ لَا تَحْدِيدَ فِيهَا بِخِلَافِ الْمَقَاثِي وَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَاللُّفْتُ، وَالْبَصَلُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْبُقُولِ فَقَدْ أَدْخَلَ الْبُقُولَ فِي الْمَقَاثِي، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ كَالْبُقُولِ، وَالْقَطَانِيِّ) نَسَخَهُ الشَّارِحُ كَالْقَوْلِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِيعَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا بِيعَتْ عَلَى التَّبْقِيَةِ بَلْ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ التَّأْخِيرِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْجَذِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُ إلَخْ) حَاصِلُ الْمُعَارَضَةِ أَنَّ مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ التَّبْقِيَةِ فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ لَا جَائِحَةَ فِيهَا فَيُنَافِي الْمُبَالَغَةَ هُنَا فَقَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا أَيْ قَوْلَهُ، وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا يَأْتِي إلَخْ) حَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّبْقِيَةُ إذَا بِيعَتْ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَمَّا إذَا بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ فَلَا يُشْتَرَطُ فَعَلَى هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 عَلَى الْجَذِّ إذْ مَا بِيعَ كَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْبَقَاءُ لِانْتِهَاءِ طِيبِهَا شَرْعًا (ص) وَمِنْ عَرِيَّتِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ أَيْ وَإِنْ مِنْ عَرِيَّتِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْرَى شَخْصًا مِنْ حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ، وَلِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ فَإِذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِخَرْصِهَا فَأُجِيحَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ وَضْعُ الْجَائِحَةِ عَنْهُ مِنْ الْخَرْصِ كَمَا يُوضَعُ عَمَّنْ اشْتَرَى ثَمَرًا بِدَرَاهِمَ إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَلَا تُخْرِجُهَا الرُّخْصَةُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) لَا مَهْرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ ثَمَرَةً عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ قِيَامٌ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَيْسَ بَيْعًا مَحْضًا، وَعَلَى هَذَا لَا جَائِحَةَ فِي الثَّمَرِ الْمُخَالَعِ بِهِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِي الْخُلْعِ أَضْعَفُ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ فِي الصَّدَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ فِي الْمَهْرِ جَائِحَةً وَشُهِرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا جَائِحَةَ أَيْضًا فِي الْخُلْعِ لِمَا مَرَّ (ص) إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ، وَلَوْ مِنْ كَصَيْحَانِيٍّ، وَبَرْنِيِّ، وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا، وَأُفْرِدَتْ أَوْ أُلْحِقَ أَصْلُهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي شُرُوطِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْهَا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ النَّبَاتِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَمِثْلُهُ ثُلُثُ الْمَعْدُودِ كَالْبِطِّيخِ فَلَوْ قَالَ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ كَيْلِ الْمُجَاحِ أَوْ وَزْنَهُ أَوْ عَدَدَهُ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَلَوْ كَانَ ثُلُثُ الْمَكِيلَةِ الذَّاهِبُ مِنْ أَحَدِ صِنْفَيْ نَوْعٍ كَصَيْحَانِيٍّ، وَبَرْنِيِّ بِيعَا مَعًا، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ أُجِيحَ بَعْضٌ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ تَعَدُّدَ الْأَصْنَافِ كَتَعَدُّدِ الْأَجْنَاسِ فَلَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ قِيمَةُ الْمُجَاحِ ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ، وَأُجِيحَ مِنْهُ ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ كَمَا يَأْتِي، وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ بَقِيَّةُ الثَّمَرَةِ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا فَإِذَا تَنَاهَتْ فَلَا جَائِحَةَ، وَأَيَّامُ الْجِذَاذِ الْمُعْتَادَةِ كَأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ أَيَّامِ الطِّيبِ حُكْمًا فَيُعْتَبَرُ مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ الْجَائِحَةِ، وَتَقَدَّمَ عَدَمُ مُعَارَضَةِ هَذَا لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجِذَاذِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً عَنْ أَصْلِهَا فَقَطْ أَوْ اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا بَعْدَهَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ حِينَئِذٍ مَقْصُودَةٌ بِالشِّرَاءِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَالسَّقْيُ بَاقٍ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَيْهِ لَمْ تَسْقُطْ الْجَائِحَةُ عَنْهُ فَقَوْلُهُ أَصْلُهَا يَتَنَازَعُهُ أُفْرِدَتْ عَلَى أَنَّهُ جَارٌّ، وَمَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَأُلْحِقَ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِهِ فَاعْمَلْ الثَّانِي، وَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أُفْرِدَتْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فَيَقْتَضِي إنَّهَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا شَيْءٌ كَثَوْبٍ مَثَلًا لَا جَائِحَةَ فِيهَا، وَهُوَ فَاسِدٌ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ ثَانِيًا أَوْ اشْتَرَى الْأَصْلَ، وَالثَّمَرَةَ مَعًا فَلَا جَائِحَةَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ (ش) وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِلصُّوَرِ، وَلِمَا ذُكِرَ إنَّ شَرْطَ حَطِّ الْجَائِحَةِ هُوَ ذَهَابُ ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ فَأَكْثَرَ لَا دُونَهُ بَيْنَ كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ   [حاشية العدوي] الْجَوَابِ لَوْ بِيعَتْ عَلَى التَّبْقِيَةِ، وَشَرَعَ فِي جَذِّهَا فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا الْجَائِحَةَ فَهَذَا الْجَوَابُ لَا يَظْهَرُ فَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِذَا بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ قِيلَ فِيهِ جَائِحَةٌ، وَهُوَ كَلَامُهُ هُنَا، وَقِيلَ لَا جَائِحَةَ، وَهُوَ كَلَامُهُ الْآتِي إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَبِيعَتْ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ إلَّا إذَا بَقِيَتْ لِانْتِهَاءِ الطِّيبِ فَإِذَا بَقِيَتْ لِمَا بَعْدَ فَلَا جَائِحَةَ (قَوْلُهُ شَرْعًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ طِيبِهَا، وَقَوْلُهُ لَا يَتَأَتَّى أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ وَشُهِرَ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ حَيْثُ كَانَ الْمَشْهُورُ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ أَنْ يَعْتَمِدَ هَذَا الْقَوْلَ إلَخْ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَالْأَظْهَرِ، وَالْأَحْسَنِ (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِ صِنْفَيْ نَوْعٍ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّ الْجَائِحَةَ قَدْرُ الثُّلُثِ وَأَنَّهَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُفِيدًا لِذَلِكَ فَيُجَابُ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ إمَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ أَحَدِ صِنْفَيْ نَوْعٍ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إشَارَةً لِجَوَابٍ ثَانٍ، وَلَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ أَيْ مَكِيلَةِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَصْنَافُ كَبَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ، وَلَا يُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْقِيمَةِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَصْنَافِ كَتَعَدُّدِ الْأَجْنَاسِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ، وَثُلُثُ مَكِيلَةِ نَفْسِهِ لَا ثُلُثُ مَكِيلَةِ الْجَمِيعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ كَمَا عَلِمْت، وَيُتَّفَقُ عَلَى صُورَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ نَوْعًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ قِيمَةُ الْمُجَاحِ) أَيْ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ الْجَائِحَةُ لَا خُصُوصُ الَّذِي ذَهَبَ بِالْجَائِحَةِ كَمَا يَأْتِي إيضَاحُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا (قَوْلُهُ وَأُجِيحَ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ تُلْحَقُ بِالْمُصَنَّفِ بِالْخِلَافِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَفَادَ أَنَّ الثُّلُثَ بَعْضُ الصَّيْحَانِيِّ أَوْ بَعْضَ الْبَرْنِيِّ فَقَطْ، وَيُزَادُ عَلَيْهِ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ قَصْدُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَوْ أُجِيحَ إلَخْ حَلَّ الْمُصَنِّفِ، وَزِيَادَةَ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ تَقْدِيرُ أَحَدٍ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيُمْكِنُ أَنَّ أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتَصْدُقُ بِالثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ وَأَيَّامُ الْجِذَاذِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَتَى مَا تَنَاهَتْ لَا جَائِحَةَ سَوَاءٌ جُذَّتْ فِي الْأَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ أَمْ لَا. {تَنْبِيهٌ} قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا يَبْقَى بَعْدَ انْتِهَاءِ طِيبِهِ لِتَدُومَ رُطُوبَتُهُ أَوْ نَضَارَتُهُ أَنَّهُ مِنْ الْجَائِحَةِ الْبَاجِيُّ، وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونَ خِلَافَهُ، وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ يَتَنَازَعُهُ أُفْرِدَتْ) لَكِنْ بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَتَنَازُعِهِ أُلْحِقَ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَأَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَ بِدَلِيلِ حَذْفِ الْجَارِّ، وَأَضْمَرَ فِي الْأَوَّلِ، وَحَذَفَهُ لِكَوْنِهِ فَضْلَةً فَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ أَيْ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا جَارٌّ وَمَجْرُورٌ (قَوْلُهُ تَتْمِيمًا لِلصُّوَرِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ اثْنَتَانِ فِيهِمَا الْجَائِحَةُ، وَاثْنَتَانِ لَا جَائِحَةَ فِيهِمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 مِنْ الثَّمَنِ إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الْمَكِيلَةِ وَالثَّمَنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَنُظِرَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْبُطُونِ إلَى مَا بَقِيَ فِي زَمَنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَائِحَةَ إذَا أَصَابَتْ شَيْئًا يُطْعِمُ بُطُونًا كَالْمَقَاثِئِ أَوْ بَطْنًا وَاحِدًا، وَلَكِنْ لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْعِنَبِ أَوْ أَصْنَافًا كَبَرْنِيِّ، وَصَيْحَانِيٍّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ أَسْوَاقُهُ فِي أَوَّلِ مُجْنَاهُ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ، وَكَانَ الذَّاهِبُ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ فَإِنَّهُ يَنْسُبُ فِيمَا ذُكِرَ قِيمَةَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْبُطُونِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا إلَى قِيمَةِ مَا بَقِيَ سَلِيمًا، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُصَابِ وَالسَّلِيمِ فِي زَمَنِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ الشُّيُوخِ، وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فَالْمُجَاحُ يَوْمَ الْجَائِحَةِ، وَيَسْتَأْنِي بِغَيْرِهِ إلَى زَمَنِهِ، وَلَا يَسْتَعْجِلُ بِتَقْوِيمِهِ عَلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ، وَقِيلَ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا يَوْمَ الْبَيْعِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَإِلَى رَدِّهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) (لَا يَوْمَ الْبَيْعِ) وَقَوْلُهُ (ص) وَلَا يَسْتَعْجِلُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي زَمَنِهِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُهُ أَيْ فِي زَمَنِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَسْتَعْجِلُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ قَالَ فِيهَا مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَقْثَأَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأُجِيحَ بَطْنٌ مِنْهَا ثُمَّ جَنَى بَطْنَيْنِ فَانْقَطَعَتْ فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ مِمَّا لَمْ يُجَحْ قَدْرُ ثُلُثِ النَّبَاتِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ نَاحِيَةِ النَّبَاتِ وُضِعَ عَنْهُ قَدْرُهُ، وَقِيلَ مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي زَمَانِهِ فَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُونَ، وَالْبَطْنُ الثَّانِي عِشْرُونَ وَالثَّالِثُ عَشَرَةٌ فِي زَمَانَيْهِمَا لِغَلَاءِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَلَّ، وَرُخْصِ الثَّانِي، وَإِنْ كَثُرَ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُجَاحُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْقِيمَةِ لَرَجَعَ بِمِثْلِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فِي النَّبَاتِ لَمْ يُوضَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الصَّفْقَةِ إلَخْ هَذَا حُكْمُ الْبُطُونِ، وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الْأَنْوَاعِ أَوْ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَانَ مِمَّا يُخْرَصُ كَالْعِنَبِ أَوْ لَا يُخْرَصُ كَالزَّيْتُونِ أَمَّا إنْ كَانَ النَّوْعُ، وَاحِدًا، وَيُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ فَالرُّجُوعُ فِيهِ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ فَثُلُثُ الثَّمَرَةِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ، وَنِصْفُهَا بِنِصْفِهِ وَلَمَّا ذَكَرَ الْجَائِحَةَ فِي الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ مُفْرَدَةً عَنْ أَصْلِهَا، وَكَانَتْ صَادِقَةً بِمَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً أُخْرَى كَمَا مَرَّ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِطَ ثَمَرَةَ أَصْلٍ فِي عَقْدِ كِرَاءِ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ، وَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا، وَفِيهَا نَخْلَةٌ مُزْهِيَةٌ، وَهِيَ تَبَعٌ لِلدَّارِ أَيْ قِيمَةُ ثَمَرَتِهَا قَدْرُ ثُلُثِ الْكِرَاءِ فَأَقَلَّ فَأُجِيحَتْ تِلْكَ النَّخْلَةُ فَذَهَبَ ثُلُثُ مَكِيلَتِهَا هَلْ فِيهَا جَائِحَةٌ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ مُبْتَاعَةٌ فَدَخَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُفْرَدَةً فَهِيَ كَغَيْرِهَا أَوْ لَا جَائِحَةَ، وَلَوْ ذَهَبَ جَمِيعُهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ، وَالْجَائِحَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي ثَمَرَةٍ مَقْصُودَةٍ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُزْهِيَةً فَلَا جَائِحَةَ اتِّفَاقًا كَانَتْ تَابِعَةً أَمْ لَا، وَيَفْسُدُ الْكِرَاءُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ إنْ اشْتَرَطَ إدْخَالَهَا فِيهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَنُظِرَ) أَيْ نُسِبَ، وَقَوْلُهُ إلَى مَا بَقِيَ أَيْ وَمَا أُجِيحَ، وَقَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نُظِرَ، وَقَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ اعْتِبَارُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَوْمَ الْجَائِحَةِ لَكِنْ يُقَوَّمُ الْبَاقِي بَعْدَ وُجُودِهِ، وَيُرَاعَى زَمَنُهُ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ فَيُقَالُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَجِفَّ مَا قِيمَةُ هَذَا يَوْمَ الْجَائِحَةِ عَلَى وُجُودِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجَائِحَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وُجُودِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجَائِحَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وُجُودِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجَائِحَةِ مُرَاعًى وُجُودُهُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يُحْبَسُ إلَخْ) أَيْ لِفَسَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ كَعِنَبِ مِصْرَ وَبَلَحِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْنَافًا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ أَصْنَافًا نَوْعٌ وَاحِدٌ لَا يُحْبَسُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ النَّوْعَ الْوَاحِدَ تَارَةً يَكُونُ تَحْتَهُ أَصْنَافٌ كَالْبَلَحِ، وَتَارَةً لَا كَالْعِنَبِ (قَوْلُهُ ثُلُثُ الْمَكِيلَةِ) أَيْ وَثُلُثُ الْمَعْدُودِ كَمَا فِي الْبِطِّيخِ أَوْ الْوَزْنِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْبُطُونِ أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَطْنًا وَاحِدًا إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ قِيلَ يَوْمُ الْبَيْعِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ فِي زَمَنِهِ، وَالْقَائِلُونَ بِذَلِكَ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ قِيلَ يَسْتَعْجِلُ بِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ عَلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ لَا يَسْتَعْجِلُ بَلْ إنَّمَا يُقَوَّمُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الَّذِينَ يُقَوِّمُونَهُ فِي زَمَنِهِ يَفْتَرِقُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَوْلٌ بِالِاسْتِعْجَالِ، وَقَوْلٌ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ مِمَّا لَمْ يُجَحْ) أَيْ نِسْبَتُهُ مِنْ الَّذِي لَمْ يُجَحْ أَيْ وَاَلَّذِي أُجِيحَ (قَوْلُهُ قَدْرُ ثُلُثِ النَّبَاتِ) أَيْ قَدْرُ ثُلُثِ الْمَكِيلِ مِنْ ذَلِكَ النَّبَاتِ أَوْ الْمَعْدُودِ مِنْهُ أَوْ الْمَوْزُونِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ نَاحِيَتِهِ (قَوْلُهُ النَّبَاتُ) أَيْ الْجِهَةُ الَّتِي فِيهَا لِأَنَّ بِمَعْرِفَةِ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا النَّبَاتُ يُعْلَمُ مِنْهَا كَثْرَةُ الْحَمْلِ، وَقِلَّتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُعْرَفْ النَّاحِيَةُ كَانَ التَّقْوِيمُ عَلَى جَهَالَةٍ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ كَانَ النَّوْعُ وَاحِدًا، وَيُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ) كَعِنَبِ غَيْرِ مِصْرَ، وَأَمَّا عِنَبُ مِصْرَ فَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ لِكَوْنِهِ يَفْسُدُ إذَا حُبِسَ فَقَوْلُهُ حُكْمُ الْبُطُونِ أَيْ بُطُونُ الْمَقْثَأَةِ، وَشَأْنُهَا أَنَّهَا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهَا عَلَى آخِرِهَا لِلْفَسَادِ بِالتَّأْخِيرِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَنْوَاعِ أَيْ أَصْنَافِ الْبَلَحِ الَّذِي لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ النَّوْعُ الْوَاحِدُ كَعِنَبِ مِصْرَ فَقَوْلُهُ مِمَّا لَا يُحْبَسُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَنْوَاعِ، وَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ عَلَى أَقْسَامٍ) أَيْ أَرْبَعَةٍ فِي الدَّارِ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ مُزْهِيَةً أَوْ لَا، وَفِي كُلِّ تَابِعَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ الْكِرَاءُ فِي الثَّانِي) أَيْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تَابِعَةً، وَقَوْلُهُ دُونَ الْأَوَّلِ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ تَابِعَةً بِأَنْ كَانَتْ الثُّلُثَ فَدُونَ أَيْ وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ يُشْتَرَطَ جُمْلَتُهَا، وَأَنْ يَكُونَ طِيبُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ بِاشْتِرَاطِهَا دَفْعَ الضَّرَرِ بِالتَّطَرُّقِ إلَيْهَا فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ لَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُهَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ لِلرَّغْبَةِ فِيهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا أَوْ اُسْتُثْنِيَ بَعْضُهَا لِأَنَّ مَظِنَّةَ الدُّخُولِ، وَالتَّطَرُّقَ إلَيْهَا قَائِمَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ طِيبُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْوَجِيبَةِ لِأَنَّ الْمَضَرَّةَ قَائِمَةٌ أَيْضًا لَكِنَّ الْمَضَرَّةَ هُنَا مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي لَهَا لِأَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَصِيرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 وَضَمَانُهَا مِنْ بَائِعِهَا، وَقَوْلُهُ التَّابِعَةُ مَفْهُومُهُ فِيهَا الْجَائِحَةُ اتِّفَاقًا، وَلَا مَفْهُومَ لِلدَّارِ (ص) وَهَلْ هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ كَسَمَاوِيٍّ وَجَيْشٍ أَوْ وَسَارِقٍ خِلَافٌ (ش) أَيْ أَنَّ الْجَائِحَةَ هَلْ هِيَ كُلُّ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ لَوْ عُلِمَ بِهِ كَسَمَاوِيٍّ أَيْ مَنْسُوبٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْبَرْدِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا، وَالْحَرِّ وَالرِّيحِ وَهُوَ السَّمُومُ، وَالثَّلْجُ وَالْمَطَرُ، وَالْعَفَنُ، وَالدُّودُ، وَالْفَأْرُ، وَالطَّيْرُ الْغَالِبُ، وَالْقَحْطُ، وَالْجَرَادُ، وَالْجَيْشُ الْكَثِيرُ، وَالْعَفَاءُ وَهُوَ يُبْسُ الثَّمَرَةِ مَعَ تَغَيُّرِ لَوْنِهَا، وَاخْتُلِفَ فِي السَّارِقِ هَلْ هُوَ جَائِحَةٌ وَهُوَ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَنَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ أَوْ لَيْسَ بِجَائِحَةٍ خِلَافٌ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ السَّارِقُ، وَإِلَّا فَلَا، وَيَتْبَعُهُ الْمُشْتَرِي مَلِيئًا أَوْ غَيْرَ مَلِيءٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْجَيْشِ إذَا عُرِفَ مِنْهُ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ، وَالْأَظْهَرُ فِي عَدَمِهِ غَيْرُ مَرْجُوٍّ يُسْرُهُ عَنْ قُرْبٍ أَنَّهُ جَائِحَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَتَعْيِيبُهَا كَذَلِكَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا لَمْ تَهْلِكْ بَلْ تَعَيَّبَتْ بِغُبَارٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِحَةٌ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنْ فِي ذَهَابِ الْعَيْنِ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ، وَفِي التَّعْيِيبِ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْقِيمَةِ فَتُوضَعُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْوَضْعِ لَا بِقَيْدِ الْمَكِيلَةِ لِأَنَّ الْمَكِيلَةَ هُنَا قَائِمَةٌ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَغَيْرِهِمَا (ص) وَتُوضَعُ مِنْ الْعَطَشِ، وَإِنْ قَلَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَائِحَةَ تُوضَعُ مِنْ الْعَطَشِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَلِيلَةً دُونَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْبُقُولِ، وَغَيْرِهَا لِأَنَّ سَقْيَهَا لَمَّا كَانَ عَلَى رَبِّهَا أَشْبَهَتْ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَمَا وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ سَقْيَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ سَبْقُ قَلَمٍ (ص) كَالْبُقُولِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَالرَّيْحَانِ، وَالْقُرْطِ وَالْقَضْبِ، وَوَرَقِ التُّوتِ، وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْوَضْعِ، وَإِنْ قَلَّتْ لَكِنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ الْعَطَشِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَتْ كَجَائِحَةِ الثِّمَارِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى مِقْدَارِ ثُلُثِ ذَلِكَ لِجَذِّهِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا يُضْبَطُ قَدْرُ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ تَافِهًا لَا بَالَ لَهُ، وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تُوضَعُ مِنْ الْعَطَشِ مُطْلَقًا لِأَنَّ السَّقْيَ مُشْتَرًى، وَالْأَصْلُ الرُّجُوعُ بِالْمُشْتَرَى، وَأَجْزَائِهِ إذَا لَمْ يُقْبَضْ، وَلَمْ يَدْخُلْ الْمُشْتَرَى عَلَى سُقُوطِ شَيْءٍ، وَالْبُقُولُ الْخَسُّ، وَالْكُزْبَرَةُ، وَالْهُنْدُبَا، وَالسِّلْقُ، وَالْقُرْطُ نَوْعٌ مِنْ الْمَرْعَى يُشْبِهُ الْبِرْسِيمَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْصَبُ خِصْبَهُ، وَالْقَضْبُ كُلُّ مَا يُرْعَى، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ بَيْعِ مُغَيَّبِ الْأَصْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُقْلِعَ مِنْهُ شَيْئًا، وَيَرَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَغَيْرِهِ، وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ دُونَ قَلْعٍ، وَذَكَرَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (ص) وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا، وَإِنْ قَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا فِيهِ جَائِحَةٌ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَهْلَكَتْ غَالِبَهُ فَإِنَّ السَّالِمَ الْقَلِيلَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَدْ يُخَيَّرُ أَوْ يَحْرُمُ التَّمَاسُكُ بِالْبَاقِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَوَائِحَ لِتَكَرُّرِهَا كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَاخِلٌ عَلَيْهَا، وَلِنُدُورِ الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا فَأُجِيحَ بَعْضُهَا وُضِعَتْ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ، وَأُجِيحَ مِنْهُ ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً مِمَّا فِيهِ مِنْ الْجَائِحَةِ مِنْ حَائِطٍ أَوْ حَوَائِطَ كَنَخْلٍ، وَرُمَّانٍ، وَخَوْخٍ، وَعِنَبٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأُجِيحَ بَعْضٌ مِنْ جِنْسٍ أَوْ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَوْ جِنْسٍ، وَبَعْضٌ آخَرُ فَإِنَّ الْجَائِحَةَ تُوضَعُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ الْجِنْسِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْجَائِحَةُ   [حاشية العدوي] هُوَ يَدْخُلُ عَلَى بَائِعِهَا ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَ دَفْعِ الضَّرَرِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ اشْتِرَاءِ جُمْلَتِهَا إذْ حَيْثُ اشْتَرَى بَعْضَهَا فَالضَّرَرُ مَوْجُودٌ. {تَنْبِيهٌ} اعْلَمْ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ إلَّا بِشَرْطٍ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَا هُنَا، وَلَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ كَسَمَاوِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٌ إلَى السَّمَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مِنْ فِعْلِ مَنْ رَفَعَ السَّمَاءَ أَوْ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ رَفَعَ السَّمَاءَ فَقَوْلُهُ إلَيْهِ أَيْ مَنْسُوبٌ لِلَّهِ أَيْ مَنْسُوبٌ لِلسَّمَاءِ الَّذِي لَيْسَ رَفْعُهُ إلَّا مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَسَارِقٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا أَيْ أَوْ سَمَاوِيٍّ، وَجَيْشٍ، وَسَارِقٍ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ السَّمُومُ) وَهُوَ الرِّيحُ الْحَارُّ (قَوْلُهُ وَالْعَفَنُ) هُوَ تَغَيُّرُ لَوْنِهَا (قَوْلُهُ وَالْقَحْطُ) قِلَّةُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ، وَالْأَظْهَرُ فِي عَدَمِهِ) أَيْ السَّارِقُ أَيْ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ قَالَ عج، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْجَيْشِ إلَخْ أَيْ يَضْمَنُ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْ عُرِفَ مِنْ الْجَيْشِ وَاحِدٌ فَلَيْسَ بِجَائِحَةٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ أُعْدِمَ غَيْرَ مَرْجُوٍّ يُسْرُهُ عَنْ قُرْبٍ فَهُوَ جَائِحَةٌ، وَإِنْ عُرِفَ انْتَهَى أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ أَنَّ مِثْلَ عَدَمِهِ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا، وَلَكِنْ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ وَرَقِ التُّوتِ) أَيْ الَّذِي يُبَاعُ لِأَجْلِ دُودِ الْحَرِيرِ، وَلَوْ مَاتَ الدُّودُ فَهُوَ جَائِحَةٌ فِي الْوَرَقِ كَمَنْ اكْتَرَى حَمَّامًا أَوْ فُنْدُقًا فَخَلَا الْبَلَدُ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْكُنُهُ، وَأَلْحَقَ الصَّقَلِّيُّ بِذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً فَخَلَا الْبَلَدُ لِأَنَّهُ ابْتَاعَهُ لِيَبِيعَهُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ مَنْ اشْتَرَى عَلَفًا لِقَافِلَةٍ تَأْتِيهِ فَعَدَلَتْ عَنْ مَحَلِّهِ اُنْظُرْ تت كَبِيرٌ، وَفِي عج، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذُكِرَ جَائِحَةٌ أَنَّهُ يَفْسَخُ عَنْ نَفْسِهِ الْكِرَاءَ وَالْبَيْعَ انْتَهَى إلَّا أَنَّ عَلَفَ الدَّابَّةِ لَمْ يُسْلَمْ مُحَشِّي تت فِيهِ بَلْ نَقَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ يُقْبَضْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى سُقُوطِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا دَخَلَ عَلَى سُقُوطِهِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ) هُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ يُخَيَّرُ) أَيْ فِي الشَّائِعِ، (وَقَوْلُهُ أَوْ يَحْرُمُ التَّمَاسُكُ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ شَائِعًا كَدَارٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ دُورٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْجَائِحَةَ تُوضَعُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ زَادَهُمَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطَيْنِ لَا يَأْتِي فِيمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَوْ جِنْسٍ، وَبَعْضٌ آخَرُ أَمَّا تَقْوِيمُ مَا إذَا ذَهَبَ بَعْضُ جِنْسٍ فَقَطْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا ذَهَبَ بَعْضٌ مِنْ كُلٍّ قَرَّرَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَالُ مَا قِيمَتُهُمْ سَالِمُونَ فَيُقَالُ تِسْعُونَ مَا قِيمَتُهُمْ سَالِمُونَ كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَحُرِّرَ كَتَبَهُ مُصَحِّحُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 ثُلُثَ قِيمَةِ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ الَّتِي احْتَوَتْ عَلَيْهَا الصَّفْقَةُ كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْجَمِيعِ تِسْعِينَ، وَقِيمَةُ الْمُصَابِ ثَلَاثِينَ فَأَكْثَرَ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَذْهَبَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ الْمُجَاحِ ثُلُثُ مَكِيلَةِ نَفْسِهِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ فَلَا وَضْعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ الْجِنْسَ كُلَّهُ، وَنَسَبَهُ ابْنُ يُونُسَ لِمُحَمَّدٍ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ وَضْعِ الْجَائِحَةِ أَنْ تُصِيبَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ انْتِهَاءِ طِيبِهَا ذَكَرَ مَفْهُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا جَائِحَةَ (ش) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ، وَقَدْ انْتَهَى طِيبُهَا فَلَا جَائِحَةَ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ فَيَشْمَلُ الْبُقُولَ لَا مَا قَابَلَهَا، وَسَوَاءٌ بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَوْ بَعْدَ تَنَاهِيهَا، وَحَلَّ الشَّارِحُ بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ قُصُورٌ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ كَمَا قَرَّرْنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَلَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ حِينَ الزُّهُوِّ ثُمَّ أُجِيحَ بَعْدَ إمْكَانِ جِذَاذِهِ وَيُبْسِهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ انْتَهَى (ص) كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ وَيَابِسِ الْحَبِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَصَبَ الْحُلْوَ لَا جَائِحَةَ فِيهِ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَطِيبَ، وَيُمْكِنُ قَطْعُهُ، وَكَذَلِكَ لَا جَائِحَةَ فِي يَابِسِ الْحَبِّ كَقَمْحٍ، وَسِمْسِمٍ، وَحَبِّ فُجْلٍ سَوَاءٌ بِيعَ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْقَطْعِ، وَبَقِيَ إلَى أَنْ يَيْبَسَ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَصَابَهُ مَا أَتْلَفَهُ فَإِنَّهَا تُوضَعُ سَوَاءٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ فَقَوْلُهُ كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْقَصَبَ لَيْسَ مِنْ الثَّمَرِ، وَكَذَا الْحَبُّ فَقَوْلُهُ وَيَابِسُ الْحَبِّ أَيْ وَكَيَابِسِ الْحَبِّ التَّشْبِيهُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَرَةً لِشَيْءٍ، وَتَمْثِيلٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَيَابِسُ الْحَبِّ فَهُنَا كَافٌ مَذْكُورَةٌ، وَهِيَ لِلتَّشْبِيهِ، وَكَافٌ مُقَدَّرَةٌ، وَهِيَ لِلتَّمْثِيلِ وَاحْتُرِزَ بِالْحُلْوِ عَنْ الْقَصَبِ قَبْلَ جَرْيِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُجَرَّدَ جَرَيَانِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَامَلْ يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْجَائِحَةِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَتَنَاهَى طِيبُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تَكُونُ فِيهِ الْجَائِحَةُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قُلْت بَلْ يَصِحُّ إذَا بِيعَ عَلَى شَرْطِ الْجَذِّ لَا عَلَى مَا إذَا بِيعَ بِأَرْضِهِ أَوْ تَبَعًا لَهَا إذْ لَا جَائِحَةَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ، وَأَمَّا الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ فَهُوَ كَالْخَشَبِ فَلَا تَجْرِي فِيهِ الْجَائِحَةُ قَطْعًا (ص) وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكِهِ إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ إذَا أَصَابَ بَعْضَ الثَّمَرَةِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا جَائِحَةٌ فَإِنْ أَذْهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْقِيَ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ مَا أُجِيحَ، وَمَا لَمْ يُجَحْ، وَإِنْ أَذْهَبَتْ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَبْقَى عَلَى عَمَلِهِ، وَيَسْقِي الْجَمِيعَ مَا أُجِيحَ، وَمَا لَمْ يُجَحْ، وَلَهُ الْجُزْءُ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَتْرُكَ الْمُسَاقَاةَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا عُمِلَ لَا مِنْ نَفَقَةٍ، وَلَا أُجْرَةِ عِلَاجٍ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ يُونُسَ بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ شَائِعَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ فِي نَاحِيَةٍ فَلَا سَقْيَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَيَسْقِي السَّالِمَ وَحْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا جِدًّا الثُّلُثَ فَدُونَ (ص) وَمُسْتَثْنَى كَيْلٍ مِنْ الثَّمَرَةِ تُجَاحُ بِمَا يُوضَعُ يَضَعُ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِقَدْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرًا بَدَا صَلَاحُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ مِنْهُ أَرَادِبَ أَوْ أَوْسُقًا مَعْلُومَةٌ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى   [حاشية العدوي] وَمَا قِيمَتُهُمْ بَعْدَ أَخْذِ الْجَائِحَةِ فَيُقَالُ سِتُّونَ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ) الْمُرَادُ بِتَنَاهِي طِيبِهَا بُلُوغُهَا لِلْحَدِّ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ لَهُ مِنْ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ أَوْ زُهُوٍّ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ بِيعَتْ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ أَوَّلًا، وَقَدْ انْتَهَى طِيبُهَا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ بَعْدَ صَلَاحِهَا فَفِيهَا الْجَائِحَةُ مَا لَمْ يَنْتَهِ طِيبُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ تَنَاهِي الطِّيبِ فَلَا جَائِحَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ إلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ وَكَّلَ مَا لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ يُبْسِهِ مِنْ الْحُبُوبِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ حَبِّ فُجْلِ الزَّيْتِ فَلَا جَائِحَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا بَاعَهُ فِي الْأَنَادِرِ وَمَا بِيعَ مِنْ ثَمَرِ نَخْلٍ، وَعِنَبٍ، وَغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَبِسَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ وَلَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ حِينَ الزُّهُوِّ ثُمَّ أُجِيحَ بَعْدَ إمْكَانِ جِذَاذِهِ، وَيُبْسِهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ، وَكَأَنَّك ابْتَعْتهَا بَعْدَ إمْكَانِ الْجِذَاذِ انْتَهَى، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ تَنَاهَتْ إلَخْ سَوَاءٌ مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَطْعُ أَمْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمَ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَيُبْسِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمْكَانِ الْجِذَاذِ الْيُبْسُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَتَمْثِيلٌ إلَخْ) أَيْ تَمْثِيلُهُ بِقَوْلِهِ الثَّمَرَةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْأَمْرَيْنِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ) أَيْ إذَا اشْتَرَى عَلَى الْجَذِّ، وَإِلَّا فَسَدَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا جِدًّا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ السَّالِمُ يَسِيرًا جِدًّا الثُّلُثُ أَيْ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا جِدًّا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ السَّالِمُ يَسِيرًا جِدًّا بِأَنْ كَانَ الْهَالِكُ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْعَامِلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ التَّرْكِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَ الْعَامِلَ سَقْيُ الْجَمِيعِ، وَحَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُجَاحُ دُونَ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ سَقْيُ الْجَمِيعِ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَإِذَا كَانَ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ فَيُخَيَّرُ الْعَامِلُ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ كَانَ شَائِعًا خُيِّرَ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ سَقْيُ مَا عَدَا الْمُجَاحَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَيَسْقِي السَّالِمَ لُزُومًا إذَا كَانَ السَّالِمُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُهُ سَقْيُ الْكُلِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّالِمُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِأَنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَيْنِ فَيُخَيَّرُ الْعَامِلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 عَشَرَةَ أَرَادِبَ أَوْ أَوْسُقٍ مِنْ ثَلَاثِينَ ثُمَّ أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ جَمِيعَ مَكِيلَتِهِ مِنْ السَّالِمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُوضَعُ مِنْ الْمَكِيلَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِنْ نَقَصَتْ الثَّمَرَةُ الثُّلُثَ وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ نَقَصَتْ النِّصْفَ وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَعَلَى هَذَا يُوضَعُ مِنْ الْمَكِيلَةِ بِحَسَبِ الْجَائِحَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ لَا يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يُوضَعُ مِنْ الثَّمَنِ مِمَّا سِوَاهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ، وَبِعِبَارَةٍ وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الدَّرَاهِمِ فَقَطْ، وَهُوَ خَمْسَةٌ، وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى، وَتُعْتَبَرُ الْجَائِحَةُ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دُونَ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مِنْ حَائِطِهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَيْلٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَاهُ الْبَائِعُ اتِّفَاقًا نِصْفًا أَوْ رُبُعًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ {تَنْبِيهٌ} إذَا تَنَازَعَا فِي حُصُولِ الْجَائِحَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى أَصْلِ وُجُودِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ. وَقَالَ الشَّاذِلِيُّ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي أُجِيحَ هَلْ هُوَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرَ أَوْ دُونَهُ فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الْجَائِحَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي هَذَا الْفَصْلِ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ فَمَا الْحُكْمُ إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَعَقَدَ لِذَلِكَ فَصْلًا فَقَالَ {فَصْلٌ إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ} (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ كَبِعْت بِدَنَانِيرَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ بِطَعَامٍ أَوْ أَسْلَمْت فِي حِنْطَةٍ. وَقَالَ الْآخَرُ فِي حَدِيدٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي نَوْعِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ كَبِعْت بِذَهَبٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِفِضَّةٍ أَوْ بِقَمْحٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِشَعِيرٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ كَقَوْلِ الْبَائِعِ لِحَائِطِهِ شَرَطْت نَخَلَاتٍ أَخْتَارُهَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُعَيَّنَةً فَإِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَتَحَالَفَانِ أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ، وَيَتَفَاسَخَانِ إنْ حَكَمَ بِهِ كَمَا يَأْتِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُنَزَّلٌ) فَكَانَ الْبَائِعُ بَاعَ الثُّلُثَيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَرَادِبَ ثُمَّ إنَّ الْجَائِحَةَ أَذْهَبَتْ عَشَرَةً وَهِيَ ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَثُلُثُ الثَّمَنِ فِي الْمَقَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَعَشَرَةُ أَرَادِبَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ ثُلُثُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَثُلُثُ الْعَشَرَةِ أَرَادِبَ (قَوْلُهُ بِعِبَارَةٍ، وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ) فَعَلَى كَلَامِ ابْنِ وَهْبٍ لَوْ كَانَ الذَّاهِبُ مِنْ الثَّلَاثِينَ إرْدَبًّا ثَمَانِيَةً فَتُوضَعُ لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِشْرِينَ تَسْقُطُ، وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الذَّاهِبُ عَشَرَةً فِي مِثَالِنَا فَإِنَّهُ يُوضَعُ نِصْفُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْجَائِحَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ اعْتِبَارَ الثُّلُثِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى، وَهُوَ عِشْرُونَ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْجَائِحَةَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ نُسِبَتْ لِلْعِشْرِينَ فَتُوجَدُ ثُلُثَيْنِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمُسْتَثْنَى الْمُرَادُ بِهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ عِشْرُونَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتَهُ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَائِحَةَ تُنْسَبُ لِلثَّلَاثِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَتُنْسَبُ لِلْعِشْرِينَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ (قَوْلُهُ فَيُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ إلَخْ) عِبَارَةُ شب فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا كَرُبُعٍ أَوْ نِصْفٍ مَثَلًا كَانَتْ الْجَائِحَةُ فِي جَمِيعِ الْمُسْتَثْنَى، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَائِحَةَ إذَا أَخَذَتْ الرُّبُعَ أَوْ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَاَلَّذِي تَلِفَ يَتْلَفُ عَلَى الْجَمِيعِ فَإِذَا كَانَ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الثُّلُثَ فَإِنَّ الرُّبُعَ الَّذِي ضَاعَ يَضِيعُ ثُلُثُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَثُلُثَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ الْمُجَاحُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْمُجَاحُ مِنْ الْمَبِيعِ ثُلُثَ الْمَبِيعِ فَيُوضَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالذَّاهِبِ مِنْ الثَّمَرَةِ عَلَيْهِمَا مَعًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ نِصْفًا أَوْ رُبُعًا إلَخْ نَاظِرٌ لِمَا ذَهَبَ مِنْ الثِّمَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَضِيعُ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الذَّاهِبُ الثُّلُثَ مِنْ الْمَبِيعِ هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ مَضْمُونِ كَلَامِ شَارِحِنَا مَعَ كَلَامِ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَاكِهَانِيَّ يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي حَالِ اتِّفَاقِهِمَا بِاتِّفَاقٍ، وَكَلَامُ الشَّاذِلِيِّ حَكَى فِيهِ قَوْلَيْنِ، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ لِأَنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى أَصْلِ الْجَائِحَةِ فَصَارَ عِلْمُ الْقَدْرِ لَا يُدْرَكُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ [فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ] {فَصْلُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ} (قَوْلُهُ الْمُتَبَايِعَانِ) أَيْ لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ تَثْنِيَةُ مُتَبَايِعٍ كَمُتَرَادِفٍ، وَمُتَرَادِفَانِ لَا تَثْنِيَةُ مُبْتَاعٍ، وَلَا بَائِعٌ الَّذِي هُوَ بِالْهَمْزِ لِإِعْلَالِ فِعْلِهِ، وَهُوَ بَاعَ بِخِلَافِ مُتَبَايِعٍ فَإِنَّهُ بِالْيَاءِ لِعَدَمِ إعْلَالِ فِعْلِهِ، وَهُوَ تَبَايَعَ (قَوْلُهُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالثَّمَنِ الْعِوَضَ فَيَشْمَلُ الْمُثَمَّنَ كَمَا شَمِلَ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ كَبِعْت بِذَهَبٍ) مِثَالٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِقَمْحٍ الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي إشَارَةً إلَى الِاخْتِلَافِ فِي نَوْعِ الْمُثَمَّنِ (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ) فِي جَدّ عج عَنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنْ انْتَقَدَ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَلِلْمُبْتَاعِ أَيْ بِيَمِينِهِ ابْنُ نَاجِي هُوَ الْمَشْهُورُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى لَا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 وَيَبْدَأُ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا وُجِدَ شَبَهٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا، وَلَكِنْ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ مَعَ الْقِيَامِ، وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ مَعَ الْفَوَاتِ، وَلِذَا قَالَ (ص) وَرَدَّ مَعَ الْفَوَاتِ قِيمَتَهَا يَوْمَ بَيْعِهَا (ش) أَيْ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ مَعَ فَوَاتِهَا، وَلَوْ بِحَوَالَةِ السُّوقِ أَوْ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَأَخَذَ ثَمَنَهُ، وَتَقَاصَّا، وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ اخْتِلَافَهُمَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لِوُضُوحِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِهِ بِيَمِينِهِ إجْمَاعًا (ص) وَفِي قَدْرِهِ كَمَثْمُونِهِ أَوْ قَدْرِ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ (ش) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ مَثَلًا بِعْتُك بِثَمَانِيَةٍ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ بِأَرْبَعَةٍ أَوْ الْمُثَمَّنُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ هَذَا الثَّوْبَ، وَهَذَا الْفَرَسَ بِعَشَرَةٍ أَوْ فِي الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك لِشَهْرٍ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ لِشَهْرَيْنِ أَوْ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ أَوْ فِي الْحَمِيلِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِرَهْنٍ أَوْ بِحَمِيلٍ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ بِلَا رَهْنٍ، وَلَا حَمِيلٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ مَا لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ، وَإِلَّا مَضَى الْبَيْعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ مُرَاعَاةِ الْأَشْبَهِ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ، وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ فَوَاتِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَوْ رَهْنٌ أَوْ حَمِيلٌ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ الْأَجَلُ أَيْ إنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الرَّهْنِ أَوْ نَوْعِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ لِأَنَّ لِلرَّهْنِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ (حَلَفَا، وَفُسِخَ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْخَمْسَةِ، وَلَوْ حَذَفَ حَلَفَا، وَفُسِخَ الْمُتَقَدِّمَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَاقْتَضَى أَنَّ الْأَوَّلَ كَالثَّانِي فِي الْفَسْخِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْفَسْخُ فِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ مَعَ الْفَوَاتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَرَدَّ مَعَ الْفَوَاتِ قِيمَتَهَا وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الْفَسْخِ حَيْثُ قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَقَعَ بِهِ حُكْمٌ لَا بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ حَكَمَ بِهِ (ش) أَيْ بِالْفَسْخِ مَا دَامَ التَّنَازُعُ مَوْجُودًا بِدَلِيلِ حَلَفَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُفْسَخُ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى الْفَسْخِ عَلَى أَنَّ تَرَاضِيَهُمَا عَلَى الْفَسْخِ إقَالَةٌ لَا فَسْخٌ لَا بِنَفْسِ التَّحَالُفِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِإِمْضَاءِ الْعَقْدِ بِمَا قَالَهُ الْآخَرُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى غَيْرِهِ لَا لِحُصُولِ الْفَسْخِ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ، وَقَوْلُهُ (ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) مَعْمُولُ فُسِخَ، وَظَاهِرُهُ فِي حَقِّ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ لَكِنْ نَقَلَ الْعَوْفِيُّ عَنْ سَنَدٍ أَنَّهُ يُفْسَخُ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ ظَاهِرًا فَقَطْ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ خَصْمُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ بِذَلِكَ، وَفِي حَقِّ الظَّالِمِ ظَاهِرًا، وَبَاطِنًا انْتَهَى، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً، وَالظَّالِمُ هُوَ الْبَائِعُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَتَقَاصَّا) أَيْ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْمُقَاصَّةُ، وَهُوَ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ لِمُنْكِرِهِ) كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْأَجَلِ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ فَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هُنَاكَ ثَمَنًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ التَّنَازُعَ فِي الثَّمَنِ فَلَا اتِّفَاقَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مَا يَحْكُمُ بِهِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْأَشْبَهُ، وَمَا قَالَهُ الْبَائِعُ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْأَشْبَهُ (قَوْلُهُ إنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ إلَخْ) أَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْحَمِيلُ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ الضَّامِنُ اثْنَانِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ كَالْحُكْمِ فِي الِاخْتِلَافِ) أَيْ الْفَسْخِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ إلَخْ هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنْتِجُ الْعَكْسَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلرَّهْنِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَبَيْنَ فَوَاتِهَا كَمَا يَأْتِي، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا تَقْتَضِيهِ الْعِلَّةُ حُكْمُ الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ إلَخْ) يُنْتِجُ خِلَافَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ لَاقْتَضَى) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْخَمْسَةِ، وَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ اخْتِلَافٌ فِي ذَاتِهِ فَلِذَا فُسِخَ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ أَمَّا الرَّهْنُ وَالْحَمِيلُ وَالْأَجَلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ فَلِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى أَصْلِ كُلٍّ صَيَّرَ الزَّائِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الذَّاتِ (قَوْلُهُ إنْ حُكِمَ بِهِ) أَيْ بِالْفَسْخِ قَيْدٌ فِي الْفَسْخَيْنِ جَمِيعًا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِسَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْفَسْخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ. {تَنْبِيهٌ} يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ حُكِمَ بِهِ مَا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِسَبَبِ التَّجَاهُلِ فَيَنْفَسِخُ بِلَا حُكْمٍ عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ قَالَهُ عج فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ مَا دَامَ التَّنَازُعُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) لِلِاسْتِدْرَاكِ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِنَا مَا دَامَ التَّنَازُعُ مَوْجُودًا إلَخْ ثُمَّ أَقُولُ لَا مَعْنَى لِلْفَسْخِ إلَّا انْحِلَالُ الْبَيْعِ، وَتَرْجِيعُ السِّلْعَةِ لِبَائِعِهَا، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ لَا بِنَفْسِ التَّحَالُفِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ حُكِمَ بِهِ أَيْ حَلَفَ وَفُسِخَ بِالْحُكْمِ لَا بِنَفْسِ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ) لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِيمَا ذَكَرَ فَلَوْ قَالَ أَوَّلًا إنْ حُكِمَ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَأَفَادَهُ (قَوْلُهُ مَعْمُولُ فُسِخَ) أَيْ أَنَّهُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ فُسِخَ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا، وَبَاطِنًا أَوْ فِي ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ ثُمَّ أَقُولُ، وَعَلَى كَلَامِ ز فَظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ مَنْصُوبَانِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ فَتَدَبَّرْ، وَمَعْنَى الْفَسْخِ فِي الظَّاهِرِ أَنْ يُمْنَعَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَمَعْنَى الْفَسْخِ فِي الْبَاطِنِ أَنَّهُ يُمْنَعُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ فِي حَقِّ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَفِي حَقِّ الظَّالِمِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ ظَاهِرًا فَقَطْ حَتَّى إلَخْ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّفْصِيلِ فِي فَوَاتِهِ فَالْفَسْخُ فِي حَقِّ الظَّالِمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَمَّا الْمَظْلُومُ فَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَطْ، وَعِنْدَ الْعَوْفِيِّ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ظَفِرَ بِالثَّمَنِ بَاطِنًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ. وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ ظَاهِرٌ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُبْتَاعِ وَطْؤُهَا إذَا ظَفِرَ بِهَا، وَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَمَنَهُ الَّذِي دَفَعَهُ فِيهَا، وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالْفَسْخِ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ بَاطِنًا أَيْضًا، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الظَّالِمِ إذَا فَسَخَ الْبَيْعَ، وَرَدَّ لَهُ الْمَبِيعَ أَنْ يَبِيعَهُ، وَإِذَا حَصَلَ لَهُ رِبْحٌ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ (ص) كَتَنَاكُلِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا نَكَلَا عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حَكَمَ بِهِ كَمَا إذَا حَلَفَا، وَتَعُودُ السِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ حَقِيقَةً، وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَى مَنْ نَكَلَ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ، وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (ص) وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ، وَحَلَفَ إنْ فَاتَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسْخِ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ مُقَيَّدٌ بِقِيَامِ السِّلْعَةِ، وَأَمَّا مَعَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وَفُسِخَ، وَرُدَّتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ يَوْمَ بَيْعِهَا (ص) وَمِنْهُ تَجَاهُلُ الثَّمَنِ، وَإِنْ مِنْ وَارِثٍ (ش) أَيْ وَمِنْ حُكْمِ الْفَوَاتِ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْمُشْتَرِي لَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ التَّجَاهُلُ فِي الثَّمَنِ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لَا أَدْرِي بِمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي لَا أَدْرِي بِمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَبْدَأُ الْمُشْتَرِي، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى لَزِمَ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ، وَوَارِثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيَتَحَالَفَانِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ   [حاشية العدوي] فَقَطْ، وَكَانَ الْبَائِعُ هُوَ الظَّالِمُ لَكَانَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ خُفْيَةً فَقَوْلُهُ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ إلَخْ أَيْ وَقَدْ عَلِمْت ثَمَرَةَ أَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَحِلُّ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَخْ) هَذَا أَيْضًا عَلَى الضَّعِيفِ، وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ، وَيَحِلُّ لِلْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَخَذَ إلَخْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمَعْمُولُ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَتَقْرِيرُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهُ يُفْسَخُ فِي حَقِّ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُبْتَاعُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا نَظَرًا لِلْفَسْخِ فِي حَقِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَنَظَرًا إلَى كَوْنِهِ قَبَضَ ثَمَنَهُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ يُفْسَخُ فِي حَقِّ الظَّالِمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْخِلَافُ فِي الْمَظْلُومِ فَالْمُعْتَمَدُ الْفَسْخُ فِي حَقِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ بِالْفَسْخِ ظَاهِرًا فَقَطْ دُونَ الْبَاطِنِ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْفَسْخُ فِي حَقِّ الظَّالِمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَلِمَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْوَطْءُ بَلْ حَكَمْتُمْ بِالْمَنْعِ عَلَى الضَّعِيفِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْبَيْعِ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاطِنِ بَلْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ فَقَدَّمْنَا جَانِبَ الْخَظْرِ عَلَى جَانِبِ الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ، وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) الْمَفْهُومُ مِنْ مُقْتَضَى التَّفْرِيعِ أَنَّ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ هُوَ إعَادَةُ السِّلَعِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَطَعَ النَّظَرَ عَنْ ذَلِكَ لَقِيلَ إنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ الْقِيمَةُ مَعَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ) رَاجِعٌ لِلصِّدْقِ وَالْحَلِفِ أَيْ فَاتَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ، وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (قَوْلُهُ حَيْثُ أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا) الْمُرَادُ وَقَعَ مِنْ الْمُشْتَرِي شَبَهٌ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْ الْبَائِعِ شَبَهٌ أَمْ لَا، وَالتَّعْبِيرُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ يُوهِمُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ أَشْبَهَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَوْ مُسَاوِيًا لِلْمُشْتَرِي فِي الشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَشْبَهَ أَيْ حَيْثُ كَانَ مُشَبِّهًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّبَهِ حَالُ الْمَبِيعِ زَمَانًا وَمَكَانًا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ) فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إنْ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فُسِخَ لِأَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا (قَوْلُهُ وَرُدَّتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ يَوْمَ بَيْعِهَا) هُوَ مَعْنَى الْفَسْخِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ السِّلْعَةَ فَاتَتْ، وَمَحَلُّ رَدِّ الْقِيمَةِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا، وَرُدَّ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ كَمَا فِي شب، وَفِي عب مَضَى بِالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ إلَّا السَّلَمُ فَسَلَمُ وَسَطٍ انْتَهَى، وَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ الْأُوَلِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ تَجَاهُلٌ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّجَاهُلَ مُفِيتٌ، وَإِذَا كَانَ مُفِيتًا فَفِيهِ الْقِيمَةُ سَوَاءٌ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَمْ لَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ وَمِنْ حُكْمِ الْفَوْتِ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْمُشْتَرِي لَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّبْدِئَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ حَلِفُ الْمُشْتَرِي بِدُونِ سَبْقِ الْبَائِعِ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْفَوَاتِ يَحْلِفُ مَعَ شَبَهِهِ بِدُونِ سَبْقِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّبْدِئَةِ حَقِيقَتُهَا الْمُفِيدَةُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْلِفُ، وَاَلَّذِي يَحْلِفُ أَوَّلًا هُوَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ مَعَ الشَّبَهِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي فَقَطْ (قَوْلُهُ أَيْ وَمِنْ حُكْمِ الْفَوَاتِ) الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الْمَحْكُومُ بِهِ، وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ هُوَ الْفَوَاتُ أَيْ فَالتَّجَاهُلُ مِنْ أَفْرَادِ الْفَوَاتِ حُكْمًا أَيْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ التَّجَاهُلُ أَيْ حُكْمُ التَّجَاهُلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَبْدَأُ الْمُشْتَرِي) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَهُ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَكَذَا نُكُولُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فَقَطْ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حَلِفُهُ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ لِقَوْلِ كُلٍّ لَا أَدْرِي، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ الْفَسْخُ لِحُكْمٍ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ حَلِفُ أَحَدِهِمَا كَنُكُولِهِمَا يَكُونُ الْحَلِفُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْفَسْخَ حَاصِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ شِدَّةُ الْإِرْهَابِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ عِلْمِهِمَا مَعًا، وَلِاحْتِمَالِ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَعْتَرِفُ بِالْعِلْمِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ مُدَّعِي الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَتْ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الشَّبَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا أَوْ الْبَائِعَ فَقَطْ، وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ) قَالَ بَعْضٌ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ضَمِنَهَا الْمُشْتَرِي، وَفِي حُلُولُو إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمِثْلِيِّ، وَكَذَا الْمُقَوَّمُ لِشَبَهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا بُدِئَ بِوَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ بِالْيَمِينِ إذَا تَجَاهَلَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّ مَجْهَلَةَ الثَّمَنِ عِنْدَهُمْ كَالْفَوَاتِ فَأَشْبَهَ أَنْ لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا عِلْمَ الثَّمَنِ، وَجَهِلَهُ الْآخَرُ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ فِيمَا يُشْبِهُ أَيْ بِيَمِينِهِ (ص) وَبُدِئَ الْبَائِعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ تَجَاهُلِ الثَّمَنِ، وَقُلْنَا إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالثَّمَنِ فَيُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَبْدِئَةِ الْبَائِعِ بِالْحَلِفِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ» ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ، وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي إخْرَاجَهُ بِغَيْرِ مَا رَضِيَ بِهِ، وَوَرَثَةُ الْبَائِعِ يَتَنَزَّلُونَ مَنْزِلَتَهُ، وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُ تَبْدِئَةِ الْمُشْتَرِي، وَوَرَثَتِهِ بِالْيَمِينِ حَالَ التَّجَاهُلِ بِالثَّمَنِ (ص) وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ (ش) يَعْنِي إنَّا إذَا قُلْنَا يَتَحَالَفَانِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ مَثَلًا أَنَّهُ بَاعَ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ مَا بِعْتهَا بِثَمَانِيَةٍ، وَلَقَدْ بِعْتهَا بِعَشَرَةٍ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ أَشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ، وَلَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْبَيْعِ بِثَمَانِيَةٍ أَنَّ الْبَيْعَ بِعَشَرَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بِتِسْعَةٍ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الشِّرَاءِ بِعَشَرَةٍ أَنْ يَكُونَ بِثَمَانِيَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بِتِسْعَةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَتَى بِأَدَاةِ الْحَصْرِ مُقَدِّمًا لِلنَّفْيِ فَيَقُولُ الْبَائِعُ مَا بِعْتهَا إلَّا بِعَشَرَةٍ، وَالْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتهَا إلَّا بِثَمَانِيَةٍ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ، وَعَلَى قَدْرِهِ، وَاخْتَلَفَا فِي انْقِضَائِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ عِنْدَ هِلَالِ شَوَّالٍ كَانَ الْبَيْعُ إلَى شَهْرِ أَوَّلُهُ هِلَالُ رَمَضَانَ فَقَدْ انْقَضَى، وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ بَلْ أَوَّلُهُ نِصْفُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَنْقَضِ فَالْقَوْلُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَمَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ غَيْرَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ أَشْبَهَ غَيْرَهُ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَتَقَدَّمَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي   [حاشية العدوي] الْبَيْعِ هُنَا بِالْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَالَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا بُدِئَ بِوَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ، وَوَارِثُ كُلِّ وَاحِدٍ يَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا بُدِئَ بِالْمُشْتَرِي إلَخْ، أَيْ وَوَرَثَتُهُ يُعْطَوْنَ حُكْمَهُ قُلْت إنَّ أَصْلَ النَّصِّ إنَّمَا هُوَ فِي جَهْلِ الْوَرَثَةِ فِي أَنَّ وَرَثَةَ الْمُشْتَرِي تَقَدَّمَ بِالْيَمِينِ ثُمَّ جَعَلَ ابْنُ يُونُسَ جَهْلَ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَذَلِكَ أَيْ فِي تَقَدُّمِ الْمُبْتَاعِ بِالْحَلِفِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَنْ لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي أَيْدِيهِمْ) أَيْ فِي مِلْكِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا فِي حَوْزِهِمْ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَّحِدٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حَوْزِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ أَنْ لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ إلَخْ) أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْفَوَاتَ يُوجِبُ تَبْدِئَةَ الْمُشْتَرِي أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْلِفُ إذَا كَانَ هُنَاكَ شَبَهٌ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ فِيمَا يُشْبِهُ) حَلَفَ الْآخَرُ أَوْ نَكَلَ فَإِنْ نَكَلَ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مُدَّعِي الْعِلْمِ، وَحَلَفَ فَهَلْ يَأْخُذُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ حَلَفَ الْآخَرُ أَوْ نَكَلَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ هَذَا كُلُّهُ مَعَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا مَعَ الْقِيَامِ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ نَكَلَ مُدَّعِي الْعِلْمِ فَقَطْ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَرُدَّتْ لِمَالِكِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَقِيمَتُهَا إنْ فَاتَتْ، وَإِنْ حَلَفَ مُدَّعِي الْعِلْمِ مَضَى بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي الْعَاقِدَيْنِ، وَكَذَا بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا أَوْ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْعَاقِدِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ شب. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا إلَخْ) حَلَّ عب وشب بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ يَبْدَأُ الْبَائِعُ اتِّفَاقٌ وُجُوبًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ بُدِئَ بِالْمُشْتَرِي، وَقِيلَ الْبَائِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ فَالظَّاهِرُ تَبْدِئَةُ الْبَائِعِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَالْمُشْتَرِي أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ أَوَّلًا، وَالْبَائِعُ يُرِيدُ أَنْ يَحْلِفَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ رُجِّحَ جَانِبُ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضُوعِنَا تَرْجِيحُ جَانِبِهِ فِي الْحَلِفِ، وَفِي الْحَدِيثِ تَرْجِيحُ جَانِبِهِ فِيمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ تَوْجِيهُ تَبْدِئَةِ الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ تَوْجِيهَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ الْوَرَثَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا جَرَى فِي الْوَرَثَةِ يَجْرِي فِي الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى نَفْسِهِ فَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ إلَخْ) فَلَوْ قَدَّمَ الْإِثْبَاتَ عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ يَمِينَهُ لَا تُعْتَبَرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ سَنَدٌ، وَجَوَّزْنَا الْإِثْبَاتَ هُنَا قَبْلَ نُكُولِ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلنَّفْيِ، وَلِذَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَقَطْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ انْتَهَى. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلَّفِ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى حَلِفِهِ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ أَفَادَهُ الْبَدْرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ أَتَى بِأَدَاةِ الْحَصْرِ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَفْظُ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَدَاةَ الْحَصْرِ لَفْظُ فَقَطْ قَائِمٌ مَقَامَ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي، وَاَللَّهِ إنِّي اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ لَا يَكْفِي لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ لَكِنْ مُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا اشْتَرَيْتهَا بِعَشَرَةٍ، وَلَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَصْرِ، وَلَا يَكْفِي نَفْيُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْعَدَدَ لَهُ مَفْهُومٌ أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ إنِّي اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فَالْأَمْرُ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا إلَخْ) فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ عُمِلَ بِبَيِّنَةِ الْبَائِعِ لِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ هِلَالٍ) ظَرْفٌ لِيَقُولَ لَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 أَصْلِ الْأَجَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَقَبْلَ أَجَلِ مِثْلِهِ فِي بَيْعٍ لَا قَرْضٍ (ص) وَفِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ السِّلْعَةِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا (ش) يَعْنِي، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ فِي قَبْضِ السِّلْعَةِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ السِّلْعَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَهَذَا مَا لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يُوَافِقْ قَوْلُ أَحَدِهِمَا الْعُرْفَ فَإِنْ وَافَقَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ الْعُرْفَ مِنْ مُبْتَاعٍ أَوْ بَائِعٍ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْعُرْفَ) وَقَوْلُهُ (ص) كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ بَانَ بِهِ، وَلَوْ كَثُرَ (ش) مِثَالٌ لِمَا وَافَقَتْ دَعْوَى الْمُشْتَرِي فِيهِ الْعُرْفَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبَضَ اللَّحْمَ أَوْ الْبَقْلَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَبَانَ بِهِ أَيْ ذَهَبَ بِهِ عَنْ بَائِعِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا دَفَعْت إلَيَّ ثَمَنَهُ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي دَفَعْت إلَيْك ثَمَنَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ لِأَنَّهُ قَاضٍ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ دَفْعِ ثَمَنِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (ص) وَإِلَّا فَلَا إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَانَ بِمَا ذُكِرَ بَلْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بِالْحَضْرَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي دَفَعْت ثَمَنَهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذْته فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ فَادِّعَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لَا يُبْرِئُهُ حَتَّى يَثْبُتَ (ص) وَإِلَّا فَهَلْ يُقْبَلُ الدَّفْعُ أَوْ فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ أَوْ لَا أَقْوَالٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِهِ، وَادَّعَى الدَّفْعَ قَبْلَ الْأَخْذِ فَهَلْ يُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ الشَّأْنُ الدَّفْعَ قَبْلَ الْأَخْذِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَوْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالدَّفْعِ قَبْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَوْ يُقْبَلُ فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ فِيهِ الدَّفْعُ قَبْلَ الْأَخْذِ لَا غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَفِي قَوْلِهِ إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ السِّلْعَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْبِضْ السِّلْعَةَ، وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِخِلَافِ ذَلِكَ (ص) وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ، وَحَلَفَ بَائِعُهُ إنْ بَادَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَبَضَ الْمُثَمَّنَ، وَهُوَ السِّلْعَةُ الَّتِي بِيعَتْ بِذَلِكَ الثَّمَنِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ الْمُثَمَّنَ بِشَرْطِ أَنْ يُبَادِرَ الْمُشْتَرِي، وَالْمُبَادَرَةُ هُنَا بِأَنْ يَقُومَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَإِنْ تَأَخَّرَ كَالشَّهْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ، وَأَمَّا إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ ادَّعَى إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمُثَمَّنَ فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ شَهْرٍ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ كَالْجُمُعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِحَالٍ، وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ إشْهَادُ الْمُشْعِرِ   [حاشية العدوي] تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إلَّا لِعُرْفٍ بِهِ، وَمَعَ فَوَاتِهِ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ أَيْضًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى أَمَدًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ فَإِنْ ادَّعَى أَمَدًا بَعِيدًا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُرْفٍ إلَخْ) ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ عِوَضٍ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ ثَبَتَ عُرْفٌ عُمِلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَيَتْرُكُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْضُهُ مُخَالِفٌ لِهَذَا بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ فَيَعْمَلُ بِدَعْوَى مُوَافَقَتِهِ، وَبِحَذْفِ مَا عَدَاهُ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ أَوْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ إلَخْ) مِثْلُهُمَا كَغَيْرِهِمَا مِمَّا كَثُرَتْ قِيمَتُهُ كَالْخَوْخِ، وَالْعِنَبِ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ فِيهِمَا كَالْعُرْفِ فِي اللَّحْمِ وَالْبَقْلِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهَلْ إلَخْ) أَيْ وَالْعُرْفُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ بِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ إلَخْ) وُجِّهَ بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ سِلْعَتَهُ لِلْمُبْتَاعِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ فَدَفْعُهَا لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِهِ الثَّمَنَ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا وُجِّهَ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ مُقِرٌّ بِالْقَبْضِ مُدَّعٍ الدَّفْعَ (قَوْلُهُ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ فَهُوَ إشَارَةٌ لِحَلِّ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِمَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّهَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُبَادَرَةُ هُنَا إلَخْ) فِي شب خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ مِنْ وَقْتِ الْإِشْهَادِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ شَارِحِنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ يَوْمَ الْبَيْعِ هُوَ يَوْمُ الْإِشْهَادِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ فَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَأَخَّرَ كَالشَّهْرِ) وَانْظُرْ حُكْمَ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ، وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ تَعْمِيرَ الذِّمَّةِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أُتْلِفَ بِسَمَاوِيٍّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ إقْبَاضِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْمُثَمَّنِ أَفَادَهُ عج فَيَبْقَى نَظِيرُهُ، وَهُوَ مَا إذَا أَشْهَدَ الْبَائِعُ أَنَّهُ أَقْبَضَ الْمَبِيعَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَإِشْهَادِ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ، وَهُوَ إنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ شَهْرٍ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ كَالْجُمُعَةِ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ هَذَا مَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ شب، وَلَفْظُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَشْهَدَ الْبَائِعُ بِإِقْبَاضِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَإِشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِإِقْبَاضِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ فَيَجْرِي فِيهِ نَحْوُ مَا جَرَى فِيهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا انْتَهَى. وَمَا قُلْنَاهُ لَك أَظْهَرُ مِمَّا فِي عب فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِالْمُرَاجَعَةِ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ دُونَ عَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفَوَّتَهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ، وَتَدْبِيرٍ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لَهُ دُونَ هَذَا الِاسْتِظْهَارِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا تَنَبَّهَ لَهُ مُجِيبًا بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ قَرِينَةُ الْإِشْهَادِ كَمَا هُنَا أَوْ الْعُرْفِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى، وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ رُبَّمَا يُبْعِدُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ الْمَذْكُورَ مُقَوٍّ لِتَقْرِيرِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 بِالْقَصْدِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَقَوْلُهُ (كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْيَمِينُ لِلْبَائِعِ إنْ بَادَرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَشْهَدَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَالَ إنَّمَا أَشْهَدْت لَهُ بِهِ ثِقَةً مِنِّي لَهُ، وَلَمْ يُوفِنِي جَمِيعَهُ، وَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَوْفَيْتُك، وَلِي بَيِّنَةٌ، وَلَا أَحْلِفُ فَإِنْ قَامَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقُرْبِ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ رَجَّحَتْ قَوْلَهُ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِمِصْرَ بِكَتْبِ الْوُصُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا ادَّعَى الْكَاتِبُ عَدَمَ الْقَبْضِ حَلَفَ الْمُقْبِضُ، وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ (ص) وَفِي الْبَتِّ مُدَّعِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْبَتِّ وَالْخِيَارِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَتًّا، وَقَالَ الْآخَرُ خِيَارًا فَإِنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الْبَتِّ، وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي بِيَاعَاتِ النَّاسِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِخِلَافِ ذَلِكَ بِأَنْ جَرَى بِالْخِيَارِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ لَكِنْ ادَّعَاهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ فَقِيلَ يَتَفَاسَخَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ بَتًّا، وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِأَنَّ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ (ص) كَمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْفَسَادُ كَمُدَّعِي أَحَدِهِمَا فَسَادَ الصَّرْفِ أَوْ الْمُغَارَسَةِ، وَادَّعَى الْآخَرُ الصِّحَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ تَرْجِيحًا لِلْغَالِبِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا تَحَالَفَا، وَتَفَاسَخَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَصُّ الْمَوَّاقِ (ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الثَّمَنُ فَكَقَدْرِهِ تَرَدُّدٌ (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ فَيَرْجِعُ لِلصِّحَّةِ أَيْ إذَا قُلْنَا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا أَمْ لَا وَإِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الثَّمَنُ كَادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا بَيْعَ عَبْدٍ، وَالْآخَرِ لَهُ مَعَ عَبْدٍ أَبَقَ مَثَلًا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ الْفَوَاتُ فَإِنْ حَصَلَ، وَلَوْ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ صُدِّقَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقِيمَةُ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ قَوْلَهُ وَهَلْ مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْطُوقِ لَا لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيْ وَأَمَّا إذَا غَلَبَ الْفَسَادُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَيَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْفَسَادِ، وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ دَعْوَاهُمَا تُؤَدِّي لِلِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ، وَلَا عَدَمِهِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ فَوَاتَ الْمَبِيعِ فِي غَيْرِ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ يَتَرَجَّحُ بِهِ جَانِبُ الْمُشْتَرِي إنْ ادَّعَى مُشَبِّهًا، وَلَوْ أَشْبَهَ الْبَائِعَ لِتَرْجِيحِهِ بِالضَّمَانِ وَالْغُرْمِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُ مُشْتَرِيًا، وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَائِعًا نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي بَابِ السَّلَمِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ بَابِ بَيْعِ النَّقْدِ فَقَالَ (ص) وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَوْ السِّلْعَةِ كَالْمُشْتَرِي   [حاشية العدوي] الْمُشْتَرِي، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُوجِبُ لَهُ تَفْرِيغَ ذِمَّتِهِ مِنْهُ كَمَا يُفْهَمُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ سَمِعْت قَوْلَك الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِي، وَإِنْ كُنْت لَمْ تُشْهِدْهَا، وَقَوْلُهُ كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذَا كُلِّهِ حَيْثُ لَمْ يَعْتَرِفْ الْبَائِعُ بِقَبْضِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَادَرَ لِتَرَجُّحِ قَوْلِهِ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الْبَعْضِ بَقِيَ نَظِيرُهُ، وَهُوَ مَا لَوْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِهِ الْمُثَمَّنَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالظَّاهِرُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ إنْ بَادَرَ، وَإِلَّا لَمْ يَحْلِفْ، وَلَوْ أَشْهَدَ بِانْعِقَادِ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ تَعْمِيرُ ذِمَّتِهِ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ بِكَتْبِ الْوُصُولِ) أَيْ الَّذِي فِيهِ وَصَلَ مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا أُجْرَةُ الْمَنْزِلِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْوُصُولُ بِيَدِ الْمُكْتَرِي، وَادَّعَى الْقَبْضَ، وَادَّعَى الْمُكْتَرِي الَّذِي هُوَ الْكَاتِبُ عَدَمَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي لَكِنَّهَا مَعَ الْيَمِينِ مُطْلَقًا طَالَ الْأَمْرُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَمُدَّعِي أَحَدِهِمَا فَسَادَ الصَّرْفِ) أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ وَجْهَ الْفَسَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَسَادَ الصَّرْفِ أَوْ الْمُغَارَسَةِ) بَحَثَ فِي ذَلِكَ الْبَدْرُ بِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الْقِرَاضِ، وَالْغَرْسِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَتَقَارَرَا عَلَى الصِّحَّةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً قَائِلًا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فَكَقَدْرِهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَدْرِ يَكُونُ مَعَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ كَمَا سَبَقَ بَلْ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ، وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَأَنَا أُوَافِقُ عَلَيْهِ بَلْ أَقُولُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَصُّ الْمَوَّاقِ) أَيْ الْقَائِلِ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ) أَيْ بِهَا أَيْ بِالصِّحَّةِ، وَلَا مَعْنَى لِلِاخْتِلَافِ بِالصِّحَّةِ إلَّا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْفَسَادِ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا إنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ بِعَشَرَةٍ، وَيَقُولُ الْآخَرُ إنَّهُ بِعَشَرَةٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ (قَوْلُهُ بَيْعَ عَبْدٍ إلَخْ) أَيْ بِعَشَرَةٍ، وَقَوْلُهُ وَالْآخَرُ مَعَ عَبْدٍ أَيْ وَالثَّمَنُ عِشْرُونَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الثَّمَنَ فِي كُلٍّ عَشَرَةٌ، وَيُرَادُ بِالثَّمَنِ الْعِوَضُ فَيَشْمَلُ الْمُثَمَّنَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْمُثَمَّنُ فِي هَذِهِ، وَقَوْلُهُ وَالْآخَرُ لَهُ إلَخْ ضَمِيرٌ لَهُ يَعُودُ عَلَى عَبْدٍ، وَمَعْنَى الْمِثَالِ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدَّعِي بَيْعَ عَبْدٍ سَالِمٍ، وَالْآخَرُ يَدَّعِي بَيْعَ ذَلِكَ الْعَبْدِ مَعَ عَبْدٍ آبِقٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُشَبَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِشَبَهِهِ، وَيَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ هَكَذَا قَيَّدَ بَعْضٌ، وَلَكِنَّ كَوْنَ التَّرَدُّدِ رَاجِعًا لِلْمَنْطُوقِ أُحْرِزَ هَذَا الْقَيْدُ (قَوْلُهُ وَالْغُرْمُ) تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْعَكْسِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ لِأَنَّ بَعْضَ الْجُزْئِيَّاتِ لَا يُعْكَسُ فِيهِ الْأَمْرُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ فَتَدَبَّرْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 بِالْعَيْنِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا، وَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ فَسَلَمٌ وَسَطٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي فِي بَابِ الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ إذَا فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ وَفَوَاتُهُ إنْ كَانَ عَيْنًا بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَالِانْتِفَاعِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ بِأَنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا فَبِفَوَاتِهِ، وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِذَا نُزِّلَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَ مَعَ الْمُسْلِمِ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ قَدْرَ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا طَالَ زَمَانُ الْعَيْنِ بِيَدِهِ، وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِهِ عَدُّوا انْتِفَاعَهُ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فَوَاتِ السِّلْعَةِ الْمَقْبُوضَةِ فِي بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلِمِ إنْ أَشْبَهَ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا، وَفُسِخَ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ، وَيُرَدُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فِي فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةٍ وَغَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمٌ وَسَطٌ مِنْ سُلُومَاتِ النَّاسِ فِي بَلَدِ تِلْكَ السِّلْعَةِ، وَزَمَانِهَا فَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُسْلِمُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ مَثَلًا، وَبَعْضُهُمْ يُسْلِمُهَا فِي ثَمَانِيَةٍ، وَبَعْضُهُمْ يُسْلِمُهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ يَلْزَمُ الْوَسَطُ، وَهُوَ الْعَشَرَةُ فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّرَ هَذَا الْمَحَلُّ فَيُعَمَّمُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَيُخَصَّصُ فِي آخِرِهِ (ص) وَفِي مَوْضِعِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ، وَإِلَّا فَالْبَائِعُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ تَحَالَفَا، وَفُسِخَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ، وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ السَّلَمُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا بِمَوْضِعِ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ بِمَوْضِعِ كَذَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ الْقَبْضِ لَحُكِمَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ كُلٌّ مَوْضِعَ الْعَقْدِ بَلْ خَرَجَا عَنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ لِأَنَّهُ غَارِمٌ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي بِالشَّبَهِ قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَحَالَفَا، وَفُسِخَ السَّلَمُ، وَيَبْدَأُ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ، وَهَلْ بِطُولِ الزَّمَنِ أَوْ بِقَبْضِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُهَا قَوْلَانِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفُتْ رَأْسُ الْمَالِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ مُطْلَقًا (ص) كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَقْبِضُ الشَّيْءَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي مِصْرَ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ لِلْجَهْلِ بِالْمَوْضِعِ الْمَقْبُوضِ فِيهِ السَّلَمُ لِأَنَّ مِصْرَ مَا بَيْنَ الْبَحْرِ إلَى أُسْوَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُرْفٌ فَيَصِحُّ (ص) وَجَازَ بِالْفُسْطَاطِ، وَقُضِيَ بِسُوقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ بِالْفُسْطَاطِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِعَدَمِ الْجَهْلِ، وَيُقْضَى بِالْقَبْضِ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ حَيْثُ حَصَلَ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ فَإِنَّهُ يَقْبِضُهُ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ الْفُسْطَاطِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ قَضَاهُ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِالْقَضَاءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَبِفَوَاتِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَوْلُهُ فَوَاتُهُ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ، وَلَا يُعْطَفُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ عَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَيْنًا بِحَيْثُ يَتَسَلَّطُ الْفَوَاتُ عَلَيْهِ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى، وَفَوَاتُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَبِفَوَاتِهِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمٌ، وَسَطٌ) وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ هَذَا إذَا كَانَ وَسَطًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدًا وَاثْنَانِ فَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَاحِدُ، وَالْحُكْمُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْغَالِبُ بِأَنْ يَكُونَ تَارَةً يُسْلَمُ رَأْسُ الْمَالِ فِي إرْدَبَّيْنِ، وَتَارَةً فِي إرْدَبٍّ فَيُعْطَى الْغَالِبُ مِنْهُمَا فَإِنْ اسْتَوَى السَّلَمُ فِيهِمَا، وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ عَادَةً فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَيُرَدُّ لَهُ رَأْسُ مَالِهِ أَوْ عِوَضُهُ (قَوْلُهُ فَيُعَمَّمُ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي الْمُسْلَمِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ الْحَمِيلِ أَوْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَيُخَصَّصُ فِي آخِرِهِ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ فَيُقْصَرُ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ. {تَنْبِيهٌ} فُرِضَ الْكَلَامُ فِي فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مَتَى بَقِيَ يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالتَّنَازُعُ فِي الْجِنْسِ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا) وَإِنْ أَشْبَهَ مُدَّعِيَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ تَحَالَفَا، وَتَفَاسَخَا لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلُهُ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَسْخَ يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَائِعِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَإِلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ شَرْطٍ أَيْ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ إنْ أَشْبَهَ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَفِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْبَحْرِ) أَيْ الْمَالِحِ، وَالشَّارِحُ بَيَّنَ طُولَهَا (قَوْلُهُ إلَى أُسْوَانَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَسُكُونِ السِّينِ مَدِينَةٌ بِأَعْلَى الصَّعِيدِ، وَهِيَ حَدُّهَا مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ، وَسُمِّيَ الْجَنُوبُ جَنُوبًا لِأَنَّهُ عَلَى جَانِبِ مُسْتَقْبِلِ الشَّرْقِ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ، وَالشِّمَالُ مُقَابِلُهُ، وَمَجْرَى النِّيلِ مِنْ الْجَنُوبِ إلَى الشِّمَالِ، وَعَرْضُهَا مِنْ أَيْلَةَ أَيْ الْعَقَبَةِ إلَى بَرْقَةَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُرْفٌ) أَيْ كَمَا هُوَ الْآنَ فَإِذَا أُطْلِقَ مِصْرٌ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْمَدِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَيَجْرِي حِينَئِذٍ قَوْلُهُ وَقُضِيَ بِسُوقِهَا، وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان (قَوْلُهُ بِالْفُسْطَاطِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِضَرْبِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِهَا فُسْطَاطًا أَيْ خَيْمَةً حِينَ كَانَتْ بَرَاحًا، وَأَرْسَلَ يَسْتَشِيرُ عُمَرَ فِي سُكْنَاهَا أَوْ فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ لِأَنَّهَا دَارُ الْمُلْكِ إذْ ذَاكَ فَقَالَ عُمَرُ لِلرَّسُولِ أَيُّهُمَا تَبْلُغُهُ رَاحِلَتِي فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَصِلُ إلَى إسْكَنْدَرِيَّةَ فِي زَمَنِ النِّيلِ إلَّا فِي السُّفُنِ، وَتَصِلُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ بِهِ أَيَّ وَقْتٍ شِئْت فَقَالَ لَا يَسْكُنُ أَمِيرِي حَيْثُ لَا تَصِلُ إلَيْهِ رَاحِلَتِي قُلْ لَهُ يَسْكُنُ حَيْثُ هُوَ نَازِلٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 بِمَحَلٍّ خَاصٍّ فَيُعْمَلُ بِهِ، وَقَوْلُهُ بِالْفُسْطَاطِ هُوَ مِثَالٌ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ فِي سُوقِهَا نَظَرًا إلَى الْبَلَدِ، وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى السِّلْعَةِ، وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ السَّلَمِ فَيَشْمَلُ مَنْ أُكْرِيَ عَلَى حَمْلِ سِلْعَةٍ وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ فِيمَا مَرَّ خُصُوصًا وَعُمُومًا نَاسَبَ أَنْ يُعْقِبَهُ بِهِ، وَهُوَ وَالسَّلَفُ وَاحِدٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ مَبْذُولٌ فِي الْحَالِ، وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ دُونَ عِوَضِهِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفًا، وَمِنْهُ الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ لِتَقَدُّمِهِمْ وَحْدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُوجِبُ عُمَارَةَ ذِمَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ، وَلَا مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ فَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عَيْنٍ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَةَ الْأَجَلِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْكِرَاءَ الْمَضْمُونَ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ مُتَمَاثِلِ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ السَّلَفَ، وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ فَقَالَ {بَابُ شَرْطِ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا، وَلَوْ بِشَرْطٍ} (ش) أَيْ شَرْطُ عَقْدِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ فِيهِ مَقْبُوضًا بِالْفِعْلِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ إذْ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ فَقَوْلُهُ أَوْ تَأْخِيرُهُ عَطْفٌ عَلَى قَبْضُ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ فَبَيَّنَ بِهِ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ فَفِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ كَالْمَقْبُوضِ، وَالثَّانِي بَيَانُ مَا فِي حُكْمِهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَتَأْخِيرَ فَاعِلٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَوْ يُقَالُ إنْ الشَّرْطِيَّةُ مُلَاحَظَةٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ثَلَاثًا أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ التَّأْخِيرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ أُجِّلَ السَّلَمُ كَيَوْمَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شُرِطَ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَضَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ (ص) وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَهُوَ نَقْدُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ حُلُولَ الْمُسْلَمِ فِيهِ هَلْ يَفْسُدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَارَعَ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ أَوْ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَقْوَالٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا إنْ كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ جِدًّا بِأَنْ أُخِّرَ إلَى حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ فَسَادُ السَّلَمِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قُلْت سَوَاءٌ كَانَتْ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَجَازَ بِالْفُسْطَاطِ أَيْ وَجَازَ عَقْدُ السَّلَمِ بِالْفُسْطَاطِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقُضِيَ بِسُوقِهَا إنْ رَجَعَ لِلْفُسْطَاطِ صَارَ مُرْتَبِطًا بِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ عَقْدُ السَّلَمِ فَيَكُونُ خَاصًّا، وَإِنْ رَجَعَ لِلسِّلْعَةِ صَارَ مُسْتَأْنَفًا فَيَكُونُ عَامًّا [بَابُ السَّلَمِ] {بَاب السِّلْم} وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ إطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ كَرَاهَةُ تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لِأَنَّ السَّلَمَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُقَالُ سَلَفٌ، وَتَسْلِيفٌ، وَسَلَّفَهُ، وَبِذَلِكَ عَبَّرَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الَّذِي مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ السَّلَامُ لَا السَّلَمُ (قَوْلُهُ خُصُوصًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَعُمُومًا أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يُعْقِبَهُ) أَيْ مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالسَّلَمِ (قَوْلُهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ اتَّفَقَا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَقَوْلُهُ إثْبَاتٌ أَيْ ذُو إثْبَاتٍ (قَوْلُهُ مَبْذُولٌ فِي الْحَالِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ مَبْذُولٌ عِوَضُهُ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِهِ إثْبَاتَ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ مَبْذُولٌ عِوَضُهُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ) أَيْ وَلِأَجْلِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ سُمِّيَ سَلَفًا) أَيْ لِمَا قَارَنَهُ مِنْ تَقَدُّمِ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْمُتَقَدِّمِ يُقَالُ لَهُ سَلَفٌ، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ أَيْ وَمِنْ السَّلَفِ أَيْ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ السَّلَفِ الصَّحَابَةُ لِتَقَدُّمِهِمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّلَفَ كُلِّيٌّ تَحْتَهُ جُزْئِيَّاتٌ (قَوْلُهُ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ) أَخْرَجَ بِذَلِكَ شِرَاءَ الدَّيْنِ لِأَنَّ شِرَاءَ الدَّيْنِ لَمْ يُوجِبْ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ لِوُجُوبِ تَقَدُّمِ عِمَارَتِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَةَ الْأَجَلِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْإِضَافِيِّ لَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى شَهْرِ كَذَا عَلَى صِفَةِ كَذَا يُقَالُ لَهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ السَّلَفَ) أَيْ جُزْءًا مِنْ جُزْئِيَّاتِ السَّلَفِ لَا كُلَّ أَفْرَادِ السَّلَفِ (قَوْلُهُ وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ) أَيْ لَا بِتَعْرِيفِهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) هَذَا تَرْكِيبٌ إضَافِيٌّ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ رَأْسُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَمَصْدُوقُ الْمَالِ الْمُسْلَمِ فِيهِ هَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَالْآنَ صَارَ اسْمًا لِلْمُعَجَّلِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى قَبْضُ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْكَالَ بَاقٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ شَرْطُ الْمُسْلَمِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا حَسَبَ مَعْنَى الْمَعْطُوفِ وَحْدَهُ، وَلَا مَعْنَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ بَيَانُ مَا فِي حُكْمِهِ) وَهُوَ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ التَّنَافِي لِأَنَّهُ أَوَّلًا شَرَطَ الْقَبْضَ ثُمَّ حَكَمَ بِمُنَافِيهِ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي مَعَ أَوْ فَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ أَقُولُ، وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا كُلِّهِ لِأَنَّ مَعْنَى شَرَطَ السَّلَمَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَقِيمٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَارَعَ الدَّيْنَ) أَيْ شَابَهُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ أَيْ ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ) بَلْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَنَصُّ بَعْضِهِمْ، وَتَأْخِيرُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ إنْ كَانَ عَيْنًا إلَى أَجَلِ السَّلَمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً يَفْسُدُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَفْسُدُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا حَكَى تَرَدُّدًا لَا بِمَعْنَى قَوْلَيْنِ كَمَا ظَهَرَ نَعَمْ تَظْهَرُ الطُّرُقُ أَيْ الْأَقْوَالُ عَلَى مَا قُلْنَا قَرِيبًا مِنْ النَّصِّ ثُمَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 كَلَامُ ح (ص) وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ جَائِزٌ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ الْخِيَارَ فِي إمْضَاءِ عَقْدِ السَّلَمِ أَوْ رَدَّهُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، وَهُوَ الْأَجَلُ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ بِالشَّرْطِ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ، وَلَا غَيْرِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يُنْقَدَ رَأْسُ الْمَالِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِشَرْطٍ وَلَا تَطَوُّعٍ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِدَ، وَتَمَّ السَّلَمُ لَكَانَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِإِعْطَاءِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ سِلْعَةً مَوْصُوفَةً لِأَجَلٍ عَمَّا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَجَازَ بِخِيَارٍ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُنْقَدْ شَرْطٌ فِي الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا، وَقَوْلُهُ بِخِيَارٍ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ السَّلَمِ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِخِيَارٍ لِلْأَجَلِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ (ص) وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ مَنْفَعَةَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَخْذِ الْمَنَافِعِ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَفِي السَّلَمِ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَضْيَقُ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَنْقَضِي مَعَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ كَمَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ لِي فِي وَقْتِ كَذَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (ص) وَبِجُزَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ جُزَافًا بِشُرُوطِهِ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ رَأْسِ الْمَالِ الْعَيْنِ، وَأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُفْسِدُهُ، ذَكَرَ حُكْمَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ بِالْعَطْفِ عَلَى فَاعِلِ جَازَ (ص) وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِلَا شَرْطٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَلَوْ إلَى حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ أَمَّا مَعَ شَرْطِ التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَيَفْسُدُ كَالْعَيْنِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ (ص) وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ إنْ كِيلَ، وَأُحْضِرَ أَوْ كَالْعَيْنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا، وَكِيلَ الطَّعَامُ، وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ فِي مَجْلِسِ   [حاشية العدوي] إنَّ قَوْلَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْبَعْضَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ] (قَوْلُهُ لِمَا يُؤَخَّرُ) أَيْ لِزَمَنٍ يُؤَخَّرُ رَأْسُ الْمَالِ إلَيْهِ فَالصِّفَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْكُوفِيِّ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُفْسِدٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا حُذِفَ الشَّرْطُ أَمْ لَا، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَجَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَحَيَوَانٍ، وَعَرْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ أَفْسَدَهُ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ، وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ صَحَّ (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي الثَّانِي) وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ الْقَيْدِ فَلَعَلَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ (قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ كَالنُّقُودِ فَتُعْطَى حُكْمَهَا، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَاسْتَظْهَرَ عب أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ حَيَوَانٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ هُوَ رَأْسَ مَالٍ (أَقُولُ) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَيَوَانِ الْعَرْضُ، وَهُوَ مِثْلُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ كَقَبْضِ) الْكَافُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا جَازَ) هَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَغَيْرُ اللَّقَانِيِّ، وَغَيْرُ عج بَعْدَ أَنْ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كَالِئٌ بِكَالِئٍ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ فَقَالَ وَظَاهِرُ هَذَا الْمَنْعِ سَوَاءٌ شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ إذْ جَعَلُوا هُنَاكَ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ أَمْ لَا انْتَهَى، وَأَمَّا عج فَمَنَعَ، وَلَوْ مَعَ الشُّرُوعِ قَائِلًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ فِي بَيْعِ الذَّوَاتِ كَالسَّلَمِ أَشَدُّ مِنْ الْمُشَاحَّةِ فِي بَيْعِ الْمَنَافِعِ، وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَنْقَضِي فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقَالَاتِ ثَلَاثَةٌ مَقَالَةُ اللَّقَانِيِّ، وَمَقَالَةُ عج، وَالْمُتَرَدِّدُ وَأَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ شَارِحُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمَضْمُونِ فِي أَنَّهُ إنْ شَرَعَ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُرَادُ الشُّرُوعُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ جَعَلَ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ كَالْعَيْنِ وَأَقُولُ وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَ الشُّرُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالشُّرُوعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِقَوْلِهِ أَوْ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ مَفْهُومٌ إلَّا عَلَى كَلَامِ عج لَا عَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِلَّقَانِيِّ، وَقَوْلِ شَارِحِنَا لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ مَعَ الشُّرُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَهُوَ تَابِعٌ لِلتَّوْضِيحِ فَإِنَّ التَّوْضِيحَ قَالَ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ التَّوْضِيحِ أَيْ مِنْ تَعْلِيلِهِ يُقْضَى بِصِحَّةِ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ، وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءً فَلَا يَكُونُ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ مَعْنًى، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ إلَخْ، وَاَلَّذِي يَلِيقُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنَةِ الرُّجُوعُ لِكَلَامِ عج (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ إنْ رُئِيَ إلَخْ، وَلَوْ نَقْدًا مَسْكُوكًا حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَذَلِكَ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ [رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ] (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 الْعَقْدِ هَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا بِلَا شَرْطٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَالْحَيَوَانِ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَمَّا كِيلَ، وَالْعَرْضُ لَمَّا أُحْضِرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ انْتَقَلَ ضَمَانُهُمَا إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَصَارَا كَالْحَيَوَانِ أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْكَيْلِ وَالْإِحْضَارِ فَالْكَرَاهَةُ اتِّفَاقًا أَوْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهُمَا، وَلَوْ مَعَ كَيْلِ الطَّعَامِ وَإِحْضَارِ الْعَرْضِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِمَا أَشْبَهَا الْعَيْنَ فَيُؤَدِّي إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّشْبِيهِ بِالْعَيْنِ التَّحْرِيمَ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ التَّشْبِيهُ عَلَى مُطْلَقِ النَّهْيِ (ص) وَرَدُّ زَائِفٍ وَعُجِّلَ، وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا وَجَدَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ دَرَاهِمَ زُيُوفًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا سَوَاءٌ وَجَدَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا، وَإِذَا رَدَّهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْبَدَلَ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ تَأَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ مِنْ السَّلَمِ مَا يُقَابِلُ الدَّرَاهِمَ الزَّائِفَةَ فَقَطْ كَمَا عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ نَفْسِهِ، وَلَا يَفْسُدُ الْجَمِيعُ كَمَا عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ، وَالزَّائِفُ الْمَغْشُوشُ. وَأَمَّا النُّحَاسُ وَالرَّصَاصُ الْخَالِصُ فَلَا يَجُوزُ بَدَلُهُ كَمَا عِنْدَ سَحْنُونَ، وَظَاهِرُهَا مَا عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ، وَقَيَّدَ ابْنُ بَشِيرٍ وُجُوبَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ وَالْفَسَادِ بِتَأْخِيرِهِ بِمَا إذَا قَامَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِكَثِيرٍ أَمَّا لَوْ قَامَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ أَوْ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ مَا شَاءَ، وَلَوْ بِشَرْطٍ (ص) وَالتَّصْدِيقُ فِيهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ تَمَّ لَك أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ الْمَعْرُوفُ، وَالنَّقْصُ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ، وَلَا يَرْجِعُ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ عَدَمُ جَوَازِ التَّصْدِيقِ فِيهِ مَعَ نَظَائِرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّصْدِيقَ فِي كَيْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ إذَا قُبِضَ بَعْدَ أَجَلِهِ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الطَّعَامِ الْمَبِيعِ عَلَى النَّقْدِ ثُمَّ إذَا وُجِدَ الْمُصَدِّقُ لِذَلِكَ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً عَلَى مَا صُدِّقَ فِيهِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ يُشْبِهُ كَيْلَ النَّاسِ عَادَةً فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي النَّقْصِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ. وَأَمَّا لَوْ عَجَّلَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ السَّلَمَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ التَّصْدِيقِ فِي الْمُعَجَّلِ قَبْلَ أَجَلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَك إلَّا بِتَصْدِيقٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الزَّيْدُ مَعْرُوفًا بَلْ مُتَفَاحِشًا رَدَدْته كُلَّهُ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ تَفَاحَشَ النَّقْصُ فَلَا رُجُوعَ لِلْآخِذِ بِالنَّقْصِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ عَلَى ذَلِكَ النَّقْصِ أَوْ تَقُومُ لِلْآخِذِ بَيِّنَةٌ لَمْ تُفَارِقْهُ مِنْ حِينِ قَبَضَهُ إلَى أَنْ وَجَدَ فِيهِ النَّقْصَ الْفَاحِشَ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الرُّجُوعِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لِوُضُوحِهِ. (ص) وَحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سُمِّيَ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كُتِبَ بِهِ إلَيْهِ إنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ، وَإِلَّا حَلَفْت وَرَجَعْت (ش) فَاعِلُ حَلَفَ هُوَ الْبَائِعُ الصَّادِقُ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْدِيقٌ مِنْ الدَّافِعِ، وَلَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لِلْآخِذِ عَلَى النَّقْصِ الْمُدَّعَى فَلَيْسَ عَلَى الدَّافِعِ إلَّا يَمِينٌ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أَوْفَى لِلْآخِذِ مَا سَمَّاهُ لَهُ إنْ كَانَ الْمُعْطِي اكْتَالَهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ، وَلَمْ يَتَوَلَّ كَيْلَهُ بِيَدِهِ فَيَقُولُ لَقَدْ أَوْفَيْت لِلْآخِذِ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيَّ أَوْ قِيلَ لِي فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي يُذْكَرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّ الطَّعَامَ الْوَاصِلَ إلَيْك لَمْ أَقِفْ عَلَى كَيْلِهِ، وَقَبِلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَيْلِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ أَنَّهُ، وَجَدَهُ نَاقِصًا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالطَّعَامِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا بِلَا شَرْطٍ) وَأَمَّا مَعَ الشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّشْبِيهَ فِي التَّحْرِيمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ النَّهْيِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ سَحْنُونَ) هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَلَهُ الْبَدَلُ، وَلَا يُنْقَضُ السَّلَمُ لَكِنْ سَحْنُونَ هُوَ الْعَالِمُ بِهَا، وَمَشَى فِي الشَّامِلِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا قَامَ بِالْبَدَلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ بِأَنْ رَضِيَ بِالزَّائِفِ أَوْ سَامَحَ مِنْ عِوَضِهِ لَمْ يَفْسُدْ مَا يُقَابِلُهُ، وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا، وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا فَإِنْ دَخَلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا فَسَدَ السَّلَمُ كُلُّهُ لِأَنَّ فِيهِ الْكَالِئَ بِالْكَالِئِ كَدُخُولِهِمَا عَلَى تَأْخِيرِ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ، وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَيُنْقَضُ السَّلَمُ إنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهِ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) أَيْ لَا مِنْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالنَّقْصُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِدَلِيلِ أَوْ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِتَصْدِيقٍ) فَيَرْجِعُ فِي الْمَضْمُونِ بِمِثْلِهِ، وَفِي الْمُعَيَّنِ يُحَطُّ بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُومُ لِلْآخِذِ بَيِّنَةٌ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ حَضَرَتْ كَيْلَ الْبَائِعِ قُلْت إنَّهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ النَّقْصِ فَيَرْجِعُ الْمُسْلِمُ بِجَمِيعِ النَّقْصِ، وَلَا يَتْرُكُ قَدْرَ الْمُتَعَارَفِ كَالْجَائِحَةِ. {فَرْعٌ} مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَ بِهِ نَقْصًا فَكَالِاسْتِحْقَاقِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا فَهَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ إلَخْ) أَيْ الْبَائِعُ، وَأَمَّا وَكِيلُهُ فَلَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ) ضَمِنَهُ أَوْصَلَهُ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ إنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ) أَيْ أَتَى لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ أَعْلَمَهُ بِمَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِلْيَمِينِ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا (قَوْلُهُ اكْتَالَهُ بِيَدِهِ) أَيْ أَوْ وَقَفَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 أَوْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ إنَّهُ بَاعَهُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ تَبْدِئَةَ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ إنَّمَا كَانَتْ حَقًّا لَهُ فَإِذَا نَكَلَ رَجَعَ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصْلِ (ص) وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا فَهَلَكَ بِيَدِك فَهُوَ مِنْهُ إنْ أَهْمَلَ أَوْ أَوْدَعَ أَوْ عَلَى الِانْتِفَاعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا جَعَلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ، وَدَفَعَهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَتَرَكَهُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ فَهَلَكَ بِيَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِانْتِقَالِهِ لَهُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَ تَرَكَهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى سَبِيلِ الْإِهْمَالِ أَيْ عَلَى السَّكْتِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ صَارَ أَمِينًا فِيهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الِانْتِفَاعِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ الْمَجْعُولِ رَأْسَ مَالٍ حِينَ أَسْلَمَهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ لِلتَّوَثُّقِ كَمَا يَأْتِي (ص) وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ، وَنُقِضَ السَّلَمُ، وَحَلَفَ، وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا وُضِعَ عِنْدَهُ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَثَّقَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِإِشْهَادٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ، وَيُنْقَضُ السَّلَمُ فِي هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُسْلِمُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْهَلَاكِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى تَغَيُّبِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ، وَبَقَائِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ فَالْحَلِفُ شَرْطٌ فِي نَقْضِ السَّلَمِ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلْمُسْلِمِ فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ حُكْمَ الِاسْتِعَارَةِ حُكْمُ مَا إذَا وُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ فَفَاعِلُ حَلَفَ هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ وَمِنْك، وَإِنَّمَا الْتَفَتَ مِنْ الْخِطَابِ إلَى الْغَيْبَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلَفَ، وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِلتُّونِسِيِّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَلَفَ وَنُقِضَ السَّلَمُ لِأَنَّ النَّقْضَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحَلِفِ لَكِنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (ص) وَإِنْ أَسْلَمَتْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَأَفْلَتَ أَوْ أَبَقَ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِفِعْلِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لَا يُنْقَضُ، وَضَمِيرُ (وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتْبَعَهُ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بَيَانَ ذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ تَارَةً يَكُونُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَتُرِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْإِهْمَالِ أَوْ الْإِيدَاعِ أَوْ الِانْتِفَاعِ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ سَوَاءٌ عَيَّنَ مَنْ أَتْلَفَهُ أَمْ لَا أَوْ اعْتَرَفَ شَخْصٌ بِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ، وَفِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ لَا يُفْسَخُ السَّلَمُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُتْلِفَ لَهُ أَوْ جَهِلَ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَتَارَةً يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَوُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَلَا اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِتَلَفِهِ، وَفِي هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُسْلِمُ الْجَانِيَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُسْلِمِ إلَّا مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَا فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَتْبَعُ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ أَوْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ اتِّبَاعُ الْجَانِي، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتْبَعُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ، وَأَمَّا مَا أَشَارَ لَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُسْلِمُ مَنْ جَنَى، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَا جَعَلَهُ الْمُسْلِمُ رَأْسَ مَالٍ شَيْئًا غَائِبًا فِي ضَمَانِهِ كَأَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا   [حاشية العدوي] عَلَى كَيْلِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي مَفْهُومِ إنْ أَعْلَمَ لَكِنْ لَا يَخْفَى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ إذَا لَمْ يَحْلِفْ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الشَّامِلَ لِلْمُسْلِمِ يَحْلِفُ، وَيَرْجِعُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ الشَّامِلِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا حَلَفَتْ وَرَجَعَتْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَحَلَفَ بِطَرَفَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ فَإِذَا نَكَلَ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَوَّلًا نَكَلَ فَإِذَا حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِهِ رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا فِي مَفْهُومِ إنْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ فَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ حَقًّا لَهُ) أَيْ لَا أَصَالَةَ مَعَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ تُجَامِعُ الْأَصَالَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمْت عَرْضًا) أَيْ عَقَدْت سَلَمًا لَا أَسْلَمْت بِالْفِعْلِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ فَهَلَكَ (قَوْلُهُ اُسْتُثْنِيَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ قَدْرُ أَجَلِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهَا بِقَدْرِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُغْتَفَرَةِ خُصُوصًا إنْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى، وَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ فَمُطْلَقٌ، وَارْتَضَاهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ بِإِشْهَادٍ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَا أَنَّ الْعَرْضَ يُتَوَثَّقُ بِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَهُ رَهْنًا فِي ثَمَنِهِ لِأَنَّ مَا بِيعَ نَسِيئَةً لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ فِي ثَمَنِهِ إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنَّهُ رَهْنٌ فِي عِوَضِهِ (قَوْلُهُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ) أَيْ رَهْنٍ مِنْ عِنْدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَحَمِيلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْرِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ يُعَارِضُهَا قَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْحَلِفِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا أَخَّرَهُ أَيْ قَوْلُهُ وَحَلَفَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ إلَخْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ حَلَفْت بِتَاءِ الْخِطَابِ (قَوْلُهُ وَتُرِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْإِهْمَالِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَتُرِكَ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ حَتَّى فِي صُورَةِ التَّوَثُّقِ فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّوَثُّقِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَرْضِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يُنْقَضُ السَّلَمُ وَلَا يُنْقَضُ إلَّا فِي صُورَةِ ضَمَانِ الْمُسْلِمِ بِالْكَسْرِ، وَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ، وَتُرِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِهْمَالِ إلَخْ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 غَائِبًا فِي طَعَامٍ مَثَلًا، وَتَلِفَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يَتْبَعُ الْجَانِيَ فَفِيهِ مَعَ بُعْدِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَلَفِهِ يَنْفَسِخُ السَّلَمُ لِوُقُوعِهِ عَلَى عَيْنِهِ فَلَمْ يَبْقَ دَافِعُهُ مُسْلِمًا إلَّا بِضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ النَّظَرِ (ص) وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ، وَلَا نَقْدَيْنِ، وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ كَالْعَكْسِ (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ لِلسَّلَمِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامَيْنِ، وَلَا نَقْدَيْنِ لِأَدَائِهِ إلَى رِبَا الْفَضْلِ أَوْ النَّسَاءِ فَلَا تُسْلَمُ فِضَّةٌ فِي ذَهَبٍ، وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ فِي مِثْلِهِ، وَحُكْمُ الْفُلُوسِ هُنَا حُكْمُ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ، وَلَا نَخْلَةٌ مُثْمِرَةٌ فِي طَعَامٍ، وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ فِي أَجْوَدَ مِنْهُ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبٍ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ ثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ مِثْلِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَالْجَوْدَةُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْكَثْرَةِ، وَلَا يُسْلَمُ ثَوْبَانِ فِي ثَوْبٍ مِثْلِهِ أَوْ أَرْدَأَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ أَيْ يُؤَدِّي إلَى التُّهْمَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا هُنَا تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ، وَأَلْغَوْهَا فِي بُيُوعِ الْآجَالِ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ هُنَاكَ أَضْعَفَهَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُؤَلِّفُ، وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ فَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ، وَلَا نَقْدَيْنِ، وَلَوْ تَسَاوَيَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ لِأَنَّهُ إنْ قُيِّدَ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ، وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلَا يُعَارِضُ الْإِطْلَاقَ قَوْلُهُ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الطَّعَامَيْنِ وَالنَّقْدَيْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ، وَمِنْ قَوْلِهِ كَالْعَكْسِ قَوْلُهُ (ص) إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْحِمَارُ الْفَارِهُ، وَهُوَ جَيِّدُ السَّيْرِ فِي الْحِمَارَيْنِ فَأَكْثَرَ غَيْرِ الْفَارِهَيْنِ، وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ يُصَيِّرُ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ كَالْجِنْسَيْنِ، وَجَمْعُهُ الْإِعْرَابِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ لِلْأَعْرَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُسْلَمَ الْوَاحِدُ فِي الْمُتَعَدِّدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي الْوَاحِدِ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَإِلَّا جَازَ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ بَعْضٍ وَلَمَّا ذَكَرَ اخْتِلَافَ الْحُمُرِ بِالْفَرَاهَةِ ذَكَرَ أَنَّ اخْتِلَافَ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ بِقَوْلِهِ (ص) وَسَابِقُ الْخَيْلِ لَا هِمْلَاجٌ إلَّا كَبِرْذَوْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ الْفَرَسِ السَّابِقِ فِي فَرَسَيْنِ غَيْرِ سَابِقَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْخَيْلِ السَّبْقُ لَا الْهَمْلَجَةُ؛ وَهِيَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ إذْ سُرْعَةُ مَشْيِهِ، وَحُسْنُ سَيْرِهِ لَا تُصَيِّرُهُ مُخَالِفًا لَا بِنَاءُ جِنْسِهِ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِمَّا لَيْسَ لَهُ تِلْكَ السُّرْعَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْهَمْلَجَةِ عَظِيمَ الْخِلْقَةِ جَافِيَ الْأَعْضَاءِ مِمَّا يُرَادُ مِنْهُ الْحَمْلُ فَيَجْتَمِعُ فِيهِ الْهَمْلَجَةُ وَالْبَرْذَنَةُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يُسْلَمَ الْوَاحِدُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خِلَافِهِ (ص) وَجَمَلٌ كَثِيرُ الْحَمْلِ، وَصُحِّحَ، وَبِسَبْقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْجَمَلُ الْكَثِيرُ الْحَمْلِ فِي جَمَلَيْنِ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّرَ بِالْبَعِيرِ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى، وَصُحِّحَ اعْتِبَارُ السَّبْقِ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَفِيهِ مَعَ بُعْدِهِ) وَجْهُ الْبُعْدِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ بِقَوْلِهِ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ فَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ، وَيَتْبَعُ الْمُسْلِمُ الْجَانِي لَقَالَ، وَتَتْبَعُ الْجَانِيَ أَيْ وَتَتْبَعُ أَنْتَ يَا مُسْلِمُ الْجَانِيَ فَلَمَّا عَدَلَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ، وَيَتْبَعُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْجَانِيَ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ قَوْلِنَا أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ سَوَاءٌ عَيَّنْت مَنْ أَتْلَفَهُ أَمْ لَا يُعْلَمُ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَالَ وَتَبِعَ الْجَانِيَ مَعْنَاهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا فُسِخَ السَّلَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ أَوْ أَرْدَأَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ ثَوْبٌ أَجْوَدُ فِي مِثْلِهِ أَرْدَأَ (قَوْلُهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ) وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهِ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ جَوَازَ الْمُسَاوَاةِ فِي الطَّعَامَيْنِ، وَالنَّقْدَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ كَفَارِهِ الْحُمُرِ) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحُمُرَ، وَالْبِغَالَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ أَيْ الْمُخَالِفَةِ لَهُ أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْأَعْرَابِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْفَارِهَ مِنْ الْمِصْرِيَّةِ، وَغَيْرَ الْفَارِهِ مِنْهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ عَزَا عِيَاضٌ ذَلِكَ لِلْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ فَضْلٌ خِلَافَهُ وَرُجِّحَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَضْلٌ بِأَنَّ بَيْنَ الْحَمِيرِ بِمِصْرَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا قَلَّ أَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ بِبَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ، وَالْجَمْعُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ قُلْت، وَإِلَى كَلَامِ فَضْلٍ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْحِمَارَيْنِ غَيْرِ الْفَارِهَيْنِ [اخْتِلَافَ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ] (قَوْلُهُ كَبِرْذَوْنٍ) لَمْ تُدْخِلْ الْكَافُ شَيْئًا إذْ هِيَ بِمَعْنَى مِثْلُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْهِمْلَاجُ مِثْلَ بِرْذَوْنٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ) أَيْ مَعَ حُسْنِ السَّيْرِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدِهِ، وَالْبِرْذَوْنُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كِسْرَى شَالَ الْخَيْلَ عَلَى الْبَقَرِ لِقُوَّةِ أَعْضَائِهِ، وَشِدَّةِ صَبْرِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ بِرْذَوْنًا قَاصِدًا فِي ذَلِكَ مَقْصِدَ الْإِسْكَنْدَرِ فِي نِتَاجِ الْبِغَالِ حَيْثُ شَالَ الْخَيْلَ عَلَى الْحَمِيرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَيْلَ تَنْقَسِمُ إلَى عَرَبِيٍّ وَبِرْذَوْنٍ، وَالْهَمْلَجَةُ يَتَّصِفُ بِهَا كُلٌّ مِنْهُمَا، وَأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْخَيْلَ الْعَرَبِيَّةَ تَخْتَلِفُ بِالسَّبْقِ لَا بِحُسْنِ السَّيْرِ مَعَ السُّرْعَةِ فَإِذَا كَانَ فَرَسٌ عَرَبِيٌّ اتَّصَفَتْ بِالْهَمْلَجَةِ فَلَا تُنَزَّلُ الْهَمْلَجَةُ مِثْلَ السَّبْقِ حَتَّى يَصِحَّ سَلَمُ الْوَاحِدِ اتَّصَفَ بِهَا فِي اثْنَيْنِ خَلَيَا مِنْهَا مَا لَمْ تَجْتَمِعْ الْهَمْلَجَةُ مَعَ الْبِرْذَوْنِ فَيَصِحُّ سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي بِرْذَوْنَيْنِ خَلَيَا عَنْ الْهَمْلَجَةِ كَمَا هُوَ مُفَادُ نَصَّ ابْنِ حَبِيبٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا هِمْلَاجٌ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ لَا فَرَسٌ هِمْلَاجٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا كَبِرْذَوْنٍ، وَتَقْرِيرُ التَّتَّائِيِّ بِبِرْذَوْنٍ فَاسِدٍ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِثْنَاءَ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ كَبِرْذَوْنٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْهَمْلَجَةِ بَرْذَنَةٌ (قَوْلُهُ جَافِي الْأَعْضَاءِ) حَالٌ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ، وَبِسَبْقِهِ) حَاصِلُ مَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْإِبِلَ صِنْفَانِ صِنْفٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ، وَصِنْفٌ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ لَا لِلْحَمْلِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَيِّدٌ، وَوَخْشٌ فَسَلَمُ مَا يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِيمَا يُرَادُ لِلرُّكُوبِ، وَعَكْسُهُ اتَّحَدَ الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ جَائِزٌ، وَمَا يُرَادُ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ لَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ عَدَدُ الرَّدِيءِ فَتَحْصُلُ الْمُبَايَنَةُ، وَإِلَى اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَصُحِّحَ، وَبِسَبْقِهِ، وَوَافَقَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 الْإِبِلِ كَالْحَمْلِ إلَّا أَنَّ اللَّائِقَ إسْقَاطُ الْوَاوِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوهِمُ أَنَّ التَّصْحِيحَ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَمْلِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِهِ (ص) وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ بِالْفَرَاهَةِ، وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ، وَالْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُفْرَدِهِ بِالتَّاءِ فَالْبَقَرَةُ بِالتَّاءِ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلِذَا قَالَ هُنَا (وَلَوْ أُنْثَى) وَالتَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ (ص) وَكَثْرَةُ لَبَنِ الشَّاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاةَ الْكَثِيرَةَ اللَّبَنِ مِنْ الْمَعْزِ يَجُوزُ سَلَمُهَا فِي شَاتَيْنِ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ (وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) أَيْ عُمُومًا لُغَوِيًّا، وَهُوَ الشُّمُولُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِشُمُولٍ دُونَ عُمُومٍ لِأَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ، وَالشُّمُولُ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعِلَّةِ، وَتَنَاوُلُ الْمُدَوَّنَةِ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْعِلَّةِ لَا مِنْ جِهَةِ عُمُومِ اللَّفْظِ لِانْتِفَائِهِ مِنْ لَفْظِهَا بَلْ لَفْظُهَا مُطْلَقٌ لَا عَامٌّ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ لَكِنْ صَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافَ عُمُومِ لَفْظِهَا الضَّأْنُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضَّأْنِ غَزَارَةُ لَبَنٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (صُحِّحَ خِلَافُهُ) كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا ذُكُورَةٌ وَأُنُوثَةٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّأْنِ كَالتَّابِعِ لِمَنْفَعَةِ الصُّوفِ، وَلِأَنَّ لَبَنَهَا غَالِبًا أَقَلُّ مِنْ لَبَنِ الْمَعْزِ، وَأَمَّا الْمَعْزُ فَمَنْفَعَةُ شَعْرِهَا يَسِيرَةٌ، وَلَبَنُهَا كَثِيرٌ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا (ص) وَكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسُهُ أَوْ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَّا مَا يُسْتَثْنَى فِي كَبِيرٍ مِنْ جِنْسِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ مِنْ جِنْسِهِ اتِّفَاقًا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ، وَمِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ سَلَمُ حَيَوَانٍ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيُّ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ جَوَازِ الْجَمِيعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ (ش) فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَطُولَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الصَّغِيرُ كَبِيرًا أَوْ يَلِدَ فِيهِ الْكَبِيرُ صَغِيرًا مُنِعَ لِأَدَائِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ اضْمَنْ لِي هَذَا لِأَجْلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ فَفِي ذِمَّتِك، وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ، وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك بِضَمَانِك، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَأَدَاؤُهُ فِي الثَّانِي لِلْجَهَالَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا عَلَى صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الِانْفِرَادِ أَيْ وَفَهِمَ بَعْضُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِ الْجَوَازِ فِي سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسُهُ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ، وَهُوَ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسُهُ فَهُوَ جَائِزٌ بِشَرْطِهِ، وَلَمْ تَتَأَوَّلْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى خِلَافِ الْجَوَازِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْأُولَى مَعَ اسْتِفَادَةِ الْجَوَازِ فِيهَا مِنْ الثَّانِيَةِ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسَ بَلْ الْمُرَادُ صَغِيرٌ وَاحِدٌ فِي كَبِيرٍ وَاحِدٍ، وَعَكْسُهُ إذْ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْأُولَى لَاحْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ الْجِنْسُ فَيَقْتَضِي جَرَى قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ، وَكَصَغِيرَيْنِ عَطْفٌ عَلَى كَفَارِهِ الْحُمُرِ فَهُوَ مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا اللُّغَوِيَّةُ، وَهِيَ الْمُغَالَبَةُ لَا بَيْعٌ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ أَوْ مَجْهُولٌ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مَنْ بَلَغَ سِنَّ الْحَرْثِ فِي الْبَقَرِ، وَفِي الْخَيْلِ مَنْ بَلَغَ السَّبْقَ، وَفِي الشَّاةِ الرَّضْعُ، وَفِي الْآدَمِيِّ السِّنُّ (ص) كَالْآدَمِيِّ، وَالْغَنَمِ (ش) مُشَبَّهٌ فِي الْمَنْعِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي أَيْ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ صِغَارِهِمَا فِي كِبَارِهِمَا، وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّ كَبِيرَهُمَا مَعَ صَغِيرِهِمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَوْ أُنْثَى) رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْأُنْثَى إنَّمَا هُوَ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ وَكَثْرَةُ لَبَنِ الشَّاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي أُنْثَى الْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ كَثْرَةُ اللَّبَنِ لِأَنَّهُمَا يُرَادَانِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) الْوَاقِعُ فِيهَا لَا يُسْلَمُ ضَأْنُ الْغَنَمِ فِي مَعْزِهَا، وَلَا الْعَكْسُ إلَّا شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةٌ بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ فَأَطْلَقَ، وَجَعَلَهُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَاعْتَبَرَ غَزَارَتَهُ فِي الشَّاةِ مِنْهُمَا، وَإِضَافَةُ عُمُومٍ لِلضَّأْنِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَالشُّمُولُ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعِلَّةِ) وَهِيَ غَزَارَةُ اللَّبَنِ، وَوَصَفَهَا بِالْكَرَمِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا شَاةٌ أَيْ أَنَّ الشُّمُولَ تَحْقِيقًا مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعِلَّةِ أَيْ إنَّمَا أَتَى مِنْ الْعِلَّةِ، وَأَمَّا لَفْظُهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ فَهُوَ مُطْلَقٌ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا بِهَا إلَّا أَنَّهُ احْتِمَالٌ لِكِفَايَةِ تَحَقُّقِهِ فِي الْمَعْزِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَتَنَاوَلُ) أَيْ الْعَامَّ أَيْ ذُو تَنَاوُلٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ الشَّاةِ ضَأْنًا أَوْ مَعْزًا (قَوْلُهُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ الَّذِي صَيَّرَهُمَا بِمَنْزِلَةِ جِنْسَيْنِ فَصَارَ مُبَايَعَةً، وَخُرُوجًا عَنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ، وَالضَّمَانِيَّة بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ لَا فِي سَلَمِ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَأَدَائِهِ فِي الثَّانِي لِلْجَهَالَةِ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي سَلَمِ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ لَا فِي سَلَمِ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يُرَدَّ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا الْمُغَالَبَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يُؤَدِّي لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُغَالَبَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الضَّمَانَ بِجُعْلٍ غَيْرِ الضَّمَانِ الْمُبَوَّبِ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَمَا هُنَا مِنْ اثْنَيْنِ، وَفِي الثَّانِي يُؤَدِّي لِبَيْعٍ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ لَا بَيْعٌ مَعْلُومٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي الشَّاةِ الرَّضْعُ) يَتَرَاءَى فِي نُسْخَتِهِ الرَّضْعُ بِالرَّاءِ فَأَرَادَ الْإِرْضَاعَ، وَكَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ الْحَمْلِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ مَنْ بَلَغَتْ الْحَمْلَ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْآدَمِيِّ السِّنُّ أَيْ سِنُّ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ فَلَا يُسْلَمُ صِغَارُهُمَا فِي كِبَارِهِمَا) اتَّحَدَ عَدَدُ كُلٍّ أَوْ اخْتَلَفَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كَبِيرَهُمَا مَعَ صَغِيرِهِمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي فَارِهِ الْحُمُرِ مَعَ الْأَعْرَابِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُخْتَلِفَةٌ فَاَلَّذِي يُرَادُ بِهِ لِلصَّغِيرِ غَيْرُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ لِلْكَبِيرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَاقْتِصَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْمَنْعِ عَلَى الْآدَمِيِّ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَنَافِعُ الْخَشَبِ الَّذِي ابْتَدَأَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي التَّمْثِيلِ بِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنَافِعُ فَقَالَ (ص) وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ جِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ مِنْ الْخَشَبِ فِي جِذْعٍ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ جُذُوعٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي اكْتِفَائِهِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي جُذُوعٍ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ يُصْنَعُ مِنْهُ صِغَارٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ، وَهُوَ مُزَابَنَةٌ لِأَنَّ الْجُذُوعَ إذَا غُيِّرَتْ عَنْ خِلْقَتِهَا بِنَشْرِهَا وَنَجْرِهَا لَمْ تَكُنْ جُذُوعًا، وَإِنَّمَا تُسَمَّى جَوَائِزَ إلَّا عَلَى تَجَوُّزٍ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ طُولٌ، وَلَا غِلَظٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ (ص) وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ سَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْدَةِ عَلَى مَذْهَبِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، وَاخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهَا أَيْضًا فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ سَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفٍ دُونَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ بَعْضٍ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى سَلَمِ بَعْضِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ فَقَالَ (ص) وَكَالْجِنْسَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ كَرَقِيقِ الْقُطْنِ، وَالْكَتَّانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ الْجِنْسِ فِي جِنْسٍ آخَرَ، وَلَوْ تَقَارَبَتْ مَنَافِعُهُمَا لِتَبَايُنِ الْأَغْرَاضِ كَرَقِيقِ ثِيَابِ الْقُطْنِ، وَرَقِيقِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَيَجُوزُ سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ وَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ رَقِيقِ الْغَزْلِ فِي غَلِيظِهِ، وَعَكْسُهُ وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنًى إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ لَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْجِنْسَانِ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ، وَالْكَتَّانُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (ص) لَا جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلُهُ عِجْلُ أَحَدِهِمَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى كَفَارِهِ، وَيُقَدِّرُ مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَمَنْفَعَةً رِبَوِيَّةً فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَطْفِ بِلَا أَنْ لَا يُصَدَّقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ أَيْ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ اخْتِلَافًا شَرْعِيًّا كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ لَا إنْ اخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ اخْتِلَافًا رِبَوِيًّا كَجَمَلٍ إلَخْ أَوْ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ، وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ جَمَلًا مَثَلًا فِي جَمَلَيْنِ مِثْلُهُ أَحَدُهُمَا مُعَجَّلٌ، وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ لِأَنَّهُ رِبًا لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ، وَالْمُعَجَّلُ زِيَادَةٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ أُجِّلَا مَعًا. أَمَّا لَوْ عُجِّلَا مَعًا لَجَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مَحْضُ بَيْعٍ، وَمَفْهُومُ مِثْلِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَجْوَدَ مِنْ الْمُعَجَّلِ، وَمِثْلُ الْمُؤَجَّلِ أَوْ أَدْنَى لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِي الْمُعَجَّلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ فِي التَّمْثِيلِ بِهِ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ) مِثْلُهُ فِي شب (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ غَلِيظًا فَقَطْ، وَأَمَّا الطُّولُ وَحْدَهُ فَلَا يَكْفِي خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَالْفَرْقُ تَيْسِيرُ قَطْعِ الطَّوِيلِ فَالْمَنْفَعَةُ مُتَقَارِبَةٌ بِخِلَافِ الْغَلِيظِ فِي رَقِيقَيْنِ لِأَنَّ فِي نَشْرِهِ كُلْفَةً (قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ) أَيْ أَوْ جُذُوعٍ لِأَجْلِ أَنْ يُنَاسِبَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الَّذِي بَيْنَ الطَّوِيلِ الْعَرِيضِ، وَغَيْرِهِ قَوِيٌّ جِدًّا فَكَأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَبَايِنَانِ تَبَايُنًا قَوِيًّا فَلِذَا سَاغَ جَعْلُهُ سَلَمًا فِي وَاحِدٍ، وَفِي اثْنَيْنِ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اجْتِمَاعِ الطُّولِ وَالْغِلَظِ، وَنَصُّهَا فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْخَشَبُ لَا يُسْلَمُ مِنْهَا جِذْعٌ فِي جِذْعَيْنِ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اخْتِلَافُهُمَا كَجِذْعِ نَخْلٍ طَوِيلٍ كَبِيرٍ غِلَظُهُ، وَطُولُهُ كَذَا فِي جُذُوعٍ صِغَارٍ لَا تُقَارِبُهُ فَيَجُوزُ لِأَنَّ هَذِهِ نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ اهـ. فَانْظُرْ مَعَ هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ جُذُوعٍ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ، وَالْجَوْدَةِ) جَمَعَ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالْقَطْعِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُطْلَقَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مُقْتَضِيَةً الْجَوَازَ بَلْ فِيهَا الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْدَةِ وَالْقَطْعِ، وَلِذَا قَالَ شب فَإِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ شَاسٍ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْدَةِ مَعًا، وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِمَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِلْجَوَازِ لَا أَحَدُهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ سَيْفٍ فِي سَيْفَيْنِ إلَّا إذَا اخْتَلَفَا مَعَ الْوَاحِدِ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ، وَالْقَطْعِ لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، وَنَصُّهُ الْحَدِيدُ جَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ صِنْفٌ حَتَّى يُعْمَلَ سُيُوفًا، وَسَكَاكِينَ فَيَجُوزُ سَلَمُ الْمُرْتَفِعِ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمُرْتَفِعِ، وَلِذَا قَالَ تت، وَسَوَاءٌ كَانَ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ أَوْ الْجَوْدَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ بَعْضٍ) وَهُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا سَلَمُ سَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفٍ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ فَالظَّاهِرُ فِيهِ الْجَوَازُ اهـ. [سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ] (قَوْلُهُ كَرَقِيقِ ثِيَابِ الْقُطْنِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَرَقِيقِ أَيْ ثِيَابَ الْقُطْنِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فَزَادَ لَفْظَ ثِيَابٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ) وَجْهُ الْجَوَازِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِيَّةِ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَعْنَى الْمُلَاحَظِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) صِفَةٌ لِجَمَلَيْنِ، وَمِثْلُ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لِشِدَّةِ إبْهَامِهَا، وَكَذَا شِدَّةُ إبْهَامِهَا مَانِعَةٌ مِنْ تَثْنِيَتِهَا (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَفَارِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَلَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ نَقُولُ مُسَلَّمٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ، وَهُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ فَارِهَ الْحُمُرِ لَا يَصْدُقُ عَلَى جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 مَعَ فَضْلِ الْمُؤَجَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَجْوَدَ مِنْهُمَا جَازَ، وَهِيَ مُبَايَعَةٌ، وَلَوْ كَانَ عِوَضُ أَحَدِ الْجَمَلَيْنِ دَرَاهِمَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَ الْجَمَلَانِ نَقْدًا، وَالدَّرَاهِمُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُ الْجَمَلَيْنِ لَمْ يَجُزْ عُجِّلَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ أُجِّلَتْ اهـ. (ص) ، وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّيْرَ يَخْتَلِفُ بِالتَّعْلِيمِ فَيَجُوزُ سَلَمُ الطَّيْرِ الْمُعَلَّمِ تَعْلِيمًا شَرْعِيًّا كَالْبَازِ وَالصَّقْرِ لِلصَّيْدِ فِي عَدَدٍ مِنْ جِنْسِهِ بِلَا تَعْلِيمٍ وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ سَلَمُ وَاحِدٍ بِلَا تَعْلِيمٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ بِلَا تَعْلِيمٍ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الطَّيْرَ أَجْنَاسٌ لَا عَلَى سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الطَّيْرَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ (ص) لَا بِالْبَيْضِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَلَوْ آدَمِيًّا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ بِالتَّعْلِيمِ لَا بِكَذَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّيْرَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْبَيْضِ، وَلَا بِالذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ كَالْآدَمِيِّ فَلَا تُسْلَمُ الدَّجَاجَةُ الْبَيُوضُ فِي اثْنَتَيْنِ غَيْرِ بَيُوضٍ، وَلَا الدَّجَاجَةُ فِي الدِّيكِ، وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا الذَّكَرُ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الْأُنْثَى، وَلَا عَكْسُهُ فَقَوْلُهُ وَالذُّكُورَةُ أَيْ وَلَا يَخْتَلِفُ الْحَيَوَانُ مُطْلَقًا بِالذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ، وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلطَّيْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا. (ص) وَغَزْلٌ وَطَبْخٌ إنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَاءَ لَا تَخْتَلِفُ مَنَافِعُهَا بِالْغَزْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ سَهْلَةٌ، وَكَذَلِكَ الطَّبْخُ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ جَارِيَةٍ طَبَّاخَةٍ فِي جَارِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّقِيقِ الْخِدْمَةُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ كُلٌّ مِنْ الْغَزْلِ أَوْ الطَّبْخِ النِّهَايَةَ، وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهَا فِي الْغَزْلِ خُرُوجُهَا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا، وَفِي الطَّبْخِ أَنْ تَطْبُخَ الْأَلْوَانَ الَّتِي لَا يَصِلُ إلَيْهَا غَيْرُهَا إلَّا أَنْ يُبَاعَ بِوَزْنِهِ فِضَّةٌ، وَلَا أَنْ تَعْمَلَ مِنْ النَّوْعِ الْوَاحِدِ أَصْنَافًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ، وَإِنْ كَانَ بِالتَّرْكِيبِ فَغَالِبُ الطَّبَّاخَاتِ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّخْمِيُّ قَيْدَ بُلُوغِ النِّهَايَةِ إلَّا فِي الْغَزْلِ فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ قَاسَ الطَّبْخَ عَلَى الْغَزْلِ، وَهُوَ تَابِعٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الطَّبْخَ نَاقِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ (ص) وَحِسَابٌ أَوْ كِتَابَةٌ (ش) أَيْ أَنَّ الْحِسَابَ وَالْكِتَابَةَ لَا يُنْقَلُ بِهِمَا الرَّقِيقُ عَنْ جِنْسِهِ، وَلَوْ حَصَلَا فِيهِ مَعًا كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَوْ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي الْكِتَابَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَعَ فَضْلِ الْمُؤَجَّلِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُؤَجَّلُ أَعْلَى (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ سَوَاءٌ أُجِّلَا أَوْ عُجِّلَا، وَكَذَا إذَا كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فَيَجُوزُ أُجِّلَا أَوْ عُجِّلَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِثْلَهُ، وَالْآخَرُ غَيْرَ مُمَاثِلٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ أَعْلَى أَوْ دُونَ فَإِنْ عُجِّلَ الْمُمَاثِلُ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا مُفَادُ مَا نُقِلَ عَنْ أَصْبَغَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْوَدِيَّةِ كَثْرَةُ الْحَمْلِ وَالسَّبْقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَجْوَدَ مِنْ الْمُعَجَّلِ، وَمِثْلُهُ الْمُؤَجَّلُ أَوْ أَدْنَى لَمْ يَجُزْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَدْنَى مِنْهُمَا أَوْ أَعْلَى مِنْهُمَا أَجْزَأَ مُطْلَقًا عُجِّلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا مُسَاوِيًا لِلْمُعَجَّلِ، وَأَعْلَى مِنْ الْمُؤَجَّلِ أَجْزَأَ فَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُعَجَّلِ، وَأَدْنَى مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ وَكَأَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْمِثْلِيَّةِ الْمُعَجَّلَةِ فَقَطْ. أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى، وَالْآخَرُ أَدْنَى فِي فَهْمِ بَعْضٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا صُورَةُ التَّعْجِيلِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ حَيْثُ كَانَ الْمُعَجَّلُ هُوَ الْأَعْلَى، وَالْمُؤَجَّلُ أَدْنَى بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُسَاوِي (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْجَمَلَانِ نَقْدًا) أَيْ الْمُتَقَابِلَانِ الْمَدْفُوعُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، وَزِيدَ مَعَ وَاحِدٍ دَرَاهِمُ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ، وَخَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ (قَوْلُهُ عُجِّلَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ أُجِّلَتْ) فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِنْ دَافِعِ الْمُعَجَّلِ فَهُوَ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُؤَخَّرِ فَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ فِي عَدَدٍ مِنْ جِنْسِهِ) ظَاهِرُهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ، وَعِبَارَةُ عب فَيُسْلَمُ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ سَلَمِ الْفَارِهِ فِي غَيْرِهِ، وَالْبَقَرَةُ فِي غَيْرِهَا الْمُشْتَرَطِ فِيهَا التَّعَدُّدُ، وَيُوَافِقُهُ شب، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قُوَّةَ الِاخْتِلَافِ بِالتَّعْلِيمِ كَقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ اهـ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ) الْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ يَقُولُ مَا يُقْتَنَى مِنْ الْحَمَامِ صِنْفٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوِزِّ وَالدَّجَاجِ صِنْفٌ عَلَى حِدَتِهِ، وَسَائِرُ الطَّيْرِ غَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مُغَايِرٌ لِأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَنَصَّ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِقَوْلِهِ وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ أَيْ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالتَّعْلِيمِ فَيَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ جِنْسِهِ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ سَلَمٌ وَاحِدٌ بِلَا تَعْلِيمٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. اهـ. كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَقَلَهُ فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَنَقُولُ إنَّهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْمَتْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَنَقُولُ هُوَ ضَعِيفٌ، وَنَرْجِعُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُوَافِقٌ لِشَارِحِنَا فِي اعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْلَمُ الدَّجَاجَةُ) أَيْ فَهَذَا مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ اخْتِلَافًا يُسَوِّغُ السَّلَمَ، وَقَوْلُهُ وَلَا الدَّجَاجَةُ فِي الدِّيكِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَدْنَى لَكِنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ اخْتِلَافًا يُسَوِّغُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنْ تُطْبَخَ الْأَلْوَانُ) أَيْ الْأَلْوَانُ الْقَرِيبَةُ الشَّكْلِ الَّتِي لَا يَصِلُ إلَيْهَا غَيْرُهَا إلَّا بِتَعْلِيمٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ لَا أَنْ يُبَاعَ بِوَزْنِهِ فِضَّةً) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِالتَّرْكِيبِ فَغَالِبُ الطَّبَاخَاتِ) أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الطَّبْخُ، وَإِنْ تَفَاوَتَ (قَوْلُهُ فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ قَاسَ الطَّبْخَ عَلَى الْغَزْلِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَائِسٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فَهُوَ قَائِسٌ وَالْمُصَنِّفُ لَمَّا ارْتَضَاهُ فَكَأَنَّهُ قَائِسٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ نَاقِلٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ بَلَغَتْ النِّهَايَةَ أَمْ لَا. {تَنْبِيهٌ} ذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى بُلُوغِ النِّهَايَةِ فِي الْغَزْلِ قَيْدٌ آخَرُ، وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَزْلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِسَابِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ هَذَا أَوْلَى وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ بِاخْتِلَافِ مَنَافِعِهِ فَيَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ، وَتَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَتْ الْمَنَافِعُ، وَأَنَّهُ لَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ، وَلَا عَكْسُهُ تَكَلَّمَ عَلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا قَرْضٌ، وَلَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ فَإِنْ قَصَدْت بِهِ نَفْعَك أَوْ نَفْعَكُمَا مَعًا مُنِعَ، وَإِنْ قَصَدْت بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ صَحَّ ذَلِكَ كَمَنْ أَسْلَمَ عَرْضًا فِي مِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ هَذَا فِي غَيْرِ الطَّعَامِ، وَالنَّقْدِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَكُونُ كُلٌّ قَرْضًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ فَإِنْ، وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ أَوْ أُطْلِقَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ (ص) ، وَأَنْ يُؤَجَّلَ بِمَعْلُومٍ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنْ يَضْرِبَا لِلسَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ أَجَلًا مَعْلُومًا أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ لِيَسْلَمَا مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ تَحْصِيلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ إذْ كَأَنَّهُ إنَّمَا بِيعَ عِنْدَ الْأَجَلِ، وَاشْتُرِطَ فِي الْأَجَلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِيُعْلَمَ مِنْهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَالْأَجَلُ الْمَجْهُولُ غَيْرُ مُفِيدٍ بَلْ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَإِنَّمَا حَدُّ أَقَلِّ الْأَجَلِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ غَالِبًا لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ غَيْرُ كَافٍ مَعَ أَنَّهُ كَافٍ بَلْ وُقُوعُ السَّلَمِ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ أَحَدَ عَشَرَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَطْ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ لَا تَخْلُو عَنْ رَكَاكَةٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالنَّيْرُوزِ) إلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَةَ كَالْمَنْصُوصَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ فَالْمُرَادُ بِهِ الزَّمَانُ لَا الْفِعْلُ، وَهُوَ اللَّعِبُ الْوَاقِعُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِحِسَابِ الْعَجَمِ، وَإِلَّا فَلَا (ص) وَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي يُفْعَلُ فِي الْأَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ كَهِيَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَصِحُّ تَأْجِيلُ السَّلَمِ بِمَا ذُكِرَ، وَبِالصَّيْفِ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفَاهُ إلَّا بِشِدَّةِ الْحَرِّ لَا بِالْحِسَابِ، وَبِخُرُوجِ الْعَطَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَجَلٌ مَعْلُومٌ لَا يَخْتَلِفُ، وَالْحَصَادُ، وَالدِّرَاسُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ، وَقَوْلُهُ (ص) وَاعْتُبِرَ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ (ش) يَرْجِعُ لِلْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ، وَقُدُومِ الْحَاجِّ، وَإِنْ لَمْ   [حاشية العدوي] كَوْنُ ذَلِكَ الْغَزْلِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ هَذَا أَوْلَى) يَحْتَمِلُ هَذَا الْمَذْكُورُ الَّذِي هُوَ الْحِسَابُ، وَالْكِتَابَةُ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنْ الْغَزْلِ، وَيَحْتَمِلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا أَيْ الْحِسَابِ أَوْلَى مِنْ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْحِسَابَ أَدَقُّ مِنْ الْكِتَابَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. {تَنْبِيهٌ} الْبِنَايَةُ وَالْخِيَاطَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ أَنَّ الْخِيَاطَةَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا كُلُّ وَاحِدٍ، وَالْبِنَايَةُ يَغْلِبُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ، وَمِثْلُ الْخِيَاطَةِ فِي الِاعْتِبَارِ التَّجْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَبْنِي الْبِنَاءَ الْمُعْتَبَرَ، وَالْآخَرُ يَبْنِي مَا دُونَهُ أَنَّ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ جِنْسَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْخِيَاطَةِ كَذَا اسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ [سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا] (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْقَرْضِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُضْرَبْ الْأَجَلُ أَيْ الْأَجَلُ الْمَعْلُومُ أَيْ الَّذِي أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ إلَخْ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ أَيْ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ فَلَا يَسْلَمَانِ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ الْمَعْهُودُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ كَأَنَّهُ إنَّمَا بِيعَ عِنْدَ الْأَجَلِ) أَيْ مَا هُوَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ تَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ مَظِنَّةٌ لِتَحْصِيلِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ) أَيْ الْمُقْتَضِي لِوُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِي قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالشَّارِحُ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ لَا تَخْلُو عَنْ رَكَاكَةٍ) أَيْ بُعْدٍ فَمِنْهَا أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَتَحَقَّقُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، وَلَوْ يَسِيرَةً. وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ زَائِدٌ نِصْفَ الشَّهْرِ النَّاقِصِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ نِصْفُ شَهْرٍ لِيُوَافِقَ النَّصَّ، وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ إلَّا مَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ الْأَجَلِ يُشْتَرَطُ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ، وَالْأَحَدَ عَشَرَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَةَ) أَيْ الْمُدْرَكَةَ مِنْ لَفْظٍ غَيْرِ لَفْظِ يَوْمٍ (كَالْمَنْصُوصَةِ) أَيْ كَالْمُصَرَّحِ بِهَا أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ بِخِلَافِ لَفْظِ نَيْرُوزَ فَلَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِلَفْظِ يَوْمٍ لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ إلَخْ) مَعْنَاهُ الْيَوْمُ الْجَدِيدُ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمِهْرَجَانَ بِكَسْرِ الْمِيمِ عِيدَ الْفُرْسِ رَابِعَ عَشَرَ بَئُونَةَ يَوْمَ وِلَادَةِ يَحْيَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَبِالصَّيْفِ) هَذَا زَمَنٌ لَا فِعْلَ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِ الْعَطَاءِ) بِالْعَيْنِ إلَخْ أَيْ مَا يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَقَمْحِ الشُّوَنِ الَّذِي يُعْطَى كُلَّ عَامٍ لِمُسْتَحِقِّهِ {تَنْبِيهٌ} لَا بُدَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إلَّا مَا يَسْتَثْنِيهِ (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ) أَيْ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ، وَلَا يُنْظَرُ لِغَيْرِهَا كَمَا فِي الْبَدْرِ وُجِدَتْ الْأَفْعَالُ أَوْ عُدِمَتْ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مُعْظَمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ لَيْسَ يَوْمًا وَاحِدًا بَلْ هُوَ أَيَّامٌ مُتَعَدِّدَةٌ فَانْظُرْ هَلْ يُرَاعَى أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ كُلٍّ أَوْ، وَسَطُهُ أَوْ آخِرُهُ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا طَلَبَ الْمُسْلِمُ التَّعْجِيلَ فِي أَوَّلِ الْمُعْظَمِ، وَامْتَنَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ يُرَاعَى أَوَّلُ كُلٍّ وَالْأَظْهَرُ الْوَسَطُ قَالَ عج، وَفِي ق مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِأَوَّلِ كُلِّ يَوْمٍ أَيْ إذَا وُجِدَ مُعْظَمُ الْحَصَادِ أَوْ جَاءَ وَقْتُهُ فَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ قُلْت هَلْ الصِّيغَةُ الْوَاقِعَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 تُوجَدْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ وَلَمَّا كَانَ تَأْجِيلُ السَّلَمِ بِالزَّمَانِ تَارَةً، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قَبْضُهُ فِي بَلَدِ عَقْدِهِ، وَأَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَبِالْمَكَانِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قَبْضُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فَأَشَارَ إلَى أَقَلِّ الْمَسَافَةِ الْكَافِيَةِ فِي ذَلِكَ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ بِقَوْلِهِ مُسْتَثْنِيًا مِنْ التَّأْجِيلِ بِالزَّمَانِ (ص) إلَّا أَنْ يُقْبَضَ بِبَلَدٍ كَيَوْمَيْنِ إنْ خَرَجَ حِينَئِذٍ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يُقْبَضُ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ نِصْفُ شَهْرٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَا بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ فَإِنْ انْخَرَمَ، وَاحِدٌ مِنْهَا وَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَنْ يُشْتَرَطَ قَبْضُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ الثَّالِثُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ الْخُرُوجُ فَوْرًا الرَّابِعُ أَنْ يَعْزِمَا عَلَى السَّفَرِ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ لِلْبَرِّ أَوْ الْوُصُولِ لِلْبَحْرِ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِبَرٍّ أَوْ بِبَحْرٍ بِغَيْرِ رِيحٍ كَالْمُنْحَدَرَيْنِ لِيُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَافَرَ بِالرِّيحِ كَالْمُقْلِعَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ حِينَئِذٍ إذْ قَدْ يَحْصُلُ الْوُصُولُ فِي أَقَلّ مِنْ يَوْمٍ فَيَكُونُ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ، وَالشُّرُوطُ تُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ إذَا تُؤُمِّلَ (ص) وَالْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ، وَتَمَّمَ الْمُنْكَسِرَ مِنْ الرَّابِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ إذَا وَقَعَ مُؤَجَّلًا إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَإِنَّ الشَّهْرَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ يُحْسَبَانِ بِالْأَهِلَّةِ، وَسَوَاءٌ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ، وَأَمَّا الشَّهْرُ الْأَوَّلُ الْمُنْكَسِرُ فَإِنَّهُ يُكَمَّلُ مِنْ الشَّهْرِ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْعِدَدِ وَالْأَيْمَانِ، وَالْأَكْرِيَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَإِلَى رَبِيعٍ حَلَّ بِأَوَّلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرِ رَبِيعٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَيَحِلُّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ فَيَحِلُّ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَاقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ عَلَى الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلْمُسْلِمِ حَيْثُ طَلَبَهُ، وَأَمَّا إنْ قَالَ أَقْضِيك سَلَمَك فِي رَبِيعٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَفْسُدُ بِذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِاحْتِمَالِ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ، وَآخِرِهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَفَسَدَ فِيهِ عَلَى   [حاشية العدوي] فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْأَجَلُ الْحَصَادُ، وَالدِّرَاسُ أَوْ يَقُولُ إلَى الْحَصَادِ، وَالدِّرَاسِ قُلْت ظَاهِرُ نَصِّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الثَّانِي لِأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا بَاعَهُ إلَى الصَّيْفِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ مِمَّنْ يَعْرِفَانِ الْحِسَابَ، وَيَعْرِفَانِ أَوَّلَ الصَّيْفِ، وَآخِرَهُ فَيَحِلُّ بِأَوَّلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِمَّنْ يَعْرِفَانِ الْحِسَابَ، وَإِنَّمَا الصَّيْفُ عِنْدَهُمَا شِدَّةُ الْحَرِّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ، وَالْجِذَاذِ فَيَحِلُّ فِي مُعْظَمِهِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ أَنْ يُشْتَرَطَ قَبْضُهُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ حَاصِلَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قُبِضَ بِبَلَدٍ كَيَوْمَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَحِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا اشْتَرَطَ الْخُرُوجَ حِينَئِذٍ دَلَّ عَلَى مُلَاحَظَةِ التَّعْجِيلِ فَيَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُمَا اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ) أَيْ ذَهَابًا فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِمَسَافَتِهِمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِنِصْفِ شَهْرٍ لِمَظِنَّةِ اخْتِلَافِ أَسْوَاقِ الْبَلَدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا بِالْفِعْلِ، وَلَا يَكْفِي دُونَ الْيَوْمَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ السُّوقُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ الْخُرُوجُ فَوْرًا) لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ أَنَّ الْخُرُوجَ مُتَأَكَّدٌ فَالنَّظَرُ لَهُ يَكُونُ مِنْ حَيْثُ شَرْطُهُ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَعْزِمَا إلَخْ) لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْعَجَلَةِ فَيَنْتَقِلُ مِنْهَا إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَزْمِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَالَبَانِ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ حَالًا، وَلَكِنْ إذَا خَرَجَا فَلَا بُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَعْزِمَا عَلَى السَّفَرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الرَّابِعُ أَنْ يَخْرُجَا لِلسَّفَرِ حَالًا فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنْ يَعْزِمَا بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ، وَهَلَّا كَفَى الْخُرُوجُ قُلْت، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ يَخْرُجُونَ لِخَارِجِ الْبَلَدِ، وَيَمْكُثُونَ كَأَنْ يَخْرُجُوا إلَى بِرْكَةِ الْحَاجِّ مَثَلًا، وَيَمْكُثُونَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ مَا يَقْرُبُ لَهُ، وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْأَجَلُ نِصْفَ شَهْرٍ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ) قَالَ الزَّرْقَانِيُّ اُنْظُرْ لِمَ لَا يُقَالُ إذَا وَصَلَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ الْمَطْلُوبَةُ، وَهِيَ يَوْمَانِ أَوْ أَكْثَرُ. اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ رُخْصَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخُرُوجِ، وَلَا يَكْفِي الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَمَا لَا يَكْفِي شَرْطُ الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ، وَإِذَا حَصَلَ عَائِقٌ عَنْ الْخُرُوجِ، وَرُجِيَ انْكِشَافُهُ انْتَظَرَهُ، وَالْأَخِيرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْفَسْخِ، وَالْبَقَاءُ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَانْظُرْ إذَا تَرَكَ الْخُرُوجَ مِنْ غَيْرِ عَائِقٍ أَوْ خَرَجَ، وَوَصَلَ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ شب إلَّا أَنَّ عب اسْتَظْهَرَ الصِّحَّةَ فِي هَذَا الثَّانِي، وَيُمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ ابْتِدَاءً بِرِيحٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ يَعْنِي إنْ عَقَدَ السَّلَمَ إلَخْ) وَتُحْسَبُ كُلُّهَا بِالْأَهِلَّةِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِهَا، وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ الرَّابِعِ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا جَمْعٌ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنْ يُتَمِّمَ الْمُنْكَسِرَ مِمَّا يَلِيهِ، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلنَّقْلِ يُؤَدِّي إلَى تَكْرَارِ الْكَسْرِ فِي كُلِّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَشْهُرِ، وَالْأَصْلُ أَنْ يُتَمِّمَ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ فَيُؤَدِّيَ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَجَلِ الْمُشْتَرَطِ حَيْثُ كَانَتْ الْأَشْهُرُ نَاقِصَةً (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْعِدَدِ) جَمْعُ عِدَّةٍ فَمَنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ تُعْتَبَرُ الْأَهِلَّةُ، وَتَمَّمَ الْمُنْكَسِرَ، وَمِثْلُهُ الْأَيْمَانُ فَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَتُعْتَبَرُ الْأَهِلَّةُ، وَتَمَّمَ الْمُنْكَسِرَ، وَقَوْلُهُ وَالْأَكْرِيَةَ فَإِذَا اكْتَرَى دَارًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَتُعْتَبَرُ الْأَهِلَّةُ، وَتَمَّمَ الْمُنْكَسِرَ (قَوْلُهُ وَإِلَى رَبِيعٍ حَلَّ بِأَوَّلِهِ) أَيْ بِأَوَّلِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جُمَادَى، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَالَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ أَوْ جُمَادَى الْأَوَّلُ بَلْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ لِرَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَجُمَادَى الْأَوَّلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعِيدِ فَمَا أَدَقُّ نَظَرَهُ حَيْثُ مَثَّلَ بِرَبِيعٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْبَرُ) أَيْ بَلْ لِمَا تَمْضِي اللَّيْلَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 الْمَقُولِ) وَعِنْدَ ابْنِ زَرْبٍ لَا يَفْسُدُ، وَيُحْكَمُ بِالشَّهْرِ كُلِّهِ كَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَالِكٍ فِي الْيَمِينِ، وَبِعِبَارَةٍ، وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ. وَقَالَ الصَّفَاقُسِيُّ لَا أَعْلَمُ لَهُمَا فِيهِ سَلَفًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَقْضِيهِ فِي وَسَطِهِ، وَمِثْلُهُ الْعَامُ (ص) لَا فِي الْيَوْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أُوفِيك سَلَمَك فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِي الْيَوْمِ، وَيُحْمَلُ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِهِ (ص) وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا بِعَادَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ مِنْ كَيْلٍ فِيمَا يُكَالُ كَالْحِنْطَةِ أَوْ وَزْنٍ كَاللَّحْمِ، وَنَحْوِهِ أَوْ عَدَدٍ كَالرُّمَّانِ، وَالتُّفَّاحِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَقَوْلُهُ بِعَادَتِهِ أَيْ عَادَةِ أَهْلِ مَحَلِّهِ أَيْ مَحَلِّ الْعَقْدِ، وَبِعِبَارَةٍ، وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَيْلٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ (كَالرُّمَّانِ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْوَزْنِ، وَالْعَدَدِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلَّاتِ (ص) وَقِيسَ بِخَيْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ إذَا وَقَعَ عَلَى مَا يُعَدُّ فِي الْعَادَةِ كَالرُّمَّانِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَاسَ بِخَيْطٍ، وَيُوضَعَ عِنْدَ أَمِينٍ فَإِنْ ضَاعَ جَرَى عَلَى مَا يَأْتِي فِي الذِّرَاعِ حَيْثُ تَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهُ كَذَا يَنْبَغِي، وَلَا يَتَقَيَّدُ اعْتِبَارُ الْقِيَاسِ فِي الرُّمَّانِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْدُودًا بَلْ، وَلَوْ مَوْزُونًا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالصِّغَرِ، وَالْكِبَرِ، وَقَوْلُهُ (وَالْبَيْضِ) عَطْفٌ عَلَى الرُّمَّانِ أَيْ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ عَدَدًا أَيْ وَقِيسَ بِخَيْطٍ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (ص) أَوْ بِحَمْلٍ أَوْ جُرْزَةٍ فِي كَقَصِيلٍ لَا بِفَدَّانٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ إذَا وَقَعَ عَلَى مَا يُعَدُّ فِي الْعَادَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا، وَعُطِفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ إذَا كَانَ فِي مِثْلِ الْقَضْبِ، وَالْقُرْطِ، وَالْبُقُولِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِهِ أَيْضًا، وَيَكُونُ ضَبْطُهُ بِالْأَحْمَالِ بِأَنْ يُقَاسَ بِحَبْلٍ، وَيُقَالُ أَسْلَمْتُك فِيمَا يَسَعُ هَذَا، وَيُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ أَوْ بِالْجُرُزِ، وَهِيَ الْقَبْضُ، وَالْحُزَمِ، وَالْقَضْبِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْعُشْبُ الْيَابِسُ، وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَقْضِبُ أَيْ يُقْطَعُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ فَدَّادِينَ مَعْرُوفَةٍ بِصِفَةِ طُولٍ أَوْ عَرْضٍ، وَجَوْدَةٍ أَوْ رَدَاءَةٍ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ، وَلَا يُحَاطُ بِصِفَتِهِ، وَلَا يَكُونُ السَّلَمُ فِي هَذَا إلَّا عَلَى الْأَحْمَالِ، وَالْحُزَمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي الْقَصِيلِ فَدَادِينَ لَا بُدَّ أَنْ يَحُدَّهُ فَيُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ فِي مُعَيَّنٍ (ص) أَوْ بِتَحَرٍّ، وَهَلْ بِقَدْرِ كَذَا أَوْ يَأْتِي بِهِ، وَيَقُولُ كَنَحْوِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) عَطْفٌ عَلَى بِعَادَتِهِ فَالتَّحَرِّي جَائِزٌ، وَلَوْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ لَا عَلَى كَيْلٍ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ الْعَادَةِ قَالَ فِيهَا، وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي اللَّحْمِ، وَزْنًا مَعْرُوفًا وَإِنْ اشْتَرَطَ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا جَازَ إذَا كَانَ لِذَلِكَ قَدْرٌ قَدْ عَرَفُوهُ لِجَوَازِ بَيْعِ اللَّحْمِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ تَحَرِّيًا، وَالْخُبْزِ بِالْخُبْزِ تَحَرِّيًا، وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي صُورَةِ التَّحَرِّي الْجَائِزَةِ فَقِيلَ هِيَ أَنْ يَقُولَ لَهُ آخُذُ مِنْك كُلَّ يَوْمٍ مَا إذَا تَحَرَّى كَانَ، وَزْنُهُ كَرِطْلٍ أَوْ رِطْلَيْنِ مَثَلًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ مَعْنَاهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ قَدْرًا مِنْ اللَّحْمِ، وَيَقُولُ آخُذُ مِنْك كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّفَاقُسِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ، وَضَمِّ الْقَافِ نِسْبَةً لِصَفَاقُسَ بَلْدَةً بِأَفْرِيقِيَّةَ عَلَى الْبَحْرِ شُرْبُهُمْ مِنْ الْآبَارِ أَفَادَهُ الْقَامُوسُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَيَقْضِيهِ مِنْ وَسَطِهِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيُحْكَمُ بِالشَّهْرِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ بِعَادَتِهِ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِ) أَيْ وَيَكُونُ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ فَوَافَقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِخَيْطٍ) أَيْ اُعْتُبِرَ قِيَاسُهُ بِالْخَيْطِ لَا إنَّهُ يُقَاسُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ النَّقْلُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْبِيضِ قَيْسُهُ بِخَيْطٍ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ إذَا قُيِّدَ بِقَيْدٍ فَإِنَّ الْقَيْدَ يَرْجِعُ لِلْمَعْطُوفِ أَيْضًا بِاتِّفَاقٍ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ، وَرُدَّ بِأَنَّ السَّعْدَ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا جَرَى قَيْدٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ جَرَيَانُهُ فِي الْمَعْطُوفِ (قَوْلُهُ أَوْ جُرَزَةٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ جَمْعُهُ جُرُزٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالرَّاءِ أَوْ بِفَتْحِهَا، وَقَوْلُهُ كَقَصِيلٍ مَا يُقْصَلُ أَيْ يُرْعَى (قَوْلُهُ وَعُطِفَ هَذَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا يُعَدُّ أَيْ عَلَى صِفَتِهِ، وَهِيَ عَدَدٌ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى بِعَادَةٍ، وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ أَوْ الْجُرَزَةِ، وَالْعَادَةُ الْجَارِيَةُ بِبَيْعِهِ بِالْفَدَّانِ لَا عِبْرَةَ بِهَا أَوْ أَنْ يَجْعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ كَيْلٍ، وَتَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِحَمْلٍ بِمَعْنَى مِنْ لِأَنَّ الْمَعَاطِيفَ إذَا لَمْ تَكُنْ بِحَرْفٍ مُرَتَّبِ تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ نَعَمْ يَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَمْلَ وَالْجُرَزَةَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَادَةِ أَصْلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْقَبْضُ) فِعْلٌ جَمْعُ قُبْضَةٍ بِضَمِّ الْقَافِ لِأَنَّ الضَّمَّ لُغَةً (قَوْلُهُ الْعُشْبُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ الْعُشْبُ الْيَابِسُ لَا يُنَاسِبُهُ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ) هَذَا فِي الْمَعْنَى عِلَّةٌ أُخْرَى لَا أَنَّهَا نَفْسُ الْأُولَى، وَلَا بَيَانٌ لَهَا (قَوْلُهُ وَهَلْ يُقَدَّرُ كَذَا) أَيْ وَهَلْ مَعْنَى التَّحَرِّي أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك مَا إذَا تَحَرَّى كَانَ مُلْتَبِسًا بِقَدْرِ كَذَا أَيْ آخُذُ مِنْك قَدْرَ كَذَا تَحَرِّيًا لَا تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ أَوْ يَأْتِي بِهِ) أَيْ بِالْقَدْرِ لَا قَدْرِ كَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّحَرِّيَ جَائِزٌ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ آلَةِ الْوَزْنِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ عَدَمِ آلَةِ الْوَزْنِ. (قَوْلُهُ وَزْنًا مَعْرُوفًا) أَيْ كَقِنْطَارَيْنِ مِنْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أُسَلِّمُك فِي عَشَرَةِ أَرْطَالِ رُمَّانٍ كُلَّ رُمَّانَةٍ لَوْ تَحَرَّيْت كَانَتْ رِطْلًا فَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَ لِذَلِكَ الْمُتَحَرِّي قَدْرٌ قَدْ عَرَفُوا وُجُودَهُ، وَتَحَرَّوْا بِقَدْرِهِ (قَوْلُهُ مَا إذَا تَحَرَّى) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَوْ وُزِنَ (قَوْلُهُ كَانَ وَزْنُهُ كَرِطْلٍ) أَيْ آخُذُ مِنْك مِائَةَ رِطْلٍ كُلَّ يَوْمٍ آخُذُ قَدْرًا لَوْ تَحَرَّى لَكَانَ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ قَدْرًا مِنْ اللَّحْمِ) أَيْ مَثَلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ بِقَدْرٍ كَحَجَرٍ، وَيَقُولُ أُسَلِّمُك فِي قَدْرِهِ مِنْ اللَّحْمِ وَزْنًا أَوْ جِرْمًا وَإِذَا أَسْلَمَهُ فِي قَدْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى عِنْدَ حُصُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّهُ يُمَاثِلُهُ فِي الْوَزْنِ لَا أَنَّهُ يُوزَنُ بِالْفِعْلِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 هَذَا، وَيَشْهَدُ عَلَى الْمِثَالِ، وَأَمَّا عَلَى التَّحَرِّي فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ إدْرَاكَ الصَّوَابِ بِتَحَرِّي مَوْجُودٍ يُشَارُ إلَيْهِ حِسًّا أَقْرَبُ مِنْ إدْرَاكِهِ مُشَارًا إلَيْهِ فِي الذِّهْنِ مَوْصُوفًا (ص) وَفَسَدَ بِمَجْهُولٍ، وَإِنْ نَسَبَهُ أُلْغِيَ (ش) أَيْ وَفَسَدَ السَّلَمُ إنْ ضُبِطَ بِمَجْهُولٍ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ كَمِلْءِ وِعَاءٍ، وَوَزْنِ حَجَرٍ وَذَرْعٍ بِعَصَا عَشَرًا بِدِينَارٍ فَإِنْ نُسِبَ الْمَجْهُولُ لِلْمَعْلُومِ أُلْغِيَ الْمَجْهُولُ، وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ بِأَنْ قَالَ أُسَلِّمُك فِي مِلْءِ هَذِهِ الْوِعَاءِ كَذَا كَذَا مَرَّةً، وَهُوَ إرْدَبٌّ أَوْ فِي إرْدَبٍّ، وَهُوَ مِلْءُ هَذَا الْوِعَاءِ كَذَا كَذَا مَرَّةً فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْإِرْدَبُّ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى مِلْءِ الْوِعَاءِ أَوْ نَقَصَ، وَيُلْغَى الْوِعَاءُ، وَالسَّلَمُ صَحِيحٌ (ص) وَجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ (ش) أَيْ وَجَازَ ضَبْطُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُقَاسُ بِذِرَاعٍ أَيْ بِعَظْمِ ذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَيْ مَعَ رُؤْيَةِ الذِّرَاعِ، وَمُشَاهَدَتِهِ، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ عَظْمِ الْمِرْفَقِ إلَى آخِرِ الْكُوعِ كَمَا فِي سُتْرَةِ الْمُصَلِّي أَوْ إلَى آخِرِ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ، وَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ الرَّجُلُ فَقَالَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ يُحْمَلَانِ عَلَى ذِرَاعِ، وَسَطٍ أَصْبَغُ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ {تَنْبِيهٌ} إذَا خِيفَ غَيْبَةُ ذِي الذِّرَاعِ أُخِذَ قَدْرُ ذِرَاعِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ فَلَوْ دُفِنَ قَبْلَ أَخْذِ قِيَاسِ ذِرَاعِهِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ قُرْبَ الْعَقْدِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا، وَعِنْدَ حُلُولِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إنْ أَشْبَهَ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الْمُسْلِمِ إنْ أَشْبَهَ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى ذِرَاعٍ وَسَطٍ (ص) كَوَيْبَةٍ وَحَفْنَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ أَيْ كَجَوَازِ السَّلَمِ فِي وَيْبَةٍ مَعَ حَفْنَةِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ فِي الْحَفْنَةِ إذَا أَرَاهُ إيَّاهَا، وَالْمُرَادُ بِالْحَفْنَةِ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ مَعًا كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ لَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّهَا مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ (ص) وَفِي الْوَيْبَاتِ وَالْحَفَنَاتِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي وَيْبَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، وَشَرَطَ لِكُلِّ وَيْبَةٍ حَفْنَةً هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ، وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا هُوَ نَقْلُ عِيَاضٍ عَنْ الْأَكْثَرِ وَسَحْنُونٍ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَعَدَمِهِ، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ الْحَفَنَاتُ عَلَى الْوَيْبَاتِ، وَإِلَّا فَيَتَّفِقُ عَلَى الْمَنْعِ (ص) وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً كَالنَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَبَيْنَهُمَا (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ، وَهُوَ أَنْ تُبَيَّنَ أَوْصَافُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا قِيمَتُهُ عِنْدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ اخْتِلَافًا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً يَجِبُ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنْ يُبَيِّنَا ذَلِكَ كَالنَّوْعِ فِي كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ، وَكَذَا الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ، وَالتَّوَسُّطُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْبَيْنِيَّةِ فَهُوَ ظَرْفٌ سَاكِنُ الْيَاءِ، وَزَعْمُ أَنَّهُ بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ لَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْمُتَيْطِيِّ، وَيُصَيِّرُهُ مُكَرَّرًا مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ إلَخْ، وَعَبَّرَ بِالْقِيمَةِ عَنْ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَخْتَلِفُ إلَّا بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، وَفُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالسَّلَمِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ عَلَى الْمِثَالِ) أَيْ الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الْقَدْرُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى التَّحَرِّي) أَيْ وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى التَّحَرِّي كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ بِتَحَرِّي مَوْجُودٍ) أَيْ بِتَحَرِّي شَيْءٍ مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ أَقْرَبُ مِنْ إدْرَاكِهِ) أَيْ إدْرَاكِ الصَّوَابِ بِشَيْءٍ مُشَارٍ إلَيْهِ فِي الذِّهْنِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسَبَهُ أُلْغِيَ) أَيْ وَإِنْ نُسِبَ الْمَجْهُولُ لِلْمَعْلُومِ أُلْغِيَ الْمَجْهُولُ أَيْ جَعَلَهُ لَهُ مُسَاوِيًا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَسْلَمْتُك فِي إرْدَبٍّ، وَهُوَ مِلْءُ كَذَا فِيهِ مُسَاوَاةُ الْمَجْهُولِ بِالْمَعْلُومِ، وَقَوْلُهُ أَيْ مَعَ رُؤْيَةِ الذِّرَاعِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّجُلِ مَعْرِفَةُ ذِرَاعِهِ فَإِنْ قُلْت مَا الْمُحْوِجُ إلَى جَعْلِ مُعَيَّنٍ صِفَةً لِرَجُلٍ، وَهَلَّا جُعِلَ صِفَةً لِذِرَاعٍ، وَكُنَّا فِي غُنْيَةٍ عَنْ هَذِهِ الْكُلْفَةِ قُلْت، وَجْهُهُ أَنَّ الذِّرَاعَ مُؤَنَّثَةٌ فَلَا تُوصَفُ بِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي جَعَلَ ذِرَاعًا يَتَبَايَعُ بِهِ النَّاسُ فَإِنْ نَصَبَهُ وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْمِكْيَالِ الْمَعْرُوفِ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ) أَيْ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ) أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ إذَا خِيفَ غَيْبَةَ ذِي الذِّرَاعِ) أَقُولُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا يُطْلَبَانِ بِأَخْذِ قِيَاسِ الذِّرَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ غَيْبَةُ ذِي الذِّرَاعِ (قَوْلُهُ أُخِذَ قَدْرُ ذِرَاعِهِ) قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ اتَّفَقَا عَلَى جَعْلِ قِيَاسِهِ بِيَدِ عَدْلٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِيَاسَهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا، وَتَفَاسَخَا) أَيْ وَلَا يُنْبَشُ عَلَيْهِ، وَيُقَاسُ ذِرَاعُهُ، وَلَوْ قَرُبَ دَفْنُهُ، وَيَجْرِي نَحْوُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا إذَا ضَاعَ الْقِيَاسُ، وَتَعَذَّرَ قِيَاسُ ذِرَاعِ الرَّجُلِ، وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ حُلُولِهِ، وَأَمَّا بَيْنَهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعِنْدَ حُلُولِهِ (قَوْلُهُ مَعَ حَفْنَةِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْيِينِ الرَّجُلِ تَعْيِينُ الْحَفْنَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ اسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ إرَاءَةِ الْحَفْنَةِ بِالتَّشْبِيهِ بِمُعَيَّنِ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْحَفْنَةِ، وَيُقْضَى بِحَفْنَةٍ غَالِبَةٍ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ، وَقَوْلُهُ وَعَدَمُهُ أَيْ فَيُمْنَعُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَيْبَاتِ وَالْحَفَنَاتِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ يَجْرِي فِي ثَلَاثِ، وَيْبَاتٍ مَثَلًا، وَحَفَنَاتٍ، وَقِسْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالنَّوْعِ) يَحْتَمِلُ حَقِيقَةً كَالْإِنْسَانِ، وَالْفَرَسِ، وَيَحْتَمِلُ الصِّنْفَ كَرُومِيٍّ وَحَبَشِيٍّ، وَهُوَ أَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ) أَيْ يَغْلِبُ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، وَقَوْلُهُ وَعَبَّرَ بِالْقِيمَةِ جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ الْمَنْظُورُ لَهُ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ لَا اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ اخْتِلَافَ الْقِيمَةِ يَسْتَلْزِمُ اخْتِلَافَ الْأَغْرَاضِ فَأَطْلَقَ الْمَلْزُومَ، وَأُرِيدَ اللَّازِمُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَغْرَاضِ يَتْبَعُهُ الْأَثْمَانُ لَا تَتْبَعُهُ الْقِيَمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مَنْظُورٌ فِيهَا لِلذَّاتِ (قَوْلُهُ وَفُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ تُبَيَّنُ الصِّفَةُ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِ الْأَغْرَاضُ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَلَا تُبَيَّنُ الصِّفَةُ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بِسَبَبِهَا فَحِينَئِذٍ السَّلَمُ أَوْسَعُ مِنْ بَيْعِ النَّقْدِ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِي السَّلَمِ بَيَانُ الصِّفَةِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 الْإِضْرَابِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْصَافِ مَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ، وَلَا يَنْعَكِسُ لِأَنَّ السَّلَمَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ التَّعَرُّضُ لِلصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ بِالسَّلَمِ مُبْطِلًا لَهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الصِّفَاتُ مَعْلُومَةً لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَنَّهُ مَتَى اخْتَصَّا بِعِلْمِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى نُدُورِهَا، وَالنُّدُورُ يَقْتَضِي عِزَّةَ الْوُجُودِ، وَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا (ص) وَاللَّوْنُ فِي الْحَيَوَانِ (ش) أَيْ وَيَزِيدُ اللَّوْنُ فِي الْحَيَوَانِ، وَلَوْ طَيْرًا كَشَدِيدِ السَّوَادِ أَوْ أَحْمَرَ مَثَلًا، وَتَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ تَعَقُّبِهِ لَهُ بِقَوْلِ سَنَدٍ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَنَا اللَّوْنُ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَازِرِيُّ غَيْرَهُ، وَتَقْدِيرُ وَيَزِيدُ اللَّوْنُ فِي الْحَيَوَانِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ، وَيُذْكَرُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ (ص) وَالثَّوْبِ (ش) أَيْ وَيَزِيدُ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُ اللَّوْنِ فِي الثَّوْبِ مِنْ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَوْنُهُ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ، وَيُبَيِّنُ طُولَهُ، وَقِصَرَهُ، وَغِلَظَهُ وَرِقَّتَهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَالْأَثْمَانُ (ص) وَالْعَسَلِ، وَمَرْعَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي الْعَسَلِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ عَلَى بَيَانِ النَّوْعِ مِنْ كَوْنِهِ مِصْرِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَبَيْنَهُمَا، وَخَاثِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَافِيًا، وَيُبَيِّنُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مَرْعَاهُ قُرْطًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالْإِضَافَةُ فِي مَرْعَاهُ مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ أَوْ الْأَصْلِ إلَى الْفَرْعِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَرْعَى نَحْلِهِ قُرْطًا أَوْ غَيْرَهُ (ص) وَفِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ (ش) أَيْ وَيَزِيدُ النَّوْعُ فِي التَّمْرِ، وَالْحُوتِ بَعْدَ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ فَالنَّوْعُ فِي التَّمْرِ صَيْحَانِيٍّ أَوْ بَرْنِيِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَبَيْنَهُمَا، وَفِي الْحُوتِ كَبَيَاضٍ وَبُلْطِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ وَبَيْنَهُمَا، وَالثَّمَرُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَحْسَنُ لِيَعُمَّ الرُّطَبَ، وَالْيَابِسَ، وَالنَّخْلَ، وَغَيْرَهُ كَالْخَوْخِ، وَالْحُوتُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ السَّمَكِ (ص) وَالنَّاحِيَةِ وَالْقَدْرِ (ش) أَيْ وَيَزِيدُ النَّاحِيَةَ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنْهُمَا كَكَوْنِ الثَّمَرِ مَدَنِيًّا أَوْ أَلْوَاحِيًّا أَوْ بُرُلُّسِيًّا، وَالْحُوتُ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مِلْحٍ أَوْ مِنْ بِرْكَةِ الْفَيُّومِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَزِيدُ الْقَدْرَ فِي الثَّمَرِ، وَفِي الْحُوتِ كَكَوْنِهِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ وَسَطًا (ص) وَفِي الْبُرِّ، وَجِدَّتِهِ، وَمِلْئِهِ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَيَوَانِ أَيْ وَيُبَيِّنُ الْأَوْصَافَ فِي الْبُرِّ الْمُتَقَدِّمَةَ كَنَوْعِهِ، وَجَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ، وَكَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا، وَلَوْنُهُ مِنْ كَوْنِهِ أَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ، وَيَزِيدُ جِدَّتَهُ أَوْ قِدَمَهُ، وَمِلْأَهُ أَوْ ضَامِرَهُ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا حَيْثُ يُرَادُ الضَّامِرُ لِلزِّرَاعَةِ لَا لِلْأَكْلِ لِقِلَّةِ رِيعِهِ، وَعَكْسُهُ الْمُمْتَلِئُ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الثَّمَنُ بِهِمَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ هُنَا، وَضِدَّيْهِمَا   [حاشية العدوي] مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَفْهُومًا مِنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَوْصَافَ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ فِي السَّلَمِ تُبَيَّنُ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا الْأَغْرَاضُ فِي السَّلَمِ فَلَا تُبَيَّنُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ بِهَا الْأَغْرَاضُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ بِالسَّلَمِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ التَّعَرُّضُ أَيْ بَلْ التَّعَرُّضُ لِبَعْضِ الصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ فِي بَابِ السَّلَمِ مُبْطِلٌ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ كَأَنْ يُسَلِّمَهُ عَلَى لُؤْلُؤَةٍ قَدْرَ بِطِّيخَةٍ وَقَوْلُهُ فِي بَابِ السَّلَمِ أَيْ وَأَمَّا بَابُ الْبَيْعِ فَلَا يُؤَدِّي لِبُطْلَانِهَا لِكَوْنِهِمَا يَعْقِدَانِ عَلَى شَيْءٍ ثَبَتَ لَهُ وُجُودٌ بِالْفِعْلِ، وَنُدُورُهُ لَا يَضُرُّ حِينَئِذٍ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا بَيْعُ النَّقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ بَعْدَ وُجُودِهِ فَلَا يَضُرُّ حِينَئِذٍ نُدُورُهُ كَمَا قُلْنَا نَعَمْ يُقَالُ إنَّ هَذَا يَنْتِجُ ضِيقَ بَابِ السَّلَمِ عَلَى بَيْعِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَتَى اخْتَصَّا بِعِلْمِهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ يَعْلَمُ وُجُودَهَا الْمُتَعَاقِدَانِ دُونَ غَيْرِهِمَا يَكُونُ وُجُودُهَا نَادِرًا، وَحَيْثُ يَكُونُ نَادِرًا فَمِنْ الْجَائِزِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ الْآنَ لِكَوْنِهِ يَعْلَمُهُ أَنْ يَتَعَذَّرَ وُجُودُهُ بَعْدُ فَيُؤَدِّيَ لِلنِّزَاعِ، وَمَتَى أَدَّى لِلنِّزَاعِ فَقَدْ أَدَّى لِلْغَرَرِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْمَرَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلُهُ كَشَدِيدِ السَّوَادِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ كَكَوْنِهِ أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ (قَوْلُهُ مَعَ تَعَقُّبِهِ لَهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ بَلْ أَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَعَضَّدَهُ بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّ اللَّوْنَ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى الْمَازِرِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اللَّوْنَ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْخَيْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى مُحَشِّي تت فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ: قَوْلُ سَنَدٍ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَنَا الظَّاهِرُ مِنْهُ فِي بَلَدِنَا فَيَكُونُ مُشِيرًا إلَى أَنَّ هَذَا مِمَّا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ، وَأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأَغْرَاضُ تَلْتَفِتُ لِأَلْوَانِ الْحَيَوَانَاتِ كَاحْمِرَارِ الْجَمَلِ أَوْ اسْوِدَادِ الْخَيْلِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ قُطْنٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيَانِ اللَّوْنِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَمَّا مَرَّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ بَيَانٌ لِلنَّوْعِ، وَقَوْلُهُ وَيُبَيَّنُ إلَخْ هَذِهِ أَوْصَافٌ رَاجِعَةٌ لِلْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى النَّوْعِ، وَالْمَعْنَى عَلَى بَيَانِ النَّوْعِ، وَعَلَى بَيَانِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (وَكَوْنِهِ خَاثِرًا إلَخْ) وَفِيهِ أَنْ يُرْجَعَ لِلْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَصْلِ إلَى الْفَرْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْمَعْنَى مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَبَبٌ وَالْفَرْعَ مُسَبَّبٌ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَزِيدُ النَّوْعُ فِي التَّمْرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ النَّوْعَ مِنْ الَّذِي مَرَّ، وَقَوْلُهُ وَالْجَوْدَةِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى صَيْحَانِيٍّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَيُفِيدُ أَنَّ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ مِنْ النَّوْعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ وَالْجَوْدَةُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ النَّوْعُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ وَيَزِيدُ النَّوْعُ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْحُوتِ مَعْطُوفٌ عَلَى التَّمْرِ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَشْتِيتًا (قَوْلُهُ وَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيَاضٍ وَبُلْطِيٍّ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ النَّوْعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مِلْحٍ) يَرْجِعُ لِلْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ قَوْلِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْجِدَّةَ وَالِامْتِلَاءَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِمَا الثَّمَنُ دَائِمًا مَعَ أَنَّ كُلًّا تَارَةً يَخْتَلِفُ بِهِ مَعَ مُقَابِلِهِ، وَتَارَةً لَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 وَقَالَهُ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ لَا يُسْلَمَ فِي الْعَتِيقِ، وَالضَّامِرِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ أَوْ يُقَالُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْجَدِيدِ، وَمُقَابِلُهُ، وَالْمُمْتَلِئُ، وَمُقَابِلُهُ فَيَكُونُ مُفِيدًا لِلضِّدِّ فَالْمِلْءُ كِبَرُ الْحَبَّةِ، وَالضُّمُورُ صِغَرُ الْحَبَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِلْأَهُ وَفَارِغَهُ لِأَنَّ الْفَارِغَ لَا يُسْلَمُ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ قَمْحًا طَيِّبًا، وَلَمْ يَزِدْ جَيِّدًا فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْفَسَادُ لِأَنَّ الْجَيِّدَ أَخَصُّ مِنْ الطَّيِّبِ (ص) وَسَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ بِبَلَدِهِمَا بِهِ (ش) الْمَحْمُولَةُ هِيَ الْبَيْضَاءُ، وَالسَّمْرَاءُ غَيْرُ الْبَيْضَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ، وَفِي الْبَلَدِ مَحْمُولَةٌ، وَسَمْرَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَسَدَ السَّلَمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْبُتَا بِذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ يُحْمَلَا إلَيْهِ كَمَكَّةَ، وَرَأَى ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَا يُحْمَلَانِ إلَيْهِ لَمْ يَفْسُدْ بِتَرْكِ بَيَانِهِ الْبَاجِيُّ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ بِالْحَمْلِ (ش) وَحِكَايَةُ خِلَافِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي بَلَدِ الْحَمْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ، وَعَكْسُهَا لِابْنِ يُونُسَ فَحَكَى خِلَافًا فِي النَّبْتِ نَبَّهَ عَلَى اخْتِلَافِ الطَّرِيقَتَيْنِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ (ص) بِخِلَافِ مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ، وَالشَّامُ فَالسَّمْرَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ بِمِصْرَ أَوْ بِالشَّامٍ، وَلَمْ يُسَمِّ لَا مَحْمُولَةً، وَلَا سَمْرَاءَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ السَّلَمَ صَحِيحٌ فِيهِمَا، وَيُقْضَى فِي مِصْرَ بِالْمَحْمُولَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَقْتَضِي بِهَا، وَيُقْضَى فِي الشَّامِ بِالسَّمْرَاءِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي بِهَا، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ لَا فِي زَمَانِنَا الْآنَ فَإِنَّهُمَا مَوْجُودَانِ بِكُلٍّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ فِي الْبَلَدَيْنِ، وَانْظُرْ لِمَ ذَكَرَ الْمَحْمُولَةَ وَالسَّمْرَاءَ مَعَ دُخُولِهِمَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ كَالنَّوْعِ لِأَنَّهُمَا نَوْعَا الْبُرِّ فَإِنْ قُلْت ذَكَرَهُمَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمَا بِهِ قُلْنَا، وَكَذَا لَا يُبَيَّنُ النَّوْعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا حَيْثُ يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي بَلَدِ السَّلَمِ نَوْعَانِ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبُرِّ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ السَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ عَلَى أَفْرَادِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَيَانِ النَّوْعِ بَيَانُ الْفَرْدِ الْمُرَادِ مِنْهُ، وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَمَّا يُقَالُ ذِكْرُ اللَّوْنِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجَوْدَةُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَ مَا يُسْلَمُ فِيهِ مِنْ أَفْرَادِ السَّمْرَاءِ أَوْ أَفْرَادِ الْمَحْمُولَةِ (ص) وَنَفْيِ الْغَلِثِ (ش) أَيْ وَقُضِيَ بِانْتِفَاءِ الْغَلَثِ أَيْ وَقُضِيَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ قَمْحًا مَثَلًا غَيْرَ غَلَثٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ وَنَقِيٍّ أَوْ غَلَثٍ لِأَنَّ عَلَيْهَا يَكُونُ بَيَانُ كَوْنِهِ نَقِيًّا أَوْ غَلِثًا شَرْطًا فَيَفْسُدُ بِانْتِفَائِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ، وَيُقْضَى بِانْتِفَائِهِ (ص) وَفِي الْحَيَوَانِ، وَسِنِّهِ، وَالذُّكُورَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَلَّ الْأَوَّلَ يُرْجِعُ الضَّمِيرَ إلَى الْجِدَّةِ وَالْمِلْءِ مَعَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا حَيْثُ يُرَادُ الضَّامِرُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْجِدَّةِ وَضِدُّهَا الْمِلْءُ وَضِدُّهُ وَأَيْضًا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ، وَالْجِدَّةُ لَا يُقَابِلُهَا الْمِلْءُ بَلْ إنَّمَا تُقَابِلُ الْقِدَمَ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَيِّدَ أَخَصُّ مِنْ الطَّيِّبِ) هَذَا فِي غَيْرِ عُرْفِ النَّاسِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَيِّدَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فَكَذَا الطِّيبُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ هَلَّا حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْجَهَالَةُ أَكْثَرُ فِي الْجَيِّدِ، وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهَا لِابْنِ يُونُسَ) الصَّوَابُ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ رَجَعَ لَهُ فِي أَنْوَارِهِ فَرُجُوعُهُ لَهُ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ بِالنَّبْتِ ثُمَّ أَقُولُ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْخِلَافِ فِي النَّبْتِ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ بَلَدَ النَّبْتِ لَمَّا كَانَ يَنْبُتُ فِيهَا الْأَمْرَانِ كَانَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ وَالْمُعْتَمَدُ لَا يُسْلَمُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) أَيْ بِقَوْلِنَا نَبَّهَ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ لِأَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ قَالَ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى اخْتِلَافِ الطَّرِيقَتَيْنِ أَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْحِجَازِ حَيْثُ تَجْتَمِعُ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ، وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسًا فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ حَتَّى يُسَمِّيَ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً، وَيَصِفُ جَوْدَتَهَا فَيَجُوزُ قَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهَذَا فِي مِثْلِ بَلَدٍ يُحْمَلُ إلَيْهِ فَأَمَّا بَلَدٌ يَنْبُتُ فِيهِ السَّمْرَاءُ أَوْ الْبَيْضَاءُ فَيُجْزِئُهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ جَيِّدًا نَقِيًّا وَسَطًا أَوْ مَغْلُوثًا وَسَطًا، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا لَا وَجْهَ لَهُ، وَسَوَاءٌ بَلَدٌ يَنْبُتُ فِيهِ الصِّنْفَانِ أَوْ يُحْمَلَانِ إلَيْهِ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَالْمَحْمُولَةُ) أَيْ يُقْضَى بِهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ فَالسَّمْرَاءُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُقْضَى بِهَا) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُهَا مَا احْتَاجَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَى قَوْلِهِ قُضِيَ بِمِصْرَ بِالْمَحْمُولَةِ، وَبِالشَّامِ بِالسَّمْرَاءِ، وَلَا مَا تَأْتِي قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ لَمْ يُسَمِّ بِمِصْرَ سَمْرَاءَ مِنْ مَحْمُولَةٍ لَمْ يَجُزْ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَفْهَمَ مِثْلَ هَذَا فِي قَوْلِهِ فِي الشَّامِ إذْ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهَا، وَلَا يَحْتَاجُ عَلَى مَا قُلْنَا إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَلَعَلَّهُ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ اعْتِذَارًا عَنْ قَوْلِهِ إذْ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهَا مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَالْمَحْمُولَةُ أَيْ فَرْدٌ مِنْهَا أَيْ فَيُبَيِّنُ الْفَرْدُ الْمَطْلُوبُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَحْمُولَةِ كَكَوْنِهَا شَدِيدَةَ الْبَيَاضِ، وَالْفَرْدُ الْمُرَادُ مِنْ أَفْرَادِ السَّوْدَاءِ كَكَوْنِهَا شَدِيدَةَ السَّوَادِ، وَقَوْلُهُ وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْ فَيُرَادُ بِالْمَحْمُولَةِ فَرْدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَفْرَادِ، وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ فِي الْجَوَابِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَنَفَى الْغَلِثَ) الْغَلِثُ مَا يُخْلَطُ بِالطَّعَامِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ لِيَكْثُرَ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ (قَوْلُهُ أَوْ غَلِثًا) بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ عَلَيْهَا إلَخْ) أَيْ وَعَلَيْهَا يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى النَّوْعِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ نَقِيًّا أَوْ غَلِثًا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَبَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَيُقْضَى بِانْتِفَائِهِ) أَيْ الْغَلِثِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْوَسَطُ، وَهَذَا حَيْثُ جُعِلَ قَوْلُهُ نَفَى مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ كَالنَّوْعِ، وَأَمَّا إنْ جُعِلَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ مِصْرَ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت عَطْفُهُ عَلَى مِصْرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِبَيَانِهِ أَصْلًا مَعَ أَنَّ بَيَانَهُ مُسْتَحْسَنٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ مِصْرَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَيَانُ الْمُتَقَدِّمُ، وَهُوَ الْبَيَانُ الَّذِي يُؤَدِّي تَرْكُهُ إلَى فَسَادِ السَّلَمِ، وَذَلِكَ صَادِقٌ بِعَدَمِ طَلَبِ الْبَيَانِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبِطَلَبِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي تَرْكُهُ لِفَسَادِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مِصْرَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلِهِ أَوْ نَقِيٌّ أَوْ غَلِثٌ مِنْ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَفِي الْحَيَوَانِ وَسِنِّهِ إلَخْ) يُسْتَغْنَى عَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 وَالسِّمَنِ، وَضِدَّيْهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي حَيَوَانٍ نَاطِقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ عَلَى بَيَانِ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ، وَبَيْنَهُمَا بَيَانُ سِنِّهِ فَيَقُولُ جَذَعٌ أَوْ مُرَاهِقٌ أَوْ بَالِغٌ أَوْ يَقُولُ سِنُّهُ سَنَتَانِ مَثَلًا، وَذُكُورَتُهُ، وَسِمَنُهُ، وَأُنُوثَتُهُ، وَهُزَالُهُ (ص) وَفِي اللَّحْمِ، وَخَصِيًّا، وَرَاعِيًا، وَمَعْلُوفًا (ش) أَيْ أَنَّهُ يَذْكُرُ مَا مَرَّ مِنْ النَّوْعِ مِنْ مَعْزٍ أَوْ غَنَمٍ، وَالْجَوْدَةَ، وَالرَّدَاءَةَ، وَبَيْنَهُمَا، وَاللَّوْنَ، وَالذُّكُورَةَ، وَالسِّنَّ وَالسِّمَنَ وَضِدَّيْهِمَا، وَيَزِيدُ كَوْنَهُ خَصِيًّا أَوْ رَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَذْكُرُ السِّنَّ وَالسِّمَنَ، وَالذُّكُورَةَ فِي اللَّحْمِ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ اخْتِصَاصِ مَا يُعْطَفُ بِالْوَاوِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ مَا قَبْلَهُ، وَلَا مَا بَعْدَهُ لَكِنَّ ذِكْرَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مُتَضَمِّنٌ بَيَانَ ذِكْرِ السِّنِّ، وَالذُّكُورَةِ وَالسِّمَنِ وَضِدَّيْهِمَا (ص) لَا مِنْ كَجَنْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهُ مِنْ جَنْبِهِ أَوْ مِنْ رَقَبَتِهِ أَوْ فَخِذِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِوُجُوبِ الْبَيَانِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ اخْتِلَافًا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ (ص) وَفِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ وَالْبَكَارَةِ وَاللَّوْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ مَعَ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ فِي الْحَيَوَانِ مِنْ نَوْعٍ وَجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ وَتَوَسُّطِ الْقَدِّ مِنْ طُولٍ أَوْ قِصَرٍ أَوْ رَبْعَةٍ أَوْ يَقُولُ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ مَثَلًا، وَيَذْكُرُ فِي الْأُنْثَى، وَلَوْ وَخْشًا الثُّيُوبَةَ وَالْبَكَارَةَ، وَقَيَّدَهُ سَنَدٌ بِالْعُلَى، وَيَذْكُرُ اللَّوْنَ الْخَاصَّ مِنْ عَرْضِيَّاتِ الْأَسْوَدِ كَالذَّهَبِيِّ، وَالْأَحْمَرِ، وَشِدَّةِ الْبَيَاضِ فِي الرُّومِيِّ فَلَيْسَ ذِكْرُهُ اللَّوْنَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَاللَّوْنُ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّاطِقِ وَالصَّامِتِ، وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِاللَّوْنِ هُنَا لَوْنٌ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَلْوَانَ مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ، وَذَلِكَ الْمِقْدَارُ الْخَاصُّ مُعْتَبَرٌ فِي الرَّقِيقِ بِخِلَافِ مُطْلَقِ الْحَيَوَانِ كَأَبْيَضَ نَاصِحٍ أَوْ مُشْرَبٍ بِحُمْرَةٍ أَوْ ذَهَبِيٍّ أَوْ يَمِيلُ إلَى الْخَضِرَةِ أَوْ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَأَسْوَدَ زِنْجِيٍّ أَوْ بَرْبَرِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي ذِكْرِ الْقَدِّ فِي الرَّقِيقِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ فِيمَا عَدَا الْإِنْسَانَ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَزِيدُ فِي الرَّقِيقِ الْقَدُّ، وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ، وَالْإِبِلُ، وَشَبَهُهَا، وَنَقَصَ الْمَوَّاقُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَشَبَهُهَا (ص) قَالَ وَكَالدَّعَجِ وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ فَإِنَّهُ يَزِيدُ عَلَى مَا مَرَّ الدَّعَجُ، وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ اتِّسَاعِهَا، وَيَزِيدُ أَيْضًا تَكَلْثُمُ الْوَجْهِ، وَهُوَ كَثْرَةُ لَحْمِ الْخَدَّيْنِ، وَالْوَجْهِ مَعَ الزَّهَاوَةِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الشُّهُولَةَ، وَهُوَ مَيَلَانُ الْبَيَاضِ إلَى الْحُمْرَةِ، وَالْكَحَالَةِ وَالزُّرْقَةِ (ص) وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي الثَّوْبِ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَبَيْنَهُمَا الرِّقَّةُ وَضِدُّهَا الْغِلَظُ، وَيَذْكُرُ الصَّفَاقَةَ، وَهِيَ الْمَتَانَةُ، وَضِدَّهَا، وَهِيَ الْخِفَّةُ، وَيَذْكُرُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْوَزْنِ، وَنَحْوِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالثَّوْبِ إلَخْ اسْتَغْنَى عَنْ إعَادَةِ قَوْلِهِ وَالثَّوْبِ بِأَنْ يَقُولَ، وَفِي الثَّوْبِ إلَخْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَوْدَةُ إلَخْ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَالرِّقَّةُ، وَمَا بَعْدَهَا (ص) وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ، وَبِمَا يُعْصَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي زَيْتٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَبَيْنَهُمَا   [حاشية العدوي] ذُكِرَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْجَوْدَةِ وَضِدِّهَا لِأَنَّ مَا صَغُرَ سِنُّهُ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ جَيِّدٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَرُبَّمَا يُرْغَبُ فِي كَبِيرِهِ مَا لَا يُرْغَبُ فِي صَغِيرِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَيَزِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ) كَلَامُ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ اخْتِلَافًا لَا يَتَغَابَنُ) كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَالصَّوَابُ حَذْفُ لَا [السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ وَالْبَكَارَةِ وَاللَّوْنِ] (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ سَنَدٌ بِالْعَلِيِّ) يُنْظَرُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ (قَوْلُهُ كَالذَّهَبِيِّ) أَيْ الَّذِي يَمِيلُ لِلذَّهَبِ بِأَنْ يَكُونَ أَسْوَدَ يَعْلُوهُ اصْفِرَارٌ، وَقَوْلُهُ وَالْأَحْمَرُ أَيْ الذَّهَبِيُّ الْأَحْمَرُ أَيْ الَّذِي يَمِيلُ لِلْحُمْرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُطْلَقِ الْحَيَوَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُطْلَقَ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا بِذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْ جَرَيَانِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ نَاصِحٍ) بِالْحَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْخَيْلُ) أَيْ فَيَذْكُرُ فِي كُلٍّ مِنْهَا قَدْرَ عُلُوِّهِ عَنْ الْأَرْضِ، وَقَدْرَ امْتِدَادِهِ عَلَيْهَا، وَكَلَامُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَشَبَهُهَا) قَالَ عج، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِشَبَهِهَا ذَوَاتَ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، وَلَا يَنْبَغِي قَصْرُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ خَاصَّةً بَلْ يُزَادُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِمِقْدَارِ الْمَبِيعِ، وَلَا شَكَّ فِي اعْتِبَارِهِ فِي الْمَأْكُولِ (قَوْلُهُ قَالَ وَكَالدَّعَجِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَدْعَجُ، وَلِلْأُنْثَى دَعْجَاءُ، وَالذَّكَرُ أَشْهَلُ، وَالْأُنْثَى شَهْلَاءُ، وَالذَّكَرُ أَحْوَرُ، وَالْأُنْثَى حَوْرَاءُ، وَهَكَذَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَالْحَوَرُ شِدَّةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ، وَشِدَّةُ سَوَادِهَا (قَوْلُهُ مَعَ الزَّهَاوَةِ) وَأَمَّا لَا مَعَ زَهَاوَةٍ فَهُوَ التَّكَلْثُمُ، وَهُوَ تَكَشُّرٌ فِي عُبُوسَةٍ (قَوْلُهُ مَيَلَانُ الْبَيَاضِ إلَى الْحُمْرَةِ) وَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ هُوَ مَيَلَانُ السَّوَادِ إلَى الْحُمْرَةِ، وَفِي الْمُخْتَارِ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ الشَّهْلَةَ أَنْ يَشُوبَ سَوَادَ الْعَيْنِ زُرْقَةٌ (قَوْلُهُ وَالْكَحَالَةِ إلَخْ) هُوَ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنِ سَوَادٌ كَالْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ، وَالزُّرْقَةُ، وَهُوَ مَيَلَانُ سَوَادِهَا إلَى الْخُضْرَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ وَفِي الثَّوْبِ) اللَّوْنُ، وَالرِّقَّةُ، وَالصَّفَاقَةُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَقُولُ، وَفِي الثَّوْبِ، وَالرِّقَّةُ، وَالصَّفَاقَةُ فَيَفُوتُهُ ذِكْرُ اللَّوْنِ (قَوْلُهُ وَبِمَا يُعْصَرُ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَالْأَصْلُ، وَمَا يُعْصَر بِهِ إذْ الْمَعْنَى، وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ، وَجَوَابُ بِمَا يُعْصَرُ فَتَكُونُ مَا اسْتِفْهَامِيَّةً، وَإِثْبَاتُ أَلِفِهَا قَلِيلٌ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ، وَالْمَرْجِعُ لَهُ آخِرَ الْعِبَارَةِ. (تَنْبِيهٌ) : كَانَ الصَّوَابُ التَّعْبِيرَ بِالْمَعْصُورِ أَوْ الْمُعْتَصِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَصَرَ أَوْ اعْتَصَرَ لِأَنَّهُمَا مَسْمُوعَانِ، وَأَمَّا أَعْصَرَ فَلَمْ يُسْمَعْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 الْحَبُّ الْمُعْصَرُ مِنْهُ مِنْ زَيْتُونٍ وَنَحْوِهِ، وَالْمُعْصَرُ بِهِ مِنْ مَعْصَرَةٍ أَوْ مَاءٍ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يَجْتَمِعُ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ زَيْتُ بُلْدَانٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْبَلَدِ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ، وَيُذْكَرُ فِي الْخَلِّ كَوْنُهُ مِنْ عِنَبٍ أَوْ غَيْرِهِ صَافِيًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَالْمُعْصَرُ مِنْهُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ حَتَّى يُفْهَمَ مِنْهُ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ إذْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَاقْتَضَى أَنَّ بَيَانَ الْمُعْصَرِ مِنْهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا سَبَقَ مُنْدَرِجٌ فِيهِ إذَا أُرِيدَ بِبَيَانِهِ بَيَانُ مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ وَمُسَاوٍ لَهُ إذَا أُرِيدَ بِبَيَانِهِ نَوْعُهُ وَجَوْدَتُهُ وَرَدَاءَتُهُ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَلَوْنُهُ (ص) وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْوَسَطُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْجَوْدَةَ أَوْ الرَّدَاءَةَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْغَالِبِ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي شَرَطَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَالِبٌ مِمَّا شَرَطَهُ بَلْ تَسَاوَتْ أَصْنَافُ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي شَرَطَهُ، وَلَا يُقْضَى بِالْوَسَطِ ابْتِدَاءً بَلْ إذَا عُدِمَ الْغَالِبُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ عَلَى غَنَمٍ مَوْصُوفَةٍ لِلْمُشَاحَّةِ فِي الْبَيْعِ، وَالْغَالِبُ يَجْرِي فِي النَّوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَالْوَسَطُ لَا يَأْتِي فِي النَّوْعَيْنِ (ص) وَكَوْنُهُ دَيْنًا (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَدُورُ الثَّمَنُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ إنْ هَلَكَ، وَبَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ لَمْ يَهْلَكْ وَالشَّرْحُ لِلذِّمَّةِ وَصْفٌ قَامَا يَقْبَلُ الِالْتِزَامَ وَالْإِلْزَامَا أَيْ: هِيَ وَصْفٌ مُقَدَّرٌ فِي الشَّخْصِ يَقْبَلُ الِالْتِزَامَ كَلَكِّ عِنْدِي دِينَارٌ، وَيَقْبَلُ الْإِلْزَامَ كَأَلْزَمْتُكَ دِيَةَ فُلَانٍ مَثَلًا، وَتَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لَهَا مُعْتَرَضٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ كِنَايَةٌ عَنْ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، وَقَوْلُهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ مَآلُهُ إلَى مَعْرِفَةِ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ لَا أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَيَكُونُ مَا تَقَدَّمَ مُنْدَرِجًا فِي ذَلِكَ، وَيَزِيدُ أَيْضًا كَوْنُهُ شَامِيًّا أَوْ مَغْرِبِيًّا (قَوْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فِي إطْلَاقِ لَفْظِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَاجِيُّ لَا مَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ) الْمُرَادُ الْوَسَطُ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَيِّدُ وَالْوَسَطُ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الرَّدِيءُ وَالْوَسَطُ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْوَسَطُ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ (قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ عَلَى غَنَمٍ مَوْصُوفَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالْوَسَطِ ابْتِدَاءً بِدُونِ النَّظَرِ لِلْغَالِبِ قَالَ مُحَشِّي تت وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ شَرْطِ الْجَيِّدِ فِي النِّكَاحِ يُقْضَى بِالْوَسَطِ مِنْ الْجَيِّدِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَغْلَبِ بِخِلَافِ السَّلَمِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا الْوَسَطُ هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ فَيُعْمَلُ بِهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَغَيْرِهِ، وَإِذَا عُمِلَ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْأَغْلَبِ كَمَا فِي السَّلَمِ، وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَالْوَسَطُ لَا يَأْتِي فِي النَّوْعَيْنِ) وَانْظُرْ إذَا كَانَ نَوْعَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ غَالِبًا وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ عَلَى النِّكَاحِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عُلِّلَ كَوْنُهُ دَيْنًا بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَهُوَ عِنْدَهُ فَفِيهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ فَفِيهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَاسْتَشْكَلَ الْمُصَنِّفُ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ بِجَوَازِ بَيْعِ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا، وَبِجَوَازِ كِرَاءِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ تُقْبَضُ بَعْدَ شَهْرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُورَدَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ، وَكَلَامُنَا فِي السَّلَمِ انْتَهَى حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَائِعِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ كَمَا فِي السَّلَمِ هُنَا دُونَ الصُّورَتَيْنِ الْمُورَدَتَيْنِ فَإِنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا مِنْ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَكَوْنِهِ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ انْتَهَى أَيْ وَلَمْ يَنْتَقِلْ الضَّمَانُ فِيهِمَا إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ الْأَوْلَى مِنْ السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ، وَإِيضَاحُ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْمُسْلِمَ حِينَ أَسْلَمَ فِي مُعَيَّنٍ صَارَ الضَّمَانُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا، وَلَمَّا شُرِطَ تَأْخِيرُهُ فَقَدْ نُقِلَ الضَّمَانُ إلَى الْبَائِعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَرَأْسُ الْمَالِ حِينَئِذٍ بَعْضُهُ ثَمَنًا، وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ جَعَالَةً (قَوْلُهُ وَالشَّرْحُ) أَيْ التَّعْرِيفُ لِلذِّمَّةِ، وَهَذَا الْبَيْتُ لِلْعَاصِمِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ عب، وَلَكِنْ ذَكَرَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لِصَاحِبِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ يُقْبَلُ) أَيْ يُقْبَلُ الشَّخْصُ بِسَبَبِهِ أَيْ يَصِحُّ مِنْ الشَّخْصِ بِسَبَبِهِ الِالْتِزَامُ وَالْإِلْزَامُ أَيْ إلْزَامُ الْغَيْرِ لَهُ فَالْإِلْزَامُ لَيْسَ مِنْهُ بَلْ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، وَلَا تَعْدِلُ عَنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَهِيَ، وَصْفٌ مُقَدَّرٌ فِي الشَّخْصِ) زَادَ عب فَقَالَ مَعْنًى شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمُكَلَّفِ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْقَرَافِيُّ، وَهَذَا الْمَعْنَى جَعَلَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا عَنْ أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ مِنْهَا الْبُلُوغُ، وَمِنْهَا الرُّشْدُ فَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَا ذِمَّةَ لَهُ، وَمِنْهَا تَرْكُ الْحَجْرِ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ فَمَنْ اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ رَتَّبَ الشَّارِعُ عَلَيْهَا تَقْرِيرَ مَعْنًى يَقْبَلُ إلْزَامَهُ أَرْشَ الْجِنَايَاتِ، وَأَجْرَ الْإِجَارَاتِ، وَأَثْمَانَ الْمُعَامَلَاتِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَيَقْبَلُ الْتِزَامُهُ إذَا الْتَزَمَ شَيْئًا اخْتِيَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَزِمَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي تُقَدَّرُ فِيهِ الْأَجْنَاسُ الْمُسْلَمُ فِيهَا، وَأَطَالَ الْقَرَافِيُّ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الذِّمَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبُلُوغُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَعْلَمُهُ انْتَهَى فَقَالَ ابْنُ الشَّاطِّ، وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّ الذِّمَّةَ قَبُولُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ دُونَ الْتِزَامِهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِلصَّبِيِّ ذِمَّةٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَاتِ، وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لِلصَّبِيِّ نَقُولُ الذِّمَّةُ قَبُولُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ، وَالْتِزَامِهَا (قَوْلُهُ وَتَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ مُعْتَرَضٌ) فَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مِلْكٌ مُتَمَوَّلٌ كُلِّيٌّ حَاصِلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْمِلْكِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 (ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّابِعُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَكُونُ مَوْجُودًا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ بِقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ غَالِبًا فِي وَقْتِ حُلُولِهِ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً سَلَفًا، وَتَارَةً ثَمَنًا فَالضَّمِيرُ فِي وُجُودِهِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ مِنْ حِينِ السَّلَمِ إلَى حُلُولِهِ بَلْ الشَّرْطُ وُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ لَا نَسْلُ حَيَوَانٍ عُيِّنَ، وَقَلَّ (ش) نَسْلٌ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مُفَرَّعٍ عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ أَيْ فَيَجُوزُ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ عِنْدَ حُلُولِهِ لَا نَسْلُ إلَخْ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ، وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمُطَابِقُ لِلْمُرَادِ فَيَجُوزُ فِي مُحَقَّقِ الْوُجُودِ لَا فِي نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَجْرُورًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا مِنْ مُقَدَّرٍ مُفَرَّعٍ عَلَى الشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِانْتِفَاءِ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ التَّعْيِينِ، وَالثَّانِي بِعَدَمِ وُجُودِهِ إذْ لِقِلَّتِهَا قَدْ لَا يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَمَفْهُومُ قَلَّ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ لَجَازَ السَّلَمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ صَيَّرَتْهَا كَغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُودُهُ لِاقْتِضَائِهِ فَسَادًا إذْ هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الشَّرْطِ أَيْ يُشْتَرَطُ كَذَا لَا نَسْلٌ إلَخْ. وَقَوْلُهُ (أَوْ حَائِطٌ) أَيْ عُيِّنَ، وَصَغُرَ يَصِحُّ فِيهِ الرَّفْعُ وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى نَسْلُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَيَصِحُّ الْجَرُّ مَعَ رَفْعِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَإِبْقَاءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ لَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ مِنْ جِهَةِ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ النَّسْلَ كَالْمُمَاثِلِ لِثَمَرِ الْحَائِطِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَرْعًا ثُمَّ أَشَارَ لِشُرُوطِ شِرَاءِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ سَمَّوْهُ سَلَمًا بِقَوْلِهِ (ص) وَشُرِطَ إنْ سُمِّيَ سَلَمًا لَا بَيْعًا إزْهَاؤُهُ وَسَعَةُ الْحَائِطِ   [حاشية العدوي] إنَّمَا هُوَ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا الذِّمَّةُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلشَّيْءِ بِخَاصَّتِهِ فَهُوَ رَسْمٌ، وَقَوْلُهُ مُتَمَوَّلٌ أَخْرَجَ بِهِ الْأُمُورَ التَّمْلِيكِيَّةَ الْغَيْرَ الْمُتَمَوَّلَةِ مِنْ الْحُقُوقِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالْوِلَايَةِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْجَبْرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ غَيْرُ مَالِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ حَاصِلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُتَمَوَّلَ الْكُلِّيَّ إمَّا حَاصِلٌ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ذِمَّةً. وَقَالَ شَارِحُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ لَازِمِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ فِيهَا كُلِّيٌّ لَا جُزْئِيٌّ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّ هُوَ الْمُعَيَّنُ، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الذِّمَّةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ) بَلْ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي الْأَجَلِ مَا عَدَا وَقْتَ الْقَبْضِ بَلْ وَلَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ نَادِرًا (قَوْلُهُ إذًا الْمُطَابِقُ لِلْمُرَادِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَوَازَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّلَمِ لَا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا) أَيْ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَيَجُوزُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا مُحَقَّقَ الْوُجُودِ لَا فِي نَسْلٍ، وَالْمُرَادُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهُ أَيْ مُحْتَرَزُهُ لَا أَنَّهُ كَانَ دَاخِلًا فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَلَّ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا نَسْلٌ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ أَيْ مُعَيَّنٌ وَصَغُرَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الصِّغَرُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَائِطَ قَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ كَثِيرًا، وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ حَائِطٌ أَيْ يُمْنَعُ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَقِيقَةً لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَثَمَرُ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ، وَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ حَقِيقَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ حَائِطٌ أَيْ لَا يُسْلَمُ فِيهِ سَلَمًا حَقِيقَةً وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَشَرْطِ الْأَخِ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ الْعَقْدَ سَلَمًا مَجَازٌ، وَأَفَادَ اللَّقَانِيِّ جَوَابًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حَائِطٌ أَيْ ثَمَرُ حَائِطٍ أَيْ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، وَقَوْلُهُ وَشَرَطَ إلَخْ أَيْ فِي ثَمَرِهِ الْحَائِطَ الْمُعَيَّنَ الصَّغِيرَ أَيْ فِي بَعْضِ ثَمَرِهِ أَيْ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ أَيْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ فَمَا قَبْلَهُ إذَا أَسْلَمَ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِهِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّ الْجُزَافَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ) دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إذْ يَظْهَرُ مِنْ تَوْضِيحِهِ اعْتِمَادُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ إنْ سَمَّاهُ بَيْعًا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَبِعَقْدِ الْبَيْعِ يَجِبُ لَهُ قَبْضُ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَهُوَ جَائِزٌ لَا فَسَادَ فِيهِ فَإِنْ أَخَذَهُ بِتَأَخُّرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ مَالِكٌ هَذَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا إنْ سَمَّاهُ سَلَمًا فَإِنْ اشْتَرَطَ مَا يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا، وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَلَا مَتَى مَا يَأْخُذُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا، وَكَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ ذَلِكَ اهـ. فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا، وَعَدَمِهِ إلَّا فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ شُرِطَ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا، وَمُرَادُهُ بِالْأَجَلِ كَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ لَا حَقِيقَتُهُ إذْ لَهُ أَخْذُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، وَمَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ صَدَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِ الشُّرُوطِ، وَيَضْرِبُ أَجَلًا لَا يُثْمِرُ فِيهِ، وَيُسَمِّي مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ الْجَمِيعِ فِي يَوْمٍ لَجَازَ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنْ سَمَّوْهُ بَيْعًا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ سَمَّوْهُ سَلَمًا لَزِمَ. اهـ. وَمَا صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشُّرُوطَ قَالَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمَلُ الْبَيْعِ لَا مَحْمَلُ السَّلَفِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَبَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَلَى مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ بَيْعٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِتَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ إذَا تَقَابَلَ اللَّفْظُ، وَالْفِعْلُ فِي الْعُقُودِ فَالنَّظَرُ إلَى الْفِعْلِ إلَى آخَرَ مَا قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ سِعَةِ الْحَائِطِ) الْمُرَادُ بِسِعَتِهَا إمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كِبَرَهُ، وَعِظَمَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، وَلَوْ بِشَرْطٍ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَيُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبٍ إلَى آخِرِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ وَلِمَالِكِهِ، وَشُرُوعُهُ، وَإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ، وَأَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى ثَمَرَ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ السَّلَمِ اُشْتُرِطَ فِيهِ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ اُشْتُرِطَتْ أَيْضًا مَا عَدَا كَيْفِيَّةَ الْقَبْضِ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةَ نَظَرًا لِلَّفْظِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ فَمَا يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا أَوْ بَيْعًا الْإِزْهَاءُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَهُ، وَالزُّهُوُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَإِنْ قُلْت هَلَّا قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَدَلَ إزْهَاؤُهُ طِيبُهُ لِيَشْمَلَ ثَمَرَ النَّخْلِ، وَغَيْرَهُ قُلْت لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَأَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا، وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا سَعَةُ الْحَائِطِ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ، وَانْتِفَاءُ الْغَرَرِ، وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا فَقَطْ كَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ لَا مَا شَاءَ فَلَوْ سُمِّيَ بَيْعًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّنَاجُزَ، وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَنْ يُسْلَمَ لِمَالِكِهِ إذْ قَدْ لَا يُجِيزُ بَيْعَهُ الْمَالِكُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ، وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا شُرُوعُهُ فِي الْأَخْذِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ نَحْوُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا أَكْثَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَلْزِمَ أَجَلُ الشُّرُوعِ صَيْرُورَتَهُ تَمْرًا، وَإِلَّا فَسَدَ. وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَخْذُهُ أَيْ انْتِهَاءُ أَخْذِهِ لِكُلِّ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ كَوْنِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ التَّمْرِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ، وَلَا بُدَّ مَعَ أَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلُّ مَنْ شَرَطَ أَخْذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا، وَأَخَذَهُ بِالْفِعْلِ كَذَلِكَ مُشْتَرِطًا فَقَدْ أَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِوَاحِدٍ، وَهُوَ شَرْطُ أَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ أَخَذَهُ بِالْفِعْلِ كَذَلِكَ إنْ قُدِّرَ فِي كَلَامِهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ، وَشَرَطَ أَخْذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) فَإِنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ مَضَى بِقَبْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي رُطَبٍ، وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ صَغِيرٌ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْقَى عَلَى أُصُولِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ فَاسِدًا لِبُعْدِ مَا بَيْنَ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ، وَلِقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ فِيهِ فَإِنْ قَبَضَهُ، وَلَوْ قَبْلَ تَتَمُّرِهِ مَضَى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّرْطِ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ أَيَّامًا يَصِيرُ فِيهَا تَمْرًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ أَخْذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا مَحَلُّهُ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِمِعْيَارِهِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَا فِي الْحَائِطِ جُزَافًا فَلَهُ إبْقَاؤُهُ إلَى أَنْ يَتَتَمَّرَ لِأَنَّ الْجُزَافَ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَسَلَّمَهُ الْمُبْتَاعُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهُ لَمْ يُمْنَعْ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ ضَمَانٌ إلَّا ضَمَانُ الْجَوَائِحِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ السَّلَمِ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَنَاوَلَهُ عَلَى صِفَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فَكَانَ غَرَرًا. (ص) وَهَلْ الْمُزْهِي كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي تَمْرٍ مُزْهٍ أَيْ صَارَ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ، وَاشْتَرَطَ تَتَمُّرَهُ هَلْ الْحُكْمُ كَاشْتِرَاطِ تَتَمُّرِ الرُّطَبِ فَيَمْضِي بِقَبْضِهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الشُّيُوخِ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَوْ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفْسَخُ، وَلَوْ قُبِضَ، وَلَا يَمْضِي إلَّا بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ شَبْلُونِ لِأَنَّ التَّمْرَ مِنْ الْأَرْطَابِ قَرِيبٌ، وَمِنْ الزُّهُوِّ بَعِيدٌ تَأْوِيلَانِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْمُزْهِي الْبُسْرَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُزْهِي مَا أَزْهَى، وَلَمْ يُرْطِبْ - وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ بَيْعًا لَا سَلَمًا، وَبَيْعُ الْمِثْلِيِّ الْمُعَيَّنِ يُفْسَخُ بِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ انْقَطَعَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ، وَهَلْ عَلَى الْقِيمَةِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْمَكِيلَةِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ صَغِيرٍ، وَقَدْ أَرْطَبَ، وَشَرَطَ أَخْذَهُ رُطَبًا فَلَمَّا قَبَضَ الْبَعْضَ انْقَطَعَ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ فِيمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا بِالْقَضَاءِ، وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ، وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ الْمُضِيُّ فِيمَا قُبِضَ، وَالرُّجُوعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى حَسَبِ الْقِيمَةِ فَيَنْظُرُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُمَا فِي أَوْقَاتِهِ لِدُخُولِهِ عَلَى أَخْذِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا كَفَضِّ الْكِرَاءِ فَإِذَا قِيلَ قِيمَةُ مَا قَبَضَهُ عَشَرَةٌ مَثَلًا، وَقِيمَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ مُتَوَالِيًا إلَخْ) رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ حَالًّا مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَشُرُوعُهُ) وَإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ هَذَا الشَّرْطُ مَحَلُّهُ إنْ أَتَى فِي بَيَانِ الْقَبْضِ بِمَا يَحْتَمِلُ الشُّرُوعَ فِي ذَلِكَ، وَفِي أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ حُمِلَ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ بُسْرًا) هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبُسْرَ هُوَ الزُّهُوُّ فَيَكُونُ فِي الْأَحْمَرِ، وَالْأَصْفَرِ، وَقِيلَ الْبُسْرُ هُوَ الْبَلَحُ الْأَخْضَرُ فَيَكُونُ قَبْلَ الزُّهُوِّ بَدْرٌ عَنْ عِيَاضٍ فِي بَابِ الزَّكَاةِ أَقُولُ، وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ الْبُسْرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ الزُّهُوِّ، وَقَبْلَ الْإِرْطَابِ (قَوْلُهُ الْخَطَرُ) أَيْ الْغَرَرُ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ بِالْفِعْلِ) أَقُولُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ أَخْذِهِ بِالْفِعْلِ يُعَدُّ شَرْطًا فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ يَأْتِي بَعْدُ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُعَدَّ إلَّا الِاشْتِرَاطُ ثُمَّ يُقَالُ إذَا وَقَعَ، وَنَزَلَ، وَلَمْ يَشْرَعُوا فِي أَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ فَاسِدًا) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ، وَنَقَلَهُ عج أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ الْأَخِيرَ فِي الْجَوَازِ فَقَطْ، وَلَا يُوجَدُ الْفَسَادُ بِنَفْيِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي قَبْلَهُ فَهِيَ لِلصِّحَّةِ فَبِنَفْيِهَا تَنْتِفِي الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ وَلِقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ) أَيْ أَنَّ الْجَوَائِحَ لَا يُؤْمَنُ حُصُولُهَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ) أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُ غَيْرِ الْجَوَائِحِ أَيْ الْكَثِيرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَنَاوَلَهُ عَلَى صِفَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُزْهِي مَا أَزْهَى، وَلَمْ يُرْطِبْ) فَيَصْدُقُ بِالْبُسْرِ (قَوْلُهُ كَفَضِّ الْكِرَاءِ) أَيْ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ إنَّهُ فِي وَسَطِ الْمُدَّةِ سَقَطَ الْبَيْتُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 مَا بَقِيَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَنِسْبَةُ خَمْسَةٍ إلَى الْعَشَرَةِ الثُّلُثُ فَيَرْجِعُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِتِلْكَ الْحِصَّةِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مُعَجَّلًا فَإِنْ تَأَخَّرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَوْ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ فَمَا تَأَخَّرَ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ كَالْجَائِحَةِ إذَا اشْتَرَى جَمِيعَ الْحَائِطِ فَإِنْ تَأَخَّرَ نِصْفُ الْمَكِيلَةِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ مِنْهَا عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ أَيْ يُحَطُّ عَنْهُ نِصْفُ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ ثُلُثُهَا حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ ثُلُثُهُ، وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَقْوِيمٍ تَأْوِيلَانِ، وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ أَخْذُهُ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ تت، وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ يُقْبَضُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَكَانَ الشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا جُمْلَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِيَوْمَيْنِ مُدَّةٌ لَا تَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِيمَةُ، وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ، وَفِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ أَوْ حَيْثُ رَضِيَ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فَسَيَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِالْجَائِحَةِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّلَفُ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ فَيَشْمَلُ الْجَائِحَةَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فِي بَحْثِ الْجَوَائِحِ وَالتَّعْيِيبِ الْمُوَافِقِ لَهَا فِي الْحُكْمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُنَاكَ، وَتَعْيِيبُهَا كَذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَكْلَ أَهْلِهَا مِنْ الْجَائِحَةِ لِأَنَّهُ إمَّا غَصْبٌ أَوْ سَرِقَةٌ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إذَا دَفَعَ الْمُسْلِمُ رَأْسَ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْبَقَاءُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (ص) وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ، وَفِي السَّلَمِ لِمَنْ   [حاشية العدوي] يَخُصُّ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِلْقِيمَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْكِرَاءُ أَغْلَى فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِتِلْكَ الْحِصَّةِ) وَلَيْسَ فِيهِ الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ طَعَامٍ لَيْسَ عَنْ ثَمَنِ طَعَامٍ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْفَسَخَتْ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ فَلَا يُقَالُ لِذَلِكَ الْمَدْفُوعِ فِي الطَّعَامِ ثَمَنٌ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا) أَيْ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) أَيْ فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ، وَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ حَيْثُ رَضِيَ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْبَقَاءِ لَكِنْ تَرَاضَيَا عَلَى عَدَمِ الْبَقَاءِ فَيُقْرَأُ رُضِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ الْمُصَرَّحُ بِهِ هُنَا الرُّجُوعُ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الِانْقِطَاعِ بِجَائِحَةٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فَسَيَأْتِي) هَذَا لعج، وَقَدْ حَلَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ فَاتَ مَالُهُ إبَّانَ بِمَا اشْتَرَى، وَأَمَّا شَارِحُنَا فَتَبِعَهُ هُنَا، وَخَالَفَهُ فِي حَلَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ فَاتَ مَالُهُ إبَّانَ فَوَقَعَ فِي كَلَامِ شَارِحِنَا تَخَالُفٌ وَالرَّاجِحُ مَا لِشَارِحِنَا فِيمَا سَيَأْتِي، وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَإِنْ انْقَطَعَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ كَمَا يَجْرِي فِي الْجَائِحَةِ يَجْرِي فِي فَوَاتِ الْإِبَّانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَأَمَّا لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فَسَيَأْتِي كَلَامُ عج، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، وَالصَّوَابُ هُنَا التَّعْمِيمُ، وَيَحِلُّ الْمُصَنِّفُ بِمَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْجَائِحَةِ) هَذَا لعج ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى الْجَائِحَةِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْجَائِحَةِ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَأَمَّا الْجَائِحَةُ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَطْلُعْ الثَّمَرُ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ السَّلَمَ فِيهَا كَالثَّمَرِ فِي غَيْرِهَا فَيَصِحُّ حَيْثُ يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَقْتَ حُلُولِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَكْلَ أَهْلِهَا) أَيْ أَصْحَابِهَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُسَوَّغُ لِأَهْلِ الْحَائِطِ الْأَكْل مِنْهَا لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِلْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْبَقَاءُ) لَا يُقَالُ كَيْفَ لَا يُدْفَعُ رَأْسُ الْمَالِ مَعَ كَوْنِهِ سَلَمًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ سَلَمًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعٌ حَقِيقَةً، وَتَسْمِيَتُهُ سَلَمًا بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْقَرْيَةُ إلَخْ) وَيَدْخُلُ فِي التَّشْبِيهِ مَا إذَا انْقَطَعَ بَعْضُ ثَمَرِهَا بِجَائِحَةٍ فَإِنَّهُ كَانْقِطَاعِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فِي وُجُوبِ الْفَسْخِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ، وَانْقِطَاعُ كُلِّ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ بِجَائِحَةٍ كَحُكْمِ انْقِطَاعِ بَعْضِهِ بِهَا فِي لُزُومِ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ إلَخْ) أَيْ أَوْ هِيَ مِثْلُ الْحَائِطِ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ إلَخْ، وَالْمَعْنَى وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَيْ وَهِيَ مِثْلُهُ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي حَائِطٍ فَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ، وَتَسْمِيَتُهُ سَلَمًا مَجَازٌ (قَوْلُهُ أَوْ تُخَالِفُهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَوْ فِيهِ، وَفِي السَّلَمِ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ تَارَةً، وَيَكُونُ لَهُ إبَّانَ مُعَيَّنٍ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَتَارَةً يَكُونُ مَوْجُودًا دَائِمًا، وَالِانْقِطَاعُ الْمُتَعَلِّقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ، وَأَيْضًا الِانْقِطَاعُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ أَمَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوَاتِ إبَّانِهِ أَوْ بِجَائِحَةٍ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ مَا إذَا انْقَطَعَ بَعْضُهُ مِنْ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ بِجَائِحَةٍ، وَكَذَا بِقَرْيَةٍ بِقَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ التَّشْبِيهِ لِذَلِكَ، وَهَذَا عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَجِبُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ، وَلِمَا إذَا انْقَطَعَ بَعْضُهُ مِنْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ بِجَائِحَةٍ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قُبِضَ الْبَعْضُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَوِي حُكْمُ انْقِطَاعِ بَعْضِ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فِي وُجُوبِ الْبَقَاءِ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قُبِضَ الْبَعْضُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَخْ عَلَى مَا يَشْمَلُ ثَمَرَ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ. وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الرِّضَا فِيمَا هُوَ مَضْمُونٌ اتِّفَاقًا فَيَجُوزُ الرِّضَا بِالْمُحَاسَبَةِ فِيمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا، وَحُكْمُ انْقِطَاعِ الْكُلِّ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا حُكْمُ انْقِطَاعِ الْبَعْضِ فِيهَا كُلِّهَا كَمَا يُرْشِدُ لَهُ الْمَعْنَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي بَعْضِهَا، وَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ بَعْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ كُلُّهُ لِفَوَاتِ إبَّانِهِ سَوَاءٌ كَانَ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ أَوْ ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 لَا مِلْكَ لَهُ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، وَهِيَ مَا لَا يُوجَدُ فِيهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ جَمِيعُ أَزْمَانِهِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا مِنْ السَّنَةِ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَا إذَا أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ صَغِيرٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِ ثَمَرِهَا، وَسَعَتِهَا، وَكَيْفِيَّةِ مَا يَقْبِضُهُ، وَأَنْ يُسْلَمَ لِمَالِكِهَا إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ أَوْ هِيَ كَهُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا لِأَنَّ السَّلَمَ فِيهَا مَضْمُونٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى حَوَائِطَ، وَجِهَاتٍ يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ لَا يَدْرِي الْمُسْلِمُ مِنْ أَيُّهَا يَأْخُذُ سَلَمَهُ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ أَوْ هِيَ كَهُوَ مِنْ كُلِّ، وَجْهٍ مَا عَدَا شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا وُجُوبُ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا، وَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُهُ فِي الْحَائِطِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْقَرْيَةِ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ إنْ لَمْ يَبِعْ هَذَا بَاعَ هَذَا فَلَا يَتَعَذَّرُ اسْتِيفَاءُ السَّلَمِ مِنْهَا بِخِلَافِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ إلَّا لِرَبِّهِ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِغَيْرِ مَالِكِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ قَدْ لَا يَبِيعُ لِهَذَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ تَارَةً سَلَفًا إنْ لَمْ يَبِعْ رَبُّ الْحَائِطِ لِهَذَا الرَّجُلِ، وَتَارَةً ثَمَنًا إنْ بَاعَ لَهُ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَنْ حُكْمِ انْقِطَاعِ ثَمَرِ الْحَائِطِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى انْقِطَاعِ مَا كَانَ بِالذِّمَّةِ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ فَقَالَ (ص) وَإِنْ انْقَطَعَ مَالُهُ أَبَانَ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ، وَالْإِبْقَاءِ (ش) أَيْ لِقَابِلٍ إلَّا أَنْ يَغْفُلَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى، وَأَتَى الْعَامُ الْقَابِلُ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (ص) وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ وَجَبَ التَّأْخِيرُ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمُسْلِمُ الْبَعْضَ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ أَوْ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْمَأْمُونَةِ فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ وَجَبَ التَّأْخِيرُ، وَالْقَوْلُ لِمَنْ دَعَا إلَيْهِ مِنْهُمَا هَذَا إنْ لَمْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهَا عُمِلَ بِهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ (ش) كَمَا صَدَرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يُتَّهَمَانِ فِي الْمُحَاسَبَةِ عَلَى قَصْدِ الْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ لِأَنَّ انْقِطَاعَهُ مِنْ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ التُّهْمَةَ أَيْضًا مُنْتَفِيَةٌ أَمَّا لَوْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي عَنْ طَلَبِ   [حاشية العدوي] مَا أَيْ مُسْلَمٌ فِيهِ مِنْ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ لَهُ إبَّانُ أَيْ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يُوجَدُ فِيهِ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ لِقَابِلٍ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ حَالَ الْعَقْدِ أَخْذَهُ فِي الْإِبَّانِ أَمْ لَا، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ حَيْثُ اشْتَرَطَ أَخْذَهُ فِي الْإِبَّانِ، وَانْظُرْ عَلَى هَذَا مَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَخْذَهُ فِيهِ هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّلَفِ بِجَائِحَةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهَا أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا ثُبُوتُ التَّخْيِيرِ سَوَاءٌ كَانَ فَوَاتُ الْإِبَّانِ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَصْدًا، وَالْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْمُسْلِمُ أَوْ غَفْلَتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَسَلَكَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ حَيْثُ كَانَ الْفَوَاتُ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْبَائِعِ قَصْدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْمُشْتَرِي قَصْدًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْبَقَاءُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِغَفْلَةٍ مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْبَقَاءِ كَتَأْخِيرِ الْمُشْتَرِي قَصْدًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا صَغِيرَةٍ أَنَّ انْقِطَاعَ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ انْقِطَاعُ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي انْتَهَى شب، وَمِثْلُهُ فِي عب، وَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ مَا فِي شَارِحِنَا. وَحَاصِلُ مَا لِشَارِحِنَا الَّذِي ارْتَضَاهُ تت أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ أَيْ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَهُ سَلَمًا حَقِيقِيًّا، وَانْقَطَعَ الْكُلُّ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ، بَلْ وَيُقَالُ مِثْلُهُ إذَا عَمَّتْ الْجَائِحَةُ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ أَيْ مَأْمُونَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ كَذَا قَالَ مُحَشِّي تت أَيْ فَاتَ، وَلَوْ بِجَائِحَةٍ فَظَاهِرُهُ فَاتَ الْإِبَّانُ أَوْ الْجَائِحَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ فَاتَ مَا لَهُ إبَّانٌ فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ فَوَاتَ الْكُلِّ بِجَائِحَةٍ أَوْ فَوَاتَ إبَّانٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ أَيْ فَاتَ الْكُلُّ فَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا كَانَ لِجَائِحَةٍ أَوْ لِلْإِبَّانِ، وَأَمَّا لَوْ فَاتَ الْبَعْضُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ لِجَائِحَةٍ أَوْ لِلْإِبَّانِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ، وَكَذَا لِلْإِبَّانِ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ لِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا، وَأَوْلَى هُرُوبُهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَوَاتَ مَتَى كَانَ لِلْهُرُوبِ يَكُونُ الْفَوَاتُ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ لَا لِلْجَائِحَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهُرُوبَ قَدْ يَكُونُ لِعُذْرٍ فَلَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ سُكُوتِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى انْقِطَاعِ مَا كَانَ بِالذِّمَّةِ أَيْ وَهُوَ السَّلَمُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ فَاتَ مَا لَهُ إبَّانٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ أَيْ مَأْمُونَةً كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فَهَلْ الْحَائِطُ فِي الِانْقِطَاعِ بِجَائِحَةٍ أَوْ لِلْإِبَّانِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهَا نَصٌّ لِلْأَقْدَمِينَ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ نَعَمْ ظَاهِرُ الْمَتْنِ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَهُوَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ، وَلَوْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَى الْعَامُ الْقَابِلُ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا) أَيْ فَيَجِبُ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَحَاصِلُ مَا فِي عج وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شب أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِجَائِحَةٍ فِي الْحَائِطِ الصَّغِيرَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَجِبُ الرُّجُوعُ، وَيَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ فِيهِ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْبَائِعِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ، وَالْإِبْقَاءِ وَالْإِبَّانِ كَانَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَجَبَ الْبَقَاءُ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِجَائِحَةٍ فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْكَبِيرَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ فِيهِ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْبَقَاءُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فَوَاتُ الْإِبَّانِ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فِي الصَّغِيرَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْبَائِعِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 الْبَائِعِ حَتَّى ذَهَبَ الْإِبَّانُ فَلَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا بِالْمُحَاسَبَةِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ، وَإِذَا تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالتُّونِسِيُّ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَاتَّهَمَهُ الْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمَا بِالتَّأْخِيرِ، وَإِذَا رَضِيَا بِالْمُحَاسَبَةِ جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا مِنْ كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ وَتَحَاسَبَا عَلَى رَدِّ شَيْءٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ قِيمَتُهُ قَدْرُ قِيمَةِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَمَنَعَ سَحْنُونَ الْمُحَاسَبَةَ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا لِيَأْمَنَا مِنْ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ فَإِنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ عَوَّضَا عَمَّا لَمْ يُقْبَضْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ مُسَاوِيًا لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا بِالْقِلَّةِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إقَالَةٌ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْأَثْوَابِ جُزْءًا شَائِعًا يَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا بِهِ لِلْبَائِعِ فَيَسْلَمَا مِنْ احْتِمَالِ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ فَيَجُوزُ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَالْمُبَالَغَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ رَضِيَا بِالْمُحَاسَبَةِ جَازَ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالْمُحَاسَبَةِ، وَفَاعِلُهُ حِينَئِذٍ الْعَاقِدُ لَا أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ هُنَا عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ فَلَا نَظَرَ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِهِ شَرَعَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ إذَا اُسْتُكْمِلْت تِلْكَ الشُّرُوطُ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ إذَا اخْتَلَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَقَالَ (ص) فَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ (ش) الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَاتًا قَائِمًا بِعَيْنِهَا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَهْلَكًا بِشَرْطِ أَنْ تَحْصُرَهُ الصِّفَةُ، وَأَنْ يُوجَدَ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الشَّامِلِ، وَفِي الرُّءُوسِ مَا فِي اللَّحْمِ، وَكَوْنِهَا مَشْوِيَّةً أَوْ مَغْمُورَةً فَإِنْ اُعْتِيدَ وَزْنُهَا عُمِلَ بِهِ، وَيَصِحُّ فِي الْأَكَارِعِ كَالرُّءُوسِ، وَفِي الْمَطْبُوخِ مِنْهُمَا، وَمِنْ اللَّحْمِ إذَا كَانَ يُعْرَفُ تَأْثِيرُ النَّارِ فِيهَا بِالْعَادَةِ، وَكَانَتْ الصِّفَةُ تَحْصُرُهُ (ص) وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ وَالزُّجَاجِ (ش) اللُّؤْلُؤُ مَعْرُوفٌ، وَاحِدُهُ لُؤْلُؤَةٌ، وَجَمْعُهُ لَآلِئُ أَيْضًا، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ لُؤْلُؤٌ بِهَمْزَتَيْنِ، وَلُولُو بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَلُؤْلُو بِهَمْزِ أَوَّلِهِ دُونَ ثَانِيَةِ وَبِالْعَكْسِ، وَالْعَنْبَرُ خُرْءُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ، وَالْجَوْهَرُ هُوَ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ، وَالزُّجَاجُ مُثَلَّثٌ الزَّاي وَاحِدُهُ زُجَاجَةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا إذَا ذَكَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ (ص) وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجِصِّ، وَهُوَ الْجِبْسُ، وَالزِّرْنِيخِ لَكِنْ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ، وَيَجُوزُ فِيهَا طَبْخٌ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يُطْبَخُ أَيْ يُشْوَى بِالنَّارِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالنُّكْتَةُ فِي الْعَطْفِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ (ص) وَفِي أَحْمَالِ الْحَطَبِ وَالْأُدْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي أَحْمَالِ الْحَطَبِ، وَزْنًا أَوْ حُزَمًا كَمِلْءِ هَذَا الْحَبْلِ، وَيُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ، وَيَصِفُهُ مِنْ سَنْطٍ أَوْ طَرْفَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي   [حاشية العدوي] وَالْإِبْقَاءِ، وَالْأَوْجَبُ الْإِبْقَاءُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ فِي غَيْرِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ بَلْ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قَرْيَةٍ أَيْ صَغِيرَةٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لعج آخِرًا، وَإِلَّا فَأَوَّلًا جُعِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ أَيْ صَغِيرَةٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ظَهَرَ لعج آخِرًا بَعْدَ قَوْلِهِ تَأْوِيلَانِ وَإِنْ انْقَطَعَ بَعْضُ ثَمَرِهَا أَوْ ثَمَرُ الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ بِجَائِحَةٍ وَجَبَ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا، وَإِنْ انْقَطَعَ لِفَوَاتِ إبَّانِهِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ، وَالْأَخِيرُ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ إنْ كَانَ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْبَقَاءُ، وَحُكْمُ انْقِطَاعِ الْكُلِّ فِي الْجَمِيعِ حُكْمُ بَعْضِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) فِيهِ أَنَّهُ، وَلَوْ أَخَذَ الثَّمَنَ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ بَدَلَهُ شَيْئًا فَيَتَقَوَّى جَانِبُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) إنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا، وَأَمَّا الْمُتَّحِدُ فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا إقَالَةٌ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ ك (قَوْلُهُ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ إلَخْ) فِي ك، وَالْمُحَاسَبَةُ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ، وَلَا يَأْتِي فِي التَّأْوِيلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا إلَخْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ) هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، وَقِيلَ هِيَ الْعَاطِفَةُ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَقَوْلُهُ طُبِخَ أَيْ أَمْكَنَ طَبْخُهُ لَا مَطْبُوخًا بِالْفِعْلِ بَلْ يَصِحُّ أَيْضًا فِي الْمَطْبُوخِ بِالْفِعْلِ كَالْمُرَبَّيَاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ مُسْتَهْلَكًا) أَيْ لَا بَقَاءَ لَهُ إذَا طُبِخَ لِتَغَيُّرِهِ بِالْبَقَاءِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الرُّءُوسِ لَعَلَّ الْمَعْنَى مَا قِيلَ فِي اللَّحْمِ مِنْ الْجَوَازِ يُقَالُ فِي الرُّءُوسِ، وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهَا إلَخْ أَيْ وَيُبَيَّنُ كَوْنُهَا مَشْوِيَّةً أَوْ مَغْمُورَةً أَيْ فِي الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ اُعْتِيدَ وَزْنُهَا عُمِلَ بِهِ أَيْ وَيُعَيَّنُ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَيْ السَّلَمُ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) بِالتَّثْنِيَةِ كَمَا هُوَ فِي خَطِّهِ أَيْ فِي الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ وَاللَّحْمِ وَالْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَا فِي اللَّحْمِ أَيْ الْمَشْوِيِّ لَا الْمَطْبُوخِ هَذَا مَا ظَهَرَ مِنْ الْعِبَارَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ خَرْءُ دَابَّةٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْعَنْبَرَ يَنْبُتُ مِنْ أَصْلِ قَاعِ الْبَحْرِ فَيَرْمِيهِ بِسَاحِلِهِ وَهُوَ أَعْلَاهُ وَأَوْسَطُهُ مَا تَبْتَلِعُهُ الدَّابَّةُ مِنْ الْبَحْرِ ثُمَّ إنَّهُ يَضْرِبُهَا فَتَبَرَّزَ تتقايأه وَهُوَ يَلِي الْأَوَّلَ، وَتَارَةً تَمُوتُ، وَيَجِدُونَهُ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ جِيفَةً، وَهُوَ يَلِي الثَّانِي، وَتَارَةً يَجِدُونَهُ حِينَ تَصِيرُ جِيفَةً، وَهُوَ أَدْنَاهُ (قَوْلُهُ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ) أَيْ كِبَرًا مُتَوَسِّطًا لِتَيَسُّرِ وُجُودِهِ غَالِبًا لَا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ لِعَدَمِ تَيَسُّرِهِ غَالِبًا فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَمَا لَا يُوجَدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يُطْبَخُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْمَطْبُوخَ مِمَّا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ وَالْأُدْمُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا طُبِخَ، وَعَطْفُهُ عَلَى أَحْمَالِ الْحَطَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّ الْمَعَاطِيفَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 جُلُودِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ إذَا اشْتَرَطَا شَيْئًا مَعْلُومًا، وَالْأُدْمُ لُغَةً الْجِلْدُ بَعْدَ الدَّبْغِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمَدْبُوغَ، وَغَيْرَهُ (ص) وَصُوفٍ بِالْوَزْنِ لَا بِالْجَزَزِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الصُّوفِ بِالْوَزْنِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْجَزَزِ عَدَدًا لِاخْتِلَافِهَا بِالصِّغَرِ، وَالْكِبَرِ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ لَا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ بِالْجَزَزِ (ص) وَالسُّيُوفِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي نُصُولِ السُّيُوفِ، وَالسَّكَاكِينِ، وَفِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا إذَا كَانَتْ مَوْصُوفَةً مَضْمُونَةً، وَضَرَبَ لَهَا أَجَلًا مَعْلُومًا، وَقَدَّمَ النَّقْدَ فِيهَا (ص) وَتَوْرٍ لِيُكَمَّلَ (ش) التَّوْرُ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ إنَاءٌ يُشْبِهُ الطَّشْتَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا وَفَوْقِيَّةٍ فِي آخِرِهِ، وَبِدُونِهَا، وَأَمَّا الثَّوْرُ الَّذِي يَحْرُثُ الْأَرْضَ فَهُوَ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ وَجَدَ بَعْضَ طَشْتٍ مِنْ نُحَاسٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى أَنْ يُكَمِّلَهُ لَهُ عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ لَهُمَا وَلَيْسَ هَذَا سَلَمًا إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوعُ الْآنَ أَوْ لِأَيَّامٍ قَلَائِلَ لِئَلَّا يَكُونَ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ فَقَوْلُهُ الْآتِي، وَهُوَ بَيْعٌ يَرْجِعُ لِهَذَا أَيْضًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ كَمَا يَأْتِي، وَيُقَيَّدَ الْجَوَازُ هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ جُمْلَةَ النُّحَاسِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ عَمَلِهِ الْيَسِيرِ جِدًّا، وَيُقَيَّدُ الْمَنْعُ الْآتِي بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْغَزْلِ كَثِيرٌ، وَإِلَّا جَازَ (ص) وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ كَالْخَبَّازِ، وَهُوَ بَيْعٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الصَّانِعِ الْمُعَيَّنِ الدَّائِمِ الْعَمَلِ كَالْخَبَّازِ وَاللَّحَّامِ وَنَحْوِهِمَا جَائِزٌ، وَيَكُونُ بَيْعًا بِالنَّقْدِ لَا سَلَمًا فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ضَرْبُ الْأَجَلِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا عِنْدَهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ فِي الْأَخْذِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ قَوْلِهِ، وَهُوَ بَيْعٌ لِمَسْأَلَةِ التَّوْرِ أَيْضًا (ص) وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشِّرَاءَ مِمَّا لَمْ يَدُمْ عَمَلُهُ بِأَنْ كَانَ الْغَالِبُ انْقِطَاعَ الْعَمَلِ جَائِزٌ، وَيَكُونُ سَلَمًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا اُشْتُرِطَ فِي السَّلَمِ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ، وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ كَأَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَمَلِ رِكَابٍ مَثَلًا مِنْ حَدِيدٍ بِوَزْنِ كَذَا وَصِفَةِ كَذَا، وَأَمَّا مَعَ تَعْيِينِ الْعَامِلِ أَوْ الْمَعْمُولِ مِنْهُ فَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ (ص) كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ (ش) التَّشْبِيهُ بِمَا قَبْلَهُ فِي كَوْنِهِ سَلَمًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَ سَيْفًا أَوْ سَرْجًا لِيَعْمَلَهُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَيِّنَ عَامِلًا وَلَا الشَّيْءَ الْمَعْمُولَ مِنْهُ فَإِنْ عَيَّنَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَسَدَ كَمَا يَأْتِي، وَأَشَارَ بِالْمِثَالَيْنِ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبَسِيطَاتِ وَالْمُرَكَّبَاتِ (ص) وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ (ش) أَيْ وَفَسَدَ السَّلَمُ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ شِرَاءٍ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ كَاعْمَلْ لِي مِنْ هَذَا النُّحَاسِ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ عَيَّنَ الْعَامِلَ أَمْ لَا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ الْعَامِلَ كَيَعْمَلُهَا إلَى فُلَانٍ بِعَيْنِهِ أَوْ أَنْتَ بِعَيْنِك مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ   [حاشية العدوي] إذَا تَكَرَّرَتْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَلِيهِ شَرْحُ شب (قَوْلُهُ الْجِلْدُ بَعْدَ الدَّبْغِ) أَيْ وَأَمَّا قَبْلَ الدَّبْغِ فَيُقَالُ لَهُ إهَابٌ [السَّلَمُ فِي الصُّوفِ] (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ بِالْجُزُزِ) أَيْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَرَى الْغَنَمَ، وَأَنْ يَكُون عِنْدَ إبَّانٍ جُزَازِهِ، وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْقَبْضُ تَأْخِيرًا بَعِيدًا، وَأَمَّا الْعَشَرَةُ أَيَّامٍ فَجَائِزٌ كَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَقَالَهُ ابْنُ نَاجِي لَكِنْ يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْقِسْمَةِ، وَجَازَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرَانِ جِزٍّ، وَإِنْ لِكَنِصْفِ شَهْرٍ، وَأَمَّا الْمَجْزُوزَةُ بِالْفِعْلِ فَالْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ، وَالْجُزُزُ جَمْعُ جِزَّةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَتَوْرٍ لِيُكَمَّلَ) أَيْ عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ، وَإِطْلَاقُ التَّوْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ كَمَالِهِ مَجَازٌ عَلَى حَدِّ أَعْصِرُ خَمْرًا (قَوْلُهُ أَوْ لِأَيَّامٍ قَلَائِلَ) أَيْ خَمْسَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ اشْتَرَاهُ جُزَافًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَزْنِ فَلَا يَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَيُقَيَّدُ الْمَنْعُ إلَخْ) لِكُلٍّ مِنْ الثَّوْبِ وَالتَّوْرِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَتَّفِقَانِ عَلَى الْمَنْعِ إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ كُلٍّ، وَعَلَى الْجَوَازِ إذَا كَانَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعَيْنِ جُمْلَةُ نُحَاسٍ وَغَزْلٍ عَلَى مِلْكِهِمَا غَيْرُ مَا اشْتَرَطَ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي قِسْمٍ، وَهُوَ الْمَنْعُ فِي الثَّوْبِ إذَا كَانَ عِنْدَ رَبِّ الْغَزْلِ دُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ آخَرُ إذَا جَاءَ الْمَنْسُوجُ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ، وَالْجَوَازُ فِي تَوْرٍ حَيْثُ كَانَ عِنْدَ رَبِّ النُّحَاسِ دُونَ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ تَوْرٍ آخَرُ لَكِنْ عِنْدَهُ مَا يُجْبَرُ نَقْصٌ مَا يُكْسَرُ، وَيُعَادُ (قَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ) هُوَ الَّذِي لَا يُفْتَرُ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ) صَرَّحَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَالشِّرَاءُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُطْلَقُ عَلَى السَّلَمِ، وَوَجْهُ كَوْنِهِ بَيْعًا أَنَّهُمْ نَزَّلُوا الدَّوَامَ مَنْزِلَةَ تَعَيُّنِهِ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْبَيْعِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْعَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَائِبَ الَّذِي يُبَاعُ عَلَى الصِّفَةِ إنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى عَيْنِهِ بِالصِّفَةِ، وَمُخَالِفٌ لِلسَّلَمِ لِأَنَّ السَّلَمَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ) فَالْكَافُ مُدْخِلَةٌ لِلْخَمْسَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ إذَا سُمِّيَ مَا يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَأْخُذُهُ كُلَّهُ إنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْفَسْخُ، وَأَمَّا إذَا سَمَّى جُمْلَةَ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ، وَانْقِطَاعُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ دَائِمَ الْعَمَلِ أَوْ غَالِبَهُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالشِّرَاءُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ أَكْثَرَ أَوْ اسْتَوَيَا فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ سَلَمٌ (قَوْلُهُ كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) أَيْ كَمَا إنَّ اسْتِصْنَاعَ السَّيْفِ، وَالسَّرْجِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَدُومُ الْعَمَلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِيَعْمَلَهُ لَهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهَا، وَالْمُنَاسِبُ لِيُعْمَلَ لَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَإِلَّا فَسَدَ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَفَسَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَيْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُهَا، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 الْمَعْمُولِ مِنْهُ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ عَلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ يَفْسُدُ فِيهَا السَّلَمُ، وَعِلَّةُ الْفَسَادِ دَوَرَانُ الثَّمَنِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ فَهُوَ غَرَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسْلَمُ ذَلِكَ إلَى الْأَجَلِ أَمْ لَا، وَلَا يَكُونُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَمَسْأَلَةُ تَجْلِيدِ الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ الْآنَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ السَّلَمِ بَلْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ عَلَى جَوَازِ بِنَاءِ دَارِك، وَالْجِصُّ، وَالْآجُرُّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُشْتَرَطُ ضَرْبُ أَجَلِ السَّلَمِ فِيهَا (ص) وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ، وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ حَدِيدًا مُعَيَّنًا، وَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْهُ سَيْفًا مَثَلًا بِدِينَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ مِنْ الْآنَ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مَعْلُومًا لَا إنْ اخْتَلَفَ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ صَبْغَهُ أَوْ نَسْجَهُ أَوْ بَيْعَهُ خَشَبَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا تَابُوتًا، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَأْجَرَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَ مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ لَجَازَ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ شُرُوعٍ (ص) لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ (ش) عَطْفٌ عَلَى فِيمَا طُبِخَ أَيْ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ، وَصْفُهُ كَتُرَابِ الْمَعَادِنِ وَالصَّوَّاغِينَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا لِأَنَّ الصِّفَةَ مَجْهُولَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ السَّلَمُ عَلَى الْعَجْوَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِالرَّمْلِ وَالْحِنَّاءِ الْمَخْلُوطَةِ بِهِ، وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ فِي وَصْفِهِ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ مَا، وَلَوْ أَنَّثَهُ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ أُمُورٌ مُتَعَدِّدَةٌ (ص) وَالْأَرْضِ، وَالدَّارِ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا عَلَى تُرَابٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ، وَصْفُهُمَا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ السَّلَمُ فِيهِمَا لِأَنَّ وَصْفَهُمَا مِمَّا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِهِ فَيَسْتَلْزِمُ تَعْيِينُهُمَا لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِهِ تَعْيِينَ الْبُقْعَةِ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ، وَشَرْطُ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ (ص) وَالْجُزَافِ (ش) أَيْ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجُزَافِ لِأَنَّ جَوَازَهُ مُقَيَّدٌ بِرُؤْيَتِهِ، وَهُوَ مَعَهَا مُعَيَّنٌ فَيَصِيرُ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (ص) وَمَا لَا يُوجَدُ (ش) أَيْ وَيُمْنَعُ السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَا يُوجَدُ جُمْلَةً لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ كَالْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ أَوْ نَادِرًا كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ (ص) وَحَدِيدٍ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ أَوْ بِالْعَكْسِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ سَلَمَ الْحَدِيدِ فِي السُّيُوفِ مَمْنُوعٌ سَوَاءٌ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيدِ سُيُوفٌ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ سَلَمُ السُّيُوفِ فِي حَدِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَدِيدِ سُيُوفٌ أَمْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ السُّيُوفَ مِنْ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُفَارِقَةَ لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ (ص) وَكَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ إنْ لَمْ يُغْزَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ الْكَتَّانِ الشَّعْرِ الْخَشِنِ الَّذِي لَمْ يُغْزَلْ فِي كَتَّانِ شَعْرٍ رَقِيقٍ نَاعِمٍ لَمْ يُغْزَلْ لِأَنَّهُ غَلِيظٌ الْكَتَّانُ قَدْ يُعَالَجُ فَيُجْعَلُ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ مِنْ رَقِيقِهِ، وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي عَكْسِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَعَ مَنْعِهِ أَيْضًا، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يُغْزَلَا أَنَّهُمَا لَوْ غُزِلَا لَجَازَ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْل يُرَادُ لِمَا لَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ كَغَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهَا (ص) وَثَوْبٍ لِيُكَمَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ لِيُكَمِّلَهُ لَهُ صَاحِبُهُ لِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لَمْ يُوجَدْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ التَّوْرِ النُّحَاسِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَمْكَنَ كَسْرُهُ، وَعَوْدُهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ كُلًّا مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ خِلْقَةً، وَمَا لَا يَخْتَلِفُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَظِيرِ ذَلِكَ صَنْعَةً، وَأَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَصْنُوعٌ فِي غَيْرِهِ، وَغَيْرُهُ فِيهِ، وَمَصْنُوعٌ فِي مِثْلِهِ فَقَالَ (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ تَجْلِيدِ الْكُتُبِ إلَخْ) أَقُولُ أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ فِي ذَلِكَ اجْتِمَاعَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَلِمَ جَوَّزَ هَذَا، وَمَنَعَ ذَاكَ (قَوْلُهُ جَازَ إنْ شَرَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ شب جَازَ إنْ شَرَعَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشُّرُوعِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ النَّقْدِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَاسْتَأْجَرَهُ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ دَفَعَ لَهُ دِينَارًا فِي مُقَابَلَةِ الْحَدِيدِ، وَإِجَارَةِ الصَّنْعَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَارَقَتْ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَيْعَ فِي هَذَا وَقَعَ عَلَى الْمَعْمُولِ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الْبَائِعُ صَنْعَةً مَا لِلْمُشْتَرِي فَانْتَقَلَ مِلْكُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهُ الصَّنْعَةُ، وَفِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُسْتَقِلًّا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ شب (قَوْلُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَمْنُوعُ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ شَأْنُهَا الِاخْتِلَافُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ لَا تَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ) أَيْ وَصْفُهُ الْخَاصُّ بِهِ الْكَاشِفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ لَا مُطْلَقُ وَصْفِهِ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ يُمْكِنُ وَصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ عَيْنٌ، وَلَا عَرْضٌ لِأَنَّ صِفَتَهُ لَا تُعْرَفُ فَإِنْ عُرِفَتْ أُسْلِمَ فِيهَا عَرْضٌ لَا عَيْنٌ لِئَلَّا يَدْخُلَ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٌ بِفِضَّةٍ إلَى أَجَلٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ يَدًا بِيَدٍ بِمُخَالِفِهِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ لِأَنَّهَا حِجَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ تُرَى، وَلَا يُرَدُّ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مَجْهُولَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لِأَنَّ مَا يُدْفَعُ فِيهَا لَيْسَ عِوَضًا عَمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا بَلْ عَنْ اخْتِصَاصِهِ بِهَا، وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا مُنِعَ بِمُوَافِقِهَا مِنْ الْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا لِاخْتِصَاصِهِ نَظَرًا لِمَا فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ السَّلَمُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُمَا فَيَجُوزُ إذَا تَحَرَّى مَا فِيهِمَا مِنْ الرَّمْلِ لِتَعَيُّنِهِ [السَّلَمُ فِي الْجُزَافِ] (قَوْلُهُ وَحَدِيدٌ) بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَيُقَدَّرُ عَامِلٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَتَّانٌ، وَقَوْلُهُ وَمَصْنُوعٌ أَيْ وَلَا يُسْلَمُ حَدِيدٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ جَوَازِ سَلَمِ حَدِيدٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِلَوْ مَكَانَ إنْ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ كَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ مِمَّا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ أَيْ خِلْقَةِ هَذَا كَأَنَّهَا غَيْرُ خِلْقَةِ هَذَا أَيْ خِلْقَةُ هَذَا الَّذِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرُ خِلْقَةِ الْآخَرِ، وَقَوْلُهُ وَمَا لَا أَيْ كَالصَّغِيرِ مِنْ الْآدَمِيِّ، وَالْغَنَمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 وَمَصْنُوعٌ قَدُمَ لَا يَعُودُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ الْهَيِّنُ الصَّنْعَةِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ غَزْلًا فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ لِهَيْنَتِهَا كَأَنَّهَا كَالْعَدَمِ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الْكَتَّانِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ كَتَّانًا فِي مِثْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لَا يَعُودُ لِأَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ، وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ عَادَ أَمْ لَا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَجَلُ، وَلَا عَدَمُهُ فَقَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ عَادَ أَيْ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ، وَلَيْسَ مَفْهُومًا لِمَا هُنَا (ص) بِخِلَافِ النَّسْجِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّوْبَ الْمَنْسُوجَ يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي الْغَزْلِ أَوْ فِي الْكَتَّانِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي النَّسْجِ مُعْتَبَرَةٌ تَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ كَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ جَازَ كَمَا فِي النَّسْجِ أَيْ الْمَنْسُوجِ، وَقَوْلُهُ (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّ النَّسْجَ نَاقِلٌ إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ فَلَا تُسْلَمُ فِي الْخَزِّ لِأَنَّهَا تُنْقَشُ، وَتَصِيرُ خَزًّا فَالنَّتْجُ فِيهَا كَالْغَزْلِ فِي الْكَتَّانِ فَكَمَا لَا يُسْلَمُ الْغَزْلُ فِي الْكَتَّانِ لَا تُسْلَمُ ثِيَابُ الْخَزِّ فِي الْخَزِّ، وَالْخَزُّ مَا كَانَ سُدَاهُ أَيْ قِيَامُهُ مِنْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ، وَلُحْمَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ، وَقَدْ تُطْلِقُهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. (ص) ، وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ (ش) أَيْ وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُ الْمَصْنُوعِ الْغَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ الَّذِي لَا يَعُودُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي، وَجُعِلَ رَأْسَ مَالٍ لِلْمَصْنُوعِ كَكَتَّانٍ فِي ثَوْبٍ مَنْسُوجَةٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ مَجَّانًا، وَإِلَّا جَازَ فَإِنْ قُلْتَ مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ رُجُوعِ ضَمِيرِ أَصْلُهُ لِغَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قُلْتُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ سَلَمُ الْمَصْنُوعِ الْهَيِّنِ الصَّنْعَةِ فِي أَصْلِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ مَنْعُ عَكْسِهِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَبْعُدُ الْقَصْدُ إلَى نَقْضِ الْمَصْنُوعِ بِحَيْثُ يَصِيرُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِخِلَافِ الْقَصْدِ إلَى جَعْلِ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا، وَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى كَالْمَنْطُوقِ بِهِ فَاقْتَضَى هَذَا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ " أَصْلُهُ " لِغَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ (ص) ، وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ فِيهِمَا (ش) أَيْ وَإِنْ عَادَ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ فَإِنَّ الْأَجَلَ يُعْتَبَرُ فِي إسْلَامِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ، وَفِي إسْلَامِ أَصْلِهِ فِيهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فَإِنْ وُسِّعَ الْأَجَلُ لِصَيْرُورَةِ الْمَصْنُوعِ كَأَصْلِهِ، وَزَوَالِ صَنْعَتِهِ مِنْهُ أَوْ صَيْرُورَةِ أَصْلِهِ كَهُوَ بِوَضْعِ الصَّنْعَةِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ، وَإِلَّا جَازَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَعُودُ أَمْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ، وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ، وَغَيْرُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ إنْ لَمْ يُعَدَّ يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ، وَإِنْ أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ، وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ، وَسَلَّمَهُ فِي أَصْلِهِ. (ص) وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَصْنُوعَيْنِ إذَا أُسْلِمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ عَادَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ فَإِنْ تَقَارَبَتْ مُنِعَ كَإِسْلَامٍ قَدْرَ نُحَاسٍ أَوْ ثِيَابٍ رَقِيقَةٍ فِي قَدْرِ نُحَاسٍ أَوْ فِي ثِيَابٍ رَقِيقَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ جَازَ كَإِسْلَامِ إبْرِيقٍ نُحَاسٍ أَوْ ثِيَابٍ رَقِيقَةٍ فِي مَنَارَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ فِي ثِيَابٍ غَلِيظَةٍ فَقَوْلُهُ يَعُودَانِ، وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعُودَا، وَقَوْلُهُ وَالْمَصْنُوعَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَنْعَتُهُمَا هَيِّنَةً أَمْ لَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى كَيْفِيَّةِ السَّلَمِ، وَحُكْمِهِ ابْتِدَاءً شَرَعَ فِي حُكْمِهِ انْتِهَاءً، وَهُوَ اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ قَبُولُ صِفَتِهِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ قَبُولُ مَوْصُوفِ صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَيْ وَفِي مَحَلِّهِ لَا أَجْوَدَ، وَلَا أَرْدَأَ، وَلَا أَكْثَرَ، وَلَا أَقَلَّ لِمَا فِيهِ مِنْ: حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَوْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ فِي السَّلَمِ، وَفِي الْقَرْضِ لَا يَدْخُلُهُ الْأَوَّلُ، وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ الصِّفَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ حَقٌّ لِكُلِّ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ النَّقْدِ، وَإِلَّا جُبِرَ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَأَمَّا الْقَرْضُ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ كَانَ الْقَرْضُ عَيْنًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا، وَيَدُلُّ لِقَوْلِنَا أَيْ وَفِي مَحَلِّهِ مَا بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَدُمَ) صِفَةٌ، وَقَوْلُهُ لَا يَعُودُ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ هَيِّنٌ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّسْجِ أَيْ الْمَنْسُوجِ (قَوْلُهُ رَأْسُ مَالٍ) وَأَمَّا فِي النَّقْدِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْغَزْلِ بِالْكَتَّانِ بِشَرْطِ إنْ عَلِمَا لَا جُزَافٌ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَضْلُ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْلَمُ فِي الْخَزِّ) أَرَادَ بِهِ مَا أَصْلُهُ قُطْنًا وَحَرِيرًا عَلَى طَرِيقَةِ مَجَازِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ إضَافَةُ ثِيَابٍ لِلْخَزِّ مِنْ إضَافَةِ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ) قَالَ سَنَدٌ هَذَا بَعِيدٌ إذْ يَبْعُدُ فِي الْمَنْسُوجِ أَنْ يُقْصَدَ إلَى التَّعَامُلِ عَلَى نَقْضِ نَسْجِهِ (قَوْلُهُ وَالْخَزُّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ الْخَزُّ مَا كَانَ سُدَاهُ مِنْ حَرِيرٍ، وَلُحْمَتُهُ مِنْ وَبَرٍ، وَقَوْلُهُ وَالْخَزُّ إلَخْ هَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ) فَيَشْمَلُ مَا كَانَ سُدَاهُ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ (قَوْلُهُ الْمَصْنُوعُ صَعْبُ الصَّنْعَةِ) مِثَالُ الْمَصْنُوعِ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الثِّيَابُ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ الْكَتَّانِ، وَلَا تَعُودُ، وَمِثَالُ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الَّذِي يَعُودُ ثِيَابُ الْخَزِّ، وَقَوْلُهُ وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ كَثِيَابِ الْخَزِّ وَالْإِنَاءِ الْمَصْنُوعِ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْحَدِيدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَقَارَبَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ شب فَإِنْ اتَّحَدَتْ أَوْ تَقَارَبَتْ (قَوْلُهُ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعُودَا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ النَّظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ عِنْدَ الْعَوْدِ، وَأَنَّهَا إذَا تَبَاعَدَتْ يَجُوزُ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَعُودَا، وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ ابْتِدَاءً أَرَادَ بِالْحُكْمِ الِابْتِدَائِيِّ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ [اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 فَلَا يُشْكِلُ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ لِاجْتِمَاعِ عَدَمِ الْحُلُولِ، وَكَوْنِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ (ص) كَقَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا (ش) التَّشْبِيهُ فِي جَوَازِ قَبُولِ الصِّفَةِ فَقَطْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْعَرْضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَرْضِ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْجَوَاهِرِ وَاللَّآلِئِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْعَرْضِ كُلْفَةٌ أَمْ لَا (ص) وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقْبَلَ الطَّعَامَ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ الَّذِي اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَهُ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي الذِّمَّةِ عُدَّ مُسَلِّفًا، وَقَدْ ازْدَادَ الِانْتِفَاعُ بِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ إلَى الْأَجَلِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ فَأَشْبَهَ عَدَمَ الْحُلُولِ. وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً) رَاجِعٌ لِلطَّعَامِ، وَالْعَرْضِ فَإِنْ دَفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ كِرَاءً لِحَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ مُنِعَ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ، وَيَزِيدُ فِي الطَّعَامِ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالنَّسِيئَةِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ وَالتَّفَاضُلِ، وَفِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، وَبَيْعٌ، وَسَلَفٌ، وَحُطَّ الضَّمَانَ، وَأَزِيدُك إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِرَاطِ أَرْخَصَ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَوَجْهُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَمَّا دَفَعَ الطَّعَامَ مَعَ الْكِرَاءِ قَوَّى ذَلِكَ جَانِبَ الْبَيْعِ، وَصَارَ الْمَأْخُوذُ فِي مُقَابَلَةِ الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيْهِ فَقَدْ بَاعَ الْمُسْلِمُ الطَّعَامَ الَّذِي عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِهَذَا الْمَأْخُوذِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً فَإِنَّ الطَّعَامَ الْمَأْخُوذَ هُوَ الَّذِي جِهَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (ص) وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلْمَحَلِّ وَالْأَجَلِ أَيْ وَلَزِمَ الْمُسْلِمَ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ، وَكَانَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَلَزِمَ أَيْ الْوَاجِبُ دَفْعًا وَقَبُولًا بَعْدَهُمَا: بَعْدِيَّةُ الزَّمَانِ بَعْدِيَّةَ انْقِضَاءٍ، وَبَعْدِيَّةُ الْمَحَلِّ بَعْدِيَّةَ وُصُولٍ؛ أَيْ بَعْدَهُمَا انْقِضَاءً وَوُصُولًا (ص) كَقَاضٍ إنْ غَابَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْقَبُولِ أَيْ إذَا غَابَ الْمُسْلِمُ عَنْ مَوْضِعِ الْقَبْضِ، وَلَا، وَكِيلَ لَهُ، وَأَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْقَاضِي بِالشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ فَقَوْلُهُ إنْ غَابَ أَيْ وَلَا وَكِيلَ لَهُ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَاضِي (ص) وَجَازَ أَجْوَدُ، وَأَرْدَأُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَالْمَحَلِّ أَنْ يَقْبَلَ الْمُسْلَمَ فِيهِ إذَا دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَجْوَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَرْدَأَ لِأَنَّ ذَلِكَ حُسْنُ قَضَاءٍ فِي الْأَوَّلِ، وَحُسْنُ اقْتِضَاءٍ فِي الثَّانِي (ص) لَا أَقَلَّ (ش) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَقَلَّ قَدْرًا كَعَشَرَةٍ عَنْ أَحَدَ عَشَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ الْأَقَلَّ بِصِفَةٍ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَجْوَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَرْدَأَ مِنْهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ إرْدَبٍّ سَمْرَاءَ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَلَا يُشْكِلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ مَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَحِلَّ يُمْنَعُ، وَهُوَ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَلَوْ عَمَّمْنَا هُنَا، وَقُلْنَا قَبْلَ الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَ الْمَحَلِّ لَنَاقَضَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَهُ هُنَا شَامِلٌ لِلطَّعَامِ، وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَقَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا) حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ مِنْ حُلُولِ أَجَلِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَفِيهِ أَيْضًا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ عِوَضٌ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْآنَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ فِي مَحَلِّهِ فَكَانَ قَضِيَّتُهُ الْمَنْعَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ تَقَوَّى جَانِبُ السَّلَفِ بِاجْتِمَاعِ عَدَمِ الْحُلُولِ لِقَبَلِيَّةِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ فَأَشْبَهَ عَدَمَ الْحُلُولِ) أَيْ فَقَدْ عُجِّلَ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَالْمُعَجِّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَهُ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا مُقْتَضِيًا لِلْمَنْعِ فَيَقْتَضِي الْمَنْعَ حَتَّى فِي صُورَةِ الْجَوَازِ فَالْأَنْسَبُ حَذْفُ هَذَا التَّعْلِيلِ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا فَقَدْ وُجِدَ عَدَمُ حُلُولَيْنِ قُلْت يَبْعُدُ ذَلِكَ سَوْقُهُ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ) فَكَأَنَّهُ دَفَعَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَفِيهِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ فِي الطَّعَامِ) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَخَذَهُ عَنْ الطَّعَامِ، وَقَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ ظَاهِرُهُ الْمُسْلِمُ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهُ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ فَقَدْ اسْتَوْفَاهُ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ قَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ وَدِيعَةً، وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ ذَهَابُهُ لِبَلَدِ الشَّرْطِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَأَنَّهُ سَلَّفَهُ لَهُ أَوْ بَاعَهُ لَهُ لِيَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ وَالتَّفَاضُلُ لِأَنَّ هَذَا الْكِرَاءَ يُقَدَّرُ طَعَامًا (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ) فَكَأَنَّ الْمُسْلِمَ أَسْلَفَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ذَلِكَ الدِّينَارَ الَّذِي أَخَذَهُ كِرَاءً، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الطَّعَامِ نَفْعًا، وَهُوَ الْإِرْدَبُّ الَّذِي لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَبِيعَ وَسُلِّفَ) أَيْ فَمَا وَقَعَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الطَّعَامِ بِيعَ، وَمَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الْمَدْفُوعِ كِرَاءً سُلِّفَ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِرَاطِ أَرْخَصَ) أَيْ فَالْمُسْلِمُ حَطَّ الضَّمَانَ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَزَادَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الشَّرْطِ فَإِذَا كَانَ يُبَاعُ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ بِدِينَارٍ، وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ بِدِينَارَيْنِ فَالدِّينَارُ الثَّانِي هُوَ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا) أَيْ إذَا أَتَاهُ بِجَمِيعِهِ فَإِنْ أَتَاهُ بِبَعْضِهِ لَمْ يَلْزَمْ حَيْثُ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ بَعْدِيَّةُ الزَّمَانِ بَعْدِيَّةَ انْقِضَاءٍ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَيْسَ بِمُرَادٍ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فَأَفَادَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى انْقِضَاءِ الزَّمَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْدَ فِي الْمَكَانِ قَلِيلٌ، وَفِي الزَّمَانِ كَثِيرٌ فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ (قَوْلُهُ كَقَاضٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ «السُّلْطَانَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» انْتَهَى، وَالْقَاضِي نَائِبٌ مَنَابَ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ وَجَازَ أَجْوَدُ) عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ هِبَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ الْأَقَلَّ بِصِفَةٍ إلَخْ) هَذَا مَا لِأَبِي الْحَسَنِ، وَاَلَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ ارْتِضَاؤُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِالصِّفَةِ جَازَ أَبْرَأَهُ مِمَّا زَادَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ مَحْمُولَةً، وَحَطَّ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الصُّلْحِ وَالتَّبَايُعِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اقْتِضَاءً عَنْ خَمْسِينَ مِنْهَا ثُمَّ حَطَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ فِي أَخْذِهِ خَمْسِينَ سَمْرَاءَ مِنْ مِائَةٍ مَحْمُولَةٍ، وَحَطَّهُ مَا بَقِيَ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ يَأْخُذَ الْأَقَلَّ (عَنْ مِثْلِهِ) قَدْرًا (وَيُبْرِئُ) بَعْدَ ذَلِكَ (مِمَّا زَادَ) عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَا الْمُكَايَسَةِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّقْدِ حَيْثُ اتَّحَدَ جِنْسُ الْقَضَاءِ، وَالْمَقْضِيُّ عَنْهُ فِيهِمَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ قِنْطَارٍ مِنْ نُحَاسٍ عَنْ قِنْطَارٍ مِنْهُ أَبْرَأَ مِمَّا زَادَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ، وَلَا نَقْدٍ (ص) وَلَا دَقِيقٍ عَنْ قَمْحٍ، وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ مَالِكٌ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الطَّحْنَ نَاقِلٌ فَصَارَ كَجِنْسَيْنِ فَفِي قَضَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَذَا فِي السَّلَمِ، وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيَجُوزُ بِتَحَرِّي مَا فِي الدَّقِيقِ مِنْ الْقَمْحِ، وَمَا فِي الْقَمْحِ مِنْ الدَّقِيقِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قَضَاءِ السَّلَمِ بِالْجِنْسِ شَرَعَ فِي قَضَائِهِ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (ص) وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً، وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ لَا طَعَامٌ، وَلَحْمٌ بِحَيَوَانٍ، وَذَهَبٍ، وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ، وَعَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ السَّلَمَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي حَيَوَانٍ فَأَخَذَ عَنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ دَرَاهِمَ إذْ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِمَّا يُبَاعُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ مَثَلًا فَأَخَذَ عَنْهُ طَشْتَ نُحَاسٍ إذْ يَجُوزُ بَيْعُ الطَّشْتِ بِالثَّوْبِ يَدًا بِيَدٍ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ فِي حَيَوَانٍ فَأَخَذَ عَنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ ثَوْبًا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الدَّرَاهِمُ فِي الثَّوْبِ فَاحْتُرِزَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مِنْ طَعَامِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقَدْ وَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ بَائِعِك أَمْ لَا، وَبِالثَّانِي مِنْ أَخْذِ اللَّحْمِ الْغَيْرِ الْمَطْبُوخِ عَنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ، وَلَا الْعَكْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ بِهِ يَدًا بِيَدٍ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي بَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُ، وَبِالثَّالِثِ مِنْ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ عَنْ الذَّهَبِ، وَعَكْسُهُ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ تُسْلَمَ الدَّرَاهِمُ فِي الدَّنَانِيرِ، وَلَا عَكْسُهُ لِأَدَائِهِ إلَى الصَّرْفِ الْمُسْتَأْخِرِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ غَرِيمِهِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُرَاعِ رَأْسَ الْمَالِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ دَنَانِيرَ، وَيَبِيعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِوَرِقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي الْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ مَا اُبْتِيعَ مِنْ عَمْرٍو فَقَوْلُهُ لَا طَعَامٌ مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَلَحْمٌ بِحَيَوَانٍ، وَعَكْسُهُ مُحْتَرَزُ الثَّانِي، وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ إذْ هُوَ الَّذِي يَمْتَنِعُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُنَاجَزَةً، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيَجُوزُ كَمَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ، وَيَتَّجِهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ الشُّرُوطُ لِلْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَالْمُحْتَرَزِ عَنْهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّحْمَ وَالْحَيَوَانَ، وَإِنْ كَانَ جِنْسُهَا وَاحِدًا فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ لَكِنْ جَعَلُوهُمَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي قَضَاءِ الدَّقِيقِ عَنْ الْقَمْحِ، وَعَكْسِهِ وَالْبَاءُ فِي بِحَيَوَانٍ بِمَعْنَى عَنْ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قَضَاءِ مَا هُوَ عَقْدٌ وَاحِدٌ   [حاشية العدوي] أَمْ لَا، وَالتَّفْصِيلُ إذَا قَضَاهُ بِغَيْرِ الصِّفَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَالتَّبَايُعُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ السَّلَمِ، وَإِلَّا فَسَدَ كَأَنْ يَقُولَ لَا أَدْفَعُ لَك الْأَقَلَّ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ تُبْرِئَ مِمَّا زَادَ (قَوْلُهُ لَا الْمُكَايَسَةُ) أَيْ الْمُشَاحَحَةُ أَيْ الْمُغَالَبَةُ (قَوْلُهُ جِنْسُ الْقَضَاءِ) أَرَادَ بِالْقَضَاءِ مَا دُفِعَ بِالْفِعْلِ، وَأَرَادَ بِالْمَقْضِيِّ عَنْهُ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) مَا لَمْ يَدْخُلُوا عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْقَمْحِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَأَحَدُهُمَا كَافٍ [قَضَاء السَّلَمَ بِغَيْرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ] (قَوْلُهُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَبَيْعُهُ أَيْ الْمَأْخُوذُ فَفِيهِ تَشْتِيتٌ فِي الْمَرْجِعِ فَلَوْ قَالَ وَبَيْعُهُ بِالْمَأْخُوذِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِجُزَافٍ، وَأَرْضٍ لِأَنَّهُ لَا يُسْلَمُ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى، وَأَنْ يُسْلَمَ رَأْسُ الْمَالِ أَيْ الْمَخْصُوصُ فِي تِلْكَ الْجُزْئِيَّةِ، وَأَمَّا هَذَانِ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِمَا أَصْلًا فِي كُلِّ جُزْئِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَلَحْمٌ بِحَيَوَانٍ) أَيْ عَنْ حَيَوَانٍ، وَمِثْلُ اللَّحْمِ طَيْرُ الْمَاءِ، وَخُصْيَانُ الدِّيَكَةِ، وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ رَابِعًا، وَهُوَ تَعْجِيلُ الْمَأْخُوذِ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ وَذَهَبٌ إلَخْ) إلَّا أَنَّ بِزِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ زِيَادَةً بَيِّنَةً تُبْعِدُ تُهْمَتَهُ عَنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِقَوْلِهِ وَلَحْمٌ بِحَيَوَانٍ، وَلِقَوْلِهِ وَذَهَبٌ، وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي الْبَيْعِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي الْبَيْعِ لِزَيْدٍ الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ حُكْمُ الْبَيْعِ لِعَمْرٍو الَّذِي هُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ دَعْوَةٌ تَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) الْأَفْصَحُ أَنْ يَقُولَ الشُّرُوطُ فِي الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ فَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ الْمَحْكُومُ بِمَنْعِهِ إنَّمَا يَكُونُ قَضَاءً بِغَيْرِ الْجِنْسِ مَعَ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِمَنْعِهِ هُنَا الْقَضَاءُ بِالْجِنْسِ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا كَمَا تَبَيَّنَ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ جَعَلُوهُمَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ عَقْدَانِ أَوْ شَبَهُهُمَا بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُ الزِّيَادَةَ لِيَزِيدَهُ طُولًا كَقَبْلِهِ إنْ عَجَّلَهُ دَرَاهِمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ زِيَادَةً عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِيُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ مِنْ ثَوْبِهِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الزِّيَادَةِ، وَأَنْ يَتَعَجَّلَ الْجَمِيعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُعَيَّنَةً كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ، وَإِنْ عُيِّنَتْ، وَلَمْ تُقْبَضْ كَانَ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَإِنْ أَخَّرَ الْأَجَلَ كَانَ بَيْعًا، وَسَلَفًا إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ صِنْفِهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَيْعٌ بِالدَّرَاهِمِ، وَتَأْخِيرُ مَا فِي الذِّمَّةِ سَلَفٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَزِيدَ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ لِيَزِيدَهُ طُولًا فَقَطْ فِي الثَّوْبِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِشُرُوطٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُعَجِّلَ الدَّرَاهِمَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي الطُّولِ لَا فِي الْعَرْضِ، وَالصَّفَاقَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ الصَّفْقَةِ الْأُولَى إلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الطُّولِ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الصَّفْقَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ قَدْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا، وَاَلَّذِي اسْتَأْنَفُوهُ صَفْقَةٌ أُخْرَى الثَّالِثُ أَنْ يَبْقَى مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ مِقْدَارُ أَجَلِ السَّلَمِ أَوْ يُكَمِّلَاهُ إنْ بَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّ لِأَنَّ الثَّانِيَ سَلَمٌ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، الْخَامِسُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَزِيدُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لِيَزِيدَهُ طُولًا، وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلطُّولِ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَإِنَّ الْعَرْضَ وَالصَّفَاقَةَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الطُّولِ لِأَجْلِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَقَبْلِهِ أَيْ كَمَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِيَزِيدَهُ فِي الطُّولِ فَقَطْ لَا فِي الْعَرْضِ، وَالصَّفَاقَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ (ص) وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ (ش) أَيْ كَمَا جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ الزِّيَادَةُ لِيَزِيدَهُ طُولًا جَازَ زِيَادَةُ غَزْلٍ، وَدَرَاهِمَ لِمَنْ عَاقَدْتَهُ أَوَّلًا عَلَى غَزْلٍ يَنْسِجُهُ لَك عَلَى صِفَةٍ كَسِتَّةٍ فِي ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ (لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْغَزْلِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يَأْخُذُهُ مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ مُخَالَفَةً تُبِيحُ سَلَمَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَرْدَأَ أَوْ بِأَجْوَدَ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَضَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَوْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ طَالِبًا لِلْقَضَاءِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا، وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ عَقْدَانِ) وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَبَهُهُمَا، وَذَلِكَ فِي الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ عَقْدَانِ حَقِيقَةً أَوْ مَا هُوَ فِي قُوَّةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ لِيَزِيدَهُ طُولًا) لَيْسَ الْمُرَادُ طُولًا يُوصَلُ بِالطُّولِ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ ذَلِكَ تَأْخِيرَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ غَيْرِ صِنْفِهِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِهِ إلَخْ) الزِّيَادَةُ هُنَا مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا، وَقَوْلُهُ إنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ الْمَزِيدَةَ، وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الزِّيَادَةِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُعَيَّنَ الثَّوْبُ الْأَطْوَلُ أَوْ يَقُولُ أُعْطِيك مِنْ تِلْكَ الشُّقَّةِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَعَجَّلَ الْجَمِيعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُعَجَّلَ الزِّيَادَةُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَمْ لَا ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الزِّيَادَةَ مُنْفَصِلَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُتَّصِلَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ أَيْ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْتِئَامَ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِكَوْنِ الزِّيَادَةِ مُنْفَصِلَةً فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقْبِضُ عِنْدَ أَجَلِهِ، وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ تُقْبَضُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَزِيدَهُ طُولًا عَلَى طُولِهِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الطُّولِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ثَوْبٌ أَطْوَلُ، وَأَمَّا قَبْلَ الْأَجَلِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا فَإِذَنْ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ يُكَمِّلَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ النَّقْلَ، وَحِينَئِذٍ فَالْتَأَمَ الْكَلَامُ مَعَ كَوْنِ الْمُعْطَى ثَوْبًا وَاحِدًا أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَغَزْلٌ يَنْسِجُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَبْلَ لَكِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الطُّولِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا أَعْرَضُ أَوْ أَصْفَقُ فَإِنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ كَقَبْلِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي هَذِهِ مُطْلَقٌ قَالَ الْمَوَّاقُ فِيهَا لِمَالِكٍ، وَإِنْ دَفَعْت إلَيْهِ غَزْلًا يَنْسِجُهُ ثَوْبًا سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةٍ ثُمَّ زِدْته دَرَاهِمَ، وَغَزْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَك فِي عَرْضٍ أَوْ فِي طُولٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الْبُيُوعَ انْتَهَى فَمَسْأَلَةُ الْغَزْلِ الَّذِي يَنْسِجُهُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ، وَلِذَا أَجَازَ فِيهَا أَنْ يَزِيدَهُ غَزْلًا، وَدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِي الْعَرْضِ أَوْ الطُّولِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَزِيدُهُ مِنْ غَزْلِهِ، وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَرْضِ إنَّمَا تُمْكِنُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْسِجَ مِنْهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) فَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ دَلِيلًا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى سَحْنُونَ فِي جَوَازِ زِيَادَةِ الطُّولِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ فَالْمُنَاسِبُ لِلِاسْتِدْلَالِ أَنْ يَقُولَ كَغَزْلٍ بِالْكَافِ إذْ لَا يَتَأَتَّى صِنَاعَةُ الِاسْتِدْلَالِ إلَّا بِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) وَتَعْجِيلُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ مُخَالِفَةٌ تُبِيحُ سَلَمَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ مِنْ الْجِنْسِ لَكِنْ يَكُونُ الْأَوَّلُ مِنْ كَتَّانٍ غَلِيظٍ، وَالثَّانِي مِنْ رَقِيقٍ [إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ] (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ دَفْعُهُ) فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ جَازَ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اتَّحَدَ سِعْرُ الْمَوْضِعَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 حَمْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا لَقِيَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْقَضَاءِ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ مِنْهُمَا فَيَلْزَمُ رَبَّهُ الْقَبُولُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إذَا طَلَبَهُ رَبُّهُ، وَبِعِبَارَةٍ فَالْحَقُّ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ أَوْ الْمَكَانَيْنِ خَوْفٌ، وَهِيَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يُجْبَرُ مَنْ هِيَ عَلَى قَبُولِهَا قَبْلَ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ قَبْضُهَا، وَلَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي عَيْنِ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ دَفْعُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ كَجَوَاهِرَ وَلُؤْلُؤٍ لِأَنَّ أَجَلَ السَّلَمِ مِنْ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَمَّا كَانَ الْقَرْضُ شَبِيهًا بِالسَّلَمِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ دَفْعِ مُعَجَّلٍ فِي غَيْرِهِ ذَيَّلَهُ بِهِ فَقَالَ (فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْقَرْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ سُمِّيَ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْ مَالِ الْمُقْرِضِ، وَالْقَرْضُ أَيْضًا التَّرْكُ قَرَضْت الشَّيْءَ عَنْ الشَّيْءِ، أَيْ: تَرَكْته وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 17] وَشَرْعًا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ لَا عَاجِلًا تَفَضُّلًا فَقَطْ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةٍ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مُتَمَوَّلٍ مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذَا دَفَعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَرْضٍ، وَلَا يُقْرَضُ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَوْلِهِ فِي عِوَضٍ أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَهُ هِبَةً، وَقَوْلُهُ: لَا عَاجِلًا عُطِفَ بِلَا عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ، أَيْ: الْمُتَمَوَّلُ الْمَدْفُوعُ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ حَالَةَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا لَا عَاجِلًا أَخْرَجَ بِهِ الْمُبَادَلَةَ الْمِثْلِيَّةَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهَا لَوْلَا الزِّيَادَةُ وَقَوْلُهُ تَفَضُّلًا بِأَنْ يَقْصِدَ نَفْعَ الْمُتَسَلِّفِ فَقَطْ لَا نَفْعَهُ، وَلَا نَفْعَهُمَا، وَلَا نَفْعَ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ سَلَفٌ فَاسِدٌ قَوْلُهُ لَا يُوجِبُ إلَخْ، أَيْ: لَا يُوجِبُ إمْكَانَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْجَارِيَةِ الْمُعَارَةِ، وَقَوْلُهُ: مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةٍ صِفَةٌ لِمُتَمَوَّلٍ فَيَجُوزُ جَرُّهُ وَنَصْبُهُ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مُتَمَوَّلٍ وَلِمَحَلِّهِ وَلَمَّا أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ ضَبْطَ مُتَعَلِّقِ الْقَرْضِ عَبَّرَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ فَقَطْ (ش) ، أَيْ: كُلِّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ يَصِحُّ أَنْ يُقْرَضَ كَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ وَكُلِّ مَا لَا يَصِحُّ سَلَمُهُ لَا يَصِحُّ قَرْضُهُ كَالْأَرَضِينَ، وَالْأَشْجَارِ وَتُرَابِ الْمَعَادِنِ، وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ فَيَمْتَنِعُ قَرْضُ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ بِمِثْلِهِ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ عَلَى نَجِسٍ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَرْضُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْقَاعِدَةُ مُطَّرِدَةٌ مُنْعَكِسَةٌ وَعَلَى جَوَازِ قَرْضِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ، وَمِثْلُهُ جِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي الْجَوَارِي جَائِزًا، وَلَا يَجُوزُ قَرْضُهُنَّ أَخْرَجَهُنَّ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ (ش) ، أَيْ: فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ وَلِذَلِكَ انْتَفَى الْمَنْعُ فِيمَا إذَا اقْتَرَضَ الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ   [حاشية العدوي] أَوْ كَانَ غَيْرُ مَحَلِّهِ أَرْخَصَ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا) هَذَا مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْأَجَلَ حَلَّ (قَوْلُهُ فَالْحَقُّ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ) وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ أَيْ فَالْحَقُّ لِمَنْ عَلَيْهِ الْعَيْنُ، وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي عَيْنِ الْقَرْضِ) سَيَأْتِي لَهُ يَذْكُرُ هَذَا فِي بَابِ الْقَرْضِ، وَلَكِنْ فِي عب، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَرْضُ كَذَلِكَ، وَذَكَرَ عج مِثْلَ عب (قَوْلُهُ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ، وَلَوْ ثَقُلَ حَمْلُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّالِبَ الْمُسْلِمُ، وَالْمُبَالَغَةُ تَقْتَضِي الْعَكْسَ [فَصْلٌ الْقَرْضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (فَصْلُ الْقَرْضِ) (قَوْلُهُ: ذَيَّلَهُ) ، أَيْ: ذَيَّلَ السَّلَمَ بِالْقَرْضِ الْمُرَادُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تُوجِبُ إلَّا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: سُمِّيَ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نَفْسَ الْمَالِ يُقَالُ لَهُ قَرْضٌ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَرْضَ هُوَ الدَّفْعُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ دَفَعَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ ذُو قِطْعَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: تَرَكْته) أَيْ أَبْعَدَتْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17] أَيْ تَتْرُكُهُمْ جِهَةَ الْيَمِينِ لِكَوْنِ بَابِ الْغَارِ لَيْسَ جِهَةَ طُلُوعِهَا، وَلَا جِهَةَ غُرُوبِهَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُخَالِفٍ لَهُ) ، أَيْ: لِذَلِكَ الْمُتَمَوَّلِ (قَوْلُهُ: تَفَضُّلًا) ، أَيْ: حَالَ كَوْنِ الدَّفْعِ تَفَضُّلًا وَكَذَا قَوْلُهُ لَا يُوجِبُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا عَاجِلًا وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ) ، أَيْ: كَقِطْعَةِ نَارٍ (قَوْلُهُ: حَالَةَ كَوْنِهِ) أَيْ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: الْمُبَادَلَةُ الْمِثْلِيَّةُ) أَفَادَ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ تَكُونُ غَيْرَ مِثْلِيَّةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِأَنْقَصَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ الْمُبَادَلَةَ فِي غَيْرِ النَّقْدِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شب (قَوْلُهُ:، وَلَا نَفْعَ أَجْنَبِيٍّ) ، أَيْ: بِأَنْ يَقْصِدَ بِالدَّفْعِ لِزَيْدٍ نَفْعَ عَمْرٍو لِكَوْنِ عَمْرٍو يَعُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْقَرْضِ كَأَنْ يَكُونَ لِعَمْرٍو دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ فَيُقْرِضُ زَيْدًا لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَ لِعَمْرٍو دَيْنَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُوجِبُ إمْكَانَ إلَخْ) الْأَوْلَى إبْقَاءُ لَفْظِ عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا، أَيْ: دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ نَفْسِ الْعَارِيَّةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ احْتِرَازًا مِنْ قَرْضٍ يُوجِبُ إمْكَانَ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: صِفَةً لِمُتَمَوَّلٍ) لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ صِفَةً لِمُتَمَوَّلٍ بَلْ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِلدَّفْعِ، أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الدَّفْعِ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ، أَيْ: مُتَعَلِّقُهُ الَّذِي هُوَ الْعَرَضُ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ) ، أَيْ: يُؤْذَنُ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ إبَاحَتُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُهُ كَتَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ بِقَرْضِهِ، أَوْ كَرَاهَتِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ وَكَانَ يُقْرِض شَخْصًا فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ وَلَيْسَتْ مُحَقَّقَةً، أَوْ حُرْمَةٌ كَجَارِيَةٍ تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ سَلَمُهُ) ، أَيْ: سَلَمٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى جَوَازِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ جَوَازُ قَرْضِ مِلْءِ مِكْيَالٍ مَجْهُولٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَكَذَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ قَرْضُ وَيْبَاتٍ وَحَفَنَاتٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَةَ فَقَطْ مُضِرَّةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُقْتَرِضِ) لَمْ يُعَبِّرْ بِمُقْتَرَضٍ مَعَ كَوْنِهِ أَخَصْرَ نَظَرَا لِحُرْمَةِ الْقَرْضِ مِنْ حَيْثُ طَلَبُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 وَكَذَا فِي الصَّبِيَّةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى لِعَدَمِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ الْأَوَّلِ وَلِكَوْنِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالثَّانِيَةِ كَالْعَدَمِ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ فِي الْجَوَازِ الشَّيْخُ الْفَانِي، وَالْمَرْأَةُ، وَالْمَحْرَمُ (ص) وَرُدَّتْ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْقِيمَةُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ وَقَعَ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ جَارِيَةً يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ وُجُوبًا إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمُسْتَقْرِضِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْتَرَضَ حِينَئِذٍ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَا تُرَدُّ (ص) كَفَاسِدِهِ (ش) ، أَيْ: كَفَاسِدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إذَا فَسَدَ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا رُدَّ الْمِثْلُ، وَالْغِيبَةُ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ فَوْتٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا ظُنَّ بِهِ الْوَطْءُ أَمْ لَا وَطِئَ أَمْ لَا وَلَيْسَتْ عِوَضًا عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ (ص) وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ (ش) الضَّمِيرُ لِلْمِدْيَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يَحْرُمُ أَنْ يُهْدِيَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ هَدِيَّةً وَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ وَبِعِبَارَةٍ، أَيْ: هَدِيَّةُ الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُقْتَرِضًا، أَيْ: آخِذًا لِلْقَرْضِ بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَدِينًا فَيَشْمَلُ مَدِينَ الْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ رَدُّهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَقِيمَتِهَا يَوْمَ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً (ص) إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا، أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدِيَّةَ الْمِدَيَان حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مِثْلُ الْهَدِيَّةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْمُدَايَنَةِ وَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ حِينَئِذٍ حَالَةَ الْمُدَايَنَةِ، وَإِلَّا أَنْ يَحْدُثَ مُوجِبُ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْمُدَايَنَةِ مِنْ صُهَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ (ص) كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدِيَّةَ رَبِّ الْقِرَاضِ لِلْعَامِلِ حَرَامٌ لِئَلَّا يَقْصِدَ بِذَلِكَ أَنْ يَسْتَدِيمَ الْعَمَلَ فَيَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ أَمَّا قَبْلَ الشَّغْلِ فَبِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَخْذُهُ مِنْهُ فَيُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَهْدَى إلَيْهِ لِيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تَجُوزُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَالِ فَتَجُوزُ لِعَدَمِ قُدْرَةِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ، أَوْ الْمَالِ وَهُوَ أَنْ يَتَرَقَّبَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بَعْدَ نَضُوضِ هَذَا الْمَالِ أَنْ يُعَامِلَهُ ثَانِيًا لِأَجْلِ هَدِيَّتِهِ لَهُ وَتَعْلِيلُ تت مَعْكُوسٌ (ص) وَذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِذِي الْجَاهِ أَخْذُ مَالٍ عَلَى جَاهِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَخْذُ هَدَايَا النَّاسِ وَيَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ الَّتِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الصِّبْيَةِ) ، أَيْ: وَكَذَا انْتَفَى الْمَنْعُ فِي الصَّبِيَّةِ، أَيْ: الَّتِي تُقْرِضُ (قَوْلُهُ: لَا تُشْتَهَى) ، أَيْ: فِي مُدَّةِ الْقَرْضِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: الشَّيْخُ الْفَانِي) ، أَيْ: الَّذِي فَنِيَتْ شَهْوَتُهُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ، وَالْخَصِيَّ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ لَهُمَا (قَوْلُهُ:، وَالْمَرْأَةُ) ، أَيْ: تَقْتَرِضُ جَارِيَةً وَقَوْلُهُ، وَالْمَحْرَمُ، أَيْ: يَقْتَرِضُ بِنْتَ أَخِيهِ (أَقُولُ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِزِيَادَةٍ بِأَنْ تَقُولَ إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَيُمْكِنُ اسْتِمْتَاعُهَا (قَوْلُهُ: إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ) ، أَيْ: فَيُعْطَى الْقِيمَةَ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَالْمِثْلَ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، ثُمَّ يُقَالُ كَوْنُ الْكَافِ دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ قَلِيلٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ كَفَاسِدِهِ، أَيْ: فَاسِدِ كُلِّ قَرْضٍ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْقِيمَةِ وَيَكُونُ أَفْيَدَ، وَالْمُغَايَرَةُ بِالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ) فَيُعْطَى الْقِيمَةَ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَالْمِثْلَ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَيْعُ) وَجْهُ كَوْنِهِ أَصْلًا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُشَاحَّةً وَفِي الْقَرْضِ تَفَضُّلًا كَذَا فِي عب وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْبَيْعِ أَصْلًا لِلْقَرْضِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْكَسَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَجْهُ كَوْنِ الْبَيْعِ أَصْلًا أَنَّ الْأَصْلَ دَفْعُ الْمَالِ فِي عِوَضٍ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ وَقَوْلُهُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ، أَيْ: فَيُعْطَى الْمِثْلَ (قَوْلُهُ: وَالْغِيبَةُ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ) ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْغِيبَةَ عَلَيْهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ التَّابِعِ لتت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَوَاتَ إنْ كَانَ بِالْوَطْءِ تَحْقِيقًا، أَوْ ظَنًّا كَالْغَيْبَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ تَرَاضِيهمَا عَلَى رَدِّهَا عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي لَزِمَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَلَا تُرَدُّ وَتَقُولُ إنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ عِوَضًا) ، أَيْ: لَا نَقُولُ إنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ حَتَّى يَصِحَّ رَدُّهَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِلتَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ) فَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَمِثْلُ هَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ إطْعَامُهُ رَجَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَكْلُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ غَرَضِهِ، وَأَمَّا إطْعَامُهُ إذَا جَاءَهُ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَزِدْ فِي ضِيَافَتِهِ وَيَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَأْخِيرِهِ الدَّيْنَ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَتَأَمَّلْ وَذَكَرَ فِي ك أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مَجَّانًا وَلَوْ لُقْمَةٍ، أَوْ شَرْبَةٍ أَوْ اسْتِظْلَالٍ بِجِدَارِهِ، أَوْ بِحَمْلٍ عَلَى دَابَّتِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ وَفِي عب خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مِثْلُهَا) ، أَيْ: صِفَةً وَقَدْرًا، وَقَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهَا، أَيْ: السَّابِقَةُ، وَاللَّاحِقَةُ لَيْسَتْ لِأَجْلِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ شَغْلٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَامِلُهُ (قَوْله وَتَعْلِيلُ تت مَعْكُوسٌ) مِنْ حَيْثُ جَعْلُ الْجَوَازِ نَظَرًا لِلْمَآلِ، وَالْمَنْعِ نَظَرًا لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: وَذِي الْجَاهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا) قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا تَقَدَّمَ مُوجِبٌ، أَوْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا يَجُوزُ أَخْذُهَا لِذِي الْجَاهِ عَلَى جَاهِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ حُرْمَةُ الرِّشْوَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يُجَوِّزُ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الدَّافِعِ لِلْقَاضِي إذَا أَمْكَنَهُ خَلَاصُ حَقِّهِ فَإِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَظْلِمَتِهِ، أَوْ خَلَاصُ حَقِّهِ بِدُونِهِ فَالْحُرْمَةُ عَلَى الْقَاضِي وَحْدَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 اعْتَادَهَا الْقَاضِي قَبْلَ الْوِلَايَةِ قَوْلَانِ (ص) وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمِدْيَانِ وَذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي مُسَامَحَةً حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ، أَوْ بَعْدَهُ وَحَيْثُ لَا مُسَامَحَةَ لَا تَحْرِيمَ فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ، وَالْكَرَاهَةَ وَهُمَا قَوْلَانِ وَبِعِبَارَةِ مُسَامَحَةً، أَيْ: بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ فَإِنْ وَقَعَ رُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَفِيهِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ، وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ (ص) ، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ (ش) إمَّا أَنَّهُ بِالْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِأَوْ كَمَا أَنَّهُ فِي بَعْضِهَا وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى هَدِيَّةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ: وَحَرُمَ هَدِيَّةٌ وَحَرُمَ جَرُّ مَنْفَعَةٍ، أَيْ: فِي الْقَرْضِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مَنْفَعَةُ مَا فَاتَهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَمَحُّضِ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرَضِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَجُوزُ سَلَفُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا، وَمِثْلُهُ مَنْ يَدْفَعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّقِيقِ لِخَبَّازٍ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْخُبْزِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا، وَمِثْلُهُ مَنْ يَبِيعُ الدَّقِيقَ، أَوْ الشَّاةَ بِقَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهَا قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْخُبْزِ، أَوْ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَضَاهُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامٌ، أَوْ اللَّحْمِ لَحْمٌ (ص) كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ وَدَقِيقٍ، أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ، أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ، أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِمَا يَجُرُّ الْمَنْفَعَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَفَهُ طَعَامًا عَفِنًا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ طَعَامًا سَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَالْمَنْعُ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ قَضَاءُ مَا ذُكِرَ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَ دَقِيقًا بِبَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ لِلْحَاجِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْفِيفِ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَ كَعْكًا بِبَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ، أَيْ: لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ الْمَكَانُ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَهُ خُبْزَ فُرْنٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ خُبْزَ مَلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا، أَيْ: ذَاتًا عِنْدَهُ عَظُمَ حَمْلُهَا وَيَشْتَرِطُ أَخْذَهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ غَرَرَ الطَّرِيقِ وَمُؤْنَةَ الْحَمْلِ وَقَوْلُنَا، أَيْ: ذَاتًا لِيَشْمَلَ النَّقْدَ وَغَيْرَهُ كَقَمْحٍ وَعَسَلٍ وَنَحْوِهِمَا، وَالْمَلَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ الَّذِي يُخْبَزُ بِهِ، أَوْ اسْمٌ لِلْحُفْرَةِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا الرَّمَادُ الْمَذْكُورُ، أَوْ اسْمٌ لَمَا يُخْبَزُ فِيهَا وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ بِخُبْزِ مَلَّةٍ، وَأَمَّا خُبْزُ فُرْنٍ بِمِثْلِهِ وَخُبْزُ مَلَّةٍ بِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ مَعَ تَحَرِّي مَا فِيهِمَا مِنْ الدَّقِيقِ، وَلَا يَكْفِي وَزْنُهُمَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَزْنُهُمَا وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ غَيْرِ رِبَوِيٍّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا فَقَطْ. (ص) كَسَفْتَجَةٍ (ش) هُوَ مِثَالٌ لِتِلْكَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَةِ الْحَمْلِ وَهِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَبِالْجِيمِ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ تُجْمَعُ عَلَى سَفَاتِجَ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْكِتَابُ الَّذِي يُرْسِلُهُ الْمُقْتَرِضُ إلَى وَكِيلِهِ لِيَدْفَعَ لِحَامِلِهِ بِبَلَدِ آخَرَ نَظِيرَ مَا تَسَلَّفَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَلِّفَ انْتَفَعَ بِحِرْزِ مَالِهِ مِنْ آفَاتِ الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ) ، أَيْ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ فِي جَمِيعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً) ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْعُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ مُسَامَحَةً فَيُكْرَهُ فَقَطْ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْمَدِينُ فِي الثَّمَنِ لِيُؤَخِّرَهُ، أَوْ يَعْمَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بَيْعُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمِدْيَانِ) ، أَيْ: بَيْعُ الْمِدْيَانِ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُسَامَحَةً، وَقَوْلُهُ: وَذِي الْجَاهِ، أَيْ: يَبِيعُ لِذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: وَهُمَا قَوْلَانِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ رُبَّمَا تُجَرُّ إلَى غَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) إنَّمَا كَانَتْ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْدَادُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِأَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي شَرْحِ الشَّامِلِ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا قَلَّ مَا حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ سَلَفُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ) وَأَوْلَى غَيْرِ مَسْلُوخَةٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ السَّلَفِ عَلَى شَاةٍ غَيْر مَسْلُوخَةٍ بِأَرْطَالٍ مُعَيَّنَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مَعَ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً، وَقَوْلُهُ: مَنْ يَدْفَعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّقِيقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الْقَمْحِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ مَعَ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ لِمَا قُلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ الْجَوَازَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ عَفِنٍ) أَيْ كَشَرْطِ تَبْدِيلِهِ، وَالْعَادَةُ الْعَامَّةُ، وَالْخَاصَّةُ كَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ) اعْلَمْ أَنَّ خُبْزَ الْمَلَّةِ خُبْزٌ يُخْبَزُ فِي الرَّمَادِ الْحَارِّ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْبَوَادِي وَفِي الْمَغْرِبِ يَخْرُجُ لَذِيذًا نَقِيًّا شِبْهَ الْفَطِيرِ الَّذِي يُجْعَلُ فِي النَّارِ وَيَنْضَجُ شَيْئًا فَشَيْئًا لَا مَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ خُبْزُ الْحَصَاوِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ التَّشْبِيهَ (قَوْلُهُ: هُوَ مِثَالٌ إلَخْ) أَيْ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: كَمَضْمُونِ سَفْتَجَةٍ، أَيْ: مَا تَضَمَّنَتْهُ السَّفْتَجَةُ مِنْ الْعَيْنِ الْعَظِيمَةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ الْمَخُوفُ أَيْ مِنْ الْهَلَاكِ مَثَلًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْمَخُوف، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ، أَيْ: غَلَبَ الْمَخُوفُ أَيْ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ لَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، أَوْ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَالِبُ صَارَتْ ضَرُورَةً وَأُجِيزَتْ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ اهـ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ، أَيْ: بَلْ فِي بَعْضِهِ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَبْعَدَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنَّ كَمَا يُفِيدُهُ عب حَيْثُ قَالَ فَإِنْ شَكَّ فِي الْهَلَاكِ، أَوْ قَطْعِ الطَّرِيقِ إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 طُرُقِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الْمُقْرِضُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ لِضَرُورَةِ صِيَانَةِ الْأَمْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ فَيَجُوزُ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ حِفْظِ الْمَالِ عَلَى مَضَرَّةِ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَإِنْ غَلَبَ لَا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ، أَوْ غَلَبَ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ (ص) وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا (ش) هَذَا أَيْضًا مَمْنُوعٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ عِنْدَهُ ذَاتٌ مِنْ قَمْحٍ، أَوْ نَقْدٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا كُرِهَ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ لِخَوْفِ تَلَفِهَا بِسُوسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِفَهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ لَا إنْ فُقِدَا وَهَذَا مَا لَمْ يَتَمَحَّضْ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ بِدَلِيلِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصَدٍ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُقْرِضَ إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَمِثْلُهُ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ مَعَ الْآخَرِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ السَّابِقَةِ الْمَمْنُوعَةِ فَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ مِثْلُ أَنْ يَقْتَرِضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ لَهُ زَرْعٌ آنَ حَصَادُهُ فَدَّانًا مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ، أَوْ فَدَّانَيْنِ وَقَدْ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُمَا عَلَى الْمُقْرِضِ مِنْ حَصْدٍ وَدَرْسٍ وَنَحْوِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِزَرْعِهِ فَأَخَذَ الْمُقْتَرِضُ مَا ذُكِرَ لِيَحْصُدَهُ وَيَدْرُسَهُ وَيَذْرُوَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ وَيَرُدَّ مَكِيلَتَهُ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَهُوَ لِلْمُقْرِضِ فَقَوْلُهُ كَفَدَّانٍ مِثَالٌ لِمَا قَامَ فِيهِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّفْعَ لِلْمُقْتَرَضِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْجَوَازُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ فَقَطْ لَا إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ، أَوْ هُوَ مَعَ الْمُقْتَرِضِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ وَقَصْدُ نَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ كَقَصْدِ نَفْعِ نَفْسِهِ (ص) وَمِلْكٍ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَرْضَ يَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْقَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَيَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ وَإِذَا قَبَضَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إلَّا إذَا انْتَفَعَ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ الْمُشْتَرَطُ، أَوْ الْمُعْتَادُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَيْنَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَجَبَ عَلَى رَبِّهِ قَبُولُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إلَّا الْعَيْنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَرْضَ لَا يَلْزَمُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا دَفَعَهُ لِلْمُقْرِضِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَرْضِ وَأَبَى مِنْ أَخْذِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُقْتَرَضُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِضَرُورَةٍ) ، أَيْ: يُؤْذَنُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ) ، أَيْ: اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ السَّالِمَ، أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ) ، أَيْ: مَعَ الشَّرْطِ، أَوْ الْعَادَةِ كَمَا فِي شب، وَالْمُرَادُ بِالدَّلِيلِ الْقَرِينَةُ كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَوَّسُ، أَوْ الْقَدِيمُ الَّذِي خَافَ أَنْ يُسَوِّسَ إذَا بَاعَهُ أَتَى ثَمَنُهُ بِأَضْعَافِ مَا يَأْتِي لَهُ بَدَلُ الْقَرْضِ لِمَسْغَبَةٍ، أَوْ غَلَاءٍ قَبْلَ نَبَاتِ مَا يَحْصُلُ (قَوْلُهُ: يَحْصُدُهُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: مِثَالٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجَمِيعِ يَبْعُدُ كَوْنُهُ مِثَالًا وَيُعَيَّنُ كَوْنُهُ تَشْبِيهًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ مِثَالًا تُجْعَلُ الْقَرِينَةُ كَوْنَهُ تَخِفُّ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ، أَيْ: فَالْخِفَّةُ هِيَ نَفْسُ الدَّلِيلِ لَا شَيْءٌ آخَرُ وَعَلَى جَعْلِهِ تَشْبِيهًا تَكُونُ الْقَرِينَةُ أَمْرًا آخَرَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ تِلْكَ الْقَرِينَةُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمِلْكٍ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ) عَلَى الْفَوْرِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ الْمُشْتَرَطُ، أَوْ الْمُعْتَادُ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قُوَّةِ الشَّرْطِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ، أَوْ عَادَةٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا وَمَقْصُودُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَى إلَخْ) فَإِنْ انْتَفَيَا كَانَ كَالْعَارِيَّةِ الْمُنْتَفَى فِيهَا شَرْطُ الْأَجَلِ، وَالْعَادَةِ وَلِلَّخْمِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ فَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْقِيَهُ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يُرَى أَنَّهُ أَعَارَ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَادَةِ إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ الْعَادَةُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ) ، أَيْ: وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لَعَيْنِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ) أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِنُقْصَانٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ، وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَذَلِكَ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُقْرِضِ وَرُدَّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُقْرِضِ فِيهَا لِتَقَدُّمِ مَعْرُوفِهِ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَلِذَلِكَ قَالَ عب فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ انْتَهَى وَأَقُولُ الْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ أَجْوَدُ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِذَلِكَ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُ هُنَا فَهُوَ مَعَ الْفَارِقِ وَنَصُّهُ هُنَاكَ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْجُودَةَ هِبَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْعَيْنُ) ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ فَمَتَى دَفَعَهُ لَهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ، وَأَمَّا الْعَرَضُ مِنْ فَرْضٍ فَإِذَا دَفَعَهُ لَهُ بِمَحَلِّهِ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَبِغَيْرِ مَحَلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، وَأَمَّا الْعَرَضُ مِنْ بَيْعٍ فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ بِمَحَلِّهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَكَذَا بَعْدَ الْأَجَلِ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ، أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْقَبُولُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَهُوَ بِالْمَحَلِّ تَقَدَّمَ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا فَهَذِهِ صُوَرٌ سِتَّ عَشَرَةَ بَعْضُهَا هُنَا وَبَعْضُهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْعَيْنُ) فِي شَرْحِ شب وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهَا فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ) فَإِنْ خَرِبَ مَحَلُّهُ، أَوْ انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَأَقْرَبُ مَوْضِعِ عِمَارَةٍ لَهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 عَيْنًا فَيَلْزَمُ مُقْرِضَهَا أَخْذُهَا بِغَيْرِ مَحَلِّهَا إذْ لَا كُلْفَةَ فِي حَمْلِهَا وَلَوْ اتَّفَقَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْعَيْنِ الْجَوَاهِرُ النَّفِيسَةُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَابِ السَّابِقِ كَالْعُرُوضِ، وَقَوْلُهُ: كَأَخْذِهِ إلَخْ مِثْلُهُ فِي دَفْعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا احْتَاجَتْ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا كَغَيْرِهَا (فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَهَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ وَأَلَّفَهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْفَصْلَ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثَلٍ صِنْفٌ مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا فَقَوْلُهُ صِنْفٌ فَاعِلٌ بِمُمَاثَلٍ، أَيْ: بِمُمَاثَلٍ فِي الصِّنْفِيَّةِ فَيَخْرُجُ بِهِ الْمُخْتَلِفَانِ جِنْسًا، أَوْ نَوْعًا فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَمَاثَلَا فِي الصِّنْفِيَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بِاعْتِبَارِ حُلُولِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ فَتَدْخُلُ الْمُقَاصَّةُ فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ: لِمَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُمَاثَلٍ، أَيْ: بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ وَبِعِبَارَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُمَاثَلٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ وَإِنَّمَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ لِضَعْفِهِ فِي الْعَمَلِ عَنْ الْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَارَكَةٍ وَمَا ذُكِرَ هِيَ الصِّنْفِيَّةُ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا حَالٌ مِمَّا ذُكِرَ، أَيْ: حَالَ كَوْنِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا، أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْمُمَاثِلِ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا هُوَ الَّذِي عَلَى الْآخَرِ وَبِعِبَارَةٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا حَصَلَتْ الْمُتَارَكَةُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُقَاصَّةً فَلَوْ تَارَكَ مَطْلُوبٌ طَالِبَهُ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ بِأَنْ تَارَكَهُ فِي حَقٍّ لَهُمَا عَلَى شَخْصٍ آخَرَ فَلَيْسَتْ مُقَاصَّةً (ص) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا (ش) اعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إمَّا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنًا، أَوْ طَعَامًا، أَوْ عَرَضًا فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا إلَى كَوْنِهِمَا عَيْنًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا كَعَشَرَةٍ وَعَشَرَةٍ مِثْلِهَا وَصِفَةً كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَمِثْلِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا فِي الصِّفَةِ الِاتِّحَادُ فِي النَّوْعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ سَبَبُ الدَّيْنَيْنِ بَيْعًا، أَوْ قَرْضًا، أَوْ هُمَا، وَسَوَاءٌ حَلَّا مَعًا، أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا، أَوْ لَمْ يَحِلَّ وَاحِدٌ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا، أَوْ اخْتَلَفَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا شَرْعًا بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ لَا قَسِيمُ الْوَاجِبِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ عَلَى بَابِهِ وَعَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهَا وَبِعِبَارَةٍ، وَقَوْلُهُ: قَدْرًا، أَيْ: وَزْنًا، أَوْ عَدَدًا وَسَيَأْتِي مَفْهُومُ قَدْرًا وَصِفَةً وَقَوْلُهُ حَلَّا، أَيْ: وَيَقْضِي بِهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا، أَيْ: وَلَا يُقْضَى بِهَا وَهَذَا حُكْمُهُ كَوْنُ الْمُؤَلِّفِ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لَا بِالْوُجُوبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا عُطِفَ عَلَى الْأَلِفِ وَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ كِلَاهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى حَلَّا عَطْفَ الْجُمَلِ؛ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْوَاوِ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ اخْتِلَافِهِ فَكَذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا وَهِيَ مَا إذَا اخْتَلَفَ دَيْنَا الْعَيْنِ فِي الصِّفَةِ، وَالنَّوْعُ مُتَّحِدٌ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ، أَوْ مُخْتَلِفٌ   [حاشية العدوي] [فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ الْمُقَاصَّةُ، أَيْ: فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُقَاصَّةِ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَادَةَ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الشَّيْخِ بَهْرَامَ أَلَّفَهُ فِي الْمُقَاصَّةِ لَا فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْفَصْلَ) ، أَيْ: الَّذِي هُوَ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ: مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ إلَخْ) مَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ طَالِبَهُ فَطَالِبُهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِمُمَاثِلٍ) ، أَيْ: بِدَيْنٍ مُمَاثِلٍ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا مُقَاصَّةَ بَيْنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ مَعَ أَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا إنْ حَلَّا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَوْ حَذَفَهَا لَاقْتَضَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيفِيَّةِ، وَالْبَنَادِقَةِ، وَلَا بَيْنَ الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مِثْلِ الشَّيْءِ أَنَّهُ الْمُشَارِكُ لَهُ فِي كُلِّ الْأَوْصَافِ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَالْإِتْيَانُ بِهَا وَحَذْفُهَا يُوجِبُ الِاعْتِرَاضَ وَلَوْ قَالَ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ طَالِبَهُ بِمُمَاثِلٍ مَا عَلَيْهِ بِمَالِهِ جِنْسًا لِسَلَمٍ مِنْ هَذَا بَلْ يَأْتِي عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مَا يُقَيِّدُ أَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ فَتَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ طَعَامٌ وَلِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ عَرَضٌ، أَوْ نَقْدٌ عَلَى مَا يَأْتِي لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِهَا فِي الْعَرَضَيْنِ إنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا. (قَوْلُهُ: فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ) فَلَيْسَتْ دَيْنًا؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْعُسْرِ وَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا لَمْ تَسْقُطْ بِالْعُسْرِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ هِيَ الصِّنْفِيَّةُ) ، أَيْ: هِيَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فِي الصِّنْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْمُمَاثِلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَيْهِمَا لَا عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَا ذُكِرَ، ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إظْهَارًا فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا عَلَيْهِ هُوَ عَيْنُ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِمَا وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَقَالَ بِمُمَاثِلِ صِنْفِهِ وَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ إلَخْ) كَمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى الْآخَرِ مِائَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ عَلَى بَكْرٍ فَتَطَارَحَا فِيمَا ذُكِرَ عَلَى بَكْرٍ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ، وَالْآخَرُ لَا (قَوْلُهُ: دَيْنَيْ الْعَيْنِ) بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ، أَيْ: الدَّيْنَيْنِ الْعَيْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ الْمَنْعِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجَلِ لِدُخُولِ الْمُكَايَسَةِ حِينَئِذٍ، وَالْوَقْفُ مَعَ اتِّفَاقِهِ؛ لِأَنَّنَا إنْ نَظَرْنَا إلَى قَصْدِ الْمُعَاوَضَةِ مُنِعَتْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِنْ نَظَرْنَا إلَى قَصْدِ الْمُتَارَكَةِ لِتَسَاوِي الْأَجَلِ جَازَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا جَازَ كَمَا إذَا حَلَّا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحِلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا امْتَنَعَتْ الْمُقَاصَّةُ كَانَ الْأَجَلُ مُتَّفِقًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَقْضِي بِهَا) وَكَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَ أَجَلُهُمَا، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ طَلَبَهَا مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَهَا مَنْ لَمْ يَحِلَّ دَيْنُهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُ دَيْنِي لِحُلُولِهِ وَأَنْتَفِعُ بِهِ فَإِذَا حَلَّ دَيْنُك أَعْطَيْتُك مَالَك إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَانْظُرْ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ اخْتَلَفَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ مُبَادَلَةٌ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ، وَالْحُلُولِ وَلِهَذَا قَالَ (إنْ حَلَّا) ، أَيْ: مَعًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى صَرْفِ مُتَأَخِّرٍ، أَوْ إلَى بَدَلِ مُسْتَأْجِرٍ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنَانِ مِنْ الْعَيْنِ حَالَّيْنِ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ إذْ هِيَ بَدَلٌ، أَوْ صَرْفٌ مُسْتَأْجَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْمَنْعُ بِمَا إذَا لَمْ تَبْعُدْ التُّهْمَةُ فَإِنْ بَعُدَتْ جَازَتْ كَمَا هُوَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا فَإِنْ قِيلَ الِاخْتِلَافُ فِي النَّوْعِ يَسْتَلْزِمُ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ فَذِكْرُهُ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا مُسْتَدْرَكٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اخْتِلَافُهُ تَوْكِيدٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ صَرَّحَ بِهِ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ (ص) كَإِنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا اتَّحِدَا قَدْرًا كَمَا أَنَّ مَا قَبْلَهُ مَفْهُومُ اتِّحَادِ الصِّفَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا زِنَةً، أَوْ عَدَدًا فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَأَحَدُ الْعَيْنَيْنِ أَكْثَرُ فَهُوَ تَفَاضُلٌ حَلَّا أَمْ لَا عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعِنْدَ ابْن بَشِيرٍ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالْجَوَازُ مَعَ حُلُولِهِمَا وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ امْتَنَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَإِنْ حَلَّا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ حَصَلَ قَضَاءُ الْقَرْضِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ قَضَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَظَاهِرُ نَصِّ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ وَجَازَ بِأَكْثَرَ (ص) ، وَالطَّعَامَانِ مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ دَيْنَيْ الْعَيْنِ فَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً كَإِرْدَبٍّ وَإِرْدَبٍّ كِلَاهُمَا مِنْ قَمْحٍ، أَوْ شَعِيرٍ مِنْ صِنْفٍ حَلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ، أَوْ اخْتِلَافِهِ كَقَمْحٍ وَفُولٍ جَازَتْ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا فَيُمْنَعُ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَرْضٍ (ص) وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الطَّعَامِ إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَبَالَغَ عَلَى الْمَنْعِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ) ، أَيْ: فِي الْأَجَلِ، وَالصِّفَةِ، وَالْقَدْرِ اتَّفَقَتْ رُءُوسُ الْأَمْوَالِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعِلَلٍ ثَلَاثَةٍ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ عَامَّةٌ وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ وَدَيْنٌ بِدَيْنٍ نَسِيئَةً وَهَاتَانِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ، وَالْمَنْعُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجَلِ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ مُسَلِّفٌ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَوْصَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْإِقَالَةِ (ص) وَمِنْ قَرْضٍ وَبَيْعٍ تَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا وَحَلَّا (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَيْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ، وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَا مُتَّفِقَيْنِ فِي النَّوْعِ، وَالصِّفَةِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ وَعِلَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ كَأَنَّهُ اقْتَضَى عَنْ طَعَامِ السَّلَمِ الَّذِي لَهُ طَعَامَ الْقَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا مَحْظُورَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُنْظَرْ هُنَا إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِطَعَامِ الْبَيْعِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ كَوْنُ الْمُقَاصَّةِ مَعْرُوفًا أَيْضًا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَا يَنْبَغِي فِيهِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ (ص) لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ (حَلَّ) أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ طَعَامَيْ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ إذَا لَمْ يَحِلَّا مَعًا، أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا إلَخْ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ عَلَى أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا إذْ قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَيْ: مَعًا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَجَّلًا، أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَأَيْضًا النَّصُّ عَلَى الْمَنْعِ فِيمَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا فَقَطْ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَجَّلًا بِالْأَوْلَى (ص) وَتَجُوزُ فِي الْعَرَضَيْنِ مُطْلَقًا إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَصِفَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلُ، أَوْ اخْتَلَفَ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَعُدَتْ جَازَتْ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْكَثْرَةَ جِدًّا زِيَادَةُ الْمُعَجَّلِ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَلَا يُبْحَثُ فِي هَذَا الْقَيْدِ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي مُطَارَحَةِ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ لَا فِي زِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ يَخْتَلِفُ عَدَدُ الدَّيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: تَوْكِيدٌ) لَا يَظْهَرُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ بَلْ الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ فَذِكْرُ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ تَأْكِيدٌ أَيْ مَعْنَى (قَوْلِهِ فَظَاهِرُ نَصِّ ابْنِ بَشِيرٍ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ حُلُولِهِمَا مَعًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا فَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا حَلَّا مَعًا هَذَا مَا فِي عب وَانْظُرْهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ الْإِطْلَاقُ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ بِأَنْ قُلْنَا الْمُعَجِّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ بِمُسَلِّفٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ قَدْ ظَهَرَ قَصْدُهُمَا إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ أَيْضًا جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا ابْنُ يُونُسَ وَعَلَى مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي إسْقَاطِ التَّأْجِيلِ يَجُوزُ ذَلِكَ. [الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ] (قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَصِفَةً) دَخَلَ فِي الْعَرَضِ الْحَيَوَانُ، وَالْعَقَارُ إنْ قُلْنَا بِدُخُولِ الْمُقَاصَّةِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ إذْ الْعَقَارُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ اتَّفَقَا قَدْرًا أَمْ لَا إذْ يَدْخُلُهُمَا حَيْثُ اخْتَلَفَا قَدْرًا وَكَانَا مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ كَكِسَاءٍ وَكِسَاءٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ، أَوْ مَرْوِيَّيْنِ الثَّانِي أَنْ يَتَّفِقَا فِي الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْعُرُوضَ يَبْعُدُ مَعَهَا قَصْدُ الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُغَالَبَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالطَّعَامَ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ (ص) كَأَنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا وَاتَّفَقَا أَجَلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَيْ الْعَرَضِ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا كَكِسَاءٍ وَثَوْبٍ بِشَرْطِ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْأَجَلِ سَوَاءٌ حَلَّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَ الْأَجَلِ فِي الْعَرَضِ يَبْعُدُ مَعَهُ قَصْدُ الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُغَالَبَةِ كَمَا يَبْعُدُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الصِّفَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا بَيَانٌ لِحُكْمٍ مَفْهُومٍ قَوْلُهُ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا، وَأَمَّا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَصِفَةً فَقَدْ أَشَارَ لَهُ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ إلَخْ عَلَى أَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي الصِّفَةِ يَتَضَمَّنُ الِاتِّفَاقَ فِي الْجِنْسِ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ: جِنْسًا مَا ضَرَّهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي مَسَائِلِ الْعَرَضِ كُلِّهَا النَّوْعُ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ: كَأَنْ اخْتَلَفَا إلَخْ هَذَا بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِطْلَاقُ الْمُقَاصَّةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَرَضَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ يُرِيدُ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِنْسِ أَيْضًا كَكِسَاءٍ وَجُوخٍ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ فِيهِمَا حِينَئِذٍ لَا تَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي مُؤَخَّرٍ فَإِنْ حَلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَتْ إذْ يَنْتَفِي الْقَصْدُ إلَى الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُغَالَبَةِ مَعَ حُلُولِهِمَا، أَوْ حُلُولِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي (ص) وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ، أَوْ مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَرَضَيْنِ إذَا اتَّحَدَا فِي الْجِنْسِ كَثَوْبٍ وَثَوْبٍ، وَالصِّفَةُ مُخْتَلِفَةٌ بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ كَثِيَابٍ هَرَوِيَّةٍ وَأُخْرَى مَرْوِيَّةٍ فَإِنَّ الْمُتَارَكَةَ تَجُوزُ فِيهِمَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَّفِقَ أَجَلُهُمَا بِأَنْ أَجَّلَا إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ وَأَحْرَى لَوْ حَلَّا لِبَعْدِ التُّهْمَةِ مَعَ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ، وَأَمَّا مَعَ اتِّفَاقِ الصِّفَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَالْجَوَازُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَجَلَانِ كَمَا مَرَّ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يُوهِمُ أَنَّ الْجَوَازَ حِينَئِذٍ مُقَيَّدٌ بِاتِّفَاقِ الْأَجَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) ، وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَجَلُ بَلْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ اخْتَلَفَا هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ الشَّيْخِ بَهْرَامَ فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْمَنْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا، أَيْ: فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ لِابْنِ شَاسٍ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَمَّا كَانَ الرَّهْنُ يَتَسَبَّبُ عَنْ الدَّيْنِ مِنْ قَرْضٍ تَارَةً وَمِنْ بَيْعٍ أُخْرَى وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الدَّيْنَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ مُقَاصَّةٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُمَا مِنْ رَهْنٍ وَنَحْوِهِ فَقَالَ (بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ، وَالْحَبْسُ وَكُلُّ مَلْزُومٍ. قَالَ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] ، أَيْ: مَحْبُوسَةٌ، وَالرَّاهِنُ دَافِعُهُ، وَالْمُرْتَهِنُ بِالْكَسْرِ آخِذُهُ وَيُقَالُ مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ عِنْدَهُ الرَّهْنُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَحِلَّا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَحِلَّا يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَمْ يَحِلَّ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ) لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ كَانَ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ) وَهُوَ إنْ أَدَّى إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مُنِعَ، وَإِلَّا فَلَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ وَتَفْصِيلُهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَكْثَرُ أَوْ أَجْوَدُ مُنِعَ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ أَدْنَى، أَوْ أَقَلَّ مُنِعَ لِلْعِلَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ، وَالْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَدْنَى، أَوْ أَقَلُّ مُنِعَ لِلْعِلَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ جَازَ إذْ لَا ضَمَانَ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ حُطُّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ عَدَدًا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْقَرْضِ وَإِنْ كَانَا أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَإِنْ كَانَ الْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا هُوَ الْقَرْضُ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَجْوَدَ، أَوْ أَدْنَى، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا مِنْ بَيْعٍ وَهُوَ أَجْوَدُ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْ الْقَرْضِ وَلَيْسَ فِيهِ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَ أَدْنَى مُنِعَتْ. [بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) ، أَيْ: نَحْوُ الرَّهْنِ وَهُوَ الْفَلَسُ (بَابُ الرَّهْنِ) (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ الرَّهْنُ، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: اللُّزُومُ) لَا يَخْفَى أَنَّ اللُّزُومَ مُتَعَدٍّ تَقُولُ لَزِمْت الشَّيْءَ فَأَنَا لَازِمٌ لَهُ وَهُوَ مَلْزُومٌ، وَقَوْلُهُ: وَالْحَبْسُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ تَقُولُ رَهَنْت الْمَتَاعَ بِالدَّيْنِ حَبَسْته بِهِ فَهُوَ مَرْهُونٌ فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ، وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ مَلْزُومٍ، أَيْ: إنَّ الرَّهْنَ لُغَةً كُلُّ مَلْزُومٍ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لُغَةً يَأْتِي لِمَعَانٍ ثَلَاثَةٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الثَّالِثِ مِنْ التَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَلْزُومٌ يُفَسَّرُ بِهِ مَرْهُونٌ لَا الرَّهْنُ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى دَلِيلٌ لِكَوْنِ الرَّهْنِ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحَبْسِ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلٌ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالتَّنْبِيهِ مُوَافَقَةُ الشَّارِحِ فِي كَوْنِ الرَّهْنِ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحَبْسِ وَخَالَفَاهُ فِي اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُمَا ذَكَرَا أَنَّ الْمَعْنَى الثَّانِيَ لِلرَّهْنِ هُوَ الثُّبُوتُ، وَالدَّوَامُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ عِنْدَهُ الرَّهْنَ) فَيَكُونُ مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَكَان (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ) ، أَيْ: مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَهُ، وَشَرْعًا: مَالٌ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي دَيْنٍ إلَى أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي دَيْنٍ، وَالدَّيْنُ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ بِنَاءً عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْكَثِيرِ وَعَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِنَاءً عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْقَلِيلِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِهِ (ص) الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ وَثِيقَةً بِحَقٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إعْطَاءُ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْبَيْعِ شَيْئًا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَجَازَ هُنَا رَهْنَ الْغَرَرِ كَالْآبِقِ وَلَوْ شَرَطَ رَهْنَ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ بِغَيْرِ وَثِيقَةٍ فَسَاغَ أَخْذُهُ لِمَا فِيهِ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءٍ وَيَكُونُ الرَّهْنُ وَثِيقَةً عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَقِّهِ الثَّابِتِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ فَلَهُ حَبْسُهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ مَنَافِعِهِ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ شَرْطَ الرَّاهِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ فَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ يَصِحُّ مِنْهُ الرَّهْنُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا مَيْزَ لَهُ وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْعَبْدِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِمْ وَيَلْزَمُ مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ كَالْبَيْعِ وَإِنَّ شَرْطَ الْمَرْهُونِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ كُلِّ طَاهِرٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومٍ غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَدَخَلَ فِيهِ الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ، وَالدَّيْنُ وَوَثِيقَةُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَبَيْعُ مَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ وَيَدْخُلُ فِيهِ رَهْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّ حَوْزَهُ غَيْرُ كَافٍ وَعَلَيْهِ لَوْ حَصَلَ مَانِعٌ لِلرَّاهِنِ قَبْلَ حَوْزِ الرَّهْنِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْتَفَى بِالتَّحْوِيزِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي الْحَوْزُ فِي الرَّهْنِ فَاسْتِمْرَارُهُ بِيَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الرَّهْنِ كَافٍ وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي التَّرَدُّدُ الْوَاقِعُ فِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ هُنَا وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةً أَمْ يَتَّفِقُ هُنَا عَلَى الْعَزْمِ (ص) كَوَلِيٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ (ش) هَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِهِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ الْأَبُ، وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مِنْ مَتَاعِ الْيَتِيمِ رَهْنًا فِيمَا يُبْتَاعُ لَهُ مِنْ كِسْوَةٍ، أَوْ طَعَامٍ كَمَا يَتَسَلَّفُ لِلْيَتِيمِ حَتَّى يَبِيعَ لَهُ بَعْضَ مَتَاعِهِ وَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً اهـ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ وَلَوْ فِي رَهْنِ الرَّبْعِ فَلَيْسَ كَالْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ حَيْثُ أَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ لَا إنْ رَهَنَ كَثِيرًا فِي قَلِيلٍ لِئَلَّا يَحْبِسَ بَعْضَ مَالِهِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلِئَلَّا يُشْهِدَ الرَّهْنَ عَلَى الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ لِلْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنْ يَرْهَنَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهَا إذْنٌ فِي تَوَابِعِهَا، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُكَاتَبُ، وَالْمَأْذُونُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ) ، أَيْ: فَهُوَ مَكَانٌ لِسُؤَالِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مُعَيَّنٍ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَعْطِنِي رَهْنًا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْك خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُحِقَّ لَأَخَذْته مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَلْبَ الْحَقَائِقِ. وَقَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ، وَالرَّهْنُ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَبِقَوْلِهِ مَالٌ إلَخْ أَخْرَجَ الْوَدِيعَةَ، وَالْمَصْنُوعَ بِيَدِ صَانِعِهِ وَقَبْضَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَبْدًا جَنَى عَلَيْهِ وَإِنْ شَارَكَاهُ فِي الْأَحَقِّيَّةِ لِجَوَازِ اشْتِرَاكِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي أَمْرٍ يَخُصُّهُمَا، وَلَا تَدْخُلُ وَثِيقَةُ ذِكْرِ الْحَقِّ، وَلَا الْحَمِيلُ، وَلَا يَخْرُجُ مَا اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا لَا يُنَافِي قَبْضَهُ لِلتَّوَثُّقِ اهـ وَإِنَّمَا لَمْ تَدْخُلْ الْوَثِيقَةُ، وَالْحَمِيلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْقَلِيلِ إلَخْ) رَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَدَلَ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ، وَالرَّهْنُ اصْطِلَاحًا لَيْسَ لَهُ إلَّا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْمَالُ الْمَقْبُوضُ تَوَثُّقًا، وَالثَّانِي الْعَقْدُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الرَّهْنُ صَحِيحٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ غَرَرًا) ، أَيْ: ذَا غَرَرٍ (قَوْلُهُ: بِحَقٍّ) ، أَيْ: مَوْجُودٍ، أَوْ سَيُوجَدُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَارْتَهَنَ إنْ أَقْبَضَ، وَلَازِمٌ أَوْ آيِلٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: بِحَقٍّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَثِيقَةٌ فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى فِي وَتَعَلُّقُهُ بِبَذْلٍ فَهِيَ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الرَّهْنُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَثِيقَةٌ خَبَرٌ لِكَانَ مَحْذُوفَةٍ أَيْ وَيَكُونُ الرَّهْنُ مُتَوَثِّقًا بِهِ فِي حَقٍّ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ مَا إنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً أَوْ صِفَةً لَهَا إنْ جَعَلْتهَا نَكِرَةً. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ) ، أَيْ: حَيْثُ كَانَ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ وَرَهْنُ السَّكْرَانِ يَجْرِي عَلَى بَيْعِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الضَّمَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَذَلِكَ وَيَخْرُجُ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ الْمَرِيضُ إذَا كَانَ مَدِينًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَهَذَا إذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ) أَيْ سَوَاءٌ رَهَنَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، أَوْ لِغَيْرِهِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ رَهْنِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الرَّهْنِ مِثْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ، أَوْ أَبْعَدَ لَا أَقْرَبَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بَعْدَ مَحَلِّهِ كَالسَّلَفِ فَصَارَ فِي الْبَيْعِ بَيْعًا وَسَلَفًا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ بِيَدِ أَمِينٍ إلَى مَحَلِّ أَجَلِ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَوَثِيقَةُ الدَّيْنِ) أَيْ أَنَّ الرَّهْنَ نَفْسُ الْوَثِيقَةِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا لَا بِاعْتِبَارِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا بِحَسَبِ ذَاتِهَا تَافِهَةٌ جِدًّا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ رَهْنُهَا لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهَا تُبَاعُ وَلَوْ بِقَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَذَا يَجُوزُ رَهْنُ مَكْتُوبِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَنَافِعِ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَكَذَلِكَ وَثِيقَةُ الْوَظَائِفِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَشْيَاخُ فَاعْتَمِدْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُهُ) ، أَيْ: ضَمَانُ الْعَدَّاءِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ ضَمَانُ الرِّهَانِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ حَوْزَهُ) ، أَيْ: الْمُرْتَهِنِ الَّذِي كَانَ غَاصِبًا (قَوْلُهُ: بِالتَّحْوِيزِ) وَهُوَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ دَفْعَ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةً) ، أَيْ: مُدَّةً مَحْدُودَةً بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَوْلُهُ: أَمْ يَتَّفِقُ هُنَا عَلَى الْعَزْمِ، أَيْ: عَلَى الْعَزْمِ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: مُضَارَبَةً) ، أَيْ: قِرَاضًا (قَوْلُهُ: الرَّبْعِ) أَيْ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ كَالْبَيْعِ) ، أَيْ: كَبَيْعِ الرَّبْعِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّظَرِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَ الْبَيْعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ مَصْلَحَةِ السَّيِّدِ مَا لَا يَحْصُلُ بِالرَّهْنِ (ص) وَآبِقٌ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ غَرَرًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ الْغَرَرِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآبِقُ مَقْبُوضًا حَالَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَإِنْ قُبِضَ قَبْلَ الْمَانِعِ، ثُمَّ أَبِقَ وَحَصَلَ الْمَانِعُ حَالَ إبَاقِهِ كَانَ مُرْتَهِنُهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (ص) وَكِتَابَةٍ وَاسْتَوْفَى مِنْهَا، أَوْ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَوَلِيٍّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكِتَابَةَ يَجُوزُ رَهْنُهَا وَيُسْتَوْفَى مِنْ نُجُومِهَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ فَإِنْ عَجَزَ اُسْتُوْفِيَ مِنْ رَقَبَتِهِ فَإِنْ فُلِّسَ الرَّاهِنُ بِيعَتْ النُّجُومُ وَاسْتُوْفِيَ مِنْهَا نَاجِزًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الصَّبْرُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ النُّجُومِ فَقَوْلُهُ، أَوْ رَقَبَتِهِ، أَيْ: أَوْ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ الْجَرِّ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: 1] ، وَمِثْلُ الْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ وَيُسْتَوْفَى مِنْ كِتَابَتِهِ، أَوْ مِنْ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ وَعَدَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُبَاعُ، وَالْكِتَابَةَ تُبَاعُ وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَمُكَاتَبٍ (ص) وَخِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وَإِنْ رَقَّ جُزْءٌ فَمِنْهُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى آبِقٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ يَجُوزُ رَهْنُهَا كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً سَوَاءٌ فِي الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْهَا فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى التَّدْبِيرِ وَرَقَّ الْمُدَبَّرُ، أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي رَقَّ، وَلَا مَفْهُومَ لِمُدَبَّرٍ، وَمِثْلُهُ خِدْمَةُ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُخَدَّمِ، وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَيَجُوزُ رَهْنُ خِدْمَةِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا خُصَّ الْمُدَبَّرُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ (ص) لَا رَقَبَتُهُ وَهَلْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ التَّدْبِيرِ لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَمَّا فِي دَيْنٍ سَابِقٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَجُوزُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي التَّدْبِيرِ وَلِلسَّيِّدِ رَهْنُهُ وَإِذَا رَهَنَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ إلَى خِدْمَتِهِ وَتُبَاعُ لَهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ أَوْ يَبْطُلُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ وَهِيَ لَا تُرْهَنُ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ، وَأَمَّا لَوْ رَهَنَهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ خَضِرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَفِي وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْإِيلَادِ وَفِي الْمُكَاتَبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فَظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ (ص) كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَهَنَ رَقَبَةَ دَارٍ عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لِرَاهِنِهَا، ثُمَّ ثَبَتَ وَقْفُهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلَا يَعُودُ لِمَنْفَعَتِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَ الرَّقَبَةَ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِمَنْفَعَتِهَا وَكِرَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَجُزْءٍ مِنْهَا يَجُوزُ رَهْنُهُ فَلَا يَبْطُلُ هَذَا الْجُزْءُ بِبُطْلَانِ مَا أُخِذَ مِنْهُ قَوْلَانِ، وَأَمَّا لَوْ ظَهَرَتْ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ رَاهِنِهَا لَمْ يَنْتَقِلْ الرَّهْنُ لِمَنَافِعِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَكَذَلِكَ لَوْ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَوْقِيتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَانْقَضَتْ (ص) وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَانْتُظِرَ لِيُبَاعَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى آبِقٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ مَا خُلِقَ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْغَرَرَ جَائِزٌ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ، أَوْ فُلِّسَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ بِذَلِكَ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ، ثُمَّ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ وَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَآبِقٍ) ، أَيْ: وَرَهْنُ آبِقٍ، وَالْمَصْدَرُ الْمُقَدَّرُ مُضَافٌ هُنَا لِلْمَفْعُولِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلُ فَلِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ) أَيْ فَالتَّنْوِينُ فِي غَرَرٍ لِلنَّوْعِيَّةِ، أَيْ: نَوْعٍ مِنْ الْغَرَرِ وَهُوَ الْيَسِيرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُبَاعُ) ، أَيْ: وَظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُبَاعُ فَإِنْ أُرِيدَ مِنْ رَهْنِهِ أَنَّهُ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ لَا هُوَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِمُكَاتَبٍ، أَوْ بِكِتَابَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ تَكْرَارٌ، أَيْ: مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَكْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ أَيْ هُوَ يَقَعُ مِنْهُ الرَّهْنُ وَهَذَا مَرْهُونٌ، أَيْ: وَاقِعٌ عَلَيْهِ عَقْدُ الرَّهْنِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ، أَوْ مُتَأَخِّرًا وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ إذَا أُرِيدَ بَيْعُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَيُبَاعُ لِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى التَّدْبِيرِ لَا مُتَأَخِّرٍ قَالَ عج وَيُبْطِلُ التَّدْبِيرَ دَيْنٌ سَبْقَا إنْ سَيِّدٌ حَيًّا، وَإِلَّا مُطْلَقَا (قَوْلُهُ: الْمُكَاتَبُ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ خِدْمَةُ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَإِلَّا فَلَا خِدْمَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ. (قَوْلُهُ: لِيُبَاعَ إلَخْ) فَإِذَا رَهَنَا فَأَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا فَإِنْ رَهَنَهُ عَلَى أَنْ تُبَاعَ رَقَبَتُهُ مَتَى وَجَبَ الْحَقُّ فَالظَّاهِرُ لِمَا صَحَّ كَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ) الرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ) ، أَيْ: لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا وَهُوَ قَوْلُهُ لَا رَقَبَتُهُ، وَأَمَّا لَوْ رَهَنَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ إلَخْ) ، أَيْ: إذَا رَهَنَهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا قِنَّانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ، وَالْآخَرَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ فَالْقَوْلَانِ وَعَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ، وَالْآخَرَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ فَيَكُونُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ إلَخْ) وَحَمَلَهُ التَّتَّائِيُّ وَالشَّارِحُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتُهُ وَفِي الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُهُ وَيَكْفِي هَذَا شَاهِدًا لِلْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ) قَالَ الْبَدْرُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ ظُهُورِ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا وَقْفٌ وَغَرَّ فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ فِي الْغَلَّةِ فَلَوْ انْفَرَدَ الْمُرْتَهِنُ بِالْعِلْمِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ كَالْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْلَقْ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَرِهْنَ الْجَنِينِ (ص) وَحَاصَّ مُرْتَهِنَهُ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُرْتَهَنِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا مَاتَ أَوْ فُلِّسَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الرَّهْنِ (ص) فَإِذَا صَلَحَتْ بِيعَتْ فَإِنْ وَفَّى رَدَّ مَا أَخَذَ، وَإِلَّا قَدْرٌ مُحَاصًّا بِمَا بَقِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا حَاصَصَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ فَإِذَا صَلَحَتْ الثَّمَرَةُ وَبَدَا صَلَاحُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ حِينَئِذٍ فَإِذَا بِيعَتْ بِثَمَنٍ قَدْرَ دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ فِي الْحِصَاصِ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ قَصُرَ ثَمَنُ الثَّمَرَةِ عَنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ نَظَرْت إلَى مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ وَنِسْبَتِهِ إلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ فَذَلِكَ الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ لَهُ بِهِ الْحِصَاصُ فَيُرَدُّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَمَسَّكُ بِبَاقِيهِ مَعَ جُمْلَةِ الثَّمَرَةِ وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ لَوْ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ ثَلَثُمِائَةِ دِينَارٍ لِثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ أَحَدُهُمْ مُرْتَهِنُ الثَّمَرَةِ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ فُلِّسَ فَوَجَدُوا عِنْدَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِينَارًا فَإِنَّ مُرْتَهِنَ الثَّمَرَةِ يَأْخُذُ مَنَابَهُ وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارًا وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبَيْهِ خَمْسِينَ فَإِذَا صَلَحَتْ الثَّمَرَةُ بِيعَتْ وَاخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهَا فَإِنْ بِيعَتْ بِمِائَةٍ مِقْدَارَ دَيْنِهِ رَدَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ وَفَى رَدَّ مَا أَخَذَ وَإِنْ لَمْ يَفِ بِأَنْ بِيعَتْ مَثَلًا بِخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا أَيْضًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّك إنَّمَا كُنْت تَسْتَحِقُّ فِي الْحِصَاصِ بِمِقْدَارِ مَا بَقِيَ لَك وَهُوَ خَمْسُونَ فَيَكُونُ لَك ثَلَاثُونَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ لَك خَمْسِينَ وَلِكُلٍّ مِنَّا مِائَةٌ فَالْمَجْمُوعُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَالْمَوْجُودُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَنِسْبَتُهَا مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ فَيُمْسِكُ بِيَدِهِ مِنْ الْخَمْسِينَ ثَلَاثِينَ مَعَ الْخَمْسِينَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ بِيَدِهِ ثَمَانُونَ وَيَرُدُّ الْعِشْرِينَ الْفَاضِلَةَ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ مَعَ الْخَمْسِينَ الْأُوَلِ فَيَكُونُ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْمِائَةِ قَوْلُهُ صَلَحَتْ، أَيْ: بَدَا صَلَاحُهَا، وَقَوْلُهُ: وَفَى أَيْ ثَمَنُهَا الْمَفْهُومُ مِنْ بِيعَتْ (ص) لَا كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ النِّيَابَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَا نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ فِعْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَحَدَ كَالْوَصِيَّيْنِ لِيَدْخُلَ كُلُّ مَنْ وُقِفَ تَصَرُّفُهُ عَلَى تَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَإِمْضَائِهِ كَأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كَانَ أَشْمَلَ وَقَدْ يُقَالُ الْكَافُ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ (ص) وَجِلْدِ مَيْتَةٍ (ش) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مُحْتَرَزِ مَا يُبَاعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ جُلُودَ الْمَيْتَةِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا اتِّفَاقًا إنْ لَمْ تُدْبَغْ وَكَذَا إنْ دُبِغَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَا تُبَاعُ لِنَجَاسَةِ ذَاتِهَا وَيَجْرِي فِي رَهْنِ الْكِلَابِ مَا فِي بَيْعِهَا الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الْآبِقِ لِإِمْكَانِ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ (ص) وَكَجَنِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَكَذَلِكَ مَا شَابَهَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ، وَالزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ رَهْنُ مَا ذُكِرَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَقْدِهِ، أَوْ فِي قَرْضٍ جَازَ قَالَهُ حُلُولُو وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ لَكِنْ لَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ (ص) وَخَمْرٍ وَإِنْ لِذِمِّيٍّ إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ وَإِنْ تَخَمَّرَ أَهْرَاقَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي إنْ رُهِنَ الْخَمْرُ سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ وَتُرَاقُ إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ رُدَّتْ إلَيْهِ فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لِذِمِّيٍّ لِلْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قَالَ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْخَمْرِ لِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِذِمِّيٍّ وَتُرَدُّ لِلرَّاهِنِ الذِّمِّيِّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا وَتُرَاقُ عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْلَقْ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ وُجِدَ أَمْ لَا وَنَقَلَ ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ رَهْنَهُ قَبْلَ وُجُودِهِ كَرَهْنِ الْجَنِينِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ) ، وَالثَّمَرَةُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا الْآنَ وَقَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا آفَةٌ فَتَهْلِكُ (قَوْلُهُ: قَدْرَ) التَّعْبِيرُ بِقَدْرِ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ قَدْ وَقَعَتْ وَاَلَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْبَيْعِ تَقْدِيرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا بَقِيَ بَعْدَ ثَمَنِ مَا بِيعَ فَكَأَنَّ الْمُحَاصَّةَ الْوَاقِعَةَ سَابِقًا بِالْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَنِسْبَتُهَا إلَخْ) هَذِهِ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ فِي أَنَّك تَنْسِبُ الْقَدْرَ الْمَوْجُودَ مِنْ الْمَالِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَنْسِبَ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ مِنْ التَّرِكَةِ وَتِلْكَ الطَّرِيقَةُ أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَنِسْبَتُهُ إلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ) أَيْ بَيْعِهِمَا سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الصَّغِيرِ أَوْ تَزْوِيجِهِمَا لِلصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إيصَاءَهُمَا مُتَرَتِّبَيْنِ كَشَرْطِ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي تَرْتِيبِ الْوَكِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَشْمَلَ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَافَ مَلْحُوظٌ دُخُولُهَا عَلَى الْمُضَافِ الْمُقَيَّدِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ فَيُفِيدُ الْمَقْصُودَ مِنْ الشُّمُولِ. (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ) ، أَيْ: يُمْنَعُ بَيْعُ الْكِلَابِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْآبِقِ) فَهُوَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَمَّرَ أَهْرَاقَهُ الْحَاكِمُ) ، أَيْ: مَالِكِيٍّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ الرَّفْعِ، وَالْإِرَاقَةُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّفْعُ لِمَنْ لَا يَرَاهَا وَتُكْسَرُ آنِيَةُ الْفَخَّارِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ رُدَّتْ إلَيْهِ) وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ وَقْفَهَا بِيَدِ ذِمِّيٍّ حَتَّى يَحِلَّ دَيْنُهُ خَشْيَةَ فَلَسِ رَبِّهَا، أَوْ مَوْتِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَيَصِيرُ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَإِذَا رَهَنَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ مَاتَ الذِّمِّيُّ، أَوْ فُلِّسَ فَلَا رَهْنَ لِلْمُسْلِمِ وَلَوْ قَبَضَهَا؛ لِأَنَّ رَهْنَهُ فِي الْأَصْلِ فَاسِدٌ وَلِغُرَمَائِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ قَالَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: وَتُرَاقُ) لَكِنْ بِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَنَا حُرْمَةُ التَّخْلِيلِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 الرَّاهِنِ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ فَلَا تُرَدَّ وَيَخْتَصَّ بِهَا دُونَ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ مُرْتَهِنُهَا وَإِنْ رَهَنَ الْمُسْلِمُ عَصِيرَ الْمُسْلِمِ، أَوْ ذِمِّيٍّ فَتَخَمَّرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُهْرِيقُهُ بِأَمْرِ حَاكِمٍ إنْ كَانَ حَاكِمٌ فِي الْمَوْضِعِ يَحْكُمُ بِبَقَائِهَا وَتَخْلِيلِهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلْأَمْنِ مِنْ التَّعَقُّبِ أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ ذِمِّيًّا فَإِنَّهَا لَا تُرَاقُ عَلَيْهِ وَتُرَدُّ إلَيْهِ وَاكْتَفَى الْمُؤَلِّفُ بِذِكْرِ التَّخَمُّرِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِالْعَصِيرِ إذْ لَا يَتَخَمَّرُ غَيْرُهُ (ص) وَصَحَّ مَشَاعٌ وَحِيزَ بِجَمِيعِهِ إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشَاعَ مِنْ رِيعٍ وَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ يَصِحُّ رَهْنُهُ كَمَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَهِبَتُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِ الرَّاهِنِ اُقْتُصِرَ فِي الْحَوْزِ عَلَى حِصَّةِ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا حِيزَ جَمِيعُ مَالِهِ مَا رَهَنَ وَمَا لَمْ يَرْهَنْ لِئَلَّا تَجُولَ يَدُهُ فِي الرَّهْنِ فَيَبْطُلَ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُزْءَ الْمَشَاعَ يُحَازُ بِسَبَبِ حَوْزِ الْجَمِيعِ، أَيْ: جَمِيعِ الشَّيْءِ الَّذِي اُرْتُهِنَ بَعْضُهُ مَشَاعًا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ مِنْهُ بَعْدَ الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ، أَيْ: وَحِيزَ الْجُزْءُ الْمَشَاعُ الْمَرْهُونُ بِسَبَبِ حَوْزِ جَمِيعِهِ، أَيْ: مَعَ حَوْزِ جَمِيعِهِ، أَيْ: جَمِيعِ الْمَشَاعِ لَا جَمِيعِ الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ، أَيْ: جَمِيعِ الْمَشَاعِ الَّذِي لِلرَّاهِنِ مَا رَهَنَ وَمَا لَمْ يَرْهَنْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ (ص) ، وَلَا يُسْتَأْذَنُ شَرِيكُهُ (ش) ، أَيْ: إنَّ مَنْ لَهُ جُزْءٌ مَشَاعٌ فِي عَرَضٍ، أَوْ حَيَوَانٍ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ، أَوْ مِمَّا يَنْقَسِمُ لَهُ رَهْنُ حِصَّتِهِ، أَوْ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ يَتَصَرَّفُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَمْنَعُهُ رَهْنُ الشَّرِيكِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ شَرِيكَهُ عِنْدَ رَهْنِ حِصَّتِهِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ (ص) وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ وَيَبِيعَ وَيُسْلِمَ (ش) ، أَيْ: وَلِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ أَنْ يَقْسِمَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَلَا كَلَامَ لَهُ، وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ إلَّا بِحِصَّتِهِ الْمُرْتَهَنَةِ وَلِلشَّرِيكِ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَ مَنَابَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْبَيْعِ عَلَى الشَّرِيكِ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِيهِ الرَّهْنُ مُؤَجَّلٌ وَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ غَيْرُ الرَّاهِنِ حِصَّتَهُ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تِلْكَ الْحِصَّةَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَاءَ وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ فَالضَّمِيرُ فِي وَلَهُ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الرَّهْنِ كَمَا قَرَّرْنَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَيَبِيعُ، إذْ الرَّاهِنُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ. (تَنْبِيهٌ) : وَإِذَا كَانَتْ تَنْقُصُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً فَإِنَّهُ يُجْبِرُ الرَّاهِنَ عَلَى الْبَيْعِ، ثُمَّ إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا، أَيْ: ثَمَنُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ وَإِنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ قَضَى مِنْهُ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ مِثْلِهِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ (ص) وَلَهُ اسْتِئْجَارُ جُزْءٍ غَيْرِهِ وَيُقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ رَهْنُ جُزْئِهِ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ جَوَلَانِ يَدِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ حَوْزَ الْمُرْتَهِنِ بَلْ الْمُرْتَهِنُ يَقْبِضُ هَذَا الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ، أَيْ: يَقْبِضُ أُجْرَتَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعُهَا لِلْمُؤْجِرِ وَهُوَ شَرِيكُهُ الَّذِي رَهَنَ حِصَّتَهُ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ: فَلَا تُرَدَّ، أَيْ: بَعْدَ التَّخْلِيلِ لِرَاهِنِهَا الذِّمِّيِّ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَزِيدَ، وَلَا تُرَاقَ، وَالتَّقْدِيرُ: إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ فَلَا تُرَدَّ لِرَاهِنِهَا الذِّمِّيِّ، وَلَا تُرَاقَ عَلَى رَاهِنِهَا الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ ذِمِّيًّا) ، أَيْ: الذِّمِّيُّ رَهَنَ الْعَصِيرَ، ثُمَّ تَخَمَّرَ (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ إلَيْهِ) أَيْ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ فَإِنْ أَسْلَمَ أُرِيقَتْ وَهَلْ بِحَاكِمٍ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ أَيْضًا أَمْ لَا. [رَهْنُ الْمَشَاعَ] (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمَشَاعَ) ، أَيْ: الْجُزْءَ الْمَشَاعَ، فَالْمَشَاعُ اسْمٌ لِلْجُزْءِ الْمَرْهُونِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ رَبْعٍ، أَيْ: بَعْضِ رَبْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حِيزَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ، أَيْ: كُلُّهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ يَمْلِكُ نِصْفَ شَيْءٍ مَشَاعًا وَرَهَنَ نِصْفَ النِّصْفِ فَإِنَّهُ يَحُوزُ مِلْكَ الرَّاهِنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَعَ حَوْزِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِيَّةِ الْمَعِيَّةُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ لَهُ، وَلَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدُ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيمَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ بَعْضَهُ أَنْ يَرْهَنَ حِصَّتَهُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ بَيْعَ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيُتَأَمَّلْ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَوَّبَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُفْتَقَرُ لِإِذْنِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ حِصَّتِهِ أَوْ دُعَاءَهُ لِبَيْعِ جَمِيعِهِ فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا وَإِنْ كَانَ بِجِنْسِهِ قَضَى مِنْهُ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ مِثْلِهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّحِيحُ عِنْدِي مَا قَالَ الْبَاجِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ يَدْعُو لِبَيْعِ الْجَمِيعِ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّصِيبِ الْمَرْهُونِ وَمِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَوَثَّقَ فِي الرَّهْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ حَقٌّ فِي إزَالَةِ بَدْءٍ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا اُسْتُؤْذِنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ لِبَيْعِ الْجَمِيعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ مَقُولُ قَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ) مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَقْسِمَ مَنَابَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ شَرِيكُهُ فِي الْقَسْمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُبَاشِرَ الْقَسْمَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ شَرِيكِهِ، أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَكِنَّ مُحَشِّي تت أَخَذَ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ فَاعْتَرَضَهَا قَائِلًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهَا فَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ قَاسَمَ ذَلِكَ الرَّاهِنَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ أَقَامَ الْإِمَامُ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تِلْكَ الْحِصَّةَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَظْهَرُ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ رَهَنَ حِصَّتَهُ، وَالشَّرِيكَ الْآخَرَ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرَكِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رَهْنِيَّةٌ كَفَرَسٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 لِئَلَّا تَجُولَ يَدُهُ عَلَى الرَّهْنِ وَهُوَ شَائِعٌ فَيَبْطُلُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُقَاسِمَ الرَّاهِنَ فِي الرِّقَابِ، أَوْ فِي مَنَافِعِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، فَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ رَاجِعَانِ لِلرَّاهِنِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَيُقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ، أَيْ: وَلِلرَّاهِنِ اسْتِئْجَارُ جُزْءِ شَرِيكِهِ وَيُقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْجُزْءَ لِلرَّاهِنِ يُرِيدُ: أَوْ يُقَاسِمُهُ فِي الرِّقَابِ، أَوْ الْمَنَافِعِ، وَالضَّمِيرُ فِي يُقْبِضُهُ رَاجِعٌ لِلْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ، أَيْ: وَالْأُجْرَةُ تُدْفَعُ لِلرَّاهِنِ (ص) وَلَوْ أَمَنَّا شَرِيكًا فَرَهَنَ حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّنَا الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ بَطَلَ حَوْزُهُمَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ إذَا أَمَّنَا الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ عَلَى الْحِصَّةِ الْمُرْتَهَنَةِ وَهِيَ شَائِعَةٌ، ثُمَّ إنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّنَا الشَّرِيكَ الْأَوَّلَ عَلَى هَذِهِ الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ شَائِعَةٌ بَطَلَ حَوْزُ الْحِصَّتَيْنِ وَفَسَدَتْ الْعُقْدَةُ مِنْ أَصْلِهَا لِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا رَهَنَهُ؛ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ الرَّاهِنِ الثَّانِي، وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ حِصَّتَهُ تَحْتَ يَدِهِ، وَالرَّاهِنُ الثَّانِي جَائِلَةٌ يَدُهُ أَوَّلًا عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِالِاسْتِئْمَانِ الْأَوَّلِ وَلَوْ جَعَلَا حِصَّةَ الثَّانِي عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ رَهْنُ الثَّانِي فَقَطْ لِحَوْزِهِ لِحِصَّةِ الْأَوَّلِ (ص) ، وَالْمُسْتَأْجَرُ، وَالْمُسَاقَى وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ كَافٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَشَاعٍ أَيْ وَصَحَّ رَهْنُ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ لِمَنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ رَهْنُ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى لِعَامِلِهِ وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ بِالْإِجَارَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ كَافٍ عَنْ حَوْزٍ ثَانٍ لِلرَّهْنِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُمَا فَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُجْعَلُ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقَى رَجُلًا أَوْ يَتْرُكَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَاهُ بِيَدِ غَيْرِ مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ عَامِلٍ، أَوْ أَجِيرٍ، وَمِثْلُ الْمُسْتَأْجَرِ الْمُسَاقَى الْمُودَعُ، وَالْمُعَارُ مِنْ   [حاشية العدوي] بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَثَلًا يُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فَيُقَالُ لَهُ إذَا بِعْت حِصَّتَك لَا تُسَلِّمُ تِلْكَ الْفَرَسَ لِلْمُشْتَرِي بَلْ إذَا كَانَ شَرِيكُك حَاضِرًا فَسَلِّمْ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكُ تَحْتَ يَدِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ، أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِهِمَا مَعًا النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُرِدْ الْبَيْعَ غَائِبًا فَإِنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي يُرِيدُ الْبَيْعَ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَاءَ وَحِينَئِذٍ إنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ بِبَيْعِهَا مُفْرَدَةً فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ بِبَيْعِ جَمِيعِهَا وَيَكُونُ ثَمَنُ حِصَّةِ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ تَكُونُ حِصَّةُ الْغَائِبِ تَحْتَ نَظَرِ الْحَاكِمِ إمَّا أَنْ يُبْقِيَهَا تَحْتَ يَدِهِ، أَوْ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْدَمَ صَاحِبُهَا الْغَائِبُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ الشِّرَاءُ مِنْ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، وَالْمَشْهُورُ امْتِنَاعُهُ أَمْ لَا اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ، أَيْ: إلَى الشَّرِيكِ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَسْلِيمُ الْحِصَّةِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ، أَيْ: يَدِ الْحَاكِمِ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْحِصَّةُ الْمُشْتَرَاةُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ هُوَ حِصَّتُهُ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْصِ عِنْدَ الْبَيْعِ، أَوْ ثَمَنُهَا عِنْدَ النَّقْصِ كَمَا بَيَّنَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلًا بِمِيرَاثٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا، وَالشَّافِعِيَّةُ؛ لِأَنَّ أَخَسَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُودَعِ فِي الْأَمَانَةِ، وَالْمُودَعُ إذَا وَضَعَ يَدَ أَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ. فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ قُلْت: إنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، أَوْ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَاءَ الْحَاكِمُ وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، أَيْ: فِي إقْبَاضِهَا لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ حِصَّةً تَبَعًا لِإِقْبَاضِهِ حِصَّتَهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ بِالْبَيْعِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَبَيْعُهُ لِحِصَّةِ نَفْسِهِ جَائِزٌ، وَلَكِنْ يُحْتَاجُ فِي إقْبَاضِهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ وَغَيْرَ مُنْقَسِمَةٍ إلَى إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَقْبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ضَمِنَ كَذَا أَفَادَهُ مَنْ حَقَّقَ. فَإِنْ قُلْت: إذَا فَرَضْت مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي مَوْضُوعٍ غَيْرِ مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَلَّمَ قُلْت: مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ إذَا كَانَ شَيْءٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ كَفَرَسٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَرَهَنَ عَمْرٌو حِصَّتَهُ فَيَجُوزُ لِزَيْدٍ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَيُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي إنْ اقْتَضَى نَظَرُ الْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِزُ هُوَ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ اقْتَضَى نَظَرُ الْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِزُ الْمُرْتَهِنَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُقْبِضُهُ) ، أَيْ: أُجْرَةَ الْجُزْءِ وَكَذَا يُؤْجِرُهُ لَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْجَوَلَانِ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ إلَّا إذَا قُسِّمَتْ الذَّاتُ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهَا بِأَنْ اتَّفَقَ مَعَ شَرِيكِهِ عَلَى أَخْذِ كُلِّ حِصَّتِهِ، أَوْ قُسِّمَتْ الْمَنْفَعَةُ حَيْثُ أَمْكَنَ أَيْضًا كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَارَانِ عَلَى الشِّيَاعِ رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: فِي الرِّقَابِ، أَيْ: بِأَنْ تُجْعَلَ الدَّارُ نِصْفَيْنِ بِضَرْبِ حَائِطٍ وَسَطَهَا وَقَوْلُهُ، أَوْ فِي مَنَافِعِهَا كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَارَانِ عَلَى الشِّيَاعِ رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَهَنَ دَارًا كَامِلَةً عَلَى حِدَةٍ بَلْ رَهَنَ لَهُ نِصْفَ دَارٍ مِنْ كُلٍّ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَسَمَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ الْغَلَّةَ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ غَلَّةَ دَارٍ وَجَعَلَ لِنَفْسِهِ غَلَّةَ أُخْرَى فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ وَقَبْضَ الْأُجْرَةِ لَكِنَّ مُقَاسَمَةَ الْمَنَافِعِ لَا تَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ اشْتَرَطَ الْمَنَافِعَ لِنَفْسِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَنَافِعِ لِلرَّاهِنِ مِنْ حَيْثُ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَلَا مَعْنَى لِمُقَاسَمَةِ الْمَنَافِعِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُسَاقَى رَجُلًا) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقَوْلُهُ: رَجُلًا، أَيْ: يَكُونُ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَتْرُكَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِهِ، أَيْ: وَلَوْ أَحَدُهُمَا خِلَافُ الْقَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ وَمُفَادُ عب أَنَّ الْمُرَادَ رَجُلٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُسَاقَى وَلَمْ يَظْهَرْ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 أَنَّ حَوْزَهُمَا الْأَوَّلَ كَافٍ (ص) وَالْمِثْلِيُّ وَلَوْ عَيْنًا بِيَدِهِ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ (ش) أَيْ: وَصَحَّ رَهْنُ الْمِثْلِيِّ وَلَوْ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ طَبْعًا لَا يُقْدَرُ عَلَى فَكِّهِ غَالِبًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ عُلِمَ بِزَوَالِهِ حِمَايَةً لِلذَّرَائِعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا قَصَدَا قَبْضَهُ عَلَى جِهَةِ السَّلَفِ وَسَمَّيَاهُ رَهْنًا وَاشْتِرَاطُ السَّلَفِ فِي الْمُدَايَنَةِ مَمْنُوعٌ، وَالتَّطَوُّعُ بِهِ هِبَةُ مِدْيَانٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَمِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ الْحُلِيُّ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الطَّبْعُ حَيْثُ جُعِلَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَّا لَوْ جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِاسْتِحْبَابِ الطَّبْعِ عَلَى الْعَيْنِ، وَقَوْلُهُ: بِيَدِهِ حَالٌ مِنْ الْمِثْلِيِّ، أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْمِثْلِيِّ بِيَدِهِ وَهَلْ الطَّبْعُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَعَلَيْهِ مَشَّيْنَاهُ، أَوْ شَرْطٌ لِاخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ فَإِذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ حَتَّى حَصَلَ مَانِعٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، أَوْ شَرْطٌ لِجَوَازِ الرَّهْنِ وَعَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ، أَيْ: يَجُوزُ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ جَمْعٍ (ص) وَفَضْلَتُهُ إنْ عَلِمَ الْأَوَّلَ وَرَضِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَهَنَ رَهْنًا يُسَاوِي مِائَةً فِي خَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْهَنَ قِيمَةَ بَاقِيهِ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ وَيَرْضَى بِهِ لِيَصِيرَ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَوْضُوعًا عَلَى يَدِ أَمِينٍ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ دُونَ عِلْمِ الْأَوَّلِ وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا رَهَنَ الْفَضْلَةَ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ أَمَّا إذَا رَهَنَهَا لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ لَا أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَنْعِ فِيمَا إذَا كَانَ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي أَقَلَّ أَنَّ فِيهِ بَيْعًا وَسَلَفًا وَهُوَ تَعْجِيلُ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَجَلِهِ وَفِي الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكْسُدَ أَسْوَاقُهُ فَيُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى تَأْخِيرِ بَيْعِهِ فَفِيهِ سَلَفٌ وَهُوَ التَّأْخِيرُ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ عَدَمُ الْكَسَادِ لَوْ بِيعَ الْآنَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ هَذَا حَيْثُ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ (ص) ، وَلَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ (ش) الضَّمِيرُ لِلْفَضْلَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَضْلَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا وَتَلِفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا أَمِينٌ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَبْلَغَ دَيْنِهِ فَقَطْ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ فَضْلَةَ الرَّهْنِ هِيَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ وَهَذَا إذَا رُهِنَتْ الْفَضْلَةُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّهْنُ كُلُّهُ عِنْدَهُ وَفِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ إذَا تَلِفَ ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَوْلَهُ (ص) كَتَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَهَنَ عَقَارًا، أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا فَاسْتَحَقَّ شَخْصٌ حِصَّةً مِنْهُ وَتَرَكَهَا تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ تِلْكَ الْحِصَّةَ الْمُسْتَحَقَّةَ؛ لِأَنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ (ص) ، أَوْ رَهَنَ نِصْفَهُ (ش) كَذَا وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَكَذَلِكَ مَنْ ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ فَقَبَضَهُ جَمِيعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مُؤْتَمَنٌ (ص) وَمُعْطٍ دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ وَيَرُدَّ نِصْفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَخْصٍ دِينَارًا لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ صَرْفِهِ، أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي بَاقِيهِ أَمِينًا وَيَضْمَنُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ نِصْفًا، أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ: لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ، بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ اصْرِفْهُ وَخُذْ نِصْفَهُ وَتَلِفَ قَبْلَ الصَّرْفِ لَكَانَ مِنْ رَبِّهِ جَمِيعُهُ لِأَمَانَتِهِ   [حاشية العدوي] عَيْنُ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَجِيرٍ، أَيْ: أَجِيرِ الْعَامِلِ، أَوْ رَبِّ الْحَائِطِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمُدَايَنَةِ) ، أَيْ: عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ، أَيْ: وَقَعَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالتَّطَوُّعُ بِهِ، أَيْ: إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْمُدَايَنَةِ (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ) فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَبْعٌ فَيَكُونَ الرَّهْنُ فَاسِدًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرْطٌ لِاخْتِصَاصِ إلَخْ، أَيْ: لَا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ، أَيْ: فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِاخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ الطَّبْعُ، أَيْ: فَلَا يَقَعُ فَاسِدًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ: وَيَجُوزُ، وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ، لَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، وَلَا لِاخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ إذَا حَصَلَ مَانِعٌ إذْ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ حَصَلَ مَانِعٌ وَلَوْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ: وَرَضِيَ) بِهِ ذِكْرُ الرِّضَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا يَسْتَلْزِمُهُ فَذِكْرُ الْعِلْمِ مَعَهُ ضَائِعٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرْهَنَ قِيمَةَ بَاقِيهِ) ، أَيْ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَهَنَ بَعْضَهُ الْمُنْفَصِلَ كَجُزْءٍ مِنْ كِتَابٍ ذِي أَجْزَاءٍ، ثُمَّ رَهَنَ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ عَلِمَ الْأَوَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِلْمُهُ) ، أَيْ: عِلْمُ الْأَمِينِ، أَيْ: دُونَ رِضَاهُ كَذَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْأَمِينِ وَرِضَاهُ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ فِيهِ بَيْعًا، أَيْ: وَهُوَ الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ، وَقَوْلُهُ: تَعْجِيلُ دَيْنِهِ الْآنَ، أَيْ: لِأَنَّهُ يُبَاعُ الرَّهْنُ كُلُّهُ لِمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَتْ الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ بَيْعًا لَا قَرْضًا، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ التَّأْخِيرُ، أَيْ: فَالْمُسْلِفُ الْمُرْتَهِنُ، وَقَوْلُهُ: لَوْ بِيعَ الْآنَ رَاجِعٌ لِلْكَسَادِ، أَيْ: عَدَمِ الْكَسَادِ الْحَاصِلِ ذَلِكَ الْكَسَادُ عِنْدَ بَيْعِهِ الْآنَ، أَيْ: عِنْدَ الْآجِلِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ فَالنَّفْعُ قَبْضُ دَيْنِهِ بِتَمَامِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ الْكَسَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ) ، أَيْ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَبْلَغَ دَيْنِهِ إنْ أَحْضَرَ الثَّوْبَ الرَّهْنَ وَقْتَ ارْتِهَانِ الثَّانِي، أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِبَقَائِهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ جَمِيعَهُ. (قَوْلُهُ: كَتَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ، أَوْ ثُبُوتِ بَقَائِهِ عِنْدَهُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: كَذَا وَقَعَ إلَخْ) ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ غَازِيٍّ فَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ، أَيْ: فَلَيْسَ فِيهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ رَهَنَ نِصْفَهُ بَلْ هِيَ سَاقِطَةٌ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ) ، أَيْ: قَرْضًا، أَوْ قَضَاءً فَهُوَ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ مِنْ حِينِ الْإِعْطَاءِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ اُتُّهِمَ فَإِنْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يُوَفِّيَ حَقَّهُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ جَمِيعَهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ بَعْدَ الصَّرْفِ فَمِنْهُمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ (ص) فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي أَوَّلًا قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بِيعَ وَقَضَيَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْفَضْلَةَ مَعَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَرِضَاهُ فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي قَبْلَ أَجَلِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ قَسْمُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ أَوْ أَمْكَنَ بِنَقْصٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ مِنْ ثَمَنِهِ وَصِفَتُهُ أَنْ يُقْضَى الدَّيْنُ الْأَوَّلُ كُلُّهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ الْحَقِّ فِيهِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ لِلثَّانِي وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَضَيَا بِأَنَّ فِيهِ فَضْلًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ، وَلَا يُوقَفُ وَلَوْ أَتَى لِلْأَوَّلِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا تَسَاوَى الدَّيْنَانِ، أَوْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ لِوُضُوحِهِ وَهُوَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيَقْضِيَانِ مَعَ التَّسَاوِي وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ إذْ رُبَّمَا أَدَّى الْقَسْمُ إلَى النَّقْصِ فِي الثَّمَنِ، وَأَمَّا مَعَ بُعْدِ الْأَجَلِ الثَّانِي فَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُقْسَمُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بِيعَ وَقَضَيَا وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الرَّهْنِ مَا يُبَاعُ مَا كَانَ مَمْلُوكًا لِرَاهِنِهِ وَمَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ كَالْمُسْتَعَارِ بَيَّنَ الْحُكْمَ فِيهِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَشَاعٍ (ص) ، وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ (ش) ، أَيْ: وَصَحَّ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ أَيْ لِلِارْتِهَانِ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَنْ اسْتَعَارَ سِلْعَةً لِيَرْهَنَهَا جَازَ ذَلِكَ وَيُقْضَى لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ الْغَرِيمُ مَا عَلَيْهِ وَيَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا انْتَهَى وَاخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى الثَّانِي وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ، أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ (ش) ، أَيْ: رَجَعَ الْمُعِيرُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ يَوْمَ قَبْضِ الْعَارِيَّةِ، أَوْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِمَا أَدَّى الْمُسْتَعِيرُ فِي دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، أَيْ: ثَمَنِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا (ش) ، أَيْ: نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاخْتُصِرَتْ عَلَيْهِمَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَدَّى لِلْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَرَّرْنَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكَلُّفَ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعِيرُ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ إذْ لَمْ يُؤَدِّ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ مِنْ ثَمَنِ مَالِهِ كَانَ مُؤَدِّيًا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ فَقَوْلُهُ أُدِّيَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا أَدَّى الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ وَكِيلُهُ حَاكِمٌ، أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ الْمُعِيرُ وَفِيهِ مَا عَلِمْت (ص) وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ وَهَلْ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ سِلْعَةً، أَوْ عَبْدًا لِيَرْهَنَهَا فِي دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَتَعَدَّى وَرَهَنَهَا فِي طَعَامٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ، أَوْ فَاتَ عَلَى رَبِّهِ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرِ) بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَاسْمُهُ عَلِيٌّ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اصْرِفْهُ، فَهُوَ وَكِيلُهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ، وَالْوَكِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الصَّرْفِ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ: قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ) فَيُدْفَعُ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَخْلُصُ مِنْهُ لَا أَزِيدُ، وَالْبَاقِي لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي فَلَا يُدْفَعَ مِنْهُ لِلثَّانِي إلَّا مِقْدَارُهُ وَيَكُونَ بَقِيَّةُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ إلَخْ) الْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ مَعًا وَلَوْ أَتَى بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ دَفْعًا لَمَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا أَتَى بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ لَا يَقْضِي الدَّيْنَ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ بَلْ يَقْضِي الدَّيْنَ الَّذِي حَلَّ أَجَلُهُ وَيَأْخُذُ الرَّاهِنُ بَقِيَّةَ الدَّرَاهِمِ، وَالرَّهْنُ الَّذِي كَالْأَوَّلِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ فَرُدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِهِ) الْوُضُوحُ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي التَّسَاوِي، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا تَظْهَرُ الْوُضُوحِيَّةُ. [رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ] (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ) وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِير أَنْ يُعَيِّنَ لِلْمُعِيرِ النَّوْعَ الَّذِي يَرْهَنُهُ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ ارْهَنْهُ فِي ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ طَعَامٍ، وَأَمَّا تَعْيِينُ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) ، أَيْ: اخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ عَلَى الثَّمَنِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى الْقِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) ، وَالْفَاضِلُ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِلْكٌ لِلْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) ، وَالْفَاضِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ. (فَرْعٌ) لَوْ هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ الْغُرْمُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُرْتَهِنِ كَمَا فِي كُلِّ عَارِيَّةٍ وَرَهْنٍ غَيْرِ مُعَارٍ فَيَتْبَعُ الْمُعَيَّرُ الْمُسْتَعِيرَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِ الْعَارِيَّةِ وَيَتْبَعُ الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِقِيمَتِهَا أَمَّا يَوْمَ الْقَبْضِ، أَوْ الْهَلَاكِ، أَوْ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ فَيُقَاصُّهُ مِنْ دَيْنِهِ فَمَنْ فَضَلَ لَهُ شَيْءٌ رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ، وَالرَّهْنِ الْغَيْرِ الْمُعَارِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ قَبْضِ الْعَارِيَّةِ) وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ وَقِيلَ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ أَقُولُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَصَرْت عَلَيْهِمَا) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ نَقَلْت عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: وَهَلَكَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى مَا فِي عب وشب بَلْ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ حَكَمَ بِالضَّمَانِ، أَيْ: عَلَّقَ بِهِ الضَّمَانَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ رَهْنًا فِي الطَّعَامِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ لَا ضَمَانَ، وَالسِّلْعَةُ رَهْنٌ فِي الدَّرَاهِمِ وَفَائِدَتُهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْمُعِيرَ إذَا أَتَى بِالدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لِلْمُرْتَهِنِ وَأَخَذَ رَهْنَهُ وَيَقُولُ لِلْمُرْتَهِنِ هَذَا هُوَ الَّذِي أَذِنْت بِالرَّهْنِ فِيهِ وَأَنَا أَرْجِعُ بِدَرَاهِمِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَخْذَهُ بِلَا شَيْءٍ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمُدَوَّنَةِ فَرَهَنَهَا فِي طَعَامٍ، أَيْ: مِنْ قَرْضٍ، أَوْ سَلَمٍ بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَهْنًا لِلْمُسْلِمِ فِي الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيْهِ فَبَعْضُهُمْ جَعَلَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا بِبَقَاءِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَحَلُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالضَّمَانِ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ رَهْنًا فِي الطَّعَامِ إذَا خَالَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 يَضْمَنُ بَدَلَهُ لِتَعَدِّيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى التَّعَدِّي أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَمْ لَا هَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَمَعْنَى ضَمِنَ أَنَّهُ صَارَ مُتَعَلِّقًا بِضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ، أَوْ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ مَثَلًا لَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا وَثَبَتَتْ الْمُخَالَفَةُ لَا وُصُولَ لَهُ إلَيْهِ (ص) ، أَوْ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ تَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: أَوْ مَحَلُّ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي وَوَافَقَهُ الْمُعِيرُ عَلَى ذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ لَمْ يَتَعَدَّ وَنَكَلَ الْمُعِيرُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ التَّعَدِّي فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ قِيمَةَ السِّلْعَةِ لِلْمُعِيرِ لِتَصْدِيقِهِ عَلَى التَّعَدِّي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَعَلَيْهِ لَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَى مَا ادَّعَى، أَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِالتَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَكَانَتْ السِّلْعَةُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ حِينَئِذٍ وَبِعِبَارَةٍ أَمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ بَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا رُهِنَ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ الْمُعِيرَ، وَالْمُسْتَعِيرَ عَلَى التَّعَدِّي، أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَى التَّعَدِّي فَلَا ضَمَانَ وَيَكُونُ رَهْنًا فِيهِمَا فِيمَا أُعِيرَ لَهُ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْأَمَاكِنَ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ فَقَالَ (ص) وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ كَأَنْ لَا يَقْبِضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ شَرْطًا يُنَافِيهِ، أَيْ: يُنَافِي حُكْمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ الرَّهْنُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ أَنْ لَا يُبَاعَ عِنْدَ الْأَجَلِ فِي الْحَقِّ الَّذِي رُهِنَ فِيهِ، أَوْ شَرَطَ الرَّاهِنُ أَجَلًا مُعَيَّنًا وَبَعْدَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا، أَوْ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَ أُمِّهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُهُ فَقَوْلُهُ وَبَطَلَ أَيْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ لَا بِمَعْنَى الذَّاتِ الْمَرْهُونَةِ إذْ لَا مَعْنَى لِبُطْلَانِ الذَّاتِ، وَالْبَاءُ فِي بِشَرْطٍ سَبَبِيَّةٌ، أَيْ: بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ مُنَافٍ لِمُقْتَضَاهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ، وَالْبَيْعِ الْمُصَاحِبِ لِلشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ   [حاشية العدوي] وَأَمَّا إذَا وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَعِيرِ ضَمَانٌ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي الدَّرَاهِمِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ فَلَمَّا عَلِمْنَا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيه لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: يَضْمَنُ حِينَئِذٍ قِيمَةَ السِّلْعَةِ) ، أَيْ: يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ، وَقَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، أَيْ: فِي أَنَّ السِّلْعَةَ رَهْنٌ فِي الطَّعَامِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ) ، أَيْ: وَهِيَ الدَّرَاهِمُ، وَقَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ حِينَئِذٍ، أَيْ: فِي كَوْنِ السِّلْعَةِ رَهْنًا فِي الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكُونُ رَهْنًا) أَيْ فِيمَا رَهَنَ فِيهِ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا أُعِيرَ لَهُ) ، أَيْ: فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي أُعِيرَ لَهَا، أَيْ: فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعِيرَ، وَالْمُسْتَعِيرَ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُسْتَعَارَ فِي دَرَاهِمَ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ تَعَدَّى وَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا هُوَ فِي طَعَامٍ وَمُتَّفِقٌ هُوَ، وَالْمُعِيرُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ هَذَا الْكَلَامُ لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَنَرْجِعُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَهَلَكَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّا قُلْنَا لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى مَا قَالَ عب وشب. أَمَّا شب فَقَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ، أَيْ: إنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ رَهْنًا فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا فِيمَا رَهَنَهُ فِيهِ الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ ظَاهِرُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعِيرِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعِبَارَةُ عب وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ، أَيْ: لِلْمُعِيرِ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعِيرِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَارَهُ لَهُ لَيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ إلَخْ وَشَارِحُنَا قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُسْتَعَارُ بِرَهْنٍ، أَوْ فَاتَ عَلَى رَبِّهِ، أَيْ: بِأَنْ ضَاعَ، أَوْ سُرِقَ، ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ وَمَعْنَى ضَمِنَ فَقَدْ تَخَالَفَ كَلَامُ شَارِحِنَا كَمَا عَلِمْت، وَالْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا آخِرًا وَأَنَّ مَعْنَى ضَمِنَ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، أَيْ: إذَا تَلِفَتْ، أَيْ: عَلَى فَرْضِ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ كَأَنْ يُغَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا أَيْ، وَالسِّلْعَةُ رَهْنٌ فِي الطَّعَامِ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُرِيدُهُ الْمُرْتَهِنُ. وَأَشْهَبُ يَقُولُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الدَّرَاهِمِ كَمَا يَقُولُ الْمُعِيرُ فَعَلِمْنَا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ مُتَعَدِّيًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِكَوْنِنَا قَدْ عَمِلْنَا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ وَقَوْلِ شَارِحِنَا إمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُسْتَعِيرُ حَاصِلُهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُعِيرُ، وَالْمُسْتَعِيرُ فَيَقُولُ الْمُعِيرُ إنَّمَا أَعَرْتُهَا لِتُرْهَنَ فِي دَرَاهِمَ وَيَقُولُ الْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا أَعَرْتنِي لِأَرْهَنَهَا فِي طَعَامٍ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ لَا قَوْلَ الْمُعِيرِ، وَمِثْلُهُ فِي عب؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَوْلَهُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّوْفِيقِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ خَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعِيرَ انْتَهَى، وَلَكِنْ يُخَالِفُهُمَا مَا فِي شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَيَّرَ فِي أَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُعَارَ فِي قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يُوَافِقْهُمَا الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِيمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْإِعَارَةُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَارْتَفَعَ التَّأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِ دَافِعِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ انْتَهَى، وَمِثْلُهُ فِي عج فِيمَا أَظُنُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ. [الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ] (قَوْلُهُ: أَيْ: يُنَافِي حُكْمَهُ) ، أَيْ: مُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ يُقْبَضُ وَيُبَاعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا يَكُونُ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَ أُمِّهِ) بِأَنْ رَهَنَهُ حَامِلًا وَاشْتَرَطَ أَنَّ وَلَدَهَا الَّذِي تَلِدُهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي عَقْدِ الرَّهْنِيَّةِ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُهُ) وَهُوَ كَوْنُهُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: أَيْ: بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أُسْقِطَ أَنَّ الْقَبْضَ وَالْبَيْعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْخُوذٌ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الرَّهْنِ فَالشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ لَهُمَا شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا شَرْطُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ مُنَاقِضٌ لَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِنَفْسِ حَقِيقَتِهِ (ص) وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ظُنَّ فِيهِ اللُّزُومُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إذَا شُرِطَ فِيهِ رَهْنٌ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَظُنَّ اللُّزُومَ فَإِنَّهُ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا وَيَسْتَرِدُّهُ الرَّاهِنُ كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَدَفَعَهُ لِصَاحِبِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذْ الْقَرْضُ الْفَاسِدُ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ كَالْمُؤَلِّفِ بُطْلَانُ الرَّهْنِ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ، وَلَا يَكُونُ فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ إذَا فَاتَ مِنْ قِيمَةٍ، أَوْ مِثْلٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّهْنَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِاشْتِرَاطِهِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ وَمَفْهُومُ ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ رَهْنًا فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي حَالَةِ الظَّنِّ إذْ هُوَ مُجَوِّزٌ لَأَنْ يَكُونَ رَهْنًا فِي الْقِيمَةِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْعِلْمِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ عِوَضِ الْمَبِيعِ حَيْثُ فَاتَ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا أَمْ لَا ظَانًّا اللُّزُومَ أَمْ لَا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَالْحَطَّابَ جِيزِي قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهِ لَا يَكُونُ رَهْنًا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ (ص) وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِذَا جَنَى جِنَايَةً خَطَأً تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَرَهَنَ عَلَى ذَلِكَ رَهْنًا ظَانًّا أَنَّهَا تَلْزَمُهُ بِانْفِرَادِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي رَهْنِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ لَازِمَةٌ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ بَلْ عَلِمَ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَرَهَنَ فِي ذَلِكَ رَهْنًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ يَجُوزُ الرَّهْنُ كَالْكَفَالَةِ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ وَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ: وَرَجَعَ الرَّهْنُ جُمْلَةً، أَوْ مِنْ جِهَةٍ إلَى أُخْرَى كَأَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الثَّمَنِ إلَى الْقِيمَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ وَفِي الْمُخْطِئِ الرَّاهِنُ عَنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ إلَى حِصَّتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ وَفَاءِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدِّيَةِ إنْ خَصَّهُ شَيْءٌ (ص) ، أَوْ فِي قَرْضٍ مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ وَصَحَّ فِي الْجَدِيدِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمُبْطِلَاتِ مِنْ قَوْلِهِ فِي بَيْعٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ سَابِقٌ بِرَهْنٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ قَرْضًا وَطَلَبَ مِنْهُ رَهْنًا فِي الْقَدِيمِ، وَالْجَدِيدِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَيَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَدِيدِ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي قَرْضٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ لَصَحَّ فِي الْقَدِيمِ، وَالْجَدِيدِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ قَرْضًا فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَصَحَّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِهِ إذَا حَصَلَ لِلرَّاهِنِ مَانِعٌ، لَا الصِّحَّةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ وَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ   [حاشية العدوي] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَرْطًا بِمَعْنَى اشْتِرَاطِ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَسَّرَ شَرْطٌ بِمَشْرُوطٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْقَبْضَ، وَالْبَيْعَ) لَا يُسْلَمُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَّا الْبَيْعُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْقَبْضُ فَكَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ إذَا لَمْ يُحَزْ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِ الرَّهْنِيَّةِ بِدُونِ حَوْزٍ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَظُنَّ) ، أَيْ: بِأَنْ جَزَمَ بِاللُّزُومِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا بِمَثَابَةِ الرَّهْنِ التَّطَوُّعِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ كَالْمُشْتَرَطِ، ثُمَّ أَقُولُ عَرَفْنَا مَا إذَا ظَنَّ لُزُومَ الرَّهْنِ وَأَوْلَى لَوْ جَزَمَ بِلُزُومِهِ، أَوْ أَرَادَ بِالظَّنِّ مَا يَشْمَلُ الْجَزْمَ بِلُزُومِهِ وَعَرَفْنَا مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُهُ فَتَبْقَى حَالَةُ ظَنِّ عَدَمِ اللُّزُومِ، وَالشَّكِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَحَالَةِ عِلْمِ عَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ) بِالضَّمِيرِ كَمَا هُوَ فِي نُسْخَتِهِ، وَالْجِيزِيُّ كَانَ شَيْخًا لِكَرِيمِ الدِّينِ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ رَهْنًا) ، أَيْ: مَعَ الْفَوَاتِ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ إذَا كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً، وَالرَّهْنُ صَحِيحًا وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحًا فَالْحُكْمُ فِيهِ وَاضِحٌ وَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَرْطِ الرَّهْنِ أَمْ لَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَاسِدًا، أَوْ الْمُعَامَلَةُ صَحِيحَةٌ، وَالرَّهْنُ فَاسِدٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَقَعَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَرْطِ الرَّهْنِ، أَوْ يَكُونُ الرَّهْنُ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَ صُوَرٍ أَمَّا إذَا كَانَ الرَّهْنُ صَحِيحًا، وَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحًا فَقَدْ عَلِمْته فَيَبْقَى مَا إذَا كَانَا فَاسِدَيْنِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ رَهْنًا فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ، أَوْ الْقَرْضِ حَيْثُ فَاتَ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ وَإِنْ كَانَ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِنْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ صَحِيحَةً، وَالرَّهْنُ فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الثَّمَنِ، وَالسَّلَفِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَوْتٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ كَمَا إذَا كَانَا فَاسِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ، أَيْ: فَفِي نَقْلِ ابْنِ غَازِيٍّ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ لَا يَكُونُ رَهْنًا مَعَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ: كَالْكَفَالَةِ) ، أَيْ: الضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ: فِي دِيَةِ الْخَطَإِ مُتَعَلِّقٌ بِيَجُوزُ، وَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ إذًا فَالْمُنَاسِبُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) هَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ لَا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ خَصَّهُ شَيْءٌ) ، أَيْ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخُصَّهُ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا، أَوْ صَبِيًّا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِرَهْنٍ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ بِهِ وَفَاءٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدِيمِ) مَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الْقَدِيمِ حَيْثُ كَانَ الْمَدِينُ مُعْسِرًا بِهِ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْقَدِيمُ مُؤَجَّلًا حِينَ الرَّهْنِ لِلْقَرْضِ الْجَدِيدِ فَإِنْ أَيْسَرَ حِينَهُ وَهُوَ حَالٌّ صَحَّ فِيهِ الرَّهْنُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَانِعٌ) ، أَيْ: مِنْ فَلَسٍ، أَوْ مَوْتٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ) ، أَيْ: رَدُّ الرَّهْنِ مُفَادُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْفَسَادَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّهْنِ فَقَطْ، وَالْقَرْضُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَرْضُ الْجَدِيدُ فَاسِدٌ وَلِذَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَوْنُ الرَّهْنِ فِي قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ حَيْثُ فَاتَ الْقَرْضُ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلِذَا يَجِبُ رَدُّ الرَّهْنِ إلَخْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 حَيْثُ كَانَ قَائِمًا فَقَدْ تَجَوَّزَ فِي إطْلَاقِ الصِّحَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ (ص) وَبِمَوْتِ رَاهِنِهِ، أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ حَوْزِهِ وَلَوْ جَدَّ فِيهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْحَوْزِ فَلِهَذَا إذَا حَصَلَ لِلرَّاهِنِ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بَطَلَ وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَادًّا فِي حَوْزِهِ فَإِنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْجَدَّ فِي الْحَوْزِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْحَوْزِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ فَلَمْ يُكْتَفَ بِالْجَدِّ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ وَاهِبِهِ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِالْجَدِّ فِي حَوْزِهِ، وَالْمَانِعُ هُوَ الْمَوْتُ، وَالْجُنُونُ، وَالْمَرَضُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَوْتِ، وَالْفَلَسُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَخَصُّ مِنْ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ الَّتِي تُبْطِلُهَا الْإِحَاطَةُ (ص) وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ أَوْ إسْكَانٍ، أَوْ إجَارَةٍ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّهْنَ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ، وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالْحَوْزِ فَإِنْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الرَّهْنَ، أَوْ فِي أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ، أَوْ يُؤَجِّرَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ الدَّارِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالْعَرَضِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْإِذْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ مُبْطِلًا لِحَقِّهِ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ، أَيْ: يَصِيرُ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ الرَّاهِنُ الدَّارَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي إسْكَانِهَا وَلَوْ لَمْ يُؤَجِّرْ الْعَيْنَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي إجَارَتِهَا وَلَوْ لَمْ يَطَأْ الْأَمَةَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي وَطْئِهَا ، وَقَوْلُهُ: (ص) وَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ (ش) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ كَيْفَ يَتَوَصَّلُ الرَّاهِنُ إلَى اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ رَهْنِهِ مَعَ صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَالْمَعْنَى وَتَوَلَّى الْمُرْتَهِنُ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ مِنْ الْإِسْكَانِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فِي ذَلِكَ (ص) ، أَوْ فِي بَيْعٍ وَسَلَمٍ، وَإِلَّا حَلَفَ وَبَقِيَ الثَّمَنُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَطْءٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ وَسَلَّمَهُ لَهُ، أَيْ: وَبَاعَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إنِّي لَمْ آذَنْ لَهُ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ، أَيْ: وَبَاعَ وَهُوَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ إنَّمَا أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِهِ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ رَهَنَ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِاحْتِمَالِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ وَهُوَ مُمَاثِلُ الْأَوَّلِ فِي كَوْنِهِ يُغَابُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (ص) كَفَوْتِهِ بِجِنَايَةٍ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ حَيَوَانًا مَثَلًا فَجَنَى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ جِنَايَةً أَذْهَبَتْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ، أَوْ مَا قُدِّرَ فِيهِ كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يُوضَعُ رَهْنًا وَيُطْبَعُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَقَوْلُنَا التَّشْبِيهُ تَامٌّ أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ فِيهَا إذْنٌ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَمِينَ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ وَاوُ الْحَالِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ شَيْءٌ بِأَنْ عَفَى عَنْهُ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى بِلَا رَهْنٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ غَيْرِ الرَّاهِنِ فَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا وَطِئَ غَصْبًا فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَجَّلَ الْمَلِيءُ الدَّيْنَ، أَوْ قِيمَتَهَا (ص) وَبِعَارِيَّةٍ أُطْلِقَتْ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ إذَا أَعَارَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ عَارِيَّةً مُطْلَقَةً، أَيْ: لَمْ يُقَيِّدْهَا بِزَمَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرَّهْنِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُطْلَقَةُ هِيَ   [حاشية العدوي] لَا يَظْهَرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي ذَاتِهِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ إذَا وَجَبَ رَدُّهُ حَيْثُ كَانَ كَيْفَ يُعْقَلُ الِاخْتِصَاصُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ قَائِمًا) ، أَيْ: فَإِنْ فَاتَ رَدَّ قِيمَتَهُ، أَيْ: بِذَهَابِ عَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: الْأَخَصُّ مِنْ إحَاطَةِ إلَخْ) ، وَالْأَخَصُّ مِنْ الْإِحَاطَةِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَقِيَامُ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنَّ فِيهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْإِحَاطَةَ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا فَلَسٌ (قَوْلُهُ: أَوْ إسْكَانٍ) ، أَيْ: أَوْ سُكْنَى وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُزَادُ وَلَوْ لَمْ يُسْكَنْ بِضَمِّ الْيَاءِ فَهُوَ شِبْهُ احْتِبَاكٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ وَغَيْرَهُ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الْإِذْنِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ إذَا حَصَلَ مَانِعٌ، أَيْ: مُفَوِّتٌ مِنْ عِتْقٍ، أَوْ تَدْبِيرٍ، أَوْ تَحْبِيسٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ فَلَهُ أَخْذُ الرَّهْنِ وَحَوْزُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ حَتَّى يَكْرِيَهَا يُرِيدُ، أَوْ يَسْكُنَهَا. (قَوْلُهُ: وَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) فَإِنْ تَرَكَ إجَارَتَهُ فَفِي ضَمَانِ مَا فَاتَ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ وَهُوَ مَنْصُوصٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ زَادَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ فَلَهُ كِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَأَنَّهُ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ أَصْلًا، أَوْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَيْ: وَبَاعَهُ إلَخْ) ، وَأَمَّا قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَوْلَانِ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَنَّهُمَا عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ فِي قِيمَتِهِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُمَاثَلَةِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ فِي كَوْنِهِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَوْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَفِي مُسَاوَاةِ الْقِيمَةِ لَقِيمَةِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ تَعَاقَدَا أَوَّلًا وَلِذَلِكَ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَنْخَفِضُ أَسْوَاقُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا حَلَفَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يَصِيرُ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ فَهِيَ يَمِينُ إتْمَامٍ. (قَوْلُهُ: كَفَوْتِهِ) ، أَيْ: الرَّهْنِ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بِجِنَايَةٍ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَفَى عَنْهُ) ، أَيْ: الرَّاهِنُ عَفَا عَنْ الْجَانِي هَكَذَا نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَمْضِي عَفْوُهُ وَلَوْ كَانَ مُعْدِمًا وَانْظُرْ مَا حُكْمُ عَفْوِ الْمُعْدِمِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: وَبِعَارِيَّةٍ أُطْلِقَتْ) وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا فَوْتٌ، وَلَا يُعْذَرُ الْمُرْتَهِنُ بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَارَهُ إعَارَةً مُطْلَقَةً لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ لَا يُقَالُ الْعَارِيَّةُ إذَا أُطْلِقَتْ يَلْزَمُ أَجَلُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّقْيِيدِ كَأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَالَهُ الْبَدْرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الرَّدُّ فِي الْأَجَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِيهَا ذَلِكَ فَمَا اُشْتُرِطَ الرَّدُّ فِيهَا حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَقَيَّدَ بِزَمَنٍ، أَوْ بِعَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ الْأَجَلِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ فَهِيَ الْمُقَيَّدَةُ (ص) وَعَلَى الرَّدِّ، أَوْ اخْتِيَارًا لَهُ أَخْذُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ فِي الرَّهْنِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ عَلَى شَرْطِ رَدِّهَا إلَيْهِ بِأَنْ قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ كَجُمُعَةٍ، أَوْ عَمَلٍ، أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ لَكِنْ قَالَ لَهُ إذَا فَرَغْت مِنْ حَاجَتِك فَرُدَّهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَكَذَلِكَ إذَا عَادَ الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُرْتَهِنِ إمَّا بِوَدِيعَةٍ أَوْ بِإِجَارَةٍ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا فَإِنْ قَامَ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَالَ جَهِلْت أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِرَهْنِي وَأَشْبَهَ مَا قَالَ حَلَفَ وَرَدَّهُ مَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِرَهْنِي لَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ إذْ مُقْتَضَى هَذِهِ أَنَّهَا تُبْطِلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ نَقْضٌ لِرَهْنِي، أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ مَثَلًا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تُتَصَوَّرُ الْإِجَارَةُ، وَالْغَلَّاتُ إنَّمَا هِيَ لِلرَّاهِنِ فَكَيْفَ يَسْتَأْجِرُ مِنْ نَفْسِهِ قِيلَ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ اكْتَرَاهُ، ثُمَّ أَكْرَاهُ لِلرَّاهِنِ أَوْ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَتَهُ حَيْثُ كَانَ بِبَيْعٍ وَحُدِّدَتْ (ص) إلَّا بِفَوْتِهِ بِكَعِتْقٍ، أَوْ حَبْسٍ أَوْ تَدْبِيرٍ، أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا عَادَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ اخْتِيَارًا فَلَهُ أَخْذُهُ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الرَّاهِنِ بِعِتْقٍ، أَوْ اسْتِيلَادٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حِينَئِذٍ أَخْذُهُ وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ فَقَوْلُهُ، أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ يَعْنِي بِهِ التَّفْلِيسَ، وَقَوْلُهُ: إلَّا بِفَوْتِهِ إلَخْ قَالَ بَعْضٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَ الدَّيْنَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ (ص) وَغَصْبًا فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فَاتَ عِنْدَ الرَّاهِنِ بِعِتْقٍ، أَوْ حَبْسٍ أَوْ تَدْبِيرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ أَمْ لَا وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَ الدَّيْنَ إذَا أَعْتَقَ، أَوْ كَاتَبَ وَقَدَرَ عَلَيْهِ اخْتِيَارًا فَأَوْلَى هُنَا (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فِي الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ: فَمَا اُشْتُرِطَ الرَّدُّ فِيهَا حَقِيقَةً بِأَنْ يَقُولَ لَهُ رُدَّهَا عَلَيَّ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تُقَيَّدَ بِزَمَنٍ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ حُكْمًا بِأَنْ يَقُولَ أُعِيرُهَا لَك عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَمَلٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ ارْكَبْ عَلَيْهَا فِي زِيَارَةِ سَيِّدِي أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: يَنْقَضِي قَبْلَ الْأَجَلِ) رَاجِعٌ لِلزَّمَنِ، وَالْعَمَلِ، أَيْ: يَنْقَضِي كُلٌّ مِنْ الزَّمَنِ، وَالْعَمَلِ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ رَدَّهَا بَعْدَ الْأَجَلِ أَنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى الرَّدِّ مُطْلَقًا وَأَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ إذَا فَرَغْت مِنْ حَاجَتِك شَامِلٌ، وَالْجَوَابُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا فَرَغَتْ حَاجَتُك، أَيْ: وَتُحْمَلُ الْحَاجَةُ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَجَلِ، وَمِثْلُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الرَّدِّ إلَخْ) ، أَيْ: وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ اخْتِيَارًا، أَيْ: أَوْ حَصَلَ رَدُّ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ اخْتِيَارًا، أَيْ: عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ، أَيْ: كَالْوَدِيعَةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَالْمُطْلَقَةُ فِيهَا الرَّدُّ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ قُيِّدَتْ) تَفْسِيرٌ لِشَرْطِ الرَّدِّ، أَيْ: الْحُكْمِيِّ (قَوْلُهُ: إمَّا بِوَدِيعَةٍ) ، أَيْ: بِغَيْرِ الْعَارِيَّةِ قَدْرَ كَذَا لِأَجْلِ أَنْ يَحْصُلَ التَّغَايُرُ، وَقَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا، أَيْ: الْإِجَارَةِ، أَيْ: قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ، أَيْ: فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهَا فَيَأْخُذُهَا الْمُرْتَهِنُ، وَقَوْلُهُ: رَدَّهُ، أَيْ: قَبْلَ الْأَجَلِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الْكِرَاءِ الْوَجِيبِيِّ وَأَوْلَى الْمُشَاهَرَةُ فَلَمْ تَكُنْ الْوَجِيبَةُ لَازِمَةً هُنَا لَمَا قُلْنَا لَهُ أَخْذُهُ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ، أَيْ: يُرَدُّ مَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ أَيْ فَقِيَامُ الْغُرَمَاءِ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رُدَّ اخْتِيَارًا وَقُلْنَا لِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُهُ أَمَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ قَبْلَهَا مَعَ الْحَلِفِ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ فَإِذَا قَامَتْ الْغُرَمَاءُ بَطَلَ الرَّهْنُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِي الْإِجَارَةِ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي إكْرَائِهِ مِنْهُ إذْنًا فِي الْإِجَارَةِ وَزِيَادَةً فَلِمَ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ أَدَّى الْإِذْنُ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ هُنَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَحُدِّدَتْ) ، أَيْ: عُيِّنَتْ. (قَوْلُهُ: بِكَعِتْقٍ) ، أَيْ: أَوْ تَدْبِيرٍ وَفِيهِ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ فَكَيْفَ يُبْطِلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُنَا انْضَمَّ إلَيْهِ مَا هُوَ مُبْطِلُ الرَّهْنِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَ الدَّيْنَ) ، أَيْ: فِي غَيْرِ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا فِي قِيَامِهِمْ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَكَذَا فِي مَوْتِ الرَّاهِنِ بَقِيَ بَحْثٌ إذْ مَا يَأْتِي أَعْتَقَ وَكَاتَبَ مَا فِي حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَمَا هُنَا أَعْتَقَ وَكَاتَبَ مَا حَوَّزَهُ الْمُرْتَهِنُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ، وَأَمَّا إذَا حَازَهُ الرَّاهِنُ غَصْبًا وَأَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ فَالتَّعْجِيلُ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي ظَاهِرٌ. [الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا] (قَوْلُهُ: وَغَصْبًا) وَإِذَا أَخَذَهُ، ثُمَّ خَلَصَ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ مَا فَعَلَهُ مِنْ عِتْقٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُرْتَهِنِ لِفِعْلِهِ رَدُّ إيقَافٍ لَا إبْطَالٍ وَاعْلَمْ أَنَّ قَسِيمَ قَوْلِهِ لَهُ أَخْذُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَلَهُ عَدَمُ أَخْذِهِ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ، وَمِثْلُ عَوْدِهِ لَهُ غَصْبًا إبَاقُ الْعَبْدِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَمَجِيئُهُ عِنْدَ مَالِكِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ رَجَعَ قَهْرًا عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي إبَاقِهِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، أَيْ: مَا لَمْ يَسْكُتْ وَهُوَ بِيَدِ الرَّاهِنِ، وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ فَاتَ عِنْدَ الرَّاهِنِ اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ بَعْدَ فَوْتِهِ بِكَعِتْقٍ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُوسِرَ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ أَوْ كَاتَبَهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ قَالَهُ ح وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِي أَخْذٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا عَلَى قَصْدِ إبْطَالِ الرَّهْنِيَّةِ فِيهِ فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَهُوَ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى إبْطَالِ الرَّهْنِيَّةِ حَتَّى يُعَامَلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ إلَخْ) ، أَيْ: إنَّهُ يَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَيُؤْمَرُ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ فَإِذَا عَجَّلَ الدَّيْنَ عَتَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الرَّهْنُ يَبْطُلُ بِالْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْغَصْبُ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ وَلَوْ حَصَلَ عِتْقٌ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعَجَّلَ الدَّيْنُ فَتَعْجِيلُ الدَّيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 وَإِنْ وَطِئَ غَصْبًا فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَجَّلَ الْمَلِيءُ الدَّيْنَ، أَوْ قِيمَتَهَا، وَإِلَّا بَقِيَ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ، أَيْ: إنَّ الرَّاهِنَ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ غَصْبًا وَأَوْلَدَهَا فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا حُرٌّ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَيُعَجِّلُ الْمَلِيءُ الدَّيْنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ قِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَقِيَتْ إلَى الْوَضْعِ وَحُلُولِ الْأَجَلِ فَتُبَاعُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا إنْ حَصَلَ بِهِ الْوَفَاءُ وَيَبْقَى الْبَاقِي بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا أَخَّرَ بَيْعَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُفِيدَ مَالًا فَيُؤَدِّيَ مِنْهُ ابْنُ نَاجِي قِيلَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ رَضَاعَ الْوَلَدِ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِقَوْلِهِ فِي التِّجَارَةِ فِيمَنْ بَاعَ أَمَةً وَلَهَا وَلَدٌ حُرٌّ شَرَطَ نَفَقَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ (ص) وَصَحَّ بِتَوْكِيلِ مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِهِ وَكَذَا أَخُوهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيَحُوزُهُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ سَبِيلٌ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ الْمُرْتَهِنُ أَخَا الرَّاهِنِ فِي حَوْزِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَحُوزُهُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ خِلَافًا لَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْعُتْبِيَّةِ بِعِبَارَةٍ، أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ، وَلَا مَعْنَى لِصِحَّتِهِ إلَّا صِحَّةَ حَوْزِهِ فَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الرَّهْنِ أَوْلَى مِنْ عَوْدِهِ عَلَى الْحَوْزِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهُ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا زَائِدَةً؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ وَعَدَمِهِ (ص) لَا مَحْجُورِهِ وَرَقِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحْجُورَ الرَّاهِنِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الَّذِي تَحْتَ حَجْرِهِ وَلَوْ كَبِيرًا لَا يَصِحُّ أَنْ يَحُوزَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَذَلِكَ رَقِيقُهُ مِنْ قِنٍّ وَمُسْتَوْلَدَةٍ وَمُبَعَّضٍ وَمَأْذُونٍ؛ لِأَنَّ حَوْزَ الْعَبْدِ مِنْ حَوْزِ سَيِّدِهِ وَبِعِبَارَةِ لَا مَحْجُورِهِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَبِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْأَخِ وَدَخَلَ فِيهِ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ السَّفِيهُ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي ذِكْرِ رَقِيقِهِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لَا مَحْجُورِهِ وَشَمِلَ الْمُدَبَّرَ، وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ وَإِنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ، وَالْمُبَعَّضَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ إذَا مَاتَ فَيُشْبِهُ الْقِنَّ وَقَالَ بَعْضٌ الْمُبَعَّضُ كَالْمُكَاتَبِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ (ص) ، وَالْقَوْلُ لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ إذَا تَنَازَعَا فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ مَثَلًا يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ يُوضَعُ عِنْدِي، أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْأَمِينَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يَكْرَهُ حِيَازَةَ الْمُرْتَهِنِ خَوْفَ دَعْوَى ضَيَاعِهِ لِيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَوْ تَفْرِيطِهِ حَتَّى يَضِيعَ وَقَدْ يَكْرَهُ الْمُرْتَهِنُ حِيَازَةَ نَفْسِهِ خَوْفَ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَ، وَسَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا (ص) وَفِي تَعْيِينِهِ نَظَرُ الْحَاكِمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ إذَا تَنَازَعَا فِيمَنْ يُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْهِ بِأَنْ عَيَّنَ الرَّاهِنُ أَمِينًا وَعَيَّنَ الْمُرْتَهِنُ أَمِينًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَيُقَدِّمُ الْأَصْلَحَ فَإِنْ   [حاشية العدوي] لَا يُنَافِي الْبَقَاءَ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَيُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُدْفَعُ الدَّيْنُ مَعَ كَوْنِ الرَّهْنِ بَاقِيًا عَلَى الرَّهْنِيَّةِ (قَوْلُهُ: بَقِيَتْ إلَى الْوَضْعِ وَحُلُولِ الْأَجَلِ) ، أَيْ: إلَى الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: فَتُبَاعُ كُلُّهَا هَذَا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مُخَلَّاةٌ اهـ. عج (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضهَا إنْ حَصَلَ بِهِ الْوَفَاءُ) فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنْ دَيْنِهِ اتَّبَعَ بِالْبَاقِي، وَلَا يُبَاعُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبْتَاعُ الْبَعْضَ بِيعَتْ كُلُّهَا وَقَضَى لِلْمُرْتَهِنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلرَّاهِنِ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ) ، أَيْ: فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ رُبْعًا، أَوْ ثُلُثًا وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ عَدَمُ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا فِي عِتْقِ مَا بَقِيَ الْآنَ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَإِيقَافُ بَعْضٍ أُمَّ الْوَلَدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْلِكَهَا فَيَكُونَ لَهُ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ رَضَاعُ الْوَلَدِ عَلَى الْمُبْتَاعِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لِلْإِثْغَارِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ تَفْرِقَةِ الْوَلَدِ مِنْ أُمِّهِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا حَكَاهُ بِقِيلِ لِضَعْفِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ عَلَى الْوَالِدِ، وَقَوْلُهُ: شَرْطُ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّفَقَةُ إلَى الْبُلُوغِ. [الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَخْ) فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ فِي الْأَخِ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْجُورِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخُوهُ، أَيْ: الرَّشِيدُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَعْنَى لِصِحَّتِهِ إلَّا صِحَّةَ حَوْزِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْضِي بِأَنَّ الْأَوْلَى تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْحَوْزِ فَلَا يَصِحُّ تَرْتِيبُ قَوْلِهِ فَعَوْدُ الضَّمِيرِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهُ، أَيْ: وَالْمَنْظُورُ لَهُ الثَّمَرَةُ فَتَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لَهَا أَحْسَنُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زَوْجَتِهِ إلَخْ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ، وَالْمَأْذُونِ هُنَا وَبَيْنَ جَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ فِي قَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى الْمَمْنُوعِ وَبَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ اهـ قُوَّةُ التُّهْمَةِ هُنَا بِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهُ) ، أَيْ:؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ، أَيْ: صِحَّةَ الرَّهْنِ ثَمَرَةُ الْحَوْزِ، وَالثَّمَرَةُ هِيَ الَّتِي يُنْظَرُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: السَّفِيهُ) ، وَأَمَّا الرَّشِيدُ فَكَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْرَضْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَإِنْ مَرِضَ السَّيِّدُ وَقَرُبَ الْأَجَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضٌ) ، أَيْ: وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: التَّعْلِيلُ) وَهُوَ إحْرَازُ النَّفْسِ، وَالْمَالِ أَيْ فَالْمُبَعَّضُ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ. [تَنَازَعَ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْأَمِينَ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ تَسْلِيمَ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ كَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ جَرَى الْعُرْفُ إلَخْ) ، أَيْ: خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْيِينِهِ نَظَرُ الْحَاكِمِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ أَشْعَرَ بِهِ الْمَقَامُ لِظُهُورِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ، وَالْقَوْلُ لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ كَانَ قَائِلًا قَالَ لَهُ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى التَّعْيِينِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَفِي تَعْيِينِهِ نَظَرُ الْحَاكِمِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُ الْعَدْلِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَدْعُوَ إلَى ثِقَةٍ لِيَجْعَلَ الرَّهْنَ عِنْدَهُ احْتِيَاطًا لِمَالِهِمَا وَيَأْتِي فِيهِ وَفِي تَعْيِينِهِ نَظَرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 اسْتَوَيَا خُيِّرَ فِي دَفْعِهِ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ لَهُمَا هَذَا ظَاهِرُ مَا لِلشَّارِحِ، وَلَا يَدْفَعُهُ لِغَيْرِهِمَا وَلَوْ كَانَ كُلٌّ لَا يَصْلُحُ لِحُصُولِ الرِّضَا مِنْهُمَا (ص) وَإِنْ سَلَّمَهُ دُونَ إذْنِهِمَا لِلْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلِلرَّاهِنِ ضَمِنَهَا، أَوْ الثَّمَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمِينَ إذَا أَسْلَمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ دُونَ إذْنِ الرَّاهِنِ وَضَاعَ عِنْدَهُ، أَوْ هَلَكَ فَإِنَّ الْأَمِينَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلرَّاهِنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الرَّهْنُ كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِهَلَاكِهِ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ ضَمِنَ الْأَمِينُ الْفَضْلَةَ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ وَهَذَا إذَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى حَلَّ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُغَرِّمَ الْقِيمَةَ أَيَّهمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ عَلَيْهِ هَذَا فِي دَفْعِهِ وَهَذَا فِي أَخْذِهِ وَتُوقَفُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ غَيْرِهِ خِيفَةَ تَعَدِّيهِ ثَانِيَةً وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَإِنْ سَلَّمَهُ لِلرَّاهِنِ دُونَ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلَكَ عِنْدَ الرَّاهِنِ، أَوْ ضَاعَ فَإِنَّ الْأَمِينَ يَضْمَنُ لِلْمُرْتَهِنِ قِيمَةَ الرَّهْنِ يَوْمَ الْهَلَاكِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ الدَّيْنَ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَأَوْ تَفْصِيلِيَّةٌ لَا تَخْيِيرِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ أَوْ الدَّيْنَ بَدَلَ الثَّمَنِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الرَّهْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَكُونُ رَهْنًا بِالتَّبَعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَانْدَرَجَ صُوفٌ، ثُمَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَهَنَ غَنَمًا وَعَلَيْهَا صُوفٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ الرَّهْنِ تَامًّا انْدَرَجَ؛ لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَأَمَّا غَيْرُ التَّامِّ فَلَا يَنْدَرِجُ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ يَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ الْجَنِينُ الْمَوْجُودُ حِينَ الرَّهْنِ وَأَحْرَى مَا وُجِدَ بَعْدَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَنِينٌ (ش) ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ دُخُولِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ، وَلَا يَنْدَرِجُ الْبَيْضُ لِتَكَرُّرِ الْوِلَادَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ أَمَّا مَعَهُ فَيَنْدَرِجُ مَا لَا يَنْدَرِجُ، وَإِلَّا يَنْدَرِجُ مَا يَنْدَرِجُ (ص) وَفَرْخُ نَخْلٍ لَا غَلَّةٌ وَثَمَرَةٌ وَإِنْ وُجِدَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ارْتَهَنَ نَخْلًا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَوْ نَحْلًا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنَّ الْفَرْخَ يَنْدَرِجُ مَعَ أَصْلِهِ فِي الرَّهْنِ لَكِنَّ الْجَنِينَ يُغْنِي عَنْ فَرْخِ النَّحْلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَرْخُ النَّخْلِ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْفَسِيلُ وَفَرْخُ النَّحْلِ أَوْلَادُهُ، وَأَمَّا الْغَلَّةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الرَّهْنِ لَا تَدْخُلُ فِيهِ بَلْ هِيَ لِلرَّاهِنِ مِثْلُ كِرَاءِ الدُّورِ، وَالْعَبِيدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الْمُرْتَهِنِ الْإِدْخَالَ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا تَدْخُلُ مَعَ أَصْلِهَا فِي الرَّهْنِ وَهِيَ لِلرَّاهِنِ، وَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَلَوْ وُجِدَتْ بَلْ وَلَوْ أَزْهَتْ، أَوْ يَبِسَتْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصُّوفِ التَّامِّ أَنَّ الثَّمَرَةَ تُتْرَكُ لِتَزْدَادَ طِيبًا فَهِيَ غَلَّةٌ لَا تُرْهَنُ، وَالصُّوفُ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهِ فَالسُّكُوتُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إدْخَالِهِ (ص) وَمَالِ عَبْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا رُهِنَ لَا يَدْخُلُ مَالُهُ مَعَهُ فِي الرَّهْنِ إلَّا   [حاشية العدوي] الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَهُ دُونَ إذْنِهِمَا) الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ فَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ، وَقَوْلُهُ: دُونَ إذْنِهِمَا، أَيْ: إذْنِ أَحَدِهِمَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ (قَوْلُهُ: وَضَاعَ عِنْدَهُ، أَوْ هَلَكَ) ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ وَيُوضَعُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَمِينَ يَضْمَنُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ ضَمَانٌ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ضَمِنَ الْأَمِينُ الْفَضْلَةَ وَلِقَوْلِهِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ لِلْأَمِينِ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ أَنَّهُ ضَمَانُ تَعَدٍّ، أَيْ: ضَمَانٌ مِنْ جِهَةِ التَّعَدِّي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ وَأَيْضًا قَدْ عَمَّمْنَا فَقُلْنَا سَوَاءٌ كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فَالْأَمِينُ بِالدَّفْعِ، وَالْمُرْتَهِنُ بِالْأَخْذِ فَإِنْ أَعْسَرَ الْأَمِينُ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: أَيَّهمَا شَاءَ) فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْأَمِينِ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) وَإِنْ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْأَمِينِ، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْفَضْلَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ قَالَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمِينَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ بِالتَّسْلِيطِ مَوْجُودٌ فِي الْفَضْلَةِ وَقُلْنَا يَرْجِعُ بِهَا فَلَا فَرْقَ، ثُمَّ وَجَدْت فِي شب نَاقِلًا عَنْ التَّبْصِرَةِ مَا نَصُّهُ قَالَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ فَإِنْ ابْتَدَأَ بِالْعَدْلِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا قَامَتْ عَلَى ضَيَاعِهِ بَيِّنَةٌ وَيَخْتَلِفُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ هَلْ لِلْعَدْلِ أَنْ يُغَرِّمَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتَهُ الْآنَ، أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا، أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ لِلْعَدْلِ أَسْقِطْ مَا لَزِمَنِي مِنْ الْقِيمَةِ فِي نَظِيرِ دَيْنِي عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَك لِي إيَّاهُ رِضًا بِتَعْجِيلِ دَيْنِي وَتَرَكْت مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَى الرَّاهِنِ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُشْكِلُ مَعَ مَسْأَلَةِ الْفَضْلَةِ. (قَوْلُهُ: قِيمَةَ الرَّهْنِ يَوْمَ الْهَلَاكِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ) ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْهَلَاكِ) قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ يَوْمَ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ) ، أَيْ: وَيَرْجِعُ بِالْبَاقِي، وَالْمُرَادُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْ دَيْنِهِ لَا أَنَّهَا تَكُونُ رَهْنًا. [مَا يَكُونُ رَهْنًا بِالتَّبَعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ) أَيْ فَيَفْسُدُ بِذَلِكَ عَقْدُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: فَيَنْدَرِجُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا يَلِدُهُ الْحَيَوَانُ لِعَدَمِ جَوَازِهِ. (قَوْلُهُ: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ بَلْ الْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: الْفَسِيلُ) بِالْفَاءِ صِغَارُ النَّخْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ) فَرَّقَ بَيْنَ الثَّمَرَةِ، وَالْجَنِينِ بِأَنَّ السُّنَّةَ حَكَمَتْ بِأَنَّ غَلَّةَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ، وَالْجَنِينُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ بَلْ كَعُضْوٍ فَدَخَلَ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الثَّمَرَةَ تُتْرَكُ لِتَزْدَادَ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 بِالشَّرْطِ (ص) وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ، أَوْ بَاعَ (ش) صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الشَّيْءَ عِنْدَك رَهْنًا عَلَى مَا اقْتَرَضَهُ مِنْك، أَوْ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّهْنِ فَقَوْلُهُ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ، أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ الْآنَ وَلَزِمَ إنْ أَقْرَضَ، أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَوْلُهُ: (أَوْ يَعْمَلُ لَهُ) بِالْجَزْمِ عَطَفَ عَلَى الشَّرْطِ، أَيْ: عَلَى مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ وَعَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ لِكَوْنِ الْعَمَلِ شَأْنُهُ التَّجَدُّدُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ فَإِنَّهُمَا لَيْسَ شَأْنُهُمَا ذَلِكَ وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْمَنْقُولَةُ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَدْفَعُ رَهْنًا لِعَامِلِهِ فِي أُجْرَتِهِ الَّتِي تَجِبُ لَهُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَعْمَلَ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا وَيَنْقُدَهُ الْأُجْرَةَ وَيَخْشَى أَنْ يُعَطِّلَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ عَطَّلَ اسْتَأْجَرَ مِنْ الرَّهْنِ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَهَذِهِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فِي جُعْلٍ) إلَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَاعَلَ شَخْصًا عَلَى تَحْصِيلِ عَبْدِهِ الْآبِقِ مَثَلًا وَيَدْفَعُ لَهُ رَهْنًا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْجُعْلِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا فِي الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَازِمًا، وَلَا آيِلًا لِلُّزُومِ إذْ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَلَوْ شَرَعَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ فِي جُعْلٍ، أَيْ: فِي عِوَضِ جُعْلٍ لَا فِي عَمَلِ جُعْلٍ (ص) لَا فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَجَلِهِ وَمُحَالٌ أَنْ يُسْتَوْفَى الْمُعَيَّنُ، أَوْ مَنْفَعَتُهُ مِنْ الرَّهْنِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمَرْهُونِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَانَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ قِرَاضًا وَيَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ، أَوْ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَاتِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَ وَلِذَلِكَ قَالُوا إنَّ الضَّمَانَ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ (ص) وَنَجْمِ كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (ش) أَيْ، وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي نَجْمِ كِتَابَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْكِتَابَةِ فَرْعُ تَحَمُّلِهِ بِهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهُ بِهَا فَلَا يَصِحُّ دَفْعُ الرَّهْنِ فِيهَا، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ إذَا عَجَزَ يَرْجِعُ رَقِيقًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فَغَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْعَجْزُ مَعَ وُجُودِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاعُ كَمَا يُبَاعُ إذَا كَانَ هُوَ الرَّاهِنَ وَقَدْ يُقَالُ قَدْ يَتَأَتَّى الْعَجْزُ مَعَ وُجُودِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهُ تُوَفَّى بِالْكِتَابَةِ وَمَفْهُومُهُ صِحَّةُ أَخْذِ الرَّهْنِ فِي نَجْمٍ، أَوْ فِي الْجَمِيعِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّاتُ الرَّهْنِ وَمَنَافِعُهُ لِرَاهِنِهِ لِخَبَرِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ شَرَعَ فِيمَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ إنْ عُيِّنَتْ بِبَيْعٍ لَا قَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ   [حاشية العدوي] إذَا يَبِسَتْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ الْآنَ) ، أَيْ: وَصَحَّ عَقْدُ الرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ الْآنَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ، وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ إنْ أَقْرَضَ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ أَقْرَضَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَزِمَ إنْ أَقْرَضَ، وَلَا يَحْتَاجَانِ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ وَلَيْسَ الْمَعْنَى وَصَارَ رَهْنًا إنْ أَقْرَضَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَازِمٌ لِلرَّاهِنِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَرْهَنُك عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي مَثَلًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الْإِقْرَاضُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَفْعِ الْقَرْضِ لَمْ تَدُمْ الرَّهْنِيَّةُ وَتَبْطُلُ (أَقُولُ) وَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ إنْ أَقْرَضَ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ، أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَقْرَضَ كَانَ كَذَا رَهْنًا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) ، أَيْ: لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي النُّكَتِ وَيَكُونُ رَهْنًا بِمَا دَايَنَهُ مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَةَ الرَّهْنِ، وَلَا يُرَاعَى مَا يُشْبِهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَمَالَةِ إذَا قَالَ دَايِنْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ الْأُولَى بَيَّنَ بِالرَّهْنِ مَا يُقْرِضُهُ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ الشَّخْصَ إلَخْ) وَكَذَا يَصِحُّ رَهْنٌ يَأْخُذُهُ الْمُجَاعِلُ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى أُجْرَةٍ دَفَعَهَا لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ. [الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ] (قَوْلُهُ: لَا فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ) ، وَأَمَّا إنْ أَخَذَهُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ مِنْ عِوَضِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ حَيْثُ تَلِفَ، أَوْ تَعَيَّبَ لَوْ اُسْتُحِقَّ فَصَحِيحٌ مِثَالُ الْمُعَيَّنِ أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبًا وَيَدْفَعَ لَهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى اُسْتُحِقَّ وَأَبَى مُسْتَحِقُّهُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ وَهَذَا مُحَالٌ وَمِثَالُ الْمَنْفَعَةِ أَنْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا، أَوْ دَارًا وَيَدْفَعَ رَبُّهَا فِي مَنَافِعِهَا رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ حَصَّلَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ بِعَيْنِهَا مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ بِهِ رَهْنًا) ، أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ إذَا ضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ لَا يَلْزَمُ الْمُؤْتَمَنَ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَالْمُرَادُ ضَاعَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إذَا ضَاعَتْ بِتَفْرِيطٍ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا، وَالرَّهْنُ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَارِجٌ عَمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ أَوَّلَ الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَ) هَذَا تَعْلِيلٌ يُوَجَّهُ بِهِ صِحَّةُ هَذَا الِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالُوا إنَّ الضَّمَانَ فِي الْمُعَيَّنَاتِ) ، أَيْ:؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ شَغْلُ ذِمَّةٍ، أَيْ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ شَيْئًا بِحَيْثُ إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ، أَوْ ضَاعَ يُحَصِّلُهُ الضَّامِنُ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ:، وَالْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجِنْسُ) ، أَيْ: فَيُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ جَمِيعَ النُّجُومِ وَقَدْ فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كُلِّ النُّجُومِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رَهْنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: فَرْعُ تَحَمُّلِهِ بِهَا) ، أَيْ: فَرْعُ تَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَا يُتَوَثَّقُ بِهِ فِي الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَيْ وَتَحَمُّلُهُ بِهَا لَا يَصِحُّ، أَيْ: وَتَعَلُّقُهَا بِذِمَّتِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ فَرْعُ تَعَلُّقِهَا بِذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ وَهِيَ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ الرَّهْنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَكِتَابَتُهُ لَيْسَتْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُسُومِحَ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: إذَا عَجَزَ يَرْجِعُ رَقِيقًا) ، أَيْ: فَيَضِيعُ الْمَالُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامِلْهُ، وَلَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْكِتَابَةِ وَهِيَ لَا يُرَدُّ مَا أُخِذَ مِنْهَا بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ. [مَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ] (قَوْلُهُ: وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ فِي بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ وَيُعَيِّنُ مُدَّتَهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 أَنْ يَشْتَرِطَ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ لِنَفْسِهِ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي عَقْدِ بَيْعٍ لَا فِي عَقْدِ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَسَكَتَ عَنْ شَرْطِ كَوْنِ الرَّهْنِ مِمَّا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لَا أَشْجَارًا لِثِمَارِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ طَابَتْ وَاشْتَرَطَهَا ذَلِكَ الْعَامَ، وَلَا حَيَوَانًا لِلَبَنِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَفَّرَ شُرُوطُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ وَهُوَ كَوْنُهَا إجَارَةً فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهَا أَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنَافِعُ مُشْتَرَطَةً فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ أَبَاحَ الرَّاهِنُ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي بَيْعٍ، وَلَا قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ جَرَى عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَخْذُ الْغَلَّةِ مِنْ دَيْنِهِ جَازَ فِي الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ فِي الْأَجَلِ لَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَقْبِضُ أَيَقِلُّ، أَوْ يَكْثُرُ (ص) وَفِي ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ يُغَابُ عَلَيْهِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ كَسَائِرِ الْمُسْتَأْجَرَاتِ وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ تَلِفَ فِي مُدَّةِ اشْتِرَاطِ الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا إنْ تَلِفَ بَعْدَهَا فَهُوَ كَالرَّهْنِ فِي الضَّمَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَذَا إذَا اُشْتُرِطَتْ الْمَنْفَعَةُ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ تَطَوَّعَ بِهَا كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ضَمَانَ الرَّهْنِ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِ لِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ وَقَعَتْ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ بِالصَّرَاحَةِ، أَوْ يَتَسَاوَى فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ مُقَابِلِهِ فِي التَّرْجِيحِ، وَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرَّهْنِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (ص) وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ شَرَطَ بِبَيْعٍ وَعَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا شَرَطَ لِلْبَائِعِ فِي عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ وَعَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ شَرْطِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضُ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُقْتَرَضَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ فِيهِ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِارْتِهَانِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِلَّا فَرَهْنُ ثِقَةٍ (ش) وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ، أَوْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ الْفَسْخِ فَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ، أَوْ مِثْلَهُ إنْ فَاتَ فَإِنْ حَصَلَ الْهَلَاكُ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا مَقَالَ لَهُ إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ (ص) ، وَالْحَوْزُ بَعْدَ مَانِعِهِ لَا يُفِيدُ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى فِيمَا هُوَ مَحُوزٌ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ الْقَائِمِ الْآنَ بِالرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْأَمِينُ الَّذِي وَضَعَ الرَّهْنَ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ فَقَوْلُهُ، وَالْحَوْزُ، أَيْ: وَدَعْوَةُ الْحَوْزِ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ فَبَعْدُ مُتَعَلِّقٌ   [حاشية العدوي] فِيهِمَا أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ يُطَاعُ بِهَا بَعْدَهُ فَيُمْنَعُ فِي سَبْعٍ وَيَجُوزُ فِي صُورَةٍ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَوَفَّرَ شُرُوطُهُ) هِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ مَأْخُوذًا مِنْ عَشَرَةِ شِيَاهٍ، وَالْمَأْخُوذُ لَبَنُ شَاةٍ، أَوْ شَاتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ فِي الْأَجَلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُؤَجَّلْ الْقَرْضُ بِأَجَلٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَجَّلْ فِي الْقَرْضِ بِالْأَجَلِ وَدَخَلَ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لِيُحْسَبَ مِنْ دَيْنِهِ فَأَجْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْجَهْلِ فِي الْأَجَلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذْ لَا يُدْرَى الْمُنَاسِبُ إبْدَالُهُ بِأَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ فِي الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إذَا أَجَّلَ كُلٌّ بِأَجَلٍ وَدَخَلَا عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إذَا فَضَلَ مِنْ الدَّيْنِ فَضْلَةٌ يُوَفِّيهِ بَقِيَّةَ الدَّيْنِ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ يَبِيعُ الرَّهْنَ أُجِيزَ فِي الْبَيْع، وَالْقَرْضِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ يُوَفِّيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ يُعْطِيهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي الْمُؤَخَّرِ لَا فَرْقَ فِي الْقَرْضِ، وَالْبَيْعِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْفَاضِلَ يُتْرَكُ لِلْمَدِينِ جَازَ فِي الْقَرْضِ دُونَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَجَرَتْ الْعَادَةُ) فَإِذَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ قَبُولُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ تَجْرِ يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَا يَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: فَرَهْنُ ثِقَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ سُجِنَ لِيَأْتِيَ بِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُجُودِهِ عِنْدَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَبَقَائِهِ بِلَا رَهْنٍ، وَأَمَّا الْقَرْضُ فَلَا (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ) وَكَذَا يُخَيَّرُ فِي هَلَاكِ حَمِيلٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ لَا بَعْدَهُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَةِ هَلَاك الرَّهْنِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ قَبْضُ الرَّهْنِ وَعَدَمُ قَبْضِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْحَمِيلِ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَعَدَمُ قَبْضِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي مِثْلُ جَمِيعِ هَذَا فِي الْقَرْضِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يُغْتَفَرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْبَيْعُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْأَمِينُ) أَيْ بِدَعْوَى أَمِينٌ فِي زَعْمِ الْمُرْتَهِنِ وَبِهَذَا لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ وَكَوْنِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِ، وَمِثْلُ الْأَمِينِ فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إقْرَارُ نَفْسِ الرَّاهِنِ بِالْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ لِاتِّهَامِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) إذًا فَشَهَادَةُ الْقَبَّانِيِّ بِأَنَّ وَزْنَ مَا قَبَضَهُ فُلَانٌ كَذَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانًا قَبَضَ مَا وَزْنُهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَبْطُلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ رُدَّتْ كُلُّهَا، وَأَمَّا إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا عِنْدَنَا مِنْ جَانِبِ الْقَاضِي، وَإِلَّا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَابِعَ الْمُقَامِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي كَهُوَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ) أَيْ فَإِنَّ شَهَادَةَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 بِدَعْوَى الْمَقْدِرَةِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ وَإِبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَوْزَ بَعْدَ الْمَانِعِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إذَا وُجِدَ الْمَانِعُ وَمَانِعُهُ هُوَ مَوْتُ الرَّاهِنِ، أَوْ فَلَسُهُ، أَوْ جُنُونُهُ، أَوْ مَرَضُهُ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ (ص) وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوْزِ قَبْلَهُ وَبِهِ الْعَمَلُ، أَوْ التَّحْوِيزُ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ دَعْوَى الْحَوْزِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَا تُقْبَلُ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَجَرَّدْ عَنْ الْبَيِّنَةِ مَا كَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ هَلْ يَكْفِي أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ لَهُ بِالْحَوْزِ لِلرَّهْنِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ تَحْضُرْ الْبَيِّنَةُ الْحِيَازَةَ، وَلَا عَايَنَتْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَقْبُوضًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَتَّابٍ وَالْبَاجِيِّ وَبِهِ الْعَمَلُ، أَوْ لَا يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ إلَّا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى التَّحْوِيزِ، أَيْ: تَشْهَدُ أَنَّهَا عَايَنَتْ الرَّاهِنَ سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، كَانَ مُشْتَرَطًا أَمْ لَا فَالْحَوْزُ كَوْنُ الرَّهْنِ فِي تَصَرُّفِ الْمُرْتَهِنِ، وَالتَّحْوِيزُ كَوْنُ الرَّهْنِ فِي تَصَرُّفِ الْمُرْتَهِنِ مَعَ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فَهُوَ أَخَصُّ،، وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا وَلَوْ وَاحِدًا لَكِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (ص) وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا فَرَّطَ فِي طَلَبِ الرَّهْنِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَحُزْهُ حَتَّى بَاعَهُ رَاهِنُهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً، وَلَا يَلْزَمُهُ رَهْنُ غَيْرِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَكُلٌّ مِنْ الْمَصْدَرَيْنِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ، وَقَبْضِ بِمَعْنَى إقْبَاضٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ مَضَى بَيْعُ الرَّهْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَيْ: الرَّهْنِ، وَعَلَى الثَّانِي وَمَضَى بَيْعُ الرَّاهِنِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ، أَيْ: الرَّاهِنِ (ص) ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ الْمُرْتَهِنُ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ الْمُعَيَّنِ بَلْ جَدَّ فِي طَلَبِهِ وَإِنَّمَا الرَّاهِنُ عَاجَلَهُ وَبَاعَهُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَهَلْ يَمْضِي هَذَا الْبَيْعُ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا وَهُوَ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ، أَوْ لَا يَمْضِي وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا فَيَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُبْقِيهِ رَهْنًا هَكَذَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَ الْإِمْضَاءَ مَعَ عَدَمِ التَّفْرِيطِ وَلَوْ قَالَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَمَحَلُّهُمَا فِي الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدِ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعُ بِهِ فَبَيْعُهُ كَبَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِبَيْعِهَا قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطِي رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْبَيْعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَتَضَمَّنُ عِلْمَ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِيَّةِ فَيَكُونُ بَيْعُهُ كَبَيْعِ الْهِبَةِ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَحِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ الثَّمَنُ لِلرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ رَهْنًا، أَوْ يَكُونُ رَهْنًا فَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ شَيْءٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِهِ (ص) وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ، أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا (ش) الضَّمِيرُ فِي بَعْدَهُ يَرْجِعُ لِقَبْضِ الرَّهْنِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَيْهِ لِلرَّهْنِ، وَالْمَعْنَى، أَيْ: الرَّاهِنُ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَحَازَهُ، أَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَأْخُذُ دَيْنَهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالرَّهْنِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ وَيُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ وَكَذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ دَيْنُهُ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْعَرَضِ قَبْلَ أَجَلِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ مِنْ قَرْضٍ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَجَلُ فِي الْبَيْعِ فَمِنْ حَقِّهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ حَيْثُ بِيعَ بِأَقَلَّ إنْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُ فَإِنْ كَمُلَ لَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا بِيعَ بِمِثْلِهِ فَقَوْلُهُ وَبَعْدَهُ   [حاشية العدوي] الْأَمِينِ إنَّمَا تَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا) وَهُوَ قَوْلُهَا، وَلَا يُقْضَى بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ انْتَهَى فَإِنَّ قَوْلَهَا لِحَوْزِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْحِيَازَةِ وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّحْوِيزِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالرَّهْنِ حَيْثُ جَرَى فِي الرَّهْنِ الْقَوْلَانِ وَاتُّفِقَ عَلَى كِفَايَةِ الْحَوْزِ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْهِبَةِ بَقَاءُ مِلْكِ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ دُونَهُمَا فَقَدْ خَرَجَا عَنْ مِلْكِ الْمُتَصَدِّقِ، وَالْوَاهِبِ وَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ مُشْتَرَطًا أَمْ لَا) يَنْبَغِي إذَا كَانَ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ وَكَانَ مُعَيَّنًا أَنْ يَكْفِيَ فِيهِ الْحَوْزُ لِمَا انْضَمَّ لَهُ مِنْ الِاشْتِرَاطِ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَازَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ لَمْ يَحُزْ جَازَتْ شَهَادَةُ اللَّذَيْنِ شَهِدَا بِالْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهُمَا زَادَا فِي شَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ:، وَالتَّحْوِيزُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ التَّحْوِيزُ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْ الْمَصْدَرَيْنِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ) قَدَّمَهُ لِكَوْنِهِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي مُرْتَهِنِهِ يَعُودُ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ إنْ دَفَعَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ فَلِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ السِّلْعَةِ وَلَوْ أَتَى بِرَهْنٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَهُ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا أَيْضًا فَرَّطَ أَمْ لَا لَكِنْ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ إذْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِهِ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَمْضِي وَيَبْقَى رَهْنًا) ، أَيْ: بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا لِابْنِ الْقَصَّارِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ التَّفْرِيعُ، وَلَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا تَقَرَّرَ مَا قُلْت فَنَقُولُ لَك قَوْلَ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ أَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ شَيْءٌ) وَوَجْهُ الشَّيْءِ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ مُجْمَلٌ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ بِالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ) وَبَقِيَ عَلَيْهِ قَيْدٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَفَاقِ بَيْعِهِ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بِالدَّيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 مَعْمُولٌ لِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَهُ لَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَبْلَ إذْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّهُ كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ تَعَيَّنَ، وَقَوْلُهُ: إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ، أَيْ: وَالدَّيْنُ عَيْنٌ، أَوْ عَرَضٌ مِنْ قَرْضٍ فَلَوْ بِيعَ بِمِثْلِ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يُرَدُّ وَيَتَعَجَّلُ دَيْنُهُ شَاءَ الرَّاهِنُ، أَوْ أَبَى قَوْلُهُ، أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا، أَيْ: مِنْ بَيْعٍ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ إلَخْ الْفَاءُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ أَيْ وَإِنْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بَعْدَهُ، أَيْ: بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إلَخْ قَوْلُهُ، أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا، أَيْ: وَكَذَا لَهُ الرَّدُّ إذَا كَانَ دَيْنُهُ عَرَضًا، أَيْ: مِنْ بَيْعٍ وَعَلَى نُسْخَةٍ عَرَضٌ بِالرَّفْعِ فَكَانَ شَأْنِيَّةٌ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرٌ (ص) وَإِنْ أَجَازَ تَعَجَّلَ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ فِي الرَّهْنِ الَّذِي لَهُ فِيهِ التَّخْيِيرُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ كَانَ دَيْنُهُ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ تَعَجَّلَ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ فَإِنْ وَفَّى فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا اتَّبَعَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ إنَّمَا أَجَازَ لِذَلِكَ وَإِذَا كَانَ يَتَعَجَّلُ دَيْنُهُ فِي حَالَةِ تَخْيِيرِهِ وَإِجَازَتِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَخْيِيرِهِ وَهِيَ مَا إذَا بِيعَ بِمِثْلِ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَيْسَ الدَّيْنُ عَرَضًا إذْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى يَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ بِعِوَضٍ شَرَعَ فِي تَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَمِنْ ذَلِكَ تَدْبِيرُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَقِيَ إنْ دَبَّرَهُ (ش) ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ، ثُمَّ دَبَّرَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ بَاقِيًا عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِيَّةِ إلَى الْأَجَلِ فَإِنْ دَفَعَ سَيِّدُهُ الدَّيْنَ، وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهَا كَظَاهِرِهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ بَعْدَهُ (ص) وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْتَقَهُ نَاجِزًا، أَوْ لِأَجَلٍ، أَوْ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ جَازَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ رَهْنٍ، وَسَوَاءٌ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَضَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا عَجَّلَ الدَّيْنَ لِعَدِّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا وَمَحَلُّ التَّعْجِيلِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ فَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ (ص) ، وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى (ش) ، أَيْ: فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ، أَوْ كَاتِبُهُ مُعْسِرًا فَإِنَّ فِعْلَهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَيَسْتَمِرُّ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ أَوْ الْمُكَاتَبُ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِيَّةِ إلَى الْأَجَلِ فَإِنْ دَفَعَ سَيِّدُهُ الدَّيْنَ مَضَى الْعِتْقُ، وَالْكِتَابَةُ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الدَّيْنَ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُوَفَّى مِنْهُ الدَّيْنُ إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضًا، وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ، وَالْفَضْلَةُ لِلرَّاهِنِ يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا أَوْجَبَ بَيْعَهُ صَيَّرَ الْبَاقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِيعَ كُلُّهُ، وَالْبَاقِي لِلرَّاهِنِ (ش) وَانْظُرْ مَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْكَبِيرِ (ص) وَمُنِعَ الْعَبْدُ مِنْ   [حاشية العدوي] ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضَرَرٌ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا) ، أَيْ: لَهُ الرَّدُّ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ تَعَيَّنَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ وَرُبَّمَا يُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ تَعَجَّلَ) فَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قَبُولِ الدَّيْنِ وَلَوْ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ بِبَيْعِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِتَعْجِيلِ دَيْنِهِ خِلَافًا لَمَا فِي عب (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اتَّبَعَهُ بِمَا بَقِيَ) ، أَيْ: بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: إنَّمَا أَجَازَ لِذَلِكَ) ، أَيْ: إنَّمَا أَجَازَ لِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ الْجَبْرُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لعب حَيْثُ قَالَ، وَأَمَّا مَا لَا يُعَجَّلُ كَعَرْضٍ مِنْ بَيْعٍ فَإِنَّمَا يُعَجَّلُ إذَا رَضِيَا بِالتَّعْجِيلِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ فَهَلْ يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا، أَوْ يَأْتِي بِرَهْنٍ مَكَانَهُ، أَوْ يَبْقَى رَهْنًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ انْتَهَى. [رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ] (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إنْ دَبَّرَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ رَهْنَ الْمُدَبَّرِ ابْتِدَاءً يَجُوزُ فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ بِتَدْبِيرِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أُرِيدَ بَيْعُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَيْ: فِي الدَّيْنِ اللَّاحِقِ لِلتَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا إلَخْ) ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ، أَيْ: وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفُوتَ بِتَدْبِيرِهِ لِحُصُولِ التَّقْصِيرِ بِعَدَمِ قَبْضِهِ كَمَا إذَا أَعَادَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فَدَبَّرَهُ فَإِنَّهُ يَفُوتُ، وَلَا يُرَدُّ انْتَهَى وَانْظُرْ هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ، أَوْ يَكُونُ التَّدْبِيرُ كَالْعِتْقِ، وَالْكِتَابَةِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ) هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي رَهَنَهُ وَأَعْتَقَهُ مَالِكُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ لَهُ قَدْ اسْتَعَارَهُ وَأَعْتَقَهُ مُعِيرُهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي عِتْقُهُ أَيْضًا وَيُعَجِّلُ الْمُعِيرُ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ إذَا فَسَدَ رَهْنُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَضَى إلَخْ) هَذَا يُنَافِي ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَوَّلًا جَازَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْجَوَازَ مَعْنَاهُ الْمُضِيُّ وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَضَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّمَا عُجِّلَ الدَّيْنُ فِي الْعِتْقِ، وَالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ عَدَّوْهُ بِفِعْلِهِ رَاضِيًا بِتَعْجِيلِ الْحَقِّ، وَالرُّجُوعُ فِي الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ وَرَدُّ الْعَبْدِ لِلرِّقِّ لَا يَجُوزُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا تَعْجِيلُ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: فَيَبْقَى رَهْنًا) ، وَالْقَوْلَانِ الْآخَرَانِ أَنَّهُ تَبْقَى قِيمَتُهُ رَهْنًا، وَالثَّانِي أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَرَهْنُ الْمُعْسِرِ يَبْقَى، وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: يَبْقَى؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَبْقَى إنَّمَا هُوَ الرَّهْنُ لَا الْمُعْسِر فَلَا إشْكَالَ، وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ عُلِمَتْ مِنْ جُمْلَةِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ، أَيْ: وَعُجِّلَ الدَّيْنُ وَأُخْرِجَ الرَّقِيقُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَرَهْنُ الْمُعْسِر إذَا فَعَلَ مَا ذُكِرَ يَبْقَى، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ بِيعَ بَعْضُهُ ظَاهِرُهُ فِي الْعِتْقِ، وَالْكِتَابَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ) ، أَيْ: فَفِي الْمُصَنِّفِ تَأْثِيرُ كُلٍّ الْمُضَافَةِ لِلضَّمِيرِ بِالْعَامِلِ اللَّفْظِيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِضَمِيرٍ نَائِبِ فَاعِلٍ بِيعَ، أَيْ: بِيعَ هُوَ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ الْعَبْدُ) مَأْذُونًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَرْهُونِ هُوَ مَعَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا رَهَنَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَحْدَهَا، أَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ رَهْنَهَا وَحْدَهَا، أَوْ مَعَهُ شِبْهُ الِانْتِزَاعِ مِنْ السَّيِّدِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ عَرَضَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ لِلْبَيْعِ وَقَدْ يُبَاعَانِ مُجْتَمِعَيْنِ وَمُنْفَرِدَيْنِ وَقُلْنَا شِبْهُ الِانْتِزَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ انْتِزَاعًا حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ إذَا افْتَكَّهُمَا السَّيِّدُ مِنْ الرَّهْنِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ السَّابِقِ وَلَوْ كَانَ انْتِزَاعًا حَقِيقِيًّا لَافْتَقَرَ إلَى تَمْلِيكٍ ثَانٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَمَتِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا كَمَا لَوْ بَاعَهَا السَّيِّدُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْمَرْهُونِ هُوَ مَعَهَا مَا إذَا نَصَّ عَلَيْهِمَا أَوْ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ دُخُولَ مَالِهِ مَعَهُ فَدَخَلَتْ وَأَحْرَى لَوْ رَهَنَهَا وَحْدَهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَرْهُونًا وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْوَطْءِ، وَمِثْلُهُ الِاسْتِمْتَاعُ، وَقَوْلُهُ: أَمَتِهِ الْإِضَافَةُ لِلْمِلْكِ، أَيْ: أَمَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الزَّوْجَةِ (ص) وَحُدَّ مُرْتَهِنٌ وَطِئَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ زِنًا؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ مِلْكٍ لَهُ فِيهَا وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَيَغْرَمُ مَا نَقَصَهَا بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا، أَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ وَطَوْعُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُخْدَعُ كَالْإِكْرَاهِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ رَهْنًا مَعَ مَا نَقَصَهَا، وَلَا يَلْحَقُ بِالْمُرْتَهِنِ وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا، وَالْجَوَابُ عَنْ مُنَاقَضَةِ عَدَمِ عِتْقِهِ وَحُرْمَةِ وَطْئِهَا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ سَاقِطٌ لَا يَخْفَى عَلَى مُصَنِّفٍ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَأْثِيرَ مَانِعِ احْتِمَالِ الْبُنُوَّةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَاءِ الزَّانِي بَلْ مِنْ غَيْرِهِ فِي حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ أَخَفُّ مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي رَفْعِ الْمِلْكِ (ص) إلَّا بِإِذْنٍ وَتَقُومُ بِلَا وَلَدٍ حَمَلَتْ أَمْ لَا (ش) يَعْنِي فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَحَيْثُ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ لِغَيْرِهِ فِي وَطِئَهَا وَوَطِئَهَا فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى وَاطِئِهَا سَوَاءٌ حَمَلَتْ أَمْ لَا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ، وَلَا يَغْرَمُ لِوَلَدِهَا شَيْئًا لَا قِيمَةً، وَلَا ثَمَنًا لِانْعِقَادِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلُحُوقِهِ بِالْوَطْءِ فَقَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: فَإِنْ أَذِنَ فَلَا حَدَّ وَتُقَوَّمُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَتُقَوَّمُ إلَخْ قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِيَةِ خِلَافًا لِلطِّخِّيخِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا وَلَدٍ يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى تُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا وَتُقَوَّمُ لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا وَتَرْجِعَ لِمَالِكِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ تُقَوَّمُ لِتَلْزَمَ لَهُ، أَيْ: لِلْوَاطِئِ بِالْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ وَقُوِّمَتْ أَيْ لِتَلْزَمَ لَهُ بِالْقِيمَةِ لَا لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا وَتَرْجِعَ لِمَالِكِهَا (ص) وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا مَضَى فِيهِمَا (ش) ، أَيْ: إنَّ لِلْأَمِينِ الْمَوْضُوعِ تَحْتَ يَدِهِ الرَّهْنُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِبَيْعِ الرَّهْنِ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ عِنْدَ عَقْدِ الدَّيْنِ الَّذِي بِسَبَبِهِ الرَّهْنُ، أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَوْكِيلٍ سَالِمٍ عَنْ تَوَهُّمِ إكْرَاهٍ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ هَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ الرَّاهِنُ لِلْأَمِينِ إنْ لَمْ آتِ بِالدَّيْنِ فِي وَقْتِ كَذَا فَإِنْ قَالَ لَهُ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْبَيْعِ حِينَئِذٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ لِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ إثْبَاتِ الْغَيْبَةِ وَغَيْرِهَا فَالضَّمِيرُ فِي عَقْدِهِ يَرْجِعُ لِلدَّيْنِ وَأَوْلَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْإِذْنَ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِذْنِ لِضَرُورَتِهِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ فَإِذْنُهُ كَلَا إذْنٍ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقُلْ إنَّ لَمْ آتِ يَرْجِعُ لِلْمَنْطُوقِ وَلِلْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَوِيَّةِ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ عَقْدِ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ آتِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ كَمَا إذَا   [حاشية العدوي] أَمْ لَا (قَوْلُهُ: الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا) صِفَةٌ لِأَمَتِهِ وَلَمَّا جَرَتْ الصِّفَةُ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صِفَةً لِقَوْلِهِ عَبْدٌ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الصِّفَةِ، وَالْمَوْصُوفِ وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ الْفَصْلُ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الْعَامِلِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا شَامِلٌ لِدُخُولِهَا مَعَهُ بِالنَّصِّ، أَوْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ كَاشْتِرَاطِ مَالِهِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتِرَاطُ الرَّاهِنِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالصَّوَابُ، أَوْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ (تَنْبِيهٌ) : إذَا وَطِئَ الْعَبْدُ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ مَعَهُ أَوْ الْمَرْهُونَةَ وَحْدَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: حُكْمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ إلَخْ) الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ عَدَمُ عِتْقِهِ وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ، وَالْحُكْمَانِ أَحَدُهُمَا الْعِتْقُ وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ الثَّانِي عَدَمُ الْعِتْقِ وَعَدَمُ حُرْمَةِ الْوَطْءِ أَيْ فَهِيَ حَالَةٌ وُسْطَى أَخَذَتْ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ شَيْئًا، وَقَوْلُهُ: سَاقِطٌ وَجْهُ السُّقُوطِ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا زِيَادَةً عَلَى السُّؤَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَاءِ الزَّانِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلِالْتِفَاتِ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ فَسَادُ مِائَةٍ، وَقَوْلُهُ: فِي حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ، أَيْ: إيجَابِهِ حِلِّيَّةُ الْوَطْءِ أَخَفُّ، أَيْ: أَضْعَفُ، وَقَوْلُهُ: فِي رَفْعِ الْمِلْكِ، أَيْ: فِي عَدَمِ رَفْعِ الْمِلْكِ أَيْ تَأْثِيرُهُ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ إيجَابَهُ الْحِلِّيَّةَ ضَعِيفٌ فَتَقَوَّى جَانِبُ التَّحْرِيمِ فَلِذَا لَمْ تَحِلَّ وَإِنَّمَا تَقَوَّى جَانِبُ التَّحْرِيمِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْأَنْسَابِ، وَأَمَّا تَأْثِيرُهُ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ فَقَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَالُ الْمِلْكُ إلَّا بِمُوجِبٍ قَوِيٍّ فَالْأَصْلُ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ) ، أَيْ: مُرَاعَاةً لِعَطَاءِ الْقَائِلِ بِإِبَاحَةِ الْفُرُوجِ وَلِمَا فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْحَقِّ الثَّابِتِ فَكَانَ الْإِذْنُ كَالْمُعَاوَضَةِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِوِلَادَتِهَا مِنْ الْوَطْءِ بِإِذْنِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنٍ بِغَيْرِ الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَلَا يَكُونُ إذْنُ السَّيِّدِ لِلْمُرْتَهِنِ بِوَطْئِهَا شُبْهَةً تَنْفِي عَنْهُ الْحَدَّ كَالْمُودَعَةِ. (قَوْلُهُ: مَضَى فِيهِمَا) كَانَ لَهُ بَالٌ أَمْ لَا، يُخْشَى فَسَادُهُ أَمْ لَا نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُصِيبَ وَجْهَ الْبَيْعِ كَمَا نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْبَيَانِ أَمَّا إنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ كَالشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ) لِكَوْنِ الرَّاهِنِ غَائِبًا فَإِنْ عَسُرَ الْوُصُولُ لِلْحَاكِمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ قَالَ إنْ لَمْ آتِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ حِينَئِذٍ مَنْفَعَةٌ زَادَهَا الرَّاهِنُ لَهُ فَهِيَ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ أَرْبَعٌ فِي الْأَمِينِ وَأَرْبَعٌ فِي الْمُرْتَهِنِ لَهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْبَيْعِ دُونَ أَنْ يَرْفَعَا ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا فَإِنْ بَاعَ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ مِنْ الْأَمِينِ، أَوْ الْمُرْتَهِنِ دُونَ أَنْ يَرْفَعَ لِلسُّلْطَانِ مَضَى بَيْعُهُ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلْأَمِينِ، وَالْمُرْتَهِنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاهِنَ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَمِينِ، أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُطْلِقَ، أَوْ يُقَيِّدَ فَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لِلْأَمِينِ فِي الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَطْلَقَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لَهُ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ قَيَّدَ، أَوْ أَطْلَقَ (ص) ، وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ (ش) ، أَيْ:، وَلَا يَعْزِلُ الرَّاهِنُ فَقَطْ، وَلَا الْمُرْتَهِنُ فَقَطْ الْأَمِينَ، وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى عَزْلِهِ فَلَهُمَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ وَكِيلُهُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَلَا كَلَامَ لَهُ فِي الْعَزْلِ بِلَا نِزَاعٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ وَلَوْ إلَى بَدَلٍ أَوْثَقَ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ إلَى بَدَلٍ أَوْثَقَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ (ص) وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمِينَ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ عِنْدَ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ لَا بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ، وَلَا يَنْفُذُ الْإِيصَاءُ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْإِيصَاءِ بِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ (ص) وَبَاعَ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِ الرَّهْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ يَقْضِي مِنْهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَيْهِ الرَّهْنَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، أَوْ مَيِّتًا إلَّا أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ، وَالْمَيِّتِ يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ (ص) وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا احْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ نَفَقَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ لَا فِي عَيْنِ الرَّهْنِ حَيَوَانًا، أَوْ عَقَارًا، وَسَوَاءٌ أَذِنَ الرَّاهِنُ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا مَلِيًّا، أَوْ مُعْدِمًا وَلَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ نَفَقَةَ الرَّهْنِ وَمُؤْنَتَهُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ وَلَهُ غَلَّتُهُ وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الرَّهْنِ كَالسَّلَفِ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ عَلَى الضَّالَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا بَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي رَقَبَتِهَا وَهُوَ أَوْلَى بِهَا عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الضَّالَّةَ لَا يُعْرَفُ رَبُّهَا، وَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ الْآنَ، وَلَا بُدَّ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، وَالرَّهْنَ لَيْسَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إذْ لَوْ شَاءَ لَطَالَبَ الرَّاهِنَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الرَّهْنِ وَإِذَا غَابَ رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ إنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ فِيهَا تَكُونُ فِي الرَّهْنِ يَبْدَأُ بِهَا فِي ثَمَنِهِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ، أَوْ أَنْ يُبَاعَ فِيهِ فَلَا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَهُ أَوَانٌ (ص) وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الرَّهْنِ تَكُونُ فِي ذِمَّةِ   [حاشية العدوي] فَبِحَضْرَةِ عُدُولٍ وَحُضُورُهُمْ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتِجُ التَّحْرِيمَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تُنْتِجُ حُرْمَةَ الْإِذْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَمَحَلُّ الْخِلَاف فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ تَافِهًا وَلَمْ يُخْشَ فَسَادُهُ وَلَمْ يُفَوَّضْ لَهُ فِيهِ، وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا إنْ أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ لَا إنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ أَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ كَالِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي عب، ثُمَّ أَقُولُ بَلْ هَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتِجُ الْمَنْعَ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ بَعْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ) كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْبَيْعِ أَمْ لَا، أَيْ: لَا يُعْزَلُ عَنْ الْبَيْعِ، وَلَا عَنْ وَضْعِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَلِلْأَمِينِ عَزْلُ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يُوَكَّلْ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ عَلَى الْبَيْعِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُهُ كَالْأَمِينِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ عَدَمُ النُّفُوذِ فَلَا اعْتِرَاضَ شب (قَوْلُهُ: بِهِ) أَنَّ بِالِائْتِمَانِ الْمَفْهُومُ مِنْ أَمِينٍ، وَمِثْلُ الْأَمِينِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ، وَالْمُجْبَرُ، وَالْوَصِيُّ وَإِمَامُ الصَّلَاةِ الْمُقَامُ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ وَكَذَا نَاظِرُ الْوَقْفِ لَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ إنْ جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا كَالْقَاضِي وَبَقِيَ إمَامُ الصَّلَاةِ الْمُقَامُ مِنْ جَانِبِ الْوَاقِفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الْإِيصَاءَ إنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ هَلْ لِلْمُدَرِّسِ فِي مَوْضِعِ الْإِيصَاءِ لِمَنْ يَجْلِسُ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَالظَّاهِرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبَاعَ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ) ، أَيْ: وَلَا يُضْرَبُ، وَلَا يُهَدَّدُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، أَوْ مَيِّتًا) ، أَيْ: مَعَ إثْبَاتِ الدَّيْنِ، وَالرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالْبَيْعِ لَتَعَلَّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ وَرُبَّمَا كَانَ أَيْسَرَ مَعَ أَنَّ رَاهِنَهُ كَالْمُلْتَزِمِ بَيْعَهُ بِرَهْنِهِ (قَوْلُهُ: يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ) أَيْ يَمِينُ التَّقْوِيَةِ فَيَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ مَا وَهَبْت، وَلَا تَصَدَّقْت وَإِنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) الصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَهُوَ مَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ قَصَرَهُ عَلَى كَشَجَرٍ لِمَا يَتَّضِحُ بَيَانُهُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا غَابَ رَفَعَ لِلْإِمَامِ) ، أَيْ: وَإِذَا غَابَ الرَّاهِنُ رَفَعَ الْمُرْتَهِن أَمْرَهُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَهُوَ الْحَيَوَانُ، وَأَمَّا مَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهُوَ الشَّجَرُ، وَالْعَقَارُ فَسَيُشِيرُ لَهُ فِيمَا يَأْتِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 الرَّاهِنِ لَا فِي عَيْنِهِ فَلِذَا لَا يَكُونُ رَهْنًا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ، أَوْ أَنْفِقْ، وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت فَيَكُونُ رَهْنًا بِالنَّفَقَةِ يَبْدَأُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ، أَيْ: بِالْإِنْفَاقِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ إلَخْ (ص) وَهَلْ وَإِنْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ تَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: وَهَلْ وَإِنْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِهِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ شَبْلُونٍ، أَوْ يَكُونُ رَهْنًا بِهِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ فَهُمَا رَاجِعَانِ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ أَوْلَى مِنْ تَقْرِيرِ تت اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ، وَقَوْلُهُ: (ص) فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) مُفَرَّعٌ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فَمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الرَّهْنِ كَابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ قَالَ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ وَمَنْ قَالَ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ كَابْنِ يُونُسَ قَالَ لَا يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ (ص) وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ارْتَهَنَ نَخْلًا، أَوْ زَرْعًا يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ بِانْهِدَامِ بِئْرِهِ وَأَبَى الرَّاهِنُ مِنْ إصْلَاحِهَا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ نَفَقَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا مِنْ ثَمَنِ النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ قَبْلَ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْفِقْ عَلَى ذَلِكَ هَلَكَ الرَّهْنُ فَيَلْحَقُهُ الضَّرَرُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَعُدْ وَأَنْفَقَهُ الْمُرْتَهِنُ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا لِقُوَّةِ الضَّرَرِ وَمَعْنَى التَّبْدِئَةِ بِمَا أَنْفَقَ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يَكُونُ فِي زَمَنِ الزَّرْعِ، وَالثَّمَرَةِ وَفِي رِقَابِ النَّخْلِ فَإِنْ سَاوَى مَا ذُكِرَ النَّفَقَةَ أَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ قَصَّرَ ذَلِكَ عَنْ نَفَقَتِهِ لَمْ يَتْبَعْ الرَّاهِنَ بِالزَّائِدِ وَضَاعَ عَلَيْهِ وَكَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ وَإِنْ فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ بُدِئَ بِهَا فِي دَيْنِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلرَّاهِنِ وَقَوْلُهُ خِيفَ، أَيْ: وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْإِنْفَاقِ، وَإِلَّا اتَّبَعَ ذِمَّتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ مَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِالْإِنْفَاقِ (ص) وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَعَلَى التَّقْيِيدِ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ تُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ، أَوْ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ مُطْلَقًا، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَمْ لَا وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يُجْبَرُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الرَّهْنِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ) هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَاَلَّتِي هِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ، وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ فَإِذَنْ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الثَّانِيَةِ مَحَلَّ اتِّفَاقٍ إذَا قَالَ أَنْفِقْ، وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ، أَيْ: فَيَزِيدُ رَهْنٌ بَعْدَ قَوْلِهِ بِمَا أَنْفَقْت (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْكَلَامَ وَكَوْنُهُ رَهْنًا لَا يُنَافِي تَعَلُّقَهُ بِالذِّمَّةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَهَلْ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) بِمَا قَرَّرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ مَقِيسَةٌ عَلَى الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ فَقَطْ، وَلَا يَزِيدُ فَالنَّفَقَةُ فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ، وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ فَالرَّهْنُ فِيهِ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ اتِّفَاقًا الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ وَهِيَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ، وَمِثْلُهَا مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَلْ وَإِنْ قَالَ (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ) وَنَصُّ ك يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ تت، وَالْجَمَاعَةُ مِنْ رُجُوعِهِ لِلتَّصْرِيحِ، أَيْ: وَهَلْ وَإِنْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ، أَيْ: يَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ أَوْ لَا يَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ شَبْلُونٍ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ وَهَلْ وَإِنْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِهِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ شَبْلُونٍ، أَوْ يَكُونُ رَهْنًا بِهِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ فَلَا يَكُونُ رَاجِعًا لِلتَّصْرِيحِ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَأَنْ يَقْضِيَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ، أَيْ: لَا يَكُونُ رَهْنًا بِهِ وَإِنْ قَالَ إلَخْ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ رَاجِعًا لِلتَّصْرِيحِ لَقَالَ وَهَلْ كَانَ إلَخْ فَيَأْتِي بِكَافِ التَّشْبِيهِ. (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا فَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ لِآخَرَ سِلْعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ أَمْسِكْهَا حَتَّى أَدْفَعَ لَك حَقَّك كَانَتْ رَهْنًا عِنْدَ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ مُتَفَرِّعَانِ عَلَى هَذَيْنِ لَا الْعَكْسِ كَمَا ادَّعَى الشَّارِحُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ تَجْعَلَ الْفَاءَ فِي الْمُصَنِّفِ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الرَّهْنِ) ، أَيْ: يُصَرَّحُ بِأَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ لَا بُدَّ مِنْهَا وَكَذَا الْعَقَارُ لِشُبْهَةٍ بِالْحَيَوَانِ فَكَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ دَخَلَ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا وَلَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الرَّهْنِ رَهْنًا بِهَا كَانَ سَلَفًا مِنْهُ لَهَا بِغَيْرِ رَهْنٍ بِخِلَافِ هَدْمِ الْبِئْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ إحْيَاءُ الزَّرْعِ، وَالشَّجَرِ إنَّمَا يَحْصُلُ عَلَى إنْفَاقِهِ بُدِئَ بِهِ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ الْأَصْلِيِّ أَقُولُ هَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ عب وَقَدْ بَحَثَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ مَوْضُوعَ الْأَوَّلِ لُزُومُ النَّفَقَةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ وَمَوْضُوعَ الثَّانِيَةِ عَدَمُ اللُّزُومِ كَالشَّجَرِ وَهَذَا يُوجِبُ دُخُولَ الْعَقَارِ فِي الثَّانِي فَخُلَاصَتُهُ أَنْ يُقْصَرَ الْأَوَّلُ عَلَى الْحَيَوَانِ فَقَطْ وَيَكُونَ الْعَقَارُ مِثْلُ الشَّجَرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ، أَوْ لَا فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الشَّجَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الشَّجَرِ وَاجِبٌ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ) أَيْ، وَالْمُرْتَهِنُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَصْلَحَ وَبُدِئَ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ يَتَضَمَّنُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى إحْيَاءِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ كَشَجَرٍ أَمْ لَا، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ عَقَارِهِ وَشَجَرِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَبْرِ لَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ فَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَمَفْهُومُ خِيفَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ أَنْ لَوْ تَرَكَ لَانْبَغَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ (ص) وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ إنْ كَانَ بِيَدِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكَلَامِ عَلَى ضَمَانِ الرَّهْنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّهْنَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحُلِيِّ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ تَلِفَ، أَوْ هَلَكَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ بِيَدِهِ مِمَّا إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الرَّاهِنِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ) إلَى أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يُفِيدُهُ شَيْئًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ قَائِمَةٌ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي انْتِفَاءِ الضَّمَانِ عَنْهُ عِنْدَ الشَّرْطِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَحْسُنُ خِلَافُ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَمَّا فِي رَهْنٍ مُتَطَوَّعٍ بِهِ فَلَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِالرَّهْنِ مَعْرُوفٌ مِنْهُ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى إعْمَالِ الشَّرْطِ فِي الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ انْتَهَى وَمَا حَكَاهُ مِنْ إعْمَالِ الشَّرْطِ فِي الْعَارِيَّةِ اتِّفَاقًا طَرِيقَةٌ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ حَكَاهُمَا الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِهَا بِقَوْلِهِ وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ تَرَدُّدٌ (ص) أَوْ عُلِمَ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا (ش) هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُبَالَغَةِ عَلَى الضَّمَانِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ عُلِمَ احْتِرَاقُ مَحَلِّ الرَّهْنِ الْمُعْتَادِ لَهُ الَّذِي لَا يُنْقَلُ مِنْهُ عَادَةً نَعَمْ إنْ أَتَى بِبَعْضِ الرَّهْنِ مُحْرَقًا مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ احْتِرَاقُ مَحَلِّ الرَّهْنِ فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ أَتَى بِبَعْضِ الرَّهْنِ مُحْرَقًا فَلَا يُبْرِئُهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ وَلَمْ يُعَرِّجْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى تَقْيِيدِ ابْنِ الْمَوَّازِ بِأَنْ يُعْلَمَ كَوْنُ النَّارِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ وَكَأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَقَوْلُهُ: مُحْرَقًا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، أَيْ: أَوْ مَقْطُوعًا، أَوْ مَكْسُورًا، أَوْ مَبْلُولًا (ص) وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ فِي الْعِلْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَاجِيَّ أَفْتَى فِيمَا إذَا عُلِمَ احْتِرَاقُ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ لِيُوضَعَ الرَّهْنُ فِيهِ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ أَمَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ فَهُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْبَاجِيِّ وَغَيْرِهِ (ص) ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اشْتَرَطَ ثُبُوتَهُ (ش) ، أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ، أَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالدُّورِ، وَالْعَبِيدِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، أَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ مُحْرَقًا مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ، أَوْ عُلِمَ احْتِرَاقُ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوتَ الضَّمَانِ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا سَبَبِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُتَّهَمًا، أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ (ص) إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَلَهُ جِيرَانٌ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَا رَأَوْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ كَذِبِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ وَادَّعَى مَوْتَ الدَّابَّةِ وَكَذَّبَهُ الْعُدُولُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِمَوْتٍ، وَلَا لِدَابَّةٍ، أَيْ: فِي دَعْوَاهُ تَلَفَ مَا لَا يَضْمَنُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْعُدُولِ الِاثْنَانِ فَأَكْثَرُ وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَهُ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ) ، أَيْ: فَعَدَمُ الْوُجُوبِ نَظِيرُهُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْوَقْفِ مِنْ أَنَّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الشَّجَرِ وَاجِبٌ نَعَمْ قَدْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ الْجَبْرُ كَمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ) ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ هُنَا الظَّنُّ فَمَا فَوْقَهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. [ضَمَانِ الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ: وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ) ، أَيْ: يَوْمَ الْقَبْضِ، أَيْ: مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ التَّوْضِيحِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ بِالضَّمَانِ يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رُئِيَ فَإِنْ تَكَرَّرَتْ الرُّؤْيَةُ ضَمِنَ عِنْدَ آخِرِ رُؤْيَةٍ، وَقَوْلُهُ: بِيَدِهِ أَيْ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ، وَقَوْلُهُ: مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ كَانَ إنْ كَانَتْ تَامَّةً، أَوْ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ إنْ كَانَتْ نَاقِصَةً، أَيْ: إنْ كَانَ مُسْتَقِرًّا بِيَدِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ، وَالْيَمِينَ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَيْ: يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ، وَمِثْلُ دَعْوَى التَّلَفِ دَعْوَى الرَّدِّ وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ اللَّخْمِيُّ) مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: طَرِيقَةٌ إلَخْ) إنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُرَادُ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (قَوْلُهُ: مُحْرَقًا) ، أَيْ: فِيهِ الْحَرْقُ وَقَوْلُنَا فِيهِ الْحَرْقُ جَوَابُ إشْكَالٍ يَرِدُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْرَقًا كَيْفَ يَأْتِي بِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِيهِ الْحَرْقُ وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُحْرَقَ يَصْدُقُ بِمَا إذَا ذَهَبَ جُمْلَةً، أَوْ فِيهِ الْحَرْقُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي مُحْرَقًا كُلُّهُ وَكَانَ فِيهِ مَا يُمَيَّزُ بِهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ الْمَرْهُونُ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلْمُتَّحِدِ، وَالْمُتَعَدِّدِ حَيْثُ أَتَى بِبَعْضِ كُلٍّ مُحْرَقًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا كَثِيَابٍ مَثَلًا وَأَتَى بِثَوْبٍ وَاحِدٍ مَثَلًا فَلَا يَكْفِي عَنْ الْبَاقِي فَالْإِضَافَةُ لِلْجِنْسِ، أَيْ: إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِ كُلٍّ مُحْرَقًا (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ إلَخْ) ضَعِيفٌ، أَيْ: أَفْتَى الْبَاجِيُّ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفٍ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ كَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ نَحْوُ أَرْبَعِينَ أَلْفِ فَقِيهٍ وَكَانَ إذَا قَالَ لَمْ أَجِدْ نَصًّا لَا يَجِدُونَهُ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّكْذِيبِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولُوا بَاعَهَا وَنَحْوَهُ، أَوْ ضِمْنًا كَأَنْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ (قَوْلَهُ وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَهُ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 ص وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْلِفُ مَعَ تَضْمِينِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ رَغْبَةً فِيهِ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَإِذَا حَلَفَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ وَغَيْرِهِ لَا ضَمَانَ الْعَمَلُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يُؤْخَذْ لِمَنْفَعَةِ رَبِّهِ فَقَطْ كَالْوَدِيعَةِ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْهُ، وَلَا لِمَنْفَعَةِ الْآخِذِ فَقَطْ حَتَّى يَكُونَ ضَمَانُهُ مِنْهُ كَالْقَرْضِ بَلْ أُخِذَ شَبَهًا مِنْ هَذَا وَشَبَهًا مِنْ هَذَا فَتُوُسِّطَ فِيهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ التُّهْمَةَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَابِتَةٌ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَلَفَ إلَخْ مُتَّهَمًا، أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْيَمِينَ يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَحَلَفَ مُطْلَقًا وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ: فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ (ص) وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ أَوْ وَهَبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ، أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ وَنَبَّهَ بِهَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ، أَوْ هِبَتِهِ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ قُبِضَتْ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالنَّفْعُ خَاصٌّ بِرَبِّهَا، وَالرَّهْنُ لَمْ يُقْبَضْ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالْمَنْفَعَةُ فِيهِ لَهُمَا مَعًا وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ وَمَا إذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِصَدَاقِهَا وَتَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ كَانَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ الصَّحِيحِ وَطَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ لَكَانَ أَحْسَنَ قَوْلُهُ، أَوْ وَهَبَ، أَيْ: هِبَةً يَبْرَأُ بِهَا الْمَدِينُ بِأَنْ وُهِبَ لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ قَالَ أَشْهَبُ إذَا ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا وَضَعَ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَضَعْ لَهُ دَيْنَهُ لِيَتْبَعَ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَكْثَرَ غَرِمَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ (ص) إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا أَحْضَرَ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ هِبَتِهِ أَوْ دَعَاهُ لَأَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِنُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ فَقَوْلُهُ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى رُجُوعِهِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْضَرَهُ كَفَى (ص) وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إنْ أَعْدَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) فَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْجَنُ فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ يُدَيَّنُ (قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِهِ وَلَمْ تَشْهَدْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ لَا يَحْلِفُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ يَضْمَنُهُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبِهِ، أَوْ مُجْمَلًا، أَوْ لَا يَضْمَنُهُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بِتَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَتَى بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا وَلَمْ يُعْلَمْ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَلَا يَحْلِفُ إذْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ، وَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَيَحْلِفُ فِيمَا يَضْمَنُهُ وَكَذَا فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ) ، أَيْ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَيْ: تَلِفَ بِدُونِ إخْفَائِهِ، أَيْ: لَمْ أُخْفِهِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أُخْفِهِ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ تَلِفَ لِقَصْدِ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ، أَيْ: فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ، أَيْ: يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ أَنَّهُ ضَاعَ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (قَوْلُهُ: الْعَمَلُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ) ، أَيْ: عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، أَيْ: فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَحَلَفَ مُطْلَقًا) ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا مُتَّهَمًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ إلَخْ) أَتَى بِذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ، أَوْ هِبَتِهِ صَارَ كَالْوَدِيعَةِ وَسَبَبُ الدَّفْعِ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ قُبِضَتْ لِمَحْضِ الْأَمَانَةِ وَنَفْعُهَا خَاصٌّ بِرَبِّهَا، وَالرَّهْنُ قَبْضٌ تَوَثُّقًا لَا أَمَانَةٌ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لَهُمَا مَعًا لِلْمَدِينِ بِأَخْذِ الدَّيْنِ وَلِلْمُرْتَهِنِ بِالتَّوَثُّقِ فِي دَيْنِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ) ، أَيْ: وَأَمَّا إذَا وُهِبَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ الْمَدِينِ صَارَ أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ فَلَيْسَ مُرْتَهِنًا بَلْ الْمُرْتَهِنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: قَالَ أَشْهَبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ وَتَرَدَّدَ الْحَطَّابُ فِي أَنْ يُقَيِّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَمْ لَا وَيُوَافِقُ مَا لِأَشْهَبَ مَا فِي نِكَاحِهَا فِيمَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ فَأَخَذَ ثَمَنَهَا، ثُمَّ وَهَبَهُ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِحُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَهَبْك إلَّا ثَمَنَ سِلْعَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِي، وَالْآنَ قَدْ ارْتَفَعَ مِلْكِي عَنْهَا فَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهَا (تَنْبِيهٌ) إذَا وَهَبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِأَجْنَبِيٍّ تَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ الرَّاهِنِ فَيَضْمَنُهُ لَهُ الْمُرْتَهِنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَاصَّانِ إلَخْ) فَهِيَ هِبَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى شَرْطٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَهَبْتُهُ لَك عَلَى أَنْ لَا غُرْمَ عَلَيَّ فِيهِ وَفِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ) يَحْتَمِلُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الضَّيَاعَ يُسَامِحُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ يُبْعِدُ الْأَوَّلَ أَنَّ هَذَا الْمَرْجِعُ فِيهِ لِلْبِسَاطِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ) عِنْدَ الْوَفَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْوَفَاءِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا أُشْهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِبَقَائِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ إلَى حِينِ أَخْذِ دَيْنِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ يَدْعُوهُ لِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْضِرَهُ أَوْ لَمْ يَدْعُهُ لَأَخْذِهِ فَلَا فَرْقَ حَيْثُ قَالَ اُتْرُكْهُ عِنْدَك، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ لَفْظِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك بَلْ كُلُّ مَا أَدَّى مُؤَدَّاهُ كَذَلِكَ مِنْ أَبْقِهِ، أَوْ خَلِّهِ، أَوْ دَعْهُ، أَوْ أَمْسِكْهُ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ) بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ، أَيْ: ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ عَلَى مَالٍ، أَوْ بَدَنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ثَبْتَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: إنْ أَعْدَمَ) ، أَيْ: إنْ كَانَ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَلَوْ بِالْبَعْضِ، أَيْ: فَإِنْ أَعْدَمَ حَالَ اعْتِرَافِهِ وَاسْتَمَرَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 الرَّهْنَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ إنْ جَنَى جِنَايَةً، أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ فَقَطْ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ يَدِ مُرْتَهِنِهِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ فَقَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ، أَيْ: عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا خَلَصَ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الرَّهْنِ الَّذِي تَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ حَيَوَانًا لَا يَعْقِلُ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَصْلًا بَلْ إمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا تَتَعَلَّقُ بِالْغَيْرِ كَالسَّائِقِ، وَالْقَائِدِ، وَالرَّاكِبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ ادَّعَى جِنَايَتَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرَّاهِنَ مُعْدِمٌ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ مَلِيئًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَسَيَأْتِي (ص) ، وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفَعَ الدَّيْنَ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ مُعْدِمًا بَلْ كَانَ مَلِيئًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُخَيَّرُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ إلَى الْأَجَلِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَأُسْلِمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ، وَإِلَّا بَقِيَ، أَيْ: بَقَاءً مُسْتَمِرًّا غَيْرَ مَحْدُودٍ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أُسْلِمَ، أَيْ: بَقِيَ بَقَاءً مَحْدُودًا إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ بِأَنَّهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ، ثُمَّ رَهَنَهُ فَإِنْ رَضِيَ بِفِدَائِهِ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ أَبَى وَقَالَ لَمْ أَرْضَ بِحَمْلِ الْجِنَايَةِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا أُجْبِرَ عَلَى إسْلَامِهِ وَتَعْجِيلِ الدَّيْنِ كَمَنْ أَعْتَقَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ، وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ مَنْ هُوَ لَهُ بِتَعْجِيلِهِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا، وَالدَّيْنُ مِمَّا لَهُ تَعْجِيلُهُ وَيَكُونُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهْنِهِ لِتَعَدِّيهِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَاعَ وَيَتْبَعَهُ بِثَمَنِهِ انْتَهَى وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ فَيُغَرِّمُهُ (ص) وَإِنْ ثَبَتَتْ، أَوْ اعْتَرَفَا وَأَسْلَمَهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ، وَالْمَعْنَى وَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْعَبْدِ الْجَانِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقُّ السَّيِّدِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُخَيَّرُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ أَيْضًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ مَعَ مَالِهِ يَكُونُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ وَيَبْقَى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِلَا رَهْنٍ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَيَبْقَى رَهْنًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ زَادَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ فَقَدْ يُسْتَحَقُّ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى السَّيِّدِ غُرْمُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ كَدَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ فَأَمَّا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الرَّاهِنُ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ فَإِنْ دَعَا الْمُرْتَهِنَ إلَى أَنْ يَفْدِيَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ كَانَ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ قَالَهُ تت وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَنَى بَعْدَ رَهْنِهِ أَمَّا لَوْ جَنَى قَبْلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي هَذِهِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْمُرْتَهِنَ وَهَذَا فِيمَا إذَا ثَبَتَتْ، وَأَمَّا لَوْ اعْتَرَفَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ فَقَطْ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ (ص) وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي   [حاشية العدوي] أَوْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ) فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: إذَا خَلَصَ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ) بَلْ نَقُولُ وَلَوْ لَمْ يَخْلُصْ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّهْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جِنَايَته، وَأَمَّا الدَّعْوَى فَهِيَ بَعْدَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ: بَقَاءً مُسْتَمِرًّا غَيْرَ مَحْدُودٍ) يُنَافِي قَوْله أَوَّلًا بَقِيَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَقِيَ أَوَّلًا بَقِيَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ، أَيْ: كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْبَقَاءِ لِلْأَجَلِ، وَقَوْلُهُ: هُنَا بَقَاءً غَيْرَ مَحْدُودٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا فَدَاهُ لَا يَلْزَمُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَوْ تَرَكَاهُ لِبَعْدِ الْأَجَلِ لَا مَانِعَ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّهْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِجَنَى، أَيْ: أَقَرَّ بَعْدَ الرَّهْنِ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ أَعْتَقَ) ، أَيْ: فَالْعِتْقُ لَازِمٌ وَيُعَجِّلُ قِيمَتَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، أَيْ: إنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَأَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَالْعِتْقُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إرْقَاقِ الْعَبْدِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ حَالًا لِلْمُقَرِّ لَهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ) ، أَيْ: مِنْ الثَّمَنِ، وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَهُ) ، أَيْ: أَرَادَ إسْلَامَهُ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ) ، أَيْ: رُهِنَ مَعَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رِضَاهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى السَّيِّدِ غُرْمُ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ ذَلِكَ لَهُ) ، أَيْ: لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّاهِنَ أَرَادَ الْفِدَاءَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَا الْمُرْتَهِنَ بِمَعْنَى وَافَقَهُ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الِاسْتِقْلَالُ وَأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ الْأُسْلُوبِ (قَوْلُهُ: كَانَ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ) ، أَيْ: كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْدِيَهُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ، أَيْ: وَأَرَادَ الرَّاهِنُ فِدَاءَهُ فَذَلِكَ الْفِدَاءُ لِلرَّاهِنِ وَعِبَارَةُ الْغِرْيَانِيِّ وَإِنْ اشْتَرَطَ أَيْ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْدِيَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ كَانَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ انْتَهَى، أَيْ: وَإِنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ الْعَبْدَ بِمَالِهِ الَّذِي بِيَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ وَكَلَامُ الْغِرْيَانِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَقَعُ مِنْهُ الْفِدَاءُ بِمَالِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْمُرْتَهِنَ) هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَلَمْ يَبِعْ إلَّا فِي الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الرَّهْنَ إذَا جَنَى جِنَايَةً فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الْفِدَاءَ يَكُونُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ مُبْتَدَأٌ بِهِ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَكُونُ الْفِدَاءُ حِينَئِذٍ فِي مَالِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَكَّهُ لِيَرُدَّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ لَهُ طَرِيقَةٌ إلَى الْعَبْدِ بِوَجْهٍ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ إنَّمَا كَانَ مَرْهُونًا بِدُونِ مَالِهِ وَلِهَذَا إذَا كَانَ مَالُ الْعَبْدِ مُشْتَرَطًا فِي الرَّهْنِ أَنَّ الْفِدَاءَ يَكُونُ فِي مَالِهِ أَيْضًا، وَلَمْ يُبَعْ الْعَبْدُ الْمَفْدِيُّ جَبْرًا عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ سَوَاءٌ كَانَ الْفِدَاءُ فِي الرَّقَبَةِ، أَوْ فِيهَا مَعَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ إنَّمَا كَانَ يُبَاعُ عِنْدَ الْأَجَلِ، فَقَوْلُهُ وَإِنْ فَدَاهُ إلَخْ قَسِيمُ قَوْلِهِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: فَفِدَاؤُهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، أَوْ لِمَفْعُولِهِ، أَيْ: فَفِدَاءُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ، أَوْ فِدَاءُ الرَّهْنِ الْمُرْتَهِنَ (ص) وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ فَدَى الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ الْجَانِيَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الْفِدَاءَ لَا يَكُونُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَلَا فِي مَالِهِ بَلْ هُوَ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ رَهْنًا فِي الْفِدَاءِ (ص) وَإِذَا قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ، أَوْ سَقَطَ فَجَمِيعُ الرَّهْنِ فِيمَا بَقِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُتَّحِدَ إذَا قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ الْمُتَّحِدِ، أَوْ سَقَطَ عَنْ الرَّاهِنِ بَعْضُ الدَّيْنِ بِهِبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ جَمِيعَ الرَّهْنِ يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مُتَّحِدًا كَدَارٍ أَوْ مُتَعَدِّدًا كَثِيَابٍ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحُولُ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ، وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَقْضِي لِمَنْ وَفَّى حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ (ص) كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْبَقَاءُ وَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا إذْ مَا قَبْلَهَا جَمِيعُ الرَّهْنِ فِي بَعْضِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ بَعْضُ الرَّهْنِ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ (ص) ، وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ إذَا تَنَازَعَا فَقَالَ الرَّاهِنُ هَذَا الثَّوْبُ عِنْدَك وَدِيعَةٌ، أَوْ عَارِيَّةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ هُوَ عِنْدِي رَهْنٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى   [حاشية العدوي] ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ الرَّاهِنُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّاهِنُ فَلَا يَلْزَمُهُ، أَوْ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ) فَإِنْ رَهَنَ بِهِ فَفِدَاؤُهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا ذِمَّةُ الرَّاهِنِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) ، أَيْ: فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرْهُونًا بِخَمْسِينَ، أَيْ: عَلَى خَمْسِينَ، أَوْ فِي مُقَابَلَةِ خَمْسِينَ هِيَ الدَّيْنُ وَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَبِيعَ مَعَ مَالِهِ بِمِائَةٍ وَكَانَتْ رَقَبَتُهُ تُسَاوِي خَمْسِينَ اخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخَمْسِينَ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَظِيرُ مَا فَدَاهُ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ دَيْنِهِ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ فِي الْخَمْسِينَ الَّتِي بِيعَ بِهَا مَالُهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ لَهُ إذْ لَمْ يَبْقَ لَهُ بَعْدَ الْفِدَاءِ رَهْنٌ يَخْتَصُّ بِهِ، أَيْ: إذَا فُرِضَ أَنَّهُ رَهَنَ بِغَيْرِ مَالِهِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَخْتَصُّ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ، وَالْبَاقِي لِلْغُرَمَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: إلَّا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا يُطْلَقُ عَلَى النِّهَايَةِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَضْلَةٌ عَنْ الدَّيْنِ، وَالْفِدَاءِ فَلِلرَّاهِنِ إذْ تَسْلِيمُهُ لَيْسَ قَاطِعًا لِحَقِّهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا بِهِ فَلَوْ قَالَ كَبِإِذْنِهِ لَمُشِيَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ) أَيْ كَرَجُلَيْنِ رَهَنَا دَارًا لَهُمَا فِي دَيْنٍ فَقَضَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُرْتَهِنُ وَاتَّحَدَ الرَّاهِنُ، وَالرَّهْنُ وَقَضَى الرَّاهِنُ أَحَدَهُمَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُكْمُهَا كَالْأَوَّلِ وَاسْتَشْكَلَ بِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي لَمْ يُعْطِ دَيْنَهُ وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى خُرُوجِ حِصَّةِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ الرَّهْنِ، وَأَمَّا كَوْنُ بَقَائِهَا تَحْتَ يَدِ الرَّاهِنِ لَا يُبْطِلُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَالْمُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ الرَّاهِنُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَبِيعُ الْحِصَّةَ، أَوْ يَجْعَلُهَا تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ، أَوْ الْمُرْتَهِنِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) ، أَيْ: الْمُعَيَّنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ، أَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ كُلُّهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الرَّهْنِ فَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْفَسْخِ، وَالْإِبْقَاءِ بِلَا رَهْنٍ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ بَقِيَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ الْأَخِيرُ وَإِذَا اُسْتُحِقَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ خَلَفُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُتَصَوَّرُ، وَالتَّلَفُ كَاسْتِحْقَاقٍ وَانْظُرْ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ هَلْ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَالْبَيْعُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَانْظُرْ إذَا غَرَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ مُعَيَّنًا هَلْ يُخَيَّرُ كَاسْتِحْقَاقِ كُلِّهِ إذَا غَرَّهُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَعَهُ رَهْنًا فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ يُخَيَّرُ فِي مُقَابَلَةِ مَا اُسْتُحِقَّ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَيَأْتِيهِ بِبَدَلِ الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ بَعْضُ الرَّهْنِ) فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يَنْقَسِمُ قُسِمَ فَتَبْقَى حِصَّةُ الرَّاهِنِ رَهْنًا وَبِيعَ مَا لَا يَنْقَسِمُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكَاتِ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْبَيْعَ جُبِرَ لَهُ الْآخَرُ وَظَاهِرُ تَشْبِيهِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَعْضَ يَبْقَى وَلَوْ بِيعَ بِمَا يُوَافِقُ الدَّيْنَ جِنْسًا وَصِفَةً وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي تَعْجِيلِهِ لِلْمُرْتَهِنِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي وَقْفِهِ وَقَدْ يُضَيَّعُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الرَّاهِنُ، وَلَا الْمُرْتَهِنُ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الرَّاهِنُ هَذَا الثَّوْبُ عِنْدَك) هَذَا ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْعَكْسُ فَيَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَيَدَّعِي رَبُّهُ أَنَّهُ رَهْنٌ لِيُضَمِّنَهُ إيَّاهُ وَيَدَّعِي الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ رَهْنٌ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي مِثْلِ الْبَيَّاعِ يَبِيعُ الْبَقْلَ، أَوْ الْخُبْزَ فَيُدْفَعُ إلَيْهِ الْخَاتَمُ وَنَحْوُهُ أَنَّهُ رَهْنٌ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهِ، أَيْ: صَاحِبِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ (قَوْلُهُ: فَقَالَ الرَّاهِنُ هَذَا الثَّوْبُ) تَسْمِيَتُهُ رَاهِنًا بِحَسَبِ دَعْوَى الشَّخْصِ الْآخَرِ الَّذِي يَدَّعِي الرَّهْنِيَّةَ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ ادَّعَى شَخْصٌ بِيَدِهِ سِلْعَةٌ أَنَّهَا رَهْنٌ عِنْدَهُ فِي ثَمَنِ شَيْءٍ بَاعَهُ لِمَالِكِهَا، أَوْ فِي دَرَاهِمَ أَقْرَضَهَا لَهُ وَادَّعَى مَالِكُهَا أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 أَنَّ الثَّوْبَ وَدِيعَةٌ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الرَّهْنِيَّةِ أَثْبَتَ لِلثَّوْبِ وَصْفًا زَائِدًا وَهُوَ الرَّهْنِيَّةُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَالنَّافِيَ لِذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الرَّهْنُ أَوْ تَعَدَّدَ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَسْطٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَهُوَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ لَا الْعَكْسِ إلَى قِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ كَانَ قَائِمًا لَمْ يَفُتْ فَهُوَ كَالشَّاهِدِ لِلرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَمَنْ شُهِدَ لَهُ مِنْهُمَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَكُونُ كَالشَّاهِدِ إلَى قِيمَتِهِ فَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ الدَّيْنُ خَمْسَةٌ، وَالْمُرْتَهِنُ عَشَرَةٌ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ دَعْوَى الرَّاهِنِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ تَلِفَ فَفِيهِ الْأَقْوَالُ الْآتِيَةُ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّهْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا، أَوْ فَائِتًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَارِمٌ، وَالْغَارِمُ مُصَدَّقٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَهُوَ شَاهِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَاهِدًا حَقِيقَةً إذْ لَا نُطْقَ لَهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مُقَوَّمًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَالدَّيْنُ مِنْ النَّقْدِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى ثَمَنِهِ، أَيْ: قِيمَتِهِ، أَيْ: مَا يُسَاوِي إذْ ذَاتُهُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا قَدْرَ الدَّيْنِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، أَيْ: فَيُنْظَرُ إلَى مَا يُسَاوِي يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ بَقِيَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي وَقْتِ النَّظَرِ إلَى مَا يُسَاوِي إنْ تَلِفَ، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ كَالشَّاهِدِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الشَّاهِدَ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِّ، وَإِذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَتَمَحَّضْ كَوْنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَمَحَلُّ كَوْنِ مَا بِيَدِ الْأَمِينِ مِنْ الرَّهْنِ شَاهِدًا إذَا كَانَ قَائِمًا.، وَأَمَّا إنْ فَاتَ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ فَاتَ حِينَئِذٍ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَحَيْثُ فَاتَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ (ش) مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَهِيَ مَعْمُولَةٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّاهِدِ، أَيْ: وَهُوَ يَشْهَدُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ مُدَّةَ عَدَمِ فَوَاتِهِ فِي ضَمَانِ رَاهِنِهِ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، وَمَفْهُومُهُ لَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ بِأَنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَا يَكُونُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَهِيَ تَقُومُ مَقَامَهُ وَإِذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَتَهُ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَهُوَ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ بِلَا رَهْنٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَلَمَّا كَانَتْ أَحْوَالُ الرَّهْنِ ثَلَاثَةً، وَهِيَ: شَهَادَتُهُ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ لِلرَّاهِنِ، أَوْ لَا يَشْهَدُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إذَا قَالَ: الدَّيْنُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عِشْرُونَ؛ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ، أَوْ عِشْرُونَ، أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ (ش) ، أَيْ: إذَا شَهِدَ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْمِثَالِ عِشْرِينَ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاهِنُ وَيَحْلِفْ الْمُرْتَهِنُ وَحْدَهُ وَيَأْخُذْهُ فِي دَيْنِهِ لِثُبُوتِهِ لَهُ حِينَئِذٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَهُ. وَمُقَابِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الرَّاهِنِ إذَا طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ كُلْفَةَ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي الدَّيْنِ وَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَخْشَى مِنْ اسْتِحْقَاقِ الرَّهْنِ، أَوْ ظُهُورِ عَيْبٍ بِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ، أَيْ: أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إذْ لَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ، أَيْ: يَفْتَكَّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ، وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ ، وَأَشَارَ إلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ زَادَ حَلَفَ الرَّاهِنُ (ش) ، أَيْ: إذَا زَادَتْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَوَافَقَتْ قِيمَتُهُ دَعْوَى الرَّاهِنِ هُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَحْدَهُ وَيَأْخُذُ رَهْنَهُ وَيَغْرَمُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ   [حاشية العدوي] وَلَمْ يَقْتَرِضْ وَأَنَّهَا وَدِيعَةٌ، أَوْ عَارِيَّةٌ لَا رَهْنٌ كَانَ الْقَوْلُ بِيَمِينٍ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ عَنْ أَصْلِ الشَّيْءِ، أَوْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ مُتَعَدِّدٍ، أَوْ عَنْ جُزْءٍ مِنْ مُتَّحِدٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ وَقَالَ الْبَائِعُ عَلَى رَهْنٍ، وَالْآخَرُ عَلَى غَيْرِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِنْ فَاتَتْ فَلِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا لِتَغَايُرِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا اخْتَلَفَا فِي الْعَقْدِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى رَهْنٍ وَبِيَدِ الْمُرْتَهِنِ سِلْعَةٌ ادَّعَى أَنَّهَا رَهْنٌ وَرَبُّهَا أَنَّهَا وَدِيعَةٌ، وَالرَّهْنُ أُخْرَى لَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرَّهْنِيَّةِ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ فِي كَلَامِهِ كَمَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ كَمَنْ دَفَعَ سِلْعَةً لِآخَرَ وَأَخَذَ الدَّافِعُ مِنْ الْآخَرِ قَدْرًا مِنْ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَالَ بَلْ السِّلْعَةُ رَهْنٌ فِي الدَّرَاهِمِ وَهِيَ قَرْضٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الرَّهْنِيَّةِ هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: لَا الْعَكْسُ) عَطْفٌ عَلَى الْمُبْتَدَإِ أَيْ: لَا الدَّيْنُ فَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: إلَى قِيمَتِهِ) أَيْ فَمُنْتَهَى شَهَادَتِهِ إلَى مَبْلَغِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَخَذَهُ وَثِيقَةً بِحَقٍّ، وَلَا يُتَوَثَّقُ إلَّا بِمِقْدَارِ دَيْنِهِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا، أَوْ فَائِتًا) أَمَّا إذَا كَانَ فَائِتًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي حَالِ الْقِيَامِ كَمَا لَوْ أَتَى الْمُرْتَهِنُ بِرَهْنٍ يُسَاوِي عُشْرَ الدَّيْنِ وَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَهَنْت مِنْك بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ كَانَ رَهْنِي مُسَاوِيًا لِقَدْرِ الدَّيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفِيدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إذَا جَرَى بِشَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ: قِيمَتُهُ) الظَّاهِرُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ لَا مُقَوَّمٌ. [أَحْوَالُ الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ وَأَخَذَهُ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَعُمِلَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي صُورَتَيْنِ: إذَا حَلَفَ وَحْدَهُ، أَوْ نَكَلَا وَأَشَارَ إلَى الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ نَقَصَ حَلَفَا وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ بِقِيمَتِهِ (ش) ، أَيْ: إذَا نَقَصَتْ دَعْوَى الرَّاهِنِ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ مَعَ زِيَادَةِ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهَا بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ رَهْنٌ عِنْدِي عَلَى عِشْرِينَ مَثَلًا وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ عَلَى عَشَرَةٍ فَقَطْ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ تُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِالْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَالشَّاهِدِ إلَى قِيمَتِهِ وَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ تَزِيدُ عَلَى قِيمَتِهِ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ تَالِفٍ تَوَاصَفَاهُ، ثُمَّ قُوِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا ضَاعَ، أَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ لِتَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ لِيَغْرَمَهَا الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّهُمَا يَتَوَاصَفَانِهِ، ثُمَّ يُدْعَى لَهُ الْمُقَوِّمُونَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْخِبْرَةِ تُقَوِّمُهَا وَيُقْضَى بِقَوْلِهِمْ وَهُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ لَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ (ص) فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ (ش) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا، أَيْ: الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ فِي الدَّيْنِ، أَوْ فِي صِفَةِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ لِقِلَّةِ مَا ذُكِرَ جِدًّا (ص) فَإِنْ تَجَاهَلَا فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا هَلَكَ، أَوْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَجَهِلَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَقِيمَتَهُ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لَا أَعْلَمُ قِيمَتَهُ الْآنَ، وَلَا صِفَتَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَدْرِي هَلْ يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَيْمَانِهِمَا كَتَجَاهُلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الثَّمَنَ قَالَ بَعْضٌ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا (ص) وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ بَقِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً لِأَيِّهِمَا لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِهَا فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ (ص) وَهَلْ يَوْمَ التَّلَفِ، أَوْ الْقَبْضِ، أَوْ الرَّهْنِ إنْ تَلِفَ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا تَلِفَ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ كَانَتْ أَوَّلًا شَاهِدَةً، أَوْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِهِ الْمُرْتَهَنَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ كَالشَّاهِدِ يَضَعُ خَطَّهُ وَيَمُوتُ فَيُرْجَعُ لِخَطِّهِ فَيُقْضَى بِشَهَادَتِهِ يَوْمَ وَضْعِهَا، أَوْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِارْتِهَانِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي دُيُونَهُمْ غَالِبًا قَالَ فِي الشَّامِلِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ نَصُّ الْمُوَطَّإِ وَمَعْنَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَقْوَالٌ، وَقَوْلُهُ: إنْ تَلِفَ مَدْخُولُ هَلْ، أَيْ: وَهَلْ إنْ تَلِفَ فَهَذَا مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ، وَقَوْلُهُ: يَوْمَ التَّلَفِ دَلِيلُ الْجَوَابِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْطُ لَا دَلِيلُ الْجَوَابِ؛ فَلَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ كَمَا قِيلَ، أَيْ: وَهَلْ إنْ تَلِفَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّلَفِ، أَوْ الْقَبْضِ، أَوْ الرَّهْنِ أَقْوَالٌ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً لَا لِتُضْمَنَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ بَقِيَ إذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُضْمَنُ وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ لِتُضْمَنَ يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتُضْمَنَ بِآخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ تَكَرَّرَتْ الرُّؤْيَةُ، وَإِلَّا فَيَوْمَ رُئِيَ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَقْبُوضٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ وُزِّعَ بَعْدَ حَلِفِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا مَثَلًا فَرَهَنَهُ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ ذَلِكَ رَهْنًا، ثُمَّ قَضَاهُ عَشَرَةً مِنْ الْعِشْرِينَ فَقَالَ الرَّاهِنُ هَذِهِ الْعَشَرَةُ هِيَ عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ هِيَ عَنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي بِلَا رَهْنٍ فَالْحُكْمُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَتُفَضُّ الْعَشَرَةُ الْمَقْبُوضَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ فَتَصِيرُ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ نِصْفُهَا بِرَهْنٍ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ بِلَا رَهْنٍ وَهَذَا إذَا كَانَا حَالَّيْنِ، أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ تَقَارَبَ وَمِنْ حَلَفَ قُضِيَ لَهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَأَمَّا إنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَأَجَلُهُمَا مُتَبَاعِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْأَجَلَ الْقَرِيبَ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا   [حاشية العدوي] أَخَذَهُ سَوَاءٌ سَاوَى قِيمَةَ مَا ادَّعَاهُ، أَوْ زَادَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمَّا لَمْ يَفْتَكَّهُ فَقَدْ سَلَّمَهُ لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ. (قَوْلُهُ: لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُقَابِلَ يَقُولُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ إلَّا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَحْلِفُ عَلَى جَمِيعِ مَا ادَّعَى وَهُوَ الْعِشْرُونَ كَذَا قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاهُ، أَوْ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَا يَحْلِفُ إلَّا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: فِي الدَّيْنِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ وَتَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ إذَا اخْتَلَفُوا فِي الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إلَى مَبْلَغِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ تَوَاصَفَاهُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الصِّفَةِ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ يُدْعَى لِتِلْكَ الصِّفَةِ الْمُقَوِّمُونَ، ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَا فِي الدَّيْنِ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ إلَى مَبْلَغِ تِلْكَ الصِّفَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَجَاهَلَا إلَخْ) وَلَوْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْآخَرُ الْعِلْمَ حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنْ نَكَلَ كَانَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) ، أَيْ: يَوْمَ الْحُكْمِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ: لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ، أَيْ: وَلَا يَوْمَ الرَّفْعِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عِشْرِينَ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَدَّعِي أَنَّ الرَّهْنَ فِي مُقَابَلَةِ جَمِيعِ مَا يَدَّعِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ قَوْلِهِ إنْ تَلِفَ، أَيْ: بِقَوْلِهِ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: لَا لِتُضْمَنَ) يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الثَّانِي عَلَى الْعُمُومِ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مَنْقُولًا فَمُسَلَّمٌ وَرَاجِعٌ. (قَوْلُهُ: وُزِّعَ) ، أَيْ: عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ لَا عَلَى قَدْرِ الْجِهَاتِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَبِعِبَارَةٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وُزِّعَ إلَخْ حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ لَمْ يَحِلَّا اسْتَوَى أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ تَقَارَبَ، أَوْ تَبَايَنَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِهِمَا، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي اخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ الْقَضَاءِ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي اخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ الشَّامِلِ لِمَا إذَا اخْتَلَفَا عِنْدَ الْقَضَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ (ص) كَالْحَمَالَةِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي التَّوْزِيعِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنَانِ أَحَدُهُمَا بِحَمِيلٍ، وَالْآخَرُ بِلَا حَمِيلٍ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ الَّذِي بِلَا حَمِيلٍ وَقَالَ الْمِدْيَانُ بَلْ هُوَ الَّذِي بِحَمِيلٍ، أَوْ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنَانِ أَحَدُهُمَا أَصْلِيٌّ، وَالْآخَرُ هُوَ حَمِيلٌ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَقَضَاهُ أَحَدَهُمَا فَقَالَ الْقَابِضُ هَذَا دَيْنُ الْأَصَالَةِ وَبَقِيَ دَيْنُ الْحَمَالَةِ وَقَالَ الدَّافِعُ هُوَ دَيْنُ الْحَمَالَةِ فَإِنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ حَلَفَ، ثُمَّ إنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا تَقْيِيدُ ابْنِ يُونُسَ الْآتِي،، وَأَمَّا تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ فَهُوَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ اُنْظُرْ الشَّارِحَ وتت وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُتَعَلِّقِ الرَّهْنِ وَكَانَ مِنْهُ الْحَجْرُ الْخَاصُّ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَنْعُهُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَجْرِ الْعَامِّ وَهُوَ إحَاطَةُ الدَّيْنِ، وَالْفَلَسِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ عُدْمُ الْمَالِ، وَالتَّفْلِيسُ خَلْعُ الرَّجُلِ مِنْ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ، وَالْمُفَلَّسُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْفَلَسِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ النُّقُودِ عِيَاضٌ، أَيْ: إنَّهُ صَارَ صَاحِبَ فُلُوسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَا ذَهَبٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ عِنْدَ الْقَضَاءِ يَحْلِفَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَيَكُونُ التَّوْزِيعُ بَعْدَ الْحَلِفِ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ الْقَضَاءِ، أَوْ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ بِدُونِ حَلِفٍ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَوُزِّعَ بَعْدَ حَلِفِهِمَا، أَيْ: بَعْدَ الْبَيَانِ بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ دَفَعْت عَلَى كَذَا وَيُخَالِفُهُ الْآخَرُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلٌّ نَوَيْت كَذَا فَيُوَزَّعُ بِلَا يَمِينٍ، وَمِثْلُهُ لَوْ اخْتَلَفَا عِنْدَ الْقَبْضِ فَقَالَ مَا أَدْفَعُ لَك إلَّا عَنْ كَذَا وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَقْبَلُ إلَّا عَنْ كَذَا فَيُوَزَّعُ بِلَا يَمِينٍ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْقَابِضُ هَذَا دَيْنُ الْأَصَالَةِ) تَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ مَلِيئًا فَلَا فَائِدَةَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ عَلَيْهِ دُونَ الْأَمِينِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الثَّانِيَةَ) هَذَا التَّصْوِيرُ فِي الثَّانِيَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمَوَّاقِ وَنَصُّهُ فِيهَا لِمَالِكٍ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ كَفَالَةٍ فَقَضَاهُ أَلْفًا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا الْقَرْضُ وَقَالَ الْمُقْتَضِي بَلْ هِيَ الْكَفَالَةُ ابْنُ يُونُسَ وَادَّعَيَا أَنَّهُمَا بَيَّنَا قَالَ فَلْيُقْضَ بِنِصْفِهَا عَنْ الْقَرْضِ وَنِصْفِهَا عَنْ الْكَفَالَةِ يُرِيدُ وَيَحْلِفَانِ أَنَّهُمَا بَيَّنَا ابْنُ يُونُسَ. وَهَذَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ، وَالْغَرِيمُ مُوسِرَيْنِ اُنْظُرْهُ فِي الْحَمَالَةِ، ثُمَّ إنَّ عج بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمَوَّاقِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَنَقُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي التَّدَاعِي فِي الْحَمَالَةِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا ذَكَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهَذَا، أَيْ: الْقَسْمُ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ، أَيْ: الْمَضْمُونُ، وَالْكَفِيلُ مُوسِرَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ يَقُولُ إنَّمَا أَخَذْتهَا مِنْ الْكَفَالَةِ لِكَرَاهَتِي طَلَبَ الْآخَرِ، وَالدَّافِعُ يَقُولُ إنَّمَا دَفَعْت مَا هُوَ لَازِمٌ لِي عَلَى أَيِّ حَالٍ لَا مَا يَلْزَمُنِي تَارَةً، وَلَا يَلْزَمُنِي أُخْرَى، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَضْمُونُهُ مُوسِرًا فَلِذَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَا مُعْدِمَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا فَائِدَةَ لِلْقَابِضِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا مِنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي عَدَمِهِمَا إنْ كَانَتْ الْمَقْبُوضَةُ مِنْ الْقَرْضِ كَانَ لِلْقَابِضِ اتِّبَاعُ ذِمَّتَيْنِ بِمِائَةِ الْكَفَالَةِ فَهِيَ خَيْرٌ مِنْ اتِّبَاعِ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ. وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ وَحْدَهُ مُعْدِمًا فَلَا طَلَبَ لَهُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ الْكَفَالَةِ وَيُطْلَبُ مِنْ الْمِدْيَانِ الْمُوسِرِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِ الْكَفِيلِ بِمِائَةِ الْكَفَالَةِ لِعَدَمِ الْغَرِيمِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَذْكُرَا عِنْدَ الْقَضَاءِ شَيْئًا فَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ ذَلِكَ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ إذَا كَانَا حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ) ، أَيْ: الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ [بَابٌ التفليس] (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْهُ) ، أَيْ: مِنْ مُتَعَلِّقِ الرَّهْنِ، وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِ أَيْضًا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْعُهُ التَّصَرُّفَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: الْحَجْرِ الْعَامِّ) ، أَيْ: الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعِ وَقَوْلُهُ، وَالْفَلَسُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ قُصِدَ بِهِ تَبْيِينُ مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْمَادَّةِ، وَالْفَلَسُ عَدَمُ الْمَالِ فَتَكُونُ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ إلَخْ زَائِدَةً وَكُنْت قَرَّرْت سَابِقًا أَنَّ قَوْلَهُ، وَالْفَلَسُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفَ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ، وَالْمُرَادُ عَدَمُ الْمَالِ الزَّائِدِ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ. (قَوْلُهُ: خَلْعُ الرَّجُلَ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ خَلَعَ الْحَاكِمُ الرَّجُلَ مِنْ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ وَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ، وَالتَّقْدِيرُ خَلْعُ مَالِ الرَّجُلِ مِنْهُ لِغُرَمَائِهِ، أَيْ: حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِ الرَّجُلِ لِغُرَمَائِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فَيَكُونُ بِصَدَدِ تَعْرِيفِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْفَلَسِ) الظَّاهِرُ بِحُكْمِ التَّفْلِيسِ، أَيْ: بِحُكْمٍ هُوَ التَّفْلِيسُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) ، أَيْ: الْمُفَلَّسُ مُشْتَقٌّ أَرَادَ بِهِ الْأَخْذَ لَا الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فُلُوسَ لَيْسَ مَصْدَرًا فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ مُفَلَّسَ مُشْتَقٌّ اشْتِقَاقًا اصْطِلَاحِيًّا مِنْ التَّفْلِيسِ وَبِمَعْنَى الْأَخْذِ مِنْ الْفُلُوسِ، وَقَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ أَحَدُ النُّقُودِ، أَيْ: الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْجُدُدِ وَجَعْلُ الْجُدُدِ مِنْ النُّقُودِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فَقَطْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 وَفِضَّةٍ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ يُقَالُ أَفْلَسَ الرَّجُلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَاللَّامِ فَهُوَ مُفْلِسٌ، وَالتَّفْلِيسُ فِي الْعُرْفِ أَخَصُّ وَأَعَمُّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَخَصُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا لَزِمَهُ فَيَخْرُجُ بِخَلْعِ إلَخْ خَلْعُ كُلِّ مَالِهِ بِاسْتِحْقَاقِ عَيْنِهِ، مُوجَبُهُ مَنْعُ دُخُولِ دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَيْهِ عَلَى لَاحِقٍ بِمُعَامَلَةٍ بَعْدَهُ، وَالْأَعَمُّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ عَلَى مَدِينٍ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ فَقَوْلُهُ لِغُرَمَائِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ " خَلْعِ "، وَلِعَجْزِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ " حُكْمُ " وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (بَابٌ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعِهِ) (ش) أَشَارَ إلَى التَّفْلِيسِ الْأَعَمِّ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، أَيْ: زَادَ عَلَيْهِ، أَوْ سَاوَاهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَبَرُّعَاتِهِ كَالْعِتْقِ، وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مُتَعَدِّدًا، أَوْ مُنْفَرِدًا، وَسَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا وَاحْتَرَزَ بِالتَّبَرُّعِ عَنْ الْبَيْعِ وَنَفَقَةِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَمِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ كِسْرَةٍ لِسَائِلٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَفَقَةِ عَبْدَيْنِ دُونَ سَرَفٍ فِي الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مَنْ أَحَاطَ، أَيْ: عُلِمَتْ إحَاطَتُهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمَلَاء فَلَا يُمْنَعُ إلَّا بَعْدَ كَشْفِ السُّلْطَانِ عَنْهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ الدَّيْنَ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِلْغَرِيمِ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَاكِمٍ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ فِي التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ (ص) وَسَفَرُهُ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ الَّذِي يَحِلُّ دَيْنُهُ فِيهِ فِي غَيْبَةِ الْمَدِينِ وَلَوْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يُوَكِّلْ وَكِيلًا مَلِيئًا ضَامِنًا لِلْحَقِّ يَقْضِيهِ عَنْهُ فِي غَيْبَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ، أَوْ يَكُونُ لِلْمِدْيَانِ مَالٌ حَاضِرٌ يُمْكِنُ مِنْهُ قَضَاءُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ) ، أَيْ: إنَّ الْمُفَلَّسَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْفَلَسِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ، وَالظَّاهِرُ فِي عُرْفِ النَّاسِ، أَيْ: إنَّهُ يُقَالُ مُفَلَّسٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ فِي عُرْفِ النَّاسِ لِمَنْ عَدِمَ الْمَالَ وَأَنَّهُ طَارِئ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ مَعْنًى لُغَوِيًّا وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ: يُقَالُ) ، أَيْ: فِي شَأْنِ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ، أَيْ: أَيْضًا أَفْلَسَ الرَّجُلُ، أَيْ: صَارَ عَدِيمَ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُفَلَّسٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ عَلَى وَزْنِ مُكَرَّمٍ (قَوْلُهُ: فِي الْعُرْفِ) ، أَيْ: عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَدْلُولُ الْأَعَمِّ الْقِيَامَ وَمَدْلُولُ الْأَخَصِّ نَفْسَ الْحُكْمِ فَأَيْنَ الْعُمُومُ؟ بَلْ هُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعُمُومَ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: مُوجِبُهُ) أَيْ الْخَلْعِ، أَيْ: مُسَبِّبُهُ (قَوْلُهُ: مُنِعَ دُخُولُ إلَخْ) ، أَيْ: فَإِذَا فُلِّسَ الرَّجُلُ لِطَائِفَةٍ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ، ثُمَّ قَامُوا فَفَلَّسُوهُ فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ) فَإِذَا سَاوَى وَقَامُوا فَلَا يُقَالُ لِقِيَامِهِمْ تَفْلِيسٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ (بَابُ الْفَلَسِ) . (قَوْلُهُ: إلَى التَّفْلِيسِ الْأَعَمِّ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْأَعَمَّ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ فَيَقْتَضِي هَذَا الْكَلَامُ أَنَّ الْمَنْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَنْعُ الْمَذْكُورُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ:، أَيْ: زَادَ عَلَيْهِ، أَوْ سَاوَاهُ) هَكَذَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ إتْلَافُ مَالِ الْغَرِيمِ حَاصِلَةٌ مَعَ التَّسَاوِي كَحُصُولِهَا فِي الزَّائِدِ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا زَادَ عَلَى مَالِهِ لَا إنْ نَقَصَ، أَوْ سَاوَى. (قَوْلُهُ: أَيْ: عُلِمَتْ إحَاطَتُهُ) ، أَيْ: لَا مَنْ شُكَّ فِي إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَإِذَا ادَّعَى الْمَلَاءَ لَمْ يُمْنَعْ إلَّا بَعْدَ كَشْفِ السُّلْطَانِ عَنْ مَالِهِ فَإِنْ وُجِدَ وَفَاءٌ لَمْ يُفَلَّسْ، وَإِلَّا فُلِّسَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ:، وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ) ، أَيْ: بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ أَيْضًا ذَلِكَ الْحَجْرُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مُنِعَ مِنْ غَيْرِ التَّبَرُّعَاتِ فَأَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ اغْتَرَقَتْ التَّبِعَاتُ مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مُنْتَهَى مَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ شَيْئًا عَمَّا لَهُ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْحِصَاصِ فِي مَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ لَهُ أَمْ لَا وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَضَاءُ بَعْضِ غُرَمَائِهِ دُونَ بَعْضٍ وَلَوْ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلِمَنْ لَمْ يَقْضِهِ الدُّخُولُ مَعَ مَنْ قَضَاهُ كَغُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَيَصِحُّ قَضَاؤُهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ بِبَعْضِ مَالِهِ دُونَ بَعْضٍ قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَعَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ مُعَامَلَةِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ إنْ لَمْ يَجِبْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ عَيْنُ الْغَصْبِ، أَوْ السَّرِقَةِ مَوْجُودًا فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا لَمْ تَجُزْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُهْلِكَ عَيْنُ ذَلِكَ الْحَرَامِ وَتَعَلَّقَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ مِثْلُهُ بِذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مُحِيطٌ بِمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَفَرُهُ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ) وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ مَنْعِهِ إنْ لَمْ يَحِلَّ بِغَيْبَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَنْوِي الرُّجُوعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يُطْلَبُ بِكَفِيلٍ، وَلَا بِإِشْهَادٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ مِقْدَارُ مَا يُرَى أَنَّهُ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ قَبْلَ مَحَلِّهِ، وَلَا يُخْشَى لَدَدُهُ وَمَقَامُهُ فَإِنْ خُشِيَ مِنْهُ، أَوْ عُرِفَ بِاللَّدَدِ أَعْطَى حَمِيلًا وَإِنْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ وَأَعْطَى حَمِيلًا، أَوْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَيَكُونُ النِّدَاءُ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِقْدَارِ مَا يَحِلُّ الْأَجَلُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا وَأَنْكَرَ حَلَّفَهُ إنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً فَإِنْ نَكَلَ أَتَى بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ يَغْرَمُ الْمَالَ، أَيْ: إذَا عَلِمَ وُقُوفَهُ عَلَى الْيَمِينِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ عَدَمَ وُقُوفِهِ عِنْدَهَا يُكَلِّفُ حَمِيلًا ثِقَةً يَغْرَمُ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ) أَيْ وَكِيلِهِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَعْزِلُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا عَزْلَ لَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 الْحَقِّ عِنْدَ أَجَلِهِ بِسُهُولَةٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ حِينَئِذٍ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ فَالضَّمِيرُ فِي سَفَرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ كَيْفَ يَشَاءُ (ص) وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ إذَا عَجَّلَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ دَيْنَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَلِبَاقِي الْغُرَمَاءِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لِبَعْضِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ مَنْعُ الْمَدِينِ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِ الْغَرِيمِ الْقَائِمِ (ص) ، أَوْ كُلِّ مَا بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِدْيَانَ إذَا أَعْطَى كُلَّ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ لِلْبَاقِي أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَرُدُّوا فِعْلَهُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ قَدْ حَلَّ، وَمِثْلُ الْكُلِّ مَا إذَا بَقِيَ بِيَدِهِ فَضْلَةٌ لَا يُعَامِلُهُ النَّاسُ عَلَيْهَا فَكُلٌّ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِإِعْطَاءٍ الْمَحْذُوفِ مَعَ مَفْعُولِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ إعْطَاءِ غَيْرِهِ كُلَّ مَا بِيَدِهِ، أَوْ مَجْرُورٌ عَلَى جَعْلِ إعْطَاءٍ مُضَافًا لَهُ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، أَيْ: أَوْ إعْطَاءُ كُلِّ مَا بِيَدِهِ، وَالنَّصْبُ أَوْلَى (ص) كَإِقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَالْأَصَحِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمَنْعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِدْيَانَ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُرَدُّ إقْرَارُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ، ثُمَّ قَالَ وَأَنْ لَا يَجُوزَ أَحْسَنُ، وَالْأَصَحُّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ حِينَ نَزَلْت بِقَفْصَةِ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَسَوَاءٌ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَالْمُفْلِسِ أَنَّ هَذَا أَخَفُّ مِنْ ذَاكَ (ص) لَا بَعْضَهُ وَرَهَنَهُ وَفِي كِتَابَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إعْطَاءِ بَعْضِ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ حَيْثُ كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ الْبَاقِي يَصْلُحُ لِلْمُعَامَلَةِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنْ يَرْهَنَ بَعْضَ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْمَدِينُ فَلَا يُعْطِي بَعْضًا، وَلَا يَرْهَنُ بَعْضًا، أَيْ: لَا يُعْطِي بَعْضًا لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ الْقَدِيمِ، وَلَا يَرْهَنُ بَعْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ الْقَدِيمِ، وَأَمَّا فِي دَيْنٍ يَسْتَحْدِثُهُ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضًا وَيَرْهَنَ بَعْضًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ حَادِثَةٌ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِينَ، وَلَا لِلْآخِرِينَ حَتَّى يُقَوِّمُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمَدِينِ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ فِي دَيْنٍ يَسْتَحْدِثُهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ، أَوْ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْعِتْقِ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَاتَبَهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ أَمَّا لَوْ كَاتَبَهُ بِدُونِ كِتَابَةِ مِثْلِهِ مُنِعَتْ اتِّفَاقًا وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ. (ص) وَلَهُ التَّزَوُّجُ وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا وَفِي تَطَوُّعِهِ بِالْحَجِّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يُشْبِهُهُ وَيُصْدِقُهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَأَوْلَى التَّسَرِّي وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ إلَى أَرْبَعٍ، أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ الظَّاهِرُ مَنْعُهُ لِقِلَّتِهِ عَادَةً وَكَذَا إطْلَاقُهُ وَتَكَرَّرَ تَزْوِيجُهُ لِمُطْلَقِ شَهْوَتِهِ اهـ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ وَيَسْقُطَ عَنْهُ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ الْآنَ لِلْغُرَمَاءِ حَيْثُ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَالضَّمِيرُ فِي سَفَرِهِ إلَخْ) ، أَيْ: فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ لَا شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ؛ لِأَنَّ شِبْهَ الِاسْتِخْدَامِ أَنْ يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى، ثُمَّ يَذْكُرَهُ بِاسْمِهِ الظَّاهِرِ بِمَعْنًى آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ) ، أَيْ: بَعْضِ مَا بِيَدِهِ إذْ هُوَ سَلَفٌ فَيَرْجِعُ لِلتَّبَرُّعِ وَإِعْطَاءُ كُلِّ مَا بِيَدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرُدُّ جَمِيعَهُ شب وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ لِلْإِمَامِ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَيُشْهِرُ ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ، وَالْأَسْوَاقِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ بَاعَهُ، أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَكَذَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ، أَيْ: يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ وَيَأْمُرَ فَيُطَافَ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَالنَّصْبُ أَوْلَى) ، أَيْ: لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا إلَخْ، وَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ فَالْقِلَّةُ مَعَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ) ، أَيْ: الَّتِي عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا، أَوْ جُهِلَ لَا الَّتِي عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: قَاضِي الْجَمَاعَةِ) أَيْ قَاضٍ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لَا فِي خُصُوصِ بَابٍ كَالْأَنْكِحَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُفَلَّسُ) سَوَاءٌ كَانَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ، أَوْ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ، أَيْ: إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ وَأَقَرَّ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الصَّحِيحِ) هُنَاكَ حَلٌّ آخَرُ اسْتَظْهَرَهُ عج وَذَكَرَهُ شب وَنَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ رَهْنِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ وَكَوْنِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَكَوْنُ الرَّاهِنِ صَحِيحًا وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ وَكَوْنُ الْمَرْهُونِ بَعْضَ الْمَالِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الرَّهْنِ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَتَأَمَّلْ فِي بَقِيَّةِ الْقُيُودِ يَظْهَرُ لَك الْحَالُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَوِّمُوا عَلَيْهِ) ، أَيْ: الْآخَرُونَ. (قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) قَالَ أَرَى أَنْ يُنْظَرَ فِي قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ قِيمَتِهِ رَقِيقًا مَضَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ، أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَبْخَسَ مِنْ قِيمَتِهِ غَيْرَ مُكَاتَبٍ إلَّا أَنَّهَا تُوَفِّي الدَّيْنَ لَمْ تُرَدَّ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوَفِّي الدَّيْنَ رُدَّتْ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْحَجْرِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ وَكَانَ الْبَخْسُ لِتَخْفِيفٍ فِي الْكِتَابَةِ لِمَا يَرْجُو مِنْ الْوَلَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى أَحْسَنِ النَّظَرِ مِنْ السَّيِّدِ وَمِنْ نَاحِيَةِ التِّجَارَةُ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ مَضَتْ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى التَّسَرِّي) فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْوَطْءِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا كُلُّ وَطْءٍ يَنْشَأُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 وَأَمَّا كِرَاؤُهُ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِيمَا زَادَ عَلَى تَزَوُّجِهِ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَا فِي الْأَرْبَعِ وَأَنَّهُ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ لَا فِي حَجَّةِ التَّطَوُّعِ فَأَطْلَقَ عَلَى حَجَّةِ الْفَرْضِ تَطَوُّعًا أَمَّا لِعُسْرِهِ بِمَالِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي، وَالتَّرَدُّدِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَجَّةُ التَّطَوُّعِ مَمْنُوعَةٌ اتِّفَاقًا، وَالنَّصُّ لِمَالِكٍ لَا يَحُجُّ الْفَرِيضَةَ، وَالتَّرَدُّدُ هُنَا لِابْنِ رُشْدٍ فِيهِمَا وَيُشْبِهُ هَذَا الْمَحَلُّ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ تَرَدُّدٌ مِنْ أَنَّهُ لِوَاحِدٍ وَهُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ. (ص) وَفُلِّسَ حَضَرَ، أَوْ غَابَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي التَّفْلِيسِ الْخَاصِّ، أَيْ: وَجَازَ تَفْلِيسُهُ حَضَرَ، أَوْ غَابَ رَدًّا عَلَى عَطَاءِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكَ حُرْمَةِ الْمِدْيَانِ وَإِذْلَالُهُ، وَأَمَّا إنَّهُ يَجِبُ إذَا لَمْ تَتَوَصَّلْ الْغُرَمَاءُ لِدُيُونِهِمْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَهَذَا لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِهِ جَائِزٌ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ، وَقَوْلُهُ: حَضَرَ أَوْ غَابَ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا مِثْلُ اضْرِبْ زَيْدًا ذَهَبَ، أَوْ جَلَسَ، أَيْ: اضْرِبْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ: فُلِّسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبَعْضُهُمْ يُقَدِّرُ الشَّرْطَ فِي مِثْلِ هَذَا، أَيْ: إنْ حَضَرَ أَوْ غَابَ، أَيْ: عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَوْلُهُ: حَضَرَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً لَكِنْ بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ وَقَوْلِهِ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً، أَوْ مُتَوَسِّطَةً كَمَنْ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ: (ص) إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ (ش) فَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُفَلَّسْ شُرِطَ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ، وَأَمَّا فِي الْبَعِيدَةِ فَيُفَلِّسُهُ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ وَبِهَذَا يَنْطَبِقُ كَلَامُهُ عَلَى الْغَيْبَاتِ الثَّلَاثِ وَمَعْنَى عُلِمَ الْمَلَاءُ أَنْ يَخْرُجَ وَهُوَ مَلِيءٌ فَيَسْتَصْحِبُ مَلَاءَهُ وَغَيْبَةُ مَالِهِ كَغَيْبَتِهِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) بِطَلَبِهِ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ دَيْنًا حَلَّ زَادَ عَلَى مَالِهِ، أَوْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يُفَلَّسُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَطْلُبَهُ أَرْبَابُ الدُّيُونِ بِدُيُونِهِمْ الْحَالَّةِ كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَيَأْبَى الْبَعْضُ، وَإِذَا فَلَّسَ الْبَعْضُ فَلِلْآخَرِينَ مُحَاصَّةُ الْقَائِمِ؛ لِأَنَّ تَفْلِيسَهُ لِوَاحِدٍ تَفْلِيسٌ لِلْجَمِيعِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ تَفْلِيسُهُ بِهِ قَدْ حَلَّ أَصَالَةً، أَوْ لِانْتِهَاءِ أَجَلِهِ إذْ لَا حَجْرَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْحَالُّ زَائِدًا عَلَى مَالِ الْمُفَلَّسِ إذْ لَا حَجْرَ بِالدَّيْنِ الْمُسَاوِي، أَوْ بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الْحَالِّ مَا لَا يَفِي بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ مَثَلًا عَلَيْهِ مِائَتَانِ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ وَمَعَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَالْبَاقِي بَعْدَ وَفَاءِ الْمِائَةِ الْحَالَّةِ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيُفَلَّسُ وَلَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ، وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ، وَبَقِيَ شَرْطٌ، وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُلِدًّا وَبِعِبَارَةٍ وَإِنَّمَا يُفَلَّسُ بِطَلَبِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ إذَا تَبَيَّنَ لَدَدُهُ نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قُلْت: الْغَائِبُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ قُلْت الْغَائِبُ حَيْثُ   [حاشية العدوي] عَنْهُ الْوَلَدُ بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ النِّصْفَ (قَوْلُهُ: وَحَجَّةُ التَّطَوُّعِ مَمْنُوعَةٌ اتِّفَاقًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَجَّةُ الْفَرْضِ مَمْنُوعَةٌ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِحَجَّةِ التَّطَوُّعِ الْفَرْضَ (قَوْلُهُ: وَالنَّصُّ لِمَالِكٍ لَا يَحُجُّ الْفَرِيضَةَ) هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّرَدُّدُ إلَخْ) بِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَاخْتُلِفَ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ لَا يَظْهَرُ مَعَ هَذَا؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ فَمَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ. [التَّفْلِيسِ الْخَاصِّ] (قَوْلُهُ: كَمَنْ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) ، أَيْ: وَالْبَعِيدَةُ شَهْرٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ) بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ، وَالْمَلَاءُ بِالْمَدِّ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا بِالْهَمْزِ، وَالْقَصْرِ فَالْجَمَاعَةُ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَشْرَافًا وَبِالْقَصْرِ بِدُونِ هَمْزٍ الْأَرْضُ الْمُتَّسَعَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُفْلِسْ) وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ عَدَمُهُ حِينَ التَّفْلِيسِ، وَإِلَّا فُلِّسَ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ فَالْغَيْبَةُ عِنْدَهُ عَلَى قِسْمَيْنِ بَعِيدَةٌ وَقَرِيبَةٌ فَالْقَرِيبَةُ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ حُكْمُهُ فِيهَا كَالْحَاضِرِ فَيُكْتَبُ إلَيْهِ وَيُكْشَفُ عَنْ حَالِهِ، وَالْبَعِيدَةُ يُفَلَّسُ فِيهَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ، أَيْ: حِينَ سَفَرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامُ، أَوْ الشَّهْرُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَغَيْبَةُ مَالِهِ كَغَيْبَتِهِ) فَمَنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ مَالِهِ وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ، أَوْ وُجُودِهِ فُلِّسَ وَإِنْ عَلِمَ وُجُودَهُ وَفِيهِ وَفَاءٌ فَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفَلَّسُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَانْظُرْ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ غَيْبَةَ رَبِّ الْمَالِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ هَلْ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَالِ أَمْ لَا كَذَا فِي عج. (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ زَادَ، وَالْمَعْنَى زَادَ، أَيْ: الْحَالُ، أَوْ نَقَصَ عَنْهُ، أَيْ: أَوْ نَقَصَ الْحَالُ وَبَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَا يَفِي يُفْهِمُ التَّفْلِيسَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَفَاءِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ التَّحْرِيكُ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّحْرِيكُ. (قَوْلُهُ: كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ) رَاجِعٌ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ، أَيْ: أَرْبَابِ الدُّيُونِ كُلِّهِمْ، أَوْ بَعْضِهِمْ، وَأَمَّا الدُّيُونُ فَكُلُّهَا حَالَّةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدٌ فَلَا يَجُوزُ تَفْلِيسُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ التَّقْسِيطِ فَيَجُوزُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قِيَامِ أَحَدٍ فَإِذَا رَفَعَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَمْرَهُ لِلْقَاضِي وَأَثْبَتَ عَجْزَهُ عَنْ قَضَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ وَكَتَبَ لَهُ وَثِيقَةً بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِقْدَارٌ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ جَائِزًا صَحِيحًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالتَّقْسِيطِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَدِينُ التَّفْلِيسَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَجَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْفَلَسَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَالْبَاقِي إلَخْ) هَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَطَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً لَمْ يُفْلِسْ بِهَا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَفْلِيسَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ يَقُولُ إذَا حَلَّ بَعْضُ الدَّيْنِ وَاسْتَغْرَقَ مَا بِيَدِ الْمَدِينِ وَبَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ فَلَا يُفَلَّسُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَالُّ وَيَبْقَى الْمُؤَجَّلُ حَتَّى يَحِلَّ يُخَلَّصُ مِنْ الْبَاقِي إنْ وُجِدَ قَالَ الْمَوَّاقِ فَانْظُرْ مَا لِلْمَازِرِيِّ مَعَ كَلَامِ خَلِيلٍ، أَيْ: اُنْظُرْ لِمَ تَبِعَ اللَّخْمِيَّ دُونَ الْمَازِرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُلِدًّا) وَبَقِيَ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ لَا يَدْفَعَ لِطَالِبِ التَّفْلِيسِ حَمِيلًا بِمَالٍ، وَإِلَّا لَمْ يُفْلِسْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ مَظِنَّةُ اللَّدَدِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِطَلَبِهِ يَرْجِعُ لِلتَّفْلِيسِ، أَيْ: بِسَبَبِ طَلَبِ الْغَرِيمِ التَّفْلِيسَ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْغَرِيمُ، وَقَوْلُهُ: دَيْنًا مَفْعُولٌ لِأَجَلِهِ لَا مَفْعُولٌ بِهِ، أَيْ: يُفَلَّسُ الشَّخْصُ بِسَبَبِ طَلَبِ الْغَرِيمِ التَّفْلِيسَ لِأَجْلِ دَيْنٍ صِفَتُهُ كَذَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي طَلَبِهِ رَاجِعًا لِلْغَرِيمِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ وَدَيْنًا مَفْعُولُهُ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْغَرِيمِ دَيْنَهُ طَلَبُهُ لِلتَّفْلِيسِ وَهُمْ قَدْ جَعَلُوهُ احْتِرَازًا عَنْ طَلَبِ الْمَدِينِ تَفْلِيسَ نَفْسِهِ، أَوْ الْحَاكِمِ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ. ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْأَرْبَعَةِ بِسَبَبِ التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ مَالِهِ بِحَضْرَتِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَحَبْسُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَرُجُوعُ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَأَوْلَى غَيْرُهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هُنَا (ص) فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ لَا فِي ذِمَّتِهِ (ش) الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَيْ: فَبِسَبَبِ حَجْرِهِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَمَا فِي الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ بِمُحَابَاةٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ وَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ التَّصَرُّفُ أُوقِفَ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ رَدًّا وَإِمْضَاءً، وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ اشْتَرَى أَوْ اكْتَرَى بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ مَالٍ يَطْرَأُ لَهُ غَيْرُ مَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ (ص) كَخُلْعِهِ وَطَلَاقِهِ وَقِصَاصِهِ وَعَفْوِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ وَتَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُفَلَّسَ لَا يُمْنَعُ مِنْ خُلْعِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَالًا مِنْهَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَعَلَ مُخَالَعَتَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ الْبُيُوعِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ مَا بَاعَهُ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَانَ كَالْعَدَمِ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ مِنْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ عَنْهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ نَفَقَتَهَا إنْ قِيلَ كَيْفَ جُعِلَ لَهُ الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّ الصَّدَاقَ يَدْفَعُهُ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ هِيَ تُحَاصِصُ بِهِ طَلَّقَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ أَنْ يَقْتَصَّ مِمَّنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الدِّيَةِ، وَالْقَوَدِ، وَالْأَظْهَرُ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعَفْوِ عَمَّنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ جِرَاحُ عَمْدٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، وَإِلَّا فَلَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعِتْقِ لِأُمِّ وَلَدِهِ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الدَّيْنِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا إلَّا إنْ قَلَّ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَتَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ اُنْظُرْ ح (ص) وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ يَرْجِعُ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ عَلَى الشَّخْصِ يَحِلُّ بِفَلَسِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ فِي الْحَالَتَيْنِ قَدْ خَرَجَتْ، وَالشَّرْعُ قَدْ حَكَمَ بِحُلُولِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحِلَّ لَلَزِمَ إمَّا تَمْكِينُ الْوَارِثِ مِنْ الْقَسْمِ، أَوْ عَدَمِهِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَلِلضَّرُورَةِ الْحَاصِلَةِ لِلْكُلِّ بِوَقْفِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بَقَاءَهُ مُؤَجَّلًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ) فَإِنْ قُلْت: شَرْطُهُ الِاتِّحَادُ فِي الْفَاعِلِ قُلْت فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ دَيْنِ إلَخْ. [أَحْكَامِ الْحَجْرِ] (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَ شَيْئًا) ، أَيْ: كَانَ يَلْتَزِمُ لِزَيْدٍ دِينَارًا مَعْرُوفًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ إلَخْ) فَإِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَمَالُ الْغُرَمَاءِ بَاقٍ فَلَهُمْ مَنْعُهُ حَتَّى يُوَفِّيَ دَيْنَهُمْ وَقَوْلُهُ لَا فِي ذِمَّتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفِ مَالٍ فِيمَا فِي يَدِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ وَلِذَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ مِنْ تَزَوُّجٍ بِزَوْجَةٍ وَتَسَرٍّ بِسِرِّيَّةٍ بِخِلَافِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعِ. (قَوْلُهُ: الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ) ، أَيْ: فَوَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ بِالدِّيَةِ قَهْرًا عَنْهُ وَأَشْهَبُ يَقُولُ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ، أَوْ يَعْفُوَ وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ:، وَالْأَظْهَرُ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ) ، أَيْ: وَلَوْ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ، أَيْ: فَلَا نَظَرَ حَتَّى عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِاسْتِحْدَاثِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعَفْوِ) أَيْ فَلَهُ الْعَفْوُ عَمَّا لَا مَالَ فِيهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ، وَسَوَاءٌ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِ يَدْفَعُهُ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الدَّيْنِ) الْمُنَاسِبُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ، وَأَمَّا مَنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عِتْقَهَا؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ دُونَ وَلَدِهَا وَعِبَارَةُ عب الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلً التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَلَوْ بَعْدَ الْأَعَمِّ (فَائِدَةٌ) لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَحْبَلَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ إلَّا أَنْ يَفْشُوَ ذَلِكَ قَبْلُ بَيْنَ الْجِيرَانِ، أَوْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِهِ) ، أَيْ: بِالْفَلَسِ الْأَخَصِّ لَا قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ مَعَ تَمْكِينِهِ إيَّاهُ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْقَسْمِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَا بِالْمَوْتِ، وَلَا بِالْفَلَسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذِّمَّةَ فِي الْحَالَتَيْنِ قَدْ خَرِبَتْ) أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَظَاهِرُهُ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَبِاعْتِبَارِ مَا بِيَدِهِ، أَيْ: فَالْخَرَابُ مِنْ حَيْثُ مَا بِيَدِهِ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَدَمُ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْعُ حَكَمَ بِحُلُولِهِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ مُخْبِرٌ بِالشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ) أَمَّا كَوْنُ تَمْكِينِ الْوَارِثِ مِنْ الْقَسْمِ بَاطِلًا فَلِأَنَّ الْإِرْثَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدُّيُونِ، وَأَمَّا عَدَمُ الْقَسْمِ فَلَا يَظْهَرُ بُطْلَانُهُ مِنْ الْآيَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا فَالْآيَةُ نَاظِرَةٌ لِبُطْلَانِ تَمْكِينِ الْوَارِثِ فِي الْقَسْمِ وَلِلضَّرُورَةِ إلَخْ نَاظِرٌ لِعَدَمِ تَمْكِينٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ) ، وَأَمَّا لَوْ طَلَبَ الْكُلُّ لَكَانَ لَهُمْ ذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْتِ مَنْ قَتَلَ مَدِينَهُ فَإِنَّ دَيْنَهُ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحِلُّ لِحَمْلِهِ عَلَى اسْتِعْجَالِ مَا أَجَلَّ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فَلَا يَحِلُّ بِفَلَسِهِ، وَلَا بِمَوْتِهِ وَلِغُرَمَائِهِ تَأْخِيرُهُ إلَى أَجَلِهِ، أَوْ بَيْعُهُ الْآنَ وَمَحَلُّ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمَوْتِ، أَوْ الْفَلَسِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ مَنْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِشَرْطِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي الْمَوْتِ، وَأَمَّا إنْ شَرَطَ مَنْ لَهُ أَنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ عَلَى الْمَدِينِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ، أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَإِنْ وَقَعَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ فَسَادُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ (ص) وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ لِدَابَّةٍ، أَوْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ يَحِلُّ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ حَيْثُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ بِمَوْتِهِ وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ بِحَسَبِ مَا لَزِمَ مُوَرِّثَهُ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَسْكُنْ شَيْئًا وَإِنْ سَكَنَ شَيْئًا وَكَانَ اكْتَرَى سَنَةً مَثَلًا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَدَفَعَ سِتَّةً وَسَكَنَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَفُلِّسَ سُمِعَ عِيسَى يُخَيِّرُ رَبَّ الدَّارِ فِي إسْلَامِهِ بَقِيَّةَ السُّكْنَى وَيُحَاصِصُ بِالسِّتَّةِ دَنَانِيرِ الْبَاقِيَةِ، أَوْ أَخْذِ بَقِيَّةِ السُّكْنَى وَرَدَّ مِنْهَا بِهَا مِمَّا قَبَضَهُ وَيُحَاصِصُ بِمَا رَدَّ نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ، وَقَوْلُهُ: (ص) ، أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ مَلِيئًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى دَيْنٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا فُلِّسَ الْغَائِبُ كَمَا مَرَّ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِحُلُولِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، ثُمَّ قَدِمَ مَلِيئًا فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ، وَلَا يُرَدُّ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ وَهُوَ مُجَوِّزٌ لِمَا ظَهَرَ. (ص) وَإِنْ نَكَلَ الْمُفَلَّسُ حَلَفَ كُلٌّ كَهُوَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى شَخْصٍ فَجَحَدَهُ فِيهِ وَشَهِدَ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَنَكَلَ الْمُفَلَّسُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلْحُجَّةِ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَتَنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ الْمُفَلَّسِ وَيَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى ذَلِكَ الْحَقِّ كَمَا كَانَ الْمُفَلَّسُ يَحْلِفُ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ لَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِحُلُولِ كُلٍّ مِنْهُمْ مَحَلَّ الْمُفَلَّسِ فَإِنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ تَقَاسَمُوا ذَلِكَ الْحَقَّ وَإِنْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْهُ وَمَنْ حَلَفَ أَخَذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ، أَيْ: بِمَنَابِهِ فِي الْحِصَاصِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَا جَمِيعِ حِصَّتِهِ وَمَنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْكُلِّ وَيَأْخُذُ الْبَعْضَ كَالدِّيَةِ يَحْلِفُ عَلَيْهَا كُلِّهَا وَيَأْخُذُ بَعْضَهَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَسْقُطُ حَقُّ النَّاكِلِ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِمَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَظَّهُ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ كَشَاهِدٍ ثَانٍ وَإِذَا طَلَبَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْعَوْدَ إلَى الْيَمِينِ فَهَلْ يُمْكِنُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا قَوْلَانِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: حَيْثُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حُلُولَهُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ بِلَوْ لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يَحِلُّ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ بِاتِّفَاقٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ لَوْ لَيْسَتْ لِلْخِلَافِ بَلْ لِدَفْعِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، وَقَوْلُهُ: حَيْثُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنَافِعَ لَا كُلًّا، وَلَا بَعْضًا. وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ، أَيْ: إنَّ الْوَارِثَ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ وَيَلْزَمُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَزِمَ مُورِثَهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا تُبَاعُ الْمَنَافِعُ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ إلَخْ ظَاهِرُهُ مُخَالَفَةُ الْفَلَسِ لِلْمَوْتِ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي الْمَوْتِ لَا يَحِلُّ وَفِي الْفَلَسِ يَحِلُّ وَلِذَلِكَ قَالَ الْفِيشِيُّ شَرَط مِنْ هَذَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَمَسْأَلَةَ الْفَلَسِ يَحِلُّ بِهَا سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، أَوْ اسْتَوْفَى الْبَعْضَ، أَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا أَصْلًا اهـ، ثُمَّ نَقُولُ بِحَمْدِ اللَّهِ أَمَّا عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ يَحِلُّ قَطْعًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَلَا بَيْنَ الْفَلَسِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَقَوْلَانِ قِيلَ لَا يَحِلُّ فِيهِمَا وَقِيلَ يَحِلُّ، وَالْأَوَّلُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْحُلُولِ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فِي الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ بِحَسَبِ مَا لَزِمَ مُورِثَهُ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ تَكُونُ الْمَنَافِعُ فِي الْمَوْتِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَتُبَاعُ وَرَبُّ الدَّيْنِ يُحَاصِصُ بِدَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْحُلُولِ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا أَصْلًا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ وَتَسْلِيمِهِ، وَالْمُحَاصَّةِ وَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا، أَيْ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ، وَلَا يُحَاصِصَ، أَيْ: وَلَهُ أَنْ يُسَلَّمَ فَتُبَاعَ الْمَنْفَعَةُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيُحَاصِصَ بِأُجْرَتِهِ، وَأَمَّا إنْ اسْتَوْفَى فِي الْفَلَسِ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ سَكَنَ شَيْئًا إلَخْ. فَإِنْ قُلْت: فَظَهَرَ الْحَالُ فِي الْمَوْتِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُلُولِ وَعَدَمِهِ وَظَهَرَ فِي الْفَلَسِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُلُولِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْفَلَسِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحُلُولِ قُلْت إنَّهُ فِي الْفَلَسِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحُلُولِ يُحَاصَصُ الْمُكْرِي بِمَالِهِ وَيُوقَفُ فَكُلَّمَا اسْتَوْفَى الْمُفَلَّسُ شَيْئًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَخَذَ الْمُكْرِي مَا يَنُوبُهُ مِمَّا وَقَفَ وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ لَا يُخَالِفُ مَا هُنَا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى الِاسْتِيفَاءِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ وَيُخَصُّ بِالْمَوْتِ، أَوْ الْفَلَسِ وَيُرِيدُ تَسْلِيمَ الْمَنْفَعَةِ وَمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْفَلَسِ وَلَمْ يُرِدْ الْمُكْرِي الْمُحَاصَّةَ فَقَوْلُهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي، أَيْ: لَهُ أَخْذُ دَابَّتِهِ وَأَرْضِهِ وَلَهُ عَدَمُ الْأَخْذِ وَيُرِيدُ الْمُحَاصَّةَ. (تَنْبِيهٌ) : كَمَا يَحِلُّ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ قَطْعًا مِثْله إذَا اشْتَرَطَ النَّقْدَ، أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ) مَعْمُولُ يَحْلِفُونَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِمَنْ نَكَلَ) يُخَالِفُ مَا فِي عج وَتَبِعَهُ عب إلَّا أَنَّ عج قَدْ حَلَّ أَوْ لَا بِمَا يُوَافِقُ شَارِحَنَا فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ نَكَلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 وَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الشَّهَادَاتِ عَدَمُ تَمْكِينِهِ. (ص) وَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِالْمَجْلِسِ وَقُرَّ بِهِ إنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ التَّفْلِيسِ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ يُقْبَلُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِالْمَجْلِسِ وَقُرْبِهِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ فَيُفِيدُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ (ش) يُحَاصِصُ بِهِ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا تَجَدَّدَ لَهُ مِنْ الْمَالِ، وَمِثْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَجْلِسِ التَّفْلِيسِ بِ بَعْدُ فَقَوْلُهُ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِالْمَجْلِسِ وَقُرْبِهِ وَلِقَوْلِهِ لَا بَيِّنَةَ حَيْثُ كَانَتْ الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ بِبَيِّنَةٍ تَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ مَا بِيَدِهِ، أَوْ تَسْتَغْرِقْ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مُعَامَلَتِهِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ يُفِيدُ فِي الْأُولَى بِلَا نِزَاعٍ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّاجِحِ (ص) وَقَبْلَ تَعْيِينِهِ الْقِرَاضَ، أَوْ الْوَدِيعَةَ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ كَمَا مَرَّ يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ، وَالْوَدِيعَةَ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ بِالْمَجْلِسِ وَقُرْبِهِ وَقِيلَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ مَا ذَكَرَ بِأَنْ تَشْهَدَ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ عِنْدَهُ قِرَاضًا، أَوْ وَدِيعَةً لِفُلَانٍ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بِأَنَّ عِنْدَهُ قِرَاضًا أَوْ وَدِيعَةً وَهُوَ يُعَيِّنُ الْقِرَاضَ، وَالْوَدِيعَةَ، وَالْمُرَادُ بِتَعْيِينِهِ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقِرَاضُ وَهَذِهِ الْوَدِيعَةُ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ مَا ذَكَرَ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَرِيضًا فَيُقْبَلُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْأَصْلِ. (ص) ، وَالْمُخْتَارُ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ الْمُفَلَّسِ بِلَا بَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ مِنْ الْخِلَافِ قَبُولَ قَوْلِ الصَّانِعِ إذَا فُلِّسَ فِي تَعْيِينِ مَا بِيَدِهِ لِأَرْبَابِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ بِأَصْلِهِ وَيُكْتَفَى بِقَوْلِهِ هَذِهِ السَّبِيكَةِ مَثَلًا، أَوْ هَذَا الْغَزْلُ مَثَلًا لِفُلَانٍ مَعَ يَمِينِ الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ مُنْتَصِبُونَ لِمِثْلِ هَذَا وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ وَإِنَّمَا فَرَّقَ الْمُؤَلِّفُ فِي اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ بَيْنَ الصَّانِعِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَارُهُ الْقَبُولَ فِي الْجَمِيعِ بِلَا بَيِّنَةٍ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ فِي غَيْرِ الصَّانِعِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ مِمَّنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْلِسِ وَقَرَّ بِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (ص) وَحَجْرٌ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ بِسَبَبِ مُعَامَلَةِ قَوْمٍ آخَرِينَ فَإِنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ بِطَلَبِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ، أَيْ: تَجَدَّدَ بَعْدَ الْحَجْرِ   [حاشية العدوي] غَرِمَ بَقِيَّةَ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ كَشَاهِدٍ ثَانٍ وَاقْتَسَمَ جَمِيعُ الْغُرَمَاءِ مَنْ نَكَلَ وَمَنْ حَلَفَ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ بِالْحَلِفِ وَحِصَّتَهُ بِالْحِصَاصِ مَعَ النَّاكِلِينَ، وَلَا يَظْهَرُ لَهُ صِحَّةٌ وَيُوَافِقُ مَا فِي شَارِحِنَا مَا فِي شب (قَوْلُهُ:، وَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الشَّهَادَاتِ عَدَمُ تَمْكِينِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْغُرَمَاءِ صَغِيرٌ فَهَلْ يَحْلِفُ، أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ يُوقَفُ لِبُلُوغِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الْمَذْهَبُ. (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ إقْرَارُهُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُ الدُّيُونِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ وَبَعْضُهَا بِالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ مَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ، وَلَا يَدْخُلُ مَعَ مَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ بِالْمَجْلِسِ وَقُرْبِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إعْرَاضٌ فِي الْمَجْلِسِ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِقْرَارِ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ إعْرَاضٌ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَرَّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ الْبَعِيدِ عَنْ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ قِيَامَ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ إلَخْ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ وَلَمَّا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ كَذَا أَفَادَهُ عج وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ إلَخْ) ، أَيْ: بِأَنْ قُوِّمَتْ السِّلْعَةُ أَوَّلًا بِتَقْوِيمِ اقْتَضَى اسْتِغْرَاقَ دَيْنِهِ لِمَا عِنْدَهُ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ قِيمَةُ السِّلَعِ وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِي الْغَائِبِ، ثُمَّ يُقَدِّم مَلِيئًا (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْأَصْلِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ النَّصَّ لِابْنِ يُونُسَ وَصَرِيحُهُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَمْ يُفْلِسْ فَإِنَّهُ قَالَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْمَرِيضِ يَقُولُ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ، أَوْ وَدِيعَةٌ لَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إنْ كَانَ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ، أَيْ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ أَضْعَفُ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَحْتَاجُهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِلَا بَيِّنَةٍ بِأَصْلِهِ) هَذَا مِنْهُ جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَمَا فَائِدَةَ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ هُنَا صِفَةٌ مَحْذُوفَةٌ لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا، أَيْ: بِلَا بَيِّنَةٍ بِأَصْلِهِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يَنْفِ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ كَمَا ذَكَرَ وَبَعْدَ نَفْيِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ هُنَاكَ بَيِّنَةً عَلَى أَصْلِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ فَنَفَى أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحْسَنُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ قَبُولِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَخُصَّ صِدِّيقَهُ الثَّانِيَ يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَالثَّالِثُ لِمُحَمَّدٍ يُقْبَلُ إذَا كَانَ عَلَى أَصْلِ الدَّفْعِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ الْفَلَسِ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفُ ذَلِكَ الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهِ هَكَذَا حَكَى اللَّخْمِيُّ الْأَقْوَالَ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: فِي الْجَمِيعِ) ، أَيْ: الْإِيدَاعِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْبَضَائِعِ، وَالْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الثَّوْبُ الَّذِي كُنْت اشْتَرَيْته، ثُمَّ أَقُولُ فِي كَلَامِهِ نَظَرٌ بَلْ اخْتِيَارُهُ فِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ وَنَصُّهُ اخْتَلَفَ إذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ، وَالْإِيدَاعُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْفَلَسِ هَذَا الثَّوْبُ الَّذِي كُنْت اشْتَرَيْته، الْوَدِيعَةُ الَّتِي قَبَضْت فَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَقِيلَ يُقْبَلُ فِي الْإِيدَاعِ، وَالْبَضَائِعِ، وَالْقِرَاضِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي الْبَيْعِ وَأَنْ يُقْبَلَ فِي الْجَمِيعِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قُسِمَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ ثَبَتَ عُدْمُهُ وَأُطْلِقَ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ لَا يَفْتَقِرُ لِتَجْدِيدِ عُدْمٍ وَلَوْ طَالَ زَمَانُهُ ابْنُ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَلِلْبَاجَّيَّ فِي سِجِلَّاتِهِ يُجَدِّدُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِانْتِقَالِ الْكَسْبِ حِينَئِذٍ وَلَمَّا كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْمُفَلَّسِ يُخَالِفُ حَجْرَ السَّفِيهِ فِي عَدَمِ احْتِيَاجِ فَكِّهِ إلَى الْحَاكِمِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ (ش) ، أَيْ: وَانْفَكَّ الْحَجْرُ عَلَى الْمُفَلَّسِ إذَا قُسِمَ مَالُهُ وَبَقِيَتْ مِنْ دُيُونِهِمْ بَقِيَّةٌ وَحَلَفَ إنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا، أَوْ وَافَقَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ يَحْكُمُ بِفَكِّهِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِاحْتِيَاجِ الْفَكِّ لِلِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبِطُهُ إلَّا الْحَاكِمُ، ثُمَّ الْأَنْسَبُ لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ عَلَى قَوْلِهِ وَحَجْرٌ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ. (ص) وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ فَبَاعُوا وَاقْتَسَمُوا، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَرِيمَ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا مَكَّنَ الْغُرَمَاءَ مِمَّا بِيَدِهِ فَبَاعُوهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ وَاقْتَسَمُوهُ بِحَسَبِ دُيُونِهِمْ، أَوْ اقْتَسَمُوهُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ حَيْثُ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقِيَّةٌ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفُلِّسَ ثَانِيًا فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِينَ دُخُولٌ فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرِينَ وَمَا تَجَدَّدَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِ الْآخَرِينَ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا كَمَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ وَلِذَا قَالَ (ص) كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ (ش) وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ تَفْلِيسَ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قُسِمَ مِنْهُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَاقْتَسَمُوا أَنَّهُمْ لَوْ قَامُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَتَرَكُوهُ لَمْ يَكُنْ تَفْلِيسًا فَإِذَا دَايَنَ آخَرِينَ دَخَلَ الْأَوَّلُونَ، وَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَحِلُّ بِهِ مَا أَجَّلَ وَلَهُ الْإِقْرَارُ وَلَوْ بَعُدَ مِنْ الْمَجْلِس وَبَيْعُهُمْ لَيْسَ بَيْعَ خِيَارٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْغُرَمَاءِ مَا ذَكَرَ لَيْسَ تَفْلِيسًا، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ عَدَمُ دُخُولِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى الْآخَرِينَ قَوْلُهُ (ص) إلَّا كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ (ش) ، أَيْ: إلَّا أَنْ يُفِيدَ مَالًا مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الْآخَرِينَ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ، وَالْآخَرُونَ وَيَتَحَاصُّونَ كُلُّهُمْ فِيهِ (ص) وَبَيْعُ مَالِهِ بِحَضْرَتِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ وَفَاعِلُ بَيْعٍ هُوَ الْحَاكِمُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُفَلَّسَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ، أَوْ صِفَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَيْعُهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ وَيَكُونَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ فِيهِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلِاسْتِقْصَاءِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ وَعَقَارٍ بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثًا بِسِلَعِ الْمُفَلَّسِ بَلْ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ سِلَعِ غَائِبٍ وَيَتِيمٍ وَمَغْنَمٍ وَذَكَرَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مَحْذُوفٌ فَيَجُوزُ تَذْكِيرُ الْعَدَدِ وَتَأْنِيثُهُ (ص) وَلَوْ كُتُبًا، أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا (ش) ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ كُتُبًا فَتُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَبْرِيٌّ فَلَا يُنَافِي مَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ كَرَاهَةِ بَيْعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قَسْمٌ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى حُكِمَ بِخَلْعِ مَالِهِ وَأُخِذَتْ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ وَلَوْ لَمْ تُقْسَمْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِ الْكَسْبِ حِينَئِذٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: وَانْفَكَّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ إتْلَافِ الْمَالِ، وَالْعِلَّةُ إذَا زَالَتْ زَالَ مَعْلُولُهَا فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُغْنِي عَمَّا سَبَقَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُنْفَكٌّ مَا دَامَ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ وَإِذَا حَصَلَ انْسَحَبَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ الْمُتَقَدِّمُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْحَجْرِ الْمَالُ وَلَمَّا زَالَتْ الْعِلَّةُ زَالَ الْمَعْلُولُ وَإِذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْمَعْلُولُ (قَوْلُهُ: إذَا قُسِمَ مَالُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَسْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مَتَى مَا نُزِعَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَلِفُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ، أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ حَلِفَهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِلِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبِطُهُ إلَّا حَاكِمٌ) كَانَ الْمُعْتَمَدُ يَقُولُ لَا اجْتِهَادَ حَتَّى يَحْتَاجَ لِضَبْطٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَنْسَبُ) ، أَيْ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْفِكَاكَ قَبْلَ الْحَجْرِ الْمُتَجَدِّدِ وَقَوْلُهُ وَمَا تَجَدَّدَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا أَخَذَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْضُلَ إلَخْ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ سُؤَالًا وَجَوَابًا (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَاقْتَسَمُوا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَبَاعُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّشْبِيهُ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْخِيَارِ) أَيْ لِلْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ (قَوْلُهُ: وَفَاعِلُ بَيْعٍ هُوَ الْحَاكِمُ) الْأَوْلَى، وَالْفَاعِلُ لِلْبَيْعِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ) ، وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ تَرْكُهُ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُفَلَّسِ وَغُرَمَائِهِ رَدُّهُ لِضَرَرِهِمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ سِلْعَةٍ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ كَطَرِيِّ اللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ بَلْ لَا يَسْتَأْتِي إلَّا سَاعَةٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْعُرُوضِ كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ وَحَبْلٍ وَبَكْرَةٍ فَيُبَاعُ مِنْ حِينِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي) وَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ بِهِ أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ خِيَارَ الثَّلَاثِ بَعْدَهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) فَإِنْ زَادَ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ رَدَّ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَبَاعَ بِهَذَا الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَلِذَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَإِذَا ضَاعَ مِنْهُ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ كُتُبًا) وَلَوْ احْتَاجَ لَهَا فَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 الْكُتُبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْفِقْهِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالْحَدِيثِ وَمَا عَدَاهَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَكَذَلِكَ يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ ثَوْبَا جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَلَوْ فِي دَيْنِ الْغَصْبِ وَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهُمَا، وَالْقِلَّةُ، وَالْكَثْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفَلَّسِ وَمُرَادُهُ بِثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ مَلْبُوسُ جُمُعَتِهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ اللَّابِسِ وَبِعِبَارَةٍ، وَالتَّثْنِيَةُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ، وَالثَّوْبَيْنِ، وَالْأَثْوَابِ. (ص) وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا فُلِّسَ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ فَهَلْ تُبَاعُ عَلَيْهِ آلَتُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا كَمِرْزَبَةٍ الْكَمَّادِ وَمِطْرَقَةِ الْحَدَّادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالْحَالُ أَنَّهَا قَلِيلَةُ الْقِيمَةِ، أَوْ لَا تُبَاعُ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِشَيْخِ الْمَازِرِيِّ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ فَقَالَ عَنْهُ إنَّهُ كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ، وَالتَّرَدُّدُ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ فَقَوْلُهُ وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَيْ وَبِالتَّحَيُّرِ لِتَحَيُّرِ جِنْسِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ كَمَا هُنَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَهَا فَتُبَاعُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا (ص) وَأَجْرُ رَقِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَقِيقَ الْمُفَلَّسِ الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ كَالْمُدَبَّرِ، وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِهِ يُؤَاجَرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ الْقِنُّ فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ مَالِهِ، وَالْمُرَادُ بِالرَّقِيقِ هُنَا مَنْ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ كَثِيرَةٌ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَرِينَةٌ عَلَى هَذَا الْمُرَادِ وَهُوَ قَوْلُهُ (ص) بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ (ش) ، أَيْ: فَإِنَّهَا لَا تُؤَاجَرُ عَلَيْهِ إذَا أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ لَهُمْ مُؤَاجَرَةُ مُدَبَّرَتِهِ وَبَيْعُ كِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ اللَّخْمِيُّ وَتُبَاعُ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَإِنْ طَالَتْ كَعَشْرِ سِنِينَ وَيُبَاعُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ السَّنَةُ، وَالسَّنَتَانِ، وَلَا يُبَاعُ مُرْجَعُ عَبْدٍ لَهُ أَخْدَمَهُ غَيْرُهُ، أَيْ: لَا يُبَاعُ عَبْدٌ جَعَلَ سَيِّدُهُ مَرْجِعَهُ لِمَنْ فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ خِدْمَتَهُ لِغَيْرِهِ مُدَّةً وَإِنْ فُلِّسَ الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ فَالْخِدْمَةُ لَهُ كَعَرَضٍ إنْ كَانَتْ سِنِينَ مَعْلُومَةً كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَيَاةُ الْمُخْدَمِ، أَوْ الْمُخْدِمِ بِيعَ مَا قَرُبَ كَالسَّنَةِ، وَالسَّنَتَيْنِ وَمَا اكْتَرَى أَوْ نَقَدَ ثَمَنَهُ بِيعَ لَهُ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنْ ادَّعَى فِي أَمَةٍ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ النِّسَاءِ، أَوْ يَكُونَ قَدْ فَشَا ذَلِكَ قَبْلَ ادِّعَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ قَائِمٌ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ إنَّهُ مِنْهُ (ص) ، وَلَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ بَعْدَ أَخْذَ مَا بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَكَسَّبَ لِغُرَمَائِهِ لِيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ، وَسَوَاءٌ عَامَلَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى التَّكَسُّبِ أَمْ لَا وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ. (ص) وَتَسَلُّفٌ وَاسْتِشْفَاعٌ وَعَفْوٌ لِلدِّيَةِ وَانْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ، أَوْ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْمُفَلَّسَ أَنْ يَتَسَلَّفَ مَالًا لِأَجْلِ غُرَمَائِهِ، وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ، وَلَا صَدَقَةٌ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ مَاتَ عَنْ شُفْعَةٍ فَالشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْفُوَ لِلدِّيَةِ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ لِيُوَفِّيَ بِهِ مَا عَلَيْهِ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا بِخِلَافِ مَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ لِكَوْنِهِ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَيَلْزَمُهُ فَقَوْلُهُ وَعَفْوٌ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَمْدٌ فِيهِ الْقِصَاصُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَوْ كَانَتْ خَطَأً وَجَبَ أَخْذُ الدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ) فِي عب وَيَنْبَغِي وَآلَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَيْنِ الْغَصْبِ) كَمَا لَوْ كَانَ الْمُفَلَّسُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ دُيُونٌ مِنْ غَصْبٍ غَصَبَهُ وَأَتَى بِذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْغَصْبِ يُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ لَمْ تَكْثُرْ قِيمَتُهَا وَفِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ اللَّابِسِ) ، أَيْ: مِنْ لُبْسٍ ثَوْبٍ وَاحِدٍ، أَوْ ثَوْبَيْنِ، أَوْ ثَوْبٍ وَقَبَاءٍ وَشَيْءٍ آخَرَ يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ، أَوْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعَبَّرَ بِثَوْبَيْنِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَالْإِمَامُ نَظَرَ لِعُرْفِ زَمَانِهِ وَعُرْفُ زَمَانِهِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا ثَوْبَانِ، أَوْ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ثَوْبًا جَمَعَتْهُ قَمِيصٌ وَرِدَاءٌ، أَوْ جُبَّةٌ وَرِدَاءٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) جَوَابٌ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: كَمِزْرَبَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ مَعَ التَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ لِشَيْخِ الْمَازِرِيِّ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ) ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تُبَاعُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَالتَّحَيُّرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّحَيُّرَ لَيْسَ فِي التَّرَدُّدِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَتُبَاعُ خِدْمَةٌ إلَخْ) ، وَلَا يُؤَاجَرُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا خِدْمَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاعُ مُرْجَعُ عَبْدٍ لَهُ) ، أَيْ: لِلْمُفَلَّسِ وَفَاعِلُ أَخَدَمَهُ عَائِدٌ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَالْخِدْمَةُ لَهُ كَعَرَضٍ) فَتُبَاعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا اكْتَرَى، أَوْ نَقَدَ) بِأَوْ فِي نُسْخَتِهِ فَيُحْمَلُ مَا اكْتَرَى عَلَى الْوَجِيبَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَقَدَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُشَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ) ، أَيْ: فَإِنَّهُ قَالَ يُجْبَرُ الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ عُومِلَ عَلَى ذَلِكَ لَا التَّاجِرُ وَعَلَى التَّاجِرِ تَكَلَّمَ مَالِكٌ وَانْظُرْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شُرِطَ فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ، أَوْ لَا وَاَلَّذِي يَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ الْأَوَّلُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ، وَلَا يُخَالِفُ الْمُصَنِّفَ أَقُولُ بَلْ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ حُكْمًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُلْزَمُ بِالتَّكَسُّبِ لِيَدْفَعَهُ لِغُرَمَائِهِ فِي دُيُونِهِمْ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَكْتَسِبُ وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ، وَلَا يُتْرَك لَهُ قُوتُهُ حَيْثُ كَانَ كَسْبُهُ يَكْفِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يُقَيِّدْ بَلْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ، أَيْ: دَاخِلُونَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ إلَخْ) ، أَيْ: يَطْلُبَ السَّلَفَ بَلْ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ السَّلَفِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ إلَّا إنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُسَلِّفَ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْرَ مَالِهِ عَلَى الْمَدِينِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْمُفَلَّسِ مَقَالٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ مِنْ مَنْعِهِ حَيْثُ حَصَلَ نَفْعٌ لِأَجْنَبِيٍّ وَرَبُّ الدَّيْنِ هُنَا أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْمُقْرِضُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَدِينِ فَكَأَنَّ الْقَرْضَ إنَّمَا هُوَ لَهُ فَلَيْسَ النَّفْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَقَوْلُهُ: لِلدِّيَةِ، أَيْ: عَلَى الدِّيَةِ أَيْ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ الْمُتَقَدِّمِ نَعَمْ إنْ اخْتَارَ هُوَ ذَلِكَ جَازَ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ، أَيْ: جَازَ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ مَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ فَإِنْ مَرِضَ، أَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِزَاعُ، وَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ الْكَبِيرِ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إذْ مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَ الْإِحَاطَةِ لَهُمْ رَدُّهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَعْمَلَ الِانْتِزَاعَ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ انْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ انْتِزَاعُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ اعْتِصَارٌ فَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ الِانْتِزَاعُ فِيهِمَا. ، ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ مِنْ اسْتِينَاءٍ وَتَعْجِيلٍ فَذَكَرَ مَا يُعَجَّلُ بَيْعُهُ لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَمَا يُطَالَبُ بِاسْتِينَائِهِ وَسَكَتَ عَمَّا لَا يُسْتَأْنَى بِهِ مِمَّا يُخْشَى فَسَادُهُ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْعَرَضِ كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ فَيُبَاعُ مِنْ حِينِهِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ (ش) الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرَضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِينَاءِ بِالْحَيَوَانِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ سَرِيعُ التَّغَيُّرِ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَفِي ذَلِكَ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ أَصْلًا، وَلَا أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا خِيَارٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ كَالشَّهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ لَا يَتَعَجَّلُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ أَيْ وَعُرُوضِهِ الَّتِي لَا يَخْشَى فَسَادَهَا، وَلَا تَغَيُّرَهَا بَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَكُلْفَةٍ (ص) وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ (ش) ، أَيْ: وَقُسِمَ مَالُ الْمُفَلَّسِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ أَثْمَانِ مَا بِيعَ، وَنَاضَّهُ إنْ كَانَ إمَّا بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بِأَنْ يُنْسَبَ كُلُّ دَيْنٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مِائَةٌ وَلِآخَرَ خَمْسُونَ وَلِآخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَنِسْبَةُ دَيْنِ الْأَوَّلِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ ثُلُثٌ فَيَأْخُذُ أَرْبَعِينَ وَنِسْبَةُ الثَّانِي سُدُسٌ فَيَأْخُذُ عِشْرِينَ وَنِسْبَةُ الثَّالِثِ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ سِتِّينَ وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِجُمْلَةِ الدُّيُونِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ، ثُمَّ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ الدُّيُونِ اللَّازِمَةِ لِذِمَّتِهِ، ثُمَّ يُنْسَبَ مَالُ الْمُفَلَّسِ إلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ دَيْنِهِ مَثَلًا لَوْ كَانَ جَمِيعُ مَالِ الْمُفَلَّسِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَجَمِيعُ الدُّيُونِ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ نِصْفَ دَيْنِهِ وَقَوْلُنَا اللَّازِمَةِ لِذِمَّتِهِ يُخْرِجُ الْكِتَابَةَ فَلَا يُحَاصَصُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لَازِمٍ فَلِهَذَا لَوْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَفَلَّسُوهُ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْكِتَابَةِ لِمَا مَرَّ بَلْ وَإِنْ وَفَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ فَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ جَعَلَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، أَيْ: بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، أَيْ: بِقَدْرِ نِسْبَةِ الدُّيُونِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ لِمَفْعُولِهِ، وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ، أَيْ: بِنِسْبَتِهِ لِلدُّيُونِ فَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لِلطَّرِيقَتَيْنِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي طَرِيقَةِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ (ص) بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ أَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ   [حاشية العدوي] لِلْمُقْتَرَضِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ الطَّالِبُ يَقْصِدُ نَفْعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اخْتَارَ إلَخْ) فَإِذَا اُنْتُزِعَ أَخَذُوهُ بِخِلَافِ حَبْسِ شَرْطِ مُحْبِسِهِ لِمُحْبَسٍ عَلَيْهِ بَيْعُهُ إنْ شَاءَ فَلَهُمْ بَيْعُهُ وَإِنْ أَبَى هُوَ لِقُوَّةِ شَبَهِهِ بِبَاقِي عُرُوضِهِ بِجَامِعِ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلٍّ بِخِلَافِ رَقِيقِهِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ) ، أَيْ: مِنْ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ إلَخْ) أَقُولُ لَيْسَ هُنَاكَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بَلْ فِي حَقِيقَتِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِصَارَ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزَيْئَاتِ الِانْتِزَاعِ فَغَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالِانْتِزَاعِ الَّذِي هُوَ كُلِّيٌّ شَامِلٌ وَاسْتِعْمَالُ الْكُلِّيِّ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ. [كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ] (قَوْلُهُ: الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِهِ) ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ (قَوْلُهُ: صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ) هُوَ النُّوَيْرِيُّ، أَيْ: تَكْمِلَةِ الْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الشَّرْحَ (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِيَ) الظَّاهِرُ وُجُوبُ الِاسْتِينَاءِ الْمَذْكُورِ، وَالْأَخِيرُ الْمُفَلَّسُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سِلَعِ الْمُفَلَّسِ حَيْثُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ إذَا أَمْضَى الْمُفَلَّسُ بَيْعَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً حِينَ بَيْعِ الْحَاكِمِ، وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) حَيْثُ إنَّ الْكَافَ تَكُونُ غَيْرَ اسْتِقْصَائِيَّةٍ تُدْخِلُ الثَّالِثَ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ، وَقَوْلُهُ: وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ تُقْسَمَ مَالُ الْمَدِينِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ جَزْءُ السَّهْمِ فَاضْرِبْ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ يَخْرُجُ مَنَابُهُ فِي الْحِصَاصِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُ الْمَدِينِ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كُلُّ رَجُلٍ سِتَّةٌ فَإِذَا قُسِمَتْ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَخْرُجُ نِصْفٌ فَاضْرِبْ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ هِيَ مَنَابُهُ فِي الْحِصَاصِ. (قَوْلُهُ: لِفَاعِلِهِ) أَرَادَ بِهِ نَائِبَ الْفَاعِلِ، أَوْ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النِّسْبَةِ الِانْتِسَابُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ الدُّيُونَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ بَلْ نَسَبَ كُلَّ دَيْنٍ إلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ، وَقَوْلُهُ: لِمَفْعُولِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ الدُّيُونُ، وَالْمَنْسُوبُ هُوَ مَالُ الْمُفَلَّسِ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) بَلْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوبُ كُلَّ دَيْنٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 الْحَاكِمَ لَا يَقْسِمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ وَمَوْتِ مُورِثِهِمْ وَتَعَدُّدِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ، وَالْأَصْدِقَاءِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِمْ، وَالدُّيُونُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهَا غَالِبًا (ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْقَسْمِ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ، أَيْ: لَا فِي الْفَلَسِ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعَجِّلُ بِقَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ لِاحْتِمَالِ طُرُوِّ غَرِيمٍ آخَرَ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْغُرَمَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ بَقَاءُ ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ دُونَ الْمَيِّتِ لَكِنْ فِي غَيْرِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَيُتَّفَقُ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِينَاءِ بِهِ إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفِي مَفْهُومٌ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ تَفْصِيلٌ، أَوْ أَنَّ فَقَطْ ظَرْفٌ وَالْمُؤَلِّفُ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَهُ. (ص) وَقَوَّمَ مُخَالِفَ النَّقْدِ يَوْمَ الْحِصَاصِ وَاشْتَرَى لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ لِأَحَدِ غُرَمَائِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِأَحَدِهِمْ عَرَضٌ وَلِأَحَدِهِمْ طَعَامٌ مَثَلًا فَإِنَّ مَا خَالَفَ النَّقْدَ مِنْ مُقَوَّمٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ يُقَوَّمُ يَوْمَ قَسْمِ الْمَالِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمِ الْحِصَاصِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ كَذَلِكَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةً فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ النَّقْدِ ثُلُثَ الْمِائَةِ وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْ الطَّعَامِ، وَالْعَرَضِ كَذَلِكَ فَيُعْطِي لِصَاحِبِ النَّقْدِ مَنَابَهُ وَيَشْتَرِي لِصَاحِبِ الْعَرَضِ مِمَّا نَابَهُ مِنْ صِفَةِ عَرَضِهِ وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَى لَهُ أَيْ لِصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْهُ، أَيْ: مِنْ جِنْسِ مَالِهِ وَصِفَتِهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْحِصَاصِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ وَهَذَا مِنْ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (ص) وَمَضَى إنْ رَخُصَ، أَوْ غَلَا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِلْغَرِيمِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ مِثْلَ مَالِهِ مِنْ عَرَضٍ وَطَعَامٍ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ شِرَاءٌ لِلْعَرَضِ، وَالطَّعَامِ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ نِصْفَ الطَّعَامِ، وَالْعَرَضِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، أَوْ مَا يُوَفِّي دَيْنَهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمُفَلَّسِ عَشَرَةُ أَرَادِبَ، أَوْ عَشَرَةُ ثِيَابٍ فَنَابَهُ ثُلُثُ قِيمَةِ ذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ مِنْ الْمِائَةِ الْمُقَوَّمِ بِهَا فَلَمْ يَشْتَرِ لَهُ بِذَلِكَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى بِذَلِكَ خَمْسَةَ أَرَادِبَ، أَوْ خَمْسَةَ ثِيَابٍ، أَوْ عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَمْضِي فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الدَّيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُجُوعٌ فِي الرُّخْصِ بَلْ يَفُوزُ بِنِصْفِ دَيْنِهِ، أَوْ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ دُونَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا نُحَاصِصُك فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ دَيْنِك بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا حَطَّهُ الرُّخْصُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى دَيْنِهِ فَلْيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا مَثَلًا كَمَالٍ طَرَأَ وَكَذَلِكَ يَمْضِي لَوْ لَمْ يَحْصُلْ شِرَاء لِلْعَرَضِ، أَوْ الطَّعَامِ حَتَّى غَلَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ مِقْدَارَ خُمُسِ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرَضُ أَنْ يَقُولَ أَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ دَيْنِي الَّذِي نَابَنِي فِي الْحِصَاصِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ وَبَيْنَ الْمُفَلَّسِ فَيَسْقُطُ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ وَفِي الْغَلَاءِ يَتْبَعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَجْلِ الْغَلَاءِ مِنْ دَيْنِهِ فَيَصِيرُ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ فِي الرُّخْصِ فِي الْمِثَالِ نِصْفُ الْأَرَادِبِ، أَوْ الثِّيَابِ وَيَبْقَى لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ فِي الْغَلَاءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ، أَوْ أَثْوَابٍ (ص) وَهَلْ يَشْتَرِي فِي شَرْطِ جَيِّدٍ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطَهُ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ مَنْ فُلِّسَ سَلَمٌ وَقَدْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ نَوْعًا جَيِّدًا، ثُمَّ قَوَّمَ لَهُ عَلَى حَسَبِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ   [حاشية العدوي] الدُّيُونِ الْمَجْمُوعُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَهِيَ الْمَنْسُوبُ إلَيْهَا قَطْعًا وَيَكُونُ الْمَنْسُوبُ مَحْذُوفًا وَهُوَ إمَّا كُلُّ دَيْنٍ وَإِمَّا مَالُ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ أُرِيدَ الْكُلِّيَّةُ، أَيْ: كُلُّ فَرْدٍ يَكُونُ وَاقِعًا عَلَى الْمَنْسُوبِ وَيَكُونُ حَذْفَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الدُّيُونِ فَقَوْلُ الشَّارِح لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي طَرِيقِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَتَعَدُّدُهُمْ) ، أَيْ: مَرْتَبَتُهُمْ مِنْ الْمَيِّتِ كَأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ، أَوْ ابْنِ أَخِيهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُعْلَمَ لِلْجِيرَانِ فَيُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهَا غَالِبًا) فَإِنْ قُلْت: شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِحَصْرِ الْوَرَثَةِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ لِلتَّعَذُّرِ قُلْت النَّفْيُ الْمَحْصُورُ لَا تَعَذُّرَ فِيهِ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَلِيسِ لِزَيْدٍ أَوْلَادٌ غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَمِنْ الْمَحْصُورِ لَيْسَ لِزَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دَيْنٌ وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ فَرَسٌ، وَأَمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دَيْنٌ فَمِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِيَ) ، أَيْ: وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ وَأَرَادَ بِالْبَعِيدَةِ مَا قَابَلَ الْقَرِيبَةَ فَشَمِلَتْ الْمُتَوَسِّطَةَ كَذَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ الِاسْتِينَاءُ مَعَ الْخَشْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ كَالْمَيِّتِ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَقَطْ تَفْصِيلٌ) أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ لَا ظُهُورَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَقَطْ فَحَسْبُ، وَالْمَعْنَى عُرِفَ بِالدَّيْنِ لَا غَيْرُ فَكَيْفَ يُعْقَلُ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ فَقَطْ ظَرْفٌ) فِيهِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ قَطُّ ظَرْفٌ لِلزَّمَانِ الْمَاضِي تَقُولُ مَا فَعَلْته قَطُّ، أَيْ: فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، وَأَمَّا هُنَا فَالظَّاهِرُ لِكَوْنِهِ أَتَى بِالْفَاءِ أَنَّهَا بِمَعْنَى أَنْتَهِ، وَلَا تَكُونُ ظَرْفًا إلَّا إذَا تَجَرَّدَتْ مِنْ الْفَاءِ رَاجِعْ الْمُغْنِيَ، أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ مُخَالِفُ النَّقْدِ) ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عَرَضًا وَاخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ، أَوْ طَعَامًا كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَتْ صِفَتُهُ فَلَا يُقَوَّمُ حَيْثُ وَافَقَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مَا عَلَيْهِ صِفَةٌ أَيْضًا كَأَنْ اخْتَلَفَا وَسَلَكَ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِنِسْبَةِ كُلِّ دَيْنٍ لِجُمْلَتِهَا فَإِنْ سَلَكَ فِيهِ نِسْبَةَ مَا عِنْدَهُ لِمَا عَلَيْهِ قُوِّمَ وَبِيعَ مَا عِنْدَهُ وَاشْتُرِيَ بِهِ صِنْفُ مَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحِصَاصِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ ضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: إنْ رَخُصَ، أَوْ غَلَا) ، أَيْ: مَا يُشْتَرَى الْمَفْهُومُ مِنْ اشْتَرَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 وَنَابَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّقْدِ فَهَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ بِأَدْنَى أَنْوَاعِ الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمُفَلَّسِ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ أَوْسَطَ أَنْوَاعِ الْجَيِّدِ وَهُوَ الْعَدْلُ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ إذْ الْأَعْلَى ظُلْمُ الْمُفَلَّسِ، وَالْأَدْنَى ظُلْمٌ عَلَى الْمُسَلِّمِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ فُلِّسَ الْأَدْنَى فَهَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِمَا نَابَهُ أَدْنَى الْأَدْنَى، أَوْ وَسَطَهُ قَوْلَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُ: فِي السَّلَمِ وَحَمَلَ فِي الْجَيِّدِ، وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْوَسَطُ يُخَالِفُ مَا هُنَا قُلْت: مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَمْ يُفْلِسْ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: وَاشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الشِّرَاءِ وَمَنْعَ أَخْذِ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مُشَاحَّةِ الْغُرَمَاءِ أَمَّا لَوْ تَرَاضَوْا عَلَى أَخْذِ مَا نَابَهُ بِمَنَابِهِ مِنْ دَيْنِهِ وَيَبْقَى لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ الْعُرُوضِ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ لَمْ يَمْتَنِعْ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ الثَّمَنُ إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ (ش) ، أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُخَالِفُ النَّقْدِ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ دُونَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عُرُوضٍ إلَّا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَالْمَانِعِ الْمُعْتَبَرِ فِي بَابِ الِاقْتِضَاءِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسْلِمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ هَذَا الْغَرِيمِ عَرَضًا أَسْلَمَهُ فِي عَرَضٍ كَعَبْدٍ مَثَلًا فِي ثَوْبَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قِيمَةُ ثَوْبٍ وَبَقِيَ لَهُ ثَوْبٌ جَازَ لَهُ أَخْذُ تِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ أَمْرِهِ أَنَّهُ دَفَعَ عَبْدًا فِي عَيْنٍ وَثَوْبٍ، وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ ذَهَبًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ فِضَّةٌ، أَوْ الْعَكْسُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَالْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ أُسْلِمَ فِي طَعَامٍ. وَلَمَّا كَانَتْ زَوْجَةُ الْمُفَلَّسِ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا مِنْ جُمْلَةِ الْغُرَمَاءِ وَلَهَا حُكْمُهُمْ فِي الْحِصَاصِ وَحُلُولُ الْمُؤَجَّلِ مِنْ مَهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحُقُوقِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ وَبِصَدَاقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُفَلَّسِ تُحَاصِصُ غُرَمَاءَهُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا مُوسِرًا حِينَ إنْفَاقِهَا الْمَذْكُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا تَرْجِعُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا عَلَى الْمُفَلَّسِ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِفَلَسِهِ فَإِذَا حَاصَصَتْ بِصَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَيْ: وَتُحَاصِصُ فِيمَا رَدَّتْهُ فَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِائَةً وَحَاصَّتْ بِهَا فَنَابَهَا خَمْسُونَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ صَدَاقَهَا خَمْسُونَ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ إلَّا بِهَا وَتَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ، وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْحِصَاصِ فَإِنَّهَا تُحَاصِصُ بِنِصْفِ صَدَاقِهَا، وَقَوْلُهُ: (كَالْمَوْتِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا وَبِجَمِيعِ الصَّدَاقِ فِي الْمَوْتِ (ص) لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ (ش) أَيْ فَلَا تُحَاصِصُ بِهَا لَا فِي الْمَوْتِ، وَلَا فِي الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: قُلْت: مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ إذَا لَمْ يُفْلِسْ، أَيْ: وَأَمَّا هُنَا فِي السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ فَلَسٌ فَلِلْفَلَسِ حُكْمٌ غَيْرُ الْحُكْمِ الَّذِي فِي غَيْرِ الْفَلَسِ وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا وَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ) مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيَأْخُذُ الْفِضَّةَ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ مَا فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ) إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى تَقْدِيرُ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ دِينَارَيْنِ عَلَى ثَوْبَيْنِ وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ دِينَارٌ وَبَقِيَ لَهُ ثَوْبٌ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي إلَخْ) وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا الْمُتَأَخِّرَةُ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ زَمَنَهُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابَلَةً لِابْنِ دِينَارٍ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ صَارَ لَهَا فِي الْمُحَاصَّةِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: رُدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ) مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِائَتَانِ لِرَجُلَيْنِ وَصَدَاقُ الْمَرْأَةِ مِائَةٌ، ثُمَّ فُلِّسَ وَمَالُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَحَاصَّتْ فَنَابَهَا خَمْسُونَ، ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَأْخُذُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي الْمِثَالِ يَأْخُذُ نِصْفَ دَيْنِهِ فَكَأَنَّ الْخَمْسَةَ، وَالْعِشْرِينَ الْفَاضِلَةَ كَمَالٍ طَرَأَ فَيُوقِعُونَ فِيهَا الْمُحَاصَّةَ فَنَقُولُ فَضَلَ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ خَمْسُونَ وَلَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَنِسْبَةُ الطَّارِئِ لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ الْفَاضِلِ الْخَمْسُ فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِخُمُسِ دَيْنِهِ الْفَاضِلِ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ عَشَرَةً وَهِيَ خُمُسُ الْخَمْسِينَ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ خُمُسُ دَيْنِهَا وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفُلِّسَ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُحَاصِصَ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى تَقْدِيرِ الدُّخُولِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ تَرُدُّهُ، أَوْ لَا تُحَاصِصُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ لَا شَيْءَ لَهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ) ظَاهِرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ مَعَ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ مِنْ رُجُوعِهِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَنَّهَا لَا تُحَاصِصُ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ مُطْلَقًا حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ أَمْ لَا أَنْفَقَتْ مِنْ عِنْدِهَا، أَوْ تَسَلَّفَتْ بَلْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ أَيْضًا عَلَى الْوَالِدِ مُطْلَقًا، أَيْ: كَمَا أَنَّهَا تُحَاصِصُ لَا تَرْجِعُ، وَلَكِنْ فِي عب وَشب بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ قَالَا مَا نَصُّهُ لَكِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا إنْ أَيْسَرَ حَالَ إنْفَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَالْحَاصِلُ عَلَى كَلَامِ عب وَشب أَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُحَاصِصُ لَكِنْ تَرْجِعُ لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ، وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ، أَيْ: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى أَبَوَيْهِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَهَذَا خِلَافُ مَا لِلزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ تَكُنْ بِقَضِيَّةٍ وَأَنْفَقَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ، وَإِلَّا حَاصَّتْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَسَلَّفْهَا فَصَارَ الْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْوَلَدِ تُحَاصِصُ بِهَا عِنْدَ الْقَضِيَّةِ، وَالْيُسْرِ تَسَلَّفَتْ أَمْ لَا وَأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ تُحَاصِصُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ ثَالِثٍ وَهُوَ إنْ تَسَلَّفَتْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَتَسَلَّفَتْ وَكَانَ مَلِيئًا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تُحَاصِصُ بِهَا. (ص) وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ وَإِنْ قَبْلَ فَلَسِهِ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَوْ الْمَيِّتَ إذَا قَسَمَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِهِ أَمْ لَا وَلَمْ تَعْلَمْ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالْمُدَايَنَةِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا يَأْخُذُ مَلِيئًا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عَشَرَةً مَثَلًا وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ فَاقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ سِلْعَةٌ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ فَقَطْ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا مَثَلًا لِاثْنَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ إلَّا سِلْعَتَانِ فَبِيعَتْ كُلُّ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْهِ عَشَرَةً عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّهُ غَرِيمٌ طَرَأَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُفَلَّسُ حَيْثُ كَانَ دَيْنُهُ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَحَّ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا حِينَ التَّفْلِيسِ تَنْقُصُ عَنْ عِشْرِينَ، ثُمَّ زَادَتَا حِينَ الْبَيْعِ إلَى بُلُوغِهِمَا عِشْرِينَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ دَيْنٌ عَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ حَاضِرًا لِلْقَسْمِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ مَا يَنُوبُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى كَوْنِ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ رُبَّمَا يَقُولُونَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ السِّلْعَةُ اقْتَسَمْنَا مَالَ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ دَيْنَك لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا وَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ طَرَأَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ (ص) كَوَارِثٍ، أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَارِثَ إذَا طَرَأَ عَلَى الْوَرَثَةِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ إذَا طَرَأَ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ الْحُكْمُ سَوَاءٌ وَهُوَ أَنَّ الطَّارِئَ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ بِمَا يَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لِلْقِسْمَةِ فَلَا يَأْخُذُ مَلِيئًا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ كَمَا مَرَّ. (ص) وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأُقْبِضَ رَجَعَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَتَعَدَّى الْوَارِثَ أَوْ الْوَصِيَّ وَأَقْبَضَ التَّرِكَةَ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ الطَّارِئَ مِنْ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ، أَوْ عَلَى الْوَصِيِّ فَيَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ حَقِّهِ لِتَعَدِّيهِ بِالْقَسْمِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ، أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قَبَضُوا، أَوْ لَا بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ هَذَا الطَّارِئُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي أَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَشْتَهِرْ مُورِثُهُ بِالدَّيْنِ فَهُوَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ، وَلَا رُجُوعَ لِلطَّارِئِ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنَّمَا رُجُوعُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ (ص) وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِيرَاثًا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ لَا بِقَيْدِ الْعِلْمِ، وَالشُّهْرَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ، وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ، وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ دَيْنَ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ الْمَلِيءُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْمَلِيءَ يَقُولُ لِهَذَا الْغَرِيمِ الطَّارِئِ لَيْسَ لَك عَلَيَّ رُجُوعٌ إلَّا بِقَدْرِ مَا قَبَضْته فَقَطْ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ هَذَا الطَّارِئُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَارِثِ إذْ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ إلَخْ هَذَا فِي الْوَارِثِ الْمُقْبَضِ، وَأَمَّا الْوَارِثُ الْقَابِضُ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ عِلْمٍ وَعَدَمِهِ، أَوْ اشْتِهَارٍ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ هَذَا فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَأُقْبِضَ، أَوْ قَبَضَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ إلَّا فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ وَأَقْبَضَ شَامِلًا لَهُمَا، أَيْ: أَقْبَضَ   [حاشية العدوي] وَارْتَضَى كَلَامَ الزَّرْقَانِيِّ شب، وَلَكِنَّ عب ذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ بَهْرَامَ أَنَّ كَلَامَ الزَّرْقَانِيِّ مُقَابِلٌ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ شَارِحِنَا مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا وَصَدَقَ عب فِي أَنَّ ظَاهِرَ بَهْرَامَ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَيْنَك لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا) ، أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ ضَيَّعَهُ الْمَيِّتُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ اقْتَسَمْنَا مَالَ الْمُفَلَّسِ لَا مَالَكَ؛ لِأَنَّ مَالَكَ لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا وَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَرَأَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا ثَانِيًا، وَالْمَعْنَى وَلِأَنَّهُ طَرَأَ بَعْدُ وَقَالَ فِي كِ بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ طَرَأَ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَقَالَ ز، وَالْمُنَاسِبُ الْمُبَالَغَةُ عَلَى مَا بَعْدَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْبَيْعِ الْوَاقِعِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ الْمَدِينِ وَهُوَ الْحَاكِمُ اهـ زَادَ اللَّقَانِيِّ وَهَذَا تَمَحُّلٌ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ وَإِنْ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْفَلَسِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ إنَّمَا هِيَ بَيِّنَةٌ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ لَا الْمُفَلَّسِ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ بِالْحِصَّةِ مَا لَمْ يَعْرِفْ الْمُشْتَرِي عَيْنَ شَيْئِهِ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ بِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شِيئَته الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَلَوْ مَسْكُوكًا (قَوْلُهُ: أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ) كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو بِالثُّلُثِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ إلَخْ) ، أَيْ: وَإِذَا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ فَلَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ الْأَنْسَبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوَّلًا وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأَقْبَضَ، أَوْ قَبَضَ رَجَعَ عَلَيْهِ، أَيْ: لِيَكُونَ قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَقَبَضَ الْمُتَقَدِّمُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُذْكَرْ فَلَا يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِشَيْءٍ تَقَدَّمَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ وَقَبَضَ سَابِقًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ إلَخْ إلَّا فِي الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَك إلَخْ) جَوَابٌ آخَرُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْمِيلُ مَا تَقَدَّمَ لِقَبْضِهِ لِنَفْسِهِ الَّذِي يَرْجِعُ لَهُ قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ، أَيْ: فَيَكُونُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 غَيْرَهُ كَانَ غَرِيمًا، أَوْ مُمَاثِلًا، أَيْ: وَأَقْبَضَ غَيْرَهُ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ (ص) ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ (ش) ، أَيْ: ثُمَّ إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ، أَوْ الْوَصِيُّ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ مَعَ الْعِلْمِ أَوْ الشُّهْرَةِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى الْوَارِثِ الْمُقْبَضِ فَقَوْله، ثُمَّ رَجَعَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ وَهَلْ خِلَافٌ، أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ (ش) إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْقَادِمَ مِنْ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْقَابِضِينَ مِنْ الْوَرَثَةِ حَيْثُ كَانُوا أَمْلِيَاءَ فَإِنْ كَانُوا مُعْدِمِينَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَفِيهَا أَيْضًا لِيُفِيدَ أَنَّ الْمَحَلَّيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَلَفَ هَلْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِبُدَاءَةِ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ يَبْدَأُ بِالْوَارِثِ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، أَوْ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ وِفَاقٌ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا يَبْدَأُ بِالْوَارِثِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْغَرِيمِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْيِينِ بَلْ عَلَى التَّخْيِيرِ يَعْنِي أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ إنْ اخْتَارَ تَبِعَ بِحِصَّتِهِ الْوَارِثَ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ وَإِنْ شَاءَ تَبِعَ الْغَرِيمَ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ وَإِلَى فَهْمِ الشَّيْخَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) تَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: فِيهِ تَأْوِيلَانِ فَهُمَا مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ قَسْمُ مَالِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ مُتَوَقِّفًا عَلَى حُضُورِ جَمِيعِ غُرَمَائِهِ بَلْ يُقْسَمُ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ، وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَيَعْزِلُ لَهُ نَصِيبَهُ إلَى قُدُومِهِ بَيْنَ حُكْمِ تَلَفِ ذَلِكَ النَّصِيبِ الْمُنْعَزِلِ وَهُوَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ عُزِلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ عُزِلَ فَمِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا قَسَمَ مَالَ الْمُفَلَّسِ أَوْ مَالَ الْمَيِّتِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ إنَّهُ عَزَلَ نَصِيبَ شَخْصٍ غَائِبٍ فَتَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْغَائِبِ اتِّفَاقًا، وَالْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ أَمِينٌ فِيهِ وَفُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَهُ الْغُرَمَاءُ، أَوْ الْوَرَثَةُ لَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمَدِينِ (ص) كَعَيْنٍ لِغُرَمَائِهِ لَا عَرَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا وَقَفَ مَالَ الْمُفَلَّسِ، أَوْ مَالَ الْمَيِّتِ كُلَّهُ لِيَقْضِيَ مِنْهُ دُيُونَهُ فَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَيْنًا ذَهَبَا أَوْ فِضَّةً فَضَمَانُهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ إذْ لَا كُلْفَةَ فِي قَسْمِهَا؛ لِأَنَّهَا مُهَيَّأَةٌ لِلْقَسْمِ، وَأَمَّا الْعَرَضُ إذَا تَلِفَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ، أَوْ مِنْ الْمَيِّتِ لَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَذَكَّرَ وَقَفَ وَلَمْ يُؤَنِّثْهُ لِتَأْوِيلِ الْعَيْنِ بِالنَّقْدِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ (ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِ كَدَيْنِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَهَلْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْعَرَضِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ الْعَرَضُ مُخَالِفًا لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِمْ فَضَمَانُهُ مِنْهُمْ لَا مِنْ الْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ فِيهِ كَالْعَيْنِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ فَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ، وَالْخِلَافُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الَّذِي أَوْقَفَ الْعَرَضَ هُوَ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَإِلَى مَا مَرَّ أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ التَّأْوِيلُ بِالطَّلَاقِ، وَالْبَاءُ فِي بِ كَدَيْنِهِ لِلْمُلَابَسَةِ، وَالْكَافُ بِمَعْنَى صِفَةٍ، أَيْ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُلْتَبِسًا بِصِفَةِ دَيْنِهِ. (ص) وَتَرَكَ لَهُ قُوتَهُ، وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ مَالَهُ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَيَتْرُكُ لَهُ مِنْهُ قُوتَ نَفْسِهِ وَقُوتَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ شَرْعًا مِنْ زَوْجَاتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرَيْهِ إلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِاشْتِهَارٍ، وَلَا عِلْمِ الْوَارِثِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَسْلُكَ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَةِ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرَضٌ وَأَيْضًا تَقْدِيرُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقْبَضَ غَيْرَهُ غَرِيمًا، أَوْ مُمَاثِلًا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي الدَّيْنِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ، أَوْ مُمَاثِلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ) وَانْظُرْ لَوْ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ هَلْ يُؤْخَذُ الْمَلِيءُ مِنْهُمْ عَنْ الْمُعْدِمِ، وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ، أَوْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ حِصَّتُهُ لِمُشَارَكَةِ الْوَرَثَةِ لَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَسْهَلَ قَضَاءً مِنْ الْآخَرِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ نَاضٌّ، أَوْ هُوَ غَيْرُ مُلِدٍّ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَرَضٌ يَحْتَاجُ لِكَبِيرِ كُلْفَةٍ، أَوْ مُلِدًّا فَلَا خِلَافَ فِي تَبَعِيَّةِ الْأَسْهَلِ هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ، أَوْ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ لَهُ وَلِذَلِكَ تَرَكَهُ هُنَا مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْغَائِبِ اتِّفَاقًا) حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ فَلَا يَضْمَنُ لِلطَّارِئِ حِصَّتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمَدِينِ) فِي عب وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَأَقُولُ مَعْنَى كَوْنِهِ مِنْ الْمِدْيَانِ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالٍ تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: لَا عَرَضٌ) ، أَيْ: وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ لِيُعْطَى لَهُمْ إنْ وَافَقَ عُرُوضَهُمْ، أَوْ لِيُبَاعَ وَيُعْطَى ثَمَنُهُ إنْ خَالَفَهَا فَتَلِفَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُمْ فِي الْأُولَى وَبَيْعِهِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَفْرِيطٌ لَا يَضْمَنُونَ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا فَالْأَحْسَنُ فِي التَّعْلِيلِ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ وَوُجْهَتُهُ أَنَّ الْعَرَضَ لَمَّا كَانَ لِلْمُفَلَّسِ نَمَاؤُهُ كَانَ عَلَيْهِ تَوَاؤُهُ، أَوْ الْعَيْنُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَمَاءٌ كَانَ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ مَحَلُّهُ) ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُوقَفُ الْغُرَمَاءَ، أَوْ الْوَرَثَةَ لَكَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمَدِينِ كَمَا فِي كَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَتُرِكَ) ، أَيْ: لِلْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ، وَقَوْلُهُ: قُوتُهُ، أَيْ: مَا يَقْتَاتهُ مِمَّا تَقُومُ بِهِ بِنْيَتُهُ فَإِذَا كَانَ يَقْتَاتُ بِطَعَامٍ فِيهِ تَرَفُّهٌ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ، وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ يَقْتَاتُ مِنْهَا لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ وَقِيلَ إلَّا نَفَقَةَ يَوْمَيْنِ خَوْفَ عُطَلِهِ (قَوْلُهُ: وَرَقِيقُهُ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 ظَنِّ يَسْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَامَلُوهُ بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالْمَظَالِمِ، وَالتَّبِعَاتِ إذَا فُلِّسَ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْوَالِ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْغَزَالِيُّ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَكَلَامُ ح فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ، وَلَا مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَهُ قَوْلُهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ، أَيْ: بِالْأَصَالَةِ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: لِظَنِّ يَسْرَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُوتَهُ، وَالنَّفَقَةَ وَلَيْسَ غَايَةً لِلتَّرْكِ وَتَعَلُّقُ الْجَارِّ، وَالْمَجْرُورِ بِالِاسْمِ الْجَامِدِ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ أَسَدٌ عَلَيَّ وَلَوْ قَالَ لِظَنِّ يُسْرِهِ كَانَ أَخْصَرَ (ص) وَكِسْوَتُهُمْ كُلٌّ دَشْتًا مُعْتَادًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ يُتْرَكُ لَهُ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كِسْوَتُهُمْ، أَيْ: يُتْرَكُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَشْتًا مُعْتَادًا وَالدَّشْتُ بِفَتْحِ الدَّالِ هُوَ الدَّشْتُ مِنْ الثِّيَابِ، وَأَمَّا الثِّيَابُ الَّتِي لِلزِّينَةِ فَلَا تُتْرَكُ لَهُ، وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ وَيُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُتْرَكَ لَهُ مَا يَقِيهِ الْبَرْدَ اهـ، وَمِثْلُ الْمَوْتِ خَوْفُ الضَّرَرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ قَوْلُهُ: وَكِسْوَتُهُمْ عَطْفٌ عَلَى قُوتِهِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَكُلٌّ مُبْتَدَأٌ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهَا الْعُمُومُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِيَغِهِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: كُلٌّ يُعْطَى دَشْتًا مُعْتَادًا وَدَشْتًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيُعْطَى، وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَكِسْوَتُهُمْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا يُعْطَوْنَ فَقَالَ كُلٌّ دَشْتًا مُعْتَادًا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ لَفْظُ كُلٍّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنْ يُكْسَى الْجَمِيعُ دَشْتًا وَاحِدًا (ص) وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ لَا وُهِبَ لَهُ إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا وَرِثَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَأُصُولِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَفُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَحَوَاشِيهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَعَتَقَ الْبَاقِي إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِشْقَصًا، وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَيَمْلِكُ بَاقِيَ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ وُهِبَ لَهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَلْ عَلِمَ أَنَّهُ أَبُوهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا وُهِبَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى وُرِثَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْمَاضِيَ وَإِنَّمَا تَعْطِفُ الْمُضَارِعَ بِقِلَّةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وُهِبَ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى وَرِثَ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ، أَيْ: يُبَاعُ عَلَيْهِ أَبٌ وُرِثَ لَا أَبٌ وُهِبَ. (ص) وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِدْيَانَ سَوَاءٌ كَانَ مُفَلَّسًا أَمْ لَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ هَذَا إنْ جُهِلَ حَالُهُ، أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ، أَوْ مُعْدِمٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمَلَاءِ وَهَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يُولَدَ فَقِيرًا لَا مِلْكَ لَهُ، وَالْغَالِبُ مِنْ شَأْنِهِ التَّكَسُّبُ فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِي هَذَا أَمَّا مَنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْحَقِّ الْآنَ وَمَعْلُومُ الْعُدْمِ يَجِبُ إنْظَارُهُ وَمَحَلُّ حَبْسِ مَجْهُولِ الْحَالِ مَا لَمْ يَسْأَلْ التَّأْخِيرَ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ إلَى غَايَةِ إثْبَاتِ عُسْرِهِ فَإِنْ سَأَلَ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَمْ يَثْبُتْ مَلَاؤُهُ، وَلَا أَنَّهُ غَيَّبَ مَالًا وَإِنَّمَا سُجِنَ لِيَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فَإِذَا أُعْطِيَ حَمِيلًا إلَى مُدَّةِ الِاسْتِكْشَافِ تَوَصَّلَ بِهِ إلَى ذَلِكَ كَمَا يُتَوَصَّلُ بِالسَّجْنِ فَالضَّمِيرُ فِي حُبِسَ رَاجِعٌ لِلْمَدِينِ الْأَعَمِّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ، وَإِلَّا لَمَا حُبِسَ الْمُفَلَّسُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ قَوْلُهُ   [حاشية العدوي] أَيْ: الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ: وَالتَّبِعَاتُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَظَالِمِ عَطْفَ مُرَادِفٍ، وَقَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ الظَّاهِرُ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ صَنْعَةٌ يَتَكَسَّبُ بِهَا (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُوتُهُ) ، وَالْمَعْنَى وَتُرِكَ قُوتُهُ، أَيْ: مَا يَقْتَاتُ بِهِ لِوَقْتٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ الْيَسَارُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ غَايَةً لِلتَّرْكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَايَةً لَكَانَ الْمَعْنَى يُتْرَكُ لَهُ تَرْكًا مُسْتَمِرًّا لِظَنِّ يَسْرَتِهِ، أَيْ: إنَّ هَذَا الْفِعْلَ وَهُوَ تَرْكُ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مُسْتَمِرٌّ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ فِي لَحْظَةٍ فَلَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَسَدٌ عَلَيَّ) ، أَيْ: مُجْتَرِئٌ وَفِي الْحُرُوبِ نَعَامَةٌ، أَيْ: جَبَانٌ. (قَوْلُهُ: وَكِسْوَتُهُمْ) قَمِيصٌ وَطَوِيلَةٌ فَوْقَهُ وَعِمَامَةٌ وَسِرْوَالٌ وَمَدَاسٌ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ لِخَوْفِ هَلَاكٍ، أَوْ أَذًى شَدِيدٍ وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مِقْنَعَةً وَإِزَارًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ: الدَّشْتُ مِنْ الثِّيَابِ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ شَرْحُ شب وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالدَّشْتُ مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ وَيَكْفِيهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي حَوَائِجِهِ وَبَعْدَ هَذَا فَفِي الْعِبَارَةِ تَحْرِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّشْتَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِلصَّحْرَاءِ لَا غَيْرُ، وَأَمَّا بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَلَهُ إطْلَاقَانِ يُطْلَقُ عَلَى الصَّحْرَاءِ وَعَلَى مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ وَيَكْفِيهِ فِي تَرَدُّدِهِ لِحَوَائِجِهِ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ) ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَمَا فِي كَ وَعَجَّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ، أَوْ تَوَهَّمَ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ يَكُونُ كَاعْتِقَادِ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْمَاضِيَ) وَلَوْ قَالَ لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ لَصَحَّ. (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي حُبِسَ رَاجِعٌ لِلْمِدْيَانِ مُطْلَقًا وَإِذَا كَانَ رَاجِعًا لِلْمِدْيَانِ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا) إنْ قُلْت: كَيْفَ يَكُونُ مَجْهُولَ الْحَالِ وَتُعْقَلُ إحَاطَةٌ وَعَدَمُهَا الصَّادِقُ بِالزَّائِدِ قُلْت: يُحْمَلُ الزَّائِدُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَالُهُ غَائِبًا يَتَعَسَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَجَهِلْنَا فِي أَمْوَالٍ حَاضِرَةٍ يُؤَدِّي مِنْهَا (قَوْلُهُ: تَوَصَّلَ بِهِ إلَى ذَلِكَ) ، أَيْ: إلَى تَبْيِينِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ إلَخْ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 بِطَلَبِهِ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: وَفُلِّسَ حَضَرَ، أَوْ غَابَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ بِطَرِيقِهِ مِنْ شَهَادَةٍ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ، وَالضَّمِيرُ فِي يُسْأَلُ لِلْمَجْهُولِ وَفِي لَهُ رَاجِعٌ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ فَلَوْ سَأَلَ ذَلِكَ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْوَجْهِ قَوْلَانِ (ص) فَغَرِمَ إنْ لَمْ يَأْتِ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قُبِلَ مِنْهُ الْحَمِيلُ فَغَابَ الْغَرِيمُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَإِنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ حَلَفَ وَأُطْلِقَ فَإِنْ غَابَ فَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ عَدَمَهُ فَهَلْ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عَدَمِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْهُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ هُنَا وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمِيلِ حَيْثُ أَثْبَتَ عَدَمَ الْمَدِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَقْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا اسْتِحْسَانٌ وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ، أَوْ مَوْتَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَيْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الضَّامِنِ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَظُنُّ بِهِ كِتْمَانَ الْمَالِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَا لِلَّخْمِيِّ (ص) ، أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ إنْ تَفَالَسَ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ إلَّا أَنَّهُ تَفَالَسَ، أَيْ: أَظْهَرَ الْفَلَسَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ لَا شَيْءَ مَعِي يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ هُوَ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّ لَهُ مَالًا بِأَنْ كَانَ لَابِسَ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ وَلَهُ خَدَمٌ (ص) وَإِنْ وَعَدَ بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرًا كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ إذَا وَعَدَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْحَقَّ وَيَقْضِيَهُ، وَلَكِنْ قَالَ أَخِّرُونِي الْيَوْمَ، وَالثَّلَاثَةَ، وَالْخَمْسَةَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ ظَهَرَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْمَالِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا حَمِيلٌ بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِلَّا سُجِنَ (ش) حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ، أَوْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ وَمَجْهُولُ الْحَالِ إذَا وَعَدَ بِالْقَضَاءِ كَظَاهِرِ الْمَلَاءِ إذَا وَعَدَ بِهِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا سُجِنَ قَوْلَهُ (ص) كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ (ش) ، أَيْ: فَإِنَّهُ يُسْجَنُ حَتَّى يُوَفِّيَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ. (ص) وَأُجِّلَ لِبَيْعِ عَرَضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ غَيْرُ الْمُفَلَّسِ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ حَتَّى يَبِيعَ عُرُوضَهُ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ لِذَلِكَ إلَّا إذَا أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ، وَأَمَّا الْمُفَلَّسُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَيْهِ عُرُوضَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْجِيلٍ وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ وَأُجِّلَ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَرَضَ لَهُ (ص) وَفِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا بَاعَ عُرُوضَ الْمُفَلَّسِ وَقَبَضَ أَثْمَانَهَا فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ وَهُوَ النَّقْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دَحُونٍ، أَوْ لَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ تَرَدُّدٌ، وَالضَّمِيرُ فِي حَلِفِهِ يَرْجِعُ لِلْمَدِينِ وَلَوْ مُفَلَّسًا وَبِعِبَارَةٍ هُوَ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمَلَاءِ، وَأَمَّا مَعْلُومُ الْمَلَاءِ فَلَا يَحْلِفُ، وَقَوْلُهُ: وَفِي حَلِفِهِ أَيْ وَفِي جَبْرِهِ وَعَدَمِهِ تَرَدُّدٌ (ص) وَإِنْ عَلِمَ بِالنَّاضِّ لَمْ يُؤَخَّرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالنَّاضِّ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] وَرَدَّهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَنَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ يَأْخُذُ مَالَهُ وَقِسْمَهُ، لَا حَبْسَ، وَإِنَّمَا الْحَبْسُ قَبْلُ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ، أَيْ: مَنْ يَصِيرُ مُفَلَّسًا لَا إنَّهُ فُلِّسَ بِالْفِعْلِ وَرَدَّ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ صَحِيحٌ وَأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا يُحْبَسُ بَعْدُ، وَإِلَّا حُبِسَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَيَبِيعُ الْإِمَامُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَيَتَوَزَّعُهُ غُرَمَاؤُهُ وَيُحْبَسُ فِيمَا بَقِيَ إنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ، أَوْ اُتُّهِمَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِحَمِيلِ الْمَالِ) ، أَيْ: وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَجْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ قَوْلَاهُمَا خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ قَوْلُ سَحْنُونَ عَلَى الْمُلِدِّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَجْهِ) ، أَيْ: وَيَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَظُنُّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ كَتْمُ الْمَالِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَإِلَّا غَرِمَ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حِينَئِذٍ مِنْ تَمَامِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ:، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ يُقَدَّمُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: مَلَاؤُهُ) يَجِبُ قِرَاءَتُهُ بِالْمَدِّ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَعَ الْهَمْزِ فَهُوَ الْجَمَاعَةُ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ بِلَا هَمْزٍ فَالْأَرْضُ الْمُتَّسِعَةُ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَالَسَ) ، أَيْ: وَلَمْ يَعُدْ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ، وَإِلَّا أُجِيبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ خَدَمٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةُ، وَالْخَمْسَةُ) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِمَالِكٍ وَلِسَحْنُونٍ يَوْمَانِ فَقَطْ (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ تت اعْتِمَادُهُ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ قَوْلَ مَالِكٍ، وَلَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاعْتِمَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِنَصٍّ قَوِيٍّ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا سُجِنَ) وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ إلَّا أَنْ يَلَدَّ الْمَطْلُوبُ فَعَلَيْهِ مَا بَعْدُ وَبِنَحْوِهِ فِي أُجْرَةِ الْعَوْنِ، أَيْ: الرَّسُولِ صَرَّحَ ابْنُ عَاصِمٍ (قَوْلُهُ: كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ) مَثَّلُوهُ بِمَنْ يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَيَقْصِدُ بِهَا التِّجَارَةَ، ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ احْتِرَاقِ الْمَحَلِّ أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فَيُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَمْوَالَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا عَرَضَ لَهُ) ، أَيْ: لَا عَرَضَ لَهُ ثَابِتٌ نَقُولُ: وَمِثْلُهُ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَرَضٌ ثَابِتٌ لَكَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ فَالْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ فَنَقُولُ لِبَيْعِ عَرَضِهِ، أَيْ: بِحَسَبِ مَا ادَّعَى وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَجْهُولَ الْحَالِ، أَوْ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَعْلُومُ النَّاضِّ فَلَا يُؤَخَّرُ لِبَيْعِ عَرَضِهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيْمَانِ التُّهَمِ كَمَا قَالُوا وَمَحَلُّ هَذَا التَّرَدُّدِ مَا لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَإِلَّا يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَهُنَا طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ تَفْصِلُ بَيْنَ التَّاجِرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُفَلَّسًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ لِمُوَافَقَتِهِ أَوَّلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 لَا يُؤَخِّرُهُ وَيَضْرِبُهُ بِاجْتِهَادِهِ إلَى أَنْ يَدْفَعَ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلِدٌّ (ص) ضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ (ش) ، أَيْ: وَضُرِبَ مَعْلُومُ الْمَلَاءِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالنَّاضِّ أَمْ لَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أُجِّلَ لَا عَلَى عَلِمَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَبِعِبَارَةٍ هَذَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى إخْفَاءِ مَالٍ وَفِي مَعْلُومِ الْمَلَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ إنْ تَفَالَسَ (ص) وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ حَلَفَ كَذَلِكَ وَزَادَ وَإِنْ وَجَدَ لَيَقْضِيَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي بِعُسْرِهِ شَهَادَةً عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا لَا تَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا حَلَفَ وُجُوبًا عَلَى طِبْقِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ وَجَدَ الْمَالَ لَيَقْضِيَنَّ الْحَقَّ لِغُرَمَائِهِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَيُؤَدِّيَنَّ الدَّيْنَ عَاجِلًا وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا عُجِّلَ لِأَوْبَةٍ، وَقَوْلُهُ: (ص) وَأُنْظِرَ (ش) إشَارَةٌ إلَى الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يُلَازِمُ الْغَرِيمَ وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ إنْظَارَهُ إلَى الْيُسْرِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَفَائِدَةُ زِيَادَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ لَيَقْضِيَنَّ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الطَّالِب عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفَادَ مَالًا وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ هَذَا الْيَمِينِ وَلَوْلَاهَا لَحَلَّفَهُ وَجَعَلْنَا قَوْلَهُ وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ إلَخْ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ لَا تَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ يُقِرُّ بِقُدْرَتِهِ وَمَلَائِهِ عَلَى دَفْعِ الْحَقِّ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَنْ عُرِفَ بِأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَعُلِمَ عَدَمُ ضَيَاعِهَا، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ يُؤَدِّي مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَأَدَّى الْبَعْضَ وَادَّعَى الْعُدْمَ فِي الْبَاقِي أَوْ طَلَبَ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ بَعْدَ طَلَاقِ أُمِّهِ فَادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ أَمْسِ وَهُوَ الْآنَ أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الْأُمِّ. (ص) وَحَلَفَ الطَّالِبُ   [حاشية العدوي] الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ الْأَظْهَرُ تَحْلِيفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ عِنْدَنَا بِعُرُوضٍ فَيَتَحَمَّلُ عِنْدَهُ نَاضٌّ وَعَدَمُهُ فَيَظْهَرُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ) ، أَيْ: وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَمُوتُ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيَقْتُلُ فِيهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) قَالَ عج وَانْظُرْ هَلْ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ اهـ. (قَوْلُهُ:، أَيْ: وَضُرِبَ مَعْلُومُ الْمَلَاءِ) هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَصُّ الْمَوَّاقِ فَقَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ الْوَجْهُ الثَّالِثُ حَبْسُ مَنْ يَقْعُدُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعُدْمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَمْوَالَ النَّاسِ، أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ قَالَ سَحْنُونَ وَيُضْرَبُ بِالدَّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ الضَّرْبِ، وَالسِّجْنِ إلَّا حَمِيلٌ غَارِمٌ كَذَا قَالَ الْمَوَّاقُ فِي حِلِّ قَوْلِهِ كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ ضُرِبَ مَا نَصُّهُ تَقَدَّمَ نَصُّ سَحْنُونَ وَيُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَجَلٍ) يَقْتَضِي شُمُولَهُ لِظَاهِرِ الْمَلَاءِ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى عِلْمٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا عَلَى وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي قَصْرَهُ عَلَى الَّذِي عُلِمَ بِالنَّاضِّ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِهِ عَلَى إخْفَاءِ مَالٍ) وَكَذَا يُقَالُ فِي ظَاهِرِ الْمَلَاءِ إنْ تَفَالَسَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفَادَهُ نَصُّ الْمَوَّاقِ، ثُمَّ أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَوِيَتْ التُّهْمَةُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) بَدَلٌ مِنْ بِعُسْرِهِ فَهُوَ بِفَتْحِ أَنَّ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) ، وَلَا بَاطِنُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ إنْ تَرَكَ مِنْ الْيَمِينِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَمْ تَعُدْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلَّفِ كَذَا يَنْبَغِي بَلْ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قُلْت: فَإِذَا كَانَ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ فَلِمَ طَلَبَ بِالْحَلِفِ عَلَى الْبَاطِنِ قُلْت: لِزِيَادَةِ الْإِرْهَابِ الَّتِي رُبَّمَا أَوْجَبَتْ إظْهَارَ مَا أَخْفَاهُ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَهَذَا اسْتِظْهَارٌ، وَالْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لَهُ، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ بِيَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ فُلَانًا غَصَبَ كَذَا، أَوْ دَفَعَ كَذَا وَقَالَ كَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيُؤَدِّيَن الدَّيْنَ عَاجِلًا) فَائِدَةُ زِيَادَتِهِ أَنْ يَصِيرَ آمِنًا مِنْ مَطْلِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَضَاهُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ لِبِرٍّ فِي يَمِينِهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) وَانْظُرْ هَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْعَوَامِّ، أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا احْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ الْبَتَّ، وَالْعِلْمَ فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ كَمَا لَوْ قَالُوا إنَّهُ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ لَيَقْضِيَنَّ) هَذِهِ اللَّامُ لَا تَدْخُلُ فِي جَوَابِ إنْ فَهِيَ جَوَّابٌ لِقَسَمٍ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ ... جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ تَكْرَارُ الْقَسَمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا أَمْرٌ صِنَاعِيٌّ بَدَرَ وَوَجَدَ بِمَعْنَى أَصَابَ وَلِذَلِكَ تَعَدَّتْ لِوَاحِدٍ وَمَصْدَرُهُ الْوُجُودُ (قَوْلُهُ: تَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ عج وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ زِيَادَةَ قَوْلِهِ وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيَقْضِيَنَّ مِنْ حَقِّ الْحَالِفِ فَلَهُ تَرْكُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الشَّارِعُ نَاظِرًا لِتَرْكِ الْخُصُومَاتِ وَلِتَقَلُّلِهَا وَجَبَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ تَرْكَهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى غَرَضِ الشَّارِعِ اهـ وَقَدْ عَلِمْت كَلَامَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِذَهَابِ مَالِهِ) كَأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ شَاهَدْنَا مَالَهُ بِيَدِ السَّلَّابَةِ أَوْ حُرِقَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَأَدَّى الْبَعْضَ وَادَّعَى الْعُدْمَ إلَخْ) ، أَيْ: وَحَالَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ. (قَوْلُهُ: وَحَلَّفَ الطَّالِبَ إلَخْ) فَاعِلُ حَلَّفَ مَنْ اسْتَحَقَّ السِّجْنَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَجْهُولُ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومُهُ إلَّا مَنْ عَلِمَ بِالنَّاضِّ فَلَا يُحَلِّفُ الطَّالِبَ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَلَعَلَّ وَجْهَ تَحْلِيفِ مَعْلُومِ الْمَلَاءِ لِلطَّالِبِ أَنَّهُ يَقُولُ مَا عَلِمَتْ النَّاسُ مِنْ مَلَائِي فَهُوَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بَاطِنَ الْأَمْرِ وَأَنِّي مُعْدِمٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَ الْعُدْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا ادَّعَى عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَعْلَمُ عَدَمَهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْيَمِينَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لَازِمَةٌ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ عَدَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُسْجَنْ الْمَدِينُ لَهُ بَعْدَ يَمِينِ الْمَدِينِ، وَإِلَّا سُجِنَ (ص) وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَهُوَ الطَّالِبُ إذَا سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يُفَتِّشَ لَهُ دَارَ الْمَدِينِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَلَّسًا، أَوْ حَانُوتَهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَسَى أَنْ يَجِدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ لِيَبِيعَهُ لَهُ هَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَمَّا جَيْبُهُ فَيُجَابُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَفِيفٌ (ص) وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْمَلَاءِ وَقَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمَلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمَلَاءِ، أَيْ: عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِهِ بِأَنْ قَالَتْ أَخْفَى مَالًا سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ أَمْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ بَيَّنَتْ يَصْدُقُ بِالتَّسَاوِي وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُوجِبُ إخْرَاجَ الْمَجْهُولِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ مِنْ السَّجْنِ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَ مَا يَخُصُّ الْمَجْهُولَ وَهُوَ طُولُ الْحَبْسِ فَقَالَ (ص) وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ يُخْرَجُ مِنْ السِّجْنِ وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا إذَا طَالَ سَجْنُهُ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَتَوَسُّطًا فَلَيْسَ الْوَجِيهُ كَالْحَقِيرِ، وَلَا الْقَوِيُّ كَالضَّعِيفِ وَلَيْسَ الدَّيْنُ الْكَثِيرُ كَالْقَلِيلِ فَقَوْلُهُ، وَالشَّخْصُ، أَيْ: وَحَالِ الشَّخْصِ وَتَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ فِي الطُّولِ وَعَدَمِهِ أَنَّهُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَيُخْرَجُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِهِ عَلَى مَا مَرَّ لَا بِطُولِ سَجْنِهِ وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا يُخْرَجُ حَتَّى يُؤَدِّيَ، أَوْ يَمُوتَ، أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ لَهُ بِعَدَمِهِ فَلَا يُخْرَجُ بِذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ رِجَالٌ، وَلَا نِسَاءٌ بَلْ يَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْحَبْسُ ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِحَبْسِهِنَّ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَبْسُ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّسَاءَ يُحْبَسْنَ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتِ رَجُلٍ أَمِينٍ، أَيْ: زَوْجٍ، أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ أَمِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ لِيُفِيدَ اشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَمِينَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ أَمَانَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقْدِيرُ الْمَحْذُوفِ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتُ أَمِينٍ أَنْسَبُ مِنْ تَقْدِيرِ أَيِّمٍ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ. (ص) ، وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يُحْبَسُ لِمُكَاتَبَةِ مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ تُوَفِّي بِالدَّيْنِ، أَوْ يَحِلُّ مِنْهَا مَا يَفِي بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ لَهُ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا حُبِسَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ، وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحْبَسُ فِي دَيْنِ الْكَافِرِ (ص) ، وَالْجَدُّ، وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ لَا الْعَكْسُ (ش) ، أَيْ: يُحْبَسُ الْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّ حَظَّ الْجَدِّ دُونَ حَظِّ الْأَبِ فِي الْجُمْلَةِ وَيُحْبَسُ الْوَلَدُ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ دُونَ عَكْسِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَيْنِ لِلْوَلَدِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا، أَيْ: فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعُدْمَ) ، أَيْ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا حَبَسَهُ حِينَئِذٍ ظَلَمَ، وَأَمَّا إنْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ عَدِيمٌ فَلَا يَمِينَ، وَلَا حَبْسَ (قَوْلُهُ: تَفْتِيشُ دَارِهِ) وَحَانُوتِهِ كَدَارِهِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَيْبُهُ) وَكَذَا كِيسُهُ، أَوْ كُمُّهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَابَسَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا فِي ذَلِكَ مِلْكُهُ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَإِنْ سَأَلَ، أَيْ: الطَّالِبُ تَفْتِيشَ دَارِ الْغَرِيمِ وَلَوْ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ وَظَاهَرَ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى عَدَمِهِ وَحَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ اهـ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا فِي عب أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْعُدْمُ، وَالْحَلِفُ لَا تَفْتِيشَ (قَوْلُهُ: وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إلَخْ) وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيَّنْ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمَلَاءُ، وَالشَّهَادَةُ بِالْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا لَمَّا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْمُسْتَصْحَبَةُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّعْوَى أَنَّهُ مَلِيءٌ وَدَلِيلُهَا أَنَّهُ أَخْفَى مَالًا (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الدَّيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ مُوجِبُ حَبْسٍ ثَانٍ بِدَيْنٍ آخَرَ فَيُزَادُ فِي سِجْنِهِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيِّمٌ) هِيَ الْخَالِيَةُ مِنْ زَوْجٍ أَيْ فَتَقْدِيرُ أَيِّمٍ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ الْأَمِينَ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوْجِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَيِّمَ لُغَةً مَنْ كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ زَوْجٍ سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ قَبْلُ وَطَلُقَتْ أَمْ لَا وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَنْ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ طَلُقَتْ، أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ:، وَالسَّيِّدُ يُحْبَسُ لِمُكَاتَبِهِ) فِي دَيْنِهِ الْحَالِّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَذَا يُحْبَسُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَإِنْ طَالَ دِينَ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ) اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تُبَاعُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَيُعْطَى لِذَلِكَ الْمُكَاتَبِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِلَّا رُقَّ لَهُ، أَوْ مَعْنَاهُ تُبَاعُ لِنَفْسِ الْمُكَاتَبِ وَيَخْرُجُ حُرًّا كَذَا تَرَدَّدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَى أَصْلِهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِيمَةَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْهَا فَتُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ وَيَخْرُجُ حُرًّا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. (فَرْعٌ) الْعَبْدُ يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا فِيهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَلَهُ حَبْسُهُ إنْ رَأَى أَنَّهُ كَتَمَ مَالًا رَغْبَةً فِي الْعَجْزِ وَيُحْبَسُ الْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ) مُقْتَضَاهُ حَبْسُهُ فِي مَالِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدِينِ حَيْثُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 مَا يَفْعَلُ بِالْمُلِدِّ الظَّالِمِ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى رَدْعًا وَزَجْرًا وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ (ص) كَالْيَمِينِ إلَّا الْمُنْقَلِبَةَ، وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُحَلِّفُ أَبُوهُ إذَا وَجَبَ لَهُ قِبَلَهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ، وَلَا يَقْتَضِي لَهُ بِهِ إنَّ شَحَّ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْحُدُودِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفِسْقٌ ضَعِيفٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْقَلِبَةً عَلَى الْأَبِ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا إذَا وَجَبَتْ يَمِينٌ لِلْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ فَرَدَّهَا عَلَى أَبِيهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً فِي حَقِّ الْوَلَدِ، أَوْ يَكُونَ الْحَقُّ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِ الْوَلَدِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّ صَدَاقَ ابْنَتَهُ ضَاعَ مِنْهُ، وَالزَّوْجُ يَطْلُبُهُ بِالْجِهَازِ، أَوْ ادَّعَى الْأَبُ إعَارَةَ الِابْنَةِ شَيْئًا مِنْ جِهَازِهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَيَحْلِفُ الْوَالِدُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ جُرْحَةً فِي حَقِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجِ فِي التَّمَتُّعِ بِشُورَتِهَا. (ص) وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ، أَوْ الزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا (ش) أَنَّ الْأَخَوَيْنِ إذَا حُبِسَا مَعًا فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ خَلَا السِّجْنُ مِنْ الرِّجَالِ أَمْ لَا، وَمِثْلُهُمَا الْأَبَوَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَقَارِبِ وَكَذَلِكَ إذَا حُبِسَ الزَّوْجَانِ فِي دَيْنٍ فَطَلَبَ الْغَرِيمُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَطَلَبَ الزَّوْجَانِ أَنْ يَجْتَمِعَا فَذَلِكَ لَهُمَا إنْ كَانَ السِّجْنُ خَالِيًا، وَإِلَّا حُبِسَ الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ وَحُبِسَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُفَرَّقْ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ بَيْنُ؛ لِأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ عَلَى لُغَةٍ قَالَ تَعَالَى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بِرَفْعِ بَيْنَ فَأَوْقَعَهَا مُتَصَرِّفَةً وَبِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ، أَيْ: لَمْ يُفَرِّقْ الْإِمَامُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ، أَيْ: لَمْ يُوجِبْ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا (ص) ، وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا، أَوْ خَادِمًا بِخِلَافِ زَوْجَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ فِي الْحُقُوقِ لَا يُمْنَعُ فِيمَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَلِّمُ أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعَلِّمُهُ الْحِيلَةَ فِي خَلَاصِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُمْنَعُ، وَلَا يُمْنَعُ أَيْضًا مِمَّنْ يَخْدُمُهُ وَيُبَاشِرُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَحِيحًا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ فِيمَنْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ اُنْظُرْ الشَّارِحَ، وَقَوْلُهُ: مُسَلِّمًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِ يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ، أَيْ: لَا يَمْنَعُ الْقَاضِي الْمَحْبُوسَ مُسَلِّمًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ إذَا حُبِسَ فِي حَقٍّ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تُمْنَعُ مِنْ أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ فِي السِّجْنِ بِقَدْرِ مَا يَجْتَمِعُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السِّجْنِ التَّضْيِيقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْفَعَ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي سِجْنِهِ لَهَا، أَيْ: إذَا سُجِنَ لَهَا وَلَوْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ وَقَوْلُنَا تُقِيمُ إلَخْ يُخْرِجُ مَا إذَا أَرَادَتْ السَّلَامَ عَلَيْهِ فَلَا تُمْنَعُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا لِشُمُولِهِ الزَّوْجَةَ (ص) وَأُخْرِجَ لِحَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لِيُقَامَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَدَّ الْقَتْلِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَحِينَئِذٍ تُؤْخَذُ الدُّيُونُ مِنْ أَمْوَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا ضَاعَتْ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا يُقَالُ إذَا أُخْرِجَ لِحَدِّ الْقَتْلِ لَا يَعُودُ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ حَدِّ النَّفْسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ: لِعَوْدِهِ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ (ص) أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ لِعَوْدِهِ (ش) ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِحَمِيلٍ وَلَعَلَّهُ بِالْوَجْهِ فَإِذَا عَادَ لَهُ عَقْلُهُ عَادَ إلَى سِجْنِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي حَبْسِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِ (ص) وَاسْتُحْسِنَ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَأَخِيهِ وَقَرِيبٍ جِدًّا لِيُسَلِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا اشْتَدَّ مَرَضُ مَنْ ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى سِجْنِهِ فَقَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ قَالَ الْبَاجِيُّ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي كَلَامِ   [حاشية العدوي] احْتَجَّ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بِمَالِهِ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ) ، أَيْ: مَا عَدَا السَّجْنَ أَيْ، وَالسَّجْنُ أَشَدُّ مِنْ الضَّرْبِ خُصُوصًا مَعَ دَوَامِهِ وَيُحْبَسُ الْأَبُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِلْإِضْرَارِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا الْيَمِينَ الْمُنْقَلِبَةَ) هَذَا يَشْمَلُ مَا إذَا ادَّعَى الْأَبُ عَلَى وَلَدِهِ حَقًّا فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَيَرُدُّهَا عَلَى الْأَبِ وَمَا إذَا قَامَ لِلْوَلَدِ شَاهِدٌ عَلَى أَبِيهِ بِحَقٍّ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَ الشَّاهِدِ فَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى أَبِيهِ لَكِنْ تُقَيَّدُ الْأُولَى بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَلَدِ دَعْوَى اتِّهَامٍ، وَإِلَّا غَرِمَ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ الْأَبُ مَعَ شَاهِدٍ يُقِيمُهُ عَلَى ابْنِهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْلِيفِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) فَالنَّفْيُ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ، وَالْإِثْبَاتُ تَحْلِيفُهُ لِجَدِّهِ وَابْنِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لِلِاسْتِثْنَاءِ النَّفْيُ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي إلَخْ) ، أَيْ: وَالْيَمِينُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الْأَبَوَانِ) ، أَيْ: إذَا حُبِسَ الْأَبُ مَعَ ابْنِهِ، أَوْ الْأُمُّ مَعَ وَلَدِهَا فَالْمَعْنَى إذَا حُبِسَ كُلٌّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مَعَ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ مُسَلِّمًا) نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَهُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَمُسَلِّمًا الْمَفْعُول الثَّانِي (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الشَّارِحَ إلَخْ) عِبَارَاتُهُمْ تَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ التَّقْيِيدِ، وَقَوْلُهُ: لِعَوْدِهِ، أَيْ: أَخْرَجَ الْمَجْنُونَ وَيَسْتَمِرُّ خَارِجًا عَنْ الْحَبْسِ لِعَوْدِهِ وَلَيْسَ صِلَةً لِأَخْرَجَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَرِيبٌ جِدًّا) يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِقَرِيبٍ، أَيْ: قُرْبًا جِدًّا، أَيْ: قَرِيبِ الْقَرَابَةِ كَمَا فِي النَّقْلِ لَا قَرِيبٌ بَعِيدٌ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَرَضٍ، أَيْ: مَرَضًا جِدًّا، أَيْ: شَدِيدًا وَيُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ فَإِنْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْآخَرِ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لَهُمَا مَعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مَعَ حَيَاةِ الْآخَرِ، وَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا مَعًا كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاعْتِرَاضُ فِي تَرْكِ الْقِيَاسِ الَّذِي صَوَّبَهُ الْبَاجِيُّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْسَانٌ، أَيْ: أَوْ الْمُرَادُ تَرْجِيحُ شُيُوخِ غَيْرِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَنَحْوِهِمَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ مَا رَجَّحَهُ الْمَشَايِخُ غَيْرَ مُلْتَزَمٍ كَوْنُهُ رَاجِحًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ هُمَا أَيْ، أَوْ يُحْتَمَلُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ الِاسْتِحْسَانُ الْمُقَابِلُ لِلْقِيَاسِ وَتَرْجِيحُ بَعْضِ الشُّيُوخِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 الْمُؤَلِّفِ الْمُقَابِلُ لِلْقِيَاسِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْسَانُ شَيْخٍ غَيْرِ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ، أَوْ هُمَا. (ص) لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَعَدُوٍّ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا، وَلَا لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِنَذْرٍ، أَوْ حِنْثٍ، ثُمَّ قِيمَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يَوْمَ نُزُولِهِ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى، أَوْ بِعَرَفَاتٍ اُسْتُحْسِنَتْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ الْحَجِّ، ثُمَّ يُحْبَسَ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وِلَاءً قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالنَّفْرُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَجَّلُ فِي الرَّمْيِ وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَصْرِ أَنَّ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَلَا يَخْرُجُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَسْمَعُ عَنْهُ الدَّعْوَى فَإِنْ امْتَنَعَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَإِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ يُزَادُ السَّجْنُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَكَذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِأَجْلِ عَدُوٍّ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ الْعَدُوُّ وَفِي السِّجْنِ، أَوْ يُخَافَ أَنْ يَأْسِرَهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ. (ص) وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَحَازَهَا الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا فُلِّسَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ، وَالسِّلْعَةُ مَوْجُودَةٌ فَلِبَائِعِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي حَالَةِ الْفَلَسِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَكُونُ بَائِعُهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ بَلْ هُوَ أُسْوَتُهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ خَرِبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَيْنٌ مِمَّا لَوْ تَغَيَّرَ كَمَا يَأْتِي وَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مَسْكُوكًا (ش) حَيْثُ عُرِفَ بِعَيْنِهِ بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا، أَوْ كَانَ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا قِيَاسًا لِلثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الْغَرِيمِ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةِ الثَّمَنِ، أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ حَوَالَةٍ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْغَرِيمِ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِكِتَابٍ مَثَلًا غَيْرَ مَقْبُوضٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَاعَ الْكِتَابَ لِشَخْصٍ، ثُمَّ فُلِّسَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ إذْ لَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِ الْعَبْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ ثَمَنَ الْعَبْدِ، وَالْأَوَّلُ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الثَّانِي قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ بَائِعَ الْعَبْدِ بِالْكِتَابِ يَقُولُ إنَّمَا خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِي فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْكِتَابِ فَلِي الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ عَبْدِي فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا مُشْتَرِي الْكِتَابِ فَإِنَّمَا دَفَعَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى ثَمَنَ شَيْئِهِ فَلَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ (ص) ، أَوْ آبِقًا (ش) هَذَا أَيْضًا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبْقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ الْآبِقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ (ش) ، وَلَا يَرْجِعُ لِلْحُصَاصِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. (ص) إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ بِمَالِهِمْ وَأَمْكَنَ لَا بُضْعٌ وَعِصْمَةٌ وَقِصَاصٌ (ش) أَشَارَ إلَى شُرُوطِ أَخْذِ السِّلْعَةِ مِنْ عِنْدِ الْمُفَلَّسِ مِنْهَا أَنْ لَا يَفْدِيَهُ الْغُرَمَاءُ فَإِنْ فَدَوْهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ وَلَوْ بِمَالِهِمْ الْخَاصِّ بِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ يُعْطُونَ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يُمَكَّنَ الْغَرِيمُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَلِهَذَا احْتَرَزَ عَنْ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ فُلِّسَ الزَّوْجُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي بُضْعِهَا الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا بَلْ تُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ لَا يَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ فَالْعِيدُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِإِخْرَاجِهِ لِلْعِيدِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ) ، أَيْ: وَلَا جَمَاعَةٍ بَلْ لِوُضُوءٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ إلَخْ) ، أَيْ: فَيَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَكَذَا خَوْفُ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ إنْ لَمْ يُطْلِقْ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَذَا خَوْفُ قَتْلِ غَيْرِهِ، أَوْ أَسْرِهِ إذَا لَمْ يُطْلِقْ فِيمَا يَظْهَرُ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُطْلِقْ مَعَ خَوْفِ مَنْ ذُكِرَ حَتَّى يَحْصُلَ مَا خِيفَ مِنْهُ مَاذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُطْلِقْهُ وَهَلْ هُوَ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ الْحَاكِمُ، أَوْ السَّجَّانُ، أَوْ كُلٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَصْرِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ) ، أَوْ لَا إلَى مَوْضِعٍ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ إنْ لَمْ يُطْلَقْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالنَّفْرُ بِسُكُونِ الْفَاءِ. (قَوْلُهُ: أَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْآتِي وَقِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ لَا يَأْتِي مَعَهُ الشَّرْطُ الْآتِي، وَقَوْلُهُ: الْمُحَازُ عَنْهُ هَذِهِ النُّسْخَةُ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ نُسْخَةُ مَحُوزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَحَازَ وَإِنَّمَا يُقَالُ حَازَ فَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مَحُوزٌ، وَمَحُوزٌ أَصْلُهُ مَحْوُوزٌ، وَمُحَازٌ أَصْلُهُ مُحْوَزٌ، فَلَوْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَلَسًا وَمَوْتًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا) وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تُفَارِقْ الْبَيِّنَةُ مَنْ قَبَضَهُ مِنْ حِينِ الرَّفْعِ إلَى حِينِ التَّفْلِيسِ وَبِتَصَوُّرِ ذَلِكَ لِمَنْ دَفَعَ عَيْنًا رَأْسَ مَالٍ فَفُلِّسَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) ، أَيْ: حَيْثُ قَالَ الْأَحَادِيثُ إنَّمَا فِيهَا مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، وَالنَّقْدَانِ لَا يُطْلَقَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ عُرْفًا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ) ، أَيْ: بِالثَّمَنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إلَخْ) ، أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ إنْ لَمْ يَجِدْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَهُ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ يُحَاصِصَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ رَجَعَ إلَى الْحِصَاصِ، أَيْ: لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَطْلُبُ الْآبِقَ فَإِنْ وَجَدْتُهُ فَهُوَ لِي وَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ دَخَلْت فِي الْحِصَاصِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ يَطْلُبُهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ فَحَاصَصَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ إلَخْ) ، أَيْ: وَالنَّمَاءُ، وَالْخَسَارَةُ لِلْمُفَلَّسِ وَعَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قُبِضَ وَحِيزَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ لِلْبُضْعِ لَمْ يَقْبِضْهُ وَانْظُرْ هَلْ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءُ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا فَكَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا تَأَمَّلْ، وَعَنْ الْعِصْمَةِ كَمَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُخَالِعُ الْعِوَضَ حَتَّى فُلِّسَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ ذَلِكَ بَلْ يُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ وَعَنْ الْقِصَاصِ كَمَا إذَا صَالَحَ فِي دَمٍ عَمْدٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَقَبْلَ قَبْضِهِ فُلِّسَ الْجَانِي فَلَا رُجُوعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ الدَّمُ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ صُلْحُ الْإِنْكَارِ إذَا فُلِّسَ الْمُنْكِرُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُحَاصِصُ بِمَا صُولِحَ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي الدَّعْوَى. (ص) وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ، أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلٍ أَوْ سُمِّنَ زُبْدُهُ، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ، أَوْ ذُبِحَ كَبْشُهُ، أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ (ش) ، أَيْ: وَمِنْ شُرُوطِ رُجُوعِ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ هَيْئَتِهِ أَمَّا إنْ تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَتِهِ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَيَسَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ كَقَمْحٍ بِشَعِيرٍ، أَوْ صَارَ الزُّبْدُ سَمْنًا، أَوْ فُصِّلَ الثَّوْبُ قَمِيصًا، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ ذُبِحَ الْكَبْشُ، أَوْ صَارَ الرُّطَبُ تَمْرًا فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ الْمُحَاصَّةُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَنْتَقِلْ، أَيْ: وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَأَنْ طُحِنَتْ وَأَوْلَى لَوْ عُجِنَتْ، أَوْ بُذِرَتْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ لَا تُفِيتُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِثْلٍ مِمَّا لَوْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ كَالْحِنْطَةِ تُخْلَطُ بِمِثْلِهَا، وَالزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُ الرُّجُوعَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ، أَيْ: حَيْثُ اشْتَرَى الرُّطَبَ مُجَرَّدًا عَنْ الْأُصُولِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَصَارَ تَمْرًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ فَلَا يَفُوتُ إلَّا بِالْجَذِّ كَمَا فِي الْفَلَسِ لَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إنَّمَا يَفُوزُ بِالثَّمَرَةِ إذَا جَذَّهَا لَا بِيُبْسِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّمَرَةُ الَّتِي يَفُوزُ بِجَذِّهَا هِيَ غَلَّةٌ لِشَيْءٍ وَمَا هُنَا الْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى ذَاتِهَا (ص) كَأَجِيرِ رَعْيٍ وَنَحْوِهِ (ش) التَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَخْذِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَجِيرَ الْحِرَاسَةِ وَأَجِيرَ الرَّعْيِ وَأَجِيرَ الْخِدْمَةِ وَنَحْوَهُمْ إذَا فُلِّسَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ غَيْرُهُ كَرَبِّ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَاشِيَةِ، أَوْ الزَّرْعِ فِي خِدْمَتِهِ بَلْ يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً كِرَاءً مَضْمُونًا، ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجِيرِ أَنَّ الْأَجِيرَ لَمْ تَتَعَلَّقْ خِدْمَتُهُ بِالْمَاشِيَةِ بَلْ بِذِمَّةِ رَبِّهَا، وَالْمُكْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُكُوبِهِ عَلَيْهَا صَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَمِثْلُ أَجِيرِ الرَّعْيِ الصَّانِعُ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ فِي حَانُوتِكَ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا فِي الْحَانُوتِ وَلَيْسَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلدِّرَاسِ بِبَقَرِهِ كَذَلِكَ إذْ صَاحِبُ الْبَقَرِ أَحَقُّ بِالْأَنْدَرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَائِزِ لِلْأَنْدَرِ (ص) وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ كَعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذِي حَانُوتٍ بِمَا فِيهِ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي وَإِذَا لَمْ تَخْتَصَّ بِهِ فَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا فِيهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَقُولُ وَكَذَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَتُحَاصِصَ بِجَمِيعِهِ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَهُ وَبِنِصْفِهِ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، أَيْ: إذَا أَرَادَتْ التَّطْلِيقَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُرِدْ فَكَمَا قُلْنَا فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ إلَخْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ يَشْمَلُ حَتَّى الَّتِي لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَلَا يَظْهَرُ مَعَ مَا قُلْنَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا قَلَقَ فِيهِ فَيَقُولُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ لِعُسْرِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ التَّطْلِيقَ لِعُسْرِهِ فَهَلْ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِالنِّصْفِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ، أَيْ: تَأَمَّلْ مَا يَظْهَرُ بِهِ صِحَّةُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قُلْت: فَتَأَمَّلْته فَوَجَدْت لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ:، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ) ، أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا وَنَحْوَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: وَاسْتَمَرَّ) فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ نَحْوِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ تَغَايُرِ مَعْطُوفٍ لَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا بَلْ التَّغَايُرُ مَوْجُودٌ نَعَمْ فِيهِ تَكَلُّفٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَطْفُ اللَّفْظِ عَلَى اللَّفْظِ، وَأَمَّا قَطْعُ الشَّقَّةِ نِصْفَيْنِ فَلَا يُفِيتُ وَكَذَا الدَّبْغُ لَا يُفِيتُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ) أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ: فِي بَابِ الْفَلَسِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَابًا مِنْ كِتَابٍ مُعَيَّنٍ بَلْ أَرَادَ بَابَ الْفَلَسِ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ، أَيْ: إنَّ شَأْنَ بَابِ الْفَلَسِ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الثَّمَرَةُ إلَخْ) ، أَيْ: هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ فَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالٍ، وَلَا لِجَوَابٍ (قَوْلُهُ: كَأَجِيرِ رَعْيٍ) هَذَا إذَا كَانَ يَرُدُّ مَا يَرْعَى لِبَيْتِ صَاحِبِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَالظَّاهِرُ إذَا بَاتَ مَا يَرْعَاهُ مِنْ نَحْوِ غَنْمٍ عِنْدَ رَبِّهِ تَارَةً وَعِنْدَهُ أُخْرَى فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ تَبِيتُ بِمَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ بِمَنْزِلِهِمَا السَّاكِنِينَ بِهِ جَمِيعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ يُنْظَرُ وَقْتَ فَلَسِهِ إنْ كَانَ الْبَيَاتُ عِنْدَ رَبِّهَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَاعِيهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيَاتِ فِي الْمَنْزِلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَفَاتِيحُ بِيَدِهِ أَنَّهُ يَفُوزُ بِمَا فِي الدُّكَّانِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الظَّرْفِيَّةُ مَجَازِيَّةً، أَوْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ، وَلَا يُقَدَّمُ ذُو حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّرْفِيَّةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا. (ص) وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ بِعَيْبٍ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ أُخِذَتْ بَدَلَ دَيْنٍ، ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ فَرَدَّهَا فَلَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ يُحَاصِصُ مَعَهُمْ بِثَمَنِهَا، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِفَلَسِهِ أَمْ لَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَرَادَ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ فَوَجَدَهُ مُفَلَّسًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى فُلِّسَ الْبَائِعُ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَيُبَاعَ لَهُ، أَوْ يَكُونَ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ وَعَلَى أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي حَبْسِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ رَدِّهِ وَيُحَاصِصُ وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَيُحَاصِصُ إنْ رَدَّهُ انْتَهَى وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الدَّيْنِ يُسَامِحُ فِيمَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً عَنْ عِشْرِينَ مَثَلًا كَانَ مِنْ حَقِّ الْمَدِينِ إذَا طَلَبَ أَخْذَهَا رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ بِهِ إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ مُخَلَّدَةً فِي ذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِ ذَلِكَ تَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ (ص) وَهَلْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ أَوْ كَالْبَيْعِ خِلَافٌ (ش) أَيْ: وَهَلْ الْقَرْضُ لَا يَكُونُ الْمُقْرِضُ أَحَقَّ بِمَا أَقْرَضَهُ حَيْثُ فُلِّسَ الْمُقْتَرِضُ بَعْدَ حُصُولِ الْقَرْضِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ أَمْ لَا وَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمُقْرِضِ وَيُحَاصِصُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَزِمَهُ بِالْقَوْلِ وَصَارَ مِلْكًا لِلْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمَازِرِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضُ كَالْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَرِضُ قَبَضَهُ فَالْمُقْرِضُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ سِلْعَةٌ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْقَرْضِ، وَالْبَيْعِ وَإِنْ قَبَضَهُ كَانَ الْمُقْرِضُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ يَكُونُ الْمُقْتَرِضُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ بِالْقَوْلِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُؤْخَذُ وَغَيْرُهُ مِمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمُفَلَّسِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنَ، وَالْجِنَايَةَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ وَحَاصَّ بِفِدَائِهِ لَا بِفِدَا الْجَانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ عَبْدًا مَثَلًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى فُلِّسَ الْمُشْتَرِي، وَالْعَبْدُ مَوْجُودٌ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدَّرَ رَهْنَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَحَازَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّ بَائِعَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَكَّ الرَّهْنَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ، أَوْ رَضِيَ رَبُّهُ بِتَعْجِيلِهِ وَحَاصَّ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ تَحْتَ رَهْنِهِ وَحَاصَّ بِثَمَنِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ قَدْ جَنَى عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَأَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ فَلَسِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ، وَلَا يُحَاصِصَ بِمَا فَدَاهُ بِهِ بَلْ يَضِيعُ عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ بَلْ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي إذْ لَهُ تَسْلِيمُهُ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ، وَالرَّهْنُ مِنْ سَبَبِهِ فَقَوْلُهُ وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ إمَّا عَلَى أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَهُ، أَوْ تَقْيِيدٌ، أَوْ وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَهُ فِدَاءُ الْجَانِي حَيْثُ أَسْلَمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّفْلِيسِ كَمَا ذَكَرْنَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ) الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إذْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ الِاخْتِصَاصِ تَتَعَدَّى بِالْبَاءِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَلِمَ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَلَسَ طَارِئ بَعْدَ رَدِّهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَعَلَ كَوْنَهُ ابْتِدَاءَ بَيْعٍ خِلَافَ الْمَشْهُورِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ) ، أَيْ: إنْ شَاءَ، حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا وَتُبَاعُ فِي الثَّمَنِ أَيْ فَإِنْ وَفَّى، وَإِلَّا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَقَدْ أَفَادَ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْقَرْضُ إلَخْ) قَالَ عج مُقْتَضَى نَقْلِ ق فِي مَحَلَّيْنِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا وَأَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا قَبَضَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ إلَخْ) وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ أَخْذِ الْمُقْتَرِضِ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ فَنَصَّ عج عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَلَا لِغُرَمَائِهِ كَلَامٌ مَعَ الْمُقْتَرِضِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرَضُ يَكُونُ الْمُقْتَرِضُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي عج خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْحُصُولَ الْمَانِعَ قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتِظْهَارًا وَنَصَّ عب عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِظْهَارِ أَقُولُ: وَقَوْلُ شَارِحِنَا إنَّهُ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ يَلْزَمَانِ بِالْقَوْلِ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْطُلَانِ بِالْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: لَا بِفِدَى الْجَانِي) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ فَلَسِهِ) ، وَالْجِنَايَةُ قَبْلَ الْفَلَسِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَهُ) ، أَيْ: فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلِلْمُحَازِ عَنْهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَفَدَاهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفْدِهِ فَلَا يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَقْيِيدٌ لَهُ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِلْمُحَازِ عَنْهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ تَفْصِيلًا، أَوْ تَقْيِيدًا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ كَذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَيَكُونُ مُسْتَأْنَفًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِالْإِسْلَامِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يُرَدُّ كَبَيْعِهِ، وَأَمَّا إنْ فَدَاهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ مَجَّانًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَاصَّ بِفِكَاكِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ مَفْدِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَفْكُوكٌ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِدَاءِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ لَا بِفِدَا الْجَانِي لِيَصِيرَ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6] ؛ لِأَنَّ ذُكْرَانَ الْجِنِّ لَا يُقَالُ لَهُمْ رِجَالٌ. (ص) وَنَقْضُ الْمُحَاصَّةِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا فَحَاصَصَ الْبَائِعُ بِثَمَنِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ وُجْدَانِ سِلْعَتِهِ، ثُمَّ إنَّهَا رُدَّتْ عَلَى الْمُفَلَّسِ بِعَيْبٍ بِهَا، أَوْ بِفَسَادٍ فَلِبَائِعِهَا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ؛ لِأَنَّهَا اُنْتُقِضَتْ بِأَخْذِ سِلْعَتِهِ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْمُحَاصَّةِ وَيُسَلِّمُهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيَتَحَاصَصُ مَعَهُمْ فِي ثَمَنِهَا كَمَالٍ طَرَأَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ عَمَّا إذَا زَادَتْ بِإِقَالَةٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ إرْثٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى رُدَّتْ إلَيْهِ بِمِلْكِ مُسْتَأْنَفٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ، وَقَوْلُهُ: بِعَيْبٍ، أَيْ: قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَدَلَّسَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ أَعْلَمهُ بِهِ، أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَضِيَهُ، وَأَمَّا الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ (ص) وَرَدُّهَا، وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ (ش) رَدُّهَا مَرْفُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَعْطُوفٌ عَلَى " فَكُّ "، أَوْ عَلَى " نَقْضُ "، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا وَجَدَ عَيْنَ شَيْئِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَلَمَّا أَخَذَهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا سَمَاوِيًّا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ وَإِنْ شَاءَ حَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَسَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُفَلَّسِ أَوْ وَهِيَ عِنْدَهُ وَمَعْنَى الرَّدِّ عَلَى الثَّانِي التَّرْكُ، أَيْ: وَلَهُ تَرْكُهَا لِلْمُفَلَّسِ (ص) أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ عِنْدِ الْمُشْتَرِي وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُفَلَّسُ فَهُوَ أَيْضًا بِالْخِيَارِ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ يَتْرُكَهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصَ مَعَهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ الْمُفَلَّسُ لَهُ أَرْشًا، أَوْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَا عَادَ لِهَيْئَتِهِ صَارَ مَا أَخَذَهُ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةٌ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَدٍّ فَأَشْبَهَتْ السَّمَاوِيَّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ لِلْبَائِعِ، أَيْ: مُشْتَرِي سِلْعَةِ الْبَائِعِ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّ فِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ بَرِئْت عَلَى شَيْنٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ (ص) ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ وَهِيَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا أَمْ لَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقَوَّمَ يَوْمَ الْبَيْعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُحَاصِصَ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ ثَمَنِهِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَقَوْلُهُ نَقَصَهُ، أَيْ: نَقَصَ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ، وَالْمُنَاسِبُ لِمَرَامِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَادَ هَيْئَتِهِ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ. (ص) وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ وَأَخَذَهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى " فَكُّ "، وَالْمَعْنَى لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَقَبَضَ خَمْسَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ قَائِمَةً فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يُحَاصِصَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا فُلِّسَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِرَبِّهِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ، وَسَوَاءٌ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ إسْلَامِهِ، أَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ فَاسِدٌ اهـ (قَوْلُهُ: لِمُشَاكَلَةِ إلَخْ) الْمُشَاكَلَةُ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ فِي الْخَيَالِ لَا فِي اللَّفْظِ لِوُجُوبِ سَبْقِيَّةِ الْعَلَاقَةِ عَلَى النُّطْقِ بِاللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ، أَوْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الثَّانِي فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ، وَالرَّدُّ لِفَلَسِ الثَّانِي، أَوْ فَسَادِ بَيْعِهِ مُلْحَقَانِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْمَعْنَى بِخِلَافِ رَدِّهَا بِهِبَةٍ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا رُدَّتْ لِلْمُفَلَّسِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْرَارَ) كَذَا قَالَ الْفِيشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا كَانَ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ:، وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ فِيمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ إلَخْ) ، أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَهُ بَلْ نَقُولُ هُوَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْقَلُ جَرْحٌ) ، أَيْ: لَا يُؤْخَذُ عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ إلَخْ) صَوَابُهُ إلَّا إذَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) ، أَيْ: بِأَنْ كَانَ بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ سَالِمًا خَمْسُونَ وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ الْخُمُسَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُحَاصِصَ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ) هَذَا نَاظِرٌ لِلْمُعْتَمَدِ لَا نَاظِرٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، أَيْ: مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ أَخَذَهُ لَا رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيَكُونُ حَلًّا مُوَافِقًا لِلْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ لِمَرَامِهِ) ، أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَصَرًا مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ أَخَذَهُ زَادَ مِنْ الِاخْتِصَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا، أَيْ: لَمْ يَأْخُذْهُ، أَوْ أَخَذَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ أَرْشًا، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعُودَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِنِسْبَةِ النَّقْصِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا أَخَذَهُ وَلَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْهَيْئَةِ سَوَاءٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسَةَ الَّتِي قَبَضَهَا وَيَأْخُذَ سِلْعَتَهُ (ص) وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ (ش) وَأَخْذُ: مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى فَكُّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ بَاعَ بَعْضَ ذَلِكَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ بَعْضَ الْمَبِيعِ قَائِمًا فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُحَاصِصُ بِمَا يَنُوبُ الْفَائِتَ مِنْ الثَّمَنِ كَأَنَّ الْفَائِتَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا وَجَّهَ الصَّفْقَةَ أَمْ لَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا وَجَدَ وَحَاصَصَ بِثَمَنِهِ، أَوْ بِبَاقِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَاقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِمَا عَشَرَةً وَبَاعَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرِ عِنْدَهُ وَفُلِّسَ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْعَبْدِ الثَّانِي مِنْهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْأُولَى كَانَتْ مَفْضُوضَةً عَلَيْهِمَا وَهَذَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مُتَسَاوِيَةً، وَإِلَّا فَضَّ الْعَشَرَةَ الْمُقْتَضَاةَ أَوَّلًا عَلَيْهِمَا وَرَدَّ حِصَّةَ الْبَاقِي (ص) كَبَيْعِ أُمٍّ وَلَدَتْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، أَوْ دَابَّةً وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا وَأَبْقَى وَلَدَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَخْذَ الْوَلَدِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ عَلَى هَيْئَتِهِ الْآنَ أَنْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَلَهُ تَرْكُهُ، وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ وَلَدَتْ، أَيْ: بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا الْمُفَلَّسُ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ، أَوْ لَا وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرَ حَامِلٍ أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ فَكَأَنَّهَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا مَعَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ فَهِيَ مِمَّا يَتَعَدَّدُ فِيهِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا أَوْ مَوْتِهِ وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ بِيعَتْ لِلْمُفَلَّسِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعُونَ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْآنَ يَوْمَ الْبَيْعِ فَيُقَالُ عِشْرُونَ فَيُحَاصِصُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (ص) وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ فَلَا حِصَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً، أَوْ رَمَكَةً وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ، أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ وَأَبْقَى الْأُمَّ، ثُمَّ فُلِّسَ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَا حِصَّةَ لِلْمَيِّتِ فِي الْأُولَى، وَلَا لِلْوَلَدِ الْمَبِيعِ فِي الثَّانِيَةِ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ بِعَيْنِهَا، وَالْوَلَدُ كَالْغَلَّةِ فَلَوْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا إذْ الْوَلَدُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي (تَنْبِيهٌ) هَذَا حُكْمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ قَتْلٍ، وَأَمَّا إنْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ قُتِلَ فَأُخِذَ لَهُ عَقْلًا وَبَقِيَ الْآخَرُ كَانَ كَالْبَيْعِ فِي تَفْصِيلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عَقْلًا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَوْتِ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَوْجُودِ إلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (ص) وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ، وَالْغَلَّةَ (ش) فَاعِلُ أَخَذَ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ وَحَيْثُ قُلْنَا يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا جَذَّهَا وَفَارَقَتْ الْأُصُولَ وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَالْبَائِعُ يَأْخُذُهَا مَعَ أُصُولِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَرْجِعْ بِسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ لِلْمُفَلَّسِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَلَّةَ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَسُكْنَى رِبَاعٍ وَخَرَاجِ أَرْضٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ (ش) إلَّا صُوفًا تَمَّ، أَوْ ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَاعَ غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ قَدْ تَمَّ حِينَ شِرَائِهِ لِلْغَنَمِ، أَوْ نَخْلًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ حِينَ شِرَائِهِ لِلْأَشْجَارِ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ غَنَمَهُ مَعَ صُوفِهَا إنْ لَمْ يَجُزَّهُ فَإِنْ جَزَّهُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ مَوْجُودًا أَخَذَهُ أَيْضًا وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُصُولَ مَعَ ثَمَرَتِهَا مَا لَمْ يَجُذَّهَا عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَقْصُودَةٌ وَلَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ جَذَّهَا عَنْ أُصُولِهَا فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، وَلَكِنْ يُحَاصِصُ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّوفَ لَمَّا كَانَ تَامًّا يَوْمَ الْبَيْعِ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ إذْ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ فَلَا يُفِيتُهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا ذَهَابُ عَيْنِهِ لَا مُجَرَّدُ الْجِذَاذِ وَأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَأْبُورَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِلَّةً إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً عَنْ أَصْلِهَا   [حاشية العدوي] أَخَذَهُ أَمْ لَا فَإِذَا رَجَعْنَا قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ جَاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ نَقْصِهِ أَخَذَ أَرْشًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضَهُ) مَحَلُّ أَخْذِهِ بَعْضَهُ إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاءُ الْمُفَلَّسِ بِمَالِهِمْ وَهَلْ يَخْتَصُّونَ بِهِ عَنْهُ إلَى مَبْلَغِ فِدَائِهِ، وَلَا دُخُولَ لَهُ بِثَمَنِ الْفَائِتِ، أَوْ لَا يَخْتَصُّونَ بِهِ بَلْ يُحَاصِصُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا فَدَوْهُ بِهِ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُحَاصِصُ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَى وَلَدَهَا) ، أَيْ: بَعْدَ الْإِثْغَارِ، أَوْ رَضِيَتْ بِالتَّفْرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ) تَقْوِيمُ الْأُمِّ أَوَّلًا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ: فَيُقَالُ عِشْرُونَ) أَيْ فَتُنْسَبُ أَرْبَعُونَ لِسِتِّينَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ) وَأَوْلَى هِبَتُهُ، أَوْ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فِيهِ عِوَضًا (قَوْلُهُ: فَلَا حِصَّةَ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْأُمِّ وَبَيْنَ بَيْعِ الْوَلَدِ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ فَاتَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِأَرْشِهِ وَإِذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا بِهِ كَالْغَلَّةِ الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُفَلَّسُ فَلَوْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِ الْأُمِّ وَبَيْعِهَا أَنَّهُ أَخَذَ لَهَا ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا) فِي شَرْحِ عب لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ لِعَجْزِهِ، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: وَالْغَلَّةُ) أَيْ كَمَالِ الْعَبْدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ انْتَزَعَهُ، أَوْ لَمْ يَنْتَزِعْهُ وَفَدَاهُ الْغُرَمَاءُ (قَوْلُهُ: إذَا جَذَّهَا) ، أَيْ: وَكَذَا إنْ جَزَّ الصُّوفَ غَيْرَ التَّامِّ (قَوْلُهُ: مِنْ لَبَنٍ) أَيْ إذَا حَلَبَ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ، وَأَمَّا خَرَاجُ الْأَرْضِ وَأُجْرَةُ الدُّورِ فَلِلْمُفَلَّسِ وَغُرَمَائِهِ مُطْلَقًا قُبِضَتْ أَمْ لَا وَكَذَا أُجْرَةُ الْحَيَوَانِ، أَيْ: قُبِضَتْ أَمْ لَا بِخِلَافِ اللَّبَنِ، وَالصُّوفِ (قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ غَنَمًا) الْمُنَاسِبُ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 فَجِذَاذُهَا يُفِيتُهَا عَلَى الْبَائِعِ. (ص) وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً، أَوْ أَرْضًا، أَوْ دَارًا لِشَخْصٍ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ فَإِنَّ رَبَّ مَا ذُكِرَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَدَارَهُ وَفَسَخَ فِيمَا بَقِيَ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا ذُكِرَ لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِالْكِرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يُحَاصِصُ فِي الْمَوْتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ إلَخْ وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ كَانَ الْحَقُّ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا أَكْرَاهُ وَقَدْ جَعَلَ لَهُ هُنَا الْأَخْذَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ فِيمَا إذَا فُلِّسَ وَأَرَادَ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ يَحِلُّ وَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِهِ إنْ شَاءَ عَلَى مَا مَرَّ (ص) وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ، ثُمَّ سَاقِيهِ، ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَى أَرْضَهُ لِشَخْصٍ فَزَرَعَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي فَرَبُّ الْأَرْضِ يَأْخُذُ الزَّرْعَ وَيُقَدَّمُ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ إنْ اسْتَوْفَى كِرَاءَهُ يَلِيهِ السَّاقِي لِلزَّرْعِ فِيمَا فَضَلَ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَجْرَهُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّاقِي هُنَا الَّذِي يَسْقِي الزَّرْعَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا انْتَفَعَ بِالزَّرْعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَامِلَ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ، وَالضَّمِيرُ فِي " مُرْتَهِنُهُ " لِلزَّرْعِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لِلْأَرْضِ إذَا فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ، وَالسَّاقِيَ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ بَعْدَهُمَا يُقَدَّمُ فِيمَا فَضَلَ عَنْهُمَا فِي التَّقْدِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُرْتَهِنُ إنْ كَانَ مَرْهُونًا مَحُوزًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ، وَالسَّاقِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ حَائِزًا لِلزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ عَمَلِ هَذَا وَأَرْضِ هَذَا فَحَوْزُهُمَا أَخَصُّ مِنْ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْحَوْزُ الْأَخَصُّ يُقَدَّمُ صَاحِبُهُ عَلَى صَاحِبِ الْحَوْزِ الْأَعَمِّ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ جَالِسٍ فِي سَفِينَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ رَبِّ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَخَصُّ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَقَيَّدْنَا صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ بِالسَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ فَقَطْ تَبَعًا لِتَقْرِيرِ بَعْضٍ، وَنَصُّهُ: وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا، أَيْ: فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ فَصَارَتْ الْمَنَافِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، انْتَهَى. اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (تَفْرِيعٌ) لَوْ عَمِلَ فِي الزَّرْعِ أَجِيرٌ بَعْدَ أَجِيرٍ فَالثَّانِي أَحَقُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ فِي الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَتَحَاصَّانِ، قَالَهُ الشَّارِحُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُقَدَّمُ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي، وَالرَّابِعُ عَلَى الثَّالِثِ وَهَكَذَا وَإِذَا كَانَ السَّاقِي اثْنَيْنِ وَقُلْنَا يُقَدَّمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (ص) ، وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ إذَا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ شَيْءٌ لِيَصْنَعُوهُ، ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الصَّانِعَ أَحَقُّ بِالشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ الَّذِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَجِذَاذُهَا يُفِيتُهَا) فِيهِ أَنْ يُقَالَ فَوَاتُهَا بَيْعٌ لَهَا وَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) مِنْ مُكْتِرٍ لَهُمَا وَجِيبَةِ وَفُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ) ، أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُلُولِ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ (أَقُولُ) لَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ فَرْعٌ عَنْ حُلُولِ الْكِرَاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا أَفَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحِلُّ الْكِرَاءُ بِالْفَلْسِ، وَالْمَوْتِ أَفَادَ هُنَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَلَسِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحَاصِصَ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّسْلِيمُ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ إلَّا الْمُحَاصَّةُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ إلَّا الْمَوْتَ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَلَسِ حَالٌ فَلَا إشْكَالَ فَإِنْ قُلْت: أَخْذُ الزَّرْعِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ يُؤَدِّي إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُهُ أَوْ بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ عَنْ الْكِرَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ بِهِ الْكِرَاءُ ابْتِدَاءً فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَإِنْ قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا رَهَنَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بَعْدَ فِدَائِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَزْعُ الرَّهْنِ الَّذِي سَبَقَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِالْفِدَاءِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فِي الزَّرْعِ الَّذِي رَهَنَهُ الْمُفَلَّسُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مِلْكٌ عَلَيْهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى قُلْت: لَمَّا كَانَ الزَّرْعُ مُتَكَوِّنًا عَنْ الْأَرْضِ الْبَاقِيَةِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا صَارَ كَالْبَائِعِ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّرْعَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي التَّقْدِيمَ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ مَعًا مَعَ أَنَّهُ فَرَّقَ وَذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ تَعْلِيلًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يُقَدَّمُ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَحَوْزُهُمَا أَخَصُّ) يَعْقِلُ الْخُصُوصَ، وَالْعُمُومَ فَنَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ عَمَلَهُ وَدَخَلَ فِي تَحْصِيلِ شَيْءٍ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ كَوْنُ عَمَلِهِ تَأْثِيرًا فِي حُصُولِ الشَّيْءِ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِتَقْرِيرِ بَعْضٍ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ فَإِنْ أَخَذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي الزَّرْعِ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا سَوَاءٌ جَذَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضَى عج. (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِمَا بِيَدِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بِيَدِ بَعْضِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ كُلِّهِ فَلَهُ حَبْسُ مَا بِيَدِهِ مِنْ بَعْضِ الْمَصْنُوعِ فِي أُجْرَةِ مَا بِيَدِهِ وَمَا خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْجَمِيعُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 فِي يَدِهِ فَلَوْ سَلَّمُوا مَصْنُوعَهُمْ، أَوْ لَمْ يَحُوزُوهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ كَالْبِنَاءِ لَمْ يَكُونُوا أَحَقَّ بِهِ بَلْ هُمْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِلَّا فَلَا (ش) ، أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ سَلَّمَ مَصْنُوعَهُ لِأَرْبَابِهِ، أَوْ كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ وَهَذَا إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالْخَيَّاطِ، وَالْبَنَّاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا عَمَلُ يَدِهِ، وَأَمَّا إنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالصَّبَّاغِ يَصْبُغُ الثَّوْبَ بِصِبْغَةٍ، وَالرَّقَّاعِ يُرَقِّعُ الْفَرْوَ بِرِقَاعِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُفَلَّسُ صَاحِبُهُ وَقَدْ أَسْلَمَهُ الصَّانِعُ لِرَبِّهِ فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ فِيهِ يَكُونُ كَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ مَا زَادَ فِيهِ مِنْ عِنْدِهِ، وَالنَّسَّاجُ فِي حُكْمِ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا لِقُوَّةِ صَنْعَةِ النَّسْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ (ش) ، أَيْ: يُشَارِكُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً بِقِيمَةِ مَا أَضَافَهُ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِهِ، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ نَقَصَ الْمَصْنُوعُ بِالصَّنْعَةِ أَوْ زَادَ، أَوْ سَاوَى فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ الثَّوْبُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ وَغَيْرُ مَرْقُوعٍ، وَالْغَزْلُ غَيْرُ مَنْسُوجٍ فَإِنْ قِيلَ: يُسَاوِي مَثَلًا أَرْبَعَةً. قِيلَ: وَمَا قِيمَةُ الصَّبَّاغِ وَالرَّقَّاعِ وَمَا أُجْرَةُ النَّسْجِ؟ فَإِنْ قِيلَ: دِرْهَمٌ مَثَلًا كَانَ رَبُّهُ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِالْخُمُسِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْغُرَمَاءُ مَا شَارَطَ عَلَيْهِ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالصَّانِعِ بَائِعُ مَنْفَعَةِ يَدِهِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا وَلَوْ هُنَا لِلرَّدِّ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْمُفَلَّسِ لَا لِلْإِشَارَةِ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ إذْ لَا خِلَافَ هُنَا (ص) ، وَالْمُكْتَرِي بِالْمُعَيَّنَةِ وَبِغَيْرِهَا إنْ قُبِضَتْ وَلَوْ أُدِيرَتْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ، وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَأَقْبَضَ أُجْرَتَهَا لِرَبِّهَا، ثُمَّ فُلِّسَ، أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالدَّابَّةِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ اتِّفَاقًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ الَّتِي اشْتَرَاهَا، وَسَوَاءٌ قَبَضَهَا مِنْ رَبِّهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا كَقَبْضِهَا وَكَذَلِكَ يَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ حَيْثُ كَانَتْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمُجَرَّدِ قَبْضِهَا وَرُكُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُعَيَّنَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا يُدِيرُ الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا أَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ إنْ قُبِضَتْ أَيْ إنْ كَانَتْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَعِبَارَاتُهُ غَيْرُ مُوفِيَةٍ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا قُبِضَتْ وَرُدَّتْ لِرَبِّهَا وَحِينَ التَّفْلِيسِ كَانَتْ بِيَدِ رَبِّهَا مَعَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَيْسَ أَحَقَّ بِهَا، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُقَالُ الْمُبَالَغَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ بِمَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِدَارَةِ أَنْ تَكُونَ بِيَدِهِ وَقْتَ التَّفْلِيسِ (ص) وَرَبُّهَا بِالْمَحْمُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لِلدَّابَّةِ إذَا فُلِّسَ، أَوْ مَاتَ فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ مَعَهَا أَمْ لَا مَا لَمْ يُسَلِّمْ رَبُّ الدَّابَّةِ الْمَتَاعَ لِرَبِّهِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا حَمَلَتْهُ دَابَّتُهُ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ مَا لَمْ يَقُمْ بِالْقُرْبِ فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ رَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِالْأَمْتِعَةِ وَلَوْ قَبَضَهَا رَبُّهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ يَمِينٌ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ   [حاشية العدوي] بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ، أَوْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا أَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُ وَاحِدًا فِي أُجْرَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ فِيهِ يَكُونُ كَالْمَزِيدِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَزِيدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا النَّسْجَ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي جَعْلِ النَّسْجِ كَالْمَزِيدِ فِي الْمُشَارَكَةِ بِقِيمَتِهِ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ لَيْسَ كَالْمَزِيدِ فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا كَالنَّسْجِ، وَإِلَّا شَارَكَ بِقِيمَتِهِ لَوَافَقَ الْمَشْهُورَ وَكَانَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالرَّدِّ عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ. (قَوْلُهُ: يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ) بَيْنَ حُكْمِ الْمَزِيدِ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَلِذَا جَرَّدَهُ مِنْ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَمَا حُكْمُ الْمَزِيدِ فَقَالَ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنْ يُشَارِكَ بِقِيمَةِ النَّسْجِ (قَوْلُهُ: يُشَارِكُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ فِي الْفَلَسِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ شَارَكَ بِقِيمَتِهِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلَيْسَ أُسْوَةً لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ إلَخْ) بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْغَزْلِ مَثَلًا وَمَا قِيمَةُ صَنَعْته، وَلَا يُقَوَّمُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ، أَوْ غَيْرَ مَرْقُوعٍ، ثُمَّ يُقَوَّم مَصْبُوغًا، أَوْ مَرْقُوعًا وَيَكُونُ شَرِيكًا بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ، أَوْ الرَّقْعُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذْ قَدْ لَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُشَارَكَةَ إنَّمَا هِيَ بِقِيمَةِ مَا صُبِغَ بِهِ لَا بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ، ثُمَّ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُصَنِّفِ فِي النَّسْجِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَنْسِجُ لَهُ غَزْلًا، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ غَزْلًا فَوَجَدَهُ مَنْسُوجًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا أَيْضًا قَطْعًا، وَلَا يَكُونُ هُوَ، وَلَا بِنَاءُ الْعَرْصَةِ فَوْتًا عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَوْلُهُ: بِالْمُعَيَّنَةِ، أَيْ: مَنْفَعَتُهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ شَارِحِنَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ (قَوْلُهُ: إنْ قُبِضَتْ) ، أَيْ: قُبِضَ الْغَيْرُ وَأُنِّثَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُؤَنَّثٌ، أَيْ: إنْ قَبَضَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَأَقْبَضَ أُجْرَتَهَا) كَذَا فِي عب وَشب وَظَاهِرُهُ دَفَعَ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: حِينَ التَّفْلِيسِ) ، أَيْ: أَوْ الْمَوْتِ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ كَوْنِ الرَّاعِي لَيْسَ أَحَقَّ بِالْغَنَمِ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ لَهُ حَقٌّ بِعَيْنِ الدَّوَابِّ بَلْ بِذِمَّةِ الْمُكْتَرِي وَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِاسْتِيلَائِهِ مَنْفَعَتَهَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا إلَخْ) ، أَيْ: خِلَافًا لِأَصْبَغَ، أَيْ: فَيَقُولُ إنَّهَا إذَا أُدِيرَتْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، أَيْ: يُحَرَّكُ الدَّوَابُّ تَحْتَ الْمُكْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرَبَّهَا بِالْمَحْمُولِ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ إنْ قُلْت: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَكْرِي الْأَرْض فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِزَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ الْأَرْضَ كَالْحَائِزَةِ لِمَا فِيهَا عَلَى مَا بَيَّنُوهُ قُلْت: لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ حَوْزَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا حِينَ التَّفْلِيسِ بِيَدِ رَبِّهِ. (ص) وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ يَفْسَخُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، أَوْ لَا، أَوْ فِي النَّقْدِ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا بِنَقْدٍ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ، أَوْ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ بَائِعِهَا كَمَا إذَا كَانَ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ وَقْتَ الْأَذَانِ الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ مَثَلًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ، أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ، أَوْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَالثَّالِثُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَهِيَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا بَعْدَ الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَحَقُّ بِهَا بِاتِّفَاقٍ (ص) وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مَنْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ شِرَاءً فَاسِدًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، أَيْ: فَإِذَا وَجَدَ ثَمَنَهُ وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَمْ لَا فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْأَقْوَالِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَحَقَّ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ فَاسِدًا أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ فَلِذَلِكَ اُخْتُصَّ بِهِ (ص) وَبِالسِّلْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِسِلْعَةٍ وَاسْتُحِقَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ إنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ بِلَا خِلَافٍ لِانْتِفَاضِ الْبَيْعِ الْمُوجِبِ لِخُرُوجِ سِلْعَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ وَجَدَ النِّكَاحَ مَفْسُوخًا فَهُوَ أَحَقُّ بِسِلْعَتِهِ، أَوْ بِنِصْفِهَا إنْ أَدْرَكَهَا بِعَيْنِهَا قَائِمَةً فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ قَوْلًا وَاحِدًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبَيْعِ بِذَلِكَ (ص) وَقَضَى بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ، أَوْ تَقْطِيعِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا وَفَّاهُ لِصَاحِبِهِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْوَثِيقَةَ الْمُكْتَتَبَ فِيهَا الدَّيْنُ، أَوْ مِمَّنْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ صَاحِبِهِ لِيَأْخُذَهَا، أَوْ لِيَقْطَعَهَا فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ لِئَلَّا يُقَوَّمَ بِمَا فِيهَا مَرَّةً أُخْرَى لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا يُفِيدُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْوَثِيقَةَ وَادَّعَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا وَإِنْ أَخَذَهَا وَقَطَعَهَا لَا يُفِيدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ يُخْرِجُ عِوَضَهَا مِنْ السِّجِلِّ فَالْأَحْسَنُ أَخْذُهَا مَعَ كِتَابَةٍ أُخْرَى، أَوْ الْخَصْمِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ وَقُضِيَ بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ مَخْصُومًا عَلَيْهَا، أَوْ تَقْطِيعِهَا بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى وَفَاءِ مَا فِيهَا، أَوْ كَتَبَ وَثِيقَةً تُنَاقِضُهَا فَأَوْ عَلَى بَابِهَا. (ص) لَا صَدَاقٌ قُضِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ، أَوْ الْمُطَلِّقَ أَوْ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا وَطَلَبَ وَثِيقَةً لِيَأْخُذَهَا عِنْدَهُ أَوْ لِيَقْطَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى   [حاشية العدوي] الظُّهْرِ أَقْوَى لِمَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَتَاعِ بِالْحَمْلِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ اهـ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ مَظِنَّةَ التَّنْمِيَةِ فَلِفِعْلِهَا تَأْثِيرٌ فِي الْمَحْمُولِ غَالِبًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ. (قَوْلُهُ: يُفْسَخُ) ، أَيْ: حَيْثُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ إضْمَارٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَلَوْ قُرِئَ لِفَسَادِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَلَوْ قُرِئَ لِفَسَادٍ بِالتَّنْوِينِ وَجُعِلَ الْبَيْعُ نَائِبَ فَاعِلِ يُفْسَخُ لَظَهَرَ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْمُوعَ إضَافَةُ فَسَادٍ لِلْبَيْعِ وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ أَوَّلُهَا (قَوْلُهُ: وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي) عِبَارَةُ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ، أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ لَكِنْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ السِّلْعَةَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ، ثُمَّ أَقُولُ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ وَنَصُّهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بَيْعًا فَاسِدًا فَفُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، أَوْ إنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِنَقْدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ:، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَالَهُ عج إنْ وَقَعَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْفَلَسِ فَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِي الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي اهـ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ) قَالَ عج وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَفُتْ وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَتَارَةً يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا فَاتَتْ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا وَتَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتُحِقَّتْ إلَخْ) الْوَاوُ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ يَرَى زِيَادَةَ الْوَاوِ فِي الصِّفَةِ وَلَوْ أَسْقَطَهَا كَانَ أَوْلَى فِي الصِّفَةِ وَلَوْ أَسْقَطَهَا كَانَ أَوْلَى، أَوْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ سِلْعَةً مَعْنَاهُ أُخْرَى فَهِيَ مَوْصُوفَةٌ، وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ وَتَأْتِي فِي الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيْعِ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاضِ الْبَيْعِ) عِلَّةٌ لِلتَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَبِاسْتِحْقَاقِهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فَرَجَعَ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَيُخْرِجُ عِوَضَهَا) فِيهِ أَنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ الْوَثِيقَةَ إذَا ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ سُقُوطَهَا وَادَّعَى الْمَدِينُ دَفْعَ مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مِنْ السِّجِلِّ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: فَالْأَحْسَنُ) ، أَيْ: وَلَوْ كَتَبَ بَرَاءَةً بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهَا خَطُّ الشُّهُودِ لَكَفَتْ قَالَ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، وَالْأَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ كَتْبُ بَرَاءَةٍ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 ذَلِكَ لِمَا لِلزَّوْجَةِ فِيهِ مِنْ الْحُقُوقِ إذْ لَا يُعْلَمُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا إلَّا مِنْهُ، وَلَا يُعْلَمُ تَزْوِيجُهَا إلَّا مِنْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَتَبَ تَارِيخَ الطَّلَاقِ فِي عَقْدِ الصَّدَاقِ، أَيْ: عَلَى ظَاهِرِهِ مَثَلًا (ص) وَلِرَبِّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَثِيقَةَ إذَا وُجِدَتْ فِي يَدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَقَالَ سَقَطَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنِّي، أَوْ سَرَقْتهَا، أَوْ غَصَبْتهَا مِنِّي وَقَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَلْ دَفَعْت مَا فِيهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ وَيُقْضَى لَهُ بِرَدِّهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ شَيْئًا وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَى تَارِيخِهِ وَحِينَئِذٍ عَلَى الْمَدِينِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ وَفَّى؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ أُخِذَ بِإِشْهَادٍ لَا يُبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ (ص) وَلِرَاهِنٍ بِيَدِهِ رَهْنُهُ يَدْفَعُ الدَّيْنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا وُجِدَ بِيَدِ رَاهِنِهِ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدِينِ الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ دَفَعْته إلَيْك وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ مِنْهُ شَيْئًا وَقَدْ سَقَطَ مِنِّي، أَوْ سَرَقْته أَنْتِ مِنِّي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَيُقْضَى لَهُ بِأَنَّهُ دَفَعَ مَبْلَغَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ بِإِشْهَادٍ وَبِغَيْرِ إشْهَادٍ وَلَيْسَ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا الْيَمِينُ أَنَّهُ دَفَعَ مَبْلَغَ الرَّهْنِ، وَسَوَاءٌ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِحَدَثَانِ حُلُولِ الدَّيْنِ، أَوْ بِالْبُعْدِ وَفِي كِتَابَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ دَفْعَهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ سَرَقَهُ، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ، أَوْ سَقَطَ مِنْهُ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا خِلَافٍ إذَا قَامَ بِالْقُرْبِ، وَأَمَّا بَعْدَ الطُّولِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ ح فَإِنْ قُلْت: إذَا ادَّعَى سُقُوطَ الْوَثِيقَةِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِقُرْبٍ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَثِيقَةِ وَبَيْنَ الرَّهْنِ قُلْت: لَعَلَّهُ لِنُدُورِ السُّقُوطِ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْوَثِيقَةِ إذْ الِاعْتِنَاءُ بِحِفْظِ الرَّهْنِ أَشَدُّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِحِفْظِ الْوَثِيقَةِ (ص) كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ، أَيْ: فَيُقْضَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ شَخْصًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدِينٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَهُ وَثِيقَةٌ وَأَنَّهَا سَقَطَتْ أَوْ تَلِفَتْ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَادَّعَى الْمَدِينُ دَفْعَ مَا فِيهَا فَيُقْضَى لِلْمَدِينِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ قَضَاهُ، وَلَا يُصَدَّقُ رَبُّهَا فِي دَعْوَاهُ السُّقُوطَ وَنَحْوَهُ كَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى الرَّاهِنِ الَّذِي بِيَدِهِ رَهْنُهُ بَلْ يُقْضَى بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ الْمَدِينِ أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ بِيَدِهِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّيْنِ فِي دَعْوَاهُ السُّقُوطَ وَنَحْوَهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ إذَا ظَهَرَتْ أَمْكَنَ الشَّاهِدَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهَا وَيَلْزَمُ الدَّيْنُ الْمَدِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِهَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَدِينِ تَأَمَّلْ (ص) وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى وَثِيقَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا مَعَ إحْضَارِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْلَمُ تَزْوِيجُهَا إلَّا مِنْهُ) ، أَيْ: لَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الْقُدُومِ عَلَى تَزْوِيجِهَا إلَّا مِنْهُ فَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّزْوِيجُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا) ، أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، ثُمَّ أَقُولُ قَوْلُهُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَخْ يَقْضِي بِأَنَّ الْجَمْعَ فِي قَوْلِهِ حُقُوقٌ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا) يُنَافِي قَوْلَهُ إذْ لَا يُعْلَمُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا إلَّا مِنْهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَكَانَتْ مُطَلَّقَةً لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُقْضَى لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ، وَلَا لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ إذَا مَاتَ بِأَخْذِ وَثِيقَةِ الصَّدَاقِ، وَلَا بِتَقْطِيعِهَا إذَا قُضِيَ مَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَثِيقَةَ الصَّدَاقِ لَهَا فِي حَسَبِهَا مَنْفَعَةٌ بِسَبَبِ شُرُوطٍ تُذْكَرُ فِيهَا وَلُحُوقُ النَّسَبِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الْوَلَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَتَارِيخِ الطَّلَاقِ لَكِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ إنَّمَا تَنْفَعُ فِيهِ وَثِيقَةُ الصَّدَاقِ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ إذَا كُتِبَتْ حَالَةَ الْعَقْدِ وَقَدْ تَكُونُ وَثِيقَةُ الصَّدَاقِ لَا شَرْطَ فِيهَا وَكُتِبَتْ حَالَةَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبٌ إلَّا الصَّدَاقَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهَا بِالدَّفْعِ إنْ دَفَعَ لَهَا الصَّدَاقَ (قَوْلُهُ: مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) ، أَيْ: كَأَنْ يَدَّعِيَ إعَارَتَهُ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ مُرُورٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الشَّامِلِ لِدَعْوَى السَّرِقَةِ، أَوْ الْإِعَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، أَيْ: بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ سَوَاءٌ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِحَدَثَانِ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ، أَوْ بِالْبُعْدِ وَهَذَا الْقَوْلُ اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا ذَكَرَهُ مَنْ حَقَّقَ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ دَفْعَهُ إلَخْ) ، أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ، أَوْ الْوَدِيعَةِ، أَوْ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْهُ حَيْثُ رَدَّهُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ) ، أَيْ: بِيَمِينٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَبَرِئَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الطُّولِ) أَيْ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ كَمَا اسْتَظْهَرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ تُفَرِّقُ بَيْنَ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قُلْنَا وَبَيْنَ دَعْوَى السَّرِقَةِ، وَالْغَصْبِ، أَوْ السُّقُوطِ وَهَذِهِ الْكِتَابَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَعِبَارَةُ عب ذَهَبَتْ إلَى مَا فِي الْكِتَابَةِ لَكِنَّهَا لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ، وَالْغَصْبِ وَهِيَ تَمُرُّ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ قَامَ بِالْحَدَثَانِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَبَرِئَ كَالصُّنَّاعِ يَقُومُونَ بِالْأَجْرِ بِحَدَثَانِ دَفْعِ الْمَتَاعِ انْتَهَى وَهُوَ ضَعِيفٌ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكِتَابَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمَدِينُ دَفْعَ مَا فِيهَا) أَيْ وَإِنَّهُ قَطَعَهَا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَمَا فِي النَّصِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَبَرِئَ كَالصُّنَّاعِ يَقُومُونَ بِالْأَجْرِ بِحَدَثَانِ دَفْعِ الْمَتَاعِ قَالَهُ سَحْنُونَ كَمَا فِي بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ إشَارَةً إلَى الْإِشْكَالِ الْوَاقِعِ وَهُوَ أَنَّهُ ادَّعَى الْقَضَاءَ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِالدَّيْنِ فَيُؤْخَذُ، وَلَا حَاجَةَ لِلْإِشْهَادِ، وَلَا وَجْهَ لِقَبُولِ قَوْلِهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ وُجُودِ الْوَثِيقَةِ قَوَّى جَانِبَ الْقَضَاءِ فَلِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَدِينِ أَنَّهُ دَفَعَ الْحَقَّ تَدَبَّرْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 الْوَثِيقَةِ وَانْظُرْ بَسْطَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ التَّفْلِيسِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَهُوَ لُغَةً يُقَالُ لِلْمَنْعِ، وَالْحَرَامِ وَيُثَلَّثُ أَوَّلُهُ وَيُقَالُ لِمُقَدِّمِ الثَّوْبِ وَهُوَ مُثَلَّثٌ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُحْكَمِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ قَالَ وَبِهِ دَخَلَ حَجْرُ الْمَرِيضِ، وَالزَّوْجَةِ انْتَهَى، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ عَقَدَ الْبَابَ السَّابِقَ لِلْحَجْرِ نَفْسِهِ وَعَقَدَ هَذَا لِأَسْبَابِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ طَبْعًا فَيُقَدَّمُ وَضْعًا لِيُوَافِقَ الْوَضْعُ الطَّبْعَ لَا أَنَّ تَقْدِيمَهُ وَاجِبٌ كَمَا فَهِمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ عَقْلًا لَا وَضْعًا وَأَسْبَابُ الْحَجْرِ الصِّبَا، وَالْجُنُونُ، وَالتَّبْذِيرُ، وَالرِّقُّ، وَالْفَلَسُ، وَالْمَرَضُ، وَالنِّكَاحُ فِي الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ مِنْهَا الرِّدَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَبْدَأَ كُلِّ سَبَبٍ وَغَايَتَهُ وَقَدَّمَ حَجْرَ الْجُنُونِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصِّبَا فَقَالَ (بَابٌ) الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنُونَ بِصَرْعٍ، أَوْ وَسْوَاسٍ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَى إفَاقَتِهِ فَإِذَا عَادَ عَقْلُهُ زَالَ حَجْرُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكٍّ إنْ كَانَ جُنُونُهُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالرُّشْدِ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لَيْسَ حَجْرًا لِلْجُنُونِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ بَسْطَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّنَا نَذْكُرُ لَك مَا يَتَّضِحُ بِهِ الْمَقَامُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمَا قَالَهُ فِي كَ فَنَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ بِكَلَامِ أَبِي عُمَرَ فِي كَافِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا كَتَبَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ فِي ذِكْرِ الْحَقِّ وَطُولِبَ بِهَا وَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْحَقَّ لَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدُ حَتَّى يُؤْتَى بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَتُهُ بِخَطِّهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَخْذُ الْوَثَائِقِ إذَا أَدَّوْا الدُّيُونَ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ قَالَ لَمْ أَزَلْ أَتَوَقَّفُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْكَافِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِدْيَانَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي دَفْعَهُ وَتَقْطِيعَهُ الْوَثِيقَةَ فَكَيْفَ يَطْلُبُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ شَاهِدٍ عَلَى مُقِرٍّ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ فَيُقَالُ لَا يَشْهَدُ الشَّاهِدُ حَتَّى تُحْضَرَ الْوَثِيقَةُ، أَوْ تَجُوزَ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ وَقَدْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَى ذَلِكَ الْإِشْكَالِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا أَجَابَ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مُقِرٍّ فِي السِّرِّ جَاحِدٍ فِي الْعَلَانِيَةِ اهـ. وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُمَرَ لَمْ يَشْهَدْ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِ لِتَصْدِيقِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يُصَدَّقُ فَأَطْلَقَ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى تَصْدِيقِهِ، وَإِلَّا فَالشَّهَادَةُ هُنَا لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِإِقْرَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَثِيقَةُ مِنْ شَهَادَةٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا عَلَى غَيْرِ فَرْضِ أَبِي عُمَرَ وَهُوَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ لِأَصْلِ الدَّيْنِ فَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ أُشْهِدَ فِي كِتَابِ ذِكْرِ الْحَقِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ ضَاعَ وَسَأَلَ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا حَفِظُوا فَلَا يَشْهَدُوا وَإِنْ كَانُوا حَافِظِينَ لِمَا فِيهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَضَى وَمَحَا الْكِتَابَ فَإِنْ جَهِلُوا وَشَهِدُوا بِذَلِكَ قُضِيَ بِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ يَشْهَدُونَ بِمَا حَفِظُوا إنْ كَانَ الطَّالِبُ مَأْمُونًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْهَدُوا انْتَهَى. [أَسْبَابِ الْحَجْرِ] (قَوْلُهُ: بَقِيَّةُ أَسْبَابِ الْحَجْرِ) ، أَيْ: وَقَدْ ذَكَرَ مِنْ أَسْبَابِهِ إحَاطَةَ الدَّيْنِ، وَالْفَلَسَ (قَوْلُهُ: يُقَالُ لِلْمَنْعِ، وَالْحَرَامِ) ، أَيْ: حُرْمَةِ الْحَرَامِ وَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَهُوَ مَصْدَرُ حَجَرَ الْقَاضِي يَحْجُرُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يُطَابِقُ مَعْنَاهُ لُغَةً، وَلَا اصْطِلَاحًا؛ لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ وَعِنْدَ حَمَلَةِ الشَّرْعِ الْمَنْعُ مِنْ شَيْءٍ خَاصٍّ وَلِذَا حَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَنَقَلَهُ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ) ، أَيْ: بِغَيْرِ تَبَرُّعِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، أَوْ تَبَرُّعُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَبَرُّعُهُ بِمَالٍ إنْ أَرَادَ بِكُلِّهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ أَرَادَ بِبَعْضِ مَالِهِ فَيَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ أَرَادَ بَعْضًا مُعَيَّنًا وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بَعْضُ مَالِهِ وَكَوْنُهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَجْرِ، وَقَوْلُهُ: بِهِ، أَيْ: بِقَوْلِهِ، أَوْ تَبَرُّعُهُ بِمَالِهِ، وَقَوْلُهُ: يَدْخُلُ حَجْرُ الْمَرِيضِ، وَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا التَّبَرُّعُ بِأَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِمَا، وَلَا يَدْخُلُ حَجْرُهُمَا لِقَوْلِهِ مَنَعَ نُفُوذَ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ نُفُوذِ تُصَرِّفهُمَا فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِمَا فَقَوْلُهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ دَخَلَ فِيهِ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالسَّفِيهُ، وَالْمُفَلَّسُ، وَالرَّقِيقُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِي الزَّائِدِ عَنْ الْقُوتِ وَبَقِيَ الْمَرِيضُ، وَالزَّوْجَةُ فَأَدْخَلَهُمَا فِي قَوْلِهِ، أَوْ تَبَرُّعُهُ. (قَوْلُهُ: عَقَدَ الْبَابَ السَّابِقَ لِلْحَجْرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْحَجْرِ الْكُلِّيِّ بَلْ إنَّمَا ذَكَرَ حَجْرًا خَاصًّا وَهُوَ حَجْرُ الْمَدِينِ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ، وَالتَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَيْسَ بِمَالِكٍ) رُدَّ بِأَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَيُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ فَكَوْنُ مَالِهِ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: كُلُّ سَبَبٍ وَغَايَتُهُ) كَأَنْ يَقُولَ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مِنْ مَبْدَإِ جُنُونِهِ لِلْإِفَاقَةِ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ) ، أَيْ: لِأَنَّ الْحَجْرَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَجْنُونِ مِنْ حَيْثُ النَّفْسُ فَقَطْ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَمِنْ حَيْثُ النَّفْسُ، وَالْمَالُ (بَابُ الْحَجْرِ) (قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ) كَانَ جُنُونُهُ مُطْبِقًا، أَوْ مُتَقَطِّعًا وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَقْتَ جُنُونِهِ. (قَوْلُهُ: بِصَرْعٍ، أَوْ وَسْوَاسٍ) نَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْجُنُونِ يُعْرَفَانِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ بِالطَّبْعِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيقُ مِنْهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ) ، أَيْ: مِنْ الْفَكِّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 إنَّمَا هُوَ حَجْرٌ آخَرُ قَدِيمٌ لِلصِّبَا، أَوْ السَّفَهِ قَوْلُهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَيْ: لِأَبَوَيْهِ إنْ كَانَا، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ (ص) ، وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ فَعِيلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ يَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، أَيْ: حَجْرُ النَّفْسِ وَهُوَ حَجْرُ الْحَضَانَةِ إلَى بُلُوغِهِ فَإِذَا بَلَغَ عَاقِلًا زَالَ عَنْهُ وِلَايَةُ أَبِيهِ مِنْ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ وَصِيَانَةِ مُهْجَتِهِ إذْ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُوقِعَ نَفْسَهُ فِي مُهْوَاةٍ، أَوْ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِ، أَوْ عَطَبِهِ قَصْدًا لِذَلِكَ، وَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَاتٍ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اُنْظُرْ بَقِيَّتَهَا إنْ شِئْت فِي الْكَبِيرِ. وَلَمَّا كَانَ الْبُلُوغُ عِبَارَةً عَنْ قُوَّةٍ تَحْدُثُ فِي الشَّخْصِ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى غَيْرِهَا وَتِلْكَ الْقُوَّةُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ فَجَعَلَ الشَّارِعُ لَهَا عَلَامَاتٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى حُصُولِهَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهَا خَمْسٌ مِنْهَا مُشْتَرَكٌ وَمُخْتَصٌّ وَعَطَفَهَا بِأَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَلَامَاتِ مَجْمُوعُهَا أَوَّلُهَا السِّنُّ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى بِقَوْلِهِ (ص) بِثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً (ش) ، أَيْ: بِتَمَامِ ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَشَهَرَ غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِابْنِ وَهْبٍ خَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً، ثُمَّ إنَّ الْعَلَامَاتِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّ مِنْهَا فَرْقُ أَرْنَبَةِ الْمَارِنِ وَنَتِنُ الْإِبْطِ وَغِلَظُ الصَّوْتِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ خَيْطًا وَتُثْنِيَهُ وَتُدِيرَهُ بِرَقَبَتِهِ وَتَجْمَعَ طَرَفَيْهِ فِي أَسْنَانِهِ فَإِنْ دَخَلَ رَأْسُهُ مِنْهُ فَقَدْ بَلَغَ، وَإِلَّا فَلَا (ص) ، أَوْ الْحُلُمُ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى ثَانِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ الْحُلُمُ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْإِنْزَالُ فِي النَّوْمِ وَيَدْخُلُ بِقِيَاسِ الْأَحْرَوِيَّةِ الْإِنْزَالُ يَقِظَةً وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ الْمُخْتَصَّيْنِ بِالْأُنْثَى بِقَوْلِهِ (ص) ، أَوْ الْحَيْضُ، أَوْ الْحَمْلُ (ش) ، وَالْمُرَادُ بِالْحَيْضِ الَّذِي لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي جَلْبِهِ، وَإِلَّا فَيَكُونُ عَلَامَةً وَلِلْخَامِسَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا بِقَوْلِهِ (ص) ، أَوْ الْإِنْبَاتُ (ش) لِلْعَانَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ، وَلَا بُلُوغُ سِنٍّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَشِنُ لَا الزَّغَبُ وَقَوْلُهُ، أَوْ الْإِنْبَاتُ، أَيْ: لِلْعَانَةِ لَا الْإِبْطِ أَوْ اللِّحْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْإِنْبَاتِ النَّبَاتُ؛ لِأَنَّ النَّبَاتَ هُوَ إنْبَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ فَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْمَصِيرِ الْمَزِيدِ إلَى الْمُجَرَّدِ لَكَانَ أَوْلَى بِمُرَادِهِ (ص) وَهَلْ إلَّا فِي حَقِّهِ تَعَالَى تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْبَاتَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ مُطْلَقًا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّ مِنْ حَدٍّ وَطَلَاقٍ وَقِصَاصٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ، أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ فَهُوَ عَلَامَةٌ فِي الظَّاهِرِ كَلُزُومِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا مِثْلُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَشِبْهِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَامَةً قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ حَجْرٌ آخَرُ) ، أَيْ: وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِنَا إنْ كَانَ جُنُونُهُ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْفَكِّ مُطْلَقًا كَانَ جُنُونُهُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالرُّشْدِ أَمْ لَا نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَجْرَ لِلصِّبَا، وَالسَّفَهِ يَحْتَاجُ لِفَكٍّ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ الْمَجْنُونُ مِنْ حَيْثُ جُنُونُهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِفَاقَةِ يَنْفَكُّ عَنْهُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِفَكٍّ وَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ حَجْرِ صِبًا، أَوْ سَفَهٍ إنْ كَانَ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَجْنُونِ مِنْ حَيْثُ النَّفْسُ فَيَزُولُ بِمُجَرَّدِ زَوَالِ الْجُنُونِ فَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا قُلْنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: لِأَبَوَيْهِ) الْمُنَاسِبُ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَا حَجْرَ لَهَا وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ أَنْ يَقُولَ لِأَبِيهِ، أَوْ وَصِيِّهِ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: زَالَ عَنْهُ) إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فَسَادٌ، أَوْ هَلَاكٌ لِجَمَالِهِ مَثَلًا فَيَمْنَعُهُ الْأَبُ، وَالْوَلِيُّ، وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ وَفِي عَبَّ خِلَافُ مَا فِي الشَّارِحِ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى سُقُوطِ حَضَانَتِهَا بِالْبِنَاءِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهَا كَالصَّبِيِّ، وَالْأَظْهَرُ كَلَامُ شَارِحِنَا وَيُوَافِقُهُ شب. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَاتِ إلَخْ) ، أَيْ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذَا حَجْرَ الْمَالِ، ثُمَّ أَبْدَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ إلَى حِفْظٍ وَهَذَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِبُلُوغِهِ مُتَعَلِّقًا بِلَفْظِ الصَّبِيِّ فَهُوَ تَحْدِيدٌ لِلصِّبَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ إلَى حِفْظٍ مُتَعَلِّقًا بِلَفْظِ مَحْجُورٍ فَهُوَ تَحْدِيدٌ لِلْحَجْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي حَجْرِ الْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَمَا يَأْتِي فِيمَنْ لَهُ حَاجِرٌ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ. [عَلَامَات الْبُلُوغ] . (قَوْلُهُ: بِثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً) ، أَيْ: يُعْرَفُ بِثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً وَهِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَانَ قَائِلًا قَالَ لَهُ بِمَاذَا يُعْرَفُ فَقَالَ وَيَجُوزُ فِي ثَمَانٍ حَذَفَ الْيَاءَ مَعَ كَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَإِثْبَاتِ الْيَاءِ سَاكِنَةً وَمَفْتُوحَةً، وَالنُّونُ مَكْسُورَةٌ فِيهِمَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ: لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَلَغَ تَغْلُظُ حَنْجَرَتُهُ وَتَغْلُظُ رَقَبَتُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَمْلُ) فِي أُنْثَى، أَوْ خُنْثَى وَيَزُولُ حِينَئِذٍ إشْكَالُهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا كُبْرُ النَّهْدِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) فِيهِ أَنَّ النَّبَاتَ إذَا كَانَ مَصْدَرًا مُجَرَّدًا يَكُونُ مَعْنَاهُ ظُهُورَ النَّبَاتِ بِمَعْنَى النَّابِتِ، وَالظُّهُورُ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَهُوَ مِثْلُ الْإِنْبَاتِ سَوَاءٌ فَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ أَنَّ النَّبَاتَ نَفْسُ النَّابِتِ فَلَا يَكُونُ مَصْدَرًا بَلْ اسْمٌ لِلنَّابِتِ (قَوْلُهُ: فِي حُقُوقِ اللَّهِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ عَلَامَةٌ فِي الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ، وَالْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ، أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ فِي الظَّاهِرِ كَلُزُومِ الطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ طَلَاقٌ، وَلَا حَدٌّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، أَوْ يَبْلُغَ سِنَّ الِاحْتِلَامِ، وَأَمَّا مِثْلُ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يَلْزَمُ ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 (ص) وَصُدِّقَ إنْ لَمْ يُرَبْ (ش) ، أَيْ: وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْبُلُوغِ، أَوْ عَدَمِهِ طَالِبًا كَانَ، أَوْ مَطْلُوبًا فِي الِاحْتِلَامِ، أَوْ الْإِنْبَاتِ كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى الصَّبِيِّ الْبُلُوغَ لِإِقَامَةِ حَدِّ جِنَايَةٍ فَأَنْكَرَ، أَوْ ادَّعَى هُوَ الْبُلُوغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْوَجْهَيْنِ إنْ لَمْ يُرَبْ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فَالضَّمِيرُ فِي وَصُدِّقَ لِلصَّبِيِّ أَيْ وَصُدِّقَ فِي ادِّعَاءِ الْبُلُوغِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا طَالِبًا، أَوْ مَطْلُوبًا إنْ لَمْ يُرَبْ هَذَا إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ، أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْإِنْبَاتِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِالْعَدَدِ، أَوْ بِالْحَمْلِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا وَيُنْتَظَرُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ وَفِي عِبَارَةٍ وَصُدِّقَ الصَّبِيُّ فِي بُلُوغِهِ إنْ لَمْ يُرَبْ فَإِنْ حَصَلَتْ رِيبَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ طَالِبًا كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ، أَوْ مَطْلُوبًا كَمَا إذَا جَنَى جِنَايَةً وَادُّعِيَ عَلَيْهِ الْبُلُوغَ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّارِحِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَصْدِيقُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَطْلُوبًا فِي هَذَا الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَفِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُهُ. (ص) وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ بِمُعَاوَضَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ مِنْ إجَازَةٍ، أَوْ رَدٍّ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا، أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ اسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ الرَّدِّ، وَالْإِجَازَةِ، وَأَمَّا تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ رَدُّهُ وَظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ لِلتَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ إذَا كَانَتْ فِي الرَّدِّ، أَوْ الْإِجَازَةِ تَعَيَّنَ فِعْلُ مَا هِيَ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهَا لِلِاخْتِصَاصِ وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُ وَلَهُ إنْ رَشَدَ فَالرَّدُّ لَيْسَ خَاصًّا بِالْوَلِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ مَا إذَا أُسِرَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْفِدَاءَ وَامْتَنَعَ وَلِيُّهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ عِنْدَ زَوْجٍ مُوسِرٍ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْوَلِيِّ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ لَوَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ ذَلِكَ مَعَ مَا فِي هَذَا مِنْ دَوَامِ الْعِصْمَةِ وَأَيْضًا لَوْ أَرَادَتْ عَدَمَ الزَّوَاجِ فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْبَرُ الْوَلِيُّ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ فِرَاقَهَا إنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا الْوَلِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ شَرَطَ الْوَاهِبُ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهَا وَفِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَوَّلَيْنِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَعَيَّنَتْ فِيهِمَا فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ خَلَاصَهُ مِنْ الْأَسْرِ وَدَوَامَ الزَّوْجَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا مِنْ ذَلِكَ (ص) وَلَهُ إنْ رَشَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَجْرِ، أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ، أَوْ كَانَ مُهْمِلًا لَا وَلِيَّ لَهُ وَتَصَرَّفَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْحَجْرِ بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ كَمَا كَانَ لِوَلِيِّهِ لَكِنَّ الْخِيَارَ لَهُ هُنَا سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ، أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا السَّفِيهُ إذَا رَشَدَ لَكِنْ فِي السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَهُوَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ (ص) وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَالْإِمْضَاءَ فَإِذَا حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ   [حاشية العدوي] غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى الصَّبِيِّ) هَذَا مَطْلُوبٌ وَقَوْلُهُ، أَوْ اُدُّعِيَ إلَخْ هَذَا طَالِبٌ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِي الْبُلُوغِ مَطْلُوبًا كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ شَيْئًا قَدْ اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَالِغٌ وَوَافَقَ عَلَى جَمِيعِ مَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ ثَبَتَ حِفْظُهُ لِلْمَالِ وَخَالَفَهُ الْأَبُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْمَتَاعِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُ الْمُقِرِّ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ إمَّا لِقَرَابَةٍ، أَوْ صَدَاقَةٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ إلَخْ) وَيُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إذَا جُهِلَ التَّارِيخُ (قَوْلُهُ: طَالِبًا كَمَا لَوْ ادَّعَى إلَخْ) رُبَّمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ تِلْكَ الدَّعْوَى ذَاتَهَا تُهْمَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ رِيبَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ذَاتِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَصْدِيقُهُ) ، أَيْ: مَعَ الرِّيبَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ) ، أَيْ: وَإِنْكَارُهُ الْبُلُوغَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ وَيُرَبْ أَصْلُهُ يَرِيبُ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْيَاءِ إلَى السَّاكِنِ الصَّحِيحِ قَبْلَهَا وَهُوَ الرَّاءُ فَصَارَتْ الْيَاءُ مُتَحَرِّكَةً فِي الْأَصْلِ مُنْفَتِحًا مَا قَبْلَهَا الْآنَ فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَلَمَّا دَخَلَ الْجَازِمُ سَكَنَ الْبَاءُ فَحُذِفَتْ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. (فَرْعٌ) سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْبُلُوغَ هَلْ يُقْبَلُ، أَوْ يُكْشَفُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا اهـ وَلَوْ طَلَبَ وَقَالَ لَمْ أَبْلُغْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْعُ السُّيُورِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ إذَا كَانَتْ فِي الرَّدِّ، أَوْ الْإِجَازَةِ تَعَيَّنَ) ، أَيْ: فَذَلِكَ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاخْتِصَاصِ الشَّامِلِ لِذَلِكَ (أَقُولُ) ، وَالتَّخْيِيرُ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَيْضًا) ، أَيْ: يَرُدُّ جَعْلَهَا لِلِاخْتِصَاصِ (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِرَدِّ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَالرَّدُّ خَاصًّا بِالْوَلِيِّ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ اخْتِصَاصٌ نِسْبِيٌّ، أَيْ: مَا دَامَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ عب مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورُ بَلَغَ أَمْ لَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ: بَعْدُ كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الصَّبِيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهًا تَامًّا (قَوْلُهُ: مَعَ مَا فِي هَذَا مِنْ دَوَامِ الْعِصْمَةِ) ، أَيْ: وَدَوَامُ الْعِصْمَةِ أَمْرٌ نَدَبَ لَهُ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْمُمَيِّزِ، وَالسَّفِيهِ إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَسَكَتَ فَهُوَ إذْنٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَنِثَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ حِنْثَ حَقِيقَةٍ إذْ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ غَيْرِ بَالِغٍ بَلْ الْمَعْنَى عَلَّقَ الْيَمِينَ فِي صِغَرِهِ وَفَعَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحِنْثَ أَنْ لَوْ كَانَ بَالِغًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ فُلَانٍ أَوْ صَدَقَةٍ إنْ دَخَلَ دَارَ زَيْدٍ، ثُمَّ دَخَلَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَلَهُ الرَّدَّ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ وَحَنِثَ فِي حَالِ صِغَرِهِ بِأَنْ دَخَلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُبَالَغَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ السَّفِيهَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرَجَّعَ تت الضَّمِيرَ إلَى الرُّشْدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، أَيْ: بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي حَالِ رُشْدِهِ وَعَلَيْهِ فَيَشْمَلُ الصَّبِيَّ، وَالسَّفِيهَ اهـ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ لَوْ قَالَ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَكِنْ هَذَا يُخَصُّ بِالْحَلِفِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ كَالْحَلِفِ بِالْعِتْقِ، أَيْ: وَإِلَّا فَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ لَازِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَاقِلٌ بَالِغٌ وَلَمَّا كَانَ حِنْثُهُ مَوْقُوفًا عَبَّرَ بِالْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ حِنْثٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لَا حِنْثٌ مُحَتَّمٌ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْحِنْثِ قَبْلَ الْبُلُوغِ صُورَةً وَهُوَ مُخَالَفَةٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهِ يَتَنَازَعُهُ رَشَدَ وَحَنِثَ (ص) ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ أَيْضًا فِي أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ، وَالرَّدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَلَوْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَالسَّدَادِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إمْضَاؤُهُ وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فِيمَا بَاعَهُ، أَوْ نَقَصَ فِيمَا ابْتَاعَهُ وَكَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ التَّخْيِيرُ فِيمَا وَقَعَ الْمَوْقِعَ حَيْثُ تَغَيَّرَ الْحَالُ عَمَّا كَانَ فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ فَفِيهِ نَظَرٌ (ص) وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ (ش) ، أَيْ: وَضَمِنَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزٌ أَمْ لَا مَا أَتْلَفَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أُمِنَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ فَيَضْمَنَ فِي الْمَالِ الَّذِي صِينَ بِهِ خَاصَّةً، ثُمَّ إنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَ حَيْثُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَفِي مَفْهُومِ أَفْسَدَ تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَصْرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ضَمِنَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَى مِنْ الْإِفْسَادِ وَإِنْ أَمِنَ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَبَقِيَ، وَلَا تُتْبَعُ   [حاشية العدوي] يَكُونُ حَلِفًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ فَإِذَنْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ وَبُلُوغِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَصَحَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ فُلَانٍ) ، أَيْ: أَوْ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَبَلَغَ وَدَخَلَهَا فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ) لَا يَأْتِي الْحَمْلُ أَصْلًا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَالْمَعْنَى صَحِيحٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ، أَوْ لِلْحَالِ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ لِأَجْلِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْوَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ تت الضَّمِيرَ إلَى الرُّشْدِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَالَ إلَخْ لَا يَدُلُّ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَطْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ وَرُشْدِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْوَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ حِنْثُهُ إلَخْ) لَا مَعْنَى لَهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: يَتَنَازَعُهُ رُشْدٌ إلَخْ) ، وَالْمُرَادُ بِالرُّشْدِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ إلَخْ) كَلَامُ شب وَعَبَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَغَيَّرَ الْحَالُ) ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عب اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَلَهُ دَفْعًا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ) ، أَيْ: يَحْفَظَ بِهِ مَالَهُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صِينَ بِهِ خَاصَّةً) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَغَذَّى كُلَّ يَوْمٍ بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَيَضْمَنُ فِي هَذَا النِّصْفِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ مَا أَتْلَفَهُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ ضَمِنَهُ فَقَطْ أَوْ كَانَ قَدْرَ النِّصْفِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صِينَ بِهِ خَاصَّةً) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَقَطْ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النِّصْفَ لَا غَيْرُ، وَقَوْلُهُ: صِينَ، أَيْ: حُفِظَ (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ) فَإِنْ تَلِفَ فَأَفَادَ غَيْرُهُ لَمْ يَضْمَنْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ حَمَلَ الْإِفْسَادَ عَلَى مَا يَشْمَلُ طَرْحَهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَمَا يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَرْحُهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ لَا وَصُونَ بِهِ مَالُهُ، أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا أُمِنَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ طَرَحَهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَأَمَّا إذَا أَكَلَهُ مَثَلًا فَإِنْ حَصَلَ بِهِ حِفْظُ الْمَالِ بِأَنْ أَكَلَ عَلَى جُوعٍ مَثَلًا فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي عِنْدَهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّصْوِينُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جُوعٍ فَكَمَا لَوْ طَرَحَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ حَمَلَ الْإِفْسَادَ عَلَى طَرْحِهِ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا لَا عَلَى مَا إذَا انْتَفَعَ بِهِ فِي أَكْلٍ وَنَحْوِهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَرَحَهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا فَيَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَفْهُومِ أَفْسَدَ) لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَنْطُوقِهِ، وَالْحُكْمُ أَنَّك تَقُولُ إنَّهُ إذَا أُفْسِدَ ضُمِنَ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ خِلَافًا لعج وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصْرَفَهُ إلَخْ) مَفْهُومُ أُفْسِدَ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، أَيْ: وَأَمَّا إذَا أَصْرَفَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْإِفْسَادِ فَيُعْطَى حُكْمَهُ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ مُطْلَقًا، أَيْ: كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا بَقِيَ أَمْ لَا وَتُتْبَعُ ذِمَّتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا بَقِيَ أَمْ لَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ حُصُولِ الْيَسَارِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَحْرَى مِنْ الْإِفْسَادِ، أَيْ: وَإِذَا كَانَ يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِفْسَادِ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ فَأَوْلَى إذَا صَرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَمْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أُمِنَ ضَمِنَ إلَخْ، أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَصْرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، أَيْ: وَأَمَّا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 ذِمَّتُهُ اتِّفَاقًا اللَّخْمِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ مِمَّا صِينَ بِهِ مَالُهُ. وَلَمَّا كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَاوَى فِيهَا الْبَالِغَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ (ش) ، أَيْ: وَصَحَّتْ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، أَيْ: وَجَازَتْ أَيْضًا وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصِّحَّةِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ: (ص) كَالسَّفِيهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فَقَطْ وَهُوَ صِحَّةُ وَصِيَّتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا تَامًّا فِي الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إلَى هُنَا إنْ أَرَادَ بِالْمُمَيِّزِ الصَّبِيَّ، أَيْ: وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ وَلَهُ إنْ رَشَدَ إلَخْ وَهَذَا أَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ (ص) إنْ لَمْ يَخْلِطْ (ش) فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْمُمَيِّزِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ تَخْلِيطٌ أَمَّا إنْ حَصَلَ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُمَا لَا تَصِحُّ وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ التَّخْلِيطَ بِالْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ قُرْبَةً وَأَبُو عِمْرَانَ بِأَنْ لَا يَعْرِفَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ، أَوْ إنْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ (ص) إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَزَالُ مُنْسَحِبًا عَلَى الصَّبِيِّ إلَى بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِحِفْظِ الْمَالِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَسَنَ التَّصَرُّفِ وَحِينَئِذٍ يَنْفَكُّ عَنْهُ حَجْرُ أَبِيهِ وَلَوْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَمُقَدَّمِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفُكَّا عَنْهُ الْحَجْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَفَكُّ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ (ش) ، أَيْ: مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي، أَيْ: مَعَ حِفْظِ مَالِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْأَمْرُ فِي فَكِّهِمَا الْحَجْرَ عَنْهُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَإِنَّمَا كَانَ الْوَصِيُّ هُنَا أَقْوَى مِنْ الْأَبِ وَهُوَ فَرْعُهُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ الِابْنَ فِي وِلَايَةِ الْوَصِيِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَجَر عَلَيْهِ، أَيْ: بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَلَوْ مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ تَصِيرُ أَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ، وَلَا بُدَّ مِنْ فَكِّ الْحَاكِمِ، وَلَا يُقَالُ صَارَ مُهْمَلًا، وَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ الْآتِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ إلَخْ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ (ص) إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ وَيَرُدَّ تَصَرُّفَ كُلٍّ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ، وَأَمَّا الشَّيْءُ التَّافِهُ مِثْلُ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا يَأْكُلُهُ كَالْخُبْزِ، وَالْبَقْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ وَلِيَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمَحْجُورِ فَهِيَ الَّتِي تَقْبِضُ نَفَقَتَهَا وَأَخَذَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلُ الدِّرْهَمِ يَبْتَاعُ بِهِ لَحْمًا أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَدْفَعُ لَهُ غَيْرَ نَفَقَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ يَدْفَعُ لَهُ نَفَقَتَهُ   [حاشية العدوي] لَوْ أُمِنَ صَرْفُهُ فِيمَا لَهُ غِنًى عَنْهُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا (قَوْلُهُ: اللَّخْمِيُّ إلَخْ) كَلَامُ اللَّخْمِيِّ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أُمِنَ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَهِيَ لَعَجَّ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي يُفِيدُهَا النَّقْلُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْأَقَلَّ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَ مَا أَفْسَدَهُ يُسَاوِي نِصْفَيْنِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا نِصْفًا فَقَطْ فَإِذَا كَانَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ يُسَاوِي نِصْفَيْنِ وَمَا أَتْلَفَهُ يُسَاوِي نِصْفًا فَيَضْمَنُ نِصْفًا فَقَطْ. [وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ] (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) ، أَيْ: لِعُمُومِهِ وَشُمُولِهِ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَمَّا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُرَادُ بِالْمُمَيِّزِ مَا يَشْمَلُ السَّفِيهَ، وَالْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ بَعْدُ جَارِيَةٌ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ إلَّا قَوْلَهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ فَقَاصِرٌ عَلَى الصَّبِيِّ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ فَمُؤَدَّى الِاحْتِمَالَيْنِ وَاحِدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ تُوَجَّهَ الْأَوْلَوِيَّةُ بِجَعْلِ الْكَلَامِ عَلَى مَسَاقٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَسَاقٍ وَاحِدٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَعْرِفَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ) بِأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِدِينَارٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارَيْنِ وَهَكَذَا فَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ التَّنَاقُضُ (قَوْلُهُ: إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ) بِأَنْ لَا يَصْرِفَهُ فِي لَذَّاتِهِ وَلَوْ مُبَاحَةً وَإِنْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ فِي الْمُصَنِّفِ شَيْئًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْحَافِظُ لِمَالِ ذِي الْأَبِ فَلَوْ قَالَ إلَى حِفْظِ ذِي الْأَبِ مَالَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، وَالتَّقْدِيرُ إلَى حِفْظِ ذِي الْأَبِ مَالَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا حَذَفَ الْفَاعِلَ هُنَا احْتَاجَ لِلْإِظْهَارِ فِيمَا بَعْدُ حَيْثُ قَالَ ذِي الْأَبِ، وَقَوْلُهُ: وَفَكُّ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ، أَيْ: بَعْدَهُ فَحَذَفَ لَفْظَ بَعْدَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَصِفَةُ إطْلَاقِ الْحَجْرِ مِنْ الْوَصِيِّ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَ فُلَانٌ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ رُشْدُ يَتِيمِهِ فُلَانٍ أَطْلَقَهُ وَرُشْدُهُ وَمِلْكُهُ أَمْرَهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ سَفِيهًا رُدَّ فِعْلُهُ وَعُزِلَ الْوَصِيُّ وَجُعِلَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ شَيْئًا مِمَّا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ) حَاصِلُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الصَّبِيَّ مَتَى بَلَغَ رَشِيدًا خَرَجَ مِنْ حَجْرِ أَبِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكٍّ مَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّشْدِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بَلْ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَلَوْ قَبْلَهُ فَإِذَا مَا ذَكَرَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِالْفَكِّ، وَالْمُرَادُ بَلَغَ رَشِيدًا، أَيْ: تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَإِنْ جُهِلَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ، أَيْ: بَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ حَالُهُ. (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ) هَذَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي هُوَ مُعْتَمَدٌ وَتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ الْإِشْعَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ، وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ حَجْرُ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: لِعَيْشِهِ) ، أَيْ: ضَرُورَاتِهِ وَمَصَالِحِهِ كَحِلَاقَةِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ ثَوْبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: لِعَيْشِهِ، أَيْ: وَهُوَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يُدْفَعُ لَهُ وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ وَرُبَّمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا إذْ لَا يُشْتَرَى اللَّحْمُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْفُلُوسِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الدِّرْهَمَ إذَا دُفِعَ لَهُ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ إذَا دُفِعَا لَهُ مِنْ نَفَقَةٍ فَاشْتَرَى بِذَلِكَ شَيْئًا لِعَيْشِهِ فَإِنَّ فِعْلَهُ مَاضٍ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ مِنْ مَتَاعِهِ شَيْئًا لِعَيْشِهِ فَإِنَّ لِلْوَلِيِّ النَّظَرَ فِيهِ وَلَوْ قَلَّ كَذَا يَنْبَغِي وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إلَخْ) ، أَيْ: وَكَذَا يُدْفَعُ لَهُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 وَنَفَقَةَ رَقِيقِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مَا يَخُصُّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ بِالْعَطْفِ عَلَى تَصَرُّفٍ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ مَا يَعُمُّهُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (ص) لِإِطْلَاقِهِ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبِهِ وَنَفْيِهِ وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ وَقِصَاصٍ وَنَفْيِهِ وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ (ش) ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُمَيِّزَ الْبَالِغَ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهُ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ اسْتِلْحَاقُ النَّسَبِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي بَابِهِ وَكَذَلِكَ إذَا نَفَى نَسَبَهُ بِلِعَانٍ فِي الزَّوْجَةِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُعَارِضَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الِاسْتِلْحَاقِ إثْبَاتُ وَارِثٍ وَإِتْلَافُ مَالٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ كَلَامٌ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ، وَالنَّفَقَةُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ بِقَيْدِ الْقِلَّةِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْفَلَسِ حَيْثُ قَالَ وَتَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ وَقِيلَ لَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا مُطْلَقًا، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ، وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ جِنَايَاتُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ جَرْحٍ، أَوْ قَذْفٍ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ إذَا عَفَا عَمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ جِنَايَةً عَمْدًا إذَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْعَفْوُ مَجَّانًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ عُقُوبَةٍ فِي بَدَنِهِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا قَطَعْت يَدَ زَيْدٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ جِرَاحِ الْخَطَإِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ فَإِنْ أَدَّى جَرْحُهُ إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ وَعَفَا عَنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ فِي ثُلُثِهِ كَالْوَصَايَا وَمَا فِي مَعْنَى الْخَطَإِ مِنْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْجَائِفَةِ كَالْخَطَإِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُهَا مِنْ الصَّغِيرِ فَجَعَلَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ سَبْقَ قَلَمٍ. (ص) وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَفْعَالَ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ الْمُحَقَّقِ السَّفَهِ إذَا تَصَرَّفَ وَلَوْ بِغَيْرِ عَرَضٍ كَعِتْقٍ وَنَحْوِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ كَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ عِنْدَهُ السَّفَهُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَلَوْ رَشَدَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَتَصَرَّفَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِإِطْلَاقِهِ فَالْحُكْمُ الْمُتَقَدِّمُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَنْعَكِسُ هُنَا فَمَالِكٌ يَمْنَعُ أَفْعَالَهُ لِوُجُودِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ عِلَّةُ الْمَنْعِ عِنْدَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُجِيزُ أَفْعَالَهُ لِوُجُودِ الرُّشْدِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ عِنْدَهُ وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْبَالِغِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُهْمَلَ تَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَوْ كَانَ ذَكَرًا وَعَلَى الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى الْمُهْمَلَةَ تَصَرُّفَاتُهَا مَرْدُودَةٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ تُعَنِّسَ، أَوْ يَمْضِيَ لِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا الْعَامَ فَتَجُوزُ أَفْعَالُهَا حَيْثُ عَلِمَ رُشْدَهَا، أَوْ جَهِلَ حَالَهَا، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ سَفَهَهَا فَتُرَدُّ أَفْعَالُهَا وَبِعِبَارَةٍ وَتَصَرُّفُهُ أَيْ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُهْمَلِ الْمَعْلُومِ السَّفَهِ، وَأَمَّا الْمَجْهُولُ الْحَالُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ رُشْدُهُ مِنْ سَفَهٍ فَأَفْعَالُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ بِاتِّفَاقٍ وَيَأْتِي مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ وَتَقَدَّمَ مُحْتَرَز الثَّانِي فِي قَوْلِهِ، وَالصَّبِيُّ، وَالثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ الْمَجْنُونُ، وَالرَّابِعُ فِي قَوْلِهِ إلَيَّ حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ وَلَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَفِي إجَازَةِ أَفْعَالِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ وَرَدَّهَا قَوْلَانِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُ قَوْلُ مَالِكٍ (ص) وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى دُخُولُ زَوْجٍ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا (ش) ، أَيْ: فَيُزَادُ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا مَرَّ   [حاشية العدوي] وَخَادِمِهَا فَتُعْطَى لَهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَحْسَنَتْ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً دُفِعَتْ نَفَقَتُهَا لِسَيِّدِهَا، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ بَلْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا أُخِذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ نَفَقَةٌ لِأَحَدٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ فِي مَالٍ لَا فِي طَلَاقٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لَا أَنْ يَتَصَادَقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَتَصَرُّفُهُ) ، أَيْ: إذَا كَانَ الْأَبُ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلُ (فَائِدَةٌ) الْحَجْرُ عَلَى مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا يَكُونُ مِنْ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا عَلَى الصَّبِيِّ، أَوْ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَمِنْ الْأَبِ فَالْحَاجِرُ فِي الْأَوَّلِ الْحَاكِمُ وَفِي الثَّانِي الْوَلِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُنُونَ تَارَةً يَطْرَأُ عَلَى بَالِغٍ رَشِيدٍ وَتَارَةً عَلَى بَالِغٍ سَفِيهٍ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى بَالِغٍ رَشِيدٍ فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْحَاكِمِ فَإِذَا زَالَ جُنُونُهُ عَادَ لِحَالَتِهِ الْأُولَى وَهِيَ الرُّشْدُ وَإِذَا طَرَأَ عَلَى سَفِيهٍ فَالْحَجْرُ لِوَلِيِّهِ مُسْتَمِرٌّ فَإِذَا زَالَ الْجُنُونُ عَادَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إلَّا أَنْ يَزُولَ جُنُونُهُ وَقَدْ بَلَغَ رَشِيدًا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ) أَيْ وَلَهُمَا الْعَكْسُ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مَنْصُوصَانِ لَا مُخْرَجَانِ (قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ السَّفَهِ) أَفَادَ كَلَامُهُ هَذَا أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ، أَيْ: الشَّخْصُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْمَعْلُومُ السَّفَهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مُحْتَرَزٌ) هَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْآتِيَ فِي الْأُنْثَى الَّتِي لَهَا وَلِيٌّ مُحْتَرَزُ مَا هُنَا لَا وَلِيَّ لَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ مُحْتَرَزُ الثَّانِي (قَوْلُهُ:، وَالثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ الْمَجْنُونُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ حَجْرَ مَالٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَجْرُ النَّفْسِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِفَاقَةِ يَنْفَكُّ عَنْهُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ وَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ حَجْرِ صِبًا، أَوْ سَفَهٍ إنْ كَانَ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: دُخُولُ زَوْجٍ بِهَا) ، أَيْ: مُجَرَّدُ دُخُولِ الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَهِيَ عَلَى السَّفَهِ وَلَوْ عُلِمَ رُشْدُهَا (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَال ذِي الْأَبِ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَيْ: فَيُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ إلَخْ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْعُدُولِ، وَلَا يُكْتَفَى بِسُؤَالِ الْجِيرَانِ غَيْرَ أَنَّ عج أَفَادَ نَقْلًا عَنْ عِيَاضٍ الْمُرَادُ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ بِسَفَهٍ. (أَقُولُ) فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ إلَى حِفْظِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 فِي كُلِّ وَاحِدٍ فَذَاتُ الْأَبِ يُزَادُ لَهَا مَعَ حِفْظِ الْمَالِ، وَالْبُلُوغُ دُخُولٌ زَوْجٍ بِهَا وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا إنْ لَمْ يُرْشِدْهَا الْأَبُ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَاتُ الْوَصِيِّ، وَالْمُقَدَّمِ يُزَادُ لَهَا مَعَ الْبُلُوغِ وَحِفْظُ الْمَالِ وَفَكُّ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُقَدَّمِ دُخُولُ زَوْجٍ شَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا إنْ لَمْ يُرْشِدَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْمُهْمَلَةُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَزِيدَ، أَيْ: عَلَى مَا مَرَّ فِي الذَّكَرِ مِنْ حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ وَفَكِّ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ وَقَدْ مَرَّ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَجْرِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُدُولِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْأُنْثَى يَنْفَكُّ بِدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَى حُسْنِ تَصَرُّفِهَا وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا عَلَيْهَا حَجْرًا، وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَكٍّ إذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَانْظُرْ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِي الْكَبِيرِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ حَدَّ الْحَجْرِ فِي ذَاتِ الْأَبِ الرُّشْدُ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ بِالصَّلَاحِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فِي ذَاتِ الْوَصِيِّ، وَالْمُقَدَّمِ الْفَكُّ أَشَارَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ تَرْشِيدٌ فَقَالَ (ص) وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرْشِدَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَ قَبْلَ دُخُولِهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَسَوَاءٌ عَلِمَ رُشْدَهَا أَمْ لَا وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا كَمَا مَرَّ، وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا كَبِكْرٍ رَشَدَتْ، وَأَمَّا بَيْعُهَا وَمُعَامَلَاتُهَا فَهِيَ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا فِيهَا فَلَا يَمْضِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِإِجَازَةِ أَبِيهَا (ص) كَالْوَصِيِّ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهَا وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ (ش) التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ التَّرْشِيدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُرْشِدَ الْبِكْرَ الْبَالِغَ الَّتِي فِي حِجْرِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى زَوْجِهَا لَا قَبْلَهُ وَاخْتُلِفَ فِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي هَلْ لَهُ أَنْ يُرْشِدَ الْبِكْرَ الْبَالِغَ الَّتِي فِي حِجْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهَا عَلَى زَوْجِهَا أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُرْشِدَ أَمَتَهُ، أَوْ عَبْدَهُ وَيَصِيرَ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الْبِكْرِ إذَا رَشَدَتْ أَوْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْشِدَهُمَا وَيَأْتِي قَوْلُهُ وَحَجْرٌ عَلَى الرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّرْشِيدِ بِقَوْلِ الْمُرْشِدِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ مُوجِبِهِ   [حاشية العدوي] مَالِ ذِي الْأَبِ لَيْسَ تَحْقِيقًا وَلَوْ احْتِمَالًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَاتَ الْأَبِ تَخْرُجُ بِحِفْظِ الْمَالِ مَعَ دُخُولِ زَوْجٍ وَشَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا وَتَخْرُجُ ذَاتُ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُقَدَّمِ بِفَكِّهِمَا بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهِمَا وَشَهَادَةِ الْعُدُولِ كَمَا ذُكِرَ فَدُخُولُ الزَّوْجِ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ مَزِيدَانِ بَعْدَ حِفْظِ الْمَالِ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَغَيْرِهَا وَقَبْلَ فَكِّ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمَزِيدَ عَلَى الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لَاحِقًا كَمَا فِي ذَاتِ الْأَبِ وَغَيْرِهِ وَسَابِقًا عَلَيْهِ كَمَا فِي ذَاتِ الْوَصِيِّ، وَالْمُقَدَّمِ فَالدُّخُولُ، وَالشَّهَادَةُ سَابِقَانِ عَلَى الْفَكِّ فِي ذَاتِ الْوَصِيِّ، وَالْمُقَدَّمِ، وَلَاحِقَانِ لِحِفْظِ الْمَالِ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَغَيْرِهَا وَتَصْدُقُ مَعْنَى الزِّيَادَةِ فِيهِمَا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الذَّكَرِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى خَاصًّا بِذَاتِ الْأَبِ كَمَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُرْشِدَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ) ، أَيْ: قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا هُوَ مُفَادُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا إلَخْ، وَالْمُنَاسِبُ إنْ لَمْ يُرْشِدْهَا الْأَبُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَيْ: قَبْلَ الدُّخُولِ وَشَهَادَةِ الْعُدُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ مَا يَخْرُجُ بِهِ) ، أَيْ: مَرَّ مَا يَخْرُجُ بِهِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْحَجْرِ هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ أَنَّهُ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُعَنِّسَ (قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ) قَالَ مُحَشِّي تت وَتَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ بِالْعُدُولِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ رُشْدٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اثْنَانِ وَهَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّ التَّرْشِيدَ، وَالتَّسْفِيهَ لَا يَكْفِي فِيهِ الْعَدْلَانِ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي تُحْفَتِهِ وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَلَا يُجْزِي فِي ذَلِكَ شَاهِدَانِ كَمَا يُجْزِي فِي الْحُقُوقِ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ لَا يُكْتَفَى بِرَجُلَيْنِ فِي تَرْشِيدِ السَّفِيهِ إلَّا مَعَ الْفُشُوِّ وَنَقَلَ عَنْ الْجَزِيرِيِّ فِي وَثَائِقِهِ شُهُودُ التَّرْشِيدِ تَجِبُ فِيهِمْ الْكَثْرَةُ وَأَقَلُّهُمْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَرْبَعَةٌ وَكَذَا التَّسْفِيهُ. [الْحَجْرَ عَلَى الْأُنْثَى] (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا) ، أَيْ: بِأَنْ يَجِدَّ عَلَيْهَا الْحَجْرُ بَعْدَمَا حَفِظَتْ الْمَالَ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَقَبْلَ الشَّهَادَةِ، أَوْ قَبْلَ حُصُولِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، أَوْ قَبْلَ حُصُولِهِمَا مَعًا لَمْ يُعْتَبَرْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى فَكِّهِ إذَا حَصَلَ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) اعْتَرَضَهُ تت بِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُفَرِّعْ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ عَلَى قَوْلِهِ وَشَهَادَةٌ بَلْ عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ مُضِيُّ عَامٍ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي الْوَاضِحَةِ فَتَكُونُ أَفْعَالُهَا قَبْلَ الْعَامِ مَرْدُودَةً مَا لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهَا وَبَعْدَهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُعْلَمْ سَفَهُهَا، أَوْ مَضَى عَامَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ، أَوْ سِتَّةُ أَعْوَامٍ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ سَبْعَةٌ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى مَضَى سَبْعَةُ أَعْوَامٍ بَعْدَ الدُّخُولِ لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ قُرْطُبَةَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَاقِعًا فِي مَحَلِّهِ وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ انْفَكَّ عَنْهَا الْحَجْرُ وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا عَلَيْهَا الْحَجْرَ قَبْلَ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجِهِ إلَى الْفَكِّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ حِفْظُهَا لِلْمَالِ، وَلَا شَهِدَتْ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَبًا أَنَّهَا سَفِيهَةٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ انْتَهَى شب (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَيْعُهَا وَمُعَامَلَاتُهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ النُّصُوصُ مُفِيدَةٌ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُعَامَلَاتِ بَلْ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُرْشِدْهَا الْأَبُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمُعَامَلَاتِ قَطْعًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهَا وَإِنَّمَا التَّرْشِيدُ بِقَوْلِ الْمُرْشِدِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ الْمُوجِبِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ) الرَّاجِحُ لَا وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْشِيدُ بَعْدَ الدُّخُولِ إلَّا إذَا ثَبَتَ مُوجِبُهُ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ وَشَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ إلَخْ) فَائِدَةُ هَذَا التَّرْشِيدُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهَا تَصِيرُ رَشِيدَةً وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا. (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْبِكْرِ) ، أَيْ: فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي سَنَدٌ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهَا. وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْوَلِيِّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَنْ هُوَ فَقَالَ (ص) ، وَالْوَلِيُّ الْأَبُ وَلَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ رَشِيدًا هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ صَبِيًّا، أَوْ سَفِيهًا فَغَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إلَّا بِإِيصَاءٍ مِنْ الْأَبِ، أَوْ الْحَاكِمِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْأَبُ سَفِيهًا هَلْ يَنْظُرُ وَصِيُّهُ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ لَا يَنْظُرُ إلَّا بِتَقْدِيمٍ خَاصٍّ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَعَلَى الثَّانِي الْعَمَلُ وَلِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ وَلَدِهِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ مِنْ رَبْعٍ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْأَبِ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ، وَالسَّدَادِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ كَمَا يَأْتِي وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ (ش) مُنْتَقَدٌ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِبَيْعِهِ مِنْ سَبَبٍ لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَهُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ (ص) ، ثُمَّ وَصِيُّهُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ وَهَلْ كَالْأَبِ، أَوْ إلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَبُ فَوَصِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَنْظُرُ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَهَلْ أَفْعَالُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّدَادِ فِي الرِّبَاعِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُكَلَّفُ لِبَيَانِ السَّبَبِ، أَوْ تُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ وَأَنَّهُ بَاعَ لِسَبَبٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ بَلْ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ إلَّا فِي الرِّبَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ الَّذِي أَدَّى إلَى بَيْعِهَا وَيُصَدَّقُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ خِلَافٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ تَشْبِيهِ الْوَصِيِّ بِالْأَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ السَّبَبِ فِي الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ الْبَيْعُ وُجِدَ سَبَبٌ أَمْ لَا بَيَّنَهُ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوَصِيِّ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، أَوْ لَا. (ص) وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِلثَّوَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ إنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَالْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْحَاكِمُ كَالْوَصِيِّ (ص) ، ثُمَّ حَاكِمٌ وَبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ، وَالتَّسَوُّقُ وَعَدَمُ إلْغَاءِ زَائِدٍ، وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ (ش) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ مَرْتَبَةَ الْحَاكِمِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ فَيَتَوَلَّى أَمْرَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يُقِيمُ لَهُ مَنْ يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِ، ثُمَّ إنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ مَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى صَرْفِ ثَمَنِهِ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ إلَّا بِشُرُوطِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُ الصَّغِيرِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ أَبِيهِ وَإِهْمَالِهِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ وَصِيٍّ لَهُ أَوْ مُقَدَّمٍ وَمَلَّكَهُ لِلَّذِي يَبِيعُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ لَهُ وَأَنَّ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ أَوْلَى مَا يُبَاعُ عَلَى الْيَتِيمِ أَيْ أَوْلَى مِنْ إبْقَائِهِ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ حِيَازَةُ الشُّهُودِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي يُبَاعُ خَشْيَةَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِمِلْكِهِ لَهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَتَضَمَّنْ شَهَادَةٌ بِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْحِيَازَةِ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ ذِكْرِ شُهُودِ الْمِلْكِ حُدُودَ الدَّارِ مَثَلًا وَمَحَلَّهَا وَسَائِرَ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ فَيُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ التَّسَوُّقُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُبَاعُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَعَدَمُ وُجُودِ مَنْ يَزِيدُ عَلَى مَا أَعْطَى فِيهَا وَأَنَّ الثَّمَنَ سَدَادٌ، أَيْ: ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ لَا نَسِيئَةً، وَلَا عَرَضًا خَوْفَ الْعُدْمِ، وَالرُّخْصِ فَإِنْ قُلْت: الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ إلَّا لِلْغِبْطَةِ بِأَنْ يَكُونَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْرَ الثُّلُثِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ قُلْت: الْحَاكِمُ تَصَرُّفُهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ عَامٌّ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُوصَى عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَخْ) إمَّا بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ، أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ وَرُوحُ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلْت نَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ، وَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ أَصْلًا، وَلَا نُقَيِّدُهُ بِمَا يَأْتِي. [مَنْ هُوَ الْوَلِيّ] (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَصِيُّهُ) ، أَيْ: الْأَبِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ أَيْ الْوَصِيُّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ وَصِيَّ الْأَبِ (قَوْلُهُ: فَبِبَيَانِ السَّبَبِ) ، أَيْ: الْآتِي الَّذِي يُبَاعُ عَقَارُهُ لَهُ، وَالرَّبْعُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْزِلُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَقَارُ مُطْلَقًا وَعَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ مِنْ الْعَقَارِ كَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوَصِيِّ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ) ، أَيْ: الَّذِي هُوَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَاكِمٌ) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَمَالُ يَتِيمِ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ: بِثُبُوتِ يُتْمِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى بَعْدَ (قَوْلُهُ: وَمِلْكُهُ مَا بِيعَ) أَيْ لِمَا يُرَادُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمَلَكِيَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ) فَتَقُولُ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ، أَيْ: أَحَطْنَا بِهِ هُوَ الَّذِي نَشْهَدُ بِمِلْكِهِ لِلْيَتِيمِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ إبْقَائِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْلَى مِنْ بَيْعِ غَيْرِهِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) ، أَيْ: إظْهَارُهُ فِي السُّوقِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَفِي شَرْحِ شب الْمُرَادُ بِهِ إظْهَارُهُ لِلْبَيْعِ وَإِشْهَارُهُ بِالْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا تَكَرُّرُ وُقُوفِهِ بِالسُّوقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَأَيْضًا الْوُقُوفُ بِهِ فِي السُّوقِ لَا يَأْتِي فِي الْعَقَارِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ لَا وُرُودَ لَهُ أَصْلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا لِلْغِبْطَةِ الَّذِي هُوَ الزِّيَادَةُ الثُّلُثُ بَلْ يَبِيعُ لِغَيْرِهَا، وَالْبَيْعُ لِغَيْرِ الْغِبْطَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الثَّمَنِ يَزِيدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ إلَخْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت: الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ إلَّا لِلْغِبْطَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي أَنَّهُ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ، أَيْ: فَيُقَالُ إنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ كَالْوَصِيِّ هَذَا مُرَادُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ أَصْلًا، وَلَا وُرُودَ لِذَلِكَ أَصْلًا وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَصِيَّ، وَالْحَاكِمَ يَبِيعَانِ لِلْغِبْطَةِ وَلِغَيْرِهَا فَيُقَالُ مَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ، وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ مَا يُبَاعُ لَهُ، أَوْ يُرَادُ بِالسَّدَادِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الْغِبْطَةِ كَذَا وَفِي الْبَيْعِ لِحَاجَةِ كَذَا وَهَكَذَا، وَقَوْلُهُ: وَفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الشُّهُودَ اُنْظُرْ هَلْ يُنْقَضُ حُكْمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْغَائِبِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَمَّى الشُّهُودَ، وَإِلَّا نُقِضَ أَمْ لَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 يَتَّجِهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ إلَخْ فِي الْوَصِيِّ وَيَأْتِي أَنَّهُ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ وَهَذِهِ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي تَرِكَتَهُ قَبْلَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِ الْبَيْعِ فَأَفْتَى السُّيُورِيُّ بِرَدِّ بَيْعِهِ وَيَلْزَمُهُ الْمِثْلُ، أَوْ الْقِيمَةُ إنْ فَاتَ وَكَذَا لَوْ فَرَّطَ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ حَتَّى هَرَبَ الْمُشْتَرِي، أَوْ هَلَكَ (ص) وَفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ قَوْلَانِ (ش) ، أَيْ: وَهَلْ يَفْتَقِرُ الْحَاكِمُ إلَى أَنْ يُصَرِّحَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَوْجَبُوا الْبَيْعَ عِنْدَهُ، أَوْ لَا يَفْتَقِرُ إلَى التَّصْرِيحِ بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ يَقُولَ ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَتِهِ الْبَيِّنَةَ الَّتِي حَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِهَا، وَإِلَّا نُقِضَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ وَسَمَّى الشُّهُودَ، وَإِلَّا نُقِضَ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَاكِمِ الْعَدْلِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ، وَإِلَّا نُقِضَ (ص) لَا حَاضِنٌ كَجَدٍّ وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ وَفِي حَدِّهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ وَنَحْوَهُ كَالْأَخِ، وَالْعَمِّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ مَحْضُونِهِ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، أَيْ: الَّذِي ثَمَنُهُ يَسِيرٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى قَرِيبًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَالْمُرَادُ بِالْحَاضِنِ هُنَا الْكَافِلُ وَتَمْثِيلُهُ بِالْجَدِّ يُوهِمُ قَصْرَ الْحُكْمِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَفِي حَدِّ الْيَسِيرِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ بِعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثِينَ تَرَدُّدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِحَالِ مَالِكِهِ مِنْ كَوْنِهِ كَثِيرَ الْمَالِ، أَوْ لَا وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ لِمَا ذُكِرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَالَ وَانْظُرْ بِالنِّسْبَةِ لِمَاذَا، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُسْأَلَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ عَنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ الْعَشَرَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ قَلِيلَةً وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ التَّحْدِيدِ بِعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ وَلَوْ قَالَ وَعُمِلَ بِجَوَازِ الْيَسِيرِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَإِنْ قِيلَ لَمْ يَكُنْ الْحَاضِنُ غَيْرَ وَلِيٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفِ وَوَلِيًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ النِّكَاحَ أَقْوَى مِنْ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النِّكَاحَ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهِ بَلْ هُوَ بِإِذْنِ الزَّوْجَةِ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُ هُوَ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ حَصَلَ إذْنٌ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَحِينَئِذٍ فَالْبَيْعُ أَقْوَى بِاسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ لَوْ جُعِلَ وَلِيَا كَذَا وَقَعَ فِي الْمُذَاكَرَةِ. (ص) وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُ التَّشَفُّعِ، وَالْقِصَاصِ فَيَسْقُطَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ أَبًا، أَوْ غَيْره لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِمَحْجُورِهِ وَلَوْ سَفِيهًا إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي حَقِّ الْمَحْجُورِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَظَرًا فَلَهُ الْأَخْذُ إذَا رَشَدَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ أُسْقِطَ وَصِيٌّ، أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ الْقِصَاصَ فِي الْأَطْرَافِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى الصَّغِيرِ إذَا كَانَ التَّرْكُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَلَيْسَ لَهُ إذَا بَلَغَ الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي، وَأَمَّا السَّفِيهُ الْكَبِيرُ فَيُنْظَرُ فِي قِصَاصِ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ لِإِطْلَاقِهِ وَقِصَاصٌ وَنَفْيُهُ (ص) ، وَلَا يَعْفُو (ش) ، أَيْ: لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجَانِي لَا فِي عَمْدٍ، وَلَا فِي خَطَأٍ نَعَمْ إنْ دَفَعَ الدِّيَةَ، أَوْ غَيْرَهَا مِنْ مَالِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ وَبِعِبَارَةٍ، وَلَا يَعْفُو أَيْ مَجَّانًا، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا لِعُسْرٍ فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ، أَيْ: عُسْرِ الْجَانِي وَيُحْتَمَلُ عُسْرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْقِصَاصِ، وَالْعَفْوِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْجِرَاحِ كَقَطْعِ يَدِهِ إلَّا لِعُسْرٍ فَيَجُوزُ، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ، أَوْ الدِّيَةِ كَامِلَةً (ص) وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ أَبًا، أَوْ غَيْرَهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ مَحْجُورِهِ مِنْ صَغِيرٍ، أَوْ سَفِيهٍ عِتْقًا نَاجِزًا بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ فَإِنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ حَيْثُ كَانَ الْعِوَضُ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَأَكْثَرَ فَلَوْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ رُدَّ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْجَبُوا الْبَيْعَ) ، أَيْ: شَهِدُوا بِمُوجِبَاتِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: كَجَدٍّ إلَخْ) ، أَيْ: إلَّا لِعُرْفٍ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ كَمَا يَتَّفِقُ فِي أَهْلِ الْبَوَادِي يَمُوتُ شَخْصٌ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَيَحْضُنُ الصَّغِيرَ قَرِيبُهُ فَهُوَ الْوَصِيُّ نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ، وَقَوْلُهُ: وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ قَالَ فِي كَ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَيُرَدُّ فِعْلُهُ وَلَوْ طَالَ وَلَهُ إنْ رَشَدَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِعَشَرَةٍ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِعِشْرِينَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ إلَّا أَنَّ كُلًّا مِنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَابْنِ الْعَطَّارِ زَادَ وَنَحْوَهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثِينَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ زَرِبٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي الْيَسَارَةِ لِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْظَرَ لِذَلِكَ الْمَالِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ يَسِيرًا مَضَى تَصَرُّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْيَتِيمِ إلَّا هَذَا الْمَالُ وَقَوْلُهُ، وَالظَّاهِرُ إلَخْ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْيَتِيمِ مَالٌ آخَرُ تُنْظَرُ الْعَشَرَةُ بِاعْتِبَارِهِ هَلْ هِيَ كَثِيرَةٌ، أَوْ قَلِيلَةٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَلْحَظَ هَذَا أَنَّ الْقُلَّةَ لَا يُنْظَرُ فِيهَا لِحَالِ مَالِ الْيَتِيمِ، أَيْ: فَالْعَشَرَةُ مَثَلًا يَسِيرَةٌ إذَا كَانَ مَالُهُ مِائَةً وَكَثِيرَةٌ إذَا كَانَ مَالُهُ عِشْرِينَ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ الْقِصَاصَ فِي الْأَطْرَافِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى الصَّغِيرِ إلَخْ) ، وَالظَّاهِرُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَطْرَافِ بَلْ مِثْلُهُ مَنْ جَنَى عَلَى أُمِّ الصَّبِيِّ الَّذِي تَحْتَ حَجْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَعْفُوَ) ، أَيْ: مَجَّانًا، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عُسْرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) ، أَيْ: وَلَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ لِأَكْثَرَ وَقَدْ يُقَالُ عُسْرُ الْجَانِي حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ وَإِذَا شَمِلَ الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الِاحْتِمَالُ، أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ عُسْرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِأَقَلَّ خُصُوصًا إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُعْسِرًا، وَالْجَانِي مَلِيًّا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَى أَخْذِ الدِّيَةِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ أَبًا، أَوْ غَيْرَهُ) هَذَا التَّعْمِيمُ صَوَابٌ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ) ، أَيْ: بِأَنْ كَانَ مِنْ الْأَبِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 إتْلَافٌ لِمَالِ الْمَحْجُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مِنْ مَالِهِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (ص) كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَبَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ شَيْئًا مِنْ رَقِيقِ مَحْجُورِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ إلَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَأَمَّا الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ فَلَا يَمْضِي عِتْقُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا وَهَذَا أَيْضًا إذَا أَعْتَقَهُ الْأَبُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْوَلَدِ فَلَا، وَمِثْلُ عِتْقِ الْأَبِ مَا لِوَلَدِهِ حَلِفُهُ بِهِ إنْ أَيْسَرَ، أَيْ: يَوْمَ الْعِتْقِ، وَمِثْلُهُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَقُضِيَ عَدَمُ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ عِتْقُهُ أَنَّ هِبَتَهُ وَصَدَقَتَهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ، أَيْ: فَتُرَدُّ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا. وَلَمَّا ذَكَرَ الْحَجْرَ وَمَنْ هُوَ أَهْلُهُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّاهُ وَيْحُكُمْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِذَلِكَ بَابُ الْقَضَاءِ وَلِهَذَا ذَكَرَ شُرُوطِ التَّحْكِيمِ وَاخْتِصَاصَهُ بِالْمَالِ، وَالْجِرَاحِ هُنَاكَ فَقَالَ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ (ص) وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ وَأَمْرِ الْغَائِبِ، وَالنَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ وَحَدٍّ وَقِصَاصٍ وَمَالِ يَتِيمٍ الْقُضَاةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْعَشَرَةَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إلَّا الْقُضَاةُ، أَيْ: لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ فِيهَا ابْتِدَاءً إلَّا مِنْ الْقُضَاةِ لَا غَيْرِهِمْ كَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ، وَالْمُحَكَّمِ، وَأَمَّا نَائِبُ الْقَاضِي فَهُوَ مِثْلُهُ فَإِذَا حَكَمَ فِيهَا غَيْرُ الْقُضَاةِ مَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ مِنْهَا الرُّشْدُ وَضِدُّهُ وَهُوَ السَّفَهُ الْمُتَقَدِّمُ تَعْرِيفُهُمَا آنِفًا. وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ، أَيْ: أَصْلُ الْوَصِيَّةِ أَوْ صِحَّتُهَا، أَيْ: لَا يَحْكُمُ بِأَنَّ هَذَا وَصِيٌّ لِهَذَا، أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ، أَوْ بَاطِلَةٌ إلَّا الْقُضَاةُ وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى لَهُ إذَا تَعَدَّدَ يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ، أَوْ يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَمِنْهَا الْحَبْسُ الْمُعْقِب صِحَّةً وَبُطْلَانًا، أَوْ أَصْلُهُ، أَيْ: لَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ، أَوْ بُطْلَانِهِ، أَوْ بِأَنَّ هَذَا الْحَبْسَ مُعَقَّبٌ، أَوْ غَيْرَ مُعَقَّبٍ إلَّا الْقُضَاةُ، وَالْحَبْسُ الْمُعَقَّبُ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِمَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ كَهَذَا وَقَفَ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَنَسْلِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَقَّبِ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُضَاةِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ غَائِبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْحَبْس الْمُعَقَّبِ الْحَبْسُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَمِنْهَا النَّظَرُ فِي أَمْرِ الْغَائِبِ غَيْرِ الْمَفْقُودِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تُرْفَعُ لِلْقَاضِي وَلِلْوَالِي وَلِوَالِي الْمَاءِ وَإِنَّمَا أَقْحَمَ لَفْظَةَ أَمْرٍ مَعَ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ ذَاتَه لَا تَقْبَلُ الْحُكْمَ بِخِلَافِ الْبَوَاقِي فَإِنَّ ذَوَاتَهَا تَقْبَلُ الْحُكْمَ وَبِعِبَارَةِ مَا يُسَمَّى غَائِبًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَالْمَفْقُودُ لَا يُسَمَّى غَائِبًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ مَنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ، وَالْمَفْقُودُ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ، وَمِنْهَا النَّسَبُ، وَالْوَلَاءُ، أَيْ: لَا يَحْكُمُ أَنَّ فُلَانًا مِنْ نَسَبِ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا الْقُضَاةُ، وَمِنْهَا الْحَدُّ لِحُرٍّ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَلِسَيِّدِهِ حَدُّهُ إنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ، وَمِنْهَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، وَمِنْهَا مَالُ الْيَتِيمِ وَكَانَ يَنْبَغِي، أَوْ يَقُولَ وَأَمْرُ يَتِيمٍ تَسْفِيهًا وَتَرْشِيدًا وَبَيْعًا وَقَسْمًا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا نَكَّرَ الْحَدَّ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ، وَالْقِصَاصَ وَمَالَ الْيَتِيمِ أَفْرَادُهَا مُتَعَدِّدَةٌ وَتَقْيِيدُنَا الْقِصَاصَ بِالنَّفْسِ تَبِعْنَا فِيهِ بَعْضًا وَزَادَ، وَأَمَّا فِي الْأَطْرَافِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاخْتِصَاصُ الْقُضَاةِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ مَا لِخَطَرِهَا، أَوْ لِتَعَلُّقِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا) هَذِهِ هِيَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ بَلْ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّ أَبَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ شب، أَيْ: كَمَا يَمْضِي عِتْقُ الْأَبِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا، أَيْ: وَغَرِمَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَهُ وَفِي تت قِيمَتُهُ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنْ أَعْسَرَ لَمْ يَجُزْ عِتْقه وَرُدَّ إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ زَمَانُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيُنَاكِحُ الْأَحْرَارَ فَيُتْبَعُ الْأَبُ بِقِيمَتِهِ اهـ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَيَّدَ بِأَبِيهِ فِيمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَصَارَ الْحَاصِلُ عَلَى مَا فِي عَجَّ وَتَبِعَهُ شب أَنَّهُ مَتَى كَانَ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَمْضِي عِتْقُ الْأَبِ فَقَطْ مَعَ يُسْرِهِ لَا غَيْرُهُ اهـ، وَلَكِنْ فِي بَهْرَامَ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَأَقُولُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا يُقَوِّي كَلَامَ الشَّارِحِ وَأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ بِهِ) ، أَيْ: حَلَّفَ الْأَبَ بِعِتْقِ عَبْدِ وَلَدِهِ كَأَنْ يَقُولَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَسَعِيدٌ عَبْدُ وَلَدِي حُرٌّ وَكَلَّمَ زَيْدًا (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ عِتْقُهُ إلَخْ) وَفَهِمَ عج أَنَّ التَّدْبِيرَ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَلَيْسَ كَالْعِتْقِ (وَأَقُولُ) وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ أَوَّلًا عِتْقًا نَاجِزًا بِعِوَضٍ (أَقُولُ) بَلْ وَيُفْهَمُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْعِتْقَ لِأَجَلٍ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنَّ هِبَتَهُ وَصَدَقَتَهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ) أَيْ: لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ. [مَنْ يَتَوَلَّى الْحَجْر وَيْحُكُمْ فِيهِ] (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْكُمُ) الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إذَا اُحْتِيجَ فِيهَا لِلْحُكْمِ فَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْقُضَاةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِلْقَاضِي النَّظَرُ فِي الْأَشْيَاءِ إلَّا فِي قَبْضِ الْخَرَاجِ اهـ، أَيْ: خَرَاجِ الْأَرْضِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ لِكَوْنِهِ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ بَيْتِ الْمَالِ زَادَ عج قُلْت: وَكَذَلِكَ التَّقْرِيرُ فِي الطِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ إلَّا السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَالْقُضَاةُ مَعْزُولُونَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَائِبُ الْقَاضِي) ، أَيْ: وَالسُّلْطَانُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ) ، أَيْ: وَلَا يُتْرَكُ مُهْمَلًا (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ مَا يُسَمَّى غَائِبًا) ، أَيْ: فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ) ، أَيْ: إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهُ مِنْ زِنًا مَثَلًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ، أَيْ: بِأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدَ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا، أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ، أَيْ: السَّيِّدِ، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ مِلْكِ السَّيِّدِ بِأَنْ تَزَوَّجَ بِحُرَّةٍ، أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلَا يُقِيمُهُ إلَّا السُّلْطَانُ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) ، أَيْ: وَحِينَئِذٍ فَيُعَمَّمُ هُنَا وَيُقَالُ ذَكَرَهُ هُنَا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ (قَوْلُهُ: إمَّا لِخَطَرِهَا) ، أَيْ: عِظَمِهَا، أَيْ: فَلَا يُتْقِنُهَا إلَّا الْقُضَاةُ كَالْقِصَاصِ، وَالْحُدُودِ وَأَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ فَتُجَوِّز الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 حَقِّ اللَّهِ، أَوْ حَقِّ مَنْ لَيْسَ مَوْجُودًا بِهَا وَزِيَادَةُ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ الطَّلَاقَ، وَاللِّعَانَ، وَالْعِتْقَ ضَعِيفَةٌ وَأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ يَحْكُمُ فِيهَا الْقُضَاةُ وَغَيْرُهُمْ. وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي يُبَاعُ لَهُ عَقَارُ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِهِ أَوْ إلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ شَرَعَ فِي تَعْدَادِ وُجُوهِهِ وَهِيَ أَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا فَذَكَرَ مِنْهَا عَشَرَةً بِقَوْلِهِ عَاطِفًا لَهَا بِأَوْ إشَارَةً لِلِاكْتِفَاءِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (ص) وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ، أَوْ كَوْنِهِ مُوَظَّفًا، أَوْ حِصَّةً، أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ، أَوْ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ جِيرَانِ سُوءٍ، أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا، وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ، أَوْ الْخَرَابِ، وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ، وَالْبَيْعُ أَوْلَى (ش) الضَّمِيرُ فِي عَقَارِهِ يَرْجِعُ لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ وَبَاعَ الْحَاكِمُ، أَوْ لَهُ وَصِيٌّ وَبَاعَ الْوَصِيُّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ إلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ، أَوْ الْوَصِيَّ لَا يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْيَتِيمِ إلَّا بِأَحَدِ أُمُورٍ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ حَاجَةٌ دَعَتْ إلَى الْبَيْعِ مِنْ نَفَقَةٍ، أَوْ دَيْنٍ هُنَاكَ، وَلَا قَضَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ غِبْطَةً بِأَنْ زَادَ فِي ثَمَنِهِ زِيَادَةً لَهَا قَدْرٌ وَبَالٌ حَدَّهَا الْغَرْنَاطِيُّ بِالثُّلُثِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْغِبْطَةَ هُوَ الثَّمَنُ الْكَثِيرُ الْحَلَالُ الزَّائِدُ عَلَى ثُلُثِ الْقِيمَةِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُوَظَّفًا، أَيْ: عَلَيْهِ تَوْظِيفٌ، أَيْ: حَكَرٌ فَيُبَاعُ وَيُؤْخَذُ لَهُ عَقَارٌ لَا تَوْظِيفَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ، أَوْ كُلَّ شَهْرٍ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ حِصَّةً فَيُسْتَبْدَلَ غَيْرُهُ كَامِلًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ غَلَّتُهُ قَلِيلَةٌ فَيُبَاعَ لِيُسْتَبْدَلَ مَا لَهُ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ، وَاَلَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ وَقَرِيبٌ مِنْهُ لِابْنِ عَرَفَةَ أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَمِثْلُهُ فِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ، وَمِنْهَا كَوْنُهُ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَيُبَاعُ لِيُسْتَبْدَلَ خِلَافُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْهَا كَوْنُهُ بَيْنَ جِيرَانِ سُوءٍ يَحْصُلُ مِنْهُمْ ضَرَرٌ فِي الدِّينِ، أَوْ فِي الدُّنْيَا، وَمِنْهَا كَوْنُهُ حِصَّةً وَأَرَادَ الشَّرِيكُ بَيْعَ حِصَّتِهِ، وَلَا مَالَ لِلْيَتِيمِ يَشْتَرِي بِهِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَمِنْهَا خَشْيَةُ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ عَنْهُ فَيَصِيرُ مُنْفَرِدًا لَا نَفْعَ بِهِ غَالِبًا، وَمِنْهَا خَشْيَةُ خَرَابِهِ، وَلَا مَالَ لِلْيَتِيمِ يُعَمَّرُ بِهِ، أَوْ لَهُ مَا يُعَمَّرُ بِهِ، وَلَكِنَّ الْبَيْعَ أَوْلَى مِنْ الْعِمَارَةِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ بَيْعَهُ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ السُّلْطَانِ جَائِرًا وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْ بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْحَاجَةِ وَذَكَرَ ز أَنَّ مَسْأَلَةَ الْغِبْطَةِ كَذَلِكَ وَرَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا بَعْدَهُ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ، أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا، وَقَوْلُهُ: خِلَافُهُ يَشْمَلُ غَيْرَ الْعَقَارِ، وَلَكِنَّ كَلَامَ س فِي شَرْحِهِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالْعَقَارِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمَحَاجِيرِ الثَّلَاثَةِ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبِيِّ، وَالسَّفِيهِ شَرَعَ فِي الْمَحْجُورِ الرَّابِعِ وَهُوَ الرَّقِيقُ فَقَالَ (ص) وَحَجْرٌ عَلَى   [حاشية العدوي] الْجَمْعَ فَالْحُدُودُ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِخَطَرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ حَقِّ مَنْ لَيْسَ مَوْجُودًا) كَالْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ وَحَقِّ اللَّهِ كَمَالِ الْيَتِيمِ وَفِيهِ أَنَّ مَا مِنْ حَقٍّ إلَّا وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا كَانَ مُتَمَحِّضًا لِلَّهِ فَيَصِحُّ كَالْحُدُودِ فَإِنَّهَا لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ) ، أَيْ: مِنْ الْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ لَا الْمُحَكَّمِ فَالْمُحَكَّمُ مَنْفِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِلْيَتِيمِ) ، أَيْ: وَأَمَّا عَقَارُ السَّفِيهِ فَإِنَّمَا يُبَاعُ لِمَصْلَحَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ غَيْرَ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَالتَّجْرِ (قَوْلُهُ: وَبَاعَ الْحَاكِمُ إلَخْ) عُلِمَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَذَلِكَ أَنَّ مَفَادَ النَّقْلِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ فِي الْيَتِيمِ ذِي الْوَصِيِّ، وَأَمَّا الْمُهْمَلُ فَالْحَاكِمُ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ وَأَنَّهُ يَبِيعُ لِحَاجَتِهِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هَذَا مَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: حَدَّهَا الْغَرْنَاطِيُّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ نِسْبَةً لِغَرْنَاطَةَ بَلَدٍ بِالْأَنْدَلُسِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ، ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الْغَرْنَاطِيُّ، أَيْ: مِنْ أَنَّ الْغِبْطَةَ هُوَ الثَّمَنُ الْكَثِيرُ الْحَلَالُ (أَقُولُ) وَأَرَادَ بِالْحَلَالِ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ أَبُو عِمْرَانَ إنْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّ مَالَ الْمُشْتَرِي خَبِيثٌ، أَيْ: كُلُّهُ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلِابْنِ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ ثَمَنًا حَلَالًا، أَوْ تُبَاعُ الدَّارُ عَلَيْهِ وَيُعَوَّضُ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَفْيَدُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُوَظَّفًا) هَذَا إذَا زَالَ الْبَدَلُ أَمَّا إنْ كَانَ الْمُوَظَّفُ أَكْثَرَ نَفْعًا لَمْ يَبِعْ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ حِصَّةً) ، أَيْ: أَمْكَنَ قَسْمُهَا أَمْ لَا أَرَادَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّوْضِيحَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قِلَّةَ الْغَلَّةِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ مَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا كَوْنُهُ بَيْنَ ذِمِّيِينَ إلَخْ) عِبَارَةُ عب تُفِيدُ قِرَاءَتَهُ بِالْجَمْعِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَلُّوا إلَخْ اهـ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ، أَوْ أَغْلَبَ وَحَرَّرَ زَادَ عب فَقَالَ لَا عَقَارُهُ لِلتَّجْرِ لِغُلُوِّهِ غَالِبًا بِمِصْرَ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ (قَوْلُهُ: ضَرَرٌ فِي الدِّينِ) ، أَيْ: كَالْمُعْتَزِلَةِ، وَالرَّافِضَةِ، وَالْمُتَبَادَرُ كَمَا قَالُوا إنَّهُمْ جِيرَانٌ بِالْمِلْكِ لَا بِالِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى زَوَالُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا كَوْنُهُ حِصَّةً وَأَرَادَ الشَّرِيكُ إلَخْ) هَذَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ، أَوْ يَنْقَسِمُ بِضَرَرٍ، أَيْ: وَيَرَى الْبَيْعَ مَعَهُ أَرْجَحَ وَأَغْزَرَ لِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى) أَقُولُ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِهِ لِحَاجَةٍ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدَ قَوْلِهِ لِحَاجَةٍ دَاخِلٌ فِي الْحَاجَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ حَاجَةٌ مَخْصُوصَةٌ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى كَوْنَ، أَيْ: يُبَاعُ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا فَيُسْتَبْدَلُ (تَتِمَّةٌ) حَيْثُ قُلْنَا بِالِاسْتِبْدَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ شَيْئًا كَامِلًا بَلْ لَهُ اسْتِبْدَالُهُ بِجُزْءٍ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ كَامِلًا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا بِيعَ لِكَوْنِهِ حِصَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أَكْثَرَ غَلَّةً مِنْ الْأَصْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا بِيعَ لِقِلَّةِ الْغَلَّةِ وَهَلْ الِاسْتِبْدَالُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ، أَوْ الصِّحَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الزَّرْقَانِيُّ إلَخْ) يُوَافِقُهُ بَهْرَامُ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مُوَافَقَةُ الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي الْغَرْنَاطِيِّ فَيُتْبَعُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ خِلَافُهُ يَشْمَلُ غَيْرَ الْعَقَارِ) (أَقُولُ) كَلَامُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 الرَّقِيقِ (ش) ، أَيْ: وَحَجْرٌ لِلسَّيِّدِ أَصَالَةً عَلَى رَقِيقِهِ بِأَنْوَاعِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ كَثِيرًا، أَوْ قَلِيلًا قِنًّا، أَوْ ذَا شَائِبَةٍ مُفَرِّطًا لِمَا لَهُ، أَوْ حَافِظًا مُعَاوَضَةً، أَوْ غَيْرَهَا لِحَقِّ سَيِّدِهِ لِمَا لَهُ فِي زِيَادَةِ قِيمَتِهِ، وَالتَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ لَهُ انْتِزَاعُهُ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ صَرِيحًا، أَوْ ضِمْنًا كَكِتَابَتِهِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ حَجْرٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الْإِذْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَامًّا، أَوْ خَاصًّا بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ فِي الْبَزِّ مَثَلًا، أَوْ لَا تَتَّجِرْ إلَّا فِي الْبَزِّ وَيَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ بَاقِي الْأَنْوَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلنَّاسِ وَلَمْ يُعْلَمْ فِي أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَقْعَدَهُ فَلَوْ قَصَرَ عَلَى النَّوْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَقَطْ لَكَانَ فِيهِ غَرَرٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا بِإِذْنٍ وَلَوْ فِي نَوْعٍ فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ (ش) فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمَأْذُونِ فِيهَا وَغَيْرِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَجْرِ فِي الْبَعْضِ، وَقَوْلُهُ: وَحَجْرٌ، أَيْ: حَجْرُ الشَّرْعِ عَلَى الرَّقِيقِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ الْوَاقِعِ كَأَنَّهُ قَالَ الرَّقِيقُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ هُوَ مَنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِ السَّيِّدِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ السَّيِّدِ، وَالرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ لَكَانَ وَكِيلًا لَا كَوَكِيلٍ، ثُمَّ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ نَفْسِهِ أَيْضًا وَإِذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ كَانَ فِي الْمَالَيْنِ (ص) وَلَهُ أَنْ يَضَعَ وَيُؤَخِّرَ وَيُضِيفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ وَأَنْ يَضَعَ عَنْ غَرِيمِهِ شَيْئًا مِنْهُ إنْ كَانَتْ الْوَضِيعَةُ شَيْئًا قَلِيلًا وَفَعَلَ ذَلِكَ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ وَأَنْ يَصْنَعَ طَعَامًا ضِيَافَةً لِلنَّاسِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ فَقَوْلُهُ   [حاشية العدوي] الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ وَقَوْلُهُ، وَلَكِنَّ كَلَامَ س، أَيْ: الَّذِي هُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ س أَيْضًا فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ إمْكَانِ أَخْذِ الْعَقَارِ وَكَوْنِهِ رَائِجًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [الْحَجَر عَلَى الرَّقِيقُ] (قَوْلُهُ: أَصَالَةً) ، أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ بِسَبَبِ الرِّقِّ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى بَعِيدٌ مِنْ صِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُشْعِرَةِ بِالتَّجَدُّدِ، وَالْحُدُوثِ (قَوْلُهُ: قِنًّا، أَوْ ذَا شَائِبَةً) بَقِيَ الْمُبَعَّضُ فَإِنَّهُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَفِي يَوْمِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ يَتْبَعُ وَيَتَصَرَّفُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَخُصُّهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (فَائِدَةٌ) إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ الْإِذْنَ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَبْدِ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: لِمَا لَهُ فِي زِيَادَةٍ) فِي بِمَعْنَى مِنْ، أَيْ: الَّذِي لَهُ مِنْ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ تَزِيدُ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ صَرِيحًا) الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِذْنَ إمَّا فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ، أَوْ فِي نَوْعٍ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْإِذْنِ الْقَوْلِيِّ أَنْ يَقُولَ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ كَأَنْ يَقُولَ أَذِنْت لَك مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ دَفْعِ الْمَالِ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ الْمَالُ وَيُحْمَلُ عَلَى التِّجَارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ لِلرَّقِيقِ مَعَ دَفْعِ الْمَالِ حَمْلُهُ عَلَى التِّجَارَةِ، وَالْفِعْلُ الدَّالُّ عَلَى الْإِذْنِ كَالْقَوْلِ كَشِرَائِهِ بِضَاعَةً لَهُ وَوَضْعِهَا بِحَانُوتِهِ وَأَمْرِهِ بِجُلُوسِهِ بِهِ وَنَقَلَ عج عَنْ التَّوْضِيحِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الرَّقِيقَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يَبِيعُ لِأَسْيَادِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُمْ أَذِنُوا لَهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ أُهْدِيَ مَا بِأَيْدِيهِمْ اهـ. وَتَرَدَّدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا هَلْ مَعْنَاهُ، وَلَا خِيَارَ لِلْوَلِيِّ حِينَئِذٍ أَوْ لَهُ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحْرَمُ الْإِقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ التَّجْرِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ وَفِي عب وَشب مَا يُخَالِفُهُ فَلِذَا قَالَ شب، ثُمَّ إنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ سَوَاءٌ مَنَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَمْضِي مَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِيهِ إفَادَةُ مَنْعِهِ مِنْ تَعَدِّي مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، وَأَمَّا أَنَّهُ يَمْضِي فِعْلُهُ فَرُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَمْضِي فِعْلُهُ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ وَأَنَّهُ يَمْضِي فِعْلُهُ سَوَاءٌ أَشْهَرهُ وَأَعْلَنَهُ أَمْ لَا وَنَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ وَفِي هَذَا نَظَرٌ بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمُخَالَفَةُ؛ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلنَّاسِ، وَلَا يَدْرُونَ لِأَيِّ نَوْعٍ أَقْعَدَهُ فَاشْتِرَاطُ كَوْنِهِ نَظَرًا لَيْسَ خَاصًّا بِالْوَكِيلِ بَلْ عَامٌّ فِيهِ وَفِي الْعَبْدِ اهـ وَظَاهِرُ النَّقْلِ مَعَ شَارِحِنَا وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ خَلَّى بَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْنَ التِّجَارَةِ تَجَرَ فِيمَا شَاءَ وَلَزِمَ ذِمَّتَهُ مَا دَايَنَ النَّاسَ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ، وَلَا يَدْرِي النَّاسُ لِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ أَقْعَدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُمْ الصَّغِيرُ الْحُرُّ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَأَفْعَالُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِجَارَةَ الصَّغِيرِ الْحُرِّ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُضِيعَ مَالَهُ بِخِلَافِ تِجَارَةِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهَا فِي مَالِ السَّيِّدِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا وَفِعْلُ رَقِيقِهِ كَفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ) شَبَّهَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ إمَّا لِشُهْرَةِ عِلْمِ حُكْمِهِ وَإِمَّا اتِّكَالًا عَلَى التَّوْقِيفِ، أَيْ: عَلَى عِلْمِ حُكْمِهِ مِنْ الْمُعَلِّمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ رِبْحُهُ لِلسَّيِّدِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَالرَّابِعِ أَنَّ الْمَالَ فِيهِ مِلْكٌ لِلْعَبْدِ وَاشْتِرَاطُ رِبْحِهِ لِسَيِّدِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِلْكَهُ بِخِلَافِ الرَّابِعِ فَإِنَّ الْمَالَ فِيهِ مِلْكُ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) ، وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: شَيْئًا قَلِيلًا) ، وَالْقِلَّةُ بِالْعُرْفِ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِئْلَافًا) ، وَلَا يَكُونُ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا أَيْ فِي التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، أَوْ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مَعَ الشَّرْطِ كَمَا سَبَقَ فِي الْقَرْضِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِمَا يُرَادُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ النَّفْعَ الْمَظْنُونَ كَالْمُحَقَّقِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَلَا يُقَالُ أَنَّ ذَلِكَ خَدِيعَةٌ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُحَرَّمَةُ مَا كَانَتْ وَقْتَ الشِّرَاءِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 ص) إنْ اسْتَأْلَفَ (ش) يَرْجِعُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ إلَى الْمَكَانِ الْقَرِيبِ وَلَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ وَعَلِمَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَكْرَهُ فَإِنْ قُلْت: إذَا عَلِمَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَكْرَهُ فَلِمَ لَمْ يَجُزْ إذَا قَلَّ الْمَالُ قُلْت: لِأَنَّ قِلَّةَ الْمَالِ مَظِنَّةُ كَرَاهَةِ السَّيِّدِ ذَلِكَ بِخِلَافِ كَثْرَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ يَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا صَنَعَ الْعَقِيقَةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهَا فَإِنَّ مَنْ أَكَلَ يَضْمَنُ مَا أَكَلَهُ لِسَيِّدِهِ (ص) وَيَأْخُذَ قِرَاضًا وَيَدْفَعَهُ (ش) ، أَيْ: وَيَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِرَاضَ لِيَعْمَلَ بِهِ وَيَكُونَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ رِبْحٍ كَخَرَاجِهِ لَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ، وَلَا يَتْبَعُهُ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مَنَافِعَ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي الْإِجَارَاتِ وَأَنْ يُعْطِيَهُ لِلْغَيْرِ يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْوَدِيعَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا لَيْسَ لَهُ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلِلْمَأْذُونِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ وَلَيْسَ لَهُ التَّسَرِّي بِلَا إذْنٍ، وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهَا إلَّا لِلِاسْتِئْلَافِ (ص) وَيَتَصَرَّفُ فِي كَهِبَةٍ وَأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا وَهَبَ لَهُ شَخْصٌ هِبَةً أَوْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَلَا يَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَقَامَ عِيَاضٌ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمَ مَنْعِ الْمَأْذُونِ مِنْ قَبُولِ الْهِبَةِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهَا وَمَا وُهِبَ لِلْمَأْذُونِ وَقَدْ اغْتَرَفَهُ دَيْنٌ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ شَيْءٌ، وَلَا مِنْ خَرَاجِهِ وَأَرْشِ جُرْحِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ، أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ اهـ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا يَجْبُرُونَهُ عَلَى قَبُولِهِ اهـ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ إذَا وَهَبَ لَهُ شَخْصٌ مَالًا، أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبُولِهِ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لَكِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَقْبَلَهَا لَهُ وَيَأْخُذَهَا وَإِنْ أَبَى الْمُتَصَدِّقُ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي كَهِبَةٍ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيمَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَ طَارِئًا بَعْدَ الْإِذْنِ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِذْنِ فَأَتَى بِهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ آخَرَ وَهُوَ رَفْعُ التَّوَهُّمِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ التَّوَهُّمَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ، وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أُقِيمَ مِنْهَا لِلْمُدَوَّنَةِ، وَالْأَخِيرُ لِلْهِبَةِ، وَالضَّمِيرُ الْمَخْفُوضُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ عَائِدٌ عَلَى الْمَأْذُونِ، أَيْ: وَأَقَامَ عِيَاضٌ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. (ص) ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَأُخِذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ (ش) ، أَيْ:، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ إذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ فَلَا يَتَوَلَّاهُ   [حاشية العدوي] وَهَذِهِ مُتَقَدِّمَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ الِاسْتِئْلَافِ وَكَذَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَفِي عَجَّ وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ الْعَارِيَّةِ إلَّا لِلِاسْتِئْلَافِ وَإِلَى كَلَامِ عج أَشَارَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ إلَخْ فَوَقَعَ فِي كَلَامِهِ التَّخَالُفُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَوَّلُ يُقَيَّدُ بِالِاسْتِئْلَافِ. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ) الَّذِي يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ عِنْدَ الْقُلَّةِ وَلَوْ عَلِمَ رِضَا سَيِّدِهِ بِفِعْلِهَا؛ لِأَنَّ قِلَّتَهُ مَظِنَّةُ كَرَاهَةِ السَّيِّدِ لِفِعْلِهَا إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى فِعْلِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمَنَعَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَخْذِ إجَارَةٌ وَفِي الدَّفْعِ إيدَاعٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ، وَالْمُسَاقَاةُ كَالْقَرْضِ كَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ إلَخْ) أَيْ الْتِقَاطُ اللَّقِيطِ، أَيْ: إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا أَخْذُ اللَّقِيطَةِ وَتَعْرِيفُهَا فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ فِي كَهِبَةٍ) أَيْ وَوَصِيَّةٍ وَعَطِيَّةٍ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكُلِّ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ لَا بِهِبَةٍ غَيْرِ ثَوَابٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ (قَوْلُهُ: عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا) ، أَيْ: مِنْ قَبُولِهَا. (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ إلَخْ) ، وَالْمَأْذُونُ أَوْلَى بِذَلِكَ قَالَ عج هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ إذْ كُلُّ مَنْ اسْتَقَلَّ بِالْقَبُولِ اسْتَقَلَّ بِالرَّدِّ وَمَنْ اسْتَقَلَّ بِالرَّدِّ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْقَبُولِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ) ، أَيْ: مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُهُ: عَدَمَ مَفْعُولُ أَقَامَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَخْ) ، أَيْ: لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ صَارَ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ الَّتِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ مُعْطِيهِ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي السَّفِيهِ، وَالصَّغِيرِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ، وَالْعَمَلُ بِشَرْطِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ} [النساء: 5] إلَخْ، وَأَمَّا الشَّرْطُ عَلَى الْمَوْهُوبِ الرَّشِيدِ أَنْ لَا يَبِيعَ، وَلَا يَهَبَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ وَلَدَ الْوَاهِبِ أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا الْمَوْلَى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي الْوِلَايَةِ فَيَجُوزُ فَإِنْ قُلْت: سَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ، وَالرَّدِّ لَا كَالْعَبْدِ، وَالصَّبِيِّ فَيَقْبَلُ لَهُمَا وَلِيُّهُمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ قَبُولِهِمَا كَمَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: فَيُتَوَهَّمُ) ، أَيْ: يَقَعُ فِي الْوَهْمِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّوَهُّمَ، أَيْ: الْمُتَوَهَّمَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ، أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ النِّسَبِ التَّامَّةِ وَهِيَ تُرْفَعُ وَرَفْعُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَرْفُوعَ، وَالرَّفْعَ كِلَاهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ، أَيْ: عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ) قَالَ ق فِيهَا لِمَالِكٍ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ، أَيْ: عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُوقِفُهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ وَيُسْمِعُ بِهِ فِي مَحَلِّهِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ بَاعَ، أَوْ ابْتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُوقِفُهُ لِلنَّاسِ وَيَأْمُرُ بِهِ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ وَأَفَادُوا أَنَّ الصَّبِيَّ مِثْلُ الْبَالِغِ مِنْ حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ فِي أَنَّهُ لَا يُفَلِّسُهُ إلَّا الْحَاكِمُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ حَضَرَ، أَوْ غَابَ وَلَوْ صَبِيًّا مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ، أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 إلَّا الْحَاكِمُ لَا الْغُرَمَاءُ، وَلَا السَّيِّدُ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ وَيُؤْخَذُ مَا ثَبَتَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ حَجَرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا مِمَّا بِيَدِهِ مِمَّا لَهُ سَلَاطَةٌ عَلَيْهِ كَانَ بِيَدِهِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مُسْتَوْلَدَتُهُ فَتُبَاعُ فِي دَيْنِهِ، أَوْ مَا اسْتَغْرَقَهُ مِنْهَا إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا طَرَفُ حُرِّيَّةٍ، وَإِلَّا كَانَتْ أَشْرَفَ مِنْ سَيِّدِهَا، وَأَمَّا وَلَدُهَا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَهُ فَهُوَ كَغَلَّةٍ لَا لِلْغُرَمَاءِ، وَسَوَاءٌ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ لَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، وَمِثْلُ أُمِّ وَلَدِهِ مَنْ بِيَدِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ، وَلَا يَبِيعُ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَإِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَأَمَتُهُ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ أُخِّرَ بَيْعُهَا حَتَّى تَضَعَ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِهِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَضَمِيرُ أُخِذَ عَائِدٌ عَلَى الدَّيْنِ الْمَفْهُومِ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ، أَيْ: لِأَجْلِ الدَّيْنِ (ص) كَعَطِيَّتِهِ وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ، أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عَطِيَّةِ النَّاسِ لَهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا أَعْطَاهُ شَخْصٌ عَطِيَّةً بَعْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ كَهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَأْخُذُونَ دُيُونَهُمْ مِنْهَا لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ تَتَعَلَّقُ الدُّيُونُ بِالْعَطِيَّةِ سَوَاءٌ أُعْطِيت بِشَرْطِ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ الدُّيُونُ إنْ أُعْطِيت لِلدَّيْنِ، وَإِلَّا فَهِيَ كَخَرَاجِهِ تَكُونُ لِلسَّيِّدِ، تَأْوِيلَانِ، وَاحْتَرَزْنَا بِالْعَطِيَّةِ الَّتِي أُعْطِيت بَعْدَ قِيَامِهِمْ عَمَّا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ فَإِنَّهُ لِسَيِّدِهِ لِكَوْنِهِ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ (ص) لَا غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَأُخِذَ مَا بِيَدِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ دُيُونَهُمْ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَأَمَّا غَلَّتُهُ وَرَقَبَتُهُ فَإِنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ دُيُونَهُمْ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ، وَلَا بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ، وَلِهَذَا إذَا فَضَلَ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَضْلٌ فَإِنَّهُمْ يَتْبَعُونَ بِذَلِكَ ذِمَّتَهُ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا، وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَأَمَّا الَّتِي بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِذْنِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ (ص) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ فَكَغَيْرِهِ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْذُونِ غَرِيمٌ يُطَالِبُهُ بِدَيْنٍ فَكَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَتَرْكُهُ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ وَإِنْ كَانَ غَرِيمٌ فَلَهُ انْتِزَاعُ مَا فَضَلَ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ فَمَا بِيَدِهِ قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ غَرِيمًا بِالنَّصْبِ فَهُوَ خَبَرُ كَانَ النَّاقِصَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الْمَأْذُونِ، وَالْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ   [حاشية العدوي] وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَاهَا مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ، أَيْ: فَهِيَ وَوَلَدُهَا لِلسَّيِّدِ بِلَا شَكٍّ (قَوْلُهُ: كَانَ بِيَدِهِ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَائِبًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ أَحَدٌ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب، أَيْ: وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ وَقْفِ بَيْعِهَا فِي غَيْرِ الدَّيْنِ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لِرَعْيِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ أَعْتَقَ، أَوْ لِخَوْفِ كَوْنِهَا حَامِلًا، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا لِحَقِّ السَّيِّدِ فِي وَلَدِهَا وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهَا فِي بَيْعِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَزِمَهُ، أَيْ: الْبَيْعُ فِيهَا وَفِي حَمْلِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْحَمْلِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا عِلَّةُ مَنْعِ الْبَيْعِ فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ يُعْتَقُ أَقَارِبُهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَخَّرَ بَيْعَهَا) وَإِذَا وَلَدَتْ فَتُبَاعُ بِوَلَدِهَا، أَيْ: مَعَ وَلَدِهَا وَيُقَوَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِيَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا بِيعَ بِهِ مِلْكُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَهَلْ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْبَيْعِ لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ أَمْ لَا قَوْلَانِ لِلصَّقَلِّيِينَ لِاعْتِبَارِ حَقِّ السَّيِّدِ أَوْ لِتَغْلِيبِ كَوْنِ الْبَيْعِ وَقَعَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: كَعَطِيَّتِهِ) هَلْ يَشْمَلُ مَا خَلَعَ بِهِ زَوْجَتَهُ، أَوْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِذَا فُهِمَ مِنْ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ أَرَادَ إبْقَاءَ مَا أَعْطَاهُ لَهُ بِيَدِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي مَلْبَسِهِ، أَوْ فِي تَجْرِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْغُرَمَاءِ وَيُعْمَلُ بِمَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْمُعْطِي كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ مَنَحَ، أَيْ: وَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُقَيَّدًا، أَوْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ) تَبِعَ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ تَبِعَ تت، وَالضَّمِيرُ فِي أَمْوَالِهِ عَائِدٌ عَلَى السَّيِّدِ وَلَيْسَ عَائِدًا عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَإِلَّا كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْغُرَمَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ عب ذَكَرَ أَنَّ مَا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ يُعْطَى لِلْغُرَمَاءِ حَيْثُ اسْتَغْرَقَهُ دَيْنُهُمْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا وَأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَخْتَصُّ بِهِ وَكَذَا يُفِيدُهُ شب، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا يَقُولُ مَا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ فَإِنَّهُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْغُرَمَاءِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ عب وَشب تَقُولُ إنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ذَلِكَ الْمَوْهُوبَ فَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لِلْغُرَمَاءِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ كَمِثْلِ الْمَالِ الَّذِي وُهِبَ لَهُ بَعْدَ قِيَامِهِمْ يَجْرِي فِيهِ التَّأْوِيلَانِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالْأَوَّلُ تَأْوِيلُ الْقَابِسِيِّ. (قَوْلُهُ: لَا رَقَبَتُهُ) ، أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ يَتَّجِرُ لِلسَّيِّدِ بِمَالِهِ، وَإِلَّا فَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِي الدَّيْنِ كَذَا قَيَّدَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الَّتِي بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِذْنِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ) ، أَيْ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي شَرْحِ شب وَفِي شَرْحِ عب لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ ضِمْنًا، ثُمَّ أَقُولُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْغَلَّةَ مُطْلَقًا لِلسَّيِّدِ فَلَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ يَتَّجِرُ بِمَالِ السَّيِّدِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا أَذِنَ لَهُ إلَّا فِي التِّجَارَةِ فِي مَالِ نَفْسِهِ، أَيْ: نَفْسِ الْعَبْدِ فَلَا وَجْهَ لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ ضِمْنًا (قَوْلُهُ: وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ) غَيْرُ صَوَابٍ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالْحُرِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُؤَلِّفِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَخْ) وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْمَأْذُونِ إسْقَاطُ مَا لَزِمَتْهُ ذِمَّتُهُ مِنْ دَيْنٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِالرَّفْعِ فَكَانَ تَامَّةٌ، وَالْغَرِيمُ رَبُّ الدَّيْنِ. (ص) ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الذِّمِّيَّ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ الْمُسْلِمُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهُ مِنْ خَمْرٍ وَرِبًا سَوَاءٌ بَاعَ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُسْلِمٍ لَكِنْ إنْ بَاعَهَا الْمُسْلِمُ كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ التَّجْرِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِسَيِّدِهِ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَالسَّيِّدُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فَكَذَا وَكِيلُهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الذِّمِّيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إنَّمَا يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ وَيُعَامِلُ أَهْلَ الشِّرْكِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَيَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ بَنَاهُمَا اللَّخْمِيُّ عَلَى خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَدَمِ خِطَابِهِمْ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِنْ تَجْرٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَقَاضٍ وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْمَأْذُونِ مِنْ الْعَبِيدِ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ أَهْلُهُ أَذِنُوا لَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ إلَّا لِقَرِينَةٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبِ الرَّابِعِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخَامِسِ مِنْهَا وَهُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَقَالَ (ص) وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ (ش) وَإِنَّمَا أَتَى بِحَجْرِ الْمَرَضِ عَقِبَ حَجْرِ الرِّقِّ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا الْحَجْرُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْحَجْرُ عَلَى مَرِيضٍ نَزَلَ بِهِ مَرَضٌ حَكَمَ أَهْلُ الطِّبِّ بِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْمَوْتُ مِنْ مِثْلِهِ كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فِي غَيْرِهَا مُؤْنَتُهُ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ كَالْعَطَايَا، وَالتَّبَرُّعَاتِ الزَّائِدَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ وَارِثِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَنْ لَا يُتَعَجَّبَ مِنْ صُدُورِ الْمَوْتِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا عَنْهُ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ نَحْوِ وَجَعِ الضِّرْسِ، وَالرَّمَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِهِ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى مِنْ (ص) كَسِلٍّ وَقُولَنْجِ وَحُمًّى قَوِيَّةٍ وَحَامِلِ سِتَّةٍ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ، أَوْ لِقَطْعٍ إنْ خِيفَ الْمَوْتُ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ (ش) هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ لِلْمَرَضِ الْمَخُوفِ الَّذِي يُحْجَرُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبِ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ مِنْهُ السِّلُّ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَرَضٌ يَنْتَحِلُ الْبَدَنُ مَعَهُ فَكَأَنَّ الرُّوحَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) ، أَيْ: إنْ اتَّجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ إذَنْ وَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ، أَوْ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، أَيْ: بِأَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ أَوْ اتَّجَرَ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ أَيْضًا، وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ التَّمْكِينُ مِنْ التَّجْرِ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ) ، أَيْ: وَضَاعَ عَلَى الْمُسْلِمِ ثَمَنُهَا، أَيْ: وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا تُكْسَرُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ سَوَاءٌ بَاعَ لِذِمِّيٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ: فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَغْرَمُهُ لِلسَّيِّدِ مَعَ أَنَّ التِّجَارَةَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ الَّذِي مَكَّنَّهُ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا رُجُوعَ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَدَبَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلسَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ، أَيْ: وَلَا يُنْزَعُ مِنْ الذِّمِّيِّ إنْ قَبَضَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يَتَّجِرُ لِلسَّيِّدِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَفُوزُ بِذَلِكَ إنْ قَبَضَهُ الذِّمِّيُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ، ثُمَّ إنِّي وَجَدْت فِي مُحَشِّي تت مَا يَقْتَضِي خِلَافَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَا إشْكَالَ فَإِنَّهُ قَالَ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ، نَحْوُ عِبَارَتِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَمُرَادُهُمَا بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ إذْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيمَا ذَكَرَ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَقَاضٍ، وَالْحَمْلُ عَلَى مَا قُلْنَا يُوَافِقُ قَوْلَهَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّجِرَ إلَخْ وَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ. وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَصَدَ اخْتِصَارَهُ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، أَوْ خَائِنٌ فِي مُعَامَلَاتِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ تَجَرَ وَرَبِحَ وَكَانَ يَعْمَلُ بِالرِّبَا تَصَدَّقَ السَّيِّدُ بِالْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ فِي بَيْعِهِ ذَلِكَ اُسْتُحْسِنَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ، وَلَا يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] اهـ (أَقُولُ) وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ هُوَ مَا رَأَيْته فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مُخْتَصَرِ الْبَرَادِعِيِّ فِي بَابِ الْمَأْذُونِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَامِلُ أَهْلَ الشِّرْكِ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَامِلْ أَهْلَ الشِّرْكِ فَأَشَارَ لَهُ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَتَجَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ الْحُكْمُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ كَالْحُكْمِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: بَنَاهُمَا اللَّخْمِيُّ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَيَخْتَلِفُ إذَا اتَّجَرَ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ فَأَرْبَى، أَوْ تَجَرَ فِي الْخَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ يَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا بَايَعَ مُسْلِمًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ فَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ. [الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيض] (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَرِيضٍ) ، أَيْ: أَوْ مَنْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لِلْقِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ) ، أَيْ: فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ عَنْهُ غَالِبًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحَجْرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ لَكِنْ أَقُولُ فِي هَذَا الْكَلَامِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى غَالِبًا، أَيْ: إنَّهُ إذَا قَامَ ذَلِكَ الْمَرَضُ بِذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَالْغَالِبُ الْمَوْتُ بِحَيْثُ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْ حُدُوثِ الْمَوْتِ مِنْهُ لَا إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْتَ وَاقِعٌ كَثِيرًا فِي الْإِنْسَانِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: يَنْحُلُ الْبَدَنُ) مِنْ بَابِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا كَمَا تَنْسَلُّ الْعَافِيَةُ، وَمِنْهَا الْقُولَنْجُ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ تُكْسَرُ لَامُهُ وَقَدْ تُفْتَحُ الْقَافُ وَهُوَ مَرَضٌ مَعِدِيٌّ مُؤْلِمٌ يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوجُ الْغَائِطِ، وَالرِّيحِ، وَمِنْهَا الْحُمَّى الْقَوِيَّةُ. وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْقَوِيَّةِ بِالْحَادَّةِ وَهِيَ مَا جَاوَزَتْ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ وَإِزْعَاجِ الْبَدَنِ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ وَأَوَّلُ حُمَّى نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ لَمَّا حَمَلَ نُوحٌ الْأَسَدَ فِي السَّفِينَةِ فَخَافَهُ أَهْلُهَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُمَّى، وَمِنْهَا الْحَامِلُ إذَا كَمَّلَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَدَخَلَتْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ فَالْإِضَافَةُ فِي وَحَامِلِ سِتَّةٍ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ، أَيْ: الْحَامِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِلسِّتَّةِ وَهِيَ لَا تُنْسَبُ لَهَا إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا وَيُعْلَمُ أَنَّهَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهَا، وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ، وَمِنْهَا مَنْ حُبِسَ لِأَجْلِ الْقَتْلِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ، أَوْ بِاعْتِرَافِهِ، وَأَمَّا مَنْ حُبِسَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَنْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي سَرِقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ الْقَطْعِ لَا إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لِقَطْعٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَتْلٍ، وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ، أَوْ قَطْعٍ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا مَرَّ، أَيْ: أَوْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَعَادَهَا لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ لِمَا بَعْدَهَا كَمَا قِيلَ فَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لِلْقَتْلِ لَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الْقَيْدِ لَهُ، وَمِنْهَا مَنْ يَكُونُ حَاضِرًا صَفَّ الْقِتَالِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلِينَ لَا إنْ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ، أَوْ فِي صَفِّ الرَّدِّ، وَصَفُّ النَّظَّارَةِ هُمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ مَنْ غُلِبَ يَنْصُرُونَهُ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَرِيضٍ أَيْ مَخُوفٍ مَرَضُهُ قَوْلَهُ (ص) لَا كَجَرَبٍ وَمُلْجِجٍ بِبَحْرٍ وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ (ش) أَيْ لَا خَفِيفٍ كَجَرَبٍ وَحُمَّى الرِّبْعِ، وَالرَّمَدِ، وَالْبَرَصِ وَمُلْجِجٍ فِي الْبَحْرِ الْحُلْوِ أَوْ الْمِلْحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ لَيْسَتْ مَخُوفَةً، وَبِعِبَارَةِ وَلَا حَجْرَ عَلَى مُلْجِجٍ، أَيْ: عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي صَارَ فِي اللُّجَّةِ وَهُوَ مُعْظَمُ الْمَاءِ وَقَالَ بَعْضٌ اللُّجَّةُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْعَمِيقُ، وَالْهَوْلُ الْفَزَعُ (ص) فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَفِي غَيْرِ مَا يَتَدَاوَى بِهِ لِضَرُورَةِ قِوَامِ بَدَنِهِ، وَفِي غَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ حَيْثُ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَتَكُونَ عَطِيَّةً مِنْهُمْ لَهُ فَتَفْتَقِرَ لِلْحَوْزِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُحَابَاتِهِ يَوْمُ فِعْلِهَا لَا يَوْمُ   [حاشية العدوي] دَخَلَ وَفِيهِ لُغَةٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ (فَائِدَةٌ) تُوُفِّيَ إبْرَاهِيمُ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَجْأَةً وَفِي الْحَدِيثِ «مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِ» (قَوْلُهُ: مَعِدِيٌّ) كَذَا فِي الْأَصْلِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالْوَاوِ نِسْبَةٌ لِلْمِعَى وَهُوَ الصَّوَابُ لِحُلُولِهِ فِيهَا لَا فِي الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُدَاوَمَةِ) فَمَا يَأْتِي يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْحَامِلُ إلَخْ) فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَامِلِ سِتَّةٍ مَعْطُوفًا عَلَى سِلٍّ، أَيْ: كَحَمْلِ حَامِلٍ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ هُوَ الْحَمْلُ إلَّا أَنَّهُ مَرَضٌ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ) ، أَيْ: لَا عَلَى مَعْنَى فِي لِصِدْقِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ فِي السِّتَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا) ، أَيْ: بَلَغَتْ جَمِيعَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ) وَحِينَئِذٍ يَرِدُ أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ قَدْ قَالَ وَهِيَ، أَيْ: الْوَاوُ انْفَرَدَتْ بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ ... مَعْمُولُهُ دَفْعًا لِوَهْمٍ اُتُّقِيَ لَكِنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِمْ جَوَازُ الْعَطْفِ بِأَوْ وَأَيْضًا إنَّمَا لَمْ يَقُلْ، أَوْ مَحْبُوسٍ لِقَطْعٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لِلْقَطْعِ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ كَلَامُهُ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقْطَعَ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَقَدْ قَالُوا إنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُؤَخَّرُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ خَشْيَةَ الْمَوْتِ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ الْخَوْفُ الْمَوْهُومُ، وَأَمَّا الْخَوْفُ الْمَعْلُومُ أَوْ الْمَظْنُونُ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ الْقِصَاصُ لِأَجْلِهِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى قَطْعَهُ حِينَئِذٍ، أَوْ يَجْهَلُ ذَلِكَ. وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ بِأَنَّ الْخَوْفَ إنَّمَا حَدَثَ مِنْهُ وَأَدْرَكَهُ مِنْ الْجَزَعِ مَا يُدْرِكُ حَاضِرَ الزَّحْفِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَوْلَى وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ لِحِرَابَةٍ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُلْتَفَتَ إلَى الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَأُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ إذْ أَحَدُ حُدُودِهِ الْقَتْلُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: وَصَفُّ النَّظَّارَةِ) بِتَشْدِيدِ الظَّاءِ وَصَفُّ الرَّدِّ هُمْ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَسْلِحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ صَفُّ التَّهَيُّؤِ لِلْقِتَالِ قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: مُلْجِجٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ فِي سَفِينَةٍ، أَوْ عَائِمًا حَيْثُ أَحْسَنَهُ لَا غَيْرَ مُحْسِنٍ لَهُ فَكَمَرِيضٍ مَرَضًا مَخُوفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: حُمَّى الرِّبْعِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ وَهِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَكَذَا حُمَّى الثِّلْثِ وَمَرَضٌ وَجُذَامٌ وَفَالِجٌ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ، وَالْوِرْدُ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبُّ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثِّلْثُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ، وَالرِّبْعُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ فَهِيَ عَكْسُ الثِّلْثِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مَحْذُوفَةً دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوتَهُ فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرِّبْعُ، وَالثِّلْثُ، وَالْغِبُّ، وَالْوِرْدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا اهـ. وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ لَعَلَّ هُنَا حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَقُولُ لَك إنَّ الشَّارِحَ أَفَادَ أَوَّلًا أَنَّ الْحُمَّى الَّتِي عَدُّوهَا مِنْ الْمَخُوفَات مَا دَاوَمَتْ مَعَ كَوْنِهَا مُزْعِجَةً لِلْبَدَنِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ لَا مَعَ الْإِزْعَاجِ لَيْسَ مَخُوفًا وَيَقْتَضِي أَنَّ الْوِرْدَ، وَالثِّلْثَ وَغَيْرَهُمَا لَيْسَتْ مَخُوفَةً كَالرِّبْعِ فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثِّلْثِ وَعِبَارَةُ شب لَا خَفِيفًا كَجَرَبٍ وَرَمَدٍ وَوَجَعِ الضِّرْسِ وَحُمَّى يَوْمٍ وَرِبْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْعَمِيقُ) بِالْعَيْنِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) صَادِقٌ بِأَنْ لَا مُعَاوَضَةَ أَصْلًا كَالْهِبَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 الْحُكْمِ وَحَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَغْوٌ، وَخَرَجَ بِالْمَالِيَّةِ النِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ وَصُلْحُ الْقِصَاصِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ (ص) وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ إلَّا لِمَالٍ مَأْمُونٍ وَهُوَ الْعَقَارُ فَإِنْ مَاتَ فَمِنْ الثُّلُثِ، وَإِلَّا مَضَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا تَبَرَّعَ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ أَعْتَقَ، أَوْ تَصَدَّقَ، أَوْ وَقَفَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقَفُ حَتَّى يُقَوَّمَ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ وَسِعَهُ، أَوْ مَا وَسِعَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ مَضَى جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَالُهُ غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ شَجَرٍ فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا يُوقَفُ وَيَنْفُذُ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ عَاجِلًا (تَنْبِيهٌ) : لَيْسَ مِنْ تَبَرُّعِهِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى، وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً وَإِنَّمَا كَانَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فِي مَرَضِهِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبِ الْخَامِسِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى السَّادِسِ وَهُوَ حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ لِلتَّشَارُكِ بَيْنَهُمَا فِي اخْتِصَاصِ الْحَجْرِ فِيهِمَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّبَرُّعَاتِ وَفِي أَنَّ الْحَجْرَ فِيهِمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ فَقَالَ (ص) وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَإِنْ بِكَفَالَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ الرَّشِيدَةَ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ لَا الرَّجْعِيَّةِ يَحْجُرُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَكَذَا فِي الْكَفَالَةِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا، وَسَوَاءٌ تَكَفَّلَتْ بِمُوسِرٍ، أَوْ مُعْسِرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ تَتَكَفَّلَ لِزَوْجِهَا فَلَوْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي لَمْ تُصَدَّقْ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ سَفِيهًا الْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي تَبَرُّعٍ عَنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَةِ أَبَوَيْهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهَا كَمَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ وَلَوْ قَصَدَتْ الضَّرَرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَلَوْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِزَوْجِهَا أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا لِأَبِيهَا وَنَحْوِهِ وَبِعِبَارَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْعَطِيَّةِ وَلِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى الْخُرُوجِ، وَالزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَقَدْ تُحْبَسُ، وَأَمَّا كَفَالَتُهَا لِزَوْجِهَا فَلَا ذِمَّةَ لَهَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ ضَمَانَهَا   [حاشية العدوي] وَالصَّدَقَةِ وَمَا فِيهِ مُعَاوَضَةٌ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَالِيَّةٍ كَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: النِّكَاحُ) ، أَيْ: كَكَوْنِ الذَّكَرِ يَتَزَوَّجُ وَقَوْلُهُ، وَالْخُلْعُ كَأَنْ تُخَالِعَ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ زَوْجَهَا، وَقَوْلُهُ: وَصُلْحُ الْقِصَاصِ، أَيْ: كَأَنْ يُصَالِحَ الْجَانِي فِي الْمَرَضِ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَوْ أَعْقَبَهَا الْمَوْتُ، أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّبَرُّعِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْمَخُوفِ إذَا أَعْقَبَهُ الْمَوْتُ يَصِيرُ مَخُوفًا (قَوْلُهُ: وَصُلْحُ الْقِصَاصِ) ، أَيْ: صَالَحَ الْجَانِي فِي الْمَرَضِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ لِيَنْدَفِعَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْعَقَارُ) فَلَا يُوقَفُ بَلْ يَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ فَيَأْخُذُهُ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَاجِلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَوَّمَ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ) ، أَيْ: فَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ إلَخْ) هُوَ نَافِذٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ سَوَاءٌ مَاتَ، أَوْ صَحَّ، لَكِنْ إنْ مَاتَ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ صَحَّ يَنْفُذُ جَمِيعُ مَا تَبَرَّعَ بِهِ، وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الثُّلُثِ. [حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّلُ وَذَلِكَ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَإِنَّمَا كَانَ الْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهَا تَمُوتُ فَيَرِثُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَكَوْنُهُ يَعْتِقُ نَادِرٌ فَإِرْثُ السَّفِيهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَوْتُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَأَمْرَانِ عِتْقُهُ وَمَوْتُهَا (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ الرَّشِيدَةَ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَالْحَجْرُ لِلْوَلِيِّ وَلَوْ فِي دُونِ الثُّلُثِ، وَالْحَجْرُ لِلزَّوْجِ أَيْضًا فِي الثُّلُثِ وَيُقَدَّمُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّدِّ، وَالْإِجَازَةِ الْوَلِيُّ عَلَى الزَّوْجِ قَالَهُ الْبَدْرُ عَنْ الْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ: يَحْجُرُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَلَوْ عَبْدًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْحَاجِرَ هُوَ الزَّوْجُ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ وَحَجَرَ الشَّرْعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَا الرَّجْعِيَّةِ، ثُمَّ أَقُولُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ شب مَعَ أَنَّ شَارِحَنَا قَالَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ، أَيْ: طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا فَهَذَا يَقْضِي بِأَنَّ لَهُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا الْبَائِنُ وَقَالَ شب أَيْضًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَهِيَ زَوْجَةٌ اهـ فَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُهُمَا فَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّك قَدْ عَلِمْت تَنَاقُضَ كَلَامِ شَارِحِنَا وَشب، وَأَمَّا غَيْرُ شَارِحِنَا وَشب فَلَمْ يَتَنَاقَضْ كَلَامُهُ أَمَّا الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَقَدْ حُمِلَ قَوْلُهُ وَعَلَى الزَّوْجَةِ، أَيْ: مَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا اللَّقَانِيِّ فَقَدْ تَوَافَقَ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَوَّلًا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ وَأَفَادَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ الْعُمُومَ حَيْثُ قَالَ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ فَإِنْ قُلْت: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ فَمَا الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ وَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْت: مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عَطِيَّةٌ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَظَاهِرُهُ الشُّمُولُ لِمَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ، وَالْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ عِصْمَتَهَا بِيَدِهِ وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَكَفَّلَ لِزَوْجِهَا) ، أَيْ: فَلَا رَدَّ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَتْ الضَّرَرَ) وَمُقَابِلُهُ يُرَدُّ الثُّلُثُ إنْ قَصَدَتْ بِهِ الضَّرَرَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَرُدُّهَا فِي كَفَالَةٍ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ كَانَ الْمُكْفِلُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا تُؤَدِّي لِلْخُرُوجِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَلَوْ فِي الثُّلُثِ فَيُنَاسِبُ الْوَجْهَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمُشَارِ لَهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَفَالَتُهَا لِزَوْجِهَا) ، أَيْ: بِحَيْثُ يَكُونُ مَضْمُونًا، أَيْ: فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) ، أَيْ: لَكِنْ سَيَأْتِي بِحَجْرِهَا عَنْ كَفَالَتِهَا لَهُ وَلَوْ فِي الثُّلُثِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 لِزَوْجِهَا كَضَمَانِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَعَلَيْهِ فَهُوَ يَحْجُرُهَا عَنْ كَفَالَتِهَا لَهُ وَهَذَا فِي كَفَالَةِ الْمَالِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ، وَالطَّلَبُ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا مُطْلَقًا. (ص) وَفِي إقْرَاضِهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَقْرَضَتْ مِنْ مَالِهَا مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا فَهَلْ لِزَوْجِهَا الْحُرِّ، أَوْ الْعَبْدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ فِي إقْرَاضِهَا مُطَالَبَةً وَزَوْجُهَا يَتَضَرَّرُ بِدُخُولِهَا وَخُرُوجِهَا كَمَا أَنَّهَا فِي الْكَفَالَةِ مَطْلُوبَةٌ وَقَرْضُهَا كَهِبَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَرْضَهَا كَبَيْعِهَا لِأَخْذِهَا عِوَضَهُ وَهُوَ جَائِزٌ لَهَا فَقَوْلُهُ إقْرَاضُهَا، أَيْ: دَفْعُهَا الْمَالَ قَرْضًا لَا قِرَاضًا وَإِقْرَاضُ الْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا كَالزَّوْجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي (ص) وَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يَرُدَّ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَعْنِي أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرْأَةِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا جَائِزٌ، أَيْ: مَاضٍ حَتَّى يَرُدَّ الزَّوْجُ جَمِيعَهُ، أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ لَوْ اخْتَلَفَتْ مَعَهُ فِي أَنَّهُ الثُّلُثُ، أَوْ أَكْثَرُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ الْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَى الْآخَرِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهَا أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَرَتِهِ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ (ص) فَمَضَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ يَمْضِي حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِتَبَرُّعِهَا، أَوْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَقْضِ بِرَدٍّ، وَلَا إمْضَاءٍ حَتَّى طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا، أَوْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا مَقَالَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَلَا لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ وَرَدَّ الزَّوْجُ رَدَّ إيقَافٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ وَرَدَّ إبْطَالٍ عِنْدَ أَشْهَبَ، وَأَمَّا رَدُّ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ رَدُّ إيقَافٍ بِاتِّفَاقٍ وَرَدُّ الْوَلِيِّ لِأَفْعَالِ مَحْجُورِهِ رَدُّ إبْطَالٍ بِاتِّفَاقٍ أَيْضًا (ص) كَعِتْقِ الْعَبْدِ (ش) هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي الْمُضِيِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَهُوَ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ صَحَّ عِتْقُهُ وَمَضَى وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ رَدُّهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَفْعَالَ الْعَبْدِ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا السَّيِّدُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى مَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلِهِ وَهُوَ السَّيِّدُ، وَالْمَعْنَى كَعِتْقِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ بَعْدَ أَنْ تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتٍ مِنْ عِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ، أَوْ عَلِمَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِرَدٍّ، وَلَا إجَازَةٍ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ، وَالْمَالُ بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّ تَبَرُّعَاتِهِ تَمْضِي (ص) وَوَفَاءُ الدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتٍ مِنْ عِتْقٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَرُدَّهَا الْغُرَمَاءُ، أَوْ رَدُّوهَا وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ حَتَّى أَوْفَاهُمْ دُيُونَهُمْ فَإِنَّ أَفْعَالَهُ مَاضِيَةٌ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (ص) وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً أَيْ وَلَهُ إمْضَاءُ الْجَمِيعِ وَلَهُ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ إذْ الْحَقُّ لَهُ إلَّا فِي الْعِتْقِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا لِئَلَّا يُعْتِقَ الْمَالِكُ بَعْضَ عَبْدِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْمَالِهِ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ مَعَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي دَعْوَى الْأَبِ إعَارَةَ ابْنَتِهِ بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الِابْنَةُ فَفِي ثُلُثِهَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ كَلَامٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوَجْهُ، وَالطَّلَبُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ، أَوْ الْوَجْهِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) زَوْجًا، أَوْ غَيْرَهُ، الثُّلُثَ، أَوْ دُونَهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي إقْرَاضِهَا قَوْلَانِ) الْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ مَلِيئًا مَعْلُومًا بِالْأَمَانَةِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْخُرُوجِ، وَالتَّرَدُّدِ لِلطَّلَبِ مُنْتَفِيَةٌ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا، أَوْ مِنْ أَهْلِ اللَّدَدِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَهُوَ تَوْجِيهٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ أَنْصَفَ (قَوْلُهُ: وَفِي إقْرَاضِهَا إلَخْ) ، وَأَمَّا دَفْعُهَا مَالَهَا قِرَاضًا لِعَامِلٍ فَلَيْسَ فِيهِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَقَرْضِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَنَّ فِي إقْرَاضِهَا " وَكَأَنَّهُ قَالَ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ قَرْضَهَا كَهِبَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْرُوفٌ فَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُعَلَّلُ بِالْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) ، أَيْ: مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا ابْتِدَاءٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَشْهُورِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ التَّبَرُّعِ فَدَعْوَاهَا الثُّلُثَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَقُبِلَتْ؛ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِ التَّبَرُّعِ فَدَعْوَاهَا الثُّلُثَ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ مُنَافٍ لِذَلِكَ فَلَمْ تُقْبَلْ فَإِنْ قُلْت: الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرِّجَالَ لَمَّا كَانُوا قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ رُجِّحَ دَعْوَاهُمْ (قَوْلُهُ: فَمَضَى إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَلَهُ إنْ رَشَدَ أَنَّ الْفِعْلَ وَقَعَ فِيهِ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ لِصِغَرِهِ، أَوْ سَفَهِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِصِفَةِ الرُّشْدِ، وَمِثْلُهَا فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورُ الْعَبْدُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَعِتْقِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَأَيَّمَتْ) ، أَيْ: بِطَلَاقٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ، وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَهِيَ زَوْجَةٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَوْ قَالَ، أَوْ مَاتَتْ لَكَفَى لِدُخُولِ مَوْتِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِهِ تَأَيَّمَتْ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَأَوْقِفَنْ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ أُلِفْ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى اُخْتُلِفَ فِي رَدِّ الزَّوْجِ تَبَرُّعَ زَوْجَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ هَلْ هُوَ رَدُّ إيقَافٍ أَوْ رَدُّ إبْطَالٍ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ إذَا بَقِيَ بِيَدِهَا مَا وَقَعَ فِيهِ الرَّدُّ مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ فَعَلَى أَنَّهُ رَدُّ إيقَافٍ يَلْزَمُهَا إمْضَاؤُهُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ أُلِفْ، أَيْ: إنَّ الْقَاضِيَ إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ مِمَّنْ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَيُعْطَى حُكْمَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَتَارَةً يَكُونُ رَدُّهُ رَدَّ إيقَافٍ وَتَارَةً رَدَّ إبْطَالٍ وَتَارَةً يُخْتَلَفُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَعِتْقِ الْعَبْدِ) ظَاهِرُهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا؛ لِأَنَّ رَدَّ الْجَمِيعِ مُعَامَلَةٌ لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا أَوْ؛ لِأَنَّهَا كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا) ، أَيْ: بَلْ يَرُدُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 فِي الثُّلُثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قُوَّةُ شُبْهَةِ الْأَبِ مَنَعَتْ الزَّوْجَ مِنْ رَدِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرِيضِ إذَا تَبَرَّعَ بِزَائِدٍ ثُلُثِهِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرُدُّوا الْجَمِيعَ بَلْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَادِرَةٌ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَاسْتِدْرَاكِ مَا بَطَلَ بِخِلَافِهِ (ص) وَلَيْسَ لَهَا تَبَرُّعٌ بَعْدَ الثُّلُثِ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ بِثُلُثِهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي، وَلَا مَقَالَ لِزَوْجِهَا وَلَوْ قَصَدَتْ بِذَلِكَ الضَّرَرَ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَانْظُرْ إنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْعَطِيَّتَيْنِ كَسَنَةٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سَهْلٍ، أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْعَطِيَّتَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.   [حاشية العدوي] الْكُلَّ، أَوْ يُجِيزُ الْكُلَّ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: إذَا تَبَرَّعَ بِزَائِدِ) ، أَيْ: أَوْصَى بِزَائِدٍ وَلِلْمَرْأَةِ الرَّشِيدَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ أَنْ تَهَبَ جَمِيعَ مَالِهَا لِزَوْجِهَا، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ بِثُلُثِهَا) ، أَيْ: الرَّشِيدَةَ (قَوْلُهُ: كَسَنَةٍ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ قِيلَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ الرَّاجِحُ أَنَّ حَدَّ الْبُعْدِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. (تَكْمِيلٌ) بَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ الرِّدَّةُ قَالَ فِي الشَّامِلِ، وَالرِّدَّةُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ مُرْتَدٍّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَمُؤْنَتُهُ مِمَّا بِيَدِهِ وَمَا رَبِحَ بَعْدَهُ كَمَالِهِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا حَدَثَ مِنْ دَيْنٍ إنْ قُتِلَ وَإِنْ تَابَ لَزِمَهُ اُنْظُرْ الشَّامِلَ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [حاشية العدوي] [بَاب الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى فِيهِ] (بَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً) كَمَا زَائِدَةٌ أَيْ وَهُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ إلَخْ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ وَالْبَيْعُ يَقَعُ الْحَجْرُ فِيهِ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ عَقِبَ بَابِ الْحَجْرِ ثُمَّ الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ التَّفْرِيعُ أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ قَدْ يَكُونُ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ وَقَدْ يَكُونُ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بَيْعٌ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَيْ الصُّلْحُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَعْيِينِ مَصْلَحَتِهِ وَحُرْمَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ لِاسْتِلْزَامِهِ مَفْسَدَةً وَاجِبَةَ الدَّرْءِ أَوْ رَاجِحَةً كَمَا فِي النِّكَاحِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ مَفْسَدَةً وَاجِبَةَ الدَّرْءِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ حُرْمَتُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ رَاجِحَةً رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كَرَاهَتُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَكْرُوهِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ الْمَقَرِّ بِهِ انْتَهَى وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ دُخُولُ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ خَوْفِ وُقُوعِ النِّزَاعِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَنَّ الصُّلْحَ هُوَ الِانْتِقَالُ بَلْ هُوَ الْمُعَاوَضَةُ وَالِانْتِقَالُ مُفَرَّعٌ عَنْهَا مَعْلُولٌ لَهَا كَالِانْتِقَالِ فِي الْبَيْعِ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ وَمَعْلُولٌ لَهُ وَالصُّلْحُ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ هِبَةٌ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِقْرَارُ) أَيْ الصُّلْحُ يَكُونُ عَلَى إقْرَارٍ وَلَوْ قَالَ إشَارَةً إلَى صُلْحِ الْإِقْرَارِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ دُخُولَ شَيْءٍ آخَرَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ بِهِ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَيْ لَيْسَ شَأْنُهُ لِرَفْعِ النِّزَاعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ لِرَفْعِ النِّزَاعِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ كَبَيْعِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ يُدْخِلُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ الْمُشَارُ بِهِمَا الصُّلْحُ الْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ. 1 - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 1 وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ قَطَعَ الْمُنَازَعَةَ كَمَا هُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى بِعِوَضٍ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ فَقَوْلُهُ انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالثَّانِي صُلْحُ الْإِنْكَارِ وَبِعِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِانْتِقَالٍ يَخْرُجُ بِهِ الِانْتِقَالُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَوْلُهُ لِرَفْعِ نِزَاعٍ يَخْرُجُ بِهِ بَيْعُ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الصُّلْحُ يَكُونُ عَنْ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ لِصِدْقِ الْحَدِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْت السُّكُوتُ إذَا وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ أَيَكُونُ الرَّسْمُ فِيهِ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِأَنَّهُ صُلْحٌ أَمْ لَا قُلْت قَالُوا حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ. ثُمَّ قَسَّمَ الصُّلْحَ إلَى بَيْعٍ وَإِلَى إجَارَةٍ وَإِلَى هِبَةٍ بِقَوْلِهِ (بَابٌ) الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى فِيهِ إمَّا بَيْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ أَوْ إجَارَةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهَا لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إمَّا مَنَافِعُ أَوْ ذَوَاتٌ فَالذَّوَاتُ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَرْضٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ أَوْ بِطَعَامٍ فَأَقَرَّ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بِهِمَا نَقْدًا أَوْ عَلَى عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهَذَا مُعَاوَضَةٌ اتِّفَاقًا إذْ هُوَ كَبَيْعِ عَرْضٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ فَلَوْ اخْتَلَّ شَرْطُ الْبَيْعِ كَمَنْ صَالَحَ عَنْ سِلْعَتِهِ بِثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَهَبَهَا وَلَا يَبِيعَهَا وَكَمُصَالَحَتِهِ عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْمَنَافِعُ كَمَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَبِعِبَارَةٍ الصُّلْحُ أَيْ عَلَى إقْرَارٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ السُّكُوتِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى) أَيْ فِيهِ أَوْ بِهِ فَحُذِفَ الْجَارُ وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةٌ) إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مَنْفَعَةً وَصُورَتُهَا أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ دَيْنًا بَلْ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ كَثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَبْدٍ كَذَلِكَ فَيُصَالِحُ فِي ذَلِكَ بِمَنَافِعَ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً مَعَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا اُمْتُنِعَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَعْيِينُ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) الظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَقَوْلُهُ أَوْ السُّكُوتِ مَعْطُوفٌ عَلَى دَيْنٍ وَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلٌ لَهُ وَتَبْيِينٌ لِشُرُوطِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2 أَوْ الْإِنْكَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُعَيَّنٍ أَمْ لَا وَهَذَا مُجْمَلٌ وَقَوْلُهُ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ إلَخْ تَفْصِيلٌ لَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَيَقُولَ: فَيَجُوزُ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ إلَى آخِرِهِ وَإِذَا جَازَ عَنْ الدَّيْنِ فَأَحْرَى عَنْ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بِيعَ إلَخْ أَيْ عَلَى أَخْذِ غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بِيعَ لِمَا ادَّعَى بِهِ أَوْ إجَارَةٌ لِغَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ وَعَلَى أَخْذِ بَعْضِهِ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ الْبَاقِي فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَفِي قَبُولِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ لَغْوُهُ فَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى إلَخْ تَقْسِيمٌ لِلصُّلْحِ لَا تَعْرِيفٌ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ أَيْ إبْرَاءٌ لِأَنَّهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَهُوَ إبْرَاءٌ إنْ وُهِبَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَكِنْ الْإِبْرَاءُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَوْزٍ. (ص) وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ (ش) هَذَا صُلْحٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ ذَلِكَ الدَّيْنُ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَهَبٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَيْهِ بِعَرْضٍ حَالٍّ وَمِثَالُ مَا لَا يَجُوزُ كَمُصَالَحَةِ مُنْكِرِ مَالٍ عَلَى سُكْنَى دَارِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَكَقَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ مُؤَجَّلٍ لِلنَّسَاءِ فِي الطَّعَامِ فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَيَنْفُذُ إنْ وَقَعَ بِالْمَكْرُوهِ وَلَوْ أَدْرَكَ بِحَدَثَانِهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْفَسِخُ بِحَدَثَانِهِ وَيَنْفُذُ مَعَ الطُّولِ كَصُلْحٍ عَنْ دَيْنٍ بِثَمَرَةِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَدْ أَزْهَتْ وَاشْتُرِطَ أَخْذُهَا تَمْرًا وَنَفَّذَ أَصْبَغُ الْحَرَامَ وَلَوْ بِالْحَدَثَانِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَكْرُوهِ هُنَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْحَرَامِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمَكْرُوهُ حَقِيقَةً جَائِزٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ فَسْخٌ فِي قُرْبٍ وَلَا بُعْدٍ وَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لَا تَتَأَتَّى هُنَا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَا يُبَاعُ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ يُؤَدِّي الصُّلْحُ إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَوْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى شَهْرٍ فَيُقِرُّ بِذَلِكَ ثُمَّ يُصَالِحُهُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ نَقْدًا وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى شَهْرٍ فَيُصَالِحُهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَكُونُ الْأَوَّلُ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَالثَّانِي لَا يَكُونُ إلَّا فِي غَيْرِ الْعَيْنِ وَمِثَالُ الثَّالِثِ أَنْ يُصَالِحَهُ بِدَرَاهِمَ عَنْ ذَهَبٍ مُؤَخَّرٍ وَبِالْعَكْسِ. (ص) وَعَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ وَعَكْسِهِ إنْ حَلَّا وَعَجَّلَ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ بِالذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَبِالْعَكْسِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ حَالَّةٍ فَأَقَرَّ بِهَا وَصَالَحَهُ عَنْهَا بِفِضَّةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشَرْطِ حُلُولِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِأَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ وَتَعْجِيلُ الْمُصَالَحِ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ أَمْرَانِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالْفِعْلِ فَالضَّمِيرُ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ إنْ حَلَّا لِلْمُصَالَحِ بِهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالضَّمِيرُ الْغَائِبُ فِي عَجَّلَ لِلْمُصَالَحِ بِهِ فَمَعْنَى الْحُلُولِ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ فَإِنْ اُشْتُرِطَ تَأْخِيرُهُ فَسَدَ وَلَوْ عَجَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتَفِ بِشَرْطِ الْحُلُولِ عَنْ شَرْطِ الْحُلُولِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَقَدْ يُعَجِّلُ مَا لَيْسَ حَالًّا. (ص) كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ عَنْ مِائَتَيْهِمَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَعَنْ بَعْضِهِ هِبَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَصَالَحَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَتَرَكَ بَعْضَهُ إذَا أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَأَخَذَ مِنْ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَنَبَّهَ بِهَذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُعَيَّنٍ) أَيْ عَنْ مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهُ بِسُكْنَى دَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مَحْمَلٌ أَيْ وَقَوْلُهُ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ تَفْصِيلٌ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَيَقُولَ: فَيَجُوزُ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ إلَخْ وَإِذَا جَازَ عَنْ دَيْنٍ فَأَحْرَى عَنْ الْمُعَيَّنِ وَيُوجَدُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ الْإِبْرَاءُ إلَخْ) فِي عب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ لَا إبْرَاءٌ حَتَّى يَكُونَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِقَبُولٍ وَمِثْلُهُ فِي شب وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الصُّلْحِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ أَنَّ صُلْحَ الْمُنْكِرِ بِبَعْضِ الْحَقِّ إقْرَارٌ بِجَمِيعِهِ كَمَا تَقُولُ الْعَامَّةُ نَعَمْ إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تِلْكَ الْهِبَةَ كَانَ لَهُ النَّقْضُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ احْتِرَازًا عَنْ الْبَعْضِ الْمَأْخُوذِ فَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ الصُّلْحُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ بِمَا يُبَاعُ بِهِ) أَيْ بِمَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ بِهِ لَا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ مُنْكِرِ مَالٍ) هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ بَعْدَ شَهْرٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ حَالًّا (قَوْلُهُ مُؤَجَّلٍ) صِفَةٌ لِقَمْحٍ وَلَوْ أُبْقِيَتْ الْعِبَارَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَامْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ إلَخْ) وَيَرْجِعَانِ لِلْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ مُطَرِّفٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ) أَيْ بِالْمَنْعِ وَغَيْرِهِ وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمَكْرُوهُ حَقِيقَةً) أَيْ مَا كَانَ مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ (قَوْلُهُ وَكَرَاهَةُ) الْمَعْنَى لِلتَّفْرِيعِ فَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لَا تَأْتِي هُنَا أَيْ فِيمَا حَكَمْنَا فِيهِ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَعَنْ ذَهَبٍ) كَدِينَارٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي ذِمَّةِ مُنْكِرٍ أَوْ مُقِرٍّ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ كَصُلْحٍ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي ذِمَّةِ مُنْكِرٍ أَوْ مُقِرٍّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْمُصَنِّفُ مَعَ كَوْنِهِ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ وَجَازَ إلَخْ لِيُصَرِّحَ بِشَرْطِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالْمُصَالَحِ بِهِ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ عَنْ وَرِقٍ بِوَرِقٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى إنْكَارٍ يَكُونُ فِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحُلُولِ الدُّخُولَ عَلَيْهِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّأْخِيرِ فَيَصْدُقُ الْمَنْطُوقُ بِالدُّخُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ) مَفْهُومُهُ لَوْ أَخَذَ مِائَةَ دِينَارٍ وَدِينَارًا نَقْدًا جَازَ لِأَنَّ الْمِائَةَ قَضَاءٌ وَالدِّينَارُ بَيْعٌ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَخَذَ الْمِائَةَ وَتَأَخَّرَ الدِّينَارُ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ دِينَارٍ وَالْمِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ كُلُّ جِهَةٍ مُنْفَرِدَةٍ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَبَيْنَ اجْتِمَاعِهِمَا مَعًا فِي كِلَا الْجِهَتَيْنِ فَقَوْلُهُ وَدِرْهَمٍ عَطْفٌ عَلَى مِائَةٍ لَا عَلَى دِينَارٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ صُلْحًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ حَيْثُ صَالَحَ بِمُعَجَّلٍ مُطْلَقًا أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَالصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَإِنْ صَالَحَ عَلَى الْإِنْكَارِ اُمْتُنِعَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ. (ص) وَعَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتَدِيَ مِنْهَا بِالْمَالِ وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ ابْنِ نَاجِي وَهُوَ الْمَعْرُوفُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الِافْتِدَاءِ مِنْ الْيَمِينِ حَيْثُ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ. (ص) أَوْ السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ إنْ جَازَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ وَظَاهِرُ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى السُّكُوتِ جَائِزٌ مِثْلَ أَنَّ يَدَّعِيَ عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ فَيَسْكُتُ فَيُصَالِحُهُ عَلَى شَيْءٍ لِأَنَّ حُكْمَ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ وَكَذَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِاعْتِبَارِ عَقْدِهِ وَأَمَّا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرُ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ وَإِلَّا فَحَلَالٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الِافْتِدَاءُ مِنْ الْيَمِينِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ جَائِزًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الثَّانِي أَنْ يَكُونَ جَائِزًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ السَّاكِتَ أَوْ الْمُنْكِرَ يُقِرُّ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ تُهْمَةُ فَسَادٍ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ وَاعْتَبَرَ أَصْبَغُ أَمْرًا وَاحِدًا وَهُوَ أَنْ لَا تَتَّفِقَ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ مِثَالُ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا مَعًا وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَنْ يَدَّعِيَ بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ فَأَنْكَرَهَا أَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى عَرْضٍ حَالٍّ وَمِثَالُ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَقَطْ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ ثُمَّ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِهَا إلَى شَهْرٍ أَوْ عَلَى خَمْسِينَ يَدْفَعُهَا لَهُ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهْرِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَّرَ صَاحِبَهُ أَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ حَقِّهِ وَأَخَّرَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ اقْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ بِمَا الْتَزَمَ أَدَاءَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ. وَالْمَنْفَعَةُ هِيَ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلِفِهِ فَيَسْقُطُ جَمِيعُ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَجَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ فَيَعْتَرِفُ بِالطَّعَامِ وَيُنْكِرُ الدَّرَاهِمَ فَيُصَالِحُهُ عَلَى طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ يَعْتَرِفُ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيُصَالِحُهُ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَلَى دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِهِ وَيُفْسَخُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيُنْكِرُهَا ثُمَّ يَصْطَلِحَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ كُلُّ جِهَةٍ) أَيْ جِهَةِ الْمُصَالِحِ بِالْكَسْرِ وَالْمُصَالَحِ بِالْفَتْحِ وَقَوْلُهُ مُنْفَرِدَةً بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ اجْتِمَاعِهِمَا أَيْ النَّقْدَيْنِ مَعًا فِي كِلَا الْجِهَتَيْنِ أَيْ جِهَةِ الْمُصَالِحِ بِالْكَسْرِ وَالْمُصَالَحِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ عَنْ مِائَتَيْهِمَا فَكُلُّ جِهَةٍ فِيهَا النَّقْدَانِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) أَيْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَالسَّلَفُ هُوَ التَّأْخِيرُ وَالنَّفْعُ هُوَ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتَدِيَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَوَازَ يَتَعَلَّقُ بِالصُّلْحِ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ الِافْتِدَاءُ عَنْ يَمِينٍ بِمَالٍ وَيُعَدُّ ذَلِكَ الِافْتِدَاءُ صُلْحًا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ إذْلَالَ نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَذَلَّ اللَّهُ مَنْ أَذَلَّ نَفْسَهُ» وَرُدَّ بِأَنَّ فِي صُلْحِهِ إعْزَازَ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَرْجُوحَةٌ سِيَّمَا كَثْرَتِهَا. (قَوْلُهُ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ) مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مُقْتَضَى دَعْوَى كُلٍّ وَإِطْلَاقُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مَجَازٌ إذْ مَعْنَاهُ قَالَ لَيْسَ عِنْدِي مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيَّ (قَوْلُهُ عَلَى السُّكُوتِ) أَيْ عَلَى مُقْتَضَى السُّكُوتِ وَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ الشَّرْطَ رَاجِعًا لِلسُّكُوتِ وَالْإِنْكَارِ يَكُونُ السُّكُوتُ حُكْمَهُمَا مَعًا وَقَدْ وَجَّهَهُ عب وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ تَرْجِيعُ الشَّرْطِ لِلْإِنْكَارِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ عَقْدِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ صَوَابُهُ أَوْ سَكَتَ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ تُهْمَةُ فَسَادٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حُكْمَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ أَوْ حَلِفِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْيَمِينِ وَضَمِيرُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَيَسْقُطُ إلَخْ مُتَرَتِّبٌ عَلَى حَلِفِهِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَنْتَفِعُ بِسُقُوطِ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى حَلِفِهِ سُقُوطُ جَمِيعِ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ عَدَمُ سُقُوطِ مَالِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ سُقُوطُ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَبَبًا فِي عَدَمِ سُقُوطِ الْمَالِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْفَعَةٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَمَا أَفَادَهُ ظَاهِرُ لَفْظِهِ السَّقُوطَانِ مَعًا لَا أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِأَوْ (قَوْلُهُ فَيَعْتَرِفُ بِالطَّعَامِ) لَا يَخْفَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ عَلَى حَسَبِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَعَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَقَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ أَيْ إذَا صَالَحَ بِأَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَفِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَقَوْلُهُ وَالصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ أَيْ إذَا صَالَحَ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 وَحْدَهُ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ عَنْ دَنَانِيرَ وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ إنَّمَا صَالَحَ عَلَى الِاقْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ إذْ لَمْ تَتَّفِقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَّ قَمْحًا مِنْ قَرْضٍ وَقَالَ الْآخَرُ إنَّمَا لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ مِنْ سَلَمٍ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مُعَجَّلَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ طَعَامَ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ طَعَامُ السَّلَمِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَذَا يَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ. (ص) وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ (ش) أَيْ لَا يَحِلُّ الْمُصَالَحُ بِهِ لِلظَّالِمِ فِي الْبَاطِنِ بَلْ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ لِلْمَظْلُومِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلِذَا فَرَّعَ فُرُوعًا ثَمَانِيَةً سِتَّةً يَسُوغُ لِلْمَظْلُومِ نَقْضُ الصُّلْحِ فِيهَا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاثْنَانِ لَا يَنْقُضُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) فَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا أَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا أَوْ وَجَدَ وَثِيقَتَهُ بَعْدَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ أَوْ يُقِرَّ سِرًّا فَقَطْ عَلَى الْأَحْسَنِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الظَّالِمَ إذْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بَعْدَ وُقُوعِ الصُّلْحِ فَإِنَّ لِلْمَظْلُومِ نَقْضَهُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَى الصُّلْحِ بِإِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَضَمَانُ مَا قَبَضَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ قَابِضِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِلْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ لَمْ يَعْلَمْهَا الْمَظْلُومُ حِينَ الصُّلْحِ فَلَهُ نَقْضُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ. الثَّالِثَةُ مَنْ صَالَحَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ يَعْلَمُهَا وَهِيَ بَعِيدَةٌ جِدًّا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا سَوَاءٌ أَعْلَنَ بِالْإِشْهَادِ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ لَمْ يُعْلِنْ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَعْدُ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا بَعِيدَةً جِدًّا نَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْبَعِيدَةَ لَا جِدًّا كَالْقَرِيبَةِ فِي أَنَّ حُكْمَهَا كَالْحَاضِرَةِ فَلَا يَقُومُ بِهَا وَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا وَالْبُعْدُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ أَيْ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ. الرَّابِعَةُ مَنْ صَالَحَ لِعَدَمِ وَثِيقَتِهِ ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَقَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا إنْ وَجَدَهَا فَلَهُ نَقْضُ الصُّلْحِ حِينَئِذٍ كَالْبَيِّنَةِ الَّتِي عَلِمَهَا وَأَمَّا إنْ نَسِيَهَا حَالَ الصُّلْحِ ثُمَّ وَجَدَهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَقُومُ بِهَا كَالْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ لِلْمَظْلُومِ أَيْ فَلِلْمَظْلُومِ نَقْضُ الصُّلْحِ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ. الْخَامِسَةُ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَشْهَدَ سِرًّا أَنَّ بَيِّنَتَهُ غَائِبَةٌ بَعِيدَةُ الْغَيْبَةِ وَإِنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُ لِأَجَلٍ بَعْدَ غَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَإِنَّهُ إنْ قَدِمَتْ قَامَ بِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِنْ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ صَالَحَهُ ثُمَّ قَدِمَتْ بَيِّنَتُهُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَيَنْقُضُ الصُّلْحَ كَمَنْ أَعْلَنَ وَأَشْهَدَ. السَّادِسَةُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقِرُّ بِالْحَقِّ سِرًّا وَيَجْحَدُهُ عَلَانِيَةً فَأَشْهَدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى جَحْدِهِ عَلَانِيَةً ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِلتَّأْخِيرِ وَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ الصُّلْحَ لِيُقِرَّ لَهُ عَلَانِيَةً فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِذَلِكَ فَالضَّمِيرُ فِي يُقِرُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَشَيْخُهُ بُرْهَانُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ عَلَى أَنَّ لَهُ نَقْضَ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَهُ إبْرَاءٌ عَامٌّ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا إلَخْ بِهَذَا. وَلَمَّا أَنْهَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِلظَّالِمِ فِي الْبَاطِنِ) وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا أَيْ وَلَا يَحِلُّ الصُّلْحُ بِمَعْنَى الْمُتَعَلِّقِ لَا بِمَعْنَى الْعَقْدِ أَيْ لَا يَحِلُّ مُتَعَلِّقُ الصُّلْحِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُصَالَحُ بِهِ وَمَا اقْتَطَعَ فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ أُطْلِقَ أَوَّلًا عَلَى الْعَقْدِ وَثَانِيًا عَلَى الْمُتَعَلِّقِ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ مُتَعَلِّقُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقَرَّ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ وَهُوَ فِي السُّكُوتِ وَالْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ أَوْ يُقِرُّ سِرًّا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يُعْلِنْ لَا بِالْجَزْمِ عَطْفٌ عَلَى يُعْلِنُ وَالْفَاعِلُ يَتَعَيَّنُ عَوْدُهُ عَلَى الْمُدَّعِي الْمُشْهِدِ وَالْفَاعِلُ بِ يَقِرُّ يَعُودُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا يُمَيِّزُهُ ذِهْنُ السَّامِعِ اللَّبِيبِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ يَقِرُّ هُوَ بِإِبْرَازِ الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ إلَّا أَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ لِلِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِ) تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ قَبْلَهُ وَهُمَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ لَكِنْ الْأَوَّلُ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْلِنْ بِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِهَا لِأَنَّهَا سَتَأْتِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ نَسِيَهَا) فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ يُعْلَمُ أَنَّ لَهُ وَثِيقَةً لَكِنَّهَا ضَاعَتْ مِنْهُ وَهَذَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ وَثِيقَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى جَحْدِهِ عَلَانِيَةً) فَائِدَةُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَقُولَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَ أَنْكَرَ فَيَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ (قَوْلُهُ وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً) وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى خِلَافًا فَالظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ وَإِنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزَمِ التَّأْخِيرِ) لَيْسَ هَذَا بِلَازِمٍ ذِكْرُهُ لِأَنَّ إشْهَادَهُ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِيُقِرَّ لَهُ عَلَانِيَةً يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ قَالَ عب وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَشْهَدَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُسَمَّى شَهَادَةُ اسْتِرْعَاءٍ أَيْ إيدَاعُ الشَّهَادَةِ فَإِنْ أَشْهَدَهَا أَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لِلتَّأْخِيرِ أَوْ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ فَهُوَ اسْتِرْعَاءٌ فِي اسْتِرْعَاءٍ انْتَهَى كَلَامُ عب وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ فِي الِاسْتِرْعَاءِ أَنْ يُشْهِدَ جَمَاعَةً يَقُولَ لَهُمْ إنْ أَسْقَطْت بَيِّنَةَ الِاسْتِرْعَاءِ فَلَسْت مُلْتَزِمًا لِإِسْقَاطِهَا وَقَدْ يَتَكَرَّرُ فَمَتَى اسْتَرْعَى وَلَمْ يَسْقُطْ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذِهِ تُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ أَقَرَّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ نَقْضُ الصُّلْحِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمُنْكِرُ بَعْدَ الصُّلْحِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِيُقِرَّ فَأَوْلَى إذَا أَشْهَدَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى وَجَدَ بَيِّنَتَهُ أَوْ وَثِيقَتَهُ أَوْ أَقَرَّ لَهُ خَصْمُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْبَرَاءَةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ الصُّلْحِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي النَّقْضِ لَوْ صَالَحَهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ وَالصُّلْحُ لَهُ نَقْضُهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 الْكَلَامَ عَلَى مَا يُنْقَضُ فِيهِ الصُّلْحُ وِفَاقًا وَخِلَافًا أَخَذَ يَذْكُرُ مَا لَا يُنْقَضُ فِيهِ كَذَلِكَ وَهُمَا مَسْأَلَتَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (ص) لَا إنْ عَلِمَ بَيِّنَتَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ فَقِيلَ لَهُ حَقُّك ثَابِتٌ فَأْتِ بِهِ فَصَالَحَ ثُمَّ وَجَدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيِّنَتِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِأَنَّهُ يَقُومُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَا يُنْقَضُ صُلْحُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهَا فَلَوْ أَشْهَدَ فَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ عَلَى الْأَحْسَنِ الثَّانِيَةُ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ وَلَكِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي حَقُّك ثَابِتٌ فَأْتِ بِالْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا حَقُّك فَأَمْحُهَا وَخُذْ مَا فِيهَا فَقَالَ ضَاعَتْ مِنِّي وَأَنَا أُصَالِحُك فَصَالَحَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْوَثِيقَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ لَكِنْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ وَجَدَ وَثِيقَتَهُ بَعْدَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ أَنَّ الْغَرِيمَ فِي هَذِهِ مُقِرٌّ بِالْحَقِّ وَإِنَّمَا طَلَبَ الصَّكَّ لِيَمْحُوَ مَا فِيهِ فَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَمَا سَبَقَ الْغَرِيمُ فِيهَا مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ وَالْحَالُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَدْ أَشْهَدَ سِرًّا أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ لِضَيَاعَ صَكِّهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَالَحَ لِغَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ الْغَيْبَةَ الْبَعِيدَةَ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا عِنْدَ قُدُومِهَا. وَلَمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعُ صُلْحِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ عَمَّا يَخُصُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ صَوَّرَ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ فَقَالَ (ص) وَعَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ مِنْ عَرْضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُورِثِهَا مِنْهُ فَأَقَلُّ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ حَاضِرَةً وَعُرُوضًا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً وَعَقَارًا وَغَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ إرْثِهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَذَ دَرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُوَرِّثِهِ مِنْ دَرَاهِمِ التَّرِكَةِ أَوْ أَخَذَتْ ذَهَبًا مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُوَرِّثِهَا مِنْ ذَهَبِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ صَالَحَهَا الْوَلَدُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَقَلَّ وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ بَعْضَ حَقِّهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتَرَكَتْ الْبَاقِيَ وَلَا يُرَاعَى مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لِأَنَّ الْبَاقِيَ هِبَةٌ فَيُرَاعَى فِيهَا الْحَوْزُ قَبْلَ مَوْتِهَا فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ بَطَلَ وَكَانَ لِوَرَثَتِهَا وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ لِلزَّوْجَةِ مَثَلًا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ إرْثِهَا مِنْ الذَّهَبِ كَاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَقِلَّ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ بِأَنْ لَا تَبْلُغَ صَرْفَ دِينَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ أَكْثَرُ إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ (ش) أَيْ أَوْ قَلَّتْ الْعُرُوض الَّتِي تَخُصُّهَا بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتِهَا دِينَارًا وَأُحْضِرَتْ كُلُّهَا لِأَنَّهَا بَاعَتْ نَصِيبَهَا مِنْ الْعُرُوضِ وَالدَّرَاهِمِ بِدِينَارَيْنِ دِينَارٌ وَنِصْفٌ مَثَلًا قِيمَةُ الْعُرُوضِ أَوْ صَرْفُ الدَّرَاهِمِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي فِي مُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ أَوْ الْعُرُوضِ فَهُوَ بَيْعٌ وَصَرْفٌ اجْتَمَعَا فِي دِينَارٍ أَمَّا إنْ بَلَغَ نَصِيبُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْعُرُوضِ دِينَارًا لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي دِينَارٍ. وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْعُرُوضِ غَائِبًا دَخَلَهُ صَرْفٌ مَعَ سِلْعَةٍ تَأَخَّرَتْ فَقَوْلُهُ إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَيْ وَكَانَ جَمِيعُ مَا زَادَهُ عَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الذَّهَبِ دِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَمَّا إنْ كَانَ مَا زَادَهُ عَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الذَّهَبِ دِينَارًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ   [حاشية العدوي] [مَا لَا يُنْقَضُ فِيهِ الصُّلْحُ] قَوْلُهُ الثَّانِيَةُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالْحَقِّ قَطْعًا وَلَكِنَّهُ مُتَوَقِّفُ الدَّفْعِ عَلَى دَفْعِ الصَّكِّ وَفِي عب خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ حَقُّك ثَابِتٌ إنْ أَتَيْت بِهِ ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ وَجَدَ وَثِيقَةً بَعْدَهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ مُقِرٌّ لَا مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطِ الْإِتْيَانِ بِالصَّكِّ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَقَطْ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَمَا سَبَقَ الْغَرِيمُ فِيهَا يُنْكِرُ الْحَقَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ ظَاهِرَ الشَّارِحِ لَقِيلَ إنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ وَلَا يَتَوَقَّفُ دَفْعُ الْحَقِّ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّكِّ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ يَكْتُبُ لَهُ وَثِيقَةً أُخْرَى تُنَاقِضُهَا كَتَبَ فِيهَا دَفَعَ الْحَقَّ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا اطَّلَعْت عَلَى فَرْقِ ابْنِ يُونُسَ حَيْثُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ غَرِيمَهُ فِي هَذَا مُعْتَرِفٌ وَإِنَّمَا طَالَبَهُ بِإِحْضَارِهِ لِيَمْحُوَ مَا فِيهِ فَقَدْ رَضِيَ هَذَا بِإِسْقَاطِهِ وَاسْتِعْجَالِ حَقِّهِ وَالْأَوَّلُ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ وَقَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِضَيَاعِ صَكِّهِ فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِغَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ انْتَهَى تَأَمَّلْ فِي هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا) وَخَصَّ الزَّوْجَةَ لِأَنَّ حُصُولَ الْمُنَازَعَةِ مِنْهَا أَكْثَرُ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ غَالِبًا. (قَوْلُهُ وَلَا يُرَاعَى مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ) الْمَدَارُ عَلَى حُضُورِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهُوَ الذَّهَبُ فِي مِثَالِنَا لَا حُضُورِ الدَّرَاهِمِ وَلَا حُضُورِ الْعُرُوضِ بَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ ثَمَانُونَ دِينَارًا وَصُولِحَتْ بِعَشَرَةٍ مِنْهَا فَإِنْ حَضَرَ جَمِيعُ الذَّهَبِ جَازَ سَوَاءٌ حَضَرَ بَاقِي التَّرِكَةِ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مُنِعَ ذَلِكَ وَإِنْ صُولِحَتْ بِخَمْسَةٍ فَإِنْ حَضَرَ أَرْبَعُونَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ صُولِحَتْ بِأَحَدَ عَشَرَ جَازَ إنْ حَضَرَ جَمِيعُ الْمَتْرُوكِ لِأَنَّ الْعُرُوضَ وَالْوَرِقَ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الزَّائِدِ فَهُوَ بَيْعٌ وَصَرْفٌ وَالْجَمِيعُ دِينَارٌ وَإِنْ صُولِحَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَكَانَ الْعَرْضُ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ الْوَرِقُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ حَضَرَ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَرْضِ وَالْوَرِقِ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ جَازَ إنْ حَضَرَ الْجَمِيعُ لِأَنَّ دِينَارًا مِنْ الزَّائِدَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَرْضِ وَالْوَرِقِ وَالْآخَرُ زِيَادَةٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْجَمِيعُ مُنِعَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِيمَا إذَا صُولِحَتْ بِوَرِقٍ فَقَطْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا إذَا تَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ حَاضِرَةٍ لَا يُؤَاخَذُ بِظَاهِرِهِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَدَرَاهِمَ بِمَعْنَى أَوْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ دَرَاهِمَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مُوَرِّثُهَا (قَوْلُهُ وَأُحْضِرَتْ كُلُّهَا) أَيْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا مِنْ عَرْضٍ وَوَرِقٍ لَكِنْ حُضُورُ الْعُرُوضِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا يَتَبَيَّنُ فِيمَا بَعْدُ أَيْ وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جَمِيعِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا بَعْدُ كَمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ مَعَ سِلْعَةٍ تَأَخَّرَتْ أَيْ بِأَنْ لَا تَكُونَ فِي حُكْمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ حِصَّتِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعُرُوضِ يَزِيدُ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ (ص) لَا مِنْ غَيْرِهَا مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِلزَّوْجَةِ لَا لِغَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِإِعْطَاءِ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ سَوَاءٌ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا إلَّا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْعُرُوضِ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَالتَّأْخِيرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ حُكْمَ الْعَرْضِ الَّذِي مَعَ الْعَيْنِ حُكْمُ الْعَيْنِ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ إنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرْفَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ وَلَمَّا شَمِلَ إطْلَاقُهُ الْمَنْعَ لِلْعَرْضِ وَكَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا بِعَرْضٍ إنْ عَرَفَا جَمِيعَهَا وَحَضَرَ وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ لِلزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِعَرْضٍ حَاضِرٍ مِنْ غَيْرِ عُرُوضِ التَّرِكَةِ فَإِنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ يَعْرِفَ الْمُصَالِحُ وَالْمُصَالَحُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ حَتَّى تَكُونَ الْمُصَالَحَةُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَأَنْ يَحْضُرَ جَمِيعُ الْمَوْرُوثِ مِنْ أَصْنَافِ الْعُرُوضِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ النَّقْدِ فِي الْغَائِبِ بِشَرْطٍ أَيْ أَوْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَالْعَرْضُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُصَالِحُ مُخَالِفٌ لِلْعَرْضِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْعًا لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَاهَا بَعْضَ مُورِثِهَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ. (ص) وَعَنْ دَرَاهِمَ وَعَرْضٍ تُرِكَا بِذَهَبٍ كَبَيْعٍ وَصَرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ دَرَاهِمَ وَعُرُوضًا فَصَالَحَ الْوَارِثُ زَوْجَةَ الْمَيِّتِ عَلَى دَنَانِيرَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَسِيرًا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ فِي حَظِّهَا مِنْهَا صَرْفُ دِينَارٍ فَأَكْثَرُ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَصَرْفٍ أَيْ فَإِنْ قُلْت الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا أَوْ الْعَرْضُ الَّذِي يَخُصُّهَا بِأَنْ نَقَصَتْ أَوْ نَقَصَ قِيمَةُ الْعَرْضِ عَنْ دِينَارٍ جَازَ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ اجْتَمَعَا فِي دِينَارٍ. (ص) وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ فَكَبَيْعِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ نَقْدًا مِنْ عِنْدِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ سَلَمٍ فَصَالَحَهَا الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَجَّلَهَا لَهَا مِنْ عِنْدِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ الْغُرَمَاءُ حُضُورًا مُقِرِّينَ وَوَصَفَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ عَلَى الْفُرُوعِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ وَعَنْ دَرَاهِمَ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ   [حاشية العدوي] الْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَرْضِ إلَخْ) أَرَادَ بِالْعَرْضِ مَا يَشْمَلُ الدَّرَاهِمَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ صَالَحَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ وَفِي التَّرِكَةِ دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ وَعُرُوضٌ فَالدَّرَاهِمُ وَالْعُرُوضُ الَّتِي مَعَ الدَّنَانِيرِ تُعَدُّ دَنَانِيرَ فَيَأْتِي التَّفَاضُلُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ) أَيْ فِي التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ أَيْ فِي التَّقْدِيرِ وَالتَّأْخِيرِ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ حُضُورِ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرْفَ دِينَارٍ) أَيْ وَكَانَ الْعَرْضُ يُسَاوِي دِينَارًا (قَوْلُهُ أَنْ عَرَفَا جَمِيعَهَا) أَيْ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَمِثْلُ مَعْرِفَةِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مَعْرِفَةُ جَمِيعِ نَصِيبِهَا مِنْهَا قَالَ ابْنُ نَاجِي وَظَاهِرُ قَوْلِهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ الصُّلْحِ أَنْ يَعْتَرِفُوا كُلُّهُمْ بِمَعْرِفَةِ التَّرِكَةِ وَلَوْ لَمْ يُسَمُّوهَا وَأَفْتَى شَيْخُهُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَتِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَحَضَرَ) أَيْ جَمِيعُ الْمَتْرُوكِ حَقِيقَةً فِي الْعَيْنِ وَحُكْمًا فِي الْعَرْضِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَيْ أَوْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا عَدَا الْعَرْضِ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ حَقِيقَةً وَالْعُرُوضُ يُكْتَفَى بِحُضُورِهَا حُكْمًا كَأَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَقَوْلُهُ وَحَضَرَ أَيْ وَقْتَ الصُّلْحِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ يَجُزْ صُلْحُهَا بِعَرْضٍ مِنْ غَيْرِهَا وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ بِشُرُوطِهَا أَنَّ فِي التَّرِكَةِ عَيْنًا وَعَرْضًا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ كُلُّهَا عُرُوضًا فَيَجُوزُ لِلْوَلَدِ أَنْ يُصَالِحَهَا بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ إنْ عَجَّلَهَا وَلَوْ كَانَتْ الْعُرُوض دُيُونًا عَلَى غُرَمَاءَ حُضُورًا مُقِرِّينَ وَتَأْخُذُهُمْ الْأَحْكَامُ وَوُصِفَتْ الْعُرُوض الَّتِي عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ) بِأَنْ كَانَتْ عَلَى يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْعَرْضُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُصَالِحُ مُخَالِفٌ لِلْعَرْضِ الَّذِي إلَخْ) يَظْهَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَوْ مُوَافِقًا لِأَنَّ الْعُرُوضَ تُرَادُ لِذَاتِهَا وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا افْتَرَقَ الْحَالُ فِي الدَّرَاهِمِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ التَّرِكَةِ أَمْ لَا تَأَمَّلْ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عَنْ الْبَدْرِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ. (قَوْلُهُ كَبَيْعِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ حَيْثُ يَجُوزُ وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا مُقِرًّا وَهُوَ مِمَّنْ يَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَيُمْنَعُ حَيْثُ يَمْنَعُ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ مِنْ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي لِلْمَيِّتِ حَالًّا عَلَى الْمَدِينِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَالتَّأْخِيرِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ حُكْمَ الْعَرْضِ الَّذِي مَعَ الْعَيْنِ حُكْمُ الْعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ مِنْ دَنَانِيرَ وَاَلَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدَهُ دَنَانِيرُ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالثَّانِي دَرَاهِمَ فَيَلْزَمُ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ دَنَانِيرَ وَفِي التَّرِكَةِ عُرُوضٌ أُخَرُ كَانَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ أَوْ دُيُونًا فَصَالَحَهَا عَلَى دَنَانِيرَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَالتَّأْخِيرِ بَيْنَهُمَا وَكَذَا إذَا أُبْدِلَتْ الدَّنَانِيرُ بِالدَّرَاهِمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَدَرَاهِمَ فَصَالَحَهَا بِدَنَانِيرَ فَيَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا أَيْ كُلُّهُ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا وَلَيْسَ هُنَاكَ فِي التَّرِكَةِ نَقْدُ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ أَنَّ فِي التَّرِكَةِ نَقْدًا (قَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ إلَخْ) لَا إغْنَاءَ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ صَالَحَهَا بِنَقْدٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ هُنَا صَالَحَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَقَرَّ إلَخْ لَا إغْنَاءَ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ صَالَحَ بِعَرْضٍ وَهُنَا صَالَحَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي صُلْحِ الدِّمَاءِ فَقَالَ (ص) وَعَنْ الْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ نَفْسٌ أَوْ جُرْحٌ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَبِأَكْثَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ الصُّلْحِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِ الدَّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (ص) لَا غَرَرٌ كَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ (ش) الْأَحْسَنُ عَطْفُهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ بِمَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ لَا بِغَرَرٍ كَرَطْلٍ أَوْ أَرْطَالٍ مِنْ شَاةٍ حَيَّةٍ أَوْ مَذْبُوحَةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا وَتَقْيِيدُ الْمُدَوَّنَةِ بِالْحَيَّةِ مُعْتَرَضٌ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ فِيهَا وَإِنْ ادَّعَيْت عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا فَصَالَحَك عَنْهُ عَلَى عَشَرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ لَمْ يَجُزْ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ بِمَا يُبَاعُ بِهِ فَيُفِيدُ اخْتِصَاصَهُ بِالدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ بِجَمِيعِ الشَّاةِ لَجَازَ حَيَّةً كَانَتْ أَوْ مَذْبُوحَةً وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ كَالْبَيْعِ وَقَوْلُهُ لَا غَرَرٌ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الصُّلْحُ بَيْعٌ وَبِعِبَارَةٍ وَنَبَّهَ عَلَى مَنْعِ الْغَرَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَمْدَ لَمَّا كَانَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُ الْغَرَرِ فِيهِ، وَغَيْرُ الْعَمْدِ يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى الْمَنْعُ فِيهِ (ص) وَلِذِي دَيْنٍ مَنْعُهُ مِنْهُ (ش) أَيْ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ مَنْعُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ الصُّلْحِ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِمَالٍ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الْقِصَاصَ سَوَاءٌ كَانَ الْقِصَاصُ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ كَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ إذْ فِيهِ إتْلَافٌ لِمَالِهِ عَلَى غَيْرِ مَا عَامَلُوهُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ كَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنْ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَتَزْوِيجِهِ وَإِيلَادِ أَمَتِهِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا عَامَلُوهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَلَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ فِي صَوْنِ نَفْسِهِ وَجُزْئِهِ بِتَعَمُّدِ جِنَايَتِهِ وَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ يَعْتَرِيهِ الْعَيْبُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا يَعْتَرِي الْبَيْعَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ مِنْهُ مَا يُوَافِقُ الْبَيْعَ وَمَا يُخَالِفُهُ فَمَا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَإِنْ رُدَّ مُقَوَّمٌ بِعَيْبٍ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ صُلْحَ الْعَمْدِ مُطْلَقًا أَوْ الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا وَقَعَ عَلَى مُقَوَّمٍ كَفَرَسٍ وَعَبْدٍ وَشِقْصِ عَقَارٍ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْقَابِضُ لَهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ رَجَعَ عَلَى دَافِعِهِ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ صَحِيحًا سَلِيمًا إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ يَرْجِعُ بِهَا وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمَقَرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (ص) كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعِوَضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ عَبْدًا أَوْ فَرَسًا أَوْ شِقْصًا مِنْ عَقَارٍ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ بِمِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا الشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ بِغَرَرٍ أَوْ تَفْوِيضًا فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهِمَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ بِمَا ذُكِرَ فَاطَّلَعَ الزَّوْجُ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِقِيمَةِ مَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِهِ سَلِيمًا لِأَنَّ قِيمَتَهُ مَعْلُومَةٌ وَلَا يَرْجِعُ لِصَدَاقٍ وَلَا لِخُلْعِ الْمِثْلِ لِأَنَّ طَرِيقَ النِّكَاحِ الْمُكَارَمَةُ فَقَدْ تَتَزَوَّجُ بِأَضْعَافِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ وَكَذَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ   [حاشية العدوي] بِنَقْدٍ فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ فَتَدَبَّرْ. [صُلْحِ الدِّمَاءِ وَالْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ] (قَوْلُهُ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ) أَيْ مُعَيِّنًا ذَلِكَ عِنْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ فِيهِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ وَقْتُهُ مُبْهَمًا فَيَنْعَقِدُ وَيَكُونُ كَالْخَطَأِ. (قَوْلُهُ كَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَالْحُكْمُ أَنْ يَرْتَفِعَ الْقِصَاصُ وَتَجِبَ الدِّيَةُ فَإِنْ قُلْت ضَرُورِيَّاتُ الْجَسَدِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي الْقُوتِ وَالْكِسْوَةِ وَهُنَا قَدَّمْت الْغُرَمَاءَ عَلَى الْجَسَدِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا ظَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَضُرُّ الْغُرَمَاءَ بِظُلْمِهِ وَهُنَاكَ مَعْذُورٌ فَقَدَّمَ بَدَنَهُ عَلَى مَالِ الْغُرَمَاءِ كَالضَّرَرِ بِالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ لَوْ صَالَحَهُ بِجَمِيعِ الشَّاةِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَيْهَا بِذَاتِهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَا قَلَّ أَيْ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ لَا بِذِي غَرَرٍ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ لِأَنَّ الْعَمْدَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ بِالْغَرَرِ فَنَصَّ عَلَيْهِ وَإِذَا امْتَنَعَ الصُّلْحُ بِالْغَرَرِ فِي هَذِهِ فَأَحْرَى فِي بَقِيَّةِ الْبَابِ. (قَوْلُهُ أَيْ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ) فَإِنْ لَمْ يُحِطْ فَلَا مَنْعَ لَهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمَا بَقِيَ وَلَوْ بِتَحْرِيكٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْفَرْضِ الْخَاصِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ إذْ فِيهِ إتْلَافٌ إلَخْ أَيْ فَلَمَّا أَعْتَقَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ حَصَلَ الْإِتْلَافُ وَلَمْ تُعَامِلْهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى كَوْنِهِ يَقْتُلُ وَيُصَالِحُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ) الْعِبَارَةُ الْوَاضِحَةُ أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ كَالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى وَتَقَدَّمَ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا اسْتِحْقَاقٌ وَقَدْ يَظْهَرُ فِيهَا عَيْبٌ وَالْمُصَالَحُ بِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ رَجَعَ عَلَى دَافِعِهِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَرَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ أَيْ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ يَدْفَعُهَا لِمَنْ كَانَ أَخَذَ الشِّقْصَ (قَوْلُهُ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ) خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَاسْتَحَقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَسَكَتَ عَنْ الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ فِي غَيْرِ الدَّمِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمُعَيَّنَ وَرَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ يَظْهَرُ لَك الْحَالُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ بِغَرَرٍ) الْحَاصِلُ أَنَّ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ لَمَّا لَمْ يَتَقَرَّرْ شَيْءٌ فِيهِمَا رَجَعْنَا إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي الْغَرَرِ كَالْمُتَقَرِّرِ كَالْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي التَّفْوِيضِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 وَبِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا فِي دَمِ الْعَمْدِ أَوْ الْإِنْكَارِ فَالرُّجُوعُ لَقِيمَةِ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ أَضْبَطُ وَكَذَا عَلَى الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ فِي الرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعِوَضِ عِوَضُ الْقُطَاعَةِ وَعِوَضُ الْكِتَابَةِ وَهُوَ الْمُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَعِوَضُ الْعُمْرَى كَمَنْ أَعْمَرْتَهُ دَارَك مُدَّةَ حَيَاتِك ثُمَّ صَالَحَتْهُ عَلَى عِوَضٍ فِي نَظِيرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَنْفَعَةِ الدَّارِ وَرَجَعَتْ لَك الدَّارُ فَاسْتُحِقَّ الْعِوَضُ مِنْ يَدِ الْمُعَمِّرِ أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ وَالْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعَمِّرِ بِالْكَسْرِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ إذْ لَا قِيمَةَ لِلْعُمْرَى وَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ الْقُطَاعَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ يَتَسَامَحُ فِيهَا وَلَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ مَعْلُومَةً لِأَنَّ الْمَعْلُومَ فِيهَا قِيمَةُ الْعِوَضِ الَّذِي وَقَعَ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي آخِرِ الِاسْتِحْقَاقِ فَكَانَ فِي غِنًى عَنْ ذِكْرِهَا هُنَا. (ص) وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ أَوْ قَطَعُوا جَازَ صُلْحُ كُلٍّ وَالْعَفْوُ عَنْهُ (ش) يَعْنِي لَوْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا عَمْدًا أَوْ قَطَعُوا يَدًا وَاحِدَةً أَوْ أَيْدِيَ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَإِنَّ وَلِيَّ الدَّمِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ الْبَعْضَ أَيْ بَعْضَ الْقَاتِلِينَ أَوْ الْقَاطِعِينَ وَيَعْفُوَ عَنْ الْبَعْضِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ كُلًّا وَيَعْفُوَ عَنْ كُلٍّ مَجَّانًا فَقَوْلُهُ قَتَلَ إلَخْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فِيهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ جَازَ مَعَ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ أَوْ الْقَاطِعِينَ وَكَذَلِكَ الْجَارِحُونَ وَأَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ تَعَدُّدُ الْمَقْتُولِينَ وَاتِّحَادُ الْقَاتِلِ فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ عَمْدًا وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَصَالَحَ أَوْلِيَاءُ أَحَدِهِمَا عَلَى الدِّيَةِ وَعَفَوْا عَنْ دَمِهِ وَقَامَ أَوْلِيَاءُ الْآخَرِ بِالْقَوَدِ فَلَهُمْ الْقَوَدُ فَإِنْ اسْتَفَادَ وَأَبْطَلَ الصُّلْحَ وَيَرْجِعُ الْمَالُ إلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُمْ عَلَى النَّجَاةِ مِنْ الْقَتْلِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ قُتِلُوا بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ تَعَدَّدَ الْمَقْتُولُ وَاتَّحَدَ الْقَاتِلُ إذْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ جَازَ صُلْحُ كُلٍّ أَيْ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى مُتَعَدِّدٍ وَمَعَ اتِّحَادِ الْقَاتِلِ لَا تَعَدُّدَ. (ص) وَإِنْ صَالَحَ مَقْطُوعٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَذَا فِي دَمِ الْعَمْدِ أَوْ الْإِنْكَارِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا أَنَّ صُلْحَ الْعَمْدِ مُطْلَقًا إلَخْ وَالْمَعْنَى وَكَذَا الصُّلْحُ فِي دَمِ الْعَمْدِ يَقَعُ بِكَثِيرٍ وَبِقَلِيلٍ، الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ ضَابِطٌ فِي النِّكَاحِ وَفِي الْخُلْعِ وَفِي دَمِ الْعَمْدِ وَالْإِنْكَارِ رَجَعَ إلَى قِيمَةِ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَرُبَّمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ تَارَةً يُزَوَّجُ بِأَضْعَافِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَتَارَةً بِعَشَرَةٍ لِكَوْنِ النِّكَاحِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُكَارَمَةِ سَقَطَ مَا يُقَالُ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قِيمَةُ الْبُضْعِ. (قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي) الْمُرَادُ بِالْمُشْتَرِي مَنْ أُعْطِيَ لَهُ ذَلِكَ الشِّقْصُ وَهُوَ الزَّوْجَةُ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ وَالزَّوْجُ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ وَوَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي صُلْحِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَالْخَطَأِ عَلَى إنْكَارٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَقُ عَلَيْهِ) تَفْسِيرٌ لِعِوَضِ الْقُطَاعَةِ أَيْ وَهُوَ الشِّقْصُ الَّذِي وَقَعَ عِتْقُ الْعَبْدِ لِأَجْلِهِ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُكَاتَبَ وَالْمُقَاطَعَ أَيْ مَا وَقَعَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ) أَيْ الْكَائِنِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ الْمُعَيَّنُ صِفَةٌ لِلْمُعْتَقِ عَلَيْهِ أَيْ الْمُعْتَقِ عَلَيْهِ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ كَائِنٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَالْمَوْصُوفُ بِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ أَيْ بِأَنْ يُقَاطِعَهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى شِقْصِ فُلَانٍ الَّذِي فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ يُعْطِي لَهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ ذَلِكَ الشِّقْصَ فَيَظْهَرُ بِهِ عَيْبٌ أَوْ يُسْتَحَقُّ أَوْ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الشِّقْصِ فَالشَّفِيعُ يُعْطِي السَّيِّدَ قِيمَةَ ذَلِكَ الشِّقْصِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَاسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ حَيَاتَك) أَيْ أَوْ حَيَاتَهُ (قَوْلُهُ عَلَى عِوَضٍ فِي نَظِيرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ) كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى شِقْصٍ فَيَظْهَرُ بِهِ عَيْبٌ أَوْ يُسْتَحَقُّ أَوْ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ) هَذَا فِي الْقُطَاعَةِ وَالْكِتَابَةِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا فِي الشِّقْصِ أَوْ اُسْتُحِقَّ وَقَوْلُهُ وَالْمُعْمَرُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْمِرِ أَيْ فِيمَا إذَا وَجَدَ عَيْبًا فِي الشِّقْصِ أَوْ اُسْتُحِقَّ وَقَوْلُهُ وَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ أَيْ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَدْفَعُهَا الشَّفِيعُ لِلسَّيِّدِ فِي الْقُطَاعَةِ وَالْكِتَابَةِ وَيَدْفَعُهَا لِلْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ فِي الْعُمْرَى فَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ وَالشَّفِيعُ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْقُطَاعَةَ أَيْ وَالْكِتَابَةُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ فَيَتَسَامَحُ فِيهِمَا أَيْ فَلَيْسَ لَهُمَا ضَابِطٌ فَلِذَا رَجَعْنَا فِيهِمَا إلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ يَأْخُذُهَا السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ وَيَدْفَعُهَا الشَّفِيعُ لِذَلِكَ السَّيِّدِ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ مَعْلُومَةٌ) رَاجِعٌ لِلشُّفْعَةِ فَقَطْ بِاعْتِبَارِ الْمُعْمَرِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْمِرِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عِلَّتَهُ وَمُرَادُهُ بِالْمَنَافِعِ مَنَافِعَ الدَّارِ الْمُعْمَرَةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلُهُ سَابِقًا إذْ لَا قِيمَةَ لِلْعُمْرَى فَمُرَادُهُ بِالْعُمْرَى الْمَنَافِعُ الْمَذْكُورَةُ. (قَوْلُهُ جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) أَيْ أَوْ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْ الْبَعْضِ وَالْقِصَاصُ مِنْ الْبَاقِينَ أَوْ صُلْحُهُ أَوْ صُلْحُ بَعْضٍ وَالْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ صُلْحُ كُلٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ جَازَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَوْ لِلْمَقْطُوعِ أَنْ يُصَالِحَ كُلًّا مِنْ الْقَاتِلِينَ أَوْ الْقَاطِعِينَ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ أَوْ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ جَازَ لِكُلٍّ مِنْ الْقَاتِلِينَ أَوْ الْقَاطِعِينَ أَنْ يُصَالِحَ الْوَلِيَّ لَكِنْ قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ يُرَجَّحُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ لِأَنَّ الْجَانِيَ لَا عَفْوَ لَهُ وَكُلٌّ وَاقِعٌ عَلَى الْقَاتِلِينَ أَوْ الْقَاطِعِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْقَوَدُ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ وَلَيْسَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْأَوْلِيَاءِ الْأَقَارِبِ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَجَانِبُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَالْعَفْوُ عَنْ كُلٍّ عَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ صُلْحُ كُلٍّ أَيْ كُلُّ الْقَاتِلِينَ وَمَعَ اتِّحَادِ الْقَاتِلِ لَا تَعَدُّدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَالْمَصْدَرُ وَهُوَ صُلْحٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَكَذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهُ أَيْ عَنْ كُلٍّ فَكَذَلِكَ الْخَبَرُ مَعَ اتِّحَادِ الْقَاتِلِ فَتَدَبَّرْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 ثُمَّ نُزِيَ فَمَاتَ فَلِلْوَلِيِّ لَا لَهُ رَدُّهُ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ عَمْدًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ ثُمَّ صَالَحَ الْقَاطِعُ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ سَالَ دَمُهُ إلَى أَنْ أَدَّى إلَى الْمَوْتِ فَإِنَّ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْطُوعِ أَنْ يَمْضُوا هَذَا الصُّلْحَ وَلَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ وَيَقْتُلُوا الْقَاطِعَ بَعْدَ أَنْ يُقْسِمُوا لَمِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ مَاتَ لِأَنَّ الصُّلْحَ إنَّمَا كَانَ عَنْ الْقَطْعِ وَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ نَفْسٌ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْمُسْتَحَقِّ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ وَلَيْسَ لِلْقَاطِعِ أَنْ يَرُدَّ الصُّلْحَ وَيَقُولَ لِلْأَوْلِيَاءِ رُدُّوا الْمَالَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ وَاقْتُلُونِي بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ آلَتْ إلَى نَفْسٍ وَلَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تُبَاحُ إلَّا بِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْجُرْحُ كَانَ قَطْعًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ قَالَ مَجْرُوحٌ كَانَ أَشْمَلَ. (ص) كَأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ (ش) تَشْبِيهٌ تَامٌّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ خَطَأً ثُمَّ صَالَحَ فَمَاتَ فَلِوَلِيِّ الْمَقْطُوعِ إمْضَاءُ الصُّلْحِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الصُّلْحَ وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيَرْجِعُ الْجَانِي بِمَا دَفَعَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ مِنْ الْقَسَامَةِ كَانَ لَهُ الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ وَإِنَّمَا أَتَى بِضَمِيرِ الْجَمْعِ هُنَا دُونَ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ الرَّاجِعِ لِلْوَلِيِّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ فَلَوْ أَتَى بِهِ مُفْرَدًا لَأَفَادَ مَا ذَكَرْنَا لَكِنْ مَا ارْتَكَبَهُ أَصْرَحُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ دُونَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ وَجَبَ لِمَرِيضٍ عَلَى رَجُلٍ جُرْحٌ عَمْدًا فَصَالَحَ فِي مَرَضِهِ بِأَرْشِهِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ جَازَ وَلَزِمَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا جَرَحَهُ شَخْصٌ فِي حَالِ مَرَضِهِ جُرْحًا عَمْدًا وَثَبَتَ ذَلِكَ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمَجْرُوحَ صَالَحَ عَنْ جُرْحِهِ فِي مَرَضِهِ بِأَرْشِ ذَلِكَ الْجُرْحِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْشِهِ أَوْ مِنْ دِيَتِهِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ ثُمَّ إنَّ الْمَجْرُوحَ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَإِنَّ صُلْحَهُ لَازِمٌ لَهُ وَلِوَارِثِهِ إذْ لِلْمَرِيضِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي مَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَهَلْ الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ سَوَاءٌ صَالَحَ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ أَوْ عَنْهُ، وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ الْعَطَّارِ أَوْ الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ فَقَطْ لَا إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ لَا مَا يَئُولُ إلَيْهِ تَأْوِيلَانِ. (ش) وَجَمَعَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُعَارِضَةً لِلْأُولَى لِأَنَّ الْأُولَى وَقَعَ الصُّلْحُ فِيهَا عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ ثُمَّ نَزَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ ثُمَّ نُزِيَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُخَفَّفَةً أَيْ سَالَ دَمُهُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ فَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ لَفْظًا إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْجُرْحِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ مَقْطُوعٌ (قَوْلُهُ فَمَاتَ) الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ فَالْمَوْتُ مُسَبَّبٌ عَنْ النَّزَيَانِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ لَا لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْقَاطِعِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَقْطُوعٌ (قَوْلُهُ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ) أَيْ لِتَرَاخِي الْمَوْتِ عَنْ الْجُرْحِ فَيَحْلِفُونَ لَمِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ مَاتَ وَيَرُدُّونَ إلَى وَرَثَةِ الْجَانِي مَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُمْ وَقَوْلُهُ رَدُّهُ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِلْوَلِيِّ أَيْ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ وَلَهُ الْإِجَازَةُ وَأَخْذُ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ لَا الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يُجَابُ إلَى الْقَتْلِ بِقَسَامَةٍ بِحَيْثُ يُجْبَرُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ) أَيْ كَتَخْيِيرِ الْأَوْلِيَاءِ فِي إمْضَاءِ الصُّلْحِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ فِي حَالَةِ الْقَطْعِ خَطَأً (قَوْلُهُ دُونَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ) وَأَمَّا إنْ صَالَحَ عَنْ الْجُرْحِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْعَمْدِ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ دَمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ جَازَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ بِمَا شَاءَ وَأَمَّا الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ اتِّفَاقًا وَهَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَةٍ دُونَ الْمَوْتِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَيْهِ خَاصَّةً قَوْلَانِ وَهَذَا فِيمَا فِيهِ دِيَةٌ مُسَمَّاةٌ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ وَأَمَّا مَا لَا دِيَةَ فِيهِ مُسَمَّاةٌ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَأَمَّا جُرْحُ الْخَطَأِ فَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ كَالْمُوضِحَةِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَهُوَ لَا يَدْرِي يَوْمَ صَالَحَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ فُسِخَ مَتَى عَثَرَ عَلَيْهِ وَأُتْبِعَ بِمَا يَقْتَضِيهِ حُكْمُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ فَإِنْ بَرِئَ كَانَتْ عَلَيْهِ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ وَإِنْ بَلَغَ الْجُرْحُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَيَبْطُلُ (قَوْلُهُ إذَا جَرَحَهُ شَخْصٌ فِي حَالِ مَرَضِهِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي طُرُوِّ الْجُرْحِ عَلَى الْمَرَضِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَيُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ عج وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ أَنَّ مُفَادَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْجُرْحَ هُنَا طَارٍ عَلَى الْمَرَضِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَأَمَّا طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا فَسَيَذْكُرُ فِي بَابِهِ خِلَافًا هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ أَيْ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ قَالَهُ عج وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْشِهِ إلَخْ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَيْرِهِ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَيْرِهِ مُرَادُهُ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْشِهِ وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِيَتِهِ وَتَكُونُ الْمُصَالَحَةُ بِالدِّيَةِ مَسْكُوتًا عَنْهَا مَعَ أَنَّهَا كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ بِأَرْشِهِ أَوْ دِيَتِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَرْشِهِ أَوْ دِيَتِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَرْشَ لَا يُقَالُ لِمَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَمَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يُقَالُ فِيهِ دِيَةٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يُقَالُ فِيهِ أَرْشٌ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَرْشَ لِمَا ثَبَتَ فِي الشَّيْءِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَإِذَا صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ بَطَلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 وَمَاتَ مِنْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ عَنْ جُرْحِهِ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَا مِنْ الْجُرْحِ أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ لَازِمٌ فَلَا يُقَالُ هَذَا صُلْحٌ وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ فَيُنْظَرُ فِيهِ هَلْ فِيهِ مُحَابَاةٌ أَمْ لَا وَلَا مَفْهُومَ لِرِجْلٍ وَلَا لِجُرْحٍ أَيْ وَإِنْ وَجَبَ عَلَى جَانٍ جِنَايَةٌ عَمْدًا قَوْلُهُ لِمَرِيضٍ كَانَ الْمَرَضُ سَابِقًا عَلَى الْجُرْحِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْمَرَضِ وَنُسْخَةُ عَمْدًا بِالنَّصْبِ صَحِيحَةٌ إمَّا عَلَى الْحَالِ أَوْ التَّمْيِيزِ وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ وُقُوعُ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّفْيَ بِجَامِعِ عَدَمِ التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ فِي مَرَضِهِ أَيْ فِي زَمَنِ مَرَضِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ مِنْ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ أَيْ كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ مَرَضَهُ لَا الْجُرْحَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ وَالْإِجْمَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَعْلِ مِنْ ظَرْفِيَّةً (ص) وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ وَلِيَّيْ الْمَقْتُولِ إذَا صَالَحَ الْجَانِيَ بِعَيْنٍ أَوْ بِعَرْضٍ فَإِنَّ لِلْآخَرِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ دَخَلَ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِرَاحِ وَانْظُرْ إذَا دَخَلَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا صَالَحَ بِهِ هَلْ لَهُ أَوْ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَةٌ عَلَى الْجَارِحِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَوْ بِشَيْءٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ فَلِلْآخَرِ إسْلَامُهَا إلَخْ أَوْ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ الْجَارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَارِحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَارِحِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُسْتَدِلَّ بِهَا أَصْلُهَا مَالٌ مُعَيَّنٌ بَيْنَهُمَا مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ إرْثٍ وَنَحْوِهِمَا فَدُخُولُ أَحَدِهِمَا مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَرْجِعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَصْلُ فِيهَا الْقَوَدُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُهَا مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. (ص) وَسَقَطَ الْقَتْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا صَالَحَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ عَنْ الْجَانِي وَسَوَاءٌ دَخَلَ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ صُلْحَ أَحَدِهِمَا كَعَفْوِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْجِرَاحِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي ثُمَّ شَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ قَوْلَهُ (ص) كَدَعْوَاك صُلْحَهُ فَأَنْكَرَ   [حاشية العدوي] وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ صُلْحٌ فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَقْتُلُونَ. (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ) وَلِذَا قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ مِنْ مَرَضِهِ أَيْ لَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي عب رَدُّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ لَمْ يَأْتِ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ أَيْ وَمِنْ بِمَعْنَى فِي وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي عَمْدٍ فِيهِ قِصَاصٌ وَأَمَّا فِي خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ فَيَمْتَنِعُ الصُّلْحُ عَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ حِينَ الْمَرَضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ دُونَ الْمَوْتِ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ إنْ كَانَ فِيهِ أَيْ الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَإِلَّا لَمْ يُصَالِحْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ تَقْرِيرِ شَارِحِنَا مُشْكِلٌ حَيْثُ أَفَادَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْأَوَّلِ لَازِمٌ وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي إذَا وَقَعَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَاتَ وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُعَارِضَةً لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْأُولَى وَقَعَ الصُّلْحُ فِيهَا عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ نَزَا وَمَاتَ مِنْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ فَيُنْظَرُ فِيهِ هَلْ فِيهِ مُحَابَاةٌ أَمْ لَا فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ الصُّلْحُ مُطْلَقًا إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ إنَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ وَإِنْ نَزَا فِيهِ وَمَاتَ مِنْهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ لَزِمَ الصُّلْحُ وَإِنْ نَزَا مِنْهُ وَمَاتَ فَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ. وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ ثُمَّ نَزَا مِنْهُ وَمَاتَ أَنَّ الصُّلْحَ لَازِمٌ لِلْوَرَثَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ جَازَ وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ لِلْوَرَثَةِ. وَإِنْ نَزَا الْجُرْحُ فَمَاتَ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ يُعْمَلُ فِيهِ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ انْتَهَى وَقَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ إلَخْ هَذَا لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرَضُ هُنَا مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا صَالَحَهُ بَعْدَ الْبُرْءِ ثُمَّ نَزَا جُرْحُهُ، خِلَافُ تَقْرِيرِ ح وَس وَج أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ غَيْرِ الْجُرْحِ وَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ يُوَافِقُ شَارِحَنَا مِنْ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي لَمْ يَنْشَأْ مِنْ الْجُرْحِ ثُمَّ قَالَ مُحَشِّي تت ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقُلْنَا إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْجُرْحِ وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ وَيَلْزَمُ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَنَصُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْكُلُ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ كَيْفَ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَيُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَخْيِيرِ الْأَوْلِيَاءِ فِيمَا إذَا نَزَا الْجُرْحُ فَمَاتَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) سَوَاءٌ صَالَحَ عَنْ نَصِيبِهِ فَقَطْ أَوْ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ نَصِيبِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ كَأَنْ صَالَحَ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ بِمِثْلِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ أَيْ بِشَرْطِ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ كَابْنَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِرَاحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْآتِيَ فِي بَابِ الْجِرَاحِ عِنْدَ الْعَفْوِ لَا عِنْدَ الصُّلْحِ أَيْ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَعَلَ مِثْلَ الْعَفْوِ الصُّلْحَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَإِذَا دَفَعَ شَيْئًا فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقَوَدُ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَوَدِ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ الصُّلْحِ وَقَدْ يُقَالُ قَدْ قُلْتُمْ إذَا عَفَا الْبَعْضُ سَقَطَ الْقَتْلُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ وَقَدْ قِسْتُمْ الصُّلْحَ عَلَى الْعَفْوِ كَمَا يَتَبَيَّنُ فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّصِيبَ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ صَارَ مُتَقَرِّرًا عِنْدَ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَمْنَعُ الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَ مَنْ صَالَحَ أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا ادَّعَى عَلَى الْجَانِي عَمْدًا أَنَّهُ صَالَحَهُ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ فَأَنْكَرَ الْجَانِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ وَكَذَا الْمَالُ إنْ حَلَفَ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ يَحْلِفُ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ وَالْمَالُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ أَثْبَتَتْ أَمْرَيْنِ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَا يَقْتَصُّ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَالًا عَلَى الْجَانِي فَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِدَعْوَاهُ عَلَى الْجَانِي. (ص) وَإِنْ صَالَحَ مُقِرٌّ بِخَطَأٍ بِمَالِهِ لَزِمَهُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَا دَفَعَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلِ شَخْصٍ خَطَأً فَصَالَحَ عَنْ ذَلِكَ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَقَوْلُهُ بِخَطَأٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقِرٍّ وَبِمَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِصَالَحَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِيمَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُقِرِّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ إنَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي مَالِهِ فَنُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ حَاكِمٍ حَكَمَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ فَلَا يُنْقَضُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَوْ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا دَفَعَ دُونَ مَا لَمْ يَدْفَعْ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ بِالْقَتْلِ خَطَأً لَكِنْ إنَّمَا لَزِمَهُ مَا دَفَعَ لِأَجْلِ الْقَبْضِ فِيهِ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ عَلَى وَجْهِ التَّأْوِيلِ أَثَرًا فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَوْنَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَبْنِيَّ كَذَلِكَ فَقَدْ يَبْنُونَ مَشْهُورًا عَلَى ضَعِيفٍ. (ص) لَا إنْ ثَبَتَ وَجَهِلَ لُزُومَهُ وَحَلَفَ وَرُدَّ إنْ طَلَبَ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ طَلَبَهُ وَوَجَدَهُ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ يَعْنِي أَنَّ الْقَتْلَ خَطَأً إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ وَجَهِلَ الْقَاتِلُ لُزُومَ الدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ وَظَنَّ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ فَنَجَّمُوهَا عَلَيْهِ وَدَفَعَ لَهُمْ بَعْضَهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُنِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَهَا لَهُ وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ هَلْ كَانَ طَالِبًا لِلصُّلْحِ أَوْ مَطْلُوبًا فَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَى الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي طَلَبَ الصُّلْحَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَوْجُودَ بِأَيْدِي الْأَوْلِيَاءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمَا تَلِفَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ كَمَنْ أَثَابَ عَلَى صَدَقَةٍ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا وَجَدَهُ مِمَّا أَثَابَ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا فَاتَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَرُدَّ إنْ طَلَبَ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ يَرُدُّ مَا عَدَا حِصَّتِهِ وَأَمَّا حِصَّتُهُ فَلَا يَرُدُّهَا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهَا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَلَا يُقَالُ نَصِيبُهُ هُوَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مُنَجَّمًا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهَا مُعَجَّلَةً. (ص) وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ وَارِثَيْنِ وَإِنْ عَنْ إنْكَارٍ فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْوَارِثِينَ سَوَاءٌ كَانَا وَلَدَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إذَا صَالَحَ شَخْصًا عَنْ مَالٍ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَالَطَ فِيهِ مُورِثَهُ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ أَنْكَرَهُ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ وَلَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَعَهُ وَيُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ كُلِّهَا فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ وَلَهُ تَرْكُهُ كُلَّهُ وَلَهُ الْمُصَالَحَةُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ صَالَحَ بِمَا يَرَاهُ صَوَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ إلَّا الْيَمِينُ وَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ إنْ   [حاشية العدوي] يَرْجِعَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ الْمُصَالِحُ بِاَلَّذِي أُخِذَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ يَحْلِفُ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ) فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ) أَيْ أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ عَلَى الْمُقِرِّ أَيْ الْوَاجِبُ فِيهِ عَلَى الْمُقِرِّ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ فَنُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ إلَخْ) أَقُولُ أَيُّ بَاعِثٌ عَلَى هَذَا وَهَلَّا قَالَ أَيْ وَهَلْ يَلْزَمُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُقِرَّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ فِي الثَّانِي وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب ذَكَرَ مَا ظَهَرَ لِي فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ قَالَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِيمَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ أَوْ الْمَعْنَى سَوَاءٌ دَفَعَ جَمِيعَ مَا صَالَحَ بِهِ أَوْ بَعْضَهُ فَتَكْمُلُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى (قَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ نُزِّلَ صُلْحُهُ أَيْ نُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ كَذَا لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ ذَاتَ خِلَافٍ هَلْ الْإِقْرَارُ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ لَا فَلَمَّا نُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ الْحَاكِمِ صَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ) وَاَلَّذِي لَمْ يَدْفَعْهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الِاعْتِرَافَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الثَّانِيَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ مَا دَفَعَهُ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ أَوْ دُونَهُ لَكِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَكْمِيلُهُ وَبِمَا إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ وَجَهِلَ لُزُومَهُ) أَيْ تَصَوَّرَ الْمُصَالِحُ لُزُومَهُ أَيْ الْمَالِ أَيْ تَصَوَّرَ أَنَّهَا لَازِمَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ أَنَّهُ يَجْهَلُ أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ أَنَّ مِثْلَهُ يَجْهَلُ فَهُمَا صُورَتَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ) فَإِنْ نَكَلَ لَا رُجُوعَ لَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ صَالَحَ مَعَ الْعِلْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ (قَوْلُهُ بِمَا دَفَعَ) أَيْ بِالزَّائِدِ عَلَى حِصَّتِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ وَمَا تَلِفَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ) أَيْ فَلَا يُحْسَبُ لَهُ وَلَا لِلْعَاقِلَةِ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَقِيلَ إنَّ التَّالِفَ يُحْسَبُ لَهُ وَلِلْعَاقِلَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا حُسِبَ لَهُ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَا حُسِبَ لَهَا وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مِمَّا دَفَعَ أَوْ يَجْرِي فِيهِ الثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ كَمَنْ أَثَابَ عَلَى صَدَقَةٍ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنْ لَا ثَوَابَ فِي الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ نَعَمْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ بِتَعْجِيلِهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْإِقْرَارِ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ تَمَامِ حَظِّهِ ثُمَّ رَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَ لِشَرِيكِهِ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْإِنْكَارِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ وَإِنْ تَرَكَ الدُّخُولَ مَعَهُ فَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ أَخْذُ جَمِيعِ حَقِّهِ وَتَرْكُهُ وَالْمُصَالَحَةُ بِمَا دُونَهُ وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَلَهُ فِي حَقِّهِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَيْسَ عَلَى غَرِيمِهِ إلَّا الْيَمِينُ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ) أَيْ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الدَّاخِلُ مِنْ الْمُصَالِحِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ الْمُصَالَحِ بِهِ فَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 دَخَلَ مَعَهُ (ص) كَحَقٍّ لَهُمَا فِي كِتَابٍ أَوْ مُطْلَقٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الدُّخُولِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ مِنْ إرْثٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ مُطْلَقٍ بِغَيْرِ كِتَابٍ فَإِنَّ مَا قَبَضَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ وَبِعِبَارَةٍ كَحَقٍّ لَهُمَا فِي كِتَابٍ كَانَ مِنْ شَيْءٍ أَصْلُهُ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَتَبَةَ تَجْمَعُ مَا كَانَ مُفَرَّقًا وَالضَّمِيرُ فِي لَهُمَا رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ وَهُوَ وَلَدَيْنِ بِدُونِ قَيْدِهِ وَهُوَ وَارِثَيْنِ وَكَوْنُهُمَا وَلَدَيْنِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُمَا شَخْصَيْنِ فَهُوَ رَاجِعٌ لَهُمَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَيْ كَحَقٍّ لِشَخْصَيْنِ لَا بِقَيْدِ الْوَلَدِيَّةِ (ص) إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ فَفِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهِ تَرَدُّدٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِيضَاحُهُ فِي ح وَنَصُّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ فَفِي دُخُولِهِ مَعَهُ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بَلْ مُرَادُهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَثْنَى الطَّعَامَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ وَخَالَفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الطَّعَامَ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْأَعْذَارِ إلَى شُرَكَائِهِ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ أَوْ الْوَكَالَةِ فَامْتَنَعُوا فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِيمَا اقْتَضَى قَالَ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْغَرِيمِ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْذَنَ لِصَاحِبِهِ فِي الْخُرُوجِ لِاقْتِضَاءِ حَقِّهِ خَاصَّةً لِأَنَّ إذْنَهُ فِي الْخُرُوجِ مُقَاسَمَةٌ لَهُ وَهِيَ فِي الطَّعَامِ كَبَيْعِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ: غَيْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ الْإِدَامَ وَالطَّعَامَ إنَّمَا هُوَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ، أَوْ صُلْحِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الَّذِي لَهُمَا طَعَامًا أَوْ إدَامًا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا بَيْعُ نَصِيبِهِ أَوْ مُصَالَحَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّ ذَاكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا الَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، (ص) إلَّا أَنْ يَشْخَصَ وَيُعْذَرُ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ أَوْ الْوَكَالَةِ فَيَمْتَنِعُ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ أَيْ يَسِيرَ، وَيُعْذَرُ إلَى شَرِيكِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ بِحُضُورِ الْبَيِّنَةِ لِيَخْرُجَ مَعَهُ لِيَقْبِضَ حِصَّتَهُ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَسِيرُ مَعَهُ لِيَقْبِضَ حِصَّتَهُ فَيَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا دُخُولَ لَهُ عَلَى الشَّاخِصِ فِيمَا اقْتَضَاهُ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ الشُّخُوصِ مَعَهُ وَالتَّوْكِيلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ مَعَهُ فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ خَرَجَ وَلَمْ يُعْذَرْ لَدَخَلَ مَعَهُ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الْمُقْتَضَى (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ دُخُولِ الَّذِي لَمْ يَشْخَصْ مَعَ شَرِيكِهِ الشَّاخِصِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ أَوْ   [حاشية العدوي] بِمَا أَخَذَ مِنْهُ شَرِيكُهُ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَرْجِعُ إلَخْ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ سَالِمٌ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقٌ) وَلَكِنْ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ مِنْ شَيْءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَقَدْ بَاعَاهُ فِي صَفْقَةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ فِي كِتَابٍ فَلَا دُخُولَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا اقْتَضَى لِأَنَّ دَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ لَمْ يُجَامِعْ الْآخَرَ بِوَجْهٍ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ) ظَاهِرُ عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ اعْتِمَادُهَا (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَبِيعَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ جِنْسًا وَصِفَةً وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْقَدْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) مُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ لَهُ تت بِقَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِمَّا لِغَيْرِ الْمُصَالِحِ الدُّخُولَ مَعَ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ فَقَالَ إلَّا الطَّعَامَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْمِيمِ (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِنْ كَلَامٍ مَحْذُوفٍ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ إذْنَهُ فِي الْخُرُوجِ مُقَاسَمَةٌ لَهُ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ فَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ (تَنْبِيهٌ) الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فِي مِثْلِ هَذَا تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِمَا ذُكِرَ) أَيْ إنَّمَا هُوَ مِمَّا ذُكِرَ حَاصِلُهُ أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ يَقُولُ إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ جَوَازُ مُصَالَحَةِ أَحَدِ الشِّرْكَيْنِ عَنْ حِصَّتِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ عَنْ طَعَامِ الْبَيْعِ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ وَمِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ فَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ إلَّا الطَّعَامَ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هَلْ هُوَ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ مِمَّا فُهِمَ مِنْهَا أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ مِمَّا فُهِمَ مِنْ آخِرِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ آخِرِهَا جَوَازُ الْإِذْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَشْخَصَ وَيَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الطَّعَامُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إلَخْ بَيَانٌ لِكَوْنِ الطَّعَامِ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ فَلِصَاحِبِهِ وَأَفَادَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا اُسْتُفِيدَ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ أَوَّلِهَا جَوَازُ الصُّلْحِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامُ فَلَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَيْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَهُ) أَيْ الْإِمَامُ مَالِكٌ أَيْ أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ قَالَ إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ شَخَصَ لَا مِنْ أَشْخَصَ مِنْ بَابِ عَلِمَ أَوْ مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَيَعْذِرَ إلَيْهِ) أَيْ يَقْطَعَ عُذْرَهُ وَحُجَّتَهُ مِنْ أَعْذَرْت زَيْدًا إذَا قَطَعْت عُذْرَهُ وَحُجَّتَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ الْوَكَالَةِ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَالْإِعْذَارُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا أَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا فَلِشَرِيكِهِ الدُّخُولُ فِيمَا اقْتَضَاهُ شَرِيكُهُ مِنْ الْغَرِيمِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ أَعْذَرَ إلَى الشَّرِيكِ وَامْتَنَعَ وَلَا يُعْتَبَرُ إعْذَارُهُ مَعَ حُضُورِ الْغُرَمَاءِ مَا لَمْ يَرْفَعْهُ الْحَاكِمُ وَيَمْتَنِعُ مِنْ الْخُرُوجِ فَيَأْذَنُ الْحَاكِمُ فِي قَبْضِ نَصِيبِهِ فَلَا دُخُولَ لِلْمَمْنُوعِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُونَ مَقَامَهُ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ شب ثُمَّ إنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِعْذَارِ الْمَذْكُورِ فَمَتَى وُجِدَ ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شُخُوصٌ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ اهـ وَرَجَّحَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ) أَيْ أَحَدُ الْوَارِثِينَ. (قَوْلُهُ مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الدُّخُولِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَشْخَصَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 فِيمَا بَاعَ بِهِ نَصِيبَهُ مِنْ الشَّخْصِ الْغَائِبِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَعْذَرَ إلَيْهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ عَلَى يَدِ السُّلْطَانِ أَوْ عَلَى يَدِ الْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ وَلَا وَكَّلَ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْغَرِيمِ الْغَائِبِ فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّاخِصُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ بِالرَّفْعِ وَيَكُنْ تَامَّةٌ وَقَوْلُهُ الْمُقْتَضَى بِفَتْحِ الضَّادِ أَيْ غَيْرُ الْقَدْرِ الْمُقْتَضَى أَيْ الْمَأْخُوذِ. (ص) أَوْ يَكُونَ بِكِتَابَيْنِ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا إذَا بَاعَاهُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ أَصْلُهُ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابَيْنِ أَوْ بِأَنْ كَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ بِكِتَابٍ وَاقْتَضَى أَحَدُهُمَا حَقَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَلَا دُخُولَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتْبَتَيْنِ يُفَرِّقَانِ مَا كَانَ أَصْلُهُ مُجْتَمِعًا لِأَنَّهُ كَالْمُقَاسَمَةِ قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى يَشْخَصَ. (ص) وَفِيمَا لَيْسَ لَهُمَا وَكَتَبَ فِي كِتَابٍ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَيْسَ أَصْلُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَلَكِنَّهُ مُتَّفِقٌ جِنْسًا وَصِفَةً كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا عَبْدٌ أَوْ قَمْحٌ وَلِلْآخَرِ مِثْلَهُ وَجَمَعَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَثَمَنٍ وَاحِدٍ وَكَتَبَا ذَلِكَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَاخْتُلِفَ إذَا اقْتَضَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَدْخُلُ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتْبَةَ الْوَاحِدَةَ تَجْمَعُ مَا كَانَ مُفْتَرِقًا أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ؟ قَوْلَانِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمَوْضُوعَ مَعَ اتِّفَاقِ الدَّيْنَيْنِ فِيمَا مَرَّ أَمَّا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا كَثَوْبٍ وَحَيَوَانٍ أَوْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ مَعَ الِاتِّفَاقِ لَكِنْ بِيعَ بِثَمَنَيْنِ فَلَا دُخُولَ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا اقْتَضَاهُ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَتَبَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي كِتَابَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ. (ص) وَلَا رُجُوعَ إنْ اخْتَارَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ وَإِنْ هَلَكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَجَبَ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى شَرِيكِهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ مِنْ الْغَرِيمِ فَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا دُخُولَ لَهُ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَوْ هَلَكَ مَا مَعَ الْغَرِيمِ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُ غَيْرَ مَا اقْتَضَاهُ شَرِيكُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ ذَلِكَ كَالْمُقَاسَمَةِ فَالضَّمِيرُ فِي وَإِنْ هَلَكَ رَاجِعٌ لِمَا. (ص) وَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ فَلِلْآخَرِ إسْلَامُهَا أَوْ أَخْذُ خَمْسَةٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ خَمْسَةً (ش) صُورَتُهَا أَنَّ لِشَخْصَيْنِ مِائَةً مَثَلًا عَلَى شَخْصٍ مِنْ شَيْءٍ أَصْلُهُ شَرِكَةٌ بِكِتَابٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى خَمْسِينِهِ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ شُخُوصٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ فَشَرِيكُهُ حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا وَيَتْبَعُ هُوَ الْغَرِيمَ بِخَمْسِينِهِ كُلِّهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَيَرْجِعُ الْآخَرُ وَهُوَ الَّذِي صَالَحَ بِخَمْسَةٍ عَلَى الْغَرِيمِ بِبَقِيَّةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الصُّلْحُ أَوَّلًا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَأَمَّا عَلَى الْإِنْكَارِ فَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ مِنْ الْمُصَالِحِ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ الْمُصَالَحِ بِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ مَنْ صَالَحَ عَلَى الْغَرِيمِ بِالْخَمْسَةِ الْمَدْفُوعَةِ لِشَرِيكِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلشَّرِيكِ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ يَرْجِعُ بِهِ فَضَمِيرُ صَالَحَ عَائِدٌ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَمِنْ لِلْبَدَلِ أَيْ بَدَلَ خَمْسِينِهِ وَأُثْبِتَتْ نُونُهُ خَوْفَ الْتِبَاسِهِ بِخُمُسَيْهِ تَثْنِيَةُ خُمُسٍ فَيَكُونُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ إثْبَاتَ النُّونِ لَا يَنْفِي ذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ تَثْنِيَةُ مَا ذُكِرَ مَعَ ثُبُوتِ النُّونِ الَّتِي تُحْذَفُ لِلْإِضَافَةِ. (ص) وَإِنْ صَالَحَ بِمُؤَخَّرٍ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِدَرَاهِمَ كَقِيمَةٍ فَأَقَلَّ أَوْ ذَهَبٍ كَذَلِكَ وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِمُؤَخَّرٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ مُتَّفِقٌ جِنْسًا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ مَا لِكُلٍّ وَالرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الدُّخُولُ قَالَ عج إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُفَرَّعَةً عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي بَيْعٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ شَرْطُ الْجَمْعِ كَأَنَّ قَوَّمَا قَبْلَ الْبَيْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (تَنْبِيهٌ) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ يَجْرِي فِي الْأُجْرَةِ كَمَا يَجْرِي فِي الثَّمَنِ فَإِذَا أَجَرَ شَخْصَانِ دَارَيْهِمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَجْرٍ مُتَّفِقٍ صِفَةً فَكُلُّ مَنْ اقْتَضَى مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْئًا دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ الْآخَرُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ هُنَا وَالْجُعْلُ كَالْإِجَارَةِ وَانْظُرْ الْوَظِيفَةَ تَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِوَثِيقَةٍ وَاحِدَةٍ هَلْ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَظَائِفَ الْخِدْمَةِ يَجْرِي فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ فِيهَا بِمَنْزِلَةٍ الْأُجْرَةِ وَكَذَا مَا يَكُونُ قَدْ اُسْتُحِقَّ لِاثْنَيْنِ بِوَقْفٍ وَيُكْتَبُ لَهُمَا بِهِ وُصُولٌ وَحَرِّرْ ذَلِكَ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ أَمَّا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا) لَا يَظْهَرُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمَا جُمِعَا فِي كِتَابٍ وَعُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الِاتِّفَاقِ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلنَّقْلِ لِأَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ بِيعَا بِثَمَنَيْنِ أَوْ بِثَمَنٍ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا بِيعَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا) أَوْ رَاجِعٌ لِلْغَرِيمِ وَهَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الْمُقْتَضَى لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ الْمُقْتَضَى حِينَ الْخُرُوجِ وَالْهَلَاكُ هُنَا حَصَلَ بَعْدَ اخْتِيَارِ اتِّبَاعِ الْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدَ وَلَدَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مِثَالُ قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْإِنْكَارِ فَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ وَلِذَا قَالَ شب وَهَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْإِنْكَارِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ يَرْجِعُ بِهِ (قَوْلُهُ خَوْفَ الْتِبَاسِهِ) وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا خَوْفَ الِالْتِبَاسِ مُسَوِّغًا لِإِثْبَاتِ النُّونِ مَعَ الْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الِالْتِبَاسَ بِدَفْعِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ خَمْسَةً. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مُؤَخَّرٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إذْ بِاسْتِهْلَاكِهِ لَزِمَ الْمُسْتَهْلِكُ الْقِيمَةَ حَالَّةً فَأَخَذَ عَنْهَا مُؤَخَّرًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ فَلَوْ سَلِمَ الصُّلْحُ مِنْ ذَلِكَ جَازَ كَمَا إذَا صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ مِثْلِ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ بِدَنَانِيرَ حَالَّةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ مِثْلِ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ أَوْ أَقَلَّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَهْلَكُ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ أَيْ يُبَاعُ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ فِي بَلَدِ الِاسْتِهْلَاكِ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِبَاقِيهَا وَهُوَ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ وَلَيْسَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ الْمَمْنُوعِ. وَقَوْلُهُ (ص) كَعَبْدٍ آبِقٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا غَصَبَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَأَبَقَ عِنْدَهُ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَهُ عَنْهَا بِعَرْضٍ مُؤَخَّرٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَإِنْ صَالَحَهُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَيْعِ الْآبِقِ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ الَّتِي لَزِمَتْ الْغَاصِبَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَلَيْسَتْ الْمُصَالَحَةُ عَنْ نَفْسِ الْآبِقِ وَإِلَّا مُنِعَ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ. (ص) وَإِنْ صَالَحَ بِشِقْصٍ عَنْ مُوضِحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ فَالشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ (ش) صُورَتُهَا أَنَّ شَخْصًا أَوْضَحَ آخَرَ مُوضِحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صَدَرَتْ مِنْ الْجَانِي عَمْدًا وَالْأُخْرَى خَطَأً ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِشِقْصٍ مِنْ عَقَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ عِشْرُونَ مَثَلًا فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشِّقْصَ أَيْ الْجُزْءَ الْمُصَالَحَ بِهِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الشِّقْصَ يُقْسَمُ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْعَمْدِ وَنِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ فَيَدْفَعُ الشَّرِيكُ لِلْمَجْرُوحِ نِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِلْعَمْدِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَيَدْفَعُ لَهُ أَيْضًا دِيَةَ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَنَّ مِنْ قَاعِدَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا أُخِذَ فِي مُقَابَلَةِ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ أَنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا شَطْرَيْنِ لِلْمَعْلُومِ نِصْفُهُ وَلِلْمَجْهُولِ نِصْفُهُ. (ص) وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يُقْسَمُ مَا قَابَلَ الْمَعْلُومَ وَالْمَجْهُولَ نِصْفَيْنِ إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ كَنَفْسٍ وَيَدٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْ إنَّمَا يُقْسَمُ الشِّقْصُ عَلَى النِّصْفَيْنِ إذَا اسْتَوَى الْجُرْحَانِ كَالْمُوضِحَتَيْنِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فَيُجْعَلُ الشِّقْصُ عَلَى قَدْرِهِمَا فَيَتَحَاصَّانِ فِيهِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَبِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ إنْ كَانَ الْقَطْعُ هُوَ الْخَطَأُ وَالْقَتْلُ عَمْدًا وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِدِيَةِ النَّفْسِ وَبِثُلُثِ قِيمَةِ الشِّقْصِ تَأْوِيلَانِ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ) إذْ عَلَى الْإِنْكَارِ لَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَالسَّلَفُ هُوَ التَّأْخِيرُ وَالْمَنْفَعَةُ هِيَ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلِفِهِ فَتَسْقُطُ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْك (قَوْلُهُ مُؤَخَّرٍ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمَفْهُومُ بِمُؤَخَّرٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصُّلْحُ بِحَالٍّ جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِكَوْنِهِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ أَوْ مِثْلِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَيُمْتَنَعُ وَلَوْ عَجَّلَهُ بَعْدُ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فِي بَلَدٍ) فِي ك وَأَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَلَدٍ وَكَأَنَّهُ عِنْدَهُ طَرْدِيٌّ وَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ ذَهَبًا فَأَعْطَى قِيمَتَهُ فِضَّةً مُؤَخَّرَةً فَأَقَلَّ أَوْ عَكَسَهُ لَمْ يَجُزْ لِلصَّرْفِ الْمُسْتَأْخَرِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ وَيَخْرُجُ أَيْضًا مَا إذَا اسْتَهْلَكَ طَعَامًا مَكِيلًا فَلَزِمَهُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ شَيْئًا مُؤَخَّرًا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَّا أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْفٍ طَرْدِيٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ وَالْعِلَّةُ وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دِيَةٍ فِي دِيَةٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ وَقَوْلُهُ وَالْعِلَّةُ وَهِيَ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ إلَخْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَازِ وَفَسَخَ الدِّيَةَ فِي الدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَإِنْ صَالَحَهُ إلَخْ) فِي جَعْلِ الصُّلْحِ عَنْ الْقِيمَةِ بِدَنَانِيرَ قَدْرَ الْقِيمَةِ تَسَمُّحٌ فَإِنْ قُلْت يَقْدَحُ فِي كَوْنِهِ تَشْبِيهًا تَامًّا أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا اُعْتُبِرَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَهْلَكُ مِمَّا يُبَاعُ بِمَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ وَالْمُسْتَهْلَكُ هُنَا هُوَ الْعَبْدُ الْآبِقُ وَبَيْعُهُ غَيْرُ جَائِزٍ قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يُبَاعُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ أَنْ لَوْ بِيعَ. (قَوْلُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْخَطَأِ أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَيُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ دِيَتِهِمَا فِي الْخَطَأِ فَإِذَا جَنَى عَلَيْهِ فَقَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ قَتَلَ وَلَدَهُ أَوْ ابْنَهُ فَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ عَمْدًا وَالْيَدُ خَطَأً فَيُقَدَّرُ دِيَةُ النَّفْسِ أَلْفًا وَدِيَةُ الْيَدِ خَمْسَمِائَةٍ فَنِسْبَةُ دِيَةِ النَّفْسِ إلَيْهَا مَعَ دِيَةِ الْيَدِ الثُّلُثَانِ فَالشُّفْعَةُ حِينَئِذٍ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْخَطَأِ وَبِالْعَكْسِ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ كَانَ الْقَطْعُ هُوَ الْخَطَأُ وَالْقَتْلُ عَمْدًا وَقِيمَةُ الدَّارِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمْدِ وَيَدْفَعُ دِيَةَ الْيَدِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُقَالُ دِيَةُ الْقَتْلِ لَوْ كَانَ خَطَأً أَلْفُ دِينَارٍ عَشَرَةُ مِائَةِ دِينَارٍ وَالْيَدِ خَمْسُمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْخَمْسَمِائَةِ إلَى الْعَشَرَةِ مِائَةٍ فَيَصِيرُ أَلْفَ دِينَارٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَيْهَا ثُلُثَانِ فَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ ثُلُثَيْنِ مِنْ الْعِشْرِينَ فِي مُقَابَلَةِ الْقَتْلِ وَيَدْفَعُ دِيَةَ الْيَدِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَمِثَالُ الْعَكْسِ يَدْفَعُ الشَّفِيعُ ثُلُثَ الْعِشْرِينَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ الْيَدِ وَأَلْفَ دِينَارٍ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي هَذَا يَدْفَعُ عَشَرَةً فِي مُقَابَلَةِ الْيَدِ وَأَلْفَ دِينَارٍ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 أَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَسَائِلِ الصُّلْحِ الَّتِي أَرَادَ وَكَانَتْ الْحَوَالَةُ شَبِيهَةً بِهِ لِأَنَّهُ تَحْوِيلٌ مِنْ شَيْءٍ لِآخَرَ كَمَا أَنَّهَا كَذَلِكَ تَحْوِيلُ الطَّالِبِ مِنْ طَلَبِ غَرِيمِهِ لِغَرِيمِ غَرِيمِهِ أَتْبَعَهَا بِهِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّحْوِيلِ مِنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ وَحَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةٍ بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى قَالَ وَلَا تَرِدُ الْمُقَاصَّةُ إذْ لَيْسَتْ طَرْحًا بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى لِامْتِنَاعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ هُوَ لَهُ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى تُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّقْلَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ انْتَهَى وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِشُرُوطِهَا فَقَالَ (بَابٌ) شَرْطُ الْحَوَالَةِ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ (ش) أَيْ شَرْطُ لُزُومِ الْحَوَالَةِ أَيْ حَوَالَةِ الْقَطْعِ رِضَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَمَنْ لَهُ لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذْ هُوَ مَحَلٌّ لِلتَّصَرُّفِ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَالِ عَدَاوَةٌ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمَازِرِيِّ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ لَوْ اسْتَدَانَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَيْنًا ثُمَّ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْمُدَايَنَةِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ اقْتِضَاءِ دَيْنِهِ لِئَلَّا يُبَالِغَ فِي إيذَائِهِ بِعُنْفِ مُطَالَبَتِهِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ أَوْ لَا يُمْنَعُ؟ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ سَبَقَتْ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ يَقْتَضِي حَقَّهُ وَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَفَحْوَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاقْتِضَاءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُنَا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ حَوَالَةِ الْقَطْعِ احْتِرَازًا مِنْ حَوَالَةِ الْإِذْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ بَلْ تَجُوزُ بِمَا حَلَّ وَبِمَا لَمْ يَحِلَّ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ تَوْكِيلٌ وَلِلْمُحِيلِ عَزْلُ الْمُحَالِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ إلَّا بِالْقَبْضِ. (ص)   [حاشية العدوي] [بَاب الْحَوَالَةِ] [شُرُوطُ لُزُومِ الْحَوَالَةِ] قَوْلُهُ أَتْبَعَهَا بِهِ) الْمُنَاسِبُ أَتْبَعَهَا لَهُ (قَوْلُهُ طَرْحُ الدَّيْنِ) وَرَدَّ عَلَيْهِ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ أَحَالَهُ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ حَوَالَةٌ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَيْنٌ عُرْفًا انْتَهَى وَهُوَ وَارِدٌ أَيْضًا عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مِنْ شُرُوطِهَا ثُبُوتَ الدَّيْنِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَتْ طَرْحًا بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى) أَقُولُ بَلْ هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ بِمِثْلِهِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الذِّمَّةِ الْأُخْرَى فَكُلٌّ مِنْهُمَا انْطَرَحَ عَنْهُ الدَّيْنُ بِسَبَبِ مَالِهِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الذِّمَّةِ الْأُخْرَى فَوُرُودُهَا عَلَى التَّعْرِيفِ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي أُخْرَى لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِطَرْحٍ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ أَيْ هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةٍ بِمُقَابَلَةِ مِثْلِهِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الْأُخْرَى وَأَمَّا قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ إلَخْ فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَمْتَنِعُ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لَا يَكُونُ لَهُ بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ فَنَقُولُ لَهُ هَذَا مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ وُرُودُهَا عَلَى التَّعْرِيفِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّيْنَ قَدْ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ حَتَّى يُقَالَ لَا تُرَدُّ لِامْتِنَاعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ الدَّيْنُ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَعَلِّقَ بِذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَلْ لِصَاحِبِهِ وَالدَّيْنُ الَّذِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّةِ صَاحِبِهِ فَسَقَطَ فِي الْمُقَاصَّةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي ذِمَّتِهِ بِسَبَبِ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ فَالْوُرُودُ عَلَى التَّعْرِيفِ لَا شَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَقَالَ) وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ مَجَازٌ فِي الْمَعَانِي وَاسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ فِي التَّعَارِيفِ مَهْجُورٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْلَ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَبِأَنَّ الْمَجَازَ يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي التَّعْرِيفِ بِقَرِينَةٍ وَالْقَرِينَةُ هُنَا إضَافَتُهُ لِلدَّيْنِ وَتَعَقَّبَ قَوْلَهُ تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى فَإِنَّهُ حَشْوٌ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ مَدْخَلًا وَمَخْرَجًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْحَمَالَةِ فَإِنْ فِيهَا شَغْلَ ذِمَّةٍ وَلَا تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى وَتَعَقَّبَ ابْنُ نَاجِي هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ نَقْلَ الدَّيْنِ يَقْتَضِي خُرُوجَ الْحَمَالَةِ وَقَوْلُهُ إلَى ذِمَّةٍ مُخْرِجٌ لِلْحَوَالَةِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ لَا ذِمَّةَ لَهُ لِخَرَابِهَا انْتَهَى (بَابُ الْحَوَالَةِ) (قَوْلُهُ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ) لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَصْلٌ بِرَأْسِهَا وَالثَّانِي بِاشْتِرَاطِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَعِبَارَةُ عب لَا تَظْهَرُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ وَالثَّانِيَةِ وُجُودُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَالِ سَابِقَةٍ عَنْ وَقْتِ الْحَوَالَةِ بَلْ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ الْمَازِرِيُّ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ) لَيْسَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَمَّا لَوْ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْمُدَايِنَةِ هَلْ يُمْنَعُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ سَابِقَةً عَلَى الْحَوَالَةِ وَذَلِكَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَهِيَ الْمَقِيسَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَايِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَعَلَى نُسْخَةِ الشَّارِحِ يَكُونُ قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْمُدَايِنَةِ إلَخْ مَسْأَلَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ فَالْمُنَاسِبُ حَيْثُ ذَكَرَهَا أَنْ يَذْكُرَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَقَامِ الْمَقِيسَةَ عَلَيْهَا وَهِيَ مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ الْمَازِرِيِّ إلَخْ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ إذَا سَبَقَتْ الْعَدَاوَةُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ إذَا تَأَخَّرَتْ الْعَدَاوَةُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَيُقَاسُ عَلَى مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ عَلَى الْمُدَايِنَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ) أَيْ التَّحَيُّرُ وَالتَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ لَوْ اسْتَدَانَ رَجُلٌ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَصْلٌ لِلنَّصِّ فَيُقَاسُ عَلَيْهَا الْحَوَالَةُ إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَهَا هَلْ يُمْنَعُ مِنْ اقْتِضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يُوَكِّلُ وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاقْتِضَاءِ بَلْ يُوَكِّلُ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ حَوَالَةِ الْإِذْنِ) أَيْ فَالنَّاظِرُ يُحِيلُ بَعْضَ الْمُسْتَحَقِّينَ عَلَى سَاكِنٍ مَثَلًا إلَخْ هَذِهِ حَوَالَةُ الْإِذْنِ وَلِلنَّاظِرِ أَنْ يَعْزِلَ مَنْ أَحَالَهُ وَلَا يَبْرَأُ النَّاظِرُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْفِعْلِ لَا بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ وَأَمَّا الْحَوَالَةُ الْقَطْعِيَّةُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 وَثُبُوتُ دَيْنٍ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِهَا ثُبُوتُ دَيْنٍ لِلْمُحِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَتْ حَمَالَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَعْدَمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَرَجَعَ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحَالُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا حَمَالَةٌ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ (لَازِمٍ) دَيْنًا عَلَى عَبْدٍ تَدَايَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ وَدَيْنَ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ تَدَايَنَاهُ وَأَصْرَفَاهُ فِيمَا لَهُمَا عَنْهُ غِنًى وَيُشْتَرَطُ فِي تَمَامِ الْحَوَالَةِ لَا فِي صِحَّتِهَا كَوْنُ الدَّيْنِ عَنْ عِوَضٍ مَالِيٍّ فَمَنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهِ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهَا الْمُحَالُ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِدَيْنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِذَلِكَ حُكْمَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ مَالًا وَانْظُرْ الْفَلْسَ هَلْ هُوَ كَالْمَوْتِ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ وَخَرَجَ الْحَوَالَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ كَمَا يَأْتِي وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى دَيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ دَيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحَالِ بِهِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ (ش) فَاعِلُ أَعْلَمَ هُوَ الْمُحِيلُ وَالْهَاءُ تَرْجِعُ لِلْمُحَالِ وَالضَّمِيرُ فِي بِعَدَمِهِ يَرْجِعُ لِلدَّيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحِيلَ إذَا أَعْلَمَ الْمُحَالَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَشَرَطَ الْمُحِيلُ بَرَاءَتَهُ مِنْ دَيْنِ الْمُحَالِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَلَزِمَ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمُحَالَ تَرَكَ حَقَّهُ وَالْإِعْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ عِلْمُهُ كَافٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُحِيلُ بِعِلْمِهِ حِينَ الْحَوَالَةِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى دَيْنٍ فَهِيَ حَمَالَةٌ وَبِعِبَارَةٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حَمَالَةٌ وَلَا يُطَالِبُ إلَّا فِي عَدَمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ بِخِلَافِ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ دَيْنَهُ (ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يُفْلِسَ أَوْ يَمُوتَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُحِيلِ بِشَيْءٍ هَلْ هَذَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ فَلِسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ خِلَافٌ لَا تَقْيِيدٌ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا سَحْنُونَ وَابْنُ رُشْدٍ أَوْ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُفْلِسْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَمُتْ وَإِلَّا فَلِلْمُحَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ كَمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الرُّجُوعِ أَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ حِينَئِذٍ حَمَالَةٌ فَلِذَلِكَ رَجَعَ عِنْدَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَلْسِ وَالْمَوْتِ وَلَوْ رَضِيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ وَدَفَعَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إذْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) وَصِيغَتُهَا (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِهَا الصِّيغَةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِهَا الْخَاصِّ بِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَنْ تَكُونَ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي الْبَيَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَنَصُّهُ الْحَوَالَةُ أَنْ يَقُولَ أَحَلْتُك بِحَقِّك عَلَى هَذَا وَأَبْرَأُ إلَيْك مِنْهُ وَكَذَا خُذْ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَثُبُوتُ دَيْنٍ) إمَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُحَالِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ وُجُودَهُ حَالَ حَوَالَتِهِ بِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ عَلَى عَبْدٍ تَدَايَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطَهُ (قَوْلُهُ فَأَصْرَفَاهُ إلَخْ) أَمَّا إذَا أَصَرْفَاهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُمَا عَنْهُ غِنًى فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي تَمَامِ الْحَوَالَةِ لَا فِي صِحَّتِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ قَابَلَ التَّمَامَ بِالصِّحَّةِ أَفَادَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّمَامِ اللُّزُومَ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِهَا لَا صِحَّتِهَا (قَوْلُهُ فَمَنْ خَالَعَ إلَخْ) فَهَذِهِ مُخَالَعَةٌ صَحِيحَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ إلَخْ لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَلَازِمَةٌ مَا دَامَ لَمْ يَحْصُلْ الْمَانِعُ فَهُوَ لُزُومٌ مُقَيَّدٌ وَقَوْلُهُ فَانْظُرْ هَلْ الْفَلْسُ كَذَلِكَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْفَلْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الْمُخَالَعَةَ الصَّادِرَةَ مِنْ الزَّوْجَةِ بِمَثَابَةِ التَّبَرُّعِ الَّذِي يُبْطِلُهُ الْمَوْتُ أَوْ الْفَلْسُ الْحَاصِلُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَك أَنْ تَقُولَ لَيْسَ خِلَافُهُ وَاللُّزُومُ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ إنَّهَا لَازِمَةٌ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَحْتَاجُ لِحَوْزِ نَقْلِهِ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ لَيْسَ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ إلَّا ثُبُوتُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ لَا تُتَصَوَّرُ الْحَوَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ لِأَنَّ الْمُحِيلَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُحِيلَ إلَّا وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِالدَّيْنِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ) يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ أَنَّ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مَوْتٌ أَوْ فَلْسٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَأَحْرَى إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ الرُّجُوعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ الْإِبْرَاءُ لَا عَقْدُ الْحَوَالَةِ إذْ لَا حَوَالَةَ هُنَا وَقَوْلُهُ صَحَّ أَيْ وَلَزِمَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْحِلِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ فِي الْحِلِّ الْأَوَّلِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهَذَا الْحِلُّ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُفْلِسَ إلَخْ) كَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ وَصَحَّ مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا أَنْ يُفْلِسَ أَوْ يَمُوتَ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ إلَّا أَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَنَّ الْمُوَفِّقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ خِلَافُ الْمُنَاسِبِ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِمَا هُوَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْمُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا ابْنُ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) اُنْظُرْ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ الرُّجُوعُ. [صِيغَةُ الْحَوَالَةُ] (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْبَيَانِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الْبَيَانِ كَمَا سَمِعْنَاهُ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَأَفَادَهُ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ وَالصِّيغَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِلَفْظِهِمَا أَمْ لَا وَالْبَيَانُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 هَذَا حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ فِي قَوْلِهِ لَفْظُ الْحَوَالَةِ أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ حَيْثُ قَالَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَالِ دَيْنَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا أَرَادَ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ وَلَوْ أَرَادَ كَلَامَ الْبَيَانِ وَابْنِ عَرَفَةَ لَقَالَ بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهِمِهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْهِبَةِ. (ص) وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ وَلُزُومِهَا حُلُولُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَهُوَ دَيْنُ الْمُحْتَالِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَالًّا أَدَّى إلَى تَعْمِيرِ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ فَيَدْخُلُهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمِنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ لَا يَدًا بِيَدٍ إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي يُنْقَلُ إلَيْهِ حَالًّا وَيَقْبِضُ ذَلِكَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا مِثْلَ الصَّرْفِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَبَالَغَ عَلَى شَرْطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ كِتَابَةً (ش) أَحَالَك بِهَا الْمُكَاتَبُ أَوْ يُنَجَّمُ مِنْهَا عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ الْكِتَابَةِ الْمُحَالِ بِهَا وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ مَكَانَهُ إنْ كَانَتْ النُّجُومُ كُلُّهَا حَلَّتْ وَأَحَالَك بِهَا وَيَبْرَأُ مِنْ النَّجْمِ الْمُحَالِ بِهِ وَيَعْتِقُ مَكَانَهُ إنْ كَانَ آخِرَ نَجْمٍ خِلَافًا لِقَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ حُلُولِهَا وَاخْتَارَهُ سَحْنُونَ وَابْنُ يُونُسَ وَحُلُولُ الْكِتَابَةِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَبُتَّ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ إذَا بَتَّ عِتْقَهُ قَضَى الشَّرْعُ بِحُلُولِ الْمَالِ. (ص) لَا عَلَيْهِ (ش) يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْ لَا حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ كِتَابَةً فَلَا يُشْتَرَطُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كِتَابَةً أَيْ لِأَنَّهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ أَيْ لَا الْكِتَابَةِ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ أَجْنَبِيًّا أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُحِيلَ السَّيِّدُ أَجْنَبِيًّا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ عَلَى كِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يُعْلَمُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ (ص) وَتَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً. (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ وَلُزُومِهَا أَنْ يَتَسَاوَى الدَّيْنَانِ الْمُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ فِي الْقَدْرِ كَعَشَرَةٍ وَعَشَرَةٍ مَثَلًا وَفِي الصِّفَةِ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ الصِّفَةِ التَّسَاوِي فِي الْجِنْسِ فَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِدِينَارٍ عَلَى نِصْفِ دِينَارٍ وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّهُ رِبًا فِي الْأَكْثَرِ وَمَنْفَعَةٌ فِي التَّحَوُّلِ إلَى الْأَقَلِّ فَيَخْرُجُ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَلَا بِذَهَبٍ عَلَى   [حاشية العدوي] لِابْنِ رُشْدٍ شَرَحَ بِهِ الْعُتْبِيَّةَ. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَالًّا أَدَّى إلَى تَعْمِيرِ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ) الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ. وَأَزِيدُك وَمَا ذَكَرَهُ هَذَا الشَّارِحُ فَهُوَ لَازِمٌ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْحَوَالَةِ كَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ عَنْ شُيُوخِهِ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت قَالَ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ بِهَذَا أَنَّهَا مِنْ أَصْلِهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْمُحَالُ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مَحَلَّ الرُّخْصَةِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ أَيْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِذِمَّةٍ أَيْ بِمَا كَانَ مُتَقَرِّرًا فِي ذِمَّةٍ أَيْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَقَوْلُهُ مِنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ فِي صُورَةِ الْجَوَازِ فَيُجَابُ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كِتَابَةً) صُورَتُهَا زَيْدٌ مُكَاتَبٌ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَحَالَ سَيِّدَهُ عَلَى تِلْكَ الدُّيُونِ الَّتِي لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ الْكِتَابَةِ أَوْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ) الْمُكَاتَبُ فَاعِلُ يَعْتِقُ أَيْ يُنَجِّزُ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ وَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِ صِيغَةِ عِتْقٍ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ النُّجُومُ كُلُّهَا حَلَّتْ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ دَفَعَ النُّجُومَ الَّتِي عَلَيْهِ قَبْلُ وَقَوْلُهُ وَيَبْرَأُ إلَخْ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْفَاضِلُ عَلَيْهِ نَجْمًا وَاحِدًا وَحَلَّ وَقَوْلُهُ وَحُلُولُ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عَلَى دَيْنٍ فَلَوْ أَحَالَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَلَا يَكْفِي حُلُولُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي وَقَعَتْ الْحَوَالَةُ بِكِتَابَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ مَا إذَا أَحَالَ الْمُكَاتَبُ الْأَعْلَى سَيِّدَهُ عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ أَسْفَلَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ بَلْ الشَّرْطُ بَتُّ الْعِتْقِ وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الْمُحَالَ عَلَيْهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لَازِمٍ وَلَك أَنْ تُدْخِلَ هَذِهِ فِي كَلَامِهِ أَيْ حُلُولُ الْكِتَابَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَبُتَّ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ إذَا بَتَّ عِتْقَهُ قَضَى الشَّرْعُ بِحُلُولِ الْمَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْحَوَالَةُ بِكِتَابَةٍ عَلَى كِتَابَةٍ أَوْ بِكِتَابَةٍ عَلَى غَيْرِ كِتَابَةٍ أَوْ بِغَيْرِ كِتَابَةٍ عَلَى كِتَابَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِهَا عَلَى كِتَابَةٍ بِأَنْ يُحِيلَ الْأَعْلَى سَيِّدَهُ بِكِتَابَةٍ عَلَى مُكَاتَبِهِ الْأَسْفَلِ فَإِنْ بَتَّ السَّيِّدُ عِتْقَ الْأَعْلَى جَازَتْ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَبُتَّ عِتْقَهُ فَلَا تَجُوزُ وَإِنْ حَلَّتْ وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِهَا عَلَى دَيْنٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِأَنْ يُحِيلَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِكِتَابَةٍ عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِهَا إنْ حَلَّتْ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِهَا مَعَ حُلُولِهَا بِمَنْزِلَةِ قَبْضِهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي هُوَ مُوجِبٌ لِعِتْقِهِ. وَكَذَا إنْ عَجَّلَ الْعِتْقَ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُحَالًا عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ امْتَنَعَتْ وَهَلْ كَذَلِكَ وَلَوْ بَتَّ السَّيِّدُ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَوْ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَبُتَّ السَّيِّدُ عِتْقَهُ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ وَأَيْضًا فَقَدْ صَارَتْ دَيْنًا لَازِمًا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِهَا فَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كِتَابَةً) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَيُنَافِيهَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَالْأَحْسَنُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ أَجْنَبِيًّا) وَهَلْ وَلَوْ نَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ أَوْ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُنَجِّزْ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ قَوْلَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَتَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ) لَيْسَ الْمُرَادُ تَسَاوِي مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ أَنْ يُحِيلَ بِخَمْسَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى دَيْنِهِ بَلْ الْمُرَادُ بِتَسَاوِيهِمَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُحَالِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَلَا أَقَلَّ (قَوْلُهُ قَدْرًا وَصِفَةً) مَنْصُوبٌ إمَّا عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ مِنْ الْقَدْرِ الْمُحَالِ بِهِ وَالْقَدْرِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رِبًا فِي الْأَكْثَرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا عَكْسُهُ وَقَوْلُهُ وَمَنْفَعَةٌ فِي التَّحَوُّلِ إلَى الْأَقَلِّ أَيْ مَنْفَعَةٌ لِلْمُحِيلِ وَضَرَرٌ عَلَى الْمُحَالِ فَلِذَلِكَ خَرَجَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 فِضَّةٍ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا بِيَزِيدِيَّةٍ عَلَى مُحَمَّدِيَّةٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ وَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَمِثْلُهُ الْأَكْثَرُ عَنْ الْأَقَلِّ وَعَكْسُهُ وَهُوَ أَخْذُ الْيَزِيدِيَّةِ عَنْ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَوْ الْأَقَلِّ عَنْ الْأَكْثَرِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ. (ص) وَفِي تَحَوُّلِهِ عَلَى الْأَدْنَى تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى الْأَكْثَرِ قَدْرًا أَوْ الْأَعْلَى صِفَةً لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَفِي تَحَوُّلِهِ عَلَى الْأَدْنَى صِفَةً أَيْ أَوْ الْأَقَلِّ قَدْرًا تَرَدُّدٌ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَالْمَنْعِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَكَأَنَّهُ حَذَفَ الْأَقَلَّ مِقْدَارًا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْأَدْنَى صِفَةً وَأَمَّا تَحَوُّلُهُ عَلَى الْأَعْلَى أَوْ الْأَكْثَرِ فَيُمْنَعُ قَوْلًا وَاحِدًا. (ص) وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنَانِ أَيْ الْمُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ أَيْ مِنْ سَلَمٍ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ رُءُوسُ الْأَمْوَالِ أَمْ اخْتَلَفَتْ فَلَوْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ الْحَوَالَةُ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ بِشَرْطِ حُلُولِ الطَّعَامَيْنِ مَعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ جَوَازَهَا بِشَرْطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ طَعَامَيْنِ لِأَنَّ طَعَامًا فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِأَنَّهُ مَصْدَرُ طَعِمَ طَعَامًا وَالْمَصْدَرُ الْمُؤَكِّدُ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. (ص) لَا كَشْفُهُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ الشُّرُوطِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ كَشْفُ الْمُحَالِ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَغَنِيٌّ أَمْ فَقِيرٌ بَلْ تَصِحُّ مَعَ عَدَمِ الْكَشْفِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَشْفِهِ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارِهِ فَلَا يُنَافِي مَا زَادَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فُتُوحٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ رِضَاهُ لَا يُشْتَرَطُ وَالدَّيْنُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُبْدِيَ مَطْعَنًا فِي الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ أَوْ يَثْبُتَ بَرَاءَتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ أَوْ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (ص) وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ (ش) الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ يَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ وَلَوْ قَالَ حَقُّهُ بِالْإِضْمَارِ لَكَانَ أَخْصَرَ مَعَ أَمْنِ اللَّبْسِ. وَقَوْلُهُ (ص) وَإِنْ أَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ حَقَّ الْمُحَالِ يَتَحَوَّلُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَإِنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوَالَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ   [حاشية العدوي] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِدِينَارٍ عَلَى نِصْفِ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا بِذَهَبٍ عَلَى فِضَّةٍ وَلَا عَكْسِهِ وَقَوْلُهُ وَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِيَزِيدِيَّةٍ عَلَى مُحَمَّدِيَّةٍ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْأَكْثَرُ عَنْ الْأَقَلِّ أَيْ يَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَهَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا عَكْسُهُ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِأَجْلِ إفَادَةِ أَنَّ الْمَنْعَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ إلَخْ خَبَرٌ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْعَكْسَ مُمْتَنِعٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ لَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا (أَقُولُ) وَهُوَ عَيْنُ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَفِي تَحَوُّلِهِ إلَخْ وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَفَادَ الْمَنْعَ عَلَى الْعُمُومِ أَوَّلًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمَرْضِيُّ عِنْدَهُ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ بَعْدُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ أَوْ الْأَقَلِّ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُصُورًا (أَقُولُ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْأَدْنَى مَا يَشْمَلُ الْأَقَلَّ قَدْرًا. (قَوْلُهُ وَالْمَنْعِ) أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ بَعْضٌ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُجْمَلَةً كَمَا إذَا قَالَ أُحِيلُك بِالْمِائَةِ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ بِعَشَرَةٍ لِي عِنْدَهُ أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ أُسْقِطُ عَنْك تِسْعِينَ وَأَحْتَالُ بِالْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى فُلَانٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّرَدُّدُ. (قَوْلُهُ جَازَتْ الْحَوَالَةُ) أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ) الَّذِي فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ إلَّا إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ فَلَا تَجُوزُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَاَلَّذِي فِي هَذَا الشَّارِحِ كَلَامُ عج وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ جَازَتْ) (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَحَيْثُ حَكَمَ بِالْمَنْعِ فِي هَذَا الْفَصْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقَعْ التَّقَابُضُ فِي الْحَالِ وَأَمَّا لَوْ قَبَضَهُ لَجَازَ وَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ فِي الْحَالِ الْقَبْضُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُحَالِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَ الْمَجْلِسُ أَوْ فَارَقَ الْمُحِيلُ وَهَذَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا ذَهَبًا وَالْآخَرِ فِضَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ قَبْلَ افْتِرَاقِ كَلَامِهِمْ وَقَبْلَ طُولِ مَجْلِسِهِمْ وَإِلَّا فَسَدَ وَأَمَّا الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِنْ بَيْعٍ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَوْ قَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَالطُّولِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) لِأَنَّهُ حَكَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ بِالْجَوَازِ مَعَ مُلَاحَظَةِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ فَقَطْ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْمُصَنِّفِ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ فَقَطْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالْمَصْدَرُ الْمُؤَكِّدُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ حَذْفَ عَامِلِ الْمُؤَكِّدِ مُمْتَنِعٌ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ أُرِيدَ بِالْمَصْدَرِ اسْمُ الْمَفْعُولِ إذْ لَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا الْمَصْدَرُ وَإِنَّمَا هُوَ ذَاتُ الطَّعَامِ الْمُحَالِ بِهِ وَذَاتُ الطَّعَامِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الطَّعَامُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الْمَطْعُومِ مُرَادٌ بِهِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقَّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ أَغَنِيٌّ أَمْ فَقِيرٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ لَيْسَا مِنْ صِفَةِ الذِّمَّةِ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا كَشْفُهُ عَنْ حَالِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا زَادَهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَشْتَرِطُ الْحُضُورَ وَالْإِقْرَارَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ وَلَوْ أَرَادَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَقَالَ مَعَ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْلَسَ) حِينَ الْحَوَالَةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ وَأَوْلَى طُرُوُّهُ أَوْ جَحَدَ الَّذِي عَلَيْهِ بَعْدَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 الْفَلْسُ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْحَوَالَةِ أَوْ طَارِئًا عَلَيْهَا. (ص) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ فَقَطْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحِيلَ إذَا عَلِمَ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَإِنَّ حَقَّ الْمُحَالِ لَا يَتَحَوَّلُ عَلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ بِذَلِكَ وَلِلْمُحَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ وَيَثْبُتُ عِلْمُ الْمُحِيلِ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، وَعِلْمُ الْجُحُودِ كَعِلْمِ الْفَلْسِ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْمُحَالَ أَيْضًا لَكَانَتْ الْحَوَالَةُ لَازِمَةً فَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِلْمُحِيلِ لِأَنَّ مُحْتَرَزَ فَقَطْ عِلْمُ الْمُحَالِ لَا الْإِفْلَاسُ لِئَلَّا يَخْرُجَ الْجَحْدُ مَعَ أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى الْإِفْلَاسِ وَلَوْ عَبَّرَ بِعَدَمِهِ بَدَلَ إفْلَاسِهِ لَكَانَ أَحْصَرَ وَأَحْسَنَ فَيَكُونُ الْإِفْلَاسُ أَوْلَى بَلْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْفَقْرِ لَيْسَ كَالْعِلْمِ بِالْإِفْلَاسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ إنْ ظَنَّ بِهِ الْعِلْمَ (ش) أَيْ إذَا ادَّعَى الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ أَنَّهُ يَعْلَمُ عَدَمَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إنْ ظَنَّ بِهِ الْعِلْمَ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهُ يُتَّهَمُ بِهَذَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَلَزِمَتْ الْحَوَالَةُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ وَرَجَعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ بِهِ الْعِلْمَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَالْمُنَاسِبُ قِرَاءَةُ ظُنَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ إذْ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ تُفِيدُ أَنَّ ظَنَّ الْمُحَالِ بِهِ ذَلِكَ يُوجِبُ الْحَلِفَ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يُتَّهَمُ بِذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ. (ص) فَلَوْ أَحَالَ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ لَمْ تَنْفَسِخْ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالضَّمِيرُ فِي تَنْفَسِخُ لِلْحَوَالَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَهُوَ يَعْلَمُ صِحَّةَ مِلْكِهِ لَهَا ثُمَّ أَحَالَ الْبَائِعُ شَخْصًا لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا فَإِنَّ الْحَوَالَةَ لَا تَنْفَسِخُ وَهِيَ لَازِمَةٌ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُحِيلِ وَهُوَ الْبَائِعُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ عَكْسُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ فَقَوْلُهُ ثُمَّ رُدَّ أَيْ الْمَبِيعُ الْمَفْهُومُ مِنْ بَائِعٍ وَمِثْلُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ الْفَسَادُ وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَهِيَ بَيْعٌ فَيَنْبَغِي فِيهَا عَدَمُ الْفَسْخِ بِلَا خِلَافٍ وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ مَا إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الْبَائِعُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ ثُمَّ حَصَلَ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ كَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَازِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي حَالَ الْحَوَالَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَى قَوْلِ أَشْهَبَ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ أَشَارَ   [حاشية العدوي] تَمَامِ الْحَوَالَةِ لَا قَبْلَهَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ بِهِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْلَسَ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ الْفَلْسُ قَبْلَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ أَوْ طَارِئًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ رَاجِعًا لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْلَسَ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكْتُبْ الْمُوَثِّقُ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُحَالِ مَلَاءَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَمَوْضِعَهُ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ بِوَجْهٍ قَالَهُ ابْنُ سَلَمُونٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ) وَالظَّنُّ الْقَوِيُّ كَالْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُ الْعِلْمِ بِالْإِفْلَاسِ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ سَيِّئُ الْقَضَاءِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا يَضُرُّ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ الْمُحِيلُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعِلْمُ الْجُحُودِ إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ عب أَمَّا عِلْمُهُ بِجُحُودِهِ فَإِنْ كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ بَيِّنَةٌ فَلَا حَوَالَةَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ عِلْمَهُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ بِعَدَمِ تَمَامِ الْحَوَالَةِ يَجْحَدُ إقْرَارَهُ الْحَاصِلَ حِينَ الْحَوَالَةِ فَهَذَا لَا يُوجِبُ رُجُوعَ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ شَكَّ الْمُحَالُ مَعَ عِلْمِ الْمُحِيلِ بِكَإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَفِي الشَّارِحِ لَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا عَلَى الْمُحِيلِ وَفِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ يَرْجِعُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْجُحُودُ قَبْلَ الْحَوَالَةِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ مِنْ أَصْلِهَا لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ فَإِنْ عَلِمَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَجْحَدُ ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ يَجْحَدُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْحَوَالَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِالْجُحُودِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْحَوَالَةِ فَيُقِرُّ لَكِنْ الْمُحَالُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَجْحَدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَبِلَ الْحَوَالَةَ فَالْعِلْمُ بَعْدُ مُضِرٌّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ بِعَدَمِهِ) أَيْ فَقْرِهِ وَقَوْلُهُ بَلْ يُوهِمُ هَذَا إضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ إشَارَةٌ لِزِيَادَةِ الْأَحْسَنِيَّةِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْإِفْلَاسُ مَصْدَرُ أَفْلَسَ أَيْ صَارَ عَدِيمًا فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِإِفْلَاسِهِ أَيْ عَدَمَهُ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مُسَاوٍ لِلتَّصْوِيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِفْلَاسِ حُكْمُ الْحَاكِمِ يَخْلَعُ مَالَهُ وَنَحْنُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ يُقَالُ لَهُ تَفْلِيسٌ فَقَوْلُهُ لَوْ عَبَّرَ بِعَدَمِهِ، غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَكَذَا الْإِضْرَابُ (قَوْلُهُ يُوهِمُ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِفْلَاسِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَعْوَى اتِّهَامٍ وَدَعْوَى الِاتِّهَامِ لَا تُرَدُّ فَكَيْفَ يَقُولُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت النُّقُولَ تُفِيدُ مَا قُلْته مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ قِرَاءَةُ ظَنَّ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ جَرْيُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ مُشَارَكَتَهُ فِي الْعِلْمِ وَأَنْكَرَ الْمُحَالُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ صِحَّةَ مِلْكِهِ لَهَا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَيْدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً ثُمَّ يَبِيعُهَا مِنْ ثَانٍ وَأَحَالَ عَلَى الثَّانِي بِدَيْنٍ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى غَرِيمِهِ تت (قَوْلُهُ بِعَيْبٍ) أَوْ فَسَادٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ) الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ أَشْهَبَ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُحِيلِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا إنَّهُ نَقْضٌ إلَخْ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ إذْ لَا دَيْنَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَوْلُهُ لِلْبَائِعِ فِي الْأَوَّلِ وَبَعْدُ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ فِي الْمُحَالِ بِهِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إلَخْ مَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الرَّدِّ بِالْفَسَادِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَهَلْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ أَوْ الْقِيمَةَ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ (ش) أَيْ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ هُنَا اخْتِيَارٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ دُونَ مُدَّعِي عَدَمِهَا وَلِلْمُثْبِتِ عَلَى النَّافِي أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بَانِيًا عَلَيْهِ. قَوْلَهُ (ص) وَالْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَفْيَ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي إذَا تَنَازَعَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ فَلْسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَقَالَ الْمُحَالُ أَحَلْتنِي عَلَى غَيْرِ أَصْلِ دَيْنٍ فَأَنَا أَرْجِعُ عَلَيْك بِدَيْنِي وَقَالَ الْمُحِيلُ عَلَيْهِ بَلْ أَحَلْتُك عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتِي لَك فَلَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُحِيلِ بِيَمِينٍ وَمَنْ ادَّعَى بَعْدَ قَبُولِ الْحَوَالَةِ أَنَّهَا عَلَى غَيْرِ أَصْلِ دَيْنٍ لَمْ يُصَدَّقْ وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ دَيْنٌ ثَابِتٌ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي تَنَازُعِ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فِي ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَنَفْيِهِ لُزُومَ الْمُحِيلِ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ حَتَّى تَصِحَّ الْحَوَالَةُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُحَالَ لَمَّا رَضِيَ بِالْحَوَالَةِ كَانَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا بِثُبُوتِ الدَّيْنِ وَثُبُوتِهِ إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُحَالِ وَهُوَ هُنَا بِإِقْرَارِهِ (ص) لَا فِي دَعْوَاهُ وَكَالَةً أَوْ سَلَفًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَوَالَةَ إذَا صَدَرَتْ بَيْنَهُمَا بِصِيغَتِهَا فَلَمَّا قَبَضَ الْمُحَالُ الْقَدْرَ الَّذِي احْتَالَ بِهِ قَالَ لَهُ الْمُحِيلُ إنَّمَا أَحَلْتُك لِتَقْبِضَهُ لِي عَلَى سَبِيلِ الْوَكَالَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ أَنَّهُ سَلَفٌ مِنِّي لَك وَقَالَ الْمُحَالُ إنَّمَا قَبَضْته مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُحَالِ بِيَمِينِهِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَوَالَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ مِمَّنْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قِبَلَ الْمُحِيلِ سَبَبٌ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ وَيَحْلِفُ مَا أَدْخَلَهُ إلَّا وَكِيلًا. وَلَمَّا كَانَ الضَّمَانُ وَالْحَوَالَةُ مُتَشَابِهَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ حَمَالَةِ الدَّيْنِ أَعْقَبَهُ بِهَا فَقَالَ (بَابُ الضَّمَانِ) (ش) وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ وَمَا يَصِحُّ بِهِ وَمَا يُبْطِلُهُ وَانْفِرَادُ الضَّامِنِ وَتَعَدُّدُهُ وَأَقْسَامُهُ وَإِنَّهَا ثَلَاثَةٌ ضَمَانُ ذِمَّةٍ وَوَجْهٍ وَطَلَبٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِتَعْرِيفِ الضَّمَانِ فَقَالَ تَبَعًا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي تَلْقِينِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (ص) شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ (ش) قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ جِنْسٌ وَأُخْرَى كَالْفَصْلِ يَخْرُجُ الْبَيْعُ وَالْحَوَالَةُ وَمُرَادُهُ بِالذِّمَّةِ الْجِنْسُ لِيَشْمَلَ الْوَاحِدَةَ وَالْمُتَعَدِّدَةَ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ وَغَيْرُ جَامِعٍ أَمَّا كَوْنُهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا كَوْنُهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ الْبَيْعَ الْمُتَعَدِّدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) أَيْ فَاللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَرْ قَوْلَ أَشْهَبَ بَلْ تَصْدِيرُهُ فِي تَبْصِرَتِهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُشْعِرٌ بِتَرْجِيحِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ وَصَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِ أَشْهَبَ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدٌ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ. (قَوْلُهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ) يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِنَفْيٍ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِدَيْنٍ بِمَعْنَى مَدِينٍ بِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَذَكَرَ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَكُونُ كَالشَّاهِدِ أَمْ لَا وَهَلْ يَجْرِي فِي الْمَلِيءِ وَالْمُعْسِرِ أَمْ لَا فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارِهِ وَإِذَا حَضَرَ وَأَقَرَّ لَا يَتَأَتَّى تَنَازُعُهُمَا فِي أَنَّ الْحَوَالَةَ وَقَعَتْ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ أَمْ لَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَتَأَمَّلْ مَا فِيهَا لَعَلَّهُ يُظْهِرُ لَك مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي الْمَقَامِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ وَرِضَا الْمُحِيلِ أَوْ الْمُحَالِ فَكَيْفَ بَعْدَ هَذَا يُقَالُ إنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ قَدْ يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يَكُونُ بِرِضَا الْمُحَالِ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ. (قَوْلُهُ لَا فِي دَعْوَاهُ وَكَالَةً أَوْ سَلَفًا) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ بِيَمِينِهِ وَتَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ دَعْوَى السَّلَفِ عَلَيْهَا وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي دَعْوَى السَّلَفِ لِلْمُحِيلِ وَخَرَّجَ عَلَيْهِ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ إلَخْ) تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ اشْتِرَاطِهِمْ ثُبُوتَ دَيْنِ الْمُحِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَثُبُوتَ دَيْنِ الْمُحَالِ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ مِمَّنْ يُشْبِهُ إلَخْ الِاكْتِفَاءُ بِوُجُودِ الشَّبَهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الدَّيْنُ تَأَمَّلْ. [بَابُ الضَّمَانِ] [أَقْسَامُ الضَّمَانِ] (بَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ وَمَا يَصِحُّ بِهِ) أَيْ وَمَا يَصِحُّ فِيهِ الضَّمَانُ وَمَا يَبْطُلُ فِيهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا يَصِحُّ فِيهِ الضَّمَانُ وَمَا يَبْطُلُ فِيهِ (قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ أَنْ يَشْغَلَ رَبُّ الْحَقِّ ذِمَّةً أُخْرَى مَعَ الْأُولَى بِحَقِّهِ وَقَوْلُهُ بِالْحَقِّ أَيْ مِمَّا يَتَوَجَّهُ بِهِ الطَّلَبُ كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ إلَخْ) أَيْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ يَحْصُلُ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ وَكَذَا ضَمَانُ الطَّلَبِ يَحْصُلُ فِيهِ ذَلِكَ إذَا فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ اشْتِغَالَ الذِّمَّةِ الْأُخْرَى إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ التَّفْرِيطِ أَوْ مِنْ تَهْرِيبِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَاءَ مِنْهُ وَمِنْ الضَّمَانِ فَالضَّمَانُ لَهُ دَخْلٌ فِيهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِهِ إذْ قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ صَادِقٌ بِتَوَقُّفِ الشَّغْلِ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ كَالتَّفْرِيطِ فَإِنْ قُلْت لَيْسَ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ وَالْوَجْهِ شَغْلُ الذِّمَّةِ بِالْحَقِّ حِينَ الضَّمَانِ بَلْ يَطْرَأُ لَهُ الشَّغْلُ فِيهِمَا لِحُصُولِ مُوجِبِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بَلْ فِيهِمَا الشَّغْلُ حِينَ الضَّمَانِ تَقْدِيرًا أَوْ يُقَالُ التَّعْرِيفُ هُنَا لِضَمَانِ الْمَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَزَوْجَةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 كَمَنْ بَاعَ رَجُلًا سِلْعَةً بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَ أُخْرَى لِآخَرَ بِدَيْنٍ إذْ يَصْدُقُ عَلَى الْبَيْعِ الثَّانِي أَنَّهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَلَيْسَ بِضَمَانٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الْحَقُّ الْأَوَّلُ لِأَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ وَلِشُمُولِهِ الْحَقَّ الْبَدَنِيَّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَقَّ الْبَدَنِيَّ خَرَجَ بِقَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ لِأَنَّ الْبَدَنِيَّ لَا تَشْتَغِلُ بِهِ الذِّمَّةُ وَلِشُمُولِهِ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِدَيْنٍ ثُمَّ يُشْرِكَهُ فِيهَا أَوْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ فَيَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَلَيْسَ ضَمَانًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُ الشَّاغِلِ وَاحِدًا وَهُوَ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ مُتَعَدِّدٌ لَكِنْ يَضْعُفُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اتِّحَادِ الشَّاغِلِ حَتَّى يَخْرُجَ ذَلِكَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا أَوْرَدَ وَقَدْ عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْتِزَامُ دَيْنٍ لَا يُسْقِطُهُ أَوْ طَلَبُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ انْتَهَى فَقَوْلُهُ لَا يُسْقِطُهُ يُخْرِجُ الْحَوَالَةَ عَلَى مَا فِيهِ أَوْ أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ لَا لِلِاحْتِرَازِ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبُ إلَخْ يَشْمَلُ حَمَالَةَ الْوَجْهِ وَحَمَالَةَ الطَّلَبِ. وَلَمَّا كَانَ الضَّمَانُ نِسْبَةً تَسْتَدْعِي ضَامِنًا وَمَضْمُونًا وَمَضْمُونًا لَهُ وَبِهِ وَصِيغَةً إنْ عُدَّتْ رُكْنًا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَتَكُونُ رُكْنًا خَامِسًا وَأَمَّا مَنْ يَرَى أَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَاهِيَّةِ الَّتِي الْأَرْكَانُ أَجْزَاؤُهَا وَالدَّلِيلُ غَيْرُ الْمَدْلُولِ فَهِيَ غَيْرُ رُكْنٍ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَشَارَ لِلرُّكْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الضَّامِنُ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ (ش) أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا مِنْ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ وَعَبْدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ وَمَرِيضٍ وَزَوْجَةٍ فِي زَائِدِ ثُلُثِهِمَا وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَفْهُومَهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَمِنْهَا مَا لَا يَصِحُّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَرِيضِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ مِنْ الْوَارِثِ كَالْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا مَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ كَالْعَبْدِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ وَالزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُجْمَلٌ يُبَيِّنُهُ مَا يَأْتِي وَإِنْ حُمِلَتْ الصِّحَّةُ عَلَى اللُّزُومِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ زَالَ الْإِشْكَالُ مِنْ أَصْلِهِ (ص) كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَجُوزُ ضَمَانُهَا إذَا أَذِنَ سَيِّدُهُمَا لَهُمَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْأَصَحُّ مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ وَكَذَا كُلُّ قِنٍّ وَذِي شَائِبَةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُبَعَّضٍ وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ كَفَالَتِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمُكَاتَبِ أَوْ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَلَوْ أَذِنَ كَمَا هُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُكَاتَبِ أَيْضًا قَالَ لِأَنَّهُ دَاعِيَةٌ إلَى رَقِّهِ وَيُقَيَّدُ جَوَازُ ضَمَانِ الْمَأْذُونِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فَإِنْ كَانَ فَإِنَّ ضَمَانَهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ هَذَا يُسْتَغْنَى   [حاشية العدوي] وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ إذْ ضَمَانُ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ تُمْنَعُ الزَّوْجَةُ مِنْهُمَا وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ ضَمَانَ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ تَعْرِيفِهِمَا الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ حُكْمَهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ) وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ إدْخَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازُ فِي الْحَدِّ لِقَرِينَةٍ وَالْقَرِينَةُ هُنَا تَبَادُرُ الْعَهْدِ دُونَ غَيْرِهِ ك. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَرْكَانِ الضَّمَانِ الْأَرْبَعَةِ إذْ قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى يَتَضَمَّنُ الضَّامِنَ وَالشَّخْصَ الْمَضْمُونَ وَالشَّخْصَ الْمَضْمُونَ لَهُ وَقَوْلُهُ بِالْحَقِّ هُوَ الْمَضْمُونُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِشُمُولِهِ الْحَقَّ الْبَدَنِيَّ) كَالْقِصَاصِ وَالْجِرَاحَاتِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُضْعِفُ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ الْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُوَ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ الْأُولَى وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ إذْ مَا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَطْعًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الشَّرِكَةِ دُونَ التَّوْلِيَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُغَايَرَةَ إلَى أَنَّ ذِمَّةَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ ذِمَّةِ الْآخَرِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُغَايَرَةَ يَكُونُ طَلَبُهُمَا مُخْتَلِفًا فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي لَمْ يَرْتَضِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ) وَمِمَّا فِيهِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ لَوْ أَتْلَفَهُ شَخْصٌ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّ فِيهِ شَغْلَ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ مُخَيَّرٌ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَسْئِلَةَ الَّتِي أَوْرَدُوهَا عَلَى التَّعْرِيفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعْرِيفٌ حَقِيقِيٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ وَالتَّعْرِيفُ اللَّفْظِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا مَانِعًا خِلَافًا لِبَعْضِ مُحَشِّي الشَّمْسِيَّةِ وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِهِ لِلْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ. (قَوْلُهُ لَا يُسْقِطُهُ) أَيْ لَا يُسْقِطُهُ عَنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) الَّذِي فِيهِ أَنَّ الْحَوَالَةَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهَا لِأَنَّ الْحَوَالَةَ طَرْحٌ وَالضَّمَانَ الْتِزَامُ دَيْنٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ (أَقُولُ) إذَا لَمْ يُجْعَلْ لِلِاحْتِرَازِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادٌ آخَرُ وَهُوَ الْتِزَامُ الدَّيْنِ يَصْدُقُ بِكَوْنِ إنْسَانٍ يَقُولُ أَنَا أَلْتَزِمُ دَيْنَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِضَمَانٍ وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبُ اعْلَمْ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ فَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا فِي التَّعْرِيفِ. [أَرْكَانُ الضَّمَانُ] (قَوْلُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ) وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا اعْتِرَاضَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) فِي عب وشب أَنَّهُ يَصِحُّ كَالزَّوْجَةِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ صَحَّحَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْبُطْلَانِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ كَالزَّوْجَةِ بَلْ تَبَرُّعُهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَمَا قَارَبَهُ بَاطِلٌ كَتَبَرُّعِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ مِنْ الْوَارِثِ كَالْوَصِيَّةِ) زَادَ فِي ك بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ (قَوْلُهُ وَيُقَيَّدُ جَوَازُ ضَمَانِ الْمَأْذُونِ) بَلْ وَالْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَالَ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ أَيْ وَالْحَجْرُ عَلَى الْعَبْدِ كَالْحُرِّ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحُرَّ إذَا اغْتَرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ الَّتِي مِنْهَا الضَّمَانُ كَذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا اغْتَرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ الَّتِي مِنْهَا الضَّمَانُ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ أَوْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ قُلْت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَوْ ضَمَّنَا سَيِّدَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ. (ص) وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يَضْمَنَ فِيمَا لَمْ يَزِدْ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ فَأَقَلَّ وَلَوْ قَصَدَتْ ضَرَرَ الزَّوْجِ وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ يَسِيرًا كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْ بِهِ ضَرَرًا فَيَمْضِي الثُّلُثُ مَعَ مَا زَادَتْ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ إقْرَاضِ الزَّوْجَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ وَكَفَالَتُهَا مَمْنُوعَةٌ كَمَا هُنَا قُلْت لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقَرْضِ إنَّمَا يَدْفَعُهُ صَاحِبُهُ لِمَنْ هُوَ مُوسِرٌ بِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْمُعْسِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصِيرُ مُوسِرًا بِالْقَرْضِ لِقَبْضِهِ إيَّاهُ بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ. (ص) وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ ذَا الرِّقِّ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْهُمْ ضَمَانٌ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ إلَى أَنْ حَصَلَ لَهُمْ الْعِتْقُ فَإِنَّهُمْ يُتْبَعُونَ بِمَا حَصَلَ مِنْهُمْ مِنْ الضَّمَانِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِإِذْنِهِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ مِمَّنْ ذَكَرَ الضَّمَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنَّ لَهُ إسْقَاطَهُ فَإِنْ لَمْ يُسْقِطْهُ حَتَّى حَصَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِتْقِ فَإِنَّهُمْ يُتْبَعُونَ أَيْضًا. (ص) وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الضَّمَانِ أَمَّا غَيْرُ مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْتِقُ وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ الضَّرَرُ فَإِنْ جَبَرَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ وَقِيلَ لَهُ جَبْرُهُ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى النِّكَاحِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْفَعَةً فِي النِّكَاحِ. (ص) وَعَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ (ش) أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ عَنْ الْحَيِّ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُعْسِرِ وَلَا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُوسِرِ وَأَمَّا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى صِحَّتِهِ وَلُزُومِهِ إنْ وَقَعَ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِذَا تَحَمَّلَ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَالِمًا بِعُسْرِهِ فَأَدَّى عَنْهُ لَا يَرْجِعُ فِي مَالٍ يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ الْمَلِيءِ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مُحْتَسِبًا إلَّا لِقَرِينَةٍ وَالْمُفْلِسُ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمُعْسِرُ لَا بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ إذْ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ. (ص) وَالضَّامِنُ (ش) وَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي صَحَّ أَيْ صَحَّ هُوَ أَيْ الضَّمَانُ وَصَحَّ الضَّامِنُ أَيْ ضَمَانُ الضَّامِنِ وَإِنْ تَسَلْسَلَ وَيَلْزَمُهُ مَا لَزِمَ الضَّامِنَ وَبِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمَيِّتِ (ص) وَالْمُؤَجَّلُ حَالًّا إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ (ش) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي صَحَّ وَبِالْجَرِّ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ قِبَلَ شَخْصٍ مُؤَجَّلٌ فَأَسْقَطَ الْمَدِينُ حَقَّهُ مِنْ التَّأْجِيلِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ شَخْصٌ عَلَى الْحُلُولِ فَإِنَّ هَذَا الضَّمَانَ لَازِمٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الدَّيْنُ مِمَّا يُقْضَى لِلْمَدِينِ بِقَبُولِهِ حَيْثُ عَجَّلَهُ كَمَا لَوْ كَانَ نَقْدًا مُطْلَقًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عُرُوضًا مِنْ قَرْضٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْضَى لِلْمَدِينِ بِقَبُولِهِ حَيْثُ عَجَّلَهُ كَمَا لَوْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ ضَمَانُهُ حَالًّا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك تَوَثُّقًا فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذُكِرَتْ مِنْ أَنَّ الْمَدِينَ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ التَّأْجِيلِ؟ فَالْجَوَابُ نَعَمْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ فَحَيْثُ أَذِنَ السَّيِّدُ صَارَ فِي مَالِهِ كَالْحُرِّ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ إذَا صَارَ فِي مَالِهِ كَالْحُرِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى عِلْمِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ بَلْ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ. (قَوْلُهُ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ) وَإِنْ ضَمِنَتْ زَوْجَهَا، وَلِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ وَلَوْ لَهُ هُوَ خِلَافًا لِدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ أَوْ بُطْلَانَهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ كَالْعَطِيَّةِ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَمْضِي الثُّلُثُ مَعَ مَا زَادَتْ) فَإِنْ قِيلَ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ شَامِلٍ لِلزِّيَادَةِ وَلَوْ يَسِيرَةً وَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا لَمَّا كَانَتْ تَرْجِعُ اُغْتُفِرَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ. (قَوْلُهُ وَأُتْبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ) أَيْ بِالضَّمَانِ أَيْ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ غُرْمٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ إسْقَاطَهُ) اعْلَمْ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ لِمَا يَصْنَعُهُ رَقِيقُهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ إبْطَالٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِبْطَالِ وَالْإِسْقَاطِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ) يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ بِقَدْرِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى السَّيِّدِ الْجَبْرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجَبْرِ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ لَا تُصَدَّقُ. [الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ] (قَوْلُهُ أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ بِمَعْنَى الْحَمْلِ لَا حَقِيقَةَ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لِخَرَابِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَيْ صَحَّ الْحَمْلُ وَيَلْزَمُ (قَوْلُهُ عَالِمًا بِعُسْرِهِ) وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ أَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ لَهُ مَالًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَأَمَّا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْمَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَوِيَ الظَّنُّ فَلَا يَرْجِعُ وَإِلَّا رَجَعَ (قَوْلُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ) زَادَ عب وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَّفِقُ فِي هَذَا عَلَى عَدَمِ رُجُوعِ الضَّامِنِ لِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ عَلِمَ لَهُ مَالًا لِأَنَّهُ كَالْمُتَبَرِّعِ لِذِمَّةٍ خَرِبَتْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ فَحَاصِلُهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ سَاكِنِ الْفَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ شَكَّ كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُفْلِسَ بِسُكُونِ الْفَاءِ يَرْجِعُ الضَّامِنُ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ إلَخْ) أَيْ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يَدْخُلُ الضَّامِنُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَالِ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِهِ. [ضَمَانُ الضَّامِنِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ تَسَلْسَلَ) وَهُوَ لَيْسَ بِمُحَالٍ لِأَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَاضِي ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْكَفَالَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَالٍ أَوْ بِوَجْهٍ أَوْ الْأُولَى بِمَالٍ وَالثَّانِيَةُ بِوَجْهٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ وَلَكِنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ الرُّجُوعُ اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ وَأَزِيدُك تَوَثُّقًا) لِأَنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 لَوْ لَمْ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ أَدَاءِ الدِّينِ عَنْهُ لَا مِنْ الضَّمَانِ وَمِثْلُ الضَّمَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ الرَّهْنُ. (ص) وَعَكْسُهُ إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ (ش) صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَخِّرْ مَدِينَك بِمَا عَلَيْهِ شَهْرًا مَثَلًا وَأَنَا أَضْمَنُهُ لَك فَيَصِحُّ إنْ وُجِدَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُوسِرًا بِمَا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ فَكَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ سَلَفٍ بِضَامِنٍ أَوْ رَهْنٍ ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ يَمْضِي عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ إذْ تَأْخِيرُ الْمُعْسِرِ وَاجِبٌ فَلَيْسَ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسْلِفًا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا أَمَّا لَوْ كَانَ يُوسِرُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ كَأَنْ يَضْمَنُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَادَتُهُ أَنْ يُوسِرَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ ابْتِدَاءِ يَسَارِهِ وَهُوَ الشَّهْرَانِ الْأَخِيرَانِ فِي مِثَالِنَا يُعَدُّ فِيهِمَا صَاحِبُ الْحَقِّ مُسْلِفًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ عِنْدَ فَرَاغِ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا زَمَنُ الْعُسْرِ فَكَأَنَّهُ أَخَّرَ مَا عَجَّلَ فَهُوَ مُسْلِفٌ فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَانْتَفَعَ بِالْحَمِيلِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ غَرِيمِهِ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْمُحَقَّقِ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ وَيُسْرُهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ فَكَأَنَّهُ مُعْسِرٌ تَبَرَّعَ بِضَامِنٍ فَقَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ لَا فِي جَمِيعِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وتت فَهِمَ أَنْ قَوْلَهُ فِي الْأَجَلِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَيْسَرَ أَيْ أَوْ إنْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ أَوْ أَعْسَرَ وَلَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ. (ص) وَبِالْمُوسِرِ أَوْ بِالْمُعْسِرِ لَا بِالْجَمِيعِ (ش) أَيْ الْمُوسِرِ بِهِ أَوْ الْمُعْسِرِ بِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ قِبَلَ شَخْصٍ مِائَتَا دِينَارٍ حَالَّةٍ وَهُوَ مُوسِرٌ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا وَمُعْسِرٌ بِالْأُخْرَى وَضَمِنَهُ بِالْمُوسِرِ بِهَا مُؤَجَّلَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِالْمُعْسِرِ بِهَا أَيْضًا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِهِمَا وَلَوْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ السَّلَفِ فِي تَأْجِيلِ الْمُوسِرِ بِهَا وَانْتَفَعَ بِالضَّمَانِ فِي الْمُعْسِرِ بِهَا وَضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُوسِرِ بِهِ كَضَمَانِهِ بِكُلِّهِ وَكَذَلِكَ ضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُعْسِرِ بِهِ كَضَمَانٍ بِكُلِّهِ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ مَا إذَا ضَمِنَ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ. (ص) بِدَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ إلَى اللُّزُومِ لَا كِتَابَةٍ بَلْ كَجُعْلٍ. (ش) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي دَيْنٍ لَا فِي مُعَيَّنٍ لَازِمٍ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ عَبْدٍ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ آيِلٍ إلَى اللُّزُومِ كَدَايَنَ فُلَانًا وَكَالْجُعْلِ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْآبِقِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآنَ لَازِمًا فَهُوَ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ فَإِذَا قَالَ مَنْ يَأْتِنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِهِ فَإِذَا جَاءَ بِالْآبِقِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لَازِمٍ وَلَا تَئُولُ إلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ صَارَ رِقًّا وَالضَّامِنُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَضْمُونِ وَمَا لَا يُلْزِمُ الْأَصْلَ لَا يُلْزِمُ الْفَرْعَ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ عِتْقَهُ وَمِثْلُهُ إذَا اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ قَالَ فِي الشَّامِلِ لَا كِتَابَةَ عَلَى   [حاشية العدوي] وَإِنْ كَانَ حَالًّا لَكِنْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُمَاطِلَهُ فَالضَّمَانُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الضَّمَانِ إلَخْ) قَالَ الْمَوَّاقُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الضَّمَانُ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالضَّمَانِ بَلْ الرَّهْنُ كَذَلِكَ فَإِذَا رَهَنَهُ فِي الْمُؤَجَّلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ جَازَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (فَائِدَةٌ) يَجُوزُ فِي الضَّمَانِ أَنْ يَقَعَ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَضْمَنَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الرَّهْنَ أَشَدُّ لِكَوْنِهِ يُطْلَبُ فِيهِ الْحَوْزُ. (قَوْلُهُ وَلَا حُكْمًا) أَيْ فَلَوْ كَانَ يَظُنُّ مِنْهُ الْيَسَارَ فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ مُسْلِفٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مُسْلِفٌ أَيْ أَنَّهُ مُسْلِفٌ بِنَاءً إلَخْ إلَّا أَنَّ الْيَسَارَ الْمُحَقَّقَ لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا وَهَذَا قَدْ جَرَّ نَفْعًا فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ تَامًّا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ) وَفِيهِ خِلَافٌ هَلْ هُوَ سَمَاعِيٌّ أَوْ قِيَاسِيٌّ ذَكَرَهُ السَّمِينُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَسَبَقَهُ بِهِ أَبُو حَيَّانَ فِي الِارْتِشَافِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْأَوَّلُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ الْمُقَابِلَ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْمُوسِرُ بِهِ وَالْمُعْسِرُ بِهِ إلَى جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ نَائِبِ الْفَاعِلِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْجَارِ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ فَلَمْ يُحْذَفْ نَائِبُ الْفَاعِلِ بَلْ اسْتَتَرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ) مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْإِيسَارِ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ) أَيْ فِي دَيْنٍ لَازِمٍ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مُعَيَّنٍ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً عَلَى أَنَّهَا إنْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَيْهِ عَيْنُهَا وَكَذَا إنْ بَاعَ عَلَى أَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ لَزِمَهُ عَيْنُهَا وَهَذَا إذَا ضَمِنَ أَعْيَانَهَا فَإِنْ ضَمِنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِسَبَبِ التَّعَدِّي عَلَيْهَا وَالتَّفْرِيطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَمِثْلُ الْمُعَيَّنِ خِدْمَةُ الْمُعَيَّنِ وَكَذَا يَمْتَنِعُ إذَا دَخَلُوا عَلَى ضَمَانِ الْمِثْلِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ مِثْلَهُ فَقَدْ دَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى غَرَرٍ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ مِثْلَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُمْنَعُ أَيْضًا إنْ وَقَعَ بَعْدَهُ لِلُزُومِ الْمِثْلِ لِلضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَا يَدْرِي مَتَى يَكُونُ فَفِيهِ بَيْعٌ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَهَذَا بِخِلَافِ ضَمَانِ دَرْكِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ فِي الْمَعِيبِ قِيمَةُ الْعَيْبِ وَفِي الْمُسْتَحَقِّ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ وَمَا لَا يُلْزِمُ الْأَصْلَ) وَهُوَ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ وَلَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْفَرْعَ وَهُوَ الضَّامِنُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 الْمَعْرُوفِ إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ: الْحَمِيلُ هُوَ عَلَيَّ إنْ عَجَزَ. (ص) وَدَايَنَ فُلَانًا وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزَاتِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ دَايِنْ فُلَانًا وَأَنَا ضَامِنٌ فِيمَا دَايَنْته بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا دَايَنَهُ بِهِ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَهَلْ يُقَيَّدُ اللُّزُومُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ مِثْلُ الْمَضْمُونِ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي أَنْكَرَ مَعْرِفَتَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ عَامِلْ فُلَانًا فِي مِائَةٍ وَأَنَا ضَامِنٌ فِيهَا أَوْ قَالَ عَامِلْهُ وَمَهْمَا عَامَلْته فِيهِ فَأَنَا ضَامِنٌ فِيهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ مَقَالَتِهِ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُعَامَلَةُ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا (ص) بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ وَهُوَ يُكَذِّبُهُ فَقَالَ لَهُ احْلِفْ أَنَّ لَك عَلَيْهِ حَقًّا وَأَنَا ضَامِنٌ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ حَلِفِهِ عَنْ مَقَالَتِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ لِأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَهُوَ إذَا قَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ احْلِفْ وَأَنَا أَغْرَمُ لَك فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الْحَقُّ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمُعَامِلِ نَفْسَهُ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيك حَمِيلًا فَلَمَّا كَانَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ فَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ عَامِلْهُ (ص) إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ضَامِنِهِ وَإِنْ جُهِلَ أَوْ مَنْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ فِيهِ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْ الضَّامِنِ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ مِثْلِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهِ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَيَجُوزُ الضَّمَانُ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ الْمَضْمُونِ حَالًّا وَمَآلًا أَوْ جُهِلَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ جَهْلُ قَدْرِ الْمُتَحَمَّلِ بِهِ غَيْرُ مَانِعٍ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْت الْحَمَالَةُ فِيهَا الرُّجُوعُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ بِالْمَجْهُولِ قُلْت نَعَمْ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى لَا بِمَا تَحَمَّلَ وَمَا أَدَّى مَعْلُومٌ فَالضَّمِيرُ فِي وَإِنْ جُهِلَ لِلدَّيْنِ أَوْ لِلْحَقِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَيْ وَإِنْ جُهِلَ رَبُّ الدَّيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَحَمَّلُ لَهُ مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ وَلَوْ جُهِلَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ) لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَيْ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَدَائِهِ رِفْقًا لَا عَنَتًا فَيُرَدُّ. (ش) أَيْ كَأَدَاءِ الشَّخْصِ الدَّيْنَ كَانَ ضَامِنًا أَوْ غَيْرَهُ رِفْقًا بِمَنْ عَلَيْهِ وَبِمَنْ لَهُ وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ وَلَا لِمَنْ عَلَيْهِ إذَا دُعِيَ أَحَدُهُمَا إلَى الْقَضَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَا إنْ أَدَّاهُ عَنَتًا أَيْ لِيُتْعِبَ مَنْ عَلَيْهِ لِقَصْدِ سِجْنِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَيُرَدُّ الْأَدَاءُ مِنْ أَصْلِهِ فَقَوْلُهُ كَأَدَائِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ إلَّا إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا مُفَادُ الْعَطْفِ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَهُ فِي النَّجْمِ الْوَاحِدِ لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَإِذَا ضَمِنَهُ فِي أَكْثَرَ يَحْتَاجُ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِي الْكِتَابَةِ إذَا كَانَتْ نُجُومًا لَا إنْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا فَتَصِحُّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ مُوسِرًا فَيَثْبُتُ اتِّفَاقًا فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ حَذْفٌ أَيْ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ وَهُوَ مَلِيءٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَيَكُونُ ضَمَانًا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُعَامَلَةُ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَإِذَا عَامَلَهُ يَوْمًا مَثَلًا ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ فِي الْيَوْمِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَدَّ لِلْمُعَامَلَةِ حَدًّا أَوْ لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا وَقُلْنَا يُقَيَّدُ بِمَا يَتَعَامَلُ بِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي ضَمَانِ الْمَالِ وَأَمَّا ضَمَانُ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ بِالْمَالِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ عَامَلَ فُلَانًا فِي مِائَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّقْيِيدِ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا رُجُوعَ وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ تَرْجِيحُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ مَا إذَا رَجَعَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِرُجُوعِهِ حَتَّى عَامَلَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِالرُّجُوعِ قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجَةِ تُنْفِقُ مِمَّا بِيَدِهَا لِلزَّوْجِ قَبْلَ عِلْمِهَا بِطَلَاقِهَا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ كَأَنَّهُ قَالَ أَلْتَزِمُ لَك الضَّمَانَ إنْ حَلَفْت فَهُوَ حَقٌّ وَجَبَ بِالِالْتِزَامِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَلِفِ فَإِذَا حَلَفَ الطَّالِبُ غَرِمَ الضَّامِنُ فَإِنْ مَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلِلضَّامِنِ أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ لِلضَّامِنِ مَا غَرِمَهُ عَنْهُ أَمَّا لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ أَوْ لِأَنَّ الطَّالِبَ حَلَفَ أَوَّلًا فَيَكْتَفِي بِهَا. (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ) هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحُدُودِ وَنَحْوِهَا وَهِيَ خَارِجَةٌ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَقْبَلُ الذِّمَمَ وَكَذَا الْحُدُودُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَبْدَانِ لَا بِالذِّمَمِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ لَهُ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَمَنْ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ أَوْ جُهِلَ مَنْ لَهُ لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ وَمِنْ خَصَائِصِهَا قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ وَهِيَ انْفَرَدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ فَيُرَدُّ الْأَدَاءُ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ رَدُّهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَإِنْ كَانَ لِغَيْبَةِ الطَّالِبِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُقِيمُ وَكِيلًا يَقْبِضُ مِنْ الْغَرِيمِ وَيُؤَدِّي لِلْمُؤَدِّي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 كَشِرَائِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى الدَّيْنَ مِمَّنْ هُوَ لَهُ بِقَصْدِ إعْنَاتِ مَنْ عَلَيْهِ فَإِنَّ شِرَاءَهُ يُرَدُّ وَيُفْسَخُ وَهَلْ مَحَلُّ رَدِّ الشِّرَاءِ حَيْثُ عَلِمَ الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى الْعَنَتِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يُرَدُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَقَاضَى الدَّيْنَ أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَيُرَدُّ مُطْلَقًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَرَى فِي الشِّرَاءِ الْخِلَافُ فِي الرَّدِّ وَلَمْ يَجْرِ فِي الْأَدَاءِ خِلَافٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَسَاوِي الْفَرْعَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّفْصِيلِ فِي الشِّرَاءِ يُرَاعِي دُخُولَهُمَا عَلَى الْفَسَادِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَالْفَسَادُ مُنْتَفٍ فَلِذَا لَمْ يُرَدَّ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الْعِلْمِ فَاسِدًا وَمَعَ عَدَمِهِ غَيْرَ فَاسِدٍ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِقَصْدِ الضَّرَرِ فَلِذَا رُدَّ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ فِي تَوْضِيحِهِ إلَّا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَا الشَّارِحُ فَكَانَ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ. قَوْلَهُ (ص) لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ فَضَمِنَ ثُمَّ أَنْكَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ غَائِبٍ بِدَيْنٍ فَضَمِنَهُ شَخْصٌ فِي الْقَدْرِ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَنْكَرَ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ الضَّمَانَ يَسْقُطُ. (ص) أَوْ قَالَ لِمُدَّعٍ عَلَى مُنْكِرٍ إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ غَدًا فَأَنَا ضَامِنٌ فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ. وَقَوْلُهُ (ص) إنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ (ش) فَإِذَا ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لَزِمَهُ الضَّمَانُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ (ص) وَهَلْ بِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا مِثْلُ الْبَيِّنَةِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يَكُونَ تَوَاطَأَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلضَّامِنِ؟ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ كَانَ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَمَالَةِ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَيَلْزَمُهُ وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَلَا يُوجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْئًا قَطْعًا. (ص) كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِبَيِّنَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى قِبَلَ شَخْصٍ دَيْنًا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَمَا تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ فَإِنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى بِبَيِّنَةٍ أَوْ يُقِرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْحَقِّ قُلْت قَوْلُهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَبْطَلَ كَوْنَ قَوْلِهِ أُوَفِّك إقْرَارًا وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إنْ أَخْلَفْتُك غَدًا فَدَعْوَايَ بَاطِلَةٌ أَوْ دَعْوَاك حَقٌّ أَوْ عَلَيَّ كِرَاءُ الدَّابَّةِ الَّتِي تَكْتَرِيهَا وَكَذَلِكَ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَقْتَ كَذَا فَالْحَقُّ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ شَيْءٌ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ فَقَالَ (ص) وَرَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ مُقَوَّمًا إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّامِنَ كَالْمُسْلِفِ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا أَدَّى سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمَطْلُوبُ فِي دَفْعِ مِثْلِ الْمُقَوَّمِ أَوْ قِيمَتِهِ   [حاشية العدوي] وَإِنْ كَانَ لِفَوَاتِهِ بِيَدِ الطَّالِبِ رَدَّ لَهُ عِوَضَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ كَشِرَائِهِ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَنَتِ بِمُجَرَّدِهَا عَنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُؤَدٍّ وَكَذَا مِنْ بَائِعٍ وَقَابِضٍ بَلْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَنَتِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَشِرَائِهِ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ لَهُ بِلَا شِرَاءٍ كَهِبَةٍ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَيُقِيمُ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَقُولُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ إلَّا عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا عَقْدُ غَيْرِهَا فَلَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ مَعَ أَنَّهُ يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ كَالْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَدَاءَ يُعْقَلُ فِيهِ الدُّخُولُ عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمُهُ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الشِّرَاءِ فَلَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْفَرْقِ صِحَّةٌ. (قَوْلُهُ لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَمْ يُجْعَلْ مُخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ لِأَنَّهُ فِي الْمُدَايَنَةِ فَقَطْ فَيَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ قَبْلَ الضَّمَانِ عُمِلَ بِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ أَوْ يُقِرُّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَالثُّبُوتُ بِالْإِقْرَارِ مُعْتَبَرٌ هُنَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ وَلَكِنْ ذِكْرُهَا هُنَا كَالدَّلِيلِ لِلْمُتَقَدِّمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ قَوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَكَذَا لَا يُجْعَلُ مَا تَقَدَّمَ ضَمَانًا (قَوْلُهُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْحَقِّ) أَيْ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَبْطَلَ كَوْنَ قَوْلِهِ أُوَفِّك إقْرَارًا قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إبْطَالٌ بَلْ هُوَ مُقِرٌّ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الَّذِي تَدَّعِيهِ حَقٌّ أَيْ لَا بَاطِلٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ حَقًّا مُطْلَقًا بَلْ عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَحَيْثُ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَعَدَمُ التَّوْفِيَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْحَقِيقَةُ فَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ حَصَلَ الْإِبْطَالُ فَإِنْ قُلْت هَلَّا عَدَّ قَوْلَهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ نَدَمًا لَا يَنْفَعُ قُلْت ذَكَرَ الَّذِي يَنْفَعُ إذَا وَقَعَ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَائِدَةُ وَالْفَائِدَةُ لَمْ تَحْصُلْ بِفِعْلِ الشَّرْطِ فَقَطْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 وَالْخِلَافُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ بِلَا خِلَافٍ مَا لَمْ يُجَبْ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَثْبَتَ الضَّامِنُ دَفْعَ الدَّيْنِ الْمُتَحَمَّلِ بِهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِذَلِكَ لَا بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ. (ص) وَجَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ (ش) الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا مَنْ لَهُ أَيْ يَجُوزُ صُلْحُ الضَّامِنِ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَنْ الدَّيْنِ بِمَا يَجُوزُ لِلْغَرِيمِ الصُّلْحُ بِهِ عَمَّا عَلَيْهِ فَمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَدْفَعَهُ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ جَازَ لِلضَّامِنِ وَمَا لَا فَلَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) إلَى الْخِلَافِ فِي مُصَالَحَةِ الْكَفِيلِ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا الثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا الثَّالِثُ الْمَنْعُ بِالْمِثْلِيِّ الْمُخَالِفِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ وَالْجَوَازُ بِالْمُقَوَّمِ الرَّابِعُ الْجَوَازُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسِيئَةُ فَقَطْ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْجَوَازِ بِالْمُقَوَّمِ دُونَ الْمِثْلِيِّ عَلَى مَا بَيَّنَهُ عج وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِمُقَوَّمٍ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ أَوْ قِيمَتِهِ (ش) أَيْ وَرَجَعَ الضَّامِنُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْمَدِينِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ يَوْمَ الرُّجُوعِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ لَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ وَلَا الدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضٍ لِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَمْشِيَتِهِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ مِنْ وُقُوعِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ بِمُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ لَا عَلَى تَمْشِيَتِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْمُقَوَّمِ فَإِنْ قَبِلَ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ قِيلَ لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَالْحَمِيلُ يَعْرِفُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَخْذِ الدَّيْنِ وَهِبَةُ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ فَلَا يُعْرَفُ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ وَالْأَكْثَرَ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فَكَانَتْ الْجَهَالَةُ فِي الْمِثْلِيِّ أَقْوَى وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ يَعُودُ عَلَى الدَّيْنِ لَا عَلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا لَرَجَعَ الضَّامِنُ بِمَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ حَيْثُ أَجَازَهُ لَا بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ. (ص) وَإِنْ بَرِئَ الْأَصْلُ بَرِئَ (ش) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَصَالَةً وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَصْلَ إذَا بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ بِوَجْهٍ مِنْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ كَوْنِ الْمَدِينِ مَاتَ مَلِيئًا وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْحَمِيلُ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ الضَّامِنُ شَيْئًا رَجَعَ بِهِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْمَدِينِ وَالتَّرِكَةُ فِي يَدِ الطَّالِبِ فَصَارَتْ مُقَاصَّةً وَإِنْ مَاتَ الْمَدِينُ مُعْدِمًا ضَمِنَ الْكَفِيلُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ بَرِئَ إلَخْ وَلَوْ حَصَلَ فِيمَا دَفَعَهُ الْأَصْلُ اسْتِحْقَاقٌ فَإِذَا دَفَعَ الْأَصْلُ عَرْضًا عَنْ دَيْنِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَثَلًا فَإِنَّ الضَّمَانَ لَا يَعُودُ عَلَى الضَّامِنِ وَهُوَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ. (ص) لَا عَكْسُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَرِئَ الضَّامِنُ لَا يَبْرَأُ الْأَصْلُ وَكَذَا إنْ وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ الدَّيْنَ لِلضَّامِنِ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ دَفْعُهُ لِلضَّامِنِ. (ص) وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الضَّامِنِ وَرَجَعَ وَارِثُهُ بَعْدَ   [حاشية العدوي] [مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ] قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا قَدْ حَلَّ وَصَالَحَ بِفَرَسٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَرَسِ ثَمَانِيَةً وَقِيمَةُ الْعَرْضِ عَشَرَةً رَجَعَ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْعَكْسِ أَيْ رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الدَّيْنُ وَقِيمَةُ مَا صَالَحَ بِهِ فَلَوْ ضَمِنَهُ فِي عُرُوضٍ مِنْ سَلَمٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَدْنَى أَوْ أَقَلَّ لِدُخُولِ (ضَعْ وَتَعَجَّلْ) وَلَا بِأَجْوَدَ أَوْ بِأَكْثَرَ لِدُخُولِ (حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك) وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا لَا يَدْرِي أَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ أَوْ ذَلِكَ الدَّيْنُ فَهُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ فِي الْمِثْلِيِّ الْمُخَالِفِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ وَالْجَوَازِ فِي الْمُقَوَّمِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ النَّسِيئَةُ فِي الْمُبَايَعَةِ لَا فِيمَا لَا يَجُوزُ كَتَأْدِيَةِ دَنَانِيرَ عَنْ دَرَاهِمَ أَوْ قَمْحٍ عَنْ تَمْرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا جَازَ وَفِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ ضَمِيرَ مِنْهُ رَاجِعٌ لِضَمِيرِ عَنْهُ وَضَمِيرُ قِيمَتِهِ رَاجِعٌ لِمَا (قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضٍ لِهَاتَيْنِ إلَخْ) مَحَلُّ اسْتِثْنَاءِ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَلَى تَمْشِيَتِهِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ أَيْ إنَّهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدِينِ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةً وَعَكْسُهُ وَهَذَا مِنْ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْمُصَالَحَةِ عَنْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ أَدْنَى مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَرِيمِ أَيْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَأَمَّا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْمُقَوَّمِ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ إلَّا بِالْمُقَوَّمِ دُونَ الْمِثْلِيِّ ثُمَّ إنَّهُ وَرَدَ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ شُمُولِ الْمُصَنِّفِ لِلْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا عُمُومَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَكُلُّ مَا جَازَ صُلْحُ الْغَرِيمِ عَنْهُ جَازَ لِلضَّامِنِ وَإِنَّمَا قَالَ جَازَ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ غَيْرُ مُسَوَّرَةٍ بِكُلٍّ فَلَا عُمُومَ فِيهَا لِأَنَّهَا فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا صُورَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ) أَقُولُ وَكَذَا الْمُقَوَّمُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ نَظَرَ لَقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَقُولُ وَحَيْثُ كَانَ الْمُقَوَّمُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا الدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ الْمَنْظُورِ إلَيْهَا فَكَذَلِكَ يُقَالُ يُنْظَرُ لِثَمَنِ الْمِثْلِيِّ وَقْتَ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَأَيُّ فَارِقٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَجَازَ صَارَ وَكِيلًا عَنْهُ فَيَرْجِعُ لِمَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ إذَا بَرِئَ الضَّامِنُ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ لُزُومًا بَلْ بَعْضُ بَرَاءَةِ الضَّامِنِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ كَأَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ فَإِنَّهُ بَرَاءَةٌ لِلْأَصِيلِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةُ حِينَئِذٍ لِلضَّامِنِ وَبَعْضُ بَرَاءَتِهِ غَيْرُ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ كَبَرَاءَةِ الضَّامِنِ مِنْ الضَّمَانِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ ضَمَانِهِ وَعَدَمِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ إذْ الْمُوجِبَةُ الْكُلِّيَّةُ تَنْعَكِسُ مُوجِبَةً جُزْئِيَّةً وَكَمَا إذَا وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ لِلضَّامِنِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ افْتِقَارُهُ لِحَوْزٍ فَعَلَى الْمَدِينِ دَفْعُهُ لِلْحَمِيلِ. (قَوْلُهُ وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الضَّامِنِ) إنْ شَاءَ الطَّالِبُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 أَجَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّامِنَ إذَا مَاتَ أَوْ فَلِسَ فَإِنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يُعَجِّلَ مَالَهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِحُلُولِهِ عَلَى الضَّامِنِ بِالْمَوْتِ أَوْ الْفَلْسِ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ حَاضِرًا مَلِيئًا ثُمَّ تَرْجِعُ وَرَثَةُ الضَّامِنِ بِمَا أَعْطَوْا عَلَى الْغَرِيمِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ مَوْتُ الضَّامِنِ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ وَرَثَةِ الضَّامِنِ بِشَيْءٍ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ مُوسِرًا وَبِعِبَارَةٍ وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الضَّامِنِ أَيْ بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ تُطَالَبُ الْوَرَثَةُ بِإِحْضَارِ الْغَرِيمِ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرُوهُ أَغْرَمُوا وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَجَلِهِ هُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ وَأَمَّا رُجُوعُ الْوَارِثِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَرْجِعُ وَارِثُهُ إلَّا بَعْدَ أَجَلِهِ وَقَوْلُهُ: (ص) أَوْ الْغَرِيمِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الضَّامِنِ أَيْ وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الْغَرِيمِ وَقَوْلُهُ (ص) إنْ تَرَكَهُ (ش) أَيْ الْحَقَّ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْغَرِيمُ مَالًا لَمْ يُطَالِبْ الْكَفِيلُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ قَوْلُهُ إنْ تَرَكَهُ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَيَبْقَى الْبَعْضُ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْهُ لِأَجَلِهِ (ص) وَلَا يُطَالِبُ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّامِنَ لَا مُطَالَبَةَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْغَرِيمُ وَهُوَ الْمَضْمُونُ حَاضِرًا مُوسِرًا يَتَيَسَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِأَنَّ الضَّامِنَ إنَّمَا أَخَذَ تَوْثِقَةً فَأَشْبَهَ الرَّهْنَ فَكَمَا لَا سَبِيلَ إلَى الرَّهْنِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الرَّاهِنِ كَذَلِكَ لَا سَبِيلَ إلَى الْكَفِيلِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمَضْمُونِ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ عَلَيْهِ (ش) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُ مَالِ الْغَائِبِ وَالنَّظَرُ فِيهِ عَلَى الطَّالِبِ بِأَنْ تَيَسَّرَ إثْبَاتُهُ عَلَى الطَّالِبِ وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْحَمِيلِ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مُوسِرًا لَتَيَسَّرَ الْوَفَاءُ مِنْ مَالِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي إثْبَاتِهِ وَالنَّظَرُ فِيهِ بُعْدٌ وَمَشَقَّةٌ فَلَهُ طَلَبُ الْحَمِيلِ وَكَأَنَّ الْغَرِيمَ مُعْدِمٌ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ إتْيَانُهُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالنُّونِ بَعْدَ الْأَلْفِ أَيْ لَا بُعْدَ فِي إتْيَانِ الطَّالِبِ أَيْ تَسْلِيطِهِ عَلَى الْغَرِيمِ أَوْ عَلَى مَالِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي الْإِتْيَانِ وَالتَّسْلِيطِ عَلَى الْغَرِيمِ بُعْدٌ لِلَدَدِهِ أَوْ ظُلْمِهِ أَوْ فِي التَّسَلُّطِ عَلَى مَالِهِ بُعْدٌ لِعُسْرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ عَدَمِ إنْصَافِ حَاكِمٍ فَلِلطَّالِبِ طَلَبُ الْحَمِيلِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لِأَنَّهُ بِعَدَمِ الْإِنْصَافِ يَصِيرُ الْمَوْجُودُ مَعْدُومًا وَعَلَى نُسْخَةِ إثْبَاتِهِ بِالْمُثَلَّثَةِ يَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الدَّيْنِ وَعَلَى نُسْخَةِ إتْيَانِهِ بِالْمُثَنَّاةِ يَكُونُ عَائِدًا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مِلَائِهِ وَأَفَادَ شَرْطُ أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَ وَتَقْدِيمِهِ أَوْ إنْ مَاتَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّالِبَ إذَا قَامَ عَلَى الْحَمِيلِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ فَقَالَ الْحَمِيلُ لَا طَلَبَ لَك عَلَيَّ لِأَنَّ الْغَرِيمَ حَاضِرٌ مُوسِرٌ وَقَالَ الطَّالِبُ بَلْ هُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْحَمِيلِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَهُ بِعَدَمِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْمِلَاءُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً بِعُسْرِ الْغَرِيمِ فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ الْحَمِيلِ حِينَئِذٍ وَإِذَا شَرَطَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى الْحَمِيلِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِحَقِّهِ إنْ شَاءَ أَوْ الْغَرِيمُ كَانَ شَرْطُهُ صَحِيحًا مُفِيدًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ الْحَمِيلَ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَمِثْلُهُ مَنْ ضَمِنَ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْغَيْبَةِ وَالْحُضُورِ وَالْحَيَاةِ وَبُعْدِ الْمَوْتِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ وَغَيْرِهَا وَإِذَا شَرَطَ الطَّالِبُ عَلَى الْحَمِيلِ أَنْ يُقَدِّمَهُ بِالْغَرَامَةِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَكْسَ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَإِذَا شَرَطَ الْحَمِيلُ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِالدَّيْنِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْغَرِيمِ فَلَهُ شَرْطُهُ وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَالِبَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْغَرِيمِ يُرِيدُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُعْسِرًا بِالدَّيْنِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْحَمِيلِ فَمَا دَامَ الْحَمِيلُ حَيًّا لَا يُطَالَبُ وَلَوْ أَعْدَمَ الْغَرِيمُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْحَمِيلِ وَفِي مِلَائِهِ لِلْمَضْمُونِ وَالضَّمِيرُ فِي تَقْدِيمِهِ لِلْحَمِيلِ فَالشَّرْطُ وَقَعَ مِنْ الطَّالِبِ عَلَى الْحَمِيلِ وَفِي إنْ مَاتَ لِلْغَرِيمِ أَوْ لِلْحَمِيلِ كَمَا مَرَّ (ص) كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ التَّصْدِيقَ فِي الْإِحْضَارِ (ش) هُوَ تَشْبِيهٌ فِي إفَادَةِ الشَّرْطِ وَالْعَمَلِ بِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ تُطَالِبُ) أَيْ إنْ حَلَّ دَيْنُهُ وَإِلَّا وُقِفَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ قَدْرُ الدَّيْنِ حَتَّى يَحِلَّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ مَأْمُونًا (قَوْلُهُ مُوسِرًا) أَيْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ غَيْرُ مَلَدٍ لَا يُسِيءُ الْقَضَاءَ وَلَا شَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ تَقْدِيمَ الضَّامِنِ وَلَا اشْتِرَاطَ ضَمَانِهِ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي كَوْنِ الْإِثْبَاتِ شَدِيدَ الْمَشَقَّةِ عَلَى الطَّالِبِ أَوَّلًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا شَدِيدًا عَلَى شَخْصٍ وَغَيْرَ شَدِيدٍ عَلَى آخَرَ (قَوْلُهُ أَيْ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْغَرِيمِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَبْعُدْ بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَالِهِ يُنَاسِبُهُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي الْمُصَنَّفِ بِمَعْنَى أَوْ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ قَضِيَّةُ التَّسْوِيَةِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ وَاحِدٌ مَعَ أَنَّكَ قَدْ عَلِمْت قَرِيبًا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهِ إنْ رَجَعَ لِلْغَرِيمِ تَكُونُ الْوَاوُ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ رَجَعَ لِلْمَالِ تَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مِلَائِهِ) وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلطَّالِبِ طَلَبُ الضَّامِنِ لِأَنَّ الْغَرِيمَ مَلِيءٌ وَلَا يَطْلُبُ الْغَرِيمُ لِاعْتِرَافِ الطَّالِبِ بِعُدْمِهِ (قَوْلُهُ وَأَفَادَ شَرْطُ إلَخْ) ثُمَّ إنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْحَمِيلِ سَقَطَتْ تَبَاعَتُهُ لِلْمَدِينِ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ تَقْدِيمُهُ) أَيْ الْحَمِيلِ عَلَى الْمَدِينِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ بَرَاءَةَ الْمَدِينِ أَمْ لَا وَإِذَا اخْتَارَ مَعَ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ تَقْدِيمَهُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْحَمِيلِ فَيُطَالِبُ الْمَدِينَ وَيَأْخُذُ مِنْهُ بِخِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ التَّخْيِيرِ ابْتِدَاءً فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالرُّجُوعِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَهُ إلَخْ) أَيْ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْغَرِيمِ) فَلَوْ مَاتَ الضَّامِنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرُ الدَّيْنِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 وَالْمَعْنَى أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ إذَا شَرَطَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي إحْضَارِ الْمَضْمُونِ لَهُ دُونَ يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ كَشَرْطِ دَيْنِ الْوَجْهِ أَيْ يُوَفِّي بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا يُوَفِّي بِشَرْطِ الْحَمِيلِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَمَالَةِ الْوَجْهِ فَحَذَفَ فَاعِلَ الشَّرْطِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ وَأَضَافَ الشَّرْطَ إلَى الدَّيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا دَيْنَ وَهُوَ الْمَفْعُولُ وَأَضَافَ الدَّيْنَ إلَى الْوَجْهِ عَلَى مَعْنَى فِي وَحَذَفَ الْمُضَافَ أَيْ كَشَرْطِ الْحَمِيلِ أَنْ لَا دَيْنَ فِي حَمَالَةِ الْوَجْهِ لَكِنْ هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ فَيَصِيرُ ضَمَانَ طَلَبٍ بِهَذَا الشَّرْطِ وَكَذَلِكَ يُفِيدُ شَرْطُ رَبِّ الدَّيْنِ دُونَ يَمِينِ التَّصْدِيقِ فِي عَدَمِ إحْضَارِهِ لِلْمَضْمُونِ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حَيْثُ ادَّعَى الضَّامِنُ إحْضَارَهُ فَقَوْلُهُ التَّصْدِيقَ فِي الْإِحْضَارِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ وَلِقَوْلِهِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ لَكِنْ الْأَوَّلُ يَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ وَالثَّانِي يَطْلُبُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ التَّصْدِيقَ فِي الْإِحْضَارِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ التَّصْدِيقَ فِي عَدَمِ الْإِحْضَارِ أَوْ الْمُرَادُ فِي شَأْنِ الْإِحْضَارِ فَيَشْمَلُ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ. (ص) وَلَهُ طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ (ش) أَيْ لِلضَّامِنِ طَلَبُ رَبِّ الدَّيْنِ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ الضَّمَانِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَسُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِ الْمَضْمُونِ أَوْ تَأْخِيرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك أَوْ تُسْقِطَ عَنِّي الضَّمَانَ وَكَذَا لِلضَّامِنِ طَلَبُ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ أَجَلِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ طَلَبُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلضَّامِنِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرٌ مَلِيءٌ قُلْت يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُلِدِّ وَشَمِلَ قَوْلُهُ عِنْدَ أَجَلِهِ وَلَوْ بِمَوْتِ أَوْ فَلْسِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. (ص) لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ وَضَمِنَهُ إنْ اقْتَضَاهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ (ش) يَعْنِي لَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَضْمُونَ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ إلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ لِرَبِّهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْدَمَ الْكَفِيلُ أَوْ فَلِسَ كَانَ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَنْ يُتْبِعَ الْغَرِيمَ وَإِذَا وَقَعَ أَنَّ الضَّامِنَ تَسَلَّمَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَبِّهِ فَتَلِفَ مِنْهُ أَوْ ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَدْفَعُهُ لَهُ أَوْ يَقُولَ لَهُ خُذْهُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَسَوَاءٌ قَامَتْ بِضَيَاعِهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا لِتَعَدِّيهِ فِي قَبْضِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لَا أَنَّ تَسَلُّمَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ ابْتِدَاءً وَلَا يُشْتَرَطُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ فَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّكْرَاكِيَّ قَسَّمَ قَبْضَ الْحَمِيلِ لِلْمَالِ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوَكَالَةِ عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ يَخْتَلِفَانِ فِي دَعْوَى الِاقْتِضَاءِ وَالْإِرْسَالِ أَوْ يَنْبَهِمُ الْأَمْرُ وَيَعْرَى عَنْ الْقَرَائِنِ فَقَوْلُهُ إنْ اقْتَضَاهُ نَصًّا بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَوْ رُجْحَانًا بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي الِاقْتِضَاءِ وَالْإِرْسَالِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْلًا بِأَنْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ وَيَعْرَى عَنْ الْقَرَائِنِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِالدَّفْعِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَفَعَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ لِلْكَفِيلِ طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ إنْ سَكَتَ أَوْ أَخَّرَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِتَأْخِيرِهِ شَرَعَ فِي جَلْبِ كَلَامِ الْبَيَانِ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ الْغَرِيمَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَلَا كَلَامَ لِلْحَمْلِ بِاتِّفَاقٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمُعْسِرَ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الضَّامِنَ تَأْخِيرُ رَبِّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ الْمُعْسِرَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ وَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ الْمُرَادُ فِي شَأْنِ الْإِحْضَارِ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا فَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) السُّؤَالُ وَارِدٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ. (قَوْلُهُ فَتَلِفَ مِنْهُ أَوْ ضَاعَ) أَيْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ إلَخْ) بَحَثَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَدِينَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الدَّفْعِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَقَدْ يُجَابُ بِعُذْرِهِ بِجَهْلِهِ أَيْ اعْتِقَادِهِ أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يُدْفَعُ لِلضَّامِنِ دُونَ غَيْرِهِ فَلِذَا ضَمِنَهُ الضَّامِنُ وَيَطَّرِدُ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لَهُ وَإِلَّا أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ أَوْ رُجْحَانًا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي الِاقْتِضَاءِ وَالْإِرْسَالِ فَالضَّامِنُ يَقُولُ أَخَذْته عَلَى وَجْهِ الْإِرْسَالِ وَالْمَدِينُ يَقُولُ أَخَذْته عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدِينِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ فَيَضْمَنُ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الضَّامِنِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَلَا يَضْمَنُ الطَّالِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْقَبْضَ الْمُبَاحَ وَالْأَصِيلُ ادَّعَى الْمَحْظُورَ وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلًا أَيْ أَنَّ الِاقْتِضَاءَ إمَّا عَلَى طَرِيقِ النَّصِّ أَوْ الرُّجْحَانِ أَوْ الْأَصَالَةِ أَيْ أَنَّهُ إذَا انْبَهَمَ الْأَمْرُ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُ إنَّ الْأَصْلَ الِاقْتِضَاءُ وَالثَّانِي يَقُولُ إنَّ الْأَصْلَ الْإِرْسَالُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَيَرِدُ أَنْ يُقَالَ أَيُّ مُوجِبٍ لِمُرَاعَاةِ هَذَا الْقَوْلِ دُونَ غَيْرِهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَتِهِ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الِاقْتِضَاءِ عِنْدَ الْإِيهَامِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ وَعَرَى عَنْ الْقَرَائِنِ وَمَاتَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصْلُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الرِّسَالَةِ أَوْ الِاقْتِضَاءِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ) أَيْ وَوَافَقَهُ الطَّالِبُ عَلَيْهَا فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْت وَتَلِفَ بَرِئَ وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ نَازَعَهُ الطَّالِبُ فِي الْوَكَالَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ يَصِيرُ لِرَبِّ الدَّيْنِ غَرِيمَانِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّكْرَاكِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لِلْأَصِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 هَذَا اتِّفَاقًا لِوُجُوبِ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَتَأْخِيرُهُ إنَّمَا هُوَ رِفْقٌ بِالْحَمِيلِ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ، أَوْ لَا يَعْلَمَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ، أَوْ يَعْلَمَ فَيُنْكِرَ. فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ الْمُوسِرَ إنْ سَكَتَ (ش) أَيْ كَذَا وَيَلْزَمُ الْحَمِيلَ تَأْخِيرُ رَبِّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ الْمُوسِرَ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُوسِرَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الْمُعْسِرَ أَيْ أَنَّ تَأْخِيرَ الطَّالِبِ الْمَدِينَ الْمُوسِرَ يَلْزَمُ الضَّامِنَ إنْ سَكَتَ أَيْ الضَّامِنُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالتَّأْخِيرِ مِقْدَارَ مَا يَرَى أَنَّهُ رَضِيَ وَيَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الْمَعْلُومُ هَلْ السُّكُوتُ رِضًا أَوْ لَا وَإِلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا (ش) عَطْفٌ عَلَى سَكَتَ أَيْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَمِيلُ بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلْحَمِيلِ إنْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَإِلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْهُ وَلَزِمَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَ الضَّامِنُ التَّأْخِيرَ أَيْ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لِرَبِّ الْحَقِّ تَأْخِيرُك إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ حَلَفَ رَبُّ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ الضَّمَانَ حِينَ أَخَّرَ الْمَضْمُونَ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ عَلَى بَقَاءِ الضَّمَانِ وَإِذَا حَلَفَ لَزِمَ الضَّامِنَ الضَّمَانُ وَغَرِمَ الْمَالَ حَالًّا وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ عَنْ الْغَرِيمِ وَهُوَ رَبُّ الْحَقِّ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ التَّأْخِيرُ وَسَقَطَتْ الْكَفَالَةُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ بِتَأْخِيرِهِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ (ش) الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالْهَاءُ وَاقِعَةٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إذَا أَخَّرَ الْحَمِيلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِهِ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِالتَّأْخِيرِ الْحَمِيلَ فَقَطْ دُونَ الْمَدِينِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ الْغَرِيمَ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ الْحَمَالَةَ كَانَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ إنْ قَالَ وَضَعْت الْحَمَالَةَ دُونَ الْحَقِّ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ عِيَاضٌ أَخَذَ مِنْهُ عَدَمَ انْقِلَابِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ وَتَأَخَّرَ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ وَالْمَدِينُ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ أَوْ غَابَ فَقَدِمَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ فَقَالَ (ص) وَبَطَلَ إنْ فَسَدَ مُتَحَمَّلٌ بِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَمَالَةَ تَسْقُطُ عَنْ الضَّامِنِ إذَا كَانَ الْمُتَحَمَّلُ بِهِ فَاسِدًا كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ لِهَذَا دِينَارًا فِي دِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ أَوْ ادْفَعْ لَهُ دَرَاهِمَ فِي دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَأَنَا حَمِيلٌ لَك بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ الْحَمَالَةُ بِذَلِكَ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ فَلَا خِلَافَ فِي سُقُوطِهَا. (ص) أَوْ فَسَدَتْ كَ بِجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْحَمَالَةُ إذَا فَسَدَتْ نَفْسُهَا كَمَا إذَا أَخَذَ الضَّامِنُ جُعْلًا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ مَعَ زِيَادَةِ الْجُعَلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَأَمَّا الْجُعَلُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَدِينِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَمِيلٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَاللَّامُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لِمَدِينِهِ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ كَ بِجُعْلٍ وَصَلَ   [حاشية العدوي] الْكَفِيلِ وَأَمَّا فِي الرِّسَالَةِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَهُوَ رَسُولُهُ. (قَوْلُهُ مِقْدَارُ مَا يَرَى إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلِمَ وَسَكَتَ هَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ وَادَّعَى الْجَهْلَ يُعْذَرُ بِهِ إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُهُ الْخِلَافُ) أَيْ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ مَاشِيًا عَلَى أَنَّهُ رِضًى (قَوْلُهُ وَغَرِمَ الْمَالَ حَالًّا) وَيَأْخُذُهُ عِنْدَ أَجَلِ التَّأْخِيرِ وَمَعْنَى لُزُومِ الضَّامِنِ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ فِي الْحَالِ وَلَا يُؤَخِّرُ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِالْبَقَاءِ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ الْمَضْمُونِ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ نَعَمْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّامِنِ عَاجِلًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُطَالِبُ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَكَذَا يَسْقُطُ التَّأْخِيرُ إنْ نَكَلَ وَيَبْقَى الْحَقُّ حَالًّا. (قَوْلُهُ إنْ قَالَ وَضَعْت إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ طَلَبَ الْغَرِيمُ إلَخْ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَحْتَاجُ لَهُ مَعَ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ وَضَعْت الْحَمَالَةَ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْمَوْضُوعَ وَهُوَ وَضْعُ الْحَمَالَةِ بِجَامِعِ وَضْعِ الدَّيْنِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ إذَا وَضَعَ الدَّيْنَ أَوْ الْحَمَالَةَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ فَلِذَا أَتَى بِقَوْلِهِ إنْ قَالَ إلَخْ وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْطِ مِنْ وَضْعِهِمَا مَعًا وَلَمْ يُحْتَرَزْ عَنْ وَضْعِ الدَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ الدَّيْنَ فَقَطْ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ فَأَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ التَّأْخِيرِ أَيْ وَالتَّأْخِيرُ لِلْغَرِيمِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ غَابَ أَيْ الْغَرِيمُ وَقَوْلُهُ فَقَدِمَ أَيْ قَدِمَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا فِي أَثْنَاءِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ تَقْدِيمَ الضَّامِنِ أَوْ اشْتَرَطَ الْأَخْذَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ. [مُبْطِلَاتِ الضَّمَانِ] (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْحَمَالَةَ لَازِمَةٌ لِلْحَمِيلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْحَمِيلَ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ صَاحِبَ الدَّيْنِ فِي دَفْعِ مَالِهِ لِلثِّقَةِ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوْ مَا تُحْمَلُ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ بَهْرَامَ بُطْلَانُ الْحَمَالَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَوْ فَاتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَوَجَبَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ يَكُونُ ضَامِنًا فِي الْقِيمَةِ كَالرَّهْنِ الْوَاقِعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الْقِيمَةِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَوْثِقَةٌ بِالْحَقِّ وَفِي كَلَامِ تت مَا يُفِيدُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَمَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ بِالْفَسَادِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَإِنَّ الْحَمَالَةَ تَبْطُلُ حَتَّى فِي الْقِيمَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَتْ الْحَمَالَةُ كَالرَّهْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ فَسَدَتْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْبُطْلَانُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ وَبِالْفَسَادِ الْفَسَادُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ فَاللَّامُ فِي إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ لِأَنَّ الْجُعْلَ إمَّا لِلضَّامِنِ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ رَبِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 لِلضَّامِنِ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِأَجْلِ مَدِينِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَا إذَا وَصَلَ مِنْ رَبِّهِ لِلضَّامِنِ. (ص) وَإِنْ بِضَمَانِ مَضْمُونِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ الْوَاصِلُ لِلضَّامِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِسَبَبِ ضَمَانِ مَضْمُونِهِ بِأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ وَيَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ ضَمَانَ مَضْمُونِ الضَّامِنِ لِلضَّامِنِ أَوْ لِشَخْصٍ لِلضَّامِنِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي فِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ وَهَذَا إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ بِالشَّرْطِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَى بِهِ عَمَلُ الْمَاضِينَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْعِهِ كَقَرْضِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ مَعِينٍ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً وَيُضَمِّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَاهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا وَضَمَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً أَوْ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِنِصْفِ مَا عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وَمِثْلُ الشِّرَاءِ الْبَيْعُ كَمَا إذَا أَسْلَمَهُمَا رَجُلٌ فِي شَيْءٍ وَتَضَامَنَا فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا تَسَلَّفَ شَخْصَانِ نَقْدًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَمِيلٌ بِصَاحِبِهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْعَطَّارِ خِلَافًا لِابْنِ الْفَخَّارِ وَرَآهُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الضَّمَانِ الثَّلَاثَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْدَادِ أَحَدِ أَرْكَانِهِ وَهُوَ الضَّامِنُ الدَّاخِلُ فِي جِنْسِ الذِّمَّةِ مِنْ قَوْلِهِ الضَّمَانُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى فَقَالَ (ص) وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ، اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُمَلَاءَ إذَا تَعَدَّدُوا   [حاشية العدوي] الدَّيْنِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِمَّا لِلْمَدِينِ مِنْ الضَّامِنِ أَوْ مِنْ رَبِّهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِمَّا لِرَبِّهِ مِنْ الضَّامِنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَيَمْتَنِعُ إنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِلضَّامِنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ فَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَجَائِزٌ وَكَذَا مِنْ الضَّامِنِ لِلْمَدِينِ وَكَذَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ الضَّامِنِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِرَبِّ الدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ الضَّامِنِ لِلْمَدِينِ فَسَوَاءٌ حَلَّ الدَّيْنُ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ فَيُشْتَرَطُ حُلُولُ أَجَلِ الدَّيْنِ وَإِلَّا أَدَّى لِضَعْ وَتَعَجَّلْ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْمَدِينِ الضَّامِنَ بِمَنْزِلَةِ تَعْجِيلِ الْحَقِّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ حَاصِلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْجُعْلَ وَصَلَ لِلضَّامِنِ مِنْ غَيْرِ رَبِّ الدَّيْنِ لِأَجْلِ الْمَدِينِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَقَطْ فَيَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلضَّامِنِ مَعَ أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مُمْتَنِعٌ فَتَنَبَّهَ الشَّارِحُ لِإِحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ وَكَذَا إذَا وَصَلَ مِنْ رَبِّهِ لِلضَّامِنِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى (أَقُولُ) وَلَوْ جَعَلْنَا لِمَدِينِهِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ كَبِجُعْلٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْمَدِينِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِضَامِنٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ لَكَانَ مُفِيدًا لِصُوَرِ الْمَنْعِ كُلِّهَا بِالْمَنْطُوقِ وَيَكُونُ مَفْهُومُهُ صُورَةً وَاحِدَةً وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مِنْ الرَّبِّ لِلْمَدِينِ فَلَا مَنْعَ وَيُقَاسُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ صُوَرِ الْجَوَازِ (تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ غَيْرِ رَبِّ الدَّيْنِ لِلضَّامِنِ يُقَيَّدُ الْفَسَادُ بِمَا إذَا عَلِمَ رَبُّ الدَّيْنِ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْحَمِيلُ حَتَّى عَلِمَ رَبُّهُ بِهِ فَإِنْ رَدَّهُ الْحَمِيلُ قَبْلَ عِلْمِ رَبِّهِ بِهِ فَإِنَّ الْحَمَالَةَ لَا تَفْسُدُ. (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ الْجُعْلَ دَائِمًا وَاصِلٌ لِلضَّامِنِ لَكِنْ تَارَةً نَقُولُ إنَّ الضَّمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِالضَّامِنِ وَتَارَةً بِغَيْرِهِ أَعْنِي مَدِينَهُ فَالتَّعْمِيمُ إنَّمَا هُوَ فِي مُتَعَلِّقِ الضَّمَانِ وَأَمَّا الْوُصُولُ فَهُوَ لِلضَّامِنِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ بِسَبَبٍ إلَخْ أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِضَامِنٍ لِلسَّبَبِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ضَمَانَ الضَّامِنِ نَفْسُ الْجُعْلِ لَا أَنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ فَالْبَاءُ الَّتِي فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَامٍّ وَلَوْ قَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَضْمُونُ الضَّامِنِ ضِمْنَ الضَّامِنِ لَأَدَّى إلَى تَنَاقُضٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّنَاقُضَ إذَا حُمِلَ مَا قَبْلَ إلَّا عَلَى عَيْنِ مَا بَعْدَ إلَّا وَأَمَّا إذَا حُمِلَ مَا قَبْلَ إلَّا عَلَى عُمُومِهِ فَلَا تَنَاقُضَ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ بِالشَّرْطِ) وَأَمَّا لَوْ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ فَلَا مَنْعَ إذْ لَا جُعْلَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ فِي صُورَةِ الْجَوَازِ وَلَكِنْ إنَّمَا حَكَمَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا بِالْجَوَازِ لِعَمَلِ الْمَاضِينَ (قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا شَرِكَةُ ذِمَمٍ وَلَا يُقَالُ الضَّمَانُ لَا يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنِ لِأَنَّا نَقُولُ الضَّمَانُ هُنَا فِي ثَمَنِ الْمُعَيَّنِ لَا فِي ذَاتِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً أَوْ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي صُوَرِ الْجَوَازِ أَمَّا الضَّمَانُ بِجُعْلٍ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي ضَمِنَهُ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ لَهُ مَنْفَعَةً وَهُوَ أَنَّهُ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَسْلَمَهُمَا رَجُلٌ فِي شَيْءٍ وَتَضَامَنَا) أَيْ بِالسَّوِيَّةِ وَكَمَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي السَّلَمِ يَأْتِي فِي بَيْعِ النَّقْدِ لِلثَّمَنِ إذَا ظَهَرَ عَيْبٌ أَوْ طَرَأَ اسْتِحْقَاقٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَسَلَّفَ إلَخْ) أَيْ اقْتَرَضَا شَيْئًا وَتَضَامَنَا فِيهِ لَكِنْ بِالسَّوِيَّةِ (قَوْلُهُ وَرَآهُ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا) أَيْ حَرَامًا وَالْمُعْتَمَدُ لَا يَرَاهُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا لِأَنَّ عَلَيْهِ عَمَلَ الْمَاضِينَ. [الضَّامِنُ الدَّاخِلُ فِي جِنْسِ الذِّمَّةِ] (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَهِيَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ وَالْمَضْمُونُ بِهِ فَتَكَلَّمَ عَلَى الضَّامِنِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَعَلَى الْمَضْمُونِ فِي قَوْلِهِ وَعَنْ الْمَيِّتِ وَعَلَى الْمَضْمُونِ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِدَيْنٍ لَازِمٍ وَأَمَّا الْمَضْمُونُ لَهُ وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ وَالصِّيغَةُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ الدَّاخِلُ فِي جِنْسِ الذِّمَّةِ) أَيْ الدَّاخِلُ وَصْفُهُ وَهُوَ ذِمَّتُهُ فِي مُطْلَقِ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِ الْجُزْئِيِّ فِي الْكُلِّيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ) أَيْ أَوْ غُرَمَاءُ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ أَوْ وَمَا عَطَفَتْ وَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ حَلَّ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ لَكِنْ لَا مَانِعَ مِنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 دَفْعَةً وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا بِبَعْضٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِقَسْمِهِ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيْنَا وَيُوَافِقُهُ أَصْحَابُهُ أَوْ يُقَالَ لَهُمْ تَضْمَنُوهُ فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ نَعَمْ أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دَفْعَةً وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فَهُوَ حَمِيلٌ مُسْتَقِلٌّ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَتَرَتُّبِهِمْ. (ص) إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ (ش) يَعْنِي إذَا تَكَفَّلَ جَمَاعَةٌ عَنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ وَاشْتَرَطَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ فِي أَصْلِ الْحَمَالَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَلِيءَ عَنْ الْمُعْدِمِ وَالْحَاضِرَ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيَّ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَكِنْ إنْ اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَالْمَسْأَلَةُ رُبَاعِيَّةٌ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَلَا شَرْطَ فَلَا يَأْخُذُ كُلًّا إلَّا بِحِصَّتِهِ تَعَدَّدُوا وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ يُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ إنْ غَابَ الْبَاقِي أَوْ أَعْدَمَ اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَيَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانُوا حُضُورًا أَمْلِيَاءَ وَلِلْغَارِمِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى أَصْحَابِهِ تَعَدَّدُوا وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ لَكِنْ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَلَهُ أَخْذُ مَنْ شَاءَ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَيْسَ لِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إلَّا بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ إنْ كَانُوا غُرَمَاءَ (ص) كَتَرَتُّبِهِمْ (ش) مُشَبَّهٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ كَتَرَتُّبِهِمْ فِي الزَّمَانِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ اللَّحَظَاتُ وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْحَمِيلُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي كِتَابِ الْجُعْلِ مِنْ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا ثُمَّ آجَرَ أُخْرَى فَمَاتَتْ الْأُولَى فَإِنَّ الثَّانِيَةَ لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ وَحْدَهَا حَيْثُ عَلِمَتْ بِالْأُولَى لِأَنَّ الضَّمَانَ مَعْرُوفٌ وَالْإِجَارَةَ بَيْعٌ فَهِيَ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَلَوْ ضَمِنَ أَجْنَبِيٌّ كَفِيلًا مِنْ الْكُفَلَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِجَمِيعِ الْحَقِّ إنْ عَلِمَ بِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ عَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الضَّمَانِ. (ص) وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي بِغَيْرِ الْمُؤَدَّى عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ مَا عَلَى الْمَلْقِيِّ ثُمَّ سَاوَاهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُمَلَاءَ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَغَرِمَ أَحَدُهُمْ الْحَقَّ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّ الْمُؤَدِّيَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَاقَاهُ مِنْ الْحُمَلَاءِ بِمَا عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ سَاوَاهُ فِي غُرْمِ مَا دَفَعَ عَنْ غَيْرِهِ كَثَلَاثَةٍ اشْتَرَوْا سِلْعَةً بِثَلَثِمِائَةٍ وَتَحَمَّلَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِصَاحِبِهِ فَإِذَا لَقِيَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَيْنِ عَنْ صَاحِبَيْهِ فَإِذَا لَقِيَ هَذَا الدَّافِعُ أَحَدَهُمَا أَخَذَهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ دَفَعْت أَنَا مِائَةً أَيْضًا عَنْ صَاحِبِنَا أَنْتَ شَرِيكِي فِيهَا بِالْحَمَالَةِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ أَيْضًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ إلَخْ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلْحُكْمِ مِنْ خَارِجٍ لَا بِالنَّظَرِ لِلْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِهَا يُعَمَّمُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ وَاحِدٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمِيعِ يَقُولُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيُوَافِقُهُ أَصْحَابُهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ أَصْحَابُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ لَهُمْ أَيْ لِلْجَمِيعِ تَضْمَنُوهُ وَقَوْلُهُ فَيَقُولُ إلَخْ أَيْ فَيُجِيبُ الْجَمِيعُ بِقَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ نَعَمْ فَلَوْ اقْتَصَرَ أَحَدُهُمْ عَلَى الْجَوَابِ بِنَعَمْ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ السُّكُوتَ هُنَا لَا يُعَدُّ رِضًا وَقَوْلُهُ أَوْ نَطَقَ الْجَمِيعُ دَفْعَةً أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْكُلُّ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ نَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَتَرَتُّبِهِمْ أَيْ يَأْتِي عِنْدَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُ وَعْدٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ) أَيْ بِحَسَبِ الْفِقْهِ كَمَا تَبَيَّنَ لَك مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ رُبَاعِيَّةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الْحُمَلَاءِ فَقَطْ أَيْ الَّذِينَ لَيْسُوا بِغُرَمَاءَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فِي صَدْرِ الْحِلِّ يَعْنِي إذَا تَكَفَّلَ جَمَاعَةٌ إلَخْ مَعَ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْبَعَةَ تَجْرِي فِي الْغُرَمَاءِ بَلْ كَلَامُهُ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنَّ مُرَادَهُ بِالْحُمَلَاءِ مَا يَعُمُّ الْغُرَمَاءَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْحُمَلَاءِ فِي الرَّابِعِ مَا يَشْمَلُ الْغُرَمَاءَ فَلَكَ حِينَئِذٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إمَّا أَنْ تُقَدِّرَ عَاطِفًا وَمَعْطُوفًا أَيْ أَوْ غُرَمَاءُ أَوْ تُرِيدَ بِالْحُمَلَاءِ مَا يَشْمَلُ الْغُرَمَاءَ وَإِنْ كَانَ صَدْرُ الْحِلِّ قَاصِرًا عَلَى الْحُمَلَاءِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ مُشَبَّهٌ فِي مَفْهُومِ) أَيْ الَّذِي هُوَ بَعْدَ إلَّا إلَّا أَنَّهُ مَفْهُومٌ قَوِيٌّ كَالْمَنْطُوقِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّهُ هُنَا يَأْخُذُ الْحَقَّ مِنْ أَيِّهِمْ شَاءَ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ مُسْتَقِلٌّ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ إنَّمَا يَأْخُذُ الْحَقَّ مِنْ أَحَدِهِمْ عِنْدَ غَيْبَتِهِ أَوْ عَدَمِ غَيْرِهِ لَا مَعَ حُضُورِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي (قَوْلُهُ وَلَا يُخَالِفُ) أَيْ وَلَا يُنَاقِضُ وَإِلَّا فَالْمُخَالَفَةُ مَوْجُودَةٌ وَلَوْ بَعْدَ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ بِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ) أَيْ حُمَلَاءُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْمُؤَدِّي إلَخْ) وَأَمَّا الْمُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَقَوْلُهُ الْمَلْقِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الثُّلَاثِيِّ وَأَصْلُهُ مَلْقَوِيْ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسَبْقِهَا وَسُكُونِهَا وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَكُسِرَتْ الْقَافُ لِلْمُجَانَسَةِ وَقَوْلُهُ بِكُلِّ مَا عَلَى الْمَلْقِيِّ أَيْ بِالْأَصَالَةِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ سَاوَاهُ أَيْ فِيمَا غَرِمَهُ بِالْحَمَالَةِ فِي غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ بِكُلِّ إلَخْ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ شَامِلٌ لِمَا عَلَى الْمَلْقِيِّ وَلِمَا عَلَى غَيْرِهِ وَبَدَلُ الْجُمْلَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ وَالْفِعْلِ مِنْ الْفِعْلِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَا يُشْتَرَطُ ضَمِيرٌ بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يَعُودُ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَا عَلَى الْفِعْلِ وَلَا عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ سَاوَاهُ عَطْفٌ عَلَى رَجَعَ أَوْ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ سَاوَاهُ) أَيْ سَاوَى الْمُؤَدِّي الْمَلْقِيَّ فَإِذَا كَانَ الْمَلْقِيُّ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا فِي الْحَمَالَةِ سَاوَاهُ فِيمَا غَرِمَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَرِمَ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا غَرِمَهُ بِهَا مَنْ لَاقَاهُ سَاوَاهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ مَا غَرِمَهُ أَحَدُهُمَا بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا غَرِمَهُ الْآخَرُ بِهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْأَقَلُّ مِمَّا غَرِمَهُ أَحَدُهُمَا بِهِ مِنْ الْأَكْثَرِ مِمَّا غَرِمَهُ الْآخَرُ بِهَا وَيَتَسَاوَيَانِ فِيمَا بَقِيَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 خَمْسِينَ فَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الْغَائِبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ وَهُوَ خَمْسُونَ وَهَذَا التَّرَاجُعُ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا لِبَعْضٍ وَهُمْ حُمَلَاءُ غُرَمَاءُ وَسَوَاءٌ قَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ لَا يَرْجِعُ إلَخْ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَفِيمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غَيْرَ غُرَمَاءَ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَسَوَاءٌ قَالَ فِي هَذِهِ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا لَكِنْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَلَيْسَ بِجَارٍ فِي مَسْأَلَةِ تَرَتُّبِهِمْ وَلَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا بِبَعْضٍ وَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي إذْ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ إنَّمَا يَرْجِعُ مَنْ أَدَّى عَلَى الْغَرِيمِ. وَكَذَا مَسْأَلَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا لِبَعْضٍ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي حَيْثُ كَانُوا حُمَلَاءَ فَقَطْ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْحَمَالَةِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَمَّا إذَا كَانُوا غُرَمَاءَ فَقَطْ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ وَأَخَذَ جَمِيعَ الْحَقِّ مِنْ أَحَدِهِمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا أَدَّى عَنْهُ فَقَطْ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي أَفْرَدَهَا النَّاسُ بِالتَّصْنِيفِ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي بِغَيْرِ الْمُؤَدَّى عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ وَبِهِ حَصَلَ إيضَاحُهُ فَقَالَ (ص) فَإِنْ اشْتَرَى سِتَّةً بِسِتِّمِائَةٍ بِالْحَمَالَةِ فَلَقِيَ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ ثُمَّ إنْ لَقِيَ أَحَدَهُمْ أَخَذَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ بِمِائَتَيْنِ فَإِنْ لَقِيَ أَحَدَهُمَا ثَالِثًا أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ رَابِعًا أَخَذَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَبِمِثْلِهَا ثُمَّ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَبِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ (ش) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مِثَالٌ وَهُوَ يُذْكَرُ لِإِيضَاحِ الْقَاعِدَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَافِ التَّمْثِيلِ بَدَلَ الْفَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِتَّةُ أَشْخَاصٍ سِلْعَةً بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ شَخْصٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ بِالْأَصَالَةِ وَعَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْحَمَالَةِ فَلَقِيَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ ثُمَّ إذَا لَقِيَ هَذَا الَّذِي غَرِمَ السِّتَّمِائَةِ أَحَدَ الْخَمْسَةِ يَقُولُ لَهُ غَرِمْت مِائَةً عَنْ نَفْسِي لَا رُجُوعَ لِي بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَخَمْسَمِائَةٍ عَنْك وَعَنْ أَصْحَابِك يَخُصُّك مِنْهَا مِائَةٌ أَصَالَةً فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ ثُمَّ يُسَاوِيهِ فِي الْأَرْبَعِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ أَيْضًا مِائَتَيْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَرِمَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِائَتَيْنِ. ثُمَّ إنْ لَقِيَ أَحَدُهُمَا ثَالِثًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ غَرِمْت عَنْك وَعَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ مِائَتَيْنِ عَنْك مِنْهُمَا خَمْسُونَ أَصَالَةً وَمِائَةٌ وَخَمْسُونَ عَنْ الثَّلَاثَةِ حَمَالَةً يُسَاوِيهِ فِيهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ أَيْضًا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ عَنْ الثَّلَاثَةِ فَجَمِيعُ مَا يَغْرَمُ هَذَا الثَّالِثُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ الَّذِي غَرِمَ لِلثَّانِي مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ رَابِعًا يَقُولُ لَهُ غَرِمْت مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ مِنْهَا خَمْسُونَ عَنِّي أَصَالَةً وَعَنْك وَعَنْ صَاحِبَيْك خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ نَفْسِهِ أَصَالَةً وَيَبْقَى خَمْسُونَ حَمَالَةً يُسَاوِيهِ فِيهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ أَيْضًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ حَمَالَةً ثُمَّ إنْ لَقِيَ هَذَا الرَّابِعُ خَامِسًا يَقُولُ لَهُ دَفَعْت عَنْك وَعَنْ صَاحِبِك خَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَمَالَةً يَخُصُّك مِنْهَا أَصَالَةً اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ وَيُسَاوِيهِ فِيمَا بَقِيَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ أَيْضًا سِتَّةً وَرُبُعًا فَقَطْ ثُمَّ إنْ لَقِيَ هَذَا الْخَامِسُ السَّادِسَ أَخَذَ مِنْهُ سِتَّةً وَرُبُعًا فَقَطْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي غَرِمَهَا عَنْهُ وَحْدَهُ وَسَكَتَ عَنْ هَذَا لِوُضُوحِهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ بِالْحَمَالَةِ سِوَاهَا وَأَخَذَ مِنْ تَرَاجُعِ الْحُمَلَاءِ تَرَاجُعَ اللُّصُوصِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا وُجِدَ بَعْضُهُمْ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا أَخَذُوا وَانْظُرْ كَمَالَ الْعَمَلِ بِالنِّسْبَةِ لِمِثَالِ الْمُؤَلِّفِ إلَى أَنْ يَصِلَ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) وَهَلْ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ لَا؟ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْحَقُّ عَلَيْهِمْ فَهُمْ حُمَلَاءُ غُرَمَاءُ فَلَا يَرْجِعُ الْغَارِمُ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى أَحَدٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُمْ كُفَلَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَلَقِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَحَدَهُمْ فَأَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ حَقِّهِ هَلْ يَرْجِعُ الدَّافِعُ إذَا لَقِيَ أَحَدَ أَصْحَابِهِ فَيُقَاسِمُهُ فِي الْغُرْمِ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَذَا التَّرَاجُعُ خَاصٌّ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ غَيْرَ مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الَّذِي خَاصٌّ بِالْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةٌ مَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ سَوَاءٌ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَفِيمَا إذَا كَانُوا غَيْرَ غُرَمَاءَ وَاشْتَرَطَ سَوَاءٌ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَسَوَاءٌ قَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيُّكُمْ شِئْت أَيْ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فِيمَا) أَيْ وَبِمَا فَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِجَارٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هُنَا صُوَرًا أَرْبَعًا لَيْسَتْ دَاخِلَةً وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا غُرَمَاءُ أَوْ حُمَلَاءُ وَسَوَاءٌ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ ذَكَرَ الشَّارِحُ ثَلَاثًا وَتَرَكَ وَاحِدَةً فَأَشَارَ لِصُورَةٍ فَقَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي حَيْثُ كَانُوا حُمَلَاءَ وَأَشَارَ لِاثْنَتَيْنِ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا إذَا كَانُوا غُرَمَاءَ أَيْ سَوَاءٌ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا وَتَرَكَ صُورَةَ مَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَلَمْ يَقُلْ أَيُّكُمْ شِئْت إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانُوا غُرَمَاءَ) وَمِثْلُهُ إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَلَمْ يَقُلْ أَيُّكُمْ شِئْت فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمَتْرُوكَةُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 السَّوَاءِ فِيمَا يَخُصُّهُ وَفِيمَا عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ لُبَابَةَ وَالتُّونِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْحَمَالَةِ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَطْ فَيُقَاسِمُهُ فِيهِ وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَخُصُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَكْثَرِ كَمَا عَزَاهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ لِأَكْثَرِ مَشَايِخِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ لَوْ قَبَضَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمْ مِائَةً لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ غَيْرَهَا ثُمَّ وَجَدَ هَذَا أَحَدَ الْكُفَلَاءِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمِائَةِ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا؟ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، يَكُونُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ مَا قَبْلَ (أَوْ لَا) وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ ابْنَ لُبَابَةَ وَالتُّونِسِيَّ نَعَمْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُؤَلِّفِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ بِإِسْقَاطِ لَا وَأَيْضًا وَفِي بَعْضِهَا وَهَلْ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالتَّنْوِينِ وَعَزَاهُ بَعْضٌ لِمُسَوَّدَةِ الْمُؤَلِّفِ وَخَطِّ تِلْمِيذِهِ الْأَقْفَهْسِيِّ وَعَلَى هَاتَيْنِ النُّسْخَتَيْنِ فَلَا إشْكَالَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ الْمُعَظَّمُ بِالْقَصْدِ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَالِ شَرَعَ فِيمَا يُشْبِهُهُ وَهُوَ ضَمَانُ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ بِالْوَجْهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ يَصِحُّ بِالْوَجْهِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَجَازَ بِوَجْهٍ وَالْعُضْوُ الْمُعَيَّنُ كَالْجَمِيعِ اهـ. وَإِنَّمَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَجْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْمَضْمُونِ دَيْنٌ إذْ لَا يَصِحُّ فِي قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ. (ص) وَلِلزَّوْجِ رَدُّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا تَكَلَّفَتْ بِوَجْهِ شَخْصٍ فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَرُدَّهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ فَامْتَنَعَ مِنْهَا وَقَدْ تَخْرُجُ لِلْخُصُومَةِ وَفِيهِ مَعَرَّةٌ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرَ ثُلُثِ مَالِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَمِثْلُهُ ضَمَانُ الطَّلَبِ وَأَمَّا ضَمَانُهَا لِلْمَالِ فَقَدْ مَرَّ. (ص) وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي مَكَان يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ بِسِجْنٍ) مُبَالَغَةٌ فِي بَرَاءَةِ ضَامِنِ الْوَجْهِ إذَا سَلَّمَ الْغَرِيمَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي السِّجْنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُك فِي السِّجْنِ شَأْنُك بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي يَدِهِ وَيُحْبَسُ لَهُ بَعْدَ تَمَامِ مَا حُبِسَ فِيهِ وَسَوَاءٌ حُبِسَ فِي دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ بِتَسْلِيمِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِتَسْلِيمِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ. (ص) أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ (ش) الْهَاءُ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ تَرْجِعُ لِلْمَضْمُونِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ لِلتَّسْلِيمِ وَالْفَاعِلُ بِأَمْرِهِ هُوَ الضَّامِنُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّامِنَ إذَا أَمَرَ الْمَضْمُونَ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فَفَعَلَ فَإِنَّ الضَّامِنَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَحِلَّ الْحَقُّ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَوْ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ وَقَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ شَرْطَانِ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَفْهُومُ مِنْ بَرِئَ كَقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى حِلِّهِ الْأَوَّلِ بِحَسَبِ مَا أَفَادَهُ أَنَّهُ تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ دَفَعَ الثَّلَاثَمِائَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْحِلِّ الْأَوَّلِ لَمْ تَظْهَرْ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فَوَقَعَ فِي كَلَامِهِ التَّنَاقُضُ وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَى حِلِّهِ أَوَّلًا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَتَشَارَكَانِ فِي الثَّلَاثِمِائَةِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ دَافِعًا مِائَةً وَخَمْسِينَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الدَّافِعُ مُخْتَصًّا بِمِائَتَيْنِ وَالْمَلْقِيُّ مَا عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ فَقَطْ وَالتَّحْقِيقُ هُوَ أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةٌ إلَّا إذَا قَبَضَ مِائَةً كَمَا أَفَادَهُ مُؤَخَّرًا وَأَمَّا لَوْ قَبَضَ الثَّلَاثَمِائَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَ وَاحِدًا يُشَارِكُهُ فِي الثَّلَثِمِائَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ وَالتُّونِسِيِّ أَيْ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ قَلِيلُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ) عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ بِأَنْ كَانُوا حُمَلَاءَ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ فَالْحَقُّ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً. [ضَمَانُ الْوَجْهِ] (قَوْلُهُ وَصَحَّ بِالْوَجْهِ) أَيْ بِإِحْضَارِ الْوَجْهِ فَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسًا بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ) فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ضَمَانُ الطَّلَبِ كَمَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِذَلِكَ لِأَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ طَلَبُهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْإِتْيَانُ جُزْئِيًّا لَهُ وَلَا لَازِمًا لَهُ. (قَوْلُهُ رَدَّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِسِجْنٍ) كَانَ بِحَقٍّ أَوْ ظُلْمًا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَ خَلَاصُ حَقِّهِ مِنْهُ وَهُوَ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ لَهُ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ) أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ تَسْلِيمُ الْمَضْمُونَ الضَّامِنُ. (قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ) فَإِنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ أَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِ الضَّامِنِ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الطَّالِبُ وَلَوْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ أَمْرَهُ بِهِ بَرِئَ إنْ شَهِدَ لَهُ وَلَوْ وَاحِدًا وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ حَمِيلُ الْوَجْهِ أَنَّكَ إنْ لَقِيت غَرِيمَك سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ عَنِّي فَإِنْ شَرَطَهُ بَرِئَ إنْ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ فِيهِ وَلَا يُفْتَقَرُ لِتَسْلِيمِهِ (قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ مَا هُوَ رَاجِعٌ إلَّا لِقَوْلِهِ أَوْ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلُ وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ مُقَيَّدٌ بِحُلُولِ الْحَقِّ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا سَابِقًا وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ جَعَلَ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ مُرْتَبِطًا بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا وَقَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ فَعَلَى كَلَامِ هَذَا الشَّارِحِ لَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ فِي الْأَوَّلِ أَعْنِي إنْ حَلَّ الْحَقُّ فَتَدَبَّرْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 إلَّا بِهِمَا (ص) وَبِغَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ إذَا سَلَّمَ الْمَضْمُونَ لِرَبِّ الْحَقِّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ أَنْ لَا يَبْرَأَ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ الْغَرِيمَ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَإِنَّ الشَّرْطَ يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ تَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ فَإِنْ خَرِبَ فَسَلَّمَهُ لَهُ فَهَلْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمْ لَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي وَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ الْمُرَاعَى اللَّفْظُ أَوْ الْقَصْدُ (ص) وَبِغَيْرِ بَلَدِهِ إنْ كَانَ بِهِ حَاكِمٌ. (ش) الضَّمِيرُ فِي بَلَدِهِ لِلِاشْتِرَاطِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي اشْتَرَطَ أَنْ يُحْضِرَهُ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ الَّتِي أَحْضَرَهُ بِهَا حَاكِمٌ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ رَجَّحَهُ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ يُلَاحَظُ فِيهِ مَسْأَلَةُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تُفِيدُ إلَخْ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِبْرَاءُ إذَا أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ بَلَدِ الضَّمَانِ بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ (وَلَوْ عَدِيمًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْإِبْرَاءِ يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَدِيمًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْجَهْمِ وَابْنِ اللَّبَّادِ. (ص) وَإِلَّا أَغْرَمَ بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ بَرَاءَةٌ لِحَمِيلِ الْوَجْهِ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ أَغْرَمَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَعْدَ أَنْ يَتَلَوَّمَ لَهُ تَلَوُّمًا خَفِيفًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ لِلتَّلَوُّمِ شَرْطًا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ (ش) وَهُوَ الْمَضْمُونُ (ص) كَالْيَوْمِ (ش) أَيْ الْيَوْمِ وَشَبَهِهِ فَإِنْ بَعُدَتْ أَغْرَمَ بِلَا تَلَوُّمٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَإِنَّ الضَّامِنَ تَغْرَمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا. (ص) وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ بِإِحْضَارِهِ إنْ حُكِمَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّامِنَ إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغَرَامَةِ لِغَيْبَةِ الْمَضْمُونِ ثُمَّ إنَّهُ أَحْضَرَهُ فَإِنَّ الْغَرَامَةَ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَكُونُ الطَّلَبُ حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الضَّامِنَ أَوْ الْمَضْمُونَ (ص) لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ أَوْ مَوْتَهُ (ش) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ أَيْ لَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ بَعْدَ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْحَمِيلُ عَدَمَ الْغَائِبِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ وَكَذَلِكَ إنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ. وَقَوْلُهُ (ص) فِي غَيْبَتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ (ش) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَتَقْدِيرُهُ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى رَدِّ تَفْصِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَأَمَّا إنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَهُوَ حُكْمٌ مَضَى وَيَلْزَمُهُ الْغُرْمُ وَبِعِبَارَةٍ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ أَيْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَيْ أَثْبَتَ الْآنَ أَنَّهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَدِيمٌ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَأَمَّا إنْ كَانَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَا مَرَّ لَهُ فِي بَابِ الْفَلَسِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَغُرْمٌ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ هُنَاكَ (ص) وَرَجَعَ بِهِ (ش) أَيْ إذَا غَرِمَ الضَّامِنُ بِالْقَضَاءِ ثُمَّ أَثْبَتَ مَوْتَ الْغَرِيمِ أَوْ عَدَمَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنَّ الْحَمِيلَ يَرْجِعُ بِمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ) قُلْت وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى فِي الْيَمِينِ كَالْعُرْفِ تَأْكِيدُ الْيَمِينِ وَالِاحْتِيَاطِ وَيَنْبَغِي مُسَاوَاةُ الْبَابَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَالُ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ يُحْتَاطُ فِيهَا. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ الَّتِي أَحْضَرَهُ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ تَأْخُذُهُ فِيهِ الْأَحْكَامُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَاكِمٌ. لَمْ تَحْصُلْ بَرَاءَةٌ لِحَمِيلِ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ أَغْرَمَ عَلَى الْغَرِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَّا إحْضَارَهُ وَقَوْلُهُ وَشِبْهِهِ أَيُّ يَوْمٍ يُفِيدُهُ نَقَلَ تت (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ إنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ لَوَفَّى بِالْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ أَمَدَ التَّلَوُّمِ فِي الْغَائِبِ أَكْثَرُ مِنْ أَمَدِهِ فِي الْحَاضِرِ وَعِبَارَةُ عب لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ أَمَدَ التَّلَوُّمِ أَكْثَرُ مِنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ صَحِيحَةٌ وَأَمَّا ضَمَانُ الْمَالِ فَهَلْ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا غَابَ الْأَصِيلُ أَوْ إنْ أَعْدَمَ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ إنْ حَكَمَ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الْقَضَاءُ بِالْمَالِ وَدَفْعُهُ لِرَبِّهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ عَدَمُ الْإِسْقَاطِ وَمُقَابِلُهُ الْإِسْقَاطُ (قَوْلُهُ عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ الْغَرِيمِ الْغَائِبِ أَيْ أَنَّهُ كَانَ مُعْدِمًا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ وَلَوْ كَانَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ (قَوْلُهُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ حِلُّهُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَسْقُطُ إلَخْ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ) أَيْ يَثْبُتُ بَعْدَ الْغُرْمِ أَنَّ الْغَرِيمَ كَانَ مُعْدِمًا حَالَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِالْغُرْمِ أَوْ يَثْبُتُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ عَلَى الْحُكْمِ بِالْغُرْمِ فَقَوْلُهُ فَقَبْلَ الْحُكْمِ ظَرْفٌ لِلْمَوْتِ وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ فَهُوَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَلَا يَغْرَمُ أَيْضًا وَأَمَّا لَوْ أَثْبَتَ أَنَّ الْمَوْتَ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَيَغْرَمُ. وَقَوْلُهُ فِي غَيْبَتِهِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ بِحُضُورِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إثْبَاتِ الْغُرْمِ مِنْ حَلِفِ مَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِعُدْمِهِ حَيْثُ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَثْبُتْ الْعُدْمُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ فَإِنَّ عُدْمَهُ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِعُدْمِ الْمَضْمُونِ الْحَاضِرِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعُدْمِ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِهِ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لِلطَّالِبِ فَإِنَّ الضَّامِنَ يَغْرَمُ (قَوْلُهُ إلَى رَدِّ تَفْصِيلِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَجَلِ مَا يَأْتِي بِهِ فِيهِ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ ضَامِنًا أَيْضًا وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَأْتِي بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ) ظَرْفٌ لِلْمَوْتِ وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ فَهُوَ بِعَقْدِ الْقَضَاءِ وَالْغُرْمِ أَيْضًا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 أَدَّى عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا إذَا غَرِمَ لِغَيْبَةِ غَرِيمِهِ أَوْ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ أَثْبَتَ مَوْتَهُ أَوْ عُدْمَهُ قَبْلَ الْغُرْمِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ كَمَا فِي الطِّخِّيخِيِّ وَمَنْ قَصَرَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ خَاصَّةً فَقُصُورٌ مِنْهُ (ص) وَبِالطَّلَبِ وَإِنْ فِي قِصَاصٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى بِالْوَجْهِ وَعَامِلُهُ صَحَّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّفْتِيشِ عَلَى الْغَرِيمِ مِنْ غَيْرِ إتْيَانٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ أَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهُهُ (ش) إلَى أَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ يَكُونُ إمَّا بِلَفْظٍ وَإِمَّا بِصِيغَةِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَاشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ بِالتَّصْرِيحِ كَأَضْمَنُ وَجْهَهُ وَلَيْسَ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَلَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ بَابِ التَّعْرِيفِ بِالْمِثَالِ وَيَصِحُّ ضَمَانُ الطَّلَبِ وَلَوْ فِي الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ فِي قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ مِنْ حُدُودٍ وَتَعْزِيرَاتٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِآدَمِيٍّ إذْ لِلطَّالِبِ إسْقَاطُ حَقِّهِ مِنْهُ جُمْلَةً بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتْرَكَ بِحَمِيلٍ وَالْحُكْمُ أَنْ يُسْجَنَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهِ. (ص) وَطَلَبَهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ (ش) طَلَبَهُ فِعْلٌ مَاضٍ فَاعِلُهُ الْكَفِيلُ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ وَحَيْثُ تَوَجَّهَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَهُ فِي الْبَلَدِ وَفِيمَا قَرُبَ وَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَقِيلَ يَطْلُبُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَقِيلَ يَطْلُبُهُ وَإِنْ بَعُدَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَبَرُ فِي هَذَا مَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَيَكْلَفُهُ وَمَا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَلَا يَكْلَفُهُ اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَأَنَّهُ يَتَّفِقُ فِي حَالِ جَهْلِ مَوْضِعِهِ عَلَى أَنَّهُ يَطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ وَفِيمَا قَرُبَ مِنْهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ حَيْثُ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَلِابْنِ عَرَفَةَ كَلَامٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَهُ وَعُوقِبَ. (ش) الْمُتَيْطِيُّ إنْ خَرَجَ لِطَلَبِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ يُشَدَّدُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ تَقْصِيرٌ وَعَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ بَرِئَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَذْهَبُ فِيهَا إلَى الْمَوَاضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَرْجِعُ وَغَايَةُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ وَلَا دَلَّسَ وَلَا يَعْرِفُ لَهُ مُسْتَقَرًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْأَجِيرِ عَلَى تَبْلِيغِ الْكِتَابِ اهـ. وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ وَتَرَكَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ أَوْ هَرَّبَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ وَقَوْلُهُ وَعُوقِبَ أَيْ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ وَهَذَا فِي نَوْعٍ آخَرَ مِنْ التَّفْرِيطِ مُغَايِرٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ وَفِي غَيْرِهِ مَسْأَلَةُ التَّهْرِيبِ فَلَيْسَ بِرَاجِعٍ لَهُمَا كَمَا إذَا أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ لَهُ لِكَوْنِهِ فِي بَلَدٍ عَيَّنَهَا لَهُ فَخَرَجَ الْغَرِيمُ لِبَلَدٍ أُخْرَى فَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْغُرْمِ هُوَ مَا يُقَيِّدُهُ النَّقْلُ وَبِعِبَارَةٍ وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ هَرَّبَهُ أَيْ بِالْفِعْلِ وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَقَوْلُهُ وَعُوقِبَ أَيْ إذَا اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ فَرَّطَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا عُوقِبَ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لِأَنَّ التَّفْرِيطَ فِي التَّفْتِيشِ حَتَّى تَلِفَ مَالُ الْغَيْرِ مَعْصِيَةٌ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَعُزِّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. (ص) وَحَمَلَ فِي مُطْلَقِ أَنَا حَمِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ أَذِينٌ وَقَبِيلٌ وَعِنْدِي وَإِلَيَّ وَشِبْهُهُ عَلَى الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إتْيَانٍ) الْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفْتِيشٌ وَأَمَّا ضَمَانُ الطَّلَبِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ وَإِخْبَارِهِ بِمَحَلِّهِ وَيَغْرَمُ فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِحْضَارِ وَفِي الثَّانِي إنْ فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَهُ فَقَطْ كَذَا فِي ك وَفِي تت أَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ يُشَارِكُ ضَمَانَ الْوَجْهِ فِي لُزُومِ الْإِحْضَارِ وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغُرْمِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ تَفْرِيطٌ بِخِلَافِ الطَّلَبِ لَا يَغْرَمُ إلَّا إذَا حَصَلَ تَفْرِيطٌ أَوْ تَهْرِيبٌ (قَوْلُهُ كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ) أَيْ أَوْ عَلَى أَنْ أَطْلُبُهُ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا الطَّلَبَ (قَوْلُهُ فِي قِصَاصٍ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ وَحَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِتَفْرِيطِهِ الْمُوجِبِ لِلْغُرْمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْقِصَاصِ دِيَةَ الْعَمْدِ وَمُفَادُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ. (قَوْلُهُ وَحَيْثُ تَوَجَّهَ) أَيْ وَالْمَكَانُ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ) وَالتَّفَاحُشُ وَعَدَمُهُ بِالْعُرْفِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَهْرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ) أَيْ لَا أَزْيَدُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَخَالَفَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ أَزِيدَ حَيْثُ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَخِيرِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَلِابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنَّمَا عَلَيْهِ إنْ غَابَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ إنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ اهـ. وَمُفَادُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْقُرْبَ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ مِثْلُ قَوْلِهِ) أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَبْلِيغِ الْكِتَابِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يَبْلُغُ فِيهِ الْكِتَابُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ وَتَرَكَهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ إنْ فَرَّطَ (قَوْلُهُ وَعُوقِبَ) أَيْ بِالسِّجْنِ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَمَرَهُ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ مُلَاقَاتِهِ وَكَانَ يُمْكِنُ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ هَرَّبَهُ بِقَوْلِهِ إنْ فَرَّطَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذَا لِلْفِيشِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْفِيشِيِّ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَرَتُّبُ الْعِقَابِ بِمُجَرَّدِ الِاتِّهَامِ لِأَنَّ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الِاتِّهَامِ. (قَوْلُهُ زَعِيمٌ) مِنْ الزَّعَامَةِ وَهِيَ السِّيَادَةُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا تَكَفَّلَ بِهِ صَارَ لَهُ عَلَيْهِ سِيَادَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ أَذِينٌ مِنْ الْإِذْنِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي جِهَتِهِ أَوْ مِنْ الْإِذَانَةِ وَهِيَ الْإِيجَابُ لِأَنَّ الضَّامِنَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ وَقَبِيلٌ مِنْ الْقَبَالَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَلِذَا سُمِّيَ الصَّكُّ قَبَالًا لِأَنَّهُ يَحْفَظُ الْحَقَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 وَالْأَظْهَرِ (ش) الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِمَالٍ وَلَا وَجْهٍ لَا بِلَفْظٍ وَلَا بِنِيَّةٍ إذْ لَوْ نَوَى شَيْئًا اُعْتُبِرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَمِيلَ إذَا قَالَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَشَبَهِهَا وَكَانَ لَفْظُهُ مُطْلَقًا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مُطْلَقِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِمَا ذُكِرَ الْمَالَ أَوْ الْوَجْهَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا أَرَادَ (ص) لَا إنْ اخْتَلَفَا (ش) بِأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ ضَمِنْت الْوَجْهَ وَيَقُولَ الطَّالِبُ ضَمِنْت الْمَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ وَيَنْبَغِي بِيَمِينٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي حُلُولِ الْمَضْمُونِ فِيهِ وَفِي تَأْجِيلِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْحُلُولِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الطَّالِبُ اتِّفَاقًا وَالْإِخْرَاجِ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَلَزِمَهُ ذَلِكَ لَا إنْ اخْتَلَفَا أَيْ فِي الشَّرْطِ وَالْإِرَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (ص) وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ (ش) (يَجِبْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ وَفَاعِلُهُ وَكِيلٌ وَلِلْخُصُومَةِ مُتَعَلِّقٌ بِوَكِيلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ حَقًّا فَأَنْكَرَهُ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةَ وَكِيلٍ يُخَاصِمُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ إذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنْ لَا يَجِدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ فِي غَيْبَةِ الْمَطْلُوبِ. كَذَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا بِالْحَقِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ لِلْخُصُومَةِ أَيْ لِأَجْلِ الْخُصُومَةِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُخَاصِمَهُ الْمُدَّعِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ (ص) وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِالدَّعْوَى إلَّا بِشَاهِدٍ. (ش) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ كَفِيلًا يَكْفُلُهُ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِالدَّعْوَى مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبْ الْمَنْفِيِّ أَيْ لَمْ يَجِبْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ وَلَا يَجِبْ أَيْضًا عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي أَقَامَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدًا بِمَا ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَهُ فَيَطْلُبُ مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ. (ص) وَإِنْ ادَّعَى بَيِّنَةً بِكَالسُّوقِ أَوْقَفَهُ الْقَاضِي عِنْدَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْحَقَّ وَقَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ بِالسُّوقِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُوقِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ، عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا خَلَّى سَبِيلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُوقِفُهُ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ فِي غَالِبِ أَقْسَامِهَا فَقَالَ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الشَّرِكَةَ وَأَقْسَامَهَا وَأَحْكَامَهَا وَهِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَبِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَالْأُولَى أَفْصَحُهَا وَهِيَ لُغَةً الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ دَائِرَةٌ عَلَى التَّعَدُّدِ يُقَالُ شَرِكَهُ فِي مَالِهِ أَيْ جَعَلَ الْوَاحِدَ فِي الْمَالِ اثْنَيْنِ فَهُوَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا بِلَفْظٍ وَلَا بِنِيَّةٍ) وَقَضِيَّةُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِالنِّيَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ مَعْرُوفٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَعْرُوفِ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ مُعْطِيهِ (قَوْلُهُ حُلُولِ الْمَضْمُونِ فِيهِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ مَا إذَا اخْتَلَفَ فِي أَصْلِ حُلُولِهِ وَفِي تَأْجِيلِهِ إذْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُؤَجَّلًا وَاخْتَلَفَا فِي حُلُولِهِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُنْكِرِ التَّقَضِّي وَإِنَّمَا قُلْنَا الْأَفْضَلُ لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ بِقَوْلِهِ وَفِي تَأْجِيلِهِ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الشَّرْطِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الضَّامِنُ: إنَّمَا اشْتَرَطْت ضَمَانَ الْوَجْهِ وَقَالَ الطَّالِبُ:. . . الْمَالِ. وَقَوْلُهُ وَالْإِرَادَةِ أَيْ أَوْ الْإِرَادَةِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ أَرَدْت الْوَجْهَ وَيَقُولَ الطَّالِبُ أَرَدْت الْمَالَ. (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي) أَيْ هَذَا التَّعْلِيلُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّا نَسْمَعُ إلَخْ وَإِذَا كُنَّا نَسْمَعُ الدَّعْوَى فَلَا فَائِدَةَ فِي إقَامَةِ الْوَكِيلِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا قَالُوا إنَّهُ إذَا أَقَامَ شَاهِدَ إيجَابٍ إلَى كَفِيلٍ بِالْمَالِ فَأَوْلَى فِي الْإِجَابَةِ الْوَكِيلُ بِدَفْعِ الْخُصُومَةِ فَمَا قَالُوهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يُجَابُ لِلْوَكِيلِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى الْمُفِيدُ أَنَّهُ إذَا أَقَامَ شَاهِدَ إيجَابٍ فَتَدَبَّرْ وَلِذَا قَالَ بَهْرَامُ إنَّ قَوْلَهُ بِالدَّعْوَى مُتَعَلِّقٌ بِلَمْ يَجِبْ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِدَعْوَى الطَّالِبِ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ كَفِيلٌ إلَخْ) أَيْ وَأَوْلَى كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ إنَّمَا جَعَلْنَاهُ مُنْقَطِعًا وَلَمْ نَجْعَلْهُ مُتَّصِلًا لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْوَجْهِ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُجَابُ لِلْمَالِ فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ. (قَوْلُهُ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ) أَيْ الْمَوَاضِعِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ) أَيْ وَوَكَّلَ الْقَاضِي مَنْ يُلَازِمُهُ وَلَا يَسْجُنُهُ. [بَابٌ فِي الشَّرِكَةَ وَأَقْسَامَهَا وَأَحْكَامَهَا] (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلشُّرُوعِ فِي الشَّرِكَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِ الشَّرِكَةِ بَعْدَ الضَّمَانِ لَا قَبْلُ بَلْ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْمُتَحَقِّقِ فِي ذَلِكَ وَفِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي تَقَدُّمَ الشَّرِكَةِ عَلَى الضَّمَانِ لِأَنَّهَا مَلْزُومَةٌ وَالضَّمَانُ لَازِمٌ وَمَعْنَى الضَّمَانِ أَنَّ مَا ضَاعَ يَكُونُ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا عَلَى وَاحِدٍ بِالْخُصُوصِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ الضَّمَانُ الْمُتَقَدِّمُ فَلَا يَظْهَرُ التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ فِي غَالِبِ أَقْسَامِهَا احْتِرَازًا عَنْ شَرِكَةِ الطَّيْرِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ إلَخْ فَإِنَّ كُلَّ طَيْرٍ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ بِحَيْثُ إذَا ضَاعَ يَضِيعُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (بَابُ الشَّرِكَةِ) (قَوْلُهُ وَأَحْكَامَهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْوُجُوبَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ مُطْلَقِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا (قَوْلُهُ وَالِامْتِزَاجُ) عَطْفُ مُرَادِفٍ أَيْ اخْتِلَاطُ وَامْتِزَاجُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ دَائِرَةٌ عَلَى التَّعَدُّدِ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلتَّعَدُّدِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ نِسْبَةٌ تَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا أَقَلُّهُ اثْنَانِ (قَوْلُهُ أَيْ جَعَلَ الْوَاحِدَ) أَيْ بَدَّلَ الْوَاحِدَ اثْنَيْنِ أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَعَلَ بَدَلَ نَفْسِهِ فِي مَالِهِ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ فَهُوَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 شَرِيكٌ وَالْجَمْعُ شُرَكَاءُ وَأَشْرَاكٌ كَشَرِيفٍ وَشُرَفَاءَ وَأَشْرَافٍ وَجَمْعُ شَرِيكَةٍ شَرَائِكُ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الشَّرِكَةُ الْأَعَمِّيَّةُ تَقَرُّرٌ مُتَمَوَّلٌ بَيْنَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ مِلْكًا فَقَطْ وَالْأَخَصِّيَّةُ بَيْعُ مَالِكٍ كُلَّ بَعْضِهِ بِبَعْضِ كُلِّ الْآخَرِ مُوجِبٌ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِمَا فِي الْجَمِيعِ فَيَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ شَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ لَا شَرِكَةُ التَّجْرِ وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَكْسِ وَشَرِكَةُ الْأَبَدَانِ وَالْحَرْثِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي عِوَضِهِ فِي الْأُولَى إلَخْ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مُتَمَوَّلٌ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَثُبُوتِ النَّسَبِ بَيْنَ إخْوَةٍ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ مِلْكًا أَخْرَجَ بِهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ كَمَا إذَا كَانَا يَنْتَفِعَانِ بِنَحْوِ بَيْتٍ مِنْ حَبْسِ الْمَدَارِسِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَقَرُّرٌ مُتَمَوَّلٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَكِنْ لَيْسَ بِمِلْكٍ. وَقَوْلُهُ فَقَطْ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى انْتَهِ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الشَّرِكَةِ الْأَخَصِّيَّةِ فَإِنَّ فِيهَا زِيَادَةَ التَّصَرُّفِ وَهَذِهِ لَا تَصَرُّفَ فِيهَا لِلشَّرِيكَيْنِ وَقَوْلُهُ مُوجِبٌ صِفَةٌ لِ (بَيْعُ) وَقَوْلُهُ (صِحَّةَ إلَخْ) مَفْعُولٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِشَرِكَةِ التَّجْرِ وَأَخْرَجَ بِهِ شَرِكَةَ غَيْرِ التَّجْرِ كَمَا إذَا خَلَطَا طَعَامًا لِأَكْلٍ فِي الرُّفْقَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ التَّصَرُّفَ الْمُطْلَقَ لِلْجَمِيعِ وَضَمِيرُ تَصَرُّفِهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْمَالِكَيْنِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِصَاحِبِهِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ فَشَرِكَةُ الْإِرْثِ تَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ كَمَا ذُكِرَ وَكَذَلِكَ الْغَنِيمَةُ وَأَمَّا شَرِكَةُ التَّجْرِ فَتَدْخُلُ فِي الثَّانِي لِصِدْقِهِ عَلَيْهَا وَشَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْحَدِّ الثَّانِي هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى الْعَكْسِ وَقَوْلُهُ وَشَرِكَةُ الْأَبَدَانِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَبَدَانِ وَمَا شَابَهُمَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا بَيْعُ مَالِكٍ كُلَّ إلَخْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ بَاعَ بَعْضَ مَنَافِعِهِ بِبَعْضِ مَنَافِعِ غَيْرِهِ مَعَ كَمَالِ التَّصَرُّفِ وَأَمَّا عِوَضُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ تَحْتَ أَعَمِّهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَصَرُّفٌ وَقَدْ عَرَّفَهَا الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) الشَّرِكَةُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ هِيَ إذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَشَارِكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ مَعَ تَصَرُّفِهِمَا لِأَنْفُسِهِمَا أَيْضًا فَقَوْلُهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ وَقَوْلُهُ لَهُمَا فَصْلٌ يَخْرُجُ بِهِ الْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا إذْنٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هِيَ إذْنُ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِلْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ مَعَ أَنْفُسِهِمَا فَصْلٌ ثَانٍ يَخْرُجُ بِهِ الْقِرَاضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَقَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ تَصَرَّفْ فِي هَذَا الْمَالِ وَحْدَك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِي وَلَك بِشَرْطِ أَنْ لَا أَتَصَرَّفَ مَعَك وَيَقُولُ لَهُ الْآخَرُ تَصَرَّفْ فِي هَذَا الْمَالِ لِي وَلَك وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَلَا أَتَصَرَّفُ مَعَك فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّ تَصَرُّفَ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُمَا بِشَرْطِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ مَعَ تَصَرُّفِ أَنْفَسِ الْمَالِكَيْنِ فَإِنْ قُلْت تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي مَالِ نَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِإِذْنِ قُلْت قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ كُلَّ   [حاشية العدوي] شَرِيكٌ) أَيْ فَذَلِكَ الْجَاعِلُ شَرِيكٌ أَيْ صَارَ شَرِيكًا بِاعْتِبَارِ الْمَالِ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَرِيكٌ أَيْ لِصَاحِبِهِ وَقَوْلُهُ وَالْجَمْعُ شُرَكَاءُ أَيْ وَجَمْعُ شَرِيكٍ شُرَكَاءُ وَقَوْلُهُ وَجَمْعُ شَرِيكَةٍ شَرَائِكُ أَيْ جَمْعُ شَرِيكَةٍ الَّتِي تُسْنَدُ لِلْأُنْثَى بِخِلَافِ الشَّرِيكِ الَّذِي لِلْمَذْكُورِ فَقَدْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مِلْكًا) أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِ فَقَطْ لَا مَا يَشْمَلُهُ وَالتَّصَرُّفَ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَقَوْلُهُ بَيْنَ مَالِكَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِ تَقَرُّرُ وَقَوْلُهُ بَعْضَهُ أَيْ بَعْضَ كُلٍّ وَقَوْلُهُ مُوجِبُ صِفَةَ بَيْعٍ وَقَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ أَيْ جَمِيعِ الْمَالَيْنِ وَقَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي أَنْ يَقُولَ فَيَدْخُلُ فِي الْأُولَى أَيْ الشَّرِكَةِ الْأَعَمِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ الشَّرِكَةِ الْأَخَصِّيَّةِ وَقَوْلُهُ شَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ فِيهِ قُصُورٌ بَلْ وَغَيْرُهُمَا كَشَرِيكَيْنِ لَهُمَا دَارٌ جَاءَتْ لَهُمَا بِالشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَهُمَا أَيْ الْأَمْرَانِ أَحَدُهُمَا شَرِكَةُ التَّجْرِ وَالثَّانِي شَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ أَيْ فَيَدْخُلُ فِي الثَّانِيَةِ شَرِكَةُ التَّجْرِ لَا شَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ وَالتَّعْبِيرُ بِالدُّخُولِ فِيهَا يَقْتَضِي شَيْئًا آخَرَ دَاخِلًا فَتُفَسَّرُ بِشَرِكَةِ الْحَرْثِ وَالْأَبْدَانِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ خَبَرُ شَرِكَةُ أَيْ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ وَالْحَرْثِ يَدْخُلَانِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَفِي عِوَضِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِاعْتِبَارِ عِوَضِهِ فِي الْأُولَى أَيْ وَيَدْخُلَانِ بِاعْتِبَارِ الْعِوَضِ فِي الْأُولَى أَيْ الشَّرِكَةِ الْأَعَمِّيَّةِ (قَوْلُهُ كَثُبُوتِ النَّسَبِ بَيْنَ إخْوَةٍ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَبُنُوَّةٍ وَقَوْلُهُ مِلْكًا أَخْرَجَ بِهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ أَيْ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمِلْكِ مِلْكُ الذَّاتِ وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلُهُ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ أَيْ لَا مِلْكُ الذَّاتِ وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الذَّاتِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَمِلْكُ الِانْتِفَاعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ فَمَنْ أَخَذَ بَيْتًا مِنْ حَبْسِ الْمَدَارِسِ لَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ بِحَيْثُ يُؤَاجِرُهُ بَلْ مَا مَلَكَ إلَّا الِانْتِفَاعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ وَتَقَرُّرُ مُتَمَوِّلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مُتَمَوِّلٌ وَقَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي تَبَايُنًا بَيْنَهُمَا لَا أَخَصِّيَّةً وَأَعَمِّيَّةً فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَخَصِّيَّةُ وَالْأَعَمِّيَّةُ وَقَوْلُهُ فِي الرُّفْقَةِ أَيْ فِي حَالِ الِارْتِفَاقِ أَوْ لِأَجْلِ الِارْتِفَاقِ (قَوْلُهُ وَمَا شَابَهَهَا) أَيْ مِنْ شَرِكَةِ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ بَاعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَبِيعَ هُنَا مَعْدُومٌ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَقْتَ الْعَقْدِ مَعْدُومَةٌ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَّلْنَا ذَلِكَ الْمَعْدُومَ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ (قَوْلُهُ إذْنُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ إذْنٌ لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَلِصَاحِبِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ) أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ الْوَكَالَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْقِرَاضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ بِهِ الْوَكَالَةُ) أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت تَصَرُّفُ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مَبْنَيَانِ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ الشَّامِلِ لِحِصَّةِ الْآخَرِ فَيَكُونُ إذْنُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي مَالِ نَفْسِ الْآخَرِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 وَاحِدٍ بَاعَ بَعْضَ مَالِهِ بِبَعْضِ مَالِ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ فَيَحْتَاجُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ لِلْإِذْنِ لِذَلِكَ. وَلَهَا أَرْكَانٌ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْعَاقِدُ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ بِذَهَبَيْنِ إلَخْ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ وَهُوَ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ وَمَا لَا فَلَا وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَاقِدَانِ كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيُشَارِكَ فَلَا يُشَارِكُ الْعَبْدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ بِالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْبِهُ بِمَا سَيَأْتِي وَيُقَرِّبُ هَذَا أَنَّ بَابَ الْوَكَالَةِ إثْرَ بَابِ الشَّرِكَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ مُوَكِّلٌ لَهُ فَشَبَّهَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ إلَخْ. (ص) وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ فَقَوْلُهُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا مِنْ قَوْلٍ كَاشْتَرَكْنَا أَوْ فِعْلٍ كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَالتَّجْرِ فِيهِمَا فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْمُفَاصَلَةَ فَلَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَوْ أَرَادَ نَضُوضَ الْمَالِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ كَالْقِرَاضِ كَذَا يَنْبَغِي. (ص) بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَتَصِحُّ بِالذَّهَبَيْنِ وَبِالْوَرِقَيْنِ أَيْ أَخْرَجَ هَذَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ ذَهَبًا أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا وَرِقًا وَالْآخَرُ وَرِقًا وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَمْ لَا كَهَاشِمِيَّةٍ وَدِمَشْقِيَّةٍ وَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَّفِقَ صَرْفُهُمَا وَقْتَ الْمُعَاقَدَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ بِمُخْتَلَفٍ الصَّرْفِ   [حاشية العدوي] مَعَ أَنَّ الْآخَرَ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّ إذْنَ أَحَدِهِمَا فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ فَقَطْ لَا فِي الْجَمِيعِ فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ تَعْرِيفُهُ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ إلَّا أَنَّ الْأُولَى إذْنٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ إنَّمَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِي ثَانِي حَالٍّ. [أَرْكَانٌ الشَّرِكَةُ] (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ الرَّشِيدُ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ إلَّا رَشِيدًا فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَجْمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ لَكَفَى (قَوْلُهُ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ) أَيْ وَهُوَ الرَّشِيدُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ الصِّحَّةِ إلَى الْجَوَازِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْهَا قَالَ عج فَإِنْ قُلْت قَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ وَلَا يَكُونُ أَهْلًا لِلتَّوَكُّلِ كَالذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَكَالْعَدُوِّ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَعَلَى هَذَا لَا يُسَلَّمُ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّحَادِ أَهْلِيَّةِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ قُلْت هُمَا مُتَّحِدَانِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا افْتَرَقَا لِعَارِضٍ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا لِمَانِعٍ وَاعْلَمْ أَنَّ شَرِكَةَ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ صَحِيحَةٌ وَجَائِزَةٌ بِلَا قَيْدٍ وَشَرِكَةَ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ صَحِيحَةٌ وَكَذَا جَائِزَةٌ بِقَيْدِ حُضُورِ الْمُسْلِمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ كَمَا أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمْعٌ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُ الْمَحْجُورِ وَظَهَرَ أَنَّ كَوَّنَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوِيٌّ إلَّا أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ حَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحُ وَلِذَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ نَاجِي وَيُؤْخَذُ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَمِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَيَمِيلُ إلَيْهِ اقْتِصَارُ التَّوْضِيحِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَذْكُرْ الْوَكِيلَ لَكِنْ يَعْتَبِرُ هُنَا أَهْلِيَّةَ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فِي كُلِّ شَخْصٍ فَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الصَّبِيِّ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا الْعَبْدُ وَيُسْتَثْنَى مِمَّنْ لَهُ التَّوْكِيلُ الصَّغِيرَةُ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ مِنْ مُضَارَّةِ زَوْجِهَا لَهَا وَمِنْ أَخْذِهَا بِالشُّرُوطِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُشَارِكَ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ بَيْنَ مَنْ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَتَوَكُّلُهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِي حُرٍّ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَشِيدٍ غَيْرِ عَدُوٍّ وَلَا كَافِرٍ وَيَنْفَرِدُ التَّوْكِيلُ فِي عَدُوٍّ وَكَافِرٍ فَإِنَّهُمَا أَهْلُهُ دُونَ التَّوَكُّلِ وَيَنْفَرِدُ التَّوَكُّلُ فِي مَحْجُورٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ عَلَى إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ. (تَنْبِيهٌ) : دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُشَارَكَةُ الْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ وَذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ الْمُتَجَالَّةِ أَوْ الشَّابَّةِ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِوَاسِطَةِ مَأْمُونٍ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مَأْمُونَانِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ أَبُو إبْرَاهِيمَ يُؤْخَذُ مِنْ هُنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُغْلِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابَ وَهُوَ نَصُّ مَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التِّجَارَةِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ زَرْبٍ وَنَصَّ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّ لَهَا إدْخَالَ رِجَالٍ تُشْهِدُهُمْ عَلَى نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَمَعَهُمْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُو مَحْرَمٍ قَامَ أَهْلُ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ ابْنُ نَاجِي وَالْفَتْوَى بِقَوْلِ سَحْنُونَ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ أَيْ عَنْ الدَّارِ. (قَوْلُهُ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ) أَيْ ابْنُ الْحَاجِبِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ شَارِحِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ فَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُشَبَّهَ بِهِ مَا سَيَأْتِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ فِي الْأَذْهَانِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّرِكَةَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَيُقَرِّبُ هَذَا أَيْ التَّشْبِيهَ أَنَّ بَابَ الْوَكَالَةِ إثْرَ بَابِ الشَّرِكَةِ أَيْ عَقِبَ بَابِ الشَّرِكَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَقِبَ الشَّرِكَةِ فَتَكُونُ قَرِيبَةً فِي الْأَذْهَانِ فَقَرُبَ التَّشْبِيهُ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ وَالْجَوَابُ يَتَعَلَّقَانِ بِخَلِيلٍ أَيْضًا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ مُطْلَقًا) أَيْ انْعَقَدَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَسَوَاءٌ رُفِعَ لِحَاكِمٍ أَمْ لَا (وَقَوْلُهُ نَضُوضَ الْمَالِ) أَيْ صَيْرُورَتَهُ نَاضًّا أَيْ نَقْدًا وَذَلِكَ بِبَيْعِ السِّلَعِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَيْ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ كَالْقِرَاضِ أَيْ أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا اشْتَرَى بِالْمَالِ سِلَعًا وَأَرَادَ خَزْنَهَا وَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَهَا أَوْ الْعَكْسَ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَّفِقَ صَرْفُهُمَا) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَا أَخْرَجَهُ أَحَدُهُمَا مُتَّفِقًا فِيمَا ذُكِرَ مَعَ مَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ أَوْ مَعَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 كَدَنَانِيرَ كِبَارٍ وَصِغَارٍ وَلَوْ جَعَلَ مِنْ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْكِبَارِ بِقَدْرِ صَرْفِهَا لِأَنَّهُ تَقْوِيمٌ فِي الْعَيْنِ وَالنَّقْدُ لَا يُقَوَّمُ وَإِذَا فَسَدَتْ لِاخْتِلَافِ الصَّرْفِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ مَالِهِ بِعَيْنِهِ فِي سِكَّتِهِ وَالرِّبْحُ بِقَدْرِ وَزْنِ رَأْسِ مَالِهِ لَا عَلَى فَضْلِ السِّكَّةِ وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِتِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ وَلَوْ تَسَاوَيَا قَدْرًا إنْ كَثُرَ فَضْلُ السِّكَّةِ وَإِنْ سَاوَتْهَا جَوْدَةُ التِّبْرِ فَقَوْلَانِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الشَّرِكَةِ بِالنَّقْدَيْنِ الِاتِّفَاقُ فِي الصَّرْفِ وَالْقِيمَةِ وَالْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَكَالَةِ فَإِذَا اخْتَلَفَ النَّقْدَانِ وَزْنًا أَدَّى إلَى بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلًا أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً أَدَّى لِلدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشَّرِكَةِ حَيْثُ عَمِلَا عَلَى الْوَزْنِ لِأَنَّ الْجَيِّدَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الرَّدِيءِ فَقَدْ دَخَلَا عَلَى تَرْكِ مَا فَضَلَتْهُ قِيمَةُ الْجَيِّدِ عَلَى الرَّدِيءِ وَالشَّرِكَةُ تَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْعَمَلِ عَلَى الْقِيمَةِ فَقَدْ صَرَفَاهَا لِلْقِيمَةِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى النَّظَرِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لِلْقِيمَةِ وَإِلْغَاءِ الْوَزْنِ لِأَنَّ مِعْيَارَ بَيْعِ النَّقْدِ بِجِنْسِهِ هُوَ الْوَزْنُ وَإِنْ اخْتَلَفَا صَرْفًا مَعَ اتِّحَادِهِمَا وَزْنًا وَجَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَقِيمَةً فَإِنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ مَا تَفَاوَتَ صَرْفُهُمَا فِيهِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشَّرِكَةِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى عَدَمِ إلْغَائِهِ فَقَدْ صَرَفَا الشَّرِكَةَ لِغَيْرِ الْوَزْنِ فَيُؤَدِّي إلَى إلْغَاءِ الْوَزْنِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ كَمَا مَرَّ. (ص) وَبِهِمَا مِنْهُمَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ مِثْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَتُعْتَبَرُ مُسَاوَاةُ ذَهَبِ أَحَدِهِمَا لِذَهَبِ الْآخَرِ وَزْنًا وَصَرْفًا وَقِيمَةً وَفِضَّةِ أَحَدِهِمَا لِفِضَّةِ الْآخَرِ كَذَلِكَ (ص) وَبِعَيْنٍ وَبِعَرْضٍ وَبِعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا وَكُلٌّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ أَحْضَرَ لَا فَاتَ إنْ صَحَّتْ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ عَيْنًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِالْعَرْضَيْنِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالْقِيمَةِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ بِالْعَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جَانِبٍ أَوْ مِنْ جَانِبَيْنِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاشْتِرَاكِ حَيْثُ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِنْ فَسَدَتْ فَرَأْسُ مَالِ كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَا بِيعَ بِهِ الْعَرْضُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْحُكْمُ فِي الطَّعَامَيْنِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْلَ ذَلِكَ خَلْطٌ فَإِنْ حَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ خَلْطٌ فَرَأْسُ الْمَالِ   [حاشية العدوي] مَا يُقَابِلُهُ مِمَّا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مِثْقَالَيْنِ وَالْآخَرُ عَشَرَةً وَأَخَذَ كُلٌّ قَدْرَ نَصِيبِهِ فَقَطْ لَا يَجُوزُ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ وَلَا يُقْصَدُ فِي الصَّرْفِ أَوْ الْقِيمَةِ لَا الْوَزْنِ سَوَاءٌ جَعَلَاهَا عَلَى وَزْنِ رَأْسِ الْمَالَيْنِ وَأَلْغَيَا مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَضْلِ أَوْ عَمَلَاهَا عَلَى فَضْلِ مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ الْيَسِيرُ فِيهِ أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ إذَا اجْتَمَعَ الْيَسِيرُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ كَدَنَانِيرَ كِبَارٍ وَصِغَارٍ) الْكِبَارُ كَالْمَحْبُوبِ وَالْفُنْدُقْلِيِّ وَالصِّغَارُ كَنِصْفِ الْمَحْبُوبِ وَنِصْفِ الْفُنْدُقْلِيِّ وَلَكِنْ يُفْرَضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ صَرْفُ الْكَبِيرِ مَثَلًا مِائَةً وَعِشْرِينَ وَالصَّغِيرِ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَرْفُ الْكَبِيرِ مِائَةً وَصَرْفُ الصَّغِيرِ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فِي الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَقْوِيمٌ فِي الْعَيْنِ) أَيْ كَالتَّقْوِيمِ لِأَنَّ الصَّرْفَ لَيْسَ بِتَقْوِيمٍ وَقَوْلُهُ لَا عَلَى فَضْلِ السِّكَّةِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا عَلَى فَضْلِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ فِي سِكَّتِهِ) فِي بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ إنْ كَثُرَ فَضْلُ السِّكَّةِ) أَيْ لَا إنْ قَلَّ (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) ظَاهِرُهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ وَالْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ) هُوَ عَيْنُ الِاخْتِلَافِ فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِيمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّرْفِ مَا جَرَى بَيْنَ النَّاسِ تَعَامُلُهُمَا بِهِ وَبِالْقِيمَةِ مَا يُقَوِّمُهُمَا بِهِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَلَا شَكَّ فِي تَغَايُرِهِمَا وَأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا فِي الْقِيمَةِ يَتَضَمَّنُ اتِّفَاقَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَكَذَا الْعَكْسُ وَأَمَّا اتِّفَاقُهُمَا فِي الصَّرْفِ فَلَا يَتَضَمَّنُ الِاتِّفَاقَ فِي الْقِيمَةِ وَلَا الْعَكْسَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَكَالَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُوجِبَ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْتِجُ إلَّا اشْتِرَاطَ الِاتِّفَاقِ فِي الْوَزْنِ فَتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِعْيَارَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ مِعْيَارَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبِعَرْضَيْنِ) أَيْ غَيْرِ طَعَامَيْنِ لِمَا يَأْتِي اتَّفَقَا جِنْسًا أَوْ اخْتَلَفَا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ طَعَامًا (قَوْلُهُ لَا فَاتَ) أَيْ لَا يَكُونُ التَّقْوِيمُ يَوْمَ الْفَوَاتِ بِبَيْعٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْفَاسِدِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا أَيْ قَوْلِهِ لَا فَاتَ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا اُسْتُقْرِئَ مِنْ كَلَامِهِ إذَا نَفَى شَيْئًا فَإِنَّمَا يُنَكِّتُ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ فِي الصَّحِيحَةِ يَوْمَ الْفَوَاتِ مَعَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْفَاسِدِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ اهـ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جَانِبٍ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا أَوْ طَعَامًا فَيَجُوزُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْعَرْضِ وَيَوْمُ الِاشْتِرَاكِ تَفْسِيرٌ لِيَوْمِ الْإِحْضَارِ فِي عب وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَحْضَرَ عَرْضَهُمَا لِلِاشْتِرَاكِ أَيْ فِيمَا يَدْخُلُ مِنْ الْبَيْعِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَأَمَّا فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ كَذِي التَّوْفِيَةِ وَالْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ فِي الْبَيْعِ دُونَ يَوْمِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الشَّرِكَةِ الَّذِي هُوَ الْخَلْطُ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَتْ) كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ مَا بِيعَ بِهِ الْعَرْضُ) لِأَنَّ الْعَرْضَ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَزَلْ فِي مِلْكِ رَبِّهِ وَفِي ضَمَانِهِ إلَى يَوْمِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ فِي الطَّعَامَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامَيْنِ فَاسِدَةٌ فَيَكُونُ رَأْسُ كُلٍّ مَا بِيعَ بِهِ طَعَامُهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْلَ ذَلِكَ خَلْطٌ) قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ خَلْطِ الطَّعَامَيْنِ وَخَلْطِ الْعَرْضَيْنِ أَنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 قِيمَةُ الطَّعَامِ يَوْمَ الْخَلْطِ قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ يَوْمَ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَهُ وَإِذَا جَهِلَ يَوْمَ الْخَلْطِ فِي الطَّعَامِ حَيْثُ حَصَلَ خَلْطٌ، مَا الْحُكْمُ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ يَوْمَ الْقَبْضِ. (ص) إنْ خُلِطَا (ش) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ حَصَلَ خَلْطٌ أَمْ لَا وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا فَهُوَ شَرْطٌ فِي ضَمَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالضَّمَانِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ إنْ وُجِدَ شَرْطُهُ وَهُوَ الْخَلْطُ وَلَا فَرْقَ فِي الْخَلْطِ بَيْنَ كَوْنِهِ حِسًّا بِأَنْ لَا يَتَمَيَّزَ مَالُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ أَوْ حُكْمًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ حُكْمًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخَلْطُ حُكْمًا أَيْ فِي الصَّحِيحَةِ بِأَنْ جَعَلَا مَجْمُوعَ الْمَالَيْنِ بِبَيْتٍ وَاحِدٍ وَجَعَلَا عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِفْتَاحُ الْآخَرِ أَوْ جَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَهَبَهُ فِي صُرَّةٍ وَجَعَلَاهُمَا تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي تَابُوتِهِ أَوْ خُرْجِهِ (ص) وَإِلَّا فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ فَبَيْنَهُمَا وَعَلَى الْمُتْلِفِ نِصْفُ الثَّمَنِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ فِي الْمَالَيْنِ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا بَلْ بَقِيَتْ صُرَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَالْمَالُ التَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ وَمَا اُشْتُرِيَ بِغَيْرِ التَّالِفِ بَيْنَهُمَا أَيْ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِقَصْدِ الشَّرِكَةِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ مَنْ تَلِفَ مَالُهُ ثَمَنَ حِصَّتِهِ فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْمُتْلِفِ أَيْ مَنْ تَلِفَ مَالُهُ نِصْفُ الثَّمَنِ إنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ قَالَ ثَمَنَ حِصَّتِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ حَصَلَ وَقَوْلُهُ فَبَيْنَهُمَا هَذَا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بَعْدَ التَّلَفِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ إلَخْ وَأَمَّا الشِّرَاءُ الْوَاقِعُ قَبْلَ التَّلَفِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ حَصَلَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشِّرَاءَ تَارَةً يَكُونُ بَعْدَ التَّلَفِ وَتَارَةً قَبْلَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّالِفُ فِيهِ حَقَّ تَوْفِيَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا مُطْلَقًا (ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ أَوْ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ حُكْمُ مَا مَرَّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي بِالسَّالِمِ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الَّذِي سَلِمَتْ صُرَّتُهُ بِالتَّلَفِ حِينَ اشْتِرَائِهِ فَيَكُونُ لَهُ وَحْدَهُ بِرِبْحِهِ وَعَلَيْهِ وَحْدَهُ بِخُسْرَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ هُوَ فَبَيْنَهُمَا إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَدْخَلَ صَاحِبَهُ وَإِنْ شَاءَ انْفَرَدَ بِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْت أَنَّ الْمَالَ تَلِفَ لَمْ أَشْتَرِ إلَّا لِنَفْسِي وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ الشَّرِكَةُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ عَلِمَ الَّذِي سَلِمَتْ صُرَّتُهُ بِالتَّلَفِ حِينَ الشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَبَيْنَهُمَا وَبَعْدَهُ يُخَيَّرُ ذُو التَّالِفِ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الْمُشْتَرِي وَأَنْ لَا يَدْخُلَ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ مَا لَمْ يَدَّعِ الْمُشْتَرِي الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ الَّذِي عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ تَرَدُّدٌ لِهَذَيْنِ   [حاشية العدوي] خَلْطَ الْعَرْضَيْنِ لَا يُفِيتُهُمَا لِتَمَيُّزِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ خَلْطِ الطَّعَامَيْنِ فَإِنَّهُ يُفِيتُهُمَا إذْ لَا يَتَمَيَّزُ مَعَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْعَرْضَيْنِ فِي الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْعَرْضِ وَالطَّعَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي بِمَثَابَةِ قَبْضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إنْ خَلَطَا) هَذَا إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَهُوَ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَالضَّمَانُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَالضَّمَانُ مِنْهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ أَيْ فِي الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَضَمَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ) أَقُولُ إذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ كَوْنَ هَذَا الْكَلَامِ ظَاهِرًا لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ مُطْلَقًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَانَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَمْ لَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ جَعَلَا مَجْمُوعَ الْمَالَيْنِ إلَخْ) جَعَلَ عج هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ضَمَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَعَلَ إلَخْ هَذِهِ يَسْلَمُ الْحُكْمُ فِيهَا وَأَمَّا قُفْلٌ وَاحِدٌ لَهُ مِفْتَاحَانِ وَأَخَذَ كُلٌّ مِفْتَاحًا فَجَعَلَهُ عج مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ. قَالَ عب وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُهُ فِي حَوْزِهِمَا مَعًا أَوْلَى بِضَمَانِهِمَا وَالضَّابِطُ عِنْدَ عج أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الصُّرَّتَانِ فِي حَوْزٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مِنْ الْحُكْمِيِّ وَمَتَى كَانَتَا فِي حَوْزِهِمَا بِحَيْثُ يَتَوَصَّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لِلصُّرَّتَيْنِ أَوْ لَا يَصِلُ أَحَدُهُمَا إلَّا مَعَ الْآخَرِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا) أَيْ بِدُونِ تَابُوتٍ لِيُغَايِرَ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ تَابُوتِهِ أَيْ صُنْدُوقِهِ (قَوْلُهُ الْمُتْلِفِ) اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ ذِي التَّلَفِ أَيْ مَنْ تَلِفَ مَتَاعُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ اسْمَ مَفْعُولٍ أَيْ الْمُتْلَفُ مَالُهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ إنْ خَلَطَ شَرْطٌ فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ جَارِيًا عَلَى أُسْلُوبِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خَلْطٌ لَا حِسِّيًّا وَلَا حُكْمِيًّا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْمُصَنِّفِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ الْمُنَاسِبُ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خَلْطٌ. (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ وَإِلَّا كَانَ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا مُطْلَقًا كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَهَلْ حُكْمُ مَا مَرَّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَلْ الْحُكْمُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ إلَخْ) هَذَا حَلٌّ لِلْفِقْهِ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَلَّ الشَّارِحِ بِحَسَبِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) أَيْ وَبَعْدَ الْعِلْمِ الْمَعْنَى وَعِنْدَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 الشَّيْخَيْنِ وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ تَأْوِيلَانِ (ص) وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا أَنْ لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يَتَّجِرْ لِحُضُورِهِ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ الشَّرِكَةِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ شَرْطٌ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَلَيْسَتْ مُبَالَغَةً فِي لُزُومِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الشَّرِكَةِ حَيْثُ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا أَيْ أَوْ بَعْضُهُ إنْ تَقْرُبُ غَيْبَتُهُ وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْحُضُورِ فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ مُنِعَتْ الشَّرِكَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَّجِرُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ وَكَذَا إنْ قَرُبْت غَيْبَتُهُ وَاتَّجَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ أَنَّ غَيْبَةَ النَّقْدَيْنِ لَيْسَتْ كَغَيْبَةِ أَحَدِهِمَا فَتَكُونُ كَغَيْبَةِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْبُعْدِ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ مَا كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَيَوْمَيْنِ فَإِنْ قُلْت وَقَعَ فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ تَقْيِيدُ الْبُعْدِ بِقَوْلِهِ جِدًّا قُلْت لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُرَادَ بِالْبُعْدِ جِدًّا مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ بِشَرْطٍ وَقَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ أَيْ جِدًّا وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ (ص) لَا بِذَهَبٍ وَبِوَرِقٍ وَبِطَعَامَيْنِ وَلَوْ اتَّفَقَا (ش) عَطْفٌ عَلَى بِذَهَبَيْنِ يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَخْرَجَ ذَهَبًا وَأَخْرَجَ الْآخَرُ وَرِقًا فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَصِحُّ بِذَلِكَ وَلَوْ عَجَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخْرَجَهُ لِصَاحِبِهِ لِاجْتِمَاعِ الشَّرِكَةِ وَالصَّرْفِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا إنْ أَخْرَجَ هَذَا طَعَامًا وَهَذَا طَعَامًا وَكَانَا مُتَّفِقَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَأَوْلَى إذَا اخْتَلَفَا وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ لِخِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إجَازَتِهَا بِالْمُتَّفِقَيْنِ مِنْ الطَّعَامِ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْنِ وَوَجَّهَ الْمَشْهُورَ بِأَوْجُهٍ أَظْهَرُهَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَاعَ فَإِذَا بَاعَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَائِعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا حَصَلَ خَلْطُ الطَّعَامَيْنِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ طَعَامُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مُشْتَرِيهِ وَقَبْضُهُ بِكَيْلِهِ وَتَفْرِيغِهِ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا. (ص) ثُمَّ إنْ أَطْلَقَا التَّصَرُّفَ وَإِنْ بِنَوْعٍ فَمُفَاوَضَةٌ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ وَصِحَّتَهَا إذَا أَطْلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ   [حاشية العدوي] الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَّجِرْ) أَيْ انْتَفَى التَّجْرُ انْتِفَاءً مُنْتَهِيًا لِحُضُورِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَخْ) أَيْ دَخَلَا عَلَى عَدَمِ التَّجْرِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى التَّجْرِ مُنِعَ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَى تَجْرٍ وَلَا عَدَمِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى عَدَمِ التَّجْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَيَوْمَيْنِ) الْكَافُ أَدْخَلَتْ الثَّالِثَ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا تَقْرِيرٌ أَوَّلٌ وَسَيَأْتِي تَقْرِيرٌ آخَرُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ (قَوْلُهُ تَقْيِيدُ الْبُعْدِ) أَيْ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ مَا كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَيَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَمْ يُخَالِفْ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ بِشَرْطٍ) أَيْ فَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً غَائِبَةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِمَادًا لِكَلَامِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ حَمْلِ الْمَوَّاقِ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَضِيًا لَهُ. (قَوْلُهُ لَا بِذَهَبٍ وَبِوَرِقٍ) أَعَادَ حَرْفَ الْجَرِّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مِنْ كِلَا الْجَانِبَيْنِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ لَكِنْ هَذَا التَّوَهُّمُ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَبِهِمَا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الشَّرِكَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ هِيَ بَيْعُ مَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِمَا ذَهَبًا وَفِضَّةً وَأَمَّا الصَّرْفُ فَهُوَ بَيْعُ مَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا فِضَّةً وَالْآخَرِ ذَهَبًا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ بَيْعَ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ هُوَ الشَّرِكَةُ وَالصَّرْفُ لَكِنْ يَخْتَلِفُ بِالِاعْتِبَارِ فَإِنْ نَظَرَ لِكَوْنِهِ مَالًا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ خُصُوصَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَهُوَ شَرِكَةٌ وَإِنْ نَظَرَ لِخُصُوصِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَهُوَ صَرْفٌ فَإِنْ عَمِلَا فَلِكُلٍّ رَأْسُ مَالِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ لِكُلِّ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ دِينَارٌ وَلِكُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمٌ وَكَذَلِكَ الْوَضِيعَةُ وَهَذَا إذَا اتَّفَقَ مَا أَخْرَجَاهُ (قَوْلُهُ أَظْهَرَهَا إلَخْ) الْأَوْجُهُ ثَلَاثَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ الْأَظْهَرَ وَنَذْكُرُ لَك غَيْرَهُ فَنَقُولُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ خَلْطِ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ ثَانِيهِمَا أَنَّ مَالِكًا إنَّمَا مَنَعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بِالطَّعَامِ تَحْتَاجُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الْكَيْلِ وَإِلَى اتِّفَاقِ الْقِيمَةِ وَهَذَا لَا يَكَادُ يَحْصُلُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الَّذِي جَعَلَهُ أَظْهَرَ مَنْقُوضٌ بِالشَّرِكَةِ بِطَعَامِ أَحَدِهِمَا وَالدَّرَاهِمِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ بِطَعَامٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَرْضِ مِنْ الْآخَرِ وَقَدْ أَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ فَلَمْ يَعْتَبِرْ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ يَدَ مُخْرِجِ الطَّعَامِ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَاعَ (قَوْلُهُ فَإِذَا بَاعَا إلَخْ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ طَعَامُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الطَّعَامَ فِي ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صُورَةِ الشَّرِكَةِ يَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا قُلْنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صُورَةِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الشَّرِكَةِ الضَّمَانُ بِالْخَلْطِ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الشَّرِكَةِ إذَا بَاعَ لَهُ إرْدَبًّا مُخْتَلِطًا بِإِرْدَبَّيْنِ ثُمَّ ضَاعَ الْمَبِيعُ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ (قَوْلُهُ وَقَبَضَهُ بِكَيْلِهِ) هَذَا هُوَ مَحَطُّ الْعِلَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا حَصَلَ خَلْطُ الطَّعَامَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ قَبْضُ الطَّعَامِ بِتَفْرِيغِهِ أَوْ كَيْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ فِي قَوْلِهِمْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْقَبْضُ بِالْكَيْلِ وَتَفْرِيغُهُ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا قُلْنَا مَحَطُّ التَّعْلِيلِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الَّذِي يُعْقَلُ فِي الشَّرِكَةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَلَا كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا) أَيْ كَأَنْ أَخَذَ أَوْعِيَةَ الْبَائِعِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا لِبَيْتِهِ. (قَوْلُهُ فَمُفَاوَضَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَوْ بِكَسْرِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٌ أَيْ فَهِيَ مُفَاوَضَةٌ أَيْ فَهِيَ شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ مُفْرَدًا وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَفْوِيضِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَالَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِشُرُوعِهِمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 الشَّرِيكَيْنِ التَّصَرُّفَ لِصَاحِبِهِ بِأَنْ جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ غَيْبَةً وَحُضُورًا فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْإِطْلَاقُ الْمَذْكُورُ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّجْرِ كَرَقِيقٍ فَهِيَ مُفَاوَضَةٌ عَامَّةٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَوْ خَاصَّةٌ فِيمَا بَعْدَهَا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ سَمَّى الْمَخْصُوصَةَ بِنَوْعٍ عِنَانًا (ص) وَلَا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ لِنَفْسِهِ عَلَى حِدَةٍ إذَا اسْتَوَيَا فِي عَمَلِ الشَّرِكَةِ. (ص) وَلَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ إنْ اسْتَأْلَفَ بِهِ أَوْ خَفَّ كَإِعَارَةِ آلَةٍ وَدَفْعِ كَسْرَةٍ وَيُبْضِعَ وَيُقَارِضَ وَيُودِعَ لِعُذْرٍ وَإِلَّا ضَمِنَ وَيُشَارِكَ فِي مُعَيَّنٍ وَيَقْبَلَ وَيُولِيَ وَيَقْبَلَ الْمَعِيبَ وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ وَيُقِرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ وَيَبِيعَ بِالدَّيْنِ لَا الشِّرَاءِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ يَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مِنْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ اسْتِئْلَافًا لِلشَّرِكَةِ لِيُرَغِّبَ النَّاسَ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِشَيْءٍ خَفِيفٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ اسْتِئْلَافٍ كَإِعَارَةِ آلَةٍ كَمَاعُونٍ وَدَفْعِ كَسْرَةٍ لِسَائِلٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ غُلَامٍ لِسَقْيِ دَابَّةٍ وَالْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِ الشَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبْضِعَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ يَدْفَعَ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِي بِهِ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدِ كَذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ بِأَجْرٍ تُسَمَّى بِضَاعَةً بِأَجْرٍ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الْمُقَارَضَةُ أَيْ يَدْفَعُ مَالًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ قِرَاضًا لِشَخْصٍ يَعْمَلُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ مَعْلُومًا وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ وَاسِعًا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِعُذْرٍ كَنُزُولِهِ فِي مَحَلِّ خَوْفٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَوْدَعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَ الْمَالُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ وَاسِعًا أَمْ لَا فَقَيْدُ الْعُذْرِ يَرْجِعُ لِلْإِيدَاعِ فَقَطْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ شَخْصًا فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ أَنْ يُشَارِكَ بِبَعْضِ مَالِ الشَّرِكَةِ بِحَيْثُ لَا تَجُولُ يَدُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ شَارَكَ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ مُفَاوَضَةً. وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيلَ مِنْ شَيْءٍ بَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ كُلًّا وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ سِلْعَةً اشْتَرَاهَا هُوَ أَوْ صَاحِبُهُ بِمَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَابَاةً فَيَكُونُ كَالْمَعْرُوفِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا جَرَّبَهُ نَفْعًا لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهُ وَإِقَالَتُهُ خَوْفَ عُدْمِ الْغَرِيمِ وَنَحْوِهِ مِنْ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ سِلْعَةً رُدَّتْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى شَرِيكِهِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ شَرِيكَهُ وَأَمَّا إقْرَارُهُ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ أَيْ يَبِيعَ   [حاشية العدوي] فِي الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَفَاوَضَ الرَّجُلَانِ فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ جَعَلَ إلَخْ) الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِأَنْ جَعَلَ التَّصَرُّفَ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا قَالَا اشْتَرَكْنَا مُقْتَصَرَيْنِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَيَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِمُرَاجَعَةِ صَاحِبِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَتِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ إنَّ هَذَا مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْ وَيَدُلُّ قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ وَلَكِنْ فِي ابْنِ نَاجِي وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ فِي قَوْلِ كُلِّ تَصَرُّفٍ مُقْتَصِرِينَ عَلَيْهِ قَوْلَيْنِ فِي كَوْنِهَا مُفَاوَضَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ) وَهِيَ الْأَنْوَاعُ وَمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ سَيِّدٌ لِعَبْدِهِ فِي تَجْرٍ بِنَوْعٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُونَ إذْنَ سَيِّدِهِ لَهُ فِي نَوْعٍ فَلَوْ بَطَلَ فِيمَا عَدَاهُ لَذَهَبَ مَالُ النَّاسِ بَاطِلًا بِخِلَافِ الشَّرِيكِ الْمُفَوِّضِ فِي نَوْعٍ فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ) أَيْ تُسَمَّى مُفَاوَضَةً خَاصَّةً. (قَوْلُهُ بِضَاعَةً) أَيْ بِأَنْ يَدْفَعَ دَرَاهِمَ لِشَخْصٍ ذَاهِبٍ لِلسُّودَانِ لِيَأْتِيَ لَهُ بِعَبْدٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِ يُشَارِكُ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَيْ يُشَارِكُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ كَبُنٍّ مَثَلًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُعَيَّنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ الثَّلَاثِينَ دِينَارًا مَثَلًا (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا تَجُولُ) هَذَا مَحَطُّ الْمُرَادِ أَيْ أَنَّ الْجَوَازَ إذَا كَانَتْ لَا تَجُولُ إلَخْ وَقَصَدَ الشَّارِحُ التَّوَفُّقَ بَيْنَ النَّصَّيْنِ اللَّذَيْنِ وَقَعَا فِي الْمَذْهَبِ فَالنَّصُّ الْأَوَّلُ قَالَ إنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْمُعَيَّنِ جَائِزَةٌ وَالنَّصُّ الثَّانِي لَا تَجُوزُ فِي الْمُفَاوَضَةِ فَظَاهِرُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ مُعَيَّنٌ غَيْرُ مُفَاوَضَةٍ فَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَيَّنِ هُوَ الَّذِي لَا تَجُولُ يَدُهُ وَلَوْ كَانَ مُفَوَّضًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُفَاوَضَةِ الْجَوَلَانُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا شَارَكَ مُفَاوَضَةً مِنْ غَيْرِ جَوَلَانٍ جَازَ فَاتَّفَقَ النَّصَّانِ فَإِذَا شَارَكَ زَيْدٌ عَمْرًا وَدَفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثِينَ دِينَارًا فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَخَذَ ثَلَاثِينَ مِنْ السِّتِّينَ وَشَارَكَ بَكْرًا وَدَفَعَ بَكْرٌ ثَلَاثِينَ أَيْضًا وَاشْتَرَوْا بِهَا بُنًّا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَضَعُوا مَالَ الشَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ فِي مَوْضِعِ مَالِ الشَّرِكَةِ الْأُولَى وَإِنْ أَرَادُوا وَضْعَ الشَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ مُنِعَ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَابَاةً) أَمَّا إنْ كَانَ مُحَابَاةً بِأَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعِشْرِينَ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثِينَ ثُمَّ إنَّهُ وَلَّاهَا لِغَيْرِهِ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ كَانَ لِلِاسْتِئْلَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِئْلَافِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ خَمْسَةً لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا نِصْفُ مَا حَابَى بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا جَرَّ بِهِ نَفْعًا) أَيْ قَصَدَ الِاسْتِئْلَافَ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَالْمَوْتِ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُمَا فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ بَعْدَ تَفَرُّقٍ أَوْ مَوْتٍ فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ وَمَفْهُومُ بِدَيْنٍ كَتَعْيِينِ وَدِيعَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِمَا يَعْمُرُ بِهِ ذِمَّةُ شَرِيكِهِ مَعْمُولًا بِهِ فَأَحْرَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْمِيرُ ذِمَّتِهِ وَهَذَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْوَدِيعَةِ وَإِلَّا فَهُوَ شَاهِدٌ مُطْلَقًا حَصَلَ تَفَرُّقٌ أَوْ مَوْتٌ أَوْ لَا وَحَيْثُ كَانَ شَاهِدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا فَإِنْ قُلْت يَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَأَمَّا الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ فِي شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لَهُمَا لِأَنَّهَا شَرِكَةُ ذِمَمٍ وَبِعِبَارَةِ لَا الشِّرَاءِ بِهِ لِئَلَّا يَأْكُلَ شَرِيكُهُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي (ص) كَكِتَابَةٍ وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَإِذْنٍ لِعَبْدٍ فِي تِجَارَةٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ التِّجَارَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ التِّجَارَةِ عَلَى مَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ جَازَ كَبَيْعِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَنَّ قَبُولَ الْعَبْدِ وَعَقْدِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْآخَرِ فَلَهُ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الْكِتَابَةُ لِجَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ شَرِيكِهِ وَيَبْقَى مُكَاتَبًا فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا رَجَعَ رَقِيقًا لَهُ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ عِتْقُهُ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ الشَّرِكَةِ فِي التِّجَارَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ أَجْنَبِيًّا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْهُ لِلشَّرِيكِ فِي مَالِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُفَاوَضَةِ هُنَا أَنْ يُشْرِكَ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ مَنْ تَجُولُ يَدُهُ مَعَهُ فِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمَ. (ص) وَاسْتَبَدَّ آخِذُ قِرَاضٍ وَمُسْتَعِيرُ دَابَّةٍ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لِلشَّرِكَةِ وَمُتَّجِرٌ بِوَدِيعَةٍ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ بِالتَّجْرِ فِي الْوَدِيعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ إذَا أَخَذَ مِنْ آخَرَ مَالًا وَلَوْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْآخِذَ يَسْتَقِلُّ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ دُونَ شَرِيكِهِ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ لَيْسَتْ مِنْ التِّجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ أَجَرَ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ وَكَذَلِكَ يَسْتَبِدُّ أَحَدُهُمَا إذَا اسْتَعَارَ مِنْهُ دَابَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا لَهُ أَوْ لِلشَّرِكَةِ بِالْخُسْرَانِ تَلِفَتْ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى شَرِيكِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ كُنْت اسْتَأْجَرْت فَلَا تَضْمَنْ وَبِالرِّبْحِ وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُطَالِبُ شَرِيكَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ كِرَائِهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً مِنْ الْغَيْرِ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا رِبْحًا أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا نَشَأَ مِنْ خُصُوصِ الْحَمْلِ كَأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا سِلَعًا لِلشَّرِكَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَحَصَلَ رِبْحٌ آخَرُ بِسَبَبِ الْحَمْلِ لَكِنْ هَذَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى نَصٍّ وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا تَفْسِيرُ الْخُسْرِ بِمَا مَرَّ بِأَنَّهُ إنْ تَلِفَتْ بِتَعَدِّيهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتَعَدِّيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يَرَى ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ مُطْلَقًا فَحَكَمَ بِالضَّمَانِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْبَرْذعَةِ وَالْإِكَافِ وَشَبَهِهِمَا كَمَا قَالَهُ حَمْدِيسٌ لَكِنْ بَعْدَ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ فَمَا بَقِيَ يَتَأَتَّى هَذَا التَّأْوِيلُ وَقَيَّدَ عَدَمَ الْإِذْنِ فِي الِاسْتِعَارَةِ وَعَلَى هَذَا فَرِبْحُ الْقِرَاضِ مُطْلَقًا   [حاشية العدوي] الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِهِ قُلْت يَأْتِي أَنَّ لِأَحَدِهِمَا شِرَاءُ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِالدَّيْنِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ اهـ. فَإِنْ قُلْت إذْ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ صَارَ عَالِمًا بِالدَّيْنِ فَكَيْفَ يُقَالُ يُقِرُّ بِدَيْنٍ قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا نَسِيَ صَاحِبُهُ الْإِذْنَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى إذْنِهِ لَهُ بِالشِّرَاءِ بِهِ فَيُقِرُّ الْآنَ بِأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ فِي شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ) أَمَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِأَنْ عَقَدَ الشَّرِكَةَ عَلَى شِرَاءِ الْكِتَابِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي مَعَ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ كَبَعْدَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَأَمَّا صُورَةُ الشَّيْءِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِأَنْ يَعْقِدَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَذْهَبَا لِلسُّوقِ وَيَشْتَرِيَا مَا يَجِدَانِهِ فِي السُّوقِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهِمَا فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِالدَّيْنِ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَيَجُوزُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ كَمَا أَفَادَهُ شب وعب وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَالشِّرَاءِ بِهِ أَنَّ الْبَيْعَ بِالدَّيْنِ فِيهِ زِيَادَةُ رِبْحٍ لَهُمَا لِأَجْلِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِهِ فَإِنَّ فِيهِ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ لَا الشِّرَاءُ بِهِ) أَيْ وَلَوْ مُعَيَّنًا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا تَحَمَّلَ بِهِ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا تَحَمَّلَ بِهِ الْآخَرُ فَتُحْمَلُ عِلَّةُ الشَّارِحِ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَإِذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَشَارَكَهُ الْآخَرُ فِي الرِّبْحِ فَقَدْ أَكَلَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّ قَبُولَ الْعَبْدِ) أَيْ عِتْقَهُ وَقَوْلُهُ وَعَقْدَهُ أَيْ عَقْدَهُ مَعَ سَيِّدِهِ عَلَى الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْآخَرَ سَيِّدُهُ فَتَصَرُّفُهُ الَّذِي مِنْ جُمْلَةِ عَقْدِهِ الْمَذْكُورِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إذْنِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِدُونِ تِجَارَةٍ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمَ) أَيْ الْمُشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِأَنْ جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ غَيْبَةً وَحُضُورًا فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَمُتَّجِرٌ بِوَدِيعَةٍ) أَيْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ) لَوْ أَبْدَلَ الْعِلْمَ بِالرِّضَا فَقَالَ إلَّا أَنْ يَرْضَى شَرِيكُهُ إلَخْ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الرِّضَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ دُونَ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا لَهُ أَوْ لِلشَّرِكَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَيَسْتَقِلُّ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ سَوَاءٌ اسْتَعَارَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَمْ لَا عَلَى أَنَّهُ يَبْعُدُ اسْتِعَارَتُهَا بِإِذْنٍ لِغَيْرِ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا إنْ اسْتَعَارَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِلشَّرِكَةِ فَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا رِبْحًا) فِي كَلَامِ عب الْجَزْمُ بِهِ وَلَكِنْ فِي مُحَشِّي تت رَدُّهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ يُوَزَّعُ لِكُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الِاسْتِعَارَةِ الْخُسْرُ فَقَطْ لَا الرِّبْحُ أَيْ وَيَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى هَذَا لَا طَلَبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ) أَيْ حَنَفِيٍّ لِكَوْنِهِ إذْ ذَاكَ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا أَيْ فِي أَيَّامِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بَعْدَ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَصْلُ النَّصِّ وَإِنْ اسْتَعَارَ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فَهَذَا قَابِلٌ لَأَنْ يَئُولَ بِالْإِكَافِ (قَوْلُهُ وَقَيْدُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 لِلْمُقَارِضِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ وَعَمِلَ فَكَأَنَّهُ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ وَمَفْهُومُ بِلَا إذْنٍ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَهَا لِغَيْرِ الشَّرِكَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَلَوْ قَالَ وَمُسْتَعِيرُ دَابَّةٍ لِلشَّرِكَةِ بِلَا إذْنٍ كَانَ أَحْسَنَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ أَوْ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَكَذَلِكَ يَسْتَبِدُّ أَحَدُهُمَا إذَا اتَّجَرَ بِوَدِيعَةٍ عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ بِالْخُسْرِ وَالرِّبْحِ فِيهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ وَيَرْضَى بِالتِّجَارَةِ بِهَا بَيْنَهُمَا فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِمَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّعَدِّي فِي غَيْرِ الْوَدِيعَةِ لَا يَضُرُّ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِالْقِرَاضِ إلَّا إنْ كَانَ يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ (ص) وَكُلٌّ وَكِيلٌ (ش) كُلٌّ مُنَوَّنٌ مَقْطُوعٌ عَنْ الْإِضَافَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِتَوَابِعِ مُعَامَلَةِ الْآخَرِ مِنْ اسْتِحْقَاقٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ (ص) فَيَرُدَّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ كَالْغَائِبِ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ (ش) لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ فَبِسَبَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ يَرُدُّ وَاجِدُ الْعَيْبِ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ مَا تَوَلَّى بَيْعَهُ شَرِيكُهُ إنْ غَابَ الْمُتَوَلِّي لِلْبَيْعِ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ الْيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ وَالرَّدُّ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ كَرَدِّ الْمَعِيبِ عَلَى بَائِعِهِ الْغَائِبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا وَمَفْهُومُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ لَا يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ وَأَوْلَى إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ أَقْعَدُ بِأَمْرِ الْمَبِيعِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ كُلٍّ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ غَيْبَةُ الْبَائِعِ فِي الرَّدِّ عَلَى غَيْرِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ وَكِيلًا صَرِيحًا فَقَوْلُهُ وَكِيلٌ أَيْ كَوَكِيلٍ وَبِعِبَارَةٍ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تُسَاوِي الْوَكَالَةَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقَامَ الْوَكِيلَ مَقَامَهُ وَلَا مِلْكَ لَهُ فِي الْمَبِيعِ وَأَمَّا الشَّرِيكُ فَقَدْ أَقَامَ شَرِيكَهُ مَقَامَهُ فِيمَا يَخُصُّهُ وَمَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْبَائِعُ لَهُ فِيهِ حِصَّةٌ فَهُوَ غَيْرُ وَكِيلٍ فِيهَا فَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا يَرُدَّ عَلَى غَيْرِ مُتَوَلِّي الْبَيْعِ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ يَسْتَلْزِمُ رَدَّ مِلْكِ الْغَيْرِ لَكِنْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِيمَنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ يَدَهُمَا وَاحِدَةٌ وَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ عَلَى غَيْرِ الْبَائِعِ حِصَّتَهُ مَعَ حُضُورِ الْبَائِعِ لِأَنَّا نَقُولُ حِصَّتُهُ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ (ص) وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ إذَا حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ أَوْ خَسَارَةٌ فَإِنَّهُ يُفَضُّ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وُجُوبًا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ مِنْ تَسَاوٍ وَتَفَاوُتٍ إنْ شَرَطَا ذَلِكَ أَوْ سَكَتَا عَنْهُ وَمِثْلُ الرِّبْحِ وَالْخُسْرِ الْعَمَلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى حَسْبِ الْمَالِ. (ص) وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَفْسُدُ إذَا وَقَعَتْ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عِشْرِينَ مَثَلًا وَالْآخَرُ عَشَرَةً وَشَرَطَا التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَعَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يُفْسَخُ وَبَعْدَ الْعَمَلِ يُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ بِفَاضِلِ الرِّبْحِ وَهُوَ سُدُسُهُ وَيَنْزِعُهُ مِنْ صَاحِبِ الْعَشَرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ لِيَكْمُلَ لَهُ ثُلُثَاهُ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِفَاضِلِ عَمَلِهِ فَيَأْخُذُ سُدُسَ أُجْرَةِ الْمَجْمُوعِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ أَجْرَ الْعَمَلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَحَقِيقَتُهُ الْأُجْرَةُ التَّابِعَةُ لِلْعَمَلِ وَمَجَازُهُ الرِّبْحُ التَّابِعُ لِلْمَالِ وَسَهَّلَ لَهُ هَذَا قَرِينَةُ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجَانِبَيْنِ أَيْ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ إذَا اسْتَوَى الْمَالَانِ وَشَرَطَا التَّفَاوُتَ فِي الرِّبْحِ. (ص) وَلَهُ التَّبَرُّعُ وَالسَّلَفُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] فِي الِاسْتِعَارَةِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ) فَيُقَالُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِإِذْنٍ إنْ كَانَ لِغَيْرِ الشَّرِكَةِ اسْتَقَلَّ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِلشَّرِكَةِ لَا يَسْتَقِلُّ (قَوْلُهُ وَيَرْضَى) هَذَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا هُوَ النَّقْلُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ عَمَلِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ. (قَوْلُهُ وَالْعَطَاءِ) أَيْ الْإِعْطَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ نَفْسُ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ لَا الْمُشَبَّهِ بِهِ وَالْمُرَادُ بَعُدَتْ مَسَافَةُ غَيْبَتِهِ إذْ الْمَدَارُ عَلَى بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَمَا قَدْ يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ وَيُوهِمُ أَنَّهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ فِي مَحَلٍّ قَرِيبٍ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى الْحَاضِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْقَرِيبَةُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ قَالَ تت عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَمَا بَيْنَ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ مِنْ الْوَسَائِطِ يُرَدُّ عَلَى مَا قَارَبَ الْقَرِيبَةَ لَهُ وَمَا قَارَبَ الْبَعِيدَةَ لَهُ اهـ. وَقَالَ عج عَنْ بَعْضِ التَّقَارِيرِ السِّتَّةُ أَيَّامٍ وَالسَّبْعَةُ لَهَا حُكْمُ الْقَرِيبِ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَعِيدِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ يُفِيدُ أَنَّهُمَا بِدُونِ الْخَوْفِ مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقْعَدُ) أَيْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ وَكِيلًا) أَيْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ وَكِيلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ) كَأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَيْ كَوَكِيلٍ أَيْ وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ وَمَا تَصَرَّفَ) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ رَدَّ مِلْكِ الْغَيْرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ ثُمَّ أَقُولُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْحَاضِرَ وَكِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ وَهُوَ أَنَّ يَدَهُمَا وَاحِدَةٌ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ يُرَدُّ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا لِأَنَّ هَذَا قَضِيَّةُ كَوْنِ يَدِهِمَا وَاحِدَةً (قَوْلُهُ حِصَّتُهُ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ) أَقُولُ قَضِيَّةُ كَوْنِ يَدِهِمَا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ حِصَّتِهِ مُتَمَيِّزَةً أَوْ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ. (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ) أَيْ وَعَلَى كُلٍّ لِلْآخَرِ أَجْرُ عَمَلِهِ أَيْ عَمَلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا مَرَّ) أَيْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ أَيْ فِي الْحِلِّ. (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِأَثَرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعَقْدِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى شَرِيكِهِ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِفَهُ شَيْئًا أَوْ يَهَبَهُ شَيْئًا بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهَا. وَعَطْفُ الْهِبَةِ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْ عِطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَوْ يُحْمَلُ التَّبَرُّعُ عَلَى أَنَّهُ فِي الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ وَالْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَمَّا فِي السَّلَفِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ وَالتَّبَرُّعِ فَلِأَنَّ ذَلِكَ كَأَنَّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ التَّبَرُّعُ أَيْ لِشَرِيكِهِ وَأَمَّا لَلْأَجْنَبِيِّ فَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ التَّبَرُّعُ إنْ اسْتَأْلَفَ بِهِ أَوْ خَفَّ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ. (ص) وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ أَوْ لِأَخْذٍ لَائِقٍ لَهُ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ (ش) الشَّرِيكُ أَمِينٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَقَالَ تَلِفَ مَا بِيَدِي كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ خَسِرْت فِيهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إنْ اُتُّهِمَ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ تُهْمَةٌ كَدَعْوَى التَّلَفِ وَهُوَ فِي رُفْقَةٍ لَا يَخْفَى ذَلِكَ فِيهَا فَيَسْأَلُ أَهْلَ الرُّفْقَةِ فَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ يَدَّعِي الْخَسَارَةَ فِي سِلْعَةٍ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فِيهَا لِشُهْرَةِ سِعْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُنَاسِبُهُ مِنْ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا وَقَالَ اشْتَرَيْته لِنَفْسِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلِشَرِيكِهِ الدُّخُولُ فِيهِ مَعَهُ وَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ اللَّامَ لَكَانَ أَوْلَى وَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى التَّلَفِ وَأَمَّا مَعَ ثُبُوتِهَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لِمُدَّعِي التَّلَفِ بِحَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي أَخْذٍ لَائِقٍ لَهُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمَأْكُولِ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَأَرَادَتْ الْوَرَثَةُ الْمُفَاصَلَةَ مِنْ شَرِيكِهِ وَقَالَ لِمُوَرِّثِنَا الثُّلُثَانِ وَقَالَ الشَّرِيكُ بَلْ الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ مُوَرِّثِهِمْ عَلَى التَّنْصِيفِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مُدَّعِي النِّصْفَ. وَقَوْلُهُ (ص) وَحُمِلَا عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا (ش) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَالَ بَيْنَنَا عَلَى التَّنْصِيفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ عَلَى التَّفَاوُتِ وَكَانَا حَيَّيْنِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي النِّصْفَ وَيُحْمَلَانِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ يُرِيدُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَعَلَى حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَا حَيَّيْنِ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ. (ص) وَلِلِاشْتِرَاكِ فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى كَإِرْثِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقْدِيمَهُ لَهَا إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْإِقْرَارِ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ لِأَخْذٍ وَاللَّامُ مُقَوِّيَةٌ أَيْ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الِاشْتِرَاكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرِكَةَ إذَا انْعَقَدَتْ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَرِيكِهِ فِيمَا بِيَدِهِ أَنَّهُ لِلشَّرِكَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ الِاخْتِصَاصَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ لِلشَّرِكَةِ إنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِي عُرْفِ التِّجَارَةِ تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالْمُفَاوَضَةِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصَ عَلَى إرْثِهِ أَوْ هِبَتِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الْأَمْلَاكِ عَنْ أَرْبَابِهَا وَسَوَاءٌ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ وَإِنَّهُ لَمْ يُفَاوِضْ عَلَيْهِ أَوْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ هَلْ الْمُفَاوَضَةُ سَابِقَةٌ عَلَى الْإِرْثِ أَوْ هُوَ سَابِقٌ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَحْرَى لَوْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَأَخُّرَهُ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ أَنْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَتْ إلَخْ وَيَكُونُ الْوَاوُ لِلْحَالِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَاسِدٌ لِأَنَّهَا إذَا قَالَتْ نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ كَانَ لِلشَّرِكَةِ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُفَاوَضَةِ بِأَنْ نَقُولَ وَعَقَدَا عَلَى الْإِخْرَاجِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمُسْتَثْنَى وَقَوْلُهُ إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ إلَّا فَهُوَ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلِاشْتِرَاكِ فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالشَّرِكَةِ أَمَّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ) وَأَمَّا فِي الْعَقْدِ فَبِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعِ وَالْهِبَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلسَّلَفِ فَيَجُوزُ فِي الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي وَحَاصِلُ مَا فِي عب أَنَّ غَيْرَ السَّلَفِ يُمْنَعُ فِي الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ وَأَمَّا السَّلَفُ فَيُمْنَعُ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا فِيهِ فَيَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَا بَصِيرَةٍ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّلَفَ فِيهِ التَّفْصِيلُ مُطْلَقًا فِي الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ وَفِي شَرْحِ شب ثُمَّ إنَّ مِثْلَ السَّلَفِ بَعْدَ الْعَقْدِ السَّلَفُ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَالسَّلَفُ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَسَلَّفَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي جَازَ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي لَسَلِمَ مِمَّا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ السَّلَفَ فِي الْعَقْدِ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ إلَخْ) التَّلَفُ مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ وَالْخُسْرُ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ (قَوْلُهُ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالنَّصِيفُ كَفَاهُ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى التَّلَفِ وَإِيهَامُ الْعَطْفِ عَلَى لَائِقٍ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ شَيْئًا يُنَاسِبُهُ) أَيْ أَوْ يُنَاسِبُ عِيَالَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا) أَيْ أَوْ مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا لَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ ثُبُوتِهَا) أَيْ إلَّا أَنْ يُقْرَأَ آخِذٌ اسْمُ فَاعِلٍ وَلَكِنْ قِرَاءَتُهُ بِالْمَصْدَرِ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَلِلِاشْتِرَاكِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي أَخْذِ لَائِقٍ) وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَبِعِيَالِهِ مِنْ اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعَقَارُ وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. (قَوْلُهُ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ) وَيَنْتَفِي أَيْضًا بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ وَرَثَةِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّانِي عَلَى التَّنَازُعِ عَلَى مَا إذَا كَانَا حَيَّيْنِ أَوْ يُحْمَلُ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّنَازُعِ فِي الْمَالِ وَالثَّانِي عَلَى التَّنَازُعِ فِي الرِّبْحِ. (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ) وَأَوْلَى إنْ شَهِدَ بِوُقُوعِ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ (قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ثَانِيهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالشَّرِكَةِ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَا لَا يَقْتَضِيَانِ الِاشْتِرَاكَ ثَالِثُهَا يَقْتَضِيَانِهِ فَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ لِكَوْنِهِ يَرَاهُ الْمُعْتَمَدَ مِنْهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 الشَّهَادَةُ بِالشَّرِكَةِ فَكَالشَّهَادَةِ بِالْمُفَاوَضَةِ. (ص) وَلِمُقِيمٍ بَيِّنَةٌ بِأَخْذِ مِائَةٍ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ أَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مِائَةً وَكَانَ صَاحِبُهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ أَخْذِهَا بَيِّنَةً مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ وَلَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ شَرِيكِهِ الْمَيِّتِ وَقَالَتْ وَرَثَةُ الْآخِذِ رَدَّهَا فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا عِنْدَ مَنْ أَخَذَهَا وَالْقَوْلُ لِمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ سَوَاءٌ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ وَكَذَلِكَ الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا عِنْدَ مَنْ أَخَذَهَا إنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ لَكِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهَا إلَى يَوْمِ مَوْتِهِ بِأَنْ نَقَصَتْ عَنْ سَنَةٍ قَالَ بَعْضٌ وَمُضِيُّ السَّنَةِ إنَّمَا يُبْرِئُهُ إذَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَعْضِ الْمَالِ وَكُلِّهِ اهـ. فَقَوْلُهُ بِأَخْذِ مِائَةٍ مَعْمُولٌ لِبَيِّنَةٍ وَقَوْلُهُ أَنَّهَا إلَخْ مَعْمُولٌ لِلْقَوْلِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَلِمُقِيمٍ بَيِّنَةٌ شَامِلًا لَأَنْ يَكُونَ أَشْهَدَهَا عِنْدَ الْأَخْذِ أَوْ لَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ فَالصَّوَابُ زِيَادَةُ هَمْزَةٍ فِي قَوْلِهِ إنْ شَهِدَ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ بَابِ أَشْهَدَ رُبَاعِيٌّ حَتَّى تُؤْذِنَ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ وَهِيَ الَّتِي أَشْهَدَهَا خَوْفَ دَعْوَى الرَّدِّ لَا ثُلَاثِيٌّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْعُدُولُ الْمُنْتَصِبُونَ لِلشَّهَادَةِ كَشُهُودِ الْقَاضِي مَحْمُولُونَ عَلَى التَّوَثُّقِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْآخِذُ مَيِّتًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ أَقَرَّ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَنْكَرَ فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى الشَّرِكَةِ لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ بِإِنْكَارِهِ الْأَخْذَ. (ص) كَدَفْعِ صَدَاقٍ عَنْهُ فِي أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ إلَّا أَنْ يَطُولَ كَسَنَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ وَالْمَيِّتُ هُنَا الدَّافِعُ وَفِي السَّابِقَةِ هُوَ الْآخِذُ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا دَفَعَ عَنْ شَرِيكِهِ مِائَةً فِي صَدَاقِ زَوْجَتِهِ وَمَاتَ الدَّافِعُ فَقَامَتْ وَرَثَتُهُ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَيِّ وَطَلَبُوا نَصِيبَ أَبِيهِمْ فِيمَا دَفَعَ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهِ وَقَالُوا إنَّهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ الشَّرِيكُ الْحَيُّ بَلْ هِيَ مِنْ مَالِي فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ دَفْعِهِ إلَى يَوْمِ مَوْتِهِ كَسَنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَتَكُونُ مِنْ مَالِ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ إلَخْ رَاجِعٌ لِهَذِهِ وَلِمَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ (ص) إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِكَإِرْثِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ كَسَنَةٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ الصَّدَاقُ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَلَكَ الْمَالَ الْمُدَّعَى أَنَّهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مِنْ إرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَخْتَصُّ بِهِ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَ الْإِرْثِ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ وَلَا تَأَخُّرَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّأَخُّرُ وَأَحْرَى إذَا قَالَتْ نَعْلَمُ التَّأَخُّرَ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ وَمَا قِيلَ هُنَاكَ فِي قَوْلِهِ وَلِلِاشْتِرَاكِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقْدِيمَهُ لَهَا مِنْ التَّصْوِيبِ يُقَالُ هُنَا. (ص) وَإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ بَعْدَ تَفْرِيقٍ أَوْ مَوْتٍ فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا افْتَرَقَا فَأَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَأَقَرَّ الْحَيُّ مِنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ شَاهِدٌ لِلْمَقَرِّ لَهُ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ طَالَ افْتِرَاقُهُمَا أَمْ لَا وَفُهِمَ مِنْ جَعْلِهِ شَاهِدًا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يُعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ كَعَمِّهِ وَابْنِهِ وَكَذَا أَخُوهُ إذَا كَانَ مُبَرِّزًا وَمِثْلُهُ صَدِيقُهُ الْمُلَاطِفُ (ص) وَأُلْغِيَتْ نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا وَإِنْ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ كَعِيَالِهِمَا إنْ تَقَارَبَا وَإِلَّا حُسِبَا كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ تُلْغَى نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَتَسَاوَى الْمَالَانِ فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُنْفِقُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ أَيْ قَدْرِ مَالِهِ. الثَّانِي أَنْ يَتَسَاوَيَا أَوْ يَتَقَارَبَا فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ هِيَ الَّتِي يُشْهِدُهَا خَوْفَ دَعْوَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ مَعْمُولٌ لِلْقَوْلِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ بِالْعَطْفِ وَالْمَدْلُولِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَاللَّامُ مُقِيمٍ وَيَصِحُّ كَسْرُ إنْ عَلَى أَنَّهَا مَقُولُ الْقَوْلِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى تَقْدِيرِ فِي قَبْلِ أَنَّهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ فَوَاضِحٌ) أَيْ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ لِأَنَّهُ ادَّعَى رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ حَيْثُ قَبَضَ بِغَيْرِ إشْهَادٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ سَابِقًا وَكَانَ يَصِلُ لِلْمَالِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَوْ طَالَتْ كَعَشَرِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّرِيكُ الْحَيُّ بَلْ مِنْ مَالِي) كُنْت تَارِكًا لَهُ عِنْدَهُ هَذَا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلنَّقْلِ وَالْمُطَابِقُ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ وَأَنَّهُ رَدَّهُ لَهَا وَالدَّافِعُ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ رَدَّهُ لِلْمُفَاوَضَةِ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْمُنَازَعَةِ كَسَنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ رَدَّهُ لِلْمُفَاوَضَةِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا إلَّا بِتَقْدِيرٍ فِي عِبَارَتِهِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِكَإِرْثِهِ إلَخْ) هَذَا جَارٍ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ الزَّوْجَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ) أَيْ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْطُوقِهِ وَهُوَ عَدَمُ الطُّولِ (قَوْلُهُ كَعَمِّهِ وَابْنِهِ) أَيْ ابْنِ عَمِّهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُبَرِّزًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مُبَرِّزًا أَيْ فَاقَ أَقْرَانَهُ فِي الْعَدَالَةِ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ صَدِيقُهُ الْمُلَاطِفُ أَيْ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إلَخْ) فِي عج وَتَبِعَهُ عب خِلَافُهُ فَتُلْغَى عِنْدَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ نَصِيبُهُمَا فِي الْمَالِ أَيْ فِي النَّفَقَةِ عَلَى النَّفْسِ وَأَمَّا عَلَى الْعِيَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَاوَيَا أَوْ يَتَقَارَبَا فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ بَعْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ وَفِي عج وَتَبِعَهُ عب تَرْجِيحُ خِلَافِهِ فَالْإِلْغَاءُ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَارَبْ نَفَقَةُ كُلٍّ وَكِسْوَتُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ كَانَا وَطَنًا لَهُمَا أَوْ غَيْرَ وَطَنٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ كَإِلْغَاءِ نَفَقَةِ وَكِسْوَةِ عِيَالِهِمَا إنْ تَقَارَبَا نَفَقَةً وَعِيَالًا فَقَوْلُهُ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ أَيْ وَالسِّعْرُ مُتَقَارِبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَا تَقَارُبٌ بِأَنْ كَثُرَتْ عِيَالُ أَحَدِهِمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقْنَعُ بِالْجَرِيشِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْغَلِيظِ مِنْ الْكَتَّانِ وَالْآخَرُ عَلَى الضِّدِّ مِنْهُ حُسِبَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعِيَالِ أَوْ الْإِنْفَاقِ. (ص) وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِنَفْسِهِ فَلِلْآخَرِ رَدُّهَا إلَّا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ. (ش) اعْلَمْ أَنَّ شِرَاءَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ جَارِيَةً مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ شَرِيكُهُ بَيْنَ إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ وَبَيْنَ إمْضَائِهَا بِالثَّمَنِ وَإِنْ وَطِئَهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ أَنْ يُشْهِدَ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَمْ لَا. الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ إلَّا الثَّمَنُ وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ سَوَاءٌ وَطِئَهَا أَمْ لَا وَتَأْتِي الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِنَفْسِهِ تَحْتَهُ صُورَتَانِ أَيْ اشْتَرَاهَا لِلْخِدْمَةِ أَوْ الْوَطْءِ وَلَمْ يَطَأْ وَقَوْلُهُ فَلِلْآخَرِ رَدُّهَا أَيْ لِلشَّرِكَةِ مَا لَمْ يَطَأْ فَإِنْ وَطِئَ تَعَيَّنَ التَّقْوِيمُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجْرِي عَلَى مَنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ لِلْوَطْءِ ضَائِعًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِإِذْنِهِ فَنُسْخَةُ إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْلَى. (ص) وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ وَإِلَّا فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا أَوْ مُقَاوَاتُهَا (ش) هَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَطَأَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَقَوْلُهُ بِإِذْنِهِ مُتَعَلِّقٌ بِوَطْءٍ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ قُوِّمَتْ مُطْلَقًا أَيْ حَمَلَتْ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ قِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ إنْ حَمَلَتْ وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَتُبَاعُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلشَّرِكَةِ وَيَطَأَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ حَمَلَتْ فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مَلِيئًا تَعَيَّنَ أَخْذُ قِيمَتِهَا مِنْهُ وَهَلْ يَوْمَ الْحَمْلِ أَوْ يَوْمَ الْوَطْءِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي بَقَائِهَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَفِي أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَإِذَا اخْتَارَ هَذَا الثَّانِيَ فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ أَيْ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْهَا بَعْدَ وَضْعِهَا إذْ لَا تُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ لِأَنَّ وَلَدَهَا مِنْهُ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ وَيَأْخُذُ ثَمَنَ مَا بِيعَ فَإِنْ وَفَّى بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ نَقَصَ أَتْبَعهُ بِالْبَاقِي كَمَا يُتْبِعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا أَيْ لِلشَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ لَهُ مُقَاوَاتُهَا صَوَابُهُ أَوْ تَقْوِيمُهَا لِيُوَافِقَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى وَبِعِبَارَةٍ وَإِذَا قَوَّمَهَا عَلَى الْوَاطِئِ الَّذِي وَطِئَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ تَقَارَبَا نَفَقَةً) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلنَّفْسِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ تَقَارَبَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَالسِّعْرُ مُتَقَارِبٌ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ اللَّقَانِيِّ وَفِي عج وَتَبِعَهُ عب وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَهُوَ الْإِلْغَاءُ وَلَوْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَثُرَتْ عِيَالُ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ تَسَاوَيَا وَلَكِنْ اخْتَلَفَا سِنًّا فَيُنَزَّلُ اخْتِلَافُهُمَا فِي السِّنِّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَدَدِ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْإِنْفَاقِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ أَيْ كَثْرَةِ عِيَالِ أَحَدِهِمَا أَوْ اخْتِلَافِهِمَا فِي السِّنِّ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ الْعِيَالِ عِنْدَ اخْتِلَافِ السِّعْرِ الْبَيِّنِ فَظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ الْإِلْغَاءُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِيَالٌ وَاخْتَلَفَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أَنْ يَحْسِبَ النَّفَقَةَ مِنْ ذَلِكَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْإِلْغَاءِ فِي الِاخْتِلَافِ الْبَيِّنِ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ الْإِنْفَاقِ) أَيْ عَلَى النَّفْسِ فِي عج خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوا فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُنْفِقُ مِنْ الْمَالِ وَالْآخَرُ لَا يُنْفِقُ مِنْهُ أَنَّهَا تُلْغَى فَإِنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا الْمُحَاسَبَةَ لَهُمَا فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ عِيَالٌ يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا مِنْهُ وَاخْتَلَفَ الْعِيَالُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعِيَالِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا وَبَيْنَ نَفَقَةِ الْعِيَالِ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ شَأْنَ الْأَوَّلِ الْيَسَارَةُ وَلِأَنَّهَا مِنْ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْعِيَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ بِالْقِيمَةِ) وَانْظُرْ هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ إنْ حَمَلَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَهِيَ لَهُ) وَرِبْحُهَا لَهُ وَنَقْصُهَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُقَاوَاتُهَا) أَيْ يَتَزَايَدُ فِيهَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى ثَمَنٍ فَيَأْخُذُ بِهِ صَاحِبُ الْعَطَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ) وَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ مُطْلَقًا كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُعْدِمًا (قَوْلُهُ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ قُوِّمَتْ جَوَابَ الشَّرْطِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ بِإِذْنِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمَسْأَلَةِ الْوَطْءِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْحَمْلِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلِلْآخَرِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْوَطْءِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَوْمَ الْحَمْلِ إلَخْ) تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الْوَلَدِ هَلْ تَلْزَمُ لَهُ قِيمَةٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ يَغْرَمُ قِيمَةَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الْوَلَدِ وَإِنْ قُلْنَا يَوْمَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَفِي أَنْ يَلْزَمَهُ قِيمَةُ نَصِيبِهِ إلَخْ) وَهَلْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ الْحَمْلِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ كَمَا يُتْبِعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ) هُمَا الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي بَقَائِهَا عَلَى الشَّرِكَةِ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ) الْقِسْمُ الْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا وَهُوَ مَعْنَى الْبَقَاءِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَفِي أَخْذِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 مُوسِرًا أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَيَأْخُذُهُ وَلَوْ زَادَ مَا بَاعَهُ عَلَى نِصْفِهَا بَلْ لَوْ كَانَ لَا يَفِي بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ إلَّا جَمِيعُ ثَمَنِهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَإِنْ كَانَ مَلِيئًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا وَفِي أَخْذِ قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَإِذَا اخْتَارَ هَذَا الثَّانِيَ فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ بِبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْهَا إذَا وَضَعَتْ وَيَأْخُذُهُ فِيمَا وَجَبَ لَهُ فَإِنْ وَفَّى بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ نَقَصَ أَتْبَعَهُ بِالْبَاقِي كَمَا يُتْبِعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ. (ص) وَإِنْ شَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ (ش) لَمَا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ بِفِعْلِ شَيْءٍ فِي الشَّرِكَةِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ بِعَنَانِهِ أَيْ بِنَاصِيَتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا إلَّا بِإِذْنِهِ. (ص) وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ وَذِي طِيرَةٍ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِصَاحِبَيْ طَيْرَيْنِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِيمَا يَأْتِي مِنْ الْفِرَاخِ مِنْ الطَّيْرَيْنِ بِأَنْ يَأْتِيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِطَيْرٍ ذَكَرٍ وَيَأْتِيَ الْآخَرُ بِطَيْرَةٍ وَيُزَوِّجَ الذَّكَرَ لِلْأُنْثَى عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْفِرَاخِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنَّمَا خَصَّ الطَّيْرَ بِالذِّكْرِ لِتَعَاوُنِهِمَا فِي الْحَضْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْأُمِّ فَقَطْ كَالْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مَا جَازَ فِي الطَّيْرِ مِنْ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا لِلْبِسَاطِيِّ وَخِلَافُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الشَّرِكَةِ بِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِكِ كُلٍّ بَعْضَهُ بِبَعْضِ كُلِّ الْآخَرِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْكُلَّ الَّذِي تَعَلَّقَ الْبَيْعُ بِبَعْضِهِ هُوَ الطَّيْرُ وَالطَّيْرَةُ لِوُجُودِهِمَا وَعِلْمِهِمَا لَا الْفِرَاخُ لِفَقْدِ ذَلِكَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْفِرَاخِ. (ص) وَاشْتَرِ لِي وَلَك فَوَكَالَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ اشْتَرِ السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ لِي وَلَك فَاشْتَرَاهَا فَهِيَ لَهُمَا شَرِكَةً وَكَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي نِصْفِ السِّلْعَةِ وَكَالَةً قَاصِرَةً لَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِ الشِّرَاءِ أَيْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَوَكَالَةٌ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا وَقَوْلُهُ وَاشْتَرِ لِي وَلَك أَيْ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَنْقُدُ حِصَّتَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَوَكَالَةٌ أَيْ وَشَرِكَةٌ لِي وَلَك وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا يَخْفَى جَانِبُ الْوَكَالَةِ فَلِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهَا ثُمَّ إنَّ سِيَاقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا مِنْهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا   [حاشية العدوي] قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَالثَّانِي هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا اخْتَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ) وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. [شَرِكَةَ الْعِنَانِ] (قَوْلُهُ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ) بِالْكَسْرِ مَا تُقَادُ بِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَخَذَ بِعِنَانِ صَاحِبِهِ أَيْ بِلِجَامِهِ وَانْظُرْ لَوْ اشْتَرَطَ عَلَى أَحَدِهِمَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ وَأَطْلَقَ لِلْآخَرِ التَّصَرُّفَ هَلْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً فِيمَنْ أَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ وَعِنَانًا فِي الْآخَرِ أَوْ تَكُونُ فَاسِدَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا جَاءَ فِيهَا وَلَمْ يُرَ فِي كَلَامِهِمْ التَّعَرُّضُ لِهَذِهِ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ إلَخْ) لَمْ يَحْذِفْ قَوْلَهُ وَذِي الثَّانِيَةِ وَتَكُونُ الْأُولَى مُسَلَّطَةً عَلَى طَيْرَةٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ غَيْرُ مُرَادَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا طَيْرٌ وَطَيْرَةٌ وَلِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَكُلُّ طَيْرٍ مُؤْتَلِفٌ عَلَى طَيْرَتِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ الْفِرَاخِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا التَّعَاوُنُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ذَكَرَانِ مِنْ الْحَمَّامِ وَلِلْآخَرِ أُنْثَيَانِ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَجُوزُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَلِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَذَكَرُ أَحَدِهِمَا مُؤْتَلِفٌ عَلَى أُنْثَى الْآخَرِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ طَيْرٌ ذَكَرٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالطَّيْرِ الْوَاحِدِ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الطَّيْرِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْوَاحِدِ وَالتَّاءُ فِي طَيْرَةٍ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِطَيْرَةِ الْأُنْثَى كَمُقَابَلَتِهَا بِالذَّكَرِ هُنَا فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُنَا فَهَلْ تَكُونُ التَّاءُ حِينَئِذٍ دَالَّةً عَلَى التَّأْنِيثِ مَعَ الْوَحْدَةِ أَوْ تَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى دَلَالَتِهَا عَلَى الْوَحْدَةِ وَالتَّأْنِيثُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِالْقَرِينَةِ وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مَا جَازَ فِي الطَّيْرِ) وَكَذَلِكَ ذَوَا رَقِيقَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَاهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ وَقَعَ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ سَمَّى صَدَاقًا أَمْ لَا وَالْوَلَدُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَكَذَلِكَ مَنْ جَاءَ لِشَخْصٍ بِبَيْضٍ وَقَالَ اجْعَلْهُ تَحْتَ دَجَاجَتِك وَالْفِرَاخُ بَيْنَنَا وَحُكْمُهُ أَنَّ الْفِرَاخَ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ وَلِصَاحِبِ الْبَيْضِ مِثْلُهُ كَمَنْ أَتَى لِآخَرَ بِقَمْحٍ وَقَالَ ازْرَعْهُ بِأَرْضِك فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ) وَنَفَقَةُ كُلِّ طَيْرٍ عَلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَضَمَانُ كُلٍّ مِنْ صَاحِبِهِ وَانْظُرْ هَلْ الشَّرِكَةُ لَازِمَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَخِلَافُ كَلَامِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لِشَرِكَةِ التَّجْرِ وَالظَّاهِرُ التَّعْوِيلُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ وَاشْتَرِ لِي) أَيْ جَازَ هَذَا اللَّفْظُ وَقَوْلُهُ فَوَكَالَةٌ جَوَابٌ عَنْ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَهِيَ وَكَالَةٌ (قَوْلُهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَنْقُدُ) لَا يُنَافِي قَوْلَهُ يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي الِابْتِدَاءِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَنْقُدُ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَخْفَى جَانِبُ الْوَكَالَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ اشْتَرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ سِيَاقَ إلَخْ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ بِمَقْصُورَةٍ (ص) وَجَازَ وَانْقُدْ عَنِّي إنْ لَمْ يَقُلْ وَأَبِيعُهَا لَك (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ اشْتَرِ السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَانْقُدْ عَنِّي مَا يَخُصُّنِي فِي ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ أَحَدُهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ سَلَفُهُ الثَّمَنَ مَعَ تَوَلِّي الْبَيْعِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَقُلْ الْمَنْقُودُ عَنْهُ وَأَنَا أَتَوَلَّى بَيْعَ حِصَّتِك أَيْ أَجْعَلُ سِمْسَارًا فِي نَصِيبِك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُنِعَ لِوُجُودِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ فَالسَّلَفُ نَقْدُهُ عَنْهُ وَالزِّيَادَةُ انْتِفَاعٌ بِبَيْعِ الْآخَرِ عَنْهُ وَمِثْلُ قَوْلِهِ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك وَأَنَا أُوجِرُهَا لَك وَنَحْوُهُ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ السَّلَفُ بِنَفْعٍ قَوْلُهُ أَبِيعُهَا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك وَاللَّامُ فِي لَك بِمَعْنَى عَنْ أَيْ أَتَوَلَّى بَيْعَهَا عَنْك أَيْ أَكُونُ سِمْسَارًا عَنْك فِي نَصِيبِك (ص) وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ حَبْسِ مَنْ نَقَدَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ حَتَّى يَقْبِضَ مَا نَقَدَهُ عَنْ صَاحِبِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَوَكَالَةٌ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) إلَّا أَنْ يَقُولَ وَاحْبِسْهَا فَكَالرَّهْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اُنْقُدْ عَنِّي وَاحْبِسْ السِّلْعَةَ إلَى أَنْ تَقْبِضَ ثَمَنَهَا مِنِّي فَإِنَّ لَهُ حَبْسَهَا حِينَئِذٍ وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ أَيْ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَقَوْلُهُ فَكَالرَّهْنِ أَيْ الصَّرِيحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بِنَائِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَّفْظِ مُصَرَّحٌ بِهِ (ص) وَإِنْ أَسَلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي جَازَ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ لِي وَلَك وَأَنَا أُسْلِفُك مَا يَخُصُّك فِي ثَمَنِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَهُ خِبْرَةٌ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَبَصِيرَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ رُبَّمَا أَسَلَفَ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ لِأَجْلِ خِبْرَتِهِ بِالتِّجَارَةِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ وَجَاهَتَهُ فَإِنْ قُلْت لَوْ قَالَ الْآمِرَ بَدَلَ قَوْلِهِ غَيْرَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَعَمُّ إذْ يَشْمَلُ الْآمِرَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ السَّلَفُ مِنْ غَيْرِ الْآمِرِ مَعَ أَنَّ النَّفْعَ لَيْسَ لِلْمُسْلِفِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ صَدِيقًا لِلْمُسْلِفِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ النَّفْعُ لِلشَّرِيكِ نَفْعًا لَهُ قَوْلُهُ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي قِيلَ الْمَوْضِعُ لِلضَّمِيرِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَا لِلظَّاهِرِ فَلِمَ أَتَى بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يَقُلْ إلَّا لِكَبَصِيرَتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ لَتُوُهِّمَ عَوْدُهُ عَلَى الْمُضَافِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] . (ص) وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ لَا لِكَسَفَرٍ وَقِنْيَةٍ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ وَهَلْ وَفِي الزُّقَاقِ لَا كَبَيْتِهِ قَوْلَانِ. (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِكَةِ الْجَبْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ سُوقِهَا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لِلتِّجَارَةِ وَالْحَالُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ حَاضِرٌ لِشِرَائِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْحَاضِرُ السَّاكِتُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ الَّذِي بِيعَتْ فِيهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَأَرَادَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الدُّخُولَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُوضَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَفْعَلَ رِفْقًا بِأَهْلِ السُّوقِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوْ زَايَدَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ حِينَئِذٍ فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْمُشَارَكَةَ وَأَبَى غَيْرُهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَبَى الشَّرِكَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ إذَا ظَهَرَتْ الْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِأَجْلِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجْلِ الْقِنْيَةِ فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَمَا يُشْتَرَى لِإِقْرَاءِ الضَّيْفِ وَلِلْعُرْسِ كَمَا يُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ إذَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ   [حاشية العدوي] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ وَانْقُدْ عَنِّي) لَوْ حَذَفَ وَجَازَ وَيَكُونُ هَذَا مَعْطُوفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيْعُ حَظِّ الْمُسْلِفِ مِنْ السِّلْعَةِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَعَلَيْهِ مَا أَسْلَفَهُ نَقْدًا وَلَوْ شَرَطَ تَأْجِيلَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِ نِصْفِ السِّلْعَةِ وَلَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ لَأَمْسَكَ الْمُسَلِّفُ عَنْ النَّقْدِ. (قَوْلُهُ صَدِيقًا لِلْمُسْلِفِ) الْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ إنْ قَصَدَ نَفْعَ الْآمِرِ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْمَأْمُورِ مُنِعَ فَإِنْ قَصَدَ نَفْعَ الْمَأْمُورِ فَقَطْ جَازَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ) أَيْ اللَّحْمَ وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَهُوَ حَيٌّ طَاهِرٌ. (قَوْلُهُ لَا لِكَسَفَرٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ بَلْدَةً قَرِيبَةً لَا يُسَمَّى السَّيْرُ لَهَا سَفَرًا عُرْفًا فَلَوْ كَانَ مِنْ مِصْرَ لِبُولَاقَ لَمْ يَكُنْ سَفَرًا لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) أَيْ وَنَصَّ عَلَيْهِ الدَّمِيرِيُّ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ دَاوُد مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) أَيْ لِكَثْرَةِ مَا اشْتَرَاهُ لِلْقِنْيَةِ بِدَعْوَاهُ أَوْ يَتْرُكَ السَّفَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 وَمِثْلُهُ مَا اُشْتُرِيَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ لَكِنْ فِي غَيْرِ سُوقِهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ زُقَاقٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الزُّقَاقِ وَإِذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ فَهَلْ يُجْبَرُ وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ حَيْثُ كَانَ مَا اُشْتُرِيَ بَاقِيًا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَوْ يَفْصِلُ فِيهِ كَالشُّفْعَةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَ سَنَةٍ وَالْعُهْدَةُ فِيمَا يَقْضِي فِيهِ بِالشَّرِكَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَوَكِيلٍ عَنْ الْبَاقِي وَأَمَّا فِيمَا لَا يَقْضِي فِيهِ بِالشَّرِكَةِ فَالْعُهْدَةُ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَنَّهُمْ لَوْ تَكَلَّمُوا حِينَ الشِّرَاءِ وَقَالُوا أَشْرِكْنَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ سَكَتَ لَجُبِرَ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَيَقْضِي لَهُ هُوَ عَلَيْهِمْ إنْ امْتَنَعُوا لِظُهُورِ خَسَارَةٍ وَلَوْ قَالَ لَا لَمْ يُشْرِكْهُمْ لِأَنَّهُ أَنْذَرَهُمْ لِيَشْتَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اُشْتُرِيَ أَنَّهُمْ لَوْ حَضَرُوا السَّوْمَ فَقَطْ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَهَابِهِمْ لَمْ يُجْبَرْ وَلَوْ قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا لَكِنَّهُ يَحْلِفُ مَا اشْتَرَى عَلَيْهِمْ وَلَوْ طَلَبَهُ هُوَ لَزِمَهُمْ لِسُؤَالِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ إنْ اتَّحَدَ أَوْ تَلَازَمَ وَتَسَاوَيَا فِيهِ أَوْ تَقَارَبَا (ش) لَمَّا انْقَضَى الْكَلَامُ عَلَى شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَالْعَمَلِ قَالَ فِيهَا لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ أَوْ عَلَى عَمَلِ الْأَبْدَانِ إذَا كَانَتْ الصَّنْعَةُ وَاحِدَةً وَلِهَذَا قَالَ إنْ اتَّحَدَ أَيْ الْعَمَلُ مِثْلَ خَيَّاطٍ وَخَيَّاطٍ مَثَلًا لَا إنْ اخْتَلَفَ عَمَلُ الْأَبْدَانِ كَخَيَّاطٍ وَحَدَّادٍ لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ تُنْفِقُ صَنْعَةُ هَذَا دُونَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إذَا تَلَازَمَ الْعَمَلُ كَوَاحِدٍ يَنْسِجُ وَالْآخَرُ يُحَوِّلُ وَيُدَوِّرُ وَيُنِيرُ فَالْمُرَادُ بِالتَّلَازُمِ التَّوَقُّفُ أَيْ أَنْ يَتَوَقَّفَ وُجُودُ عَمَلِ أَحَدِهِمَا عَلَى وُجُودِ عَمَلِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّلَازُمَ الْعَقْلِيَّ فَالشَّرْطُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ وَبِقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَعَمَلُ الْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ وَكَانَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ جَازَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ عَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ كَعَمَلِ الْآخَرِ وَالتَّقَارُبُ كَالتَّسَاوِي فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا يَقْرَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَعَمَلُ الْآخَرِ يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الثُّلُثِ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ جَازَ وَيَرْجِعُ فِي التَّقَارُبِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. (تَنْبِيهٌ) : وَفِي لُزُومِ شَرِكَةِ الْعَمَلِ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالشُّرُوعِ قَوْلَانِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَكَثِيرِ الْآلَةِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ. (ص) وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ. (ش) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ حُصُولُ التَّعَاوُنِ وَإِلَّا فَلَا وَلِذَا أُجِيزَتْ الشَّرِكَةُ فِي اللُّؤْلُؤِ أَحَدُهُمَا يَتَكَلَّفُ الْغَوْصَ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ يَقْذِفُ أَوْ يَمْسِكُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ سَوَاءً جَازَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى التَّسَاوِي فِيمَا خَرَجَ مِنْ اللُّؤْلُؤِ فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مَنْ يُخْرِجُهُ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ بِالْعَمَلِ إلَّا عَلَى أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْجَبْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِالْجَبْرِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ أَوْ يَفْصِلُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَا لَمْ يُشْرِكْهُمْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ الْمُزَايَدَةُ فَلَوْ زَادَ الْبَعْضُ وَسَكَتَ الْبَعْضُ وَقَالَ الدَّلَّالُ هَلْ بَقِيَ لِأَحَدٍ غَرَضٌ فَإِنَّهُ لَا جَبْرَ كَمَا نَقَلَهُ الْبَدْرُ عَنْ الْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ أَنَّهُمْ لَوْ حَضَرُوا السَّوْمَ إلَخْ) الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ الشَّامِلِ أَنَّ سُؤَالَ مَنْ حَضَرَ إذَا وَقَعَ حِينَ السَّوْمِ أَوْ حِينَ الشِّرَاءِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ أَشْرِكْنَا أَوْ بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ وَاشْتَرِ عَلَيْنَا فَإِنْ أَجَابَهُمْ بِقَوْلِهِ لَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهُ وَإِنْ أَجَابَهُمْ بِنَعَمْ جُبِرَ مَنْ أَبَى الدُّخُولَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لِمَنْ طَلَبَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ سَكَتَ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ بِلَفْظِ أَشْرِكْنَا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ وَاشْتَرِ عَلَيْنَا فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ حِينَ الشِّرَاءِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ حِينَ السَّوْمِ وَابْتَاعَ بِحَضْرَتِهِمْ فَكَذَلِكَ وَإِنْ ابْتَاعَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ أَرَادَ إدْخَالَهُمْ لَزِمَهُمْ وَإِنْ أَرَادَ عَدَمَ إدْخَالِهِمْ حَلَفَ مَا اشْتَرَى لَهُمْ وَلَا أَشْرَكَهُمْ مَعَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا اشْتَرَاهُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ هَذَا مَا قَالَهُ عج وَتَبِعَهُ عب وشب قَالَ عج. فَإِنْ قُلْت لِمَ لَزِمَهُ فِي سُكُوتِهِ التَّشْرِيكُ إذَا قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِيمَا إذَا قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا وَاشْتَرِ عَلَيْنَا وَسَكَتَ وَاشْتَرَى فِي غَيْبَتِهِ وَحَلَفَ مَعَ أَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى لَفْظِ أَشْرِكْنَا قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ قَوْلِهِمْ أَشْرِكْنَا فَقَطْ أَوْجَبَ أَنَّ مَا يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِرِضَاهُ بِشَرِكَتِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادُوا وَاشْتَرِ عَلَيْنَا فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْهُ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِمْ أَوَّلًا أَشْرِكْنَا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَكَّلْ لَهُمْ فِي الشِّرَاءِ وَلَمْ يُشْرِكْهُمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا) أَيْ بِدُونِ اشْتَرِ عَلَيْنَا وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا لَمْ يَلْفِظُوا بِشَيْءٍ أَوْ قَالُوا أَشْرِكْنَا وَاشْتَرِ عَلَيْنَا وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا خِلَافُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ الشَّامِلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عج. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُقَالَ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ (قَوْلُهُ يَقْرُبُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ إمَّا بِنَقْصٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ (تَنْبِيهٌ) لَوْ احْتَاجَا مَعَ الصَّنْعَةِ لِمَالٍ أَخْرَجَ كُلٌّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ لَا أَزْيَدَ حَيْثُ كَانَ الْقَصْدُ الصَّنْعَةَ لَا الْمَالَ وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لَهُ (قَوْلُهُ كَكَثِيرِ الْآلَةِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِهِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ وَلَا يَصِحُّ فَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ هَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ. (قَوْلُهُ وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ) أَيْ فِي مُتَّحِدِ الْعَمَلِ وَأَمَّا صُورَةُ التَّلَازُمِ فَحُصُولُ التَّعَاوُنِ لَازِمٌ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّعَاوُنُ لَمْ يَجُزْ وَعَمَلُ كُلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ رَفِيقِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اجْتَمَعَ مُعَلِّمَانِ أَحَدُهُمَا يَحْفَظُ نِصْفَ الْقُرْآنِ الْأَعْلَى وَالثَّانِي يَحْفَظُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ حُصُولِ التَّعَاوُنِ (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَقْذِفُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ يَرْمِي لَهُ الْحَبْلَ (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى أُجْرَةٍ) أَيْ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ نُسْخَتُهُ بِنُقْطَةٍ فَيَكُونُ عَلَى صُورَةِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَجْزَاءَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا أَيْ رَوَاجُهُمَا وَاحِدًا بِأَنْ يَقْدُمَ عَلَى كُلِّ حَانُوتٍ بِالْغَزْلِ لِأَجْلِ أَنْ يُنْسَجَ أَقُولُ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَإِنْ كَانَا بِسُوقٍ وَاحِدٍ وَفِي عب تَبَعًا لعج خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ بِأَنَّ مَا اقْتَصَرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 كَوْنُهُمَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَوْضِعٍ عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَتَكُونُ أَيْدِيهِمَا تَجُولُ بِالْعَمَلِ فِي الْحَانُوتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ كَذَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ. وَلَمَّا كَانَ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي صَنْعَةٍ لَا آلَةَ فِيهَا أَوْ فِيهَا وَلَا قَدْرَ لَهَا كَالْخِيَاطَةِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ لِآلَةٍ كَالصِّيَاغَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالصَّيْدِ فَيُزَادُ اشْتِرَاطُ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ فَقَالَ (ص) وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَهَذَا آلَةً تُسَاوِيهَا لِيَعْمَلَا بِذَلِكَ عَلَى التَّعَاوُنِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِمَا إمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهُمَا مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ بَعْضٌ آخَرُ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَأَجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ أَوْ أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَأَخْرَجَ الْآخَرُ آلَةً وَآجَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكِهِمَا لَهَا مِلْكًا وَاحِدًا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَحَذَفَ التَّأْوِيلَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ وَاسْتِئْجَارُ كُلٍّ مِنْ الْآخَرِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَأَجَرَ نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ وَقَدْ عَزَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ لِلْغَيْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ وَالتَّعْلِيلُ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ تَبَعًا لِبَعْضٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً مَعَ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا التَّأْوِيلِ يَقُولُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَكُونُ الشَّرِكَةُ مَاضِيَةً فَعَلَى هَذَا هُوَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَيْ وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ (ص) كَطَبِيبَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ أَيْ فِي جَوَازِ الصَّنْعَةِ الْمُتَّحِدَةِ بِأَنْ كَانَ   [حاشية العدوي] عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَكَانَانِ بِسُوقٍ أَوْ بِسُوقَيْنِ نِفَاقُهُمَا وَاحِدٌ وَتَجُولُ أَيْدِيهِمَا بِالْعَمَلِ فِي الْمَكَانَيْنِ جَمِيعًا أَوْ يَجْتَمِعَانِ بِمَكَانٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَخْذِ الْأَعْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْ الْعَمَلِ يَذْهَبُ بِهَا لِحَانُوتِهِ يَعْمَلُ فِيهِ لِرِفْقِهِ بِهِ لِسِعَتِهِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج وَقَدْ تَبِعَهُ عب وَنَقَلَهُ عج عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِسُوقٍ وَاحِدٍ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَلَا إجَالَةُ يَدَيْهِمَا فِي الْحَانُوتَيْنِ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ السُّوقُ وَاحِدًا وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت قَالَ مَا نَصَّهُ عِيَاضٌ تَأَوَّلَ شَيْخُنَا مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِافْتِرَاقِ أَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَنَّ نِفَاقَ صَنْعَتِهِمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا كُلِّهِ حَيْثُ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي صَنْعَةِ أَيْدِيهِمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِخْرَاجِ الْمَالِ أَوْ احْتَاجَا لَهُ وَصَنْعَتُهُمَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ دُونَهُ فَإِنْ كَانَتْ صَنْعَةُ أَيْدِيهِمَا لَا قَدْرَ لَهَا وَالْمَقْصُودُ التَّجْرُ جَازَ كَوْنُهُمَا بِمَكَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ اتِّحَادِ نِفَاقِهِمَا (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَتَكُونُ أَيْدِيهِمَا تَجُولُ فِي الْحَانُوتَيْنِ. (قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) هَذَا الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَكَافَأَتْ قِيمَتُهُمَا وَبَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ مَضَى وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ) أَيْ بِأَنْ يَشْتَرِيَاهَا مَعًا أَوْ يَبِيعَ مَالِكُ كُلِّ آلَةٍ نِصْفَهَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهَا مَعًا) أَيْ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا فَالثُّبُوتُ إذَا كَانَا فِي مِلْكِهِمَا وَعَدَمُهُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْآلَةَ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ) فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ صَاحِبِهِ وَمُسْتَأْجِرُ نِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ لَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَإِنَّمَا الْجَوَازُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْلَى مِنْ هَاتَيْنِ هِيَ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا قَرَّرَ بِهَا بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ تت تَبَعًا لِلْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاقِعُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَازِ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَلَا قَوْلَانِ نَعَمْ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَنْعُ لِلْعُتْبِيَّةِ فَهِيَ ذَاتُ خِلَافٍ لَا تَأْوِيلَيْنِ وَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا الْجَوَازُ فَتَدَبَّرْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً لَيْسَ فِيهَا إلَّا تَأْوِيلَانِ وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ لَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَلَا قَوْلَانِ وَإِنَّمَا فِيهَا الْمَنْعُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ وَلَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ وَحَذَفَ التَّأْوِيلَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ إنَّمَا هُوَ تَأْوِيلَانِ فَقَطْ وَأَقُولُ بَلْ قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ مَحْذُوفٌ أَيْضًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَلَك أَنْ تَرْبِطَ قَوْلَهُ أَوْ لَا بُدَّ إلَخْ بِالْأَوَّلِ وَيَكُونُ فِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِيَصِيرَ ضَمَانُهُمَا وَاحِدًا وَالْمُرَادُ التَّعْلِيلُ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمُقَابِلُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 طَلَبُهَا وَاحِدًا كَكَحَّالَيْنِ وجَرَائِحَيَّيْنِ بِأَنْ أَخْرَجَا ثَمَنَ الدَّوَاءِ مِنْ عِنْدِهِمَا أَوْ أَخْرَجَ هَذَا نِصْفَهُ وَهَذَا نِصْفَهُ فَإِنْ اُخْتُلِفَ طِبُّهُمَا كَجَرَائِحِيِّ وَكَحَّالٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاكُهُمَا وَحَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ كَطَبِيبَيْنِ إلَخْ مِثَالًا لِشَرِكَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِلشُّرُوطِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ يَكُونُ طِبُّهُمَا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ طِبُّهُمَا لَمْ يَحْصُلْ اتِّحَادٌ وَلَا تَلَازُمٌ وَكَذَا إذَا جُعِلَ تَشْبِيهًا لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ كَمَا يَجُوزُ اشْتِرَاكُ طَبِيبَيْنِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَلَا يَشْكُلُ قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ بِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَمَلِ لَيْسَ فِيهَا مَالٌ لِأَنَّ الدَّوَاءَ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالْمَقْصُودُ التَّطْبِيبُ. (ص) وَصَائِدَيْنِ فِي الْبَازَيْنِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْبَازَيْنِ أَوْ الْكَلْبَيْنِ إذَا كَانَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لَهُمَا وَكَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا وَلَا يَفْتَرِقَانِ هَكَذَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِهَا أَوْ كَانَ بِأَوْ فَعَلَى الْأُولَى يُشْتَرَطُ وُجُودُهُمَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ فَالشَّرْطُ وُجُودُ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ وَإِنْ افْتَرَقَا (ش) لَكِنْ كَلَامُهُ لَا يُؤَدِّي هَذَا فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْبَازَيْنِ أَوْ الْكَلْبَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّهُ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ عَدَمُ افْتِرَاقِهِمَا أَوْ يَكْتَفِي بِالْأَوَّلِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي تَصْوِيبُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى وَجْهٍ يُطَابِقُ النَّقْلَ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ افْتِرَاقِهِمَا أَنْ يَكُونَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَكُونَ مَطْلُوبُهُمَا وَاحِدًا فَإِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا أَوْ اتَّحَدَ وَاخْتَلَفَ مَطْلُوبُهُمَا بِأَنْ كَانَ مَصِيدُ أَحَدِهِمَا الطَّيْرَ وَمَصِيدُ الْآخَرِ الْوَحْشَ كَالْغَزَالِ فَقَدْ حَصَلَ افْتِرَاقُهُمَا فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَهَلْ إنْ اتَّفَقَا فِي الْمِلْكِ وَالطَّلَبِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَافٍ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا لَوَافَقَ النَّقْلَ وَأَمَّا الِاتِّحَادُ فِي الْأَخْذِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَكَانُ طَلَبِهِمَا وَاحِدٌ وَنَوْعُ أَخْذِهِمَا وَاحِدٌ بِأَنْ يَكُونَا يَصِيدَانِ الطَّيْرَ أَوْ بَقَرَ الْوَحْشِ مَثَلًا وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ أَخْذُهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعَمَلِ الِاتِّحَادُ فِيهِ أَوْ التَّقَارُبُ فَقَوْلُهُ افْتَرَقَا أَيْ فِي الْمَكَانِ وَاتَّحَدَ فِي الْأَخْذِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ هُنَا اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ إنْ اتَّحَدَ الْعَمَلُ وَقَوْلُهُ (ص) رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا (ش) لِأَنَّهَا رُوِيَتْ بِالْوَاوِ وَرُوِيَتْ بِأَوْ. (ص) وَحَافِرَيْنِ بِكَرِكَازٍ وَمَعْدِنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَجُوزُ فِي الْحَفْرِ عَلَى الرِّكَازِ وَالْمَعَادِنِ وَالْآبَارِ وَالْبُنْيَانِ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ هَذَا فِي غَارٍ مِنْ الْمَعْدِنِ وَهَذَا فِي غَارٍ سَوَاءً وَنَكَّرَ الْمَعْدِنَ لِيَعُمَّ جَمِيعَ الْمَعَادِنِ كَمَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالْكُحْلِ وَنَحْوِهَا (ص) وَلَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ وَأَقْطَعَهُ الْإِمَامُ وَقَيَّدَ بِمَا لَمْ يَبْدُ. (ش) يَعْنِي إذَا مَاتَ أَحَدُ الْحَافِرَيْنِ فِي الْمَعْدِنِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنَّ وَارِثَهُ لَا يَسْتَحِقُّ بَقِيَّةَ عَمَلِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَعْدِنِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَهُ لِمَنْ شَاءَ وَقَيَّدَ الْقَابِسِيُّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ الْوَارِثِ بَقِيَّةَ عَمَلِ مُوَرِّثِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَبْدُ النَّيْلُ فَإِنْ بَدَا بِعَمَلِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ قَارَبَ بُدُوَّهُ بِعَمَلِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ النَّيْلُ الَّذِي بَدَا أَوْ قَارَبَ الْبُدُوَّ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ النَّيْلُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْمُوَرِّثُ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ عَمَلَهُ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ أَوْ إنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مُوَرِّثُهُ يُقَابِلُ عِلْمَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ قَدْرَ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ مَا أَدْرَكَ الْمُوَرِّثُ مَا يُقَابِلُ عَمَلَهُ (ص) وَلَزِمَهُ مَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ وَضَمَانُهُ وَإِنْ تَفَاصَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا جُعِلَ تَشْبِيهًا) الْأَحْسَنُ جَعْلُهُ تَمْثِيلًا لِأَنَّ جَعْلَهُ تَشْبِيهًا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَرِكَةِ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جَعْلِهِ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بِأَوْ) أَيْ أَوْ كَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وُجُودُ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ) أَوْ لَهُمَا كَوْنُهُمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لَهُمَا وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ افْتِرَاقِهِمَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّلَبِ الْمَطْلُوبَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ وَكَانَ طَلَبُهُمَا وَاحِدًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا يَفْتَرِقَانِ تَأْكِيدًا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَطْلُوبُهُمَا وَاحِدًا وَصَارَ حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى نُسْخَةِ الْوَاوِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَمَطْلُوبُهُمَا وَاحِدًا وَمَكَانُهُمَا وَاحِدًا وَأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ أَوْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُفَادِ الْمُصَنِّفِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَكْتَفِي بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يَكُونَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَطْلُوبُهُمَا وَمَكَانُهُمَا أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَكَانِ وَالْمَطْلُوبِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمِلْكِ وَهَذَا عَلَى كَلَامِ عج وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَالْوَاجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ لَا يُلَائِمُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا قَرَّرْنَا فَقَوْلُهُ وَالطَّلَبِ أَيْ مَكَانِ الطَّلَبِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَاحِدٌ أَيْ الِاتِّفَاقُ فِي الْمِلْكِ وَالطَّلَبِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَاحِدٌ أَيْ الْمِلْكُ أَوْ الطَّلَبُ أَيْ مَكَانُ الطَّلَبِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يُلَائِمُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الِاتِّحَادَ فِي الْأَخْذِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَهَذَا عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ التَّخَالُفُ لِأَنَّهُ فَسَّرَ أَوَّلًا الطَّلَبَ بِالْمَطْلُوبِ وَأَرَادَ بِهِ هُنَا مَكَانَ الطَّلَبِ لَا الْمَطْلُوبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا الِاتِّحَادُ فِي الْأَخْذِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ أَوَّلًا مَشَى عَلَى كَلَامِ عج وَثَانِيًا عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ قُوَّةَ كَلَامِ عج فَلَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْدُ) أَيْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْدُ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ شب. (قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ) أَيْ ضَمَانُ الصُّنَّاعِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَفَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَالضَّمَانِ مِنْهُمَا كَالْوَصِيَّيْنِ إذَا اقْتَسَمَا الْمَالَ وَضَاعَ مَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْآخَرَ يَضْمَنُهُ أَيْضًا لِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 الْعَمَلِ إذَا قَبِلَ شَيْئًا يَعْمَلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ شَرِيكَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَعْقِدَا مَعًا وَإِذَا تَلِفَ يَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَبَعْدَهَا قَالَ فِيهَا مَا يَقْبَلُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الصَّنْعَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ وَيُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنْ افْتَرَقَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَفَاصَلَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَضَمَانُهُ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ طَالَ مَرَضُهُ فَإِنْ قَبِلَهُ بَعْدَ طُولِ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ الْعَمَلُ مَعَهُ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ (ص) وَأُلْغِيَ مَرَضٌ كَيَوْمَيْنِ وَغَيْبَتُهُمَا لَا إنْ كَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ إذَا مَرِضَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ أَوْ غَابَ مَا ذُكِرَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُلْغَى وَفَائِدَتُهُ أَنَّ مَا يَعْمَلُهُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ يُشَارِكُهُ فِي عِوَضِهِ الْغَائِبُ وَالْمَرِيضُ لَا إنْ كَثُرَ زَمَانُ الْمَرَضِ أَوْ زَمَانُ الْغَيْبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْكَثِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ فَلَا يُلْغَى شَيْءٌ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ صَاحِبُهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالْأُجْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ بَيْنَهُمَا وَالضَّمَانُ مِنْهُمَا مِثَالُهُ لَوْ عَاقَدَا شَخْصًا عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَغَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ كَثِيرًا فَخَاطَهُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ بَيْنَهُمَا وَيُقَالُ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي خِيَاطَتِهِ لِهَذَا الثَّوْبِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِدِرْهَمَيْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ اخْتَصَّ بِهِ أَيْ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لَا بِالْعِوَضِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ. (ص) وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ كَكَثِيرِ الْآلَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ إذَا انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى إلْغَاءِ كَثِيرِ الْغَيْبَةِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً وَيَكُونُ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ لَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ كَمَا أَنَّ الشَّرِكَةَ تَفْسُدُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ لَهَا بَالٌ وَأَمَّا إنْ تَبَرَّعَ بِآلَةٍ لَا خَطْبَ لَهَا كَمِدَقَّةٍ وَقَصْرِيَّةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ فَقَوْلُهُ بِاشْتِرَاطِهِ أَيْ الْكَثِيرِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَثُرَ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِاشْتِرَاطِ إلْغَائِهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اشْتِرَاطِهِ أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَأَحَبَّ صَاحِبُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِنْ عَمَلِهِ جَازَ وَقَوْلُهُ كَكَثِيرِ الْآلَةِ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْفَسَادِ لَا بِقَيْدِ الِاشْتِرَاطِ. (ص) وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ (ش) النَّقْلُ مِنْ خَارِجٍ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الصَّحِيحَةِ إذَا مَرِضَ أَوْ غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ يُلْغَى مِنْهَا يَوْمَانِ كَمَا لَوْ مَرِضَ فِيهِمَا أَوْ غَابَهُمَا فَقَطْ أَوْ لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ اتِّفَاقًا فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَهَلْ إلَخْ عِنْدَ قَوْلِهِ قَوْلُهُ لَا إنْ كَثُرَ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحِيحَةِ وَيَقُولُ كَالْقَصِيرَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ كَالصَّحِيحَةِ أَيْ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ مِنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ كَمَا تُلْغَى الْمُدَّةُ الْقَصِيرَةُ أَوْ لَا يُلْغَيَانِ الْأَوَّلُ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَالثَّانِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (ص) وَبِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ أَنْ يَشْتَرِيَا بِلَا مَالٍ (ش) لَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَى بِاشْتِرَاطِهِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي فَسَدَتْ عَائِدٌ عَلَى شَرِكَةِ الْعَمَلِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي شَرِكَةِ الْوَجْهِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَفَسَدَتْ شَرِكَةُ الْعَمَلِ بِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ فَيُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ لَا مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ أَيْ وَفَسَدَتْ شَرِكَةُ الْعَمَلِ بِاشْتِرَاطِ إلْغَاءِ الْكَثِيرِ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ لَا بِقَيْدِ شَرِكَةِ الْعَمَلِ أَيْ الشَّرِكَةِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ بِسَبَبِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الذِّمَمِ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ الْمُطْلَقِ فِي الْمُقَيَّدِ أَوْ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا بَيْنَهُمَا فِي ذِمَّتِهِمَا بِلَا مَالٍ يُخْرِجَانِهِ مِنْ عِنْدِهِمَا ثُمَّ يَبِيعَانِ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً وَسَوَاءٌ اشْتَرَيَا ذَلِكَ الشَّيْءَ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا فَسَدَتْ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ: تَحَمَّلْ عَنِّي وَأَتَحَمَّلُ عَنْك وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك فَهُوَ مِنْ بَابِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فِي ذِمَّتِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الْمُفَاصَلَةِ. (قَوْلُهُ كَيَوْمَيْنِ) أَيْ أَلْغَى الْمَرَضَ فِي كَيَوْمَيْنِ وَأَلْغَى الْغَيْبَةَ فِي الْيَوْمَيْنِ فَالْإِضَافَةُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَهِيَ عَلَى مَعْنَى فِي وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ هَذَا غَيْرُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا فَهُمَا تَقْرِيرَانِ الْأَوَّلُ لِلدَّمِيرِيِّ فِي كَوْنِ الْكَافِ أَدْخَلَتْ الثَّالِثَ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لِلَّقَانِيِّ ولعج أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ رَجَعَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي خَيْطُهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِدِرْهَمَيْنِ أَيْ مُضَافَيْنِ لِدِرْهَمَيْهِ الْأَصْلِيَّةِ أَيْ فَيَتِمُّ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ أَرْبَعَةً ثُمَّ تُقْسَمُ السِّتَّةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَعَاقَدَا. (قَوْلُهُ وَقَصْرِيَّةٍ) هِيَ الصَّحْفَةُ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْفَسَادِ) وَوَجْهُ جَوَازِ تَبَرُّعِ كُلٍّ لِلْآخَرِ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ أَنَّ الْآلَةَ لِتَوَقُّفِ الْعَمَلِ عَلَيْهَا كَانَ إسْقَاطُ كَثِيرِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ فِيهِ شَرْطُ التَّفَاوُتِ حُكْمًا. (قَوْلُهُ أَيْ وَفَسَدَتْ إلَخْ) وَيُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْقَيْدُ أَوْ الْمَوْصُوفُ وَهُوَ الشَّرِكَةُ بِدُونِ قَيْدِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ أَيْ فَيَفْسُدُ الْعَطْفُ إنْ اُعْتُبِرَ الْقَيْدُ وَيَصِحُّ إنْ اُعْتُبِرَتْ الشَّرِكَةُ الْمُطْلَقَةُ (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ إلَخْ) أَيْ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ مَدْلُولِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ اللَّفْظُ وَالْمُتَحَقِّقَ مَدْلُولُهُ الَّذِي هُوَ الْمَاهِيَّةُ ثُمَّ فِي الْكَلَامِ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الَّذِي يَتَفَرَّعُ إنَّمَا هُوَ مَدْلُولُ الْمُطْلَقِ لَا مَدْلُولُ الْعَامِّ وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُتَحَقِّقَ إنَّمَا هُوَ مَدْلُولُ الْمُطْلَقِ وَمَدْلُولُ الْعَامِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْعَامِّ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ وَالْمُتَحَقِّقُ إنَّمَا هُوَ الْمَدْلُولُ الثَّانِي أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ كُلُّ فَرْدٍ لَا يُعْقَلُ تَحَقُّقُهُ فِي فَرْدٍ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا) أَيْ تَعَاقَدَا عَلَى شِرَاءِ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِمَا وَأَنَّ كُلًّا حَمِيلٌ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ يَبِيعَانِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَاقُدِهِمَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَحْمِلُ كُلٌّ عَنْ الْآخَرِ بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا وَقَعَ الدَّفْعُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَحَمَّلْ إلَخْ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك فِي نِهَايَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَا) أَيْ تَعَاقَدَا عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 لَجَازَ وَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ (ص) وَهُوَ بَيْنَهُمَا (ش) بَيَانًا لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِهَا فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ ثُمَّ إنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْنِيَّةِ التَّسَاوِي وَلَيْسَ مُرَادًا أَيْ وَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى حِسَابِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ لَهُمَا بِاشْتِرَاكِهِمَا فَإِنَّهُ يُطَالِبُ مُتَوَلِّيَ الشِّرَاءِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ وَإِنْ عَلِمَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فَإِنَّهُ جَهِلَ فَسَادَهَا فَحُكْمُ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا مِنْ الضَّمَانِ كَحُكْمِ الضَّمَانِ الصَّحِيحِ فِي غَيْرِ هَذِهِ فَإِنْ حَضَرَا مُوسِرَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِمَّنْ اشْتَرَى فَعِلْمُهُ بِفَسَادِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا كَجَهْلِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا (ص) وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ مَالَ خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ فَهُوَ مِثَالٌ ثَانٍ لِشَرِكَةِ الذِّمَمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ الْوَجِيهَ الَّذِي يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَ رَجُلٍ خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى النَّاسِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَجْهُولَةُ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَكَذِي رَحًى وَذِي بَيْتٍ وَذِي دَابَّةٍ لِيَعْمَلُوا إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُمَا. (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي الْعَمَلِ فَأَتَى أَحَدُهُمْ بِرَحًى وَأَتَى الثَّانِي بِبَيْتٍ تُوضَعُ فِيهِ تِلْكَ الرَّحَى وَأَتَى الثَّالِثُ بِدَابَّةٍ تَدُورُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ بِالرَّحَى فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً إذَا لَمْ يَتَسَاوَ كِرَاءُ الثَّلَاثَةِ وَعَمِلُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَرْجِعُ مَنْ لَهُ فَضْلُ عَمَلٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ فَإِذَا كَانَ كِرَاءُ الْبَيْتِ ثَلَاثَةً وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ دِرْهَمَيْنِ وَكِرَاءُ الرَّحَى دِرْهَمًا وَاحِدًا دَفَعَ صَاحِبُ الرَّحَى لِصَاحِبِ الْبَيْتِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَقَوْلُهُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ بَيَانٌ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْغَلَّةِ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ لَجَازَتْ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ صِحَّةُ الشَّرِكَةِ إذَا تَسَاوَى الْكِرَاءُ وَمَا حَصَلَ يُقْسَمُ أَثْلَاثًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعَهُ بِمَتَاعِ صَاحِبِهِ وَجَعَلَهُ تت تَقْرِيرًا لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ وَإِذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الرَّحَى وَالْبَيْتِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بِمُفْرَدِهِ وَعَمِلَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا تَكُونُ لَهُ وَكَانَ عَمَلُهُ رَأْسَ الْمَالِ وَعَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِصَاحِبِ الرَّحَى وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ يُرِيدُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ رِبْحٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ أَيْ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ أَحَدِهِمْ بِخُصُوصِهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الدَّابَّةَ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ. (ص) وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلَ يَقَعُ فِيهَا النِّزَاعُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ عَقَارٌ لَا يَنْقَسِمُ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالْحَانُوتِ وَنَحْوِهَا فَاحْتَاجَ إلَى الْإِصْلَاحِ   [حاشية العدوي] شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً فَهُوَ جَائِزٌ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ تَحَمُّلُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ مُمَاثِلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إذَا تَعَاقَدَا أَوَّلَ الْأَمْرِ عَلَى شِرَاءِ أَيِّ شَيْءٍ تَحَصَّلَ وَسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِهِمَا أَمْ لَا أَوْ تَعَاقَدَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّهُمَا تَفَاوَتَا فِي الضَّمَانِ وَأَمَّا عَلَى التَّسَاوِي فَلَا ضَرَرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى جَعْلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ عُقْدَةَ الشَّرِكَةِ مُسْتَلْزِمَةٌ كَوْنَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَالْمُحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ) أَيْ الَّذِي يَحْتَمِلُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَعْنَيَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَقَوْلِهِ خَاطَ لِي عَمْرٌو قَبَاءً لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ مُسْتَأْنَفًا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى جَعْلُهُ مُسْتَأْنَفًا وَالتَّفْرِيعُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَهُوَ إلَخْ مَنْظُورٌ فِيهِ لِكَوْنِ اللَّفْظِ فِي ذَاتِهِ مُحْتَمِلًا لِقَوْلِهِ وَالْأَوْلَى إلَخْ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ الشَّارِحِ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا إلَخْ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ آخَرُ لِشَرِكَةِ الذِّمَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَفُسِّرَتْ بِأَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ. وَقِيلَ هِيَ شَرِكَةُ الذِّمَمِ يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَةٌ وَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ لَكِنَّهُ حَالٍ عَنْ بَيَانِ كَوْنِ التَّفْسِيرَيْنِ لِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ أَيْ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ إلَخْ وَبِكَبَيْعِ وَجِيهِ إلَخْ فَكَبَيْعِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِالذِّمَمِ إلَخْ أَقُولُ سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَلِلْوَجِيهِ جَعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْوَجِيهِ فَإِنْ قَامَتْ السِّلْعَةُ خُيِّرَ عَلَى مُقْتَضَى الْغِشِّ بَيْنَ الرَّدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ أَوْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ فَاتَتْ فَفِيهَا الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ) أَيْ تَبَيَّنَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَمْ يَتَسَاوَ إلَّا أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى ذَلِكَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَسَاوَى الْكِرَاءُ لَمْ تَفْسُدْ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إلَخْ) أَيْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِاشْتِرَاطِهِ أَيْ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِاشْتِرَاطِهِ وَفِي حَالِ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِ كَذِي رَحًى وَذِي بَيْتٍ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ تت تَقْرِيرًا) هَذَا بَعِيدٌ (تَنْبِيهٌ) : هَذِهِ الطَّرِيقَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَهِيَ سَهْلَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ طَرِيقَةً أُخْرَى فَرَاجِعْهَا. (قَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ حَاصِلُ مَا عِنْدَهُمْ الْقَضَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِمَارَةِ بِمَعْنَى الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالْبَيْعِ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَلَا يَتَوَلَّى الْقَاضِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 وَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّحَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَعْمُرُ أَيْ يَبِيعُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ لَا بِقَدْرِ مَا يَعْمُرُ بِهِ وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَأَبَى الثَّانِي أَنْ يَعْمُرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا قَضَى بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَا لَا يَنْقَسِمُ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ كَالْمِلْكِ هُنَا فَيُقْضَى عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْعِمَارَةِ بِهَا أَوْ بِالْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ مَا يُفِيدُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمَا قِيلَ فِي هَذَا مِنْ تَعَيُّنِ الْعِمَارَةِ كَخَالِصِ الْمُشْتَرَكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ مَوْقُوفَةً وَالْأُخْرَى مِلْكًا وَلَا غَلَّةَ لِلْوَقْفِ فَيَعْمُرُ الشَّرِيكُ وَيَبْدَأُ فِي الْغَلَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ إلَخْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا يَنْقَسِمُ أَنَّ مَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْإِصْلَاحِ وَأَبَى الْبَعْضُ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَا بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ بِقَسَمِهِ. (ص) كَذِي سُفْلٍ إنْ وَهِيَ (ش) أَيْ كَمَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ حَيْثُ وَهِيَ أَيْ ضَعُفَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَعْلَى لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْأَسْفَلِ وَقَوْلُ بَهْرَامَ يَعْنِي وَإِنْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ إلَخْ غَيْرُ جَيِّدٍ إذْ لَا اشْتِرَاكَ هَا هُنَا وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ الشَّرِكَةَ عَلَى الْمُخَالَطَةِ وَالْمُجَاوَرَةِ لِوُضُوحِ ذَلِكَ وَإِذَا سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ جُبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَهُ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يَبْنِيَ رَبُّ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَبْنِيهِ فَامْتَنَعَ مِنْ بِنَائِهِ جُبِرَ الْمُبْتَاعُ أَيْضًا أَنْ يَبْنِيَهُ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَبْنِيهِ وَالْمُرَادُ بِالسُّفْلِ مَا نَزَلَ عَنْ الطُّولِ لَا الْمُلَاصِقُ بِالْأَرْضِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ طِبَاقًا مُتَعَدِّدَةً فَالْمُرَادُ بِالسُّفْلِ السُّفْلُ النِّسْبِيُّ. (ص) وَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ وَالسَّقْفُ وَكَنْسُ مِرْحَاضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَسْفَلَ إذَا وَهِيَ وَخِيفَ عَلَى الْأَعْلَى أَنْ يَسْقُطَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ أَنْ يُعَلِّقَ الْأَعْلَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَنْزِلَةِ الْبُنْيَانِ وَالْبِنَاءُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ وَكَذَلِكَ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِالسَّقْفِ لِبَيْتِهِ لِأَنَّهُ أَرْضٌ لِلْأَعْلَى وَإِنَّمَا كَانَ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِهِ لِأَنَّهُ لَهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِكَنْسِ بِئْرِ الْمِرْحَاضِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ صَاحِبُ الْأَعْلَى سُقَاطَاتِهِ لِأَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَرْتَفِقَ بِهِ   [حاشية العدوي] الْبَيْعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْضِي بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ بَلْ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْعِمَارَةِ وَإِلَّا جَبَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَبْرُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَعْمُرُ بِهِ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ نَصِيبَهُ وَانْظُرْ هَلْ لِمَنْ أَرَادَ الْعِمَارَةَ أَخْذُهُ بِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إخْرَاجَ شَرِيكِهِ أَوْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ ذَلِكَ أَمْ لَا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبِئْرُ وَالْعَيْنُ خِلَافًا لِشَارِحِنَا حَيْثُ أَدْخَلَ الْبِئْرَ فَإِنَّ مَنْ أَبَى مِنْ الْعِمَارَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَيُقَالُ لِطَالِبِهَا عَمِّرْ إنْ شِئْت وَلَك مَا حَصَلَ مِنْ الْمَاءِ بِعِمَارَتِك وَهُوَ إمَّا كُلُّ الْمَاءِ أَوْ مَا زَادَ مِنْهُ بِالْعِمَارَةِ وَلَيْسَ لِمَنْ لَمْ يُعَمِّرْ شَيْءٌ مِمَّا حَصَلَ بِالْعِمَارَةِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ أَمْ لَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالْمَخْزُومِيُّ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ إذَا كَانَ عَلَيْهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ إلَّا أَنَّ فِي عِبَارَةِ عب وَيَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِاخْتِصَاصِهِ بِمَا حَصَلَ بِالْعِمَارَةِ أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا مَا أَنْفَقَ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَا دَائِمًا انْتَهَى وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت مَا يُؤَيِّدُهُ أَقُولُ يُسْأَلُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَغَيْرِهِمَا كَالْحَمَّامِ قُلْت فَرَّقَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ نَفْعَ الشَّرِيكِ مُحَقَّقٌ لِأَنَّ الْبُنْيَانَ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ لِأَنَّ مَاءَهُمَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ قَدْ يُوجَدُ وَقَدْ لَا يُوجَدُ انْتَهَى (قَوْلُهُ الْوَقْفَ) أَيْ مَا كَانَ بَعْضُهُ وَقْفًا وَبَعْضُهُ مَمْلُوكًا فَيُقْضَى عَلَى نَاظِرِ الْمَوْقُوفِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَيَخُصُّ قَوْلُهُ فِي الْوَقْفِ لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ بِمَا جَمِيعُهُ وَقْفٌ لَكِنْ يَتَّفِقُ هُنَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِصْلَاحِ لَا جَمِيعِهِ حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ وَعَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِيعٌ يَعْمُرُ مِنْهُ وَإِلَّا بُدِئَ بِهِ عَلَى يْعِهِ قَطْعًا وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمِلْكِ الْخَالِصِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ جَمِيعُ نَصِيبِ الْآبِي عَلَى مَا رُجِّحَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الشُّرَكَاءِ. (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ مَا يُفِيدُهُ) لَمْ يَأْتِ لَهُ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ هِيَ عَيْنُ الْقِيلِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَمَا قِيلَ إلَخْ وَحَاصِلُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا بَيْعَ بَلْ الْمَالِكُ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ يَعْمُرُ وَيَبْدَأُ فِي الْغَلَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ ضَعِيفَةٌ. سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ (قَوْلُهُ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى الْقَاعَةِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ بَيْعِهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا أُجْبِرَ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَهُ. (فَرْعٌ) لَوْ وَهَى الْعُلُوُّ وَالسُّفْلُ جَمِيعًا أُمِرَ كُلٌّ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمُرُ (قَوْلُهُ غَيْرُ جَيِّدٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَهْرَامَ كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي التَّجَوُّزِ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْعُلُوُّ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ (قَوْلُهُ وَالْمُجَاوَرَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ مَا نَزَلَ عَنْ الطُّولِ) أَيْ مِنْ الْعُلُوِّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُقْضَى) عِلَّةٌ لِلْإِلْقَاءِ أَيْ لِأَنَّ الْأَعْلَى يُقْضَى لَهُ بِالْإِلْقَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ لِلْأَعْلَى أَنْ يَرْتَفِقَ بِهِ فَهُوَ كَسَقْفِ الْأَسْفَلِ أَيْ فِي الِانْتِفَاعِ فَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (تَنْبِيهٌ) : اُخْتُلِفَ فِي كَنْسِ كَنِيفِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ فَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى رَبِّهَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُكْتَرِي ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ أَقُولُ وَفِي عُرْفِ مِصْرَ أَنَّهَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 فَهُوَ كَسَقْفِ السُّفْلِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ وَهْبٍ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ بِقَدْرِ جَمَاجِمِهِمْ وَاسْتُظْهِرَ (ص) لَا سُلَّمٌ (ش) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى التَّعْلِيقِ أَيْ أَنَّ السُّلَّمَ الَّذِي يَصْعَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَعْلَى إلَى عُلُوِّهِ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بَلْ هُوَ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَالسُّلَّمُ هُوَ الدَّرَجُ الَّتِي يَصْعَدُ عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِالسُّفْلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سُلَّمٌ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فَرْعُ التَّوْضِيحِ (ص) وَبِعَدَمِ زِيَادَةِ الْعُلُوِّ إلَّا الْخَفِيفَ وَبِالسَّقْفِ لِلْأَسْفَلِ وَبِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ لَا مُتَعَلِّقٍ بِلِجَامٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ إنْ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى عُلُوِّهِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِعَدَمِ فِعْلِهِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِبِنَاءِ الْأَسْفَلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَزِيدَ زِيَادَةً خَفِيفَةً لَا يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَكَذَلِكَ يُقْضَى عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالسَّقْفِ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] فَأَضَافَ السُّقُفَ لِلْبَيْتِ وَالْبَيْتُ لِلْأَسْفَلِ وَأَمَّا بَلَاطُ الْأَعْلَى فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ وَكَذَلِكَ يُقْضَى بِالدَّابَّةِ لِرَاكِبِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا إلَّا لِقَرِينَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَيُعْمَلُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَا رَاكِبَيْنِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُقَدَّمِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ فِي جَنْبٍ فَهِيَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ كَرَاكِبٍ عَلَى ظَهْرِهَا فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ فَقَوْلُهُ وَبِعَدَمِ زِيَادَةٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى شَرِيكٍ أَوْ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى أَنْ يَعْمُرَ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْمُتَقَدِّمَ مُقَيَّدٌ بِالشَّرِيكِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةً بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ جَرَيَانُ الْقَيْدِ فِي الْمَعْطُوفِ. (ص) وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ رَحًى إذَا أَبَيَا فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَيَسْتَوْفِي مِنْهَا مَا أَنْفَقَ. (ش) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي رَحًى فَانْهَدَمَتْ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْإِصْلَاحِ فَأَقَامَهَا أَحَدُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَبَيَا مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ إصْلَاحِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي عِمَارَتِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ نَفَقَتَهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَإِنَّمَا رَجَعَ فِي الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَحَدُهُمْ أَيْ أَحَدُ الْمُشْتَرَكَيْنِ وَقَوْلُهُ رَحًى أَيْ مَثَلًا أَيْ أَوْ دَارًا أَوْ حَمَّامًا وَقَوْلُهُ إذْ أَبَيَا أَيْ وَقَعَتْ إبَايَةُ شَرِيكَيْهِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ السِّيَاقِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَمَّرَ مَعَ الْإِذْنِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا فِي ذِمَّتِهِمَا حَصَلَتْ لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ وَالرَّحَى مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى قَوْلُهُ إذَا أَبَيَا قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّحَى إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَتْ الْعِمَارَةُ بَعْدَ إبَايَتِهِمَا وَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَمَا مَرَّ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَمَسَائِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعٌ اُنْظُرْهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ) وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ يَنْزِلُ وَيَرْمِي سَقَاطَاتِهِ لِمِرْحَاضِ الْأَسْفَلِ وَلَيْسَ لَهُ فِي عُلُوِّهِ رَقَبَةٌ أَوْ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي عُلُوِّهِ رَقَبَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِذَا كَانَ لَهُ فِي عُلُوِّهِ رَقَبَةٌ يَكُونُ كَنْسُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ كَبِئْرٍ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ رَقَبَةٌ كَمَا بِمِصْرَ مَنْ جَعَلَ رَقَبَةَ مِرْحَاضٍ وَبِئْرٍ بِأَعْلَى أَيْضًا فَتَنْقِيَتُهُمَا عَلَيْهِمَا يُحَرَّرُ ذَلِكَ كَذَا فِي عب أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي الْعُلُوِّ رَقَبَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ الْحَالُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ. (قَوْلُهُ لَا سُلَّمَ) وَإِذَا كَانَ الطِّبَاقُ ثَلَاثَةً مَثَلًا فَالسُّلَّمُ مِنْ الْأَسْفَلِ لِلْوُسْطَى عَلَى صَاحِبِ الْوُسْطَى وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْيَا وَلَوْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِسُلَّمِ الْوَسَطِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْوَسَطِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ السُّلَّمَ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ كَالسَّقْفِ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فَرْعُ التَّوْضِيحِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَسْأَلَةُ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ) أَيْ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ مَعَ مَنْ يَرْكَبُ مَعَ حِمَارَتِهَا وَيُنَازِعُ الرَّاكِبُ الْمُتَعَلِّقَ بِاللِّجَامِ. (قَوْلُهُ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ) فِي عب أَنَّهَا تَكُونُ لِلَّذِي عَلَى ظَهْرِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى شَرِيكٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى شَرِيكٍ بَعِيدٌ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ فِي مُتَعَلِّقِ الْقَضَاءِ وَاَلَّذِي يُنَاسِبُ إنَّمَا هُوَ عَطْفُهُ عَلَى بِأَنْ يَعْمُرَ وَلَا نَقُولُ بِجَرَيَانِ الْقَيْدِ فِي الْمَعْطُوفِ. (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِمَنْ عَمَّرَ وَعَلَيْهِ لِمَنْ يُشَارِكُهُ حِصَّتُهُ مِنْ كِرَائِهَا خَرَابًا أَيْ عَلَى أَنْ لَوْ اُكْتُرِيَتْ عَلَى أَنْ تُبْنَى (قَوْلُهُ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ السِّيَاقِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً) أَيْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ لَك الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ أَوَّلًا وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ امْتَنَعَ شُرَكَاؤُك مِنْ الْعِمَارَةِ ثُمَّ إنَّك لَمْ تَرْفَعْ أَمْرَك لِلْقَاضِي بَلْ عَمَّرْتَ فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ وَيَسْتَوْفِي إلَخْ بِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا إذَا دَفَعَ جُمْلَةً وَيَأْخُذُ مُفَرَّقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمَا لِلْحَاكِمِ فَجَبَرَهُمَا عَلَى الْإِصْلَاحِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يُصَلِّحُ (قَوْلُهُ سَبْعٌ اُنْظُرْهَا) نُبَيِّنُهَا فَنَقُولُ الْأُولَى أَنْ يَعْمُرَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ عِلْمِ صَاحِبَيْهِ وَلَمْ يُطْلِعْهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنَابُهُمَا فِي الْعِمَارَةِ فِي ذِمَّتِهِمَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَنَابُهُمَا مِمَّا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ مِنْ قِيمَةِ مَا عَمَّرَ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا تَقْرِيرَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْمُرَ بِإِذْنِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا مَا يُنَافِي إذْنَهُمَا لِانْقِضَاءِ الْعِمَارَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنَابُهُمَا مِمَّا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ فِي ذِمَّتِهِمَا الثَّالِثَةُ أَنْ لَا يُعْلِمَهُمَا بِالْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا وَيُجِيزَانِ ذَلِكَ وَحُكْمُ هَذِهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا الرَّابِعَةُ أَنْ يَسْكُتَا حِينَ يَسْتَأْذِنُهُمَا وَحِينَ عِمَارَتِهِ وَحُكْمُهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ الْخَامِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْتَمِرَّانِ عَلَى ذَلِكَ حَالَ الْعِمَارَةِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الْغَلَّةُ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مَا أَنْفَقَ السَّادِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ وَحُكْمُهَا كَالْخَامِسَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ سُكُوتَهُمَا حَالَ الْعِمَارَةِ رِضًا مِنْهُمَا بِفِعْلِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْجَارِ بِأَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ فِي الدُّخُولِ لِدَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَإِذَا سَقَطَتْ لَك ثَوْبٌ فِي دَارِ جَارِك فَإِنَّهُ يُقْضَى لَك بِالدُّخُولِ لِأَخْذِهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا لَك فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ نَحْوِ الْجِدَارِ كَخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ الْإِصْلَاحِ كَثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَهَذَا أَحْسَنُ (ص) وَبِقِسْمَتِهِ إنْ طُلِبَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ أَيْ بِالْقُرْعَةِ وَأَبَى الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ بِلَا إضْرَارٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُمَا يَتَقَاوَيَانِهِ كَاَلَّذِي لَا يُقْسَمُ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَمَنْ صَارَ لَهُ اخْتَصَّ بِهِ وَقَوْلُهُ (ص) لَا بِطُولِهِ عَرْضًا (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقِسْمَتِهِ طُولًا لَا بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا أَيْ يُقْضَى بِقِسْمَتِهِ طُولًا لَا بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا وَقَوْلُهُ وَعَرْضًا تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمَفْعُولِ وَأَصْلُهُ لَا بِقِسْمَةِ عَرْضِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] أَيْ وَفَجَّرْنَا عُيُونَ الْأَرْضِ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَنْسُوبًا لِطُولِهِ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ طُولُهُ مَنْسُوبًا لِعَرْضِهِ أَيْ لَا يُجْعَلُ عَرْضُهُ مُنْقَسِمًا مَعَ طُولِهِ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ جِهَةٍ بِعَرْضِهَا وَطُولِهَا أَيْ لَا يُقْسَمُ طُولًا وَيَكُونُ الْعَرْضُ مُنَصَّفًا بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ بِطُولِهِ امْتِدَادُهُ جَارِيًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَثَلًا لَا ارْتِفَاعُهُ وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ ثِخَنُهُ بِأَنْ يُشَقَّ نِصْفُهُ (ص) وَبِإِعَادَةِ السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ إنْ هَدَمَهُ ضَرَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ جِدَارٌ خَاصٌّ بِهِ سَاتِرٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهَدَمَهُ صَاحِبُهُ ضَرَرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى جَارِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَ قَوْلِهِ ضَرَرًا بِقَوْلِهِ (ص) لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هَدْمٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا هَدَمَ جِدَارَ نَفْسِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِهِ أَيْ لِوَجْهِ مَصْلَحَةٍ كَخَوْفِ سُقُوطِهِ أَوْ لِشَيْءِ لَهُ تَحْتَهُ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَهْدِمَهُ أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت وَبِعِبَارَةٍ لَا لِإِصْلَاحِ عَطْفٌ عَلَى ضَرَرًا وَهَذَا وَمَا يَلِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا مَرَّ وَلَوْ قَيَّدَهُ لَكَانَ   [حاشية العدوي] فَهُوَ كَإِذْنِهِمَا لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمَا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ إنَّمَا سَكَتْنَا لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ مِنَّا أَوْ لَا بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا، السَّابِعَةُ أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَيَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ اشْتِرَائِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ فَإِنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ عِمَارَتِهِ بَعْدَ مَنْعِهِمَا ابْتِدَاءً أَوْ اسْتِمْرَارِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ. (قَوْلُهُ فِي دُخُولِ جَارِهِ) أَيْ أَوْ إجْرَاءٍ أَوْ بِنَائَيْنِ فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ نَحْوِ الْجِدَارِ هَذَا يُفِيدُ تَسَلُّطَ إصْلَاحٍ عَلَى الْخَشَبَةِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ يُنَافِيهِ حَيْثُ عَطَفَهُ عَلَى الْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ) دُخُولُ دَارِ الْجَارِ وَضَرُورَةُ الْإِصْلَاحِ وَدُخُولُ دَارِ الْجَارِ أَخَفُّ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ) أَيْ لِعُمُومِهِ وَشُمُولِهِ مَا ذُكِرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ جِدَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فُتُوحٍ وَقَالَ الشَّارِحُ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ إدْخَالِ الْجِصِّ وَالطِّينِ وَيَفْتَحَ فِي حَائِطِهِ كُوَّةً لِأَخْذِ ذَلِكَ فَإِذَا تَمَّ الْعَمَلُ سَدَّ تِلْكَ الْكَوَّةَ وَحَصَّنَهَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ أَحَدَهُمَا وَاضِعٌ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ فِي طُولِ الْحَائِطِ بِتَمَامِهَا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ) فَالْمُقَدَّرُ هُوَ مَجْمُوعُ قِسْمَتِهِ طُولًا وَإِلَّا فَبِقِسْمَتِهِ مَذْكُورًا وَالْمَعْطُوفُ هُوَ بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا فَالْمَعْطُوفُ أَيْضًا مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَنْسُوبًا لِطُولِهِ) لَمَّا كَانَتْ النِّسْبَةُ تَحْتَمِلُ نِسْبَةَ الِاصْطِحَابِ وَتَحْتَمِلُ نِسْبَةَ الِاسْتِعْلَاءِ أَوْ الظَّرْفِيَّةِ فَسَّرَ الْمُرَادَ بِأَنَّ الْقَصْدَ نِسْبَةُ الِاصْطِحَابِ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَجْعَلُ عَرْضَهُ مُنْقَسِمًا مَعَ طُولِهِ أَيْ مَعَ بَقَاءِ طُولِهِ أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ طُولُهُ مَنْسُوبًا لِعَرْضِهِ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَعَ بَقَاءِ طُولِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ جِهَةٍ أَيْ تَمْيِيزُ كُلِّ جِهَةٍ بِعَرْضِهَا وَطُولِهَا نَظَرَ هُنَا لِكُلِّ طُولٍ عَلَى حِدَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْسَمُ طُولًا وَيَكُونُ الْعَرْضُ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ قِسْمَتُهُ طُولًا مَعَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ قِسْمَتُهُ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ ثِخَنُهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَرْضُ وَلَوْ أَبْقَى الْعَرْضَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمَا ضَرَّ لِأَنَّ الطُّولَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فَيَكُونُ الْعَرْضُ مِنْ الشِّمَالِ لِلْجَنُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِهَذَا التَّكَلُّفِ فَلَوْ جَعَلَ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَأَصْلُ الْمَتْنِ وَبِقِسْمَتِهِ بِطُولِهِ لَا بِعَرْضِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَفِي س وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُقْسَمُ طُولُهُ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ إمَّا بِالطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَعْلِيمٍ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يُقْسَمُ عَرْضًا إذَا كَانَ الْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يُقْضَى بِهِ وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ نَصِيبُهُ فِي نَاحِيَةِ صَاحِبِهِ حَمَلَ لَهُ جُذُوعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لِأَحَدِهِمَا الْجِهَةُ الَّتِي تَلِي الْآخَرَ فَيَفُوتُ الْمُرَادُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا بِالتَّرَاضِي فَيَجُوزُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْخُذُ مَا فِي جِهَتِهِ وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ فَلَا لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بِبَيْعٍ وَشَرْطُ الْبَيْعِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ وَكَذَا يَجُوزُ إذَا كَانَ بِالْقُرْعَةِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَتْ حِصَّتُهُ فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ حَمَلَ لَهُ جُذُوعَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ بِنَفْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُقْرَأَ: هَدَمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِمَعْنَى انْهَدَمَ وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ تَقْتَضِي أَنَّ رَبَّهُ هَدَمَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا هَدَمَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ مَا يَشْمَلُ قَصْدَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ هَدَمَهُ عَبَثًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هُدِمَ ثُمَّ إنَّهُ يُقْرَأُ هَدَمَ فِعْلًا مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا إنْ هَدَمَهُ لِإِصْلَاحٍ أَوْ هُدِمَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَعَجَزَ عَنْ إعَادَتِهِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ تَقْيِيدَ الْعُتْبِيَّةِ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْهَدْمِ ضَرَرًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْإِصْلَاحِ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا عِنْدَ إلَخْ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فَائِدَةٌ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إعَادَتِهِ وَظَاهِرُ مَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقْيِيدُ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ هَدْمٍ وَهُوَ مُقْتَضَى حِلِّ الشَّارِحِ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّاتِرُ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا وَهَدَمَ يَصِيرُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا بِهَدْمِهِ صَارَ مِمَّا يَنْقَسِمُ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بُيِّنَ فِي مَعْنَى الْمُنْقَسِمِ فِي بَابِ الْخِيَارِ (ص) وَبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَنَى فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ بُنْيَانًا يَضُرُّ بِهِمْ فِي مُرُورِهِمْ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَدْمِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهِمْ فَكَذَلِكَ يُهْدَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الطَّرِيقُ مِلْكًا لِأَحَدٍ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا دَارًا مِلْكًا لَهُ مَثَلًا وَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِذَلِكَ وَقَيَّدَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَإِلَّا قَضَى بِهَدْمِهِ فَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ (ص) وَبِجُلُوسِ بَاعَةٍ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ لِلْبَيْعِ إنْ خَفَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْضَى لِلْبَاعَةِ أَيْ لِلسُّوقَةِ بِالْجُلُوسِ فِي أَفْنِيَةِ الدُّورِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ إذَا كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا خَفِيفًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقْضَى بِهِ قَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا يُبَاحُ الْجُلُوسُ مَا لَمْ يُضَيِّقُوا الطَّرِيقَ أَوْ يَمْنَعُوا الْمَارَّةَ أَوْ يَضُرُّوا بِالنَّاسِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لِلْبَيْعِ مِنْ جُلُوسِ الْبَاعَةِ لِلتَّحَدُّثِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ يُقَامُونَ وَضَمِيرُ إنْ خَفَّ يَصِحُّ عَوْدُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ لِلْجُلُوسِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ مُتَعَدِّدٍ فَمَنْ حَصَلَ بِجُلُوسِهِ الضَّرَرُ فَإِنَّهُ يُقَامُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنَّمَا حَصَلَ الضَّرَرُ بِانْضِمَامِ جُلُوسِهِ لِجُلُوسِ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا يُرَاعَى كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الضَّرَرُ وَقَدْ وُجِدَ وَلَوْ بِالِانْضِمَامِ (ص) وَلِلسَّابِقِ كَمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الطَّرِيقِ لِبَيْعٍ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الْمَسْجِدِ وَجَلَسَ فِيهِ لِقِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ إفْتَاءٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِهِ فَقَوْلُهُ وَلِلسَّابِقِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِجُلُوسِ بَاعَةٍ أَيْ وَقَضَى لِلسَّابِقِ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ كَمَسْجِدٍ تَشْبِيهٌ وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَحَقَّ اسْتِحْسَانًا بِمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ الْأَحْسَنُ وَالْأَوْلَى لَك عِنْدَ اللَّهِ هَذَا فَيَكُونُ خَارِجًا مَخْرَجَ الْفَتْوَى لَا مَخْرَج الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْ اتَّسَمَ بِالْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ وَشِبْهِهِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِهِ وَقِيلَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ. (ص) وَبِسَدِّ كُوَّةٍ فُتِحَتْ أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا (ش) أَيْ يُقْضَى عَلَى مَنْ فَتَحَ كُوَّةً أَوْ بَابًا أَوْ غُرْفَةً مِنْ دَارِهِ   [حاشية العدوي] فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَدُلُّ إلَخْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْمُنْقَسِمِ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ لَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ وَبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهَا وَصَيَّرَهَا طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ بَاعَةٍ) أَصْلُهُ بَيْعَةٌ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلْفًا وَهُوَ جَمْعُ بَائِعٍ (قَوْلُهُ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ) جَمْعُ فِنَاءٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِنَاءُ الدُّورِ مَا بَيْنَ بِنَائِهَا فَاضِلًا عَنْ مَمَرِّ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ غَالِبًا بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ مَا نَصُّهُ قُلْت الْفِنَاءُ مَا يَلِي الْجِدَارَ مِنْ الشَّارِعِ الْمُتَّسَعِ النَّافِذِ فَلَا فِنَاءَ لِلشَّارِعِ الضَّيِّقِ لِأَنَّهُ لَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ الْمَارَّةِ وَكَذَا لَا فِنَاءَ لِغَيْرِ النَّافِذِ اهـ. (قَوْلُهُ بِانْضِمَامِ جُلُوسِهِ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالِانْضِمَامِ مُصَاحِبًا لِانْضِمَامِهِ بِأَنْ يَقْعُدَ بِلَصْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَأَنْ يَقْعُدَ وَاحِدٌ مِنْ الصُّبْحِ لِلظُّهْرِ ثُمَّ قَامَ وَقَعَدَ آخَرُ وَحَصَلَ الضَّرَرُ بِقُعُودِ الْآخَرِ لَكِنْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْأَوَّلِ قَعَدَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يُقَامُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُرَاعَى كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ هَذَا يَأْتِي فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِالِانْضِمَامِ إمَّا مَعِيَّةً أَوْ بَدَلًا كَمَا تَقَرَّرَ. (تَنْبِيهٌ) الرَّاجِحُ جَوَازُ كِرَاءِ الْأَفْنِيَةِ وَإِذَا أَكْرَاهُ رَبُّهُ فَلِلْمُكْتَرِي مَنْعُ مَنْ يَجْلِسُ فِيهِ تَقْرِيرٌ وَقَدْ يُقَالُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ رَبِّهِ قَالَ عج وَانْظُرْ فِنَاءَ الْحَوَانِيتِ وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَالدَّارِ أَوْ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا خَفَّ كَفِنَاءِ الدَّارِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ كِرَاءَ أَفْنِيَةِ الْمَسَاجِدِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ حَيْثُ كَانَ لَهُ الْكِرَاءُ فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ الْبَاعَةَ الْجُلُوسَ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ أَوْ تَدْرِيسٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْعِلْمِ تَحْصُلُ بِالْمُطَالَعَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَحَقَّ اسْتِحْسَانًا) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ فِي السَّابِقِ لِلْمَسْجِدِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ عِنْدَ اللَّهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَوْلَى فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَوْلَى يَطْلُبُ مِنْك أَيُّهَا الْجَالِسُ أَنْ تَجْلِسَ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَلَا تَنْتَقِلَ مِنْهُ وَتُمَكِّنَ غَيْرَك مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْأَوْلَى عِنْدَ اللَّهِ وَالْمَحْبُوبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ لَك بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يُنَازِعُك فِيهِ أَحَدٌ فَالْأَوْلَى لِغَيْرِك أَنْ لَا يُلْجِئَك لِلْقِيَامِ مِنْهُ وَيَجْلِسَ مَوْضِعَك فَحِينَئِذٍ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ لَا يَجْعَلَ قَوْلَهُ لَك مُتَعَلِّقًا بِالْأَوْلَى وَالْأَحْسَنِ بَلْ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالْأَصْلُ وَالْأَحْسَنُ وَالْأَوْلَى عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَك لَا لِغَيْرِك (قَوْلُهُ مِنْ اتَّسَمَ) أَيْ اُشْتُهِرَ حَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الْأَحَقِّيَّةِ لِسَابِقِ الْمَسْجِدِ مَعْنَاهَا الِاسْتِحْسَانُ مَا لَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ بِالْجُلُوسِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ فَلَا يُقْضَى وَلَوْ اُشْتُهِرَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي اعْتَادَ فِيهِ مَا ذُكِرَ فَقَطْ لَا بِوَقْتِ غَيْرِهِ بَدَلَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا مَا غَابَ عَنْهُ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَلَا مَا اعْتَادَهُ وَالِدُهُ ابْنُ نَاجِي وَمَوَاضِعُ الطَّلَبَةِ عِنْدَنَا بِتُونِسَ يُقْضَى لَهُمْ بِهَا. (قَوْلُهُ كَوَّةٍ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّاقِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فُتِحَتْ) أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا تُشْرِفُ عَلَى جَارِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا (قَوْلُهُ سَدٌّ خَلْفَهَا) بِالتَّنْوِينِ وَلَيْسَ مُضَافًا لِ (خَلْفَ) لِأَنَّهُ مِنْ الظُّرُوفِ اللَّازِمَةِ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ فَتَحَ كَوَّةً) أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا (قَوْلُهُ أَوْ غُرْفَةً) أَيْ أَحْدَثَ غُرْفَةً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ أَنْ يَسُدَّ جَمِيعَهَا إذَا أُرِيدَ سَدُّ خَلْفَهَا فَقَطْ وَتُقْلَعُ الْعَتَبَةُ مِنْ الْبَابِ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَانُ وَتَبْقَى حُجَّةً لِلْحَدَثِ وَيَقُولُ إنَّمَا أَغْلَقْته لِأُعِيدَهُ مَتَى شِئْت وَالْمُرَادُ بِالْخَلْفِ الدَّاخِلُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ وَاحِدًا فِي سَدِّ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْخَارِجِ خَلَفٌ بَعْدَ اعْتِبَارِ نِسْبَةِ الْخَلْفِ لِلْخَارِجِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَبِمَنْعِ دُخَانٍ كَحَمَّامٍ وَرَائِحَةٍ كَدِبَاغٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَمَّامَاتِ وَالْأَفْرَانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَادِثَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمَنْعِ دُخَانِهَا لِأَنَّهُ يُؤْذِي النَّاسَ بِرَائِحَتِهِ وَكَذَلِكَ رَائِحَةُ الدَّبَّاغِ وَمَا أَشْبَهَهُ إذَا كَانَتْ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمَنْعِهَا وَمِثْلُ الدِّبَاغِ الْمَذْبَحُ وَالْمَسْمَطُ وَالْمَصْلَقُ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ الْمُنْتِنَةَ تَخْرِقُ الْخَيَاشِيمَ وَتَصِلُ إلَى الْأَمْعَاءِ فَتُؤْذِي الْإِنْسَانَ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّائِحَةِ وَالدُّخَانِ وَالْكُلُّ دُخَانٌ وَالْكُلُّ مَشْمُومٌ قُلْت الْفَرْقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ عَنَى بِالدُّخَانِ الْمَحْسُوسِ بِالْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ ضِدُّهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا خَفِيفًا وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ الدُّخَانَ يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ الشَّمِّ كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ وَالْحِيطَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (ص) وَأَنْدَرَ قِبَلَ بَيْتٍ (ش) الْأَنْدَرُ هُوَ الْجَرِينُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ جَعَلَ أَنْدَرَهُ قِبَلَ بَيْتِ شَخْصٍ أَوْ حَانُوتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ وَقِبَلَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ تُجَاهَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ قِبَلَ بَيْتٍ لَسَلِمَ مِمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَنْعَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةٍ لِبَيْتٍ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ وَأَمَّا الْغَسَّالُ وَالضَّرَّابُ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفُضَ حُصْرَهُ أَوْ غَيْرَهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ وَهُوَ يَضُرُّ غُبَارُهُ بِمَنْ يَمُرُّ بِالطَّرِيقِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا فَعَلْته عَلَى بَابِ دَارِي. (ص) وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَإِصْطَبْلٍ أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يُقْضَى بِمَنْعِهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا يَضُرُّ بِجِدَارِ جَارِهِ مِنْ هَدْمِهِ أَوْ وَهَنِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَحًى فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ إصْطَبْلًا لِخَيْلِهِ أَوْ حَانُوتًا لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ قُبَالَةَ بَابِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ الْوُجُوهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ضَرَرًا وَيَنْخَرِطُ فِي سَلْكِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا أَشْرَفَ سَطْحُهُ عَلَى دَارِ أَشْخَاصٍ فَإِنَّ بَانِيَهُ يُجْبَرُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى سَطْحِهِ وَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى يُتِمَّ السِّتْرَ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى صَوْمَعَةً تَكْشِفُ الْجِيرَانَ لَهُمْ مَنْعُهَا قَالَهُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ إذَا أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا) أَيْ كَائِنٌ فِي خَلْفِهَا (قَوْلُهُ وَتُقْلَعُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِسَدِّ الْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ فَقَطْ بَلْ يَسُدُّ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَوَاجِهَةٍ وَخَشَبَةٍ وَعَتَبَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَانُ فَيُرِيدُ مَنْ أَحْدَثَهَا أَوْ غَيْرُهُ إعَادَتَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَلْفِ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ إذْ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَلْفِ الْخَارِجَ بِاعْتِبَارِ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْ الْكَوَّةِ إلَى جِهَةِ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِيُقَالُ أَيْ لَا يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارُ لِلْخَارِجِ خَلْفٌ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْخَلْفَ مَا كَانَ خَارِجًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَتْحَ إنَّمَا هُوَ مِنْ دَاخِلٍ فَذِكْرُ الْخَلْفِ مَعَهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ جِهَةُ الْخَارِجِ. (قَوْلُهُ دُخَانٍ كَحَمَّامٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ أَيْ إضَافَةِ دُخَانٍ لِحَمَّامٍ وَبِالتَّنْوِينِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ بِمَنْعِ ذِي دُخَانٍ وَذِي رَائِحَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمَسْمَطُ) اسْمٌ لِمَكَانِ إصْلَاحِ الْإِسْقَاطِ وَإِزَالَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْفَضَلَاتِ (قَوْلُهُ وَالْمَصْلَقُ) يُحْمَلُ عَلَى مَصْلَقٍ لَهُ رَائِحَةٌ خَبِيثَةٌ وَإِلَّا فَمَصْلَقُ الْفُولِ وَالتُّرْمُسِ لَا رَائِحَةَ خَبِيثَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ الْخَيَاشِيمَ) جَمْعُ خَيْشُومٍ وَهُوَ أَقْصَى الْأَنْفِ (قَوْلُهُ الْأَمْعَاءِ) أَيْ الْمَصَارِينِ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ دُخَانٌ) أَقُولُ كَوْنُ الْكُلِّ دُخَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ مَشْمُومٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْكُلُّ رَائِحَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْلَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْكُلَّ دُخَانٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِالرَّائِحَةِ ضِدَّهُ) أَيْ الْمَحْسُوسَ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا خَفِيفًا) لَا تَظْهَرُ الْخِفَّةُ فِيمَا يُدْرِكُهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ خَفِيفًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ كَوْنُهُ يُسَمَّى دُخَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ أَنَّ الدُّخَانَ يَحْصُلُ إلَخْ) أَيْ وَالرَّائِحَةُ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِالشَّمِّ أَقُولُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَقَالَ قُلْت الْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ عَنَى بِالدُّخَانِ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ الثَّانِي أَنَّهُ عَنَى بِالدُّخَانِ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ الشَّمِّ كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ بِالرَّائِحَةِ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِالشَّمِّ كَرَائِحَةِ الْجِيفَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْفَرْقَيْنِ مُتَعَلِّقَانِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَأَنْدَرَ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ (أَنْدَرَ) مَصْرُوفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ وَلَا صِفَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ جِنْسٍ فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ مَوَانِعِ الصَّرْفِ إلَّا الْوَزْنُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَرِينَ إذَا كَانَ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ يُقَالُ لَهُ قِبَلَ (قَوْلُهُ وَالضَّرَّابُ) عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمَا فَيَنْفَرِدُ الضَّرَّابُ فِي الَّذِي يَدُقُّ الثِّيَابَ مَثَلًا وَالْحَدَّادُ وَالنَّحَّاسُ. (قَوْلُهُ وَإِصْطَبْلٍ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَبْدُوءَةِ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَإِصْطَبْلٍ مَا ضَرَّ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ رَائِحَتِهِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَرَائِحَةٍ إلَخْ وَبِاعْتِبَارِ مَضَرَّةِ الْجِيرَانِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَبِاعْتِبَارِ مُجَرَّدِ الضَّرَرِ مَلْغِيٌّ لِقَوْلِهِ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ مُرَاعَاةُ الِاخْتِصَارِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهَا كَمَا هِيَ (قَوْلُهُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِهَا يُقْضَى بِهَدِّهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 عَوْرَاتِ جَارِهِ وَلِمَا فِي الْإِصْطَبْلِ مِنْ الضَّرَرِ بِبَوْلِ الدَّوَابِّ وَزِبْلِهَا وَحَرَكَتِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَانُوتِ قُبَالَةَ الْبَابِ مِنْ الْمَنْعِ وَلَوْ كَانَ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَارْتَضَاهُ ح وَلَيْسَ كَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ لِأَنَّ الْحَانُوتَ أَشَدُّ ضَرَرًا لِتَكَرُّرِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ دُونَ بَابِ الْمَنْزِلِ وَمَفْهُومُ (قُبَالَةَ بَابٍ) أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) وَبِقَطْعِ مَا أَضَرَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ بِجِدَارٍ إنْ تَجَدَّدَتْ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ شَجَرَةٌ بِجِوَارِ جِدَارِ إنْسَانٍ وَأَضَرَّتْ بِالْجِدَارِ بِأَنْ امْتَدَّتْ أَغْصَانُهَا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةً عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِقَطْعِ الزَّائِدِ الْمُضِرِّ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ هُوَ الْحَادِثُ عَلَيْهَا فَهَلْ يُقْضَى بِقَطْعِ الزَّائِدِ الْمُضِرِّ أَوْ لَا؟ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجِدَارِ أَخَذَ مِنْ حَرِيمِ الشَّجَرَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِمُطَرِّفٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (ص) لَا مَانِعَ ضَوْءٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ إلَّا لِأَنْدَرَ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ وَبِمَنْعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ بِنَاءَهُ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ حَتَّى مَنَعَ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْلَى لَوْ نَقَصَ مَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْعُ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ عَنْ أَنْدَرَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَنْدَرِ مَا ذُكِرَ وَمِثْلُهُ طَاحُونُ الرِّيحِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ وَهِيَ صِلَةٌ لِمُتَعَلِّقٍ مَحْذُوفٍ كَمَا تَرَى فِي التَّقْرِيرِ. (ص) وَعُلُوِّ بِنَاءٍ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَرَوْشَنٍ وَسَابَاطٍ لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ إلَّا بَابًا إنْ نَكَبَ (ش) قَالَ فِيهَا فِي آخِرِ بَابِ الْقَسْمِ وَمَنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ فَجَاوَزَ بِهِ بُنْيَانَ جَارِهِ لِيُشْرِفَ عَلَيْهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ رَفْعِ بِنَائِهِ وَمُنِعَ مِنْ الضَّرَرِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّامُ فِي لِيُشْرِفَ لَامُ الْعَاقِبَةِ انْتَهَى وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا آلَ إلَى الضَّرَرِ وَلَمْ يُدْخَلْ عَلَيْهِ لَيْسَ كَالضَّرَرِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ أَيْ إنَّهُ أَخَفُّ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ إزَالَتَهُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى جَارِهِ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ الْمَنَارِ فَإِنَّهُ فِيهِ يَأْمُرُهُ جَارُهُ أَنْ لَا يُشْرِفَ وَإِنْ فَعَلَهُ جَائِزٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مَنْ أَحْدَثَ عَلَى جَارِهِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ ضَرَرًا قَوِيًّا كَصَوْتِ الْكَمَدِ وَهُوَ دَقُّ الْقُمَاشِ وَكَذَلِكَ الْقَصَّارُ وَالْحَدَّادُ وَمِثْلُ ذَلِكَ صَانِعُ الْآلَاتِ الْمُبَاحَةِ عِنْدَ تَجْرِبَتِهَا وَمُعَلِّمُ الْأَنْغَامِ عِنْدَ الْفِعْلِ وَمُعَلِّمٌ لِصِبْيَانٍ عِنْدَ رَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ صَوْتٍ كَكَمَدٍ مِنْ حَيْثُ صَوْتُهُ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْجِدَارِ مُنِعَ كَمَا مَرَّ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ وَيَدُمْ وَإِلَّا مُنِعَ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ إلَى الْفَضَاءِ وَلَوْ مُقَابِلًا لَبَابِ جَارِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً أَمْ لَا وَاحْتُرِزَ بِالنَّافِذَةِ مِنْ غَيْرِ النَّافِذَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا بَابًا إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ الْجِيرَانِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ رَوْشَنٍ وَهُوَ الْجَنَاحُ الَّذِي يُخْرِجُهُ الشَّخْصُ فِي حَائِطِهِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّينَ وَكَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً. وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ سَابَاطٍ وَهُوَ جَعْلُ سَقْفٍ وَنَحْوِهِ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَحَرَكَتِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا) أَيْ فَتَمْنَعُ النَّوْمَ (قَوْلُهُ وَارْتَضَاهُ ح) مُقَابِلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ السِّكَّةِ النَّافِذَةِ وَأَمَّا النَّافِذَةُ فَسَوَّى فِيهَا مَا بَيْنَ الْحَانُوتِ وَالْبَابِ وَهُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ امْتَدَّتْ أَغْصَانُهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مِنْ شَجَرَةٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مِنْ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ وَقَدَّرَهُ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَأَمَّا إذَا أَضَرَّ جِدَارُهَا الْمُغَيَّبُ فِي الْأَرْضِ جِدَارَ غَيْرِ مَالِكِهَا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجِدَارِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ الْمُحَيَّاةِ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُجَابُ عَنْ تَعْلِيلِ الْمُقَابِلِ. (قَوْلُهُ لَا مَانِعَ ضَوْءٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ) وَلَوْ الثَّلَاثَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ مَا يَنْقُصُ الْغَلَّةَ كَإِحْدَاثِ فُرْنٍ قُرْبَ فُرْنٍ آخَرَ أَوْ حَمَّامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ) أَيْ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لَا مَنْعَ مَانِعٍ وَلَوْ عَطَفَهُ عَلَى دُخَانٍ لَكَانَ أَسْهَلَ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَنْدَرِ) أَيْ فِي الْأَنْدَرِ (قَوْلُهُ مِنْ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ) فَإِنْ كَانَ الضَّوْءُ يَنْفَعُهُ يَرْجِعُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَعُلُوِّ بِنَاءٍ إلَخْ) أَيْ لِمُسْلِمٍ لَا ذِمِّيٍّ فَيُمْنَعُ وَفِي الْمُسَاوَاةِ قَوْلَانِ فَقِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ لَا وَإِذَا مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً أَقَرُّوا عَلَيْهَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سِكَّةٌ نَفَذَتْ فَقَطْ لَا لِقَوْلِهِ سَابِقًا بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا بَابًا إنْ نَكَبَ فَإِنَّمَا يُنَاسِبُ مَفْهُومَ الْأُولَى فَقَطْ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْ الضَّرَرِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يَتَطَلَّعُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ اللَّامُ فِي لِيُشْرِفَ لَامُ الْعَاقِبَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنَّمَا يَئُولُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ الْمَنَارِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَحْدَثَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ بُنْيَانًا بِحَيْثُ إنَّ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ لَا يَنْظُرُ الْجِيرَانَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فِيهِ) أَيْ فَإِنَّ الشَّخْصَ فِيهِ أَيْ رَفْعِ الْبِنَاءِ يَأْمُرُهُ جَارُهُ أَنْ لَا يُشْرِفَ فَقَطْ أَيْ لَا أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُحْدِثَ بُنْيَانًا يَمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنَّ إزَالَتَهُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَيْ كَالْمَنَارِ وَالْمَسْجِدِ الَّذِي يَكْشِفُ سُطُوحَهُ (قَوْلُهُ صَانِعُ الْآلَاتِ الْمُبَاحَةِ) أَيْ كَالدُّفِّ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ الْجِيرَانِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِلرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً لَا يَمْنَعُ أَصْلًا إنْ نَكَبَهُ عَنْ بَابِ جَارِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْكُبْهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا رِضَا ذَلِكَ الْجَارِ فَقَطْ (فَائِدَةٌ) السِّكَّةُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْوَسَطِ وَقِيلَ بِذِرَاعِ الْبُنْيَانِ الْمُتَعَارَفِ وَمَحَلُّهُ فِي مَوَاتٍ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي عِمَارَتِهِ بُيُوتًا وَاخْتَلَفَ طُرُقُهُمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ لَا فِي طُرُقٍ قَدِيمَةٍ دُونَ سَبْعَةٍ بَيْنَ بُيُوتِهِمْ لَمْ يُعْلَمْ مُحْدِثُهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 حَائِطَيْنِ لِرَجْلٍ مُكْتَنِفِي الطَّرِيقِ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّينَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً إلَى الْفَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ رَوْشَنًا أَوْ سَابَاطًا إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَلَوْ رَفَعَهُمَا رَفْعًا بَيِّنًا وَلَا يَكْفِي إذْنُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالْإِشْرَاكِ لَكِنْ فِي الْكَافِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ مَنْ يَمُرُّ بِمَنْزِلِهِ مِنْ تَحْتِ الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ مِمَّنْ مَنْزِلُهُ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ دُونَ مَنْ لَمْ يَمُرَّ تَحْتَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ انْتَهَى وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فَلَا يُمْنَعُ إنْ نَكَبَهُ عَلَى بَابِ جَارِهِ بِحَيْثُ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ وَلَا قَطْعَ لَهُ مُرْفَقًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً إلَى الْقَضَاءِ وَتَقَدَّمَ الْجَوَازُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُنْكَبْ فَقَوْلُهُ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَالرِّوَايَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ قِيلَ الْمَحَلُّ لِلضَّمِيرِ فَكَانَ يَقُولُ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ لَاحْتُمِلَ رُجُوعُهُ لِلسِّكَّةِ لَا بِقَيْدِهَا فَلِذَلِكَ أَتَى بِالظَّاهِرِ الْمُقَيَّدِ وَقَوْلُهُ فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا تَامًّا وَإِلَّا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْجُرُوهَا عَلَى النَّاسِ بِغَلْقٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْجَمِيعِ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ. (ص) وَصُعُودِ نَخْلَةٍ وَأَنْذَرَ بِطُلُوعِهِ (ش) يَجُوزُ نَصْبُ وَصُعُودٍ عَطْفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَانِعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فِي دَارِهِ نَخْلَةٌ أَوْ شَجَرَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطْلُعَ لَهَا لِيَجْنِيَ ثَمَرَهَا أَوْ لِأَجْلِ إصْلَاحِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْذِرَ جَارَهُ بِطُلُوعِهِ إيَّاهَا خَوْفَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى عَوْرَةِ جَارِهِ وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِنْذَارِ بِخِلَافِ الْمَنَارَةِ الْمُحْدَثَةِ أَوْ الْقَدِيمَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَكْشِفُ عَلَى الْجِيرَانِ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصُّعُودَ لِجَنْيِ الثَّمَرَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ نَادِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ. (ص) وَنُدِبَ إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبِهِ وَإِرْفَاقٌ بِمَاءٍ وَفَتْحُ بَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ جِدَارَهُ لِيَغْرِزَ فِيهِ جَارُهُ خَشَبَةً وَنَحْوَهَا وَأَنْ يُرْفِقَهُ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ فَتْحِ بَابٍ وَإِرْفَاقٍ بِمَاءٍ وَجَوَازٍ فِي طَرِيقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً تُغْرَزُ فِي جِدَارِهِ» رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ خَشَبَةً بِلَفْظِ الْوَاحِدِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ خَشَبَهُ عَلَى الْجَمْعِ وَبِعِبَارَةٍ خَشَبَهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالشَّيْنِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مَعَ ضَمِّ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْجِيرَةِ فَقِيلَ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَالْجَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَارٌ لَهُ عَلَيْك حَقَّانِ وَهُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ الْأَجْنَبِيُّ، وَجَارٌ لَهُ عَلَيْك ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَهُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ الَّذِي بَيْنَك أَوْ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَجَارٌ لَهُ عَلَيْك حَقٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ الْجَارُ الذِّمِّيُّ (ص) وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَفِي مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ تَرَدُّدٌ. (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَعَارَهُ عَرْصَتَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ وَفِي بَابٍ آخَرَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تَرَكْتَهُ إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّك أَعَرْته إلَى مِثْلِهِ فِي الْأَمَدِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِيمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ فَمَنْ قَالَ وِفَاقٌ جَعَلَ مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَا أَنْفَقَ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ ثَمَنًا وَأَصْرَفَهُ فِي الْمُؤَنِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَنَ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ وَقِيمَتِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً) ضَعُفَ هَذَا التَّفْصِيلُ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا فِي التَّمْكِينِ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ الرَّوْشَنُ وَالسَّابَاطُ بِأَهْلِ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فِي ضَوْءٍ وَلَا مَمَرِّ رَاكِبٍ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَفُورِ الْعِمْرَانِيُّ وَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِ الْمِعْيَارِ اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْكَافِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ عج (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلسَّابَاطِ وَالرَّوْشَنِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا) أَيْ حَتَّى يَجْعَلَ بِهَا سَاتِرًا يَمْنَعُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْجِيرَانِ مِنْ أَيْ جِهَةٍ حَتَّى لَا يَتَبَيَّنَ بِهِ أَشْخَاصٌ وَلَا هَيْئَاتٌ وَلَا ذُكُورٌ وَلَا إنَاثٌ، قَرُبَتْ دَارُهُمْ أَوْ بَعُدَتْ لِتَكَرُّرِ طُلُوعِهَا. (قَوْلُهُ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ) أَيْ لِاسْتِنَادٍ عَلَيْهَا أَوْ سَقْفٍ (قَوْلُهُ وَإِرْفَاقٍ بِمَاءٍ) أَيْ بِفَضْلِ مَاءٍ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ جَارُهُ لِشُرْبٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) أَيْ كَحَجَرٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى يَفْتَحُهُ لَهُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنْ السُّوقِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَجَوَازٍ فِي طَرِيقٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَتْحِ بَابٍ وَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ وَالْمَعْنَى مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَ لِجَارِك طَرِيقٌ خَاصَّةٌ بِهِ يَذْهَبُ مِنْهَا لِلسُّوقِ فَيَأْذَنُ لَك بِالْمُرُورِ فِيهَا لِأَجْلِ قُرْبِ السُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِرِوَايَاتٍ ثَلَاثَةٍ وَالْجَمْعُ لَهُ صِيغَتَانِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِفَتْحَتَيْنِ يَكُونُ اسْمَ جَمْعٍ فَتَجُوزَ فِي قَوْلِهِ جَمْعٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَقِيلَ أَرْبَعُونَ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ سِتُّونَ دَارًا عَنْ يَمِينِهِ وَسِتُّونَ عَنْ يَسَارِهِ وَسِتُّونَ خَلْفَهُ وَسِتُّونَ أَمَامَهُ هَكَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) أَيْ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَرْصَةٍ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ لِجَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْعَارِيَّةَ بِعَمَلٍ وَلَا أَجَلٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ لِانْقِضَائِهِ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَاءٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ إلَخْ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَوْ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ وَفِيهِ أَيْضًا قِيمَتُهُ؛ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ فِي الْأَمَدِ) أَيْ مِنْ الْأَمَدِ أَيْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ إلَخْ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 إذَا رَجَعَ بِالْعَبْدِ أَوْ مَا أَنْفَقَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ وَمَنْ قَالَ خِلَافٌ اكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الزَّمَنِ أَوْ الْعَمَلِ الْمُعْتَادِ فَكَالْغَاصِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ قُلْت يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَائِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا هُنَا قُلْت قَدْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مَخْصُوصٌ بِمَا أُعِيرَ لِغَيْرِ الْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا مَا أُعِيرَ لِذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ فَإِنْ قُلْت كَلَامُهُ هُنَا يَشْمَلُ مَا أُعِيرَ لِلْبِنَاءِ وَيَشْمَلُ غَيْرَهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ قَوْلُهُ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا أُعِيرَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغَرْسِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْمُعْتَادُ بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهُ أَيْ قَائِمًا عَلَى التَّأْبِيدِ. وَلَمَّا كَانَتْ شَرِكَةَ الْمُزَارَعَةِ قِسْمًا مِنْ الشَّرِكَةِ نَاسَبَ أَنْ يَعْقُبُهَا لَهَا وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِتَرْجَمَةٍ لِمَزِيدِ أَحْكَامٍ وَشُرُوطٍ تَخُصُّهَا وَإِلَّا فَحَقُّهَا أَنْ تُدْرَجَ فِي الشَّرِكَةِ فَقَالَ (فَصْلٌ: لِكُلٍّ فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ إنْ لَمْ يَبْذُرْ) (ش) الْمُزَارَعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَهُوَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63] {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ شَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ اثْنَيْنِ يَفْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ الْآخَرُ بِهِ مِثْلُ الْمُضَارَبَةِ وَتُتَصَوَّرُ هُنَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَطُرِدَتْ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَزْرَعُ لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ وَالْآخَرُ يَزْرَعُ لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ لَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ بِالشُّرُوعِ أَيْ بِالْبَذْرِ إذْ عَقْدُهَا جَائِزُ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالْبَذْرُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ هُوَ إلْقَاءُ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ وَظَاهِرُهُ تَقَدُّمُ الْبَذْرِ عَمِلَ أَمْ لَا فَلَا تَلْزَمُ بِالْعَمَلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَالٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بَذْرٌ وَانْظُرْ لَوْ حَصَلَ الْبَذْرُ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ فَهَلْ تَلْزَمُ فِيهِ فَقَطْ أَوْ فِي الْجَمِيعِ أَوْ إنْ بَذَرَ الْأَكْثَرَ فَلَهُ حُكْمُ بَذْرِ الْجَمِيعِ وَإِنْ بَذَرَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَإِنْ بَذَرَ الْأَقَلَّ فَكَالْعَدِمِ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ بِالْعَقْدِ كَشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِالْمَنْعِ فِيهَا مُطْلَقًا فَضَعُفَ الْأَمْرُ فِيهَا فَلَا بُدَّ فِي لُزُومِهَا مِنْ أَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْبَذْرُ (ص) وَصَحَّتْ إنْ سَلِمَا مِنْ كِرَاء الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يَصِحُّ إذَا سَلِمَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا بِهِ بِأَنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ لَا بِطَعَامٍ وَلَوْ لَمْ تُنْبِتُهُ كَالْعَسَلِ وَنَحْوِهِ أَوْ بِمَا تَنْبُتُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا قَابَلَهَا مَا يُسَاوِيهَا مِنْ غَيْرِ الْبَذْرِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَالْمُرَادُ أَنْ يُقَابِلَهَا مُسَاوٍ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ الْوَاقِعِ بَيْنِهِمَا فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثُ جَازَ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثُ جَازَ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَسَدَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ خَمْسِينَ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَسَدَ فَالْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُطَابِقًا لِلْمُخْرَجِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْخَارِجِ وَالْمُخْرَجِ جَمِيعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَقَوْلُهُ وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ وَمَعْطُوفٌ عَلَى سَلِمَا فَهُوَ شَرْطٌ وَكُلُّ شَرْطٍ عَدَمُهُ مَانِعٌ فَلَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ تت مِنْ قَوْلِهِ فَالْمُسَاوَاةُ شَرْطٌ وَعَدَمُهَا مَانِعٌ وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُ   [حاشية العدوي] هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ يَوْمَ الْبِنَاءِ فَلَا يُرَاعِي قُرْبَ زَمَانٍ وَلَا بُعْدَهُ وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَنْظُورُ لَهُ قِيمَةُ الْبُنْيَانِ لَا قِيمَةُ الْمُؤَنِ الَّذِي هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهَا قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَيْ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِالْمُنَاسِبِ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ وَقِيمَتَهُ إنْ تَغَابَنَ بِأَنْ يَكُونَ اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِزَائِدٍ عَنْ الْقِيمَةِ مُتَفَاحِشًا (قَوْلُهُ قُلْت قَدْ ذَكَرَ بَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهُ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ الْحَائِطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ الْمُفِيدُ قِيمَةُ الْمُؤَنِ لَا قِيمَةُ الْحَائِطِ. وَمِثْلُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا عِبَارَةُ شب وعب فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ. [فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ] (بَابُ الْمُزَارَعَةِ) (قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّرْعِ) وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَهُوَ عِلَاجُ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ وَعَبَّرَ بِالْأَخْذِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الزَّرْعَ اسْمٌ لِلْمَزْرُوعِ عَلَى مَا قَالَ وَإِذَا قَدَّرْت مُضَافًا فِي كَلَامِ شَارِحِنَا وَافَقَ كَلَامَ بَهْرَامَ أَيْ عِلَاجُ وَهُوَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ ادَّعَى دَعْوَتَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْآيَةِ دَلَالَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَتُتَصَوَّرُ هُنَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ) بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَمَلُ وَالْبَذْرُ وَقَوْلُهُ وَطُرِدَتْ فِي الْبَاقِي كَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ وَالْآخَرِ الْبَذْرُ (قَوْلُهُ أَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ) أَيْ عَقْدٌ هُوَ الْمُزَارَعَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْهَاءِ وَلَعَلَّهَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُ بِالْعَمَلِ إلَخْ) فِي ك وَأَمَّا الْعَمَلُ كَالْحَرْثِ مَثَلًا فَلِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْفَسْخَ لَهُ لِذَلِكَ وَمَنْ لَهُ عَمَلٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ يَقْتَسِمَانِ الْأَرْضَ إنْ كَانَ الْعَمَلُ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَهَلْ تَلْزَمُ إلَخْ) فِي شَرْحِ شَبَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَذْرَ الْبَعْضِ كَبَذْرِ الْكُلِّ وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ مَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّهُ لَهُ الْفَسْخُ فِي الَّذِي لَمْ يَبْذُرْ وَظَاهِرُهُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ أَمْ لَا [شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ] (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَالْعُودِ وَالصَّنْدَلِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاوُتِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَالْمُسَاوَاةُ إلَخْ) عِبَارَةُ شب وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 الْفُقَهَاءُ الشَّرْطَ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ وَقَوْلُهُ مُسَاوٍ وَمِنْ بَقَرٍ وَعَمَلٍ بِأَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهُمَا قَدْرَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَأَمَّا مَنْ بَذَرَ فَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ سَلِمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَسَاوَيَا (ش) أَيْ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ عَلَى حَسَبِ مَا يُخْرِجُهُ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ وَشَرَطَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَاهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَشَرَطَا أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى التَّنْصِيفِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِزَائِدٍ عَمَّا لِلْآخِرِ بَعْدَ الْعَقْدِ اللَّازِمِ وَهُوَ الْبَذْرُ فَلَا يَضُرُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا لِتَبَرُّعٍ بَعْدَ الْعَقْدِ (ش) أَيْ مِنْ غَيْرِ وَأْيٍ وَلَا عَادَةٍ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (ص) وَخَلْطِ بَذْرٍ إنْ كَانَ (ش) كَانَ تَامَّةٌ أَيْ إنْ وُجِدَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كَبَعْضِ الْخُضَرِ الَّتِي تُنْقَلُ وَتُغْرَسُ كَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ إلَّا بِالْغَرْسِ وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ وَالذُّرَةُ وَالْمَقَاثِئُ لَا تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ فِيهَا إلَّا بِزَرْعِ الزَّرِيعَةِ وَأَمَّا قَبْلَ الْغَرْسِ أَوْ قَبْلَ زَرْعِ الزَّرِيعَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ أَيْ فَسْخُ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا إجَارَةُ الْأَرْضِ فَهِيَ لَازِمَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْبَذْرِ الزَّرِيعَةُ فَيَشْمَلُ الذُّرَةَ وَالدَّخَنَ وَالْقَصَبَ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ قِطَعًا وَيَضَعُونَهُ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَذْرِ حَقِيقَتَهُ وَأَمَّا تَقْدِيرُ إنْ كَانَ أَيٌّ مِنْ عِنْدِهِمَا فَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ خَلْطِ لِأَنَّ الْخَلْطَ يَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فِي شَرِكَةِ الزَّرْعِ دُونَ شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ شَرِكَةَ الزَّرْعِ لَمَّا كَانَتْ مُشْبِهَةً لِلْإِجَارَةِ وَكَانَ الْبَذْرُ فِيهَا مُعَيَّنًا أَشْبَهَ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ وَهِيَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَطَلَبَ هُنَا الْخَلْطُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ التَّعْجِيلِ قَالَهُ بَعْضٌ وَقَدْ يَنْزِلُ غَيْرُ الْخَلْطِ مَنْزِلَتَهُ كَأَنْ يُخْرِجَا الْبَذْرَ مَعًا وَيَبْذُرَاهُ وَقَوْلُهُ (ص) وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا (ش) مَشَى عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَزْوِ الشَّارِحِ لَهُ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَدًّا عَلَى سَحْنُونَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ بَذْرُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخِرِ وَبِعِبَارَةٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَخْلِطَا حِسًّا أَوْ يُخْرِجَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَبْذُرَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلِسَحْنُونٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا وَافَقَ فِيهِ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ وَالْآخَرُ خَالَفَهُمَا فِيهِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَرَّعَ   [حاشية العدوي] مَعْطُوفٌ عَلَى سَلِمَا فَهُوَ شَرْطٌ وَكُلُّ شَرْطٍ عَدَمُهُ مَانِعٌ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي كَوْنِ هَذَا شَرْطًا نَظَرٌ وَإِنَّمَا عَدَمُهُ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ وَلَيْسَ وُجُودُهُ شَرْطًا ثُمَّ إنَّ تت أَجَابَ عَنْ اعْتِرَاضِ الشَّارِحِ وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يَتَسَامَحُونَ فَيُطْلِقُونَ الشَّرْطَ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ثُمَّ إنَّ شَارِحَنَا رَدَّ كَلَامَ تت وَحَاصِلُ رَدِّهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَسَامَحَ بَلْ عَدَمُ الْمَانِعِ شَرْطٌ حَقِيقِيٌّ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ تت أَوْ يَقُولُ فَلَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ مُسَاوٍ إلَخْ) هَذَا حَلٌّ آخَرُ غَيْرُ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ وَعَلَى الْمَذْكُورِ فِي الصَّدْرِ يَكُونُ مُغْنِيًا عَنْ قَوْلِهِ وَتَسَاوَيَا وَعَلَى الْآخَرِ لَا وَشب اقْتَصَرَ عَلَى الْحَلِّ الْأَخِيرِ وَحَلُّ قَوْلِهِ وَتَسَاوَيَا بِمَا ذُكِرَ فِي الصَّدْرِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَلَّ الثَّانِي الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى التَّنَاصُفِ إنَّمَا هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَيَكُونُ الْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ عُمُومُ قَوْلِهِ وَتَسَاوَيَا وَبَعْدَ فَلَا دَاعِيَ لِقَوْلِهِ وَقَابِلُهَا مُسَاوٍ وَمَعَ قَوْلِهِ وَتَسَاوَيَا (قَوْلُهُ إلَّا لِتَبَرُّعٍ) يَصِحُّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا أَيْ وَتَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا حَالَةَ التَّبَرُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا أَيْ وَتَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ إلَّا لِتَبَرُّعٍ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ اللَّازِمِ بِالْبَذْرِ بِأَنْ يَعْقِدَا عَلَى التَّسَاوِي وَيَبْذُرَا ثُمَّ يَتَبَرَّعُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ وَأْيٍ) أَيْ إفْهَامٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ بِالْوَعْدِ كَمَا فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَيَكُونُ الْعَطْفُ مُغَايِرًا (قَوْلُهُ فَلَا تَنْعَقِدُ إلَخْ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اللُّزُومُ (أَقُولُ) يُمْكِنُ الْخَلْطُ فِيهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَالْقُطْنُ فَإِنَّ زَرِيعَةَ الْقُطْنِ وَالذُّرَةِ وَحَبُّ الْمَقَاثِي يُمْكِنُ الْخَلْطُ فِيهِ فَإِذَنْ الْأَحْسَنُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْبَذْرِ الزَّرِيعَةُ إلَخْ فَهُوَ حَلٌّ آخَرُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَذْرِ حَقِيقَتَهُ) الْعُرْفِيَّةَ وَهُوَ مَا يُبْذَرُ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْقَصَبَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا يُوضَعُ بِالْيَدِ وَلَا يُبْذَرُ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي الرُّزِّ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا عُرْفِيَّةً أَيْ لَا لُغَوِيَّةً لِأَنَّ الْبَذْرَ لُغَةً إلْقَاءُ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَقْدِيرُ إنْ كَانَ) الْأَوْلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إنْ كَانَ فِي الْمُصَنِّفِ تَامَّةً وَالْمَعْنَى إنْ وُجِدَ وَقَدْ ذُكِرَ مُحْتَرَزُهُ وَأَمَّا تَقْدِيرُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهِمَا حَيْثُ تَكُونُ نَاقِصَةً (قَوْلُهُ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ لِمَ كَانَ الْخَلْطُ (قَوْلُهُ مُشَبَّهَةً لِلْإِجَارَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَأْجَرَ صَاحِبَهُ فِي نِصْفِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يُخْرِجَا الْبَذْرَ مَعًا وَيَبْذُرَاهُ) أَيْ وَلَوْ فِي مَوْضِعَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا مَا حَمَلَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَشب وَأَمَّا عب فَجَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ذَاهِبًا لِكَلَامِ سَحْنُونَ تَبَعًا لِبَهْرَامَ فِي أَنَّ الْمَعْنَى وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا لِلْفَدَّانِ أَيْ وَيَزْرَعَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ وَجَعَلَ هَذَا مِنْ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا فَلَا يَكُونُ هَذَا لَا مِنْ الْخَلْطِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا مِنْ الْحُكْمِيِّ وَالصَّوَابُ مَا حَلَّ بِهِ عب وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ إنَّ عب ذَكَرَ مَا قَدْ يُورَدُ مِنْ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ كَلَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنَاسِبُ فَقَالَ وَلَعَلَّ مَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا لَمْ تَسَعْ مُخَالَفَتُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِعَزْوِ الشَّارِحِ لَهُ) أَيْ لِسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ بِعِبَارَةٍ وَهُوَ أَيْ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ أَوْ يَخْرُجَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى زَرْعِهِ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِوَقْتَيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَرْعُ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ بِلَوْ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ أَنْ يَبْذُرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا مَثَلًا مِنْ عِنْدِهِ إذَا اسْتَوَى قَدْرُهُ بِأَنْ يَبْذُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِطَانِ الْإِخْرَاجَ فَقَطْ لَا عَدَمَ التَّمْيِيزِ فَلَا فَرْقَ فِي الْإِخْرَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا مَعًا دُفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي يَوْمٍ وَمِنْ الْآخِرِ فِي يَوْمٍ لَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ فَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ إلَخْ قَرِينَةٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إذْ مَعْنَى وَعَلِمَ أَيْ تَمَيَّزَتْ نَاحِيَتُهُ وَجِهَتُهُ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ بِأَنْ زَرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ نَاحِيَةً لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ (ص) فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا وَعَلِمَ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ إنْ غَرُّوا عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِ النَّابِتِ وَإِلَّا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ بَذْرِ الْآخِرِ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا لَمْ يَخْلِطَا الْبَذْرَ وَإِنَّمَا حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ بَذَرَهُ إلَى الْفَدَّانِ بِنِيَّةِ الشَّرِكَةِ وَبَذَرَ كُلٌّ بَذْرَهُ عَلَى حِدَةٍ وَتَمَيَّزَ مَوْضِعُ كُلٍّ وَلَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ لَا يَخْلُو أَمَّا أَنْ يَغُرَّ صَاحِبَهُ أَمْ لَا فَإِنْ غَرَّ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ بِأَنْ كَانَ قَدِيمًا أَوْ مَسُوسًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ فِي الشَّرِكَةِ وَالشَّرِكَةُ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا وَيَغْرَمُ لِلَّذِي نَبَتَ بَذْرُهُ مِثْلَ نِصْفِ النَّابِتِ أَيْ قَمْحًا جَدِيدًا صَحِيحًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَمَلِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي غَرَّ فِيهَا اهـ. وَالْمُرَادُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَمَلِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ هُوَ حِصَّةُ الْمَغْرُورِ كُلُّهَا فَتَصِيرُ جَمِيعُ حِصَّتِهِ عَلَى الْغَارِّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ وَعَلِمَ أَيْ عَلِمَ أَنَّهُ بَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْغَرُورُ فَلِذَا قَالَ إنْ غَرَّ وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ شَرِيكَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ أَوْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ لِشَرِيكِهِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا ثَابِتَةٌ لَكِنْ يَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ فَيَغْرَمُ الَّذِي نَبَتَ بَذْرُهُ لِلَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ أَيْ قَمْحًا قَدِيمًا مَسُوسًا وَيَغْرَمُ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ لِلَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ أَيْ قَمْحًا صَحِيحًا جَدِيدًا وَهَذَا إذَا فَاتَ إلَّا بِأَنَّ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُفْتِ فَفِيمَا إذَا غَرَّ يُخْرِجُ مَكِيلَةَ زَرِيعَتِهِ الَّتِي لَمْ تَنْبُتْ مِنْ زَرِيعَةٍ تَنْبُتُ فَيَزْرَعُهَا فِي ذَلِكَ الْقَلِيبِ أَيْ النَّاحِيَةِ وَهُمَا عَلَى شَرِكَتِهِمَا وَفِيمَا إذَا لَمْ يَغُرَّ يُخْرِجُ كُلَّ قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ وَيَزْرَعَانِ ذَلِكَ فِي الْقَلِيبِ إنْ أَحَبَّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ لَمْ يَنْبُتْ زَرْعُهُ مِنْهُمَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا نَبَتَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَمَا ضَاعَ كَذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخِرِ بِشَيْءٍ (ص) كَأَنْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ (ش) هَذِهِ أُولَى الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ وَهِيَ خَمْسٌ وَآخِرُهَا قَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْجَمِيعُ إلَّا الْعَمَلَ إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْمَمْنُوعَةِ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ إلَى قَوْلِهِ وَعَمَلٌ وَبِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُتَزَارِعَيْنِ إذَا تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَتَسَاوَيَا أَيْ فِي الرِّبْحِ كَمَا مَرَّ، وَبِعِبَارَةِ أَنْ مَصْدَرِيَّةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَالْكَافُ كَافُ التَّمْثِيلِ لَا كَافُ التَّشْبِيهِ أَيْ مِثَالُ مَا اسْتَوْفَى جَمِيعَ الشُّرُوطِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ أَيْ مِنْ أَرْضٍ وَغَيْرِهَا وَالْعَمَلُ الَّذِي يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ هُوَ الْحَرْثُ دُونَ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِأَنَّهُمَا مَجْهُولَانِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونَانِ وَشَأْنُ ذَلِكَ قَدْ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ (ص) أَوْ قَابَلَ بَذْرَ أَحَدِهِمَا عَمَلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَقِيمَةُ الْعَمَلِ مِثْلُ قِيمَةِ الْبَذْرِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً أَيْضًا (ص) أَوْ أَرْضُهُ   [حاشية العدوي] التَّفْرِيعُ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى بَذْرِهِمَا قَبْلَ وَضْعِهِ بِالْأَرْضِ بِحَسَبِ مَا يُدْرِكُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَنْبُتُ أَوْ لَا يَنْبُتُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِطَانِ الْإِخْرَاجَ فَقَطْ) أَقُولُ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ الِاشْتِرَاطِ حَيْثُ يَكُونُ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى أَقُولُ بَلْ يَتَأَتَّى بِالِاطِّلَاعِ عَلَى بَذْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ بِحَسَبِ مَا يَفْهَمُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَقُولَانِ بِالْخَلْطِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَجَعَلَ إخْرَاجَهُمَا مَعًا لِلْفَدَّانِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَبْذُرُ عَلَى حِدَةٍ خُلِطَا حُكْمًا لَا يَصِحُّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلَا يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَإِلَّا كَانَ غَارًّا قَطْعًا فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ غَرَّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ) أَيْ فِي شَرِكَةِ الْمُنَاصَفَةِ وَمِثْلُ حِصَّتِهِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ بَذْرِ الْآخِرِ) أَيْ فِي الْمُنَاصَفَةِ وَعَلَى كُلٍّ مَنْ بَذْرِ الْآخَرِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي غَيْرِهَا وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَرْطٌ آخَرُ فِي الْبَذْرِ وَهُوَ تَمَاثُلُهُمَا نَوْعًا فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدَهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا أَوْ صِنْفَيْنِ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ فَقَالَ سَحْنُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ وَيَجُوزُ إذَا اعْتَدَلَتْ الْقِيمَةُ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ وَالْمَكِيلَةُ وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَ بَدَلُ الشَّعِيرِ فُولًا خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ الْفُولُ وَالْقَمْحُ يَمْنَعُ قَطْعًا (فَائِدَةٌ) إذَا اُشْتُرِطَ فِي الْحَبِّ الزِّرَاعَةُ وَلَمْ يَنْبُتْ وَالْبَائِعُ عَالِمٌ ذَلِكَ أَوْ شَاكٌّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّهُ وَالشِّرَاءُ فِي إبَّانِ الزَّرْعِ بِثَمَنِ مَا يَزْرَعُ كَالشَّرْطِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ لِلْأَكْلِ فَزَرَعَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَنْقُصُ مِنْ طَعْمِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ النَّقْصِ لَوْ اشْتَرَاهُ لِلزِّرَاعَةِ قَالَ مَعْنَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ ك (قَوْلُهُ وَالزَّرْعُ لَهُمَا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَا قَبْلَ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهَا بِأَنَّ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُشْتَرَطُ هُوَ الْحَرْثُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 وَبَذْرُهُ (ش) يَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى بَذْرَ أَيْ أَوْ قَابَلَ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ عَمَلٌ وَرَفْعُهُ أَيْ أَوْ قَابَلَ أَرْضُهُ وَبَذْرُهُ عَمَلَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ إنْ حُمِلَ الْعَمَلُ عَلَى عَمَلِ الْيَدِ وَالْبَقَرِ كَانَتْ مَسْأَلَةُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٍ وَكَانَ مَاشِيًا عَلَى مُخْتَارِ سَحْنُونَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى عَمَلِ الْيَدِ فَقَطْ كَانَتْ مَسْأَلَةِ اللَّخْمِيِّ وَفِيهَا خِلَافٌ أَيْضًا وَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ أَيْ أَوْ قَابَلَ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ وَبَقَرَهُ عَمَلُ يَدِهِ فَقَطْ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْعَمَلِ عَلَى مَا يَشْمَلُ عَمَلَ الْيَدِ وَالْبَقَرِ وَيَكُونُ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةِ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٍ لَا إلَى مَسْأَلَةِ اللَّخْمِيِّ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْجَمِيعُ إلَّا الْعَمَلَ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِطْلَاقُ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ فِيمَا سَيَأْتِي بِمَا إذَا عَقَدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ (ص) أَوْ بَعْضُهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَأَخْرَجَ الْآخِرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَأَشَارَ لِشَرْطِ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ لَمْ يُنْقِصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ (ش) أَيْ إنْ لَمْ يُنْقِصُ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنْ الزَّرْعِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ بِأَنْ زَادَ أَوْ سَاوَى كَمَا لَوْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الزَّرِيعَةِ وَأَخَذَ النِّصْفَ أَوْ أَخْرَجَ النِّصْفَ وَأَخَذَ النِّصْفَ وَأَمَّا إنْ نَقَصَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنْ الزَّرْعِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مَعَ عَمَلِهِ ثُلُثَيْ الْبَذْرِ وَأَخْرَجَ صَاحِبُ الْأَرْضِ ثُلُثَ الْبَذْرِ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ لَهُمَا نِصْفَانِ لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبَذْرِ هُنَا كِرَاءُ الْأَرْضِ. (ص) أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْجَمِيعُ إلَّا الْعَمَلَ إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ لَا الْإِجَارَةِ أَوْ أَطْلَقَا. (ش) هَذَا الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ وَصُورَتُهَا أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ وَالْأَرْضَ وَالْبَقَرَ وَعَلَى الْآخِرِ عَمَلُ يَدِهِ فَقَطْ وَلَهُ مِنْ الزَّرْعِ جَزْءٌ كَرُبْعٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَحَاصِلُ الْقَوْلِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ جَازَتْ اتِّفَاقًا وَإِنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ وَأَنْ عَرِيَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ أَطْلَقَا الْقَوْلَ عِنْد الْعَقْدِ فَحَمَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَمَنَعَهَا وَحَمَلَهَا سَحْنُونَ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهَا وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَزِّلْهُ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَجِدُهُ مُطَابِقًا وَانْظُرْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَمَتَى شُرِطَ عَلَيْهِ أَزْيَدُ مِنْ الْحَرْث فَسَدَتْ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْحَرْث بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْحِفْظِ وَالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالْحَصَادِ وَنَحْوِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ التِّبْنِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ. وَقَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَا مَعْطُوفٌ عَلَى إجَارَةٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَالَ إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ لَا إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ بِإِطْلَاقٍ فَهُوَ عَطْفٌ رَاعَى فِيهِ الْمَعْنَى لَا الصِّنَاعَةَ، وَإِلَّا فَسَدَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الصَّوَابُ تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ وَاعْتِرَاضِ ابْنِ عَرَفَةَ   [حاشية العدوي] وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونَ وَقَدْ نَصَّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ سَحْنُونَ مِنْ الْجَهَالَةِ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ الدِّرَاسِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِاعْتِبَارِ الْحَصَادِ إلَّا أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُسَامَحَةٍ فِي الْغَرَرِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْعَمَلِ (قَوْلُهُ يَصِحُّ نَصْبُهُ) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَوْلُهُ وَرَفْعُهُ أَيْ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ أَنْ حُمِلَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ مَاشِيًا عَلَى مُخْتَارِ سَحْنُونَ) بِالْجَوَازِ دُونَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٍ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ وَفِيهَا خِلَافٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ خِلَافٌ فِيهَا بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَسَيَأْتِي أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ يَحْكُمُ بِالْمَنْعِ وَمُفَادُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَاشٍ فِي مَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ مَعَ أَنَّهُ ذَاهِبٌ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَتْ مَسْأَلَةُ اللَّخْمِيِّ أَيْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ شُرُوطِهَا أَوْ نَظَرًا لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا الْآتِي (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ) أَيْ أَوْ قَابَلَ الْأَرْضُ وَبَعْضُهُ أَيْ الْبَذْرُ عَمَلَ الْآخِرِ وَبَعْضُ بَذْرِهِ وَيَجْرِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْضُهُ مَا جَرَى فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ (قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ أَوْ سَاوَى) فَإِنْ قُلْت أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُزَارَعَةِ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ لَا أَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا أَنْقَصَ وَهُوَ إذَا أَخَذَ أَزْيَدَ فَقَدْ زَادَ عَمَّا أَخْرَجَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْعَمَلِ وَثُلُثُ الْبَذْرِ يَعْدِلُ مَا أَخْرَجَهُ الْآخِرُ مِنْ الْأَرْضِ وَثُلُثَيْ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ جَازَتْ اتِّفَاقًا) الظَّاهِرُ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ فِيهَا خِلَافًا الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا كَانَتْ مَسْأَلَةُ اللَّخْمِيِّ وَفِيهَا خِلَافٌ أَيْضًا وَانْظُرْ كَيْفَ يَرُدُّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَيَقُولُ بِالْمَنْعِ مَعَ كَوْنِ النَّصِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازَ إنْ عَقْدَاهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ وَكَيْفَ يَغْفُلُ اللَّخْمِيُّ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ وَحَرِّرْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ. (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى) وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ اسْمٌ جَامِدٌ وَلَا يُقَالُ لِلَّذِي يُشْبِهُ الْفِعْلَ إلَّا اسْمَ الْفَاعِلِ وَاسْمَ الْمَفْعُولِ وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ) وَمُقَابِلُهُ مَا اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا دَخَلَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ قَدْرَ عَمَلِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَضْمُونًا فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَإِلَّا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَأَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكِ مُخْرِجِهِ لَا عَلَى مِلْكِ مُخْرِجِهِ فَقَطْ انْتَهَى أَيْ أَنْ يَعْمَلَ الْبَذْرَ عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكِ مُخْرِجِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ اللَّخْمِيُّ عَلَى شَرْطِ الْعَقْدِ بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ رَدَّ مَا ذَكَرَاهُ وَقَالَ الْمُوَافِقُ لِأَقْوَالِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا إجَارَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ فَاسِدَةً أَمَّا كَوْنُهَا إجَارَةً لَا شَرِكَةً فَلِأَنَّ مِنْ خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مَالًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَعْرِفَةُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْخَارِجِ وَأَمَّا كَوْنُهَا فَاسِدَةً فَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ كَوْنُهَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ مَعْلُومٍ وَهُنَا لَا يُعْرَفُ الْخَارِجُ. قَالَ عج وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى الْوِفَاقِ وَعَلَيْهِ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا مِنْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا عَمَلُ يَدِهِ فَقَطْ عِنْدَهُمَا بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ يَعْقِدَاهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ وَمِنْهَا أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ أَيْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 عَلَيْهِ مَرْدُودٌ (ص) كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ وَتَسَاوَيَا غَيْرَهَا (ش) التَّشْبِيهُ بِالْفَسَادِ وَهُوَ قَوْلُهُ (لَا الْإِجَارَةِ، أَوْ أَطْلَقَا) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَرْضًا لَهَا قَدْرٌ وَبَالٌ فَأَلْغَاهَا لِصَاحِبِهِ وَتَسَاوَيَا فِيمَا عَدَاهَا مِنْ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا نَعَمْ إنْ دَفَعَ لَهُ صَاحِبُهُ نِصْفَ كِرَاءِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي لَا قَدْرَ لَهَا فَإِلْغَاؤُهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ. (ص) أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ وَعَمَلٌ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَمْنُوعِ أَيْضًا وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُنْقَصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَرْضًا رَخِيصَةً وَعَمَلًا وَالْآخَرُ بَذْرًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ فَإِنْ قُلْت تَقْيِيدُ الْأَرْضِ بِكَوْنِهَا لَهَا بَالٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لَا بَالَ لَهَا تَصِحُّ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ هُنَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ وَعَمَلٌ حَيْثُ مُنِعَتْ هُنَا وَأُجِيزَتْ فِيمَا مَرَّ قُلْت لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّ الْأَرْضَ فِي هَذِهِ وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْبَذْرِ فَلِذَا مُنِعَتْ وَفِي الْأُولَى لَمْ تَقَعْ كَذَلِكَ فَلِذَا أُجِيزَتْ وَأَمَّا عَكْسُ صُورَةِ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ فَجَائِزٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهَا خَطْبٌ وَبَالٌ بِشَرْطِ مُسَاوَاةِ الْعَمَلِ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ كَمَا مَرَّ وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِهَذِهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَرْضِهِ وَبَذْرِهِ) وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ الصَّحِيحَةَ وَشُرُوطَهَا عُلِمَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ مَا اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ فَلِذَا لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِهَا بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِهَا فَقَالَ (ص) وَإِنْ فَسَدَتْ وَتَكَافَّا عَمَلًا فَبَيْنَهُمَا وَتَرَادَّا غَيْرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُزَارَعَةَ إذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا فَإِنَّهَا تُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ وَتَسَاوَيَا فِيهِ فَإِنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا لِأَنَّهُ تَكُونُ عَنْهُ وَيَتَرَادَّانِ غَيْرَ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْبَذْرِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ بِمِثْلِ نِصْفِ بَذْرِهِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ بِأُجْرَةِ نِصْفِ أَرْضِهِ وَلَا خَفَاءَ فِي فَسَادِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الْبَذْرَ (ص) وَإِلَّا فَلِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَانَ لَهُ بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ أَوْ أَرْضٌ أَوْ كُلٌّ لِكُلٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُزَارَعَةَ إذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَلَمْ يَتَكَافَّا فِي الْعَمَلِ بَلْ كَانَ الْعَامِلُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا وَأُجْرَةُ الْبَقَرِ لِصَاحِبِهِ أَوْ مَكِيلَةُ الْبَذْرُ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَكِنَّ شَرْطَ اخْتِصَاصِ الْعَامِلِ بِالزَّرْعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعَ الْعَمَلِ إمَّا بَذْرٌ وَالْأَرْضُ لِلْآخِرِ أَوْ أَرْضٌ وَالْبَذْرُ لِلْآخِرِ فَقَوْلُهُ كَانَ إلَخْ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ لَهُ مَعَ عَمَلِهِ مَا ذَكَرَهُ فَهُوَ قَيْدٌ مَقْصُودٌ لِيُخْرِجَ مَا إذَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَى عَمَلِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْضٍ أَوْ بَذْرٍ أَوْ بَقَرٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ كُلٌّ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ مُخْرِجُ الْبَذْرِ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ إنْ كَانَ هُوَ مُخْرِجَ الْبَذْرِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ أَرْضِ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُخْرِجَ الْبَذْرِ فَعَلَيْهِ لَهُ مِثْلُ بَذْرِهِ هَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ كُلٌّ لِكُلٍّ أَيْ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَوْ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَوَجْهُ فَسَادِهَا فِي الشَّرِيكَيْنِ التَّبَرُّعُ بِالْعَمَلِ فِي الْعَقْدِ وَفِي الشُّرَكَاءِ وُقُوعُ بَعْضِ الْبَذْرِ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْأَرْضِ وَفِي   [حاشية العدوي] أَنْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ عَمَلِهِ الثُّلُثَ فَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ وَمِنْهَا أَنْ يُعْمَلَ الْبَذْرُ عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكِ مُخْرِجِهِ أَيْ بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ عُمِلَ عَلَى مِلْكِ مُخْرِجِهِ فَقَطْ فَسَدَتْ وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَإِلَّا فَسَدَتْ حَيْثُ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ وَتَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً فِيهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ) فِيهِ نَظَرٌ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ. (قَوْلُهُ رَخِيصَةٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَلَهَا فِي نَفْسِهَا قَدْرٌ وَبَالٌ وَأَمَّا رَخِيصَةٌ رُخْصًا مُطْلَقًا وَهِيَ الَّتِي لَا خَطْبَ لَهَا وَلَا بَالَ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا يَشْمَلُهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ رُخْصًا نِسْبِيًّا فَلَيْسَتْ هَذِهِ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ كَمَا وَهَمَ بَعْضُهُمْ. ك [الْمُزَارَعَةَ الْفَاسِدَةَ] (قَوْلُهُ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ الصَّحِيحَةَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَقْسَامًا مِنْ الصَّحِيحَةِ وَأَقْسَامًا مِنْ الْفَاسِدَةِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِهَا مَعَ أَنَّهُ بَيَّنَ أَقْسَامًا خَمْسَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِ جُزْئِيَّاتِهَا كُلِّهَا وَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَتَكَافَّا عَمَلًا) أَيْ وُجِدَ الْعَمَلُ فِيهِمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) تَجَوَّزَ فِي إطْلَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ أَيْ إذَا كَانَ لَهُ مَعَ عَمَلِهِ الْأَرْضَ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ أَيْ وَعَلَى الْعَامِلِ كُلُّ الْأُجْرَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْبَذْرُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِطْلَاقُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْبَذْرِ تَجُوزُ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ إلَخْ) لَيْسَ هُنَا ضَمِيرٌ بَلْ التَّنْوِينُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَحْذُوفِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ) لَا يَظْهَرُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى وَلَا لِلثَّانِيَةِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهَا وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ فَلِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ كُلٌّ لِكُلٍّ) أَيْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ فَقَطْ وَلِذَا قَالَ عج قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَبَيْنَهُمَا أَيْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا إذَا انْضَمَّ لِعَمَلِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُ مِنْ بَذْرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ عَمَلِ بَقَرٍ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ أَوْ بَعْضِ وَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِلْعَامِلِ فَمَنْ انْضَمَّ لِعَمَلِ يَدِهِ مَا ذُكِرَ دُونَ صَاحِبِهِ فَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عج (قَوْلُهُ وَفِي الشُّرَكَاءِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ وَالْعَمَلُ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 هَذِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى عَمَلِ يَدِهِ آلَةٌ مِنْ بَقَرٍ أَوْ مِحْرَاثٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ وَلَمَّا كَانَ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَبَيْنَ الشَّرِكَةِ وَالْمُزَارَعَةِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِمَا وَكَالَةً أَتْبَعَهَا بِهِمَا فَقَالَ (بَابٌ فِي ذِكْرِ مَا جَمَعَهُ مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا التَّفْوِيضُ يُقَالُ وَكَّلَهُ بِأَمْرِ كَذَا تَوْكِيلًا أَيْ فَوَّضَ إلَيْهِ وَوَكَّلْت أَمْرِي إلَى فُلَانٍ أَيْ فَوَّضَتْهُ إلَيْهِ وَاكْتَفَيْت بِهِ وَتَقَعُ أَيْضًا عَلَى الْحِفْظِ وَالْوَكِيلُ الَّذِي تَكَفَّلَ بِمَا وُكِّلَ بِهِ فَكَفَى مُوَكِّلُهُ الْقِيَامَ بِمَا أَسْنَدَ إلَيْهِ وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةِ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ وَلَا عِبَادَةٍ لِغَيْرِهِ فِيهِ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ فَتَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبَ صَلَاةٍ وَالْوَصِيَّةُ قَوْلُهُ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ كَنِيَابَةِ إمَامٍ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا وَقَوْلُهُ وَلَا عِبَادَةٍ أَخْرَجَ بِهِ إمَامَ الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنِيَابَةِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ عُرْفًا وَكِيلٌ وَلِذَا فَرَّقُوا بَيْنَ فُلَانٍ وَكِيلِي وَوَصِيِّ (ص) صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الْوَكَالَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تَصِحُّ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ بِمَعْنَى أَنَّ مَا يَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِنَاءً عَلَى مُسَاوَاةِ النِّيَابَةِ لِلْوَكَالَةِ لَا عَلَى أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ وَعَبَّرَ بِالصِّحَّةِ دُونَ الْجَوَازِ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ الْبُطْلَانُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ. (ص) مِنْ عَقْدٍ وَفَسْخٍ وَقَبْضِ حَقٍّ وَعُقُوبَةٍ وَحَوَالَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ وَحَجٍّ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى بَيَانِ مَحَلِّ قَابِلِ النِّيَابَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنَّ يُوَكِّلَ   [حاشية العدوي] أَحَدِهِمْ. فَالْعِلَّةُ إنَّمَا هِيَ التَّفَاوُتُ لَا مَا قَالَهُ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ عَلَى وَاحِدٍ وَالْأَرْضُ عَلَى آخَرَ وَالْبَذْرُ عَلَى آخَرَ فَكَلَامُهُ صَحِيحٌ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ الْمَتْنَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ ذَكَرَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا فَاتَتْ بِالْعَمَلِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ الرَّاجِحُ مِنْهَا أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ: أُصُولُ الْبَذْرِ وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ. فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَانِ مِنْهَا أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْهَا كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ اجْتَمَعَ لِوَاحِدٍ شَيْئَانِ مِنْهَا دُونَ صَاحِبَيْهِ كَانَ لَهُ الزَّرْعُ دُونَهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب أَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ شَيْئَانِ لِشَخْصَيْنِ مِنْهُمْ فَالزَّرْعُ لَهُمَا دُونَ الثَّالِثِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ الْأُولَى أَنْ تَجْتَمِعَ الثَّلَاثَةُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ اثْنَانِ الثَّانِيَةُ أَنْ تَجْتَمِعَ الثَّلَاثَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَخْصَيْنِ مِنْهُمْ وَيَجْتَمِعُ لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ اثْنَانِ الثَّالِثَةُ أَنْ تَجْتَمِعَ الثَّلَاثَةُ لِوَاحِدٍ وَيَجْتَمِعُ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ وَيَنْفَرِدُ الثَّالِثُ بِوَاحِدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ لَهُ اثْنَانِ يُسَاوِي مَنْ لَهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةٌ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ اثْنَانِ اهـ. مِنْ شَرْحِ عب [بَابٌ فِي الْوَكَالَةِ] (قَوْلُهُ فِيهِمَا وَكَالَةٌ) أَيْ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ كُلًّا وَكِيلٌ عَنْ الْآخِرِ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ أَيْضًا عَلَى الْحِفْظِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا} [النساء: 81] (قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ إلَخْ) هَذَا يُنَاسِبُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَهُوَ التَّفْوِيضُ وَيُنَاسِبُ الثَّانِيَ أَيْضًا (قَوْلُهُ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ غَيْرُ ذِي) صِفَةٌ لِذِي حَقٍّ (قَوْلُهُ وَلَا عِبَادَةٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ إمْرَةٍ (قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ (بِنِيَابَةِ) وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْحَقُّ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ النِّيَابَةِ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صَاحِبَ صَلَاةٍ) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ بِأَوْ تَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمِيرًا وَهُوَ مُفَادُ مَا ضَبَطَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَيَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ صَاحِبُ صَلَاةٍ أَيْ إمَامٌ لِصَلَاةٍ أَيْ إمَامٌ فِي صَلَاةٍ وَيَكُونُ سَاكِتًا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَا عِبَادَةٍ وَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ وَصَاحِبُ صَلَاةٍ أَيْ أَخْرَجَ نِيَابَةَ صَاحِبِ صَلَاةِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةِ بَدَلِهِ وَقَوْله وَالْوَصِيَّةُ خَرَجَتْ بِقَوْلِهِ غَيْرِ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ) أَيْ أَخْرَجَ بِهِ نِيَابَةَ ذِي الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَقَوْلُهُ كَنِيَابَةِ إمَامٍ أَيْ كَنِيَابَةِ الْإِمَامِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا تَمْثِيلٌ لِنِيَابَةِ ذِي الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ وَسَكَتَ عَنْ الْخَاصَّةِ أَيْ كَنِيَابَةِ الْبَاشَا أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ إمَامَ الصَّلَاةِ) أَيْ نِيَابَةُ إمَامِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّ) أَيْ أَخْرَجَ بِهِ نِيَابَةَ الْوَصِيِّ فَلَا يُقَالُ لَهَا وَكَالَةٌ (قَوْلُهُ صِحَّةُ) يَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِعْلًا وَفِي بَعْضِهَا مَصْدَرًا وَهِيَ الْأَوْلَى لِإِفَادَتِهَا الْحَصْرَ لِأَنَّ صِحَّةَ مُضَافٌ لِقَوْلِهِ الْوَكَالَةِ وَهِيَ مُعَرَّفَةٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي بِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ إذَا أَخْبَرَ عَنْهُ بِظَرْفٍ أَوْ جَارٍ وَمَجْرُورٍ أَفَادَ الْحَصْرَ كَالْكَرَمِ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ (قَوْلُهُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ) مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ مَا يَجُوزُ) فِي ك وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ لَيْسَ بِتَعْرِيفٍ حَتَّى يُقَالَ أَنَّ فِيهِ دُورًا وَإِنْ سَلِمَ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ فَقَدْ بَيَّنَ قَابِلَ النِّيَابَةِ بِقَوْلِهِ مِنْ عَقْدٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي عَقْدٍ. (قَوْلُهُ لَا عَلَى أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ) أَيْ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا فِي كَيَمِينٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ فِيهَا عَدَمَ الصِّحَّةِ بِالصَّرَاحَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لَمْ يُفِدْ فِيهَا ذَلِكَ وَلِأَجْلِ أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَى قَوْلِهِ وَحَجٍّ فَإِنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْحَجِّ لَيْسَ جَائِزًا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ بَلْ إمَّا مَمْنُوعٌ أَوْ مَكْرُوهٌ كَمَا سَبَقَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 شَخْصًا يَعْقِدُ عَنْهُ عَقْدًا سَوَاءٌ كَانَ كَفَالَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ نِكَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ وَلَا يَدْخُلُ هُنَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَفَسْخٍ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ الْمُخَيَّرَ فِي فَسْخِهِ أَوْ الْمُحَتَّمَ فَسْخُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ شَخْصًا يَقْبِضُ لَهُ حَقًّا وَجَبَ لَهُ قَبْلَ آخَرَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ شَخْصًا يَسْتَوْفِي لَهُ عُقُوبَةً قَبْلَ شَخْصٍ مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ وَقَتْلٍ وَالْمُوَكِّلُ فِي الْأَخِيرِ الْوَلِيُّ وَفِي الْأَوَّلِ الْإِمَامُ لِأَنَّ إقَامَةَ التَّعَازِيرِ وَالْحُدُودِ لَهُ لَكِنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ إنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ إنْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ كَمَا يَأْتِي. وَكَذَا فِي الْأَخِيرِ الْحُكْمُ فِيهَا لِلْإِمَامِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا فِي الْحِرَابَةِ وَالْغِيلَةِ وَالرِّدَّةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ شَخْصًا يُحِيلُ غَرِيمَهُ عَلَى مِدْيَانِهِ أَوْ يُوَكِّلُهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ عَنْهُ لِفُلَانٍ بِمَا عَلَى فُلَانٍ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُبْرِئُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْهُ سَوَاءٌ عَلِمُوا قَدْرَ الْحَقِّ الْمُبْرِئِ مِنْهُ أَوَّلًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ أَيْ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهِيَ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَسْتَنِيبُ عَنْهُ فِي الْحَجِّ أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي بَيَانِ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ لَا فِي بَيَانِ مَا تَجُوزُ فِيهِ وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِنَابَةٌ لَا نِيَابَةٌ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَجِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْعُ اسْتِنَابَةٍ صَحِيحٌ فِي فَرْضٍ (ص) وَوَاحِدٍ فِي خُصُومَةٍ وَإِنْ كَرِهَ خَصْمَهُ لَا أَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ إلَّا لِعُذْرٍ وَحَلِفٍ فِي كَسَفَرٍ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ وَأَمَّا تَوْكِيلُ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ فِي غَيْرِ خُصُومَةٍ فَيَجُوزُ وَلَيْسَتْ التَّاءُ فِي خُصُومَةٍ لِلْوَحْدَةِ كَمَا قِيلَ فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ الْوَاحِدَ فِي خُصُومَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ كَرِهَ خَصْمَهُ أَوْ الْقَاضِيَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي التَّوْكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فِي حُضُورِ الْخَصْمِ أَوْ غَيْبَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَاعِدَ الْمُوَكِّلُ خَصْمَهُ ثَلَاثَ مَجَالِسَ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَتَنْعَقِدُ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ لِلْمُوَكِّلِ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ وَإِذَا ادَّعَى إرَادَةَ سَفَرٍ حَلَفَ أَنَّهُ مَا قَصَدَهُ لِيُوَكِّلَهُ وَمِثْلُهُ دَعْوَى أَنَّ بِبَاطِنِهِ مَرَضًا وَمِثْلُهُ دَعْوَى أَنَّهُ كَانَ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ وَقْتُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَهَلْ مِنْ الْعُذْرِ حَلِفُهُ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ قَدْ تَعَرَّضَ لَهُ تت فَقَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَ خَصْمَهُ لِأَنَّهُ أَحْرَجَهُ وَشَاتَمَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا لِمُوجِبٍ فَلَا وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذَا تَحْتَ الْكَافِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ إنَّمَا وُكِّلَ لِذَلِكَ اهـ. أَيْ لِإِحْرَاجِهِ وَمُشَاتَمَتِهِ لَهُ (ص) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهُ وَلَا لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَا الْإِقْرَارُ إنْ لَمْ يُفَوَّضْ لَهُ أَوْ يُجْعَلْ لَهُ (ش) أَيْ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ حِينَ إذْ قَاعَدَ الْوَكِيلُ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَلَا لِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ وَيَنْبَغِي إلَّا لِعُذْرٍ وَحَلِفِ فِي كَسَفَرٍ كَمَا مَرَّ فِي الْمُوَكِّلِ،   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ كَفَالَةً) هِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ يُوَكِّلُهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمُخَيِّرُ فِي فَسْخِهِ) كَالْمُزَارَعَةِ قَبْلَ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَوَّلِ أَرَادَ بِهِ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُ الْحَدِّ وَهُوَ الزِّنَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ إنْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ) أَيْ لَا إنْ تَزَوَّجَ بِحُرَّةٍ أَوْ مِلْكِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحِرَابَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَطْعُ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَالْغِيلَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَتْلُ الْإِنْسَانِ خُفْيَةً لِأَخْذِ مَالِهِ (قَوْلُهُ يُحِيلُ غَرِيمَهُ عَلَى مِدْيَانِهِ) فِي ك وَقَدْ يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ مِنْ عَقْدٍ إذْ الْوَكَالَةُ هُنَا فِي عَقْدٍ هُوَ حَوَالَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ يُوَكِّلُهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ لِزَيْدٍ مَثَلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى عَمْرٍو) أَيْ يُوَكِّلُ شَخْصًا يُتَوَجَّهُ يَضْمَنُ مَدِينَ إنْسَانٍ لِذَلِكَ الْإِنْسَانِ نِيَابَةً عَنْهُ أَيْ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعَقْدُ وَقَدْ كَانَ الْمُوَكِّلُ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ الْإِتْيَانُ بِالْكَفِيلِ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ اهـ. إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الضَّامِنُ فَلِذَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ هُنَا وَقَدْ يُقَالُ قِيَامُ الشَّفَقَةِ لِلْمَدِينِ اقْتَضَتْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الضَّامِنُ لَهُ فَأَمْكَنَ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي إنْسَانٍ يَضْمَنُ ذَلِكَ الْمَدِينَ لِرَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مَنْ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ يُوَكِّلُ إنْسَانًا فِي كَوْنِهِ يَتَعَاقَدُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ إلَخْ هَذَا التَّعْلِيلُ مَنُوطٌ بِالثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ الْوَكَالَةُ فِي الْحَجِّ فَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ. (قَوْلُهُ اسْتِنَابَةٌ) أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ هُنَا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الِاسْتِنَابَةِ وَالنِّيَابَةِ فَالنِّيَابَةُ إقَامَةُ إنْسَانٍ مَقَامَك فِي أَمْرٍ بِحَيْثُ يَسْقُطُ عَنْك الطَّلَبُ بِهِ كَأَنْ تَكُونَ إمَامًا فِي مَوْضِعٍ فَتَأْمُرُ إنْسَانًا يَؤُمُّ بِذَلِكَ وَالِاسْتِنَابَةُ إقَامَةُ إنْسَانٍ مَقَامَك فِي أَمْرٍ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْك الطَّلَبُ بِذَلِكَ الْآمِرِ كَأَنْ تُقِيمَ إنْسَانًا يَحُجُّ عَنْك فَذَلِكَ اسْتِنَابَةٌ لَا نِيَابَةٌ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ اسْتِنَابَةٌ) أَيْ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَرِهَ خَصْمَهُ) أَيْ إلَّا لِعَدَاوَةٍ (قَوْلُهُ كَثَلَاثٍ) فِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إذْ إدْخَالُ مَا فَوْقَ الثَّلَاثَةِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ ثَلَاثًا بِالْأُولَى وَمَا دُونَهَا لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَهَا (قَوْلُهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ) أَيْ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ لِقَوْلِهِ لَا أَنْ قَاعَدَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَاعِدَ الْمُوَكِّلُ خَصْمَهُ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ الْمَقَالَاتُ) الْمُرَادُ تَحَكَّمَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُرْجَى رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَمَّا كَانَ بِصَدَدِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِمَا) وَانْظُرْ هَلْ مِنْ الْعُذْرِ مَا إذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْخُصُومَةَ تَطُولُ وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى خَرْمِ مُرُوءَتِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ دَعْوَى إلَخْ) أَيْ فَيَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فِي ذَلِكَ فَلَا يُوَكَّلُ (قَوْلُهُ أَحْرَجَهُ) أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَشَاتَمَهُ أَيْ شَتَمَهُ فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ كَظُهُورِ تَفْرِيطٍ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ مَيْلٍ مَعَ الْخَصْمِ أَوْ مَرَضٍ فَلِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِدَيْنٍ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً أَوْ يَجْعَلُ لَهُ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ أَنْ يُقِرَّ عَنْهُ فَلِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ أَنْ يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا يُشْبِهُهُ وَلَمْ يُقِرَّ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ نَوْعِ تِلْكَ الْخُصُومَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ وَعَلَيْهِ فَلَهُ عَزْلُهُ فِي أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَيْ إذَا أَعْلَنَ بِعَزْلِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي تَأْخِيرِ إعْلَامِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ عَزَلَهُ سِرًّا فَلَا يَجُوزُ عَزْلُهُ وَيَلْزَمُهُ مَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ وَمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ لَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا فِي آخِرِ الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جَعَلَ فَكَّهُمَا وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ تَرَدُّدٌ. (ص) وَلِخَصْمِهِ اضْطِرَارُهُ إلَيْهِ (ش) الْمُرَادُ بِالْخَصْمِ هُنَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالضَّمِيرُ فِي خَصْمِهِ يَرْجِعُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي اضْطِرَارِهِ يَرْجِعُ لِلْوَكِيلِ وَالضَّمِيرُ الْمَخْفُوضُ بِإِلَى يَرْجِعُ إلَى الْإِقْرَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَهُ أَنْ يَضْطَرَّ الْوَكِيلُ إلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الْإِقْرَارَ ثُمَّ يُخَاصِمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ وَلِخَصْمِ الْمُوَكِّلِ اضْطِرَارُهُ أَيْ الْمُوَكِّلِ إلَى أَنْ يَجْعَلَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارَ (ص) قَالَ وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ فَإِقْرَارٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَالَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ لِزَيْدٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِزَيْدٍ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ الْوَكِيلِ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُ الْمُوَكِّلُ الرُّجُوعَ عَنْ ذَلِكَ وَعَزْلَ الْوَكِيلِ عَنْهُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ شَاهِدًا عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ أُبْرِئُ فُلَانًا مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَذَا يَظْهَرُ (ص) لَا فِي كَيَمِينٍ وَمَعْصِيَةٍ كَظِهَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ تَصِحُّ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ كَمَا مَرَّ لَا فِي الْأَيْمَانِ لِأَنَّهَا أَعْمَالٌ بَدَنِيَّةٌ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَلَا عَلَى الْمَعَاصِي كَالظِّهَارِ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَمِثْلُهُ الْغَصْبُ وَالْقَتْلُ الْعُدْوَانُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي فَإِنْ قِيلَ التَّوْكِيلُ عَلَى الطَّلَاقِ صَحِيحٌ وَعَلَى الظِّهَارِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت قَالَ الْبِسَاطِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْفَرْقُ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الطَّلَاقِ فِي الصِّيغَةِ أَيْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَيْ وَلَيْسَ فِيهَا مَعْصِيَةٌ وَأَمَّا فِي الظِّهَارِ فَلَا صِيغَةَ بَلْ فِي الْمَعْنَى فَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ لَمْ يَقَعْ التَّوْكِيلُ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ انْتَهَى فَإِنْ قِيلَ التَّوْكِيلُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مَعْصِيَةٌ كَالظِّهَارِ مَعَ صِحَّةِ مَا ذَكَرَ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَعْصِيَةَ الظِّهَارِ أَصْلِيَّةٌ بِخِلَافِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ إنَّمَا هُوَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ وَهُوَ الطَّلَاقُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ تَأَمَّلْ. (ص) بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إرْسَالٍ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَلَا بُدَّ مَعَ الصِّيغَةِ مِنْ الْقَبُولِ فَإِنْ وَقَعَ بِالْقُرْبِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ طَالَ فَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ فَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى الصِّيغَةِ عُرْفًا وَيَدُلُّ عَلَيْهَا لُغَةً لَا يَكُونُ مِنْ صِيغَتِهَا وَلِذَا قَالَ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَيْهَا لُغَةً لَا عُرْفًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْإِشَارَةَ مِنْ النَّاطِقِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ (ص) لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك بَلْ حَتَّى يُفَوَّضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ وَكَّلْتُك أَوْ فُلَانٌ وَكِيلِي لَا يُفِيدُهُ وَتَكُونُ وَكَالَةً بَاطِلَةً بَلْ حَتَّى يَقُولَ فَوَّضْت إلَيْك أُمُورِي فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ يُفِيدُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ إفَادَةِ الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مِثْلُ الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَقَالَ مَالِكٌ هِيَ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِلْيَتِيمِ كَوَكَالَةِ التَّفْوِيضِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا قَرِينَةُ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْيَتِيمَ مُحْتَاجٌ لَأَنْ يَتَصَرَّفَ فِي كُلِّ شَيْءٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ نَوْعِ تِلْكَ الْخُصُومَةِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا كَانَ يُخَاصِمُهُ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ثَمَنُ سِلْعَةٍ مَثَلًا فَيُقِرُّ بِأَنَّهُ كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْهُ كِتَابًا وَادَّعَى تَلَفَهُ (قَوْلُهُ اضْطِرَارُهُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْخُصُومَةِ بَعْدُ حَتَّى يَجْعَلَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الْإِقْرَارَ (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ التَّوْكِيلِ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ) أَيْ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تَصْدُرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ فِي الطَّلَاقِ تَوْكِيلٌ فِي الصِّيغَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهَا التَّوْكِيلُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا قُلْنَا تَوْكِيلٌ فِي الصِّيغَةِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ الصَّادِرَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ هِيَ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَكِيلِ وَأَمَّا فِي الظِّهَارِ فَإِنَّمَا هُوَ تَوْكِيلٌ فِي الْمَعْنَى أَيْ فِي وُقُوعِ الظِّهَارِ لَا فِي الصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَهِيَ أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ هِيَ الصَّادِرَةُ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الظِّهَارِ صِيغَةً إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ تَوْكِيلٌ فِيهَا لِمَا عَلِمْت فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا تَخْتَصُّ بِالصِّيغَةِ) تَجُوزُ بِالصِّيغَةِ عَنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ الدَّالُ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ لَا تَخْتَصُّ بِالْأَمْرِ الدَّالِ الْمُصَوَّرِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إرْسَالٍ أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بَلْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ إرْسَالٍ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ لَهُ مَتَاعَهُ يَكُونُ الْقَصْدُ التَّوْكِيلُ فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ وَالْعَادَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى الصِّيغَةِ) الْمُنَاسِبُ الْوَكَالَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ مَدْلُولَةً (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهَا لُغَةً) بَلْ قَدْ يُقَالُ يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا وَلُغَةً وَإِنَّمَا فِي عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ) ذَهَبَ إلَيْهِ عب فِي شَرْحِهِ فَقَالَ وَلَا تَصِحُّ إشَارَةٌ مِنْ نَاطِقٍ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِلتَّوْكِيلِ فَهْمًا وَاضِحًا أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 فَإِذَا لَمْ يُوصِ عَلَيْهِ أَبُوهُ غَيْرَ هَذَا الْوَصِيَّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ عَلَيْهِ شَيْئًا وَالسَّبَبُ الَّذِي لِأَجْلِهِ أَوْصَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى النَّظَرِ عَامٌّ وَجَبَ عُمُومُ الْمُسَبَّبِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِهِ عَادَةً فَاحْتِيجَ مِنْ ذَلِكَ إلَى تَقْيِيدِ الْوَكَالَةِ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ بَلْ حَتَّى يُفَوَّضَ وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَوْ يُعَيَّنَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ. (ص) فَيَمْضِي النَّظَرُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً مُفَوَّضَةً فَإِنَّهُ يَمْضِي مِنْ فِعْلِ الْوَكِيلِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ وَالنَّظَرِ إذْ الْوَكِيلُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ وَأَمَّا الَّذِي لَا مَصْلَحَةَ فِي فِعْلِهِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ مَعْزُولٌ عَنْهُ شَرْعًا فَلَا يَمْضِي فِعْلُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ أَمْضَيْت مَا كَانَ نَظَرًا وَمَا كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِمْضَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ غَيْرُ النَّظَرِ إذْ النَّظَرُ جَائِزٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يَحِلُّ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَبِعِبَارَةِ مَعْنَى مَضَى غَيْرُ النَّظَرِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ وَتَضْمِينُهُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ مَنْصُوبٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَأَجَزْت غَيْرَ النَّظَرِ وَالرَّفْعُ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِثْلُ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ وَمَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَ نَظَرٍ أَيْ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ وَعِنْدَ الْعُقَلَاءِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ نَظَرٍ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُجْتَهِدًا فَأَخْطَأَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ السَّفَهَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا فِي مَعْصِيَةٍ وَبِعِبَارَةٍ فَهِمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ النَّظَرِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ السَّفَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ مَثَلًا فَاعْتَرَضَ وَفَهِمَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّظَرِ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَبِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَا تَنْمِيَةَ فِيهِ لِلْمَالِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَيْ مَا أُرِيدَ بِهِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فَمَا قَرَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُقَرِّرُ بِهِ كَلَامَهُ هُنَا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ (ص) إلَّا الطَّلَاقَ وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعِ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرُ نَظَرٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرٍ فَيَمْضِي النَّظَرُ وَغَيْرُهُ إلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعُ فَإِنَّ فِعْلَهُ لَا يَمْضِي فِيهَا إلَّا إذَا نَصَّ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهَا بِخُصُوصِهَا قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الَّذِي لِسَيِّدِهِ نَظَرٌ إلَيْهِ كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ أَوْ الَّذِي لَهُ مَزِيدُ خِدْمَةٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُقَوِّي غَرَضَ السَّيِّدِ فِي بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الذِّكْرِ انْتَهَى (ص) أَوْ يُعَيَّنُ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ حَتَّى يُفَوَّضَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرِينَةِ أَوْ الْعَادَةِ فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك لَمْ يُفِدْ كَمَا مَرَّ حَتَّى يُقَيِّدَهُ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ وَفَاعِلٍ (ص) وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ (ش) ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَوْ عَلَى لَفْظِ الْمُوَكِّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ عَامًا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ كَمَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّوَابِّ فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ وَكَذَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ عَامٌّ فِي بَيْعِهَا فِي كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ فَإِذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَجَبَ عُمُومُ الْمُسَبِّبِ) وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَأَجَزْت غَيْرُ النَّظَرِ) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى الْحِكَايَةِ) أَيْ حِكَايَةِ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَقَوْلُهُ مِثْلُ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ أَيْ حِكَايَةً لِمَا وَقَعَ فِي النِّدَاءِ لَكِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ لَهُ حِكَايَةً ثُمَّ إنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ حِكَايَةٍ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرُ بِالرَّفْعِ وَيُلَاحِظُ صُدُورُهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ مَرْفُوعَةً كَأَنْ يَقُولُ النَّظَرُ وَغَيْرُ نَظَرٍ قَدْ أَجَزْتهمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي إلَخْ) أَقُولُ مُفَادُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَجَزْت النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَوَقَعَ أَنَّهُ بَاعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَمْضِي وَالظَّاهِرُ إمْضَاؤُهُ وَأَنَّ مُجَرَّدَ بَيْعِ السِّلْعَةِ الَّتِي تُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إمْضَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْسِيرَ السَّفَهِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَمْنَعُ الْإِمْضَاءَ حَيْثُ يَقُولُ الْمُوَكِّلُ أَجَزْت مَا كَانَ نَظَرًا وَمَا كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْهِبَةِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا وَجْهُ الْمُعْطِي فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ وَإِنْكَاحِ بِكْرِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ فَإِنَّ مَا فِي بَابِ النِّكَاحِ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الِابْنِ وَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَهُمْ جِهَتَانِ جِهَةُ وِلَايَةٍ فِي الْأَصْلِ وَانْضَمَّ لَهَا وَكَالَةٌ فَاغْتَفَرُوا بِخِلَافِ مَنْ عَدَاهُمْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَصَّ) أَيْ وَكَذَا لَوْ أَمْضَاهَا بَعْدَ صُدُورِهَا فَقَوْلُهُ هُنَا لَا يَمْضِي أَيْ ابْتِدَاءً بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْقَائِمِ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ (قَوْلُهُ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَقَوْلُهُ أَوْ بِالْقَرِينَةِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ أَتَبِيعُ دَوَابَّك فَيَقُولُ لَهُ وَكَّلْتُك فَالسُّؤَالُ قَرِينَةٌ عَلَى بَيْعِ الدَّوَابِّ فَقَوْلُهُ أَوْ بِأَمْرٍ أَيْ تَصْرِيحًا أَوْ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ وَتَخَصَّصَ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ حَتَّى يُفَوَّضَ بَلْ لِمَا بَعْدَهُ أَيْ فَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَجَرَى الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِ الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ أَوْ بِشَيْءٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْعُرْفُ فِي حَقِّ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْعُرْفِ مَا يَشْمَلُ الْقَوْلِيَّ وَالْفِعْلِيَّ وَهَلْ يَتَصَوَّرُ مُعَارَضَةُ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي خُبْزًا وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ فِيهِ أَنَّهُ مَا يُخْبَزُ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ وَعُرْفُهُمْ الْفِعْلِيُّ خُبْزُ الذُّرَةِ مَثَلًا وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْفِعْلِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا اهـ. (قَوْلُهُ بَيْعِ دَوَابِّي) هَذَا إذَا جَعَلَتْ الْإِضَافَةَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَأَمَّا لَوْ جَعَلْتهَا لِلْجِنْسِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّوَابِّ) هَذَا عُرْفٌ قَوْلِيٌّ وَقَوْلُهُ وَكَانَ الْعُرْفُ إنَّمَا تُبَاعُ إلَخْ هَذَا عُرْفٌ فِعْلِيٌّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 كَانَ الْعُرْفُ إنَّمَا تُبَاعُ هَذِهِ السِّلْعَةُ فِي سُوقٍ مَخْصُوصٍ أَوْ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ فَيُخَصَّصُ هَذَا الْعُمُومُ وَكَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَالْعَامُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرَقُ الصَّالِحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَالْمُطْلَقُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (ص) فَلَا يَعُدُّهُ (ش) يَرْجِعُ لِمَا خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ أَيْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْله وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَانَ أَحْسَنَ لَكِنْ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) إلَّا عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ أَوْ اشْتِرَاءٌ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعٍ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ وَيَقْبِضُهُ مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ شِرَاءٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ ظَاهِرٌ كَمَا يَأْتِي فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ الْمَبِيعَ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ لَهُ بِأَنْ قَالَ اشْتَرِ لِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَهَذِهِ فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ أَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ عَيَّنَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ رَدَّ الْمَعِيبِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ خَفِيًّا كَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةِ هَذَا التَّقْيِيدَ وَلَا صَاحِبُ الشَّامِلِ (ص) وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِثَمَنِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِالْمَثْمُونِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَفْعِ الْمَثْمُونِ وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُطَالَبُ بِمَا ذُكِرَ الْمُوَكِّلُ (ص) كَبَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك وَبِالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ (ش) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ أَيْ فَإِنْ صَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ بِأَنْ يَقُولُ وَيَنْقُدُك فُلَانٌ دُونِي فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ بَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ فَإِنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلتَّصْرِيحِ بِالْبَرَاءَةِ وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعَثَنِي فُلَانٌ إلَيْك لِأَشْتَرِيَ مِنْك أَوْ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك أَوْ بَعَثَنِي لِتَبِيعَنِي فَإِنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْمُرْسَلِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْسَلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالثَّمَنُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك لَفُهِمَ مَا ذَكَرَهُ مِنْهُ بِالْأُولَى وَكَذَلِكَ يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِلْبَيْعِ وَكِيلٌ فَإِنْ عَلِمَ فَالْعُهْدَةُ لَا تَكُونُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ أَيْ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَيَتْبَعُ كَمَا يَتْبَعُ الْبَائِعُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ كَالشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ وَالْمُقَارِضِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ (ص) وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ وَلَائِقٌ بِهِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَتَرَدَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ لَفْظُ إلَخْ) مُتَلَازِمٌ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ) هَذَا عُرْفٌ فِعْلِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولُ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ الْأَثْوَابِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقْبَلُ الشِّرَاءُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِحَسَبِ الْوَقْتِ الْمُفِيدِ نَوْعًا مَخْصُوصًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرَارٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ لَهُ تَكْرَارٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ) أَيْ وَلَهُ التَّرْكُ وَهُوَ ضَامِنٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ وَرَدُّ الْمَعِيبِ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَالَ شِرَائِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ قَلِيلًا وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ مَتَى قَلَّ الْعَيْبُ وَهُوَ فُرْصَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا أَوْ مَخْصُوصًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ كَذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْآمِرُ أَخْذَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ الشِّرَاءِ فَلَهُ رَدُّهُ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ وَالْمُوَكَّلُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا أَوْ عَيَّنَهُ وَالْوَكِيلُ مُفَوَّضٌ (قَوْله رَدَّ الْمَعِيبِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّ الْمَعِيبِ. (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا) يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ لَا أَنَّهُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَعَلَّ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الشَّامِلُ اهـ. أَقُولُ وَلَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ) زَادَ فِي ك وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَا يَخْفَى إلَخْ) إنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) وَمَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ ذَلِكَ لَمْ يُطَالَبْ بِهِمَا وَالسِّمْسَارُ كَالْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعُهْدَةِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ عَلَيْهِ الْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِخِلَافِ السِّمْسَارِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِيهِ أَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِثَمَنِهِ) وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ (قَوْلُهُ كَبَعَثَنِي فُلَانٌ) أَيْ فَالثَّمَنُ عَلَى فُلَانٍ الْمُرْسِلِ لَا عَلَى الرَّسُولِ فَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ بَعَثَهُ غَرِمَ الرَّسُولُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا) هَذَا بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَيَتْبَعُ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُفَوَّضًا يَتْبَعُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ عَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَبِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَبِأَنَّهُ مُفَوَّضٌ وَغَيْرُهُ فِي صُورَةٍ فَقَطْ وَهُوَ عَدَمُ عِلْمِهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ. (قَوْلُهُ وَالْمُقَارَضِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ عَامِلِ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ إذَا بَاعَا سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْيَتِيمِ فَلَا يُطَالِبَانِ بِالْعُهْدَةِ فِيمَا وَلِيَا بَيْعَهُ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى فَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْأَيْتَامِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَيْتَامِ (قَوْلُهُ نَقْدُ الْبَلَدِ) ثُمَّ إنَّهُ يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ مِنْ النَّقْدِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ غَالِبٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَالِبٌ فَكُلُّ شَيْءٍ أَتَى بِهِ لَزِمَ (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى غَيْرَ اللَّائِقُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَخُيِّرَ فِي إجَازَتِهِ وَرَدِّهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ سَمَّى الثَّمَنَ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا سَمَّاهُ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَلَهُ الْخِيَارُ فَجَعَلَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 أَوْ بَيْعِهِ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً مُطْلَقَةً أَيْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا كَمْيَّةَ الثَّمَنِ وَلَا جِنْسَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ بِنَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فَإِنْ خَالَفَ وَبَاعَ بِعَرْضٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ أَوْ بِنَقْدِ غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ قِيمَتَهَا لِتَعَدِّيهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمُوَكِّلُ فِعْلَهُ وَيَأْخُذَ مَا بَاعَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ لِلْآمِرِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَكِيلِ شِرَاءُ مَا يَلِيقُ بِالْمُوَكِّلِ حَيْثُ أَطْلَقَ لِلْوَكِيلِ فَإِنْ خَالَفَ فَلِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ وَهَلْ هَذَا مَا لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ فَإِنْ سَمَّاهُ فَيَشْتَرِي بِهِ مَا لَا يَلِيقُ بِالْمُوَكِّلِ حَيْثُ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَا يَلِيقُ أَوْ اللَّائِقُ مُتَعَيِّنٌ سَوَاءٌ سَمَّى لِلْوَكِيلِ الثَّمَنَ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَحَيْثُ سَمَّاهُ وَنَقَصَ عَنْ اللَّائِقِ بِالْمُوَكِّلِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا لَا يَلِيقُ بِالْمُوَكِّلِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمَنْطُوقِ أَيْ تَعَيُّنٍ لَائِقٍ بِالْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَفِي التَّعَيُّنِ وَعَدَمِهِ تَرَدُّدٌ وَبِعِبَارَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ مَفْهُومٍ لَائِقٍ فَإِنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي غَيْرِ اللَّائِقِ مَعَ التَّسْمِيَةِ أَيْ لَائِقٌ لَا غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَتَرَدُّدٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ تَأْوِيلَانِ (ص) وَثَمَنُ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُطْلَقَةً إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ. وَقَوْلُهُ (ص) وَالْأَخِيرُ (ش) يَرْجِعُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَالَفَ وَلَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَشْتَرِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ مَا يَلِيقُ بِالْمُوَكِّلِ أَوْ لَمْ يَبِعْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الْخِيَارَ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَى فِعْلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَتَلْزَم السِّلْعَةُ الْوَكِيلَ (ص) كَفُلُوسٍ إلَّا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لِخِفَّتِهِ (ش) تَمْثِيلٌ لِمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ لِلْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَ بِفُلُوسٍ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ أَوْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا لِأَنَّ الْفُلُوسَ مُلْحَقَةٌ بِالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي وَكَّلَ عَلَى بَيْعِهِ شَأْنُهُ أَنْ يُبَاعَ بِالْفُلُوسِ لِقِلَّةِ ثَمَنِهِ كَالْبَقْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّ الْفُلُوسَ كَالْعَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ السِّلْعَةِ الْقَلِيلَةِ الثَّمَنِ وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ إذْ نَقْدُ الْبَلَدِ فِي مِثْلِ هَذِهِ السِّلْعَةِ الْفُلُوسُ. (ص) كَصَرْفِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (ش) التَّشْبِيهُ بِمَا قَبْلَهُ فِي التَّخْيِيرِ لَكِنْ غَيْرَ تَامٍّ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ فِيمَا مَرَّ ثَابِتٌ لِلْمُوَكِّلِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ الطَّعَامَ أَوْ بَعْدَهُ وَهُنَا الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الطَّعَامَ لَا قَبْلَهُ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ ذَهَبًا لِيُسَلِّمَ لَهُ فِي طَعَامٍ فَصَرَفَهُ بِفِضَّةٍ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ قَبَضَ الطَّعَامَ فَالْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ ثَابِتٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ أَوْ يَأْخُذَ ذَهَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ قَدْ قَبَضَ الطَّعَامَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ خِيَارٌ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ ذَهَبَهُ وَالطَّعَامُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ هُوَ الشَّأْنُ وَكَانَ نَظَرًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّأْنُ وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرِي عَيْنٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ زَمَانٍ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى كَفُلُوسٍ يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ أَوْ إلَّا فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ إنْ شَاءَ أَجَازَ فِعْلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَاسْتَقْرَبَ ابْنُ عَرَفَةِ الْأَوَّلَ (ص) أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ وَبَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ إنْ شَاءَ رَدَّ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ لِأَنَّ الْبَيْعَ تُطْلَبُ فِيهِ   [حاشية العدوي] تَقْيِيدًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يُشْبِهُهُ وَإِنْ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ مُطْلَقَةً) تَفْسِيرٌ لِمُفَوَّضَةٍ (قَوْلُهُ كَمْيَّةَ الثَّمَنِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ كَمِّيَّةٍ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَعَيُّنٌ لَائِقٌ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا فِي حَالِ مَا إذَا سَمَّى الثَّمَنَ (قَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ) أَيْ فِي إجَازَتِهِ فِعْلُ الْوَكِيلِ وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ وَفِي نَقْضِهِ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ أَيْضًا فِي إجَازَةِ فِعْلِهِ وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ وَفِي تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا لِتَعَدِّيهِ. (قَوْلُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) فَلَا يَبِيعُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا قَدْرًا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا) أَيْ إنْ شَاءَ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا خَارِجٌ) أَيْ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِ التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ إلَّا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لِخِفَّتِهِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ حُكْمِ التَّخْيِيرِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ الطَّعَامَ) سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ يَجُوزُ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَأَمَّا فِي الطَّعَامِ فَلَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا نَقْدًا تَعَدِّيًا أَيْ عَلَى الْحُلُولِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْوَكِيلُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا وَإِذَا كَانَ تَامًّا فَالْخِيَارُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الطَّعَامَ. (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَ نَظَرًا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ كَانَ نَظَرًا (قَوْلُهُ وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرِي عَيْنٍ) أَيْ فِي مُشْتَرِي عَيْنٍ بِدَلِيلِ جَرِمًا بَعْدَهُ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُفَاعَلَةِ لَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ الْمُخَالِفَ هُوَ الْوَكِيلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذْ خَالَفَ الْوَكِيلُ فَقَدْ خَالَفَ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مِمَّا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ وَاسْتَقْرَبَ) بِالْقَافِ فِي خَطِّ شُيُوخِنَا وَغَيْرِهِمْ وَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ اسْتَغْرَبَ بَالِغِينَ كَذَا كُنْت كَتَبْت ثُمَّ ظَهَرَ لِلْأَوَّلِ وَجْهٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ إلَّا أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمَّا قَيَّدَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَالَ يَتَعَيَّنُ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ حَكَمْنَا بِالتَّخْيِيرِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 الزِّيَادَةُ لَا النَّقْصُ كَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ إذَا خَالَفَ وَاشْتَرَى بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ حَيْثُ كَانَتْ كَثِيرَةً وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا فَقَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهُ إلَخْ أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ فِي بَيْعِهِ بِأَقَلَّ فَفِي مُقَدَّرَةٌ وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ أَوْ مُخَالَفَتُهُ بِسَبَبِ بَيْعِهِ بِأَقَلَّ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِسَبَبِهِ لَا فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَائِهِ أَيْ أَوْ مُخَالَفَتِهِ فِي اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِسَبَبِ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ وَأَكْثَرَ هُنَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الزِّيَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ فِي نَفْسِهِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَدْ تَكُونُ كَثِيرَةً وَقَدْ تَكُونُ يَسِيرَةً فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَالتَّخْيِيرُ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَا خِيَارَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا فَأَفَادَ الْحُكْمَيْنِ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ (ص) إلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ (ش) بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ كَثِيرًا كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا إنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ فِي الشِّرَاءِ كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا كَدِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ وَهِيَ أَصْوَبُ أَوْ إلَّا بِمَعْنَى غَيْرَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ التَّصْوِيبِ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ تَصْحِيحُ الْعِبَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَصْوِيبٍ كَانَ أَوْلَى وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (ص) وَصُدِّقَ فِي دَفْعِهِمَا وَإِنْ سَلَّمَ مَا لَمْ يُطِلْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ الدِّينَارَيْنِ مِنْ عِنْدِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ السِّلْعَةَ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا لَهُ وَلَمْ يُطِلْ الزَّمَانَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ بِقُرْبِ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ السِّلْعَةَ لِمُوَكِّلِهِ وَطَالَ الزَّمَانُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَهُمَا مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُطِلْ أَيْ زَمَنٌ مَا بَيْنَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ دَفَعَهُمَا مِنْ عِنْدِهِ أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يُصَدَّقُ ثُمَّ إنَّ تَصْدِيقَهُ فِي الدَّفْعِ يَسْتَلْزِمُ التَّصْدِيقَ فِي كَوْنِهِ زَادَ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ زَادَ صُدِّقَ مَا لَمْ يُطِلْ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلدَّفْعِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ كَالضَّامِنِ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا ثَبَتَ الدَّفْعُ (ص) وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَاءِ لَزِمَهُ (ش) أَيْ أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى الشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ مُخَالَفَةً تُوجِبُ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارَ كَأَنْ زَادَ كَثِيرًا فِي اشْتِرَائِهِ أَوْ اشْتَرَى غَيْرَ لَائِقٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ مَا اشْتَرَاهُ حَيْثُ لَمْ يُرْضِهِ مُوَكِّلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى خِيَارِ الْبَائِعِ وَأَمْضَى وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ وَلَهُ رَدُّهُ وَانْظُرْ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الْإِمْضَاءَ وَالْآخَرُ الرَّدَّ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ هُوَ مَحَلُّ الْإِفَادَةِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُخْبِرْ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ وَمِثْلُهُ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ وَأَمَّا تَخْيِيرُ الْمُوَكِّلِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ وَقَوْلُهُ (ص) إنْ لَمْ يُرْضِهِ مُوَكِّلُهُ (ش) أَيْ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ (ص) كَذِي عَيْبٍ إلَّا أَنْ يَقِلَّ وَهُوَ فُرْصَةٌ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ إذَا اشْتَرَاهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِعَيْبِهِ عَيْبًا يَرُدُّ بِهِ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى مُوَكِّلُهُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَكِيلُهُ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ قَلِيلًا وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِيهِ غِبْطَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ كَذِي عَيْبٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَائِقٌ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ مِنْ الْبَحْثِ هُنَا. (ص) أَوْ فِي بَيْعٍ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعٍ إذَا خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمُوَكِّلُ أَوْ مَا قَضَتْ الْعَادَةُ بِهِ فَإِنَّ مُوَكِّلَهُ يُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَالرَّدِّ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَفِي الْإِجَازَةِ وَالتَّضْمِينِ إنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى أَيْ تَضْمِينِ التَّسْمِيَةِ   [حاشية العدوي] ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَغَابَنُ إلَخْ أَنَّ هَذَا الْيَسِيرَ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً فَيُنَكِّدُ عَلَى مَا هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا يَأْتِي فِي خُصُوصِ الشِّرَاءِ وَحُرِّرْ (قَوْلُهُ وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ) أَيْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي حَقِيقَتِهِ بَلْ أَرَادَ بِهِ الزِّيَادَةَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي مَعْنَاهُ بَلْ تَجُوزُ بِهِ عَنْ الزِّيَادَةِ فَلَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي حَقِيقَتِهِ لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ فَأَفَادَ الْحُكْمَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا التَّخْيِيرُ وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ أَصْوَبُ) أَيْ صَوَابٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلًا وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِجَعْلِهِ مُنْقَطِعًا (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ) أَيْ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ كَثِيرًا أَيْ كَثِيرًا مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ غَيْرُ دِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ) أَيْ فِي أَرْبَعِينَ دِينَارَانِ فَقَطْ وَثَلَاثَةٌ فِي سِتِّينَ وَأَرْبَعَةٌ فِي ثَمَانِينَ وَوَاحِدٌ فِي عِشْرِينَ وَنِصْفُ وَاحِدٍ فِي عَشَرَةٍ وَرُبْعٌ فِي خَمْسَةٍ وَهَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ بَلْ كَانَ ذَلِكَ بِقُرْبِ التَّسْلِيمِ) وَلَمْ يَذْكُرْ ضَابِطًا يُعْرَفُ بِهِ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْقُرْبِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ صِدْقُ قَوْلِهِ وَبِالْبُعْدِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ صِدْقِ قَوْلِهِ أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ لَوْ دَفَعَ مَا كَانَ سَكَتَ تِلْكَ الْمُدَّةَ عَنْ طَلَبِهِمَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَاءِ لَزِمَهُ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِفَسَادِهِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الْإِمْضَاءَ وَالْآخَرُ الرَّدَّ) أَقُولُ الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْمُتَقَدِّمِ وَانْظُرْ لَوْ اتَّحَدَ زَمَنُهُمَا (قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ) أَيْ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ سَلَمٍ وَإِلَّا مُنِعَ الرِّضَا إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ) وَهُوَ مَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ عَادَةً بِالنَّظَرِ لِمَا اشْتَرَى لَهُ وَلِمَنْ اشْتَرَى لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْقَلِيلِ كَشِرَاءِ دَابَّةٍ مَقْطُوعَةٍ ذَنْبًا لِذِي هَيْئَةٍ فَلَا يَلْزَمُ وَلَوْ رَخِيصَةً وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ حَيْثُ كَانَ الشِّرَاءُ فُرْصَةً (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ إلَخْ) كَانَ صُورَةُ الْبَحْثِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَذِي عَيْبٍ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ فَلَا يُفِيدُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ اللُّزُومُ لِلْوَكِيلِ كَالْمَعِيبِ فَأَجَابَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْبِ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَشْمَلُ مَا كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إذَا خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ) بِأَنْ بَاعَ بِأَنْقَصَ مِمَّا سَمَّى أَوْ مِمَّا اُعْتِيدَ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ فِي إجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَفِي رَدِّهِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ أَوْ قِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 إنْ سَمَّى أَوْ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يُسَمِّ (ص) وَلَوْ رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ (ش) أَيْ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ بِعْ الْقَمْحَ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِفُولٍ أَوْ اشْتَرِ بِالْعَيْنِ سِلْعَةً فَصَرَفَ الْعَيْنَ بِعَيْنِ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ فِعْلَ وَكِيلِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ التَّخْيِيرَ أَشْهَبُ وَقَالَ لَيْسَ لِلْآمِرِ الْأَمْثَلِ طَعَامُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ كَالشَّرْطِيِّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَإِنْ عَلِمَ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ (ص) إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ لِلْمُوَكِّلِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ أَوْ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ فِي الْبَيْعِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا لِأَنَّ الزَّائِدَ فِي الْبَيْعِ فِي الْمَعْنَى نَقْصٌ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ أَيْ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ أَوْ النَّاقِصَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ وَالْبَرْدَ فَيَنْطَبِقُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (ص) لَا إنْ زَادَ فِي بَيْعٍ أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا زَادَ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ نَقَصَ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ فِي الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِمُوَكِّلِهِ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَرْغَبُ فِيهِ وَلَيْسَ مُطْلَقُ الْمُخَالَفَةِ يُوجِبُ خِيَارًا وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ مُخَالَفَةً يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ زَادَ فِي بَيْعٍ مَا إذَا قَالَ لَهُ بِعْهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجْلِ فَبَاعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (ص) أَوْ اشْتَرِ بِهَا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا وَعَكْسُهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فِيمَا إذَا دَفَعَ لِوَكِيلِهِ عَشَرَةً مَثَلًا وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ بِهَا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِعَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَ الْعَشَرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ أَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ فِي ذِمَّتك ثُمَّ اُنْقُدْ الْعَشَرَةَ فَاشْتَرَى بِهَا ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا لِأَنَّ الثَّمَنَ مُسْتَهْلَكٌ فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ هُنَا أَجَلٌ حَتَّى تَكُونَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّمَّةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا التَّأْجِيلُ (ص) أَوْ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ أَثْنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا وَالْأَخِيرُ فِي الثَّانِيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ مَثَلًا فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا بِأَنْ قَالَ صَاحِبُهُمَا لَا أَبِيعُهُمَا إلَّا مَعًا وَالْأَخِيرُ الْمُوَكَّلُ فِي ثَانِيَةٍ الِاثْنَيْنِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَاحِدَةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا مَعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ ثَانِيًا لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا أَوْ إحْدَاهُمَا عَلَى الصِّفَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُمَا مَرْتَبَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتَا أَوْ الْأُولَى عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَتْ الْأُولَى وَخُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي عَلَى الصِّفَةِ هِيَ الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْأُولَى وَتَلْزَمُهُ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ أَوْ شَاةً بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى مَعْمُولِ اشْتَرِ وَلَوْ قَالَ كَشَاةٍ لَكَانَ أَشْمَلَ فَلَوْ تَلِفَ الشَّاتَانِ كَانَ ضَمَانُهُمَا مِنْ الْمُوَكِّلِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادَهُمَا وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ وَاحِدَةٌ (ص) أَوْ أَخَذَ فِي سَلَمِك حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا وَضَمِنَهُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيل إذَا أَخَذَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ الْقِيمَةِ) تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ بِعْ الْقَمْحَ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِفُولٍ) أَيْ فَقَدْ بَاعَ الرِّبَوِيَّ وَهُوَ الْقَمْحُ بِفُولٍ فَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ أَيْ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ وَالشَّرْطِيَّ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ كَالشَّرْطِيِّ أَمَّا الْخِيَارُ فِي الصَّرْفِ إذَا كَانَ شَرْطِيًّا أَمْرُهُ ظَاهِرُ وَالْخِيَارُ هُنَا حُكْمِيٌّ لَا شَرْطِيٌّ أَيْ لِأَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرْضَى بِمَا صَرَفَهُ بِهِ دَنَانِيرَ أَوْ لَا وَأَمَّا فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِفُولٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ فَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ الرِّضَا بِأَخْذِ الْفُولِ لَكَانَ فِي أَخْذِهِ الْفُولَ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت فِي كِتَابَةِ لِبَعْضِ شُيُوخِنَا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرِ بِالْعَيْنِ إلَخْ) عِلَّةُ الْمَنْعِ فِي هَذِهِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فِي شَرْحِ شب الْمُنَاسِبُ عَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا لِأَنَّهَا سَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلَانِ فِيهِ غَيْرُ الْقَوْلَيْنِ هُنَا لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ إنَّمَا هُمَا فِي اللُّزُومِ وَالتَّخْيِيرِ وَهُنَا فِي وُجُوبِ الْفَسْخِ وَالتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ كَالشَّرْطِيِّ أَوَّلًا) بَقِيَ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَجْرِي فِي الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ طَعَامًا بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ الْتِزَامُ الْأَجْنَبِيِّ كَذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّ فِيهِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى فَكَانَ مَا الْتَزَمَهُ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ. (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ يُرِيدُ بِزَادِ وَلَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) إلَّا أَنْ يَقُولَ الْآمِرُ إنَّمَا أَمَرْتُك بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَسَخَ الْبَيْعَ لِعَيْبٍ بِهَا وَلَيْسَ عِنْدِي غَيْرُهَا (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ أَيْ أَوْ قَالَ عَكْسُهُ لِأَنَّهُ هُنَا فِي مَعْنَى الْجُمْلَةِ فَيَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الْقَوْلَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أَمَرْتُك بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ خَوْفَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الثَّمَنَ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ وَغَرَضِي بَقَاؤُهُ وَيُفِيدُ الْقَيْدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. التَّوْضِيحَ عَنْ الْمَازِرِيِّ (قَوْلُهُ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ) مَفْهُومُهُ لَوْ اشْتَرَى وَاحِدَةً وَعُرِضَا مَعَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ أَوْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادَهُمَا) أَيْ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِفْرَادُ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ مُطْلَقًا) أَمْكَنَ إفْرَادَهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) فِي عب وَكَأَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِالتَّلْمِيحِ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ دِينَارًا لِعُرْوَةِ الْبَارِقِيِّ يَشْتَرِي بِهِ شَاةً كَأَنَّهُ يُضَحِّي بِهَا فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ بِهِ ثُمَّ بَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ وَجَاءَ لَهُ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ فَدَعَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَرَكَةِ فَصَارَ مُبَارَكًا لَهُ فِيمَا يَتَّجِرُ فِيهِ وَلَوْ تُرَابًا» (قَوْلُهُ وَرِضَاك) الرِّضَا يَشْمَلُ الرِّضَا حَقِيقَةً وَالرِّضَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 فِي سَلَمِ مُوَكِّلِهِ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إلَى حِينِ وَفَائِهِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ وَمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا أَخَذَهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ أَخَذَهُمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ كَانَ لَهُمَا حِصَّةٌ فَيَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِهِ وَرِضَاهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ رِضَا الْمُوَكِّلِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ (ص) وَفِي ذَهَبٍ فِي بِدَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِالذَّهَبِ وَقَدْ نَصَّ لَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّرَاهِمِ أَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ وَقَدْ نَصَّ لَهُ عَلَى الذَّهَبِ هَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَوْ لَهُ الْخِيَارُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ الذَّهَبُ وَالدَّرَاهِمُ نَقْدَ الْبَلَدِ وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَالسِّلْعَةِ مِمَّا تُبَاعُ بِهِ وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْأَخِيرُ مُوَكِّلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بِذَهَبٍ بِالْبَاءِ وَفِي بَعْضِهَا بِغَيْرِ الْبَاءِ فَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَذَهَبٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَعَلَى الْأُولَى فَفِي الدَّاخِلَةِ عَلَى قَوْلِهِ بِذَهَبٍ مَدْخُولُهَا فِي الْحَقِيقَةِ مَحْذُوفٌ أَيْ وَفِي بَيْعِهِ بِذَهَبٍ لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ لَا يَدْخُلُ عَلَى مِثْلِهِ وَأَمَّا مَدْخُولُهَا فِي الدَّاخِلَةِ عَلَى قَوْلِهِ فِي بِدَرَاهِمَ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَدْخُولَهَا مَحْذُوفٌ أَيْ فِي قَوْلِهِ بِدَرَاهِمَ أَيْ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ وَأَمَّا أَنْ يُقَالَ دَخَلَتْ (عَلَى بِدَرَاهِمَ) عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَكَانَ الْمُرَادُ هَذَا اللَّفْظَ (ص) وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ فِي لَا أَفْعَلهُ إلَّا لِنِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ إلَّا لِنِيَّةٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَضْرِبَ عَبْدَهُ أَوْ لَا يَبِيعُهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ أَوْ ضَرَبَهُ أَوْ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ هَذَا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقِ مُعَيَّنٍ وَكَانَ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ إنِّي أَرَدْت ذَلِكَ بِنَفْسِي وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ (ص) وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ، وَعَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي مُعَامَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ الْكَافِرَ عَلَى تَقَاضِي دُيُونِهِ وَلَوْ عَلَى كَافِرٍ لِعَمَلِهِمْ الرِّبَا وَاسْتِحْلَالِهِمْ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ أَوْ بِشِرَائِهِ وَلَا اقْتِضَائِهِ وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ أَنْ يَأْتِيَ الْكَنِيسَةَ وَلَا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُشَارِكُ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا لَا أَنْ لَا يَغِيبَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقِيَهُ إذَا كَانَ الذِّمِّيُّ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ وَلَا أُحِبُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَدْفَعَ لِذِمِّيٍّ قِرَاضًا لِعَمَلِهِ بِالرِّبَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ قِرَاضًا لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَهُ وَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَفْسَخْ، وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ دُنْيَوِيَّةً أَوْ دِينِيَّةً وَمَعَهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ إلَّا أَنْ   [حاشية العدوي] حُكْمًا كَأَنْ يُعْلَمَ وَيَسْكُتَ طَوِيلًا كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُغَنِّي عَنْ الْعِلْمِ لِتَضَمُّنِهِ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَعِلْمِهِ بِهِ وَسُكُوتِهِ طَوِيلًا فَضَمَانُهُ ضَمَانُ رِهَانٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ لَمْ يُطِلْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَضَمِنَهُ الْوَكِيلُ فَإِنْ رَدَّهُ لِلْوَكِيلِ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَهُ ضَمَانَ عَدَاءٍ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْوَكِيلِ فِي صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِنْ عَلِمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْأَمِينِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ) فِي شَرْحِ شب هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ مُفَوَّضًا لَهُ فِي النَّظَرِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُفَوَّضْ لَهُ فِي غَيْرِ النَّظَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمَانَهُ فِيهِ قَبْلَ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِهِ شَرْحِ شب (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ هَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ الْخِيَارُ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إذْ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ مُخَالَفَةِ الْآمِرِ (قَوْلُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ تَغَايَرَا بِالنَّوْعِيَّةِ (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْمِثْلِ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْكَمْيَّةِ قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ) وَعَلَيْهِ فَيُقَدِّرُ شَيْئَانِ هُمَا وَفِي بَيْعِهِ بِمَالِ ذَهَبٍ (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ) أَيْ حِكَايَةِ مَا يُصْدَرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ) وَكَذَا يَبَرُّ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ فِي لَأَفْعَلَنَّهُ إلَّا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْبَيْعِ وَالضَّرْبِ وَالدُّخُولِ وَأَمَّا مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْأَكْلِ فَلَا يَبَرُّ بِأَكْلِ وَكِيلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَكَانَ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ) الْمُرَادُ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي كَانَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةٌ) أَرَادَ بِهَا حَقِيقَتَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ) وَلَوْ رَضِيَ بِهِ مَنْ يَتَقَاضَى مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ فَلَيْسَ كَتَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَشَقَ عَلَيْهِ بِالْحَثِّ فِي الطَّلَبِ. (تَنْبِيهٌ) إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ التَّوْكِيلُ الْمَمْنُوعُ وَحَصَلَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالتَّقَاضِي فَالظَّاهِرُ مُضِيُّ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَهُ وَالِدُ عب (قَوْلُهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ) وَأَمَّا تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ فَقَدْ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ الْوَكَالَاتُ كَالْأَمَانَاتِ فَيَنْبَغِي لِأُولِي الْأَمَانَاتِ أَنْ لَا يَتَوَكَّلُوا لِأُولِي الْخِيَانَاتُ وَعَنْ مَالِكٍ كَفَى بِالْمَرْءِ خِيَانَةً أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لِلْخَوَنَةِ اُنْظُرْ الشَّارِحَ (قَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ) بَيَانٌ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا أُحِبُّ) لَفْظَةُ أُحِبُّ عَلَى الْوُجُوبِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا ذِلَّةٌ تُوجِبُ الْكَرَاهَةَ لَا التَّحْرِيمَ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ لِعَمَلِهِ بِالرِّبَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ كَالذِّمِّيِّ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَعَهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ) كَالْإِهَانَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ يَهُودِيٍّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَرْضَ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْعِ تَوْكِيلِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ فِي بَيْعٍ إلَخْ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّوْكِيلِ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَقَبُولِ النِّكَاحِ لِلزَّوْجِ وَكَدَفْعِ الْهِبَةِ (ص) وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى ذِمِّيٍّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا أَمَرَ وَكِيلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ أَوْ فِي عَرْضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَخَالَفَ وَأَسْلَمَهَا فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِمَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ حَيْثُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّ الرِّضَا بِمَا فَعَلَ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا تَعَدَّى عَلَى الدَّرَاهِمِ لَزِمَتْ ذِمَّتُهُ فَلَوْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِمَا فَعَلَ فَقَدْ فَسَخَ مَا تَرَتَّبَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي ذِمَّتِهِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَيُزَادُ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا أَسْلَمَ لِنَفْسِهِ فَالطَّعَامُ قَدْ وَجَبَ لَهُ بِتَعَدِّيهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْفَعْ لِلْوَكِيلِ الدَّرَاهِمَ فَلَا يَمْتَنِعُ لَهُ الرِّضَا بِمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ فَإِذَا أَمَرْته أَنْ يُسَلِّمَ لَك فِي طَعَامٍ أَوْ فِي حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ فَخَالَفَ وَأَسْلَمَ فِي غَيْرٍ مَا أَمَرْته بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ أَنْ تَرْضَى بِمَا فَعَلَ وَتَدْفَعَ لَهُ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَفْسَخُهُ فِي شَيْءٍ لَا تَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَلَك أَنْ لَا تَرْضَى بِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي مَنْعِ الرِّضَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ وَأَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ أَيْ وَلَوْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا وَلَوْ كَانَ طَعَامًا وَلَوْ اطَّلَعَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ فَيُمْنَعُ مِنْ الرِّضَا بِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا وَإِلَّا جَازَ (ص) وَبَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَمَحْجُورُهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ إنْ لَمْ يُحَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ مَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَمَا لَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ وَمَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَهُوَ حَسَنٌ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ مَا إذَا سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْمَنْعُ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ مِنْ مَحْجُورِهِ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَعَبْدِهِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَمِثْلُهُ شَرِيكُهُ الْمُفَاوِضِ لِأَنَّهُ كَنَفْسِهِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ لِمَنْ ذَكَرَ الشِّرَاءَ مِنْهُ وَلَا يُمْنَعُ الْوَكِيلُ أَنْ يَبِيعَ مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ رَقِيقِهِ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ إذَا كَانَ بِلَا مُحَابَاةٍ فَإِنْ حَابَى فِي ذَلِكَ بِأَنْ بَاعَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَيَغْرَمُ مَا حَابَى بِهِ وَالْعِبْرَةُ بِالْمُحَابَاةِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ بَيْعِهِ لِمَحْجُورِهِ وَجَوَازِهِ لِرَقِيقِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ لَا يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لَهُ فَإِذَا بَاعَ لَهُ كَأَنَّهُ بَاعَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَالْمُكَاتَبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلٌ إلَخْ) أَيْ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ زِيَادَةً عَلَى الدِّينِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمَحْلُ الْمَنْعِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَعْدَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ أَذِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَا الْأَذِيَّةَ وَالضَّرَرَ قَاصِرَانِ عَلَى الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةُ الرَّاتِبِ فَالْأَذِيَّةُ لِلْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَهِيَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ كَقَبُولِ النِّكَاحِ لِلزَّوْجِ) لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَرْضَى) وَلَوْ طَعَامًا وَلَا يُقَالُ أَنَّ فِيهِ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ هَذَا تَوْلِيَةٌ مِنْ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ عج أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ وَأَسْلَمَ فِي غَيْرِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا أَمْ لَا وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا حَلَّ الْأَجَلُ جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ جَازَ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الثَّمَنَ فَإِنْ أَخَّرَهُ بِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ وَتَدْفَعُ لَهُ الثَّمَنَ) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ دَفَعَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ عِنْدِهِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ يَكُونُ اطَّلَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهَا وَلَوْ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَجُوزُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّعَامَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ) أَيْ أَوْ ابْنِهِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ. (تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ بَلَغَ أَقْصَى الثَّمَنَ كَمَا أَفَادَهُ عج وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ مَعَ الْفَوَاتِ وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ بَيْنَ أَخْذِهِ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلِلْمُوَكِّلِ نَقْضُ الْعِتْقِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْعِتْقَ مُفَوِّتًا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ إلَخْ) أَيْ لِاحْتِمَالِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهَا بِأَنْ تَنَاهَتْ الرَّغَبَاتُ فِيهِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ جَازَ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ مِنْ مَحْجُورِهِ) فَإِنْ فَعَلَ خُيِّرَ مُوَكِّلُهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِتَغَيُّرِ بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَقِيلَ تَغَيُّرُ السُّوقِ غَيْرُ مُفِيتٍ (قَوْلُهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ) دَخَلَ فِيهِ الْقِنُّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَنَفْسِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُفَاوَضَةِ وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَإِنْ اشْتَرَى كُلٌّ بِغَيْرِ مَالِهَا جَازَ (قَوْلُهُ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَيَغْرَمُ مَا حَابَى بِهِ) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بَلْ يُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 وَالزَّوْجَةِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَقِلُّونَ بِالتَّصَرُّفِ لِأَنْفُسِهِمْ وَيُنْسَبُ إلَيْهِمْ (ص) وَاشْتِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى آمِرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شِرَاءِ رَقِيقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَاشْتَرَى رَقِيقًا يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْقَرَابَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فَإِنَّ الرَّقِيقَ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِأَنْ قَالَ لِلْوَكِيلِ اشْتَرِ لِي هَذَا الرَّقِيقَ أَوْ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْقَرَابَةِ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ أَمْ لَا فَضَمِيرُ الْهَاءِ فِي اشْتِرَاؤُهُ لِلْوَكِيلِ وَفِي عَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ وَفَاعِلُ عَلِمَ الْوَكِيلُ وَضَمِيرُ الْهَاءِ فِي بِعَيْنِهِ رَاجِعٌ لِمَنْ وَكَذَا فَاعِلُ يَعْتِقُ وَعَتَقَ وَالْهَاءُ فِي عَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ وَمِثْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَمَنْ أَخَذَتْ فِي صَدَاقِهَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَرْطِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِبَعْضِهِ عَتَقَ مَا فَضَلَ مِنْهُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ بِكُلِّهِ بِيعَ كُلُّهُ وَيَنْبَغِي فِيمَا إذَا بِيعَ بَعْضُهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي شِقْصًا أَنْ يُبَاعَ كُلُّهُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَرْبَحُ (تَتِمَّةٌ) لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَسَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْعُقْدَةَ تَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً أَوْ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخِرِ قَالَهُ بَعْضٌ. (ص) وَتَوْكِيلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِهِ أَوْ يَكْثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ مُسْتَقِلًّا عَلَى مَا وُكِّلَ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَا مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ لَا يَلِيقُ بِهِ كَبَيْعِ دَابَّةٍ فِي السُّوقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ شَرِيفُ النَّفْسِ صَاحِبُ جَلَالَةٍ بَيْنَ النَّاسِ لَا يُنَاسِبُهُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ يُوَكِّلَهُ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ كَثِيرٍ أَوْ شِرَائِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ عَلَى مُسَاعَدَتِهِ فِي فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْكَثِيرِ لَا أَنَّهُ يُوَكِّلُهُ اسْتِقْلَالًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَا يُمْنَعُ أَنْ يُوَكَّلَ مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ وَهَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَلِيقُ بِهِ وَمَا وُكِّلَ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ مُشْتَهِرًا بِذَلِكَ وَيُحْمَلُ الْمُوَكِّلُ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلِ وَلَا اشْتَهَرَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ وَكَانَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ وَرَبُّ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ (ص) فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ (ش) أَيْ فَبِسَبَبِ جَوَازِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِسَبَبِ عَزْلِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ يُرِيدُ أَوْ مَوْتُهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بَعْدَ وَكِيلٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْآخِرِ وَلَا بِعَزْلِهِ وَيَنْعَزِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ وَلِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ كُلٍّ كَمَا أَنْ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ قَوْلُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ هَذَا إذَا وُكِّلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ أَمَّا بِإِذْنِهِ بِأَنْ قَالَ وَكَّلَ لَك انْعَزَلَ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ وَكَّلَ لِي فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ إذْ كِلَاهُمَا إذًا وَكِيلٌ لِلْمُوَكِّلِ (ص) وَفِي رِضَاهُ إنْ تَعَدَّى بِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَكَّلَ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ قَدْرَ كَذَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْره وَدَفَعَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ وَغَابَ عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِمَّا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ فَتَعَدَّى هَذَا الْوَكِيلَ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ فَفَعَلَهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ) مَحَلُّ عِتْقِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّ الشِّرَاءَ لِمُوَكِّلِهِ فَإِنْ بَيَّنَ وَلَمْ يُجِزْهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْبَيْعَ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَى آمِرِهِ) أَيْ فَيَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ وَالْوَلَاءُ لِلْآمِرِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْقَرَابَةِ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَتْ) أَيْ وَدَافَعَ لِمَنْ أَخَذَتْ فِي صَدَاقِهَا أَيْ فَالزَّوْجُ الَّذِي دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا بِمَثَابَةِ الْوَكِيلِ يَشْتَرِي مِنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ عَتَقَ مَا فَضَلَ مِنْهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُوَكِّلِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الثَّمَنِ حَيْثُ كَانَ ثَمَنُهُ الَّذِي بِيعَ بِهِ قَدْرَ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ عِلْمَ الْوَكِيلِ بِقَرَابَتِهِ لِلْمُوَكِّلِ حَلَفَ الْوَكِيلُ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ الشِّرَاءَ وَالْعِتْقَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَأَغْرَمَهُ الثَّمَنَ وَعَتَقَ عَلَى الْوَكِيلِ اتِّفَاقًا لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَقَدْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِحُرِّيَّتِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ قَدْ جَحَدَهُ فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ عَيَّنَهُ لَهُ وَقَالَ الْآمِرُ بَلْ عَيَّنْت عَبْدًا غَيْرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ عَلَى الرَّاجِحِ وَالْعَبْدُ حُرٌّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ يَكْثُرَ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَا يَلِيقَ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ مُسْتَقِلًّا) فَإِذَا تَعَدَّى الْوَكِيلُ وَوَكَّلَ وَضَاعَتْ السِّلْعَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدِّي مُوَكِّلِهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِذَا عَلِمَ الثَّانِي بِتَعَدِّي مُوَكِّلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ غَرِيمَانِ (قَوْلُهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ) لَكِنْ لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً مِنْهُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا لَاقَ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ شب وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَا يُمْنَعُ إذَا أَذِنَ لَهُ اتِّفَاقًا أَوْ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَنَائِبِ الْقَاضِي حَيْثُ كَانَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ أَنَّ الْقَضَاءَ أَهَمُّ وَأَحْوَطُ لِتَعَلُّقِهِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ بِالسَّلَمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُهُ لَا بِالتَّوْكِيلِ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ وَكِيلُ وَكِيلِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ يَصِيرُ الثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ دَيْنًا فَيَفْسَخُهُ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَهُوَ سَلَمُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الدِّينِ بِالدَّيْنِ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ كَانَ التَّعَدِّي فِي سَلَمٍ وَدَفَعَ الثَّمَنَ وَغَابَ وَكَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا أَوْ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ حَصَلَ قَبْضٌ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَوَجْهُ التَّأْوِيلِ بِالْجَوَازِ فِي مَوْضُوعِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ لَمْ تَقَعْ فِيمَا أَمَرَ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي التَّعَدِّي فِي الْوَكَالَةِ وَوَجْهُ مُقَابِلُهُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ الْوَاقِعَةَ فِي وُقُوعِ السَّلَمِ مِنْ غَيْرِ الْوَكِيلِ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَالَفَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُسْلِمِ فِيهِ. (ص) وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ بِمُسَمَّاهُ (ش) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَرِضَاهُ عُطِفَ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ مَنَعَ وَبِمُخَالَفَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِرِضَاهُ وَبِمُسَمَّاهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ فَالْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي الْمُسَمَّى أَيْ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ هُنَاكَ فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا مَعًا فِي السَّلَمِ الثَّانِي انْتَهَى وَالْبَاءُ فِي بِمُسَمَّاهُ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَمَنْعُ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِمُخَالَفَةِ وَكِيلِهِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا دَفَعَ لِآخَرَ دَرَاهِمَ لِيُسَلِّمَهَا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَثَلًا فَأَسْلَمَ فِي الثَّوْبِ الْمَذْكُورَ لَكِنْ زَادَ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُزَادُ عَلَى مِثْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ وَتَعْلِيلُ الْمَنْعِ وَالتَّقْيِيدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ إلَخْ يُقَالُ هُنَا. (ص) أَوْ بِدَيْنٍ إنْ فَاتَ وَبِيعَ فَإِنَّ وَفَّى بِالْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَإِلَّا غَرِمَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُسَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا نَقْدًا أَوْ قَالَ بِعْهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا وَكَانَ شَأْنُهَا أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إلَّا بِالنَّقْدِ فَخَالَفَ الْوَكِيلُ وَبَاعَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ بِالدَّيْنِ أَوْ فَاتَتْ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِهَذَا الدَّيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ التَّسْمِيَةُ إنْ كَانَ سَمَّى لَهُ أَوْ الْقِيمَةُ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ فَرَضَاهُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَزِمَ مِنْهُ بَيْعٌ قَلِيلٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ وَهُوَ عَيْنُ الرِّبَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ لَا يَمْتَنِعُ الرِّضَا بِفِعْلِ الْوَكِيلِ بَلْ الْمُوَكِّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ فِعْلَ الْوَكِيلِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ لِأَجْلِهِ وَكَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ مِنْهُ لِأَجْلِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالنَّقْدِ. وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَحِينَئِذٍ لَا كَلَامَ لِلْمُوَكِّلِ وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الْوَكِيلُ تَمَامَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْمُوَكِّلِ إذْ لَا رِبْحَ لِلْمُتَعَدِّي وَهُوَ الْوَكِيلُ قَوْلُهُ أَوْ بِدَيْنٍ أَيْ غَيْرِ طَعَامٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ أَوْ بِدَيْنٍ صِفَتُهُ مَحْذُوفَةٌ أَيْ بَاعَ بِهِ قَوْلُهُ إنْ فَاتَ أَيْ الْمَبِيعُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَيْ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ وَمَحَلُّ مَنْعِ الرِّضَا بِالدَّيْنِ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَشْرَةً أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَ) الظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ فَيَكْفِي فِيهِ الْحُلُولُ كَمَا يَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ التَّعَدِّي فِي سَلَمٍ) أَمَّا فِي غَيْرِ السَّلَمِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ قَائِمًا وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ حَصَلَ قَبْضٌ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا) أَيْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبِمُسَمَّاهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي سَلَمٍ مَعْنَاهُ فِي رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ وَقَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ هُنَاكَ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَكْسُ. (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا مَعًا) أَيْ مَسْأَلَةِ الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الَّتِي هِيَ الْأُولَى لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ كَوْنِ الزِّيَادَةِ كَثِيرَةً لَا يُزَادُ مِثْلُهَا كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا وَتَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُشْكِلٌ فَلَوْ جَمَعَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ اسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدِ الْمُتَقَدِّمِ) هُوَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ فَهُوَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَالتَّقْيِيدُ الْمُتَقَدِّمُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ وَكَانَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَفَّى) صَادِقٌ بِمَا إذَا سَاوَى أَوْ زَادَ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخَذَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَكُونُ كَلَامُهُ مُفِيدًا لِكَوْنِ الزَّائِدِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُسَمَّاهُ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِمُخَالَفَتِهِ. (قَوْلُهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) هَذَا يَأْتِي فِيمَا إذَا بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَفِيمَا إذَا بِيعَ بِالْجِنْسِ وَكَانَ أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْتِفَاتٌ إلَى الثَّانِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ كَمَا فِيهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فِيهِ بَيْعٌ قَلِيلٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَأَمَّا بِغَيْرِ الْجِنْسِ فَقَدْ قُلْنَا يَمْتَنِعُ وَلَوْ تَفَاضَلَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ إلَّا فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَيُجِيزُ تَعَدِّيَهُ كَمَا فِي بَهْرَامَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ إلَخْ) بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ أَزْيَدَ مِنْ التَّسْمِيَةِ حَيْثُ سَمَّى أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ أَيْ أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى لِأَنَّ الرِّضَا بِذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا كَانَ يُبَاعُ الدَّيْنُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِالتَّسْمِيَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 بِعَشْرَةٍ فَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشْرَ لِأَجْلِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْوَاقِعُ بِهِ الْبَيْعُ مِثْلَ التَّسْمِيَةِ أَوْ قِيمَةِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِهِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ نَظَرًا إلَى الْغَالِبِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ بِالدَّيْنِ يَكُونُ بِأَكْثَرَ (ص) وَإِنْ سَأَلَ غَرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ وَيَصِيرُ لِيَقْبِضَهَا وَيَدْفَعَ الْبَاقِيَ جَازَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا تَعَدَّى وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِالدَّيْنِ وَكَانَ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِالنَّقْدِ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ وَسَأَلَ الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ الْمَذْكُورَ أَنْ يَغْرَمَ الْآنَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ وَيَصْبِرَ إلَى أَجَلِ الدَّيْنِ لِيَقْبِضَ مَا غَرِمَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَ الْبَاقِيَ إنْ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الدَّيْنِ لَوْ بِيعَ الْآنَ بِالنَّقْدِ كَانَتْ قَدْرَ التَّسْمِيَةِ أَوْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ فَأَقَلَّ إذْ لَا مَحْذُورَ كَمَا إذَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَةُ عَشَرَةٍ مَثَلًا وَقِيمَةُ الدَّيْنِ لَوْ بِيعَ الْآنَ كَذَلِكَ فَأَقَلَّ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ لَوْ بِيعَ الْآنَ بِالنَّقْدِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ فَسَخَ مَا زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ بَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَكَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَقِيمَةُ الدَّيْنِ لَوْ بِيعَ الْآنَ اثْنَا عَشَرَ فَكَأَنَّهُ فَسَخَ دِينَارَيْنِ فِي خَمْسَةٍ إلَى أَجَلٍ وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ قَوْلُهُ التَّسْمِيَةُ أَيْ الْمُسَمَّى فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ مِنْ قَوْلِهِ لِيَقْبِضَهَا مُؤَنَّثًا بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ قَوْلُهُ جَازَ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الْجَبْرَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لِلرَّدِّ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِهِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ لِأَنَّ السَّلَفَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ (ص) وَإِنْ أُمِرَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْمَلَهَا فِي طَعَامٍ أُغْرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لِأَجْلِهِ فَبِيعَ وَغَرِمَ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةَ لَك (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ نَقْدًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ وَفَاتَ الْمَبِيعُ وَهُوَ السِّلْعَةُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَغْرَمُ الْآنَ لِمُوَكِّلِهِ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ التَّسْمِيَةُ وَيُسْتَأْنَى بِالطَّعَامِ لِأَجْلِهِ ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنْ بِيعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّائِدَ لِلْمُوَكِّلِ إذْ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ لِلْمُتَعَدِّي إذْ لَا رِبْحَ لَهُ وَإِنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَغْرَمُ النَّقْصَ مَعْنَاهُ يَمْضِي عَلَى مَا كَانَ غَرِمَهُ لِلْمُوَكِّلِ حِينَ تَعَدِّيهِ وَقَوْلُنَا وَفَاتَ الْمَبِيعُ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ كَانَ قَائِمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ عَقْدٍ كَمَا مَرَّ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (ص) وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يُشْهِدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَقْبَضَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى الْقَابِضِ وَأَنْكَرَ الْقَابِضُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ ذَلِكَ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمِثْلُ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَبْضٌ أَوْ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ وَلَمْ يُشْهِدْ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا أَوْ غَيْرُهُ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِعَدَمِهِ أَوْ بِهِمَا أَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُشْهِدْ مِنْ بَابِ الْمُجَرَّدِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ وَلَمْ يُشْهِدْ أَيْ لَمْ يَقُمْ لَهُ شُهُودٌ بِالْإِقْبَاضِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْبَاضِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ   [حاشية العدوي] أَوْ الْقِيمَةِ دُونَ بَيْعِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ضَعٍّ وَتَعَجُّلٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَضِيَ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمُؤَجَّلَةِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهَا إلَى عَشَرَةِ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ أَيْ وَلَوْ فَرَضْنَا جَوَازَهُ لَزِمَ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْوَاقِعُ بِهِ الْبَيْعُ مِثْلَ التَّسْمِيَةِ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ الْبَيْعُ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ كَأَنْ تَكَوُّنَ الْقِيمَةُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَبَاعَ بِأَكْثَرَ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَرِمَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي (قَوْلُهُ وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِالدَّيْنِ) أَيْ وَفَاتَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ فَسَخَ) فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَجَبَ لِرَدِّهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَةُ الدَّيْنِ وَبَقِيَ لِلْجَوَازِ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُبَاعُ كَأَنْ يَمُوتَ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ يَغِيبُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ أَوْ التَّسْمِيَةَ (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِرِضَاهُمَا مَعًا يُفِيدُهُ النَّفَلُ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ) الْمُنَاسِبُ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَبَعْدَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلْأَظْهَرِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ تَعْلِيلٌ لِمُقَابِلِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ وَسَأَلَهُ غَرِمَ التَّسْمِيَةَ وَيَصِيرُ لِيَقْبِضَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْ الْوَكِيلِ أَيْ أَنَّ الْوَكِيلَ سَلَّفَ تِلْكَ الْعَشَرَةَ لِلْمُوَكِّلِ وَيَأْخُذُ بَدَلَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الدَّيْنِ وَانْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ الدِّرْهَمَيْنِ عَنْهُ اللَّذَيْنِ كَانَ يَغْرَمُهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ بِيعَ الدَّيْنُ بِثَمَانِيَةٍ فَكَانَ يَغْرَمُ اثْنَيْنِ كَمَالِ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ التَّسْمِيَةُ فَهِيَ زِيَادَةٌ جَاءَتْهُ مِنْ أَجْلِ السَّلَفِ وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تِلْكَ الْعَشَرَةَ سَلَفٌ إنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْأَظْهَرِيَّةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ) أَيْ أَوْ بَاعَهَا بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِكَوْنِهِ صَارَ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الْقَابِضُ) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ لِمَوْتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَيَضْمَنُهُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ لِمُوَكِّلِهِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَلِرَبِّهِ غَرِيمَانِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ أَوْ رَهْنٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ أَيْ أَوْ وُكِّلَ عَلَى دَفْعِ رَهْنٍ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ أَعَاطَاهُ رَهْنًا وَقَوْلُهُ أَوْ وَدِيعَةٌ أَيْ أَوْ وَكَّلَهُ عَلَى إيدَاعِ وَدِيعَةٍ فَأَنْكَرَ الْمَدْفُوعُ لَهُ أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا (قَوْلُهُ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً) وَقِيلَ إلَّا أَنْ تَجْرِيَ بِخِلَافِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ الْعَمَلِ بِالْعُرْفِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَقُمْ لَهُ شُهُودٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْبِنَاءِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 الِاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ الْوَكِيلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الضَّامِنِ يَدْفَعُ الدَّيْنَ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ حَيْثُ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْقَبْضَ مِنْهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا يَدْفَعُهُ الْوَكِيلُ مَالَ الْمُوَكِّلِ فَكَانَ الْإِشْهَادُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِخِلَافِ الضَّامِنِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ مَا دَفَعَ لِأَنَّهُ مَالُ نَفْسِهِ وَفَرَّطَ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ (ص) أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ نَقْدًا مَا لَا يُبَاعُ بِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ فَنُوزِعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ فِيمَا إذَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ شَأْنُهُ أَنْ يُبَاعَ بِالنَّقْدِ فَخَالَفَ وَبَاعَهُ بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَالًا وَادَّعَى الْإِذْنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ إذْنُهُ بِبَيْعِهَا بِمَا ذَكَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ وَهَلْ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ أَوْ مَعَ فَوَاتِهَا وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ نَقَضَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ وَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ فِي أَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهَا وَلِلْمُوَكِّلِ رَدُّ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْقِيمَةَ إنَّ تَلِفَ الْمَبِيعُ وَقَوْلُهُ نَقْدًا وَأَمَّا إنْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدَيْنٍ وَقَوْلُهُ مَا أَيْ شَيْئًا (ص) أَوْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ كَالْمِدْيَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ حَقٍّ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ تَلِفَ فَإِنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا حِينَ أَنْكَرَ الْقَبْضَ وَمِثْلُ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ كَمَا أَنَّ الْمِدْيَانَ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ فَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ وَفَّاهُ إيَّاهُ أَوْ أَنَّهُ صَالَحَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ وَفَّاهُ إيَّاهُ أَوْ صَالَحَهُ فَتُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَ إنْكَارِ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ وَبَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ ح عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ فَتَسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُعَامَلَةَ بِلَفْظٍ يَنْبَغِي قَوْلُهُ فَشَهِدَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَامَتْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَطْفِهِ عَلَى مِقْدَارٍ أَيْ وَادَّعَى التَّلَفَ فَشَهِدَتْ لِعَطْفِهِ بِالْفَاءِ الْمُشْعِرَةِ بِالسَّبَبِيَّةِ فَهُوَ مُسَبَّبٌ عَنْ اعْتِرَافِهِ وَقَوْلُهُ بِالتَّلَفِ أَيْ وَالرَّدِّ. (ص) وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْت وَتَلِفَ بَرِئَ وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ غَيْرَ الْمُفَوَّضِ إذَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِ حَقٍّ فَقَالَ قَبَضْته وَتَلِفَ مِنِّي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَأَمَّا الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَلَا تَنْفَعُهُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِذَا غَرِمَ الْغَرِيمُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ تَلَفُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ إذَا أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ قَبَضَ الْحَقَّ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ لِيَتِيمِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَ مِنِّي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْغَرِيمُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ وَالْوَصِيُّ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ تَلِفَ   [حاشية العدوي] لِلْمَفْعُولِ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِحَضْرَةٍ الْمُوَكِّلِ) أَيْ وَمَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَهَلْ ذَلِكَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ مُطْلَقًا أَيْ مَعَ الْقِيَامِ وَمَعَ الْفَوَاتِ بِمَعْنَى أَنَّ مَعَ الْقِيَامِ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ وَمَعَ الْفَوَاتِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ) أَيْ الَّذِي الشَّأْنُ أَنْ لَا يَتَغَابَنَ بِمِثْلِهِ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعِهِ بِأَقَلَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَقَدْ مَرَّ) إذَا نَظَرَتْ لِمَا مَرَّ تَجِدُ هَذَا غَيْرَ مُنَاسِبٍ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُ أَيْ فَإِذَا فَاتَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ الْإِقْرَارُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ بِالْقَبْضِ بَعْدَ إنْكَارِهِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ) اُنْظُرْ أَيَّ جَهْلٍ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ الْبَيِّنِ الْمُعَيَّنِ الضَّرُورِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ادِّعَاءَهُ الْجَهْلَ لَا يُعْذَرُ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْقَضَاءِ الْإِنْكَارُ الْمُكَذِّبُ لِلْبَيِّنَةِ فِي الْأُصُولِ وَالْحُدُودِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَذَفَهُ أَوْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لَهُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ مِنْهُ قَذْفٌ أَوْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِوَجْهٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ فِي الْقَذْفِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الدَّارَ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي هَذَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْحُدُودَ يُتَسَاهَلُ فِيهَا لِدَرْئِهَا بِالشُّبُهَاتِ وَالْأُصُولُ يَظْهَرُ فِيهَا انْتِقَالُ الْمِلْكِ فَدَعْوَى أَنَّهَا مَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي لَا يُلْتَفَتُ لَهَا فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُكَذِّبُ الْبَيِّنَةَ الَّتِي أَقَامَهَا وَهَذَا فِيمَنْ يَظْهَرُ مِلْكُهُ وَحَمَلَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ حَمْلًا لِلنَّادِرِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ لِعَطْفِهِ) بِالْفَاءِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ لِاحْتِيَاجِ أَيْ فَالْعَطْفُ مُؤْذِنٌ بِفَهْمِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهِ مُقَدَّرًا فِي الْعِبَارَةِ هَذَا مَعْنَاهُ وَأَقُولُ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا مِنْ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَعْنَى نِظَامَ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِهِ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ جُعِلَ عِلَّةً لِلنَّفْيِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْعَلَ عِلَّةً لِلْمَنْفِيِّ الَّذِي هُوَ يَحْتَاجُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُلَخَّصُ الْكَلَامِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَامَتْ وَلَيْسَتْ السَّبَبِيَّةُ بِلَازِمَةٍ فِي الْفَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَطْفِهِ عَلَى الْمُقَدَّرِ الْمُتَسَبَّبِ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ) أَيْ مِنْ ذُكِرَ وَهُوَ الْوَصِيُّ وَالْوَكِيلُ لَكِنْ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْإِيصَاءِ أَوْ حَالِ الْوَكَالَةِ وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَعْوَى التَّلَفِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ يَتَوَطَّأَ مَعَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) فَإِنْ جَهِلَ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ حَمْلًا عَلَى التَّفْرِيطِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ حَمْلًا عَلَى عَدَمِهِ قَوْلَانِ لِمُطَرَّفِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ جُعِلَ لَهُ الْإِقْرَارُ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَخْصُوصَ إذَا جُعِلَ لَهُ الْإِقْرَارُ يَكُونُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 أَيْ أَوْ رَدَّدْته وَلِلْغَرِيمِ تَحْلِيفُ الْمُوَكِّلِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ يَدْفَعُهُ إلَى الْوَكِيلِ وَعَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِ (ص) وَلَزِمَ الْمُوَكِّلُ غُرْمَ الثَّمَنِ إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنًا فَاشْتَرَاهَا لَهُ بِمَا أَمَرَهُ ثُمَّ أَخَذَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَضَاعَ فَإِنَّ ثَمَنَهَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ وَلَوْ ضَاعَ مِرَارًا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى رَبِّهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ عَلَى ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ فَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ لِوَكِيلِهِ ثَمَنَ السِّلْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فَإِنَّهُ إذَا ضَاعَ مِنْ الْوَكِيلِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَغْرَمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِأَنَّهُ مَالٌ بِعَيْنِهِ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ سَوَاءٌ تَلِفَ بَعْدَ قَبْضِ السِّلْعَةِ أَوْ قَبْلَهُ وَتَلْزَمُ السِّلْعَةُ الْوَكِيلَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ أَيْ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ يُقْبِضَهُ وَفَعَلَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ (ص) وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ كَالْمُودَعِ فَلَا يُؤَخَّرُ لِلْإِشْهَادِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ أَوْ عَلَى شِرَائِهِ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَقَالَ دَفَعْته إلَى مُوَكِّلِي أَوْ قَالَ اشْتَرَيْته وَدَفَعْته إلَى مُوَكِّلِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ كَمَا أَنَّ الْمُودَعَ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إنْ كَانَ قَبَضَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْبَيِّنَةُ الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ هِيَ الَّتِي أَقَامَهَا خِيفَةَ دَعْوَى الرَّدِّ بِأَنْ يَشْهَدَهَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى رَدَّ الثَّمَنِ أَوْ السِّلْعَةِ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَوْ دَفَعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ فِي الدَّفْعِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ رَدٌّ كَمَا إذَا ادَّعَى دَفْعَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ دَفَعَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهَا وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُودِعِ مُصَدَّقًا فِي الرَّدِّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخَّرَ لِلْإِشْهَادِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَدْفَعُهُ حَتَّى أُشْهِدَ عَلَى الْمُعْطَى لَهُ إذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ فَبِسَبَبِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ مُصَدَّقًا فِي الرَّدِّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ لِلْإِشْهَادِ أَيْ لَيْسَ الْإِشْهَادُ عُذْرًا يُبِيحُ لَهُ التَّأْخِيرَ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخَّرَ وَضَاعَتْ ضَمِنَ وَهُنَا كَلَامٌ اُنْظُرْهُ فِي مَحَلِّهِ (ص) وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ إلَّا بِشَرْطٍ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى الْخِصَامِ لَا يَتَعَدَّدُ وَعَلَى غَيْرِهِ يَتَعَدَّدُ كَمَا إذَا وُكِّلَ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَإِذَا تَعَدَّدَ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِمَا وُكِّلَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاوَرَةِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ شَرَطَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالشَّرْطِ وَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ فَأَمَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلِأَحَدِ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ مُنِعَ أَيْ وَمُنِعَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ وَهَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا غَيْرَ مُرَتَّبَيْنِ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ الِاسْتِبْدَادُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الِاسْتِبْدَادِ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُرَتَّبَيْنِ وَيَكُونَ مَعْمُولًا لَجَازَ أَيْ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُوَكِّلُ عَدَمَ الِاسْتِبْدَادِ وَأَمَّا الْوَصِيَّانِ فَلَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَلَوْ تَرَتَّبَا لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا أَثَرَ لِلتَّرْتِيبِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ وَلِتَعَذُّرِ النَّظَرِ مِنْ الْمُوصَى فِي الرَّدِّ دُونَ الْمُوَكِّلِ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى أَمْرِ عَزْلِهِ (ص) وَإِنْ بِعْت وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا بِقَبْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُوَكِّلُ وَبَاعَهَا الْوَكِيلُ أَيْضًا فَإِنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْبَيْعَتَيْنِ هُوَ الْمَاضِي مَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي قَدْ   [حاشية العدوي] كَالْمُفَوَّضِ وَمِثْلُ الْوَصِيِّ الْأَبُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ثُمَّ ادَّعَى التَّلَفَ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الْمَدِينُ مَا دَامَا فِي حَجْرِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ كَالْوَصِيِّ إقْرَارُهُمَا عَلَيْهِ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَكِيلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ بِحَضْرَةِ رَبِّ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا لَزِمَ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ) لَا فَرْقَ بَيْنَ مُفَوَّضٍ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَمَوْتِهِ وَلَا بَيْنَ طُولِ الزَّمَانِ وَقُرْبِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَلًّا لِلْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ رَدٌّ بَلْ دَفْعٌ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّدِّ دَفْعٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُتَبَادَرًا مِنْ لَفْظِ دَفَعَ فَغَايَةُ مَا يُقَالُ إنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ) أَيْ بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَعْنَى وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ إلَّا لِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ كَالْمُودَعِ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى رَدَّ الثَّمَنِ إلَخْ) أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ قَدْ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ السِّلْعَةَ أَيْ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَدَّ السِّلْعَةَ الَّتِي وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهَا أَيْ رَدَّهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَدَّ مَالَ السَّلَمِ الَّذِي وُكِّلَ عَلَى دَفْعِهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَيْ رَدُّهُ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ أَوْ دَفَعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ) أَيْ إذَا ادَّعَى دَفْعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي الرَّدِّ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ أَوْ دَفَعَ فَيَقُولُ أَوْ الْمُسْلَمُ فِيهِ أَيْ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى دَفْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ الْمُسْلِمَ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ فِي الدَّفْعِ إلَخْ) لَكِنْ يَفُوتُهُ تَصْدِيقُهُ فِي رَدِّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَهُ فَلَوْ قَالَ وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ وَالدَّفْعِ لَشَمَلَهُمَا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخَّرَ لِلْإِشْهَادِ) وَاَلَّذِي فِي الْأَسْمِعَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ فَإِذَا أَخَّرَ كُلَّ مِنْهُمَا وَضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ لِلْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ وَهِيَ نَفْيُ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ اعْلَمْ إلَخْ) لَوْ اخْتَلَفَ فِي تَرَتُّبِ وَكَالَتِهِمَا وَعَدَمِ تَرَتُّبِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 قَبَضَ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ أَمَّا إنْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِأَنَّ غَيْرَهُ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ وَبِهَذَا قَيَّدَتْ الْمُدَوَّنَةُ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ وَكِيلَانِ وُكِّلَا مُرَتَّبَيْنِ أَوْ وُكِّلَا مَعًا وَشَرَطَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِبْدَادَ وَبَاعَا شَيْئًا فَالْمُعْتَبَرُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَلَوْ انْضَمَّ لِلثَّانِي قَبْضٌ وَمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي مِنْ أَنَّ بَيْعَ كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ كَبَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ غَيْرُ ظَاهِر وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ مَعًا أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ اشْتَرَكَا وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلَانِ مَعًا أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِعْت أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ حَصَلَ قَبْضٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ بِالْقَبْضِ إلَى ضَمَانٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (ص) وَلَك قَبْضُ سَلَمِهِ لَك إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ لِلْمُوَكِّلِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْمُضَافِ لِلْوَكِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَك يَا مُوَكِّلُ أَنْ تَقْبِضَ مَا أَسْلَمَهُ لَك وَكِيلُك بِغَيْرِ حُضُورِهِ وَيَبْرَأُ دَافِعُهُ لَك بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ لَك بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ أَنَّهُ أَسْلَمَهُ لَك وَلَا حُجَّةَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إذَا قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِمَنْ أَسْلَمَ إلَيَّ فَقَوْلُهُ وَلَك أَيْ جَبْرًا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَك مُتَعَلِّقٌ بِسَلَمِهِ أَيْ السَّلَمِ الَّذِي هُوَ لَك فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا إقْرَارُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنَّ الْوَكِيلَ اعْتَرَفَ لَهُ بِأَنَّهُ لِهَذَا وَالثَّانِيَةُ مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ شَاهِدًا لِلْمُوَكِّلِ أَنَّ السَّلَمَ لَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِ مَنْفَعَةً لَهُ وَهِيَ تَفْرِيغُ ذِمَّتِهِ. (ص) وَالْقَوْلُ لَك إنْ ادَّعَى الْإِذْنَ أَوْ صِفَةً لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِشَخْصٍ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا أَوْ شِرَائِهَا وَخَالَفَهُ الْمُوَكِّلُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ بِلَا يَمِينٍ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ لَكِنْ بِيَمِينِ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى التَّوْكِيلِ وَلَكِنْ خَالَفَهُ فِي صِفَةِ الْإِذْنِ بِأَنْ قَالَ أَمَرْتُك بِرَهْنِهَا وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ أَمَرَتْنِي بِبَيْعِهَا وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَهَا بِالنَّقْدِ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ أَمَرْتنِي بِطَعَامٍ وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَالَ الْوَكِيلُ أَمَرْتنِي بِعَشَرَةٍ وَقُلْت بِأَكْثَرَ وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْقَدْرِ وَقُلْت أَنْتَ حَالًّا وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ مُؤَجَّلًا فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَعَلَى الْوَكِيلِ الْبَيَانُ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى الْإِذْنَ أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلُ ثَابِتٌ لَا أَنَّهُ ادَّعَى التَّوْكِيلَ خِلَافًا لتت فِي الْكَبِيرِ. (ص) إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ وَحَلَفَ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهِ تَمْرًا فَاشْتَرَى بِهِ طَعَامًا وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرَتْنِي وَخَالَفَهُ الْآمِرُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْإِذْنَ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِمَّا يُعَابُ عَلَيْهِ وَأَنْ يَحْلِفَ وَأَنْ يُشْبِهَ وَالشَّبَهُ يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ فَحَذَفَهُ مِنْ الْمُشَبَّهِ وَأَثْبَتَهُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ وَحَذَفَ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ الْحَلِفَ وَأَثْبَتَهُ فِي الْمُشَبَّهِ فَيُقَيَّدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا قَيَّدَ بِهِ الْآخِرُ فَقَوْلُهُ بِالثَّمَنِ أَيْ الَّذِي لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ فَاتَ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَأَخَذَهُ وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهِ فَإِنَّ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ وَتَلْزَمُهُ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ. فَإِنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُفِيدٌ لَهُ إذْ هُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ أَوْ صِفَةٌ لَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِشَرْطٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الثَّانِيَ أَحَقُّ عِنْدَ الْقَبْضِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَلَا بَائِعُهُ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَاعَ الثَّانِي مِنْهُمَا وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي السِّلْعَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ قَبْضِهِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ إلَخْ) فِي عب خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَالْمُوَكِّلَ إذَا بَاعَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ فَالْمَبِيعُ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إنْ جُهِلَ الزَّمَنُ فَالسِّلْعَةُ لِمَنْ قَبَضَ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ اشْتَرَكَا إنْ رَضِيَا وَإِلَّا اقْتَرَعَا وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْوَكِيلَيْنِ فِي أَحْوَالِ الْجَهْلِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ انْضَمَّ لِلثَّانِي قَبَضَ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ ضَعُفَ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلَانِ مُتَسَاوِيَانِ فِي التَّصَرُّفِ فَاعْتُبِرَ عَقْدُ السَّابِقِ مِنْهُمَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَك قَبْضُ سَلَمِهِ) لَا مَفْهُومَ لِلسَّلَمِ إذَا الثَّمَنُ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ كَذَلِكَ وَإِضَافَةُ سَلَمٍ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ تَفْرِيغَ الذِّمَّةِ بِالدَّفْعِ (قَوْلُهُ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى التَّوْكِيلِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْله إذَا ادَّعَى الْإِذْنَ نِزَاعُهُمَا فِي أَصْلِ التَّوْكِيلِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ فَهَذَا الْكَلَامُ مُرُورٌ عَلَى قَوْلِ تت الَّذِي رَدُّهُ آخِرًا (قَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ ثَابِتٌ) أَيْ فَادَّعَى الْإِذْنَ بِالْبَيْعِ وَادَّعَيْت أَنْتَ يَا مُوَكِّلُ الْإِذْنِ فِي الْإِجَارَةُ لَا فِي بَيْعِهِ وَهَذَا مَا حَلَّ بِهِ عب وَالْمُتَبَادَرُ مَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا الَّذِي هُوَ كَلَامُ تت فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ أَيْ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَالْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ يُخَيَّرُ لِمُوَكِّلٍ بَيْنَ أَخْذِ سِلْعَتِهِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَمَعَ الْفَوَاتِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ الْوَكِيلُ الْقِيمَةَ أَوْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْإِذْنَ) فِي جَعْلِ ذَلِكَ مِنْ الْقُيُودِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَالْقَيْدُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُشْبِهَ إلَخْ) بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَبَّ تِلْكَ الْقُيُودَ قَالَ مَا نَصُّهُ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ أَمْ لَا إلَّا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ لَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْقَوْلُ لَك بِيَمِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا بِيَمِينِهِ وَمِثْلُهُ فِي شب فَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ شَارِحِنَا حَيْثُ يَقُولُ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ إلَخْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِمَّا يُغَابُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 لَوْ أَسْقَطَهُ لَاحْتَمَلَ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى الْأُولَى عَلَى تَقْدِيرِ رُجُوعِهِ لَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ شَخْصًا دَفَعَ لِآخَرَ شَيْئًا وَادَّعَى الْمَدْفُوعُ لَهُ أَنَّهُ دَفَعَهُ ثَمَنًا لِسِلْعَةٍ يَشْتَرِيهَا وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ وَادَّعَى الدَّافِعُ أَنَّهُ دَفَعَهُ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ قَوْلِ الْمَدْفُوعِ لَهُ. (ص) كَقَوْلِهِ أَمَرْت بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ وَأَشْبَهَتْ وَقُلْت بِأَكْثَرَ وَفَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ تَحْلِفْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّك إذَا أَمَرْته بِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَأَشْبَهَتْ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا لِذَلِكَ الْمَبِيعِ وَقُلْت أَنْتِ مَا أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَهَا إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِزَوَالِ عَيْنِهِ لِأَنَّ الْفَوَاتَ هُنَا كَالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَفُوتُ السِّلْعَةُ إلَّا بِزَوَالِ عَيْنِهَا فَلَا تَفُوتُ بِعِتْقٍ وَلَا بِهِبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ تَحْلِفْ أَنْتَ يَا مُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ أَيْضًا وَيَبْرَأُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَمَّا إنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ فَمَنْ أَحَبَّ إخْرَاجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَهُوَ مُدَّعٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَأَشْبَهَتْ فِعْلٌ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرِ الْغَائِبَةِ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مُسْنَدًا لِلْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ وَقُلْت بِأَكْثَرَ أَيْ وَأَشْبَهَتْ الْعَشَرَةُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ (ص) وَإِنْ وَكَّلْته عَلَى أَخْذِ جَارِيَةٍ فَبَعَثَ بِهَا فَوُطِئَتْ ثُمَّ قَدِمَ بِأُخْرَى وَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ أَخَذَهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِكَوَلَدٍ أَوْ تَدْبِيرٍ إلَّا لِبَيِّنَةٍ وَلَزِمْتُك الْأُخْرَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ فَاشْتَرَاهَا وَبَعَثَ بِهَا إلَى مُوَكِّلِهِ فَوَطِئَهَا الْمُوَكِّلُ ثُمَّ قَدِمَ الْوَكِيلُ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْجَارِيَةُ الْأُولَى وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَإِنْ كَانَ لَمْ يُبَيِّنْ حِينَ أَرْسَلَ الْجَارِيَةَ أَيْ لَمْ يَقُلْ هِيَ وَدِيعَةٌ وَلَا غَيْرَهَا فَإِنْ حَلَفَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَخَذَهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْآمِرِ بِوَلَدٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا حِينَئِذٍ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْأُولَى وَدِيعَةٌ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَوْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرَ وَلَزِمْتُك يَا مُوَكِّلُ الْجَارِيَةَ الثَّانِيَةَ وَيَلْزَمُك أَيْضًا قِيمَةُ الْوَلَدِ إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ وَهُوَ حُرٌّ نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ فَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَيْ حِينَ الْإِرْسَالِ أَنَّ هَذِهِ وَدِيعَةٌ وَمِثْلُهُ مَا إذَا بَيَّنَ لِلرَّسُولِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا بَيَّنَ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ   [حاشية العدوي] عَلَيْهِ مُعْتَرَضٌ فَقَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا مُعْتَرَضًا وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَعْقِلُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى الْأُولَى عَلَى تَقْدِيرِ رُجُوعِهَا) وَأَمَّا إذَا فُسِّرَتْ بِالْمُنَازَعَةِ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَعَدَمِ الْإِذْنِ رَأْسًا فَلَا يَعْقِلُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَزِمَ الْوَكِيلُ الْغُرْمَ (قَوْلُهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ تَحَقَّقَ فَوْتُهُ فَإِنْ جَهِلَ وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِ مُشْتَرِيهِ أَحْلِفُ إنْ حَقَّقَ رَبُّهَا أَنَّهُ جَحَدَهُ فَإِنْ اتَّهَمَهُ فَعَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ فَإِنْ حَلَفَ مَعَ تَحَقُّقِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْفَوَاتِ وَكَذَا إنْ اتَّهَمَهُ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا قَبِلَ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فِيمَا يَحْلِفُ فِيهِ عَمِلَ بِقَوْلِ مُنَازِعِهِ مِنْ مُوَكِّلِهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ حَلِفِهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي مُنَازَعَةِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ وَأَشْبَهَتْ) إسْنَادُ الشَّبَهِ لَلْعَشْرَةِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ أَيْ أَشْبَهَ الْوَكِيلُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلَ أَمْ لَا وَمَفْهُومُهُ لَوْ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَيَغْرَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَفُتْ) وَلَا يُرَاعَى فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ شَبَهٌ وَلَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ فَبَعَثَ بِهَا) أَيْ بِجَارِيَةٍ غَيْرِ الْمُوَكَّلِ فِيهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَوُطِئَتْ) أَخَذَهَا إنْ لَمْ تُوطَأْ حَيْثُ لَمْ تَفُتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فَاتَتْ بِكَوَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا بَيَّنَ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) مَفْهُومُهُ لَوْ بَيَّنَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ أَخَذَهَا أَيْضًا بِغَيْرِ يَمِينٍ وُطِئَتْ أَمْ لَا وَكَذَا يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ تُوطَأْ (قَوْلُهُ تَفُوتُ بِكَوَلَدٍ) مَفْهُومُهُ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا كَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَيْ أَشْهَدَهَا وَلَمْ يَنْسَهَا حَالَ الْإِرْسَالِ فَيَأْخُذُهَا وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُوَكِّلُ أَوْ أَوْلَدَهَا وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَعِبَارَةُ شب إلَّا لِبَيِّنَةٍ لِلْوَكِيلِ تَشْهَدُ بِمَا قَالَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا مُطْلَقًا بَيَّنَ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ بَيَّنَ أَخَذَهَا وَوَلَدَهَا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَخَذَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ وَلَزِمْتُك الْأُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةُ حَيْثُ أَخَذَ الْوَكِيلُ الْأُولَى وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَفِيمَا إذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَأَخَذَهَا أَمَّا بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ الْأُولَى فَالْمُوَكِّلُ مُخَيَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا مَعَ لُزُومِ الْأُولَى لَهُ ثُمَّ هَذَا أَيْ قَوْلُهُ وَلَزِمْتُك تَصْرِيحٌ بِمَا فَهِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَلْزَمُهُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ) دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ وَالْمَعْنَى لَا نَقُولُ بِأَنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ بَلْ تَبْقَى عِنْدَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ أَنَّ الْأُولَى حَيْثُ فَاتَتْ وَلَمْ يُقِمْ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ لَازِمَةً لِلْآمِرِ بِالثَّمَنِ وَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَلْزَمُ الْآمِرَ حَيْثُ فَاتَتْ الْأُولَى وَلَزِمَتْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 حِينَئِذٍ مُتَعَدٍّ بِالْوَطْءِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ أَيْ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى فَيَحْلِفُ أَنَّ هَذِهِ لَهُ وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ وَلَزِمْتُك الْأُخْرَى رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ وَأَخَذَهَا وَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ (ص) وَإِنْ أَمَرْته بِمِائَةٍ فَقَالَ أَخَذْتهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرْت فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْك إلَّا الْمِائَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهَا وَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَأْمُورُ قَالَ أَخَذْتهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ بِوَلَدٍ مِنْ الْآمِرِ أَوْ تَدْبِيرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِمَا قَالَ الْمَأْمُورُ وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ أَوْ يَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي وَطْئِهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِمَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ إلَّا الْمِائَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ فَرَّطَ حَيْثُ لَمْ يُعْلِمْهُ فَهُوَ كَالْمُتَطَوِّعِ بِالزِّيَادَةِ وَقَوْلُهُ بِمَا قَالَ أَيْ مَا لَمْ يُطِلْ الزَّمَنَ بَعْدَ قَبْضِهَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَصَدَقَ فِي دَفْعِهَا وَإِنْ سَلَّمَ مَا لَمْ يُطِلْ وَقَوْلُهُ بِمَا قَالَ أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمَأْمُورُ لَقَدْ اشْتَرَاهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَإِنْ نَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمِائَةُ كَبَعْدِ الْفَوَاتِ بِمَا مَرَّ. (ص) وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُك لِزَيْفٍ فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك لَزِمْتُك وَهَلْ وَإِنْ قَبَضْت تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ فِي طَعَامٍ مَثَلًا ثُمَّ أَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَرَاهِمَ زَائِفَةٍ وَزَعَمَ أَنَّهَا دَرَاهِمُك فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك أَيْ وَقَبِلَهَا لَزِمَك يَا آمِرُ إبْدَالُهَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَلْ اللُّزُومُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ أَوْ مَحَلُّ اللُّزُومِ لِلْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُوَكَّلَ فِيهِ وَعَلَيْهِ لَوْ قَبَضَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ إنَّ الدَّرَاهِمَ دَرَاهِمُ مُوَكِّلِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ الشَّيْءَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ فَلَا يَسْرِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ أَيْضًا إبْدَالُهَا أَوْ يَلْزَمُهُ إبْدَالُهَا كَمَا إذَا قَبِلَهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَنْعَزِلُ بِقَبْضِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ. (ص) وَإِلَّا فَإِنْ قَبِلَهَا حَلَفْت (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ الْمَرْدُودَةَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْبَلَهَا أَوْ لَا فَإِنْ قَبِلَهَا حَلَفْت يَا مُوَكِّلُ أَنَّك لَمْ تَعْرِفْهَا أَنَّهَا مِنْ دَرَاهِمِك وَمَا أَعْطَيْته إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك وَتَلْزَمُ الْمَأْمُورُ لِقَبُولِهِ إيَّاهَا وَهَلْ مَحَلُّ حَلِفِ الْآمِرِ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ عَدِيمًا أَيْ مُعْسِرًا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْآمِرِ وَيَغْرَمُ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ لِقَبُولِهِ إيَّاهَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ حَلِفَ الْآمِرُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَحْلِفُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ مَلِيئًا أَوْ مَعْدُومًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لِعَدَمِ الْمَأْمُورِ (ش) ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَفْعُولَ حَلَفْت وَفِيهِ صِفَةُ يَمِينِهِ فَقَالَ (ص) مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك (ش) بِتَاءِ الْخِطَابِ مِنْ الْمُؤَلِّفِ لِلْآمِرِ. (ص) وَلَزِمَتْهُ تَأْوِيلَانِ (ش) وَإِلَّا صِفَةَ يَمِينِهِ أَنْ يَقُولَ مَا دَفَعْت بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ صَيْرَفِيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَزِيدُ وَلَا يَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالزِّيَادَةُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي عَمَلِهِ حِينَ الدَّفْعِ جِيَادًا وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ الْآنَ أَنَّ هَذِهِ دَرَاهِمُهُ فَلِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ (ص) وَإِلَّا حَلَفَ كَذَلِكَ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَفِي الْمَبْدَأِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ الزَّائِفَةَ الْمَرْدُودَةَ وَلَا قَبِلَهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ الْآمِرُ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَبَرِئَ حِينَئِذٍ أَيْ وَيَزِيدُ وَلَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمَ مُوَكِّلِهِ وَيُحَلِّفُ الْبَائِعُ الْآمِرَ أَيْضًا وَضَاعَتْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَلْ يَبْدَأُ الْبَائِعُ بِحَلِفِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلدَّفْعِ أَوْ يَبْدَأُ بِالْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ تَأْوِيلَانِ وَإِذَا بَدَأَ الْبَائِعُ بِيَمِينِ الْآمِرِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ وَلِلْآمِرِ تَحْلِيفُ الْمَأْمُورِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَبْدَلَهَا وَإِذَا بَدَأَ بِيَمِينِ الْمَأْمُورِ فَنَكَلَ حَلَّفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْآمِرِ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ وَحَلَّفَ الْبَائِعُ هُوَ بِتَشْدِيدِ لَامِ حَلَفَ وَالْبَائِعُ فَاعِلُهُ وَالْمَفْعُولُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا مَعَ الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فِي الْجِيزِيِّ أَنَّهُ يُحَدُّ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَيَأْخُذُهُ مَعَ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهَا مُودَعَةٌ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا وَقَرَّرَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْمُبَلِّغِ وَلِلْخِلَافِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمَأْمُورِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَهَاتَانِ شُبْهَتَانِ يَنْفِيَانِ عَنْهُ الْحَدَّ وَمُفَادُ غَيْرِهِ اعْتِمَادُهُ فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي عَدَمِ الْبَيَانِ عِنْدَ عَدَمِ ثُبُوتِهِ وَإِنْكَارِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ (قَوْلُهُ بِوَلَدٍ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا وَتَكُونُ لِلْوَاطِئِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْآمِرُ فَإِنْ ادَّعَى الْمَأْمُورُ زِيَادَةً يَسِيرَةً قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا كَدِينَارَيْنِ وَأَوْلَى فَوَاتُهَا بِذَهَابِ عَيْنِهَا لَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُطِلْ) أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَحَلُّ حَلِفِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَا اشْتَرَى وَالْأَخِيرُ الْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ أَوْ رَدِّهَا (قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ قَبَضَتْ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَيَظْهَرُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ مُطْلَقًا) وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِاحْتِمَالِ نُكُولِهِ فَيَغْرَمُ وَلَا يَغْرَمُ الْوَكِيلُ وَهِيَ يَمِينُ تُهْمَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَغْرَمْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَأَمَّا عِلَّةُ الْمُقَابِلِ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِقَبُولِهِ إيَّاهَا (قَوْلُهُ أَوْ لِعُدْمِ الْمَأْمُورِ) أَيْ عُسْرِهِ لَا عُدْمِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ صِفَةُ يَمِينِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ فِي عِلْمِي وَلَا أَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِي وَبِضَمِّ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 مَحْذُوفٌ أَيْ وَحَلَّفَ الْبَائِعُ الْآمِرَ (ص) وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا عَلِمَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَوْ مُفَوَّضًا لِأَنَّ مَالَهُ انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ أَحَدٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَهَلْ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَوْ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْمَوْتُ تَأْوِيلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الثَّمَنِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ مِنْ الْوَكِيلِ حَاضِرًا بِبَلَدِ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَيَتَّفِقُ التَّأْوِيلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَزْلِ وَمِثْلُ الشِّرَاءِ الْبَيْعُ (ص) وَفِي عَزْلِهِ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ خِلَافٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَزْلِهِ يَرْجِعُ لِلْوَكِيلِ وَالضَّمِيرُ فِي بِعَزْلِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا عَزَلَ وَكِيلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ هَلْ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ عَزْلِهِ أَوْ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَفَائِدَتُهُ لَوْ تَصَرَّفَ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ هَلْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ انْعَزَلَ وَهَذَا الْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ وَكِيلِ الْخِصَامِ إذَا قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ وَمَحَلُّ الْقَوْلِ بِالْعَزْلِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَيْثُ أَشْهَدَ الْمُوَكِّلُ بِعَزْلِهِ وَأَظْهَرَهُ وَكَانَ عَدَمُ إعْلَامِهِ بِأَنَّهُ عَزَلَهُ لِعُذْرٍ كَبُعْدِهِ عَنْهُ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا يَنْعَزِلُ وَإِنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَأَعْلَنَهُ وَعَلَى هَذَا فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ مَاضٍ حَيْثُ تَرَكَ إعْلَامَهُ بِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَأَعْلَنَهُ وَكَذَا إذَا تَرَكَ إعْلَامَهُ بِالْعَزْلِ لِعُذْرٍ وَتَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ وَلَمْ يَعْلِنْ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِعْلَانِ الْإِشْهَادِ بِعَزْلِهِ أَنْ يَعْزِلَهُ عِنْدَ الْقَاضِي (ص) وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَكَهُمَا وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ لَا تَلْزَمُ الْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كَالْقَضَاءِ؟ وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ أَوْ لَا أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِعِوَضٍ وَكَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةُ لَزِمَتْ الْفَرِيقَيْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ فَلَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ وَكَذَا بَعْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْعُولِ لَهُ وَتَلْزَمُ الْجَاعِلُ بِالشُّرُوعِ وَإِنْ وَقَعَتْ لَا عَلَى وَجْهِ هَذَا وَلَا هَذَا بَلْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ تَلْزَمْ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَهَلْ لَا تَلْزَمُ وَصُورَةُ الْإِجَارَةُ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى عَمَلٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُك عَلَى تَقَاضِي دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ وَقَدْرُهُ كَذَا وَصُورَةُ الْجَعَالَةِ أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك عَلَى مَالِي مِنْ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ قَدْرِهِ أَوْ يُعَيِّنُ لَهُ قَدْرَهُ وَلَكِنْ لَا يُعَيِّنُ لَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ فَكَّهُمَا أَيْ فَكَالْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ عَيَّنَ فِيهَا الزَّمَنَ أَوْ الْعَمَلَ إذَا وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ وَأَمَّا بِجُعْلٍ فَظَاهِرٌ ثُمَّ أَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَعَلَى الثَّانِي حَيْثُ لَمْ تَقَعْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ وَادَّعَى الْوَكِيلُ فِيمَا ابْتَاعَهُ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِقَوْلِهِ أَشَارَ لِذَلِكَ الطِّخِّيخِيُّ وَلَمَّا قَدَّمَ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ ذِكْرَ الْإِقْرَارَ نَاسَبَ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ بَابًا فَقَالَ (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَهُوَ لُغَةً الِاعْتِرَافُ ثُمَّ إنَّ الْإِقْرَارَ وَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ كُلَّهَا إخْبَارَاتٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ يَقْتَصِرُ حُكْمُهُ عَلَى قَائِلِهِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ فِيهِ نَفْعٌ وَهُوَ الشَّهَادَةُ أَوْ يَكُونَ وَهُوَ الدَّعْوَى وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ خَبَرٌ يُوجِبُ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى قَائِلِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِمَوْتِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فَلَسُهُ الْأَخَصُّ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ) فِي عَزْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَوْ حَتَّى يَبْلُغَهُ قَالَ الشَّارِحُ وَعَلَى الثَّانِي جَمَاعَةُ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَقَدْ كَانَ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَرَى) أَيْ أَوْ بَاعَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الثَّمَنِ هَذَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَالَهَا وَأَمَّا فِيمَا قُلْنَا فَعَلَيْهِ دَفْعُ الْمُثْمَنِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ مِنْ الْوَكِيلِ) هَذَا نَاظِرٌ لِلصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا قَالَ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ وَعِبَارَةُ شب وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ حَاضِرًا بِبَلَدِ الْمُوَكِّلِ حِينَ الْمَوْتِ وَبَيَّنَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَيَتَّفِقُ عَلَى عَدَمِ الْعَزْلِ حَتَّى يُعْلَمَ مَوْتُهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْهَدَ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ تِلْكَ الْقُيُودُ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ يَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ (قَوْلُهُ الْجَائِزَةِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَقَوْلُهُ كَالْقَاضِي فَإِنَّ عَقْدَ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ لَهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّ أَمْرَهُ شَدِيدٌ إلَّا أَنَّ وَصْفَ الْوَكَالَةِ بِالْجَوَازِ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهَا بِدُونِ عِوَضٍ وَأَمَّا الْعِوَضُ فَيَسْتَعْمِلُهُ (قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ الْجَاعِلُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُوَكِّلُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَالْمَجْعُولُ هُوَ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ وَقَدْرُهُ كَذَا) جَعَلَ صُورَةَ الْإِجَارَةِ مُبَيَّنَةً بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّل أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْقَدْرَ وَيُبَيِّنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَذَلِكَ أَمَّا بَيَانُ الْقَدْرِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ تَارَةً يَكُونُ عَدِيمًا وَتَارَةً يَكُونُ مُوسِرًا وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا فَتَارَةً يَكُونُ مُلِدًّا وَتَارَةً لَا فَيَخْتَلِفُ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ الْقَضَاءُ كَثْرَةً وَقِلَّةً بِهَذَا الْمَعْنَى وَالْإِجَارَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا إمَّا تَعْيِينُ الزَّمَنِ أَوْ الْعَمَلِ وَتَعْيِينُ الْعَمَلِ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَا قُلْنَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَك أُوَكِّلُك عَلَى أَنْ تَقْضِيَ دُيُونِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَيْ بِأَنْ تَذْهَبَ فِيهَا لِقَضَاءِ الدُّيُونِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ نَاسَبَ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ بَابًا) أَيْ بَعْدَهُ [بَاب فِي الْإِقْرَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (قَوْلُهُ خَبَرٌ يُوجِبُ) فِي شَرْحِ شب يُوجِبُ حُكْمُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يُوجِبُ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ حَقًّا وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ لِأَنَّ الْخَبَرَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَلَا يَكُونُ يُوجِبُ صِدْقًا عَلَى قَائِلِهِ أَيْ حُكْمَ الصِّدْقِ يُوجِبُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 فَقَطْ بِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ فَيَدْخُلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ وَيَخْرُجُ الْإِنْشَاءَاتُ كَبِعْت وَطَلَّقْت وَأَسْلَمْت وَنَحْوَ ذَلِكَ وَالرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ زَيْدٌ زَانٍ فَقَطْ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ حُكْمًا عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ هُوَ حُكْمُ مُقْتَضَى صِدْقِهِ اهـ. وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ بِقَوْلِهِ يُوجِبُ حُكْمَ صِدْقِهِ إلَخْ لِأَنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ فَذَلِكَ خَبَرٌ أَوْجَبَ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى مُخْبِرِهِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ خَبَرٌ أَوْجَبَ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِذَا قَالَ فِي ذِمَّتِي دِينَارٌ فَهُوَ خَبَرٌ أَوْجَبَ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى الْمُخْبِرِ وَحْدَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَقَطْ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ زَيْدٌ زَانٍ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالِ سَائِلٍ بِأَنَّ إخْبَارَ الْقَائِلِ زَيْدٌ زَانٍ فَإِنَّ الْحَدَّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَبَرٌ يُوجِبُ حُكْمًا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إقْرَارًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْحَدُّ صَادِقًا عَلَيْهِ لِقَوْلِنَا حُكْمَ صِدْقِهِ وَهَذَا يُوجِبُ حُكْمًا عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ لَكِنْ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمُ مَا اقْتَضَاهُ الصِّدْقُ لِأَنَّ مَا اقْتَضَاهُ الصِّدْقُ جَلْدُ غَيْرِهِ مِائَةً وَالْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَى قَائِلِهِ ثَمَانُونَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَادِقًا وَلَمَّا كَانَ أَرْكَانُ الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةٌ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَالصِّيغَةُ وَالْمُقَرُّ بِهِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الطَّائِعُ إذَا أَقَرَّ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيَلْزَمُهُ وَاحْتَرَزَ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ غَيْرِهِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَاحْتَرَزَ بِعَدَمِ الْحَجْرِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ وَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ أَخْرَجَ بِهِ السَّكْرَانَ وَإِنْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ، وَالْمُرْتَدَّ وَالْعَبْدَ الْغَيْرَ الْمَأْذُونِ لَهُ وَالسَّفِيهَ وَالْمُفْلِسَ عَلَى تَفْصِيلِهِ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ. (ص) لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ (ش) الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الْقَابِلُ لِلْمُقَرِّ بِهِ كَالْآدَمِيِّ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِحَمْلٍ أَوْ جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَازِمٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ وَإِلَّا بَطَلَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ ثَانٍ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يُتَّهَمَ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِالْأَهْلِ عَمَّا إذَا أَقَرَّ لِحَجَرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ غَيْرُ لَازِمٍ وَقَوْلُهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ تَحْقِيقًا كَقَوْلِهِ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ أَوْ غَيْرَ تَحْقِيقٍ كَقَوْلِهِ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ حَيْثُ اسْتَمَرَّ عَلَى التَّكْذِيبِ فَلَوْ رَجَعَ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الثَّانِي فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ رُجُوعِهِ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ رَجَعَ إلَى تَصْدِيقِهِ فِي الْأَوَّلِ فَأَنْكَرَ عَقِبَهُ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ أَوْ يَبْطُلُ قَوْلَانِ وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّكْذِيبُ مِنْ الرَّشِيدِ فَتَكْذِيبُ السَّفِيهِ لَغْوٌ وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ لَمْ يُكَذِّبْهُ صِفَةٌ لِأَهْلٍ أَيْ لِأَهْلِ غَيْرِ مُكَذِّبِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ لَا وَاوُ الْعَطْفِ لِأَنَّ فَاعِلَ الثَّانِي غَيْرُ فَاعِلِ الْأَوَّلِ فَلَوْ عُطِفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ فَاعِلَ الثَّانِي هُوَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ (ش) الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ هُنَا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ   [حاشية العدوي] الْحَقَّ فَقَطْ بِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ وَقَوْلُهُ بِلَفْظِهِ أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ هَذَا مَا فِي شَرْحِ شب (أَقُولُ) مُقْتَضَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ حُكْمًا أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَنْصُوبًا وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْخَبَرِ وَيُفَسِّرُ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَى الصِّدْقِ (قَوْلُهُ بِلَفْظِهِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْخَبَرِ مُتَلَبِّسًا بِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ أَيْ مِنْ الْتِبَاسِ الْكُلِّيِّ بِالْجُزْئِيِّ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ وَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ الْإِنْشَاءَاتُ أَيْ بِقَوْلِهِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَالرِّوَايَةُ) الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ الرِّوَايَةَ مَعَ الثَّلَاثَةِ فَيَقُولُ ثُمَّ إنَّ الْإِقْرَارَ وَالرِّوَايَةَ وَالشَّهَادَةَ وَالدَّعْوَى (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ زَيْدٌ زَانٍ فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ شَهَادَةٍ مُوجِبَةٍ لِحَدِّهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ هُوَ حُكْمُ مُقْتَضًى.) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ حُكْمٌ هُوَ مُقْتَضَى الصِّدْقِ وَكَذَا قَوْلُهُ حُكْمُ مَا اقْتَضَاهُ الصِّدْقُ (قَوْلُهُ أَوْجَبَ حُكْمَ صِدْقِهِ) أَيْ مُقْتَضَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالِ سَائِلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا السَّائِلَ لَوْ تَأَمَّلْ لَمَّا سَأَلَ أَيْ فَقَدْ سَأَلَ غَافِلًا عَنْ قَوْلِهِ مُقْتَضَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ كَالْمَرِيضِ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ (قَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ بِلَا حَجْرٍ أَوْ بِالْوَصْفِ بِعَدَمِ الْحَجْرِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمُكَلَّفٍ إذْ يَصِيرُ تَقْدِيرُهُ كُلِّفَ بِعَدَمِ الْحَجْرِ وَلَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ السَّكْرَانَ) فَلَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ عُقُودُهُ بِخِلَافِ جِنَايَاتِهِ فَتَلْزَمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَدَخَلَ فِي الْمُكَلَّفِ السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَالْمُرْتَدَّ إلَخْ) أَيْ بَعْد أَنْ أَوْقَفَهُ الْحَاكِمُ لِلِاسْتِتَابَةِ فَإِنْ تَابَ صَحَّ إقْرَارُهُ وَأَخَذَ بِهِ وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَأَمَّا إقْرَارُهُ قَبْلَ إيقَافِهِ لِلِاسْتِتَابَةِ فَصَحِيحٌ (قَوْلُهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ) ضَمِيرُهُ الْمَرْفُوعُ لِأَهْلِ وَالْمَنْصُوبُ لِمُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى الْقَابِلِ (قَوْلُهُ لِحَمْلٍ) أَيْ مِنْ إرْثٍ يَرِثُهُ مِنْ أَبِيهِ مَثَلًا أَوْ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدِ الْجَامِعِ أَخَصُّ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْجَامِعَ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْمَسْجِدُ أَعَمُّ وَالْإِقْرَارُ لِلْجَامِعِ أَمَّا مِنْ شَيْءٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِهِ أَوْ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لِقِيَامِ مَصَالِحِهِ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى إقْرَارٌ لِلْمُنْتَفِعِينَ بِهِمَا (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ مَرِيضٌ أَوْ صَحِيحٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ الْحَاصِلُ أَنَّ التُّهْمَةَ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ بِكَوْنِهِ صَدِيقًا مُلَاطِفًا وَالتُّهْمَةُ فِي الْوَارِثِ بِأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا وَمَنْ مَعَهُ بَعِيدٌ كَالْبِنْتِ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعَصَبَةِ فَأَمَّا لَوْ عَكَسَ فَأَقَرَّ لِابْنِ الْعَمِّ مَعَ الْبِنْتِ لَقَبِلَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ إذْ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَزِيدَ فِي نَصِيبِهِ وَيُتَّهَمُ أَنْ يَزِيدَ فِي نَصِيبِهَا (قَوْلُهُ فَتَكْذِيبُ السَّفِيهِ لَغْوٌ) وَأَوْلَى الصَّبِيُّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ فَاعِلَ الثَّانِي) أَيْ الْفَاعِلَ فِي الثَّانِي فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 الْعَبْدَ أَيْ الشَّخْصَ الْعَبْدَ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرَ الْمُكَاتَبِ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِمَا يَتَرَتَّبْ بِهِ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ مِنْ نَفْسٍ أَوْ فَقْءِ عَيْنٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمَالَ لِلسَّيِّدِ أَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا بِالْمَالِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْعَبْدَ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ مُغْنٍ عَنْهُ وَقَوْلُهُ (وَأَخْرَسْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْعَبْدِ وَشَبَّهَهُ بِمَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ (ص) وَمَرِيضٍ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِأَبْعَدَ أَوْ لِمُلَاطِفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي يَرِثُهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِرَجُلٍ بَعِيدٍ وَارِثٍ لَهُ كَعَمٍّ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ أَبَوَيْنِ أَوْ زَوْجَةً أَوْ عَصَبَةً وَنَحْوَهُمْ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَقَوْلُهُ مَرِيضٍ أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَخْرَسَ أَوْ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي إقْرَارِ غَيْرِ الزَّوْجِ وَيَأْتِي إقْرَارُهُ لِزَوْجَتِهِ وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ لِأَبْعَدَ أَيْ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ كَعَمٍّ أَقَرَّ لَهُ وَلَهُ بِنْتٌ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُمْنَعُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ عَكْسَ مَا هُنَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَدٌ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْمِيرَاثَ أَمْ لَا وَهَذَا فِي الْإِقْرَارِ لِأَبْعَدَ وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ (ص) أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ إذَا وَرِثَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ لِقَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ كَخَالٍ وَلَا يُرِيدُ بِهِ الْأَجْنَبِيَّ لِأَنَّهُ يُوهِمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ مُطْلَقًا كَمَا أَشَارَ لَهُ ح فَإِنْ قُلْت لِمَ اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَاعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ الْأَبْعَدِ أَنْ يَرِثَهُ وَارِثٌ أَقْرَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ قُلْت لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْأَوَّلِ أَقْوَى مِنْ التُّهْمَةِ فِي الثَّانِي (ص) أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ (ش) وَسَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقِفَ لَهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ قَرِيبٌ أَوْ صَدِيقٌ مُلَاطِفٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهُ مِنْ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقَفْ لَهُ وَأَمَّا عَيْنُهُ فَمَعْلُومَةٌ كَقَوْلِهِ لِعَلِيٍّ أَوْ حَسَنٍ الَّذِي بِمَكَّةَ مَثَلًا وَلَا يَعْرِفُ فَهَذَا عَيْنُهُ مَعْلُومَةٌ حَيْثُ سَمَّاهُ لَكِنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ إلَخْ) فَإِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُؤْخَذُ الْمَسْرُوقُ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ وَإِنَّ الْمَأْذُونَ حَيْثُ أَقَرَّ فَيُؤْخَذُ بِالْمَسْرُوقِ إنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ أَتْلَفَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْ بِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ) وَمَا زَادَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَفِي ذِمَّةِ الْمَأْذُونِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ مُغْنٍ عَنْهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَالِ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ كَمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ يَصِحُّ فِي الْمَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْذُونِ بِاعْتِبَارِ غَيْرِ الْمَالِ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْ مِنْ أَفْرَادِ الْمُمَثَّلِ بِهِ (قَوْلُهُ وَشَبَّهَهُ بِمَا قَبْلَهُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْعَبْدِ تَشْبِيهٌ أَيْ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُشَبَّهِ مُشَبَّهٌ أَيْ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ. (أَقُولُ) وَلَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ يَجْعَلُ تَمْثِيلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَبْدَ فِي إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَاتِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهَا فَصَدَقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِإِقْرَارِهِ بِلَا حَجْرٍ وَكَذَا يَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ النَّاطِقِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ) ظَاهِرٌ فِي الْمُلَاطِفِ دُونَ الْبَعِيدِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لِلْبَعِيدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَدٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِقْرَارِهِ لِأَبْعَدَ فَقَطْ بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ كَابْنِ عَمٍّ أَقْرَبَ لِابْنِ عَمٍّ أَبْعَدَ أَمْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ الْآتِيَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ التُّهْمَةَ ضَعِيفَةٌ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا فِيمَنْ لَمْ يَرِثْهُ كَخَالِهِ وَمُلَاطِفِهِ فَيُتَوَهَّمُ تَخْصِيصُهُمَا بِالْإِقْرَارِ لَهُمَا دُونَ عَمِّهِ فَلِذَا شَرَطَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهُمَا وَمِنْ بَعْدِهِمَا وُجُودَ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَخْرَسَ) جَعَلَ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْعَبْدِ لِلتَّشْبِيهِ أَوْ التَّمْثِيلِ إلَّا إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُتَعَاطِفَاتِ بِالْوَاوِ يَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَالْأَوَّلُ هُنَا هُوَ الْعَبْدُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ أَوْ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْبَيِّنِ إلَخْ) أَيْ لَا الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ دُونَ مَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ الْعِبَارَةِ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ أَوْ لِمُلَاطِفِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَحْرُومًا مِنْ الْإِرْثِ فَيُشْفِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ بِالنَّظَرِ لِمَا مَثَّلَ بِهِ وَنَحْوُهُ فَيُعَمِّمُ إلَّا أَنَّ الْمِثَالَ لَا يُخَصِّصُ فَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ قَالَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ أَصَحَّ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى أَنْ يُوقِفَ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ جَازَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ الْجَهْلُ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَرِثَ الْمُقِرَّ وَلَدٌ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ يَبْطُلُ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَارِثٌ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لَهُ يَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَوْصَى إلَخْ) أَيْ بِأَنَّ لِفُلَانٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ تَصَدَّقُوا بِهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا هِبَةٌ مِنِّي لَهُ بَلْ إقْرَارٌ بِحَقٍّ لَهُ تَعَلَّقَ بِجِهَتِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 حَالَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ (ص) كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ إنَّهُ قَبَضَ مِنْهَا دَيْنًا فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَ يُبْغِضُهَا وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا خِلَافًا وَأَمَّا إنْ كَانَ يُحِبُّهَا وَيَمِيلُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لَهَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ فَعَطِيَّةٌ مِنْهُمْ لَهَا وَأَمَّا الزَّوْجُ الصَّحِيحُ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (ص) أَوْ جَهْلٍ وَوَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ بَنُونَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ بِإِقْرَارِهِ إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ إنَّهُ قَبَضَ مِنْهَا دَيْنًا بِشَرْطِ أَنْ يَرِثَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ ذَكَرٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ بَنُونَ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا عَدَدًا، وَهَذَا الشَّرْطُ خَاصٌّ بِحَالَةِ الْجَهْلِ فَإِنْ وَرِثَهُ كَلَالَةً لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ، وَأَفْرَدَ أَوَّلًا وَجَمَعَ ثَانِيًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ (ص) إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ إقْرَارِ الزَّوْجِ الْمَرِيضِ لِزَوْجَتِهِ الْمَجْهُولِ حَالُهُ مَعَهَا بِشَرْطِهِ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ لَا تَنْفَرِدَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنْ انْفَرَدَتْ بِهِ أَيْ بِكَوْنِهِ مِنْهَا وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ كِبَارٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّ إقْرَارَهُ حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَأَمَّا مَعْلُومُ الْبُغْضِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا وَلَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا (ص) وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا بَنُونَ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ كَبِنْتٍ مَثَلًا وَعَمٍّ هَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا نَظَرًا لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْ الْبِنْتِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى الْعَصَبَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ أَقْرَبُ مِنْهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْبَنَاتُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إذَا كُنَّ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كِبَارًا مِنْهَا وَأَمَّا إنْ كُنَّ صِغَارًا مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ أَوَّلًا إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ وَأَرَادَ بِالْعَصَبَةِ الْجِنْسَ أَيْ غَيْرَ الِابْنِ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ بَنُونَ وَيَجْرِي فِي إقْرَارِ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَا جَرَى فِي إقْرَارِهِ لَهَا مِنْ التَّفْصِيلِ (ص) كَإِقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ لِوَلَدِهِ الْعَاقِّ مَعَ وُجُودِ الْبَارِّ وَلَوْ اخْتَلَفَا بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَفِي جَوَازِ إقْرَارِهِ لَهُ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ فَمَنْ نَظَرَ إلَى عُقُوقِهِ أَجَازَ وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لِأَبْعَدَ وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْوَلَدِيَّةِ مَنَعَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لِلْمُسَاوِي مَعَ مُسَاوِيهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا وَصَبَابَتُهُ لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا وَسَكَتَ عَنْهُ لِظُهُورِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرِثَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرِثَهُ ابْنٌ أَرَادَ بِهِ الذَّكَرَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ إنَّمَا هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَنُونَ وَقَوْلُهُ أَوْ بَنُونَ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَنُونَ مَا يَشْمَلُ الْبَنَاتَ فَيَكُونُ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ الْبَعْضُ ذُكُورًا وَالْبَعْضُ إنَاثًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ إنَاثًا أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ فَتَجُوزُ الْجَمْعُ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ ذُكُورًا وَالْبَعْضُ إنَاثًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَنُونَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا أَوْ صِغَارًا أَوْ الْبَعْضُ كَبِيرًا وَالْبَعْضُ صَغِيرًا كُنَّ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ الْبَعْضُ مِنْهَا وَالْبَعْضُ مِنْ غَيْرِهَا فَهَذِهِ تِسْعَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْكُلِّ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ الْبَعْضُ ذُكُورًا وَالْبَعْضُ إنَاثًا فَتِسْعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا فَيَكُونُ مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَنُونَ خُصُوصَ الذُّكُورِ بَلْ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الذُّكُورَ أَوْ الْإِنَاثَ أَوْ هُمَا ثُمَّ أَقُولُ إنَّ مُحَشِّي تت قَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَنُونَ قَاصِرُونَ عَلَى الذُّكُورِ فَقَطْ أَوْ هُمْ مَعَ الْإِنَاثِ وَأَمَّا الْإِنَاثُ الْخُلَّصُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ خَاصٌّ بِحَالَةِ الْجَهْلِ) فَلِذَا قَالَ عج وَأَمَّا مَعْلُومُ الْبُغْضِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا وَلَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا فَلَوْ قَالَ كَانَ جَهِلَ إلَخْ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ (قَوْلُهُ وَأَفْرَدَ أَوَّلًا وَجَمَعَ ثَانِيًا) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ عج أَتَى بِقَوْلِهِ بَنُونَ لِأَجْلِ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ لِأَنَّهُ رَجَّعَهُ لَهُ خَاصَّةً. وَقَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدَتْ إلَخْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ إلَخْ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَنُونَ فَقَطْ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ إنَاثًا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ وَالْحَقُّ مَا يَأْتِي أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَنُونَ عَلَى مَا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَوْ الْبَعْضُ ذَكَرًا وَالْبَعْضُ أُنْثَى وَأَمَّا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ إنَاثًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ وَمُفَادُ شَارِحِنَا أَنَّ ذَلِكَ الصَّغِيرَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ كَلَامَهُ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَنُونَ فَقَطْ هُوَ مُفَادُ عج وَأَفَادَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَوَرِثَهُ ابْنٌ وَلِقَوْلِهِ وَوَرِثَهُ بَنُونَ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ ابْنُ أَيْ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ صَغِيرٌ لَمْ تَنْفَرِدْ بِهِ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ كَانَ مَعَهُ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كَبِيرٌ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا أَوْ لَا اهـ. وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ عج جَعَلَهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. فَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيِّ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِقَوْلِهِ أَوْ بَنُونَ فَقَطْ وَأَلْ فِي الصَّغِيرِ لِلْجِنْسِ الشَّامِلِ لِلْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَالْكَلَالَةُ الْفَرِيضَةُ الَّتِي لَا وَلَدَ فِيهَا وَلَا وَالِدَ (قَوْلُهُ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةُ) أَيْ الْأَوْلَادُ كِبَارٌ هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَبَنُونَ فَقَطْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ عج فَيُخَالِفُ قَوْلَهُ وَأَفْرَدَ أَوَّلًا وَجَمَعَ ثَانِيًا الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ فِي ك وَإِقْرَارُهَا لِلزَّوْجِ كَإِقْرَارِهِ لَهَا يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ لَا يَتَأَتَّى فِي إقْرَارِهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَعَ الْإِنَاثِ إلَخْ) أَيْ جِنْسِ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا بِالذُّكُورَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْوَلَدَ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 (ص) أَوْ لِأُمِهْ أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ وَأَقْرَبُ (ش) أَيْ أَنَّ فِي إقْرَارِهِ لِأُمِّ وَلَدِهِ الْعَاقِّ قَوْلَيْنِ وَكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلزَّوْجَةِ الَّتِي جُهِلَ بُغْضُهُ لَهَا إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ أَوْ بَنُونَ كَمَا قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عَاقًّا فَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِلزَّوْجَةِ قَوْلَانِ صَرَّحَ بِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأُمِهْ وَابْنُ رُشْدٍ فَرَضَهُ فِي الزَّوْجَةِ كَانَتْ أُمَّهُ أَمْ لَا فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَةٍ مَعَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِقْرَارِ لِأُمِّ الْعَاقِّ بَلْ يَكُونُ فِيهَا وَفِي زَوْجَةِ غَيْرِهَا فَمَنْ نَظَرَ لِعُقُوقِهِ مَنَعَ إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَشَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلزَّوْجَةِ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ لِوَصْفِ الْعُقُوقِ أَجَازَ لِوُجُودِ مُوجِبِ الْإِرْثِ وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْقَوْلَانِ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَبْعَدَ مِنْهَا وَأَقْرَبَ مِثْلَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَالْعَمِّ وَأَقَرَّ لِلْأُخْتِ، فَهَلْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ نَظَرًا لِلْأُمِّ لِأَنَّ الْأُخْتَ أَبْعَدُ مِنْهَا أَوَّلًا؟ نَظَرًا إلَى الْعَمِّ لِأَنَّ الْأُخْتَ أَقْرَبُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لِأُمِّهِ وَلَهُ ابْنَةٌ وَأَخٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَمَنْ نَظَرَ إلَى الْبِنْتِ أَجَازَ الْإِقْرَارَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْأَخِ مَنَعَ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ وَهُوَ وَاضِحٌ. (ص) لَا الْمُسَاوِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ لِشَخْصٍ مُسَاوٍ لِمَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِ أَوْلَادِهِ مَثَلًا فَقَوْلُهُ (وَالْأَقْرَبُ) كَمَا إذَا أَقَرَّ لِلْأُمِّ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ عَلَى بَابِهَا أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مُسَاوِيًا وَأَقْرَبَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي (ص) كَأَخِّرْنِي لِسَنَةٍ وَأَنَا أُقِرُّ وَرَجَعَ لِلْخُصُومَةِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَعَدَ بِالْإِقْرَارِ إنْ أَخَّرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ مَعَ التَّأْخِيرِ كَمَا لَا يَلْزَمُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْمُسَاوِي أَوْ الْأَقْرَبِ وَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى خُصُومَتِهِ مَتَى شَاءَ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِمَا صُدَّ مِنْهُ الْإِقْرَارَ (ص) وَلَزِمَ لِحَمْلٍ إنْ وُطِئَتْ وَوَضْعٍ لِأَقَلِّهِ وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِقْرَارَ لِحَمْلِ فُلَانَةَ مَثَلًا صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ إنْ وُطِئَتْ أَيْ إنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ حَاضِرٌ أَوْ سَيِّدٌ حَاضِرٌ بِشَرْطِ أَنْ تَضَعَ حَمْلًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْإِقْرَارِ فَصَوَابُ قَوْلِهِ " لِأَقَلِّهِ " لِأَقَلَّ مَنْ أَقَلِّهِ أَيْ أَقَلِّيَّةٌ لَهَا بَالٌ وَأَمَّا الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَلَا فَإِنَّ الْوَضْعَ لِأَقَلِّهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَكْثَرِ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ أَيْ لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا بِأَنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ وَطْئِهَا بِأَنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَسْجُونًا وَأَقَرَّ لِحَمْلِهَا فَإِنَّ الْإِقْرَارَ يَلْزَمُ لَهُ وَلَوْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ وَهُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ عَلَى الْمَنْصُوصِ هُنَا كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِلَّا فَالْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ خَمْسٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ فِي أَكْثَرِهِ وَإِذَا جَاوَزَ الْأَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْ وَالْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ الْإِرْسَالِ عَنْهَا وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ يَوْمَ طَلَاقِهَا أَوْ يَوْمَ مَوْتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَتَارَةً يَكُونُ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ (ص) وَسَوَّى بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ إذَا لَزِمَ فَإِنَّهُ يُسَوِّي فِيهِ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ إذَا وَضَعَتْهُمَا وَهُمَا الْوَلَدَانِ اللَّذَانِ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى فَإِنْ نَزَلَ أَحَدُهُمَا حَيًّا وَالْآخَرُ مَيِّتًا اسْتَقَلَّ بِهِ الْحَيُّ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ أَيْ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْمُقِرُّ الْفَضْلَ كَمَا إذَا قَالَ فِي ذِمَّتِي لِحَمْلِ فُلَانَةَ أَلْفٌ مِنْ دَيْنٍ لِأَبِيهِ عِنْدِي فَلَا يُسَوِّي حِينَئِذٍ بَيْنَهُمَا بَلْ يَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ يَقُولُ فِي ذِمَّتِي أَوْ عِنْدِي وَقَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا بِبَيَانِ الْفَضْلِ بِ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي أَوْ عِنْدِي أَوْ أَخَذْت مِنْك (ش) هَذِهِ مِنْ صِيَغِ الْإِقْرَارِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَهُ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ أَوْ قَالَ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا فَإِنَّ هَذَا وَشِبْهَهُ صَرِيحٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَيَكُونُ إقْرَارًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْ فُنْدُقِ فُلَانٍ مِائَةً مَثَلًا أَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْ حَمَّامِهِ مِائَةً أَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْ مَسْجِدِهِ مِائَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ (تَنْبِيهٌ) : لَوْ كَتَبَ فِي الْأَرْضِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي صَحِيفَةٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ خِرْقَةٍ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَتَبَ عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي الْهَوَاءِ فَلَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ إلَخْ) وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ وَبَعْضُهُمْ مُسَاوٍ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِ إخْوَتِهِ مَعَ وُجُودِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ لَهُ أَقْرَبَ وَأَبْعَدَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَهُوَ عَيْنُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْقَوْلَانِ إذَا كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدَ وَأَقْرَبَ (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ إلَخْ) لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا تَقَدَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا ذِكْرُهَا قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَلَزِمَ لِحَمْلٍ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا كَانَ الْحَمْلُ غَيْرَ ظَاهِرٍ وَإِلَّا لَزِمَ الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ) وَلَا بُدَّ مِنْ نُزُولِهِ حَيًّا فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَيُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بَطَلَ إقْرَارُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَصَدَ الْهِبَةَ وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ دَيْنِ أَبِيهِ أَوْ وَدِيعَتِهِ كَانَ لِمَنْ يَرِثُ أَبَاهُ (قَوْلُهُ وَالثَّلَاثَةُ) أَيْ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ فَمَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِمَثَابَةِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كَامِلَةٍ وَعِبَارَةُ شب نَصُّهَا فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلِأَقَلَّ مِنْهَا بِسِتَّةِ أَيَّامٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَكَذَا فِي عب وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَقْصَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ خَمْسَةَ أَيَّامِ بِمَنْزِلَةٍ كَمَا لَهَا دُونَ السِّتَّةِ (قَوْلُهُ وَفِي صَحِيفَةٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ خِرْقَةٍ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا نُقِشَ فِي حَجَرِ ذَلِكَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 يَلْزَمُهُ (ص) وَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَضَى أَوْ وَهَبْته لِي أَوْ بِعْته أَوْ وَفَّيْته (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ إذَا عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَضَى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا نَطَقَ بِالْإِقْرَارِ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَهُ وَقَضَاهُ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَشَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يَلْزَمُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلُ قَالَ زَادَ وَهُوَ أَصْرَحُ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَقَالَ وَهَبْته لِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَيَثْبُتُ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ هَلْ تُتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَقَالَ بِعْته لِي وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ وَادَّعَى خُرُوجَهُ عَنْهُ فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينُ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ مَنْ طَلَبَ مِنْهُ دَيْنٌ فَقَالَ وَفَّيْته لَك وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ وَفَّاهُ لَهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ وَهَبْته أَوْ بِعْته لِي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ فَصْلٌ مَنْ حَازَ شَيْئًا مُدَّةً تَكُونُ الْحِيَازَةُ فِيهَا مُعْتَبَرَةٌ وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ ثُمَّ يَدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ أَنَّ مَا حَازَهُ مِلْكُهُ فَإِنْ ادَّعَى الْحَائِزُ الشِّرَاءَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي ذَلِكَ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ آخِرِ كَلَامِ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ (ص) أَوْ أَقْرَضْتَنِي أَوْ أَمَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ أَقْرَضَتْنِي مِائَةَ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ قَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إذَا قَالَ لَهُ شَخْصٌ أَمَا أَقْرَضَتْنِي الْأَلْفَ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَهُ أَلَمْ تُقْرِضْنِي الْمِائَةَ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ الْمَالَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقِرُّ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقْرَضَتْنِي قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ أَلَيْسَ أَقْرَضَتْنِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ التَّقْرِيرِيَّ لَا تُحْذَفُ مَعَهُ الْهَمْزَةُ وَلَا حَرْفُ النَّفْيِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقْرَضَتْنِي أَوْ أَمَا أَقْرَضَتْنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ نَعَمْ وَبِعِبَارَةٍ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْجَوَابَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ وَالْغَرَضُ مُوَافَقَةُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَقَدْ أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ سَابِقًا حَيْثُ قَالَ لَمْ يُكَذِّبْهُ. (ص) أَوْ سَاهِلْنِي أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ لَأَقْضَيْتُكَ الْيَوْمَ أَوْ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ أَجَلٌ جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ أَلَيْسَ لِي عِنْدَك عَشَرَةٌ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ سَاهِلْنِي فِيهَا أَوْ اتَّزِنْهَا مِنَى أَوْ لَأَقْضَيْتُكَ الْيَوْمَ أَوْ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ أَجَلٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ لَكِنَّ اللُّزُومَ فِي بَلَى ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ أَيْ تُصَيِّرُهُ مُوجِبًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَنْفِيًّا وَأَمَّا نَعَمْ فَإِنَّمَا لَزِمَ بِهَا الْإِقْرَارُ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَاتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى مُقْتَضَى اللُّغَةِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا تُقَرِّرُ الْكَلَامَ الَّذِي قَبْلَهَا نَفْيًا كَانَ أَوْ إيجَابًا وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] لَوْ قَالُوا نَعَمْ لَكَفَرُوا أَيْ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَسْت بِرَبِّنَا وَبِعِبَارَةٍ مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي نَعَمْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ عِنْدَ النَّحْوِ بَيْنَ لَا يُقَالُ إنَّ الِاسْتِفْهَامَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ وَلَيْسَ لِلنَّفْيِ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَتَكُونُ نَعَمْ وَاقِعَةٌ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ لِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إذَا كَانَ إنْكَارِيًّا أَمَّا غَيْرُهُ كَمَا هُنَا فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ بِإِجْمَاعِ (ص) أَوْ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إذَا قَالَ لَهُ لِي عِنْدَك أَلْفٌ فَقَالَ لَهُ جَوَابًا لِذَلِكَ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ نَعَمْ وَطَلَبَ الْمُهْلَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ عِنْدَهُ بِالدَّيْنِ (ص) لَا أُقِرُّ أَوْ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ (ش) لَا عَاطِفَةٌ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ) لِأَنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَضَى كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ وَلَمْ يَذْكُرْ بَهْرَامُ خِلَافًا فِي وَفَّيْته وَبِعْته (قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُقِرُّ لَهُ أَمْ لَا) وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ حَائِزًا تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ هَلْ تُتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَمْ لَا خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَفَّيْته لَك) وَهَذَا مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يَمْنَعُ دَلَالَتَهَا عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الضَّمَانِ فِي قَوْلِهِ كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجِّلْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ تَكُونُ الْحِيَازَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحِيَازَةَ تَخْتَلِفُ مُدَّتُهَا بِاعْتِبَارِ الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ) الْمُنَاسِبُ وَالْهِبَةُ كَالشِّرَاءِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الْحَائِزُ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ بَلْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحِيَازَةِ أَنَّ الْحَائِزَ يَكْفِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى) سَيَأْتِي فِي الْعِبَارَةِ آخِرًا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِجَوَابٍ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَقْرَضْتنِي عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ وَالنَّفْيِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَفِي شَرْحِ شب إنْ أَقْرَضَتْنِي بِمُجَرَّدِهِ إقْرَارٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِجَوَابٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ التَّقْرِيرِيَّ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ حَذْفِ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ التَّقْرِيرِيَّ أَيْ الْحَمْلَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ أَوْ سَاهِلْنِي) مِنْ الْمُسَاهَلَةِ وَهِيَ الْمُلَاطَفَةُ فِي الطَّلَبِ (قَوْلُهُ لَأَقْضَيْتُكَ الْيَوْمَ) إنْ قُرِئَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَإِنَّمَا يَكُونُ إقْرَارًا إنْ قَيَّدَ بِالْيَوْمِ كَمَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِنَفْيِ الدَّيْنِ وَإِنْ قُرِئَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُؤَكَّدِ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ فَهُوَ إقْرَارٌ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَوْمِ لِأَنَّ وَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ إقْرَارٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ مَشَى إلَخْ) وَفِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي إذَا صَدَرَ نَعَمْ مِنْ عَارِفٍ بِاللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ) أَيْ وَيَحْلِفُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 عَلَيَّ مِنْ قَوْلِهِ بِعَلَيَّ وَالْوَاقِعُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ أُقِرُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا لِأَنَّهُ وَعَدَهُ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ جَوَابًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَةٌ لِلتَّرْدِيدِ فِي الْكَلَامِ وَسَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا جِدًّا كَابْنِ شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ كَقَوْلِهِ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ عَلَى هَذَا الْحَجْرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ إلَخْ ظَاهِرُهُ قَدَّمَ الْمُقَرَّ بِهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَتَكُونُ الطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةً (ص) أَوْ مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا (ش) يَعْنِي لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِمَنْ طَالَبَهُ بِمِائَةٍ مَثَلًا مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا أَيْ مِنْ أَبِي كَلْبٍ أَوْ مِنْ أَبِي طَاقَةٍ مَا أَبْعَدَك مِنْهَا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ خَرَجَ مَخْرَجَ الِاسْتِهْزَاءِ بِحَسَبِ الدَّلَالَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعَ قَرِينَةِ قَوْلِهِ مَا أَبْعَدَك مِنْهَا وَمِثْلُهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْإِنْكَارَ (ص) وَفِي حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشَبَهُهُ أَوْ اتَّزِنْ أَوْ خُذْ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَدِّ الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَهُ جَوَابًا حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي أَوْ قَالَ لَهُ اُقْعُدْ فَاقْبِضْهَا أَوْ قَالَ اتَّزِنْ أَوْ خُذْ أَوْ قَالَ اُنْقُدْهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا أَوْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ أَنَّهُ أَرَادَ الْحَقِيقَةَ أَوْ الِاسْتِهْزَاءَ (ص) كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَظُنُّ أَوْ عِلْمِي (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْقَوْلَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا طَالَبَهُ بِأَلْفٍ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ فِي جَوَابِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِي عِلْمِي هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا أَوْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَالَ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ ظَنِّي وَأَمَّا إذَا قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَطْعًا (ص) وَلَزِمَ إنْ نُوكِرَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِمَا يُوهِمُ أَنَّهُ رَافِعٌ لِحُكْمِهِ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَيْ نَاكَرَهُ وَقَالَ لَهُ بَلْ الْأَلْفُ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ شَبَهُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَقَرَّ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَا أَشْبَهَهُ يُعَدُّ نَدَمًا مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَلَزِمَ أَيْ الْإِقْرَارُ وَقَوْلُهُ إنْ نُوكِرَ شَرْطٌ قُدِّمَ عَلَى مَحَلِّهِ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ أَلْفٌ الرَّفْعُ عَلَى الْحِكَايَةِ وَالْجَرُّ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي إقْرَارِ أَلْفٍ وَيَكْفِي فِي الْإِضَافَةِ أَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَفَاعِلُ لَزِمَ مُقَدَّرٌ أَيْ وَلَزِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ إنْ نُوكِرَ إلَخْ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَإِنْ نَاكَرَ الْمُقِرُّ فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنَاكِرْ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ شِرَاءَهُ فَاسِدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إنْ فَوَّتَهُ وَحَرِّرْهُ (ص) أَوْ عَبْدٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ابْتَعْته مِنْهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ قَبَضَتْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ بَعْدَ أَنْ عَمَّرَ ذِمَّتَهُ بِالثَّمَنِ يُعَدُّ نَدَمًا لِأَنَّهُ أَعْقَبَ إقْرَارَهُ بِمَا يَرْفَعُ حُكْمَهُ وَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَصْلِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمُثَمَّنِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فَلَمْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ هُنَا كَذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا الْإِقْرَارَ مَنْزِلَةَ الْإِشْهَادِ وَهُوَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ وَحِينَئِذٍ فَيُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْإِقْرَارِ. فَإِنْ قُلْت هُوَ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِأَنَّ ثَمَنَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ بِالْقَبْضِ قُلْت إقْرَارُهُ بِأَنَّ ثَمَنَهُ عَلَيْهِ يَتَضَمَّنُ قَبْضُهُ فَتَأَمَّلْهُ (ص) كَدَعْوَاهُ الرِّبَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْإِقْرَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَقَالَ عَقِبَ إقْرَارِهِ هِيَ مِنْ رِبًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ أَيْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَابَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي أَلْفٍ فَإِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا تُفِيدُهُ شَيْئًا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا التَّعَامُلُ إلَّا عَلَى الرِّبَا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْمُفَصَّلَةُ) تَقُولُ إنْ قَدَّمَ يَكُونُ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ) أَيْ وَالْحَلِفُ فِي هَذِهِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ عب (قَوْلُهُ وَفِي حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشَبَهُهُ) الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَظُنُّ) وَأَمَّا أَشُكُّ أَوْ أَتَوَهَّمُ فَلَا يَلْزَمُهُ إقْرَارٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنْ كُتُبَ الْمَذْهَبِ دَالَّةً عَلَى التَّسْوِيَةِ وَهَذَا لعج وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا أَعْلَمُ ضَرْبٌ مِنْ الشَّكِّ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ إنْ نُوكِرَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُرَاعِي حَالَ الْمُقِرِّ مِنْ كَوْنِ مِثْلِهِ يَتَعَاطَى الْخَمْرَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ قُدِّمَ عَلَى مَحَلِّهِ) لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَلْفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَزِمَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ الْإِقْرَارُ وَقَوْلُهُ وَلَزِمَ أَيْ الْإِقْرَارُ أَيْ مَا أَقَرَّ بِهِ فَوَافَقَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ الرَّفْعُ عَلَى الْحِكَايَةِ) اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ فِيهِ حِكَايَةَ الْمُفْرَدِ بِغَيْرِ مِنْ وَهِيَ شَاذَّةٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ) مُقَابِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ) الْأَوْلَى فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ أَيْ فَلَا يُوجَدُ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ يَتَضَمَّنُ قَبْضَهُ) أَيْ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أَلْفًا أُخْرَى (قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقِرُّ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرِّبَا (ش) فَلَا يَلْزَمُ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْأَصْلِ وَيُرَدُّ رَأْسُ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا لِعَدَمِ إمْكَانِ الشُّيُوعِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَى الرِّبَا لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) أَوْ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ أَوْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ (ش) عُطِفَ عَلَى أَقَامَهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا طَالَبَهُ بِأَلْفٍ مَثَلًا فَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْهُ خَمْرًا بِأَلْفٍ أَوْ اشْتَرَيْت مِنْهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِشَيْءٍ فِي الْأَوَّلِ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الشِّرَاءِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا تَنْعَمِرُ بِالِاعْتِرَافِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَالْمُقِرُّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَعَلَّهُ فِي عَبْدٍ كَانَ غَائِبًا لِيَكُونَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ. (ص) أَوْ أَقْرَرْت بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ كَانَا مُبَرْسَمٌ إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ لَهُ أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْأَلْفِ فَقَالَ نَعَمْ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ وَكَانَ ذَلِكَ نَسَقًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا وَكَمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لَهُ بِأَلْفٍ وَأَنَا مُبَرْسَمٌ وَكَانَ تَقَدَّمَ لَهُ مَرَضُ الْبِرْسَامِ وَعُلِمَ تَقَدُّمُهُ وَمِثْلُ دَعْوَاهُ الصِّبَا دَعْوَاهُ النَّوْمَ وَكَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقُ فَلَوْ قَالَ غَصَبْت لَك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ فَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَكُنْت صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَتَّى يُثْبِتَ أَنَّهُ بَالِغٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَكُنْت عَاقِلًا أَمْ لَا فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَقْلُ حَتَّى يَثْبُتُ انْتِفَاؤُهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا طُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ هُوَ لِفُلَانٍ أَوْ لِوَلَدِي مَثَلًا فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ السَّائِلِ يَعْتَذِرُ لَهُ فِي الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يُعْتَذَرُ لَهُ لِرَذَالَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَأْخُذُ الْمُقَرَّ بِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا أَقَرَّ شُكْرًا بِأَنْ قَالَ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا وَقَضَيْتُهُ قَرْضَهُ أَوْ ذَمًّا كَمَا إذَا قَالَ أَقْرَضَنِي وَأَسَاءَ مُعَامَلَتِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى قَضَيْته لَا جَزَاهُ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا فَصَوَابُ قَوْلِهِ أَوْ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ يَقُولَ أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ لِأَنَّ الشُّكْرَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسُ أَنَّ الذَّمَّ كَالشُّكْرِ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ طَالَ الزَّمَنُ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شُكْرًا وَلَا ذَمًّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ مَا يَذْكُرُهُ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثًا لَمْ يَطُلْ زَمَانُهُ لَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً وَإِنْ كَانَ زَمَانُ ذَلِكَ طَوِيلًا حَلَفَ الْمُقِرُّ وَبَرِئَ (ص) وَقَبْلَ أَجَلِ مِثْلِهِ فِي بَيْعٍ لَا قَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ بَيْعٍ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ وَأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ فَإِنْ ادَّعَى أَجَلًا يُشْبِهُ أَنْ تُبَاعَ تِلْكَ السِّلْعَةُ لِمِثْلِهِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالتَّأْجِيلِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى أَجَلًا مُسْتَنْكِرًا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ مِنْ قَرْضٍ وَادَّعَى تَأْجِيلَهُ وَخَالَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَالَ بَلْ هُوَ حَالٌّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ فَقَوْلُهُ (أَجَلُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ (ص) وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي كَأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ عَلَيَّ فِيمَا أَعْلَمُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَبْهَمَ الْأَلْفَ أَوْ أَلْفٌ وَعَبْدٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَرَادَهُ وَلَوْ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ تَفْسِيرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ خَالَفَهُ الْمُدَّعِي فَالْكَافُ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى دِرْهَمٍ (ص) وَكَخَاتَمٍ فَصُّهُ لِي نَسَقًا إلَّا فِي غَصْبٍ فَقَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ لَهُ بِخَاتَمٍ وَقَالَ بِأَثَرِ ذَلِكَ فَصُّهُ لِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا قَالَهُ نَسَقًا وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْخَاتَمُ وَإِنْ قَالَهُ بَعْدَ مُهْلَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْفَصِّ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ الْخَاتَمَ بِفَصِّهِ وَمِثْلُهُ فِي التَّفْصِيلِ إذَا قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ لِفُلَانٍ وَوَلَدُهَا لِي وَإِذَا قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ غَصَبْته مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الشُّيُوعِ) أَيْ فَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَلْفًا أُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ فِي عَبْدٍ إلَخْ) وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالْعَقْدُ إذَا وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَتَعَذَّرَ قَبْضُهُ انْفَسَخَ (قَوْلُهُ وَأَنَا مُبَرْسَمٌ) الْبِرْسَامُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِصُورَةِ الْغَصْبِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب (قَوْلُهُ لَكِنْ بِشَرْطٍ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الشُّكْرَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَقَعَ ذَمًّا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَسَاءَ مُعَامَلَتِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى قَضَيْته فَقِيلَ يَغْرَمُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ لِأَنَّ الْمَدْحَ مَأْمُورٌ بِهِ وَالذَّمُّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَطُلْ زَمَانُهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ حَدِيثًا (قَوْلُهُ فِي بَيْعٍ لَا قَرْضٍ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَبُولُ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ أَوْلَى مِنْ قَبُولِهِ فِي الْبَيْعِ وَرَدَّ بِأَنَّهُ بَحْثٌ مُعَارِضٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْحَطَّابُ اعْتَمَدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ التَّفْرِقَةِ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالتَّأْجِيلِ) أَيْ إلَى زَمَنٍ مُعَيَّنٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 فُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي وَقَالَ ذَلِكَ نَسَقًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي الْفَصِّ أَوْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي غَصْبٍ فَقَوْلَانِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ (ص) لَا بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ كَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ حَقٌّ أَوْ قَالَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ حَقٌّ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْحَقَّ بِجِذْعٍ مِنْهَا أَوْ فَسَّرَهُ بِبَابٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ عِنْدَ سَحْنُونَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ فِي فِي بِالْجِذْعِ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ مِنْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ فَالْحَقُّ فِي الدَّارِ لَا مِنْهَا (ص) وَمَالُ نِصَابٍ وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ كَشَيْءٍ وَكَذَا وَسِجْنٌ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِمَالٍ وَسَوَاءٌ قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا فَإِنَّ الْمُقِرَّ يَلْزَمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ نِصَابُ السَّرِقَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يُسَمَّى نِصَابًا مِنْ جِنْسِ مَالِ الْمُقِرِّ فَيَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَقَرِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ وَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ الْحَبِّ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْثِ وَالْأَحْسَنُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ أَنْ يُفَسَّرَ قَوْلُهُ لَهُ عِنْدِي مَالٌ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا فَسَّرَهُ بِهِ وَلَوْ بِحَبَّةٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ مَعَ يَمِينِهِ. فَإِنْ فَسَّرَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُفَسِّرَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ عِنْدِي حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ أَوْ كَذَا فَإِنَّهُ يُفَسِّرُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا فَسَّرَهُ بِهِ لَكِنْ فِي كَذَا لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا فَسَّرَهُ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُفَسِّرَهُ حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ وَاللَّامُ فِي لَهُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ لِلْغَايَةِ أَيْ إلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُفَسِّرُ (ص) وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ وَسَقَطَ فِي كَمِائَةٍ وَشَيْءٍ (ش) النَّيِّفُ يُخَفَّفُ وَيُشَدَّدُ يُقَالُ عَشَرَةٌ وَنَيِّفُ وَمِائَةٌ وَنَيِّفٌ وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ فَهُوَ نَيِّفٌ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ وَنَيِّفٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِلنَّيِّفِ مَعَ يَمِينِهِ وَالنَّيِّفُ مِنْ الْوَاحِدِ إلَى التِّسْعَةِ وَأَمَّا الْبِضْعُ فَإِنَّهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ سَحْنُونَ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي النَّيِّفِ وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانَقٍ. وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ نَيِّفٌ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَقْدِ كَذَا يَنْبَغِي وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَشَيْءٌ أَوْ عَشَرَةٌ وَشَيْءٌ أَوْ أَلْفٌ وَشَيْءٌ فَإِنَّ الشَّيْءَ الزَّائِدَ عَلَى الْجُمْلَةِ يَسْقُطُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَلَوْ قَدَّمَ الشَّيْءَ أَيْضًا بِخِلَافِهِ مُفْرَدًا كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ إلَّا شَيْءٌ اُعْتُبِرَ وَطُولِبَ بِتَفْسِيرِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَسَقَطَ أَيْ الزَّائِدُ عَلَى الْمِائَةِ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ وَهُوَ شَيْءٌ فَذِكْرُ شَيْءٍ مَعَ الْمِائَةِ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ أَيْ وَسَقَطَ الشَّيْءُ لَا شَيْءَ وَكَذَا وَنَيِّفٌ. (ص) وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ وَكَذَا وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَكَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ (ش) كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَعَنْ الشَّيْءِ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّ الَّذِي يُمَيِّزُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ مِنْ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمَرْكَبِ مِنْ الْعِشْرِينَ إلَى التِّسْعِينَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَأَثْبَتْنَا الْمُحَقَّقَ وَهُوَ الْعِشْرُونَ وَأَلْغَيْنَا الزَّائِدَ لَكِنْ يَحْلِفُ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ وَلَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَكَذَا إذَا قَالَهُ بِالْوَقْفِ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا وَقَوْلُهُ وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ إلَخْ وَالْجَوَابُ مِنْ طَرَفِ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ الْكُلُّ ظَرْفٌ لِجُزْئِهِ هَذَا مَا فَهِمْته وَلَمْ أَرَهُ. (قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَسُجِنَ لَهُ) أَيْ لِلتَّفْسِيرِ الْمُعْتَبَرِ إنْ لَمْ يُفَسَّرْ أَوْ فُسِّرَ بِتَفْسِيرِ غَيْرٍ مُعْتَبَرٍ كَتَفْسِيرِهِ بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ (قَوْلُهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ) هَذَا عَلَى مُرَاعَاةِ الشَّرْعِ وَأَمَّا عَلَى مُرَاعَاةِ اللُّغَةِ فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ وَلَوْ دِرْهَمًا نُحَاسًا لِأَنَّ الْمَالَ لُغَةً مَا يُتَمَوَّلُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ نِصَابُ السَّرِقَةِ) رُبْعُ دِينَارٍ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَبَرُ مَالُ أَهْلِ الْمُقِرِّ حَيْثُ خَالَفَ مَالَ أَهْلِ الْمُقِرِّ لَهُ وَإِذَا تَعَدَّدَ مَالُ أَهْلِ مَنْ يُعْتَبَرُ مَالُهُ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَنْصِبَاءِ كَمَا فِي تت (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُفَسِّرْ الْمُقِرُّ مَا أَقَرَّ بِهِ فَيَعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ نِصَابٌ مِمَّا يُخْرِجُ مِنْهُ دِيَتَهُ فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَفَسَّرَ بِنِصَابٍ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الْإِبِلِ فَيَعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَى نِصَابٍ فَيَلْزَمُهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ لِأَنَّهُ الْمُحَقِّقُ لِأَنْصَابِ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُفَسِّرُهُ) وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ أَكْثَرَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقِرُّ لَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا فَسَّرَهُ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ) رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ كَالنِّصْفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ ذَلِكَ إذَا ذَكَرَ مُضَافًا وَالْفَرْضُ كَوْنُهُ مُفْرَدًا (قَوْلُهُ أَوْ لِلْغَايَةِ) وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ وَنَيِّفٌ) يَصِحُّ تَقْدِيمُهُ وَتَأْخِيرُهُ (قَوْلُهُ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانَقٍ) فِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ وَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِصِنْفِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ) فَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمُقِرِّ وَإِمْكَانِ تَفْسِيرِهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةٌ إلَّا شَيْءٌ الْحَاصِلُ أَنَّ لِشَيْءٍ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إفْرَادُهُ وَاسْتِثْنَاؤُهُ وَذِكْرُهُ بَعْدَ مَعْلُومٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذِكْرِهِ مَعْطُوفًا وَذِكْرِهِ مُفْرَدًا أَنَّ لَغْوُهُ مُفْرَدًا يُؤَدِّي إلَى إهْمَالِ لَفْظِ الْمُقِرِّ بِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِذَا كَانَ مَعْطُوفًا سَلِمَ مِنْ الْإِهْمَالِ لِأَعْمَالِهِ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُهْمَلْ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْمُسْتَقِلِّ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِظُلْمِ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ الشَّيْءُ إلَخْ) أَيْ الْمَضْمُومُ وَقَوْلُهُ لَا شَيْءَ أَيْ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ مُقْتَرِنًا بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا وَنَيِّفٌ لَا يَسْقُطُ وَأَوْلَى إذَا انْفَرَدَ أَيْ النَّيِّفُ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُوَ دِرْهَمٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 إذْ الْمَعْنَى هُوَ دِرْهَمٌ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَهُ بِالْخَفْضِ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ وَقَالَ لِي بَعْضُ النُّحَاةِ يَلْزَمُهُ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي كَذَا كَذَا دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّ كَذَا كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ وَهُوَ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ وَالْأَصْلُ بَرَاءُ الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ فَقَطْ وَلَوْ زَادَ وَكَذَا مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا ذَكَرَ لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ (ص) وَبِضْعٌ، أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ عِنْدِي بِضْعٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ فَقَطْ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ بِضْعَةَ عَشَرَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ. (ص) وَكَثِيرَةٌ أَوْ لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ أَوْ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ ثُمَّ إنَّ الْكَثْرَةَ الْمَنْفِيَّةَ تُحْمَلُ عَلَى ثَانِي مَرَاتِبِهَا وَهُوَ الْخَمْسَةُ لَا عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهَا وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَافِيًا لَهَا أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَةٌ وَمُثْبِتًا لَهَا ثَانِيًا بِقَوْلِهِ وَلَا قَلِيلَةٌ لِأَنَّ وَلَا قَلِيلَةٌ تُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِ الْقِلَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَلَوْ جُعِلَ مُثْبِتًا لِأَوَّلِ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ لَزِمَ التَّنَاقُضُ وَأَفْعَالُ الْعُقَلَاءِ تُصَانُ عَنْ مِثْلِ هَذَا. (ص) وَدِرْهَمُ الْمُتَعَارَفِ وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ وَقُبِلَ غِشُّهُ وَنَقْصُهُ إنْ وَصَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ مِمَّا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْفُلُوسِ كَفَى وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْفُلُوسِ فَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَرَفَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدِرْهَمٍ مَغْشُوشٍ أَوْ بِدِرْهَمِ نَاقِصٍ وَوَصَلَ ذَلِكَ بِكَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَالْفَصْلُ لِضَرُورَةٍ مِنْ عُطَاسٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَغْوٌ فَلَوْ فَصْلُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَأَخَذَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَالشَّرْطُ يَرْجِعُ لِلشَّرْعِيِّ وَلِلْمُتَعَارَفِ حَيْثُ كَانَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَغْشُوشِ وَالنَّاقِصِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا جَمَعَهُمَا وَالضَّمِيرُ فِي غِشِّهِ رَاجِعٌ لِلشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ أَعَمُّ مِنْ الدِّرْهَمِ وَيَكْفِي قَوْلُ الْمُقِرِّ نَاقِصٌ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي قَدْرِ النَّقْصِ. (ص) وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ وَدِرْهَمٌ أَوْ ثُمَّ دِرْهَمٌ. . . دِرْهَمَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ لَفْظًا مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى أَكْثَرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا إلَّا فِي قَوْلِهِ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ فَحَكَى قَوْلًا آخَرَ بِلُزُومِ دِرْهَمٍ وَلُزُومِ دِرْهَمَيْنِ فِي جَمِيعِهَا ظَاهِرٌ. قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَرَاهِمَ بَلْ وَالدَّنَانِيرُ وَالْعُرُوضُ (ص) وَسَقَطَ فِي لَا بَلْ دِينَارَانِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ) عِبَارَةٌ فِيهَا قُصُورٌ وَنَصُّ تت فَفِي كَذَا دَرَاهِمُ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَكَذَا دِرْهَمٌ بِالْخَفْضِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ دِرْهَمًا قَالَ وَقَالَ لِي بَعْضُ النُّحَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُضَافُ لِلْمُفْرَدِ وَلَوْ قَالَ كَذَا دَرَاهِمُ بِالْجَمْعِ وَالْإِضَافَةِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَوَّلُ عَدَدٍ يُضَافُ لِلْجَمْعِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَحْنُونَ لَا أَعْرِفُ هَذَا وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَمَا قَالَهُ هُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ لَا عَلَى اللُّغَةِ فَإِنْ وَافَقَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَذَلِكَ وَإِلَّا فَإِنْ فَسَّرَ الْمُقِرُّ كَلَامَهُ بِالْعُرْفِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَطْفِ تَرْكِيبٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ وَكَذَا مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ) هَذَا يَظْهَرُ فِي الْمَعْطُوفِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُرَكَّبِ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ) أَيْ وَاحْتِمَالُ التَّأْسِيسِ وَيَعْمَلُ بِالتَّأْكِيدِ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ لِأَنَّ التَّأْسِيسَ فِيهِ زِيَادَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ دَرَاهِمُ) لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ أَوَّلَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ الثَّلَاثَةُ وَيَخْتَلِفُ مَعَ جَمْعِ الْقِلَّةِ فِي الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ يَلْزَمُهُ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ تِسْعَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ تَضْعِيفٌ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ وَقِيلَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَلَا قَلِيلَةً) أَيْ لِأَنَّ مَدْخُولَ لَا مِنْ لَا قَلِيلَةٌ الَّذِي هُوَ قَلِيلَةٌ أَيْ فَيَكُونُ وَلَا قَلِيلَةٌ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِثَلَاثَةٍ بَلْ أَرْبَعَةٌ (أَقُولُ) ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْقِلَّةِ وَالْأَرْبَعَةُ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعَةُ قَلِيلَةً كَثِيرَةً لِأَنَّهَا ثَانِي مَرَاتِبِ الْقِلَّةِ وَأَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ فَيَأْتِي التَّنَافِي وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ أَمْرَانِ نِسْبِيَّانِ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَعَلَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَمَّا جَعَلَ أَيْ لَا قَلِيلَةً مُثْبَتًا لِأَوَّلِ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ لَزِمَ التَّنَاقُضُ أَيْ بَيْنَ لَا كَثِيرَةً وَلَا قَلِيلَةً. (قَوْلُهُ إنْ وَصَلَ) هَذَا فِي غَيْرِ الْأَمَانَةِ وَأَمَّا فِيهَا كَالْوَدِيعَةِ فَيُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّاصِرِ لِأَنَّ الْمُودَعَ أَمِينٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ بِرَصَاصٍ أَوْ حَدِيدٍ لَمْ يُقْبَلْ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُتَعَارَفًا وَيَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي الْأَمَانَاتِ (قَوْلُهُ فَلَوْ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فِي مِصْرَ وَأَمَّا بِالشَّامِ فَالدِّرْهَمُ مِنْ الْفِضَّةِ يَعْدِلُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ مِنْ الْفُلُوسِ بِمِصْرَ (قَوْلُهُ مِنْ عُطَاسٍ أَوْ إغْمَاءٍ) لِإِسْلَامٍ أَوْ رَدَّهُ أَوْ تَنَهَّدَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يُطْلَقُ) أَيْ الْمُتَعَارَفُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَغْشُوشِ وَالنَّاقِصِ هَذَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلدِّرْهَمِ عِنْدَ عُرْفِ الشَّامِ فَيَعْقِلُ فِيهِ كَوْنُهُ نَاقِصًا وَمَغْشُوشًا (قَوْلُهُ أَوْ لَفْظًا مِمَّا ذَكَرَهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ أَلْفٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ) كَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ دِرْهَمٌ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَيْ دِرْهَمٌ فِي مُقَابَلَةِ دِرْهَمٍ أَخَذْته مِنْك وَقَوْلُهُ وَدِرْهَمٌ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَيْ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَقَوْلُهُ دِرْهَمَانِ فَاعِلٌ بِفِعْلِ مَحْذُوفٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ اللَّازِمُ لَهُ دِرْهَمَانِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ (قَوْلُهُ لَا بَلْ إلَخْ) أَتَى بِبَلْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارَانِ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ يَسْقُطُ وَيَلْزَمُهُ الدِّينَارَانِ وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الدِّرْهَمُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الدِّرْهَمُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِرْهَمَانِ فَيَلْزَمُهُ الدِّرْهَمَانِ أَيْ وَسَقَطَ مَا قَبْلَ بَلْ أَتَى بِلَا أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَا وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ أَضْرَبَ لِأَقَلَّ قَبْلَ أَنْ وَصَلَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَقَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ إنْ وَصَلَ وَإِذَا أَضْرَبَ لِمُسَاوٍ فَالظَّاهِرُ لُزُومُ مَا قَبْلَ بَلْ وَمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ بَلْ حِينَئِذٍ كَالْوَاوِ وَالْفَاءِ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ هُنَا يَتَعَذَّرُ فَلَمْ تَبْقَ إلَّا لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ (ص) وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٍ وَحَلَفَ مَا أَرَادَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ فَأَكَّدَ بِإِعَادَةِ لَفْظِ الدِّرْهَمِ أَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَا أَرَادَهُمَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَدِرْهَمُ دِرْهَمٍ بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ أَيْ وَدِرْهَمٌ هُوَ دِرْهَمٌ وَأَمَّا بِالرَّفْعِ فَلَا يُتَوَهَّمُ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَوْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَهَّمُ الْإِضَافَةُ لِأَنَّ الْمُضَافَ غَيْرُ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْبَاءُ فِي بِدِرْهَمٍ سَبَبِيَّةٌ أَيْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِسَبَبِ دِرْهَمٍ أَيْ عَامَلْته بِدِرْهَمِ فَلِزَمَنِيِّ دِرْهَمٌ (ص) كَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخِرِ بِمِائَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي وَثِيقَةٍ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهَا ثُمَّ أَشْهَدَ فِي وَثِيقَةٍ أُخْرَى بِمِائَةٍ وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ قَدْرًا وَنَوْعًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَالثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى ذَلِكَ إنْ ادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ أَمَّا إنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا أَوْ صِفَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمِائَتَانِ مَعًا فَقَوْلُهُ كَإِشْهَادٍ إلَخْ مُشَبَّهٌ فِي لُزُومِ مِائَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْحَلِفُ عَلَى الْأُخْرَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمِائَتَانِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ أَنَّ الْأَذْكَارَ أَمْوَالٌ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمْوَالٌ وَعِنْدَ أَصْبَغَ مَالٌ وَاحِدٌ (ص) وَبِمِائَةٍ وَبِمِائَتَيْنِ الْأَكْثَرُ (ش) إنْ حُمِلَ عَلَى الْأَذْكَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ثُبُوتَهُ نَصًّا فِي الْمَذْهَبِ لَكِنْ لَمْ يَسْلَمْ لِابْنِ عَرَفَةِ الْإِنْكَارُ الْمَذْكُورُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَجُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا أَوْ نَحْوُهَا الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرُ بِالِاجْتِهَادِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ جُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُ الْمِائَةِ أَوْ نَحْوُ الْمِائَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثَا الْمِائَةِ بِلَا خِلَافٍ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا زِيَادَةٌ عَلَى الثُّلُثَيْنِ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ فَالِاجْتِهَادُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَكْثَرِ وَقِيلَ يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَيِّتِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ سُؤَالُهُ عَنْ مُرَادِهِ وَأَمَّا الْمُقِرُّ الْحَاضِرُ فَيَسْأَلُ عَنْ تَفْسِيرِ مَا أَرَادَ وَيُصَدَّقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ نَازَعَهُ فِي ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى أَكْثَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَحَقَّقَ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى قَوْلَيْنِ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ اهـ. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِأَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَأَمَّا إنْ فَسَّرَهُ بِالنِّصْفِ أَوْ دُونَهُ فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ح (ص)   [حاشية العدوي] لِأَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ وَاخْتِيَارَ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّ بَلْ نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَلَا لِلتَّأْكِيدِ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِمْ أَنْ لَا لِنَفْيِ مَا قَبْلَهَا وَبَلْ لِإِثْبَاتِ مَا بَعْدَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا حَيْثُ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ وَإِلَّا قُبِلَ مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ مَا أَرَادَهُمَا) لِاحْتِمَالِ حَذْفِ حَرْفِ الْعِطْفِ فِي الْأُولَى وَالظَّرْفِيَّةِ أَوْ الْإِلْصَاقِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْعِوَضِيَّةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ فِي ظَرْفِيَّةً لَا سَبَبِيَّةً (قَوْلُهُ بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ) لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ إضَافَةً بَيَانِيَّةً وَلَا لِلْبَيَانِ لِاتِّحَادِ اللَّفْظَيْنِ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ اسْمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدَ وَلَا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمِائَتَانِ إذَا كَتَبَ الذِّكْرَيْنِ أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهِمَا مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ إلَخْ) أَيْ أَشْهَدَ إشْهَادًا مُجَرَّدًا عَنْ الْكُتُبِ كَمَا لَوْ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ قَوْمًا ثُمَّ أَشْهَدَ آخَرِينَ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَمَا تَرَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِ بَعْضٍ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَصْبَغَ وَبَقِيَ صُورَتَانِ إذَا كَتَبَ الْمُقِرُّ كُلَّ مِائَةٍ بِوَثِيقَةٍ وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُمَا وَلَا شَهِدَ بِهِمَا عَلَيْهِ بَلْ عَلَى خَطِّهِ هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ كَتْبٍ وَلَا أَمْرٍ فَيَلْزَمُهُ فِيمَا ذَكَرَ وَاحِدَةً وَيَحْلِفُ عَلَى غَيْرِهِ أَمْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ ثَانِيهِمَا لَوْ أَمَرَ بِكَتْبٍ وَلَمْ يُشْهِدْ (قَوْلُهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْأَذْكَارِ) أَيْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي وَثِيقَةٍ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مِائَةٌ ثُمَّ أَشْهَدَ فِي وَثِيقَةٍ أُخْرَى بِمِائَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَرَدَّ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ لُزُومُ ثَلَثِمِائَةٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ كُتُبٍ كَانَ مَاشِيًا إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ فِي مَوْطِنٍ بِمِائَةٍ وَأَشْهَدَ وَفِي مَوْطِنٍ بِمِائَتَيْنِ أَيْ وَأَشْهَدَ الْأَوَّلَ يَلْزَمُهُ ثَلَثُمِائَةٍ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عَنْ أَصْبَغَ إنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْأَقَلِّ أَوْ لَا صَدَقَ الْمَطْلُوبُ أَنَّ الْأَقَلَّ دَخَلَ فِي الْأَكْثَرِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْأَكْثَرِ أَوْ لَا فَهُمَا مَالَانِ وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَحْلِفُ مَا ذَاكَ إلَّا مَالٌ وَاحِدٌ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمِائَتَانِ مُطْلَقًا قَالَ بَهْرَامُ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا أَنَّ الثَّانِيَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ الْقَائِلُ بِالتَّفْصِيلِ لِأَنَّهُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّ مُفَادَ كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمُنْكِرَ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مُطْلَقًا وَمَشَى عَلَيْهِ مُحَشِّي تت وَنَصُّهُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا قَرَّرَهُ بِهِ أَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا لَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ يَعْنِي ثُبُوتَ أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَبِمِائَةٍ وَبِمِائَتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ فَثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوَّلًا لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ دِيَانَتِهِ وَعَدَمِهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَى قَوْلَيْنِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُحَقِّقْ الدَّعْوَى فَيَجْرِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إيجَابِ يَمِينِ التُّهْمَةِ (قَوْلُهُ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ) أَوْ كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُتَّهَمِ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ هَلْ تُتَوَجَّهُ يَمِينُ التُّهْمَةِ أَمْ لَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ عِشْرُونَ أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ (ش) الصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّهُ إذَا قَالَ عِنْدِي عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ هَلْ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ لَا أَعْرِفُهُ وَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّ فِي تَحْتَمِلُ السَّبَبِيَّةَ وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَتَعَلَّقَ مَعَ مَجْرُورِهَا بِمَحْذُوفٍ أَيْ مَضْرُوبَةٌ فِي عَشَرَةٍ وَبِعِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةٍ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الْأَوَّلُ وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهُ إنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ التَّضْعِيفَ وَضَرْبَ الْحِسَابِ قُلْت قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا إنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَالِمًا بِالْحِسَابِ لَزِمَهُ قَوْلُ سَحْنُونَ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْمِائَةُ صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَلِكَ اهـ. (ص) وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ وَفِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ مِنْدِيلٌ أَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّوْبُ وَالزَّيْتُ بِلَا خِلَافٍ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي الثَّوْبِ وَالزَّيْتِ وَأَمَّا الظَّرْفُ وَهُوَ الصُّنْدُوقُ وَالْجَرَّةُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ قَوْلَانِ أَيْ فِي كُلِّ فَرْعٍ قَوْلَانِ وَمَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَظْرُوفُ يَسْتَقِلُّ بِدُونِ الظَّرْفِ أَوْ لَا وَرَدَ بِالْمِثَالِ الثَّانِي عَلَى مَنْ قَالَ بِلُزُومِ الظَّرْفِ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثُمَّ فِي كَلَامِهِ حَذْفٌ أَيْ وَلَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ وَزَيْتُ فِي جَرَّةٍ فَفِي الْمَذْهَبِ فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ وَإِنَّمَا احْتَجْنَا إلَى التَّقْدِيرِ ثَانِيًا لِأَنَّ الْجَوَابَ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْفَاءُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ (ص) لَا دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّابَّةُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْإِصْطَبْلِ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ وَهُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَبْدَأُ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ (ص) وَأَلْفٌ إنَّ اسْتَحَلَّ أَوْ أَعَارَنِي لَمْ يَلْزَمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنَّ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَوْ أَعَارَنِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ اسْتَحْلَلْت ذَلِكَ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا ظَنَنْته يَفْعَلُ ذَلِكَ أَوْ يُعِيرُنِي كَذَا عَلَّلُوهُ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي تَعْلِيلِ الْبِسَاطِيِّ نَظَرٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ حَكَمَ بِهَا فُلَانٌ لِرَجُلٍ سَمَّاهُ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَحَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ بِخِلَافِ لَوْ قَيَّدَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ فَشَاءَ فَلَا يَلْزَمُ (ص) كَأَنْ حَلَفَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ حَلَفَ عَلَيْهَا فَحَلَفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ شَيْءُ إذَا كَانَ لَك مِنْ غَيْرِ دَعْوَى بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَاطِلًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى فَإِنَّهُ إذَا حَلَفَ اسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالدَّعْوَى الْمُطَالَبَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَمُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ كَمُطَالَبَةِ رَبِّ الْحَقِّ ثُمَّ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي أَنَّ (إنْ) تَكُونُ شَرْطِيَّةً فَهِيَ مَكْسُورَةٌ أَيْ وَكَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ حَلَفَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً أَيْ وَكَحَلِفِهِ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ حَلَفَ (ص) أَوْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ (ش) أَيْ إذَا قَالَ لَك عَلَيَّ كَذَا إنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَأَمَّا الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ فَيَعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ عَدْلًا لَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ (غَيْرُ الْعَدْلِ) لَكَانَ حَسَنًا لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنْ قِيلَ إذَا كَانَ عَدْلًا فَشَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَمْ لَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَشَرَةٍ إلَخْ) عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالْجَرُّ فَالرَّفْعُ بِاعْتِبَارِ الْقَوْلِ الْمُقَدَّرِ أَيْ فِي قَوْلِهِ كَذَا وَالْجَرُّ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ عَشَرَةٍ وَلَا يَجُوزُ الْجَرُّ بِاعْتِبَارِ دُخُولِ الْجَارِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ وَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلَ بِلُزُومِ الْعَشَرَةِ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَالْقَائِلُ بِلُزُومِ مِائَةٍ لَا يُوجِبُهَا (قَوْلُهُ صَوَابٌ إنْ كَانَ إلَخْ) وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ وَالْمُقِرُّ لَهُ يَعْلَمَانِ الْحِسَابَ بِأَنْ كَانَا يَجْهَلَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَمَّا لَوْ عِلْمَاهُ مَعًا فَيَلْزَمُهُ الْمِائَةُ اتِّفَاقًا ثُمَّ يَبْحَثُ فِي جَرَيَانِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ أَوْ كَانَ الْمُقِرُّ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ بِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ عِنْدَ عَوَامِّ مِصْرَ أَنَّ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ بِعَشْرَيْنِ لَا بِمِائَةٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُقِرُّ وَحْدَهُ مِنْ أَهْلِهِ فَالْقَوْلَانِ قِيلَ مِائَةٌ نَظَرًا لِعِلْمِهِ بِالْحِسَابِ وَقِيلَ عَشَرَةٌ عَلَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ أَوْ عِشْرُونَ عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الْعَالِمَ إنَّمَا يُخَاطِبُ الْعَامِّيَّ بِمَا يَفْهَمُ وَيَقْبَلُ قَوْلَهُ وَيَحْلِفُ إنْ نَازَعَهُ الْمُقِرُّ لَهُ الْجَاهِلَ بِالْحِسَابِ وَحَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (قَوْلُهُ صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَقَدْ تُفْتَحُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْدِيلٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي إلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا قَالَ عِنْدِي مِنْدِيلٌ فِي صُنْدُوقٍ وَفِي شَرْحِ شب وَأَمَّا لَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا انْتَهَى وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ (قَوْلُهُ لَا دَابَّةَ فِي إصْطَبْلٍ) أَيْ لَا إنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ فَلَا يَلْزَمُ الْإِصْطَبْلُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَأَلْفٌ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مَثَلًا إنْ اسْتَحَلَّ لَمْ يَلْزَمْ وَإِنْ وَقَعَ مَا عَلَّقَ الْإِقْرَارَ عَلَى وُجُودِهِ (قَوْلُهُ وَفِي تَعْلِيلِ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ) لِأَنَّهُ قَالَ عِنْدِي إنَّ اسْتِحْلَالَهُ لَا يُعْلَمُ وَقَوْلُهُ اسْتَحْلَلْت قَدْ يَكْذِبُ فِيهِ وَقَوْلُهُ إنْ أَعَارَنِي لَغْوٌ مِنْ الْكَلَامِ وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ عَلَى قَوْلِهِ إنْ اسْتَحَلَّ وَقَدْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَمُطَالَبَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مُطَالَبَةُ مَنْ يَسْمَعُ رَبَّ الْحَقِّ يَقُولُ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا فَطَلَبَ السَّامِعُ فُلَانًا مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ مِنْ رَبِّ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَجَازَ رَبُّ الْحَقِّ فِعْلَهُ بَعْدَمَا حَلَفَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ اهـ. (قَوْلُهُ فَشَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ) أَيْ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 فَمَا فَائِدَةُ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَفَادَ تَسْلِيمَهُ لِشَهَادَتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِأَعْذَارٍ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْأَعْذَارُ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ وَبِعِبَارَةٍ غَيْرُ مَنْصُوبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ مُقَدَّرٍ مَعَ عَامِلِهِ أَيْ فَشَهِدَ فُلَانٌ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ الْعَدْلِ وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ فُلَانِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْمُقِرِّ وَلَا رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِفُلَانٍ الْمُقَدَّرِ لِأَنَّ فُلَانًا يُكْنَى بِهِ عَنْ الْعِلْمِ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ وَغَيْرُهُ نَكِرَةٌ وَاتِّفَاقُ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ فِي التَّعْرِيفِ وَاجِبٌ بَلْ يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ شَهِدَ مِمَّا لَوْ قَالَ إنْ حَكَمَ بِهَا فُلَانٌ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَكَمَ بِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ كَانَ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ حَكَمَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا يَمِينٌ مَعَ شَاهِدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ حَكَمَ بِهَا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ. (ص) وَهَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ الشَّاةُ وَحَلَفَ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ فَإِنَّ الشَّاةَ تَلْزَمُهُ وَيَحْلِفُ بَتًّا عَلَى النَّاقَةِ وَإِلَيْهَا يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَفَ عَلَيْهَا أَيْ يَحْلِفُ أَنَّ النَّاقَةَ لَيْسَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ يُرِيدُ وَقَدْ زَالَ شَكُّهُ وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى يَمِينِهِ فَأَوْ حَرْفُ شَكٍّ مَا قَبْلَهَا لَازِمٌ لِلْمُقِرِّ وَمَا بَعْدَهَا غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونَ أَوْ يُقَالُ إنَّ أَوْ تَحْتَمِلُ الْإِبْهَامَ فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ عَكَسَ لَزِمَتْهُ النَّاقَةُ وَحَلَفَ عَلَى الشَّاةِ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا أَوْ كَذَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ وَحَلَفَ عَلَى الثَّانِي لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (ص) وَغَصَبْته مِنْ فُلَانِ لَا بَلْ مِنْ آخَرَ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَقَضَى لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ غَصَبْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ أَيْ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِزَيْدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا اتَّهَمَ فِي إخْرَاجِهِ عَنْهُ ثَانِيًا وَيَقْضِي لِلثَّانِي وَهُوَ عَمْرٌو بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ عِيسَى إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الثَّانِي فَلَهُ الْيَمِينُ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَفَ فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَيَقْضِي لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ حَلَقَ الثَّانِي وَأَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ لِلْأَوَّلِ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ عِيسَى تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَكَلَ الثَّانِي أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِدَعْوَاهُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْتَرِكُ مَعَ الْأَوَّلِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي النُّكُولِ وَالْإِتْيَانِ بِبَلْ دُونَ لَا كَذَلِكَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَعَلَّهُ حَيْثُ عَلِمَ وَإِلَّا فَيَوْمَ أَقَرَّ (ص) وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عُيِّنَ وَإِلَّا فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِيَ حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ لَك أَحَدُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْعَبْدَيْنِ مَثَلًا فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُؤْمَرُ بِتَعْيِينِ مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَحْتَمِلُ الْإِبْهَامَ وَالشَّكِّ وَلَهُ دَعْوَى زَوَالِ الشَّكِّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَهُ التَّعْيِينُ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا عَيَّنَ لَهُ أَدْنَاهُمَا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ حَلَفَ الْمُقِرُّ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأَعْلَى وَأَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقِرُّ مَا أَقَرَّ بِهِ بَلْ قَالَ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا لَهُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا فَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ عَيَّنَ أَعْلَاهُمَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُعَيِّنُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُقِرِّ لَا أَدْرِيَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّ أَجْوَدَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا أَدْرِي أَيَّهمَا مَتَاعِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الْمُقِرِّ قَالَ لَا أَدْرِي أَيْضًا حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَيَبْدَأُ الْمُقِرُّ بِالْيَمِينِ وَيَشْتَرِكَانِ حِينَئِذٍ فِي ذَلِكَ بِالنِّصْفِ لَا بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الِاشْتِرَاكِ التَّسَاوِي وَالتَّصْرِيحُ بِنَفْيِ الْعِلْمِ تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ الْتِزَامًا إذْ دَعْوَاهُمَا عَدَمَ الدِّرَايَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَشْمَلُ مَا إذَا أَبَى الْمُقِرُّ مِنْ التَّعْيِينِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ مَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ امْتَنَعَ فَيُحْبَسُ وَأَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي وَامْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَمَا فَائِدَةُ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَهِدَ بِهَا فُلَانٌ الْعَدْلُ أَيْ نَظَرَ الظَّاهِرُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ نَظَرَ لِمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ فَلَا يُرَدُّ سُؤَالٌ (قَوْلُهُ حَكَمَ بِهَا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عِيسَى أَيْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ بَهْرَامَ وَإِنْ كَانَ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَيَّنَ إلَخْ) فَإِذَا امْتَنَعَ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُعَيِّنَ أَيْ أَوْ يَمُوتَ كَمَسْأَلَةِ التَّفْسِيرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأَعْلَى وَأَخَذَهُ) وَبَقِيَ لِلْمُقِرِّ الْأَدْنَى فَإِنْ نَكَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكَا بَيْنَهُمَا وَظَاهِرُ هَذَا شُمُولُهُ لِمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَوْ اتِّهَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا الْبَابَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تُرَدُّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إنْ قَالَ لَا أَدْرِي ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا وَبَقِيَ لِلْمُقِرِّ الْأَدْنَى هَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ انْتِفَاعَ الْمَالِكِ وَيَطَؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً إنْ أَحَبَّ وَيَصِيرُ الْمُقِرُّ لَهُ كَالْبَائِعِ وَالْمُقِرُّ كَالْمُشْتَرِي أَوْ تُبَاعُ وَيَقْبِضُ الْمُقِرُّ ثَمَنَهَا عِوَضًا عَنْ قِيمَةِ الْأَعْلَى اُنْظُرْ شب وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَيَّنَ أَعْلَاهُمَا حَلَفَ عَلَيْهِ) فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا (قَوْلُهُ إذْ دَعْوَاهُمَا عَلَى عَدَمِ الدِّرَايَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِ الْمُقِرِّ لَهُ لَا أَدْرِي وَأَمَّا قَوْلُ الْمُقِرِّ لَا أَدْرِي فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يُعْلَمْ مِنْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُفِيدُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي وَقَوْلُهُ حَلِفًا وَاشْتَرَكَا مِثْلُهُ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ عَلَى مُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّارِحِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 فَيَكُونُ لَهُ الْأَدْنَى (ص) وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يُسْتَثْنَى فِيهَا كَبَابِ الْعِتْقِ وَبَابِ الطَّلَاقِ وَبَابِ النَّذْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ إلَّا لِعَارِضٍ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الِاسْتِغْرَاقِ كَلَكَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ وَكَمَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِأَدَوَاتِهِ يَصِحُّ بِالْعَيْنِ فَإِذَا قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي هَذَا الْبَيْتُ فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَوْ الْخَاتَمُ وَلِي الْفَصُّ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْبَيْتَ فَإِنَّهُ يُعَيِّنُ وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي قَوْلِهِ وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا أَقَرَّ بِالدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ إلَّا رُبْعُهَا أَوْ إلَّا تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (ص) وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إلَّا عَبْدًا وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ صَحِيحٌ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَبْدًا أَوْ إلَّا ثَوْبًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا صَحِيحًا وَكَانَ الْمَعْنَى لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيمَةَ عَبْدٍ أَوْ إلَّا قِيمَةَ ثَوْبٍ وَتَسْقُطُ قِيمَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَسْتَغْرِقَهُ الْقِيمَةُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الْقِيمَةُ الْمُقَرَّ بِهِ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا تُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَيَطْرَحُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِصَرْفِهِمَا (ص) وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ أَوْ أَبْرَأهُ بَرِئَ مُطْلَقًا وَمِنْ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَبْرَأ شَخْصًا مُعَيَّنًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ بَرَاءَةً مُطَلَّقَةً بِأَنْ قَالَ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ فُلَانٍ مِمَّا لِي قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَبْرَأْته مِنْ كُلِّ حَقٍّ أَوْ قَالَ أَبْرَأْته فَقَطْ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَحْتَ الْيَدِ مِنْ الْأَمَانَاتِ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً وَيَبْرَأُ أَيْضًا مِنْ الْمُطَالَبَةِ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيَبْرَأُ أَيْضًا مِنْ الْمُطَالَبِ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ وَأَمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ فَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُسْقِطَهُ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا أَيْ شَخْصًا مُعَيَّنًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَلَا كَقَوْلِهِ أَبْرَأْت شَخْصًا أَوْ رَجُلًا مِمَّا لِي قَبْلَهُ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَبْرَأْت كُلَّ رَجُلٍ فَهُوَ مُعَيَّنٌ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ مُعَيَّنٌ وَظَاهِرٌ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَةِ وَقَدْ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ وَمِنْ الْقَذْفِ إلَخْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَ مِمَّا لَهُ لَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبْرِئَ عَنْ الْمَحْجُورِ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُ عَنْهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ بِقُرْبِ رُشْدِهِ لَا يُبْرِئُ إلَّا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَلَا تَنْفَعُهُ الْمُبَارَأَةُ الْعَامَّةُ حَتَّى يَطُولَ رُشْدُهُ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَمِنْ هَذَا لَا يُبْرِئُ الْقَاضِي النَّاظِرَ فِي الْأَحْبَاسِ الْمُبَارَأَةَ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَإِبْرَاؤُهُ عُمُومًا جَهْلٌ مِنْ الْقُضَاةِ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ هُنَا إلَخْ) أَيْ فِي قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالنُّطْقِ بِهِ وَالِاتِّصَالِ إلَّا لِعَارِضٍ ضَرُورِيٍّ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ وَأَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ أَوْ يُسَاوِيَ وَلَكِنْ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ يَكْفِي أَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانٍ وَهُنَا لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ (قَوْلُهُ يَصِحُّ بِالْعَيْنِ) أَيْ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنًى مَا تَقَدَّمَ أَيْ صَحَّ بِغَيْرِ الْأَدَوَاتِ الْمَعْلُومَةِ وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ وَالْبَاءِ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَلَبِّسًا بِغَيْرِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ يَوْمَ الِاسْتِثْنَاءِ وَيُبَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ اُذْكُرْ صِفَةَ الْعَبْدِ وَيُقَوَّمُ عَلَى الصُّفَّةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ قِيمَةَ عَبْدٍ مِنْ أَعْلَى الْعَبِيدِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْمُحَقَّقِ وَهَذَا فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَكْسِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ عَبْدٍ مِنْ أَدْنَى الْعَبِيدِ وَقَوْلُهُ وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ هَذَا فِي الْمُقَوَّمِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِثْلِيًّا سَقَطَ ثَمَنُهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْقَمْحِ مَثَلًا فَيُقَالُ بِمَ تُبَاعُ الْعَشَرَةُ فَإِنْ قِيلَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أُسْقِطَتْ مِنْ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ) وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ لَا مِنْ الْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ دَيْنٌ فَيَبْرَأُ مِنْ الْأَمَانَةِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِنْدَ سَحْنُونَ أَنَّ عَلَيْهِ يَشْمَلُ الْأَمَانَةَ وَالدَّيْنَ وَأَمَّا لَفْظُ عِنْدِي فَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا تَشْمَلُ الدُّيُونَ وَالْأَمَانَاتِ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ اخْتِصَاصَهَا بِالْأَمَانَةِ وَحِينَئِذٍ فَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عَلَيْهِ وَعِنْدَ يُحْتَمَلُ لِتَعَارُضِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا عِنْدَهُ كَقَبْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا عِنْدَهُ كَمَعَ (قَوْلُهُ بَرِئَ مُطْلَقًا) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَرَاءَته وَلَوْ فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْقُرْطُبِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَالْآخَرُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ مُطَالَبَةُ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا شُمُولُهُ لِلْبَرَاءَةِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ كَدَارٍ وَهُوَ كَذَلِكَ بِمَعْنَى سُقُوطِ طَلَبِهِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ مُعَيَّنٌ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ إنَّ كُلَّ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَيْ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْإِبْرَاءُ بِذَاتِهِ فَلَا إبْهَامَ فِيهِ كَقَوْلِك أَبْرَأَتْ رَجُلًا الْمُحْتَمَلُ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ مُعَيِّنٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ الْإِبْرَاءُ مِمَّا كَانَ مِنْهُ حَقُّ اللَّهِ كَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ لَا بِحَقِّ الْمَوْلَى تَعَالَى (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَ) أَيْ أَبْرَأَ الشَّخْصُ الْقَاذِفَ مِمَّا لَهُ لَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبْرِئَ عَنْ الْمَحْجُورِ) أَيْ بَرِئَ النَّاسُ مِنْ حَقِّ الْمَحْجُورِ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ أَيْ كَأَنْ يُسَامِحَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمَحْجُورِ الْمُسَامَحَةَ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُ مِنْ الْمُعَيَّنِ وَكَذَا الْمَحْجُورُ أَيْ مَنْ كَانَ مَحْجُورًا وَصَارَ رَشِيدًا لَا يُبْرِئُ وَلِيَّهُ بَرَاءَةً عَامَّةً إلَّا بَعْدَ طُولٍ مِنْ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ لَا يُبْرِئُ الْقَاضِي النَّاظِرَ فِي الْأَحْبَاسِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الَّذِي لَهُ النَّظَرُ فِي شَأْنِ الْأَحْبَاسِ بِالْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ) أَيْ مَا عَدَا الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ كَأَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ دَرَاهِمَ مَعْلُومٍ قَدْرَهَا وَلَوْ كَانَتْ تَقْبَلُهَا الذِّمَّةُ فَلَمْ يَرُدُّ بِالْمُعَيَّنَاتِ مَا لَا تَدْخُلُ فِي الذِّمَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَإِنْ بِصَكٍّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ بَعْدَهُ (ش) الْفَاءُ تَفْرِيعِيَّةٌ أَيْ وَإِذَا بَرِئَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِصِيغَةٍ مِنْ الصِّيَغِ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَادَّعَى عَلَى مَنْ أَبْرَأهُ بِحَقٍّ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِنِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْضَ مُتَعَلِّقَيْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ أَتَى بِذِكْرِ حَقٍّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالصَّكِّ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ أَيْ الْحُجَّةَ الْمُكْتَتَبَ فِيهَا الْحَقُّ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَيْ صَدَرَ التَّعَامُلُ بِمَا فِيهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فَحِينَئِذٍ يَعْمَلُ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ جَهِلَ التَّارِيخَ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُؤَرَّخٍ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَبِعِبَارَةٍ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَيْ قَبُولًا يَلْزَمُ الْمُبْرِئُ الْحَقَّ بِمُجَرَّدِهَا وَأَمَّا الْيَمِينُ بِرَدِّ هَذِهِ الدَّعْوَى فَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى تَوْجِيهِهَا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى إنَّهُ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ وَاخْتَلَفَا هَلْ دَخَلَ فِيهَا أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَعْدَهَا وَقَالَ الْمُبْرِئُ قَبْلَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. (ص) وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ لَا الدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَبْرَأَ شَخْصًا مُعَيَّنًا مِمَّا لَهُ مَعَهُ أَوْ مَا لَهُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَقَطْ كَالْوَدَائِعِ وَالْقِرَاضِ وَالْإِبْضَاعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدُّيُونِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي عُرْفِ التَّخَاطُبِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مَعَهُ وَلَا عِنْدَهُ بَلْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعَهُ وَعِنْدَهُ تَقْتَضِي الْأَمَانَةُ وَلَفْظَةُ عَلَيْهِ تَقْتَضِي الذِّمَّةَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ جَرَيَانَ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْأَمَانَةِ وَالدَّيْنُ بَرِيءٌ مِنْهُمَا وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَهَلْ يَبْرَأُ مِنْ الْأَمَانَةِ فَقَطْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَهُ أَمَانَةٌ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَكِنْ قَالَ الشَّارِحُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (بَابُ الِاسْتِلْحَاقِ) (بَابُ) ذُكِرَ فِيهِ الِاسْتِلْحَاقُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَأَتْبَعَهُ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ لِشَبَهِهِ بِهِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ الْمُؤَلِّفُ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ هُوَ ادِّعَاءُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَبٌ لِغَيْرِهِ فَيَخْرُجُ قَوْلُهُ هَذَا أَبِي وَهَذَا أَبُو فُلَانٍ فَقَوْلُهُ ادِّعَاءُ الْمُدَّعِي جِنْسٌ يَشْمَلُ ادِّعَاءَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالْجَدِّ وَالْأُمِّ وَقَوْلُهُ إنَّهُ أَبٌ أَخْرَجَ بِهِ مَنْ ذُكِرَ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَبِ وَقَوْلُهُ فَيَخْرُجُ إلَخْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِادِّعَاءٍ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا جُهِلَتْ الدَّعْوَى فِيهِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) إنَّمَا يُسْتَلْحَقُ الْأَبَ مَجْهُولُ النَّسَبِ (ش) إلَّا أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) حَاصِلُ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ الْمُدَّعِي بِهِ لِقَوْلِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفُ شَامِلٌ لِمَا إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَوْ جَهِلَ هَلْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَمْ يُحَقِّقْ الطَّالِبُ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَكَذَا إنْ حَقَّقَ الطَّالِبُ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خِلْطَةٌ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا خِلْطَةٌ فَإِنَّهَا تُتَوَجَّهُ الدَّعْوَى وَتُقْبَلُ وَتُتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِهَا فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ حَيْثُ لَا خِلْطَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيَحْلِفُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ تَوَجُّهَهَا فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ قَوِيٌّ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ خِلْطَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا) أَيْ كُنْت أَعْلَمُ الْمَادَّةَ الْفُلَانِيَّةَ فَنَسِيتهَا ثُمَّ أَبْرَأْتُك نَاسِيًا لَهَا أَوْ كُنْت جَاهِلَهَا فَأَبْرَأْتُك فَأَخْبَرْت بِهَا فَأَرْجِعْ عَلَيْك فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ إلَخْ) أَيْ قَالَ الْمُبْرِئُ أَنَا قَصَدْت الْبَرَاءَةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الَّذِي ادَّعَى بِهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَهِلَ التَّارِيخَ أَيْ بِأَنْ كَتَبَ لَفْظًا يَحْتَمِلُ السَّبْعِينَ بِالسِّينِ وَالْبَاءَ وَالتِّسْعِينَ بِالتَّاءِ وَالسِّينِ أَوْ سَقَطَ عَلَى التَّارِيخِ مِدَادٌ أَوْ تَقْطِيعٌ فَحَصَلَ الْجَهْلُ وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُؤَرَّخٍ أَيْ لَمْ يُكْتَبْ فِيهِ تَارِيخُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ جَهِلَ التَّارِيخَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرُ مُؤَرَّخٍ فَظَهَرَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْيَمِينُ بِرَدِّ هَذِهِ الدَّعْوَى) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ دَخَلَ فِي الْبَرَاءَةِ ثُمَّ إنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ عج فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا عَلِمَ تَقَدُّمِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَوْ جَهِلَ هَلْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَمْ يُحَقِّقْ الطَّالِبُ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَكَذَا إنْ حَقَّقَ الطَّالِبُ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خِلْطَةٌ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا خِلْطَةٌ فَإِنَّهَا تُتَوَجَّهُ الدَّعْوَى وَتُقْبَلُ وَتُتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ [بَابُ الِاسْتِلْحَاقُ] (قَوْلُهُ وَاتَّبَعَهُ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ وَاتَّبَعَهُ لِلْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ) مُفَادُهُ أَنَّ هُنَاكَ مُوَافَقَةً فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُنَاكَ مُخَالَفَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مُخْتَلِفَةٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لِمُوَافَقَتِهِمَا فِي مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ فِي ذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ يُشَارِكُهُ فِي مُطْلَقِ الِاعْتِرَافِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ (قَوْلُهُ يَشْمَلُ ادِّعَاءَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ) أَيْ كَقَوْلِهِ هَذَا أَبُو فُلَانٍ أَيْ يَشْمَلُ ادِّعَاءَ الشَّخْصِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْجَدِّ وَالْأُمِّ أَيْ ادِّعَاءُ الْجَدِّ وَالْأُمِّ أَيْ ادِّعَاءُ الْجَدِّ هَذَا ابْنُ ابْنِي وَالْأُمُّ هَذَا وَلَدِي وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَادِّعَاءُ الِابْنِ أَيْ ادِّعَاءُ الِابْنِ أَنَّ هَذَا أَبُوهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ) أَيْ الِاسْتِلْحَاقُ خَاصٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِلْحَاقَ إلَخْ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْقَائِلَ هَذَا أَبُو فُلَانٍ قَالَهُ فِي مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ هَذَا أَبِي (أَقُولُ) وَلَيْسَ هَذَا بِظَاهِرٍ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا فِي مَجْهُولِ النَّسَبِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَيَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ لِأَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ الشَّرْعِيَّ هُوَ ادِّعَاءُ الْأَبِ أَنَّهُ أَبٌ لِغَيْرِهِ فَيَخْرُجُ ادِّعَاءُ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ ادِّعَاءُ الْمُدَّعِي جِنْسٌ شَمَلَ جَمِيعَ مَنْ ذُكِرَ وَقَوْلُهُ إنَّهُ أَبٌ لِغَيْرِهِ أَخْرَجَ جَمِيعَ مَنْ ذُكِرَ وَيُفْرَضُ فِي مَجْهُولٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 مِنْ خَصَائِصِ الْأَبِ فَغَيْرُهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ كَالْأُمِّ اتِّفَاقًا وَلَا الْجَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَقَارِبِ وَأَمَّا مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ إذَا أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ثَبَتَ النَّسَبُ فَهُوَ إقْرَارٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ وَإِذَا اسْتَلْحَقَ الْأَبُ فَإِنَّمَا يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ لَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلُّحُوقِ النَّسَبِ وَلَوْلَا أَنَّ الشَّرْعَ خَصَّهُ بِالْأَبِ لَكَانَ اسْتِلْحَاقُ الْأُمِّ أَوْلَى لِأَنَّهَا اشْتَرَكَتْ مَعَ الْأَبِ فِي مَاءِ الْوَلَدِ وَزَادَتْ عَلَيْهِ الْحَمْلَ وَالرَّضَاعَ وَاحْتَرَزَ بِمَجْهُولِ النَّسَبِ عَنْ مَعْلُومِهِ أَيْ الثَّابِتِ النَّسَبِ وَيُحَدُّ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ حَدَّ الْقَذْفِ وَمَقْطُوعُهُ كَوَلَدِ الزِّنَا أَيْ الثَّابِتُ أَنَّهُ وَلَدُ زِنًا لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَهُ عَنْ الزَّانِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ مَجْهُولُ النَّسَبِ اللَّقِيطُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ فَالْحَصْرُ مُنَصَّبٌ عَلَى الْأَبِ وَمَجْهُولُ النَّسَبِ وَهَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ بِإِنَّمَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ وَالْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ أَيْ لَا يُسْتَلْحَقُ إلَّا الْأَبُ وَلَا يَكُونُ اسْتِلْحَاقٌ مِنْ الْأَبِ إلَّا لِمَجْهُولِ النَّسَبِ (ص) إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ أَوْ الْعَادَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْعَقْلُ أَوْ الْعَادَةُ فَإِنْ كَذَّبَهُ الْعَقْلُ أَوْ الْعَادَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَلْحِقَ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ نِكَاحٌ وَلَا تَسْرِ أَبَدًا حَيْثُ فُرِضَ الْعِلْمُ بِذَلِكَ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يُسْتَلْحَقَ مَنْ وُلِدَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ وَأَمَّا إنْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ أَمْ لَا فَمُقْتَضَى اخْتِصَارِ الْبَرَاذِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ وَدُخُولُ الْمَرْأَةِ بَلَدَ الزَّوْجِ وَالشَّكُّ فِي دُخُولِهَا يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الرَّجُلِ كَذَا يَنْبَغِي وَأَمَّا تَكْذِيبُ الشَّرْعِ فَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَجْهُولُ النَّسَبِ (ص) وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ رِقًّا لِمَنْ يُكَذِّبُ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِهَا أَمَّا إنْ كَانَ رِقًّا لِمَنْ يُكَذِّبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ (ص) أَوْ مَوْلًى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شَخْصًا وَحَازَ وَلَاءَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ شَخْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ هَذَا وَلَدِي وَكَذَّبَهُ الْحَائِزُ لِوَلَائِهِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ وَمَنْطُوقُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ وَلَائِهِ وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ رِقٌّ أَوْ وَلَاءٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ بَاعَهُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بَاعَهُ (ص) لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ (ش) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ كَانَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى فَلَا يَلْحَقُ بِهِ لُحُوقًا تَامًّا لَكِنَّهُ يَلْحَقُ نَسَبَهُ بِهِ فَقَطْ أَيْ إذَا عُلِمَ تَقَدُّمُ مِلْكِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ عَلَى أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ أَيْضًا وَأَمَّا إنْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنْ عَلِمَ تَقَدَّمَ الْمِلْكَ لَهُ سَقَطَ مَا بِيَدِ الْمُصَدَّقِ وَصَارَ أَبًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ لَهُ لَحِقَ نَسَبُهُ بِهِ فَقَطْ وَيَبْقَى رِقًّا لِسَيِّدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَيَكُونُ صَدَرَ بِالْمَشْهُورِ ثُمَّ حَكَى مُقَابِلَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ عَلَى قَوْلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا الَّذِي كَذَّبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ لُحُوقُهُ بِهِ إذَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَكُونُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ لَا لِقَوْلِهِ أَوْ مَوْلَى وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَعِيفٍ. (ص) وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى كَذِبِهِ (ش)   [حاشية العدوي] لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِلْحَاقٍ (قَوْلُهُ وَلَا الْجَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدٍ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقٍ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْجَدِّ لَا يَسْتَلْحِقُ إذَا قَالَ هَذَا ابْنُ وَلَدِي وَأَمَّا إنْ قَالَ أَبُو هَذَا ابْنِي أَوْ وَالِدُ هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَبُ يَسْتَلْحِقُ دُونَ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ لِأَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ (قَوْلُهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ) وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُسْتَلْحَقُ أَوْ أُمُّهُ (قَوْلُهُ وَالْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ) قَدْ يُقَالُ الْمَحْصُورُ فِيهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَمْرَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهُ أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْمَحْصُورِ وَهُوَ الِاسْتِلْحَاقُ وَكَأَنَّهُ قَالَ الِاسْتِلْحَاقُ مَحْصُورٌ فِي وُقُوعِهِ مِنْ الْأَبِ عَلَى مَجْهُولِ النَّسَبِ [شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ] (قَوْلُهُ لِصِغَرِهِ) أَيْ لِاسْتِلْحَاقِهِ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيَهُ (قَوْلُهُ فَمُقْتَضَى اخْتِصَارِ الْبَرَاذِعِيِّ إلَخْ) هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ إلَخْ) حَلٌّ لِلْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَاعَهُ إلَخْ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا (قَوْلُهُ يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَخْ) وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَنْطُوقِ أَيْ إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحَق بِالْفَتْحِ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمَنْ صَدَّقَ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ فَقَطْ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى رِقِّهِ وَكَوْنُهُ عَتِيقًا لِمَنْ لَهُ رِقُّهُ أَوْ وَلَاؤُهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ وَيَسْتَمِرُّ مَوْلًى أَوْ رِقًّا لِلْمَالِكِ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى إذَا صَدَقَ مَالِكَهُ أَوْ مُعْتِقُهُ الْمُسْتَلْحِقِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُسْتَلْحَقِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ رِقٌّ ثَانِيَتُهُمَا إذَا كَذَّبَهُ وَتَقَدَّمَ لَهُ مِلْكٌ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ يَلْحَقُ نَسَبُهُ وَيَبْطُلُ مَا لِلسَّيِّدِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ وَلَاءٍ إذَا صَدَقَ الْمُسْتَلْحَقُ وَتَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ الرَّابِعَةُ لَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ السَّيِّدِ أَوْ الْمُعْتِقِ فِيمَا إذَا كَذَبَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ مِلْكِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ عَلَى أُمِّهِ) أَيْ أَوْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ إذَا كَانَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى وَهَلْ مُرَادُهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ لُحُوقًا تَامًّا عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ يَلْحَقُ بِهِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ أَيْ بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ لُحُوقًا نَاقِصًا بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَعِيفٍ) وَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحِقُهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ فَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ وَهُنَاكَ عَلَى الْعِتْقِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا هُنَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِذَلِكَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ أَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَمْرَيْنِ الْعِتْقُ وَعَدَمُهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِيهَا الْعِتْقُ فَقَطْ فَكَيْفَ نُسِبَ لَهَا ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ الْعِتْقِ لَمَّا كَانَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ نُسِبَ لَهَا اهـ. ك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ وَيُصَدَّقُ إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ بِمَا مَرَّ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَالْوَلَاءُ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلَى لِأَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرُ السَّابِقَةِ وَفَرَّقَ أَبُو الْحَسَنَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا وَقَعَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَمْلِكْ أُمَّ الْوَلَدِ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ فَلَيْسَ مَعَهُ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَفِيهَا أَيْضًا إلَخْ مَعْنَاهُ وَفِيهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى تُشَابِهُ الْأُولَى وَتُمَاثِلُهَا وَلَيْسَتْ عَيْنُهَا وَيُصَدَّقُ فِيهَا وَلَا يُقَالُ وَفِيهَا أَيْضًا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُعَارِضَةً لِلْأُولَى وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ فَرَدَّ تت عَلَى الشَّارِحِ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ لَكِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فَاسِدٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُسْقِطَ قَوْلَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ إلَّا بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُقَالُ جَاءَ زَيْدٌ وَقَعَدَ عُمَرُ وَأَيْضًا وَالْحُكْمُ هُنَا مُخْتَلِفٌ وَفِي فَرْقِ أَبِي الْحَسَنِ نَظَرٌ. اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَإِنْ كَبِرَ أَوْ مَاتَ وَوَرِثَهُ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاء كَبِيرًا وَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ هُنَا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الصَّغِيرُ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا لَكِنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِ الْحَاءِ لَا يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِهَا الْمَيِّتَ إلَّا إنْ وَرِثَ الْوَلَدُ (ابْنٌ) أَيْ أَوْ قَلَّ الْمَالُ وَالْمُرَادُ بِالِابْنِ الْوَلَدُ وَلَوْ أُنْثَى وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي اللِّعَانِ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِحُرٍّ مُسْلِمٍ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنُ غَازِيٍّ هُنَاكَ وَح هُنَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ لَمَّا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِالْإِرْثِ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا فِي اللِّعَانِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِيهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ احْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ مَشَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ مَيِّتًا وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَهُ حَيًّا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَلَدٌ وَمِثْلُ الِاسْتِلْحَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ الِاسْتِلْحَاقُ فِي الْمَرَضِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي إرْثِهِ مِنْهُ وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَا حَقَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) أَوْ بَاعَهُ وَنَقَضَ وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ وَيَنْقُضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْعَبْدِ يَأْخُذُهَا مِنْ بَائِعِهِ مُدَّةَ إقَامَةِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا وَقَعَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَرَّقَ أَيْ إنَّمَا احْتَاجَ لِلْفَرْقِ لِوُقُوعِهِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْقَ يَحْتَاجُ لَهُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ إحْدَاهُمَا لَمْ تَقَعْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَلْ وَقَعَتْ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْ أُمَّ الْوَلَدِ) أَيْ وَلَمْ يَمْلِكْ الْأُمَّ وَقَوْلُهُ بِخِلَافٍ هَذِهِ أَيْ فَقَدْ مَلَكَ الْأُمَّ وَوُلِدَ عِنْدَهُ كَمَا أَفَادَهُ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَ لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ مِلْكٌ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ فَلَهُ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ وَمَا قَبْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ (قَوْلُهُ فَرَدَّ تت) أَيْ الْقَائِلُ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ أَيْ مِنْ حَيْثُ لُحُوقُ النَّسَبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ وَلَا يَنْقُضُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِ تَصَدَّقَ وَقَوْلُهُ وَفِي فَرْقِ أَبِي الْحَسَنِ نَظَرٌ حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْمُعَارِضَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَفَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ إلَخْ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ وَهُنَا قَدْ أَفَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَيَلْحَقُ بِهِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَمَا تَقَدَّمَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُسْتَلْحَقِ مِلْكٌ عَلَى الْوَلَدِ وَعَلَى أُمِّهِ فَلِذَلِكَ كَانَ عِنْدَ التَّكْذِيبِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ رَأْسًا وَلَا يَصِحُّ نَسَبُهُ بِالْمُسْتَلْحَقِ وَهَهُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَ لِلْمُسْتَلْحَقِ مِلْكٌ عَلَى الْوَلَدِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ وَهَذَا الْمُعْتَرِضُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ لَمْ يَفْهَمْ الْمُعَارَضَةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بَلْ فَهِمَ أَنَّ حَاصِلَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ يَلْحَقُ بِهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ تَكْذِيبٌ لِلْمُسْتَلْحَقِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ إذَا تَقَدَّمَ لَهُ مِلْكٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ وَيَسْتَمِرُّ رِقًّا أَوْ مَوْلَى لِلْمُكَذِّبِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُسْتَلْحَقُ وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عِتْقًا أَوْ بَيْعًا أَوْ نَحْوَهُمَا فَيُنْقَضُ فِعْلُهُ وَيَرْجِعُ لِلْمُسْتَلْحِقِ فَحُمِلَ قَوْلُهُ يُصَدَّقُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْسِنُ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ مُعَارِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ قَوْلَ الشَّارِحِ وَفِي فَرْقِ أَبِي الْحَسَنِ لِأَنَّ فَرْقَ أَبِي الْحَسَنِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا وَبَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ لُحُوقُ نَسَبِ فَالْفَرْقُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَحِيحٌ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءُ. وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي فَرْقِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي السِّنِّ وَفِي الْمَعَانِي كَالْجِسْمِ بِالضَّمِّ نَحْوُ {كَبُرَ مَقْتًا} [غافر: 35] (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَإِنْ كَانَ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا تَكْرَارٌ إلَخْ) وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنْ مَا هُنَا اسْتِلْحَاقٌ لِمَنْ لَمْ يُلَاعِنْ فِيهِ وَمَا تَقَدَّمَ اسْتِلْحَاقٌ لِمَنْ لُوعِنَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ وَنَقَضَ) ذَكَرَ هَذَا وَإِنْ عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ أَنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَغِيرٍ وَقُلْنَا لَهُ الرُّجُوعُ وَكَانَ لِلصَّغِيرِ خِدْمَةٌ أَنَّهُ يُحَاسَبُ الْمُنْفِقُ وَلَكِنَّهُ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ بِمَا زَادَتْهُ النَّفَقَةُ عَلَى الْخِدْمَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُنْفِقْ بِنِيَّةِ ذَلِكَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ خِدْمَةٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ لِقَوْلِهِ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ أَمَّا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ بِالْفِعْلِ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ وَإِنْ لَمْ تَفِ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ زَادَتْ الْخِدْمَةُ عَلَى النَّفَقَةِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا زَادَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمَوَّاقِ قَوْلُهُ وَنَقَضَ أَيْ الْبَيْعُ وَيَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ أَيْ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَذَّبَهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ فَقَطْ (ص) وَإِنْ ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بِسَابِقٍ فَقَوْلَانِ فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً وَلَا وَلَدَ مَعَهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اسْتَوْلَدَهَا بِوَلَدٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَيْعِ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَرُدُّ الْبَيْعَ وَالْآخَرُ يَرُدُّ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَأْتِي فَإِنْ اُتُّهِمَ فِيهَا فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا عَائِدٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ لَا عَلَى الْأَمَةِ وَهَذِهِ لَا وَلَدَ مَعَهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَا بَعْدَهَا (ص) وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِيهَا إنْ اُتُّهِمَ بِمَحَبَّةٍ أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ أَوْ وَجَاهَةٍ وَرَدَّ ثَمَنَهَا وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً وَهِيَ حَامِلٌ وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَاسْتَلْحَقَ الْبَائِعُ الْوَلَدَ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ سَوَاءٌ اُتُّهِمَ فِيهَا أَمْ لَا أَحْدَثَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عِتْقًا أَمْ لَا مَاتَ أَمْ لَا وَتُرَدُّ الْأَمَةُ أُمُّ وَلَدِ كَمَا كَانَتْ أَوَّلًا إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ ثَمَنٍ بِأَنْ يَكُونَ عَدِيمًا فَيُتَّهَمُ عَلَى أَخْذِ الْوَلَدِ وَالْأَمَةِ وَيَضِيعُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَا تُبَاعُ أَوْ عَدَمِ كَثْرَةِ ثَمَنٍ بِأَنْ بَاعَهَا رَخِيصَةً لَكِنْ لِقِلَّتِهِ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْعَدَمَ (أَوْ وَجَاهَةٍ) وَهُوَ الْجَلَالُ وَالْعَظَمَةُ وَالِارْتِفَاعُ وَعُلُوُّ الْقَدْرِ وَالْمَهَابَةُ فَلَا تُرَدُّ حِينَئِذٍ لِبَائِعِهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا حَيْثُ رُدَّتْ الْأَمَةُ إلَيْهِ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ مَاتَتْ أَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عِتْقَهَا مَاضٍ فَكَأَنَّهَا رُدَّتْ لِبَائِعِهَا وَأَمَّا إنْ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ لِاتِّهَامِهِ فِيهَا مَعَ وُجُودِهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ ثَمَنَهَا وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مَعَ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ لَحِقَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مُطْلَقًا أَيْ اتَّهَمَ فِيهَا أَمْ لَا كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا عِتْقًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا وَقَوْلُنَا وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ حِينَ الْبَيْعِ فَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقُ وَبِعِبَارَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُشْتَرِي وَوَلَدَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقِيَامِ وَلَوْ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحِقَهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ عَبْدًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ فَإِنَّ اسْتِلْحَاقَهُ لَا يَصِحُّ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْمِلْكِ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ مِلْكٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَلْحِقِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمُسْتَلْحَقِ مِلْكًا لِغَيْرِ الْمُسْتَلْحِقِ أَيْ اسْتَلْحَقَهُ أَيَّامَ كَانَ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلشِّرَاءِ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ مَلَكَ مُسْتَلْحِقُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ (ص) كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْعِتْقِ فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمَّا لِعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ أَوْ لِرِقٍّ أَوْ فِسْقٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِهَا إذْ لَهُ غَلَّتُهُ الثَّالِثُ إنْ كَانَ فِيهِ خِدْمَةٌ وَأَقَرَّ الْمُبْتَاعُ بِخِدْمَتِهِ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَخَدَمَهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالنَّفَقَةُ بِالْخِدْمَةِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ لَهُ رَجَعَ بِالنَّفَقَةِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَعْدَلُهَا لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلْخِدْمَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ غَرَضُهُ فَلَا تَبَاعَةَ لَهُ (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَفِيمَا إذَا بَاعَهَا مُلْتَقِطُهَا وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ النَّقْضُ وَرَدَّهَا إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ أَيْ وَلَمْ يُعْتِقْ (قَوْلُهُ فَوَلَدَتْ) هَلْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ حَمْلٍ بَلْ حَتَّى يُولَدَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى الْوِلَادَةِ وَانْظُرْ قَوْلَهُ لَحِقَ بِهِ وَلَوْ نَفَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ هَلْ هِيَ وَاقِعَةٌ حَالٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنْ اُتُّهِمَ بِمَحَبَّةٍ) أَيْ مَيْلٍ وَصَبَابَةٍ بِأَنْ يَعْرِفَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ عَدَمِ كَثْرَةِ ثَمَنٍ) غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الْمَنْقُولُ عَدَمُ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا تُرَدُّ هِيَ حَتَّى يَسْلَمْ مِنْ خَصْلَتَيْنِ مِنْ الْعُدْمِ وَالصَّبَابَةِ بِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ عَدِيمًا لَحِقَ بِهِ وَاتَّبَعَ بِقِيمَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْجَلَالُ وَالْعَظَمَةُ إلَخْ) كُلُّهَا أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ (قَوْلُهُ فَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْ) قَدْ تَبِعَ عج فَقَدْ قَالَ عج وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَيَلْحَقُ بِأَوَّلٍ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ قَالَ مُحَشِّي تت وَفِيهِ نَظَرٌ كَيْفَ يَلْحَقُ بِهِ إذَا لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَة الْمَسْأَلَةَ كَمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَالَ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا بَاعَ أَمَةً وَهِيَ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فِيمَا ذَكَرْنَا فَدَلَّ كَلَامُهَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِلْحَاقِهِ فِي الظَّاهِرَةِ الْحَمْلَ وَإِلَّا لَمْ يَلْحَقْ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ اهـ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا أَيْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَأَمَّا لِدُونِ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَكُونُ فِي بَطْنِهَا يَوْمَ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُشْتَرِي أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي أَيْ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْقَافَةُ (قَوْلُهُ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَدَتْهُ أَيْ وَلَدَتْهُ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا لَوْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ وَعِبَارَةُ شب فَوَلَدَتْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ) أَيْ بِنَفْسِ الْمَلِكِ وَلَحِقَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُكَذِّبْهُ عَقْلٌ أَوْ عَادَةٌ أَوْ شَرْعٌ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقْ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِرِقٍّ) وَأَمَّا لَوْ رُدَّتْ لِصِبًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ لِوَقْتِ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا وَاعْتَقَدَ حُرِّيَّتَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي عِتْقِهِ اعْتِقَادُ حُرِّيَّتِهِ فِي حَالَةٍ يَكُونُ الْعِتْقُ فِيهَا بِصِفَةِ مَنْ يُعْتِقُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 الشَّاهِدَ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِذَلِكَ (ص) وَإِنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ وَإِلَّا فَخِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِ الْحَاءِ إذَا اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ لَا يَرِثُ الْمُقِرُّ وَالْحَالُ أَنَّ لِلْمُقِرِّ وَارِثًا ثَابِتَ النَّسَبِ حَائِزًا لِلْمَالِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَالْمَوَالِي لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ حِينَئِذٍ عَلَى خُرُوجِ الْإِرْثِ إلَى غَيْرِ مَنْ كَانَ يَرِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْمُقِرِّ وَارِثٌ حَائِزٌ لِلْمَالِ ثَابِتُ النَّسَبِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ حَائِزٍ فَهَلْ يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْجَمِيعَ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَاقِي فِي الثَّانِي أَوْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا فِيهِ خِلَافٌ فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَيْسَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ وَهَذَا مُطَابِقٌ لِمَا فِي بَابِ التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ خِلَافَ. ثَمَّ إنَّ إطْلَاقَ الِاسْتِلْحَاقِ عَلَى هَذَا تَجُوزُ أَيْ وَإِنْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِغَيْرِ وَلَدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لَمَا إذَا اسْتَلْحَقَ مُعْتِقًا بِكَسْرِ التَّاءِ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقَنِي فُلَانٌ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ حِينَئِذٍ بِمَثَابَةِ الْإِقْرَارِ بِالْبُنُوَّةِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْأَخِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَشَامِلٌ لِوَلَدِ الْوَلَدِ كَمَا إذَا قَالَ هَذَا ابْنُ ابْنِي وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَبُو هَذَا وَلَدِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ وَبِعِبَارَةِ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَرِثْهُ رَاجِعٌ لِغَيْرِ وَلَدٍ أَيْ لَمْ يَرِثْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ إنْ كَانَ لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ. وَيَصِحُّ رُجُوعُ ضَمِيرِ لَمْ يَرِثْ الْمُسْتَتِرِ لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ أَيْ لَمْ يَرِثْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ أَنْ يَكُنْ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ وَارِثٌ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ مُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ حَيْثُ صَدَّقَهُ الْآخِرُ وَالْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ حِينَئِذٍ مُسْتَلْحِقٌ بِالْكَسْرِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَلْحَقٌ بِالْفَتْحِ وَمُسْتَلْحِقٌ بِالْكَسْرِ فَيَجْرِي فِي إرْثِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُسْتَلْحَقًا بِالْفَتْحِ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ اُنْظُرْ ح. (ص) وَخَصُّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ (ش) الضَّمِيرُ فِي (خَصَّهُ) يَرْجِعُ لِلْخِلَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُ إقْرَارِ الْمُقِرِّ وَهُوَ مَنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ أَمَّا إنْ طَالَ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ قَرِيبَهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ قَرِينَةُ الْحَالُ دَلَّتْ عَلَى صِدْقِهِ فِي ذَلِكَ وَالطُّولُ يَكُونُ بِمُضِيِّ السِّنِينَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ فِيمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ هَلْ يَتَوَارَثَانِ كَتَوَارُثِ ثَابِتِ النَّسَبِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ يَتَوَارَثَانِ تَوَارُثَ الْإِقْرَارِ فَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَتَعْلِيلُ الشَّارِحِ وتت يُشْعِرُ بِالْأَوَّلِ وَانْظُرْ هَلْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ جَارٍ وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَيَسْكُتُ الْآخِرُ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّهُ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْإِقْرَارُ مِنْ كُلٍّ (ص) وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي عَتَقَ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلْثَ الْأَكْبَرِ وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بِتَحْبِيسِ شَيْءٍ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ الْعِتْقَ بِقَضِيَّةِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْمَوَالِي لَا بَيْتَ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ لَمْ يَأْتِ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَالْمُعْتَبَرُ وُجُودُ الْوَارِثِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُقِرِّ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ إقْرَارِهِ بِهِ لَهُ وَارِثٌ فَلَمْ يَمُتْ الْمُقِرُّ حَتَّى مَاتَ وَارِثُهُ فَفِي إرْثِ الْمُقِرِّ بِهِ الْخِلَافُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَخِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِالْإِرْثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ فَيَرِثُ الْمُقِرُّ بِهِ الْمُقِرُّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْأُخُوَّةِ (قَوْلُهُ حَيْثُ صَدَّقَهُ) فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا إرْثَ وَوَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي سُكُوتِهِ هَلْ هُوَ كَالتَّصْدِيقِ فَيَرِثُ كُلٌّ الْآخِرَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ إنْ يَكُنْ إلَخْ أَوْ يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ الْآخَرَ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بِمُضِيِّ السِّنِينَ) وَأَمَّا السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ فَلَا (قَوْلُهُ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَخَصَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ هَلْ يَتَوَارَثَانِ كَتَوَارُثِ إلَخْ) أَيْ فَيُشَارِكُ مَا كَانَ وَارِثًا تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ أَوْ يَتَوَارَثَانِ تَوَارُثَ الْإِقْرَارِ فَيَجْرِي) لَا مَعْنَى لِذَلِكَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ يَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتُ النَّسَبِ يَجُوزُ جَمِيعُ الْمَالِ يَرِثُ وَأَمَّا إذَا كَانَ ثَابِتُ النَّسَبِ فَلَا إرْثَ وَلَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي (تَنْبِيهٌ) : إذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ أَوْ الْعُمُومَةِ جُعِلَ أَخًا لِأُمٍّ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَالزَّائِدُ إرْثٌ بِشَكٍّ كَمَا لَا إرْثَ لَهُ فِي قَوْلِهِ هُوَ وَارِثِي حَيْثُ مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِ جِهَةِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيلُ الشَّارِحِ وتت) وَذَلِكَ التَّعْلِيلُ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ مَعَ الطُّولِ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا قَالَ غَالِبًا وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِرْثِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْقَوْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ مُخْتَارٌ مِنْ الْخِلَافِ فَقَدْ وَافَقَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ) عِبَارَةُ عب فَإِنْ طَالَ كُلٌّ مِنْ كُلٍّ كَمَا فِي ق أَوْ مِنْ جَانِبٍ مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ السُّنُونَ عَمِلَ بِهِ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ) وَلَا إرْثَ لَهُ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ حَيْثُ كَانُوا ثَلَاثَةً أَنْ يُنْظَرَ لَقِيمَتِهِمْ وَتَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ عِشْرِينَ وَالثَّانِي ثَلَاثِينَ وَالثَّالِثُ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ مِنْ قِيمَتِهِ عِشْرُونَ مَعَ رُبْعِ قِيمَةِ مِنْ قِيمَتِهِ أَرْبَعُونَ جُزْءًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِنْ قِيمَتِهِ أَرْبَعُونَ جُزْءًا آخَرَ وَمِنْ قِيمَتِهِ ثَلَاثُونَ جُزْءًا آخَرَ وَيَكْتُبُ ثَلَاثَ رِقَاعٍ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا حُرٌّ وَفِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ الثَّلَاثَةِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنَ الْمُقَرِّ بِهِ وَالْأُمُّ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ الْأَصْغَرُ كُلُّهُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ وَإِنَّمَا عَتَقَ كُلُّ الْأَصْغَرِ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَيُعَتَّقُ حَيْثُ كَانَ هُوَ الْمُعْتَقُ أَوْ الْمُعْتَقُ الْأَكْبَرُ أَوْ الْأَوْسَطُ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ وَإِنَّمَا عَتَقَ ثُلُثَا الْأَوْسَطِ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى تَقْدِيرَيْنِ عَلَى كَوْنِهِ مُعْتَقًا أَوْ الْأَكْبَرَ وَرَقِيقٌ عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُ الْمُعْتَقِ الْأَصْغَرِ وَإِنَّمَا عَتَقَ ثُلُثُ الْأَكْبَرِ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُهُ الْمُعْتَقُ وَعَلَى تَقْدِيرَيْنِ رَقِيقٌ وَهُوَ كَوْنُ الْمُعْتَقِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْأَوْسَطِ وَلَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْ الصَّغِيرُ مَعَ كَوْنِهِ حُرًّا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِتْقِ كَوْنُهُ وَارِثًا وَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا أَعْتَقْنَاهُمْ بِالشَّكِّ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ نَسَبٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ أَمَةٍ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتَعْتِقُ أُمُّهُمْ إذَا اتَّحَدَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَطْعًا لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَتَكُونُ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ وَأَمَّا إنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُمُّ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ حُرَّةً وَبِهِ جَزَمَ بَعْضٌ وَلَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ وَانْظُرْ صِفَةَ الْقُرْعَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةٍ آخَرَ وَاخْتَلَطَا عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ (ش) الْقَافَةُ جَمْعُ قَائِفٍ كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ الْأَنْسَابَ بِالشَّبَهِ وَهُوَ عَلَمٌ صَحِيحٌ يُقَالُ قَفَيْت أَثَرَهُ إذَا اتَّبَعَتْهُ مِثْلَ قَفَوْت أَثَرَهُ فَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةٌ آخَرَ أَوْ زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ أَوْ أَمَةُ الشَّرِيكَيْنِ يَطَأْنَهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَلِدُ وَلَدًا يَدَّعِيَانِهِ مَعًا فَإِنَّ الْقَافَةَ تُدْعَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَأَمَةُ آخَرَ حَمَلَتْ مِنْهُ بِمِلْكٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَأَمَّا بِنِكَاحٍ فَلَا تُدْعَى الْقَافَةُ لِأَنَّهَا لَا تُدْعَى فِيمَنْ وُطِئْنَ بِنِكَاحٍ سَوَاءٌ كُنَّ إمَاءً أَوْ حَرَائِرَ أَوْ حَرَائِرَ وَإِمَاءً وُطِئْنَ بِنِكَاحٍ أَوْ حُرَّةً وَمَجْهُولَةً لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حُرَّةً وَهُوَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وُجِدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تَلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ (ش) وَحِينَئِذٍ لَا تُعَارِضُ مَا قَبْلَهَا وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ زَوْجَتُهُ تَلِدُ بَنَاتًا فَأَرَادَ سَفَرًا فَحَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ إنْ وَلَدَتْ بِنْتًا لَأُطِيلَنَّ الْغَيْبَةَ فَوَلَدَتْ بِنْتًا لَيْلًا فِي غَيْبَتِهِ فَأَمَرَتْ الْجَارِيَةَ بِطَرْحِهَا خَوْفًا مِنْهُ فَلَمَّا رَجَعَتْ قَدِمَ الزَّوْجُ مِنْ السَّفَرِ فَصَادَفَ الْجَارِيَةَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَسَأَلَهَا عَنْ الْخُرُوجِ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَحَكَتْ لَهُ الْقِصَّةَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِهَا فَلَمَّا رَجَعَتْ لَهَا وَجَدَتْ مَعَهَا بِنْتًا أُخْرَى فَسَأَلَ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا   [حاشية العدوي] الِاثْنَتَيْنِ رَقِيقٌ ثُمَّ يَجْعَلُ الْأَوْرَاقَ فِي كِيسٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يُقَالُ لِشَخْصٍ أَخْرِجْ وَاحِدَةً لِجُزْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا أَخْرَجَ الَّتِي فِيهَا الْحُرِّيَّةَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ وَيُرِقُّ مِنْ عَدَاهُ وَهَكَذَا وَإِذَا خَرَجَتْ عَلَى مِنْ قِيمَتِهِ عِشْرُونَ عَتَقَ مَعَ رُبْعِ مَنْ قِيمَتِهِ أَرْبَعُونَ وَإِذَا خَرَجَتْ عَلَى مَنْ قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ عَتَقَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ قَالَ مُحَشِّي تت فِي جَعْلِهِمْ هَذَا تَقْرِيرًا لِلْقَوْلِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ سَهْوٌ لِقَوْلِهِ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ وَإِنَّمَا يَأْتِي هَذَا عَلَى غَيْرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانُوا مُفْتَرَقَيْنِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَمَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ فِي عِتْقِ أَحَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ أَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى لِعَدَدِهِمْ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَالثُّلُثُ أَوْ أَرْبَعَةً فَالرُّبْعُ ثَالِثُهَا تَعْيِينُ أَحَدِهِمْ لِلْعِتْقِ وَرَابِعُهَا يُعْتِقُ مِنْهُمْ الْجُزْءَ الْمُسَمَّى لِعَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَرَابِعُهَا لِمَالِكٍ بِاخْتِصَارٍ وَعَلَى هَذَا الرَّابِعُ يَأْتِي مَا قَالُوهُ فِي صِفَةِ الْقُرْعَةِ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ اخْتِصَارَ خَلِيلٍ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِم وَتَرْكِهِ قَوْلَ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَمَاتَ) فَلَوْ غَابَ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ وَحُكْمُهُمْ حِينَئِذٍ عَلَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ وَاخْتَلَطَا) أَيْ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا أَدْرِي وَلَدِي مِنْ هَذَيْنِ أَوْ تَدَاعَيَا وَاحِدًا وَنَفَيَا الْآخَرَ أَوْ ادَّعَى كُلٌّ وَاحِدًا وَاخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِهِ عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَا تَخْتَصُّ بِبَنِي مُدْلِجٍ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي تَعْيِينِهِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَلَهُ بِلَا قَافَةٍ وَلَيْسَ لَهُمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ عِلْمٌ صَحِيحٌ) أَيْ إلَهِيٌّ كَمَا فِي بَنِي مُدْلِجٍ وَمَنْ يُعْطِيهِ اللَّهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ أَحَدُهُمَا وَلَدِي وَالْآخَرُ لَيْسَ بِوَلَدِي وَأَمَّا إنْ قَالَ كُلٌّ وَلَدِي. فَلَا قَافَةَ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَإِمَاءً) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا كُلٌّ بِطُهْرٍ فَلِأَوَّلِهِمَا وَطْئًا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَلَهُ وَلَا قَافَةَ سَوَاءٌ وَطِئَهَا كُلٌّ بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكٍ أَوْ أَحَدُهُمَا بِمِلْكٍ وَالْآخَرُ بِنِكَاحٍ فَإِنْ وَطِئَاهَا مَعًا بِطُهْرٍ فَالْقَافَةُ إنْ وَطِئَاهَا بِمِلْكٍ لَا بِنِكَاحٍ فَلِلْأَوَّلِ وَطْئًا وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لِأَنَّ الْفَرْضَ وَطْؤُهُمَا بِطُهْرٍ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوَّلَهُمَا وَطْئًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَنْ مِلْكٍ وَالْآخَرُ عَنْ نِكَاحٍ فَهَلْ يَغْلِبُ جَانِبُ الْمِلْكِ مُطْلَقًا أَوْ النِّكَاحِ مُطْلَقًا أَوْ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ لَا تَعَارُضَ إلَخْ) هَذَا مَرْدُودٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُقَابِلٌ وَأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ زَوْجٌ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَكَذَا بَيْنَ الْأَمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَيِّدَهَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمُؤَلِّفِ إذْ فِي هَذَا كُلِّهِ لَا مِزْيَةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقَوْلُهُمْ لَا تَدْخُلُ الْقَافَةُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ أَلْ لِلْجِنْسِ وَمُرَادُهُمْ إذَا تَزَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ حَيْضَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَالثَّانِي لَا فِرَاشَ لَهُ هَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 ص) وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَافَةَ إنَّمَا تَعْتَمِدُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْأَنْسَابِ بِالِاشْتِبَاهِ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ أَوْ دُفِنَ الْأَبُ وَكَانَتْ الْقَافَةُ تَعْرِفُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ مَعْرِفَةً تَامَّةً فَإِنَّهَا تَعْتَمِدُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ عَلَى أَبٍ لَمْ تُجْهَلْ صِفَتُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ وَيَكْفِي وَاحِدٌ فِي الْقَافَةِ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِكَوْنِ الْوَلَدِ حَيًّا وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ وَفِي قَصْرِهَا عَلَى الْوَلَدِ حَيًّا وَعُمُومُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ وَضَعَتْهُ تَامًّا مَيِّتًا لِإِفَاقَةٍ فِي الْأَمْوَاتِ وَنَقَلَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ سَحْنُونَ إنْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ قُلْت وَيُحْتَمَلُ رَدُّهُمَا إلَى وِفَاقٍ لِأَنَّ السَّمَاعَ فِيمَنْ وُلِدَ مَيِّتًا وَقَوْلُ سَحْنُونَ فِيمَنْ وُلِدَ حَيًّا وَلَمْ أَقِفْ لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى نَقْلِ خِلَافٍ فِيهَا اهـ. وَعَلَّلَ اللَّخْمِيُّ كَلَامَ سَحْنُونَ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُغَيِّرُ شَخْصَهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْوَلَدُ (ص) وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ثَبَتَ النَّسَبُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَدْلَيْنِ إذَا أَقَرَّا بِثَالِثٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرِثُ كَأَخَوَيْنِ أَقَرَّا بِثَالِثٍ وَمُرَادُهُ بِالْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالظَّنِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالشَّهَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَتًّا وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتُ بِالظَّنِّ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَلِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُمَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَغَيْرُ الْعَدْلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ. (ص) وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ (ش) فَاعِلُ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ بِهِ وَضَمِيرُ مَعَهُ لِلْمُقِرِّ يَعْنِي أَنَّ الْعَدْلَ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ فَإِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ يَحْلِفُ مَعَ الْمُقِرِّ الْعَدْلِ وَيَرِثُ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ نَسَبٍ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ وَالطُّرْطُوشِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالذَّخِيرَةِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ الْمَذْهَبُ خِلَافُهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ الْعَدْلَ كَغَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ بِوَارِثٍ فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَمُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي فَإِنْ أَقَرَّ وَارِثٌ بِمَنْ يَحْجُبُهُ أُعْطَى جَمِيعَ مَالِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَخٌ بِابْنٍ. (ص) وَإِلَّا فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ عَدْلًا فَإِنَّمَا يَرِثُ هَذَا الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ فَقَطْ فَيُشَارِكُ الْمُقَرُّ بِهِ الْمُقِرَّ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ مَعَ الْوَرَثَةِ فَلَوْ تَرَكَ اثْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَالْإِنْكَارُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالْإِقْرَارُ مِنْ ثَلَاثَةٍ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَتَقْسِمُ عَلَى الْإِنْكَارِ لِكُلِّ ابْنٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ ثُمَّ عَلَى الْإِقْرَارِ لِكُلِّ ابْنٍ اثْنَانِ يَفْضُلُ عَنْ الْمُقِرِّ وَاحِدٌ يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَشِيدًا وَأَمَّا إنْ كَانَ سَفِيهًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ (ص) كَالْمَالِ (ش) أَيْ كَأَنَّ الْحِصَّةَ الَّتِي لِلْمُقِرِّ هِيَ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ فَإِذَا كَانَا وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَيَنُوبُ الْمُقَرُّ بِهِ ثُلُثَهَا وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ وَالسُّدُسُ الْآخَرُ كُلُّهُ ظَلَمَهُ بِهِ الْمُنْكِرُ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ (ص) وَهَذَا أَخِي بَلْ هَذَا فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا فَقَالَ لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ هَذَا أَخِي ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ هَذَا الشَّخْصُ آخَرُ فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا يَأْخُذُ نِصْفَ التَّرِكَةِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِذَلِكَ إذْ إضْرَابُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ بِهِ ثَانِيًا نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ وَهُوَ رُبْعُ التَّرِكَةِ وَلَوْ قَالَ لِثَالِثٍ بَلْ هَذَا أَخِي لَكَانَ لَهُ ثَمَنُ مَا بِيَدِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ إذَا أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِمُهْلَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَمِثْلُ   [حاشية العدوي] يَكُونَ مِنْ زَوْجٍ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُتَزَوِّجَاتِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ) أَلْ لِلْجِنْسِ لِأَنَّهُ يُكْتَفَى بِقَائِفٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٌ بِاعْتِبَارِ مَوَادِّهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُدْفَنُ) أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَوْلُهُ أَوْ دُفِنَ أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَالْمُرَادُ تَغَيُّرُ صِفَتِهِ بِأَنْ يَنْتَشِرَ لَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ لِأَنَّ الْقَافَةَ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى اللَّوْنِ وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ عَلَى الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ) أَيْ لَا شَاهِدٌ (قَوْلُهُ إنْ وَضَعَتْهُ تَامًّا مَيِّتًا) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَنَقَلَ الصَّقَلِّيُّ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ رَدَّهُمَا) أَيْ رَدَّ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا نُقِلَ عَنْ سَحْنُونَ إلَى وِفَاقٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مَا نُقِلَ عَنْ سَحْنُونَ دَلِيلًا لِمَنْ يُعَمِّمْ الْقَافَةَ فِي الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ إنْ كَانَ مُرَادُهُ وَلَوْ مَنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ) أَيْ وَكَذَلِكَ عَدْلَانِ أَجْنَبِيَّانِ لَكِنْ قَوْلُهُ بِثَالِثٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ ثَالِثٍ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِالْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ إلَخْ) وَلِذَلِكَ قَالَ عج قُلْت اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْ عَدْلَيْنِ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُسْتَنِدَهُمَا فِي ذَلِكَ الْعِلْمُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُسْتَنِدَهُمَا الظَّنُّ حَتَّى تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلِلْمُقِرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُمَا) هَذَا يَأْتِي إذَا كَانَ هُنَاكَ أَخٌ رَابِعٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِثَالِثٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ رَابِعٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْمَذْهَبُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الشَّاهِدُ هُنَا لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ بِالْإِرْثِ فَرْعُ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَلَمْ يُعْتَبَرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ كَالْمَالِ) حَلَّهُ شب بِحَلٍّ آخَرَ أَحْسَنَ وَنَصُّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا أَقَرَّ عَدْلَانِ بِمَالٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمَا ثَبَتَ وَعَدْلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الْمُقِرُّ لَهُ مَعَهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَغَيْرُ عَدْلٍ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِهِ فَقَطْ ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ حِصَّةِ الْمُقِرِّ كَالْمَالِ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَالْمَالُ عَيْنٌ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا وَالْمَالُ عَرَضٌ فَإِنَّ الْمُقِرَّ يَدْفَعُ مِنْ كُلِّ مَا بِيَدِهِ وَاجِبَهُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقِرِّ وَقِيمَةُ فَضْلِ إنْكَارِهِ عَلَى إقْرَارِهِ فِيمَا أَخَذَ غَيْرُهُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ ثَمَنُ مَا بِيَدِهِ) أَيْ ثَمَنُ مَا كَانَ بِيَدِهِ أَوَّلًا أَيْ ثَمَنُ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا بِمَثَابَةِ وَاحِدٍ ثُمَّ إنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ الْإِضْرَابِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي أَوَّلًا وَظَاهِرُهُ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ أَمْ لَا فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ آخَرَ فَإِنَّهُ لِلْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي قِيمَتُهُ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ جَمِيعُهُ لِلثَّانِي فَالْجَوَابُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا لَمْ يُعْذَرْ بِخَطَئِهِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ عُذِرَ هُنَا بِالْخَطَأِ أَوْ أَنَّ ذَاكَ لَا مِلْكَ لَهُ وَهَذَا مَالِكٌ اتِّفَاقًا. (ص) وَإِنْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَأَخَاهُ فَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ آخَرَ لِلْمَيِّتِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ يَأْخُذُ مِنْ الْأُمِّ نِصْفَ مَا نَابَهَا وَهُوَ السُّدُسُ وَالسُّدُسُ الْآخِرُ بِيَدِ الْأُمِّ لِاعْتِرَافِهَا أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مَعَ الْأَخَوَيْنِ إلَّا السُّدُسُ فَقَطْ لِأَنَّهَا تُحْجَبُ بِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ الْمُنْكِرِ مِنْ السُّدُسِ الْمُقَرِّ بِهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الْأُمَّ تَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ غَيْرَ الثُّلُثَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْكَارُ ابْنِ عَرَفَةَ كَوْنَهَا فِي الْمُوَطَّإِ تَعَقُّبٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ لِأَبٍ وَالْأَخُ الثَّابِتُ شَقِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَخَ الَّذِي لِلْأَبِ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَخُ الثَّابِتُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ لَهَا السُّدُسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا بِإِقْرَارِهَا تُعْطِيهِ لِلْمُقَرِّ بِهِ (ص) وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا وَنَسِيَتَهَا الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُنَّ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَعَيَّنَهَا بِاسْمِهَا وَالْحَالُ أَنَّ لِلْجَارِيَةِ الْمُقَرِّ بِهَا ابْنَتَيْنِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِ وَنَسِيَتْ الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ اسْمُ الْبِنْتِ الْمُقَرِّ بِهَا أَنَّهَا مِنْهُ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ الْوَرَثَةُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مَعَ نِسْيَانِهِمْ لِاسْمِهَا فَإِنَّ أَوْلَادَ الْجَارِيَةِ الثَّلَاثَةِ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى قَوْلِهِ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا اهـ. وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ الْوَرَثَةُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَعْتِقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا وَمَفْهُومُ وَنَسِيَتْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْسَ الْبَيِّنَةُ الِاسْمَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَقَطْ وَلَهَا الْمِيرَاثُ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَوْ اعْتَرَفُوا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ أَيْ مَنْ صَارَ مَيِّتًا بَعْدَ إقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا مِنْهُ فَلَهُنَّ الْمِيرَاثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَيْ صَدَّقُوا إقْرَارَ الْمُقِرِّ مَعَ نِسْيَانِهِمْ اسْمَهَا وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ إذَا كَانُوا مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُمْ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَانْظُرْ الْحُكْمَ لَوْ أَقَرَّ بَعْضٌ مِنْ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ (ص) وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا يَرِثُهُ وَوَقَفَ مَالَهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ   [حاشية العدوي] بَعْضَ الشُّيُوخِ أَفَادَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ عج ذَلِكَ وَهَذَا إذَا قَصَدَ الْإِضْرَابَ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهَا بَيَانَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إخْوَةٌ فَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلْأَوَّلِ النِّصْفَ فَإِنَّ الْمَالَ يَكُونُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا دَفَعَ لِلْأَوَّلِ كَانَ لِلثَّانِي ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ. هَذَا حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ حُلُولُو وَإِنَّمَا كَانَ ثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّ حُجَّةَ الْمُقِرِّ أَنْ يَقُولَ لِلْمُقِرِّ لَهُ أَنْتَ كَوَاحِدٍ مِنَّا فَلَكَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَتَأْخُذُ مِنْ حِصَّتِي ثُلُثَهَا لَا أَزْيَدَ لِئَلَّا تَنْقُصَ عَنْ الثُّلُثِ وَيَبْقَى لَك سُدُسٌ ظَلَمَك فِيهِ الْآخَرُ عَلَى مُقْتَضَى إقْرَارِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَابِ (قَوْلُهُ قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَقَرَّ بِثَانٍ يُرِيدُ بِالْأَوَّلِينَ الْمُقِرَّ وَالْمُقِرَّ لَهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِثَالِثٍ يُرِيدُ بِالْأَوَّلِينَ الْمُقِرَّ بِهِمَا أَوَّلًا وَثَانِيًا أَيْ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ جَمِيعُهُ لِلثَّانِي) أَيْ لَا نِصْفَ الْبَاقِي فَقَطْ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ عُذِرَ هُنَا بِالْخَطَأِ) فَلِذَا قُلْنَا لِلثَّانِي نِصْفُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَهَذَا مَالِكٌ اتِّفَاقًا) أَيْ فَلِذَا لَمْ يَغْرَمْ النِّصْفَ بِتَمَامِهِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا فَلَا يَنْتَزِعُ مِنْ مِلْكِهِ بِحَيْثُ يَدْفَعُ لِلثَّانِي النِّصْفَ الْبَاقِي وَإِذَا تَأَمَّلْت تَجِدَ الْحُكْمَ وَاضِحًا فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ الْمُنْكِرِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَوَافَقَهَا لَكَانَ لَهُ الْكُلُّ مَا عَدَا سُدُسَ الْأُمِّ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) قَالَ عج الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي مِنْ أَنَّهُ لَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ الشَّكَّ هُنَاكَ حَصَلَ ابْتِدَاءً وَهُنَا طَرَأَ بَعْدَ التَّعْيِين قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا كَانُوا هُنَا أَحْرَارًا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَالْوَرَثَةَ عِنْدَهُمْ نَوْعُ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهُ لَا إبْهَامَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ وَفِي مَسْأَلَةِ: أَحَدُهُمْ وَلَدِي الْإِبْهَامِ فِيهَا مِنْ جِهَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفْرِيطٌ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ فِي هَذِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمِيرَاثُ لِأَحَدٍ فِي قَوْلِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَإِنَّ تَحَقُّقَ الْوَلَدِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ احْتَمَلَ ثُبُوتَ الْوَلَدِيَّةِ لَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ بِهَا مَانِعُ مِيرَاثٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ (أَحَدُهُمْ وَلَدِي) فَإِنَّ بِبَعْضِهِمْ الْمَانِعَ وَهُوَ الرِّقُّ وَبِبَعْضِهِمْ وَهُوَ مَنْ تَحَرَّرَ جَمِيعُهُ الشَّكُّ فِي وَلَدِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ الْوَرَثَةُ بِمَا شَهِدْت بِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الِاعْتِرَافِ يَكُونُ الْعَمَلُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا هُوَ بِقَوْلِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَضَمَّنَتْ شَيْئَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ الثَّانِي أَنَّهَا فُلَانَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ بِالتَّعْيِينِ الَّذِي هُوَ الثَّانِي بَطَلَتْ كُلُّهَا فَلَا تَصِحُّ لِلشَّهَادَةِ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُلْغَزُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ شَخْصٌ لَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ وَرِثَهُ الْوَلَدُ دُونَ الْعَكْسِ ثَانِيهِمَا شَخْصٌ لَهُ مَالٌ يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ وَأَخَذَهُ وَارِثُهُ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 وَقَضَى بِهِ دَيْنَهُ وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فَإِنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ مَا هُوَ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ الْوَلَدُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ نَفَاهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ الْمُقِرُّ فَيُعْطَى الْمَالُ الْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْأَبِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِلْوَلَدِ لَا يَقْطَعُ حَقَّ وَرَثَةِ الْأَبِ وَيُقْضَى بِمَالِ الْوَلَدِ دَيْنُ الْأَبِ الْمُقِرِّ وَإِنْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ حَيٌّ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ دُيُونَهُمْ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ يُوقَفُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ. (تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ الْمُسْتَلْحَقُ قَبْلَ الِابْنِ وَرِثَهُ الِابْنُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَالِاسْتِلْحَاقُ الَّذِي سَبَقَ وَلَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ ثُمَّ إنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرِثَهُ عَصَبَتْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْوَدِيعَةَ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْعُ وَهُوَ التَّرْكُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] أَيْ مَا تَرَكَ عَادَةَ إحْسَانِهِ فِي الْوَحْيِ إلَيْك لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُ الْوَحْيُ. وَهِيَ لُغَةً الْأَمَانَةُ وَتُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحِفْظِ وَذَلِكَ يَعُمُّ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ وَعَرَّفَهَا الْمُؤَلِّفُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِقَوْلِهِ (ص) الْإِيدَاعُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ مُلْتَبَسٌ بِحِفْظِ مَالٍ أَوْ عَلَى حِفْظِ مَالٍ أَيْ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِ مَالٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ فِي حِفْظِ مَالٍ وَبِعِبَارَةِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْوَدِيعَةَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهَا وَلَا يَتَوَكَّلُ وَأَجَابَ عَنْهُ تت بِتَقْدِيرٍ خَاصٍّ بَعْدَ تَوْكِيلٍ أَيْ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَوْكِيلٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ جَالِسٍ فَسَكَتَ فَضَاعَ كَانَ ضَامِنًا لِأَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ وَضَعَهُ رَبُّهُ رِضًا بِالْإِيدَاعِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِحِفْظِ مَالٍ إيدَاعُ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَيَخْرُجُ إيدَاعُ الْأَبِ وَلَدَهُ لِمَنْ يَحْفَظُهُ لِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَالِهَا لَا حِفْظُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ تَعْرِيفُهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ تَوْكِيلًا عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِ مَالٍ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالٌ وُكِّلَ عَلَى حِفْظِهِ أَيْ   [حاشية العدوي] [بَابٌ فِي الْوَدِيعَةَ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (بَابُ الْوَدِيعَةِ) (قَوْلُهُ الْوَدِيعَةُ) بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَرَّفَ الْإِيدَاعَ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) هُوَ نَفْسُ أَحْكَامِهَا (قَوْله مِنْ الْوَدْعِ) مَصْدَرُ وَدَعَ بِالتَّخْفِيفِ فَقَدْ قُرِئَ مَا وَدَعَكَ بِالتَّخْفِيفِ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْأَشْعَارِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى) أَيْ وَمِنْ مَادَّتِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى إنْ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ قُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ فَالْمُرَادُ كَمَا قُلْنَا أَيْ مِنْ مَادَّتِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَادَّةَ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً: الْأَمَانَةُ) أَيْ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمُؤَمَّنِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَتُطْلَقُ إلَخْ ظَاهِرُهُ إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ وَقَدْ قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّ الْوَدِيعَةَ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ الْمَالَ بِعَيْنِهِ وَلِذَا حَادَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ الْوَدِيعَةُ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظِ الْمَالِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ الِاسْتِنَابَةَ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الذَّاتِ الْمُودِعَةِ لَا عَلَى الْإِيدَاعِ لَا لُغَةً وَلَا اصْطِلَاحًا. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ يَعُمُّ حَقَّ اللَّهِ) ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْأَمَانَةُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ رَبَّنَا اسْتَنَابَنَا فِي حِفْظِ الْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ يَتَجَوَّزَ فَيُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الطَّلَبَ بِحِفْظِهَا الْمُنَاسِبِ لِلْبَارِي تَعَالَى وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَذَلِكَ يَعُمُّ مُتَعَلِّقَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ وَحَقَّ اللَّهِ كَالصَّلَوَاتِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْحِفْظِ (قَوْلُهُ وَعَرَّفَهَا الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَرَّفَ الْإِيدَاعَ وَلَمْ يُعَرِّفْ الْوَدِيعَةَ وَلَا يَتِمُّ كَلَامُهُ إلَّا لَوْ كَانَ عَرَّفَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَنَّ اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ اسْمٌ لِمَا يُودَعُ لَا لِلْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ مُلْتَبِسٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِحِفْظِ مَالٍ لِلْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى إلَخْ أَيْ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِنَابَةٍ) إشَارَةٌ إلَى تَضْمِينِ تَوْكِيلِ مَعْنَى اسْتِنَابَةٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَخْ) الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكَّلَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ إلَّا الصَّغِيرُ فِي لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ وَاَلَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُمَيِّزُ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا وَوَافَقَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ عَمَلُ بَلَدِنَا (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ) ذَكَرَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَأْذُونَ لَا يَتَوَكَّلُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَدَّرَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ دَفْعُ الْإِشْكَالِ هُوَ قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ وَالظَّاهِرُ حَذْفُ قَوْلِهِ خَاصٌّ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا ثُمَّ إنَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ اسْتِعْمَالُ مَا لَمْ يُعْلَمْ مَعْنَاهُ فِي التَّعْرِيفِ وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِيدَاعِ وَالْقَبُولِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) أَيْ بِاللَّفْظِ فَالْإِيجَابُ أَنْ يَقُولَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَضَعُ عِنْدَك الْوَدِيعَةَ وَالْقَبُولُ أَنْ يَقُولَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ نَعَمْ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الضَّمَانِ) ظَاهِرُهُ إذَا فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ حَتَّى ذَهَبَ الْوَلَدُ وَعَدِمَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَيَأْتِي إذَا فَعَلَ بِالْحُرِّ فِعْلًا أَدَّى إلَى عَدَمِ رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْأَبِ أَيْ إيدَاعُ الْأَبِ وَإِيدَاعُ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ تَعْرِيفُهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَرَّفَ الْوَدِيعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا عَرَّفَ الْإِيدَاعَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ (ص) تُضْمَنُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ الْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَتْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ تَفْرِيطٌ فَتُضْمَنُ فَإِذَا سَقَطَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ فَأَتْلَفَهَا أَوْ سَقَطَ شَيْءُ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةُ خَطَإٍ وَهِيَ وَالْعَمْدُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ أَتَى شَخْصٌ لِصَاحِبِ فَخَّارٍ أَوْ زُجَاجٍ فَقَالَ لَهُ قَلِّبْ مَا يُعْجِبُك فَأَخَذَ شَيْئًا يُقَلِّبُهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْأَسْفَلَ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَإٍ وَهِيَ كَالْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ النَّاس وَحَيْثُ عَطَفَ الْمُؤَلِّفُ بِالْبَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَمُرَادُهُ ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ وَحَيْثُ أَخْرَجَ بِلَا فَمُرَادُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ (ص) لَا إنْ انْكَسَرَتْ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا نَقَلَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا إذَا نَقَلَهَا نَقَلَ مِثْلَهَا حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَتُضْمَنُ وَنَقْلُ مِثْلِهَا هُوَ الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَعَدِّيًا بِهِ (ص) وَبِخَلْطِهَا إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لِلْإِحْرَازِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ إذَا خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِهَا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ تَمْيِيزُهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ فَلَوْ خَلَطَ قَمْحًا بِمِثْلِهِ جِنْسًا وَصِفَةً أَوْ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِحْرَازِ أَوْ الرِّفْقِ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ كُلٌّ عَلَى حِدَّتِهِ أَنْ يُوجَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخِرِ فَقَوْلُهُ لِلْإِحْرَازِ يَرْجِعُ لِلْأُولَى عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلثَّانِيَةِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ الْمُدَوَّنَةَ (ص) ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَيْنَكُمَا إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ (ش) مِنْ تَتِمَّةِ خَلَطَ مَا لَا ضَمَانَ فِيهِ أَيْ إذَا خَلَطَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ قَمْحًا وَنَحْوَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ شَبَهَهَا بِمِثْلِهَا لِلْإِحْرَازِ وَتَلِفَ بَعْضُ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّالِفَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِذَا كَانَ الذَّاهِبُ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَاحِدٌ وَلِلْآخِرِ اثْنَانِ فَعَلَى صَاحِبِ الْوَاحِدِ ثُلُثُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ التَّالِفُ وَيُعْرَفُ أَنَّهُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْكُمَا فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ إذْ الدَّرَاهِمُ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ عُرِفَتْ كَانَتْ مُصِيبَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ رَبِّهَا (ص) وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا أَوْ سَفَرِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى أَمِينٍ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ إذَا انْتَفَعَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَهَلَكَتْ كَالْحِنْطَةِ يَأْكُلُهَا وَالدَّابَّةُ يَرْكَبُهَا فَتَهْلِكُ تَحْتَهُ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إذَا سَافَرَ بِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ فَهَلَكَتْ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً إلَى مَحَلِّهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ ثُمَّ تَتْلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إلَى مَحَلِّهَا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَمِينٍ وَخَافَ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَتْ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا صَحِبَهَا مَعَهُ فَتَلِفَتْ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ سَفَرِ النَّقْلَةِ بِالْأَهْلِ أَوْ سَفَرِ التِّجَارَةِ أَوْ سَفَرِ الزِّيَارَةِ وَقَوْلُهُ سَالِمَةً أَيْ فِي ذَاتِهَا وَصِفَتِهَا وَسُوقِهَا فَإِنْ تَغَيَّرَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الِانْتِفَاعِ وَالسَّفَرِ وَإِذَا رُدَّتْ سَالِمَةً مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهَلْ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي لح فِي أَوَّلِ بَابِ الْغَصْبِ أَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ رَبُّهَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ وَلَهَا نَظَائِرُ. (ص) وَحَرُمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ وَمُعْدَمٌ وَكُرِهَ النَّقْدُ الْمِثْلِيُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ مُقَوَّمَةً يَحْرُمُ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ تُضْمَنُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ تَعْرِيفِ الْإِيدَاعِ. (تَنْبِيهٌ) : الشَّرِيكُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَالْمُودَعِ فِي أَنَّهُ أَمِينٌ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى (قَوْلُهُ قَالَ أَشْهَبُ) تَنْظِيرٌ وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتَلْفِت بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْقُلُهَا نَقَلَ مِثْلَهَا حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتُضْمَنُ) أَيْ سَوَاءٌ نَقَلَهَا نَقَلَ مِثْلَهَا أَمْ لَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ فَإِذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَهُ فَالضَّمَانُ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَنْقُلَهَا نَقَلَ مِثْلَهَا أَوَّلًا فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَوَّلِ وَالضَّمَانُ فِي الثَّانِي وَمِثْلُ النَّقْلِ الرَّاعِي يَضْرِبُ الشَّاةَ إنْ ضَرَبَهَا ضَرَبَ مِثْلِهَا، لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ وَبِخَلْطِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْخَلْطِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَلَفٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ) أَيْ جِنْسًا وَصِفَةً فَلَوْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ أَوْ الرِّفْقِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَرْفَقَ بِهِ مِنْ شَغْلِ مَخْزَنَيْنِ بِذَلِكَ وَكِرَائِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً زَادَ تت فَقَالَ إذَا كَانَ يُقِرُّ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ اهـ) . وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ دَرَجَ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ فَجَعَلَ كَلَامَهُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ يُوجِبُ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ اهـ. مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَتَهْلِكُ تَحْتَهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَعَطِبَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ انْتَفَعَ بِهَا انْتِفَاعًا لَا تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَتَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ فَالْأَظْهَرُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي الضَّمَانُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ وَكَذَا إذَا جَهِلَ الْحَالَ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيدَاعِهَا) أَيْ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لِرَبِّهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَمِينٍ فَفِيهِ احْتِبَاكُ حَذْفٍ مِنْ الْأَوَّلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الثَّانِي وَمِنْ الثَّانِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَهَا نَظَائِرُ) مِنْهَا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً لِحِفْظِ الْوَدِيعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَالْآخِذُ الْعَارِيَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ) وَمِثْلُ الْمُقَوَّمُ الْمِثْلِيُّ الَّذِي يَعِزُّ وُجُودُهُ كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ وَاَلَّذِي لَا يَنْضَبِطُ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِ كَالْكَتَّانِ يَكُونُ طَوِيلًا وَقَصِيرًا وَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ نَاعِمًا وَغَيْرَ نَاعِمٍ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ النَّقْدُ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 الْمُودَعِ أَنْ يَتَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ مَلِيئًا أَوْ مُعْدَمًا وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ حَيْثُ كَانَ مُعْدَمًا سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَوَّمَةً أَوْ مِثْلِيَّةً لِأَنَّ رَبَّهَا يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الْوَفَاءِ حِينَئِذٍ وَيَدْخُلُ فِي الْمُعْدَمِ مِنْ عِنْدِهِ مِثْلُ الْوَدِيعَةِ أَوْ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ سَيِّئُ الْقَضَاءِ وَالظَّالِمِ وَمَنْ مَالُهُ حَرَامٌ وَيُكْرَهُ لِلْمُودَعِ الْمَلِيءِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ النُّقُودِ أَوْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَعَطْفُ الْمِثْلِيِّ عَلَى النَّقْدِ مِنْ عِطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (ص) كَالتِّجَارَةِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُودَعِ التِّجَارَةُ الْوَدِيعَةِ كَانَتْ مِمَّا يَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا أَوْ يُكْرَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَفِ وَبَيْنَ التَّجْرِ أَنَّ الْمُتَسَلِّفَ قَصَدَ تَمَلُّكَهَا وَأَنْ يَصْرِفَهَا فِيمَا يَصْرِفُ فِيهِ مَالَهُ وَالْمُتَّجِرُ إنَّمَا قَصَدَ تَحْرِيكَهَا لِيَأْخُذَ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ رِبْحٍ وَقَوْلُهُ (ص) وَالرِّبْحُ لَهُ (ش) مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَإِذَا قُلْنَا إنَّ التَّجْرَ بِهَا مَكْرُوهٌ فَالرِّبْحُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا فَإِنْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَرْضَ بِعَرْضٍ وَهَلُمَّ جَرًّا فَلَا رِبْحَ لَهُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَأَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ وَالرَّدُّ وَإِنْ فَاتَ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَأَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ أَوْ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَقَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُبْضَعَ مَعَهُ وَالْمُقَارَضَ فَلَا رِبْحَ لَهُمَا وَالْفَرْقُ إنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ وَالْمُقَارَضَ إنَّمَا دُفِعَ الْمَالُ إلَيْهِمَا عَلَى طَلَبِ الْفَضْلِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمَا دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُودِعُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى طَلَبِ الْفَضْلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حِفْظَ مَالِهِ فَلَهُ أَصْلُ مَالِهِ دُونَ الرِّبْحِ وَالْوَصِيُّ أَيْضًا إنَّمَا عَلَيْهِ حِفْظِ مَالِ الْيَتِيمِ فَهُوَ كَالْمُودَعِ (ص) وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى رَدَّ مَا تَسَلَّفَهُ إلَى مَحَلِّهِ ثُمَّ ضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهَا فَإِنَّ الْمُودَعَ يَبْرَأُ مِنْهَا وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ كَانَ تَسَلُّفُهُ مَكْرُوهًا وَهُوَ تَسَلُّفُ الْمِثْلِيِّ وَالنَّقْدِ لِلْمَلِيءِ وَسَوَاءٌ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ رَبِّهَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَأَمَّا التَّسَلُّفُ الْمُحَرَّمُ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ فَإِنَّهُ إذَا تَسَلَّفَهُ الْمَلِيءُ أَوْ غَيْرُهُ وَأَذْهَبَ عَيْنَهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْهُ بِمُجَرَّدِ هَلَاكِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّدِّ لِرَبِّهِ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى رَدِّهِ لِمَحَلِّ الْوَدِيعَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ادَّعَى رَدَّ صِنْفِ مَا تَسَلَّفَهُ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّ غَيْرِ صِنْفِهِ لَمْ يَبْرَأْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ أَوْدَعَهُ دَنَانِيرَ فَتَسَلَّفَهَا وَرَدَّهَا دَرَاهِمَ لَمْ يَبْرَأْ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ تت وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ شَامِلًا لِلْمَكْرُوهِ وَالْجَائِزِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَإِنَّ الْجَائِزَ كَالْمَأْخُوذِ بِإِذْنِ رَبِّهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ قَالَ (ص) إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ يَقُولُ إنْ احْتَجْت فَخُذْ (ش) أَيْ إنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ لِلْمُودَعِ أَذِنْت لَك فِي أَخْذِهَا سَلَفًا أَوْ قَالَ إنْ احْتَجْت إلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَخُذْ سَلَفًا فَإِنَّهُ إذَا تَسَلَّفَهَا أَوْ تَسَلَّفَ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ الْإِذْنِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَضَاعَ بَعْدَ   [حاشية العدوي] وَلَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ مِثْلَهُ كَعَيْنِهِ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَلَا تَصَرُّفٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَحَلُّهُ حَيْثُ جُهِلَ حَالَ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَأَمَّا إنْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ يَعْلَمُ سَمَاحَةَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ وَأَمَّا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ يَعْلَمُ كَرَاهِيَتَهُ لِذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ مَنْ عِنْدَهُ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ ذَهَابِ مَا بِيَدِهِ أَوْ نَقْصِهِ عَنْهَا عِنْدَ إرَادَةِ رَدِّهَا لِحِفْظِهِ. (تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الْمُودَعِ فِي تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَجَابِيهِ وَالرِّبْحُ لِكُلٍّ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ) وَجَعَلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ تَشْبِيهًا تَامًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ سَلَفِ الْمُقَوَّمِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي التِّجَارَةِ وَمَا أَبْدَاهُ مِنْ الْفَرْقِ لَا يَظْهَرُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الرِّسَالَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ) أَيْ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا رِبْحَ لَهُ) تَأَمَّلْ هَذَا الْكَلَامَ فَإِنَّهُ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا وَلَمْ يَذْكُرْ عج هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَا تَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعُرُوضِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِعُرُوضٍ مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَالْفَسْخُ فِي الْقِيَامِ أَخْذُ السِّلْعَةِ وَفِي الْفَوَاتِ أَخْذُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُبْضَعِ مَعَهُ وَالْمُقَارَضِ) إذَا اتَّجَرَا لِنَفْسِهِمَا فَلَا يَكُونَ الرِّبْحُ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرِّبْحَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْمُبْضَعِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَأَمَّا الْمُقَارَضُ فَهَلْ الرِّبْحُ لَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ حَيْثُ نَوَى ذَلِكَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّل ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا يُقَوِّيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ اتَّجَرَا لِأَنْفُسِهِمَا فَيَكُونُ الرِّبْحُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ الْمُبْضَعُ لِرَبِّهَا وَفِي الثَّانِي أَعْنِي الْمُقَارَضَ لَهُمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْمُودَعِ) أَيْ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْوَصِيِّ إذَا اتَّجَرَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ الْوَصِيَّ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً بِكُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّ مَطْلُوبٌ بِتَنْمِيَةِ مَالِ الْيَتِيمِ لَهُ لَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوبًا بِتَنْمِيَةِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) أَيْ ادَّعَى الرَّدَّ فَضَاعَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَبَرِئَ إنْ ادَّعَى الرَّدَّ كَمَا وَقَعَ لِابْنِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ) سَكَتَ عَنْ سَلَفِ الْمُعْدَمِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ التَّوْضِيحِ وَقَضِيَّةُ نُسْخَةِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ يَبْرَأُ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُقَوَّمِ أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْهُ) الْأَوْلَى زِيَادَةُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَرَدَّهَا دَرَاهِمَ) أَوْ رَدَّ بَدَلَ الْقَمْحِ شَعِيرًا وَعَكْسُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 ذَلِكَ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا كَالْمُحَرَّمِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي الذِّمَّةِ كَالدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَمِ وَإِنَّمَا مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِالْحَاجَةِ ثُمَّ إنَّ الْأُولَى رُجُوعُ قَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنٍ لِلْجَمِيعِ أَيْ وَحُرِّمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ وَمُعْدَمٌ وَكُرِهَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ كَالتِّجَارَةِ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَحْرُمُ أَيْ مُطْلَقًا وَلَا يُكْرَهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِرَبِّهِ (ص) وَضَمِنَ الْمَأْخُوذُ فَقَطْ (ش) أَيْ حَيْثُ أَخَذَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ بِإِذْنٍ وَرَدَّهُ وَضَاعَ مَعَ الْبَاقِي فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْمَأْخُوذَ فَقَطْ وَلَا يُبْرِئُهُ دَعْوَى الرَّدِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَأْخُذْهُ وَوَجْهُ التَّعَرُّضِ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ تَعَدِّيهِ عَلَى الْبَعْضِ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَى الْكُلِّ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا تَسَلَّفَ الْبَعْضُ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ تَسَلُّفَ الْجَمِيعِ فَإِذَا تَلِفَ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ فَكَأَنَّهُ تَلِفَ عَلَى مِلْكِهِ وَبِعِبَارَةٍ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَلَيْسَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْإِذْنِ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِأَنَّهُ يَضْمَنُ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ أَيْ وَحَرُمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ أَوْ مُعْدَمٌ وَكُرِهَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ يَقُولُ إنْ احْتَجْت فَخُذْ وَضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ (ص) أَوْ بِقَفْلٍ بِنَهْيٍ أَوْ بِوَضْعٍ بِنُحَاسٍ فِي أَمْرِهِ بِفَخَّارٍ لَا إنْ زَادَ قُفْلًا أَوْ عَكَسَ فِي الْفَخَّارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ شَخْصٍ وَقَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي تَابُوتِك أَوْ فِي صُنْدُوقِك وَلَا تُقْفِلْ عَلَيْهَا قُفْلًا فَخَالَفَ وَقَفَلَ عَلَيْهَا ثُمَّ سُرِقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ سَلَّطَ السَّارِقَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ إذَا رَأَى الْقُفْلَ طَمِعَ فِي أَخْذِهَا فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ إنْ لَمْ يَنْهَهُ فَقَفَلَ وَالتَّعْلِيلُ بِإِغْرَاءِ السَّارِقِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ كَالْحَرْقِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ فِي وَضْعِهَا فِي قِدْرِ نُحَاسٍ بَعْدَ أَمْرِ رَبِّهَا لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي قِدْرِ فَخَّارٍ فَضَاعَتْ لِأَنَّ السَّارِقَ أَطْمَعَ فِي النُّحَاسِ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي قِدْرِ نُحَاسٍ فَخَالَفَ وَجَعَلَهَا فِي قِدْرِ فَخَّارٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا ضَاعَتْ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إذَا زَادَ عَلَى الْوَدِيعَةِ قُفْلًا عَلَى مَا أَمَرَهُ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ إغْرَاءُ اللِّصِّ. فَقَوْلُهُ بِفَخَّارٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَخَّارٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَكَسَ فِي الْفَخَّارِ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ فَوَضَعَهَا فِي الْفَخَّارِ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْعَكْسِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقُفْلَ وَالْغَلْقَ عَلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ (ص) أَوْ أَمَرَ بِرَبْطٍ بِكُمٍّ فَأَخَذَ بِالْيَدِ كَجَيْبِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا لَا ضَمَانَ فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُودِعُ بِكَسْرِ الدَّالِ لِلْمُودَعِ بِفَتْحِهَا اجْعَلْ الْوَدِيعَةَ فِي كُمِّك فَجَعَلَهَا فِي يَدِهِ فَضَاعَتْ أَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ غَاصِبٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْفَظُ مِنْ الْكُمِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إخْفَاءَهَا عَنْ عَيْنِ الْغَاصِبِ فَرَآهَا لَمَّا جَعَلَهَا فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إذَا أَمَرَهُ الْمُودِعُ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي كُمِّهِ فَجَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ فَضَاعَتْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْجَيْبُ بِصَدْرِهِ أَوْ بِجَنْبِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي وَسَطِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي عِمَامَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ. (ص) وَبِنِسْيَانِهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا وَبِخُرُوجِهِ بِهَا يَظُنُّهَا لَهُ فَضَاعَتْ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَالْمَعْنَى أَنْ الْمُودَعَ إذَا نَسِيَ الْوَدِيعَةَ فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ فَضَاعَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّ نِسْيَانَهُ لَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ إذَا دَخَلَ بِهَا الْحَمَّامَ فَتَلِفَتْ حَيْثُ يُمْكِنُ وَضْعُهَا بِمَوْضِعِهِ أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ فَإِذَا سَاغَ لَهُ السَّفَرَ بِهَا وَاحْتَاجَ لِلْحَمَّامِ وَلَمْ يَجِدْ أَمِينًا فَدَخَلَ بِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْحَمَّامِ بَلْ لَوْ قَبِلَهَا وَهُوَ قَاصِدٌ السُّوقَ مَثَلًا فَضَاعَتْ لَضَمِنَ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا بِأَنَّهُ ذَاهِبٌ لِلسُّوقِ أَوْ لِلْحَمَّامِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ إذَا خَرَجَ بِهَا مِنْ مَنْزِلَةِ يَظُنُّهَا لَهُ فَتَلِفَتْ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ. وَمَسْأَلَةُ الْحَمَّامِ تُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ بِالْأَوْلَى (ص) لَا إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ فَوَقَعَتْ وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَيْ وَحَرُمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ وَمُعْدَمٌ) تَبْيِينُ لِمَا قَبْلَهُ وَحَاصِلُهُ إنَّ إعَادَةَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ يُشِيرُ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ مَنُوطٌ بِالْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَلَا يُبْرِئُهُ دَعْوَى الرَّدِّ) بَلْ لَا يُبْرِئُهُ الرَّدُّ وَلَوْ تَحَقَّقَ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ بِقَفْلٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَيَصِحُّ فِيهِ الضَّمُّ أَيْضًا وَكَذَا يَصِحُّ الْوَجْهَانِ فِي قَفْلٍ الْآتِي وَقَوْلُهُ بِنَهْيٍ مَفْهُومُهُ لَوْ قَفَلَ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَنْهَهُ فَلَا ضَمَانَ وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْقَفْلَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ النَّهْيِ وَعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ لَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ) وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَخَّارٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ الْمَجْرُورُ فَقَطْ كَمَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَارِ مُتَعَلِّقٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ فَخَّارٌ مُتَعَلِّقٌ بِوَضْعِهِ وَلَا يُنَافِي أَنَّ هَذِهِ الْبَاءَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ وَيَكُونُ فَخَّارٌ مَجْرُورًا بِفِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَهَذَا الثَّانِي أَسْهَلُ (قَوْلُهُ الْقَفْلَ وَالْغَلْقَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْغَيْنِ أَيْ قَفْلَ الْقَفْلِ وَغَلْقَ الْبَابِ وَالْقُفْلُ بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ تَنَازُعٌ فِي الْغَلْقِ يُقْضَى عَلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ الَّذِي يُغْلِقُ فَلَوْ تَرَكَ الْغَلْقَ فَضَاعَ فَالضَّمَانُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَا ضَمَانَ إذَا جَعَلَهَا فِي مِثْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَكَذَا لَا ضَمَانَ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِوَضْعِهِ بِشَيْءٍ، فَمَوْضِعُهُ بِمَحَلٍّ يَأْمَنُ وَضْعَ مَالِهِ بِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إخْفَاءَهَا) اُنْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِجَيْبِهِ الَّذِي فِي صَدْرِهِ كَفِعْلِ الْمَغَارِبَةِ وَأَمَّا بِجَنْبِهِ فَالْكُمُّ أَحْفَظُ أَيْ فَيَكُونُ ضَامِنًا إذَا وَضَعَهُ بِجَنْبِهِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ يَظُنُّهَا لَهُ فَضَاعَتْ) أَيْ أَوْ يَعْتَقِدُ أَوْ يُقَالُ أَطْلَقَ الظَّنَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ الِاعْتِقَادَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 أَمَرَهُ صَاحِبُهَا أَنْ يَجْعَلَهَا فِي كُمِّهِ فَجَعَلَهَا فِيهِ وَنَسِيَهَا فَوَقَعَتْ فَضَاعَتْ وَقَيَّدَ بِأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَنْثُورَةٍ فِي كُمِّهِ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إذَا شَرَطَ رَبُّهَا عَلَيْهِ ضَمَانَهَا إذَا تَلِفَتْ فِي مَحَلٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ لَمَّا عَلِمْت أَنَّ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَشَرْطُ ضَمَانِهَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا وَيُخَالِفُ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ. (ص) وَبِإِيدَاعِهَا وَإِنْ بِسَفَرٍ لِغَيْرِ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ اُعْتِيدَا بِذَلِكَ (ش) عَطَفَ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ يَعْنِي: أَنَّ الْمُودَعَ يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ إذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا فِي سَفَرٍ وَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ أَمِينًا إذْ لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ قَالَ فِيهَا إنْ أَوْدَعَتْ لِمُسَافِرٍ مَالًا فَأَوْدِعْهُ فِي سَفَرِهِ ضَمِنَ اهـ. وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّفَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَبِلَهَا فِي السَّفَرِ كَانَ هَذَا مَظِنَّةَ الْإِذْنِ فِي الْإِيدَاعِ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودَعِ إذَا أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ الْمُعْتَادَتَيْنِ لِلْإِيدَاعِ فَضَاعَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتَا غَيْرَ مُعْتَادَتَيْنِ لِلْإِيدَاعِ بِأَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ زَوْجَتِهِ بِأَثَرِ تَزْوِيجِهَا أَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَمَتِهِ بِأَثَرِ شِرَائِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَمِثْلُهُمَا عَبْدُهُ وَأَجِيرُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي الدَّفْعِ لِمَنْ ذَكَرَ وَحَلَفَ إنْ أَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ الدَّفْعَ إنْ اُتُّهِمَ، وَقِيلَ مُطْلَقًا فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَلَهُ تَحْلِيفُهَا كَمَا فِي تت وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ لَا لِلزَّوْجِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً. (ص) إلَّا لِعَوْرَةٍ حَدَّثَتْ أَوْ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزٍ الرَّدُّ (ش) الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِإِيدَاعِهَا وَإِنْ بِسَفَرٍ يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَوْدَعَ لِأَجْلِ عُذْرٍ حَدَثَ فِي مَنْزِلِهِ بَعْدَ الْإِيدَاعِ لِهَدْمِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ أَوْ زَادَ عَلَى مَا عَلِمَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَمِنْ الْعَوْرَةِ الْجَارُ السُّوءُ وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ حَدَثَتْ عَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْإِيدَاعِ وَالْمُودِعُ بِكَسْرِ الدَّالِ عَالِمٌ فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنْ يُودِعَهَا غَيْرَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ حَيْثُ لَمْ يُودِعْهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ ضَمِنَهَا الْمُودَعُ سَوَاءٌ ضَاعَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَيَاعُهَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ الَّذِي خَافَ مِنْهُ فَقَوْلُهُ إلَّا لِعَوْرَةٍ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إلَّا لِعُذْرٍ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ إذَا طَرَأَ لَهُ سَفَرٌ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا إلَى رَبِّهَا بِأَنْ كَانَ رَبُّهَا مُسَافِرًا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلْفِت أَوْ ضَاعَتْ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الْإِيدَاعِ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ أَوْدَعَ بِسَفَرٍ (ش) أَيْ لَهُ الْإِيدَاعُ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ أَوْ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَتْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي السَّفَرِ وَبَالَغَ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَمَّا أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لَهُ إيدَاعُهَا إذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَإِنْ وَجَدَ مَا يُسَوِّغُ الْإِيدَاعَ لَهُ لِأَنَّ رَبَّهَا رَضِيَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ (ص) وَوَجَبَ الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ خَافَ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالشُّهُودِ بِأَنْ يُشْهِدَهُمْ عَلَى الْعُذْرِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا أَنَّنِي إنَّمَا أَوْدَعَتْ لِعُذْرٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَظَاهِرَةُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْعُذْرِ وَلَمْ يَشْهَدْهَا أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ عُذْر الْإِيدَاعِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَلَوْ خَاطَرَ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ وَتَعَدَّى وَأَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ سَالِمَةً مِنْ إيدَاعِهَا وَضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَرِئَ إنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً (ش) وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَتْ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَنْثُورَةٍ) بِأَنْ تَكُونَ مَرْبُوطَةً هَذَا مَعْنَى غَيْرِ مَنْثُورَةٍ وَالْمَنْثُورَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَرْبُوطَةً وَقَالَ فِي ك عَلَى قَوْلِهِ أَوْ رَبَطَ بِكُمٍّ مَا نَصُّهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَرَبَطَ بَلْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لَهُ خُذْهَا بِالْكُمِّ فَلَوْ وَضَعَهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ أَوْ لَفَّ عَلَيْهَا الْكُمَّ فَقَطْ فَالضَّمَانُ اهـ. فَلَوْ قَالَ لَهُ لُفَّ عَلَيْهَا الْكُمَّ فَالظَّاهِرُ لَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ اُعْتِيدَا) أَيْ طَالَتْ إقَامَتُهُمَا عِنْدَهُ وَوَثِقَ بِهِمَا (قَوْلُهُ إذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ) دَاخِلٌ فِي الْغَيْرِ الزَّوْجُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ شَأْنَ النِّسَاءِ الْحِفْظُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِنَّ غَالِبًا لِلنَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ بِاسْتِيفَائِهِنَّ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِنَّ وَلَا كَذَلِكَ الرِّجَالُ لِاحْتِيَاجِهِمْ لِمَا يُنْفِقُونَ مِنْهُ فَهُنَّ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ غَيْرُ خَائِنَاتٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا عَبْدُهُ وَأَجِيرُهُ إلَخْ) أَيْ مَعَ اعْتِيَادِهِمَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا) مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ بِكَسْرِ الدَّالِ تَحْلِيفُ الْمَرْأَةِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ كَوْنِهِ أَيْ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ عَاجِلًا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَيَتْبَعُهَا إذَا أَيْسَرَتْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ) فَإِنْ أَوْدَعَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَبَالَغَ إلَخْ) حَاصِلُ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ إذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ قَبِلَهَا فِي السَّفَرِ إلَّا لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ أَوْ إرَادَةِ سَفَرٍ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا أَيْ فَوُجُودُ الْعَوْرَةِ الْحَادِثَةِ أَوْ إرَادَةُ السَّفَرِ مُسَوِّغَةٌ لِإِيدَاعِهَا وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ فِي السَّفَرِ الَّذِي هُوَ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ أَوَّلًا دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ حَذْفِهِ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي الْحَضَرِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وعج قَدْ قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ بِسَفَرٍ الْمُتَقَدِّمِ خِلَافُ مَا قَرَّرَ شَارِحُنَا لِأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ بِسَفَرٍ أَيْ لِأَجْلِ سَفَرٍ حَيْثُ يَسُوغُ لَهُ السَّفَرُ بِهَا وَذَلِكَ عِنْدَ عَجْزِ رَدِّهَا لِرَبِّهَا وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَمِينٍ وَأَمَّا حَيْثُ لَا يَسُوغُ لَهُ السَّفَرُ بِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي إيدَاعِهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وعب ذَهَبَ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ أَوْ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ مَعْنَاهُ أَيْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إيدَاعِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 تُرَدَّ سَالِمَةً أَيْ مِنْ السَّفَرِ (ص) وَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا إنْ نَوَى الْإِيَابَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ إذَا أَوْدَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِأَمْرٍ سَائِغٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ حَيْثُ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ إيدَاعِهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهَا لِرَبِّهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا الْقَدْرَ الَّذِي سَافَرَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ عِنْدَ إيدَاعِهَا بَلْ سَافَرَ مُنْتَقِلًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ ثُمَّ عَادَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِذَا طَلَبَهَا وَمَنَعَهَا مِنْهُ حَيْثُ نَوَى الْإِيَابَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَإِذَا تَرَكَ طَلَبَهَا حَيْثُ نَوَى الْإِيَابَ وَتَلِفَتْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ ضَمِنَهَا بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَفْتَى بِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا أَوْدَعَهَا بِوَجْهٍ سَائِغٍ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِرْجَاعُ سَوَاءٌ نَوَى الْإِيَابَ أَمْ لَا (ص) وَبِبَعْثِهِ بِهَا وَبِإِنْزَائِهِ عَلَيْهَا فَمَتْنٌ وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا بَعَثَ الْوَدِيعَةِ مَعَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَعَدِّيهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ بِهَا الْمُودَعُ فَلَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ إذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ الصَّامِتِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَمَاتَ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مَاتَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ زَوَّجَ الْحَيَوَانَ النَّاطِقَ فَمَاتَ مِنْ الْوِلَادَةِ أَوْ تَحْتَ الْفَحْلِ بِخِلَافِ الرَّاعِي إذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا نَظَرًا لِلَّفْظِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَفْظُهَا مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ ثَانِيًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى لِأَنَّ مَعْنَى الْوَدِيعَةِ يَصْدُقُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ وَأَتَى بِقَوْلِهِ كَأَمَةٍ إلَخْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الْأُولَى لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْزَائِهِ مُخْرِجٌ لَهَا (ص) وَبِجَحْدِهَا ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْوَدِيعَةِ بِأَنْ قَالَ مَا أَوْدَعَتْنِي شَيْئًا ثُمَّ أَقَامَ رَبُّهَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِرَدِّهَا لِلْمُودِعِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالرَّدِّ أَيْ أَوْ بِالتَّلَفِ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ لَا أَتَكَلَّفَ بَيِّنَةً وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ آكَدُ بِهَا بِقَوْلِهِ مَا أَوْدَعَتْنِي شَيْئًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ وَبِجَحْدِهَا أَيْ يَضْمَنُ أَيْ يَتَسَبَّبُ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِجَحْدِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ فَلِذَلِكَ قَالَ ثُمَّ فِي قَبُولِ إلَخْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَيْسَ عِنْدِي لَك وَدِيعَةٌ فَهَذَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهَا بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمِدْيَانِ (ص) وَبِمَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا لِكَعَشْرِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَدِيعَةً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُوصِ بِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا إلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ مِنْ يَوْمِ الْإِيدَاعِ قَدْرَ عَشْرِ سِنِينَ فَلَا يَضْمَنُهَا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهَا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا رَبُّهَا وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَيَدْخُلُ فِي إيصَائِهِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَيُحْمَلُ عَلَى الضَّيَاعِ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا وَأَمَّا إنْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا لَمْ يُوصِ بِهَا وَلَمْ تُوجَدْ وَلَوْ تَقَادَمَ الْأَمْرُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَ عَلَى إطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ (ص) وَأَخَذَهَا إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ   [حاشية العدوي] عِنْدَ أَمِينٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السَّفَرِ بِهَا فَإِنَّهُ إذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْإِيَابَ) أَيْ أَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَانْظُرْ إذَا نُوزِعَ فِي نِيَّةِ الْإِيَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْإِيَابَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْوِلَادَةِ) لَوْ حَذَفَهُ لَشَمَلَ مَا إذَا مَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَفِي وَطْئِهِ إيَّاهَا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَكَلَّمَ عَلَى الْغَالِبِ وَكَذَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ إنْ عَلِمَ بِتَعَدِّي الْمُودَعِ وَخُيِّرَ رَبُّهَا فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي بُدِئَ بِالْمُودَعِ لِأَنَّهُ الْمُسَلَّطُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ أُعْدِمَ اتَّبَعَ الزَّوْجُ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ كَأَمَةٍ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الْعَبْدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ كَذَا قَالَ عج وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا فِي النَّوَادِرِ فَفِيهَا وَلَوْ كَانُوا ذُكُورًا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجِيزَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَقَدْ أَجَازَ فِعْلَهُ وَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَنَحْوِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَقَوْلُ ج سَيِّدُهُ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ غَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ) أَيْ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ بِهَا) عِبَارَةُ عب خِلَافَهَا وَنَصُّهُ وَمِثْلُهُ فِي ضَمَانِهِ ذَهَابُهُ هُوَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ دُفِعَ لَهُ مَالٌ فِي السَّفَرِ لِيَحْمِلَهُ إلَى بَلَدٍ فَعُرِضَتْ لَهُ إقَامَةٌ بِغَيْرِهَا فَلَهُ أَنْ يَبْعَثَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فِي أَنَّهُ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ كَمَا فِي الدَّفْعِ لِلزَّوْجَةِ مِمَّنْ اُعْتِيدَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقَامَ رَبُّهَا بَيِّنَةً إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ مُحَصِّلُ مَا فِي عب التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بِالتَّلَفِ) بَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ جَاحِدَ الْوَدِيعَةِ غَاصِبٌ وَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِقَبُولِ بَيِّنَتِهِ بِالتَّلَفِ وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ جَحْدَهُ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ يَقْضِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْجَحْدِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ) اُنْظُرْ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ تَرْجِيحٍ لَا ذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَكَيْفَ يَقُولُ الْمُصَنِّفُ خِلَافٌ أَيْ فِي التَّشْهِيرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى الْخِلَافُ هُنَا وَجَزَمَ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةٌ فَتَجَاذَبَهَا طَرَفًا تَرْجِيحٌ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ يَجْحَدُهُ ثُمَّ يُقِيمُ بَيِّنَةً عَلَى رَدِّهِ فَإِنَّهَا تَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ أَيْ يَتَسَبَّبُ) هَذَا الْكَلَامُ لَا يَظْهَرُ إذْ تَوَجُّهُ الضَّمَانِ ضَمَانٌ بِالْفِعْلِ إلَخْ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ جَرَى أَوَّلًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ مُخْتَارُهُ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ لَكَانَ أَوْلَى لَهُ. (قَوْلُهُ إلَّا لِكَعَشْرِ سِنِينَ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بِهَا بَعْدَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا هَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَإِنَّ صَاحِبَهَا يَأْخُذُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ فَالضَّمِيرُ فِي أَخَذَهَا وَفِي خَطِّهِ يَرْجِعَانِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فَقَوْلُهُ بِكِتَابَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذَهَا لَا بِثَبَتَ أَيْ أَخَذَهَا بِسَبَبِ كِتَابَةٍ عَلَيْهَا وَإِنْ ثَبَتَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ وَعَلَيْهَا صِفَةٌ لِكِتَابَةٍ وَقَوْلُهُ إنَّهَا لَهُ بَدَلٌ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ مَعْمُولٌ لَهَا وَقَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ إلَخْ فَاعِلُ ثَبَتَ (ص) وَبِسَعْيِهِ بِهَا لِمُصَادِرٍ (ش) عُطِفَ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ إذَا سَعَى بِهَا لِظَالِمٍ أَوْ عَشَّارٍ لِيَأْخُذَ عُشْرَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فَقَوْلُهُ لِمُصَادِرٍ بِكَسْرِ الدَّالِ الظَّالِمُ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُكَّاسِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هُنَا الْإِغْرَاءُ وَالدَّلَالَةُ وَيَجُوزُ فَتْحُ الدَّالِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا صَادَرَهُ ظَالِمٌ فَحِينَ الْمُصَادَرَةِ ذَهَبَ الْمُودَعُ وَدَفَعَهَا بِحَضْرَةِ الظَّالِمِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَأَخَذَهَا الظَّالِمُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهَا وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا دَفَعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ مُصَادِرٍ فَغَيْرُ جَيِّدٍ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ دَفْعِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يُصَادِرْ (ص) وَبِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ لِبَلَدٍ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَقَيَّدُ الْوَدِيعَةِ بَلْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرْسَلَ إلَى شَخْصٍ وَدِيعَةً عِنْدَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ مَالًا عِنْدَهُ أَوْ بِضَاعَةً فَتَجَرَ فِيهَا ثُمَّ إنَّ الرَّسُولَ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى بَلَدِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَإِنَّ مَا أُرْسِلَ بِهِ يَكُونُ فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى بَلَدِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَوْصَلَهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ دَفَعَ مَا أَرْسَلَ بِهِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ شَيْءٌ فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ لَكِنْ لَهُ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ يَظُنُّ بِهِ الْعِلْمَ مِنْ وَرَثَةِ الرَّسُولِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ لَهَا سَبَبًا وَحِينَئِذٍ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ فِي الْوَدِيعَةِ وَلَا فِي الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ الْبِضَاعَةُ عِنْدَهُ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الرَّسُولُ وَادَّعَى الدَّفْعَ وَأَكْذَبَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (ص) وَبِكَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ حَتَّى عَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ إنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ ثُمَّ قَالَ رَدَّدَتْهَا سَالِمَةً عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي أُودِعْت عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمْ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْفِعْلِ بَلْ أَسَرَّتْهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ أَيْ وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَلَا يَبْرَأُ وَهَذَا مِنْهُ وَبَرِئَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا مَرَّ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُحَرَّمُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ لَا غَيْرَهُ كَمَا هُنَا (ص) وَإِنْ أَكْرَاهَا لِمَكَّةَ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا فَلَكَ قِيمَتُهَا يَوْمَ كِرَائِهِ وَلَا كِرَاءَ أَوْ أَخَذَهُ وَأَخَذَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَوْدَعَ إبِلًا مَثَلًا فَتَعَدَّى عَلَيْهَا وَأَكْرَاهَا لِمَكَّةَ مَثَلًا وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا مِثْلَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا   [حاشية العدوي] إنْكَارِهِ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ صَاحِبَهَا يَأْخُذُهَا) أَيْ وَلَوْ وُجِدَتْ أَنْقَصَ مِمَّا كَتَبَ عَلَيْهَا حَيْثُ عَيَّنَ فِي الْكِتَابَةِ قَدْرًا وَيَكُونُ النَّقْصُ فِي مَالِهِ وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْعَامِلِ) الَّذِي هُوَ أَخَذَهَا وَمَعْمُولُهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِكِتَابَةٍ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا صِفَةٌ لِكِتَابَةٍ) هَذَا إنْ أُرِيدَ مِنْ كِتَابَةِ الْمَكْتُوبِ أَمَّا إنْ أُرِيدَ مِنْهُ الْمَصْدَرُ نَفْسُهُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا مَعْمُولًا لِكِتَابَةٍ (قَوْلُهُ بَدَلٌ مِنْ كِتَابَةٍ) أَيْ إنْ أُرِيدَ مِنْ كِتَابَةِ مَكْتُوبٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعْمُولٌ إنْ أُرِيدَ مِنْ كِتَابَةِ الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ فَغَيْرُ جَيِّدٍ) لَا يُقَالُ قَدْ يَدْفَعُهَا لِعُذْرٍ لِأَنَّا نَقُولُ إذَا حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا لِغَيْرِ مُصَادَرٍ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ شَيْءٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَمْلٌ مِنْ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَسُولُ رَبِّ الْمَالِ الْمُوصَلِ لَهُ الْمَالُ مِنْ الْمُرْسَلِ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْوَدِيعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ وَدِيعَتُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا فِي الْمَالِ الَّذِي لَهُ أَيْ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُرْسَلِ وَقَوْلُهُ وَتَكُونُ الْبِضَاعَةُ أَيْ بِضَاعَةُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ أَيْ وَصَلَتْ لَهُ أَرْسَلَهَا لَهُ الْمُرْسِلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّسُولَ إذَا كَانَ رَسُولُ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ سَوَاءٌ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُرْسِلِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ بَيْنَ وَرَثَةِ الرَّسُولِ وَبَيْنَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ عَلَى تَرِكَةِ الرَّسُولِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ لَمْ يَرْجِعْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ رَسُولُ مُرْسِلِ الْمَالِ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ لَا يَبْرَأُ مِنْ حَقِّ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ سَوَاءٌ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ الْوُصُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ بَيْنَ الْمُرْسِلِ وَوَرَثَةِ رَسُولِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ عَلَى تَرِكَتِهِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى تَرِكَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الرَّسُولُ وَادَّعَى الدَّفْعَ وَأَكْذَبَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ بِالْفِعْلِ) أَيْ الْعَدَاءِ أَيْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَوْ أَنَّ مَا هُنَا انْتَفَعَ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا وَدِيعَةً وَمَا تَقَدَّمَ انْتَفَعَ بِهَا بَعْدَ أَنْ تَسَلَّفَهَا فَمَا هُنَا بَاقٍ فِي أَمَانَتِهِ وَمَا تَقَدَّمَ خَرَجَ عَنْ أَمَانَتِهِ لِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهَا لِمَكَّةَ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا فَقَدْ عَلِمْت مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ وَعَلِمْت مِنْ الشَّارِحِ مَا إذَا تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ وَأَمَّا إذَا عَطِبَتْ فَلَهُ قِيمَتُهَا فَقَطْ يَوْمَ الْكِرَاءِ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْكِرَاءَ إنْ رَضِيَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حَيْثُ كَانَ الْكِرَاءُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهُ وَأَخَذَهَا) أَيْ مَعَ أَخْذِهَا وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَلَيْسَ لَهُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْغَلَّةِ أَخْذُ الزِّيَادَةِ (قَوْله حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) وَمِثْلُ حَبْسِهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا مَا إذَا حَبَسَهَا شَهْرًا وَمَا قَارَبَهُ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ تَغَيُّرِ السُّوقِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ فَيُقَالُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 بِأَنْ كَانَتْ زَمَنَ غَيْبَتِهَا غَالِيَةً فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ كِرَائِهَا لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي وَلَا كِرَاءَ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكِرَاءَ وَالدَّابَّةَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُسْتَعِيرِ وَفِي الْمُكْتَرِي يَتَعَدَّيَانِ الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ فَقَوْلُهُ أَكْرَاهَا أَيْ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَصْلُحُ لِلْإِكْرَاءِ كَانَتْ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ سَفِينَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ بِحَالِهَا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ فِيهَا تَغَيُّرٌ بِنَقْصِهَا خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِهَا وَمَا نَقَصَهَا أَوْ أَخْذِ الْكِرَاءِ أَوْ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا وَقَوْلُهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا يُعَيَّنُ أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاؤُهَا إنْ لَمْ تُتْلَفْ أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي إنْ تَلِفَتْ (ص) وَيَدْفَعُهَا مُدَّعِيًا إنَّك أَمَرْته بِهِ وَحَلَفَتْ وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ إنَّهُ دَفَعَهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا فَتَلِفَتْ وَقَالَ رَبُّهَا أَمَرَنِي بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ رَبُّهَا فِي ذَلِكَ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ أَيْ بِدَفْعِهَا لِزَيْدٍ فَإِنَّ الْمُودَعَ يَضْمَنُهَا حِينَئِذٍ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّهَا حَلَفَ الْمُودَعُ وَبَرِئَ وَقَوْلُهُ (ص) إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْآمِرِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ (ش) مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبِدَفْعِهَا أَيْ ضَمِنَ الْمُودَعُ بِدَفْعِهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ عَلَى رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَحَيْثُ ضَمِنَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَغَرِمَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ قَوْلُهُ إنَّك أَمَرْته بِلَا وَاسِطَةٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْتَ أَمَرَتْنِي بِالدَّفْعِ لَهُ أَوْ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ يَقُولَ جَاءَنِي فِي كِتَابِك أَوْ رَسُولِك أَوْ إمَارَتِك وَقَوْلُهُ وَحَلَفْت أَيْ وَغَرِمَ الْمُودَعُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَابِضِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّك أَمَرْته بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْآمِرَ قَدْ ظَلَمَهُ فَلَا يَظْلِمُ هُوَ الْقَابِضَ وَلَا فِي الْكِتَابِ وَالْأَمَارَةِ حَقٌّ وَزَعَمَ الْإِرْسَالُ إنْ صَدَّقَ تَصْدِيقَ تَحْقِيقٍ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْكِتَابَ أَوْ الْأَمَارَةَ حَقٌّ أَوْ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَى حَقٍّ وَالْمُودَعُ ظَالِمٌ فِي إنْكَارِهِ وَإِنْ صَدَّقَ تَصْدِيقَ رُكُونٍ وَائْتِمَانٍ أَيْ حُسْنَ الظَّنِّ بِالْكِتَابِ أَوْ الْأَمَارَةِ أَوْ الرَّسُولِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْقَابِضِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِقَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَتَقَدَّمَ الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا الشَّاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ (ص) وَإِنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرْت فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِمَالٍ إلَى شَخْصٍ فَقَالَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَتَعَدَّيَانِ الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ) أَيْ تَعَدِّيًا كَثِيرًا وَلَوْ سَلِمَتْ (قَوْلُهُ خُيِّرَ رَبُّهَا) أَيْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ كَذَا ذَهَبَ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج أَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ وَلَمْ تَتْلَفْ فَكَمَا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ يُخَيَّرُ رَبُّهَا التَّخْيِيرَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كَوْنِهِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَلَا كِرَاءَ أَوْ يَأْخُذُهَا مَعَ كِرَائِهَا وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ إذَا حَصَلَ لَهَا نَقْصٌ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا وَمَا نَقَصَهَا وَلَا كِرَاءَ أَوْ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ عج بِأَنَّهُ لَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ أَقُولُ وَاعْتِرَاضُهُ يُتَوَجَّهُ أَيْضًا عَلَى شَارِحِنَا التَّابِعِ لِلَّقَانِيِّ وَسَنَدِ عج أَنَّهُ قَاسَهُ لِأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ سَوَاءٌ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ كَالتَّخْيِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرِ كِرَاءِ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ وَالْأَخِيرُ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتُهُ وَنَحْوُهُ لِشَيْخِنَا اهـ. (قَوْلُهُ يُعَيَّنُ أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ) فِي عب خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ حَبْسُهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا حَتَّى تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ وَإِنْ كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ كَمَا يُفِيدُهُ تَشْبِيهُ هَذِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَسْأَلَةِ الْكِرَاءِ كَمَا فِي ذُو الصَّوَابِ مَا فِي عب كَمَا يُعْلَمْ مِنْ مُحَشِّي تت وَبَقِيَ صُورَةٌ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَحْبِسْهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا وَلَمْ تَتَغَيَّرْ أَصْلًا أَوْ تَغَيَّرَتْ بِزِيَادَةٍ وَحُكْمُهُ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَكِرَاءَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً إلَخْ) وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْقَابِضِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَابِضَ تَعَدَّى عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ رَسُولُك) أَيْ بِدُونِ أَمَارَةٍ بَلْ مُجَرَّدُ إخْبَارٍ بِالْقَضِيَّةِ بِدُونِ أَمَارَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَمَارَةَ مَعَ رَسُولِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَحَلَفْت) أَيْ يَا آمِرُ (قَوْلُهُ أَيْ وَغَرِمَ الْمُودَعُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ غَرِمَ الْقَابِضُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَرْجِعُ فِيهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا أُغْرِمَ أَمَّا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يَرْجِعُ فِيهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْقَابِضِ فَلَيْسَ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ رُجُوعٌ عَلَى الْقَابِضِ إلَّا إذَا أَتْلَفَهَا أَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ وَإِذَا أَغْرَمَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ الرَّسُولَ فِي صُورَةِ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِمَا غَرِمَ لِرَبِّهَا أَمْ لَا قَوْلَانِ فَالْقَوْلُ بِالرُّجُوعِ نَظَرٌ إلَى أَنَّ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ نَوْعُ سَبَبٍ فِي غُرْمِ الرَّسُولِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنْ يَقُولَ هَذَا ظَلَمَك فَلَيْسَ لَك أَنْ تَظْلِمنِي (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْكِتَابِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا ادَّعَى (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَى حَقٍّ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْقَابِضُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ يَا آمِرُ حَلَفَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ) أَيْ وَإِنْ نَكَلَ الْمُودِعُ بِكَسْرِ الدَّالِ حَلَفَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَبَرِئَ وَقَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُودِعَ بِكَسْرِ الدَّالِ نَكَلَ وَالْمُودَعُ حَلَفَ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْقَابِضِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ الْقَابِضِ فَالْأَمْرُ مُشْكِلٌ (تَنْبِيهٌ) : إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْخَطَّ خَطُّ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ أَوْ ثَبَتَتْ الْقَرِينَةُ بِطَرِيقِهَا الشَّرْعِيِّ كَأَنْ يُثْبِتُ الْمُودَعُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ قَالَ لَهُ إذَا أَرْسَلْت مَنْ يَطْلُبُهَا بِأَمَارَةٍ كَذَا فَأَدْفَعهَا لَهُ وَدَفَعَهَا بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الدَّفْعِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْآمِرِ بِهِ وَقَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَابِضِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَقَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ الرُّجُوعُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ صُدِّقَ تَصْدِيقُ رُكُونٍ وَعَدَمِهِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّك أَمَرْته بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ أَوْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وِفَاقٌ بِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ مَوْجُودًا بِيَدِهِ أَيْ بِيَدِ الرَّسُولِ أَوْ بِيَدِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لَا يَتَيَسَّرُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْإِنْكَارُ أَيْ وَأَمَّا إذَا فُقِدَتْ وَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ وَاحِدٍ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيَّ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ إنْ شَهِدَ لِلْمُرْسِلِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ وَهَلْ كَوْنُ الرَّسُولِ شَاهِدًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ بِيَدِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ لِإِقْرَارِ رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ ذَكَرَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ أَوْ إنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَالُ مَوْجُودًا بِيَدِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ لَمْ يُنَفِّذْهُ أَوْ بِيَدِ الرَّسُولِ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ مُطْلَقًا أَيْ وَهَلْ قَبُولُ شَهَادَةِ الرَّسُولِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَالَ أَمْ لَا بَقِيَ بِيَدِهِ أَمْ لَا كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُعْدَمًا قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ خِلَافٌ وَهُوَ تَأْوِيلُ عِيَاضٍ أَوْ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَالِ بِيَدِهِ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا (ص) وَبِدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى وَارِثِك (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ عَلَى وَارِثِ الْمُودِعِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُهَا كَدَعْوَى الْوَصِيِّ الرَّدَّ عَلَى الْيَتِيمِ لِأَنَّهُ ادَّعَى رَدَّهَا إلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي ائْتَمَنْته وَكَذَلِكَ دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْمَالِكِ يَفْتَقِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَأَوْلَى دَعْوَى الْوَارِثِ عَلَى الْوَارِثِ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ ادَّعَوْا وُقُوعَ الرَّدِّ لِلْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهُ لِلْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْ ذِي الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ أَوْ مِنْ يَدِ وَارِثِهِ عَلَى ذِي الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ أَوْ عَلَى وَارِثِهَا وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الضَّمَانَ. (ص) أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَعَثْته بِشَيْءٍ لِيُوَصِّلَهُ إلَى زَيْدٍ مَثَلًا فَقَالَ دَفَعْته إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْإِشْهَادِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لِإِنْكَارِهِ تَأْثِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْ دَفَعَ مَالًا لِمَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي بَابِ الْهِبَةِ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَأَنْ دَفَعْت لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ وَلَمْ يَشْهَدْ فَلَا ضَمَانَ وَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْيَدِ الشَّامِلِ لِلرَّدِّ حَقِيقَةً وَلِدَفْعِ الرَّسُولِ لِلْمُرْسَلِ   [حاشية العدوي] الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ يُنْكِرُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فَيَغْرَمُ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ فَلَا يُنْكِرُ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ إذَا أَقَرَّ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ بِالدَّفْعِ فَشَهَادَةُ الرَّسُولِ مَقْبُولَةٌ وَلِذَا قَالَ شب فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ بِيَدِهِ أَيْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَوْ ثَبَتَ الدَّفْعُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ خَوْفَ الضَّمَانِ اهـ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ عج أَنَّهُ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ إذَا لَمْ يُتَّهَمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ خَوْفَ ضَمَانِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُرْسَلُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِ الرَّسُولِ أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا أَوْ ثَبَتَ الدَّفْعُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِإِقْرَارٍ أوَبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فَإِنْ قُلْت لَوْ كَانَ إقْرَارُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِقَبْضِهِ كَثُبُوتِ الدَّفْعِ بِالْبَيِّنَةِ لَكَانَ قَوْلُهُ وَهَلْ مُطْلَقًا شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُقِرًّا بِالْقَبْضِ أَمْ لَا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ إلَخْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِقَبْضِهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ظَاهِرَهُ مَا ذَكَرْته إذْ قَدْ يَقُولُ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ مَعَ عَدَمِ إقْرَارِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِالْقَبْضِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّا نَقُولُ وَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْعُدُولَ لَا يُؤَثِّرُ فِي شَهَادَتِهِمْ مِثْلَ هَذِهِ التُّهْمَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَهَلْ كَوْنُ الرَّسُولِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ جَعَلَ الرَّسُولَ شَاهِدًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ وَاخْتَلَفَ هَلْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ فَيَبْقَى كَلَامُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ وِفَاقٌ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى دَعْوَى الْوَارِثِ عَلَى الْوَارِثِ) فَهَاتَانِ صُورَتَانِ الْأَوْلَى أَنْ يَدَّعِيَ الْوَارِثُ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّهُ أَوْصَلَهُ لِلْوَارِثِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَارِثُ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّهُ أَوْصَلَهُ لِمُوَرِّثِهِمْ فَظَهَرَ حِينَئِذٍ أَرْبَعُ صُوَرٍ لَا يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ دَعْوَى وَيَقُولُ إذَا كَانَ الدَّفْعُ مِنْهُ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ مُحَصِّلُ ذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الضَّمَانَ هِيَ الْأَرْبَعُ صُوَرٌ الْمُتَقَدِّمَةُ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ) الْمُرَادُ بِالْمُنْكَرِ مَنْ أَنْكَرَ بِالْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مُقِرٌّ أَوْ مُنْكِرٌ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَ الْمُرْسِلِ لَا رَسُولَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَ لِإِنْكَارِهِ تَأْثِيرٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ) أَيْ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُ الْفُقَرَاءِ فَعَلَى تَقْدِيرِ إذَا أَنْكَرَ بَعْضُ الْفُقَرَاءِ الْأَخْذَ نَقُولُ لَهُ لَا يَلْزَمُ الْإِعْطَاءُ لَك. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ مَعْطُوفٌ عَلَى وَارِثِك فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَبِدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِدُونِ دَفْعٍ وَقَدْ يَكُونُ دَفْعٌ لِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَعَثَتْهُ بِشَيْءٍ لِيُوصِلَهُ إلَى زَيْدٍ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُرْسِلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا وَصَادِقٌ بِأَنْ يَكُونُ صَدَقَةً مِنْ الْمُرْسِلِ عَلَى زَيْدٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا فَيَصِحُّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ تَسَلُّطُهُ عَلَى بَعْضِ صُوَرِ الْمُرْسِلِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ بَعَثْت مَعَهُ بِمَالٍ لِيَدْفَعهُ إلَى رَجُلٍ صَدَقَةً أَوْ صِلَةً أَوْ سَلَفًا أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ يَبْتَاعُ لَك بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ قَدْ دَفَعْته إلَيْهِ وَأَكْذَبَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَبْرَأْ الرَّسُولُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 إلَيْهِ مَالًا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْ الْمُرْسِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ تَسَلُّطُهُ عَلَى بَعْضِ صُوَرِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ. (ص) كَعَلَيْك إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ مَقْصُودَةٌ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَدِيعَةً بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا ائْتَمَنَهُ عَلَى حِفْظِهَا لَا عَلَى رَدِّهَا وَبِعِبَارَةِ الضَّمِيرِ فِي لَهُ لِلْإِيدَاعِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلْإِشْهَادِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَيِّنَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَقْصُودَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ لَهُ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْإِيدَاعِ وَبَقِيَ شَيْءٌ حَذَفَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ لِلتَّوَثُّقِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ أَنْ يَقْصِدَ الْمُودَعُ بِالْإِشْهَادِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ خَوْفَ الْمَوْتِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ يَقُولُ الْمُودَعُ أَخَافُ أَنْ تَقُولَ هِيَ سَلَفٌ فَأَشْهَدُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّوَثُّقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُودِعُ أَنَّ قَصْدَ الْمُودَعِ بِالْبَيِّنَةِ التَّوَثُّقُ. وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ الَّتِي يَشْهَدُهَا الْمُودَعُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَكَالْعَدِمِ وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (ص) لَا بِدَعْوَى التَّلَفِ أَوْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَدِيعَةً أَوْ قِرَاضًا فَادَّعَى تَلَفَ مَا ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى حِفْظِهِ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَتْلَفَتْ أَمْ ضَاعَتْ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَمْرَيْنِ هُوَ مُصَدَّقٌ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ أَمْ لَا وَالتَّلَفُ وَالضَّيَاعُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَلِذَا تَمَحَّلَ بَعْضٌ لِلْمُؤَلِّفِ بِأَنْ حَمَلَ التَّلَفَ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ كَالْحَرْقِ وَالْغَرَقِ وَالضَّيَاعِ إذَا حَقَّقَ الدَّعْوَى عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ كَالسَّرِقَةِ أَوْ ذَهَابِهَا بِذَاتِهَا وَقَوْلُهُ. (ص) وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ (ش) فِي دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ إذَا حَقَّقَ الدَّعْوَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت وَلَا مَفْهُومَ لِلْمُتَّهَمِ فِي تَحْقِيقِ الدَّعْوَى فَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ غَيْر مُتَّهَمٍ لَا يَحْلِفُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ وَيَحْلِفُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَوْ اتِّهَامٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت هَذَا إذَا حَقَّقْت الدَّعْوَى عَلَيْهِ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي نَكَلَ عَائِدٌ عَلَى الْمُودَعِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَّهَمًا لِأَنَّ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُحَقِّقْ الدَّعْوَى غَرِمَ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لِأَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ لَا تُرَدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَّهَمِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ التَّسَاهُلُ فِي الْوَدِيعَةِ أَوْ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ لَا مِنْ اتَّهَمْته بِذَلِكَ. (ص) وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطُ نَفْيِهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت (ش) الضَّمِيرُ فِي نَفْيِهَا يَرْجِعُ لِلْيَمِينِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُودَعَ إذَا شَرَطَ عَلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا أَنْ لَا يَمِينَ لَهُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُؤَكِّدُ التُّهْمَةَ فَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفْت يَا رَبَّ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطً نَفْيِهَا (ص) وَلَا إنْ شَرَطَ الدَّفْعَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا بِدَعْوَى التَّلَفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّسُولَ إذَا شَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنَّهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى مَنْ أَرْسَلَ بِهِ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُهُ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَمِلَ بِشَرْطِهِ هُنَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِشَرْطِهِ فِي قَوْلِهِ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا حِينَ وُجُوبِ تَعَلُّقِهَا فَمُشْتَرَطُ سُقُوطِهَا كَمُشْتَرَطِ سُقُوطِ أَمْرٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ بِخِلَافِ شَرْطِ تَرْكِ الْإِشْهَادِ (ص) وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي بَعْدَ مَنْعِهِ دَفَعَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا طَلَبهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ فَامْتَنَعَ مِنْ إعْطَائِهَا وَاعْتَذَرَ لِرَبِّهَا ثُمَّ لَقِيَهُ فَطَلَبهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ   [حاشية العدوي] إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ أَوْ غَابَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا عِنْدَهُ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَكَذَا إنْ أَمَرْته بِصَدَقَةٍ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ حِصَّةَ مَنْ كَذَبَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ حَذَفَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ لِلتَّوَثُّقِ) رَاجِعٌ لِلِاحْتِمَالَيْنِ لَا لِلثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ) وَإِذَا تَنَازَعَا فِي التَّوَثُّقِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَتَلِفَتْ أَمْ رَدَّدْتهَا أَوْ لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَمْ رَدَّدْتهَا فَيَضْمَنُ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَإِلَّا فَلَا وَيَحْلِفُ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي ذَلِكَ وَلِذَا قَالَ ح فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الصَّوَابُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِالرَّدِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ. (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَأَرْبَعَةٌ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ فَأَمَّا دَعْوَى الرَّدِّ فَيَحْلِفُ مُطْلَقًا كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَوْ اتِّهَامٍ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ فَفِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ يَحْلِفُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا وَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَفِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ يَحْلِفُ الْمُتَّهِمُ دُونَ غَيْرِهِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ أَنَّهُ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّهَا عِنْدَ النُّكُولِ وَلَا رَدَّ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَّهَمِ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبِسَاطِيَّ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ الَّذِي شَأْنُهُ التَّسَاهُلُ إلَخْ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت فَقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا فَسَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بَلْ الَّذِي لَمْ يَتَحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَلَيْسَ إلَّا مُجَرَّدُ التُّهْمَةِ ثُمَّ إنَّ تت رَجَّعَ ضَمِيرَ نَكَلَ لِلْمُتَّهَمِ فَقَالَ مُحَشِّي تت هُوَ الصَّوَابُ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ وَهَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ رَاشِدٍ انْقِلَابُ يَمِينِ التُّهْمَةِ هُنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْبَيَانِ فَقَوْلُ الْأُجْهُورِيِّ هَذَا الْحَلِفُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَفِي دَعْوَى التَّلَفِ إذَا حَقَّقَ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى تُهْمَةً فَالْغُرْمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنْ تَابَعَهُ بَعْضُهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَتْ يَا رَبَّ الْوَدِيعَةِ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي حِينَئِذٍ صَدَقَ الْمُودَعُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 ضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ امْتِنَاعَهُ مِنْ دَفْعِهَا لِعُذْرٍ وَأَثْبَتَهُ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّهَا أَنْ يَقُولَ لَهُ سُكُوتُك عَنْ أَنَّهَا تَلِفَتْ لَا سِيَّمَا مَعَ اعْتِذَارِك دَلِيلٌ عَلَى بَقَائِهَا ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ إنَّمَا عَلِمَ بِالتَّلَفِ بَعْدَ مَا لَقِيَهُ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ حَلَفَ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (ص) كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَطُلِبَتْ مِنْهُ فَامْتَنَعَ مِنْ إعْطَائِهَا وَلَا عُذْرَ لَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ إعْطَائِهَا لِرَبِّهَا ثُمَّ لَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ تَلِفَتْ بَعْدَ أَنْ لَقِيتَنِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فَقَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ صِفَةٍ أَيْ وَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ بِلَا عُذْرٍ ثَابِتٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِامْتِنَاعِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِعُذْرٍ مُحْتَمَلٍ وَدَلَّ مَفْهُومُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ امْتِنَاعُهُ أَوَّلًا لِعُذْرٍ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (ص) لَا إنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ (ش) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إذَا قَالَ لَا أَدْرِيَ مَتَى تَلِفَتْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَأَيْضًا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْأَمَانَةِ. (ص) وَبِمَنْعِهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَعَ لِشَخْصٍ وَدِيعَةً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ طَلَبَهَا مِنْهُ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْقَاضِي ثُمَّ إنَّهَا ضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ فِي ضَيَاعِهَا إذْ لَا عُذْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ إذَا ادَّعَى رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَمَّا إنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حِينَئِذٍ فِي رَدِّهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا طَلَبَ رَبُّهُ فِكَاكَهُ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَفْعِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ فَتَلِفَ قَبْلَ إتْيَانِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. (ص) لَا إنْ قَالَ ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهَا وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَدِيعَةً مِنْ رَبِّهَا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ طَلَبَهَا مِنْهُ فَقَالَ ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَأَوْلَى مِنْ أَقَلَّ وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ كُنْت أَرْجُوَهَا وَأَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَسَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ وَوَاوُ وَكُنْت أَرْجُوهَا وَاوُ الْحَالِ أَوْ وَاوُ الْعِطْفِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَاعَتْ وَقَوْلُهُ (ص) كَالْقِرَاضِ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ يَعْنِي أَنَّ مِنْ بِيَدِهِ مَالُ الْقِرَاضِ إذَا نَضَّ ثُمَّ طَلَبَهُ رَبُّهُ فَقَالَ لَهُ ضَاعَ مِنْ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِالْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي وَكُلٌّ صَحِيحٌ (ص) وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْدَعَ عِنْدَ شَخْصٍ وَدِيعَةً أَوْ بَاعَهُ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ عَامَلَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَخَانَهُ فِيهِ أَوْ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْخَائِنَ أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ صَاحِبِهِ الْأَوَّلِ أَوْ بَاعَ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَى فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ أَوْ مِمَّا عَامَلَهُ فِيهِ نَظِيرَ مَا ظَلَمَهُ الْأَوَّلُ فِيهِ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْأَصَحَّ فِي اللَّفْظِ الْعَامِّ إذَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ أَنْ يَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ وَلَا يَقْصُرُ عَلَى سَبَبِهِ كَمَا سُنَّ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ الْقُدُوم لِكُلِّ حَاجٍّ مِنْ الذُّكُورِ وَإِنْ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ قَدْ زَالَ وَهُوَ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ حَيْثُ نَسَبُوا لِأَصْحَابِ الرَّسُولِ الضَّعْفَ بِسَبَبِ حُمَّى الْمَدِينَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ أَمْ لَا أَمْكَنَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَوْلُهُ مِنْهَا لِمَنْ ظَلَمَهُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَخَذَ وَمَعْنَى الْحَرْفَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِلتَّبْعِيضِ وَالثَّانِي لِلتَّعَدِّيَةِ وَبِمِثْلِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَيْضًا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْأَمَانَةِ) تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ) أَيْ الْقَاضِي أَيْ الَّذِي لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ وَبِسَعْيِهِ بِهَا لِمُصَادَرٍ لَفْظٌ يَأْتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوَّلُهُ وَضَمِيرُهُ الْمُسْتَتِرُ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَالْحَاكِمُ بِالنَّصْبِ أَوْ بِالنُّونِ أَوَّلُهُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمُشَارَكَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ الْحَاكِمُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يَأْتِي إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَأْتِي مِنْ بَلَدٍ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ كَانَ أَخَذَهَا) لَا يُقَالُ يَضْمَنُ حَيْثُ مَنَعَهَا لِخُصُوصِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُشْهِدَ غَيْرُ الْحَاكِمِ لِأَنَّا نَقُولُ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ أَخَافُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِخُصُومِهِ أَوْ تَفْسِيقِ الْبَيِّنَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَخَّرَ قَبْضَهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ وَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ وَكُنْت أَرْجُوهَا) اُنْظُرْ هَلْ يُقَيِّدُ بِقَوْلِهِ وَكُنْت أَرْجُوهَا أَوْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَوْ يُقَالُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا الْإِعْلَامُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ فَإِنْ قَالَ إنَّمَا سَكَتَ لِأَنِّي كُنْت أَرْجُوَهَا قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) إلَّا أَنَّ جَرَيَانَ قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَخْ فِيهِ إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا نَضَّ الْمَالُ أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِنَضُوضِهِ لِطَلَبِ رَبِّهِ فَقَالَ لَهُ ضَاعَ مِنْ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهُ فَلَا ضَمَانَ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَامْتِنَاعُهُ مِنْ قَسْمِ الْمَالِ أَوْ مِنْ إحْضَارِهِ لِلْقَسْمِ وَقَوْلُهُ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانًا (قَوْلُهُ إذَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ) إذَا «سُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَمَّنْ أَرَادَ وَطْءَ امْرَأَةٍ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا رَجُلٌ قَدْ كَانَ هُوَ اُؤْتُمِنَ عَلَى امْرَأَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ السَّائِلِ فَخَانَهُ فِيهَا وَوَطِئَهَا فَقَالَ لَهُ أَدِّ الْأَمَانَةَ» ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّهَادَاتِ بِقَيْدِهَا هُنَاكَ إنْ يَكُنْ غَيْرُ عُقُوبَةٍ وَأَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً وَبِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] إلَخْ وَأَمَّا خَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَعْنَى لَا تَخُنْ أَيْ لَا تَأْخُذْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّك فَتَكُونُ خَائِنًا وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ قَالَ بَعْضٌ مِنْ حَشْيِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَالَ أَحْمَدُ إنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَعْرِفُ لَهُ طَرِيقًا وَيَقْدَحُ فِيهِ ذِكْرُ السُّيُوطِيّ لَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى الْحَرْفَيْنِ مُخْتَلِفٌ) لَا يَحْتَاجُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 مُتَعَلِّقٌ بِظَلَمَهُ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَبَعْدَهَا مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا مِمَّنْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ مِثْلِهَا أَيْ بِسَبَبِ أَخْذِ مِثْلِهَا. وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهَا أَيْ مِثْلِهَا فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فَالْمُرَادُ بِمِثْلِهَا مُطْلَقُ مَالٍ وَأَحْرَى غَيْرُ مِثْلِهَا لَا فِي الْوَدِيعَةِ (ص) وَلَا أُجْرَةُ حِفْظِهَا بِخِلَافِ مَحَلِّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَبِّ الْوَدِيعَةِ أُجْرَةَ حِفْظِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحِفْظَ مِنْ نَوْعِ الْجَاهِ وَهُوَ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ أُجْرَةً كَالْقَرْضِ وَالضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مِمَّنْ يُكْرِي نَفْسَهُ لِلْحِرَاسَةِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ وَمِثْلُهُ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَأَوْلَى مِنْ اشْتِرَاطِهِ بِخِلَافِ أُجْرَةِ مَحَلِّهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مَا شَغَلْته مِنْ الْمَحَلِّ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ لَا يَأْخُذُ، أَوْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِذَلِكَ أَوْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْأَخْذِ (ص) وَلِكُلٍّ تَرْكُهَا (ش) أَيْ وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُودَعِ تَرْكُ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مُبَاحَةٌ لِلْفَاعِلِ وَالْقَابِلُ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مَتَى شَاءَ وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَرُدَّهَا لِرَبِّهَا مَتَى شَاءَ (ص) وَإِنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ فَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ أَوْ السَّفِيهَ إذَا أَخَذَ وَدِيعَةً أَوْ قِرَاضًا أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَتْلَفَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضًا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَتْلَفَ لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى هَلَاكِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ قَبُولُهُ لِمَا ذُكِرَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَمْ لَا وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا لِأَنَّ الْعَهْدَ طَالَ وَتُنُوسِيَ وَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ أَعَمَّ مِمَّا سَبَقَ وَعَدَمُ الضَّمَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُصَوِّنْ بِهِ مَالَهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِمَّا صَوَّنَ بِهِ مَالَهُ وَمِمَّا أَصْرَفَهُ فِي الْمَالِ الْمَصُونِ لَا فِي غَيْرِهِ حَيْثُ تَلِفَ وَأَفَادَ غَيْرَهُ (ص) وَتَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَأْذُونِ عَاجِلًا وَبِذِمَّةِ غَيْرِهِ إذَا عَتَقَ إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا أَخَذَ وَدِيعَةً مِنْ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِيهَا عَلَى الْأَمَانَةِ كَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا ضَمِنَهَا وَتَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ وَيَغْرَمُهَا الْآنَ كَالْحُرِّ إذْ الْإِذْنُ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ إذْنٌ فِي الْإِيدَاعِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ وَتُؤْخَذُ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى تَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ وَأَمَّا مِنْ عَطِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ فَتُؤْخَذُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ إذَا تَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَتَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا وَلَا تَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِنَايَةً كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ إلَّا أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْهُ سَيِّدُهُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ سَيِّدُهُ أَسْقَطْت ذَلِكَ عَنْ عَبْدِي وَلَا يَتْبَعُ بِشَيْءٍ إذَا عَتَقَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ أَسْقَطَهُ عَنْ عَبْدِهِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِمَا فَإِنَّهُمَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُمَا اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ (ص) وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيته تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا ادَّعَاهَا رَجُلَانِ فَقَالَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَلَا أَدْرِي مَنْ هُوَ مِنْكُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ   [حاشية العدوي] لِذَلِكَ إلَّا لَوْ اتَّحَدَ اللَّفْظُ وَاللَّفْظُ لَمْ يَتَّحِدْ هُنَا (قَوْلُهُ مُطْلَقُ مَالٍ) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ وَدِيعَةَ مِثْلِهَا وَإِنْ اتَّحَدَ مَعَهَا جِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدَ وَأَحْرَى إلَخْ وَقَوْله وَأَحْرَى غَيْرُ جِنْسِهَا أَيْ نَوْعِهَا فَإِذَا كَانَ لَا يَأْخُذُ نَوْعَهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا يَأْخُذُ غَيْرَ نَوْعِهَا وَإِلَّا حَرُوِيَّةً هَذِهِ بِاعْتِبَارِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَحَلِّهَا) وَكَذَا لَوْ سَافَرَ بِهَا فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بِهَا فَأُجْرَةُ نَقْلِهَا عَلَى رَبِّهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحِفْظَ مِنْ نَوْعِ الْجَاهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ تَعْلِيلًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ) وَكَأَنَّ الْأُجْرَةَ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْجَاهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مُبَاحَةٌ) أَيْ مُبَاحٌ إيدَاعُهَا وَفِيهِ أَنَّ إبَاحَةَ الْقُدُومِ عَلَى ذَلِكَ لَا تُنَافِي اللُّزُومَ بَعْدُ كَالْبُيُوعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا لَا يَلْزَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَأَمَّا الْمُعَاوَضَات وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً فَإِنَّهَا تَلْزَمُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ لِلْفَاعِلِ) أَيْ الْمُودَعِ وَقَوْلُهُ وَالْقَابِلُ أَيْ قَابِلُ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ) وَالْإِذْنُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَهَذَا مَا لَمْ يُنْصِبْهُ وَلِيُّهُ فِي حَانُوتِهِ فَإِنْ نَصَبَهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَبَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبُولِ الْقَرْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ أَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ فَيَضْمَنُ وَالْمُرَادُ يَضْمَنُ وَلِيُّهُ النَّاصِبَ لَهُ لَا هُوَ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ هُنَا أَعَمُّ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَنَّ الْعَهْدَ (قَوْلُهُ أَعَمُّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي خُصُوصِ الْأَمَانَةِ الَّتِي هِيَ الْوَدِيعَةُ وَمَا هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِمَّا صَوَّنَ بِهِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ الَّذِي أَصَرَفَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبِلَ بِمَا إذَا لَمْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ وَقَوْلُهُ وَمِمَّا أَصَرَفَهُ فِيهِ أَنَّهُ عَيَّنَ مَا صَوَّنَ بِهِ مَالَهُ فَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَمِمَّا أَصَرَفَهُ أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَصْرِفَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَالِ الْمَصُونِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَضْمَنُ وَأَرَادَ بِالْمَالِ الْمَصُونِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ تَلِفَ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي بِيَدِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِيدَاعِ مِنْ لَوَازِمِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَكَانَ الضَّمَانُ مِنْ سَيِّدِهِ وَفِي عب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّةِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ بِالْإِيدَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُقَوِّي كَلَامَ عب وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 إذَا نَكَلَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْحَالِفِ دُونَ النَّاكِلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ يَدَّعِيه رَجُلَانِ فَيَقُولُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ هُوَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا أَدْرِي عَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ قَالَ لَيْسَتْ الْوَدِيعَةُ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا لَمْ يُقْبَلْ وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَعَ بَقَائِهَا تَحْتَ يَدِ الْمُودَعِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ قَالَ رَدَدْتهَا لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَيُّهُمَا هُوَ ضَمِنَ قَدْرَهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ قَدْرِهَا إذْ لَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ أَوْدَعَهُ وَاحِدٌ مِائَةً وَآخَرُ خَمْسِينَ وَنَسِيَ مَنْ صَاحِبَ الْمِائَةِ وَادَّعَاهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فَقَالَ سَحْنُونَ يَحْلِفَانِ عَلَى الْمِائَةِ وَيَقْتَسِمَانِهَا وَأَمَّا الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ فَتَبْقَى بِيَدِ الْمُودَعِ إذْ لَيْسَ لَهَا مُدَّعٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَغْرَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةً بَعْدَ حَلِفِهِمَا اهـ. وَانْظُرْ حُكْمَ هَذَا فِي الدَّيْنِ (ص) وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَيْنِ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا جَعَلَهَا صَاحِبُهَا بِيَدِ رَجُلَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِيَدِ أَعْدِلْهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا أَبْضَعَ مَعَهُمَا بِضَاعَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ بِيَدِ أَعْدَلِهِمَا كَالْمَالِ يَكُونُ بِيَدِ الْوَصِيَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِي يَدِ أَعْدِلْهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصِيَّيْنِ عَدْلٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَعْزِلُهُمَا وَيُوَلِّي غَيْرَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ شَيْئًا وَأَرَاهُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ بِيَدِ الْأَعْدَلِ وَأَوْلَى الْعَدْلُ مَعَ الْفَاسِقِ وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جُعِلَتْ بِيَدِهِمَا وَإِنْ أَوْدَعَ فَاسِقَيْنِ لَا تُنْزَعُ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ جَعَلَ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُودَعِ وَفِي بَعْضِهَا جُعِلَتْ أَيْ الْوَدِيعَةُ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْعَارِيَّةَ وَالْإِعَارَةُ مَصْدَرُ أَعَرْتَ الْمَتَاعَ إعَارَةً وَالِاسْمُ مِنْهُ عَارِيَّةٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَقَدْ حَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ مَصْدَرًا وَاسْمًا كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ إذَا كَانَ لِلْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعْنَيَانِ فَالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ فَقَوْلُهُ مَنْفَعَةٌ أَخَرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ الذَّوَاتِ وَتَمْلِيكَ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ مُؤَقَّتَةٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ بِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَكَيْفَ يَغْرَمُ مِائَتَيْنِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ خِلَافٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي كَوْنِ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ وَعَكْسُهُ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ اهـ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ قَدْرَهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) تَوْضِيحُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ دَفَعْتهَا لِأَحَدٍ كَمَا وَجَهِلْته وَأَنْكَرَا قَبْضَهَا حَلَفَا وَأَخَذَا مِنْهُ مِائَةً مِائَةً أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَمَنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ نَكَلَا مَعًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُقِرِّ إلَّا مِائَةٌ يَقْتَسِمَانِهَا دُونَ يَمِينٍ عَلَيْهِ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنُعْلِمُك أَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ وَإِنْ تَبِعَ فِيهَا غَيْرَهُ لَيْسَتْ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِغُرْمِ مِائَةٍ أَوْ مِائَتَيْنِ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ أَوْ سَلَّمَهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَيْ وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى مُحَشِّي تت. فَإِذَا عَمِلْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ إلَّا مِائَةً مُطْلَقًا خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ أَوْ بَقِيَتْ وَيَكُونُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إذْ لَوْ قَالَ إلَخْ ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَتَبْقَى إلَخْ) الصَّوَابُ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَقَعُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ تَحَالَفَا عَلَى الْمِائَةِ وَاقْتَسَمَاهَا مَعَ الْخَمْسِينَ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي صَاحِبَ الْخَمْسِينَ مِنْ الْمِائَةِ حَلَفَا وَاقْتَسَمَاهُمَا هَكَذَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فِي اقْتَسِمَاهُمَا الْعَائِدِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) أَيْ جَعَلَهَا الشَّرْعُ قَالَ تت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْعَلَهَا الْحَاكِمُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ كَانَ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَيُحْتَمَلُ مِنْ الْآخَرِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مُودَعًا أَيْضًا مِنْ رَبِّهَا عب وَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ بِيَدِهِمَا) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَا ضَمَانَ أَنَّ اقْتَسَمَاهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْدَعَ فَاسِقَيْنِ لَا تُنْزَعُ مِنْهُمَا) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَأَرَاهُ مِثْلَهُ وَهُمَا قَوْلَانِ وَالْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُ سَحْنُونَ. قَالَ بَهْرَامُ قُلْت وَقَوْلُ سَحْنُونَ عِنْدِي هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ لَا يَرْتَضِي بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخِرِ وَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ لَمْ يَطَّلِعْ الْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَلِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَفْحَصُ عَنْ حَالِهِمَا وَأَمَانَتِهِمَا لِقِيَامِهِ فَمَنْ عُرِفَ مِنْهُ الْخِيَانَةُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ مَا بِيَدِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِمَا مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْحِفْظُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَوَافَقَ سَحْنُونَ عَلَى قَوْلِهِ الْقَاضِيَ إسْمَاعِيلَ وَأَقُولُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ سَحْنُونَ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِفِسْقِهِمَا وَقَوْلُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا [بَاب الْعَارِيَّةِ] (بَابُ الْعَارِيَّةِ) (قَوْلُهُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ) وَقَدْ تُخَفَّفُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ) أَيْ عَيْبٌ قَالَ بَهْرَامُ وَرُدَّ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَنْسُوبَةً لَهُ لَقَالُوا يَتَعَيَّرُونَ لِأَنَّ الْعَارَ عَيْنُهُ يَاءٌ وَالْعَارِيَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُعَاوَرَةِ وَهُوَ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ يُقَالُ هُمْ يَتَعَاوَرُونَ مِنْ جِيرَانِهِمْ الْأَوَانِيَ أَيْ يَأْخُذُونَ وَيُعْطُونَ وَالْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ وَمَنْدُوبٌ إلَيْهَا اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ وَقَعَتْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحْبِ فَلَوْ كَانَ طَلَبُهَا عَارًا لَمَا اسْتَعَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الصَّحْبُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مُؤَقَّتَةٍ) أَيْ لَفْظًا أَوْ عَادَةً فَإِذَا قَالَ لَهُ أَعَرْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا وَلَمْ يُؤَقِّتْ أَجَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ وَتَمْلِيكَ الِانْتِفَاعِ) أَيْ يَنْتَفِعُ الشَّخْصُ بِذَاتِهِ كَأَنْ تُوقِفَ بُيُوتًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ يَسْكُنُونَهَا فَهَذَا تَمْلِيكُ انْتِفَاعٍ أَيْ يَنْتَفِعُونَ بِأَنْفُسِهِمْ لَا أَنَّكَ مَلَّكْتَهُمْ الْمَنْفَعَةَ بِحَيْثُ يُؤَجِّرُونَهَا وَيَأْخُذُونَ أُجْرَتَهَا كَمَا قُلْنَا فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا حَبَسْتُ بُيُوتًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِأُجْرَتِهَا هَلْ مِنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الِانْتِفَاعِ؟ قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَمْلِيكِ الِانْتِفَاعِ فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالِانْتِفَاعِ مَا يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُيُوتِ أَوْ بِأُجْرَتِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ) أَيْ وَمِلْكُ النَّفْعَةِ أَخَصُّ مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ فَيَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 أَخَرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا إذَا مَلَكَ الْعَبْدُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَوَهَبَهَا إيَّاهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَيَخْرُجُ الْحَبْسُ لِأَنَّ فِيهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ لَا الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ لَا بِعِوَضٍ يُخْرِجُ بِهِ الْإِجَارَةَ وَأَمَّا حَدُّهَا اسْمًا فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَالٌ ذُو مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مُلِكَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ انْتَهَى وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَعَارُ وَمَا بِهِ الْعَارِيَّةُ وَالْمُؤَلِّفُ ابْتَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ (ص) صَحَّ وَنُدِبَ إعَارَةُ مَالِكٍ مَنْفَعَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً يَصِحُّ مِنْهُ وَيُنْدَبُ لَهُ الْإِعَارَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَعَارَ وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى النَّدْبِ وَإِنْ كَانَ النَّدْبُ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ لَا الْعَكْسَ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيُفِيدَ حُكْمَهَا بِالْأَصَالَةِ وَلِيَجْمَعَ بَيْنَ الْقُيُودِ وَالْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ وَقَوْلُهُ (ص) بِلَا حَجَرٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِمَالِكٍ لَا بِصَحَّ وَلَا بِنُدِبَ، وَإِنَّ صَحَّ وَنُدِبَ يَتَنَازَعَانِ فِي إعَارَةٍ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ بِلَا حَجْرٍ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِعَارَةُ وَتُنْدَبُ لَهُ وَقَوْلُهُ (ص) وَإِنْ مُسْتَعِيرًا (ش) مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّةِ الْإِعَارَةِ مِنْهُ لَا فِي نَدْبِهَا مِنْهُ إذْ لَا يُنْدَبُ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ بِإِعَارَةٍ أَنْ يُعِيرَ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَقَدْ ذَكَرَهُ تت وَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ شَرْعِيٍّ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالْأَعْوَاضِ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي نَحْوِ الْعَارِيَّةِ إلَّا مَا كَانَ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ وَأَمَّا مَا كَثُرَ فَلَا أَوْ جَعْلِيٍّ مِنْ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الْإِعَارَةِ لَا يُعِيرُ فَلَا يُرِيدُ حَجْرَ الْمَالِ وَلَا فَرْقَ فِي الْحَجْرِ الْجَعْلِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ بِقَرِينَةٍ   [حاشية العدوي] دَارًا فَقَدْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ كِرَاؤُهَا وَمَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ كَمَا إذَا وُقِفَتْ بُيُوتٌ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِلسُّكْنَى فَإِنَّهُمْ مَلَكُوا انْتِفَاعَهَا أَيْ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَمْلِكُوا مَنْفَعَتَهَا بِحَيْثُ يُكْرُونَهَا (قَوْلُهُ وَوَهَبَهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَلَكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) أَيْ وَلَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَانْظُرْ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ يَجُوزُ وَإِذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ فَهَلْ تِلْكَ الْهِبَةُ سَارِيَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَتَكُونُ تِلْكَ الْهِبَةُ سَارِيَةً عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ عَيْبًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَثَمَرَةُ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَقَاءِ تَحْتَ الْمِلْكِ حِينَئِذٍ أَخْذُ مَالِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ انْتِزَاعُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَحَرِّرْ ذَلِكَ فَإِنِّي مَا رَأَيْتُهُ. (قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ الْحَبْسُ لِأَنَّ فِيهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الْحَبْسِ كَمَا إذَا حَبَسَ دُورًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِلسُّكْنَى فَقَطْ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا حَبَسَ دَارًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِسُكْنَاهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ إجَارَتِهَا وَأَخْذِ أُجْرَتِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَهَذَا حَبْسٌ فِيهِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ فَيَخْرُجُ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ وَالْكِرَاءُ لِأَنَّ كُلًّا بِعِوَضٍ وَأُورِدَ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا إذَا اكْتَرَى رَجُلٌ دَارًا سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَارِثًا فَإِنَّ بِإِرْثِهِ ذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةً مُؤَقَّتَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَجَابَ بِأَنَّ عُمُومَ نَفْيِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُخْرِجُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْمَيِّتِ اهـ. وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا خُرُوجُ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَعَارَهُ مَعَ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَبْسَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا (قَوْلُهُ ابْتَدَأَ الْحُكْمَ) أَرَادَ بِهِ النَّدْبَ الْمَلْزُومَ لِلصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِأَنَّهَا إحْسَانٌ {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] وَيَعْرِضُ وُجُوبُهَا كَغَنِيٍّ عَنْهَا لِمَنْ يَخْشَى بِعَدَمِهَا هَلَاكَهُ، وَحُرْمَتُهَا لِكَوْنِهَا تُعِينُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَكَرَاهَتُهَا لِكَوْنِهَا تُعِينُهُ عَلَى مَكْرُوهٍ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهَا فِي حَقِّهِ اهـ. قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ بَابَا وَلَوْ قَالَ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا فِي الْحَالِ وَلَكِنْ بِصَدَدِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا ثَانِيًا لَانْتَفَى النَّظَرُ (قَوْلُهُ صَحَّ) الْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِانْعِقَادُ فَيَخْرُجُ إعَارَةُ الْفُضُولِيِّ مِلْكَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ كَهِبَتِهِ وَوَقْفِهِ وَسَائِرِ مَا أَخْرَجَهُ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ لَا عَلَى عِوَضٍ كَبَيْعِهِ فَمُنْعَقِدٌ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَعَارَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ) فَإِنَّهَا مُخْرِجَةٌ مِنْ الصِّحَّةِ لَا مِنْ النَّدْبِ وَإِلَّا لَتُوُهِّمَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ حُكْمَهَا بِالْأَصَالَةِ) قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ النَّدْبُ وَقَوْلُهُ وَلِيَجْمَعَ بَيْنَ الْقُيُودِ الَّتِي هِيَ مَالِكٌ مَنْفَعَةً بِلَا حَجْرٍ وَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ إعَارَةُ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَ إعَارَةَ الْمَرِيضِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ كَالْفُضُولِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَفْهُومِ إعَارَةُ الزَّوْجَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ ثُمَّ الَّذِي يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَارَةِ لَا قِيمَةَ ذِي الْمَنْفَعَةِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَإِنَّ صَحَّ وَنُدِبَ يَتَنَازَعَانِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُعْمِلْ وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَوْ أَعْمَلَ وَاحِدًا لَأَضْمَرَ فِي الْآخَرِ فَيَقُولُ صَحَّتَا وَنُدِبَ وَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُنْدَبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ صَادِقٌ بِالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فَيُكْرَهُ لِلْمُسْتَعِيرِ ثَوْبًا أَوْ كِتَابًا إعَارَتُهُ لِغَيْرِهِ وَكَذَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَالصِّحَّةُ لَا تُنَافِي الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ تت وَإِعَارَةُ فَاعِلُ صَحَّ لَا نَائِبُ نُدِبَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ عَبْدٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا سَفِيهٍ وَلَا مَجْنُونٍ الْبِسَاطِيُّ وَجْهُ تَعْيِينِ كَوْنِهِ فَاعِلَ صَحَّ أَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ بِالْأَصَالَةِ وَأَيْضًا بِلَا حَجْرٍ إنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِي الصِّحَّةِ لَا فِي النَّدْبِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَعِيرًا كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ بَلْ الْخِلَافُ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا اهـ. وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ إعَارَةُ تَنَازَعَهُ صَحَّ وَنُدِبَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ كَوْنِ إعَارَةُ فَاعِلَ صَحَّ (قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) أَيْ وَحَجْرِ الْعَبْدِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إعَارَتُهُ كَمَرِيضٍ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرِيدُ حَجْرَ الْمَالِ) أَيْ فَقَطْ بَلْ أَرَادَ حَجْرَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 كَقَوْلِهِ لَوْلَا إخْوَتُكَ أَوْ صَدَاقَتُكَ أَوْ دِيَانَتُكَ مَا أَعَرْتُكَ (ص) لَا مَالِكِ انْتِفَاعٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا وَأَمَّا مَالِكُ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ كَسُكْنَى بَيْتِ الْمَدَارِسِ وَالزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إنْزَالِ الضَّيْفِ الْمَدَارِسَ وَالرُّبُطَ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ فَلَا يَجُوزُ إسْكَانُ بَيْتِ الْمَدَارِسِ دَائِمًا وَلَا إيجَارُهُ إذَا عُدِمَ السَّاكِنُ وَلَا الْخَزْنُ فِيهِ وَلَا بَيْعُ مَاءِ الصَّهَارِيجِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ وَلَيْسَ لِلضَّيْفِ بَيْعُ الطَّعَامِ وَلَا إطْعَامُهُ وَلَا يُبَاعُ زَيْتُ الِاسْتِصْبَاحِ وَلَا يُتَغَطَّى بِبُسُطِ الْوَقْفِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (ص) مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَجُوزُ إعَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ السِّلَاحِ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِمَّا لَازَمَهُ أَمْرٌ مَمْنُوعٌ قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِإِعَارَةُ وَضَمَّنَهُ مَعْنَى وَهْبَةٍ فَعَدَّاهُ بِمِنْ تَقُولُ وَهَبْت دَارِي مِنْ زَيْدٍ وَإِلَّا فَالْمَوْضِعُ لِلَّامِ أَوْ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ. (ص) عَيْنًا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ (ش) هَذَا هُوَ الْمُسْتَعَارُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْعَارِيَّةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْأَمَةِ لِأَجْلِ الْوَطْءِ قَوْلُهُ عَيْنًا مَعْمُولُ " إعَارَةُ " لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فَاعِلِهِ وَهُوَ مَالِكٌ وَهَذَا مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعُ عَلَيْهِ لَا مَعْمُولُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ سَوَاءٌ قُرِئَ مَالِكٌ بِالتَّنْوِينِ وَنُصِبَ مَنْفَعَةً أَوْ بِالْإِضَافَةِ إذْ مَالِكٌ لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ وَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ ذَاتًا وَاللَّامُ فِي لِمَنْفَعَةٍ تُشْبِهُ لَامَ الْعَاقِبَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَيْلُولَةِ أَيْ يَئُولُ أَمْرُهَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ عَاقِبَةُ إعَارَةِ الْعَيْنِ وَمَآلُ أَمْرِهَا اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ لَامُ الْعَاقِبَةِ لِأَنَّهَا الَّتِي يَكُونُ مَا بَعْدَهَا نَقِيضًا لِمَا قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ نَقِيضًا لَهُ لِأَنَّهُ يُجَامِعُهُ فَهِيَ تُشْبِهُ لَامَ الْعَاقِبَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَيْلُولَةِ كَمَا مَرَّ. (ص) لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] فَهُوَ مِثَالٌ أَيْ لَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُبَاحَةٍ كَإِعَارَةِ ذِمِّيٍّ مُسْلِمًا أَيْ لِمَنْفَعَتِهِ أَيْ لِخِدْمَتِهِ الذِّمِّيَّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَنْفَعَةِ غَيْرِ الْمُبَاحَةِ وَأَمَّا إعَارَةُ الذِّمِّيِّ مَنْفَعَةَ الْمُسْلِمِ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ كَأَنْ يَخِيطَ لَهُ مَثَلًا فَيَنْبَغِي فِيهِ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِعَيْنِهِ) أَيْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِذَاتِهِ أَيْ لِيَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَلَا يُؤَاجِرُ وَلَا يَهَبُ وَلَا يُعِيرُ مَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْهُ وَتَعَلُّقَهُ بِهِ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ كَسُكْنَى بَيْتِ الْمَدَارِسِ) أَرَادَ بِبَيْتِ الْمَدَارِسِ الْمَوَاضِعَ الْمُسَمَّاةَ بِالْخَلَاوِي فِي عُرْفِ مِصْرَ وَقَوْلُهُ وَالزَّوَايَا مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْتِ الْمَدَارِسِ أَوْ عَلَى الْمَدَارِسِ إنْ كَانَ فِي الزَّاوِيَا بُيُوتٌ وَقَوْلُهُ وَالرُّبُطَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْجُلُوسِ مَعْطُوفٌ عَلَى سُكْنَى فَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلِانْتِفَاعِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا مَالِكُ الِانْتِفَاعِ أَيْ مِثَالُ الِانْتِفَاعِ كَسُكْنَى (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ) بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ وَهَلْ إذَا تَلَفَّظَ بِالْعَارِيَّةِ يَكُونُ ذَلِكَ بَاطِلًا وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعِرْ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَعَمْ إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الثَّانِي فَيَسْقُطُ حَقُّهُ هَذَا مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ الْمَدَارِسَ) مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً لِلضَّيْفِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ الْأَوْقَافِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ وَنَسْلِهِ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَدَارِسِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى كُلِّ مُسْتَحِقٍّ فِي الْحَالَةِ كَمَا لِشَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إسْكَانُ بَيْتِ الْمَدَارِسِ دَائِمًا) يَتَعَارَضُ مَفْهُومُ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالدَّوَامِ الْمُدَّةَ الْكَثِيرَةَ أَيْ مَا قَابَلَ الْيَسِيرَةَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادِرِ (قَوْلُهُ وَلَا إيجَارُهُ) أَيْ لِلسُّكْنَى فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ مَاءِ الصَّهَارِيجِ) مُنَاسِبٌ لِلْمَقَامِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَقَامِ لِأَنَّ مَاءَ الصَّهَارِيجِ الْقَصْدُ مِنْهُ الِانْتِفَاعُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلضَّيْفِ بَيْعُ الطَّعَامِ وَلَا إطْعَامُهُ) نَعَمْ لَهُ إطْعَامُ الْهِرِّ وَالسَّائِلِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ زَيْتُ الِاسْتِصْبَاحِ) أَيْ الَّذِي لِلْوَقْفِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْقَلِيلِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ (قَوْلُهُ مَعْنَى وَهْبَةٍ) أَرَادَ الْمَصْدَرَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَهَبْت لِزَيْدٍ مَالًا وَهْبًا وَوَهْبَةً انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَخْ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَجِيءُ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ شَاذٌّ (قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ نَقِيضًا لِمَا قَبْلَهَا) أَيْ لِمُقْتَضَى مَا قَبْلَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالْتَقَطَهُ} [القصص: 8] فَإِنَّ الْعَدَاوَةَ وَالْحُزْنَ نَقِيضُ مُقْتَضَى الِالْتِقَاطِ الَّذِي هُوَ الْمَحَبَّةُ وَالتَّبَنِّي وَلَيْسَتْ اللَّامُ لِلْعِلَّةِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي النَّدْبِ الثَّوَابُ الْأُخْرَوِيُّ لَا نَفْعُ الْمُعَارِ هَذَا حَاصِلُهُ ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي شَرْطِ كَوْنِهِ نَقِيضًا لِمَا قَبْلَهَا خِلَافًا وَقَوْلُهُ وَمَا خَلَقْت الْجِنَّ إلَخْ يُفِيدُ عَدَمَ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا مَانِعَ مِنْ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ لِمَنْفَعَةٍ بِإِعَارَةُ. (قَوْلُهُ لَا كَذِمِّيٍّ إلَخْ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ كَذِمِّيٍّ مِثَالٌ أَيْ لَا مَنْفَعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا هِبَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ فَتَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ الْإِعَارَةِ لَهُ وَالْهِبَةُ لَهُ صَحِيحَةٌ أَنَّ وَاهِبَ الذَّاتِ لَمْ يَقْصِدْ إذْلَالَ الْمُسْلِمِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَحْصُرْ مَنْفَعَتَهُ فِي الْكَافِرِ وَأَيْضًا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَعَارَ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَخْدُمَهُ فَقَصَدَ ابْتِدَاءً الْإِذْلَالَ فَافْتَرَقَا وَقَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُضِيُّ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْجَوَازُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ كَحَانُوتِهِ وَلَا يَسْتَبِدُّ بِعَمَلِهِ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ كَكَوْنِهِ مُقَارِضًا أَوْ مُسَاقِيًا لَهُ وَقَدْ تَكُونُ مَحْظُورَةً كَأَنْ يَكُونَ فِي عَمَلِهِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْخِدْمَةِ فِي بَيْتِهِ وَالْإِرْضَاعِ لَهُ فِيهِ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَحَرَامًا كَحَمْلِ الْخَمْرِ وَرَعْيِ الْخِنْزِيرِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 ص) وَجَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ إعَارَةَ الْجَارِيَةِ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلِاسْتِمْتَاعِ لَا تَجُوزُ لِأَدَائِهِ إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ. (ص) أَوْ خِدْمَةٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ (ش) أَيْ لَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِلْخِدْمَةِ لِغَيْرِ مَحْرَمِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَمْنُوعِ. (ص) أَوْ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْخِدْمَةَ فَرْعُ الْمِلْكِ فَلَا يَجُوزُ إعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بِأَنْ أُعِيرَتْ لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ تَكُونُ لِلْجَارِيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ لَهَا) أَيْ فَالْخِدْمَةُ لِلْجَارِيَةِ لَا لِلْمُعِيرِ وَلَا لِلْمُعَارِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ لَهَا خَاصٌّ بِالْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْ إجَارَةِ نَفْسِهَا فِيهَا وَهَلْ لَهُ نَزْعُ الْأُجْرَةِ أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِرِقٍّ لِحُرٍّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا. (ص) وَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ قَرْضٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَارِيَّةِ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ إذَا اُنْتُفِعَ بِهَا تَذْهَبُ أَعْيَانُهَا وَلِهَذَا كَانَتْ قَرْضًا لَا عَارِيَّةً وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يُضْمَنُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ وَلَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ. (ص) بِمَا يَدُلُّ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الْعَارِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ تَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إشَارَةٍ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ فِيهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ كَالْبَيْعِ بَلْ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ. (ص) وَجَازَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ لِأُعِينَكَ إجَارَةً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ الْيَوْمَ مَثَلًا عَلَى أَنْ أُعِينَكَ بِغُلَامِي غَدًا وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَارَةً لَا عَارِيَّةً أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَآهُ مِنْ الرِّفْقِ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّعَاوُنُ مَعْلُومًا بَيْنَهُمَا وَأَنْ يَقْرُبَ الْعَقْدُ مِنْ زَمَنِ الْعَمَلِ فَلَوْ قَالَ لَهُ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ أَوْ بِثَوْرِك مَثَلًا غَدًا عَلَى أَنْ أُعِينَكَ بِغُلَامِي أَوْ بِثَوْرِي مَثَلًا بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ النَّوْعُ كَالْحَرْثِ أَوْ اخْتَلَفَ كَالْحَرْثِ وَالْبُنْيَانِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ إجَارَةً بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ أَيْ جَازَ مَا ذَكَرَ حَالَ كَوْنِهِ إجَارَةً أَيْ بِأَنْ تُسْتَوْفَى شُرُوطُهَا لَا حَالَ كَوْنِهَا عَارِيَّةً وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُتَعَلَّقَ أُعِينَكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى التَّعْمِيمِ فِيهِ فَيُفْهَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ فِيمَا فِيهِ التَّعَاوُنُ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ أَعِنِّي وَالْإِعَانَةُ مَعْرُوفٌ. (ص) وَضَمِنَ الْمَغِيبَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا أَيْ مَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَتَغْيِيبُهُ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ وَالسَّفِينَةِ السَّائِرَةِ وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا كَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالسَّفِينَةِ بِمَحَلِّ الْمَرْسَى فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْحَيَوَانَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَرْجَهَا وَلِجَامَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَإِذَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ يَوْمَ انْقِضَاءِ   [حاشية العدوي] فَإِنْ فَاتَتْ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِلذِّمِّيِّ لِحَرْثٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْإِجَارَةُ عَلَى بِنَاءِ دُورِهِمْ إنْ كَانَتْ لِمُجَرَّدِ سُكْنَاهُمْ دُونَ بَيْعِ الْخَمْرِ فِيهَا فَكَالْمُسَاقَاةِ وَإِلَّا فَكَبِنَاءِ الْكَنِيسَةِ ك وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْحُرْمَةِ اصْطِلَاحٌ لِابْنِ رُشْدٍ وَإِلَّا فَهُمَا بِمَعْنًى كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الْمَحْظُورَ مَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ خَفِيفَةً وَالْحَرَامَ مَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ شَدِيدَةً (قَوْلُهُ لِأَدَائِهِ إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ) أَيْ أَنَّ إعَارَةَ الْمَرْأَةِ لِلْوَطْءِ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمُعَارَ نَفْسُ الْفَرْجِ أَيْ فَكَوْنُ الْمُعَارِ الْمَرْأَةَ يُؤَدِّي إلَى كَوْنِ الْمُعَارِ نَفْسَ الْفَرْجِ وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ أَنْ تَكُونَ إعَارَتُهَا لِلْوَطْءِ كَتَحْلِيلِهَا لَهُ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَفِي التَّقْوِيمِ وَإِنْ أَبَيَا وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ أَنَّ الْخِدْمَةَ فَرْعُ الْمِلْكِ) أَيْ وَكَمَا لَا يَسْتَمِرُّ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ وَكَمَا لَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ قَوْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِحُرٍّ) أَيْ عَلَى حُرٍّ أَيْ شَهِدُوا عَلَى حُرٍّ بِأَنَّهُ رِقٌّ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَقَّ يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ بِقِيمَةِ خِدْمَتِهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ تِلْكَ الْأُجْرَةَ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَعْتَرِفُ بِأَنَّ أَخْذَ الْعَبْدِ لَهَا مِنْ الشُّهُودِ ظُلْمٌ لِكَوْنِهِ رِقًّا. (قَوْلُهُ تَنْعَقِدُ) أَيْ وَتَلْزَمُ إنْ قُيِّدَتْ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ وَلَزِمَ فِيهَا الْمُعْتَادُ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ (قَوْلُهُ أَوْ فِعْلٍ) أَيْ غَيْرُ إشَارَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ الْإِشَارَةِ هِيَ الْمُعَاطَاةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) تَشْبِيهٌ فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَارَةً) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ إجَارَةً خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيَأْتِي أَنَّهُ يَجْعَلُهُ حَالًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى وَجْهَيْنِ أَوْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ حَلُّ مَعْنًى ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ بَهْرَامَ أَفَادَ أَنَّهُ حَلُّ إعْرَابٍ فَقَالَ مَا نَصُّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً خَبَرَ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَعْرَبَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى التَّمْيِيزِ وَاسْتَبْعَدَ إعْرَابَهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ بَعْدَ شَهْرٍ) وَأَمَّا شَهْرٌ فَجَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عب (قَوْلُهُ نَقْدٌ فِي مَنَافِعَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَعِرْنِي عَبْدَكَ الْآنَ لِأُعِيرَكَ عَبْدِي بَعْدَ شَهْرٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَدَ عَبْدَهُ الْمُتَعَجِّلَ فِي مَنَافِعَ مُتَأَخِّرَةٍ وَهِيَ الْمَنَافِعُ الَّتِي بَعْدَ شَهْرٍ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْعَمَلِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً وَقَوْلُهُ إجَارَةً بِالنَّصْبِ إشَارَةٌ إلَى الْحَلِّ الثَّانِي وَقَوْلُهُ مُعَيَّنَةٍ أَيْ بِتَعَيُّنِ الْعَبْدِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إلَخْ) وَإِذَا وَجَدَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ غُرْمِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُعِيرُ كَمَا أَنَّ الصَّانِعَ إذَا غَرِمَ قِيمَةَ الْمَصْنُوعِ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ غُرْمِ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلصَّانِعِ انْتَهَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَقَدْ ضَاعَتْ ضَيَاعًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا فَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا فِي غَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَنَقَصَهَا الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَيَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا الِاسْتِعْمَالُ بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي نَقَصَهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ فَإِنْ أَعْطَبَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يَنْقُصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي أَعَارَهُ إيَّاهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْعَارِيَّةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةَ إجَارَةِ مَا كَانَ أُذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلٍ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَفِي قَوْلٍ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ (ص) إلَّا لِبَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّمَانَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ. (ص) وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ؟ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ الضَّمَانُ ثَابِتٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُعِيرِ نَفْيَ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطٌ أَوْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُهُ شَرْطُهُ؟ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ عَزَا الْأَوَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ لَهُ وَلِأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَقِيلَ يُفْسِدُهُ وَيَكُونُ لِلْمُعِيرِ أُجْرَةُ مَا أَعَارَهُ (ص) لَا غَيْرَهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا كَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِيهَا وَلَوْ شَرَطَ الْمُعِيرُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِهِ وَلَوْ لِأَمْرٍ خَافَهُ كَطَرِيقٍ أَوْ نَهْرٍ وَشِبْهِهِ وَتَنْقَلِبُ الْعَارِيَّةُ مَعَ الشَّرْطِ إجَارَةً فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَعَ الْفَوَاتِ وَتُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ. (ص) وَحَلَفَ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ كَسُوسٍ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْعَارِيَّةِ بِغَيْرِ صُنْعِ الْمُسْتَعِيرِ كَالسُّوسِ فِي الثَّوْبِ وَقَرْضِ الْفَأْرِ وَحَرْقِ النَّارِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ فِيهِ وَيَبْرَأُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَحَيْثُ ضَمِنَ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا. (ص) وَبَرِئَ فِي كَسْرِ كَسَيْفٍ إنْ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ أَوْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ سَيْفًا أَوْ رُمْحًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ بِهِ الْعَدُوَّ فَانْكَسَرَ فِي الْقِتَالِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ إنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ قِيَامُ الْقَرِينَةِ بِهِ بِأَنْ تَنْفَصِلَ الْقَتْلَى وَيُرَى عَلَى السَّيْفِ أَثَرُ الدَّمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ كَالْفَأْسِ وَنَحْوِهَا وَأَتَى بِهَا مَكْسُورَةً فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ مِثْلِهَا فَقَوْلُهُ وَبَرِئَ إلَى قَوْلِهِ فِي اللِّقَاءِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ آلَةَ حَرْبٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ لَا لِلسَّيْفِ بَلْ لِمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ إذْ السَّيْفُ إنَّمَا يُسْتَعَارُ لِلْحَرْبِ غَالِبًا هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا إلَخْ) مَثَلًا قِيمَتُهَا بَعْدَ التَّنْقِيصِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَبَعْدَ غَيْرِهِ سِتَّةٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَعْطَبَهَا إلَخْ أَيْ اسْتَعْمَلَهَا أَزْيَدَ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بَعْدَ إلَخْ مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ أَصْلًا عَشَرَةً وَبِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ثَمَانِيَةً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَانِيَةً وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ لِأَجَلِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يَنْقُصُهَا أَيْ آتِيًا عَلَى مَا يَنْقُصُهَا وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْعَارِيَّةِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ قِيمَةَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ مَا أُذِنَ فِيهِ اثْنَانِ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الْمَأْذُونِ فِيهِ سِتَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَةَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ أَكْثَرُ مِنْ السِّتَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَانِيَةَ وَلَا يَأْخُذُ السِّتَّةَ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ بِالْإِجَابَةِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمَأْذُونِ خَمْسَةً أَوْ أَقَلَّ وَأَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمَشْهُورِيَّةِ هَذَا بِالْمُبَالَغَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَحْدَهُ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ عُزِيَ لَهُ مَعَ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ) هَذِهِ نُسْخَةُ الشَّارِحِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَيْسَتْ نُسْخَةَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهَا ضَاعَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَتُرَى عِنْدَهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ (قَوْلُهُ كَطَرِيقٍ) أَيْ كَخَوْفِ طَرِيقٍ إلَخْ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ إنَّ الطَّرِيقَ مَخُوفَةٌ وَأَنَا لَا أُعِيرُ الدَّابَّةَ لَكَ إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا (قَوْلُهُ مَعَ الْقِيَامِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ وَأَرَادَ بِالْفَوَاتِ اسْتِيفَاءَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ مَعَ الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ الضَّمَانِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِلَا سَبَبِهِ) أَيْ بِلَا صُنْعِهِ أَيْ فَإِنَّ تَلَفَهُ الْحَاصِلَ بِالسُّوسِ لَيْسَ مِنْ صُنْعِهِ بَلْ مِنْ صُنْعِ السُّوسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ مَعَ تَفْرِيطِهِ فِي الْحِفْظِ وَمَعَ عَدَمِهِ فَيَحْلِفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ وَيَبْرَأُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفَقُّدُ الْعَارِيَّةِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ تَفَقُّدُ مَا فِي أَمَانَتِهِمْ مِمَّا يُخَافُ بِتَرْكِ تَفَقُّدِهِ حُصُولُ الْعَثِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ صِيَانَةِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَفْرِيطًا ضَمِنَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَحَيْثُ ضَمِنَ) أَيْ وَحَيْثُ نَكَلَ وَضَمِنَ وَقَوْلُهُ بِمَا حَدَثَ أَيْ مُلْتَبِسًا بِمَا حَدَثَ فِيهِ مَثَلًا قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةٌ وَبِمَا حَدَثَ فِيهِ سِتَّةٌ فَيَضْمَنُ أَرْبَعَةً (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَنْقُولُ الْبَيِّنَةُ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) وَخِلَافُهُ يَجْعَلُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِأَمْرَيْنِ بِأَنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 الْمُؤَلِّفِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَسْرِ عَنْ الثَّلْمِ وَالْحَفَاءِ أَيْ كَمَا لَوْ أَتَى بِالسَّيْفِ مَثْلُومًا وَالرَّحَى حَفْيَاءَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (ص) وَفِعْلِ الْمَأْذُونِ وَمِثْلِهِ وَدُونِهِ لَا أَضَرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَفْعَلُ بِالْعَارِيَّةِ مَا أُذِنَ لَهُ فِي فِعْلِهِ وَيَفْعَلُ بِهَا أَيْضًا مِثْلَ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ وَدُونَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا أَضَرَّ مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا حِينَئِذٍ إذَا عَطِبَتْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمِثْلِهِ وَلَوْ فِي الْمَسَافَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ تت بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ الْمَعْطُوفِ عَلَى مَا يُمْنَعُ أَوْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ فِيهِ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَوْلُهُ لَا أَضَرَّ أَيْ لَا فِعْلِ شَيْءٍ أَضَرَّ دُونَ أَوْ مِثْلَ أَوْ أَكْثَرَ. (ص) وَإِنْ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ فَلَهُ قِيمَتُهَا أَوْ كِرَاؤُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَزَادَ عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ قَدْرًا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَعَطِبَتْ مِنْهُ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْمُسْتَعِيرُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ الْمُتَعَدِّي فِيهِ فَقَطْ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةً قِيلَ وَكَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَةَ دُفِعَ إلَيْهِ الْخَمْسَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى كِرَاءِ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ مَا حَمَّلَهَا بِهِ لَا تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ عَطَبَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ فَقَوْلُهُ مَا تَعْطَبُ بِهِ أَيْ وَعَطِبَتْ فَالْوَاوُ مَحْذُوفَةٌ مَعَ مَا عَطَفَتْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا هُنَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُهَا أَنَّهَا إذَا عَطِبَتْ بِذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْحِمْلِ وَمَعْنَى الْعَطَبِ هُنَا التَّلَفُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَتْ تَعْيِيبًا مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ أَوْ غَيْرَ مُفِيتٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ التَّعَدِّي الْمَذْكُورُ فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ حَيْثُ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ نَقْصِهِ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ وَبَيْنَ لُزُومِ النَّقْصِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ يُفِتْهُ (ص) كَرَدِيفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَتَعَدَّى وَحَمَلَ عَلَيْهَا مَعَهُ رَدِيفًا حُرًّا فَعَطِبَتْ فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ كِرَاءَ الرَّدِيفِ فَقَطْ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ قِيمَةَ الدَّابَّةِ يَوْمَ إرْدَافِهِ فَلَوْ كَانَ الرَّدِيفُ عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ رَكِبَهَا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّدِيفَ إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ وَلِلْمُعِيرِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُعْدِمًا فَإِنَّ الرَّدِيفَ يَتَّبِعُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَاتَّبَعَ إنْ أَعْدَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ (ش) لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ فَاحْتَرَزَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مِمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادِفُ مَلِيئًا فَإِنَّ الرَّدِيفَ لَا يَتَّبِعُ وَبِالْقَيْدِ الثَّانِي مِمَّا إذَا عَلِمَ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُرْدِفِ فَلَهُ أَنْ يَتَّبِعَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا   [حاشية العدوي] مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَأَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّلْمِ) خَدْشِ أَطْرَافِ السَّيْفِ (قَوْلُهُ وَالرَّحَى حَفْيَاءَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّحَى مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ (قَوْلُهُ وَفِعْلُ الْمَأْذُونِ) فِيهِ أَيْ أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ مَا أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ لَا أَضَرَّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمِثْلَ لَا يُطْلَبُ بِفِعْلِهِ وَأَصْلُهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَحَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّهُ حَذَفَ الْعُمْدَةَ أَعْنِي نَائِبَ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَمِثْلِهِ) كَفُولٍ مَكَانَ الْحِنْطَةِ وَقَوْلُهُ وَدُونِهِ أَيْ كَشَعِيرٍ (قَوْلُهُ لَا أَضَرَّ) يَعْنِي إذَا كَانَ دُونَهُ فِي الثِّقَلِ مَثَلًا إلَّا أَنَّهُ أَضَرَّ مِمَّا اسْتَعَارَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَمْحًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا دُونَهُ فِي الثِّقَلِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ) الرَّاجِحُ خِلَافُهُ؛ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَوْضِعٍ فَرَكِبَهَا إلَى مِثْلِهِ فِي الْحُزُونَةِ وَالسُّهُولَةِ وَالْبُعْدِ فَهَلَكَتْ فَرَوَى عَلِيٌّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا ضَامِنٌ قَالَ مُحَشِّي تت فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الضَّمَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَجَعْلُ ج وَمَنْ تَبِعَهُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِلْمَسَافَةِ وَأَنَّهُ الرَّاجِحُ غَيْرُ ظَاهِرٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ لُزُومُ الْقِيمَةِ أَوْ كِرَاءُ الْجَمِيعِ لَا الزَّائِدِ فَقَطْ لِتَعَدِّيهِ فَهُوَ ظَالِمٌ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَتِهَا كَانَتْ خِيَرَتُهُ نَافِيَةً لِضَرَرِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَتْ تَعْيِيبًا) فِي خَطِّ بَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا فِي زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهَا تَعْطَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَمَا يَأْتِي فِي زِيَادَةِ الْحَمْلِ فَلَا تَنَاقُضَ وَفِي عب وشب أَنَّهُ إذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ عب أَنَّهُ إذَا زَادَ فِي الْحَمْلِ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ كَانَتْ تَعْطَبُ بِهِ أَمْ لَا وَتَعَيَّبَتْ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنْ انْتَفَيَا أَيْ الْعَطَبُ وَالْعَيْبُ فَكِرَاءُ الزَّائِدِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ تَكُونُ مَظِنَّةَ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَإِنْ طَالَتْ فَلَهُ الْكِرَاءُ مَعَهَا أَوْ قِيمَتُهَا انْتَهَى أَقُولُ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْكَلَامِ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَرْجِعُ قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَتْ إلَخْ لِزِيَادَةِ الْحَمْلِ وَيَكُونُ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي إشَارَةً لِتَقْرِيرَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ الْحَمْلِ وَيَكُونُ التَّقْرِيرُ الثَّانِي فِي شَرْحِنَا مُوَافِقًا لِعْب وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ الْعَيْبِ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَيَرْجِعُ فِيهِ لِمَا قَالَهُ عب (قَوْلُهُ وَاتَّبَعَ إنْ أَعْدَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ) الْمُنَاسِبُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي لِأَنَّ مَنَاطَ الضَّمَانِ الْعِلْمُ بِالْعَدَاءِ وَإِذَا غَرِمَ الرَّدِيفُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُرْدِفِ لِأَنَّ الرَّادِفَ يَقُولُ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَيَّ الْغُرْمُ بِسَبَبِكَ كَمَا فِي شب أَيْ وَإِذَا غَرِمَ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَّبِعَ أَيَّهمَا شَاءَ) سَوَاءٌ أَيْسَرَا أَوْ أَعْسَرَا أَوْ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ كَمَا يَأْتِي. (تَنْبِيهٌ) : كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 ص) وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ (ش) يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ مَا إذَا زَادَ عَلَيْهَا فِي الْحِمْلِ أَوْ الرَّدِيفِ مَا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ عَطِبَتْ أَمْ لَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ فَقَطْ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا فَكَمُرْدِفِهِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الرَّدِيفُ عَالِمًا بِالْإِعَارَةِ فَهُوَ كَمُرْدِفِهِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إمَّا الْقِيمَةِ وَإِمَّا الْكِرَاءَ وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ وَبِعِبَارَةٍ ثُمَّ إذَا زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ لَكِنَّهَا تَعَيَّبَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا إذَا زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ فَإِنَّ لَهُ كِرَاءَ الزَّائِدِ لِأَنَّهَا إذَا عَطِبَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ فَأَوْلَى إذَا تَعَيَّبَتْ. (ص) وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَائِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِعَمَلٍ كَزِرَاعَةِ أَرْضٍ بَطْنًا فَأَكْثَرُ مِمَّا لَا يَخْلُفُ كَقَمْحٍ أَوْ مِمَّا يَخْلُفُ كَقَصَبٍ أَوْ بِأَجَلٍ كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا مَثَلًا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَازِمَةً إلَى انْقِضَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُقَيَّدَةً بِعَمَلٍ وَلَا بِأَجَلٍ كَقَوْلِهِ أَعَرْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةٍ يُنْتَفَعُ فِيهَا بِمِثْلِهَا عَادَةً لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ وَمَحَلُّ لُزُومِ الْمُعْتَادِ فِيمَا أُعِيرَ لِغَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ فِيهِمَا قَبْلَ حُصُولِهِمَا أَوْ بَعْدَ الْحُصُولِ حَيْثُ لَمْ يَدْفَعْ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَ وَأَمَّا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَلَهُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْمُعْتَادِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ وَفِيهَا أَيْضًا قِيمَتُهُ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَوْ إنْ طَالَ أَوْ اشْتَرَاهُ بِغَبَنٍ كَثِيرٍ؟ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعَارَهُ أَرْضَهُ يَبْنِي فِيهَا بُنْيَانًا أَوْ يَغْرِسُ فِيهَا غَرْسًا فَلَمَّا غَرَسَ أَوْ بَنَى أَرَادَ إخْرَاجَهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ وَكَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبُنْيَانِ أَوْ الْغَرْسِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ فَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِيهَا وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ أَوْ لَيْسَ بِخِلَافٍ؟ فَمَنْ قَالَ خِلَافٌ اكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمَنْ قَالَ وِفَاقٌ قَالَ مَحَلُّ إعْطَاءِ الْقِيمَةِ إذَا أَخْرَجَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُؤَنَ كَالْجِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ عِنْدِهِ وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ ثَمَنًا مِنْ عِنْدِهِ فَاشْتَرَى بِهِ الْمُؤَنَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا أَنْفَقَ وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ قَالَ يَحْتَمِلُ التَّوْفِيقَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَهَذَا أَحَدُهَا. الثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ دَفْعِ الْقِيمَةِ إذَا طَالَ الزَّمَانُ   [حاشية العدوي] مَسْأَلَةَ الرَّدِيفِ عَنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ أَيْ لِأَنَّ الرَّدِيفَ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي زِيَادَةِ الْحَمْلِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا أَوْ كِرَاءَهُ وَإِلَّا فَالْكِرَاءَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذَا فِي زِيَادَةِ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ مَا إذَا انْتَفَى التَّقْيِيدُ بِالْعَمَلِ وَالْأَجَلِ وَانْتَفَى الْمُعْتَادُ وَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فَقِيلَ الْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَإِمْسَاكِهِ وَإِنْ سَلَّمَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَإِنْ قَرُبَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَعَارَ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ) أَيْ وَلَوْ بِقُرْبِ الْإِعَارَةِ لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ قَالَ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُتَنَاقِضٌ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ خِلَافُ مَا فِيهَا إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ وِفَاقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَدَّهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَيْنِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَفِيهَا لَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ لَأَجَادَ اهـ. وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَقَالَ عج تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَدَخَلَ فِيهِ مَا اُسْتُعِيرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَمَا اُسْتُعِيرَ لِغَيْرِهِمَا كَإِعَارَةِ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ وَالْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَلَكِنْ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْمُعْتَادَ لَا يَلْزَمُ فِيمَا أُعِيرَ لِغَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَلَا فِيمَا أُعِيرَ لِبِنَاءٍ وَغَرْسٍ قَبْلَ حُصُولِهِمَا وَأَمَّا بَعْدُ فَيَلْزَمُ الْمُعْتَادُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ فَظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا اُسْتُعِيرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَحَصَلَا وَأَنَّ قَوْلَهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي قُوَّةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ اهـ. وَتَبِعَهُ عب إذَا عَلِمْتَ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ فَلَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ عج وَلَا مَا قَالَهُ شَارِحُنَا فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ. (تَنْبِيهٌ) : مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ إلَخْ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ شَخْصٍ أَرْضًا بَرَاحًا مُدَّةً طَوِيلَةً كَتِسْعِينَ سَنَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَغَرَسَ وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ إخْرَاجَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَنَصَّ عَلَى هَذَا فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ إنْ طَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قِيمَتِهِ لَيْسَ رَاجِعًا لِمَا أَنْفَقَ بَلْ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ) أَيْ مَعَ بَاقِي التَّأْوِيلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ كُلَّهَا لِعَبْدِ الْحَقِّ أَقُولُ كَيْفَ هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَقِيلَ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَوْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ يَسِيرٌ وَمَرَّةً رَأَى الْقِيمَةَ أَعْدَلَ إذْ قَدْ يُسَامِحُ مَرَّةً فِيمَا يَشْتَرِي بِهِ وَمَرَّةً يُغْبَنُ فِيهِ قَالَهُ أَيْ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ فَهُوَ عَلَى هَذَا خِلَافٌ لَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخِلَافِ لَا عَلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْوِفَاقِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ إذَا طَالَ الزَّمَانُ إلَخْ) أَيْ فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيمَةَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ قَلِيلَةٌ هَذَا كَلَامٌ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى غَيْرَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا التَّأْوِيلُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَكْسُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبِنَاءِ أَيْ تَمَامَهُ وَيَوْمَ الْغَرْسِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَعَ الطُّولِ يَبْعُدُ مَعْرِفَةُ صِفَةِ الْبِنَاءِ وَيَتَعَسَّرُ وَمَعَ الْقُرْبِ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَعَ الطُّولِ ثَمَنَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَتَغَيَّرُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إذَا طَالَ زَمَنُهُ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَا أَنْفَقَ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ مَحَلَّ دَفْعِ الْقِيمَةِ إذَا اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَى ذَلِكَ بِغَبْنٍ أَصْلًا أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا أَنْفَقَ وَإِذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْمُعِيرِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ مُجَوِّزًا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا كَانَ لَهُ الْقِيمَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ. (ص) وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَكَالْغَصْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعَارَ شَخْصًا أَرْضَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ غَرْسًا إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ الْمُشْتَرَطَةُ أَوْ الْمُعْتَادَةُ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ فَإِنْ شَاءَ رَبُّهَا أَمَرَ بِقَلْعِ بِنَائِهِ أَوْ شَجَرِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ أَوْ أَمَرَهُ بِإِبْقَاءِ مَا فَعَلَ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا بَعْدَ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِأُجْرَةِ مَنْ يُسَوِّي الْأَرْضَ وَيَسْقُطُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ مِنْ شَأْنِهِ تَوَلِّي هَدْمِ أَوْ قَلْعِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ مَا ذَكَرَ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ إسْقَاطِ مَنْ يُسَوِّي الْأَرْضَ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي بَابِ الْغَصْبِ بِقَوْلِهِ وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لِشُهْرَتِهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ كَالْغَاصِبِ مَعَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ لِتَحْدِيدِهِ بِزَمَنٍ قَدْ انْقَضَى. (ص) وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ وَالْمَالِكُ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَأْنَفَ مِثْلُهُ عَنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَكِبَ دَابَّةً لِرَجُلٍ إلَى مَكَانِ كَذَا وَرَجَعَ بِهَا فَقَالَ أَخَذْتُهَا مِنْكَ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ اكْتَرَيْتَهَا مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَنَّهُ أَكْرَاهَا لَهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَمَّا بِاعْتِبَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا كَلَامَ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أُجْرَةً وَإِلَّا رُدَّ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ انْتَهَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مِثْلُهُ لَا يَكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَقَامِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ أَكْرَاهَا بِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا إذَا أَسْكَنَهُ مَعَهُ فِي دَارِ سُكْنَاهُ وَأَمَّا إنْ أَسْكَنَهُ بِغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ أَكْرَاهَا وَلَا يُرَاعَى كَوْنُ مِثْلِهِ ذَا قَدْرٍ وَرِفْعَةٍ أَمْ لَا وَمِثْلُ دَارِ سُكْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الثِّيَابُ وَالْآنِيَةُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (ص) كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَزِدْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُعِيرُ أَعَرْتُكَ مَنَافِعَ دَابَّتِي مَثَلًا مِنْ مِصْرَ إلَى الْعَقَبَةِ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْأَزْلَمِ فَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ رُكُوبِ النِّهَايَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ أَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ النِّهَايَةَ أَوْ بَعْضَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ إنْ رَجَعَتْ وَفِي نَفْيِ الضَّمَانِ إنْ هَلَكَتْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ النِّهَايَةَ أَيْ رَكِبَ   [حاشية العدوي] مَا أَنْفَقَ وَمَعَ عَدَمِهِ الْقِيمَةَ عَكْسَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَأُجِيبَ بِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجِدَارُ بَاقِيًا وَلَوْ حَصَلَ ضَعْفُ قُوَّةٍ عَنْ حَالِهِ جَدِيدًا أَوْ هَدْمٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ صِفَتِهِ جَدِيدًا وَأَمَّا إذَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ الْهَدْمِ مَا يَمْنَعُ صِفَتَهُ جَدِيدًا فَالرُّجُوعُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ) عِبَارَتُهُ فِي تَوْضِيحِهِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَقِيلَ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ جِدًّا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَقِيمَةُ مَا أَنْفَقَ إذَا طَالَ الْأَمَدُ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِانْتِفَاعِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ إذْ الْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى مُدَّةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ وَأَمَّا تَجْوِيزُهُ لِمَا ذَكَرَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الطَّمَعِ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ وَقَالَ عج وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْبِيدِ الْمُدَّةُ الْمُعْتَادَةُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ فَكَالْغَصْبِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا انْقَضَتْ لَا يَكُونُ كَالْغَاصِبِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَعْمَلَ بِالشَّرْطِ كَالْمُسْتَأْجِرِ اهـ. (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ) بَقِيَ عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الشِّرَاءَ لَهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ) فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْكِرَاءَ بِنُكُولِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا بِاعْتِبَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا كَلَامَ) أَيْ فِي أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي كَوْنِ الْعَقْدِ عَقْدَ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ) هَذَا ذَكَرَهُ تت وَنَحْوُهُ لِبَهْرَامَ عَنْ أَشْهَبَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ وَالْأَقْرَبُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْنَفُ مِثْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْكِرَاءِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ مُحَشِّي تت صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي النَّوَادِرِ وَذَكَرَ نَصَّهَا لَكِنَّهُ قَالَ اُنْظُرْ قَوْلَ أَشْهَبَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ اهـ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ) صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ رُكُوبٌ أَصْلًا أَوْ اُخْتُلِفَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُعِيرُ أَوْ فِي آخِرِهَا لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ بَيْنَ أَنْ يَرْكَبَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ أَوْ يَتْرُكَ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَوَثَّقَ مِنْهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَرْكَبَ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) ثُمَّ إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ أَكْثَرَ مِمَّا زَادَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا زَادَهُ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْبَاقِي وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ، حَلَفَ الْآخَرُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ) صَرَّحَ بِذَلِكَ رَدَّ الْقَوْلَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَطْ لَا فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 الْمَسَافَةَ الَّتِي فَوْقَ دَعْوَى الْمُعِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَقَوْلُهُ (ص) وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ (ش) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ إنْ لَمْ يَزِدْ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَإِنْ زَادَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ: وَإِنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرَتْ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْعَارِيَّةِ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الرَّسُولَ لَمَّا قَبَضَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَابِضُ فَقَدْ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَمِثْلُ مَا هُنَا شَهَادَةُ الْأَمِينِ بَعْدَ الْمَانِعِ بِحَوْزِ الرَّهْنِ فِي أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالتَّعْلِيلُ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ. (ص) كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ إلَى مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ مَعَ رَسُولِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَارِيَّةِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَنَحْوِهِ فِي شَرْحِهِ وَصَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَضْمَنْ هُنَا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمَا شَابَهَهَا قِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مَعْرُوفًا اُغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا فَجَعَلُوا قَبُولَ قَوْلِهِ مِنْ تَمَامِ الْمَعْرُوفِ. (ص) وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ إنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا أَتَى إلَى قَوْمٍ فَقَالَ لَهُمْ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ لِأَسْتَعِيرَ لَهُ مِنْكُمْ حُلِيًّا فَصَدَّقُوهُ وَدَفَعُوا لَهُ مَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ إنَّهُ تَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ فَإِنْ صَدَّقَهُ مَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ وَيَبْرَأُ الرَّسُولُ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِاسْتِعَارَةِ مَا ذَكَرَ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرْسَلَهُ وَيَبْرَأُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أَرْسَلَهُ وَيَبْرَأُ وَتَكُونُ الْعَارِيَّةُ هَدَرًا أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَوْلُهُ وَتَلِفَ عَطْفٌ عَلَى مُرْسَلٌ أَيْ وَزَعَمَ أَنَّهُ تَلِفَ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ تَلَفُهُ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُرْسِلُ عَلَى الْإِرْسَالِ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِ الضَّمَانِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ وَاوُ الْحَالِ وَمَفْهُومُ حُلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَالدَّابَّةِ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْعَدَاءِ. (ص) وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ ضَمِنَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا اعْتَرَفَ بِالتَّعَدِّي فِي أَخْذِ الْعَارِيَّةِ وَتَلِفَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَاجِلًا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا مَا لَا فِي رَقَبَتِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا) لَكِنْ إذَا رَكِبَ الْبَعْضَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا رَكِبَ فَقَطْ لَا فِيمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَارُ قَبَضَهُ رَسُولُ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ قَبَضَهُ الْمُسْتَعِيرُ نَفْسُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مُصَدِّقًا لِلْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعِيرِ أَوْ مُكَذِّبًا لَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ اهـ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ رَسُولُ الْمُسْتَعِيرِ لَا تَظْهَرُ الْمُبَالَغَةُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ هُوَ إتْيَانُهُ بِالدَّابَّةِ مِنْ الْمُعِيرِ لِأَنَّ فِعْلَهُ السَّيْرُ لِأَزْيَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ وَأَجَابَ عج بِأَنَّ الْمُرَادَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْهُ وَسَمَّاهُ فِعْلًا لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى الصِّيغَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا صَدَقَةً فَلِذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ تَجِدُ الشَّاهِدَ هُنَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْبَلْ وَفِي بَابِ الْوَدِيعَةِ شَهِدَ عَلَيْهِ وَقُبِلَ مَعَ أَنَّهُ رَسُولٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ لَا يَنْفَعُ أَصْلًا لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ لَا يُسَلَّمُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّسُولَ مُخَالِفٌ لِلْمُسْتَعِيرِ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا لَهُ (قَوْلُهُ بِحَوْزِ الرَّهْنِ) أَيْ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ حَازَ الرَّهْنَ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَمِينِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَلِذَا احْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ فِي رَدِّ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ لَا فِيمَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَبَضَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ لَهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ) وَحَاصِلُ مَا نَقَلَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ مَا قَالَهُ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ فَقَدْ قَالَ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ أَوْ لَا الْأَوَّلُ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الثَّانِي فَالرَّسُولُ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَقَوْلُ الزَّرْقَانِيِّ إنْ أَقَرُّوا بِالْإِرْسَالِ ضَمِنُوا غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ إمَّا عَاطِفَةٌ وَإِمَّا الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَيْ بِالزَّعْمِ لَا بِالْبَيِّنَةِ لِيَتَوَافَقَ الْعَطْفُ وَالْحَالِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ) أَيْ كَمَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ عِنْدَ التَّصْدِيقِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ أَوَّلًا فِي الْمُرْسِلِ وَالرَّسُولُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ وَالسَّيِّدُ إسْقَاطُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَأْذُونَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ ضَمِنَ الْحُرُّ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي عَدَمِ اخْتِبَارِ حَالِهِ وَالصَّبِيُّ كَالسَّفِيهِ. (ص) وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا قَالَ أَوْصَلْتُ الْحُلِيَّ الَّذِي اسْتَعَرْتُهُ إلَى مَنْ أَرْسَلَنِي وَأَكْذَبُوهُ وَادَّعَوْا عَدَمَ إرْسَالِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَصِلْهُمْ وَقَدْ تَلِفَتْ الْحُلِيُّ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ إلَيْهِ أَيْ وَيَبْرَأُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ لَقَدْ أَوْصَلَهُ إلَيْهِمْ وَيَبْرَأُ وَتَكُونُ الْعَارِيَّةُ هَدَرًا وَيَبْدَءُوا بِالْيَمِينِ فَكَانَ الْقِيَاسُ فَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ ثُمَّ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ يَبْدَءُونَ فِي الضَّمَانِ فَقُدِّمُوا فِي الْيَمِينِ كَذَلِكَ. (ص) وَمُؤْنَةُ أَخْذِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَرَدِّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَفِي عَلَفِ الدَّابَّةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي نَقْلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا أَنَّ كُلْفَةَ رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فَلَا يُكَلَّفُ أُجْرَةَ مَعْرُوفٍ صَنَعَهُ وَأَمَّا عَلَفُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ وَهِيَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ هَلْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُعِيرِ إذْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً وَرُبَّمَا كَانَ عَلَفُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْكِرَاءِ فَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ إلَى الْكِرَاءِ. فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَظَاهِرُهُ جَرْيُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَا يُعْلَفُ بِهِ وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ لِلدَّابَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا مَفْهُومَ لِلدَّابَّةِ بَلْ كُلُّ مَا يُحْتَاجُ لِلْإِنْفَاقِ كَذَلِكَ. وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْغَصْبِ فِي كَلَامِهِ أَخَذَ يَذْكُرُ حَقِيقَتَهُ فَقَالَ (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْغَصْبَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) . وَهُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَخَذَ الشَّيْءَ ظُلْمًا غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَلَبَهُ سَوَاءٌ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ اهـ. فَمَعْنَى الْغَصْبِ لُغَةً أَعَمُّ مِنْهُ شَرْعًا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ فَيَخْرُجُ أَخْذُهُ غِيلَةً إذْ لَا قَهْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَحِرَابَةً قَوْلُهُ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ التَّعَدِّيَ وَقَوْلُهُ ظُلْمًا أَخْرَجَ بِهِ أَخْذَهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَقَوْلُهُ قَهْرًا أَخْرَجَ بِهِ السَّرِقَةَ وَقَوْلُهُ لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْحِرَابَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْغِيلَةَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا قَالَ إذْ لَا قَهْرَ فِي قِتَالِ الْغِيلَةِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَبِعَ الْمُؤَلِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ قَهْرًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ) فَإِنْ نَكَلُوا وَنَكَلَ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ سَوِيَّةً وَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلُوا فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمْ فَقَطْ وَعَكْسُهُ عَلَيْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ) أَيْ جِنْسَ الْمُرْسِلِ فَلَا يُنَافِي الْجَمْعَ الَّذِي فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَإِنْ أَقَرُّوا بِكَوْنِهِ رَسُولًا لَضَمِنُوا كَمَا فِي الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَعَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي عَلْفِ الدَّابَّةِ قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ عَلَى رَبِّهَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُفْتِينَ هُوَ عَلَى الْمُعِيرِ فِي اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالسَّفَرِ الْبَعِيدِ [بَاب الْغَصْبَ] . (بَابُ الْغَصْبِ) (قَوْلُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَلَبَهُ سَوَاءٌ) أَيْ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى أَيْ الْغَصْبُ وَالْغَلَبَةُ وَقَوْلُهُ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ أَيْ مِثْلُ الْغَصْبِ فِي أَنَّهُ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الْجَوْهَرِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ وَنَصُّهُ الْغَصْبُ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا يُقَالُ غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَصَبَهُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ اهـ. كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ الَّذِي تَتَّضِحُ بِهِ الْعِبَارَةُ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ أَنْ يَكُونَ عَرَّفَ أَوَّلًا الْغَصْبَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَهُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا لَا أَنَّهُ عَرَّفَ أَخَذَ الشَّيْءَ ظُلْمًا بِالْغَصْبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ لَفْظِهِ حَيْثُ قَالَ أَخَذَ الشَّيْءَ ظُلْمًا غَصَبَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَمَعْنَى الْغَصْبِ لُغَةً) كَمَا هُوَ مُرَادُ الْجَوْهَرِيِّ (قَوْلُهُ فَمَعْنًى) أَيْ إذَا عَرَفَتْ مَعْنَى الْغَصْبِ فِي اللُّغَةِ مَعَ حَقِيقَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الشَّرْعِ يُعْلَمُ أَنَّ الْغَصْبَ لُغَةً أَعَمُّ مِنْهُ شَرْعًا وَإِنَّمَا قُلْنَا الْمَعْرُوفَةُ فِي الشَّرْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْنَاهُ شَرْعًا فَلَا يُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ) أَيْ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ بِسَبَبِ مَوْتِ مَالِكِهِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَهْرَ وَقَوْلُهُ وَحِرَابَةً كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ وَهِيَ نُسْخَةُ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ غِيلَةً أَيْ فَيَخْرُجُ قَتْلُهُ غِيلَةً وَحِرَابَةً إلَّا أَنَّ غِيلَةً خَرَجَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا وَحِرَابَةً خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ بِدُونِ وَاوٍ وَعَلَيْهَا يَكُونُ حَذَفَ الْعَاطِفَ وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ عَلَى كِلَا النُّسْخَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ التَّعَدِّيَ) أَيْ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ غَصْبُ الْمَنْفَعَةِ لَا غَصْبُ الذَّاتِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ السَّرِقَةَ) لِأَنَّ الْقَهْرَ لَا يَلْحَقُ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ فِي حَالِ السَّرِقَةِ بَلْ بَعْدَهَا فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا شَيْئَانِ الْغِيلَةُ وَالسَّرِقَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَيْ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ قَالَ أَيْ لِأَنَّ الشَّيْخَ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ أَخْذَ الْمَنْفَعَةِ يُقَالُ لَهُ غَصْبٌ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لَهُ تَعَدٍّ وَسَيَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ يَقُولُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ أَنَّ إطْلَاقَ الْغَصْبِ تَجَوُّزٌ أَيْ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَخْذُ الذَّاتِ لَا الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ أَخْذُ مَالٍ) مُخْرِجٌ لِأَخْذِ الْحُرِّ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخْذُ آدَمِيٍّ مَالًا وَالْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الِاسْتِيلَاءُ وَقَوْلُهُ أَخْذُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْ فَتْحُ قَيْدِ عَبْدٍ لِئَلَّا يَأْبَقَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْغَصْبِ لَا إنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْآدَمِيِّ الْغَاصِبِ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ الْغَاصِبُ كُلُّ آدَمِيٍّ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ تَحَرُّزٌ مِنْ الْبَهِيمَةِ لِخَبَرِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَالْأَخِيرُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 تَعَدِّيًا بِلَا حِرَابَةٍ (ش) قَوْلُهُ أَخْذُ مَالٍ كَالْجِنْسِ وَقَوْلُهُ قَهْرًا أَخْرَجَ بِهِ مَا يُؤْخَذُ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ كَأَخْذِ الْإِنْسَانِ وَدِيعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى غَصْبًا وَقَوْلُهُ تَعَدِّيًا أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا أَخَذَ مَالَهُ مِنْ الْمُحَارِبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَهْرًا لَكِنَّهُ لَيْسَ تَعَدِّيًا وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ تَشْمَلُ الْحِرَابَةَ وَتَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَخْرَجَهَا لِأَنَّهَا أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ فَافْتَرَقَا فَأَحْكَامُهَا مُخَالِفَةٌ لِأَحْكَامِ الْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِلَّا فَهِيَ الْغَصْبُ بِلَا شَكٍّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ أَخْذَ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ أَوْ مَالَ وَلَدِ وَلَدِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ تَعَدِّيًا إذْ الْمُتَعَدِّي هُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ. (ص) وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وُجُوبًا وَيُسْجَنُ لِحَقِّ اللَّهِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بَعْدَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا غَصَبَهُ وَأَدَبُهُ لِأَجْلِ الْفَسَادِ فَقَطْ لَا لِأَجْلِ التَّحْرِيمِ كَمَا يُؤَدَّبُ عَلَى الزِّنَا وَنَحْوِهِ تَحْقِيقًا لِلِاسْتِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا لِلْأَخْلَاقِ وَكَذَلِكَ تُضْرَبُ الْبَهَائِمُ اسْتِصْلَاحًا وَتَهْذِيبًا لِأَخْلَاقِهَا وَمَفْهُومُ مُمَيِّزٍ عَدَمُ أَدَبِ غَيْرِهِ وَأَمَّا الْبَالِغُ فَيُؤَدَّبُ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ وَأُدِّبَ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ دَفْعًا لِلْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ. (ص) كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْأَدَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْغَصْبَ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِالْغَصْبِ لَا الصَّالِحُ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ. (ص) وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّهُ مَا غَصَبَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ قَوْلَانِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَالْغَصْبُ مِنْ بَابِ التَّجْرِيحِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَاءِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَيُسْجَنُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالِ التَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ أَمْ لَا ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى عَلَى خِلَافِ هَذَا فِي بَابِ السَّرِقَةِ حَيْثُ بَالَغَ عَلَى عَدَمِ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ أَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحَلِفِ الْمَجْهُولِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا وَنَكَلَ فَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَيَحْلِفُ وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لَا يَلْزَمُ رَامِيَهُ شَيْءٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِمَنْزِلَةِ الصَّالِحِ أَيْ عَلَى رَامِيهِ بِالْغَصْبِ الْأَدَبُ. (ص) وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ (ش) فَاعِلُ ضَمِنَ هُوَ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ مُجَرَّدُ حُصُولِ الشَّيْءِ   [حاشية العدوي] تَحَرُّزٌ عَنْ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَغْصُوبَ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا فَالْمَشْهُورُ مُخَاطَبَتُهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَقَهْرًا حَالٌ مُخْرِجَةٌ لِلْغِيلَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالِاخْتِلَاسِ لِأَنَّ الْقَهْرَ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدُ لَا حَالَ الْأَخْذِ وَالْخَائِنُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي جَهْرَةً وَيَذْهَبُ جَهْرَةً وَالْمُخْتَلِسُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي خُفْيَةً وَيَذْهَبُ جَهْرَةً (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ لَا يَجِدُ مَنْ يُغِيثُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ فَيَجِدُ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَيَسْتَغِيثُ بِهِ فَحُكَّامُنَا الْآنَ مُحَارِبُونَ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يُسْتَغَاثُ بِهِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) أَيْ فِي بَعْض الْأَحْوَالِ أَيْ لِأَنَّ الْمُحَارِبَ حَالُهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَوْنِهِ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ يُؤَدَّبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ الْغَصْبُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ مُخَالِفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بَلْ قُلْنَا مُخَالِفَةٌ لِلْغَصْبِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا الْغَصْبُ بِلَا شَكٍّ أَقُولُ إذَا كَانَتْ الْغَصْبَ بِلَا شَكٍّ فَهِيَ مُوَافِقَةٌ لَهُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ مُخَالِفَةٌ وَالْحَاصِلُ إنْ أَرَادَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ عُرْفًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا غَيْرُهُ وَإِنْ أَرَادَ لُغَةً فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْغَصْبِ لُغَةً وَلَا كَلَامَ لَنَا فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَالَ وَلَدِ وَلَدِهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْغَصْبِ كَمَا فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَبَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ يَنْبَغِي شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ حَيْثُ لَا حَاجَةَ فَيَكُونُ أَخْذُهُ مِنْ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدَّبُ لِحَقِّ الْأُبُوَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَالَ وَلَدِ وَلَدِهِ شَامِلٌ لِلْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَمِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَفِي تت إلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ وَالْجَدَّ لِلْأَبِ فِي حَفِيدِهِ قِيلَ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ اهـ. فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجَدَّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ غَاصِبٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤَدَّبُ كَذَا أَفَادَ ابْنُ عب وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّهُ لَا يُؤَدَّبُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ (قَوْلُهُ وَأُدِّبَ) أَيْ وُجُوبًا بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ) أَيْ يُضْرَبُ وَيُسْجَنُ (قَوْلُهُ عَلَى الزِّنَا وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَالِغُ فَيُؤَدَّبُ اتِّفَاقًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأُدِّبَ مُمَيَّزٌ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ وَقِيلَ لَا يُؤَدَّبُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُقَدَّمَاتِ (قَوْلُهُ مَنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِالْغَصْبِ) وَإِنْ كَانَ يُشَارُ إلَيْهِ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَاءِ) أَيْ كَانَ غَصْبًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ) أَيْ فِي مَقَامِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا فَنَحْنُ فِي مَقَامِ الْغَصْبِ فَنَقُولُ إنْ عَيَّنَ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا) أَيْ عِنْدَ النَّاسِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَاءِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا يُطَالَبُ بِالْحَلِفِ قَطْعًا (قَوْلُهُ هُوَ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ) الْمُنَاسِبُ الْمُمَيِّزُ فَقَطْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ وَكَتَبَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مَا نَصَّهُ لَا يُقَالُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ سَيَأْتِي فَلَا يَدْخُلُ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ التَّرَدُّدُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الضَّمَانُ وَالْخِلَافُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَضْمَنُهُ وَأَمَّا أَصْلُ الضَّمَانِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ رَبِّ الشَّيْءِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 الْمَغْصُوبِ فِي حَوْزِ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ لَا يَحْصُلُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا حَصَلَ مُفَوِّتٌ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ وَفَائِدَةُ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ حَيْثُ حَصَلَ الْمُفَوِّتُ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ لَا يَوْمَ حُصُولِ الْمُفَوِّتِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَمَانِ الذَّاتِ وَأَمَّا ضَمَانُ الْغَلَّةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا إذَا اسْتَعْمَلَ وَهَذَا فِي غَاصِبِ الذَّاتِ وَأَمَّا غَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ فِيمَا عَدَا الْبُضْعَ وَالْحُرَّ وَأَمَّا الذَّاتُ فَلَا يَضْمَنُهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ. (ص) وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا بَلْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَتَرَدُّدٌ أَيْ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي ضَمَانِهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي سِنِّهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَرَّرُ بِهِ الْمَتْنُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ مَعَ ضَمَانِهِ وَإِلَّا يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا فَفِي ضَمَانِهِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى ضَمَانِهِ فَمَاذَا يَضْمَنُ وَمَا سِنُّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ تَرَدُّدٌ وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْخِلَافِ الضَّمَانُ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ وَالدَّمَ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ فِي مَالِهِ وَإِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَنَّ التَّمْيِيزَ لَا يُحَدُّ بِسِنٍّ وَأَنَّهُ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِفَهْمِ الْخِطَابِ إلَخْ أَنَّهُ إذَا كُلِّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَنْ مَاتَ (ش) أَيْ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ خُوطِبَ بِالْغُرْمِ بِالِاسْتِيلَاءِ. (ص) أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَجَنَى عَلَى عَبْدٍ مِثْلِهِ فَقَتَلَهُ فَاقْتَصَّ لَهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِاسْتِيلَائِهِ بِوَضْعِ الْيَدِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذَا كَانَ الْقِصَاصُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَلَوْ أُبْدِلَ عَبْدٌ بِرَقِيقٍ لَكَانَ أَوْلَى وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ سَابِقًا عَلَى الْغَصْبِ وَقُتِلَ بِهِ هَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَوْ يَضْمَنُ نَظَرًا إلَى أَنَّ سَيِّدَهُ رُبَّمَا كَانَ يَفْدِيهِ لَوْ لَمْ يُغْصَبْ أَوْ رُبَّمَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ يَعْفُو عَنْهُ لِأَجْلِ سَيِّدِهِ فَالْقَتْلُ بِسَبَبِ الْقِصَاصِ لَا يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْ الْغَاصِبِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَمِثْلُ الْقِصَاصِ الْحِرَابَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُؤَلِّفِ وَلِقَوْلِهِمْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ مَاتَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا هُوَ مِثَالٌ لِمُفِيتِ الْمَغْصُوبِ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ الْغَصْبِ وَإِنَّمَا هُوَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الضَّمَانِ كَجَحْدِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَكْلِ بِلَا عِلْمٍ وَفَتْحِ قَيْدِ الْعَبْدِ وَالْفَتْحِ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْكَافُ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ كَالْمَوْتِ وَالْقَتْلِ لِلتَّمْثِيلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهَا لِلتَّشْبِيهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ (ص) أَوْ رَكِبَ (ش) مُشْكِلٌ لِأَنَّ الرُّكُوبَ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ مِنْ مُفِيتَاتِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصِحُّ انْخِرَاطُهُ فِي سِلْكِ أَمْثِلَةِ مُفِيتَاتِ الْمَغْصُوبِ وَلَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلضَّمَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لِلْغَصْبِ فِي الضَّمَانِ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِتَعَلُّقِ الْغَصْبِ بِهَا إذْ هُوَ يَحْصُلُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ رَكِبَ أَيْ وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ جَعَلْنَاهُ تَمْثِيلًا أَوْ لَمْ تَهْلِكْ إنْ جَعَلْنَاهُ تَنْظِيرًا أَيْ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى دَابَّةٍ فَرَكِبَهَا وَلَمْ تَهْلِكْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكِرَاءُ. (ص) أَوْ ذَبَحَ أَوْ جَحَدَ وَدِيعَةً أَوْ أَكَلَ بِلَا عِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا غَصَبَ حَيَوَانًا فَذَبَحَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا يُفِيتُ الْمَغْصُوبَ كَمَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْن الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ إذَا جَحَدَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَثَبَتَ هَلَاكُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِجَحْدِهَا، ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ مَنْ أَكَلَ مِنْ الْغَاصِبِ ضِيَافَةً أَوْ هِبَةً   [حاشية العدوي] وَبَيْنَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَضْعَهُ فِي دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ إخْفَاءَهُ عَنْ رَبِّهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ) الْأَوْلَى الْجَانِي لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزُ لَا يَتَّصِفُ بِالْغَصْبِ (قَوْلُهُ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِيمَا يَضْمَنُهُ) هَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ لَا يَضْمَنُ الْمَالَ وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ لَا يَضْمَنُ مَالًا وَلَا دِيَةً وَيَكُونَانِ هَدَرًا وَالْمَجْنُونُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي سِنِّهِ) قِيلَ سَنَتَانِ وَقِيلَ سَنَةٌ وَنِصْفُ سَنَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَذَكَرَ عج أَنَّ كَلَامَ الْبُرْزُلِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّمَانَ يَخْتَصُّ بِالْمُمَيِّزِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّمْيِيزَ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ حَدِّ التَّمْيِيزِ حَدُّ غَيْرِ الْمُمَيَّزِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ اخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ كَالْفَصَاحَةِ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَضْمَنُ) قَالَ عج وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ وَإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَلِقَوْلِهِمْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ النَّقْلَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ جَنَى عِنْدَ الْغَاصِبِ كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ الْمُلُوحِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ إنْ جَعَلْنَاهُ تَنْظِيرًا) أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَى غَصْبِ الْمَنْفَعَةِ لَا الذَّاتِ إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت نَاقَشَ ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ شَأْنَ التَّرَدُّدِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضُوعُ لِلتَّرَدُّدِ مُتَّحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 مَا غَصَبَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ لِمُسْتَحِقِّهِ بِقَدْرِ أَكْلِهِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مَلِيئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآكِلِ أَمَّا إنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الشَّيْءِ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ كَانَا مُعْدِمَيْنِ اتَّبَعَ أَقْرَبَهُمَا يَسَارًا وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ إلَّا أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَنَّ الذَّبْحَ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ لَيْسَ بِمُفِيتٍ لَهُ وَلِرَبِّهِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَذْبُوحًا وَأَخْذِ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مَذْبُوحًا عَنْ قِيمَتِهِ حَيًّا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى تَلَفِ شَيْءٍ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مَعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ لَكِنْ تَارَةً يَضْمَنَانِ مُتَرَتِّبَيْنِ كَمَا فِي الْإِكْرَاءِ عَلَى الرَّمْيِ فَالْمُبَاشِرُ يُقَدَّمُ عَلَيَّ الْمُتَسَبِّبِ فَلَا يُتَّبَعُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَدِيمًا وَتَارَةً يَضْمَنَانِ مَعًا كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ وَالْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ سَوَاءٌ فِي تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى التَّلَفِ. (ص) أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَهَلَكَ فِيهَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ حَفَرَهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ فَهَلَكَ فِيهَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (ص) وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرَدِّي إلَّا لِمُعَيَّنٍ فَسِيَّانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْمُتَعَدِّي فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ إنَّ شَخْصًا آخَرَ أَوْقَعَ شَيْئًا فِيهَا فَهَلَكَ فَإِنَّ الْمُرَدِّيَ يُقَدَّمُ فِي الضَّمَانِ عَلَى الْحَافِرِ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَفَرَ الْبِئْرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَرَدَّاهُ فِيهَا شَخْصٌ آخَرُ فَإِنَّهُمَا سِيَّانِ فِي الضَّمَانِ أَيْ حَافِرَ الْبِئْرِ وَالْمُرَدِّيَ وَبِعِبَارَةٍ فَسِيَّانِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَدَّى بِفَتْحِ الدَّالِ إنْسَانًا مُكَافِئًا لِلْحَافِرِ وَالْمُرَدِّي لَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ إنْسَانٍ ضَمِنَاهُ مَعًا كَمَا فِي الشَّارِحِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَافِئًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُكَافِئٍ كَمَا إذَا حَفَرَهَا حُرٌّ مُسْلِمٌ لِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَرَدَّاهُ عَبْدٌ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُرَدِّي وَلَا يُقْتَلُ الْحَافِرُ وَهَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ لَا. وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي الْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ وَفِي الْجَمَاعَةِ إذَا قَتَلُوا شَخْصًا وَكَانَ بَعْضُهُمْ مُكَافِئًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرَ مُكَافِئٍ. (ص) أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ لِئَلَّا يَأْبَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَيَّدَ عَبْدَهُ خَوْفَ إبَاقِهِ فَجَاءَ شَخْصٌ فَحَلَّ قَيْدَهُ فَأَبِقَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ إبَاقُهُ عَقِبَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ أَمَّا لَوْ قَيَّدَهُ لِأَجْلِ نَكَالِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ حَلَّهُ ضَمَانٌ فَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَأْبَقَ مُتَعَلِّقٌ بِقَيْدٍ وَإِنْ كَانَ اسْمَ عَيْنٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْآلَةِ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ يَتَعَلَّقُ بِاسْمِ الْعَيْنِ كَقَوْلِهِ أَسَدٌ عَلَيَّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعَلُّقِهِ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قَيْدٍ لِعَدَمِ إبَاقِهِ أَيْ لِيَمْنَعَهُ الْقَيْدُ مِنْ الْإِبَاقِ وَانْظُرْ لَوْ فَتَحَ قَيْدَ حُرٍّ وَذَهَبَ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَاعَهُ بَلْ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ. (ص) أَوْ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَتَحَ بَابًا عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ فَذَهَبَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِفَتْحِ الْبَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّهُ مُصَاحِبًا لَهُ حِينَ الْفَتْحِ بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي فَتَحَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْفَاتِحِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ غَيْرَ نَائِمٍ حَيْثُ كَانَ رَبُّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا) فَإِنْ كَانَ الْآكِلُ عَدِيمًا اتَّبَعَ أَقْرَبَهُمَا يَسَارًا وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَنَّ الذَّبْحَ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ أَوْ يَأْخُذَ الشَّيْءَ الْمَذْبُوحَ بِدُونِ قِيمَةٍ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَكِنْ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ مُقَدَّمٌ وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ فَحَلُّ شَارِحِنَا نَظَرَ فِيهِ لِلْفِقْهِ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى التَّلَفِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ هَذِهِ كِلَاهُمَا مُبَاشِرٌ بِخِلَافِ الْأُولَى لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِكْرَاهِ فَلِذَا قَدَّمَ الْمُبَاشِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا) وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَفْرَهَا بِلَصْقِ الطَّرِيقِ بِلَا حَائِلٍ كَحَفْرِهَا بِهَا كَمَا فِي عب وشب (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ أَحَدٍ وَإِلَّا ضَمِنَ كَقَصْدِ وُقُوعِ سَارِقٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هَلَاكَهُ أَوْ وُقُوعِ مُحْتَرَمٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَلَوْ حَفَرَهَا بِمَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ بِقَصْدٍ مَنْعُ آدَمِيٍّ أَوْ مُحْتَرَمٍ غَيْرِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى زَرْعِهِ فَسَقَطَ بِهَا مَنْ قَصَدَ مَنْعَهُ وَتَلِفَ هَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ أَوْ يَضْمَنُ كَمَا يُفِيدُهُ مَفْهُومُ قَوْلِ تت لَا بِقَصْدِ مُعَيَّنٍ وَهَذَا مُعَيَّنٌ بِالْوَصْفِ لَا بِالشَّخْصِ وَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِحَفْرِهَا الْإِتْلَافَ يُحَرَّرُ ذَلِكَ أَقُولُ الظَّاهِرُ التَّصْدِيقُ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرَدِّي) ظَاهِرُ كَلَامِهِ ضَمَانُ الْحَافِرِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الضَّمَانُ مُخْتَصٌّ بِالْمُرَدِّي وَحْدَهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ وَضَمِنَ الْمُرَدِّي لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَسِيَّانِ) أَيْ إذَا عَلِمَ الْمُرَدِّي بِقَصْدِ الْحَافِرِ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الْمُرَدِّي فَقَطْ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَيَّدَهُ لِأَجْلِ نَكَالِهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي اخْتِلَافِهِمَا كَمَا إذَا ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ قَيَّدَهُ خَوْفَ الْإِبَاقِ وَادَّعَى الْفَاتِحُ النَّكَالَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْآلَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قُيِّدَ لِيَنْتَفِيَ إبَاقُهُ وَالْقِيَاسُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ " أَسَدٌ عَلَيَّ " إنَّمَا صَحَّ تَعَلُّقُهُ بِهِ لِكَوْنِهِ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَيْدَ يُؤَوَّلُ بِمُقَيَّدٍ بِهِ وَالْمَعْنَى أَوْ فَتَحَ مُقَيَّدًا بِهِ الْعَبْدُ أَوْ مَا قُيِّدَ بِهِ الْعَبْدُ إلَخْ وَالصِّلَةُ وَالْمَوْصُولُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُصَاحَبَةِ أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ هُوَ مَظِنَّةُ شُعُورِهِ بِخُرُوجِهِ وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 الْمَفْتُوحِ عَلَيْهِ مِنْ الذَّهَابِ كَمَا إذَا كَانَ طَيْرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ يَقْدِرُ رَبُّهُ عَلَى رَدِّهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ إذَا كَانَ الْفَتْحُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ وَلَوْ نَائِمًا حَيْثُ كَانَ لَهُ شُعُورٌ. وَقَوْلُهُ (ص) أَوْ حِرْزًا (ش) أَيْ عَلَى غَيْرِ حَيَوَانٍ فَلَا تَكْرَارَ وَإِلَّا فَكِلَاهُمَا فَتَحَ حِرْزًا وَبِعِبَارَةٍ أَوْ حِرْزًا مَعْطُوفٌ عَلَى قَيْدَ فَمَرْتَبَتُهُ التَّقْدِيمُ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فَيَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ لَهُ أَيْضًا يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَتَحَ حِرْزًا فَذَهَبَ مَا فِيهِ ضَمِنُهُ لِتَعَدِّيهِ بِفَتْحِ الْحِرْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ وَلَوْ فَتَحَ زِقًّا فَتَبَدَّدَ مَا فِيهِ ضَمِنَهُ. (ص) الْمِثْلِيَّ وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ (ش) هَذَا مَعْمُولُ ضَمِنَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ مِثْلِيًّا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا فَعَيَّبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَ الْمِثْلِيُّ وَقْتَ الْغَصْبِ غَالِيًا وَوَقْتَ الْقَضَاءِ بِهِ رَخِيصًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَلَوْ بِغَلَاءٍ أَيْ وَلَوْ غَصَبَهُ فِي زَمَنِ غَلَاءٍ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِنَ وَقَوْلُهُ فَعَيَّبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَأَرَادَ الْغَاصِبُ إعْطَاءَ مِثْلِهِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ (ص) وَصَبَرَ لِوُجُودِهِ وَلِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحَبَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ لِوُجُودِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ كَانَ لِلْمِثْلِ إبَّانٌ فَانْقَطَعَ وَإِذَا وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ الَّذِي غَصَبَهُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا مَعَ الْغَاصِبِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَجُوزُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْمِثْلِيِّ ثَمَنًا عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ طَعَامَ الْغَصْبِ يَجْرِي مَجْرَى طَعَامِ الْقَرْضِ وَيُشْتَرَطُ التَّعْجِيلُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ يُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ فِيهِ أَوْ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ صَاحَبَهُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ مَعَ وُجُودِهِ مَعَ الْغَاصِبِ لِأَنَّ نَقْلَهُ فَوْتٌ يُوجِبُ غُرْمَ مِثْلِهِ عَلَيْهِ لَا غُرْمَ عَيْنِهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ النَّقْلَ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ وَيَدُلُّ لَهُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ مِنْ أَنَّ نَقْلَ الْحَيَوَانِ فَوْتٌ وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ النَّقْلَ فِي الْمِثْلِيِّ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ وَأَمَّا فِي الْمُقَوَّمِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فَوْتًا إنْ اُحْتِيجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ كَمَا يَأْتِي وَعَلَى هَذَا فَالْمَغْصُوبُ مُخَالِفٌ لِلْمَبِيعِ فَاسِدًا إذْ الْمَبِيعُ فَاسِدًا إنَّمَا يَفُوتُ بِنَقْلٍ فِيهِ كُلْفَةٌ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا. الثَّانِي أَنَّ فَوْتَ الْمِثْلِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ مِثْلِهِ وَفَوْتَ الْمُقَوَّمِ لَا يُوجِبُ غُرْمَ قِيمَتِهِ بَلْ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ. (ص) وَمُنِعَ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ (ش) أَيْ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَنْعُ الْغَاصِبِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمِثْلِيِّ الَّذِي صَاحَبَهُ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ خَشْيَةَ ضَيَاعِ حَقِّ رَبِّهِ وَمِثْلُهُ الْمُقَوَّمُ حَيْثُ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ وَإِذَا مُنِعَ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ مَرْدُودٌ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِيمَا يُمْنَعُ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ قَبُولُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَنْعُ أَكْلِ مَا وُهِبَ مِمَّا فَاتَ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ كَهِبَةٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ ذَبَحَهَا وَطَبَخَ لَحْمَهَا لِشَخْصٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَكْلُهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَدْفَعُ لِرَبِّ الشَّاةِ قِيمَتَهَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الْقَرَافِيُّ وَمِنْهُ يَتَبَيَّنُ صِحَّةَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ مِنْ مَنْعِ أَكْلِ أَطْرَافِ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُؤْخَذُ مَكْسًا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَمُقْتَضَى مَا لِابْنِ نَاجِي وَقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَكْلُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَغْصُوبِ حَيْثُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ. (ص) وَلَا رَدَّ لَهُ   [حاشية العدوي] يَسِيرًا لَا الْمُلَاصَقَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ فَتَحَ حِرْزًا) أَيْ أَوْ نَقَبَهُ وَيُقَدَّمُ آخِذُ الْمَتَاعِ حَيْثُ كَانَ يَضْمَنُ الْمَالَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا أَوْ قُطِعَ وَأَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ عَلَى مَنْ فَتَحَ الْحِرْزَ أَوْ نَقَبَهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا أَعَمُّ وَلَا تَكْرَارَ لِلْخَاصِّ مَعَ الْعَامِّ (قَوْلُهُ فَمَرْتَبَتُهُ التَّقْدِيمُ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ مَحْذُوفٌ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ زِقًّا) وَهُوَ الْقِرْبَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْعَسَلُ مَثَلًا فَإِذَا فَتَحَهَا إنْسَانٌ وَرَبُّهَا حَاضِرٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يُمَكِّنُ رَبَّهُ حِفْظُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّيْرِ وَقَوْلُهُ فَتَبَدَّدَ أَيْ تَفَرَّقَ أَيْ وَكَانَ رَبُّهُ لَا يُمَكِّنُهُ حِفْظُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ إذَا كَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ وَقَوْلُ صَاحِبِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْأَوْلَى وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ الْتِفَاتٌ عَلَى مَذْهَبِ السَّكَّاكِيِّ لِأَنَّ الْمَقَامَ يُنَاسِبُ قَوْلَنَا بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَعَامَ الْغَصْبِ إلَخْ) أَيْ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ فَسْخُ دَيْنٍ) أَيْ الْمِثْلِ فِي دَيْنٍ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ إلَخْ) أَيْ وَنَقْلُ الْحَيَوَانِ لَا كُلْفَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَمَّا كَانَ مِثْلُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ اكْتَفَى فِيهِ بِأَدْنَى مُفَوِّتٍ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَلَا يَفُوتُ كَمَا قَالَ إلَّا بِنَقْلٍ فِيهِ كُلْفَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ) بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ أَيْ أَوْ يُضَمِّنَهُ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ مَرْدُودٌ) حَتَّى يُقَالَ مَرْدُودٌ إذَا أَمْكَنَ رَدُّهُ وَعِنْدَ الْفَوَاتِ لَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ مَنْعِ التَّصَرُّفِ رَدُّهُ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى مَا لِابْنِ نَاجِي إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ شِرَاءُ رُءُوسِ ضَأْنٍ مَشْوِيَّةً مَأْخُوذَةً مَكْسًا كَتَسْقِيَةٍ وَلُبْسِ سُرْمُوجَةٍ مَغْصُوبٍ نَعْلُهَا لَا أَطْرَافٍ نِيئَةٍ غُصِبَتْ مِنْ مَذْبَحٍ بَعْدَ الذَّبْحِ بِاتِّفَاقٍ ابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ) أَيْ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّهَا لِرَبِّهَا بِشَرْطِ حُصُولِ الْمُفَوِّتِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِعْيَارُ وَكَمَا حَكَى الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ أَنَّ السُّلْطَانَ أَبَا الْحَسَنِ الْمَرِينِيَّ دَعَا فُقَهَاءَ وَقْتِهِ إلَى وَلِيمَةٍ وَكَانُوا أَهْلَ عِلْمٍ وَدِينٍ فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ وَمِنْهُمْ مَنْ أَكَلَ وَقَلَّلَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَكَلَ مِنْ الْغَلَّاتِ كَالسَّمْنِ فَقَطْ وَمِنْهُمْ مَنْ شَمَّرَ لِلْأَكْلِ بِكُلِّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَاتُوا مِنْ طَعَامِ الْأَمِيرِ عَلَى وَجْهِ الْبَرَكَةِ فَإِنِّي صَائِمٌ فَسَأَلَهُمْ الشَّيْخُ وَأَظُنُّهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْأَوَّلُ: طَعَامُ شُبْهَةٍ تَسَتَّرْتُ مِنْهُ بِالصَّوْمِ وَقَالَ الثَّانِي: كُنْتُ آكُلُ بِمِقْدَارِ مَا أَتَصَدَّقُ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْأَرْبَابِ وَالْمُبَاشِرُ كَالْغَاصِبِ وَقَالَ الثَّالِثُ: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ مِثْلِيًّا ثُمَّ إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَمَعَهُ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ فَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ لِلْغَاصِبِ رُدَّ إلَيَّ مَتَاعِي إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحِبَهُ إلَّا أَنَّ مَقْصُودَهُ التَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ وَإِلَّا فَهُوَ تَكْرَارٌ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِعَدَمِ الْمِثْلِ ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ يَكُونُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا زَعَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ مَا وَجَدَهُ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِثْلِيُّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَخَالَفَهُ الْغَاصِبُ أَيْ وَلَا رَدَّ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَا بِيَدِ الْغَاصِبِ مِثْلِيُّهُ قَالَهُ بَعْضٌ وَفِيهِ شَيْءٌ لِفَهْمِ هَذِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَا يُجَابُ لِرَدِّ مِثْلِيِّهِ الْمُحَقَّقِ أَنَّهُ هُوَ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْغَاصِبِ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُجَابَ لِرَدِّ مَا وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ أَنَّهُ هُوَ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَلَا رَدَّ لَهُ قَوْلُهُ (ص) كَإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ مَعِيبًا زَالَ وَقَالَ أَجَزْتُ لِظَنِّ بَقَائِهِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا مَعِيبًا وَبَاعَهُ وَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَهَابِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَقَالَ إنَّمَا أَجَزْتُ الْبَيْعَ لِظَنِّي أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْإِجَازَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إجَازَتِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ فَقَوْلُهُ إجَازَتِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَبَيْعَهُ مَفْعُولُهُ وَهُوَ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَعِيبًا مَفْعُولُهُ وَضَمِيرُ زَالَ عَائِدٌ عَلَى الْعَيْبِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَعِيبًا لَا عَلَى الْمَعِيبِ وَقَوْلُهُ زَالَ أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ إذْ لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ. (ص) كَنُقْرَةٍ صِيغَتْ وَطِينٍ لُبِنَ وَقَمْحٍ طُحِنَ وَبَذْرٍ زُرِعَ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَلَا رَدَّ لَهُ فَكَمَا لَا تَسَلُّطَ لِلْمَالِكِ عَلَى عَيْنِ الْمِثْلِيِّ إذَا وَجَدَهُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ مَعَ الْغَاصِبِ كَذَلِكَ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ إذَا وَجَدَهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ شَخْصٍ نُقْرَةً وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَسَبَكَهَا أَوْ صَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِصَاحِبِهَا بِمِثْلِهَا صِفَةً وَوَزْنًا وَلَا يُقْضَى لَهُ بِعَيْنِهَا حِينَئِذٍ لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهَا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ وَيُلْحَقُ بِالْمُقَوَّمَاتِ وَمِثْلُ الصِّيَاغَةِ النُّحَاسُ يُضْرَبُ فُلُوسًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُ النُّحَاسِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الصِّيَاغَةِ هُنَا مُفِيتٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٌ وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ طِينًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَضَرَبَهُ هـ لَبِنًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ مِثْلَهُ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ الْجُزَافَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الطِّينَ مِمَّا يُكَالُ بِالْقُفَّةِ وَنَحْوِهَا وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ   [حاشية العدوي] اعْتَمَدْتُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْغَلَّاتِ لِلْغَاصِبِ إذْ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَقَالَ الرَّابِعُ: طَعَامٌ مُسْتَهْلَكٌ تَرَتَّبَتْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّةِ مُسْتَهْلِكِهِ فَحَلَّ لِي تَنَاوُلُهُ وَقَدْ مَكَّنَنِي مِنْهُ فَحَلَّ لِي قُلْتُ وَهَذَا صَرِيحُ الْفِقْهِ وَلُبَابُهُ وَقَالَ الْخَامِسُ: طَعَامٌ مُسْتَحَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ قَدَرْتُ عَلَى اسْتِخْلَاصِ بَعْضِهِ فَاسْتَخْلَصْتُهُ وَأَوْصَلْتُهُ إلَى أَرْبَابِهِ فَكَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِمَا أَخَذَ قُلْتُ وَهَذَا أَحْرَى بِالصَّوَابِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْوَرَعِ قَالَهُ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ لَهُ بَلْ يَصْبِرُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ مَقْصُودَهُ) أَيْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصْدُهُ النَّصُّ فِي الْأُولَى عَلَى الصَّبْرِ وَالثَّانِيَةِ نَصٌّ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى تُغْنِي عَنْ الثَّانِيَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ شَأْنُهُ الِاخْتِصَارُ وَقَدْ يُقَالُ لَا إغْنَاءَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَصَبَرَ لِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحَبَهُ وَلَكِنْ يَقُولُ لَهُ رُدَّ الْمَتَاعَ إلَى بَلَدِي وَقَالَ بَعْضٌ وَأَعَادَهُ مَعَ تَكَرُّرِهِ مَعَ مَا مَرَّ لِيُشَبِّهَ بِهِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ شَبَّهَ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ لَا رَدَّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ رَبِّ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ) فِيهِ شَيْءٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَصْبِرُ عِنْدَ عَدَمِهِ إلَى الْوُجُودِ فَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ يَكُونُ تَكْرَارًا) الْمُرَادُ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَالْمُكَرَّرُ حَقِيقَةً هُوَ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ وَقَعَ فِي مَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ بَيْعَهُ مَعِيبًا) كَانَ الْعَيْبُ طَارِئًا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ رَبِّهِ قَبْلَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ زَالَ) أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ إلَخْ لَكِنْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ زَالَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ مَعِيبًا أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فَيَشْمَلُ زَوَالَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَبَذْرٍ) أَيْ مَا يُبْذَرُ كَحَبٍّ زُرِعَ فَبَذْرٌ اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ إذْ هُوَ مَصْدَرًا إلْقَاءُ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ الزَّرْعُ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ زُرِعَ وَلَا يُحْمَلُ زُرِعَ عَلَى غَطَّى لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ فَوَاتَ الْمَبْذُورِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَغْطِيَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ الْمُذَابَةُ) أَيْ شَأْنُهَا أَنْ تُذَابَ وَإِلَّا فَهِيَ الْآنَ غَيْرُ مُذَابَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى) مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ النُّقْرَةَ إذَا صِيغَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِثْلُهَا فَإِذَا أَتْلَفَهَا إنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَصَارَتْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ بَعْدَ الصَّنْعَةِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إلَخْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَيُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا يَغْرَمُ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ حُصُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ وَأَمَّا مَنْ غَصَبَهُ وَصَنَعَهُ فَإِنَّ صَنْعَتَهُ تَكُونُ مُفَوِّتَةً لَهُ وَيَلْزَمُ فِيهِ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ فَلَا مُنَافَاةَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مُطْلَقَ الصِّيَاغَةِ هُنَا مُفِيتٌ) أَيْ لِرَدِّهِ لِرَبِّهِ لَا أَنَّهُ يُصَيِّرُهُ مُقَوَّمًا فَلَا يُقَالُ إنَّ جَعْلَهُ مُفْتِيًا يُفِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ) قَالَ الزَّرْقَانِيُّ اسْتَشْكَلَ هَذَا بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ لُزُومَ الْقِيمَةِ فِي الْجُزَافِ لِلْهُرُوبِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ لَوْ دَفَعَ مِثْلَهُ وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي الطِّينِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ حَيْثُ الْمُزَابَنَةُ وَهِيَ تَكُونُ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ (قَوْلُهُ الْجُزَافَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْلَمْ صَارَ بِمَثَابَةِ الْجُزَافِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الطِّينَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا قُلْنَا مِثْلِيٌّ لِأَنَّهُ مِمَّا يُكَالُ بِالْقُفَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الطِّينَ مِمَّا يُكَالُ بِالْقُفَّةِ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِوَضْعِهِ فِي الْقُفَّةِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ مِثْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّقِيقَ يَفُوت بِالْعَجْنِ وَالْعَجِينَ بِالْخَبْزِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ جَعْلُ الطَّحْنِ هُنَا نَاقِلًا وَلَمْ يَجْعَلُوا فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ الطَّحْنَ نَاقِلًا كَالْعَجْنِ فَمَنَعُوا التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا لِلرِّبَا وَهُنَا احْتَاطُوا لِلْغَاصِبِ فَلَمْ يُضَيِّعُوا كُلْفَةَ طَحْنِهِ وَهُوَ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الْحُبُوبِ فَزَرَعَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِصَاحِبِهِ مِثْلُهُ. (ص) وَبِيضٍ أُفْرِخَ إلَّا مَا بَاضَ إنْ حَضَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَجَاجَةٌ فَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ مِثْلُهَا وَالدَّجَاجَةُ لِلْغَاصِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ غَصَبَ مَا يَبِيضُ مِنْ دَجَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَبَاضَتْ وَحَضَنَتْ بِيضَهَا فَإِنَّ الدَّجَاجَةَ وَالْفَرَارِيجَ لِمُسْتَحِقِّهَا كَمَا لَوْ وَلَدَتْ فَلَوْ حَضَنَ بِيضَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ غَيْرِهَا أَوْ حَضَنَ تَحْتَهَا غَيْرَ بَيْضِهَا فَلَا شَيْءَ مِنْ الْفَرَارِيجِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَجَاجَتُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا فِيمَا حَضَنَتْهُ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا بَاضَتْ عِنْدَهُ أَوْ بَاضَتْ عِنْدَ رَبِّهَا وَغَصَبَهَا وَبَيْضَهَا وَحَضَنَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّصِّ فَبَاضَتْ عِنْدَهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالظَّرْفِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (ص) وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ وَإِنْ تَخَلَّلَ خُيِّرَ كَتَخَلُّلِهَا لِذِمِّيٍّ وَتَعَيَّنَ لِغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ شَخْصٍ عَصِيرًا وَهُوَ مَاءُ الْعِنَبِ فَصَارَ خَمْرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِصَاحِبِهِ بِمِثْلِهِ إنْ عُلِمَ كَيْلُهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ فَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يُخَيَّرَ كَمَا إذَا تَخَلَّلَ خَمْرُهُ وَإِنْ خَلَّلَ الْعَصِيرَ فَإِنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مِثْلِهِ أَوْ أَخْذِهِ خَلًّا إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَإِنْ خُلِّلَتْ الْخَمْرُ وَكَانَتْ لِذِمِّيٍّ خُيِّرَ فِي أَخْذِ الْخَلِّ أَوْ قِيمَةِ الْخَمْرِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيُقَوِّمُهَا مَنْ يَعْرِفُ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَرُدَّ الْخَلَّ لَهُ وَسَوَاءٌ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلذِّمِّيِّ بِوَصْفِ الْكُفْرِ لَا بِوَصْفِ كَوْنِهِ ذِمِّيًّا وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ وَالْحَرْبِيَّ كَالْمُسْلِمِ فِي تَعَيُّنِ أَخْذِ الْخَلِّ مَعَ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ كَالذِّمِّيِّ فِي التَّخْيِيرِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَإِنْ صَنَعَ كَغَزْلٍ وَحَلْيٍ (ش) وَالْمَعْنَى عَلَى جَمِيعِ النُّسَخِ الْآتِي بَيَانُهَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ غَصْبِهِ كَانَ مُقَوَّمًا أَصَالَةً أَوْ مِثْلِيًّا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ قَوِيَّةٌ كَغَزْلٍ وَحَلْيٍ، وَأَمَّا الصَّنْعَةُ الضَّعِيفَةُ فَلَغْوٌ كَصَنْعَةِ الْفُلُوسِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٌ وَبِعِبَارَةٍ اعْلَمْ أَنَّ الْغَزْلَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ لَكِنَّ أَصْلَهُ وَهُوَ الْكَتَّانُ مِثْلِيٌّ وَالْمِثْلِيُّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ فَقَوْلُهُمْ الْمِثْلِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ وَلَمْ تَتَفَاوَتْ أَفْرَادُهُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مِثْلِيًّا وَدَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقَوَّمٌ وَاعْلَمْ أَنَّ نُسْخَةَ ضَيَّعَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوْلَى مِنْ صَنَعَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ لِإِفَادَةِ الْأَوْلَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ الْغَزْلَ أَوْ الْحُلِيَّ فَضَاعَا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتُوهِمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُمَا إنْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً. (ص) وَغَيْرَ مِثْلِيٍّ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ كَحَيَوَانٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمِ غَصْبِهِ أَيْ أَنَّ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ الْمَصْنُوعِ فِي حُكْمِهِ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا مَرَّ يَقْتَضِي أَنَّ مَا مَرَّ مِثْلِيٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ مِثْلِيٌّ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ لَكِنْ لَهُ حُكْمُ الْمُقَوَّمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ صَنَعَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَبِالرَّفْعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ) أَيْ الذَّاتُ الْمَغْصُوبَةُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا دَجَاجَةً (قَوْلُهُ أَوْ حَضَنَ تَحْتَهَا غَيْرَ بَيْضِهَا) قَضِيَّتُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْضُ لِمَالِكِ الدَّجَاجَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْفِرَاخُ لِمَالِكِ الدَّجَاجَةِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَعَبِهِ فِيهَا فَإِنْ كَانَا لِشَخْصَيْنِ فَلِرَبِّ الْبَيْضِ مِثْلُهُ وَلِرَبِّ الدَّجَاجَةِ دَجَاجَتُهُ وَكِرَاءِ مِثْلِهَا فِي حَضْنِهَا وَمَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا كِرَاءَ وَبَيْنَ أَخْذِهَا مَعَ كِرَاءِ الْحِضْنِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ إنْ حَضَنَ مَا اسْتَقَلَّ بِالْحَضْنِ أَوْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَحَضَنَ مَعَ أُنْثَى عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كِرَاؤُهُ وَانْظُرْ لَوْ غَصَبَ حَمَامَةً مِنْ رَجُلٍ وَذَكَرًا مِنْ آخَرَ وَبَاضَتْ وَشَارَكَهَا الذَّكَرُ فِي الْحَضْنِ وَأَفْرَخَ فَهَلْ عَلَى رَبِّ الْحَمَامَةِ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حَضْنِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فِي النَّصِّ) أَيْ نَصِّ أَشْهَبَ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيْ قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ خُيِّرَ) أَيْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ ابْتِدَاءً وَكَذَا بَعْدَ تَخَمُّرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ تَخْصِيصُهُ الْخَمْرَ بِأَنَّ الْمَلَاهِيَ لَوْ كَسَرَهَا أَوْ غَيَّرَهَا عَنْ حَالِهَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى عَلَى جَمِيعِ النُّسَخِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا نُسْخَتَانِ ضَيَّعَ وَصَنَعَ وَالْمُتَبَادِرُ أَكْثَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَاحَظَ اعْتِبَارَ قِرَاءَتِهِمَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ النَّائِبِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَى النُّسْخَتَيْنِ أَمَّا نُسْخَةُ ضَيَّعَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَالْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا نُسْخَةُ صَنَعَ فَتُفِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الْغَزْلِ وَالْحُلِيِّ إذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً مَعَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الصَّنْعَةُ الضَّعِيفَةُ فَلَغْوٌ) أَيْ لَيْسَ نَاقِلًا عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ إلَى الْمُقَوَّمَاتِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُفِيتُ عَلَى رَبِّهِ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي نَقْلِهِ عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي فَوَاتِهِ عَلَى رَبِّهِ فَلَا تَنَافِيَ وَإِنَّ تَفْوِيتَهُ عَلَى رَبِّهِ يَحْصُلُ بِأَيِّ صَنْعَةٍ كَانَتْ وَأَمَّا نَقْلُهُ إلَى الْمُقَوَّمَاتِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالصَّنْعَةِ الْقَوِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الصَّنْعَةُ قَوِيَّةً احْتِرَازًا عَنْ صَنْعَةِ الْفُلُوسِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٍ (قَوْلُهُ فَتُوهِمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُمَا إنْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ضَاعَ مَعَ أَنَّهُ إذَا ضَاعَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صَنْعَةً فِيهِ الْقِيمَةُ لَا الْمِثْلُ أَيْ وَيُوهِمُ أَنَّ الْغَزْلَ وَالْحَلْيَ أَحْدَثَ فِيهِمَا صَنْعَةً مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ غَصَبَ الْغَزْلَ وَالْحُلِيَّ وَأَتْلَفَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلنَّائِبِ عَلَى حَسَبِ مَحَلِّ الْكَافِ وَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا أَيْ فَوَّتَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِأَنَّ صَنَعَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْغَزْلِ مِثْلُ عَلَفْتُهَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي التِّبْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ. (ص) وَإِنْ جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ أَوْ كَلْبًا (ش) هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي ضَمَانِ الْقِيمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَبَالَغَ عَلَى غَيْرِ الْمَدْبُوغِ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ إذَا غَصَبَ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَتْلَفَهُ كَكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ حِرَاسَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَنِينِ وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ كَلْبًا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الْكَلْبِ بِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لِأَنَّ غَيْرَهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ غَيْرُ مَالٍ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ قَتَلَهُ تَعَدِّيًا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَتَلَ مَا غَصَبَهُ تَعَدِّيًا مِنْهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لَا يَوْمَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ فِي الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ مِنْ فَاعِلٍ وَاحِدٍ وَالْعِبْرَةُ بِأَوَّلِهَا وَإِذَا قُلْنَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ فَعَلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ وَلَا يَتَحَدَّدُ ذَلِكَ بِحَدٍّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ قَتَلَهُ بِعَدَاءٍ بِبَاءِ الْجَرِّ وَمَدِّ عَدَاءٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ حِينَئِذٍ فِي قَوْلِهِ فَقِيمَتُهُ أَيْ إذَا قَتَلَ الْغَاصِبُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ بِسَبَبِ عَدَائِهِ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِظُلْمِهِ بِغَصْبِهِ فَهُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ. (ص) وَخُيِّرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ تَبِعَهُ تَبِعَ هُوَ الْجَانِيَ فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ أَقَلَّ فَلَهُ الزَّائِدُ مِنْ الْغَاصِبِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ فَتَعَدَّى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ مِنْ الْغَاصِبِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْجَانِي يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ كُلًّا صَدَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ وَهُوَ الْغَصْبُ وَالْجِنَايَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ تَبِعَ الْغَاصِبَ فَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ حِينَئِذٍ يَتْبَعُ الْجَانِيَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ مَلَكَهُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ تَبِعَ الْجَانِيَ فَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَكَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الزَّائِدَ عَلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَيْ فِي جِنَايَةٍ أَوْ فِي اتِّبَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا فِيهِ السَّبَبُ مِنْ فَاعِلَيْنِ وَقَوْلُهُ تَبِعَ هُوَ أَيْ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِجَمِيعِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِمَا أَخَذَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنْ مَعَ التَّسَاوِي لَا إشْكَالَ وَمَعَ الْأَقَلِّ يَضِيعُ الزَّائِدُ عَلَى الْغَاصِبِ وَمَعَ الْأَكْثَرِ الْجَمِيعُ لِلْغَاصِبِ وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِجَرَيَانِ الْجَوَابِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ إذْ ضَمِيرُ الشَّرْطِ لِرَبِّ الْمَغْصُوبِ وَضَمِيرُ الْجَوَابِ لِلْغَاصِبِ وَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِلْغَاصِبِ فَقَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ أَقَلَّ أَيْ مِنْ الْجَانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَلَهُ الزَّائِدُ مِنْ الْغَاصِبِ فَقَطْ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ رَبُّهُ أَقَلَّ مِنْ الْغَاصِبِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْجَانِي. (ص) وَلَهُ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا أَوْ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَبَنَى عَلَى ذَلِكَ بُنْيَانًا فَلِلْمَالِكِ أَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ عَلَفْتُهَا إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ عَلَى نُسْخَةِ صَنَعَ بِالصَّادِ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ ضَيَّعَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَلَا إشْكَالَ وَلَا يَحْتَاجُ لِجَعْلِهَا مِنْ بَابِ عَلَفْتُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ صَنَعَ) أَيْ أَنَّ شَأْنَ الصَّنْعَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْغَزْلِ لَا فِي الْحُلِيِّ فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهِ أَنْ لَا يُصْنَعَ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ إلَخْ) أَشَارَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ إلَى آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حِرَاسَةٍ) أَيْ حِرَاسَةِ زَرْعٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَذْهَبَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ إلَخْ وَمُقَابِلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ لَهُ أَخْذَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّهِ أَنْ يَقُولَ لَا أُؤَاخِذُهُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَإِنَّمَا أُؤَاخِذُهُ بِالْقَتْلِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَقْيَسُ (قَوْلُهُ تَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ) أَيْ كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ فَجَعَلَ فِي كَلْبِ الْمَاشِيَةِ شَاةً وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَفِي كَلْبِ الزَّرْعِ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ وَالْفَرَقُ بِفَتْحَتَيْنِ إنَاءٌ بِالْمَدِينَةِ يَسَعُ تِسْعَةَ عَشَرَ رِطْلًا (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ إلَخْ) هَذَا إذَا تَعَدَّى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ الْأَجْنَبِيُّ تَعَدَّى عَلَى دَفْعِهِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ عَلَى الْجَانِي وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ (قَوْلُهُ فَأَتْلَفَهُ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عَيَّبَهُ فَقَطْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ فَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ يَوْمَهَا وَبَيْنَ أَخْذِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَمَعَ الْأَقَلِّ) أَيْ وَمَعَ كَوْنِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ وَكَانَتْ يَوْمَ الْغَصْبِ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَضِيعُ الزَّائِدُ (قَوْلُهُ وَمَعَ الْأَكْثَرِ الْجَمِيعُ لِلْغَاصِبِ) لَا يُقَالُ الْغَاصِبُ لَا يَرْبَحُ فَكَيْفَ رَبِحَ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ يَوْمَ الْغَصْبِ مَلَكَهُ فَلَا كَلَامَ لِرَبِّهِ فِي الزِّيَادَةِ وَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِلْغَاصِبِ أَيْ فَلَهُ الزَّائِدُ مِنْ الْغَاصِبِ وَحْدَهُ أَيْ لَا مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا بُنْيَانًا يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَغْصُوبِ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ أَوْ دَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ وَهَذَا يُنَافِيهِ وَمِثْلُ شَارِحِنَا عِبَارَةُ عب حَيْثُ قَالَ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَرْضًا أَوْ خَشَبًا وَقَدْ تَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ تت بِقَوْلِهِ وَلَهُ أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ خَشَبَةً أَوْ عُودًا هَدْمُ إلَخْ فَقَصَرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يُدْخِلْ الْأَرْضَ ثُمَّ إنِّي لَمَّا أَدْرَكْتُ هَذَا التَّنَاقُضَ الْوَارِدَ عَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا وعب قُلْت يُضَمُّ مَا هُنَا لِمَا سَيَأْتِي فَيَئُولُ الْأَمْرُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ الَّتِي بَنَى الْغَاصِبُ عَلَيْهَا بُنْيَانًا إلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ فِيهَا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ ثُمَّ أَقُولُ إنْ كَانَ هَذَا الْعُمُومُ مَنْقُولًا فَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اقْتِصَارِ تت فَتَكُونُ زِيَادَةُ الْأَرْضِ غَيْرَ صَوَابٍ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ ثُمَّ إنِّي وَجَدْتُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 يَأْمُرَهُ بِهَدْمِهِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ تُفْتَقُ الْجُبَّةُ وَيُهْدَمُ الْبِنَاءُ وَالْفَتْقُ وَالْهَدْمُ عَلَى الْغَاصِبِ وَكَانَ إفَاتَتُهُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْتِزَامِ قِيمَتِهِ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ غَصَبَ أَنْقَاضًا فَبَنَاهَا فَالتَّوَقُّفُ فِيهِ لَا مَحَلَّ لَهُ. (ص) وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ رَقَبَةَ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَاسْتَعْمَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ مَا اسْتَغَلَّهُ وَسَوَاءٌ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ ضَمَانِ قِيمَتِهَا فَقَطْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْكِرَاءَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ وَمَفْهُومُ مُسْتَعْمَلٍ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا وَالدَّابَّةِ يَحْبِسُهَا وَالْأَرْضِ يُبَوِّرُهَا وَالْعَبْدِ لَا يَسْتَخْدِمُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ الْآتِيَ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا غَصَبَ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ لَا تَعَارُضَ وَهُنَاكَ جَمْعٌ آخَرُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) وَصَيْدُ عَبْدٍ وَجَارِحٍ (ش) الْجَارِحُ وَاحِدُ الْجَوَارِحِ وَالْجَوَارِحُ مِنْ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ذَوَاتِ الصَّيْدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ جَارِحًا أَوْ كَلْبًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَاصْطَادَ بِهِ صَيْدًا فَإِنَّ الصَّيْدَ يَكُونُ لِلْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا مَنْ غَصَبَ شَبَكَةً أَوْ شَرَكًا أَوْ حَبْلًا أَوْ سَيْفًا أَوْ رُمْحًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْآلَاتِ الَّتِي لَا تَصَرُّفَ لَهَا فَاصْطَادَ بِهِ صَيْدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ لِلْمَالِكِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَمِثْلُ الْآلَاتِ الْفَرَسُ إذَا غَصَبَهُ وَصَادَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ صَيْدُ بِمَعْنَى مِصْيَدٍ قَوْلُهُ وَصَيْدُ عَبْدٍ إلَخْ أَيْ وَلَهُ تَرْكُهُ لِلْغَاصِبِ وَأَخْذُ أُجْرَةِ الْعَبْدِ وَالْجَارِحِ. (ص) وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا بُنْيَانًا وَاسْتَغَلَّهُ أَوْ سَكَنَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَهَا بَرَاحًا وَهَلْ يُنْظَرُ لِكِرَائِهَا لِمَنْ يَعْمُرُهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَرْكَبٍ نَخِرٍ أَوْ يُنْظَرُ لِكِرَائِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ   [حاشية العدوي] بَعْضَ شُيُوخِنَا تَنَبَّهَ لِذَلِكَ وَجَعَلَ التَّخْيِيرَ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ كَمَا قُلْنَا الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ، وَالثَّالِثُ هُوَ أَخْذُ الْبِنَاءِ وَدَفْعُ قِيمَةِ النُّقْضِ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ رَضِيَ الْغَاصِبُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْغَاصِبُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِهَدْمِ بِنَائِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ وَلَوْ رَضِيَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تَلْزَمَ الْغَاصِبَ (قَوْلُهُ فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْبِطَانَةُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالظِّهَارَةِ هُنَا الْبِطَانَةَ الَّتِي تَكُونُ مِنْ أَسْفَلَ إنْ كَانَتْ الْجُبَّةُ مِنْ الْعُلْوِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَسْفَلِ تَكُونُ الظِّهَارَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا مَا يَكُونُ مِنْ الْعُلْوِ (قَوْلُهُ وَكَانَ إفَاتَتُهُ ذَلِكَ) أَيْ إفَاتَتُهُ الْمَغْصُوبَ أَيْ بِالْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَيْ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ إفَاتَةً لَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَأَنَّهُ صَارَ لَا يَتَمَلَّكُهُ وَلَوْ قَالَ وَكَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْتِزَامِ الْقِيمَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَقِيمَةَ الرَّقَبَةِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ قِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَدَرَجَ عَلَيْهِ تت بِقَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمِلٍ لِعَبْدٍ وَدَارٍ وَدَابَّةٍ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الْمَغْصُوبِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا كِرَاءَ لَهُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ إذَا أَخَذَ شَيْئَهُ أَوْ هَلَكَ وَلَمْ يَخْتَرْ تَضْمِينَهُ وَأَمَّا لَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْغَلَّةِ وَالْقِيمَةِ وَرَجَّحَهُ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ مَنْ حَقَّقَ (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ جَمْعٌ آخَرُ) أَيْ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْعَقَارِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَبَيْنَ الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَيَضْمَنُ فِي الرُّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ إذَا سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَوْ زَرَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ مَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ تَحْرِيكٍ حَيْثُ اسْتَعْمَلَ أَوْ أَكْرَى وَأَمَّا مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَسَمْنٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ بِنَوْعِ مُعَالَجَةٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَةً وَلَا كِرَاءً وَعَلَى هَذَا بَهْرَامُ (أَقُولُ) وَحَلَّ بِهِ عب كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَيَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفَادَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا اسْتَعْمَلَ مِنْ رِبَاعٍ وَحَيَوَانٍ قَائِلًا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَقَرَّ مُحَشِّي تت كَلَامَ تت عَلَى الْعُمُومِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَيَقْتَضِي رُجْحَانَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ اللَّقَانِيِّ رَجَّحَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا قَوْلُهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَيَضْمَنُ فِي الرِّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ إذَا سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَوْ زَرَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ إذَا اسْتَعْمَلَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَوْ أَكْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى عُمُومِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ فِي الذَّوَاتِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ عَلَى غَصْبِ الْمَنَافِعِ فَيَكُونُ قَدْ مَشَى عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ مُتَعَارِضَةً الْأَوَّلُ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ فَهُوَ مُعَارِضٌ بِمَنْطُوقِهِ لِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَبِمَفْهُومِهِ لِقَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ وَالْجَمْعُ بِمَا عَلِمْتَهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَشَارَ لَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَصَيْدُ عَبْدٍ وَجَارِحٍ) وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ أُجْرَةُ تَعَبِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا بَرَاحًا) فَلَوْ كَانَ تَرْمِيمًا فَيُقَوَّمُ الْأَصْلُ قَبْلَ إصْلَاحِهِ فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ يُصْلِحُ فَيَغْرَمُهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ أَوْ يُنْظَرُ لِكِرَائِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ) الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ الْقِيمَةُ قَوِيَّةً بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّفِينَةِ أَنَّ الْأَرْضَ يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ عَدَمِ الْبِنَاءِ وَالسَّفِينَةُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا حَيْثُ كَانَتْ نَخِرَةً وَأَمَّا كِرَاءُ الْبِنَاءِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ. (ص) كَمَرْكَبٍ نَخِرٍ وَأَخْذِ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ مَرْكَبًا نَخِرًا أَيْ يَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ فَرَمَّهُ وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَغَلَّهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ أُجْرَتَهُ نَخِرًا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ مَرْكَبَهُ وَمَا فِيهِ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ كَالْقُلْفُطَةِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا مِثْلُ الصَّوَارِي وَالْحِبَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ فِي مَوْضِعٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْكَبِ مِنْ ذَلِكَ فِي سَيْرِهَا إلَى مَوْضِعِ الْغَصْبِ فَرَبُّ الْمَرْكَبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ ذَلِكَ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِلْغَاصِبِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الدَّارَ الْخَرَابَ وَالْبِئْرَ الْخَرَابَ وَالْعَيْنَ الْخَرَابَ وَالْبُنْيَانَ الْخَرَابَ إذَا أَصْلَحَهُ الْغَاصِبُ وَلَوْ قَالَ وَتَرَكَ لَهُ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ قَلْعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ نَحْوُ الْمَشَاقِّ وَالزِّفْتِ الْقَدِيمِ يُتْرَكُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ. (ص) وَصَيْدِ شَبَكَةٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ فَهُوَ مَجْرُورٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَبَكَةً فَاصْطَادَ بِهَا فَالصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ اتِّفَاقًا وَلِرَبِّ الشَّبَكَةِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَمِثْلُهَا الشَّرَكُ وَالرُّمْحُ وَالنَّبْلُ وَالْحَبْلُ وَالسَّيْفُ. (ص) وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ (ش) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا غَلَّةَ لَهُ فَإِذَا طُولِبَ بِرَدِّ مَا غَصَبَهُ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالشَّجَرِ وَالدَّوَابِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي عَيْنِ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْ عَمَلِهِ فَيُحَاسِبُ بِنَفَقَتِهِ فِي الْغَلَّةِ فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَلَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ حَصْرٌ أَيْ وَاَلَّذِي أَنْفَقَهُ مَحْصُورٌ فِي الْغَلَّةِ لَا يَتَعَدَّاهَا إلَى ذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا إلَى رَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا فِي رَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْغَلَّةُ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي النَّفَقَةِ لِقَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْوَاوُ فِي وَمَا أَنْفَقَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَمَا مُبْتَدَأٌ وَفِي الْغَلَّةِ خَبَرٌ. (ص) وَهَلْ إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ تَرَدُّدٌ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مُقَوَّمًا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ أَشَارَ لِلْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَعْطَى فِيهِ ثَمَنًا وَاحِدًا مِنْ مُتَعَدِّدٍ وَأَتْلَفَهُ شَخْصٌ فَهَلْ يَلْزَمُ مُتْلِفَهُ الثَّمَنُ أَوْ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أُجْرَتَهُ نَخِرًا) أَيْ فَيَنْظُرُ فِيمَا كَانَ يُؤَاجِرُ بِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ الْغَاصِبُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِدُونِ إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ) أَيْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهُ عَنْهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُشَاهَدٌ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ كَزِفْتٍ (قَوْلُهُ كَالْقُلْفُطَةِ) الزِّفْتُ وَالْمَشَاقُّ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا مِثْلُ الصَّوَارِي وَالْحِبَالِ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مُسَمَّرًا بِهَا أَوْ كَانَ هُوَ الْمَسَامِيرَ فَرَبُّ الْمَرْكَبِ يُخَيَّرُ فِي إعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْكَبِ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَسِيرُ بِدُونِهِ سَيْرًا بَطِيئًا وَبِهِ سَرِيعَةٌ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُهُ جَبْرًا عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ مَا لَمْ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ (قَوْلُهُ وَالزِّفْتُ الْقَدِيمُ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الْمُرَادُ مَا فِي الْمَرْكَبِ قَدِيمًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ) أَيْ وَأَمَّا حَلُّهُ أَوَّلًا فِي تَمْثِيلِهِ بِمَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةً بِالْقُلْفُطَةِ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ لَا أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَدْلُولِهِ وَإِلَّا نَافَى هَذَا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ إلَخْ) أَيْ فَصَيْدٌ هُنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهُوَ الْفِعْلُ وَإِسْنَادُهُ لِلشَّبَكَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهَا آلَةُ الصَّيْدِ وَإِنَّمَا الصَّائِدُ الْغَاصِبُ وَلَيْسَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ وَلَا لِلْمَفْعُولِ نَحْوُ " ضَرْبُ الْيَوْمِ زَيْدٌ " وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْعَبْدِ وَالْجَارِحِ قُوَّةُ فِعْلِهِمَا فِي الصَّيْدِ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَمَا أَنْفَقَ إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ غَلَّةٌ بِأَنْ عُطِّلَ أَوْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَفَقَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْغَاصِبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَلَّ الشَّارِحِ هَذَا قَدْ جَاءَ عَلَى حَلِّهِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ مِنْ الْعُمُومِ فِي الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَقَدْ عَلِمْتَ قُوَّتَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ فَيَكُونُ حَلُّ الشَّارِحِ هُنَا قَوِيًّا وَلِذَلِكَ تَجِدُ الشَّارِحَ بَهْرَامَ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَهُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ فِيمَا سَبَقَ. اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَنْفَقَهُ لَا عَلَى رَبِّ الْمَغْصُوبِ وَلَا فِي غَلَّتِهِ الَّتِي تَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَيْ الَّتِي هِيَ غَلَّةُ الْعَقَارِ وَأَمَّا الْغَلَّةُ الَّتِي تَكُونُ لِلْغَاصِبِ أَيْ كَغَلَّةِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا رُجُوعٌ لِأَنَّهَا لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ مُشْكِلٌ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ عَلَى حَلِّ شَارِحِنَا مِنْ الْعُمُومِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى شَارِحِنَا إلَّا عَلَى جَمْعِهِ فِيمَا سَبَقَ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَالْغَلَّةِ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْغَلَّةَ لَا يَأْخُذُ الْقِيمَةَ وَإِذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ لَا يَأْخُذُ الْغَلَّةَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ أَشْبَهَ الشَّجَرَ وَقَوْلُهُ مِمَّا لَا بُدَّ إلَخْ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ مِنْ شَيْءٍ لَا بُدَّ لِمَالِكِهِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ مُعَانَاتِهِ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ لَا بُدَّ لِمَالِكِهِ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَمَ بِأَنَّ الْغَلَّةَ بِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهَا لِلْمَالِكِ ثُمَّ إنَّهُ أَخْرَجَ مِنْهُ النَّفَقَةَ فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى النَّفَقَةِ بَاقِيًا لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ) الْأَوْلَى الْفَاءُ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً وَاحِدًا) أَيْ كَانَ مُتَعَدِّدًا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا كَإِعْطَاءِ وَاحِدٍ عَشَرَةً وَآخَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالْعَشَرَةُ مُتَعَدِّدَةٌ ضِمْنًا وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ أَيْضًا فِيمَنْ أَتْلَفَ مُقَوَّمًا وَقَفَ عَلَى ثَمَنٍ بِأَنْ أَعْطَى فِيهِ مُتَعَدِّدٌ ثَمَنًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَصْبٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُتَعَدِّدُ صَرِيحًا لِقَوْلِهِ فِيهِ فَلْيَضْمَنْ مَا كَانَ أَعْطَى فِيهَا وَلَا يَنْظُرْ إلَى قِيمَتِهَا إذَا كَانَ عَطَاءً قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 وَمِنْ الْقِيمَةِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِعِيسَى وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْعَطَاءُ بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَ لَبَاعَ بِكُلٍّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ الْأَكْثَرَ. (ص) وَإِنْ وَجَدَ غَاصِبَهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِهِ مَحَلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ (ش) أَيْ وَإِنْ وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَاصِبَهُ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ وَفِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ لِيَدْفَعَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَالْبَاءُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَى الْمُلَابَسَةِ وَالظَّرْفِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ تَضْمِينُهُ هُنَا بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ لِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ يَغْرَمُ فِيهِ الْمِثْلَ وَرُبَّمَا يَزِيدُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَاَلَّذِي يَغْرَمُ فِي الْمُقَوَّمِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي مَحَلِّهِ وَلَا زِيَادَةَ فِيهَا لَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَأَيْضًا الْمِثْلِيُّ يُرَادُ لِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ وَلَا يُقَالُ يَصْبِرُ لِيَأْخُذَهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّا نَقُولُ رُبَّمَا لَوْ صَبَرَ يَجِدُهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ. (ص) وَمَعَهُ أَخَذَهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إذَا وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ وَالشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ كَبِيرَةٍ تُصْرَفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَحَلِّ الْغَصْبِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ أَوْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصَبَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ لِكَبِيرِ حَمْلٍ فِي ذَهَابِ الْغَاصِبِ بِهِ وَفِي رُجُوعِهِ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ تَخْيِيرِ رَبِّهِ إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ قُلْتُ لَمَّا انْضَمَّ لِنَقْلِهِ الِاحْتِيَاجُ الْكَبِيرُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِ عَيْبٍ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إذًا أَرْشٌ وَلَا أُجْرَةُ حَمْلٍ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا النَّقْلَ هُنَا مُفَوِّتًا وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نَقَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُنَا نَقَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالنَّقْلِ. (ص) لَا إنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ صَنْعَةً ثُمَّ عَادَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَأَخْرَجَ هَذَا مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَهَزِلَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهَا ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بِأَنْ سَمِنَتْ الْجَارِيَةُ وَعَرَفَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ حِينَئِذٍ   [حاشية العدوي] فَجَعَلَ عب مَا يَشْمَلُ الْعَطَاءَ الصَّرِيحَ وَالْمُتَعَدِّدَ ضِمْنًا كَخَمْسَةَ عَشَرَ لَا يُسَلَّمُ فَالْمُنَاسِبُ قَصْرُهُ عَلَى التَّعَدُّدِ الصَّرِيحِ كَالْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَنْصُوصٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا يَأْتِي التَّعْبِيرُ بِقَوْلَانِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ مَوْجُودٌ وَلَا بِخِلَافِ لِأَنَّ الْخِلَافَ هُنَا لَيْسَ فِي التَّشْهِيرِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِلُزُومِ الثَّمَنِ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَكُونُ قَوْلُ عِيسَى خِلَافًا وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْعُتْبِيُّ وَابْنُ يُونُسَ أَوْ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْهُ لَزِمَتْهُ فَيَكُونُ قَوْلُ عِيسَى تَفْسِيرًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ وَقِيلَ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ وَهَلْ خِلَافٌ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَعَدَّدَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى عِيسَى أَيْ أَنَّ الْقَائِلَ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إنْ اتَّحَدَ الثَّمَنُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ كَأَنْ أُعْطِيَ عَشَرَةً وَأُعْطِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالْأَكْثَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ الثَّمَنُ وَمِنْ الْقِيمَةِ فَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ عَلَى هَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعَطَاءَيْنِ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُوَ الَّذِي تَعَدَّدَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِقَلِيلٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ سَوَاءٌ صَاحَبَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُغَايَرَةَ الْمُطْلَقَةُ فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمُلَابَسَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَالظَّرْفِيَّةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا الْمِثْلِيُّ يُرَادُ لِعَيْنِهِ) الْأَنْسَبُ الْعَكْسُ وَهُوَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ وَقَدْ تَكَلَّفَ عب فِي تَصْحِيحِهَا فَإِنَّهُ قَالَ وَأَيْضًا الْمِثْلِيُّ أَيْ صِنْفٌ خَاصٌّ مِنْهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ كَعَدَسٍ صَعِيدِيٍّ دُونَ بُحَيْرِيٍّ لَا كُلّ مِثْلِيٍّ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ أَيْ قِيمَتُهُ لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي نَفْسِ الْقِيمَةِ هَذَا مُرَادُ عج بِهَذَا الْفَرْقِ فَلَا يُنَافِي مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَبِالْمُقَوَّمِ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِيِّ هُنَا صِنْفُهُ وَبِالْمُقَوَّمِ ذَاتُهُ مِنْ حَيْثُ قِيمَتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَقَطْ اهـ. (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَهَا) أَيْ يَصِيرُ لُزُومًا لِيَأْخُذَهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ وَبَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ هَذَا السُّؤَالُ (قَوْلُهُ لِأَنَّا نَقُولُ رُبَّمَا لَوْ صَبَرَ يَجِدُهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ) أَيْ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) أَيْ أَوْ مَكْسٍ أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ) أَيْ بِدُونِ أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَحْتَاجُ إلَخْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَجْمَاوَيَّ فَقَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ زَادَ غَيْرُهُ إلَّا إذَا تَحَمَّلَ الْغَاصِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إذًا أَرْشٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ لَيْسَ عَيْبًا حَقِيقَةً بَلْ عَيْبٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ حَمْلٍ وَلَوْ كَانَ عَيْبًا حَقِيقَةً لَكَانَ فِيهِ أَرْشٌ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا أَرْشَ وَلَا أُجْرَةَ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِهِ الدَّوْرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ وَجْهِ التَّخْيِيرِ أَيْ إنَّمَا خُيِّرَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فَصَارَ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْمُثْبِتُ لِلتَّخْيِيرِ ثُمَّ أَثْبَتَ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَخْ الْمَسُوقَ فِي الْمُثْبِتِ بِكَسْرِ الْبَاءِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ التَّخْيِيرَ نَحْنُ بِصَدَدِ إثْبَاتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا النَّقْلَ هُنَا مُفَوِّتًا) أَيْ فِي حَالِ احْتِيَاجِهِ لِكَبِيرِ حَمْلٍ أَيْ إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ لَمْ نَجْعَلْهُ مُفَوِّتًا أَيْ بِحَيْثُ يُحْكَمُ بِلُزُومِ الْقِيمَةِ لَا بِالتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ هَزِلَتْ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ الثَّانِي قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إعَادَةٌ فَيَأْخُذُهَا رَبُّهَا وَإِنْ لَمْ تَعُدْ لِسِمَنِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إلَّا عَيْنُ شَيْئِهِ لِحُصُولِ الْجُبْرَانِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَادَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَالتَّغْيِيرَ فِي الْأَوَّلِ حِسِّيٌّ وَالثَّانِي مَعْنَوِيٌّ. (ص) أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ فَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْصِيَهُ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا عَبْدُهُ وَعَلَى الْغَاصِبِ الْعُقُوبَةُ فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِصَاءَ لَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَلَوْ كَانَ مُثْلَةً لَعَتَقَ عَلَى الْغَاصِبِ وَغَرِمَ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ. (ص) أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي مَجْلِسٍ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْقَطَعَ ثَوْبُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِقَطْعِ ثَوْبِهِ وَالْجَالِسُ مُتَسَبِّبٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ وَأَمَّا إذَا قَوِيَ السَّبَبُ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ. (ص) أَوْ دَلَّ لِصًّا أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُحَارِبًا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ غَصَبَ حُلِيًّا مَصُوغًا فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ كَسْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْكَسْرِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُخَيَّرُ مَعَ الْفَوَاتِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَاكَ عَيْنُ شَيْئِهِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ غَيْرُهُ حُكْمًا فَفَرْقٌ بَيْنَ الْفَوَاتَيْنِ وَاَلَّذِي بِهِ الْفَتْوَى فِي قَوْلِهِ أَوْ دَلَّ لِصًّا الضَّمَانُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ دَلَالَتِهِ مَا لَوْ حَبَسَ الْمَتَاعَ عَنْ رَبِّهِ حَتَّى أَخَذَهُ اللِّصُّ وَنَحْوُهُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِرَبِّ الشَّيْءِ عَلَى اللِّصِّ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا ضَمَانُهُ عَلَى الدَّالِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الدَّالِ حَيْثُ ضَمِنَ عَلَى اللِّصِّ وَنَحْوِهِ. (ص) كَكَسْرِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ حُلِيًّا مَصُوغًا فَكَسَرَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهُ مِنْ الصِّيَاغَةِ وَهَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى صِيَاغَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَحَيْثُ غَرِمَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ فَقَدْ مَلَكَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ وَأَمَّا ح فَجَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ وَقِيمَةَ الصِّيَاغَةِ فَإِنْ قُلْتَ التَّشْبِيهُ لَا يُفِيدُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ قُلْتُ نَعَمْ لَكِنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالتَّغْيِيرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ هَزِلَتْ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ هَزِلَتْ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا لَا إنْ تَغَيَّرَتْ وَالتَّغْيِيرُ فِي الْجَارِيَةِ حِسِّيٌّ وَفِي الْعَبْدِ مَعْنَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهَذَا مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ زِيَادَتَهُ كَنَقْصِهِ فِي التَّخْيِيرِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ عِنْدَ الْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخُصْيَانِ دُونَ أَهْلِ الطَّوْلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَمَا نَقَصَهُ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ فَحْلًا فَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِصَاءَ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِالْحُكْمِ رَقِيقُهُ أَوْ رَقِيقُ رَقِيقِهِ (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَاصِيًا بِهَا كَتَنَفُّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ فَرِيضَةٌ (قَوْلُهُ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهِ) أَيْ يُبَاحُ الْجُلُوسُ فِيهِ خَرَجَ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَعْلِ غَيْرِهِ فَمَشَى صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَ فَإِنَّ الْوَاطِئَ يَضْمَنُهُ وَيُقَاسَ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُهُ حَامِلُ الْحَطَبِ مِنْ الثِّيَابِ فِي الطَّرِيقِ وَالنَّصُّ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَطَبِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ حَامِلِ الْحَطَبِ إنْذَارٌ يُمْكِنُ مَعَهُ التَّخَلُّصُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ النَّعْلِ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَنْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ) وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ فَكَسَرَهُ الْمُشْتَرِي وَأَعَادَهُ لِحَالَتِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ إلَّا بِأُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ عَالِمٍ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ نَقْصٌ وَلَا تَغْيِيرُ صِفَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِمُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ كَسْرِهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَادَ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ إلَخْ) أَيْ مُغَايِرَةٍ لَهَا أَوْ مِثْلِهَا لَكِنْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِمَّا كَانَ فَقِيمَتُهُ مُتَعَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ هَذَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الدَّالِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْأَخْذُ مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَيْهِ) وَفِي شب الْمَذْهَبُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ الصِّيَاغَةُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا قَدَرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَرْجُوعِ عَنْهُ أَقُولُ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ أَعْظَمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِحَّةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِقَوْلٍ ثَالِثٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ أَيْ إذَا قَدَرَ عَلَى الصِّيَاغَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَى آخِرِ مَا قَالَ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْتَ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى كَلَامِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ قُلْتُ نَعَمْ) أَيْ لِأَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي حُكِمَ أَنَّ رَبَّهُ مُخَيَّرٌ فِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ مَا نَقَصَهُ فَيُفِيدُ هُنَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي حُكِمَ بِأَنَّ رَبَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ النَّقْصِ إذَا أَخَذَ شَيْئَهُ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَخَذَ شَيْئَهُ فَيَأْخُذُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَطَّابَ اعْتَمَدَ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ قُلْتُ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْمَذْهَبَ لِأَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ مَا لَمْ يُرَ خِلَافُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 قَوْلِهِ أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ فِيهِ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُؤْخَذُ مَكْسُورًا إذْ الصِّيَاغَةُ الْمُحَرَّمَةُ لَا يَجُوزُ بَقَاؤُهَا كَذَا يَنْبَغِي. (ص) أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ دَابَّةً أَوْ دَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَاسْتَعْمَلَهَا بِأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ سَكَنَ الدَّارَ فَتَلِفَتْ الذَّاتُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الذَّاتِ وَقَوْلُنَا بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَيْ لَا سَبَبَ لِلْمُتَعَدِّي فِيهِ لِئَلَّا يَرِدَ مَسْأَلَةُ تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إذَا زَادَا فِي الْمَسَافَةِ فَلَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ إذَا هَلَكَتْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا. (ص) أَوْ أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ لِرَبِّهِ ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَلِمَ مَالِكُهُ أَنَّهُ لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّ رَبَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ كَمَا مَرَّ بَلْ لَوْ أَكْرَهَ الْغَاصِبُ رَبَّهُ عَلَى أَكْلِهِ لَبَرِئَ الْغَاصِبُ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ فَأَكَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ لَبَرِئَ الْغَاصِبُ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ يُنَاسِبُ حَالَ مَالِكِهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِرَبِّهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ قِيمَتِهِ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ رَبُّهُ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي شَأْنُهُ أَكْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي كَمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَيَكْفِي مَالِكَهُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ لَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا وَيَنْبَغِي إذَا أَكَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا أَكَلَهُ قَبْلَ فَوْتِهِ وَأَمَّا إنْ أَكَلَهُ بَعْدَمَا فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَكَلَ مَا هُوَ مِلْكٌ لِلْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ رَبُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْقِيمَتَانِ. (ص) أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّقْصَ لِأَجْلِ الْأَسْوَاقِ فِي بَابِ الْغَصْبِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّعَدِّي فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ دَابَّةً مَثَلًا ثُمَّ وَجَدَهَا رَبُّهَا وَقَدْ نَقَصَتْ أَسْوَاقُهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَسَوَاءٌ طَالَ زَمَانُهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ لَا فَإِنْ زَادَتْ لِلْأَسْوَاقِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَا كَلَامَ لِرَبِّهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ نَقَصَتْ فِي بَدَنِهَا فَلِرَبِّهَا أَنْ يُغَرِّمَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ بِخِلَافِ بَابِ التَّعَدِّي فَإِنَّ رَبَّهَا إذَا وَجَدَهَا وَقَدْ نَقَصَتْ فِي أَسْوَاقِهَا فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُتَعَدِّيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهَا لِأَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا فَقَوْلُهُ أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ أَيْ نَقَصَتْ السِّلْعَةُ لِأَجْلِ تَغَيُّرِ سُوقِهَا لَا لِشَيْءٍ فِي بَدَنِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ نَقَصَ سُوقٌ بِلَا لَامٍ عَلَى أَنَّ السُّوقَ فَاعِلُ نَقَصَ أَيْ نَقَصَ سُوقُهَا وَفِي بَعْضِهَا أَوْ نَقَصَتْ لَا لِسُوقٍ بِإِدْخَالِ لَا النَّافِيَةِ عَلَى السُّوقِ الْمُنَكَّرِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَغْصُوبَةَ نَقَصَتْ فِي بَدَنِهَا لَا لِأَجْلِ سُوقِهَا وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَضْمَنُ فِيهِ الْقِيمَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ كَكَسْرِهِ. (ص) أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ رَقَبَةَ دَابَّةٍ فَسَافَرَ عَلَيْهَا سَفَرًا بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا ثُمَّ رَجَعَ بِهَا وَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا ثُمَّ وَجَدَهَا رَبُّهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَمَّا الْكِرَاءُ فَيَضْمَنُهُ كَمَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَفِي كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ نَظَرٌ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) كَسَارِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ دَابَّةً فَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا. (ص) وَلَهُ فِي تَعَدٍّ كَمُسْتَأْجِرٍ كِرَاءُ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرًا مَعْلُومًا إلَى مَكَانِ كَذَا فَتَعَدَّى وَزَادَ عَلَيْهَا فِي الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ زِيَادَةً يَسِيرَةً كَالْبَرِيدِ وَالْيَوْمِ أَوْ زَادَ قَدْرًا فِي الْمَحْمُولِ أَيْ زَادَ شَيْئًا يَسِيرًا وَرَجَعَتْ سَالِمَةً فَلَيْسَ لِرَبِّهَا عَلَيْهِ إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ) أَيْ أَخْذُ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً) إطْلَاقٌ عَلَى التَّعَدِّي عَلَى الْمَنْفَعَةِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةَ) أَيْ قِيمَةُ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فِيهَا وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا مِنْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَرِدَ) حَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ إذَا تَعَدَّى يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا وَإِنَّمَا قَصَدَ الْمَنَافِعَ كَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ السَّمَاوِيُّ لَا سَبَبَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ قَالَ الْمُتَعَدِّي أَنَا مَا تَعَدَّيْتُ إلَّا عَلَى الْمَنَافِعِ وَخَالَفَهُ رَبُّهَا فَيُنْظَرُ لِلْقَرَائِنِ فَإِنْ عَرِيَ عَنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ إنَّمَا غَصَبَ الذَّاتَ وَفَائِدَتُهُ إذَا هَلَكَتْ الذَّاتُ يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنَاسِبُ الشَّأْنُ أَنْ يَعْمَلَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي) أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَكَلَهُ قَهْرًا عَنْهُ وَأَمَّا إذَا أَكَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا وَجْهَ لِلرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا أَكَلَهُ إلَخْ) هَذَا مِمَّا يُقَوِّي كَلَامَ ابْنِ نَاجِي الْمُتَقَدِّمَ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّقْصَ إلَخْ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَنَقْصِ الذَّاتِ يُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي أَخْذِهَا أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهَا اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّعَدِّي) وَهُوَ غَصْبُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ السُّوقَ فَاعِلُ) أَيْ وَيُرَادُ مِنْ السُّوقِ الْقِيمَةُ أَيْ أَوْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ نَقَصَ سُوقُهَا نَظَرَ لِلَفْظِ سُوقٍ فَحَذَفَ التَّاءَ لَا لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَضْمَنُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ كَسْرٌ لَكِنْ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَكَأَنَّهُ قَالَ كَكَسْرِهِ أَوْ نَقْصِ السُّوقِ فَهُوَ عَطْفُ مَصْدَرٍ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ تت قَالَ لَا يَضْمَنُ قِيمَةً وَلَا كِرَاءً وَكَذَلِكَ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ إلَخْ) هَذَا تَقْرِيرٌ ثَانٍ غَيْرُ تَقْرِيرِهِ أَوَّلًا مِنْ الْعُمُومِ فِي الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ التَّقْرِيرُ الثَّانِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 فِي حَالَةِ الْكِرَاءِ أَوْ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَقَطْ فِي حَالَةِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ الدَّابَّةُ بَلْ عَطِبَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ أَوْ كَثُرَ الزَّائِدُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ أَوْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ فَقَطْ مَعَ كِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ فِي الْمَسَافَةِ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَعْطَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْكَثِيرَةُ فَيُخَيَّرُ فِيهَا مُطْلَقًا سَلِمَتْ أَمْ لَا وَزِيَادَةُ الْحَمْلِ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَحَمْلٌ تَعْطَبُ بِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي كِرَاءِ الزَّائِدِ مَعَ الدَّابَّةِ إنْ تَعَيَّبَتْ وَلَمْ تَهْلِكْ وَالضَّمِيرُ فِي وَقْتَهُ لِلتَّعَدِّي ثُمَّ إنَّهَا تَعَيَّبَتْ وَاخْتَارَ كِرَاءَ الزَّائِدِ فَإِنَّهُ يُرَاعَى فِي كِرَاءِ الزَّائِدِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَيْبِ فَيَأْخُذُ كِرَاءَ الزَّائِدِ عَلَى أَنَّهَا مَعِيبَةٌ فِي بَعْضِ الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ إذَا تَعَيَّبَتْ فِي بَعْضِهَا أَوْ مَعِيبَةٌ كُلُّهَا إذَا تَعَيَّبَتْ فِي أَوَّلِهَا فَيُقَالُ مَا كِرَاؤُهَا فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى أَنَّهَا مَعِيبَةٌ فِي كُلِّهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا مَثَلًا. (ص) وَإِنْ تَعَيَّبَ وَإِنْ قَلَّ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا فَتَعَيَّبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا كَمَا إذَا غَصَبَ أَمَةً قَائِمَةَ الثَّدْيَيْنِ فَانْكَسَرَا عِنْدَهُ فَإِنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا وَلَا شَيْءَ لَهُ فَقَوْلُهُ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا مِثَالٌ لِقَلَّ وَمَا ذَكَرَ سَمَاوِيٌّ وَالْكَسْرُ هُنَا اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الِانْكِسَارِ إذْ لَمْ يَقَعْ عَلَى النَّهْدَيْنِ كَسْرٌ بَلْ حَصَلَ لَهُمَا انْكِسَارٌ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْجَلَّابِ إنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَإِنْ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ شُيُوخِ عِيَاضٍ وَلَمَّا كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّمَاوِيِّ وَجِنَايَةِ الْغَاصِبِ وَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ (ص) أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا جَنَى عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ فِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَفِي أَخْذِ شَيْئِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَفِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَفِي أَخْذِ شَيْئِهِ وَيَتَّبِعُ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْئِهِ وَاتِّبَاعُ الْغَاصِبِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَوْلُهُ (ص) خُيِّرَ فِيهِ (ش) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ الْمَعِيبِ هُوَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَ وَالتَّخْيِيرُ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ. (ص) كَصَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ وَأَخْذِ ثَوْبِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَوْبِ آخَرَ فَصَبَغَهُ فَرَبُّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُتَعَدِّي قِيمَتَهُ أَبْيَضَ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ يَأْخُذَهُ وَيَدْفَعَ لِلْمُتَعَدِّي قِيمَةَ صَبْغِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ وَهَذَا التَّخْيِيرُ فِيمَا إذَا زَادَهُ الصَّبْغُ عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ أَوْ لَمْ يَزِدْهُ وَلَمْ يُنْقِصْهُ أَمَّا إنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ فَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِهِ مَجَّانًا أَوْ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَقَوْلُهُ كَصَبْغِهِ أَيْ كَتَخْيِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ إلَخْ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ لِتَقَدُّمِ نَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ خُيِّرَ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ كَصَبْغِهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَالصَّبْغُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي بَابِ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا زَادَ زِيَادَةً يَسِيرَةً فَفِيهَا كِرَاءُ الزَّائِدِ عَطِبَتْ أَمْ تَعَيَّبَتْ أَوْ سَلِمَتْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا وَعَطِبَتْ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَكِرَاءِ الزَّائِدِ وَإِنْ زَادَ كَثِيرًا وَسَلِمَتْ فَفِيهِ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ وَإِنْ زَادَ كَثِيرًا وَتَعَيَّبَتْ فَيَلْزَمُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ إمَّا أَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً لَا تَعْطَبُ بِهِ أَوْ كَثِيرَةً تَعْطَبُ بِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَسْلَمَ أَوْ تَتَعَيَّبَ أَوْ تَعْطَبَ (قَوْلُهُ تَعْطَبُ) أَيْ الشَّأْنُ أَنْ تَعْطَبَ بِهِ لِضَعْفِ الدَّابَّةِ أَوْ كَانَ الشَّأْنُ أَنْ لَا تَعْطَبَ بِهِ لِقُوَّتِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهَا سَلِمَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج الرَّابِعُ مِنْ التَّنَابِيهِ اُنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ مِنْ أَنَّهَا إذَا كَثُرَتْ وَسَلِمَتْ بِهِ الدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي كِرَاءِ الزَّائِدِ وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهَا إذَا سَلِمَتْ لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ مَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَلِيلَةً لِيُوَافِقَ مَا هُنَا الْمُطَابِقَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ إنْ تَعَيَّبَتْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ مَعَ الدَّابَّةِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَطِبَتْ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ كِرَاءُ الزَّائِدِ مَعَ الدَّابَّةِ بَلْ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ أَوْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَيَّبَ) الْمَغْصُوبُ ذَاتُهُ الْمُقَوَّمُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ غَيْبَتُهُ عَلَى الْعَلِيَّةِ دُونَ الْوَخْشِ إنْ لَمْ يَقِلَّ الْعَيْبُ بَلْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) مُقَابِلُ مَذْهَبِهَا فِي الْأَوَّلِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَيَّبَ إلَخْ مَا قَالَهُ بَعْضٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ الْيَسِيرِ نَقَلَهُ فِي الْجَلَّابِ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ قَوْلًا أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْعَيْبِ الْكَثِيرِ أَخْذَ السِّلْعَةِ وَقِيمَةِ النَّقْصِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ عَيْبٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا مَعِيبَةً أَوْ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ إلَخْ وَالْمُخَالِفُ فِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ أَشْهَبُ فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا جَنَى عَلَيْهَا الْغَاصِبُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا عَلَى حَالِهَا بِغَيْرِ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ كَصَبْغِهِ إلَخْ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيمَةُ الصِّبْغِ مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ الْخَيَّاطَةِ فَيَأْخُذُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ كَالتَّزْوِيقِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا شَابَهَهَا كَالْكَمْدِ وَالْقَصْرِ كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الصِّبْغَةَ صِفَةٌ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الذَّاتِ وَشَأْنُهَا حُصُولُ الزِّيَادَةِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ فِيهَا ذَلِكَ التَّخْيِيرُ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ احْتِيَاجِهَا لِكَبِيرِ حَمْلٍ (قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ) أَيْ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ هَذَا تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ) أَيْ تَشْبِيهٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّخْيِيرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَصَبْغِهِ أَيْ كَتَخْيِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ) كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ) أَيْ مَعَ مَجْرُورِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 هُنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَوْلُهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصِّبْغِ بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَصْبُوغِ بِهِ. (ص) وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نُقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطٍ كُلْفَةٌ لَمْ يَتَوَلَّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَرْصَةَ أَرْضٍ لِشَخْصٍ فَبَنَى فِيهَا بُنْيَانًا فَلِمَالِكِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَيُسْقِطَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ مَا يَصْرِفُ فِي هَدْمِهِ وَتَسْوِيَةِ مَحَلِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُ الْغَاصِبِ أَنْ يَتَوَلَّى النَّقْضَ وَالتَّسْوِيَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَدَمِهِ وَإِلَّا أَخَذَ قِيمَةَ مَا ذُكِرَ مَنْقُوضًا مِنْ غَيْرِ إسْقَاطِ مَنْ يَتَوَلَّى النَّقْضَ وَالتَّسْوِيَةَ فَقَوْلُهُ فِي أَخْذِهِ إلَخْ وَسَكَتَ عَنْ الشِّقِّ الْآخَرِ وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ وَتَسْوِيَةِ مَحَلِّهِ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَالْغَرْسُ مِثْلُ الْبِنَاءِ وَسَكَتَ عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَتَسْقُطُ أَيْضًا مِنْ قِيمَةِ النُّقْضِ عَنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَكِنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ وَأَمَّا الزَّرْعُ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَوْلُهُ وَفِي بِنَائِهِ أَيْ وَخُيِّرَ فِي بِنَائِهِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَلَيْسَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ. (ص) وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ أَيْ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ غَصَبَ حُرَّةً وَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا رَائِعَةً كَانَتْ أَوْ وَخْشًا فَلَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ مِنْ الْبُضْعِ بَلْ حَبَسَ الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ وَمَنَعَهَا مِنْ التَّزْوِيجِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ لَا يَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَهُوَ وَطْءُ الْبُضْعِ وَاسْتِعْمَالُ الْحُرِّ بِالِاسْتِخْدَامِ أَوْ الْعَمَلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَيْثُ عَطَّلَهُ مِنْ الْعَمَلِ. (ص) كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ حُرًّا وَبَاعَهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى أَهْلِهِ دِيَتَهُ فَلَوْ رَجَعَ رَجَعَ الْبَائِعُ بِمَا غَرِمَهُ. (ص) وَغَيْرِهِمَا بِالْفَوَاتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَنْفَعَةِ الْحُرِّ وَالْبُضْعِ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالْفَوَاتِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ أَوْ عَطَّلَ كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا وَالدَّابَّةِ يَحْبِسُهَا وَالْعَبْدِ لَا يَسْتَخْدِمُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ غَصْبِ الذَّوَاتِ وَهَذَا مِنْ بَابِ غَصْبِ الْمَنَافِعِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ مَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِشَخْصٍ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ مُدَّةً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الرِّبْحَ لَوْ اتَّجَرَ رَبُّهَا بِهَا. (ص) وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ لِمُغَرِّمٍ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّسُولِ إنْ ظَلَمَ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ لَا؟ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى إلَخْ) وَهُوَ النِّيلَةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ أُجْرَةَ الْعِلَاجِ تَذْهَبُ هَدَرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّبْغِ النِّيلَةُ مَعَ الْعِلَاجِ فَلَا يَضِيعُ الْعِلَاجُ هَدَرًا (قَوْلُهُ نُقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ لَهُ بَعْدَ هَدْمِهِ قِيمَةٌ كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَمِسْمَارٍ لَا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَجِصٍّ وَحُمْرَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَدَفَعَ قِيمَةَ الْمَغْرُوسِ مَقْلُوعًا عَلَى أَنْ يَنْبَتَّ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ حَطَبًا (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ) أَيْ لِوُضُوحِهِ فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ لَكِنْ هَذَا مُسْتَفَادٌ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ سَاكِتًا عَنْهُ فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ تَعَيَّبَ خُيِّرَ فِي بِنَائِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبِنَاءِ تَعْيِيبٌ (قَوْلُهُ مَنْفَعَةُ الْحُرِّ) أَرَادَ بِمَنْفَعَةِ الْحُرِّ مَا يَشْمَلُ الْبُضْعَ وَالْحُرَّ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ الْبُضْعَ إنْ قُلْتَ إنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ حِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الْحُرَّةِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ إلَخْ شَبَهُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ) سَوَاءٌ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ ظُنَّ أَوْ شُكَّ فَدِيَةُ عَمْدٍ يُؤَدِّيهَا لِأَهْلِهِ وَيُضْرَبُ أَلْفًا وَيُحْبَسُ سَنَةً وَكَذَا لَوْ فَعَلَ بِهِ ضَيَاعًا تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَكَى فِيمَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ هَلْ يَغْرَمُ مَا يَرْبَحُ مِنْهَا أَوْ مَا كَانَ يَرْبَحُ فِيهَا صَاحِبُهَا؟ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ اسْتَنْقَصَهَا الْغَاصِبُ أَوْ اتَّجَرَ فِيهَا فَرَبِحَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ إنْ اتَّجَرَ فِيهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالرِّبْحُ لِصَاحِبِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَلِيِّ يَتَّجِرُ بِمَالِ يَتِيمِهِ لِنَفْسِهِ جَعَلَا لَهُ الرِّبْحَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلِلْيَتِيمِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرَ مَا كَانَ يَرْبَحُ فِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ رِبْحَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِلْغَاصِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْغَاصِبِ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ خُصُوصًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ كَلَامُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ لِمُغَرَّمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مُتَعَلِّقًا بِيَضْمَنُ وَبِكَسْرِهَا مُتَعَلِّقًا بِشَاكِيهِ أَيْ لِظَالِمٍ وَالضَّمِيرُ فِي شَاكِيهِ لِلْغَاصِبِ لَا يُقَالُ الْغَاصِبُ ظَالِمٌ بِغَصْبِهِ فَشَاكِيهِ غَيْرُ ظَالِمٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ ضَمِيرِ شَاكِيهِ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِظُلْمِهِ فِي شَكَوَاهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى أَنَّهُ يَنْتَصِفُ مِنْهُ بِدُونِ شَكَوَاهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ شَاكِيهِ ظَالِمًا وَلَكِنْ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ نَصُّ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ وَقَالُوا فِيمَنْ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ وَقَدَّمَهُ لِلسُّلْطَانِ وَالْمُتَعَدِّي يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ إلَيْهِ تَجَاوَزَ فِي ظُلْمِهِ فَأَغْرَمَهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِهِ فَقَالَ كَثِيرٌ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَقَدْ أَثِمَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُفْتِي إنْ كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ غَرِمَ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْتَصِفَ مِنْهُ إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَشَكَاهُ فَأَغْرَمُهُ وَعَدَا عَلَيْهِ لَمْ يَغْرَمْ لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَلْجَئُونَ فِي الْمَظْلِمَةِ إلَى السُّلْطَانِ وَعَلَى السُّلْطَانِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ ظُلْمًا مِنْ الْمَشْكُوِّ وَكَذَا مَا أَغْرَمَتْهُ الرُّسُلُ هُوَ مِثْلُ مَا أَغْرَمَهُ السُّلْطَانُ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ ظَلَمَهُ الشَّاكِي وَغَيْرُهُ وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِأَنْ يُنْظَرَ لِلْقَدْرِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 مَنْ اعْتَدَى عَلَى شَخْصٍ فَقَدَّمَهُ لِظَالِمٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ فِي ظُلْمِهِ وَيُغَرِّمُهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَضْمِينِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ إذَا كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا فِي شَكَوَاهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمَشْكُوِّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الرَّسُولِ الْمُعْتَادِ أَنْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الشَّاكِيَ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا وَإِلَّا لَيْسَ هُنَا رَسُولٌ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي أَخَذَهُ الرَّسُولُ فَإِنَّ الْمَشْكُوَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشَّاكِي سَوَاءٌ كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا وَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ إنْ كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَيَغْرَمُ أَيْضًا أُجْرَةَ الرَّسُولِ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَغْرَمُ الشَّاكِي شَيْئًا مُطْلَقًا أَيْ لَا مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَلَا مِنْ أُجْرَةِ الرَّسُولِ ظَالِمًا كَانَ فِي شَكَوَاهُ أَوْ مَظْلُومًا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ إنْ كَانَ ظَالِمًا فِي شَكَوَاهُ فَقَوْلُهُ زَائِدًا مَفْعُولُ يَضْمَنُ وَفَاعِلُ ظَلَمَ الشَّاكِي وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَمْ يَغْرَمْ الزَّائِدَ بَلْ يَغْرَمُ قَدْرَ أُجْرَةِ الرَّسُولِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ أَوْ الْجَمِيعَ أَيْ أَوْ يَضْمَنُ إنْ ظَلَمَ جَمِيعَ الْغُرْمِ مِنْ قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَالزَّائِدِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَمْ يَغْرَمْ الْقَدْرَ وَلَا الزَّائِدَ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ أَنَّ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْلِمْ يَغْرَمُ أُجْرَةَ الرَّسُولِ فَقَطْ وَمَفْهُومُ الثَّانِي إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَا يَضْمَنُ الْقَدْرَ وَلَا الزَّائِدَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ أَوْ لَا يَغْرَمُ الشَّاكِي الظَّالِمُ شَيْئًا فَأَحْرَى إنْ لَمْ يَظْلِمْ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَاَللَّذَانِ قَبْلَهُ مَفْهُومَا مُخَالَفَةٍ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَفْهُومًا وَنَصَّا عَلَى أَقْوَالِ ابْنِ يُونُسَ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الشُّيُوخُ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلَيْنِ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَالضَّمِيرُ فِي شَاكِيهِ يَرْجِعُ لِلْغَاصِبِ وَأَحْرَى غَيْرُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ظَلَمَ فِي شَكَوَاهُ. (ص) وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ وَلَوْ غَابَ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّهِ أَوْ مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَكَذَلِكَ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إذَا غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ إنْ لَمْ يَكْذِبْ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ فَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ تَلَفِهِ بَعْدَ ادِّعَائِهِ التَّلَفَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّمْوِيهِ وَيَرْجِعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ إنْ شَاءَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُمَوِّهْ أَيْ يَكْذِبْ فِي دَعْوَى عَدَمِهِ فَقَدْ مَلَكَهُ إلَّا أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ أَفْضَلَ مِنْ الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِتَمَامِهَا فَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا) أَيْ فِي عَدَمِ التَّمْوِيهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَنْطُوقِ وَأَمَّا فِي التَّمْوِيهِ فَيَرْجِعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَاهُ مَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مَلَكَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ   [حاشية العدوي] بِهِ الشَّاكِي فِي إحْضَارِ الْمَشْكُوِّ فَيَكُونُ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا أَغْرَمَتْهُ الرُّسُلُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ اهـ أَقُولُ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ وَعَلِمْت صَدْرَ عِبَارَةِ شَارِحِنَا تَعْرِفُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُتَجَاوِزٌ فَلَا غُرْمَ عَلَى الشَّاكِي بِاتِّفَاقٍ وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ حَيْثُ فَرَضَ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اعْتَدَى عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ فَكَيْفَ يُقَالُ إنْ كَانَ ظَالِمًا أَوْ غَيْرَ ظَالِمٍ مَعَ أَنَّهُ مَتَى اتَّصَفَ بِالِاعْتِدَاءِ لَا يَكُونُ إلَّا ظَالِمًا ثُمَّ أَقُولُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّكْوَى أَنْ يَقُولَ لِلظَّالِمِ أَشْتَكِي لَك فُلَانًا بِدِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ تَأْخُذُهُ مِنْهُ كَمَا يَقَعُ الْآنَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَشْكُوَ ظُلَامَتَهُ وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ النَّاسِ الْآنَ يَقُولُ لِلظَّالِمِ أَشْكُو لَك فُلَانًا بِأَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَنْ دَلَّ لِصًّا وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَخْ لَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ بِرَسُولٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّصِّ الْمُتَقَدِّمِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ وَانْظُرْ لَوْ شَكَا شَخْصٌ لِحَاكِمٍ جَائِرٍ لَا يَتَوَقَّفُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَلْزَمُ الشَّاكِيَ شَيْءٌ أَوْ لَا اهـ. وَالظَّاهِرُ ضَمَانُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ كَحُرٍّ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ) كَلَامٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِيمَنْ دَلَّ ظَالِمًا عَلَى مَا أَخْفَاهُ رَبُّهُ عَنْهُ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا ثُمَّ ذَكَرَ أَقْوَالًا ثَلَاثَةً فِي مَسْأَلَةِ الشَّاكِي بِالضَّمَانِ مُطْلَقًا، عَدَمُهُ مُطْلَقًا، الضَّمَانُ إنْ ظَلَمَ. (تَنْبِيهٌ) : عَزَا ابْنُ يُونُسَ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ لِلْكَثِيرِ قَالَ عج وَهُوَ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ مَعَ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى بِمِصْرَ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إنَّ أَظْهَرَ الْأَقْوَالِ وَأَصْوَبَهَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَابَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي ضَعْفِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ أَنْ يُرَدَّ لِرَبِّهِ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ) أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا حَكَمَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ) أَيْ يَكْذِبْ بِأَنْ قَالَ أَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ ضَلَّ الْبَعِيرُ أَوْ ضَاعَتْ السِّلْعَةُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُ مَا قَالَ فَإِنْ مَوَّهَ أَيْ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا قَالَ فَلِرَبِّهِ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ إنْ شَاءَ وَمِنْ التَّمْوِيهُ الِاخْتِلَافُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ صِفَاتِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى نَزَّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الِاخْتِلَافِ فِي الذَّاتِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ إلَخْ) إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِلتَّمْوِيهِ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّمْوِيهِ أَيْ فِي عَدَمِ التَّمْوِيهِ فِي الذَّاتِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمَوِّهَ فِي الذَّاتِ سَوَاءٌ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ أَوْ لَا أَوْ يُمَوِّهَ فِي الصِّفَةِ فَإِنْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْفَضْلَةِ فَإِنْ وَصَفَهُ بِوَصْفٍ يَقْتَضِي أَنَّ قِيمَتَهُ عَشَرَةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ قِيمَتَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَانْظُرْ لَوْ وَصَفَهُ الْغَاصِبُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَدْنَى مِنْهُ أَوْ وَصَفَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَدْنَى مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ الَّذِي لَهُ وَانْظُرْ لَوْ تَجَاهَلَا فِي الصِّفَةِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتَا لَهَا صِفَةً جُعِلَتْ مِنْ أَوْضَعِ الْجَوَارِي ثُمَّ أُغْرِمَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ غَصْبِهَا (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْطُوقِ) أَيْ لِبَعْضِ صُوَرِ الْمَنْطُوقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ أَيْ فِي الذَّاتِ سَوَاءٌ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ أَمْ لَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَوْ غَابَ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْرِفَ الْقِيمَةَ وَيَبْذُلَ مَا يَجُوزُ مِنْهَا أَيْ بِأَنْ يَنْقُدَ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ وَيَحْبِسَ الزَّائِدَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَبِدُونِ هَذَا لَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَى أَشْهَبَ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِمَنْعِ الشِّرَاءِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَيْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَغْرَمْهَا بِالْفِعْلِ وَمِثْلُ الشِّرَاءِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الشِّرَاءَ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَلَوْ غَابَ. - (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا قَالَ إنَّ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ قَدْ تَلِفَ وَكَذَّبَهُ رَبُّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ فِي نَعْتِهِ أَيْ فِي صِفَتِهِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ فِي قَدْرِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْغَاصِبِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي نَعْتِهِ وَقَدْرِهِ حَيْثُ أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَأَشْبَهَ رَبَّ الْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا قَضَى بِأَوْسَطِ الْقِيَمِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا بِنَفْيِ كُلٍّ دَعْوَى صَاحِبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ نَعْتِهِ وَقَدَرِهِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَالَةِ عَدَمِ شَبَهِهِمَا فَإِنَّ الْقَوْلَ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ أَوْسَطُ الْقِيَمِ. (ص) كَمُشْتَرٍ مِنْهُ (ش) تَشْبِيهٌ تَامٌّ يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَالْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ أَعْنِي قَوْلَهُ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلَفَ، يُرِيدُ إنْ أَشْبَهَ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْغَصْبِ أَمْ لَا وَهَذَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْقَوْلِ لَهُ وَأَمَّا تَضْمِينُهُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ فِي عَمْدٍ لَا سَمَاوِيٍّ وَغَلَّةٍ وَهَلْ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ تَأْوِيلَانِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَوْلُهُ (ص) ثُمَّ غَرِمَ لِآخِرِ رُؤْيَتِهِ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ حَلِفِهِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِذَا غَرِمَ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُهَا لِآخِرِ رُؤْيَتِهِ أَيْ فَالْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ بِآخِرِ رُؤْيَتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّانِعِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ إذَا ادَّعَوْا تَلَفَ مَا بِأَيْدِيهِمْ فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ ثُمَّ يَغْرَمُونَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُمْ قَبَضُوا عَلَى الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ قَبَضَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فَيَضْمَنُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ تَلِفَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَأَمَّا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا سَمَاوِيٍّ وَغَلَّةٍ وَبِعِبَارَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ الزَّائِدُ) أَيْ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ الْأَقَلِّ مِنْهَا فَإِذَا عَلِمَ الْغَاصِبُ أَنَّ قِيمَتَهُ عَشَرَةٌ وَقَدْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ إلَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الْقِيمَةَ عَشَرَةٌ وَأَنْ يَدْفَعَ الْعَشَرَةَ فَالْأَقَلَّ لَا أَنْ يَدْفَعَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ بِتَمَامِهِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ الثَّمَنُ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ يَبْقَى لِوَقْتِ الشِّرَاءِ وَبَيْنَ السَّلَفِيَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ تَلِفَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَالتَّرَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِمَنْعِ الشِّرَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ نَقْدُ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَيْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْغَيْبَةِ وَإِذَا كَانَ لَا يَمْلِكُهُ فَيُمْنَعُ الشِّرَاءُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمِلْكِ مَنْعُ الْبَيْعِ فَيَكُونُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْمَنْعَ بِحَسَبِ اللَّازِمِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ فِي صُورَةٍ وَهِيَ نَقْدُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ) أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ قَاضٍ (قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ) أَيْ إذَا ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْ وَفِي ثَمَنِهِ إذَا بَاعَهُ وَقَوْلُهُ فِي نَعْتِهِ أَيْ صِفَتِهِ وَتَعْيِينُ الصِّفَةِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا وَصْفُ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالصَّفَاقَةِ وَالْخِفَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِمَّا إتْيَانُ الْغَاصِبِ بِمِثْلِ مَا غَصَبَ وَيَقُولُ مِثْلَ هَذَا (قَوْلُهُ وَقَدْرِهِ) أَيْ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (قَوْلُهُ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ مَعَ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا) أَيْ وَنُكُولِهِمَا كَحَلْفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَالَةِ عَدَمِ شَبَهِهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَاصِبِ إنْ أَشْبَهَ، أَشْبَهَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَمْ لَا فَإِذَا انْفَرَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالشَّبَهِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَعْلِيلٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ وَقَوْلُهُ يُرِيدُ إنْ أَشْبَهَ رَاجِعٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي النَّعْتِ وَالْقَدْرِ لَا فِي دَعْوَى التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَضْمِينُهُ) أَيْ تَضْمِينُهُ الثَّابِتُ تَحْقِيقًا وَأَمَّا الثَّابِتُ بِالدَّعْوَى فَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْمِيمِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَالْأَوْلَى أَنْ يَضُمَّهُ لَهُ فَيَقُولُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْغَصْبِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ وَقَوْلُهُ ثُمَّ غَرِمَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ خَبَرٌ وَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَعْدَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ هَلَكَ ثُمَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ فَإِنْ لَمْ يُرَ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَهَذَا فِي الْمُقَوَّمِ وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُ سَوَاءٌ رُئِيَ أَمْ لَا، لَا يُقَالُ كَيْفَ يَغْرَمُ مَعَ كَوْنِهِ اشْتَرَاهُ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِ مَالِكِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُ الْقِيمَةِ لِمَالِكِهِ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ الْبَائِعِ لَهُ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ فِي الشِّرَاءِ حَيْثُ اشْتَرَى مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْغَاصِبُ مَوْجُودًا يَصِيرُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ غَرِيمَانِ يُخَيَّرُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ (قَوْلُهُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) وَأَمَّا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَأَمَّا إذَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 وَفِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ وَظَهَرَ كَذِبُهُ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي لَا سَمَاوِيٍّ. (ص) وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ إذَا بَاعَ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْبَيْعَ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَمْ لَا قَرُبَ الْمَكَانُ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الصَّبْرِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَانَ مَلِيئًا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي. (ص) وَنَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي وَإِجَازَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَمَةً فَبَاعَهَا فَأَعْتَقَ مُشْتَرِيهَا ثُمَّ قَامَ رَبُّهَا فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ هَذَا الْعِتْقَ وَيَأْخُذَ أَمَتَهُ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ تَمَّ الْعِتْقُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا بَعْدَ مَا مَرَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَالَ إنَّ لَهُ رَدَّ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُفَوِّتٌ فَأَشَارَ بِهَذَا لِرَدِّ مَا يُتَوَهَّمُ وَلَكِنْ قَوْلُهُ وَإِجَازَتُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَنَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ نَقْضُ الْعِتْقِ كَانَ لَهُ إجَازَتُهُ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا هَذَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِجَارَتُهُ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَلَهُ نَقْضُ إجَارَتِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ يُغْنِي عَنْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّا نَقُولُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِوَجْهٍ مَشْرُوعٍ وَلَا تَفُوتُ عَلَى رَبِّهَا لِأَنَّ لَهَا مُدَّةً تَنْقَضِي وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ. (ص) وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ فِي عَمْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْغَاصِبِ مَا غَصَبَهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ فَأَتْلَفَهُ عَمْدًا كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِمَالِكِهِ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةَ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بَائِعَهُ غَاصِبٌ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتْبَعَ أَيَّهمَا شَاءَ وَيَرُدَّ الْغَلَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ وَضَمِنَ مُشْتَرٍ إلَخْ أَيْ يَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا لِلْمَالِكِ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِثَمَنِهِ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ مُشْتَرٍ أَيْ ضَمِنَ مِنْ يَوْمِ التَّعَدِّي فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ فَمَا الْفَرْقُ؟ قِيلَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَمَّا كَانَ قَاصِدًا لِلتَّمَلُّكِ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ الْيَدِ مَعَ ثُبُوتِ التَّلَفِ أُغْرِمَ مِنْ يَوْمِ التَّعَدِّي بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي السَّابِقِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ وَقَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) هَذَا مَرْدُودٌ فَقَدْ نَصَّتْ الْمُدَوَّنَةُ فَقَالَتْ وَإِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ مَا غَصَبَ ثُمَّ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْغَصْبِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَائِبٌ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الْبَيْعِ بِحُجَّتِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ وَيَصِيرُ رَبُّهُ مُجْبَرًا عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَسَتَأْنِي رَأْيَ صَاحِبَهَا وَلَوْ حَضَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ وَكَذَا مَنْ اُفْتُئِتَ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ سِلْعَتِهِ فِي غَيْبَةِ رَبِّهَا وَحُضُورِهِ وَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْحَاضِرِ اهـ. (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ إلَخْ) الرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ وَإِنْ أَعَسَرَ وَفِي ك وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَيُؤْخَذُ الثَّمَنُ حِينَئِذٍ مِنْ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ حِينَئِذٍ فَلَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْغَاصِبِ غُرْمُهُ وَلَيْسَ الرِّضَا بِبَيْعِهِ يُوجِبُ لَهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ) وَلَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بِإِمْضَاءِ بَيْعِهِ يُقَدَّرُ كَأَنَّهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الْبَيْعِ حَيْثُ أَمْضَى رَبُّهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ الْمُجِيزُ فَاسِدَ الذِّمَّةِ بِحَرَامٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اللُّزُومُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَاسِدَ الذِّمَّةِ بِعَدَمٍ أَوْ حَرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ انْتِقَالِ الْعُهْدَةِ إلَيْهِ إلَخْ مَا قَالَ (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ وَلَوْ أَعَسَرَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ وَأَجَازَ مَالِكُهُ عِتْقَهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ فَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ إذْ الْعِتْقُ لَيْسَ بِفَوْتٍ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ إلَّا بِرِضَاهُ بَلْ عَيْنِ شَيْئِهِ وَأَمَّا إنْ أَجَازَهُ عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُفَوِّتٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّ لَهُ رَدَّ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَحْصُلْ عِتْقٌ وَيَحْذِفَ قَوْلَهُ مُفَوِّتٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَلَوْ كَانَ مُفَوِّتًا لَمَا كَانَ لَهُ النَّقْضُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِوَجْهٍ مَشْرُوعٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْغَصْبِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَلَا مَنْعَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَقَدْ اتَّحَدَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ تَفُوتُ عَلَى رَبِّهَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا تَفُوتُ إلَخْ أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ فِي ذَاتِهِ يَفُوتُ وَالْإِجَارَةَ لَا تَفُوتُ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ لِرَبِّهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ) وَحَيْثُ ضَمِنَ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ ضَمَانِهِ أَقَلَّ مِنْهَا يَوْمَ الْغَصْبِ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْغَاصِبِ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِمَالِكِهِ) أَيْ فَهُوَ مَعَ الْغَاصِبِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ (قَوْلُهُ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ) أَيْ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ لِلْإِتْلَافِ وَهُوَ يَوْمُ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَذَا قَالَ مُحَشِّي تت أَقُولُ وَهُوَ يَوْمُ التَّعَدِّي الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا مُخَالَفَةَ عَلَى ذَلِكَ وَيُوَافِقُ عِبَارَةَ شب فَإِنَّهُ قَالَ وَوَقْتُ ضَمَانِهِ يَوْمُ التَّلَفِ فِي الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَنَحْوِهِمَا وَيَوْمُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ وَيَوْمُ وَضْعِ الْيَدِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا يَوْمَ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ ثُمَّ غَرِمَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ وَقَدْ يُقَالُ يَأْتِي هُنَا ذَلِكَ فَيُقَيَّدُ الضَّمَانُ يَوْمَ وَضْعِ الْيَدِ بِمَا إذَا لَمْ يُرَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ رُئِيَ عِنْده بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَهُ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ أَوْ آخِرَ أَيَّامِ الرُّؤْيَةِ إنْ تَكَرَّرَتْ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ (قَوْلُهُ مَعَ ثُبُوتِ التَّلَفِ) هَذَا رُوحُ الْفَرْقِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْفَاهَا فَلِذَلِكَ أُغْرِمَ مِنْ آخِرِ رُؤْيَةٍ رُئِيَ عِنْدَهُ. (ص) لَا سَمَاوِيٍّ وَغَلَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ إذَا هَلَكَ عِنْدَهُ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَيْ لَا دَخَلَ لِأَحَدٍ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْغَاصِبِ وَبِعِبَارَةٍ لَا سَمَاوِيٍّ أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ أَيْ لَا يَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا سَمَاوِيٍّ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَغَلَّةٍ لِأَنَّا إنَّمَا نَفَيْنَا عَنْهُ نَوْعًا خَاصًّا مِنْ الضَّمَانِ وَهُوَ ضَمَانُهُ لِلْمَالِكِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْغَاصِبِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَيَدْفَعُهُ لَهُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ الْمُشْتَرِي. (ص) وَهَلْ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ إذْ جَنَى عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ جِنَايَةً خَطَأً وَأَتْلَفَهُ أَوْ عَيَّبَهُ هَلْ يَضْمَنُ فِي التَّلَفِ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَيَصِيرُ كَالْعَمْدِ لِأَنَّهُمَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ فَيَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا لِلْمَالِكِ أَوْ لَا ضَمَانَ فِي الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ فَهِيَ كَالسَّمَاوِيِّ أَيْ فَلَا يَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا لِلْمَالِكِ وَالنَّوْعُ الْخَاصُّ الْمَنْفِيُّ عَنْهُ مِنْ الضَّمَانِ هُوَ ضَمَانُهُ لِلْمَالِكِ. (ص) وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا كَهُوَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ وَمَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ شَيْئًا إنْ عَلِمَا بِالْغَصْبِ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْغَاصِبِ فِي غَرَامَةِ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ (ص) وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَارِثُ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ وَلَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْغَاصِبِ فِي الْغَرَامَةِ فَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَغَلَّتَهُ وَيَغْرَمُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَبِعِبَارَةٍ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا هُوَ أَوْ مَوْهُوبُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَهَا دُونَ التَّضْمِينِ أَيْ دُونَ تَضْمِينِ قِيمَةِ الذَّاتِ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْغَلَّةَ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا هُوَ أَوْ مَوْهُوبُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْغَلَّةِ وَالْقِيمَةِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ قَوْلُهُ وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ أَيْ إنْ كَانَ مَلِيئًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ أَعْسَرَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ أَيْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَى لِغَيْرِهِ. (ص) وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَلَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَوْهُوبُ مِنْ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ فَأَوْلَى مَا اسْتَغَلَّهُ هُوَ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ وَلَمْ يَخْتَرْ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْغَلَّةِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ مَوْهُوبِهِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ وَارِثِهِ بَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْوَارِثِ وَفِي التَّوْضِيحِ لَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ حَيْثُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْغَصْبِ اتِّفَاقًا اهـ. أَيْ حَيْثُ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَأَمَّا لَوْ فَاتَتْ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْغَلَّةِ. (ص) فَإِنْ أَعْسَرَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ (ش) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَرْجِعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَهْلِكُ لِذَلِكَ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ وَهَبْتُكَ شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ اُتُّبِعَ أَوَّلُهُمَا يَسَارًا وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَغَلَّةٍ) وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْغَاصِبِ) أَيْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ فَلَا مُنَافَاةَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ بِالْغَلَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي السَّمَاوِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ لَيْسَ مِنْهُ فَمَا وَجْهُ الْجَمْعِ وَحَاصِلُ الْجَمْعِ أَنَّهُ إنَّمَا نَفْينَا عَنْهُ الضَّمَانَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْغَاصِبِ فَقَوْلُهُ فَلَا مُنَافَاةَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فِي أَمْوَالِ إلَخْ) تَعْلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ بِدُونِ تَعْلِيلِ الثَّانِي رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى قُوَّتِهِ (قَوْلُهُ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ كَهُوَ) فِي ضَمَانِهِمَا الْقِيمَةَ لَكِنَّ الْمَوْهُوبَ يَضْمَنُهَا يَوْمَ التَّلَفِ وَيَضْمَنُ الْغَلَّةَ قَبْلَ يَوْمِ التَّلَفِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ يَوْمِ التَّلَفِ وَيَضْمَنَانِ السَّمَاوِيَّ وَمِثْلُ وَارِثِهِ وَمَوْهُوبِهِ مُشْتَرِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَارِثُهُ) فِيهِ إفَادَةُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِوَارِثِ الْغَاصِبِ وَمَوْهُوبِهِ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَالصَّوَابُ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ الْقَاصِرَةُ عَلَى تَرْجِيعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ قَدْ قَامَ مَقَامَ الْغَاصِبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا غَلَّةَ لَهُ كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ) أَيْ فَمَعْنَى التَّبْدِئَةِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ الْغَاصِبِ الْقِيمَةُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَهَا أَيْ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ بُدِئَ بِتَرِكَتِهِ وَإِذَا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَقَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ) هَذَا مِمَّا يُقَوِّي الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ وَيُبْطِلُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَقَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَيْ بِالْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا وَقَوْلُهُ أَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ إلَخْ أَيْ لِكَوْنِهِ قَامَ مَقَامَ الْغَاصِبِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْغَاصِبِ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً رَدَّهَا وَغَلَّتَهَا الَّتِي اسْتَغَلَّهَا هُوَ وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ فَالرَّدُّ إنَّمَا يَكُونُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالْقِيمَةِ وَإِمَّا بِالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ) يَرْجِعُ لِمَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ أَيْ حَيْثُ رَدَّ الْعَيْنَ أَمَّا إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَلَا غَلَّةَ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ بَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْوَارِثِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرِكَةَ لِلْوَارِثِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَغْلَةِ وَارِثِهِ بَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ) مُوَافِقٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 صَاحِبِهِ قَوْلُهُ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا اسْتَغَلَّهُ فَقَطْ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ وَاخْتَارَ أَخْذَ الْغَلَّةِ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَهُمَا. (ص) لُفِّقَ شَاهِدٌ بِالْغَصْبِ لِآخَرَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ كَشَاهِدٍ بِمِلْكِكَ لِثَانٍ بِغَصْبِكَ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ لَا مَالِكًا إلَّا أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَيَمِينِ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا فَشَهِدَ شَاهِدٌ لِلْمَالِكِ بِمُعَايَنَةِ الْغَصْبِ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِمِلْكِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ عَايَنَ الْغَصْبَ مِنْ زَيْدٍ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ حَائِزًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ لَا مَالِكًا فِيهِمَا وَإِنَّمَا كَانَ ذَا يَدٍ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ شَاهِدَ الْغَصْبَ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا وَشَاهِدُ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ غَصْبًا فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي مِلْكٍ وَلَا غَصْبٍ قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِلْكِهَا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ يَمِينًا مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مَالِكًا حَائِزًا ثُمَّ تَحْلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ يَمِينَ الْقَضَاءِ أَنَّكَ مَا بِعْتَهُ وَلَا وَهَبْتَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِكَ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ إلَى الْآنَ وَفَائِدَةُ جَعْلِهِ ذَا يَدٍ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَلَا نِكَاحٍ وَإِذَا أَتَى مُسْتَحِقُّهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتَهَا إنْ فَاتَتْ وَأَنَّهُ يَضْمَنُهَا وَلَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَبِعِبَارَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ حَائِزًا بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّلْفِيقِ وَقَوْلُهُ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمِلْكِهَا. (ص) وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا (ش) كَذَا وُجِدَ بِأَصْلِ الْمُؤَلِّفِ وَبَعْدَهُ بَيَاضٌ كَمَّلَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ بِخَطِّهِ فَقَالَ (ص) عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ حُدَّتْ لَهُ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى الزِّنَا وَلَمْ تَأْتِ مُتَعَلِّقَةً بِأَذْيَالِهِ فَإِنَّهَا تُحَدُّ لَهُ حَدَّ الْقَذْفِ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصَّوْنِ أَمْ لَا وَحَدَّ الزِّنَا إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَكَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهَا وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِأَذْيَالِهِ فَإِنَّ حَدَّ الزِّنَا يَسْقُطُ عَنْهَا وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لِمَا بَلَغَتْ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَتُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ وَلَا يَمِينَ لَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاسِقٍ وَلَمْ تَأْتِ مُتَعَلِّقَةً بِهِ لَمْ تُحَدَّ لَهُ حَدَّ الْقَذْفِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلزِّنَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ سَقَطَ عَنْهَا حَدُّ الزِّنَا وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ فَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ لَمْ تُحَدَّ لَهُ لِلْقَذْفِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْغَصْبِ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعَدِّي مُنَاسَبَةٌ عَقَّبَهُ لَهُ فَقَالَ (ص) وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ هُوَ الَّذِي يَجْنِي عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ فِي أَغْلَبِ أَحْوَالِهِ كَخَرْقِ الثَّوْبِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ بَعْضِ الصَّحْفَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ جَانٍ عَلَى مَجْمُوعِ السِّلْعَةِ وَأَيْضًا الْفَسَادُ الْيَسِيرُ مِنْ الْغَاصِبِ يُوجِبُ لِرَبِّهِ أَخْذَ قِيمَتِهِ إنْ شَاءَ وَالْفَسَادُ الْيَسِيرُ مِنْ الْمُتَعَدِّي لَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُ أَرْشِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِهِ وَأَيْضًا الْمُتَعَدِّي لَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَالْغَاصِبُ يَضْمَنُهُ وَأَيْضًا الْمُتَعَدِّي يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا عَطَّلَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا مِنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا اسْتَغَلَّهُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَا اسْتَغَلَّهُ الْوَاهِبُ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ) أَيْ تَضْمِينَ الْمَوْهُوبِ الْقِيمَةَ لِعَدَمِ الْوَاهِبِ وَقَوْلُهُ أَخَذَ الْقِيمَةَ أَيْ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. (تَنْبِيهٌ) : الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ غَيْرُ الْعَالِمِ فَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْغَاصِبِ بِغَلَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَأَخْذِ الْغَلَّةِ وَمَا قَالَهُ عب مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهُوَ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهِ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِاسْتِغْلَالٍ لَا بِبَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَقَدْ يُقَالُ أَيُّ دَاعٍ لِلْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَمِينُ الْقَضَاءِ) وَلَا يُكْتَفَى بِالثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ الْأُولَى وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعِنْدَ الشَّارِحِينَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَعَلَيْهَا فَيُكْتَفَى بِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَعَلَى مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْيَمِينَيْنِ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ كُلًّا عَلَى حِدَتِهَا؟ قَوْلَانِ وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي مِلْكٍ) أَيْ وَلَوْ اجْتَمَعَا فِي مِلْكٍ لَثَبَتَ الْمِلْكُ وَلَا يَكُونُ ذَا يَدٍ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَلَا غَصْبٍ أَيْ وَأَمَّا لَوْ اُجْتُمِعَا فِي غَصْبٍ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَا فِي غَصْبٍ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَا يَدٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّلْفِيقِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ حَصَلَتْ بِالشَّاهِدِ وَهَذِهِ الْيَمِينُ وَهَذَا قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُحَدُّ لَهُ حَدَّ الْقَذْفِ) هَذَا الْحَلُّ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَمْ لَا فَلَا يُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فَالْمُنَاسِبُ تَرْجِيعُ حُدَّتْ لَهُ أَيْ لِلزِّنَا الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلزِّنَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ) كَأَنْ وَجْهَ عَدَمِ سُقُوطِ الْحَدِّ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ أَنَّهَا دَعْوَى عَلَى مَنْ يَظُنُّ بِهِ ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي تَدْرَأُ الْحَدَّ وَلَمَّا كَانَتْ شُبْهَةً ضَعِيفَةً أَثَّرَتْ حِينَ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ تَنْفَعْ حِينَ ظَهَرَ بِهَا الْحَمْلُ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ مُسَلَّمٌ وَقَدْ وَجَدْتُهُ مَنْقُولًا عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ لَمْ تَحُدَّ لَهُ لِلْقَذْفِ) أَيْ وَلَا لِلزِّنَا لِمَا بَلَغَتْ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَفِي عب وشب تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ كَانَتْ عَلَى مَجْهُولِ حَالٍ فَإِنْ كَانَتْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا الْفَضِيحَةَ وَجَاءَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَلَا تُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْشَى الْفَضِيحَةَ أَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حُدَّتْ لَهُ وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَلَا تَخْشَى الْفَضِيحَةَ أَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ وَلَا تَخْشَاهَا فَهَلْ تُحَدُّ لِلْقَذْفِ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَأَمَّا لِلزِّنَا فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ سَقَطَ عَنْهَا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهَا عَلَى صَالِحٍ أَوْ لَا وَمَا قَالَاهُ تَبِعَا فِيهِ عج وَقَدْ وَجَدْتُهُ مَنْقُولًا عَنْ الْمُقَدَّمَاتِ وَانْظُرْ إذَا شَكَّ فِي هَلْ تَخْشَى الْفَضِيحَةَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَأَيْضًا الْمُتَعَدِّي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا يَأْتِي فِي التَّعَدِّي الَّذِي هُوَ جِنَايَةٌ عَلَى الْبَعْضِ كَإِحْرَاقِ بَعْضِ الثَّوْبِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ مَسْأَلَتَيْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ اعْتَرَضَ النَّاصِرُ إدْخَالَهُمَا بِزِيَادَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 حَرْقِ الثَّوْبِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَمِنْ مَسْأَلَتَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ يَزِيدَانِ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ وَقَعَ التَّعَدِّي عَلَى مَجْمُوعِ السِّلْعَةِ لَا عَلَى بَعْضِهَا وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلُوا مَا ذُكِرَ مِنْ بَابِ التَّعَدِّي لَا مِنْ بَابِ الْغَصْبِ ثُمَّ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ دُونَ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نَقْصَهَا فَقَطْ بِقَوْلِهِ. (ص) فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ أُذُنِهَا أَوْ طَيْلَسَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ إذَا أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الذَّاتِ فَكَأَنَّهُ أَتْلَفَ جَمِيعَهَا كَمَا إذَا قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةِ شَخْصٍ ذِي هَيْئَةٍ وَمُرُوءَةٍ كَقَاضٍ وَأَمِيرٍ أَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ قَطَعَ طَيْلَسَانَهُ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ وَمَا نَقَصَ كَمَا يَأْتِي فَضَمِيرُ أَفَاتَ لِلْمُتَعَدِّي وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ بِفِعْلِهِ وَقَدَّرْنَا هَذَا لِأَجْلِ تَمْثِيلِهِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَقَطْعِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَفَاتَ فِي الْعَمْدِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَطَأِ فَلَوْ قَالَ فَإِنْ فَاتَ بِدُونِ هَمْزَةٍ لَكَانَ أَشْمَلَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْحُدُودِ فِي تَعْرِيفِ التَّعَدِّي وَمَفْهُومُ ذِي هَيْئَةٍ أَنَّ قَطْعَ ذَنَبِ دَابَّةِ غَيْرِ ذِي الْهَيْئَةِ لَا يُفِيتُ الْمَقْصُودَ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ ذَاتَ هَيْئَةٍ وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُفِيتُ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْهَيْئَةُ لِلْمُسْلِمِ وَبِعِبَارَةٍ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِذِي هَيْئَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهَا لَا بِحَالِهِ وَبِالتَّنْوِينِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ذَاتِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَهْلَبَ طَوِيلِ الشَّعْرِ» وَفِيهِ أَيْضًا «فَأَتَى بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ» فَذَكَّرَ الْوَصْفَ لِأَنَّ دَابَّةً فِي مَعْنَى حَيَوَانٍ فَرَاعَى فِي الْوَصْفِ الْمَعْنَى وَمَفْهُومُ قَطْعِ أَنَّ نَتْفَ شَعْرِهِ أَوْ قَطْعَ بَعْضِ الذَّنَبِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ أَمْ لَا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. (ص) وَلَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ وَقَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى شَاةٍ فَفَعَلَ فِيهَا فِعْلًا فَقَطَعَ لَبَنَهَا كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ وَكَانَ اللَّبَنُ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَمَا نَقَصَ اللَّبَنُ مِنْ قِيمَتِهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ مَنْ تَعَدَّى عَلَى رَقِيقِ شَخْصٍ فَقَلَعَ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ أَبْطَلَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ فَقَوْلُهُ (ص) فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصَهُ أَوْ قِيمَتُهُ (ش) جَوَابُ الشَّرْطِ فَإِنْ قُلْتَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ قُلْت الْمَقْصُودُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ إذْ يَشْمَلُ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ وَغَيْرَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَبَنَ شَاةٍ مَقْصُودٌ مِنْهَا لَكِنْ تَارَةً يَكُونُ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ وَتَارَةً لَا يَكُونُ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَاقْتَضَى أَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي تُفْسِدُ لَبَنَ الشَّاةِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْهَا أَوْ دُونَهُ تُوجِبُ تَضْمِينَ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُوجِبُ لِتَضْمِينِ الْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ الْمُفْسِدُ لِلَبَنِ الشَّاةِ حَيْثُ كَانَ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ مِنْهَا. (ص) وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصَهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ وَيَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى شَيْءٍ تَعَدِّيًا يَسِيرًا لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ فَقَطْ مَعَ أَخْذِهِ كَمَا إذَا تَعَدَّى عَلَى بَقَرَةِ شَخْصٍ فَفَعَلَ بِهَا فِعْلًا أَذْهَبَ بِهِ لَبَنَهَا لِأَنَّ الْبَقَرَةَ تُرَادُ لِغَيْرِ اللَّبَنِ وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ شَخْصٍ فَفَقَأَ لَهُ عَيْنًا وَاحِدَةً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْوَرَ أَوْ قَطَعَ لَهُ يَدًا وَاحِدَةً حَيْثُ كَانَ ذَا يَدَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عَلَى سَيِّدِهِ جَمِيعُ مَنَافِعِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ صَانِعًا أَوْ غَيْرَ صَانِعٍ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ صَانِعًا حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا قَطْعُ   [حاشية العدوي] غَالِبًا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ الرُّكُوبُ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةُ الدَّابَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمَسَافَةِ وَالرَّقَبَةُ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ لَا مَقْصُودَةٌ بِالتَّعَدِّي وَلَا خَفَاءَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَصْدِ غَصْبِ الذَّاتِ وَقَصْدِ غَصْبِ رُكُوبِهَا إلَى مَسَافَةٍ أَبْعَدَ مِمَّا أَذِنَ لَهُمَا فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ طَيْلَسَانِهِ) مُثَلَّثُ اللَّامِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعْتَبِرُ الْهَيْئَةُ لِلْمُسْلِمِ) أَيْ إذَا اعْتَبَرْنَا هَيْئَةَ الدَّابَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِ لَا لِلذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَرِدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ أَهْلَبَ) أَيْ كَثِيرُ الشَّعْرِ وَلَوْ أَنَّثَ لَقَالَ هَلْبَاءَ وَبَيْضَاءَ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ دَابَّةً عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَذَكَّرَ الْوَصْفَ (قَوْلُهُ وَنَقْصَهُ) يَصِحُّ نَصْبُهُ وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْهَاءِ لِأَنَّ لَهَا مَحَلَّيْنِ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْجَرُّ بِالْإِضَافَةِ وَالنَّصْبُ أَوْلَى لِفَقْدِ شَرْطِ الْخَفْضِ وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى أَخْذُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْخِيَارَ فِي أَخْذِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ لَهُ أَخْذَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْتَ إلَخْ) أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِهِ مَقْصُودًا لَا غَيْرُ بِدَلِيلِ تَعْرِيفِهِ بِأَلْ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَبَنُ الشَّاةِ هُوَ الْمَقْصُودُ مَعْنَاهُ أَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودَ يَكُونُ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ الْمَقْصُودَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِأَلْ لَا يَقْتَضِي إلَّا بِأَنَّهُ مَقْصُودٌ أَعْظَمُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَبَنَ شَاةٍ مَقْصُودٌ فَأَتَى بِهِ نَكِرَةً أَيْ فَيُقَالُ لَهُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ مَقْصُودٌ بَلْ قَالَ الْمَقْصُودُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) وَلَوْ مَقْصُودًا وَمِثْلُهَا النَّاقَةُ لِأَنَّ لَهُمَا مَنَافِعَ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْوَرَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَعْوَرَ فَكَقَلْعِ الْعَيْنَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ صَانِعًا) أَيْ أَنَّ الصَّانِعَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ إذَا عَطَّلَ صَنْعَتَهُ وَلَوْ بِقَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْهُ وَالْجَارِيَةُ الْوَخْشُ كَالْعَبْدِ فِي تَعْطِيلِ الْمَنَافِعِ، وَالْعَلِيَّةُ إنْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهَا وَجْهًا أَوْ ثَدْيًا أَوْ غَيْرَهُمَا حَيْثُ صَارَتْ لَا تُرَادُ لِمَا كَانَتْ تُرَادُ ضَمِنَهَا كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ فَمِنْ الْكَثِيرِ. (ص) وَعَتَقَ عَلَيْهِ إنْ قُوِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ عَبْدًا وَكَانَ التَّعَدِّي يُفِيتُ الْمَقْصُودَ وَاخْتَارَ السَّيِّدُ أَخْذَ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا مَعَ قَصْدِ شَيْنِهِ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي قُوِّمَ بِسَبَبِهَا وَأَمَّا إنْ اخْتَارَ السَّيِّدُ أَخْذَ عَبْدِهِ مَعَ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْجَانِي وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُوِّمَ مَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى التَّقْوِيمِ فِيمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الْقِيمَةُ كَالْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تُفِيتُ الْمَقْصُودَ حَيْثُ كَانَتْ عَمْدًا وَنَحْوُهُ فِي طخ وَقَوْلُهُ وَعَتَقَ أَيْ بِالْحُكْمِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُتَعَدِّي وَقَوْلُهُ إنْ قُوِّمَ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِرِضَا صَاحِبِهِ فِي الْمُفِيتِ لِلْمَقْصُودِ أَوْ فِي غَيْرِ الْمُفِيتِ إنْ رَضِيَا مَعًا (ص) وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ فِي الْفَاحِشِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَخْيِيرَ السَّيِّدِ حَيْثُ أَفَاتَ الْمُتَعَدِّي الْمَقْصُودَ مَحَلُّهُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فِيمَا لَا يَعْتِقُ كَالدَّابَّةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيمَنْ يَعْتِقُ كَالْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى سَيِّدِهِ أَخْذُ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَعَ نَقْصِهِ فَيُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْجَانِيَ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ وَيُجْبِرُ السَّيِّدَ عَلَى قَبُولِهَا لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِوَضُهُ فَهُوَ مُضَارٌّ فِي تَرْكِ أَخْذِ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَفِي أَخْذِهِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِحْرَامُ الْعَبْدِ الْعِتْقُ فَهُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصَهُ أَوْ قِيمَتُهُ لَكِنْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَاحِشِ فِي الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَدَّرَ بِهِ أَوَّلًا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وتت وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَظَرٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) وَرَفَأَ الثَّوْبَ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَوْبِ شَخْصٍ فَأَفْسَدَهُ فَسَادًا كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْفُوَهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ الرَّفْوِ وَمَا نَقَصَ إنْ كَانَ فِيهِ نَقْصٌ وَبِعِبَارَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ لَا تُفِيتُ الْمَقْصُودَ أَوْ تُفِيتُهُ وَاخْتَارَ أَخْذَهُ وَنَقْصَهُ إذْ فِي حَالَةِ اخْتِيَارِ رَبِّهِ الْقِيمَةَ لَيْسَ عَلَى الْمُتَعَدِّي رَفْوُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى أَرْشِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بَعْدَ كَوْنِهِ مَرْفُوًّا فَيَغْرَمُهُ. (ص) وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَنَى عَلَى شَخْصٍ فَجَرَحَهُ جَرْحًا خَطَأً لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَوْ عَمْدًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِإِتْلَافِهِ أَوْ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ أَوْ لِعَدَمِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَيْضًا فَهَلْ يَلْزَمُ الْجَانِيَ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ ثُمَّ إذَا بَرِئَ يَنْظُرُ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ غَرِمَ النَّقْصَ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ يَغْرَمُ النَّقْصَ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَلَا يَغْرَمُهُ إنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ قَوْلَانِ، وَمِثْلُ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قِيمَةُ الدَّوَاءِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْقَوْلُ بِأَنَّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ عَلَى الْجَانِي بِدَلِيلِ أَنَّ رَفْوَ الثَّوْبِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فَقَطْ. (فَصْلٌ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ إضَافَةُ الشَّيْءِ لِمَنْ يَصْلُحُ بِهِ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ كَاسْتِحْقَاقِ هَذَا مِنْ الْوَقْفِ مَثَلًا بِوَصْفِ الْفَقْرِ أَوْ الْعِلْمِ وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ رَفْعُ   [حاشية العدوي] مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (وَقَوْلُهُ إنْ قُوِّمَ إلَخْ) شَبَهٌ حَاصِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُوِّمَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عِوَضُهُ) أَيْ مَعَ الِالْتِفَاتِ لِلْمُضَارَرَةِ لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ يُنْتِجَانِ الْجَبْرَ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ نَظَرٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ يَقُولُ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ الْفَاحِشَ لَكَانَ أَحْسَنَ وَحَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ أَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَاحِشِ فَقَطْ وَأَمَّا غَيْرُ الْفَاحِشِ فَيَقُولُ فِيهِ بِالتَّخْيِيرِ كَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَلَمْ يَذْهَبْ أَكْثَرُ مَنَافِعِهَا وَأَمَّا نَصُّ تت فَقَالَ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ قُوِّمَ بِأَنْ طَلَبَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ وَمَا نَقَصَ لَمْ يَعْتِقْ وَعَلَى هَذَا فَهِمَ جَمَاعَةٌ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ ابْنِ يُونُسَ وَهَذَا الَّذِي ذَهَبُوا إلَيْهِ خِلَافُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ إمْسَاكُهُ بَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّوَابُ أَحَبَّ سَيِّدُهُ أَمْ كَرِهَ لِظُهُورِ قَصْدِ الضَّرَرِ بِعَدَمِ عِتْقِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِوَضُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَا مَنَعَ إلَخْ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا مَنَعَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ قَبُولُ الْقِيمَةِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ إنَّهُ مُخَيَّرٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ التَّخْيِيرُ ثُمَّ قَابَلَهُ بِتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ الْجِرَاحِ وَنَصُّهَا وَمَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ لِرَجُلٍ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا نَفَذَ بِظُلْمِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمَا نَسَبَا لِلْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا لِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ مَا عَلِمْتَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ لَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا عَلِمْتَ مَا ذُكِرَ فَالْحَقُّ مَعَ هَؤُلَاءِ لَا مَعَ شَارِحِنَا بَلْ التَّخْيِيرُ تَأْوِيلٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ يَشْهَدُ لِابْنِ يُونُسَ وتت وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ وَرَفَأَ الثَّوْبَ) بِهَمْزٍ وَدُونِهِ وَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَقَوْلُهُ وَمَا نَقَصَ أَيْ بَعْدَ الرَّفْوِ أَيْ فَيُنْظَرُ لِنَقْصِهِ بَعْدَ الرَّفْوِ لَا قَبْلَهُ فَإِذَا كَانَ النَّقْصُ قَبْلَ الرَّفْوِ عَشَرَةً وَبَعْدَهُ خَمْسَةً وَأُجْرَةُ الرَّفْوِ دِرْهَمٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أُجْرَةُ الرَّفْوِ وَخَمْسَةٌ أَرْشُهُ فِي بَعْضِهِ بَعْدَهُ لَا عَشَرَةٌ الَّتِي هِيَ أَرْشُهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ عَلَى شَخْصٍ) أَيْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) إنَّمَا لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا كَرَفْوِ الثَّوْبِ لِأَنَّ مَا يُنْفِقُ عَلَى الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا يُعْلَمُ هَلْ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالرَّفْوُ وَالْخِيَاطَةُ مَعْلُومٌ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا فَيَرْجِعَانِ لِمَا كَانَا عَلَيْهِ [فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ] . فَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ إضَافَةُ الشَّيْءِ) أَيْ نِسْبَةُ الشَّيْءِ كَالْوَقْفِ وَقَوْلُهُ لِمَنْ يَصْلُحُ بِهِ أَيْ لِمَنْ يُصْلِحُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ، إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ دَابَّتِي تَسْتَحِقُّ عِنْدَكَ دِينَارًا وَقَوْلُهُ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ بِالْفِعْلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَوَّلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ مُسْتَعْمَلٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يُرَادُ بِهِ لَفْظُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ أَيْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ رَفْعُ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّهُ رَفْعُ شَيْءٍ لَكِنْ لَا بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ وَبِقَوْلِهِ قَبْلَهُ مَا مُلِكَ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَيْ أَوْ رَفْعُ مِلْكٍ بِحُرِّيَّةٍ فَحُرِّيَّةٌ عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ مِنْ قَوْلِهِ بِثُبُوتِ مِلْكٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ يَعْنِي بِثُبُوتِ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى دُخُولِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا وُجِدَ فِي الْمَغَانِمِ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ قَسْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِثَمَنٍ فَلَوْلَا زِيَادَةُ هَذَا الْقَيْدِ لَكَانَ الْحَدُّ غَيْرَ مُطَّرِدٍ وَانْظُرْ حُكْمَهُ وَأَسْبَابَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ كُلَّ مَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُتَعَدِّي فَقَالَ (ص) وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالزَّرْعِ أَخَذَ بِلَا شَيْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ أَوْ الْمُتَعَدِّيَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُمَا إذَا زَرَعَ أَرْضًا ثُمَّ قَامَ رَبُّهَا عَلَى الزَّارِعِ أَخَذَ بِلَا شَيْءٍ بِالزَّرْعِ بَعْدَ ظُهُورِهِ بِأَنْ كَانَ إذَا قُلِعَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِزَارِعِهِ وَأَبَى زَارِعُهُ أَنْ يَقْلَعَهُ قُضِيَ بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ بِكِرَاءٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ مَجَّانًا وَأَبْقَاهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ كَانَ ذَلِكَ الْكِرَاءُ عِوَضًا عَنْهُ فِي الْمَعْنَى فَهُوَ بَيْعٌ لَهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَفَاعِلُ زَرَعَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمُتَعَدِّي وَتَقَدَّمَ غَرْسُهُمَا وَبِنَاؤُهُمَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى زَرْعِ ذِي الشُّبْهَةِ وَغَرْسِهِ وَبِنَائِهِ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ أَيْ قَامَ مَالِكُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِحْقَاقَ الْمَشْهُورَ وَهُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ يُرْفَعُ. (ص) وَإِلَّا فَلَهُ قَلْعُهُ إنْ لَمْ يُفِتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي فَإِنْ قَامَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ عَلَى الْمُتَعَدِّي بَعْدَ أَنْ بَذَرَ الزَّرْعَ وَصَارَ يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ الزَّارِعَ بِقَلْعِ زَرْعِهِ أَوْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا وَهَذَا التَّخْيِيرُ   [حاشية العدوي] وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُسْتَعْمِلٌ دَاله (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ) أَيْ بَلْ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ قَبْلَهُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخَارِجَ بِذَلِكَ هُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مَا كَانَ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَفْعُ مِلْكٍ بِحُرِّيَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَكَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ اسْتِحْقَاقَ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ فَالتَّقْدِيرُ أَوْ رَفْعُ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ أَيْ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ فَإِنْ قُلْتَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِحْقَاقَ بِحُرِّيَّةٍ فَالْجَوَابُ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ اسْتِحْقَاقًا حَقِيقِيًّا بَلْ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ مَجَازٌ فَلَا حَاجَةَ لِإِدْخَالِهِ فِي التَّعْرِيفِ وَالْإِخْلَالُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الْإِخْلَالِ بِاسْتِحْقَاقِ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي بِثُبُوتِ حُرِّيَّةٍ) هَذَا حَلٌّ لِحَاصِلِ الْمَعْنَى لَا لِقَوْلِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ حُكْمَهُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُهُ الْوُجُوبُ عِنْدَ تَيَسُّرِ أَسْبَابِهِ فِي الرُّبْعِ عَلَى عَدَمِ يَمِينٍ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ وَعَلَى يَمِينِهِ مُبَاحٌ كَغَيْرِ الرُّبْعِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَشَقَّةٌ اهـ. وَأَمَّا سَبَبُهُ فَهُوَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي لَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهُ وَلَا خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى الْآنَ وَالشَّهَادَةُ فِي أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَحِيَازَتُهُ وَهِيَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي عَدْلَيْنِ وَقِيلَ أَوْ عَدْلًا مَعَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْمِلْكِيَّةِ فَإِذَا كَانَتْ دَارًا مَثَلًا قَالُوا لَهُمَا هَذِهِ الدَّارُ هِيَ الَّتِي شَهِدْنَا فِيهَا عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ أَعْلَاهُ. الثَّانِي الْإِعْذَارُ فِي ذَلِكَ لِلْحَائِزِ فَإِنْ ادَّعَى مَدْفَعًا أَجَّلَهُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ. الثَّالِثُ يَمِينُ الِاسْتِبْرَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ، الثَّانِي لَا يَمِينَ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَقَارِ وَيَحْلِفُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَأَمَّا الْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَفِعْلٌ وَسُكُوتٌ فَالْفِعْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ عِنْدِ حَائِزِهِ فَلَوْ قَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ خَوْفًا أَنْ يُغَيِّبَهُ فَإِذَا أَثْبَتُّهُ رَجَعْتُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ وَقَالَ أَصْبَغُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةً بَعِيدَةً جِدًّا وَأَشْهَدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ فَذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَرَى أَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ ثُمَّ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ الْقِيَامُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا السُّكُوتُ فَمِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ أَمَدَ الْحِيَازَةِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْغَاصِبِ إلَخْ) أَيْ مَالِكِ الذَّاتِ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَعَدِّي مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالزَّرْعِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَمْ لَا وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا يُرَادُ لَهُ وَإِلَّا فَكِرَاءُ السَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَلِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ أَخَذَ بِلَا شَيْءٍ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ بَذْرِهِ أَوْ أُجْرَةِ حَرْثِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَبَى زَارِعُهُ أَنْ يَقْلَعَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَارَ لِلزَّارِعِ كَمَا نَقَلَهُ تت وَلَكِنْ النَّصُّ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْأَمْرِ بِالْقَلْعِ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ أَخْذُهُ وَلَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ أَخْذَهُ بَلْ وَلَوْ قَلَعَهُ الْغَاصِبُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِالْقَلْعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا بَعْدَهُ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْقَطْعِ لَجَازَ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ الِانْتِفَاعُ وَهُوَ مَفْقُودٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ بَلَغَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَوْ بِرَعْيِ الْبَهَائِمِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ) وَكَمَا لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ وَأَخْذُ كِرَاءِ السَّنَةِ مِنْهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ أَيْ إنْ بَلَغَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا يُرَادُ لَهُ دُونَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ اللَّخْمِيُّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَصْوَبُ لِأَنَّ «نَهْيَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا» عَلَى الْبَقَاءِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ لِلْبَقَاءِ ثَمَنًا وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْلَمُ أَمْ لَا وَهَذَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمُرَ الزَّارِعَ بِقَلْعِ زَرْعِهِ) أَيْ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 إنْ كَانَ إبَّانُ مَا زَرَعَ فِيهَا بَاقِيًا وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ إنْ بَقِيَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ وَقْتِ جَمِيعِ مَا تُرَادُ لَهُ فَيَخْرُجُ مَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ جَزْءٌ فَقَالَ إنْ لَمْ يَفُتْ وَعَدَمُ فَوَاتِهِ يَصْدُقُ بِبَقَاءِ جَزْءٍ مِنْهُ. (ص) وَإِلَّا فَكِرَاءُ السَّنَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ أَوْ الْمُتَعَدِّيَ إذَا زَرَعَ الْأَرْضَ وَصَارَ الزَّرْعُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَفَاتَ إبَّانُ مَا تُرَادُ لَهُ تِلْكَ الْأَرْضُ مِنْ جِنْسِ مَا زُرِعَ فِيهَا ثُمَّ قَامَ رَبُّ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الزَّارِعِ إلَّا كِرَاءَ تِلْكَ السَّنَةِ كُلِّهَا. (ص) كَذِي شُبْهَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ غَيْرُ تَامٍّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضًا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ أَوْ اكْتَرَاهَا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ بِأَنْ كَانَ وَارِثًا أَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ غَصَبَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا شَخْصٌ قَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِ مَا تُرَادُ تِلْكَ الْأَرْضُ لِزِرَاعَتِهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا كِرَاءَ تِلْكَ السَّنَةِ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ لِأَنَّ الزَّارِعَ زَرَعَ فِيهَا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ، وَأَمَّا إنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ مِنْ كِرَاءِ تِلْكَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ وَالْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ كِرَاءِ تِلْكَ السَّنَةِ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ بَلْ بِقَيْدِ بَقَائِهِ وَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا فِي أَرْضٍ لَا تُزْرَعُ إلَّا مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَيَأْتِي مُحْتَرَزُ هَذَا الْقَيْدِ فِي قَوْلِهِ وَفِي سِنِينَ إلَخْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالسِّنِينَ الْبُطُونُ. (ص) أَوْ جُهِلَ حَالُهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى ذِي شُبْهَةٍ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْفِعْلَ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ مَنْسُوبٍ لِلشُّبْهَةِ أَيْ كَصَاحِبِ شُبْهَةٍ أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضًا وَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ أَيْ لَا يُدْرَى هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَمْ لَا أَوْ هُوَ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبِ أَوْ غَيْرِ غَاصِبٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا شَخْصٌ فِي إبَّانِ الزَّرْعِ فَلَهُ كِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ فَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ فَلَا شَيْءَ لِمُسْتَحِقِّهَا لِأَنَّ الزَّارِعَ قَدْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَالْغَلَّةَ كَمَا مَرَّ. (ص) وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَارِثِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لَهُ أَعْطِ كِرَاءَ سَنَةٍ وَإِلَّا أَسْلِمْهَا بِلَا شَيْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَرْضٍ أَوْ بِمَا يُوزَنُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ يَعْرِفَانِ وَزْنَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا ذُكِرَ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ أَنْ يَحْرُثَهَا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا الْمُكْتَرِي فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ مِنْ أَصْلِهَا وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ أَنْ حَرَثَهَا الْمُكْتَرِي أَوْ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا فَقَدْ فَاتَتْ الْأَرْضُ بِذَلِكَ وَمَعْنَى فَوَاتِهَا أَنَّ الْإِجَارَةَ فِيهَا لَا تُفْسَخُ وَتَصِيرُ الْمُنَازَعَةُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَهُوَ دَافِعُ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَالْمُسْتَحِقِّ لَهَا فَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ شَيْئَهُ وَذَهَبَ إلَى حَالِ سَبِيلِهِ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءَ الْمِثْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْإِجَارَةَ وَرَضِيَ بِبَيْعِ شَيْئِهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلْمُكْتَرِي أُجْرَةَ حَرْثِهِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُكْتَرِي أَعْطِهِ كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنْ دَفَعَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهَا لِمُسْتَحِقِّ الْأُجْرَةِ بِلَا شَيْءٍ فَقَوْلُهُ وَفَاتَتْ أَيْ الْأَرْضُ الَّتِي اُسْتُحِقَّ مَا اُكْتُرِيَتْ بِهِ مِنْ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ بِحَرْثِهَا وَأَحْرَى بِزَرْعِهَا وَمَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ تُحْرَثْ لَا تَفُوتُ وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حَرَثَ الْمُكْتَرِي الْأَرْضَ أَوْ لَمْ يَحْرُثْهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ شَامِلًا لَهُمَا فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ حَيْثُ أَجَازَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ فِي اسْتِحْقَاقِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا كَانَ بَاقِيًا مِنْهُ بَقِيَّةٌ وَقْتُ الظُّهْرِ بَاقٍ مَعَ أَنَّهُ مَا بَقِيَ إلَّا بَعْضُهُ (قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِ مَا زُرِعَ فِيهَا) أَيْ لَا مِنْ كُلِّ مَا يُزْرَعُ فِيهَا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا يُرَادُ لَهُ مِمَّا زُرِعَ فِيهَا وَغَيْرُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِرْسِيمًا مَثَلًا وَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَزْرَعَهَا مَقْثَأَةً (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ وَارِثًا) فِي عب أَيْ وَارِثًا لِغَيْرِ الْغَاصِبِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيَصِحُّ فَرْضُهَا فِي وَارِثِ الْغَاصِبِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ قَلْعِ زَرْعِهِ فِي السَّنَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَلَّةِ فَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنْ كَانَ إلَخْ رَاجِعٌ لِزَرَعَ لَا اكْتَرَى (قَوْلُهُ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا شَخْصٌ قَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِهِ) أَيْ إبَّانِ مَا تُرَادُ تِلْكَ الْأَرْضُ لِزِرَاعَتِهِ وَسَوَاءٌ بَلَغَ الزَّرْعُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمْ لَا (أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا الْمُخَالَفَةُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ اعْتَبَرَ جِنْسِ مَا زُرِعَ فِيهَا وَهَذَا اعْتَبَرَ وَقْتَ مَا تُرَادُ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا زُرِعَ فِيهَا وَغَيْرِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ وَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ يَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْأَوَّلِ هُنَا فَيَكُونُ كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ اعْتِبَارُ جِنْسِ مَا زُرِعَ فِيهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ وَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ قَالَ وَهَذَا فِي الْبَطْنِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا الْبُطُونُ فَسَيَأْتِي أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى وَهَذَا فِي أَرْضٍ لَمْ تُسْتَأْجَرْ إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً وَسَيَأْتِي مَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ سِنِينَ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ سَنَةً وَتُزْرَعُ بُطُونًا وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُزْرَعُ بُطُونًا فَمَا فَاتَ إبَّانُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهُوَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَفُتْ إبَّانُهُ فَهُوَ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءَ الْمِثْلِ) وَوَجْهُ رُجُوعِهِ لِكِرَاءِ الْمِثْلِ أَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ أَخَذَ عَرْضًا فِي عَرْضٍ وَاسْتُحِقَّ مَا أَخَذَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِعَرْضِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ، وَقِيمَةُ الْأَرْضِ هُنَا كِرَاءُ الْمِثْلِ وَحِينَئِذٍ لَا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ هَكَذَا نَقَلَ عَنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَأَحْرَى بِزَرْعِهَا) قَالَ عب أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِحَرْثٍ كَالْبِرْسِيمِ وَكَذَا بِإِلْقَاءِ الْحَبِّ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَحْتَجْ لِحَرْثٍ فِيمَا يَظْهَرُ لَا إنْ احْتَاجَتْ لَهُ فَلَا تَفُوتُ إلَخْ اهـ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ وَكَذَا بِإِلْقَاءِ الْحَبِّ أَيْ لِكَوْنِهَا مَحْرُوثَةً فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا ثُمَّ أَقُولُ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إلْقَاءَ الْحَبِّ عَلَيْهَا مُفَوِّتٌ كَالْحَرْثِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَلَفُهُ فَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْحَارِثِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 الْأَرْضِ. (ص) وَفِي سِنِينَ يَفْسَخُ أَوْ يُمْضِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الشُّبْهَةِ إذَا أَجَّرَ أَرْضًا فِي مُدَّةِ سِنِينَ وَقَدْ مَضَى بَعْضُهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا شَخْصٌ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُجِيزَ مَا بَقِيَ مِنْهَا لِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ وَإِذَا أَمْضَى مَا بَقِيَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ النِّسْبَةَ أَيْ نِسْبَةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِمَا مَضَى مِنْ مُدَّتِهَا لِيُجِيزَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَإِلَّا أَدَّى إلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ وَفِي سِنِينَ إلَخْ فِي حَقِّ ذِي الشُّبْهَةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ بَعْضٌ يَقُولُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ وَغَيْرَهُ فِي هَذِهِ مُسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَقَوْلُهُ إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ أَيْ مَا يَنُوبُ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ يُمْضِي ثُمَّ إنَّ مَعْرِفَةَ النِّسْبَةِ إمَّا أَنْ تَحْصُلَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ مِنْ كَوْنِ الْمُتَكَارِيَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ مِنْ كَوْنِ الزَّرْعِ فِي أَجْزَاءِ الْمُدَّةِ مُسْتَوِيًا كَمَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَالزَّرْعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مُسَاوٍ لِلزَّرْعِ فِي مِثْلِهَا مِنْ الْبَاقِي. (ص) وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي حَلِّ الْعُقْدَةِ وَفِي إمْضَائِهَا وَأَمَّا الْمُكْتَرِي وَهُوَ دَافِعُ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي إمْضَاءِ الْعُقْدَةِ وَلَا فِي حَلِّهَا عَنْ نَفْسِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ عُهْدَتِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ فَإِذَا عَطِبَتْ الدَّارُ وَدَّى بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ أَيْ حَيْثُ أَمْضَى الْكِرَاءَ وَقَدْ كَانَ الْمُكْتَرِي نَقَدَ الْكِرَاءَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ لِمُلَائِهِ وَلَا أَرْضَى لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ لَا أَجِدُ مَنْ أَرْجِعُ عَلَيْهِ لِعُدْمِ الْمُسْتَحِقِّ مَثَلًا فَقَوْلُهُ لِلْعُهْدَةِ أَيْ لِأَجْلِ الْعُهْدَةِ أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ. (ص) وَانْتَقَدَ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ وَأَمِنَ هُوَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ أَيْ يَأْخُذُهَا الْآنَ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِيَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ انْتَقَدَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ أَيْ ذَا دِينٍ وَخَيْرٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَدُ شَيْئًا وَتُوضَعُ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّ هَذَا فِي دَارٍ يُخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَإِنَّهُ يُنْقَدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ أَيْ انْتَقَدَ الْكِرَاءَ بِالْفِعْلِ أَوْ اشْتَرَطَ نَقْدَهُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهُ وَأَمَّا لَوْ انْتَقَدَ بَعْضَهُ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَيَّنَهُ لِمُدَّةٍ كَانَ لِمَنْ لَهُ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَإِنْ جَعَلَهُ عَنْ بَعْضٍ مُبْهَمٍ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ نَقْدَ بَعْضِهِ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَ بَعْضِهِ. (ص) وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولُ لِلْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَفِي سِنِينَ إلَخْ) الْوَاوُ دَاخِلَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى يَفْسَخُ لِعَطْفِهَا إيَّاهُ عَلَى " أَخْذُ " مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا وَالْمَعْنَى وَلَهُ أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ مُكْتَرَاةً سِنِينَ أَنْ يَفْسَخَ أَوْ يُمْضِيَ إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ وَلَا مَفْهُومَ لِسِنِينَ أَيْ سِنِينَ أَوْ شُهُورٍ أَوْ بُطُونٍ وَالْمُرَادُ أَنْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ مُدَّةً تَتَبَعَّضُ الْأُجْرَةُ فِيهَا وَيَفْسَخُ بِالرَّفْعِ فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ وَأَنْ مَحْذُوفَةٌ وَهَذَا لَيْسَ بِشَاذٍّ وَإِنَّمَا الشَّاذُّ نَصْبُهُ مَعَ حَذْفِ أَنْ (قَوْلُهُ مُسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ عِنْدَ مَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ (قَوْلُهُ لِلْعُهْدَةِ) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأُجْرَةُ فَلَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدُ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُكْتَرِي إلَخْ) يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِذَا عَطِبَتْ الدَّارُ إلَخْ) يُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا دَارٌ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ عَلَى قِيَاسِهِ هُنَا فَإِذَا تَعَذَّرَ زَرْعُ الْأَرْضِ وَدَّى بِحِسَابِ مَا زَرَعَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفِي سِنِينَ إلَخْ لَا بِالْأُولَى الَّتِي اسْتَحَقَّ فِيهَا الْأُجْرَةَ نَعَمْ يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ حَرْثِهَا مُلَخَّصُ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا خِيَارَ إلَخْ فِيهِ تَقْرِيرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا إلَخْ وَالثَّانِي أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي سِنِينَ يَفْسَخُ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ) ذَكَرَ الْحُكْمَ وَلَمْ يَذْكُرْ عِلَّتَهُ مَعَ أَنَّ الْحَالَ مُحْتَاجٌ لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَفِي سِنِينَ (قَوْلُهُ وَأَمِنَ هُوَ) أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِجَرَيَانِهِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ لِأَنَّ فَاعِلَ انْتَقَدَ مِنْ قَوْلِهِ انْتَقَدَ هُوَ الْأَوَّلُ وَفَاعِلُ أَمِنَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الثَّانِي وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ أَمِنَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ وَانْتَقَدَ أَيْ وَانْتَقَدَ فِي حَالِ كَوْنِهِ قَدْ أَمِنَ وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِنَفْيِ تَوَهُّمِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَنْتَقِدُ مِنْ الْمُكْرِي وَفِي عج وَاللَّقَانِيِّ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي عَنْ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ انْتَقَدَ الْمُكْرِي الْأَوَّلُ الْكِرَاءَ كُلَّهُ بِالْفِعْلِ أَوْ اشْتَرَطَ نَقْدَهُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهُ زَادَ اللَّقَانِيِّ وَيَرْجِعُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا يَخُصُّ السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةَ إنْ كَانَ نَقْدُهُ مَثَلًا وَأَمَّا مَا يَخُصُّ السِّنِينَ الْمَاضِيَةَ فَهُوَ لَهُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ أَيْ ذَا دِينٍ وَخَيْرٍ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ وَأَنْ لَا يَخْشَى فِرَارَهُ بِمَا يَأْخُذُ وَطُرُوِّ اسْتِحْقَاقٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يُنْقَدُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ فَيُنْقَدُ كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الثَّانِي إذَا كَانَ هَذَا فِي دَارٍ إلَخْ (أَقُولُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مِثْلَ الدَّارِ الصَّحِيحَةِ الْأَرْضُ بَلْ أَوْلَى إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُكْتَرِيَ يَخَافُ أَنْ يُسْتَحَقَّ فَيَضِيعُ عَلَيْهِ مَا نَقَدَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِاحْتِمَالِ عُدْمِهِ أَوْ مَطْلِهِ فَإِذَنْ لَا وَجْهَ لِبَحْثِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ لِذِي إلَخْ) الْغَلَّةُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ لِذِي الشُّبْهَةِ حَالٌ وَالْخَبَرُ لِلْحُكْمِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْهُولَ حَالُهُ لَيْسَ ذَا شُبْهَةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 وُهِبَ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بَائِعَهُ أَوْ مُؤَجِّرَهُ أَوْ وَاهِبَهُ غَاصِبٌ فَاغْتَلَّهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ فَإِنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الشُّبْهَةِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ أَيْ لَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُ غَاصِبٍ وَهَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُ غَاصِبٍ إذَا اسْتَغَلَّ شَيْئًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْغَلَّةَ لَهُ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ لِلْحُكْمِ لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى عَلَى خِلَافِهِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ حَيْثُ قَالَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْقِيَاسِ. (ص) كَوَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ وَمُشْتَرٍ لَمْ يُعْلَمُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ وَارِثَ ذِي الشُّبْهَةِ أَوْ وَارِثَ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ وَمَوْهُوبَ ذِي الشُّبْهَةِ أَوْ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ مَوْهُوبَ الْغَاصِبِ حَيْثُ كَانَ الْغَاصِبُ مَلِيًّا أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ أَوْ مِمَّنْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا إذَا اغْتَلُّوا شَيْئًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لَهُمْ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ فَقَوْلُهُ لَمْ يُعْلَمُوا رَاجِعٌ لِمَوْهُوبِ الْغَاصِبِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ حَيْثُ أَيْسَرَ الْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ مُطْلَقًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ كَوَارِثٍ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَارِثِ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِنَّمَا جَمَعَ وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ وَالْمُشْتَرِي شَيْئَيْنِ نَظَرًا إلَى أَفْرَادِهِمَا وَيُمْكِنُ أَنْ تَجْرِيَ التَّفْرِقَةُ فِي وَارِثِ غَيْرِ الْغَاصِبِ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَارِثَ إذَا اسْتَغَلَّ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ صَاحِبُ دَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَارِثَ لَا غَلَّةَ لَهُ وَيَضْمَنُهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الطَّارِئِ وَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ إلَّا فِي طُرُوِّ ذِي دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ فَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ الْغَرِيمُ وَلَوْ نَاشِئَةً عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا وَتَرَكَ أَيْتَامًا فَأَخَذَ شَخْصٌ الْوَصِيَّةَ عَلَيْهِمْ وَاتَّجَرَ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ حَتَّى صَارَ سِتَّمِائَةٍ مَثَلًا فَطَرَأَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ قَدْرَ السِّتِّمِائَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَقُّ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَّجِرْ الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَسَلِّفٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَنْفَقَ الْوَلِيُّ التِّرْكَةَ عَلَى الطِّفْلِ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ عَلَى أَبِيهِ يَغْتَرِقُهَا وَلَمْ يَعْلَمُ بِهِ الْوَصِيُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ أَيْسَرَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ إنْفَاقِ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ. (ص) كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْمَخْرَجِ أَيْ فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ بَلْ يُقَاسِمُ أَخَاهُ فِيهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَارِثَ إذَا اغْتَلَّ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ أَخِيهِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الدَّرَجَةِ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ لَا يَكُونُ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ وَأَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ حَاجِبًا لِلْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ. (ص) فَإِنْ   [حاشية العدوي] وَهُوَ مَا تَحَرَّرَ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ عَطْفَ خَاصٍّ وَلَامُ لِلْحُكْمِ لِلْغَايَةِ بِمَعْنَى إلَى أَيْ الْغَلَّةُ تَكُونُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ يَدِهِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ الْقِيَاسِ) إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ أَيْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَقَطْ لَا مَا قَبْلَهُ فَالْإِشْكَالُ فِي كَلَامِهِ هُنَا بَلْ هُوَ عَلَى الْقِيَاسِ بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ (قَوْلُهُ كَوَارِثٍ) تَشْبِيهٌ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ النَّاسِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَيَتْبَعُ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا إذَا اغْتَلُّوا شَيْئًا) يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الْمُشْتَرِي الْعَالِمُ لَا غَلَّةَ لَهُ مَنْ اشْتَرَى حِصَّةً مِنْ وَقْفٍ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا فَإِنَّهُ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي بَغْلَةِ تِلْكَ الْحِصَّةِ مَا دَامَ الْمُسْتَحِقُّ حَيًّا وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِوَقْفِيَّةِ تِلْكَ الْحِصَّةِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحِقِّ الْوَاهِبِ مَنْفَعَةَ شَيْءِ يَسْتَحِقُّهُ لِشَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ فِي وَارِثِ غَيْرِ الْغَاصِبِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَقَدْ يُقَالُ إنَّ وَارِثَ غَيْرِ الْغَاصِبِ يَتَأَتَّى فِيهِ الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ كَمَنْ وَرِثَ مَالًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ وَالْوَارِثُ يَعْلَمُ أَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ وَالْوَارِثُ يَعْلَمُ فَتَارَةً يَعْلَمُ أَنَّهُ غَاصِبٌ وَتَارَةً لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَهُ الْغَلَّةُ وَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى وَارِثٍ) أَيْ وَارِثِ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَهُوَ ذُو الشُّبْهَةِ وَالْمَجْهُولُ حَالُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُتَسَلِّفٌ) وَلَا يُقَالُ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الْمَالَ لِلْغَرِيمِ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَصِيُّ الْمُتَّجِرُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْلَى مِمَّنْ غَصَبَ مَالًا وَاتَّجَرَ فِيهِ فَرَبِحَهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي التَّرِكَةِ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُونَ التَّلَفَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ بِلَا خِلَافٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّرِكَةَ فِي ضَمَانِ الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ بَقِيَ تَجْرُ الْوَارِثِ لِنَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا يَخْفَى أَنَّ تَجْرَ الْوَارِثِ بِمَنْزِلَةِ تَجْرِ الْوَصِيِّ بِالْمَالِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ) هَذَا فِيمَا إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ وَاغْتَلُّوهَا ثُمَّ طَرَأَ صَاحِبُ حِصَّةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَا يَفُوزُونَ بِالْغَلَّةِ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ سِلْعَةً مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى نَصِيبِهِ ثُمَّ اغْتَلَّ مَا اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَفُوزُ بِغَلَّتِهِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ انْتَفَعَ وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَعْلَمَ إلَخْ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ طَرَأَ وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى مِثْلِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُنَاسِبَ لِلنَّقْلِ أَنْ يَقُولَ وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ بِحَذْفِ لَا أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 غَرَسَ أَوْ بَنَى قِيلَ لِلْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَإِنْ أَبَى فَلَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الشُّبْهَةِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُشْتَرِي وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا غَرَسَ أَرْضًا أَوْ بَنَى فِيهَا بُنْيَانًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا شَخْصٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَةَ غَرْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ قَائِمًا وَلَوْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ لِلْبَانِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا قِيلَ لِلْغَارِسِ أَوْ الْبَانِي ادْفَعْ لِهَذَا الْمُسْتَحِقِّ قِيمَةَ أَرْضِهِ بَرَاحًا بِغَيْرِ غَرْسٍ وَلَا بِنَاءٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ هَذَا بِقِيمَةِ غَرْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ وَهَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَالْقِيمَةُ فِيهِمَا مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ الْحُكْمِ بِالشَّرِكَةِ لَا يَوْمَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ. (ص) إلَّا الْمُحَبَّسَةَ فَالنَّقْضُ (ش) مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِمِلْكٍ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ إلَّا نُقْضُهُ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْبُقْعَةِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الْحَبْسِ وَلَيْسَ لَنَا أَحَدٌ مُعَيَّنٌ يُطَالِبُهُ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَائِمًا فَتَعَيَّنَ النُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ الْحَاجُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. (ص) وَضَمِنَ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقَّةِ وَوَلَدِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِالْمِلْكِ فَإِنَّ الْوَاطِئَ يَضْمَنُ لِمُسْتَحِقِّهَا قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ بِاتِّفَاقٍ فَقَوْلُهُ وَضَمِنَ أَيْ ذُو الشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ الْمُسْتَحَقَّةِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الْأَمَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ أَيْ بِالْمِلْكِ بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا بِالْقِيمَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِرِقٍّ أَوْ حُرِّيَّةٍ غَيْرُ جَيِّدٍ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقَّةِ إلَخْ أَيْ وَيَرْجِعُ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَلَوْ غَاصِبًا وَسَوَاءٌ زَادَ مَا دَفَعَهُ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الثَّمَنِ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ رَبُّهَا عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ بَيْعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ بَنَى) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ إذْ لَوْ عَمَّرَ ذُو الشُّبْهَةِ سَفِينَةً لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَرْضًا وَصَرَفَ عَلَيْهِ مَبْلَغًا فِي تَفْصِيلٍ وَخِيَاطَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ (قَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ إنْ اسْتَعَارَهَا كَذَلِكَ فَإِنْ اسْتَعَارَهَا مُدَّةً فَقِيمَتُهُ قَائِمًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْأَشْيَاخِ مَذْهَبَهَا بِأَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَإِذَا قُوِّمَ قَائِمًا فَقَدْ أَعْطَى جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ وَإِنْ قُوِّمَ مُنْفَكًّا عَنْهَا صَارَ مَنْقُوضًا اهـ. فَجَوَابُهُ أَنَّ تَقْوِيمَهُ قَائِمًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُفِيدُ قَطْعَ النَّظَرِ عَنْ الْأَرْضِ وَأَنَّهُ يُقَوَّمُ قَائِمًا لَا مَنْقُوضًا (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ فَائِدَةٌ لَوْ اغْتَلَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَغَيْرُهُ سَاكِتٌ وَلَوْ بِالْكِرَاءِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ وَلَا يُعَدُّ هِبَةً نَعَمْ يَحْلِفُ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا تَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِخِلَافِ دَعْوَى التُّهْمَةِ فَلَا تَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ قَالَهُ فِي الْمِعْيَارِ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِ الْقِيمَةِ يَوْمَ بِنَائِهِ أَوْ يَوْمَ الْحُكْمِ قَوْلَانِ لَمْ يُشْهِرْ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْهُمَا قَوْلًا (قَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ فَالنَّقْضُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْبُقْعَةِ لِأَنَّهَا حَبْسٌ وَمَحَلُّ عَدَمِ إعْطَاءِ قِيمَةِ بِنَائِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِغَلَّةِ الْحَبْسِ عَقَارًا وَإِلَّا اشْتَرَى ذَلِكَ حَيْثُ وُجِدَ فِي حَبْسِهِ رَيْعٌ زَائِدٌ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا بَلْ قَدْ يُقَالُ يَشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ حَيْثُ وُجِدَ رِيعٌ لِلْوَقْفِ لِأَنَّ وَقْفَ الرِّيعِ قَدْ يُؤَدِّي لِضَيَاعِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا أَحَدٌ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَيُنَافِي التَّعْمِيمَ (قَوْلُهُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ الْحَاجُّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِدُونِ ابْنِ وَلَعَلَّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِّ أَنَّهُ إذَا كَانُوا مُعَيَّنِينَ حُكْمُ الْوَقْفِ حُكْمُ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَتُقَوَّمُ الْأُمُّ بِدُونِ مَالِهَا وَكَذَا الْوَلَدُ يُقَوَّمُ بِدُونِ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْوَلَدِ أَيْضًا وَقِيلَ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي وَلَدِهَا (قَوْلُهُ غَيْرُ جَيِّدٍ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَوْ عَقْدِ حُرِّيَّةٍ أَيْ اُسْتُحِقَّتْ إمَّا بِرِقٍّ خَالِصٍ أَوْ عَقْدِ حُرِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فَإِنْ كَانَ وَلَدُهَا رَقِيقًا بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا الْمُشْتَرِي لَهَا أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا الْعَبْدِ فَيَأْخُذُهُ وَيَأْخُذُهَا فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ مُدَبَّرَةً بَعْدَمَا أَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي أَخَذَ مُسْتَحِقُّهَا ثَمَنَهَا لَا قِيمَتَهَا وَلَا قِيمَةَ وَلَدِهَا قِنَّيْنِ وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ لِأَنَّ أُمُومَةَ الْوَلَدِ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ لِعِتْقِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ دُونَهُ اُنْظُرْ عب إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ هَذَا الْجَوَابِ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ إلَخْ لِأَنَّهُ فِي الْحَالَةِ هَذِهِ يَغْرَمُ الثَّمَنَ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَاصِبًا) الْمُبَالَغَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ إذْ الْغَاصِبُ أَحَقُّ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ هَكَذَا اعْتَرَضَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَرَأَيْتُ بَعْضَ شُيُوخِنَا قَالَ إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الْقِيمَةِ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ لِكَوْنِهَا هِيَ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ وَلَا يُنَافِي أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْغَاصِبِ يَعْنِي يَأْخُذُ مِنْهُ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَمْ لَا يُخَصُّ بِمَا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى وَاضِحٌ وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ إنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَعِبَارَةُ شب غَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَنَصُّهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَرْجِعُ رَبُّهَا عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ كَمَا هُوَ قَاعِدَةٌ إلَخْ وَالْبَائِعُ هُنَا الْغَاصِبُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ دِينَارًا فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا عُهْدَةَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ بِهِ كَمَا إذَا دَفَعَ عَبْدًا فِي قَمْحٍ مَثَلًا فَلَا عُهْدَةَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ يُطْلَبُ فِيهِ التَّخْفِيفُ فِيمَا يُدْفَعُ فِيهِ أَوْ بِهِ. (ص) أَوْ قَرْضٍ (ش) يَعْنِي لَا عُهْدَةَ فِي الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ الْمَدْفُوعِ قَرْضًا أَوْ الْمَأْخُوذِ عَنْ قَضَائِهِ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ مَأْخُوذٌ عَنْ دَيْنٍ وَبِعِبَارَةٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ فَإِذَا اقْتَرَضَ رَقِيقًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ فِي الْعُهْدَةِ إنْ لَوْ كَانَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرِضُ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ. (ص) أَوْ عَلَى صِفَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ الرَّقِيقُ غَائِبًا فَاشْتَرَاهُ شَخْصٌ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَرْئِيِّ وَبِخِلَافِ الْمَبِيعِ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سُقُوطِهَا فِي الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ قَوْلَا سَحْنُونَ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ أَصْبَغَ وَهَذَا إذَا انْتَقَدَ وَإِلَّا سَقَطَتْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ ابْنُ رُشْدٍ وَالْعُهْدَةُ فِي الْإِقَالَةِ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُرَابَحَةِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا قَوْلًا وَاحِدًا. (ص) أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٍ أَوْ مَبِيعٍ عَلَى كَمُفْلِسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَخَذَ رَقِيقًا عَمَّا فِي ذِمَّةِ مُكَاتِبِهِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَعَ زِيَادَةِ التَّسَاهُلِ وَالْعُهْدَةُ رُبَّمَا أَدَّتْ لِعَجْزِهِ فَيُرَقُّ وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِيمَنْ بَاعَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُفْلِسِ لِأَجَلِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ أَوْ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ غَائِبٍ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ كَمَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فِيمَا وَجَدَ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْقَدِيمَةِ كَمَا مَرَّ. (ص) أَوْ مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ الْمُشْتَرَى عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلِأَنَّهُ يَتَسَاهَلُ فِي ثَمَنِهِ لَا أَنَّهُ أَوْصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ لِأَنَّ هَذِهِ سَتَأْتِي وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِي الرَّقِيقِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ أَعَمَّ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْقَرْضِ الْمَرْدُودِ لِشُمُولِهِ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ أَوْ مَأْخُوذٌ عَنْ دَيْنٍ أَيْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ بَلْ عَنْ وَجْهِ الْبَيْعِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِطْلَاقُ وَعَلَيْهِ قَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِي ذَلِكَ اتِّفَاقًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. (ص) أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ وِرْثٍ أَوْ وَهْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الرَّقِيقِ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ فَلَا عُهْدَةَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَلٌّ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ لَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَمِثْلُهُ الْمَرْدُودُ بِالْإِقَالَةِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ وَخُصَّ بَعْضُهُمْ رَقِيقٌ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ الرَّقِيقُ الْمَوْرُوثُ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إرْثٌ أَمْ لَا وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْوَارِثِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا حَدَثَ وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ لِلْمَوْهُوبِ عَلَى الْوَاهِبِ لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ وَأَحْرَى هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ. (ص) أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ لِلزَّوْجِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَعَدَمِ الْوَحْشَةِ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا فَلَهَا عَلَى بَائِعِهِ الْعُهْدَةُ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ وَهُوَ لَا يَطَؤُهَا   [حاشية العدوي] الْعُهْدَةَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ (قَوْلُهُ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي إلَخْ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ قَرْضٌ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ غَيْرَهُ) وَلَوْ قُلْنَا بِالْعُهْدَةِ لَجَازَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ) أَيْ فِي الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ مِنْهُ أَيْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ أَقِلْنِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ بِالسُّقُوطِ وَقَوْلُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مَعَ أَصْبَغَ رَاجِعٌ لِلْمُقَابِلِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ) أَيْ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَالْعُهْدَةُ جَزْمًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الشُّفْعَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الْإِقَالَةِ فَسْخًا - أَيْ إقَالَةِ مُشْتَرِي شِقْصِ الدَّارِ مِنْهَا - يُفِيدُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ حِينَئِذٍ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ يَأْتِي يَقُولُ إنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَالْمُرَابَحَةُ أَيْ فَإِذَا كَانَ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً بِدُونِ بَيَانٍ إلَّا عَلَى الْعَشَرَةِ أَيْ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ بِدُونِ بَيَانٍ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ التَّسَاهُلِ إلَخْ) إنَّمَا زَادَهُ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَخْ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَأَفْهَمَ أَنَّ الْمُقَاطَعَ بِهِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ مِثْلَهُ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَلَمَّا زَادَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ خَرَجَ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ التَّسَاهُلَ خَاصٌّ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى سَفِيهٍ) أَيْ لِأَجْلِ دَيْنٍ أَوْ إنْفَاقٍ وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ لِدَيْنٍ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فِيهِ الْعُهْدَةُ وَلِذَلِكَ قَالَ عب فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الصُّلْحِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ لَكِنْ نَصَّ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ يُفِيدُ أَنَّ مَا أُخِذَ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ فِيهِ الْعُهْدَةُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَنْ دَيْنٍ مُعَيَّنٍ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ عَلَى إنْكَارٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَلِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَا أُخِذَ عَنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ الْعُهْدَةُ وَعَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ (أَقُولُ) وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِيمَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ مُوَافَقَةَ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَيُنَاقِضُ كَلَامَهُ هُنَا فَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَمَّا عَلَى الْإِقْرَارِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَوْ الْمُبَايَعَةِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَحِينَئِذٍ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 هُوَ الْمُكْرِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ قِيمَةُ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ لِأَنَّ الْمُكْرِيَ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ النُّقْضَ إنْ وَجَدَهُ أَوْ ثَمَنَهُ إنْ بَاعَهُ. (ص) كَسَارِقِ عَبْدٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَرَقَ عَبْدًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ فَأَفَاتَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوِّتَاتِ فَأَبْرَأَ الْمَالِكُ ذِمَّةَ السَّارِقِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ مُسْتَحِقَّهُ يَتْبَعُ السَّارِقَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لَهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْ ذِمَّةَ السَّارِقِ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي وَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُبَرِّئِ وَإِنَّمَا رُجُوعُهُ عَلَى السَّارِقِ. (ص) بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِيَ حُرِّيَّةٍ إلَّا الْقَلِيلَ (ش) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ غَلَّتُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَزَلَ فِي بَلَدٍ فَادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ فَعَمِلَ لِشَخْصٍ عَمَلًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَبُّهُ بِالْمِلْكِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِجَمِيعِ أَجْرِهِ وَغَلَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ كَقَضَاءِ حَاجَةٍ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ أَوْ سَقْيِ دَابَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا عَلَى الْأَصَحِّ وَظَاهِرُهُ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَلَوْ قَبَضَهَا وَأَتْلَفَهَا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الْأَقْيَسَ الْغُرْمُ مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّ نَفَقَتَهُ تُحْسَبُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْغَلَّةِ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ نَقَصَتْ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَسَيَأْتِي أَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إنَّمَا هِيَ النَّفَقَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ أَيْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ. (ص) وَلَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا شَخْصٌ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَهْدِمَ الْبِنَاءَ أَيْ لَهُ طَلَبُ الْبَانِي بِأَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَهُ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا وَإِذَا هَدَمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَوْ أَخَذَ قِيمَتَهُ كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا لِلْحَبْسِ وَسَوَاءٌ بَنَى بِوَجْهِ شُبْهَةٍ أَوْ غَصْبٍ وَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدٌ أَوْ يُنْتَفَعُ بِهِ نَعَمْ إنْ غَيَّرَ صُورَتَهُ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. (ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْبَيْعِ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَتَلِفَ بَعْضُهُ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ فَذَكَرَهَا هُنَاكَ بِطَرِيقِ الِاسْتِطْرَادِ وَهُنَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلَعًا مُتَعَدِّدَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ انْتَقَضَتْ مِنْ أَصْلِهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى التَّقْوِيمِ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الصَّفْقَةِ عَلَى بَائِعِهَا بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّفْقَةِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْعَيْبِ أَيْ إذَا ظَهَرَ بِهِ   [حاشية العدوي] حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ هَدَمَهُ تَعَدِّيًا (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنَهُ إنْ بَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ أَقْوَى مِنْ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ يُخَيَّرُ مَعَهُ دُونَ الْمُكْرِي وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا لَهُ ثَمَنُهُ إذَا فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْأَخِيرُ فِيهِ وَفِي ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَأَفَاتَهُ بِوَجْهٍ إلَخْ) هَذَا يُبْطِلُ كَوْنَهُ تَامًّا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَسَارِقِ عَبْدٍ مِنْ الْمَالِكِ لَهُ بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ذِي شُبْهَةٍ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَرْجِعُ بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَسَوَاءٌ أَبْرَأهُ الْمَالِكُ أَمْ لَا وَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُنَاسِبُ لَصْقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ إذَا نَزَلَ فِي بَلَدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا قَدْ أَبَقَ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيِّدُ مَا فِي بَابِ الْقَسَمِ مِنْ فَوَاتِ خِدْمَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ حَيْثُ أَبَقَ بِمَا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ أَجْرِهِ وَغَلَّتِهِ) الْأَجْرُ وَالْغَلَّةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ إنْ قَبَضَ الْأُجْرَةَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ إجَارَةِ الْأَجْرِ وَأَخْذِهِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَخْذِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ عَمَلِهِ إذَا كَانَ قَائِمًا وَأَمَّا إنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ الْغُرْمُ مُطْلَقًا) طَالَتْ إقَامَتُهُ أَمْ لَا وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا غُرْمَ إذَا طَالَتْ إقَامَتُهُ وَاسْتَفَاضَتْ حُرِّيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ غَرِمَ دَافِعُ الْأُجْرَةِ ثَانِيَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ مَعْنَاهُ طَالَتْ إقَامَتُهُ أَمْ لَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْأَصَحُّ الْمُتَقَدِّمُ خَارِجٌ عَنْ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ) وَلَوْ صَلَّى فِيهِ وَلَوْ اشْتَهَرَ بِالْمَسْجِدِيَّةِ وَلَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا) أَيْ وَلِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ وَإِذَا هَدَمَهُ) أَيْ الْبَانِي (قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ) فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي حَبْسٍ مُطْلَقًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَجْعَلُ النُّقْضَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَوْضِعِ مَسْجِدٌ نَقَلَ ذَلِكَ النُّقْضَ إلَى أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْكِرَاءُ عَلَى نَقْلِهِ مِنْهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ أَخَذَهُ فِي كِرَائِهِ تَمَلُّكُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ قِيمَتَهُ) أَيْ فَلَوْ أَخَذَ الْبَانِي قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ قِيمَتَهُ كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا لِلْحَبْسِ) أَيْ كَانَ الْبَانِي بَائِعًا لِلْحَبْسِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لَا يَرْجِعُ الْبَانِي بِقِيمَةِ نُقْضِهِ وَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا) أَيْ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إمَّا أَنْ يُبْقِيَهُ مَسْجِدًا وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ الْبَانِي بِهَدْمِهِ وَإِمَّا أَنْ يُغَيِّرَ مَعَالِمَهُ وَيَجْعَلَهُ مَوْضِعًا لِمَتَاعِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مَوْضِعًا لِمَتَاعِهِ بِدُونِ تَغْيِيرٍ وَإِذَا أَمَرَهُ بِهَدْمِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْبِنَاءِ بَيْعُهُ وَلَا أَخْذُ قِيمَتِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَيْ يُصْلِحُ بِهِ مَسْجِدًا آخَرَ فِي الْبَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ فَأَقْرَبُ مَسْجِدٍ مِنْ بَلَدٍ أُخْرَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا آخَرَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ السَّابِقُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيَّرَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ) صَادِقٌ بِالنِّصْفِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى التَّسْمِيَةِ) وَصَحَّتْ وَلَوْ سَكَتَ إلَّا إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ لِلتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ) أَيْ جُمْلَةً لِيَحْمِلَ بَعْضَهُ وَهُوَ مَا كَانَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ لَهُ أَوْ مَا سُمِّيَ قِيمَتُهُ لِمَا سُمِّيَ لَهُ (قَوْلُهُ بَعْضًا) أَيْ مِمَّا سُمِّيَ لَهُ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْعَيْبِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 عَيْبٌ قَدِيمٌ وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَعُ فِيهِ لِلتَّقْوِيمِ أَيْ إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مِمَّا لَا تُنْقَضُ بِهِ الصَّفْقَةُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَنْسَبُ لِأَنَّهَا نَصٌّ عَلَى الْمَقْصُودِ. (ص) وَلَهُ رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ اُسْتُحِقَّ أَفْضَلُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ بِمِلْكٍ أَوْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ بِوِلَادَةِ أَمَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَفْضَلُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى نِصْفِهَا فَاَلَّذِي فِي الْأُمَّهَاتِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَبْدِ الثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ إذْ لَا تُعْلَمُ حِصَّةُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْفَضِّ فَكَأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ لَفْظَةَ لَهُ تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا فَاتَ الْبَاقِي وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى. (ص) كَأَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ بِآخَرَ. وَهَلْ يُقَوَّمُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الصُّلْحِ أَوْ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِعَبْدٍ آخَرَ دَفَعَهُ لَهُ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا فَيُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا فَالْمَأْخُوذُ فِي الْعَيْبِ يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهَلْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ الْقَبْضِ أَوْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ بِآخَرَ بِلَا النَّافِيَةِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَسُّكُ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ هَذِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي وُجُوبِ الرَّدِّ إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَفْضَلُ وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخَرِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَوَّلُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ. (ص) وَإِنْ صَالَحَ فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ مُدَّعِيهِ رَجَعَ فِي مُقَرٍّ بِهِ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِشَيْءٍ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُصَالَحُ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ حِينَئِذٍ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ وَهُوَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَقَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ أَيْ مَنْ وَقَعَ فِي خُصُومَةٍ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَاسْتُحِقَّ تُسَمَّى الْفَاءَ الْفَصِيحَةَ عَاطِفَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ ثُمَّ طَرَأَ اسْتِحْقَاقٌ وَيُرَادُ بِهِ هُنَا اسْتِحْقَاقُ مُجْمَلٍ عُطِفَ عَلَيْهِ الْمُفَصَّلُ وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ جُمْلَةِ شِرَاءِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ وَقَوْلُهُ مُدَّعِيهِ أَيْ مُدَّعِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَمَا بِيَدِهِ هُوَ الْمُصَالَحُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ أَيْ فِي مُقَابِلِ عِوَضِهِ لِأَنَّ عِوَضَ الْمُقَرِّ بِهِ هُوَ الْمُصَالَحُ بِهِ وَقَدْ اُسْتُحِقَّ فَالرُّجُوعُ فِيهِ مُحَالٌ وَلَا يُقَدَّرُ قِيمَةُ عِوَضِهِ لِئَلَّا يَخْرُجَ الْمِثْلِيُّ وَلَا مِثْلُ عِوَضِهِ لِئَلَّا يَخْرُجَ الْمُقَوَّمُ فِيمَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُقَابِلٌ، وَمُقَابِلُ   [حاشية العدوي] فَالِاسْتِحْقَاقُ كَالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَنْسَبُ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ) بِخِلَافِ نُسْخَةِ فَكَالْبَيْعِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَصًّا فِي الْمَقْصُودِ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ فَيَقُولُ فَكَالْمَبِيعِ الْمَعِيبُ. (قَوْلُهُ وَلَهُ رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ بِضَرُورِيَّةِ الذِّكْرِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ بَيْعُ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا فَاتَ الْبَاقِي) فِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَأَيْضًا إذَا فَاتَ الْبَاقِي لَمْ يَبْقَ مَا يَتَمَسَّكُ بِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ لِأَنَّ الثَّانِيَ عَابَهُ أَبُو عِمْرَانَ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ) أَيْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الْجُلِّ أَوْ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ) أَيْ طَلَبَ الصُّلْحَ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ طَلَبِهِ فَيَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَيْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا) قَالَ مُحَشِّي تت بَعْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا رَامَ اخْتِصَارَ الْمُدَوَّنَةِ فَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِبَارَةُ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَفِي قِيمَةِ عِوَضِهِ لَطَابَقَ قَوْلَهَا فَإِنْ فَاتَ بِتَغْيِيرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ أَخَذَ قِيمَتَهُ اهـ. وَلَمَّا نَقَلَ الْمَوَّاقُ لَفْظَهَا قَالَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ خَلِيلِ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ إنْ أَرَادَ بِعِوَضِهِ قِيمَةَ الْمُقَرِّ بِهِ الْفَائِتِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْمِثْلِ فَهَذَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَشْبِيهُ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِعِوَضِهِ عِوَضَ الْمُسْتَحَقِّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ وَلَكِنَّ تَشْبِيهَ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ بِهِ صَحِيحٌ اهـ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ أَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ تَنْوِيعِ الْمُسْتَحَقِّ إلَى كَوْنِهِ تَارَةً يَكُونُ بِيَدِ الْمُدَّعِي وَتَارَةً يَكُونُ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْفَاعِلُ وَاحِدًا مُعَيَّنًا وَإِذَنْ فَيَعُمُّ أَيْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الصُّلْحَ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ جُمْلَةِ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَيْ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ هِيَ أَنَّ الصُّلْحَ إمَّا عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ إقْرَارٍ ثُمَّ الْمُسْتَحَقُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا بِيَدِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ بِطَرَفَيْهَا فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي شِرَاءِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ قَطْعًا وَأَمَّا إحْدَى مَسْأَلَتَيْ الْإِقْرَارِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ خَارِجَةٌ أَيْضًا فَمَا بَقِيَ إلَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَتْمِيمِ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ فَمَا وَجْهُ إفْرَادِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ مُقَابَلَةُ عِوَضِهِ) لَا حَاجَةَ لَهُ لِأَنَّا نُرِيدُ بِعِوَضِهِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مَقَامَهُ وَهُوَ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 عِوَضِهِ هُوَ قِيمَةُ الْمُقَرِّ بِهِ أَوْ مِثْلِهِ. (ص) كَإِنْكَارِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ لَا إلَى الْخُصُومَةِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ فَأَنْكَرَهُ فِيهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِشَيْءٍ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُصَالَحُ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ مِنْ قِيمَةٍ وَمِثْلٍ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَفِي عِوَضِهِ بِتَقْدِيرِ مُصَافٍ أَيْ فَفِي قِيمَةِ عِوَضِهِ لَكِنْ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ يَرْجِعُ فِي قِيمَةِ عِوَضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَفِي الْمُشَبَّهِ يَرْجِعُ فِي عِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى جَعْلِهِ تَشْبِيهًا فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ بَلْ هُوَ تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ كَالْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِمَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْخُصُومَةِ لِأَجْلِ الْغَرَرِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَصِحُّ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ مِنْ مَعْلُومٍ وَهُوَ عِوَضُ الْمُصَالَحِ بِهِ إلَى مَجْهُولٍ. (ص) وَمَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي حَالَةِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى أَمَّا إنْ فَاتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا دَفَعَهُ لِلْمُدَّعِي إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ بَدَلُ قِيمَتِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ. (ص) وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ (ش) أَيْ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ لِعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِهِ وَأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ كَانَ ظُلْمًا. (ص) كَعِلْمِهِ صِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ شَخْصٍ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُبْتَاعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِمٌ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ فَعَلَى نُسْخَةٍ الْكَافُ تَكُونُ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً وَيَكُونُ سَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الْأُولَى لِوُضُوحِهِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ لِعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ أَيْ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ اللَّامِ. (ص) لَا إنْ قَالَ دَارِهِ (ش) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ أَيْ لَا إنْ أَتَى بِلَفْظٍ لَا يُشْعِرُ بِعِلْمِ مِلْكِ بَائِعِهِ بِأَنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ فِي الْوَثِيقَةِ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ دَارِهِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ أَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ مَثَلًا دَارُ الْبَائِعِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ح أَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَاعِ يَمْنَعُ رُجُوعَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (ص) وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ أَوْ قِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَاوَضَ عَلَى عَرْضٍ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ تَفْصِيلِيَّةٌ فَقَوْلُهُ وَفِي عَرْضٍ مُتَعَلَّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَفِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَإِنْكَارِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ) وَمُقَابِلُهُ أَنْ يَرْجِعَا لِلْخُصُومَةِ قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعِي وَالصُّلْحُ عَلَى إنْكَارِ أَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِلْخُصُومَةِ وَقَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ ابْنُ أَخِي هِشَامٍ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَفِي عِوَضِهِ إلَخْ) فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ وَقَدْ قَرَّرَ فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ قَائِلًا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَا إلَى الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْجِعْ لِلْخُصُومَةِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِعِوَضِ الْمَصَالِحِ بِهِ وَكَذَلِكَ الطِّخِّيخِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وتت جَعَلُوهُ تَشْبِيهًا فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ عِوَضِ الْمَصَالِحِ عَنْهُ) أَيْ فِي قِيمَةٍ هِيَ عِوَضُ الْمَصَالِحِ عَنْهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَدَّرَ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِوَضِ هُوَ تِلْكَ الْقِيمَةُ (أَقُولُ) بَقِيَ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لِعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِهِ) فِيهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ لَا يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ اللَّامِ) لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى نُسْخَةِ اللَّامِ أَنَّ الْإِقْرَارَ مُطْلَقًا لَا يَتَضَمَّنُ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ دَارِهِ فَيُقَيِّدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مُشْتَمِلًا عَلَى صِحَّةِ مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ حَاصِلُ كَلَامِهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ قَوْلِ الْمُوثَقِ وَقَوْلِهِ الْمُبْتَاعِ فَقَوْلُ الْمُبْتَاعِ يَمْنَعُ وَقَوْلُهُ الْمُوثَقُ لَا يَمْنَعُ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَقَالَ عج أَيْ لَا إنْ قَالَ الْمُبْتَاعُ مَثَلًا دَارُ الْبَائِعِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ رُجُوعَهُ بِالثَّمَنِ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَأَوْلَى إذَا قَالَ ذَلِكَ الْمُوَثِّقُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ح أَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَاعِ يَمْنَعُ رُجُوعَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ عج عَدَمُ التَّفْرِقَةِ خِلَافُ مَا فِي ح وَإِنَّمَا قُلْنَا مُقْتَضَاهُ أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النُّقُولَ الَّتِي سَاقَهَا مَا نَصُّهُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ قَالَ دَارِهِ لَا إنْ قَالَ الْمُوَثِّقُ فِي الْوَثِيقَةِ دَارِهِ أَوْ الدَّارَ الَّتِي لَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَعَنَى إقْرَارَ الْمُبْتَاعِ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ فَلَوْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ فِيهَا إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِصَحَّحَ أَوْ عَمِلَ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ فَلَوْ أَشَارَ إلَخْ أَيْ وَيَكُونُ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَصَحُّ عَدَمُ الرُّجُوعِ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ قَيَّدَ عَلَى ك فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُ عب وَمُقْتَضَى الْحَطَّابِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ بِلَا النَّافِيَةِ وعب تَبِعَ عج فِي دَعْمِ التَّفْرِقَةِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فعج تَابِعٌ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ شَارِحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْحَطَّابُ تَابِعٌ لِلْمُتَيْطِيِّ وَكَلَامُ اللَّقَانِيِّ يُفِيدُ ارْتِضَاءَهُ وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِكَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ لِمَا فِي عب حَيْثُ قَالَ لَا بِمُجَرَّدِ تَصْرِيحِهِ بِالْمِلْكِ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ أَعْنِي دَارِهِ مِنْ بِنَاءِ آبَائِهِ أَوْ مِنْ بِنَائِهِ قَدِيمًا فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ إذَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ كَمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ خِلَافًا لِتَصْحِيحِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الرُّجُوعِ أَيْضًا انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ قَاصِرٌ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيمَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَضْمُونًا) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ لِأَنَّهُ فِي الْمَضْمُونِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ فَالْمُنَاسِبُ آخِرُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَا يُفِيدُ دَعْوَاهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 اسْتِحْقَاقِ عَرْضٍ قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَالنَّقْدُ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَرْضِ هُنَا كَالْحُلِيِّ، قَوْلُهُ وَفِي عَرْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمِثْلُ مُطْلَقًا. (ص) إلَّا نِكَاحًا وَخُلْعًا وَصُلْحَ عَمْدٍ وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عُمْرِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَا يَرْجِعُ فِيهَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ عِوَضِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا نَكَحَ امْرَأَةً بِعَبْدٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ نَحْوِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ مَا ذَكَرَ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا وَهُوَ الْبُضْعُ أَوْ قِيمَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَتْهُ بِمَا ذَكَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ أَوْ قِيمَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ إذَا صَالَحَتْ بِشَيْءٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَاطَعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِعَبْدٍ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى عَبْدِهِ الَّذِي قَاطَعَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الْقَطَاعَةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي الْعِتْقِ وَأَمَّا مُقَاطَعَتُهُ بِعَبْدٍ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يَرْجِعُ عَلَى عَبْدِهِ بِشَيْءٍ إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ وَالْعِتْقُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مَالٌ انْتَزَعَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَلَوْ قَاطَعَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ يَأْتِي بِهِ فَأَتَى بِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَى عَبْدِهِ بِمِثْلِهِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا قَاطَعَهُ سَيِّدُهُ عَلَى عَبْدٍ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فِي نَظِيرِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَكَاتِبِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْمَرَ دَارِهِ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ إنَّ رَبَّ الدَّارِ صَالَحَ الْمُعْمَرِ عَلَى عَبْدٍ دَفَعَهُ رَبُّ الدَّارِ إلَيْهِ فِي نَظِيرِ مَنْفَعَتِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُعْمَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهِيَ مَنَافِعُ الدَّارِ وَلَا بِعِوَضِ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَوَرَثَةُ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ تَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فِي جَوَازِ مُعَاوَضَتِهِمْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّ مَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَهِيَ الْخُلْعُ وَالنِّكَاحُ وَصُلْحُ الْعَمْدِ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَالْقَطَاعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْعُمْرَى وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَخَذَ فِيهَا بِالشُّفْعَةِ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ وَحُكْمُهُمَا كَالِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الصُّوَرَ الْجَارِيَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إحْدَى وَعِشْرُونَ قَائِمَةٌ مِنْ ضَرْبِ السَّبْعِ فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ الِاسْتِحْقَاقُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي بَابِ الصُّلْحِ نَظْمًا وَنَثْرًا. (ص) وَإِنْ أُنْفِذَتْ وَصِيَّةُ مُسْتَحِقٍّ بِرِقٍّ لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ وَحَاجٌّ إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ وَأَخَذَ السَّيِّدُ مَا بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ بِالثَّمَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَأُنْفِذَتْ وَصَايَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِرِقٍّ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ وَرِثَ الْوِرَاثَاتِ وَشَهِدَ الشَّهَادَاتِ وَوَلِيَ الْوِلَايَاتِ وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الرِّقِّ وَلَا اُرْتِيبَ فِي دَعْوَاهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ وَصَايَا الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ إذَا أَصْرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ لَمْ يَضْمَنْ مَنْ حَجَّ عَنْهُ شَيْئًا مِمَّا أَصْرَفَهُ عَلَى كُلْفَةِ الْحَجِّ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ وَالْحَاجَّ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ مَالِ التَّرِكَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِتَصَرُّفِهِمَا فِي مَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا بَاقِي التَّرِكَةِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبِعْ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا وَإِنْ كَانَ بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوِّتَاتِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُهُ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ وَجَدَهُ عَدِيمًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ بِيعَ وَفَاتَ بِزَوَالِ عَيْنِهِ أَوْ تَغَيَّرَ صِفَتُهُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا الثَّمَنُ يَأْخُذُهُ مِمَّنْ بَاعَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ رَاجِعٌ لِلْوَصِيِّ وَلِلْحَاجِّ مَعًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ تت الْكَبِيرِ وَالشَّارِحِ. (ص) كَمَشْهُودٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ) أَيْ فَيَشْمَلُ الْمِثْلِيَّ وَالنَّقْدَ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ كَالْحُلِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا نِكَاحًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ الْبُضْعِ وَالْعِصْمَةِ وَالْجِرَاحَةِ عِوَضًا يُعْلِمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ) إطْلَاقُ الْقِطَاعَةِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ مُقَاطَعٌ بِهِ عَنْ مُكَاتَبٍ أَوْ عَبْدٍ وَيَكُونُ صَدَّرَ أَوَّلًا بِلَفْظِ الْقِطَاعَةِ حَقِيقَةً ثُمَّ أَتَى بِلَفْظِ الْقِطَاعَةِ مَجَازًا لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الثَّوَانِي مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَوَائِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْبُضْعُ أَوْ قِيمَتُهُ) قِيمَةُ الْبُضْعِ صَدَاقُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتُهَا) أَيْ الْعِصْمَةِ وَقِيمَتُهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ) أَيْ إذْ لَا قَدْرَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَاطَعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ) أَيْ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُكَاتَبِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْمَرَ دَارِهِ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً) لَمْ يُقَيِّدْ اللَّقَانِيِّ الْعُمْرَى بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ رَأَيْت مِنْ الشُّرَّاحِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ أَنْ يُصَالِحَ الْمُعْمَرَ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى عَبْدٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّ الْعُمْرَى مَجْهُولَةٌ مُغَيَّاةٌ بِحَيَاةِ الْمُعْطِي فَاغْتُفِرَ لِذَلِكَ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَيْ قَهْرًا عَنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا بِالِاخْتِيَارِ فَيَجُوزُ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَقَوْلُهُ نَظْمًا وَنَثْرًا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ) أَيْ صَرْفَ الْمَالِ فِيمَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يَصْرِفْهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ وَوَلِيَ الْوِلَايَاتِ) كَأَنْ جَعَلَ وَلِيَّ امْرَأَةٍ فِي نِكَاحٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الرِّقِّ) أَيْ فَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ أَوْ وَصِيُّهُ وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَاجُّ عَيَّنَهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 بِمَوْتِهِ إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُدُولَ إذَا شَهِدُوا بِمَوْتِ شَخْصٍ وَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا فَإِنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ بِأَنْ رَأَوْهُ مَصْرُوعًا عَلَى مَعْرَكَةِ الْقَتْلَى فَظَنُّوا أَنَّهُ مَيِّتٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ لَهُ مَا أُعْتِقَ مِنْ عَبِيدِهِ وَمَا وَجَدَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا وَمَا وَجَدَهُ قَدْ بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ يَأْخُذُهُ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ وَجَدَهُ مُعْدَمًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا وَجَدَهُ قَدْ بِيعَ وَفَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ بِتَغَيُّرِ حَالِهِ فِي بَدَنِهِ أَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ يَأْخُذُهُ مِمَّنْ بَاعَ ذَلِكَ (ص) وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ لَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَتُهُ فَالْمُتَصَرِّفُ كَالْغَاصِبِ قُرْبَ الْمَتَاعِ بِالْخِيَارِ حِينَئِذٍ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ مَتَاعُهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مَتَاعَهُ حَيْثُ كَانَ مَجَّانًا فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ لِأَنَّ حُكْمَ مَنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ مَتَاعِهِ حُكْمُ الْغَاصِبِ وَتُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا زَوْجٌ آخَرُ فَإِنْ قِيلَ الْبَيِّنَةُ فِي حَالِ الْعُذْرِ مِنْ الْبَيِّنَاتِ الْعَادِلَةِ وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِمَوْتِ شَخْصٍ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّهَا تَفُوتُ بِدُخُولِهِ بِهَا كَمَا مَرَّ فِي آخَرِ بَابِ الْفَقْدِ حَيْثُ قَالَ عَاطِفًا عَلَى مَا لَا يَفُوتُ فِيهِ بِالدُّخُولِ أَوْ شَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ لَفَاتَتْ بِالدُّخُولِ قُلْت لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا لَمْ تَجْزِمْ بِمَوْتِهِ وَأَيْضًا لَا تَخْلُو مِنْ نَوْعِ تَفْرِيطٍ فَلِذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا كَالْعَدَمِ بِخِلَافِهَا هُنَاكَ. (ص) وَمَا فَاتَ فَالثَّمَنُ كَمَا لَوْ دَبَّرَ أَوْ كَبُرَ صَغِيرٌ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ لَمْ يَفُتْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ " إلَّا " أَيْ وَمَا فَاتَ مِنْ مَتَاعِ الْمَعْرُوفِ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ الْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ حَيْثُ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ كَمَا لَوْ دَبَّرَ الْمُشْتَرِي عَبْدًا اشْتَرَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ كَبُرَ صَغِيرٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ الثَّمَنَ مِمَّنْ تَوَلَّى ذَلِكَ كُلَّهُ وَأَمَّا مَا بَعْدَ " إلَّا " فَيَرْجِعُ فَاتَ أَمْ لَا وَلِهَذَا قَالَ فَكَالْغَاصِبِ. [بَاب الشُّفْعَة] (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الشُّفْعَةَ وَمَا تَثْبُتُ فِيهِ وَمَا لَا تَثْبُتُ فِيهِ وَهِيَ بِضَمِّ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ يَضُمُّ مَا شَفَعَ فِيهِ إلَى نَفْسِهِ فَيَصِيرُ شَفْعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ وَتْرًا وَالشَّافِعُ هُوَ الْجَاعِلُ الْوَتْرَ شَفْعًا وَالشَّفِيعُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ فَهِيَ لُغَةً مُشْتَقَّةٌ مِنْ الشَّفْعِ، ضِدُّ الْوَتْرِ، وَفِي الشَّرْعِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ (ش) إلَخْ الْقَرِيبُ مِنْ تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ   [حاشية العدوي] وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ وَلَا بُدَّ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَحَاجٌّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ كَمَا قَرَّرْنَا لَا الْمَيِّتُ وَإِنْ شَمِلَ ظَاهِرُهُ الْأَمْرَيْنِ وَعَلَيْهِ تت وَيُحْمَلُ عَلَى تَعْيِينِ الْوَصِيِّ وَيَصِيرُ لِقَوْلِهِ وَحَاجٌّ بِالنَّظَرِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ مَعْنًى وَوَاقِعٌ فِي مَحَلِّهِ خِلَافًا لِظَنِّ خِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَا وَجَدَهُ قَدْ بِيعَ إلَخْ) أَيْ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَكَانَتْ بِيَدِ الْوَصِيِّ لَمْ تَفُتْ فَإِنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَصَرِّفُ كَالْغَاصِبِ) أَيْ فَيَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ تَلِفَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَلَوْ أَصْرَفَ فِيمَا أَوْصَى فِيهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْحَاجِّ أَيْضًا وَكُلٌّ مِنْ الْوَصِيِّ وَالْحَاجِّ غَرِيمٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَ مَنْ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ وَتُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ عج وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ كَلَامٌ لَا صِحَّةَ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ شَهَادَةُ غَيْرِ عَدْلَيْنِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ غَيْرُ عَدْلَيْنِ بِمَوْتِ إنْسَانٍ ثُمَّ اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ فُسِخَ النِّكَاحُ لِأَجْلِ كَوْنِهِمَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ ثُمَّ ثَبَتَ الْمَوْتُ فَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ نِكَاحَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهُ صَحِيحٌ وَأَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ وَافَقَتْ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّ دُخُولَ الثَّالِثِ لَا يُفِيتُهَا عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالْمَوْتِ شَهَادَةً قَطْعِيَّةً وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ حَيَاةُ مَنْ شُهِدَ بِمَوْتِهِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا لَمْ تَجْزِمْ بِمَوْتِهِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ جَزَمَتْ بِمَوْتِهِ لَا يُفْسَخُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ بَلْ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَيْثُ ثَبَتَ حَيَاتُهُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَقْدِ وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ إلَخْ (بَابُ الشُّفْعَةِ) (قَوْلُهُ وَإِسْكَانُ الْفَاءِ) عِبَارَةُ شب بِسُكُونِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الضَّمَّ سَبْقُ قَلَمٍ وَذَكَرَ النُّصُوصَ (قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزِّيَادَةِ) أَيْ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ إلَى نَفْسِهِ أَيْ حِصَّةِ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ فَيَصِيرُ شَفْعًا أَيْ مَا يَضُمُّهُ (قَوْلُهُ فَهِيَ لُغَةً) تَوْطِئَةٌ لِبَيَانِهَا شَرْعًا وَكَأَنَّهُ قَالَ فَهِيَ كَمَا قُلْنَا لُغَةً مُشْتَقَّةٌ مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوَتْرِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا يَكُونُ جَعْلُ الشَّفِيعِ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ لَا بِمَعْنَى ضِدِّ الْوَتْرِ فَيَتَنَافَى الْكَلَامُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّسَامُحِ وَالْحَقِيقَةُ هَذَا (قَوْلُهُ الْقَرِيبُ مِنْ تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَعْرِيفَ ابْنِ الْحَاجِبِ بَلْ قَرِيبٌ مِنْهُ وَقَدْ عَرَّفَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ أَخَذَ الشَّرِيكُ حِصَّةً جَبْرًا بِشِرَاءٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ أَخْذَهَا لَا مَاهِيَّتَهَا وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مُعْرِضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا وَالْمَعْرُوضُ لِشَيْئَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لَيْسَ هُوَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ أَيْ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ هِيَ اسْتِحْقَاقُ الْأَخْذِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالتَّرْكِ لِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ وَأَنْ يَتْرُكَ فَالْأَخْذُ وَالتَّرْكُ عَارِضَانِ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ هِيَ الْأَخْذُ لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ وَهُوَ الْأَخْذُ وَالتَّرْكُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ وَهُوَ الْأَخْذُ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يُطَلِّقُونَهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ كَقَوْلِهِمْ أَسْقَطَ فُلَانٌ شُفْعَتَهُ أَوْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ أَوْ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَعَلَى الْأَخْذِ وَعَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 عَلَيْهِ وَعَرَّفَهَا بِقَوْلِهِ اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَ مَبِيعَ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ إلَخْ قَوْلُهُ اسْتِحْقَاقُ صَيَّرَهُ جِنْسًا لِلشُّفْعَةِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ الْمَعْهُودُ وَهُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ لَا يَصِحُّ هُنَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْأَخْذِ بَلْ الْمُرَادُ الِاسْتِحْقَاقُ اللُّغَوِيُّ أَيْ طَلَبُ الشَّرِيكِ وَطَلَبُهُ أَعَمُّ مِنْ أَخْذِهِ فَمَاهِيَّةُ الشُّفْعَةِ إنَّمَا هِيَ طَلَبُ الشَّرِيكِ بِحَقِّ أَخْذِ مَبِيعِ شَرِيكِهِ فَهِيَ مَعْرُوضَةٌ لِلْأَخْذِ وَعَدَمِهِ وَلِهَذَا حُدَّتْ بِالِاسْتِحْقَاقِ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ قَابِلَةٌ لِلْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ آخِذٌ وَهُوَ الشَّفِيعُ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَشَيْءٌ مَأْخُوذٌ وَهُوَ الشِّقْصُ الْمُبْتَاعُ وَشَيْءٌ مَأْخُوذٌ بِهِ وَهُوَ الثَّمَنُ فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ أَخْذُ شَرِيكٍ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ إلَخْ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ عَقَارًا وَإِلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ بِمِثْلٍ إلَخْ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الشَّرِيكِ الشُّفْعَةَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ ذِمِّيًّا بَاعَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ إذَا كَانَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَبَاعَ الْمُسْلِمُ حِصَّتَهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ أَحْمَدَ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا شُفْعَةَ لِذِمِّيٍّ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ وَالْبَائِعُ مُسْلِمَيْنِ بَاعَ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ وَمَا إذَا كَانَا ذِمِّيَّيْنِ وَبَاعَ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ بَاعَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ وَأَحْرَى لِمُسْلِمٍ أَوْ بَاعَ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَالسَّابِعَةُ قَوْلُهُ كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ ذِمِّيًّا فَإِنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَحَاكَمَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي إلَيْنَا رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ تَحَاكَمُوا أَنَّ الْبَائِعَ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ مَعَ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ إنَّ فِي قَوْلِهِ تَحَاكَمُوا تَغْلِيبًا لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا أَسَاقِفَتِهِمْ وَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا اتَّفَقُوا فِي الدِّينِ أَوْ اخْتَلَفُوا وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ. (ص) أَوْ مُحْبِسًا لِيُحْبَسَ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِيهَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَبَسَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فِي الدَّارِ نَصِيبَهُ فَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وَلَا لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ   [حاشية العدوي] الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لَكِنَّ هَذِهِ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ اسْتِحْقَاقُ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِاقْتِضَائِهِ ثُبُوتَهَا فِي الْعُرُوضِ وَهِيَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَبِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ مَا يَكُونُ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ أَيْ أَوْ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ هُنَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْأَخْذِ) لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُقَالُ فِيهِ أَرَدْنَا مِنْهُ مَعْنًى آخَرَ إنَّمَا الْإِرَادَةُ مِنْ اللَّفْظِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالِاسْتِحْقَاقُ الْعُرْفِيُّ لَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا بَلْ الَّذِي يَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَبَ بَلْ الْمُرَادُ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ وَهُوَ الطَّلَبُ وَتَتِمَّةُ تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ بَعْدُ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ عَقَارًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَطَعَهُ وَهُوَ أَنَّهُ كُلَّمَا أَتَى رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ التَّعْرِيفِ اسْتَوْفَى شُرُوطَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَخَذَ شَرِيكٌ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ نَائِبُهُ لِأَنَّهُمْ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْأَبُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَرِيكًا إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ قُلْت التَّعْرِيفُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الْجَبْرِ وَقَدْ فَاتَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَخَذَ إذْ مَعْنَاهُ لَهُ الْأَخْذُ وَإِذَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ فَلَهُ أَنْ يُجِيرَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ شَرِيكٌ أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فَلَوْ كَانَ شَرِيكًا بِأَذْرُعٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَمَ بِهِ بِأَمْرِهِ وَأَثْبَتَهَا أَشْهَبُ فَإِنْ قُلْت كُلٌّ مِنْ الْجُزْءِ كَالثُّلُثِ وَالْأَذْرُعِ الْمَذْكُورَةِ شَائِعٌ فَالْجَوَابُ إنَّ شُيُوعَهُمَا مُخْتَلِفٌ إذْ الْجُزْءُ شَائِعٌ فِي كُلِّ جَزْءٍ وَلَوْ قَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَذْرُعُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَذْرُعُ خَمْسَةً مَثَلًا فَإِنَّمَا هِيَ شَائِعَةٌ فِي قَدْرِهَا مِنْ الْأَذْرُعِ لَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَأَقُولُ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى مُوَافَقَةِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَابَلُوا الشَّرِكَةَ بِالْجَارِ وَلَمْ يَحْتَرِزُوا عَنْ الشَّرِيكِ بِأَذْرُعٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي كَلَامِ أَشْهَبَ وَأَيْضًا الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ حَتَّى مَعَ صَاحِبِ الْأَذْرُعِ وَالْحَدِيثُ مَعَ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ فَبَاعَ الْمُسْلِمُ حِصَّتَهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ) الْأُولَى قَصْرُهُ عَلَى الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الذِّمِّيَّ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا فِي تت وَإِنْ كَانَ أَخْذُ الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ أَحْمَدَ) لَا يَخْفَى أَنَّ لَوْ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا شُفْعَةَ لِلنَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَيْنِ نَصْرَانِيَّانِ وَالْمُخَاصَمَةُ بَيْنَهُمَا فِي الشُّفْعَةِ لَا بِنَظَرِ الْقَاضِي فِيهَا. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِلْمُسْلِمِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الذِّمِّيُّ لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ أَوْ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ بَاعَ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ) هَاتَانِ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ وَبَاعَ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الذِّمِّيُّ لِذِمِّيٍّ فَهِيَ خَارِجَةٌ لِأَنَّهَا عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَذِمِّيَّيْنِ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَأَحْرَى لِمُسْلِمٍ) أَيْ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ وَصَارَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ذِمِّيَّيْنِ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنْ بَيْنِهِمَا أَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ ذِمِّيُّونَ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ (قَوْلُهُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ) بَلْ سَبْعٌ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ الَّذِي حَقُّهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ أَيْ فَمَادَّةُ التَّحَاكُمِ حَقِيقَتُهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي اثْنَيْنِ فَقَطْ فَاسْتُعْمِلَتْ فِي الثَّلَاثَةِ تَغْلِيبًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) مَعْنَى الْعِبَارَةِ وَيُخَيَّرُ الْحَاكِمُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الدِّينِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَقَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ ز نَظَرٌ أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ لَهُ الْحُكْمَ، وَعَدَمُهُ بَيْنَهُمَا إنْ اتَّفَقَا فِي الدِّينِ وَإِنْ اخْتَلَفَا لَزِمَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْجُمْلَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمُحْبَسَ فَيَجْعَلَهُ فِي مِثْلِ مَا جَعَلَ نَصِيبَهُ الْأَوَّلَ اهـ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لَمْ يُحْبَسْ كَأَنْ يُوقَفَ عَلَى عَشَرَةٍ حَيَاتَهُمْ أَوْ يُوقَفَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْجِعَ إذَا كَانَ لِلْغَيْرِ مِلْكًا أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا. (ص) كَسُلْطَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونَ فِي الْمُرْتَدِّ يُقْتَلُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ شَاءَ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا يُقَالُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُ مَنْ اشْتَرَى مِنْ شَرِيكِ الْمُرْتَدِّ عَلَى مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ مِلْكَهُ تَجَدَّدَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّ وَالسُّلْطَانُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُرْتَدِّ فِي ذَلِكَ. (ص) لَا مُحْبَسٍ عَلَيْهِ وَلَوْ لِيُحْبَسَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ يَأْخُذُ لِيَحْبِسَهُ مِثْلَ مَا حُبِسَ عَلَيْهِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشِّقْصِ الْمُحْبَسِ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِلتَّمْلِيكِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ اتِّفَاقًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُ الْحَبْسِ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ إلَّا فُلَانٌ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ. (ص) وَجَارٍ وَإِنْ مَلَكَ تَطَرُّقًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا مُحْبَسٍ عَلَيْهِ وَلَوْ لِيَحْبِسَ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَارَ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَوْ مَلَكَ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ لَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ الطَّرِيقَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَمَرٌّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَجَارٍ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرِيكٍ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ وَصْفٍ وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ. (ص) وَنَاظِرِ وَقْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ وَمِنْ هُنَا يُسْتَفَادُ أَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَنْقَاضِ حَيْثُ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ جَعَلَ لِلنَّاظِرِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنُظِرَ فِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ. (ص) أَوْ كِرَاءٍ (ش) أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي الْكِرَاءِ وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَكْتَرِيَ شَخْصَانِ دَارًا ثُمَّ يُكْرِيَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ. الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَيُكْرِي أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلَا ذِي كِرَاءٍ لِقُصُورِهِ عَنْ الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ وَعَدَمِهَا فِي الْكِرَاءِ فِي السُّكْنَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَلَّةُ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ الثِّمَارَ لَمَّا تَقَرَّرَ لَهَا وُجُودٌ فِي الْأَعْيَانِ وَنُمُوٌّ فِي الْأَبَدَانِ مِنْ الْأَشْجَارِ صَارَتْ كَالْجُزْءِ مِنْهَا فَأُعْطِيَتْ حُكْمَ الْأُصُولِ وَلَا كَذَلِكَ السُّكْنَى وَتَأَمَّلْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ فِي الْكِرَاءِ الشُّفْعَةَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَا يَنْقَسِمُ وَيُرِيدُ الشَّفِيعُ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (ص) وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَاظِرَ الْمِيرَاثِ فِي أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَلِيَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَسَكَتَ عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَعَدَمِ أَخْذِهِ أَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ. (ص) مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَيَجْعَلُهُ فِي مِثْلِ) أَيْ فَيَحْبِسُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا حُبِسَ فِيهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرٍو فَيَبِيعُ عَمْرٌو حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ فَيَأْخُذُ السُّلْطَانُ الْقَائِمُ مَقَامَ الْمُرْتَدِّ فَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْمُحْبَسِ أَيْ إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْأَخْذَ لِيُحْبَسَ أَيْ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى النَّاظِرُ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى النَّاظِرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَ انْتِفَاعًا) أَيْ بِأَنْ أَجَّرَهُ لَهُ أَوْ أَرْفَقَهُ إيَّاهُ (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الدَّارِ) أَيْ بِالطَّرِيقِ الَّتِي فِي الدَّارِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَنَاظِرُ وَقْفٍ) لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِيَحْبِسَ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ صُورَتُهَا دَارٌ نِصْفُهَا مَوْقُوفٌ وَعَلَيْهِ نَاظِرٌ وَالنِّصْفُ الْأُخَرُ مَمْلُوكٌ فَإِذَا بَاعَهُ صَاحِبُهُ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْأَخْذُ لِتِلْكَ الْحِصَّةِ الْمَمْلُوكَةِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إلَّا الْمَالِكُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ الْأَنْقَاضَ أَيْ يَأْخُذُهَا لِيَجْعَلَهَا فِي حَبْسٍ آخَرَ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْهَا لِلَّهِ وَأَمَّا النَّاظِرُ فَلَا يَأْخُذُهَا وَانْظُرْ مَا الَّذِي يَأْخُذُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْخُذُهَا الْقَاضِي يَجْعَلُهَا فِي حَبْسٍ آخَرَ وَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِيَحْبِسَهَا كَالْحِصَّةِ الْأُخْرَى لَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِلْوَرَثَةِ مِلْكًا أَوْ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ نَفْسَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَنُظِرَ فِي كَلَامِ ز) فَإِنَّ ز يَقُولُ جُعْلُ الْوَاقِفِ كَلَا جُعْلٍ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي شَرِيكَيْنِ أَكْتَرَيَا أَرْضًا ثُمَّ أَكْرَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَوْلَى بِهَا (قَوْلُهُ وُجُودٌ فِي الْأَعْيَانِ) أَيْ وُجُودٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ لِأَنَّ الثِّمَارَ قَائِمَةٌ بِذَاتِهَا وَقَوْلُهُ وَنُمُوٌّ فِي الْأَبَدَانِ أَيْ نُمُوٌّ نَاشِئٌ مِنْ الْأَشْجَارِ مُتَعَلِّقٌ بِبَدَنِ الثِّمَارِ أَيْ بِذَاتِ الثِّمَارِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَبِيعَ الثَّمَرُ وَحْدَهُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَتَأَمَّلْ مَا الْفَرْقُ) أَيْ إذَا بِيعَتْ الثِّمَارُ مَعَ الشَّجَرِ فَفِيهَا الشُّفْعَةُ بِخِلَافِ الزَّرْعِ إذَا بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ فَالشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ فَقَطْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثِّمَارَ جَزْءُ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَلَا كَذَلِكَ الزَّرْعُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ جَزْءٌ فَلِذَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ) هُوَ النَّاظِرُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْيَوْمَ بِالْقَسَّامِ وَالظَّاهِرُ الْأَخْذُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ الَّذِي تَجَدَّدَ مِلْكُهُ أَيْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَلَوْ مَلَكَا الْعَقَارَ مَعًا بِمُعَارَضَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ سَبْقِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا لِمِلْكِ الْآخَرِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمِلْكِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ (اللَّازِمُ) صِفَةٌ لِلْمِلْكِ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا لَوْ تَجَدَّدَ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ يُمْلَكُ غَيْرُ لَازِمٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَلُزُومِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ وَشِرَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ (اخْتِيَارًا) حَالٌ فَلَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ بَلْ بِالْجَبْرِ كَالْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ (بِمُعَارَضَةٍ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اخْتِيَارًا لَكِنْ لَا بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ بِهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِمُعَاوَضَةٍ الْبَيْعُ وَهِبَةُ الثَّوَابِ وَالْمَهْرُ وَالْخُلْعُ وَجَمِيعُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالصُّلْحُ وَلَوْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ. (ص) وَلَوْ مُوصٍ بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ جَزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَجْلِ أَنْ يُفَرَّقَ ثَمَنُهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُقْضَى لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْبَاجِيُّ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ أَشْرَاكٌ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الدَّارِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ بِهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ اهـ. وَقَالَ سَحْنُونَ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ فَقَوْلُهُ لِلْمَسَاكِينِ لَيْسَ صِلَةً لِبَيْعٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ أَيْ لِيُفَرَّقَ ثَمَنُهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ. (ص) لَا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جَزْءٍ (ش) أَيْ لَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِبَيْعِ جَزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمُوصِي قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (ص) عَقَارًا (ش) هَذَا مَنْصُوبٌ بِالْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِهِ أَخْذُ شَرِيكٍ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ وَالْعَقَارُ هُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِعَرْضٍ وَلَا بِحَيَوَانٍ إلَّا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي كَحَائِطٍ. (ص) وَلَوْ مُنَاقِلًا بِهِ (ش) الْمُنَاقَلَةُ هِيَ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ مِنْ شُرَكَائِهِ حَظَّهُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ بِحَظِّ صَاحِبِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ حَظُّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَبِعِبَارَةٍ وَهُوَ بَيْعُ الْعَقَارِ بِمِثْلِهِ وَيُصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا مَا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ وَلِشَخْصٍ آخَرَ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ أُخْرَى فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَإِنَّ لِشَرِيكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ وَيَخْرُجَا جَمِيعًا مِنْ الدَّارَيْنِ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ شَرْطَ الْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ قَبُولُهُ لِلْقَسْمِ بِقَوْلِهِ (إنْ انْقَسَمَ) أَيْ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ قَبِلَهُ بِفَسَادٍ كَالْحَمَّامِ فَلَا شُفْعَةَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ثَابِتٌ فِي الْعَقَارِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَمْ لَا كَالْحَمَّامِ وَالنَّخْلَةِ وَنَحْوِهِمَا وَعَمِلَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ وَعَمِلَ بِهِ (ش) وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهَا الْقَوْلَانِ فَلَوْ قَالَ وَفِيهَا أَيْضًا الْإِطْلَاقُ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ جَارٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ عَلَى غَيْرِهِ) حَالَ شِرَائِهِمَا وَأَمَّا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ زَمَن الْخِيَارِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَوْ مَآلًا أَيْ كَمَا سَيَقُولُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُبْتَاعِ (قَوْلُهُ عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ وَشِرَائِهِ) أَيْ فَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمَحْجُورِ مِلْكُهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْمُشْتَرِي الْمَحْجُورُ مِلْكُهُ غَيْرُ لَازِمٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ إلَخْ) وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ الشُّفْعَةَ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ وَقَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ (قَوْلُهُ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ) أَيْ وَالْمَيِّتُ إذَا بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَكَذَا وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ لَا أَخْذَ لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ مَعَهُمْ بَلْ مِلْكُهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِهِمْ (قَوْلُهُ لَيْسَ صِلَةً لِبَيْعٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ دَارِهِ لَهُمْ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُهَا مِنْهُمْ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ لِلشَّرِيكِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِشَخْصٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَشْمَلُ الْمَسَاكِينَ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ يُبَاعُ لَهُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ أَخَذَ وَإِلَّا نَقَصَ لَهُ ثُلُثُهَا فَإِنْ أَخَذَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا يُسْتَأْنَى ثُمَّ تَرْجِعُ مِلْكًا وَلَعَلَّ اعْتِبَارَ حَمْلِ الثُّلُثِ مِنْ حَيْثُ احْتِمَالُهُ لَأَنْ تُبَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ حَظُّهُ إلَخْ) عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثَالِثٌ شَرِيكًا لَهُمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْهَا إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذِهِ ثَالِثٌ وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُ فَفِيهِ ثَالِثٌ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ فَأَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ أَيْ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَقْسُومٌ بِالْفِعْلِ وَدَلَّ عَلَى مَا قَالَ إنْ شَرْطَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ) أَصْلًا أَيْ لَمْ يَقْبَلْ أَنْ يُقْسَمَ كَالْأَحْجَارِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ نَشْرُهَا وَلَا يُمْكِنُ كَسْرُهَا مُنَاصَفَةً (قَوْلُهُ وَإِنَّ قَوْلَهُ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ) بِكَسْرِ إنَّ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 فِي كُلِّ مَا لَا يَنْقَسِمُ. وَقَوْلُهُ وَعَمِلَ بِهِ خَاصٌّ بِالْحَمَّامِ وَظَاهِرُ نَظْمِ ابْنِ عَاصِمٍ أَنَّ الْعَمَلَ فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ أَيْضًا وَقَدْ تَعَقَّبَهُ شَارِحُهُ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الشُّفْعَةُ بِالْمُنْقَسِمِ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَجْبَرَ شَرِيكَهُ عَلَيْهِ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَانْتَفَى ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ فَلِذَا لَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَلِذَا وَجَبَتْ فِيهِ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ لَحَصَلَ لِلشَّرِيكِ الضَّرَرُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. (ص) بِمِثْلِ الثَّمَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُ الشِّقْصَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لِمُشْتَرِيهِ مِثْلَ مَا دَفَعَ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ لِبَائِعِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَوُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ دَيْنًا (ش) إلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بِهِ الشِّقْصُ دَيْنًا لِمُشْتَرِيهِ فِي ذِمَّةِ بَائِعِهِ فَإِنْ كَانَ حَالًّا أَخَذَهُ بِحَالٍّ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَوْمَ الشِّرَاءِ أَخَذَهُ كَذَلِكَ وَلَوْ حَلَّ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ حَيْثُ كَانَ دَيْنًا عَلَى بَائِعِ الشِّقْصِ وَلَوْ مُقَوَّمًا لِعِطْفِهِ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى وَقِيلَ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ مُعَدِّيَةٌ وَفِي قَوْلِهِ بِرَهْنِهِ لِلْمَعِيَّةِ وَقَوْلُنَا الْمَأْخُوذُ بِهِ الشِّقْصُ احْتِرَازًا عَنْ الثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَى أَجَلِهِ فَيَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْكِتَابَةُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهَا. (ص) أَوْ قِيمَتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْغَيْرِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا يَوْمَ الصَّفْقَةِ لَا يَوْمَ الْقِيَامِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا. (ص) بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَعَقْدِ شِرَاءٍ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمِثْلِ وَالْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ وَأَخَذَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا أَوْ هُمَا ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ ذَلِكَ الشِّقْصَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا مِثْلَ ذَلِكَ الْحَمِيلِ أَوْ رَهْنًا مِثْلَ ذَلِكَ الرَّهْنِ فَلَوْ كَانَ بِرَهْنٍ وَحَمِيلٍ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِهِمَا مَعًا فَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَظَاهِرُهُ لُزُومُ مَا ذَكَرَ لِلشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَ أَمْلَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَرْجَحِ قَوْلَيْ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةَ الدَّلَّالِ وَأُجْرَةَ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي دَفَعَ ذَلِكَ وَكَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَغْرَمَ لِلْمُشْتَرِي مَا غَرِمَهُ فِي الْمَكْسِ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ ظُلْمًا لِأَنَّهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَوَصَّلُ لِلشِّقْصِ إلَّا بِهِ أَوْ لَا يَغْرَمُهُ لَهُ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ؟ فَقَوْلُهُ وَعَقْدِ شِرَاءٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دَلَّالٍ وَعَقْدٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا أَيْ وَأُجْرَةُ كَاتِبِ عَقْدٍ وَمِثْلُهُ ثَمَنُ الْمَكْتُوبِ فِيهِ أَيْضًا. (ص) أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي كَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَمْدٍ وَجُزَافِ نَقْدٍ (ش) فَالْأَخْذُ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِيمَا إذَا خَالَعَ زَوْجَتَهُ أَوْ نَكَحَهَا بِشِقْصٍ أَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ جُرْحِ الْعَمْدِ بِشِقْصٍ أَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ بِجُزَافِ نَقْدٍ مَصُوغٍ أَوْ مَسْكُوكٍ وَالتَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ إلَّا بِقِيمَتِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِشْفَاعُ إلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَتِهِ وَاحْتُرِزَ بِصُلْحِ الْعَمْدِ عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُ الشِّقْصَ إلَّا بِالدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ أَخَذَهُ بِذَهَبٍ يَنْجُمُ عَلَى الشَّفِيعِ كَالتَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَظَاهِرُ نَظْمِ ابْنِ عَاصِمٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ قَالَ وَالْفُرْنُ وَالْحَمَّامُ وَالرَّحَى الْقَضَا ... بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا قَدْ مَضَى. (قَوْلُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَرَادَ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ دُونَ مَا نَقَدَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِمَا نَقَدَ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَّ يَوْمُ قِيَامِ الشَّفِيعِ) فَإِذَا كَانَ يَوْمُ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ شَيْءٌ فَإِلَى مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ لَا مِنْ يَوْمِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِلشَّفِيعِ بِمَا إذَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِعَطْفِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ قِيمَتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْمِثْلِيِّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنًا مَعْنَاهُ فِي الْمِثْلِيِّ فَلَا يَشْمَلُ الْمُقَوَّمَ (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ فِي) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ هُنَا أَخَذَ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ) أَيْ الشِّقْصُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ الْكِتَابَةُ إلَخْ) صُورَتُهَا بَيْنَ بَكْرٍ وَزَيْدٍ دَارٌ فَاشْتَرَى عَمْرٌو حِصَّةَ زَيْدٍ بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ سَعِيدٍ وَإِنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ لِلشِّقْصِ دَخَلَ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يَدْرِي مَا يُقْسَمُ لَهُ هَلْ النُّجُومُ فَقَطْ أَوْ الرَّقَبَةُ وَبَعْضُ النُّجُومِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى غَيْرِ مُحَقَّقٍ نَزَلَتْ الْكِتَابَةُ بِالْمِثْلِيِّ مَنْزِلَةَ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قِيمَتُهُ أَيْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمِثْلِ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَخَذَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِهِمَا) أَيْ إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ بِدَيْنٍ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِنَقْدٍ فَلَهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ عَلَى أَرْجَحِ قَوْلَيْ أَشْهَبَ) وَالثَّانِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا كَانَ أَمْلَأَ مِنْ الضَّامِنِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ بِلَا ضَامِنٍ وَلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ إلَخْ) وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ إلَخْ) وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ عَقْدِ الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَيَوْمَ عَقْدِ بَقِيَّتِهَا لَا يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ إلَّا بِقِيمَتِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ جُزَافَ النَّقْدِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّقْدِ أَوْ مِنْ الْحُلِيِّ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ وَجُزَافِ نَقْدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الشِّقْصِ أَيْ وَبِقِيمَةِ جُزَافِ نَقْدٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَمَنَ) أَيْ لَا قَدْرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (ص) وَبِمَا يَخُصُّهُ إنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَخْذُ شَرِيكٍ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ وَعَرْضًا آخَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَكُونُ فِي الشِّقْصِ فَقَطْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الشِّقْصُ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُقَوَّمَ عَلَى أَنَّهُ مَبِيعٌ مَعَ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَحْدَهُ عَشَرَةً وَمَعَ الْمُصَاحِبِ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ الثُّلُثَانِ فَيَأْخُذُهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ أَمْ لَا وَبَاقِي الصَّفْقَةِ وَإِنْ قَلَّ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى تَبْعِيضِهَا فَإِنْ قِيلَ مَا وَجْهُ لُزُومِ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ أَنَّ الشُّفْعَةَ اسْتِحْقَاقٌ وَمَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ مُعَيَّنًا يَحْرُمُ فِيهِ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ. (ص) وَإِلَى أَجَلِهِ إنْ أَيْسَرَ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ وَإِلَّا عَجَّلَ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا عَدَمًا عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا لَكِنَّهُ ضَمِنَهُ شَخْصٌ مَلِيءٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّفِيعُ مُوسِرًا وَلَا ضَمِنَهُ مَلِيءٌ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِهِ هُوَ الصَّوَابُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ مِثْلَ الْمُشْتَرِي فِي الْعَدَمِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَوْ تَأَخَّرَ الشَّفِيعُ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ هَلْ يُؤَجَّلُ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَجَلِ أَوْ لَا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ انْتَفَعَ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَنْتَفِعَ الشَّفِيعُ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ كَمَا انْتَفَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُصَوَّرُ بِفَرْعِ الشَّارِحِ وَلَيْسَ هُوَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَلَا تَجُوزُ إحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ (ش) هَذَا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ عَلَى ذِمَّةِ الشَّفِيعِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ وَلُزُومِهَا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ حَالًّا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا. ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ قَوْلَهُ (ص) كَأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ وَيَرْبَحَ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَ مَالًا مِنْ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ أَيْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِيَأْخُذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ وَيَرْبَحُ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ فَلَوْ قَامَ الشَّفِيعُ لِيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ نَقُومُ الْآنَ عَلَى أَنْ نَقْبِضَ إلَى آجَالِهَا فِي الدِّيَةِ وَتَقْبِضُ الْقِيمَةَ الْآنَ نَقْدًا وَهُوَ تَأْوِيلُ سَحْنُونَ وَحَكَى عَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ يَحْيَى أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِمِثْلِ الْإِبِلِ عَلَى آجَالِهَا لَا بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا أَسْنَانٌ مَعْلُومَةٌ مَوْصُوفَةٌ قَالُوا وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُومَ الْآنَ عَلَى أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى آجَالِهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَسَكَتَ عَنْ جَرَيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الدِّيَةِ النَّقْدُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ بِذَهَبٍ إلَخْ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِ الْإِبِلِ لَا بِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ) فَإِنْ قِيلَ كَانَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ غَيْرَ مَا هُنَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا بِاشْتِرَائِهِ شِقْصًا دَخَلَ مُجَوِّزًا أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ لَا مِنْ نَاحِيَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلْزَامُهُ لِلشَّفِيعِ وَلَا لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ) أَيْ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَلَا يَكْفِي تَحَقُّقُ يُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُرَاعَ خَوْفُ طُرُوِّ عُسْرَةٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إلْغَاءً لِلطَّوَارِئِ لِوُجُوهٍ تُصَحِّحُ الْعَقْدَ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُلَاؤُهُ مُسَاوِيًا لِمُلَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمِثْلُ الضَّامِنِ الرَّهْنُ الثِّقَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاصِمٍ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ عَدِيمًا مَعَ أَنَّ بِيَدِهِ الشِّقْصَ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ قَدْ لَا تَفِي بِثَمَنِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ وَقْتَ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَفِي بِذَلِكَ وَقْتَهَا فَقَدْ تَتَغَيَّرُ الْأَسْوَاقُ بِالنَّقْصِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ مِثْلُ هَذَا فِي الشَّفِيعِ وَالضَّامِنِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِمَا عِنْدَ الْأَجَلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ نَادِرٌ بِخِلَافِ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ عُجِّلَ الثَّمَنُ) أَيْ عَدَدُهُ بِأَنْ يُبَاعَ الشِّقْصُ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَسْقَطَ السُّلْطَانُ شُفْعَتَهُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إنْ وَجَدَ حَمِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا عَجَّلَهُ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ حِينَئِذٍ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا عَدَمًا) فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِضَامِنٍ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ عَدَمًا لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَأْتِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ أَسْقَطَ السُّلْطَانُ شُفْعَتَهُ وَأَمَّا إذَا ضَمِنَ كُلًّا مَلِيءٌ وَاخْتَلَفَ مَلِيءُ الضَّامِنَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ مِنْ الْأَجَلِ مِثْلُ مَا لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخْتَارِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا عَجَّلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا عَدَمًا فَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي الْعَدَمِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ الْإِتْيَانُ بِحَمِيلٍ ثُمَّ حَكَى فِيهِ قَوْلًا آخَرَ بِلُزُومِ ذَلِكَ وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمُلَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلٌ بِاتِّفَاقٍ - وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَقَلَّ مُلَاءً فَعَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ عَدَمًا لَزِمَهُ حَمِيلٌ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُصَوِّرُ بِفَرْعِ الشَّارِحِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فَرْعَ الشَّارِحِ هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ إحَالَةُ الْبَائِعِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ) أَيْ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ حَالًّا أَيْ وَإِلَّا أَدَّى لِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَوْ لَمْ تَقَعْ الْحُكُومَةُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ جَازَتْ الْحَوَالَةُ (قَوْلُهُ وَيَرْبَحُ) لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْفَعَ إلَّا لِيَتَمَلَّكَ لَا لِيَهَبَ أَوْ يَتَصَدَّقَ أَوْ يُوَلِّيَهُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ وَلِذَا قَالَ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 مِنْهَا حَيْثُ أَخَذَ بِهَا لِغَيْرِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ (ش) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ كَأَنْ أَخَذَ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ شُفْعَتَهُ وَيَرْبَحَ وَيَحْتَمِلُ صُوَرًا إحْدَاهَا أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ وَإِذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ دَفَعَ الْأَجْنَبِيُّ الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ وَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لَهُ وَيَرْبَحُ الشَّفِيعُ مَا أَخَذَهُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ غَرَضٌ فِي دَفْعِ الْمَالِ غَيْرُ الضَّرَرِ بِالْمُشْتَرِي وَيَرْبَحُ الشَّفِيعُ الْمَالَ. الثَّالِثَةُ أَنْ يُبَاعَ الشِّقْصُ بِعَشَرَةٍ يَقُولُ الْأَجْنَبِيُّ لِلشَّفِيعِ أَنَا آخُذُهُ مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ وَأُرْبِحُك اثْنَيْنِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إنْ اُعْتُبِرَ مَفْهُومُهُ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَيُعْطِيَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ رِبْحٍ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَيُمْنَعُ أَيْضًا وَهُمَا قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ شَفَعَ لِيَبِيعَ فَقَوْلَانِ. (ص) أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ لِيَسْقُطَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشِّقْصَ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَلِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَا يُمْلَكُ لَا يُعَدُّ مَالِكًا وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ لِلشُّفْعَةِ مَالًا بَعْدَ عَقْدِ الشِّرَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَسْقُطَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ شَيْئًا بَعْدَ وُجُوبِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بَاعَ الشِّقْصَ الْمُسْتَشْفَعَ فِيهِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ لَا الْمُتَشَفِّعُ بِهِ لِأَنَّ هَذَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ. (ص) كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ مَعِيرٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ الْكَائِنِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ أَوْ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَعَارَةِ فَقَوْلُهُ كَشَجَرٍ إلَخْ مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ عَقَارًا وَلَمَّا كَانَ هَذَا الشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ خَاصًّا صَلُحَ تَشْبِيهُهُ بِالْعَقَارِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُغَايَرَةِ الْمُشَبَّهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ وَالْمُغَايَرَةُ هُنَا بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَمَسْأَلَةُ الْبِنَاءِ هِيَ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَالَ فِيهَا مَالِكٌ إنَّهُ لِشَيْءٍ أَسْتَحْسِنُهُ وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي. الثَّانِيَةُ الشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ الْآتِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَكَثَمَرَةٍ وَمَقْثَأَةٍ. الثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَسَتَأْتِي فِي بَابِ الْجِرَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَقِصَاصٌ فِي جُرْحٍ. الرَّابِعَةُ فِي الْأُنْمُلَةِ مِنْ الْإِبْهَامِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَسَتَأْتِي أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا الْإِبْهَامَ فَنِصْفُهُ بِخِلَافِ كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِهِ فَفِيهَا ثُلُثُ مَا فِي الْأُصْبُعِ. (ص) وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ وَإِلَّا فَقَائِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُعِيرُ لَهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى الشَّفِيعِ فِي أَخْذِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِي وَضْعِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِنَقْضِهِ وَمِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ وَيُبْقِيهِ بِأَرْضِهِ أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ أَيْ بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ مِنْ أَرْضِهِ فَإِنْ   [حاشية العدوي] عَدَمَ الْجَوَازِ لَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا نَقَلَ عَنْ أَشْهَبَ فَقَالَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَمْرٍ ثَابِتٍ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِيَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ لَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إحْدَاهَا) هُوَ عَيْنُ مَا حَلَّ بِهِ سَابِقًا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ فَإِنْ أَرَادَ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَسْخِ أَخْذِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمَلَةً وَيَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ مِنْهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشُّفْعَةَ صَحِيحَةٌ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي (قَوْلُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا) إمَّا قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ هُنَا وَلَكِنْ ذَكَرَهُ فِي ك حَيْثُ قَالَ وَإِنْ شَفَعَ لِيَبِيعَ فَقَوْلَانِ ذَكَرَهُ تت عَنْ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ اهـ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ الشَّأْنُ فِي الَّذِي يَأْخُذُ لِأَجَلِ الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ لَا الْمُسَاوَاةِ فَإِذَنْ إيرَادُ هَذَا الْكَلَامِ أَعْنِي وَإِنْ شَفَعَ لِيَبِيعَ إلَخْ هُنَا لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ) سَوَاءٌ بَاعَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَّا أَنَّ الشَّفِيعَ بَاعَ الشِّقْصَ قَبْلَ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ) مُخْرَجٌ مِنْ الْحُرْمَةِ وَمِنْ عَدَمِ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ فَيَجُوزُ وَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فِي الْمُخْرَجِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْمُخْرَجِ مِنْهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ وَهُوَ عَدَمُ السُّقُوطِ اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ) أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمِلْكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ مَالًا) أَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَخْذِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَحَيْثُ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّ أَخْذَهُ الْمَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الشَّفِيعَ بِالشِّرَاءِ أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ بِأَرْضِ حَبْسٍ) بِالْإِضَافَةِ الَّتِي لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ الْبِنَاءِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ صَاحِبُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ بِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ الِاسْتِحْسَانُ فِي الْعِلْمِ أَغْلَبُ مِنْ الْقِيَاسِ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ فِي جَامِعِهِ عَلَيْهِ عَوَّلَ مَالِكٌ وَبَنَى عَلَيْهِ أَبْوَابًا وَمَسَائِلَ مِنْ مَذْهَبِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِلَفْظِ الِاسْتِحْسَانِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ خَاصَّةً اهـ. قُلْت وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ اُسْتُحْسِنَ فِي غَيْرِهَا لَكِنْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فِيهِ أَوْ كَانَ لَهُ سَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُ اسْتَحْسَنَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ إنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ) فَيُقَدَّمُ الْمُعِيرُ عَلَى الشَّفِيعِ فِي أَخْذِهِ إلَّا بِالشُّفْعَةِ بَلْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ إنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ) أَيْ إنْ مَضَى زَمَنٌ تُعَارُ تِلْكَ الْأَرْضُ لِمِثْلِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَمِثْلِهَا فِي الْمُقَيَّدَةِ إذَا انْقَضَى أَجَلُهَا وَمِثْلُ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مَا إذَا دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْهَدْمِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ نَقُولُ لَهُ وَمِثْلُ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي انْقَضَى مَا تُعَارُ لَهُ الْمُقَيَّدَةُ الَّتِي انْقَضَى أَجَلُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعِيرَ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِالْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يُرِيدُ بِمِلْكِ ذَلِكَ الْمُشْتَرَى إنْ كَانَ الشَّفِيعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 أَبَى فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ فِي ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ لِلضَّرَرِ وَهُوَ أَصْلُ الشُّفْعَةِ وَمَحَلُّ أَخْذِ الْمُعِيرِ الْأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ إذَا مَضَى زَمَنٌ تُعَارُ تِلْكَ الْأَرْضُ لِمِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تُعَارُ تِلْكَ الْأَرْضُ لِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِقِيمَتِهِ قَائِمًا لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِمُدَّةٍ فَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ إذَا بَاعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا عَلَى الْبَقَاءِ لِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى النَّقْضِ قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ شَيْخِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَى الْأَحْكَارِ الَّتِي عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنْ تَجِبَ الشُّفْعَةُ فِي الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِيهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَنَا أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَا يُخْرِجُ صَاحِبَ الْبِنَاءِ أَصْلًا فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ (ص) وَكَثَمَرَةٍ وَمَقْثَأَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَقَارٍ أَوْ كَأَنَّهُ قَالَ عَقَارًا حَقِيقَةً كَالْأَرْضِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ أَوْ حُكْمًا كَثَمَرَةٍ وَمَقْثَأَةٍ لَا فِي الْجَوَازِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرٍ فِي شَجَرٍ قَدْ أَزْهَى قَبْلَ قَسْمِهِ وَالْأَصْلُ لَهُمْ أَوْ بِأَيْدِيهِمْ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ مِنْ مَقْثَأَةٍ فَلِشُرَكَائِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَثَمَرَةٍ إلَخْ الْفُولَ الْأَخْضَرَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا يُزْرَعُ لِيَبِيعَهُ أَخْضَرَ وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ الْغِمَارِيَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَمَقْثَأَةٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ ثَمَرَةٍ غَيْرِ مَقْثَأَةٍ وَمَقْثَأَةٍ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْثَأَةَ لَيْسَتْ اسْمًا لِلْقِثَّاءِ بَلْ لِمَا يَكُونُ فِيهِ الْقِثَّاءُ. (ص) وَبَاذِنْجَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْبَاذِنْجَانِ فَلِشُرَكَائِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي كُلِّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَأَصْلُهُ بَاقٍ كَالْقُطْنِ وَالْقَرْعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَبَالَغَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مُفْرَدَةً (ش) لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خِلَافِ أَصْبَغَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِدُونِ أَصْلِهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِ الْمُبَالَغَةِ لِلثَّمَرَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَالْمُرَادُ مُفْرَدَةٌ عَنْ الْأُصُولِ فِي الثَّمَرَةِ وَعَنْ الْأَرْضِ فِيمَا بَعْدَهَا. (ص) إلَّا أَنْ تَيْبَسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا بِيعَتْ وَيَبِسَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَمِثْلُهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهَا وَهِيَ يَابِسَةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْجَذَّ قَبْلَ الْيُبْسِ غَيْرُ كَافٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ كَانَ كَافِيًا لَمْ يَتَأَتَّ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ إذْ كُلٌّ مِنْ الْيُبْسِ وَالْجُذَاذِ كَافٍ فِي كِلَيْهِمَا. (ص) وَحُطَّ حِصَّتُهَا إنْ أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُصُولَ إذَا بِيعَتْ وَعَلَيْهَا يَوْمَ الْبَيْعِ ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ أَوْ قَدْ أَزْهَتْ وَاشْتَرَطَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَبِسَتْ الثَّمَرَةُ وَقُلْتُمْ لَا شُفْعَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَصْلَ وَيَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ مَا يَنُوبُ الثَّمَرَةَ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ (ص) وَفِيهَا أَخَذَهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ وَهَلْ هُوَ اخْتِلَافٌ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] وَكَتَبْنَا سَابِقًا أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ أَيْ لِأَنَّ قَسِيمَ قَوْلِهِ قُدِّمَ الْمُعِيرُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى فَلِلشَّفِيعِ إلَخْ لِأَنَّ الْمُعِيرَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلشَّرِيكِ قَهْرًا عَنْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا بِقِيمَتِهِ قَائِمًا) أَيْ أَوْ ثَمَنِهِ أَيْ يَأْخُذُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَكَتَبَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ (قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا) وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا عَلَى الْهَدْمِ فَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَقَاءِ) أَيْ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهَا فَيَأْخُذَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا وَثَمَنِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعِيرَ يُقَدَّمُ فِي الْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إذَا مَضَى مَا تُعَارُ لَهُ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً أَوْ لَمْ يَمْضِ وَدَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْهَدْمِ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ فَفِي الْمُطْلَقَةِ يَأْخُذُهُ الْمُعِيرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ قَائِمًا أَوْ ثَمَنِهِ وَفِي الْمُقَيَّدَةِ يُقَدَّمُ الشَّفِيعُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ فَيَأْخُذُهُ الْمُعِيرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا وَثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ) أَيْ فَلَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَقَالُوا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ شَرِيكَيْ بَلَدٍ فِي الِالْتِزَام بِمِصْرٍ لِأَحَدِهِمَا الشُّفْعَةُ إذَا بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي عَقَارٍ) عِبَارَتُهُ هُنَا كَعِبَارَتِهِ فِي ك بِخَطِّهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ الَّذِي جُعِلَتْ الْكَافُ فِيهِ لِلتَّشْبِيهِ وَهُوَ قَطْعًا تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ فَلَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَا دَاعِيَ لِلتَّشْبِيهِ بَلْ الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ وَشَأْنُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُمَثِّلَ بِالْمِثَالِ الْخَفِيِّ وَيَكُونُ مَا هُوَ أَجْلَى مَفْهُومًا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنْ تَقْرِيرِ اللَّقَانِيِّ نَقَلَهَا بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ قَدْ أَزْهَى) هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا يُحْتَاجُ لَهُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ مَعَ الْأُصُولِ فَسَوَاءٌ أَزْهَتْ أَمْ لَا بَلْ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ فِيمَا يُزْرَعُ أَنْ يُبَاعَ أَخْضَرَ) لَعَلَّ هَذَا يَتَعَيَّنُ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الزَّرْعِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَعِبَارَةُ الْغِمَارِيِّ مُطْلَقَةٌ لَا تُعَارِضُ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ تَقْيِيدُهَا بِذَلِكَ الْقَيْدِ أَقُولُ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ بَلْ لِمَا يَكُونُ فِيهِ الْقِثَّاءُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ النَّبْتَ الْمَعْلُومَ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ الْقِثَّاءُ وَلَكِنْ قَوْلُهُ بَعْدَ وَالْمُرَادُ إلَخْ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا النَّبْتُ الْمَعْلُومُ (قَوْلُهُ وَبَاذِنْجَانٌ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَبَالِغٌ إلَخْ) حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي ثَمَرَةِ الشَّجَرِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمَقَاثِيَ كَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى يُبْسِهَا هُوَ حُصُولُ وَقْتِ جُذَاذِهَا لِلْيُبْسِ إنْ كَانَ تَيْبَسُ أَوْ لِلْأَكْلِ إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ اهـ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ الْمُرَادُ بِيُبْسِ الثَّمَرَةِ اسْتِغْنَاؤُهَا (قَوْلُهُ إنْ أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أُبِّرَتْ لَكَانَ الْإِزْهَاءُ مَفْهُومًا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَيْبَسْ) حَقُّهُ حَذْفُ لَفْظِ تَيْبَسْ وَلَفْظِ أَوْ وَيَزِيدُ لَفْظَ أَيْضًا فَيَقُولُ وَفِيهَا أَيْضًا أَخْذُهَا مَا لَمْ تُجَذُّ وَيَكُونُ هَذَا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ وَمُعَارَضًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ خِلَافٌ وَأَنْ لَهُ أَخْذَهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ وَيَدُلُّكَ عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 مَا لَمْ تَيْبَسْ يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَوَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسُ أَوْ تُجَذَّ فَحَمَلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا مَرَّةً مَا لَمْ تَيْبَسْ وَمَرَّةً مَا لَمْ تُجَذَّ فَهَذَا خِلَافٌ وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ فَحَمَلَ قَوْلَهَا الشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ إذَا اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً عَنْ أَصْلِهَا فَيَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ التَّيَبُّسِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَحُمِلَ قَوْلُهُ فِيهَا مَا لَمْ تُجَذَّ إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ أَصْلِهَا أَيْ فَيَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تُجَذَّ سَوَاءٌ أُخِذَتْ قَبْلَ الْيُبْسِ أَوْ بَعْدَهُ. (ص) وَإِنْ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَقَطْ أُخِذَتْ وَإِنْ أُبِّرَتْ وَرَجَعَ بِالْمُؤْنَةِ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَحُطَّ حِصَّتُهَا إنْ أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَصْلَ فَقَطْ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ أَوْ فِيهِ ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ مَعَ أَصْلِهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَأْبُورَةً يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ أُبِّرَتْ أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ أَوْ أَزْهَتْ وَلَمْ تَيْبَسْ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ بِالْمُؤْنَةِ أَيْ بِأُجْرَتِهِ فِي خِدْمَتِهِ لِلْأُصُولِ وَالثَّمَرَةِ مِنْ سَقْيٍ وَتَأْبِيرٍ وَعِلَاجٍ وَلَوْ زَادَتْ الْمُؤْنَةُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْمُؤْنَةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ. (ص) وَكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا وَإِلَّا فَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِئْرَ أَوْ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ أَرْضِهَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ فِيهَا مَعَ الْأَرْضِ أَوْ مُفْرَدَةً فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَأَمَّا إنْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا اتَّحَدَتْ الْبِئْرُ أَوْ تَعَدَّدَتْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْقَسْمَ يَمْنَعُ الشُّفْعَةَ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ وَهَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبَاجِيُّ أَوْ وِفَاقٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونَ فَقَالَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِئْرٌ مُتَّحِدَةٌ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ آبَارٌ كَثِيرَةٌ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ بِئْرٌ لَا فِنَاءَ لَهَا وَمَعْنَى الْعُتْبِيَّةِ لَهَا فِنَاءٌ وَأَرْضٌ مُشْتَرَكَةٌ وَشَمِلَ التَّوْفِيقَيْنِ قَوْلُهُ (ص) وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ (ش) أَيْ غَيْرُ الْمُتَعَدِّدَةِ وَغَيْرُ ذَاتِ الْفِنَاءِ وَأَشَارَ بِأَيْضًا إلَى التَّأْوِيلِ بِالْخِلَافِ وَهُوَ إبْقَاءُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَالْمُرَادُ بِأَرْضِهَا الْأَرْضُ الَّتِي تُسْقَى بِهَا وَتُزْرَعُ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ وَكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا أَيْ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلَوْ مُتَّحِدَةً وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ وَهَذَا عَلَى حَمْلِ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا وَقَعَ فِي غَيْرِهَا عَلَى الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ هُوَ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا فَهُوَ فِيمَا إذَا قُسِمَتْ أَرْضُهَا فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْوِفَاقِ. (ص) لَا عَرْضٍ وَكِتَابَةٍ وَدَيْنٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِئْرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَرْضَ وَالطَّعَامَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي الْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ إذَا بَاعَ سَيِّدُهُ الْكِتَابَةَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ كَاتَبَاهُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهَا وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ إذَا بَاعَهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَدِينِ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَإِنَّ الْمَدِينَ أَحَقُّ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ. (ص) وَعُلْوٍ عَلَى سُفْلٍ وَعَكْسِهِ وَزَرْعٍ وَلَوْ بِأَرْضِهِ وَبَقْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ لَا شُفْعَةَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ وَلَا عَكْسُهُ إذَا لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِيمَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ الْحِصَصَ مُتَمَايِزَةٌ وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي زَرْعٍ   [حاشية العدوي] اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا لَمْ تُجَذَّ فِي حَالَةِ التَّوْفِيقِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِالْمُؤْنَةِ) أَيْ فِي الذِّمَّة (قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ مَعَ أَصْلِهَا) أَيْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مَأْبُورَةً) أَوْ قَدْ أَزْهَتْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ فَلَا يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَيْبَسْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ يَبِسَتْ فَقَدْ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ لَيْسَ عَلَى الشَّفِيعِ غَيْرُ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ أَنْفَقَ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْبِئْرَ أَوْ الْعَيْنَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ الْعَيْنَ (قَوْلُهُ الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا) أَيْ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُمَا الَّتِي تُسْقَى بِهَا وَتُزْرَعُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مُفْرَدَةً أَيْ بَاعَ حِصَّتَهُ فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ اتَّحَدَتْ الْبِئْرُ أَوْ تَعَدَّدَتْ) هَذَا الْعُمُومُ لَيْسَ مُصَرَّحًا بَلْ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ فَهْمِ الْفَاهِمِ وَإِلَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فَمَا يَتَأَتَّى وِفَاقٌ (قَوْلُهُ وَأَرْضٌ مُشْتَرَكَةٌ) قَالَ بَهْرَامُ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا بِئْرٌ لَا فِنَاءَ لَهَا وَمَعْنَى الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهَا لَهَا فِنَاءٌ وَأَرْضٌ مُشْتَرَكَةٌ يَكُونُ فِيهَا الْقَلْدُ اهـ. أَقُولُ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ فَلَا يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ " وَأَرْضٌ " نَعَمْ لَوْ جُعِلَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ الْمُرَادِفِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ الْفِنَاءُ فَلَا إشْكَالَ ثُمَّ يَرُدُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْبِئْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْفِنَاءُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَمَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ وَلَا يَضُرُّ بِمَاءِ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ) إشَارَةٌ لِضَعْفِ هَذَا التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ فَهُوَ إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَأُوِّلَتْ بِاَلَّتِي تَوَحَّدَتْ فَلَمْ تَتَعَدَّدْ أَوْ تَوَحَّدَتْ أَيْ انْفَرَدَتْ عَنْ الْفِنَاءِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَرْضَ إلَخْ) إنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ حَكَى عَنْ مَالِكٍ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ (قَوْلُهُ أَنَّ الْعَرْضَ وَالطَّعَامَ) أَيْ الْمُشْتَرَكَ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ أَحَدُهُمَا وَلَكِنْ وَقَفَ فِي السُّوقِ عَلَى ثَمَنٍ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ لَا لِلشُّفْعَةِ لَكِنْ إنْ فَرَضَ أَنَّهُ بَاعَ لِغَيْرِهِ مَضَى وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَحْكُمْ لِلشَّرِيكِ بِهِ حَاكِمٌ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ) أَيْ لَا يَكُونُ الْمُكَاتَبُ أَحَقَّ بِكِتَابَتِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ هُنَا شَرِكَةٌ حَتَّى تُتَوَهَّمَ شُفْعَةٌ تَنْفِي وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَا إلَخْ هَذَا ظَاهِرٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَعُلْوٌ عَلَى سُفْلٍ إلَخْ) لَمْ يَكْتَفِ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَجَارٌ لِأَنَّ شِدَّةَ الْتِصَاقِ الْعُلْوِ بِالسُّفْلِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحِصَصَ مُتَمَايِزَةٌ) وَهُمَا جَارَانِ كَمَا فِي تت وَفِي بَهْرَامَ لِشَبَهِهِمَا بِالْجَارَيْنِ قَالَ عب وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَارَ حَقِيقَةً مَنْ هُوَ عَلَى يَمِينِك أَوْ يَسَارِك أَوْ أَمَامِك أَوْ خَلْفِك اهـ أَقُولُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِيهِ بَعْدَ يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ وَلَوْ بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ وَالشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي الْأَرْضِ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ مِنْ قِيمَةِ الزَّرْعِ وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ كَهِنْدَبَا وَنَحْوِهَا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْعُ فَمُرَادُهُ بِالْبَقْلِ مَا عَدَا الزَّرْعَ وَالْمَقَاثِئَ، وَالْقَرْعُ مِنْ الْمَقَاثِئِ. (ص) وَعَرْصَةٍ وَمَمَرٍّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ إذَا قُسِمَتْ بُيُوتُهَا لَا شُفْعَةَ فِي عَرْصَتِهَا أَيْ سَاحَتِهَا وَسَوَاءٌ بَاعَ حِصَّتَهُ مَعَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْبُيُوتِ بِالْقِسْمَةِ أَوْ بَاعَ الْعَرْصَةَ وَحْدَهَا وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهَا لِأَنَّ الْعَرْضَةَ لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً لِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَانَتْ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَمَرِّ إذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ قَوْمٍ وَاقْتَسَمُوا بُيُوتَهَا وَتَرَكُوا الْمَمَرَّ يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَبَاعَ أَحَدُهُمْ مَا يَخُصُّهُ فِيهِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْبَقِيَّةِ سَوَاءٌ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَمَرِّ مَعَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْبُيُوتِ بِالْقِسْمَةِ أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ فِي الْمَمَرِّ وَحْدَهُ وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ قُسِمَ مَتْبُوعُهُمَا كَانَ أَوْضَحَ. (ص) وَحَيَوَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَأَعَادَ هَذَا مَعَ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ لَا عَرْضٍ لِأَجَلِ قَوْلِهِ (ص) إلَّا فِي كَحَائِطٍ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ وَالرَّقِيقُ فِي حَائِطٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ الْحَائِطُ إلَى ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ فَلَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَحْدَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَعْصَرَةَ وَالْمَجْبَسَةَ وَنَحْوَهُمَا. (ص) وَإِرْثٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَإِلَّا فَبِهِ بَعْدَهُ وَخِيَارُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ مَا مَرَّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِرْثَ أَيْ الْمَوْرُوثَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ إذَا مَلَكَ الشِّقْصَ بِسَبَبِ هِبَةٍ بِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَلَوْ حَصَلَ الشِّقْصُ بِسَبَبِ هِبَةٍ عَلَى ثَوَابٍ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ ثَابِتَةٌ فِيهِ لَكِنْ بَعْدَ دَفْعِ الْعِوَضِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ تَمَسَّك بِالْهِبَةِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا عَلَى وَاهِبِهَا فَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَمَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ دَفْعُهُ بَلْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ دَفْعِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فِي الْبَيْعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الثَّوَابِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ قَدْرًا وَصِفَةً إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِالْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَلُزُومِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ حِينَئِذٍ وَمُضِيُّهُ بِأَنْ يُسْقِطَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ حَقَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَإِمَّا بِأَنْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مُضِيِّهِ يَرْجِعُ عَلَى بَيْعِ الْمُقَدَّرِ لَا عَلَى الْخِيَارِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِهِ لِأَنَّ اللُّزُومَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الزَّمَنِ خَاصَّةً بَلْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ. (ص) وَوَجَبَتْ لِمُشْتَرِيهِ إنْ بَاعَ نِصْفَيْنِ خِيَارًا ثُمَّ بَتْلًا فَأَمْضَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ دَارًا فَبَاعَ نِصْفَهَا عَلَى الْخِيَارِ لِرَجُلٍ ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِرَجُلٍ آخَرَ عَلَى الْبَتِّ ثُمَّ أَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ حِينَئِذٍ لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ عَلَى مُشْتَرِي الْبَتِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ وَقْتَ صُدُورِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْمُنْبَرِمِ عَلَى صَاحِبِ الْخِيَارِ فَالضَّمِيرُ فِي لِمُشْتَرِيهِ يَرْجِعُ لِمُشْتَرِي الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ لَا لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يُشْتَرَى وَفِي بَاعَ لِمَالِكٍ جَمِيعَ الدَّارِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فَأَمْضَى أَيْ أَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْعَ الْخِيَارِ بَعْدَ بَيْعِ الْبَتْلِ. (ص) وَبَيْعٍ فَسَدَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَفْسُوخٌ   [حاشية العدوي] الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ تت وَكَلَامُ عب لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بَعْدَ يُبْسِهِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ وَهُوَ أَخْضَرُ أَوْ قَبْلَ نَبَاتِهِ كَمَا لَوْ بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالْبَامِيَةِ وَالْمُلُوخِيَّةِ (قَوْلُهُ فَمُرَادُهُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْعُ وَقَوْلُهُ وَالْقَرْعُ مِنْ الْمَقَاثِئِ أَيْ يَلْحَقُ بِالْمَقَاثِئِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَقَاثِئُ كَالثِّمَارِ وَكَذَلِكَ الْبَاذِنْجَانُ وَالْقُطْنُ وَالْقَرْعُ الْبَاجِيُّ يُرِيدُ وَكُلَّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ اهـ. . (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ قُسِّمَ مَتْبُوعُهَا لَكَانَ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَمَرِّ وَحْدَهُ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ الْحَائِطُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ احْتَاجَ الْحَائِطُ إلَى الْحَيَوَانِ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ مُتَهَيِّئ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِلًا بِالْفِعْلِ أَوْ مُتَهَيَّأً لَهُ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَالْمَجْبَسَةُ) مَوْضِعُ الْجِبْسِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَالطَّاحُونِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِهِ بَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِثَوَابٍ فَالشُّفْعَةُ بِالثَّوَابِ بَعْدَ دَفْعِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا الْمَوْهُوبَ لَهُ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ هِبَةٍ بِغَيْرِ ثَوَابٍ) أَيْ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَهَبَ لِثَوَابٍ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا فَلَا شُفْعَةَ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ الثَّوَابُ بَعْدَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعِوَضِ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ بِخِلَافِهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ عَلَى الْخِيَارِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ وَأَمَّا الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالشَّرْطِيِّ أَوْ لَا أَيْ فَإِذَا رَدَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ إنْ قُلْنَا إنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إنْ قُلْنَا إنَّهُ نَقْضُ الْبَيْعِ. (تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مَفْهُومِ فَأَمْضَى وَنُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ إنَّهُ لَوْ رُدَّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لِبَائِعِ الْخِيَارِ فِيمَا بِيعَ بَتْلًا حَيْثُ كَانَ غَيْرَ بَائِعِ الْبَتْلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْبَتْلِ هُوَ بَائِعُ الْخِيَارِ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ فِيمَا بَاعَهُ بَتْلًا. (قَوْلُهُ فَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الِانْعِقَادُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ وَإِلَّا فَيَمْضِي بِالثَّمَنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 شَرْعًا وَلَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ بَيْعُ الشُّفْعَةِ وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الشَّفِيعَ دَخَلَ مَدْخَلَ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَتَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَإِذَا دَفَعَهَا فَقَدْ مَلَكَ الْمَبِيعَ فَإِذَا أَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالْقِيمَةِ الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ فَقَوْلُهُ وَبَيْعٍ فَسَدَ أَيْ وَمَبِيعٍ بَيْعٍ فَسَدَ عَلِمَا بِفَسَادِهِ أَمْ لَا وَلَمْ يَجْعَلُوا أَخْذَ الشَّفِيعِ لِلْفَاسِدِ فَوْتًا مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ فَوْتًا فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَوَاجِدَ الْعَيْبِ لَوْ أَجَازَا جَازَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَجَازَ وَقَوْلُهُ (ص) إلَّا بِبَيْعٍ صَحَّ فَبِالثَّمَنِ فِيهِ (ش) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إذَا فَاتَ بِسَبَبِ بَيْعٍ صَحِيحٍ أَيْ بِأَنْ بَاعَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا فَإِنَّ هَذَا الْبَيْعَ الصَّحِيحَ يَكُونُ مُفَوِّتًا لَهُ فَإِذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَا يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ. (ص) وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي سَبْقِيَّةِ الْمِلْكِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مِلْكِي سَابِقٌ عَلَى مِلْكِك وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ مِلْكِي هُوَ السَّابِقُ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حِينَئِذٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا أَنَّ مِلْكِي سَابِقٌ فَالشُّفْعَةُ لِمَنْ حَلَفَ عَلَى مَنْ نَكَلَ وَتَبْدِئَةُ أَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ. (ص) وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ سَاوَمَ أَوْ سَاقَى أَوْ اسْتَأْجَرَ أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا طَلَبَ مُقَاسَمَةَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ فَإِنَّ شُفْعَتَهُ تَسْقُطُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مُقَاسَمَةٌ بِالْفِعْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُقَاسَمَةُ فِي الذَّاتِ أَوْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لِلْحَرْثِ أَوْ الدَّارِ لِلسُّكْنَى وَأَمَّا قِسْمَةُ الْغَلَّةِ فَلَا تَسْقُطُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ إذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ شِرَاءَهُ دَلِيلٌ عَلَى إسْقَاطِ شُفْعَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِحُكْمِ الشُّفْعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ وَفَائِدَةُ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِشِرَاءِ الشِّقْصِ مَعَ أَنَّ الشَّفِيعَ قَدْ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْمُشْتَرَى بِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الشُّفْعَةِ وَأَيْضًا الشِّرَاءُ قَدْ يَقَعُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وَإِذَا سَاوَمَ الشَّفِيعُ فِي الْحِصَّةِ الْمُشْتَرَاةِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الشِّرَاءَ أَوْ الْمُسَاوَمَةَ فَإِنَّهُ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ إذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْحِصَّةَ الَّتِي لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ مُسَاقَاةً أَيْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقًى عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِلْحِصَّةِ وَمِثْلُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ الشَّفِيعُ الْحِصَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمُقْتَضَى حَمْلِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ دَفَعَ حِصَّتَهُ لِلْمُشْتَرِي مُسَاقَاةً أَنَّ شُفْعَتَهُ لَا تَسْقُطُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِالْفِعْلِ أَوْ يَدْعُوَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ إذَا بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ كُلَّهَا مِنْ الْعَقَارِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَإِذَا بَاعَ حِصَّتَهُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الشُّفْعَةُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ كَالصَّرِيحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلَهُ الْكَامِلُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ وَلِذَا قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصَّهُ وَالْفَوَاتُ بِغَيْرِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ بَلْ بِالْبَيْعِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالشَّفِيعُ غَيْرُ عَالِمٍ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ (قَوْلُهُ فَإِذَا دَفَعَهَا فَقَدْ مَلَكَ الْمَبِيعَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَبِيعِ بِمُجَرَّدِ لُزُومِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ) أَيْ أَخْذَ الشَّفِيعِ لَا بِقَيْدِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ) أَيْ الْمُعَيَّنُ مِنْ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَيْ رَدَّهُ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ. (قَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ لَازِمَةٌ فِي أَيِّ مُفَوِّتٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَوَاتُ بِبَيْعٍ صَحَّ فَيَأْخُذُ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ) قَالَ عج بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ فَاتَ بِغَيْرِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ بِالثَّمَنِ فَإِنْ فَاتَ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يَدْفَعْ لِلْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَإِنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ أَوْ الثَّمَنَ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَبَيْنَ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا إنْ فَاتَ بِغَيْرِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ثُمَّ حَصَلَ فِيهِ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَإِنْ كَانَ فَسَادُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَنْ يَشْفَعَ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ فَسَادُهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَنْ يَشْفَعَ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ إنْ فَاتَ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ ثُمَّ حَصَلَ فِيهِ مُفَوِّتٌ بِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ) الْمُنَاسِبُ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَاسَمَةُ بِالْفِعْلِ لَا الطَّلَبِ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ النَّقْلُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا طَلَبَ مُقَاسَمَة الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْص إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت بِالنَّقْلِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ قَاسَمَ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ قَسْمٌ بِالْفِعْلِ فَلَا وَقَوْلُهُ أَوْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لِلْحَرْثِ أَيْ الْمَنْفَعَةِ الرَّاجِعَةِ لِلْحَرْثِ أَيْ الرَّاجِعَةِ لِكَوْنِهِ يَحْرُثُهَا هُوَ لَا الرَّاجِعَةُ لِكَوْنِهِ يُكْرِيهَا وَقَوْلُهُ أَوْ الدَّارُ لِلسُّكْنَى أَيْ أَوْ فِي مَنْفَعَةِ الدَّارِ الرَّاجِعَةِ لِلسُّكْنَى احْتِرَازًا مِنْ مَنْفَعَةِ الدَّارِ الرَّاجِعَةِ لِلْغَلَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْكُلِّيِّ إلَى بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهِ (قَوْلُهُ لِلْحَرْثِ) أَيْ الرَّاجِعَةُ لِحَرْثِهَا أَيْ زَرْعِهَا فِيهِ قَوْلُهُ أَوْ الدَّارُ لِلسُّكْنَى أَيْ الرَّاجِعَةُ لِلسُّكْنَى (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِحُكْمِ الشُّفْعَةِ) أَيْ جَهِلَ أَنَّ الشِّرَاءَ يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ فَحُكْمُ الشُّفْعَةِ الْإِسْقَاطُ عِنْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى حَمْلِ الْمُسَاقَاةِ إلَخْ) فِي عب الْجَزْمُ بِهَذَا الْمُقْتَضَى (قَوْلُهُ وَهُوَ كَالصَّرِيحِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَوَّلَهُ الْكَامِلُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوَّلَهُ عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ؟ هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ السُّقُوطُ وَلَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ غَيْرَ عَالَمٍ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ فِي الْبَيَانِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إنْ بَاعَ غَيْرَ عَالَمٍ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ. (ص) أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ شَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ وَإِلَّا سَنَةً (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ إذَا سَكَتَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي يَهْدِمُ فِي الشِّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ يَبْنِي فِيهِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ شُفْعَتِهِ فِي ذَلِكَ أَيْ يَهْدِمُ مَا لَا يُهْدَمُ أَوْ يَبْنِي مَا لَا يُبْنَى وَأَمَّا لَوْ هَدَمَ مَا يُهْدَمُ أَوْ بَنَى مَا يُبْنَى فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَالَهُ بَعْضٌ وَقَالَ آخَرُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ لِلْإِصْلَاحِ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا لَوْ كَانَ يَسِيرًا وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ إذَا حَضَرَ الشَّفِيعُ عَقْدَ الشِّرَاءِ وَكَتَبَ خَطَّهُ فِي الْوَثِيقَةِ وَمَضَى بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرَانِ وَهُوَ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فِي الشُّفْعَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ عَقْدَ الشِّرَاءِ أَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَإِنَّ شُفْعَتَهُ لَا تَسْقُطُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ بِأَنْ قَالَ أَنَا جَهِلْت وُجُوبَ الشُّفْعَةِ لِي، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُوَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ تَكَلُّفٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا السَّنَةَ وَمَا قَارَبَهَا وَلَوْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ. وَقَوْلُهُ (ص) كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ (ش) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ أَنَّ مَنْ عَلِمَ بِمُوجِبِ شُفْعَتِهِ فَغَابَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فَإِنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِعَقْدِ الْوَثِيقَةِ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ وَإِلَّا فَبِمُضِيِّ سُنَّةٍ عَلَى مَا مَرَّ. (ص) إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا سَافَرَ وَكَانَ يُظَنُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ فَعَاقَهُ أَمْرٌ أَيْ حَصَلَ لَهُ أَمْرٌ عَاقَهُ عَنْ الْإِيَابِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا سَافَرَ مُسْقِطًا لِشُفْعَتِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ (ش) أَيْ بَعُدَ الزَّمَانُ فِي غَيْبَتِهِ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَمْ يَحْلِفْ وَالْقُرْبُ وَالْبَعْدُ بِالْعُرْفِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (تَنْبِيهٌ) : أَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ مَسْأَلَةِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ إلَخْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا شَرَطَ لِامْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَا يَغِيبُ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَ مُسَافِرًا فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ أَنْ لَا قِيَامَ لَهَا بِشَرْطِهَا اهـ. وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ يُرِيدُ غَزْوًا فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَهَا الْقِيَامُ بِشَرْطِهَا قَالَهُ فِي الطُّرَرِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الزَّرْقَانِيِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِلْغَزْوِ مَظِنَّةُ الْأَسْرِ فَكَأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي حُصُولِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ لِلسَّفَرِ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ قِيَاسَهَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَبْسَ وَنَحْوَهُ كَالْأَسْرِ. (ص) وَصُدِّقَ إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ لَا إنْ غَابَ أَوَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا غَابَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَنْتَ عَلِمْت بِالْبَيْعِ وَغِبْت غَيْبَةً بَعِيدَةً فَلَا شُفْعَةَ لَك وَقَالَ الشَّفِيعُ مَا عَلِمْت بِالْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ شُفْعَتَهُ لَا إنْ كَانَ غَائِبًا قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِأَوَّلًا فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ أَيْ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ قُدُومِهِ أَوْ يُصَرِّحُ بِإِسْقَاطِهَا فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ بَعُدَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ قَرُبَتْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَيَّدَهَا أَشْهَبُ بِالْبَعِيدَةِ وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ الَّتِي لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهَا فَكَالْحَاضِرِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ آخِرَ بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ وَلِمَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِطُرَّةِ الشَّارِحِ. (ص) أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ وَحَلَفَ أَوْ فِي الْمُشْتَرَى أَوْ الْمُشْتَرِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ) إنَّمَا جَمَعَ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ تَسْقُطُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ آخَرُ) هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ عج وَذَهَبَ إلَيْهِ عب فَقَالَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ كَانَ الْأَوَّلَانِ لِإِصْلَاحٍ فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ (قَوْلُهُ وَكَتَبَ خَطَّهُ) أَيْ بِأَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ نَصِيبَهُ أَيْ أَوْ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ أَوْ رَضِيَ بِهَا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِحُضُورِ الْعَقْدِ الْكِتَابَةَ حَضَرَ الْعَقْدُ أَوْ لَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْكِتَابَةِ وَالرِّضَا بِهَا (قَوْلُهُ مَعَ تَكَلُّفٍ) التَّكَلُّفُ هُوَ مَا قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ وَكَتَبَ خَطَّهُ (قَوْلُهُ وَمَا قَارَبَهَا) هُوَ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، ثَانِيهِمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ) أَيْ أَمَرَ بِالْكَتْبِ (قَوْلُهُ فَعِيقَ) أَيْ عَنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ يُعْذَرُ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِعُذْرٍ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ إنَّ ذَلِكَ كَافٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَ إلَخْ) قَالَ عج فِي شَرْحِهِ قُلْت ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ أَنَّ مَنْ ظَنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ أَنَّهُ يَحْلِفُ سَوَاءٌ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ (قَوْلُهُ الْمُدَّةُ الْمُسْقِطَةُ) وَهِيَ الشَّهْرَانِ فِي الْأُولَى وَالسَّنَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَغِيبُ عَنْهَا) أَيْ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا إلَخْ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الزَّرْقَانِيِّ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي الزَّرْقَانِيِّ أَمَّا لَوْ خَرَجَ يُرِيدُ غَزْوًا فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَهَا الْقِيَامُ بِشَرْطِهَا قَالَهُ فِي الطُّرَرِ وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ قِيَاسَهَا) أَيْ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْأَسْرِ الَّتِي لَا قِيَامَ لَهَا (قَوْلُهُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَ غَائِبًا إلَخْ) أَيْ وَغَيْبَةُ الشَّخْصِ الْمُشْتَرِي كَغَيْبَةِ الشَّفِيعِ وَغَيْبَتُهُمَا عَنْ مَحَلِّ الشِّقْصِ غَيْبَةٌ بَعِيدَةٌ وَهُوَ بِمَكَانٍ كَحُضُورِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِغَيْبَةِ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ) أَيْ تَحْقِيقًا. (قَوْلُهُ أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ) أَيْ أَوْ سَكَتَ قَالَ عج بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ اعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هُنَا أَنَّهُ هُنَا أَنَّهُ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فِيمَا إذَا أَخْبَرَهُ بِالْأَخَفِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 أَوْ انْفِرَادِهِ أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَلَمَّا أُخْبِرَ بِالثَّمَنِ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ لِكَثْرَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الثَّمَنَ أَقَلُّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ فَلَهُ شُفْعَتُهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ إنَّمَا أَسْقَطَ لِأَجْلِ الْكَذِبِ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُهُ كَمَا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ بَاعَ بِدَرَاهِمَ فَإِذَا هُوَ بَاعَ بِمِثْلِيٍّ كَقَمْحٍ مَثَلًا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ وَكَذَلِكَ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إذَا أَسْقَطَهَا لِأَجْلِ الْكَذِبِ فِي الشِّقْصِ الْمُشْتَرَى بِأَنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ اشْتَرَى نِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِك ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى جَمِيعَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِالشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ لِي غَرَضٌ فِي أَخْذِ النِّصْفِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بَعْدُ قَائِمَةٌ فَلَمَّا عَلِمْت أَنَّهُ ابْتَاعَ الْكُلَّ أَخَذْت لِارْتِفَاعِ الشَّرِكَةِ وَزَوَالِ الضَّرَرِ أَوْ لِأَجْلِ الْكَذِبِ فِي الْمُشْتَرِي بِكَسْرِ الرَّاءِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِك فَأَسْقَطَ لِذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي سَمَّى فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شُفْعَتَهُ كَائِنًا مَا كَانَ الشَّخْصُ وَكَذَلِكَ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إذَا قِيلَ لَهُ إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى حِصَّةَ شَرِيكِك فِي الشِّقْصِ فَرَضِيَ بِهِ وَسَلَّمَ شُفْعَتَهُ لِأَجْلِ حُسْنِ سِيرَةِ هَذَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الشِّقْصَ اشْتَرَاهُ هُوَ وَشَخْصٌ آخَرُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا رَضِيت بِشَرِكَةِ فُلَانٍ وَحْدَهُ لَا شَرِكَتِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْحَلِفَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا أَيْضًا. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أُخْبِرَ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي فَرَضِيَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يُمْضِي مَا حَصَلَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي الْعَدَدِ كَذَا يَنْبَغِي وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ انْفِرَادِهِ أَيْ شَأْنِ انْفِرَادِهِ وَكَذَلِكَ تَكُونُ الشُّفْعَةُ فِيمَا إذَا أَسْقَطَ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ شُفْعَةَ مَحْجُورِهِ بِلَا نَظَرٍ فِي ذَلِكَ بَلْ كَانَ الْأَخْذُ بِهَا هُوَ النَّظَرُ لِلْمَحْجُورِ فَإِنَّهُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا وَأَبُوهُ وَالْقَاضِي كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ بِلَا نَظَرٍ أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ إسْقَاطَهُمَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى النَّظَرِ عِنْدَ الْجَهْلِ بِفِعْلِهِمَا وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يُحْمَلُ فِعْلُهُ عَلَى النَّظَرِ عِنْدَ الْجَهْلِ. (ص) وَشَفَعَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ أَبًا أَوْ وَصِيًّا إذَا كَانَ شَرِيكًا لِمَحْجُورِهِ فَبَاعَ حِصَّةَ الْمَحْجُورِ فَلَهُ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَكُونُ تَوَلِّيهِ الْبَيْعَ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ حِصَّةَ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ لِلْيَتِيمِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ بِرُخْصٍ لِأَخْذِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ بِغَلَاءٍ لِأَخْذِهِ لِمَحْجُورِهِ وَمَنْ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَانِ مُشْتَرِكَانِ فِي دَارٍ مَثَلًا وَبَاعَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِلْآخَرِ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَكُونُ تُوَلِّيهِ الْبَيْعَ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ. (ص) أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَحَلَفَ وَأَقَرَّ بَائِعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ سَاقِطَةٌ فِي هَذَا لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي وَالْحَالُ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ ثُبُوتُ الشِّرَاءِ لِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي لَهُ فَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي حَلَفَ الْبَائِعُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَأَوْلَى لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ. (ص) وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ بِمَعْنَى الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ مُسْتَحَقَّةٌ وَمَفْضُوضَةٌ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لَا عَلَى الرُّءُوسِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِشَرِكَتِهِمْ لَا لِعَدَدِهِمْ فَيَجِبُ تَفَاضُلُهُمْ فِيهَا بِتَفَاضُلِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا كَانَ الْعَقَارُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلِشَرِيكَيْهِ أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الثُّلُثِ ثُلُثَيْ الشِّقْصِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ السُّدُسِ ثُلُثَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ فَهِيَ عَلَى الرُّءُوسِ اتِّفَاقًا وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْأَنْصِبَاءُ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ وَانْظُرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ حِصَّتُهُ وَيَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشُّرَكَاءِ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ مِثَالُهُ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِأَحَدِهِمْ الرُّبْعُ وَلِلْآخَرِ الثُّمُنُ وَلِلْآخَرِ الثُّمُنُ أَيْضًا وَلِلْآخَرِ النِّصْفُ فَبَاعَهُ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ فَإِنَّ لِصَاحِبَيْ الثُّمُنَيْنِ أَنْ يَأْخُذَا بِالشُّفْعَةِ نِصْفَ الْمَبِيعِ   [حاشية العدوي] فَظَهَرَ أَنَّهُ أَشَدُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَشَدِّ أَقَلَّ وَإِنْ سَلَّمَ فِيمَا إذَا أَخْبَرَهُ بِالْأَشَدِّ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَخَفُّ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّسْلِيمُ وَالْمَوْزُونُ أَخَفُّ مِنْ الْمَكِيلِ وَالنَّقْدُ أَخَفُّ مِنْهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ غَابَ. (قَوْلُهُ وَمَنْ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَانِ إلَخْ) وَلَا يَحْتَاجُ لِرَفْعٍ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ وَقَوْلُهُ وَأَقَرَّ بَائِعُهُ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ وَمَفْهُومُ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ مَعَ إقْرَارِ الْبَائِعِ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِي ك) وَمِمَّا تَقَدَّمَ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي وَنَظَرَ ثَمَرَةَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَ بَعْضَ مُسْتَحِقِّ الشُّفْعَةِ بَعْضَ نَصِيبِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ ثُمَّ بَعْدَ بَيْعِهِ وَقَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَاعَ أَحَدُ الْبَاقِيَيْنِ نِصْفَ نَصِيبِهِ فَهَلْ يَشْتَرِكَانِ فِي أَخْذِ الثُّلُثِ الْمَبِيعِ أَوَّلًا بِالشُّفْعَةِ نَظَرًا إلَى نَصِيبِ كُلِّ يَوْمٍ وَقَعَ التَّبَايُعُ فِي الثُّلُثِ الْمَبِيعِ أَوْ لَا أَوْ أَنَّ مَنْ بَاعَ نِصْفَ نَصِيبِهِ لَهُ الثُّلُثُ بِالشُّفْعَةِ وَمَنْ لَمْ يُبَعْ لَهُ الثُّلُثَانِ فِيهَا نَظَرًا إلَى نَصِيبِ كُلِّ يَوْمِ الْقِيَامِ؟ خِلَافٌ ثُمَّ إنَّ مَنْ لَمْ يَبِعْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ نِصْفَ نَصِيبِ صَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 وَبَاقِيهِ لِمُشْتَرِيهِ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ فَقَوْلُهُ وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ أَيْ لِشَرِيكِ الْمُشْتَرِي وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلشَّفِيعِ بَدَلَ الشَّرِيكِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (ص) وَطُولِبَ بِالْأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ لَا قَبْلَهُ (ش) الْمَطَالِبُ بِكَسْرِ اللَّامِ هُوَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلُهُ وَالْمُطَالَبُ بِفَتْحِ اللَّامِ هُوَ الشَّفِيعُ أَوْ وَكِيلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ إذَا وَقَعَ فِي الشِّقْصِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ مُطَالَبَةُ الشَّفِيعِ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ أَوْ يَتْرُكَهَا أَيْ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْهَا لِمَا يَلْحَقُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الضَّرَرِ بِعَدَمِ التَّصَرُّفِ فِي الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ وَأَمَّا قَبْلَ صُدُورِ الْبَيْعِ فِي الشِّقْصِ فَإِنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِأَخْذٍ وَلَا بِتَرْكٍ وَإِذَا أَسْقَطَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَنْ وَهَبَ مَا لَا يَمْلِكُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ أَيْ لَا تَلْزَمُ وَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ (ش) وَلَوْ أَتَى بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ وَلِيُفِيدَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَقُّ فِيهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ وَأَيْضًا الشَّارِعُ فِي الْعِتْقِ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ فِي الْفُرُوجِ وَأَيْضًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْبَيْعِ النَّاشِئِ عَنْهُ الشُّفْعَةُ وَقَوْلُهُ وَطُولِبَ أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَرْكُ التَّصَرُّفِ حَتَّى يَعْلَمَ الشَّفِيعُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَرْكٌ حَتَّى يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ خِلَافًا لِفَتْوَى ابْنِ رِزْقٍ. (ص) وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ إذَا وَقَفَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ قَامَ الشَّفِيعُ فَلَهُ نَقْضُ الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ مَسْجِدًا وَكَذَلِكَ لَهُ نَقْضُ الْهِبَةِ وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ وَلَهُ إمْضَاءُ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَنْ يَرَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَفُوتُ بِذَلِكَ. (ص) وَالثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ إنْ عَلِمَ شَفِيعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا قَامَ وَنَقَضَ الْهِيَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ وَأَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الثَّمَنَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ يَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَوَهَبَهُ لِلْغَيْرِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ إنْ عَلِمَ شَفِيعُهُ أَيْ إنْ عَلِمَ الْوَاهِبُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِلْمَهُ بِعَيْنِهِ فَضَمِيرُ عَلِمَ لِلْوَاهِبِ وَالضَّمِيرُ فِي شَفِيعِهِ عَائِدٌ عَلَى الشِّقْصِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَعَبَّرَ بِعَلِمَ دُونَ عَرَفَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْعِلْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكُلِّيَّاتِ وَالْمَعْرِفَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجُزْئِيَّاتِ فَالْعِلْمُ مُتَعَلِّقٌ بِأَمْرٍ كُلِّيٍّ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ عَيْنَ شَفِيعِهِ. (ص) لَا إنْ وَهَبَ دَارًا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَهَبَهَا كُلَّهَا لِشَخْصٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَكُونُ ثَمَنُ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي مِلْكٌ عَلَيْهِ لِمَا ظَهَرَ فَهِبَتُهُ لَهُ كَالْعَدَمِ وَإِذَا كَانَ ثَمَنُ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْوَاهِبِ فَأَوْلَى الْمُسْتَحِقُّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لِلْوَاهِبِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ثَمَنُ النِّصْفِ الَّذِي تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْوَاهِبِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ تت فَقَوْلُهُ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا أَيْ بِمِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الْهِبَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِنِصْفِهَا وَضَمِيرُ وَهَبَ عَائِدٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُقَدَّرِ أَيْ لَا إنْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي دَارًا إلَخْ. (ص) وَمَلَكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ أَوْ إشْهَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَحَدِ أُمُورٍ إمَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِأَنَّهُ لَهُ وَإِمَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَأَمَّا بِإِشْهَادٍ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي مِلْكِ الشِّقْصِ وَأَمَّا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْأَخْذِ بِهَا فَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَطُولِبَ بِالْأَخْذِ) أَيْ أَوْ الْإِسْقَاطِ أَيْ الشَّفِيعُ لَا يُفِيدُ كَوْنَهُ مُشْتَرِيًا كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ أَيْ طَالَبَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ حَاكِمٍ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ لَا تُتَصَوَّرُ الْمُطَالَبَةُ قَبْلَهُ لِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ) أَيْ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ كَإِنْ اشْتَرَيْت أَنْتَ فَقَدْ أَسْقَطْت شُفْعَتِي (قَوْلُهُ إنَّ هَذَيْنِ الْحَقُّ فِيهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى) وَحَقُّ اللَّهِ أَوْكَدُ وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيًّا عَلَى التَّشَاحُحِ (قَوْلُهُ فِي الْفُرُوجِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ " النِّكَاحِ " وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الْفُرُوجِ ثُمَّ أَقُولُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ الَّذِي أَشَارَ بِأَيْضًا إنَّمَا هُوَ تَوْجِيهٌ لِلْفَرْقِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنَّ هَذَيْنِ الْحَقُّ فِيهِمَا لِلَّهِ (قَوْلُهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ سَبَبَهُ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ لَهُ بِخِلَافِ عَقْدِ الْبَيْعِ النَّاشِئِ عَنْهُ الشُّفْعَةُ فَلَيْسَ بِاخْتِيَارِيٍّ لَهُ لَكِنْ أَقُولُ شِرَاؤُهُ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ لَهُ فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَرْكُ) أَيْ تَرْكُ الْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي ك حَتَّى يُعْلِمَ الشَّرِيكَ أَيْ يُعْلِمُهُ بِأَنَّ غَرَضَهُ الْبَيْعُ لِلشِّقْصِ هَلْ لَك رَغْبَةٌ فِي شِرَائِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ) تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِلْفِيشِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ عب فِي الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَرْكُ التَّصَرُّفِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) أَيْ وَعِتْقٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نِصْفَ حَائِطٍ بِهِ عَبْدٌ مَثَلًا فَيُعْتِقُهُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا نَقَضَ الْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَ بِهِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) فِي عب وَمَحَلُّ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِعَدَمِ مَا ذَكَرَ مُخَالِفٌ يَرَى إبْطَالَ الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى سَبِيلِ التَّرَدُّدِ. (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ شَفِيعُهُ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالثَّمَنُ لَهُ لَا لِمُعْطَاهُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْتَقِدَ الْمُشْتَرِي أَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ لِبَائِعِهِ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ بَائِعَهُ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ قِسْمَةٌ وَأَنَّهُ بَاعَ مَا حَصَلَ لَهُ بِهَذَا (قَوْلُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي) هُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ شَفِيعُهُ) أَيْ إنْ عَلِمَ بِوُجُودِ شَفِيعِهِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ تت) فَإِنْ جَعَلَ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ إلَخْ. (ص) وَاسْتُعْجِلَ إنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرَى إلَّا كَسَاعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ يُطَالِبُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُسْتَعْجَلُ فِي الطَّلَبِ إذَا قَصَدَ ارْتِيَاءً أَيْ أَنْ يَتَرَوَّى فِي نَفْسِهِ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الشِّقْصِ الْمُشْتَرَى وَلَا يُمْهَلُ بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يُسْقِطَهَا إلَّا كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ إلَيْهَا فِي النَّظَرِ لِلْمُشْتَرَى وَهَذَا إذَا أَوْقَفَهُ الْإِمَامُ وَإِمَّا إنْ أَوْقَفَهُ غَيْرُهُ عَلَى شُفْعَتِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ قَاصِرٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرَى وَمَنْ رَجَعَهُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَقَدْ خَالَفَ النَّفَلَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّفِيعِ وَمَحَلِّ الشِّقْصِ كَسَاعَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ النَّظَرِ كَسَاعَةٍ لِأَنَّ مُدَّةَ النَّظَرِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ. (ص) وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ وَعَرَفَ الثَّمَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا عَرَفَ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ مِنْ الشَّرِيكِ وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ هَذَا الْأَخْذَ يَلْزَمُهُ أَيْ يَلْزَمُهُ حُكْمُ الشُّفْعَةِ قَالُوا مِنْ قَوْلِهِ وَعَرَفَ وَاوُ الْحَالِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الثَّمَنَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ وَيُجْبَرُ الشَّفِيعُ عَلَى رَدِّهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ لِئَلَّا يَكُونَ ابْتِدَاءَ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ اهـ. لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَيْعٌ وَإِذَا أَخَذَ قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ وَقُلْنَا بِفَسَادِهِ وَجَبَ رَدُّهُ فَلَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ. (ص) فَبِيعَ لِلثَّمَنِ (ش) الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ فَبِسَبَبِ اللُّزُومِ يُبَاعُ الشِّقْصُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ لِأَجْلِ الثَّمَنِ الَّذِي لِلْمُشْتَرِي وَبِعِبَارَةٍ فَبِيعَ لِلثَّمَنِ أَيْ فَبِيعَ مَمْلُوكُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِأَجْلِ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَأَتَى بِالْفَاءِ دُونَ ثُمَّ لِلْإِشَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ وَلَا سَاعَةً وَلَوْ قَالَ فَبِيعَ لَهُ كَانَ أَخْصَرَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَبِيعَ لِلثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ وَفِي النَّقْلِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ التَّأْجِيلِ أَيْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ. (ص) وَالْمُشْتَرِيَ إنْ سَلَّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ سَلَّمْت الشِّقْصَ لِلشَّفِيعِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ رُجُوعٌ فَقَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِيَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْمُولِ لَزِمَ فَإِنْ امْتَنَعَ وَلَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ. (ص) فَإِنْ سَكَتَ فَلَهُ نَقْضُهُ (ش) أَيْ فَإِنْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ يُرِيدُ وَلَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ نَقْضُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ شُفْعَتِهِ وَلَهُ بَيْعُ مَا لِلشَّفِيعِ فِي ثَمَنِهِ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ وَبِعِبَارَةٍ فَلَهُ نَقْضُهُ أَيْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ أَتَى بِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَمَحَلُّ نَقْضِهِ مَا لَمْ يَحْصُلْ حُكْمٌ بِعَدَمِ نَقْضِهِ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ إحْدَاهَا أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْت وَقَدْ عَرَفَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِيَ وَفِي هَذِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ ثُمَّ يَبِيعُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ مِنْ مَتَاعِ الشَّفِيعِ مَا هُوَ أَوْلَى بِالْبَيْعِ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْت وَيَسْكُتَ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ بِاجْتِهَادِهِ وَاذَا مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى طَلَبِ الثَّمَنِ فَيُبَاعُ لَهُ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ بِقَدْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ أَخْذَ الشَّفِيعِ وَيُبْقِيَ الشِّقْصَ لِنَفْسِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ سَكَتَ إلَخْ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْت وَيَأْبَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنْ عَجَّلَ لَهُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ جُبِرَ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ حَيْثُ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ. (ص) وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُ أُجِّلَ ثَلَاثًا لِلنَّقْدِ وَإِلَّا سَقَطَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا طُولِبَ بِالْأَخْذِ فَقَالَ أَنَا آخُذُهُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنَا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ أَتَى بِهِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ وَرَجَعَ الشِّقْصُ لِلْمُشْتَرِي. (ص) وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ وَالْبَائِعُ لَمْ تُبَعَّضْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اتَّحَدَتْ وَالْمُشْتَرِي أَيْضًا مُتَّحِدٌ وَالْحِصَصُ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْبَائِعُ أَيْضًا مُتَعَدِّدٌ وَأَوْلَى إذَا اتَّحَدَ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ الْمُتَّحِدِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْحِصَصَ كُلَّهَا أَوْ اُتْرُكْهَا كُلَّهَا مِثَالُ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] بِالشُّفْعَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ ارْتِيَاءً) مِنْ الرَّأْيِ وَقَوْلُهُ اسْتَعْجَلَ أَيْ اسْتَعْجَلَهُ الْمُشْتَرِي بِالْأَخْذِ وَالتَّرْكِ لَا بِطَلَبِ الثَّمَنِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ (قَوْلُهُ ارْتِيَاءً) أَيْ تَرَوِّيًا فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ (قَوْلُهُ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ) هِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ دَائِمًا لَا الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَنِ مِنْ مُسَاوَاةِ الْفَلَكِيَّةِ تَارَةً أَوْ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ عَنْهَا تَارَةً أُخْرَى وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ مَسَافَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَقَلَّ مِنْ كَسَاعَةٍ هَلْ يُؤَخِّرُ كَسَاعَةٍ وَمِقْدَارُ مُدَّةِ النَّظَرِ أَوْ لَا يُؤَخِّرُ إلَّا مِقْدَارَ الْمَسَافَةِ وَمُدَّةَ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ وَطُولِبَ وَقَوْلُهُ وَاسْتُعْجِلَ إلَخْ مُخَصَّصَانِ لِقَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ شَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ وَإِلَّا سَنَةً أَيْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُشْتَرِي وَيَسْتَعْجِلْهُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِهِ لَهُ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَخْذَ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ يُبَاعُ الشِّقْصُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ لِلثَّمَنِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ الشَّفِيعُ وَيُبَاعُ مِنْ مَالِهِ مَا هُوَ أَوْلَى بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ كَذَا يَنْبَغِي وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الشِّقْصِ حَيْثُ بِيعَ لِأَجْلِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ التَّسْلِيمِ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ. (قَوْلُهُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ) أَيْ مَعَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ أَنَا آخُذُ) مُضَارِعًا أَوْ اسْمَ فَاعِلٍ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَمْ يُؤَجَّلْ الشَّفِيعُ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ سَكَتَ فَلَيْسَتْ كَالْأُولَى لِأَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الشَّفِيعِ ظَاهِرٌ فِي الْوَعْدِ حَتَّى فِي صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِاحْتِمَالِ إطْلَاقِهِ عَلَى مَا سَيَحْصُلُ مِنْهُ أَخْذٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَتْ) كَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 أَنْ يَكُونَ لِثَلَاثَةٍ مَعَ رَابِعٍ شَرِكَةٌ هَذَا يُشَارِكُهُ فِي دَارٍ وَهَذَا يُشَارِكُهُ فِي حَانُوتٍ وَهَذَا يُشَارِكُهُ فِي بُسْتَانٍ فَبَاعَ الثَّلَاثَةُ أَنْصِبَاءَهُمْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ رَجُلٍ فَقَامَ الشَّرِيكُ وَأَرَادَ أَنْ يَشْفَعَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ دُونَ بَعْضٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُبَعِّضُ عَلَى الْمُشْتَرِي صَفْقَتَهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكُ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَرْضَى الْبَائِعُونَ أَيْضًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ أَيْ الْعُقْدَةُ بِأَنْ كَانَتْ وَاحِدَةً أَيْ وَالثَّمَنُ مُتَّحِدٌ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً فَقَوْلُهُ وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ وَأَوْلَى لَوْ اتَّحَدَتْ فَالْمَدَارُ عَلَى اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ. (ص) كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ (ش) أَيْ وَالصَّفْقَةُ وَاحِدَةٌ وَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ وَالْمَعْنَى كَعَدَمِ التَّبْعِيضِ فِي حَالِ تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ مِنْ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ لِجَمَاعَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَمَيَّزَ لِكُلِّ مُشْتَرٍ مَا يَخُصُّهُ وَسَوَاءٌ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ أَوْ اتَّحَدَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْجَمِيعِ أَوْ يَدَعَ الْجَمِيعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ إلَّا أَنْ يَرْضَى مَنْ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ. (ص) وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ إذَا أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا فَإِنْ يُقَلْ لَهُ إمَّا أَنْ تَتْرُكَ الْحِصَصَ كُلَّهَا أَوْ تَأْخُذَهَا كُلَّهَا فَقَوْلُهُ وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ عَطْفٌ عَلَى كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِمْ لِلشُّفَعَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (أَوْ غَابَ) لِبَعْضِهِمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ غَائِبًا وَبَعْضُهُمْ حَاضِرًا وَأَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ بِالشُّفْعَةِ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَصَ كُلَّهَا أَوْ يَتْرُكَهَا وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ حِصَّتِي فَإِذَا قَدِمَ أَصْحَابِي فَإِنْ أَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ وَإِلَّا أَخَذْت لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ فَإِنْ سَلَّمَ فَلَا أَخْذَ لَهُ مَعَ أَصْحَابِهِ إنْ قَدِمُوا وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعُوا فَإِنْ سَلَّمُوا إلَّا وَاحِدًا قِيلَ لَهُ خُذْ الْجَمِيعَ وَإِلَّا دَعْ وَلَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا كُلُّهُمْ مَعَهُ إنْ أَحَبُّوا وَالصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ كَالْغَائِبِ وَبُلُوغُهُ كَقُدُومِ الْغَاصِبِ. (ص) أَوْ أَرَادَهُ الْمُشْتَرِي (ش) الْهَاءُ تَرْجِعُ لِلتَّبْعِيضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ لِلشَّفِيعِ خُذْ بِالشُّفْعَةِ بَعْضَ الْحِصَصِ وَاتْرُكْ بَعْضَهَا وَأَرَادَ التَّبْعِيضَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ وَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ فِي الْأَخْذِ لِكُلٍّ كَمَا إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ التَّبْعِيضَ وَأَبَى الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي التَّبْعِيضَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا لِعَدَمِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَلِمَنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ (ش) أَيْ وَلِمَنْ قَدِمَ حِصَّتُهُ لَا مَنْ كَانَ حَاضِرًا لِأَنَّهُ مَرَّ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ وَبِعِبَارَةٍ وَلِمَنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَا حِصَّتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ حُضُورِ الْجَمِيعِ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِوَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ قِيرَاطًا وَلِآخَرَ سِتَّةٌ وَلِآخَرَ ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ مَعَ حُضُورِ صَاحِبِ الثَّمَنِ فَأَخَذَ ذَلِكَ ثُمَّ قَدِمَ صَاحِبُ الرُّبْعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ لِصَاحِبِ السِّتَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَلِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا قَدِمَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الثَّمَانِيَةِ اثْنَيْنِ وَمِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدًا اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ. (ص) وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ (ش) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِهِ تَصْلُحُ الْمَسْأَلَةُ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوْلَى لِلتَّخْيِيرِ وَأَوْ فِي الثَّانِيَةِ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ أَيْ هَلْ عُهْدَةُ هَذَا الْقَادِمِ وَهِيَ ضَمَانُ دَرْكِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ عَلَى الشَّفِيعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَقَطْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهَا يَكُونُ الْمُؤَلِّفُ طَوَى التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ أَيْ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ تَأْوِيلَانِ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِهِ مِنْهَا قَوْلُهُ وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ وَالثَّانِي مَطْوِيٌّ أَيْ أَوْ لَا يَفْعَلُ بِهِمَا شَيْئًا كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِ مَنْ   [حاشية العدوي] أَتَى بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ. (قَوْلُهُ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا زَادَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِقُوَّةِ مُقَابِلِهِ بِالتَّبْعِيضِ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونِسِيُّ. (قَوْلُهُ وَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ وَالْمَعْنَى كَعَدَمِ التَّبْعِيضِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْمَعْنَى إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا تَتَبَعَّضُ الصَّفْقَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ) أَيْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقُونَ شُفْعَتَهُمْ أَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ الْأَخْذِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقُونَ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ أَخَذَ جَمِيعُهُمْ بِهَا ثُمَّ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ لِلْمُشْتَرِي حِصَّتُهُ وَقَبْلَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُهَا لِأَحَدِ الشُّفَعَاءِ لِأَنَّ قَبُولَهُ لِحِصَّةِ الْمُسْقَطِ رِضًا مِنْهُ بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا يَكُونُ الْمُؤَلِّفُ طَوَى التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِغَيْرِ مَذْكُورٍ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) فِي كَوْنِهِ وِفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ بِالتَّخْيِيرِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ خِلَافًا كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَقَطْ لَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ عَلَى إثْبَاتِهَا لَمْ يَأْتِ وِفَاقٌ بَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَعَلَى إسْقَاطِهَا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ إنْ شَاءَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَكْتُبُهَا عَلَى الشَّفِيعِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 حَضَرَ مَنْ غَيْبَتِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الثَّانِي فَقَطْ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ كَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ إلَّا عَلَى الْمُشْتَرِي لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَوْ أَقَالَهُ) أَيْ وَلَوْ تَقَايَلَ (الْبَائِع) وَالْمُشْتَرِي مِنْ السِّلْعَةِ الَّتِي فِيهَا الشَّفِيعُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ لَغْوٌ فَلَيْسَتْ بَيْعًا وَلَا نَقْضًا وَبِعِبَارَةٍ وَكَوْنُ الشَّفِيعِ يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَإِلَّا لَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ وَلَا عَلَى أَنَّهَا نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ شُفْعَةٌ إذْ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي أَيْ أَنَّهَا نَقْضٌ لِلْبَيْعِ لَكِنْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ يُرَاعَى فِيهَا ذَلِكَ وَلِذَا لَمْ يَأْخُذْ بِأَيِّ بَيْعٍ وَإِنَّمَا ثَبَتَتْ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّفِيعِ بِالْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَإِذَا حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ بَيْعًا حَادِثًا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهَا) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إسْقَاطِ شُفْعَتِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي إسْقَاطُهَا عَنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ الْأَخْذَ عَنْ الْمُشْتَرِي صَارَ شَرِيكًا فَإِذَا بَاعَ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ وَهَذَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّفِيعِ تَسْلِيمٌ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصِ بَيْعٍ قَطْعًا وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ لَا لِقَوْلِهِ وَلَوْ أَقَالَهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ وَإِنْ كَأُخْتٍ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسَهَا (ش) الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْأَخَصَّ وَهُوَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ يُقَدَّمُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَعَمِّ وَيَخْتَصُّ بِالشُّفْعَةِ فَإِذَا مَاتَ إنْسَانٌ وَتَرَكَ وَرَثَةً كَزَوْجَتَيْنِ وَجَدَّتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ أَوْ عَاصِبًا وَزَوْجَتَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ نَصِيبَهَا مِنْ الْعَقَارِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ أَوْ الْجَدَّةَ تَخْتَصُّ بِالشُّفْعَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْمُشَارِكَةُ فِي السَّهْمِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فَإِنَّ الْأُخْتَ تَخْتَصُّ بِالشُّفْعَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْمُشَارِكَةُ فِي السَّهْمِ وَإِنْ كَانَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ أُخْتًا لِأَبٍ أَوْ بِنْتَ ابْنٍ أَخَذَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا السُّدُسَ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى غَيْرِ الْمُشَارِكِ حَيْثُ بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ أَوْ الْبِنْتُ قَالَ فِيهَا وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَخَذَتْ الشَّقِيقَةُ النِّصْفَ وَالْأُخْتَانِ لِلْأَبِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ بَيْنَ الْأُخْتِ الَّتِي لِلْأَبِ وَبَيْنَ الشَّقِيقَةِ إذْ هُمَا أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ وَلَا دُخُولَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَهُمَا وَعَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الَّتِي لِلْأَبِ أَوْلَى بِهِ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ، وَلَوْ كَانَتْ الَّتِي لِلْأَبِ وَاحِدَةً فَبَاعَتْ الشَّقِيقَةُ فَإِنَّ الَّتِي لِلْأَبِ تَخْتَصُّ بِنَصِيبِهَا وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ دُونَ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ إذَا بَاعَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ هُنَا أَيْضًا عَدَمُ دُخُولِ الشَّقِيقَةِ عَلَى الَّتِي لِلْأَبِ لِأَنَّ الشَّقِيقَةَ هِيَ الْأَصْلُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ الدُّخُولِ كَمَا فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ لِأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ فَهِيَ أَضْعَفُ فَلِذَلِكَ اعْتَنَى بِشَأْنِ مَا ذَكَرَهُ وَتَرَكَ هَذَا. (ص) وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ (ش) أَيْ وَدَخَلَ الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَيِّتٍ عَنْ بَنَاتٍ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ أَوْلَادٍ فَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ دَخَلَ مَعَ الْأُخْرَى أَوْلَادُ الْمَيِّتَةِ وَإِذَا بَاعَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمَيِّتَةِ لَمْ يَدْخُلْ فِي حِصَّتِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ بَاقِي الْخَالَاتِ وَإِنَّمَا كَانَ أَصْحَابُ الْوِرَاثَةِ السُّفْلَى أَخَصَّ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (ص) كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ (ش) أَيْ لَيْسَ ذَا سَهْمٍ كَمَيِّتٍ عَنْ ابْنَتَيْنِ وَعَمَّيْنِ بَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ نَصِيبَهُ فَهُوَ لِلْجَمِيعِ وَلَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ نَصِيبُهُمَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا إذْ مَا لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَالزَّوْجَاتُ اللَّاتِي لَهُنَّ الثُّمُنُ مَعَ ابْنٍ إذَا بَاعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُنَّ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّةِ الزَّوْجَاتِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْعَاصِبِ حَيْثُ كَانَ نَصِيبُ الْوَلَدِ مَعَ نَصِيبِهِنَّ يَنْقَسِمُ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً عَلَى الثُّمُنِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ النَّصِيبَيْنِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى الثُّمُنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ) أَيْ الْبَائِعُ لَا الشَّفِيعُ خِلَافًا لتت (قَوْلُهُ وَإِنْ كَأُخْتٍ لِأَبٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأُخْتِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْأَخَوَاتُ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ اللَّاتِي أَدْخَلَتْهُنَّ الْكَافُ فَإِنْ قُلْت الْأُخْتُ الَّتِي لِلْأَبِ لَيْسَتْ مُشَارِكَةً فِي السَّهْمِ إذْ فَرْضُ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَأَمَّا السُّدُسُ فَهُوَ فَرْضٌ آخَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَرْضًا آخَرَ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا كَاَلَّذِي لِلْجَدِّ مَثَلًا لَا إنْ كَانَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ. (قَوْلُهُ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ أَوْلَادٍ) عِبَارَةُ عب مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ بَنَاتٍ وَفِيهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَاعَتْ إحْدَى أَخَوَاتِ الْمَيِّتَةِ أَيْ مَا وَرِثَتْهُ مِنْ الْمَيِّتَةِ لَا مِنْ أَبِي الْبَائِعِ (أَقُولُ) الصَّوَابُ مِنْ أَبِي الْبَائِعَةِ ثُمَّ وَجَدْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ) عَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ) الْأُولَى شَبَّهَ بِهِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَدَخَلَ الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ كَمَا فِي شب أَنْ يَكُونَ مِثَالًا وَعَلَيْهِ دَرَجَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهُ قَالَ وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ وَالْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَإِنَّهُ أَخَصُّ مِمَّنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَمَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَسْفَلَ فَإِنَّ مَنْ يَرِثُ بِوَارِثَةِ أَعْلَى أَعَمُّ مِنْهُ. (تَنْبِيهٌ) : كَمَا يَدْخُلُ الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْهُمْ كَذَلِكَ يَدْخُلُ الْأَخَصُّ مِنْ الْعَصَبَةِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْهُمْ كَمَيِّتٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 يَخْتَصُّ بِهِ الْعَمُّ (ص) وَوَارِثٍ عَلَى مُوصَى لَهُمْ (ش) أَيْ أَنَّ الْوَارِثَ يَدْخُلُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَقَارِ فَإِذَا أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ بِثُلُثِ حَائِطِهِ وَمَاتَ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَالْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ فَقَوْلُهُ وَوَارِثٌ يَتَعَيَّنُ عَطْفُهُ عَلَى فَاعِلِ دَخَلَ أَيْ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ أَيْ وَدَخَلَ وَارِثٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى فَاعِلِ قُدِّمَ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ. (ص) ثُمَّ الْوَارِثُ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُشَارِكٍ وَالْوَارِثُ يَشْمَلُ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَعَلَيْهِ فَالْمَرَاتِبُ ثَلَاثَةٌ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ ثُمَّ الْوَارِثُ وَلَوْ عَاصِبًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ أَخَذَ الْوَارِثُ وَسَوَاءٌ صَاحِبُ الْفَرْضِ وَالْعَاصِبُ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ وَهَذَا نَحْوُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا لِصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعَةٌ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ ثُمَّ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ غَيْرِ الْمُشَارِكِ فِي السَّهْمِ ثُمَّ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ فَإِذَا كَانَتْ بُقْعَةٌ لِرَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ زَوْجَتَيْنِ وَعَنْ أُخْتَيْنِ وَعَنْ عَمَّيْنِ فَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْأُخْرَى بِأَخْذِ نَصِيبِهَا فَإِذَا أَسْقَطَتْ فَالشُّفْعَةُ لِلْأُخْتَيْنِ فَإِذَا أَسْقَطَتَا فَالشُّفْعَةُ لِلْعَمَّيْنِ فَإِذَا أَسْقَطَا فَلِلْأَجْنَبِيِّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ فَإِذَا أَسْقَطَتْ الزَّوْجَةُ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْأُخْتَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَإِذَا أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالْحَقُّ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَمَا فِي الشَّارِحِ وَالتَّوْضِيحِ مُعْتَرَضٌ. (ص) وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَكَرَّرَ فِي الشِّقْصِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَعُهْدَتُهُ وَهِيَ ضَمَانُ الشِّقْصِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَنْ أَخَذَ بَيْعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِينَ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَمَا إذَا كَانَ عِشْرِينَ مَثَلًا وَالْأَخِيرُ عَشَرَةً فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلْأَخِيرِ عَشَرَةً وَيَدْفَعُ الْعَشَرَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ دَفَعَ لَهُ عَشَرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ إلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ وَلَا يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ الشِّقْصَ مِنْ يَدِهِ وَلَا عَلَى مُطْلَقِ مُشْتَرٍ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ فَقَوْلُهُ وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ أَيْ بِثَمَنِ أَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ أَمْ لَا وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِالْأَخِيرِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِشَرِكَةِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ وَجَزَمَ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ هُنَا ح. (ص) وَنَقَضَ مَا بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَ بِبَيْعٍ مِنْ الْبِيَاعَاتِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَيُثْبِتُ مَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ أَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نَقَضَ الْجَمِيعَ وَبِالْوَسَطِ صَحَّ مَا قَبْلَهُ وَنَقَضَ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتُ كُلُّهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ الْأَوَّلَ صَحَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَنَقَضَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ إنْ أَجَازَ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِلْكُهُ ثَابِتٌ بِالْأَصَالَةِ أَيْ أَنَّ الْمُلْكَ لَهُ بِالْأَصَالَةِ فَإِذَا أَجَازَ تَصَرُّفَ غَيْرِ الْأَوَّلِ صَحَّ كُلُّ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَنَقَضَ مَا قَبْلَهُ وَأَنَّ الشَّفِيعَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ فَإِذَا أَخَذَ بِوَاحِدٍ نَقَضَ مَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ أَخْذِهِ بِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُجِيزٍ لَهُ وَصَحَّ مَا قَبْلَهُ لِإِجَازَتِهِ لَهُ بِإِجَازَةِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ. (ص) وَلَهُ غَلَّتُهُ وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ غَلَّةَ الشِّقْصِ الْمُشْتَرَى لِمُشْتَرِيهِ إلَى قِيَامِ الشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا وَجَدَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِي أَكْرَى الشِّقْصَ فَهَلْ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَمَنْشَؤُهُ هَلْ الشُّفْعَةُ كَالْبَيْعِ   [حاشية العدوي] عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ أَخُوهُ بِنَصِيبِهِ وَلَا يَدْخُلُ عَمَّاهُ مَعَهُ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ دَخَلَا مَعَ عَمِّهِمَا قَالَ فِي ك وَيُمْكِنُ أَنْ يُعَمِّمَ فِي قَوْلِهِ وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْوَارِثِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ دَارًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ وَرَثَةً فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَخْتَصُّ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فَيَدْخُلُ الْأَجْنَبِيُّ. (قَوْلُهُ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَالْوَرَثَةِ) فَإِنْ أَسْقَطَ الْوَرَثَةُ حَقَّهُمْ اخْتَصَّ بِهِ بَقِيَّةُ الْمُوصَى لَهُمْ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ يَكْتُبُهَا عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَخَذَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَدْفَعُ فِي الْأَوَّلِ عَشَرَةً لِمَنْ الشِّقْصُ بِيَدِهِ وَيَدْفَعُ فِي الثَّانِيَةِ عِشْرِينَ لِمَنْ الشِّقْصُ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ قَالَ وَعُهْدَتُهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ عَنْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَنَاوَلُ الثَّمَنَ مِنْ الشَّفِيعِ وَيُسَلِّمُهُ الشِّقْصَ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ هُنَا ح) وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ وَهُوَ فِي شب وَهُوَ وَجِيهٌ (قَوْلُهُ وَنَقَضَ مَا بَعْدَهُ) وَمَعْنَى نَقْضِهِ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ (قَوْلُهُ وَلَهُ غَلَّتُهُ) أَيْ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) أَيْ وَفِي جَوَازِ فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ فَوَافَقَ النَّقْلَ (قَوْلُهُ هَلْ الشُّفْعَةُ كَالْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ هَلْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَالْبَيْعِ أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ الشِّقْصَ لِلشَّفِيعِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْكِرَاءِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا يَجُوزُ وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى عَامٍ اُتُّفِقَ عَلَى الْفَسْخِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِمْضَاءِ تَكُونُ الْأُجْرَةُ وَلَوْ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ آخِرًا وَانْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الشُّبْهَةِ لِلْحُكْمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا أَقْوَى مِنْ ذِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 أَوْ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ وَعَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ لِأَنَّهُ بَاعَ شَيْئًا مُكْتَرًى وَكِرَاؤُهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ كِرَاءُ الْمُشْتَرِي أَوْ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كِرَاءُ الشِّقْصِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْمُكْرِي هُوَ الْمُشْتَرِي وَكِرَاءٌ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ وَالتَّرَدُّدُ هَلْ يَتَحَتَّمُ الْإِمْضَاءُ أَوْ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسْخِ يَكُونُ الْكِرَاءُ لِلشَّفِيعِ وَعَلَى الْآخَرِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَحَصَلَ النَّقْدُ فِيهَا وَإِلَّا فُسِخَ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ. (ص) وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَضْمَنُ لِلشَّفِيعِ نَقْصَ الشِّقْصِ أَيْ مَا حَدَثَ فِيهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ مَا نَقَصَ بِتَغَيُّرِ ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ فَإِذَا هَدَمَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ لِيَبْنِيَهُ أَوْ لِتَوْسِعَةٍ فَإِمَّا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مَهْدُومًا مَعَ نَقْضِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِمَّا تَرَكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ قَالَ عِيَاضٌ أَمَّا لَوْ هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي عَبَثًا أَوْ لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ ضَامِنًا لِأَنَّ الْخَطَأَ أَوْ الْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (ص) فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ (ش) الضَّمِيرُ فِي هَدَمَ وَبَنَى وَلَهُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا هَدَمَ الشِّقْصَ وَبَنَاهُ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الْبِنَاءَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَالِاشْتِرَاءِ وَيَدْفَعُ أَيْضًا لِلْمُشْتَرِي مَا يَخُصُّ الْعَرْصَةَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَيُوضَعُ عَنْ الشَّفِيعِ مَا يُقَابِلُ النُّقْضَ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ وَمَا قِيمَةُ النُّقْضِ مَهْدُومًا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا فَمَا قَابَلَ الْعَرْصَةَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ لِلْمُشْتَرِي وَمَا قَابَلَ النُّقْضَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَالنُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ أَيْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ مَا يَخُصُّ الْعَرْصَةَ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ وَيُسْقِطُ عَنْهُ مَا يَخُصُّ النُّقْضَ مِنْ الثَّمَنِ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ النُّقْضِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ أَيْضًا فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ لِلنُّقْضِ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ. (ص) إمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ أَوْ قَاضٍ عَنْهُ أَوْ تَرَكَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا (ش) هَذِهِ أَجْوِبَةٌ لِلْأَشْيَاخِ عَنْ سُؤَالٍ مُقَرَّرٍ سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ كَيْفَ يُمْكِنُ إحْدَاثُ بِنَاءٍ فِي مَشَاعٍ مَعَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا لِأَنَّ الشَّفِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا سَاكِنًا عَالِمًا فَقَدْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ أَوْ غَائِبًا فَالْبَانِي مُتَعَدٍّ فِي بِنَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا فَمِنْ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْأَمْرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ كَانَ غَائِبًا وَالْعَقَارُ لِشُرَكَاءَ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ لِشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ وَتَرَكَ الْحَاضِرُونَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَطَلَبُوا الْمُقَاسَمَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي فَقَاسَمَ وَكِيلُ الْغَائِبِ عَنْهُ أَوْ الْقَاضِي بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ وَضَرَبَ الْأَجَلَ وَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ   [حاشية العدوي] الشُّبْهَةِ لِتَجْوِيزِهِ عَدَمَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْكِرَاءِ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ مَا نَشَأَ عَنْهُ كَأَنَّهُ حَصَلَ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّرَدُّدَ الثَّانِيَ هُوَ الْمَذْهَبُ فَالتَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقًا ضَعْفُ الْمَبْنَى كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ مَا حَدَثَ فِيهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ) كَأَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ مَطَرٌ فَهَدَمَهُ أَوْ سَقَطَ بِزَلْزَلَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ مَا نَقَصَ فَإِنَّمَا حَصَلَ فِيهِ تَغَيُّرٌ بِدُونِ هَدْمٍ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ) عَلِمَ بِالشَّفِيعِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ) لَا يُقَالُ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ عَلِمَ بِآخِرَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا وَيَقُولُ مَا لَمْ يَحْصُلْ هَدْمٌ وَبِنَاءٌ أَيْ فَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُصُولَهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الَّذِي كَانَ مَبْنِيًّا وَهَدَمَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُعِدْهُ فِي بِنَائِهِ فَيَأْخُذُ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِالشِّرَاءِ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَإِنْ أَعَادَهُ فِي بِنَائِهِ أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَهْلَكَهُ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ مَا قَابَلَ قِيمَتَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا مَعَ مَا قَابَلَ قِيمَةَ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا قَابَلَ قِيمَةَ النُّقْضِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ بَاعَهُ أَوْ أَهْلَكَهُ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ قِيمَةِ النُّقْضِ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا (قَوْلُهُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) تَعْلِيلٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا يَوْمَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالنُّقْضُ يُنْظَرُ لِحَالِهِ يَوْمَ شِرَائِهِ (قَوْلُهُ وَيُوضَعُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ وَمَعْنَى لَهُ النُّقْضُ عِنْدَ فَوَاتِهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ) فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْمِثَالِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا سِتُّونَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَخَمْسُونَ الَّتِي تَنُوبُ الْعَرْصَةَ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يَدْفَعُ مِائَةً وَعَشَرَةً وَأَمَّا مَا يَخُصُّ النُّقْضَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ لَا يُطَالَبُ بِهَا الشَّفِيعُ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي جَعَلَهُ فِي الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ) حَيْثُ كَانَ يُقْرِئُ فِي جَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَائِلُهُ بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ (قَوْلُهُ فَقَاسَمَهُ وَكِيلُهُ الْغَائِبُ) أَيْ وَكِيلُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا لَا فِي خُصُوصِ الشِّقْصِ فَقَطْ أَيْ وَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْمُقَاسَمَةِ مَعَ شُرَكَائِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْقَاضِي) أَيْ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ بِأَنْ يَرْفَعَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي بِطَلَبِ الْقَسْمِ وَقَسْمُهُ عَلَى الْغَائِبْ جَائِزٌ أَيْ قَاسَمَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرِيكُ غَائِبٍ لَا عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ إذْ لَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 بِالشُّفْعَةِ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي قَائِمًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَكَوْنُ قِسْمَةِ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ لَا تُسْقِطُ شُفْعَتَهُ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُهُ يَرَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مَخْصُوصًا أَوْ مُفَوَّضًا وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مُقَاسَمَةَ الْمُفَوَّضَ تُسْقِطُ شُفْعَةَ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَهُ مُوَكِّلِهِ وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ أَنْ يَتْرُكَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ لِإِخْبَارِ مَنْ أَخْبَرَهُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ فَلَمَّا بَنَى وَهَدَمَ الْمُشْتَرِي تَبَيَّنَ الْكَذِبُ فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرَى قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَالْكَاذِبُ غَيْرُ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَبِعِبَارَةٍ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ أَيْ شَأْنِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ يَحْصُلَ الْكَذِبُ فِي زِيَادَتِهِ أَوْ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ حَصَلَ الشِّقْصُ بِهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَذِبُ فِي الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ أَوْ الْكَسْرِ أَوْ انْفِرَادِهِ كَالْكَذِبِ فِي الثَّمَنِ وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا فَهَدَمَ وَبَنَى ثُمَّ اسْتَحَقَّ شَخْصٌ نِصْفَهَا مَثَلًا ثُمَّ أَخَذَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ. (ص) وَحَطَّ مَا حَطَّ لِعَيْبٍ أَوْ لِهِبَةٍ إنْ حَطَّ عَادَةً أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ مِقْدَارَ مَا حَطَّهُ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ وَكَذَلِكَ يَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ مَا حَطَّهُ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَطِيطَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَيْنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ يَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ مَا حَطَّهُ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ تَبَرُّعًا مِنْ عَادَةٍ إذَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَطِيطَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِهِبَةٍ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ لِمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ أَشْبَهَ مَفْهُومَ إنْ حَطَّ عَادَةً أَيْ أَوْ لَمْ يَحُطَّ عَادَةً وَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي ثَمَنًا فَلَوْ لَمْ يُشْبِهُ كَوْنَ الْبَاقِي ثَمَنًا لَا يُحَطُّ شَيْءٌ. (ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا رَجَعَ الْبَائِعَ قِيمَةُ شِقْصِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا إلَّا النَّقْدَ فَمِثْلُهُ وَلَمْ يَنْتَقِضْ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ فِي الشِّقْصِ وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى عَيْنِهِ وَهُوَ مُقَوَّمٌ أَوْ مِثْلِيٌّ مِنْ غَيْرِ النَّقْدِ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْبَائِعُ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ أَوْ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ كَمَا مَرَّ أَوْ رَدَّهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ عَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ شِقْصِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ الشِّقْصَ وَبَدَلَهُ خَرَجَا مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَاسْتُحِقَّ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ لِأَجْلِ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلَمْ يَنْتَقِضْ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ وَهُوَ مِثْلُ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ النَّقْدِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ أَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ عَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ نَقْدًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَسْكُوكًا فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَقَوْلُنَا وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى عَيْنِهِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى عَيْنِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَيْ إنْ فَاتَ وَقَدْ فَاتَ هُنَا بِأَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الْمَسْكُوكَ فَالْمِثْلِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَرْضِ لَا النَّقْدِ وَلِذَا بَالَغَ عَلَى الْمِثْلِيِّ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَنْتَقِضْ إلَخْ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ سَلِيمًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ وَقِيلَ يَنْتَقِضُ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمِثْلِ مَا دَفَعَهُ فِي الشِّقْصِ وَهُوَ قِيمَتُهُ. (ص) وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهَا بَطَلَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الثَّمَنِ أَوْ الرَّدِّ فِيهِ بِعَيْبٍ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ أَيْ لَا شُفْعَةَ لَهُ لَا لِانْتِقَاضِ الْبَيْع حِينَئِذٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالشُّفْعَةُ فَرْعُ صِحَّةِ الْمِلْكِ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ نَقْدًا كَمَا مَرَّ. (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ   [حاشية العدوي] عَلِمَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ جَازَ لَمَا تَقَرَّرَ لَهُ شُفْعَةٌ إذَا قَدِمَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ الْعُمُومَ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يُحَطُّ إلَخْ) حَلَّهُ عج وَتَبِعَهُ عب بِخِلَافِهِ فَيُرْجَعُ لَهُ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِمَنْ شَرَحَ الْمُدَوَّنَةَ فَقَالَ أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ إلَخْ أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ عَلَى أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ فِيمَا مَضَى بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَبِمَعْنَى الْوَاوِ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ بِأَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِيطَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا وَلَوْ قَالَ عَقِبَ عَادَةٍ وَفِيهَا أَيْضًا إنْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ، وَهَلْ خِلَافٌ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّوْفِيقِ عَلَى مَا قَالَ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْحَسَنِ لَقَالَ أَوْ بِهِبَةٍ إنْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَيُمْكِنُ جَعْلُ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَشْبَهَ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قَالَ وَتَكُونُ تَفْسِيرِيَّةً وَتَكُونُ إشَارَةً لِلْخِلَافِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ لِهِبَةٍ اهـ. . (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا) أَيْ أَوْ نَقْدًا غَيْرَ مَسْكُوكٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْتَقِضْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الشِّقْصِ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ كَثِيرًا أَوْ أَنْقَصَ عَنْهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ طَرَأَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَشْبَهَ إنْ حَقَّقَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ يَقُولَ أَنَا كُنْت حَاضِرَ الْبَيْعِ وَأَنَّ الثَّمَنَ أَقَلُّ مِمَّا قُلْت فَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْأَشْهَرِ كَمَا فِي الشَّامِلِ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّهَمًا وَقَوْلُهُ (ص) كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ فِي مُجَاوَرِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَلِكَ أَوْ الْقَاضِيَ إذَا رَغِبَ فِي دَارِ مُجَاوِرَةٍ لِدَارِهِ فَاشْتَرَاهَا لِيُوَسِّعَ بِهَا بَيْتَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِيمَا اشْتَرَاهَا بِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَزِيدَهُ فِيهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ فِيمَا يُشْبِهُ وَبِعِبَارَةٍ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ دَخَلَ فِي الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَقُولُ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَيَّدَ قَبُولَ قَوْلِهِ بِمَا إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْغَرَضَ هُنَا نَفْيُ الشَّبَهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ غَيْرُهُ لَا نَفْيُهُ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَزِيدَهُ فِيهَا كَمَا فَسَّرَ بِهِ اللَّخْمِيُّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ كَكَبِيرٍ إلَخْ تَمْثِيلًا لِدَعْوَى الشَّبَهِ يَعْنِي أَنَّ الْكَبِيرَ الَّذِي يَرْغَبُ فِي الدَّارِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ إذَا اشْتَرَى شِقْصًا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ أَوْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُشْبِهَةٌ (ص) وَإِلَّا فَلِلشَّفِيعِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (ص) فَإِنْ لَمْ يُشَبِّهَا حَلَفَا وَرَدَّ إلَى الْوَسَطِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمَا يُشْبِهُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُرَدُّ الشِّقْصُ إلَى ثَمَنٍ وَسَطٍ لَهُ فَيَأْخُذُ بِهِ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْوَسَطِ قِيمَةُ الشِّقْصِ يَوْمَ الْبَيْعِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي وَمَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ دَعْوَى الشَّفِيعِ كَذَا يَنْبَغِي. (ص) وَإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ فَفِي الْأَخْذِ بِمَا ادَّعَى أَوْ أَدَّى قَوْلَانِ (ش) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ تَنَازَعَ فِيهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِخَمْسَةٍ وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ دَعْوَى الْبَائِعُ فَنَكَلَ عَنْهَا وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَ الْعَشَرَةَ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ يَأْخُذُهَا بِمَا ادَّعَى بِهِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَوْ بِمَا أَدَّى لِلْبَائِعِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ؟ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ التَّنَازُعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَفَرْعُ الشَّارِحِ هُوَ الْمَتْنُ لَكِنَّهُ مَا تَمَّمَهُ. (ص) وَإِنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا فَقَطْ وَاسْتَشْفَعَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ شَخْصٌ نِصْفَ الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَقَطْ فَإِنْ أَخَذَ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يُرْجِعُ الزَّرْعَ كُلَّهُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ) أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ الشَّفِيعُ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ بِمَا ادَّعَى فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا بِمَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ يَحْلِفُ كَمَا فِي شب وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الشَّفِيعُ الدَّعْوَى وَأَمَّا لَوْ يُحَقِّقُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَيَحْلِفُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا سَوَاءً بِسَوَاءٍ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ) أَيْ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِمَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي اهـ. ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَمْثِيلٌ لَا تَشْبِيهٌ فَيُنَافِي أَوَّلَ الْعِبَارَةِ إنْ لَمْ يُلَاحَظْ التَّشْبِيهُ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ (قَوْلُهُ نَفْيُ الشَّبَهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ غَيْرُهُ) أَيْ أَنَّ الشَّبَهَ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُعْتَادِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَادَّعَى هُوَ عِشْرِينَ فَهِيَ لَيْسَتْ مُشْبِهَةً دَعْوَى النَّاسِ وَعَادَتِهِمْ وَتُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زَادُهَا لِأَنَّ الْكُبَرَاءَ يُرِيدُونَ بُلُوغَ مَقْصُودِهِمْ وَلَوْ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا شَرِكَةَ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي كَوْنَهُ تَمْثِيلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُشْبِهَةٌ) أَيْ دَعْوَاهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ كَبِيرًا مُشْبِهَةٌ فَثَبَتَ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْكُبَرَاءَ يَزِيدُونَ الْكَثِيرَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْوَسَطِ الْقِيمَةُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ) فَإِنْ زَادَتْ عَلَى دَعْوَى الشَّفِيعِ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِدَعْوَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ دَعْوَى الشَّفِيعِ فَالشُّفْعَةُ بِمَا يَدَّعِيهِ الشَّفِيعُ. (قَوْلُهُ فَفِي الْأَخْذِ بِمَا ادَّعَى) الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ بِمَا أَدَّى بِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ إنَّمَا خَلَصَتْ الشِّقْصُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَصِرْت كَأَنِّي ابْتَدَأْت الشِّرَاءَ بِمِائَتَيْنِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مَا تَمَّمَهُ) أَيْ لَكِنْ الشَّارِحُ مَا تَمَّمَ كَلَامَ الْمَتْنِ وَيَحْتَمِلُ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ مَا تَمَّمَ فَرْعَ الشَّارِحِ وَيَتَعَيَّنُ الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُتِمَّ فَرْعَ الشَّارِحِ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصَّهُ وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ وَالْبَائِعُ بِمِائَتَيْنِ وَقُلْنَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمَا أَدَّى الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَهُوَ الْمِائَتَانِ فَيَكْتُبُ الشَّفِيعُ عُهْدَةَ الْمِائَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْأُخَرُ عَلَى الْبَائِعِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ الشِّقْصُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْمِائَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ حِينَئِذٍ فِي فَلْسٍ أَوْ غَيْبَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ حَلَّ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ فَقَطْ) لَا الزَّرْعِ فَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِلْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ نِصْفَهَا أَيْ الْأَرْضَ فَقَطْ لَا لِلنِّصْفِ لِأَنَّهُ لَا مُحْتَرَزَ لَهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ لَا لِلْمُضَافِ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ) وَبَطَلَ أَيْضًا فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ وَلِخَفَاءِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ بَيَّنَهُ بِالتَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ اسْتِحْقَاقٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 كِرَاءُ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ مَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ لِأَجْلِ بَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الزَّرْعَ الْأَخْضَرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَرْضِ عَلَى الْبَقَاءِ لَكِنَّ الْبُطْلَانُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاسْتِشْفَاعِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَمَفْهُومُ الْأَخْضَرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَابِسًا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الزَّرْعِ حِينَئِذٍ اسْتِقْلَالًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِحْقَاقُ حَتَّى يَبِسَ وَمَفْهُومُ النِّصْفِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ جُلَّهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْخِيَارِ فَإِنْ قِيلَ الْبَيْعُ يَبْطُلُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ سَوَاءٌ اسْتَشْفَعَ أَمْ لَا فَلِمَ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَشْفَعَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إذَا اسْتَشْفَعَ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الزَّرْعِ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا اسْتَشْفَعَ يَبْطُلُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ خَاصَّةً كَمَا حَمَلَتْ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ. ثُمَّ شَبَهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلَهُ (ص) كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيُتَوَصَّلَ لَهُ مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى قِطْعَةً مِنْ جِنَانِ رَجُلٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى هَذِهِ الْقِطْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ جِنَانِهِ أَيْ مِنْ جِنَانِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهَا مَمَرٌّ إلَّا مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ فِي الْقِطْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِبَقَائِهَا بِلَا مَمَرٍّ يُتَوَصَّلُ لَهَا مِنْهُ وَيَصِحُّ فِي قَوْلِهِ كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ الْإِضَافَةُ وَالتَّنْوِينُ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِلشَّيْءِ الْمُشْتَرَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعُ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْبَائِعِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ قَوْلًا وَاحِدًا سَوَاءٌ اشْتَرَى الْقِطْعَةَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ جِنَانِ الْبَائِعِ الْقِطْعَةُ الْمُبْتَاعَةُ (ص) وَرَّدَ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلًا بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ أَوْ لَا فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ (ش) تَمَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ يَرُدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ وَبَطَلَ أَيْضًا فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِيهِ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ وَهُوَ لِلْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الثَّانِيَ مِنْ الْأَرْضِ فَقَطْ أَيْ دُونَ الزَّرْعِ بِالشُّفْعَةِ أَوَّلًا لِأَنَّ الزَّرْعَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَوْ بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا كَلَامَ وَصَارَتْ كُلُّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَصَارَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ كَمَا يَأْتِي وَصَارَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الصَّفْقَةِ وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْ صَفْقَتِهِ مَا لَهُ بَالٌ وَعَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ يَتَمَاسَكُ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ الزَّرْعِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ نَاجِي خَيَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ هُنَا وَلَمْ يُخَيِّرْهُ فِي الْجَوَائِحِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالْعُيُوبُ مِنْ فِعْلِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْمُبْتَاعَ فِي ذَلِكَ فَافْتَرَقَ الْحُكْمُ فِيهِمَا وَبِعِبَارَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ يَكُونُ الزَّرْعُ الَّذِي فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمَأْخُوذَةِ بِالشُّفْعَةِ حَيْثُ أَخَذَ بِهَا وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ لَبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِيهِ أَيْضًا لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اُنْظُرْ نَصَّهُ وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْقِسْمَةِ فِيمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ عَقَارًا إنْ انْقَسَمَ نَاسَبَ أَنْ يُعَقِّبَ بَابَ الشُّفْعَةِ بِبَابِ الْقِسْمَةِ فَقَالَ. (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْقِسْمَةَ وَأَنْوَاعَهَا وَالْمَقْسُومَ لَهُمْ وَالْمَقْسُومَ عَلَيْهِمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوعِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ جَمِيعِهِ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ) أَيْ عَلَيْهِ إذَا اُسْتُحِقَّ وَأَمَّا إذَا فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَيُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَلَكِنَّ هَذَا الْأَخِيرَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت) أَيْ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت إلَخْ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ يَابِسًا) أَيْ لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَهُوَ يَابِسٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِيمَا مَضَى وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ أُفْرِكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ أَنَّ بَيْعَهُ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ لَا يَمْضِي بِقَبْضِهِ وَلَا بِيُبْسِهِ قُلْت يُقَيَّدُ بِمَا إذَا بِيعَ مُفْرَدًا وَأَمَّا لَوْ بِيعَ بِأَرْضِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ مَا يَبِسَ فَإِنَّ بَيْعَهُ مَاضٍ نَظَرًا لِوَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ فَكَأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ وَقْتَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ شَائِعٌ وَلَا يَحْرُمُ فِي ذَلِكَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ يَرُدُّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَاسْتُشْفِعَ أَيْ اُسْتُحِقَّ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لَا أَنَّهُ أَخْذٌ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخَيِّرْهُ فِي الْجَوَائِحِ) أَيْ بَلْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ التَّمَسُّكَ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْجَائِحَةِ وَلَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي) وَلَا كِرَاءَ عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي لِلنِّصْفِ الَّذِي فِيهِ زَرْعُهُ وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ الْإِبَّانُ بَاقِيًا (قَوْلُهُ اُنْظُرْ نَصَّهُ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَيْ فَإِذَا اسْتَشْفَعَ فَإِنَّمَا لَهُ الشُّفْعَةُ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَأَمَّا نِصْفُ الزَّرْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهِ قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ أَنْ يَتَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ الزَّرْعِ الْمُقَابِلِ لِنِصْفِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِضْ بِهِ الْبَيْعُ إذْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ بِنَصِّهِ انْتَهَى وَأَقُولُ ظَاهِرُ هَذَا تَعَيُّنُ أَخْذِ هَذَا النِّصْفِ مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ فِي الْأَرْضِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَتَدَبَّرْ [بَاب الْقِسْمَة] (قَوْلُهُ وَأَنْوَاعَهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ أَنْوَاعَهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيفًا شَامِلًا لِأَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ وَالْمَقْسُومَ لَهُمْ) سَيَأْتِي بِذَكَرِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ جَمِيعِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مِنْ فُرُوعِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 قَالَ الْجَوْهَرِيُّ قَاسَمَهُ الْمَالَ وَتَقَاسَمَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا وَالِاسْمُ الْقِسْمَةُ مُؤَنَّثَةٌ وَإِنَّمَا ذُكِّرَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] بَعْدَ قَوْلِهِ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] لِأَنَّهَا فِي الْمِيرَاثِ وَالْمَالِ، وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ الْقَسْمُ بِالْفَتْحِ قَسَمَ الْقَسَّامُ الْمَالَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَرَّقَهُ بَيْنَهُمْ وَعَيَّنَ أَنْصِبَاءَهُمْ وَمِنْهُ الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ، وَالْقِسْمُ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ وَحَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ الْقِسْمَةُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي طَعَامِ سَلَمٍ إلَخْ فَقَوْلُهُ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُشَاعِ فِي مِلْكِ مَالِكٍ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ عَرَفَةَ فَأَكْثَرَ وَبِهِ يَصِيرُ تَعْرِيفُهُ جَامِعًا وَقَوْلُهُ مُعَيَّنًا أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُشَاعٍ وَمُعَيَّنًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ تَصْيِيرُ وَالْأَوَّلُ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ قَبْلَهَا تَقْدِيرُهُ صَيَّرَهُ بِاخْتِصَاصٍ أَيَّ اخْتِصَاصٍ كَانَ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ، وَلَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُهَايَأَةٍ وَتَرَاضٍ وَقُرْعَةٍ وَالْمَقْسُومُ يَنْقَسِمُ إلَى مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَإِلَى عَقَارٍ وَعُرُوضٍ ذَكَرَ مَا يَعُمَّ مَحَالَّ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَالْأَنْوَاعِ فَزَادَ فِي رَسْمِهِ قَوْلَهُ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْيِينُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَوْ كَانَ بِتَصَرُّفٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُ كُلِّ شَرِيكٍ يَخْتَصُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمُشَاعِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ الثَّالِثَ وَهِيَ الْمُهَايَأَةَ قُلْت بَلْ ذَكَرَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِاخْتِصَاصِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ قَاسَمَهُ الْمَالَ إلَخْ) الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمُرَادُهُ تَصَارِيفُ الْمَادَّةِ وَقَوْلُهُ وَالْمَالُ أَيْ الْمَوْرُوثُ فَهُوَ عَيْنُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كِتَابٌ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي الْمِيرَاثِ وَالْمَالِ) أَيْ فَأَنَّثَ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِهَا وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْقِسْمَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْمَقْسُومِ لَكَانَ أَقْرَبَ (قَوْلُهُ الْقَسَمُ بِالْفَتْحِ قَسْمُ الْقَسَّامِ) أَيْ مَصْدَرُ قَسَمَ الْقَسَّامُ الْمَالَ (قَوْلُهُ وَعَيَّنَ إلَخْ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الْقَسْمُ أَيْ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَسْمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ تَصَرُّفٍ فِيهِ) أَيْ الْمُشَاعِ وَقَوْلُهُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَصْيِيرُ أَيْ تَصْيِيرُهُ مُعَيَّنًا بِسَبَبِ قُرْعَةٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ غَائِبًا فَيَكُونُ مَجْهُولًا حَالُهُ فَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ) أَيْ دُخُولَ قَسْمِ مَا عَلَيْهِ مَدِينُهُ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي وَقَوْلُهُ وَرَوَاهُ أَيْ رَوَى مَا ذُكِرَ لَا فِي مُطْلَقِ مَا عَلَى مَدِينٍ بَلْ فِي طَعَامٍ سُلِّمَ وَمُرَادُهُ بِالشَّيْخِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَوْلُهُ فِي طَعَامٍ سُلِّمَ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصُّلْحِ مَا يُفِيدُ مَنْعَهُ وَقَوْلُهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُشَاعِ فِي مِلْكِ مَالِكٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعَدَدٍ مِنْ شِيَاهِهِ وَمَاتَ الْكُلُّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا هَذَا الْعَدَدُ فَلَا يُقَالُ لِذَلِكَ قِسْمَةً وَقَوْلُهُ مُعَيَّنًا أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَيْ مَا إذَا صَارَ الْمُشَاعُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّهَافُتِ وَقَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُشَاعٍ أَيْ تَعَلُّقَ الصُّفَّةِ بِالْمَوْصُوفِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ التَّعَلُّقَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَالتَّقْدِيرُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ كَائِنٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ فَهَذَا الْمُشَاعُ بَعْضُ مَمْلُوكِ الْمَالِكِينَ أَيْ بَعْضُ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَقَوْلُهُ تَقْدِيرُهُ أَيْ تَقْدِيرُ الْحَالِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى تَصْيِيرَ مُشَاعٍ كَائِنٍ مِنْ مَمْلُوكٍ كَائِنٍ مُعَيَّنًا حَالَ كَوْنِهِ مُصَيَّرًا مُعَيَّنًا بِأَيِّ اخْتِصَاصٍ كَانَ أَيْ كَانَ بِوَجْهِ الْقُرْعَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ، وَفِيهِ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ لَيْسَ سَبَبًا فِي صَيْرُورَتِهِ مُعَيَّنًا بَلْ السَّبَبُ الْقِسْمَةُ، وَالِاخْتِصَاصُ يَحْصُلُ بَعْدَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّعْيِينَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْقُرْعَةِ وَالتَّرَاضِي، ثُمَّ إنَّهُ يَبْحَثُ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَوْلُهُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ مُتَعَلِّقًا بِ " تَصْيِيرُ " فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ لِأَنَّ شَرْطَهَا دُخُولُهَا فِيمَا قَبْلَهَا وَلَمْ تَدْخُلْ (قَوْلُهُ يَنْقَسِمُ إلَى مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) أَيْ وَمَعْدُودٍ وَهَذِهِ مِثْلِيَّاتٌ وَقَوْلُهُ ذَكَرَ مَا يَعُمُّ مَحَالَّ الْقِسْمَةِ أَيْ وَهُوَ الْمَقْسُومُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَيْ الْقِسْمَةَ وَقَوْلُهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ أَيْ أَنَّهَا تُوجَدُ فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَصْنَافِ وَالْأَنْوَاعِ لَيْسَتْ جُزْئِيَّاتٍ لِلْقِسْمَةِ وَقَوْلُهُ فَزَادَ فِي رَسْمِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرَّسْمِ إنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِكَوْنِ الْقِسْمَةِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ لَا أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَقْسُومِ فَلَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحُدُودِ وَقَوْلُهُ وَالْأَنْوَاعُ عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَيْ أَنَّ الْأَصْنَافَ وَالْأَنْوَاعَ وَاحِدٌ فِي الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْيِينُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ تَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ وَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ الْحَالِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُ كُلِّ شَرِيكٍ يَخْتَصُّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَدْلُولَ الْعِبَارَةِ بَلْ مَدْلُولُهَا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَصْيِيرُ الْمُشَاعِ مُعَيَّنًا بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَعَيُّنُهُ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ وَقَوْلُهُ فِي الْمُشَاعِ الْمُعَيَّنِ أَيْ الَّذِي صَارَ مُعَيَّنًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي قِسْمَةِ الْمُهَايَأَةِ لَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ فِي الْمُشَاعِ بَلْ فِي الْجَمِيعِ وَأَقُولُ لَك إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتَفْسِيرِ التَّعْرِيفِ إنَّمَا هِيَ عِبَارَةُ الرَّصَّاعِ شَارِحِ الْحُدُودِ لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِإِيرَادِ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَهَى الْغَايَةِ يَقْتَضِي أَنَّ فِي الْغَايَةِ امْتِدَادًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ فَتَصِيرُ الْقِسْمَةُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ أَيْ مُحْتَوِيَةً عَلَى بَيْعِ مَا فِي ذِمَّةٍ أَيْ فَزَيْدٌ مَثَلًا بَاعَ مَا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو بِمَا لِصَاحِبِهِ خَالِدٍ فِي ذِمَّةِ بَكْرٍ فَفِيهِ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَقَوْلُهُ وَلْيَقْسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا إنْ كَانَ طَعَامًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْسِمُوا، ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوَّلًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ بِتَرَاضٍ بِأَنْ تَقُولَ لَنَا عَلَى زَيْدٍ مِائَتَانِ أَنْتَ يَا زَيْدُ تَأْخُذُ مِائَةً وَأَنَا كَذَلِكَ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِائَةً فَإِنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 تَصَرُّفٍ وَهُوَ مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ فِي التَّرَاضِي قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ إلَخْ هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا عَلَى رِجَالٍ لَمْ يَجُزْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُقَسِّمُوا الرِّجَالَ فَتَصِيرُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ وَلِيَقْسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ انْتَهَى. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْقُرْعَةِ لَا تَدْخُلُ فِيمَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الشَّيْخَ رَأَى أَنَّ الرَّسْمَ يَعُمُّ الْمَشْهُورَ وَغَيْرَهُ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْأُولَى مِنْهَا وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ بِقَوْلِهِ (ص) الْقِسْمَةُ تَهَايُؤٌ فِي زَمَنٍ (ش) أَيْ حَقِيقَةُ الْقِسْمَةِ وَطَبِيعَتُهَا مُرَاضَاةٌ وَقُرْعَةٌ وَتَهَانُؤٌ يُقَالُ مُهَانَأَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَمُهَايَأَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَيَّأَهُ لَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَيُقَالُ بِالْبَاءِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَهَبَ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ هِيَ اخْتِصَاصُ كُلِّ شَرِيكٍ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ عَنْ شَرِيكِهِ زَمَنًا مُعَيَّنًا مِنْ مُتَّحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَتَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ لَا فِي غَلَّتِهِ انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ اتَّحَدَ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُمَا كَعَبْدٍ أَوْ تَعَدَّدَ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا قَالَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ يَخْدُمُنِي أَنَا يَوْمًا أَوْ شَهْرًا وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُهَايَأَةِ وَكَأَنَّهَا إجَارَةٌ فَلَا تَدْخُلُ قِسْمَةُ مَنْفَعَةِ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَخْدُمُهُ عَبْدٌ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدَا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَطَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُهَايَأَةِ تَعْيِينُ الزَّمَانِ وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُهَايَأَةُ لَازِمَةٌ إنْ حُدِّدَتْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ كَدَارَيْنِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا يَسْكُنُهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَمَنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ انْتَهَى بِالْمَعْنَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ أَشَارَ لِهَذَا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ إذْ قَوْلُهُ فِي زَمَنٍ يَشْمَلُ الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ وَقَوْلُهُ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا إلَخْ مِثَالٌ لِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ وَالظَّنُّ بِالْمُؤَلَّفِ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَمَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ ارْتَضَى كَلَامَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَشَارَ لِتَعَقُّبِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَقَوْلُ عِيَاضٍ هِيَ ضَرْبَانِ مُقَاسَمَةُ الْأَزْمَانِ وَمُقَاسَمَةُ الْأَعْيَانِ يُوهِمُ عُرُوَّ الثَّانِي عَنْ الزَّمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ (ش) أَيْ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَخْدُمُ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا وَكَذَلِكَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ فَالْكَافُ مُدْخِلَةٌ لِغَيْرِ الْخِدْمَةِ وَلَمَّا قَارَبَ الشَّهْرَ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ قِسْمَةُ التَّهَايُؤِ فِي سُكْنَى الدَّارِ لِهَذَا سِنِينَ وَلِهَذَا سِنِينَ وَمِثْلُ الدَّارِ التَّهَايُؤُ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ حَيْثُ كَانَتْ مَأْمُونَةً مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ (كَالْإِجَارَةِ)   [حاشية العدوي] يَخْتَصُّ بِهَا وَأَمَّا بِقُرْعَةٍ فَيَجُوزُ وَسَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ مَا يُفِيدُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَدِينِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْمُتَعَدِّدِ وَهُوَ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ التَّرَاضِي لَا فِي الْقُرْعَةِ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ الْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ فِيمَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ حَيْثُ اتَّحَدَا لِأَجَلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ تُعْقَلُ فِيمَا كَانَ عَلَى مَدِينَيْنِ أَوْ مَدِينٍ وَكَانَ الْأَجَلُ مُتَعَدِّدًا لَا إنْ كَانَ الْأَجَلُ وَاحِدًا وَهَذَا كُلُّهُ بِالنَّظَرِ لِلتَّعَقُّلِ وَالْجَوَازُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ فَتَأَمَّلْ، وَلَمْ أَرَ وَاحِدًا مِنْ الْأَشْيَاخِ أَفْصَحَ عَنْ تِلْكَ الْعِبَارَةِ وَلَعَلَّ مَا قُلْنَا يُقْبَلُ وَالْأَمْرُ لِلَّهِ تَعَالَى (وَأَقُولُ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَدِينِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَدِينُ الْوَاحِدُ (وَقَوْلُهُ أَيْ حَقِيقَةُ الْقِسْمَةِ وَطَبِيعَتُهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْقِسْمَةِ لِلْحَقِيقَةِ وَالطَّبِيعَةِ وَعَطْفُ الطَّبِيعَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ مُرَادِفٌ وَقَوْلُهُ مُرَاضَاةٌ إلَخْ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ لَيْسَتْ هِيَ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ بَلْ صَادِقَةٌ عَلَيْهَا مِنْ صِدْقِ الْكُلِّيِّ عَلَى جُزْئِيَّاتِهِ قَوْلُهُ (وَتَهَانُؤٌ) بِالنُّونِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَعَ الضَّمِّ فِيهِمَا وَالْهَمْزِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَ لَهُ أَوْ بِمَا هَيَّأَهُ لَهُ وَجَهَّزَهُ وَيُقْرَأُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِالنُّونِ وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْهَمْزُ فِي الْآخَرِ وَيُقْرَأُ بِالْبَاءِ الْمَكْسُورَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَرَضُ جَعْلُ الْأَخِيرِ مِنْ وَهَبَ بِأَنَّ قِيَاسَهُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ هَابَى بِالْهَاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَقَوْلُهُ وَدَفَعَهُ لَهُ، عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ عَنْ شَرِيكِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اخْتِصَاصُ (قَوْلُهُ مِنْ مُتَّحِدٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ مِنْ مُتَّحِدٍ) كَأَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ يَخْدُمُنَا سَعِيدٌ عَبْدُنَا يَخْدُمُك شَهْرًا وَأَنَا شَهْرًا وَيُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ سَعِيدٌ يَخْدُمُك شَهْرَيْنِ وَبَكْرٌ يَخْدُمُنِي كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ أَيْ كَمَا صَوَّرْنَا وَقَوْلُهُ لَا فِي غَلَّتِهِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ يَخْرُجُ زَيْدٌ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي قَطْعِ الْحَطَبِ يَوْمًا وَيَأْتِي لِي بِمَا يَخُصُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ فِي قَطْعِ الْحَطَبِ وَيَأْتِي لَك بِمَا يَخُصُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَبَنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكْثُرَ أُجْرَتُهُ فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهَا إجَارَةٌ) أَيْ آجَرَ زَيْدٌ عَبْدَهُ لِصَاحِبِهِ فِي مُقَابَلَةِ مَا لِصَاحِبِهِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَخْدُمُ زَيْدًا (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ (قَوْلُهُ أَشَارَ لِتَعَقُّبِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّ عِيَاضًا مُوَافِقٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَمَا وَرَدَ عَلَى عِيَاضٍ مِنْ الِاعْتِرَاضِ يَرُدُّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ مُقَاسَمَةُ الْأَزْمَانِ كَسَعِيدٍ الْعَبْدِ يَخْدُمُك شَهْرًا وَيَخْدُمُنِي شَهْرًا وَقَوْلُهُ وَمُقَاسَمَةُ الْأَعْيَانِ يَخْدُمُك سَعِيدٌ وَزَيْدٌ يَخْدُمُنِي وَلَمْ يُعَيِّنَا زَمَنًا لِكُلٍّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمُتَعَدِّدِ وَأَمَّا الْمُتَّحِدُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ فِيهِ وَإِلَّا فَسَدَتْ (قَوْلُهُ وَلَمَّا قَارَبَ الشَّهْرَ) فِي كَلَامِ غَيْرِهِ الشَّهْرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا سِنِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ) بَيَانٌ لِمَأْمُونَةٍ أَيْ مَنْ ذِكْرِنَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً فَيَجُوزُ التَّهَانُؤُ فِيهَا وَلَوْ عَشْرَ سِنِينَ بَلْ أَكْثَرَ فَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَزْرَعَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَذَا فِي الْمَأْمُونَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَوْ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 فِي اللُّزُومِ وَفِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ لَا فِي ذَلِكَ وَفِي أَنَّ قَدْرَ الْمُدَّةِ هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ إذْ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ سِنِينَ وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سِنِينَ وَيَسْكُنَ الْآخَرُ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ. (ص) لَا فِي غَلَّةٍ وَلَوْ يَوْمًا (ش) الْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الْكِرَاءُ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّهَايُؤُ فِي الْغَلَّةِ كَأَنْ يَأْخُذَ هَذَا كِرَاءَ يَوْمٍ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَا تَنْضَبِطُ لِأَنَّهَا تَقِلُّ وَتَكْثُرُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَدْ يَسْهُلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةِ اللَّبَنِ كَمَا سَيَأْتِي فَيُقَيِّدُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ. (ص) وَمُرَاضَاةٍ فَكَالْبَيْعِ (ش) هَذَا ثَانِي أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ فَلَا تَكُونُ إلَّا بِرِضَا الْجَمِيعِ وَلَا تَخْتَصُّ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَكَالْبَيْعِ أَنَّهَا تُمْلَكُ الذَّاتُ بِهَا وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ حَيْثُ لَمْ يُدْخِلَا مُقَوَّمًا كَمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا شَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ قِسْمَةَ التَّرَاضِي بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهَا الْبَيْعَ حَقِيقَةً لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ أَيْ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ ثُلُثَهُ بِالتَّرَاضِي مِنْهُمَا فَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا حَقِيقَةً لَمَا جَازَ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَتَجُوزُ قِسْمَةُ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ مَكِيلًا مَعَ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ عَنْ أَصْلِهِ وَيَجُوزُ أَيْضًا قَسْمُ مَا زَادَ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ وَإِنَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ بِالْمُرَاضَاةِ وَالسَّابِقَةُ بِالْمُهَايَأَةِ مَعَ أَنَّ الْأُولَى فِيهَا الرِّضَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُولَى التَّهَايُؤُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلرِّضَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرِّضَا. (ص) وَقُرْعَةٍ وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ (ش) هَذَا ثَالِثُ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَنَافِعِ كَالْإِجَارَةِ وَقِسْمَةُ التَّرَاضِي فِي الرِّقَابِ كَالْبَيْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِذَلِكَ يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ وَلَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَلَا يُجْمَعُ فِيهَا حَظُّ اثْنَيْنِ (ص) وَكَفَى قَاسِمٌ لَا مُقَوِّمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاسِمَ الْوَاحِدَ يَكْفِي لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ عَنْ عِلْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْقَلِيلُ مِنْ النَّاسِ كَالْقَائِفِ وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجَّهَهُ الْقَاضِي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَأَمَّا الْمُقَوِّمُ لِلْمُتْلَفِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَقْوِيمِهِ قَطْعٌ أَوْ غُرْمٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَيَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُقَوِّمَ لِلسِّلْعَةِ الْمَقْسُومَةِ فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاسِمَ هُنَا هُوَ الَّذِي يُقَوِّمُ الْمَقْسُومَ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُقَوِّمُ غَيْرَهُ لَمْ يَأْتِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ حِينَئِذٍ لَيْسَ عَلَى قَوْلِهِ بَلْ عَلَى قَوْلِ الْمُقَوِّمِ ثُمَّ إنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ إنَّمَا هُوَ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. (ص) وَأَجْرُهُ بِالْعَدَدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاسِمَ أَجْرُهُ عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَفِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ) أَيْ الْمُدَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَبْضِ لَا الْمُدَّةِ الْمُسْتَوْفَى فِيهَا الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ تُقْبَضُ بَعْدَ سِنِينَ) الصَّوَابُ بَعْدَ سَنَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ قِسْمَةُ مَنَافِعَ وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ وَالْقُرْعَةُ فَقِسْمَةُ رِقَابٍ وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَالْإِجَارَةِ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُنَافِيهِ جَعْلُ قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ قَسِيمًا لَهَا لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِمِلْكِ الذَّاتِ وَالْمُهَايَأَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمِلْكِ الْمَنَافِعِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَا تَنْضَبِطُ) أَمَّا لَوْ كَانَتْ تَنْضَبِطُ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ مَا يَشْمَلُ اللَّبَنَ. (قَوْلُهُ بَعْدَ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ فَالتَّعْدِيلُ كَمَا إذَا قِيلَ ذِرَاعٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ يُعَادِلُ ذِرَاعَيْنِ مِنْ الْأَرْضِ الْأُخْرَى مَعَ كَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ قِيمَتُهُ وَأَمَّا التَّقْوِيمُ فَيُقَالُ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ) أَيْ وَتَكُونُ فِيهَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَيُجْمَعُ فِيهَا مِنْ حَظِّ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ لَمَا جَازَ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَتَجُوزُ قِسْمَةُ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ مَكِيلًا) كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَقَوْلُهُ مَعَ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا أَيْ كَفَدَّانٍ مِنْ الْأَرْضِ أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْفَدَّانَ وَهَذَا الصُّبْرَةَ الْقَمْحَ وَقَدْ خَرَجَ كُلٌّ عَنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَمْحِ الْكَيْلُ وَفِي الْأَرْضِ الْجُزَافُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قَسْمُ مَا زَادَ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) أَيْ فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ فَتَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ أَيْ فَهِيَ كَالْبَيْعِ فَتَدْخُلُ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَخُصَّ هَذَا الْبَابَ إلَّا الْقُرْعَةَ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلَخْ) أَيْ وَالْبَيْعُ لَا يُرَدُّ فِيهِ بِالْغَبَنِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ) كَصُوفٍ وَصُوفٍ وَقَوْلُهُ أَوْ تَجَانَسَ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَكِيلٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ لِتَقْوِيمٍ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُقَوَّمَاتِ (قَوْلُهُ وَكَفَى قَاسِمٌ) أَيْ يَكْفِي فِي تَمْيِيزِ الْحَقِّ بِقَسْمِ الْقُرْعَةِ قَاسِمٌ عَدْلٌ حُرٌّ إنْ نَصَّبَهُ قَاضٍ فَإِنْ نَصَّبَهُ الشُّرَكَاءُ كَفَى وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا هَذَا مُحَصِّلُ الشَّارِحِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَفَى أَنَّ الْأَوْلَى خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الِاثْنَانِ أَوْلَى مِنْ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ كَالْقَائِفِ) أَيْ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ فُلَانًا ابْنُ فُلَانٍ بِالشَّبَهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَافِرًا إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ يَكْفِي أَيْ أَنَّ الْقَاسِمَ الْوَاحِدَ يَكْفِي وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجَّهَهُ الْقَاضِي أَيْ أَوْ نَصَّبَهُ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) أَيْ وَالْحُرِّيَّةُ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْمَسْرُوقِ وَقَوْلُهُ قَطْعٌ يَرْجِعُ لِلْمَسْرُوقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَكْفِي فِيهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّلَفِ وَنَحْوِهِ قَطْعٌ أَوْ غُرْمٌ فَيَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ أَيْ بِأَنْ يُقَوَّمَ لِيَكُونَ مِنْ حَظِّ الْمُتْلِفِ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي مَتَاعٍ أَتْلَفَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَيُقَوَّمُ لِأَجْلِ أَنْ يُحْسَبَ عَلَى الْمُتْلِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ حَيْثُ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّقْوِيمِ حَدٌّ أَوْ غُرْمٌ كَتَقْوِيمِ الْمَسْرُوقِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمُتْلَفِ إذَا وُصِفَ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ أَنَّ الْقَاسِمَ نَائِبٌ عَنْ الْحَاكِمِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُقَوِّمُ كَالشَّاهِدِ عَلَى الْقِيمَةِ فَتَرَجَّحَ فِيهِ جَانِبُ الشَّهَادَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 طَلَبَ الْقَسْمَ أَوْ أَبَاهُ لِأَنَّ تَعَبَ الْقُسَّامِ فِي تَمْيِيزِ النَّصِيبِ الْيَسِيرِ كَتَعَبِهِ فِي تَمْيِيزِ النَّصِيبِ الْكَثِيرِ وَكَذَلِكَ أَجْرُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ فَالضَّمِيرُ فِي أَجْرِهِ لِلْقَاسِمِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُقَوِّمُ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (ص) وَكُرِهَ (ش) أَيْ يُكْرَهُ لِلْقَاسِمِ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ مِنْ الْيَتَامَى وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ قَسَمَ أَوْ لَمْ يَقْسِمْ فَهَذَا حَرَامٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ رَشِيدٌ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ يَتَامَى فَهَذَا مُبَاحٌ وَكَذَا إذَا فُرِضَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (ص) وَقَسْمُ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ يُقْسَمُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمِسَاحَةِ وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَ الْبُنْيَانُ أَوْ اتَّفَقَ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْغَرْسُ أَوْ اخْتَلَفَ إذْ لَا يُعْرَفُ تَسَاوِيهِ إلَّا بِمَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ وَأَمَّا مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَفَتْوَى الشَّبِيبِيِّ وَفَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ وَعَزَوْهُ لِلْبَاجِيِّ أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمُقَوَّمَاتِ. (ص) وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ يُفْرَدُ فِيهَا كُلُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَقْسُومِ أَوْ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمَقْسُومِ إذَا كَانَ مُتَبَاعِدًا عَلَى حِدَتِهِ فَلَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ نَوْعَيْنِ وَلَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ مِنْ الْمَقْسُومِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ الدُّورُ مَعَ الْحَوَائِطِ وَلَا مَعَ الْأَرْضِينَ وَلَا الْحَوَائِطُ مَعَ الْأَرْضِينَ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ انْتَهَى وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ وَلَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْقَسْمَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ الْقَسْمَ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِفْرَادِهِ عَدَمُ ضَمِّهِ فِي الْقِسْمَةِ إلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُقْسَمُ أَوْ يُبَاعُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَسَيَأْتِي وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ إنْ احْتَمَلَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ وَيُقْسَمُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَدْ بَانَ أَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بِخِلَافِ كَالتُّفَّاحِ وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ مَقْصُودٌ وَتَخْتَلِفُ الرَّغْبَةُ فِيهِ مَا لَا تَخْتَلِفُ فِي أَصْنَافِ الثِّمَارِ. (ص) وَجُمِعَ دُورٌ وَأَقْرِحَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدُّورَ تُجْمَعُ عَلَى حِدَتِهَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ بِشَرْطِ تَقَارُبِهَا كَالْمِيلِ وَكَذَلِكَ الْأَقْرِحَةُ جَمْعُ قَرَاحٍ بِفَتْحِ الْقَافِ قَالَهُ عِيَاضٌ كَزَمَانٍ وَأَزْمِنَةٍ تُجْمَعُ عَلَى حِدَتِهَا وَالْأَقْرِحَةُ هِيَ الْمَزْرَعَةُ الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَقْرِحَةُ أَحَدُهَا قَرِيحٌ وَلَا يَبْعُدُ صَوَابُهُ إنْ سُمِعَ كَقَفِيزٍ وَأَقْفِزَةٍ وَبَعِيرٍ وَأَبْعِرَةٍ فَقَوْلُهُ وَجُمِعَ دُورٌ أَيْ مَعَ بَعْضِهَا وَأَقْرِحَةٌ أَيْ مَعَ بَعْضِهَا فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَعَبَ الْقُسَّامِ) بِضَمِّ الْقَافِ كَفَاجِرٍ وَفُجَّارٍ (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَأَجْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُقَوِّمُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَوِّمَ وَالْقَاسِمَ وَاحِدٌ فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ مُقَوِّمَ الْمُتْلَفِ فَلَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْعِلْمِ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ أَجْرٌ (قَوْلُهُ مِنْ الْيَتَامَى وَغَيْرِهِمْ) أَيْ فَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِمْ يَتَامَى مَعَ غَيْرِهِمْ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدُ وَلَيْسَ مَعَهُ يَتَامَى أَيْ فَالْكَرَاهَةُ إنَّمَا جَاءَتْ مِنْ انْضِمَامِ غَيْرِ الْيَتَامَى لِلْيَتَامَى وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ فَهَذَا حَرَامٌ) أَيَّ قِسْمٍ كَانُوا يَتَامَى أَوْ غَيْرَهُمْ فَتِلْكَ أَقْسَامٌ سِتَّةٌ عُلِمَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ رَشِيدٌ) أَيْ رُشَدَاءُ فَأَرَادَ بِالرَّشِيدِ الرُّشَدَاءَ فَهُوَ مُبَاحٌ وَلَكِنْ كَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَأَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُ بِلَا أَجْرٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا وَقَدْ كَانَ خَارِجَةُ وَرَبِيعَةُ يَقْسِمَانِ بِلَا أَجْرٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْعِلْمِ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ أَجْرٌ وَمُفَادُ عب اعْتِمَادُهُ وَلَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ النَّقْلِ وَلَكِنْ خِلَافُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ اتَّفَقَ) كَذَا ل تت تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ أَيْ خِلَافًا لِبَهْرَامَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ الْبُنْيَانُ وَالْمَنَافِعُ جَازَ قَسْمُهُ بِالْمِسَاحَةِ (أَقُولُ) وَقَدْ اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْرِفَةَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّقْوِيمِ إذْ قَدْ يَعْرِفُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ التَّقْوِيمَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَيْلًا إلَخْ) أَيْ فَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ إذَا كَيَّلَ أَوْ وَزَنَ فَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الْقُرْعَةِ فَلَا مَعْنَى لِدُخُولِهَا قَالَ وَكَذَا لِابْنِ عَاصِمٍ فِي شَرْحِ تُحْفَةِ أَبِيهِ لِتَقَارُبِ مَا بَيْنَ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ فَتُحْمَلُ الْقِسْمَةُ فِيهَا عَلَى تَسَاوٍ وَاعْتِدَالٍ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِقُرْعَةٍ، وَقَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَيْ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيُّ، وَقَوْلُهُ وَفَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ وَعَزَوْهُ لِلْبَاجِيِّ لَمْ يَقَعْ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ عَزْوٌ لِلْبَاجِيِّ وَقَالَ مُحَشِّي تت بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مِنْ قَوْلِنَا فَوَجْهُ الْمَنْعِ إلَخْ مَا نَصَّهُ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَرَضَ إذَا قُسِّمَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لَا تَدْخُلُ الْقُرْعَةُ فِيهِ وَزَادَ ابْنُ زَرْقُونٍ إذَا قُسِمَ تَحَرِّيًا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ مَا كَانَ رِبَوِيًّا وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إنَّمَا يَجُوزُ قَسْمُهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا لَا تَحَرِّيًا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ قَسْمُ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ بِالتَّحَرِّي وَلَهُ شَرْطَانِ فِي الْمَوْزُونِ لَا الْمَكِيلِ وَفِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَفِي قِسْمَةِ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ تَحَرِّيًا ثَالِثُهَا فِيمَا يُبَاعُ وَزْنًا لَا كَيْلًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مُتَبَاعِدًا) الْأَصْنَافُ وَالْأَنْوَاعُ فِي هَذَا الْمَقَامِ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَالْإِبِلُ نَوْعٌ وَصِنْفٌ وَكَذَا الْبَقَرُ، وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مُتَبَاعِدًا أَيْ كَالْإِبِلِ مَعَ الْبَقَرِ وَكَالدُّورِ مَعَ الْحَوَائِطِ لَا إنْ كَانَ مُتَقَارِبًا كَالْبُخْتِ مَعَ الْعِرَابِ وَالْجَامُوسِ مَعَ الْبَقَرِ وَالضَّأْنِ مَعَ الْمَعْزِ فَيُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ قَالَ الْمَوَّاقُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الرَّقِيقَ تُجْمَعُ أَصْنَافُهُ مَا نَصُّهُ وَكَذَلِكَ تُقَسَّمُ الْإِبِلُ وَفِيهَا أَصْنَافٌ وَالْبَقَرُ وَفِيهَا أَصْنَافٌ فَتُجْمَعُ كُلُّهَا فِي الْقَسْمِ عَلَى الْقِيمَةِ اهـ. أَيْ وَكَذَا أَصْنَافُ الْبَزِّ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْبَزِّ مُتَّحِدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَهُوَ السَّتْرُ وَاتِّقَاءُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْجَمْعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (قَوْلُهُ مَقْصُودٌ) أَيْ فَتَخْتَلِفُ الرَّغْبَةُ فِيهِ أَيْ يُضَمُّ مَا لَا يَنْقَسِمُ إلَى غَيْرِهِ، فَفِيهِ غَرَرٌ بِخِلَافِ الثِّمَارِ فَاخْتِلَافُ الرَّغْبَةِ فِيهَا لَيْسَ قَوِيًّا. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ) فِي غَيْرِهِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ صَوَابُهُ إنْ سُمِعَ) كَذَا رَأَيْت فِي بَعْضِ شُرَّاحِ غَيْرِهِ إنْ بِالنُّونِ لَا إذْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 فِي بَعْضِ النُّسَخِ، لَا الدُّورُ إلَى الْأَقْرِحَةِ أَيْ الْفَدَادِينِ لِأَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِوَصْفٍ) مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ كَانَتْ الدُّورُ أَوْ الْأَقْرِحَةُ مُعَيَّنَةً وَلَوْ كَانَ التَّعْيِينُ بِوَصْفٍ وَمُقْتَضَى حَلِّ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ بِوَصْفٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقَسْمُ الْعَقَارِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِقَوْلِهِ وَجُمِعَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ جَمْعِهِ بِالْوَصْفِ أَنَّهُ يُقْسَمُ بِهِ (ص) إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً وَرَغْبَةً وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ (ش) شَرَطَ الْمُؤَلِّفُ لِلْجَمْعِ شَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ التَّسَاوِي فِي النَّفَاقِ وَالرَّوَاجِ أَيْ الْقِيمَةِ وَالرَّغْبَةِ الثَّانِي التَّقَارُبُ فِي الْمَسَافَةِ كَالْمِيلِ وَالْمِيلَيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ أَيْ تَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا كَالْمِيلِ أَيْ أَنْ يَكُونَ كَالْمِيلِ جَامِعًا لِأَمْكِنَةِ جَمِيعِهَا لَكِنَّ الْجَمْعَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا دَعَا إلَى ذَلِكَ أَحَدُهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ دَعَا إلَيْهِ أَحَدُهُمْ) فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ إلَى الْقَسْمِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَحَلَّ جَمْعِ الدُّورِ وَغَيْرِهَا فِي الْقَسْمِ إنْ دَعَا إلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ لِيَجْتَمِعَ لَهُ حَظُّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَوْ أَبَى الْبَاقُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى الْجَمْعِ مَنْ أَبَاهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الضَّمِّ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ بَعْلًا وَسَيْحًا (ش) وَالْبَعْلُ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ رُطُوبَةِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا وَالسَّيْحُ هُوَ الَّذِي يُسْقَى بِالْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَدَادِينَ الْبَعْلَ وَالْفَدَادِينَ السَّيْحَ إذَا تَسَاوَتْ فِي الْقِيمَةِ وَالرَّغْبَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ ذَلِكَ فِي الْقَسْمِ لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ زَكَاةً وَاحِدَةً وَهُوَ الْعُشْرُ بِخِلَافِ مَا يُسْقَى بِالنَّضْحِ وَهُوَ مَا يُسْقَى بِنَحْوِ السَّانِيَةِ وَالْآلَةِ فَإِنَّ زَكَاتَهُ نِصْفُ الْعُشْرِ فَيُجْمَعُ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُجْمَعُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (ص) إلَّا مَعْرُوفَةً بِالسُّكْنَى فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمَعْرُوفَةَ بِالسُّكْنَى لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ إذَا كَانَتْ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عَلَى انْفِرَادِهَا فَمَنْ طَلَبَ مِنْ الْوَرَثَةِ قَسْمَهَا عَلَى انْفِرَادِهَا فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ ذَلِكَ وَيُقْسَمُ مَا سِوَاهَا مِنْ الدُّورِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ دَعَا لِجَمْعِهَا وَأَنَّهَا كَغَيْرِهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ (ش) وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لَيْسَ لِمُفْرَدِهَا فَتُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ مَعَ غَيْرِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَجُمِعَ دُورٌ وَأَقْرِحَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا إذْ قَدْ اُشْتُرِطَ فِي الْجَمْعِ الدُّعَاءُ لِذَلِكَ وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ هَذَا الْفَرْعُ فَعُلِمَ أَنَّهُ إذْ حَصَلَ الدُّعَاءُ إلَى الْجَمْعِ لَا يُعْتَبَرُ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ أَرَادَ إفْرَادَهَا بِالْقَسْمِ أَيْ إنْ احْتَمَلَتْ وَإِلَّا ضُمَّتْ لِغَيْرِهَا وَلَا تُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهَا فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ وَالْمُرَادُ بِاحْتِمَالِ الْقَسْمِ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَاحِدٌ كَامِلٌ أَوْ أَكْثَرُ كَذَلِكَ فِي نَحْوِ الْحَيَوَانِ وَجُزْءٌ مُعَيَّنٌ يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا بِمَا يُجَانِسُ الِانْتِفَاعَ بِكُلِّ الْمَقْسُومِ فِي نَحْوِ الدَّارِ (ص) وَفِي الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَوْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا كَالشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ ذَلِكَ فِيهَا وَأَمَّا قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ فَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِلَا خِلَافٍ. (ص) وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ إنْ احْتَمَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمُقَوَّمِ كَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَنَحْوِهِمَا إذَا كَانَ مُفْرَدًا عَلَى حِدَتِهِ فِي حَائِطٍ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ وَحْدَهُ إنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ وَإِلَّا ضُمَّ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (ص) إلَّا كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ   [حاشية العدوي] وَنُسْخَةُ بَهْرَامَ عَلَى مَا عِنْدِي إذْ سُمِعَ كَقَفِيزٍ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِوَصْفٍ) أَيْ مَا يُقْسَمُ بِالْوَصْفِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ سُوقِهِ وَذَاتِهِ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ إذْ تَقَارُبُ أَمْكِنَتِهَا شَرْطٌ فِي جَمْعِهَا فِي الْقِسْمَةِ وَلَوْ قُسِمَتْ مُعَيَّنَةً بِغَيْرِ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ، وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ إلَخْ أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مُتَلَازِمَةٌ فَيَلْزَمُ مِنْ التَّعْيِينِ بِالْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ الْقَسْمُ وَالْجَمْعُ بِالْوَصْفِ وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْقَسْمِ بِالْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ وَيَلْزَمُ مِنْ الْجَمْعِ بِالْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ الْقَسْمُ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ (قَوْلُهُ قِيمَةً وَرَغْبَةً) جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ تَلَازُمِهِمَا إذْ قَدْ يَتَسَاوَى قِيمَةً لَا رَغْبَةً وَبِالْعَكْسِ فَإِنْ قُلْت تَسَاوِي الْقِيمَةِ وَاخْتِلَافُهَا تَابِعٌ لِاتِّحَادِ الرَّغْبَةِ وَاخْتِلَافِهَا فَالتَّلَازُمُ حَاصِلٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّغْبَةَ الَّتِي تَتْبَعُهَا الْقِيمَةُ هِيَ رَغْبَةُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالتَّقْوِيمِ وَالرَّغْبَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ مَنْ بَيْنَهُمْ الْقِسْمَةُ وَهَذِهِ قَدْ تَخْتَلِفُ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ رَغْبَةُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اشْتِرَاطِ تَسَاوِي الرَّغْبَةِ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ نَاجِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ تَسَاوِي الْقِيمَةِ لَا الرَّغْبَةِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ التَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّرَاجُعِ فِي الْقِيَمِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ يَسِيرًا لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ إحْدَى الدَّارَيْنِ مِائَةً وَالْأُخْرَى تِسْعُونَ وَاقْتَسَمَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ لَهُ الدَّارُ ذَاتُ الْمِائَةِ يَدْفَعُ خَمْسَةً إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي النَّقْلِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي مَحَلٍّ مَرْغُوبٍ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فِي مَحَلٍّ شَرِيفٍ وَالْأُخْرَى مَرْغُوبٌ عَنْهَا لَمْ يُجْمَعَا قَالَ مُحَشِّي تت وَلَمْ أَرَ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْقِيمَةِ فَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْقِيمَةِ الْقَدْرَ بِأَنْ يَكُونَ مُقَدَّرُ قِيمَةِ هَذِهِ كَهَذِهِ فَلَا أَخَالُهُمْ يَشْتَرِطُونَهُ. (قَوْلُهُ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ) أَيْ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى كَمَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يُسْقَى بِالنَّضْحِ) أَيْ بِالْمَاءِ الَّذِي يَنْضَحُهُ النَّاضِحُ أَيْ يَحْمِلُهُ الْبَعِيرُ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ لِسَقْيِ زَرْعٍ فَهُوَ نَاضِحٌ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ وَيُسَمَّى نَاضِحًا؛ لِأَنَّهُ يَنْضَحُ الْعَطِشَ أَيْ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ الَّذِي يَحْمِلُهُ. (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ) رَجَّحَهُ عج عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ. (قَوْلُهُ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ) الْأَوْلَى عَدَمُ تَنْوِينِ صِنْفٍ بِإِضَافَتِهِ لِلتُّفَّاحِ وَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ إذْ مَا تَقَدَّمَ أَفَادَ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ يُفْرَدُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْأَشْجَارُ تُفْرَدُ عَنْ الْبِنَاءِ وَعَنْ الْأَرْضِ وَمَا هُنَا فِي إفْرَادِ أَصْنَافِ الْأَشْجَارِ. (تَنْبِيهٌ) : الظَّاهِرُ أَنَّ إفْرَادَ كُلِّ صِنْفٍ فِي الْفَوَاكِهِ، وَفِي الدُّورِ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطِ الْجَمْعِ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَيْسَ لَهُمَا التَّرَاضِي عَلَى خِلَافِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 مُخْتَلِفَةٌ (ش) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُفْرِدُهُ وَيُقْسِمُ مَا فِيهِ بِالْقِيمَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا يَصِيرُ فِي حَظِّ أَحَدِهِمْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّمَارِ قَالَ فِيهَا وَإِذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ مِثْلَ تُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَأُتْرُجٍّ وَغَيْرِهِ وَكُلُّهَا فِي جِنَانٍ وَاحِدِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كُلُّهُ مُجْتَمِعًا بِالْقِيمَةِ وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ مِنْ الْحَائِطِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَقَوْلُهُ مُخْتَلِفَةً يُرِيدُ وَمُخْتَلِطَةً إذْ مَعَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ يُفْرَدُ كُلُّ صِنْفٍ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا جَازَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي صِنْفَيْنِ لِلضَّرُورَةِ (ص) أَوْ أَرْضٍ بِشَجَرٍ مُتَفَرِّقَةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى حَائِطٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا شَجَرٌ مُتَفَرِّقٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ مَعَ شَجَرِهَا جَمِيعًا إذْ لَوْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ عَلَى حِدَةٍ وَالشَّجَرُ عَلَى حِدَةٍ صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ وَالْبَاءُ فِي بِشَجَرٍ بِمَعْنَى مَعَ وَكَلَامُهُ مُشْعِرٌ بِكَوْنِ الشَّجَرِ فِيهَا وَلَوْ قَالَ أَوْ أَرْضٍ فِيهَا شَجَرٌ مُتَفَرِّقَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَجَازَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ إنْ جُزَّ وَإِنْ لِكَنِصْفِ شَهْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ عَلَى أَنْ يُجِزَّاهُ الْآنَ أَوْ إلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ كَالْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَنَحْوِهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْقُرْعَةِ أَوْ بِالتَّرَاضِي كَمَا عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَنَقَلَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَالْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ فَقَطْ. (ص) وَأَخْذُ وَارِثٍ عَرْضًا وَآخَرَ دَيْنًا إنْ جَازَ بَيْعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ عَرْضًا وَدُيُونًا عَلَى أَقْوَامٍ شَتَّى فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَرْضَ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الدُّيُونَ بِشَرْطِ أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَانْظُرْ هَلْ حُصُولُ الْإِقْرَارِ كَافٍ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَكِنْ ذَكَرَ تت عَنْ ابْنِ نَاجِي مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ وَإِقْرَارِ الْمَدِينِ فَانْظُرْهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَأَخَذُ وَارِثٍ عَرْضًا وَآخَرَ دَيْنًا أَنَّ أَخْذَ أَحَدِهِمَا دَيْنًا وَالْآخَرِ دَيْنًا لَا يَجُوزُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ تَرَكَ دُيُونًا عَلَى رِجَالٍ لَمْ يَجُزْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّجَالَ فَتَصِيرُ ذِمَّةٌ بِذِمَّةٍ وَلْيَقْسِمُوا مَا كَانَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ قَالَ مَالِكٌ سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ الذِّمَّةُ بِالذِّمَّةِ مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَجُوزُ قَسْمُ الدَّيْنِ إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ اهـ. (ص) وَأَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً وَالْآخَرِ قَمْحًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَقْتَسِمَا الْحُبُوبَ فَيَأْخُذَ أَحَدُهُمَا قُطْنِيَّةً فُولًا أَوْ عَدَسًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ قَمْحًا سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً يُرِيدُ يَدًا بِيَدٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ طَعَامٍ بِطَعَامٍ غَيْرُ يَدٍ بِيَدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي لَا فِي الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ (ص) وَخِيَارُ أَحَدِهِمَا كَالْبَيْعِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَقْتَسِمَا وَيَكُونَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا الْخِيَارُ وَسَوَاءٌ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ فَعَلَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ دَارًا أَوْ عُرُوضًا وَيَكُونُ مِقْدَارُ أَمَدِ الْخِيَارِ هُنَا كَمِقْدَارِ مُدَّتِهِ فِي الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ السِّلَعِ وَمَا يُعَدُّ فِي الْبَيْعِ رِضًا أَوْ رَدًّا يُعَدُّ هُنَا وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ أَيْضًا إلَى قَوْلِهِ وَأَخْذِ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً إلَخْ فَيُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ كَمَا مَرَّ وَلَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَأَخْذُ وَارِثٍ عَرْضًا إلَخْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ. (ص) وَغَرْسُ أُخْرَى إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك مِنْ أَرْضِ غَيْرِك إنْ لَمْ تَكُنْ أَضَرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) إنَّمَا كَانَ أَحْسَنَ لِكَوْنِهِ أَصْرَحَ فِي الْمَقْصُودِ. (تَنْبِيهٌ) : الْقَطَانِيُّ أَصْنَافٌ لَا تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ. (قَوْلُهُ إنْ جُزَّ) أَيْ دَخَلَ عَلَى جَزِّهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَمَامُ جَزِّهِ لِنِصْفِ شَهْرٍ وَأَمَّا الشُّرُوعُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) لَمْ يَجْعَلْ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةً وَفِي عج أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّحْوَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْكَافِ فِي قَوْلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَظَاهِرُ النَّقْلِ يُقَوِّي عج (قَوْلُهُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ فَتَجُوزُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزٌ لَا بَيْعٌ كَمَا ذَكَرَهُ كَرِيمُ الدِّينِ (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ نَاقِلًا فَيُتَّبَعُ النَّقْلُ وَالْعُمُومُ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ وَدُيُونًا عَلَى أَقْوَامٍ شَتَّى) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ دِينَارًا وَاحِدًا عَلَى رَجُلٍ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ) أَرَادَ بِالْغُرَمَاءِ مَنْ يَتَّبِعُ الْمَدِينَ مِنْ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ فَانْظُرْهُ) اعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّجَالَ) أَيْ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الرِّجَالِ (قَوْلُهُ فَتَصِيرُ ذِمَّةٌ) فَاعِلٌ أَيْ فَيَصِيرُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ مَبِيعٍ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ مِنْ وَجْهٍ هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَيْ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَيْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَسْمَ الدَّيْنِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ حُكْمُهُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ وَقَسْمُ الدُّيُونِ عَلَى رِجَالٍ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ وَقَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ أَيْ وَاحِدٍ لَا جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالْأَكْثَرِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الِاعْتِرَاضِ وَالْجَوَابِ فَاعْتَمِدْ ذَلِكَ وَلَا تَعْدِلْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قَسْمُ الدَّيْنِ إذَا كَانَ عَلَى وَاحِدٍ) أَيْ بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ وَخِيَارُ أَحَدِهِمَا كَالْبَيْعِ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْمُرَاضَاةِ وَكَذَا الْقُرْعَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَنْعَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) صِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَجَازَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا جَوَازًا كَالْبَيْعِ أَوْ حَالٌ مِنْ خِيَارٍ أَوْ خَبَرٌ وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْتَ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْخِيَارِ هُنَا كَمُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ ثَانِيهِمَا إذَا فَعَلَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فِي خِيَارِ الْبَيْعِ يَكُونُ رِضًا هُنَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَغَرَسَ أُخْرَى) أَيْ وَجَازَ لِمُسْتَعِيرِ أَرْضِ غَيْرِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِاللَّفْظِ أَوْ الْعُرْفِ لِيَغْرِسَ بِهَا شَجَرًا (قَوْلُهُ إنْ انْقَلَعَتْ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِاللَّفْظِ أَوْ الْعَادَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الشَّجَرَةُ مُحْبَسَةً عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ غَرْسُ أُخْرَى مَكَانَهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 نَخْلَةٌ أَوْ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَانْقَلَعَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ قَلَعَهَا صَاحِبُهَا أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا أُخْرَى مِنْ جِنْسِ الْمَقْلُوعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ أَضَرَّ مِنْ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَتْ زِيَادَةُ ضَرَرِهَا مِنْ جِهَةِ عُرُوقِهَا لِأَنَّهَا تَضُرُّ بِبَيَاضِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ جِهَةِ فُرُوعِهَا لِأَنَّهَا تُظِلُّ الْأَرْضَ أَيْ تَسْتُرُ الشَّمْسَ عَنْهَا فَتُضْعِفُ قُوَّتَهَا وَمَنْفَعَتَهَا وَلَوْ احْتَاجَتْ هَذِهِ النَّخْلَةُ إلَى تَدْعِيمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعَمَهَا إلَّا فِي حَرِيمِهَا قَالَهُ ابْنُ سِرَاجٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَغْرِسُ اثْنَيْنِ وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى شَجَرَةَ جُمَّيْزٍ (ص) كَغَرْسِهِ بِجَانِبِ نَهْرِكَ الْجَارِي فِي أَرْضِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لِشَخْصٍ نَهْرٌ يَمُرُّ فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَغْرِسُوا بِجَانِبِهِ أَشْجَارًا وَلَيْسَ لِلشَّخْصِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ يَضُرُّ بِالْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ الضَّرَرِ بِأَنْ كَانَتْ عُرُوقُ الشَّجَرِ تَغُوصُ فِي الْمَاءِ فَيَقِلُّ جَرْيُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي كَوْنَ التَّشْبِيهِ تَامًّا بِمَا قَبْلَهُ فَقَوْلُهُ كَغَرْسِهِ أَيْ كَغَرْسِ غَيْرِك ذِي الْأَرْضِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ الْمُتَقَدِّمِ لَكِنَّهُ مُرَادٌ بِهِ غَيْرَ مَا أُرِيدَ بِهِ أَوَّلًا إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلًا غَيْرُ مَالِكِ الشَّجَرَةِ وَثَانِيًا غَيْرُ مَالِكِ النَّهْرِ وَهُوَ مَالِكُ الْأَرْضِ فَهُوَ مِنْ النَّوْعِ الْمُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالِاسْتِخْدَامِ فَلَوْ قَالَ كَغَرْسِ ذِي أَرْضٍ بِجَانِبِ نَهْرٍ فِيهَا لِغَيْرِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَخْصَرَ (ص) وَحُمِلَتْ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ عَلَى الْعُرْفِ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ إنْ وُجِدَتْ سَعَةٌ (ش) التَّاءُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّكَ إذَا كَنَسْت نَهْرَك الْجَارِي فِي أَرْضٍ لِغَيْرِك فَإِنَّك تُحْمَلُ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْبَلَدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالطَّرْحِ عَلَى حَافَّتِهِ الَّتِي بِهَا الشَّجَرُ فَلَيْسَ لَهُ الطَّرْحُ بِهَا إنْ وَجَدَ سَعَةً وَإِلَّا طَرَحَ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ إنْ وُجِدَتْ سَعَةٌ كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَمُرَادُهُ بِحَافَّتِهِ حَافَّتُهُ الَّتِي بِهَا شَجَرٌ وَلِذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ شَجَرِهِ بَدَلَ حَافَّتِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الْعُرْفِ إلَّا بِحَافَّتِهِ الَّتِي بِهَا شَجَرٌ إنْ وَجَدَ سَعَةً وَإِلَّا طُرِحَ عَلَيْهِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (ص) وَجَازَ ارْتِزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقُسَّامَ يَجُوزُ ارْتِزَاقُهُمْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَكُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَحَاصِلُهُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَرْزَقَ الْقُسَّامَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ قَسَمُوا أَمْ لَا وَإِنْ أَرْزَقَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ تَرِكَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ كَذَا وَكَذَا قَسَمُوا أَمْ لَا فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ جُعِلَ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى الْقَسْمِ وَقَسَمُوا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا الشُّرَكَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ إذَا تَرَاضَوْا عَلَى مَنْ يَقْسِمُ لَهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ (ص) لَا شَهَادَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهَادَةَ الْقَسَّامِ عَلَى مَنْ قَسَمَ لَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَصَلَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَكَانَ عَدْلًا لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُ بِأَنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَأَمَّا إنْ شَهِدَ عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ حَيْثُ تَوَلَّى وَشَهِدَ عِنْدَهُ حَالَ التَّوْلِيَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْكَمُ وَيَنْفُذُ الْحُكْمُ بِهَا وَقَدْ يُقَالُ لَا يَحْتَاجُ كَلَامُهُ إلَى التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِهَا إذَا كَانَ عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ لَا يُسَمَّى شَهَادَةً وَإِنَّمَا يُسَمَّى إخْبَارًا. (ص) وَفِي قَفِيزٍ أَخْذُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ (ش) فِي قَفِيزٍ مُتَعَلِّقٍ بِجَازِ وَأَخْذُ مَعْطُوفٌ عَلَى ارْتِزَاقِهِ أَيْ وَجَازَ فِي شَرِكَةِ قَفِيزٍ بَيْنَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَخْذُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَأَخْذُ الْآخَرِ ثُلُثَهُ بِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الظَّرْفَ وَالْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ وَهَذِهِ قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ فَقَطْ بِأَنْ تَرَاضَيَا عَلَى قِسْمَتِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ هَذَا ثُلُثَهُ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ بَاقِيَهُ أَوْ قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ وَقُرْعَةٍ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي الْمِثْلِيِّ كَمَا عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ بِأَنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ أَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرَ الْبَاقِيَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ يَأْخُذُ الثُّلُثَ مِنْ غَيْرِهِ وَاقْتَرَعَا لِتَعْيِينِهِ وَأَمَّا دُخُولُ قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ فِيهِ فَقَطْ فَلَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تَضُرُّ بِبَيَاضِ الْأَرْضِ) أَيْ تَضُرُّ بِالْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ أَيْ بِالْأَرْضِ الْمُشْرِقَةِ بِالشَّمْسِ أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَتِرَةً بِالْأَغْصَانِ. 1 - (قَوْلُهُ كُنَاسَتِهِ) أَيْ طِينِهِ الَّذِي يُنْزَحُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى شَجَرِهِ وَعَلَيْهَا عَوَّلَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِقَوْلِهَا فَإِذَا كَنَسْت نَهْرَك حُمِلَتْ عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فِي طَرْحِ الْكُنَاسَةِ فَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ بِحَافَّتَيْهِ لَمْ تَطْرَحْ ذَلِكَ عَلَى شَجَرِهِمْ إنْ أَصَبْت دُونَهَا مِنْ حَافَّتَيْهِ مُتَّسَعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبَيْنَ الشَّجَرِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ طَرَحْت فَوْقَ شَجَرِهِمْ إذَا كَانَتْ سُنَّةُ بَلَدِهِمْ طَرْحَ طِينِ النَّهْرِ عَلَى حَافَّتَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ الْقُسَّامَ) كَفَاجِرٍ وَفُجَّارٍ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ) أَيْ فِعْلُ الْإِمَامِ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْسِمُوا لِكَوْنِ أَحَدٍ لَمْ يَطْلُبْ الْقَسْمَ وَأَمَّا إذَا طَلَبَ الْقَسْمَ مِنْهُمْ وَامْتَنَعُوا فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ جَعَلَ إلَخْ أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الشُّرَكَاءُ) أَيْ الْوَرَثَةُ الرُّشَدَاءُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا مِنْ جَانِبِ الْقَاضِي وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ عِنْدَ مَنْ أَقَامَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ كَالْقَبَّانِيِّ بِمِصْرَ وَالْقَيْرَوَانِ الْمَنْصُوبِ مِنْ جَانِبِ الْقَاضِي لِلْوَزْنِ أَمِينُ النَّاسِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ جَوَازِ الْفَصْلِ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الظَّرْفَ أَيْ بِمَا عَدَا الْفَصْلَ بِالظَّرْفِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الْفَصْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَقَدْ نَقَلَ الرَّضِيُّ خِلَافًا فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَى مَرْفُوعٍ أَوْ مَنْصُوبٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ يُمْنَعُ فِي السَّعَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَصْلِ بِالظَّرْفِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 مِنْهُمَا بِالتَّفَاضُلِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ لَا إنْ زَادَ عَيْنًا أَوْ كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَيْنِ أَوْ الْكَيْلِ مَعَ اسْتِوَاءِ الْقَفِيزِ جَمِيعِهِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي (ص) لَا إنْ زَادَ عَيْنًا أَوْ كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ (ش) مَعْنَاهُ اقْتَسَمَا الْعَيْنَ عَلَى حِدَةٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا لِصَاحِبِهِ لِأَجْلِ دَنَاءَةٍ فِي نَصِيبِهِ أَوْ اقْتَسَمَا الطَّعَامَ عَلَى حِدَةٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا طَعَامًا لِصَاحِبِهِ لِأَجْلِ دَنَاءَةٍ فِي طَعَامِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْفَرْعَيْنِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَقْسُومُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَأَمَّا مَعَ التَّسَاوِي فِي الْجَوْدَةِ فَلَا تَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ وَفِي قَفِيزٍ أَخْذُ أَحَدِهِمَا إلَخْ. (ص) وَفِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ صِفَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِكِينَ فِي ثَلَاثِينَ قَفِيزًا مِنْ الطَّعَامِ وَفِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا مِنْ الْفِضَّةِ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَا ذَلِكَ عَلَى التَّفَاضُلِ فَيَأْخُذَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَزْنًا وَعِشْرِينَ قَفِيزًا مِنْ الطَّعَامِ كَيْلًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ الطَّعَامِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُمَا قَسَمَا الدَّرَاهِمَ عَلَى التَّفَاضُلِ وَالْقَمْحَ عَلَى التَّفَاضُلِ كَمَا عَلِمْت فَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ الْمَحْضِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَمْحُ مُتَّفِقًا فِي الصِّفَةِ كَسَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ نَقْيًا أَوْ غَلْثًا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ وَلِأَنَّ عُدُولَهُمَا عَمَّا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي هُوَ أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَقْفِزَةِ إلَى غَيْرِهِ إنَّمَا يَكُونُ لِغَرَضٍ وَهُوَ هُنَا الْمُكَايَسَةُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تُرَادُ أَعْيَانُهَا بِخِلَافِ الْقَمْحِ وَنَحْوِهِ. (ص) وَوَجَبَتْ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ لِبَيْعٍ إنْ زَادَ غَلْثُهُ عَلَى الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ إذَا أَرَادَ بَيْعَ حَبٍّ مِنْ قَمْحٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يُغَرْبِلَهُ إنْ زَادَ غَلْثُهُ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّ بَيْعَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْغَرَرِ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَدُونَ فَتُسْتَحَبُّ الْغَرْبَلَةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا نُدِبَتْ) فَلَوْ قَالَ حَبٍّ بَدَلَ قَمْحٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعٍ بِالْكَافِ لَا بِاللَّامِ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَعَلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُهُ فِي الْقِسْمَةِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ إنَّمَا تَجِبُ فِيهِ الْغَرْبَلَةُ إنْ زَادَ الْغَلْثُ عَلَى الثُّلُثِ فَالْقِسْمَةُ كَذَلِكَ فَلَا تَجِبُ فِيهَا مُطْلَقًا بَلْ إنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَمَا عَلِمْت لَكِنْ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ جَمْعٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْغَرْبَلَةُ فِي الْقِسْمَةِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ فَيُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ مُسَاوَاتُهَا لِلْبَيْعِ. (ص) وَجَمْعُ بَزٍّ وَلَوْ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَزَّ يَجُوزُ جَمْعُهُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَلَوْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عَلَى انْفِرَادِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لَا إنْ زَادَ عَيْنًا، وَقَوْلُهُ زِيَادَةَ الْعَيْنِ أَوْ الْكَيْلِ أَيْ الْمُشَارِ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَا إنْ زَادَ عَيْنًا أَوْ كَيْلًا (قَوْلُهُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَيْنِ) أَيْ وَهَذِهِ تُقَاسُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي قَفِيزٍ، وَقَوْلُهُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْقَفِيزِ رَاجِعٌ لِلْكَيْلِ فَقَطْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْكَيْلِ مَعَ اسْتِوَاءِ الْقَفِيزِ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي قَفِيزٍ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْعَيْنِ مَعَ التَّسَاوِي تُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ) أَقُولُ وَمِنْ غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْكَيْلِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي قَفِيزٍ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ اقْتَسَمَا الْعَيْنَ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا الْعَيْنُ أَوْ الطَّعَامُ (قَوْلُهُ الْمَنْعُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحُ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ التَّسَاوِي فِي الْجَوْدَةِ) أَيْ أَوْ الرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ) أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ التَّقْيِيدِ بِالِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا بِدُونِ التَّقْيِيدِ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا) إنْ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ ارْتِزَاقِهِ كَانَ مِثْلَ مَا قَبْلَهُ فِي التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ فِيهِ وَإِنْ عُطِفَ عَلَى أَخْذُ الَّذِي قَبْلَهُ كَانَ قَوْلُهُ وَفِي كَقَفِيزٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فِي قَفِيزٍ وَتَكُونُ الْوَاوُ عَطَفَتْ شَيْئَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ قَالَهُ الْجِيزِيُّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ عُدُولَهُمَا) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ وَيُجْعَلُ عِلَّةُ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ الثَّانِي يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي جَانِبِ اتِّفَاقِ صِفَةِ الْقَمْحِ، وَقَوْلُهُ هُوَ أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ، الْأَوْلَى حَذْفُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ هَذَا فِي اتِّفَاقِ صِفَةِ الْقَمْحِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ زَادَ عَيْنًا أَوْ كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْعَيْنَ اُشْتُرِطَ فِيهَا الِاتِّفَاقُ فِي الْوَصْفِ وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَادَ عَيْنًا لِدَنَاءَةٍ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ أَوَّلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ صِفَةً يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّرَاهِمِ فَهَذَا تَنَافٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا تُرَادُ أَعْيَانُهَا بِخِلَافِ الْقَمْحِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمَدَارُ عَلَى السَّائِرِ بَيْنَ النَّاسِ بِخِلَافِ الْقَمْحِ فَلَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَّا لَهُ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ إنْ زَادَ غَلَثُهُ) أَيْ تِبْنًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ الْحَشَفُ الْبَالِي الَّذِي لَا حَلَاوَةَ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ فِيهَا مُطْلَقًا) أَيْ فَلَا يُقَالُ أَنَّهَا تَجِب فِيهَا مُطْلَقًا بَلْ هَذَا التَّفْصِيلُ الْمُسَاوِيَةُ فِيهِ لِلْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَهُوَ الرَّاجِحُ نَقَلَهُ تت عَنْ شَيْخِهِ الشَّارِحِ وَوُجِّهَ بِاحْتِمَالِ وُقُوعِ كَثِيرِ الْغَلَثِ فِي نَصِيبِ بَعْضٍ دُونَ آخَرَ فَفِيهِ غَرَرٌ فَنُسْخَةُ اللَّامِ صَوَابٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَجَمْعُ بَزٍّ) أَيْ جَمْعُ بَعْضِهِ لِبَعْضِ مُخْتَلِفٌ، وَلَوْ انْتَهَى فِي الِاخْتِلَافِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُ صُوفًا وَبَعْضُهُ حَرِيرًا (قَوْلُهُ يَجُوزُ جَمْعُهُ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ وَاجِبٌ إنْ دَعَا إلَيْهِ أَحَدُهُمْ أَوْ تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ بِطَلَبِ الْقَسْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ جَمْعًا وَلَا إفْرَادًا وَأَمَّا لَوْ طَلَبَ جَمِيعُهُمْ الْإِفْرَادَ فَهُوَ مَحْظُورٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 مَخِيطًا وَبَعْضُهُ غَيْرَ مَخِيطٍ وَالْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى كُلِّ مَا يُلْبَسُ كَانَ صُوفًا أَوْ خَزًّا أَوْ كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا أَوْ حَرِيرًا مَخِيطًا أَوْ غَيْرَ مَخِيطٍ وَقَوْلُهُ وَجَمْعُ بَزٍّ أَيْ بَعْدَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَتَّانُ وَحْدَهُ وَكَذَا الصُّوفُ وَالْحَرِيرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهِيَ تُقَوَّمُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَتُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ كَالنَّوْعِ. (ص) لَا كَبَعْلٍ وَذَاتِ بِئْرٍ أَوْ غَرْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَعْلَ وَهُوَ الَّذِي لَا سَقْيَ فِيهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ السَّيْحَ وَهُوَ الَّذِي يُرْوَى بِالْمَاءِ الْوَاصِلِ إلَيْهِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ وَزَكَاتُهُمَا بِالْعُشْرِ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ مَعَ ذَاتِ الْغَرْبِ وَهُوَ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ أَيْ الْأَرْضُ الَّتِي تُسْقَى بِالْغَرْبِ أَوْ مَعَ ذَاتِ الْبِئْرِ أَيْ السَّانِيَةِ لِأَنَّ زَكَاتَهُمَا نِصْفُ الْعُشْرِ وَبِعِبَارَةٍ وَذَاتُ الْغَرْبِ لَا تُغَايِرُ ذَاتَ الْبِئْرِ لِأَنَّهَا بِئْرٌ أَيْضًا فَيُقَدَّرُ مَا يَتَغَايَرَانِ بِهِ أَيْ وَذَاتُ بِئْرٍ بِالدُّولَابِ وَبِئْرٌ ذَاتُ غَرْبٍ أَيْ دَلْوٍ كَبِيرٍ فَتَغَايَرَا. (ص) وَثَمَرٌ أَوْ زَرْعٌ إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الثَّمَرِ فِي شَجَرِهِ بِالْخَرْصِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الزَّرْعِ الْقَائِمِ فِي أَرْضِهِ بِالْخَرْصِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى قَطْعِهِ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ سَكَتَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هُنَا بَيْعٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَمَّا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ فَالْمَنْعُ مِنْ بَابِ أَوْلَى فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ عَلَى أُصُولِهِ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا هُنَا لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ، وَأُطْلِقَ الْجُذَاذُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ لِأَنَّ الْجَذَّ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ خَاصٌّ بِالثِّمَارِ، وَأَمَّا جَزُّ الزَّرْعِ فَبِالزَّايِ (ص) كَقَسْمِهِ بِأَصْلِهِ (ش) يَعْنِي إنْ قَسَمَ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ مَعَ الْأُصُولِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا عَلَى الْجُذَاذِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَالْمُرَادُ بِأَصْلِ الزَّرْعِ أَرْضُهُ وَأَصْلِ الثَّمَرِ الشَّجَرُ، وَأَمَّا قَسْمُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ مَعَ أَصْلِهِ فَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جُذَاذِهِ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرْضٍ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ وَأَفْرَدَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مَنْعِ قَسْمِ الثَّمَرِ بِأَصْلِهِ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) أَوْ قَتًّا أَوْ ذَرْعًا (ش) عَطْفٌ عَلَى أَصْلِهِ أَيْ إنَّ قَسْمَ الزَّرْعِ قَتًّا وَهِيَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يُقَوَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَلَوْ جَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ الصُّوفَ وَالْحَرِيرَ قِسْمًا وَالْكَتَّانَ قِسْمًا آخَرَ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ يَكْفِي التَّقْوِيمُ بِجُمْلَةِ الصُّوفِ وَالْحَرِيرِ الَّذِي يُجْعَلُ قِسْمًا مُسْتَقِلًّا مُقَابِلًا لِلْكَتَّانِ إلَخْ. (قَوْلُهُ لَا كَبَعْلٍ) تَضَمَّنَ مَنْطُوقُهُ ثَلَاثَ صُوَرٍ مَمْنُوعَةٍ هِيَ بَعْلٌ مَعَ ذَاتِ بِئْرٍ، بَعْلٌ مَعَ ذَاتِ غَرْبٍ، بَعْلٌ مَعَهُمَا وَالْجَوَازُ فِي صُورَةِ ذَاتِ بِئْرٍ مَعَ ذَاتِ غَرْبٍ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْبَعْلَ) أَيْ الْأَرْضَ الْبَعْلَ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يُرْوَى أَيْ الْأَرْضُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَعَ ذَاتِ الْغَرْبِ) أَيْ الْأَرْضِ ذَاتِ الْغَرْبِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ ذَاتِ الْبِئْرِ أَيْ الْأَرْضِ ذَاتِ الْبِئْرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ السَّانِيَةِ تَفْسِيرٌ لِلْبِئْرِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِئْرِ السَّانِيَةِ أَيْ السَّاقِيَّةِ أَيْ الْأَرْضِ ذَاتُ السَّاقِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ وَذَاتِ الْغَرْبِ أَيْ الْأَرْضِ ذَاتِ الْغَرْبِ، وَقَوْلُهُ لَا تُغَايِرُ ذَاتَ الْبِئْرِ أَيْ الْأَرْضَ ذَاتَ الْبِئْرِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا بِئْرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ بِئْرٍ أَيْ أَرْضٌ ذَاتُ بِئْرٍ مُلْتَبِسٍ بِالدُّولَابِ أَيْ السَّاقِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَبِئْرٌ ذَاتُ غَرْبٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَرْضٌ ذَاتُ بِئْرٍ بِغَرْبٍ أَيْ دَلْوٍ كَبِيرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ. (قَوْلُهُ وَثَمَرٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ لَا يَجُوزُ قَسْمُ ثَمَرٍ فَعَامِلُهُ مَحْذُوفٌ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَبَعْلٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَعْلِ فِي مَنْعِ الْجَمْعِ وَهَذِهِ فِي مَنْعِ الْقِسْمَةِ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الثَّمَرِ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَيْ ثَمَرِ النَّخْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ دَخَلَا عَلَى قَطْعِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّي فِيهِ مُتَعَذِّرٌ كَذَا لِ عب تَبَعًا ل عج وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِالنَّقْلِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِثَمَرِ النَّخْلِ بَلْ التِّينُ وَالْقَصَبُ بَلْ وَغَيْرُهُمَا يُقْسَمُ بِالْحَزْرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى شَرْطِ الْجَذِّ بَلْ وَلَوْ بَدَا صَلَاحُهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ يَجُوزُ فِيهِ رِبَا التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى قَطْعِهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَطْعِ وَالْآخَرُ عَلَى الْجِذَاذِ أَمَّا إذَا دَخَلَا عَلَى قَطْعِهِ فَيَجُوزُ وَبَقِيَّةُ شُرُوطِ بَيْعِهِ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ النَّفْعِ وَالِاضْطِرَارِ وَعَدَمُ التَّمَالُؤِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا هُنَا فَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ مِنْهَا أَوْ لَا اُنْظُرْ الشَّيْخَ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ) فَيُمْنَعُ، وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ فَلَا يُقْسَمُ إلَّا كَيْلًا أَوْ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ. (تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا جَازَ قَسْمُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِالتَّحَرِّي وَلَمْ يَجُزْ مُذَارَعَةً لِقِلَّةِ الْخَطَرِ فِي التَّحَرِّي وَكَثْرَتُهُ فِي الْمُذَارَعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ تَكُونُ جِهَةٌ أَحْسَنَ مِنْ جِهَةٍ فَيُغْبَنُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ) فَالْحَقِيقَةُ بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الْجَذِّ بِالذَّالِ لِلثِّمَارِ وَمَجَازُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالزَّرْعِ أَيْ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ فَشَبَّهَ قَطْعَ الزَّرْعِ بِقَطْعِ الثِّمَارِ وَالْجَامِعُ مُطْلَقُ الْإِبَانَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ) هُوَ الْحَقُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَيْ بَيْنَ مَنْعِ قَسْمِ الثَّمَرِ مَعَ أَصْلِهِ بِالتَّحَرِّي، وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ وَبَيْنَ جَوَازِ قَسْمِهِ وَحْدَهُ بِالتَّحَرِّي إذَا دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ أَنَّ قَسْمَ الثَّمَرِ مَعَ أَصْلِهِ يَكْثُرُ مَعَهُ الْخَطَرُ وَهُوَ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ بِحَيْثُ يَعْسُرُ التَّحَرِّي فِيهِ أَوْ يَتَعَذَّرُ وَلَا كَذَلِكَ قَسْمُ الثَّمَرِ وَحْدَهُ وَأَمَّا قَسْمُ الْأُصُولِ الَّتِي فِيهَا ثَمَرٌ دُونَ ثَمَرِهَا فَجَائِزٌ إنْ أُبِّرَ الثَّمَرُ لَا إنْ لَمْ يُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي مَنْعِ قَسْمِ الثَّمَرِ بِأَصْلِهِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ قَسْمَ الثَّمَرِ بِأَصْلِهِ هُوَ الْمُشَبَّهُ لَا أَنَّهُ وَجْهُ الشَّبَهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْمَنْعِ وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا أَيْ تَشْبِيهٌ مِنْ أَجْلِ تَحَقُّقِ مَنْعِ الثَّمَرِ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَتًّا أَوْ ذَرْعًا) وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْكَيْلُ. (تَنْبِيهٌ) : فِي ك عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الْبِرْسِيمِ كَيْفَ يُقْسَمُ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ أَوْ يُقْسَمُ عَلَى التَّفَاضُلِ وَأَمَّا قَسْمُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ قَسْمَ الزَّرْعِ قَتًّا) أَيْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الزَّرْعِ حَتَّى الْكَتَّانِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَقَسْمِهِ بِأَصْلِهِ شَامِلٌ لِلثَّمَرِ وَالزَّرْعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قَتًّا أَوْ ذَرْعًا قَاصِرٌ عَلَى الزَّرْعِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْبِرْسِيمَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 الْحُزَمُ الَّتِي تُرْبَطُ عِنْدَ الْحَصَادِ أَوْ مُذَارَعَةً بِالْمِسَاحَةِ بِقَصَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى أَرْضِهِ مُمْتَنِعٌ سَوَاءٌ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا وَإِنَّمَا امْتَنَعَ قَسْمُ الزَّرْعِ قَتًّا وَجَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَتًّا لِكَثْرَةِ الْخَطَرِ هُنَا لِاعْتِبَارِ شُرُوطِ الْجُزَافِ هُنَا فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي طَرَفِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَهُوَ الْقَتُّ تَأَمَّلْ. (ص) أَوْ فِيهِ فَسَادٌ كَيَاقُوتَةٍ أَوْ كَجَفِيرٍ (ش) هُنَا حَذْفُ مَوْصُوفٍ أَيْ أَوْ قَسْمٌ فِيهِ فَسَادٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُ مَا فِي قَسْمِهِ فَسَادٌ لَا بِالْمُرَاضَاةِ وَلَا بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ كَالْيَاقُوتَةِ وَالْفَصِّ وَاللُّؤْلُؤَةِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ وَالْخَاتَمِ وَالْجَفِيرِ وَهُوَ وِعَاءُ السَّيْفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا إشْكَالَ فِيهِ عَلَى نُسْخَةِ كَجَفِيرٍ بِالْجِيمِ وَآخِرُهُ رَاءٌ، وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ كَخُفَّيْنِ تَثْنِيَةُ خُفٍّ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى مَنْعِ الْقَسْمِ مُطْلَقًا اقْتَضَى مَنْعَ قَسْمِ الْخُفَّيْنِ مُرَاضَاةً مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ كَالْمِصْرَاعَيْنِ وَسَائِرِ كُلِّ مُزْدَوِجَيْنِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَنْعِ الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ اقْتَضَى جَوَازَ قَسْمِ الْيَاقُوتَةِ بِالتَّرَاضِي مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ. (ص) أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخِرْصِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ وَمَوْضُوعُ الْأُولَى قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ كَمَا مَرَّ وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخِرْصِ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَالْخَرْصُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْحَزْرُ وَالتَّحَرِّي مَصْدَرُ خَرَصَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ الْخِرْصُ بِالْكَسْرِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَبَقْلٍ) إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَإِذَا وَرِثَ قَوْمٌ بَقْلًا قَائِمًا لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ يَقْتَسِمُوهُ بِالْخَرْصِ وَلْيَبِيعُوهُ وَيَقْتَسِمُوا ثَمَنَهُ لِأَنَّ مَالِكًا كَرِهَ قَسْمَ مَا فِيهِ التَّفَاضُلُ مِنْ الثِّمَارِ بِالْخِرْصِ فَكَذَلِكَ الْبَقْلُ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ حَمَلَ سَحْنُونَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى مَنْعِ قَسْمِ الْبَقْلِ تَحَرِّيًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الْجَذِّ عَاجِلًا أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَلَيْهِ وَقَالَ إنَّمَا مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَسْمَهُ تَحَرِّيًا عَلَى التَّأْخِيرِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَيَجُوزُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُقَيَّدُ بِمَا يُرَى. (ص) إلَّا الثَّمَرَ وَالْعِنَبَ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ وَإِنْ بِكَثْرَةِ أَكْلٍ وَقَلَّ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاتَّحَدَ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ لَا تَمْرٍ وَقُسِمَ بِالْقُرْعَةِ بِالتَّحَرِّي (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّمْرَ وَالْعِنَبَ يَجُوزُ قَسْمُهُمَا عَلَى أَصْلِهِمَا بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لِلضَّرُورَةِ وَبِعِبَارَةٍ لِأَنَّهُمَا يُمْكِنُ حَزْرُهُمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الثِّمَارِ فَإِنَّهُ يُغَطَّى بِالْوَرَقِ، وَالثَّمَرُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمُرَادُ بِهِ ثَمَرُ النَّخْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَاتَّحَدَ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَةُ أَهْلِهِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُ وَآخَرُ يَبِيعُ وَهَذَا عِيَالُهُ تَأْكُلُ كَثِيرًا وَهَذَا عِيَالُهُ تَأْكُلُ قَلِيلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَقْسُومُ شَيْئًا قَلِيلًا فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ عَلَى أَصْلِهِ إذَا كَانَ كَثِيرًا وَيُرْجَعُ فِي الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ لِلْعُرْفِ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَّ بَيْعُهُ أَيْ بَدَا صَلَاحُهُ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ بُسْرًا عَلَى حِدَتِهِ أَوْ رُطَبًا عَلَى حِدَتِهِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا بُسْرٌ وَرُطَبٌ وَقَسَمَا ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا الْبُسْرُ وَلِلْآخِرِ الرُّطَبُ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ صَارَ تَمْرًا يَابِسًا لِأَنَّ فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ عَلَى أَصْلِهِ حِينَئِذٍ انْتِقَالًا مِنْ الْيَقِينِ وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْكَيْلِ إلَى الشَّكِّ وَهُوَ   [حاشية العدوي] الْمُشْتَرَكِ يَجُوزُ قَسْمُهُ تَحَرِّيًا بِالْفَدَّانِ لِعَدَمِ حُرْمَةِ التَّفَاضُلِ لَكِنْ عَلَى التَّفَاضُلِ الْبَيِّنِ أَيُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ وَالرَّاجِحُ فِي الْكَتَّانِ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ تَهْيِئَتِهِ لِلْغَزْلِ بِالدَّقِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عج فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ الْبِرْسِيمِ فِي أَرْضِهِ بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ فَقِفْ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِقَصَبَةٍ) بَدَلٌ مِنْ بِالْمِسَاحَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مُذَارَعَةً بِقَصَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ كَيَاقُوتَةٍ إلَخْ) أَيْ فَالْكَافُ الدَّاخِلَةُ عَلَى يَاقُوتَةٍ أَدْخَلَتْ كُلَّ مَا كَانَ نَفِيسًا وَالْكَافُ الدَّاخِلَةُ عَلَى جَفِيرٍ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ كَالْيَاقُوتَةِ إلَخْ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِمَا فِيهِ الْفَسَادُ إلَّا قَوْلَهُ وَالْخُفَّيْنِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ فَلَيْسَ فِي قِسْمَتِهَا فَسَادٌ (قَوْلُهُ فَمُشْكِلٌ) وَالْجَوَابُ أَنَّا نَمْنَعُ الْقِسْمَةَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِلْيَاقُوتَةِ فَهِيَ عَامَّةٌ لِلْمُرَاضَاةِ وَالْقُرْعَةِ وَبِالنَّظَرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْخُفَّيْنِ تُقْصَرُ عَلَى الْقُرْعَةِ وَتَجُوزُ بِالْمُرَاضَاةِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَصْلِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَرِ ثَمَرُ النَّخْلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ كَبَقْلٍ) أَيْ مِنْ كُرَّاثٍ وَسَلْقٍ وَكُزْبَرَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْجَذِّ عَاجِلًا) هَذَا حَمْلُ سَحْنُونَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لِقَوْلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَهُ) أَيْ أَنْكَرَ حَمْلَ سَحْنُونَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْجَذِّ عَاجِلًا، وَقَوْلُهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ أَمْرَيْنِ الدُّخُولِ عَلَى الْجَذِّ وَالتَّفَاضُلِ الْبَيِّنِ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَيَجُوزُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاضُلٌ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ) أَيْ بَلْ يُقَيَّدُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْجَذِّ وَخُلَاصَةُ هَذَا اعْتِمَادُ كَلَامِ أَشْهَبَ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّ بَيْعُهُ إلَخْ) تَعْلَمُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِنَبِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَقُسِمَ بِالْقُرْعَةِ أَيْ بَعْدَ أَنْ يُحْزَرَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ) أَيْ إنَّمَا اشْتَرَطْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لِلضَّرُورَةِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ هَذَا عِيَالُهُ تَأْكُلُ كَثِيرًا إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ بِكَثْرَةِ أَكْلٍ يُضْبَطُ بِالْمَصْدَرِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْبِسَاطِيُّ يُقْرَأُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَأَمَّا قِرَاءَتُهُ بِالْمَصْدَرِ بِدُونِ اخْتِلَافٍ كَثْرَةِ الْأَكْلِ اسْمُ فَاعِلٍ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَيُرْجَعُ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِلْعُرْفِ) كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَفِي عج أَنَّ الَّذِي رُبَّمَا يُفِيدُهُ النَّقْلَ أَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ اخْتِلَافُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ لِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى جُذَاذِهِ وَقَسْمِهِ كَيْلًا أَوْ بَيْعِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ الْخَرْصُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لِأَنَّهُ يَبْقَى. الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ فَلَا يَجُوزُ بِالْمُرَاضَاةِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَحْضٌ فَلَا تَجُوزُ فِي الْمَطْعُومِ إلَّا أَنْ يُقْبَضَ نَاجِزًا. الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يُقْسَمَ بِالتَّحَرِّي فِي الْكَيْلِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ وَلَا بِالْوَزْنِ فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِالْخَرْصِ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْوَزْنَ وَالْكَيْلَ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الْكَيْلِ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ غَرَرًا مِنْ التَّحَرِّي بِالْوَزْنِ لِتَعَلُّقِ الْكَيْلِ بِمَا يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ بِخِلَافِ الْوَزْنِ فَإِنَّ تَعَلُّقَهُ مَنُوطٌ بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ وَهُمَا لَا يَظْهَرَانِ لِلنَّاظِرِ وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مِعْيَارُهُ فِيهِ إلَّا الْوَزْنَ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَإِنَّمَا يُتَحَرَّى وَزْنُهُ لِأَنَّهُ مِعْيَارُهُ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ عَنْ قَوْلِهِ فِي أَصْلِهِ لِيَجْمَعَهُ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا فِي الْمِثْلِيِّ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ هَذَا مِثْلِيًّا بَلْ مُقَوَّمٌ لِأَنَّهُ جُزَافٌ بِالتَّحَرِّي فَهُوَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ (ص) كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَهُوَ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا الْبَلَحَ الْكَبِيرَ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَبَقِيَّةُ الشُّرُوطِ لَا بُدَّ مِنْهَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِالْخَرْصِ وَأَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَةُ أَهْلِهِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ وَأَنْ يَكُونَ بِالتَّحَرِّي، وَأَمَّا اتِّحَادُهُ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ فَلَا يَتَأَتَّى وَيُزَادُ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فَسَدَ، وَالْبَلَحُ الْكَبِيرُ هُوَ الرَّامِخُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَهُوَ كَالْبُسْرِ فِي تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فَيَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ وَإِنْ كَانَ رِبَوِيًّا إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ بِأَنْ كَانَ هَذَا يَأْكُلُ بَلَحًا وَهَذَا يَبِيعُهُ بَلَحًا. (ص) وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ التَّمْرَ وَالْعِنَبَ يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا اقْتَسَمَا ذَلِكَ كَذَلِكَ ثُمَّ اقْتَسَمَا الْأُصُولَ فَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا وَثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَصْلِ يَسْقِي نَخْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِغَيْرِهِ وَهَذَا مَعَ التَّشَاحِّ وَمَا مَرَّ فِي بَابِ تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الْأَرْضَ فِي قَوْلِهِ وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ حَيْثُ لَا مُشَاحَّةَ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَاكَ بِأَنَّ السَّقْيَ لَهُ وَهُنَا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْفِعْلِ (ص) كَبَائِعِهِ الْمُسْتَثْنِي ثَمَرَتَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أُصُولَ شَجَرَةٍ وَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا فَإِنَّ سَقْيَ الْأُصُولِ عَلَى بَائِعِهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ لَا يُسَلِّمُهَا لَهُ إلَّا بَعْدَ جُذَاذِ ثَمَرَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَجَوُّزٌ إذْ الْحُكْمُ يُوجِبُ بَقَاءَ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ لِلْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ كَبَائِعِهِ الَّذِي لَهُ ثَمَرَتُهُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَلِمَ مِنْ ارْتِكَابِ الْمَجَازِ. (ص) أَوْ فِيهِ تَرَاجُعٌ إلَّا أَنْ يَقِلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا كَبَعْلٍ وَذَاتِ بِئْرٍ أَوْ غَرْبٍ ثُمَّ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ لَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهَا تَرَاجُعٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَرْضَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عِشْرُونَ مَثَلًا وَقِيمَةُ الْآخَرِ عَشَرَةٌ مَثَلًا وَوَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ الَّذِي قِيمَتُهُ عِشْرُونَ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِتَعْتَدِلَ الْقِسْمَةُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْهُمَا هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ فَحَصَلَ الْغَرَرُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي لَجَازَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ مَنْعِ التَّرَاجُعِ مَا لَمْ يَكُنْ مَا بِهِ التَّرَاجُعُ قَلِيلًا كَالدِّرْهَمِ فِي أَرْبَعِينَ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَبِعِبَارَةٍ وَالْقِلَّةُ كَنِصْفِ عُشْرٍ. (ص) أَوْ لَبَنٍ فِي ضُرُوعٍ إلَّا لِفَضْلٍ بَيِّنٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَسْمُ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ أَوْ غَيْرِهَا لَا قُرْعَةً وَلَا مُرَاضَاةً لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَبَنٌ بِلَبَنٍ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفِقًا كَلَبَنِ بَقَرٍ وَبَقَرٍ أَوْ مُخْتَلِفًا كَلَبَنِ غَنَمٍ وَبَقَرٍ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَكَانَ إذَا هَلَكَ مَا بِيَدِ هَذَا رَجَعَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا تَرَكَهُ لِلْآخَرِ فَضْلًا بِغَيْرِ مَعْنَى الْقَسْمِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) أَوْ قَسَمُوا بِلَا مَخْرَجٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْمَ إذَا قَسَمُوا دَارًا أَوْ سَاحَةً أَوْ سُفْلًا أَوْ عُلْوًا بَيْنَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا مَخْرَجَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُمْ هَذَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْقُرْعَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْمَخْرَجِ شَيْءٌ مَا يُمْكِنُ   [حاشية العدوي] الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى) أَيْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ بِدُونِ تَغْيِيرٍ بِنَقْصٍ (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مِعْيَارُهُ إلَخْ) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ مِعْيَارُهُ الْكَيْلَ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْوَزْنُ، وَلَوْ كَانَ الْوَزْنُ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَحَ الصَّغِيرَ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَثَمَرٌ وَزَرْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الدُّخُولُ عَلَى الْجَذِّ فَقَطْ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِخِلَافِ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَّا شَرْطَ الْقِلَّةِ وَالِاتِّحَادِ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ وَحِلِّيَّةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَحَلَّ الْبَيْعُ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا الْبَلَحَ (قَوْلُهُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِالْخَرْصِ) عَدُّهُ شَرْطًا تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ أَوْ السُّكُوتِ. (قَوْلُهُ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَجَوُّزٌ إلَخْ) هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْمُسْتَثْنِي بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَلَوْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الَّذِي اسْتَثْنَى الشَّارِعُ ثَمَرَتَهُ لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَيَّ تَسَمُّحٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَتُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ الْمَأْبُورَةِ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْبُورَةِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ) الْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ، وَلَوْ قَلَّ وَهَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ وَأَمَّا فِي الْمُرَاضَاةِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَكَانَ إلَخْ) هَذَانِ الْقَيْدَانِ تَرَكَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَيِّنٍ قَصْبُ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَكَانَ إذَا هَلَكَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجًا وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَلَوْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَخْرَجِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا ابْتِدَاءً فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْأَوْلَى رُجُوعُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا لِلْمَخْرَجِ لَا لِلْمَقْسُومِ أَيْ انْتَفَى الْمَخْرَجُ انْتِفَاءً مُطْلَقًا أَيْ قَسَمُوا قَسْمًا مُلْتَبِسًا بِشَرْطِ انْتِفَاءِ مَخْرَجٍ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ لَا مِنْ الْمَمَرِّ الْأَصْلِيِّ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا لَوْ قُيِّدَ بِجِهَةٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُهَا يُصْرَفُ إلَيْهِ بَابُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُ الْمَخْرَجِ الْمِرْحَاضُ وَالْمَنَافِعُ (ص) وَصَحَّتْ إنْ سَكَتَ عَنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِسْمَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْبُيُوتِ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ السَّاحَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالسَّاحَةِ إذَا وَقَعَتْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الْمُرُورِ مِنْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلِشَرِيكِهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ (ش) فَقَوْلُهُ إنْ سَكَتَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَخْرَجِ مِنْ السَّاحَةِ. (ص) وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ أَيْ قَسْمِ الْمَاءِ الْجَارِي فَأَطْلَقَ الْمَجْرَى عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِّ أَمَّا إنْ تَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ فِي الْجَوَازِ وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا أَجَازَهُ أَيْ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ فَرَضَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعَيْنِ وَهِيَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهَا فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهَا تُقْسَمُ بِالْمُرَاضَاةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَسْمَهَا بِقَسْمِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي تَجْرِي إلَى الشُّرَكَاءِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ قَسْمُ الْعَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّقْصِ وَالضَّرَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَسْمُ مَاءِ الْعَيْنِ إلَّا بِحَاجِزٍ فِيهَا بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ أَوْ الْأَنْصِبَاءِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي لِنَقْصِ مَائِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُقْسَمْ مَجْرَى الْمَاءِ أَيْ مَحَلُّ جَرْيِهِ لِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِ كُلٍّ بِقَسْمِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْوَى الْجَرْيُ فِي مَحَلٍّ دُونَ آخَرَ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَلَا بِمَحَلِّ جَرْيِ الْمَاءِ كَمَا بَيَّنَّا وَحِينَئِذٍ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْقَسْمُ بِالْمَاءِ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا بِالْقِلْدِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ (وَقُسِمَ بِالْقِلْدِ) وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ وَقَوْلِهِ وَقُسِمَ بِالْقِلْدِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إنْ حُمِلَ مَجْرَى الْمَاءِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَأَمَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ الْجَرْيُ فَيُؤَوَّلُ الْكَلَامُ إلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْمَاءِ الْجَارِي وَظَاهِرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَقُسِمَ بِالْقِلْدِ التَّنَافِي إذْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَبْرًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْمَاءِ الْجَارِي أَيْ بِغَيْرِ الْقِلْدِ إذْ لَا يَحْصُلُ بِالْقَسْمِ بِغَيْرِهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ وَبِتَفْسِيرِ الْقِلْدِ الْمُتَقَدِّمِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْمَوَاتِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ مَلَكَ أَوَّلًا قَسَمَ بِقِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مُسْتَدْرَكٌ. (ص) كَسُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا (ش) قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْجِدَارِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَسْقُطُ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَاؤُهٌ وَيُقَالُ لِلْآخِرِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أُمِرَ الْآبِي أَنْ يَبْنِيَ مَعَ صَاحِبِهِ إنْ طَلَبَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِكَوْنٍ خَاصٍّ أَيْ " مَوْضُوعَةٌ بَيْنَهُمَا " وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ " مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا " إذْ الْمُشْتَرَكُ الْمَمْلُوكُ بَيْنَهُمَا يُجْبِرُ الْآبِيَ كَمَا عَلِمْت مِنْ النَّصِّ. (ص) وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ إلَّا بِرِضَاهُمْ إلَّا مَعَ كَزَوْجَةٍ فَيُجْمَعُوا أَوَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ عَاصِبَيْنِ فَأَكْثَرَ رَضُوا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْعَصَبَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ زَوْجَةٌ فَأَكْثَرُ أَوْ أُمٌّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى رُجُوعٌ إلَخْ) وَغَيْرُ الْأَوْلَى هُوَ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْقُرْعَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لِلْمَخْرَجِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْمَخْرَجِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَخْرَجِ (قَوْلُهُ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ السَّاحَةِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَخْرَجِ. (قَوْلُهُ أَيْ قَسْمُ الْمَاءِ الْجَارِي) أَيْ بِغَيْرِ الْقَلْدِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا بِالْقَلْدِ فَيُجْبَرُ، وَقَوْلُهُ أَيْ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ أَيْ وَأَمَّا بِطَرِيقِ التَّرَاضِي فَيَجُوزُ، وَقَوْلُهُ " وَمَعْنَى " الْمُنَاسِبِ فَمَعْنَى (قَوْلُهُ فَأَطْلَقَ الْمَجْرَى إلَخْ) التَّفْرِيعُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْأَوْلَى فَأَرَادَ بِصِيغَةِ مُفْعِلٍ اسْمَ فَاعِلٍ وَجَعَلَهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ الْمَاءِ الْجَارِي (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَسْمَهَا إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ يُضَارِبُ حَلَّهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ بَقَاءُ مَجْرًى عَلَى حَالِهِ وَلَيْسَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ قَسْمُ الْعَيْنِ) أَيْ مُرَاضَاةً وَقُرْعَةً، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْسَمْ مَجْرَى الْمَاءِ أَيْ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ لَا بِالْمُرَاضَاةِ فَيَجُوزُ، وَقَوْلُهُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ أَيْ مُطْلَقًا لَا بِطَرِيقِ التَّرَاضِي وَلَا بِطَرِيقِ الْجَبْرِ، وَقَوْلُهُ وَلَا بِمَحَلِّ جَرْيِ الْمَاءِ أَيْ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ لَا بِطَرِيقِ التَّرَاضِي، وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْقَسْمُ بِالْمَاءِ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِالْقِلْدِ أَيْ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ ثُمَّ هَذَا رُجُوعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا فَأَطْلَقَ الْمَجْرَى إلَخْ وَيُعَارِضُهَا قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ قَسْمَهَا إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ إبْقَاءَ الْمَجْرَى عَلَى حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ قَرَّرْنَا هَذَا التَّقْرِيرَ، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَيْ الَّذِي أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ فَالْجَوَابُ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي أَيْ الَّذِي أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا (قَوْلُهُ مُسْتَدْرَكٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لَهُ إلَّا لَوْ فُسِّرَ الْقِلْدُ بِالْقَدْرِ الَّذِي يُثْقَبُ وَيُمْلَأُ مَاءً لِأَقَلِّ جُزْءٍ وَيَجْرِي النَّهْرُ لَهُ إلَى أَنْ يَنْفَدَ ثُمَّ كَذَلِكَ غَيْرُهُ فَلَمَّا فَسَّرَهُ بِالْآلَةِ الْمَذْكُورَةِ الشَّامِلَةِ لَهُ وَلِلْمِنْكَابِ يَكُونُ أَوْ غَيْرِهِ مُسْتَدْرَكًا لَا حَاجَةَ لَهُ. (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُمْ مَعَ الزَّوْجَةِ يَجْمَعُونَ بِرِضَاهُمْ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ رِضَا جَمِيعِ الْعَصَبَةِ وَفُهِمَ مِنْ مَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَاصِبَيْنِ أَنَّ الْمَنْعَ فِي الشَّرِيكَيْنِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ أَحْرَى وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْعَاصِبَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِشَبَهِهِمَا بِذِي الْفَرْضِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَوْ قَالَ شَرِيكَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُجْمَعُوا) بِإِسْقَاطِ النُّونِ إمَّا عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ وَإِمَّا أَنَّ هُنَا شَرْطًا مُقَدَّرًا وَهُوَ فَإِنْ رَضُوا يُجْمَعُوا وَلَيْسَ الشَّرْطُ مُقَدَّرًا قَبْلَ الْفَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا تَصْحَبُهُ الْفَاءُ (قَوْلُهُ رَضُوا أَمْ لَا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْجَمْعِ بِرِضَاهُمْ حَيْثُ كَانَ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ وَعَدَمُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 فَإِنَّ الْعَصَبَةَ تُجْمَعُ أَوَّلًا ثُمَّ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْفَرْضِ ثَانِيًا وَعَلَى هَذَا فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ إلَّا الثَّانِيَةَ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ وَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ إلَّا بِرِضَاهُمْ مَعَ كَزَوْجَةٍ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَصِحُّ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يُجْمَعُونَ مَعَ كَزَوْجَةٍ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا وَأَنَّ الْعَصَبَةَ فَقَطْ لَهُمْ الْجَمْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ فَيُجْمَعُوا مَعَ عِلْمِهِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَيْ أَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءً لَا عَلَى الدَّوَامِ وَإِنَّمَا ثَنَّى أَوَّلًا وَجَمَعَ ثَانِيًا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْأَكْثَرِ أَيْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْجَمِيعُ مِنْ الْعَصَبَةِ وَلَوْ قَالَ شَرِيكَيْنِ أَوْ كَعَاصِبَيْنِ كَانَ أَوْلَى. (ص) كَذِي سَهْمٍ وَوَرَثَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ إذْ هُوَ فِي الْعَصَبَةِ بِرِضَاهُمْ وَفِي أَصْحَابِ السَّهْمِ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ وَمَعْنَى الْأُولَى أَنَّ أَصْحَابَ كُلِّ سَهْمٍ يُجْمَعُونَ فِي الْقَسْمِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا فَمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ وَأَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ فَإِنَّ أَهْلَ كُلِّ سَهْمٍ يُجْمَعُونَ فِي الْقَسْمِ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ عَدَمَ الْجَمْعِ فَإِذَا طَلَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الزَّوْجَاتِ مَثَلًا أَنْ تُقْسَمَ نَصِيبَهَا مُنْفَرِدًا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَتُجْمَعُ مَعَ بَقِيَّةِ الزَّوْجَاتِ، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَنَصُّهُ فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ لِشَرِيكَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَرَثَةً قُسِمَتْ نِصْفَيْنِ نِصْفًا لِلشَّرِيكِ ثُمَّ نِصْفًا لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قُسِمَ لَهُمْ ثَانِيًا. (ص) وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ ثُمَّ رَمَى أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَذَكَرَ لَهَا صِفَتَيْنِ الْأُولَى أَنَّ الْقَاسِمَ يَعْدِلُ الْمَقْسُومَ مِنْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ عَلَى قَدْرِ مَقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا فَإِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ دَارٍ وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَتُجْعَلُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ كُلُّ اسْمٍ فِي وَرَقَةٍ وَيَجْعَلُ كُلَّ وَرَقَةٍ فِي بُنْدُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَرْمِي بِبُنْدُقَةٍ عَلَى طَرَفٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْمَقْسُومِ اللَّذَيْنِ هُمَا مَبْدَأُ الْأَجْزَاءِ وَانْتِهَاؤُهَا ثُمَّ يُكَمِّلُ لِصَاحِبِهَا مِمَّا يَلِي مَا رُمِيَتْ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَرْمِي ثَانِي بُنْدُقَةٍ عَلَى أَوَّلِ مَا بَقِيَ مِمَّا يَلِي حِصَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُكَمِّلُ لِصَاحِبِهَا مِمَّا يَلِي مَا رُمِيَتْ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فِي النَّصِيبِ، الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْقَاسِمَ يَعْدِلُ الْمَقْسُومَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْجِهَاتِ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِ الْأَجْزَاءِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كُلُّ جُزْءٍ فَيَكْتُبُ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ اسْمَ الْمَقْسُومِ فِي أَوْرَاقٍ سِتَّةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَوْرَاقٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَرَقَتَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَرَقَةً وَعَلَى هَذَا قَدْ يَحْصُلُ تَفْرِيقٌ فِي النَّصِيبِ الْوَاحِدِ، وَهُنَاكَ صِفَةٌ ثَالِثَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْقَاسِمَ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ   [حاشية العدوي] صَاحِبُ فَرْضٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَقِلُّ الْغَرَرُ مَعَ وُجُودِ ذِي الْفَرْضِ وَيَكْثُرُ مَعَ فَقْدِهِ لَا يَنْهَضُ وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ شَرِيكٌ أَجْنَبِيٌّ جُمِعُوا وَإِنْ أَبَوْا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ أَجْنَبِيٌّ فِي الْمَقْسُومِ بَلْ كَانَ كَامِلُهُ لَهُمْ فَلَا يُتَصَوَّرُ جَمْعُ جَمِيعِهِمْ وَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ رَضُوا جَمِيعُهُمْ بِجَمْعِ كُلِّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِي سَهْمٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ لَا عَلَى الدَّوَامِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الدَّوَامِ فَإِنْ شَاءُوا قَسَمُوا وَإِنْ شَاءُوا لَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ) أَيْ فَرَمْيُ الْوَرَقَةِ الْأَخِيرَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي تَمْيِيزِ نَصِيبِ مَنْ هِيَ لَهُ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِرَمْيِ مَا قَبْلَهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يَرْمِي يُحْمَلُ عَلَى هَذَا أَيْ أَنَّ الرَّمْيَ مِنْهُ مَا هُوَ مُتَعَيِّنٌ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا (قَوْلُهُ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْجِهَاتِ) بِأَنْ يَكْتُبَ اسْمَ الْجِهَةِ وَيَزِيدَ الْمُجَاوَرَةَ لِلْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ مَثَلًا كَأَنْ يَقُولَ لِلْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ الْمُلَاصِقَةِ لِدَارِ فُلَانٍ مَثَلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا قَدْ يَحْصُلُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَعَلَّ هَذَا غَيْرُ مُضِرٍّ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ نَصِيبِ كُلِّ شَخْصٍ وَعَدَمِ تَفْرِيقِهِ وَعَلَيْهِ فَيُعَادُ الْعَمَلُ فِيمَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ اتِّصَالٌ مِنْ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى يَحْصُلَ لِكُلِّ شَخْصٍ نَصِيبُهُ غَيْرَ مُفَرَّقٍ وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ التَّمْيِيزِ عَلَى كَتْبِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ الْقَاسِمَ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فِي سِتَّةٍ بِقَدْرِ الْأَجْزَاءِ فَقَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الصُّفَّةِ الثَّالِثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى رَمْيٍ يَكُونُ إشَارَةً لِلصِّفَةِ الثَّالِثَةِ وَالْمَعْنَى وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ ثُمَّ كَتَبَ الْمَقْسُومَ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ وَيُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ الْمُقَابَلَةُ وَإِنْ عُطِفَ قَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ كَانَ مُشِيرًا لِلصِّفَةِ الثَّانِيَةِ وَيُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ حَقِيقَتُهُ وَشَارِحُنَا قَدْ حَمَلَ الْمُصَنِّفَ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيُعْلَمُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ كَتَبَ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلتَّقْرِيرِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إشَارَةٌ لِحَلٍّ ثَانٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ كَتَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الطُّرُقَ ثَلَاثَةٌ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّفْرِيقُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت حَيْثُ قَالَ عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَاللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَوْ كَتَبَ الْجِهَاتِ وَالْمُرَادُ الْجِهَاتُ الَّتِي يَقَعُ الرَّمْيُ فِيهَا فَيَكُونُ مُرَادُهُ بِالْمَقْسُومِ الْجِهَاتِ لَا كُلَّ أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ وَمَعْنَى ذَلِكَ بَعْدَ كَتْبِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ إمَّا أَنْ تُرْمَى بِهِمْ فِي الْجِهَاتِ أَوْ تُكْتَبُ الْجِهَاتُ وَتُقَابِلُهَا وَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ عَطْفٌ عَلَى رَمَى لَا عَلَى كَتَبَ الشُّرَكَاءَ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا كُلَّ الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يَقَعُ فِيهَا كُلِّهَا أَلَا تَرَى إلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى أَقَلِّهِمْ جُزْءًا كَالسُّدُسِ إذَا كَانَ فِيهَا سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فَإِنَّ الرَّمْيَ يَقَعُ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَطْ بَلْ الِاثْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَخِيرَ لَا يَحْتَاجُ لِضَرْبٍ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ عَلَى جُزْءٍ يَأْخُذُهُ وَمَا يَلِيهِ إلَى تَمَامِ حِصَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا صَاحِبُ الثُّلُثِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَبِهَذَا تَعْلَمُ بُطْلَانَ قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْمُقْسَمَ بِكَتْبِ جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ السِّتَّةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 وَيَجْعَلُهَا تَحْتَ سَاتِرٍ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْجِهَاتِ وَيَجْعَلُهَا أَيْضًا تَحْتَ سَاتِرٍ آخَرَ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ يَأْخُذُ وَاحِدًا مِنْ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ وَوَاحِدًا مِنْ أَسْمَاءِ الْجِهَاتِ فَمَنْ ظَهَرَ اسْمُهُ فِي جِهَةٍ أَخَذَ حَظَّهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى رَمَى (ص) وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ الْخَارِجِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُمْنَعُ لِلشَّرِيكِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَخْرُجُ بِالسَّهْمِ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَجْهُولِ الْعَيْنِ وَعَلَّلَ الْبِسَاطِيُّ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مَا لَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ وَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى حِصَّةً شَائِعَةً عَلَى أَنْ يُقَاسِمَ بَقِيَّةَ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ وَمُنِعَ إلَخْ أَيْ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخِيَارَ مُنْحَلٌّ (ص) وَلَزِمَ (ش) أَيْ الْقَسْمُ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ فَمَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَجْهُولٍ. (ص) وَنُظِرَ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَا نُقِضَتْ (ش) أَيْ وَنَظَرَ الْحَاكِمُ فِي دَعْوَى أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهُمَا مُنِعَ مُدَّعِيهِ مِنْ دَعْوَاهُ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَفَاحِشًا وَلَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ لِدَعْوَى صَاحِبِهِ أَنَّ الْقَاسِمَ لَمْ يَجُرْ وَلَمْ يَغْلَطْ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَا نُقِضَتْ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ وَحَلَفَ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ نُقِضَتْ وَأَتَى مَعَهُ بِإِلَّا فَقَالَ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ لِدَعْوَى صَاحِبِهِ قَسَمَ مَا ادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلٍّ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ كَانَ مُتَفَاحِشًا وَهُوَ مَا يَظْهَرُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوْرِ مَا كَانَ عَنْ عَمْدٍ وَبِالْغَلَطِ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ عَمْدٍ (ص) كَالْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوَّمًا (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّظَرِ وَالنَّقْضِ أَيْ وَنُظِرَ فِي الْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوَّمًا بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ السِّلْعَةُ بِكَذَا وَهَذِهِ بِكَذَا وَهَذِهِ تُكَافِئُ هَذِهِ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ فَإِنْ تَفَاحَشَا أَوْ ثَبَتَا نُقِضَتْ فَقَوْلُهُ إنْ أَدْخَلَا مُقَوَّمًا بِأَنْ اقْتَسَمَا بَعْدَ تَقْوِيمٍ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُشْبِهُ الْقُرْعَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَتْ الْمُرَاضَاةُ بِلَا تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَى مَنْ ادَّعَى الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ وَهِيَ لَازِمَةٌ لَا تُنْقَضُ بِوَجْهٍ وَلَوْ تَفَاحَشَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ حِينَئِذٍ وَلَمْ تُشْبِهْ الْقُرْعَةَ. (ص) وَأُجْبِرَ لَهَا كُلٌّ إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ إذَا طَلَبَهَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَأَبَاهَا بَعْضُهُمْ فَإِنَّ الطَّالِبَ لَهَا يُجَابُ إلَى سُؤَالِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ حِصَّةُ الطَّالِبِ لَهَا قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ الطَّالِبُ وَغَيْرُهُ بِمَا يَنُوبُهُ فِي الْقِسْمَةِ انْتِفَاعًا تَامًّا كَالِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْقَسْمِ فِي   [حاشية العدوي] قَائِلًا يَكْتُبُ سِتَّةَ أَوْرَاقٍ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ مُعَيِّنًا السُّدُسَ الَّذِي كُتِبَ فِيهَا ثُمَّ يُعْطِي لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةَ أَوْرَاقٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَرَقَتَيْنِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَرَقَةً ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ تَفْرِيقٌ فِي النَّصِيبِ الْوَاحِدِ وَأَجَابَ بِمَا فِيهِ خَبْطٌ إلَخْ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ أَيْ لِمَا وَقَعَ الْخَبْطُ فِيهِ عب بِقَوْلِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَعَلَّهُ أَيْ التَّفْرِيقَ غَيْرُ مُضِرٍّ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا لِرَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ نَصِيبِ كُلِّ شَخْصٍ وَعَدَمِ تَفْرِيقِهِ فَيُعَادُ الْعَمَلُ فِيمَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ اتِّصَالٌ مِنْ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى يَحْصُلَ لِكُلِّ شَخْصٍ نَصِيبُهُ غَيْرَ مُفَرَّقٍ اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى) الْخَارِجَ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الشَّائِعَ تَسْلِيمُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ أَيْ تَمَلُّكِهِ وَلِأَنَّ غَرَضَهُ حَاصِلٌ وَهُوَ الْجُزْءُ الشَّائِعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْبَرِمٌ فَيَمْتَنِعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شب وَاللَّقَانِيُّ وَأَمَّا عج فَقَدْ قَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْعُ ذَلِكَ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ) الْقَسْمُ بِقُرْعَةٍ أَيْ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ مِنْ الْبُيُوعِ. (قَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَا) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى وَثَنَّاهُ ثَانِيًا مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ إذَا كَانَ فِيهِ الْعَطْفُ بِأَوْ يَجُوزُ فِيهِ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ وَمُرَاعَاةُ الْمَعْنَى تَأَمَّلْ وَمَعْنَى مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى أَيْ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ نُقِضَتْ) إنْ قَامَ بِالْقُرْبِ وَحَدَّهُ ابْنُ سَهْلٍ بِالْعَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَهُ كَهُوَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ التَّفَاحُشِ وَأَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ بِدَعْوَى مُدَّعِيهِ، وَلَوْ قَامَ بِالْقُرْبِ حَيْثُ سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَلَفَ أَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ وَإِذَا حَلَفَ كَانَ لَهُ النَّقْضُ (قَوْلُهُ فَيُقْسَمُ مَا حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ وَالْغَلَطُ) مَثَلًا لَوْ كَانَ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا تُسَاوِي عَشَرَةً وَالْأُخْرَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَاَلَّذِي حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ مَا قَابَلَ الْخَمْسَةَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ إنْ أَدْخَلَا مُقَوَّمًا) وَكَذَا لَوْ قَوَّمَا لِأَنْفُسِهِمَا وَوُقُوعُهَا بِتَعْدِيلٍ كَوُقُوعِهَا بِتَقْوِيمٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ أَنَّ التَّعْدِيلَ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ تُكَافِئُ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَهَذِهِ تُكَافِئُ هَذِهِ إشَارَةٌ إلَى التَّعْدِيلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَذَا إذَا أَدْخَلَا مُعَدِّلًا كَأَنْ يَقُولَ هَذِهِ تُكَافِئُ هَذِهِ وَيَدُلُّك عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَوْلُهُ بَعْدُ بِلَا تَعْدِيلٍ وَلَا تَقْوِيمٍ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مِثْلَ التَّقْوِيمِ التَّعْدِيلُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ) أَيْ كَالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ إلَخْ) ، وَلَوْ كَانَ حِصَّةُ شَرِيكِهِ الْآبِي تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِسَبَبِ الْقِسْمَةِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَلْزَمُ فِي جَبْرِ أَحَدِهِمَا لِلْبَيْعِ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا حَظُّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ مَعَ كَوْنِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ انْتِفَاعًا مُجَانِسًا لِلْأَوَّلِ وَمَا يَأْتِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِعَ كُلٌّ إلَخْ) فَإِذَا لَمْ يَنْتَفِعْ كُلٌّ فَلَا جَبْرَ بَلْ يُقْسَمُ بِالتَّرَاضِي وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِانْتِفَاعِ وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ كَالِانْتِفَاعِ قَبْلُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَسُكْنَاهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ بِخِلَافِ عَدَمِ سُكْنَاهُ بَعْدَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَمَرْبِطِ دَابَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَأُجْبِرَ لَهَا كُلٌّ أَيْ كُلُّ مُمْتَنِعٍ فَيُعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ طَالِبًا لَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَمَا فَهِمَ الْمُعْتَرِضُ، وَقَوْلُهُ إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ جَعَلَ الْفَاعِلَ ظَاهِرًا وَلَمْ يَأْتِ بِهِ ضَمِيرًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الشَّرْطَ انْتِفَاعُ الْمُمْتَنِعِ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاعِ الْمُمْتَنِعِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ الثَّانِيَةُ عَامَّةٌ وَالْأُولَى خَاصَّةٌ بِالْمُمْتَنِعِ. (ص) وَلِلْبَيْعِ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مُفْرَدَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا دَعَا لِبَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ مَنْ أَبَاهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَالشُّفْعَةِ حَيْثُ كَانَ يَنْقُصُ ثَمَنُ حَظِّهِ مُفْرَدًا عَنْ ثَمَنِهِ فِي بَيْعِ كُلِّهِ وَهَذَا فِي الْمُقَوَّمِ كَانَ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا لَا فِي الْمِثْلِيِّ فَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ أَيْ شَرِيكِ مَنْ أَبَى الْبَيْعَ أَيْ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ إذْ مَا يَنْقَسِمُ لَا يَحْصُلُ فِيهِ نَقْصٌ إذَا بِيعَ مُفْرَدًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ لَا يَرْغَبُ فِيهِ الْمُشْتَرِي لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِعَدَمِ جَبْرِ شَرِيكِهِ عَلَى الْقِسْمَةِ فَيُبْخَسُ فِي ثَمَنِهِ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يَرْغَبُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَسْمِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَلَا يُبْخَسُ فِي ثَمَنِهِ. (ص) لَا كَرُبُعِ غَلَّةٍ أَوْ اشْتَرَى بَعْضًا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا دَعَا إلَى بَيْعِ رُبُعِ الْغَلَّةِ وَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ أَبَى الْبَيْعَ لِأَنَّ رُبُعَ الْغَلَّةِ لَوْ بِيعَ بَعْضُهُ مُفْرَدًا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ بَيْعِهِ جُمْلَةً وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ اشْتَرَى بَعْضَ عَقَارٍ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَقْسِمَ أَنْ يُجْبِرَ غَيْرَهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ وَلَا عَلَى الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مُشَقِّصًا لِلتِّجَارَةِ فَيَبِيعُ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجْبَرُ مَنْ أَبَى الْبَيْعَ لِمَنْ طَلَبَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُتَّخَذُ لِلسُّكْنَى وَنَحْوِهَا لَا لِلْغَلَّةِ وَلَمْ يُشْتَرَ لِلتِّجَارَةِ وَأَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ اشْتَرَوْهُ جُمْلَةً وَلَمْ يَلْتَزِمْ الْآبِي مَا نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي بَيْعِهَا مُفْرَدَةً مِمَّا يَنْوِيهَا مِنْ ثَمَنِ بَيْعِهِ جُمْلَةً. وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّارِئَ عَلَى الْقِسْمَةِ إمَّا عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى وَارِثٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ غَرِيمٍ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ وَارِثٍ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأُولَى مِنْهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (ص) وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ فَلَهُ رَدُّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا بِأَكْثَرِ نَصِيبِهِ فَلَهُ رَدُّ الْقِسْمَةِ أَيْ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهَا وَتَصِيرُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ دُورًا أَوْ أَرْضِينَ أَوْ رَقِيقًا أَوْ عُرُوضًا أَيْ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَنْدَفِعُ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَاسُكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْحِصَّةِ وَيَرْجِعَ بِمَا نَابَ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ اللَّامُ هُنَا بِمَعْنَى عَلَى وَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الثُّلُثَانِ فَفَوْقُ وَبِالْأَقَلِّ النِّصْفُ فَدُونُ، وَمِثْلُ الْأَكْثَرِ مَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ   [حاشية العدوي] بَلْ إيجَارُهُ فَقَطْ فَلَا يُجْبَرُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ كَمَا فَهِمَ الْمُعْتَرِضُ) أَيْ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ فَهِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْقُرْعَةِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِالتَّرَاضِي أَوْ الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِجَوَازِهِمَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ مُمْتَنِعٍ فَلَا يُنَافِي جَوَازَ غَيْرِهَا عِنْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلِلْبَيْعِ إنْ نَقَصَتْ) أَيْ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ النَّقْصَ (قَوْلُهُ كَالشُّفْعَةِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ إذْ مَا يَنْقَسِمُ إلَخْ) ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ يَنْقُصُ لِجَبْرِ الْآخَرِ لَهُ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَبْرَ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ كَالْبِئْرِ وَأَنْ تَكُونَ حِصَّةُ شَرِيكِهِ تَنْقُصُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً وَأَنْ تَكُونَ الشُّرَكَاءُ اشْتَرَوْهُ جُمْلَةً وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى يُرَادُ لِلسُّكْنَى وَنَحْوِهَا وَأَنْ لَا يَلْتَزِمَ شَرِيكُ الْبَائِعِ لَهُ بِالنَّقْصِ الَّذِي يَنَالُهُ فِي بَيْعِ حِصَّةٍ مُفْرَدَةٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ أَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ لَا تَنْقُصُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً أَوْ كَانَ طَالِبُ الْبَيْعِ اشْتَرَى حِصَّةً مُفْرَدَةً أَوْ كَانَ مِمَّا يُتَّخَذُ لِلْغَلَّةِ أَوْ مَا يُتَّخَذُ لِلسُّكْنَى وَنَحْوِهَا وَاشْتَرَوْهُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْتَزَمَ الْآبِي بِالنَّقْصِ الَّذِي فِي بَيْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ أَبَى لِمَنْ طَلَبَ إذْ لَمْ يَنْقُصْ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَنْقَسِمُ إلَخْ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ إذَا بِيعَ مُفْرَدًا يَنْقُصُ وَاَلَّذِي يَنْقَسِمُ إذَا بِيعَ مُفْرَدًا لَا يَنْقُصُ. (قَوْلُهُ لَا كَرُبُعِ غَلَّةٍ) صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِلْخِلَافِ فِيمَا مَثَّلَ بِهِ وَلِيَعْطِفَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ كَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَمَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ رُبُعَ الْغَلَّةِ لَوْ بِيعَ إلَخْ) فَإِنْ اُعْتِيدَ نَقْصُهَا جُبِرَ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ اشْتَرَى بَعْضَ عَقَارٍ) أَيْ وَكَذَا إنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ مَلَكَ بَعْضًا (قَوْلُهُ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَقْسِمَ) فَرْعٌ زَائِدٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اشْتَرَى مُشَقِّصًا لِلتِّجَارَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَدَّ الشِّرَاءَ جُمْلَةً شَرْطًا عَلَى حِدَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لِلتِّجَارَةِ شَرْطًا عَلَى حِدَةٍ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) كَأَنْ يُتَّخَذَ لِلْخَزْنِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأُولَى) أَيْ ثُمَّ أَتَى بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَهَكَذَا فِي حَالِ كَوْنِهَا آتِيَةً عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ) أَيْ بِأَنْ زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَمْ يَصِلْ لِلثُّلُثَيْنِ (أَقُولُ) ، وَلَوْ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ لَاسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ وَلِذَا جَعَلَ تت وَبَهْرَامُ الْأَكْثَرَ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَقَدْ جَعَلَ عج النِّصْفَ وَالثُّلُثَ كَالْأَكْثَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَائِلًا كَمَا فِي نَقْلِ غ مِنْ مُسَاوَاةِ الْعَيْبِ لِلِاسْتِحْقَاقِ الْآتِي لَا مَا زَادَ عَلَى نِصْفِهَا فَقَطْ، وَإِنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ رَدُّهَا أَيْ الْحِصَّةِ الْمَعِيبَةِ أَيْ يَرُدُّ مَا حَصَلَ فِيهِ الْعَيْبُ فَقَطْ مِنْ نَصِيبِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا بِقَدْرِهِ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا لَا رَدُّ جَمِيعِ نَصِيبِهِ وَرَدُّ الْقِسْمَةِ بِتَمَامِهَا كَمَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ، وَالشِّقُّ الثَّانِي هُوَ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَقَاءُ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَقْرِيرَ تت وَبَهْرَامَ مُوَافِقٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فَالْعَيْبُ مُخَالِفٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَمَالَ إلَيْهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَالرُّجُوعُ إلَيْهِ أَصْوَبُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ (ص) فَإِنْ فَاتَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ بِكَهَدْمٍ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا (ش) الْهَاءُ مِنْ صَاحِبِهِ تَرْجِعُ لِمَنْ نَصِيبُهُ مَعِيبٌ وَفَاعِلُ رَدَّ هُوَ صَاحِبُ السَّلِيمِ وَالضَّمِيرُ فِي قِيمَتِهِ يَرْجِعُ لِلنَّصِيبِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ وَالضَّمِيرُ فِي سَلِمَ يَرْجِعُ لِلنَّصِيبِ الْمَعِيبِ السَّالِمِ مِنْ الْفَوَاتِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إذَا وَقَعَتْ ثُمَّ اطَّلَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَلَى عَيْبٍ فِي أَكْثَرِ نَصِيبِهِ وَالْحَالُ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ فَاتَ نَصِيبُهُ بِيَدِهِ إمَّا بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ نِصْفَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَهُوَ السَّالِمُ مِنْ الْعَيْبِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِصَاحِبِ الْمَعِيبِ وَيَصِيرُ النَّصِيبُ الْمَعِيبُ السَّالِمُ مِنْ الْفَوَاتِ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ اعْتِبَارَهَا يَوْمَ الْقَسْمِ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي هَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ نَقْضُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَشْبَهَتْ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَاعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ يَوْمَ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ الْمُنَاسِبُ قِيمَةَ نِصْفِهِ لِأَنَّ قِيمَةَ النِّصْفِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا نَاقِضَةٌ لِلتَّبْعِيضِ (ص) وَمَا بِيَدِهِ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ يَرْجِعُ لِصَاحِبِ الْمَعِيبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّصِيبَ الْمَعِيبَ إذَا فَاتَ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ لِصَاحِبِ السَّالِمِ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَعِيبِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَمَا سَلِمَ مِنْ الْعَيْبِ وَالْفَوَاتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَكَذَلِكَ إذَا فَاتَ النَّصِيبَانِ مَعًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَخَذَ السَّالِمَ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا زَادَتْهُ قِيمَةُ السَّالِمِ عَلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ وَقَوْلُهُ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ الْمُنَاسِبُ قِيمَةَ نِصْفِهِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ إذْ هِيَ قِيمَةُ بَعْضٍ مَعِيبٍ فَهِيَ نَاقِضَةٌ لِلْعَيْبِ وَالتَّبْعِيضِ (ص) وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ الْمَعِيبِ مِمَّا بِيَدِهِ ثَمَنًا وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ بَلْ وَجَدْنَاهُ فِي النِّصْفِ فَأَقَلَّ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْقَضُ بَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَعِيبِ عَلَى صَاحِبِ الصَّحِيحِ بِمِثْلِ قِيمَةِ نِصْفِ الْمَعِيبِ مِنْ الصَّحِيحِ وَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الصَّحِيحِ وَتَصِيرُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعِيبِ بِمَعْنَى أَنَّ صَاحِبَ الصَّحِيحِ يَصِيرُ شَرِيكًا فِي الْمَعِيبِ بِنِسْبَةِ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ مَثَلًا سُبُعَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَعِيبِ يَرْجِعُ عَلَى صَحِيحِ الْحِصَّةِ بِمِثْلِ بَدَلِ نِصْفِ السُّبُعِ قِيمَةً مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَيَصِيرُ الْمَعِيبُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا فَلِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ نِصْفُ سُبُعٍ فَقَوْلُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِصَاحِبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَحَلِّ الْحَالِ وَقَوْلُهُ ثَمَنًا أَيْ قِيمَةً وَقَوْلُهُ بِنِصْفٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى طُرُوِّ الْعَيْبِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْحِصَّةَ الْمُسْتَحَقَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ جُلَّ نَصِيبِهِ أَوْ رُبُعَهُ فَأَقَلَّ أَوْ مَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَشْمَلُ النِّصْفَ وَالثُّلُثَ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ فَقَالَ (ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ خُيِّرَ (ش) أَيْ خُيِّرَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْ يَدِهِ بَيْنَ بَقَاءِ الْقِسْمَةِ عَلَى حَالِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ رُجُوعِهِ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ بِقَدْرِ مَالِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اقْتَسَمَا عَبْدَيْنِ فَأَخَذَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ عَبْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ ثُلُثُهُ فَلِلَّذِي اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ أَوْ سُدُسِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ رُبُعَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَالْقِسْمَةُ بَاقِيَةٌ لَا تُنْقَضُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا بِنِصْفِ مَا يُقَابِلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا رُبُعٌ) فَلَوْ اُسْتُحِقَّ جُلُّ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْفَسِخُ وَتَرْجِعُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ (ش) وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ مَعْنَى التَّخْيِيرِ هُوَ الْوَاجِبُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَقْرِيرِ ابْنِ غَازِيٍّ، وَاحْتَرَزْنَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ إلَّا الْبَيْعَ فَيُخَيَّرُ وَاجِدُ الْعَيْبِ فِي رَدِّهِ وَإِجَازَتِهِ وَأَخْذِ مَا يُقَابِلُ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا قَالَ عج وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْبَيْعَ مِثْلُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت قَائِلًا إنَّهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهٌ) : بَقِيَ مَا إذَا فَاتَ بَعْضُ مَا بِيَدِهِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَجْرِي كُلٌّ مِمَّا فَاتَ وَسَلِمَ عَلَى حُكْمِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا إذَا فَاتَ مَا بِيَدِ وَاجِدٍ الْعَيْبُ (قَوْلُهُ وَمَا سَلِمَ مِنْ الْعَيْبِ وَالْفَوَاتِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَمَا سَلِمَ مِنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي السَّلَامَةِ مِنْهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا زَادَتْهُ قِيمَةُ السَّالِمِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِنِصْفِ مَا زَادَ مِنْ قِيمَةِ السَّلِيمِ عَلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ كَمَا إذَا كَانَ السَّالِمُ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَالْمَعِيبُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا رَجَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي هَذَا الْقَسْمِ يَوْمَ الْقَسْمِ لِصِحَّتِهِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَكَذَا حُكْمُ فَوَاتِ السَّالِمِ فَهَذَا الْقَسْمُ حُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ سَوَاءٌ حَصَلَ فَوْتٌ فِي السَّالِمِ أَوْ الْمَعِيبِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ بِمِثْلِ قِيمَةِ نِصْفِ الْمَعِيبِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ وَيَقُولُ أَيْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَعِيبِ عَلَى صَاحِبِ الصَّحِيحِ بِبَدَلِ نِصْفِ الْمَعِيبِ مِنْ قِيمَةِ الصَّحِيحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثَمَنًا بِمَعْنَى قِيمَةً وَهُوَ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا قَالَهُ بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ بِمِثْلِ بَدَلٍ إلَخْ وَإِضَافَةُ مِثْلِ إلَى بَدَلٍ لِلْبَيَانِ وَظَهَرَ أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَنَافِيًا فِي التَّقْدِيرِ وَالْمُنَاسِبُ هُوَ الْأَخِيرُ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحَلُّهُ إذَا تَمَيَّزَ الْمَعِيبُ فِي جِهَةٍ، فَإِنْ عَمَّ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا زَادَهُ السَّالِمُ عَلَى الْمَعِيبِ. (قَوْلُهُ فَلِلَّذِي اُسْتُحِقَّ إلَخْ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَقْرِيرِ ابْنِ غَازِيٍّ) الْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ رَدَّ ذَلِكَ التَّقْرِيرَ الْمَذْكُورَ فِي التَّخْيِيرِ قَائِلًا وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ فَالْفِقْهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا فَسْخَ فِي اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ وَيَكُونُ بِذَلِكَ شَرِيكًا فِيمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 بِقَوْلِنَا مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ عَمَّا إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي النَّصِيبَيْنِ أَوْ الْأَنْصِبَاءِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي ذَلِكَ. (ص) كَطُرُوِّ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ وَالْفَسْخُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مُقَوَّمًا دَارًا أَوْ عَرْضًا وَنَحْوَهُمَا لِتَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا طَرَأَ وَحْدَهُ عَلَى وَرَثَةٍ وَحْدَهَا أَوْ طَرَأَ الْغَرِيمُ عَلَى وَرَثَةٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ طَرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ مِنْ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا وَحْدَهُ عَلَى وَرَثَةٍ وَحْدَهَا أَوْ طَرَأَ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْفَسِخُ بِالْقَيْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ (ش) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَقْسُومَ كَدَارٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُقَوَّمٍ يُرِيدُ وَقَدْ أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا فَمَتَى دَفَعُوهُ لِلْغَرِيمِ فَلَا كَلَامَ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَإِذَا فُسِخَتْ فَإِنَّ الْغَرِيمَ أَوْ الْمُوصَى لَهُ يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا حَقَّهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَفْهُومَ الْقَيْدِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا رَجَعَ عَلَى كُلٍّ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ مِثْلِيًّا غَيْرَ الْعَيْنِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنَّ الطَّارِئَ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُ وَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ لَمْ تُنْقَضْ فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَعْسَرَ فَإِنَّ الطَّارِئَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ وَلَا يَأْخُذُ الْمَلِيءَ عَنْ الْمُعْدِمِ هَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالطَّارِئِ أَمَّا إنْ عَلِمُوا بِهِ وَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ فَإِنَّهُمْ مُتَعَدُّونَ حِينَئِذٍ فَلِلطَّارِئِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَلِيءَ عَنْ الْمُعْدِمِ وَالْحَاضِرَ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيَّ عَنْ الْمَيِّتِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ إلَخْ حَقُّهُ أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْآتِيَةِ وَهِيَ طُرُوُّ الْغَرِيمِ أَوْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ وَأَمَّا هُنَا فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ مُقَوَّمًا أَوْ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا عَلِمُوا أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ مُتَعَدُّونَ فِي الْقَسْمِ فَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَاكَ أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ مَا نَصُّهُ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ كَدَارٍ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا اتَّبَعَ كُلًّا بِحِصَّتِهِ وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ (ص) وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَضَتْ (ش) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ كَدَارٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ لِلْغَرِيمِ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَمْضِي إذْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ إلَّا فِي ذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ فُسِخَتْ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَلَا مِلْكَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا بَعْدَ أَدَائِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ صِحَّةُ الْقِسْمَةِ حَيْثُ دَفَعُوا لِلْغَرِيمِ مَالَهُ وَلَوْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ بِالْغَرِيمِ حِينَ الْقِسْمَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُهُ (كَبَيْعِهِمْ)   [حاشية العدوي] بِيَدِ صَاحِبِهِ لَا غَيْرُ وَلَيْسَ هُنَاكَ طَرَفٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ) أَيْ أَوْ غَرِيمٍ عَلَى مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ وَمُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ أَوْ عَلَى وَارِثٍ إلَخْ بِقَيْدٍ فِي طُرُوِّ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا إذَا كَانُوا أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ أَيْ وَصِيَّةَ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ مَعَ إيصَائِهِ بِالثُّلُثِ لِغَيْرِهِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ بَهْرَامَ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَقَالَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالثُّلُثِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ إلَّا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالْجَوَابُ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ وَقَدْ يَتْلَفُ مَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثٍ أَوْ يَنْقُصُ إلَخْ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ اتِّبَاعُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ) مِنْ النِّصْفِ إنْ شَاءَ فَيَرْجِعُ شَرِيكًا بِالْجَمِيعِ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَى الْقِسْمَةَ عَلَى حَالِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فَالتَّخْيِيرُ فِي الْمَحَلَّيْنِ ثَابِتٌ وَكَذَا عَدَمُ الْفَسْخِ فِيهِمَا مُسْتَوْفِي عَدَمَ الرُّجُوعِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي إرَادَةِ الْفَسْخِ فَفِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ يَرْجِعُ شَرِيكًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ ثُلُثِهِ وَفِي الْأَكْثَرِ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ مِنْ أَصْلِهَا وَيَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الْجَمِيعِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِسْمَةَ تَرَاضٍ أَوْ قُرْعَةٍ. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كُلُّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ إذْ لَوْ كَانَ جُزْءًا شَائِعًا لَمْ تُنْقَضْ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مِثْلُ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ عَلِمُوا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمْ مُتَعَدُّونَ فِي الْقَسْمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ ظَاهِرٌ فِي الْعِلْمِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَلِيءُ عَالِمًا بِالطَّارِئِ أَيْ مَعَ اشْتِهَارِ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ قَائِلًا وَهَلْ يُقَيَّدُ طُرُوُّ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ أَوْ بِجُزْءٍ كَثُلُثٍ عَلَى الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ الْقَيْدِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَيْدُ مُسَلَّمًا فَلَا اعْتِرَاضَ؛ لِأَنَّ الِاشْتِهَارَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعِلْمِ وَلَكِنَّ مُحَشِّي تت لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْقَيْدَ، وَالنُّصُوصُ الَّتِي ذَكَرَهَا لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ الْقَيْدُ وَاعْلَمْ أَنَّ فَائِدَةَ نَقْضِهَا وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا فِي الضَّمَانِ مِنْ جَمِيعِهِمْ إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً مَا كَانَتْ مِنْهُمْ جَمِيعًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا مَاتَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هَلَكَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ صَارَ بَيْنَهُمْ بَاطِلًا لِلدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَضَتْ) وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُ دَفْعِ جَمِيعِهِمْ فِي مُضِيِّهَا دَفْعُ بَعْضِهِمْ بِرِضَا الْبَاقِينَ كَإِبَايَتِهِمْ إنْ لَمْ يَرْجِعْ الدَّافِعُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِمَّا دَفَعَهُ فَتَمْضِي فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَاَلَّتِي فِي الْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِلطَّارِئِ أَوْ دَفَعَ بَعْضُهُمْ مَعَ إبَايَةِ بَاقِيهِمْ وَأَرَادَ الدَّافِعُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ فِيهَا الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ كَمَا هُوَ مَشْطُوبٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَدَمُ الصِّحَّةِ عِنْدَ الْعِلْمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ النَّقْضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا بَاعُوا التَّرِكَةَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (بِلَا غَبَنٍ) ثُمَّ طَرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَلَا مَقَالَ لَهُ وَلَوْ كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِلَا غَبَنٍ إذْ بَيْعُهُمْ مَاضٍ سَوَاءٌ كَانَ بِغَبَنٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، لَكِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْبَيْعُ بِغَبَنٍ هَلْ يَضْمَنُ الْبَائِعُ مَا حَابَى فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْغَرِيمُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إنَّمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي؟ قَوْلَانِ مُسْتَفَادَانِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. (ص) وَاسْتَوْفَى مِمَّا وَجَدَ ثُمَّ تَرَاجَعُوا (ش) هَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بَلْ هُوَ جَارٍ فِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا طَرَأَ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ قَدْ اسْتَهْلَكَ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِمَّا وَجَدَهُ بِيَدِهِ قَائِمًا كَمَا يَسْتَوْفِي مِمَّنْ لَمْ يَبِعْ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِذَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَتَرَاجَعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ (ص) وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا (ش) فِيمَا إذَا بَاعَ الْجَمِيعُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَتَقَدَّمَ عَنْ ح أَنَّهُ فِي هَذِهِ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ عَنْ الْمُعْدِمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَجَعَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى الطَّارِئُ حَظَّهُ مِمَّنْ وَجَدَهُ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ وَجَدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُعْدِمًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنْ عَلِمُوا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَنْ وَجَدَهُ مَلِيئًا عَنْ الْمُعْدِمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ عَالِمًا فَكَيْفَ يُقَالُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ الْعَالِمَ عَنْ الْمُعْدِمِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ وَهَذَا الْبَحْثُ لَا يَتَأَتَّى فِي تَقْرِيرِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ص) وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ أَوْ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ اتَّبَعَ كُلًّا بِحِصَّتِهِ (ش) قَوْلُهُ عَلَى مِثْلِهِ يَرْجِعُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مِثْلِيًّا أَوْ عَيْنًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَقْسُومُ مُقَوَّمًا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُنْقَضُ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ. (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إذَا بَاعُوا التَّرِكَةَ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ إضَافَةَ الْمَصْدَرِ فِي الْمُصَنِّفِ لِلْفَاعِلِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَفْعُولِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانُوا عَالَمِينَ إلَخْ) لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ ثُمَّ طَرَأَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُفَسَّرُ بِجَاءَ أَيْ قَدِمَ مِنْ مَوْضِعٍ لِمَوْضِعٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الدَّيْنَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا، ثُمَّ نَقُولُ إنَّ هَذَا مَرْدُودٌ فَقَدْ فَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْجَهْلِ بِالدَّيْنِ أَمَّا مَعَ عِلْمِهِمْ بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ فَبَاعُوا فَإِنَّ بَيْعَهُمْ يُرَدُّ قَالَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا بَاعَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فَأَكَلُوا ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكُوهُ ثُمَّ طَرَأَتْ دُيُونٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَعْرِفُ بِالدَّيْنِ فَبَاعُوا مُبَادَرَةً لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمْ وَلِلْغُرَمَاءِ انْتِزَاعُ عُرُوضِهِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَيَتَّبِعُ الْمُشْتَرِي الْوَرَثَةَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَيِّتُ بِالدَّيْنِ وَبَاعُوا عَلَى مَا يَبِيعُ النَّاسُ اتَّبَعَ الْغُرَمَاءُ الْوَرَثَةَ بِالثَّمَنِ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا مُتَابَعَةَ عَلَى مِنْ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ، أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ عَلَى مَا يَبِيعُ النَّاسُ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ ابْنُ مُحْرِزٍ قَوْلُهُ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُ الْبَيْعِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ مَا وَجَدُوا الثَّمَنَ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ وَإِنْ وَجَدُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ لَيْسَ فِي أَعْيَانِ السِّلَعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَأَى فَسْخَ الْبَيْعِ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إنْ بَاعُوا بَعْضَ السِّلَعِ لِأَنْفُسِهِمْ وَعَزَلُوا لِلدَّيْنِ أَضْعَافَهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِحَقِّ اللَّهِ كَبَيْعِ التَّفْرِقَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِغَبَنٍ) أَيْ بِلَا مُحَابَاةٍ لَا حَقِيقَةَ الْغَبَنِ قَالَ مُحَشِّي تت وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لِلْمُؤَلِّفِ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَجَازِ الْخَالِي عَنْ الْقَرِينَةِ، لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ الْقَوْلُ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا بِغَبَنٍ، وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَخْبَرَ الْوَارِثُ الْبَائِعَ بِجَهْلِهِ وَاسْتَسْلَمَ الْمُشْتَرِي وَيَنْبَغِي بُطْلَانُ عِتْقِهِمْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَجْهُ رُجُوعِهِمْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُمْ بَاعُوا شَيْئًا لَيْسَ مِلْكَهُمْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ قَدْ اسْتَهْلَكَ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ) الْأَحْسَنُ مَا قَرَّرَ بِهِ عب حَيْثُ قَالَ وَاسْتَوْفَى الطَّارِئُ مِمَّا وَجَدَ مِنْ التَّرِكَةِ بِيَدِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَبِعْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَا بِيعَ حَيْثُ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ أَوْ مِمَّا وَجَدَ مِنْهَا وَلَمْ يُسْتَهْلَكْ؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ دُونَ مَا اُسْتُهْلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ بِالطَّارِئِ وَأَنَّ دَيْنَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ فَعِلْمُهُمْ بِدَيْنِ الطَّارِئِ مَعَ جَهْلِ تَقَدُّمِهِ كَعَدَمِ عِلْمِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا بَاعَ الْجَمِيعُ) أَيْ أَنَّ الْوَرَثَةَ جَمِيعَهُمْ بَاعَ التَّرِكَةَ وَالْبَعْضُ مَلِيءٌ وَالْبَعْضُ مُعْدِمٌ فَإِنَّ الْمَدِينَ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ الْمَلِيءِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْسَرَ مُنَاسِبًا لِمَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَى (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا وَأَخَذَ الطَّارِئ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ إذَا وَجَدَ أَحَدًا مِنْ الْوَرَثَةِ يَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّتَهُ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ عَلِمُوا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَنْ وَجَدَهُ مَلِيئًا يَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّةَ الْمُعْدِمِ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ أَخْذَ الطَّارِئِ جَمِيعَ الدَّيْنِ مِنْ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ آتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ رَادًّا بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ) أَيْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّتَهُ وَيَتَشَارَكَانِ فِي الْبَاقِي فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً أَخَذَ الطَّارِئُ مِنْ وَاحِدٍ فَإِذَا وَجَدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَلِيئًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ وَيَتَشَارَكَانِ فِي الْبَاقِي (أَقُولُ) إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ عَالِمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَلِيءِ الْعَالِمِ حِصَّتَهُ وَيَتَشَارَكَ فِيمَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَقَالَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَلِيءِ الْعَالِمِ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 وَأُخِّرَتْ لَا دَيْنٌ لِحَمْلٍ وَفِي الْوَصِيَّةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِسْمَةَ تُؤَخَّرُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ إلَى وَضْعِهِ فَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ عَجِّلُوا لِي ثَمَنِي لِتَحَقُّقِهِ لِي لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَسَيَأْتِي هَذَا آخِرَ الْفَرَائِضِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَقَفَ الْقَسْمَ لِلْحَمْلِ وَاعْتَذَرُوا هُنَاكَ عَنْ إعَادَتِهِ بِأَنَّهُ أَعَادَهَا لِطُولِ الْعَهْدِ خَوْفَ النِّسْيَانِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ هُنَا وَأُخِّرَتْ يَرْجِعُ لِلْقِسْمَةِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ فَلَا يُؤَخَّرُ قَضَاؤُهُ لِأَجْلِ وَضْعِ الْحَمْلِ بَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ عَاجِلًا قَبْلَ الْوَضْعِ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَهَلْ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ لَا تَنْفُذُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا تَلِفَتْ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِثُلُثَيْ مَا بِيَدِهِمْ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ بِعَدَدٍ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَإِنْ كَانَتْ بِذَلِكَ وَجَبَ تَعْجِيلُهَا وَيُؤَخَّرُ بَقِيَّةُ الْمَالِ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ قَوْلًا وَاحِدًا إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَدَدِ كَالدَّيْنِ فِي وُجُوبِ إخْرَاجِهَا مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. (ص) وَقَسَمَ عَنْ صَغِيرِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ وَمُلْتَقِطٌ كَقَاضٍ عَنْ غَائِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ يَقْسِمُ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ يَقْسِمُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ الطِّفْلِ الَّذِي الْتَقَطَهُ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ وَيَعْزِلُ نَصِيبَهُ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ الْقِسْمَةُ فِي ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ أَوْ بِالتَّرَاضِي وَقَوْلُهُ عَنْ غَائِبٍ أَيْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ وَالْكَافُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْقَاضِي لِلتَّشْبِيهِ فَلَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَلَا يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَنْ الْأَصَاغِرِ حَتَّى يَرْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ فَيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ إذَا رَآهُ نَظَرًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَبٌ الْكَافِرُ وَلَكِنَّ التَّتَّائِيَّ خَصَّهُ بِالْأُنْثَى وَنَصُّهُ وَقَسَمَ عَنْ صَغِيرٍ أَبٌ مَا لَمْ يَكُنْ كَافِرًا فَلَا يَقْسِمُ عَنْ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا. انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ تَأَمَّلْ (ص) لَا ذِي شُرْطَةٍ أَوْ كَنَفَ أَخًا، أَوْ أَبٍ عَنْ كَبِيرٍ وَإِنْ غَابَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَاضٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ قَاضِيَ الشُّرْطَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ غَائِبٍ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ جُنْدَهُ وَأَعْوَانَهُ وَرُسُلَهُ لَهُمْ شُرَطٌ فِي لُبْسِهِمْ وَزِيِّهِمْ تُمَيِّزُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ وَشُرْطَةٌ بِوَزْنِ غُرْفَةٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَكَذَلِكَ الْأَخُ إذَا كَنَف أَخَاهُ أَيْ صَيَّرَهُ فِي كَنَفِهِ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عُدِمَ الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمَقْسُومُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْأَبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ وَلَوْ غَائِبًا وَمِثْلُهُ الْأُمُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَكَنَفَ فَعَلَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَخٍ كَنَفَ أَخَاهُ، وَحَذْفُ الْمَوْصُوفِ فِي مِثْلِ هَذَا قَلِيلٌ بَلْ قَالَ الرَّضِيُّ إنَّهُ ضَرُورَةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُنَوَّنًا عَلَى وَزْنِ ضَرَبَ فَهُوَ مَصْدَرُ كَنَفَ يَكْنِفُ كَضَرَبَ يَضْرِبُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شُرْطَةٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لَا دَيْنٌ لِحَمْلٍ) وَلَا يُنْتَظَرُ وَضْعُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَهْلِكَ الْمَالُ فَيَبْطُلَ حَقُّ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ فِي ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ أَيْمَنَ إنَّهُ يُؤَخَّرُ قَضَاءُ الدَّيْنِ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْقِسْمَةَ إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي أُخِّرَتْ عَائِدًا عَلَى الْوَصِيَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ وَيَكُونُ جَزَمَ أَوَّلًا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَوْ عَجَّلَ نَصِيبَهَا يَضِيعُ الْمَالُ فَيَحْصُلُ غَبَنٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا تَنْفُذُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ، وَالْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْمَالِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَرْجِعُونَ) أَيْ نَظَرًا لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَإِلَّا لَوْ نُظِرَ لِلْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ فَكَانُوا لَا يَرْجِعُونَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ. (قَوْلُهُ وَقَسَمَ) أَيْ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ (قَوْلُهُ يَقْسِمُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ) وَمِثْلُ الصَّغِيرِ السَّفِيهُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ) أَيْ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِالْوَصِيِّ مَا يَشْمَلُ مُقَدَّمَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ أَيْ وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَلَمْ أَرَ قَدْرَ الْقُرْبِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ وَهَلَّا قِيلَ أَرْسَلَ لَهُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ. وَقَالَ عج وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عج؛ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِلْإِرْسَالِ وَكَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ تت خَصَّهُ بِالْأُنْثَى إلَخْ) مُسَلَّمٌ؛ لِأَنَّ بَهْرَامَ نَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ قَسْمُ الْأَبِ عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَإِنْ غَابَ وَلَا الْأُمِّ عَنْ ابْنِهَا الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَلَا الْكَافِرِ عَنْ ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ الْبِكْرِ كَمَا لَا يُزَوِّجُهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ قَاضِي الشُّرْطَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ قَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ كَالْوَالِي، وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ، وَقَوْلُهُ وَلَا ذِي شُرْطَةٍ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ الْغَيْرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَاحِبِ الشُّرْطَةِ يُقَاسِمُ عَلَى الصِّغَارِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَ عَدْلًا (قَوْلُهُ شُرَطٌ فِي لُبْسِهِمْ) أَيْ حَالَةٌ مَخْصُوصَةٌ (قَوْلُهُ احْتِسَابًا لِلَّهِ) أَيْ لَا لِوَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْأَبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَقْسِمُ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ وَكِيلُهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْقَاضِي، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ غَائِبًا قَالَ بَهْرَامُ وَإِنَّمَا قَالَ وَإِنْ غَائِبًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الِابْنَ إذَا غَابَ يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ فَنَبَّهَ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فِي مِثْلِ هَذَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ جُمْلَةً وَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْضَ اسْمٍ مَجْرُورٍ بِمِنْ أَوْ فِي وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ بَعْضَ اسْمٍ مَجْرُورٍ بِمِنْ أَوْ فِي فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ أَيْ مِنَّا فَرِيقٌ ظَعَنَ وَمِنَّا فَرِيقٌ أَقَامَ فَالْفَرِيقُ بَعْضُ مَدْلُولِ الضَّمِيرِ وَكَمَا فِي قَوْلِهِ لَوْ قُلْت مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ تَيْثَمِ ... يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمِيسَمٍ أَيْ لَوْ قُلْت مَا فِي قَوْمِهَا أَحَدٌ يَفْضُلُهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 أَيْ لَا ذِي شُرْطَةٍ وَلَا ذِي كَنَفٍ أَخَاهُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَبٍ إلَخْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذِي شُرْطَةٍ. ثُمَّ خَتَمَ الْبَابَ بِمَسْأَلَةٍ وَارِدَةٍ عَلَى قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ وَلِذَا نَسَبَهَا لِلْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ (ص) وَفِيهَا قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَفِيهَا جَوَازُ قَسْمِ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا فِي الْقَسْمِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا فِيمَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ لِلْقِلَّةِ وَهِيَ لَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ كَانَ قَلِيلًا كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَثُرَ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ لِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا تَرَاضَيَا أَيْ بِالِاسْتِهَامِ لِقَوْلِهَا بَعْدُ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا مُرَاضَاةٌ وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا بِأَنَّ التَّرَاضِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاعْتِدَالُ بِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى بَيْعٍ لَا غَبَنَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَعْتَدِلَا فِي الْقَسْمِ لَمْ يَجُزْ وَقَوْلُهُ اعْتَدَلَا أَيْ نَوْعَا الشَّجَرِ وَالْوَاجِبُ اعْتَدَلَتَا وَقَوْلُهُ لِلْقِلَّةِ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأُجِيزَتْ لِلْقِلَّةِ. (بَابٌ) يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى صِفَةِ الْقِرَاضِ وَأَحْكَامِهِ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ قَسْمُ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِقِطْعَةِ مِنْ الرِّبْحِ هَذَا اسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ لَا يَقُولُونَ قِرَاضًا أَلْبَتَّةَ وَلَا عِنْدَهُمْ كِتَابُ الْقِرَاضِ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ مُضَارَبَةً وَكِتَابُ الْمُضَارَبَةِ أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: 20] وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ مَالَهُ عَلَى الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا فَيَبْتَاعُ الْمَتَاعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَلَا خِلَافَ فِي «جَوَازِ الْقِرَاضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِسْلَامِ» لِأَنَّ الضَّرُورَةَ دَعَتْ إلَيْهِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَى التَّنْمِيَةِ بِنَفْسِهِ، وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ تَمْكِينُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ كَالْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ قَوْلُهَا قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَعْطَى   [حاشية العدوي] [مَسْأَلَة قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ] (قَوْلُهُ وَلِذَا نَسَبَهَا لِلْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لِأَجْلِ الْوُرُودِ نَسَبَهَا أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَذْكُرُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ اسْتِشْكَالًا أَوْ اسْتِشْهَادًا. (قَوْلُهُ قَسْمِ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ) أَيْ نَخْلَةٍ مِنْ طَرَفٍ وَزَيْتُونَةٍ مِنْ طَرَفٍ (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) وَهُوَ مَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَثُرَ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَقَوْلُهُ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ هِيَ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ) أَيْ كَوْنُهَا قِسْمَةَ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ نَذْكُرُ لَك لَفْظَهَا: قُلْت فَإِنْ كَانَتْ نَخْلَةٌ وَزَيْتُونَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ هَلْ يَقْسِمَانِهِمَا قَالَ إنْ اعْتَدَلَتَا فِي الْقَسْمِ وَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ قُسِمَتَا بَيْنَهُمَا يَأْخُذُ هَذَا وَاحِدَةً وَهَذَا وَاحِدَةً وَإِنْ كَرِهَا لَمْ يُجْبَرَا اهـ. (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرُوا إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِمْ قَسْمُ قُرْعَةٍ قَوْلُهَا تَرَاضَيَا فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا قِسْمَةُ تَرَاضٍ لَا قُرْعَةٍ وَحَاصِلُ الِاعْتِذَارِ أَنَّ الْمُرَادَ تَرَاضَيَا بِالِاسْتِهَامِ أَيْ بِالِاقْتِرَاعِ بِأَنْ يَقْتَسِمُوا قِسْمَةَ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهَا بَعْدُ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا) أَيْ فَإِنَّ نَفْيَ الْجَبْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا شَأْنُهُ الْجَبْرُ وَهُوَ قِسْمَةُ قُرْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْضُهُمْ وَطَلَبَهَا بَعْضُهُمْ لَمْ يُجْبَرْ الْآبِي لِلطَّالِبِ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ غَيْرَ مَا هُنَا إلَّا أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ، وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا أَيْ وَالِاعْتِدَالُ إنَّمَا شَأْنُهُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ ثُمَّ أَقُولُ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ إنْ اعْتَدَلَا أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي جُعِلَ مُوجِبًا لِلْحَمْلِ عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا مُرَاضَاةٌ) أَيْ مِنْ قَوْلِهَا تَرَاضَيَا الْمُشْعِرِ بِالرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ الَّذِي يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا) أَيْ عَنْ إيرَادِ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ التَّرَاضِيَ تَصْوِيرٌ لِلْوُرُودِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُمَا إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَذَرُوا وَسَكَتَ عَنْ إيرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا؛ لِأَنَّ وُرُودَهُ مِنْ حَيْثُ الْإِشْعَارُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ خَفِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى بَيْعٍ لَا غَبَنَ فِيهِ) أَيْ بَيْعًا حُكْمًا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ كَبَيْعٍ (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَيْ إنَّمَا احْتَجْنَا إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُعَبَّرَ بِاعْتَدَلَتَا فَانْدَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا نَوْعَا الشَّجَرِ أَيْ نَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ. [بَاب الْقِرَاض] . (بَابُ الْقِرَاضِ) (قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الْقِرَاضِ) أَيْ حَقِيقَتِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَأَحْكَامِهِ) أَيْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ (قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ) أَيْ اُشْتُقَّ الْمَصْدَرُ الْمَزِيدُ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ، وَقَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ أَيْ سُمِّيَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ بِالْقِرَاضِ (قَوْلُهُ أَخَذُوا ذَلِكَ) أَيْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ وَوَجْهُ الْأَخْذِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ وَجْهَ الْأَخْذِ أَنَّ تِلْكَ الْعُقْدَةَ الشَّأْنُ فِيهَا أَنَّهَا مُحْتَوِيَةٌ عَلَى سَيْرٍ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ) يَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَبْتَاعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَكَأَنَّهُ قَالَ كَأَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ مَالَهُ عَلَى شَرْطِ الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا فَيَبْتَاعُ الْمَتَاعَ، وَرُبَّمَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْلُهَا لِلْحَطَّابِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ شَرْطُ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ فَتَأَمَّلْ لَعَلَّك تَطَّلِعْ (قَوْلُهُ تَمْكِينُ مَالٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ بَلْ تَكْفِي الْمُعَاطَاةُ (قَوْلُهُ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَتَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ كُلُّ الْفَاسِدِ بَلْ بَعْضُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 رَجُلًا مَالًا يَعْمَلُ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ لَهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا فَإِنْ سَمَّاهُ قِرَاضًا أَوْ نَفَى الضَّمَانَ عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ وَتَسْمِيَةُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا قِرَاضًا مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَعَقْدُ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ عَقْدٌ عَلَى تَمْكِينِ إلَخْ وَعَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) الْقِرَاضُ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ فِي نَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا (ش) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَوْكِيلٌ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ فَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ مُقَارَضَةِ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ وَهُوَ قَوْلٌ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمُحَرَّمٍ كَالرِّبَا ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاضِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لِقَوْلِهِ تَوْكِيلٌ، وَأَمَّا مَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَرَادَ أَوْ الْعَامِلُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ هُنَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ أَيْ مَالٍ ذُو تَوْكِيلٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ عَلَى تَجْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا عَدَا الشَّرِكَةَ، وَالتَّجْرُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ فِي نَقْدٍ خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ لِجَوَازِهَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرٍ وَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ فَالنَّقْدُ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ، وَالْبَاءُ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ أَوْ الْآلَةِ أَيْ مُسْتَعَانًا بِهِ عَلَى التَّجْرِ أَوْ هُوَ آلَةُ التَّجْرِ وَمُتَعَلِّقُ تَجْرٍ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي كُلِّ نَوْعٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَجْرٍ مُطْلَقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَيَخْرُجُ التَّجْرُ الْمُقَيَّدُ الْفَاسِدُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَضْرُوبٌ عَنْ التِّبْرِ وَالْفُلُوسِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُسَلَّمٍ عَمَّا لَوْ قَارَضَهُ بِالدَّيْنِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ بِجُزْءٍ مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرٍ أَوْ تَوْكِيلٍ وَهُوَ أَوْلَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا وَلَمَّا كَانَ الْجُزْءُ فِي الْمُسَاقَاةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَخْلَةٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ نَخَلَاتٍ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَائِعٍ وَالْمُرَادُ فِي الْحَائِطِ، فَيَخْرُجُ مَا قُلْنَاهُ بِخِلَافِ الْجُزْءِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ تَعْيِينٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ رِبْحِهِ مِمَّا إذَا جَعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ رِبْحِ غَيْرِ الْمَالِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا جُعِلَ فِيهِ الرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا لَيْسَ بِقِرَاضٍ حَقِيقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا أَيْ قَدْرُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ وَالْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِرَأْسِ الْمَالِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ صُرَّةً مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ يَعْمَلُ بِهَا، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْجَوَازِ   [حاشية العدوي] ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ تَشْمَلُ صَحِيحَهَا وَفَاسِدَهَا مَعَ أَنَّهُ يَتَرَاءَى دُخُولُ جَمِيعِ الْفَاسِدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً هُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ ابْتِدَاءً أَنَّهُ إذَا كَانَ ضَمَانٌ عَلَى الْعَامِلِ يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ أَيْ لَا يَكُونُ جَائِزًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) إمَّا مَجَازٌ اسْتِعَارَةٌ أَوْ مُرْسَلٌ عَلَاقَتُهُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ أَوْ التَّقْيِيدُ فَقَطْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ) أَيْ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ تِلْكَ الْعُقْدَةِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَيْ الَّذِي هُوَ شِرَاءُ الْأَمْتِعَةِ بِمَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ عَقَدَ عَلَى تَمْكِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ عَقَدَ لَأَفَادَ اللُّزُومَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِمَا كَانَ لَازِمًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا يُصَرَّحُ بِمَا يُفِيدُ عِنْدَ اللُّزُومِ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا إنْ لَمْ يَبْذُرْ (قَوْلُهُ فِي نَقْدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدِ، وَلَوْ انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ كَالْوَدْعِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مُورِدِهَا، وَقَوْلُهُ مَضْرُوبٌ أَيْ ضَرْبًا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي ذَلِكَ لَا بِمَضْرُوبٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ كَمَا فِي غَالِبِ بِلَادِ السُّودَانِ (قَوْلُهُ مُسَلَّمٍ) أَيْ بِدُونِ أَمِينٍ عَلَيْهِ لَا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَمِينًا فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ حِينَئِذٍ كَلَا تَسْلِيمٍ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ) أَيْ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ مُجَارَاةً عَلَى مَا هُنَا أَنْ يُرَادَ مِنْ الْقِرَاضِ الْفِعْلُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْقِرَاضِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ الْمَالُ بَلْ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْقِرَاضِ هُنَا الْمَالُ وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِتَسْتَقِيمَ الْعِبَارَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْقِرَاضِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَلَا حَذْفَ وَأَمَّا فِي بَابِ الزَّكَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَقْدٍ لَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَالنَّقْدُ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ) أَيْ وَالْمُتَّجَرُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْأَمْتِعَةُ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ التَّجْرَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَكَمَا أَنَّ التَّجْرَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْتِعَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُثَمَّنًا فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا ثَمِينًا (قَوْلُهُ أَوْ الْآلَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَاءَ الْآلَةِ هِيَ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَجْرٍ مُطْلَقٍ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ التَّجْرُ الْمُقَيَّدُ) أَيْ بِنَوْعٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي كُلِّ الْعَامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِتَوْكِيلٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ تَعَلُّقِهِ بِتَجْرٍ بَلْ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ تَعَلُّقَهُ بِتَجْرٍ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ التَّجْرِ وَيُؤْذِنُ قَطْعًا بِأَنَّ الْجُزْءَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا) أَيْ لَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ رِبْحِهِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَيْ إلَّا أَنْ يَنْسُبَهَا بِقَدْرٍ سَمَّاهُ مِنْ الرِّبْحِ كَلَكَ عَشَرَةٌ إنْ كَانَ الرِّبْحُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عُشْرِ الرِّبْحِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَائِعٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِرَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عِلْمِ قَدْرِ الرِّبْحِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عِلْمِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَلَمْ يَظْهَرْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ اشْتِرَاطَ عِلْمِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِيُعْلَمَ قَدْرُ الرِّبْحِ (أَقُولُ) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَيْسَ مُحَدَّدًا بِحَدٍّ مَحْدُودٍ وَبِاعْتِبَارِ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ جُزْءُ الرِّبْحِ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يُشْتَرَى بِهِ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَحَيْثُ عُدَّ الْعَامِلُ أَمِينًا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّرَّةَ وَإِنْ جُهِلَتْ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْعُقْدَةِ فَالشِّرَاءُ الصَّادِرُ مِنْ الْعَامِلِ بَعْدُ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَأْتِي الرِّبْحُ عَلَى حَسَبِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مَغْشُوشًا (ش) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ مَغْشُوشًا يُرِيدُ يُتَعَامَلُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كَالْعَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ثُمَّ إنَّ الْجَوَازَ فِي الْمَغْشُوشِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّوَاجِ وَالْكَامِلِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ هُنَاكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَالْغَرَضُ التَّعَامُلُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي يُعْطَى عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ مِثْلُهُ مَغْشُوشًا. (ص) لَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِالدَّيْنِ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا لِلتُّهْمَةِ لَأَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ فَإِنْ وَقَعَ وَعَمِلَ بِمَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ لِلنَّهْيِ عَنْ رِبْحٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَيَسْتَمِرُّ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ عَلَى مَا كَانَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَاسْتَمَرَّ (ش) وَمَحَلُّ النَّهْيِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ لِأَنَّهُ قَبْلَ مَا ذُكِرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيَزِيدَهُ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَدَفْعِهِ لَهُ أَوْ إحْضَارِهِ مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فَإِذَا قَالَ لِلْعَامِلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا صَحَّ وَكَانَ الرِّبْحُ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ (ش) وَالْإِشْهَادُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَهُوَ نَظِيرُ الْوَكَالَةِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ مُسْتَأْنَفٌ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ قَدْ قُلْتَ إنَّ الْقِرَاضَ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ فَمَا حُكْمُهُ إذَا وَقَعَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ اهـ. أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَنْعُ مُدَّةَ انْتِفَاءِ الْقَبْضِ وَانْتِفَاءِ الْإِحْضَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِشْهَادِ فَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِانْتِفَاءِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيَكُونُ الْجَوَازُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى هَذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَحَدُ الدَّائِرُ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَائِهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] . (ص) وَلَا بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهَا فَصَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا وَالْمَنْعُ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ فِي غَيْرِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَلْ بِيَدِ أَمِينٍ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ الرَّهْنَ أَوْ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْأَمِينِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودَعِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ لِكَوْنِهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِتَخْلِيصٍ فَلَمْ يَنْتَفِعْ رَبُّ الْمَالِ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ بِيَدِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، وَبِعِبَارَةٍ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَامِلِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ أَمِينٍ بِأَنْ أَوْدَعَ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ أَوْ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ لَمْ يَقْبِضْ، وَأَمَّا الْإِحْضَارُ مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَوْ مَغْشُوشًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُتَعَامَلُ بِهِ مَغْشُوشًا فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الْحُكْمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَوْلَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِخْرَاجِ) أَيْ الَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ وَاَلَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا رَاجَ كَالْكَامِلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْكَامِلِ فَإِذَا لَمْ يَرُجْ كَالْكَامِلِ فَلَا يَكُونُ بِمَثَابَةِ الْكَامِلِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ لَمْ يَكْمُلْ. (قَوْلُهُ لَأَنْ يَكُونَ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَزِيدَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَعَمِلَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لَا لِمَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ حُكْمَهَا سَيَأْتِي أَيْ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ قَصْدُهُمَا الْقِرَاضَ وَإِنَّمَا قَصْدُهُمَا التَّأْخِيرُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَاعَ الْمَالُ يَكُونُ الْمَدِينُ ضَامِنًا لَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَلَّا قِيلَ الرِّبْحُ لَهُ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ) أَيْ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَبِيّ وَكَلَامُ بَهْرَامَ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالْحَطَّابِ أَنَّ الْمُرَادَ يُشْهِدُ عَلَى زِنَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَدَدًا أَوْ بِهِمَا فَالْإِشْهَادُ عَلَى مَا بِهِ التَّعَامُلُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الصِّحَّةُ، وَلَوْ أَعَادَهُ بِالْقُرْبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قِيلَ إذَا قُبِضَ الدَّيْنُ انْتَفَى كَوْنُهُ دَيْنًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَابِضَ لَمَّا كَانَ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ بِالْحَضْرَةِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ قَبْضَهُ كَلَا قَبْضٍ وَإِنْ وَقَعَ بِالدَّيْنِ، فَتَعَرَّضَ لَهُ لِنَفْيِ هَذَا التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُحْضِرَهُ وَيَقُولَ وَاَللَّهِ إنِّي بَرِئَتْ ذِمَّتِي، وَقَوْلُهُ فَهُوَ نَظِيرُ الْوَكَالَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ عَلَى أَنِّي وَكَّلْتُهُ وَاَللَّهِ إنِّي وَكَّلْته (قَوْلُهُ أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ أَيْ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدَّيْنِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ الدَّيْنُ. (قَوْلُهُ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَمِينٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَلْفَ ذَلِكَ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَقَدْ قِيلَ بِالْجَوَازِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْعَامِلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ، وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ) فَإِنَّهُ قَالَ ظَاهِرُهُ انْطِبَاقُ الْإِغْيَاءِ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ فِيمَا رَأَيْت، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ غَايَةَ مَا بِيَدِ أَمِينِهِ لَا مَا بِيَدِهِ فِيهِمَا مَعًا وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِهِ لَمْ يَفُتْ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَالْمُبَالَغَةُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 كَالْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ دُونَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَرِيئَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا بِالْإِشْهَادِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنًا أَنَّ الْإِحْضَارَ فِيهَا كَافٍ فِي الْجَوَازِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ قَبْضٌ وَلَا إشْهَادٌ، قُلْتُ هَذَا جُزْءُ عِلَّةٍ وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ هِيَ ذَلِكَ وَانْتِفَاءُ تُهْمَةِ تَوَاطُئِهِمَا، وَإِذَا وَقَعَ وَعَمِلَ فِي الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ النَّقْصُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا اتَّجَرَ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ لِأَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ هُنَا أَذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِهَا عَلَى اعْتِقَادِ كُلٍّ صِحَّةَ الْقِرَاضِ فَكَانَ الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّمَا هُوَ مَحْضُ تَعَدٍّ مِنْهُ وَقَدْ عَمِلَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّهْنَ كَالْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَنَّ الرِّبْحَ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ. (ص) وَلَا بِتِبْرٍ لَمْ يُتَعَامَلُ بِهِ بِبَلَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التِّبْرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ مَسْكُوكٌ يُتَعَامَلُ بِهِ وَمِثْلُ التِّبْرِ الْحُلِيُّ وَالنُّقَارُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْقِرَاضِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَمْضِي بِالْعَمَلِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُفْسَخُ عُمِلَ بِهِ أَمْ لَا لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ كَمَا فِي نَقْلِ الشَّارِحِ وَالنُّقَارُ الْقِطَعُ الْخَالِصَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (ص) كَفُلُوسٍ وَعَرْضٍ إنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفُلُوسَ الْجُدُدَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ يُتَعَامَلُ بِهَا لِأَنَّهَا تَئُولُ إلَى الْفَسَادِ وَالْكَسَادِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ مَا لَمْ تَنْفَرِدْ بِالتَّعَامُلِ بِهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ عَرْضًا وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفُلُوسُ الَّتِي لَا يُتَعَامَلُ بِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ إذَا كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَهُ لِأَنَّ الْقِرَاضَ رُخْصَةٌ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ وَسَوَاءٌ كَانَ لِبَيْعِهِ خَطْبٌ وَبَالٌ أَمْ لَا وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَظَاهِرُهُ مَنْعُ الْقِرَاضِ بِالْعَرْضِ وَلَوْ بِبَلَدٍ لَا يُتَعَامَلُ فِيهِ إلَّا بِهِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَانْظُرْ النَّصَّ الصَّرِيحَ فِي ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَعَلَ ثَمَنَ الْعَرْضِ الْمَبِيعِ بِهِ هُوَ الْقِرَاضُ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ نَفْسَ الْعَرْضِ أَوْ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ يَوْمَ الْمُفَاصَلَةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ تَوَلَّى بَيْعَهُ غَيْرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ فِي مَفْهُومِ إنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ تَفْصِيلٌ (ص) كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى دَيْنٍ أَوْ لِيَصْرِفَ ثُمَّ يَعْمَلَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى خَلَاصِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى شَخْصٍ فَإِذَا خَلَّصَهُ كَانَ بِيَدِهِ قِرَاضًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مَا لَمْ يَقْبِضْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْعَامِلِ ذَهَبًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَهَا بِفِضَّةٍ ثُمَّ يَعْمَلُ بِهَا قِرَاضًا (ص) فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ (ش) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَخَذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ وَعَمِلَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ فِي تَوَلِّيهِ بَيْعَ ذَلِكَ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِ الْمَالِ أَيْ لَا فِي ذِمَّتِهِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَرِيئَةٌ) أَيْ وَقَدْ قُلْنَا يُشْهِدُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ عج ذَكَرَ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا الْإِحْضَارُ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ إشْهَادٌ؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانَةٍ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ لِأَنِّي أَخَافُ جُزْءُ عِلَّةٍ حَاصِلُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْجَوَازِ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ نَفْيُ الْخَوْفِ وَنَفْيُ تُهْمَةِ التَّوَاطُؤِ فَإِذَا وُجِدَ الْخَوْفُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَلَكِنْ وُجِدَ التَّوَاطُؤُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَحْضَرَهَا إلَّا لِأَجْلِ صِحَّةِ الْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ قُلْتُ هَذَا أَيْ نَفْيُ هَذَا جُزْءُ عِلَّةٍ أَيْ عِلَّةِ الْجَوَازِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْجَوَازِ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ فَالْمَنْعُ يَتَحَقَّقُ بِانْتِفَائِهِ وَانْتِفَاؤُهُ يَتَحَقَّقُ فِي صُورَتَيْنِ إمَّا الْخَوْفِ وَإِمَّا تُهْمَةِ التَّوَاطُؤِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً. (قَوْلُهُ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ) كَذَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ أَيْ بَلَدِ دَفْعِ الْمَالِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِبَلَدِ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وُجِدَ فَلَا يَجُوزُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى التَّعَامُلِ بِالْمَضْرُوبِ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَيْدَ عج وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ اللَّقَانِيِّ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ) أَيْ وَخُلَاصَةُ كَلَامِ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ أَيْ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقَارِ أَيْ وَالْقَرْضِ أَنَّهُ لَا يُتَعَامَلُ بِالتِّبْرِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَمْضِي بِالْعَمَلِ) أَرَادَ بِهِ شِرَاءَ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَإِذَا عَمِلَ بِالنُّقَارِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ رَدَّ مِثْلَهَا عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ عَرَفَ وَزْنَهَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَمْضِي الْعَمَلُ) الَّذِي هُوَ شِرَاءُ السِّلَعِ أَيْ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي نَقْلِ الشَّارِحِ) الْأَوْلَى كَمَا فِي الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ فِي الشَّارِحِ عَلَى تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْكَسَادِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَالْمَنْعُ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ) أَيْ فَاللَّخْمِيُّ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كَانَ لِبَيْعِهِ خَطْبٌ وَبَالٌ وَعَطْفُ " وَبَالٌ " تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَصْرِفَهَا بِفِضَّةٍ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْمَنْعَ وَلَمْ يَعْتَبِرْ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِمَا إذَا كَانَ لِلصَّرْفِ بَالٌ (قَوْلُهُ فَأَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ لَا الْمَالِ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ أَيْ الْمَالِ لَا الْعَامِلِ (قَوْلُهُ هَذَا جَوَابٌ إلَخْ) هَذَا حَيْثُ بَاعَ الْفُلُوسَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا نَقْدًا فَإِنْ جَعَلَهَا ثَمَنًا لِعُرُوضِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ تَوَلِّيهِ وَإِنَّمَا لَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقِرَاضِهِ. (ص) كَلَكَ شِرْكٌ وَلَا عَادَةَ أَوْ مُبْهَمٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ ضَمِنَ أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ فِي ثَمَنِهَا أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ مَا يَقِلُّ (ش) أَيْ كَقِرَاضٍ قَالَ لَك فِيهِ شِرْكٌ فَالْمُشَبَّهُ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ لَك فِيهِ شِرْكٍ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ وَهَذَا مُشَبَّهٌ بِمَا فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّ مَسْأَلَةَ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ بِثَمَنِهَا مِمَّا فِيهِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ فَالتَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ وَفِي تَوَلِّيهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُفِيدُ التَّسَاوِي فَلَيْسَ فِيهِ جَهْلٌ وَلَفْظُ شِرْكٍ يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ فَيُعْمَلُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ عَلَى جُزْءٍ مُبْهَمٍ كَقَوْلِهِ اعْمَلْ بِهَذَا الْمَالِ وَلَك فِي رِبْحِهِ جُزْءٌ وَلَا عَادَةَ وَيَكُونُ فَاسِدًا وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا وَقَعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ عَقْدَهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَهُوَ رُخْصَةٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ فَإِذَا وَقَعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَرْكِهِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ إذَا كَانَ رَأْسُ الْعَامِ الْفُلَانِيِّ فَاعْمَلْ بِالْمَالِ أَوْ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً مِنْ وَقْتِ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ قِرَاضُ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ إذَا تَلِفَ أَيْ رَأْسُ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ، وَلَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ إذَا تَلِفَ الْمَالُ وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمَالَ لِلْعَامِلِ وَطَلَبَ مِنْهُ ضَامِنًا يَضْمَنُهُ فِيمَا يَتْلَفُ بِتَعَدِّيهِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا فِيمَا إذَا دَفَعَ مَالًا لِآخَرَ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بَعْدَ مَا يَبِيعُهُ بِثَمَنِهِ ثَانِيًا فَهُوَ أَجِيرٌ فِي شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرِ أَيْ أَوْ قِرَاضٌ قَالَ فِيهِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ إلَخْ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ اشْتَرِ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّيْنِ فَاشْتَرَى بِالنَّقْدِ فَإِنَّ لَهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالْخَسَارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَرْضٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا عَيَّنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ نَوْعًا وَكَانَ ذَلِكَ النَّوْعُ فِي نَفْسِهِ يَقِلُّ وُجُودُهُ سَوَاءٌ خَالَفَ وَاشْتَرَى سِوَاهُ أَوْ لَمْ يُخَالِفْ وَاشْتَرَاهُ، وَكَلَامُ تت يُوهِمُ أَنَّ الْفَسَادَ مَعَ الْمُخَالَفَةِ وَأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقِرَاضَ صَحِيحٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَالشَّيْخِ حُلُولُو فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ بِمَا يَقِلُّ مَا يُوجَدُ تَارَةً وَيُعْدَمُ أُخْرَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُوجَدُ دَائِمًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ قَالَ الْمَوَّاقُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِضَ رَجُلًا عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا الْبَزَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَيَجُوزُ ثُمَّ لَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ. الْبَاجِيُّ فَإِنْ كَانَ يَتَعَذَّرُ لِقِلَّتِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ اهـ. وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ قَبْلُ اهـ. وَبِعِبَارَةٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ مَا يَقِلُّ أَيْ وَخَالَفَ فَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَفِي الرِّبْحِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَا يَقِلُّ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِمَا وَفِي الرِّبْحِ قِرَاضُ الْمِثْلِ. (ص) كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرِّبْحِ وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ (ش) لَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ فَاسِدَةً وَإِنَّمَا التَّشْبِيهُ فِي الرَّدِّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَلِذَا عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ لِلتَّشْبِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ فَقَالَ الْعَامِلُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا وَخَالَفَهُ رَبُّ الْمَالِ وَادَّعَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَتَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا لَا يُشْبِهُ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُرَدُّ إلَى قِرَاضِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ مُبْهَمٍ) أَيْ كَقِرَاضٍ مُبْهَمٍ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمِنَ) هَذَا حَيْثُ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِي صِحَّةِ الْقِرَاضِ وَفَسَادِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَفِي تَوَلِّيهِ أَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ فَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ (قَوْلُهُ عَلَى جُزْءٍ مُبْهَمٍ) بِالتَّعْبِيرِ بِعُنْوَانِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَا تَكْرَارَ مَعَ قَوْلِهِ كَلَكَ شِرْكٌ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ إلَى أَجَلِ كَذَا أَيْ مِنْ حَيْثُ الشُّرُوعُ وَإِلَّا فَالِانْقِضَاءُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِحَدٍّ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً مِنْ وَقْتِ كَذَا أَيْ أَوْ سَنَةً بِدُونِ قَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ كَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِهِ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ أَوْ فِي مَوْسِمِ الْعِيدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَيَّنُ فِيهِ الزَّمَنُ لِلْعَمَلِ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ هَذَا أَشَدُّ فِي التَّحْجِيرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً مِنْ الْآنَ أَوْ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً فَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَاعْمَلْ بِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْعَمَلِ فِيمَا بِيَدِهِ فَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ أَيْضًا أَخَفَّ مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ فِي الصَّيْفِ (قَوْلُهُ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ رِبْحُ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ رِبْحُ الْمَالِ الْمُتَّجَرِ بِهِ بَعْدُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ) أَيْ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ فَاشْتَرَى بِالدَّيْنِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَمَّا إنْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ فَاشْتَرَى بِهِ فَالْجَوَازُ ظَاهِرٌ فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِدَيْنٍ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ فَذَكَرَ تت أَنَّ فِيهِ قِرَاضَ الْمِثْلِ وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَقَدْ تَعَرَّضَ ابْنُ نَاجِي لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمُطَابِقَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ الْقَوْلُ بِأَنَّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ بِالدَّيْنِ مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ بَيْعَهُ بِهِ أَوْ بَيْعَهُ بِالنَّقْدِ فَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَبَاعَ بِهِ فَهَذَا شَرْطٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُوجَدُ دَائِمًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهَا إذَا قَارَضَهُ عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَلَيْسَ وُجُودُهَا بِمَأْمُونٍ أَنَّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ فُسِخَ اهـ.) أَيْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ اهـ أَيْ كَلَامُ عج النَّاقِلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 مِثْلِهِ فَإِنْ ادَّعَيَا مَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ أَشْبَهَ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ (ص) وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاضَ الْفَاسِدَ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ، وَيَأْتِي أَمْثِلَتُهُ، تَكُونُ فِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ قِرَاضِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عُثِرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيَتَمَادَى الْعَامِلُ كَالْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَبَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّمَادِي وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ إذَا وَجَبَ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَهُوَ أُسْوَتُهُمْ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَبِعِبَارَةٍ: " مَا " هُنَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ ضَمِيرِ غَيْرِهِ لَهَا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ فَسَدَ أَوْ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِهِ، وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا جَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً فَالْمَعْنَى وَفِي فَسَادِ غَيْرِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. (ص) كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ أَوْ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ أَمِينًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ بِنَصِيبٍ لَهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهَا إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَالشَّرْطُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالضَّمِيرُ فِي يَدِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَصْدُقُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِمَا إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ يَدَ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا وَيُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَلَا يَشْتَرِيَ شَيْئًا لِلْقِرَاضِ وَلَا يَأْخُذَ وَلَا يُعْطِيَ لِلْقِرَاضِ إلَّا بِمُرَاجَعَتِهِ أَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ أَمِينًا عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى الْقِرَاضِ أَشْبَهَ الْأَجِيرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعَ لِلْعَامِلِ غُلَامًا يَعْمَلُ مَعَهُ فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ، الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَيْنٍ، الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ لِلسَّيِّدِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ أَصْلًا أَوْ بِنَصِيبٍ لِلْغُلَامِ أَمَّا إنْ كَانَ بِنَصِيبٍ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْقِرَاضَ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَرْطًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ رَبُّ الْغُلَامِ بِذَلِكَ تَعْلِيمَهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فَقَوْلُهُ بِنَصِيبٍ أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ إنْ جَعَلَ جُزْءًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْغُلَامِ فَجَعَلَ النَّصِيبَ غَيْرَ شَرْطٍ. (ص) وَكَأَنْ يَخِيطَ أَوْ يَخْرِزَ أَوْ يُشَارِكَ أَوْ يَخْلِطَ أَوْ يَبْضِعَ أَوْ يَزْرَعَ أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَى بَلَدِ كَذَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَ يَدِ الْعَامِلِ وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخِيطَ ثِيَابًا أَوْ يَخْرِزَ نِعَالًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ يُشَارِكَ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يُشَارِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ   [حاشية العدوي] لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ بِدُونِ يَمِينٍ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْفَسَادُ لِاشْتِرَاطِ عَمَلِ يَدِهِ كَأَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخِيطَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَانِعٌ وَهَلْ أَحَقِّيَّتُهُ بِهِ فِيمَا يُقَابِلُ الصَّنْعَةَ أَوْ فِيهِ وَفِيمَا يُقَابِلُ عَمَلَ الْقِرَاضِ قَوْلَانِ وَمُقَابِلُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَحَقُّ أَيْضًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ ضَمِيرِ غَيْرِهِ لَهَا) أَيْ لِلْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِلَّا لَزِمَ الْخُلُوُّ عَنْ الْعَائِدِ، وَقَوْلُهُ لِاقْتِضَائِهِ قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ الِاقْتِضَاءَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَفِي فَاسِدٍ تَعَلَّقَ الْفَسَادُ بِغَيْرِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَا اقْتِضَاءَ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِهِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعًا لِلْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا لِمَا، وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ فَلَا اقْتِضَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَفِي الَّذِي فَسَدَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِمَا، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ اللَّقَانِيِّ لَا يَصِحُّ أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي فَسَدَ لَا بَدَلُ كُلٍّ وَلَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا بَدَلُ غَلَطٍ وَلَا نِسْيَانٍ وَلَا بُدَاءَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ (قَوْلُهُ جَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً) أَيْ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلَفْظِ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ تَأْوِيلِ مَا وَمَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ وَيُؤَوَّلُ الْمَصْدَرُ بِاسْمِ فَاعِلٍ وَيَكُونُ غَيْرُهُ بَدَلًا مِنْهُ عَائِدًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ (أَقُولُ) وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ غَيْرِهِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ مَا أَوْ ضَمِيرِهَا وَيَصِحُّ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَا أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ وَضَمِيرُ غَيْرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا يَصِحُّ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ صِلَةٌ لِمَا عَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُوصَفُ بِالنَّكِرَةِ وَغَيْرُ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيهَا إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ أَصْلًا إلَخْ) وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْجَوَازِ حَيْثُ اشْتَرَطَ لِلْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ قَدْرٌ زَائِدٌ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِذَلِكَ تَعْلِيمَهُ) أَيْ بَلْ قَصَدَ بِهِ إعَانَةَ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ) أَقُولُ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ اعْتَبَرَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ يَخْرِزَ) أَيْ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ جُلُودٍ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ أَوْ يَخْرِزَ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ مَا ضَرَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَرْزَ الْخِيَاطَةُ قَالَ الشَّاذِلِيُّ يَخْرِزُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ. وَلَا يَكُونُ مُضَارِعُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَالْمُخَالَطَةِ قُلْت فِي صُورَةِ الْمُخَالَطَةِ مَا يَخُصُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَهُ الْخَلْطُ كَمَا يَأْتِي أَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الْإِبْضَاعَ بِمَالٍ الْقِرَاضِ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ أَيْ أَنْ يُرْسِلَهُ أَوْ بَعْضَهُ مَعَ غَيْرِهِ يَشْتَرِي بِهِ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْإِبْضَاعَ فَلَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ زَادَهَا رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ عَمَلُهُ فِي الزَّرْعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنْ يُنْفِقَ الْمَالَ فِي الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَهُ وَجَاهَةٌ أَوْ يَكُونَ الزَّرْعُ مِمَّا يَقِلُّ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ لَهُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُطْلِقًا يَدَهُ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا عَلَى الْعَامِلِ، وَهَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ مَحَلًّا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَيَّنَ مَحَلًّا لِلتَّجْرِ فِيهِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَعَ قَوْلِهِ كَأَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَخْرُجَ لِبَلَدٍ وَيَشْتَرِيَ لِأَنَّ هَذَا عَيَّنَ مَحَلًّا يَشْتَرِي مِنْهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ تَعْيِينَ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا غَيْرُ مُضِرٍّ وَقَوْلُهُ (ص) أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَأَنْ يَخِيطَ أَوْ يَخْرِزَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً وَعَجَزَ عَنْ نَقْدِ ثَمَنِهَا فَقَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ لِي مَالًا لِأَنْقُدَهُ فِيهَا وَيَكُونَ قِرَاضًا بَيْنَنَا عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ قَرْضًا عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ عَلَى السَّلَفِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِشِرَاءِ السِّلْعَةِ بَلْ قَالَ لَهُ ادْفَعْ لِي مَالًا وَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَنَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَشَّاهُ وَنُسْخَةُ الْوَاوِ أَحْسَنُ مِنْ نُسْخَةِ أَوْ لِإِيهَامِهَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذِكْرُهَا هُنَا مُشَوِّشٌ تَأَمَّلْ اهـ. لَكِنَّ الْإِيهَامَ الْمَذْكُورَ مَا يَكُونُ إلَّا فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَأَمَّا إذَا نُظِرَ لِآخِرِ الْكَلَامِ فَلَا إذْ قَوْلُهُ فَقَرْضٌ يَدْفَعُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مَرَّ وَالْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ جَوَازِ كَوْنِهِ قِرَاضًا لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِتَصْرِيحِهِ بِقَوْلِهِ فَقَرْضٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَقَرْضٌ أَنَّهُ صَحِيحٌ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ فَقَرْضٌ فَاسِدٌ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ ذَلِكَ لِكَوْنِ مَا قَبَضَهُ مِثْلِيًّا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ (ص) أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا أَوْ زَمَنًا أَوْ مَحَلًّا (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْفَسَادِ أَيْ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْهَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ أَوْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنْ نَزَلَ كَانَ فَاسِدًا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ التَّحْجِيرُ عَلَى الْعَامِلِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْمَالِ إلَّا فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ أَوْ فِي الشِّتَاءِ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ إذَا أَجَّلَهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْمَالِ إلَّا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لِرَبِّ الْمَالِ. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي قَوْلِهِ أَوْ زَمَنًا مَا نَصُّهُ تَحْرِيرٌ عَجِيبٌ فِي أَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَرَجَّحُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الْقِرَاضَ إلَى أَجَلٍ مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَرَجَّحُ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَتَصَوُّرُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا جَلِيٌّ اهـ. أَيْ إذْ الْأَوَّلُ عَيَّنَ فِيهِ زَمَانًا صَادِقًا عَلَى   [حاشية العدوي] حِصَّةَ مَا لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فَكُلُّهَا لَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إلَّا رِبْحَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا فِي صُورَةِ الشَّرِكَةِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا رِبْحُ الْحِصَّتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَ بِمَالِهِ) هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوْ يُشَارِكَ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ يُشَارِكَ أَيْ بِمَالِ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَخْلِطَ أَيْ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ أَوْ مَالٍ بِيَدِهِ قِرَاضًا لِأَحَدٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى شَرْطِ الْإِبْضَاعِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَبْضِعْ إنْ شِئْت فَهُوَ إذْنٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِمَّا أَنْ يُبْضِعَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَإِذَا أَبْضَعَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَتَلِفَ الْمَالُ أَوْ خَسِرَ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ، وَإِنْ رَبِحَ وَكَانَتْ الْبِضَاعَةُ بِأُجْرَةٍ كَانَ لِلْمُبْضِعِ أُجْرَتُهُ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ وَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَجِبُ لَهُ حَظُّهُ مِنْ الرِّبْحِ يَدْفَعُهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَغْرَمُ الزَّائِدَ وَإِنْ فَضَلَهَا الرِّبْحُ فَفَضْلُهُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا وَإِنْ أَبْضَعَ مُكَارَمَةً دُونَ أَجْرٍ فَلِلْعَامِلِ الْأَقَلُّ مِنْ حَظِّهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِجَارَةِ مِثْلِ الَّذِي أَبْضَعَ مَعَهُ أَنْ لَوْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَطَوَّعْ إلَّا لِلْعَامِلِ، وَذُو الْمَالِ رَضِيَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَبَعْضُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ عَيَّنَ مَحَلًّا لِلتَّجْرِ فِيهِ) وَالتَّجْرُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (قَوْلُهُ عَيَّنَ مَحَلًّا يَشْتَرِي مِنْهُ) أَيْ فَقَطْ أَيْ لَا يَقَعُ فِيهِ إلَّا الشِّرَاءُ فَقَطْ لَا التَّجْرُ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ) عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِقَوْلِهِ فَقِرَاضٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ فَإِذَا أُرِيدَ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ تَوَافَقَتْ الْعِبَارَتَانِ (قَوْلُهُ وَنُسْخَةُ الْوَاوِ أَحْسَنُ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الظَّرْفُ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعْمُولٍ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَجَوَابُهُ فَقَرْضٌ وَإِنْ أَخْبَرَ شَرْطٌ فِي الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ انْعَقَدَ أَيْ الْقِرَاضُ بَعْدَ اشْتِرَاءِ الْعَامِلِ فَهُوَ قَرْضٌ إنْ أَخْبَرَهُ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ بَلْ ذِكْرُهَا هُنَا مُشَوِّشٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِوَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِيهَامِ الْمَذْكُورِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ تَنَاقُضٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ مُفَادَ آخِرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَقَرْضٌ مُنَافٍ لِمُفَادِ أَوَّلِهِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْإِيهَامَ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِإِيهَامِهَا قَاطِعَ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بَلْ ذِكْرُهَا مُشَوِّشٌ (قَوْلُهُ يَدْفَعُهُ إلَخْ) أَقُولُ لَا دَفْعَ بَلْ ذَلِكَ مُحَقِّقٌ الْمُنَافَاةَ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمُشَارَكَةُ إلَخْ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ يُبْطِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ فَقَرْضٌ فَاسِدٌ) بَلْ وَقِرَاضٌ فَاسِدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَرْضٍ فَاسِدٍ وَقِرَاضٍ فَاسِدٍ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ عَاجِلًا وَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَامِلُ مُدَّةً كَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْقَرْضِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ) هَذَا ثَمَرَةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 مُتَعَدِّدٍ كَلَا تَشْتَرِ إلَّا فِي الصَّيْفِ وَالثَّانِي عَيَّنَ فِيهِ زَمَانًا لَا يَصْدُقُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَاعْمَلْ فِيهِ سَنَةَ كَذَا أَوْ سَنَةً مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ (ص) كَأَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَخْرُجَ لِبَلَدٍ فَيَشْتَرِيَ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ دَفَعَ مَالًا لِآخَرَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ صِنْفًا وُجُودُهُ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ يَجْلِبُهُ إلَى بَلَدِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِقَوْلِنَا ثُمَّ يَجْلِبُهُ إلَى بَلَدِ الْقِرَاضِ يَنْدَفِعُ تَكْرَارُ هَذِهِ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَى بَلَدِ كَذَا لِأَنَّ هَذَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ التَّجْرِ وَفِي مَحَلِّهِ وَمَا سَبَقَ حُجِرَ فِي ابْتِدَاءِ التَّجْرِ. (ص) وَعَلَيْهِ كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ الْخَفِيفَيْنِ، وَالْأَجْرُ إنْ اسْتَأْجَرَ (ش) الْكَافُ اسْمٌ لَا حَرْفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ عَلَيْهِ لَا فِي الْمَالِ وَلَا فِي رِبْحِهِ وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ النَّقْلُ الْخَفِيفُ، وَأَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ وَتَوَلَّاهُ وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَالِ فَلَهُ أَجْرُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمِلَهُ لِيَرْجِعَ بِأَجْرِهِ وَخَالَفَهُ رَبُّ الْمَالِ بِيَمِينٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ فَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَيْثُ كَانَتْ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الْعَامِلَ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِسُكُوتِهِ فَلَا يَحْلِفُ. (ص) وَجَازَ بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَرِضَاهُمَا بَعْدُ عَلَى ذَلِكَ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاضَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ بِجُزْءٍ مَحْدُودٍ لَا يَتَعَدَّى بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ لِلْعَامِلِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا مَعْلُومَ النِّسْبَةِ كَالرُّبُعِ أَوْ الثُّلُثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا بَعْدَ الْعَمَلِ عَلَى جُزْءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ غَيْرِ الْجُزْءِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُحَقَّقٍ اغْتَفَرُوا فِيهِ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَيْسَ لَازِمًا فَكَأَنَّهُمَا ابْتَدَآ الْآنَ الْعَقْدَ. (ص) وَزَكَاتُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا (ش) الضَّمِيرُ فِي زَكَاتِهِ يَرْجِعُ لِلرِّبْحِ وَالْمَعْنَى أَنَّ زَكَاةَ رِبْحِ الْمَالِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى قِرَاضٍ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ رُبُعُ عُشْرِ الرِّبْحِ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاتِهِ عَلَى الْعَامِلِ اتِّفَاقًا (ص) وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ (ش) يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى جُزْءِ الزَّكَاةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نَفْعِ جُزْءِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَالْمُبَالَغَةُ مُشْكِلَةٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إذَا وَجَبَتْ كَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمُشْتَرِطِ وَالنَّفْعُ مُحَقَّقٌ وَهُوَ تَوْفِيرُ حَظِّهِ مِنْ الرِّبْحِ بِعَدَمِ أَخْذِ جُزْءِ الزَّكَاةِ مِنْهُ أَوْ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ فَإِذَا اُشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ الْعُشْرِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِثْلًا مِنْ حِصَّةِ الْعَامِلِ وَيُعْطَى لِرَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَلِرَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ بِأَنْ تَفَاصَلَا قَبْلَ مُرُورِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ الْقِرَاضِ. (ص) وَالرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ رِبْحِ الْقِرَاضِ كُلِّهِ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِلْعَامِلِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ وَإِطْلَاقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَجَازٌ كَمَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْقِرَاضِ وَيَلْزَمُهُمَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرَطُ لَهُ مُعَيَّنًا وَقِيلَ وَيُقْضَى بِهِ إنْ امْتَنَعَ الْمُلْتَزِمُ مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُعَيَّنَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عُرْفٌ بِقَدْرِ مَا لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَهَلْ يُقَسَّمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً أَوْ يَكُونُ كَقِرَاضٍ وَقَعَ بِجُزْءٍ مُبْهَمٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ (ص) وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ السَّلَفَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الْعَامِلُ الضَّمَانَ بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ أَخْذِهِ لِلْمَالِ أَنَا لَا ضَمَانَ عَلَيَّ فِي الْمَالِ إذَا تَلِفَ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا سُمِّيَ الْمَالُ قِرَاضًا أَيْ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ   [حاشية العدوي] الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ كَالنَّشْرِ) الْكَافُ اسْمٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ بِمَعْنَى مِثْلُ لَا حَرْفٌ. (قَوْلُهُ وَجَازَ جُزْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) ذَكَرَهُ لِلتَّعْمِيمِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ سَابِقًا جُزْءٌ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تُفِيدُ الْعُمُومَ وَهَذَا أَوْلَى لِعَدَمِ تَكْرَارِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرِّبْحَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ) بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي بَابِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ إلَخْ) أَيْ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إلَخْ. (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِلرِّبْحِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ جُزْءٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْأَسْدِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدِّي ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ) أَيْ جُزْءُ الزَّكَاةِ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَإِذَا رَجَعَ جُزْءُ الزَّكَاةِ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَيُعْلَمُ مِنْهُ الْقِرَاضُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ نِصْفُ الرِّبْحِ مَا عَدَا رُبُعَ عُشْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ) شَمِلَ صُوَرَ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبَّ الْمَالِ وَقَصَرَ الْجُزْءُ وَرَأْسُ مَالِهِ عَنْ النِّصَابِ وَمَا لَوْ تَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْمَالِ وَمَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِرِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ كُفْرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعِينَ) وَإِنَّمَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ يَأْخُذُ دِينَارًا كَامِلًا قَبْلَ الْوُجُوبِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَخْذَهُ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ صَارَ حَقًّا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مَا عَدَاهُ فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا حَالَ اشْتِرَاطِهَا عَلَى الْعَامِلِ دَفَعَ لِلْفُقَرَاءِ دِينَارًا وَحُسِبَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ وَلِرَبِّهِ عِشْرُونَ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى رَبِّهِ فَقَطْ أَخْرَجَ الْعَامِلُ نِصْفَ دِينَارٍ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الْعَامِلِ فَقَطْ أَخْرَجَ نِصْفَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَبَاقِيهِ لِرَبِّهِ كَذَا تَجْرِي هَذِهِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ إذَا اُشْتُرِطَتْ عَلَى رَبِّهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهَلْ إلَخْ) الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ يُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ صَيَّرَهُ بِمَثَابَةِ الْهِبَةِ لَهُمَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ) بَلْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 أَيْ وَيَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا. (ص) وَشَرْطُهُ عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ فِي الْكَثِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَ غُلَامِ رَبِّ الْمَالِ مَجَّانًا أَيْ يَعْمَلُ مَعَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ دَابَّةِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَالْعَطْفُ بِأَوْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا مَعًا حَيْثُ كَانَا يَسِيرَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِ الْقِرَاضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي الْيَسَارَةِ وَالْكَثْرَةِ لِلْعُرْفِ (ص) وَخَلْطُهُ وَإِنْ بِمَالِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى جُزْءٍ أَيْ وَجَازَ لِلْعَامِلِ خَلْطُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا مَرَّ (ص) وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا رُخْصًا (ش) أَيْ وَخَلْطُ مَالِ الْقِرَاضِ هُوَ الصَّوَابُ إنْ خَافَ الْعَامِلُ بِتَقْدِيمِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ رُخْصًا لِلْمَالِ الْآخَرِ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَى مِنْ السِّلَعِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقِرَاضِ وَهَلْ مَعْنَى الصَّوَابِ أَنَّهُ يَجِبُ أَوْ يُنْدَبُ قَوْلَانِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ لَمْ يُخْلَطْ فَحَصَلَ خَسْرٌ فَعَلَى أَنَّهُ يَجِبُ يَضْمَنُ وَعَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لَا يَضْمَنُ فَقَوْلُهُ رُخْصًا أَيْ أَوْ غَلَاءً أَيْ رُخْصًا فِي الْبَيْعِ أَوْ غَلَاءً فِي الشِّرَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى الرُّخْصِ كَالْمُدَوَّنَةِ يُعْلَمُ مِنْهُ مُقَابِلُهُ وَهُوَ الْغَلَاءُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ صِيغَةُ تَرْجِيحٍ لِأَنَّ اصْطِلَاحَ الْمُؤَلِّفِ فِي صِيَغِ التَّرْجِيحِ مَضْبُوطَةً لَيْسَ هَذَا مِنْهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ عَلَى الْأَصْوَبِ تَأَتَّتْ صِيغَةُ التَّرْجِيحِ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَشَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ رَبَّ الْمَالِ بِقِيمَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً فَاشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً بِمِائَتَيْنِ مِائَةٍ حَالَّةٍ وَمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَإِنَّ الْمِائَةَ الْمُؤَجَّلَةَ تُبَاعُ الْآنَ بِالنَّقْدِ وَيُشَارِكُ الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا بِيعَتْ الْمِائَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِخَمْسِينَ بِالنَّقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِالثُّلُثِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا قُوِّمَتْ الْمِائَةُ الْمُؤَجَّلَةُ فَإِنَّمَا تُقَوَّمُ بِعَرْضٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُ الْمُؤَجَّلِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْحُلُولِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِشَارَكَ أَيْ شَارَكَ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ وَمَفْهُومُ مُؤَجَّلًا أَنَّهُ إذَا زَادَ حَالًّا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا أَفْهَمَ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُشَارِكُ بِعَدَدِهِ وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا عَدَمُ الْجَوَازِ وَمَحَلُّ الْمُشَارَكَةِ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونَ جَمِيعُ مَا اشْتَرَاهُ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ قِرَاضًا. (ص) وَسَفَرُهُ إنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ رَبُّهُ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ مِنْ السَّفَرِ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ شَأْنِهِ السَّفَرُ أَمْ لَا لِلُزُومِ الْعَمَلِ بِالشَّغْلِ. (ص) وَادْفَعْ لِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا) لَكِنْ هَلْ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ عَمَلًا بِمَا شَرَطَاهُ أَوْ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِقَوْلِهِ قِرَاضٌ فَاسِدٌ ذَكَرَهُ عب وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (تَنْبِيهٌ) : فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ ضَمَانِ الْعَامِلِ إنْ اشْتَرَطَ الرِّبْحَ لِرَبِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِبَقَائِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَكَذَا إنْ شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ تَعْلِيمَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِطَ هُنَا الْعَامِلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَرْطِهِ عَمَلُ الدَّابَّةِ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا أَيْضًا كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ مَجَّانًا) بِهِ يَنْدَفِعُ تَكْرَارُ هَذِهِ مَعَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ بِنَصِيبٍ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ دَابَّةٍ لِرَبِّ الْمَالِ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْغُلَامِ وَالدَّابَّةِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ تُفِيدُ التَّعْيِينَ إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ أَحْرَى وَلَا يَتَعَيَّنُ شَرْطُ الْخُلْفِ فِي الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِمَالِهِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَلِمَصْلَحَةٍ لِأَحَدِ الْمَالَيْنِ غَيْرِ مُتَيَقَّنَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ أَوْ بَعْدَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا وَوَجَبَ لِمَصْلَحَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (قَوْلُهُ إنَّهُ يَجِبُ أَوْ يُنْدَبُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى مَالِهِ أَيْ فَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى مَالِهِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ اعْتِمَادُ الْوُجُوبِ وَإِنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ رُخْصَ مَالِهِ لَمْ يَجِبْ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ (قَوْلُهُ مَضْبُوطَةٌ) بِمُرَاجَعَةِ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ تَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ نَكَّرَ الصَّوَابُ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مُخْتَارٌ مِنْ خِلَافٍ أَيْ لِإِيهَامِهِ أَنَّهَا صِيغَةُ تَرْجِيحٍ. (قَوْلُهُ تُبَاعُ الْآنَ بِالنَّقْدِ) فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ أَيْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ تَنَافٍ فَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّوَابُ وَيُمْكِنُ تَرْجِيعُهَا لَهُ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ تُبَاعُ الْآنَ بِالنَّقْدِ أَيْ تُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ بِوَاسِطَةِ تَقْوِيمِهَا بِالْعَرْضِ، وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ بِالنَّقْدِ، وَقَوْلُهُ وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَيْ قِيمَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَقَوْلُهُ فَإِذَا بِيعَتْ أَيْ قُوِّمَتْ أَيْ بِوَاسِطَةِ تَقْوِيمِهَا بِالْعَرْضِ (قَوْلُهُ يَكُونُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ) أَيْ كَأَنْ يَقُولُوا كُلَّ شَهْرٍ دِينَارٌ فَيُقَدَّرُ أَنَّهُ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَيُقَوَّمُ بِحَسَبِهِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْخَلْطِ وَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمُشَارَكَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُشَارَكَةُ بِالْعَدَدِ أَوْ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ) أَيْ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَفِيمَا إذَا زِيدَ مِائَةٌ ثَانِيَةٌ حَالَّةٌ وَاخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِالْعَدَدِ لَا بِالْقِيمَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِيمَا إذَا زَادَ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِحَالٍّ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا اخْتَارَ رَبُّهُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ هَذَا مَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ بِمُؤَجَّلٍ وَأَمَّا بِحَالٍّ فَبِعَدَدِهِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ) أَيْ انْتَفَى الْحَجْرُ قَبْلَ الشُّغْلِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ بَعْدَ الشُّغْلِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ لَهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ يُفَصِّلُ فَيَقُولُ لَا يُسَافِرُ فِي الْقَلِيلِ سَفَرًا بَعِيدًا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 فَقَدْ وَجَدْت رَخِيصًا أَشْتَرِيهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاضَ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ لِي مَالًا قِرَاضًا فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ سِلْعَةً رَخِيصَةً أَشْتَرِيهَا بِهِ وَيَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا بَيْنَنَا إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِدُخُولِهِ عَلَى السَّلَفِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ السِّلْعَةَ وَلَا الْبَائِعَ قَالَهُ الشَّارِحُ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْمَوَّاقُ هُنَا فَإِذَا سَمَّى السِّلْعَةَ أَوْ الْبَائِعَ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ أَوْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْقِرَاضِ فَاسِدٌ، وَإِذَا عَيَّنَ الْبَائِعَ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ فَيَكُونُ لَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَإِذَا عَيَّنَ السِّلْعَةَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. (ص) وَبَيْعُهُ بِعَرْضٍ وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عُرُوضَ الْقِرَاضِ بِعُرُوضٍ وَلَا يَضْمَنُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ بَيْعُهُ بِالْعُرُوضِ وَلَا كَالْمُفَوَّضِ وَإِلَّا لَجَازَ بَيْعُهُ بِهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَالْمَخْصُوصِ وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهُ بِالْعُرُوضِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ شَرِيكًا قَوِيَ جَانِبُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ لِأَجْلِ عَيْبٍ فِيهَا وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَامِلِ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِي السِّلْعَةِ فَقَوْلُهُ وَرَدُّهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَذَكَرَ الْفَاعِلَ وَحَذَفَ الْمَفْعُولَ وَذَكَرَ صِفَتَهُ لِيُؤْذِنَ بِالْعُمُومِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} [يونس: 25] أَيْ وَرَدُّ الْعَامِلِ مُشْتَرًى كَائِنًا بِعَيْبٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ أَيْ أَيَّ مُشْتَرًى كَانَ (ص) وَلِلْمَالِكِ قَبُولُهُ إنْ كَانَ الْجَمِيعَ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلْمَالِكِ وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ إنْ كَانَ ثَمَنُ هَذَا الْمَعِيبِ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمَعِيبَ وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنٌ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْتَ إذَا رَدَدْتَ ذَلِكَ نَضَّ الْمَالُ فَلِي أَنْ آخُذَهُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَرْجُو رِبْحَهُ إذَا عَادَ لِيَدِهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَهُ رَبُّهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاضَلَةِ لَا الْبَيْعِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَيْنًا وَهُوَ بَعْضُ مَالِ الْقِرَاضِ وَكَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ نَاضًّا أَنَّ لِلْمَالِكِ قَبُولَهُ أَيْضًا. (ص) وَمُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَأَجِيرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقَارِضَ عَبْدَهُ وَأَجِيرَهُ الَّذِي لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ سَحْنُونَ مِنْ مُقَارَضَةِ أَجِيرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ خِدْمَتُهُ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ يَعْمَلُ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ فِي الْقِرَاضِ يَمْنَعُهُ مِنْ عَمَلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطِيَهُ جَمِيعَ الْكِرَاءِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ جُزْءَ الرِّبْحِ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ وَيَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُ الْمُدَّةَ الَّتِي اشْتَغَلَ فِيهَا بِعَمَلِ الْقِرَاضِ عَنْ عَمَلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلِهِ مِنْهَا كَمَسْأَلَةِ أَجِيرِ الْخِدْمَةِ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ. (ص) وَدَفْعُ مَالَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْقِرَاضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَيْنِ مَعًا لِعَامِلٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ فِي كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ كَمِائَةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَمِثْلِهَا مِنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَإِذَا عَيَّنَ الْبَائِعَ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ مِنِّي فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ اسْتِظْهَارُهُ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ قَالَ فِيهَا اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ بِثَمَنِهَا فَالتَّجْرُ وَاقِعٌ بَعْدُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَالتَّجْرُ هُوَ شِرَاؤُهَا وَبَيْعُهَا لِلرِّبْحِ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُحْتَمِلٌ لِأَمْرَيْنِ لَأَنْ يَكُونَ قِرَاضًا فَاسِدًا وَلَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ أَنَّ السِّلْعَةَ تَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ حَيْثُ قَالَ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ وَأَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذُكِرَ أَنْ يَكُونَ قِرَاضًا فَاسِدًا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي حُكِمَ فِيهَا بِقِرَاضِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْصُرْ الْمَسَائِلَ الَّتِي فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَحَصَرَ الْمَسَائِلَ الَّتِي فِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَلَّ وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَبِيعَ عُرُوضَ الْقِرَاضِ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْقِرَاضِ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِعُرُوضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ فِيهَا زِيَادَةٌ بَعْدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ هِيَ قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَإِلَّا لَجَازَ بَيْعُهُ بِهِمَا أَيْ بِالْعُرُوضِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ صِفَتَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ فَلَا يَكُونُ صِفَةً (قَوْلُهُ إنْ كَانَ ثَمَنُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اسْمَ كَانَ الْعَائِدُ عَلَى الْمَبِيعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إنْ كَانَ ثَمَنُ هَذَا الْمَبِيعِ وَأَنَّ أَلْ فِي الْجَمْعِ نَائِبَةٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ جَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ أَيْ الْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ لَا لِلْبَيْعِ) أَيْ لَا لِكَوْنِهِ يَنْوِي بَيْعَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَأَجِيرَهُ) أَيْ الْمُؤَجَّرَ عِنْدَهُ لِخِدْمَةِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كَسَنَةٍ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخٍ إلَخْ) وَلَعَلَّ جَوَابَهُ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ نَاسِخٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ كَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا عَقْدَ التَّوَاجِرِ عِنْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ عَدَمُ الْفَسْخِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ عَمَلِ الْخِدْمَةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ يَعْمَلُ فِي كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَتِهِ) هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الصَّوَابُ حَذْفُهَا لِيَصِحَّ قَوْلُهُ الْآتِي فِي الْجُزْءِ الْمُخْتَلِفِ إنْ شَرَطَا خَلْطًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 الذَّهَبِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ كَمِائَةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَمِائَةٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُزْءُ فِيهِمَا مُتَّفِقًا كَالنِّصْفِ مِنْ رِبْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مُخْتَلِفًا كَالنِّصْفِ مِنْ رِبْحِ هَذِهِ وَالثُّلُثِ مِنْ رِبْحِ الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ فِيهِمَا لَهُمَا أَوْ رِبْحُ إحْدَاهُمَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَرِبْحُ الْأُخْرَى لَهُمَا مَعًا أَوْ رِبْحُ هَذِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَرِبْحُ الْأُخْرَى لِلْعَامِلِ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ إنْ شَرَطَا خَلْطَ الْمَالَيْنِ عِنْدَ الدَّفْعِ أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ فِيهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا الْخَلْطَ لَمْ يَجُزْ فِي الْمُخْتَلِفِ الْجُزْءِ وَيَجُوزُ فِي الْمُتَّفِقِ الْجُزْءِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ إذْ لَا تُهْمَةَ فِي أَنْ يَعْمَلَ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الْجُزْءِ فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَعْمَلَ فِي أَكْثَرِ الْجُزْأَيْنِ دُونَ الْآخَرِ عَمَلًا كَثِيرًا (ص) أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ إنْ شَرَطَا خَلْطًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَرِيدِ الْقِرَاضِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ أَيْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ لِعَامِلٍ وَاحِدٍ لَكِنْ دَفْعُ الثَّانِي قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ الْأَوَّلِ لِيَعْمَلَ فِي كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَتِهِ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ رَأْسُ الْمَالِ أَوْ اخْتَلَفَ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَى مَا مَرَّ إنْ شَرَطَا خَلْطَ الْمَالَيْنِ عِنْدَ دَفْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حِينَئِذٍ إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ وَلَا تُهْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا الْخَلْطَ لَمْ يَجُزْ أَيْ فِي الْمُخْتَلِفِ الْجُزْءِ وَيَجُوزُ فِي الْمُتَّفِقِ كَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَدَفَعَ مَالَيْنِ أَيْ مَعًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْنِ لَا لَهُ وَلِمُتَّفِقَيْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لتت (ص) أَوْ شَغْلِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ (ش) هَذَا مَفْهُومُ الظَّرْفِ وَهُوَ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَيْ فَلَوْ كَانَ دَفَعَ الْمَالَ الثَّانِيَ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْخَلْطِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجُزْأَيْنِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إذَا خَسِرَ فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَهُ بِرِبْحِ الْآخَرِ أَمَّا إنْ شَرَطَا الْخَلْطَ بَعْدَ شَغْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْجُزْءَانِ أَوْ اخْتَلَفَا وَعَلَّلُوا عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ قَدْ يَخْسَرُ فِي الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْبُرَهُ بِرِبْحِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ أَوْ شَغْلِهِ إلَخْ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَيْ إنْ لَمْ يَشْغَلْ الْأَوَّلَ أَوْ شَغَلَهُ (ص) كَنَضُوضِ الْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذْ نَضَّ مَا بِيَدِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا ثَانِيًا لِيَعْمَلَ فِيهِ مَعَ الْأَوَّلِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (ص) إنْ سَاوَى (ش) مَا نَضَّ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَرَجَعَ إلَيْهَا فَقَطْ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَاتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا (ش) بِأَنْ كَانَ الْجُزْءُ لِلْعَامِلِ فِي الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا) أَيْ وَإِلَّا فَيُفْسَخُ الثَّانِي وَيَكُونُ لَهُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَمَّا مَا يَنُوبُ الْأَوَّلَ مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ كَ (قَوْلِهِ لَكِنَّ دَفْعَ الثَّانِي إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ لَا بِدَفْعِ الْمَذْكُورِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ هُنَاكَ ثَلَاثَةَ أَمْوَالٍ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ خِلَافًا لتت فَإِنَّ مُحَصِّلَ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ وَمُتَّفِقِهِ (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ الْفِيشِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَذَكَرَ عج أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا كَمَا قَالَ تت فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا وَإِنْ شَرَطَا عَدَمَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَإِنْ اتَّفَقَ امْتَنَعَ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ سَكَتَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَطَا عَدَمَهُ انْتَهَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَنَصُّ الْفِيشِيِّ قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْنِ لَا لَهُ وَلِلْمُتَّفِقَيْنِ وَلَا لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لتت إلَى أَنْ قَالَ، وَقَوْلُهُ لَا لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ الْمَدْفُوعَيْنِ مَعًا كَأَنَّهُمَا مَالٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ شَرَطَا الْخَلْطَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ شَارِحَنَا بِمَا قَالَهُ يَكُونُ سَاكِتًا عَنْ صُورَةِ السُّكُوتِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صُورَةَ السُّكُوتِ مِثْلُ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلْطَ صَادِقٌ بِمَا إذَا اشْتَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَ وَعَلَيْهِ عج قَائِلًا بَعْدُ وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ حَصَلَ الْخَلْطُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْخَلْطُ وَأَنْ لَا يَحْصُلَ خَلْطٌ بِالْفِعْلِ اهـ. وَنَصُّ الْمَوَّاقِ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ عج فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَخَذَ الْأَوَّلَ عَلَى النِّصْفِ فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ أَخَذَ الثَّانِي عَلَى مِثْلِ جُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِالْأَوَّلِ لَمْ يُعْجِبْنِي فَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يَخْلِطَ فَجَائِزٌ فَإِنْ خَسِرَ فِي الْأَوَّلِ وَرَبِحَ فِي الْآخَرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَ هَذَا بِهَذَا انْتَهَى فَأَنْتَ تَرَى الْمُدَوَّنَةَ تَعَارَضَتْ فِي السُّكُوتِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ عج وَأَنْ لَا يَحْصُلَ خَلْطٌ بِالْفِعْلِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ يَحْدُثُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً وَلَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ أَوْ شَغْلِهِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ شَغَلَهُ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي وَهُوَ مُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ قِرَاءَتُهُ بِالْمَصْدَرِ وَأَنَا ضَابِطٌ لَهُ كَذَلِكَ وَلَعَلِّي ضَبَطْته عَنْ سَمَاعٍ فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى إلَخْ أَيْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى فِي الْمَعْطُوفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ الْجُزْءُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْخَلْطِ أَوْ الْخَلْطِ أَوْ يَسْكُتُ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْخَلْطَ لَا إنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخَلْطِ إنَّمَا هُوَ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ شَرْطَ الْخَلْطِ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي الْمُتَّفِقَيْ الْجُزْءِ وَلِذَلِكَ تَرَى بَعْضَ الشُّرَّاحِ حَلَّ الْمُصَنِّفَ بِقَوْلِهِ كَنَضُوضِ الْأَوَّلِ تَشْبِيهٌ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ دَفْعُ الثَّانِي قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ فَإِذَا دَفَعَ الثَّانِي بَعْدَ نُضُوضِ الْأَوَّلِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْخَلْطَ جَازَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلْطَ فَالْمَنْعُ حَيْثُ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ اتِّفَاقًا أَوْ اتَّفَقَ عَلَى الرَّاجِحِ فَدَفْعُهُ بَعْدَ نُضُوضِ الْأَوَّلِ كَدَفْعِهِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ النُّضُوضِ بِمَثَابَةِ أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 الْخَلْطَ بِأَنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا إنْ سَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْعَدَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِهِ، وَأَمَّا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ كُلٌّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَلَوْ نَضَّ الْأَوَّلُ بِرِبْحٍ أَوْ خَسْرٍ لَمْ يَجُزْ دَفْعُ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مِثْلِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ وَقَعَ عَلَى الْخَلْطِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْخَلْطِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْسَرُ الْأَوَّلُ فَيَجْبُرُهُ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ وَهَذَا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ أَوْ السُّكُوتِ، وَأَمَّا مَعَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْخَلْطِ فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَنِضُّ بِرِبْحٍ فَيَرْغَبُهُ بِالثَّانِي قَصْدًا لِلْبَقَاءِ وَذَلِكَ نَفْعٌ وَقَدْ يَنِضُّ بِنَقْصٍ فَيَرْغَبُهُ بِالثَّانِي لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَجْبُرَ خَسْرَهُ أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجُو جَبْرَهُ بِالثَّانِي. (ص) وَاشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ إنْ صَحَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْعَامِلِ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَصِحَّ قَصْدُهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ بِالشِّرَاءِ إلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ (ص) وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ بِبَحْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ لَا يَسِيرَ بِالْمَالِ فِي اللَّيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ أَوْ لَا يَنْزِلَ بِالْمَالِ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ أَوْ الْحُلْوِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ (ص) أَوْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً (ش) عُطِفَ عَلَى يَنْزِلَ مَعَ تَقْدِيرِ لَا أَيْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَبْتَاعَ سِلْعَةً عَيَّنَهَا لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ قِلَّةِ الرِّبْحِ فِيهَا أَوْ حُصُولِ الْوَضِيعَةِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ جَائِزٌ (ص) وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْعَامِلُ الْمَالَ إنْ خَالَفَ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ وَحَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ، وَأَمَّا لَوْ خَاطَرَ وَسَلِمَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (ص) كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي ضَمَانِ الْعَامِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ إذَا زَرَعَ بِأَنْ اشْتَرَى بِالْمَالِ طَعَامًا وَآلَةً لِلْحَرْثِ أَوْ اكْتَرَى تِلْكَ الْآلَةَ وَالْأُجَرَاءَ وَزَرَعَ أَوْ سَاقَى أَيْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ شَخْصٍ سَاقَاهُ أَوْ اشْتَرَى حَائِطًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَسَاقَى فِيهِ آخَرَ بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لِلْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَا جَاهَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْمَالِ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ فَإِنْ كَانَ لِلْعَامِلِ حُرْمَةٌ وَجَاهٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ جَوْرًا لِغَيْرِهِ (ص) أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَامِلَ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَالْمَالُ بِيَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ حَرَّكَهُ الْعَامِلُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِتَعَدِّيهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ عَرْضًا فَحَرَّكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمُوَرِّثِهِمْ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا اتَّجَرَ قَبْلَ عِلْمِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ عَيْنًا حَالٌ مِنْ الْهَاءِ أَيْ حَرَّكَهُ حَالَ كَوْنِ الْمَالِ عَيْنًا أَيْ نَاضًّا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ فِي بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْغَيْبَةُ الْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرِ وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ تت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا وَإِذَا فَعَلَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لَهُ إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَخَسِرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِخَطَئِهِ عَلَى مَالِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْعَدَمِ، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ نَفْعٌ أَيْ وَالْبَقَاءُ نَفْعٌ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَجْبُرَ خَسْرَهُ) أَيْ وَجَبْرُ الْخَسْرِ نَفْعٌ أَيْضًا وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُهُ بِالثَّانِي أَيْ بِسَبَبِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَشْتَرِي مِنْهُ كَمَا يَشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ أَيْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ كَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَمْ لَا زَادَ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا) أَيْ مَحَلًّا مُنْخَفِضًا وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُ الْمَشْيُ بِغَيْرِ الْوَادِي وَالْمَشْيُ بِالنَّهَارِ وَالْمَشْيُ بِغَيْرِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَحَصَلَ التَّلَفُ بِشَرْطِهِ) هَذَا الْكَلَامُ ظَاهِرُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ بِبَحْرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَضْمَنُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ إذَا حَصَلَ نَهْبٌ أَوْ غَرَقٌ أَوْ سَمَاوِيٌّ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ بَعْدَهَا وَلَا الْخَسْرَ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَيَضْمَنُ فِيهَا الْخَسْرَ وَالسَّمَاوِيَّ وَضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي لَا يَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ مَعَ أَنَّ هَذَا شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ عُدَّ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ كَالْغَاصِبِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّنْمِيَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةُ الْقِرَاضِ فَلَوْ ادَّعَى أَنْ التَّلَفَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَحْرِ أَوْ ذَهَابِ اللَّيْلِ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. (قَوْلُهُ كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ) وَيَضْمَنُ، وَلَوْ بِالسَّمَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ك (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ الشَّارِحِ وَطَرِيقَةُ تت إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمَّا ذَكَرَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْقَائِلَ فَإِنْ عَلِمَ الْعَامِلُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ بِيَدِهِ عَيْنًا فَلَا يَعْمَلُ بِهِ قَالَ وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ ظَعَنَ مِنْهُ فَلَهُ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا لَوْ شَغَلَهُ اهـ. فَإِذَنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَهْرَامُ مُتَوَقِّفًا فِي اعْتِمَادِهِ لَا أَنَّهُ جَازِمٌ بِاعْتِمَادِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ الرُّجُوعُ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ اللَّقَانِيِّ لِتَقْيِيدِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا بَلْ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ فَإِنَّهُ قَالَ وَالرِّبْحُ لَهُ إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلِلْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ شب حَيْثُ مَثَّلَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَخْ بِقَوْلِهِ كَمَنْ أَخَذَ قِرَاضًا وَمَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ وَاتَّجَرَ بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ فَتَأَمَّلْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 الْوَارِثِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (ص) أَوْ شَارَكَ وَإِنْ عَامِلًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا شَارَكَ عَامِلًا آخَرَ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَسْتَأْمِنْ غَيْرَهُ وَظَاهِرُهُ الضَّمَانُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ شَارَكَهُ يَغِيبُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَارَكَ رَجُلًا فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَقْتَسِمَانِهِ جَازَ الْمَغْرِبِيُّ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لَهَا انْتَهَى. (ص) أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ إذَا بَاعَ سِلْعَةَ الْقِرَاضِ بِالنَّسِيئَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لِأَنَّهُ عَرَّضَ الْمَالَ لِلضَّيَاعِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ إذَا قَارَضَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ أَيْ دَفَعَهُ لِعَامِلٍ غَيْرِهِ يَعْمَلُ فِيهِ لِتَعَدِّيهِ وَالرِّبْحُ حِينَئِذٍ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَلِرَبِّ الْمَالِ وَلَا رِبْحَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ الْأَوَّلُ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا رِبْحَ لَهُ فَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ إلَّا أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْأَوْلَى مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَا يَتَأَتَّى رُجُوعُهُ لِلزَّرْعِ وَالْمُسَاقَاةِ بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَأْذَنُ فِي تَلَفِ مَالِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (ص) وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي إنْ دَخَلَ عَلَى أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا دَفَعَهُ لِعَامِلٍ آخَرَ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَغْرَمُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي الزِّيَادَةَ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَالْأَوَّلُ لَا رِبْحَ لَهُ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ الْعَامِلُ الثَّانِي عَلَى أَقَلَّ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ دَخَلَ الْأَوَّلُ عَلَى النِّصْفِ وَالثَّانِي عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ لَا رِبْحَ لَهُ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ. (ص) كَخَسْرِهِ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ (ش) إطْلَاقُ الْخَسْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْعَمَلِ مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَلَفٌ وَالتَّشْبِيهُ فِي الْغَرَامَةِ يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اتَّجَرَ فِي الْمَالِ فَخَسِرَ أَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ لَهُ قَبْلَ عَمَلِهِ فَدَفَعَهُ لِآخَرَ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَبِّهِ فَرَبِحَ فِيهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ ثَمَانِينَ وَعَمِلَ فِيهِ مَثَلًا فَخَسِرَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ دَفَعَهُ لِشَخْصٍ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَاتَّجَرَ فِيهِ فَصَارَ مِائَةً فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ ثَمَانِينَ رَأْسَ مَالِهِ وَعَشَرَةً رِبْحَهُ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ عَشَرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِعِشْرِينَ وَلَا رُجُوعَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ خَسْرَهُ قَدْ جُبِرَ وَمِثْلُ الْخَسَارَةِ تَلَفُ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَضَيَاعِ ذَلِكَ (ص) وَالرِّبْحُ لَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ يُرِيدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ أَوْ شَارَكَ وَإِنْ عَامِلًا وَقَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ فَحُكْمُهَا بِخِلَافِ هَذَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ فَقَوْلُهُ لَهُمَا أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْمُتَعَدِّي بِالْمُقَارَضَةِ أَمَّا الْمُتَعَدِّي بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ بِالْبَيْعِ بِالدَّيْنِ فَلَهُ الرِّبْحُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ الْمُخَالِفِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ صُورَةُ الْمُقَارَضَةِ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي وَيَكُونُ خَاصًّا بِصُورَةِ الْمُقَارَضَةِ وَسَاكِتًا عَنْ بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَيُعْلَمُ حُكْمُهَا مِنْ خَارِجٍ وَعَلَى كُلٍّ يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يُعْلَمُ تَفْصِيلُهُ مِنْ خَارِجٍ وَهُوَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُشَارَكَةِ وَالْعَامِلُ الثَّانِي فِي الْمُقَارَضَةِ (ص) كَكُلِّ آخِذٍ مَالًا لِلتَّنْمِيَةِ فَتَعَدَّى (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي اللَّازِمِ أَيْ فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي وَلَا رِبْحَ لِلْعَالِمِ الْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَكُلٍّ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِيُنَمِّيَهُ لِرَبِّهِ فَتَعَدَّى فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَالْوَكِيلِ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ وَالْمُبْضِعِ مَعَهُ وَاتَّجَرَ بِهِ فَحَصَلَ خَسْرٌ أَوْ تَلَفٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَهُوَ لِرَبِّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَيْ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ وَالْمَعْنَى أَيْ أَوْ شَارَكَ الْعَامِلُ بِمَالِ الْقِرَاضِ صَاحِبَ مَالٍ آخَرَ بَلْ وَإِنْ عَامِلًا. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْقِرَاضِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَمَانَةِ وَقَدْ لَا يَرْضَى رَبُّ الْمَالِ بِالثَّانِي بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ عَامِلًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيمَا لَا يُعَابُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمُسَاقَاةِ أَشْبَهَ الشَّرِيكَ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ هَلْ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي قَدْرُ مَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبْحِ مِمَّا الْغَالِبُ حُصُولُهُ فِي الْمَالِ لَوْ رَبِحَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ لَهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا يَغْرَمُ رَبُّ الْمَالِ لِي شَيْئًا فَأَنْتَ كَذَلِكَ وَأَمَّا إنْ قَارَضَ بِإِذْنِ الْأَوَّلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلِلثَّانِي مَا شَرَطَهُ لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَاعْتَرَضَهُ ابْنُهُ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّنْظِيرِ لِعَدَمِ حُصُولِ الرِّبْحِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ تَلِفَ (قَوْلُهُ إطْلَاقُ الْخَسْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْعَمَلِ مَجَازٌ) أَيْ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ أَوْ مَجَازٌ مُرْسَلٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْخَسَارَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ لَهُمَا) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ إلَّا مَسْأَلَةَ الْمُقَارَضَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ إنْ حُمِلَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُقَارَضَةِ فَاتَهُ مَسْأَلَتَانِ مَسْأَلَةُ الْمُشَارَكَةِ وَالْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَسْأَلَتِهِمَا فَاتَهُ مَسْأَلَةُ الْمُقَارَضَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ إلَخْ عَلَى هَذَا يَكُونُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ وَاتَّجَرَ بِهِ فَحَصَلَ خَسْرٌ أَوْ تَلَفٌ) أَقُولُ حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ بِثَمَنٍ ثُمَّ اتَّجَرَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَرَبِحَ فِيهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ بَلْ ذَلِكَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ لِآخَرَ يَشْتَرِي بِهَا بِضَاعَةً ثُمَّ صَارَ يَتَّجِرُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ حَتَّى حَصَلَ رِبْحٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ عج رَدَّ ذَلِكَ قَائِلًا وَفِي التَّمْثِيلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 الْمَالِ وَحْدَهُ نَظَرًا لِمَا دَخَلَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا شَارَكَ فِي الْمَالِ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَخَسَارَتُهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَالرِّبْحُ لَهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ كَالْمُودَعِ وَالْغَاصِبِ وَالْوَصِيِّ إذَا حَرَّكُوا الْمَالَ إلَى أَنْ نَمَا بِالتَّعَدِّي فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُمْ بِتَعَدِّيهِمْ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِمْ (ص) لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ لَا الرِّبْحُ لَهُمَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَلْ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ. (ص) أَوْ جَنَى كُلٌّ أَوْ أَخَذَ شَيْئًا فَكَأَجْنَبِيٍّ (ش) هَذَا مَفْهُومُ التَّلَفِ وَالْخَسْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْمَالِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ هُوَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لِمَا بَقِيَ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ فَيُتَّبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ يَكُونُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُ إذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَالٌ ضُمِنَ بِخِلَافِ الْخَسْرِ وَالتَّلَفِ مُطْلَقًا فَإِنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَفَ وَالْخَسْرَ يُجْبَرَانِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّمَا يُجْبَرُ بَعْدُ لَا قَبْلُ. (ص) وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ سِلَعًا لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] بِالْوَكِيلِ وَالْمُبْضِعِ مَعَهُ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَأْخُذَا الْمَالَ لِلتَّنْمِيَةِ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَكِيلِ لَا رِبْحَ لَهُ يُفْرَضُ فِيمَا بَاعَهُ بِالْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ رِبْحَهُ كَمَا إذَا أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهَا بِأَكْثَرَ فَلَا يَأْخُذُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الْأَكْثَرَ بَلْ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَأَمَّا لَوْ بَاعَهَا بِمَا أَمَرَهُ بِهِ ثُمَّ اتَّجَرَ فِي الثَّمَنِ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ لَهُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً فَاتَّجَرَ بِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُودَعِ فِي الصُّورَتَيْنِ اهـ. وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الْمُفَادُ عب وشب إلَّا أَنَّ عج اسْتَدْرَكَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُفَادِ كَلَامًا يَأْتِي عَنْ تت يُخَالِفُهُ وَتَبِعَهُ عب فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ) الضَّمِيرُ فِي نَهَاهُ لِلْعَامِلِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا) أَيْ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ فَصَارَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ الْمُقَدَّرَ، وَالْمَعْطُوفُ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ وَفِيهِ أَنْ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَحْسَنُ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَفِيمَا تَقَدَّمَ حَذْفٌ أَيْضًا أَيْ وَالرِّبْحُ لَهُمَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ لَا رِبْحَ لَهُمَا إنْ نَهَاهُ أَيْ وَجَعَلْنَا الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفًا لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْجُمَلِ بِلَا وَهُوَ قَلِيلٌ وَقَدَّرْنَا الشَّرْطَ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ اهـ. . (قَوْلُهُ فَيُتَّبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ فَيُضَمُّ لِمَا بَقِيَ وَرِبْحُهُ مُتَّبَعًا بِهِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ بِحَيْثُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الَّذِي يَخُصُّهُ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ إلَخْ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ ذَلِكَ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَنْزِلُ جِنَايَةُ الْعَامِلِ أَوْ أَخْذُهُ أَوْ جِنَايَةُ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَخْذُهُ مَنْزِلَةَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَخْذِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيُضَمُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَيُعْطَى رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطَى لِلْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَا لَوْ جَنَى رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلُ يُعْطَى حُكْمَ ذَلِكَ فَإِذَا أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَجَنَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ جِنَايَةً كَقَطْعِ يَدِهِ فَنَقَصَتْ مِنْ قِيمَتِهِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَبَاعَهُ بِخَمْسِينَ وَاتَّجَرَ بِهَا فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ فَيَأْخُذُ الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ مِائَةً وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ خَمْسِينَ فَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ مِائَةً رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةٌ وَأَخَذَ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ يُعَارِضُ مَا صَدَّرَ بِهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا صَدَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلِكِ فَإِنَّمَا يُجْبَرُ بَعْدُ لَا قَبْلُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُنَاسِبَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَبْرَ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يُضَمُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رِبْحٌ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا فَفِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ يُضَمُّ مَا أَتْلَفَهُ رَبُّ الْمَالِ لِلْبَاقِي وَكَأَنَّهُ مَالٌ حَاصِلٌ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا كَمَا صَوَّرْنَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ مَا اُسْتُهْلِكَ مِنْ الْمَالِ مِثْلُ مَا ذَهَبَ أَوْ خُسِرَ؛ لِأَنَّ مَا اُسْتُهْلِكَ قَدْ ضَمِنَهُ وَلَا حِصَّةَ لِذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ تَسَلَّفَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْمَالِ وَأَكَلَهُ فَالنِّصْفُ الْبَاقِي رَأْسُ الْمَالِ وَرِبْحُهُ عَلَى مَا شَرَطَا وَعَلَى الْعَامِلِ غُرْمُ النِّصْفِ فَقَطْ وَلَا رِبْحَ لِذَلِكَ النِّصْفِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَإِذَا كَانَ الْقِرَاضُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَجَنَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ جِنَايَةً نَقَصَتْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ بَاعَهُ الْعَامِلُ بِخَمْسِينَ فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَرَبِحَ مَالًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ قَبْضًا لِرَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ حَتَّى يُحَاسِبَهُ وَيُفَاصِلَهُ وَيَحْسِبَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مُضَافٌ إلَى هَذَا الْمَالِ انْتَهَى فَانْظُرْ لِذَلِكَ وَلَا تَلْتَفِتُ لِمَا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ) الْمَنْقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْكَرَاهَةُ حَيْثُ كَانَ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ لِلْقِرَاضِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَسِيئَةٍ وَإِنْ أَذِنَ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ شِرَاءِ الْعَامِلِ بِدَيْنٍ وَلَوْ بِإِذْنٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدِيرٍ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْمُدِيرُ فَلَهُ الشِّرَاءُ عَلَى الْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ حَسْبَمَا مَضَى فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قُلْت؛ لِأَنَّ عُرُوضَ الْمُدِيرِ كَالْعَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِكَوْنِ ثَمَنِ مَا يُشْتَرَى بِالدَّيْنِ يَفِي بِهِ مَالُ الْقِرَاضِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ مَا يَشْتَرِيهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَعَلَّلُوا الْمَنْعَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قِرَاضٍ بِعُرُوضٍ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ رَجَعَ إلَى رَبِّهِ وَكَأَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ عُرُوضًا، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (ص) أَوْ بِنَسِيئَةِ وَإِنْ أَذِنَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَامِلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِنَسِيئَةٍ إذَا أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَيْعَهُ بِالدَّيْنِ فِيهِ تَعْرِيضٌ لِإِتْلَافِ الْمَالِ وَهُوَ مِنْ حَقِّ رَبِّهِ فَإِذَا أَذِنَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا فَالرِّبْحُ لَهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» فَكَيْفَ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ رِبْحَ مَا يَضْمَنُهُ الْعَامِلُ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَسِيئَةٍ أَيْ لِلْقِرَاضِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَسِيئَةٍ فَإِنْ وَقَعَ ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لَهُ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ جَازَ إذْ تَخَلَّصَ حِينَئِذٍ مِنْ «نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» (ص) أَوْ بِأَكْثَرَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِلنَّهْيِ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ مَا زَادَ فِي ذِمَّتِهِ وَيَكُونُ فِي الْقِرَاضِ وَحِينَئِذٍ يُؤَدِّي إلَى مَا ذُكِرَ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِالزَّائِدِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. (ص) وَلَا أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (ش) الضَّمِيرُ فِي أَخْذِهِ يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى الْقِرَاضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِرَاضًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ رَبِّ الْمَالِ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ فَإِنْ لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِرَاضًا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَمَفْهُومٌ مِنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (ص) وَلَا بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ بَيْعُ سِلْعَةٍ مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ وَإِذَا مُنِعَ فِي سِلْعَةٍ فَأَحْرَى فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْعَامِلَ هُوَ الَّذِي يُحَرِّكُ الْمَالَ وَيُنَمِّيهِ وَلَهُ حَقٌّ فِيمَا يَرْجُوهُ مِنْ الرِّبْحِ فَإِذَا أَذِنَ الْعَامِلُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ. (ص) وَجَبَرَ خَسْرَهُ وَمَا تَلِفَ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ يَجْبُرُ خَسْرَهُ وَمَا تَلِفَ مِنْهُ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّلَفُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ مَا دَامَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَا أَعْمَلُ حَتَّى تَجْعَلَ مَا بَقِيَ رَأْسَ الْمَالِ فَفَعَلَ وَأَسْقَطَ الْخَسَارَةَ أَوْ مَا تَلِفَ فَهُوَ أَبَدًا عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَالْغَايَةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا الْجَبْرُ بِالرِّبْحِ قَبْضُ رَبِّ الْمَالِ الْمَالَ حِسًّا بِأَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ وَأَعْطَاهُ لَهُ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا لَا يَجْبُرُ مَا تَلِفَ أَوْ خَسِرَ بِالرِّبْحِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَا أَخَذَهُ اللِّصُّ أَوْ الْعَشَّارُ يَجْبُرُهُ الرِّبْحُ وَلَوْ عُلِمَا وَقَدَرَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْهُمَا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْجَبْرَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ جَمِيعُهُ ثُمَّ أَخْلَفَهُ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَا يَجْبُرُهُ وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (ص) وَلَهُ الْخُلْفُ (ش) أَيْ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَخْلُفَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَخْلُفَهُ وَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُ الْخُلْفِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ تَلِفَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ مَا زَادَ فِي ذِمَّتِهِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَيْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلْقِرَاضِ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ هَذَا حَاصِلُهُ ثُمَّ أَقُولُ إنَّ ذَلِكَ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي حَلِّ قَوْلِهِ أَوْ شَارَكَ إلَخْ حَيْثُ قَالَ وَمَحَلُّ الْمُشَارَكَةِ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونُ جَمِيعُ مَا اشْتَرَاهُ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ قِرَاضًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا أَحَدُ شِقَّيْ التَّخْيِيرِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ مُحَشِّي تت ذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ بَيَانٌ لِمَا يَفْعَلُ إذَا اشْتَرَى بِالنَّسِيئَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَهُنَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الشِّرَاءِ نَعَمْ يَخُصُّ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ بِمَا إذَا اشْتَرَى لِلْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ وَإِذَا اشْتَغَلَ بِالثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ ضَمِنَ مَا حَصَلَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً بِلَا إذْنٍ) زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ. (قَوْلُهُ وَجَبْرُ خَسْرِهِ إلَخْ) الْخَسْرُ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ وَالتَّلَفُ مَا نَشَأَ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ وَالْمُرَادُ تَلَفُ بَعْضِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدُ بِسَمَاوِيٍّ وَأَمَّا بِجِنَايَةٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ الَّذِي فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا يَتَأَتَّى جَبْرٌ فِيهِ (قَوْلُهُ فَفَعَلَ وَأَسْقَطَ الْخَسَارَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ مَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى بَهْرَامُ مُقَابِلَهُ عَنْ جَمْعٍ قَالَ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إعْمَالُ الشُّرُوطِ لِخَبَرِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» مَا لَمْ يُعَارِضْهُ نَصٌّ كَذَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ بِأَنْ قَبَضَهُ وَأَعْطَاهُ) أَيْ قَبْضًا صَحِيحًا عَلَى وَجْهِ الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَبْضَ وَلَوْ كَانَ صُورَةً يَكُونُ كَافِيًا فِي قَطْعِ حُكْمِ الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا لَقَيَّدَهُ كَيْفَ وَهُوَ مَا بِهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِذَا ضَاعَ بَعْضُ الْمَالِ بِيَدِ الْعَامِلِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ خُسِرَ أَوْ أَخَذَهُ اللُّصُوصُ أَوْ الْعَاشِرُ ظُلْمًا لَمْ يَضْمَنْهُ الْعَامِلُ إلَّا أَنَّهُ إنْ عَمِلَ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ جَبَرَ مَا رَبِحَ فِيهِ أَصْلَ الْمَالِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ تَمَامِ رَأْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا انْتَهَى قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ فُجْلَةٍ وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ أَخْذَ اللُّصُوصِ لَيْسَ مِنْ الْجِنَايَاتِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْجِنَايَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْخُلْفُ (ش) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُ الْخُلْفِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الْمَالِ الْخُلْفُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ الْقَبُولُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ هُنَا نَظَرٌ وَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ لَزِمَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْجَبْرُ أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ جَبْرُ الْمَالِ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي وَمَفْهُومُهُ إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ لَزِمَهُ الْجَبْرُ وَعَلَى كُلٍّ يَصِيرُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْأُخْرَى وَعَلَى كُلٍّ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْعَامِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْفُ تَلِفَ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ فَإِنْ أَخْلَفَ رَبُّ الْمَالِ لَزِمَ الْعَامِلَ الْقَبُولُ فِي تَلَفِ الْبَعْضِ لَا الْكُلِّ إنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَفِي تَلَفِ الْجَمِيعِ يَكُونُ الثَّانِي قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا وَلَا يُجْبَرُ خَسْرُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي وَفِي تَلَفِ الْبَعْضِ يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ الْأَوَّلَ وَيُجْبَرُ خَسْرُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي (ص) وَلَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ (ش) أَيْ وَلَزِمَتْ الْعَامِلَ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا إنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ حَيْثُ لَمْ يُخْلِفْ رَبُّ الْمَالِ مَا تَلِفَ أَوْ أَخْلَفَهُ وَأَبَى الْعَامِلُ قَبُولَهُ فَيَكُونُ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا، وَأَمَّا إذَا أَخْلَفَ رَبُّ الْمَالِ مَا تَلِفَ وَقَبِلَهُ الْعَامِلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْقِرَاضِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ سِلْعَةً وَتَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُخْلِفْ مَا تَلِفَ رَبُّ الْمَالِ وَأَخْلَفَهُ الْعَامِلُ فَإِنَّهُ يُفَضُّ الرِّبْحُ عَلَى مَا دَفَعَ الْعَامِلُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَعَلَى مَا دَفَعَ فِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَمَا نَابَ مَا دَفَعَ فِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَجْبُرُ بِهِ الْخَسْرَ فَإِنْ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرْطًا، وَأَمَّا مَا يَنُوبُ مَا دَفَعَهُ الْعَامِلُ فَيَخْتَصُّ بِهِ. (ص) وَإِنْ تَعَدَّدَ فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا تَعَدَّدَ فَإِنَّ الرِّبْحَ يُفَضُّ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ كَشُرَكَاءِ الْأَبْدَانِ أَيْ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ وَيَخْتَلِفَا فِي الرِّبْحِ أَوْ بِالْعَكْسِ بَلْ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالضَّمِيرُ فِي تَعَدَّدَ عَائِدٌ عَلَى الْعَامِلِ لَا عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَدَّدُ وَالْعَامِلُ وَاحِدٌ. (ص) وَأَنْفَقَ إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ وَاحْتَمَلَ الْمَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ وَتَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ جَمِيعَ نَفَقَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ مُدَّةَ سَفَرِهِ وَمُدَّةَ إقَامَتِهِ بِبَلَدٍ يَتَّجِرُ فِيهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ فَقَبْلَ مُدَّةِ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ لَا نَفَقَةَ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَشْغَلَهُ التَّزَوُّدُ لِلسَّفَرِ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ فِي حَالِ سَفَرِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَبَنَى بِهَا أَوْ دُعِيَ لِلدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حِينَئِذٍ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَافَرَ لِمَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ بِهِ زَوْجَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِهِ، وَمَسْأَلَةُ لِغَيْرِ أَهْلٍ سَافَرَ لِمَحَلٍّ لَهُ بِهِ زَوْجَةٌ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ وَمِنْ شُرُوطِ النَّفَقَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ يَحْتَمِلُهَا بِأَنْ كَانَ لَهُ بَالٌ فَلَا نَفَقَةَ فِي الْمَالِ الْيَسِيرِ وَهَلْ الْكَثْرَةُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ وَوَقَعَ لَهُ السَّبْعُونَ يَسِيرٌ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ فِي الْخَمْسِينَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى   [حاشية العدوي] الْبَاقِيَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا جَبْرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْجِنَايَاتِ غَيْرُ مَا ذَكَرَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَيْ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَلْزَمَ الْعَامِلَ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ نَظَرٌ) حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَلَهُ الْخُلْفُ عَلَى تَلَفِ الْبَعْضِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْخُلْفُ أَيْ لَا لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لِلْعَامِلِ وَأَفَادَ أَنَّهُ حَيْثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَهُ الْخُلْفُ أَيْ عِنْدَ تَلَفِ الْبَعْضِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْقَبُولُ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْبِسَاطِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَمَّمَ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْخُلْفُ لَا رَبَّ الْمَالِ وَلَا الْعَامِلَ (أَقُولُ) وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ جَبْرُ الْأَوَّلِ) أَيْ جَبْرُ خَسْرِ الْأَوَّلِ بِرِبْحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ) ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْقِرَاضِ أَوْ لَا وَقَيَّدَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِالثَّانِي وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَفِي الْوَكَالَةِ مَا يُنَاسِبُهُ وَكَلَامُ تت عَنْ الطِّخِّيخِيُّ فِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ يَقْتَضِي عَدَمَ ارْتِضَائِهِ لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَحَيْثُ إنَّ السِّلْعَةَ لَزِمَتْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَمَا رَبِحَ فَلَهُ وَمَا وَضَعَ فَعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ) الْمُنَاسِبُ فَالْعَمَلُ كَالرِّبْحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُسْتَقْبَلٌ مَجْهُولٌ وَبَيَانُ الرِّبْحِ حَالٌ مَعْلُومٌ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحَالَ الْمُسْتَقْبَلَ الْمَجْهُولَ عَلَى الْحَالِ الْمَعْلُومِ فَإِذَا دَفَعَ الْقِرَاضَ عَلَى أَنَّ لِوَاحِدٍ نِصْفَ الرِّبْحِ وَلِلْآخِرِ السُّدُسَ فَعَلَى صَاحِبِ السُّدُسِ رُبُعُ عَمَلِ الْقِرَاضِ وَعَلَى صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ يُضَمُّ لَهَا السُّدُسُ الرَّابِعُ ثُمَّ يُنْسَبُ وَاحِدٌ لِمَجْمُوعِ الْأَرْبَعَةِ فَالْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَيْهِمَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَمَلٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) وَلَهُمَا حِينَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ) فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَسَكَنٍ وَحَمَّامٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ إنْ سَافَرَ فِي ذَهَابِهِ وَإِقَامَتِهِ وَرُجُوعِهِ حَتَّى يَصِلَ لِبَلَدِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ) أَيْ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ فَإِنْ أَنْفَقَ فِي سَفَرِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ هَلَكَ أَوْ زَادَ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ لِطُرُوِّ حَادِثٍ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ وَيَنْبَغِي إذَا أَنْفَقَ سَرَفًا أَنْ يَكُونَ لَهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يُنَاسِبُ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ إنَّهُ إذَا أَشْغَلَهُ التَّزَوُّدُ لِلسَّفَرِ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يُقْتَاتُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ (أَقُولُ) وَهُوَ تَقْيِيدٌ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ عب إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْإِطْلَاقُ فَلِذَا ضَعَّفَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَبَنَى بِهَا) أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهَا بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْقِطَ لِلنَّفَقَةِ الْبِنَاءُ بِهَا بِالْمَحَلِّ الَّذِي ذَهَبَ لَهُ لِلتَّجْرِ وَالشِّرَاءِ لَا بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْكَثْرَةُ بِالِاجْتِهَادِ) وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ السَّبْعُونَ يَسِيرٌ) أَيْ السَّبْعُونَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 السَّفَرِ الْبَعِيدِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَرِيبِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ وَقَوْلِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ بِزَوْجَتِهِ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ فِي سَفَرِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَأَمَّا فِي إقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ فَهَلْ لَهُ النَّفَقَةُ أَمْ لَا بِمَنْزِلَةِ بَلَدٍ بَنَى فِيهَا بِزَوْجَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ (ص) لِغَيْرِ أَهْلٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَافَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ يُنْفِقُ إذَا سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ لَا إنْ سَافَرَ لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَا كِسْوَةَ لَا فِي ذَهَابِهِ وَلَا فِي إيَابِهِ لِأَنَّ مَا لِلَّهِ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا لَا الْأَقَارِبُ وَمِثْلُ سَفَرِ الْحَجِّ وَالْغَزْوِ السَّفَرُ لِسَائِرِ الْقُرَبِ كَصِلَةِ الرَّحِمِ ثُمَّ إنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ لِقُرْبَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهُ حَتَّى فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا قُرْبَةٌ بِخِلَافِ مَنْ سَافَرَ لِأَهْلِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهَا أَهْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ سَفَرَ الْقُرْبَةِ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ وَمَرَّ بِمَكَّةَ لِكَوْنِهَا بِطَرِيقِهِ وَقَصْدُهُ الْحَجَّ أَيْضًا فَإِنَّ لَهُ النَّفَقَةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ النُّسُكِ وَتَوَجُّهِهِ لِبَلَدِ التِّجَارَةِ وَقَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَنْفَقَ أَيْ أَنْفَقَ إنْفَاقًا مُلْتَبِسًا بِالْمَعْرُوفِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَالِ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْإِنْفَاقِ فِي الْمَالِ بِمَعْنَى أَنَّ نَفَقَةَ الْعَامِلِ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ النَّفَقَةَ الْجَارِيَةَ بِهَا الْعَادَةُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُنَاسِبُ وَهَذِهِ النَّفَقَةُ تَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ فَلَوْ أَنْفَقَ فِي سَفَرِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُ الْقِرَاضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَكَذَا إنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. (ص) وَاسْتَخْدَمَ إنْ تَأَهَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَنْ يَخْدُمُهُ فِي حَالِ سَفَرِهِ إنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَكَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ وَقَالَ بَعْضٌ إنْ تَأَهَّلَ لِلْخِدْمَةِ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَهِيَ إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ وَاحْتَمَلَ الْمَالُ وَأَنْ يَكُونَ السَّفَرُ لِلْمَالِ (ص) لَا دَوَاءٍ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَأَنْفَقَ فِي أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا لَا فِي دَوَاءٍ وَالرَّفْعُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ وَلَهُ الْإِنْفَاقُ لَا دَوَاءٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَا عَلَى أَنَّهَا عَامِلَةٌ عَمَلَ لَيْسَ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا لَهُ دَوَاءٌ أَيْ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ وَالْجُمْلَةُ حِينَئِذٍ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ جَوَابُ سُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَيْ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِشَرْطِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ السُّؤَالَ عَنْ الدَّوَاءِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنْ لَا الْعَاطِفَةَ غَيْرُ الْعَامِلَةِ إذْ الْأُولَى تَقْتَضِي مُشَارَكَةَ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا فِي إعْرَابِهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ مِنْ الدَّوَاءِ الْحِجَامَةُ وَالْفَصْدُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ وَالْحَمَّامِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ النَّفَقَةِ. (ص) وَاكْتَسَى إنْ بَعُدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ يَكْتَسِي إنْ بَعُدَ سَفَرُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ الْبُعْدِ طُولُ الزَّمَنِ فَيُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ فَلَا يَكْتَسِي فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ. قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ أَيْ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ   [حاشية العدوي] دِينَارًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ أَيْ فَيُنْفَقُ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْخَمْسِينَ أَيْ لَا فِي أَقَلَّ، وَقَوْلُهُ وَجَمَعَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ يُرْجِعُ الْأَمْرَ إلَى الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ فِي سَفَرِهِ ذَهَابًا) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ لَا أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ السُّرِّيَّةَ كَالزَّوْجَةِ وَالظَّاهِرُ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا تَعُودُ لَهُ النَّفَقَةُ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لِلزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ) أَيْ دَوَامَ التَّزْوِيجِ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ فَيُنْفِقُ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ فَلَا يُنْفِقُ كَذَا مُفَادُ عب أَيْ دَوَامُهُ لِتَزْوِيجِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ كَابْتِدَائِهِ لَهُ وَقَدْ أَنْفَقَ فِي حَالِ الِابْتِدَاءِ فَكَذَا فِي حَالَةِ الِانْتِهَاءِ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ لَيْسَ دَوَامُهُ لِتَزْوِيجِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ كَابْتِدَائِهِ أَيْ فَلَا يُنْفِقُ وَفِي شَرْحِ شب مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاءً رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا أَيْ دَوَامُهُ لِلتَّزْوِيجِ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ أَيْ فَلَا يُنْفِقُ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ أَيْ فَيُنْفِقُ فَفِي الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ فَعَلَى كَلَامِ عب يَكُونُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِنْفَاقَ وَفَهِمَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ دَوَامَ السَّفَرِ كَابْتِدَائِهِ أَيْ فَيُنْفِقُ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ دَوَامُ السَّفَرِ لَيْسَ كَابْتِدَائِهِ فَلَا يُنْفِقُ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ لِلْعِبَارَةِ عَلَى فَهْمِ عب غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْفَهْمَانِ فَهْمُ عب وَفَهْمُ شب وَمَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَالْأَقْرَبُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شب إذْ لَوْ كَانَ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا لَقَالَ أَوَّلًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْحَاصِلُ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَى فَهْمِ شب يَكُونُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِنْفَاقَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ شَارِحُنَا فِي ك مِنْ التَّقْرِيرِ حَيْثُ قَالَ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ سَافَرَ بِزَوْجَتِهِ يُنْفِقُ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَهْلٍ) فَلَوْ سَافَرَ لِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ سَقَطَ الْإِنْفَاقُ قَصَدَ الْمَالَ أَمْ لَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً (قَوْلُهُ لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ إلَّا الْأَهْلَ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ لَا الْأَقَارِبُ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ صِلَةَ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَنْفَقَ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَيْ إنْفَاقًا مُلْتَبِسًا بِالْمَعْرُوفِ. (قَوْلُهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فِي حَالِ سَفَرِهِ) أَيْ لَا فِي الْحَضَرِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِعَمَلِ نَفْسِهِ فِي الْقِرَاضِ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِخْدَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ وَرَدَّهُ عج وَتَبِعَهُ عب بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ قَائِلًا وَأَمَّا عَدَمُ الْبِنَاءِ بِزَوْجَتِهِ وَكَوْنُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَغَزْوٍ وَقُرْبَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِخْدَامِ خِلَافًا لَهُ أَيْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ. (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ) أَيْ فَيُرَادُ اللَّازِمُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ كِنَايَةً مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ الَّذِي هُوَ طُولُ الزَّمَنِ أَيْ بِحَيْثُ يُمْتَهَنُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ) أَيْ وَهُوَ النَّفَقَةُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ أَيْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ وَالْبُعْدُ زَائِدٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ. (ص) وَوَزَّعَ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ غَيْرِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ فَأَعْطَاهُ إنْسَانٌ قِرَاضًا وَلَوْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ مَا يُنْفِقُهُ فِي خُرُوجِهِ لِلْحَاجَةِ وَعَلَى قَدْرِ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِذَا كَانَ قَدْرُ مَا يُنْفِقُهُ فِي حَاجَتِهِ مِائَةً وَمَالُ الْقِرَاضِ مِائَةً كَانَ عَلَى كُلٍّ نِصْفُ مَا يُنْفِقُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ أَيْ لِلْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى اللَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاَلَّذِي خَرَجَ لِأَهْلِهِ وَعَزَاهُ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَزَاهُ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ لِلْمَشْهُورِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا، وَأَمَّا عَلَى حَمْلِهِ أَنَّهُ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِلْقِرَاضِ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّهِ عَالِمًا عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ أَيْسَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا اشْتَرَى بِمَالٍ الْقِرَاضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ حَالَ كَوْنِ الْعَامِلِ عَالِمًا أَنَّ الرَّقِيقَ قَرِيبٌ لِرَبِّ الْمَالِ كَالْأُبُوَّةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ إنْ أَيْسَرَ سَوَاءٌ عَلِمَ الْعَامِلُ بِالْحُكْمِ أَيْ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا إذْ الْجَهْلُ بِهِ لَا أَثَرَ لَهُ عِنْدَهُمْ هُنَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْعَامِلِ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَغْرَمُ لَهُ أَيْضًا رِبْحَهُ الْكَائِنَ فِي الْعَبْدِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ مِثَالُهُ لَوْ أَعْطَاهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ يَتَّجِرُ بِهَا فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَاشْتَرَى بِهَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِالْقَرَابَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَيْثُ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الرِّبْحِ وَكَوْنُ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِ عَائِدًا عَلَى الْعَامِلِ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَغَيْرَ عَالِمٍ فَعَلَى رَبِّهِ (ص) وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَرِبْحِهِ قَبْلَهُ وَعَتَقَ بَاقِيهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ أَيْ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ وَرِبْحِهِ أَيْ رِبْحِ رَبِّ الْمَالِ الْكَائِنِ فِي الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَعْتِقُ بَاقِيهِ هَذَا إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ لِأَجْلِ   [حاشية العدوي] وَهُوَ الْكِسْوَةُ أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاكْتَسَى إنْ بَعُدَ فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ أَيْ وَلَكِنْ مَا يَكْتَسِي إلَّا إذَا بَعُدَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَكْتَسِي مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْفَاقِ وَبِهَذَا تَصِحُّ الْعِبَارَةُ وَقَدْ كُنَّا اعْتَرَضْنَا سَابِقًا بِأَنَّهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكِسْوَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تُوَزَّعُ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُرُوجِ لِلْحَاجَةِ تُوَزَّعُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَالْخُرُوجِ لِلْأَهْلِ لَا تُوَزَّعُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لِزَوْجَتِهِ يَكُونُ جُلُّ مُهِمَّاتِهِ الزَّوْجَةَ لَا الْقِرَاضَ بِخِلَافِ الْحَاجَةِ وَأَيْضًا الْحَاجَةُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا (قَوْلُهُ تُوَزَّعُ إلَخْ) قَالَ عج الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ أَنَّ التَّوْزِيعَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى قَدْرِ النَّفَقَةِ فِي الْحَاجَةِ وَقَدْرِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لَا نَفْسِ مَالِ الْقِرَاضِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي هَذَا التَّوْزِيعِ عِنْدِي نَظَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّةُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ فِي حَاجَتِهِ مَعَ مَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي حَاجَتِهِ مِنْ آثَارِ حَاجَتِهِ كَمَا أَنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ آثَارِ الْقِرَاضِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّاتُ فِي الْآثَارِ بِحَسَبِ مُؤَثِّرَاتِهَا وَعِلَلِهَا لَا بِحَسَبِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ مَعَ الْمُؤَثِّرِ وَوَجْهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُجْعَلُ قَضَاءُ حَاجَتِهِ رَأْسَ مَالٍ تُفَضُّ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقِرَاضِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ نَحْوُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَفِيهَا وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ فِي سَفَرِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ قَدْرِ مَا يُنْفِقُهُ فِي خُرُوجِهِ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَعَزَاهُ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ لِلْمَشْهُورِ) أَقُولُ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ مَا ذَكَرَهُ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ كَاَلَّذِي خَرَجَ إلَى أَهْلِهِ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِلْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إرْجَاعُهُ لِلْقِرَاضِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا إلَخْ. فَإِذَنْ لَا صِحَّةَ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِلْقِرَاضِ وَلَا يَظْهَرُ أَيْضًا قَوْلُ شَارِحِنَا وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلْحَاجَةِ يَسْتَلْزِمُ التَّزَوُّدَ لَهَا إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ بَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا فِيمَنْ أَخَذَ مَالَيْنِ وَنَصُّهَا وَمَنْ تَجَهَّزَ لِلسَّفَرِ بِمَالٍ أَخَذَهُ قِرَاضًا مِنْ رَجُلٍ وَاكْتَرَى وَتَزَوَّدَ ثُمَّ أَخَذَ قِرَاضًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِهِ فَلْيَحْسِبْ نَفَقَتَهُ وَرُكُوبَهُ عَلَى الْمَالَيْنِ بِالْحِصَصِ اهـ. فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَوَزَّعَ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَوْ أَخَذَ ثَانِيًا وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِرَبِّ الْمَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَامِلَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ عِتْقَهُ عَنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِرَبِّ الْمَالِ) وَالْمُنَاسِبُ وَيَغْرَمُ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ الْكَائِنَ فِي الْعَبْدِ قَبْلَ الشِّرَاءِ) الْأَحْسَنُ الْكَائِنُ فِي الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ) اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ يَغْرَمُ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُ الرِّبْحَ فِي الْقِرَاضِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الْمَعْنَى وَيَجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ إنْ شَاءَا مَعًا وَيَكُونُ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا (قَوْلُهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ الْكَائِنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ قَبْلَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِيهِ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 حَقِّ رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا الرِّبْحُ الْكَائِنُ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَرْبَحُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةٍ تَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الْقِرَاضِ مِائَةً فَتَجَرَ فِيهَا الْعَامِلُ فَرَبِحَ مِائَةً ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ قَرِيبَ رَبِّ الْمَالِ وَكَانَ هَذَا الْقَرِيبُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ حِينَئِذٍ النِّصْفُ بِمِائَةٍ رَأْسِ الْمَالِ وَخَمْسِينَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ النِّصْفُ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ خَمْسُونَ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِعِلْمِهِ وَالْمِائَةُ الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ هَدَرٌ. (ص) وَغَيْرُ عَالِمٍ فَعَلَى رَبِّهِ وَلِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِقَرَابَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَالْعَامِلُ مَعْذُورٌ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْقَرَابَةِ وَلِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَهُ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُوسِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَالْحُكْمُ أَنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ تَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِنْ الرِّبْحِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْعَبْدِ مِلْكًا لَهُ وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عَلَى مِلْكِهِ. (ص) وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ عَتَقَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلُ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَفِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ لَا يُقَالُ أَنَّهُ رَبِحَ فِي قَرِيبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا وَالِامْتِنَاعُ حَيْثُ أَخَذَ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ فَرَبِحَ فِيهَا خَمْسِينَ وَاشْتَرَى بِهَا وَلَدَ نَفْسِهِ عَالِمًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ غَرِمَهُ مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ غَرِمَهَا مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ (ص) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ رِبْحٌ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ كَانَتْ خَسَارَةً لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمَالِ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِهِ فَصَارَ شَرِيكًا وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْمَالِ وَيَكُونُ شَرِيكًا حَتَّى يَحْصُلَ رِبْحٌ (ص) وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ عَالِمًا حِينَ شِرَائِهِ لِلْعَبْدِ بِأَنَّهُ أَبُوهُ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهَا مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْهَا فَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ فِيهِ مُسَامَحَةً إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْته وَمَحَلُّ عِتْقِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ لَا شَرِكَةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ عِتْقُ جُزْءٍ حَتَّى تُقَوَّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ فَلَا يُرَاعَى فَضْلٌ وَلَا عَدَمُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ فِي الْعِلْمِ بِالتَّعَدِّي وَقَيْدُ كَوْنِ فِي الْمَالِ فَضْلٌ يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ (ص) إنْ أَيْسَرَ فِيهِمَا (ش) أَيْ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ (ص) وَإِلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا وَجَبَ لِرَبِّ الْمَالِ وَاَلَّذِي وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حَالَةِ عِلْمِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ حَيْثُ لَمْ   [حاشية العدوي] إلَّا مَنْ يَشْتَرِيهِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ بِيعَ كُلُّهُ فِي الْأَوَّلِ وَأَكْثَرُهُ فِي الثَّانِي وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَهُ وَفِيهِ وَكَذَا رَبُّ الْمَالِ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْبَحُ الشَّخْصُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ حَيْثُ عَتَقَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صُورَةٍ تَأْتِي) هِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ) وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَالْمَنْقُولُ رِبْحُهُ قَبْلَهُ لَا فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ وَالصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الرِّبْحِ الْكَائِنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ عَتَقَ بِالْأَكْثَرِ) أَيْ يُحْكَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) الْمُنَاسِبُ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ وَالِدُهُ (قَوْلُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَثَمَنِهِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُ عب قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَابْنُ عَرَفَةَ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ الْحُكْمِ مُعْتَرَضٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَالُ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَكَانَ أَبْيَنَ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ يَقُولُ) أَيْ وَهُوَ الْمُغِيرَةُ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ يَعْتِقُ يَوْمَ الْحُكْمِ فِي مُقَابَلَةِ قِيمَتِهِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِرَبِّ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ يَوْمَ الْحُكْمِ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ ذَلِكَ فَقَطْ فَإِذَا كَانَ بِيَدِهِ مِائَةٌ وَاتَّجَرَ بِهَا فَصَارَتْ مِائَتَيْنِ وَاشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ غَيْرَ عَالِمٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ خَمْسُونَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْخَمْسِينَ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْذَرُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَتُبَاعُ وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ إلَخْ) مَحِلُّ الْبَيْعِ إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَهُ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ الْآتِي مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمَا وَجَبَ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَفِي حَالَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَهَذَا حَيْثُ حَصَلَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَلَا عِتْقَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِثَالُ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْمَالِ فَضْلٌ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِائَتَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي وَيَتْبَعُهُ فِي ذِمَّتِهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْعَامِلَ قَدْ جَنَى عَلَى الْمَالِ أَيْ بِشِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَتَلْزَمُهُ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ الَّتِي جَنَى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خَمْسُونَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ بِمَا وَجَبَ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ زَادَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لَهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ وَيَتَّبِعُ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ عَالِمًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَعْتِقُ بَاقِيهِ وَلَا يَتَّبِعُ الْعَامِلَ بِشَيْءٍ. (ص) وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرَى لِلْعِتْقِ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَاشْتَرَى مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَبْدًا بِقَصْدِ الْعِتْقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ ثَمَنَهُ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ أَيْضًا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ الْكَائِنِ فِيهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا مَا فِي الْعَبْدِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَضْمَنُهُ إذْ هُوَ مُتَسَلِّفٌ لِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنْ قِيلَ لِمَ أُرِيدَ بِالثَّمَنِ رَأْسُ الْمَالِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى أَنَّهُ يَغْرَمُ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ فِي الْعَبْدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) وَلِلْقِرَاضِ قِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا لِلْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ قِيمَتَهُ فَقَطْ يَوْمَ الْعِتْقِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمَئِذٍ قَالَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَفِي الْبِسَاطِيِّ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَتَبِعَهُ تت وَالضَّمِيرُ فِي وَرِبْحَهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ عَائِدٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ وَعَلَى نُسْخَةٍ إلَّا رِبْحَهُ بِإِلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة، وَنُسْخَةٌ لَا رِبْحَهُ بِلَا النَّافِيَةِ وَهُمَا الصَّوَابُ عَائِدٌ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَا رِبْحَ لَهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِلتَّنْمِيَةِ وَتَعَدَّى لَا رِبْحَ لَهُ فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ دُونَ رِبْحِ الْعَامِلِ (ص) فَإِنْ أَعْسَرَ بِيعَ مِنْهُ بِمَا لِرَبِّهِ (ش) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُعْسِرًا فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ فِي حَالَةِ اشْتِرَائِهِ الْعَبْدَ لِلْعِتْقِ وَفِي حَالَةِ اشْتِرَائِهِ لِلْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَيَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ مَا بَقِيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ. (ص) وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى إنْ لَمْ تَحْمِلْ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا وَطِئَ أَمَةً مِنْ إمَاءِ الْقِرَاضِ ظُلْمًا وَلَمْ تَحْمِلْ فَإِنَّ رَبَّ الْقِرَاضِ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى الْعَامِلِ أَيْ يُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يُبْقِيَهَا لِلْقِرَاضِ فَإِنْ أَبْقَاهَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ اخْتَارَ تَقْوِيمَهَا فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُوسِرًا أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَى الْعَامِلِ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَتَّبِعُهُ بِمَا بَقِيَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَنْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَلِمَنْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ أَعْسَرَ أَتْبَعَهُ بِهَا وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَالَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا تَعَدَّى عَلَى أَمَةٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَوَطِئَهَا ظُلْمًا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَيْ وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَتُجْعَلُ فِي الْقِرَاضِ وَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَهُوَ حُرٌّ نَسِيبٌ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَّبِعَ الْعَامِلَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ) الْمُنَاسِبُ يَوْمَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ أَيْضًا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ الْكَائِنِ فِيهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ) وَأَمَّا مَا فِي الْعَبْدِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَضْمَنُهُ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ فَمَا حَلَّ بِهِ عب وشب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ فِيهِ لَيْسَ بِصَوَابٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ فَاسِدَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ وَشَيْئًا آخَرَ وَهُوَ رِبْحُهُ مَثَلًا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً وَاشْتَرَى الْعَبْدَ بِهَا وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ فَظَاهِرُ هَذِهِ النُّسْخَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهَا قِيمَتُهُ وَرِبْحُ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَهُمَا الصَّوَابُ) وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى يَغْرَمُ قِيمَتَهُ إلَّا رِبْحَ الْعَامِلِ، وَلَوْ الْكَائِنُ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُمْ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا لِرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ كَالصُّورَةِ الَّتِي قُلْنَاهَا، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ بِأَنْ يَكُونَ يُبَاعُ بِمِائَةٍ كَمَا اُشْتُرِيَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى حَلِّ الْبِسَاطِيِّ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ لَا حَلِّ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْبِسَاطِيَّ قَدْ فَسَّرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ بِقَوْلِهِ غَرِمَ ثَمَنَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَدَفَعَهُ فِيهِ وَرِبْحَهُ أَيْ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ فِي الْعَبْدِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لِلْعِتْقِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ رِبْحِهِ يَعُودُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا فَالْمَعْنَى عَلَى مَا قَالَ شَارِحُنَا أَنَّ مَا لِرَبِّهِ هُوَ الثَّمَنُ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فِي الْأُولَى وَقِيمَتُهُ إلَّا رِبْحَ الْعَامِلِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ سَكَتَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْإِعْسَارِ. (قَوْلُهُ أَوْ يُبْقِيهَا إلَخْ) هَذَا وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَازَعَ فِيهِ وَتَبِعَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْمُرَادَ أَبْقَاهَا لِلْوَاطِئِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 لَا يَوْمَ الْحَمْلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ يُبَاعُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَالَهُ وَهُوَ جَمِيعُ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَاَلَّذِي لَهُ هُوَ رَأْسُ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ وَلَوْ الْحَاصِلُ فِيهَا فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ قِيمَتَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ حِصَّةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَشَأْ اتِّبَاعَهُ بِقِيمَتِهَا فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ اتَّبَعَهُ بِهَا أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَالَهُ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ لَكَانَ سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَتَّبِعَ الْعَامِلَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ إذَا شَاءَ اتِّبَاعَهُ بِقِيمَتِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَمَا فِي ز مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَإِنْ أَعْسَرَ إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ أَيْ فَإِنْ حَمَلَتْ فَإِنْ أَعْسَرَ إلَخْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمَالِ فَضْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي عِبَارَاتِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ حِينَئِذٍ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُبْقِيَهُ عَلَى الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُوَفِّيَهُ قَدْرَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَالْبَيْعُ لِغَيْرِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلَّتُهُ وَفَاءُ رَبِّ الْمَالِ (ص) وَإِنْ أَحْبَلَ مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ فَالثَّمَنُ وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أَعْسَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِلْوَطْءِ فَوَطِئَهَا وَأَحْبَلَهَا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّهَا ثَمَنَهَا فَقَطْ أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَّبِعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهَا لِلْوَاطِئِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا يَوْمَ الْحَمْلِ) هَذَا الْقَوْلُ أَيْ أَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْحَمْلِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالُهُ) أَيْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ جَمِيعُ الْأَمَةِ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تُبَاعُ أَيْ فَتُبَاعُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تُبَاعُ قَبْلَهَا، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ، وَقَوْلُهُ فَضْلٌ أَيْ رِبْحٌ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهَا أَيْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ تَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ الْحَاصِلُ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ رِبْحٍ نَشَأَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِيَدِ الْعَامِلِ، وَقَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالَهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي لَهُ هُوَ رَأْسُ مَالِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ وَرَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ، بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ وَبِيعَتْ فَلَمْ يُسَاوِ ثَمَنُهَا رَأْسَ الْمَالِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُتَّبَعُ بِهِ، وَقَوْلُهُ فَمَا فِي ز مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ مَعَ الِاتِّبَاعِ بِالْقِيمَةِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى اتَّبَعَهُ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَتْبَعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَحَاصِلُ مَا فِي النُّقُولِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا يَتَّبِعُ بِالْقِيمَةِ قَطْعًا وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي حِصَّةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ نَشَأَ عَنْ الْحُرِّيَّةِ وَكَذَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَاخْتَارَ اتِّبَاعَهُ بِقِيمَتِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَلَمْ يَخْتَرْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهَا يُسَاوِي رَأْسَ الْمَالِ فَقَطْ فَلَا يَتَّبِعُ الْعَامِلَ إلَّا بِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَيُبَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ حِصَّةِ الْوَلَدِ بَلْ مَا يَنُوبُ رَبَّ الْمَالِ مِنْ حِصَّةِ الْوَلَدِ يُتَّبَعُ بِهِ إنْ كَانَ ثَمَنُهَا لَا يُسَاوِي رَأْسَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ بِهِ الْعَامِلَ كَمَا يَتَّبِعُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ حِصَّةِ الْوَلَدِ وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ يُبَاعُ لَهُ مِنْهَا الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا وَيَتَّبِعَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) أَيْ زِيَادَةٌ أَرَادَ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى مَا فِي الْعِبَارَةِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ جَمِيعُ الْأَمَةِ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْهَا أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْضُهَا، وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَرَادَ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ نَفْسَ الْأَمَةِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ أَيْ، وَلَوْ الْحَاصِلُ) هَذَا إذَا كَانَ حَاصِلًا قَبْلَهَا بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً فَتَجَرَ فِيهَا فَرَبِحَتْ مِائَةً ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا الْأَمَةَ الْمُسَاوِيَةَ ثَلَثَمِائَةٍ فَهُنَا رِبْحٌ حَصَلَ قَبْلَهَا وَرِبْحٌ حَصَلَ فِيهَا، وَلَوْ أَنَّهَا لَا تُسَاوِي إلَّا مِائَتَيْنِ فَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ قَبْلَهَا صَارَ عَيْنَ الْحَاصِلِ فِيهَا فَلَوْ أَنَّهَا لَا تُسَاوِي بَعْدَ الشِّرَاءِ إلَّا مِائَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمِائَةَ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ قَبْلُ صَارَتْ لَغْوًا وَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالَهُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ بِقَدْرِ مَالَهُ إمَّا جَمِيعُ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَاَلَّذِي لَهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ هُوَ قِيمَتُهَا أَوْ بَعْضُهَا إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ، وَقَوْلُهُ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ كُلُّهَا تَبِعَهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ أَيْ نِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَالِاتِّبَاعُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ حَاصِلٌ مُطْلَقًا بِيعَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ بِيعَتْ الْأَمَةُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ الْفَاضِلُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا أَنَّ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأُمِّ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُمِّلَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمَالِ فَضْلًا) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَأَرَادَ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ بِأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً مَثَلًا وَاشْتَرَى بِهَا تِلْكَ الْجَارِيَةَ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ بِأَنْ كَانَتْ لَا تَزِيدُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمِائَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِبْحٌ بِيَدِ الْعَامِلِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْوَلَدِ شَيْءٌ، عَلَّلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَالْوَلَدُ لَيْسَ حُرًّا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَلَهُ شُبْهَةٌ، وَقَوْلُهُ أَنْ يَبِيعَهُ أَيْ وَلَوْ بِبَيْعِ الْأُمِّ قَبْلَ الْوَضْعِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَجِدُ هَذَا الْكَلَامَ مُنَاقِضًا لِلنَّقْلِ وَلَا مُوَافِقَ لَهُ كَمَا ذَكَرْته لَك، وَأَقُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ تَحْرِيفٌ وَالْأَصْلُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَوْلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ تَحْرِيفٌ عَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُبْقِيَهَا فَالْكَلَامُ فِي الْأَمَةِ لَا فِي الْوَلَدِ فَالْوَلَدُ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَطْعًا كَمَا هُوَ مُفَادُ النُّقُولِ وَالْأَمْرُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى. (تَتِمَّةٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ لِلْقِرَاضِ أَوْ لِنَفْسِهِ فَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى أَنَّهُ لِلْقِرَاضِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَتُبَاعُ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 222 بِالثَّمَنِ، هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَلِلْقِرَاضِ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ. (ص) وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ كَرَبِّهِ وَإِنْ تَزَوَّدَ لِسَفَرٍ وَلَمْ يَظْعَنْ وَإِلَّا فَلِنُضُوضِهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِمَعْنَى التَّرْكِ وَالرُّجُوعِ كَمَا أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَتْرُكَ وَيَرْجِعَ وَإِنْ تَزَوَّدَ الْعَامِلُ لِلسَّفَرِ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي السَّيْرِ، وَأَمَّا التَّزَوُّدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ فَعَمَلٌ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ غُرْمَ مَا اشْتَرَى بِهِ الزَّادَ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْمَالِ فَإِنْ ظَعَنَ الْعَامِلُ بِالْمَالِ بِأَنْ شَرَعَ فِي السَّيْرِ أَوْ عَمِلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْعَنْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ بَقَاءُ الْمَالِ تَحْتَ يَدِهِ إلَى نُضُوضِهِ أَيْ خُلُوصِهِ فِي إبَّانِ سُوقِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَقَالٌ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى لَا لِلتَّعْلِيلِ ثُمَّ إنَّ حَذْفَ وَاوِ النِّكَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّدَ أَصْوَبُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَأَيْضًا ثُبُوتُهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّدْ وَلَمْ يَظْعَنْ فَإِنَّ لِرَبِّهِ الْفَسْخَ دُونَ الْعَامِلِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ بَعْدَ التَّزَوُّدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ (ص) وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ فَالْحَاكِمُ (ش) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمَالِ أَيْ وَإِنْ طَلَبَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِنُضُوضِ الْمَالِ وَأَبَى الْعَامِلُ لِأَجْلِ رِبْحٍ مُتَرَقَّبٍ أَوْ طَلَبَ الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ وَأَبَى رَبُّ الْمَالِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْفُقَ سُوقُ الْمَالِ فَالْحَاكِمُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَمَا كَانَ صَوَابًا فَعَلَهُ وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الْعُرُوضِ إذَا تَرَاضَوْا عَلَيْهَا وَتَكُونُ بَيْعًا. (ص) وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكَمِّلَهُ وَإِلَّا أَتَى بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ وَإِلَّا سَلَّمُوهُ هَدَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا مَاتَ قَبْلَ نُضُوضِ الْمَالِ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةٍ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَنْ يُكَمِّلَهُ عَلَى حُكْمِ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ ثِقَةٌ يُكَمِّلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْوَارِثُ بِأَمِينٍ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الْمَالَ لِصَاحِبِهِ هَدَرًا أَيْ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقِرَاضَ كَالْجُعْلِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْوَرَثَةَ مَحْمُولُونَ عَلَى غَيْرِ الْأَمَانَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْمُسَاقَاةِ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ فَإِنَّهُمْ مَحْمُولُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ يَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا وَفِي الْقِرَاضِ يُسَلِّمُ لِرَبِّهِ هَدَرًا أَنَّ عَمَلَ الْمُسَاقَاةِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ عَيْنُ الْعَامِلِ وَأَيْضًا هِيَ أَشْبَهُ بِالْإِجَارَةِ مِنْ الْقِرَاضِ لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ. (ص) وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ وَخَسْرِهِ وَرَدِّهِ إنْ قَبَضَ بِلَا بَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا ادَّعَى تَلَفَ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَنَّهُ خَسِرَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ، وَمَسْأَلَةُ التَّلَفِ كَمَسْأَلَةِ الْخَسْرِ فِي أَنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الْخَسْرِ بِمَا إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِسُؤَالِ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلَعِ هَلْ يَخْسَرُ فِي مِثْلِ هَذَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ أَنَّهُ رَدَّ مَالَ الْقِرَاضِ إلَى رَبِّهِ حَيْثُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ   [حاشية العدوي] فَلَا تُبَاعُ عِنْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شِرَائِهَا لِلْوَطْءِ لَمْ تُبَعْ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ. كَذَا ذَكَرَ تت وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ هَذَا الْحُكْمُ، عُلِمَ الشِّرَاءُ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ قَوْلِ الْعَامِلِ، فَلَمَّا أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْقَانِيَّ حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً عَلَى مَا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ الَّذِي حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ سَابِقًا قَائِلًا وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَلَمْ يُحْبِلْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الشَّرِيكِ وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ كَلَامَ الزَّرْقَانِيِّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ وَسَفَرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ تَحْرِيكُ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّرْكِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعَقْدِ اللَّازِمِ بَلْ أَرَادَ بِهِ التَّرْكَ وَالرُّجُوعَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا التَّزَوُّدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَامِلَ تَزَوَّدَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ إلَخْ) وَكَذَا إذَا كَانَ الصَّرْفُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ إلَى نُضُوضِهِ) أَيْ يَسْتَمِرُّ حَتَّى تَرْجِعَ السِّلَعُ عَيْنًا وَإِذَا نَضَّ فَقَدْ تَمَّ عَمَلُ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ تَحْرِيكُ الْمَالِ إنْ نَضَّ بِبَلَدِ الْقِرَاضِ وَأَمَّا إنْ نَضَّ بِغَيْرِهِ فَلَهُ تَحْرِيكُهُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَنْفُقَ) هُوَ بِمَعْنَى رِبْحٍ مُتَرَقَّبٍ (قَوْلُهُ فَمَا كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَلْ يَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ أَمْ لَا شب (قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ) فِي عب كَالْأَوَّلِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ بَصِيرًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ أَمَانَةِ الْوَارِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُسَاوَاتُهُ لِمُوَرِّثِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْأَجْنَبِيِّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْوَارِثِ لَكِنْ قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مُطْلَقَ الْأَمَانَةِ فِي الثَّانِي كَافٍ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَة الشَّبْرَاخِيتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ وَاسْتِحْلَافُهُ جَارٍ عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، يُفَرِّقُ الثَّالِثُ بَيْنَ الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ وَالْمَشْهُورُ تَوْجِيهُهَا مُطْلَقًا وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا وَفِي شب وَالْقَوْلُ أَيْضًا فِي خَسْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا سَوَاءٌ حَقَّقَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَإِنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَالْيَمِينُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 أُخِذَ بِإِشْهَادٍ لَا يُبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ وَهِيَ الَّتِي يُشْهِدُهَا الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ خَوْفَ الْجُحُودِ فَلَوْ أَشْهَدَهَا الْقَابِضُ بِغَيْرِ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَشْهَدَهَا رَبُّ الْمَالِ لَا لِخَوْفِ الْجُحُودِ فَكَمَا لَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ فِي أَنَّ إشْهَادَهُ خَوْفَ الْجُحُودِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى دَعْوَى الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا اتِّفَاقًا. (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ أَوْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ دُونَ رِبْحٍ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَوْ أَبْقَى الْعَامِلُ بِيَدِهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ. (ص) أَوْ قَالَ قِرَاضٌ وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَعَكْسَهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْعَامِلُ الْمَالُ بِيَدِي قِرَاضٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ هُوَ بِيَدِك بِضَاعَةٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنْ نَكَلَ الْعَامِلُ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَدَفَعَ الْأُجْرَةَ وَالْيَمِينُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَقَلَّ مِنْ جُزْءِ الرِّبْحِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِثْلَهُ فَأَكْثَرَ فَلَا يَمِينَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا قَالَ الْمَالُ بِيَدِي بِضَاعَةٌ بِأُجْرَةٍ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بَلْ هُوَ بِيَدِك قِرَاضٌ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ وَلِهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِثْلَ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَمِينَ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي اللَّفْظِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ الْجُزْءِ لَا اتِّفَاقَ لِأَنَّ الْجُزْءَ فِي الْمَالِ وَالْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ فَأَيْنَ الِاتِّفَاقُ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ رِبْحٌ إذْ لَا يَدَّعِي رَبُّهُ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَيَدَّعِي الْعَامِلُ أَنَّهُ قِرَاضٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ أَيْ فَلَيْسَ هُنَا الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ فِي عَكْسِهِ وَهُوَ دَعْوَى الْعَامِلِ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَرَبِّهِ أَنَّهُ قِرَاضٌ قَدْ يَحْصُلُ التَّنَازُعُ حَيْثُ لَا رِبْحَ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ حَصَلَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ لَهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ جَعْلُهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْجُزْءِ، وَأَمَّا قَبْلَ اللُّزُومِ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّ لِرَبِّهِ الْفَسْخَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَجْرٍ مِمَّا إذَا قَالَ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الْعَامِلُ أَنَّهُ قِرَاضٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ حِينَئِذٍ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقِرَاضٍ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَلَا يُزَادُ، فَفَائِدَةُ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ عَدَمُ غَرَامَةِ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْعَامِلُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ تَضَمَّنَتْ دَعْوَاهُ أَنَّ الْعَامِلَ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ بِأَجْرٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ إنْ جَعَلْت مَفْهُومَ قَوْلِهِ بِأَجْرٍ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ كَانَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَإِنْ جَعَلْته مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ كَانَ كَلَامَ الشُّيُوخِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ. (ص) أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ أَوْ قَالَ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا قَالَ الْمَالُ بِيَدِي قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ غَصَبْته مِنِّي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ خَوْفَ الْجُحُودِ) الْمُنَاسِبُ خَوْفَ دَعْوَى الرَّدِّ بَدَلَ خَوْفِ الْجُحُودِ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَضْرَةِ الدَّافِعِ وَالْقَابِضِ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَحَمُّلُ الْبَيِّنَةِ الشَّهَادَةَ بِحَضْرَةِ الدَّافِعِ إلَخْ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلِهَذَا تَنْقَلِبُ عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ عَنْهَا الْعَامِلُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ (قَوْلُهُ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّلَفِ وَالْخَسْرِ يَجْرِي فِي الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ ادَّعَى إلَخْ ذَاتُ خِلَافٍ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ قِرَاضٌ إلَخْ) بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَنْ تَكُونَ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ، وَأَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ فِي قِرَاضٍ وَمِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ قِرَاضًا، وَأَنْ يَزِيدَ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ الْبِضَاعَةِ، وَأَنْ يُشْبِهَ أَنْ يُقَارِضَ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ، وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يُطَابِقَ الْعُرْفُ دَعْوَى رَبِّهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ أَوْ نَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فَإِذَا نَكَلَ حَلَفَ رَبُّهُ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الْبِضَاعَةِ النَّاقِصَةِ عَنْ جُزْءِ الْقِرَاضِ وَتَجْرِي الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ) أَيْ يَمِينُ الْعَامِلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَيْسَتْ هُنَا الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ مِمَّا إذَا قَالَ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى دَعْوَى الْعَامِلِ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مِنَّتَهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِنَا فَفَائِدَةُ، وَقَوْلُهُ يَنْدَفِعُ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ وَالتَّقْدِيرُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ وَإِلَّا فَلَا ثَمَرَةَ فِي ذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَنْعُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا ثَمَرَةَ، بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ لَهُ ثَمَرَةً وَهُوَ عَدَمُ غَرَامَةِ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْعَامِلُ، وَقَوْلُهُ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَيْ بَيَانُ أَنَّ لِلْعَامِلِ أَجْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ دَعْوَاهُ أَنَّ الْعَامِلَ إلَخْ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّبَرُّعِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مِثْلِهِ يَأْخُذُ أَجْرًا أَمْ لَا فَفِي عب وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ رَبُّهُ عَلَى دَعْوَاهُ وَادَّعَى أَنَّ عَمَلَهُ بِعِوَضٍ قِرَاضًا لَا مَجَّانًا (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ) إلَّا أَنَّهُ مُعَوَّلٌ عَلَيْهِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ مَعَ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ الْبِضَاعَةَ بِأَجْرٍ فَلَأَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ الْبِضَاعَةَ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْلَى انْتَهَى وَجَوَابُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَوْلَى لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَالْوَاقِعُ أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ مِثْلِهِ كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ الْجَوَابَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 أَوْ سَرَقْته مِنِّي فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَغْصِبَ أَوْ يَسْرِقَ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا قَالَ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْقِرَاضِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا يُرِيدُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ يُمْكِنُ مِنْهُ الْإِنْفَاقُ لِكَوْنِهِ عَيْنًا أَمْ لَا لِكَوْنِهِ سِلَعًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ. (ص) وَفِي جُزْءِ الرِّبْحِ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا وَالْمَالُ بِيَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً وَإِنْ لِرَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ بِشَرْطِ أَنْ يَدَّعِيَ مُشَبَّهًا وَيَحْلِفُ سَوَاءٌ أَشَبَّهَ رَبُّ الْمَالِ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ وَيَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ فَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرَجَعَا لِقِرَاضِ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ نَكَلَا وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بِيَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عِنْدَ رَبِّ الْمَالِ فَقَوْلُهُ وَفِي جُزْءٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ فِي تَلَفٍ وَقَوْلُهُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى كَكَوْنِهِ وَدِيعَةً عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بَلْ وَإِنْ عِنْدَ رَبِّهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ، وَمِثْلُ كَوْنِ الْمَالِ بِيَدِهِ كَوْنُ الرِّبْحِ أَوْ الْحِصَّةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا بِيَدِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بَلْ الْقَوْلُ لِرَبِّهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَبَهِ الْعَامِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ بَعُدَ قِيَامُهُ، وَأَمَّا إنْ قَرُبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا وَالْمَالُ بِيَدِهِ شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ وَمَا بَعْدَهَا. (ص) وَلِرَبِّهِ إنْ ادَّعَى الشَّبَهَ فَقَطْ أَوْ قَالَ قَرْضٌ فِي قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ فِي جُزْءٍ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي ذِكْرِ مَسَائِلَ يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْهَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جُزْءِ الرِّبْحِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الشَّبَهَ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ قَرْضٌ وَقَالَ الَّذِي عِنْدَهُ بَلْ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَدَّعِي عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْتُهُ إلَيْكَ قِرَاضًا وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ قَرْضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُنَا مُدَّعٍ فِي الرِّبْحِ فَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْقَرْضَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ لَكِنْ بِلَا يَمِينٍ إذَا اخْتَلَفَ مَعَ عَامِلِهِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَالِ مِنْ الْعَامِلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ مُنْحَلٌّ قَبْلَ الْعَمَلِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الشَّبَهَ أَمْ لَا (ص) وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً ضَمِنَهُ الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا قَالَ الْمَالُ وَدِيعَةً وَقَالَ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ هُوَ بِيَدِهِ قِرَاضٌ ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ لِتَعَدِّيهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ عَلَى رَبِّهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي تَحْرِيكِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَوْ ضَاعَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ لِاتِّفَاقِ دَعْوَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ جَوَابُ إنَّ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ الْعَامِلُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً وَخَالَفَهُ الْآخَرُ وَقَالَ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ وَإِنْ كَانَ حَرَّكَهُ ضَمِنَهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَمِلَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ وَلَمَّا قَدَّمَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْعَامِلُ وَمَا يُصَدَّقُ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ ذَكَرَ مَا هُوَ أَعَمُّ فَقَالَ (ص) وَلِمُدَّعِي الصِّحَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ الْقِرَاضِ وَادَّعَى الْآخَرُ فَسَادَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ عَقَدْت الْقِرَاضَ عَلَى النِّصْفِ وَمِائَةٌ تَخُصُّنِي وَقَالَ الْعَامِلُ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَعَكْسُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ لَيْسَ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يَغْلِبُ فِيهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ) أَيْ إنْ أَشْبَهَ نَفَقَةَ مِثْلِهِ كَمَا أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ سِلَعًا) أَيْ اشْتَرَاهَا سَرِيعًا بِرَأْسِ الْمَالِ النَّقْدِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَقْدٍ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ) كَذَا فِي عج وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ مُقَابِلًا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِرَبِّهِ) أَيْ وَاتَّفَقَ عَلَى الْإِيدَاعِ عِنْدَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ الْعَامِلُ هُوَ بِيَدِك وَدِيعَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ قَبَضْتُهُ عَلَى الْمُفَاصَلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَكَلَا) أَيْ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ قَرْضٌ إلَخْ) فِي عج وَتَبِعَهُ شب أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ لَهُ رَدَّ الْمَالِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ قِرَاضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ الْعَامِلُ عَكْسَ ذَلِكَ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى أَقُولُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ إلَخْ) وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ لُزُومُهُ لِلْعَامِلِ فَقَطْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً إلَخْ) وَعَكْسُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ رَبِّهِ قِرَاضٌ وَالْعَامِلِ وَدِيعَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ مُدَّعٍ عَلَى الْعَامِلِ الرِّبْحَ أَيْ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَ التَّزَوُّدِ لِلسَّفَرِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ) هَذَا يَقْضِي بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُقَرَّرَةَ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَابُ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَسَادُ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلِذَلِكَ جَعَلَ ابْنُ نَاجِي أَنَّ الْمَشْهُورَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ إذَا غَلَبَ الْفَسَادُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ (أَقُولُ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ قَوْلَ ابْنِ نَاجِي الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِي بَابِ الْقِرَاضِ لَا الْمُسَاقَاةِ وَفِي ذِكْرِ تت كَلَامَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ نَظَرٌ وَدَعْوَى عج أَنَّ تت نَقَلَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 الْفَسَادُ. (ص) وَمَنْ هَلَكَ وَقِبَلَهُ كَقِرَاضٍ أُخِذَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ وَلَا ادَّعَى تَلَفَهُ وَلَا مَا يُسْقِطُهُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ بِتَفْرِيطٍ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَلَا قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا وَهَذَا مَا لَمْ يَتَقَادَمْ الْأَمْرُ كَعَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ وَيُقَالُ هَلَكَ لِلْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا} [غافر: 34] وَقِبَلَهُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ جِهَتَهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ وَيُحَاصِصُ صَاحِبُ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَاصَّ غُرَمَاءَهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ وَقُدِّمَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ بِقِرَاضٍ لِزَيْدٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُقِرِّ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ فَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا فَلَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا. (ص) وَلَا يَنْبَغِي لِعَامِلٍ هِبَةٌ أَوْ تَوْلِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ وَكَذَلِكَ ابْنُ نَاجِي قَالَ وَمَعْنَاهُ فِي الْكَثِيرِ، وَأَمَّا الْيَسِيرِ فَجَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُوَلِّيَ سِلَعَ الْقِرَاضِ لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ بِالرِّبْحِ فِيهَا وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ اسْتِئْلَافًا، وَجَعَلُوا الشَّرِيكَ أَقْوَى مِنْ الْعَامِلِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُ التَّبَرُّعَ بِالْكَثِيرِ إنْ اسْتَأْلَفَ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَإِنَّمَا جَعَلُوا لِلْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنْ يَضَعَ وَيُضِيفَ وَيُؤَخِّرَ إنْ اسْتَأْلَفَ لِأَنَّهُ أَقْوَى أَيْضًا مِنْ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَأْذُونِ أَوْ لِلسَّيِّدِ وَجَعَلَ لَهُ رِبْحَهُ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ أَقْوَى. (ص) وَوَسَّعَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا وَسَّعَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا يَأْتِي غَيْرُهُ بِطَعَامٍ يَشْتَرِكُونَ فِي أَكْلِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ غَيْرُهُ مِنْ رُفَقَائِهِ أَمَّا إنْ أَتَى بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُوَسِّعْ فِي ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْعَامِلُ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَالِلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُكَافِئُهُ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ يُعَوِّضُهُ نَظِيرَهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ (ش) فَإِنْ قُلْت التَّوَسُّعُ حَيْثُ كَانَ مُمَاثِلًا لِقَوْلِهِ كَغَيْرِهِ فَلَا يَتَأَتَّى الشَّرْطُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِتْيَانِ لَا فِي الطَّعَامِ أَيْ أَنْ يَأْتِيَ كَغَيْرِهِ بِطَعَامٍ فَالشَّرْطُ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ مَا نَصُّهُ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ لَهُ بَالٌ وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ لَطَابَقَ   [حاشية العدوي] هُنَا عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ أَوْ فُقِدَ وَمَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ أُسِرَ وَهَذَا كُلُّهُ إذْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوصِ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى بِالْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَمِنْ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَقُولَ وَضَعْتهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ وَلَا ادَّعَى تَلَفَهُ) أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ وَرَثَتُهُ أَنَّهُ رَدَّهُ أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ خَسِرَ فِيهِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُوَرِّثِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا مَنْزِلَتَهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُمْ لِرَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَفْرَزَهُ وَشَخَّصَهُ وَعَيْنَهُ كَهَذَا قِرَاضٌ لِزَيْدٍ أَوْ هَذَا بِضَاعَةٌ أَوْ هَذَا وَدِيعَةٌ وَمَعْنَى الْمُصَنَّفِ عَلَى كَلَامِهِ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقُدِّمَ عَلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا فَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا إلَخْ فَقَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَصِيَّةٌ أَيْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّك تَقُولُ التَّعْيِينُ إمَّا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا مُفْلِسٌ أَمْ لَا فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَيُقْبَلُ التَّعْيِينُ مُطْلَقًا مُفْلِسًا أَمْ لَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَحَاصِلُ مَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَيُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّابِتِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُفْلِسًا أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا مُتَّهَمًا أَمْ لَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُفْلِسًا فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ خَالٍ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَجَائِزٌ) أَيْ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِي إعْطَاءِ الْكِسْرَةِ لِلسَّائِلِ وَكَذَا التَّمَرَاتِ وَالْمَاءِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْيَسِيرِ الَّذِي يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي كَبِيرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ أَفْضَلَ) أَيْ أَكْثَرَ كَثْرَةً لَهَا بَالٌ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَالٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ حَلٌّ مُرَادُهُ لَيْسَ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا كَثُرَ وَقَصَدَ بِهِ التَّفْضِيلَ وَإِنَّمَا قُلْنَا كَثُرَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّفْضِيلَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَارِدٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَلِّ الْمُتَقَدِّمِ فَهُوَ وَارِدٌ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّهُ بِمَا يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ، قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَخْ كَذَا بِالْأَصْلِ بِأَيْدِينَا وَكَأَنَّ الْمُحَشِّيَ حَذَفَ خَبَرَ إنَّ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ اهـ. مُصَحِّحُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 النَّقْلَ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَزْيَدَ إنْ كَانَ لَهُ بَالٌ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّفَضُّلَ أَمْ لَا وَوَسَّعَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ رَخَّصَ وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وُسِّعَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَهَذَا أَحْسَنُ. (بَابٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ صِحَّةً وَفَسَادًا) وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ سَقْيِ الثَّمَرَةِ إذْ هُوَ مُعْظَمُ عَمَلِهَا وَأَصْلُ مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ أُصُولٍ أَرْبَعَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ. الْأَوَّلُ الْإِجَارَةُ بِالْمَجْهُولِ. الثَّانِي كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا. الثَّالِثُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بَدَلَ قَبْلَ وُجُودِهَا. الرَّابِعُ الْغَرَرُ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَدْرِي أَتَسْلَمُ الثَّمَرَةَ أَمْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَتِهَا لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ مِقْدَارُهَا وَالْأَصْلُ فِيهَا «مُعَامَلَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ» وَلِدَاعِيَةِ الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلَفْظُهَا مُفَاعَلَةٌ إمَّا مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَلِيلٌ نَحْوُ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ، أَوْ يُلَاحَظُ الْعَقْدُ وَهُوَ مِنْهُمَا فَيَكُونُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلَّقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ عَنْ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ يَسْقِي لِصَاحِبِهِ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ حَقِيقَتَهَا الْعُرْفِيَّةَ فَقَالَ هِيَ عَقْدٌ عَلَى عَمَلِ مُؤْنَةِ النَّبَاتِ بِقَدْرٍ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ لَا بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا لَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ لِلْعَامِلِ وَمُسَاقَاةُ الْبَعْلِ انْتَهَى وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا بِلَفْظِ عَامَلْتُكَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسَاقَاةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْقَدْرُ كُلَّ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْضَهَا فَلِذَا قَالَ فَيَدْخُلُ إلَخْ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ بِقَدْرٍ مِنْ غَلَّتِهِ لَمْ تَدْخُلْ صُورَةُ مَا إذَا جَعَلَ كُلَّ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ فِي التَّعْرِيفِ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ مُتَعَلَّقُ الْعَقْدِ وَهِيَ الْأَشْجَارُ وَسَائِرُ الْأُصُولِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الشُّرُوطِ الْآتِي بَيَانُهَا. الثَّانِي الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ. الثَّالِثُ الْعَمَلُ. الرَّابِعُ مَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَهِيَ الصِّيغَةُ وَإِنَّمَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ وَاخْتَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ سَاقَيْتُ وَعَامَلْتُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَمَصَبُّ الْحَصْرِ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (ص) إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ (ش) وَيَنْدَرِجُ فِيهِ النَّخْلُ، قَوْلُهُ ذِي ثَمَرٍ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُنْصَبًّا عَلَى شَجَرٍ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَصِحُّ فِي غَيْرِهِ مِنْ زَرْعٍ وَغَيْرِهِ كَالْوَرْدِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَصَبُّهُ بِسَاقَيْتُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ بِسَاقَيْتُ لَكِنْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ بَعْلًا) مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ مُسَاقَاةِ الشَّجَرِ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْمُؤَنِ وَالْكُلْفَةِ يَقُومُ مَقَامَ السَّقْيِ، وَالْبَعْلُ هُوَ الَّذِي لَا سَقْيَ فِيهِ بَلْ يُسْقَى   [حاشية العدوي] لَهُ بَالٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَالِكٍ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ غَيْرُهُ وَوَجْهُ قَوْلِهِ أَحْسَنُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ وَظِيفَةُ الشَّارِعِ لَا الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا. [بَاب أَحْكَام الْمُسَاقَاة] (بَابُ الْمُسَاقَاةِ) (قَوْلُهُ مِنْ سَقْيِ الثَّمَرَةِ) مِنْ اشْتِقَاقِ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ، وَقَوْلُهُ إذْ هُوَ مُعْظَمُ أَيْ إنَّمَا أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ الْمُشْتَقِّ مِنْ سَقْيِ الثَّمَرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ أُصُولٍ أَرْبَعَةٍ) أَيْ مِنْ قَوَاعِدَ أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ الْإِجَارَةُ بِالْمَجْهُولِ) أَيْ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الثَّمَرَةِ مَجْهُولٌ، وَقَوْلُهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا يَظْهَرُ فِي الْبَيَاضِ حَيْثُ يَكُونُ بَذْرُهُ عَلَى الْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَتِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى الْإِجَارَةِ بِالْجُزْءِ الْمَجْهُولِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا أَيْ جَوَازُهَا أَيْ الْحُكْمُ بِهِ (قَوْلُهُ وَلِدَاعِيَةِ الضَّرُورَةِ) اللَّامُ زَائِدَةٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ وَإِنَّمَا جَازَتْ لِلْمُعَامَلَةِ وَلِدَاعِيَةِ الضَّرُورَةِ أَيْ وَلِدَاعِيَةٍ هِيَ الضَّرُورَةُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ إمَّا مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْوَاحِدِ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلَفْظِ مُسَاقَاةٍ مَنْظُورٍ فِيهِ لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِهَا الْعَقْدُ عَلَى عَمَلِ مُؤْنَةِ النَّبَاتِ (قَوْلُهُ وَعَافَاهُ اللَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَعْفُو عَنْ الشَّخْصِ لَا أَنَّ الشَّخْصَ يَعْفُو عَنْ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُلَاحَظُ الْعَقْدُ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْآنَ، وَقَوْلُهُ فَيَكُونُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلَّقِ ظَاهِرُهُ تَفَرُّعُهُ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا قُلْنَا إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْظُورٌ فِيهِ لِأَصْلِ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يُنْظَرْ فِيهِ لِمَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ يُرَدُّ أَنَّ كَوْنَ الْمُفَاعَلَةِ قَدْ تَكُونُ مِنْ الْوَاحِدِ سَمَاعِيٌّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت فَلَا يُقَالُ " ضَارِبٌ " بِمَعْنَى ضَرَبَ وَلَا " سَاقِي " بِمَعْنَى سَقَى (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ شَرْطُهَا أَنَّ الْفِعْلَ يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَالْمُضَارَبَةِ فَإِنَّ الضَّرْبَ يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَمَّا الْعَقْدُ فَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْهُمَا مَعًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ عَمَلِ مُؤْنَةِ النَّبَاتِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ أَوْ التَّجْرِ، وَقَوْلُهُ النَّبَاتِ أَخْرَجَ بِهِ مُؤْنَةَ الْمَالِ، وَعَمَّمَ النَّبَاتَ ظَاهِرُهُ أَيُّ نَبَاتٍ كَانَ مَسْقِيًّا أَوْ بَعْلًا، وَقَوْلُهُ بِقَدْرٍ مَعْنَاهُ بِعِوَضٍ، وَقَوْلُهُ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِعِوَضٍ مِنْ غَلَّتِهِ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ أَيْ وَتُجْعَلُ مِنْ الْمُقَدَّرَةِ مُسْتَعْمَلَةً فِي التَّبْعِيضِ وَالْبَيَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا) لَمْ يُرِدْ بِالرُّكْنِ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ بَلْ أَرَادَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ الْعَقْدِ الْمَعْلُومِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِسَاقَيْتُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْبَادِيَ مِنْهُمَا كَالنِّكَاحِ وَيَكْفِي فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ رَضِيتُ أَوْ قَبِلْتُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ كَمَا لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ سَاقَيْتُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ) وَمُقَابِلُ الْجُمْهُورِ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ مَنَعَهَا وَأَمَّا تَلَامِذَتُهُ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَقَدْ وَافَقُوا الْجُمْهُورَ (قَوْلُهُ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ النَّخْلُ) لَمَّا كَانَ النَّخْلُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ خَارِجًا عَنْ الشَّجَرِ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّجَرِ مَا يَشْمَلُ النَّخْلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 مِنْ عُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَيْحٍ وَلَا عَيْنٍ وَيُزَكَّى بِالْعُشْرِ كَشَجَرِ إفْرِيقِيَّةَ وَالشَّامِ (ص) ذِي ثَمَرٍ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ مُسَاقَاةِ الْأَشْجَارِ أَنْ يَكُونَ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ، أَيْ أَوَانَهُ كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ كَالْوَدِيِّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَجَرٍ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا فَهِيَ مُحْتَرَزُ هَذِهِ وَمِنْ شُرُوطِهِ أَيْضًا أَنْ لَا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِعَدَمِ حِلِّيَّةِ الْبَيْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الْأَرْضَ وَقَوْلُهُ (وَلَمْ يُخْلِفْ) عَطْفٌ عَلَى ذِي ثَمَرٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ صِفَةٌ لِثَمَرٍ وَعَدَمُ الْإِخْلَافِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الشَّجَرِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَوْصَافِ الثَّمَرِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلِذَلِكَ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى ذِي ثَمَرٍ وَيَجُوزُ عَطْفُ الصِّفَاتِ، وَعَطْفُ الْجُمَلِ عَلَى الْمُفْرَدِ جَائِزٌ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ جَرَى عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ وَلَمْ يُبْرِزْ الضَّمِيرَ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُخْلِفْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّجَرِ فِي قَوْلِهِ شَجَرٍ، الْأُصُولِ لَا الشَّجَرِ الْمُتَعَارَفُ، وَبِعِبَارَةٍ إنَّ جَعْلَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُخْلِفْ رَاجِعًا لِلشَّجَرِ احْتِرَازٌ مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي يُخْلِفُ كَالْبَقْلِ وَالْقَضْبِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقُرْطِ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّيْحَانِ وَالْكُرَّاثِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّجَرِ الْأُصُولُ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ لَهَا أُصُولٌ وَإِذَا جُذَّتْ أَخْلَفَتْ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ سَاكِتًا عَنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ إخْلَافِ الثَّمَرَةِ كَالْمَوْزِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُخْلِفُ ثَمَرُهُ أَيْ إذَا انْتَهَى أَخْلَفَ فَلَا يُعْلَمُ حُكْمُهُ، وَإِنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِلثَّمَرِ كَانَ سَاكِتًا عَنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ إخْلَافِ الشَّجَرِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمُتَقَدِّمِ أَيْ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَيْ وَلَمْ يُخْلِفْ شَجَرُهُ أَوْ ثَمَرُهُ وَإِنَّمَا مَنَعُوا مُسَاقَاةَ الْبَقْلِ وَمَا مَعَهُ لِبُعْدِهِ عَنْ مَحَلِّ النَّصِّ وَهُوَ الشَّجَرُ (ص) إلَّا تَبَعًا (ش) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ وَهُوَ عَائِدٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ الْبَاجِيِّ وَلَيْسَ خَاصًّا بِالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ، لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلثَّانِيَةِ أَعْنِي مَفْهُومَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَكْثَرُ مِنْ نَوْعٍ وَاَلَّذِي حَلَّ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا لَمْ يَحِلَّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَائِطُ كُلُّهُ نَوْعًا وَاحِدًا فَهُوَ بِحِلِّ الْبَعْضِ يَحِلُّ الْجَمِيعُ فَلَا يَتَأَتَّى تَبَعِيَّةٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبَعْضِ كَافٍ فِي جِنْسِهِ، وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ. (ص) بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَجُوزُ بِجُزْءٍ لِلْعَامِلِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ ثَمَرِ شَجَرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْحَائِطِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ النِّسْبَةِ كَالنِّصْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَلَا تَجُوزُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ كَعَشَرَةِ آصُعَ فَالْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا قَابَلَ الْمُعَيَّنَ كَثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ آصُعَ أَوْ أَوْسُقٍ لَا مَا قَابَلَ الْكُلَّ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْجُزْءَ لِيَتَوَصَّل بِهِ إلَى قَوْلِهِ (ص) شَاعَ وَعُلِمَ (ش) وَيُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ الْمَأْخُوذِ أَنْ لَا يَكُونَ مُخْتَلِفًا فَلَوْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ الثَّمَرِ وَشَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ صِنْفٍ مِنْهَا النِّصْفَ وَمِنْ صِنْفٍ آخَرَ الثُّلُثَ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِ أَنْوَاعٌ مِنْ الثِّمَارِ فَسَاقَاهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الثِّمَارِ بِالنِّصْفِ وَفِي نَوْعٍ مِنْهَا بِالثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَعُلِمَ أَيْ قَدْرُهُ وَلَوْ جُهِلَ قَدْرُ مَا فِي الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ وَعُلِمَ لَا يَسْتَلْزِمُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْدُقَ بِأَخَصَّ مُعَيَّنٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ سَيْحٍ وَلَا عَيْنٍ) السَّيْحُ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْأَوْدِيَةِ فَيَخْرُجُ إلَى الزَّرْعِ فَيُسْقَى مِنْهُ أَوْ إلَى الْأَرْضِ تُرْوَى مِنْهُ، وَأَرْضُ مِصْرَ بَعْلٌ، قَالَ اللَّقَانِيِّ وَبَعْلُ الزَّرْعِ كَبَعْلِ الشَّجَرِ إنْ احْتَاجَ إلَى عَمَلٍ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَعَطْفُ الْجُمَلِ) أَيْ كَقَوْلِهِ وَلَمْ يُخْلِفْ عَلَى الْمُفْرَدِ وَهُوَ قَوْلُهُ ذِي ثَمَرٍ كَانَ ذَلِكَ فِي صِفَاتٍ أَوْ غَيْرِهَا كَالْأَخْبَارِ، وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَطْفُ الصِّفَاتِ أَيْ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ) أَيْ لِأَمْنِ اللَّبْسِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِخْلَافِ مِنْ أَوْصَافِ الشَّجَرِ لَا الثَّمَرِ (قَوْلُهُ الْأُصُولُ) أَيْ فَيَشْمَلُ الْبَقْلَ وَغَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ لَا الشَّجَرِ الْمُتَعَارَفِ أَيْ لَوْ أُرِيدَ الشَّجَرُ الْمُتَعَارَفُ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يُخْلِفْ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ الْمُتَعَارَفَ لَا يُخَلِّفُ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ لَهَا أُصُولٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ أُصُولٌ (قَوْلُهُ كَالْمَوْزِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا يُنَكِّدُ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا كَانَ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ (قَوْلُهُ وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الثُّلُثُ فَمَا دُونُ إلَخْ) وَقَالَ عج اُنْظُرْ مَا الَّذِي يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ الثُّلُثَ فَمَا دُونَ فِيمَا لَا ثَمَرَ لَهُ هَلْ قِيمَةُ الْأُصُولِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا الثُّلُثَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِلَّا فَلَا أَوْ الْمُعْتَبَرُ عَدَدُ مَا لَا يُثْمِرُ مِنْ عَدَدِ مَا يُثْمِرُ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَك النِّصْفُ مَثَلًا وَلَكِنْ تَأْخُذُهُ مِنْ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي نَاحِيَةِ الْجَنُوبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ النِّسْبَةِ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَالَ لَهُ لَك جُزْءٌ قَلِيلٌ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ تَفْرِيعٌ لَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ الْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا قَابَلَ الْمُعَيَّنَ إلَخْ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْجُزْءَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ عج (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاقَاةُ بِجُزْءٍ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَجَعَلَ لَهُ جُزْءًا فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ شَائِعًا مَعْلُومًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ حَقِيقَةٌ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ ذِكْرِ الْجُزْءِ (قَوْلُهُ أَصْنَافٌ مِنْ الثَّمَرِ) أَيْ كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْرِ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ، وَقَوْلُهُ أَنْوَاعٌ إلَخْ أَيْ كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِقَوْلِهِ لَك جُزْءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ وَهَذَا لَا يَصِحُّ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِقَوْلِهِ وَعُلِمَ بِأَنْ يَقُولَ لَك النِّصْفُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 ص) بِسَاقَيْتُ (ش) هَذِهِ هِيَ الصِّيغَةُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ سَاقَيْت وَقَوْلُهُ بِسَاقَيْتُ أَيْ مِنْ الْبَادِئِ مِنْهُمَا كَالنِّكَاحِ وَيَكْفِي مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ رَضِيت أَوْ قَبِلْت أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (ص) وَلَا نَقْصِ مَنْ فِي الْحَائِطِ وَلَا تَجْدِيدٍ وَلَا زِيَادَةٍ لِأَحَدِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ رَبُّ الْحَائِطِ إخْرَاجَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ دَوَابَّ وَعَبِيدٍ وَأُجَرَاءَ وَآلَةٍ يَوْمَ عَقْدِهَا فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَزِيَادَةٍ شَرَطَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ قَبْلَ عَقْدِهَا وَلَوْ أَرَادَ الْمُسَاقَاةَ وَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ يُخْرِجُهَا زَوْجُهَا وَهُوَ يُرِيدُ طَلَاقَهَا فَلَا يَجُوزُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِعَوْدِهَا بِمَحَلِّهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُجَدِّدَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِطَ زِيَادَةَ شَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهِ يَخْتَصُّ بِهَا عَنْهُ أَيْ خَارِجَةً عَنْ الْحَائِطِ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَا تَجْدِيدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَا تَحْدِيدَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَلَا تَحْدِيدَ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْجُزْءِ كَثَمَرِ نَخَلَاتٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ آصُعَ أَوْ أَوْسُقٍ لَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ شَاعَ وَعُلِمَ (ص) وَعَمِلَ الْعَامِلُ جَمِيعَ مَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ عُرْفًا كَإِبَارٍ وَتَنْقِيَةٍ وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ (ش) يَصِحُّ تَسَلُّطُ عَمِلَ عَلَى قَوْلِهِ وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَزِمَ أَيْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا إذَا لَمْ يَكُونَا فِي الْحَائِطِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَى الْعَامِلِ جَمِيعُ إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لَا تَحْتَاجُ لِتَضْمِينٍ أَيْ وَعَمِلَ الْعَامِلُ وُجُوبًا جَمِيعَ مَا أَيْ عَمَلٍ أَوْ الْعَمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَيْهِ أَيْ الْحَائِطُ الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ عُرْفًا مِنْ إبَارٍ وَحَصَادٍ وَدِرَاسٍ وَمَكِيلَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْإِبَارِ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى وَكَذَلِكَ مَا يُلَقَّحُ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَنْقِيَةِ مَنَاقِعِ الشَّجَرِ قَالَ فِيهَا وَعَلَى الْعَامِلِ إقَامَةُ الْأَدَوَاتِ كَالدِّلَاءِ وَالْمَسَاحِي وَالْأُجَرَاءِ وَالدَّوَابِّ (ص) وَأَنْفَقَ وَكَسَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَلْزَمُهُ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ يُنْفِقَ وَيَكْسُوَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَبَعْدَ عَقْدِهَا سَوَاءٌ كَانَ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَوْ لِلْعَامِلِ قَالَ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ دَوَابِّ الْحَائِطِ وَرَقِيقِهِ كَانُوا لَهُ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ انْتَهَى، وَأَمَّا مَا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْحَائِطِ قَبْلَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْعَامِلِ (ص) لَا أُجْرَةُ مَنْ كَانَ فِيهِ أَوْ خَلَّفَ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْأُجْرَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أُجْرَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ هُوَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَأُجْرَتُهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أَنْ يُخْلِفَ مَا مَاتَ أَوْ مَرِضَ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ الَّتِي فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَخُلْفُ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ (ص) كَمَا رَثَّ عَلَى الْأَصَحِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَالنِّكَاحِ إلَخْ) أَيْ كَالْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْبَادِئُ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ. (قَوْلُهُ وَلَا نَقْصِ مَنْ فِي الْحَائِطِ) فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ كَانَ لِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَلَا نَقْصِ إلَخْ) فَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ إخْرَاجَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَائِطِ أَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَلَى رَبِّهِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَالثَّمَرُ لِرَبِّهَا وَأَمَّا حُصُولُ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ أَيْ خَارِجَةً) إنَّمَا قَالَ أَيْ خَارِجَةً إشَارَةً إلَى جَوَابٍ عَمَّا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا زِيَادَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَجْدِيدٍ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَحَدِهِمَا غَيْرُ الْمُرَادِ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَيْ خَارِجَةً عَنْ الْحَائِطِ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنْ يَكْفِيَهُ مُؤْنَةَ حَائِطٍ آخَرَ أَوْ يَخْدُمَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ آصُعَ أَوْ أَوْسُقٍ) لَا دَخْلَ لِهَذَا هُنَا، وَقَوْلُهُ لَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ شَاعَ وَعُلِمَ رُوحُ الْإِغْنَاءِ قَوْلُهُ شَاعَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعُلِمَ فَلَا دَخْلَ لَهُ (قَوْلُهُ يَفْتَقِرُ) أَيْ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ كَانَ شَجَرًا أَوْ زَرْعًا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الشَّجَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْكَلَامُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَيْ فِي مُسَاقَاةٍ مِنْ قَوْلِهِ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ شَجَرٍ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الصُّفَّةَ أَوْ الصِّلَةَ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَشَى عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَاللَّبْسُ مَأْمُونٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَفْتَقِرُ لِلْعَمَلِ إنَّمَا هُوَ الْحَائِطُ (قَوْلُهُ أَوْ دَوَابَّ وَأُجَرَاءَ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعُ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَزِمَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ضُمِّنَ مَعْنَى لَزِمَ أَنْ يُقْرَأَ الْعَامِلُ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ عَمِلَ، وَقَوْلُهُ جَمِيعِ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ عَمِلَ أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمَعْنَى لَا التَّضَمُّنِ الِاصْطِلَاحِيِّ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْعَامِلُ فَاعِلَ عَمِلَ وَجَمِيعَ مَفْعُولَهُ فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ اللُّزُومُ قُلْت وَجْهُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك أَنَّ الْقَضَايَا الْمُطْلَقَةَ فِي الْقَوَاعِدِ الْعِلْمِيَّةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَنْقِيَةِ مَنَافِعِ الشَّجَرِ) أَيْ تَنْقِيَةِ الْحِيَاضِ الَّتِي حَوْلَ الشَّجَرِ وَأَمَّا تَنْقِيَةُ الْعَيْنِ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ لَا أُجْرَةُ مَنْ كَانَ فِيهِ) كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُشَاهَرَةً فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ فِيمَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْوَجِيبَةِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ لَا أُجْرَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ عَلَى الْعَامِلِ مَا ذُكِرَ لَا أُجْرَةُ كَذَا (قَوْلُهُ أَوْ خُلْفُ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ) فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ بَلْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَلَا مَفْهُومَ لِمَاتَ أَوْ مَرِضَ إذْ مَنْ غَابَ أَوْ أَبَقَ أَوْ سَرَقَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ حَيْثُ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ كَمَا رَثَّ عَلَى الْأَصَحِّ) مَفْهُومُهُ لَوْ سُرِقَتْ الدِّلَاءُ فَإِنَّ خُلْفَهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَيَنْتَفِعُ بِهَا الْعَامِلُ إلَى قَدْرِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَسْرُوقِ ثُمَّ يَأْخُذُهَا صَاحِبُ الْحَائِطِ وَيُخْلِفُهُ حِينَئِذٍ الْعَامِلُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ خُلْفَ مَا رَثَّ عَلَى الْعَامِلِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ وَهَذَا إذَا أَخْلَفَ جَدِيدًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 (ش) التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ وَكَسَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ عَلَيْهِ خُلْفُ مَا رَثَّ مِنْ الْحَبَّالِ وَالدِّلَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمَعْنَى رَثَّ بَلَى وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى انْتِفَاعِهِ حَتَّى تَهْلِكَ أَعْيَانُهَا وَتَجْدِيدُ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا مَا رَثَّ بِلَا النَّافِيَةِ فَهُوَ مُخْرَجٌ مِنْ الْمَنْفِيِّ قَبْلَهُ أَيْ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ خُلْفُ مَا مَاتَ أَوْ مَرِضَ مِمَّنْ كَانَ فِيهِ وَعَلَيْهِ خُلْفُ مَا رَثَّ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مَرْدُودٌ بِمَا يُعْلَمُ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) كَزَرْعٍ وَقَصَبٍ وَبَصَلٍ وَمَقْثَأَةٍ إنْ عَجَزَ رَبُّهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ وَبَرَزَ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (ش) هَذَا أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْ الْمُشَبَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ إلَخْ فَإِنَّهُ تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ عَجَزَ عَنْهُ رَبُّهُ أَمْ لَا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ هَذَا لِأَنَّ السُّنَّةُ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الثِّمَارِ فَجُعِلَ مَالِكُ الزَّرْعِ وَمَا مَعَهُ أَخْفَضَ رُتْبَةً مِنْ الثِّمَارِ فَلَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْجِزَ رَبُّهُ عَنْ تَمَامِ عَمَلِهِ الَّذِي يَنْمُو بِهِ كَانَ عَجْزُهُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضًا. الثَّانِي أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مُؤْنَةٌ لَوْ تُرِكَتْ لَمَاتَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَجْزِ رَبِّهِ خَوْفُ مَوْتِهِ لِأَنَّ رَبَّهُ قَدْ يَعْجِزُ وَتَسْقِيهِ السَّمَاءُ. الثَّالِثُ أَنْ يَبْرُزَ مِنْ الْأَرْضِ لِيَصِيرَ مُشَابِهًا لِلشَّجَرِ وَإِلَّا كَانَ سَوَادًا وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ بَدَلَ وَبَرَزَ وَاسْتَقَلَّ وَلَا يَخْفَى اشْتِمَالُهَا عَلَى قَيْدٍ أَخَصَّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ إنْ قِيلَ لَا مَعْنًى لِاشْتِرَاطِ وَبَرَزَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِالزَّرْعِ وَمَا مَعَهُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْبُرُوزِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ حَقِيقَةً فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الِاسْمَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْبَذْرِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مَجَازًا فَاشْتَرَطَ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّرْعِ مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ. الرَّابِعُ أَنْ لَا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ إذْ لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ لَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ وَهَذَا يَشْتَرِكُ فِيهِ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ أَيْضًا الْقَضْبُ وَالْبَقْلُ فَإِنَّهُمَا إذَا بَرَزَا بَدَا صَلَاحُهُمَا وَالْبُرُوزُ مُشْتَرَطٌ (ص) وَهَلْ كَذَلِكَ الْوَرْدُ وَنَحْوُهُ وَالْقُطْنُ أَوْ كَالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ وَالْقُطْنَ مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَهُوَ بَاقٍ هَلْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ مُلْحَقَةٌ بِالزَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا إلَّا بِشُرُوطِ الزَّرْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ تَأْوِيلُ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَوْ هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالشَّجَرِ فَتَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا عَجَزَ رَبُّهَا أَمْ لَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ كَأَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ الْقَطَّانِ وَغَيْرِهِمَا فَمُرَادُهُ بِالْقُطْنِ الَّذِي تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى أَصْلُهُ فَيُثْمِرُ مَرَّةً أُخْرَى، وَأَمَّا مَا لَا يُجْنَى إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ كَالزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. (ص) وَأُقِّتَتْ بِالْجُذَاذِ (ش) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُؤَقَّتَ بِالْجُذَاذِ أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ وَأَنَّهَا إذَا أُطْلِقَتْ تَكُونُ فَاسِدَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ بِجُزْءٍ بِسَاقَيْتُ وَأُقِّتَتْ بِالْجُذَاذِ مَعَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ صَرَّحَ بِأَنَّهَا إذَا أُطْلِقَتْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَتُحْمَلُ عَلَى الْجُذَاذِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَجُوزُ سِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا فَالتَّوْقِيتُ بِالْجُذَاذِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا فَالْمُرَادُ أَنَّهَا إذَا أُقِّتَتْ لَا تُؤَقَّتُ إلَّا بِالْجُذَاذِ وَبِالشُّهُورِ الْعَجَمِيَّةِ لِأَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ تُجَذُّ فِي وَقْتِهَا لَا بِالشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهَا تَدُورُ وَحُمِلَتْ أَيْ الْمُسَاقَاةِ أَيْ انْتِهَاؤُهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى انْتِفَاعِهِ) أَيْ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنَّ أَعْيَانَهَا تَهْلِكُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِتَجْدِيدِ ذَلِكَ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ) أَيْ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ قَبْلَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَهِيَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ هُوَ الْمُعْتَرِضُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ قَالَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا مَا رَثَّ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَا لَا يُعْطَفُ بِهَا بَعْدَ النَّفْيِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الْعَطْفِ بِلَا بَعْدَ النَّفْيِ حَيْثُ كَانَ مَعْطُوفُهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا مِنْ النَّفْيِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ كَزَرْعٍ) مِنْهُ الْعُصْفُرُ وَالْبَامِيَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرْعَ تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ، وَلَوْ بَعْلًا حَيْثُ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ غَيْرِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَّا لِلْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ فَقَطْ فَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا يَتَأَتَّى فِيهِ عَجْزُ رَبِّهِ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ (قَوْلُهُ وَبَصَلٍ) أَيْ وَفُجْلٍ وَلِفْتٍ وَجَزَرٍ، وَقَوْلُهُ وَمَقْثَأَةٍ وَمِنْهَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ (قَوْلُهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ) اسْتَظْهَرَ عج أَنَّ الْمُرَادَ بِخَوْفِ مَوْتِهِ أَنْ يُظَنَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الشَّجَرِ) فِيهِ أَنَّ الزَّرْعَ وَقَعَ فِي مُسَاقَاةِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ) أَيْ فَالْمَعْنَى كَبَذْرٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ يُنَافِي قَوْلَهُ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا إذَا بَرَزَا بَدَا صَلَاحُهُمَا) فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْبُقُولُ بِإِطْعَامِهَا (قَوْلُهُ وَالْبُرُوزُ مُشْتَرَطٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْبُرُوزَ مُشْتَرَطٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يُعْلَمُ مِنْهُ خُرُوجُ الْبَقْلِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اشْتَرَطَ الْبُرُوزَ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الْبُقُولِ بِبُرُوزِهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِي الْبَقْلِ بِوَجْهٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ جَمِيعُ الْقَبْضِ وَالْبَقْلِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ بُرُوزِهِ بَدَا صَلَاحُهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ) ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي مُسَاقَاةِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ الْعَجْزُ اتِّفَاقًا وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْقُطْنَ كَالزَّرْعِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ فَمُرَادُهُ بِالْقُطْنِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْقُطْنُ مَا يُجْنَى ثَمَرَتُهُ أَيْ وَيَبْقَى أَصْلُهُ، وَقَوْلُهُ فَيُثْمِرُ مَرَّةً أُخْرَى أَيْ مُتَمَيِّزَةً وَإِنْ كَانَ مَرَّتَيْنِ إلَّا أَنَّهُمَا مُتَمَايَزَانِ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يُجْنَى إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا يُجْنَى مَرَّتَيْنِ وَلَكِنْ سَاقَاهُ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَتَى بِهِ تَقْوِيَةً لِكَوْنِ التَّوْقِيتِ بِالْجِذَاذِ لَيْسَ شَرْطًا (قَوْلُهُ وَبِالشُّهُورِ الْعَجَمِيَّةِ) أَيْ كَتُوتٍ وَبَابَهَ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ تُجَذُّ فِي وَقْتِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الشُّهُورَ الْعَجَمِيَّةَ لَا تَدُورُ مَثَلًا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الثِّمَارَ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ جِذَاذُهَا دَائِمًا فِي بَابَةَ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تَدُورُ أَيْ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ فِيمَا يُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ وَتَتَمَيَّزُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى كَمَا فِي بَعْضِ أَجْنَاسِ التِّينِ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَتْ عَلَى أَوَّلِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ (ش) ، وَأَمَّا الْجُمَّيْزُ وَالنَّبْقُ وَالتُّوتُ فَإِنَّ بُطُونَهُ لَا تَتَمَيَّزُ (ص) وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ وَكَانَ ثُلُثًا بِإِسْقَاطِ كُلْفَةِ الثَّمَرَةِ (ش) بَيَاضُ النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ هُوَ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ مِنْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بَيَاضًا لِأَنَّ أَرْضَهُ مُشْرِقَةٌ فِي النَّهَارِ بِضَوْءِ الشَّمْسِ وَفِي اللَّيْلِ بِنُورِ الْكَوَاكِبِ فَإِذَا اسْتَتَرَتْ بِالشَّجَرِ أَوْ بِالزَّرْعِ سُمِّيَتْ سَوَادًا لِأَنَّ الشَّجَرَ يَحْجُبُ عَنْ الْأَرْضِ بَهْجَةَ الْإِشْرَاقِ فَيَصِيرُ مَا تَحْتَهُ سَوَادًا يَعْنِي أَنَّ الْبَيَاضَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّخْلِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الزَّرْعِ يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُوَافِقَ الْجُزْءُ فِي الْبَيَاضِ الْجُزْءَ الْمَجْعُولَ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَذْرُ الْبَيَاضِ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَفَعَ لِأَهْلِ خَيْبَرَ شَيْئًا لَمَّا عَامَلَهُمْ عَلَيْهَا» . الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ مُنْفَرِدًا ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ فَدُونُ كَمَا إذَا كَانَ يُسَاوِي مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ قَوْلُهُ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ أَيْ وَوُجِدَ بَذْرُهُ مِنْ الْعَامِلِ أَيْ وَعَمِلَ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ أَيْضًا وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَعَمِلَ الْعَامِلُ جَمِيعَ مَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ عُرْفًا (ص) وَإِلَّا فَسَدَ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَسَدَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ إلَى الْمُسَاقَاةِ مِثْلَهُ فِي الْحَائِطِ وَإِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي الْبَيَاضِ ثُمَّ شُبِّهَ فِي الْفَسَادِ قَوْلُهُ (ص) كَاشْتِرَاطِهِ رَبُّهُ (ش) أَيْ كَاشْتِرَاطِ رَبِّ الْحَائِطِ الْبَيَاضَ الْيَسِيرِ لِنَفْسِهِ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَيْلِهِ سَقْيَ الْعَامِلِ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعْلًا أَوْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّهِ اشْتِرَاطُهُ (ص) وَأُلْغِيَ لِلْعَامِلِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ إذَا سَكَتَا عَنْهُ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَهُ عِنْدَ عَقْدِهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبَيَاضُ يَسِيرًا تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْخِلَاهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَا أَنْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ بَلْ يَبْقَى لِرَبِّهِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ تت مِنْ أَنَّهُ يُلْغَى لِلْعَامِلِ حَيْثُ سَكَتَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا غَيْرَ ظَاهِرٍ وَالْمُعْتَبَرُ يَسَارَتُهُ وَكَثْرَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ الْعَامِلِ فَقَطْ. (ص) وَدَخَلَ شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا كَانَتْ عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ نَخْلٌ يَسِيرٌ تَبِعَ فَإِنَّ النَّخْلَ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ لَا بِإِلْغَاءِ الشَّجَرِ وَقَوْلُهُ وَدَخَلَ شَجَرٌ إلَخْ وَكَذَا   [حاشية العدوي] بِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ وَافَقَ تت وَقَدْ قَالَ مُحَشِّي قَدْ عَلِمْت وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجِذَاذُ لَا الزَّمَانُ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّارِيخِ بِالْعَجَمِيِّ وَلَا بِالْعَرَبِيِّ فَمَعْنَى مَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجِذَاذُ فَإِذَا أَرَّخَ فَيَكُونُ بِالْعَجَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْجِذَاذِ وَكَذَلِكَ بِالْعَرَبِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ لَا فَرْقَ لِوُقُوعِ الِانْضِبَاطِ بِالْجِذَاذِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْعَجَمِيُّ مِنْ الْعَرَبِيِّ إذَا كَثُرَتْ السُّنُونَ فَإِذَا أَرَّخَ بِالْعَجَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِكَثْرَةِ السِّنِينَ بِخِلَافِ التَّارِيخِ بِالْعَرَبِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ عِنْدَ كَثْرَةِ السِّنِينَ لِلِانْتِقَالِ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهَذَا فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ؛ لِأَنَّ السِّنِينَ بِالْعَرَبِيِّ تَنْتَقِلُ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ بُطُونَهُ لَا تَتَمَيَّزُ) أَيْ فَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى جُمْلَةِ الْبُطُونِ وَنَبَّهَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ اسْتِقْلَالًا وَإِنَّمَا يُسَاقَى تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الصَّوَابُ وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْزِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقَطِعُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمَوْزِ (قَوْلُهُ إنْ وَافَقَ الْجُزْءُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجُزْءَ فَاعِلٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْبَيَاضِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ جُزْءُ الْمُسَاقَاةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا عَائِدًا عَلَى جُزْءِ الْبَيَاضِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى تَوَافُقِ الْجُزْءِ أَيْ جُزْئِهِمَا (قَوْلُهُ ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ) أَيْ مَضْمُومًا لِقِيمَةِ الْبَيَاضِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّمْثِيلُ (قَوْلُهُ أَيْ وَوُجِدَ بَذْرُهُ) أَيْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْوُجُودِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاطُ أَوَّلًا وَسَكَتَ عَنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَحُكْمُهُ كَهُوَ أَيْ إنْ وَجَدَ مُوَافَقَةَ الْجُزْءِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أَفَادَ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ إلَخْ) أَفَادَ عج أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا شَرَطَ الْبَذْرَ كُلَّهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَالزَّرْعَ كُلَّهُ لَهُ وَعَمَلَهُ عَلَى الْمُسَاقِي وَذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ وَانْظُرْ إذَا شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَاشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ الْعَمَلَ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ مَا الْحُكْمُ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْبَيَاضِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ كَمَسْأَلَةِ أَوْ يَكْفِيهِ مُؤْنَةَ آخَرَ وَلَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا وَشَرْطُ فِعْلِهِ مُمْتَنِعٌ كَالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَادَ قَوْلَهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِهِ وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا أُلْغِيَ لِلْعَامِلِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ) بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ تت فِيمَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ نَصِيبِ الْعَامِلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَخْلٌ يَسِيرٌ تَبِعَ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ وَكَذَا عَكْسُهُ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ هَذَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الزَّرْعِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهُ بَعْدَ إسْقَاطِ الْكُلْفَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ مِائَةً وَقِيمَةُ الزَّرْعِ مِائَتَيْنِ دَخَلَ الشَّجَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 عَكْسُهُ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ شُرُوطُ التَّابِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا فِي عَكْسِهِ (ص) وَجَازَ زَرْعٌ وَشَجَرٌ وَإِنْ غَيْرَ تَبَعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَجُوزُ عَلَى الزَّرْعِ وَعَلَى الشَّجَرِ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا النِّصْفَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا لِلْآخَرِ عَلَى مَا مَرَّ وَفِي الْأَوَّلِ يُعْتَبَرُ شُرُوطُ كُلٍّ وَفِي الثَّانِي يُعْتَبَرُ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِي الْجُزْءِ فِيمَا إذَا سَاقَى أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ تَبَعًا أَوْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي كُلٍّ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ أَمْ لَا وَهَذَا إذَا كَانَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كُلٌّ فِي عَقْدٍ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فِيهِمَا وَقَدْ بَانَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا شُرُوطُ التَّابِعِ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الثَّانِيَةِ شُرُوطُ كُلٍّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا تَابِعًا ثُمَّ إنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ وَقَعَ عَقْدُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ جُزْأَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا أَمْ لَا، وَأَمَّا فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ الْمُسَاقَاةُ بِأَحَدِ جُزْأَيْهَا وَدَخَلَ الْآخَرُ تَبَعًا فَلَا تَكْرَارَ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ. (ص) وَحَوَائِطُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِجُزْءٍ إلَّا فِي صَفَقَاتٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ حَوَائِطَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُسَاقَاةُ الْحَوَائِطِ فِي صَفَقَاتٍ فَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْجُزْءِ وَاخْتِلَافُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَحَوَائِطُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمُضَافِ أَيْ وَجَازَ مُسَاقَاةُ حَوَائِطَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا نَخْلًا وَبَعْضُهَا تِينًا وَبَعْضُهَا رُمَّانًا وَقَوْلُهُ بِجُزْءٍ أَيْ مُتَّفَقٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا إلَخْ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ أَيْ لَا بِجُزْأَيْنِ إلَّا فِي صَفَقَاتٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ إذْ قَوْلُهُ وَحَوَائِطُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ أَوْ فِي صَفَقَاتٍ أُخْرِجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ فِي صَفَقَاتٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْحَائِطِ أَوْ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا وَتَعَدَّدَ الْآخَرُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُطَابِقٌ لِمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ. (ص) وَغَائِبٌ إنْ وُصِفَ وَوَصَلَهُ قَبْلَ طِيبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْحَائِطِ الْغَائِبِ وَلَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُوصَفَ لِلْعَامِلِ بِأَنْ يُذْكَرَ مَا فِيهِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ أَوْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهَلْ هُوَ بَعْلٌ أَوْ يُسْقَى بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْغَرْبِ وَيُوصَفُ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيُذْكَرُ مَا فِيهِ مِنْ أَجْنَاسٍ وَعَدَدِهَا وَالْقَدْرُ الْمُعْتَادُ مِمَّا يُوجَدُ فِيهَا. الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يُمْكِنَ وُصُولُهُ قَبْلَ طِيبِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَصِلَهُ قَبْلَ طِيبِهِ وَإِنْ وَصَلَهُ بَعْدَهُ وَبِعِبَارَةٍ مُرَادُهُ أَنْ يَكُونَ يُمْكِنُ وُصُولُهُ قَبْلَ طِيبِهِ فَلَوْ تَوَانَى فِي طَرِيقِهِ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الطِّيبِ لَمْ تَفْسُدْ الْمُسَاقَاةُ بِذَلِكَ وَيُحَطُّ مِمَّا لِلْعَامِلِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ حُطَّ بِنِسْبَتِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا حَصَلَ السَّقْيُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُحَطَّ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا لِلْعَامِلِ. (ص) وَاشْتِرَاطُ جُزْءِ الزَّكَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ الزَّكَاةَ تُخْرَجُ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَدَخَلَ الْآخَرُ تَبَعًا) هَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ دَخَلَ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَقَعَتْ هَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ إلَخْ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَيْ الَّتِي هِيَ وَدَخَلَ شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ التَّكْرَارَ بِقَوْلِهِ وَهَذَا أَتَمُّ فَائِدَةً وَذَلِكَ أَنَّهُ شَمِلَ ثَلَاثَ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ تَبَعًا لِلزَّرْعِ وَالْعَكْسَ وَمَا إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ بِخِلَافِ كَلَامِهِ السَّابِقِ فَلَا يَشْمَلُ دُخُولَ الزَّرْعِ التَّابِعِ لِلشَّجَرِ وَكَذَلِكَ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ. (قَوْلُهُ وَحَوَائِطُ) الْجَمْعُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ) أَيْ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُلْتَبِسَةً بِجُزْءٍ (قَوْلُهُ أَيْ مُتَّفِقٍ) أَيْ بِجُزْأَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ لَا بِجُزْأَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ لَا بِجُزْأَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ إلَّا فِي صَفَقَاتٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي صَفْقَةٍ أَوْ صَفَقَاتٍ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِنَا فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا بِجُزْأَيْنِ إلَخْ) إذْ قَدْ تُثْمِرُ حَائِطٌ دُونَ أُخْرَى فَيَكُونُ سَقْيُهُ وَعَمَلُهُ فِي الَّتِي لَمْ تُثْمِرْ زِيَادَةً عَلَيْهِ انْتَفَعَ بِهَا رَبُّ الْحَائِطِ دُونَهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا مَعَ اتِّفَاقِ الْجُزْءِ لَكِنَّهُ مَعَ الِاتِّفَاقِ كَحَائِطٍ وَاحِدٍ فَكَمَا لَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ إثْمَارِ الْبَعْضِ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ هَذَا. (قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ) وَسَوَاءٌ وَصَفَهُ لِلْعَامِلِ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ بِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَوْ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا (قَوْلُهُ وَوَصْلُهُ) وَنَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِقَامَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ مُرَجَّحٍ (قَوْلُهُ مِنْ أَجْنَاسٍ وَعَدَدِهَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ وَهِيَ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ وَالْقَدْرُ الْمُعْتَادُ مِنْهَا) بِأَنْ يَقُولَ وَيُخْرَجُ مِنْهَا عِشْرُونَ وَسْقًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ شَرْطًا فِي الْغَائِبِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الْحَاضِرِ إذَا كَانَ الْعَامِلُ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا يُخْرِجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ يُمْكِنُ وُصُولُهُ قَبْلَ طِيبِهِ) فَإِنْ جَزَمَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِعَدَمِ وُصُولِهِ عِنْدَ طِيبِهِ فَسَدَ وَإِنْ وَصَلَهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) أَيْ جُزْءٍ هُوَ الزَّكَاةُ لِلْحَائِطِ بِتَمَامِهِ وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ إذَا كَانَ رَبُّهُ أَهْلًا لَهَا وَثَمَرُهُ أَوْ مَعَ مَا يَضُمُّهُ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ نِصَابٌ، وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهُ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ تَبْلُغْ هِيَ أَوْ مَعَ مَالِهِ مِنْ غَيْرِهَا نِصَابًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ بِخِلَافِ مُسَاقَاتِهِ عَلَى الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَهُمَا وَطَابَ عَلَى مِلْكِهِمَا فَيُزَكِّي كُلُّ مَنْ نَابَهُ نِصَابٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطَ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى جَهْلِ الْجُزْءِ الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الِاشْتِرَاطُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعَشْرِ يُخْرَجُ مِنْ نِصْفِ الثِّمَارِ مَثَلًا الَّذِي يَخُصُّ رَبَّ الْحَائِطِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ عَلَى الْعَامِلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 سَاقَاهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَشَأْنُ الزَّكَاةِ أَنْ يُبْدَأَ بِهَا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَاشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا جُزْءَ الزَّكَاةِ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ كَمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ. (ص) وَسِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا بِلَا حَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَجُوزُ عَلَى سِنِينَ مَعْلُومَةٍ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا فَإِنْ كَثُرَتْ جِدًّا فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَالْكَثِيرَةُ جِدًّا هِيَ الَّتِي لَا تَنْقَضِي إلَّا بِتَغَيُّرِ الْأُصُولِ وَإِذَا وَقَعَتْ جَائِزَةً فَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ بِالْجُذَاذِ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْجُذَاذُ أَوْ تَأَخَّرَ وَقَوْلُهُ وَسِنِينَ وَلَوْ عَرَبِيَّةً إذَا طَابَقَتْ الْجُذَاذَ بِأَنْ يُشْتَرَطَ مِنْ الشُّهُورِ أَوْ السِّنِينَ مَا يُوَافِقُ الْجُذَاذَاتِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَأُقِّتَتْ بِالْجُذَاذِ. (ص) وَعَامِلٌ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا فِي الْكَبِيرِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ وَحَيْثُ اشْتَرَطَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا وَمَفْهُومُهُ الْمَنْعُ فِي الصَّغِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ ذَلِكَ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَطَ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّهِ (ص) وَقَسْمُ الزَّيْتُونِ حَبًّا كَعَصْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ قَسْمِ الزَّيْتُونِ حَبًّا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَصْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ فَعَصْرُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا فَإِنْ قِيلَ الْوَاجِبُ فِي الزَّيْتُونِ قَسْمُهُ حَبًّا لِأَنَّ مُسَاقَاتِهِ تَنْتَهِي بِجَنَاهُ فَلَا فَائِدَةَ لِتَعَلُّقِ الِاشْتِرَاطِ بِقَسْمِهِ حَبًّا بَلْ الِاشْتِرَاطُ يُوهِمُ أَوْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِيهِ لَا تَنْتَهِي بِجَنَاهُ وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا بِقَسْمِهِ بَعْدَ عَصْرِهِ ثَانِيهِمَا دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهَا تَطَوُّعًا وَيَفْسُدُ بِشَرْطِهِ فِيهَا. (ص) وَإِصْلَاحُ جِدَارٍ وَكَنْسُ عَيْنٍ وَشَدُّ حَظِيرَةٍ وَإِصْلَاحُ ضَفِيرَةٍ أَوْ مَا قَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ إصْلَاحَ الْحَائِطِ وَكَنْسَ عَيْنِ الْحَائِطِ وَإِصْلَاحَ ضَفِيرَتِهِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ لِسَقْيِ الْحَائِطِ، وَشَدُّ حَظِيرَةِ الْحَائِطِ أَيْ الزَّرْبِ بِأَعْلَاهُ لِمَنْعِ التَّسَوُّرِ مِنْ الْحَظْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ لِيَسَارَتِهِ وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَبْقَى فِي الْحَائِطِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ غَالِبًا وَشَدُّ يُرْوَى بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَنُقِلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى أَنَّ مَا حُظِرَ بِزَرْبٍ فَبِالْمُعْجَمَةِ وَمَا كَانَ بِجِدَارٍ فَبِالْمُهْمَلَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَمَلِ مَا قَلَّ عَلَى الْعَامِلِ كَالنَّاطُورِ وَنَحْوِهِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إشْكَالٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ كَثِيرَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ أَوْ مَا قَلَّ عَلَى إصْلَاحِ جِدَارٍ وَإِدْخَالُ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ أَوْ كَافِ التَّمْثِيلِ عَلَى إصْلَاحٍ فَيَقُولُ أَوْ مَا قَلَّ مِنْ إصْلَاحٍ إلَخْ وَكَإِصْلَاحِ جِدَارٍ إلَخْ وَالْمُنَاسِبُ ضَبْطُ شَدِّ حَظِيرَةٍ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالظَّاءِ الْمُشَالَةِ، وَأَمَّا بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَيَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِصْلَاحُ جِدَارٍ. (ص) وَتَقَايُلُهُمَا هَدَرًا (ش) أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَايَلَ الْعَامِلُ مَعَ رَبِّ الْحَائِطِ هَدَرًا أَيْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ عَلَى عِوَضٍ فَهُوَ إمَّا بَيْعٌ لِلثَّمَرِ قَبْلَ زَهْوِهِ إنْ أَثْمَرَ النَّخْلُ وَإِمَّا مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ إنْ لَمْ يُثْمِرْ وَبِعِبَارَةٍ وَتَقَايُلُهُمَا هَدَرًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ هَدَرٍ فَمُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِجُزْءٍ مُسَمًّى أَمْ لَا كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَمْ لَا وَلِابْنِ رُشْدٍ تَفْصِيلٌ   [حاشية العدوي] فَيَئُولُ الِاشْتِرَاطُ الْمَذْكُورُ إلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الثِّمَارِ مَثَلًا مَا عَدَا الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ أَيْ عُشْرَ الْجَمِيعِ أَوْ نِصْفَهُ الَّذِي هُوَ جُزْءُ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ بِالْجِذَاذِ) أَيْ فِي أَوَّلِ أَشْهُرِ السَّنَةِ أَوْ تَأَخَّرَ لِنِهَايَتِهَا فَالْمَدَارُ عَلَى الْجِذَاذِ (قَوْلُهُ وَسِنِينَ) أَيْ أَوْ شُهُورًا فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ أَوْ شُهُورٌ، وَقَوْلُهُ مَا يُوَافِقُ الْجِذَاذَاتِ أَيْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ تُوَافِقُ الْجِذَاذَاتِ مَثَلًا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ ثَلَاثِينَ شَهْرًا يَتَّفِقُ أَنْ يَكُونَ الْجِذَاذُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ مَثَلًا الَّذِي يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ شُهُورًا وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ سِنِينَ فَالْمَعْنَى فَيَتَّفِقُ أَنْ يَكُونَ الْجِذَاذُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ مَثَلًا مِنْهَا لِقِلَّةِ السِّنِينَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ تَتَغَيَّرُ عِنْدَ كَثْرَتِهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِ مَعْنَاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ صَاحِبُ الْمَعِينِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاقَاةُ مِنْ سَنَةٍ إلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ طَالَتْ السُّنُونَ جِدًّا فُسِخَتْ. (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا) مَفْهُومُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْخُلْفُ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ دَابَّةً إلَخْ يَشْمَلُ مَا تَعَدَّدَ وَكَذَا قَوْلُهُ وَغُلَامًا فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الدَّابَّتَيْنِ وَالْغُلَامَيْنِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَنَقَلَهُ عج وَأَقَرَّهُ، وَقَوْلُهُ وَعَامِلٌ مَعْطُوفٌ عَلَى جُزْءٍ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَعَطْفُ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِمَفْعُولِهِ جَائِزٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الشَّنَوَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى خَالِدٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ فَهُوَ عَلَيْهِمَا وَإِذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ وَاشْتُرِطَ خِلَافُهُ عَمِلَ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ يُوهِمُ) أَيْ يَدُلُّ دَلَالَةً ضَعِيفَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ يَدُلُّ أَيْ دَلَالَةً قَوِيَّةً وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ، وَلَوْ جَزْمًا فَيَكُونُ تَنْوِيعًا فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. (قَوْله فَبِالْمُعْجَمَةِ) أَيْ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة، وَقَوْلُهُ فَبِالْمُهْمَلَةِ أَيْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَكَذَا مَا نُقِلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ مَعَ قِرَاءَتِهِ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ فَيَكُونُ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ آخِرًا وَالْمُنَاسِبُ قَوْلُهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ قَوْلُهُ أَقُولُ لَعَلَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ شَأْنُهَا الْقِلَّةُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْ. (قَوْلُهُ فَهُوَ إمَّا بَيْعٌ لِلثَّمَرِ) هَذَا إذَا دَفَعَ لِلْعَامِلِ شَيْئًا فَقَدْ بَاعَ الْعَامِلُ الثَّمَرَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَقَوْلُهُ وَإِمَّا مِنْ بَابِ إلَخْ هَذِهِ الْعِلَّةُ تَأْتِي سَوَاءٌ كَانَ الدَّافِعُ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَلِابْنِ رُشْدٍ تَفْصِيلٌ إلَخْ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 اُنْظُرْهُ إنْ شِئْت وَهَدَرًا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ تَقَايَلَا هَدَرًا. (ص) وَمُسَاقَاةُ الْعَامِلِ آخَرَ وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَامِلًا آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْحَائِطِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الثَّانِي أَقَلَّ أَمَانَةً مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ تَسَاهُلٌ وَعِنْدَ الْأَوَّلِ تَشْدِيدٌ وَهَذَا بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَارِضَ عَامِلًا آخَرَ وَلَوْ كَانَ أَمِينًا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْحَائِطُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ آخَرَ مَعْمُولُ مُسَاقَاةٍ لَا يُقَالُ شَرْطُ عَمَلِ الْمَصْدَرِ أَنْ لَا يَكُونَ مَخْتُومًا بِالتَّاءِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّاءُ فِي مُسَاقَاةٍ لَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ وَلَا لِلْوَحْدَةِ بَلْ بُنِيَ عَلَيْهَا الْمَصْدَرُ مِنْ أَصْلِهِ (ص) وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا وَضَمِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ الثَّانِي فِي الْمُسَاقَاةِ يُحْمَلُ أَمْرُهُ عَلَى ضِدِّ الْأَمَانَةِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ التَّجْرِيحُ لَا الْعَدَالَةُ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ هَذَا الْعَامِلِ الثَّانِي تَقْصِيرٌ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَضْمَنُ مُوجَبَ فِعْلِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ، وَأَمَّا وَرَثَةُ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ فَمَحْمُولُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ فَقَوْلُهُ ضَمِنَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا حُمِلَ الثَّانِي عَلَى ضِدِّهَا ضَمِنَ أَيْ الْأَوَّلُ مُوجَبَ فِعْلِ الثَّانِي غَيْرِ الْأَمِينِ. (ص) فَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَجِدْ أَسْلَمَهُ هَدَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَجَزَ عَنْ سَقْيِ الْحَائِطِ وَلَمْ يَجِدْ شَخْصًا أَمِينًا يُسَاقِيهِ مَكَانَهُ عَلَى الْحَائِطِ يُسَلِّمُهُ لِرَبِّهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (ص) وَلَمْ تَنْفَسِخْ بِفَلَسِ رَبِّهِ وَبَيْعِ مُسَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ لَا يَنْفَسِخُ بِفَلَسِ رَبِّ الْحَائِطِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ قَدْ عَمِلَ أَمْ لَا وَيُقَالُ لِلْغُرَمَاءِ بِيعُوا الْحَائِطَ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ مُسَاقٍ فِيهِ بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ الْأَجْزَاءِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ تَنْفَسِخْ أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِفَسْخِهَا، وَلَمْ وَإِنْ كَانَتْ تَقْلِبُ مَعْنَى الْمُضَارِعِ إلَى الْمُضِيِّ لَكِنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ وَالْقَرِينَةُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَحْكَامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَصَارَ التَّعْبِيرُ بِلَمْ مُسَاوِيًا لِلَا لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَا أَوْلَى وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِفَلَسِ رَبِّهِ يَشْمَلُ الْفَلَسَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَانْظُرْ لَوْ اُسْتُحِقَّ الْحَائِطُ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَلَسِ لَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ الْحَائِطِ وَدَفْعُ أَجْرِ عَمَلِهِ كَمَسْأَلَةِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَرْثِ، وَأَمَّا الْمَوْتُ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ كَالْفَلَسِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْكِرَاءِ. (ص) وَمُسَاقَاةُ وَصِيٍّ وَمَدِينٍ بِلَا حَجْرٍ (ش) أَيْ وَجَازَ مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ حَائِطَ يَتِيمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَصَرُّفِهِ لَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الرُّبْعِ حَتَّى يُحْمَلَ   [حاشية العدوي] حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى جُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ تَطِبْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ وَعَلَّلَهُ بِاتِّهَامِ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْعَامِلِ تِلْكَ الْأَشْهُرَ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ فَصَارَتْ الْمُسَاقَاةُ دُلْسَةً بَيْنَهُمَا وَصَارَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُوَ الْمَذْهَبُ خُصُوصًا وَقَدْ قَبِلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ خُصُوصًا وَقَدْ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَوْ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ جَازَ تَقَايُلُهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا هَادِرَيْنِ لِكُلِّ مَا عُمِلَ نَزَلَ الْمَصْدَرُ مَنْزِلَةَ اسْمِ الْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمِينٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ضِدِّهَا وَإِنْ لَمْ يُدَّعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ بَابِ الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ضِدِّهَا حَيْثُ ادَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ سَاقَى غَيْرَ أَمِينٍ وَقَالَ ظَنَنْته أَمِينًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ الْفِسْقِ مَشْهُورًا انْتَهَى (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ هَذَا الْعَامِلِ الثَّانِي تَقْصِيرٌ) أَيْ الَّذِي هُوَ شَأْنُهُ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَمَانَةِ فَيُنَافِي قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَمَانَتُهُ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْوَارِثَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ مُوَرِّثِهِ فَلَا يُزَالُ عَنْهُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ وَرَثَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُمْ مَحْمُولُونَ عَلَى ضِدِّهَا بِأَنَّهُ يُغَابُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَجِدْ) وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ وَارِثُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيَلْزَمُ رَبَّهُ الْقَبُولُ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى حَصَلَ فِيهِ تَلَفٌ أَوْ نَحْوُهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ رَبُّهُ أَيْضًا وَكَّلَ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِفَسْخِهَا) أَيْ لَا يُجَابُ الْغُرَمَاءُ لِلْحُكْمِ بِفَسْخِهَا، وَقَوْلُهُ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَا أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُحْوِجُ إلَى تِلْكَ الْمَعُونَةِ (قَوْلُهُ الْفَلَسَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُهُ) أَيْ تَنْفَسِخُ إنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ كَالْكِرَاءِ) أَيْ كِرَاءِ أَرْضِهِ وَدَارِهِ فَلَا فَسْخَ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْفَلَسِ. (قَوْلُهُ وَصِيٍّ) أَيْ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ وَكَذَا لِلْوَصِيِّ أَخْذُ حَائِطِ غَيْرِهِ مُسَاقَاةً لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَنَصُّهُ عَلَى مُسَاقَاةِ الْوَصِيِّ هُنَا وَعَلَى مُقَارَضَتِهِ لَا فِي بَابِهِ بَلْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَدَفَعَ مَالَهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ أَيْضًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الرُّبُعِ) أَيْ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الرُّبُعِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِهِ مُبَيَّنًا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إلَخْ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّبَرُّعِ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ، وَقَوْلُهُ تَأَمَّلْ أَيْ تَأَمَّلْ مَا قُلْنَا مِنْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ تَجِدْهُ صَحِيحًا أَوْ هَلْ تَجِدُهُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ يُوجِبُ فَسَادَهُ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى فَاسِدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَجْرِ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِمَعْنَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ يُقَالُ رُوعِيَ هُنَا كَوْنُهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ لَمَّا اُغْتُفِرَ فِيهَا أَيْ فِي الْمُسَاقَاةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْمُعَاوَضَةِ أَشْبَهَ التَّبَرُّعَ تَأَمَّلْ. (ص) وَدَفْعُهُ لِذِمِّيٍّ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمُسْلِمَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ حَائِطَهُ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ حَرْبِيٍّ مُسَاقَاةً بِشَرْطِ أَنْ يَأْمَنَ مِنْهُ أَنْ يَعْصِرَ مَا يَنُوبُهُ خَمْرًا فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى عُدْوَانِهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى ذَلِكَ غَالِبًا. (ص) لَا مُشَارَكَةُ رَبِّهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ اسْقِ أَنْتِ وَأَنَا فِي حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرَتِهِ مَثَلًا، إنَّمَا الْمُسَاقَاةُ أَنْ يُسَلِّمَ الْحَائِطَ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا بِخِلَافِ الْآتِيَةِ فِيهِمَا وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ الْعَمَلَ مَعَهُ وَيُشَارِكُهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ وَلَك أَنْ تُدْخِلَ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ فَيَكُونُ شَامِلًا لِصُورَتَيْنِ (ص) أَوْ إعْطَاءُ أَرْضٍ لِتُغْرَسَ فَإِذَا بَلَغَتْ كَانَتْ مُسَاقَاةً (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ لِمَنْ يَغْرِسُ فِيهَا شَجَرًا سَمَّاهُ لَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ فَإِذَا بَلَغَ الشَّجَرُ قَدْرًا مَعْلُومًا كَانَتْ الْأَرْضُ بِيَدِهِ مُسَاقَاةً سِنِينَ أَيْ ثُمَّ تَكُونُ مِلْكًا لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ خَطَرٌ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ لَمْ تُفْسَخْ الْمُسَاقَاةُ وَيَكُونُ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ، وَفِي سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَانَتْ مُسَاقَاةً بِأَنْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَاغْرِسْهَا نَوْعًا مُعَيَّنًا فَإِذَا بَلَغَتْ قَدْرًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِمَعْنَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ وَأَمَّا الْحَجْرُ بِمَعْنَى حُكْمِ الْحَاكِمِ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ التَّبَرُّعِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا) أَيْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَإِنْ ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ عَصْرُهَا خَمْرًا حَرُمَ فَإِنْ شَكَّ كُرِهَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمَنَ مِنْهُ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَمَا أَفَادَهُ تت وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ عَصْرَهَا خَمْرًا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ امْتَنَعَ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَغْشُوشِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ مَعَ الشَّكِّ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الذِّمِّيِّ) أَيْ دُونَ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ، ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهَا قَالَتْ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَدْفَعَ نَخْلَك لِنَصْرَانِيٍّ مُسَاقَاةً إنْ أُمِنَ أَنْ يَعْصِرَ حِصَّتَهُ خَمْرًا فَيُقَالُ لِمَ خَصَّتْ الْمُدَوَّنَةُ النَّصْرَانِيَّ بِالذِّكْرِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّتْهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَعَاطَى ذَلِكَ غَالِبًا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْآتِيَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمْرَيْنِ أَيْ فَالْآتِيَةُ وَقَعَ فِي الِانْتِهَاءِ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَفِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ وَالرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَعَتَا فِي الِابْتِدَاءِ إلَّا أَنَّ الْأُولَى وَقَعَ الشَّرْطُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ ابْتِدَاءً وَالْآتِيَةَ وَقَعَ مِنْ الْعَامِلِ أَيْ ابْتِدَاءً وَالثِّمَارُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَنَصُّ الْعُتْبِيَّةِ سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِ أَنْتِ وَأَنَا فِي حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرِهِ لَمْ يُصْلَحْ إنَّمَا الْمُسَاقَاةُ أَنْ يُسَلِّمَ الْحَائِطَ إلَى الْعَامِلِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَالْعَامِلُ أَجِيرٌ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ إنَّمَا أَعْطَاهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ بِخِلَافِ إنْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْحَائِطِ هَذَا. قَالَ فِيهَا وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ قَالَ مُحَشِّي تت وَمَسْأَلَةُ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ هِيَ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْمُرَادِ فَقَالَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْعَامِلِ غَلَّةَ الْحَائِطِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَرِيكًا بِالنِّصْفِ لَا بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ الْعَقْدُ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَهُ نِصْفُ الثِّمَارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ وَيُشَارِكَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ قَبْلُ، وَفِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ شَرْطًا تَسَمُّحٌ، وَقَوْلُهُ لِصُورَتَيْنِ الْأُولَى هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لَهُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْآتِيَةِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ هَذِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَانَتْ مُسَاقَاةً) هَذِهِ نُسْخَةُ الشَّارِحِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ وَهِيَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ لَمْ تُفْسَخْ الْمُسَاقَاةُ وَيَكُونُ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ وَفِي سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ قَالَ فَضْلٌ: وَلَهُ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا انْتَهَى وَنَتَكَلَّمُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا أَثْمَرَتْ وَلَمْ يَعْمَلْ يُفْسَخُ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَاسِدَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ تُفْسَخُ فَإِنْ قُلْت قَدْ وُجِدَ الْعَمَلُ قُلْت الْعَمَلُ الَّذِي وُجِدَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَمْ يُوجَدْ عَمَلٌ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إلَخْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ) الْمُنَاسِبُ الْمُسَاقَاةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 مَخْصُوصًا كَانَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ بَيْنَنَا صَحَّتْ وَكَانَتْ مُغَارَسَةً فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَسَدَتْ فَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الْغَارِسِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الْغَرْسِ بَرَاحًا وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ يَوْمَ بَلَغَ وَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا. (ص) أَوْ شَجَرٍ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ شَجَرٌ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي عَامٍ وَتَبْلُغُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ يُعْطِيَهَا مُسَاقَاةً خَمْسَ سِنِينَ لِرَجُلٍ. عَبْدُ الْحَقِّ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهَا الْإِطْعَامَ فُسِخَ ذَلِكَ وَلِلْعَامِلِ نَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتْ حَدَّ الْإِطْعَامِ أَيْ وَعَمِلَ لَمْ تُفْسَخْ الْمُسَاقَاةُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَوَجَبَ لِلْعَامِلِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ انْتَهَى مِنْ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ خَمْسَ سِنِينَ مَعْمُولٌ لِإِعْطَاءٍ وَقَوْلُهُ وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا أَيْ بَعْدَ عَامَيْنِ وَهَذَا يُرْشِدُ لَهُ الْمَعْنَى إذْ لَوْ كَانَتْ تَبْلُغُ فِي عَامِ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ فَسَادٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلِلْعَامِلِ نَفَقَتُهُ أَيْ مُؤْنَةُ الشَّجَرِ فَقَوْلُهُ أَوْ شَجَرٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَرْضٍ. قَوْلُهُ أَوْ إعْطَاءُ أَرْضٍ مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا شَجَرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ شَجَرٍ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ ذِي ثَمَرٍ أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ وَقَوْلُهُ لَمْ تَبْلُغْ مَعْمُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ وَخَمْسُ سِنِينَ مَعْمُولُ مُسَاقَاةً الْمُقَدَّرِ أَيْ وَإِعْطَاءُ شَجَرٍ مُسَاقَاةً خَمْسَ سِنِينَ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إعْطَاءِ شَجَرٍ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ مُدَّةً وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا كَانَتْ خَمْسَ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَمَا فِي الرِّوَايَةِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ. (ص) وَفُسِخَتْ فَاسِدَةٌ بِلَا عَمَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً لِأَجْلِ خَلَلٍ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ وَعُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فَسْخُهَا فَقَوْلُهُ بِلَا عَمَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ عُثِرَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَسَوَاءُ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضِعْ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ، وَفَاسِدَةٌ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِمَحْذُوفِ أَيْ مُسَاقَاةٌ فَاسِدَةٌ وَبِلَا عَمَلٍ صِفَةٌ لِفَاسِدَةٍ أَيْ فَاسِدَةٌ خَالِيَةٌ مِنْ عَمَلٍ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي فُسِخَتْ أَيْ وَفُسِخَتْ هِيَ أَيْ الْمُسَاقَاةُ حَالَةَ كَوْنِهَا فَاسِدَةً وَبِلَا عَمَلٍ إمَّا صِفَةٌ لِفَاسِدَةٍ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهَا فَتَكُونُ حَالًا مُتَدَاخِلَةً وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْحَالَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا فِي الْمَعْنَى وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِوَصْفٍ يُشْعِرُ بِعِلِّيَّتِهِ أَيْ وَفُسِخَتْ لِفَسَادِهَا (ص) أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ إنْ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَعُثِرَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنَّهَا تُفْسَخُ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا عَمِلَ، أَيْ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَأَمَّا مَا يُرَدُّ فِيهِ إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فَإِنَّمَا يُفْسَخُ مَا لَمْ يَعْمَلْ فَإِذَا فَاتَ بِابْتِدَاءِ الْعَمَلِ بِمَا لَهُ بَالٌ لَمْ تُفْسَخْ الْمُسَاقَاةُ إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا وَكَانَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْوَامِ عَلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَا يُدْفَعُ لِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ إلَّا مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَوْ فُسِخَتْ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَهَذِهِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (ص) وَبَعْدَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْهَا (ش) أَيْ وَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَى فَسَادِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ إنْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَنْ ازْدَادَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا (ش) لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَكَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي حَائِطِهِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْعُرُوضِ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ وَذَلِكَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُحَاسِبُهُ رَبُّ الْحَائِطِ بِمَا كَانَ أَعْطَاهُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا أَيْضًا إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الْجُزْءَ الْمُسَمَّى لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِمَا دَفَعَ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْعُرُوضِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ إلَى أُجْرَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ) الشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ كَوْنُ النَّوْعِ مُعَيَّنًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ نَوْعَانِ مُعَيَّنَانِ. الثَّانِي قَوْلُهُ قَدْرًا مَخْصُوصًا. الثَّالِثُ قَوْلُهُ كَانَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ وَوَجَبَ لِلْعَامِلِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَأَمَّا فِيمَا مَضَى قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ خَمْسَ سِنِينَ إمَّا ظَرْفٌ لِإِعْطَاءٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ الْمَفْهُومِ وَالشَّارِحُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا جَعَلَ خَمْسَ سِنِينَ مَعْمُولًا لِإِعْطَاءٍ ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْمُولَ مُسَاقَاةٍ وَالْأَظْهَرُ جَعْلُهُ مَعْمُولَ مُسَاقَاةٍ (قَوْلُهُ فَمَا فِي الرِّوَايَةِ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ التَّقْيِيدُ بِخَمْسِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ بِلَا عَمَلٍ) لَهُ بَالٌ فَالْمَنْطُوقُ حِينَئِذٍ صُورَتَانِ نَفْيُ الْعَمَلِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْعَمَلُ الَّذِي لَا بَالٌ لَهُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ خَلَلٍ بِرُكْنٍ) تَقَدَّمَ أَرْكَانُهَا فِي أَوَّلِ الْمُسَاقَاةِ وَالشُّرُوطُ مَعْلُومَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ بِأَنْ كَانَتْ مَثَلًا عِنْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَبِلَا عَمَلٍ صِفَةٌ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَتَعَلَّقُ بِمُقَدَّرٍ أَيْ عُثِرَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى) أَيْ النَّصْبُ أَيْ نَصْبُ فَاسِدَةٍ عَلَى الْحَالِيَّةِ أَوْلَى مِنْ رَفْعِ فَاسِدَةٍ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفُسِخَتْ مُسَاقَاةٌ فَاسِدَةٌ (أَقُولُ) وَفِيهِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ وَالْمُشْتَقُّ هُوَ الْوَصْفُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِيَّةِ وَالْوَصْفِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ) وَكَانَتْ الْمُدَّةُ سَنَةً وَاحِدَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ) أَيْ مِنْ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ عَقَدَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ (أَقُولُ) وَأَوْلَى إذَا عُثِرَ عَلَى هَذِهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهَا عَدَمُ الْفَسْخِ لِطُولِ الْعَمَلِ قَالَهُ شب (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ لَا ضَرُورَةَ فَإِذَا كَانَتْ ضَرُورَةٌ كَانَ لَا يَجْدُرُ بِهِ عَامِلًا إلَّا مَعَ دَفْعِهِ لَهُ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ فَيَجُوزُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِرَاجٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 مِثْلِهِ وَيَأْخُذُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ مَا زَادَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ فَقَوْلُهُ كَأَنْ ازْدَادَ أَيْ أَحَدُهُمَا، لَكِنْ إنْ كَانَ الَّذِي ازْدَادَ الْعَامِلُ فَقَدْ وَقَعَا فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ فَقَدْ وَقَعَا فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ وَإِرْجَاعُنَا الضَّمِيرَ فِي بَعْدِهِ لِبَعْدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ تَبَعٌ لح وَرَجَعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ لِبَعْدِ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَلَا يَتَكَرَّرُ حِينَئِذٍ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بَيَانِ الْفَسْخِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ وَهَذَا فِي بَيَانِ الْوَاجِبِ بَعْدَ الْفَسْخِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ التَّقْرِيرَ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا فُسِخَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِيمَا فُسِخَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ وَبَعْدَ تَمَامِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. (ص) وَإِلَّا فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ وَإِنَّمَا جَاءَهَا الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمَا عَقَدَاهَا عَلَى غَرَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَاجِبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ وَيَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِالثَّمَرَةِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ هَذَا فِي الْمُسَاقَاةِ، وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ فِيهِ فِي الْقِرَاضِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ لَا فِي فَلَسٍ وَلَا فِي مَوْتٍ، وَأَمَّا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَمُتَعَلِّقَةٌ بِالثَّمَرَةِ وَيَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِالثَّمَرَةِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَكَذَلِكَ مَا يُرَدُّ فِيهِ فِي الْقِرَاضُ لِقِرَاضِ الْمِثْلِ يَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَعَدَّهَا تِسْعًا فَقَالَ (ص) كَمُسَاقَاتِهِ مَعَ ثَمَرٍ أُطْعِمَ أَوْ مَعَ بَيْعٍ أَوْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ حَمْلُهُ لِمَنْزِلِهِ أَوْ يَكْفِيهِ مُؤْنَةَ آخَرَ أَوْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ بِسِنِينَ أَوْ حَوَائِطَ (ش) الْأُولَى أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا قَدْ أُطْعِمَ ثَمَرُهُ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعَمْ، أَوْ يُسَاقِيَهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ أُطْعِمَ وَفِيهِ ثَمَرٌ لَمْ يُطْعَمْ وَلَيْسَ تَبَعًا لِأَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرٍ مَجْهُولٍ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ، لَا يُقَالُ أَصْلُ الْمُسَاقَاةِ كَذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ خَرَجَتْ مِنْ أَصْلٍ فَاسِدٍ لَا يَتَنَاوَلُ هَذَا فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ. الثَّانِيَةُ أَنْ تَجْتَمِعَ مَعَ بَيْعٍ كَانَ يَبِيعُهُ سِلْعَةً مَعَ الْمُسَاقَاةِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْمُسَاقَاةِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ بِلَفْظِ يَنْبَغِي. الثَّالِثَةُ إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فِي الْحَائِطِ لِجَوَلَانِ يَدِهِ عَلَى حَائِطِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبَّ الْحَائِطِ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. الرَّابِعَةُ إذَا اشْتَرَطَ عَمَلَ دَابَّةِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَائِطَ صَغِيرٌ. الْخَامِسَةُ إذَا اشْتَرَطَ عَمَلَ غُلَامِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَائِطَ صَغِيرٌ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زِيَادَةٌ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا فَقَوْلُهُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. السَّادِسَةُ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ يَحْمِلَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَرَةِ مِنْ الْأَنْدَرِ إلَى مَنْزِلِهِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِيهِ بُعْدٌ وَمَشَقَّةٌ وَإِلَّا جَازَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَحْمِلَ مَا يَخُصُّهُ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ ذَلِكَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي شَرَطَهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقَى أَوْ أَقَلَّ إنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقِي كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ. السَّابِعَةُ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَكْفِيَهُ مُؤْنَةَ حَائِطٍ آخَرَ بِأَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ بِكِرَاءٍ فَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ الْعَمَلُ فَلِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَفِي الْحَائِطِ الْآخَرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. الثَّامِنَةُ إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّقْرِيرَ الْأَوَّلَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت يَرُدُّ ذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ إلَخْ قُلْت لَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَعْنَاهُ فِيمَا الْوَاجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَوْنُهَا تَجِبُ فِي أَيِّ حَالَةٍ بَعْدَ الْعَمَلِ أَوْ قَبْلَ تَمَامِهِ شَيْءٌ آخَرُ يُفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ هَذَا فِي الْمُسَاقَاةِ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ قَدْ أُطْعِمَ ثَمَرُهُ) أَيْ بَلَغَ أَوَانَ الْإِثْمَارِ، وَقَوْلُهُ الثَّالِثَةُ إلَخْ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ قَالَ فِي ك وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبَّ الْحَائِطِ أَنْ يُشَارِكَهُ الْعَامِلُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلُ فَلِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ عَدَمُ الْأَمَانَةِ انْتَهَى فَإِنْ قُلْت فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مِنْ رَبِّهِ فَالسَّقْيُ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ وَإِنَّمَا الْعَامِلُ أَجِيرٌ خَرَجَ عَنْ الْمُسَاقَاةِ فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ الْفَسَادُ فِي هَذَا، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ) انْتِقَالٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ) فِي عب وَيَنْبَغِي دَفْعُ أُجْرَةِ الْحَمْلِ لَهُ فِي الْمَمْنُوعَةِ مَعَ مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مِنْ الْمُسَاقَى بِفَتْحِ الْقَافِ يَكُونُ الشَّأْنُ أَنَّ الْجُزْءَ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ أَيْ فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُسَاقَى بِالْفَتْحِ فَلَيْسَ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ أَيْ بَلْ لَهُ الْجُزْءُ الْمَجْعُولُ لَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَلَّ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُسَاقِي بِالْكَسْرِ لِلْقَافِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُسَاقِي بِالْكَسْرِ تَكُونُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْجُزْءِ وَيَكُونُ الْجُزْءُ أَكْثَرَ فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُسَاقِي بِالْكَسْرِ فَلِلْعَامِلِ الْجُزْءُ الْمَجْعُولُ لَهُ قَالَ عج وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا أَشْبَهَ الْعَامِلُ وَحْدَهُ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَهَلْ يَكُونُ نُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ كَعَدَمِ شَبَهِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَكُونُ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا أَشْبَهَ رَبُّ الْمَالِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَحْلِفْ أَوْ يُقَالُ إنْ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَنَكَلَا هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي لَكِنْ يَتَّجِهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَجْرِ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَشْبَهَ رَبُّ الْمَالِ وَنَكَلَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 سِنِينَ مَعْلُومَةً سَنَةً عَلَى النِّصْفِ وَسَنَةً عَلَى الثُّلُثِ وَسَنَةً عَلَى الرُّبُعِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا زَادَ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. التَّاسِعَةُ إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَوَائِطَ صَفْقَةً وَاحِدَةً حَائِطٍ عَلَى النِّصْفِ وَآخَرَ عَلَى الثُّلُثِ مَثَلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُثْمِرَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَأَمَّا فِي صَفَقَاتٍ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجُزْءِ كَمَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِحَوَائِطَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ. (ص) كَاخْتِلَافِهِمَا وَلَمْ يُشَبِّهَا (ش) هَذِهِ الصُّورَةُ الْمُسَاقَاةُ فِيهَا صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا التَّشْبِيهُ فِي الرُّجُوعِ إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فِي الْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ لِلْعَامِلِ فَقَالَ دَخَلْنَا عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ دَخَلْنَا عَلَى الرُّبُعِ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ مَعَ نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ لِمُسَاقَاةِ مِثْلِهِ، وَمِثْلُهُ إذَا نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ فَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ انْفَرَدَ رَبُّ الْحَائِطِ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَلَا عَدَمِهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ لَا تَحَالُفَ فِيهِ بَلْ الْعَامِلُ يَرُدُّ الْمَالَ لِأَنَّ الْقِرَاضَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ. (ص) وَإِنْ سَاقَيْتُهُ أَوْ أَكَرَيْتُهُ فَأَلْفَيْتُهُ سَارِقًا لَمْ تَنْفَسِخْ وَلْيَتَحَفَّظْ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَاقَى شَخْصًا حَائِطَهُ أَوْ أَكْرَاهُ دَارِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ سَارِقًا يُخْشَى مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الثَّمَرَةِ أَوْ الزَّرْعِ وَفِي الثَّانِي عَلَى الْأَبْوَابِ مَثَلًا فَإِنَّ الْعُقْدَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَفِي الْكِرَاءِ لَا تَنْفَسِخُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ رَبِّ الْمَنْزِلِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُكْرِي عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ وَيُسَاقِي عَلَيْهِ الْحَائِطَ وَحَمَلْنَا قَوْلَهُ أَوْ أَكَرَيْتُهُ عَلَى أَنَّهُ أَكْرَاهُ دَارِهِ مَثَلًا لِمُوَافَقَتِهِ لِلنَّصِّ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَاهُ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ سَاقَيْتُهُ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ الْمَفْعُولَ مِنْ الْأَوَّلِ لِلْعِلْمِ بِهِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يُسَاقِيهِ حَائِطَهُ أَيْ وَإِنْ سَاقَيْتُهُ حَائِطَك وَمِنْ الثَّانِي الْمَفْعُولَ الثَّانِي لِلْعُمُومِ أَيْ وَإِنْ أَكَرَيْتُهُ شَيْئًا يُخْشَى فِيهِ سَرِقَةٌ أَوْ سَرِقَةُ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ (ص) كَبَيْعِهِ مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَلَسِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَثَبَّتْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ سِلْعَتِهِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ وَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ لِلْغَرِيمِ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْفَلَسُ عَلَى الْبَيْعِ لِعَدَمِ وُجُودِ التَّفْرِيطِ مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (ص) وَسَاقِطُ النَّخْلِ كَلِيفٍ كَالثَّمَرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا سَقَطَ مِنْ النَّخْلِ مِنْ بَلَحٍ وَلِيفٍ وَجَرِيدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى حُكْمِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ فِي الثَّمَرَةِ وَكَذَلِكَ حُكْمُ التِّبْنِ فَقَوْلُهُ وَسَاقِطُ النَّخْلِ أَيْ السَّاقِطُ عَنْهُ، وَأَمَّا أَصْلُ النَّخْلِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ وَبِعِبَارَةٍ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى مِنْ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ السَّاقِطُ مِنْ النَّخْلِ أَيْ مِنْ أَجْزَاءِ النَّخْلِ وَقَوْلُهُ كَلِيفٍ مِثَالٌ لَا بَيَانِيَّةٌ فَلَا يَصْدُقُ بِالسَّاقِطِ مِنْ الْأُصُولِ. (ص) وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ (ش) أَيْ وَالْقَوْلُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ مَعَ يَمِينِهِ كَأَنْ يَدَّعِيَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مَعْلُومًا وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ جَعَلَ لِي جُزْءًا مُبْهَمًا أَوْ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُهُمْ الْفَسَادَ فَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَنَقَلَ الْعَلَمِيُّ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَبِهِ جَزَمَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ فَقَوْلُ الشَّامِلِ وَصُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ انْتَهَى لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ لَمْ يَدْفَعْ لِي الثَّمَرَةَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَكْرَاهُ نَفْسَهُ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ أَكَرَيْتُهُ أَوْ اكْتَرَيْتُهُ (قَوْلُهُ يُخْشَى فِيهِ سَرِقَةٌ) أَيْ بِسَبَبِهِ سَرِقَةٌ كَأَنْ يُكْرِيَهُ دَارِهِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى سَرِقَةِ الْجِيرَانِ وَانْظُرْ لَوْ أَكْرَاهُ لِحَمْلِ شَيْءٍ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَكْرَاهُ لِيَخْدِمَ عِنْدَهُ أَوْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَكْرَاهُ دَارِهِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي قَالَهُ عج، وَقَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةُ شَيْءٍ مِنْهُ كَأَنْ يُكْرِيَهُ دَارِهِ الَّتِي يَخْشَى سَرِقَةَ بَابِهَا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِ كَأَنْ يُكْرِيَهُ دَابَّتَهُ الَّتِي يَخْشَى سَرِقَةَ لِجَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَلَسِهِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ قِيَامَ الْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ التِّبْنِ) أَيْ تِبْنِ الزَّرْعِ الَّذِي فِي الْبَيَاضِ (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِأَجْزَاءِ النَّخْلِ) أَيْ مِثَالٌ قَصَدَ مِنْهُ بَيَانُ أَجْزَاءِ النَّخْلِ، وَقَوْلُهُ لَا بَيَانِيَّةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى مَعْنَى مِنْ أَيْ أَنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى مِنْ لَا أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى وَالسَّاقِطُ الَّذِي هُوَ النَّخْلُ، إلَّا أَنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا سَقَطَ جِذْعٌ مِنْ الْجُذُوعِ فِيمَا لَهُ جُذُوعٌ كَالْجُمَّيْزِ وَالنَّبْقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ وَاعْتُرِضَ كَلَامُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ الَّتِي بِمَعْنَى مِنْ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ إلَيْهِ جِنْسًا لِلْمُضَافِ وَيَصِحُّ حَمْلُ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى الْمُضَافِ نَحْوُ خَاتَمٍ حَدِيدٍ تَقُولُ الْخَاتَمُ حَدِيدٌ فَالْمُتَعَيِّنُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ تَكُونَ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُهُمْ الْفَسَادَ) كَذَا فِي عب فَإِنَّهُ قَالَ وَمَحَلُّ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ بِأَنْ يَكُونَ عُرْفَهُمْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ بِيَمِينِهِ وَمَا ذَكَرَهُ تت هُنَا عَنْ ابْنِ نَاجِي مِنْ أَنَّهُ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَدَّهُ عج بِأَنَّ ابْنَ نَاجِي إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِرَاضِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ شب أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ انْتَهَى. أَقُولُ كَلَامُ عج هُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْقَاعِدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ حَيْثُ يَقُولُ ابْنُ نَاجِي إنَّ الْقَوْلَ فِي الْقِرَاضِ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ وَفِي الْمُسَاقَاةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ دَفَعْتهَا صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ابْنُ الْمَوَّازِ وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْجُذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ جَذَّ بَعْضًا رُطَبًا وَالْبَاقِي تَمْرًا فَقَالَ قَبْلَ الْجُذَاذِ لَمْ يَدْفَعْ لِي الرُّطَبَ وَلَا ثَمَنَهُ. (ص) وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ حُطَّ بِنِسْبَتِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ أَيْ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ حُطَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِنِسْبَتِهِ كَأَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ حَرْثٌ أَوْ سَقْيُ ثَلَاثٍ فَحَرَثَ أَوْ سَقَى مَرَّتَيْنِ فَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَا عَمِلَ مَعَ قِيمَةِ مَا تَرَكَ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ مَا تَرَكَ الثُّلُثَ حُطَّ مِنْ جُزْئِهِ الْمُشْتَرَطِ لَهُ ثُلُثُهُ كَأَنْ يُقَالُ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ حَرَثَ مَثَلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةٌ فَيُقَالُ وَمَا أُجْرَتُهُ لَوْ حَرَثَ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةً حُطَّ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ خُمُسَهَا وَهَكَذَا وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَصَّرَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ السَّقْيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَثَلًا فَسَقَى مَرَّتَيْنِ وَأَغْنَى الْمَطَرُ عَنْ الثَّالِثَةِ لَمْ يُحَطَّ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ ابْنُ رُشْدٍ بِلَا خِلَافٍ قَالَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى سِقَايَةِ حَائِطِهِ زَمَنَ السَّقْيِ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَجَاءَ مَاءُ السَّمَاءِ فَأَقَامَ بِهِ حِينًا حُطَّ مِنْ إجَارَتِهِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمُرَجِّعُ وَالْمَآبُ   [حاشية العدوي] الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَهُمَا لِخُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ) الْمُنَاسِبُ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ وَيَحْلِفُ قُرْبَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدُ أَيْ أَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ بَعْدَ الْجِذَاذِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ قُرْبَ الْجِذَاذِ إلَخْ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْجِذَاذِ وَالْبَعْدِيَّةُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ جَذَّ بَعْضًا رُطَبًا وَالْبَاقِيَ تَمْرًا) أَيْ اتَّفَقَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْجِذَاذِ أَيْ لِلتَّمْرِ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ. (قَوْلُهُ حُطَّ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَوْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَعَطَّلَتْ وَيَدْفَعُ لَهُ الْجُزْءَ كَامِلًا (قَوْلُهُ حُطَّ مِنْ إجَارَتِهِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ) فَلَوْ أَنَّهُ آجَرَهُ عَلَى سَقْيِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِسِتِّينَ دِينَارًا مَثَلًا وَدَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ يُقِيمُ الْمَاءُ فِي الزَّرْعِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ مَاءَ السَّمَاءِ أَقَامَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ الَّتِي هِيَ إحْدَى الثَّلَاثِ فَيَسْقُطُ مِنْ أُجْرَةِ الْعَامِلِ الثُّلُثُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمُرَجِّعُ وَالْمَآبُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَكِرَاءُ الدَّوَابِّ وَالْحَمَّامِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) وَالْإِجَارَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَجْرِ بِمَعْنَى الثَّوَابِ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَحُكِيَ فِيهَا الضَّمُّ أَيْضًا حَكَاهُ الْمُبَرِّدُ وَقَدْ غَلَبَ وَضْعُ الْفِعَالَةِ بِالْكَسْرِ لِلصَّنَائِعِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالْفَعَالَةِ بِالْفَتْحِ لِأَخْلَاقِ النُّفُوسِ الْجِبِلِّيَّةِ نَحْوِ السَّمَاحَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَالْفُعَالَةِ بِالضَّمِّ لِمَا يُطْرَحُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ نَحْوِ الْكُنَاسَةِ وَالْقُلَامَةِ، وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ فَذَكَرَ تَأْجِيلَ الْإِجَارَةِ وَسُمِّيَ عِوَضًا وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ» وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ غَيْرَ سَفِينَةٍ وَلَا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْهَا بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا فَقَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الذَّوَاتِ، وَقَوْلُهُ أَمْكَنَ نَقْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِمَنَافِعِهِمَا لَيْسَ بِإِجَارَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ كِرَاءٌ وَقَوْلُهُ وَلَا حَيَوَانٍ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الرَّوَاحِلِ، وَقَوْلُهُ بِعِوَضِ جَزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، ثُمَّ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْهَا لِيُخْرِجَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِ عَائِدٌ عَلَى الْعِوَضِ وَفِي تَبْعِيضِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا زَادَ لَفْظَةَ بَعْضِهِ لِيُدْخِلَ فِي الْحَدِّ قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} [القصص: 27] ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ عِوَضُهَا الْبِضْعُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضِهِ لَخَرَجَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْحَدِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ وَهِيَ إجَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَأَرْكَانُهَا خَمْسَةٌ الْمَنْفَعَةُ وَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ إلَخْ وَالْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (صِحَّةُ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ) وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْعِوَضُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأَجْرٌ كَالْبَيْعِ) وَسَكَتَ عَنْ   [حاشية العدوي] [بَاب الْإِجَارَةُ] (بَابُ الْإِجَارَةِ) (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ كَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ مَعَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الثَّوَابِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْجَزَاءُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْإِجَارَةِ جَزَاءً عَنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ أَعَمُّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْجَزَاءَ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ. (قَوْلُهُ الْجِبِلِّيَّةِ) صِفَةٌ لِلْأَخْلَاقِ (قَوْلُهُ {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] أَيْ: وَالْأُجْرَةُ عِوَضُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] أَيْ: أَعْوَامٍ عَلَى رَعْيِ الْغَنَمِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ) أَيْ: وَلَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ (قَوْلُهُ تَأْجِيلُ الْإِجَارَةِ) أَيْ: التَّأْجِيلُ الْمَنْسُوبُ لِلْإِجَارَةِ لَا أَنَّ نَفْسَ الْإِجَارَةِ مُؤَجَّلَةٌ (قَوْلُهُ وَسَمَّى عِوَضَهَا) أَيْ وَهُوَ عَقْدُهُ عَلَى إحْدَى ابْنَتَيْهِ وَهِيَ الصُّغْرَى الَّتِي أَرْسَلَهَا فِي طَلَبِهِ هَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَقِيلَ الْكُبْرَى ثُمَّ تَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْغَنَمُ لِلزَّوْجَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَنَّ شَرِيعَتَهُمْ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى مُجَرَّدِ جَوَازِ الْإِجَارَةِ نَعَمْ بَقِيَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُتَمَوِّلَةً وَالِانْتِفَاعُ بِالْبِضْعِ لَيْسَ مُتَمَوِّلًا وَالْجَوَابُ الْمَنْعُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَصَبَ امْرَأَةً وَوَطِئَهَا يَلْزَمُهُ مَهْرُهَا. (قَوْلُهُ غَيْرَ سَفِينَةٍ) أَيْ:، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا فَيُقَالُ لَهَا إجَارَةٌ وَجَعَالَةٌ فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالتَّمَامِ جَعَالَةٌ وَبِاعْتِبَارِ إذَا تَلِفَتْ يَسْتَحِقُّ بِحِسَابِ مَا سَارَ إجَارَةً. (قَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) الصَّوَابُ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا لَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الدَّارِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الدَّارِ إلَخْ فَلَا يُقَالُ فِيهِ إجَارَةٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ كِرَاءٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ الرَّوَاحِلِ وَالدَّوَابِّ مِنْ الْحَمِيرِ وَالْخَيْلِ وَدَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ الْعَقْدُ عَلَى مَنَافِعِ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ جَزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا) أَيْ: رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَلَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ. (قَوْلُهُ لِيُخْرِجَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الْحَيَوَانِ الْعَاقِلِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ نَاشِئٍ عَنْهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ إجَارَةٌ بَلْ يُقَالُ لَهُ قِرَاضٌ أَوْ مُسَاقَاةٌ (قَوْلُهُ عِوَضُهَا الْبِضْعُ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةِ الْبِضْعِ أَيْ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْضُهَا الْجَعَالَةُ فَإِنَّ بَعْضَ الْعِوَضِ لَا يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ إلَخْ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2 الصِّيغَةِ لِوُضُوحِهَا وَسُهُولَةِ أَمْرِهَا وَتَيَسُّرِ تَصَوُّرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِ الْإِجَارَةُ التَّمْيِيزُ وَشَرْطُ لُزُومِ عَقْدِ عَاقِدِهَا التَّكْلِيفُ كَالْبَيْعِ وَشَرْطُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ مِنْ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا وَلَا يُرَدُّ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت إجَارَةُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ وَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَارَةُ، قُلْت: وُجُودُ الشَّرْطِ لَا يَلْزَمُهُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ وَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ يَكُونُ الثَّمَنُ فِيهَا فِي الْبَيْعِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْبَيْعِ كُلُّهَا وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا وَتَلَقِّي السِّلَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ص) وَعَجَّلَ إنْ عَيَّنَ (ش) قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْحُلُولِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ أَيْ: عَلَى التَّأْجِيلِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الَّذِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ جَرَى بِذَلِكَ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: وَلَوْ عُجِّلَتْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّعْجِيلُ فِي الْعَقْدِ. (ص) أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا شَرَطَ عِنْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةُ تَعْجِيلَهُ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ فِي الْإِجَارَةُ ثُمَّ لُزُومُ التَّعْجِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَلِحَقِّ الْآدَمِيِّ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَانْتِفَاؤُهُ فِي الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَيَقْضِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ ثُمَّ الْفَسَادُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (ص) أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا كَانَ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَإِلَّا أَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بَيَانُهُ أَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَك بِالدَّابَّةِ وَذِمَّتُك مَشْغُولَةٌ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ   [حاشية العدوي] وَحَاصِلُ مَا قِيلَ هُنَا أَنَّ السَّفِيهَ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَهِيَ لَازِمَةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا كَلَامَ لِلْوَلِيِّ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ، وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَ الصَّغِيرُ أَوْ الْعَبْدُ أَنْفُسَهُمَا فَلِلْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ فَلَوْ لَمْ يَطْلُعْ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَهُمَا عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِمَّا سَمَّاهُ، وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ الْأَبِ وَلَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ بَالِغًا لَا إنْ كَانَ صَبِيًّا، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ لِتَعْلِيمِهِ الصَّنْعَةَ جَازَ وَيُنْفِقُ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرُ مِنْ أُجْرَتِهِ وَيَحْبِسُ لَهُ مَا زَادَ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ سِلْعَتَهُ يُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَقَوْلُهُ وَسَكَتَ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ مِنْ خَارِجٍ فَغَيْرُهَا مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ وَإِلَّا فَهِيَ كَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ صِحَّةِ عَقْدِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ وَبَعْدُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ لُزُومٍ إلَخْ) زَادَهُ كَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السَّفِيهِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللُّزُومَ مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَلِذَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ (قَوْلُهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ) فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى شَرْطُ الْإِجَارَةُ الَّتِي هِيَ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ أَنْ تَكُونَ صَادِرَةً مِنْ عَاقِدٍ كَالْعَاقِدِ الصَّادِرِ مِنْهُ الْبَيْعُ وَأَنْ تَكُونَ بِأَجْرٍ كَالْأَجْرِ الَّذِي فِي الْبَيْعِ مُرَادٌ بِهِ الْعِوَضُ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ: إجَارَةُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ تَرَتُّبٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَتَخَلَّفُ لِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ مَعْلُومًا) إمَّا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَوْ تَفْصِيلًا فَقَطْ كَحِرَاسَةِ الْأَنْدَرِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِقَدَحٍ (قَوْلُهُ وَتَلَقِّي السِّلَعِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَيْ وَقَاعِدَةُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى التَّعْجِيلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ إلَخْ) وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهَا إلَّا عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا عِنْدَ فَقْدِهَا فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ إلَّا إذَا اسْتَوْفَى الْعَمَلَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (قَوْلُهُ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ تَعْجِيلِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَجَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنْ لَا يَجْرِيَ بِشَيْءٍ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَالْجَرَيَانِ مَعَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَيُفْسِدُ الْعَقْدَ وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى عُرْفٌ بِتَعْجِيلِهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ يَكُونُ فَاسِدًا كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شُرِعَ فِيهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ أَوْ اُشْتُرِطَ تَعْجِيلُهُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَسَدَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ عَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ تَعْجِيلُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ وَجَبَ تَعْجِيلُهُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، فَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ وَلَا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ تَعْجِيلُهُ وَتَأْخِيرُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْأَجْرَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ عَيَّنَ وَقَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَضْمُونَةٌ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَضْمُونَةِ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ أَوْ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ وَالثَّالِثُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَادَةٌ (قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ) أَيْ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) ، وَأَمَّا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ ذَلِكَ وَهَذَا فِي النَّقْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي بَابِ الْبَيْعِ عَلَى مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ وَبَيْعِ دَارٍ لِتَقْبِضَ بَعْدَ عَامٍ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَغَائِبٍ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ: ابْتِدَاءُ دَيْنٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 فِي السَّيْرِ لَجَازَ التَّأْخِيرُ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ حِينَئِذٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ فِي السَّيْرِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا الْآنَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَتَأْخِيرُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ سُلِّمَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَجْرِي عَلَى بَابِ السُّلَّمِ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوَضَعَ لِلتَّوَثُّقِ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ فِي الْإِبَّانِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَكْتَفِي بِتَعْجِيلِ الْيَسِيرِ وَقَوْلِهِ (إلَّا كَرْيَ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ) أَيْ فَيَكْتَفِي بِتَعْجِيلِ الْيَسِيرِ كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِبَّانِ أَوْ قَبْلَهُ وَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لَا لِكَوْنِ الْإِبَّانِ لَمْ يَأْتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ حَيْثُ وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَّا كَكَرْيِ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْأَجْرِ فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ كَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ لَضَاعَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ هُرُوبِ الْجَمَّالِينَ بِالْأَجْرِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا طَلَبَ التَّعْجِيلَ فِي الْمَضْمُونَةِ وَطَلَبَ الْمُكْتَرِي الشُّرُوعَ وَعَدَمَ التَّعْجِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايَعَيْنِ وَبُدِئَ الْمُشْتَرِي. (ص) وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (ش) أَيْ: وَالْإِبَّانُ لَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَكُنْ ثُمَّ شَرْطٌ وَلَمْ تَكُنْ عَادَةٌ فَمُيَاوَمَةً بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوَاوِ عَلَى الْيَاءِ أَيْ: كُلَّمَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ يَوْمٍ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا لَزِمَهُ أَجَرْته وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْقِطْعَةُ الْمُعَيَّنَةُ مِنْ الزَّمَنِ لَا حَقِيقَةُ الْيَوْمِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ أَوَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ. (ص) وَفَسَدَتْ إذَا انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ الَّتِي فِيهَا الْأَجْرُ مُعَيَّنٌ تَفْسُدُ إذَا انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ فِيهِ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا يُوجَدُ فِيهِ عُرْفٌ بِتَعْجِيلٍ وَلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ عَجَّلَهُ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ أَوْ يُشْتَرَطُ الْخُلْفُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَمَا يَأْتِي. (ص) كَمَعَ جُعْلٍ لَا بَيْعٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةُ إذَا وَقَعَتْ مَعَ الْجُعْلِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً لِتَنَافُرِ الْأَحْكَامِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ وَتَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَيَجُوزُ فِيهَا الْأَجَلُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُعْلِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ ضَرْبُ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ مَعَ الْجُعْلِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةُ مَعَ الْبَيْعِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ جُلُودًا عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهَا الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي نِعَالًا أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا آخَرَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ لَا مَعَ بَيْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ وَبِعِبَارَةٍ لَا مَعَ بَيْعٍ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ وَجْهَ خُرُوجِهِ كَالثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ أَوْ الْجِلْدَ عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهُ أَوْ الْقَمْحَ عَلَى أَنْ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تُقْبَضْ كُلُّهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَبْضَ أَوَائِلِهَا كَأَنَّهُ قَبْضٌ لَهَا كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَكَانَ أَحْسَنَ فَلَمْ يَلْزَمْ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَمٌ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صِحَّةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي جَانِبِ تَأْخِيرِ الْأُجْرَةِ لَا فِي جَانِبِ تَأْخِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَالْأَحْسَنُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ مَا قَالَهُ عج وَهُوَ أَنَّ أَجْرَ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ حَيْثُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا يَجِبُ تَعْجِيلُ جَمِيعِهِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي إبَّانِهَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ قَبْلَهُ كَوُقُوعِهِ قَبْلَ زَمَانِ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُ مَا قَلَّ نَحْوُ الدِّينَارِ كَانَ هُوَ جَمِيعَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْضَ الْكِرَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ فِي الْمَضْمُونَةِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَجْرُ الْمَنَافِعِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهَا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فَإِنْ انْتَفَيَا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَسَدَ عَقْدُ الْكِرَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يَفْسُدْ عَقْدُ الْكِرَاءِ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ تَعْجِيلُهُ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي) أَيْ: لِأَنَّهُ بَائِعٌ وَالْمُكْتَرِي مُشْتَرٍ لِلْمَنَافِعِ وَيُقْضَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ مَا فِي جِهَتِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً) هَذَا فِي غَيْرِ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ فِي غَيْرِ بَيْعِ السِّلَعِ؛ إذْ الصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ فِي غَيْرِ بَيْعِ السِّلَعِ لَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، وَأَمَّا مَنْفَعَةُ دَارٍ وَأَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ عَمَلُ أَجِيرٍ فِي بَيْعِ سِلَعٍ فَفِي هَذِهِ كُلُّ مَا حَصَلَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَتِهِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ عَادَةً) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ وَلَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا حَازَ كَالْخَيَّاطِ فَصَانِعٌ وَإِلَّا فَأَجِيرٌ كَالْبَنَّاءِ، فَإِنْ زَادَ الصَّانِعُ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا فَصَانِعٌ وَبَائِعٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ) الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُهُ لِلْمَنْفِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ لَفْظُ الْيَوْمِ وَلَمْ يَقُلْ زِيَادَةٌ. (قَوْلُهُ تَفْسُدُ إذَا انْتَفَى عُرْفٌ إلَخْ) عَلَّلَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ بِشَرْطِ التَّأْجِيلِ يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَعِمَارَةُ الذِّمَّتَيْنِ وَمِمَّا يَجِبُ التَّعْجِيلُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ كِرَاءُ أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ. (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ: عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُهَا أُجْرَةً إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ مِنْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخُلْفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى شَيْءٍ بِالدَّرَاهِمِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَطْبُوعَةِ الَّتِي بِيَدِ فُلَانٍ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً) وَكَذَا يَفْسُدُ الْجَعْلُ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الْوَاحِدُ صَحِيحًا فِي شَيْءٍ وَفَاسِدًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَرَادَ لَا يَتَحَقَّقُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَخْرِزَهَا) أَيْ: بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِكُلٍّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنْ الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَإِذَا كَانَتْ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ فَقَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ وَلَوْ فِي الْمَبِيعِ الْمُنَاسِبُ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ وَجْهَ خُرُوجِهِ) وَيُزَادُ وَأَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 4 يَطْحَنَهُ أَوْ يُمْكِنَ إعَادَتُهُ كَالنُّحَاسِ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ قَدَحًا، فَإِذَا انْتَفَى الْإِكْرَامُ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ فَلَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ نَفْسِ الْمَبِيعِ جَازَتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ. (ص) وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ وَنُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا عَلَى سَلْخِ شَاةٍ مَثَلًا بِجِلْدِهَا وَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاةِ مَذْبُوحَةً أَوْ حَيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجِلْدَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ سَلْخِهِ وَقَدْ يَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَقَدْ يُسَلَّمُ وَمِثْلُ الْجِلْدِ اللَّحْمُ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْجِلْدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ تت وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إنَّ اللَّحْمَ دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ هُوَ مَعَ السَّلْخِ بِرَأْسِ الشَّاةِ أَوْ بِالْأَكَارِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَصِحُّ ذَكَاتُهَا أَمْ لَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ نَظَرَ فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ نَحْوِ السِّبَاعِ عَلَى ظُهُورِهَا بِخِلَافِ بَيْعِ جُلُودِ الْغَنَمِ عَلَى ظُهُورِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِنُخَالَتِهَا لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا وَبِصِفَتِهَا فَأَشْبَهَتْ الْجُزَافَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ النُّخَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ لِلطَّحَّانِ اطْحَنْهُ وَلَك صَاعٌ مِنْ النُّخَالَةِ لَجَازَ. (ص) وَجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ آجَرْتَهُ عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ لَهُ نِصْفُهَا إذَا فَرَغَ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَخْرُجُ، وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِهِ أَصْبَغُ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَى هَذَا إنْ فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ بَعْدَ الدَّبْغِ فَلَهُ النِّصْفُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ خَرَجَتْ الْجُلُودُ مِنْ الدِّبَاغِ وَلِرَبِّهَا النِّصْفُ الْآخَرُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ الْجَمِيعِ يَعْنِي إذَا فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ بِقِيمَتِهِ فَيَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا. وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ دَبْغِهِ أَيْضًا أَمَّا لَوْ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبُغَهَا مُجْتَمِعَةً فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَلَهُ نِصْفُهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا وَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِي نِصْفِهَا لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ يَعْنِي إذَا دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبَغَهَا مُجْتَمِعَةً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ أَجْرُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيهِ، وَاحْتَرَزَ الْمُؤَلِّفُ بِجُزْءِ الثَّوْبِ مِنْ جَزْءِ الْغَزْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَك مِنْ الْغَزْلِ كَذَا نَفْعَلُ فِيهِ مَا شِئْت فِي نَظِيرِ نَسِيجِك، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ لَهُ الْآنَ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهَا   [حاشية العدوي] يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ يَضْرِبَ أَجَلَ الْإِجَارَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَهُ غَايَةٌ يَكْفِي فِيهِ تَعْيِينُ الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَمَا لَا غَايَةَ لَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْأَجَلِ كَالرَّعْيِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ) أَيْ: اللَّذَانِ هُمَا مَعْرِفَةُ الْخُرُوجِ أَوْ إمْكَانُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الزَّيْتُونَ لَا يُعْرَفُ خُرُوجُهُ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ وَإِمْكَانِ إعَادَتِهِ زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَائِلًا وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا ضَرَبَا لِلْإِجَارَةِ أَجَلًا وَإِلَّا فَكَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْجَعْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ تَعْيِينُ الْإِجَارَةُ بِالْعَمَلِ. (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْجَلْدِ) أَيْ: فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً لِسَلَّاخٍ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ دَفْعُ الْجِلْدِ عَلَى الذَّبْحِ أَيْضًا لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ احْتِمَالُ عَدَمِ خُرُوجِهِ سَالِمًا مِنْ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ) أَيْ: بِرَأْسِهَا أَوْ أَكَارِعِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى السَّلْخِ بِالْأَكَارِعِ مِثْلُ الرَّأْسِ فِي أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِجِلْدِهَا أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا عَلَى سَلْخِهَا لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَبْحِهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ جُلُودِ الْغَنَمِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَنَمَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا فَلَا يُحْتَاطُ فِي حِفْظِ الْجِلْدِ بِخِلَافِ السِّبَاعِ يُكْرَهُ أَكْلُهَا فَيُحْتَاطُ فِي حِفْظِ الْجِلْدِ وَهَذَا مَا ذَكَرُوهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ كَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ فَهُنَاكَ قَوْلٌ يَقُولُ بِمَنْعِ بَيْعِ جُلُودِ السِّبَاعِ عَلَى ظُهُورِهَا وَقَوْلٌ يَقُولُ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ الْغَنَمِ عَلَى ظُهُورِهَا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَةِ مَوْجُودٌ. (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا) أَيْ: الْقِسْمِ الَّذِي لَمْ يُجْعَلْ لَهُ النِّصْفُ الْأَبْعَدُ إلَخْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ) أَيْ: فَالدِّبَاغُ لَيْسَ مُفَوِّتًا بَلْ الْفَوَاتُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدَّبْغِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْفَوَاتُ بَعْدَ الدَّبْغِ يَلْزَمُ صَاحِبَ الْجِلْدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ كُلِّ الْجِلْدِ أَوْ نَسْجِ كُلِّ الثَّوْبِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الصَّانِعَ بَعْدَ أَخْذِهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي الْجَمِيعِ دَفْعُ قِيمَةِ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ جُعِلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ عِنْدَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ فَيَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَهُ لَهُ مِنْ الْآنَ فَحُكْمُهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ أَنَّ الصَّانِعَ يَغْرَمُ قِيمَةَ نِصْفِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَلَا يَأْخُذُ أَجْرًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِقِيمَتِهِ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ النِّصْفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ يَوْمَ خَرَجَتْ الْجُلُودُ) وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَكَانَ الْقَبْضُ إنَّمَا حَصَلَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ) أَيْ بِتَمَامِ الدَّبْغِ أَيْ: فَالدِّبَاغُ مُفَوِّتٌ، وَأَمَّا الشُّرُوعُ فِيهِ فَهَلْ هُوَ فَوْتٌ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ أَيْ إنَّمَا حَكَمْنَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ نَتِيجَةُ الْفَسَادِ لِلتَّحْجِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَدْبُغَهَا مُجْتَمِعَةً) وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ الْجُزْءَ قَبْلَ الدَّبْغِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي دَبْغِهِ مَعَ جُزْئِهِ فَيَجُوزُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ جَعَلَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَعْطَاهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5 مُجْتَمِعَةً وَيَقْطَعَ بَعْد ذَلِكَ مَا يَخُصُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. (ص) أَوْ رَضِيعٍ وَإِنْ مِنْ الْآنَ (ش) عُطِفَ عَلَى ثَوْبٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى إرْضَاعِ حَيَوَانٍ صَغِيرٍ صَامِتٍ أَوْ نَاطِقٍ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَلَوْ قَبَضَ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ يَتَعَذَّرُ رَضَاعُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ خَلَفُهُ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهِ كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ بِشَرْطٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْ وَالنَّقْدُ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ مُمْتَنِعٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَرَدُّدٍ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلْغَرَرِ؛ إذْ لَا يَدْرِي مَا الَّذِي يَأْخُذُهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ إلَى شَهْرٍ وَفِي قَوْلِهِ وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا إلَخْ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَبِمَا سَقَطَ أَوْ خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ أَوْ عَصْرِهِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ لَهُ اُنْفُضْ زَيْتُونِي فَمَا سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ أَوْ رُبُعُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْغَرَرُ لِلْجَهْلِ فِي قَدْرِ مَا يَسْقُطُ فَهُوَ جَهْلٌ فِي الْكَمِّ. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: اُنْفُضْ زَيْتُونِي كُلَّهُ وَلَك نِصْفُهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ: اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَمَا لَقَطْت فَلَهُ نِصْفُهُ أَوْ رُبُعُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ فَلَوْ قَالَ لَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ فَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يُخْرِجُ وَلَا كَيْفَ يُخْرِجُ وَلِأَنَّك لَوْ بِعْته زَرْعًا جُزَافًا قَدْ يَبِسَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك حَصَادَهُ وَدَرْسَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى حَبًّا جُزَافًا لَمْ يُعَايِنْ جُمْلَتَهُ اهـ.، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ اعْصِرْ زَيْتُونِي وَمَا عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ مَثَلًا وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِصِفَةِ الْخَارِجِ فَهُوَ جَهْلٌ بِالْكَيْفِ وَبِالْكَمِّ أَيْضًا فَقَوْلُهُ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِمَا سَقَطَ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَصْرِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ خَرَجَ وَقَوْلُهُ وَبِمَا سَقَطَ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ يُرْشِدُ لَهُ السِّيَاقُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجَارَةِ وَهِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى فِيهَا شَيْءٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْ: وَبِجُزْءِ مَا سَقَطَ أَوْ بِجُزْءِ مَا خَرَجَ وَبِعِبَارَةِ الْوَاوِ عَاطِفَةً لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إلَخْ أَيْ وَفَسَدَتْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِمَا سَقَطَ أَيْ: بِجُزْءٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَيَجُوزُ، أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَبِمَا سَقَطَ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: وَفَسَدَتْ بِانْتِفَاءِ عُرْفِ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَبِجُزْءِ مَا سَقَطَ. (ص) كَاحْصُدْ وَادْرُسْ وَلَك نِصْفُهُ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ لَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ، وَلَك نِصْفُهُ مَثَلًا وَعِلَّةُ الْفَسَادِ مَا مَرَّ وَمِثْلُهُ اُدْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ قَالَ سَحْنُونَ وَلَوْ قَالَ: اُحْصُدْهُ كُلَّهُ وَادْرُسْهُ وَصَفِّهِ وَلَك نِصْفُهُ فَهَلَكَ بَعْدَ حَصَادِهِ فَضَمَانُهُ كُلِّهِ مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ. (ص) وَكِرَاءُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَعَ جُعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ كَالْقَمْحِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا كَاللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَلِكَ   [حاشية العدوي] الْغَزْلَ عَلَى جَزْءٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ مِنْ الْغَزْلِ أَوْ مِنْ الثَّوْبِ فَأَصَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعَ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ الْآنَ) فَإِنْ مَلَكَهُ لَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ وَمَاتَ قَبْلَ الْفِطَامِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ وَيَرْجِعُ الْأَجِيرُ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ جَمِيعِهَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْفِطَامِ فَإِنَّ رَبَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الْأَجِيرُ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ مَلَكَهُ لَهُ قَبْلَ الْفِطَامِ وَهَلَكَ سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ الْفِطَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْهُمَا وَيَتَرَاجَعَانِ. (قَوْلُهُ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ أَنَّ قَوْلَ شَارِحِنَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا أَيْ: فِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهُ عَلَى الرَّضَاعِ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَطَ نَقْدَهَا وَإِنْ كَانَ خُرُوجًا عَمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَاشْتَرَطَ نَقْدَهَا يُؤَدِّي لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُقَوَّمًا كَمَا إذَا جَعَلَ لَهُ نِصْفَ الْحَيَوَانِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَدْرِي مَا الَّذِي يَأْخُذُهُ) أَيْ: هَلْ الْمُقَوَّمُ أَوْ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ إلَى شَهْرٍ) أَيْ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ) أَيْ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مُفَادَ بَهْرَامَ هَذِهِ الْعِلَّةَ أَعْنِي التَّرَدُّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ لَا تَجْرِي فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ مُقَوَّمٌ وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ يُفِيدُ الْأَمْرَيْنِ وَعِلَّةُ مَسْأَلَتِنَا الْغَرَرُ. (قَوْلُهُ انْفَضَّ زَيْتُونِيٌّ) مَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا قَالَ لَهُ اُنْفُضْ بِيَدِك، وَأَمَّا بِالْعَصَا فَيَجُوزُ هَكَذَا قَيَّدَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَاسْتَبْعَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَيْ فَالنَّفْضُ بِالْعَصَا مُرَادُ الْمَنْعِ بِنَاءً عَلَى اسْتِبْعَادِ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ: لِأَنَّهُ مِنْ مَقْدُورِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ كَاحْصُدْ وَادْرُسْ فَالْفَسَادُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا (قَوْلُهُ اعْصِرْ زَيْتُونِي وَمَا عَصَرْت) أَيْ وَمِثْلُهُ اعْصِرْهُ وَلَك نِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ جَهْلٌ بِالْكَيْفِ) تَقِفُ ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ وَنَقُولُ وَبِالْكَمِّ أَيْضًا أَيْ: وَجُهِلَ بِالْكَمِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ اُدْرُسْ زَرْعِي هَذَا وَمَا دَرَسْت فَلَكَ نِصْفُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْحِنْطَةِ مَثَلًا فِي سُنْبُلِهَا وَتِبْنِهَا عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ اُحْصُدْ زَرْعِي وَادْرُسْهُ هِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاحْصُدْ وَادْرُسْ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ اُدْرُسْهُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ فَاسِدٌ بِخِلَافِ اُحْصُدْهُ فَقَطْ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عب. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُكْرِي بِكُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَصِيلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا أَمْكَنَ كِرَاؤُهَا بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ مَنْ يَزْرَعُهَا فَيَجُوزُ، وَكَذَا أَرْضُ الْمِلَاحَةِ وَالطَّرَانَةُ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ. (قَوْلُهُ كَاللَّبَنِ) أَيْ وَكَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا اللَّحْمُ كَخَصِيِّ الْمَعْزِ وَكَالسَّمَكِ وَالطَّيْرِ أَوْ الضَّأْنِ فَهَذِهِ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِهَا بِخِلَافِ مَا يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ وَأَخْذُهَا عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ) فَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ الَّذِي يَدْفَعُهُ كِرَاءً بِالطَّعَامِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ: نَحْوُ الْقُطْنِ أَيْ: كَالْكَتَّانِ وَالزَّعْفَرَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْمُزَابَنَةُ، وَأَمَّا أَرْضُ غَيْرِ الزِّرَاعَةِ كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ إجْمَاعًا وَلَا بَأْسَ بِكِرَاءِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالْمَاءِ وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَجَرٍ فِيهِ ثَمَرٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كِرَاءً. (ص) إلَّا كَخَشَبٍ (ش) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا حَتَّى يُعَدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا كَخَشَبٍ وَعُودِ الْهِنْدِيِّ وَصَنْدَلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كِرَاؤُهَا بِهِ وَالصَّنْدَلُ هُوَ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ الطِّيبُ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ وَلَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَشِيشِ وَالْحَلْفَاءِ. (ص) وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ (ش) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ لِبَلَدِ كَذَا بِنِصْفِهِ مَثَلًا إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ الْآنَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ أَيْ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِالْفِعْلِ وَكَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ، وَمِثْلُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ مَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ وَعَجَّلَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِجَارَةِ بِمُعَيَّنٍ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُهَا وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْعُرْفُ التَّعْجِيلُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. وَحَيْثُ قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ هُنَا التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي التَّعْجِيلِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ؛ إذْ الْقَبْضُ مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ غَيْرُ كَافٍ. (ص) وَكَانَ خِطَّتُهُ الْيَوْمَ بِكَذَا وَإِلَّا فَبِكَذَا (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ وَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْأَجْرِ فَإِنْ وَقَعَ وَخَاطَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا فَقَوْلُهُ وَكَانَ خِطَّتُهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ. (ص) وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ (ش) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ: لَهُ اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي أَوْ اعْمَلْ لِي عَلَى دَابَّتِي أَوْ عَلَى سَفِينَتِي أَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِي حَمَّامِي أَوْ فِي دَارِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ وَسَوَاءٌ عَمِلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهَا لِمَنْ عَمِلَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ أَدْخَلَ الْفَاءَ فِيهِ لِكَوْنِ مَا بَعْدَهَا جَوَابَ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَإِذَا عَمِلَتْ فَمَا حَصَلَ. (ص) وَهُوَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ فِي الدَّارِ فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَمَا مَعَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَكَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ عَمِلَ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا كَانَ مُطَالَبًا بِالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ عَاقَهُ عَنْ الْعَمَلِ عَائِقٌ وَعَرَفَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَمْ يُكْرِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ. (ص) عَكْسُ لِتَكْرِيهَا (ش) الْعَكْسُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَمَا مَعَهَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَهُ نَفْسَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَكْسِ الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا الْفَسَادُ كَالْأُولَى وَلَوْ قَالَ لَهُ أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ مَا حَصَلَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ وَلِرَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَنَافِعِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فُسِخَ. (ص) وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا إلَّا بِالْبَلَدِ إنْ أَجَّلَا وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا (ش) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ   [حاشية العدوي] فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَعَامٍ فَالْمَنْعُ إذَا أُكْرِيَتْ لِلزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا لَوْ أُكْرِيَتْ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ لِلْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ كَالدُّورِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا كَخَشَبٍ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْحَشِيشُ وَالْحَلْفَاءُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ اسْتَنْبَتَ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَنْتُجُ كَأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا وَلَا يَنْزِعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عُدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَا يَطُولُ مِمَّا يَنْزِعُ لِلِانْتِفَاعِ بَعْدُ كَجُزْءٍ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَخْ) وَإِذَا نَزَلَ وَحَمَلَهُ إلَى الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ كُلِّهِ أَيْ: أُجْرَةُ الْمِثْلِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ وَكَانَ خِطْته إلَخْ) وَالْمَنْعُ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْلَا حَدُّهُمَا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ لِكُلٍّ جَازَ. (قَوْلُهُ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي) أَيْ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ قَيَّدَ الْعَمَلَ بِالِاحْتِطَابِ جَازَ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا قَالَ أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ) أَيْ: مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ حَطَبٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ أُجْرَةٍ كَمَا فِي الَّذِي قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِي حَمَّامٍ (قَوْلُهُ عَكْسُ لِتُكْرِيهَا) أَيْ: وَمَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: خُذْهَا لِتُكْرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ) هَذَا تَقَدُّمٌ لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَكْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا) أَيْ: وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا فَهُمَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ مَثَلًا بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ أَيْ جَعَلَ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمَبِيعِ لِلسِّمْسَارِ مَجْمُوعَ الدِّينَارِ وَسَمْسَرَتَهُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا بِمَعْنَى عَلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بَاءَ الْعِوَضِ أَيْ: بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَ عَبْدٍ مَثَلًا عَلَى سَمْسَرَتِهِ فِي بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ التَّتَّائِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَاءِ فِي نَحْوِ بِعْته بِكَذَا أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً عَلَى الْعِوَضِ نَحْوُ بِعْته بِدِرْهَمٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا بَيْعٌ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا هُنَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً فَقَطْ أَوْ جَعَالَةً، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَصْلُحُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا شُرِطَ فِي الْجَوَازِ ضَرْبُ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى حَمْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ الْأَجَلَ سَوَاءٌ كَانَتْ جَعَالَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ إجَارَةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ فِيهَا كَافٍ كَالتَّعْيِينِ بِالزَّمَنِ لَا يُقَالُ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ لَا يَكْفِي هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ لَا يَكْفِي مَحَلُّهُ حَيْثُ انْضَمَّ لِلْإِجَارَةِ بَيْعٌ كَمَا فِي الْحَمْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً إنْ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا أَوْ مَعَ جَعَالَةٍ إنْ لَمْ يَضْرِبَا لِذَلِكَ أَجَلًا وَلَا يَصْلُحُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ إنْ أَجَّلَا وَبِعِبَارَةٍ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْبَيْعِ بِالْبَلَدِ الَّذِي هُمَا بِهِ الثَّانِي أَنْ يَضْرِبَا بِالْبَيْعِ النِّصْفَ الثَّانِيَ أَجَلًا الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا فَاشْتَرَطَ الْبَلَدَ لِيَسْلَمَ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إلَى تِلْكَ الْبَلَدِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَا يَقْبِضُهُ لَا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَهُوَ بُلُوغُهُ لِلْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَبِيعَ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَيْ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَى مِثْلِهِ، وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ انْتَهَى وَاشْتُرِطَ الْأَجَلُ لِيَكُونَ إجَارَةً وَهِيَ تُجَامِعُ الْبَيْعَ وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْأَجَلَ فَتَكُونُ جَعَالَةً وَهِيَ لَا تُجَامِعُ الْبَيْعَ وَاشْتُرِطَ كَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً سَلَفًا إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ وَتَارَةً ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ أَوْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَبِعْ وَعِبَارَةُ الطِّخِّيخِيِّ وَالْعِلَّةُ فِي كَوْنِ الثَّمَنِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَقَدْ قَبَضَ إجَارَتَهُ وَهِيَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ يَبِيعُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَيَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ فَتَصِيرُ إجَارَةً وَسَلَفًا انْتَهَى، وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ لَا يَرُدُّ بَاقِيَ الْأَجْرِ بَلْ يَتْرُكُهُ لَهُ أَوْ يَأْتِيه بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَيْ: ثَمَنُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّمْسَرَةُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسَاوٍ وَلِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ أَوْ بِالْمَبِيعِ وَالْحُلِيِّ وَالْغَزْلِ مِنْ الْمُقَوِّمِ كَمَا فِي بَابِ الْغَصْبِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَبِعِبَارَةِ الثَّمَنِ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَيْ: وَإِذَا كَانَ نِصْفُ الْمَبِيعِ مِثْلِيًّا تَضَمَّنَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ مِثْلِيًّا. (ص) وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُؤَاجِرَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا أَوْ يَسْتَقِي وَلَهُ نِصْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْمَلْ إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا نَقْلَةٌ وَلِلْآخِرِ مِثْلُهَا أَوْ لِهَذَا يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ مِثْلُهُ أَوْ لِهَذَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلِلْآخَرِ مِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ: عَلَى الدَّابَّةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ إذَا كَانَ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا   [حاشية العدوي] وَاقْتَصَرَ تت عَلَى الْأَوَّلِ فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ نِصْفَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ سَمْسَرَتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً أَيْ: فَيَقُولُ لَهُ آجَرْتُك عَلَى كَذَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا وَقَوْلُهُ أَوْ جَعَالَةً أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَاعَلْتُكَ عَلَى كَذَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ غَيْرَ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ أَنْ يَضْرِبَا لِبَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي أَجَلًا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجَلُ قَرِيبًا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي السَّمْسَرَةِ وَلَا يُشْرَعُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِلَ لِلْبَلَدِ وَقَوْلُهُ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَبْضَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الشُّرُوعِ فِي السَّمْسَرَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِهِ أَيْ: بِالسَّمْسَرَةِ. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا) أَيْ: كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ) أَيْ: حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ جَمِيعَ النِّصْفِ عَلَى أَنَّهُ يُسَمْسِرُ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْأَجَلِ، فَإِذَا بِيعَ قَبْلَ تَمَامِهِ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِحَسَبِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْأَجَلِ وَيَصِيرُ مُسْلِفًا لِمَا يَخُصُّ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ فَإِنْ قُلْت: إنَّهُ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا وَبَاعَ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ يَرُدُّ مَا قَابَلَ الْبَقِيَّةَ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِثَمَنِ الْعَمَلِ هُوَ النِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَصَحَّ دَعْوَى الْمُشَارَكَةِ. (قَوْلُهُ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ النِّصْفَ بِدِينَارٍ وَالسَّمْسَرَةُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَمَصْدُوقُ الْبَعْضِ هُوَ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ الْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ أَيْ: الْمَبِيعُ كُلُّهُ الْوَاقِعُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ وَالدِّينَارِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ بِنِصْفٍ إلَخْ) الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ ثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تَأْخُذْ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ مُجْتَمِعًا أَوْ بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمِعًا لِمَوْضِعِ كَذَا فَيَمْتَنِعُ أَيْ: وَجَازَ إجَارَةُ دَابَّةٍ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِنِصْفٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِهَا وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِكِرَاءٍ مُرَادًا بِهِ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ نِصْفٌ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِرَابِطٍ لَكِنْ بَقِيَ أَنْ مَحَطَّ الْحُكْمِ الْبَدَلُ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالنِّصْفِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاعْمَلْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا مِنْ نِصْفِ ثَمَنِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَمِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ وَالشَّبَكَةُ فَلَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْعَامِلُ نَقْلَتَهُ فِيمَا إذَا قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لَك وَغَدًا لِي فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ لَهُ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَهُ كِرَاؤُهَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ نَقْلَتَهُ فِيمَا إذَا عَكَسَ فِي الْمِثَالِ فَلِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِدَابَّةٍ أُخْرَى. (ص) وَصَاعُ دَقِيقٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِرَجُلٍ عَلَى طَحْنِ حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَهُ مِنْ دَقِيقِهَا صَاعٌ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ خُرُوجُ الدَّقِيقِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَ رَجُلًا عَلَى عَصْرِ زَيْتُونِك بِقِسْطٍ مِنْ زَيْتِهِ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ خُرُوجُ الزَّيْتِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ يَرْجِعُ لَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ حَتَّى يَطْحَنَ أَوْ يَعْصِرَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَفِي عِبَارَةٍ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ خُرُوجُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّقْيِيدُ الَّذِي فِي الْبَيْعِ وَهُوَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ هُنَا قَدْ حَصَلَ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يَجِدْهُ جَيِّدًا. (ص) وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ مَثَلًا لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ تِلْكَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهَا بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ قَالَ حُلُولُو وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ اسْتِئْجَارُهُ بِجِنْسِ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَجَلُ إلَى الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوَأَكْثَرَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ هُنَا مَا يَمْتَنِعُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَيَجُوزُ هُنَا مَا يَجُوزُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنَافِعَ فَحُكْمُهَا كَالْبَيْعِ، فَإِذَا اكْتَرَى الدَّارَ شَهْرًا بِعَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى مُضِيِّ ذَلِكَ الشَّهْرِ ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ اكْتَرَاهَا مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ لِدَفْعِ قَلِيلٍ عَادَ إلَيْهِ كَثِيرٌ. (ص) وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ سَنَةً مِنْ أَخْذِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَدْفَعَ غُلَامَك إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ الصَّنْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ بِخِدْمَتِهِ سَنَةً مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِهِ بِعَمَلِهِ سَنَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِمَنْ يَعْقِلُ وَقَوْلُهُ سَنَةً قَيْدٌ فِي الْعَمَلِ، وَأَمَّا التَّعْلِيمُ فَهُوَ مُطْلَقٌ وَلَا مَفْهُومَ لِسَنَةٍ وَقَوْلُهُ مِنْ أَخْذِهِ مُسْتَأْنَفٌ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ: وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ مَاذَا فَقَالَ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ وَالسَّنَةُ مَحْسُوبَةٌ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِثْلَيْ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَقِيمَةُ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى رَبِّهِ بِثُلُثِ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ انْتَهَى بَيَانُ ذَلِكَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُعَلِّمَ وَجَبَ لَهُ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ ثُلُثَا أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَجَبَ لِلصَّبِيِّ عَلَى الْمُعَلِّمِ ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُكَمَّلُ لِلْمُعَلِّمِ مَا بَقِيَ لَهُ وَهُوَ ثُلُثُ تَكْمِلَةِ الثُّلُثَيْنِ تَأَمَّلْ. (ص) وَاحْصُدْ هَذَا وَلَك نِصْفُهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ لَهُ اُحْصُدْ هَذَا الزَّرْعَ وَلَك نِصْفُهُ أَوْ اُلْقُطْ هَذَا الزَّيْتُونَ وَلَك نِصْفُهُ أَوْ اُلْقُطْ نِصْفَهُ وَلَك نِصْفُ مَا لَقَطْت أَوْ جُذَّ نَخْلِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ أَوْ اجْنِهِ وَلَك نِصْفُهُ   [حاشية العدوي] عَلَى دَابَّتِي إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ لِمَا بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا أَبْطَلَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ لَهَا فَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمَعْلُومَةُ مِنْ السِّيَاقِ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يَقُولَ الْمَعْلُومَةُ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الِاحْتِطَابَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ السَّفِينَةُ) بِشَرْطِ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ لَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ بَلَدٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا فِي السَّنَةِ فَيُمْنَعُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ يَكُونَ لَا يُكْرِي إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَبْيَنُ) وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَبْيَنِيَّةِ أَنَّهَا دَابَّةٌ مُعَيَّنَةٌ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ إلَّا بِهَا، فَإِذَا تَلِفَتْ انْفَسَخَتْ تِلْكَ الْعُقْدَةُ. (قَوْلُهُ وَصَاعُ دَقِيقٍ مِنْهُ) أَيْ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ خُرُوجُ الدَّقِيقِ) أَيْ: يَعْلَمُ عَدَمَ الِاخْتِلَافِ أَوْ يَشُكُّ وَهَذَا فِي الدَّقِيقِ أَوْ يَعْلَمُ فَقَطْ فِي الزَّيْتُونِ لَا أَنْ يَشُكَّ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ عِلْمُ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ فِيهِمَا فَالْجَوَازُ الِاخْتِلَافُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ شَكٌّ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ الدَّقِيقُ عَلَى عَدَمِ الِاخْتِلَافِ وَفِي الزَّيْتِ عَلَى الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ رَدٌّ لِلَّتِي قَبْلَهَا، الْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقَعَ الطَّحْنُ أَوْ الْعَصْرُ فَيَقَعُ الْعَقْدُ أَوْ يَقَعُ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ إذَا طَحَنَ وَلَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ فَيَرُدُّ أَنْ يُقَالَ لَا يُعْقَلُ وُقُوعُ الْعَقْدِ بَعْدَ الطَّحْنِ وَلَا يُعْقَلُ شَرْطُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَحَنَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ عَلَى الصِّفَةِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَهَذَا الثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَوَّلَ وَلَكِنْ يُدْفَعُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ حَتَّى يَطْحَنَ الْبَعْضَ أَوْ يَعْصِرَ الْبَعْضَ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ: لَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَلَعَلَّ هَذَا حَالُ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي مَبْدَأِ مُدَّتِهِمَا أَمَدًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ إلَخْ) مَثَلًا قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ فِي السَّنَةِ بِتَمَامِهَا اثْنَا عَشَرَ وَكَذَا قِيمَةُ عَمَلِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَعْلِيمَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ صَعْبٌ وَعَمَلُهُ قَلِيلٌ، فَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَوَجَدْنَا قِيمَةَ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةً وَقِيمَةَ عَمَلِهِ أَرْبَعَةً فَقَدْ وَصَلَ الْمُعَلِّمَ ثُلُثُ أُجْرَةِ السَّنَةِ وَالْمُعَلِّمُ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْهَا ثَمَانِيَةً فَيَرْجِعُ عَلَى أَبِي الطِّفْلِ بِأَرْبَعَةٍ وَقَوْلُهُ ثُلُثَا أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَرَادَ ثُلُثَا قِيمَةِ التَّعْلِيمِ. وَقَوْلُهُ: ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَرَادَ ثُلُثَ قِيمَةِ التَّعْلِيمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ وَالنَّظَرُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ يَقْضِي بِفَسَادِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ تُسَاوِي الْعَمَلَ وَالتَّعْلِيمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَارَةً يَزِيدُ الْعَمَلُ عَلَى التَّعْلِيمِ فَلَا رُجُوعَ لِأَبِي الصَّبِيِّ عَلَى الْمُعَلِّمِ وَتَارَةً يَزِيدُ التَّعْلِيمُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ بِخِدْمَةِ الْوَلَدِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْ الْخِدْمَةِ فِي الصَّنْعَةِ الَّتِي أَرَادَ تَعْلِيمَهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ وَالدِّرَاسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا. (ص) وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ مَا حَصَدْت مِنْ زَرْعِي هَذَا فَلَكَ نِصْفُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ مَا لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ مَا جَنَيْت فَلَكَ نِصْفُهُ، أَوْ اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَك نِصْفُهُ بِخِلَافِ مَا نَفَضْت أَوْ حَرَّكْت أَوْ ذَرَّيْت أَوْ عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَصْدَ وَمَا مَعَهُ مِنْ مَقْدُورِهِ بِخِلَافِ النَّفْضِ وَالْعَصْرِ وَالتَّحْرِيكِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي النَّفْضِ إذَا كَانَ بِالْيَدِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ مَا نَفَضْت بِالْعَصَا فَلَكَ نِصْفُهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ وَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ. (ص) وَإِجَارَةُ دَابَّةٍ لِكَذَا عَلَى إنْ اُسْتُغْنِيَ فِيهَا حَاسَبَ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي أَنَا آخُذُ دَابَّتَك إلَى الْمَدِينَةِ مَثَلًا بِدِينَارٍ وَإِنْ وَجَدْت حَاجَتِي فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ رَجَعْت وَحَاسَبْتُك بِنِسْبَةِ مَا سِرْت عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: آخُذُهَا إلَى الْمَدِينَةِ بِدِينَارٍ وَأَيَّمَا بَلَغَتْ مِنْ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ بِالْمَسَافَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ بَلْ السَّفِينَةُ وَالدَّارُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَوْ نَازَعَهُ رَبُّهَا وَقَالَ لَهُ لَمْ تَسْتَغْنِ أَصْلًا أَوَاسْتَغْنَيْت فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ: فِي الْمُسَافَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لِكَذَا؛ إذْ هُوَ غَايَةٌ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِالْغَايَةِ؛ إذْ هِيَ تَسْتَلْزِمُ الْمَبْدَأَ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ. (ص) وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ (ش) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَمُؤَجَّرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَجُوزُ إجَارَتُهَا لِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا وَلِغَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ التَّوَاجِرِ وَفِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأَرْضٌ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٍ وَإِنْ لِغَيْرِك لَا زَرْعَ بِهَا بَلْ هُوَ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا. (ص) أَوْ مُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ (ش) كَأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً تَبْقَى فِيهَا الرَّقَبَةُ غَالِبًا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَاجِرَهَا مُدَّةً بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِيَقْبِضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَهَا، وَالْمُدَّةُ الْمُسْتَثْنَاةُ صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهَا عَامٌ فِي الدَّارِ وَسُنُونَ فِي الْأَرْضِ، وَصَرَّحَ فِي الدَّابَّةِ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ لَا جُمُعَةٍ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ عُطِفَ عَلَى فَاعِلٍ جَازَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُسْتَثْنَى عُطِفَ عَلَى مُؤَجَّرٍ، وَقَوْلُهُ مَنْفَعَتُهُ هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ بِمُسْتَثْنَى؛ إذْ هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ. (ص) وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ وَلِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَتَجُوزُ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ لَا يَتَغَيَّرُ فِي الْغَالِبِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ) إنَّمَا نُبِّهَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا سَبَقَ وَدُونَ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لَا الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالدَّارِسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا) فَلَوْ شُرِطَ فِي الزَّرْعِ قَسْمَهُ قَتًّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ قَدْرِ الَّذِي يَحْصُدُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ اُحْصُدْ هَذَا فَالْمُشَارُ إلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ بَابَ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَأْخُذُ بِحِسَابِ كُلِّ مَا حَصَدَ شَابَهَ الْإِجَارَةَ بَقِيَ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْجَعَالَةِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَهَلَّا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ مِثْلُ اُحْصُدْهُ وَلَعَلَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَقْدُورِهِ جُعِلَ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِيهِ غُرُورٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: اُحْصُدْ أَوْ ذَرِّ أَوْ اُدْرُسْ فَقَطْ فَالْمَنْعُ فِي صُورَتَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ خِفَّةُ الْغَرَرِ فِي اُحْصُدْهُ فَقَطْ دُونَ الصُّورَتَيْنِ وَوَجْهُ شِدَّةِ الْغَرَرِ فِي اُدْرُسْهُ أَنَّ الدَّارِسَ لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حَدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَقْدُورِهِ وَيَخْتَلِفُ. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ: فَيَضُرُّ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّهُ كِرَاءٌ بِخِيَارٍ هَكَذَا جَزَمَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْمُضِرَّ النَّقْدُ بِشَرْطٍ وَمِثْلُهُ شَرْطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَأَيَّمَا بَلَغَتْ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ لَهُ وَمَا بَلَغَتْ إلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ فَبِحِسَابِهِ لَجَازَ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ غَايَةٌ) أَيْ: غَايَةُ مَسَافَةٍ وَقَوْلُهُ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا أَيْ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعٍ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ مِنْ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) وَعَلَى كَسْرِهَا يَصِيرُ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً وَاسْتَأْجَرَهَا شَخْصٌ فَلَيْسَ لِمُسْتَحِقِّهَا أَنْ يُكْرِيَهَا لِغَيْرِ مُكْتَرِيهَا مُدَّةً تَلِي الْمُدَّةَ الْأُولَى لِمَا سَيَأْتِي عَنْ النَّاصِرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَيْعُ دَارٍ لِتَقْبِضَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْمُكْتَرِيَ وَهُوَ صَاحِبُ الْخُلُوِّ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ النَّاظِرِ أَنْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْبِنَاءِ حَيْثُ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ ابْتِدَاءً أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَعَمُّ) ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَكْرَارٌ) وَوَجْهُ كَوْنِهِ تَكْرَارًا أَنَّ الْمُؤَجَّرَ الْمَذْكُورَ هُنَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنَّ الْمُكَرَّرَ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ وَأَرْضٍ سِنِينَ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَرْضًا مُكْتَرَاةً فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِذِي شَجَرٍ بِهَا فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِمَنْ اكْتَرَاهَا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَلِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا) وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَتَمِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ بَيَانُ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ لِذِي شَجَرٍ لَا ذِي زَرْعٍ. (قَوْلُهُ وَسُنُونَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ: عَشْرَةٌ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الدَّابَّةِ) وَالْعَبْدُ كَالدَّابَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ اشْتَرَاهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مُؤَجِّرِهِ أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشَّيْءِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا وَلِذَا أَجَازُوا اشْتِرَاطَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إلَى سِنِينَ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ. (ص) وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّقَبَةَ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الْأُجْرَةِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّقَبَةَ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الْأُجْرَةِ. (ص) وَكِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَالنَّقْضُ لِرَبِّهِ إذَا انْقَضَتْ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا مَسْجِدًا مُدَّةَ الْإِجَارَةُ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَبْسِ التَّأْبِيدُ كَمَا يَأْتِي، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ النَّقْضُ لِرَبِّهِ أَيْ: لِمَنْ بَنَاهُ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَقَاءَ الْبِنَاءِ فِي أَرْضِهِ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ بَانِيهِ بَقَاءَهُ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا لَمْ يُجْبَرْ مَالِكُ الْأَرْضِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ بِنَائِهَا مَسْجِدًا لِلَّهِ فَإِنَّ النَّقْضَ لَا يَكُونُ لِبَانِيهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِلَّهِ؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ خَرَجَ عَنْهُ لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ. (ص) وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى طَرْحِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى حَمْلِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَلَا يَجُوزُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حَمْلِ مَيْتَةٍ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى جَارٍ وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتِئْجَارٌ عَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ وَاغْتُفِرَ عَمَلُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا لِكَوْنِ الْمَعْمُولِ جَارًّا وَمَجْرُورًا عَلَى مَا فِيهِ وَاحْتَجْنَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَصْلُحُ لَأَنْ يُعْطَفَ هَذَا عَلَيْهِ. (ص) وَالْقِصَاصُ وَالْأَدَبُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقِصَاصِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ قِصَاصٌ عَلَى شَخْصٍ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَسْلَمَ لِمُسْتَحِقِّهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ غَرِيمِهِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يُؤَدِّبُ لَهُ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْقِصَاصِ مِمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ لَهُ رَجُلًا ظُلْمًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ أَحْكَامِ الدِّمَاءِ. (ص) وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا (ش) أَيْ: أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا أَيْ: بِالنَّقْدِ وَلَوْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا سَنَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَفَرٍ فَغَايَةُ ذَلِكَ الشُّهُورُ، قَالَ فِيهَا: لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَالدَّارُ أَبْيَنُ أَيْ ذَلِكَ فِيهَا جَائِزٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ فِيهِ بِشَرْطِ ابْنِ يُونُسَ يَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ وَبِعِبَارَةٍ   [حاشية العدوي] وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج جَعَلَهُ شَرْطًا فِي جَوَازِ إجَارَتِهِ أَيْ: إنْ شَرَطَ جَوَازَ إجَارَةِ كُلٍّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ التَّوَاجِرِ الْأُوَلِ وَتَلِي مُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَمُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ غَالِبًا وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِمَا فِيهِمَا وَفِيمَا سَيَأْتِي فِيهِ احْتِمَالُ بَقَائِهِ وَتَغَيُّرِهِ وَالْأَوَّلُ يَجُوزُ فِيهِ الْعَقْدُ وَالنَّقْدُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ النَّقْدُ، وَاخْتَلَفَ هَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ أَمْ لَا وَهَذَا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي النَّقْدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَتَغَيُّرُهُ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى وَشَارِحُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي النَّقْدِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يُقَيِّدَ بِقَوْلِهِ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهَا وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ الشَّامِلِ لِصُورَةِ التَّسَاوِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ) هَذَا فِي الْحَيَوَانِ الرَّقِيقِ لَا فِي دَابَّةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا رُكُوبًا أَوْ حَمْلًا أَوْ عَمَلًا فَإِنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُكُوبُهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ سَنَةٍ) فَلَوْ كَانَتْ سَنَةً تُخَالِفُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا كَذَلِكَ كَدُورِ مَكَّةَ وَحَصَلَ مَانِعٌ فَإِنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لِلتَّقْوِيمِ جَازَ اتِّفَاقًا وَلِلتَّسْمِيَةِ فَسَدَ اتِّفَاقًا أَوْ سَكَتَا رَجَعَا لِلْقِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ وَيُقْضَى بِالْقِيمَةِ وَلِمَالِكِ الْعَقْدِ فَاسِدًا نَظَرٌ تت وَقَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا مَعْنَاهُ مَا لَمْ تُوَافِقْ التَّسْمِيَةُ الْقِيمَةَ فَإِنْ وَافَقَتْهَا صَحَّ الرُّجُوعُ لَهَا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ ضِمْنًا. (قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ) وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَيُبْقِيهِ مَسْجِدًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبَدِ جُبِرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْقَبُولِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِخَزْنٍ وَنَحْوِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ أَوْ أَرَادَ دَفْعَ قِيمَةِ الْأَنْقَاضِ وَلَمْ يُبْقِهِ مَسْجِدًا أَوْ أَبْقَاهُ مَسْجِدًا لَا عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ) لَا مَفْهُومَ لِمَسْجِدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى حَبْسٍ كَمَا قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ: وَلَوْ لِنَفْعِ كِلَابِهِ كَذَا قُرِّرَ. (قَوْلُهُ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ) لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَالَةِ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَالَةَ الشُّهُودِ أَوْ عَلِمَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ وَصِحَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ عَادِلًا بَلْ جَائِرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ النَّازِلَةِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّبُ لَهُ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ) وَيُصَدَّقُ الْأَبُ وَالسَّيِّدُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ وَالْعَبْدَ فَعَلَا مَا يُوجِبُ الْأَدَبَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا وَالْوَلَدِ إنْ كَانَ صَغِيرًا، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الثُّبُوتِ. (قَوْلُهُ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ) الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْمُدَّةَ فِي الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُدَّةِ فِي الدَّابَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ يُخْبِرُ بِحَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إتْلَافِهَا (قَوْلُهُ فَغَايَةُ ذَلِكَ الشُّهُورُ) وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ: مَا عَدَا السَّنَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ) أَيْ: غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ وَمِثْلُهَا فِي التَّفْصِيلِ الْأَرْضُ وَكَوْنُهَا مَأْمُونَةَ الرَّيِّ، وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ عج أَنَّ الْأَمْنَ أَيْ: غَلَبَةُ ظَنِّ الْأَمْنِ تُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى شَرْطِ النَّقْدِ وَاسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ يُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ النَّقْدِ، وَأَمَّا غَلَبَةُ ظَنِّ عَدَمِ الْأَمْنِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدًا وَلَا نَقْدًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 وَيَنْظُرُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالشَّيْخِ وَالْهَرَمِ وَلِلدَّابَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْقَوِيَّةِ وَالضَّعِيفَةِ وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا أَيْ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ يُسْتَأْجَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا وَبِعِبَارَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ فِي النَّقْدِ أَيْ: وَجَازَ النَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا كَانَ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَالنَّقْدُ فِيهِ. (ص) وَيَوْمٍ أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ يَجُوزُ أَنْ تُحَدَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ تُحَدَّدُ أَيْضًا بِعَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ جُبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ مَثَلًا لَيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ وَيَوْمٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ وَاسْتِئْجَارُ يَوْمٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُون عَطْفًا عَلَى طُرِحَ أَيْ وَعَلَى يَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ بَعْضٌ أَيْ: أَنَّ الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ صَنْعَةً فَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالزَّمَنِ وَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالْعَمَلِ وَقَوْلُهُ مَثَلًا يَرْجِعُ لِيَوْمٍ وَخِيَاطَةِ وَثَوْبٍ وَهُوَ مَا يُسْفِرُ عَنْهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِتَرَدُّدِ الْبِسَاطِيِّ وَمَثَلًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ أُمَثِّلُ لَك مَثَلًا. (ص) وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا أَوْ تُسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ خِطْ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِدِرْهَمٍ فَجَمَعَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْعَمَلِ فِي عَقْدٍ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ تَفْسُدُ إذَا كَانَ الزَّمَانُ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ وَالْآخَرُ عَدَمُ الْفَسَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ الْمَشْهُورَ الثَّانِيَ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا حَكَى فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ وَإِذَا كَانَ الزَّمَنُ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا وَيُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ خِلَافٌ حَقُّهُ أَنْ يُعَبَّرَ بِتَرَدُّدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ أَسْتَأْجِرُك عَلَى بَيْعِ هَذَا الثَّوْبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ فِي الْجُعَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ وَالْفَرْقُ خِفَّةُ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الِاسْتِصْنَاعِ أَيْ: أَنَّ تَيَسُّرَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ أَقْوَى مِنْ تَيَسُّرِ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ. (ص) وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَرْضٍ لِعَشْرٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُسْتَأْجَرَ أَوْ الْمَبِيعَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ عِنْدَ عَقْدِ إجَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ شَرَعَ هُنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى مِقْدَارِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا فَبَيَّنَ أَنَّهَا فِي الدَّارِ سَنَةٌ وَفِي الْأَرْضِ عَشْرُ سِنِينَ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهَا سَنَةً ثُمَّ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَرْضَهُ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهَا عَشْرَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْأَمْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِسُرْعَةِ التَّغَيُّرِ فِيهِ. (تَنْبِيهٌ) : ضَمَانُ الدَّارِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَدَمَ التَّغَيُّرِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا. (قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً) أَقُولُ إذَا كَانَ شَرْطُ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إذْ يُنْظَرُ حِينَئِذٍ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ هَلْ عَدَمُ التَّغَيُّرِ أَوْ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ فِي الْعَبْدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فِي بَعْضِ الْعَبِيدِ وَمَا زَادَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إلَّا فِي الْعَشَرَةِ لَا أَزْيَدَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لِلضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ فَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالزَّمَنِ وَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالْعَمَلِ) مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الْخِيَاطَةِ يَوْمًا مَثَلًا وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ ثَوْبًا مُعَيَّنًا وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِتَرَدُّدِ الْبِسَاطِيِّ) فَالْبِسَاطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرَدَّدَ هَلْ مَثَلًا رَاجِعٌ لِيَوْمٍ وَخِيَاطَةٍ أَوْ لِخِيَاطَةٍ فَقَطْ هَذَا حَاصِلُهُ فَعَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ نَقُولُ الشَّهْرُ وَالْجُمُعَةُ وَالسَّنَةُ كَالْيَوْمِ وَالْجُبَّةُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ. (قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَيَجُوزُ وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقًا وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَمَامِهَا وَلَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ بِتَمَامِهَا وَلَا عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشِيرُ لَهُمَا بِتَرَدُّدٍ لَا بِخِلَافٍ ثُمَّ نَقُولُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَتْ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ أَمْ لَا عَمِلَهُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ عَمِلَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ فَيُقَالُ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ، فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَ فِيهِ، فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعٌ حَطَّ فِيهِ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا إلَّا عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ. (قَوْلُهُ جَازَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا) أَيْ: كَمَنْعِهِ إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ أَيْ: إنْ تَيَسَّرَ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّيَسُّرِ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي جَزْءٍ لَطِيفٍ مِنْ الزَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُدْرَةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَجِيءَ مُشْتَرٍ وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْحُكْمَ سَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا حَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي بَابِ الْبُيُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَثْنَى هَلْ هُوَ مُبْقًى أَوْ مُشْتَرًى؟ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ الْجَمِيعَ ثُمَّ اشْتَرَى الْمَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَهَذِهِ إجَارَةٌ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ) هَذَا فِي دَابَّةِ غَيْرِ الرُّكُوبِ وَمَا سَيَأْتِي فِي التَّقْيِيدِ بِالثَّلَاثَةِ فَفِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً لَيْسَ الْمُرَادُ دَابَّةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ مِنْ أَنَّ ضَمَانَهَا فِيمَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَمْنُوعًا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ فَمِنْ الْمُبْتَاعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ الْمَعْمُولِ لِبَيْعٍ وَقَوْلُهُ لِعَشْرٍ أَيْ: إلَى عَشْرٍ أَوْ بَعْدَ عَشْرٍ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بَعْدَ عَامٍ الْمَعْمُولِ لِتُقْبَضَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولِينَ لِعَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ بَيْعِ أَرْضٍ. (ص) وَاسْتِرْضَاعٍ وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ لِلطِّفْلِ لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَلِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ عَيْنًا فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُجْرَةُ الظِّئْرِ نَقْدًا أَوْ طَعَامًا وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ، فَيَجُوزُ أَنْ تُكْرَى لَهُ حِمَارَةٌ تُرْضِعُهُ لِلضَّرُورَةِ وَيُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ إنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَقَوْلُهُ وَالْعُرْفُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ: وَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ إلَخْ أَوْ وَالْعُرْفُ مُعْتَبَرٌ فِي كَذَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ عَلَى أَبِيهِ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفَةٌ فَلَوْ قَالَ وَغَسْلُ خِرْقَةٍ عَلَى أَبِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ لِيُسْتَفَادَ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى أَبِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَلِزَوْجِهَا فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ زَوْجُهَا بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الشَّرِيفَةَ إذَا أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِرَضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ لَهَا لَيْسَ لِأَبِيهَا فَسْخُهَا. (ص) كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الظِّئْرَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلرَّضَاعِ إذَا حَمَلَتْ فَلِأَهْلِ الطِّفْلِ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا يَضُرُّ بِالطِّفْلِ وَلَهَا بِحِسَابِ مَا أَرْضَعَتْ فَلَوْ كَانَتْ أَكَلَتْ الْأُجْرَةَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِدَفْعِهَا لَهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِعِبَارَةٍ كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ وَالْخَوْفِ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَحَمْلُ ظِئْرٍ عَطْفًا عَلَى مَا يُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَصَلَ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ، قِيلَ: إنَّمَا عَبَّرَ بِأَهْلِ الطِّفْلِ دُونَ الْوَلِيِّ لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْأُمِّ أَيْضًا. (ص) وَمَوْتُ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ ظِئْرَيْنِ مَعًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِرَضَاعِ طِفْلٍ فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَلِلثَّانِيَةِ فَسْخُ الْعَقْدِ وَلَهَا أَنْ تَرْضَى بِرَضَاعِ الطِّفْلِ وَحْدَهَا، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَمَاتَتْ الثَّانِيَةُ فَالرَّضَاعُ لِلْأُولَى لَازِمٌ كَمَا كَانَتْ، وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِأُخْرَى تُرْضِعُ مَعَ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا إذَا كَانَتْ عَالِمَةً حِينَ إجَارَتِهَا أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَإِلَّا لَزِمَهَا قَالَهُ حَمْدِيسٌ وَعَارَضَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ السَّطِّيُّ بِقَوْلِهَا فِي الْحِمَالَةِ إذَا أَخَذَ حَمِيلًا بَعْدَ حَمِيلٍ وَالثَّانِي عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ لَزِمَ الثَّانِيَ جَمِيعُ الْكَفَالَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حُجَّةً بِخِلَافِ الظِّئْرِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَفِيلَ الثَّانِيَ دَخَلَ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ وَالظِّئْرُ الثَّانِيَةُ إنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى الْقِيَامِ بِنِصْفِ مُؤْنَةِ الْوَلَدِ. (ص) وَمَوْتُ أَبِيهِ وَلَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ لِلظِّئْرِ أَنْ تَفْسَخَ عَقْدَ الْإِجَارَةُ إذَا مَاتَ أَبُو الطِّفْلِ وَالْحَالُ أَنَّ الظِّئْرَ لَمْ تَقْبِضْ أُجْرَتَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ يُرِيدُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلظِّئْرِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لَهَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بَلْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهَا إلَى تَمَامِ عَقْدِ الرَّضَاعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهَا وَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ لَهَا وَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الْأُجْرَةِ. (ص) وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ   [حاشية العدوي] الرُّكُوبِ فَقَطْ بَلْ دَابَّةُ الِانْتِفَاعِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلرُّكُوبِ أَوْ لِلْعَمَلِ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْحَيَوَانِ الرَّقِيقِ وَالثَّلَاثَ فِي دَابَّةٍ أَعَمُّ مِنْ دَابَّةِ الرُّكُوبِ أَوْ دَابَّةِ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ) يَشْمَلُ الْجَائِزَ وَالْمَكْرُوهَ. (قَوْلُهُ وَاسْتِرْضَاعٍ) مَحَلُّ الرَّضَاعِ عِنْدَ الْأَبَوَيْنِ حَيْثُ لَا عُرْفَ إلَّا امْرَأَةً لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ يَكُونَ الْأَبُ وَضِيعًا لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا عِنْدَهُ فَذَلِكَ لَهَا (قَوْلُهُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ حَمِيمُهُ أَيْ: غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَدَقُّ رَيْحَانِهِ وَرَبْطُهُ فِي تَخْتِهِ وَحَمْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ) كَجَحْشٍ صَغِيرٍ أَوْ مُهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَجِدْ امْرَأَةً تُرْضِعُهُ يَرْضَعُ عَلَى الْحِمَارَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ تُكْرِيَ لَهُ حِمَارَةً) وَأَمَّا بَقَرَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفَةٌ) أَقُولُ إذَا تَأَمَّلْتهَا تَجِدُهَا مُوَافِقَةً وَنَصُّهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَلَدُ مِنْ رَيْحَانٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ غَسْلِ خِرْقَةٍ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْأُجْرَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّهَا فِي مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْإِرْضَاعِ إلَّا لِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ) أَيْ: بِتَشَاغُلِهَا عَنْهُ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ خِدْمَتُهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لَيْسَ لِأَبِيهَا فَسْخُهَا) أَيْ: وَلَا يُنْظَرُ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَضَرَّةِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ. (قَوْلُهُ حَيْثُ حَصَلَ الضَّرَرُ) أَيْ: أَوْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ. (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَتْ عَالِمَةً) أَيْ: وَلَيْسَ لِرَبِّ الطِّفْلِ إلْزَامُهَا بِرَضَاعِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا كَانَتْ مَعَ الْأُولَى الَّتِي مَاتَتْ لِكَثْرَتِهِ مِنْهُ حَالَ عَدَمِ رَضَاعِهِ كُلَّ يَوْمٍ (قَوْلُهُ وَعَارَضَهَا إلَخْ) الْمُعَارَضَةُ بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِ عَبْدِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ إلَخْ) وَجَوَابٌ آخَرُ أَنَّ الضَّمَانَ مَعْرُوفٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ. (قَوْلُهُ وَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ إلَخْ) أَيْ: فَلَيْسَ إعْطَاءُ الْأَبِ أُجْرَةَ رَضَاعِهِ هِبَةً مِنْهُ لَهُ وَإِنَّمَا إرْضَاعُهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ انْقَطَعَ بِمَوْتِ الْأَبِ وَلَوْ كَانَ هِبَةً لِلرَّضِيعِ لَرَجَعَ مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا (ش) التَّشْبِيهُ فِيمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْلِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَكُولٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِأَكْلٍ وَسَطٍ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ تَظْهَرُ أَكُولَةً فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَمُسْتَأْجَرٌ اسْمُ مَفْعُولٍ وَجُمْلَةُ أُوجِرَ بِأَكْلِهِ صِفَةٌ لَهُ وَقَوْلُهُ أَكُولًا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ فَقَدْ اُسْتُغْنِيَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ النَّاسِ فِي الْأَكْلِ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَوُجِدَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُضَافِ هُنَا صَالِحًا لِلْعَمَلِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ ظُهُورًا مَصْدَرٌ. (ص) وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ مِنْ وَطْءٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا رَضِيَ لِزَوْجَتِهِ أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ وَفَعَلَتْ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَلْزَمُهَا وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً لَا يَلْزَمُهَا رِضَاعُ وَلَدِهَا وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ حِينَئِذٍ مِنْ وَطْئِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ وَطْؤُهُ يَضُرُّ بِالطِّفْلِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا خِلَافًا لَأَصْبَغَ فِيهِمَا فَلَوْ تَعَدَّى وَوَطِئَ فَهَلْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا قَوْلَانِ قِيلَ لِأَهْلِ الطِّفْلِ الْفَسْخُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ الْفَسْخُ. (ص) وَسَفَرٍ كَأَنْ تُرْضِعَ مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً كَعَكْسِهِ (ش) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى وَطْءٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِهِ كَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ بِهَا حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيُسَافِرَ بِهَا، وَكَذَلِكَ تُمْنَعُ الظِّئْرُ مِنْ أَنْ تُرْضِعَ مَعَ الطِّفْلِ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ بِهَا كِفَايَةٌ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ اشْتَرَوْا جَمِيعَ لَبَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ رَضِيعٌ حَالَ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ رَضَاعِهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ، وَمَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً تُرْضِعُ وَلَدَهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَحْضُنَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى حَضَانَتِهِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ فَفَاعِلُ يَسْتَتْبِعُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ السَّابِقِ. (تَنْبِيهٌ) : وَأَمَّا سَفَرُ الْأَبَوَيْنِ بِالْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى الظِّئْرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَجَّرَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَتَنَازَعَتْ مَعَهُ لِمَنْ يَكُونُ مَا أَخَذَتْ فِي أُجْرَةِ رَضَاعِهَا فَوَقَعَ الْحُكْمُ بِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ لَهَا بِحِسَابِهِ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَا حُجَّةَ لِلزَّوْجِ بِأَنَّهُ مَلَكَ مَنَافِعَهَا فَبَاعَتْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا مَنَافِعُ الْأَشْيَاءِ الْبَاطِنَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَشَذَّالِيُّ. (ص) وَبَيْعَةُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَصُورَتُهَا شَخْصٌ بَاعَ سِلْعَةً لِآخَرَ تُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ مَثَلًا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ سَنَةً فَآلَ الْأَمْرُ إنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَمَلُهُ سَنَةً فِيهَا وَحَلُّ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ وَالْوَسَطِ مُعْتَرَضٌ، وَلِجَوَازِ الْمَسْأَلَةِ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، الثَّالِثُ: أَنْ يُعَيِّنَ النَّوْعَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ، الْخَامِسُ: أَنْ يَحْضُرَ الثَّمَنُ لِيَخْرُجَ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَى أَمَانَتِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ فَيَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَيَزِيدَهُ فِيهِ، السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَكِرَ إنَّمَا يَبِيعُ إذَا غَلَتْ السِّلَعُ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ السَّابِعُ   [حاشية العدوي] عِنْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَبُ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِمْ يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا قَدِمَ بِوَضْعِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ خَوْفًا أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ فَلَا يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ بَاقِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ مِنْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَكُولَ الطَّعَامَ الْوَسَطَ وَأَبَى الْأَجَلُ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِهِ جَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ) أَيْ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَبُنِيَ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَمُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ الْخِيَارُ فِي عَبْدٍ مَبِيعٍ ظَهَرَ أَكُولًا وَلَكِنْ أَفْتَى النَّاصِرُ بِعَدَمِ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوهُ مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْصُرْ عُيُوبَ الْمَبِيعِ بَلْ قَالَ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةً بِالْكَافِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ: وَلَيْسَ مَفْعُولَ ظُهُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ. (قَوْلُهُ وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا كَذَا قَالَ عج وَلَكِنْ جَزَمَ اللَّقَانِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ فِيهِمَا) أَيْ: فِي التَّعْمِيمَيْنِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الضَّرَرِ أَوْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً) أَيْ: لَا يَلْزَمُهَا حَضَانَتُهُ لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَكُونُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ مَا أَخَذَتْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ فَوَقَعَ الْحُكْمُ) أَيْ حُكْمُ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ الْأَشْيَاءُ الْبَاطِنَةُ) كَالْعَجْنِ وَالطَّبْخِ وَحَاصِلُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ صَدَاقًا فِي وَطْءٍ إكْرَاهًا أَوْ شُبْهَةً كَانَ لَهَا لَا لَهُ. (قَوْلُهُ وَحَلَّ الشَّارِحُ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَالَ يَعْنِي إذَا بَاعَهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا) هَذَا يُفْهَمُ مِنْ تَعَلُّقِ التِّجَارَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَنْ يُعَيِّنَ النَّوْعَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ الْأَنْوَاعِ يَخْتَلِفُ مُؤْنَتُهُ بِالثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ فَبَعْضُهَا أَشَقُّ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ) هَذَا مِنْ جَعْلِ الْفِعْلِ مُضَارِعًا الْمُقْتَضَى لِلتَّجَدُّدِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَيُفِيدُ أَنَّهُ مُدِيرٌ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ أَنْ يُحْضِرَ الثَّمَنَ) أَيْ: وَأَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِضَافَةَ فِي ثَمَنِهَا لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ فَهُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا هَذَا الثَّمَنُ الْحَاضِرُ فَيُفِيدُ بِتِلْكَ الْمَعُونَةِ اشْتِرَاطَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَلَفَ وَإِلَّا أَدَّى إلَى الْغَرَرِ الثَّامِنُ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَإِذَا اتَّجَرَ بِالْمِائَةِ فَنَقَصَتْ فِي خِلَالِ السَّنَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَهُ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهَا الْمُشْتَرِي وَلَا كَلَامَ لَهُ انْتَهَى، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْخَلَفُ وَهَذَا وَاضِحٌ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ أَوْ طَلَبَ الْخَلَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الرِّبْحِ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ أَيْضًا وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ وَقَدْ اتَّجَرَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ السَّنَةِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيمَا اتَّجَرَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ فِي الْمِائَةِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْمُشْتَرِي بِالْمِائَةِ إلَّا نِصْفَ السَّنَةِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ وَقَدْ فَاتَتْ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ تُنْقِصُهَا الرُّبُعَ رَجَعَ مُشْتَرِي السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرُبُعِ الْمِائَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَرْجِعُ أَيْضًا بِرُبُعِ قِيمَةِ الْإِجَارَةِ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَيَتَّجِرُ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِينَارًا؛ لِأَنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ رُبُعَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ فِي شَيْءٍ وَقَدْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَكَانَ الْعَيْبُ يُنْقِصُهَا الرُّبُعَ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَتَّجِرُ لَهُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ يَتَّجِرُ لَهُ بِهَا. (ص) كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ كَمَا فِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ لِيُوَافِقَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِعَيْنِهَا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّ مَا مَاتَ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ مَا تَلِفَ مِنْهَا أَخْلَفَهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ قِيلَ لِلرَّاعِي اذْهَبْ بِسَلَامٍ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ. (ص) وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْغَنَمُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلِلرَّاعِي الْخَلَفُ بِالْقَضَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فِيمَا هَلَكَ مِنْهَا إلَى تَمَامِ عَمَلِهِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ الرَّاعِي الْخَلَفَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ قِيلَ لِلْعَامِلِ اذْهَبْ بِسَلَامٍ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَغَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي الْجَوَازِ بِدُونِ قَوْلِهِ إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ أَيْ: وَجَازَ بَيْعُهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ عُيِّنَتْ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ بِمَعْنَى عَلَى وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُوَ الرَّاعِي وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَرْطُ الْخَلَفِ عَلَى آجِرِهِ وَهُوَ رَبُّ الْغَنَمِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. (ص) كَرَاكِبٍ (ش) أَيْ: أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَرَثَتَهُ إنْ مَاتَ أَنْ يَأْتُوا بِخَلَفِهِ أَوْ يَدْفَعُوا جَمِيعَ الْأُجْرَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْخَلَفِ أَيْ: كَمَا يَجِبُ خَلَفُ الرَّاكِبِ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ وَحَلُّ الشَّارِحِ أَيْضًا وَاضِحٌ   [حاشية العدوي] الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخُلْفَ) هَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَالْمُشْتَرِطُ الْبَائِعُ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَرَضِ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَهِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِطَ إنَّمَا هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ فِي الشَّرْطِ فَائِدَةٌ وَهِيَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عَلَى تَقْدِيرِ تَلَفِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْغَرَرِ يُفِيدُ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ ذِكْرَ الشَّرْطِيَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ جَرَى عُرْفٌ بِهِ لَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِهِ ثُمَّ إذَا حَصَلَ شَرْطُ الْخَلَفِ وَحَصَلَ تَلَفُ الْبَعْضِ وَرَضِيَ رَبُّ السِّلْعَةِ بِالتَّجْرِ بِمَا بَقِيَ جَازَ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ جَعْلِ التِّجَارَةِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَالرِّبْحُ لَيْسَ مَعْلُومًا وَقَيَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرِّبْحُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُتَقَارِبًا وَإِلَّا جَازَ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ اخْتَلَّ الْحُضُورُ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ تِجَارَةَ سَنَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَقِيمَةُ التَّجْرِ خَمْسُونَ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَهَلْ يَرْجِعُ شَرِيكًا بِثُلُثِهَا أَوْ بِثُلُثِ قِيمَتِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَحْضَرَ الثَّمَنَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّجْرَ بِالرِّبْحِ فَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ) وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْخَلَفُ أَيْ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَلَفُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ سَنَةٍ وَهُوَ يَتَّجِرُ فِي الْمِائَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَرْكُ التَّجْرِ نِصْفَ سَنَةٍ (قَوْلُهُ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ) أَيْ: لِأَنَّهُ كَشَفَ الْعَيْبَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاتِّجَارُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ لَا بِالْمِائَةِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ: فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ وَمَاتَ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ تَلِفَ فَإِنَّ رَبَّهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِالْخَلَفِ يَسْتَحِقُّ الرَّاعِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ) أَيْ: بِفَتْحِ الْجِيمِ. (فَرْعٌ) لَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهُ رَاعِيًا آخَرَ وَلَوْ بِرِضَا رَبِّ الْغَنَمِ وَيَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْأَمَانَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجَرِ شَرْطُ الْخَلَفِ) أَيْ: اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ عَلَى رَبِّهَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَرَثَتَهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا بِخِلَافِ مَوْتِ الدَّابَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فُسِخَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ الْآتِي لَا بِهِ فَصَارَ لِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ تَرْجِيحٌ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ صَرِيحًا فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الدَّابَّةُ الْمُكْتَرَاةُ لِعَرُوسٍ تُزَفُّ عَلَيْهَا فَيَتَعَذَّرُ زَفُّهَا فَعَلَى وَلِيِّهَا الْكِرَاءُ (قَوْلُهُ وَحَلُّ الشَّارِحِ وَاضِحٌ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا فَهَلَكَتْ فَعَلَى الْمُكْرِي خَلَفُهَا انْتَهَى فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْخَلَفِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا. (ص) وَحَافَّتَيْ نَهْرِك لِيَبْنِيَ بَيْتًا وَطَرِيقٍ فِي دَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُؤَاجِرَ حَافَّتَيْ نَهْرِك لِمَنْ يَبْنِي عَلَيْهِ بَيْتًا أَوْ لِمَنْ يَنْصِبُ عَلَيْهِ رَحًى وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَ طَرِيقًا فِي دَارِ رَجُلٍ لِتَتَوَصَّلَ مِنْهَا إلَى مَنَافِعِك وَمَا تُرِيدُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَارٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ طَرِيقٌ فِي أَرْضِ غَيْرِك كَانَتْ دَارًا أَوْ أَرْضًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَحَافَّتَيْ نَهْرِك بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُوجِرٍ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ كَمَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى غَنَمٍ مِنْ قَوْلِهِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي طَرِيقٍ وَمَا بَعْدَهُ. (ص) وَمَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ (ش) الثَّلَاثَةُ اسْمُ مَكَان فَمَسِيلٌ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ كَالْمُجْرَاةِ وَمَصَبٌّ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ وَمِرْحَاضٌ اسْمٌ لِمَكَانِ الرَّحْضِ وَهُوَ صَبُّ الْمَاءِ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ مَكَان يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ وَبِعِبَارَةٍ مَسِيلٌ اسْمُ مَكَان وَمَصَبٌّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى انْصِبَابٍ وَمِرْحَاضٌ مِنْ الرَّحْضِ وَهُوَ الصَّبُّ. (ص) لَا مِيزَابٍ (ش) أَيْ: لَا شِرَاءَ مَاءِ مِيزَابٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِيزَابُ مَنْسُوبًا وَمُضَافًا لِمَنْزِلِك تَسْتَأْجِرُ مِنْ جَارِك مَسِيلَهُ لِيَجْرِيَ مَاءُ مِيزَابِك فِي أَرْضِهِ لِيَخْرُجَ إلَى خَارِجِ دَارِ الْجَارِ وَيَسْتَقِرَّ فِيهَا فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ كَمَسْأَلَةِ مَصَبِّ الْمِرْحَاضِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْجَارٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ وَبِعِبَارَةٍ لَا مِيزَابٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: لَا شِرَاءِ مَاءِ مِيزَابٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسِيلٍ لَا عَلَى مِرْحَاضٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ أَيْ وَجَازَ اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لَا شِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَكُونُ وَلَا يَكُونُ وَسَوَاءٌ طَالَ أَمَدُ الْمَاءِ أَوْ قَصُرَ وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ وَهَذَا الْفَرْعُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ. (ص) وَكِرَاءِ رَحَى مَاءٍ بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ رَحَا تَدُورُ بِالْمَاءِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحَى لَمَّا كَانَتْ مُتَشَبِّثَةً بِالْأَرْضِ وَيُعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ   [حاشية العدوي] أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّقْدِيرَ مِنْ جِهَةِ الدَّابَّةِ وَقَيَّدَهَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إلَّا أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْخَلَفِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَجَوُّزٌ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْخَلَفِ) إنَّمَا عَبَّرَ بِمُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ فِي الْأَوَّلِ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ وَالتَّلَفُ فِي الثَّانِي عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الْحَلِّ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ) أَيْ: بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ قَالَ تت وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَرِّضُ الْجِدَارَ فَيَضِيقُ مَجْرَى النَّهْرِ، ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الْبِنَاءِ أَيْ: مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ (قَوْلُهُ لِتَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى مَنَافِعِك) فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) فَإِنْ قُلْت هُوَ هِبَةٌ قُلْت لَمَّا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُعْطَ حُكْمَ الْهِبَةِ وَعُدَّ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى غَنَمٍ مِنْ قَوْلِهِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ) أَيْ: عَلَى غَنَمٍ عُيِّنَتْ مَدْخُولُهُ الْكَافُ أَيْ: وَالْمَعْنَى كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رَعْيِ غَنْمٍ مُعَيَّنَةٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى حَافَّتَيْ نَهْرِك. (قَوْلُهُ كَالْمُجْرَاةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ فِي دَارِ الْجَارِ الَّتِي يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى الْخَارِجِ أَوْ إلَى الْخَلِيجِ كَمَا فِي مِصْرَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ هُوَ الْمَسِيلُ الْمَنْسُوبُ لِلْجَارِ وَالْمُرَادُ بِالْمِرْحَاضِ مَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَقَدْ جُعِلَ الْمَصَبُّ اسْمَ مَكَان يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْمُجْرَاةِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّهَا يُصَبُّ فِيهَا مَاءُ الْجَارِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ إضَافَةُ مَسِيلٍ لَهَا لِلْبَيَانِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا نَفْسُ الْمِرْحَاضِ؛ لِأَنَّهُ يَصُبُّ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَعَلَيْهِ تَكُونُ إضَافَةُ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَمَصَبٌّ بِمَعْنَى انْصِبَابٍ) أَقُولُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَالْمَعْنَى جَازَ اسْتِئْجَارُ مَسِيلِ مَاءٍ ذِي انْصِبَابٍ مِنْ مِرْحَاضٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّحْضِ وَهُوَ الصَّبُّ أَيْ: لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ كَمَا قُلْنَا يَصُبُّ فِيهَا الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك إلَخْ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْعُ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ فَيُنَاقِضُ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا شِرَاءَ إلَخْ بِدَلِيلِ إلَخْ أَيْ: قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَيَسْتَقِرُّ فِيهَا) أَيْ: فِي خَارِجِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسِيلٍ) الْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى اسْتِئْجَارٍ (قَوْلُهُ وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ) حَاصِلُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَمَدِ الْقَصِيرِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهِ الْمَطَرُ فَهُوَ غُرُورٌ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَمَدَ الْكَثِيرَ جِدًّا يَقَعُ فِيهِ الْمَطَرُ عَلَى جَرْيِ الْمُتَعَارَفِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ) لَا مَعْنَى لِلتَّرْتِيبِ مَعَ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمِيزَابِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَائِلًا اُنْظُرْ مَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ هَلْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُطْحَنُ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مَنَافِعَ هَذَا الْمَاءِ بِطَعَامٍ أَوْ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُتَشَبِّثَةً بِالْأَرْضِ يُعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ انْتَهَى وَمَعْنَى مُتَشَبِّثَةٍ مُتَعَلِّقَةٌ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ أَيْ: أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ فَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ بِأَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ أَيْ: أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِ مَا ضَرَّهُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى. (ص) وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحِفْظُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِقْهَ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ وَالْقُرْآنُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ وَأَنَّ تَعْلِيمَ الْفِقْهِ بِأُجْرَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِخِلَافِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ مُشَاهَرَةً لَا مَفْهُومَ لَهُ مَنْصُوبٌ إمَّا عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: عَلَى الْمُشَاهَرَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِعَطْفِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ. (ص) وَأَخَذَهَا وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَأْخُذُ الْحَذْقَةَ أَيْ: الْإِصْرَافَةَ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ أَيْ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَلَا حَدَّ فِيهَا وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى حَالِ الْأَبِ فِي يُسْرِهِ وَعُدْمِهِ، وَيُنْظَرُ فِيهَا أَيْضًا إلَى حَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ حَافِظًا فَتَكُونُ حَذْقَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي لَا يَحْفَظُ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَأَ وَأَخَذَهَا بِالتَّحْرِيكِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ بِالسُّكُونِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ أَخْذُهَا وَاجِبًا فَيُقْضَى بِهَا عَلَى الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا مِنْهُ إذَا امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ فَلَا يُفِيدُ وُجُوبَ أَخْذِهَا بَلْ جَوَازُهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا حَيْثُ طَلَبَهَا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا وَلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا لَهُ لَا عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْحَذْقَةِ مِنْ السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَ بِهِ الْعُرْفُ مِثْلُ لَمْ يَكُنْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَالْفَتْحِ وَالصَّافَّاتِ، وَالْعُرْفُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ. (ص) وَإِجَارَةِ مَاعُونٍ كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ مَا ذُكِرَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ آلَةٌ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ؛ لِأَنَّ الْمَاعُونَ الْوِعَاءُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ مَا ذُكِرَ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، رَدَّ الْقَوْلَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي مَنْعِهِمْ كِرَاءَ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَقُدُورِ الْفَخَّارِ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ بِحَيْثُ لَا تُعْرَفُ إلَّا أَنْ يُنْقَشَ عَلَيْهَا. (ص) وَعَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إجَارَةٌ وَجَعَالَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ جَائِزَةٌ لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ إجَارَةً بِأَنْ وَصَفَ لَهُ الْبِئْرَ وَعَيَّنَ مِقْدَارَ الْحَفْرِ وَإِذَا انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ   [حاشية العدوي] لَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ كَالدُّورِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ الَّذِي تَدُورُ بِهِ فَهُوَ عُذْرٌ يُوجِبُ فَسْخَ الْكِرَاءِ فَإِنْ عَادَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ عَادَ الْكِرَاءُ وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي الِانْقِطَاعِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى وُجُودِ الْمَاءِ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ وَفِي آخِرِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ) أَيْ: قِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ حِفْظٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَذَا الْحِفْظُ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحِفْظُ وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ فِي شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهَا عَلَى الْحِذَاقِ جَعَالَةً لَكِنْ إذَا حَصَلَ التَّرْكُ فَلِلْمُعَلَّمِ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّمَ انْتَفَعَ كَذَا وَجَدْت عِنْدِي فِي كِتَابَتِي أَيَّامَ الْحُضُورِ عَلَى الْأَشْيَاخِ. (تَنْبِيهٌ) : يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَيْ: الْحِفْظُ وَكَوْنُهُ فِي شَهْرٍ مَثَلًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ تَسَاوِي الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا كَمَا مَرَّ إمْكَانُ مُسَاوَاةِ الْعَمَلِ مَعَ الزَّمَنِ هُنَاكَ تَحْقِيقًا أَوْ تَحَرِّيًا وَعَدَمُهُ هُنَا لِبَلَادَةِ الْمُتَعَلِّمِ وَعَدَمِ سُرْعَةِ حِفْظِهِ وَعَدَمُ تَحَرِّي ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ الْفِقْهَ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْأُصُولِيِّينَ الرَّاجِحَةُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا كُرِهَ الْأَخْذُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَقِلَّ طَالِبُهُ (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ: بَلْ مِثْلُهُ مُسَانَاةً أَوْ مُيَاوَمَةً أَيْ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْحَالِ) أَيْ حَالِ كَوْنِ التَّعْلِيمِ مُشَاهَرَةً أَيْ: ذَا مُشَاهَرَةٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ) أَيْ: كِتَابَةُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهَا جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: الْإِصْرَافَةَ) أَيْ: فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخْذُهَا عَائِدٌ عَلَى الْحِذَاقِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ الْحِفْظُ بَلْ بِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ الْإِصْرَافَةُ فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ وَمَحَلُّ أَخْذِهَا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهَا فَيَعْمَلُ بِهِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَحُكْمُ الْقُضَاةِ فِيهَا عِنْدَنَا مِنْ دِينَارٍ إلَى دِينَارٍ وَنِصْفٍ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَإِلَى الْأَقَلِّ فِيمَا دُونَهُ وَقَدْرُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى الْمَلِيءِ إلَى دِينَارَيْنِ وَنِصْفٍ فَإِنْ أَخْرَجَ الْأَبُ ابْنَهُ قُرْبَ مَحَلِّهَا لَزِمَهُ وَإِنْ بَقِيَ مَالَهُ بَالٌ كَالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ سَقَطَتْ وَلَوْ تَرَكَ الْمُعَلِّمُ التَّعْلِيمَ وَقَدْ قَرُبَ مَحَلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا. (فَائِدَةٌ) لَوْ مَاتَ أَبُو الطِّفْلِ أَوْ الْمُعَلِّمُ فَلَا يُقْضَى بِالْحَذْقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ الْأَبُ فَقَدْ وَهَبَ شَيْئًا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ وَإِنْ مَاتَ الْمُعَلِّمُ فَهِيَ هِبَةٌ لِمُعَيَّنٍ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا الْأَوَّلَ بِمَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ بِهَا الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَشْهَدَ يُقْضَى بِهَا وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ الْبُرْزُلِيُّ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ) مُقَابِلُهُ لَا يُقْضَى بِهَا عِنْدَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إبْرَاهِيمَ. (قَوْلُهُ وَلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ) أَيْ: وَلَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ كَمَا قَدَّرْنَاهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ) فَقَدْ يُؤْخَذُ عَلَى شَيْخٍ مَثَلًا فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ. (قَوْلُهُ نَحْوُ الْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْخَاءِ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ فَهُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْقِيَاسِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الْبُلَيْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) كَالْوِعَاءِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوَّلًا كَالصُّحُونِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا وَلَمْ تُمَيَّزْ بِعَلَامَةٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ وَافَقَهُ) أَيْ: كَابْنِ الْفَخَّارِ وَابْنِ فَتُّوحٍ (قَوْلُهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُ قُدُورُ الْفَخَّارِ مُطْلَقًا مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ (أَقُولُ) وَقَدْ يُوجَدُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَغْيِيرُ دِهَانٍ. (قَوْلُهُ وَإِذَا انْهَدَمَتْ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 الْعَمَلِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَإِنْ انْهَدَمَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَتَارَةً تَكُونُ جَعَالَةً فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةِ أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا لَا يَحْصُلُ فِيهِ نَفْعٌ لِلْجَاعِلِ حِينَ التَّرْكِ لَوْ تُرِكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إلَّا فِي الْمَوَاتِ وَبِقَوْلِنَا حِينَ التَّرْكِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَحِينَئِذٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُجَاعَلَةُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ حِينَ التَّرْكِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَاعِلِ نَفْعٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إجَارَةٌ أَيْ: فِي مِلْكِك وَغَيْرِهِ كَالْمَوَاتِ وَجَعَالَةٌ فِي غَيْرِهِ لَا فِي مِلْكِك؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ بِالْبِئْرِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ. (ص) وَيُكْرَهُ حُلِيٌّ (ش) أَيْ يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ لِلْكَرَاهَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا تت فَقَالَ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ لِنَقْصِهِ وَقَدْ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ نَقْدًا أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إعَارَتَهُ زَكَاتُهُ خِلَافٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَحُلِيٌّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدًا فَيَكُونَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا فَيَكُونَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ. (ص) كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةِ مِثْلِهِ (ش) هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ لِيَرْكَبَهَا وَإِنْ وَقَعَ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ فِي خِفَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْكَرَاهَةِ وَكَأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ إلَى التَّشْبِيهِ لِأَجْلِ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الثَّوْبُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكُتُبُ مِثْلَ الثِّيَابِ لِاخْتِلَافِ اسْتِعْمَالِ النَّاسِ فِيهَا فَلَوْ أَكْرَاهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الثَّوْبِ دُونَ الدَّابَّةِ، وَهَلْ الضَّمَانُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ فَيَزُولُ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي كِرَاءِ دَابَّةِ الرُّكُوبِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِذَلِكَ لِتَعَذُّرِ رُكُوبِهِ مَثَلًا فَإِنْ حَصَلَ ضَرُورَةً فَلَا. (ص) أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَظَّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِفَظٍّ مِثْلِهِ يَرْكَبُهَا، فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَتُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ لِكَوْنِ رَبِّ الدَّابَّةِ دَخَلَ عَلَى إعْطَائِهَا لِفَظٍّ فَقَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهَا فَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِغَيْرِ فَظٍّ مِثْلِهِ أَوْ لِفَظٍّ مِثْلِهِ   [حاشية العدوي] هَذَا مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِ الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا وَصْفُ الْبِئْرِ وَتَعْيِينُ الْحَفْرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةِ كَمَا ذَكَرَهُ عج وَكَذَا يَكُونُ إجَارَةً تَارَةً إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَوَاتِ أَوْ مِلْكِك وَتَارَةً يَكُونُ جَعَالَةً إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْجَعَالَةِ أَوْ قَالَ لَا أَسْتَحِقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمَوَاتِ فَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِإِجَارَةٍ وَلَا بِجَعَالَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْكُلِّ أَوْ بِالْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِك فَيَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْمَوَاتِ فَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ يَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْجَعَالَةِ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْكُلِّ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَقْدًا فَاسِدًا أَوْ تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْجَعَالَةِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فَهَلْ كَذَلِكَ يَكُونُ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) أَيْ: مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْفَرْقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا غَاصِبٌ أَوْ سَارِقٌ. (قَوْلُهُ أَيْ: يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ) أَيْ: ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ فِيهِمَا أَوْ فِضَّةٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: وَهُوَ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إعَارَتَهُ زَكَاتُهُ أَيْ: أَنَّ الْحُلِيَّ الْمُبَاحَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَعَلَّلُوا عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِأَنَّ إعَارَتَهُ لِمَنْ يَتَزَيَّنُ بِهِ هِيَ زَكَاتُهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَارَتْ مَنْفَعَتُهُ مُعَدَّةً لِلْإِعَارَةِ فَلَا يُكْرِي؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ فَلَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ أَيْ: وَالشَّارِعُ طَلَبَ زَكَاتَهُ الَّتِي هِيَ الْإِعَارَةُ وَالْحُلِيُّ إذَا كَانَ مُحَرَّمًا لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ (قَوْلُهُ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ لِنَقْصِهِ) لَمَّا كَانَ النَّقْصُ غَيْرَ مُحَقَّقٍ مُتَّفِقٌ لَمْ يُجْزَمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ) أَيْ: الْعُلَمَاءُ كَمَا وَجَدْتُهُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا) أَقُولُ وَعَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ لَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَمْعِ وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى إرَادَةُ الْأَفْرَادِ أَيْ: جِنْسِ الْحُلِيِّ. (قَوْلُهُ لِيَرْكَبَهَا) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اكْتَرَاهَا لِلْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَاهَا) أَيْ: الذَّاتَ الْمُكْتَرَاةَ أَعَمُّ مِنْ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ) أَيْ: لَا ضَمَانُ عَدَاءٍ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يُؤَجِّرْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ يُؤَجِّرْهَا وَارِثُهُ لِمَوْتِهِ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي أَكْرَاهَا مِنْ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا حَيْثُ جُهِلَ حَالُ الْمُكْرِي، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ مِنْهُ الرِّضَا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا فَهَلْ يَكُونُ كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يُكْرِيَ لِمِثْلِهِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَاهُ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ أَوْ لَيْسَ كَالشَّرْطِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ الِاضْطِرَارُ بَلْ مَتَى بَدَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ اُضْطُرَّ أَمْ لَا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بَدَأَ لَهُ مِنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ أُكْرِيَتْ مِنْ مِثْلِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ) اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى لِفَظٍّ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) صِفَةٌ لِغَيْرِ فَظٍّ أَيْ أَنَّ غَيْرَ الْفَظِّ آجَرَهَا لِغَيْرِ فَظٍّ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِفَظٍّ مِثْلِهِ) أَيْ: أَوْ آجَرَهَا فَظٌّ لِفَظٍّ مِثْلِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ لِمِثْلِهِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُصَنَّفِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: لِفَظٍّ مِثْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ لَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ ثَوْبٍ بِمِثْلِهِ أَيْ: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 (ص) وَتَعْلِيمُ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ كَبَيْعِ كُتُبِهِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ لِئَلَّا يَقِلَّ طَالِبُهُ وَالْمَطْلُوبُ خِلَافُهُ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ فِقْهِ الْفَرَائِضِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ بَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِضَرُورَةِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ عَمَلِ الْفَرَائِضِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَعَطْفُ فَرَائِضَ عَلَى فِقْهٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَقَالَ الشَّارِحُ قَالَ فِي الْمَعُونَةِ وَأَكْرَهُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ عِلْمِ الشِّعْرِ وَالنَّحْوِ وَعَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ وَإِجَارَةَ كُتُبٍ فِيهَا ذَلِكَ أَوْ بَيْعَهَا وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ كُتُبِ الْفِقْهِ فَكَيْفَ بِهَذِهِ وَمَا كُرِهَ بَيْعُهُ فَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ انْتَهَى أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ وَالْفِقْهُ لُغَةً الْفَهْمُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ. (ص) وَقِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ (ش) الْمُرَادُ بِاللَّحْنِ التَّطْرِيبُ وَهُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ بِالْأَنْغَامِ عَلَى حَدِّهِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَأُجْرَةُ قِرَاءَةٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مُقَامَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ بِاللَّحْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ مَعَ مَا سَبَقَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِالْمُفْرَدِ لِلِاخْتِصَارِ. (ص) وَكِرَاءُ دُفٍّ وَمِعْزَفٍ لِعُرْسٍ (ش) الدُّفُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا لُغَةً هُوَ الْمُدَوَّرُ الْمُغَشَّى مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ غُشِّيَ مِنْهُمَا وَكَانَ مُرَبَّعًا فَهُوَ الْمِزْهَرُ وَالْمِعْزَفُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِيدَانِ وَنَقَلَ بَعْضٌ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَعَازِفَ الْمَلَاهِيَ وَيَشْمَلُ الْأَوْتَارَ وَالْمَزَاهِرَ انْتَهَى وَالْمَعْنَى أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ كِرَاءَ مَا ذُكِرَ لِلْأَعْرَاسِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ ضَرْبِ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ إبَاحَةُ إجَارَتِهِ فِيهِ، وَأَمَّا إجَارَةُ الْمِعْزَفِ فِي غَيْرِ الْأَعْرَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْمُرَادُ بِالْعُرْسِ خُصُوصُ النِّكَاحِ. (ص) وَكِرَاءُ كَعَبْدٍ كَافِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ دَابَّتَهُ لِكَافِرٍ وَمَحَلُّهَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْحَرْثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ فِعْلُهُ لِنَفْسِهِ   [حاشية العدوي] يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ أَنْ يُكْرِيَهُ لِمِثْلِهِ وَضَمِنَهُ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّي الثَّانِي؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَوَّلِ ضَمَانُ تُهْمَةٍ فَيَزُولُ مَعَ الْبَيِّنَةِ لَا ضَمَانُ عَدَاءٍ وَيَجْرِي فِي الثَّوْبِ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا يَظْهَرُ، فَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ فِي حَمْلٍ مِثْلِهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ لِعَدَمِ إرَادَةِ لُبْسِهِ أَوْ وَارِثِهِ لِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ وَتَعْلِيمُ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ) أَيْ: إذَا كَانَ عَيْنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كِفَائِيًّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْفَرْضِ الْكِفَائِيِّ (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ بَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ) أَيْ مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهُ (قَوْلُهُ جَائِزٌ لِضَرُورَةِ الْغُرَمَاءِ) بَلْ وَاجِبٌ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِيعَتْ كُتُبُ ابْنِ وَهْبٍ الَّتِي أَلَّفَهَا بِثَلَثِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَصْحَابُنَا مُتَوَافِرُونَ وَكَانَ أَبِي وَصِيَّهُ (قَوْلُهُ تَعْلِيمِ عَمَلِ الْفَرَائِضِ) هُوَ الْمُنَاسَخَاتُ (قَوْلُهُ وَعَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ) أَيْ: مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهَا، وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْفِقْهِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ كُتُبٍ فِيهَا لِذَلِكَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْإِجَارَةُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهَا وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ كُتُبٍ فِيهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِاللَّحْنِ التَّطْرِيبُ) عِبَارَةُ بَعْضٍ أَيْ: التَّنْغِيمُ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ) الْمُرَادُ عَدَمُ اتِّصَالِ الْحُرُوفِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ عَلَى حَدِّهِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ وَالْمُرَادُ لَحْنٌ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْقُرْآنُ عَمَّا أَجْمَعَتْ السَّبْعَةُ عَلَى وُجُوبِهِ، وَأَمَّا مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ بِخِلَافِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ يَنْبَغِي قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَا وَرَاءَ السَّبْعِ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهِ (- قَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِالْمُفْرَدِ لِلِاخْتِصَارِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْأَلْحَانِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ لَحْنٍ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِتَلْحِينٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ لَفْظُ هُنَا وَيَقُولُ وَعَبَّرَ بِالْمُفْرَدِ لِلِاخْتِصَارِ. (قَوْلُهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِيدَانِ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ بَهْرَامَ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ الْأَوَّلِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ الْأَوْتَارُ وَالْمَزَاهِرُ) وَعِبَارَةٌ أُخْرَى فَيَشْمَلُ الْأَعْوَادَ وَالرَّبَابَ وَالسِّنْطِيرَ وَالْكَبَنْجَا وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الْجَوَازُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنْ قُلْت فِعْلُهُمَا فِي الْعُرْسِ جَائِزٌ فَلِمَ كُرِهَ الْكِرَاءُ لَهُ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا قُلْت سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أَيْ: لَوْ جَازَ فِي الْعُرْسِ لَتَوَصَّلَ إلَى كِرَائِهِ فِي غَيْرِهِ انْتَهَى. وَعِبَارَةٌ أُخْرَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوحُ الْفِعْلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعُرْسِ خُصُوصُ النِّكَاحِ) وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ النِّكَاحِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعُرْسِ كُلُّ فَرَحٍ كَاجْتِمَاعِ بَعْضِ النَّاسِ بِبَعْضٍ فِي لَيَالِيَ مَعْرُوفَةٍ وَيَجْعَلُونَهُ فَرَحًا وَسُرُورًا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مَا ذُكِرَ انْتَهَى. ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكِرَاءُ دُفٍّ وَمِعْزَفٍ لِعُرْسٍ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْآلَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْمِعْزَفِ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحُرْمَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَدْرَ نَقَلَ مَنْعَ سَمَاعِ الْآلَةِ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ وَأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ نَصَّ عَلَى أَنَّ كَرَاهَةَ كِرَاءِ الْمَعَازِفِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ سَمَاعِ الْآلَةِ فِي الْعُرْسِ انْتَهَى، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ حُرْمَةُ اسْتِمَاعِ الْآلَةِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا. (تَنْبِيهٌ) : بَقِيَ كِرَاءُ الدُّفِّ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَعَنْ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْحُكْمُ الْحُرْمَةُ كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَالْخِيَاطَةِ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَسْتَبِدُّ بِذَلِكَ لِلْكَافِرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي حَانُوتِهِ وَيَخِيطُ لَهُ كَالنَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ يَخِيطُ لَهُ فِي حَانُوتِهِ وَلَا يَخِيطُ إلَّا لَهُ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 كَعَصْرِ الْخَمْرِ وَرَعْيِ الْخَنَازِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ لِكَافِرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تُرَدُّ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِرِ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَدَبًا لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِأَجْلِ جَهْلٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَنُصِبَ قَوْلُهُ كَافِرًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ لِعَبْدِ الذِّمِّيِّ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ لِعَبْدِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِكِرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ فَيَنْصِبُ مَفْعُولَيْنِ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ كَعَبْدٍ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّصْبَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ. (ص) وَبِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِلْكِرَاءِ أَيْ: يَأْخُذَ أُجْرَةً مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ، وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْيَاءِ مِنْ مَنْعِ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِلْكِرَاءِ فَلَهُ حُرْمَةٌ فَوْقَ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ الْمَبْنِيِّ لِلْكِرَاءِ كَمَا هُنَا أَوْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ فَيُوَافِقُ الْمَنْعَ الْآتِيَ كَمَا نَقَلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ عَلَى التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا السُّكْنَى فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ أَهْلٍ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ تَحْتَ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِلْكِرَاءِ أَمْ لَا. (ص) بِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ (ش) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ تَقْدِيرُهُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ يُدْفَعُ بِسَبَبِ مَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِعَاقِدٍ كَعَاقِدِ الْبَيْعِ وَبِدَفْعِ أَجْرٍ بِسَبَبِ مَنْفَعَةٍ تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةُ لَهَا قِيمَةٌ، وَمَعْنَى تَتَقَوَّمُ أَنْ تَكُونَ لَهَا قِيمَةٌ يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ تُفَّاحَةً لِلشَّمِّ أَوْ اسْتَأْجَرَ الطَّعَامَ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ خَشْيَةَ السَّلَفِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ، وَانْظُرْ حُكْمَ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِسْكًا أَوْ زَبَادًا لِلشَّمِّ هَلْ هُوَ مِثْلُ اسْتِئْجَارِ التُّفَّاحَةِ لِلشَّمِّ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمِثْلُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كِرَاءُ الشَّمْعِ لِلْمَشْيِ بِهَا فِي الزَّفَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ وَبِعِبَارَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى تَقْوِيمِهَا دُخُولُهَا تَحْتَ التَّقْوِيمِ بِأَنْ تَكُونَ الذَّاتُ بِحَيْثُ تَتَأَثَّرُ بِاسْتِيفَائِهَا مِنْ حَيْثُ اسْتِيفَاؤُهَا تَأَثُّرًا شَرْعِيًّا يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ لَهُ كَالْقِيمَةِ لِلذَّوَاتِ، وَأَمَّا تَأَثُّرِ التُّفَّاحَةِ وَنَحْوِهَا بِالشَّمِّ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِيفَاءُ. (ص) قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ حِسًّا فَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَعْمَى لِلْخَطِّ وَالْأَخْرَسِ لِلْكَلَامِ وَشَرْعًا فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ وَالدُّعَاءِ وَحَلِّ الْمَرْبُوطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ وَدُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ. (ص) بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَعَصْرِ الْخَمْرِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَخْدِمُهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ يَجْرِي خَلْفَهُ فَهُوَ حَرَامٌ وَيُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ فَلَا يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ فَحُرْمَةُ هَذَا أَخَفُّ مِنْ حُرْمَةِ الْعَصِيرِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ) مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَكَانَ الْأَوْلَى إلْصَاقَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِلْكِرَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنْ بَنَاهُ لِلَّهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَصَدَ أَخْذَ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي كُرِهَ الْقَصْدُ الثَّانِي وَكَذَا يُكْرَهُ أَخْذُ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَ غَيْرُهَا أَخْذَهُ فِي الْبَيْتِ وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَكْثَرَ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِمَّنْ يُصَلِّي إشَارَةً إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ إذَا أَخَذَتْ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا كَرَاهَةَ كَذَا وَجَدْتُ عِنْدِي مِمَّا كَتَبْت زَمَن الْأَخْذِ عَنْ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ يُكْرَهُ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ) هَذَا إذَا بُنِيَ لِلسُّكْنَى قَبْلَ التَّحْبِيسِ بِأَنْ قَصَدَ ذَلِكَ قَبْلَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَالَ بِنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَحْبِيسِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي إلَخْ أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا بَنَاهُ بَعْدَ تَحْبِيسِهِ وَانْظُرْ لَوْ جَهِلَ فِعْلَ الْوَاقِفِ مِنْ الْمَبِيتِ فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ هَلْ هُوَ قَبْلَ تَحْبِيسِهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا إلَخْ) اسْتَظْهَرُوا الْجَوَابَ الْأَوَّلَ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ قُوَّةَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ) كَانَ مَبْنِيًّا لِلْكِرَاءِ أَوْ لِلْعِبَادَةِ. (قَوْلُهُ تَتَقَوَّمُ) مُضَارِعُ تَقَوَّمَ أَيْ: تَقْبَلُ التَّقْوِيمَ فَيَجُوزُ إثْبَاتُ تَاءَيْهِ وَحَذْفُ إحْدَاهُمَا وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُبْنَى لِلْمَفْعُولِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْأُولَى وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ إلَخْ) جَعْلُهَا لِلْعِوَضِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى صِحَّةُ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ أَيْ: تَقْبَلُ الْقِيمَةَ لَوْ تَلِفَتْ بِخِلَافِ التُّفَّاحَةِ فَإِنَّ رَائِحَتَهَا لَا قِيمَةَ لَهَا إذَا تَلِفَتْ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَأَجْرٌ يُدْفَعُ) الدَّفْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ لِلْمَشْيِ بِهَا فِي الزَّفَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ) وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ شَمْعُ الْقَاعَةِ أَيْ: يَمْشِي بِهَا لِلزِّينَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوقَدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ أَنْ يُوقِدَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهَا بِحَسَبِ مَا ذَهَبَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ فَلَا يَجُوزُ وَتَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ. (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِيفَاءٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِيفَاءَ أَصْلًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا، وَأَمَّا تَأَثُّرُهَا فَمِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَشَرْعًا) قَدْ يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَظْرَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الْمَنْفَعَةُ جَازَ فَقَدْ قَالَ الْأَبِيُّ، وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ عَلَى حَلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ يَرْقِيهِ بِالرُّقْيَةِ الْعَرَبِيَّةِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِالرُّقَى الْعَجَمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ النَّفْعُ جَازَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا) قَالَ بَهْرَامُ وَقَوْلُهُ قَصْدًا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ إجَارَةِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا وَإِنْ ذَهَبَ بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ بِحُكْمِ التَّبَعِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَالشَّاةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَطَّ الْفَائِدَةِ قَوْلُهُ قَصْدًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ صِحَّةُ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مِمَّا تَتَقَوَّمُ وَأَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا فَلَا تُسْتَأْجَرُ الشَّاةُ لِأَخْذِ نِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا وَلَا الْأَشْجَارُ لِأَخْذِ ثِمَارِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ إلَخْ مَسْأَلَةُ الِاسْتِرْضَاعِ وَمَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا عَيْنٌ أَوْ بِئْرٌ وَشَاةٌ لِلَبَنِهَا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْمَاءُ. (ص) وَلَا حَظْرٍ وَتَعَيُّنٍ (ش) الْحَظْرُ الْمَنْعُ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَيَّنِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْحَظْرِ أَيْ: الْمَنْعِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى صَنْعَةِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ وَاسْتِئْجَارُ الْحَائِضِ عَلَى كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَعَيَّنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (ص) وَلَوْ مُصْحَفًا وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ وَشَجَرًا لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا (ش) مُبَالَغَةً فِي الْجَوَازِ فِيمَا إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمُصْحَفِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ إجَارَتَهُ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي غَمَرَهَا الْمَاءُ بِشَرْطِ عَدَمِ انْتِقَادِ الْأُجْرَةِ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ وَقُيِّدَ بِنُدُورِ الِانْكِشَافِ لِكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ انْكِشَافُهُ غَالِبًا فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِمَنْ يُجَفِّفُ عَلَيْهَا ثِيَابَهُ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ تَنْقُصُ بِذَلِكَ مَنْفَعَتُهَا وَتَتَأَثَّرُ فَقَوْلُهُ وَأَرْضًا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُصْحَفًا فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَلِذَا قُيِّدَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ؛ إذْ هِيَ جُمْلَةٌ مَاضَوِيَّةٌ حَالِيَّةٌ فَيُقَدَّرُ مَعَهَا قَدْ، وَقَوْلُهُ غَمَرَ مَاؤُهَا صِفَةٌ لِأَرْضٍ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ غَمَرَهَا مَاؤُهَا وَقَوْلُهُ وَشَجَرًا إلَخْ مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مُصْحَفًا فَفِيهِ الْخِلَافُ وَلِذَا قَالَ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخِلَافُ فِيهَا خِلَافٌ فِي حَالِ هَلْ هَذِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا؟ (ص) لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا شَجَرًا لِأَخْذِ ثَمَرِهِ أَيْ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ أَخْذِ ثِمَارِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بَلْ قَبْلَ وُجُودِهَا وَقَوْلُهُ (أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا) يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ شَجَرًا لِلتَّجْفِيفِ إلَخْ حَيْثُ اسْتَوْفَى شُرُوطَ بَيْعِ اللَّبَنِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّ بَيْعَهُ إنْ وَقَعَ جُزَافًا لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا وَأَنْ يُسَلِّمَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ زَمَنُ الرَّبِيعِ وَأَنْ يَعْرِفَا وَجْهَ حِلَابِهَا أَيْ: قَدْرَهُ لِيَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ مَا بَاعَ وَيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا اشْتَرَى وَأَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَأَنْ يَشْرَعَ فِي ذَلِكَ فِي يَوْمِهِ أَوْ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ وَأَنْ يُسَلِّمَ إلَى رَبِّهَا لَا إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْكَيْلِ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَلَعَلَّ الْجَوَازَ مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَنَّ الشِّيَاهَ لَمَّا كَثُرَتْ بِأَنْ كَانَتْ عَشْرَةً مَثَلًا وَأَخَذَ لَبَنَ شَاتَيْنِ مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ لَبَنَ شَاتَيْنِ غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ   [حاشية العدوي] لَكِنْ لَا قَصْدًا (قَوْلُهُ فَلَا تُسْتَأْجَرُ الشَّاةُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ بَلْ بَيْعُ ذَاتٍ كَمَا فِي عج. (قَوْلُهُ وَلَا حَظْرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْحَظْرِ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى صَنْعَةِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُصْحَفًا) فَيَجُوزُ إجَارَتُهُ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ تَتَقَوَّمُ أَيْ: تَتَأَثَّرُ بِاسْتِيفَائِهَا؛ لِأَنَّ أَوْرَاقَهُ وَكِتَابَتَهُ تَتَأَثَّرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ مُتَّجَرًا انْتَهَى. وَانْظُرْ لَوْ جَعَلَهُ مُتَّجَرًا هَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك أَرْضَك إنْ انْكَشَفَتْ وَلَمْ يَنْفُذْ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عج وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ إجَارَةَ الْأَرْضِ الَّتِي غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الِانْكِشَافِ عَنْهَا أَيْ: الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ وَجَوَازُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ النَّقْدِ فَمَتَى حَصَلَ وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ إجَارَتَهُ) أَيْ: لِأَنَّ إجَارَتَهُ كَأَنَّهَا ثَمَنٌ لِلْقُرْآنِ وَبَيْعُهُ ثَمَنٌ لِلْوَرِقِ وَالْخَطِّ فَابْنُ حَبِيبٍ يُوَافِقُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَيُخَالِفُ فِي إجَارَتِهِ فَقَدْ بِيعَتْ الْمَصَاحِفُ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ فَكَانَ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ) أَيْ: وَيَجُوزُ بِشَرْطِ النَّقْدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ انْكِشَافُهُ مُسْتَوِيًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ صُورَةِ النُّدُورِ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ عَلَى الْأَحْسَنِ) أَيْ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ شَجَرًا فَقَطْ (قَوْلُهُ هَلْ هَذِهِ) بَيَانٌ لِلْخِلَافِ فِي حَالِ. (قَوْلُهُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) إنَّمَا جَعَلَهُ مَحْذُوفًا؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ إلَّا الْمُفْرَدَاتِ أَيْ: الْأَسْمَاءَ الْمُفْرَدَةَ (قَوْلُهُ أَيْ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِمَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا فِيهِمَا بَيْعُ ذَاتٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِمَا فِي مُحْتَرَزٍ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا نَعَمْ يَصِحُّ جَعْلُهُمَا مُحْتَرَزَهُ إنْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ لِأَمْرَيْنِ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا وَأَخْذِ ثَمَرَتِهَا وَالشَّاةُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فِي شَيْءٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِيهِ وَلِأَخْذِ لَبَنِهَا. (قَوْلُهُ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فَقَطْ) وَهُوَ قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْدَادِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا أَيْ: فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَجْمُوعُ. (قَوْلُهُ وَأَخْذُ لَبَنِ شَاتَيْنِ) أَيْ: لَا أَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمَّا لَبَنُ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَهَذَا خَطَأٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت قَائِلًا مَعْنَى كَالْعَشَرَةِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَبَنَ عَشْرَةِ شِيَاهٍ مَثَلًا وَمَعْنَى الْقِلَّةِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ هَذَا مَعْنَى الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَمَنْ اشْتَرَى لَبَنَ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا جُزَافًا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا يَسِيرَةً كَشَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ لَمْ يَجُزْ؛ إذْ لَيْسَتْ مَأْمُونَةً وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا كَثُرَ مِنْ الْغَنَمِ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَتْ فِي الْإِبَّانِ وَعُرْفًا وَجْهُ حِلَابِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَى لَبَنَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي إبَّانِهِ فَمَاتَتْ خَمْسٌ بَعْدَ أَنْ حُلِبَتْ جَمِيعُهَا شَهْرًا نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ تَحْلِبُ قِسْطَيْنِ وَالْبَاقِيَةُ قِسْطًا نُظِرَ كَمْ الشَّهْرُ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي قَدْرِ نِفَاقِ اللَّبَنِ وَرُخْصِهِ فَإِنْ قِيلَ النِّصْفُ فَقَدْ قُبِضَ نِصْفُ صَفْقَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهَلَكَ ثُلُثَا النِّصْفِ الْبَاقِي قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ ثُلُثَا نِصْفِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ ثُلُثُ الثَّمَنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي اللَّبَنِ وَهَذَا لَا غَرَرَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالشَّاةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ كَمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَمْنُوعِ حَيْثُ انْخَرَمَ بَعْضُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ ذَاتٍ وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْإِجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ. (ص) وَاغْتُفِرَ مَا فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِالتَّقْوِيمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ فَاشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي إدْخَالَ الشَّجَرِ الْمَذْكُورِ فِي عَقْدِ التَّوَاجِرِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ حَيْثُ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِلَا شَجَرٍ فَيُقَالُ عَشْرَةٌ مَثَلًا وَمَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ مُنْفَرِدَةً بِلَا أَرْضٍ بَعْدَ إسْقَاطِ الْكُلْفَةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِالتَّقْوِيمِ إلَى أَنَّ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ إنَّمَا يُنْظَرُ لَهُ بِالتَّقْوِيمِ لَا بِمَا اُسْتُؤْجِرَ الْعَيْنُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ عَدَمُ اغْتِفَارِ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ شُرِطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ فَأَقَلُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ اشْتِرَاطٌ لِدُخُولِ الشَّجَرِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ بَلْ هُوَ لِلْمُكْرِي فَقَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا لِيَسَارَتِهِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الشَّجَرِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ، وَأَمَّا لِلزَّرْعِ فَلَا يُغْتَفَرُ اشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ ثُلُثًا قَالَ فِيهَا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ لَمْ يَطِبْ فَاشْتَرَطَهُ فَإِنْ كَانَ تَافِهًا جَازَ وَلَا أَبْلُغُ بِهَذَا الثُّلُثِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالزَّرْعِ أَنَّ الزَّرْعَ أَخْفَضُ مِنْ مَرْتَبَةِ الْأُصُولِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ تَجُزْ مَسَاقَاتُهُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَمَنَعَهَا ابْنُ عَبْدُوسٍ رَأْسًا فَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ مَقِيسٌ عَلَى جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ وَمُسَاقَاتُهُ مَقِيسَةٌ عَلَى مُسَاقَاةِ الْأُصُولِ فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَى مَقِيسٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ . (ص) وَلَا تَعْلِيمُ غِنَاءٍ أَوْ دُخُولُ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ لَا تَجُوزُ وَمِثْلُهُ آلَاتُ الطَّرَبِ كَالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ عَلَى الْعِوَضِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ عَلَى الْمُعَوَّضِ وَلِخَبَرِ «أَنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ عَلَى أَنْ تَخْدُمَ الْمَسْجِدَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُتَعَلِّقَةً بِذِمَّتِهَا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُقِيمَ مَنْ يَخْدُمُ الْمَسْجِدَ عَنْهَا نِيَابَةً لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ دَارِهِ مَثَلًا لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً، وَكَذَلِكَ بَيْعُهَا لِذَلِكَ وَيُرَدُّ الْعَقْدُ إنْ وَقَعَ فَإِنْ فَاتَ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بَعْضِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ وَبِفَاضِلِ الثَّمَنِ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ يُقَالَ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً مَثَلًا فَيُقَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ وَمَا تُسَاوِي لَوْ بِيعَتْ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا خَمَّارَةً فَيُقَالُ عَشْرَةٌ فَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعُودُ لِلْمُكْرِي مَا أَكْرَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ وَالْأَرْضُ كَالدَّارِ مِنْ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْكِرَاءِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالزَّائِدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ الدَّارَ لَمَّا كَانَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بَعْدَ بِنَائِهَا غَالِبًا فَكَأَنَّ   [حاشية العدوي] أَجْمَعَ وَلَوْ كَانَ مَوْتُ هَذِهِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تَحْلُبَ شَيْئًا لَرَجَعَ بِثُلُثَيْ جَمِيعِ الثَّمَنِ انْتَهَى عِيَاضٌ وَإِنَّمَا جَازَ شِرَاء لَبَن الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ وَلَا تُؤْمَنُ فِيهَا جَائِحَةُ الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ هِيَ آمَنُ مِنْ الْقَلِيلَةِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ إذَا مَاتَ مِنْهَا بَعْضٌ أَوْ جَفَّ لَبَنُهُ بَقِيَ بَعْضٌ وَقَدْ يَقِلُّ لَبَنُ وَاحِدَةٍ وَيَزِيدُ لَبَنُ أُخْرَى وَالْقِلَّةُ الْمُعْتَادَةُ وَالزِّيَادَةُ الْمُعْتَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَمِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَصْوِيرَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ لِلْكَثِيرَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ وَالشَّاةُ أَوْ الشَّاتَانِ مُعَيَّنَتَانِ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَإِنْ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى كَلَامِهِمَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي السَّلَمِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ. (قَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ إلَخْ) مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَأَنْ يَكُونَ طَيِّبَ الثَّمَرَةِ فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَأَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَالْمُكْتَرَاةُ مُشَاهَرَةٌ لَا يُغْتَفَرُ فِيهَا شَيْءٌ وَقَدَّرْنَا قَوْلَهُ فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ أَيْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، أَمَّا إنْ كَانَ وَقْتُ الْكِرَاءِ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ إدْخَالُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ فَاشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي) إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ إلَّا بِهِ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا سِنِينَ وَبِهَا ثَمَرٌ اشْتَرَطَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَنَةً الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ فِي سَنَةٍ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ وَفِي سَنَةٍ أَكْثَرَ وَإِذَا نَظَرَ إلَى قِيمَةِ جَمِيعِهِ مِنْ الْكِرَاءِ فِي الْمُدَّةِ كَانَتْ الثُّلُثَ لَمْ يَجُزْ وَيَكُونُ الْكِرَاءُ فَاسِدًا فِي الْمُدَّةِ جَمِيعِهَا. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ ثُلُثًا) أَيْ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ (قَوْلُهُ فَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَخَفَضَ مَرْتَبَةً أَيْ وَلِأَجْلِ الْأَخْفَضِيَّةِ حَكَمُوا بِأَنَّ جَوَازَ اشْتِرَاطِهِ مَقِيسٌ عَلَى جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ. (قَوْلُهُ كَنِيسَةً) أَيْ أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ مَحَلًّا لِبَيْعِ الْخَمْرِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ مَجْمَعًا لِلْفُسَّاقِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ لَا تَجُوزُ) فِيهِ أَنَّ الْغِنَاءَ الْمُجَرَّدَ عَنْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ الْكَرَاهَةُ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ مَكْرُوهَةً لَا حَرَامًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) أَيْ: مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلَةِ الْكِرَاءَ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ، وَقِيلَ فِي الْبَيْعِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ، وَأَمَّا فِي الْكِرَاءِ فَيَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ إنَّ الدَّارَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْظُورَ فِيهَا الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهَا وَيُقَدَّرُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا أَيْ: مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ لَا تُقْصَدَ فَلِذَا تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْبَرَاحِ وَبَعْدَ هَذَا فَهُوَ تَكَلُّفٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ الدَّارَ أَيْ أَرْضَ الدَّارِ وَقَوْلُهُ فَكَأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ أَقُولُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا إلَخْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ فَالْمَنْفَعَةُ فِيهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْإِجَارَةِ. (ص) وَلَا مُتَعَيِّنٍ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسه فِيهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْأَذَانِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ. (ص) وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ وَرَضِيعٌ وَدَارٌ وَحَانُوتٌ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارِ وَمَحْمَلٌ (ش) يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَسَدَ فَأَمَّا تَعْيِينُ الْمُتَعَلِّمِ وَالرَّضِيعِ فَلِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُتَعَلِّمِ بِالذَّكَاءِ وَالْبَلَادَةِ وَحَالِ الرَّضِيعِ بِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ تَعْيِينُ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ وَالْحَانُوتِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا مَضْمُونَيْنِ فِي الذِّمَّةِ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِمَا وَحُدُودِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأُجْرَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَكْرَى جِدَارًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِ الْبِنَاءِ وَصِفَتِهِ وَكَوْنِهِ بِالطُّوبِ أَوْ الْحِجَارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ أَيْضًا تَعْيِينُ الْمَحْمَلِ إذَا أَكْرَاهُ لِيَرْكَبَ فِيهِ وَمَحَلُّ لُزُومِ تَعْيِينِ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ إنْ لَمْ تُوصَفْ وَإِلَّا اكْتَفَى بِالْوَصْفِ عَنْ التَّعْيِينِ فَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تُوصَفْ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ لَكِنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ إلَّا الْوَصْفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا فَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الرَّضِيعِ وِفَاقٌ لِلْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَقَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ وَصَفُوا سِنَّ الرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ رَضَاعِهِ جَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ. (ص) وَدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ غَيْرَ الْمَضْمُونَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً أَيْ: مُشَاهَدَةً مَعَ الْإِشَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً لَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينُهَا بَلْ الْوَاجِبُ تَعْيِينُ جِنْسِهَا كَخَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بِغَالٍ وَنَوْعِهَا كَبِرْذَوْنٍ أَوْ عَرَبِيٍّ أَوْ بُخْتٍ أَوْ عِرَابٍ وَذُكُورَتِهَا أَوْ أُنُوثَتِهَا، فَإِذَا قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك دَابَّتَك هَذِهِ أَوْ سَفِينَتَك هَذِهِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك دَابَّةً أَوْ سَفِينَةً أَوْ دَابَّتَك أَوْ سَفِينَتَك كَانَتْ مَضْمُونَةً وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُشَاهَدَةً وَلَوْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ سَفِينَةٌ غَيْرُهَا وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ الضَّمَانِ إلَى التَّعْيِينِ إلَّا الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَالْوَصْفُ فِي هَذَا الْبَابِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَأَنْ يَقُولَ دَابَّتُك الْبَيْضَاءُ أَوْ السَّوْدَاءُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اكْتَرَيْتُك لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لِتَبْنِيَ لِي هَذَا الْحَائِطَ فَهُوَ مَضْمُونٌ حَتَّى يَقُولَ بِنَفْسِك وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تُوصَفْ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ   [حاشية العدوي] أَنْ يَقُولَ فَكَأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ لَا فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِذَاتِ صَاحِبَةَ وَالْمَعْنَى صَاحِبَةُ الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ الدَّارُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ أَيْ: فَأُجْرَتُهَا بِمَثَابَةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ يَرِدُ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الدَّارِ لَمَّا كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فَالدَّرَاهِمُ الْوَاقِعَةُ فِي مُقَابَلَتِهَا لَيْسَتْ بِمَثَابَةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَلِذَا رُدَّتْ كُلُّهَا. (قَوْلُهُ وَلَا مُتَعَيِّنَ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يُطْلَبُ مِنْ الشَّخْصِ فِعْلُهُ وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ فِيهِ) وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ أَكْرَاهُ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ نَفْسُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهُ فِي فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ الْكِرَاءُ عَلَى فِعْلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِ الْجِنَازَةِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا فَقَدَ وَصْفَ التَّعْيِينِ مِنْ الْعِبَادَةِ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَتَعَيَّنْ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْت هَذَا مَنْقُوضٌ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا قُلْت لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةً صُورَةً مُنِعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي الِامْتِيَازِ بِالصُّورَةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ أَيْ: فَالْغُسْلُ يَكُونُ لِلْعِبَادَةِ وَالنَّظَافَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَا حَمْلُ الْجِنَازَةِ مُشَارِكٌ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ أَيْ: بَعْضُ الْكِفَايَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي حَاشِيَةِ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ) أَيْ لِقِرَاءَةٍ وَكِتَابَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَلَا يَلْزَمُ اخْتِبَارُ حَالِهِمَا لِإِمْكَانِ عِلْمِ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ مِنْ نَحْلِهِ وَقُوَّتِهِ وَكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ وَالْمُتَعَلِّمِ يُعْلَمُ غَالِبًا ذَكَاؤُهُ وَبَلَادَتُهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَدَارٌ وَحَانُوتٌ) أَشْعَرَ تَمْثِيلُهُ بِالْعَقَارِ بِأَنَّ الدَّوَابَّ وَالسُّفُنَ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا بَلْ تَجُوزُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَفِي الذِّمَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارٍ) احْتِرَازٌ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ كَوْنِهِ بِحَجَرٍ أَوْ طُوبٍ. (قَوْلُهُ مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقَّةٍ وَشُقْذُفٍ أَوْ مِحَفَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَمَّا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ فَعِلَاقَةُ السَّيْفِ ثُمَّ إنَّهُمْ اسْتَظْهَرُوا أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَصْفُ الْمَذْكُورَاتِ إذَا أُحْضِرَتْ مَجْلِسَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا. (قَوْلُهُ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ) لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى النَّوْعِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْجِنْسِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ غَيْرَ الْمَضْمُونَةِ) إذَا أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً قَبْلَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعْيِينِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُشَاهَدَةً) لِاحْتِمَالِ إبْدَالِهَا بِدُونِ (قَوْلُهُ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ) أَيْ: فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْخُرُوجِ عَنْ كَوْنِهَا مَضْمُونَةً إلَى كَوْنِهَا مَضْمُونَةً مُعَيَّنَةً بِحَيْثُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا حِسًّا (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولَ بِنَفْسِك) أَيْ: أَوْ يَعْرِفُ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا لِدِقَّتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مُحَمَّدٌ وَإِنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ حُمِلَ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّعْيِينِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَتْ فَجِنْسٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُ أَطْلَقَ الْجِنْسَ وَأَرَادَ بِهِ النِّصْفَ الَّذِي فِي الْخَيْلِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ مُطْلَقُ الْحَيَوَانِ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ وَأَرَادَ بِهِ بَعْضَ أَفْرَادِ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَهُوَ الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ مِنْ الْجِمَالِ. (ص) وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى إنْ لَمْ يَقْوَ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ وَإِلَّا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ كَثِيرَةٍ لَا يَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ يَقْوَى بِهِ فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ رَبُّهَا أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ فَإِنْ رَعَى غَيْرَهَا بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِرَبِّ الْغَنَمِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِمُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَجْرَ لَهُ وَيَسْقُطُ حِصَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَثَلًا مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِمُشَارِكٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى وَيُحْتَمَلُ ضَمِيرٌ أَوْ تَقِلُّ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْأُولَى وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْبِسَاطِيِّ لَكِنْ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ رَعْيِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ الْقُوَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ خِلَافُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ أَيْ فَلَوْ كَانَ لَهُ مُشَارِكٌ أَوْ قَلَّتْ جَازَ لَهُ رَعْيُ أُخْرَى مَا لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ أَيْ: خِلَافَ رَعْيِ أُخْرَى بِأَنْ سَكَتَ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا. (ص) وَلَمْ يَلْزَمْهُ رَعْيُ الْوَلَدِ إلَّا لِعُرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْعَى مَا وَلَدَتْهُ الْغَنَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُهُمْ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَعَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ بِرَاعٍ مَعَهُ لِئَلَّا يَتْعَبَ رَاعِي الْأُمَّهَاتِ إذَا فَارَقَتْ أَوْلَادَهَا لَا لِأَجْلِ التَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِمَنْ يَعْقِلُ عَلَى مَا مَرَّ. (ص) وَعُمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ وَنَقْشِ الرَّحَى وَآلَةِ بِنَاءٍ (ش) أَيْ وَعُمِلَ بِالْعُرْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ أَنَّ الْخَيْطَ عَلَى الْخَيَّاطِ وَآلَةَ الْبِنَاءِ وَنَقْشَ الرَّحَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قُضِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ قُضِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ فَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّهِ) وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْكَسْرِ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ   [حاشية العدوي] وَدَابَّةٌ لِرُكُوبٍ إنْ عُيِّنَتْ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ الَّذِي إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَطْلَقَ الْجِنْسَ وَأَرَادَ بِهِ النَّوْعَ كَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُطْلَقُ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ وَهُوَ الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ مِنْ الْجِمَالِ مَثَلًا. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ التَّعْيِينِ إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الصِّنْفَانِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الْبُخْتُ أَوْ الْعِرَابُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الصِّنْفِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ إلَخْ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى بِكُلِّ حَالَةٍ إلَّا بِحَالَةِ الْمُشَارَكَةِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ إلَخْ) قَالَ عج وَطَرِيقَةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا وَحْدَهَا، فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ نَقَصَ الْخَمْسُ فَيُخَيَّرُ مُسْتَأْجِرُهُ بَيْنَ أَنْ يَنْقُصَهُ الْخَمْسَ مِنْ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَخْذِ مَا أَجَّرَ بِهِ نَفْسَهُ وَيَجْرِي نَحْوُهُ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ قَالَهُ ح وَهَذَا حَيْثُ عَمِلَ بِأَجْرٍ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ فَأَجَّرَهُ فَإِنْ عَمِلَ مَجَّانًا فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ لِغَيْرِهِ أَيْ: بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمُسَمَّى. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِمُسْتَأْجَرِهِ الْأَوَّلِ) هَذَا حَيْثُ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِيمَا يُشْبِهُ أَجْرُهُ أَجْرَ الْأَوَّلِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا بِدِينَارٍ فَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ يَوْمًا بِدِينَارٍ أَوْ قَاتَلَ فَيَدْفَعُ لَهُ فِي سَهْمِهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ بِهَا مُدَّةَ تَعْطِيلِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ عَمِلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلِلْأَجِيرِ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا حَيْثُ عَطَّلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَجْرُ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَقُولُ إذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ عَدَمَ الْقُوَّةِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ رَعْيُ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً كَانَتْ الثَّانِيَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعًا أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ تَقِلُّ مَعَ الْقُوَّةِ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ تَقِلُّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَقْوَى إذَا كَانَ مَعَهُ مُشَارِكٌ أَوْ قَلَّتْ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ لِلْفِعْلِ عَلَى اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ مُشَارِكٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَعْيِ غَنَمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدَهَا فَذَكَرَ بَهْرَامُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رِعَايَةُ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ كُلَّهَا صَارَتْ لِمُسْتَأْجَرِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَنَمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَعْزٍ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ تَعَبًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (تَنْبِيهٌ) : ج قَالَ ابْنُ نَاجِي أَقَامَ شَيْخُنَا مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَدِّبَ أَيْ: وَمَنْ يُشْبِهُهُ مِنْ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا يُطِيقُ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَدِ الْغَنَمِ لَا يَلْزَمُهُ رَعْيُهُ وَوَلَدِ الْمَرْأَةِ الَّذِي وَضَعَتْهُ فِي السَّفَرِ يَلْزَمُ الْجَمَّالَ حَمْلُهُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ ضَرَرُ الرَّاعِي وَحِينَ الْعَقْدِ لَا أَوْلَادَ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ وَالضَّرَرُ الْحَاصِلُ لِلْجَمَّالِ مَشَقَّةُ الْحَمْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مَحْمُولًا قَبْلَ وَضْعِهِ فَيُسْتَصْحَبُ. (قَوْلُهُ آلَةُ بِنَاءٍ) مِنْ أَدَاةٍ وَفُئُوسٍ وَقِفَافٍ وَدِلَاءٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِالنَّظَرِ لِآلَةِ الْبِنَاءِ وَالْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فِي ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَبِكَسْرِ الْجِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِنَقْشِ الرَّحَى وَهُوَ مَنْ اسْتَأْجَرَ الرَّحَى مِنْ رَبِّهَا لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ) بِالْكَسْرِ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ رَبُّ الثَّوْبِ وَقَوْلُهُ وَالْأَخِيرَةُ أَيْ: الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّقِيقِ وَقَوْلُهُ وَرَبُّ الرَّحَى فِي الْوُسْطَى أَيْ: الَّذِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 وَرَبُّ الرَّحَى فِي الْوُسْطَى وَبِعِبَارَةِ وَنَقْشُ الرَّحَى يَعْنِي أَنَّ أُجْرَةَ نَقْشِ الرَّحَى يُعْمَلُ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ بَيْنَ رَبِّ الرَّحَى وَرَبِّ الدَّقِيقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّقِيقِ فَصُورَتُهَا أَنَّ الرَّحَى مُكْتَرَاةٌ لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ رَبُّهُ أَيْ: رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ (ص) عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهِهِ (ش) الْعَكْسُ هُنَا حَيْثُ لَا عُرْفَ أَيْ فَالْأَمْرُ مَعْكُوسٌ فِي الْإِكَافِ وَهُوَ شَيْءٌ يُرْكَبُ عَلَيْهِ أَصْغَرُ مِنْ الْبَرْدَعَةِ وَشِبْهُهُ مِنْ سَرْجٍ وَلِجَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأُمُورِ السَّابِقَةِ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي وَهُنَا عَلَى الْمُكْرِي هَذَا حَقِيقَةُ الْعَكْسِ وَلَوْ كَانَ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا فَهِمَ الشَّارِحُ لَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ: هَذَا عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهِهِ. (ص) وَفِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَعَالِيقِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ وَمِقْدَارِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَفِي الْمَعَالِيقِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُسَافِرُ لِلسَّمْنِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ وَفِي السَّيْرِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْخَيْطِ وَكَأَنَّهُ أَعَادَ الْجَارَّ لِلْبُعْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَإِلَّا فَسَدَ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا الْمَعَالِيقُ وَمَا مَعَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لِحَمْلِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ حَمْلُهَا. (ص) وَالزَّامِلَةِ وَوِطَائِهِ بِمَحْمَلٍ وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ وَتَوْفِيرِهِ (ش) الزَّامِلَةُ الْخُرْجُ وَنَحْوُهُ فَيُرْجَعُ فِي حَمْلِهِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ حَمْلُ ذَلِكَ وَهَكَذَا يَرْجِعُ فِيمَا تَحْتَ الْمُكْتَرِيَ فِي الْمَحْمَلِ مِنْ فِرَاشٍ إلَى الْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا نَقَصَ الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يُعَوِّضَ بَدَلَهُ أَوْ أَرَادَ صَاحِبُهُ تَوْفِيرَهُ مِنْ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَأَرَادَ الْمُكْرِي تَخْفِيفَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا نَقَصَتْ زَامِلَةُ الْحَاجِّ أَوْ نَفِدَتْ فَأَرَادَ إتْمَامَهَا وَأَبَى الْجَمَّالُ حَمَلَا عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ فَعَلَيْهِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرَطِ إلَى تَمَامِ غَايَةِ الْكِرَاءِ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ الْمُشْتَرَطُ بِمَطَرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ الْوَزْنِ الْمُشْتَرَطِ قَالَهُ سَحْنُونَ. (ص) كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ قَائِلَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً كَاللَّيْلِ وَالْقَائِلَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَائِلَةٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي اللُّبْسِ لَزِمَ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامِ لُبْسِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِمَّا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْمَكَانِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ هُنَا فِي الزَّمَانِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَنْ اكْتَرَى عَلَى مَتَاعِ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ وَفِي الطَّرِيقِ نَهْرٌ لَا يُجَازُ إلَّا عَلَى الْمَرْكَبِ وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ كَالنِّيلِ وَشِبْهِهِ فَجَوَازُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابِّ عَلَى رَبِّهَا وَإِنْ كَانَ يُخَاضُ فِي الْمَخَائِضِ فَاعْتَرَضَهُ حَمْلَانِ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَتِلْكَ جَائِحَةٌ نَزَلَتْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ النَّهْرُ شَتْوِيًّا يَحْمِلُ بِالْأَمْطَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْكِرَاءِ قَدْ عَلِمُوا جَرْيَهُ وَعَلَى   [حاشية العدوي] هُوَ الْمُسْتَأْجَرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ طَاحُونَةً (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْأُولَى قَطْعًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ عَلَى الْأُولَى الرَّحَى؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِيهَا النَّقْشَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْقَمْحُ؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِيهَا الطَّحْنَ (أَقُولُ) وَذَهَبَ شب إلَى الثَّانِيَةِ جَاعِلًا الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ الدَّقِيقَ وَذَهَبَ عب إلَى الْأُولَى جَاعِلًا الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ الرَّحَى وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِي حَلِّ عَكْسِ إكَافٍ وَشِبْهِهِ يُقَوِّي الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عُرِفَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي وَهُنَا عَلَى الْمُكْرِي وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَبَّ الرَّحَى مُكْرٍ لَكِنْ قَالَ شب فِي شَرْحِهِ إنَّ رَبَّ الرَّحَى مُكْتَرٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الرَّحَى اكْتَرَى مَنْ يَطْحَنُ لَهُ قَمْحَهُ وَنَحْوَهُ عَلَى رَحَاهُ انْتَهَى أَيْ فَصَارَ رَبًّا لِلدَّقِيقِ، وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ رَبَّ الرَّحَى صَارَ رَبًّا لِلشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ أَرَدْت بِهِ الرَّحَى أَوْ الدَّقِيقَ فَحَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْجَمْعُ فَيُقْرَأُ قَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ الَّذِي هُوَ الْبَنَّاءُ وَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ رَبُّ الرَّحَى لِيَطْحَنَ لَهُ عَلَيْهَا قَمْحَهُ. (أَقُولُ) وَيَبْقَى الْكَلَامُ حِينَئِذٍ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ طَاحُونًا مِنْ رَبِّهَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا لِلنَّاسِ أَوْ لِرَبِّهَا وَلِلنَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لِهَذَا الْجَمْعِ جَاءَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ لَكِنْ يُقَالُ مَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ حِينَئِذٍ. (تَتِمَّةٌ) اخْتَلَفَ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنَائِعِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى صَنْعَتِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ الْبِسَاطِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ التَّتِمَّاتِ كَالْخَيَّاطِ لَمْ يُجْبَرْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاجِيَّاتِ أُجْبِرَ كَالْفَرَّانِ انْتَهَى (قَوْلُهُ شَيْءٌ يُرْكَبُ عَلَيْهِ أَصْغَرُ مِنْ الْبَرْذَعَةِ) هَذَا مَا عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَيْ: يَرْكَبُ عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ الْبَرْذَعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ أَوْ فَوْقَهَا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْبَرْذَعَةُ أَيْ: بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالذَّالِ الْمُهْمَلَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُكْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّقِيقِ فَهُوَ يُؤَيِّدُ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا. (قَوْلُهُ فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ) أَيْ مِنْ السَّيْرِ مَنْ هُوَ بَنَى أَوْ جَدَّ أَوْ تَوَسَّطَ وَقَوْلُهُ وَالْمَنَازِلُ أَيْ: مَوَاضِعُ الْمَنَازِلِ وَلَوْ أَرَدْنَا بِأَحْوَالِ السَّيْرِ كَثْرَةً أَوْ قِلَّةً لَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي مَوَاضِعِ النُّزُولِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَقَوْلُهُ وَالْمَعَالِيقُ جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ وَهُوَ مَا يُعَلِّقُهُ الْمُسَافِرُ مَعَهُ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَوِطَائِهِ) وَكَذَا الْغِطَاءُ وَسَكَتَ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مِمَّا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِيهِ لِفَهْمِهِ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِخِلَافِ وَطَائِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ) أَيْ: تَبْيِينٌ لِقَوْلِهِ حَمْلًا عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ. (قَوْلُهُ كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ إلَخْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا كَمَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ إلَّا أَنَّ الْكَسْرَ أَفْصَحُ (قَوْلُهُ وَشِبْهُهُ) أَيْ: كَسَيْلٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُخَاضُ) أَيْ: النَّهْرُ وَقَوْلُهُ فِي الْمَخَائِضِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مَعْدُودًا فِي الْمَخَائِضِ أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْمَخَائِضِ وَكَأَنَّهُ جَمْعُ مَخَاضَةٍ (قَوْلُهُ فَاعْتَرَضَهُ حِمْلَانِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا فِي ضَبْطِ بَعْضِ شُيُوخِنَا أَيْ سَيْلٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ شَتْوِيًّا) أَيْ: يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ وَقَوْلُهُ يُحْمَلُ بِالْأَمْطَارِ أَيْ: يَكْثُرُ بِالْأَمْطَارِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 ذَلِكَ دَخَلُوا فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ ابْنُ عَاتٍ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْفَتْوَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا الْأَصْلَ مَعَ زِيَادَةِ وَزْنِ حِمْلِ الدَّابَّةِ بِالْمَطَرِ يَعْنِي هَلْ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ أَمْ لَا. (ص) وَهُوَ أَمِينٌ فَلَا ضَمَانَ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا فَادَّعَى ضَيَاعَهُ أَوْ تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالضَّمِيرُ فِي وَهُوَ لِمَنْ تَوَلَّى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ لِمَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَامِلٌ لِلْمُؤَجَّرِ كَالرَّاعِي وَالْمُسْتَأْجِرِ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطَ انْتَهَى (ص) وَلَوْ شَرَطَ إثْبَاتَهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الضَّمَانَ سَاقِطٌ عَنْهُ وَلَوْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ مَا مَاتَ مِنْهَا ضَمِنَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَكِنْ رُبَّمَا أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَتْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الْكِرَاءُ حَيْثُ لَمْ يَسْقُطْ الشَّرْطُ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَإِلَّا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَالْفَوَاتُ بِانْقِضَاءِ الْعَمَلِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْإِرْشَادِ فَإِسْقَاطُهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يُعْمَلُ بِهِ كَإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ. (ص) أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ وَلَمْ يَتَعَدَّ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى شُرِطَ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَهُوَ أَمِينٌ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ عَثَرَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ آجَرَ شَخْصًا لِحَمْلِ دُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ دَابَّتِهِ فَعَثَرَ هُوَ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ فَتَلِفَ مَتَاعُهُ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ لَا يَضْمَنُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُغَرَّ مِنْ ضَعْفِ حَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُغَرَّ بِفِعْلِهِ) إلَى أَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ لَا أَثَرَ لَهُ مِثَالُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِشَقَّةٍ لِخَيَّاطٍ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَكْفِي هَذِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَذْهَبُ صَاحِبُهَا فَيُفَصِّلُهَا فَلَا تَكْفِي، وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ إنْ كَانَتْ تَكْفِي فَفَصِّلْهَا فَقَالَ لَهُ تَكْفِيك وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَمِثَالُهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ الصَّيْرَفِيُّ فِي دِرْهَمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ زَائِفٌ إنَّهُ طَيِّبٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَرَابِعُهَا الْعَكْسُ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَوْ عَلِمَ بِالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ عُوقِبَ وَأُخْرِجَ مِنْ السُّوقِ وَمِثَالُ الْغُرُورِ الْفِعْلِيِّ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعَثَّرَ فِيهِ وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَتَعَدَّ أَنَّهُ إنْ تَعَدَّى بِأَنْ أَخْرَقَ فِي السَّيْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ) أَيْ: فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابِّ عَلَى رَبِّهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا حِينَ الْعَقْدِ يَكُونُ حِمْلُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمَا بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ بِالْجَمَّالِ يَكُونُ حَمْلُ الْجَمِيعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَحْمُولِ فِي زِيَادَتِهِ بِالْمَطَرِ مُقَصِّرٌ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ وِقَايَةً تَمْنَعُ الْمَطَرَ عَنْهُ فَعِنْدَهُ تَقْصِيرٌ بِتَرْكِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَمِينٌ) أَيْ: فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخِيَانَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْأَمَانَةُ أَوْ يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ وَالْمُرَادُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُصَاحَبَتُهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَوْ صَاحَبَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ثُمَّ فَارَقَهُ وَادَّعَى تَلَفَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مُصَاحَبَتَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ وَمُفَارَقَتَهُ فِي بَاقِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَهُ لَمَا عُرِفَ مِنْ حِفْظِهِ وَاحْتِرَازِهِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ أَصْلًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا فَارَقَهُ اخْتِيَارًا وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ مَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي مِنْ سَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ وَلَحْمٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ مَثَلًا لَا كَقَمْحٍ وَفُولٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْكَسْرِ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ غَيْرَ طَعَامٍ أَوْ طَعَامًا كَقَمْحٍ مِمَّا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي فَيُصَدَّقُ، وَأَمَّا الَّذِي تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِثْبَاتِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ: كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا قَائِلًا لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطْت) أَيْ: وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ فَيُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ ضَيَاعٌ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطَ. (تَنْبِيهٌ) لَا ضَمَانَ عَلَى السِّمْسَارِ لَا فِي الثَّمَنِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ الَّتِي يَبِيعُهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيْعَ سِلْعَةٍ مِنْ رَجُلٍ عَيَّنَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِهِ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَوْ طَعَامٌ) أَيْ: غَيْرَ دُهْنٍ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ؛ إذْ هُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ ك، وَاعْلَمْ أَنَّ غَيْرَ الدُّهْنِ وَالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ لَا يَضْمَنُ) فَهُوَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَوْ الظَّهْرِ كَأَنْ يَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ فَهُوَ مُكْرٍ لِظَهْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَغْتَرَّ بِفِعْلٍ) صَادِقٌ بِعَدَمِ الْغُرُورِ أَصْلًا وَبِالْغُرُورِ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ مُحَارِبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَأَنْ يَقُولَ هِيَ سَلِيمَةٌ وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهَا فَهُوَ كَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُ عُوقِبَ) أَقُولُ وَمِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الْقَوْلُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ أَخَذَ أَجْرًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ عج فِي الْخُفَرَاءِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ الضَّمَانُ إذَا انْضَمَّ لِغُرُورِهِ عَقْدٌ كَمَا إذَا عَقَدَ مَعَهُ بِجَدِيدٍ مَثَلًا وَقَلَبَهُ وَوَزَنَهُ وَقَالَ لَهُ طَيِّبٌ وَازِنٌ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ إذَا انْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ صَارَ مِنْ الْفِعْلِيِّ فَالضَّمَانُ وَأَفَادَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَجْرٍ ضَمِنَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ أَخْرَقَ فِي السَّيْرِ) أَيْ أَسْرَعَ فِي السَّيْرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 مَا سَارَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ ضَمِنَ فِي الْمَحْمُولَاتِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ لَهُ إلَّا عَلَى الْبَلَاغِ، وَأَمَّا فِي الْمَرْكُوبَاتِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ مُطْلَقًا. (ص) كَحَارِسٍ وَلَوْ حَمَّامِيًّا (ش) أَيْ وَهَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى حَارِسٍ وَلَوْ كَانَ حَمَّامِيًّا فِيمَا ضَاعَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَوْ أَخَذَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا وَنَكَّرَ الْحَارِسَ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْحُرَّاسِ كَكَرْمٍ وَنَخْلٍ وَدَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَحْرُسُهُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ خِيَانَةٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَمِنْ التَّفْرِيطِ إذَا قَالَ الْحَارِسُ جَاءَنِي إنْسَانٌ يُشْبِهُك فَدَفَعْت إلَيْهِ الثِّيَابَ وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَتَى إنْسَانٌ لِيَأْخُذَ ثَوْبًا فَتَرَكَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا الْخُفَرَاءُ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا ضَاعَ شَيْءٌ فِي دَارٍ يَضْمَنُونَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ وَلَا ضَمَانَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطُوا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (ص) وَأَجِيرٌ لِصَانِعٍ (ش) أَيْ: وَهَكَذَا لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ مَا تَلِفَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الْغَسَّالِ تَكْثُرُ عِنْدَهُ الثِّيَابُ فَيُؤَاجِرُ آخَرَ يَبْعَثُهُ الْبَحْرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَغْسِلُهُ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَنَّهُ ضَامِنٌ. وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ هَذَا إذَا آجَرَهُ عَلَى عَمَلِ أَثْوَابٍ مُقَاطَعَةً كُلُّ ثَوْبٍ بِكَذَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ آجَرَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا يَعْمَلُهُ فِي دَارِهِ أَوْ غَابَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَأَجِيرٌ إلَخْ عُطِفَ عَلَى حَارِسٍ. (ص) وَسِمْسَارٍ (ش) أَيْ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى سِمْسَارٍ طَوَّافٍ فِي الْمُزَايَدَةِ أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا بَاعَهُ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَالتِّبَاعَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَبِيعِ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ الضَّمَانِ بِالْمُشْتَهِرِ بِالْخَيْرِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ (إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَأَمَّا الْجُلَّاسُ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ يَأْخُذُونَ السِّلَعَ عِنْدَهُمْ كَالصُّنَّاعِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ ضَمَانِ السِّمْسَارِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَصَارَ كَالصَّانِعِ. (ص) وَنُوتِيٌّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ وَهُوَ خَادِمُ السَّفِينَةِ كَانَ رَبَّهَا أَمْ لَا إذَا غَرِقَتْ بِسَبَبِ فِعْلٍ سَائِغٍ فِعْلُهُ فِيهَا مِنْ عِلَاجٍ أَوْ مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ، وَأَمَّا إنْ غَرِقَتْ بِفِعْلٍ غَيْرِ سَائِغٍ فَيَضْمَنُ الْأَمْوَالَ وَالدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُمْ وَإِلَّا قُتِلَ بِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. (ص) لَا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ (ش) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَا تَرْعَ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَيَرْعَى فِيهِ فَيُهْلِكُ بَعْضُ الْمَاشِيَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ التَّعَدِّي مَا لَمْ يَكُنْ صَبِيًّا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَاصِلَ مَا تَقَدَّمَ بَلْ الْمُرَادُ حَاصِلُ الْفِقْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حَيْثُ ضَمِنَ فِي تَلَفِ الْمَحْمُولَاتِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ) مَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ لَا سَبَبَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ فِيهِ وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلَ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ الْأَجْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ؟ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْمَرْكُوبَاتِ حَيْثُ تَلِفَ الْمَرْكُوبُ وَيَقْرَأُ ضُمِنَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ ضَمِنَ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ كَحَارِسٍ وَلَوْ حَمَّامِيًّا) أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ رَبُّ الثِّيَابِ ثِيَابَهُ رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَا لَمْ يُجْعَلْ حَارِسًا لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ كَمَا إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْحَرَامِ وَجُعِلَ حَارِسًا لَأَنْ تُتَّقَى سَرِقَتُهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُفَرِّطْ الْحَارِسُ، وَأَمَّا لَوْ نَامَ فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ أَوْ تَرَكَ الْعَسَّ فِي وَقْتٍ يَعُسُّ فِيهِ الْحَارِسُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ كَكَرْمٍ وَنَخْلٍ) أَيْ: كَحَارِسِ كَرْمٍ وَنَخْلٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْخُفَرَاءُ) بَالِغَيْنِ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمَوْجُودُ فِي تت الْخُفَرَاءُ جَمْعُ خَفِيرٍ بِالْخَاءِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ) قَالَ عج وَقَدْ يُقَالُ تَضْمِينُهُمْ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْإِمَامُ مَنْ الْتَزَمَ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إجَارَةٌ فِيهِ أَجْرٌ وَالْمَعْرُوفُ لَا أَجْرَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَعَنْ أَشْهَبَ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ حَاصِلَ كَلَامِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَقُولُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ كَانَ الْأَجِيرُ يَغِيبُ عَلَيْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ تَحْتَ يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَكِنْ جَزَمَ بِهَذَا الْقَيْدِ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالْأُجَرَاءُ وَالصُّنَّاعُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ أُمَنَاءُ لَهُ فَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ يَدِهِ مِمَّا لَوْ غَابُوا عَنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ. (قَوْلُهُ أَوْ يَعْلَمُ) فَقَدْ نَصَّ أَشْهَبُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ تت عَنْ أَشْهَبَ فَجَزَمَ بِجَعْلِهِ تَقْيِيدًا لِلْمَشْهُورِ وَكَذَا يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفَادَ قَوْلُهُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ الْإِشَارَةَ إلَى مُوجِبِ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الصَّانِعِ الْأَسْفَلِ قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ: وَيُعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ. (قَوْلُهُ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ إلَخْ) ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْ رَبِّ الْمَتَاعِ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ كَذَا رَأَيْته لِكَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِنَا قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ اسْتَرَابَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يُعَاقِبَ بِالسِّجْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجُلَّاسُ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَوَافٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ نَصَبَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ النَّاصِبَ نَفْسَهُ يَضْمَنُ وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ وَهَذَا كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ فَيَفْصِلْ فِيهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ خَيْرُهُ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مِنْ عب وَانْظُرْ هَذَا الْقَيْدَ هَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ) أَيْ: وَلَا أُجْرَةَ لِلنُّوتِيِّ وَلَوْ وَصَلَتْ غَايَةَ الْمَسَافَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إخْرَاجِ الْمَالِ، أَمَّا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْوُصُولِ يُمْكِنُ صَاحِبَ الْأَحْمَالِ أَنَّهُ يَخْرُجُ أَحْمَالَهُ أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ بَادَرَ لِإِخْرَاجِهَا فَتَوَانَى فَغَرِقَتْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ أَوْ رِيحٌ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمَوْجَ وَالرِّيحَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 وَنَحْوَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ أَمِنَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لَا إنْ خَالَفَ إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ؛ إذْ لَا يُعْطَفُ بِلَا الْجُمَلُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ أَعْنِي حَارِثٌ أَيْ لَا رَاعٍ إنْ خَالَفَ وَقَوْلُهُ أَوْ صَانِعٍ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا بِالْعِطْفِ عَلَى أَمِينٍ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ أَمِينٌ. (ص) أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ (ش) أَيْ: وَهَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَنْزَى عَلَى الْمَاشِيَةِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْإِنْزَاءُ إطْلَاقُ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى لِلطَّرْقِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَنَّ الرَّاعِيَ يُنْزِي. (ص) أَوْ غُرَّ بِفِعْلِهِ (ش) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَرَّ بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومَ شَرْطٍ أَوْ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا غُرَّ بِفِعْلٍ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّيْءِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَ مَرْعَى شَرْطٍ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَوْلُهُ يَوْمَ التَّلَفِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ. (ص) أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ لَا غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا كَانَ لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ فَلَا يَضْمَنُ الْكِتَابَ إذَا دَفَعَهُ الْمَنْسُوخُ لَهُ لِيَنْسَخَ لَهُ مِنْهُ؛ إذْ لَا صَنْعَةَ لَهُ فِيهِ وَكَذَا إذَا دَفَعَ لَهُ سَيْفًا يَصُوغُ لَهُ عَلَى نَصْلِهِ وَدَفَعَ مَعَهُ الْجَفْنَ فَضَاعَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، وَكَذَلِكَ ظَرْفُ الْقَمْحِ إذَا ضَاعَ مِنْ عِنْدِ الطَّحَّانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ (وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ كَأَحَدِ الْخُفَّيْنِ يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحٍ فَيَدْفَعُ الْفَرْدَتَيْنِ إلَى الصَّانِعِ فَتَضِيعُ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهُ فِيهَا. (ص) وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ بِلَا أَجْرٍ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي ضَمَانِ الصَّانِعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِمَّا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ وَإِنْ صَنَعَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ أَوْ حَانُوتِهِ وَسَوَاءٌ عَمِلَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَغْرِيرٌ كَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ وَإِحْرَاقِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ وَوَضْعِ الثَّوْبِ فِي قِدْرِ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهَا وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى مَا إذَا عَمِلَهُ الصَّانِعُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَجْرٍ عُطِفَ عَلَى بَيْتٍ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الصُّنَّاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ رَدُّوا الْمَتَاعَ الَّذِي عَمِلُوهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَخَذُوهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا إذَا أَقَرُّوا بِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَالَ وَلَا رَدَّ فَلِرَبِّهِ وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ. (ص) إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ وَغَابَ عَلَيْهَا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ دَفْعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِضَمَانِ الصَّانِعِ لِمَصْنُوعِهِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ يَنْصِبَ نَفْسَهُ لِلصَّنْعَةِ لِعَامَّةِ النَّاسِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِشَخْصٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا أَنْ يَغِيبَ عَلَى الذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ، أَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا بِأَنْ عَمِلَهَا فِي بَيْتِ رَبِّهَا وَلَوْ غَائِبًا أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَلَا ضَمَانَ فَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَعْمَلَهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ فِي بَيْتِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَصْنُوعُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ غُلَامَهُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ وَقَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى هُرُوبَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي الصَّنْعَةِ تَغْرِيرٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا فَالضَّمِيرُ فِي وَغَابَ عَلَيْهَا رَاجِعٌ لِلذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ أَوْ الْأَشْيَاءِ الْمَصْنُوعَةِ وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ عِنْدَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّهُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُوَازِيَةِ وَالْوَاضِحَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَآخُذُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَبِعِبَارَةِ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ هَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا غَيْرَ مَصْنُوعَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَيْ: فَلَا ضَمَانَ سَوَاءٌ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ هُوَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ مَا إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهِ لَا لِقَوْلِهِ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّاهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ الصَّانِعُ هُنَا مَصْنُوعَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ وَمَا مَرَّ يَوْمَ التَّلَفِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لَا ضَمَانَ فِيهَا بِالْأَصَالَةِ وَهَذِهِ الضَّمَانُ فِيهَا أَصْلِيٌّ. (ص) وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ   [حاشية العدوي] أَيْ: زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَالْأَوَّلُ كَالرَّعْيِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ النَّدَى عَنْ النَّبَاتِ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الصَّغِيرَةِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ لَا تَرْعَ بِمَوْضِعِ كَذَا أَخَافُ وُحُوشَهُ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ) ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَيَوْمُ التَّعَدِّي كَذَا قَالَ عج وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُهُ لِلْجَمِيعِ وَيُوَافِقُهُ بَهْرَامُ فِي مُخَالَفَةِ الْمَرْعِيِّ الْمُشْتَرَطِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي غُرَّ بِالْفِعْلِ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْعِثَارِ أَمْ لَا وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلَ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْمَصْنُوعِ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ أَمِينٌ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّ عَمَلٌ فَاعِلُ مُحْتَاجًا لَا نَائِبُ فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَجْرٍ) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا فَعَلَهُ بِأَجْرٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رُؤْيَتِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الرُّؤْيَةُ غَرِمَ وَقْتَ آخِرِ رُؤْيَةٍ وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ إنَّمَا تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ آخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ تَعَدَّدَتْ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ. (قَوْلُهُ هُوَ خَاصٌّ إلَخْ) أَرَادَ أَنَّ تَرَتُّبَ السُّقُوطِ عَلَى الْبَيِّنَةِ إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّ بِدَعْوَى أَخْذِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ بَاقٍ عِنْدَهُ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا رُئِيَ عِنْدَهُ أَيْ: وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يَدْعُهُ لِأَخْذِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ قَامَتْ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُرَتِّبَ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ النَّافِيَةِ لِضَمَانِ الْقِيمَةِ الَّتِي كَانَ حَقُّهَا أَنْ تُعْتَبَرَ يَوْمَ الدَّفْعِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِخْبَارِ بِسُقُوطِهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الدِّقَّةِ قَالَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 (ش) يُرِيدُ أَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ عَلَى الصَّانِعِ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الضَّمَانِ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَتَرْدِيدُ الزَّرْقَانِيِّ فِي الْفَسَادِ لَا مَحَلَّ لَهُ. (ص) أَوْ دَعَا لِأَخْذِهِ (ش) عُطِفَ عَلَى شَرْطِ نَفْيَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ عَلَى الصَّانِعِ وَلَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ حَتَّى يَصِيرَ إلَى يَدِ رَبِّهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّانِعُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُودِعِ. (ص) إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ (ش) أَيْ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فَقَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ فَإِنْ قُلْت سُقُوطُ الْأُجْرَةِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ لَا عَنْ نَفْيِ الضَّمَانِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَرَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَفْيَ الضَّمَانِ. (ص) وَإِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ (ش) هَكَذَا قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الضَّمَانَ عَلَى الصَّانِعِ بِمَا إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْمَصْنُوعَ قَالَ: وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ وَرَآهُ صَاحِبُهُ مَصْنُوعًا عَلَى صِفَةِ مَا شَارَطَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَرَكَهُ عِنْدَهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الْإِجَارَةِ إلَى حُكْمِ الْإِيدَاعِ فَقَوْلُهُ بِشَرْطِهِ أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ بَيْنَهُمَا. (ص) وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي صُدِّقَ لِلرَّاعِي وَكَذَا فِي نَحَرَ أَيْ: أَنَّ الرَّاعِيَ إذَا خَافَ مَوْتَ شَاةٍ فَذَبَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ إذَا جَاءَ بِهَا مَذْبُوحَةً وَكَذَا يُصَدَّقُ فِيمَا هَلَكَ أَوْ سَرَقَ وَلَوْ قَالَ ذَبَحْتهَا ثُمَّ سُرِقَتْ صُدِّقَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالضَّمِيرُ فِي مَنْحُورَةٍ لِلرَّاعِي لَا لِرَبِّهَا وَفَحْوَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ وَمَنْ نَسَبَ لِلْمُدَوَّنَةِ الْيَمِينَ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ ظَاهِرُهَا عَدَمُ الْيَمِينِ، ثُمَّ إنَّ الرَّاعِيَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَأَكَلْتهَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ: ذَبَحْتهَا خَوْفَ الْمَوْتِ وَأَكَلْتهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَكْلَهَا، فَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ صُدِّقَ وَكَذَا إذَا جَعَلَ لَهُ أَكْلَ بَعْضِهَا حَيْثُ أَتَى بِالْبَاقِي وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَالْمُلْتَقِطُ مِثْلُ الرَّاعِي يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي اللُّقَطَةِ وَانْظُرْ إذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ خَوْفَ الْمَوْتِ وَأَكَلَ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّاعِي فَلَا يُصَدَّقُ أَمْ لَا. (ص) أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ (ش) هُنَا صِفَةٌ مَحْذُوفَةٌ أَيْ: أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَجَّامَ إذَا ادَّعَى قَلْعَ الضِّرْسِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْلُوعَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا سَمَّاهُ لَهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْحَجَّامُ عَلَى مَا قَالَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَلَا مَفْهُومَ لِلضِّرْسِ بَلْ السِّنُّ أَوْ النَّابُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّ الضِّرْسَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْوَجَعَ يَقَعُ فِيهِ. (ص) أَوْ صَبْغًا (ش) هُوَ بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى خَوْفٍ أَيْ: وَهَكَذَا يُصَدَّقُ الصَّانِعُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَغَ الثَّوْبَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرًا مَثَلًا وَادَّعَى أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ وَقَالَ رَبُّهُ إنَّمَا أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ بِخَمْسَةٍ فَقَطْ مَعَ يَمِينِ الصَّانِعِ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بِعَشْرَةٍ وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَالَ سُرِقَ مِنِّي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى صُورَةٍ يَنْدَفِعُ بِهَا التَّكْرَارُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّانِعُ يَخِيطُ وَيَصْبُغُ فَيَقُولُ رَبُّهُ دَفَعْته لَك لِتَخِيطَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ. (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ تَسْقُطْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ) أَيْ: الْمُفَادُ بِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ. (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ) أَيْ: بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ فَقَوْلُهُ وَرَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَفْيَ الضَّمَانِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ سُقُوطُ الْأُجْرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِقَوْلِهِ اكْتَفَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْأُجْرَةَ ضَمِنَ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكَافِي فِي الصَّانِعِ تَضِيعُ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ أَنَّهَا لِلصَّانِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ عَبْدَهُ فَأَنْكَرَهُ فَصَالَحَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى هُوَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ صَحِيحًا أَوْ مَعِيبًا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ عِنْدَهُ قَدْ أَخْفَاهُ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَفِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُكْتَرِي يَتَعَدَّى عَلَى الدَّابَّةِ فَتَذْهَبُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ هِيَ لِلْمُكْتَرِي اهـ. . (قَوْلُهُ فَنَحَرَ) أَيْ: أَوْ ذَبَحَ وَجَاءَ بِهَا مُذَكَّاةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ أَيْ: الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ) أَيْ: بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ لِثَوْرٍ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فَمَنْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا ثُمَّ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتِهِ فَنَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ) فَإِنْ تَرَكَ التَّذْكِيَةَ حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَالْآتِي بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ قَلْعِ ضِرْسٍ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَتَى بِالْبَاقِي) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْمَكَانَ قَرِيبٌ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ) وَانْظُرْ هَلْ بِيَمِينٍ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَغَ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ صُبِغَا مَعْنَاهُ إنْ ادَّعَى صَبْغًا أَيْ: قَدْرًا مِنْ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ) أَيْ: إنْ أَشْبَهَ (قَوْلُهُ فِي الصِّفَةِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ أَخْضَرَ أَوْ أَحْمَرَ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنَّهُ اُسْتُصْنِعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ) وَجْهُ التَّكْرَارِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ صَبْغًا مَعْنَاهُ ادَّعَى الصَّانِعُ الصَّبْغَ وَادَّعَى رَبُّهُ خِلَافَهُ وَهَذَا صَادِقٌ بِذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 29 وَيَقُولُ الْآخَرُ دَفَعْته لِأَصْبُغَهُ وَهَذَا إذَا حُمِلَ قَوْلُهُ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ عَلَى صِفَةِ الصَّبْغِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ فَلَا يَنْدَفِعُ التَّكْرَارُ، وَقَوْلُهُ (فَنُوزِعَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ. (ص) وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إنَّ كُلَّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ وَكُلُّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ صَبِيَّانِ وَفَرَسَانِ صَبِيًّا لِلتَّعْلِيمِ وَالرَّضَاعَةِ وَفَرَسًا لِلنَّزْوِ وَالرِّيَاضَةِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ وَرَضِيعٌ وَفَرَسُ نَزْوٍ وَرَوْضٍ (ش) زَادَ الْمَازِرِيُّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ زَرْعَهُ الَّذِي فِي أَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فِي دَارِهِ ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَزَادَ غَيْرُهُ الْخَيَّاطَ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ يَخِيطُهُ لِلِّبَاسِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ وَزَادَ الْبَاجِيُّ مَسْأَلَةَ الْعَلِيلِ يُشَارِطُهُ الطَّبِيبُ عَلَى بُرْئِهِ فَيَمُوتُ قَبْلَ ذَلِكَ وَزَادَ غَيْرُهُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ فِي الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ صَنْعَةً ثُمَّ تَهْلِكُ وَفِي التَّوْضِيحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَدَمُ الْفَسْخِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرُ كَمَا إذَا نَزَلَ مَطَرٌ مَنَعَ النَّاسَ الْبِنَاءَ أَوْ الْحَرْثَ أَوْ انْكَسَرَ الْمِحْرَاثُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَالتَّلَفُ لَيْسَ شَرْطًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ التَّعَذُّرَ إنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ التَّلَفِ مِنْهُ وَمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ مَوْصُولَةٌ وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ أَيْ بِتَلَفِ الَّذِي يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْ: بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ فِيهَا وَقَوْلُهُ لَا بِهِ أَيْ: لَا مَا يُسْتَوْفَى بِهِ أَيْ: لَا الَّذِي يُسْتَوْفَى بِهِ أَيْ: لَا كُلُّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ وَبِجَعْلِنَا مَا مَوْصُولَةً فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا شَيْءٌ قَوْلُهُ مِنْهُ كَانَ الْوَاجِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى عَامِلِهِ فَيَقُولُ مَا مِنْهُ يُسْتَوْفَى لِيُفِيدَ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ أَيْ: بِتَلَفِ كُلِّ ذَاتٍ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا مِنْهَا وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا لَكِنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي كِرَاءِ الدَّوَابِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَهُ يُقَيِّدُ بَعْضُهُ بَعْضًا . (ص) وَسِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى صَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مَنْ بِهِ أَيْ، وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ أَوْ ضِرْسٍ فَسَكَنَ أَلَمُهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ شَخْصٍ فَيَعْفُوَ عَنْهُ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ مِمَّنْ لَهُ الْقِصَاصُ كَمَا إذَا تَرَكَ أَوْلَادًا مَثَلًا لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ فِيهِمَا أَمَّا إنْ كَانَ الْعَافِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعَفْوِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَسِنٍّ لِقَلْعٍ أَنَّهُ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ فَسَكَنَتْ وَعِبَارَتُهُ لَا تُسَاعِدُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّهُ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ فَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ السِّنُّ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَقَلْعِ سِنٍّ فَسَكَنَتْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَسِنٍّ لِقَلْعٍ أَيْ: اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سِنٍّ لِأَجْلِ قَلْعِهَا وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَقَوْلُهُ فَسَكَنَتْ أَيْ: السِّنُّ أَيْ: أَلَمُهَا فَاكْتَسَبَ الْمُضَافُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الصَّبْغِ) أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَيْ: أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى الصَّبْغِ وَمَا اخْتَلَفُوا إلَّا فِي كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ) أَيْ: صُورَةَ مَا إذَا كَانَ يَخِيطُ وَيَصْبُغُ (أَقُولُ) وَفِي عب وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ مَا هُنَا مَحْمَلًا يَفْصِلُهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَقْسَامِ. (قَوْلُهُ فَبِهَلَاكِهَا) أَرَادَ الْهَلَاكَ وَلَوْ حُكْمًا كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ وَسُكُونِ أَلَمِ سِنٍّ وَعَفْوِ قِصَاصٍ كَمَا يَأْتِي وَمَرَضِ صَبِيِّ تَعَلُّمٍ وَمَنْ بِهِ مَرَضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ فَسْخُهَا بِمُجَرَّدِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ بِهِ وَلَا إلَى تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فِيمَا سَيَأْتِي بَعْضُ مُخَالَفَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا صَبِيٌّ تَعَلَّمَ) أَيْ: أَوْ بَالِغٌ وَقَوْلُهُ تَعَلَّمَ أَيْ: لِصَنْعَةٍ وَالْمُرَادُ إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ وَرَضِيعٌ مَاتَ كُلٌّ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَفَرَسُ نَزْوٍ) أَيْ: يُنْزَى عَلَيْهَا مَاتَتْ أَوْ أَعْقَتْ مِنْ مَرَّةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَأَمَّا مَوْتُ ذَكَرِ نَزْوٍ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِشُمُولِ الْفَرَسِ لِلذَّكَرِ، وَأَمَّا الْحِصَانُ فَخَاصٌّ بِالذَّكَرِ وَقَوْلُهُ وَرَوْضٍ أَيْ: رِيَاضَةٍ أَيْ تَعْلِيمِهَا حُسْنَ السَّيْرِ فَمَاتَتْ أَوْ انْكَسَرَتْ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ زَرْعَهُ) أَيْ: الْمُعَيَّنَ أَيْ: أَوْ يَحْرُثَ أَرْضَهُ الْمُعَيَّنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ كُلَّهَا يُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ. (قَوْلُهُ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ) أَيْ: وَيَتْلَفُ الثَّوْبُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ) أَقُولُ حَيْثُ إنَّ صَاحِبَ التَّوْضِيحِ أَفَادَ مَا ذُكِرَ فَصَحَّ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مَنَعَ النَّاسَ الْبِنَاءَ) أَيْ: فَتَعَذَّرَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْكَسَرَ الْمِحْرَاثُ أَيْ: الَّذِي يَحْرُثُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمِحْرَاثَ مُسْتَأْجَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُسْتَوْفًى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ حَيْثُ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَكِنْ حَيْثُ كَانَ مُرَادُنَا بِالتَّلَفِ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ إلَخْ الصَّادِقُ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاعِدَةِ) أَيْ: وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا أَيْ: الَّتِي هِيَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِكُلِّ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ. (قَوْلُهُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ لُزُومُ جَمِيعِ الْأَجْرِ (قَوْلُهُ كَلَامُهُ الْآتِي) أَيْ: فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْحَصْرِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْقَلْعُ لَا ذَاتُ السِّنِّ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَاتَ السِّنِّ هِيَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ بَاقٍ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَدْلُولِ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ فَاكْتَسَبَ الْمُضَافُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى السِّنِّ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ وَعُدِلَ فِي قَوْلِهِ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ عَنْ الْعَطْفِ إلَى التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ فَسَكَنَتْ أَيْ: حَيْثُ وَافَقَهُ الْأَجِيرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِقَرِينَةٍ. (ص) وَبِغَصْبِ الدَّارِ وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذَا غُصِبَتْ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ مَنْفَعَتُهَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَالْفَسْخُ فِي هَذَيْنِ حَقٌّ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إجَارَتِهِ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتَحَقَّتْ إلَخْ فَمَنْ أَفْتَى بِأَنَّ لِلْمَالِكِ عَلَى الزَّارِعِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِفَسْخِ إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْغَصْبِ فَقَدْ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ فَلَمْ يُصِبْ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ صَرَّحَ بِلَفْظِ غَصْبٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِعَطْفِهِ عَلَى الدَّارِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِ مَنْفَعَتِهَا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِغَصْبِ الشَّيْئَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ تَكَلَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالًا عَلَى تَخْلِيصِهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَلَا يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهَا صَارَتْ مُعَرَّضَةً لِلْفَسْخِ لَا أَنَّهَا فُسِخَتْ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ. (ص) وَأَمْرِ السُّلْطَانِ بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْحَوَانِيتِ إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ هُنَا ذُو الْقَهْرِ وَعَلَى السُّلْطَانِ الْأُجْرَةُ حَيْثُ قَصَدَ غَصْبَ الْمَنْفَعَةِ لَا الذَّاتِ وَانْظُرْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ. (ص) وَحَمْلِ ظِئْرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رَضَاعٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِظُهُورِ حَمْلٍ بِأَنْ كَانَتْ الظِّئْرُ وَقْتَ الْعَقْدِ غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ ثُمَّ ظَهَرَ أَوْ بِمَرَضِهَا مَرَضًا لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الرَّضَاعِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الطِّفْلِ مُخَيَّرُونَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ مُتَعَارِضٌ حَيْثُ حَكَمَ هُنَاكَ بِالتَّخْيِيرِ وَهُنَا بِالْفَسْخِ بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ وَإِنْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ تَكَرَّرَتْ الْمَسْأَلَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَشَى فِي كُلٍّ عَلَى قَوْلٍ أَوْ كَرَّرَهَا جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ خِيفَ عَلَى الطِّفْلِ الضَّرَرُ بِدُونِ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا خَيِّرُوا مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَيْسَ مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَخُوفٌ يُحْتَمَلُ وُقُوعُهُ وَعَدَمُ وُقُوعِهِ، أَمَّا إذَا خِيفَ الْمَوْتُ فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَهُنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَمَرَضِ عَبْدٍ وَهَرَبِهِ لِكَالْعَدُوِّ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ رَجَعَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ أَوْ أَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ تَمَامُهَا إلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا قَبْلَ ذَلِكَ وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْ يَرْجِعَ لَفْظَةَ أَوْ يَصِحُّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّتِهِ رَاجِعًا لَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ: اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ أَيْ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَانِعِ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا تَمَامُ الْمُدَّةِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَا يُقَابِلُ أَيَّامَ الْهُرُوبِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَضَاءِ مُدَّةِ الْهُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ إذْ قَدْ وَجَبَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا يُقَابِلُ مُدَّةَ الْهُرُوبِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَيُفْسَخَا فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ. (ص) بِخِلَافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ (ش) أَيْ: فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ وَلَا يَعُودُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ إلَخْ) هَذَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا بَعْدَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَمِينَهُ تَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ قَالَ عج ثُمَّ إنَّ بَعْضَ أَشْيَاخِي اسْتَظْهَرَ خِلَافَ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ اهـ. حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ يُصَدَّقُ فِي سُكُونِ الْأَلَمِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ. (قَوْلُهُ وَبِغَصْبِ الدَّارِ) لَا مَفْهُومَ لِلدَّارِ بَلْ كَذَلِكَ غَصْبُ الدَّابَّةِ وَغَصْبُ مَنْفَعَتِهَا كَمَا هُوَ النَّصُّ (قَوْلُهُ لَمْ يُصِبْ) أَيْ: بَلْ يَجْرِي فِي الْمُسْتَأْجَرِ مَا جَرَى فِي مَالِكِ الْأَرْضِ بَعْدَ زَرْعِ الْغَاصِبِ وَيُفَصَّلُ فِيهِ تَفْصِيلَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ) قَالَ عج هَذَا بَحْثُ شَيْخِنَا البرموني وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ خَلَّصَهُ بِمُجَرَّدِ حَقِّ صَاحِبِهَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا قَصْدُهُ مُجَرَّدُ تَخْلِيصِهَا وَدَفْعِهَا لِصَاحِبِهَا وَمَا هُنَا لَهُ حَقٌّ فِيهَا فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ خَلَّصَهَا مُتَبَرِّعًا بِمَا خَلَّصَهَا بِهِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ) أَيْ: وَعَدَمِ الْقَرِينَةِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ) أَيْ: وَمَا تَقَدَّمَ حَمَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ فَاسْتَحَقَّتْ أَنْ يُفْسَخَ رَضَاعُهَا هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ يُخَيَّرُ الْوَلِيُّ فِي الْفَسْخِ وَهَذَا الْجَوَابُ رَدَّهُ ابْنُ نَاجِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ لَا تَقْدِرُ مَعَهُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ مَعَهُ عَلَى الرَّضَاعِ لَمْ تَنْفَسِخْ إلَّا أَنْ يَضْرِبَهُ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ: وَيُجْعَلُ الْمَوْضُوعُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَشَى إلَخْ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ أَيْ: فَيَكُونُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُنَا عَلَى التَّحَتُّمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَرَّرَهَا أَيْ: وَيَكُونُ مَا هُنَا مَحْمُولًا عَلَى التَّخْيِيرِ كَالْأَوَّلِ وَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ بِأَنَّ مَا حُكِمَ فِيهِ بِالتَّخْيِيرِ حَيْثُ الضَّرُورَةُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَوْتُ وَهُنَا تَحَقَّقَ الْمَوْتُ فَلِذَا حُكِمَ بِتَحَتُّمِ النَّسْخِ وَهُوَ جَوَابٌ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ. (قَوْلُهُ لِكَالْعَدُوِّ) أَيْ: بِأَرْضِ حَرْبٍ وَمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهَا كَقُطْرٍ بَعِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنْ هَرَبَ لِقَرِيبٍ لَمْ تُفْسَخْ وَتَسْقُطُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ هُرُوبِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ) أَيْ: قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ أَيْ: اسْتَرَدَّهَا مِنْ الْمُكْرِي هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَجِّرُ قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 إنْ صَحَّتْ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِالصَّبْرِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةُ فِي السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي السَّفَرِ وَالدَّابَّةُ فِي الْحَضَرِ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءً وَنَحْوُهُ فِي النُّكَتِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ ثُمَّ تَصِحَّ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَرَضٍ إذْ هُوَ مَصْدَرٌ وَتَقْدِيرُهُ بِخِلَافِ أَنْ تَمْرَضَ دَابَّةٌ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحَّ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَوَّلٌ عُطِفَ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ. (ص) وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ (ش) أَيْ: وَخُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ إنْ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤَجَّرَ سَارِقٌ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ كَالْبَيْعِ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ اسْتِئْجَارُهُ لِخِدْمَةٍ فِي دَارِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ فِيهِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ سَارِقٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْته فَأَلْفَيْته سَارِقًا لَمْ تَنْفَسِخْ وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ إلَخْ. (ص) وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ وَلِيٌّ إلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِرُشْدِ الصَّبِيِّ إذَا أَجَّرَهُ وَلِيُّهُ أَوْ أَجَّرَ سِلَعَهُ كَدَارِهِ أَوْ دَوَابَّهُ أَوْ رَقِيقَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَقَدْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ بِالنَّظَرِ لِلْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى سِلَعِهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهَا مَا يَلْزَمُ فِي سِلَعِ السَّفِيهِ وَهِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ وَبِعِبَارَةٍ وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى تَلَفٍ أَيْ وَفُسِخَتْ بِرُشْدِ صَغِيرٍ وَمَعْنَاهُ إنْ شَاءَ الصَّغِيرُ وَقَوْلُ بَعْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خُيِّرَ فِيهِ نَظَرٌ لِإِتْيَانِ الْمُؤَلِّفِ بِالْبَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَرُشْدٍ بِالْكَافِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (ص) كَسَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ اللُّزُومُ أَيْ: كَسِلَعِ سَفِيهٍ أَيْ: كَالْعَقْدِ عَلَى سِلَعِ سَفِيهٍ أَيْ: كَعَقْدِ الْوَلِيِّ عَلَى سِلَعِ سَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ ثَلَاثُ سِنِينَ مِنْ رِيعٍ أَوْ رَقِيقٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِيهَا عَلَى حُكْمِ الْإِجَارَةُ إذَا انْتَقَلَ إلَى حَالِ الرُّشْدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُدَّةً يَرْشُدُ فِي أَثْنَائِهَا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْسِ السَّفِيهِ إلَّا لِعَيْشِهِ وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ إنْ رَشَدَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي ذَلِكَ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَهُوَ كَتَصَرُّفِ الرَّشِيدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي السَّفِيهِ ظَنُّ عَدَمِ رُشْدِهِ وَلَا ظَنُّ رُشْدِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ أَمَدَهُ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الرُّشْدِ. (ص) وَبِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ أَجَّرَ وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَقَفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَبَعْدَهُ عَلَى عَمْرٍو فَأَجَّرْت الطَّبَقَةُ الْأُولَى أَوْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ أَوْ أَجَّرَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ وَلِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْإِجَارَةُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ الْبَاقِيَةُ يَسِيرَةً؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَقَوْلُهُ وَبِمَوْتِ إلَخْ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ) أَيْ: السُّؤَالِ لِلْإِمَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءً) الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ لَا نَعْكِسُ الْحُكْمَ وَالْمَقْصُودُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَحَانُوتِهِ. (قَوْلُهُ عَقَدَ عَلَيْهِ) أَيْ: لِغَيْرِ عَيْشِهِ فَإِنْ أَجَّرَهُ لِعَيْشِهِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ كَإِجَارَةِ السَّفِيهِ لِعَيْشِهِ فَلَا يُنْظَرُ لِبُلُوغِهِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِرُشْدِهِ وَإِذَا رَشَدَ هَلْ يُرَاعَى فِيمَا بَقِيَ أَنْ يَكُونَ كَالشَّهْرِ أَوْ أَنْ يَكُونَ كَالسَّفِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ. (قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَ الْعَقْدِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا ثُمَّ رَشَدَ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ بِرُشْدِهِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي سِلَعِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَظُنُّ بُلُوغَهُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَارَةً يَظُنُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ وَتَارَةً لَا يَظُنُّ شَيْئًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ تَارَةً يَبْلُغُ سَفِيهًا وَتَارَةً يَبْلُغُ رَشِيدًا فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَمَتَى بَلَغَ رَشِيدًا يُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَيَنْبَغِي إذَا كَانَ عَلَى سِلَعِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ فَيُخَيَّرُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهَا إذَا كَانَ عَلَى سِلَعِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَهَذِهِ اثْنَتَانِ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ فِي سِلَعِهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إنْ بَقِيَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَزِمَهُ وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرَ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُدَّةُ رُشْدٍ فِي أَثْنَائِهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب وشب مِنْ أَنَّ لَهُ مَفْهُومًا. (قَوْلُهُ إلَّا لِعَيْشِهِ) ، وَأَمَّا لِغَيْرِ عَيْشِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى مَالِ السَّفِيهِ لَا عَلَى ذَاتِهِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ ابْتِدَاءً وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ وَلَوْ رَشَدَ وَلَيْسَ لَهُ الِانْحِلَالُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ. (قَوْلُهُ وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ ظَنَّ رُشْدَهُ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَا كَلَامَ لَهُ إذَا رَشَدَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَى سِلَعِهِ وَرَشَدَ فَلَا كَلَامَ لَهُ إذَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِير وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مُقَرَّرًا فِي رِزْقِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ وَأَجَّرَهَا مُدَّةً وَمَاتَ وَقَرَّرَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ فِيهَا أَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ مَثَلًا فَأَجَّرَهَا الْأَعْلَمُ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَانْتَقَلَتْ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَجَّرَهَا إمَامُ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 نَاظِرًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ تت مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَقَوْلُهُ وَقَفَ، وَأَمَّا الْمُعَمِّرُ فَلَا يُؤَجَّرُ إلَّا مَا قَرُبَ، وَأَمَّا الْمُخْدِمُ فَيُؤَجَّرُ مَا شَاءَ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْخِدْمَةِ. (ص) لَا بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ (ش) عُطِفَ عَلَى بِتَلَفٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لِدَارٍ أَوْ لِعَبْدٍ أَوْ لِدَابَّةٍ إذَا قَالَ إنَّ الشَّيْءَ الْمُؤَجَّرَ لِغَيْرِي وَأَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنِّي قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى نَقْضِهَا وَسَمَّاهُ الْمُؤَلِّفُ مَالِكًا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ وَمِثْلُ إقْرَارِ الْمَالِكِ بِالْبَيْعِ إقْرَارُهُ بِالْإِجَارَةِ لِغَيْرِهِ أَيْضًا وَلِلْمُقِرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهَا وَمَا أَكُرِيَتْ بِهِ. (ص) أَوْ خَلَفَ رَبُّ دَابَّةٍ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَحَجٍّ وَإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ (ش) خَلَفَ بِمَعْنَى تَخَلَّفَ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى إقْرَارٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ إذَا تَخَلَّفَ الْمُكْرِي عَنْ الْإِتْيَانِ بِالدَّابَّةِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وَاعَدَ الْمُكْتَرِيَ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِهَا فِيهِ وَإِنْ فَاتَ مَا يَقْصِدُهُ وَيَرُومُهُ مِنْ تَشْيِيعِ شَخْصٍ أَوْ تَلَقِّي رَجُلٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَكُنْ حَجًّا عُيِّنَتْ الدَّابَّةُ أَمْ لَا أَمَّا إنْ كَانَ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا كَأَكْتَرِي مِنْك دَابَّتَك لِأَرْكَبَ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ تَخْدُمُنِي أَوْ تَخِيطُ لِي أَوْ تَطْحَنُ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ قَالَ: أَحُجُّ عَلَيْهَا فَلَمْ يَأْتِ الْمُكْرِي بِالشَّيْءِ الْمُكْرَى إلَى أَنْ انْقَضَى ذَلِكَ الزَّمَنُ الْمُعَيَّنُ أَوْ فَاتَ الْحَجُّ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَجِّ مُعَيَّنَةٌ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي الرِّضَا مَعَ الْمُكْرِي بِالتَّمَادِي عَلَى الْإِجَارَةِ إذَا نَقَدَ الْكِرَاءَ لِلُزُومِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهُ الْعَمَلَ أَمَّا إنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَالْعِبْرَةُ بِالْعَمَلِ كَأَنْ يَقُولَ أَكْتَرِيَ مِنْك دَابَّتَك أَرْكَبُ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ ثَوْرَك أَطْحَنُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالْعِبْرَةُ بِالرُّكُوبِ وَالطَّحْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِخُصُوصِ الزَّمَنِ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَكِنَّهُ أُلْحِقَ بِهِ أَيْ: فَحَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تُوجَدُ فِي هَذَا الْعَامِ تُوجَدُ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً. (ص) أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ وَآجَرَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُفَّ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِظُهُورِ الْمُسْتَأْجِرِ فَاسِقًا يَشْرَبُ فِيهَا الْخَمْرَ أَوْ يَزْنِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ بِالْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَجَّرَهَا عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كِرَاؤُهَا مِنْ يَوْمِهِ وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَكْتَرِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُكْتَرِيًا حَتَّى خَرَجَ الشَّهْرُ الَّذِي أَكْرَاهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْكِرَاءُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكِرَاءِ الْوَجِيبَةُ أَوْ الْمُشَاهَرَةُ وَنَقْدُ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَالْعَقْدُ غَيْرُ لَازِمٍ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا كَانَ مَالِكُ الدَّارِ فَاسِقًا وَنَحْوَهُ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: الْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ بِفِسْقِهِ يَكُونُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْقَوْمِ فِي دَارِ نَفْسِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يُعَاقِبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَخْرَجَهُ عَنْهُمْ وَبِيعَتْ عَلَيْهِ وَعِنْدَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْعُقُوبَةِ تُكْرَى فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ بِيعَتْ وَظَاهِرُ الصَّنِيعِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ. (ص) وَبِعِتْقِ عَبْدٍ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ وَأَجَرْته لِسَيِّدِهِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ آجَرَ عَبْدَهُ سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ نَاجِزًا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ وَيَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهَا وَسَوَاءٌ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا أَمْ لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ   [حاشية العدوي] وَمَاتَ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ النَّاظِرَ غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ أَوْ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَكَارَيَيْنِ وَالْفَسْخُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوْ بِهِ لَا بِمَنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ مِنْ مُؤَجِّرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ. (قَوْلُهُ إلَّا مَا قَرُبَ) لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْقُرْبِ وَالظَّاهِرُ السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ وَحَرَّرَهُ فَلَوْ وَقَعَ وَأَجَّرَ وَمَاتَ الْمُعَمِّرُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ. (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْخِدْمَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَمَدَ الْخِدْمَةِ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ. (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهَا وَمَا أُكْرِيَتْ بِهِ) هَذَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَجَرَّهَا لِلْغَيْرِ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا وَكَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِفَوْرِ الْكِرَاءِ فَيُخَيَّرُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيْعِ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُؤَجِّرُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ أَوْ قِيمَةُ الْكِرَاءِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ فَيُخَيَّرُ الْمُقَرُّ لَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إمَّا الْقِيمَةُ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ أَوْ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ الْأَكْثَرُ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِفَوْرِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ فَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ) أَيْ: فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَيْ: أَنَّهُ اكْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهَا يَوْمَ كَذَا فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَا يَنْفَسِخُ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَخَصِّ لِقَصْدِ تَحْصِيلِ الْأَعَمِّ لَا لِقَصْدٍ عَيْنه بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَكْرِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَهَذَا مِنْ الْأَخَصِّ لِعَيْنِهِ قَالَهُ عج وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى يَوْمٍ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَقَعَ عَقْدُ الْكِرَاءِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَا اكْتَرَاهُ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْعُرْفُ فِي زَمَانِنَا مِنْ اسْتِوَائِهِمَا. (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ أَرْكَبُ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ إلَخْ) هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا جَعَلَهُ فِيمَا سَبَقَ مِثَالًا لَمَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ لِيَطْحَنَ عَلَيْهَا إرْدَبًّا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَهَذَا يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ وَفِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مَا عُلِمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَلْحَقَ بِهِ أَيْ: بِالزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَيَنْفَسِخُ فِي الْحَجِّ وَفِي الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنَ أَوْ لَا إرَادَةَ لَهُ فَهِيَ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَخْ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّقِيقِ فِي شَهَادَتِهِ وَقِصَاصِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ لَا فِي وَطْءِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ نَجَزَ عِتْقُهُ وَلَا كَلَامَ لِسَيِّدِهِ، وَأَمَّا الْأُجْرَةُ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ فِي بَقِيَّةِ زَمَنِ الْإِجَارَةِ هَلْ تَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنَ فَالْأُجْرَةُ فِيهَا لِلْعَبْدِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ فِيهَا لِلسَّيِّدِ فَقَوْلُهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ فَقَطْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ أَيْضًا (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ وَالْمُنَاسِبُ لِلِاخْتِصَارِ أَنْ يُسْقِطَ قَوْلَهُ فَصْلٌ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ وَيُذْكَرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ يَعْقِلُ وَبِالْكِرَاءِ لِمَا لَا يَعْقِلُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ ذَلِكَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ مِنْ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ. (ص) وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ (ش) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَيْ: إنَّ كِرَاءَ الدَّابَّةِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِهِ وَأَجْرِهِ كَالْبَيْعِ هَذَا مَعْنَى كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي يَجُوزُ هُنَاكَ يَجُوزُ هُنَا وَمَا يَمْتَنِعُ هُنَاكَ يَمْتَنِعُ هُنَا وَأَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمَا بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِأَكْلِهَا أَوْ وَقَعَ أَكْلُهَا جَزًّا مِنْ الْأَجْرِ وَظَهَرَ أَنَّهَا أَكُولَةٌ فَيُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ طَعَامُ رَبِّهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى رَبِّهَا طَعَامُ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ كَذَلِكَ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْكِرَاءِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ الْعَقْدُ لَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ وَإِلَّا لَمَا صَدَقَ إلَّا عَلَى الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ غَيْرِهَا. (ص) وَجَازَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً مِنْ شَخْصٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ بِعَلَفِهَا كَانَ أَوْلَى إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ كِرَائِهَا بِدَرَاهِمَ وَعَلَفِهَا بِالْأَوْلَى لِكَوْنِهِ صَارَ تَابِعًا وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا شَمِلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَمِلَهُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا أَجَازُوهَا لِلضَّرُورَةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ الْمَنْعَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لَمَا يُعْلَفُ لِلدَّوَابِّ كَالشَّعِيرِ مَثَلًا وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ مُنَاوَلَةُ ذَلِكَ لَهَا فَلَوْ وَجَدَهَا أَكُولَةً أَوْ وَجَدَ رَبَّهَا أَكُولًا فَلَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ. (ص) أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَك (ش) أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك يَا مُكْتَرٍ طَعَامَ رَبِّ الدَّابَّةِ أَوْ كِرَاؤُهَا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهَا طَعَامَ الْمُكْتَرِي وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ أَوْ عَلَيْهِ هُوَ طَعَامُك مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اكْتَرَاهَا بِطَعَامٍ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ طَعَامٍ بِطَعَامِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ. (ص) أَوْ لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ شَهْرًا فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا يَرْكَبُ النَّاسُ الدَّوَابَّ جَازَ وَهَكَذَا يَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الشَّيْخِ بِمَا قَالَ وَأَنَّ رُكُوبَ النَّاسِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمُتَكَارِيَيْنِ لَمْ يَجُزْ. (ص) أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تُكْرِيَ مِنْهُ دَابَّةً لِتَطْحَنَ عَلَيْهَا الْحِنْطَةَ   [حاشية العدوي] السَّيِّدِ لَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحَرِّ فِي الْوَطْءِ. [فَصْلٌ كِرَاءُ الدَّوَابِّ] (فَصْلٌ) كِرَاءُ الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ يَعْقِلُ) تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا غَيْرَ السَّفِينَةِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إجَارَةٌ (قَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةِ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَلِمَ مِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بَيْعًا لَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَزِدْ هُنَا بِعِوَضِ بَعْضِهِ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا كَمَا فُعِلَ فِي الْإِجَارَةِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَنَافِعِ دَابَّةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ. (قَوْلُهُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِهِ) فِيهِ أَنَّ الْكِرَاءَ هُوَ نَفْسُ الْعَقْدِ وَالْعِبَارَةُ تُؤْذِنُ بِالْمُغَايَرَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَنَّ الَّذِي إلَخْ) بَيَانٌ لِلْأَعَمِّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْعُمُومِ الشَّامِلِ لِمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَاكَ أَيْ: فِي بَابِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ هُنَا فِي بَابِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِأَكْلِهَا أَيْ: كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا بِأَكْلِهِ وَظَهَرَ أَكُولًا يُخَيَّرُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيَانِ أَنَّ مَا جَرَى فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَجْرِي فِي بَابِ الْكِرَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْكِرَاءِ كَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِجَارَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِلْمَعْنَى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ الدَّرَاهِمُ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) أَقُولُ لَا اسْتِثْنَاءَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْكِرَاءِ مُسَاوِيَةٌ لِأَحْكَامِ الْإِجَارَةِ نَعَمْ يُحْتَاجُ لِلِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ) لَمَّا قَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا وَعَلَفُهَا لَيْسَ مَعْلُومًا عَلَى التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ فَالضَّرُورَةُ تَكُونُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْإِجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ رَجُلٍ بِأَكْلِهِ. (قَوْلُهُ وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ طَعَامِ رَبِّهَا وَهَلْ كَمَا أَنَّ الْعَلَفَ بِالْفَتْحِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَلَيْهِ مُنَاوَلَتُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مُنَاوَلَةَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي جَبْرُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَيَلْزَمُهُ نَفَقَتهَا وَلَوْ أَكُولَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَجَدَ الْأَجِيرَ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ الزَّوْجَةَ قَلِيلَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يَأْكُلَانِ خِلَافًا لِابْنِ عُمَرَ أَنَّ لَهُمَا الْفَاضِلَ يَصْرِفَانِهِ فِيمَا أَحَبَّا. (قَوْلُهُ أَوْ طَعَامُ رَبِّهَا إلَخْ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تَجُوزُ الْجَمْعُ انْضَمَّ لَهُمَا نَقَدَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ) كُنْت رَأَيْت فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 شَهْرًا بِعَيْنِهِ أَيْ: وَالطَّحْنُ بَيْنَهُمْ مَعْرُوفٌ وَلَا مَفْهُومَ لِشَهْرٍ بَلْ الْمُرَادُ زَمَنًا مُعَيَّنًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَيْ: وَجَازَ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَوْ الرُّكُوبَ أَوْ الطَّحْنَ أَوْ الْحَمْلَ إلَخْ، وَكَذَا وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَقَوْلُهُ شَهْرًا يَتَنَازَعُهُ كُلُّ مَنْ يَرْكَبُ وَيَطْحَنُ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ أَوْ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِيَرْكَبَهَا أَوْ لِيَطْحَنَ أَوْ لِيَحْمِلَ بِمَعْنَى عَلَى مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ عَلَيْك وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا وَلَوْ سَمَّى قَدْرَ مَا يَطْحَنُ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الزَّمَنَ وَالْعَمَلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْأَرَادِبِّ وَالْأَيَّامِ الَّتِي يَطْحَنُ فِيهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدِهِمَا اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَهَلْ تَفْسُدَانِ جَمْعُهُمَا وَتَسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَنْعِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِاتِّفَاقٍ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ بِأَنَّ عَمَلَ الدَّابَّةِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَلَيْسَ مُنْضَبِطًا لِعَدَمِ وُجُودِ الِاخْتِيَارِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ. (ص) أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ مِائَةً وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَوَابُّ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِشَخْصٍ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلِّ دَابَّةٍ مِنْ مِقْدَارِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا حَذَفَ الْمُمَيِّزَ لِيَعُمَّ الْمَوْزُونَ وَالْمَعْدُودَ وَالْمَكِيلَ وَنَبَّهَ بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الدَّوَابِّ كُلِّهَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ شَتَّى وَحَمْلُهَا مُخْتَلِفٌ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَكْرَى دَابَّتَهُ كَالْبُيُوعِ، فَإِنْ سَمَّى مَا لِكُلٍّ وَاتَّحَدَ الْقَدْرُ جَازَ وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَيِّنَ مَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ وَمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ وَهَكَذَا فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ إذْ يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: إحْدَاهَا: أَنْ يُسَمِّيَ مَا لِكُلٍّ وَيَتَّحِدَ قَدْرُهُ، الثَّانِيَةُ: أَنْ يَخْتَلِفَ قَدْرُهُ وَيُعَيِّنَ مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ وَمَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ وَكِلْتَاهُمَا جَائِزَةٌ، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْتَلِفَ قَدْرُهُ وَلَا يُعَيِّنَ مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَهَذِهِ فَاسِدَةٌ، وَأَمَّا نُسْخَةُ الْمَوَّاقِ وَلَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ فَفِي مَفْهُومِهَا تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا. (ص) وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَى حَمْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَرَهُمَا جَائِزٌ لِتَسَاوِي الْأَجْسَامِ فَإِنْ أَتَاهُ بِفَادِحَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَالْفَادِحُ هُوَ الْعَظِيمُ الثَّقِيلُ وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ بِالْوَسَطِ مِنْ النَّاسِ أَوْ تُكْرَى الْإِبِلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَالْعَقْدُ مُنْبَرِمٌ وَلَيْسَ الْأُنْثَى مِنْ الْفَادِحِ مُطْلَقًا بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الذَّكَرِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَأَتَاهُ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لَهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْفَادِحِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ بِامْرَأَةٍ فَلَهُ الْكَلَامُ وَفِي عَكْسِهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ إنْ قَالَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ كَالْفَادِحِ فَلَهُ حُكْمُهُ وَكَذَا مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ النَّوْمُ أَوْ عَادَتُهُ عَقْرُ الدَّوَابِّ بِرُكُوبِهِ كَذَا يَنْبَغِي. (ص) بِخِلَافِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ (ش) أَيْ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ مَعَهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ يَكْبُرُ فِيهَا الْوَلَدُ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لُزُومُ حَمْلِ زِيَادَةِ الْبَلَلِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِحَمْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِأَنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بِنُدُورِهِ بِالنِّسْبَةِ لِحَمْلِ الْمَرْأَةِ. (ص) وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّابَّةِ وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَا الْجُمُعَةَ   [حاشية العدوي] الْحَطَّابِ أَنَّهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَبُو عِيسَى الْغُبْرِينِيُّ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي. (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِشَهْرٍ) وَفِي عب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ شَهْرًا أَنَّ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ اهـ. وَعِبَارَةُ شب وَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْمُرَادُ زَمَنًا مُعَيَّنًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ اهـ. وَاَلَّذِي أَقُولُ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ) إعْرَابُ الْبِسَاطِيِّ يَرْجِعُ لِلْإِعْرَابِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْك فِي الْعِبَارَةِ حُذِفَ وَالتَّقْدِيرُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك لَا أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَدْخُولٌ عَلَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ) أَيْ: فِيمَا زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ جَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْحَطَّابَ ذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَيْسَ مُنْضَبِطًا إلَخْ فَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ عَمَلَ الدَّابَّةِ لَيْسَ مَوْكُولًا لِاخْتِيَارِهَا وَلَوْ كَانَ مَوْكُولًا إلَيْهِ لَمَا عَمِلَتْ شَيْئًا وَلَعَلَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ اهـ. . (قَوْلُهُ وَحَمْلُهَا مُخْتَلِفٌ) أَيْ: وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَ فَيَجُوزُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ سَمَّى رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ كَانَ مَالِكًا أَوْ وَكِيلًا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ فَاسِدَةٌ) وَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُرِيدُ حَمْلَ الضَّعِيفَةِ لَا الْقَوِيَّةِ خَوْفًا مِنْ ضَعْفِهَا وَهَذَا الَّذِي قَلَّمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرَهُ) وَلَمْ يُوصَفْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ لِتَسَاوِي الْأَجْسَامِ غَالِبًا (قَوْلُهُ فَلَهُ الْكَلَامُ) وَالظَّاهِرُ مَا لَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ) وَالظَّاهِرُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَدَتْهُ مَفْهُومُهُ) عَدَمُ لُزُومِ حَمْلِ مَا مَعَهَا وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ رَضِيعًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مَنْ زِنَا (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ حَمَلَتْ فِي السَّفَرِ وَوَلَدَتْهُ (قَوْلُهُ التَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بِنُدُورِهِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ فِي السَّفَرِ فِي إبَّانِ الْمَطَرِ وَلَوْ فَرَّقَ بِإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْ الْمَطَرِ أَيْ: بِوَضْعِ شَيْءٍ يَمْنَعُ مِنْهُ دُونَ الْوِلَادَةِ لَكَانَ أَظْهَرَ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ. (قَوْلُهُ الثَّلَاثَ) الْأَحْسَنُ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ فِيهِ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ النُّحَاةِ أَنَّهُ مَتَى أُرِيدَ بِالظَّرْفِ اسْتِغْرَاقُهُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ ظَرْفًا لَأَوْهَمَ أَنَّ الرُّكُوبَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 فَصَاعِدًا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ فِي الْمَبِيعِ وَيُكْرَهُ الْمُتَوَسِّطُ مِنْ ذَلِكَ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِرُكُوبِهَا بَلْ، وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ عَمَلِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ كَالدَّابَّةِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَضَمَانُهَا فِي الْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي الْمَمْنُوعَةِ مِنْ الْبَائِعِ. (ص) وَكِرَاءُ دَابَّةٍ شَهْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ دَابَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا الْمُكْتَرِي إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ لِيَسْتَوْفِيَ مَنَافِعَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَ عَقْدُ الْكِرَاءِ نُقِدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، لَا يُقَالُ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ لِلنَّقْدِ بِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لَا يُفِيدُ فَسَادَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ النَّقْدِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدِ بِالشَّرْطِ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ. (ص) وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَوْ نَقَدَ وَاضْطُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ إذَا هَلَكَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُكْتَرِي دَابَّةً أُخْرَى يَرْكَبُهَا بَقِيَّةَ سَفَرِهِ إنْ كَانَ نَقَدَ الْأُجْرَةَ لِلْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، أَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ لِلْأُجْرَةِ أَوْ حَصَلَ وَاضْطُرَّ الْمُكْتَرِي لِلثَّانِيَةِ ضَرُورَةً شَدِيدَةً فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا إلَى زَوَالِ الضَّرُورَةِ فَقَوْلُهُ الْمُعَيَّنَةِ أَيْ: الذَّاتِ كَانَتْ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْهَالِكَةُ صِفَةٌ لِلْمُعَيَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِغَيْرٍ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ غَيْرٍ إلَى الْمُعَيَّنَةِ لَا يُفِيدُ تَعْرِيفًا فَلَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِالْمَعْرِفَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ بِفَتْحِ الْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَقَدَ لَا بِضَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَنْقَدَ. (ص) وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَدُونَهُ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْعَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا هُوَ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ دُونَهُ وَلَا يَفْعَلُ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قَدْرًا، فَإِنْ قُلْت لِمَ تَرَكَ النَّصَّ عَلَى فِعْلِ مِثْلِهِ قُلْت؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا فَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا يُفِيدُهُمَا قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ، وَإِنْ سَاوَتْ إلَخْ فَإِنْ قُلْت الدُّونُ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِدُونِ الْمَسَافَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ كَمَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ، وَأَمَّا فِي الْمَسَافَةِ فَلَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ أَنْ يَقُولَ الْمُكْرِي عَلَيْهِ لَكِنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ أَيْ: وَجَازَ فِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ نَصْبُ دُونَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ وَيَجُوزُ   [حاشية العدوي] فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ كَائِنٌ فِي بَعْضِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ اسْتِغْرَاقُ جَمِيعِ الثَّلَاثِ أَشَارَ لَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَاسْتِثْنَاءٌ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ وَالثَّلَاثُ ظَرْفٌ لِرُكُوبٍ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ) أَيْ: عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْمَتْنَ؛ لِأَنَّهُ مَا بِهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةِ) وَالسَّادِسُ مُلْحَقٌ بِالْجُمُعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ عَمَلِهَا) أَوْ حَمْلِهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب وَكَذَا اسْتِثْنَاءُ سَمْنِهَا وَلَبَنِهَا فَهُوَ كَالرُّكُوبِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ شب فِي شَرْحِهِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى فِي الْحَيَوَانِ إلَّا عَشْرَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَوَانِ الرَّقِيقُ فَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ سَابِقًا. (قَوْلُهُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ) أَيْ: مُعَيَّنَةً شَهْرًا أَيْ: بَعْدَ شَهْرٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأَجْرِ إلَّا فِي الْحَجِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَى شَهْرٍ وَهِيَ أَقْرَبُ لِإِفَادَةِ الْمَعْنَى مِنْ نُسْخَةِ شَهْرٍ وَمِثْلُ الشَّهْرِ الشَّهْرَانِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لِفَهْمِ الشَّهْرِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ: لَمْ يُشْتَرَطْ النَّقْدُ ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ النَّقْدَ لَا يَجُوزُ لِشَهْرٍ وَيَجُوزُ لِدُونِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا زَادَ عَلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ مَفْرُوضٌ فِي السَّفِينَةِ وَكَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ يَطْلُبُ الْفَرْقَ. (قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ: مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَى زَوَالِ الضَّرُورَةِ) أَيْ: لَا مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا فِي عج وَانْظُرْ هَلْ الِاضْطِرَارُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ أَوْ خَوْفُ الْمَرَضِ أَوْ ضَيَاعُ الْمَالِ أَيْ: فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ فِيهِ مَنْ يُكْرِيه وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصِلَ إلَى حَالَةٍ يُبَاحُ لَهُ فِيهَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ مُنِعَ مَعَ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ فَسَادًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ صِفَةً لِذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْنَى وَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِالْهَالِكَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ فِي نِيَّةِ حُلُولِهَا مَحَلَّ مَوْصُوفِهَا وَهُنَا لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ قَوْلِك مَرَرْت بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ قَوْلَك مَرَرْت بِالصَّالِحِ صَحِيحٌ وَمَفْهُومُ الْمُعَيَّنَةِ جَوَازُ الرِّضَا بِبَدَلِ الْهَالِكَةِ الْمَضْمُونَةِ. (قَوْلُهُ وَدُونَهُ) أَيْ قَدْرًا وَضَرَرًا أَيْ: لَا أَكْثَرَ قَدْرًا وَلَوْ أَقَلَّ ضَرَرًا وَلَا دُونَهُ قَدْرًا وَأَكْثَرُ ضَرَرًا فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ) وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمَحْمُولِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ) خُصُوصًا وَقَدْ قُلْنَا يَجُوزُ فِي الْأَدْنَى مِنْ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ) أَيْ: كَوْنُ الْإِجَارَةِ تُقَالُ فِي الْعَاقِلِ وَالْكِرَاءُ فِي غَيْرِهِ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ أَيْ: لَا دَائِمٌ أَيْ: فَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُضَفْ فَتُبْنَى عَلَى الضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ وَقَوْلُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 جَرُّهَا عَطْفًا عَلَى لَفْظِ الْمُسْتَأْجَرِ. (ص) وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (ش) هَذَا مِمَّا لَا خَفَاءَ فِيهِ وَهُوَ جَوَازُ كِرَاءِ الدَّابَّةِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا إمَّا بِرُؤْيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ أَوْ يُعَدَّ أَوْ يُكَالَ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ لِلِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ بِكَيْلِهِ أَوْ بِوَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ بِأَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَابَّةً لِحَمْلِ إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ أَوْ عِشْرِينَ بِطِّيخَةً مَثَلًا وَقَيَّدَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا وَإِنْ تَسَاوَى فِي الْكَيْلِ وَمَا بَعْدَهُ قَدْ يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْ بَعْضٍ كَإِرْدَبِّ فُولٍ وَإِرْدَبِّ شَعِيرٍ مَثَلًا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ قَيْدًا فِي الْعَدَدِ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَبِعِبَارَةٍ إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ أَيْ: تَفَاوُتًا لَهُ بَالٌ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ كَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَالْحِمْلُ بِكَسْرِ الْحَاءِ هُوَ الْمَحْمُولُ بِدَلِيلِ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ بِرُؤْيَتِهِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُرَى، وَأَمَّا بِفَتْحِ الْحَاءِ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُودَ مَحْمُولٍ وَعَلَى الثَّانِي الْبِسَاطِيُّ. (ص) وَإِقَالَةٌ قَبْلَ النَّقْدِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ إنْ اقْتَصَّا أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ (ش) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَنَافِعِ وَمِنْ الْمُكْرِي عَلَى الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَجَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ سَوَاءٌ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ حِينَئِذٍ وَهِيَ التُّهْمَةُ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ وَإِقَالَةٌ بِزِيَادَةٍ إلَخْ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً جَازَ لَهُ أَنْ يُقَابِلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الْكِرَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَانَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَزْيَدَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضًا نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُكْتَرِي بِالزِّيَادَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَيُمْنَعُ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُكْرِي فَفَسْخُهَا فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بَعْدَ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُكْرِي غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمُكْتَرِي لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً صَارَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي رُكُوبٌ فَفَسْخُهُ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْرِي وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَيْبَةٌ عَلَى النَّقْدِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَإِنْ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ لَا مِنْ الْمُكْرِي لِتُهْمَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ   [حاشية العدوي] وَيَجُوزُ جَرُّهَا هَذَا مُقَابِلُ الْأَحْسَنِ. (قَوْلُهُ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ) أَرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةَ أَيْ: بِأَنْ يَرْفَعَهُ لِجِهَةِ الْعُلُوِّ مَثَلًا حَتَّى يَعْرِفَ ثِقَلَهُ مِنْ خِفَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ لَا يُقَالُ كَيْفَ لَا يُعْلَمُ الْجِنْسُ مَعَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى رُؤْيَتِهِ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْئِيُّ مِقْدَارُهُ لَا نَوْعُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي عَدْلٍ مَثَلًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ) الْحَقُّ مَعَ الْبِسَاطِيِّ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ الْمَعْدُودُ قَالَهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بَهْرَامَ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَتَفَاوَتُ كَإِرْدَبِّ الْفُولِ مَعَ الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ لَا يَنْهَضُ؛ إذْ ذُكِرَ الْجِنْسُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَيْلَهُ بِأَنْ يَقُولَ إرْدَبُّ قَمْحٍ أَوْ إرْدَبُّ فُولٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ بِأَنْ يَقُولَ قِنْطَارُ سَمْنٍ مَثَلًا لَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَدُهُ بِأَنْ يَقُولَ عِشْرُونَ بَيْضَةً وَعِشْرُونَ بِطِّيخَةً مَثَلًا وَالْأَوَّلُ مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مِمَّا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ، فَإِذَا قَالَ: أَسْتَأْجِرُك عَلَى حَمْلِ إرْدَبٍّ مِنْ الْحُبُوبِ وَأَطْلَقَ فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذِكْرَ الْجِنْسِ لَا يَكْفِي وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ وَلَوْ الْجِنْسَ يَجُوزُ وَهُمَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ عَنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ مِنْ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَا مَا يَأْتِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ وَكَانَ ظَهَرَ لِي قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ) أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ الْمَحْمُولُ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَرَى إنَّمَا هُوَ الْمَحْمُولُ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَلَا يَرَى وَالْمُصَنِّفُ قَالَ بِرُؤْيَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُودَ مَحْمُولٍ فَلَا ظُهُورَ لَهُ نَعَمْ لَوْ جَعَلَهُ وَجْهًا ثَانِيًا فَيَقُولُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَسْتَلْزِمُ مَحْمُولًا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِذَلِكَ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ إنَّ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّقْدِ أَيْ: الْمَنْقُودِ أَصْلًا أَوْ غَابَ عَلَيْهِ غَيْبَةً لَا يُمْكِنُهُ انْتِفَاعُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ الْفَارِسِيَّ يُجَوِّزُ عَطْفَ الظَّرْفِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ كَمَا فِي الْمُغْنِي ذَكَرَهُ عِنْدَ أَقْسَامِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ إلَخْ) لَكِنْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّقْدِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا مُنِعَتْ أَيْضًا لِفَسْخِ الْمُكْتَرِي مَا فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي مِنْ كِرَاءِ مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ فِي مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) هَذَا التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ فِي ذَاتِهِ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلْفِقْهِ لَا فِي حَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ نَقْدًا) أَيْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَكُونُ نَقْدًا، وَقَوْلُهُ فَسْخُهَا فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَيْ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ الَّتِي تُدْفَعُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُكْرِي، وَأَمَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَيَجُوزُ مُطْلَقًا؛ إذْ لَا مَانِعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَيْبَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ) فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْمِيرُ ذِمَّةِ الْمُكْرِي غَايَةُ مَا هُنَاكَ تَعْمِيرُ ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ مُؤَخَّرَةً وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَاصَّةٌ وَفِي شَرْحِ عج لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاصَّةِ أَيْ: وَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ شَيْخِنَا أَوْ وُجُودُهَا كَافٍ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 الْمَذْكُورَةُ سَلَفًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ تُعَدُّ سَلَفًا وَإِنَّمَا تَجُوزُ مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِعَشْرَةٍ وَنَقَدَهَا وَغَابَ الْمُكْرِي عَلَيْهَا ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ السَّيْرِ مَثَلًا عَلَى دِرْهَمَيْنِ يَدْفَعُهُمَا الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي وَدَخَلَا عَلَى إسْقَاطِ الدِّرْهَمَيْنِ مِمَّا عَلَى الْمُكْرِي وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي بِثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَفَعَ عَشْرَةً أَخَذَ ثَمَانِيَةً فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ فَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ سَيْرٌ كَثِيرٌ فَإِنْ حَصَلَ سَيْرٌ كَثِيرٌ تَنْتِفِي مَعَهُ تُهْمَةُ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْمُكْرِي بِزِيَادَةٍ بِشَرْطِ تَعْجِيلِهَا مَعَ أَصْلِ الْكِرَاءِ لِتَحْصُلَ السَّلَامَةُ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ بَعْضُهُ مُؤَخَّرٌ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْمُؤَخَّرَةُ وَمِنْ الْمُكْتَرِي بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَقَوْلُهُ وَإِقَالَةٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ أَيْ: النَّقْدُ بِمَعْنَى الْمَنْقُودِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْغَيْبَةُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ. (ص) وَاشْتِرَاطُ هَدِيَّةِ مَكَّةَ إنْ عُرِفَ (ش) أَيْ: وَجَازَ اشْتِرَاطُ حَمْلِ هَدِيَّةِ مَكَّةَ عَلَى الْجِمَالِ إنْ عُرِفَ قَدْرُ ذَلِكَ كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْحَاجِّ هَدِيَّةَ مَكَّةَ وَنُسِبَ كُلٌّ لِلْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ هَدِيَّةُ مَكَّةَ هُوَ مَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ كِسْوَةِ وَطِيبٍ لِلْكَعْبَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَسِيَاقُ الْمُؤَلِّفِ فِي الدَّابَّةِ وَفِي الْحَمْلِ وَفِي قَوْلِهِ وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَمِثْلِهِ لَا أَضَرَّ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْهَدِيَّةِ مَا يُهْدَى لِلْأَجِيرِ بِمَكَّةَ. (ص) وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ (ش) أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعُقْبَةَ عَلَى الْجَمَّالِ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفَةٌ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْكَبُ الْمِيلَ السَّادِسَ وَفِي نَدْبِ اشْتِرَاطِ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ لِيَخْرُجَا مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي فِعْلِ مِثْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَوُجُوبُهُ لِيَخْرُجَا مِنْ الْحُرْمَةِ فِي فِعْلِ الْأَضَرِّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ قَوْلَانِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبٌ وَلَا وُجُوبٌ وَقَوْلُهُ الْأَجِيرُ أَيْ: أَجِيرُ الْمُكْتَرِي كَالْعِكَامِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ بِالْعَطْفِ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ) يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا جَازَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ وَالْأُجْرَةُ دَنَانِيرُ أَوْ بِالْعَكْسِ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا فِي عج خِلَافًا لِمَا فِي شَارِحِنَا وعب أَنَّ الْمُقَاصَّةَ شَرْطٌ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ النَّقْدِ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ الْمُكْرِي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ حَصَلَ سَيْرٌ كَثِيرٌ أَمْ لَا وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ الْمُقَاصَّةُ فِي زِيَادَةِ الْمُكْتَرِي قَبْلَ النَّقْدِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ مِنْ بَيْعِ عَرَضٍ وَنَقْدٍ بِنَقْدٍ وَعَلَى كُلٍّ يَفُوتُهُ شَرْطُ زِيَادَةِ الْمُكْرِي وَهُوَ تَعْجِيلُهَا. (قَوْلُهُ فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ) أَيْ: وَإِلَّا امْتَنَعَ لِئَلَّا تَعْمُرَ الذِّمَّتَانِ وَمِثْلُ الدُّخُولِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ حُصُولُهَا بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهَا قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إلَخْ أَيْ: وَيَقُولُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَقَاصَّا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْمِيرُ الذِّمَّتَيْنِ وَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ تَعْجِيلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي حَيْثُ كَانَ الْكِرَاءُ مَضْمُونًا، وَأَمَّا فِي دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ؛ إذْ مَنَافِعُهَا لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى تَأْخِيرِ الزِّيَادَةِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ. (تَنْبِيهٌ) : مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِرَاءِ دَابَّةٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الدُّورِ فَقِيلَ يُمْنَعُ وَلَوْ بَعْدَ كَثِيرِ سُكْنَى وَإِنْ عَجَّلَ الزِّيَادَةَ لِوُجُودِ تُهْمَةِ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ؛ إذْ لَا تَتَأَثَّرُ غَالِبًا بِكَثِيرِ سُكْنَى أَوْ أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّوَابِّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ كَثِيرًا وَلَا عَجَّلَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فَلَا تَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فَلَا يَلْزَمُ بِتَأْخِيرِهَا فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهَا كَالدُّورِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا مِنْ الْمُكْرِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ لَا تَجُوزُ إنْ نَقَدَ الزِّيَادَةَ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الرَّيِّ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ. (قَوْلُهُ هَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ) وَعِبَارَتُهُ يَعْنِي أَنَّ الْحَاجَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ بَعِيرَهُ مَثَلًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ كُلَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ هَدِيَّةٍ إذَا كَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ هَدِيَّةُ مَكَّةَ) أَيْ: مَا يُهْدَى لِلْأَجِيرِ بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ هُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ كِسْوَةٍ وَطِيبٍ) هَذَا تَقْرِيرُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَظَاهِرُهَا جَوَازُ تَطْيِيبِهَا وَكِسْوَتِهَا إلَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِ مَا يَخْلُقُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُجَمَّرُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى. وَقَدَّمْنَا أَنَّ كِسْوَةَ الْكَعْبَةِ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ كِسْوَةِ الْجِدَارِ انْتَهَى تت وَحَيْثُ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ حَلًّا لِلْمُدَوَّنَةِ فَمَا قَالَهُ تت عَيْنُ مَا قَالَهُ بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ بَهْرَامَ نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ: إذَا كَانَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرِ إلَخْ) أَيْ: يَشْتَرِطُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْجَمَّالِ أَنَّهُ بَعْدَ كُلِّ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ يَرْكَبُ خَدَّامُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمِيلَ السَّادِسَ لَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَشْتَرِطُ الرُّكُوبَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُتَوَهَّمُ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ كَمَا لَوْ أَكْرَى جِمَالَهُ لِحَمْلِ شَيْءٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَجِيرُهُ يُبْعِدُهُ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ) أَيْ: فِي الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَالْعِبْرَةُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ فِي فِعْلِ مِثْلٍ إلَخْ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ جَمَّالُهُ مِثْلَهُ وَفِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ لِيَخْرُجَا مِنْ الْحُرْمَةِ إلَخْ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْجَمَّالُ أَثْقَلَ مِنْهُ وَنَزَلَ وَرَكِبَ مَكَانَهُ وَفِي اشْتِرَاطِ الْعُقْبَةِ سَلَامَةٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ ثُمَّ أَقُولُ مَا وَجْهُ الْحُكْمِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا يَخْتَارُ النَّدْبَ لِاحْتِمَالٍ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَنْ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ يَرَى الْغَالِبَ تَسَاوِي الرِّجَالِ وَمَنْ يَرَى الْحُرْمَةَ لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَبَادِرُ إلَخْ أَيْ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 فَاعِلِ جَازَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَجَازَ اشْتِرَاطُ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ وَيَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ بِالْعَطْفِ عَلَى هَدِيَّةٍ. (ص) لَا حَمْلُ مَنْ مَرِضَ (ش) صَوَّرَهَا الشَّارِحُ فِي رِجَالٍ اكْتَرَوْا عَلَى حَمْلِ أَزْوَادِهِمْ وَعَلَى حَمْلٍ مِنْ مَرَضٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَالْبِسَاطِيُّ عَلَى مَا إذَا اكْتَرَى مُشَاةٌ مَحْمَلًا لِأَزْوَادِهِمْ وَاشْتَرَطُوا حَمْلَ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ وَقَدْ يَطْرَأُ لِلصَّحِيحِ الْمَرَضُ فَيُؤَدِّي لِلتَّخَاصُمِ وَالصُّورَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ وَمِثْلُ الْمَرَضِ التَّعَبُ. (ص) وَلَا اشْتِرَاطَ إنْ مَاتَتْ مُعَيَّنَةً أَتَاهُ بِغَيْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَشَرَطَ فِي أَوَّلِ كِرَائِهِ إنْ مَاتَتْ أَتَاهُ بِأُخْرَى مَكَانَ الْأُولًى إلَى مُدَّةِ السَّفَرِ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا إذَا نَقَدَ الْكِرَاءَ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِئَلَّا يَصِيرَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ وَلَا يُنَافِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ سَأَلَ أَنْ يُحَوِّلَهُ مِنْ مَحْمَلٍ لِزَامِلَةٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ دِينَارًا أَوْ مِنْ زَامِلَةٍ لِمَحْمَلٍ وَيَزِيدُهُ دِينَارًا أَنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ صِفَةِ وَالْأَوَّلِ فِي الْمَرْكُوبِ. (ص) كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّوَابَّ إذَا كَانَتْ لِرِجَالٍ شَتًّى لِكُلِّ دَابَّةٍ أَوْ لِوَاحِدٍ وَاحِدَةٌ وَلِغَيْرِهِ أَكْثَر وَالْحَمْلُ مُخْتَلِفٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ مَا يُحْمَلُ عَلَى كُلٍّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ كُلُّ دَابَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ وَاخْتَلَفَ الْحِمْلُ، فَإِذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُتَّفِقَةٍ جَازَ فَمَتَى اتَّفَقَ الْحِمْلُ بِأَنْ يَتَّفِقَ وَزْنُ مَا يُحْمَلُ لِكُلِّ دَابَّةٍ كَقِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ بَطَّةٍ وَيَتَّفِقُ وَزْنُ الْمَوْزُونِ فِي اللُّيُونَةِ وَالْأَجْرِ وَيَتَّفِقُ الْمَكِيلُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ: الثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْكِرَاءُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ وَاخْتَلَفَ عَدَدُ مَا لِكُلٍّ أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ إذْ يُعْلَمُ حِينَئِذٍ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ وَقَدْرُ مَا يَنُوبُ مَحْمُولُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَمَتَى كَانَتْ الدَّوَابُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْكِرَاءُ أَيْضًا قَالَهُ تت وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحِمْلُ قَدْرًا وَلُيُونَةً وَيُبُوسَةً وَثِقَلًا وَخِفَّةً وَأَجْرًا فَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّوَابُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءَ مُتَسَاوِيَةٍ وَبِمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْحَمْلُ فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ أَوْ اتَّفَقَ الْحِمْلُ جَازَ الْكِرَاءُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ. (ص) أَوْ لِأَمْكِنَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدٌ مُعَيَّنٌ وَإِنْ نَقَدَ (ش) أَيْ: وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ دَوَابَّهُ إلَى أَمْكِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَبُرْقَةِ وَإِفْرِيقِيَةَ وَطَنْجَةَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ الْمُتَكَارَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ قَدْ يَرْغَبُ فِي رُكُوبِ الْقَوِيَّةِ لِلْبَعِيدِ وَرَبُّهُ يُرِيدُهُ لِلضَّعِيفَةِ لِئَلَّا يُضْعِفَ الْقَوِيَّةَ فَيَدْخُلُهُ التَّخَاطُرُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا وَقَعَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَكُنْ عَرَفَ ذَلِكَ الْبَلَدُ نَقْدَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ وَقَعَ النَّقْدُ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَيَجُوزَ، ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَ نَقْدِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ مَضْبُوطٌ بِأَنْ كَانُوا يَتَكَارُونَ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي الْبَلَدِ نَقْدَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ لَجَازَ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَكَرَّرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِنْ نَقَدَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ خَاصٌّ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ غَائِبَةٍ بِأَنْ كَانَتْ لَهُ دَنَانِيرُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى يَدِ قَاضٍ مَثَلًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُكْتَرِي أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ أَوْ بَعْضُهَا أَخْلَفَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَشَرْطُ الْخُلْفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ أَمَّا الْحَاضِرَةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا اشْتِرَاطُ الْخُلْفِ بَلْ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدَهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ النَّقْدِ نَقَدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ أَيْ: كَكِرَاءِ دَوَابَّ لِلْحَمْلِ لِرِجَالٍ أَوْ لِأَمْكِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَقَوْلُهُ أَوْ لِأَمْكِنَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ بَعْدَ دَوَابَّ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى لِرِجَالٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الرِّجَالَ الْمُكْتَرُونَ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ الْمَالِكُونَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى الْمُقَدَّرِ قَبْلَ دَوَابَّ وَهُوَ كِرَاءٌ وَتَقْدِيرُهُ كَكِرَاءِ دَوَابَّ لِلْحَمْلِ أَوْ كِرَاءٍ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِيهِ نَقْدَ مُعَيَّنٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ لِغَيْرِ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ مُصْلِحًا أَيْ: لِأَكْثَرَ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَمْرَضَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ وَيُحْتَمَلُ خِفَّةُ الْمَرَضِ وَشِدَّتُهُ وَطُولُهُ أَوْ قِصَرُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِطُرُوِّ وَجْهٍ مِنْ الْجَهَالَةِ وَقَوْلُهُ وَالصُّورَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مُتَّحِدَتَانِ إذَا أُرِيدَ بِالشِّرَاءِ شِرَاءُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مُتَبَايِنَتَانِ إنْ أُرِيدَ بِالشِّرَاءِ حَقِيقَتُهُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ وَاقِعًا مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ) أَيْ: أَوْ لِرَجُلَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحَمْلُ) لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ أَيْ: بِأَنْ تَقُولَ وَحَصَلَ التَّعْيِينُ فِيمَا يَحْمِلُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَدَ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ النَّقْدِ لَا وُجُودُهُ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إلَخْ) أَيْ: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ بِالْفِعْلِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ بَلْ عَلَى حُصُولِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّ تَعْجِيلَ الْمُعَيَّنِ يَكْفِي حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ غَائِبَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْحَاضِرَةِ، وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ الْمُعَيَّنَةُ الْغَائِبَةُ فَلَا يَكْفِي فِيهَا شَرْطُ التَّعْجِيلِ بَلْ لَا يَصِحُّ الْكِرَاءُ بِهَا إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ أَيْ: بِشَرْطِ الْإِتْيَانِ بِخَلَفِهَا إنْ تَلِفَتْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ ظَهَرَ فِيهَا زَائِفٌ أَيْ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِذَاتِهَا فَلِذَا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ الْخَلَفِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِهِمَا فَلِذَا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا التَّعْجِيلُ وَلَمْ يَكْفِ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ (قَوْلُهُ عَلَى يَدِ قَاضٍ مَثَلًا) دَخَلَ تَحْتَ مَثَلًا مَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ مُودِعٍ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْخَلَفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ) أَيْ: تَعْجِيلُ الْمُعَيَّنِ غَيْرِهَا لَا تَعْجِيلُهَا لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لَا يَصِحُّ إلَّا مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ حَيْثُ كَانَتْ غَائِبَةً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ وَاشْتِرَاطُ التَّعْجِيلِ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الْفَسَادِ إلَى الْجَوَازِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ الْعُرُوضِ وَالْمِثْلِيَّاتِ حَيْثُ جَازَتْ إذَا اشْتَرَطَ التَّعْجِيلَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخُلْفُ مُشْتَرَطًا فَكَأَنَّهَا مَا عُيِّنَتْ. (ص) أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ أَوْ لِمَكَانٍ شَاءَ أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى مَكَان شَاءَ لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ بِالسُّهُولَةِ وَالْوُعُورَةِ أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا حَتَّى يَذْكُرَ مُنْتَهَى التَّشْيِيعِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا إذَا عُرِفَ بِالْعَادَةِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ بِمِثْلِ مَا تَكَارَى النَّاسُ لِلْجَهَالَةِ كَبَيْعِ السِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْكِرَاءِ عُرْفٌ لِلْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ نَوْعَ الْمَحْمُولِ كَفَى وَيُحَمِّلُهَا مَا تُطِيقُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا عَلَيْهِ الْأَنْدَلُسِيُّونَ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَحْمُولِ وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْقَرَوِيِّينَ فِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (ص) أَوْ إنْ وَصَلَتْ فِي كَذَا فَبِكَذَا (ش) يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهُ مَكَّةَ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي أَكْثَرَ فَلَهُ دُونَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُدْرَى مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْكِرَاءِ انْتَهَى. وَبِفَسْخِ الْكِرَاءِ قَبْلَ الرُّكُوبِ فَإِنْ رَكِبَ لِلْمَكَانِ الَّذِي سَمَّاهُ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي سُرْعَةِ السَّيْرِ وَإِبْطَائِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا سَمَّاهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ إنْ وَصَلَتْ إلَخْ الْمَعْطُوفُ هُنَا مَحْذُوفٌ وَإِنْ شَرَطَ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ: أَوْ كِرَاءٍ قَالَ فِيهِ: إنْ وَصَلَتْ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُصَرِّحْ بِمُقَابِلِ قَوْلِهِ أَوْ إنْ وَصَلَتْ فِي كَذَا فَبِكَذَا لِيُصَدِّقَ بِمَا إذَا قَالَ وَإِلَّا فَبِكَذَا أَوْ مَجَّانًا. (ص) أَوْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ (ش) يَنْتَقِلَ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ مِنْ الْفِعْلِ وَهُوَ حِمْلٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا حِمْلُ مَنْ مَرِضَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ أَيْ: وَلَا يَنْتَقِلُ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُقَدَّرًا فِيهَا الِاشْتِرَاطُ بِخِلَافِ هَذِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْغَبَ عَنْهَا وَيَسِيرَ إلَى غَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى دَابَّةٍ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ إذْنِ رَبِّهَا وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ غَيْرَ الْأُولَى اُتُّهِمَ عَلَى فَسْخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَصَارَتْ الْأُجْرَةُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فَسْخُهَا فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ الْمَسَافَةُ مُسَاوِيَةً لِلْأُولَى صَارَتْ بِمَثَابَتِهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ سَاوَتْ وَاوَ الْحَالِ وَإِنْ وَصْلِيَّةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْحَالِيَّةَ لَا تُصَدَّرُ بِعِلْمِ اسْتِقْبَالٍ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ وَإِذَا انْتَقَلَ لِبَلَدٍ آخَرَ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ مَا حَصَلَ وَلَوْ سَمَاوِيًّا وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لَا مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ تَقْرِيرٌ. (ص) كَإِرْدَافِهِ خَلْفَك أَوْ حَمْلٌ مَعَك (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ وَالضَّمِيرُ فِي إرْدَافِهِ رَاجِعٌ لِرَبِّ الدَّابَّةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَخَلْفَ ظَرْفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ إذَا أَكْرَى دَابَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ مِنْ شَخْصٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ خَلْفَك يَا مُكْتَرِي رَدِيفًا وَلَا أَنْ يَحْمِلَ تَحْتَك مَتَاعًا؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مَلَكَ ظَهْرَهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالْكِرَاءُ لِلْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ اكْتَرَى حِمْلَ أَرْطَالٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ وَزْنٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً) أَيْ: وَالْكِرَاءُ لَك يَا مُكْتَرِي إنْ لَمْ تَكُنْ اكْتَرَيْت زِنَةً مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ وَيَجُوزُ لَهُ الْحَمْلُ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً شَرْطٌ فِي مَنْعِ الْحِمْلِ وَفِي الْكِرَاءِ أَيْ لَيْسَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ الْحَمْلُ إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الْفَسَادِ إلَى الْجَوَازِ) أَيْ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالتَّعْجِيلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ وَغَيْرِهَا لَا يُكْتَفَى بِشَرْطِ الْخَلَفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ فَيَسْأَلُ مَا الْفَرْقُ فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَلَفَ لَمَّا كَانَ مُشْتَرَطًا وَكَأَنَّهَا مَا عُيِّنَتْ لَا يُفِيدُ شَيْئًا (قَوْلُهُ حَيْثُ جَازَتْ إذَا اشْتَرَطَ التَّعْجِيلَ) أَيْ: وَلَا يَكْفِي شَرْطُ الْخَلَفِ عَنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ الْمُعَيَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ وَلَا يُكْتَفَى بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْفَرْقُ الَّذِي أَبْدَاهُ الشَّارِحُ لَا يَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ) عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمَجْهُولٌ وَانْظُرْ إذَا كَانَ مِثْلَ كِرَاءِ النَّاسِ فِي الْمَاضِي هَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَوْ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ أَكْرِيَةِ الدَّوَابِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا تَابِعٌ لِلْمُدَوِّنَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ لَفْظَهَا بِالتَّعْبِيرِ بِالْمُسْتَقْبِلِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لَأَنْ يَكُونَ حَلًّا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ أَيْ: مَا يُرِيدُهُ أَيْ: أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَهُ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ. (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مُفَادُ قَوْلِهِ أَوْ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ أَوْ عَدَدُهُ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِكَذَا أَوْ مَجَّانًا) وَالْمَنْعُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَجَّانًا مُطْلَقٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَبِكَذَا فَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ. (قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ) ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَهَبَ بِهَا إلَيْهِ لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ كَغَاصِبٍ وَمَحَلُّ الْمُصَنِّفِ فِي كِرَاءٍ مَضْمُونٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَنَقْدِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَنْقُدْ الْأُجْرَةَ أَوْ نَقَدَ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَازَ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا) أَيْ: فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ عَقْدٍ (قَوْلُهُ صَارَتْ بِمَثَابَتِهَا) أَيْ فَيَجُوزُ مَعَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَفَرَّقَ بِفَرْقٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمَسَافَتَيْنِ مَعَ التَّمَاثُلِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الدَّابَّتَيْنِ فَإِنَّ التَّبَايُنَ بَيْنَهُمَا أَشَدُّ مِنْ تَبَايُنِ الْمَسَافَتَيْنِ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْعِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 أَيْ: بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ اكْتَرَاهَا كِرَاءً مَضْمُونًا أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ مَثَلًا فَإِنْ حَمَلَتْ زِنَةً بِالْفِعْلِ بِأَنْ سَمَّى لَهُ وَزْنًا مَعْلُومًا أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ حَمَّلَهَا حَمْلَ مِثْلِهَا فَلَا كِرَاءَ لَك يَا مُكْتَرِي، وَقَوْلُهُ (كَالسَّفِينَةِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ إلَى هُنَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ لَا فِيمَا قَبْلَهُ فَقَطْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً. (ص) وَضَمِنَ إنْ أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا لَوْ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ أَضَرُّ وَهُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الثِّقَلِ أَوْ دُونَهُ فِيهِ وَإِذَا أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ فَلِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْتَرِيَ الثَّانِيَ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ التَّلَفُ بِسَبَبِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مِنْ سَبَبِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا فِي يَدِ مَنْ أَكْرَاهَا بِكِرَاءِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي عَدَمِ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ بِأَنْ اعْتَقَدَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِحَالٍ. (ص) أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَا يَضْمَنُ الْمُكْتَرِي إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَى إلَيْهَا وَلَوْ قَلَّتْ كَالْمِيلِ وَعَطِبَتْ وَسَوَاءٌ عَطِبَتْ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَضْمَنُهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: إذَا بَلَغَ الْمُكْتَرِي الْغَايَةَ الَّتِي أَكْرَى إلَيْهَا ثُمَّ زَادَ مِيلًا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلُ وَالْخِيَارُ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الْمِثْلِ مَا بَلَغَ أَوْ قِيمَةُ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَيُسْتَثْنَى مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْمَسَافَةِ مَا يَعْدِلُ النَّاسُ إلَيْهِ عُرْفًا وَتَرَكَهُ لِعِلْمِ حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ أَيْ: بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا أَمْ لَا بِخِلَافِ لَوْ كَانَ الْعَطَبُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ. (ص) أَوْ حِمْلٌ تَعْطَبُ بِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إذَا زَادَ حِمْلًا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ وَحَاصِلُ ضَمَانِهِ هُنَا أَنَّهُ إنْ زَادَ مِنْ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْكِرَاءَيْنِ وَإِنْ زَادَ فِي أَثْنَائِهَا خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا مَعَ كِرَاءِ مَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ اسْتَوْفَى الْمَسَافَةَ أَوْ قَسَّطَهُ مَعَ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ هَذَا إذَا تَلِفَتْ، وَأَمَّا إنْ تَعَيَّبَتْ فَيُنَزَّلُ الْأَرْشُ مَنْزِلَةَ الْقِيمَةِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَيْ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَدَّى بِزِيَادَةِ الْحَمْلِ وَنُكِّرَ حِمْلٌ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ ابْنُ يُونُسَ قَيَّدُوا الْحِمْلَ بِمَا تَعْطَبُ بِهِ وَأَطْلَقُوا فِي الْمَسَافَةِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ فِي الْحَمْلِ فِي الْجُمْلَةِ دُونَهَا فَكُلُّهَا تُعَدُّ بِخِلَافِهِ؛ إذْ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ. (ص) وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ (ش) أَيْ: وَإِنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ وَلَمْ تَعْطَبْ أَوْ زَادَ حِمْلًا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ أَوْ لَمْ تَعْطَبْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فَقَطْ أَيْ: كِرَاءُ الزَّائِدِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا تَخْيِيرَ لَهُ فِي الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ (كَإِنْ لَمْ تَعْطَبْ) أَيْ: كَإِنْ زَادَ فِي الْحِمْلِ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَإِنْ لَمْ تَعْطَبْ مُغَايِرٌ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خَاصَّةٌ مُغَايِرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا وَهِيَ وَإِنْ أَمْكَنَ دُخُولُهَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِكِرَاءٍ لَكِنَّهُ أَفْرَدَهَا لِنُكْتَةٍ وَهِيَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الضَّمَانَ   [حاشية العدوي] يَنْظُرُ إلَيْهِ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا فِيمَا قَبْلُ. (قَوْلُهُ كِرَاءً مَضْمُونًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلٌ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ فِيهِ عُيِّنَ الْمَحْمُولُ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا مَا شَاءَ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْ اللَّقَانِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ شَارِحُنَا سَبْقُ قَلَمٍ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلَ مِثْلِهَا) أَيْ: دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلَ مِثْلِهَا ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَمِينٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَاهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهُ أَمَانَةً لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ أَفَادَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَقَلُّ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الضَّمَانُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَمِينًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ قَدْ يَرَى رَبُّهَا أَنَّ الْأَوَّلَ يُرَاعَى حَقُّهُ وَيُحْفَظُ مَتَاعُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ وَعِلْمُهُ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ وَأَنَّ رَبَّهَا مَنَعَهُ مِنْ الْإِكْرَاءِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عِلْمًا بِتَعَدِّيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُكْتَرِيَ الثَّانِيَ أَيْضًا إذَا كَانَ عَالِمًا بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِتَعَدِّيهِ وَكَانَ التَّلَفُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتْبَعَ أَيَّهُمَا شَاءَ سَوَاءٌ كَانَا مَلِيَّيْنِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مِنْ سَبَبِهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ عَالِمٍ. (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إلَّا أَنَّهُ أَيْ: أَصْبَغَ قَيَّدَ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا إذَا كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَمْ يُقَيِّدْ وَمُفَادُ بَعْضٍ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلَ) هَكَذَا ذَكَرَهُ ح عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَرَادَ أَخْذَ الْقِيمَةِ أَوْ كِرَاءَ الْمِثْلِ فِي الزَّائِدِ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَيْ: أَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِزِيَادَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ يَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ الْعَطْبُ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالَ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِكَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَا يَضْمَنُ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِيمَةِ) أَيْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَرْشِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ أَيْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ) أَيْ: كَمَا يَشْمَلُ زِيَادَةَ الْكَيْلِ وَالْعَدَدِ (قَوْلُهُ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) بَحَثَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ إنَّمَا هَلَكَتْ بِمَجْمُوعِ التَّعَبِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ التَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ السَّابِقِ مَعَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِالْعَمَلِ. (قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ) أَيْ وَلَوْ تَعَيَّبَتْ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ هَلَاكِهَا بِخِلَافِ تَعَيُّبِهَا بِزِيَادَةٍ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَزِيدُ فِي الْمَسَافَةِ وَتَارَةً يَزِيدُ فِي الْحِمْلِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَعْطَبَ أَوْ تَتَعَيَّبَ أَوْ لَا وَقَدْ عَرَفْت أَحْكَامَهَا مِنْ الشَّارِحِ وَمِمَّا قُلْنَا نَعَمْ يَبْقَى مَا إذَا تَعَيَّبَتْ لَا بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ فَالْحُكْمُ أَنَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ بَلْ هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعَطَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَطْلَقُوا فِي الضَّمَانِ مَعَ الزِّيَادَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الضَّمَانَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ فَصَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ إلَّا مَعَ الْعَطَبِ فَهُوَ مِنْ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالِاحْتِرَاسِ. (ص) إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ أَيْ: إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا الْمُكْتَرِي زَمَنًا كَثِيرًا عَلَى مَا اكْتَرَاهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَحَبَسَهَا شَهْرًا فَلَهُ مَعَ كِرَاءِ الْيَوْمِ كِرَاءُ الزَّائِدِ الَّذِي حَبَسَهَا فِيهِ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَسَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهَا أَمْ لَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ كَثِيرًا أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا يَسِيرًا كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةِ الْمُرَادِ بِالْكَثِيرِ مَا فَاتَتْ فِيهِ أَسْوَاقُهَا الَّتِي تُرَادُ لَهَا كِرَاءً أَوْ بَيْعًا كَحَبْسِهَا عِنْدَ خُرُوجِ الْقَفْلِ لِلشَّامِ مَثَلًا. (ص) وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ أَوْ جَمُوحٍ أَوْ أَعْشَى أَوْ دُبُرُهُ فَاحِشًا (ش) الْعَضُوضُ الَّذِي يَعَضُّ مَنْ يَقْرَبُ مِنْهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَنَحْوِهِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عَضُوضٍ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُكْتَرَاةَ فِيهَا عَيْبٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَيْهَا بِالْكِرَاءِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَالْجَمُوحُ الْقَوِيُّ الرَّأْسِ الَّذِي لَا يَنْقَادُ إلَّا بِعُسْرٍ وَالْأَعْشَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ حَيْثُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُهُ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَنَّهُ عَضُوضٌ أَوْ أَعْوَرُ أَوْ أَعْشَى أَوْ جَمُوحٌ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ مَسَافَةِ الْكِرَاءِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ أَرْشَ الْعَيْبِ عَنْ الْمُكْتَرِي وَفِي أَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ أَعْشَى وَصْفٌ لَا فِعْلٌ فَلَا إشْكَالَ فِي عَطْفِهِ عَلَى عَضُوضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ دُبُرُهُ فَاحِشًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَلَك فَسْخُ مَا كَانَ عَضُوضًا أَوْ جُمُوحًا أَوْ أَعْشَى أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا. (ص) كَأَنْ يَطْحَنَ لَك كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوُجِدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا (ش) تَشْبِيهٌ فِي خِيَارِ الْمُكْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ ثُمَّ إنْ فَسَخَ فَلَهُ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ بَقِيَ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ كُلُّهُ قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي أَيْ: لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ يُفْسِدُ الْكِرَاءَ حَيْثُ تَسَاوَيَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ زَادَ الْعَمَلُ عَلَى الزَّمَنِ اتِّفَاقًا فَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَهَلْ تَفْسُدُ وَهُوَ مَا شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلًا وَهُوَ مَا يُفِيدُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِمَادَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُمَا حِينَ عَقْدِ الْكِرَاءِ اعْتَقَدَا أَنَّ الزَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْعَمَلِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَوُجِدَ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ جَوَّزَ هُنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَنِ لِقِلَّةِ وُقُوعِ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الصَّانِعِ لِكَثْرَةِ   [حاشية العدوي] لَهُ كِرَاءَ الزَّائِدِ وَأَرْشَ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ) أَيْ: الَّتِي تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا. . (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا) وَمِثْلُ الْحَبْسِ الْكَثِيرِ رُكُوبُ الْأَمْيَالِ الْكَثِيرَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ بِالْفِعْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ التَّخْيِيرَ فِي الْحَبْسِ الْكَثِيرِ كَالشَّهْرِ أَوْ الرُّكُوبِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ غَيْرِ الْأَسْوَاقِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا تَغَيَّرَتْ الْأَسْوَاقُ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَانُ كَثِيرًا وَإِذَا حَبَسَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى مَا بَحَثَهُ الْعَطَّارُ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا حَاضِرًا أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنَى) وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ التَّأَمُّلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ مُتَّصِلًا وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ وَلَمْ تَعْطَبْ أَوْ زَادَ حِمْلًا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَسَوَاءٌ عَطِبَتْ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ فَعَلَ بِهِ مَا يَأْمَنُ مَعَهُ عَدَمَ الْعَضِّ بِجَعْلِ شَبَكَةٍ. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ) هَذَا الْقَيْدُ ضَعِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَاهُ وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ نَهَارًا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّهُ لَا يَسِيرُ إلَّا نَهَارًا أَوْ دَخَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فَمَتَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَاهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يُؤَجَّرُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ وَعَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ وَيَحُطُّ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِمَّا اكْتَرَاهُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اكْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ نَهَارًا فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ اكْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ لَيْلًا فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ أَرْشِ الْعَيْبِ فَإِنْ سَافَرَ بِهِ نَهَارًا وَلَمْ يَسِرْ بِهِ لَيْلًا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي سَيْرِهِ نَهَارًا مَعَ حَطِّ أَرْشِ الْعَيْبِ عَنْهُ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَكَان مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: تُمْكِنُ الْإِقَامَةُ فِيهِ أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ فِي مَكَان مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهَا حِينَئِذٍ وَإِلَّا تَمَادَى وَحَطَّ عَنْهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ إلَخْ) أَقُولُ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ لِيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ أَيْ: أَوْ حَيَوَانٍ دُبُرُهُ فَاحِشًا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَأَنْ يَطْحَنَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مُشَاهَرَةٌ صَحِيحَةٌ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نَقَدَ الْكِرَاءَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إلْزَامَهُ جَمِيعَ الْكِرَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا إلْزَامٌ لِمَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ فَالصَّوَابُ مَا فِي مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الزَّمَنَ) هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يُتِمُّ إذًا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ عَدَمَ طَحْنِهِ لِلْإِرْدَبَّيْنِ بِضِيقِ الزَّمَنِ عِنْدَ طَحْنِهِمَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ فَوَحَّدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا عَجْزًا مَعَ سَعَةِ الزَّمَنِ لِطَحْنِهِمَا فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَوَابُ وَيَكُونُ الْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هَذَا عَلَى مَرْضِيِّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ حَيْثُ يَسَعُ الزَّمَنُ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) أَيْ: مَعَ التَّسَاوِي بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْعَمَلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 الْمُعَاقَدَةِ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْغَرَرُ فِي الْأَوَّلِ قَلِيلٌ بِخِلَافِ الثَّانِي وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ انْتَهَى. (ص) وَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ فَلَا لَك وَلَا عَلَيْك (ش) أَيْ وَإِنْ زَادَ الْمُكْتَرِي فِي حِمْلِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ نَقَصَ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَايِيلِ فَلَا لَك يَا مَكْرِي فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْك يَا مَكْرِي فِي النَّقْصِ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ إلَخْ مُسْتَأْنَفًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعَمُّ وَهَذَا أَتَمُّ فَائِدَةً فَيَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ وَغَيْرَهَا. (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ (ص) جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارِ غَائِبَةٍ كَبَيْعِهَا أَوْ نِصْفِهَا (ش) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْكِرَاءُ اشْتِرَاءُ الْمَنَافِعِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّهَا وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ وَلَا الْجَهْلُ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكِرَاءُ مَمْدُودٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْحَمَّامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَفُرْنٍ وَمَعْمَلِ فَرُّوجٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ دَارٍ غَائِبَةٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ حَانُوتٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْغَيْبَةُ كَاكْتِرَائِهِ دَارًا بِمِصْرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهَا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ الدَّارِ أَوْ جَزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ الشَّائِعَةِ كَرُبُعٍ وَنَحْوِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَهِيَ أَحْسَنُ ثُمَّ إنَّ كِرَاءً فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى اكْتِرَاءٍ فَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِكْرَاءِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الِاكْتِرَاءِ فَتَجْعَلُهُ بِمَعْنَى الِاكْتِرَاءِ وَيَكُونُ الْإِكْرَاءُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي الِاكْتِرَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفِهَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلَيْنِ بِمَنْعِ كِرَاءِ مَا ذُكِرَ وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ إلَّا لِلشَّرِيكِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَبَيْعِهِ أَوْ نِصْفِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَذْكُورِ فَيَشْمَلُ الدَّارَ وَالْحَمَّامَ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَمَّامَ مُذَكَّرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّثَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الدَّارِ وَالْحَمَّامِ بِاعْتِبَارِ التَّغْلِيبِ لِقُرْبِ الدَّارِ لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ. (ص) أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ نِصْفِ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلنِّصْفِ وَيَسْتَعْمِلُهُ الْمُكْتَرِي يَوْمًا وَالْآخَرُ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ اقْتَسَمَاهَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ. (ص) وَشَهْرًا عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا لَزِمَ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ شَهْرًا عَلَى شَرْطِ إنْ سَكَنَ الْمُكْتَرِي يَوْمًا فَأَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ أَيْ: الْعَقْدُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَمْلِكُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُكْتَرِي رَجَعَتْ لِرَبِّهَا وَلَا يَتَصَرَّفُ الْمُكْتَرِي فِي الْمُدَّةِ بِكِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ أَيْ: إنْ دَخَلَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ الْمُكْتَرِي) عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَ زَادَ الْمُكْرِي كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفَّ وَنُشِرْ مُشَوَّشٌ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا) وَهُوَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِي الْحَمْلِ وَهُوَ مَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ أَيْ: بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ فِي الطَّحْنِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعُمّ أَيْ: شَامِلٌ لِلْحِمْلِ وَالطَّحْنِ [فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ] (قَوْلُهُ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) إنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهُ لِجَوَازِ دُخُولِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَاَللَّهِ مَا دُخُولُهُ بِصَوَابٍ أَيْ: حَسَنٍ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْعِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ وَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ اشْتِرَاءُ الْمَنَافِعِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا يَعْقِلُ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ بَيْعٌ اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَبِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَلَعَلَّ هَذَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ كَفَرْنَ وَمَعْمَلِ فُرُوجٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِثْلَ الْحَمَّامِ غَيْرُهُ مِمَّا مَنْفَعَتُهُ عَامَّةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ رُبُعٌ إلَخْ) هَذَا مِنْ نَظِيرِ الدَّارِ أَيْ: فَنَبَّهَ بِالدَّارِ لِدُخُولِ مَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ كَهُوَ (قَوْلُهُ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ: لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ وَصْفٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمُكْرِي وَذَلِكَ كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَزْءٌ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ نِصْفَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى هَا فِي بَيْعِهَا وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ بَهْرَامَ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ: وَهُوَ حَمَّامٌ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٍ وَكِرَاءُ نِصْفِهَا وَإِلَى كَلَامِ بَهْرَامَ يُشِيرُ قَوْلُ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ إلَخْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ نِصْفَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ لِقَصْدِ الرَّدِّ وَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبِرِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعِهَا دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا بِإِفْرِيقِيَةَ وَهُوَ بِمِصْرَ جَازَ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ الْإِكْرَاءُ وَيُمْنَعُ الِاكْتِرَاءُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ إذَا جَازَ أَحَدُ الْمُتَلَازِمَيْنِ يَجُوزُ الْآخَرُ وَالْكِرَاءُ وَالِاكْتِرَاءُ مُتَلَازِمَانِ، فَإِذَا جَازَ أَحَدُهُمَا جَازَ الْآخَرُ وَإِذَا مُنِعَ أَحَدُهُمَا مُنِعَ الْآخَرُ وَالشَّارِحُ فِيمَا قَالَهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَهَؤُلَاءِ ثِقَاتٌ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا بَعْضُ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ لَا يُسَلِّمُ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ وَيَظْهَرُ قَوْلُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاكْتِرَاءُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَيَجُوزُ الْإِكْرَاءُ الْمُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ التَّغْلِيبِ) كَيْفَ التَّغْلِيبُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي تَثْنِيَةٍ أَوْ جَمْعٍ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَاوَ فِي وَدَارٍ بِمَعْنَى أَوْ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ التَّغْلِيب وَقَدْ غُلِّبَ الْمُؤَنَّثُ وَالْأَحْسَنُ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَحْسَنُ. (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ عَبْدٍ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي اسْتِئْجَارِ الْعَقَارَاتِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 عَلَى مِلْكِ الْبَقِيَّةِ إمَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَالْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَدُخُولِهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ رَجَعَتْ الذَّاتُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِرَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِكِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ فِي الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ وَهَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَقَوْلُهُ عَلَى إنْ سَكَنَ أَيْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَسْكُنْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَشَهْرًا عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٍ أَمَدًا مَعْلُومًا وَشَهْرًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مَعَ انْدِرَاجِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: وَجَازَ الْكِرَاءُ شَهْرًا إلَخْ. (ص) وَعَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَحَمَلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى كِرَاءٍ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَعَدَمِ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَقَوْلِهِ أَسْتَأْجِرُ مِنْك سَنَةً مَثَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الِابْتِدَاءَ وَيَحْمِلَ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَهْرٍ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ لَزِمَهُ كُلُّهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ تَمَامٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ عَقَدَاهُ، وَكَذَلِكَ فِي السَّنَةِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ لَزِمَهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا حَسِبَا أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَشَهْرًا عَلَى تَمَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَمَلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَمْ مُشَاهَرَةً أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ السُّكْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا كَفَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ سَقَطَ عَنْهُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ لَهُ بَدَلُ مَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ ثُمَّ مَكَّنَهُ فَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِقَدْرِ مَا مُنِعَ مِنْهُ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَمُشَاهَرَةً وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا إلَّا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى شَهْرًا أَيْ: وَجَازَ الْكِرَاءُ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَاةً أَوْ مُيَاوَمَةً إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْحِلَالُ مَتَى شَاءَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك كُلَّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَجَّلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا عَجَّلَ، فَإِذَا قَالَ: أَكْتَرِي مِنْك كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ عَجَّلَ لَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَالْمُشَاهَرَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ وَالْوَجِيبَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ الْمَحْدُودَةِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْ أَيْ الْكِرَاءُ لَهُمَا فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِفَاعِلِ يَلْزَمُ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ عَدَّاهُ بِاللَّامِ قَوْلُهُ فَقَدَّرَهُ أَيْ: فَيَلْزَمُ قَدْرُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ اللُّزُومِ فَيَعْمَلُ بِهِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَجِيبَةِ. (ص) كَوَجِيبَةٍ بِشَهْرٍ كَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرُ أَوْ شَهْرًا أَوْ إلَى كَذَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدَّرَهُ وَلَمَّا كَانَ الْوُجُوبُ أَصْلُهُ السُّقُوطُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] أَيْ: سَقَطَتْ وَكَانَ السَّاقِطُ يَلْزَمُ مَكَانَهُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ سُمِّيَ الْوَاجِبُ لَازِمًا فَلِذَا سُمِّيَتْ وَجِيبَةً لِلُزُومِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ وَقَوْلُهُ وَلَا غَيْرَهُ أَيْ: مِنْ إسْكَانِهِ لِلْغَيْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَسْكُنُ هُوَ وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يَسْقُطْ نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُهُمْ فَقَدْ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَكْتَرِيَ الْبَيْتَ وَنَقَلَهَا اللَّخْمِيُّ بِزِيَادَةٍ لَا خَيْرَ فِيهَا وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مُوَضِّحًا لِذَلِكَ الْفَرْقِ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَاسِدٌ وَإِسْقَاطُ الشَّرْطِ يُصَحِّحُهُ وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ) أَيْ فَهَذِهِ مُشَاهَرَةٌ لَا وَجِيبَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا نَقَدَ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنْعِ بِسُكْنَى رَبِّهَا أَوْ بِمَنْعِ الْمِفْتَاحِ أَوْ بِإِجَارَتِهَا لِلْغَيْرِ وَلَكِنْ نَذْكُرُ لَك حَاصِلَ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَكَّنَهُ رَبُّ الدَّارِ مِنْهَا فَتَرَكَهَا الْمُكْتَرِي مُدَّةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا وَلَا مُسْكِنًا غَيْرَهُ فِيهَا وَلَا مَانِعًا مِنْهُ الْمِفْتَاحَ فَجَمِيعُ الْكِرَاءِ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي كَمَنْ اكْتَرَى إبِلًا أَوْ دَوَابَّ لِيَرْكَبَهَا فَأَتَاهُ بِهَا رَبُّهَا فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ، وَإِذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ رَبُّهَا مِنْهُ سَنَةً مَثَلًا فَتَارَةً يُكْرِيهَا فِي السَّنَةِ لِآخَرَ فَلِلْمُكْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَيْت بِهِ وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ دَفْعُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ لِرَبِّهَا أَوْ يَحُطُّ عَنْهُ حِصَّةَ سَنَةٍ مِنْ الْكِرَاءِ فَالْخِيَارُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، وَتَارَةً يَسْكُنُ رَبُّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِفْتَاحِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ عَنْ الْمُكْتَرِي حِصَّةَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَوْ مُسَانَاةً إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُشَاهَرَةَ مَا عُبِّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الشَّهْرِ وَأَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَالْمُشَاهَرَةُ إلَخْ يُنَافِيهِ وَيَقْتَضِي أَنْ لَا حَذْفَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَى سُنَنِ الْآتِي. (قَوْلُهُ فَالْجَارُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فَاعِلَ لَزِمَ ضَمِيرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ إعْمَالِ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ الْمُسْتَتِرِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِهِ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: الْكِرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا وَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَجِيبَةِ فَنَقُولُ تَلْزَمُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ أَيْ فَيَلْزَمُ قَدْرُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَدْرَهُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ. (قَوْلُهُ سُمِّيَ الْوَاجِبُ لَازِمًا) جَوَابٌ لِمَا أَيْ: سُمِّيَ الْوَاجِبُ فِي الشَّرْعِ لَازِمًا وَقَوْلُهُ فَلِذَا أَيْ: فَلِكَوْنِ الْوُجُوبِ يَلْزَمُهُ السُّقُوطُ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْعُقْدَةُ وَجِيبَةً لِلُزُومِهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 الْإِجَارَةُ الْوَجِيبَةَ لَازِمَةٌ لَهُمَا حَصَلَ نَقْدٌ أَمْ لَا إلَى آخِرِ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّيَاهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدُهُمَا الْخُرُوجَ مَتَى شَاءَ فَيَكُونُ الْعَقْدُ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَهَا أَلْفَاظٌ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: أَكْتَرِي مِنْك شَهْرًا كَذَا أَوْ سَنَةً أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَشْهُرًا أَوْ سِنِينَ أَوْ إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ إلَى يَوْمِ كَذَا كُلُّ ذَلِكَ وَجِيبَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا لَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِ ذَلِكَ وَالْبَاءُ فِي بِشَهْرِ كَذَا لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: كَوَجِيبَةٍ مُصَوَّرَةٍ بِشَهْرِ كَذَا أَوْ بِكَذَا، وَقَوْلُهُ بِشَهْرِ كَذَا مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ هَذَا الشَّهْرُ مُعَرَّفٌ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرًا وَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً أَنَّ الِابْتِدَاءَ لَمَّا كَانَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك هَذَا الشَّهْرَ. (ص) وَفِي سَنَةً بِكَذَا تَأْوِيلَانِ (ش) سَنَةً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحِكَايَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَكْتَرِي مِنْك سَنَةً بِكَذَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَجِيبَةً بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ غَيْرَ وَجِيبَةٍ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ فِي ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ فَلَا يَكُونُ وَجِيبَةً وَأَنْ يُرَادَ سَنَةً وَاحِدَةً فَيَكُونُ وَجِيبَةً فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ. (ص) وَأَرْضُ مَطَرٍ عَشْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَرْضِ الْمَطَرِ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَشْرَ سِنِينَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا فَسَدَ لِدَوَرَانِ الثَّمَنِ مَعَ الشَّرْطِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ وَمَعَ غَيْرِ الشَّرْطِ لَا يَدُورُ فَيَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ: بِشَرْطٍ وَشَرْطُ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ وَلَا مَفْهُومَ لِعَشْرٍ وَلَا مَفْهُومَ لِأَرْضِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّ كِرَاءَ جَمِيعِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ نَقْدٍ جَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَأَرْضُ مَطَرٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى حَمَّامٍ أَيْ: أَرْضٍ غَيْرِ مَأْمُونَةٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ سَنَةً) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ وَلَوْ فِي سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى السَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ نَقْدَ بَعْضِهَا أَيْ: بِشَرْطٍ لَا يُفْسِدُ وَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ الْخِيَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَرْضٌ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا مَعَ التَّعْلِيلِ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ وَقَعَ فِيمَا قَلَّ. (ص) إلَّا الْمَأْمُونَةَ (ش) أَيْ: فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مَعَ الشَّرْطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مَعَ الشَّرْطِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي أَرْضِ الْمَطَرِ وَقَوْلُهُ (كَالنِّيلِ وَالْمَعِينَةِ فَيَجُوزُ) تَشْبِيهٌ أَيْ: كَمَا يَجُوزُ فِي أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَعِينَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تُسْقَى بِالْعَيْنِ السَّانِيَةِ وَالْآبَارِ الْمَعِينَةِ النَّقْدِ لَا تَمْثِيلَ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمُؤَلِّفُ سَاكِتًا عَنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهَا هَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا أَمْ لَا؟ وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِيهَا. (ص) وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ (ش) النِّيلُ بِكَسْرِ النُّونِ فَيْضُ مِصْرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ النِّيلِ الْمَأْمُونَةَ إذَا رُوِيَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا أَيْ: يُقْضَى لِرَبِّهَا بِالْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِمَّا اكْتَرَاهُ، وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ وَالْمَطَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي نَقْدُ الْكِرَاءِ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَخَرَجَ بِمَأْمُونَةِ الرَّيِّ غَيْرُ مَأْمُونَتِهِ كَالْمُرْتَفِعَةِ الَّتِي لَا يَبْلُغُهَا النِّيلُ لِعُلُوِّ أَرْضِهَا قَوْلُهُ إذَا رُوِيَتْ أَيْ تَحَقَّقَ رَيُّهَا وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ وَيَجِبُ إلَخْ أَيْ وَتَمَكُّنٍ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ سِنِينَ) وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَ جَمْعَ كَثْرَةٍ (قَوْلُهُ وَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ جَارٍ فِي سَنَةٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْكِي فِيهِ التَّأْوِيلَيْنِ فَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشْهُرًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ التَّأْوِيلَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ أَشْهَرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَوْ أَنَّهُ مَشَى عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمُقَدِّمَاتِ تَارِكًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مِثْلَ سَنَةٍ شَهْرًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ أَيْ عَلَى الْإِفْرَادِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ شَهْرًا أَوَّلًا إشَارَةً إلَى اعْتِمَادِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَتَّفِقُ لَهُ. (قَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَجِيبَةً؟) هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ بَلْ هُوَ ظَاهِرُهَا وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ وَجِيبَةٍ هُوَ تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ. (قَوْلُهُ عَشْرًا) لَا مَفْهُومَ لِعَشْرٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعَ النَّقْدِ تَطَوُّعًا الدَّوَرَانَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الدَّوَرَانُ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الدَّوَرَانَ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّ لَهُ تَفْصِيلًا ضَعِيفًا لَا دَاعِيَ لِجَلْبِهِ (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ إلَخْ) وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا دُونَ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سَنَةً كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ إلَّا الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ الْمَأْمُونَةُ الرَّيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا) أَيْ: كَأَرَاضِي الْمَشْرِقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا أَرْبَعِينَ عَامًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ سِنِينَ كَثِيرَةً) ذَكَرَ الْحَطَّابُ إنَّمَا تُكْرَى بِالنَّقْدِ الثَّلَاثِينَ عَامًا وَالْأَرْبَعِينَ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الْكَثْرَةِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ لِنَقْلِهِ. (قَوْلُهُ النَّقْدُ) أَيْ: شَرْطُ النَّقْدِ وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ كَذَا فِي الشُّرَّاحِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ أَرَاضِي النِّيلِ مِمَّا شَأْنُهُ الرَّيُّ (قَوْلُهُ أَرْضُ النِّيلِ الْمَأْمُونَةُ) فِيهِ شَيْءٌ؛ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ الرَّيِّ إذَا رُوِيَتْ لَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَيَجِبُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ) لَكِنَّ رَيَّهَا مَجْزُومٌ بِهِ لِكَوْنِهَا شَدِيدَةَ الِانْخِفَاضِ وَقَرِيبَةً مِنْ الْبَحْرِ فَأَدْنَى زِيَادَةٍ مِنْ الْبَحْرِ تُرْوَى مِنْهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ تَحَقُّقُ رَيِّهَا وَقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ بَلْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْدُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ بِأَنْ ذَهَبَ النِّيلُ عَنْهَا فَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ إذْ صَارَ وُجُوبُ النَّقْدِ مَنُوطًا بِالْأَمْرَيْنِ وُجُودِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ؛ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ. (ص) وَقَدْرٍ مِنْ أَرْضِك إنْ عُيِّنَ أَوْ تَسَاوَتْ (ش) الْقَدْرُ يَشْمَلُ الْأَذْرُعَ وَالْفَدَادِينَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ مِنْ أَرْضِهِ قَدْرًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ عَيَّنَ الْجِهَةَ الَّتِي يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُكْتَرِي أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْجِهَةَ الَّتِي يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُكْتَرِي وَاحْتُرِزَ بِالْقَدْرِ عَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رُبُعَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ شَائِعًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ ذَلِكَ. (ص) وَعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلَاثًا أَوْ يَزْبِلَهَا إنْ عَرَفَ (ش) يَعْنِي وَكَذَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَحْرُثَهَا مُكْتَرِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَزْرَعَهَا فِي الْحَرْثَةِ الرَّابِعَةِ وَكَذَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَزْبِلَهَا مُكْتَرِيهَا وَيَزْرَعَهَا وَيَكُونَ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ كِرَاؤُهَا إنْ كَانَ أَمْرًا مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْثَاتِ وَالتَّزْبِيلِ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى فِي الْأَرْضِ وَلِذَا اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْأَرْضِ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَيَصِيرُ كَنَقْدٍ اُشْتُرِطَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَعَلَى إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَأَرْضٌ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى حَمَّامٍ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ إنْ عَرَفَ أَيْ: نَوْعَ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ مِنْ زِبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزِّبْلَ أَنْوَاعٌ وَيَنْبَغِي أَوْ قَدْرُهُ كَعَشْرَةِ أَحْمَالٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ مُخْتَلِفَةٌ فَبَعْضُهَا ضَعِيفَةُ الْحَرَارَةِ فَيُقَوِّيهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ وَبَعْضُهَا قَوِيُّ الْحَرَارَةِ فَيُضْعِفُهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ. (ص) وَأَرْضٍ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً (ش) أَيْ وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ سِنِينَ مَاضِيَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا فِي تِلْكَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً فَسِنِينَ الْأُولَى مَعْمُولٌ لِنَعْتِ أَرْضٍ وَمُسْتَقْبَلَةً صِفَةٌ لِسِنِينَ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَعْمُولٌ لَجَازَ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لِغَيْرِك) أَيْ وَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِك وَمَعْنَاهُ أَنَّك اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ ثُمَّ أَكْرَيْتهَا لِغَيْرِك تِلْكَ السِّنِينَ فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا ثُمَّ انْقَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً وَلَك أَنْ تَأْمُرَ الْغَارِسَ أَنْ يَقْلَعَ شَجَرَهُ مِنْ أَرْضِك إلَّا أَنْ يُرْضِيَك هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَنَّ لِغَيْرِك فَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِمُسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ مِنْ رَبِّهَا أَوَّلًا وَثَانِيًا، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُهَا فَقَوْلُهُ وَأَرْضٍ إلَخْ عُطِفَ عَلَى حَمَّامٍ وَعَلَى نُسْخَةٍ كَذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ بِالْكَافِ يَكُونُ الْمَعْنَى وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ سِنِينَ أَيْ: يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَكْتَرِيَ أَرْضًا سِنِينَ كَجَوَازِ اكْتِرَائِهَا صَاحِبَ شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً إلَخْ أَيْ: كَمَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ شَجَرٍ بِهَا اكْتِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً إلَخْ فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَسِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٌ مَعْمُولٌ لَجَازَ عَلَى كِلَا النُّسْخَتَيْنِ لَا أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ سِنِينَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ تِلْكَ مَاضِيَةٌ وَهَذِهِ مُسْتَقْبَلَةٌ. (ص) لَا زَرْعٍ (ش) أَيْ: لَا إنْ كَانَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ زَرْعًا لِغَيْرِك فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] إنَّمَا يَكُونُ بِوُجُودِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَزَوَالِهِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رُبْعَهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ذَكَرَ عَدَدَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَذْرُعِ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهُ قَدْرًا مِنْهُ مُعَيَّنًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَرْضُك أَلْفُ ذِرَاعٍ وَأَكْتَرِي مِنْهَا مِائَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا بِنِسْبَةِ قَدْرِ مَا اسْتَأْجَرَ لِجَمِيعِ قَدْرِ ذَرْعِهَا كَمَا فِي الطِّخِّيخِيِّ. (قَوْلُهُ أَوْ يُزَبِّلُهَا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُزَبِّلَهَا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكِرَاءَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهَذَا التَّزْبِيلُ أَوْ الْحَارِثُ زِيَادَةٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا جَعَلَ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا الْحَرْثَ أَوْ التَّزْبِيلَ الْمَذْكُورَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ هَذَا الزِّبْلُ لَا بُدَّ مِنْ طَهَارَتِهِ كَمَا وَجَدْته عِنْدِي (قَوْلُهُ وَلِذَا اُشْتُرِطَ إلَخْ) أَقُولُ وَالْمُصَنِّفُ مُفِيدٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا أَيْ الْأَرْضَ الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَ) أَيْ: نَوْعُ مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ (أَقُولُ) كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا مَانِعَ مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ يَحْرُثُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَرْثَ تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ وَلَوْ بَيَّنَ عَدَدَهُ، فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ عَدَدِهِ وَصِفَتِهِ مَعْلُومًا بِالْعَادَةِ كَفَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ مَنْ زَبَّلَ أَوْ غَيْرَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي ذَلِكَ تَنَافِيًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُزَبَّلَ بِهِ زِبْلٌ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ مَا يُصْلِحُهَا بِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلزِّبْلِ وَغَيْرِهِ أَيْ: كَرَمَادٍ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِبْلٍ أَيْ نَوْعٍ مِنْ الزِّبْلِ كَزِبْلِ الْحَمَامِ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ لَمَا عَدَّاهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ زِبْلَ الْحَمَامِ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَيُضَعِّفُهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيَكْفِيهَا الْقَلِيلُ. (قَوْلُهُ مَعْمُولٌ لَجَازَ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَعْمُولٌ لِكِرَاءٍ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ أَيْ: يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَكْتَرِيَ أَرْضًا سِنِينَ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرَعَيْنَ مُشَبَّهٌ بِهِ وَمُشَبَّهٌ فَأَمَّا الْمُشَبَّهُ بِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَرْضُ مَطَرٍ عَشْرًا فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَهُ لِشُمُولِ هَذَا لِكِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَصَّلَ فِي النَّقْدِ دُونَ هَذَا، وَأَمَّا الْمُشَبَّهُ فَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْقَائِلُ وَإِنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً فَغَرَسْت فِيهَا شَجَرًا وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرُك فَلَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً انْتَهَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ لِغَيْرِك تَضِيعُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ) أَيْ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً مَرْتَبَتُهَا التَّقْدِيمُ عَلَى قَوْلِهِ لِذِي شَجَرٍ بِهَا وَقَوْلُهُ لِذِي شَجَرٍ حَقُّهَا التَّأْخِيرُ. (أَقُولُ) وَإِذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ تَقْدِيمًا وَلَا تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا عُلِمَ وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ سِنِينَ مَاضِيَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ فَقَوْلُهُ لِذِي شَجَرٍ بِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ مُسْتَأْجَرَةٌ سِنِينَ مَاضِيَةً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَا زَرْعَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ الشَّجَرِ زَرْعٌ أَخْضَرُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكْرِيَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الشَّجَرَ فَافْتَرَقَا إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ جَبَرَ الْغَارِسَ عَلَى قَلْعِ غَرْسِهِ وَكَذَا الْمُكْتَرِي إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِهِ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْغَارِسُ لَا يَسْتَطِيعُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 يُتْرَكُ إلَى تَمَامِ طِيبِهِ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا وَبِعِبَارَةٍ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى شَجَرٍ أَيْ لَا اسْتِئْجَارُ غَيْرِ ذِي زَرْعِ أَرْضِ زَرْعِهِ أَيْ: زَرْعِ الْغَيْرِ قُرِئَ لِذِي شَجَرٍ بِاللَّامِ أَوْ بِالْكَافِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ سِنِينَ لَا زَرْعٌ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرْضِهِ لِغَيْرِ رَبِّهِ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الْغَارِسَ بِقَلْعِهِ كَمَا مَرَّ وَالشَّجَرُ إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ أَبَّرَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ. (ص) وَشَرَطَ كَنْسَ مِرْحَاضٍ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ قَضَى الْعُرْفُ أَنَّ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ عَلَيْهِ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الْوَقْفِ وَالْمَمْلُوكَةُ عَلَى الْمُكْرِي وَقَوْلُهُ (أَوْ مَرَمَّةً) عُطِفَ عَلَى كَنْسٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ أَوْ الْحَمَّامُ مَثَلًا مِنْ الْمَرَمَّةِ وَهِيَ إصْلَاحُ مَا وَهَى مِنْ بِنَائِهَا مِنْ كِرَائِهَا الْوَاجِبِ. (ص) وَتَطْيِينٌ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ لَا إنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنْ يُطَيِّنَ الدَّارَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ عَلَى الْمُكْتَرِي بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ وَتَطْيِينُ الدَّارِ هُوَ طَرُّهَا أَيْ: جَعْلُ الطِّينِ عَلَى سَطْحِهَا وَقَيَّدَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِأَنْ يُسَمَّى مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ لَا إنْ قَالَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا ذُكِرَ مِنْ كِرَاءٍ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَكِرَاءٌ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَلِلْمُكْرِي قِيمَةُ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي وَلِلْمُكْتَرِي قِيمَةُ مَا رَمَّ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَرْطِ كَوْنِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ وَتَطْيِينٍ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي لِلْجَهَالَةِ فَقَوْلُهُ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ رَاجِعٌ لِلتَّرْمِيمِ وَالتَّطْيِينِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَى الْمُكْتَرِي فَلَوْ كَانَ عَلَى الْمُكْرِي بِالْعُرْفِ وَاشْتَرَطَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي جَازَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ فَلَوْ رَجَعَ الْمُكْرِي بَعْدَ عَقْدِهِ مَعَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ وَقَالَ لِلْمُكْتَرِي لَا تَتَصَرَّفْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (ص) أَوْ حَمِيمَ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ أَوْ نَوْرَتَهُمْ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي حَمِيمَ أَهْلِهِ أَيْ: غُسْلَهُمْ أَيْ كُلَّمَا احْتَاجُوا إلَى الْحَمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مَعْلُومًا فَيَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ نُورَةِ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ عَلَى الْمُكْتَرِي لِلْجَهَالَةِ وَسَوَاءٌ عَرَفَ الْمُكْتَرِي أَهْلَ ذِي الْحَمَّامِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ وَهَذَا بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ خَيَّاطٍ يَخِيطُ لَهُ وَلِعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي السَّنَةِ أَوْ الْخَبَّازِ بِأَنْ يَخْبِزَ لَهُ وَلِعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي السَّنَةِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ الْأُسْبُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا عَرَفَ عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ. (ص) أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فِي الْأَرْضِ بِنَاءٌ وَغَرْسٌ وَبَعْضُهُ أَضَرُّ وَلَا عُرْفَ (ش) عُطِفَ عَلَى لَمْ يَجِبْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَشَاءُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ وَلَا ثَمَّ   [حاشية العدوي] مُخَالَفَتَهُ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ الْغَارِسُ غَرْسَهُ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ بِخِلَافِ الزَّرْعِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى الْقَلْعِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ فَلِذَا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا الْآنَ بَعْدَ تَمَامِ زَرْعِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ إذْ هُوَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، وَلِذَا حَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الزَّرْعِ وَأَنَّ إلَى الْمَعْنَى بَعْدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ لِلزَّرْعِ فَلَا مَعْنَى لِعَقْدِ الْكِرَاءِ عَلَى ذَلِكَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ قُلْت) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ. (قُلْت) قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الزَّرْعَ يَفْسُدُ بِقَلْعِهِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ لَا يَفْسُدُ بَلْ يُمْكِنُ غَرْسُهُ أَوْ يَسْتَمِرُّ. (قَوْلُهُ أَوْ بِالرَّفْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الرَّفْعِ يَكُونُ عَامًّا بِخِلَافِ الْجَرِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَأْجِرَةً سِنِينَ مَاضِيَةً لِذِي زَرْعٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مُسْتَقْبَلًا وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ فِي الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ إلَخْ) أَيْ: فَإِذَا اسْتَأْجَرْت أَرْضًا سَنَةً كَامِلَةً وَزَرَعْت فِيهَا زَرْعًا فَلَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مَا دَامَ الزَّرْعُ فِيهَا وَلَوْ انْقَضَتْ السُّنَّة، ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ السَّنَةِ أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ فِي السَّنَةِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فَيَجُوزُ إيجَارُهَا لِغَيْرِ الزَّارِعِ وَلَوْ فَسَدَ زَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِعِلْمِهِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّارِحُ هَذَا تَقْيِيدُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَهُ لَمْ يَتِمَّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي كِرَاءٍ لَا تَتِمُّ سَنَتُهُ بِالْحَصَادِ فَإِنْ كَانَتْ تَتِمُّ بِالْحَصَادِ وَوَقْتُهُ مُنْضَبِطٌ كَمَا بِمِصْرَ جَازَ. (قَوْلُهُ لِمَنْ قَضَى الْعُرْفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عِنْدَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعِ مَا يُفِيدُ أَنَّ بِالْأَصَالَةِ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ عَلَى الْمُكْرِي وَفِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْكِرَاءِ وَالثَّانِيَ فِي الْحَادِثِ بَعْدَهُ وَبِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْفَنَادِقِ وَالْحَمَّامَاتِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ أَوْ عُرْفٌ) أَيْ: يَشْتَرِطُ الْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي التَّعْجِيلَ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ أَيْ: أَوْ تَجْمُدُ الْكِرَاءُ عَلَى الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مَعْلُومًا) أَيْ: كَأَنْ يَدْخُلُوا كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً أَوْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ عِدَّتَهُمْ وَالْوَقْتَ الَّذِي يَدْخُلُونَ فِيهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ: فَالْمَدَارُ عَلَى مَعْرِفَةِ عِيَالِ الرَّجُلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ آخِرًا إذَا عَرَفْت عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ لَا أَمْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47 عُرْفٌ يُصَارُ إلَيْهِ فَقَوْله أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَإِنْ عُيِّنَ مَا يَفْعَلُهُ فِيهَا جَازَ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضَرَّ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا فَبَدَا لَهُ فَزَرَعَهَا حِنْطَةً؛ إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَجُمْلَةُ وَلَا عَرَفَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. (فَائِدَةٌ) صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِمَنْعِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ الْحَفْرُ فِيهِ وَلَا الدَّفْنُ فِيهِ قَالُوا وَلَعَلَّ مَنْ يَذْكُرُ الْكَرَاهَةَ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ. (ص) وَكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ أَوْ بِعَرْضٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْوَكِيلِ مُفَوَّضًا كَانَ أَوْ خَاصًّا لِأَرْضِ مُوَكِّلِهِ أَوْ دَارِهِ بِمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ لِمُوَكِّلِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ ذَلِكَ بِعَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالدَّارَ لَا تُكْرَى إلَّا بِالنَّقْدِ وَلَهُ فَسْخُ عَقْدِ الْكِرَاءِ وَإِجَازَتِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ فِي مَلَائِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَدِيمًا رَجَعَ عَلَى السَّاكِنِ بِالْكِرَاءِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلسَّاكِنِ عَلَى الْوَكِيل وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ حَيْثُ حَابَى فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ كَذَلِكَ بِجَامِعِ التَّصَرُّفِ عَنْ الْغَيْرِ فِي الْكُلِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ. (ص) وَأَرْضٌ مُدَّةً لِغَرْسٍ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ نِصْفُهُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا سَمَّاهُ لَهُ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَ الشَّجَرُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي أُجْرَتِهَا وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَى أَرْضَهُ بِشَجَرٍ لَا يَدْرِي أَيَسْلَمُ أَمْ لَا؟ فَلَوْ قَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ: لَك نِصْفُ الشَّجَرِ أَوْ رُبْعُهُ مِنْ الْآنَ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ مَا أَجَّرَهُ بِهِ هُنَا مَعْلُومٌ مَرْئِيٌّ قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ الْغَرْسُ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى هُوَ أَيْ: فَهُوَ أَوْ نِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِذَا وَقَعَ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَقِيلَ إنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَاهَا بِشَجَرٍ لَا يَدْرِي أَيَسْلَمُ أَمْ لَا وَقِيلَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْغَرْسُ لِمَنْ غَرَسَهُ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَيَفُوتُ بِالْغَرْسِ وَعَلَى الثَّانِي يُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ الْغَرْسِ يَوْمَ وَضْعِهِ وَيُطَالِبُهُ أَيْضًا بِمَا أَكَلَ مِنْ الثَّمَرِ فِيمَا مَضَى. (ص) وَالسَّنَةُ فِي الْمَطَرِ بِالْحَصَادِ وَفِي السَّقْيِ بِالشُّهُورِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْمَطَرِ أَوْ أَرْضَ النِّيلِ سَنَةً فَإِنَّهَا تَنْقَضِي فِيهَا بِحَصَادِ الزَّرْعِ مِنْهَا، وَأَمَّا أَرْضِ السَّقْي أَيْ: الَّتِي تُسْقَى بِالْآلَةِ فَالسَّنَةُ تَنْقَضِي فِيهَا بِالشُّهُورِ أَيْ: فَيَلْزَمُ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا قَوْلُهُ بِالْحَصَادِ   [حاشية العدوي] أَيْ: مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَيْ: اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ مَا يَبْنِيهِ هَلْ بِئْرٌ أَوْ حَائِطٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ إطْلَاقِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْمَطْمُورَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْغَرْسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ مَا يَغْرِسُهُ هَلْ جُمَّيْزٌ أَوْ عِنَبٌ مَثَلًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْبِئْرَ أَضَرُّ مِنْ الْحَائِطِ وَالْجُمَّيْزُ أَضَرُّ مِنْ الْعِنَبِ وَيُحْتَمَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا مَا يَفْعَلُهُ هَلْ هُوَ بِنَاءٌ أَوْ غَرْسٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ بَعْضُهُ أَضَرُّ قَيْدٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضَرَّ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّنَا نَجْزِمُ قَطْعًا بِأَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْغَرْسِ أَضَرُّ مِنْ غَيْرِهِ وَبَعْضُ أَفْرَادِ الْبِنَاءِ أَضَرُّ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا عَلِمْت فَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِذَلِكَ الْقَيْدِ وَكَذَا يَأْتِي الْبَحْثُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِالْأَوْلَى نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُصَوِّرَ عَدَمَ الضَّرَرِ فِيمَا إذَا قَالَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك الْأَرْضَ عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا يُجْعَلُ خُبْزًا؛ إذْ هُوَ شَامِلٌ لِلْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَلَيْسَ بَعْضُهُمَا أَضَرَّ فَلَا يُحْتَاجُ لِلْبَيَانِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَمْثِيلًا لِلْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ نَوْعٌ مِنْ الْغَرْسِ، وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُ أَنْوَاعِهِ لَيْسَ أَضَرَّ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ فَلَا بَيَانَ لِنَوْعِ ذَلِكَ الْغَرْسِ مَعَ أَنَّنَا جَازِمُونَ قَطْعًا بِأَنَّ بَعْضَهُ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا الْمِثَالُ الَّذِي ذَكَرْنَا إنَّمَا هُوَ بَعْضُ أَفْرَادِ نَوْعٍ مِنْ الْغَرْسِ أَيْ بَعْضُهُ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ فَلَيْسَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْغَرْسِ بَلْ بَيْنَ أَصْنَافِ نَوْعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا إلَخْ) تَنْظِيرٌ. (قَوْلُهُ وَكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ إلَخْ) وَإِذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ بِأَنْ وَقَعَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فَلَا فَسْخَ وَقَوْلُهُمْ الْوَقْفُ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ بِهِ شَخْصٌ حَتَّى وَصَّلَهُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مُدَّةً لِغَرْسِ) وَأَمَّا مُدَّةٌ لِبِنَاءٍ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَعَرْته أَرْضَك لِيَبْنِيَ فِيهَا وَيَسْكُنَ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ يَخْرُجَ وَيَدَعَ الْبِنَاءَ فَإِنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْبِنَاءِ وَمَبْلَغَهُ أَيْ: الْمُدَّةَ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الْمُكْتَرِي فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ لَمْ يَجُزْ فَلَوْ قَالَ أَسْكُنُ مَا بَدَا لِي لَمْ يَجُزْ فَإِنْ وَقَعَ فَلَكَ كِرَاءُ أَرْضِك وَلَك أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَإِنْ أَعَرْته سِنِينَ عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا أُصُولًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك بَعْدَ الْمُدَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ إذْ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْرُوفٌ انْتَهَى أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ صِفَةِ الْغَرْسِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْعَارِيَّةِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فَإِنَّ صِفَتَهُ تُعْرَفُ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْعَارِيَّةِ تَذَكَّرَهَا حِينَ الْعَقْدِ وَإِصْلَاحِ الْبِنَاءِ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ لَيْسَ فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ كَمَا فِي إصْلَاحِ الْغَرْسِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُؤَلِّفِ إجَارَةٌ وَهَذِهِ مُغَارَسَةٌ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا جَعَلَهُ لَهُ كُلَّهُ مِنْ الْآنَ كَمَا اسْتَظْهَرُوا (قَوْلُهُ كِرَاءً فَاسِدًا) أَيْ أَكْرَى الْأَرْضَ كِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَا لَا يَعْقِلُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَيْ: أَجَّرَ الْمُكْتَرِي فَقَدْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَنَافِعِ مَا يَعْقِلُ. (قَوْلُهُ وَيَفُوتُ بِالْغَرْسِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَنَافِعِ الْأَرْضِ وَحَكَمْنَا بِفَسَادِهِ وَشَأْنُهُ الْفَسْخُ وَالْفَسْخُ عِنْدَ عَدَمِ التَّغَيُّرِ وَغَرْسُهَا تَغَيُّرٌ فَلِذَلِكَ عُدَّ مُفَوِّتًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يَقُولُ بِالْإِجَارَةِ وَإِنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِمَنَافِعِ الْعَاقِلِ وَالْعَاقِلُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ تَغَيُّرًا فَلِذَا حَكَمْنَا بِالْفَسْخِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 كَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مِرَارًا فِي السَّنَةِ أَوْ مَرَّةً وَالْحَصَادُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ أَيْ: بِحَصْدِهِ أَوْ قَطْعِهِ أَوْ جَذِّهِ أَوْ رَعْيِهِ كَالزَّرْعِ وَالْبِرْسِيمِ وَاللِّفْتِ وَالْمُلُوخِيَّةِ وَالْكَمُّونِ وَنَحْوِهَا فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُخَلِّفُ بُطُونًا فَبِآخِرِ بَطْنٍ. (ص) فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَكِرَاءٌ مِثْلُ الزَّائِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةُ إذَا انْقَضَتْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يُبْقِيَهُ فِيهَا إلَى تَمَامِ طِيبِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْ: فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ يَلْزَمُ فِيهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الزَّرْعُ فَلَوْ بَقِيَ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا تُسَاوِي هَذِهِ الْأَرْضُ فِي الْمُدَّةِ لَوْ أُكْرِيَتْ؟ فَيُقَالُ: يُسَاوِي كِرَاؤُهَا كَذَا فَيُعْطَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا يَصِحُّ تَفَرُّعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ فِيهِ بِالْحَصَادِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ أَيْ: زَرْعٌ لَمْ يَتِمَّ أَيْ: أَوْ شَجَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ أَيْ: وَكَانَ يَظُنُّ الزَّارِعُ تَمَامَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَظُنُّ تَمَامَهُ بَعْدَهَا بِكَثِيرٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ قُرْبَهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ حَرَثَ أَرْضَهُ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ أَوْ أَقَرَّهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَمِنْ كِرَاءِ الْوَجِيبَةِ. (ص) وَإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي حَبٌّ فَنَبَتَ قَابِلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَعِنْدَ حَصَادِهِ انْتَثَرَ مِنْهُ حَبٌّ فِي الْأَرْضِ بِآفَةٍ كَبَرَدٍ أَوْ غَيْرِ آفَةٍ فَنَبَتَ قَابِلًا أَيْ: فِي زَمَنٍ قَابِلٍ كَانَ فِي عَامِهِ أَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعْرَضَ عَنْهُ عَادَةً وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَنَبَتَ لِلتَّعْقِيبِ وَتَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْمُكْتَرِي بَلْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ بَلْ كُلُّ مَا يَنْتَثِرُ فِي الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِكِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ زَارِعِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لِمُكْرِيهَا لَا لِزَارِعِهَا وَهَذَا حَيْثُ انْقَضَتْ مُدَّةُ كِرَاءِ مَنْ انْتَثَرَ حَبُّهُ فَإِنْ بَقِيَتْ فَهُوَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ أَكْرَاهَا رَبُّهَا لِغَيْرِهِ وَنَبَتَ فِي مُدَّةِ كِرَائِهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ لَا لِلْمُكْتَرِي قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ وَمَفْهُومُ انْتَثَرَ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فِي سَنَةِ بَذْرِهِ وَنَبَتَ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاؤُهُ وَهَلْ عَلَيْهِ كِرَاءٌ فِي الْعَامِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ فِيهِ يَجْرِي عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِعَطَشٍ وَنَحْوِهِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ. (ص) كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ إلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيْلَ إذَا جَرَّ حَبَّ رَجُلٍ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي انْجَرَّ إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا جَرَّ السَّيْلُ زَرْعَ رَجُلٍ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ فَقَوْلُهُ كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ أَيْ: كَشَخْصٍ جَرَّ السَّيْلُ الزَّرْعَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ جَرَّهُ إنْ جَعَلْت الضَّمِيرَ لِلزَّرْعِ أَفَادَ أَنَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَأَخَذَ مِنْهُ أَرْجَحِيَّةَ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصَادِ فِي الزَّرْعَةِ الْأُولَى حَيْثُ كَانَتْ تُزْرَعُ الْأَرْضُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ قَائِلًا مَا نَصُّهُ وَالْعِبْرَةُ بِالْحَصْدِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَوْ جَذُّهُ) الْجَذُّ هُوَ الْقَطْعُ وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَلْعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ كَالزَّرْعِ رَاجِعٌ لِلْحَصَادِ وَقَوْلُهُ وَالْبِرْسِيمُ رَاجِعٌ لِلرَّعْيِ وَقَوْلُهُ وَاللِّفْتُ رَاجِعٌ لِلْقَلْعِ وَقَوْلُهُ وَالْمُلُوخِيَّةُ رَاجِعٌ لِلْقَطْعِ وَقَدْ تُجَذُّ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يَخْلُفُ بُطُونًا كَالْبِرْسِيمِ. (قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ إلَخْ) أَيْ: الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْكِرَاءِ فِي السَّنَةِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِلْكِرَاءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَا يُنْظَرُ لِنِسْبَتِهِ لِكِرَاءِ السَّنَةِ وَهَذَا عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ وَالْمُصَنِّفُ مَاشٍ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَحْنُونًا طَرَحَ قَوْلَهُ فِيهَا عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى مِنْهُ فَهُوَ مَاشٍ عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا أَكْرَى مِنْهُ وَمَعْنَى عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى مِنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ كِرَائِهَا فِي السَّنَةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ مَثَلًا ثُمَّ يُقَالُ وَمَا قِيمَةُ كِرَاءِ هَذَا الْأَمَدِ الزَّائِدِ؟ فَيُقَالُ: دِينَارٌ فَيُعْطَى لِلزَّائِدِ مِثْلَ خُمُسِ الْكِرَاءِ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُ كَلَامِ سَحْنُونَ وَضَعُفَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّنَةَ فِيهِ بِالْحَصَادِ) أَيْ لِزَرْعِهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ الزَّرْعُ عَنْ السَّنَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعٌ وَلَا أُجْرَةٌ قَالَهُ تت. (قَوْلُهُ لَمْ يُؤَبَّرْ) ؛ إذَا مَا لَمْ يُؤَبَّرْ لَيْسَ فِيهِ تَلَفُ شَيْءٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُسْتَأْجِرَ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عج وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَرْضُ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَظُنُّ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَظُنُّ بَقَاءَهُ فَالْحُكْمُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَبٌّ هَلْ يَكُونُ لِرَبِّ الْحَبِّ أَوْ هُوَ مُبَاحٌ كَالْعُشْبِ كَمَا قَالَهُ عج؟ فَإِنْ قُلْت: سَيَأْتِي فِي الْمَوَاتِ أَنَّ حَرْثَهَا مِنْ الْإِحْيَاءِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَعَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا وَمَا هُنَا قَدْ أَعْرَضَ عَنْهَا (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ) أَيْ: وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ أَعَارَهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَتْ فَهُوَ لَهُ) أَيْ: وَكَذَا إذَا أَكْرَاهَا قَابِلًا عَقِبَ اكْتِرَائِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ) أَيْ: إذَا لَمْ يَطْرُدْ الصَّائِدُ الصَّيْدَ لِلدَّارِ ثُمَّ إنَّ الصَّيْدَ غَلَبَهُ وَدَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِرَبِّهَا مَالِكُ ذَاتِهَا لَا مَالِكُ مَنْفَعَتِهَا. (قَوْلُهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) عِبَارَةٌ قَاصِرَةٌ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي عج حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ جَرَّ شَجَرَةً فَإِنْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ لَا تَنْبُتُ أَوْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ تَنْبُتُ وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ أَخْذِهَا فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ تَنْبُتُ وَطَلَبَهَا رَبُّهَا لِيَغْرِسَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا حَطَبًا كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَنْعُهُ مِنْ قَلْعِهَا وَهَلْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا فَالْأَوَّلُ نَظَرٌ لِقَوْلِ رَبِّهَا وَالثَّانِي احْتِمَالٌ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ عَوْدُهَا لِمَكَانِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَغْرِسَهَا لَا قَوْلَ الْآخَرِ لِيَجْعَلَهَا حَطَبًا وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الزَّرْعِ الَّذِي جَرَّهُ السَّيْلُ حَيْثُ كَانَ يَنْبُتُ بِأَرْضِ رَبِّهِ حُكْمُ الشَّجَرِ الَّذِي يَنْبُتُ بِأَرْضِ رَبِّهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 جَعَلْته لِلْبَذْرِ أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْمَتْنُ قَابِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لِرَبِّهِ فَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ لِلْبَذْرِ، وَأَمَّا الشَّجَرُ فَيُفْهَمُ مِنْ فَرْضِ الْمُؤَلِّفِ الْكَلَامَ فِي الْبَذْرِ أَوْ الزَّرْعِ أَنَّهُ لِرَبِّهِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ إذَا قَلَعَ يَنْبُتُ وَإِلَّا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا. (ص) وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ يَلْزَمُ فِيهَا الْكِرَاءُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا كَمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَوْلُهُ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ أَيْ: فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَحْوِ الْفَأْرِ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ خَشِيَ إنْ زَرَعَ أَكَلَهُ الْفَأْرُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ الْبَاجِيُّ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إذَا بَاضَتْ فِي الْأَرْضِ فَمَنَعَتْ الْحَرْثَ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ خِيفَةَ أَنْ يُؤْذِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَا كِرَاءَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. (ص) وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا وَإِنْ فَسَدَ زَرْعُهَا لِأَجْلِ جَائِحَةٍ نَزَلَتْ بِهِ كَبَرْدٍ أَوْ جَلِيدٍ وَجَرَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا دَخْلَ لِلْأَرْضِ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَالْكِرَاءُ لَازِمٌ. (ص) أَوْ غَرَقٌ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إذَا غَرِقَتْ الْأَرْضُ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ وَسَوَاءٌ زَرَعَهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ الْإِبَّانِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ أَوْ غَرِقَتْ فِيهِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَهُ وَانْكَشَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا كِرَاءَ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى الْأَرْبَعِ صُوَرٍ قَوْلُهُ أَوْ غَرَقٌ بِالْمَصْدَرِ عُطِفَ عَلَى جَائِحَةٍ وَبِالْفِعْلِ عُطِفَ عَلَى فَسَدَ. (ص) أَوْ عَدَمِهِ بَذْرًا أَوْ سِجْنِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الزَّرْعِ لِعَدَمِهِ مِنْ الْبَذْرِ أَوْ لِأَجْلِ سَجْنِهِ وَسَوَاءٌ سُجِنَ ظُلْمًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يُكْرِيَهَا لِغَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي عَدَمِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمُكْتَرِي وَاحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا عَدِمَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا كِرَاءَ لَهُ وَالسَّجْنُ بِفَتْحِ السِّينِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ مَنْ يَسْجُنُهُ بِسَجْنِهِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَرْعِهَا فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ وَالْكِرَاءُ عَلَى الْمَانِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ عُطِفَ عَلَى جَائِحَةٍ لَكِنْ فَسَدَ مُضَمَّنٌ مَعْنَى تَعَطَّلَ وَالْمُرَادُ بِالْبَذْرِ مَا يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ كَانَ بَذْرًا أَوْ شَتْلًا كَالْقَصَبِ وَالْكُرَّاثِ وَالْفُجْلِ . (ص) أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا إذَا انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ أَوْ نَحْوُهَا وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى الشُّرُفَاتِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. (ص) أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا إذَا اكْتَرَى دَارًا أَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا انْتَفَى كَأَرْضٍ غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ وَإِنْ صَحَّتْ إجَارَتُهَا وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ التَّمَكُّنِ إنْ نَازَعَهُ الْمُكْرِي فَإِنْ أَقَرَّ الْمُكْتَرِي بِالتَّمَكُّنِ لَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَصَلَ مَانِعٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مَا يُسْقِطُ الْكِرَاءَ قَالَ قَوْلٌ لِلْمُكْرِي (قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ قَبْلَ الطَّيَرَانِ فَلَا يَلْزَمُ لِقَوْلِهِ الْجَرَادُ يَبِيضُ فِي الْأَرْضِ، وَأَمَّا لَوْ طَارَتْ فَيَلْزَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَمَنَعَتْ الْحَرْثَ) أَيْ مَنَعَتْ النَّاسَ مِنْ أَنْ يَحْرُثُوا خَوْفًا مِنْ أَذِيَّةِ الْجَرَادِ لِلزَّرْعِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْحَرْثِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ) أَيْ: تَعَطَّلَ بِجَائِحَةٍ وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْوُجُودِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِسُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ وَجَرَادٍ) أَيْ طَرَأَ الْجَرَادُ بَعْدَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا فَبَاضَتْ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ جَيْشٍ وَغَاصِبٍ وَعَدَمِ إثْبَاتِ حَبٍّ. (تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ لُزُومِ الْكِرَاءِ مَعَ فَسَادِهِ بِجَائِحَةٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُوجِبُ إسْقَاطَ الْكِرَاءِ إنْ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَقَحْطِ السَّمَاءِ حَتَّى لَمْ يَنْتِجْ الزَّرْعُ لَمْ يَتِمَّ لِأَجْلِ الْقَحْطِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ التَّرَدُّدُ هَلْ يُعْتَبَرُ إذَا حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَمَا حَرَثْت لِشَيْءٍ خَاصٍّ إبَّانَ مَا حَرَثْت لَهُ أَوْ إبَّانَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا مُطْلَقًا ظَاهِرُ شَارِحِنَا الْأَوَّلِ وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا عَدِمَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ: عَدِمَ أَهْلُ الْبَلَدِ مِلْكًا وَتَسَلُّفًا حَتَّى مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ حَيْثُ جَرَى عُرْفٌ بِتَسَلُّفِهِمْ مِنْهُمْ كَذَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب بَقِيَ مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُمْ الشِّرَاءُ مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ هَلْ ذَلِكَ لَيْسَ عَدَمًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَالْكُرَّاثُ) أَرَادَ بِهِ الْكُرَّاثَ الَّذِي لَهُ رَأْسٌ كَالْبَصَلِ وَقَوْلُهُ وَالْفُجْلُ لَعَلَّهُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ. (قَوْلُهُ شُرُفَاتٌ) الشِّينُ مَضْمُومَةٌ وَالرَّاءُ مُثَلَّثَةٌ لَيْسَ الْكَسْرُ فِيهَا فَالرَّاءُ مَضْمُومَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ أَوْ سَاكِنَةٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ: بَعْدَ أَخْذٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْمُكْرِي. (قَوْلُهُ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) أَيْ سَوَاءٌ سَكَنَ بِإِذْنِ الْمُكْتَرِي أَوْ غَصْبًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا مِنْ الدَّارِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ الْأَجْنَبِيُّ بِسُكْنَى الْمُكْرِي فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَثَابَةِ مَا إذَا سَكَنَ الْمُكْرِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 نَحْوَهَا وَسَكَنَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ مِثْلِ مَا سَكَنَهُ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ صَاحِبُ الدَّارِ بَعْضَهَا فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى حِصَّةِ مَا سَكَنَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي. (ص) لَا إنْ نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَإِنْ قَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُنْهَدِمَ كَالشُّرُفَاتِ وَنَحْوِهَا إذَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَحُطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ مَا لَهُ جَمَالٌ كَبَيَاضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ أَيْ: إنْ لَمْ يَقِلَّ بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا بَلْ وَإِنْ قَلَّ لَكِنْ بِقَيْدِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَيَكُونَ مَعْنَى الْقَلِيلِ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُكْتَرِي وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَلِّ الشَّارِحِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. (ص) أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا وَلَا فِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ أَوْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا لَا شَكَّ فِي شُمُولِ مَا قَبْلَهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَا يَشْمَلُ الثَّانِيَ. (ص) أَوْ سَكَنَهُ مُكْرِيهِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْحِصَّةَ الَّتِي سَكَنَهَا الْمُكْرِي بِأَنْ أَجَّرَهُ سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ سَكَنَ الْمُكْرِي قَدْرًا مِنْ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ وَتَقَدَّمَ مَفْهُومُ مُكْرِيهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ سَكَنَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْءٌ وَالضَّمِيرُ فِي سَكَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بَيْتٌ مِنْهَا وَمِثْلُ سُكْنَاهُ مَا إذَا شَغَلَهُ بِمَتَاعِهِ. (ص) أَوْ لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا كَانَ فِيهَا عُلْوٌ وَسُفْلُ وَلَمْ يَأْتِ الْمُكْرِي لِلْمُكْتَرِي بِسُلَّمٍ يَصْعَدُ عَلَيْهِ لِلْعُلْوِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّةَ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ. (ص) أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ أَوْ غَرِقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا عَطِشَ بَعْضُهَا أَوْ غَرِقَ بَعْضُهَا يُرِيدُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ دُونَ الْجُلِّ، وَأَمَّا إذَا غَرِقَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا أَوْ عَطِشَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ أَمَّا إنْ حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الْحَرْثِ الْغَالِبُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا نَفْسُ الْأَرْضِ بِانْفِرَادِهَا وَقَوْلُهُ (فَبِحِصَّتِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ. (ص) وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ كَهَطْلٍ فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يُخَيَّرُ إذَا حَصَلَ هَطْلٌ فِيمَا اكْتَرَاهُ بِأَنْ صَارَ يَتَتَابَعُ الْمَطَرُ مِنْهَا أَوْ انْهَدَمَ يَسِيرٌ مِنْ جُدْرَانِ الدَّارِ أَوْ انْهَدَمَ الْبَاذَهْنَجُ مِنْهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَخْرُجَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَبَقِيَ سَاكِنًا بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ مِنْ غَيْرِ نَقْصِ مَنَافِعَ وَإِلَّا حَطَّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ كَهَطْلٍ تَمْثِيلٌ بِالْأَخَفِّ فَأَوْلَى الْهَدْمُ وَنَحْوُهُ. (ص) كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الصُّلْحِ إذَا عَطِشَتْ فَتَلِفَ زَرْعُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْكِرَاءُ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ مُحَقَّقَةٍ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ السُّلْطَانُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَالًا مَعْلُومًا بِخِلَافِ أَرْضِ الْخَرَاجِ كَأَرْضِ مِصْرَ فَإِنَّهَا إجَارَةٌ مُحَقَّقَةٌ وَلِأَنَّهَا أَرْضُ عَنْوَةٍ أَجَّرَهَا السُّلْطَانُ، فَإِذَا عَطِشَتْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَطَشُ قَدْ طَرَأَ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا إذَا زَرَعُوا فَعَطِشَ فَعَلَيْهِمْ خَرَاجُ أَرْضِهِمْ انْتَهَى. (ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا إنْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَهَلْ لُزُومُ الْكِرَاءِ لِأَهْلِ أَرْضِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ أَوْ مَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ ثُمَّ عَطِشَتْ بَعْدَ زَرْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَالَحَةِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجَمَاجِمِ بِقَدْرٍ أَيْضًا أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الرِّقَابِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ كِرَائِهَا بِذَلِكَ فَيُقَالُ عَشْرَةٌ وَمَا قِيمَةُ كِرَائِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَيُقَالُ تِسْعَةٌ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُكْتَرِي عُشْرُ الْكِرَاءِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ يُقَيَّدُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي) ، فَإِذَا ضَرَّ بِالْمُكْتَرِي فَيُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ الْبَقَاءُ مَعَ إسْقَاطِ حِصَّةِ الْمُضِرِّ مِنْ الْكِرَاءِ. (قَوْلُهُ مَا إذَا أَشْغَلَهُ بِمَتَاعِهِ) وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَمَّا الْعَطَشُ فَمُطْلَقٌ، وَأَمَّا الْغَرَقُ فَيُقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ إبَّانِ الْحَرْثِ لَا بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَرِقَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ) أَيْ: قَبْلَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ أَوْ عِنْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْغَرَقُ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ) أَيْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي الْقَلِيلِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ: يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِحِصَّتِهِ إنْ قَامَ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحُطَّ وَعَقْدُ الْكِرَاءِ لَازِمٌ لَهُ فِي السَّنَةِ فَإِنْ ادَّعَى الْقِيَامَ وَخَالَفَهُ الْمُكْرِي عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُكْرِي كَمَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا تَنَازَعَا فِي وَقْتِ انْهِدَامِ بَيْتٍ مِنْهَا. (قَوْلُهُ صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ) أَيْ: فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا الصَّادِقُ بِصُورَتَيْنِ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَلَاثٌ (وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا إذَا صَالَحُوا) أَيْ: فَعَلَ الْخِلَافُ هَذِهِ الصُّورَةَ فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ صُورَةِ الْإِجْمَالِ وَصُورَةِ مَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ إلَخْ) أَيْ: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 وَعَلَى الْأَرْضِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مَا لِلْأَرْضِ مِنْهُ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمْ فِي الْعَطَشِ بِاتِّفَاقٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ عِبَارَتُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ. (ص) عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ لِكَثْرَةِ دُودِهَا أَوْ فَأْرِهَا أَوْ عَطَشٍ أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا عُكِسَ الْحُكْمِ فِيمَا مَرَّ فَكَمَا يَجِبُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا مَرَّ يَسْقُطُ جَمِيعُهُ هُنَا بِتَلَفِ الزَّرْعِ لِأَجْلِ دُودِ الْأَرْضِ أَوْ لِأَجْلِ فَأْرِهَا أَوْ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ مَنَعَتْهُ مِنْ ازْدِرَاعِهَا أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ مِنْ الزَّرْعِ كَخَمْسَةِ أَوْ سِتَّةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ مِائَةِ فَدَّانٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِهَذَا الْقَلِيلِ فَالْمُرَادُ بِالْعَكْسِ التَّخَالُفُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ لَا الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ مَعًا فَلَا يَتَأَتَّى وَلَوْ قَالَ لِدُودِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْكَثْرَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعْتَادَةً بِذَلِكَ أَمْ لَا. (ص) وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ عَلَى إصْلَاحٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالِكَ الرَّقَبَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِهَا سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُ مَعَهُ السُّكْنَى أَمْ لَا وَسَوَاءٌ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ يَخْرُجَ، فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا فِي إصْلَاحِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَأَخَذَ بَعْضٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ خَرِبَةٌ بِجِوَارِ شَخْصٍ يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ كَسَارِقٍ وَنَحْوِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا وَلَا بَيْعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ جَاءَ اللِّصُّ مِنْهَا إلَى الْجِيرَانِ وَعَلَى ذَوِي الْعُمْرَانِ حِفْظُ مَتَاعِهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِلْوَقْفِ فَلَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ جُبِرَ لِحَقِّ الْوَقْفِ. (ص) بِخِلَافِ سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّارِ إذَا أَصْلَحَ مَا انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ قَبْلَ خُرُوجِ الْمُكْتَرِي مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ حِينَئِذٍ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فَإِنْ أَصْلَحَ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَقَوْلُهُ أَصْلَحَ صِفَةٌ لِسَاكِنٍ أَيْ: تَمَّ الْإِصْلَاحُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ جَمِيعًا وَلَهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَبَقِيَّةَ ظَرْفٌ لِأَصْلَحَ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ ظَرْفٌ أَيْضًا. (ص) وَإِنْ اكْتَرَيَا حَانُوتًا فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَكْرَى عَلَيْهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اكْتَرَيَا حَانُوتًا فَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقَدَّمَهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إنْ تَحَمَّلَ الْقَسْمَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهُ أَكْرَى عَلَيْهِمَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صَنْعَتُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ وَمِثْلُ الِاكْتِرَاءِ الِاشْتِرَاءُ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَالْقُرْعَةُ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا كَاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ. (ص) وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ مَكْرِي سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهِ نَفَقَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِيَزْرَعَهَا فَغَارَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَدَمَتْ بِئْرُهَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَ وَأَبَى رَبُّهَا أَنْ يُصْلِحَ فَإِنَّ لِمُكْتَرِيهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا حِصَّةَ تِلْكَ السَّنَةِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَيُلْزِمَ رَبَّهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى حِصَّةِ سَنَةٍ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا زَادَ فَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَا سَقَى النَّخْلَ حَتَّى غَارَتْ الْعَيْنُ   [حاشية العدوي] فَمَحَلُّ الْخِلَافِ صُورَتَانِ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُخَالِفَةٌ لِلْأُولَى إلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ فَقَطْ لِيَأْتِيَ هَذَا التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا صَادِقٌ بِتَعْيِينِ مَا لِكُلٍّ أَوْ لَا بِأَنْ دَخَلُوا عَلَى الْإِجْمَالِ أَيْ: مَعَ أَنَّهُمَا إذَا دَخَلَا عَلَى الْإِجْمَالِ مِنْ مَحَلِّ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ عِبَارَتُهُ أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعَ تَعْيِينِ مَا لِلْأَرْضِ مِمَّا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ عج اعْتَمَدَ ظَاهِرَ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْخِلَافُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ. (قَوْلُهُ عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ) هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَهُوَ عَكْسُ تَلَفٍ إلَخْ أَوْ حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ عَكْسَ تَلَفٍ. (قَوْلُهُ كَخَمْسَةِ أَفْدِنَةٍ) كَذَا فِي الْمُوَازِيَةِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ هَذَا إنْ كَانَ مُفَرَّقًا فِي الْفَدَادِينِ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ الْمُوَازِيَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ (قَوْلُهُ التَّخَالُفُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ) أَيْ: فَهُوَ عَكْسٌ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ لَا عَكْسٌ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ مَعًا مِثَالُ الْعَكْسِ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ أَنْ يُقَالَ مَثَلًا أُمِّنَ زَيْدُ ثُمَّ سَرَقَ فَلَا قَطْعَ وَأَدْرَكَ عَكْسَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا لَا يُخَيَّرُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي بِلَادِنَا وَلَوْ طَاعَ الْمُكْتَرِي بِالْإِصْلَاحِ مِنْ مَالِهِ أَيْ: لَا لِيَحْسِبَهُ مِنْ الْكِرَاءِ جُبِرَ رَبُّهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْعِهِ مُضَارٌّ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ انْقَضَتْ الْوَجِيبَةُ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا كَانَ بِإِذْنٍ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ) أَيْ: الشَّافِعِيُّ جَوَابًا فِي نَازِلَةٍ سُئِلَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ جُبِرَ لِحَقِّ الْوَقْفِ) وَحِينَئِذٍ فَالْبَانِي فِي الْوَقْفِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ قَائِمًا سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ كَانَ يَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ أَصْلَحَ لَهُ) كَانَ الْمُصْلِحُ رَبَّ الدَّارِ أَوْ النَّاظِرَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ بِخِلَافِ الْمَالِكِ لَمْ يَقُمْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ ظَرْفٌ أَيْضًا) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَلُّقَ قَوْلِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ أَصْلَحَ يُغْنِي عَنْ تَعَلُّقِ بَقِيَّةٍ بِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَيُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ أَوْ لَزِمَتْهُ السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ نَائِبُ فَاعِلٍ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ ظَرْفٌ لِأَصْلَحَ وَقَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ سِنِينَ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ سِنِينَ بَلْ سَنَةٌ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ سِنِينَ رَدًّا لِمَنْ يَقُولُ تُنْفَقُ أُجْرَةُ السِّنِينَ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (قَوْلُهُ نَفَقَتْ حِصَّةٌ) أَيْ: صُرِفَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ وَالْمُرَادُ بِحِصَّةِ السَّنَةِ مَا يَخُصُّ تِلْكَ السَّنَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَنَفِقَ بِفَتْحِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفَرِحَ (قَوْلُهُ وَلَا سَقْيُ النَّخْلِ) إشَارَةٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 فَإِنَّهُ لَا يُنْفِقُ شَيْئًا عَلَى إصْلَاحِهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا إنْ أَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّ تَلَفَ زَرْعِهَا مِنْ الْعَطَشِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْمُونَةِ مَا يَحْصُلُ بِإِنْفَاقِ حِصَّةِ السَّنَةِ فِيهَا الْأَمْنُ مِنْ عَطَشِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ. (ص) وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ فَلَا كِرَاءَ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ تَمْلِكُ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ وَجِيبَةٍ أَوْ مُشَاهَرَةٍ مَعَ حُصُولِ نَقْدٍ فَسَكَنَ مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَمِثْلُ مِلْكِهَا مَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ لِأَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَتْ لِلزَّوْجِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السُّكْنَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُ لِلشَّرْطِ، وَأَمَّا مِلْكُ أَخِيهَا وَعَمِّهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عِنْدَهُ وَإِنْ قَصُرَتْ يَحْلِفَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْكُنَاهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَأَخَذَاهَا مِنْهُ، وَأَمَّا أَبَوَا الزَّوْجِ فَهُمَا كَأَبَوَيْ الزَّوْجَةِ، وَأَمَّا أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إذَا قَالَا إنَّمَا سُكْنَاهُ بِالْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخِي الزَّوْجَةِ أَوْ عَمِّهَا وَبَيْنَ أَخِي الزَّوْجِ أَوْ عَمِّهِ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِانْضِمَامِ الْبِنْتِ إلَيْهِمَا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَحِفْظِهَا لِلْعِرْضِ بِخِلَافِ أَخِي الزَّوْجِ أَوْ عَمِّهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِانْضِمَامِهِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْهُ مَا يُخْشَى مِنْ الْبِنْتِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ لَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَفِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهَا بَيَانٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَيَكُونُ لَهَا الْكِرَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الدُّخُولِ. (ص) وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ وَصَلَ كِتَابًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ إلَى بَلَدِ كَذَا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَبْلِيغِ حَمْلٍ إلَى بَلَدِ كَذَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَمَدٍ يُبَلَّغُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لَا فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْوُصُولَ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْوَدِيعَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يَشْهَدْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الدَّيْنِ كَالدَّيْنِ. (ص) وَأَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِصْنَاعَ وَرَبُّ الْمَتَاعِ يَقُولُ بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ لِلصَّنْعَةِ كَأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَالْآخَرُ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ وَبِعِبَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا يُدْفَعُ لِلصُّنَّاعِ لِلِاسْتِصْنَاعِ وَالْإِيدَاعِ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَلَيْهِ فَيُنْظَرُ مَا وَجْهُ رُجُوعٍ إنْ أَشْبَهَ لِهَذَا وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَدَّعِيَ الصَّانِعُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَصْنَعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ اسْتِصْنَاعَ مَا تُكَذِّبُ الْقَرِينَةُ دَعْوَاهُ كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: افْتَقْ خِيَاطَةَ الْمَخِيطِ وَأَعِدْهَا حَيْثُ لَا مُوجِبُ لِذَلِكَ. (ص) أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ (ش) عُطِفَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ أَيْ وَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ خُولِفَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى اسْتَصْنَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّانِعَ يُصَدَّقُ إذَا اخْتَلَفَ مَعَ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فِي الصِّفَةِ حَيْثُ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ كَمَا إذَا قَالَ أَمَرْتنِي بِصَبْغِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَقَالَ رَبُّهُ أَخْضَرَ مَثَلًا وَمُفَادُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ يُصَدَّقُ الصَّانِعُ إنْ أَشْبَهَ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ حَلَفَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَفِي أَخْذِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ الصَّانِعُ مَجَّانًا وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لِرَبِّهِ وَظَاهِرُهُ   [حاشية العدوي] لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَتْ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ نَخْلًا مُسَاقَاةً فَغَارَ مَاؤُهَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا قَدْرَ حِصَّةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَرَةِ سَنَةً تِلْكَ لَا أَكْثَرَ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِيهَا وَاَلَّذِي زَرَعَ أَوْ سَاقَى قَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ نَفَقَةٌ فِيهَا وَعَمَلٌ وَفِي نَفَقَتِهِ إحْيَاءٌ لِزَرْعِهِ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَا سَقَى النَّخْلَ حَتَّى غَارَتْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا شَيْئًا اهـ. فَالشَّارِحُ أَجْحَفَ فِي الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ مَا يَحْصُلُ بِإِنْفَاقٍ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا دِينَارَيْنِ وَلَا تَتَأَتَّى إلَّا بِهِمَا فَحِصَّةُ السَّنَةِ دِينَارٌ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّهَا يَلْزَمُهُ دِينَارٌ فَقَطْ وَالدِّينَارُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لَا أَنَّ رَبَّهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا. (قَوْلُهُ ذَاتَ بَيْتٍ) أَيْ: رَشِيدَةً وَهَلْ لِوَلِيِّ غَيْرِهَا فِعْلُ مَا تَفْعَلُهُ الرَّشِيدَةُ أَوْ لَا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَ الزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ سُكْنَاهُ مَعَهَا بِبَيْتِهَا بِلَا كِرَاءٍ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ اجْتِمَاعَ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ يُوجِبُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ سَلِمَ فَيُفِيدُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السُّكْنَى) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْبَيَانُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ السُّكْنَى كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُ الْعَاصِمِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَصَّلَ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ (قَوْلُهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ مِثْلَهُ) أَيْ: فِي مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ خُولِفَ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهَا النِّزَاعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ رَبِّ الثَّوْبِ مُحَقَّقَةً (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَنْ يَلْبَسُ الْأَحْمَرَ أَوْ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَكُنْ رَبُّهُ شَرِيفًا وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ كَصَبْغِهِ شَاشًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ أَوْ أَزْرَقَ لِنَصْرَانِيٍّ فَلَا يَقْبَلُ دَعْوَى شَرِيفٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَزْرَقَ لِيُهْدِيَهُ لِنَصْرَانِيٍّ وَلَا دَعْوَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ لِيُهْدِيَهُ لِشَرِيفٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِقَرِينَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ اخْتِلَافَهُمَا فِي صِفَةٍ لَا تَجْتَمِعُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ كَأَسْوَدَ وَأَزْرَقَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ رَبُّهُ أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَكْحَلَ وَالصَّانِعُ أَزْرَقَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ فِي تَخْفِيفِ الْأُجْرَةِ وَلِلصَّانِعِ فِي عَدَمِ لُزُومِ إعَادَتِهِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ) أَقُولُ: وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الِاسْتِصْنَاعِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ يَنْقُصُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَمِنْ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ اشْتَرَكَ هُوَ وَالصَّانِعُ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَهَذَا بِقِيمَةِ صَبْغِهِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الصَّانِعُ. (ص) وَفِي الْأُجْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا ادَّعَى مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَجْرًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَخَالَفَهُ رَبُّهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى مِنْ الْأَجْرِ أَشْبَهَ رَبَّهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَشْبَهَ رَبَّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَدْفَعُ لِلصَّانِعِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ لِلصَّانِعِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (إنْ أَشْبَهَ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ (وَحَازَ) خَاصٌّ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَحُزْ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ كَالْبَنَّاءِ فَقَوْلُهُ (لَا كَبِنَاءٍ) مَفْهُومُ حَازَ وَبَنَّاءٍ بِبَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ كَخَيَّاطٍ لَا كَبَنَّاءٍ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِعَدَمِ حَوْزِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ بِبَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُخَفَّفَةٍ أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ فِي كَخِيَاطَةٍ لَا فِي كَبِنَاءٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الْحَوْزُ وَعَدَمُهُ وَهَذَا مُجَرَّدُ مِثَالٍ بَلْ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ خَيَّاطٌ غَيْرَ حَائِزٍ كَمَا لَوْ كَانَ يَخِيطُ فِي بَيْتِ رَبِّ الْمَخِيطِ وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْهُ بَلْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ يَتْرُكُهُ وَلَا يَنْقُلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ الْحِيَازَةُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ. (ص) وَلَا فِي رَدِّهِ فَلِرَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا صَنَعَ الْمَتَاعَ وَقَالَ رَدَدْته لِرَبِّهِ وَكَذَّبَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَ الصَّانِعُ قَبَضَ الْمَصْنُوعَ مِنْ رَبِّهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُودِعِ إذَا قَبَضَ الْوَدِيعَةَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَادَّعَى رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَنَّهُ مُصَدَّقٌ أَنَّ الْمُودِعَ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الضَّمَانِ وَالصَّانِعُ قَبَضَ مَا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِي الصَّانِعِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يَقْبَلُ فِيهِ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى رَدَّهُ لِرَبِّهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَلَفَهُ مَقْبُولَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ. (ص) وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَالَ سَرَقَ مِنِّي وَأَرَادَ أَخْذَهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ فَلَا يَمِينَ وَإِلَّا حَلَفَا وَاشْتَرَكَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِصْنَاعَ وَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: بَلْ سَرَقَ مِنِّي، فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَخْذَ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أُجْرَةَ عَمَلِ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَى الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَفَائِدَةُ هَذَا إسْقَاطُ الزَّائِدِ عَنْ رَبِّ الْمَتَاعِ وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَنْ يُضَمِّنَ الصَّانِعَ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ لِرَبِّهِ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَبَى تَحَالَفَا بِأَنْ يَحْلِفَ رَبُّ   [حاشية العدوي] قَالَهُ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ وَهُوَ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ مَجَّانًا، وَأَمَّا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ مَجَّانًا فَعَدَمُ كَلَامِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ عَامٌّ فِيمَا قَبْلَ الْقَيْدِ وَبَعْدَهُ، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْقَيْدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ لَا كَبِنَاءٍ إلَخْ) قَالَ عج وَاَلَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ بِالتَّأَمُّلِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحُزْ الصَّانِعُ وَلَكِنَّهُ أَشْبَهَ وَلَمْ يُشْبِهْ رَبَّهَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الصَّانِعِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَازَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي قَبُولِ قَوْلِ الصَّانِعِ مُطْلَقًا بَلْ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ حَيْثُ أَشْبَهَا، وَأَمَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَائِزُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْحَائِزِ مِنْهُمَا أَوْ الْوَاجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْحَوْزِ انْتَهَى. وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ وَحَازَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عِنْدَ شَبَهِهِمَا وَإِلَّا فَلَا تَنْفَعُ الْحِيَازَةُ وَيَنْظُرُ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَتْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ: الصَّانِعِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعِينَ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَشْبَهَا وَحَلَفَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَائِزًا لِلسِّلْعَةِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ عَنْهُ قُوَّةُ يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ حَازَ أَوْ لَمْ يَحُزْ بِخِلَافِ الصَّانِعِ لَا تَقْوَى يَدُهُ قُوَّةَ يَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا زَمَنَ ضَمَانِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْحَوْزِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ) أَيْ: يَوْمَ الْعَدَاءِ عَلَى زَعْمِ رَبِّهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ كَذَا ذَكَرُوا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَا) وَبُدِئَ الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَرَبُّهُ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ سَرَقَ مِنِّي كَمَا فِي النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ طِبْقَ دَعْوَاهُ وَقَاعِدَةُ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى وَوَجْهُ مَا فِي النَّقْلِ أَنَّ تَرَتُّبَ غُرْمِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنَّمَا هُوَ عَلَى حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ سَرِقَةً وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِحَالِفٍ عَلَى نَاكِلٍ، فَإِذَا حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَلَوْ نَقَصَتْ الثَّوْبُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ فَيَأْخُذُهُ بِدُونِ قِيمَةِ الصَّبْغِ. (قَوْلُهُ وَاشْتَرَكَا) وَالِاشْتِرَاكُ وَلَوْ نَقَصَ بِسَبَبِ الصَّبْغِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَبِقِيمَةِ الصَّبْغِ لَا بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بِثَمَنٍ فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَى حَسْبِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَبْيَضَ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الصَّبْغِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ خَمْسَةً فَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثٌ، فَإِذَا بِيعَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ يَأْخُذُ بِنِسْبَةِ مَا لَهُ. (قَوْلُهُ إنْ زَادَتْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ قِيمَةُ الصَّبْغِ وَفِي قَوْلِهِ بِيَمِينٍ أَيْ، فَإِذَا لَمْ تَزِدْ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ أُخِذَ مَا ادَّعَى فَقَطْ وَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 الثَّوْبِ أَوَّلًا أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَيَحْلِفُ الصَّانِعُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَهَذَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي ادَّعَاهُ عَائِدٌ عَلَى الِاسْتِصْنَاعِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَصْنَعَ وَقَوْلُهُ سُرِقَ بَنَاهُ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا قَالَ سَرَقَهُ غَيْرُك أَوْ سَرَقْته مِنِّي وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ سَرَقْته مِنِّي نَظَرَ فِي الصَّانِعِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبَ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ قَوْلُهُ وَأَرَادَ إنْ جَعَلَ مَفْعُولَهُ مَحْذُوفًا أَيْ: وَأَرَادَ عَدَمَ تَضْمِينِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ كَانَ قَوْلُهُ أَخَذَهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَبِيَمِينٍ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَذْفٍ وَإِنْ جُعِلَ أَخْذُهُ مَفْعُولَ أَرَادَ كَانَ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ: أَخَذَهُ بِيَمِينٍ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الْأَجْرُ وَالصَّبْغُ بِالْفَتْحِ الْعَمَلُ أَيْ: دَفْعُ أَجْرِ الْعَمَلِ وَلَوْ قَالَ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الصَّبْغِ وَالطَّرْزِ وَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ الْمَصْبُوغُ بِهِ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ لَا تَضِيعُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَصْبُوغِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ وَالْمَصْبُوغُ بِهِ. (ص) لَا إنْ تُخَالَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ وَأَبَى مَنْ دَفَعَ مَا قَالَ اللَّاتُّ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ أَيْ: خَلْطِهِ بِأَنْ قَالَ اللَّاتُّ أَمَرْتنِي أَنْ أَلُتَّهُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ مِنْ السَّمْنِ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّ السَّوِيقِ مَا أَمَرْتُك أَنْ تَلُتَّهُ بِشَيْءٍ أَصْلًا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ السَّوِيقِ ادْفَعْ لَهُ مَا لَتَّهُ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ الْأَرْطَالِ إنْ شِئْت وَخُذْ سَوِيقَك مَلْتُوتًا فَإِنْ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ قِيلَ لِلَّاتِّ اغْرَمْ لَهُ مِثْلَ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَلَا يَأْخُذُهُ مَلْتُوتًا فَإِنْ أَبَى قِيلَ لَهُ أَسْلِمْهُ بِلُتَاتِهِ لِصَاحِبِهِ وَلَا شَيْءَ لَك وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ هُنَا لِوُجُودِ الْمِثْلِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الثَّوْبِ فَقَوْلُهُ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ أَيْ: عَيْنًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ أَوْ إنْ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْوِفَاقِ وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا الشَّارِحُ. (ص) وَلَهُ وَلِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ بَلَغَا الْغَايَةَ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ بِيَمِينٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ إلَى الْأَجِيرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا طَلَبَ أُجْرَتَهُ وَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: قَدْ دَفَعْتهَا إلَيْك فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي عَدَمِ قَبْضِهَا بِيَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ رَبُّ الْمَتَاعِ مَعَ الْجَمَّالِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْجَمَّالِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ أَيْ الْبَلَدِ الَّتِي تَكَارَيَا إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَتَاعِ لِرَبِّهِ فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَهُوَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَأَمَّا لَوْ قَامَ بِحَدٍّ ثَانٍ تَسْلِيمُ الْأَمْتِعَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُمَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُنَازَعَةَ هُنَا بَيْنَ رَبِّ الْجِمَالِ وَرَبِّ الْأَحْمَالِ فِي الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ إلَخْ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ لَا تَضِيعُ) حَاصِلُهُ أَنَّنَا لَوْ قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ فَالْمُرَادُ قِيمَةُ الْعَمَلِ وَالْمَصْبُوغِ وَكَذَا إذَا قَرَأْنَاهُ بِالْكَسْرِ نُرِيدُ بِهِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ) الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لَا إنْ تَخَالَفَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ حَلِفًا وَاشْتَرَكَا أَيْ فَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الْحَلِفِ وَالِاشْتِرَاكُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ النَّقْلُ. (قَوْله فَقَوْلُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ بَلْ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ تَخْيِيرُ اللَّاتِّ (قَوْلُهُ أَيْ: عَيْنًا) أَيْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمِثْلِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ سَوِيقِهِ وَلَوْ رَضِيَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُخَيَّرُ فِي دَفْعِ مِثْلِهِ أَوْ فِي دَفْعِهِ مَلْتُوتًا وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مَلْتُوتًا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَهُ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ رَبُّهُ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْضَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُفَادَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلَّاتِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مِثْلِهِ أَوْ فِي دَفْعِهِ مَلْتُوتًا وَمُفَادُ هَذَا التَّوْفِيقِ أَنَّ الْخِيَارَ لِرَبِّ السَّوِيقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ يُعَارِضُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلَّاتِّ فَإِنْ قُلْت: مَا يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عِلَّةِ الْمُقَابِلِ وَهِيَ لُزُومُ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا قُلْت أُجِيبَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّأْدِيَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ الصَّانِعُ يَقُولُ لَمْ أَتَعَدَّ فِيمَا فَعَلْته فِي طَعَامِك حَتَّى يَجِبَ عَلَيَّ مِثْلُهُ بَلْ لَتَتّهُ بِإِذْنِك فَلَمْ أَدْفَعْ لَك إلَّا مَا تَمْلِكُ وَأَنْتَ ظَلَمْتنِي فِي عَدَمِ دَفْعِ الْعِوَضِ، وَهَذَا وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ اللَّتَّ غَيْرُ نَاقِلٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ نَاقِلٌ فَكَيْفَ يَقُولُ أَشْهَبُ بِعَدَمِ جَوَازِ أَخْذِهِ مَلْتُوتًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَبُ يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ قَالَ الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَرْجِيحِ الْغَيْرِ عِنْدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ السَّوِيقِ شَامِلٌ لِمَا إذَا ادَّعَى رَبُّهُ السَّرِقَةَ أَوْ الْوَدِيعَةَ وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَصْنُوعِ الْمُقَوَّمِ وَمَا هُنَا مِثْلِيٌّ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ وَلَا تَخَالُفَ فَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَحْسَنُ لِعُمُومِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً) الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِإِقْرَارِ الْمُكْتَرِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِأَنَّ الْكِرَاءَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُكْرِي مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ حَصَلَ التَّسْلِيمُ وَالطُّولُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَيُصَدَّقُ الْمُكْتَرِي فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْيَوْمَيْنِ أَيْ: فَالطُّولُ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَحْمَالِ لِرَبِّهَا الَّذِي هُوَ الْمُكْتَرِي وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقَرِيبِ مِنْ الْيَوْمَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الثَّالِثُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 اكْتَرَيْتُك لِلْمَدِينَةِ إلَخْ الْمُنَازَعَةُ فِيهِمَا ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ عَاطِفَةٌ عَلَى الْأَجِيرِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلِلْجَمَّالِ عَطْفٌ عَلَى ذَلِكَ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ بِالْعُرْفِ. (ص) وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ وَقَالَ بَلْ لِإِفْرِيقِيَةَ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ عُدِمَ السَّيْرُ أَوْ قَلَّ وَإِنْ نَقَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَّالَ وَصَاحِبَ الْمَتَاعِ إذَا تَنَازَعَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَالَ الْجَمَّالُ وَقَعَ الْكِرَاءُ بَيْنَنَا إلَى بَرْقَةَ وَهِيَ الْقَرِيبَةُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بَلْ لِإِفْرِيقِيَةَ وَهِيَ الْبَعِيدَةُ بِالْمِائَةِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الظَّهْرِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ ثُمَّ يَفْسَخُ الْكِرَاءَ إنْ عُدِمَ السَّيْرُ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ قَلِيلٍ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْجِمَالِ فِي رُجُوعِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ فِي طَرْحِ مَتَاعِهِ وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ دَفَعَ الْأُجْرَةَ لِلْجَمَّالِ أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي قَالَ الْأَوَّلِ لِلْجَمَّالِ وَفِي الثَّانِي لِلْمُكْتَرِي وَلَوْ حَذَفَ عَدَمَ مَعَ أَوْ وَقَدَّمَ لَفْظَ قَلَّ عَلَى السَّيْرِ فَقَالَ إنْ قَلَّ السَّيْرُ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِمَرَامِهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ لِاسْتِفَادَةِ حُكْمِ مَا إذَا عَدِمَ السَّيْرَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَلَّ السَّيْرُ بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّهُ لَا يُنْظَرُ هُنَا إلَى دَعْوَى شَبَهٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَتَفْصِيلُهُ فِيمَا بَعْدَهُ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَلَيْسَ هُنَا مُفَوِّتٌ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَبْدَأَ مِنْ أَيْنَ؟ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ إذْ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَايَةِ وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ إفْرِيقِيَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا الْقَيْرَوَانُ أَيْ: الْمَدِينَةُ الْمَخْصُوصَةُ. (ص) وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْدَمْ السَّيْرَ وَلَا قَلَّ بَلْ كَثُرَ أَوْ بَلَغَا الْغَايَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُكْرِي فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ خَاصَّةً سَوَاءٌ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْ، وَأَمَّا إنْ أَشْبَهَا مَعَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ عَلَى مَا ادَّعَى فَتَكُونَ لَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ أَيْ: مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيُفْسَخُ عَنْهُ الْبَاقِي وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا وَلَيْسَ الْمُكْتَرِي هُنَا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي حَلَفَ الْمُكْتَرِي وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا. (ص) وَلِلْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فَقَطْ أَوْ أَشْبَهَا وَانْتَقَدَ (ش) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْرِيَ وَالْمُكْتَرِيَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَأَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ وَهُوَ الْجَمَّالُ وَقَدْ سَارَ سَيْرًا كَثِيرًا أَوْ بَلَغَ بَرْقَةَ الَّتِي هِيَ الْقَرِيبَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ سَوَاءٌ انْتَقَدَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَشْبَهَا مَعًا وَانْتَقَدَ الْكِرَاءَ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ فَقَوْلُهُ وَلِلْمُكْرِي إلَخْ كَأَنَّهُ قَالَ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَلِلْمُكْرِي إلَخْ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى فَلَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَفَسْخُ الْبَاقِي (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَشْبَهَا مَعًا وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومَ شَرْطٍ وَحِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ أَنْ يَسِيرَ عَلَى مَا قَالَهُ وَهُوَ بَقِيَّةُ الْمَسَافَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ أَيْضًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْمَسَافَةِ وَهِيَ بَرْقَةُ الْقَرِيبَةُ فَلَهُ حِينَئِذٍ حِصَّتُهَا عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَهِيَ إفْرِيقِيَةُ الْبَعِيدَةُ وَيَفْسَخُ الْبَاقِيَ بِأَنْ يُقَالَ مَا تُسَاوِي حِصَّةَ بَرْقَةَ الْقَرِيبَةَ مِنْ ابْتِدَاء السَّيْرِ إلَى إفْرِيقِيَةَ الْبَعِيدَةِ بِالْمِائَةِ الْمُكْتَرَى بِهَا بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالْوُعُورَة وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَيُقَالُ مَثَلًا الرُّبُعُ أَوْ النِّصْفُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَأْخُذ الْجَمَّالُ مِنْ الْمِائَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَمَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ مَعَ دَعْوَى الِاشْتِبَاهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَاطِفَةٌ عَلَى الْأَجِيرِ إلَخْ) أَيْ: عُطِفَ عَلَى لِلْأَجِيرِ وَقَوْلُهُ وَلِلْجَمَّالِ عَطْفٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى لِلْأَجِيرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَيْ: قَوْلِهِ وَلِلْجَمَّالِ وَتَكُونُ نُكْتَةُ ذَلِكَ قُرْبَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْمَعَاطِيفِ بِالْوَاوِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ بِالْعُرْفِ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ فَهِيَ طَرِيقَةٌ مُبَايِنَةٌ لِلْأُولَى الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَامَ بِحِدْثَانٍ إلَخْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُفَادُ مِنْ النَّقْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأُولَى مُفَسِّرَةٌ لِلْعُرْفِ فَلَا تَخَالُفَ. (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ) أَيْ: لِأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَلَا يُنْظَرُ لِدَعْوَى شَبَهٍ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ هُنَا مُفَوِّتٌ أَيْ: فِي حَالَةِ عَدَمِ السَّيْرِ أَوْ قِلَّةِ السَّيْرِ، وَأَمَّا إذَا كَثُرَ السَّيْرُ أَوْ بَلَغَ الْمَسَافَةَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْفَوَاتِ فِي بَابِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُقَابِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ هُنَا مُفَوِّتٌ لِيَكُونَ نَصًّا فِي أَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ يُعْتَبَرُ الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ (قَوْلُهُ أَيْ: الْمَدِينَةُ الْمَخْصُوصَةُ) أَيْ: لَا الْإِقْلِيمُ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا) أَيْ: بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا بِحَسَبِ اللَّفْظِ وَإِلَّا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ الْمُكْتَرِي جَوَابُ أَنَّ. (قَوْلُهُ وَلِلْمُكْرِي إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ شَبَهِ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ وَبَيْنَ شَبَهِ الْمُكْرِي فَقَطْ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ أَشْبَهَا وَانْتَقَدَ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ تَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي الْبَيْعِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا أَشْبَهَا مَعًا وَفِي الْكِرَاءِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا انْتَقَدَ اهـ. وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ حُصُولَ النَّقْدِ لَمَّا رُجِّحَ جَانِبُ الْمُكْرِي أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ الْبَاقِي) أَيْ بَعْدَ بَرْقَةَ أَوْ السَّيْرِ الْكَثِيرِ إنْ كَانَ فِي مُسْتَعْتَبٍ وَإِلَّا أَوْصَلَهُ إلَى أَمْنٍ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ) مُرَادُهُ بِجَمِيعِ الْبَابِ مَسْأَلَتُنَا قَوْلُ الْمُكْتَرِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَرُجُوعُهُ لِهَذِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَا قَالَ فَاعِلُ لَزِمَ وَالْجَمَّالَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (ص) وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى (ش) أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّبَهِ لَهُمَا وَتَلْخِيصُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَبَيَانُهَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ تَنْظُرَ فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ انْتَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْتَرِي خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْ وَإِنْ أَشْبَهَ مَا قَالَا مَعًا نَظَرْت فَإِنْ انْتَقَدَ الْكِرَاءُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْرِي فَيَحْلِفُ وَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي حَلَفَ وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيَفْسَخُ عَنْهُ الْبَاقِيَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلُ وَاحِدٍ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَكَانَ لَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَأَيُّهُمَا نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِمَنْ حَلَفَ. (ص) وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْتُك لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَبَلَغَاهَا وَقَالَ بَلْ لِمَكَّةَ بِأَقَلَّ (ش) اعْلَمْ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّمَا كَانَ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ فِي الْمَسَافَةِ وَفِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ مَعًا وَقَدْ اخْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ فِيهَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ يَسِيرٍ أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ كَثِيرٍ اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا إذَا تَخَالَفَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ يَسِيرٍ التَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ، وَأَمَّا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ فَتَرَكَ هُنَا إذَا عَدِمَ السَّيْرَ أَوْ قَلَّ لِأَخْذِهِمَا هُنَا مِنْ الْمَفْهُومِ وَتَرَكَ السَّيْرَ الْكَثِيرَ اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ وَتَرَكَ هُنَاكَ بُلُوغَ الْغَايَةِ اتِّكَالًا عَلَى مَا هُنَا وَهُوَ صُنْعٌ عَجِيبٌ. (ص) فَإِنْ نَقَدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ وَحَلَفَا وَفَسَخَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَا الْمَدِينَةَ يُرِيدُ وَبَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا انْتَقَدَ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِيمَا إذَا ادَّعَيَا مَعًا مَا يُشْبِهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالنَّقْدِ وَدَعْوَى الشَّبَهِ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي بَلَغَاهَا وَهِيَ الْمَدِينَةُ فَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ لِتَسْقُطَ عَنْهُ مَسَافَةُ مَا بَقِيَ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لِتَسْقُطَ عَنْهُ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى فَالْمَسَافَاتُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَنْزِلَةِ السِّلَعِ فَمَا فَاتَ مَضَى وَمَا بَقِيَ يَقَعُ النِّزَاعُ فِيهِ فَقَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ الْمُرَادَ شَبَهُهُمَا مَعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَلَفَا وَقَوْلِهِ وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ أَوْ لِدَلَالَةِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِيَ فَقَطْ فَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ وَلَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِيَ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى مَكَّةَ بِمَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا حَلَفَا وَفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ. (ص) وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ يَمِينِهِمَا (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الْمُكْتَرِي لِلْجَمَّالِ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا يُرِيدُ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَيْ أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ أَيْ: فِي أَنَّ الْمَسَافَةَ إلَى الْمَدِينَةِ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمِائَةِ وَالْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا أَيْ الْمَسَافَةِ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْخَمْسِينَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لِمَكَّةَ أَيْ إنَّ الْكِرَاءَ لِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ بُلُوغَ الْمَسَافَةِ الْمُدَّعَاةِ يُرَجِّحُ قَوْلَ مُدَّعِيهَا وَعَدَمَ التَّقْدِيرِ حَجّ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بَعْدَ يَمِينِهِمَا أَيْ: يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ مَا اكْتَرَيْتُك إلَّا لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي إنَّمَا اُكْتُرِيَتْ مِنْك لِمَكَّةَ بِخَمْسِينَ   [حاشية العدوي] مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَلِلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا (قَوْلُهُ لِأَخْذِهِمَا هُنَا مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ: مَفْهُومِ وَبَلَغَا الْغَايَةَ أَيْ: مَعَ مُلَاحَظَةِ أَنَّ السَّيْرَ الْكَثِيرَ حُكْمُهُ حُكْمُ بُلُوغِ الْغَايَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ لِأَخْذِهِمَا مِنْ الْمَفْهُومِ يُنَكِّدُ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَتَرَكَ هُنَاكَ بُلُوغَ الْغَايَةِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّيْرُ كَثِيرًا فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ بِبُلُوغِ الْغَايَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادِرٍ (قَوْلُهُ حَلَفَا) فَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ مَا أَكْرَيْتَ إلَّا لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي إنَّمَا اكْتَرَيْت مِنْك لِمَكَّةَ بِخَمْسِينَ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ) مُرَتَّبٌ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلِفِ الْمُكْتَرِي وَإِنَّمَا حَلِفُهُ لِإِسْقَاطِ خَمْسِينَ عَنْهُ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا انْتَقَدَ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ) أَيْ: الْكِرَاءَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَهُوَ الْخَمْسُونَ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ فَسَقَطَ عَنْهُ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى) أَيْ وَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ فَقَطْ وَيُبَلِّغُهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي أَيْ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَشْبَهَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا إلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ) أَيْ: الَّتِي ادَّعَاهَا وَيُبَلِّغُهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلَّقَانِيِّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِيَ فَقَطْ نَقَدَ أَمْ لَا حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا وَلَمْ يَحْصُلُ نَقْدٌ وَهَذَا الْآتِي هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ عج وَادَّعَى أَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَتَبِعَهُ عب وَشُبْ ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَبَهِ الْمُكْتَرِي أَنْ يَكُونَ مَا أَقْبَضَهُ مُوَافِقًا لِدَعْوَى الْمُكْرِي وَزَائِدًا عَلَى دَعْوَاهُ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُكْرِي أَنَّ الْكِرَاءَ عَشْرَةٌ وَادَّعَى الْمُكْتَرِي أَنَّهَا خَمْسَةٌ وَقَدْ أَقْبَضَهُ عَشْرَةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي مُشْبِهًا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ مَا أَقَبَضَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَدِيعَةٌ أَوْ سَلَفٌ عِنْدَ الْمُكْتَرِي كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 وَيَأْخُذُ الْجَمَّالُ حِصَّةَ الْمَسَافَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَا تُسَاوِي حِصَّةَ الْمَدِينَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالْوُعُورَةِ وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَيُقَالُ: الرُّبُعُ أَوْ النِّصْفُ مَثَلًا فَيُعْطَى الْجَمَّالُ مِنْ الْخَمْسِينَ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ قَوْلُهُ لِلْجَمَّالِ قِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ أَيْ فَلِلْجَمَّالِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ حَذْفَ الْفَاءِ مَعَ مَدْخُولِهَا جَائِزٌ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّك إنْ تَذَرْهُمْ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ» أَيْ فَهُوَ خَيْرٌ وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ لِلْجَمَّالِ أَيْ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ فَيَأْخُذُ حِصَّةَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْخَمْسِينَ فَفِي الْحَقِيقَةِ أَعْمَلْنَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي وَحُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ سَوَاءٌ نَقَدَ لِلْجَمَّالِ أَمْ لَا كَحُكْمِ مَا إذَا أَشْبَهَا وَلَمْ يَنْتَقِدْ. (ص) وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ إلَّا قَوْلَ الْمُكْرِي وَهُوَ الْجَمَّالُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَيَتْرُكُ الْمُكْتَرِي مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى. (ص) وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِلَّا سَقَطَتَا (ش) أَيْ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْد أَنْ بَلَغَا الْمَدِينَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَهُوَ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ وَإِحْدَاهُمَا أَزْيَدُ عَدَالَةً وَمَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَدْلَةً فَقَطْ فَإِنْ تَسَاوَيَا سَقَطَتَا وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَتَجْرِي كُلُّ مَسْأَلَةٍ عَلَى تَفْصِيلِهَا وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَدْلَةً وَالْأُخْرَى فَاسِقَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّفْضِيلِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ أَيْ: وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْفَاسِقَةَ عَدْلَةٌ كَانَتْ هَذِهِ أَعْدَلَ مِنْهَا وَهَذَا الْقِسْمُ أَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ زَيْدٌ أَعْلَمُ مِنْ الْحِمَارِ أَيْ: لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحِمَارَ عَالِمٌ كَانَ زَيْدٌ أَعْلَمَ مِنْهُ رَاجِعْ الْمُرَادِيَّ عَلَى التَّسْهِيلِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ. (ص) وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْت عَشْرًا بِخَمْسِينَ وَقَالَ بَلْ خَمْسًا بِمِائَةٍ حَلَفَا وَفُسِخَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا سِنِينَ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ فَقَالَ الْمُكْتَرِي اكْتَرَيْت عَشْرَ سِنِينَ بِخَمْسِينَ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ بَلْ خَمْسَ سِنِينَ بِمِائَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْيَمِينِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ التَّنَازُعَ وَقَعَ قَبْلَ الزَّرْعِ وَلَا يُرَاعَى هُنَا نَقْدٌ وَلَا عَدَمُهُ. (ص) وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا وَلَمْ يَنْقُدْ فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَ الْمُكْتَرِي بَعْضَ الْمُدَّةِ أَوْ سَكَنَ الدَّارَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِعَدَمِ النَّقْدِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَدَعْوَى الشَّبَهِ وَيَحْلِفُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي أَمْ لَا فَقَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا أَيْ فَلِرَبِّهَا بِحِسَابِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي. (ص) وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ الْمُكْتَرِي أَوْ أَشْبَهَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى وَفُسِخَ الْبَاقِي مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ وَلَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُقْضَى لِرَبِّ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ فِيمَا زَرَعَهُ أَوْ سَكَنَهُ وَيَفْسَخُ الْبَاقِيَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِدَعْوَاهُ فِي كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى يَتَنَازَعُ فِيهِ جَمِيعُ الْعَوَامِلِ السَّابِقَةِ. (ص) وَإِنْ نَقَدَ فَتَرَدَّدَ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ أَيْ: وَإِنْ نَقَدَ الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِانْتِقَادِ الْكِرَاءِ وَلَا فَسْخَ أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ   [حاشية العدوي] تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ قِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى نُسْخَةِ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ نَعَمْ يَتَأَتَّى عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ النُّسْخَةَ لِلْجَمَّالِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ نَقَدَ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَسَافَةِ الْمَدِينَةِ وَلَوْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) وَكَذَا يُقْضَى بِذَاتِ التَّارِيخِ وَبِتَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مَزِيدَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ لِمَا يَأْتِي كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ الْمُكْتَرِي) أَيْ: حَلَفَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ أَشْبَهَ وَلَمْ يَحْلِفْ ثَلَاثُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ وَفِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فَقَطْ صُوَرٌ لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَحْلِفْ أَوْ حَلَفَ وَلَمْ يُشْبِهْ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَلَمْ يَحْلِفْ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُكْرِي وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا أَيْ: وَيَجِبُ الْفَسْخُ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ بَاقِي الصُّوَرِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا إذَا أَشْبَهَ كُلٌّ مِنْهَا وَلَمْ يَحْلِفْ. (قَوْلُهُ حَلَفَا وَوَجَبَ إلَخْ) قَالَ عج وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا إذَا نَكَلَا يَكُونُ كَمَا إذَا حَلَفَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْأَحَدَ مَفْهُومُهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَضَى يَتَنَازَعُ إلَخْ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ الْكَوْنَ الْمَحْذُوفَ وَالتَّقْدِيرُ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي كَائِنٌ لِرَبِّهَا فِيمَا مَضَى وَالْعَامِلُ الثَّانِي قَوْلُهُ فَقَوْلُ رَبِّهَا أَيْ: فَقَوْلُ رَبِّهَا فِيمَا مَضَى أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى أَيْ: كِرَاءُ الْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى. (قَوْلُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَيْ، وَأَمَّا إذَا نَقَدَ وَلَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ وَلَا فَسْخٌ) بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 بَلْ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْأَشْبَهِ كَمَا لَوْ يَنْقُدُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْجُعْلُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَأَفْرَدَهُ عَنْ الْإِجَارَةِ بِبَابٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِ أَحْكَامٍ وَالْجَعَالَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا مَا يُجْعَلُ عَلَى الْعَمَلِ وَهُوَ رُخْصَةٌ فَهُوَ أَصْلٌ مُنْفَرِدٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَجْرًا مَعْلُومًا وَلَا يَنْقُدُهُ إيَّاهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي زَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَمَّلَهُ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْعَقْدَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَرَأَوْا أَنَّهُ مِنْ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] مَعَ الْعَمَلِ مِنْ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمَ حُنَيْنٍ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ حَقِيقَتَهُ الْعُرْفِيَّةَ بِقَوْلِهِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ. وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ كِرَاءُ السُّفُنِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِينَ وَالرَّوَاحِلِ وَبِقَوْلِهِ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ الْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ وَشَرِكَةُ الْحَرْثِ وَقَوْلُهُ بِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ زِيدَ بِهِ خَوْفَ نَقْضِ عَكْسِ الْحَدِّ أَوْ الرَّسْمِ بِقَوْلِهِ إنْ أَتَيْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَمَلُهُ كَذَا أَوْ خِدْمَتُهُ شَهْرًا فَإِنَّهُ جُعْلٌ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِلْجَهْلِ بِعِوَضِهِ، وَالْمُعَرَّفُ حَقِيقَتُهُ الْمَعْرُوضَةُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْرِيفَ لِمَاهِيَّةِ الْجُعْلِ الْمُطْلَقِ الْقَابِلِ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ مُحَافَظَةً عَلَى طَرْدِهِ لِإِخْرَاجِ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ لَكَانَ رَسْمُهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ فَيُقَالُ: حَافَظَ عَلَى طَرْدِهِ فَأَخَلَّ بِعَكْسِهِ فَإِنَّ صُورَةَ النَّقْضِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْجَعَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ شَارَكَتْ الْقِرَاضُ فِيمَا خَرَجَ بِهِ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ فَتَكُونُ خَارِجَةً وَالْمَقْصُودُ دُخُولُهَا وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَزَادَ بِهِ لِتَدْخُلَ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَضَمِيرُ مَحَلِّهِ عَائِدٌ عَلَى   [حاشية العدوي] مَسْأَلَةُ عَدَمِ النَّقْدِ فَالْفَسْخُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا شَيْءٌ أَمْ لَا [بَابُ الْجُعْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (قَوْلُهُ ذُكِرَ فِيهِ الْجُعْلُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ صِحَّةً وَأَرَادَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ (قَوْلُهُ بِبَعْضِ أَحْكَامٍ) أَيْ: تَتَشَارَكُ مَعَ الْإِجَارَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَتَنْفَرِدُ عَنْهَا فِي الْبَعْضِ أَمَّا الِاشْتِرَاكُ فَكَمَا اُشْتُرِطَ فِي الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً مُنْتَفَعًا بِهَا إلَخْ يُشْتَرَطُ فِي الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَمُرَادُنَا بِالْجُعْلِ الدَّرَاهِمُ مَثَلًا الْمَجْعُولَةُ وَمِثَالُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ دُونَ الْجُعْلِ. (قَوْلُهُ أَصْلٌ مُنْفَرِدٌ إلَخْ) سَيَأْتِي يَقُولُ إنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ لَهُ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ تَفْسِيرٌ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ غَيْرُ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْقُدُهُ إيَّاهُ) أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ نَقْدُهُ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا جَائِزٌ (قَوْلُهُ فِي زَمَنٍ مَعْلُومٍ) أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِشَرْطِ تَرْكِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ فِي الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ يَعْمَلُ أَيْ: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَذْكُرُهُ حَيْثُ قَالَ وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: دَاخِلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرٍ يُكْمِلُهُ أَيْ: حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْعَمَلِ مِنْ عَمَلٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ وَجَعْلُهُ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَيِّنٌ لَهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَالْخَطَرِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ: فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ} [يوسف: 72] أَيْ: بِصُوَاعِ الْمَلِكِ الَّذِي فَقَدُوهُ {حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] مِنْ الطَّعَامِ {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] أَيْ: كَفِيلٌ (قَوْلُهُ مِنْ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ غَيْرِ الْمَانِعِينَ لَهُ وَقَوْلُهُ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» لَا يَخْفَى أَنَّ الْجُعْلَ هُنَا الَّذِي هُوَ الْأَجْرُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ السَّلَبَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّفَاوُتِ وَوُجُودُ التَّفَاوُتِ فَرْدٌ نَادِرٌ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ كِرَاءُ السُّفُنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ كِرَاءُ وَيَقُولُ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ السُّفُنُ أَيْ: فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَنْفَعَتِهَا لَا يُقَالُ فِيهِ جَعَالَةٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُسَاقَاةُ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِعِوَضٍ عَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ نَاشِئًا عَنْ مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ فِي ذَلِكَ لَا يُقَالُ فِيهِ جَعَالَةٌ بَلْ قِرَاضٌ أَوْ مُسَاقَاةٌ أَوْ شَرِكَةٌ وَقَوْلُهُ مَا مَعْنَاهُ أَيْ: كَلَامًا مَعْنَاهُ أَيْ: فَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ أَوْ الرَّسْمِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالرَّسْمِ التَّعْرِيفَ وَيَكُونُ تَنْوِيعًا فِي الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا وَأَنْ يَكُونَ رَسْمًا وَالْحَدُّ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ الْآبِقُ مَثَلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ الْمَالُ فِي الْقِرَاضِ وَالْعَبْدُ فِي الْجَعَالَةِ فَالْقَدْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ فِي كُلٍّ نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْمَالُ وَالْعَبْدُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْقَرْضِ نَشَأَ عَنْ الْمَالِ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ وَالسَّبَبُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَتَوَلَّدَ مِنْ وُجُودِ عَمَلِ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ ذَلِكَ الرِّبْحُ، وَأَمَّا الْجُعْلُ فَإِنَّهُ وَإِنْ نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْعَبْدِ خِدْمَتُهُ إيَّاهُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنَاشِئٍ وَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ تَارَةً عَلَى الْقَيْدِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبِّ عَمَلِ الْعَامِلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ لَا بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ كَهَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّ الْجُعْلَ نَشَأَ عَنْ الْعَبْدِ وَخَرَجَ مِنْهُ لَكِنْ لَيْسَ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ الْمُجَاعَلُ أَيْ: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ أَيْ: أَوْ لَا يَكُونُ عَمَلُ الْعَامِلِ سَبَبًا فَاعِلِيًّا فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 59 عَمَلِ آدَمِيٍّ وَضَمِيرُ بِهِ كَذَلِكَ وَتَقْدِيرُهُ عِوَضٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ عَمَلِ عَامِلِهَا فَتَدْخُلُ صُورَةُ الْجَعَالَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْ عَمَلِ عَامِلِهَا بَلْ أُخِذَ مِنْ عَمَلِ مَحَلِّهَا لَا بِسَبَبِ عَمَلِ عَامِلِهَا وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِعِوَضٍ أَيْ بِعِوَضٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِجَارَةُ فِي الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا يَتَبَعَّضُ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ. (ص) صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ (ش) أَيْ: صِحَّةُ عَقْدِ الْجُعْلِ كَائِنَةٌ وَحَاصِلَةٌ بِسَبَبِ الْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا مَعْلُومًا وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الْمُتَأَهِّلُ أَيْ: الصَّالِحُ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَحَالَ عَاقِدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَشَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ (جُعْلًا عُلِمَ) أَيْ: عِوَضًا مَعْلُومًا وَإِنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ فَلَا يُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَتَضِيعُ فَائِدَةُ الِاشْتِرَاطِ فِيهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ. وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْجُعْلِ الْأَوَّلِ الْعَقْدُ وَبِالثَّانِي الْعِوَضُ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِشَرْطِ الْجَاعِلِ عَنْ شَرْطِ الْمَجْعُولِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْجَاعِلِ كَانَ شَرْطًا فِي الْمَجْعُولِ لَهُ فَاكْتُفِيَ بِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَإِلَّا لَقَالَ جُعْلًا وَعَمَلًا لِيَكُونَ قَوْلُهُ بِالْتِزَامِ إلَخْ شَرْطًا فِي الْمَجْعُولِ لَهُ أَيْضًا وَمِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَجْهَلَانِ مَكَانَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَلِمَ الْجَاعِلُ فَقَطْ وَجَهِلَ الْعَامِلُ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْجُعْلِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَلِمَ الْمَجْعُولُ لَهُ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ. (ص)   [حاشية العدوي] وَتَأَمَّلْ قَوْلَنَا فَاعِلِيًّا فَلَا تَنْتَقِدْ وَتَارَةً يَنْصَبُّ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا إذَا جَعَلْت لَهُ تَحْتَ إتْيَانِهِ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ دِينَارًا فَإِنَّ ذَلِكَ الْجُعْلَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ الْمَحَلِّ أَصْلًا أَيْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعَبْدِ فَلَيْسَ الْعَبْدُ سَبَبًا فَاعِلِيًّا فِيهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْخُوذٍ) أَيْ: خَارِجٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِوَضَهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِلَفْظِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا وَإِنْ نَشَأَ أَيْ: خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ إلَّا أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ صَحِيحٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعِوَضَ وَهُوَ خِدْمَتُهُ شَهْرًا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ نَفْسِ عَمَلِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْعَبْدِ أَيْ: لَمْ يَكُنْ الْإِتْيَانُ سَبَبًا فَاعِلِيًّا فِيهِ وَقَوْلُهُ بَلْ أُخِذَ مِنْ عَمَلِ الْمَحَلِّ أَيْ: بَلْ أُخِذَ مِنْ عَمَلِ الْعَبْدِ أَيْ: أَنَّهُ بَعْضُ عَمَلِ الْعَبْدِ لَا بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ إتْيَانِهِ بِهِ خِدْمَتُهُ شَهْرًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إتْيَانِهِ بِهِ أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا لِجَوَازِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ إتْيَانِهِ أَوْ لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا ثُمَّ إنَّهُ يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا إذَا جَاعَلَهُ عَلَى غَرْسِ أُصُولٍ حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ كَذَا ثُمَّ هِيَ وَالْأُصُولُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ هَذَا نَاشِئٌ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَعَالَةً مَحْضَةً وَإِنَّمَا هِيَ جَعَالَةٌ وَإِجَارَةٌ وَبَيْعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ فِي الْآدَمِيِّ) أَيْ: مَثَلًا. (قَوْلُهُ أَيْ: صِحَّةُ الْجُعْلِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بِالْتِزَامِ خَبَرٌ وَالْبَاءُ فِي بِالْتِزَامِ سَبَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ الْتِزَامِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ مَثَلًا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ صِحَّةَ الْجُعْلِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الرَّشِيدِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْإِحَالَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ الْمُحَالَةِ عَلَى الْبَيْعِ أَنَّ الْجُعْلَ إذَا وَقَعَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ يَكُونُ صَحِيحًا غَيْرَ لَازِمٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالصِّحَّةِ الصِّحَّةَ التَّامَّةَ الَّتِي مَعَهَا لُزُومٌ. (قَوْلُهُ عُلِمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجُعْلَ كَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ إلَخْ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ اشْتِرَاطِ جَهْلِهِ كَالْمُجَاعِلِ عَلَيْهِ؛ إذْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَجْهَلَا مَكَانَهُ ثُمَّ إنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْتِزَامَ الْجُعْلِ فَرْعٌ عَنْ لُزُومِ الْعَقْدِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ وَأُجِيبَ بِعَدَمِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَلْتَزِمَ دِرْهَمًا لِشَخْصٍ وَالدِّرْهَمُ لَيْسَ لَازِمًا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ بَلْ فِي الْتِزَامِ الْعِوَضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فَرْعًا عَنْ لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ يُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَيْضًا التَّأَهُّلُ فَلِمَ اُقْتُصِرَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الْجَاعِلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْجُعْلِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ اعْتِرَاضًا وَارِدًا عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِ دَوْرًا؛ إذْ أُخِذَ الْجُعْلُ فِي تَعْرِيفِ الْجُعْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَعْرِيفٌ، وَالْجَوَابُ مَا عَلِمْت وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّهُ يَرِدُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ صِحَّةَ هَذَا الْعَقْدِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْتِزَامِهِ قَبْلُ بِقَيْدِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَقْدُ مَعْلُومًا قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فَاسِدٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ) جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْجَاعِلِ كَانَ شَرْطًا فِي الْمَجْعُولِ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ يَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا عُلِمَ وَعَمَلًا عُلِمَ مَعَ أَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الِالْتِزَامُ أَصْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: ارْتَكَبَ التَّسَمُّحَ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْعَمَلُ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ) ثُمَّ إنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ مِنْهُمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ حَيْثُ عُلِمَ مَكَانُهُ وَرَبُّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَيَنْبَغِي إذَا عَلِمَا أَنَّ لَهُ جُعْلَ مِثْلِهِ نَظَرًا لِسَبْقِ الْجَاعِلِ بِالْعَدَاءِ كَذَا قِيلَ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَحَلَّهُ وَتَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ لَهُ مَا تَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ تَعَبِهِ وَسَفَرِهِ لِلْمَوْضِعِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ) ضَعِيفٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ شب فَإِنْ عَلِمَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَ وَيَكُونُ عَلَى الْجَاعِلِ فِي عِلْمِهِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْجُعْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْعُولِ لَهُ فِي عِلْمِهِ دُونَ الْجَاعِلِ وَيَكُونُ آثِمًا ضَامِنًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ بِمَوْضِعِهِ وَلَوْ أَخَذَ جُعْلًا عَلَى إعْلَامِهِ بِمَوْضِعِهِ رَدَّهُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَاعِلُ عَمَلَ الْمَجْعُولِ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إنْ أَتَمَّ الْعَمَلَ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ أَجْرَ عَمَلِهِ جَرْيًا عَلَى الْإِجَارَةِ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِتَرْخِيصِ تَرْكِ عَمَلٍ لَمْ يَتِمَّ فِي الْجَعَالَةِ وَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا. (ص) كَكِرَاءِ السُّفُنِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ الْأَجْرُ إلَّا بِالتَّمَامِ وَهُوَ إجَارَةٌ لَا جَعَالَةٌ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّغَيُّرُ بِكِرَاءٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَغَرِقَتْ فِي ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ وَغَرِقَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ وَبِعِبَارَةٍ تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَقَعَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَضْمُونَةٌ وَعَلَى بَلَاغٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَصُّهُ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ وَالْمُعَلِّمِ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِتَعْرِيفِ شِدَّةِ الْأَرْضِ وَبُعْدِ الْمَاءِ وَكِرَاءِ السَّفِينَةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ التَّوْضِيحُ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ الْأَرْبَعَةَ وَزَادَ الْمُغَارَسَةَ وَهِيَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ لِمَنْ يَغْرِسُ فِيهَا عَدَدًا مِنْ الْأَشْجَارِ، فَإِذَا بَلَغَتْ كَذَا وَكَذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْأَشْجَارُ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَكُلُّ هَذِهِ الْفُرُوعِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي جَمِيعِهَا تَرَدُّدُهَا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ كُلَّهَا مِنْ الْإِجَارَةِ إلَّا مَسْأَلَةَ الْحَافِرِ فَإِنَّهَا مِنْ الْجَعَالَةِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَلَاغِ مُسَاوِيَةٌ لِلْجُعْلِ فِي أَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَلَاغِ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ وَنَصَّ سَحْنُونَ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي مُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ الْجَعَالَةُ وَوَجْهُ تَرَدُّدِ هَذِهِ الْأُمُورِ بَيْنَ الْجَعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ إلَّا بِالتَّمَامِ شَابَهَتْ الْجَعَالَةَ وَلَمَّا كَانَ إذَا تَرَكَ الْأَوَّلَ ثُمَّ كَمَّلَ غَيْرُهُ الْعَمَلَ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِحِسَابِهِ شَابَهَتْ الْإِجَارَةَ قَوْلُهُ بِتَعْرِيفِ شِدَّةِ الْأَرْضِ وَبُعْدِ الْمَاءِ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ وَهِيَ تَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِيَّةِ. (ص) إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ أَيْ: فَقَبْلَ التَّمَامِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَبُّهُ أَوْ يُجَاعِلَ مَنْ يُتِمُّ عَمَلَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِنِسْبَةِ عَمَلِ الثَّانِي أَيْ: بِنِسْبَةِ مَا أَخَذَ الثَّانِي سَوَاءٌ عَمِلَ الثَّانِي قَدْرَ عَمَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ قَدْ انْتَفَعَ بِمَا عَمِلَهُ الْمَجْعُولُ لَهُ مِثْلَ أَنْ يُجْعَلَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةٌ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ مَثَلًا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَبَلَّغَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ وَتَرَكَهَا فَجُعِلَ لِلْآخَرِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا عَلَى تَبْلِيغِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَأْخُذُ عَشَرَةً؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنُوبُ فِعْلَ الْأَوَّلِ مِنْ إجَارَةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا اُسْتُؤْجِرَ نِصْفَ الطَّرِيقِ بِعَشَرَةٍ عُلِمَ أَنَّ قِيمَةَ إجَارَتِهِ يَوْمَ اُسْتُؤْجِرَ عِشْرُونَ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْأَوَّلَ قَدْ رَضِيَ أَنْ يَحْمِلَهَا جَمِيعَ الطَّرِيقِ بِخَمْسَةٍ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعْطَى نِصْفَهَا وَالْمُغَابَنَةُ جَائِزَةٌ فِي الْجُعْلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْجَعَالَةِ مُنْحَلًّا مِنْ جَانِبِ الْمَجْعُولِ لَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَمَّا تَرَكَهُ بَعْدَ أَنْ حَمَلَ نِصْفَ الْمَسَافَةِ صَارَ تَرْكُهُ لَهُ إبْطَالًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَصَارَ الثَّانِي كَاشِفًا مُبَيِّنًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَوَّلُ فَعَلَى الْجَاعِلِ لِلْأَوَّلِ نِسْبَةُ انْتِفَاعِهِ بِالثَّانِي ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَسْتَأْجِرَ أَيْ: أَوْ يُجَاعِلَ أَوْ يَأْتِيَ بِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ غُلَامِهِ فَقَوْلُهُ فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي أَيْ فَلِلْأَوَّلِ مِنْ الْأَجْرِ بِنِسْبَةِ عَمَلِ الثَّانِي لَوْ كَانَ لَهُ نِسْبَةٌ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا عَمِلَهُ مَجَّانًا وَلَوْ   [حاشية العدوي] الْجَاعِلِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْت الْكَلَامَ فِي عَمَلِهِمَا. (قَوْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ) أَيْ السَّامِعُ مِنْ الْجَاعِلِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْجَاعِلَ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ السَّامِعُ بِوَاسِطَةٍ وَبِلَا وَاسِطَةٍ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّامِعِ مَنْ عَلِمَ بِقَوْلِ رَبِّهِ وَقَوْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ فِي قُوَّةِ الْحَصْرِ أَيْ: لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بِالتَّمَامِ. (قَوْلُهُ تَرْكِ عَمَلٍ) أَيْ: أُجْرَةِ عَمَلٍ (قَوْلُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِكِرَاءٍ) أَيْ: لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءِ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَقَعَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ وَتُعْطَى حُكْمَ إجَارَةِ الْبَلَاغِ وَأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا لَازِمٌ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ التَّعْبِيرَ وَقَعَ بِلَفْظِ جَعَالَةٍ (قَوْلُهُ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَضْمُونَةٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقَعَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَقَوْلُهُ وَعَلَى بَلَاغٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجَعَالَةٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ إجَارَةً مَوْصُوفَةً بِأَنَّهَا عَلَى بَلَاغٍ شَابَهَتْ الْجُعْلَ فَلِذَلِكَ قُلْنَا وَقَعَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَعَلَى بَلَاغٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ. (قَوْلُهُ بِتَعْرِيفِ شِدَّةِ الْأَرْضِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْبِئْرِ عَلَى طَرِيقِ الْإِجَارَةِ لَا الْجَعَالَةِ الْمُحَقَّقَةِ (قَوْلُهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ) أَيْ صَالِحَةٌ لَأَنْ تَكُونَ إجَارَةً وَأَنْ تَكُونَ جَعَالَةً وَلِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ بِسَبَبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ كُلَّهَا مِنْ الْإِجَارَةِ) أَيْ: لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا مِنْ الْجَعَالَةِ) أَيْ: فَإِنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ جَعَالَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَوَاتِ يَقَعُ إجَارَةً وَيَقَعُ جَعَالَةً، وَأَمَّا فِي الدَّارِ فَإِجَارَةٌ لَا جَعَالَةٌ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ) وُرُودٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا مَسْأَلَةُ الْحَافِرِ. (قَوْلُهُ بِحِسَابِهِ) أَيْ: بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي غَيْرِ السَّفِينَةِ وَفِي غَيْرِ مَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ، وَأَمَّا كِرَاءُ السُّفُنِ وَكِرَاءُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُتَرَدِّدَةِ كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الصَّرِيحَةِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ) أَيْ رَبُّهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَوْ جَاعَلَ نَفْسَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّمَامِ فَيَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَقَطْ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَعَ بِهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي وَصَلَ لَهُ الْعَامِلُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْمُسَمَّى بِحَسْبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مَا إذَا عَمِلَهُ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 قَالَ إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ لَكَانَ أَشْمَلَ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِكِرَاءِ السُّفُنِ وَلِمَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَالشَّارِحِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ كِرَاءِ السُّفُنِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِكِرَاءِ السُّفُنِ وَعَلَيْهِ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ مَرْكَبًا لِحِمْلٍ كَقَمْحٍ فَغَرِقَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَمْحِ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فَاسْتَأْجَرَ عَلَى مَا بَقِيَ فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ كِرَاءَ مَا بَقِيَ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ عَلَى حِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْغَرَقِ وَكَذَا لَوْ فَرَّطَ الْمُكْتَرِي فِي نَقْلِ مَتَاعِهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ. (ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى الْجَاعِلِ إذَا أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ إلَى رَبِّهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِحُرِّيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْعَمَلِ وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ (ص) بِخِلَافِ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجَاعِلَ إذَا أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْجُعْلِ لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ هَرَبَ الْعَبْدُ، وَأَمَّا مَوْتُهُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِتَمَامِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمَوْتِ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ أَوْ هُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ، فَإِذَا أَسْلَمَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَقَدْ سَلَّمَهُ حَيًّا وَقَدْ أَعْطَوْا حُكْمَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ حُكْمَ الْحَيِّ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ وَبَيْنَ مَوْتِهِ لَعَلَّهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِالْمَيِّتِ وَأَيْضًا الِاسْتِحْقَاقُ يَحْصُلُ عَنْ عَدَاءٍ مِنْ الْمَالِكِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَقْدَ وَالْأَسْرَ وَالْغَصْبَ كَالْمَوْتِ. (ص) بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ إلَّا بِشَرْطٍ تُرِكَ مَتَى شَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجُعْلَ لَا يَجُوزُ فِيهِ تَقْدِيرُ الْأَجَلِ لِلْجَهْلِ وَالْغَرَرِ؛ إذْ لَوْ قُدِّرَ بِزَمَنٍ يَقَعُ فِيهِ لَاحْتُمِلَ أَنْ يَنْقَضِيَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَيَذْهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ مَتَى شَاءَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ضَرْبُ الْأَجَلِ فِيهِ حِينَئِذٍ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ تُرِكَ مَتَى شَاءَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ فَإِنْ قِيلَ شَأْنُ هَذَا الْعَقْدِ التَّرْكُ فِيهِ مَتَى شَاءَ فَلِمَ كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ جَائِزٍ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ دَخَلَ عَلَى التَّمَامِ وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّرْكُ وَحِينَئِذٍ فَغَرَرُهُ قَوِيٌّ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَقَدْ دَخَلَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَغَرَرُهُ خَفِيفٌ. (ص) وَلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْجُعْلِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِيهِ فَإِنْ شُرِطَ النَّقْدُ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا لِدَوَرَانِ الْجُعْلِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ وَجَدَ الْآبِقَ وَأَوْصَلَهُ إلَى رَبِّهِ وَالسَّلَفِيَّةِ إنْ لَمْ يُوصِلْهُ إلَى رَبِّهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَوْ وَجَدَهُ وَهَرَبَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَجَائِزٌ فَلَوْ قَالَ بِلَا شَرْطِ نَقْدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُعْطِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ إلَخْ) وَأَوْلَى لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَكِنْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ بِنِسْبَةِ عَمَلِهِ مِنْ الْمُسَمَّى لَهُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هُنَا ثَانٍ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ عج فِي شَرْحِهِ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ بَلْ الْبَابُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَاسْتَأْجَرَ عَلَى مَا بَقِيَ) أَيْ أَوْ بَاعَهُ بِمَوْضِعِ الْفَرْقِ أَوْ انْتَفَعَ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ) أَيْ: لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ فُرِّطَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَكَذَا بِالْكَافِ وَلَا مُنَاسَبَةَ لَهَا فَالْأَوْلَى جَعْلُهَا لَامًا وَتَكُونُ لِلتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ وَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْفَرْقِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ، وَبِتِلْكَ الْعِلَّةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ فَرَّطَ الْمُكْتَرِي فِي نَقْلِ مَتَاعِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا لِانْتِفَاءِ تِلْكَ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا. (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لَهُ بَالٌ كَمَا قَيَّدُوهُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّمَامِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَهَذَا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اُسْتُحِقَّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى يَسْتَأْجِرُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَقَلَّ كُلْفَةً (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَجْمَلَ فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ وَعِبَارَةُ تت مُفْصِحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ وَنَصِّهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الشَّيْءُ الْمُجَاعَلُ عَلَى تَحْصِيلِهِ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ جَاعَلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْجُعْلُ يَلْزَمُ الْجَاعِلَ إذَا أَتَى بِهِ الْعَامِلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْجَاعِلُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ ظَاهِرُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْجُعْلِ عَلَى مَنْ اسْتَحَقَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ جُعْلِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ قَالَ تت ثُمَّ بَالَغَ عَلَى مَا لَوْ كَانَ عَبْدًا وَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ فَقَالَ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ فَإِنَّ الْجُعْلَ لَازِمٌ لِلْجَاعِلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِسُقُوطِهِ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ اُسْتُحِقَّ بِرِقٍّ فَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ) فَيَكُونُ وُجُودِيًّا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ (قَوْلُهُ فَقَدْ سَلَّمَهُ حَيًّا) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي سَائِرِ أَفْرَادِ الْحَيَوَانِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، فَإِذَا سَلَّمَهُ حَيًّا لَزِمَهُ الْعِوَضُ وَلَا يُقَالُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا أَسْقَطَ الْعِوَضَ بِالْمَوْتِ فَقَطْ وَالْأَصْلُ الْعُمُومُ وَأَيْضًا مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) كَمَا لَوْ مَاتَ مَا يَرِثُهُ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ بَعْدَ أَنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ وَلَمْ تَخْرُجْ رُوحُهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِالْمَيِّتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الَّذِي مَاتَ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالْقَبْضِ وَصَلَ إلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا كَالِاسْتِحْقَاقِ لَا الْمَوْتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هِبَتَهُ كَالْعِتْقِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْعَامِلِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ) أَيْ: سَوَاءٌ شَرَطَ عَدَمَ النَّقْدِ أَوْ سَكَتَ سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ جَعَالَةٍ أَوْ لَا بِلَفْظِ جَعَالَةٍ وَلَا إجَارَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَتَبِعَهُ شب، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 أَنَّ الَّذِي يُفْسِدُ الْجُعْلَ إنَّمَا هُوَ النَّقْدُ بِالْفِعْلِ لَا شَرْطِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ أَيْ: وَبِلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَالْعَاطِفُ الْوَاوُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ وَإِلَّا لَكَانَ التَّقْدِيرُ صِحَّةَ الْجُعْلِ بِلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَلِهَذَا جَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ سَهْوًا فَقَالَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ سَهْوٌ انْتَهَى وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْ الشَّارِحِ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (ص) فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ بِلَا عَكْسٍ (ش) مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي الْمَوَاتِ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ يَجُوزُ فِيهِ الْجُعْلُ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ وَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ وَحَفْرِ الْآبَارِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْجُعْلُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِلْجَاعِلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ إنْ لَمْ يُتِمَّ الْمَجْعُولُ لَهُ الْعَمَلَ فَالْإِجَارَةُ أَعَمُّ مِنْهُ وَالْجُعْلُ أَخَصُّ مِنْهَا فَكُلُّ مَوْضِعٍ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَجُوزَ فِيهِ الْجُعْلُ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْأَعَمِّ وُجُودُ الْأَخَصِّ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْحَيَوَانِيَّةِ وُجُودُ النَّاطِقِيَّةِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ؛ إذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْأَخَصِّ وُجُودُ الْأَعَمِّ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ النَّاطِقِيَّةِ وُجُودُ الْحَيَوَانِيَّةِ فَالضَّمِيرُ فِي جَازَ يَرْجِعُ لِلْجُعْلِ وَالْإِجَارَةُ مُبْتَدَأٌ وَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ. (ص) وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ إلَّا كَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِالْجَمْعِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجُعْلَ يَجُوزُ عَلَى بَيْعِ أَوْ شِرَاءِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ مِنْ ثِيَابٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ دَوَابَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ وَقَعَ عَلَى بَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ أَوْ عَلَى شِرَائِهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ جُعْلِهِ إلَّا إنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَلَا يَجُوزُ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ بِحِسَابِ مَا بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ لَجَازَ لَا يُقَالُ الْجَعَالَةُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا بِانْتِهَاءِ الْعَمَلِ فَالْعَقْدُ مُقْتَضٍ لِلشَّرْطِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَثْرَةُ السِّلَعِ بِمَثَابَةِ عُقَدٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ جُعْلَهُ فِي كُلِّ عُقْدَةٍ بِانْتِهَاءِ عَمَلِهِ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ مَنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ. (ص) وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي هَلْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ لِلْجَاعِلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ لَوْ جَاعَلَ شَخْصٌ شَخْصًا عَلَى أَنْ يَصْعَدَ لِهَذَا الْجَبَلِ وَيَنْزِلَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ بِإِتْيَانِ حَاجَةٍ مِنْهُ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا وَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ عَنْ الرَّجُلِ   [حاشية العدوي] مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ قُدِّرَ بِزَمَنٍ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّرْكِ مَتَى شَاءَ وَإِنْ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَذَلِكَ بِقَرِينَةِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْفِرَارُ مِنْ إضَاعَةِ الْعَمَلِ بَاطِلًا فَالْعِلَّةُ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الشَّرْطِ الثَّانِي فِي كَلَامِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَطْفُ عَلَى مَدْخُولِ الْجَارِّ لَا تَكُونُ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَلَا تَكُونُ لِلتَّأْكِيدِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَطْفُ عَلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّأْوِيلُ بِأَنْ يُرَادَ بِمُشْتَرَطٍ اشْتِرَاطٌ وَفِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ بِلَا اشْتِرَاطِ نَقْدٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَكَانَ التَّقْدِيرُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْدِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلَيْسَ مُرْتَبِطًا بِذَلِكَ بَلْ هَلْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى بِتَقْدِيرِ زَمَنٍ وَالْمَعْنَى وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ بَلْ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْمَجْرُورُ وَقَوْلُهُ سَهْوًا أَيْ: لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ بِلَا بَلْ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مَدْخُولُ الْبَاءِ. (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حَرْفُ الْجَرِّ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِذَلِكَ قَالَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ وَإِنْ كَانَ حَرْفُ الْجَرِّ مُلَاحَظًا مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْجُعْلُ أَخَصَّ مِنْ الْإِجَارَةِ فَيُطَابِقُ مَا فِي التَّهْذِيبِ مِنْ أَنَّ الْجُعْلَ أَخَصُّ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُوهِمُ بِحَسْبِ ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاعِلٌ جَازَ أَنَّ الْإِجَارَةَ أَخَصُّ وَالْجُعْلَ أَعَمُّ وَمَعَ تَسْلِيمِ كَلَامِ التَّهْذِيبِ وَإِرْجَاعِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْجُعْلَ أَخَصُّ بِجَعْلِ الْإِجَارَةِ مُبْتَدَأً خِلَافَ التَّحْقِيقِ وَالتَّحْقِيقُ كَمَا قَالَ عج أَنَّ بَيْنَهُمَا الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِي مَسَائِلَ وَيَنْفَرِدُ الْجُعْلُ فِي مَسَائِلَ وَالْإِجَارَةُ بِمَسَائِلَ وَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْجَعَالَةُ فِي شَيْءٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَحَفْرُ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَنَحْوِهِمَا فِي أَرْضٍ مِلْكِك تَجُوزُ إجَارَةً لَا جَعَالَةً، وَأَمَّا مَا جُهِلَ مِنْ الْأَعْمَالِ كَالْإِتْيَانِ بِالْآبِقِ فَتَصِحُّ فِيهِ الْجَعَالَةُ لَا الْإِجَارَةُ وَيَجُوزَانِ فِي حَفْرِ بِئْرٍ مَوَاتًا فَإِنْ عُيِّنَ شَيْءٌ فِيهَا كَانَ إجَارَةً وَإِلَّا كَانَ جَعَالَةً وَبَقِيَتْ صُورَةٌ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ وَلَا جَعَالَةُ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ كَعَمَلِ الْخَمْرِ أَوْ مَا يَلْزَمُ فِعْلُهُ كَالصَّلَاةِ قَالَ مُحَشَّى تت وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ بِالْآبِقِ لِكَوْنِهِ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ بَلْ يَجُوزُ عَلَى أَنْ يَطْلُبَ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَوْ يَطْلُبَهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَلَهُ كَذَا انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى شِرَائِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ الشِّرَاءَ عَلَى الصَّوَابِ خِلَافًا لِلْعَوْفِيِّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُسَلَّمَ لَهُ جَمِيعُ الثِّيَابِ وَأَنْ يُشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ التَّرْكَ مَتَى شَاءَ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يُدْفَعَ إلَيْهِ الثِّيَابُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَبِيعُهُ فَيَنْتَفِعُ رَبُّهَا بِحِفْظِ الْعَامِلِ لَهَا وَإِذَا سَكَتَ عَنْ شَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا إلَّا بِالْجَمِيعِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّمَا بَاعَ شَيْئًا أَخَذَ بِحِسَابِهِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَفِي شَرْطِ إلَخْ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى اشْتِرَاطِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ أَمْ لَا قَوْلَانِ أَيْضًا انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْجُعْلُ عَلَى حَلِّ الْمَرْبُوطِ وَالْمَسْحُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ. (ص) وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَالِكَ إذَا قَالَ مَنْ أَتَى بِعَبْدِي الْآبِقِ أَوْ بَعِيرِي الشَّارِدِ فَلَهُ كَذَا أَوْ لَمْ يَقُلْ رَبُّهُ شَيْئًا فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَ سَيِّدِهِ لَكِنَّ عَادَتَهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ وَالْإِبَاق فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جُعْلَ مِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ جُعْلُ مِثْلِهِ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ طَلَبَ مَا ذُكِرَ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ إلَخْ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَتَوَلَّى الْإِتْيَانَ بِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَدَمِهِ. (ص) كَحَلِفِهِمَا بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا تَخَالَفَا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فِي قَدْرِ الْجُعْلِ وَلَمْ يُشَبِّهَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إلَى جُعْلِ مِثْلِهِ وَمَنْ أَشْبَهَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا مِثْلَ مَا إذَا أَشْبَهَ الْعَامِلُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ بِيَدِهِ الْعَبْدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحُزْ الْعَبْدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَا يَظْهَرُ لِاخْتِلَافِهِمَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ تَرَكَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ لَا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِي هَذِهِ الْقَوْلِ قَوْلُ رَبِّهِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْعَامِلِ هَلْ عَادَتُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ أَوْ لَا فَلَهُ النَّفَقَةُ. (ص) وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ قَبْلَ أَنْ يَلْتَزِمَ رَبُّهُ بِالْجُعْلِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ وَلَا مَقَالَ لِلْعَامِلِ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُعْلُ يُسَاوِي قِيمَةَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ أَتَى بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ أَنْ الْتَزَمَ رَبُّهُ الْجُعْلَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الَّذِي وَرَّطَ الْعَامِلَ فِي ذَلِكَ. (ص) وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْمَالِكِ مَنْ جَاءَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ طَلَبُ الضَّوَالِّ وَالْإِبَاق فَإِنَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا النَّفَقَةُ فَقَطْ أَيْ: نَفَقَةُ الْآبِقِ أَيْ: مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَرْكَبٍ وَلِبَاسٍ لَا نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ مَثَلًا فِي زَمَنِ تَحْصِيلِهِ فَهَذِهِ عَلَى الْآتِي. (ص) فَإِنْ أَفْلَتَ فَجَاءَ بِهِ آخَرُ فَلِكُلٍّ نِسْبَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا أَتَى بِهِ الْعَامِلُ ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَيْ: وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَتَى بِهِ شَخْصٌ آخَرُ إلَى أَنْ سَلَّمَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ) أَيْ حَقِيقَةُ إخْرَاجِ الْجَانِّ أَيْ: لَا يُدْرَكُ حَالُهُ مِنْ كَوْنِهِ يَحْصُلُ أَوْ لَا يَحْصُلُ قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَكَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ: إنْ تَكَرَّرَ النَّفْعُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ بِاللَّفْظِ الْعَجَمِيِّ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخُ مِنْ شُيُوخِ شُيُوخِنَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى مَا لِلشَّيْخِ وَوَجْهُ مَا قَالَ الشَّيْخُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنَّ تَكَرُّرَ النَّفْعِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مَمْنُوعٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا) أَقُولُ إنَّ الْمُصَنِّفَ يُصَدَّقُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تُصَدَّقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ الْأُبَّاقِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ جَمْعُ آبِقٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ) قَالَ عج وَيَبْدَأُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ تَقْرِيرٌ وَقَدْ يُقَالُ يَبْدَأُ بِالْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ مَنَافِعَهُ. (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ بِيَدِهِ الْعَبْدُ) هَذَا الْحَلُّ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَنَسَبَهُ عب لِبَعْضِ التَّقَارِيرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ هَذَا التَّقْرِيرِ وَالْمَعْنَى فَإِنْ وُجِدَ وَلَكِنْ لَيْسَ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ فِي مَوْضُوعٍ مَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا أَيْ: وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ قُوَّةُ هَذَا التَّقْرِيرِ وَلِذَا اقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ) أَيْ: وَهُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ تت الْمُصَنِّفَ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا أَيْ: بِأَنْ يَدَّعِيَ الْعَامِلُ أَنَّهُ سَمِعَ وَأَتَى بِهِ لِلْمَالِكِ وَقَالَ رَبُّهُ لَمْ يَسْمَعْ بَلْ أَتَى حِسْبَةً فَيُجْعَلُ لِلْعَامِلِ جُعْلُ مِثْلِهِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّهِ بِلَا يَمِينٍ. (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَلْتَزِمَ رَبُّهُ بِالْجُعْلِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ مُحَشَّى تت وَذُكِرَ مِنْ النَّقْلِ مَا يُوَافِقُهُ أَيْ: مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ تَرْكُهُ فِي الَّذِي لَمْ يَلْتَزِمْ أَصْلًا وَجَعَلَ عج فِي الَّذِي لَمْ يَسْمَعْ لَمْ يُوجَدْ فِي النَّقْلِ مَا يُوَافِقُهُ وَمِنْ جُمْلَةِ النَّقْلِ سَمْعُ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ جَعَلَ فِي عَبْدٍ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ فَجَاءَ بِهِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْجُعْلِ فَإِنْ كَانَ يَأْتِي بِالْإِبَاقِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا نَفَقَتُهُ انْتَهَى فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ لَهُ تَرْكَهُ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَى السَّمَاعِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَتَى بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ أَنْ الْتَزَمَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ السَّمَاعِ مِنْ رَبِّهِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ، وَأَمَّا إنْ الْتَزَمَ وَلَمْ يَسْمَعْ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ (قَوْلُهُ أَيْ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَخَالَفَهُ عج قَائِلًا وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي تَحْصِيلِهِ، وَأَمَّا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَعَلَى رَبِّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ لِلْعَامِلِ الْجُعْلُ الْمُسَمَّى أَوْ جُعْلُ الْمِثْلِ أَوْ نَفَقَةُ التَّحْصِيلِ إلَخْ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ لِمَا قَالُوهُ إنَّ لَهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا بُدَّ لِسَيِّدِهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْإِنْفَاقِ عَلَى اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَبٌ إذْ الْمُنْفِقُ عَلَى اللَّقِيطِ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعِوَضِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ أَبٌ وَالْمُنْفِقُ عَلَى الْآبِقِ لَمَّا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَقِيقٌ وَسَيِّدُهُ مَلِيءٌ وَلَوْ بِهِ فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْعِوَضِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي مَسْأَلَةِ الْآبِقِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ طَلَبَ الْأُبَّاقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا جُعْلٍ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْلَتَ إلَخْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ انْفَلَتَ أَوْ لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى إذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ (قَوْلُهُ فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا مُجَاعَلَةٍ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ قَبْلُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ إلَخْ وَكَانَ عَادَةُ الْآخَرِ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا أَنَّ الْمُعَارَضَةَ حَاصِلَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِيَسْتَأْجِرَ (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ نِسْبَتُهُ) أَيْ: فَلِكُلٍّ نِسْبَةُ فِعْلِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 لِسَيِّدِهِ فَإِنَّ الْجُعْلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسْبِ فِعْلَيْهِمَا فَإِنْ جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الطَّرِيقِ مَثَلًا وَالثَّانِي ثُلُثَاهُ كَانَ لِلْأَوَّلِ ثُلُثُ الْجُعْلِ وَلِلثَّانِي ثُلُثَاهُ أَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ الثَّانِي بَعْدَ رُجُوعِهِ لِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ فَالضَّمِيرُ فِي نِسْبَتِهِ يَرْجِعُ لِكُلٍّ أَيْ: بِحَسْبِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فِي الطَّرِيقِ لَا بِحَسْبِ الْمَسَافَةِ (ص) وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ وَذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ لِلدِّرْهَمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ إذَا جَعَلَ لِرَجُلٍ يَأْتِي بِعَبْدِهِ الْآبِقِ دِرْهَمًا ثُمَّ جَعَلَ لِآخَرَ نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَتَيَا بِهِ جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الدِّرْهَمِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ ثُلُثَيْهِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ نِصْفِ الدِّرْهَمِ إلَى دِرْهَمٍ وَنِصْفِ ثُلُثٍ وَنِسْبَةَ الدِّرْهَمِ لِذَلِكَ ثُلُثَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَوْ جَعَلَ لِلثَّانِي دِرْهَمًا كَالْأَوَّلِ فَأَتَيَا بِهِ جَمِيعًا كَانَ لِكُلٍّ نِصْفُ مَا سُمِّيَ لَهُ اتِّفَاقًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْعُرُوضِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعُرُوضِ وَالْمُرَادُ بِالشَّرِكَةِ اللُّغَوِيَّةُ لَا الِاصْطِلَاحِيَّةُ وَإِلَّا كَانَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا بِحَسْبِ نِسْبَةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ. (تَتِمَّةٌ) لَوْ كَانَ الْجُعْلُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً امْتَنَعَ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَيَغْرَمُ الْمِثْلَ إذَا أَتَى الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مَوْزُونًا لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ إلَى وُجُودِ الْآبِقِ أَوْ ثَوْبًا جَازَ وَيُوقَفُ وَإِنْ خُشِيَ تَغَيُّرُهُ كَالْحَيَوَانِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (ص) وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَاعِلَ وَالْمَجْعُولَ لَهُ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْجَعَالَةِ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِطْلَاقُ الْفَسْخِ عَلَى الْعَقْدِ الْجَائِزِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ يَجُوزُ؛ إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ وَالْعَلَاقَةُ هِيَ مُشَابَهَتُهُ لِلْعَقْدِ اللَّازِمِ. (ص) وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَعَالَةَ إذَا شَرَعَ الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ فِيهَا فَإِنَّهَا تَلْزَمُ الْجَاعِلَ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ فِي الْحَلِّ عَنْ نَفْسِهِ وَالْبَقَاءِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَا حَصَلَ بِهِ الشُّرُوعُ لَا بَالَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْجَاعِلِ هُنَا مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَ الْجُعْلِ. (ص) وَفِي الْفَاسِدِ جُعْلُ الْمِثْلِ إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا فَأُجْرَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجُعْلَ الْفَاسِدَ فِيهِ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ تَمَّ الْعَمَلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ فَيَأْخُذُ بِحِسَابِ الْإِجَارَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْعِوَضَ تَمَّ الْعَمَلُ أَوْ لَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ كَذَا وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فَلَكَ كَذَا أَوْ فَلَكَ النَّفَقَةُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى حَسْبِ فِعْلَيْهِمَا) ، فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا لَهُ بَالٌ وَالْآخَرِ لَا بَالَ لَهُ أُعْطِيَ مَنْ لَهُ بَالٌ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِكُلٍّ نِصْفُ مَا سُمِّيَ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَعَلَ لِلثَّانِي دِرْهَمًا كَالْأَوَّلِ إلَخْ) أَقُولُ بَقِيَ مَا إذَا سَمَّى لِأَحَدِهِمَا وَوَجَبَ لِلْآخَرِ جُعْلُ مِثْلِهِ لِاعْتِيَادِهِ طَلَبَ الْأُبَّاقِ وَلَمْ يَسْمَعْ رَبُّهُ فَاسْتَظْهَرَ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْأَكْثَرِ حَيْثُ اخْتَلَفَا قَدْرًا. (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعُرُوضِ) فَلَوْ جُعِلَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ عَرْضٌ وَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَاهَا وَيُخَيَّرُ الْآخَرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ أَوْ مَا يُقَابِلَ ذَلِكَ مِنْ الْعَرْضِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لِهَذَا نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْعَرْضِ وَلَوْ جَعَلَ لَهُمَا عَرْضًا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ اتَّفَقَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَذَا ذَكَرُوا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ: لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَتَى أُطْلِقَتْ تَنْصَرِفُ لِلْمُنَاصَفَةِ أَيْ: بَلْ الْمَدَارُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ فَيَقْتَسِمَانِ الدِّرْهَمَ أَثْلَاثًا (قَوْلُهُ عَيْنًا) أَيْ: دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً مَطْبُوعًا عَلَيْهَا كَذَا فُسِّرَتْ تِلْكَ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَخْ) أَيْ: فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا (قَوْلُهُ أَوْ مَوْزُونًا) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ؛ لِأَنَّ الْمَوْزُونَ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَانْظُرْ مَا النُّكْتَةُ وَقَوْلُهُ لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ لَمْ يَجُزْ وَهَلْ يَفْسُدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الْفَسَادُ فَكَمَا أَنَّهُ فِي الْحَيَوَانِ يَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ كَمَا قَالَ: وَسَكَتَ عَنْ كَوْنِ الْعَقْدِ فَاسِدًا وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا كَالْإِجَارَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ الْجَاعِلَ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْفَسْخِ عَلَى الْعَقْدِ الْجَائِزِ) أَيْ: تَرْكُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ هِيَ مُشَابَهَتُهُ لِلْعَقْدِ) أَيْ مُشَابَهَةُ تَرْكِهِ لِتَرْكِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَ الْجُعْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ عَقَدَ تَعَاطِيَ عَقْدِ الْجُعْلِ قَدْ يَكُونُ وَكِيلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَاعِلَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ تَعَاطَى عَقْدَ الْجُعْلِ وَلَوْ وَكِيلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ. (قَوْلُهُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ وَالْمَعْنَى إنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ التَّفْصِيلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ أَيْ: الْجُعْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنْ تَمَّ الْعَمَلُ أُعْطِيَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَيْسَ فِيهِ جُعْلُ الْمِثْلِ بَلْ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ جُعْلِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ يَسْتَحِقُّهَا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا بِخِلَافِ جُعْلِ الْمِثْلِ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا إذَا تَمَّ الْعَمَلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَيْ: تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ رَدًّا لَهُ إلَخْ إنْ قُلْت: رَدُّهُ لِلْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِلْمُسَمَّى وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الرَّدِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَضِيعُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُ أَجْرًا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فَيَأْخُذُ بِحِسَابِ الْإِجَارَةِ أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَنْ لَوْ تَمَّ الْعَمَلُ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُعْطَاهَا وَمَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَيُعْطَاهَا وَلَا تَقُلْ إنَّ الْحِسَابَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِلْمُسَمَّى وَإِنَّمَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ أَصْلًا لِلْجُعْلِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لِلْجُعْلِ الْتَزَمُوا فِيهِ مَا اُلْتُزِمَ فِي عَاقِدِ الْأُجْرَةِ فَلِذَا أَحَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَلَكَ كَذَا أَوْ فَلَكَ النَّفَقَةُ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 فَهَذَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَقِيقَةِ الْجُعْلِ وَفِيهِ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى النَّفَقَةِ جُعْلًا تَغْلِيبًا وَلَمَّا كَانَ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ ضَائِعًا يُشْبِهُ مَوَاتَ الْأَرْضِ نَاسَبَ الْإِتْيَانَ بِهِ بَعْدَ الْجُعْلِ فَقَالَ (بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) قَالَ الشَّارِحُ الْمَوَاتُ بِضَمِّ الْمِيمِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ الْمَوْتُ وَبِفَتْحِهَا مَا لَا رُوحَ فِيهِ وَأَيْضًا هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا مُنْتَفَعَ بِهَا انْتَهَى قَوْلُهُ مُنْتَفَعَ اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ: لَا انْتِفَاعَ بِهَا الْآنَ فَقَدْ عَلِمْت ضَبْطَ الْمَوَاتِ هُنَا بِأَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَنَّهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِتَعْرِيفِ الْمَوَاتِ عَلَى الْإِحْيَاءِ بِقَوْلِهِ. (ص) مَوَاتُ الْأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ (ش) إمَّا؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَى الْوُجُودِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ طَبْعًا فَقُدِّمَ وَضْعًا، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَوَاتِ مُتَّحِدَةٌ وَالْإِحْيَاءُ يَكُونُ بِأُمُورٍ كُلٌّ مِنْهَا مُضَادٌّ لِلْمَوَاتِ فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا لِيَذْكُرَ أَضْدَادَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَوَاتَ الْأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَنْ يَقُولَ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ بِالْجَمْعِ بِالِاسْمِ الْمُحَلَّى بِأَلْ الْمُفِيدَةِ لِلْعُمُومِ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ إحْيَاءَ الْمَوَاتِ بِقَوْلِهِ هُوَ لَقَبٌ لِتَعْمِيرِ دَاثِرِ الْأَرْضِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ انْصِرَافِ الْمُعَمِّرِ عَنْ انْتِفَاعِهِ بِهَا انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِتَعْمِيرِ دَاثِرِ الْأَرْضِ مَا يَشْمَلُ تَفْجِيرَ الْمَاءِ وَإِخْرَاجَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَيَانِ الْإِحْيَاءِ وَأُخْرِجَ بِدَاثِرِ الْأَرْضِ غَيْرُ الدَّاثِرَةِ وَتَعْمِيرُ غَيْرِ الْأَرْضِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ إلَخْ عَمَّا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ مِنْ التَّعْمِيرِ كَالتَّحْوِيطِ وَرَعْيِ الْكَلَأِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْمِيرِ مُقْتَضِيًا لِلِاخْتِصَاصِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ بَيَانَهُ لِذَلِكَ بَعْدُ يَدْفَعُ عَنْهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى التَّعْرِيفِ أَنَّ الْإِقْطَاعَ وَالْحِمَى لَيْسَا مِنْ الْإِحْيَاءِ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا تَعْمِيرُ دَاثِرِ الْأَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِصَاصُ الَّذِي الْإِحْيَاءُ مِنْ أَقْسَامِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْإِحْيَاءِ الَّذِي التَّعْرِيفُ لَهُ فَهُمَا قَسِيمَانِ لِلْإِحْيَاءِ لَا قِسْمَانِ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ إضَافَةَ الْمَوَاتِ إلَى الْأَرْضِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ وَقَوْلُهُ مَا أَيْ: أَرْضٌ وَذِكْرُ الضَّمِيرِ فِي سَلِمَ نَظَرًا لِلَفْظِ مَا. (ص) بِعِمَارَةٍ وَلَوْ انْدَرَسَتْ إلَّا لِإِحْيَاءٍ (ش) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ الِاخْتِصَاصُ كَائِنٌ بِعِمَارَةٍ أَوْ يَكُونُ بِعِمَارَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِمَارَةَ إذَا انْدَرَسَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ مَلَكَهَا مِنْ مَوَاتٍ بِإِحْيَاءٍ أَوْ إقْطَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مَوَاتًا فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْمُنْدَرِسَةُ   [حاشية العدوي] أَيْ: فَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ صَحَّ قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى النَّفَقَةِ جُعْلًا تَغْلِيبًا (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ ضَائِعًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا كَانَ الْمَوَاتُ يُشْبِهُ الْمَجْعُولَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الضَّيَاعِ نَاسَبَ تَعْقِيبَهُ أَيْ: الْمَوَاتِ بِالْجُعْلِ [بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ] (قَوْلُهُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَقَوْلُهُ وَأَيْضًا هُوَ الْأَرْضُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَصَّ الْأَوَّلُ بِالْحَيَوَانِ فَيَكُونُ مُغَايِرًا لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا مُنْتَفِعَ بِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِحَسْبِ الْوُجُودِ بِجَامِعِ الْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِ وَالْمَمْلُوكُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفِعًا بِهِ أَمْ لَا فَبَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ تَغَايُرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومِ وَعُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بِحَسْبِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ انْتَهَى كَلَامُ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ طَبْعًا) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْوُجُودِ مُتَقَدِّمٌ فِي التَّعَقُّلِ (قَوْلُهُ فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا لِيَذْكُرَ أَضْدَادَهُ) الْحَاصِلُ أَنَّ بَيْنَ الْمَوَاتِ وَالْإِحْيَاءِ تَضَادًّا فِي الْجُمْلَةِ. (أَقُولُ) فَإِذًا فَمَا الْمُرَجَّحُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَجَّحَ كَوْنُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ بِمَثَابَةِ الْبَسِيطِ وَالثَّانِي بِمَثَابَةِ الْمُرَكَّبِ وَالشَّأْنُ تَقْدِيمُ الْبَسِيطِ عَلَى الْمُرَكَّبِ (قَوْلُهُ بِالِاسْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اسْتَغْنَى وَقَوْلُهُ بِالْجَمْعِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِكَوْنِهَا جَمْعًا. (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ إلَخْ) تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ تَفْجِيرَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ التَّعْمِيرِ وَلَا مِنْ أَجْزَائِهِ بَلْ هِيَ سَبَبٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى) أَيْ بِالْخَفِيِّ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَقَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ هَذَا جَوَابُ لَا يُنْتَفَعُ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ التَّعْرِيفُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَبِالنَّظَرِ لَهُ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ دَاثِرَ الْأَرْضِ مَا هُوَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الدَّاثِرَ هُوَ الَّذِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ مَعْرُوضِ الْإِحْيَاءِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ لَا قِسْمَانِ مِنْهُ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْيَاءَ وَالْإِقْطَاعَ وَالْحِمَى كُلٌّ مِنْهَا مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الِاخْتِصَاصِ فَالِاخْتِصَاصُ تَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ. (قَوْلُهُ أَيْ: الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الْمَوَاتَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا فَلَا يَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ) لَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِالِاخْتِصَاصِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ مَا سَلِمَ مِنْ الْعِمَارَةِ يَكُونُ مَوَاتًا وَلَوْ كَانَ مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْعِمَارَةِ كَبِشَيْءٍ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْمُنْدَرِسَةُ إلَخْ) آفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِمَارَةَ يَحْصُلُ بِهَا الِاخْتِصَاصُ وَلَوْ انْدَرَسَتْ تِلْكَ الْعِمَارَةُ مَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْعِمَارَةُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ بِأَنْ كَانَتْ نَاشِئَةً مِنْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ فَعِنْدَ انْدِرَاسِهَا زَالَ الِاخْتِصَاصُ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى انْدَرَسَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ زَالَ الِاخْتِصَاصُ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ الِانْدِرَاسِ وَلَيْسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ مَوَاتًا وَيَبْطُلُ اخْتِصَاصُ الْمُحْيِي بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ فَفِي الْحَطَّابِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى، وَأَمَّا إنْ أَحْيَاهُ الثَّانِي بِحِدْثَانِ عَوْدِهِ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ عَنْ جَهْلٍ مِنْهُ بِالْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ عِمَارَتِهِ قَائِمَةً لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ كَانَ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَةُ عِمَارَتِهِ مَنْقُوضَةً بَعْدَ يَمِينِ الْأَوَّلِ إنَّ تَرْكَهُ إيَّاهُ لَمْ يَكُنْ إسْلَامًا لَهُ وَإِنَّهُ كَانَ عَلَى نِيَّةِ إعَادَتِهِ انْتَهَى قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلِمَ بِعِمَارَةِ الثَّانِي وَسَكَتَ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. (ص) وَبِحَرِيمِهَا كَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى يَلْحَقُ غُدُوًّا وَرَوَاحًا لِبَلَدٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي حَرِيمِهَا يَرْجِعُ لِلْعِمَارَةِ وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْحَرِيمِ بِنَاءً يَضُرُّ بِأَهْلِ تِلْكَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ إنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ كَالْبَاءِ الْوَاقِعَةِ فِيمَا بَعْدَهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا لِاقْتِضَائِهَا أَنَّ الْحَرِيمَ سَبَبٌ فِي إحْيَاءِ مَا هُوَ حَرِيمٌ لَهُ مِنْ بَلَدٍ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْحَرِيمُ لَيْسَ سَبَبًا لِلِاخْتِصَاصِ بِالْبَلَدِ كَمَا ذَكَرَهُ تت فَقَالَ وَأَشَارَ لِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ أَسْبَابِ الِاخْتِصَاصِ بِقَوْلِهِ وَبِحَرِيمِهَا إلَخْ، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا عَلِمْت فَالْوَاجِبُ جَعْلُهَا لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ: أَنَّ الِاخْتِصَاصَ الثَّابِتَ لِلْبَلَدِ وَغَيْرِهَا يَثْبُتُ لِحَرِيمِهَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَبِحَرِيمِهَا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يُفِيدُهُ الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ وَإِذَا حَصَلَ الْإِحْيَاءُ فِي الْأَرْضِ بِعِمَارَةٍ ثَبَتَ الِاخْتِصَاصُ فِيهَا وَفِي حَرِيمِهَا وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَا قَوْلُ الْجَوَاهِرِ وَالِاخْتِصَاصُ أَنْوَاعٌ الْأَوَّلُ الْعِمَارَةُ إلَى أَنْ قَالَ النَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ حَرِيمَ عِمَارَةٍ فَيَخْتَصَّ بِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ وَلَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ اهـ. وَالضَّمِيرُ فِي أَنْ يَكُونَ لِلِاخْتِصَاصِ بِمَعْنَى الْمُخْتَصِّ بِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَالْمُحْتَطَبُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ الْحَطَبُ وَكَذَا مَرْعًى اسْمٌ لِمَكَانِ الرَّعْيِ وَقَوْلُهُ لِبَلَدٍ حَالٌ مِنْ الْمُحْتَطَبِ وَالْمَرْعَى وَكَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَذَلِكَ كَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى يُلْحَقُ كُلٌّ غُدُوًّا وَرَوَاحًا أَيْ: ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي يَوْمٍ مَعَ قَضَاءِ مَصَالِحِهِ كَالِانْتِفَاعِ بِالْحَطَبِ مِنْ طَبْخٍ وَنَحْوِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِالدَّوَابِّ مِنْ الْحَلْبِ وَالطَّبْخِ وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا مُجَرَّدُ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ أَيْ: يَلْحَقُ غُدُوًّا وَرَوَاحًا لِتَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ أَيْ: رُجُوعِ آخِرِ النَّهَارِ وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ النَّهَارِ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَبِآخِرِهِ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ. (ص) وَمَا لَا يَضِيقُ عَلَى وَارِدٍ (ش) يُشِيرُ بِهِ إلَى حَرِيمِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ   [حاشية العدوي] كَذَلِكَ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي دَثَرَ إنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ إحْيَاءٍ فَإِنَّهُ يَزُولُ مِلْكُ بَانِيهِ عَنْهُ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بَعْدَ انْدِرَاسِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يُحْيِيَهُ شَخْصٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ الطُّولِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ شِرَاءٍ مِمَّنْ أَحْيَاهُ أَوْ قَبِلَهُ مِنْ وَاهِبٍ أَوْ مُتَصَدِّقٍ وَبَنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ بَانِيهِ عَنْهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الِانْدِرَاسِ وَلَوْ أَحْيَاهَا آخَرُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِحْيَائِهِ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ مَوَاتًا، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ لِلْمُلَابَسَةِ عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلِاخْتِصَاصِ فَيَرْجِعُ حَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ مُلْتَبِسٌ بِعِمَارَةٍ أَيْ: بِنَاءٍ إذَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ شِرَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ لَا إنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ إحْيَاءٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْإِحْيَاءَ لَمْ يَكُنْ بِالْعِمَارَةِ بَلْ الْإِحْيَاءُ حَصَلَ بِشَيْءٍ آخَرَ وَالْعِمَارَةُ نَاشِئَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَنُسْخَةُ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى إذَا انْدَرَسَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ مَلَكَهَا مِنْ مَوَاتٍ بِإِحْيَاءٍ أَوْ إقْطَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مَوَاتًا فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْمُنْدَرِسَةُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ مَوَاتًا وَتَبْطُلُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْأُولَى نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَحْيَاهُ الثَّانِي) وَلَيْسَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إشَارَةً إلَى الْإِحْيَاءِ الْوَاقِعِ مِنْ الثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِإِحْيَاءٍ أَيْ: مَا لَمْ تَكُنْ الْعِمَارَةُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ. (قَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لَهُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَمُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى (قَوْلُهُ كَالْبَاءِ الْوَاقِعَةِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ أَيْ: أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ فِيمَا قَبْلَهَا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِعِمَارَةٍ وَمَا بَعْدَهَا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَبِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاءَ فِي بِعِمَارَةٍ لَيْسَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَإِنْ جَعَلْتَهُ تَشْبِيهًا فِي النَّفْيِ صَحَّ فِي قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ وَفَسَدَ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِإِقْطَاعٍ إلَخْ لِلسَّبَبِيَّةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ لَيْسَ سَبَبًا إلَخْ) أَيْ: بَلْ هُوَ مُسَبَّبٌ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْبَلَدِ. (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ إلَخْ) نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَيْ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ الْمَنْظُورُ فِيهِ لِجَانِبِ الْمَعْنَى فَنَنْتَقِلُ لِحَلِّ الْإِعْرَابِ فَنَقُولُ فَقَوْلُهُ وَبِحَرِيمِهَا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ حَيْثُ قَالَ وَالِاخْتِصَاصُ كَائِنٌ بِعِمَارَةٍ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَا) الدَّلَالَةُ مِنْ قَوْلِهِ يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ) أَيْ: إذَا أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُحْيِيَهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ يُلْحَقُ كُلٌّ غُدُوًّا وَرَوَاحًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُلْحَقُ كُلٌّ مِنْ الْمُحْتَطَبِ وَالْمَرْعَى فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا يُلْحَقَانِ فِي الْغُدُوِّ فَقَطْ فَقَوْلُهُ وَرَوَاحًا مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَيَرْجِعُ مِنْهُ رَوَاحًا أَيَفِي وَقْتُ الرَّوَاحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَكُونُ فِي وَقْتِ الرَّوَاحِ إنَّمَا هُوَ رُجُوعُهَا مِنْ الْمَرْعَى لِمَنْزِلِهَا ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْخُرُوجُ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ، وَوَقْتُ الرُّجُوعِ يَخْتَلِفُ أَيْضًا وَقَدْ يُقِيلُونَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ وَقَدْ لَا يُقِيلُونَ فَيُعْتَبَرُ الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُحْتَطَبُ أَبْعَدَ مِنْ الْمَرْعَى وَعَكْسَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَرِيمَ أَبْعَدُهُمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ مِنْ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَطْلُوبِ وَمِنْ لِلتَّعْدِيَةِ لَا لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَمَا لَا يَضِيقُ) عَطْفٌ عَلَى كَمُحْتَطَبٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 يَعْنِي أَنَّ الَّذِي لَا يَضِيقُ عَلَى وَارِدٍ هُوَ حَدُّ حَرِيمِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ، وَأَمَّا بِئْرُ الزِّرَاعَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَأَشَارَ إلَى حَرِيمِهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَضُرُّ بِمَاءِ الْبِئْرِ (ش) فَاَلَّذِي لَا يَضُرُّ بِمَاءِ بِئْرِ الزِّرَاعَةِ هُوَ حَدُّ حَرِيمِهَا فَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَخْصُوصٌ يُقَاسُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ أَمَّا الْبِئْرُ فَلَيْسَ لَهَا حَرِيمٌ مَحْدُودٌ لِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ بِالرَّخَاءِ وَالصَّلَابَةِ وَلَكِنَّ حَرِيمَهَا مَا لَا ضَرَرَ مَعَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ مِقْدَارُ مَا لَا يَضُرُّ بِمَائِهَا وَلَا يَضِيقُ مُنَاخُ إبِلِهَا وَلَا مَرَابِضِ مَوَاشِيهَا عِنْدَ الْوُرُودِ وَلِأَهْلِ الْبِئْرِ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ أَوْ يَبْنِيَ بِئْرًا فِي ذَلِكَ الْحَرِيمِ فَعَلَى نُسْخَةٍ وَمَا لَا يَضِيقُ وَلَا يَضُرُّ بِنَفْيِ الْفِعْلَيْنِ يَكُونُ بَيَانًا لِحَدِّ الْحَرِيمِ أَيْ مُنْتَهَى حَدِّ الْبِئْرِ إلَى مَا لَا يَضِيقُ عَلَى وَارِدٍ وَلَا يَضُرُّ بِمَاءٍ وَعَلَى نُسْخَةٍ وَمَا لَا يَضِيقُ وَيَضُرُّ بِنَفْيِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَاثِبَاتِ الثَّانِي يَكُونُ بَيَانًا لِلْحَرِيمِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ النُّسْخَتَيْنِ. (ص) وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِنَخْلَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَرِيمَ النَّخْلَةِ هُوَ قَدْرُ مَا يُرَى فِيهِ مَصْلَحَتُهَا وَهَذَا بَيَانٌ لِحَرِيمِهَا وَمَا قَبْلَهُ عَلَى نُسْخَةٍ مَا لَا يَضِيقُ غَايَةٌ لِلْحَرِيمِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِهِ عَلَى نُسْخَةٍ وَمَا يَضِيقُ بِدُونِ لَا فَإِنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِمَا هُنَا وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِلنَّخْلَةِ وَلَوْ قَالَ لِشَجَرَةٍ كَانَ أَشْمَلَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ النَّخْلَةَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ إنَّمَا وَرَدَ فِيهَا فَذَكَرَهَا تَبَرُّكًا. (ص) وَمَطْرَحِ تُرَابٍ وَمَصَبِّ مِيزَابٍ لِدَارٍ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى حَرِيمِ الدَّارِ الْمَحْفُوفَةِ بِالْمَوَاتِ وَهُوَ أَنَّ حَرِيمَهَا مَا يَرْتَفِقُ بِهِ أَهْلُهَا مِنْ مَكَان يُطْرَحُ فِيهِ تُرَابُهَا وَيَسِيلُ فِيهِ مَاءُ مَيَازِيبِهَا وَلَوْ قَالَ كَمِيزَابٍ لِيَشْمَلَ مَصَبَّ الْمِرْحَاضِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (ص) وَلَا تَخْتَصُّ مَحْفُوفَةٌ بِالْأَمْلَاكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمَحْفُوفَةَ بِالْأَمْلَاكِ لَيْسَ لَهَا حَرِيمٌ خَاصٌّ بِهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السُّكَّانِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْحَرِيمِ الَّذِي بِإِزَاءِ دَارِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِجِيرَانِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ فَقَوْلُهُ وَلَا تَخْتَصُّ أَيْ: اخْتِصَاصًا يَمْنَعُ مِنْ انْتِفَاعِ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ مَحْفُوفَةٌ فَاعِلُ تَخْتَصُّ وَقَوْلُهُ بِأَمْلَاكٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَمُتَعَلِّقُ تَخْتَصُّ مَحْذُوفٌ أَيْ وَلَا تَخْتَصُّ الْمَحْفُوفَةُ بِالْأَمْلَاكِ بِحَرِيمٍ خَاصٍّ وَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْجِيرَانِ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا صُرِّحَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَلِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ (ش) لِأَجْلِ الْقَيْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ) وَلَا تَنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. (ص) وَبِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ هُوَ حَدُّ حَرِيمِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ: نِهَايَةُ حَرِيمِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ (أَقُولُ) وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَدَاخِلٌ مَا لَا يَضِيقُ فَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِئْرُ الزِّرَاعَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا) أَيْ: مَاءُ بِئْرِ السَّقْيِ لِلنَّخْلِ أَوْ لِلشِّرْبِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّ مَا لَا يَضُرُّ بِمَاءِ الْبِئْرِ لَيْسَ شَامِلًا لِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ الضَّرَرِ بِالْمَاءِ حَرِيمٌ لِكُلِّ بِئْرٍ وَتُزَادُ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ مَا لَا يَضِيقُ عَلَى الْوَارِدِ لَهَا فَقَوْلُ تت الْأَوَّلُ فِي بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِهَا فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي لَا يَضُرُّ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَدَاخِلٌ الَّذِي إلَخْ. (قَوْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ حَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَاَلَّذِي اُبْتُدِئَ عَمَلُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَعَكَسَ ذَلِكَ أَبُو مُصْعَبٍ وَزَادَ وَحَرِيمُ بِئْرِ الزَّرْعِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَحَرِيمُ النَّهْرِ مَا لَا يَضُرُّ أَيْضًا بِمَنْ يَرِدُهُ وَقِيلَ حَرِيمُ النَّهْرِ أَلْفَا ذِرَاعٍ. (قَوْلُهُ أَمَّا الْبِئْرُ) أَيْ: الشَّامِلُ لِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَضُرُّ بِمَاءٍ لِبِئْرٍ جَارٍ فِي كُلِّ بِئْرٍ وَلَوْ لِمَاشِيَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يَضُرُّ بِمَائِهَا عَامٌّ فِي بِئْرِ الزِّرَاعَةِ وَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَيُزَادُ فِي بِئْرِ الْمَاشِيَةِ مَا لَا يَضِيقُ عَلَى الْوَارِدِ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ حَرِيمَهَا مَا لَا ضَرَرَ مَعَهُ عَلَيْهَا) أَيْ: مَدْخُولَهُ مَا لَا ضَرَرَ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مِقْدَارُ مَا لَا يَضُرُّ أَيْ: مَدْخُولُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ يَبْنِيَ) بِأَنْ تَكُونَ مَحْفُورَةً مِنْ قَبْلُ وَلَا مَالِكَ لَهَا فَيُرِيدُ إنْسَانٌ إحْيَاءَهَا بِبِنَائِهَا (قَوْلُهُ أَيْ: مُنْتَهَى حَدِّ الْبِئْرِ) أَيْ: حَدُّ حَرِيمِ الْبِئْرِ وَقَوْلُهُ إلَى مَا لَا يَضِيقُ الْغَايَةُ خَارِجَةٌ. (قَوْلُهُ يَكُونُ بَيَانًا لِلْحَرِيمِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ مُضِرٌّ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَمَا لَا يَضِيقُ، وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ خِلَافَهُ وَهُوَ أَنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ وَمَا يَضِيقُ وَيَضُرُّ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ إنَّمَا وَرَدَ فِيهَا) وَهُوَ حَرِيمُ النَّخْلِ مَدُّ جَرِيدِهَا أَوْ كَمَا قَالَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ عب. (قَوْلُهُ وَمَصَبِّ مِيزَابٍ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ كَمِرْحَاضٍ وَيُرَاعَى الْعُرْفُ فِي طَرْحِ التُّرَابِ لَا مَا نَدَرَ (قَوْلُهُ وَلَا تَخْتَصُّ مَحْفُوفَةٌ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهَا أَقْدَمَ مِنْ بَعْضٍ فِي إحْيَاءٍ وَإِلَّا قُدِّمَ حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ حَرِيمٌ قَبْلَ غَيْرِهِ أَيْ: فَصُورَتُهَا مَا إذَا جَاءَ جَمَاعَةٌ فِي مَحَلِّ مَوَاتٍ وَبَنَوْا دَفْعَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ بِحَرِيمٍ خَاصٍّ) الْأَوْلَى حَذْفُ خَاصٍّ وَيَقُولُ إنَّ الْمَحْفُوفَةَ بِالْأَمْلَاكِ لَا تَخْتَصُّ بِالْحَرِيمِ أَيْ: بِحَيْثُ تَكُونُ الْعَرْصَةُ بَيْنَ الدُّورِ خَاصَّةً بِدَارٍ بَلْ لِكُلٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا كَانَ بِإِزَاءِ دَارِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِجِيرَانِهِ بِطَرْحِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مَثَلًا أَوْ يَخْرُجُ عَمَّا كَانَ بِإِزَاءِ دَارِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا تَنَاقُضَ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نَفْيَ الْأَخَصِّ) أَيْ: الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ نَفْيَ الْأَعَمِّ أَيْ الْعَامِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَاصَّ هُنَا كَوْنُ الْعَرْصَةِ كُلِّهَا حَرِيمًا لِدَارٍ مِنْ الدُّورِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُ مُطْلَقِ الْحَرِيمِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ حَرِيمٌ وَهُوَ مَا كَانَ بِإِزَاءِ دَارِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِنَاءَ الدَّارِ هُوَ مَا بَيْنَ يَدَيْ بِنَائِهَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَمْ لَا فَاضِلًا عَنْ مَمَرِّ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ غَالِبًا، وَلِمَالِكِ الدَّارِ أَنْ يُكْرِيَهُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ أَدْخَلَهُ دَارِهِ وَهُوَ مُضِرٌّ بِالطَّرِيقِ هُدِمَ وَإِلَّا فَالْقَائِلُونَ بِالْهَدْمِ أَكْثَرُ وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِهِ قَوْلُهُمْ أَظْهَرُ انْتَهَى الْبَدْرُ ثُمَّ نَقَلَ الْبَدْرُ عَنْ سَحْنُونَ وَأَصْبَغَ وَمُطَرَّفٍ أَنَّ الْبَحْرَ إذَا انْكَشَفَ عَنْ أَرْضٍ وَانْتَقَلَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانَ الْبَحْرُ لَا لِمَنْ يَلِيهِ وَلَا لِمَنْ دَخَلَ الْبَحْرُ أَرْضَهُ. وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لِمَنْ يَلِيهِ وَعَلَيْهِ حَمْدِيسٌ وَالْقَضَاءُ وَالْفُتْيَا عَلَى خِلَافِ سَحْنُونَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 (ش) الْإِقْطَاعُ مَصْدَرُ قَوْلِك أَقْطَعَهُ إذَا مَلَّكَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ قَالَ بَعْضٌ وَالْإِقْطَاعُ يَكُونُ تَمْلِيكًا وَغَيْرَ تَمْلِيكٍ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَمْلِيكُ الْإِمَامِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ الْحَبْسِ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ يَكُونُ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ لِأَحَدٍ فَيَمْلِكُهُ فَيَبِيعُهُ وَيَهَبُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْفَيَافِيِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ الْعُمْرَانِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَيْسَ الْإِقْطَاعُ مِنْ الْإِحْيَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ فَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ انْتَهَى. وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ الْحَاصِلَ فِي شَيْءٍ بِالْإِحْيَاءِ لَا يُوجِبُ مِلْكَهُ لَهُ أَيْ: دَائِمًا وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي حَرِيمِ الْبَلَدِ مِنْ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِي إحْيَائِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَيْسَ أَيْ: الْإِقْطَاعُ مِنْ الْإِحْيَاءِ تَوَرُّكًا عَلَى الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ تَحْدِيدِ وُجُوهِ الِاخْتِصَاصَاتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِإِحْيَاءٍ أَمْ لَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إقْطَاعَ الْإِمَامِ يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَسَائِرِ الْعَطَايَا وَلَوْ أَقْطَعَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ كُلَّ عَامٍ كَذَا عَمِلَ بِهِ. (ص) وَلَا يُقْطَعُ مَعْمُورُ الْعَنْوَةِ مِلْكًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي أُخِذَتْ عَنْوَةً كَمِصْرِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ كَمَا مَرَّ فِي الْجِهَادِ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ مَعْمُورَهَا لِأَحَدٍ مِلْكًا بَلْ إمْتَاعًا وَالْمُرَادُ بِالْمَعْمُورِ الْأَرْضُ الَّتِي تُزْرَعُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْمَعْمُورِ مَا صَلَحَ لِزِرَاعَةِ الْبُرِّ وَنَحْوِهِ وَعَقَارُ الْكُفَّارِ، وَأَمَّا مَا لَا يَصْلُحُ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ وَلَيْسَ مِنْ عَقَارِ الْكُفَّارِ فَهُوَ مِنْ الْمَوَاتِ وَإِنْ صَلَحَ لِغَرْسِ الشَّجَرِ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ الْمَعْمُورُ مِلْكًا؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ يَكُونُ وَقْفًا، وَأَمَّا مَعْمُورُ غَيْرِ الْعَنْوَةِ فَيَقْطَعُهُ مِلْكًا وَإِمْتَاعًا ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَثْنَى مِمَّا عَدَا مَعْمُورَ الْعَنْوَةِ أَرْضِ الصُّلْحِ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ مَعْمُورَهَا وَلَا مَوَاتَهَا مِلْكًا وَلَا إمْتَاعًا فَفِي مَفْهُومِ الْعَنْوَةِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ. (ص) وَبِحِمَى إمَامٍ مُحْتَاجًا إلَيْهِ قَلَّ مِنْ بَلَدٍ عَفَا لِكَغَزْوٍ (ش) هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ أَنْوَاعِ الِاخْتِصَاصِ يَعْنِي أَنَّ الِاخْتِصَاصَ يَكُونُ بِحِمَى الْإِمَامِ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَيْ: دَعَتْ حَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ لِأَجْلِ نَفْعِهِمْ فَلَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ وَلَا لِأَحَدٍ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَحْمِيُّ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يَضِيقُ عَلَى النَّاسِ بِأَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ مَنَافِعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَحْمِيُّ لَا بِنَاءَ فِيهِ وَلَا غَرْسَ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِغَزْوٍ وَنَحْوِهِ مِثْلَ مَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ وَدَوَابِّ الْفُقَرَاءِ فَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ الْأَرْضُ، وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا مُذَكَّرًا بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الْبَلَدِ وَقَوْلُهُ وَبِحِمَى إمَامٍ أَيْ: أَوْ نَائِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِهِ بِخِلَافِ الْإِقْطَاعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ النَّائِبُ بِشَرْطِ إذْنِ الْإِمَامِ لَهُ فِي خُصُوصِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ مَنْ يَقْطَعُهُ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْطَاعَ يَحْصُلُ بِهِ التَّمْلِيكُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنٍ بِهِ بِخِلَافِ الْحِمَى وَالْحِمَى بِالْقَصْرِ لَيْسَ إلَّا كَمَا فِي الْمَشَارِقِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ إذَا مَلَكَهُ) هَذَا يُوَافِقُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ مُوَافِقًا لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ تَمْلِيكًا) أَيْ: لِذَاتٍ وَقَوْلُهُ غَيْرَ تَمْلِيكٍ أَيْ: لِذَاتٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِمَنْفَعَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَشَرْعًا أَنَّ هَذَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَأَنَّ هَذَا الْبَعْضَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالظَّاهِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ الْحَبْسِ) لَمْ يُوجَدْ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ لَفْظَةُ حَبْسٍ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَعْنَى مِنْ الْأَرْضِ الْحَبْسِ أَيْ: مَوَاتِهَا، وَأَمَّا أَرْضُ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَقْطَعُهَا الْإِمَامُ مِلْكًا بَلْ إمْتَاعًا إلَّا أَنَّك بَعْدَ أَنْ عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّكَلُّفِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْفَيَافِيِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ) أَوْ فِي حَرِيمِ قَرْيَةٍ مِنْ الْعُمْرَانِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يُوجِبُ مِلْكَهُ) أَيْ: دَائِمًا (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ إلَخْ) أَقُولُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِي إحْيَائِهِ أَيْ: إحْيَاءِ الْقَرِيبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ لَا يَمْلِكُونَ الْقَرِيبَ دَائِمًا؛ إذْ لَوْ كَانُوا يَمْلِكُونَهُ دَائِمًا لَمَا تَأَتَّى لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِي إحْيَائِهِ لِشَخْصٍ وَبَعْدَ هَذَا التَّوْجِيهِ فَنَقُولُ لَك إنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ فِي يَدِهِ وَلِلْإِمَامِ نَزْعُهُ مِنْهُ بِدَلِيلِ احْتِجَاجِهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتًا فَهِيَ لَهُ» هَذَا حَدِيثٌ يُؤْثَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْعِلْمِ مَا عَلِمْت بَيْنَهُمْ اخْتِلَافًا أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِلْكُهُ بِمَا مَلَّكَهُ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَبِذَلِكَ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ حَرِيمَ الْبَلَدِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ إحْيَاءٌ انْتَهَى. وَهُوَ كَلَامٌ حَقٌّ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَيْ دَائِمًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بَلْ يَنْتَهِي الْمِلْكُ فِيهِ بِانْدِرَاسِهِ مَعَ طُولٍ مَعَ إحْيَائِهِ ثَانِيًا مِنْ شَخْصٍ آخَرَ انْتَهَى وَهُوَ غَيْرُ جَيِّدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَيَدُلُّ لَهُ إلَخْ يَرُدُّهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بَلْ إمْتَاعًا) وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ إمْتَاعًا فَقَطْ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ وَعَقَارُ الْكُفَّارِ) عَطْفٌ عَلَى مَا أَيْ: الْمُرَادُ بِالْمَعْمُورِ شَيْئَانِ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ وَعَقَارُ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْمَوَاتِ) أَيْ: فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ مِلْكًا وَإِمْتَاعًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَعْمُورُ غَيْرِ الْعَنْوَةِ) أَيْ: كَأَرْضٍ تَرَكَهَا أَهْلُهَا وَخَرَجُوا مِنْهَا كَمَا أَفَادَهُ شب (قَوْلُهُ وَبِحِمَى إمَامٍ) الْمُرَادُ الْمَنْعُ مِنْ رَعْيِ كَلَأِ مَكَان لِتَتَوَفَّرَ لِدَوَابَّ مَخْصُوصَةٍ (قَوْلُهُ مُحْتَاجًا) مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ وَهُوَ حِمًى (قَوْلُهُ مِنْ بَلَدٍ) الْمُرَادُ بِالْبَلَدِ الْأَرْضُ وَلَوْ قَالَ مِنْ مَحَلٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ) أَيْ: لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمَحْمِيُّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَفَا لَيْسَ نَعْتًا لِبَلَدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلْمَحْمِيِّ مِنْ الْأَرْضِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ قَدْ عَفَا مِنْ بَلَدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْقَامُوسِ جَوَازُ الْمَدِّ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَحْمِيِّ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُبَاحِ وَتَثْنِيَتُهُ حِمَيَانِ وَحَكَى الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ سُمِعَ فِي تَثْنِيَتِهِ حَمَوَانِ بِالْوَاوِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَائِيٌّ وَأَصْلُ الْحِمَى عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّ الرَّئِيسَ مِنْهُمْ كَانَ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا مُخَصَّبًا اسْتَعْوَى كَلْبًا عَلَى مَكَان عَالٍ فَحَيْثُ انْتَهَى صَوْتُهُ حَمَاهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَلَا يَرْعَى فِيهِ غَيْرُهُ وَيَرْعَى هُوَ مَعَ غَيْرِهِ فِيمَا سِوَاهُ، وَأَمَّا الْحِمَى الشَّرْعِيُّ فَهُوَ أَنْ يَحْمِيَ الْإِمَامُ مَوْضِعًا لَا يَقَعُ بِهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. (ص) وَافْتَقَرَ لِإِذْنٍ وَإِنْ مُسْلِمًا إنْ قَرُبَ وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ إمْضَاؤُهُ أَوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِ الْبَعِيدِ وَلَوْ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (ش) فَاعِلُ افْتَقَرَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُحْيِي أَوْ عَلَى الْمَوَاتِ أَوْ عَلَى الْإِحْيَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْيِيَ الْمُسْلِمَ يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْإِحْيَاءُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَالْمَنْصُوصُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْيَاءُ فِيهِ وَلَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فَإِنْ تَعَدَّى الْمُسْلِمُ وَأَحْيَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ فَيُخَيَّرُ فِيهِ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا فَيُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا بَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ مَقْلُوعًا وَيُثْبِتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ يُعْطِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ أَصْلَهُ مُبَاحٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقَعُ الْإِحْيَاءُ فِيهِ بَعِيدًا مِنْ الْعُمْرَانِ فَإِنَّ الْمُحْيِيَ لَا يَفْتَقِرُ فِي إحْيَائِهِ فِيهِ لِإِذْنٍ وَلَوْ كَافِرًا حَيْثُ كَانَ الْمَوْضِعُ الْمُحْيَا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الْمُتَقَدِّمِ تَفْسِيرُهَا فِي بَابِ الْجِزْيَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» فِي رِوَايَةِ عِيسَى هِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ وَمَا وَالَاهَا قَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَزْرِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْجَزَّارُ لِقَطْعِهِ الْحَيَوَانَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْ وَسَطِهَا إلَى أَجْنَابِهَا؛ لِأَنَّ الْبَحْرَ مُحِيطٌ بِهَا مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ الْمَغْرِبُ وَالْجَنُوبُ وَالْمَشْرِقُ فَفِي مَغْرِبِهَا جَدَّةُ وَالْقُلْزُمُ وَفِي جَنُوبِهَا بَحْرُ الْهِنْدِ وَفِي مَشْرِقِهَا خَلِيجُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ وَالْبَصْرَةُ وَأَرْضُ فَارِسٍ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَافْتَقَرَ رَجَّعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ لِلْمَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَلَمْ يُرَجِّعْهُ لِلْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَذْكُورًا وَأَمَّا الْإِحْيَاءُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِإِحْيَاءٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مُخْرَجٌ وَجَعَلَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: إحْيَاءِ الْمَوَاتِ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلْإِحْيَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ مُسْلِمًا يَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُحْيِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ فِي الْقَرِيبِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. وَلِمَا قُدِّمَ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الِاخْتِصَاصِ الْإِحْيَاءَ وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِأَحَدَ عَشَرَةَ أُمُورٌ مِنْهَا سَبْعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْمُؤَلِّفِ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَمِيعَهَا عَاطِفًا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعَةِ مَجْرُورٌ بِالْبَاءِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا فَهُوَ مَعَ مَا قَبْلَهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا مُخْرِجًا لَهَا بِلَا فَقَالَ (ص) وَالْإِحْيَاءُ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ وَبِإِخْرَاجِهِ وَبِبِنَاءٍ وَبِغَرْسٍ وَبِحَرْثٍ وَتَحْرِيكِ أَرْضٍ وَبِقَطْعِ شَجَرِهَا وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَتِهَا لَا بِتَحْوِيطٍ وَرَعْيِ كَلَإٍ وَحَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا فَجَّرَ الْمَاءَ أَيْ بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إحْيَاءً لِلْبِئْرِ وَلِلْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِإِخْرَاجِ الْمَاءِ أَيْ: إزَالَتِهِ عَنْهَا لَا بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَهُوَ مَا قَبْلَهُ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ تَفْجِيرُ مَاءٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِبِنَاءٍ فِيهَا، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِغَرْسٍ فِيهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ أَمْ لَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اشْتِرَاطُ الْعَظَمَةِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِحَرْثِ الْأَرْضِ مَعَ تَحْرِيكِهَا وَالْحَرْثُ الشَّقُّ وَالتَّحْرِيكُ التَّقْلِيبُ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَغْنَ بِالتَّحْرِيكِ عَنْ الْحَرْثِ وَإِنْ كَانَ التَّحْرِيكُ أَعَمَّ؛ لِأَنَّ الْحَرْثَ هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ فَنُصَّ عَلَى التَّحْرِيكِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْحَرْثِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّحْرِيكِ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَاتِهِمْ وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْتَضِي أَنَّ الزَّرْعَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِ أَرْضٍ لَا يَكُونُ إحْيَاءً وَإِنْ اخْتَصَّ بِهِ صَاحِبُهُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِقَطْعِ شَجَرِ الْأَرْضِ وَلَوْ قَالَ وَبِإِزَالَةِ شَجَرٍ لَكَانَ أَشْمَلَ لِيَشْمَلَ حَرْقَهُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِكَسْرِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَحْمِيِّ فَهُوَ مَصْدَرٌ) كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَقَدْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ مُحْتَاجًا مَفْعُولًا لَهُ فَجَعْلُ مُحْتَاجًا مَفْعُولًا لِحِمًى يَقْتَضِي أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ حَمَاهُ يَحْمِيهِ حِمَايَةً دَفَعَ عَنْهُ فَجُعِلَ الْمَصْدَرُ حِمَايَةً لَا حِمًى. (قَوْلُهُ يَعُودُ عَلَى الْمُحْيِي) وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِاعْتِبَارِ إحْيَائِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ) حَدُّ الْقَرِيبِ مَا تَلْحَقُهُ الْمَاشِيَةُ بِالرَّعْيِ فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا وَهُوَ مَسْرَحٌ وَمُحْتَطَبٌ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى الْيَوْمِ وَمَا قَارَبَهُ وَمَا لَا تُدْرِكُهُ الْمَوَاشِي فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا فَهُوَ فِي الْبَعِيدِ (قَوْلُهُ جُدَّةُ) بِالضَّمِّ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ: بَحْرُ جُدَّةَ وَالْقُلْزُمَ وَهُوَ بَحْرٌ وَاحِدٌ الْمُسَمَّى بِبَحْرِ السُّوَيْسِ (قَوْلُهُ عُمَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ: مَعَ التَّنْوِينِ، وَأَمَّا عَمَّانُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَهِيَ قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الشَّامِ (قَوْلُهُ وَالْبَحْرَيْنِ) اسْمُ بَلَدٍ (قَوْلُهُ بِأَحَدِ عَشَرَةِ أُمُورٍ) أَيْ: بِوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أُمُورٍ (قَوْلُهُ بِغَيْرِهَا) أَيْ: بِغَيْرِ مُصَاحَبَةِ الْبَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عُطِفَ بِغَيْرِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ حَفَرَ بِئْرًا مَثَلًا) أَيْ: أَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِحْيَاءَ هُوَ تَفْجِيرُ مَاءٍ وَمَا عَطْفٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ تَعْمِيرُ دَاثِرِ الْأَرْضِ وَهَذِهِ جُزْئِيَّاتٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ اشْتِرَاطُ الْعَظَمَةِ) كَذَا فِي غَيْرِهِ أَقُولُ سُكُوتُهُمْ عَنْ كَوْنِ ظَاهِرِ الْمُصَنَّفِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَةِ الْجَوَاهِرِ يُؤْذِنُ بِعَدَمِ ارْتِضَاءِ ذَلِكَ الْقَيْدِ أَوْ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ مَعَ تَحْرِيكِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ الْحَرْثَ غَيْرُ التَّحْرِيكِ وَهُوَ مُفَادُ عب فَإِنَّهُ جَعَلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 أَحْجَارِ الْأَرْضِ مَعَ تَسْوِيَةِ حُرُوفِهَا وَتَعْدِيلِ أَرَاضِيِهَا، وَأَمَّا تَحْوِيطُ الْأَرْضِ وَيُسَمَّى بِالتَّحْجِيرِ وَرَعْيِ كَلَئِهَا وَإِزَالَةِ الشَّوْكِ وَنَحْوِهِ عَنْهَا وَحَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ فِيهَا لَا يَكُونُ إحْيَاءً لِلْأَرْضِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا ذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ فُعِلَ فِي الْأَرْضِ هَذِهِ الْأُمُورُ جَمِيعُهَا هَلْ يَكُونُ إحْيَاءً لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءً أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُهَا كَذَلِكَ لِقُوَّةِ الْهَيْئَةِ الْمُجْتَمِعَةِ عَنْ حَالَةِ الِانْفِرَادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَمْ لَا. (ص) وَجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْكُنَ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ تَجَرُّدِهِ لِلْعِبَادَةِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ وَتَعَلُّمِهِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ الْغَيْرُ الْمُتَجَرِّدِ لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْمَسْجِدِ عَمَّا حُبِسَ لَهُ وَصَرَّحَ بَعْضٌ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ عَدَمِ التَّجَرُّدِ وَبِالْحُرْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ تَجَرَّدَتْ لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهَا تَحِيضُ وَلِأَنَّهَا قَدْ يَشْتَهِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَتَنْقَلِبُ الْعِبَادَةُ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ سَاقِطَةٍ لَهَا لَاقِطَةٌ. (ص) وَعَقْدُ نِكَاحٍ وَقَضَاءُ دَيْنٍ وَقَتْلُ عَقْرَبٍ وَنَوْمٌ بِقَائِلَةٍ وَتَضْيِيفٌ بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ وَإِنَاءٌ لِبَوْلٍ إنْ خَافَ سَبْعًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ أَيْ: مُجَرَّدُ إيجَابٍ وَقَبُولٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ قَضَاءُ الدَّيْنِ الشَّرْعِيِّ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّجْرِ وَالصَّرْفِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ فِي الْمَسْجِدِ أَرَادَتْهُ أَمْ لَا وَمِثْلُهَا الْفَأْرُ وَالثُّعْبَانُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ النَّوْمُ فِي الْقَائِلَةِ لِلْمُسَافِرِ وَلِلْمُقِيمِ فِي مَسْجِدِ الْبَادِيَةِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُنْزِلَ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي بِالْبَادِيَةِ الضِّيفَانَ وَيُطْعِمَهُمْ الطَّعَامَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ شَأْنُ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُرَبَاءَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَأْوًى يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْوُوا إلَى الْمَسَاجِدِ وَيَبِيتُوا فِيهَا وَيَأْكُلُونَ فِيهَا مَا أَشْبَهَ التَّمْرَ مِنْ الطَّعَامِ الْجَافِّ. اهـ. فَقَوْلُهُ بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ رَاجِعٌ لَهُمَا وَيُجْعَلُ الْمَاءُ الْعَذْبُ فِي الْمَسَاجِدِ وَكَانَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ الْتَجَأَ إلَى الْمَبِيتِ بِالْمَسْجِدِ أَنْ يَتَّخِذَ إنَاءً يَبُولُ أَوْ يَتَغَوَّطُ فِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْهُ فِي اللَّيْلِ لِأَجْلِ الْبَوْلِ أَوْ غَيْرِهِ يَفْتَرِسُهُ الْأَسَدُ أَوْ غَيْرُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَبْقًا قَبْلَ خُرُوجِهِ أَيْ: بِالْقَافِ بَدَلَ الْعَيْنِ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ حُرْمَةِ الْمُكْثِ بِالنَّجِسِ فِي الْمَسْجِدِ لِلضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنَاءُ مِمَّا يُرَشِّحُ كَالْفَخَّارِ   [حاشية العدوي] أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا فِعْلُهُمَا مَعًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنَّفِ وَإِلَّا لَأَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى تَحْرِيكِ أَرْضٍ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَغْنَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ مُفَادُ شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ: وَتَحْرِيكُ أَرْضٍ هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ إذْ حَقِيقَةُ الْحَرْثِ تَحْرِيكُ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَرْثِ حَقِيقَتَهُ وَهُوَ كَوْنُهُ بِالْآلَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ وَهُوَ التَّحْرِيكُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيكَ يَشْمَلُ الْحَرْثَ وَالزَّرْعَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ تَنَاقَضَتْ فِيهِ الْعِبَارَةُ. (قَوْلُهُ حُرُوفِهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْوَاقِعُ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ حُزُونِهَا بِالزَّايِ وَالنُّونِ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ إحْيَاءً لِلْأَرْضِ) أَيْ: مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ فَإِنْ بَيَّنَهَا فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِحَفْرِهَا الْإِحْيَاءُ وَمِثْلُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ بِئْرُ السِّقَايَةِ بِأَنْ حَفَرَهَا لِشُرْبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إلَخْ) وَكَذَا التَّنْظِيرُ فِي اثْنَيْنِ مِنْهَا وَقَدْ يُقَالُ حُكْمُهُمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لَا يُفِيدُ الْإِحْيَاءَ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ اثْنَيْنِ يَكُونُ بِهِ الْإِحْيَاءُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ سَاقِطَةٍ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَلَوْ مُسِنَّةً (قَوْلُهُ أَيْ: مُجَرَّدُ إيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شُرُوطٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ بِكَثِيرِ كَلَامٍ أَوْ رَفْعِ صَوْتٍ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّجْرِ وَالصَّرْفِ) وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّجْرِ بِأَنْ دَفَعَ الْمَدِينُ بَدَلَ دَيْنِهِ عَرْضًا قَاصِدًا بِذَلِكَ التَّجْرَ لِاقْتِضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ أَخَذَ بَدَلَ ذَهَبٍ فِضَّةً قَاصِدًا بِذَلِكَ الصَّرْفَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ الْقَصْدِ بَلْ قَصَدَ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ فَلَا كَرَاهَةَ هَذَا مَا فَتَحَ بِهِ الْمَوْلَى تَعَالَى وَعِبَارَةُ تت وَمِثْلُهَا فِي شب وَاضِحَةٌ وَقَضَاءُ دَيْنٍ أَيْ: إذَا كَانَ يَسِيرًا وَإِلَّا كُرِهَ وَلِذَا قَيَّدَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَ يَسِيرًا يَخِفُّ مَعَهُ الْوَزْنُ أَوْ يُعَدُّ (قَوْلُهُ وَفِي الْقَائِلَةِ) الْمُرَادُ بِهَا النَّهَارُ فَلَوْ قَالَ نَهَارًا لَكَانَ أَشْمَلَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أُحِبُّ لِذِي مَنْزِلٍ مَبِيتَهُ بِهِ وَسَهُلَ بِهِ لِلضَّيْفِ وَمَنْ لَا مَنْزِلَ لَهُ. (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ الْبَادِيَةِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْبَادِيَةِ هَلْ ظَاهِرُهُ أَوْ مَا يَشْمَلُ الرِّيفَ لَكِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ وَذَلِكَ شَأْنُ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ يَدُلُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ مَسَاجِدَ الْأَرْيَافِ شَأْنُهَا ذَلِكَ كَذَا فِي ك، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَسَاجِدِ الْبَادِيَةِ قَطْعًا، وَأَمَّا مَسَاجِدُ الْحَاضِرَةِ فَيُكْرَهُ النَّوْمُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَيَبِيتُوا فِيهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِحَذْفِ النُّونِ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَجِدُوا مَأْوًى وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يَسُوغُ لَهُمْ وَلَوْ فِي مَسَاجِدِ الْحَاضِرَةِ لَا خُصُوصِ الْبَوَادِي (قَوْلُهُ وَيَأْكُلُونَ فِيهَا مَا أَشْبَهَ التَّمْرَ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ ذَلِكَ مَا إذَا أَتَى بِسُفْرَةِ جِلْدٍ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ أَنْ يَتَّخِذَ إنَاءً إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إنَاءً بَالَ فِيهِ وَتَغَوَّطَ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ لِلنَّوْمِ فِيهِ قَالَ عج يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْتَكِبَ مَا هُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا فَمَتَى كَانَ إذَا بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ فِي صَدْرِ الْمَسْجِدِ يَكْثُرُ ضَرَرُهُ بِالنَّاسِ وَإِذَا بَالَ بِغَيْرِهِ يَقِلُّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَبُولَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ إلَخْ) حَمْلُ الْخَوْفِ عَلَى الْعِلْمِ لَا يُخْفِي أَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ يَجِبُ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ عِنْدَ الظَّنِّ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُقَدِّمُ ثَوْبًا مَعَهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلُبْسِهِ وَلَا يُفْسِدُهُ عَلَى أَرْضِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا يَجِبُ، وَكَذَا الْغَرِيبُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُدْخِلُ دَابَّتَهُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُدْخِلُهَا فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنَاءُ مِمَّا يُرَشِّحُ أَمْ لَا) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يُرَشِّحُ بِحَيْثُ يُنَجِّسُ الْمَسْجِدَ وَوُجِدَ غَيْرُهُ فَالْوَاجِبُ اتِّخَاذُ الْغَيْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا هُوَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 أَوْ لَا كَالزُّجَاجِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ. (ص) كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ وَمُنِعَ عَكْسُهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ بَيْتًا تَحْتَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ بَيْتًا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ أَعْلَاهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ مَسْجِدِيَّتِهِ بِأَنْ بَنَى مَسْجِدًا ابْتِدَاءً ثُمَّ أُحْدِثَتْ السُّكْنَى فَوْقَهُ وَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ فِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي مَسْجِدٍ أَعْلَاهُ سَابِقٌ عَلَى مَسْجِدِيَّتِهِ. (ص) كَإِخْرَاجِ رِيحٍ وَمُكْثٍ بِنَجِسٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الرِّيحِ فِي الْمَسْجِدِ تَعَمُّدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَجُوزُ جَلْبُ الرِّيحِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَخْلِيًّا لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمَلَائِكَةِ اهـ.، وَأَمَّا خُرُوجُ الرِّيحِ فِيهِ غَلَبَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ فَالْإِخْرَاجُ تَعَمُّدُ الْخُرُوجِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَمْكُثَ فِي الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ نَجِسِ الْعَيْنِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ لِتَنْزِيهِ الْمَسْجِدِ عَنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي سَتْرُ النَّجِسِ بِطَاهِرٍ وَقَدْ جَرَى فِيهِ خِلَافٌ وَأَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ وَعَلَى الْخِلَافِ يَجْرِي وَضْعُ النِّعَالِ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ يُكِنُّهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَمُكْثٍ أَنَّ الْمُرُورَ بِالنَّجِسِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَأَقَامَهُ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَنَجِّسِ الْمُتَنَجِّسُ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا إنْ أُزِيلَ عَيْنُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا فَلَا يُمْنَعُ الْمُكْثُ بِهِ فِيهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (ص) وَكُرِهَ أَنْ يُبْصَقَ بِأَرْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمُحْصَبِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحُكَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ وَفِي الْحَدِيثِ كَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا فَقَوْلُهُ (وَحَكُّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَبْصُقَ مُقَدَّرٌ فِيهِ الْمُتَعَلِّقُ أَعْنِي بِأَرْضِهِ أَيْ: حَكُّهُ بِأَرْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ أَنْ يَحُكَّهُ وَنُسْخَةُ حُلُولُو وَيَحُكُّهُ وَهِيَ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ. (ص) وَتَعْلِيمُ صَبِيٍّ وَبَيْعٌ وَشِرَاءٌ وَسَلُّ سَيْفٍ وَإِنْشَادُ ضَالَّةٍ وَهَتْفٌ بِمَيِّتٍ وَرَفْعُ صَوْتٍ كَرَفْعِهِ بِعَلَمٍ وَوَقِيدُ نَارٍ وَدُخُولٌ كَخَيْلٍ لِنَقْلٍ وَفَرْشٌ أَوْ مُتَّكَأٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسَاجِدِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ كَانُوا لَا يَعْبَثُونَ وَيُكَفُّونَ إذَا نُهُوا وَإِلَّا حَرُمَ إدْخَالُهُمْ الْمَسْجِدَ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ تَقْلِيبٌ وَنَظَرٌ لِلْمَبِيعِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ الذَّوَاتِ وَالْمَنَافِعِ كَأَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا لَا يَعْبَثُ وَيُكَفُّ إذَا نُهِيَ وَقَيَّدَ بَعْضٌ كَرَاهَةَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِسِمْسَارٍ وَإِلَّا حَرُمَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَأَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِالْبَيْعِ الْإِيجَابَ وَبِالشِّرَاءِ الْقَبُولَ وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِالْبَيْعِ عَنْ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَازِمِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ سَلُّ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ فِي الْمَسْجِدِ لِلتَّقْلِيبِ أَوْ لِقَطْعِ حَاجَةٍ لَا لِإِخَافَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُسَلُّ فِي الْمَسْجِدِ سَيْفٌ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُمَرُّ فِي الْمَسْجِدِ بِلَحْمٍ وَلَا تُنَقَّرُ فِيهَا النَّبْلُ وَلَا تُمْنَعُ فِيهَا الْقَائِلَةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَى تَنْقِيرِ النَّبْلِ إدَارَتُهَا عَلَى الظُّفْرِ لِيُعْلَمَ مُسْتَقِيمُهَا مِنْ مُعْوَجِّهَا، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ إنْشَادُ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: طَلَبُ الْمُعَرَّفِ رَبُّهَا، وَكَذَلِكَ نَشْدُهَا أَيْ: طَلَبُ رَبِّهَا لَهَا، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْهَتْفُ بِالْمَيِّتِ وَعَلَى بَابِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنِدَائِهِ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ بِأَنْ يَقُولَ أَخُوكُمْ فُلَانٌ قَدْ مَاتَ بِصَوْتٍ يُجْهَرُ بِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَخْلِيًّا) أَيْ: مِنْ النَّاسِ كَمَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ أَنَّ الْحُرْمَةَ مَنُوطَةٌ بِتَعَمُّدِ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَدْعِهِ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُرْمَةَ مَنُوطَةٌ بِجَلْبِهِ وَاسْتِدْعَائِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَدْعِهِ وَيَجْلِبْهُ وَلَكِنْ قَدْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَ مَا كَانَ حَاصِلًا فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِيَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِجَوَازِ إرْسَالِ الرِّيحِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُرْسِلُهُ فِي بَيْتِهِ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْخِلَافِ يَجْرِي إلَخْ) أَيْ فَعَلَى الرَّاجِحِ الْمَذْكُورِ لَا يَكْفِي وَضْعُ النِّعَالِ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ يُكِنُّهُ أَيْ: بَلْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَحُكُّهُ فَإِنْ لَمْ يَحُكَّهُ فَيَحْرُمْ كَمَا وَجَدْت عِنْدِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَنْ يُبْصَقَ بِأَرْضِهِ) وَكَذَا الْمُخَاطُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْأَمْرَانِ فَقَدْ لَحِقَهُ كَرَاهَتَانِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ كَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْمُخْصَبِ أَوْ الْمُتْرَبِ فَلَا يُنَاسِبُ الْمَوْضُوعَ. (قَوْلُهُ أَيْ وَالْحُكْمُ إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَكُّ مَطْلُوبًا. (قَوْلُهُ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ لَا صَرَاحَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ فِي أَرْضِهِ وَكُرِهَ أَنْ يَحُكَّهُ أَيْ: بِأَنْ يَبْصُقَ بِثَوْبِهِ ثُمَّ يَحُكَّهُ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَصْقُ مَعَ حَكِّهِ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَحُكَّهُ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَصْقَ فَوْقَ فَرْشِ الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَكَذَا تَحْتَهُ إنْ كَانَ مُبَلَّطًا وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُحْصَبًا فَلَا يُكْرَهُ الْبَصْقُ تَحْتَ فَرْشِهِ. (قَوْلُهُ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يُقْصَرَ عَلَى الْقُرْآنِ، وَأَمَّا تَعْلِيمُ الصَّنَائِعِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالصَّبِيِّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا رَوَاهُ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ وَلَا تُنَقَّرُ فِيهَا النَّبْلُ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَنْقِيرًا وَقَوْلُهُ النَّبْلُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ: السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا بَلْ الْوَاحِدُ سَهْمٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ إدَارَتُهَا عَلَى الظُّفْرِ) أَيْ إمَالَتُهَا عَلَى الظُّفْرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ نَشْدُهَا) أَيْ: وَهُوَ الْوَارِدُ فِي خَبَرِ «إذَا رَأَيْتُمْ مَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ فَجَائِزٌ كَمَا قَالَ هُنَاكَ أَيْضًا لَا بِكَحَلَقَ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ فَالْهَتْفُ الصِّيَاحُ أَيْ الْإِعْلَامُ بِمَوْتِهِ أَيْ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ رَفْعُ الصَّوْتِ كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْعَلَمِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ مَا لِلْعَلَمِ وَرَفْعَ الصَّوْتِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَفَعَهُ لِأَجْلِ التَّبْلِيغِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ التَّلْبِيَةُ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمِنًى وَرَفْعُ صَوْتِ الْمَرَابِطِ بِالتَّكْبِيرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ وَقِيدُ النَّارِ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَكُنْ لِتَجْمِيرِهَا أَوْ لِلِاسْتِصْبَاحِ وَالْوَقِيدُ الْفِعْلُ نَفْسُهُ وَالْوَقُودُ بِالْوَاوِ بَعْدَ الْقَافِ الْآلَةُ الَّتِي تُحْرَقُ مِنْ حَطَبٍ وَنَحْوِهِ وَفِي الْقُرْآنِ {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] وَنُسْخَةُ حُلُولُو وَوَقُودٌ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ دُخُولُ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ نَقْلِ حِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْهُ أَوْ إلَيْهِ خَوْفَ أَنْ تَبُولَ فِيهِ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بَأْسًا بِدُخُولِ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ لِكَوْنِ أَرْوَاثِهَا طَاهِرَةً؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَافَ عَلَى بَعِيرٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الدُّخُولُ لِغَيْرِ النَّقْلِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ فَضْلَتُهُ طَاهِرَةً؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ مَا حُبِسَتْ لَهُ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَّخِذَ فِي الْمَسْجِدِ فَرْشًا يَجْلِسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الْخُشُوعَ وَالتَّوَاضُعَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ مَالِكٌ يُوَسِّعُ فِي اتِّخَاذِ الْمُصَلَّيَاتِ وَالْخُمُرِ فِي الْمَسْجِدِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُتَوَقَّى بَرْدُ الْأَرْضِ وَالْحَصْبَاءِ بِالْحَصِيرِ وَالْمُصَلَّيَاتِ وَفَرْوَةٍ وَنَحْوِهَا فَقَوْلُهُ وَفَرْشٌ أَوْ مُتَّكَأٌ هُمَا مَرْفُوعَانِ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ كُرِهَ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فِي الْمَسْجِدِ فَمَكْرُوهٌ وَقِيلَ جَائِزٌ مَا لَمْ تَكُنْ أَعْضَاؤُهُ مُتَنَجِّسَةً وَإِلَّا حَرُمَ وَيَجُوزُ قَفْلُ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ. وَلَمَّا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ يَعْقُبُونَ الْإِحْيَاءَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْمِيَاهِ وَأَقْسَامِهَا وَعَلَى الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْكَلَأِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ تَبِعَهُمْ الْمُؤَلِّفُ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى أَقْسَامِ الْمِيَاهِ فَقَالَ: (ص) وَلِذِي مَأْجَلٍ وَبِئْرٍ وَمِرْسَالِ مَطَرٍ كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْمَأْجَلِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الصِّهْرِيجُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُجْعَلُ لِأَجْلِ حَوْزِ الْمَاءِ وَأَنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ وَأَنَّ صَاحِبَ مِرْسَالِ الْمَطَرِ وَهُوَ مَكَانُ جَرَيَانِهِ وَأَنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ مِنْ الْغَيْرِ وَلَهُ بَيْعُهُ لِمَنْ شَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَمْنَعَ الشِّرْبَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْغَدِيرِ يَكُونُ فِي أَرْضِهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَمِرْسَالٌ مِفْعَالٌ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ وَهِيَ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَوْ قَالَ وَرَسَّالٍ لِيَكُونَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَتَمَّارٍ نِسْبَةً لِبَيْعِ التَّمْرِ كَانَ أَوْلَى أَيْ: صَاحِبِ إرْسَالِ الْمَطَرِ وَهُوَ مَنْ حَلَّ مَاءُ الْمَطَرِ فِي أَرْضِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ بِمِلْكٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْمَأْجَلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَنْقُصُ بِالِاغْتِرَافِ وَلَا يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ أَوْ يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ كَالْبِئْرِ وَقَوْلُهُ كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ أَيْ: فِي آنِيَةٍ كَجَرَّةٍ أَوْ قِرْبَةٍ أَوْ قَصْعَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَقَوْلُهُ وَلِذِي مَأْجَلٍ إلَخْ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. (ص) إلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ   [حاشية العدوي] يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَهُ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك» (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ رَفْعُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقْصِرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْعِلْمِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَفِي ك، وَأَمَّا رَفْعُ الْقُرَّاءِ أَصْوَاتَهُمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ مَا لِلْعِلْمِ وَرَفْعَ الصَّوْتِ) رَفْعَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَيُّ حَالَةٍ حَسَنَةٍ أَوْ أَيُّ ثَوَابٍ ثَبَتَ لِلْعِلْمِ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ أَيْ: لَا حَالَةً حَسَنَةً فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَالْمُرَادُ بِالرَّفْعِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ إسْمَاعِ الْمُخَاطَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الدُّخُولُ لِغَيْرِ النَّقْلِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لِأَجْلِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بَأْسًا إلَخْ أَيْ: بِدُخُولِهَا لِلنَّقْلِ فَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَسُوقَهُ اسْتِشْكَالًا؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ النَّقْلِ وَقَدْ قَالَ: وَأَمَّا الدُّخُولُ لِغَيْرِ النَّقْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي اتِّخَاذِ الْمُصَلَّيَاتِ) الْمُصَلَّيَاتُ جَمْعُ مُصَلًّى أَيُّ شَيْءٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَ يَخْشَى بَرْدَ الْأَرْضِ فَيَكُونُ كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ مُبَيِّنًا لَهُ وَقَوْلُهُ وَالْخُمُرِ جَمْعُ خُمْرَةٍ وَزْنُ غُرْفَةٍ حَصِيرٌ صَغِيرٌ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ. (قَوْلُهُ وَأَقْسَامِهِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِالتَّذْكِيرِ فَالْمَعْنَى وَأَقْسَامِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْمِيَاهِ، وَقَوْلُهُ وَأَقْسَامِهِ مِنْ كَوْنِهِ إمَّا مَاءُ بِئْرٍ أَوْ مَاءُ مَأْجَلٍ أَوْ مَاءُ مِرْسَالِ مَطَرٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْإِقْسَامَ هِيَ الْمِيَاهُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا فَالْعَطْفُ مُرَادِفٌ؛ لِأَنَّ الْمِيَاهَ هِيَ أَقْسَامُ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْآبَارِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا بِئْرَ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْعُيُونِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهَا تُقَاسُ عَلَى الْبِئْرِ وَقَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ: وَمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ مِنْ مِلْكٍ (قَوْلُهُ وَلِذِي مَأْجَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَهُوَ قَلِيلٌ وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ كَمُقْعَدٍ وَمُعْظَمٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكَانُ جَرْيِهِ) فِيهِ إفَادَةُ أَنَّ مِرْسَالِ اسْمُ مَكَان وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ أَنَّهُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ فَفِيهِ تَنَافٍ وَقَوْلُهُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ: وَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ لِمَنْ شَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَرْبَعٌ لَا أَرَى أَنْ تُمْنَعَ الْمَاءُ وَالنَّارُ وَالْحَطَبُ وَالْكَلَأُ وَأَوْرَدُوا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ بِمَا إذَا كَانَ فِي أَرْضِهِ مِمَّا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ إلَى الِاسْتِقَاءِ مِنْهُمَا، وَأَمَّا مَاءُ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ رَجُلٍ أَوْ حَائِطِهِ الَّتِي قَدْ حُظِرَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَقَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ وَرَسَّالٍ إلَخْ أَيْ: وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى ذِي مَأْجَلٍ، وَأَمَّا عَلَى مِرْسَالٍ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَأْجَلٍ. (قَوْلُهُ أَيْ: صَاحِبِ إرْسَالِ الْمَطَرِ) أَيْ: صَاحِبِ الْمَطَرِ الْمُرْسَلِ (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) أَيْ الْخَاصَّةِ بِهِ أَيْ: بِسَبَبِ كَوْنِهِ يَمْلِكُ ذَاتَهَا أَوْ مَنْفَعَتَهَا، وَأَمَّا مَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتَهُ كَالْمَاءِ الْمُسَبَّلِ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ إلَخْ أَيْ: وَلَوْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ كَمَا يَمْلِكُهُ أَيْ: بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ كَانَتْ الْمُغَايَرَةُ حَقِيقِيَّةً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 ش) تَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ لَهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ لِمَنْ شَاءَ هَذَا إنْ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ قَوْمٌ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ وَيُخَافُ عَلَيْهِمْ الْهَلَاكُ أَوْ الْمَرَضُ الشَّدِيدُ لَوْ تُرِكُوا حَتَّى يَرِدُوا مَاءً غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ لِوُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ حِينَئِذٍ وَلَوْ قَالَ: إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْعَاقِلَ وَغَيْرَهُ وَالْكَلَامُ فِي الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ وَوَاوُ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا ثَمَنَ مَعَهُ مَوْجُودٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا وَلَوْ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ وَقَوْلُهُ (وَالْأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ؛ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَمَنٌ مَوْجُودٌ حِينَ الْمُوَاسَاةِ لَوَجَبَ دَفْعُهُ لَكِنْ بِالثَّمَنِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ رَجَّحَ الْأَخْذَ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ مَعَهُ؛ إذْ ذَاكَ؛ لِأَنَّهُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ هَذَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ إلَّا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي غِنًى عَنْ قَوْلِهِ وَالْأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ. (ص) كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعٍ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ وَأَخَذَ يُصْلِحُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ بِئْرٌ يَسْقِي مِنْهَا زَرْعَهُ فَفَضَلَ عَنْ سَقْيِ زَرْعِهِ فَضْلَةٌ مِنْ الْمَاءِ وَلَهُ جَارٌ لَهُ زَرْعٌ أَنْشَأَهُ عَلَى أَصْلِ مَاءٍ وَانْهَدَمَتْ بِئْرُ زَرْعِهِ وَخِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِنْ الْعَطَشِ وَشَرَعَ فِي إصْلَاحِ بِئْرِهِ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْفَضْلِ بِالثَّمَنِ إنْ وُجِدَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْفَضْلَةِ بِأَنْ كَانَ زَرْعُ الْجَارِ لَا عَلَى أَصْلِ مَاءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَرَّضَ زَرْعَهُ لِلْهَلَاكِ أَوْ لَمْ تَنْهَدِمْ بِئْرُهُ أَوْ لَمْ يَشْرَعْ فِي إصْلَاحِهَا قَوْلُهُ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: يُدْفَعُ لِجَارٍ ثُمَّ لَمَّا حُذِفَ أَتَى بِالظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، قَوْلُهُ وَبِهَدْمِ بِئْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِخِيفَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ فَإِنَّ هَدْمَ الْبِئْرِ سَبَبٌ لِلْخَوْفِ عَلَى الزَّرْعِ وَقَوْلُهُ بِئْرِهِ أَيْ: بِئْرِ الزَّرْعِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّ الزَّرْعَ عَلَى أَصْلِ مَاءٍ فَالتَّشْبِيهُ عَلَى هَذَا فِي عَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ الْمَاءِ وَفِي أَخْذِ الثَّمَنِ إنْ وُجِدَ مَعَ جَارِهِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهَا سَوَاءٌ وُجِدَ مَعَهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُسَافِرِ أَنَّهُ مُخْتَارٌ بِسَبَبِ السَّفَرِ بِخِلَافِ مَنْ انْهَدَمَتْ بِئْرُهُ. (ص) كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ بِصَحْرَاءَ هَدَرًا إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَبْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لِمَاشِيَتِهِ، وَفَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ مِمَّنْ طَلَبَهُ أَوْ أَرَادَهُ وَيَأْخُذُهُ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ بِالْهَدَرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ فَإِنْ بَيَّنَهَا حِينَ الْحَفْرِ فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ عَنْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ التَّشْبِيهُ تَامًّا لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ الْجَبْرَ إنَّمَا هُوَ لِلْمُضْطَرِّ وَلِلزَّرْعِ الَّذِي انْهَدَمَتْ بِئْرُهُ مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ، وَإِنَّمَا كَانَ فَضْلُ بِئْرِ الزَّرْعِ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ بِخِلَافِ فَضْلِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ فَإِنَّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ فَضْلِهَا وَبَيْعُهُ؛ لِأَنَّ حَافِرَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ نِيَّتُهُ فِي حَفْرِهَا لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ، وَأَمَّا حَافِرُ بِئْرِ الزَّرْعِ فَنِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ) أَيْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ إلَخْ) هَذَا إذَا قُرِئَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تُجْعَلَ إنْ شَرْطِيَّةً مُرَكَّبَةً مَعَ لَا أَيْ: وَإِلَّا يَنْتَفِ عَدَمُ الثَّمَنِ بَلْ وُجِدَ فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِي هَذِهِ تَرْجِيحٌ وَإِنَّمَا فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ رَجَحَ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ) أَيْ: مِنْ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَبَادَرُ إلَخْ شُرُوعٌ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَةً بِالنِّسْبَةِ أَيْ: فَيُقْرَأُ بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَفَضْلٍ بِالْكَافِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِاللَّامِ وَعَلَى كُلٍّ فَهِيَ بِمَعْنَى فِي أَيْ: فِي فَضْلِ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَخْلَصَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ وَيُقْرَأَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُقَابِلًا بِهِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ إلَخْ) أَوْ الْهَلَاكُ وَهُوَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالْمَحْذُوفُ مَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ وَالتَّقْدِيرُ كَبَدَلِ فَضْلِ بِئْرِ زَرْعٍ لِجَارٍ حَالَ كَوْنِهِ قَدْ خِيفَ عَلَى زَرْعِهِ وَلَمَّا حَذَفَ صَاحِبَ الْحَالِ أَقَامَ الظَّاهِرَ مَقَامَ الضَّمِيرِ فَقَالَ زَرْعِ جَارِهِ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنُّ أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَ جِيرَانُهُ مِنْهُمْ أَقْرَبَ وَأَبْعَدَ وَطَلَبَ مِنْ الْأَبْعَدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ خُذْ مِنْ الْأَقْرَبِ كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ تَفْسِيرِ الْجَارِ بِمَنْ يُمْكِنُهُ السَّقْيُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَأَخَذَ يُصْلِحُ أَيْ: مَعَ الْإِمْكَانِ أَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَلَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا حَيْثُ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَاءِ لَا يَكْفِيهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ يَكْفِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي الْإِصْلَاحِ. (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى إعْطَاءِ الْفَضْلِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ كَفَضْلِ إلَخْ أَيْ: كَبَذْلِ فَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ أَيْ: أَوْ سِقَايَةٍ أَيْ: شَرَابِ النَّاسِ مِنْهَا (قَوْلُهُ كَصَحْرَاءَ) أَيْ: فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ وَمَفْهُومُهُ لَوْ بَنَاهَا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ وَفَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ) أَيْ: فَضَلَ مِنْ الْمَاشِيَةِ فَضْلَةٌ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدَّمُ رَبُّ الْبِئْرِ ثُمَّ الْمُسَافِرُ ثُمَّ دَابَّةُ رَبِّ الْمَاءِ ثُمَّ دَابَّةُ الْمُسَافِرِ ثُمَّ مَوَاشِي رَبِّ الْمَاءِ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لِمَاشِيَتِهِ فَإِنَّ مَا فَضَلَ عَنْ شُرْبِ رَبِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْغَيْرُ مِنْهُ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي قَوْلِهِ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ إلَخْ. (فَائِدَةٌ) أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُسَافِرِينَ لِلْحَجِّ فَكُلُّ مَنْ سَبَقَ إلَى الْمَاءِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَكَانَ ابْنُ عَرَفَةَ سَنَةَ حَجَّ يَسْبِقُ وَيَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَاءِ وَيَقُولُ كُلُّ مَنْ نَازَعَنِي قَاتَلْته؛ لِأَنَّى أَحَقُّ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَخْشَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ ضَرَرًا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ) أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا وَلَا صَاحِبَ زَرْعٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ عَنْهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ إحْيَاءً أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَفَرَ بِئْرَ مَاشِيَةِ لَا يَكُونُ إحْيَاءٌ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمِلْكِيَّةِ وَإِلَّا كَانَ إحْيَاءً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 لَهُ جَمِيعُ مَائِهَا وَالْكَلَامُ فِي مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ حَفْرَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ لَا يَكُونُ إحْيَاءً لِتِلْكَ الْأَرْضِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ وَلَهُ عَارِيَّةٌ آلَةٌ ثُمَّ حَاضِرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَى مَاءٍ فَضَلَ عَنْ رَبِّهِ مُسْتَحِقُّونَ وَالْمَاءُ يَكْفِيهِمْ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْمُسَافِرِ وُجُوبًا وَسَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْبِئْرِ لَمْ يَتَّخِذْهَا لِلْكِرَاءِ وَلِلْمُسَافِرِ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ عَارِيَّةُ الْآلَةِ كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالْحَوْضِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَتَّى يَرْوِيَ ثُمَّ يَأْتِيَ الْحَاضِرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَرْوِيَ فَقَوْلُهُ وَلَهُ عَارِيَّةٌ آلَةٌ أَيْ: عَلَيْهِ وَإِنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْمُسَافِرِ لَمْ يُحْتَجْ لِجَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى وَهَذَا مَا لَمْ يَجْعَلْ الْآلَةَ لِلْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ وَيَتْبَعُهُ بِهَا إنْ لَمْ تُوجَدْ مَعَهُ. (ص) ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا لِجَمِيعِ الرَّيِّ (ش) أَيْ: أَنَّ الدَّوَابَّ يُقَدَّمُونَ عَلَى حَسْبِ تَقْدِيمِ الْآدَمِيِّينَ فَتُقَدَّمُ دَابَّةُ رَبِّ الْبِئْرِ ثُمَّ دَابَّةُ الْمُسَافِرِ ثُمَّ دَابَّةُ الْحَاضِرِ بِجَمِيعِ الرَّيِّ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَاءِ فَضْلَةٌ فَالضَّمِيرُ فِي رَبِّهَا يَعُودُ عَلَى الْبِئْرِ وَاللَّامُ فِي لِجَمِيعِ لَامِ الْغَايَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ كَأَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ ثُمَّ مَوَاشِي رَبِّهِ ثُمَّ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ ثُمَّ مَوَاشِي الْحَاضِرِ وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُؤَلِّفُ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ اكْتِفَاءً بِمَا ذُكِرَ فِي أَرْبَابِهَا وَسُكُوتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَاشِيَةِ الْمُسَافِرِ اعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا مَاشِيَةَ لَهُ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَوَابِّهِ لَعَلَّهُ أَنَّ الدَّوَابَّ إذَا خِيفَ مَوْتُهَا لَا تُذَكَّى فَتُؤْكَلُ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي وَقَوْلُهُ لِجَمِيعِ الرَّيِّ هُوَ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِبُدِئَ وَلَا نُعْرِبُهُ بَدَلًا وَمَعْنَى بُدِئَ قُدِّمَ أَيْ: أَنَّ كُلَّ مَنْ قَدَّمْنَاهُ نُقَدِّمُهُ لِجَمِيعِ الرَّيِّ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ مَقْصُودَانِ وَإِعْرَابُهُ بَدَلًا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّبْدِئَةَ وَالتَّقْدِيمَ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَهُمَا مَقْصُودَانِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. (ص) وَإِلَّا فَبِنَفْسِ الْمَجْهُودِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ فَضْلٌ عَنْ أَرْبَابِهَا وَكَانَ بِتَقْدِيمِ أَرْبَابِهَا يَحْصُلُ الْجَهْدُ لِغَيْرِهِمْ وَبِتَقْدِيمِ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ لَا يَحْصُلُ الْجَهْدُ لَهُمْ أَوْ بِعَكْسِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْجَهْدُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ تَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ رَبِّ الْمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَثْرَةُ الْجَهْدِ لِغَيْرِهِ وَلَا يَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الْجَهْدِ لَهُ بَلْ جَهْدُ غَيْرِهِ كَثِيرٌ أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ مَا يَحْصُلُ لَهُ كَثْرَةُ الْجَهْدِ لِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدَّمَاتِ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ الْجَهْدُ لِغَيْرِهِ كَمَا يَحْصُلُ مِنْ تَقْدِيمِ غَيْرِ رَبِّ الْمَاءِ عَلَى رَبِّهِ الْجَهْدُ لَهُ، وَالْحَاصِلُ لَهُمَا مُسْتَوٍ فَهَلْ يَتَسَاوَوْنَ أَوْ يُقَدَّمُ رَبُّ الْمَاءِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ نَاجِي وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ كَلَامَهُ وَأَظْهَرُهُمَا الثَّانِي وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ آخَرُ   [حاشية العدوي] وَبَيَانُ الْمِلْكِيَّةِ بِأَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الْحَفْرِ أَنَّهُ يَحْفِرَهَا لِيَمْلِكَ مَاءَهَا. (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ) لِاحْتِيَاجِهِ لِسُرْعَةِ السَّيْرِ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ) الْأَحْسَنُ حَذْفُ الْكَافِ وَيَقُولُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُؤَلِّفُ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ) أَيْ: بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ مِنْ دَوَابَّ وَمَوَاشٍ. (قَوْلُهُ وَسُكُوتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ جَمِيعُ الْمَرَاتِبِ التِّسْعَةِ إلَّا هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ مَوَاشِي إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَ دَوَابَّ الْمُسَافِرِ عَلَى دَوَابِّ غَيْرِهِ لِاسْتِعْجَالِهِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَوَاشِيَهُ تَكُونُ مَعَ دَوَابِّهِ وَلَا تُؤَخَّرُ كَمَا هُوَ الْوَجْهُ فَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ تَأْخِيرِ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَوَابِّهِ وَأَنَّهَا بَعْدَ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَلَا نُعْرِبُهُ بَدَلًا) أَيْ: بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ كَمَا فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى الَّتِي لِابْنِ غَازِيٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ غَازِيٍّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ كَأَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ جَعَلْنَاهُ مُتَعَلِّقًا بِقُدِّمَ وَلَمْ نَجْعَلْهُ بَدَلًا وَقَوْلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ أَيْ: التَّقْدِيمَ وَالثَّانِي أَيْ: قَوْلُهُ بِجَمِيعِ الرَّيِّ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْأُولَى غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) أَيْ التَّبْدِئَةَ عَلَى مَا قَالَ وَأَنَا أَقُولُ أَيْ: قَوْلُهُ بِمُسَافِرٍ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ التَّقْدِيمِ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّقْدِيمَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ التَّغَايُرُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ التَّبْدِئَةَ بِجَمِيعِ الرَّيِّ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ بِمُسَافِرٍ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ التَّقْدِيمِ بِهِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ قَوْلُهُ وَقُدِّمَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَقَوْلُهُ بِجَمِيعِ الرَّيِّ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَهُمَا مَقْصُودَانِ وَقَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ الْبَدَلِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ تَقَدَّمَ وَجْهُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ ثُمَّ إنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَدَافُعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا حَاجَةَ يَقْتَضِي صِحَّتَهُ وَلَكِنْ لَا حَاجَةَ لَهُ وَلَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ إنْ انْفَرَدَ أَحَدٌ بِالْجَهْدِ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لِلْجَمِيعِ الْجَهْدُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَتَفَاوَتُ يُقَدَّمُ الْأَشَدُّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لِلْجَمِيعِ لَكِنْ اسْتَوَتْ الْمَشَقَّةُ فَالْقَوْلَانِ وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ يُمَكَّنُ مِنْ الشُّرْبِ حَتَّى يَذْهَبَ مِنْهُ الْخَوْفُ لَا بِجَمِيعِ الرَّيِّ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ آخَرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ هُوَ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ بِجَمِيعِ الرَّيِّ وَالْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي فَضْلِ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ عَنْ أَرْبَابِهَا مَا يَحْصُلُ بِهِ رَيُّ جَمِيعِ غَيْرِهِمْ وَكَانَ يَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى الْحَاضِرِينَ الْجَهْدُ لِلْحَاضِرِينَ أَوْ لِشُرْبِهِ وَلَا يَحْصُلُ لِلْمُسَافِرِينَ مِثْلُ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْحَاضِرِينَ عَلَيْهِمْ أَوْ الْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ الْجَهْدُ أَوْ لِشُرْبِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْجَهْدُ الْحَاصِلُ لِكُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُسْتَوِيًا فَالظَّاهِرُ جَرْيُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِ وَتَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى الْحَاضِرِينَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَبْيَنُ بِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِي الْفَضْلَةِ عَنْ أَهْلِ الْبِئْرِ وَلِذَا قَالَ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ وَالْأَئِمَّةُ فَرَضُوا الْكَلَامَ فِيمَنْ يُقَدَّمُ فِي الْمَاءِ ابْتِدَاءً ثُمَّ رَتَّبُوا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كِفَايَةٌ ابْنُ رُشْدٍ إنْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَاءِ وَالْمَارَّةُ وَالْمَاءُ يَكْفِيهِمْ بُدِئَ بِأَنْفَسِ أَهْلِ الْمَاءِ إلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 يُقَرِّرُهُ بِهِ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُبَاحٍ سَقَى الْأَعْلَى إنْ تَقَدَّمَ لِلْكَعْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا سَالَ بِمَكَانٍ مُبَاحٍ وَهُنَاكَ قَوْمٌ لَهُمْ جِنَانٌ فَإِنَّ الْأَعْلَى وَهُوَ الَّذِي يَقْرَبُ مِنْ الْمَاءِ يَبْدَأُ بِالسَّقْيِ لِزَرْعِهِ أَوْ شَجَرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى الْكَعْبَيْنِ وَهَذَا إنْ تَقَدَّمَ الْأَعْلَى فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: أَوْ كَانَ إحْيَاؤُهُمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْإِحْيَاءِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي السَّقْيِ عَلَى الْأَعْلَى حَيْثُ خُشِيَ عَلَى الْأَسْفَلِ الْهَلَاكُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَعْلَى الْمُتَأَخِّرُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى الْأَسْفَلِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنْ تَقَدَّمَ أَوْ سَاوَى كَأَنْ تَأَخَّرَ مَا لَمْ يُخَفْ عَلَى الْأَسْفَلِ الْهَلَاكُ لَأَدَّى الْمُرَادَ لَكِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ وَاحْتُرِزَ بِالْمَكَانِ الْمُبَاحِ مِمَّا لَوْ سَالَ الْمَطَرُ بِمَكَانٍ مَمْلُوكٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. (ص) وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ وَإِلَّا فَكَحَائِطِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْلَى إذَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى مَا مَرَّ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَةِ أَرْضِهِ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَكَانَ السَّقْيُ فِي الْأَعْلَى لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْأَسْفَلِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَسْقِي كُلَّ جِهَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَيَصِيرُ الْحَائِطُ الْوَاحِدُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُتَسَاوٍ كَحَائِطِينَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ بِجِهَتَيْهِ فَيَسْقِي الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلَ قَوْلُهُ وَأُمِرَ أَيْ: وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلْقَيْدِ الْمُقَدَّرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ إنْ أَمْكَنَتْ أَيْ: وَإِلَّا تُمْكِنْ التَّسْوِيَةُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْوِيَةِ يَسْتَلْزِمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا إلَّا وَهِيَ مُمْكِنَةٌ. (ص) وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابِلِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ جِنَانَ الْقَوْمِ إذَا كَانَتْ مُتَقَابِلَةً لِلْمَاءِ الَّذِي سَالَ فِي الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَلَا يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ هُمْ فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ سَحْنُونَ فَإِنْ كَانَ الْجَنَانَانِ مُتَقَابِلَيْنِ فِيمَا حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْلَى فَالْأَعْلَى قَسَمَ الْمَاءَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَسْفَلِ مُقَابِلًا لِبَعْضِ الْأَعْلَى حُكِمَ لِمُقَابِلِ الْأَعْلَى بِحُكْمِ الْأَعْلَى وَلِمُقَابِلِ الْأَسْفَلِ بِحُكْمِ الْأَسْفَلِ فَقَوْلُهُ لِلْمُتَقَابِلِينَ أَيْ: فِي الْجِهَةِ وَهَلْ عَلَى التَّسْوِيَةِ أَوْ الْمِسَاحَةِ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضٌ وَظَاهِرُهُ تَسَاوَيَا فِي الْإِحْيَاءِ أَوْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ (كَالنِّيلِ) تَشْبِيهٌ فِي مَاءِ الْمَطَرِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ سَقْيِ الْأَعْلَى إنْ تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ. (ص) وَإِنْ مُلِكَ أَوَّلًا قُسِمَ بِقَلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (ش) أَيْ: وَإِنْ مُلِكَ الْمَاءُ أَوَّلًا بِأَنْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ فِي إجْرَائِهِ إلَى أَرْضِهِمْ فَإِنَّهُ لَا تَبْدِئَةَ هُنَا لِلْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا الْمَاءَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى أَرْضِهِمْ بِحَسْبِ أَعْمَالِهِمْ وَبِحَسْبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ يُقْسَمُ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ بِقَلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ وَابْتِدَاءُ زَمَنِ الْحَظِّ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ جَرْيِهِ لِأَرْضِ ذِي الْحَظِّ وَلَوْ بَعُدَتْ إنْ كَانَ أَصْلُ أَرَاضِيِهِمْ شَرِكَةً ثُمَّ قُسِمَتْ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ عَلَى ذَلِكَ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ حِينَ قَسَمَهَا وَإِلَّا فَمِنْ حِينِ وُصُولِهِ لِأَرْضِهِ. اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ فَإِنْ قُلْت: لِمَ اُعْتُبِرَ الْحَظُّ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ الْجَرْيِ حَيْثُ قُسِمَتْ الْأَرْضُ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَمِنْ حِينِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ قُلْت: لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ فَإِنَّمَا تُعْدَلُ عَلَى أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا بِالْقِيمَةِ فَيُرَاعَى فِي التَّعْدِيلِ قُرْبُ الْمَاءِ وَبُعْدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْقَسْمُ قَبْلَ الشَّرِكَةِ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرِكَةٌ فِي الْأَرْضِ   [حاشية العدوي] إنْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهُمْ بُدِئَ بِمَنْ الْجَهْدُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ اهـ. وَالْخَطْبُ سَهْلٌ. (قَوْلُهُ بِمَكَانٍ مُبَاحٍ) أَيْ: فِي أَرْضٍ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ قَوْمٌ لَهُمْ جِنَانٌ) أَيْ: بَعْضُهَا مُتَّصِلٌ بِبَعْضٍ وَبَعْضُهَا مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَلَمْ تُحَطْ إلَّا جَنَّةٌ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ احْتَاطَتْ إلَّا جَنَّةً فَهَذَا الْمَاءُ مُبَاحٌ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابَلَيْنِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ لِلْكَعْبِ) أَيْ، فَإِذَا أَمْسَكَ الْمَاءَ حَتَّى وَصَلَ لِلْكَعْبِ فَإِنَّهُ يُرْسِلُ لِمَنْ يَلِيهِ جَمِيعَ الْمَاءِ لَا مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ عج وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمُخَالَفَتِهِ لِإِطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ، فَإِذَا حَدَثَ إحْيَاءُ الْأَعْلَى فَالْأَقْدَمُ أَخَصُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَقَدْ ارْتَضَى ابْنُ عَرَفَةَ إبْقَاءَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَنَّهُ اتَّبَعَ ظَاهِرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُ كَثِيرَ الشَّجَرِ وَبَعْضُهُ قَلِيلَ الشَّجَرِ (قَوْلُهُ فِيمَا حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) أَيْ: فِي الْمَاءِ الَّذِي حُكْمُهُ لِلْأَعْلَى أَيْ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُبَاحُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَسْفَلِ مُقَابِلًا لِبَعْضِ الْأَعْلَى) هَكَذَا فَأَرَادَ بِالْأَسْفَلِ هَذَا الْمُنْفَرِدَ فَإِنَّهُ أَسْفَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْلَى مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ حُكِمَ لِمُقَابِلِ الْأَعْلَى) أَيْ: حُكِمَ لِأَعْلَى الْمُنْفَرِدِ بِحُكْمِ مُقَابِلِهِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَعْلَى مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ وَحُكِمَ لِلْأَسْفَلِ الْمُنْفَرِدِ بِحُكْمِ أَعْلَى الْأَسْفَلِ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ. (قَوْلُهُ وَهَلْ عَلَى التَّسْوِيَةِ) أَيْ: يُقْسَمُ الْمَاءُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمِسَاحَةِ أَيْ يُقْسَمُ عَلَى حُكْمِ زَرْعِ كُلٍّ، فَإِذَا كَانَ مِسَاحَةُ أَحَدِهِمَا فَدَّانًا وَمِسَاحَةُ الثَّانِي نِصْفَ فَدَّانٍ فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ (قَوْلُهُ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضٌ) أَيْ وَهُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمِنْ حِينِ وُصُولِهِ) أَيْ: بِأَنْ وَقَعَ قَسْمُ الْأَرْضِينَ قَبْلَ شَرِكَةٍ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت) جَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ هُوَ حَاصِلُ مَعْنَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عَلَى ذَلِكَ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ فَلَوْ تَأَمَّلَ فِيهِ لَمَا وَرَدَ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ تُقْسَمُ الْأَرَاضِيُ بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ فَتُقْسَمُ أَثْلَاثًا كَأَنْ يُقَوَّمَ الْجُزْءُ الْقَرِيبُ مِنْ الْمَاءِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا مَثَلًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ الْمَاءِ أَقَلُّ مِسَاحَةً مِمَّا بَعْدَهُ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ أَقَلُّ مِسَاحَةً مِمَّا بَعْدَهُ فَالْأَقْسَامُ الْوَاقِعُ فِيهَا التَّعْدِيلُ أَقْسَامُ الْأَرْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 ابْنُ عَرَفَةَ الْقَلْدُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُحْصِلُ التَّوَصُّلَ إلَى ذَلِكَ مُسْتَدْرَكٌ وَمِنْ ذَلِكَ السَّاعَاتُ الرَّمْلِيَّةُ لَكِنْ يُرَاعَى اخْتِلَافُ الْجَرْيِ وَقِلَّتُهُ فَإِنَّ جَرْيَهُ عِنْدَ كَثْرَتِهِ أَقْوَى مِنْ جَرْيِهِ عِنْدَ قِلَّتِهِ فَيُرْجَعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا قَالُوا إنَّ جَرْيَهُ عِنْدَ كَثْرَتِهِ خَمْسَ دُرَجٍ يَعْدِلُ جَرْيَهُ عِنْدَ قِلَّتِهِ ثَمَانَ دُرَجٍ عُمِلَ بِذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ جَرْيُهُ بِاللَّيْلِ فَإِنَّ جَرْيَهُ بِاللَّيْلِ أَكْثَرُ مِنْ جَرْيِهِ بِالنَّهَارِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ إنَّهُ يُقْسَمُ مَاءُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ وَمَاءُ النَّهَارِ وَحْدَهُ. (ص) وَأُقْرِعَ لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَا أَسْقِي زَرْعِي أَوْ نَخْلِي أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَجْرِي لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يَرْوِيَ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَذَلِكَ إلَى آخِرِهِمْ وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ أَنْ يَجْعَلَ أَوْرَاقَ بِعَدَدِ الشُّرَكَاءِ وَيَكْتُبَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ ثُمَّ يُعْطِيَ الْأَوْرَاقَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي الَّتِي أُعْطِيت أَوَّلًا بُدِئَ بِهِ ثُمَّ مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي الَّتِي أُعْطِيت ثَانِيًا وَهَكَذَا. (ص) وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ أَوْ إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةَ أَرْضٍ سَوَاءٌ كَانَ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا أَوْ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ وَحَصَلَ فِيهَا سَمَكٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَصِيدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ السَّمَكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الْبَحْرِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَالصَّيْدَ أَيْضًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ كَانَا كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ فَمَنْ سَبَقَ لَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَسَوَاءٌ طَرَحَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ فَتَوَالَدَتْ أَوْ جَرَّهَا الْمَاءُ إلَى تِلْكَ الْأَرْضِ، وَأَمَّا السَّمَكُ الَّذِي فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْأَرَاضِيِ الَّتِي لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَصِيدُ مِنْهَا بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ عَدَمُ مَنْعِ الصَّيْدِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ صَادَ الْمَالِكُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا تُمْلَكُ وَإِنَّمَا هِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ، وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ الْحَقِيقِيَّةُ فَلَهُ الْمَنْعُ أَوْ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَالِكُ الصَّيْدَ بِنَفْسِهِ فَلَهُ الْمَنْعُ فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مَطْوِيٌّ فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يُتَوَهَّمُ مَنْعُهُ أَيْ: وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ مِنْ مِلْكِهِ وَإِذَا بُنِيَ يُمْنَعُ لِلْفَاعِلِ فَالْفَاعِلُ يُقَدَّرُ مُسْتَحِقٌّ مَثَلًا لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مُسْتَحِقُّ مَاءٍ صَيْدَ سَمَكٍ إلَخْ أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَنْعُ وَفِي الْأُمَّهَاتِ لَا أُحِبُّ فَحَمَلَهَا الشُّيُوخُ عَلَى الْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةَ هَكَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ إنْ قُلْت قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ يُنَافِي قَوْلَهُ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ؛ إذْ هِيَ لَا تُمْلَكُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَأَرْضُ الْعَنْوَةِ تُمْلَكُ مَنْفَعَتُهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ صَيْدُ السَّمَكِ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَوْ غَيْرِهَا طُرِحَتْ فَتَوَالَدَتْ أَوْ جَرَّهَا الْمَاءُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي مِلْكِهِ وَيَضُرُّ بِهِ الصَّيْدُ بِأَنْ يَطَّلِعَ الصَّائِدُ عَلَى حَرِيمِهِ أَوْ يَفْسُدَ زَرْعُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالتَّأْوِيلَانِ ضَعِيفَانِ. (ص) وَلَا كَلَأٌ بِفَحْصٍ وَعَفَاءٍ لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ بِخِلَافِ مَرْجِهِ وَحِمَاهُ (ش) كَلَأٌ مُنَوَّنٌ مَعْطُوفٌ عَلَى صَيْدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الْمَرْعَى مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي فَحْصِهِ وَالْفَحْصُ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تَرَكَ رَبُّهَا زَرْعَهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا وَقَالَ عِيَاضٌ الْكَلَأُ مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ الْعُشْبُ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الْمَوَاشِي، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَرْعَى الْكَلَأَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ الْعَافِيَةِ فَالْعَفَاءُ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي أُعْفِيَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ الْبَوَارِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْمَنْعِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ أَمَّا إذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ) كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ صَحِيحٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْقَلْدِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا تَبِعَ ابْنَ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَدْ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ الْجَرَّةُ الْمَوْضُوعُ فِيهَا الْمَاءُ الْمَثْقُوبَةُ مِنْ أَسْفَلِهَا أَيْ قِدْرٌ يُثْقَبُ وَيُجْعَلُ فِيهِ مَاءٌ عَلَى أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا فَيُجْعَلُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثُ جِرَارٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ جَرَّتَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ جَرَّةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّهُ يُقْسَمُ مَاءُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى أُسْلُوبٍ يُفِيدُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَرْوِيَ لِلْكَعْبَيْنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الشُّرَكَاءِ فِي مِلْكِ الْمَاءِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ فَالْقَسْمُ بِالْقَلْدِ فَقَوْلُهُ حَتَّى يَرْوِيَ لِلْكَعْبَيْنِ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَلْدِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعْطِيَ الْأَوْرَاقَ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْرَاقَ تُسَلَّمُ لِيَدِ أَمِينٍ ثُمَّ يُخْرِجُ وَرَقَةً وَيَنْظُرُ فِي اسْمِ صَاحِبِهَا فَمَنْ ظَهَرَ اسْمُهُ فِي الْأُولَى قُدِّمَ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى النَّظَرِ فِي الثَّالِثَةِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَطْ مَثَلًا. (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَصِيدَ إلَخْ) أَيْ: فَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ حَيْثُ لَمْ يَصِدْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) هَذَا الْحِلُّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ مِنْ مِلْكِهِ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ بِلَا خِلَافٍ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ لَا خِلَافَ فِيهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ) أَيْ: لِمَنْ أَعْطَاهَا لَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا إمْتَاعًا. (قَوْلُهُ أَوْ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَخْ) بِهَذَا يُعْرَفُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّأْوِيلِ الْمَطْوِيِّ (قَوْلُهُ يُقَدَّرُ مُسْتَحِقٌّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَتَى جَعَلَ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَالْفَاعِلُ مُسْتَحِقٌّ بِبِنْيَتِهِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ. . (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا) أَيْ: وَلَمْ يَقْصِدْ تَرْكَهَا لِأَجْلِ الرَّعْيِ بَلْ أَعْرَضَ عَنْهَا رَأْسًا بِخِلَافِ الْحِمَى فَإِنَّهُ تُرِكَ لِأَجْلِ الرَّعْيِ فِيهِ بِدُونِ زَرْعٍ (قَوْلُهُ الْعِشْبِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ هُوَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ يَابِسًا كَانَ أَوْ رَطْبًا وَالْعُشْبُ الْكَلَأُ الرَّطْبُ (قَوْلُهُ فَالْعَفَاءُ) أَيْ: بِالْمَدِّ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ أُعْفِيَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ) أَيْ: تُرِكَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْبَوَارِ أَيْ: تُرِكَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ بِدُونِ قَصْدٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 كَانَ ذَلِكَ مُكْتَنِفًا بِزَرْعِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ فِي تَخَلُّصِ النَّاسِ إلَيْهِ بِمَوَاشِيهِمْ وَدَوَابِّهِمْ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ رَعْيِهِ، وَأَمَّا الْكَلَأُ الَّذِي فِي مَرْجِهِ وَفِي حِمَاهُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيَبِيعَهُ لِمَنْ شَاءَ وَالْمَرْجُ وَالْحِمَى هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تَرَكَهَا صَاحِبُهَا لِأَجْلِ الرَّعْيِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَهُ الْمَنْعُ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي حُظِرَ عَلَيْهَا وَبِعِبَارَةٍ الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَمَرْجِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَرْجٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْجَ مَحَلُّ رَعْيِ الدَّوَابِّ أَيْ: بِخِلَافِ حِمَاهُ (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْوَقْفُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَأَعْقَبَهُ لِلْإِحْيَاءِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ فِيهِمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ يَدْفَعُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوَقْفِ وَالْمُحْيِي لِلْأَرْضِ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ الْوَقْفُ مَصْدَرُ أَوْقَفْتُ الْأَرْضَ وَغَيْرَهَا أُوقِفُهَا هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ وَالْوَقْفُ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ تَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت وَإِنَّمَا حَبَسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَسُمِّيَ وَقْفًا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَوْقُوفَةٌ وَحَبْسًا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مُحْبَسَةٌ انْتَهَى وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ حَقِيقَتَهُ الْعُرْفِيَّةَ فَقَالَ الْوَقْفُ مَصْدَرًا إعْطَاءُ مَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِمًا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ وَلَوْ تَقْدِيرًا فَيَخْرُجُ عَطِيَّةُ الذَّوَاتِ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَبْدُ الْمُخْدِمُ حَيَاتَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ لُزُومِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ وَلِجَوَازِ بَيْعِهِ بِرِضَاهُ مَعَ مُعْطَاهُ وَاسْمًا مَا أُعْطِيت مَنْفَعَتُهُ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِمًا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ وَلَوْ تَقْدِيرًا انْتَهَى. الْمُرَادُ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ يُعَبِّرُ بِالْحَبْسِ وَبَعْضَهُمْ يُعَبِّرُ بِالْوَقْفِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَقْوَى فِي التَّحْبِيسِ وَهُمَا فِي اللُّغَةِ لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ وَالْحَبْسُ يُطْلَقُ عَلَى مَا وُقِفَ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْإِعْطَاءُ فَذَكَرَ الشَّيْخُ عَلَى عَادَتِهِ الْحَدَّيْنِ وَقَوْلُهُ مَصْدَرًا مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَقَوْلُهُ إعْطَاءُ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ إعْطَاءَ ذَاتٍ كَالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ شَيْءٍ وَلَمْ يَقُلْ مَنْفَعَةِ مَالٍ أَوْ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ أَعَمُّ لَكِنَّهُ رَأَى تَخْصِيصَهُ بِمَا فِي كَلَامِهِ مِنْ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَذَلِكَ يَخُصُّ الشَّيْءَ بِالْمُتَمَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَقْدِيرًا يُحْتَمَلُ وَلَوْ كَانَ الْمِلْكُ تَقْدِيرًا كَقَوْلِهِ إنْ مَلَكْت دَارَ فُلَانٍ فَهِيَ حَبْسٌ وَيُحْتَمَلُ وَلَوْ كَانَ الْإِعْطَاءُ تَقْدِيرًا كَقَوْلِهِ دَارِي حَبْسٌ عَلَى مَنْ سَيَكُونُ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ التَّعْلِيقُ. وَأَرْكَانُ الْوَقْفِ أَرْبَعَةٌ: الْعَيْنُ الْمَوْقُوفَةُ، وَالصِّيغَةُ، وَالْوَاقِفُ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. فَالْمُؤَلِّفُ أَشَارَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ إلَخْ وَإِلَى الصِّيغَةِ بِقَوْلِهِ بِحُبِسَتْ إلَخْ وَأَسْقَطَ الْوَاقِفَ وَعَكَسَ فِي الْهِبَةِ فَذَكَرَ الْوَاهِبَ وَأَسْقَطَ الْمَوْهُوبَ فَمَا أَسْقَطَهُ هُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَمَا أَسْقَطَهُ هُنَاكَ يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا فَإِنَّ الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ بَلْ سَائِرُ أَبْوَابِ التَّبَرُّعَاتِ كَذَلِكَ وَأَشَارَ هُنَا إلَى الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِقَوْلِهِ (ص) صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ (ش)   [حاشية العدوي] تَبْوِيرِهَا لِكَوْنِهَا لَا تَقْبَلُ الزِّرَاعَةَ كَأَرْضِ الْخِرْسِ وَلِذَا فَسَّرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْعَفَاءَ هُنَا بِالدَّارِسِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي لَا تُزْرَعُ وَقَالَ إنَّهُ جَمْعُ عَافٍ (قَوْلُهُ مُكْتَنَفًا) بِفَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ وَالْمَرْجُ وَالْحِمَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَرْجَ وَالْحِمَى مُتَرَادِفَانِ (قَوْلُهُ الَّتِي حُظِرَ عَلَيْهَا) أَيْ: جُعِلَ عَلَيْهَا زَرْبًا مَثَلًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الْمُصَنَّفِ مَنْطُوقًا لَكِنَّهَا مَفْهُومَةٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَنْعُ الْكَلَأِ إذَا اكْتَنَفَهُ زَرْعُهُ فَأَحْرَى الْأَرْضُ الْمُحْظَرُ عَلَيْهَا بِالْحِيطَانِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ [بَاب الْوَقْفُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْعَيْنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَعْقَبَهُ تَضَمَّنَ أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ جَمْعِيَّتُهُ مَعَهُ الَّتِي هِيَ فِي الْوَاقِعِ صَادِقَةٌ بِكُلٍّ مِنْ تَعْقِيبِهِ عَنْ الْإِحْيَاءِ وَبِسَبْقِيَّتِهِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِكَوْنِ الْعَيْنِ عِلَّةً لِلْجَمْعِيَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أُوقِفُهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ وَعَدَ أَيْ:؛ لِأَنَّ قِيَاسَ مَصْدَرِ الثَّلَاثِي الْمُتَعَدِّي فَعْلٌ، وَأَمَّا أَوْقَفَ فَمَصْدَرُهُ إيقَافٌ وَالْمُشْتَهِرُ التَّعْبِيرُ بِوَقْفٍ لَا بِإِيقَافٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَوْقُوفَةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي اللَّفْظِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَوْقُوفَةٌ مَعْنَى مُحْبَسَةٍ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ عَطِيَّةُ الذَّوَاتِ) خَرَجَ هَذَا بِقَوْلِهِ مَنْفَعَتُهُ وَقَوْلُهُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعُمْرَى خَرَجَا بِقَوْلِهِ مُدَّةَ وُجُودِهِ وَقَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْمُخْدِمُ حَيَاتَهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَازِمًا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ وَقَوْلُهُ يَمُوتُ إلَخْ كَأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالْأَصْلُ وَخَرَجَ الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ حَيَاتَهُ لِعَدَمِ لُزُومِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ إلَّا أَنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ وَقْفِ الْحَيَوَانِ لِوُجُودِ تِلْكَ الْعِلَّةِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ الْحَيَوَانِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ وَلِجَوَازِ كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ. (قَوْلُهُ مُدَّةَ وُجُودِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى الصَّوَابِ بَلْ يَجُوزُ الْوَقْفُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَلَا يُشْتَرَطُ التَّأْبِيدُ (قَوْلُهُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَقْوَى) وَضَّحَ ذَلِكَ تت بِقَوْلِهِ وَعُبِّرَ بِالْوَقْفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ دُونَ الْحُبْسِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ؛ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ لِإِفَادَتِهِ التَّأْبِيدَ مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةٍ وَقَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَهُمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ مَالٍ أَوْ مُتَمَوَّلٍ) مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّيْءَ أَعَمُّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِهَذَا الْأَعَمِّ فَلِمَ ارْتَكَبَهُ (قَوْلُهُ إنْ مَلَكْت دَارَ فُلَانٍ) أَيْ: إنْ قُدِّرَ أَنِّي مَلَكْته وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ وَلَوْ كَانَ الْإِعْطَاءُ تَقْدِيرًا كَقَوْلِهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ دَارِي حَبْسٌ إلَخْ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ إنْ وُجِدَ فُلَانٌ فَدَارِي حَبْسٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا أَيْ: الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَالْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ التَّعْلِيقُ بِمَعْنَى الْمُعَلَّقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ عَلَى هَذَا مُعَلَّقٌ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَهُوَ بِمَعْنَى الْفَرْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَمْلُوكَ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَلْزَمُ وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَأَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مَا تُمْلَكُ ذَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، وَوَقْفُ الْآبِقِ صَحِيحٌ وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْلُوكِ الْعَقَارُ وَالْمُقَوَّمُ وَالْمِثْلِيُّ وَالْحَيَوَانُ وَالصِّحَّةُ فِي الْعُقُودِ تُرَتِّبُ آثَارَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَعَبَّرَ بِصَحَّ دُونَ جَازَ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ أَيْ صَحَّ وَنُدِبَ وَلَزِمَ وَوُقِفَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ الْقَسْمَ وَيُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ إنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لِشَرِيكِهِ الْبَيْعَ فَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ يُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَرَادَهُ الشَّرِيكُ وَيُجْعَلُ الثَّمَنُ فِي مِثْلِهِ وَهَلْ يُجْبَرُ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ. (وَإِنْ بِأُجْرَةٍ) إلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ الذَّاتَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بِأُجْرَةٍ وَأُسْنِدَ الْمِلْكُ لِلذَّاتِ لِمِلْكِ مَنَافِعِهَا أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ مَمْلُوكٍ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ حَبْسٍ لِتَعَلُّقِ الْحَبْسِ بِهَا وَمَا تَعَلَّقَ الْحَبْسُ بِهِ لَا يُحْبَسُ كَالْخَلَوَاتِ وَأَيْضًا هِيَ لَا تَدْخُلُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ) بُحِثَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَمْلُوكَ هُوَ مَا يَقْبَلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِكُلِّ وَجْهٍ جَائِزٍ وَجِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاخْتِصَاصِ لَا مِنْ بَابِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ وَالصِّحَّةُ فِي الْعُقُودِ تُرَتِّبُ آثَارَ الشَّيْءِ عِلِّيّه) أَيْ: فَصِحَّةُ الْعَقْدِ تُرَتِّبُ أَثَرَهُ عَلَيْهِ أَيْ: مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَصْدُوقَ الشَّيْءِ الْعَقْدُ فَإِذَنْ لَوْ قَالَ وَالصِّحَّةُ فِي الْعُقُودِ تُرَتِّبُ آثَارَهَا عَلَيْهَا لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ) وَقَدْ تَعْرِضُ الْحُرْمَةُ أَوْ الْكَرَاهَةُ وَيَتَعَذَّرُ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ وَوَقْفُ مِلْكِ الْغَيْرِ إلَخْ) هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَأَفَادَ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي ك أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِمَالِ الْغَيْرِ لَا نَبْغِي أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا كَالْبَيْعِ؛ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ قَائِلًا وَلَا يُغْتَرُّ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِصَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ وَقْفَ مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ صِحَّةً تَامَّةً بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ اهـ. أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِيهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَيْعِهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ بَاعَ (قَوْلُهُ وَأُسْنِدَ الْمِلْكُ لِلذَّاتِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ مَا يَشْمَلُ الذَّاتَ وَالْمَنْفَعَةَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ هَذَا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا بِثَمَنٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا بِأُجْرَةٍ فَالْمَمْلُوكُ بِالثَّمَنِ هُوَ الذَّاتُ وَالْمَمْلُوكُ بِالْأُجْرَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ. (قَوْلُهُ كَالْخَلَوَاتِ) أَيْ: الْمَنْفَعَةُ الَّتِي هِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْخُلُوِّ مَوْقُوفَةٌ اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ يُصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ آيِلًا لِلْخَرَابِ فَيُكْرِيَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْحَانُوتُ مَثَلًا يُكْرَى بِثَلَاثِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَصَارَتْ الْمَنْفَعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَمَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ الْمَصْرُوفَةَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ هُوَ الْخُلُوُّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَيْعُ وَالْوَقْفُ وَالْإِرْثُ وَالْهِبَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَيُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلَا يَسُوغُ لِلنَّاظِرِ إخْرَاجُهُ مِنْ الْحَانُوتِ وَلَوْ وُقِّعَ عَقْدُ الْإِيجَارِ عَلَى سِنِينَ مُعَيَّنَةٍ كَتِسْعِينَ سَنَةً وَلَكِنَّ شَرْطَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ رِيعٌ يُعَمَّرُ بِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لِمَسْجِدٍ مَثَلًا حَوَانِيتُ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِلتَّكْمِيلِ أَوْ عِمَارَةٍ وَيَكُونُ الدُّكَّانُ يُكْرَى مَثَلًا الشَّهْرُ بِثَلَاثِينَ نِصْفًا وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ رِيعٌ يُكَمَّلُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُعَمَّرُ بِهِ فَيَعْمِدُ النَّاظِرُ إلَى السَّاكِنِ فِي الْحَوَانِيتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ يُعَمِّرُ بِهِ الْمَسْجِدَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورَةَ شَرِكَةٌ بَيْنَ صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ بِحَسْبِ مَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَالنَّاظِرُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ كَمَا أَفَادَهُ عج الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ مُحْبَسَةٌ فَيَسْتَأْجِرُهَا مِنْ النَّاظِرِ وَيَبْنِي فِيهَا دَارًا مَثَلًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثَلَاثِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ وَلَكِنَّ الدَّارَ تُكْرَى بِسِتِّينَ نِصْفَ فِضَّةٍ مَثَلًا فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُقَابِلُ الثَّلَاثِينَ الْأُخْرَى يُقَالُ لَهَا خُلُوٌّ وَإِذَا اشْتَرَكَ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ جَمَاعَةٌ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ بَيْعَ حِصَّتِهِ فِي الْبِنَاءِ فَلِشُرَكَائِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْبِنَاءِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ الْإِصْلَاحُ عَلَى النَّاظِرِ وَصَاحِبِ الْخُلُوِّ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ وَفِي الْأَخِيرَةِ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَحْدَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ إذْ مَالِكُ الِانْتِفَاعِ يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُوهِبُ وَلَا يُعِيرُ وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ تِلْكَ الثَّلَاثَةُ مَعَ انْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكَ الِانْتِفَاعِ يَقْصِدُ ذَاتَه مَعَ وَصْفِهِ كَإِمَامٍ وَخَطِيبٍ وَمُدَرِّسٍ وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الِانْتِفَاعَ بِالذَّاتِ أَيْ مُنْتَفِعٌ كَمُسْتَعِيرٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ إعَارَتِهِ ثُمَّ إنَّ مَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَلِكَ يُورَثُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُشَاهَرَةً وَالْإِجَارَةُ لِغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُرْفَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنَّ الْأَحْكَارَ مُسْتَمِرَّةٌ لِلْأَبَدِ وَإِنْ عُيِّنَ فِيهَا وَقْتُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً فَهُمْ لَا يَقْصِدُونَ خُصُوصَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَالْعُرْفُ عِنْدَنَا كَالشَّرْطِ فَمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا مُدَّةً وَمَضَتْ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَمْرَ الْوَقْفِ إخْرَاجُهُ نَعَمْ إنْ حَصَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَصْدِ عَلَى زَمَنِ الْإِجَارَةِ لَا عَلَى الْأَبَدِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ نَحْوَ أَنَّ مُدَّةَ الِاحْتِكَارِ كَذَا وَكَذَا اهـ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخُلُوَّ اسْمٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي جُعِلَ فِي مُقَابَلَتِهَا الدَّرَاهِمُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَقْفَ الْأُجْرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عج وَغَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمُخَالَفَةُ عج لِغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ فِي وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ وَالْحَقُّ مَعَ غَيْرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَقَّقَ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ بَعْضُهَا مَوْقُوفٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ مَوْقُوفٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْخُلُوِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَقْفُ أَمَّا إنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ خُلُوٌّ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 فِي قَوْلِهِ مَمْلُوكٍ؛ إذْ الْمُرَادُ مَمْلُوكٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ (ص) وَلَوْ حَيَوَانًا وَرَقِيقًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَمْلُوكِ الَّذِي وَقْفُهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ حَيَوَانًا نَاطِقًا أَوْ صَامِتًا وَعَطْفُ الرَّقِيقِ عَلَى حَيَوَانًا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَلِذَا عَطَفَهُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ وَلَا بَأْسَ بِوَقْفِ الثِّيَابِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (ص) كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى لَمْ يُقْصَدْ ضَرَرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ لِخِدْمَةِ الْمَرْضَى بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ سَيِّدُهُ الضَّرَرَ لَهُ بِوَقْفِهِ عَلَيْهِمْ أَمَّا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ فَقَصْدُ الضَّرَرِ يَكُونُ بِوَقْفِهِ عَلَى الْمَرْضَى لَا بِإِحْرَامِهِ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْضَى وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْأَمَةُ وَلَا يَطَؤُهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ الْمَمْلُوكَةَ الْمَنَافِعُ لِلْغَيْرِ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لِسَيِّدِهَا كَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمَرْهُونَةِ وَنَحْوِهِمَا. (ص) وَفِي وَقْفٍ كَطَعَامٍ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ كَانَ طَعَامًا أَوْ نَقْدًا هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ أَمْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ فَأَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ يَقُولُ بِالْجَوَازِ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا إذَا وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ؛ لِأَنَّهَا تَطُولُ إقَامَتُهَا وَنَزَلَ رَدُّ بَدَلِ مَا اُنْتُفِعَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ دَوَامِ الْعَيْنِ وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لَا يَجُوزُ وَقْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَالْوَقْفُ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ وُقِفَ لِيُنْتَفَعَ بِهِ وَيُرَدُّ بَدَلُهُ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ ثُمَّ إنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ وَقْفِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالطَّعَامِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّامِلِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا حَكَى الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ حَكَى الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ بِقِيلِ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ. (ص) عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ حُكْمًا كَالْمَسْجِدِ أَوْ حِسًّا كَالْآدَمِيِّ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مَا جَازَ صَرْفُ مَنْفَعَةِ الْحَبْسِ لَهُ أَوْ فِيهِ اهـ. فَقَوْلُهُ عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِالتَّمَلُّكِ وَالْوَاقِفُ يَتَّصِفُ بِالتَّمْلِيكِ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِتَقْدِيرِ أَيْ: عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمْلِيكِ لَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ كَالْأَعْقَابِ وَيَشْمَلُ الْعَاقِلَ وَغَيْرَهُ وَالْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ فَقَوْلُهُ (كَمَنْ سَيُولَدُ) مِثَالٌ لِقَوْلِهِ عَلَى أَهْلٍ أَيْ: وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ؛ إذْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِحَالِ الْوَقْفِيَّةِ لَكِنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَإِنْ وُلِدَ لَزِمَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الصِّحَّةِ. (ص) وَذِمِّيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ؛ إذْ هُوَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى أَهْلٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الذِّمِّيِّ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَفِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ أَجْرٌ، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُرَادُ بِالذِّمِّيِّ مَا عَدَا الْحَرْبِيَّ فَيَدْخُلُ مَا كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا. (ص) وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مِنْ بَابِ الْعَطَايَاتِ وَالْهِبَاتِ لَا مِنْ بَابِ الصَّدَقَاتِ وَلِهَذَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي صَحَّ وَعَبَّرَ بِقُرْبَةٍ دُونَ طَاعَةٍ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةٌ بِخِلَافِ الطَّاعَةِ وَكِلَاهُمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْفِيَّ الظُّهُورُ لِلْقُرْبَةِ كَمَا   [حاشية العدوي] وَقْفٍ لِمَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَى كَنِيسَةٍ مَثَلًا قَطْعًا بِالْعَقْلِ وَالنَّقْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَيَوَانًا وَرَقِيقًا) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ مَنَعَ وَقْفَهُمَا (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ بِالْمَنْعِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يَقْصِدَ بِوَقْفِ هَذَا الْعَبْدِ مَزِيدَ الرِّفْقِ بِهِمْ لِوُفُورِ صَبْرِهِ عَلَى خِدْمَتِهِمْ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْقُرْبَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ صَحَّ كَمَا فِي عب وَقَوْلُهُ يَكُونُ بِوَقْفِهِ أَيْ أَنَّ قَصْدَ الضَّرَرِ إذَا وُجِدَ لَا يَكُونُ إلَّا بِوَقْفِهِ عَلَى الْمَرْضَى وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا كَالْمُؤَجَّرَةِ. (قَوْلُهُ فَأَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ يَقُولُ بِالْجَوَازِ) أَيْ وَالتَّرَدُّدُ الثَّانِي عَدَمُ الْجَوَازِ الْمُحْتَمِلُ لِلْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ عج ثُمَّ أَقُولُ وَالْمَنْعُ قَدْ يُجَامِعُهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْبُطْلَانَ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ أَنْ يَقُولَ فَأَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي بِعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ احْتَمَلَ الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُهُ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَخْ أَيْ: بِأَنْ وُقِفَ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْمَذْهَبَ أَيْ: الْمُعْتَمَدَ وَقَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنْ يُقَالَ إنَّ الطَّرَفَ الثَّانِيَ مِنْ التَّرَدُّدِ الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُهُ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَدُلَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ وَقْفِهَا وَالرُّجْحَانُ وَعَدَمُهُ أَمْرٌ آخَرُ اهـ. لَكِنْ أَقُولُ الظَّاهِرُ مِنْهُ الصِّحَّةُ ثُمَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ شَاسٍ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَنَقَلَ عَنْ الْبَيَانِ الْكَرَاهَةَ قَائِلًا وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِلصِّحَّةِ فَالتَّرَدُّدُ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْمَذْكُورُ وَتَبِعَهُ عب عَلَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي غَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بَلْ فِي الطَّعَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غِيبَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَيَجُوزُ وَقْفُهُمَا لِلسَّلَفِ قَطْعًا وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْكُلِّ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ مَنْفَعَةِ الْحَبْسِ لَهُ) وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ فِيهِ أَيْ: وَهُوَ الْمَسْجِدُ أَوْ الْقَنْطَرَةُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْوِلَادَةِ إلَخْ) هَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي وَقْفِيَّتِهِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ وَقْفُهُ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ لَزِمَ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ بَطَلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَلَّةَ تُوقَفُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْهُ فَلَا تُوقَفُ وَتُرَدُّ الْغَلَّةُ وَالْوَقْفُ لِلْمَالِكِ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مَانِعٌ كَمَوْتِهِ بَطَلَ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لَا مِنْ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا لَا بُدَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْقُرْبَةِ حَاصِلٌ فِي الْوَقْفِ مُطْلَقًا كَيْفَ وَهُوَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْبَابِ كَمَا اقْتَضَاهُ حَلُّ الشَّارِحِ لَا لِلذِّمِّيِّ فَقَطْ أَيْ: بَلْ لِمَا هُوَ أَعَمُّ كَالْوَقْفِ عَلَى أَغْنِيَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى أَغْنِيَاءِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ الْأَقَلِّ حَاجَةً مِمَّا عَدَاهَا مَثَلًا. (ص) أَوْ يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ غَلَّتِهِ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَصْرِفَهَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ لَا عَلَى مَدْخُولِ لَمْ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ إذْ لَا يُبَالِغُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ قَالَ أَوْ اشْتَرَطَ تَسْلِيمَ غَلَّتِهِ مِنْ نَاظِرِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَلَى النَّاظِرِ أَنَّهُ الَّذِي يَقْبِضُ الْغَلَّةَ وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفِهَا الشَّرْعِيَّةِ الْمُطَابِقَةِ لِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَلَّةِ لَا يُبْطِلُ حَوْزَ الْوَقْفِ وَمَفْهُومُ لِيَصْرِفَهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِيَأْكُلَهَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ كَذَا يَنْبَغِي. (ص) أَوْ كَكِتَابٍ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ فِي مَصْرِفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ كِتَابًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَحِيزَ الْكِتَابُ عَنْهُ فَقَدْ صَحَّ الْوَقْفُ، فَإِذَا عَادَ ذَلِكَ الْكِتَابُ إلَى يَدِ وَاقِفِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ كَغَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي حَوْزِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ مَا عَادَ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الْحَوْزِ فَالضَّمِيرُ فِي صَرْفِهِ وَمَصْرِفِهِ يَعُودُ عَلَى الْكِتَابِ وَقَدْ نَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ حُكْمُ الْكُتُبِ تُحْبَسُ لِيُقْرَأَ فِيهَا حُكْمَ الْخَيْلِ تُحْبَسُ لِيَغْزُوَ عَلَيْهَا وَالسِّلَاحِ لِيُقَاتِلَ بِهَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ حَبَسَ فِي صِحَّتِهِ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ مِثْلَ السِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَشَبَهِ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْفِذْهَا وَلَا أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ مِيرَاثٌ وَإِنْ كَانَ يُخْرِجُهُ فِي وَجْهِهِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَهُوَ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ فَمَا أُخْرِجَ فَهُوَ نَافِذٌ وَمَا لَمْ يُخْرَجْ فَهُوَ مِيرَاثٌ اهـ.، وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ مَا حَبَسَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ مِنْ حَائِطٍ أَوْ دَارٍ أَوْ شَيْءٍ لَهُ غَلَّةٌ فَكَانَ يُكْرِيهِ وَيُفَرِّقُ غَلَّتَهُ كُلَّ عَامٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ يُوصِي بِإِنْفَاذِهِ فِي مَرَضِهِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ فَقَوْلُهُ أَوَكَكِتَابِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ بَعْدَ حَذْفِ كَانَ وَاسْمِهَا أَيْ: أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ كَكِتَابٍ مِمَّا لَا غَلَّةَ لَهُ. (ص) وَبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ بَاطِلٌ كَمَنْ وَقَفَ عَلَى شَرْبَةِ الْخَمْرِ وَأَكْلَةِ الْحَشِيشِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ الْبَاجِيُّ لَوْ حَبَسَ مُسْلِمٌ عَلَى كَنِيسَةٍ فَالْأَظْهَرُ عِنْدِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّهَا   [حاشية العدوي] عَلَى هَذَا تَكُونُ الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ شَيْئًا وَاحِدًا وَلِشَيْخِ الْإِسْلَامِ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الطَّاعَةَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ نِيَّةٌ وَلَا عُرِفَ الْمُمْتَثَلُ لَهُ وَالْعِبَادَةُ مَا تَوَقَّفَ عَلَى نِيَّةٍ وَعُرِفَ الْمَعْبُودُ وَالْقُرْبَةُ مَا عُرِفَ الْمُتَقَرَّبُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ نِيَّةٌ فَتَنْفَرِدُ الطَّاعَةُ فِي النَّظَرِ الْمُؤَدِّي لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَتَنْفَرِدُ الْقُرْبَةُ فِي أَدَاءِ دَيْنٍ وَغُسْلِ نَجَاسَةٍ كَذَا فِي عب لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَيْفَ يُطَاعُ أَيْ: يُمْتَثَلُ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَنْفِيُّ الْمَعْرِفَةُ الَّتِي هِيَ الْجَزْمُ بِالْحَقِّ بِالدَّلِيلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْجَزْمَ بِالْحَقِّ الْخَالِي عَنْ الدَّلِيلِ حَاصِلٌ فَيَحْصُلُ بِهِ الِامْتِثَالُ (قَوْلُهُ كَيْفَ وَهُوَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا قَبْلَهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعَاتِ لَا مِنْ بَابِ الصَّدَقَاتِ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَارْتَضَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ شَاسٍ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا وَالْأَظْهَرُ جَرْيُهَا عَلَى حُكْمِ الْوَصِيَّةِ أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةُ الْوَصِيَّةِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَقَالَ تت وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ الصِّلَةِ تَرَحُّمٌ كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ وَأَرَاهُ حَسَنًا، وَأَمَّا لِغَيْرِ هَذَا فَلَا يَتِمُّ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَلَيْسَ هُنَاكَ صِلَةُ رَحِمٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا عَلَى فُقَرَائِهِمْ أَوْ عَلَى رَحِمٍ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَجَائِزٌ. (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى) أَقُولُ الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْفَسَادِ عَدَمَ الْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بَعْدَ صَرْفِهِ فِي مَصْرِفِهِ) أَيْ: صَرْفِ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَلَوْ مُفَرَّقًا حَتَّى تَمَّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْجَوَازِ، وَأَمَّا صَرْفُ بَعْضِهِ فِي مَصْرِفِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ الْوَقْفُ وَإِنْ قَلَّ وَمَا لَا يَصْرِفُهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوَقْفُ إذَا كَانَ النِّصْفَ فَفَوْقَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَبَعًا لِمَا صُرِفَ فِي مَصْرِفِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ الَّذِي صُرِفَ فِي مَصْرِفِهِ لَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ وَحِيزَ الْكِتَابُ عَنْهُ) الْأَوْلَى وَصُرِفَ فِي مَصْرِفِهِ. (قَوْلُهُ يَنْتَفِعُ بِهِ كَغَيْرِهِ) قَالَ مُحَشَّيْ تت لَيْسَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حِيزَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَ بَلْ تَصْوِيرُهَا أَنَّهُ حَبَسَهُ وَأَبْقَاهُ تَحْتَ يَدِهِ وَهُوَ الْمُتَوَلِّي لِأَمْرِهِ فَيُخْرِجُهُ فِي مَصْرِفِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ لِحَوْزِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ حَبَسَ فِي صِحَّتِهِ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ مِثْلَ السِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْفِذْهَا وَلَا أَخْرَجَهَا حَتَّى مَاتَ فَهِيَ مِيرَاثٌ وَإِنْ كَانَ يُخْرِجُهُ فِي وُجُوهِهِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَهُوَ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ فَمَا أُخْرِجَ فَهُوَ نَافِذٌ وَمَا لَمْ يُخْرَجْ فَهُوَ مِيرَاثٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) فِي الْعِبَارَةِ سَقْطٌ أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ مَا نَصُّهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ وَصِيَّةٍ إلَّا أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ يُوصِيَ بِهِ بِإِنْفَاذِهِ فِي مَرَضِهِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ. (قَوْلُهُ أَكَلَةِ الْحَشِيشَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَكْلَ الْحَشِيشَةِ يُكْرَهُ لَا يَحْرُمُ فَلَعَلَّ ذَلِكَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَفِي شَرْحِ شب وَمَفْهُومُ عَلَى مَعْصِيَةِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ اُخْتُلِفَ فِي كَرَاهَتِهِ أَيْ: وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ، وَأَمَّا إنْ اُتُّفِقَ عَلَى كَرَاهَتِهِ فَقِيلَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَقِيلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 مَعْصِيَةٌ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا إلَى أَهْلِ السَّفَهِ اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَصِيرَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْوَاقِفِ يَمْلِكُهُ وَيَرِثُهُ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ وَإِلَى امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا لَعُصِّبَتْ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَقْفُ الْكَافِرِ عَلَى الْكَنِيسَةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى عُبَّادِهَا أَوْ مَرَمَّتِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَاَلَّذِي فِي السَّمَاعِ أَنَّ وَقْفَهُمْ عَلَى كَنَائِسِهِمْ بَاطِلٌ وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ هُوَ مَذْكُورٌ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ كَمَا قَالَ لَكِنْ قَالَ عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُنْفِذَ وَقْفَهُمْ سَوَاءٌ أَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا بَانَ مِنْ تَحْتِ أَيْدِيهِمْ أَمْ لَا وَلَهُمْ الرُّجُوعُ فِيهِ إذَا أَسْلَمُوا وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ إذَا بَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ ذَكَرَهُ عِنْدَ نَبْشِ قُبُورِ الْكُفَّارِ حِينَ نَبَشَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ بَنَى مَسْجِدَهُ فَيُرَاجَعْ. (ص) وَحَرْبِيٍّ وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْحَرْبِيِّ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بَاطِلَةٌ عَكْسُ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى حَرْبِهِ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْبِيِّ مَنْ كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ مُتَصَدِّيًا لِلْحَرْبِ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ وَقْفُ الْكَافِرِ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى رِبَاطٍ أَوْ قُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ الدِّينِيَّةِ وَلِذَلِكَ رَدَّ مَالِكٌ دِينَارَ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَيْهَا حَيْثُ بَعَثَتْ بِهِ إلَى الْكَعْبَةِ ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَصِحُّ الْحَبْسُ مِنْ كَافِرٍ فِي قُرْبَةٍ دِينِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ فَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ إنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ رُدَّ، فَقَوْلُهُ وَكَافِرٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ الْوَاقِعِ مُضَافًا إلَيْهِ تَقْدِيرُهُ وَبَطَلَ وَقْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ كَافِرٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقْفٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ هُنَا وَاقِفٌ لَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ. (ص) أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى بَنِيهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى بَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ يَصِحُّ فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْبَنَاتِ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَقْفِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا أَيْضًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ لِصُلْبِهِ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَى بَنِي بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِ بَنِيهِ، وَأَمَّا هِبَةُ الرَّجُلِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ مَالَهُ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ فَمَكْرُوهٌ وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ كُلَّهُ لِأَوْلَادِهِ وَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَإِنْ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَمَحَلُّ بُطْلَانِ.   [حاشية العدوي] يُجْعَلُ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَ عَلَيْهَا تَرَدُّدٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَزَمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي هَذَا بِالصِّحَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ مَعْصِيَةٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْضُهُ مَعْصِيَةً وَبَعْضُهُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ وَوَقَعَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمَا مَعًا فَظَاهِرُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ بِشَرِيكٍ أَنَّهُ إذَا حِيزَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَقْفِ عَلَى مَسْجِدٍ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ فِي مَرْتَبَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهَا كَالْوَقْفِ عَلَى الْكَنِيسَةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي السَّمَاعِ أَنَّ وَقْفَهُمْ عَلَى كَنَائِسِهِمْ بَاطِلٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى عُبَّادِهَا أَوْ مُرِمَّتِهَا فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ قَوْلُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَقْفُ الْكَافِرِ عَلَى عُبَّادِ الْكَنِيسَةِ أَمَّا عَلَى مُرِمَّتِهَا وَالْجَرْحَى وَالْمَرْضَى فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ إذَا أَرَادَ الْأُسْقُفُ بَيْعَهُ وَصَرْفَ ثَمَنِهِ فِي ذَلِكَ وَتُوَزَّعُ فِي ذَلِكَ وَتَرَافَعُوا إلَى الْحَاكِمِ مَعَ تَرَاضِيهِمْ بِحُكْمِنَا فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مَعَ إمْضَاءِ الْحَبْسِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ هَذَا حَاصِلُ مَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ فِي بَابِ الظِّهَارِ قَالَهُ شَيْخُنَا اللَّقَانِيِّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُنْفِذَ وَقْفَهُمْ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعُبَّادِ أَوْ عَلَى مُرِمَّتِهَا هَكَذَا ذَكَرَ اللَّقَانِيِّ كَلَامَ عِيَاضٍ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَالصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعِبَاد فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُرِمَّةِ وَالْجَرْحَى أَوْ الْمَرْضَى فَصَحِيحٌ وَمَعْمُولٌ بِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ حَاصِلُ مَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ فِي بَابِ الْجِهَادِ قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ جَعَلَهُ ضَعِيفًا ثُمَّ مَا قُلْنَاهُ فِي مَعْنَى كَلَامِ عِيَاضٍ يُنَاسِبُهُ السِّيَاقُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ فِي وَقْفِ الْكَافِرِ عَلَى الْقُرَبِ الدِّينِيَّةِ كَوَقْفِهِ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا لَا عَلَى كَنِيسَةٍ وَنَحْوِهَا. (قَوْلُهُ وَلَهُمْ الرُّجُوعُ فِيهِ إذَا أَسْلَمُوا) كَذَا فِي شب وَك (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى رِبَاطٍ إلَخْ) أَيْ: فَالْكَافُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِكَمَسْجِدٍ أَدْخَلَتْ مَا ذُكِرَ مِنْ الرِّبَاطِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا يَبْطُلُ بِنَاؤُهُ مَسْجِدًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بَعَثَتْ بِهِ إلَى الْكَعْبَةِ) أَيْ: لِيُصْرَفَ فِي طِيبِهَا مَثَلًا فَيَدُلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ دِينِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ) أَيْ: تَرَدُّدٌ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَأَمَّا الْقُرَبُ الدُّنْيَوِيَّةُ كَبِنَاءِ قَنَاطِرَ وَتَسْبِيلِ مَاءٍ وَنَحْوِهِمَا فَصَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَتُخْرَجُ مِنْهُ) أَيْ أَصْلًا وَلَوْ تَأَيَّمَتْ، وَأَمَّا لَوْ شُرِطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ وَإِنْ تَأَيَّمَتْ رَجَعَ لَهَا حَظُّهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْوَقْفُ بَاطِلًا وَإِنَّمَا بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ لِقَوْلِ مَالِكٍ إنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ: يُشْبِهُ عَمَلَهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ خَاصٌّ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ وَرَّثُوا الذُّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ فَصَارَ فِيهِ حِرْمَانُ الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ فَالْوَقْفُ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ يُشْبِهُ عَمَلَ الْجَاهِلِيَّةِ. (قَوْلُهُ دُونَ بَنَاتِ بَنِيهِ) أَيْ: وَدُونَ بَنَاتِ بَنَاتِهِ وَكَذَا فِي بَعْضِ بَنِيهِ دُونَ بَعْضِ بَنَاتِهِ وَفِي إخْوَتِهِ دُونَ أَخَوَاتِهِ أَوْ عَلَى بَنِي شَخْصٍ دُونَ بَنَاتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ وَقْفَهُ عَلَى بَعْضِ بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 الْوَقْفِ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ وَلَوْ مَالِكِيًّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ وَلَوْ شَاذًّا لَا يُنْقَضُ مَا عَدَا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ. (ص) أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ قَبْلَ عَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَسَ دَارَ سُكْنَاهُ أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا لَهُ غَلَّةٌ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَحِيزَتْ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ عَادَ لِسُكْنَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ لَهَا قَبْلَ مُضِيِّ عَامٍ مِنْ يَوْمِ التَّحْبِيسِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْحَبْسَ وَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ لَهَا بَعْدَ مُضِيِّ عَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْحَبْسَ؛ لِأَنَّهُ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الِاشْتِهَارُ هَذَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ إذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَلَوْ طَالَتْ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَهَذَا بِخِلَافِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا غَلَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ بِعَوْدِهِ لَهُ حَيْثُ صُرِفَ فِي مَصَارِفِهِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ أَوْ عَادَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: إنْ وَقَعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ عَادَ أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ ثَانِيًا وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ وَيُحَازُ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ وَحَصَلَ مَانِعٌ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ حَازَ حِيَازَةً تَامَّةً وَعَلَى مَحْجُورِهِ بَطَلَ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ إذَا أَشْهَدَ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَاهُ فَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ يَبْطُلُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ كَانَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ صَغِيرًا بَطَلَ وَادَّعَى ابْنُ نَاجِي أَنَّ مُقَابِلَهُ شَاذٌّ وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ شَاذٌّ نَظَرٌ. (ص) أَوْ جَهِلَ سَبْقَهُ لِدَيْنٍ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَوَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَقْفِ أَوْ هُوَ قَبْلَ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَاطِلًا وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ قَيْدٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي هَذِهِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ لِضَعْفِ حَوْزِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ حُزْنَا بِحَوْزِ أَبِينَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَلِهَذَا لَوْ حَازَ الْوَقْفَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ   [حاشية العدوي] بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ بَلْ رُبَّمَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الصُّورَةَ فَيُقَالُ عَلَى بَنِيهِ أَيْ جِنْسِ بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ جَمِيعًا وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَمُضِيُّهُ إذَا وَقَعَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ التَّنْزِيهِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافُ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا أَوْ جَاهِلًا) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِ أَوْ الْجَهْلِ فِي أَحْكَامِهِ أَيْ: فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ وَلَوْ شَاذًّا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهِ هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الْفِيشِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ عج فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ مَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ كَالْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجَارِ وَمَحَلُّ مُضِيِّ حُكْمِهِ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ حَيْثُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ الضَّعِيفِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي قُضَاةِ مِصْرَ اهـ. وَكَلَامُ عج ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ) وَهِيَ مَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ إلَخْ) وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ فَهُوَ حَرَامٌ قَطْعًا وَالثَّانِي الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا الثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ ذَلِكَ فَيَمْضِيَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُحَازُ فَيَرُدُّهُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ الرَّابِعُ مَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُحْبَسُ حَيًّا فَيَفْسَخُهُ وَيَجْعَلُهُ مُسَجَّلًا أَيْ: مُطْلَقًا لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُفْسَخْ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ سَحْنُونَ الْخَامِسُ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْحَبْسُ وَيُجْعَلُ مَسْجِدًا إذَا لَمْ يَأْبَ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَجُزْ فَسْخُهُ وَيُقَرُّ عَلَى مَا حُبِسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِرَدِّهِ وَهُمْ كِبَارٌ السَّادِسُ يَجُوزُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَبِالْعَكْسِ وَأَنْ يُسَاوِيَ فِيهِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَجَائِزٌ أَنْ تُقْطَعَ الْبَنَاتُ بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَمَا شُرِطَ مِنْ شَرْطِهِ مَضَى عَلَى شَرْطِهِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ نَافِعٍ وَالْبَاجِيِّ وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ وَهَبَ بَعْضَ بَنِيهِ دُونَ بَعْضٍ السَّابِعُ مَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ مَالِكٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ هِبَةِ الرَّجُلِ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ الْبَعْضِ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْهِبَةِ إنَّهَا نَافِذَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا تَصَدَّقَ عَلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ: فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَسْكُنُهُ بَلْ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ سُكْنَى؛ إذْ الِانْتِفَاعُ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِعَوْدِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ لِلِانْتِفَاعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي أَفَادَهُ مُحَشَّى تت أَنَّهُ حَيْثُ عَادَ لِلِانْتِفَاعِ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَالْغَلَّةِ فِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِهِ لِلْحَوْزِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَحْجُورِهِ بَطَلَ) وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ وَقَوْلُهُ وَمَا مَرَّ إلَخْ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ مَا قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ بِقَوْلِهِ إلَّا لِمَحْجُورِهِ وَأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِ الْقَوْلَيْنِ فِي الصِّحَّةِ فَيَكُونُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَادَتْ لِلْإِرْفَاقِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَنَّهَا مَتَى رَجَعَتْ بِإِرْفَاقٍ يَبْطُلُ اتِّفَاقًا وَعِبَارَةُ عب وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لَهُ بَعْدَ عَامٍ وَسَكَنَهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ؛ لِأَنَّ الْعَامَ هُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْإِشْهَادُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ عَلَى أَحَدِ مَشْهُورَيْنِ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ فَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ عَامٍ بِإِرْفَاقٍ يَبْطُلُ اتِّفَاقًا فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَبْطُلُ إنْ عَادَ لِانْتِفَاعِهِ لِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ مُطْلَقًا لَا بَعْدَهُ إلَّا عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ لَهُ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ) وَقَدْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْإِشْهَادِ وَصَرْفِ الْغَلَّةِ وَكَوْنِهَا غَيْرَ دَارِ سُكْنَاهُ اهـ. وَإِنَّمَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ وَلَوْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ وَمَحَلِّ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إذَا اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِ الْأَبِ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ حُزْنَا بِحَوْزِ أَبِينَا) أَيْ: فَالْحَائِزُ لَنَا أَبُونَا فَحَوْزُنَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ حَوْزَ الْأَبِ لَنَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 الْأَبِ فِي صِحَّتِهِ لَصَحَّ الْوَقْفُ كَالْوَلَدِ الْكَبِيرِ وَالْأَجْنَبِيِّ إذَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا الْحَبْسَ فِي صِحَّةِ الْأَبِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَالضَّمِيرُ فِي سَبَقِهِ لِلْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا وَقَعَ الْوَقْفُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ وَجُهِلَ تَقَدُّمُ الْحِيَازَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ. (ص) أَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ بِشَرِيكٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى النَّفْسِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْوَقْفُ كُلُّهُ بَاطِلًا إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَمَّا إنْ حِيزَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّمَا يَبْطُلُ مَا يَخُصُّ الْوَاقِفَ فَقَطْ وَيَصِحُّ مَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ وَيَكْفِي حَوْزُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي صِحَّةِ وَقْفِهَا حَيْثُ تَعَيَّنَتْ كَأَنْ يَقِفَ دَارَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى شَخْصٍ عَلَى أَنَّ لَهُ إحْدَاهُمَا مُعَيَّنَةٌ وَالْآخَرِ الْأُخْرَى، فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بُطْلَانِ الْوَقْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِصَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْحِصَّةِ الَّتِي لِلشَّرِيكِ فَتَجْرِي عَلَى مَسَائِلِ الْبَابِ فَإِنْ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُمْ إنَّ الصَّفْقَةَ إذَا جُمِعَتْ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا تَنْفَسِخُ كُلُّهَا خَاصٌّ بِالْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ حَبْسًا لِلْوَرَثَةِ. (ص) أَوْ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَيْ: مَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى غَيْرِهِ وَشَرَطَ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا أَيْ: وَحَصَلَ مَانِعٌ لِلْوَاقِفِ وَالْأَصَحُّ الْوَقْفُ. (ص) أَوْ لَمْ يَحُزْهُ كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ وَلَوْ سَفِيهًا (ش) عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ قَوْلُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَالتَّقْدِيرُ وَبَطَلَ إنْ وُقِفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَبَطَلَ إنْ لَمْ يَحُزْهُ كَبِيرٌ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ بِالْمَعْنَى عَلَى مَعْصِيَةٍ أَيْ: وَبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ لِعَدَمِ حَوْزِ كَبِيرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى كَبِيرٍ وَلَمْ يَحُزْهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاقِفِ أَوْ قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ قَبْلَ مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَإِنَّ الْحَبْسَ يَبْطُلُ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْكَبِيرُ رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا فَلِهَذَا بَالَغَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَوْزَ السَّفِيهِ صَحِيحٌ فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ حَازَهُ الْكَبِيرُ صَحَّ وَلَوْ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَقَوْلُهُ (أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى كَبِيرٍ أَيْ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاقِفِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْحَبْسَ يَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ، فَالْحَوْزُ شَرْطٌ فِي دَوَامِ الصِّحَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يُعْتَبَرُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الرَّاجِحِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ جَمْعٍ وَأَنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُهُ. (ص) أَوْ لَمْ يُخَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ مَسْجِدًا أَوْ قَنْطَرَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَمْ يَزَلْ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ أَوْ إلَى أَنْ فَلَسَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَحَوْزُ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْآبَارِ رَفْعُ يَدِ الْمُحْبِسِ عَنْهَا وَتَخْلِيَتُهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ إنَّ التَّخْلِيَةَ فِيمَا ذُكِرَ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ وَفِيمَا قَبْلَهُ حَوْزٌ حِسِّيٌّ فَتَغَايَرَ الْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَلَا يُقَالُ حَيْثُ كَانَتْ التَّخْلِيَةُ فِيمَا ذُكِرَ حَوْزًا فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَعَكْسِهِ بِأَوْ بَلْ بِالْوَاوِ. (ص) قَبْلَ فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحِيَازَةَ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَبْسِ إنَّمَا تَكُونُ قَبْلَ حُدُوثِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلْوَاقِفِ وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ الْإِحَاطَةُ كَمَا فِي بَابِ الْهِبَةِ وَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إمْضَاءِ ذَلِكَ لِحَقِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَالْوَلَدِ الْكَبِيرِ) أَيْ الرَّشِيدِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ لَوْ حَازَهُ الصَّغِيرُ لِنَفْسِهِ أَوْ حَازَهُ السَّفِيهُ لِنَفْسِهِ أَنَّ حِيَازَتَهُ لَا تُعْتَبَرُ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ حِيَازَةَ السَّفِيهِ تُعْتَبَرُ وَكَذَا حِيَازَةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَوْزَهُمَا هُنَا اسْتَقَلَّا لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْآتِيَةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) لَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ فَلَا بُدَّ مِنْ حَوْزِ الْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: مَعَ الْحِيَازَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ حَيَوَانٍ وَقَفَ نَسْلَهُ وَأَبْقَى الْأُمَّهَاتَ عَلَى مِلْكِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ بَاطِلٌ وَعَلَى غَيْرِهِ يَصِحُّ تَقَدَّمَ الْوَقْفُ عَلَى النَّفْسِ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى نَفْسِي ثُمَّ عَقِبِي أَوْ وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى نَفْسِي أَوْ وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو فَالْأَوَّلُ يُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَالثَّالِثُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَكَذَا يَكُونُ مُنْقَطِعَ الطَّرَفَيْنِ كَالْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَيِّتٍ لَا يَنْتَفِعُ بِالْوَقْفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يَبْطُلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ الِانْقِطَاعُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ مُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ أَوْ الِابْتِدَاءِ فَقَطْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَبْطُلُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَبْطُلُ مُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ وَالْوَسَطِ. . (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحُزْهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاقِفِ أَوْ قَبْلَ فَلَسِهِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْوَقْفِ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَرَضِ أَوْ الْفَلَسِ أَوْ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ وَالتَّخْلِيَةِ وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْوَقْفِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ مَا فِي وَثَائِقِ الْبَاجِيِّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي لَهُ وَلِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ جَازَتْ حِيَازَتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الرَّاجِحِ) أَيْ: فَالرَّاجِحُ أَنَّ حَوْزَهُ مُعْتَبَرٌ وَلَوْ فِيمَا وَقَفَهُ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُمَيِّزْ وَحَازَ كَذَا فِي عب وَلَكِنْ فِي مَيَّارَةَ التَّقْيِيدُ. (تَنْبِيهٌ) : حَوْزُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ مَكْرُوهٌ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُخَلِّ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ التَّخْلِيَةِ إلَى صِيغَةٍ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِحَبَسْت (قَوْلُهُ وَمَوْتِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ فَقْدُهُ، وَأَمَّا أَسْرُهُ فَلَيْسَ مَانِعًا وَقَوْلُهُ وَمَرَضِهِ دَخَلَ فِيهِ الْجُنُونُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ الْإِحَاطَةُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْأَخَصَّ وَالْأَعَمَّ الشَّامِلَ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الْفَلَسَ بِمَعْنَى إحَاطَةِ الدَّيْنِ لَا تُبْطِلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُبْطِلَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ وَالْأَعَمُّ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَالْإِحَاطَةُ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا لَكِنَّهَا هُنَا تُشَارِكُهُمَا (قَوْلُهُ عَدَمُ التَّمَامِ) لَا حَقِيقَتُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 الْغُرَمَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَلِحَقِّ الْوَرَثَةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ فَلَسِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَالضَّمِيرُ فِي فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ عَائِدٌ عَلَى الْوَاقِفِ وَفِي مَرَضِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَوْتِ أَيْ: وَمَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الْمَرَضِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَوْتِ يُغْنِي عَنْ التَّقْيِيدِ. (ص) إلَّا لِمَحْجُورِهِ إذَا شَهِدَ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَاهُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ وَهُوَ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَى يَتِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَوْزِ الْوَقْفِ الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْحَوْزُ الْحُكْمِيُّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَائِزُ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ أَوْ الْمُقَامَ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ وَلَوْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْحَائِزِ إلَى مَوْتِهِ أَوْ إلَى فَلَسِهِ أَوْ إلَى مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لَكِنَّ الصِّحَّةَ تَكُونُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاقِفُ عَلَى الْحَبْسِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِذَلِكَ الْإِشْهَادِ فَلَا يَكْفِي إقْرَارُ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْمُنَازِعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إمَّا الْوَرَثَةُ وَإِمَّا الْغُرَمَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ رَفَعْت يَدَ الْمِلْكِ وَوَضَعْت يَدَ الْحَوْزِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَشْهَدَ أَيْ: عَلَى الْوَقْفِ لَا عَلَى الْحِيَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَصْرِفَ الْوَاقِفُ الْغَلَّةَ كُلَّهَا فِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَوْ أَصْرَفَهَا فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ فَقَوْلُهُ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ أَيْ: ثَبَتَ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ عَلَى الْمَحْجُورِ أَوْ اُحْتُمِلَ صَرْفُهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ مَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ وَقَوْلُهُ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ أَيْ كُلَّهَا أَوْ جُلَّهَا قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي بَابِهَا وَدَارَ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ أَوْ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ غَيْرَ دَارِ سُكْنَى الْوَاقِفِ، وَأَمَّا دَارُ سُكْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا عَلَى مَحْجُورِهِ إلَّا بَعْدَ مُشَاهَدَةِ الْبَيِّنَةِ لَهَا فَارِغَةً مِنْ شَوَاغِلِ الْمُحْبِسِ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ دَارَ سُكْنَاهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْرِي عَلَى الْهِبَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ الْكُلَّ أَوْ الْجُلَّ أَوْ الْأَقَلَّ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ حِيَازَةَ الْأُمِّ مِمَّا حَبَسَتْهُ عَلَى وَلَدِهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي النَّصِّ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. (ص) أَوْ عَلَى وَارِثٍ بِمَرَضِ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْوَارِثِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْوَاقِفِ بَاطِلٌ وَسَوَاءٌ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةُ وَقْفٍ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ أَوْ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ فَإِنْ صَحَّ الْوَاقِفُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّ الْوَقْفُ كَمَا وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ. (ص) إلَّا مُعْقِبًا خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِ الْمَرِيضِ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَذُرِّيَّتِهِمْ وَعَقِبِهِمْ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] وَقَوْلُهُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ إلَخْ أَيْ: فَإِنْ أَجَازُوهُ مَضَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) أَيْ: يَتَنَازَعُ فِيهِ الْفِعْلَانِ يُخَلِّ وَيَحُزْ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا حَصَلَ التَّحْبِيسُ فِي الصِّحَّةِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ. (قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ) أَيْ: أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ أَوَّلًا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ وَإِلَّا بَطَلَ الْوَقْفُ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ هَذِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُشْهِدَ الْوَاقِفُ عَلَى الْحَبْسِ) أَيْ يُشْهِدَ الْوَاقِفُ عَلَى التَّحْبِيسِ عَلَى الْمَحْجُورِ قَالَهُ تت وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحُوزُ لِلْمَحْجُورِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِذَلِكَ الْإِشْهَادِ) هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْإِشْهَادُ عَلَى التَّحْبِيسِ بِأَنْ يَقُولَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي حَبَسْت كَذَا عَلَى وَلَدِي فَلَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ قَالَ ابْنُ شَاسٍ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحَوْزِ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَايَنَةٍ وَلَا يَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْحَوْزِ أَيْ: فَهَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ أَيْ: كُلَّهَا أَوْ جُلَّهَا) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَصَرْفُ الْغَلَّةِ لَهُ أَيْ كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَصْرِفْ الْغَلَّةَ بِالْمَرَّةِ أَوْ لَمْ يَصْرِفْ لَهُ إلَّا الْأَقَلَّ أَوْ النِّصْفَ بَطَلَ الْوَقْفُ انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ الْمُشَارِ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا كَلَامٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالسُّكْنَى مِنْ نِصْفٍ وَغَيْرِهِ مُتَمَيِّزٌ بِخِلَافِ صَرْفِ الْغَلَّةِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيهَا وَفِي عب خِلَافُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا صَرَفَ كُلَّ الْغَلَّةِ أَوْ جُلَّهَا لِلْمَحْجُورِ صَحَّ وَإِذَا صَرَفَ النِّصْفَ لِلْمَحْجُورِ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ لَهُ صَحَّ فِي النِّصْفِ وَإِذَا صَرَفَ الْجُلَّ لِنَفْسِهِ وَالْأَقَلَّ لِلْمَحْجُورِ بَطَلَ الْجَمِيعُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا قُلْنَا غَيْرَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابٍ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ فِي مَصْرِفِهِ أَنَّ الْأَقَلَّ إنَّمَا يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ فِي الصِّحَّةِ دُونَ الْبُطْلَانِ وَهُنَا تَبِعَ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ دَارِ سُكْنَى الْوَاقِفِ) لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الدَّارِ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُهَا بَلْ الْمُرَادُ نَفْيُ سُكْنَاهُ لَهَا وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى مَاتَ لَوَفَّى بِالْمُرَادِ بِلَا كُلْفَةٍ وَمِثْلُ السُّكْنَى اللُّبْسُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالُوا أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ بِرُكُوبٍ وَنَحْوِهِ إلَى أَنْ مَاتَ كَذَلِكَ انْتَهَى ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّي تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِدَارِ السُّكْنَى بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهَا إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ أَنْ حَبَسَهَا أَوْ ثَوْبًا لَبِسَهُ أَوْ دَابَّةً رَكِبَهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا حُبِسَ عَلَى الْمَحْجُورِ مَهْمَا انْتَفَعَ بِهِ بَطَلَ وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْحَاجِبِ الشَّرْطَ الثَّالِثَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ. (قَوْلُهُ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْمَوْتُ وَلَوْ خَفِيفًا فَيَبْطُلُ وَلَوْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا يَبْطُلُ فِيهِ الْوَقْفُ حَيْثُ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ غَيْرُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازُوهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلِذَا كَانَ دُخُولُ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ حَيْثُ لَمْ يُجِيزَا فَإِنْ أَجَازَا لَمْ يَدْخُلَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 يَصِحُّ حِينَئِذٍ وَلَا يَبْطُلُ مَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْوَقْفِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ إذَا مَاتُوا رَجَعَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ، فَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مَا بِأَيْدِي أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَقْفًا لَا مِلْكًا وَيَأْخُذُ الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَقَالَ كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ إلَخْ فَقَوْلُهُ إلَّا مُعْقِبًا شَرْطٌ أَوَّلٌ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ بَيْنَ أَنْ يُوقِفَ مَا لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ شَرْطٌ ثَانٍ وَمِنْ لِلتَّعْدِيَةِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ صَادِقًا بِاسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ الثُّلُثِ أَيْ: خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ لَا زَائِدًا عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِابْتِدَاءِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلتَّبْعِيضِ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ وَلَمْ يَجُزْ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا قَالَ كَمِيرَاثٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِيرَاثًا حَقِيقَةً بَلْ هُوَ كَالْمِيرَاثِ فِي كَوْنِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَمَّا الرِّقَابُ فَلَا يَتَصَرَّفُوا فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَلْ هِيَ وَقْفٌ وَتَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَوْقَافِ. (ص) كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَعَقَّبَهُ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا فَيَدْخُلَانِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَقْفٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَعَقَّبَهُ بِتَشْدِيدِ الْقَافِ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَعَقَّبَهُمْ فَإِنَّ التَّعْقِيبَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَ السَّبْعَةَ وَتَرَكَ أُمًّا وَزَوْجَةً فَإِنَّ الْوَقْفَ حِينَئِذٍ يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ هُوَ بِأَيْدِيهِمْ كَالْمِيرَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا لَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ أَوْلَادَ الصُّلْبِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ بِهِ فَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَتَأْخُذُ الْأُمُّ سُدُسَهُ إرْثًا وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ ثُمُنَهُ إرْثًا ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَلِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ وَقْفٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُمْ وَاحِدَةً وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَهُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ يَصِحُّ قِرَاءَةُ وَعَقِبِهِ اسْمًا وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَقَفَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى عَقِبِهِ وَيَصِحُّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ صَادِقًا بِاسْتِغْرَاقِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا مُعَقَّبًا تَعَلَّقَ خُرُوجُهُ بِالثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى إلَّا مُعَقَّبًا مُبْتَدَأً خُرُوجُهُ أَيْ نَاشِئًا خُرُوجُهُ مِنْ هَذَا الثُّلُثِ أَيْ: تَوَجَّهَ الْخُرُوجُ لِهَذَا الثُّلُثِ فَيَصْدُقُ بِكُلِّهِ وَبِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ كَالْمِيرَاثِ فِي كَوْنِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ: وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ كَذَلِكَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ يُقْسَمُ الْوَقْفُ ابْتِدَاءً عَلَى سَبْعَةٍ سَوَاءٌ كَانَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ بَعْضًا وَبَعْضًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ سَوَاءٌ قَالَ الْوَاقِفُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهُ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ كَمِيرَاثٍ إذَا حَبَسَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ دُونَ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ فَإِنْ حَبَسَ عَلَيْهِمَا مَعَ مَنْ ذُكِرَ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ لَا بِحَسْبِ الْفَرَائِضِ فِي الْوِرَاثَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَاقِفِ تَفْضِيلٌ فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ فَيَدْخُلَانِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ وَقْفٌ) قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ إنَّ لَمْ يَشْتَرِطْ فَضْلًا وَهَذَا هُوَ نُكْتَةُ قَوْلِهِ وَقْفٌ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ لِوَلَدِ الْوَلَدِ بِالسَّوِيَّةِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ يَكُونُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى التَّفْضِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ شَرْطَهُ إنْ جَازَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ وَقْفًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَمَا بِيَدِ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَقْفٌ أَيْضًا وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَأَنَّ الذَّكَرَ مِثْلُ الْأُنْثَى طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) مُقَابِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ سَوِيَّةً بَلْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الذَّكَرَ مِثْلُ الْأُنْثَى وَلَا يُرَاعَى اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي لَا يَقُولُ بِالسَّوِيَّةِ بَلْ يُرَاعِي اخْتِلَافَ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٍ هَذَا مُفَادُ تت فِي صَغِيرِهِ قَطْعًا وَاعْتَرَضَهُ مُحَشَّى تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ يُقْسَمُ سَبْعَةً أَيْ: إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُمْ وَاحِدَةً وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْ: مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى سَبْعَةٍ مُطْلَقًا وَإِلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَفِي قَسْمِهِ بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ نَقْلًا ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَشْهُورُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى وَلِذَا صُرِّحَ فِي الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (أَقُولُ) وَلَكِنَّ مُقْتَضَى تَقْدِيمِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يُفِيدُ قُوَّتَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ مَنْ أَطْلَقَ التَّعْبِيرَ بِالْمَشْهُورِ مُرَادُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا الْمَشْهُورُ مُطْلَقًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، فَإِذَا عَرَفْت ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَوْلُ شَارِحِنَا هُنَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْغَيْرِ الْمَشْهُورِ وَالْمَعْنَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةٍ مُطْلَقًا اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ أَوْ لَا وَالذَّكَرُ مِثْلُ الْأُنْثَى وَلَعَلَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى سَبْعَةٍ وَمُسَاوَاةُ الذَّكَرِ الْأُنْثَى أَيْ: فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مَا يَخُصُّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ يَقَعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ لِلذَّكَرِ مِثْلَا الْأُنْثَى كَمَا تَبَيَّنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْأَرْبَعَةِ نَصِيبِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلِ الْقَسْمِ عَلَى سَبْعَةٍ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 قِرَاءَتُهُ فِعْلًا مَاضِيًا أَيْ: كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ عَقَّبَهُ وَلَعَلَّ نُكْتَةَ تَصْرِيحِ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ وَتَرَكَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَأُمٌّ وَزَوْجَةٌ الْمُفِيدُ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِالْجَرِّ لَاقْتَضَى أَنَّهُمَا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا دَخَلَا فِيمَا لِلْأَوْلَادِ بِحُكْمِ أَنَّ الشَّرْعَ اقْتَضَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُعَقِّبْهُ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقِ الْفَرْضِيِّينَ الْمُوَافَقَةُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي الْمَرَضِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِشَرْطِهِ يُقْسَمُ ابْتِدَاءً عَلَى سَبْعَةٍ عَدَدِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ ثُمَّ تُقْسَمُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَتَدْخُلُ فِيهَا الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَخْرَجُ السُّدُسِ نَصِيبُ الْأُمِّ مِنْ سِتَّةٍ وَالثُّمُنُ نَصِيبِ الزَّوْجَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَهُمَا عَدَدَانِ مُتَوَافِقَانِ بِالْإِنْصَافِ فَتُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَتُضْرَبُ عَدَدُ رُءُوسِهِمْ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ: تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةِ عَدَدِ رُءُوسِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ يَبْقَى أَحَدٌ وَخَمْسُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَبْعَةَ عَشَرَ. (ص) وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَدَثَ وَلَدٌ أَوْ أَكْثَرُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ سَبْعَةٍ فَصَارَتْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ ثُمَّ شَبَّهَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (كَمَوْتِهِ) أَيْ: كَمَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ أَوْ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا أَتَى بِالْكَافِ لِيَخْتَصَّ الْخِلَافُ بِمَا بَعْدَهَا عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ، فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ مِنْهُمَا الثُّمُنُ وَالْبَاقِي يُقْسَمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى أَخِيهِمَا الَّذِي قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَحْيَا بِالذَّكَرِ تَقْدِيرًا وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَرَثَتِهِ مَفْضُوضًا عَلَى الْفَرَائِضِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ ثَانٍ فَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ كُلُّهُمْ رَجَعَ الْحَبْسُ جَمِيعُهُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَقْفًا مَعَ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْأَوْلَادِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ صَارَ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ النِّصْفُ وَلِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ النِّصْفُ وَقَوْلُهُمْ يَحْيَا الَّذِي مَاتَ بِالذَّكَرِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا لَا تَحْجُبُ إلَّا فَرْعَهَا فَقَطْ تَأَمَّلْ فَلَوْ انْقَرَضَتْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ رَجَعَ الْجَمِيعُ كَمِيرَاثٍ أَيْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْمِلْكِ فَإِنْ انْقَرَضُوا أَيْضًا رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ. (ص) لَا الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَوْتِهِ أَيْ: أَنَّ زَوْجَةَ الْوَاقِفِ أَوْ أُمَّ الْوَاقِفِ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْقَضُ وَيَكُونُ مَا بِيَدِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَقْفًا عَلَى وَرَثَتِهِمَا وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَارِثُهُمَا أَبَدًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ أَوْ لِلزَّوْجَةِ وَرَثَةٌ يَكُونُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَتْ مِنْهُمَا لِبَيْتِ الْمَالِ (ص) فَيَدْخُلَانِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ (ش) هَذَا جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْمُفِيدُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّرْكِ (قَوْلُهُ بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ إلَخْ) عِبَارَةُ ك أَوْضَحُ وَهِيَ فَلَوْ لَمْ يُعْقِبْهُ بَلْ ذَكَرَ أَوْلَادَهُ وَأَوْلَادَ أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ مِنْ الْآنَ مَا نَابَ الْأَوْلَادَ مِلْكٌ مَوْرُوثٌ وَمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ وَقْفٌ وَلَا يُنْقَضُ الْقَسْمُ (قَوْلُهُ الْمَوْقُوفَ فِي الْمَرَضِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَوْقُوفِ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِيمَا خَصَّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا مَا خَصَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ فَأَخَذُوهُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَلَا عَمَلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ فَلَا يُقْسَمُ هَذَا الْقَسْمَ بَلْ يُقْسَمُ ابْتِدَاءً عَلَى الْوَرَثَةِ دُونَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ، وَكَذَلِكَ لِلْفَرِيقَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ عَدَمُ النَّقْضِ (قَوْلُهُ مَفْضُوضًا عَلَى الْفَرَائِضِ) وَتَدْخُلُ فِيهِ زَوْجَةُ الْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ أُمَّ الْمَيِّتِ وَمَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَرِثُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ نَصِيبٌ بِمَعْنَى الْوَقْفِ مِنْ أَخْذِهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ مِنْ أَبِيهِ (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا) الْأَخْذُ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَرَثَتِهِ أَيْ: فَهَذَا النَّصِيبُ الَّذِي وَصَلَ لِوَرَثَتِهِ مَا جَاءَ لَهُمْ إلَّا بِفَقْدِهِ وَمَا دَامَ حَيًّا لَمْ يَصِلْ لَهُمْ (قَوْلُهُ أَيْ: يَنْتَفِعُونَ بِهِ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ وَتَدْخُلُ مَعَهُمْ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ أَيْ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ الِانْتِفَاعِ لَا مِنْ حَيْثُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فَإِنَّ الْحَبْسَ كُلَّهُ يَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَلِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ مَقْسُومًا عَلَى الْمِيرَاثِ وَلَيْسَ فِيهِ تَصَرُّفٌ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُتَصَرَّفُ بِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْبَاسِ. (قَوْلُهُ مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ) أَيْ فَإِنَّ نَصِيبَهُمَا يَكُونُ لِوَارِثِهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ فَإِنَّ حَقَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ يَكُونُ لِوَارِثِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَوْجُودٌ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِوَارِثِهِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ إلَخْ) لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: حَيْثُ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ مَا كَانَ بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلَوْ كَانَا حَيَّيْنِ يَنْتَقِلُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْأُمَّ إنَّمَا أَخَذَا بِالتَّبَعِ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ، فَإِذَا فُقِدُوا بَطَلَتْ التَّبَعِيَّةُ وَيَرْجِعُ مَا كَانَ مَعَهُمَا لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَسَوَاءٌ كَانَا حَيَّيْنِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ وَارِثِهِمَا وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 أَيْ: إذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ أَوْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ وَالْأُمَّ يَدْخُلَانِ فِي النَّقْضِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِ مَنْ ذُكِرَ وَقَوْلُهُ (وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ) أَيْ: لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ بِمَوْتِ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ بِالْمَوْتِ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ لَيْسَ بِضَرُورِيِّ الذِّكْرِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فَيَدْخُلَانِ وَبِعِبَارَةٍ فَيَدْخُلَانِ أَيْ: فِيمَا تَوَفَّرَ عَمَّنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْ فِيمَا تَوَفَّرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِسْمَةِ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ قَوْلُهُ بَعْدُ وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ تَكْرَارًا وَلَا تَوْكِيدًا فَحَلُّ الشَّارِحِ وَاضِحٌ فِيهِمَا. (ص) بِحَبَسْتُ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الْوَقْفِ وَهِيَ الصِّيغَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ وَيَتَأَبَّدُ بِلَفْظِ حَبَسْتُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ كَالصِّيغَةِ كَمَا لَوْ بَنَى مَسْجِدًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَمْ يَخُصَّ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ وَلَا فَرْضًا دُونَ نَفْلٍ وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالْإِشَاعَةِ بِشُرُوطِهَا وَبِكِتَابَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْكُتُبِ إنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مَدَارِسَ مَشْهُورَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالْكِتَابَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَالْأَشْجَارِ الْقَدِيمَةِ وَعَلَى الْحَيَوَانِ. (ص) وَوَقَفْت وَتَصَدَّقْت إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ (ش) أَيْ: وَكَذَا يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَتَأَبَّدُ بِلَفْظِ وَقَفْت عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِلَفْظِ تَصَدَّقْت بِشَرْطِ أَنْ يُقَارِنَهُ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ) أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حَلِّهِ الَّذِي حَلَّ بِهِ وَإِلَّا فَبَعْدَ الْحَلِّ الْمُتَقَدِّمِ لَا اسْتِغْنَاءَ (قَوْلُهُ أَيْ: فِيمَا تَوَفَّرَ) لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَوَفُّرَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَسْبَاعَ أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسَيْنِ (قَوْلُهُ فَحَلُّ الشَّارِحِ وَاضِحٌ فِيهِمَا) وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَيَدْخُلَانِ مَا نَصُّهُ أَيْ: الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ فِيمَا تَوَفَّرَ عَمَّنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَدَخَلَا مَا نَصُّهُ أَيْ وَدَخَلَتْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ فِيمَا زِيدَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ مَوْتِ وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ مَوْتِهِمْ كُلِّهِمْ انْتَهَى، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَحَلُّ الشَّارِحِ هُوَ مَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِتَوَفُّرِ بَلْ عَبَّرَ بِنَقْصِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلَةُ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ قَالَ بَهْرَامُ وَالْقَرِينَةُ الَّتِي تُفِيدُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالْإِشَاعَةِ بِشُرُوطِهَا) إنْ طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَصِفَةُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الدَّارَ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَحْدَهَا كَذَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً مُتَقَدِّمَةً التَّارِيخَ عَنْ شَهَادَتِهِ هَذِهِ سَمَاعًا فَاشِيًّا مُسْتَفِيضًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَبْسٌ عَلَى كَذَا أَوْ حَبْسٌ فَقَطْ وَيَشْهَدُ الْآخَرُ بِذَلِكَ بِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ انْتَهَى وَإِنَّمَا يَقَعُ الْحُكْمُ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَعْذُرَ الْحَاكِمُ لِمَنْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُبَدِّدْ دَافِعًا شَرْعِيًّا وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَلِ بِهَا تَسْمِيَةُ الْمُحْبَسِ وَلَا إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَلَا وُجُودُ مَكْتُوبٍ يَشْتَمِلُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ وَإِذَا ثَبَتَتْ الْوَقْفِيَّةُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا اسْتَغَلُّوهُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْوَقْفِيَّةِ وَلَا أُجْرَةُ مَا سَكَنُوهُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ عَلَى مَدَارِسَ مَشْهُورَةٍ) أَيْ بِأَنْ رَأَيْنَا كُتُبًا مَوْدُوعَةً فِي خِزَانَةٍ فِي مَدْرَسَةٍ وَعَلَيْهَا كِتَابَةُ الْوَقْفِ وَقَدْ مَضَى عَلَيْهَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ وَقَدْ اُشْتُهِرَتْ بِذَلِكَ لَمْ يُشَكَّ فِي كَوْنِهَا وَقْفًا وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَدْرَسَةِ فِي الْوَقْفِيَّةِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ كُتُبُهَا أَوْ فُقِدَتْ ثُمَّ وُجِدَتْ وَعَلَيْهَا تِلْكَ الْوَقْفِيَّةُ وَشُهْرَةُ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ فِي الْوَقْفِيَّةِ مَعْلُومَةٌ فَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِفَاضَةُ وَيَثْبُتُ مَصْرِفُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَأَمَّا إذَا رَأَيْنَا كُتُبًا لَا نَعْلَمُ مُقِرَّهَا وَلَا نَعْلَمُ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةَ فَهَذِهِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِي أَمْرِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهَا وَهُوَ عَيْبٌ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَا يَثْبُتُ كَوْنُهَا وَقْفًا بَلْ يُتَوَقَّفُ فِي أَمْرِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهَا. (قَوْلُهُ وَالْأَشْجَارِ الْقَدِيمَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْقَدِيمَةَ صِفَةُ الْأَشْجَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَنَصُّهَا بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يُوجَدُ عَلَى أَبْوَابِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْأَحْجَارِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةُ وَتَلْخِيصُ شُرُوطِهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَحْجَارُ قَدِيمَةً وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ الْوَقْفِ فِي مَصْرِفِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ كِتَابُ الْوَقْفِ انْتَهَى مِنْ التَّبْصِرَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْجَدِيدَةَ لَا يَثْبُتُ وَقْفُهَا بِذَلِكَ. (أَقُولُ) وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِأَيِّ شَيْءٍ خَصَّصَ الْأَحْجَارَ بِالْقِدَمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْجَدِيدَةَ حَالُهَا مَعْلُومٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ فِي الْأَحْجَارِ بِالْقِدَمِ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ وَقَفْت عَلَى الْمَشْهُورِ) أُجْرِيَ الْخِلَافُ الَّذِي فِي حَبَسْت فِي وَقَفْت فَلَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ وَغَيْرَهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ يَقُولُ إنَّ وَقَفْت يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ بِمُجَرَّدِهِ اتِّفَاقًا وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهَا أَصْرَحُ أَلْفَاظِ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ دَالَّةٌ عَلَى التَّأْبِيدِ بِغَيْرِ ضَمِيمَةٍ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ زَرْقُونٍ لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ سَوَاءٌ وَيَدْخُلُ فِي لَفْظِ وَقَفْت مِنْ الْخِلَافِ فِي حَبَسْت انْتَهَى وَابْنُ الْحَاجِبِ جَعَلَ حَبَسْت مِثْلَ تَصَدَّقْت فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ الْقَيْدِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالرَّاجِحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ وَقَفْت وَحَبَسْت يُفِيدُ أَنَّ التَّأْبِيدَ سَوَاءٌ أُطْلِقَ أَوْ قُيِّدَ بِجِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ أَوْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ وَقْفٌ أَوْ حَبْسٌ عَلَى فُلَانٍ الْمُعَيَّنِ حَيَاتَهُ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ حَيَاتَهُمْ وَقُيِّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ حَيَاتَهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إذَا كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا فَقَالَ حَبْسٌ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَلَا خِلَافَ فِي الْوَجْهَيْنِ أَيْ: إذَا ضَرَبَ لِلْوَقْفِ أَجَلًا أَوْ قَيَّدَهُ بِحَيَاةِ شَخْصٍ، وَأَمَّا لَفْظُ الصَّدَقَةِ فَلَا يُفِيدُ التَّأْبِيدَ إلَّا إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ كَقَوْلِهِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَصَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَالْمُجَاهِدِينَ لِيَسْكُنُوهَا أَوْ يَسْتَغِلُّوهَا أَوْ عَلَى مَجْهُولٍ وَلَوْ كَانَ مَحْصُورًا كَعَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ كَأَهْلِ الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ الرِّبَاطِ الْفُلَانِيِّ فَإِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 تَصَدَّقْت قَيْدٌ كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ مَثَلًا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَيُفِيدَانِ التَّأْبِيدَ بِلَا قَيْدٍ (ص) أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حُصِرَ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ وَيَتَأَبَّدُ الْوَقْفُ إذَا قَالَ تَصَدَّقْت عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى الْمَسَاجِدِ أَوْ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ أَيْضًا كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَتَأَبَّدُ إذَا وَقَعَ لِمَجْهُولٍ مَحْصُورٍ كَعَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُقَارَنَةِ قَيْدٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَقِبِ قَيْدٌ لِأَجْلِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدُ، وَأَمَّا لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدِ كَمَا مَرَّ وَعَلَى هَذَا قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ حُصِرُوا وَالْحَالُ أَيْ: أَوْ وَقَعَ لِمَجْهُولٍ فِي حَالِ حَصْرِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ الْعَطْفُ وَفَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ هُنَا لَمَّا كَانَ يَنْقَطِعُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إعْطَاءُ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ فَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِ مَنْ يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ وَبِغَيْرِهِ مَنْ لَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ. (ص) وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ وَامْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَبْسَ الْمُؤَبَّدَ إذَا انْقَطَعَتْ الْجِهَةُ الَّتِي حُبِسَ عَلَيْهَا وَشُرِطَ صَرْفُهُ لَهَا وَتَعَذَّرَ ذَلِكَ يَرْجِعُ حَبْسًا لِأَقْرَبِ فَقِيرٍ مِنْ عَصَبَةِ الْوَاقِفِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي أَصْلِ وَقْفِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ وَيَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ كُلُّ امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَ عَصَبَةً كَالْعَمَّةِ وَالْأُخْتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَبَنَاتِ الْمُعْتَقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْبِسِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ عَصَبَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَوْلُهُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ أَيْ: نَسَبًا أَيْ: وَوَلَاءً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتَقِ تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ وَيُرَاعَى فِي الْأَقْرَبِيَّةِ التَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ فِي الْوَصِيَّةِ وَهُوَ كَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ وَأَشَارَ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ وَكَلَامُهُ هُنَا يَشْمَلُ عَصَبَتَهُ وَعَصَبَةَ عَصَبَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَصَبَةٌ؛ إذْ عَصَبَةُ الْعَصَبَةِ عَصَبَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ: وَقْفًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْوَقْفِ وَلَا يَدْخُلُ الْوَاقِفُ فِي الْمَرْجِعِ وَلَوْ فَقِيرًا وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ: الْحَبْسُ الْمُؤَبَّدُ، وَأَمَّا الْمُؤَقَّتُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] تَجَرَّدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ الْوَقْفَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ كَالْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ قُيِّدَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَعَلَى الْجِهَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ بِلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ كَقَوْلِهِ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَسْتَغِلُّونَهَا أَوْ يَسْكُنُونَهَا، وَأَمَّا عَلَى الْمُعَيَّنِ كَقَوْلِهِ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى زَيْدٍ يَسْكُنُهَا أَوْ يَسْتَغِلُّهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَالتَّقْيِيدِ بِلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ فَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْدِيرَ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ أَوْ تَصَدَّقْت عَلَى مُعَيَّنٍ إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَذَلِكَ فَيُقْرَأُ أَوْ جِهَةٍ بِالْجَرِّ كَعَلَى فُلَانٍ أَيْ صَدَقَةٍ عَلَى فُلَانٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْعَقِبُ وَلَوْ قَالَ لِأَجْلِ حَقِّهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْهُولِ الْمَحْصُورِ قُوَّةَ شَبَهِهَا بِالْوَقْفِ لِتَعَلُّقِهَا بِغَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالْعَقِبِ؛ إذْ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِذَا جُعِلَ حَبْسًا لِلُزُومِ تَعْمِيمِهِمْ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَجْهُولِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَوْجُودٍ وَهُوَ الْفُقَرَاءُ وَنَحْوُهُمْ كَبَنِي زُهْرَةَ وَتَمِيمٍ وَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ كَذَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ لَتَكَرَّرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ لَفْظِ الصَّدَقَةِ وَلَفْظِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ) هَذَا ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْمَرْجِعِ فُقَرَاءَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ أَحَدٌ أُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءُ مِنْهُمْ الثَّانِي يَدْخُلُ فِي السُّكْنَى دُونَ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ لِأَقْرَبِ فَقِيرٍ) أَيْ: يَوْمَ الْمَرْجِعِ بَقِيَ مَا إذَا كَانَ فَقِيرًا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِيهِمْ وَاَلَّذِي فِي ك أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِمْ وَلَوْ صَارَ فَقِيرًا كَمَا قَالُوهُ فِي الزَّكَاةِ إذَا عَزَلَهَا وَصَارَ فَقِيرًا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا لِلْفُقَرَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَعَصَبَةَ عَصَبَتِهِ) أَيْ: كَمَا إذَا تَزَوَّجَ حُرٌّ بِأَمَةٍ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَالْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ مِنْ عَصَبَةِ الْوَلَدِ وَلَيْسَ مِنْ عَصَبَةِ الْأَبِ فَيَرْجِعُ أَوَّلًا لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءً أَوْ لَمْ يَكُونُوا رَجَعَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَتِهِمْ الْفُقَرَاءِ فَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ كِفَايَتَهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَوْ يُدْفَعُ لِلْأَبْعَدِ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ لِلْوَاقِفِ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ وَكِلَاهُمَا فَقِيرٌ يُعْطَى الِابْنُ الْجَمِيعَ وَلَوْ زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِ وَلَيْسَ لِابْنِ ابْنِهِ شَيْءٌ أَوْ إنَّمَا يُعْطَى قَدْرَ كِفَايَتِهِ وَمَا يُزَادُ عَلَيْهِ يُرَدُّ لِابْنِ الِابْنِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَرْجِعِ فُقَرَاءُ يُعْطَى لِفُقَرَاء الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا لَوْ فَضَلَ عَنْ الْفُقَرَاءِ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْمُؤَبَّدُ) أَيْ: عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِلَّا فَمَا جَعَلَهُ عَلَى اثْنَيْنِ أَيْضًا وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَانْقَطَعَتْ فَهَذَا يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى جِهَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ بِالشَّخْصِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَهَذَا لَا يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ أَصْلًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ: إذَا كَانَ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَأَمَّا عَلَى جِهَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ وَعَلَى مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَ صَرْفُهُ صُرِفَ فِي مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي وَفِي كَقَنْطَرَةٍ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا فِي مِثْلِهَا وَإِلَّا وُقِفَ قَوْلُهُ وَامْرَأَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى أَقْرَبِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ تَدْخُلُ كَانَتْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً كَانَتْ فَقِيرَةً أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْطِي هَذَا الْمَعْنَى إلَّا عَطْفُهُ عَلَى أَقْرَبِ وَلَا تَعْطِفُهُ عَلَى فُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَلَا عَلَى عَصَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛ إذْ التَّقْدِيرُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ امْرَأَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا لَا فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهَا قَوْلُهُ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ أَيْ: مَعَ بَقَاءِ مَنْ أَدْلَتْ بِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ فَتَخْرُجُ بِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ عَلَى خَالَتِهَا لَيْسَتْ عَصَبَةً وَالْعَمَّةُ كَذَلِكَ وَلَا تَكُونُ عَصَبَةً إلَّا بِفَرْضِهَا رَجُلًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ لَا تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ مَعَ الْعَاصِبِ إلَّا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ لَا إنْ سَاوَتْهُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ فِي قَوْلِهِ. (فَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَ الْبَنَاتُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ أَيْ: فَإِنْ ضَاقَ الْحَبْسُ الرَّاجِعُ عَنْ الْكِفَايَةِ لِلْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ قُدِّمَ الْبَنَاتُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَنَاتَ هُنَا لَهُنَّ خُصُوصِيَّةٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْإِنَاثِ لِقُوَّتِهِنَّ دُونَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَقَالَ: وَقُدِّمَ الْإِنَاثُ فَيَكُونُ أَعَمَّ لَا عَنْ الِاسْتِيعَابِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ أَخَذْنَاهُ وَاشْتَرَيْنَا بِهِ سِمْسِمًا مَثَلًا وَأَوْعَبْنَاهُمْ. (ص) وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وُقِفَ عَلَى اثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ بَعْدَهُمَا أَيْ: بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا   [حاشية العدوي] وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ فَتُهْدَمُ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا يُصْرَفُ فِي مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ اشْتَرَطْتُمْ فِي الْعَصَبَةِ الْفَقْرَ دُونَ الْإِنَاثِ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ فَصَارَ الْفَقْرُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَوْجُودًا فِي الْجَمِيعِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْإِنَاثَ يَأْخُذْنَ مُطْلَقًا أَغْنِيَاءً أَوْ فُقَرَاءَ وَاشْتَرَطَ عج فَقْرَهُنَّ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ اللَّقَانِيِّ فِي الْعُمُومِ فِي النِّسَاءِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ الْفَقِيرَةِ وَالْغَنِيَّةِ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ فُجْلَةَ وَالْبَدْرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالْعَصَبَةِ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْفَقْرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً) أَقُولُ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَقْرَبَ زِيَادَةً عَلَى كَوْنِهَا قَرِيبَةً. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ) أَيْ فَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ بَعِيدَةً أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ مِنْهَا عَاصِبٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ) رَجَّحَ عج كَلَامَ الْقَرَافِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ دُخُولِ النَّازِلَةِ وَأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَقْرَبِيَّةِ أَوْ التَّسَاوِي حَيْثُ وُجِدَ الْعَاصِبُ، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَالشَّرْطُ الْقُرْبُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَقْرَبِيَّةُ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً مِنْ الْوَاقِفِ وَهُنَاكَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَدْخُلُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَ الْبَنَاتُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الْإِنَاثُ مِنْ بَنَاتٍ وَغَيْرِهِنَّ وَضَاقَ الْحَبْسُ عَنْ الْجَمِيعِ فَإِنَّ الْبَنَاتَ تُقَدَّمُ وَاَلَّذِي فِي عج خِلَافُ ذَلِكَ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَقْرِ الْمَرْأَةِ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ وَابْنُ فُجْلَةَ وَأَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِلذَّكَرِ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي السَّعَةِ، وَأَمَّا فِي الضِّيقِ فَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَى الذُّكُورِ الْعَصَبَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَ الْبَنَاتُ أَيْ: النِّسَاءُ لَا خُصُوصُ الْبَنَاتِ لَكِنْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كُنَّ أَقْرَبَ مِنْ الذُّكُورِ الْعَصَبَةِ، وَأَمَّا إذَا كُنَّ مُسَاوِيَاتٍ لَهُمْ فَلَا يُقَدَّمْنَ عَلَيْهِ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الذَّكَرِ الْمُسَاوِي لَهُنَّ قَالَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَامْرَأَةٌ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ وَإِنْ سَاوَتْ وَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ إنْ قَرُبَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ سَاوَتْهُ قُسِمَ بَيْنَهُمَا لَوُفِيَ بِالْمُرَادِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاوِيَةَ تُشَارِكُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالْقُرْبَى تُشَارِكُ فِي السَّعَةِ وَتَخْتَصُّ فِي الضِّيقِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْهُ لَمْ تُشَارِكْهُ فِي سَعَةٍ وَلَا ضِيقٍ بَلْ يَخْتَصَّ بِهِ وَحْدَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقُولُ مَا الدَّلِيلُ لعج عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَنَاتِ النِّسَاءَ مُطْلَقًا وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ لَفْظَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَفْظُهُ فَإِنْ كَانَتْ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ وَإِلَّا فَالْبَنَاتُ أَحَقُّ بِهِ انْتَهَى. وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ شب وعب وَعِبَارَةُ عب وَتَخْصِيصُهُ الْبَنَاتَ مُخْرِجٌ لِلْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ لِقُوَّةِ الْبَنَاتِ عَلَيْهِنَّ وَإِلَّا لَقَالَ قُدِّمَ الْإِنَاثُ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُرَّاحِهِ أَبْقُوا لَفْظَ الْبَنَاتِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ بِمُطْلَقِ النِّسَاءِ كَمَا قَالَ عج فَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُ ظَاهِرِ النَّصِّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا ذُكُورًا فَقَطْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا كُنَّ إنَاثًا فَيَشْتَرِكْنَ سَعَةً وَضِيقًا إلَّا الْبَنَاتَ فَيُقَدَّمْنَ فِي الضِّيقِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَإِذَا كُنَّ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَإِنْ كَانَ الذُّكُورُ أَقْرَبَ قُدِّمُوا عَلَى الْإِنَاثِ سَعَةً وَضِيقًا وَإِنْ كَانُوا مُتَسَاوِينَ فَيَشْتَرِكُ الْكُلُّ سَعَةً وَضِيقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ الْإِنَاثُ أَقْرَبَ اشْتَرَكَ الْكُلُّ فِي السَّعَةِ وَعِنْدَ الضِّيقِ تُقَدَّمُ الْبَنَاتُ. 1 - (قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَهُمَا لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ إذَا قَالَ ثُمَّ بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ أَيْ: بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ الْمُنَاسِبُ عَدَمُ ذَلِكَ التَّفْسِيرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا أَنَّهُ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ تَحْقِيقًا وَقَوْلُهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ لَا فَرْعَ غَيْرِهِ أَيْضًا وَكَذَا فِي تَرْتِيبِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ كَعَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَكُونُ لِرَفِيقِهِ وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتُهُمَا أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَعَلَى إلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى اثْنَيْنِ إلَخْ. (ص) إلَّا عَلَى كَعَشْرَةٍ حَيَاتَهُمْ فَيُمْلَكُ بَعْدَهُمْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا انْقَطَعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْعَصَبَةِ وَلِلنِّسَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا مُعَيَّنِينَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهُمْ شَخْصٌ فَإِنَّ نَصِيبَهُ لِأَصْحَابِهِ فَإِنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ فَإِنَّ نَصِيبَهُمْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَمِثْلُ حَيَاتِهِمْ مَا إذَا قَيَّدَ بِأَجَلٍ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ وَلَا قَيَّدَ بِأَجَلٍ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا قَالَ حَيَاتَهُمْ أَوْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ يَرْجِعُ مِلْكًا أَوْ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ ذَاكَ لَمَّا كَانَ وَقْفُهُ مُسْتَمِرًّا اُحْتِيطَ فِيهِ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ وَكَانَ لَهُمْ بَعْدَ كُلٍّ وَلَمَّا كَانَ هُنَا يَرْجِعُ مِلْكًا اُحْتِيطَ الْجَانِبُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لِيَسْتَمِرَّ جَمِيعُ الصَّدَقَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ كُلِّهِمْ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ حَيَاتَهُمْ بَلْ وَحَيَاةُ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ حَيَاتُهُ هُوَ وَعُلِمَ مِنْ إتْيَانِهِ بِالْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى كَعَشْرِ سِنِينَ. (ص) وَفِي كَقَنْطَرَةٍ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا فِي مِثْلِهَا وَإِلَّا وُقِفَ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا عَلَى بِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ فِي مَصَالِحَ مَسْجِدٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَخَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ أَوْ الْمَسْجِدُ مَثَلًا فَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَبْسَ يُوقَفُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُ ذَلِكَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ فِي مِثْلِهَا أَيْ: فِي النَّفْعِ لَا الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّخْصِيَّةِ فَقَوْلُهُ فِي مِثْلِهَا أَيْ: فِي مِثْلِ مَقْصِدِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُمَاثَلَةَ فِي الشَّخْصِيَّةِ. (ص) وَصَدَقَةٍ لِفُلَانٍ فَلَهُ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهَا لَهُ يَصْنَعُ فِيهَا مَا أَحَبَّ فَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ: مِلْكًا وَالْفَاءُ دَاخِلَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُمْ مِلْكًا تُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهَا عَلَيْهِمْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ تُبَاعُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَاضِرُ مِنْ الْفُقَرَاءِ فِي الْبَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ عَشَرَةً مَثَلًا ثُمَّ يَزِيدُونَ فَيُؤَدِّي لِلنِّزَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَتْ وَفُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَنْقَطِعُ النِّزَاعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ. (ص) وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ وَحُمِلَ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ وَلَا التَّأْبِيدُ وَلَا تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ وَصُرِفَ فِي غَالِبٍ وَإِلَّا فَالْفُقَرَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّنْجِيزُ بَلْ يَصِحُّ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ كَالْعِتْقِ، فَإِذَا قَالَ إذَا جَاءَ الْيَوْمَ الْفُلَانِيَّ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ الْعَامَ الْفُلَانِيَّ فَدَارِي مَثَلًا وَقْفٌ عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إذَا جَاءَ ذَلِكَ الْأَجَلُ كَمَا إذَا قَالَ: لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي عَيَّنَهُ وَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ فَإِنْ حَدَثَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَقْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْحُرِّيَّةِ وَيَضُرُّ عَقْدَ الْحَبْسِ إذَا لَمْ يَحُزْ عَنْ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ، أَمَّا إنْ حِيزَ عَنْهُ أَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ حُدُوثُ الدَّيْنِ، وَإِذْ لَمْ يُقَيِّدْ الْوَقْفَ بِزَمَنٍ بَلْ قَالَ: هُوَ وَقْفٌ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّنْجِيزِ كَمَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دَارِي وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَلَمْ يُبَيِّنْ تَفْضِيلَ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الْمَصْرِفِ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّفْضِيلَ فِي مَرْجِعِ الْأَحْبَاسِ لَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ أَيْ: التَّخْلِيدُ بَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ مُدَّةً كَسَنَةٍ ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهَا مِلْكًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ تَعْيِينُ الْمَصْرِفِ بَلْ إذَا قَالَ: دَارِي وَقْفٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ صَارَتْ وَقْفًا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ تَقْدِيرُهُ وَمَنْ وَقَفَ) أَيْ: وَيُجْعَلُ مَوْصُولًا لَا شَرْطًا وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ حَذْفُ الْفَاءِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ وَلِذَلِكَ عَدَلَ عَنْ تَقْدِيرِ إنْ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذَا) أَيْ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنْ يَرْجِعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ كَمَا أَفَادَهُ عج وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنَّهُ تَبِعَ جَدّ عج (قَوْلُهُ بَلْ وَحَيَاةَ زَيْدٍ) فَلَوْ حَبَسَ عَلَى عَشَرَةٍ حَيَاةَ زَيْدٍ وَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَهُمْ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بَعْدَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فَلَا حَاجَةَ لِتَنْظِيرِ عب فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) لِخَلَاءِ الْبَلَدِ مَثَلًا وَفَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ (قَوْلُهُ لَا الْمُمَاثِلَةِ فِي الشَّخْصِيَّةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمْكَنَتْ وَفِي عب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي مِثْلِهَا حَقِيقَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَفِي مِثْلِهَا مِنْ الْقُرَبِ. (أَقُولُ) وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ فِي كَلَامِ عج مَا يُفِيدُ رُجْحَانَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الشَّخْصِيَّةِ وَكَذَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ (أَقُولُ) وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْمِثْلِ. (تَنْبِيهٌ) : يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مِثْلِهَا أَنَّ مَنْ حَبَسَ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِمَحَلِّ عَيْنِهِ ثُمَّ تَعَذَّرَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ مَعْمُولٌ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فِي الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ مَنْعَ ذَلِكَ انْتَهَى أَيْ ابْتِدَاءً عج وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى مُحَقَّقٍ وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى غَيْرِ مُحَقَّقٍ كَأَنْ قُدِّمَ زَيْدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حِيَازَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ وَلَكِنَّ مَنْفَعَتَهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ بِأَنْ جَعَلَ مَنْفَعَتَهُ لِغَيْرِهِ بِأَنْ يُخَزِّنَ فِيهِ حَبًّا مَثَلًا وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِ الْوَاقِفِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 لَازِمًا يُصْرَفُ رِيعُهَا وَغَلَّتُهَا فِي غَالِبِ مَصْرِفِ تِلْكَ الْبَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ الْبَلَدِ غَالِبٌ فَإِنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ قَوْلُهُ وَلَا تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ هَذَا فِي الْحَبْسِ. أَمَّا الْعُمْرَى فَلَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي التَّكْمِيلِ وَلَوْ قَالَ دَارِي عُمْرَى لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُبَيِّنَ الْمُعَمَّرَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لَفْظَ الْحَبْسِ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ بِخِلَافِ لَفْظِ الْعُمْرَى اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ دَارِي مَثَلًا صَدَقَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ سَبِيلُهَا الْقُرْبَةُ. (ص) وَلَا قَبُولُ مُسْتَحِقِّهِ إلَّا الْمُعَيَّنَ الْأَهْلُ فَإِنْ رُدَّ فَكَمُنْقَطِعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاجِدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ قَبُولُ مُسْتَحِقِّهِ لَمَا صَحَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ أَهْلٌ لِلرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ قَبُولُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَقْبَلُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أُقِيمَ لَهُ مَنْ يَقْبَلُ عَنْهُ كَمَا فِي الْهِبَةِ فَإِنْ رَدَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ مَا وَقَفَهُ الْغَيْرُ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَرْجِعُ حَبْسًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ لَقَالَ فَمُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّيْءِ غَيْرُهُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ أَيْ: فَيَرْجِعُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ. (ص) وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ كَتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ أَوْ نَاظِرٍ أَوْ تَبْدِئَةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا فَإِنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا حَسْبَ الْإِمْكَانِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِ كَأَلْفَاظِ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ فَإِنْ شَرَطَ شُرُوطًا غَيْرَ جَائِزَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُتْبَعُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَمْثِلَةِ فَمِثَالُ مَا هُوَ جَائِزٌ كَتَخْصِيصِهِ مَذْهَبًا بِعَيْنِهِ أَوْ مَدْرَسَةً بِعَيْنِهَا أَوْ نَاظِرًا بِعَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لِوَقْفِهِ نَاظِرًا فَإِنْ جَعَلَ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَالِكٍ لِأَمْرِ نَفْسِهِ فَهُوَ الَّذِي يَحُوزُهُ وَيَتَوَلَّاهُ وَإِلَّا فَالنَّظَرُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ يُقَدِّمُ لَهُ مَنْ يَرْتَضِيهِ، وَكَذَلِكَ يُتْبَعُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ يُبْدَأُ فُلَانٌ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِكَذَا فَيُعْطَى ذَلِكَ الْقَدْرَ مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ وَيُقْضَى لَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِي إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ فَإِنْ قَالَ: مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ وَجَاءَتْ سَنَةٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا شَيْءٌ فَلَا تَبْدِئَةَ وَلَا قَضَاءَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْغَلَّةَ لِلْوَقْفِ أَوْ لِضَمِيرِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ فِي عَامٍ مَا يُعْطَى مِنْهُ أَوْ مَا يَفِي لَهُ بِحَقِّهِ وَحَصَلَ فِي عَامٍ آخَرَ مَا يُعْطَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ رِيعُهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ وَغَلَّتُهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الرِّيعِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ فِي غَالِبِ مَصْرِفِ إلَخْ) أَيْ: إذَا تَعَذَّرَ سُؤَالُ الْمُحْبِسِ (قَوْلُهُ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ) أَيْ: وَفِي غَيْرِ الْأَكْثَرِ يُقْصَدُ بِهَا وَجْهُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْعُمْرَى) أَيْ: فَأَكْثَرُ مَا تُسْتَعْمَلُ لِقَصْدِ وَجْهِ الْمُعَمِّرِ وَمِنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِ يُقْصَدُ بِهَا الثَّوَابُ أَيْ: ثَوَابُ الْآخِرَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ بَابِ الْعَطَايَا لَا مِنْ بَابِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ سَبِيلُهَا الْقُرْبَةُ) أَيْ: طَرِيقُهَا الْقُرْبَةُ أَيْ: لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً إلَّا لِلتَّقَرُّبِ (قَوْلُهُ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ) أَيْ: وَالسَّفِيهِ. (قَوْلُهُ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ) أَيْ بِلَفْظِهِ إنْ جَازَ أَيْ: وَأَمْكَنَ وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمَنْعَ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَلَوْ مَكْرُوهًا مُتَّفَقًا عَلَى كَرَاهَتِهِ كَشَرْطِهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ هَذَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا فِعْلُ الْمَكْرُوهِ فَإِنْ أَمْكَنَ فِعْلُ غَيْرِهِ كَشَرْطِهِ أَذَانًا عَلَى صِفَةٍ مَكْرُوهَةٍ وَوُجِدَ مُؤَذِّنٌ عَلَى صِفَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَا شَرَطَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اتِّبَاعُ لَفْظِهِ كَشَرْطِهِ انْتِفَاعًا بِكِتَابٍ فِي خِزَانَةٍ وَلَا يُخْرَجُ مِنْهَا وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِمَدْرَسَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا بِصَحْرَاءَ أَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَيُخْرَجُ لِغَيْرِهَا وَكَمَا إذَا شَرَطَ تَدْرِيسًا مَثَلًا فِي مَكَان وَلَمْ يُمْكِنْ التَّدْرِيسُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُهُ أَيْ: وَفِعْلُهُ كَشَرْطِهِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ، فَإِذَا قَرَّرَ مَالِكِيًّا فِي قِرَاءَةِ حَدِيثٍ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُوَلَّى بَعْدَهُ إلَّا مَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ نَظَرًا لِفِعْلِ الْوَاقِفِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُصَرَّحْ بِشَيْءٍ كَذَا قَرَّرَهُ عج وَفِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَرَّرَ مَالِكِيًّا فِي حَدِيثٍ لَيْسَ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَالِكِيًّا بَلْ لِكَوْنِهِ مُحَدِّثًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ مَالِكِيًّا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِكَوْنِهِ مُحَدِّثًا كَانَ مَالِكِيًّا أَوْ شَافِعِيًّا. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُبْدَأُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ يُبْدَأُ أَوْ يُعْطَى أَوْ يُدْفَعُ لَهُ أَوْ يَجْرِي عَلَيْهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْغَلَّةَ لِلْوَقْفِ) أَيْ: بِأَنْ قَالَ أَعْطُوهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ الْوَقْفِ أَعْطُوهُ مِنْ غَلَّتِهِ كُلَّ عَامٍ كَذَا وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ أَيْ: بِأَنْ قَالَ أَعْطُوهُ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ كَذَا وَكَذَا فَفَرْقٌ بَيْنَ أَعْطُوهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ كُلَّ عَامٍ وَبَيْنَ أَعْطُوهُ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ فَفِي الْأَوَّلِ يُقْضَى لَهُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي مُضَافًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَفِي الثَّانِي لَا قَضَاءَ بَلْ يُعْطَى مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الثَّانِي مَا يَسْتَحِقُّهُ فِيهِ فَقَطْ. (أَقُولُ) وَعَكْسُ الْمُصَنَّفِ يُشِيرُ لَهُ الْمُتَيْطِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ قَالَ يَجْرِي مِنْ غَلَّتِهِ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ عَامٍ كَذَا وَكَذَا وَكَانَتْ لَهُ فِي سَنَةٍ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى غَلَّةٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى تِلْكَ الْجِرَايَةُ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ غَلَّةِ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ كَذَا وَكَذَا فَأَيُّ عَامٍ كَانَ بِلَا غَلَّةٍ لَمْ يُعْطَ مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ جُعِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مِنْ غَلَّةٍ أَيْ: وَإِنْ عَنْ غَلَّةٍ كَانَ هُوَ كَلَامَ الْمُتَيْطِيِّ بِعَيْنِهِ وَحَلَّ تت الْمُصَنِّفَ بِكَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَمَا فِي الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُ مَا فِي رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيَاتَهُمَا مِنْ ثَمَرِ مَالٍ لَهُ وَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْأَوَّلُ أَصَابَ الثِّمَارَ مَا أَصَابَهَا فَلَمْ يَبْلُغْ الثِّمَارُ مَا أَوْصَى لَهُمَا بِهِ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّانِي جَاءَ الثِّمَارُ بِفَضْلٍ كَثِيرٍ فَأَرَادَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ وَصِيَّتِهِمَا فِي غَلَّةِ عَامٍ أَوَّلٍ فَذَلِكَ لَهُمَا قَالَ نَعَمْ ذَلِكَ لَهُمَا وَجَعَلَ اللَّقَانِيِّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ إلَخْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 مِنْهُ حَقَّهُ أَوْ مَا يَفِي بِحَقِّهِ بَعْدَ إعْطَاءِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الْعَامِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُعْطَى مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ أَضَافَ لَفْظَ غَلَّةٍ إلَى كُلِّ عَامٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ رِيعِ عَامٍ عَنْ عَامٍ غَيْرِهِ. (ص) أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ بَاعَ أَوْ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ رَجَعَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْبِسَ إذَا شَرَطَ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ إلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ بَاعَهُ فَلَهُ شَرْطُهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ وَعَلَى مَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ وَيَحْلِفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَحِينَئِذٍ يُمَكَّنُ مِنْ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ دُونَ بَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ رَجَعَ لَهُ مِلْكًا إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ يُتْبَعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ رُجُوعَهُ صَدَقَةً لِفُلَانٍ عِنْدَ التَّسَوُّرِ عَلَيْهِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَارِثِ يَوْمَ الرُّجُوعِ لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا حِينَئِذٍ وَالْمُرَادُ بِالتَّسَوُّرِ التَّسَلُّطُ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ إنْ تَسَوَّرَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى تَخْصِيصِ الَّذِي هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَشَرْطِ تَخْصِيصِ مَذْهَبٍ وَكَشَرْطِ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ رَجَعَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ. (ص) كَعَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي رُجُوعِ الْوَقْفِ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ لِوَارِثِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ حِينَ التَّحْبِيسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَى مَا فِي الشَّرْحِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وُلِدَ لَهُ سَابِقًا وَإِلَّا فَيُنْظَرُ بِلَا نِزَاعٍ وَبِعِبَارَةٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى فِي كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ قَيْدُ الْيَأْسِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ نَعَمْ إنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ فَلَا بَيْعَ لِلْوَقْفِ وَتَمَّ. (ص) لَا شَرْطِ إصْلَاحِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ إلَّا مِنْ غَلَّتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ وَنَفَقَتِهِ (ش) أَيْ: فَلَا يُعْمَلُ بِشَرْطِ إصْلَاحِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ؛ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ أَيْ: وَلَا يُتْبَعُ شَرْطُ كَذَا وَكَذَا فَالْبُطْلَانُ مُنْصَبٌّ عَلَى الشَّرْطِ لَا عَلَى الْوَقْفِ بَلْ مَرَمَّتُهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ وَقَفَ أَرْضًا مَثَلًا عَلَيْهَا تَوْظِيفٌ وَاشْتَرَطَ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ التَّوْظِيفُ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ لَا مِنْ غَلَّتِهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ بَاطِلًا وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَرَمَّتَهَا مِنْ غَلَّتِهَا وَأَنَّ مَا عَلَيْهَا مِنْ التَّوْظِيفِ مِنْ غَلَّتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ قِيلَ الْإِصْلَاحُ وَالتَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَاشْتِرَاطُهُ لَمْ يُزِدْ شَيْئًا فَلِمَ قِيلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاقِفَ اشْتَرَطَ كَوْنَهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَيُحَاسَبُ بِهِ مِنْ الْغَلَّةِ فَلِذَلِكَ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ هُنَا وَلَوْ اشْتَرَطَ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ مِمَّا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْغَلَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَيَكُونُ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِمْ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى غَيْرِ قَاعِدَتِهَا الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلْأُولَى عَلَى مَعْنَى الْبُقْعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا يَتْبَعُ شَرْطَ الْوَاقِفِ عَدَمُ الْبُدَاءَةِ بِإِصْلَاحِ مَا انْثَلَمَ مِنْ الْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ مِنْ أَصْلِهِ بَلْ يُبْدَأُ بِمَرَمَّةِ الْوَقْفِ وَإِصْلَاحِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْبَقَاءَ لِعَيْنِهِ وَالدَّوَامَ لِمَنْفَعَتِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ عَدَمِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى إصْلَاحِهِ وَقَوْلُهُ وَنَفَقَتِهِ عَطْفٌ عَلَى إصْلَاحِهِ مِنْ قَوْلِهِ لَا شَرْطِ إصْلَاحِهِ فَيَكُونُ مِنْ نَمَطِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لِلْوَقْفِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَأَمَّا حَلُّ الشَّارِحِ فَيَقْتَضِي عَطْفَهُ عَلَى إصْلَاحِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ الْمُقْتَضِي لِشُمُولِهِ لِلْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ   [حاشية العدوي] لَكِنْ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ بَاعَ) أَيْ: وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ بَاعَ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ فِي الْهِبَةِ وَالِاحْتِيَاجُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْبَيْعِ لَا لِلصِّحَّةِ؛ إذْ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِدُونِ شَرْطِ قَيْدِ الِاحْتِيَاجِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ جَازَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ إنْ جَازَ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ دُونَ بَيِّنَةٍ) أَيْ: وَدُونَ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا) مُفَادُ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ بَاطِلٍ بِالْفِعْلِ بَلْ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاطِلًا أَصْلًا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا وَلَوْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى أَتَى لَهُ وَلَدٌ وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ مِنْ أَنَّ مَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وُلِدَ وَلَدٌ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَإِنْ وُلِدَ لَهُ فَلَا يَبِيعُ اهـ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيَاسِ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا حَبْسَ وَيَصِيرُ مِيرَاثًا وَيَبْقَى النَّظَرُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ يُوقِفُ غَلَّتَهُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ فَلِذَلِكَ الْوَلَدِ وَإِلَّا فَلِلْمُحْبِسِ أَوْ وَرَثَتِهِ أَوْ لَا يُوقَفُ وَيَأْخُذُهَا الْمُحْبِسُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ فَيُعْطِيَ لَهُ مِنْ وَقْفِ الْوِلَادَةِ وَالظَّاهِرُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ (قَوْلُهُ كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) أَيْ: عَلَيْهَا مَغْرَمٌ لِلْحَاكِمِ كَأَرْضِ الشَّامِ فَلَا يُعْمَلُ يَشْرِط وَاقِفِهَا وَعَلَيْهَا الْمَغْرَمُ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ) فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لَا بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِمْ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْوَقْفَ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مِنْ نَمَطِ التَّوْظِيفِ) أَيْ: مِنْ قَبِيلِ التَّوْظِيفِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُجْعَلُ ظُلْمًا عَلَى الْوَقْفِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ مِنْ نَمَطِ الْإِصْلَاحِ وَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَيْ: أَنَّ نَقْلَ الْمَوَّاقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى إصْلَاحٍ وَصُدِّقَ فِيمَا قَالَ (قَوْلُهُ الْمُقْتَضِي إلَخْ) صِفَةٌ لِعَطْفِهِ عَلَى إصْلَاحِهِ أَيْ: أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى إصْلَاحِهِ يَقْتَضِي شُمُولَهُ لِلْإِنْفَاقِ إلَخْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 الْإِصْلَاحِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ الْإِنْفَاقَ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْإِصْلَاحِ التَّرْمِيمُ بِالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ فَذِكْرُهُ بَعْدَهُ لِفَائِدَةٍ وَقَالَ بَعْضٌ وَنَفَقَتُهُ أَيْ: فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ. (ص) وَأَخْرَجَ السَّاكِنَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى إنْ لَمْ يَصْلُحْ لِتُكْرَى لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ دَارًا أَوْ نَحْوَهَا عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِأَجْلِ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا فَاحْتَاجَ إلَى إصْلَاحٍ فَإِنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصْلِحَ مَنْ عِنْدَهُ مَا تَهَدَّمَ مِنْهَا وَبَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا لِأَجْلِ أَنْ تُكْرَى تِلْكَ الدَّارُ وَنَحْوُهَا لِأَجْلِ الْإِصْلَاحِ، فَإِذَا حَصَلَ الْإِصْلَاحُ وَانْقَضَى أَجَلُ الْكِرَاءِ رَجَعَ إلَيْهَا مَنْ حُبِسَتْ عَلَيْهِ فَسَكَنَهَا فَقَوْلُهُ لِتُكْرَى غَايَةٌ لِأَخْرَجَ وَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِتُكْرَى وَالضَّمِيرُ لِلْإِصْلَاحِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخْرَجَ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ مِنْ قَوْلِهِ لَا شَرْطِ إصْلَاحِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ فَإِنْ سَكَتَ الْوَاقِفُ مَا الْحُكْمُ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ. (ص) وَأُنْفِقَ فِي فَرَسٍ لِكَغَزْوٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ فَرَسًا لِغَزْوٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ وَقَفَهُ فِي رِبَاطٍ مِنْ أَرْبَاطِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَكُونُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ يُوصَلُ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ قَبِلَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. (ص) فَإِنْ عُدِمَ بِيعَ وَعُوِّضَ بِهِ سِلَاحٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرَسَ الْمَوْقُوفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ عُدِمَ أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ فَإِنَّ الْفَرَسَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالسِّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عُدِمَ يَرْجِعُ لِلْإِنْفَاقِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَنْفَقَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا وُجِدَ بَيْتُ الْمَالِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُحْزَرُ هَذَا الْمَعْنَى وَيُرَادُ بِالْعَدَمِ وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ. (ص) كَمَا لَوْ كَلِبَ (ش) كَلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ إذَا أَصَابَهُ الْكَلَبُ الَّذِي يَعْتَرِي الْكِلَابَ فَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَتَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَيَعَضُّ كُلَّ شَيْءٍ قَابَلَهُ حَتَّى يَمُوتَ وَرُبَّمَا مَاتَ الْمَعْضُوضُ وَرُبَّمَا عَاشَ أَيَّامًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَرَسَ الْمَوْقُوفَ إذَا أَصَابَهُ الْكَلَبُ وَهُوَ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ كَالْجُنُونِ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي خُصُوصِ مَا وُقِفَ فِيهِ وَهُوَ الْغَزْوُ مَثَلًا لَكِنْ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نَحْوِ الطَّاحُونِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْبَيْعِ فَقَطْ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي الْبَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ بِثَمَنِهِ سِلَاحًا؛ لِأَنَّهُ سَيَقُولُ عَقِبَهُ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ مَا عَسَاهُ يَرِدُ مِنْ التَّدَافُعِ بَيْنَ كَلَامَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَلِبَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُعَوَّضُ بِهِ سِلَاحٌ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ التَّشْبِيهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ يَشْمَلُ الْفَرَسَ وَالْكَلْبَ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَى بِهِ سِلَاحٌ. (ص) وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْقُوفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ   [حاشية العدوي] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ لَا الشُّمُولَ. (قَوْلُهُ (3) لِيَصْلُحَ إلَخْ) ، فَإِذَا احْتَاجَ الْخُلُوُّ لِعِمَارَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَعَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ لَا عَلَى صَاحِب الْخُلُوّ فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا شَرِيكَيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ جَمِيعُ الْبِنَاءِ خُلُوًّا لَكَانَ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ الْمُهْدَمُ وَقْفًا مَحْضًا وَالْخُلُوُّ فَوْقَهُ وَانْهَدَمَ الْأَسْفَلُ لَكَانَ عَلَى الْوَقْفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ غَايَةٌ لِأَخْرَجَ) مُنَافٍ لِقَوْلِهِ لِأَجْلِ أَنْ تُكْرَى الْمُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ لَا غَايَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهَا غَايَةً لِأَخْرَجَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ إخْرَاجًا مُسْتَمِرًّا نِهَايَتُهُ الْإِكْرَاءُ مَعَ أَنَّ نِهَايَةَ الْإِخْرَاجِ إنَّمَا هُوَ الْإِصْلَاحُ وَانْقِضَاءُ مُدَّةِ الْكِرَاءِ لَا الْإِكْرَاءُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَكَتَ إلَخْ) أَيْ: سَكَتَ الْوَاقِفُ عَنْ اشْتِرَاطِ إصْلَاحِهِ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا كَبَعْضِ مَالِهِ قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ فَإِنْ قُلْت إكْرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِهِ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْبَسْ إلَّا لِلسُّكْنَى لَا لِلْكِرَاءِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَمْ تُحْبَسْ إلَّا لِلسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ قَدْ عَلِمَ إنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ وَلَمْ يُوقِفْ لَهَا مَا تُصْلَحُ بِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ قَدْ أَذِنَ فِي كِرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ حُبِسَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ اهـ. . (قَوْلُهُ لِكَغَزْوٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَقَفَهُ فِي رِبَاطٍ هَذَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَيْ: كَأَنْ وَقَفَهَا لِقِتَالِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُوصَلُ إلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ وَيُوصَلُ لَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ وَقَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَيْ: بِغَيْرِ جِهَادٍ هَكَذَا الْمَفْهُومُ مِنْ النُّقُولِ وَأَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَقَوْلُ عب وَخَرَجَ بِكَغَزْوِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ قَبِلَهُ عَلَى ذَلِكَ) كَذَا رَأَيْت نَقْلَ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ بِخِلَافِ مَا فِي عب وشب أَمَّا عِبَارَةُ عب فَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَأَمَّا عِبَارَةُ شب فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لِكَغَزْوٍ مِمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: وَيَرْجِعُ لِرَبِّهِ وَيَبْطُلُ وَقْفُهُ. (قَوْلُهُ كَالسِّلَاحِ) أَيْ وَلَا يُعَوَّضُ بِهِ مِثْلُ مَا بِيعَ وَلَا شِقْصُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ فِي غَيْرِ مَا بِيعَ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ بَقِيَ مَا كَانَ مِثْلَ الْقَنْطَرَةِ وَالْمَسْجِدِ إذَا حَصَلَ خَلَلٌ فَإِنْ تَطَوَّعَ أَحَدٌ أَوْ لَهُمَا غَلَّةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِمَا أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا بَقِيَا حَتَّى يَهْلِكَا (قَوْلُهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَخْ) أَيْ الْكَلِبُ الَّذِي هُوَ لَا مُفْرَدَ الْكِلَابِ أَيْ: وَالْكَلَبُ فِي الْفَرَسِ لَا يَصِلُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ وَشَرْطُ الْبَيْعِ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَوْ شِقْصِهِ) أَيْ: إنْ وَجَدَ مَنْ يُشَارِكُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ إذَا صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي وُقِفَ فِيهِ كَالثَّوْبِ يَخْلَقُ وَالْفَرَسُ يُكْلَبُ وَالْعَبْدُ يَعْجِزُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي وُقِفَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُهُ مَا يُشْتَرَى بِهِ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَعَانُ بِهِ فِي شِقْصِ مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ وَبِيعَ أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ الْمَنْفِيُّ هُوَ النَّفْعُ الْمَقْصُودُ لِلْوَاقِفِ وَلَكِنْ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ كَوْنُ الْمَبِيعِ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ الْحُصْرَ وَالزَّيْتَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ يُخْرِجُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ فِي مَحَلِّ تَقْدِيرِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ غَيْرَ عَقَارٍ إلَخْ. (ص) كَأَنْ أُتْلِفَ (ش) أَيْ: كَأَنْ أَتْلَفَ الْمَوْقُوفُ غَيْرَ الْعَقَارِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِالْقِيمَةِ مَا يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إذَا بِيعَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُتْلَفُ عَقَارًا لَكَانَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَفَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ فِي إنَاثٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ وَلَدَ الْحَيَوَانِ الْمُحْبَسِ مِثْلُ أَصْلِهِ فِي التَّحْبِيسِ، فَإِذَا وَلَدَتْ الْبَقَرَاتُ أَوْ الْإِبِلُ أَوْ الْغَنَمُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَمَا فَضَلَ مِنْ الذُّكُورِ عَنْ النَّزْوِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ وَانْقَطَعَ لَبَنُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إنَاثٌ تُحْبَسُ كَأَصْلِهَا فَقَوْلُهُ وَفَضْلُ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ بِيعَ أَيْ وَبِيعَ فَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ بِكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ الْإِنَاثِ وَقَوْلُهُ فِي إنَاثٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَجُعِلَ ثَمَنُهُ فِي إنَاثٍ وَمِثْلُ مَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ مَا كَبِرَ مِنْ الذُّكُورِ مِمَّا لَا يُبَاعُ مِنْهَا لِكَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ ثُمَّ طَرَأَ عَدَمُ الْحَاجَةِ لَهُ لِعَدَمِ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَكِنَّهُ يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ أَوْ شِقْصُهُ لِحَاجَةِ الْإِنَاثِ لَهُ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ وَفَضْلُ الذُّكُورِ إلَخْ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ إلَخْ قُلْت ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ فِي إنَاثٍ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَتَوَهَّمَ أَنَّ ثَمَنَ فَضْلِ الذُّكُورِ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهَا. (ص) لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَفْهُومِ شَرْطٍ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةَ وَالْعَطْفَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُبَاعُ الْعَقَارُ الْحَبْسُ وَلَوْ خَرِبَ وَبَقَاءُ إحْبَاسِ السَّلَفِ دَاثِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ. (ص) وَنُقِضَ وَلَوْ بِغَيْرِ خَرِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَقْضَ الْحَبْسِ بِمَعْنَى مَنْقُوضِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْدَلَ رَبْعٌ خَرِبٌ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ وَفِي ابْنِ غَازِيٍّ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِغْيَاءَ رَاجِعٌ لِلرَّبْعِ الْخَرِبِ وَالنَّقْضِ وَلَمْ أَرَاهُ مَنْصُوصًا إلَّا فِي الرَّبْعِ الْخَرِبِ انْتَهَى. (ص) إلَّا لِتَوْسِيعٍ كَمَسْجِدٍ وَلَوْ جَبْرًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ صَارَ خَرِبًا إلَّا الْعَقَارَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ وَاحْتَاجَ إلَى تَوْسِعَةٍ وَبِجَانِبِهِ عَقَارٌ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبْسِ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْحَبْسِ أَوْ صَاحِبُ الْمِلْكِ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِ الْحَبْسِ مَا يُجْعَلُ حَبْسًا كَالْأَوَّلِ وَمِثْلُ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ تَوْسِعَةُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَقْبَرَتِهِمْ وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِتَقْيِيدِ الْمَسْجِدِ بِكَوْنِهِ لِلْجَمَاعَةِ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمَسْجِدُ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ يُخْرِجُ ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّ الشِّقْصِيَّةَ لَا تُعْقَلُ فِي الْحَصِيرِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْحَصِيرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَأَقُولُ حَيْثُ كَانَ الْمُصَنِّفُ يُخْرِجُ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ قَالَ بَيْعُ حُصُرِ الْمَسْجِدِ جَائِزٌ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهَا وَكَذَا أَنْقَاضُهُ وَتَصَرُّفٌ فِي مَصَالِحِهِ انْتَهَى أَيْ: وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الزَّيْتِ إذَا صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي خُصُوصِ مَا وُقِفَ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلِلشُّيُوخِ خِلَافٌ فِي حُصُرِهِ الْعَتِيقَةِ هَلْ تُبَاعُ فِي مَصَالِحِهِ وَكَذَا بُسُطِهِ وَفَضَلَاتِ تَرْمِيمِهِ وَقَنَادِيلِهِ الْمَكْسُورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَذُكِرَ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَجَابَ بِقَوْلِهِ الْحُصُرُ الْبَالِيَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي مَسْجِدٍ وَإِنْ بُلِيَتْ وَجَعَلَ النَّاسُ فِيهَا حُصُرًا جُدُدًا لَا تُبَاعُ تِلْكَ الْحُصُرُ الْبَالِيَةُ وَتَبْقَى مَرْمُومَةً حَتَّى يَفْتَقِرَ لَهَا الْمَسْجِدُ فِيمَا بَعْدُ هَذَا وَجْهُ الْفِقْهِ وَإِنْ نُقِلَتْ لِمَسْجِدٍ آخَرَ دُونَ بَيْعٍ مَعَ غِنَى هَذَا الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلٍ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَنَا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا فَمَنْ عَمِلَ بِهِ صَحَّ عَمَلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى انْتَهَى فَظَهَرَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْغَنَمِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةُ الصُّوفِ لَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ فَتُبَاعُ وَيُعَوَّضُ بِهَا صَغِيرَةٌ فِيهَا اللَّبَنُ (قَوْلُهُ لَا عَقَارٌ إلَخْ) الْأَحْسَنُ عَطْفُهُ بِالرَّفْعِ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ عُطِفَ بِالْجَرِّ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرِهِ كَانَ مُخْتَصًّا بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَإِنْ خَرِبَ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ خَرِبَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِجَوَازِهِ وَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ. وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ خَرْبٍ مُقَابِلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ بِجَوَازِهِ بِشُرُوطٍ رَاجِعْ الْبَدْرَ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَا عَقَارٌ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرِ عَقَارٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومِ شَرْطٍ وَلِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ (قَوْلُهُ إلَّا لِتَوْسِيعٍ كَمَسْجِدٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْجَامِعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْجُمُعَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ بَعْدَ بِنَائِهِ ثُمَّ يُرَادُ تَوْسِيعُهُ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا فَلَا يُبَاعُ وَقْفٌ وَلَا مِلْكٌ لِأَجْلِ تَوْسِعَتِهِ اهـ. الْبَدْرُ (قَوْلًا وَجَبْرًا) مُبَالَغَةٌ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجَوَازِ الشَّامِلِ لِلْوُجُوبِ إذْ هُوَ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ تَوْسِعَةُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) فِي عج وَتَبِعَهُ عب وَسَكَتَ عَنْ تَوْسِيعِ بَعْضِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَعْضٍ وَهُوَ وَسِتُّ صُوَرٍ وَيُؤْخَذُ الْجَوَازُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاتَّبَعَ شَرْطَهُ إنْ جَازَ أَنَّ مَا كَانَ لِلَّهِ فَلَا بَأْسَ فِيهِ أَنْ يُسْتَعَانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ انْتَهَى إلَّا أَنَّ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ التَّنْصِيصَ بِأَنَّهُ لَا يُهْدَمُ الْمَسْجِدُ لِتَوْسِيعِ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ الدَّفْنِ فِيهِ لِضِيقِ الْمَقْبَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بَاقٍ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ بِكَوْنِهِ لِلْجَمَاعَةِ) تَبِعَ عج فِيهِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ مَسْجِدٍ لِصَلَاةِ الْمُنْفَرِدِينَ هَذَا وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ كَمَسْجِدٍ مِنْ الْمِيضَأَةِ (ص) وَأُمِرُوا بِجَعْلِ ثَمَنِهِ لِغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ الْحَبْسَ إذَا بِيعَ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ كَمَا مَرَّ فَإِنَّ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ عَقَارٌ مِثْلُهُ يُجْعَلُ حَبْسًا مَكَانَهُ وَهَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى الْبَدَلِ أَوْ لَا يُجْبَرُ فِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى جَعْلِ الثَّمَنِ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُمْ الْبَيْعُ اخْتَلَّ حُكْمُ الْوَقْفِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ فَقَوْلُهُ وَأُمِرُوا أَيْ: الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ. (ص) وَمَنْ هَدَمَ وَقْفًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى حَبْسٍ وَهَدَمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْهَدْمِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ فِي الشَّيْءِ جَوَازُ بَيْعِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ هُنَا لُزُومُ الْقِيمَةِ فِي الْوَقْفِ إذَا أُتْلِفَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْهَدْمِ الْقِيمَةُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا مُطْلَقًا انْتَهَى أَيْ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتْلَفَاتِ فَيَقُومُ قَائِمًا وَمَهْدُومًا وَيُؤْخَذُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَالنَّقْضُ بَاقٍ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ. (ص) وَتَنَاوَلَ الذُّرِّيَّةُ وَوَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ أَوْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى ذُرِّيَّتِي أَوْ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ عَلَى أَوْلَادِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ فَقَوْلُهُ الذُّرِّيَّةُ فَاعِلُ يَتَنَاوَلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَتَنَاوَلَ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ إلَخْ وَمَا بَعْدَهُ كُلُّهُ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ إلَّا مَا كَانَ مَجْرُورًا مِنْ قَوْلِهِ وَبَنِي بَنِيَّ وَمِنْ قَوْلِهِ وَبَنِي أَبِي إلَخْ فَهُوَ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ وَقْفٌ عَلَى بَنِي بَنِيَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَوَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ أَيْ: وَأَوْلَادُهُمَا وَهَذَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُمْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مُقَدَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي الثَّالِثَةِ انْتَهَى، وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَنَاوُلِ الْحَافِدِ، وَأَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الذُّرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ الْحَافِدَ هُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (ص) لَا نَسْلِي وَعَقِبِي وَوَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي وَبَنِي وَبَنِي بَنِيَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَافِدَ وَهُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ لَا يَدْخُلُ فِي لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّمَانِيَةِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَبِعِبَارَةِ وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي الْأُولَى حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا جُمِعَ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ قَوِيٌّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ مَا إذَا أُفْرِدَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا لَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِفْرَادِ كَانَ ضَائِعَ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ   [حاشية العدوي] أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ لَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ؛ إذْ لَيْسَتْ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ انْتَهَى وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مُعْرِضًا عَنْ كَلَامِ عج (قَوْلُهُ مِنْ الْمِيضَأَةِ) أَيْ: فَلَا يُبَاعُ حَبْسٌ لِتَوْسِعَتِهَا قَالَ عج وَالْفَرْقُ أَنَّ إقَامَةَ الْجَمَاعَةِ فِيهِ سُنَّةٌ يُقَاتَلُ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ وَاجِبَةٌ وَالْوُضُوءُ مِنْ الْمِيضَأَةِ لَا فَضْلَ فِيهِ انْتَهَى وَقَالَ الرَّمَّاحُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى بَيْعِ أَرْضِهِ لِيُزَادَ فِي الْمِيضَأَةِ انْتَهَى بَلْ الْوُضُوءُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ. (فَرْعٌ) لِلنَّاظِرِ هَدْمُ مِيضَأَتِهِ وَجَعْلُهُ بُيُوتًا مَكَانَهَا لِمَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ وَأُمِرُوا) أَيْ: الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ وُجُوبًا. . (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّعَدِّي أَيْ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ خَطَأً فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَإِذَا هَدَمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَ وَقْفٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ أَيْضًا قَالَهُ عج ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَالْمَذْهَبُ هُنَا لُزُومُ الْقِيمَةِ أَيْ: قِيمَتِهِ بِتَمَامِهِ إنْ فُوِّتَ النَّقْضُ أَوْ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ إنْ لَمْ يُفَوَّتْ النَّقْضُ وَقَرَّرَهُ عَجَّ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا هَدَمَ وَقْفًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَيْ: قِيمَةُ مَا نَقَصَ وَيَأْخُذُ رَبُّهُ النَّقْضَ وَمَا نَقَصَ وَإِنْ تَصَرَّفَ الْهَادِمُ فِي الْأَنْقَاضِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا (قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَدِّي وَاقِفَهُ أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ النَّوَادِرِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَجَمَعَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إنْ كَانَتْ الْأَنْقَاضُ بَاقِيَةً وَقِيمَتُهُ إنْ أَزَالَ الْهَادِمُ أَنْقَاضَهُ بِحَرْقٍ وَنَحْوِهِ وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَوْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ إنْ زَادَهُ فَإِنْ نَقَضَهُ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ أَوْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ النَّقْضِ تَرَدَّدَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ الْقِيمَةُ مِلْكًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لُزُومُ الْقِيمَةِ لِمَنْ هَدَمَ الْمِلْكَ، وَأَمَّا الْوَقْفُ فَفِيهِ مَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَهُ؛ إذْ الْهَدْمُ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ) كَمَا إذَا قَوَّمَ قَائِمًا بِعَشَرَةٍ وَمَهْدُومًا بِسِتَّةٍ فَمَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ فَيُعْطَاهَا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ عِبَارَةٍ يُقَالُ فِيهَا مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. (قَوْلُهُ الذُّرِّيَّةُ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا مِنْ ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ أَيْ: خَلَقَهُمْ. (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ: لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْوَقْفِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُمْ) مُقَدَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي الثَّالِثَةِ، وَأَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الذُّرِّيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ وَأَوْلَادُهُمَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِتَأْوِيلِهِ بِمَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَوَلَدِي إلَخْ) يُدْخِلُ وَلَدَهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَأَوْلَادَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ وَلَا يُدْخِلُ أَوْلَادَ وَلَدِهِ الْأُنْثَى وَحَيْثُ يَأْتِي بِالْوَاوِ وَيُدْخِلُ وَلَدَ وَلَدِهِ مَعَ وَلَدِهِ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الْقَسْمِ (قَوْلُهُ هُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ) هَذَا تَخْصِيصٌ لِلَّفْظِ بِبَعْضِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لُغَةً إذْ هُوَ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلَ) الْمُتَبَادَرُ بِنْتُ الْوَاقِفِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ سَفَلَ أَيْ الْوَلَدُ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ وَلَدِ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَهَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبِنْتِ مَا يَشْمَلُ بِنْتَ الْوَاقِفِ وَبِنْتَ ابْنِ الْوَاقِفِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَفْيَدُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَبَادَرٍ (قَوْلُهُ وَعَقِبِي) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ بِدُخُولِهِ فِيهِ إلَى آخِرِ طَبَقَةٍ وَمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ يُقَدَّمُ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ تَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا جُمِعَ فَصَارَتْ فَائِدَتُهُ قَلِيلَةً فَلِهَذَا حَمَلْنَا قَوْلَهُ وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَنِيِّ وَبَنِي بَنِيَّ عَلَى صُورَةٍ أُخْرَى فَهُمَا صُورَتَانِ فَالْمَسَائِلُ سِتَّةٌ لَا ثَمَانِيَةٌ (ص) وَفِي وَلَدِي وَوَلَدِهِمْ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ حُبِسَ دَارِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِهِمْ هَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبِنْتِ نَظَرًا لِآخِرِ الْكَلَامِ أَوْ لَا نَظَرًا لِأَوَّلِ الْكَلَامِ قَوْلَانِ وَمِثْلُ وَلَدِهِمْ وَلَدُهُ بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَوَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي الْعُرْفُ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِالضَّمِيرِ وَأَضَافَ الْأَوْلَادَ لَهُ فَقَدْ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمَّا أَتَى بِالظَّاهِرِ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ تَخَصَّصَ ذَلِكَ أَيْ: تَقَيَّدَ بِهِ فَجَرَى الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. (ص) وَالْإِخْوَةُ الْأُنْثَى وَرِجَالُ إخْوَتِي وَنِسَاؤُهُمْ الصَّغِيرَ وَبَنِي أَبِي إخْوَتَهُ الذُّكُورَ وَأَوْلَادَهُمْ وَآلِي وَأَهْلِي الْعَصَبَةَ وَمَنْ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ هُوَ حَبْسٌ عَلَى إخْوَتِي فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأُنْثَى وَلَوْ أُخْتًا لِأُمٍّ وَإِذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى رِجَالِ إخْوَتِي أَوْ عَلَى نِسَائِهِمْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ مِنْهُمْ وَإِذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى بَنِي أَبِي فَإِنَّهُ يَشْمَلُ إخْوَتَهُ الذُّكُورَ خَاصَّةً أَشِقَّاءً أَوْ لِأَبٍ وَيَشْمَلُ أَيْضًا أَوْلَادَهُمْ الذُّكُورَ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ وَإِذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى آلِي أَوْ قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى أَهْلِي فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْعَصَبَةَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ أَصْلٌ لِآلٍ فَيَدْخُلُ الِابْنُ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ الذُّكُورُ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ وَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا كُلَّ امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا فَرْضًا كَانَتْ عَصَبَةً كَالْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَالْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَتَدْخُلُ بَنَاتُ الْعَمِّ وَلَوْ بَعُدْنَ فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَيَتَنَاوَلُ مِنْ الرِّجَالِ الْعَصَبَةَ وَمِنْ النِّسَاءِ امْرَأَةً لَوْ رُجِّلَتْ لَعَصَّبَتْ أَيْ: كَانَتْ عَصَبَةً أَعَمَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَصَبَةً بِغَيْرِهَا أَمْ لَا وَدَخَلَتْ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَرَاعَى مَعْنَى مَنْ فَأَنَّثَ عَصَّبَتْ وَلَمْ يُرَاعِ لَفْظَهَا وَإِلَّا لَقَالَ عَصَّبَ وَلَا يُقَالُ الْأَوْلَى مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْنِيثِ فَيَكُونُ الْأَحْسَنُ مُرَاعَاةَ مَعْنَاهَا وَقَدْ دَلَّ عَلَى التَّأْنِيثِ هُنَا رُجِّلَتْ فَالْأَحْسَنُ فِي عَصَّبَ التَّأْنِيثُ. (ص) وَأَقَارِبِي أَقَارِبَ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ نَصْرَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا حَبْسٌ عَلَى أَقَارِبِي فَإِنَّهُ يَدْخُلُ أَقَارِبُهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ أَيْ: مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَمِنْ جِهَةِ أُمِّهِ فَيَدْخُلُ كُلُّ مَنْ يَقْرَبُ لِأَبِيهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَيَدْخُلُ كُلُّ مَنْ يَقْرَبُ لِأُمِّهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا مِنْ الذُّكُورِ أَوْ مِنْ الْإِنَاثِ فَتَدْخُلُ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَابْنُ الْخَالَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْإِطْلَاقِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ مِنْهُمْ لِصِدْقِ اسْمِ الْقَرَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمُنْتَقَى الْبَاجِيِّ عَنْ أَشْهَبَ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الذِّمِّيِّ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ عَدَمُ وُجُودِهِ وَجُعِلَ بَدَلُهُ وَإِنْ قَصَوْا أَيْ بَعُدُوا وَلَمْ نَرَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي) يُدْخِلُ بَنَاتَه إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفُ بَلَدِ الْوَاقِفِ بِحَمْلِهِ عَلَى الذُّكُورِ وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا تَتَنَاوَلُ الْحَافِدَ أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ أَوْلَادِهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِالْأَحْرَى دُخُولُ إنَاثِ الصُّلْبِ مَعَ الذُّكُورِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَنِيَّ وَبَنِي بَنِي أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي (قَوْلُهُ الصُّورَتَيْنِ) الصُّورَةُ الْأُولَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي الثَّانِيَةُ بَنِيَّ وَبَنِي بَنِيَّ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ نَصُّ الْمَوَّاقِ ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ حَبَسْت عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ وَلَدَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ فِي ذَلِكَ وَفِي ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِآخِرِ الْكَلَامِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَأَوْلَادِهِمْ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا نَظَرًا لِأَوَّلِ الْكَلَامِ لَا يَخْفَى أَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ هُوَ قَوْلُهُ وَوَلَدِي أَقُولُ لَا مَعْنَى لِلنَّظَرِ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِاللَّفْظَيْنِ. (قَوْلُهُ لَمَّا أَتَى بِالضَّمِيرِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَوَلَدُهُمْ فَقَدْ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَدَخَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْوَلَدُ الَّذِي لَا يُنْسَبُ لِي بَلْ لِوَلَدِي (قَوْلُهُ وَلَمَّا أَتَى بِالظَّاهِرِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَاهُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَلَدُ الْمَنْسُوبُ لِوَلَدِي لَا لِي جَازَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى الْعُرْفِ وَيُتْرَكَ ذَلِكَ التَّوْجِيهُ (قَوْلُهُ جَرَى الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: فِي الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ بِدُخُولِهِمْ أَقْوَى فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَقَدْ تَخَصَّصَ) أَيْ: تَقَيَّدَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالتَّخْصِيصِ حَقِيقَتَهُ الَّذِي هُوَ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ أَيْ: يَكُونُ فِيهِ حُكْمُ الْخَاصِّ مُبَايِنًا لِحُكْمِ الْعَامِّ كَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ مَعَ قَوْلِهِ لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَبَنِي أَبِي إخْوَتَهُ الذُّكُورَ) وَيَدْخُلُ أَيْضًا الِابْنُ الذَّكَرُ لِلْوَاقِفِ وَفِي دُخُولِ الْوَاقِفِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ هَلْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ أَوْ لَا وَلَا يَرِدُ أَنَّ فِيهِ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَصْدِ وَمَا هُنَا تَبَعِيٌّ وَعُرْفُ مِصْرَ لَا يَدْخُلُ هُوَ وَلَا وَلَدُهُ وَلَا أُمُّهُ وَلَا أَبُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَهْلَ أَصْل لِآلِ) لَا يُنَاسَب أَنْ يَأْتِي بِالتَّعْلِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْه فَالْأُولَى أَنْ يَقُول وَمِثْل أَهْل الْ فِي دُخُول مِنْ ذَكَر وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ أَصْلٌ لِآلٍ أَيْ: فَيَجْرِي فِي آلٍ مَا جَرَى فِي أَهْلٍ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ أَنَّ آلَ مَعْنَاهُ الِاتِّبَاعُ فَيَتَنَاوَلُ غَيْرَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ إلَخْ) بَقِيَ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَقُلْ رَجُلٌ بَلْ قَالَ رُجِّلَتْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ بِهَذَا يَسْقُطُ) أَيْ: بِقَوْلِنَا وَعَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمُنْتَقَى الْبَاجِيِّ وَقَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّعْلِيلِ فَيَقُولُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ عَدَمُ وُجُودِهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَوْا مِنْ حَيْثُ عَدَمِ الْوُجُودِ وَالْأَوَّلُ اعْتِرَاضٌ عَلَى نُسْخَةِ نَصْرَى مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 هَذِهِ النُّسْخَةَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْبَرْمُونِيُّ وَنَصْرَى لُغَةً فِي نَصَارَى لَكِنَّهَا رَدِيئَةٌ وَالْمُرَادُ أَقَارِبُهُ النَّصَارَى الذِّمِّيُّونَ، وَأَمَّا الْحَرْبِيُّونَ فَلَا يَدْخُلُونَ اتِّفَاقًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ الذِّمِّيِّينَ. (ص) وَمَوَالِيهِ الْمُعْتَقَ وَوَلَدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَهُوَ الَّذِي أَعْتَقَهُ الْوَاقِفُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا وَلَدُ مَنْ أَعْتَقَهُ الْوَاقِفُ لِصُلْبِهِ فَإِنْ نَزَلَ أُجْرِيَ عَلَى مَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْبِسِ أُنْثَى فَلَيْسَ بِوَلَدٍ وَلَا عَقِبٍ. (ص) وَمُعْتَقَ أَبِيهِ وَابْنَهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي وَقْفِهِ عَلَى مَوَالِيهِ أَيْضًا مَنْ أَعْتَقَهُ أَصْلُ الْوَاقِفِ وَمَنْ أَعْتَقَهُ فَرْعُهُ وَلَوْ قَالَ وَمَوَالِيهِ مَنْ لَهُ أَوْ لِأَصْلِهِ أَوْ لِفَرْعِهِ وَلَاؤُهُ وَلَوْ بِالْجَرِّ لَكَانَ أَشْمَلَ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مَنْ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ وَلَوْ بِالْجَرِّ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَمَنْ وَلَاؤُهُ لِأَصْلِهِ كَذَلِكَ وَمَنْ وَلَاؤُهُ لِفَرْعِهِ كَذَلِكَ وَلَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ. (ص) وَقَوْمُهُ عَصَبَتَهُ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى قَوْمِي فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا الْعَصَبَةُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ رُجِّلْنَ عَصَّبْنَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ إنْ كَانَ عُرْفٌ. (ص) وَطِفْلٌ وَصَبِيٌّ وَصَغِيرٌ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَشَابٌّ وَحَدَثٌ لِلْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَكَهْلٌ فِي السِّتِّينَ وَإِلَّا فَشَيْخٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَطْفَالِ أَوْلَادِي أَوْ عَلَى صِغَارِ أَوْلَادِي أَوَعَلًى صِبْيَانِ أَوْلَادِي مَثَلًا فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فَقَطْ مِنْ ذَكَرٍ كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى شَبَابِ قَوْمِي أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَحْدَاثِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَرْبَعِينَ عَامًا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَإِذَا قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى كُهُولِ قَوْمِي أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ عَامًا إلَى أَنْ يَبْلُغَ مِنْ الْعُمُرِ سِتِّينَ عَامًا وَإِذَا قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى شُيُوخِ قَوْمِي أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ جَاوَزَ السِّتِّينَ عَامًا إلَى آخِرِ عُمُرِهِ وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فَقَوْلُهُ (وَشَمِلَ الْأُنْثَى) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ الْأَطْفَالِ وَالْكُهُولِ وَالشُّيُوخِ كَمَا قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى أَرَامِلِ قَوْمِي أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الْأَرْمَلَ هُوَ الَّذِي لَا زَوْجَ لَهُ وَالْأَرْمَلَةَ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْأَرْمَلِ) وَشَمِلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (ص) وَالْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ بَلْ الْمِلْكُ ثَابِتٌ لِلْوَاقِفِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِالْمَعْنَى الْآتِي وَلَمَّا كَانَ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ لِلْوَاقِفِ الْغَلَّةَ؛ إذْ هِيَ فَائِدَةُ الْمِلْكِيَّةِ قَالَ (لَا لِلْغَلَّةِ) فَإِنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْغَلَّةَ وَالثَّمَرَةَ وَاللَّبَنَ وَالصُّوفَ وَالْوَبَرَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ (فَلَهُ) إنْ كَانَ حَيًّا (وَلِوَارِثِهِ) إنْ مَاتَ (مُنِعَ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ الْإِصْلَاحُ إلَى تَغَيُّرِ مَعَالِمِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ الْوَارِثُ فَالْإِمَامُ وَهَذَا إذَا أَصْلَحُو وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِمْ إصْلَاحُهُ اُنْظُرْ نَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْكَبِيرِ. (ص) وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِزِيَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ إذَا صَدَرَتْ إجَارَتُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ يَزِيدُ فِيهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَإِنْ صَدَرَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تُقْبَلُ مِمَّنْ أَرَادَهَا كَانَ حَاضِرَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى أَوْ كَانَ غَائِبًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْكِرَاءِ كِرَاءَ الْمِثْلِ وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَقْتَ الْعَقْدِ قُبِلَتْ الزِّيَادَةُ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ يَدْفَعُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَمَوَالِيهِ الْمُعْتَقَ إلَخْ) وَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى عُتَقَائِي وَذُرِّيَّتِهِمْ اُخْتُصَّ بِعُتَقَائِهِ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَلَا يَشْمَلُ عُتَقَاءَ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (قَوْلُهُ يَحُولُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ أُنْثَى (قَوْلُهُ أَصْلُ الْوَاقِفِ) أَيْ: وَإِنْ عَلَا وَفَرْعُهُ وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ) أَيْ: الَّذِينَ أَعْتَقُوا الْوَاقِفِينَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) أَيْ: عَلَى دُخُولِ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ وَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَمَالِيكِي لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْأَبْيَضَ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ أَيْ: أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى عَبِيدِي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْصِرُهُمْ عَلَى السُّودِ كَعُرْفِ مِصْرَ فَلَا يَدْخُلُ الْأَبْيَضُ؛ لِأَنَّ بَابَ الْوَقْفِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَبْوَابِ الَّتِي يُعَوَّلُ عَلَى الْعُرْفِ فِيهَا. (قَوْلُهُ لِلْأَرْبَعِينَ) أَيْ لِتَمَامِهَا وَكَذَا قَوْلُهُ لِلسِّتِّينَ أَيْ: لِتَمَامِهَا وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ ابْنَ شَعْبَانَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعُرْفِنَا الْآنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَرَى عُرْفٌ بِشَيْءٍ يَتْبَعُ وَافَقَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ خَالَفَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَطْفَالِ وَالْكُهُولِ وَالشُّيُوخِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْأَحْدَاثِ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ حَيْثُ قَالَ الْأَرْمَلَ هُوَ الَّذِي لَا زَوْجَ لَهُ وَالْأَرْمَلَةَ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا فَقَابَلَ بَيْنَ الْأَرْمَلِ وَالْأَرْمَلَةِ فَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ دُخُولِ الْأَرْمَلَةِ فِي الْأَرْمَلِ فَكَيْفَ تَصِحُّ الْإِشَارَةُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَرْمَلَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، فَإِذَا أُرِيدَ التَّنْصِيصُ عَلَى خُصُوصِ الْأُنْثَى تُزَادُ التَّاءُ فَيُقَالُ أَرْمَلَةُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَالْأَرْمَلِ أَيْ: أَنَّ الْأُنْثَى تَدْخُلُ فِي هَذَا اللَّفْظِ لَا أَنَّ الْمَرْأَةَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَرْمَلُ بَلْ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَرْمَلَةُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْبِسَاطِيِّ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا قُلْنَا فِي الْمَعْنَى فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ وَمِنْ فَائِدَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ ثُمَّ وَقَفَهَا وَدَخَلَهَا الْحَالِفُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَنَاهَا مَسْجِدًا أَوْ خَلَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَا حِنْثَ ثُمَّ ظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلْمَسَاجِدِ وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ كَالْعِتْقِ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] وَلِأَنَّهَا تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْجُمُعَةُ لَا تُقَامُ فِي الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ تَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ) أَيْ: مَا يُعْلَمُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَيْ: بِحَيْثُ يَصِيرُ عَلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِزِيَادَةٍ) أَيْ: إذَا كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَنُقِدَ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 الزِّيَادَةَ فَهُوَ أَحَقُّ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ فَيَتَزَايَدَانِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ انْحَلَّ وَإِثْبَاتُ كَوْنِ كِرَاءِ الْأَوَّلِ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوَّلًا بِالنِّدَاءِ وَالِاسْتِقْصَاءِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَبْنٌ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ مُنَادَاةٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ وَقَعَ كِرَاءُ الْوَقْفِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَادَ آخَرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ لِلزِّيَادَةِ فَإِنْ طَلَبَ مَنْ زِيدَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِهِ وَيَدْفَعَ الزِّيَادَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَنْ زَادَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ وَقْفٍ وَقَعَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا شَخْصٌ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ. (ص) وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ النَّاظِرَ عَلَيْهِ لَا يَقْسِمُ مِنْ غَلَّتِهِ إلَّا مَا مَضَى زَمَنُهَا وَوَجَبَتْ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ عَنْ مَنَافِعَ مُسْتَقْبَلَةٍ كَسُكْنَى أَوْ زِرَاعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إحْرَامِ الْمَوْلُودِ وَالْغَائِبِ وَإِعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إذَا مَاتَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْغُزَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ أَنْ يُكْرِيَهُ بِالنَّقْدِ وَيُقْسِمَ غَلَّتَهُ عَلَى أَهْلِهَا لِلْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: وَلَا يُقْسَمُ غَلَّةُ زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ إلَّا غَلَّةَ زَمَنٍ مَاضٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مِنْ الْأَوَّلِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَصَارَ وَلَا يُقْسَمُ زَمَنٌ إلَّا غَلَّةَ زَمَنٍ مَاضٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مِنْ الثَّانِي وَأُخِّرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ فَصَارَ مَاضٍ زَمَنُهُ وَزَمَنُهُ مَرْفُوعٌ بِمَاضٍ. (ص) وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَالسَّنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ النَّاظِرَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ   [حاشية العدوي] لَا يُفْسَخُ إلَّا اللَّازِمُ، وَأَمَّا بِدُونِ نَقْدٍ فَلَهُ الْفَسْخُ وَلَوْ كَانَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ فَيَتَزَايَدَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ يَدْفَعُ الزِّيَادَةَ فَهُوَ أَحَقُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَقُولَ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ وَيَرْضَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ يَزِيدُ. (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوْ وَبِالنِّدَاءِ) أَيْ: فَصَارَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْغَبْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ) أَيْ: فَصَارَ الْأَصْلُ الْغَبْنَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ عج وَالْأُولَى لِلْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِذَلِكَ وَقَعَتْ الْمُغَايَرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ) أَيْ: فَالْحَقُّ لِهَذَا الَّذِي زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ السَّاكِنِ وَلَوْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا صَدَرَتْ إجَارَتُهُ أَوَّلًا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبَلَغَ شَخْصٌ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَوْ الْتَزَمَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِوَضْعِ يَدِهِ وَلَوْ زَادَهُ عَلَى مَنْ بَلَغَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ هَذَا مَعْنَاهُ عَلَى فَهْمِ عب عِبَارَةَ عج وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ؛ إذْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ الطَّارِئُ الزَّائِدُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَحَقَّ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَقْدُ إيجَارٍ مَعَ النَّاظِرِ أَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُحْمَلَ عِبَارَةُ عج الْمَذْكُورَةُ عَلَى خِلَافِ مَا فَهِمَ عب أَنَّ الْمَعْنَى، فَإِذَا بَلَغَتْهَا أَيْ: وَالْتَزَمَ السَّاكِنُ الزِّيَادَةَ كَانَ أَحَقَّ وَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقُول حَيْثُ إنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَيُقَلْ فَإِنْ زَادَ الْغَيْرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالْتَزَمَهَا السَّاكِنُ كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ عَقْدٍ عُقِدَ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ مَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ الْخَلَلِ فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ السَّاكِنُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَيْ لِمَا قُلْنَا فَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ؛ إذْ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَا يُفْسَخُ أَيْ: إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ، وَأَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ إنْسَانٌ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَأَعْطَى غَيْرُهُ أَكْثَرَ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تُقْبَلُ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ عَقْدٌ فَتَأَمَّلْ انْتَهَى فَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا يُقَوِّي الْبَحْثَ الْمَذْكُورَ مَعَ عب (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلُ إلَخْ قَالَ عج بَعْدَ عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَانْظُرْ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَفِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِقَدْرِ مَا يَفِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَوْ لَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا رَضِيَتْ الْبَقَاءَ بِكُلِّ الزِّيَادَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (تَنْبِيهٌ) إذَا أَكْرَى النَّاظِرُ بِغَيْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ضَمِنَ تَمَامَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَلِيئًا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَكُلُّ مَنْ رُجِعَ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا ضَامِنٌ فَيُبْدَأُ بِهِ انْتَهَى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ بِالنَّقْدِ) أَيْ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ) أَيْ: بِحَسْبِ التَّقْدِيرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ حُذِفَ نَائِبُ الْفَاعِلِ فَصَارَ وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ كَالسَّنَتَيْنِ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطُ الْكَافِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ كِرَاءُ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ رِيعٌ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ الْأَعْقَابِ لِعَامَيْنِ لَا أَكْثَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَنَحْوِهِمَا أَيْ: عَلَى أَنَّ الْكَافَ لِلْإِدْخَالِ أَيْ: إدْخَالِ سَنَةٍ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُهَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا ثُمَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالسَّنَتَيْنِ ظَاهِرُهُ بِالنَّقْدِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَكِنْ بِغَيْرِهِ بِاتِّفَاقٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قَرِيبٌ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهُ بِنَقْدٍ وَلَا غَيْرِهِ لَكِنْ بِهِ بِاتِّفَاقٍ وَبِغَيْرِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَعِيدٌ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ ذَلِكَ الْقَوْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 كَانَ عَلَى قَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالْأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَنَحْوِهَا وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَأَكْرَى نَاظِرُهُ لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ) وَصُورَتُهَا أَنَّ مَنْ حَبَسَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِعَمْرٍو أَنْ يَكْتَرِيَهَا مِنْ زَيْدٍ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرْجِعُ بِتَحْبِيسٍ عَلَيْهِ أَوْ مِلْكٍ فَهَذِهِ الْوَاوُ قَدْ عَطَفَتْ شَيْئَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ فَعَطَفَتْ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ وَعَطَفَتْ كَالْعَشْرِ عَلَى كَالسَّنَتَيْنِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ مُدَّةً وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا شُرِطَ وَبِمَا إذَا لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَمَا وَقَعَ فِي زَمَنِ الْقَاضِي بْنِ بَادِيسَ بِالْقَيْرَوَانِ أَنَّ دَارًا حَبْسًا عَلَى الْفُقَرَاءِ خَرِبَتْ وَلَمْ يُوجَدْ مَا تُصْلَحُ بِهِ فَأَفْتَى بِأَنَّهَا تُكْرَى السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ كَيْفَ تَسِيرُ بِشَرْطِ إصْلَاحِهَا مِنْ كِرَائِهَا وَأَبَى أَنْ يَسْمَحَ بِبَيْعِهَا وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالنَّاظِرِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. (ص) وَإِنْ بَنَى مُحْبَسٌ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ وَقْفٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ رَبْعٌ مَثَلًا فَبَنَى فِيهِ بُنْيَانًا فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ عُمِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَبْسٌ وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَوْلُهُ فَهُوَ وَقْفٌ أَيْ: لِلْوَاقِفِ لَا يُقَالُ إنَّهُ وَقْفٌ غَيْرُ مَحُوزٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إنَّمَا بَنَى لِلْوَقْفِ وَمِلْكِهِ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الْأَصْلِ وَمَفْهُومُ مُحْبَسٍ أَنَّهُ لَوْ بَنَى الْأَجْنَبِيُّ فِي الْوَقْفِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِلْكًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَالْغَرْسُ كَالْبِنَاءِ وَإِذَا كَانَ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ مَا يُدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بَنَاهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ وَإِلَّا فَيُوفَى مِنْ الْغَلَّةِ قَطْعًا بِمَنْزِلَةِ مَا بَنَاهُ النَّاظِرُ. (ص) وَعَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ أَوْ عَلَى كَوَلَدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ لَا يُحَاطُ بِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمُجَاهِدِينَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ إخْوَتِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَلَى الْحَبْسِ يَقْسِمُ غَلَّتَهُ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ وَيُفَضِّلُ أَهْلَ الْحَاجَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَيُفَضِّلُ أَهْلَ الْعِيَالِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الْغَلَّةِ وَفِي السُّكْنَى بِاجْتِهَادِهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ الْإِحْسَانُ وَالْإِرْفَاقُ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَسَدُّ خَلَّتِهِمْ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْفَقْرِ أَوْ الْغِنَى فَإِنَّهُ يُؤْثِرُ الْأَقْرَبَ عَلَى غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ (فَضَّلَ الْمُوَلَّى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَالْأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَنَحْوِهَا) النَّحْوُ سَنَةٌ فَالْجُمْلَةُ خَمْسُ سِنِينَ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ جَرَى بِهَا عَمَلُ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ أَنَّ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ قُضَاةُ قُرْطُبَةَ كَوْنُهُ لِأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ خَوْفَ انْدِرَاسِهِ بِطُولِ مُكْثِهِ بِيَدِ مُكْتَرِيهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا يَقُولُهُ الْمَوَّاقُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ فَعَلَيْهَا الْمُنَاسِبُ حَذْفُ وَنَحْوِهَا. (قَوْلُهُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْعَشَرَةِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَدْ أَكْرَى مَالِكٌ مَنْزِلَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَى هَذَا الْحَالِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ. (أَقُولُ) وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ قَدْ يُقَالُ إنَّهَا قَضِيَّةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَصْرُ عَلَى الْعَشَرَةِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِقَوْلِ الْجَوَازِ وَلَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَيَّدَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ بِأَنْ كَانَتْ لَهُ بَعْدَ الْمُعَيَّنِ بِلَا وَاسِطَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ وَاسِطَةٍ فَعِلَّةُ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ) أَيْ: وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ عَامًا أَيْ مَعَ شَرْحِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ لِيُعَمَّرَ بِهَا. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَشَارِحِنَا صِحَّةَ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدَّارِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إلَخْ فِي خُصُوصِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الدَّارُ فَيُفْصَلُ فِيهَا، فَإِذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا تُكْرَى أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا تُكْرَى عَامًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ بَنَى مُحْبَسٌ عَلَيْهِ) أَيْ بِالشَّخْصِ أَوْ بِوَصْفٍ كَإِمَامَةٍ (قَوْلُهُ فَبَنَى فِيهِ بُنْيَانًا) أَيْ: أَوْ أَصْلَحَ بِخَشَبٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ حَبْسٌ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَبْسٌ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ (قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ) فِعْلٌ مَاضٍ أَيْ مَلَكَ الْوَاقِفُ مَا بَنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ إصْلَاحَ بَيْتِ نَحْوِ إمَامٍ عَلَى الْوَقْفِ لَا عَلَيْهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ السَّاكِنُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى لَيُكْرَى لَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَقْفِ رِيعٌ يُبْنَى مِنْهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بَنَاهُ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا خُصُوصِ مَنْ يَلِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ وَعَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِ) أَيْ أَوْ يُحَاطُ بِهِ وَلَكِنْ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ كَالْفَلَسِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا) أَيْ: أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْدِيمِ إذَا كَانُوا مُتَفَاوِتِينَ بِالْفَقْرِ أَوْ الْغِنَى، وَأَمَّا إذَا تَسَاوَوْا فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُؤْثَرُ الْأَقْرَبُ أَيْ: لِلْوَاقِفِ وَأُعْطِيَ الْفَضْلُ لِمَنْ يَلِيهِ أَيْ: بِأَنْ وُجِدَ أَقْرَبُ وَقَرِيبٌ وَإِذَا اخْتَلَفُوا بِأَنْ وُجِدَ قَرِيبٌ فَقِيرٌ وَأَقْرَبُ غَنِيٌّ أُوثِرَ الْفَقِيرُ الْقَرِيبُ عَلَى الْغَنِيِّ الْأَقْرَبِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَقْرًا وَغِنًى وَلَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ وَلَا قَرِيبٌ وَلَمْ يَسَعْهُمْ فِي مِثْلِ الدَّارِ فَإِنَّهَا تُكْرَى عَلَيْهِمْ وَيُقْسَمُ كِرَاؤُهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمْ بِمَا يَصِيرُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنَ فِيهَا فَلَهُ ذَلِكَ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ أَوْ عَلَى كَوَلَدٍ وَمِثْلُهُ عَلَى زَيْدٍ وَعُمَرَ وَالْفَقِيرَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَخْرُجْ سَاكِنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَضَّلَ الْمُوَلَّى) أَيْ النَّاظِرُ وَالْمُرَادُ بِالتَّفْضِيلِ التَّقْدِيمُ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ الْفُقَرَاءِ شَيْءٌ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّفْضِيلَ مُرَادٌ بِهِ التَّقْدِيمُ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ التَّقْدِيمَ وَالزِّيَادَةَ كَمَا فِي تَفْضِيلِ ذِي الْعِيَالِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ (فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَضَّلَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يُفَضِّلُ إلَّا بِشَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ وَهِنْدٍ وَقَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى هَؤُلَاءِ مَثَلًا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ سَوَاءٌ فِي الْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى. (ص) وَلَمْ يَخْرُجْ سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ سَفَرِ انْقِطَاعٍ أَوْ بَعِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَكَنَ فِي الْحَبْسِ عَلَى نَصِيبِهِ ثُمَّ اسْتَغْنَى فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبْسِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْكُنَ غَيْرُهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّبْعِ سَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِحَقٍّ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِرِضَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى يَخْرُجُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ أَوْ يَكُونُ السَّاكِنُ سَافَرَ سَفَرَ انْقِطَاعٍ أَوْ سَافَرَ بَعِيدًا فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ السُّكْنَى وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَسْكُنَ مَكَانَهُ فَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ فِي سَفَرِهِ هَلْ هُوَ سَفَرُ انْقِطَاعٍ أَوْ سَفَرُ عَوْدٍ وَرُجُوعٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَفَرُ عَوْدٍ وَالْبَعِيدُ هُوَ الَّذِي يُحْمَلُ صَاحِبُهُ عَلَى الِانْقِطَاعِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنِينَ مَحْصُورِينَ وَإِلَّا وَجَبَ إخْرَاجُ مَنْ زَالَ مِنْهُ ذَلِكَ الْوَصْفُ كَقَوْلِهِ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مَثَلًا فَإِنْ زَالَ الْفَقْرُ أَوْ تُرِكَ الْعِلْمُ أُخْرِجَ (بَابٌ) يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعُمْرَى وَحُكْمُهَا أَيْ: الْهِبَةِ النَّدْبُ لِذَاتِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الصَّدَقَةِ مِنْ أَنْفُسِ مَالِهِ وَكَوْنُهَا فِي الْأَقَارِبِ انْتَهَى وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْفِ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ الْمَعْرُوفُ وَالْخَيْرُ وَنَفْيُ الْعِوَضِيَّةِ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَكَالْبَيْعِ وَلِذَا ذَكَرَهَا آخِرَ الْبَابِ كَالتَّبَعِ وَالْهِبَةُ مَصْدَرٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ وَهَبْت لَهُ شَيْئًا وَهْبًا بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا وَهِبَةً وَالِاسْمُ الْمُوهِبُ وَالْمَوْهِبَةُ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِيهِمَا وَالِاتِّهَابُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيهَابُ سُؤَالُ الْهِبَةِ وَتَوَاهَبَ الْقَوْمُ إذَا وَهَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَوَهَبْته كَذَا لُغَةً قَلِيلَةً وَرَجُلٌ وَهَّابٌ وَوَهَّابَةٌ أَيْ كَثِيرُ الْهِبَةِ لِأَمْوَالِهِ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْعَطِيَّةَ الَّتِي الْهِبَةُ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا بِقَوْلِهِ تَمْلِيكُ مُتَمَوَّلٍ بِغَيْرِ عِوَضِ إنْشَاءٍ قَوْلُهُ مُتَمَوَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ غَيْرِهِ كَتَمْلِيكِ الْإِنْكَاحِ فِي الْمَرْأَةِ أَوْ تَمْلِيكِ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَخْرَجَ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَقَوْلُهُ إنْشَاءٍ أَخْرَجَ بِهِ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مُتَمَوَّلٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ إلَّا أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْعَطِيَّةِ إنْشَاءٌ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَا ثَبَتَ   [حاشية العدوي] لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ أَهْلَ الْحَاجَةِ) أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا فَيُعْطَى مَنْ لَهُ كِفَايَةٌ وَرُبَّمَا ضَاقَ حَالُهُ بِكَثْرَةِ عِيَالِهِ (قَوْلُهُ وَالْعِيَالِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَقَضِيَّةُ بَهْرَامَ أَنَّ الْغَنِيَّ ذَا الْعِيَالِ لَا يُعْطَى شَيْئًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَغْنَى) أَيْ أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ مَثَلًا فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ مَوْصُوفِينَ بِالْفَقْرِ وَلَا مَفْهُوم لَهُ وَقَوْلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى أَيْ: أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ مَثَلًا أَيْ: أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا أَنَّ النَّاظِرَ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلِذَلِكَ جُعِلَ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَفَرُ عَوْدٍ) مُخَالِفٌ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُهُ خِلَافُ مَا فِي عب وَحَيْثُ قُلْنَا بِأَنَّهُ سَافَرَ لِيَرْجِعَ فَإِنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فَإِنَّهُ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ مَوْضِعَهُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُهُ عَلَى مُعَيَّنِينَ مَحْصُورِينَ كَأَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى الْفُرْقَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَالصَّعَائِدَةِ أَوْ الْمَغَارِبَةِ الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ سَبَقَ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْوَصْفُ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ لِمَنْ فِيهِ الْوَصْفُ وَالْعِبْرَةُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَا فِي الدَّوَامِ أَيْ إلَّا لِشَرْطِ أَوْ رَأْيِ نَاظِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْوَصْفِ فَمَنْ سَبَقَ بِالسُّكْنَى فَهُوَ أَحَقُّ وَالْغَلَّةُ كَالسُّكْنَى. (قَوْلُهُ: فَإِذَا زَالَ الْفَقْرُ أَوْ تُرِكَ الْعِلْمُ أُخْرِجَ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الشَّبَابِ أَوْ الْأَحْدَاثِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى الشَّبَابِ مِنْ أَوْلَادِ فُلَانٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ مَعَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِزَوَالِ هَذَا الْوَصْفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصْفَ بِشَبَابٍ وَنَحْوِهِ لَيْسَ كَالْوَصْفِ بِالْفَقْرِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّبَابِ وَنَحْوِهِ لَمَّا كَانَ أَمْرًا لَازِمًا لِلذَّاتِ كَانَ زَوَالُهُ مُؤَثِّرًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ بِخِلَافِ الْوَصْفِ بِالْفَقْرِ فَلَا يُؤَثِّرُ زَوَالُهُ قَطْعًا لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ [بَاب الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعُمْرَى] (قَوْلُهُ النَّدْبُ لِذَاتِهَا) أَيْ: وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا الْوُجُوبُ كَالْهِبَةِ لِمُضْطَرٍّ وَالْحُرْمَةُ كَأَنْ يَهَبَ لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمَعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ أَيْ كَهِبَةِ هِرٍّ لِأَكْلِهِ أَوْ كَانَ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَكْرُوهٍ كَشُرْبِ الدُّخَانِ مَثَلًا عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا فِي الْأَقَارِبِ) أَيْ فَهِيَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَتُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا آخَرَ كَوْنُهَا فِي الْأَقَارِبِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالْخَيْرُ) هُوَ عَيْنُ الْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ وَالْهِبَةُ مَصْدَرٌ إلَخْ) حَاصِلَهُ أَنَّ الْهِبَةَ فِي اللُّغَةِ الْمَصْدَرُ الَّذِي هُوَ إعْطَاءُ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ وَالِاسْمُ الْمُوهِبُ) أَيْ فَالْمُوهِبُ وَالْمُوهِبَةُ اسْمَانِ لِلذَّاتِ الْمَوْهُوبَةِ. (قَوْلُهُ وَالِاتِّهَابُ) قَصْدُهُ بِذَلِكَ تَصَارِيفُ الْمَادَّةِ (قَوْلُهُ إذَا وَهَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ) أَيْ وَهَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ فَظَهَرَتْ الْمُفَاعَلَةُ (قَوْلُهُ وَوَهَبْته كَذَا إلَخْ) أَيْ: أَنَّ اللُّغَةَ الْكَثِيرَةَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ وَهِبَتُهُ لَهُ يَتَعَدَّى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَاللُّغَةُ الْقَلِيلَةُ تَعْدِيَتُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ وَهَبْتُهُ كَذَا (قَوْلُهُ وَوَهَّابَةٌ أَيْ: كَثِيرُ الْهِبَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَثِيرَ الْهِبَةِ يَظْهَرُ فِي وَهَّابٍ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَهَّابَةٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ كَثِيرُ الْهِبَةِ لِأَمْوَالِهِ كَثْرَةً مُؤَكَّدَةً. (قَوْلُهُ كَتَمْلِيكِ الْإِنْكَاحِ) لِزَيْدٍ أَيْ: كَأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ عَلَى وَلِيَّتِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَوَلَّى عَقْدَهُ عَلَى فُلَانَةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 وَالْعَطِيَّةُ إنْشَاءُ التَّمْلِيكِ لَا أَنَّهَا قُرِّرَتْ وَيَدْخُلُ فِي الْعَطِيَّةِ الْعَارِيَّةُ وَالْحَبْسُ وَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ هَذَا حَدُّ الْعَطِيَّةِ الْعَامَّةِ الَّتِي هِيَ كَالْحَيَوَانِ لِلْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ إنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا نَوْعًا وَكَالْإِنْسَانِ لِلصَّقَلِّيِّ وَالزِّنْجِيِّ إنْ كَانَ صِنْفًا ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْهِبَةُ لَا لِثَوَابِ تَمْلِيكِ ذِي مَنْفَعَةٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ بَدَلٌ لِوَجْهِ الْمُعْطَى فَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ ذِي مَنْفَعَةٍ الْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهَا وَقَوْلُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى أَخْرَجَ بِهِ الصَّدَقَةَ فَإِنَّهَا لِوَجْهِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ لِإِرَادَةِ الثَّوَاب مَعَ وَجْهِ الْمُعْطَى عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ هِبَةَ الثَّوَابِ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهِبَةُ الثَّوَابِ عَطِيَّةٌ قُصِدَ بِهَا عِوَضٌ مَالِيٌّ. (ص) الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ (ش) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَالْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لَا لِلثَّوَابِ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلِلثَّوَابِ أَيْ: ثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ فَقَوْلُهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ وَهُوَ قَوْلُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى لَهُ وَتَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ صَادِقٌ عَلَيْهِمَا لَكِنْ اخْتَلَفَا بِالْغَرَضِ وَالْقَصْدِ وَقُلْنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لِأَجْلِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِتَمْلِيكٍ بِعِوَضٍ؛ إذْ هُوَ فِعْلٌ وَهُوَ صِفَةٌ لِلْمُمَلِّكِ الَّذِي هُوَ الْوَاهِبُ لِنَحْتَرِزَ بِذَلِكَ عَنْ الْهِبَةِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ إذْ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِتَمْلِيكٍ ثُمَّ الْقِسْمَانِ مُقَابِلَانِ لِهِبَةِ الثَّوَابِ الْخَارِجَةِ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ أَوَّلَ بَابِ الرَّهْنِ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ؛ إذْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ وَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ مَعَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مُضَافٌ فَيُقَالُ الْهِبَةُ ذَاتُ تَمْلِيكٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ وَنَظِيرُهُ يُقَالُ فِي الرَّهْنِ فَلَا إشْكَالٍ. (ص) وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ (ش) تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ كَمَا فِي الْوَقْفِ وَذَكَرَ الْوَاهِبَ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَالصِّيغَةَ بِقَوْلِهِ بِصِيغَةِ أَوْ مُفْهَمِهَا وَذَكَرَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ وَعَكَسَ فِي الْوَقْفِ فَذَكَرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَأَسْقَطَ الْوَاقِفَ فَمَا أَسْقَطَهُ هُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَبِالْعَكْسِ فَإِنَّ الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ بَلْ سَائِرُ أَبْوَابِ التَّبَرُّعَاتِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَفِي الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ لِلْوَاهِبِ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً يُنْقَلُ شَرَعَا اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرَعَا كَالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَكَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ زَادَ ابْنُ هَارُونَ وَكَالشُّفْعَةِ وَرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ   [حاشية العدوي] لَيْسَ إنْشَاءً بَلْ هُوَ تَقْرِيرٌ لِمَا ثَبَتَ قَبْلُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ مَوْجُودٌ فِي الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْهِبَةِ إنْشَاءٌ بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ إنْشَاءً بَلْ هُوَ تَقْرِيرٌ (قَوْلُهُ وَالْعَطِيَّةُ إنْشَاءُ التَّمْلِيكِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّمْلِيكَ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْفَاعِلِ يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ هُوَ إنْشَاؤُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يُفَسَّرُ بِالتَّقْرِيرِ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ بَلْ يُفَسَّرُ بِإِنْشَاءِ التَّمْلِيكِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ فَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ وَارِثٍ خَرَجَ بِقَوْلِهِ تَمْلِيكٍ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا نَوْعًا) الْمُنَاسِبُ أَنْوَاعًا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ صِنْفًا أَيْ إنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا أَصْنَافًا وَلَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ نُظِرَ إلَيْهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ ذِي مَنْفَعَةٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: وَأَمَّا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَكُونُ هِبَةً بَلْ إمَّا إخْدَامٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ حَبْسٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَطِيَّةُ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَنَحْوُهَا إشَارَةٌ لِلْمُحْبَسِ وَالْعُمْرَى (قَوْلُهُ أَوْ لِإِرَادَةِ الثَّوَابِ) أَيْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ هِبَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ) حَاصِلُ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ عَلَى تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنْ تَقُولَ الْهِبَةُ لَا لِلثَّوَابِ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَالْهِبَةُ لِلثَّوَابِ صَدَقَةٌ يُشْكِلُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّدَقَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْهِبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّانِي إنَّ الْمُنَاسِبَ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَوْضُوعُ فِيهِمَا الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ أَوْ الْمَحْمُولُ فِيهِمَا الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَا أَنَّهُ يُجْعَلُ أَحَدُهُمَا مَحْمُولًا وَالْآخَرُ مَوْضُوعًا وَتَخَلَّصَ تت مِنْ أَحَدِ الْإِشْكَالَيْنِ فَقَالَ وَالْعَطِيَّةُ لِثَوَابِ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ ثُمَّ رَأَيْت مُحَشَّى تت انْتَصَرَ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ حَيْثُ إنَّ قَصْدَ الْمُصَنِّفِ بَيَانُ أَنَّ الْهِبَةَ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ تُعَدُّ مِنْ أَفْرَادِ الصَّدَقَةِ وَلَيْسَ قَصْدُهُ بَيَانَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَا لِلثَّوَابِ) أَيْ: ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ فَقَوْلُهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَدَّرَ قَوْلُهُ لَا لِلثَّوَابِ لَا قَوْلُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى كَمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ بِمَعْنَاهُ فَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الْبُيُوعِ فَخَرَجَتْ هِبَةُ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: إذْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالرَّهْنِ الْفِعْلُ فَصَارَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا نَظِيرَ بَابِ الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْفِعْلُ فِي الْبَابَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مُضَافٌ أَيْ: عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالْهِبَةِ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ وَقَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ يُقَالُ فِي بَابِ الرَّهْنِ أَيْ الرَّهْنُ ذُو بَدَلٍ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالرَّهْنِ الْمَرْهُونُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ الْمَرْهُونُ وَالْمَوْهُوبُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الذَّاتِ بِالْفِعْلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُرَادَ مِنْ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ الْفِعْلُ الثَّانِي أَنْ يُرَادَ الْمَرْهُونُ وَالْمَوْهُوبُ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ كَمَا تَبَيَّنَ {تَنْبِيهٌ} تَقَدَّمَ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ شَرْعًا، وَأَمَّا تَعْرِيفُهَا لُغَةً فَهُوَ إيصَالُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ لِلْوَاهِبِ) أَيْ: فَهِبَةُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِخُرُوجِهِ بِعِوَضٍ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ أَيْ: مُتَمَوَّلٍ احْتِرَازًا عَنْ الْكَلْبِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْفَعَةً) تَقَدَّمَ أَنَّ إعْطَاءَ الْمَنْفَعَةِ لَا يُقَالُ لَهُ هِبَةٌ إمَّا عَارِيَّةٌ أَوْ حَبْسٌ (قَوْلُهُ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ وَهَبْت لَك الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجَتِي الَّذِي أَسْتَحِقُّهُ وَقَوْلُهُ كَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا أُمُّ الْوَلَدِ لَا بَيْعُهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 وَمَا زَادَهُ حَسَنٌ، وَكَذَلِكَ الْحَبْسُ لَا يَصِحُّ هِبَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ يَصِحُّ نَقْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِانْتِقَالَاتِ فَيَصِحُّ هِبَةُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَلْبِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ نَقْلِهِمَا عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْبَيْعُ امْتِنَاعُ نَقْلِهِمَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ. (ص) مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْوَاهِبُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَلَّذِي لَهُ التَّبَرُّعُ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ فَيَخْرُجُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَالسَّكْرَانُ وَيَدْخُلُ الْمَرِيضُ إذَا تَبَرَّعَ بِثُلُثِهِ؛ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَلَهَا أَنْ تَتَبَرَّعَ بِثُلُثِهَا لَكِنَّ هِبَةَ الزَّوْجَةِ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ وَالْغَرِيمِ، وَأَمَّا هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فَبَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ الْبُطْلَانَ فِي الْجَمِيعِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ الْهِبَةِ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ وَمَنْ لَا فَلَا فَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَرَادَا هِبَةَ ثُلُثِهِمَا يَصِحُّ لَهُمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا بِهِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِهَا لَوَرَدَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا التَّبَرُّعُ دَائِمًا الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا ذُكِرَ. (ص) وَإِنْ مَجْهُولًا وَكَلْبًا وَدَيْنًا وَهُوَ إبْرَاءٌ إنْ وُهِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا تَجُوزُ هِبَتُهُ وَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا وَسَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ أَوْ الْقَدْرِ كَانَ مَجْهُولًا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ فِيهِ هِبَةُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ، وَكَذَلِكَ الْآبِقُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُون فِي اتِّخَاذِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّقَيُّدِ بِالْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَمْلُوكِ أَيْ: فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي يُنْقَلُ كَلْبًا، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ هِبَةُ الدَّيْنِ الشَّرْعِيِّ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِهِ لَكِنْ إنْ وُهِبَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ وَفِي كَوْنِ دَفْعِ ذِكْرِ الْحَقِّ إنْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْ شَرْطَ كَمَالٍ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَشَرْطُ كَمَالٍ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ أَيْ: وَإِنْ وُهِبَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَكَقَبْضِ الدَّيْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْكَلْبِ) أَيْ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ هِبَةَ الزَّوْجَةِ) أَيْ: فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا لَا فِي هِبَةِ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ فِيهَا الْإِجَازَةَ خِلَافًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا هِبَةُ الْمَرِيضِ إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَفِي عب أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَجَعَلَهُ كَالزَّوْجَةِ فِي تَبَرُّعِهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُهُ فِي الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ أَيْ وَمِثْلُهُمَا الْعَبْدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. {فَرْعٌ} إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ حَبَسَ ثُمَّ مَاتَ كَانَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ بَتَّلَهُ وَلَا يَتَعَجَّلُهُ مُعْطَاهُ حَتَّى يَصِحَّ أَوْ يَمُوتَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَفْهُومِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ يَلْزَمُ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ وَهُوَ صَادِقٌ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ الْهِبَةِ) أَيْ: أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِغَيْرِ الْهِبَةِ كَالْوَقْفِ يَكُونُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ فَالْمَعْنَى إلَخْ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُغَايِرٌ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ) أَيْ: مِنْ جَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ إذَا أَرَادَ هِبَةَ ثُلُثِهِمَا) أَيْ: وَأَمَّا إذَا أَرَادَا أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا مُفَادُهُ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الزَّوْجَةِ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا) عَلَى حَذْفِ أَيْ: أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا (قَوْلُهُ دَائِمًا) أَيْ: مُطْلَقًا ثُلُثًا أَوْ أَزْيَدَ بَلْ الْمُرَادُ الثُّلُثُ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِقَوْلِهِ بِهَا لَأَفَادَ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ يَصِحُّ مِنْهُمَا التَّبَرُّعُ مُطْلَقًا كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَأَقُولُ) لَوْ حُذِفَ بِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَنْ جَازَ لَهُ التَّبَرُّعُ صَحَّ مِنْهُ الْهِبَةُ ثُمَّ إنَّ جَوَازَ التَّبَرُّعِ الْمَذْكُورِ يُرْجَعُ فِيهِ لِمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي بَابِ التَّبَرُّعِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالزَّوْجَةَ فِي الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ لِوُجُودِ الْحَجْرِ فِيهِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الرَّشِيدِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ الْمَدِينِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْحَجْرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَجْهُولًا) دَخَلَ فِيهِ الْمُكَاتَبُ بِتَقْدِيرِ عَجْزِهِ وَهِبَةِ مِلْكِ غَيْرِهِ بِتَقْدِيرِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ أَوْ الْقَدْرِ) أَيْ: أَوْ كَانَ مَجْهُولَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ) كَمَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَنَا اعْتَقَدْت أَنَّ مَا وَهَبْته لَك شَيْءٌ يَسِيرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَثِيرٌ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ اللَّخْمِيِّ كَلَامٌ آخَرُ مُغَايِرٌ لِذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ يَرَى أَنَّ لِلْمَوْرُوثِ دَارًا يَعْرِفُهَا فِي مِلْكِهِ فَأَبْدَلَهَا الْمَيِّتُ فِي غَيْبَتِهِ بِأَفْضَلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْعَطِيَّةِ إذَا قَالَ كَانَ قَصْدِي تِلْكَ الدَّارَ وَإِنْ خَلَفَ مَالًا حَاضِرًا ثُمَّ طَرَأَ مَالٌ آخَرُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَضَتْ الْعَطِيَّةُ فِيمَا عَلِمَ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ حَاضِرًا وَكَانَ يَرَى أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْثَرُ كَانَ شَرِيكًا بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ) فَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ كَالطَّلَاقِ) فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْعِصْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهَا لِلزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْمِلْكِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ لِلْعَبْدِ. (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِفَةَ قَبْضِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الدَّيْنِ لِفُلَانٍ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَيَدْفَعَ الْوَاهِبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذِكْرَ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَكَقَبْضِ الدَّيْنِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَبْضِ وَيَقُولُ وَإِذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 الرَّهْنِ وَالْمُؤَلِّفُ لَمْ يَذْكُرْ قَبْضَ الرَّهْنِ فِي بَابِهِ لَكِنَّ الْجَمَاعَةَ ذَكَرُوهُ هُنَاكَ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَالْجَمْعُ وَدَفْعُ ذِكْرِ الْحَقِّ (ص) وَرَهْنًا لَمْ يُقْبَضْ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُجْعَلُ وَإِلَّا بَقِيَ لِبَعْدِ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ تَصِحُّ هِبَتُهُ إنْ كَانَ رَاهِنُهُ مُوسِرًا وَإِنَّمَا أَبْطَلَتْ الْهِبَةُ الرَّهْنَ مَعَ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَاهَا ذَهَبَ الْحَقُّ جُمْلَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ لَوْ أَبْطَلْنَاهُ لَمْ يَذْهَبْ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَعْسَرَ رَاهِنُهُ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى مُرْتَهِنُهُ بِالْهِبَةِ فَتَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الرَّهْنِ وَأَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَهُ أَمْ لَا وَإِنْ وَقَعَ مِنْ الرَّاهِنِ الْهِبَةُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ فَيُقْضَى عَلَى الرَّاهِنِ بِفَكِّ الرَّهْنِ أَيْ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا حَالَّةً أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَيَدْفَعُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إذَا وَهَبَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ. وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ إنْ حَلَفَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ دَيْنِهِ وَيَسْتَمِرُّ الرَّهْنُ تَحْتَ يَدِ مُرْتَهِنِهِ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ رَهْنًا آخَرَ فَإِنْ انْقَضَى الْأَجَلُ وَافْتَكَّهُ أَخَذَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَإِلَّا فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ فِي دَيْنِهِ فَقَوْلُهُ وَرَهْنًا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَجْهُولًا وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْبَضْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ أَيْ: أَوْ أَعْسَرَ وَرَضِيَ مُرْتَهِنُهُ أَنْ يَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ فَالْمَعْطُوفُ مُقَدَّرٌ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَيْسَرَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرْضَ فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَلْ هِيَ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَقْبِضْ أَيْ: وَأَمَّا إنْ قَبَضَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الرَّاهِنِ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ مِنْ الرَّهْنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. (ص) بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهَمِهَا وَإِنْ بِفِعْلٍ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الصِّيغَةُ كَقَوْلِهِ وَهَبْت لَك أَوْ مُفْهَمُ مَعْنَاهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مُفْهَمُ مَعْنَى الصِّيغَةِ قَوْلًا كَخُذْ هَذَا وَلَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ فِعْلًا كَدَفْعِهِ لَهُ وَتَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْهُ وَتَمْلِيكِهِ لِلْمُعْطَى وَمَثَّلَ الْمُؤَلِّفُ لِلْفِعْلِ بِقَوْلِهِ (كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ) وَالْمَعْنَى إنَّهُ إذَا حَلَّى وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِحُلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلصَّبِيِّ وَلَا يُورَثُ عَنْ الْأَبِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِالتَّمَلُّكِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيَةَ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِالْإِمْتَاعِ وَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ وَأَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَازَعَ فِي قَوْلِهِ بِصِيغَةٍ كُلٌّ مِنْ قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَالْهِبَةُ حِينَئِذٍ كَرَهْنِ الدَّيْنِ فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ فِي رَهْنِ الدَّيْنِ صِحَّةٌ وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ صِحَّةً وَكَمَالًا (قَوْلُهُ قَبْضَ الرَّهْنِ) أَيْ: قَبْضَ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْإِشْهَادُ أَيْ بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ رَهْنٌ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِفُلَانٍ وَقَوْلُهُ وَالْجَمْعُ أَيْ: يَجْمَعُ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ وَدَفْعُ ذِكْرِ الْحَقِّ أَيْ: بِأَنْ يَدْفَعَ وَثِيقَةَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَضْ) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ: أَوْ أَعْسَرَ وَرَضِيَ مُرْتَهِنُهُ (قَوْلُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ) جُرَّ بَعْدَ اللَّامِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُجَرُّ إلَّا بِمِنْ كَإِلَى عِنْدَ بَعْضِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَلَعَلَّ مُرَادِفَهَا وَهُوَ اللَّامُ كَذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوْ أَنَّ اللَّامَ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَإِلَّا بَقِيَ لِزَمَنٍ كَائِنٍ بَعْدَ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ رَاهِنُهُ مُوسِرًا) وَبَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُفْرِطٌ أَيْ: مَظِنَّةَ التَّفْرِيطِ فَإِنَّ الْجَدَّ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْجَدِّ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إسْقَاطِ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَهُ أَمْ لَا) هَذَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مُطْلَقًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ بِهَا فَتَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ أَيْسَرَ رَاهِنُهُ أَوْ أَعْسَرَ ادَّعَى جَهْلَ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَتِمُّ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ أَمْ لَا وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَلَوْ شُرِطَ الرَّهْنُ فِي أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الرَّاهِنِ بِفَكِّ الرَّهْنِ) أَيْ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الرَّاهِنِ مُوسِرًا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا حَالَّةً) أَيْ مِنْ بَيْعٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ قَرْضٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَقَوْلُهُ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً. (قَوْلُهُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ) أَيْ وَيَبْقَى لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا وَهَبَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا) أَيْ: مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ حَلَّ فَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ: فِي دَيْنِهِ أَيْ وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بَقِيَ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ إذَا كَانَ الْوَاهِبُ مُعْسِرًا وَوَهَبَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ ثُمَّ أَيْسَرَ أَثْنَاءَ الْأَجَلِ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ نَظَرًا لِيُسْرِهِ وَيَأْخُذُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَبْقَى رَهْنًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ نَظَرًا لِعُسْرِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا اسْتَمَرَّ عُسْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَعْنَى الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَحْلِفْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِكُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُعَجَّلُ أَوْ أَعْسَرَ رَاهِنُهُ أَوْ لَا يَعْلَمُ وَحَلَفَ. (قَوْلُهُ أَوْ مُفْهَمُ مَعْنَاهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ حَمَلَ الصِّيغَةَ عَلَى صِيغَةِ لَفْظِ الْهِبَةِ مِثْلَ أَنَا وَهَبْت وَأَنَا وَاهِبٌ أَوْ أَهَبُ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَا كَانَ صِيغَةً وَلَيْسَ فِعْلًا (قَوْلُهُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُحَلِّي الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِجِهَازٍ عَظِيمٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَصَحَّتْ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُفْهَمِهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: مُفْهَمِ مَعْنَاهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْهِبَةِ أَيْ: أَوْ مُفْهَمِ الْهِبَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بِصِيغَةٍ مَعْنَاهُ بِقَوْلٍ، وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الزَّوْجَةِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ. (ص) لَا بِابْنٍ مَعَ قَوْلِهِ دَارُهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُفْهَمِهَا إذَا الْمُفْهَمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ فَيَرْجِعُ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ لَهُ أَيْ: لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ ابْنِ هَذِهِ الْعَرْصَةَ دَارًا مَعَ قَوْلِهِ دَارًا بُنِيَ لِلْعُرْفِ فِي قَوْلِ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَقُولُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ إلَّا قِيمَةُ مَا فَعَلَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَانْقَضَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ أَنَّ ابْنِ مِنْ الْبُنُوَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَطَأٌ وَلَا يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا قَالَ لِآخَرَ ابْنِ فِي عَرْصَتِي هَذِهِ دَارًا وَبَنَى وَأَضَافَهَا لَهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْبَانِي لِفَقْدِ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الِابْنِ مَعَ الْأَبِ. (ص) وَحِيزَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ يُحَازُ عَنْ وَاهِبِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْوَاهِبُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى حِيَازَتِهِ لِلْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَقِيقَةُ الْحَوْزِ فِي عَطِيَّةِ غَيْرِ الِابْنِ رَفْعُ تَصَرُّفِ الْمُعْطِي فِي الْعَطِيَّةِ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطَى أَوْ نَائِبِهِ كَالْحَبْسِ انْتَهَى وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْحَوْزِ فِي الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ فِي بَابِ الرَّهْنِ ثُمَّ إنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ إذَا تَأَخَّرَ حَوْزُهَا عَنْ الْوَاهِبِ فِي صِحَّتِهِ حَتَّى لَحِقَهُ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ بَعْدَهَا لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَوْزُ فَقَوْلُهُ وَحِيزَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى يُنْقَلُ أَيْ: نُقِلَ وَحِيزَ وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْحَوْزِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَحِيزَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَحِيزَتْ كَمَا قَالَ أَوَّلًا وَصَحَّتْ وَثَانِيًا فِي قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ وَالصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ يَتَعَلَّقَانِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ   [حاشية العدوي] وَمَاتَ وَأَرَادَتْ الْإِخْوَةُ قِسْمَتَهُ فَلَا يُجَابُونَ بَلْ تَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالتَّمْلِيكِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى) أَيْ: لِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَكُونُ مَدْلُولُهُ لَفْظًا آخَرَ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدْخُلُ فِي الصِّيغَةِ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ يُمْكِنَ أَنْ يُعَبَّرَ فِي الْهِبَةِ بِصِيغَةٍ وَيَكُونَ لَهَا صِيغَةٌ أُخْرَى يُعْلَمُ مِنْهَا قَصْدُ الْهِبَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ: أَوْ مُفْهَمِ الْهِبَةِ) أَيْ: غَيْرِ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بِصِيغَةٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالصِّيغَةِ مَا صُرِّحَ بِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الزَّوْجَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ الزَّوْجَةِ أُمُّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ الْإِمْتَاعِ) أَيْ: الِانْتِفَاعِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مُفْهَمِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ مُتَعَاطِفَيَّ لَا يَكُونَانِ مُتَغَايِرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الشَّارِحِ فَلَوْ قَالَ بِصِيغَةٍ أَيْ: غَيْرِ قَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ لَا بِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مُفْهَمِهَا صَادِقٌ بِأَيِّ قَوْلٍ كَمَا أَنَّهُ صَادِقٌ بِأَيِّ فِعْلٍ فَمِنْ حَيْثُ صِدْقِهِ بِأَيِّ قَوْلٍ لَا يُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يُقَالَ مَا عَدَا قَوْلَهُ ابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارِهِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مُرَادًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى صِيغَةٍ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي الْقَوْلِ فَهِيَ أَوْلَى بِالتَّقَيُّدِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ دَارًا بُنِيَ أَيْ مَقْرُونًا ذَلِكَ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ دَارُهُ (قَوْلُهُ لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ) وَكَذَا ارْكَبْ هَذِهِ الدَّابَّةَ مَعَ قَوْلِهِ دَابَّةُ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ وَحِيزَ) أَيْ: وَحَازَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا لِمَحْجُورِهِ إلَخْ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْحَوْزِ أَيْ: عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ حَيْثُ طَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ إنْ تَأَخَّرَ) أَيْ: الْحَوْزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ أَشْهَدَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ يَمُوتُ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ يَقُومُ مَقَامَ الْحِيَازَةِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ) أَيْ: دَاخِلٌ الْمَاهِيَّةَ فَعِنْدَ عَدَمِهِ تَبْطُلُ الْهِبَةُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ إرْسَالِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ وَالْحِيَازَةُ شَرْطٌ) أَيْ: شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ مَانِعٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحِيَازَةُ شَرْطًا لَهُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَطَايَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى حِرْمَانِ مُسْتَحِقِّ الْمَالِ بَعْدَ الْوَاهِبِ بِأَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ ادْفَعُوا الْمَالَ لِزَيْدٍ فَإِنِّي كُنْت وَهَبْته لَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: مُصَوَّرًا ذَلِكَ بِصَرْفِ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَيْ: نُقِلَ وَحِيزَ) أَيْ: فَالْحَامِلُ عَلَى تَأْوِيلِ يُنْقَلُ الْمُضَارِعِ بِالْمَاضِي الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُ الْمَاضِي عَلَى الْمُضَارِعِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِتَأْوِيلِ يُنْقَلُ بِنُقِلَ ثُمَّ أَقُولُ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى الْمَاضِي بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْهِبَةِ قَبُولُ النَّقْلِ فَلَا يَظْهَرُ التَّأْوِيلُ بِالْمَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّأْوِيلُ بِالْمَاضِي إنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَحِيزَ) أَيْ: فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ إلَخْ) لَا يَخْفَى إنَّهُ إذَا كَانَ الْحَوْزُ مُتَعَلِّقًا بِالذَّاتِ وَالصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ مُتَعَلِّقَانِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَيَكُونُ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ أَيْ: وَكَانَ يَقُولُ وَصَحَّ وَبَطَلَ وَحِيزَتْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا اتَّفَقَ وَوَقَعَ وَنَزَلَ أَنَّهُ عُبِّرَ بِصَحَّتْ وَبَطَلَتْ أَيْ: الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَلَوْ عُبِّرَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَحِيزَتْ بِالتَّاءِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ فَاعِلُ صَحَّتْ وَبَطَلَتْ وَهُوَ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَلِذَلِكَ غَايَرَ الْأُسْلُوبَ وَعَبَّرَ بِحِيزَ فَاقْتَضَى أَنَّ الضَّمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا عَلَى مَا عَادَ إلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي صَحَّتْ وَبَطَلَتْ وَهُوَ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَهُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ كَالصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَحِيزَ لِلْمُلُوكِ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْحَوْزِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَحِيزَتْ أَيْ: الْهِبَةُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ وَقَوْلُهُ لِدَيْنٍ أَيْ لِثُبُوتِ دَيْنٍ مُحِيطٍ وَثُبُوتُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبْقِهِ أَوْ لُحُوقِهِ ثُمَّ إنَّ اللَّامَ فِي الدَّيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلْغَايَةِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَأَخَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَطَلَتْ. (ص) أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ وَحَازَ أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوْ اسْتَوْلَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا وَهَبَ الْهِبَةَ لِشَخْصٍ ثَانٍ وَحَازَهَا هَذَا الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَقَوَّى جَانِبُهُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحَوْزِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْأَوَّلُ وَفَرَّطَ أَمْ لَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَبْضُ أَمْ لَا كَذَلِكَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا أَعْتَقَ الْوَاهِبُ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَوْ كَانَ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُعْطَى بِالْهِبَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي وَهَبَهَا قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا الْمَوْهُوبُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ مُفَوِّتًا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَقَوْلُهُ (وَلَا قِيمَةَ) أَيْ: عَلَى الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ص) أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ أَيْضًا فِيمَا إذَا أَخَذَ شَخْصٌ صَحِبَتْهُ هَدِيَّةٌ لِآخَرَ غَائِبٍ عَنْ بَلَدِ الْمَهْدِيِّ أَوْ أَرْسَلَهَا لَهُ مَعَ رَسُولِهِ فَمَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِ الْهِبَةِ لَهُ وَتَرْجِعُ لِلْوَاهِبِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ لِعَدَمِ الْحَوْزِ فِي مَوْتِ الْوَاهِبِ وَلِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يُشْهِدْ الْوَاهِبُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ أَمَّا إنْ أَشْهَدَ أَنَّهَا هَدِيَّةٌ لِفُلَانٍ حِينَ الْإِرْسَالِ أَوْ حِينَ الِاسْتِصْحَابِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَلَا بِمَوْتِ الْوَاهِبِ فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ أَيْضًا وَمَفْهُومُ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تُعَيَّنْ لَهُ بِأَنْ قَالَ حِينَ أَرْسَلَهَا أَوْ حِينَ اسْتَصْحَبَهَا هَذِهِ الْهِبَةُ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَشْهَدَ الْوَاهِبُ أَمْ لَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ عَشْرَةٌ. (ص) كَأَنْ دَفَعْت لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ دَفَعَ مَالًا لِمَنْ يُفَرِّقُهُ صَدَقَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَاسْتَمَرَّ الْمَالُ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُلُ وَتَرْجِعُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ أَمَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ   [حاشية العدوي] الْمَصْدَرِيِّ بَلْ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بَلْ بِمَعْنَى الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَحِيزَ لِلْمُلُوكِ) فَإِنْ قُلْت هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ الْمُقْتَضِي لِلتَّأْنِيثِ قُلْت يُرَادُ بِالذَّاتِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ بِمَعْنَى الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَحِيزَتْ) أَيْ: الْهِبَةُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى الْأُسْلُوبِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ أَيْ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلْغَايَةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ جَعْلُهَا لِلْغَايَةِ، وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلتَّعْلِيلِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ إنْ تَأَخَّرَ الدَّيْنُ يَبْطُلُ لِأَجْلِ دَيْنٍ مُحِيطٍ فَلَا يُعْلَمُ غَايَةُ التَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ الْحَوْزَ تَأَخَّرَ لِلدَّيْنِ الْمُحِيطِ أَيْ تَأَخَّرَ حَتَّى لَحِقَهُ الدَّيْنُ الْمُحِيطُ (تَتِمَّةٌ) الِالْتِزَامُ إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَمَاتَ أَوْ حَصَلَ مَانِعٌ وَلَمْ يَحُزْهُ الْمُلْتَزِمُ لَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا سُئِلَ عَنْهُ عج عَنْ رَجُلٍ الْتَزَمَ لِامْرَأَتِهِ بِجَارِيَةٍ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ لَهَا الْجَارِيَةَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ بِمَوْتِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ حَصَلَ قَبْلَ قَبْضِهِ مَانِعٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ) أَيْ تَبَرَّعَ فَيَشْمَلُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْحَبْسَ وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرَّطَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الثَّانِي حَازَهَا أَنْ يَكُونَ فَرَّطَ فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَيَكُونُ التَّعْوِيلُ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْأَوَّلُ وَفَرَّطَ أَوْ لَا فَإِنْ حَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْحَائِزُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ قِيلَ إنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَيُرَاعَى فِيهَا الْخِلَافُ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ قَائِلٍ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ فَيُفَرِّطَ أَوْ لَا يَعْلَمُ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَبْضُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ إلَخْ وَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ جَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا حَصَلَ هِبَةٌ لِثَانٍ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي {تَنْبِيهٌ} هَذِهِ الْفُرُوعُ مَشْهُورَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فَتَبْطُلُ بِالْوَطْءِ فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ خِلَافُهُ وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْإِيلَادِ فَإِنَّهُ قَالَ عَطْفًا عَلَى مَا لَا تَبْطُلُ بِهِ وَلَا بِرَهْنٍ وَتَزْوِيجِ رَقِيقٍ وَتَعْلِيمٍ وَوَطْءٍ (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدَ الْهِبَةَ شَخْصٌ فَإِنَّ قِيمَتَهُ تَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ الْوَاهِبُ فَإِنَّ قِيمَتَهُ يَغْرَمُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ وَتَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ عَنْ شَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ. (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) مُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ صِحَّتُهَا مَعَ الْإِشْهَادِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَحُرِّرَ. وَاعْلَمْ أَنَّ قِيَامَ الْإِشْهَادِ مَقَامَ الْحِيَازَةِ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِرْسَالِ وَالِاسْتِصْحَابِ مَعَ مَوْتِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ أَوْ الْجُنُونِ فَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ عَلَى الْهِبَةِ وَتَبْطُلُ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ) أَمَّا لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ فِي صُورَةِ عَدَمِ التَّعْيِينِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ حَيْثُ لَا إشْهَادَ وَتَصِحُّ مَعَ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ عَشْرَةٌ) أَقُولُ بَلْ سِتَّ عَشْرَةَ وَذَلِكَ أَنَّك عَرَفْت أَنَّهُ عِنْدَ التَّعْيِينِ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَذَلِكَ أَنَّ فِي مَوْتِ الْمُرْسِلِ أَرْبَعَةٌ مُرْسِلٌ أَوْ مُسْتَصْحِبٌ أَشْهَدَ أَمْ لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 حِينَ دَفَعَ الْمَالَ إلَى مَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ وَتَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنَّمَا صُرِّحَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تُشْهِدْ مَعَ أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْبُطْلَانِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ مُشَبَّهٌ فِي مُطْلَقِ الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الْإِشْهَادِ كَأَنْ دَفَعْت إلَخْ ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ إنْ حَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ تَفْرِقَةِ جَمِيعِهَا أَوْ بَعْدَ تَفْرِقَةِ بَعْضِهَا فَتَبْطُلُ كُلُّهَا فِي الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي لَمْ يُفَرَّقْ فِي الثَّانِي، وَأَمَّا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ فَهِيَ مَاضِيَةٌ فَلَوْ فَرَّقَهَا أَوْ بَعْضَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْمَانِعِ ضَمِنَ الْكُلَّ فِي الْأَوَّلِ وَمَا فُرِّقَ فِي الثَّانِي. (ص) لَا إنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَى وَرُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَاهِبُ الْهِبَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِي حَوْزِهَا كَمَا يَأْتِي فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ فَإِنْ فَرَّطَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفُذُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا لِلْمُعْطَى رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا فَعَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ يَكُونُ الثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ يَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ فَقَوْلُهُ لَا إنْ بَاعَ إلَخْ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَدَاةِ النَّفْيِ وَالشَّرْطِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ عَطْفُهُ أَوْ جُنَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُثْبَتَاتِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَفْهَمُ وَيَصِحُّ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ أَوْ بَاعَ وَاهِبٌ إلَخْ يَجْعَلُهُ عَطْفًا عَلَى مَفْهُومِ لَمْ تُشْهِدْ أَيْ: فَإِنْ أَشْهَدَ صَحَّتْ كَمَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إذَا بَاعَهَا الْوَاهِبُ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ حَكَى الْمُؤَلِّفُ فِيمَا إذَا بَاعَ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ أَيْ: وَقَدْ فَرَّطَ رِوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الثَّمَنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْوَاهِبِ وَكَوْنُ الثَّمَنِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ الْهِبَةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّفْرِيطِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَفِيمَا إذَا بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ بِالْأَوْلَى لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ. (ص) أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَبْطُلُ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا حَصَلَ لَهُ جُنُونٌ وَاتَّصَلَ بِمَوْتِهِ أَوْ حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ وَاتَّصَلَ بِمَوْتِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَوْزِ كَوْنُهُ فِي صِحَّتِهِ وَعَقْلِهِ قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ أَيْ: بِغَيْرِ جُنُونٍ؛ لِأَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ كَعَكْسِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ مِمَّا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَلَا تَبْطُلُ. (ص) أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا وَهَبَ وَدِيعَتَهُ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَنَازَعَهُ الْوَارِثُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ مِلْكِ الْهِبَةِ وَتَرْجِعُ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَلَا يُقَالُ الْحَوْزُ حَاصِلٌ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَوْزُهُ أَوَّلًا إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُودِعُ الْوَاهِبُ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَاهِبِ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ بِيَدِ الْوَاهِبِ حَتَّى مَاتَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَوْزَ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي وَحُكْمُ الْعَارِيَّةِ   [حاشية العدوي] تَصِحُّ فِي صُورَتَيْ الْإِشْهَادِ وَتَبْطُلُ فِي صُورَتَيْ عَدَمِهِ، وَكَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فِي مَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ تَصِحُّ أَشْهَدَ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُهْدِي مُرْسِلًا أَوْ مُسْتَصْحِبًا {فَائِدَةٌ} يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ عِنْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ قَصَدَ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ: إذَا كَانَ صَحِيحًا وَثُلُثُ الْمَالِ حِينَ الدَّفْعِ إنْ كَانَ مَرِيضًا وَيُصَدَّقُ الْمُفَرِّقُ فِي التَّصَدُّقِ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي لَمْ يُفَرَّقْ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ وَافَقَهُ الْوَارِثُ عَلَى أَنَّ مَا بِيَدِهِ صَدَقَةٌ فَإِنْ نَازَعَ فِي أَنَّ الْمَيِّتَ أَمَرَهُ أَنْ يُفَرِّقَ ضَمِنَ مَا فَرَّقَ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ حَلِفِ الْوَارِثِ حَيْثُ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَمَّا عَلَى إنَّهَا لِلْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِنَاءً عَلَى لُزُومِهَا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْحَمْلِ عَلَى مَا إذَا جَدَّ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بِكَسْرِ الطَّاءِ وَهُوَ الْوَاهِبُ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْحَوْزِ أَوْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَجِدَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَفْهَمُ) أَيْ: لِأَنَّ الْعَاقِلَ يُدْرِكُ أَنَّ وُجُودَ الْجُنُونِ أَوْ الْمَرَضِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِالْمَوْتِ لَا يُعْقَلُ مَعَهُمَا صِحَّةُ الْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُدْرَكًا عُطِفَ ذَلِكَ عَلَى الْمُثْبَتَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَقْلَ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ فَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الذِّهْنِ الصِّحَّةُ مَعَ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَخِلَافُ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ بِجَعْلِهِ عَطْفًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي سَبْكِهِ جَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ كَمَا يَصِحُّ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْعَطْفَ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ وَلَمْ تَشْهَدْ إلَّا بِجَعْلِ الْجَوَابِ مُتَأَخِّرًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ أَشْهَدَ أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ إلَخْ صَحَّتْ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ لِوُقُوعِهَا فِي الصِّحَّةِ فَلَمْ تَخْرُجْ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ) أَيْ: تَتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلَمَ الْعِتْقُ أَوْ يَصِحَّ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَطْفَ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا قُدِّرَتْ هَذَا التَّقْدِيرَ وَلَمْ أُبْقِ الْعِبَارَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا الشَّامِلِ لِلْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَعَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَاوِ وَلَا بِأَوْ. (قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ) ظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ لِمَوْتِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت أَيْ: فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَالَ قَبِلْت وَمَا قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ) الْأَنْسَبُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبُولِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ مَفْهُومَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ قَبِلَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَصِحُّ مَعَ أَنَّ الْحَوْزَ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْقَبُولِ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ عَقْدِ الْهِبَةِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ فَأَجَابَ بِعَدَمِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْحَوْزَ يَصِحُّ وَلَوْ مَعَ التَّرَاخِي (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْعَارِيَّةِ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107 مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ فِي الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْعَرَ جَعْلُ الْمُؤَلِّفِ مَوْتَ الْوَاهِبِ غَايَةً لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَقْبَلْ أَصْلًا. (ص) وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى (ش) أَيْ صَحَّ الْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ قَبَضَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ لِيَتَرَوَّى فِي أَمْرِهِ هَلْ يَقْبَلُ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْوَدِيعَةِ وَفِي هَذِهِ حَصَلَ مِنْهُ إنْشَاءُ قَبْضٍ بَعْدَ الْهِبَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْوَى. (ص) أَوْ جَدَّ فِيهِ أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ (ش) فَاعِلُ جَدَّ هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ يَرْجِعُ لِلْقَبْضِ وَالضَّمِيرُ فِي شَاهِدِهِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ أَوْ لِلشَّخْصِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا جَدَّ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ وَالْوَاهِبُ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَاضِيَةٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا أَنْكَرَهَا الْوَاهِبُ وَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَاحْتَاجَتْ إلَى التَّزْكِيَةِ فَجَدَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي تَزْكِيَتِهَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَاضِيَةٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ التَّزْكِيَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ جَدَّ عَطْفٌ عَلَى قَبَضَ لِيَتَرَوَّى وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ. (ص) أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ إذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ إذَا أَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مَاضِيَةً وَيُعَدُّ فِعْلُهُ ذَلِكَ حَوْزًا لَهَا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْإِعْلَانِ مَعَ الْإِشْهَادِ وَلَعَلَّهُ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ وَالْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ وَالْإِعْلَانُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِتْقِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْإِشْهَادُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَعْتَقَ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ وَيُفِيدُ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَيْسَا كَالْعِتْقِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ بَاعَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَهَبَ. (ص) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَوْتِ يَرْجِعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بَلْ هِيَ نَافِذَةٌ وَتَنْزِلُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَنْزِلَتَهُ فَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ مِنْ الْوَاهِبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ يُعْلَمْ مَبْنِيٌّ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَيْ: لَمْ يَقَعْ عِلْمُ الْهِبَةِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَّصِفُ بِالْعِلْمِ هُوَ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُمْكِنُ وَبِهَا نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ الَّذِي يَرْجِعُ مَوْتُهُ لِلْوَاهِبِ فَالْحُكْمُ فِيهَا الْبُطْلَانُ. (ص) وَحَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلَقًا (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُ كُلٍّ مِنْ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَحِيَازَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ   [حاشية العدوي] أَيْ: إذَا وَهَبَهَا الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْمُعِيرُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ) ، وَأَمَّا لَوْ قَبِلَ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَصِحُّ حَوْزُهُ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ إذَا قَبِلَ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَإِنْ قُلْت شَرْطُ الْحَوْزِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَهَذَا حَالُ الْمَانِعِ فَلَا يَصِحُّ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَيْنِ لَمَّا كَانَا حَائِزَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ كَانَ حَوْزُهُمَا مَعَ الْمَانِعِ كَافِيًا اُنْظُرْ ك وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا وَهَبَ لَهُ وَحَصَلَ مِنْهُ الْقَبُولُ فِي حَالِ مَرَضِ الْوَاهِبِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْوَدِيعَةِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لَهَا أَنَّهُ لَهَا (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ حَصَلَ إلَخْ) لَا يُسَلَّمُ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَفِي هَذِهِ كَانَ حَائِزًا وَيَنَزَّلُ تَرَوِّيهِ مَنْزِلَةَ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ حَوْزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ تَبْطُلُ الْهِبَةُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْجَدِّ وَالتَّزْكِيَةِ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ) أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ مَعْنَاهُ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ فَصَحَّ حِينَئِذٍ أَنْ يُرَادَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَوْ جَدَّ فِي تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى مَا فَعَلَهُ وَقَوْلُهُ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ أَيْ: أَعْلَنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ) أَيْ: الْإِعْلَانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَثَابَةِ حَوْزِ السِّلْعَةِ الْمَوْهُوبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لِإِثْبَاتِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالْإِعْلَانَ بِمَثَابَةِ حَوْزِ السِّلْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْبَيْعِ بِمَثَابَةِ الْحَوْزِ وَالْإِعْلَانَ بِمَثَابَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَوْزِ (قَوْلُهُ وَالْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَيُفِيدُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْحِيَازَةِ فِي الرَّقَبَةِ الْحِسِّيَّةِ وَأَيْضًا قُدِّمَ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ مِنْ الْوَاهِبِ الْبُطْلَانُ لِلْهِبَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَا مَقَامَ الْحِيَازَةِ مِنْ الْمَوْهُوبِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلُ وَتَرَكَهَا حَتَّى مَاتَ فَتَبْطُلُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الصِّحَّةُ أَيْضًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَرَكَ قَبْضَهَا تَفْرِيطًا فَيَكُونُ كَقَبْضِهَا لِيَتَرَوَّى (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ حُرًّا وَسَيِّدُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) وَلَا يُعْذَرُ فِيهَا بِعَدَمِ الْعِلْمِ أَيْ: لِأَنَّ مَوْتَ الْوَاهِبِ قَبْلَ حِيَازَةِ الْهِبَةِ يُبْطِلُهَا عِلْمُ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَيْهَا أَوْ لَا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أَوْ أَرْسَلَهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ وَحَوْزُ مُخْدَمٍ إلَخْ) الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ الشَّخْصُ الَّذِي أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا عِنْدَهُ لِيَخْدُمَهُ فَالْعَبْدُ يُقَالُ لَهُ مُخْدَمٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا، وَأَمَّا مُخْدِمٌ بِكَسْرِ الدَّالِ فَهُوَ مُعْطِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) اُعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِمَا وَرِضَاهُمَا كَذَا فِي عج وَهُوَ تَبَعُ الْمُؤَلِّفِ وعب تَبَعُ عج وَرَدَّهُ مُحَشَّى تت بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ذَلِكَ وَنَصُّهَا، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدَمُ وَالْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُخْدَمُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمَّا قَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونَ حَوْزُ الْمُودَعِ صَحِيحٌ إنْ عَلِمَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 سَوَاءٌ عَلِمَ كُلٌّ بِالْهِبَةِ أَمْ لَا تَقَدَّمَ كُلٌّ مِنْ الْخِدْمَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ عَلَى الْهِبَةِ أَوْ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا لَا نَحُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ تَقَدَّمَتْ الْهِبَةُ عَلَيْهِمَا فَالْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى إخْدَامٌ وَلَا إعَارَةٌ وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ حَوْزِهِمَا لَهُ حِينَئِذٍ إنْ رَضِيَا لَهُ. (ص) وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا وَهَبَهَا مَالِكُهَا لِغَيْرِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَلِمَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ بِذَلِكَ وَرَضِيَ فَإِنَّ حِيَازَتَهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَاطِلَةً التُّونُسِيُّ لَمْ يَشْتَرِطْ ابْنُ الْقَاسِمِ عِلْمَ الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ كَمَا شَرَطَ عِلْمَ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا الرِّقَابَ لِمَنَافِعِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ قَالَا لَا تَحَوُّزَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُبْطِلَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَلَا يَقْدِرَانِ عَلَى ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ قَبُولِهِمَا فَصَارَ عِلْمُهُمَا غَيْرَ مُفِيدٍ وَالْمُودِعُ لَوْ شَاءَ لَقَالَ خُذْ مَا أَوْدَعْتَنِي لَا أَحُوزُهُ. (ص) لَا غَاصِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ إذَا وَهَبَهُ مَالِكُهُ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ حَوْزُ الْغَاصِبِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يُقْبِضْهُ لِلْمَوْهُوبِ وَلَا أَمَرَهُ الْوَاهِبُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَا أَمَرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ لَجَازَ وَهَذَا إذَا رَضِيَ الْغَاصِبُ أَنْ يَحُوزَ لَهُ وَيَصِيرَ كَالْمُودَعِ. (ص) وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْإِجَارَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَرْهُونَ إذَا وَهَبَهُ مَالِكُهُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ حَوْزَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَكُونُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، فَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ فَالرَّهْنُ لِوَرَثَتِهِ لَهُمْ أَنْ يَفْتَكُّوهُ وَلَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَذَا الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ حَوْزُهُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ حَائِزٌ لِضَرُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ وَهَبَ الْأُجْرَةَ أَيْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الرَّدِّ وَقَبْضُهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّوَثُّقِ لِنَفْسِهِ فَفَارَقَ الْمُودَعَ وَلَا حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ لِجَوَلَانِ يَدِ الْمُؤَجِّرِ فِي الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ بِقَبْضِ أُجْرَتِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِذَا لَوْ وَهَبَ الْأُجْرَةَ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ الرَّقَبَةَ كَانَ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَأَمَّا مَنْ وَهَبَ الْوَاهِبَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ مَا قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَكُونُ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حِينَئِذٍ حَوْزًا لَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ الْأُجْرَةَ بَدَلَ الْإِجَارَةَ لَكَانَ أَوْلَى وَبَعْدَ ذَلِكَ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا وَهَبَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا عَلِمْته أَنَّ هِبَةَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا تَكُونُ حَوْزًا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يَقْبِضُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ بَعْدَ هِبَتِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَيْدَ كَوْنِ هِبَةِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُسَمَّى أُجْرَةً وَإِنَّمَا تَصِيرُ مَالًا مُسْتَقِلًّا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ. (ص) وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ بِأَنْ آجَرَهَا أَوْ أَرْفَقَ بِهَا (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَلَا وَاهِبٍ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ لَا غَاصِبٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى وَاهِبِهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ الْحَوْزِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِأَنْ آجَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ لِوَاهِبِهَا أَوْ أَرْفَقَهُ بِهَا أَيْ: أَرْفَقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ بِالْهِبَةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ أَيْضًا وَالْإِرْفَاقُ هُوَ الْعُمْرَى؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الرُّجُوعِ عَنْ قُرْبٍ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ يُحِيلُ عَلَى إسْقَاطِ الْحِيَازَةِ فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي رَجَعَتْ لِلْهِبَةِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِإِلَى لِلْوَاهِبِ وَضَمِيرُ بَعْدَ لِلْحَوْزِ وَفَاعِلُ آجَرَ وَأَرْفَقَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ لِلْهِبَةِ وَالْقُرْبُ   [حاشية العدوي] هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا قَبْضَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُخْدَمِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ مَعْرِفَتَهُمَا انْتَهَى وَكَذَا فِي مَعِينِ الْحُكَّامِ. (قَوْلُهُ وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ إلَخْ) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ اعْتِمَادُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَرَضِيَ) إشَارَةٌ مِنْ الشَّارِحِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا زِيَادَةً عَلَى الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُبْطِلَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ فَهَذَا يُنْتِجُ أَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا الرِّقَابَ لِمَنَافِعِهِمَا لَا لِلْمُعِيرِ وَلَا لِلْمُخْدِمِ فَلِذَلِكَ صَحَّ حَوْزُهُمَا. (قَوْلُهُ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى إبْطَالِ مَا لَهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ عَطِيَّةً مِنْهُمَا لِلْمَالِكِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا لَمَّا قَبِلَا مَلَكَا الْمَنْفَعَةَ فَإِبْطَالُهُمَا لِلْمَالِكِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُهُمَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْإِجَارَةَ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَهَبَ الْأُجْرَةَ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ الرَّقَبَةَ لَا لِغَيْرِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الرَّدِّ) الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْمُودِعِ وَالْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ فَفَارَقَ الْمُودَعَ أَيْ: بِقَوْلِهِ وَقَبْضُهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّوَثُّقِ لِنَفْسِهِ أَيْ: فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهُ بِخِلَافِ الْمُودَعِ فَلِذَلِكَ صَحَّ حَوْزُهُ إنْ عَلِمَ وَرَضِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَزَوَّجَهَا مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ أَرْفَقَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ هَذَا فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ غَلَّةٌ) ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ، فَإِذَا عَادَ لِوَاهِبِهِ بَعْدَ أَنْ صَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ فَلَا يَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّ فِي عب خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ وَلَا وَاهِبَ إنْ رَجَعَتْ الْهِبَةُ كَانَ لَهَا غَلَّةٌ أَمْ لَا إلَيْهِ بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقُرْبٍ مِنْ حَوْزِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حَصَلَ مَانِعٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَتَصِيرُ الْحِيَازَةُ كَعَدَمِهَا وَيَبْطُلُ حَقُّهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ فَلَا تَبْطُلُ وَلَهُ أَنْ يَحُوزَهَا وَتَتِمَّ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَرِينَةَ الرُّجُوعِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: قَرِينَةً هِيَ الرُّجُوعُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 دُونَ السَّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مُقَابَلَتُهُ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ سَنَةٍ) يَعْنِي أَنَّ رُجُوعَ الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَنَةً لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا طُولٌ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِقُرْبٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِيُبَيِّنَ مِقْدَارَ الْقُرْبِ وَهَذَا يُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ بَلْ هُمَا أَمْرَانِ مُتَقَابِلَانِ تَأَمَّلْ. (ص) أَوْ رَجَعَ مُخْتَفِيًا أَوْ ضَيْفًا فَمَاتَ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ سَنَةٍ؛ إذْ مَعْنَى كَلَامِهِ لَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ رَجَعَ الْوَاهِبُ إلَى عَقَارِهِ الَّذِي وَهَبَهُ مُتَخَفِّيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ بِأَنْ وَجَدَ الدَّارَ الْمَوْهُوبَةَ خَالِيَةً فَسَكَنَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَمَاتَ فِيهَا أَوْ رَجَعَ إلَيْهَا ضَيْفًا فَمَاتَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ نَافِذَةٌ وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهَا عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ وَمِثْلُ الضَّيْفِ الزَّائِرُ. (ص) وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ نَافِذَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ عَنْ هِبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ فَقَوْلُهُ وَهِبَةُ إلَخْ إمَّا بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ قَبَضَ أَيْ: صَحَّ الْحَوْزُ فِي قَبْضِهِ لِيَتَرَوَّى وَفِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ كَذَا وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ مُفِيدٌ لِلصِّحَّةِ وَاعْتِبَارُ الْحِيَازَةِ لَا لِلصِّحَّةِ فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. (ص) وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا لَا الْعَكْسِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ هِبَةُ الزَّوْجَةِ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، وَأَمَّا هِبَةُ الزَّوْجِ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُلِ لَا لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِزَوْجِهَا. (ص) وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا الْعَكْسِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِفَوَاتِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ مِلْكِهَا سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ بِهَا أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي بَقِيَتْ عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْهِبَةِ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ إلَخْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامًا حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ الِاسْمُ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْبَابِ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ إلَخْ فِي مَعْنًى وَهُوَ التَّمْلِيكُ وَضَمِيرُهُ وَهُوَ الْمُسْتَتِرُ فِي رَجَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْهِبَةُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ ثُمَّ إنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الْوَاهِبِ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ وَلِكُلِّ أَحَدٍ إلَى وُجُودِ الْمَانِعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ أَيْ: هِبَةُ مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَدَارَ سُكْنَاهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا إلَخْ وَالدَّلِيلُ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ وَالْمَوْضُوعُ فِي الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حُصُولُ الْمَانِعِ. (ص) إلَّا لِمَحْجُورِهِ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوْ خُتِمَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ لِكُلِّ شَخْصٍ مَوْهُوبٍ إلَّا لِمَحْجُورِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَوْهُوبٍ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ هِبَةً وَاسْتَمَرَّتْ عِنْدَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ إخْرَاجٌ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ بَلْ هُمَا أَيْ قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ دُونَ السَّنَةِ ثُمَّ أَقُولُ هَذَا لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّ فِيهِ إخْرَاجًا إنَّمَا قَالَ يُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ. (قَوْلُهُ مُخْتَفِيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ) تَبِعَ تت فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ بَلْ فَرْضُهَا فِي اخْتِفَائِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ خَوْفًا فَمَرِضَ فَمَاتَ انْتَهَى (قَوْلُهُ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِهِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَآنِيَةٍ وَالْخَادِمِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ وَمِثْلُ هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا هِبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا أَوْ سَيِّدِهَا لَهَا مَتَاعًا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَمِثْلُ الْمَتَاعِ عَبِيدُ الْخِدْمَةِ لَا الْخَرَاجِ؛ إذْ لَا بُدَّ فِي عَبِيدِ الْخَرَاجِ مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الْحِيَازَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَتَاعًا (قَوْلُهُ وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَلَا يُخَالِفَ مَا فِي الْبَيْعِ مِنْ فَسَادِ عَقْدِهِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ خَرَجَ عَلَى عِوَضٍ بِخِلَافِ هَذَا تَقْرِيرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ هَكَذَا قَالَ عج اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُحَشَّى تت بِمَا حَاصِلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا فَالنَّصُّ فِيهِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَصَدَّقَ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِالْمَسْكَنِ الَّذِي تَسْكُنُ مَعَهُ فِيهِ أَوْ تَتَصَدَّقَ عَلَى بَنِيهَا الصِّغَارِ بِالْمَسْكَنِ الَّذِي تَسْكُنُ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا أَنَّ ذَلِكَ حِيَازَةٌ لِبَنِيهِ إذَا مَكَّنَتْ الْأَبَ مِنْ الدَّارِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْكَانِ وَجَوَازِ الْحِيَازَةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ الْإِمْكَانِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَهُ أَتَصَدَّقُ عَلَيْك بِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَّاهَا عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجَنِي مِنْهَا وَتَسْكُنُ فِيهَا مَعِي أَوْ تَقُولَ لَهُ أَتَصَدَّقُ عَلَى بَنِيك بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ فِيهَا فَتَلْتَزِمَ الْكِرَاءَ لَهُمْ وَلَا تُخْرِجُنِي مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ سُكْنَاهُ مَعَهَا فِيهَا حِيَازَةً لَهُ وَلَا لَهُمْ فَالنَّقْلُ صَرِيحٌ خِلَافُ مَا قَالَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا فَالرَّاجِحُ أَنَّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِرَجُلٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ فَالشَّرْطُ عَامِلٌ وَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَبْسِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ وُرِثَتْ عَنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ) أَيْ: حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا وَتَحُوزَهَا الزَّوْجَةُ لِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ حَصَلَتْ إحَاطَةُ دَيْنٍ (فَلَا يَحْتَاجُ) كَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ كُلْفَةٍ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِخْدَامُ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلِّ مَوْهُوبٍ إنَّمَا يُقَدَّرُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِمَحْجُورِهِ لَا أَنَّهُ يُقَدَّرُ قَبْلُ كَمَا تَقْضِيهِ عِبَارَتُهُ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ. . (قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ) أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ لِمَانِعٍ كَمَوْتِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 الْوَاهِبِ إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ لِمَحْجُورِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحْجُورُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ مُقَدَّمًا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَأَبْقَاهَا تَحْتَ يَدِهِ إلَى أَنْ فَلَّسَ مَثَلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهَا بِخَتْمِهِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ الْعَمَلُ نَعَمْ إنْ خَتَمَ عَلَيْهَا وَحَازَهَا لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَى أَنْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ. (ص) وَدَارُ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ وَالْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ مَا لَا يُعْرَفُ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهَا لِمَحْجُورِهِ مَا دَامَ الْوَاهِبُ سَاكِنًا فَلَوْ سَكَنَ الْأَقَلَّ وَأَكْرَى لِمَحْجُورِهِ الْأَكْثَرَ فَلَا يَضُرُّ وَتَصِيرُ كُلُّهَا صَدَقَةً عَلَى الْمَحْجُورِ فَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ وَأَكْرَى لَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَإِنَّ مَا سَكَنَهُ تَبْطُلُ الصَّدَقَةُ فِيهِ وَمَا أَكْرَاهُ لَهُ تَمْضِي صَدَقَتُهُ لِلْمَحْجُورِ فَإِنْ سَكَنَ الْوَاهِبُ الْأَكْثَرَ وَأَكْرَى لَهُ أَقَلَّهَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ كُلَّهَا تَبْطُلُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَحْجُورِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ الْأَبُ دَارَ سُكْنَاهُ لِكِبَارِ وَلَدِهِ فَلَا يَبْطُلُ مِنْهَا إلَّا مَا سَكَنَهُ فَقَطْ وَيَصِحُّ مَا حَازَهُ الْوَلَدُ كَانَ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا وَالْوَقْفُ مِثْلُ الْهِبَةِ فِي ذَلِكَ. (ص) وَجَازَتْ الْعُمْرَى (ش) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْهِبَةِ أَتْبَعَهَا بِالْعُمْرَى وَهِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَقْصُورَةً مَأْخُوذَةً مِنْ الْعُمْرِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لَهَا وَأَفْرَدَهَا عَنْ الْهِبَةِ إشَارَةً لِلْفَرْقِ؛ إذْ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ لِلذَّاتِ وَهَذِهِ لِلْمَنَافِعِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ هِيَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ حَيَاةِ الْمُعْطِي بِغَيْرِ عِوَضِ إنْشَاءٍ أَخْرَجَ بِالْمَنْفَعَةِ إعْطَاءَ الذَّاتِ وَأَخْرَجَ بِحَيَاةِ الْمُعْطِي الْحَبْسَ وَالْعَارِيَّةَ وَالْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطِي بِكَسْرِهَا لَيْسَ بِعُمْرَى حَقِيقَةً وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَا إذَا كَانَ بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَقَوْلُهُ إنْشَاءٍ أَخْرَجَ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ الْعُمْرَى وَحُكْمُهَا النَّدْبُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالْجَوَازِ دُونَ النَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْأَصِيلُ وَلِيَأْتِيَ الْإِخْرَاجُ الْإِخْرَاجُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ لَا الرُّقْبَى. (ص) كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَارِثَك (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى تَكُونُ بِلَفْظِ الْعُمْرَى وَبِغَيْرِهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعَطَايَا كَقَوْلِهِ أَعْمَرْتُك دَارِي أَوْ أَسْكَنْتُك وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ أَعْمَرْت وَارِثَك أَوْ أَعْمَرْتُك وَوَارِثَك وَبِعِبَارَةٍ كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَوَارِثَك كَذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا وَأَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا لَهُمْ وَلَا عَايَنُوا الْحِيَازَةَ وَلَا صَرْفَ الْغَلَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَاقِفَ خَرَجَ عَنْ الْغَلَّةِ فَقَطْ فَاشْتَرَطَ صَرْفَهَا لَهُ كَمَا قُدِّمَ فِي الْوَقْفِ، وَأَمَّا الْوَاهِبُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الذَّاتِ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ {تَتِمَّةٌ} قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي غَايَةِ الْأَمَانِي مَا نَصُّهُ ج أَيْ ابْنُ نَاجِي فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ فَلَا تَجُوزُ حِيَازَتُهُ لَهُ أَيْ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فِي صِغَرِهِ فَحَازَ لَهُ فَبَلَغَ رَشِيدًا أَوْ لَمْ يَحُزْ بَعْدَ رُشْدِهِ مَا وَهَبَهُ لَهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا وَيُخْتَلَفُ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الرُّشْدِ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ أَوْ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الرُّشْدُ قَوْلَانِ وَإِذَا تَنَازَعَ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ فَادَّعَى الْكِبَارُ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ بُلُوغِ الصِّغَارِ وَأَنَّهُ حَازَ لَهُمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ وَادَّعَى الصِّغَارُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ فَإِنَّ الْحَوْزَ صَحِيحٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصِّغَارِ وَعَلَى الْكِبَارِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ إلَخْ) أَيْ: وَكَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ مِنْ دُورٍ أَوْ عَبِيدٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَتَمَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِلْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَحْضَرَهَا لِلشُّهُودِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَدَارُ سُكْنَاهُ) أَيْ وَكَذَا ثَوْبٌ لَبِسَهُ وَمَوْضُوعُ تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورُ فِي الْمَحْجُورِ وَلَوْ بَلَغَ أَوْ رَشِدَ وَلَمْ يَحُزْ بَعْدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ يَفْتَرِقُ دَارُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِهَا فِي هِبَةِ الْأَبِ لِلصَّغِيرِ أَنَّ دَارَ السُّكْنَى لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلتَّخَلِّي وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَمِثْلُهَا الْمَلْبُوسُ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَكْفِي الْإِشْهَادُ بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَايَنْ الْحِيَازَةُ انْتَهَى فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ يُغْنِي عَنْ الْحِيَازَةِ وَإِحْضَارِ الشُّهُودِ بِهَا فِيمَا لَا يَسْكُنُهُ الْأَبُ وَلَا يَلْبَسُهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا) لَيْسَ خَاصًّا بِدَارِ السُّكْنَى بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهَا إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُخَصِّصُوا هَذَا التَّفْصِيلَ بِدَارِ السُّكْنَى كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُ الدُّورِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الثِّيَابُ يَلْبَسُهَا أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ مِثْلُ الْهِبَةِ إلَخْ) أَيْ: الصَّدَقَةُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعُمْرِ) أَيْ: عُمِّرَ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لَهَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ أَعْمَرْتُك وَمَلَّكْتُك مَنْفَعَةَ هَذَا الشَّيْءِ مُدَّةَ حَيَاتِك ح أَيْ: لَا مِنْ الْإِعْمَارِ وَلِأَجْلِ كَوْنِهَا مَأْخُوذَةً مِنْ الْعُمْرِ تَصِحُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَالثِّيَابِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ فَإِنْ قُصِرَتْ عَنْ الْعُمْرِ صَحَّتْ وَلَكِنْ لَا يُقَالُ لَهَا عُمْرَى بَلْ عَارِيَّةٌ. {تَنْبِيهٌ} هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ كَالْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِعُمْرَى حَقِيقَةً) أَيْ: بَلْ عُمْرَى مَجَازًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ إنْشَاءٍ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِ عَلَيْك (قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا النَّدْبُ) أَيْ: الْأَصْلُ النَّدْبُ أَيْ وَقَدْ تَعْرِضُ الْكَرَاهَةُ كَمَا إذَا أَعْمَرَهَا لِمَنْ يُخْشَى مِنْهُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ وَتَحْرِيمُهَا كَمَا إذَا تَحَقَّقَ فِيهَا فِعْلُ الْمَعْصِيَةِ وَوُجُوبُهَا كَقَوْلِ شَخْصٍ لِمَالِكِ دَارٍ إنْ لَمْ تُعْمِرْهَا فُلَانًا قَتَلْتُك وَفِيهِ بَحْثٌ؛ إذْ الْمُكْرَهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَلَا يَتَّصِفُ فِعْلُهُ بِوُجُوبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْأَصِيلُ) أَيْ الْمُتَأَصِّلُ أَيْ: بِخِلَافِ النَّدْبِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ لَيْسَ بِأَصِيلٍ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِنَدْبِيَّتِهَا فَمَا مَعْنَى الْأَصَالَةِ الْمُتَأَصِّلَةِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيُصَدَّقُ بِالنَّدْبِ (قَوْلُهُ وَأَعْمَرْتُك وَوَارِثَك) فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْمَوْرُوثِ بِخِلَافِ وُقِفَ عَلَيْك وَعَلَى وَلَدِك فَإِنَّهُمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِوَاوِ الْعَطْفِ بَعْدَ أَوْ وَأَيْ كَأَعْمَرْتُك فَقَطْ أَوْ أَعْمَرْتُك وَأُورِثُك فَهُمَا مِثَالَانِ انْتَهَى وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةَ جَمْعٍ فَيَصْدُقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ. (ص) وَرَجَعَتْ لِلْمُعَمِّرِ أَوْ وَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ تَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ لِلْمُعَمِّرِ مِلْكًا أَوْ لِوَارِثِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُعَقَّبَةً أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ الْمُعَقَّبَةُ تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَا تَرْجِعُ لِلْمُعَمِّرِ وَالْمُرَادُ وَارِثُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْمَرْجِعِ مَثَلًا لَوْ مَاتَ الْمُعَمِّرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلَهُ وَلَدٌ وَأَخٌ فَلَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تُدْفَعُ لِلْأَخِ. (ص) كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِآخَرِكُمَا مِلْكًا (ش) التَّشْبِيهُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْجَوَازِ أَيْ: فِي جَوَازِ رُجُوعِهَا فِي الْعُمْرَى مِلْكًا وَرُجُوعِهَا لِلْآخَرِ فِي الْحَبْسِ مِلْكًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدِي هَذَا حَبْسٌ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِلْآخَرِ مِنْكُمَا جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ مِلْكًا يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَشَاءُ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مِلْكٌ لَيْسَ بِكَلَامِ الْمُحْبِسِ بَلْ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: رَجَعَ أَوْ الرُّجُوعُ مِلْكٌ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مِلْكًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي رَجَعَتْ انْتَهَى أَيْ: رَجَعَتْ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ أَوْ وَارِثِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُمْرَى وَلِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ وَتَأْخِيرُهُ هُنَا لِيَكُونَ نَصًّا فِي رُجُوعِهِ لِمَسْأَلَةِ الْحَبْسِ أَيْضًا الْمُحْتَاجُ إلَى طَلَبِ ذَلِكَ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نُصُوصِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ إذْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلٌ فَلَوْ أُسْقِطَ وَهُوَ لِآخِرِكُمَا فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا رَجَعَ لِلْآخَرِ حَبْسًا، فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ فَهَلْ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ أَوْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحْبِسِ أَوْ وَارِثِهِ. (ص) لَا الرُّقْبَى (ش) عَطْفٌ عَلَى الْعُمْرَى وَالْمَنْعُ ضِدُّ الْجَوَازِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى بَيَانِ حَقِيقَتِهَا الْعُرْفِيَّةِ بِالْمِثَالِ بِقَوْلِهِ (كَذَوِي دَارَيْنِ قَالَا إنْ مِتّ قَبْلِي فَهُمَا لِي وَإِلَّا فَلَكَ) أَيْ: كَصَاحِبَيْ دَارَيْنِ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ مِتّ قَبْلَك فَدَارِي حَبْسٌ عَلَيْك فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَلِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ إلَى الْمُخَاطَرَةِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ فُسِخَ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ رَجَعَتْ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا وَلَا تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بَاطِلٌ. (ص)   [حاشية العدوي] يَشْتَرِكَانِ أَيْ: يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَارِثُهُ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ وَارِثُهُ بِالْقُوَّةِ فَيَشْمَلُ ابْنَهُ الْمَوْجُودَ الْآنَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَثَابَةِ قَوْلِك أَعْمَرْتُك (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ إلَخْ) هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ أَوْ وَارِثَك أَيْ: أَنَّ ذَلِكَ الْإِعْمَارَ إمَّا لَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ) أَيْ: فَيَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْ: جَمْعُ الْأَمْرَيْنِ هُوَ وَوَارِثُهُ وَقَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَالثَّالِثَةُ هِيَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فِي الْإِعْمَارِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نُسْخَتِهِ أَوْ وَوَارِثَك هِيَ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ سَاكِنًا عَنْ نُسْخَةِ إعْمَارِ الْوَارِثِ فَقَطْ بِخِلَافِ هَذِهِ النُّسْخَةِ فَتَكُونُ شَامِلَةً لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ) أَيْ: لَا بِمَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَفِي الْعِبَارَةِ عَلَى انْقِرَاضِ الْعَقِبِ (قَوْلُهُ مَثَلًا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثَّلَ بِابْنٍ رَقِيقٍ وَأَخٍ حُرٍّ كَانَا مَوْجُودَيْنِ حِينَ مَوْتِ الْمُعَمِّرِ وَلَكِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ حَتَّى عَتَقَ الِابْنُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا حِينَ مَاتَ الْمُعَمِّرُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا) وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَكُمَا أَمْ لَا وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ لِآخَرِكُمَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وَقَوْلُ شَارِحِنَا فَلَوْ أَسْقَطَ وَهُوَ لِآخَرِكُمَا أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَكُمَا (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْجَوَازِ) وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَجَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ إلَخْ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَفِي رُجُوعِهِمَا مِلْكًا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ بَلْ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَيْ: إنْ مَلَّكَهُ لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ، وَأَمَّا جَعْلُهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ فَوَاضِحٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرُّجُوعَ الْمَذْكُورَ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِيَّةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي تَرْجِيعِهِ لِلْعُمْرَى أَيْ: مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَاجُ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ أَيْ: طَلَبَ الرُّجُوعَ لَهَا طَلَبًا أَكِيدًا وَأَصْلُ الْمَعْنَى الْمُحْتَاجُ إلَى الرُّجُوعِ الْمَطْلُوبُ لَهَا طَلَبًا أَكِيدًا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِيَكُونَ نَصًّا (قَوْلُهُ إذْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَتْ فَقَوْلُهُ مَلَكَ فِي الْمَعْنَى مُتَقَدِّمٌ فَأَيْنَ النُّصُوصِيَّةُ (قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعُ إلَخْ) فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَهَذَا الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَعَلَى عَشَرَةٍ حَيَاتَهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَهُمْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَفِي عب تَبَعًا لِمُفَادِ عج أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَبَقِيَ مَا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَهُوَ لِآخَرِكُمَا كَانَتْ لِلْآخَرِ حَبْسًا فَإِنْ مَاتَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ بِصُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْهَا. (قَوْلُهُ وَالْمَنْعُ ضِدُّ الْجَوَازِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا الرُّقْبَى فَهِيَ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضِدُّ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَهُمَا لِي) لَا يَخْفَى أَنَّ دَارَ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ مِتّ قَبْلِي فَدَارُك لِي مَضْمُومَةٌ لِدَارِي وَإِنْ مِتّ قَبْلَك فَدَارِي لَك مَضْمُومَةٌ لِدَارِك فَهُوَ مِنْ الْمُشْبِهِ لِلنَّوْعِ الْمُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135] (قَوْلُهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ عج ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا وَقَعَ مَا ذُكِرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمَا تَفْسِيرٌ) لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ رَجَعَتْ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ صَوَابُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَجَعَتْ لِوَارِثِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 كَهِبَةِ نَخْلٍ وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا سِنِينَ وَالسَّقْيِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (ش) هُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَهَبَ شَخْصًا نَخْلًا وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ لِنَفْسِهِ ثَمَرَتَهَا سِنِينَ مَعْلُومَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ السَّقْيَ لِلنَّخْلِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِلنَّخْلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ وَلِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا أَعْوَامًا مُعَيَّنَةً وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي سَقْيَهَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَصِيرُ النَّخْلُ إلَيْهِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَعْوَامِ فَهُوَ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ ثَمَرَتِهَا لِأَكْلِهَا لَجَازَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَالسَّقْيِ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّقْيُ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَلَكِنْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ لَجَازَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَهِبَةِ نَخْلٍ أَيْ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى سَقْيٍ وَعِلَاجٍ وَلَا مَفْهُومَ لِسِنِينَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْغَرَرُ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَيَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ وَالثَّمَرَةُ وَالْأُصُولُ لِرَبِّهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِتَغَيُّرِ مِلْكِهِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا أَكَلَهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ تَأَمَّلْ. (ص) أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا سِنِينَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَدْفَعَ فَرَسًا لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ وَيَكُونُ لَهُ بَعْدُ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْفَرَسَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ تِلْكَ السِّنِينَ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْلَمُ الْفَرَسُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ بَاطِلًا فَهَذَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ وَاوُ الْحَالِ وَالْحَالُ قَيْدٌ أَيْ: شَرْطٌ فِي عَامِلِهَا وَصَاحِبِهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ شَرْطٌ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي تَعَقُّبِ الْبِسَاطِيِّ لَهُ نَظَرٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ أَيْ: أَنْ لَا يَمْلِكَهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَيَنْبَغِي إذَا سَقَطَ الشَّرْطُ صَحَّ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ خُيِّرَ رَبُّ الْفَرَسِ إمَّا أَنْ يُسْقِطَ الشَّرْطَ وَتَكُونَ الْفَرَسُ لِمَنْ أُعْطِيت لَهُ أَوْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيُؤَدِّيَ لِلرَّجُلِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ كَانَتْ الْفَرَسُ لِلْآخِذِ بَتْلًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ. (ص) وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ (ش) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزِ وَضَمِيرُ اعْتِصَارِهَا عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ لَا الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِصَارَ لَهُ فِيهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ دَنِيَّةٌ إذَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ كَهِبَةِ نَخْلٍ) فَصَلَ بِالْكَافِ وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الرُّقْبَى مِنْهُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْهِبَةُ وَإِنْ مِنْ الْآنَ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْهِبَةَ وَاقِعَةٌ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا مِنْ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ إلَخْ إنَّمَا يَنْتِجُ عَنْ كَوْنِهِ بَيْعًا فَقَطْ لَا كَوْنِهِ مُتَأَخِّرَ الْقَبْضِ وَقَالَ شَارِحُنَا لَعَلَّ الْإِطْلَاقَ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَرَةَ أَيْ: الْغَرَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَاشْتُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ مُلَاحَظَةَ الشَّرْطِيَّةِ فِي ذَلِكَ تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَنٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ سَابِقًا؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِلنَّخْلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي النَّظِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ لِكَوْنِ الثَّمَرَةِ لَهُ (قَوْلُهُ لَجَازَ ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّ قَبْضَ الْبُسْتَانِ حَصَلَ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ) ابْنُ عَاشِرٍ وَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى مُعَانَاةٍ فِي السَّقْيِ بِمَاءِ الْوَاهِبِ فَيُشْكِلُ حِينَئِذٍ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ) اعْتَمَدَ عج كَلَامَ الْبِسَاطِيِّ جَاعِلًا أَنَّهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ مَلَكَ النَّخْلَ وَثَمَرَهُ وَلَا نَظَرَ لِلِاسْتِثْنَاءِ. . (قَوْلُهُ أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا سِنِينَ) قَالَ عج الْجَمْعُ هُنَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ السَّابِقِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ شَرْطٌ) الشَّرْطِيَّةُ بِحَسْبِ الْمَقَامِ لَا فِي كُلِّ حَالٍ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَك جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا فَالْحَالُ فِي هَذَا قَيْدٌ لَا يُقَالُ لَهُ شَرْطٌ وَقَوْلُهُ وَصَاحِبُهَا فِيهِ تَسَامُحٌ إنَّمَا هِيَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا (قَوْلُهُ وَفِي تَعْقِيبِ الْبِسَاطِيِّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ وُهِبَ لَهُ الْآنَ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَبِأَنَّ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَالْمُصَنِّفُ قَالَ سِنِينَ وَبِأَنَّهُ أَخَلَّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ هِيَ لَهُ وَبِأَنَّ فِي كَلَامِهَا وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ وَالْمُصَنِّفُ حَذَفَ وَاشْتَرَطَ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذِهِ الْإِيرَادَاتِ أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَبِيعُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ يُفِيدُ ذَلِكَ لِقَصْرِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي الثَّلَاثَةِ فَأَحْرَى فِي أَقَلَّ مِنْهَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فَمَفْهُومَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَالْحَالُ قَيْدٌ أَيْ: شَرْطٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ صَحَّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ. (قَوْلُهُ كَانَتْ لِلْآخِذِ بَتْلًا) أَيْ فَالتَّفْصِيلُ حَيْثُ لَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ وَإِلَّا مَلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ) وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّجَرِ مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ هُنَا قَدْ انْقَضَى وَلَمْ يَنْقَضِ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ الْأَشْجَارَ تَغَيَّرَتْ فِي ذَاتِهَا فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا فَاتَ فَلَوْ انْقَضَى الْأَجَلُ فَقَدْ مَلَكَهَا مِنْ غَيْرِ دَفْعِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَتِهَا كَالْفَرَسِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ دَنِيَّةٌ) أَيْ: الْحُرَّ وَقَوْلُهُ مِنْ وَلَدِهِ أَيْ: الْحُرِّ أَيْ ارْتِجَاعُهَا بِدُونِ عِوَضٍ جَبْرًا عَلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 وَهَبَ لِوَلَدِهِ هِبَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا حِيزَتْ الْهِبَةُ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ هِبَةً ثُمَّ يَعُودَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ» وَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ: وَلِلْأَبِ فَقَطْ لَا الْجَدِّ مَثَلًا اعْتِصَارٌ فَقَطْ أَيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الِاعْتِصَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ: الْهِبَةِ فَقَطْ لَا الصَّدَقَةِ مِنْ وَلَدِهِ فَقَطْ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَأُمٍّ فَقَطْ لَا الْجَدَّةِ مَثَلًا وَاعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِصَارَ مُخْتَصٌّ بِالْهِبَةِ وَحْدَهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْعَطِيَّةِ وَالْمِنْحَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ دُونَ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا قَالَ فِيهِ هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ جَعَلَهُ صِلَةَ رَحِمٍ فَلَا اعْتِصَارَ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا شَرَطَ اعْتِصَارَهَا فَلَهُ شَرْطُهُ وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاعْتِصَارَ بِقَوْلِهِ هُوَ ارْتِجَاعُ عَطِيَّةٍ دُونَ عِوَضٍ لَا بِطَوْعِ الْمُعْطَى. (ص) كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ وَإِنْ مَجْنُونًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ إذَا وَهَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ هِبَةً فَلَهَا أَنْ تَعْتَصِرَهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَجْنُونًا مُطْبِقًا وَقْتَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ وَالِابْنُ مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَأَمَّا الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهُ لَا اعْتِصَارَ لَهُمْ وَعَنْ ذَلِكَ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ وَإِنَّمَا قُلْنَا صَغِيرًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ تَيَتَّمَ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ: أَنَّ الْأُمَّ إذَا وَهَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ وَلَهُ أَبٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْيُتْمُ بَعْدَ الْهِبَةِ فَإِنَّهَا تَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَبٌ حِينَ الْهِبَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْهِبَةِ لَا أَبَ لَهُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَصِرَهَا؛ لِأَنَّهُ يَتِيمٌ وَيُعَدُّ ذَلِكَ كَالصَّدَقَةِ يُرِيدُ وَلَوْ بَلَغَ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَتْ الْكَبِيرَ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَمْ لَا. (ص) إلَّا فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ أَوْ الْإِخْدَامَ أَوْ الْعُمْرَى أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْمُعْطِي بِمَا ذُكِرَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابَ الْآخِرَةِ صَارَ صَدَقَةً وَهِيَ لَا تُعْتَصَرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ لَا اعْتِصَارَ لِأَبٍ وَلَا لِأُمٍّ إذَا أَرَادَ كُلٌّ بِالْهِبَةِ صِلَةَ الرَّحِمِ كَمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا مُحْتَاجًا أَوْ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا اعْتِصَارَ لِأَحَدِهِمَا فِي الْهِبَةِ إذَا شَهِدَ عَلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ (كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الِاعْتِصَارِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَعْتَصِرَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا حِينَئِذٍ فَلَوْ شَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ وَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا فَإِنْ قُلْت سُنَّةُ الصَّدَقَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهَا يُقَالُ وَسُنَّةُ الْحَبْسِ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِ وَإِذَا شَرَطَ الْمُحْبِسُ فِي نَفْسِ الْحَبْسِ بَيْعَهُ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ. (ص) إنْ لَمْ تَفُتْ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي مَوَانِعِ الِاعْتِصَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الِاعْتِصَارِ لِلْهِبَةِ أَنْ لَا تَفُوتَ مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ كَمَا إذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ أَوْ سَمِنَ الْهَزِيلُ أَوْ هَزَلَ الْكَبِيرُ أَوْ بِجَعْلِ الدَّنَانِيرِ حُلِيًّا أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوَّتَاتِ فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا اعْتِصَارَ لِوَاهِبِهَا حِينَئِذٍ، وَأَمَّا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَلَا تُفِيتُ الِاعْتِصَارَ فِي الْهِبَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَلَى حَالِهَا وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنَقْصُهَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا وَلَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا وَلِقَوْلِهِ حِيزَتْ رُدَّ بِالْأَوَّلِ عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلِ إنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي حِجْرِهِ أَوْ بَائِنًا عَنْهُ وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ وَبِالثَّانِي عَلَى مَنْ يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَجُزْ (قَوْلُهُ يَهَبَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ: لَفْظِ الِاعْتِصَارِ رُدَّ هَذَا بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى لَفْظِ الِاعْتِصَارِ بِدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ أَوْ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَوْدِ كَانَ بِلَفْظِ الِاعْتِصَارِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُخْتَصٌّ بِالْهِبَةِ وَحْدَهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ لَفْظَةُ وَحْدَهَا فَالْوَحْدَةُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ دُونَ الصَّدَقَةِ وَقَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالْعُمْرَى وَقَوْلُهُ دُونَ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ فَالْخَارِجُ الصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ فَقَطْ وَكَذَا مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ هُوَ ارْتِجَاعُ عَطِيَّةٍ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْرِيفَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الِاعْتِصَارِ وَكَذَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي لَفْظَ الِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَجْنُونًا مُطْبِقًا وَقْتَ الْهِبَةِ) وَلَوْ جُنَّ الْأَبُ بَعْدَ هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ فَلِوَلِيِّهِ الِاعْتِصَارُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْبِكْرَ بِنْتَ الْمَجْنُونِ لَا تُسْتَأْمَرُ إذَا قَدَّمَ الْقَاضِي مَنْ يَتَزَوَّجُهَا؛ لِأَنَّ لَهَا أَبًا وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُسْتَأْمَرَ كَالْيَتِيمَةِ وَابْنَةِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ طَرَأَ إلَخْ) أَيْ فَصِيغَةُ الْفِعْلِ تَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ الْيُتْمِ بَعْدَ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ) الصَّوَابُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ {تَنْبِيهٌ} الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُقَابَلٌ بِهِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا اعْتِصَارٌ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ مِنْهُ الْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ تَبَعِيَّتُهُمْ (قَوْلُهُ وَيُرِيدُ وَلَوْ بَلَغَ) أَيْ بَعْدَ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ وَثَوَابَ الْآخِرَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ وَهُوَ الْأُمُّ (قَوْلُهُ صَغِيرًا مُحْتَاجًا) أَيْ: فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِنَفَقَتِهِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى أَبِيهِ أَوْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفَقَتِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ أُمًّا (قَوْلُهُ أَوْ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَشَأْنُهُ الْحَاجَةُ أَيْضًا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَصَدَ صِلَةَ الرَّحِمِ وَإِلَّا فَلَهُ الِاعْتِصَارُ (قَوْلُهُ كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ: بِأَنْ شَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ) أَيْ: وَلَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ يُقَالُ وَسُنَّةُ إلَخْ) كَأَنَّهُ قَالَ لَا غَرَابَةَ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِذَا شَرَطَ) أَقُولُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَلْ نَوَى فَقَطْ وَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ تَغَيُّرٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بِجَعْلِ الدَّنَانِيرِ حُلِيًّا) أَيْ: فَفِيهَا نَقْصٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ مُفِيتٌ؛ لِأَنَّهُ نَقْصُ صِفَةٍ وَهُوَ فَوْتٌ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَأَحْرَى مَا هُنَا (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنَقْصُهَا) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 تَأْثِيرَ فِي صِفَتِهَا فَلَمْ تَمْنَعْ الِاعْتِصَارَ كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ وَلَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ بَيْنَ الْمَعْنَوِيَّةِ كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ لَهَا بَالٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ كَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ يَعْمَلُ صَنْعَةً فَنَسِيَهَا أَوْ الْحِسِّيَّةِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ وَسِمَنِ الْهَزِيلِ وَهَلْ هُوَ عَامٌّ فِي الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ أَوْ فِي الدَّوَابِّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقَالَةِ وَمِمَّا يُفَوِّتُ الْهِبَةَ خَلْطُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَهَا بِمِثْلِهَا فَلَوْ زَالَ النَّقْصُ وَرَجَعَ الزَّيْدُ فَإِنَّهُ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ. (ص) وَلَمْ يَنْكِحْ أَوْ يُدَايِنْ لَهَا أَوْ يَطَأْ ثَيِّبًا أَوْ يَمْرَضْ كَوَاهِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الِاعْتِصَارِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ قَدْ تَزَوَّجَ أَيْ عَقَدَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَإِنَّ عَقْدَ الْوَلَدِ النِّكَاحَ مُفَوِّتٌ لِلِاعْتِصَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَدَايَنَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِلِاعْتِصَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي التَّدَايُنِ لِأَجْلِ الْهِبَةِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ قَصْدُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ فَلَوْ تَدَايَنَ لِغَيْرِ الْهِبَةِ بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَلِيلَةً فِي نَفْسِهَا لَا يُزَوَّجُ وَلَا يُعَامَلُ لِأَجْلِهَا فَإِنَّ التَّزَوُّجَ وَالتَّدَايُنَ حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ اعْتِصَارِهَا وَلِلْأَبِ أَوْ الْأُمِّ الِاعْتِصَارُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَ الْوَلَدُ الْبَالِغُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الِاعْتِصَارُ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا حَمَلَتْ، وَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا إلَى أَجَلٍ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ افْتِضَاضَ الْبِكْرِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ النَّقْصِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَلِكَ يَفُوتُ الِاعْتِصَارُ بِمَرَضِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِالْهِبَةِ أَوْ بِمَرَضِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا صَارَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَارِثٌ وَقَدْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الِابْنِ. (ص) إلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا وَلَدَهُ هِبَةً وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ أَوْ وَهُوَ مِدْيَانٌ أَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَقْتَ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الِاعْتِصَارِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا وَهَبَهُ وَلَيْسَ ثَمَّ مَرَضٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا مُدَايَنَةٌ وَهَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ وَهُوَ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ. (ص) أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَرَضَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ إذَا زَالَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِصَارُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَأَمَّا النِّكَاحُ وَالْمُدَايَنَةُ إذَا زَالَا فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِصَارِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرَضِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ أَنَّ الْمَرَضَ أَمْرٌ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَإِذَا زَالَا عَادَ الِاعْتِصَارُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَامَلَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَإِذَا زَالَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ الِاعْتِصَارُ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَنُقِلَ هَذَا الْفَرْقُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (ص) وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَوْدَ الصَّدَقَةِ إلَى مِلْكِ مَنْ تَصَدَّقَ بِهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَاحْتُرِزَ بِالصَّدَقَةِ مِنْ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ مِمَّا إذَا عَادَتْ لَهُ بِمِيرَاثٍ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ   [حاشية العدوي] الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَقَوْلُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ أَيْ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا تَأْثِيرَ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ: وَلَا ذُو تَأْثِيرٍ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الدَّوَابِّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقَالَةِ) (قَوْلُهُ فَلَوْ زَالَ النَّقْصُ إلَخْ) أَيْ: كَأَنْ حَدَثَ نَقْصٌ ثُمَّ زَالَ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّيْدُ أَيْ: حَدَثَ زَيْدٌ ثُمَّ رَجَعَتْ لِحَالِهَا الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَيْ: عَقَدَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْكِحْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَدَايَنَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ وَلَمْ يُدَايِنْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ إلَخْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يُزَوَّجْ يَقْتَضِي قِرَاءَةَ وَلَمْ يُنْكَحْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَيُخَالِفُ مُقْتَضَى مَا صَدَرَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَيُقَالُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ الْوَلَدِ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الدَّيْنِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَمُفَادُ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَكْفِي قَصْدُ الِابْنِ وَحْدَهُ وَكَذَا مُفَادُ غَيْرِهِ وَيَكُونُ قَصْدُ الْغَيْرِ أَوْلَى غَيْرَ أَنَّ مُحَشَّى تت يُفِيدُ قُوَّةَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تت حَلَّ الْمُصَنَّفَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَجَاءَ الْمُحَشَّيْ فَقَالَ هَذَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّأِ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ) أَيْ الْعَلِيَّةَ لَا الْوَخْشَ فَلَا يَفُوتُهَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الِابْنِ) كَالزَّوْجَةِ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ ابْنِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ أَوْ يَزُولُ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ: وَكَذَا لَوْ اعْتَصَرَ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ صَحَّ الْمَرِيضُ فَيَصِحُّ الِاعْتِصَارُ السَّابِقُ وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ زَوَالَ الزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ لَيْسَ كَزَوَالِ الْمَرَضِ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) وَذَلِكَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا مَرِضَ الِابْنُ ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ هَلْ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ لِزَوَالِ مَانِعِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْمُغِيرَةِ وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ بِأَنَّ الِاعْتِصَارَ لَا يَعُودُ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ أَمْرٌ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ: غَيْرَ دَاخِلِينَ عَلَيْهِ مُتَرَقِّبِينَ لَهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ فَإِنَّ النَّاسَ يُعَامِلُونَهُ عَلَيْهِمَا أَيْ: مُتَرَقِّبُونَ نِكَاحَهُ وَمُدَايَنَتَهُ وَالْمُعَامَلَةُ فِي الْمَقَامِ هِبَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) ظَاهِرُهُ لَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) أَيْ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا إلَخْ) أَيْ: يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا بِعِوَضٍ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِعَبْدِ الْوَاهِبِ يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَوْدِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 لِانْتِفَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْعَرِيَّةُ كَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيَبَّسَ إلَخْ. (ص) وَلَا يَرْكَبُهَا أَوْ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّتِهَا (ش) مَا مَرَّ فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ ذَاتِهَا وَمَا هُنَا فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ غَلَّتِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهَا بِوَجْهٍ وَلَا يَشْرَبَ مِنْهَا وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ. (ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا تَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ بِصَدَقَةٍ مِنْ الْأَنْعَامِ وَرَضِيَ الْوَلَدُ أَنْ يَشْرَبَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ مِنْهَا أَيْ: مِنْ لَبَنِهَا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ تَأْوِيلَانِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ صَدَقَتِهِ وَلَوْ رَضِيَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ بِذَلِكَ وَلَا مَفْهُومَ لِلَّبَنِ بَلْ وَغَيْرُهُ مِنْ الْغَلَّاتِ كَذَلِكَ. (ص) وَيُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِصَدَقَةٍ فَافْتَقَرَ الْأَبُ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] بِالْمِيرَاثِ لَمْ يَقُلْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يُشْعِرُ بِالِاخْتِيَارِ وَالْعَوْدُ بِمِيرَاثٍ لَيْسَ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَيَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ بَعْدَ أَنْ عَبَّرَ بِالتَّمَلُّكِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَلُّكِ الِاسْتِمْرَارُ أَيْ: اسْتِمْرَارُ الصَّدَقَةِ تَحْتَ يَدِ الْمُصَدِّقِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَرِيَّةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا وَأَوْلَى إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَمِثْلُهَا الْعُمْرَى فَيَجُوزُ لِلْمُعَمِّرِ شِرَاؤُهَا وَمَنْ سَبَّلَ مَاءَ عَلَى مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ وَمَنْ أَخْرَجَ كِسْرَةً لِسَائِلٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَكْلُهَا وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ غَلَّتِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَا هُنَا فِي تَمَلُّكِ مَنْفَعَتِهَا أَوْ غَلَّتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهَا) أَيْ كَثَمَرَتِهَا أَوْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ يَنْتَفِعَ بِصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ إنَّمَا يُعْقَلُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا لَا الْقَهْرِ وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ قَطْعًا، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلَدِ فَمُحْتَمَلٌ وَحَاصِلُ مُفَادِهِ بِاعْتِبَارِ الْوَلَدِ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ صَغِيرًا وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا رَضِيَ أَوْ لَا وَهُوَ مُفَادُ عب، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّشِيدِ فَتَأْوِيلَانِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا رَضِيَ أَوْ لَا الثَّانِي مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الرِّضَا، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الرِّضَا فَلَا كَرَاهَةَ فَقَوْلُهُ بَعْدُ أَوْ لَا مَعْنَاهُ وَلَا يَجُوزُ أَيْ: يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا قَالَهُ الْأَشْيَاخُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمَعْنَى يُكْرَهُ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ عب وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَاهُ ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ عَنْ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي عج خِلَافُهُ قَائِلًا وَاعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْ: بِمَعْنَى يَحْرُمُ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِأَكْلِ ثَمَرِهَا أَوْ شُرْبِ لَبَنِهَا أَوْ رُكُوبِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَذُكِرَ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْ لَبَنِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ فَقِيلَ مَا فِي الرِّسَالَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ وِفَاقٌ وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْفِيقِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَا فِي الرِّسَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَصَدِّقِ الِانْتِفَاعُ بِصَدَقَتِهِ إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَيْ: الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ وَرَضِيَ بِانْتِفَاعِ أَبِيهِ بِالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَثِيرٌ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى إلَخْ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ أَجْوِبَةٍ وَاقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ مُحَصَّلُ كَلَامِ عج هَذَا أَنَّ الرُّكُوبَ وَنَحْوَهُ يَحْرُمُ إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا كَانَ بِرِضَاهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ رَشِيدًا فَتَأْوِيلٌ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا بِرِضَاهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَتَأْوِيلٌ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَ بِرِضَاهُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الْأَحْسَنَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَا يَحْرُمُ بِرِضَاهُ ثُمَّ إنَّ عج ذَكَرَ كَلَامًا آخَرَ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ هَلْ مَفْهُومُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَيْ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ: فَنَقُولُ يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ لِلَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا بِرِضَاهُ أَمْ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ مَا يُفِيدُهُ مَفْهُومَ قَوْلِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَبِيرًا أَيْ: رَشِيدًا وَرَضِيَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا مُطْلَقًا أَوْ رَشِيدًا وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَحُكْمُهُمْ كَالْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَجُوزُ الرُّكُوبُ وَنَحْوُهُ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَنَذْكُرُ لَك جَوَابًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي لَمْ نَذْكُرْهَا عَنْ الْمُعَارَضَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ تُحْمَلَ الرِّسَالَةُ عَلَى مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْمُدَوَّنَةُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ كَثِيرًا فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ وِفَاقٌ أَوْ تَبْقَى الْمُدَوَّنَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا وَالرِّسَالَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ. (قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ: أَوْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا اتَّبَعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ وَوَافَقَهُ عب عَلَيْهِ وَمُفَادُ عج كَمَا عَلِمْت خِلَافُهُ وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ كَلَامَ عج هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَائِلًا أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَرْكَبُهَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إذْنٌ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ إذْنٌ مُعْتَبَرٌ كَالِابْنِ الْكَبِيرِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ تَأْوِيلَانِ، وَأَمَّا الْإِذْنُ الْغَيْرُ الْمُعْتَبَرِ كَالصَّبِيِّ فَيَحْرُمُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْكَلَامُ وَإِلَّا فَالْحَمْلُ عَلَى الْحُرْمَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ. (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي هَذَا الْكَلَامِ لِدَاعِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ وَكَذَا يُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ صَدَقَتِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ غَنِيَّةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ لِلنِّكَاحِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ. (ص) وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِلضَّرُورَةِ وَيَسْتَقْصِي (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ وَعُطِفَ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِأَمَةٍ فَتَبِعَتْهَا نَفْسُهُ فَلَهُ أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ وَيَسْتَقْصِيَ فِي الْقِيمَةِ لِأَجْلِ الْوَلَدِ وَيُشْهِدَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ عَلَى شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَوِّمَهَا كَمَا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لِلْأَبِ أَنْ يُقَوِّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَيَسْتَقْصِيَ فِي الْقِيمَةِ لِلْوَلَدِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي الْجَارِيَةِ لَا تَجْرِي هُنَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّا إذَا لَمْ نُقَوِّمْهُ عَلَيْهِ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَاسْتَخْدَمَهُ بِلَا شَيْءٍ وَارْتَكَبَ الْحَرَامَ وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الرُّجُوعِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقْصَاءِ السَّدَادُ فِي الثَّمَنِ أَيْ: بِأَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ سَدَادٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِالتَّقْيِيدِ بِالصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ بِإِشْهَادِ الْأَبِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا بِثَمَنٍ لَا بِاعْتِصَارٍ وَذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الصَّدَقَةِ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ فَإِنْ كَانَتْ تُعْتَصَرُ وَامْتَنَعَ الْوَاهِبُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ أَخْذَهَا بِالْعِوَضِ فَهَلْ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ لَهُ أَخْذُهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (ص) وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ (ش) هِبَةُ الثَّوَابِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَهَبُ لَك هَذَا الثَّوْبَ مَثَلًا لِأَجْلِ أَنْ تُثِيبَنِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّوَابَ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ قَوْلُهُ شَرْطُ أَيْ: اشْتِرَاطُ الثَّوَابِ وَهُوَ الْعِوَضُ وَأَصْلُهُ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ فَكَأَنَّ الْمُثِيبَ يُرْجِعُ إلَى الْمُثَابِ مِثْلَ مَا دَفَعَ. (ص) وَلَزِمَ بِتَعْيِينِهِ (ش) فَاعِلُ لَزِمَ هُوَ الثَّوَابُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْمُضَافِ يَرْجِعُ لِلثَّوَابِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ وَهَبْت لَك هَذَا عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ حَاضِرٍ أَوْ مَعْلُومٍ غَائِبٍ جَازَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ إذَا انْعَقَدَ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ: وَلَزِمَ دَفْعُ الثَّوَابِ إنْ عُيِّنَ، وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ فَهُوَ لَازِمٌ عُيِّنَ الثَّوَابُ أَمْ لَا وَمَعْنَاهُ إذَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ. (ص) وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ   [حاشية العدوي] لَا لِلْفَقْرِ (قَوْلُهُ وَعُطِفَ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ) وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ وَهَذَا فِي الصَّدَقَةِ فَانْدَفَعَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ مَا قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَعْطِفُ الصَّدَقَةَ عَلَى الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ) أَيْ: وَمِثْلُهُ الْأُمُّ (قَوْلُهُ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ الْبَالِغُ (قَوْلُهُ فَتَبِعَتْهَا نَفْسُهُ) أَيْ: أَوْ يَحْتَاجُ الْأَصْلُ لِخِدْمَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَيُشْهِدَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ لَا بِالِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ بِإِشْهَادِ الْأَبِ إلَخْ) لَكِنْ اُسْتُظْهِرَ أَنَّ الْإِشْهَادَ حَقٌّ لَهُ لِخَوْفِ دَعْوَى الِابْنِ عَلَيْهِ الِاعْتِصَارَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّدَقَةِ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ) أَيْ بِأَنْ شُرِطَ فِيهَا عَدَمُ الِاعْتِصَارِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) وَجْهُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهَا إلَّا بِالْعِوَضِ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ دَفْعَ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّوَابَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّوَابَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي أَيْ: أَنْ تُرْجِعَ إلَيَّ الْعِوَضَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِأَجْلِ أَنْ تُثِيبَنِي عَلَيْهِ لَيْسَ ذِكْرُهُ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ) فَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ تَعْيِينِ الْقَدْرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا لِلثَّوَابِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ هَذَا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِأَجْلِ أَنْ تُثِيبَنِي عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ ذِكْرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَيْ: اشْتِرَاطُ إلَخْ) إنَّمَا أَوَّلَهُ بِاشْتِرَاطِ؛ لِأَنَّهُ الْفِعْلُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ، وَأَمَّا الشَّرْطُ بِمَعْنَى الْمَشْرُوطِ فَهُوَ عَيْنُ الثَّوَابِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ (فَكَأَنَّ الْمُثِيبَ) لَفْظُ كَأَنَّ لِلتَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ مِثْلَ مَا دَفَعَ) الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْمُقَابِلُ فَيَشْمَلُ الْقِيمَةَ فِي الْمُقَوَّمِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذَا وَقَعَ التَّعْيِينُ مِنْ الْوَاهِبِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ إذَا انْعَقَدَ) أَيْ: كَالْبَيْعِ الْمُسْتَوْفِي لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ إذَا حَصَلَ فَأَرَادَ بِانْعِقَادِهِ حُصُولَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى تَعَاقَدَا وَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ كُلَّ تِلْكَ الْهِبَةِ فِي مُقَابَلَةِ ثَوَابٍ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِلْهِبَةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ لَازِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الثَّوَابِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَا يَكْفِي فِي اللُّزُومِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ، وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الثَّوَابُ فَلَازِمٌ بِالْقَبْضِ عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِهِ الْقَبْضُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَعْيِينٌ، فَإِذَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا قَبَضَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُ مَا وَفَّاهَا حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يُثَابُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ قِيمَتُهَا بِقَبْضِهَا إنَّمَا يَلْزَمُ بِفَوْتِهَا عِنْدَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ الثَّوَابِ وَإِنَّمَا أَرَادَهُ أَوْ ذَكَرَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ وَعَيَّنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْآخَرُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَسَوَاءٌ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ أَمْ لَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ وَكَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا لُزُومَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ الرِّضَا وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا. وَأَمَّا إنْ حَصَلَ قَبْضٌ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّ الثَّوَابَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَتَلْزَمُ الْوَاهِبَ مَتَى دَفَعَ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةَ وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُهَا بَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِوَاهِبِهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِفَوَاتِهَا عِنْدَهُ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ غَيْرَ جِنْسِ الثَّوَابِ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ فَمَتَى حَصَلَ رِضًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ حَصَلَ قَبْضٌ أَمْ لَا. {تَنْبِيهٌ} أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْحَوْزُ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ إذَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ) ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ وَالتَّعْيِينُ يَحْصُلُ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَقَرِينَةٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً أَيْ: غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِثَوَابٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْوَاهِبُ إنَّمَا وَهَبْت لِلثَّوَابِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَلْ وَهَبْت لِي بِغَيْرِ ثَوَابٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَاهِبِ إنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ أَمَّا إنْ شَهِدَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ الْوَاهِبِ لَا يَطْلُبُ فِي هِبَتِهِ ثَوَابًا فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الثَّوَابِ أَيْ: فِي قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ لَا فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الشَّرْطَ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِعُرْفٍ وَلَا ضِدِّهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَوْلُهُ وَصُدِّقَ وَاهِبٌ هَذَا إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لِعُرْسٍ) مُبَالَغَةٌ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَى الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَا وَهَبَ إلَّا لِلثَّوَابِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِعُرْسٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا لِلثَّوَابِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ شَيْئِهِ مُعَجَّلًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلْمُعْطَى عُرْسٌ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُقَاصَّ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَهُ هُوَ وَمَنْ جَاءَ مَعَهُ. (ص) وَهَلْ يَحْلِفُ أَوْ إنْ أَشْكَلَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَإِذَا كَانَ الْوَاهِبُ مُصَدَّقًا فِي دَعْوَاهُ الثَّوَابَ فَهَلْ يَحْلِفُ سَوَاءٌ شَهِدَ الْعُرْفُ لَهُ أَمْ لَا هَذَا تَأْوِيلٌ قَالَ عِيَاضٌ هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ أَيْ: لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ تَأْوِيلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ هَلْ هُوَ بِمَثَابَةِ شَاهِدٍ فَيَحْلِفُ مَعَهُ أَوْ بِمَثَابَةِ شَاهِدَيْنِ فَلَا فَضَمِيرُ يَحْلِفُ لِلْوَاهِبِ الْمُتَقَدِّمِ. (ص) فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ إلَّا بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ لَا يُصَدَّقُ فِي طَلَبِ الثَّوَابِ عَلَى النُّقُودِ الْمَسْكُوكَةِ أَوْ السَّبَائِكِ أَوْ الْحُلِيِّ الْمَكْسُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْهِبَةِ فَيُثَابُ حِينَئِذٍ عَنْهُ وَيَكُونُ الْعِوَضُ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا وَمِثْلُ الشَّرْطِ الْعَادَةُ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ غَيْرِ الْمَكْسُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْكُوكِ وَالْحُلِيِّ أَنَّ السِّكَّةَ صَنْعَةٌ يَسِيرَةٌ فَلَا تُنْقَلُ عَنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الصِّيَاغَةِ فَإِنَّهَا صَنْعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ وَصَيَّرَتْهُ كَالْمُقَوَّمِ. (ص) وَهِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ (ش) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَهَبَ صَاحِبَهُ هِبَةً وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّوَابَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِنَفْيِ الثَّوَابِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْهِبَةِ أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَأْخُذُ الثَّوَابَ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّرْطِ وَلَا تَكْفِي الْقَرِينَةُ فِيهِ وَمِثْلُ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعُ الْأَقَارِبِ. (ص) وَلِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ وَإِنْ فَقِيرًا لِغَنِيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ أَيْ: وَغَيْرِ هِبَةٍ لِقَادِمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَادِمَ إذَا أَهْدَى إلَيْهِ شَخْصٌ هَدِيَّةً مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالرُّطَبِ وَشَبَهِهِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَقَالَ إنَّمَا أَهْدَيْت إلَيْهِ لِيُثِيبَنِي وَكَذَّبَهُ الْقَادِمُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَادِمِ فِي نَفْيِ الثَّوَابِ وَلَوْ كَانَ دَافِعُ الْهَدِيَّةِ فَقِيرًا وَالْقَادِمُ غَنِيًّا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِثَابَةَ فَلَوْ أَرَادَ الْفَقِيرُ أَنْ يَأْخُذَ هَدِيَّتَهُ حَيْثُ لَمْ يُثِبْهُ الْقَادِمُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَذَهَبَتْ عَلَيْهِ مَجَّانًا وَالِيه أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَلَا يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَإِنْ قَائِمَةً (ش) عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْفَوَاكِهِ وَشَبَهِهَا تَبَعًا لِلْحَطَّابِ، وَأَمَّا الْخِرَافُ وَالدَّجَاجُ وَالْقَمْحُ وَشَبَهُهَا فَالْقَوْلُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَإِرَادَتِهِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ لَا فِي شَرْطِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِضِدِّهِ وَإِلَّا فَلَا مُحْوِجَ لِدَعْوَى الشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ مُبَالَغَةٌ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى الْقَابِسِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّأْخِيرِ وَهَكَذَا قَالَ تت وَلَكِنْ فِي الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى حَلِفِ الْوَاهِبِ حَالَ الْإِشْكَالِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ لَمْ يَشْهَدْ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُدَوَّنَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَا يَكُونُ هَذَا تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ أَيْ: لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ) أَيْ: أَوْ شَهِدَ لَهُمَا فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ فِيهِ وَقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صُدِّقَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَعَلُّقُ جَارَّيْنِ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حَالٌ أَوْ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ جَائِزٌ نَحْوَ جَلَسْت فِي الْمَسْجِدِ بِمِحْرَابِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ: أَوْ عُرْفٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ عَلَى فَاسِدٍ أَوْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَقَعَ الشَّرْطُ أَوْ الْعُرْفُ عَلَى إثَابَةِ مِثْلِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَكْسِ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْحَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ الْحُلِيِّ الْمَكْسُورِ) أَوْ التِّبْرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ غَيْرِ الْمَكْسُورِ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ نَقْدٍ إلَّا الْحُلِيَّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ الْمَسْكُوكَ وَالْمَكْسُورَ وَالتِّبْرَ لَا ثَوَابَ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَلَا تُنْقَلُ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ التِّبْرُ لَكِنْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَصْدُقْ فِي التِّبْرِ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَسْكُوكُ مَنْزِلَتَهُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ فِي التِّبْرِ ثُمَّ يُبَيِّنَ وَجْهَ إلْحَاقِ الْمَسْكُوكِ بِهِ وَأَقُولُ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ أَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَهَبُونَ مَا تَتَبَايَنُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُهُ أَيْ: وَالتِّبْرُ وَالْمَكْسُورُ وَالْمَسْكُوكُ لَيْسَ كَذَلِكَ {فَائِدَةٌ} حَدِيثُ «مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ» ضَعِيفٌ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ وَأَوْرَدَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَبَعْضٌ عَلَى النَّدْبِ وَبَعْضٌ عَلَى الْفَوَاكِهِ وَبَعْضٌ عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ وَالرُّبُطِ وَحَمَلَهُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ) أَيْ وَأَوْلَى الْعُرْفُ. (قَوْلُهُ وَشَبَهِهِ) أَيْ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَمْ تَعْظُمْ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ مَا عَظُمَتْ قِيمَتُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ فِي قَصْدِ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِثَابَةَ) أَيْ: أَوْ يَجْرِيَ عُرْفٌ كَمَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَرَى أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مَا لَمْ تَفُتْ انْتَهَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 لِلْمُهْدِي فِي الثَّوَابِ إنْ ادَّعَاهُ. (ص) وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ الْقِيمَةُ إلَّا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا طَلَبَ الثَّوَابَ فِي هِبَتِهِ الْمَدْفُوعَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَدَفَعَهُ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّوَابَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْوَاهِبِ خُذْ هِبَتَك عَنِّي لَا حَاجَةَ لِي بِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِيَدِهِ بِزِيَادَةٍ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ أَوْ سِمَنِ الْهَزِيلِ أَوْ بِنَقْصٍ كَهَرَمِ الْكَبِيرِ وَلَا تُعْتَبَرُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِ الْهِبَةِ وَقَوْلُنَا الْمَدْفُوعَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ بِيَدِ وَاهِبِهَا فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَوْ بُدِّلَ لَهُ أَضْعَافُ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ الْقِيمَةُ فَاعِلُ لَزِمَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ: وَلَزِمَ وَاهِبَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا بَذَلَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْفَوَاتَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ كَانَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ، وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِ الْهِبَةِ وَرَدِّهَا. (ص) وَلَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ هِبَتَهُ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ ثَوَابَهَا الْمُشْتَرَطَ أَوْ مَا يَرْضَى بِهِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الثَّوَابِ وَقَفَ فَإِمَّا أَثَابَهُ أَوْ رَدَّهَا وَيَتَلَوَّمُ لَهُمَا تَلَوُّمًا لَا يَضُرُّ بِهِمَا فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ لِلثَّوَابِ وَالْهِبَةُ بِيَدِهِ فَهِيَ نَافِذَةٌ كَالْبَيْعِ وَلِلْمَوْهُوبِ قَبْضُهَا إنْ دَفَعَ الْعِوَضَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُثِيبَ الْوَاهِبَ فَلِوَرَثَتِهِ مَا كَانَ لَهُ. (ص) وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ وَإِنْ مَعِيبًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا أَثَابَ الْوَاهِبَ فِي هِبَتِهِ مَا يُعَاوِضُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا أَيْ فِيهِ عَيْبٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْقِيمَةِ أَوْ يُكْمِلُهَا لَهُ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَيَأْخُذَ غَيْرَهُ سَالِمًا فَيُثَابَ عَنْ الْعَرْضِ طَعَامٌ وَدَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَعَرْضٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَمَّا مِنْ جِنْسِهِ فَلَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى السَّلَمِ الْفَاقِدِ لِلشُّرُوطِ وَلَا يُثَابُ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةٌ وَلَا ذَهَبٌ وَلَا عَنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى صَرْفِ مُؤَجَّرٍ أَوْ بَدَلٍ مُؤَخَّرٍ وَلَا عَنْ اللَّحْمِ حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا عَكْسُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُثَابُ عَنْ الطَّعَامِ عَرْضٌ وَدَنَانِيرُ وَلَا يُثَابُ عَنْهُ طَعَامٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ مَعَ الْفَضْلِ إنْ كَانَ هُنَاكَ فَقَوْلُهُ مَا أَيْ: شَيْئًا وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ وَقَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ فَإِنْ قِيلَ عَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِأُثِيبَ أَوْ يُقْضَى فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِيُقْضَى؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ لَهُ فَلَوْ عُلِّقَ بِأُثِيبَ لَاقْتَضَى جَوَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ عَنْهُ بِهِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ تَأَمَّلْ. (ص) إلَّا كَحَطَبٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا دَفَعَ لِلْوَاهِبِ ثَوَابَ هِبَتِهِ حَطَبًا أَوْ تِبْنًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ أَنْ يُثَابَ بِهِ فَإِنَّ الْوَاهِبَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يَجُوزُ بَيْعُهُ شَرْعًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلَزِمَ وَاهِبَهَا إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَلَزِمَ وَاهِبَهَا قَبُولُ الْقِيمَةِ لَا الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ أَيْ: أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ حَيْثُ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ فَيُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى أَخْذِ الْفَضْلِ فَلَوْ حَلَفَ كُلٌّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْوَاهِبُ؛ لِأَنَّ هِبَاتِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِبَاتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُعْمَلْ بِقَوْلِ الْمَوْهُوبِ. {تَنْبِيهٌ} هَذَا كُلُّهُ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ فِيهَا الْقِيمَةُ وَيُقْضَى عَنْهَا بِمَا يُقْضَى بِهِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ، وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ عِوَضُهَا مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْقِيمَةِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ بِتَعْوِيضِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِهَا كَهَدِيَّةِ مَكَّةَ لِمَنْ يُهْدِي لِلْقَادِمِ بِهَا خِرَافًا وَنَحْوَهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِيَدِهِ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) فَإِنْ ارْتَفَعَ الْمُفِيتُ فَلَهُ رَدُّهَا إلَّا فِيمَا إذَا بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَكَانَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ مَلِيئًا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ دَفْعُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ مُنْحَلَّةٌ وَلِذَلِكَ لَمْ تُجْعَلْ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِيهَا مُفِيتَةً كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ) أَيْ: بِالتَّعْيِيبِ لَا بِالْهَلَاكِ وَلَا بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ) وَضَمَانُهَا مِنْ الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَقْبِضَ ثَوَابَهَا الْمُشْتَرَطَ) أَيْ الْمُعَيَّنَ الْقَدْرُ أَوْ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا نَافِذَةٌ) أَيْ صَحِيحَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ إنْ كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهِيَ لَازِمَةٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ حَصَلَ قَبُولٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَعِيبًا) أَيْ: غَيْرَ فَادِحٍ، وَأَمَّا الْفَادِحُ كَالْبَرَصِ فَلَا يُقْضَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْمُصَنَّفِ (قَوْلُهُ الْفَاقِدِ لِلشُّرُوطِ) أَيْ: لِجِنْسِ الشُّرُوطِ الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ وَذَلِكَ أَنَّ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ مَتَى كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لِلدَّافِعِ أَوْ لَهُمَا مَعًا امْتَنَعَ فَالشَّرْطُ الْمَفْقُودُ هُنَا عَدَمُ قَصْدِ الدَّافِعِ النَّفْعَ أَيْ وَشَأْنُ الْمُهْدِي لِلثَّوَابِ إنَّمَا يَقْصِدُ نَفْعَ نَفْسِهِ خُصُوصًا إذَا كَانَ الثَّوَابُ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى صَرْفِ مُؤَخَّرٍ) أَيْ: فِي الْقَضَاءِ عَنْ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلٍ مُؤَخَّرٍ كَمَا إذَا قُضِيَ عَنْ الْفِضَّةِ بِفِضَّةٍ أَوْ الذَّهَبِ بِذَهَبٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَأَنْ يُقْضَى عَنْ حَيَوَانٍ لَا يُرَادُ إلَّا لِلَحْمِهِ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُثَابُ عَنْهُ طَعَامٌ) أَيْ: وَلَوْ وَافَقَهُ قَدْرًا وَصِفَةً. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فَضْلٌ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ فَفِيهِ رِبَا النَّسَاءِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْأَمْرَانِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ) تَقْدِيرُ الْعِبَارَةِ وَأُثِيبَ الْوَاهِبُ شَيْئًا أَيْ وَأُثِيبَ عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ شَيْءٌ يَصِحُّ أَنْ يُقْضَى بِهِ عَنْهُ أَيْ: عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الرِّبَا فِي الثَّوَابِ (قَوْلُهُ لَاقْتَضَى جَوَازَ ذَلِكَ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مُبْهَمٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأُثِيبَ عَنْهُ مَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَيْ: بَيْعِ السَّلَمِ. (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِ الْأَمْصَارِ مِنْ كُلِّ مَحَلٍّ يَكُونُ لِهَذَا وَنَحْوُهُ قِيمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فَيَصِحُّ وُقُوعُهُ ثَوَابًا وَلَوْ عَنْ دَرَاهِمَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 لَكِنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْوَاهِبِ لِقَبُولِهِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ عِنْدَ النَّاسِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ. (ص) وَلِلْمَأْذُونِ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِهِ هِبَةً لِلثَّوَابِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ هِبَةً لِلثَّوَابِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ هِبَةً لِغَيْرِ الثَّوَابِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَارِيَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَجَّانًا فَقَوْلُهُ وَلِلْمَأْذُونِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ وَلِلْأَبِ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي لِلْأَبِ لِاخْتِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ؛ إذْ الْعَبْدُ وَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَالْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ الْهِبَةُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ ثُمَّ إنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ حَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ أَيْ الْمَأْذُونُ هُوَ فَهُوَ مُسْتَتِرٌ لَا مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْمَحْجُورُ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوَاعِدِ وَوُضُوحِ الْمَعْنَى إذْ لَا يُتَوَهَّمُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ الرَّشِيدِ وَلِقِرَانِهِ بِالْمَأْذُونِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَحَاجِيرِ. (ص) وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ حَبْسٌ مَثَلًا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ فَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلِعَدَمِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ حِينَ الْيَمِينِ فِي الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ حَبْسٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِلَا يَمِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ أَيْضًا بِخِلَافِ لَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّرَ وَالْقُرْبَةَ حِينَئِذٍ وَالْمُرَادُ بِالْيَمِينِ مَا الْتَزَمَهُ مِمَّا فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ لَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيُّ وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْبَتِّ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ يُقْضَى بِهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَطَلَبَهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَامْتَنَعَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِّ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ جِدًّا فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: فِي غَيْرِ يَمِينٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا. (ص) وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ يَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا قَوْلًا وَاحِدًا. (ص) وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا وَهَبَ لِذِمِّيٍّ هِبَةً أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ لُزُومٍ وَإِثَابَةٍ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا وَهَبَ لِذِمِّيٍّ هِبَةً فَإِنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّظَالُمِ الَّذِي أَمْنَعُهُمْ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ إلَخْ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ مَتَى جَرَى عُرْفٌ بِبَيْعِهِ جَازَ أَنْ يُثَابَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْإِثَابَةِ بِهِ فَيُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِهِ يَلْزَمُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي جَوَازِ هِبَتِهِ لِلثَّوَابِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْمَحْجُورُ) أَيْ: وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) قَالَ ابْنُ نَاجِي كَمَا لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا فَجَعَلَهُ صَدَقَةً فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ جَمِيعَ مَالِهِ وَيُتْرَكُ لَهُ قَدْرُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَأَهْلُهُ كَالْمُفْلِسِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا) أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ دَارٌ صَدَقَةٌ وَسَكَتَ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ وَيَسْكُتُ، وَيَجْرِي مِثْل ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَنَقُولُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْيَمِينِ وَمَتَى انْتَفَى وَاحِدٌ فَيَجِبُ التَّنْفِيذُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَالِالْتِزَامُ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ يُقْضَى بِهِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يُقْضَى بِهِ، وَأَمَّا النَّذْرُ فَلَا يُقْضَى بِهِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ دَفْعُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا الْوَعْدُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهِ تَوْرِيطٌ قُضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِزَيْدٍ كَذَا فَهُوَ نَذْرٌ لَا يُقْضَى بِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ وَلِذَا قَالَ شب فِي شَرْحِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ لَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ فَقَطْ أَيْ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَارِي أَوْ عَبْدِي أَوْ أَهَبُهَا أَوْ أَحْبِسُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِهَا عَلَى مَنْ ذُكِرَ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْبَتِّ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: بَتِّ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَدَارِي حَبْسٌ مِنْ بَتِّ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَرُبَّمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ إذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَبْسَ وَالْهِبَةَ مِثْلُ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ) وَجْهُهُ أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ مِنْ قَبِيلِ عَدَمِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلًا وَاحِدًا) أَيْ: فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا إلَخْ) أَيْ هِبَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أَيْ: فَلَا تَكَلُّمَ فِي شَأْنِهَا مِنْ إثَابَةٍ أَوْ لُزُومٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 وَلَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَتِهِ أَخْذُ مَالِهِ، وَأَمَّا عِتْقُهُمْ وَنِكَاحُهُمْ وَطَلَاقُهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَهَلْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِنَا أَوْ لَا فِيهِ خِلَافٌ (بَابٌ) يُذْكَرُ فِيهِ اللُّقَطَةُ وَأَحْكَامُهَا وَهِيَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَا يُلْتَقَطُ، وَأَصْلُ الِالْتِقَاطِ وُجُودُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ طَلَبٍ وَهَذَا أَشْهَرُ لُغَاتِهَا الْأَرْبَعِ وَالثَّانِيَةُ ضَمُّ اللَّامِ وَسُكُونُ الْقَافِ الثَّالِثَةُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ الرَّابِعَةِ لُقَطٌ بِفَتْحِ الْقَافِ بِلَا هَاءٍ وَحَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا وَلَا نَعَمًا فَقَوْلُهُ مَالٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ اللَّقِيطُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا بَلْ هُوَ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمًا حَالٌ مِنْ الْمَالِ أُخْرِجَ بِهِ مَالُ الْحَرْبِيِّ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا أَخْرَجَ بِهِ النَّاطِقَ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى لُقَطَةً بَلْ لَقِيطًا، قَوْلُهُ وَلَا نَعَمًا وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ أَخْرَجَ بِهِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً لَا لُقَطَةً فَيَدْخُلُ فِي اللُّقَطَةِ الذَّهَبُ وَالْعُرُوضُ وَمَا وُجِدَ بِشَاطِئِ الْبَحْرِ مِنْ رَمْيِ الْمُسْلِمِينَ لِلنَّجَاةِ وَقِيلَ لِوَاجِدِهِ وَرَسَمَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) اللُّقَطَةُ مَالٌ مَعْصُومٌ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ (ش) عَرَضَ لِلضَّيَاعِ فِي غَامِرٍ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ عَامِرٍ بِمُهْمَلَةٍ ضِدُّ الْأَوَّلِ فَمَالٌ جِنْسٌ يَشْمَلُ كُلَّ مَالٍ مَعْصُومٍ كَانَ أَمْ لَا خَرَجَ بِالْمَعْصُومِ غَيْرُهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَالرِّكَازِ وَيَعْرِضُ لِلضَّيَاعِ الْإِبِلُ وَمَا بِيَدِ حَافِظٍ وَالْمَالُ الْمَعْصُومُ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِوَاجِدِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِنَفْسِهِ (ص) إنْ كَلْبًا وَفَرَسًا وَحِمَارًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ مَالٌ أَيْ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَعْصُومُ الْمُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ كَلْبًا مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ وَفَرَسًا وَحِمَارًا وَوَجْهُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الْكَلْبِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِلُقَطَةٍ، وَأَمَّا وَجْهُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ فَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا كَضَالَّةِ الْإِبِلِ لَا تُلْتَقَطُ فَالْأَوَّلُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ مَالٌ وَمَا بَعْدَهُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ لُقَطَةٌ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ تَقْيِيدِ الْكَلْبِ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ مَالٌ (ص) وَرُدَّ بِمَعْرِفَةِ مَشْدُودٍ فِيهِ وَبِهِ وَعَدَدِهِ بِلَا يَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَهِيَ الْخِرْقَةُ الْمَرْبُوطُ فِيهَا اللُّقَطَةُ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ وَالْوِكَاءَ وَهُوَ الْمَرْبُوطُ وَهُوَ مَمْدُودٌ وَالْعَدَدَ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا قَامَتْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَكَذَا لَوْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا بِلَا يَمِينٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ وَعَدَدَهُ لَطَابَقَ الْمَشْهُورَ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ إلَى اللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمَالِ الْمَعْصُومِ وَمَا لَا عِفَاصَ لَهُ فِيهَا وَلَا وِكَاءَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ بِذِكْرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ مَنْ أَتَى بِهَا كَمَا فِي الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ إنَّمَا عَدَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ الْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ إلَى مَا قَالَهُ لِلِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا أَوْ لِتَفْسِيرِ الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا عِتْقُهُمْ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ احْتِيَاطُ الشَّارِعِ فِيهَا [بَابُ اللُّقَطَةِ وَأَحْكَامُهَا] (بَابُ اللُّقَطَةِ) (قَوْلُهُ: وَفَتْحِ الْقَافِ) هَذَا خِلَافُ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ اسْمٌ لِمَنْ يَكْثُرُ مِنْهُ الْفِعْلُ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ، وَفَسَّرَهَا الزُّبَيْدِيُّ عَلَى الْأَصْلِ فَجَعَلَ سُكُونَ الْقَافِ لِلشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ وَبِفَتْحِهَا لِلرَّجُلِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الِالْتِقَاطِ وُجُودُ الشَّيْءِ إلَخْ) أَيْ الِالْتِقَاطُ بِالْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ أَيْ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا كَانَ أَعَمَّ وَلَوْ بِطَلَبٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَقِيطًا) قَدْ يُقَالُ إنَّ اللَّقِيطَ هُوَ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ حُرٌّ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهِ قَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ، وَالرَّقِيقُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ لُقَطَةٌ دَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِهَا إنْ كَانَ كَبِيرًا فَإِنَّهُ يَكُونُ آبِقًا لَا لُقَطَةٌ وَلَا لَقِيطٌ وَلَهُ حُكْمٌ يَخُصُّهُ وَيَكُونُ هُوَ الْخَارِجُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً إلَخْ) عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ، وَالْآبِقُ رَقِيقٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ. (قَوْلُهُ: عَرَضَ لِلضَّيَاعِ) بِالتَّخْفِيفِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ لَا بِالتَّثْقِيلِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ مَا ضَاعَ وَلَمْ يُقْصَدْ ضَيَاعُهُ لَيْسَ لُقَطَةً أَيْ عَرَضَ لَهُ الضَّيَاعُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ نَحْوُ عَرَضَ الْحَوْضُ عَلَى النَّاقَةِ. (قَوْلُهُ: فِي غَامِرٍ أَوْ عَامِرٍ) أَيْ وَقَدْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِنُكْتَةٍ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ وَالشُّمُولِ وَيُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ أَنَّهُ وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ عَرَفَةَ فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَيَعْرِضُ لِلضَّيَاعِ الْإِبِلُ) أَيْ إذَا كَانَتْ فِي الْفَيْفَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: فَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ وَلِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُمَا مِنْ الضَّالَّةِ لِاسْتِقْلَالِهِمَا بِحَالِهِمَا كَالْإِبِلِ . (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَعْرِفَةٍ) أَيْ وَلَمْ يُعَارِضْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ الْيَمِينِ عِنْدَ التَّعَارُضِ. (قَوْلُهُ: مَا يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَكِنْ الْمُنَاسِبُ سَدُّ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّ الْخِرْقَةَ يُسَدُّ بِهَا أَيْ بِالْمُهْمَلَةِ، وَالْخَيْطُ يُشَدُّ بِهِ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ يُرْبَطُ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَطَابَقَ الْمَشْهُورَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُهَا وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأُولَى) إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ لِأَجْلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا عِفَاصَ لَهُ إلَخْ) كَمَا لَوْ وَصَفَ شَخْصٌ الْعِفَاصَ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ وَالثَّانِي وَصَفَ بِأَنَّهُ شَدِيدُ الْبَيَاضِ. (قَوْلُهُ: يَذْكُرُ الْأَوْصَافَ) أَلْ لِلْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ الْوَاقِعَ فِي الْحَدِيثِ) ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» . (قَوْلُهُ: اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا) لِأَنَّ الْعِفَاصَ سِتَّةُ أَحْرُفٍ وَالْوِكَاءَ كَذَلِكَ بِدُونِ الْهَمْزَةِ الَّتِي فِي الْآخِرِ وَذَلِكَ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا أَيْ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 وَقَضَى لَهُ عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ (ش) يَعْنِي لَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي اللُّقَطَةِ فَعَرَّفَ أَحَدُهُمَا عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرَّفَ الْآخَرُ عَدَدَهَا وَوَزْنَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بَعْدَ يَمِينِهِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي كَلَامِهِمْ وَكَذَا يُقْضَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْعَدَدَ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بِيَمِينٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَقْوَى بِهَا الظَّنُّ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَحْصُلُ بِهَا ظَنٌّ دُونَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي الْيَمِينُ وَكَذَا يَقْضِي لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ بِيَمِينٍ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَإِنَّمَا قَدَّمَ مَنْ عَرَّفَ الصِّفَاتِ الظَّاهِرَةَ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الصِّفَاتِ الْبَاطِنَةَ كَالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ، وَكَانَ الْأَوْلَى الْعَكْسُ لِمُوَافَقَتِهِ الْحَدِيثَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا إنْ وَافَقَ الْآخَرُ الْعُرْفَ (ص) إنْ وَصَفَ ثَانٍ وَصْفَ أَوَّلٍ وَلَمْ يَبِنْ بِهَا حَلَفَا وَقُسِمَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا وَصَفَهَا شَخْصٌ وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا انْفِصَالًا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ آخَرُ فَوَصَفَهَا مِثْلَ وَصْفِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْلِفُ أَنَّهَا لَهُ وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، أَمَّا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ انْفَصَلَ بِهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ مِنْهُ الْعِلْمُ لِلثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ وَصْفَ الْأَوَّلِ فَلَوْ وَصَفَهَا شَخْصٌ وَاسْتَحَقَّهَا وَبَانَ بِهَا ثُمَّ أَقَامَ شَخْصٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ فَإِنَّهَا تُنْزَعُ مِنْ الْأَوَّلِ (ص) كَبَيِّنَتَيْنِ لَمْ تُؤَرَّخَا وَإِلَّا فَلِلْأَقْدَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا أَقَامَ شَخْصٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَتَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ وَلَمْ تُؤَرَّخْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْحَلِفِ فَإِنْ أُرِّخَتَا إلَّا أَنَّ تَارِيخَ إحْدَاهُمَا سَابِقٌ عَلَى تَارِيخِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالتَّارِيخِ السَّابِقِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْيَمِينِ وَالْقَسَمِ (ص) وَلَا ضَمَانَ عَلَى دَافِعٍ بِوَصْفٍ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا دَفَعَ اللُّقَطَةَ لِمَنْ وَصَفَهَا وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَامَ شَخْصٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا ضَمَانَ إذَا دَفَعَهَا لِمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَيْضًا لَا ضَمَانَ إذَا وَصَفَهَا الثَّانِي فَقَطْ وَالضَّمِيرُ فِي لِغَيْرِهِ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْآخِذِ لَهَا الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ إذْ التَّقْدِيرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى دَافِعٍ لِمَنْ وَصَفَهَا بِوَصْفٍ يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِ الْآخِذِ لَهَا بِذَلِكَ الْوَصْفِ وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ فَيَكُونُ النِّزَاعُ بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَابِضِ وَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ، فَإِنْ وَصَفَ الثَّانِي وَصْفَ الْأَوَّلِ فَتَارَةً يَكُونُ وَصْفُ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ بَانَ بِهَا الْأَوَّلُ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (ص) وَاسْتُؤْنِيَ فِي الْوَاحِدَةِ إنْ جَهِلَ غَيْرَهَا لَا غَلِطَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي مِنْ مُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عَرَّفَهُمَا وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَقْوَى بِهَا الظَّنُّ) أَيْ ظَنُّ السَّامِعِ كَالْحَاكِمِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا إنَّهَا عِشْرُونَ دِينَارًا مَحْبُوبًا ذَهَبُهَا جَيِّدُ الْغَايَةِ وَازِنَةٌ وَبِقَوْلِ الْآخَرِ عِشْرُونَ دِينَارًا جَيِّدَةٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَقْضِي لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتُؤْنِيَ فِي الْوَاحِدَةِ فَالْقَضَاءُ بِهَا عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ دُونَ مَنْ عَرَّفَ الْعَدَدَ وَالْوَزْنَ لَا يُنَافِي الِاسْتِينَاءَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْمَوَّاقُ عَنْ أَصْبَغَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَافَقَ الْآخَرُ الْعُرْفَ) أَيْ فَقُدِّمَ لِمُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ لَا الْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ وَافَقَهُ أَيْ الْعُرْفَ فَقَوْلُهُ: إنْ وَافَقَ إلَخْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِمُوَافَقَةِ إلَخْ وَلَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَصَفَ ثَانٍ وَصْفَ أَوَّلٍ) أَيْ مِثْلَ وَصْفِ أَوَّلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَهُ حَيْثُ لَا يَقْضِي بِوَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ بَلْ وَلَوْ كَانَ فِي صُورَةِ الْمُخَالَفَةِ الثَّانِي أَقْوَى فَإِنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقَالُ إنَّ صَاحِبَ الْوَصْفِ الْأَقْوَى يُقَدَّمُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا تَقَوَّى بِالْقَبْضِ اشْتَرَكَا وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الثَّانِي أَقْوَى كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَلَوْ كَانَ وَصْفُ الْأَوَّلِ أَقْوَى فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ كَأَنْ يَصِفَ الْأَوَّلُ الْعِفَاصَ وَالْعَدَدَ وَالثَّانِي الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ انْفَصَلَ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ وَصْفُهُ بِهَا بِحَيْثُ أَمْكَنَ عِلْمُهُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَخْتَصُّ بِهَا وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي . (قَوْلُهُ: كَبَيِّنَتَيْنِ لَمْ تُؤَرَّخَا) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْنُونَةِ وَعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْحَلِفِ) أَيْ وَنُكُولِهِمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِّخَتَا) أَيْ زَمَنَ الضَّيَاعِ بِأَنْ قَالَ ضَاعَتْ شَهْرَ كَذَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالتَّارِيخِ السَّابِقِ) وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ فِي التَّارِيخِ؛ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَالثَّانِيَةُ يَشْهَدُ أَيْضًا بِذَلِكَ لَكِنْ الْأُولَى لَمَّا أَثْبَتَتْ شَيْئًا الْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِنَقْلِهِ عَنْهُ عُمِلَ بِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالتَّارِيخِ السَّابِقِ) ظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَكَذَا يَقْضِي لِمَنْ أُرِّخَتْ بَيِّنَتُهُ دُونَ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ أَعْدَلَ كَمَا قَرَّرَ عج وَنَظَرَ فِيهَا قَائِلًا وَيَنْبَغِي أَنْ تُقْسَمَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا تَقَدَّمَ الْأَزْيَدُ عَدَالَةً وَلَوْ تَسَاوَيَا فِي التَّارِيخِ مَعَ تَكَافُئِهِمَا فَكَمَا لَمْ تُؤَرَّخَا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى دَافِعٍ بِوَصْفٍ) أَيْ بِسَبَبِ وَصْفٍ أَيْ جِنْسِ وَصْفٍ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ الْمُتَعَدِّدِ. . (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ غَيْرَهَا) بِمَعْنًى لَمْ يَعْلَمْهُ وَقَوْلُهُ: لَا غَلَطَ أَيْ وَلَا اسْتِينَاءَ وَأَرَادَ بِالْغَلَطِ تَصَوُّرَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَا الْمُتَعَلِّقَ بِاللِّسَانِ وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ لِعَدَمِ الْكَذِبِ فِيهِ وَضَرَرُ الْغَلَطِ لِكَذِبِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ وَاحِدًا مِنْ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَوَقَعَ الْجَهْلُ فِي الْآخَرِ أَوْ الْغَلَطُ فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِمَا وَقِيلَ يُسْتَأْنَى فِيهِمَا، وَقِيلَ يُعْطَى بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ مَعَ الْجَهْلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَ الْغَلَطِ وَهَذَا الْمُفَصَّلُ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ كَمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَرَّفَ الْعِفَاصَ، وَالْغَلَطُ وَقَعَ فِي الْوِكَاءِ فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَصَفَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَغَلِطَ فِيهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَرَّفَ صِفَةً وَاحِدَةً مِنْ الْعِفَاصِ أَوْ الْوِكَاءِ وَجَهِلَ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى وَلَا تُدْفَعُ لَهُ عَاجِلًا فَإِنْ أَثْبَتَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ أَخَذَهَا وَإِلَّا دُفِعَتْ لِلْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ اثْنَيْنِ لَا يُسْتَأْنَى بِهَا وَتُدْفَعُ لَهُ عَاجِلًا، وَأَمَّا لَوْ غَلِطَ بِأَنْ قَالَ الْوِكَاءُ مَثَلًا كَذَا فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَا تُدْفَعُ لَهُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي وَبِعِبَارَةِ أَلْ لِلْعَهْدِ أَيْ بِالْوَاحِدَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي هِيَ بَعْضُ مَا يُقَدَّمُ وَاصِفُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَهِيَ الْعِفَاصُ أَوْ وَالْوِكَاءُ فَمَنْطُوقُهُ مُسَلَّمٌ وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، فَغَلَطُهُ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ وَفِي غَلَطِهِ بِالنَّقْصِ قَوْلَانِ وَفِي جَهْلِ صِفَةِ الدَّنَانِيرِ خِلَافٌ وَفِي غَلَطِهِ فِي صِفَةِ الدَّنَانِيرِ لَا شَيْءَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِذَا عَرَّفَ السِّكَّةَ فَقَطْ فَفِيهِ خِلَافٌ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ (ص) وَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ (ش) ضَمِيرُ جَهْلِهِ لِمُدَّعِي اللُّقَطَةِ وَضَمِيرُ قَدْرِهِ لِلشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْمَوَّاقِ بِقَدْرِهَا بِضَمِيرِ التَّأْنِيثِ الْعَائِدِ عَلَى اللُّقَطَةِ وَلَمْ نَرَهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ مَعًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِقَدْرِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ، وَبِعِبَارَةٍ وَسَوَاءٌ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ أَوْ أَحَدَهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِي غَلَطِهِ بِقَدْرِهِ بِزِيَادَةٍ لِاحْتِمَالِ الِاغْتِيَالِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ (ص) وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ فَيَحْرُمُ وَإِلَّا كُرِهَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الِالْتِقَاطِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الشَّخْصُ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَخَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ لَوْ تُرِكَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْتِقَاطُهَا حِفْظًا لِمَالِ الْغَيْرِ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا خَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مَعَ عِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ وَخَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا كُرِهَ فِيهِمَا فَقَوْلُهُ وَوَجَبَ إلَخْ أَيْ مَعَ عِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ لَا إنْ عَلِمَ إلَخْ خَافَ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَإِلَّا يَخَفْ خَائِنًا، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ شَكَّ خَافَ عَلَيْهَا أَمْ لَا   [حاشية العدوي] لِأَنَّ هَذِهِ لَا تُتَوَهَّمُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: فَمَنْطُوقُهُ مُسَلَّمٌ) هُوَ أَنَّهُ عَرَّفَ وَاحِدَةً وَجَهِلَ غَيْرَهَا وَقَوْلُهُ: وَفِي مَفْهُومِهِ أَيْ مَفْهُومِ الْجَهْلِ وَهُوَ الْغَلَطُ لَا يَخْفَى أَنَّك بَعْدَ أَنْ عَلِمْت الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ أَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّهُ عَرَّفَ الْعِفَاصَ أَوْ الْوِكَاءَ وَجَهِلَ الْآخَرَ أَوْ غَلِطَ وَأَنَّ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْغَلَطِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْغَلَطَ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَغَلَطُهُ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ) أَيْ إذَا أُجْبَرَ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَجَهِلَ الْقَدْرَ لَا يَضُرُّ وَكَذَا إذَا عَرَّفَهُمَا وَأَخْبَرَ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ اُغْتِيلَ عَلَيْهَا وَإِذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَأَخْبَرَ بِالنَّقْصِ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخِلَافِ، وَكَذَا إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَجَهِلَ صِفَةَ الدَّنَانِيرِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ مُحَمَّدِيَّةً أَوْ يَزِيدِيَّةً فِيهَا الْخِلَافُ، وَأَمَّا إذَا غَلِطَ فِي صِفَةِ الدَّنَانِيرِ بِأَنْ قَالَ مُحَمَّدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَوْلُهُ: عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَجَهِلَ غَيْرَهُمَا أَوْ غَلِطَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ غَيْرَ صُورَةِ الِاسْتِينَاءِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَا اسْتِينَاءَ فِيهَا، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الِاسْتِينَاءِ فَيُقَالُ عَرَّفَ أَحَدَهُمَا أَيْ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَأَخْبَرَ بِزِيَادَةِ الدَّنَانِيرِ فَإِذَا هِيَ أَنْقَصُ فَلَا يَضُرُّ وَيَقْضِي لَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَإِذَا أَخْبَرَ بِأَنْقَصَ فَإِذَا هِيَ أَزْيَدُ فَفِيهَا الْخِلَافُ بِالْإِعْطَاءِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَعَدَمِهِ، هَذَا حَاصِلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ: فَغَلَطُهُ بِالزِّيَادَةِ أَيْ أَخْبَرَ بِأَنَّهَا عَشَرَةٌ فَإِذَا هِيَ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ: وَفِي غَلَطِهِ بِالنَّقْصِ أَيْ بِأَنْ قَالَ هِيَ عِشْرُونَ فَإِذَا هِيَ ثَلَاثُونَ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَهْلِ صِفَةِ الدَّنَانِيرِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ يَزِيدِيَّةً أَوْ مُحَمَّدِيَّةً وَقَوْلُهُ: وَفِي غَلَطِهِ إلَخْ بِأَنْ قَالَ مُحَمَّدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَصَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ أَوْ أَحَدَهُمَا وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ، وَالْخَطَأُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَرَّفَ السِّكَّةَ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يُعَرِّفْ شَيْئًا مِنْ الْعَلَامَاتِ إلَّا السِّكَّةَ فَقَطْ وَجَهِلَ غَيْرَهَا مِنْ الصِّفَاتِ بِأَنْ قَالَ هِيَ عِشْرُونَ مَحْبُوبًا وَلَمْ يُعَرِّفْ لَهَا عِفَاصًا وَلَا وِكَاءً بَلْ عَرَّفَ سِكَّتَهَا فَقَطْ فَقِيلَ لَا تُعْطَى لَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقَالَ يَحْيَى إذَا وَصَفَ السِّكَّةَ وَذَكَرَ نَقْصَ الدَّنَانِيرِ إذَا كَانَ فِيهَا نَقْصٌ فَأَصَابَ أَنْ يَأْخُذَهَا وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا كَانَ بِالْبَلَدِ سِكَكٌ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا سِكَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يُعْطَاهَا اتِّفَاقًا، وَأَشَارَ الْبَاجِيُّ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ سَحْنُونَ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا ذَكَرَ سِكَّةَ الْبَلَدِ بِهَا، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ سِكَّةً شَاذَّةً غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُدْفَعَ لَهُ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا الْخِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السِّكَّةَ فَقَطْ وَكَانَ فِيهَا نَقْصٌ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ أَنَّهَا لَا تُعْطَى لَهُ . (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ. (قَوْلُهُ: لِخَوْفِ خَائِنٍ) الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَدْرُ وَمُرَادُهُ بِالْخَائِنِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْخَائِنَ مَنْ تَقَدَّمَهُ تَأْمِينٌ مَثَلًا عِيَاضٌ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ) مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَأَبْرَزْتُهُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ الشَّخْصُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الِالْتِقَاطِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ خِيَانَتَهَا أَوْ يَشُكَّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ الْخَائِنُ أَمْ لَا ثَمَّ إنَّ كُلًّا مِنْ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهِيَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ بِأَخْذِهَا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْحَاكِمِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الشَّكِّ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَعَ عِلْمِهِ إلَخْ فَيَكُونُ الْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْخَائِنُ فَيُنَافِي التَّعْمِيمَ الْمُشَارَ بِقَوْلِهِ وَخَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مَعَ عِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ مُطْلَقًا مَعَ الشَّكِّ فِيهَا وَقَوْلُهُ: وَخَافَ إلَخْ رَاجِعٌ لِصُورَةِ الشَّكِّ. (وَقَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لِخَوْفِ خَائِنٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ أَيْ وَقَدْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا يَعْلَمُ هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خِيَانَتَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 عِنْدَ مَالِكٍ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) فَالْمُؤَلِّفُ وَافَقَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي وُجُوبِ الْأَخْذِ إذَا خَافَ خَائِنًا وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَفِي حُرْمَتِهِ إذَا عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ خَافَ خَائِنًا أَمْ لَا، وَفِي الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، وَجَزْمُ الْمُؤَلِّفِ بِالْكَرَاهَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُنَافِي حِكَايَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ أَحَدُهَا، وَخَالَفَهُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ خَافَ خَائِنًا أَمْ لَا فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ يُكْرَهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ يَحْرُمُ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَخْذُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ أَيْ أَخْذُ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ أَيْ أَخْذُ الْمُلْتَقِطِ إيَّاهُ (ص) وَتَعْرِيفُهُ سَنَةً وَلَوْ كَدَلْوٍ (ش) الدَّلْوُ وَاحِدُ الدِّلَاءِ الَّتِي يُسْقَى بِهَا وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَدْلٍ وَفِي الْكَثْرَةِ دِلَاءٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللُّقَطَةَ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا سَنَةً مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاطِ وَلَوْ كَانَتْ دَلْوًا وَمِخْلَاةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَوْ أَخَّرَ تَعْرِيفَهَا سَنَةً ثُمَّ عَرَّفَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا وَبِعِبَارَةِ تَعْرِيفِهِ يُحْتَمَلُ إضَافَةُ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ بِكَسْرِ الْقَافِ أَوْ الْمُلْتَقَطِ بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقَطِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ لَكِنْ عَلَى إضَافَةِ تَعْرِيفِهِ لِلْفَاعِلِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ يُغْنِي عَنْهُ وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ يَكُونُ قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ تَأْكِيدًا لِلْمَحْذُوفِ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ بِالْكَسْرِ، وَيَجُوزُ حَذْفُ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ إذَا عُلِمَ وَإِضَافَتُهُ لِلْمَفْعُولِ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ كَدَلْوٍ لَا تَافِهًا وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْوَجْهَيْنِ تَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً مِثْلُ جَاءَ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ وَهِنْدٌ بِعَيْنِهَا وَهُوَ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ (لَا تَافِهًا) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَتَعْرِيفُهُ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ الشَّيْءَ الْمُلْتَقَطَ لَا عَلَى أَنَّهُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ إذْ تَافِهًا مَنْصُوبٌ وَيَجُوزُ عَطْفُ تَافِهًا عَلَى مَحَلِّ كَدَلْوٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ لَوْ كَانَ الْمُلْتَقَطُ مِثْلَ الدَّلْوِ انْتَهَى. وَالتَّافِهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ الْحَقِيرُ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ وَهُوَ الَّذِي لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ وَشِبْهِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ أَصْلًا وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ التَّصْرِيحِ بِجَوَازِ أَكْلِ التَّافِهِ بِنَفْيِ التَّعْرِيفِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ نَفْيُ التَّعْرِيفِ (ص) بِمَظَانِّ طَالِبِهَا بِكَبَابِ مَسْجِدٍ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِنَفْسِهِ   [حاشية العدوي] أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَمَانَتَهُ بِأَنْ شَكَّ كَانَ خَائِنًا أَمْ لَا فَيُكْرَهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ كُرِهَ عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: أَقْوَالًا ثَلَاثَةً) هِيَ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ إلَّا تَرْكُهُ أَوْلَى وَأَحْسَنُ، فَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ رَبَّهَا قَدْ يَأْتِي إلَى مَوْضِعِهَا لِيَطْلُبَهَا فَإِذَا لَمْ يَجِدْهَا فَلَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا وَعَرَّفَهَا كَانَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِرَبِّهَا عَلَيْهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْأَحْسَنِيَّةَ فِي الثَّلَاثَةِ صَارَ الْمَفْهُومُ مِنْ بَهْرَامَ أَنَّهَا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ ذَاتُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ أَحَدُهَا) أَيْ وَيَكُونُ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الرَّاجِحَ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ: فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ يُكْرَهُ أَيْ وَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي رَأَيْت بَهْرَامَ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ الَّذِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: ثَمَّ إنَّ أَخْذَهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ) . (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَدَلْوٍ) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ وَالدُّرَيْهِمَاتِ وَالدِّينَارِ تُعَرَّفُ أَيَّامًا هِيَ مَظِنَّةُ طَلَبِهَا وَلَا تُعَرَّفُ سَنَةً وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْفَاسِيُّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يُعَرَّفُ سَنَةً قَالَ الْبَدْرُ فَيُحْمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ظَهَرَ لَهُ تَرْجِيحٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ اُنْظُرْ الْبَدْرَ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَّرَ تَعْرِيفَهَا سَنَةً) لَا مَفْهُومَ لِسَنَةٍ بَلْ مَتَى أَخَّرَ تَعْرِيفَهَا وَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ بِكَسْرِ الْقَافِ) أَيْ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ) لَا وَجْهَ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ. (وَأَقُولُ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ يُعَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ وَتَعْرِيفُهُ أَيْ بِنَفْسِهِ فَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ لِلْمَحْذُوفِ) أَيْ وَيَنْزِلُ الْعِلْمُ بِالْمَحْذُوفِ مَنْزِلَةَ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِضَافَتُهُ لِلْمَفْعُولِ أَحْسَنُ) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ إضَافَتُهُ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَدَلْوٍ مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْطُوفَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَطْفُ تَافِهًا عَلَى مَحَلِّ كَدَلْوٍ) زَادَ عب فَقَالَ بِنَاءً عَلَى إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (أَقُولُ) وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُتَعَيِّنٍ بَلْ وَلَوْ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ يَصِحُّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ) وَإِنْ شِئْت قُلْت مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ وَقَوْلُهُ: كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ أَيْ اللَّذَيْنِ قِيمَتُهُمَا أَقَلُّ مِنْ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالنِّصْفُ وَالنِّصْفَانِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ كُلُّ ذَلِكَ تَافِهٌ، وَظَاهِرُ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا وَقَعَ لِي مَعَ شَيْخِنَا الصَّغِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّافِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَبِّهِ فَقَدْ يَكُونُ الْجَدِيدُ مِنْ النُّحَاسِ لَيْسَ بِتَافِهٍ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَكْلُهُ وَيَضْمَنُ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ. (قَوْلُهُ: بِنَفْيِ التَّعْرِيفِ لَهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ التَّعْرِيفِ جَوَازُ الْأَكْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ نَفْيُ التَّعْرِيفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ جَوَازَ الْأَكْلِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَعْرِيفَ اللُّقَطَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا وَيُقْصَدُ أَنْ يَطْلُبَهَا أَرْبَابُهَا فِيهَا كَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يُعَرِّفُهَا فِيهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعَهَا لِمِثْلِهِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ لِيُعَرِّفَهَا وَالتَّعْرِيفُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ مَرَّةً أَوْ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، وَهَذَا غَيْرُ أَوَّلِ أَيَّامِ الِالْتِقَاطِ، وَأَمَّا فِي أَوَّلِهَا فَيُعَرِّفُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (ص) أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا إنْ لَمْ يُعَرِّفْ مِثْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُعَرِّفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْهَا مَنْ يُعَرِّفُ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ مِثْلُهُ يُعَرِّفُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْ عِنْدِهِ مَنْ يُعَرِّفَهَا إنْ لَمْ يَلِ تَعْرِيفَهَا بِنَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْنِيَ بِتَعْرِيفِهَا ثُمَّ ضَاعَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَإِذَا دَفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ وَضَاعَتْ مِنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (ص) وَبِالْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا تَقْدِيرُهُ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَفِي الْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا فَاقْتَضَى أَنَّ الْمَظَانَّ تُطْلَبُ هُنَا أَيْضًا (ص) وَلَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) أَيْ بَلْ يُلَفِّقُ اسْمَهَا مَعَ غَيْرِهَا وَيَقُولُ يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ جِنْسَهَا انْسَاقَ ذِهْنُ بَعْضِ الْحُذَّاقِ إلَى قَدْرِهَا أَوْ مَا تُجْعَلُ فِيهِ أَوْ مَا تُرْبَطُ بِهِ وَأَوْلَى أَنْ لَا يَذْكُرَ نَوْعَهَا وَلَا صِفَتَهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَأَنْ لَا يُسَمِّيَ أَحْسَنُ، وَفِي عَزْوِ الْمُؤَلِّفِ ذَلِكَ لِلَّخْمِيِّ مَعَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالْمَنْعِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ (ص) وَدُفِعَتْ لِحَبْرٍ إنْ وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ (ش) الْحَبْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا هُوَ الْعَالِمُ مِنْ الْكُفَّارِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى عَالِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَالرَّاهِبُ هُوَ الْعَابِدُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُهَا لِحَبْرِهِمْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا هُوَ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ خِدْمَةٌ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَبْرُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ اللُّقَطَةُ أَمْ لَا وَبِعِبَارَةٍ وَالدَّفْعُ لِلْحَبْرِ مَنْدُوبٌ إذْ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا بِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَبْرٌ فَهَلْ تُدْفَعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِلرَّاهِبِ، وَقَوْلُهُ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ أَيْ بِقَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُمْ (ص) وَلَهُ حَبْسُهَا بَعْدَهَا أَوْ التَّصَدُّقُ أَوْ التَّمَلُّكُ وَلَوْ بِمَكَّةَ ضَامِنًا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَلَمْ يَأْتِ رَبُّهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَحْبِسَهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ رَبُّهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ فِي التَّصَدُّقِ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَفِي التَّمَلُّكِ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ لُقَطَةِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْطَارِ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَاجِّ»   [حاشية العدوي] يُقَالُ هَلْ لَا عَكْسَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ جَوَازَ الْأَكْلِ يُجَامِعُ التَّعْرِيفَ كَمَا فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ السَّنَةِ . (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ بِأَمَانَتِهِ مِثْلُ نَفْسِهِ وَلَوْ لِإِمَامٍ مَأْمُونِ الْجِهَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ كَالسُّوقِ وَلَوْ دَاخِلَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا فِيهِ) أَيْ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُهَا لِمِثْلِهِ إلَخْ أَرَادَ تَفْسِيرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي أَوَّلِ أَيَّامِ الِالْتِقَاطِ) يَقْتَضِي أَنَّ الِالْتِقَاطَ وَقَعَ فِي أَيَّامٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يَكُونُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَلْ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ جَمَعَ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ اللُّقَطَةِ وَيُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهَذَا فِي غَيْرِ أَوَّلِ أَزْمِنَةِ الِالْتِقَاطِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ أَوْ بِأُجْرَةٍ وَحِينَئِذٍ فَقَيْدُ التَّوَثُّقِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْبَلَدَيْنِ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَقْرَبَ مِنْ الْأُخْرَى وَيَنْبَغِي إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى قُرْبًا مُتَأَكِّدًا بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْقَاطِعُ بِأَنَّهَا مِنْ هَذِهِ دُونِ الْأُخْرَى أَنَّهُ إنَّمَا يُعَرِّفُهَا فِي الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ . (قَوْلُهُ: يُلَفَّقُ اسْمُهَا مَعَ غَيْرِهَا) الْمُرَادُ بِتَلْفِيقِ اسْمِهَا مَعَ غَيْرِهَا التَّعْبِيرُ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَصْدُقُ بِهَا وَبِغَيْرِهَا كَشَيْءٍ فِي قَوْلِهِ يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجْمَعُ الِاسْمَيْنِ مَعًا أَيْ يَذْكُرُهُمَا مَعًا، وَصُورَةُ عَدَمِ التَّلْفِيقِ أَنْ يَقُولَ يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ بَقَرَةٌ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ التَّلْفِيقَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ بِذِكْرِ النَّوْعِ كَمَا يَصْدُقُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: إشَارَةً لِذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ حَسَنٌ أَيْ أَحْسَنُ الْقَوْلَيْنِ أَيْ أَرْجَحُهُمَا إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَحَبَّهُ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ صِيغَةَ الِاسْمِ لِاخْتِيَارِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا، وَالْحَاصِلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَ إذَا أَنْشَدَهَا هَلْ يُسَمِّي جِنْسَهَا أَوَّلًا وَالرَّاجِحُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ أَيْ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ . (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) أَيْ هُوَ الْفَصِيحُ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ سُمِّيَ بِاسْمِ الْحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْعَالِمُ مِنْ الْكُفَّارِ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبْرِ فِي الْمَقَامِ هُوَ الْعَالِمُ مِنْ الْكُفَّارِ قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ أَيْضًا حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَبْرَ هُوَ الْعَالِمُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَكُونَ إلَخْ) هَذَا يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ لَا عَدَمَ الْوُجُوبِ الصَّادِقِ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَوْلَى دَفْعُهَا لِحَبْرِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَهْلِ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: وَالدَّفْعُ لِحَبْرٍ مَنْدُوبٌ) كَذَا قَالَ عج إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدَّفْعَ مَنْدُوبٌ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَدُفِعَتْ لِحَبْرٍ جَوَازًا إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ، وَالظَّاهِرُ قَوْلُ عج وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيُصَدَّقُ بِالنَّدْبِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ تُدْفَعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِلرَّاهِبِ) أَيْ الْعَابِدِ، وَالظَّاهِرُ دَفْعُهَا لِلرَّاهِبِ لِقِلَّةِ شُغْلِهِ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ عِبَارَتُهُمْ) أَيْ الْعِبَارَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْحَصْرِ؛ وَلِذَا قَالَ بَهْرَامُ يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا وُجِدَتْ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ إلَى أَحْبَارِهِمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْ فَمَتَى كَانَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِحَبْرِهِمْ وَتَكُونُ مِثْلَ اللُّقَطَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . (قَوْلُهُ: وَفِي التَّمَلُّكِ) أَيْ وَمَا دَخَلَ فِي التَّمَلُّكِ وَهُوَ مَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِلْبَاجِيِّ مِنْ أَنَّ لُقَطَتَهَا لَا تُسْتَبَاحُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ سَنَةً وَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا أَبَدًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ لُقَطَتَهَا لَا تَحِلُّ إلَّا لِمُنْشِدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا دُونَ تَعْرِيفٍ بَلْ لَا تُؤْخَذُ إلَّا لِتُعَرَّفَ وَسَبَبُ تَنْبِيهِ الشَّارِعِ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَتَخْصِيصِهِ بِلَقْطَةِ مَكَّةَ وَهُوَ عَامٌّ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا هُوَ أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ تُوجَدُ كَثِيرًا فِي الْحَرَمِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ وَأَنَّهُ مَوْضِعُ نُسُكٍ وَأَنَّ الْغَالِبَ مِنْهُ أَنَّ الْحَاجَّ لَا يَعُودُ لِطَلَبِ اللُّقَطَةِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَيَصِيرُ الْآخِذُ لَهَا آخِذًا لِنَفْسِهِ لَا مَحَالَةَ فَخَصَّ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِهَذَا الْمَعْنَى وَغَلَّظَ فِيهِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِيمَا إذَا كَانَتْ بِيَدِ غَيْرِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا حَبْسُهَا أَوْ بَيْعُهَا لِصَاحِبِهَا وَوَضْعُ ثَمَنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِرَبِّهَا وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ التَّصَدُّقُ بِهَا وَلَا تَمَلُّكُهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مَشَقَّةُ خَلَاصِ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْآبِقِ بَيْعُهُ إذَا وَجَدَهُ الْإِمَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا وَجَدَهُ غَيْرُهُ (ص) كَنِيَّةِ أَخْذِهَا قَبْلَهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَمَّا رَأَى اللُّقَطَةَ فَقَبْلَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا نَوَى أَنْ يَأْكُلَهَا فَلَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَحَازَهَا تَلِفَتْ مِنْ عِنْدِهِ بِغَصْبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْغَاصِبِ حِينَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الضَّمَانُ لَهَا إذَا حَدَثَ لَهُ نِيَّةُ أَكْلِهَا قَبْلَ السَّنَةِ بَعْدَ أَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا (ص) وَرَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَضْمَنُ اللُّقَطَةَ إذَا أَخَذَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَحْفَظَهَا ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ بُعْدٍ إلَى مَوْضِعِهَا أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَضَاعَتْ فَقَوْلُهُ لِلْحِفْظِ أَيْ لِلتَّعْرِيفِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا لِغَيْرِهِ كَمَنْ أَخَذَهَا لِيَسْأَلَ جَمَاعَةً هَلْ هِيَ لَهُمْ أَوْ لَا فَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ فَفِيهِ التَّأْوِيلَانِ، وَأَمَّا إنْ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ فَلَا ضَمَانَ بِلَا نِزَاعٍ فَمَفْهُومُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي قَسْمِ الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِتَرْكِهَا يَضْمَنُ وَفِي الْحَرَامِ يَضْمَنُ بِأَخْذِهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا مَكَانَهَا؛ لِأَنَّ رَدَّهَا وَاجِبٌ (ص) إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اخْتَلَفَ إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَدَّهَا بِالْقُرْبِ إلَى مَوْضِعِهَا فَضَاعَتْ هَلْ يَضْمَنُهَا أَمْ لَا فَإِنْ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَلَمْ يَأْخُذْهَا لِلْحِفْظِ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا وَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ ضَمِنَ سَوَاءٌ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا عَلَى مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمَا فِي الشَّارِحِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ وَقَبْلَ السُّنَّةِ فِي رَقَبَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ إلَّا فِي الضَّمَانِ قَبْلَ السَّنَةِ فَإِنَّهَا جِنَايَةٌ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ تَعْرِيفِهَا لِأَنَّهُ يَصِحُّ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَضُرُّهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ السَّنَةِ فِي ذِمَّتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا» ، وَمَفْهُومُ " قَبْلَ " أَنَّهَا بَعْدَهَا فِي ذِمَّتِهِ وَمَعْنَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ) لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْبَاجِيِّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَلِذِكْرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ جُمْلَةِ لَا تَحِلُّ فِيهَا أَبَدًا وَهِيَ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ أَيْ وَلَا يُقْطَعُ حَشِيشُهُ وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَالْأَصْلُ تَجَانُسُ الْمَعْطُوفَاتِ فِي النَّفْيِ الْأَبَدِيِّ. (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا) أَيْ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ مَوْضِعُ نُسُكٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَقَوْلُهُ: وَأَنَّ الْغَالِبَ مِنْهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ وَقَوْلُهُ: لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُوَ لُقَطَةُ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: وَغُلِّظَ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَضِّ الْمَأْخُوذِ مِنْ حَضَّ. . (قَوْلُهُ: فَقَبْلَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ حَالَ وَضْعِ يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الضَّمَانُ لَهَا إذَا حَدَثَ لَهُ نِيَّةُ أَكْلِهَا قَبْلَ السَّنَةِ) ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْأَوْلَوِيَّةِ بَلْ هُمَا مُتَمَاثِلَانِ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ التَّأْوِيلَانِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ فِي رَدِّهَا بَعْدَ بُعْدٍ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِتَرْكِهَا) أَيْ بِتَرْكِهِ الْتِقَاطَهَا يَضْمَنُ فَتَرْكُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ رَدَّهَا فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ وَفِي الِالْتِقَاطِ الْحَرَامِ يَضْمَنُ بِأَخْذِهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا مَكَانَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ الْمَكْرُوهِ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَرُدَّهَا بِالْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ فَمَتَى رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا وَإِنْ أَخَذَهَا لَا لِلْحِفْظِ بَلْ لِيَسْأَلَ جَمَاعَةً فَإِنْ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ وَرَدَّهَا بِالْقُرْبِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّأْوِيلَيْنِ . (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الشَّارِحِ) لِأَنَّ حَاصِلَ مَا فِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ أَنَّهُ إنْ رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ وَكَانَ قَدْ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَخَذَهَا لِغَيْرِ التَّعْرِيفِ وَرَدَّهَا بِالْقُرْبِ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ وَرَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَأَخَذَهَا لَا لِلْحِفْظِ وَرَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ فَهُمَا مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فَقَدْ جَعَلَ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ صُورَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا نُقِلَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ بِالْقُرْبِ فَإِنْ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَلَمْ يَأْخُذْهَا لِلْحِفْظِ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا وَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ ضَمِنَ اتِّفَاقًا هَذَا مُحَصِّلُ شَارِحِنَا تَابِعًا لعج فِيمَا قَالَهُ ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ عج ذَلِكَ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ وَعَلَى هَذَا فَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ قَبْلَ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ مُوجِبَ الضَّمَانِ أَخْذُهَا لِلْحِفْظِ أَيْ التَّعْرِيفِ، وَلَوْ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذْهَا لِلتَّعْرِيفِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ اهـ. أَقُولُ الْعَجَبُ مِنْ عج فَإِنَّ بَهْرَامَ إنَّمَا ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّعْرِيفِ وَرَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَمَا فِي شَارِحِنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ . (وَقَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ) أَيْ فِي وُجُوبِ الِالْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ وَلَيْسَ بِمُكَاتَبٍ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي اللَّقِيطِ وَمَا هُنَا فِي الْتِقَاطِهِ اللُّقَطَةَ، وَالْفَرْقُ كَثْرَةُ الِاشْتِغَالِ فِي اللَّقِيطِ دُونَهَا إذْ تَعْرِيفُهَا يُمْكِنُ مَعَ سَعْيِهِ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا جِنَايَةٌ) أَيْ فِي رَقَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إلَخْ) فِي مَحَلِّ الْحَالِ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا) جَوَابُ إنْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَادْفَعْهَا لَهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِئْ وَقَوْلُهُ: فَشَأْنَك مَنْصُوبٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَيْ الْزَمْ شَأْنَك أَيْ الْزَمْ حَالَك أَيْ الْزَمْ تَكْمِيلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 كَوْنِهَا فِي رَقَبَتِهِ أَنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَا لَمْ يُفِدْهُ السَّيِّدُ فَقَوْلُهُ وَقَبْلَ السَّنَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَاسْتِهْلَاكُهُ لَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ (ص) وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ وَلَوْ بِقَرْيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَاللَّحْمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَفْسُدُ إذَا أَقَامَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِرَبِّهِ وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي عَامِرِ الْبَلَدِ أَوْ غَامِرِهَا وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا مَا لَا يَفْسُدُ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ فَإِذَا أَكَلَهُ ضَمِنَهُ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَقَوْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْقِسْمَيْنِ لَا ضَمَانَ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ (ص) وَشَاةٌ بِفَيْفَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ شَاةً بِالْفَيْفَاءِ فَذَبَحَهَا فِيهَا وَأَكَلَهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ أَكَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْعُمْرَانِ لَكِنْ إنْ حَمَلَهَا أَوْ الطَّعَامَ إلَى الْعُمْرَانِ وَوَجَدَهُ رَبُّهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلْيَدْفَعْ لَهُ أُجْرَةَ حَمْلِهِ فَإِنْ أَتَى بِهَا حَيَّةً إلَى الْعُمْرَانِ فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ يُعَرِّفُهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَاللُّقَطَةِ (ص) كَبَقَرٍ بِمَحَلِّ خَوْفٍ وَإِلَّا تُرِكَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَقَرَةَ إذَا وَجَدَهَا بِمَكَانٍ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْ السِّبَاعِ أَوْ مِنْ الْجُوعِ فَحُكْمُهَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الشَّاةِ فِي الْفَيْفَاءِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا حِينَئِذٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا كَالشَّاةِ، وَكَذَا إذَا خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ النَّاسِ هَذَا مَعْنَى التَّشْبِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَقَرُ بِمَحَلِّ خَوْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهَا وَيَتْرُكُهَا مَكَانَهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَهَا صَاحِبُهَا (ص) كَإِبِلٍ وَإِنْ أُخِذَتْ عُرِّفَتْ ثُمَّ تُرِكَتْ بِمَحَلِّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِبِلَ تُتْرَكُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَجَدَهَا بِمَحَلِّ أَمْنٍ أَمْ لَا فَإِنْ تَعَدَّى وَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ يَتْرُكُهَا بِمَحَلِّهَا، وَهَذَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَيَجِبُ لَقْطُهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَقَوْلُهُمْ وَلَا يُرَاعِي خَوْفَ أَيْ خَوْفَ هَلَاكٍ مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ سِبَاعٍ لِلْحَدِيثِ، أَمَّا خَوْفُ الْخَائِنِ فَهُوَ مُوجِبٌ لِلِالْتِقَاطِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (ص) وَكِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَضْمُونًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَقَرَ وَنَحْوَهَا كَالْخَيْلِ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ لِمَنْ الْتَقَطَهَا أَنْ يُكْرِيَهَا لِأَجْلِ عُلُوفَتِهَا وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا كِرَاءً مَضْمُونًا مَأْمُونًا خَفِيفًا لَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهُ أَيْ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْكِرَاءُ مَعَ أَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ وَنَحْوَهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلَحُ لِرَبِّهَا ثُمَّ إنَّ الْعَلَفَ بِفَتْحِ اللَّامِ   [حاشية العدوي] حَالِك بِالتَّمَلُّكِ لَهَا . (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ وَلَوْ بِقَرْيَةٍ) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ بِأَكْلِهِ شَيْئًا يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ إتْيَانِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا قَالَتْ وَلَمْ يُؤَقِّتْ مَالِكٌ فِي التَّعْرِيفِ بِهَا وَقْتًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَا يَفْسُدُ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْفَلَاةِ أَوْ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ مَا يَفْسُدُ وَمَا لَا يَفْسُدُ أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ إذَا أَكَلَهُ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَفْسُدُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَفْسُدُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي عب وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ وَإِلَّا أَكَلَهُ وَضَمِنَ ثَمَنَهُ اهـ. أَيْ قِيمَتَهُ أَقُولُ وَحَيْثُ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا قَالَهُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ، وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ كَانَ لَهُ الثَّمَنُ أَمْ لَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ بِالْبَيْعِ وَوَقْفِ الثَّمَنِ لِأَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَجَدَهُ بِفَلَاةٍ أَوْ بِقَرْيَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ بِفَلَاةٍ فَمِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَأَمَّا بِقَرْيَةٍ أَوْ بِرُفْقَةٍ لَهُ فِيهَا قِيمَةٌ فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَضْمَنُهُ سَوَاءٌ أَكَلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ يَبِيعُهُ وَيُعَرِّفُ بِهِ الثَّانِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهِ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ فَإِنْ أَكَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ لَا يَضْمَنُهُ إنْ تَصَدَّقَ بِهِ وَيَضْمَنُهُ إنْ أَكَلَهُ قَالَهُ مُطَرِّفٌ . (قَوْلُهُ: وَشَاةٌ بِفَيْفَاءَ) هِيَ الْقِفَارُ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْسُرْ حَمْلُهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهَا فِي الْفَلَاةِ فَأَكَلَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَتَى بِهَا حَيَّةً إلَخْ) أَيْ أَوْ وَجَدَهَا بِالْعُمْرَانِ أَوْ قَرِيبَةً مِنْ الْعُمْرَانِ عَرَّفَهَا كَاللُّقَطَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَهَا بِمَكَانٍ خَافَ عَلَيْهَا مِنْ السِّبَاعِ) الْمُرَادُ أَنَّهَا بِمَحَلِّ خَوْفٍ فِي الْفَيْفَاءِ فَيَخْرُجُ مَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ خَوْفٍ فِي الْعُمْرَانِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ لُقَطَةً ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَكْلَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا عَسُرَ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَأَمَّا لَوْ تَيَسَّرَ سَوْقُهَا لِلْحَاضِرَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا قَطْعًا فَلَيْسَتْ كَالشَّاةِ فِي الْفَيْفَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَذَا فِي عج. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ النَّاسِ) أَيْ مِنْ الْمَارِّينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ. (أَقُولُ بِمَحَلِّ أَمْنٍ) أَيْ مِنْ جُوعٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ لَقْطُهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) وَيُشَارِكُهَا الْبَقَرُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا تَرَكَ الْتِقَاطَ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ مَعَ خَوْفِ السَّارِقِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا سِقَاءَهَا وَحِذَاءَهَا» وَحِذَاؤُهَا أَخْفَافُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الصَّلَابَةِ فَأَشْبَهَتْ الْحِذَاءَ الَّذِي هُوَ النَّعْلُ وَسِقَاؤُهَا كَرِشُهَا لِكَثْرَةِ مَا تَشْرَبُ مِنْ الْمَاءِ فَتَكْتَفِي بِهِ الْأَيَّامَ فَأَشْبَهَ السِّقَاءَ الَّذِي هُوَ الْقِرْبَةُ فَكِلَاهُمَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ . (قَوْلُهُ: وَكِرَاءُ بَقَرٍ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ) اعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَجِّرْهَا فِي نَفَقَتِهَا يَبِيعُهَا وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَلَهُ كِرَاءُ بَقَرٍ وَغَيْرِهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَضْمُونًا وَلَهُ بَيْعُ مَا يَخَافُ ضَيَاعَهُ وَتَلَفَهُ اهـ. فَفَهِمَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ مُعْتَرِضًا عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ كَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ قَالَ فِي حِلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي ظَهَرَ أَنْ يُقَالَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كِرَائِهَا أَوْ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ أَوْ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ كِرَاءُ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُبْدِلُ مَضْمُونًا بِمَأْمُونًا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى مَضْمُونًا مَأْمُومًا لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ ثُمَّ لَوْ كَرَاهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَكَانَ وَجِيبَةً ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا فَسْخُهُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ حَيْثُ اسْتَظْهَرَ الْفَسْخَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 اسْمٌ لِمَا تَأْكُلُهُ الدَّابَّةُ مِنْ فُولٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا بِسُكُونِهَا فَهُوَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ مَضْمُونًا أَيْ مَضْمُونًا عَاقِبَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبٍ (ص) وَرُكُوبُ دَابَّةٍ لِمَوْضِعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ اللُّقَطَةَ مِنْ مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ إلَى مَنْزِلِهِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ أَوْ يَتَعَسَّرْ قَوْدُهَا عَلَيْهِ كَمَا فِي تت وَالْمَوَّاقِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا ضَمِنَ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَكْرَاهَا فِي أَزْيَدَ مِنْ عَلَفِهَا أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ ضَمِنَ وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُتَعَلِّقَ ضَمِنَ فَيَعُمُّ الْقِيمَةَ إنْ هَلَكَتْ وَالْمَنْفَعَةَ إنْ لَمْ تَهْلِكْ (ص) وَغَلَّاتُهَا دُونَ نَسْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَهُ غَلَّةُ اللُّقَطَةِ أَيْ لَهُ مِنْهَا بِقَدْرِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ لُقَطَةٌ هَكَذَا قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّاتِ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ أَيْ مَا عَدَا الصُّوفَ وَمَا عَدَا الْكِرَاءَ وَمَا عَدَا النَّسْلَ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْكِرَاءَ فِي قَوْلِهِ: وَكِرَاءُ وَمَا زَادَ مِنْهُ عَنْ عَلَفِهَا فَهُوَ لِرَبِّهَا وَسَيَأْتِي النَّسْلُ بَعْدَ هَذَا، وَالصُّوفُ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّسْلِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَامًّا أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ وَغَلَّتُهَا لَكَانَ أَخْصَرَ مَعَ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، وَضَمِيرُ غَلَّاتِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَأَمَّا نَسْلُ اللُّقَطَةِ فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَقِطُ (ص) وَخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ أَوْ إسْلَامِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ نَفَقَةً مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَفْتَكَّ اللُّقَطَةَ فَيَدْفَعَ لِلْمُلْتَقِطِ نَفَقَتَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ اللُّقَطَةَ لِمَنْ الْتَقَطَهَا فِي نَفَقَتِهِ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَهُ أَشْهَبُ فَلَوْ ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهَا دَيْنٌ فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ يُقَدَّمُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَالرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهُ. (ص) وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا بَاعَ اللُّقَطَةَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فَلَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، قَوْلُهُ فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ أَيْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ عَدِيمًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمُحَابَاةِ أَيْضًا كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَعْدَمَ فِي هَذِهِ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا حَابَاهُ بِخِلَافِ أَصْلِ الثَّمَنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا شَارَكَ الْبَائِعَ فِي الْعَدَاءِ بِالْمُحَابَاةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ عُدْمِ بَائِعِهِ وَلَا كَذَلِكَ عَدَمُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَقَالَ التَّتَّائِيُّ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ رَبَّهَا   [حاشية العدوي] (تَنْبِيهٌ) : يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكِرَاءِ غَيْرِ الْمَأْمُونِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ عَلَى الْمُكْرِي لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي الشَّارِحِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ يَعْنِي وَكَذَلِكَ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ إلَى مَوْضِعِهِ لِتَعَذُّرِ قَوْدِهَا عَلَيْهِ أَوْ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَعْتَرِيهِ فِي قَوْدِهَا وَرُبَّمَا شَغَلَهُ عَنْ مُهِمَّاتِهِ. . (قَوْلُهُ: لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ زَادَتْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَفِي كَلَامِ عج مَيْلٌ إلَى تَرْجِيحِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّاتِ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ) أَيْ وَكَذَا الزُّبْدُ وَالسَّمْنُ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي النَّسْلُ بَعْدَ هَذَا) أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ دُونَ نَسْلِهَا وَقَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ رَاجِعٌ لِلصُّوفِ أَيْ الصُّوفِ فِي الْجُمْلَةِ وَفَسَّرَ قَوْلَهُ فِي الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ كَانَ تَامًّا أَمْ لَا إشَارَةً مِنْهُ إلَى أَنَّ الصُّوفَ مَتَى أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلتَّامِّ وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ لَمَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ . (قَوْلُهُ: بِالنَّفَقَةِ) قَالَ عج وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ فِي ذَاتِ اللُّقَطَةِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَسْأَلَةَ كِرَائِهَا الْمُتَقَدِّمَةَ لَوْ نَقَصَ عَنْ نَفَقَتِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِبَاقِيهَا اهـ. أَيْ حَتْمًا وَيَكُونُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ رَبُّهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهَا) الْبِسَاطِيُّ وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي عَكْسِهِ اهـ. وَهُوَ مَا إذَا فَكَّهَا وَدَفَعَ النَّفَقَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ أَحَقُّ بِهَا) أَيْ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّهِ أَقْوَى وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْقِيَامِ وَالنَّفَقَةِ مِنْ غَلَّةٍ وَكِرَاءٍ يَكُونُ لُقَطَةً وَإِذَا سَاوَتْ أُجْرَةُ الْقِيَامِ وَالنَّفَقَةِ الْغَلَّةَ وَالْكِرَاءَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ وَأُجْرَةُ الْقِيَامِ عَلَى الْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ فَلَا يَكُونُ الزَّائِدُ فِي الصُّوفِ وَلَا فِي النَّسْلِ وَلَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا بَلْ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ رَبُّهَا هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي هُوَ لَيْسَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُلْتَقِطِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا كِرَاءٌ أَوْ لَهَا كِرَاءٌ لَا يَفِي بِالنَّفَقَةِ أَنَّهَا تَضِيعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا مِنْ صُوفٍ وَنَسْلٍ أَيْ وَيَكُونُ رَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ اللُّقَطَةَ لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ مَا أَنْفَقَهُ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: أَوْ إسْلَامُهَا كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَالْحَطَّابِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعَطْفُ فِي مِثْلِ هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِوَاوٍ وَجَعَلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سَافِعِ يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي النَّثْرِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِلَقْطَتِهَا تَمَلُّكَهَا قَبْلَ الْتِقَاطِهِ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ ثُمَّ الْتَقَطَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا سَوَاءٌ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْوِ تَمَلُّكًا إلَّا بَعْدَ الْتِقَاطِهَا وَبَاعَهَا بِاسْمِ نَفْسِهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ اهـ. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ الِالْتِقَاطِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِيعَتْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهِ وَأَخْذِهَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَوْ رَدِّهِ أَيْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَفِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ وَقَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ (ص) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهَا بِيَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ مُبْتَاعٍ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ اللُّقَطَةِ لَوْ جَاءَ وَقَدْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ الْمِسْكِينِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا حَازَهَا الْمِسْكِينُ وَبَاعَهَا ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا بِيَدِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمِسْكِينِ فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمِسْكِينِ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ الْمِسْكِينِ فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ فَقَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهَا أَيْ وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ، وَهَذَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ دَخَلَهَا نَقْصٌ أَمْ لَا أَوْ عَنْ رَبِّهَا وَدَخَلَهَا نَقْصٌ مُفْسِدٌ؛ لِأَنَّهُ بِتَصَدُّقِهِ بِهَا ضَمِنَهَا، وَأَمَّا عَنْ رَبِّهَا وَلَمْ يَدْخُلْهَا نَقْصٌ مُفْسِدٌ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ أَخْذُهَا وَلَهُ تَرْكُهَا مَجَّانًا فَاسِدٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَوَهَّمُ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ إذَا لَمْ يَدْخُلْهَا نَقْصٌ وَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (ص) وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ سَنَةً ثُمَّ نَوَى تَمَلُّكَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً عَمَّا كَانَتْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا نَاقِصَةً وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمُلْتَقِطِ قِيمَتَهَا يَوْمَ نَوَى التَّمَلُّكَ أَوْ يَوْمَ التَّصَدُّقِ بِهَا وَلِلْمُلْتَقِطِ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَى الْمِسْكِينِ بِعَيْنِ اللُّقَطَةِ أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِرَبِّهَا، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهَا قَائِمَةً لَمْ يَدْخُلْهَا عَيْبٌ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُ عَيْنِهَا لَا أَخْذُ قِيمَتِهَا فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمِسْكِينِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُفَوِّتْهَا بَلْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ مَعِيبَةً كَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ (ص) وَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا أَوْ قِيمَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَوَى تَمَلُّكَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا نَاقِصَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَالْقِيمَةَ يَوْمَ نَوَى التَّمَلُّكَ أَوْ يَوْمَ التَّصَدُّقِ هَذَا إذَا دَخَلَهَا عَيْبٌ مُنْقِصٌ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَهَا عَيْبٌ مُهْلِكٌ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا الْقِيمَةُ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ أَوْ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا فَقَطْ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ نَقَصَتْ بِسَبَبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) أَيْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ فَيُبَاعُ فِيهَا إنْ لَمْ يُفِدْهُ السَّيِّدُ . (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ الْمِسْكِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) أَيْ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا بِتَصَدُّقِهِ بِهَا وَلَوْ عَنْ رَبِّهَا وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ التَّخْيِيرُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَكِنْ الْمُنَاسِبُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ نَقْصٌ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: نَقْصٌ مُفْسِدٌ) أَيْ أَذْهَبَ الِانْتِفَاعَ بِهَا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْهَا نَقْصٌ أَصْلًا وَهَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ذَهَابَ الِانْتِفَاعِ بِهَا قَدْ فَوَّتَهَا عَلَى رَبِّهَا فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ فَالْمُنَاسِبُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا أَوْ تَرْكَهَا مَجَّانًا فَإِنْ فَاتَتْ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا فَإِذَا تَعَيَّبَتْ فَإِمَّا أَخَذَهَا أَوْ قِيمَتَهَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمِسْكِينُ أَوْ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَكَانَتْ بَاقِيَةً لَمْ تَتَغَيَّرْ فَلَهُ أَخْذُهَا أَوْ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ قِيمَتَهَا (أَقُولُ) وَأَوْلَى إذَا تَعَيَّبَتْ وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ فَلَيْسَ إلَّا الْقِيمَةُ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَوَى تَمَلُّكَهَا) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ عَيْنُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا كَمَا أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا الْآتِيَةَ فِي حِلِّ قَوْلِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا فَكَانَ يَقُولُ يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ سَنَةً ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً عَمَّا كَانَتْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا نَاقِصٌ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمُلْتَقِطِ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَصَدَّقَ بِهَا وَلِلْمُلْتَقِطِ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَى الْمِسْكِينِ بِعَيْنِ اللُّقَطَةِ أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا وَوَجَدَهَا بَاقِيَةً بِحَالِهَا لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا فَاتَتْ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُ قِيمَتِهَا وَإِنْ وَجَدَهَا بَاقِيَةً إلَّا أَنَّهَا تَعَيَّبَتْ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا أَوْ يُضَمِّنَ الْمُلْتَقِطَ قِيمَتَهَا وَإِذَا اخْتَارَ أَخْذَ الْقِيمَةِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمِسْكِينِ بِعَيْنِ اللُّقَطَةِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُلْتَقِطَ قِيمَتَهَا وَلَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَمْ يَدْخُلْهَا عَيْبٌ أَصْلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ سَوَاءٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ رَبِّهَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ مَعِيبَةً) أَيْ أَوْ سَلِيمَةً وَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي إذَا عَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَوَى تَمَلُّكَهَا ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ النَّقْصُ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالٍ أَوْ تَعَدٍّ فَيُخَيَّرُ فَلَوْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ فَالْقِيمَةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّقْصِ أَوْ التَّلَفِ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّهَا تَقَدَّمَتْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ) أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ فَقَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ السَّنَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ حَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ بِاسْتِعْمَالٍ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 اسْتِعْمَالِهَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ وَبِعِبَارَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا نَقَصَتْ بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا كَمَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً بِحَالِهَا وَهَذَا إذَا نَوَى تَمَلُّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ نَوَاهُ قَبْلَهَا فَهُوَ كَالْغَاصِبِ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ. (ص) وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ نُبِذَ كِفَايَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ طِفْلًا مَنْبُوذًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لَقْطُهُ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّقِيطَ بِقَوْلِهِ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ وَلَا رِقُّهُ فَيَخْرُجُ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ لُقَطَةٌ لَا لَقِيطٌ فَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ وَلَدُ الزَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ أَحَدُهُمَا وَفِي خُرُوجِ مَا ذُكِرَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ الْأَبُ وَلَوْ حُكْمًا وَالْأُمُّ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الْحَقِيقِيِّ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْ أَبِيهِ وَثَبَتَ لَهَا وَهَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى نُسْخَةِ أَبُوهُ بِالْإِفْرَادِ فَقَوْلُهُ لَقْطُ طِفْلٍ أَيْ الْتِقَاطُهُ، وَقَوْلُهُ نُبِذَ جُمْلَةٌ بَعْدَ نَكِرَةٍ فَهِيَ صِفَةٌ لَهَا أَيْ طِفْلٌ مَنْبُوذٌ، وَقَوْلُهُ كِفَايَةً حَالٌ مِنْ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْفِعْلِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْوُجُوبِ وُجُوبَ كِفَايَةٍ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، وَقَوْلُهُ نُبِذَ إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ مَعْنَى اللَّقِيطِ وَالْمَنْبُوذِ كَمَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْمُتَقَدِّمِينَ، وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ صَغِيرًا فِي الشَّدَائِدِ وَالْجَلَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَالْمَنْبُوذُ مَا دَامَ مَطْرُوحًا وَلَا يُسَمَّى لَقِيطًا إلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ، وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَا وُجِدَ بِفَوْرِ وِلَادَتِهِ، وَاللَّقِيطُ بِخِلَافِهِ وَالْمُرَادُ بِالطِّفْلِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الِالْتِقَاطِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَقْتَ إرَادَتِهَا الْأَخْذَ وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا فَإِنْ أَخَذَتْهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ أَمْ لَا تَأَمَّلْ (ص) وَحَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَضَانَةَ الطِّفْلِ الْمَنْبُوذِ وَنَفَقَتَهُ وَاجِبَتَانِ عَلَى مَنْ الْتَقَطَهُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ   [حاشية العدوي] أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا وَمَا نَقَصَهَا إذَا نَقَصَتْ نَقْصًا قَوِيًّا بِسَبَبِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِلَّا فَيَأْخُذُهَا مَعَ مَا نَقَصَهَا، وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا نَقَصَهَا فَقَطْ فَقَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ أَيْ فِيمَا إذَا نَقَصَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ أَمَّا بِالسَّمَاوِيِّ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَفْهُومُ إلَخْ، وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِمَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَقْوَالَ مَنْقُولَةٌ أَيْضًا وَتَلَخَّصَ أَنَّ النَّقْصَ مَتَى كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَوْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا نَقَصَ بِالِاسْتِعْمَالِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ فَيَضْمَنُ وَلَوْ السَّمَاوِيَّ . (قَوْلُهُ: مَنْبُوذًا) أَيْ مَطْرُوحًا بِمَا يُقَالُ هَذَا لَا يَشْمَلُ مَنْ لَا يُطْرَحُ كَابْنِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسِ سِنِينَ وَإِنَّمَا يَشْمَلُ الْمُرْضِعَ مَثَلًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالنَّبْذِ التَّرْكُ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: لُقَطَةٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ لُقَطَةٌ لَا لَقِيطٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا عِلْمُ أَحَدِهِمَا) الْمُنَاسِبُ لِلْبَحْثِ الَّذِي بَعْدُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ أَبُوهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي خُرُوجِ مَا ذُكِرَ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ عُلِمَ أَبُوهُ بَلْ مَا عُلِمَ إلَّا أُمُّهُ وَقَوْلُهُ: وَالْأُمُّ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الْحَقِيقِيِّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْأُمُّ أَبٌ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى نُسْخَةِ أَبُوهُ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ أَبَوَاهُ وَهِيَ نُسْخَةُ شَارِحِ الْحُدُودِ فَلَا يَخْرُجُ وَلَدُ الزَّانِيَةِ بَلْ وَلَدُ الزَّانِيَةِ يَدْخُلُ فِي اللَّقِيطِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى لَمْ يُعْرَفْ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ لَمْ يُعْرَفَا مَعًا دَخَلَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ فِي التَّعْرِيفِ وَإِنْ أُرِيدَ لَمْ يُعْرَفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا خَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْتِقَاطُهُ) كَأَنَّهُ أَتَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّقْطَ تُعُورِفَ فِي رَفْعِ الْحَبِّ مِنْ الْأَرْضِ إلَخْ وَهُوَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ الْتِقَاطُ الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ وُجُوبَ كِفَايَةٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ الْوُجُوبِ كِفَايَةً أَيْ كِفَائِيًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ) التَّقْدِيرُ وَوَجَبَ لَقْطُ الطِّفْلِ وُجُوبًا كِفَائِيًّا وَقَوْلُهُ: أَوْ تَمَيَّزَ أَيْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْوُجُوبِ كِفَايَةً أَيْ جِهَةَ كَوْنِهِ كِفَائِيًّا. (قَوْلُهُ: إلَى اتِّحَادٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْبُوذَ غَيْرُ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ اللَّقِيطَ هُوَ الطِّفْلُ الْمَوْصُوفُ بِأَنَّهُ نُبِذَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَى اتِّحَادِ مَعْنَى اللَّقِيطِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ وُجِدَ مَطْرُوحًا وَأُخِذَ أَيَّامَ الرَّخَاءِ لَا يُقَالُ لَهُ لَقِيطٌ لِعَدَمِ الْجَلَاءِ وَلَا مَنْبُوذٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدُمْ مَطْرُوحًا بَلْ قَدْ أُخِذَ فَعَلَيْهِ يَكُونُ وَاسِطَةً. (قَوْلُهُ: الشَّدَائِدُ) أَيْ كَصُعُوبَةِ الْقُوتِ وَالْجَلَاءِ أَيْ انْتِقَالِ مَوَاطِنِهِمْ وَهُوَ عَطْفٌ مُسَبَّبٌ وَقَوْلُهُ: وَشَبَهُ ذَلِكَ أَيْ كَالطَّاعُونِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَنْبُوذُ مَا دَامَ مَطْرُوحًا وَهَذَا هُوَ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى دَامَ مَطْرُوحًا لَا يُقَالُ لَهُ لَقِيطٌ وَلَا مَنْبُوذٌ فَيَكُونُ وَاسِطَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَادِقٍ بِصُورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاللَّقِيطُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ بِفَوْرِ الْوِلَادَةِ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يُوجَدَ أَصْلًا بِأَنْ يَكُونَ قَدْ دَامَ مَطْرُوحًا بِأَنْ يُوجَدَ لَا بِفَوْرِ الْوِلَادَةِ بَلْ يُوجَدُ بَعْدَ مُدَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا) أَيْ فَتُلْتَقَطُ بِإِذْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ عج، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ فَهِيَ كَالذَّكَرِ تُؤْمَرُ بِالِالْتِقَاطِ كَمَا أَفَادَهُ عج وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ يَكُونُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا) فَلَوْ أَخَذْته بَعْدَ الْمَنْعِ فَيَرُدُّ الْوَلَدُ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهَا لَهَا مَالٌ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَتْهُ أَيْ وَكَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا ثُمَّ قَدِمَ فَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ بَقِيَ الْوَلَدُ وَإِلَّا رُدَّ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ مَطْرُوقًا . (قَوْلُهُ: وَاجِبَتَانِ عَلَى مَنْ الْتَقَطَهُ) أَيْ عَيْنًا لَا كِفَايَةً. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ) ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْبُلُوغُ وَالِاسْتِغْنَاءُ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَمَتَى اسْتَغْنَى، وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الشَّخْصِ الصَّغِيرِ فِي السُّقُوطِ فَهُوَ مُسَاوٍ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ بُلُوغٌ وَاسْتِغْنَاءٌ فَتَسْقُطُ وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ اسْتِغْنَاءٌ فَقَطْ وَأَمَّا حُصُولُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 هَذَا إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ أَمَّا إنْ أُعْطِيَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (ص) إلَّا أَنْ يُمْلَكَ كَهِبَةٍ أَوْ يُوجَدَ مَعَهُ أَوْ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ إنْ كَانَ مَعَهُ رُقْعَةٌ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ نَفَقَةِ الطِّفْلِ عَلَى مُلْتَقِطِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّقِيطَ تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْ الَّذِي الْتَقَطَهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ إمَّا بِهِبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ وَجَدْنَا مَالًا مَعَهُ بِثِيَابِهِ مَرْبُوطًا أَوْ مَحْزُومًا عَلَيْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ وَجَدْنَا تَحْتَهُ مَالًا مَدْفُونًا وَمَعَهُ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا إنَّ الْمَالَ لِلطِّفْلِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَإِنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ لَهُ وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الَّذِي الْتَقَطَهُ فَقَوْلُهُ مَعَهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِيُوجَدَ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ نَائِبَ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ مَعَ مِنْ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا تَتَصَرَّفُ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ أَوْ يُوجَدُ مَعَهُ مَالٌ، وَلَوْ صَرَّحَ بِمَالٍ يَكُونُ مَدْفُونٌ مَعْطُوفًا عَلَى صِفَةِ مَالٍ الْمُقَدَّرَةِ أَيْ إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَعَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أَوْ مَدْفُونٌ لَكَانَ أَحْسَنَ (ص) وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِي الطِّفْلِ الْمُلْتَقَطِ بِفَتْحِ الْقَافِ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَبُوهُ طَرَحَهُ عَمْدًا بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ الْإِنْفَاقُ وَيَحْلِفَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُوسِرًا حِينَ الْإِنْفَاقِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ تَاهَ مِنْهُ أَوْ هَرَبَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ نَفَقَةً فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ وَلَوْ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِثْبَاتِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ أَبِيهِ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَاعْتَمَدَ الْبَاتَّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي طَرْحِهِ عَمْدًا فَادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ أَبُوهُ طَرَحَهُ عَمْدًا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْأَبُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّفَقَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْخَطَّابَ وَانْظُرْ قَوْلَهُ عَمْدًا مَعَ قَوْلِهِ طَرَحَهُ؛ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ قَصْدُهُ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ عَمْدًا مُسْتَدْرَكًا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِوَقْعِ طَرْحِهِ تَأَمَّلْ وَهَلْ مِنْ الطَّرْحِ عَمْدًا مَا إذَا طَرَحَهُ لِوَجْهٍ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ خَارِجًا بِقَوْلِهِ عَمْدًا وَقَوْلُهُ وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إمَّا مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ أَيْ وَرُجُوعُهُ ثَابِتٌ عَلَى أَبِيهِ وَالْجُمْلَةُ   [حاشية العدوي] بُلُوغٍ بِدُونِ اسْتِغْنَاءٍ فَلَا سُقُوطَ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ) أَيْ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ) بِالتَّشْدِيدِ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَحَبْسٍ فَيُنْفِقُ مِنْ ذَلِكَ وَيَحُوزُهُ الْمُلْتَقِطُ بِدُونِ نَظَرِ حَاكِمٍ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، وَكَذَا مِنْهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَحُوزُهَا لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَدْفُونٌ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَدْفُونٌ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ يُمَلَّكْ بِالْعَطْفِ عَلَى يُعْطَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا مُلِّكَ يُقَدَّمُ مَالُهُ عَلَى الْفَيْءِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَالُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ الْفَيْءِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ. (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ التَّمْلِيكِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ كَكِيسٍ فِيهِ مَالٌ مُعَلَّقٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِيُوجَدَ) قَالَ الْبَدْرُ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا فَيَكُونُ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا. (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ إلَخْ) أَيْ مَدْفُونٌ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلٍ بِتَقْدِيرِ صِفَةٍ أَيْ مَالٌ ظَاهِرٌ أَوْ مَدْفُونٌ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى الضَّمِيرِ مَعَ تَقْدِيرِهِ صِفَةً يُفِيدُ أَنَّ الضَّمِيرَ يُوصَفُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَعَيِّنًا لَا أَحْسَنَ . (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ) أَيْ فَلَوْ أَنْفَقَ خَالِي الذِّهْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْقَوْلُ إنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ خَالِيَ الذِّهْنِ يَرْجِعُ، وَالْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ عج وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَحْلِفُ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ مَا لَمْ يَشْهَدْ حِينَ الْإِنْفَاقِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ بِالسَّرَفِ إذَا كَانَ فِي الْإِنْفَاقِ سَرَفٌ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ تَاهَ مِنْهُ أَوْ هَرَبَ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التَّفْرِقَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَعَلَّهُمْ عَذَرُوهُ بِعَدَمِ تَعَمُّدِ طَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ) أَيْ تُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَارِمٌ) هَكَذَا الْفِقْهُ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَحْلِفُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الْحَطَّابَ) عِبَارَةُ شب وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ وَعُسْرِهِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْأَمْرُ فِي الثَّانِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ فِيمَا إذَا طُولِبَ الْأَبُ بِالنَّفَقَةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْيُسْرِ أَوْ الْعُسْرِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ قَصْدُهُ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرْحِ التَّرْكُ، وَالتَّرْكُ يَكُونُ عَمْدًا أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ وَكَذَا يُقَالُ تَرَكَهُ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا وَلَا الْتِفَاتَ لِهَذَا الْمُتَبَادَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِوَقَعَ طَرْحُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ بَاقٍ. (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَقُولُ تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَا الْبَحْثَ بَاقِيًا لَمْ يَنْفَعْ فِيهِ ذَلِكَ الْجَوَابُ. (قَوْلُهُ: مَا إذَا طَرَحَهُ لِوَجْهٍ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ مَنْ طَرَحَ وَلَدَهُ يَعِيشُ وَلَا يُسْرِعُ لَهُ الْمَوْتُ. (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ خَارِجًا بِقَوْلِهِ عَمْدًا) هُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ طَرْحَهُ لِوَجْهٍ كَالْعَمْدِ فَيَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. (فَرْعٌ) فَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ خَمْسَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ، وَأَنْ يُعْلَمَ بِهِ وَيَحْلِفَ مَا لَمْ يَشْهَدْ حِينَ الْإِنْفَاقِ فَلَا يَمِينَ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ سَرِفٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ نَقْدٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ) وَكَذَا أُمُّهُ إنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ وَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْأُمِّ الْإِرْضَاعُ وَطَرْحُ الْأَبِ فَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 مُسْتَأْنَفَةٌ أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْوُجُوبَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَفِي الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَرُجُوعُهُ إلَخْ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَهُوَ الثُّبُوتُ أَيْ وَثَبَتَ رُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ وَلَا يَرْجِعَ. (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ إنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ أَبُو الطِّفْلِ مَعَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى الْمَنْبُوذِ فَقَالَ الْأَبُ أَنْتِ أَنْفَقْت عَلَى وَلَدِي حِسْبَةً وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ بَلْ أَنْفَقْت عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَهُ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنْتَ طَرَحْت وَلَدَك عَمْدًا (ص) وَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ بِحُكْمِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ فِيمَنْ لَمْ يَتَقَرَّرْ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَلَوْ الْتَقَطَهُ عَبْدٌ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِمُلْتَقِطِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ الْمِيرَاثُ أَيْ فَيَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ الْعُرْفِيُّ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ عِتْقٍ (ص) وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا الْإِتْيَانُ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ وَفِي قُرَى الشِّرْكِ مُشْرِكٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقَطَ إذَا وُجِدَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ وَسَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ إذَا وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِوَى بَيْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي الْتَقَطَهُ مُسْلِمًا فَإِنْ الْتَقَطَهُ ذِمِّيٌّ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْبَيْتُ كَالْبَيْتَيْنِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا وُجِدَ فِي قُرَى الشِّرْكِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُشْرِكًا سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ لَوْ عَبَّرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِقَرْيَةٍ بَدَلَ قُرًى لَكَانَ مُنَاسِبًا؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ إنَّمَا يُنْسَبُ لِمَحَلِّهِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَلَا يُوجَدُ إلَّا فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ عَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِقَرْيَةٍ وَأَيْضًا لِقَوْلِهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَيْ فِي الْقَرْيَةِ لَا فِي الْقُرَى وَبَعْضُهُمْ قَدْ أَجَابَ بِجَوَابٍ لَا يَخْلُو عَنْ خَلَلٍ فَانْظُرْهُ مَعَ زِيَادَاتٍ وَإِعْرَابٍ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَلَمْ يُلْحَقْ بِمُلْتَقَطِهِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا بِوَجْهٍ أَوْ بَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقَطَ لَا يُلْحَقُ بِمَنْ الْتَقَطَهُ وَلَا بِغَيْرِهِ إذَا اسْتَحْلَفَهُ إلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِوَجْهٍ كَرَجُلٍ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَ   [حاشية العدوي] وَاحِدٍ مِنْهَا . (قَوْلُهُ: لَوْ تَنَازَعَ أَبُو الطِّفْلِ) أَيْ مَعَ الْإِشْكَالِ وَقَوْلُهُ: بَلْ أَنْفَقْت عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ وَسَكَتَ عَنْ عَدَمِ النِّيَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ أَنْفَقَ حِسْبَةً لَا يَرْجِعُ وَلَوْ طَرَحَهُ أَبُوهُ عَمْدًا أَيْ نَظَرًا لِنِيَّةِ الْمُنْفِقِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ رُجُوعُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ نَظَرًا لِنِيَّةِ الْأَبِ السَّابِقَةِ عَلَى الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ الْبَدْرُ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْرَى بِالْمُدَوِّنَةِ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقُولُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْلِيلِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَطْرَحْهُ عَمْدًا . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) وَلَوْ أَقَرَّ بِالرَّقَبَةِ لِأَحَدٍ أُلْغِيَ إذْ يَثْبُتُ رِقُّ الشَّخْصِ بِإِقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَخُصَّ الْإِمَامُ أَحَدًا بِمَا لَهُ وَإِلَّا كَانَ لَهُ فَقَطْ وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا إذَا كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ . (قَوْلُهُ: فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا) أَيْ فِي الْقَرْيَةِ لَا يُقَيِّدُ كَوْنَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا نَافَى قَوْلَهُ إلَّا بَيْتَانِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَلْتَقِطَهُ مُسْلِمٌ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَأَلَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَوْ الْبَيْتَيْنِ فَقَالُوا لَيْسَ لَنَا هَذَا اللَّقِيطُ وَلَكِنْ قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ وَقَوْلُهُ: بَيْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، أَيْ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَأَزْيَدَ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَفِي عج خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ فِي الْقَرْيَةِ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا إذَا تَسَاوَى الْمُسْلِمُونَ مَعَ الْكُفَّارِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ فَإِذَا كَانَ الْكُفَّارُ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْلِمٌ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ وَإِلَّا فَكَافِرٌ وَتَبِعَهُ عب وَأَمَّا شب فَوَافَقَ شَارِحَنَا وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَطَّابُ وَجَعَلَهُ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيَقُولُ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ ذَلِكَ مَدْلُولُ الضَّمِيرِ نَصًّا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَيْ الْقُرَى وَيَجُوزُ أَنْ يُوَجَّهَ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ إنَّمَا شَأْنُهُمَا أَنْ يَكُونَا فِي الْقَرْيَةِ لَا فِي الْقُرَى بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ عج وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ رَاجِعٌ لِقَرْيَةٍ الْمَفْهُومِ مِنْ قُرَى وَهُوَ وَاضِحٌ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقُرًى؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قُرًى وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ مِنْهَا بَيْتَانِ لَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ الَّتِي الْتَقَطَهُ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْتٌ فِي قَرْيَةٍ وَآخَرُ فِي قَرْيَةٍ وَوُجِدَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: لَا يَخْلُو عَنْ خَلَلٍ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَقَدْ يُقَالُ عَبَّرَ بِقُرَى الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ قَرْيَةً مِنْ قُرَاهُمْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ بَيْنَ قُرَى الشِّرْكِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَفِي قُرَى الشِّرْكِ تَأَمَّلْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ وُجِدَ بِقَرْيَةِ مُسْلِمِينَ مُسْلِمٌ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الشِّرْكِ وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةِ مُشْرِكِينَ مُشْرِكٌ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَإِعْرَابٍ إلَخْ) نَصُّ ك ثُمَّ إنَّ النُّسَخَ الَّتِي فِيهَا بَيْتَانِ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُفَرَّغِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ يَكُنْ إنْ كَانَتْ نَاقِصَةً وَفِيهَا خَبَرُهَا مُقَدَّمًا عَلَى اسْمِهَا أَوْ فَاعِلٌ بِهَا عَلَى أَنَّهَا تَامَّةٌ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَيْتَيْنِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِجَعْلِ إلَّا اسْمًا بِمَعْنَى غَيْرِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فَيَكُونُ بَيْتَيْنِ مُضَافًا إلَيْهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّ إلَّا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ . (قَوْلُهُ: كَرَجُلٍ عُرِفَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا إذَا طَرَحَهُ لِغَلَاءٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 أَنَّهُ رَمَاهُ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ إذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ فَيُلْحَقُ بِهِ وَمَا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْوَجْهَ وَالْبَيِّنَةَ عَامٌّ فِي الْمُلْتَقَطِ وَفِي غَيْرِهِ هُوَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُلْحَقْ أَيْ لَمْ يُلْحِقْهُ الشَّرْعُ بِمُلْتَقِطِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَلَا بِغَيْرِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَقَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ وَجْهٍ فِيهِمَا وَلِابْنِ الْحَاجِبِ تَفْصِيلٌ غَيْرُ هَذَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَغَيْرُ الْمُلْتَقِطِ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ فَقَوْلُهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فِي الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ مُسْلِمٌ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ كَافِرٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِوَجْهٍ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّ مَجْهُولَ النَّسَبِ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَكَيْفَ تَوَقَّفَ هُنَا عَلَى وَجْهٍ أَوْ بَيِّنَةٍ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يَكُونَ مَوْلًى وَهُنَا لَمَّا ثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَكْذِيبِ مَوْلَاهُ لِلْأَبِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ فَتَوَقَّفَ عَلَى مَاذَا (ص) وَلَا يَرُدُّهُ بَعْدَ أَخْذِهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَالْمَوْضُوعُ مَطْرُوقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَخَذَ الطِّفْلَ اللَّقِيطَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ فَلَمَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ وَالْحَالَةُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ مَطْرُوقٌ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكَ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَيُوقِنُ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا أَوْ لَمْ يُوقِنْ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ أَخْذِهِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ شَكَّ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَانْظُرْ هَلْ دِيَةُ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ وَمِثْلُ سُؤَالِ الْحَاكِمِ سُؤَالُ غَيْرِهِ هَلْ هُوَ وَلَدُهُ أَمْ لَا ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ أَخَذَهُ لِلِالْتِقَاطِ وَهَذَا لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ (ص) وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ ثُمَّ الْأَوْلَى وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ (ش) يَعْنِي لَوْ رَأَى الطِّفْلَ جَمَاعَةٌ فَبَادَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إلَّا أَنْ يَخْشَى عَلَى الطِّفْلِ الضَّيَاعَ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِمَنْ يُشْفِقُ عَلَيْهِ فَلَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ وَتَسَاوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ فَإِنَّ الْأَوْلَى أَيْ الْأَقْوَى عَلَى كَفَالَتِهِ أَيْ مَنْ لَا يُخْشَى عَلَى الْوَلَدِ عِنْدَهُ ضَيْعَةٌ يُقَدَّمُ غَيْرُهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَارُ لِلْقُرْعَةِ، وَقَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي الْإِشْهَادُ) أَيْ عِنْدَ الْتِقَاطِهِ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ، وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الِاسْتِرْقَاقُ فَيَجِبُ الْإِشْهَادُ. (ص) وَلَيْسَ لِمُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ   [حاشية العدوي] أَوْ لِعَجْزٍ عَنْ حَمْلِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ كَافِرٌ فِي الْحَقِيقَةِ الصُّوَرُ سِتَّ عَشْرَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِ الْحَاءِ إمَّا الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِلْحَاقُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ فَالِاسْتِلْحَاقُ بِالْبَيِّنَةِ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ مَعْمُولٌ بِهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا الِاسْتِلْحَاقُ بِالْوَجْهِ فَهَلْ هُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ كَالِاسْتِلْحَاقِ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّتَّائِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا فَقَطْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ مُسْلِمًا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ لَا وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ مِنْ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ مُسْلِمًا وَكَانَ غَيْرَ الْمُلْتَقِطِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ لَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ تَقَارِيرَ. (وَأَقُولُ) إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِبَارَةُ غَيْرِ وَاحِدٍ تُفِيدُ تَرْجِيحَهُ فَيُتَّبَعُ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ) أَيْ لَا يَكْفِي فِيهَا الْوَجْهُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْبَيِّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ فَقَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) رَدَّهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ كُلَّ مَجْهُولٍ نُسِبَ كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْلَهُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ. . (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: إذَا أَخَذَ الطِّفْلَ اللَّقِيطَ) أَيْ لِلِالْتِقَاطِ أَيْ لِلْحِفْظِ أَيْ بِقَصْدِ أَنْ يَحْفَظَهُ أَيْ وَبِلَا نِيَّةِ حِفْظِهِ وَرَفَعَهُ لِلْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَيُوقِنُ إلَخْ) أَيْ يَجْزِمُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِيقَانُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمُفَادُهُ أَنَّ الظَّنَّ وَلَوْ غَالِبًا لَا يَكْفِي وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ كَاللَّازِمِ لِقَوْلِهِ وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ وَلَوْ بِالْمَظِنَّةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ) أَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ضَمِيرَ وَلَا يَرُدُّهُ عَائِدٌ لِلْمُلْتَقِطِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَلَا يَرُدُّهُ الْمُلْتَقِطُ لِالْتِقَاطِهِ . (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ) أَيْ فِي وَضْعِ الْيَدِ فَإِنْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ بَعْدَ وَضْعِ يَدِ الْأَسْبَقِ نُزِعَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِلْأَسْبَقِ فَقَوْلُهُ: قُدِّمَ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ نَزْعِ الطِّفْلِ مِنْ يَدِ مَنْ هُوَ دُونَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ الْأَوْلَى. (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ اللَّقِيطِ فِيمَا ذُكِرَ اللُّقَطَةُ. (قَوْلُهُ: وَتَسَاوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ) الْمُنَاسِبُ وَتَسَاوَيَا فِي وَضْعِ الْيَدِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْأَكْفَإِ ثُمَّ الْأَسْبَقِ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ أَيْ إذَا كَانَ أَكْفَأَ فَلَوْ قَالَ وَقُدِّمَ الْأَكْفَأُ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ) أَيْ خَوْفًا مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَدَّعِيَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اسْتِرْقَاقَهُ لِطُولِ الزَّمَنِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ قَوْلِ الظَّنِّ. (أَقُولُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ لَا يُعْطَى حُكْمَهُ وَأَنَّهُ كَالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) وَلِذَلِكَ قَالَ يَجِبُ لَقْطُ الطِّفْلِ وَلَوْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَاللُّقَطَةُ كَذَلِكَ أَيْ إذَا الْتَقَطَهَا وَعَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خِيَانَةَ نَفْسِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 وَنَحْوَهُ مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَالْقِنُّ مِنْ بَابِ أَحْرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ طِفْلًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ الْمُكَاتَبُ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى عَجْزِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِتَرْبِيَتِهِ وَأَيْضًا يَحْتَاجُ إلَى حَضَانَةٍ وَهُوَ تَبَرُّعٌ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ الْتِقَاطٌ أَيْ أَخْذُ لَقِيطٍ، وَأَمَّا الِالْتِقَاطُ أَيْ أَخْذُ اللُّقَطَةِ أَيْ الْمَالِ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ مِمَّا مَرَّ فِي التَّقْرِيرِ. (ص) وَنَزْعُ مَحْكُومٍ بِإِسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّقِيطَ الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ بِأَنْ وُجِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا مَرَّ يُنْزَعُ مِنْ مُلْتَقِطِهِ الْغَيْرِ الْمُسْلِمِ وَيُقَرُّ تَحْتَ يَدِ الْمُسْلِمِينَ فَقَوْلُهُ بِإِسْلَامِهِ أَيْ اللَّقِيطِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَأَنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ لَكِنْ إنْ كَانَ صَغِيرًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ فَيُؤْمَرُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبَى أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ أَيْ مِنْ الْكَافِرِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُلْتَقِطِهِ الْمُسْلِمِ أَيْ مِنْ مُلْتَقِطِهِ الْكَافِرِ لَا مِنْ غَيْرِ الطِّفْلِ (ص) وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ فَإِنْ أَخَذَهُ رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَوُقِفَ سَنَةً ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ أَوْ أُخِذَ نَفَقَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا وَجَدَهُ شَخْصٌ وَعَرَفَ رَبَّهُ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَدْفَعَهُ لِرَبِّهِ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ رَبَّهُ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ مِنْ بَابِ أَحْرَى) أَيْ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي نَحْوِهِ مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالنَّحْوِ الْقِنُّ وَإِنَّمَا كَانَ الْقِنُّ نَحْوَ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُخَيَّرُ فِي إبْقَائِهِ وَيَلْزَمُهُ حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مُلْتَقَطٌ فِي الْأَصْلِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ لَكِنْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا وَأَنْ يُوقِنَ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ أَخْذِ الْغَيْرِ لَهُ وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ، وَهَلْ دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَمَفْهُومُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ جَازَ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ لَهُ وَاسْتَظْهَرُوا أَنَّ الزَّوْجَةَ أَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْتِقَاطِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ مَنْ لَقَطَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ ظَاهِرٌ إذْ هِيَ لَا تَخْرُجُ لِلتَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى عَجْزِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ إلَخْ) هُوَ أَنَّ اللُّقَطَةَ الْوَاجِبُ فِيهَا التَّعْرِيفُ وَذَلِكَ لَا يَشْغَلُ عَنْ خِدْمَةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ، وَأَمَّا حَضَانَةُ اللَّقِيطِ فَتَشْغَلُهُ عَنْ مَصَالِحِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَتَيَسَّرُ لَهُ حَالَةَ اشْتِغَالِهِ بِمَصَالِحِ سَيِّدِهِ . (قَوْلُهُ: وَنُزِعَ مَحْكُومٌ إلَخْ) أَيْ خَشْيَةَ أَنْ يُرَبِّيَهُ عَلَى دِينِهِ أَوْ يَطُولَ الْأَمَدُ فَيَسْتَرِقَّهُ. (قَوْلُهُ: أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ) أَيْ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهَا فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ اللَّقِيطُ وَهَذَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ نَقُولُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ الْمُسْلِمِ الْمُلْتَقَطِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَقَامِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْمُلْتَقِطُ الْكَافِرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَعْنَى وَنُزِعَ اللَّقِيطُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ مِمَّنْ غَايَرَ ذَاتَهُ وَظَاهِرَهُ وَلَوْ مُسْلِمًا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّك تَقُولُ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ اللَّقِيطُ بَلْ مُسْلِمًا بِمَعْنَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَنُزِعَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْكَافِرِ لَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْمُسْلِمِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّك تَقُولُ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُلْتَقِطِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْمُلْتَقِطُ الْكَافِرُ وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ لَكِنْ يُلَاحَظُ الْغَيْرِيَّةُ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ الْكُفْرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَنُزِعَ الطِّفْلُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ مِنْ الَّذِي غَايَرَ ذَاتَهُ بِوَصْفِ الْكُفْرِ أَيْ وَنُزِعَ الطِّفْلُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْمُلْتَقِطِ . (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهِ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ خِيَانَةَ نَفْسِهِ، فَإِنْ خَافَ الْخَائِنَ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَجَبَ أَخْذُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ أَخْذُهُ فَمَحَلُّ النَّدْبِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مُوجِبُ التَّحْرِيمِ وَمُوجِبُ الْوَاجِبِ أَوْ الْكَرَاهَةِ هَكَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ النَّدْبَ حَيْثُ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَرْفَعَهُ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَمْسِكَهُ وَحِينَئِذٍ فَالرَّفْعِ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَلَيْسَ مَطْلُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَيْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلْإِمَامِ أَوْ لَا وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ اهـ.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِيمَا سَيَأْتِي فِي حِلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْيُرْفَعْ لِلْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِالرَّفْعِ وَالْجَوَابُ أَنَّ كُلًّا عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْشِيَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فَيُوَافِقُ الْآتِي وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ وَيُوَافِقُهُ مَا لِلرَّجْرَاجِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ وَيُعَرِّفَهُ سَنَةً وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى السُّلْطَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الرَّفْعِ إنْ شَاءَ رَفَعَ وَإِنْ شَاءَ فَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالرُّجُوعِ بِهَا لَكِنْ الْإِمَامُ يَضَعُ الثَّمَنَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ السَّنَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِيمَا إذَا بَاعَهُ الْآخِذُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَيْسَ هُوَ كَاللُّقَطَةِ فِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَلُّكِ أَوْ التَّصَدُّقِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اللُّقَطَةَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ قَدْ بَذَلَ جُهْدَهُ لِكَوْنِهِ عَرَّفَهَا فِي مَوْضِعٍ يَتَفَقَّدُهَا فِيهِ صَاحِبُهَا، وَأَمَّا الْآبِقُ لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ أَيْنَ هُوَ فَيَتَفَقَّدُهُ؛ لِأَنَّ الْآبِقَ لَا يَسْتَقِرُّ بِمَوْضِعٍ فَلَمْ تَأْتِ السَّنَةُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا أَتَى عَلَيْهِ اللُّقَطَةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا مَا أَفَادَهُ فِي ك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 لِلْإِمَامِ وَلَوْ جَاءَ مَنْ يَدَّعِيهِ فَإِذَا رَفَعَهُ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوقِفَهُ عِنْدَهُ سَنَةً وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرْسَلَهُ فِيمَا ضَمِنَ ثُمَّ بَعْدَهَا يَبِيعُهُ وَلَا يُطْلِقُهُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ لِئَلَّا يَأْبَقَ هَذَا مَعْنَى وَلَا يُهْمَلُ، وَيَحْتَمِلُ وَلَا يُهْمَلُ بَعْدَ بَيْعِهِ بَلْ يَكْتُبُ الْحَاكِمُ اسْمَهُ وَحِلْيَتَهُ وَبَلَدَهُ وَرَبَّهُ وَيُشْهِدَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ قَابَلَ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ وَافَقَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ بَعْدَ أَخْذِهِ النَّفَقَةَ مِنْهُ فَقَوْلُهُ لِمَنْ يَعْرِفُ مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ وَيَعْرِفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مُضَارِعُ عَرَفَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ يَتَعَدَّى لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَهُوَ هُنَا مَحْذُوفٌ أَيْ لِمَنْ يَعْرِفُ مَالِكَهُ؛ لِأَنَّهُ يُخْبِرُهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَادٍ وَتَعْرِيفٍ إذْ الْإِنْشَادُ يُخْشَى مِنْهُ أَنْ يَصِلَ إلَى عِلْمِ السُّلْطَانِ فَيَأْخُذَهُ، وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الصَّرِيحِ بِالنَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَا يُفِيدُ إلَّا عَدَمَ النَّدْبِ أَخَذَهُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَلِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ إلَخْ الْمُؤَكِّدَ لِلنَّهْيِ تَأَمَّلْ وَالْآبِقُ هُوَ مَنْ ذَهَبَ فِي اسْتِتَارٍ بِلَا سَبَبٍ وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ. (ص) وَمَضَى بَيْعُهُ وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا بَاعَ الْعَبْدَ الْآبِقَ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته قَبْلَ أَنْ يَأْبِقَ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَبَقَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ بَاعَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَهُوَ يُتَّهَمُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهَا وَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ أَنَا كُنْت اسْتَوْلَدْتهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا قَائِمًا فَتُرَدُّ إلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَوْلُهُ وَمَضَى أَيْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً (ص) وَلَهُ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ فِي حَالِ إبَاقِهِ وَيَهَبَهُ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَأَمَّا لِلثَّوَابِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَالْآبِقُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُدَبِّرَهُ وَأَنْ يُوصِيَ بِهِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْغَيْرِ، وَإِذَا فَعَلَ الْآبِقُ فِعْلًا فِي حَالِ إبَاقِهِ يُوجِبُ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجْمًا كَمَا لَوْ لَاطَ كَانَ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا فَقَوْلُهُ وَيُقَامُ أَيْ وُجُوبًا عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَفَقَةً فَيُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ الْحَدِّ فَتَضِيعُ نَفَقَتُهُ. (ص) وَضَمِنَهُ إنْ أَرْسَلَهُ إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا أَرْسَلَهُ الَّذِي أَخَذَهُ فَهَلَكَ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ أَرْسَلَهُ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ أَنْ يُؤْذِيَهُ أَوْ يَقْتُلَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ إذَا هَلَكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ خَافَ مِنْهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ رَفْعُهُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا فَلْيَرْفَعْهُ وَلَا يُرْسِلْهُ وَإِلَّا ضَمِنَ (ص) كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا فِيمَا يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَعَطِبَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ آبِقٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْطَبْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَنْ يُوقِفَهُ عِنْدَهُ سَنَةً) أَيْ وَيَضَعَهُ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ مِنْ الْهُرُوبِ وَلَا يَلْزَمُ وَضْعُهُ فِي السِّجْنِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْحَطَّابِ أَيْ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ فِي هَذَا الْأَمَدِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ بِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) الِاحْتِمَالَانِ مَنْقُولَانِ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بِيعَ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنَّمَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضَعُ أَمَانَةً تَحْتَ يَدِهِ لَا يَعْلَمُ رَبَّهَا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فَتَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ فَتَضِيعُ عَلَى رَبِّهَا وَبَيْتُ الْمَالِ أَمِينٌ لِلْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ النَّفَقَةَ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ النَّفَقَةَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ رَبُّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ يَأْخُذُ نَفَقَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ عَاجِلًا وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهَا إلَى قُدُومِ رَبِّهِ وَحَبْسِ نَفَقَتِهِ لِرَبِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأُجْرَةُ الدَّلَّالِ كَالنَّفَقَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْجَزِيرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ) أَيْ وَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَفَادَ الْكَرَاهَةَ بِالتَّصْرِيحِ بِالنَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: الْمُؤَكِّدُ لِلنَّهْيِ) وَجْهُ كَوْنِهِ مُؤَكِّدًا لِلنَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ تَعَدَّى وَأَخَذَهُ وَالتَّعَدِّي يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ النَّهْيَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ أَيْ تَأَمَّلْ وَجْهَ ذَلِكَ وَقَدْ أَفَدْنَاك وَجْهَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ) هَذَا الْفَرْقُ نَسَبَهُ غَيْرُهُ لِابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ. (أَقُولُ) وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَيْ الْآبِقُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ قَالَ شَارِحُهُ وَتَأَمَّلْ حَدَّهُ لِلْآبِقِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى اللَّقِيطِ فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ اهـ. قَالَ عج قُلْت فَلَوْ زَادَ فِي الْحَدِّ رَقِيقٌ غَيْرُ صَغِيرٍ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا؛ إذْ الصَّغِيرُ الرَّقِيقُ لُقَطَةٌ لَا آبِقٌ وَلَا لَقِيطٌ وَالْحَرُّ وَلَوْ صَغِيرًا لَيْسَ بِلُقَطَةٍ وَلَا آبِقٍ اهـ. . (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا إلَخْ) وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ وَلَا يُتْبَعُ بِهَا الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ بَلْ تَضِيعُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا قَائِمًا) فِي شَرْحِ شب وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَكَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ إلَخْ) أَيْ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كُنْت أَوْلَدْتهَا إلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ وَيَقُولَ هُوَ وَلَدُهَا فَتُرَدُّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ ثَمَنُهَا وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا كَنَبَاهَةٍ وَحِذْقٍ أَيْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى مِنْهُ أَنَّ هَذَا وَلَدُهَا وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ وَلَوْ اُتُّهِمَ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَاطَ) أَيْ انْتَسَبَ لِلِّوَاطِ فَظَهَرَ قَوْلُهُ: فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِكَذَا) أَيْ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ مُخَالِفٍ . (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ بِتَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ اهـ.، وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ شَارِحِنَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ لَا يُصَدَّقُ وَكَلَامُ شب يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَالظَّاهِرُ مَا عَلَيْهِ شب. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ إلَخْ) وَانْظُرْ إذَا خَافَ مِنْهُ وَلَكِنْ يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فَهَلْ يُرْسِلُهُ وَلَا نُكَلِّفُهُ الْحِيلَةَ فِي التَّحَفُّظِ مِنْهُ أَوْ لَا يُرْسِلُهُ، وَالظَّاهِرُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَفِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا) أَيْ عَبْدًا آبِقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَيْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْطَبْ) أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 فَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهِ فِيمَا لَهُ بَالٌ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةُ عَبْدِهِ قَوْلُهُ اسْتَأْجَرَهُ أَيْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَغَيْرُهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ (ص) لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ وَإِنْ مُرْتَهِنًا وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا فَادَّعَى أَنَّهُ آبِقٌ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ تَلِفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ عَبْدًا رَهْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَرْجِعُ لِمَنْ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ مُرْتَهِنًا أَيْ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ لِلْعَبْدِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْإِبَاقِ مُرْتَهِنًا بِكَسْرِ الْهَاءِ وَيَصِحُّ الْفَتْحُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ عَبْدًا مُرْتَهِنًا وَفِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي آخِذِ الْآبِقِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ فَخَرَجَ مِنْهُ لِآخِذِ الْعَبْدِ رَهْنًا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ فَإِنْ وَجَدَهُ سَيِّدُهُ وَقَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ إنْ كَانَ قَدْ حَازَهُ قَبْلَ الْإِبَاقِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ بِيَدِ الرَّاهِنِ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَلِسَ فَهُوَ أُسْوَةٌ بِالْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ أَبَقَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى إنْ أَرْسَلَهُ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلْتَقِطِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمِينٌ أَمَّا الْمُلْتَقِطُ فَلَا كَلَامَ فِي أَمَانَتِهِ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ أَيْضًا أَمِينٌ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْهُ بَلْ يَنْبَغِي أَمَّا الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ بِحَقِّهِ فَلَا يُتَّهَمُ فِي ضَيَاعِهِ قُلْت وَغَايَةُ مَا فَرَّقَ بِهِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ فِي الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا نَفَقَةُ الْمُلْتَقِطِ أَيْ وَاجِدُ الْآبِقِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ أَيْ فَلَا تُهْمَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُلْتَقِطِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ. (ص) وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ عَبْدًا آبِقًا لَمْ يَعْرِفْ سَيِّدَهُ فَادَّعَاهُ شَخْصٌ بِأَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ شَاهِدًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِلْكًا بَعْدَ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ فَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ (ص) وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ إنْ صَدَّقَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْآبِقَ مِلْكُهُ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ حُجَّةٌ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَتَلَوَّمَ الْحَاكِمُ فِي أَمْرِهِ وَيُضَمِّنَهُ إيَّاهُ إنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا جَاءَ بِهِ قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ أَيْ حَوْزًا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لَا مِلْكًا، وَلِهَذَا غَايَرَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ حَيْثُ عَبَّرَ فِي الْأُولَى بِاسْتَحَقَّ الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَخْذِ الْمُشْعِرِ بِالْحَوْزِ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ. (ص) وَلْيُرْفَعْ لِلْإِمَامِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ مُسْتَحِقُّهُ (ش) مُسْتَحِقُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ ثُمَّ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ آبِقًا لَا يُعْرَفُ رَبُّهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْهُ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ إلَّا بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا فَإِنْ أَخَذَهُ رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا اقْتَحَمَ النَّهْيَ أَوَّلًا وَثَانِيًا، أَمَّا أَوَّلًا فَحَيْثُ الْتَقَطَ آبِقًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَحَيْثُ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالَ الِالْتِقَاطِ عَرَفَ مَالِكَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأَتَى رَجُلٌ لِوَارِثِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ   [حاشية العدوي] اسْتَأْجَرَ عَبْدًا آبِقًا وَلَمْ يَعْطَبْ ذَلِكَ الْآبِقُ فَالْأُجْرَةُ فَقَطْ لِرَبِّهِ فِيمَا لَهُ بَالٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا عَطِبَ أَوَّلًا فَيَكُونُ ضَامِنًا لَكِنْ يَضْمَنُ عِنْدَ عَدَمِ السَّلَامَةِ قِيمَةَ الذَّاتِ وَيَضْمَنُ فِيمَا إذَا سَلَّمَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ شَامِلٌ لِضَمَانِ الذَّاتِ وَضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ . (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَقَ إلَخْ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فِي الْمَاضِي وَفِي مُضَارِعِهِ الْكَسْرُ وَالضَّمُّ وَالْفَتْحُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ أَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ لَا يَأْبِقُ فِي مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي أَخْذِ الْآبِقِ) هَذَا يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَرْجِعُ لِمَنْ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَطْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْهُ أَيْ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ مُرْتَهِنًا فَلَا اسْتِخْدَامَ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَهُ حَالَ إبَاقِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ ثُمَّ هَرَبَ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْحَوْزِ ثَانِيًا قَبْلَ الْمَانِعِ أَنَّ مَا هُنَا قَدْ رَهَنَهُ قَبْلَ إبَاقِهِ. (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمِينٌ) أَيْ وَقَدْ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ مَنْ كَانَ الْآبِقُ تَحْتَ يَدِهِ. (قَوْلُهُ: ضَامِنٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَاجِدُ الْآبِقِ) أَتَى بِذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُلْتَقِطُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي هُوَ وَاجِدُ اللُّقَطَةِ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْعَبْدُ الْآبِقُ (قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ) وَصَفَهُ أَمْ لَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا إذْ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ ثَانِيًا لِغَيْرِ مَنْ صَدَّقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَمَفْهُومُ صَدَّقَهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي أَخَذَهُ أَيْضًا حَوْزًا حَيْثُ لَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَإِنْ صَدَّقَهُ نُزِعَ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَانَ لِمَنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ وَقُلْنَا إنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي أَخَذَهُ أَيْضًا حَوْزًا لَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِفْهُ الْمُدَّعِي فِي الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ الْعَبْدُ بَعْدُ أَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَلَا يَأْخُذُهُ بِدَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ أَيْ حَوْزًا) أَيْ وَيَضْمَنُهُ فِي حَالَةِ حَوْزِهِ قَالَهُ عج ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَصْرَ دَعْوَاهُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ أَيْ وَالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا. (قَوْلُهُ: وَلْيَرْفَعْ لِلْإِمَامِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا حَلَّ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ هُوَ) وَصَدَّقَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مُغَايِرًا لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ رَفْعٌ لِلْأَخْذِ وَهَذَا رَفْعٌ لِلدَّفْعِ لِصَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: النَّهْيُ) أَيْ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ وَيُحْتَمَلُ ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْعَبْدِ فَجَاءَ شَخْصٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَلَا يَعْرِفُ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ وَارِثُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 عَبْدُ مَنْ يَعْرِفُهُ ثُمَّ جَاءَ مَنْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّكْرَارُ مَعَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ الْتَقَطَ عَبْدًا لَا يَعْرِفُ سَيِّدَهُ فَإِنَّهُ يُرْفَعُ لِلْإِمَامِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ أَعَادَهُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ ظُلْمَهُ) أَيْ فَإِنْ خَافَهُ فَلَا يَرْفَعُهُ وَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ إلَخْ كَمَا أَنَّهُ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ ظُلْمَهُ. (ص) وَإِنْ أَتَى رَجُلٌ بِكِتَابِ قَاضٍ أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ عِنْدِي أَنَّ صَاحِبَ كِتَابِي هَذَا فُلَانٌ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ وَوَصَفَهُ فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ بِذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ مِنْ قُطْرٍ إلَى آخَرَ فَأَقَامَ صَاحِبُ الْعَبْدِ بَيِّنَةً عِنْدَ قَاضِي قُطْرِهِ شَهِدَتْ لَهُ أَنَّهُ أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ وَوَصَفَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَحَلَّتْهُ وَصْفًا يُطَابِقُ الْعَبْدَ الَّذِي عِنْدَ الْقَاضِي الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْكِتَابُ الْمُتَضَمِّنُ لِلشَّهَادَةِ الْمَزْبُورَةِ فَإِذَا جَاءَ هَذَا الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَوَجَدَ فِيهِ مَا يُطَابِقُ الْعَبْدَ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ بِكِتَابٍ أَيْ مَكْتُوبِ قَاضٍ، وَالْمَكْتُوبُ هُوَ مَا فِي الْكَاغَدِ فَقَوْلُهُ أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ عِنْدِي إلَخْ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، وَقَوْلُهُ فُلَانٌ بَدَلٌ مِنْ مَحَلِّ اسْمِ إنَّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ هَرَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَشُرُوطُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْجَعَالَةِ وَالْقِرَاضِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمُغَارَسَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْوَكَالَةِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْقَضَاءُ الْحُكْمُ وَأَصْلُهُ قَضَايٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَيْت إلَّا أَنَّ الْيَاءَ لَمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الْأَلِفِ هُمِزَتْ وَالْجَمْعُ الْأَقْضِيَةُ وَالْقَضِيَّةُ مِثْلُهُ وَالْجَمْعُ الْقَضَايَا وَقَضَى أَيْ حَكَمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَرَاغِ تَقُولُ قَضَيْت حَاجَتِي وَضَرَبَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ أَيْ قَتَلَهُ كَأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ وَقَضَى نَحْبَهُ قَضَاءً أَيْ مَاتَ إلَخْ وَعَرَّفَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَعَادَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ الْحَالُ كَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا هُنَاكَ . (قَوْلُهُ: وَوَصَفَهُ) أَيْ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ بِوَصْفِ الشُّهُودِ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا وَلَا يُبْحَثُ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهَا إلَيْهِ وَلَكِنْ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَلَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ لِاحْتِمَالِ تَقْيِيدِ تِلْكَ بِهَذِهِ أَوْ أَشَارَ لِقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ إشَارَةٌ لِقَوْلَيْنِ فَهَلْ هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ يَكُونُ الثَّانِي أَرْجَحَ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ بَابُهُ قَالَ مُحَشِّي تت بَعْدَ ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ هُنَا وَحْدَهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ إذْ لَهُ أَخْذُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ نَصَّهَا فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: الْمَزْبُورَةِ) أَيْ الْمَكْتُوبَةِ وَقَوْلُهُ: فِي الْكَاغَدِ نُسْخَةُ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا ظَاءٌ مُشَالَةٌ لَا ضَادٌ إلَّا أَنَّ الَّذِي قَالَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ الْكَاغَدُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. (قَوْلُهُ: بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّ كِتَابًا بِمَعْنَى مَكْتُوبٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت بَدَلُ اشْتِمَالٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كِتَابًا عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَتْبَ بِمَعْنَاهُ الْمَصْدَرِيِّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَّصِفَ بِأَنَّهُ مَا أَتَى بِهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ اسْمِ أَنَّ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِ النَّاسِخِ عِنْدَ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ وُجُودَ الْمُحْرِزِ وَهُمْ الْكُوفِيُّونَ. (قَوْلُهُ: وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ: هَرَبَ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ قَوْلُهُ: فُلَانٌ وَمَحَطُّ الْفَائِدَةِ قَوْلُهُ: هَرَبَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ مُفِيدٌ إمَّا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ أَوْ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ وَذَلِكَ إنْ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ حَالٌ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ قَدْ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِلْمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فُلَانٌ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَرَبَ لَكَفَى مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فَالْأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: هَرَبَ خَبَرًا ثَانِيًا وَذَلِكَ أَنَّ الْفَائِدَةَ حِينَئِذٍ تَمَّتْ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا [بَاب الْقَضَاءُ وَشُرُوطُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] . (بَابُ الْقَضَاءِ) . (قَوْلُهُ: ذَكَرَ فِيهِ بَابَ الْقَضَاءِ وَشُرُوطِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ ذَكَرَ تَعْرِيفَ الْقَضَاءِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَرِّفْهُ وَالْمُخَلِّصُ أَنْ يَجْعَلَ عَطْفَ وَشُرُوطِهِ عَلَى قَوْلِهِ الْقَضَاءِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْ فَلِلْقَاضِي عَزْلُ نَفْسِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْقَضَاءِ شَدِيدٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَقِّهِ إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَحُكِيَ أَنَّ سُلْطَانًا أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَ شَخْصًا الْقَضَاءَ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الشَّخْصُ جَرِيدَةً وَصَارَ يَغْرِسُهَا فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ فَأُخْبِرَ السُّلْطَانُ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فِي شَأْنِ ذَلِكَ فَجَاءَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ أَقُولُ أَيُّهَا الْمَأْكُولَاتُ اللَّذِيذَةُ الَّتِي يَتَشَاحَنُ النَّاسُ وَيَتَنَازَعُونَ فِي اكْتِسَابِهَا لِمَ صِرْتِي لِتِلْكَ الْحَالَةِ الْقَذِرَةِ الْمُنْتِنَةِ فَأَجَابَتْنِي بِقَوْلِهَا سَبَبُ ذَلِكَ مُجَاوَزَتِي جَوْفَ بَنِي آدَمَ فَعَفَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: كَالْجَعَالَةِ إلَخْ) أَيْ فَالتَّنْظِيرُ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُغَارَسَةِ) أَيْ فَهِيَ لَازِمَةٌ قَبْلُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّحْكِيمِ وَالْوَكَالَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ عَزْلُ نَفْسِهِ قَبْلَ وَبَعْدَ التَّحْكِيمِ وَالْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ الْحُكْمُ) جُمْلَةٌ مُعَرَّفَةُ الطَّرَفَيْنِ فَتَقْتَضِي الْحَصْرَ مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ لَيْسَ مَحْصُورًا فِي هَذَا الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَالْقَضِيَّةُ مِثْلُهُ) أَيْ الْقَضَاءُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى أَيْ حَكَمَ) أَقُولُ فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ لَا يَتَخَلَّفُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا رَاجِعٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لَا عَلَى مُطْلَقِ الْمُكَلَّفِينَ حَتَّى يُرَدَّ الْإِشْكَالُ، وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُ الْقَضَاءِ بِالْأَمْرِ الْجَازِمِ الْأَكِيدِ. (قَوْلُهُ: قَضَيْت حَاجَتِي) أَيْ فَرَغْت مِنْهَا. (فَقَوْلُهُ: أَيْ قَتَلَهُ) تَفْسِيرٌ لِلْقَضَاءِ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْقَتْلُ فَنَقُولُ حَاصِلُ الْمَعْنَى ضَرَبْته فَقَتَلْته أَيْ أَزْهَقْت رُوحَهُ وَقَوْلُهُ: كَأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ أَيْ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ صَارَ كَأَنَّهُ حَاجَةً فَرَغَ مِنْهَا فَلِذَا عَبَّرَ بِكَأَنْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّحْقِيقِ أَيْ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ فَقَدْ فَرَغَ مِنْ شَأْنِهِ أَيْ حَالِهِ فَصَارَ لَا يُعَانِي بَعْدَ مُوَارَاتِهِ فِي التُّرَابِ كَمَا لَا تُعَانِي الْحَاجَةُ الْمَفْرُوغُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَقَضَى نَحْبَهُ) وَالنَّحْبُ فِي الْأَصْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ أَوْ تَجْرِيحٍ لَا فِي عُمُومِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَيَخْرُجُ التَّحْكِيمُ وَوِلَايَةُ الشُّرْطَةِ وَأَخَوَاتِهَا وَالْإِمَامَةُ الْعُظْمَى، وَلَمَّا رَأَى الشَّيْخُ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الشَّرْعِ مَعْنًى حُكْمِيٌّ أَتَى بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَرَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ لِقِصَرِهِ عَلَى الْفَصْلِ الْفِعْلِيِّ، وَالْقَضَاءُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَهُ مَعْنًى يُوجِبُ لَهُ نُفُوذَ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ عُرْفًا مَنْ كَانَ فِيهِ مَعْنًى اخْتَصَّ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ شَرْعًا فَصَلَ أَوْ لَمْ يَفْصِلْ، وَقَوْلُهُ نُفُوذَ أَيْ إمْضَاءَهُ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى الْإِمْضَاءِ وَبِالْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى الْفَرَاغِ قَالَ تَعَالَى {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} [الكهف: 109] ، قَوْلُهُ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ يُوجِبُ نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ وَلَوْ كَانَ بِتَعْدِيلٍ إلَخْ لِيَصِيرَ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ لَا فِي عُمُومِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَخْرَجَ بِهِ الْإِمَامَةَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَلَا تَفْرِيقُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَرْتِيبُ الْجُيُوشِ وَلَا قَتْلُ الْبُغَاةِ وَلَا الْإِقْطَاعَاتُ وَلَمَّا كَانَ مُسْتَحِقَّ الْقَضَاءِ هُوَ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْصَافٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ. (ص) أَهْلُ الْقَضَاءِ عَدْلٌ (ش) أَيْ الْمُتَأَهِّلُ لِلْقَضَاءِ وَمُسْتَحِقُّهُ عَدْلٌ أَيْ عَدْلُ الشَّهَادَةِ وَلَوْ عِتْقًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنْ سَحْنُونَ الْمَنْعُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَسْتَحِقَّ فَيُرَدُّ أَحْكَامُهُ وَالْعَدْلُ وَصْفٌ مُرَكَّبٌ مِنْ خَمْسَةِ أَوْصَافٍ: الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ   [حاشية العدوي] النَّذْرُ أَيْ قَضَى نَذْرَهُ وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ لَازِمُ الْحُصُولِ كَالْمَوْتِ فَقَوْلُهُ: أَيْ مَاتَ تَفْسِيرٌ لِقَضَى نَحْبَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ التَّحْكِيمُ) إنَّمَا خَرَجَ التَّحْكِيمُ مِنْ تَعْرِيفِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحَكَّمَ لَا يَحْكُمُ فِي الْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ قَالَ الْحَطَّابُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّحْكِيمُ يَخْرُجُ مِنْ تَعْرِيفِهِ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ خُرُوجِهِ فَإِنَّ الْمُحَكَّمَ لَا يَحْكُمُ ابْتِدَاءً إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْحُكْمَيْنِ فَلَا يَحْكُمُ فِي النَّسَبِ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِمَا قَالُوا فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا بِغَيْرِ جَوْرٍ نَفَدَ حُكْمُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْدِيلَ وَالتَّجْرِيحَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ خُرُوجُ التَّحْكِيمِ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مَضَى إنْ كَانَ صَوَابًا. (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُهَا) وُلَاةُ الْمَاءِ وَجُبَاةُ الزَّكَاةِ وَنَحْوُهُمَا. (قَوْلُهُ: مَعْنًى حُكْمِيٌّ) أَيْ لَا حِسِّيٌّ. (قَوْلُهُ: لِقَصْرِهِ عَلَى الْفَصْلِ الْفِعْلِيِّ) أَيْ الْوَاقِعِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ أَعَمُّ وُجُودًا إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْقَضَاءِ الَّذِي هُوَ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْفَصْلِ الْفِعْلِيِّ وَالْفَصْلِ بِالْإِمْكَانِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَهُ مَعْنًى) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ لَهُ وَكَانَ يَقُولُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَعْنًى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ هُنَا وَلَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ عب أَنَّهُ هُنَا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ نُفُوذُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ إمْضَاءٌ لَا بِمُهْمَلَةٍ بِمَعْنَى فَرَغَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} [الكهف: 109] انْتَهَى لَكِنْ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ لِلدَّالِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا نَفَذَ فَقَدْ فَرَغَ أَيْ تَمَّ أَمْرُهُ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ) أَيْ فَحُكْمٌ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٍ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ؛ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ اسْتَظْهَرَ أَنْ لَا يُقَدَّرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَامًّا لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ لَا فِي عُمُومِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ قُدِّرَ لَفْظٌ فِي الْجُمْلَةِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ الْمَعْنَى بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ أَيْ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتٍ لَا فِي عُمُومٍ فَقَوْلُهُ: لَا فِي عُمُومٍ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِتَعْدِيلٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِتَعْدِيلٍ وَمِثْلُ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ الْحُدُودُ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ أَيْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا عُدِّلَا وَلَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ الْقَاضِي حَكَمْت بِتَعْدِيلِهِمَا أَيْ بِصِحَّةِ تَعْدِيلِهِمَا فَيَنْفُذُ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي التَّجْرِيحِ وَدُفِعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا لَا بِالتَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ. (فَائِدَةٌ) يَجِبُ قَبُولُ الْقَضَاءِ فَوْرًا إنْ كَانَتْ تَوْلِيَةٌ مِنْ السُّلْطَانِ مُبَاشَرَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الْقَبُولُ فَوْرًا وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِهِ بَلْ يَكْفِي الشُّرُوعُ فِي الْأَحْكَامِ وَيَكْفِي فِي الْوِلَايَةِ مَعْرِفَةُ خَطِّ الْمُوَلَّى دُونَ إشْهَادٍ، وَيَكْفِي فِيهَا الشِّيَاعُ فَلَوْ حَكَمَ مِنْ غَيْرِ شِيَاعٍ مَضَى وَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ لِمَنْ يَسْأَلُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ فَإِنْ وُلِّيَ مَضَى وَنَفَذَتْ أَحْكَامُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَأَلَ التَّوْلِيَةَ بِدَفْعِ مَالٍ فَلَا تَمْضِي وِلَايَتُهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ وَلَوْ وَافَقَتْ الْحَقَّ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا عَلَى عَزْلِ قَاضٍ آخَرَ لِيَتَوَلَّى مَوْضِعَهُ فَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْمَعْزُولُ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَوَلَّى مِنْ الْإِمَامِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ قَاضِيًا لَا يَرَى مَذْهَبَهُ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْقَاضِيَ اسْتَنَابَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِثْبَاتُ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ النَّاسَ الْعَمَلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا ادَّعَاهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي مَعْرِفَةُ الْأَمِيرِ الَّذِي وَلَّاهُ وَالْمَحَلِّ الَّذِي وُلِّيَ عَلَيْهِ وَالنَّوْعِ الَّذِي وُلِّيَ فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْقَضَاءِ الْإِيجَابُ أَوْ التَّحْرِيمُ دُونَ الْكَرَاهَةِ وَالنَّدْبِ فَحُكْمُ الْقُضَاةِ الْآنَ بِالْمُتْعَةِ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ جَهْلٌ مِنْهُمْ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْقَضَاءُ بِالْمُبَاحِ كَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا ثُمَّ تَرَكَهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ بِإِبَاحَتِهَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ بَيْنَ النَّاسِ وَيَصِيرُ الْأَوَّلُ وَاحِدًا مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْإِقْطَاعَاتُ) تَقَدَّمَ تَعْرِيفُ الْإِقْطَاعِ. . (قَوْلُهُ: وَعَنْ سَحْنُونَ) هَذَا مُقَابِلُ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ، وَالْجَوَابُ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَنْدُوحَةً عَنْ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ قَبُولِهِ شَهَادَتَهُ فِي أَمْرٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: وَالْعَدْلُ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْعَدَالَةُ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَلْ الْمُرَكَّبُ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ: خَمْسَةُ أَوْصَافٍ) وَهَلْ يُعْزَلُ بِمُجَرَّدِ طُرُوِّ الْفِسْقِ أَوْ يَجِبُ عَزْلُهُ خِلَافٌ وَقَالَ أَصْبَغُ تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 وَالْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْفِسْقِ، وَلَا يُغْنِي عَنْ الْعَدْلِ قَوْلُهُ مُجْتَهِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ عَلَى الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَصِفَاتُ الْقَضَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَوَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَمُسْتَحَبٌّ، فَمِنْ قَوْلِهِ عَدْلٌ إلَى قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَخْ وَاجِبٌ شَرْطٌ، وَمِنْ قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ عَزْلُهُ عَدَمُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ كَوَرَعٍ إلَخْ مُسْتَحَبٌّ، وَقَوْلُهُ (ص) ذَكَرٌ (ش) أَيْ مُحَقَّقٌ فَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ (ص) فَطِنٌ (ش) أَيْ ذُو فَطَانَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَفَطُّنٌ لِحِجَاجِ الْخُصُومِ وَخَدْعِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَطَانَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَزَائِدٌ فِي الدَّهَاءِ أَيْ وَبِلَا وَصْفٍ أَوْ عَقْلٍ زَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ أَيْ فِي الْفَطَانَةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَبَنٌ أَيْ صَاحِبُ لَبَنٍ، وَفُلَانٌ تَمْرٌ أَيْ صَاحِبُ تَمْرٍ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ أَوْ أَنَّ فَطِنَ بِمَعْنَى فَاطِنٌ وَالْفِطْنَةُ جَوْدَةُ الذِّهْنِ وَجَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ جَوْدَةِ الْعَقْلِ مَا يَرُدُّ بِهِ الْمُتَّحِدَ مُتَعَدِّدًا وَمَا يَرُدُّ بِهِ الْمُتَعَدِّدَ مُتَّحِدًا وَمَا يَرُدُّ بِهِ الصَّحِيحَ فَاسِدًا أَوْ مَا يَرُدُّ بِهِ الْفَاسِدَ صَحِيحًا كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ مُتَّحِدَ الْبَلَاهَةِ وَالْبَلَادَةِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ هُوَ مُتَعَدِّدًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحِيحًا وَعِنْدَهُ هُوَ فَاسِدًا وَبِالْعَكْسِ (ص) مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ (ش) أَيْ فَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْمُقَلِّدِ حَيْثُ وُجِدَ الْمُجْتَهِدُ وَالْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطْلَقِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدًا فَأَمْثَلُ الْمُقَلِّدِينَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الَّذِي لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ وُجِدَ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ وَفِي ذَلِكَ نِزَاعٌ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (ص) وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قُرَشِيٌّ (ش) الْأَصَحُّ أَنَّ قُرَيْشًا وَلَدُ فِهْرٍ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ وَفِهْرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ أَوْلَى أَيْ أَفْضَلُ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يُشْتَرَطُ   [حاشية العدوي] جَوْرًا بَيِّنًا وَأَمَّا تَوْلِيَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَيْسَ لِكَوْنِهِ أَهْلًا بَلْ لِلضَّرُورَةِ، قَالَ الْقَرَافِيُّ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْعَدْلُ وُلِّيَ أَمْثَلُ الْمَوْجُودِينَ قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لِلتُّونِسِيِّ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى خِصَالَ الْقَضَاءِ تَجْتَمِعُ الْيَوْمَ فِي أَحَدٍ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ مِنْهَا خَصْلَتَانِ الْعِلْمُ وَالْوَرَعُ وُلِّيَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عِلْمٌ وَكَانَ مَعَهُ عَقْلٌ وَوَرَعٌ فَذَلِكَ يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْلِ يَسْأَلُ وَبِهِ خِصَالُ الْخَيْرِ كُلُّهَا وَبِالْوَرَعِ يَقِفُ فَإِنْ طَلَبَ الْعِلْمَ وَجَدَهُ وَإِنْ طَلَبَ الْعَقْلَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَجِدْهُ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: لِحِجَاجِ الْخُصُومِ وَخَدْعِهِمْ) وَلِحِجَاجِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَخَدْعِهِمْ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَبِلَا وَصْفٍ أَوْ عَقْلٍ) الْأَحْسَنُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: عَقْلٍ أَيْ إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي زَائِدًا فِي الْفَطَانَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرَهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَطِنٌ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ وَقَوْلُهُ: كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَبِنٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ فَلَيْسَ لَبِنٌ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ بَلْ صِيغَةُ نَسَبٍ وَقَوْلُهُ: أَيْ صَاحِبَ لَبَنٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْبَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنَّ فَطِنٌ بِمَعْنَى فَاطِنٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ بَابِ النَّسَبِ وَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ وَالْمَعْنَى أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ بَلْ هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ اسْمَ فَاعِلٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْنَى عِبَارَتِهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهَا بَلْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: جَوْدَةُ الذِّهْنِ وَجَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ) وَالذِّهْنُ وَالْقَرِيحَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَقْلُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ جَوْدَةِ الْعَقْلِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالذِّهْنِ وَالْقَرِيحَةِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَقْلُ ثُمَّ إنَّ الْمُدْرِكَ حَقِيقَةُ النَّفْسِ وَالْعَقْلُ سَبَبٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ مُتَّحِدًا) بِأَنْ يَكُونَ قَضِيَّتَانِ حُكْمُهُمَا عِنْدَ ذَلِكَ الْغَيْرِ مُتَّحِدٌ لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ مُتَعَدِّدٌ لِذَكَائِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا إذَا كَانَ حُكْمُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ مُخْتَلِفًا لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ مُتَّحِدًا لِذَكَائِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحِيحًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي نَازِلَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحِيحًا لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ فَاسِدًا لِذَكَائِهِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ حُكْمُ النَّازِلَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ فَاسِدًا لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ صَحِيحًا لِذَكَائِهِ 1 - . (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ) الْمُجْتَهِدُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمُجْتَهِدُ مَذْهَبٍ وَمُجْتَهِدُ فَتْوَى وَهُمَا الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطْلَقِ فَهُوَ دَاخِلٌ إلَخْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ أَيْ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَمُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى إقَامِهِ الْأَدِلَّةِ وَمُجْتَهِدُ الْفَتْوَى هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى التَّرْجِيحِ وَمُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى مُجْتَهِدِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ) أَيْ لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَإِلَّا لَأَتَى بِإِذَا؛ لِأَنَّ إنْ لِلْمُحَالِ وَإِذَا لِلْمُحَقَّقِ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَوْلِيَةَ أَمْثَلِ مُقَلِّدٍ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ بَاطِلَةٌ وَهَذَا قَوْلٌ وَعَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ طَائِفَةٌ أَيْضًا كَالْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ قَبْلَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ مَعْكُوسٌ أَيْ مُقَلِّدُ أَمْثَلَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وِلَايَةُ غَيْرِ الْأَمْثَلِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ. (أَقُولُ) وَهَذَا الْقَوْلُ يَجْرِي عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَوْلِيَةُ الْجَاهِلِ فَإِنَّهُ إذَا شَاوَرَ مَضَى حُكْمُهُ، وَإِمْضَاءُ الْحُكْمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَوْلِيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِلَّا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَمْضِيَ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَلٍّ قَبْلُ وَإِنَّمَا مَضَى حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَاوَرَ اسْتَنَدَ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ فَلَمْ يَكُنْ جَاهِلًا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا يَأْتِي مِنْ الْإِمْضَاءِ حَيْثُ تَوَلَّى مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَصْلُحُ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى أَيْ أَفْضَلُ) فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 فِي حَقِّهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ وُجِدَ فَإِنْ قِيلَ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَاحِدٌ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ الْعَبَّاسِيُّ وَهُنَا ذُكِرَ أَنَّهُ قُرَشِيٌّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقُرَشِيَّ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ أَيْضًا فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِسْقٌ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ كَأَخْذِ الْأَمْوَالِ. (ص) فَحَكَمَ بِقَوْلِ مُقَلِّدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ إمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ بَلْ يَحْكُمُ بِفَتْوَى مُقَلِّدِهِ بِنَصِّ النَّازِلَةِ فَإِنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَالَ يَجِيءُ مِنْهُ كَذَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ فِي أُصُولِ إمَامِهِ (ص) وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى وَأَبْكَمَ وَأَصَمَّ وَوَجَبَ عَزْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِصِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَنْفُذُ حَيْثُ كَانَ صَوَابًا وَسَوَاءٌ تَوَلَّى وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَزْلُهُ لِتَعَذُّرِ غَالِبِ الْأَحْكَامِ مِنْهُ وَالْأُمِّيُّ كَالْأَعْمَى وَتَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ لِلْفَتْوَى (ص) وَلَزِمَ الْمُتَعَيِّنَ أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً إنْ لَمْ يَتَوَلَّ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ وَأُجْبِرُوا وَإِنْ بِضَرْبٍ (ش) أَيْ لَزِمَ الْمُتَعَيِّنَ أَيْ الْمُنْفَرِدَ بِشُرُوطِهِ أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ أَوْ الْخَائِفَ ضَيَاعَ الْحَقِّ عَلَى أَرْبَابِهِ بِسَبَبِ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ لِلْقَضَاءِ فَحَذَفَ الْقَبُولَ وَالطَّلَبَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ وَإِذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبُولِ أُجْبِرَ وَإِنْ بِضَرْبٍ وَسَجْنٍ فَقَدْ أَقَامَ الْإِمَامُ حَوْلًا يُجْبِرُ سَحْنُونًا عَلَى الْقَبُولِ لِلْقَضَاءِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَلَمَّا تَخَوَّفَ مِنْهُ قَبِلَهُ وَلَمَّا وُلِّيَ سَحْنُونَ الْقَضَاءَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَقَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَنِي الْعَبَّاسِ كَغَيْرِهِمْ فَلَا مَزِيَّةَ لِبَنِي الْعَبَّاسِ وَكَوْنُهُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي زَمَنِ مَالِكٍ اتِّفَاقِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقُرَشِيَّ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ وُجِدَ فَيَأْتِي الِاعْتِرَاضُ الْمُتَقَدِّمُ هُنَا . (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ بِالْمَشْهُورِ أَوْ الرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِهِ كَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَرِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَأَوْلَى غَيْرُهَا وَعَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْ الْإِمَامِ فِيهَا أَحَدٌ شَيْئًا قُدِّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا هَكَذَا شَرْحُ عب. (أَقُولُ) وَيَبْقَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرِوَايَتُهُ فِي غَيْرِهَا فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ مَا هُوَ الْمُقَدَّمُ وَلَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ وَلَا الْحُكْمُ وَلَا الْعَمَلُ بِالضَّعِيفِ وَلَا الْحُكْمُ بِغَيْرِ قَوْلِ مُقَلَّدِهِ وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الْعَمَلُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الضَّعِيفِ فِي مَذْهَبِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَشْهُورَ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ أَوْ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ رِوَايَتُهُ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ كَمَا أَفَادَهُ عج أَيْ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ قُوَّةُ دَلِيلِهِ أَقُولُ ثَلَاثَةٌ وَالرَّاجِحُ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ فَعَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَشْهُورِ يَتَرَادَفُ الرَّاجِحُ مَعَ الْمَشْهُورِ فَإِنْ قُلْت إذَا تَعَارَضَ الْمَشْهُورُ وَالرَّاجِحُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فَمَا الْمُقَدَّمُ قُلْت عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلْكِ يُقَدَّمُ الْمَشْهُورُ عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى مَا قَالَهُ عج فِيهَا يُقَدَّمُ الرَّاجِحُ الَّذِي هُوَ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَيُقَوِّيهِ مَا نُقِلَ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى فَإِنَّهُ قَالَ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي فَإِنْ وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوهُ وَمَا لَمْ يُوَافِقْهُمَا فَاتْرُكُوهُ انْتَهَى، وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ مُعَلَّى فِي مَنَاسِكِهِ فَلَوْ حَكَمَ بِالضَّعِيفِ فَيَمْضِي مَا لَمْ يَنُصَّ لَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَحْكُمَ بِالرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ يَجِيءُ إلَخْ) هَذَا يَرْجِعُ لِلْقِيَاسِ . (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَخْ) الْحَاصِلُ إنَّمَا نَفَذَ حُكْمُهُمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ وَلَا فِي صِحَّةِ دَوَامِهَا وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ وِلَايَتِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوَجَبَ عَزْلُهُ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ غَالِبِ الْأَحْكَامِ) أَيْ مِنْ الْأَعْمَى أَوْ الْأَبْكَمِ أَوْ الْأَصَمِّ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَعَذُّرِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُمِّيُّ كَالْأَعْمَى) الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِكَاتِبٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ قَالَ الْبَاجِيُّ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ وِلَايَةِ الْأَعْمَى وَلَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأُمِّيِّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ جَرَى تَوْلِيَتُهُ عَلَى وِلَايَةِ الْأَعْمَى؛ لِأَنَّ فِي الْكَتْبِ كَحَالِ الْأَعْمَى. وَقَالَ عج الْمُتَّصِفُ بِصِفَاتٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ الْعَمَى وَالصَّمَمُ وَالْبَكَمُ أَوْ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُتَّصِفِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ حُكْمُ مَنْ فُقِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ اهـ. قَالَ عب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ وُجُودُ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا أَوْ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ عج قَائِلًا فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ مُعَامَلَةِ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ) أَيْ الْأَعْمَى. . (قَوْلُهُ: الْقَبُولُ) فَاعِلُ لَزِمَ فَوْرًا إنْ شَافَهَهُ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ أَرْسَلَ لَهُ بِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ فَوْرًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ قَبِلْت بَلْ يَكْفِي شُرُوعُهُ فِي الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ) أَيْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْخَائِفُ ضَيَاعَ الْحَقِّ إلَخْ) وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فِقْهًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْخَائِفُ فِتْنَةً أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ أَيْ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: فَحَذَفَ الْقَبُولَ وَالطَّلَبَ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَحَلَّاتِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبُولِ إلَخْ) أَيْ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ خَافَ الْفِتْنَةَ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِي حَقِّهِ غَيْرُ الطَّلَبِ وَالْقَبُولِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْخَوْفُ مِنْ الْإِمَامِ لَتَأَتَّى الْجَبْرُ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا عَلَّقَ الْخَوْفَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ وَأَقُولُ إذَا أُجْبِرَ بِالْخَوْفِ مَنْ ذُكِرَ وَوَقَعَ صِدْقُهُ فَيُعْقَلُ تَعَلُّقُ الْجَبْرِ بِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ إلَخْ أَيْ مَنْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ لَا خُصُوصُ الْمُتَعَيِّنِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِضَرْبٍ وَسَجْنٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ هِيَ بِمَعْنَى أَوْ بَلْ إذَا اقْتَضَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 وَدِدْنَا وَاَللَّهِ أَنْ نَرَاك فَوْقَ أَعْوَادِ نَعْشِك وَلَا نَرَاك قَاضِيًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِأَنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِشَرَائِطِ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا بَلْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَلَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَا ضَيَاعَ الْحَقِّ عَلَى أَرْبَابِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَلَا الطَّلَبُ فَلَوْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِلْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَهُ الْهَرَبُ وَإِنْ عَيَّنَ) وَإِنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلَّا الْقَضَاءَ فَفَاعِلُ لَزِمَ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ وَالْمُتَعَيِّنُ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْخَائِفَ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَفِتْنَةً مَفْعُولُ خَائِفٍ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ شَرْطٌ فِي الْخَائِفِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ عَطْفٌ عَلَى " فِتْنَةً " وَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ الْخَائِفَ ضَيَاعَ الْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ، وَقَوْلُهُ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الطَّلَبُ مَا لَمْ يَكُنْ بِدَفْعِ مَالٍ (ص) وَحَرُمَ الْجَاهِلُ وَقَاصِدُ دُنْيَا (ش) أَيْ أَنَّ الْجَاهِلَ حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُ الْقَضَاءِ مَخَافَةَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ جَهْلُهُ إلَى مُخَالَفَةِ الْأُمُورِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَهُ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ قَبُولُ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ قَصَدَ بِهِ تَحْصِيلَ الدُّنْيَا مَخَافَةَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ غَرَضُهُ الدُّنْيَوِيُّ إلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَوْ قَالَ وَحَرُمَ تَوْلِيَةُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لَهُ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) وَنُدِبَ لِيُشْهَرَ عِلْمَهُ (ش) لَمَّا ذَكَرَ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ وَثَنَّى بِمُقَابِلِهِ وَهُوَ الْحَرَامُ ثَلَّثَ بِالْمَنْدُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ طَلَبُ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ عَالِمًا خَفَى عِلْمُهُ عَلَى النَّاسِ فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِرَهُ بِالْقَضَاءِ لِيُعَلِّمَ الْجَاهِلَ وَيُرْشِدَ الْمُسْتَفْتِيَ، وَمِنْ أَقْسَامِ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ إلَّا بِرِزْقِ الْقَضَاءِ وَهُوَ أَهْلٌ لَهُ وَالْمُرَادُ بِرِزْقِ الْقَاضِي الْمَجْعُولُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْأَوْقَافِ عَلَى الْقَضَاءِ لَا مِنْ مَالِ مَنْ حَكَمَ لَهُ بِالْحَقِّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فِي الْإِجَارَةِ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ (ص) كَوَرِعٍ غَنِيٍّ حَلِيمٍ نَزِهٍ نَسِيبٍ مُسْتَشِيرٍ بِلَا دَيْنٍ وَحَدٍّ وَزَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ وَبِطَانَةِ سُوءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ وَرِعًا أَيْ تَارِكًا لِلشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَلَدِيًّا لِعِلْمِهِ بِأَحْوَالِ الشُّهُودِ عَلَى الرَّاجِحِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ مَقَالَةُ السُّوءِ وَالْغَنِيَّ مَظِنَّةُ التَّنَزُّهِ عَنْ الطَّمَعِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ فَضِيلَةً؛ لِأَنَّ الْمَالَ عِنْدَ ذَوِي الدِّينِ زِيَادَةٌ لَهُمْ فِي الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ لَا سِيَّمَا مَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ وُلِّيَ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَفْتَقِرْ فَهُوَ سَارِقٌ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ حَلِيمًا عَلَى الْأَخْصَامِ مَا لَمْ تُنْتَهَكْ حُرْمَةُ الشَّرْعِ أَوْ يُوصِي أَحَدٌ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ نَزِهًا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنْ يَكُونَ ذَا نَزَاهَةٍ   [حاشية العدوي] الْحَالُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يُجْمَعُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَضَاءَ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ) أَيْ لِعِظَمِ الْأَمْرِ وَقُوَّةِ الْخَطَرِ وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَيَحْرُمُ دَفْعُ الرِّشْوَةِ لِأَجْلِ تَوْلِيَتِهِ عَنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ وَتُرَدُّ أَحْكَامُهُ، وَلَوْ قَضَى بِالْحَقِّ وَالْحَيُّ الْمَعْزُولُ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَافِعَ الرِّشْوَةِ تُرَدُّ أَحْكَامُهُ وَلَوْ بِالْحَقِّ فَهُوَ أَشَرُّ حَالًا مِنْ قُضَاةِ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ فَإِنَّ أَحْكَامَهُمْ نَافِذَةٌ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ بِدَفْعِ مَالٍ) أَقُولُ وَلَوْ بِمَالٍ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ حَيْثُ كَانَتْ مَفْسَدَةُ عَدَمِ تَوْلِيَتِهِ أَشَدَّ مِنْ دَفْعِهِ مَالًا عَلَى تَوْلِيَتِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فَإِنْ قُلْت الْجِهَادُ فِيهِ تَعْرِيضُ النَّفْسِ لِلتَّلَفِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ بِتَعَيُّنِ الْإِمَامِ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّلَفَ فِي الْجِهَادِ تَعْقُبُهُ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ وَفِي الْقَضَاءِ ضَرَرٌ دَائِمٌ لِعُسْرِ التَّخَلُّفِ مِنْهُ . (قَوْلُهُ: وَقَاصِدِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ قَصَدَ بِهِ تَحْصِيلَ الدُّنْيَا) أَيْ مِنْ مُتَدَاعِيَيْنِ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ لَا مِمَّا لَا هُوَ لِلْقَاضِي فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُرَتَّبٌ وُقِفَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَشْمَلَ) لِأَنَّهُ يَشْمَلُ غَيْرَ الِاثْنَيْنِ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلِيَّةٌ . (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِيُشْهَرَ عِلْمَهُ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ أَشْهَرَ وَبِفَتْحِهَا مِنْ شَهَرَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ الْآتِي إنْ شُهِرَ عَدْلًا. (قَوْلُهُ: لِيُعَلِّمَ الْجَاهِلَ) أَيْ لَا الشُّهْرَةَ لِرِفْعَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَكَذَا يُنْدَبُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَنْهَضُ وَأَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ نِظَامَ الشَّرْعِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَضَاءِ فَيُنْدَبُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُنْتِجُ الْوُجُوبَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِعَجْزِهِ حُصُولُ مَشَقَّةٍ مِنْ تَحْصِيلِهِ لَا تَصِلُ لِحَدِّ الْوُجُوبِ. (تَنْبِيهٌ) : الْأَصْلُ فِي الْقَضَاءِ الْإِبَاحَةُ وَرُبَّمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَهُ الْهَرَبُ وَذَكَرَ الْوَاجِبَ وَالْحَرَامَ وَتَرَكَ الْمَكْرُوهَ وَهُوَ إرَادَتُهُ لِلْجَاهِ وَالِاسْتِعْلَاءِ عَلَى النَّاسِ أَيْ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ عَالِيًا بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَكَبُّرٍ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَيُبَاحُ لِمَنْ يَدْفَعُ بِهِ ضَرَرًا عَنْ نَفْسِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ فَقِيرًا وَلَهُ عِيَالٌ وَيُكْرَهُ أَنْ يَنْفَعَ النَّاسَ وَيَخْشَى بِهِ الِانْقِطَاعَ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي كَوَرِعٍ غَنِيٍّ أَوْ يُقَالُ إنَّ مَا يَأْتِي الِاسْتِحْبَابُ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَلِيفَةِ لَا بِالْقَاضِي. (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فِي الْإِجَارَةِ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ) أَيْ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ الْجَوَاهِرِ . (قَوْلُهُ: تَارِكًا لِلشُّبُهَاتِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَمَّا الْأَوْرَعُ فَهُوَ الَّذِي يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ بَلَدِيًّا لِعِلْمِهِ بِأَحْوَالِ الشُّهُودِ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ لِيَعْرِفَ الْمَقْبُولِينَ وَالْمَسْخُوطِينَ مِنْ الشُّهُودِ وَيَعْرِفَ حَالَ الْمُحَقِّقِ وَالْمُبْطِلِ مَا لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُ الْبَلَدِيِّ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْأَوْلَى غَيْرُ الْبَلَدِيِّ عَلَى الْبَلَدِيِّ أَيْ لِئَلَّا يَفْرِضَ لِبَعْضِهِمْ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَلَدِيًّا لَا يَخْلُو عَنْ أَعْدَاءٍ وَأَصْدِقَاءٍ. (قَوْلُهُ: مَنْ وُلِّيَ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَفْتَقِرْ) أَيْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَثَرُ الْفَقْرِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 عَنْ الطَّمَعِ مُسْتَخِفًّا بِالْأَئِمَّةِ أَيْ يُدِيرُ الْحَقَّ عَلَى مَنْ دَارَ عَلَيْهِ وَلَا يُبَالِي بِمَنْ لَامَهُ عَلَى ذَلِكَ هَذَا مَعْنَى نَزِهٍ تَأَمَّلْ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي نَسِيبًا وَهَذَا مِنْ أَلْفَاظِ الْمُبَالَغَةِ وَمَعْنَاهَا مَعْرُوفُ النَّسَبِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ إلَيْهِ أَلْسُنُ النَّاسِ بِالطَّعْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَوْلِيَةَ غَيْرِ النَّسِيبِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَ انْتِفَاءُ نَسَبِهِ مُحَقَّقًا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَتَجْوِيزُ سَحْنُونَ وِلَايَةَ وَلَدِ الزِّنَا مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ زَادَ وَلَكِنْ لَا يَحْكُمُ فِي الزِّنَا لِعَدَمِ شَهَادَتِهِ فِيهِ وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اسْتِقْلَالًا لَا عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فَقَالَ وَأَمَّا الْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا فَعِنْدَ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَلَا يَشْهَدُ فِيهِ وَعِنْدَ سَحْنُونَ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِيهِ كَوَلَدِ الزِّنَا وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَشِيرًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعِينُهُ وَيُوصِلُهُ إلَى حُصُولِ الصَّوَابِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ كَثِيرَ الِاسْتِشَارَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ أَمْثَلَ مُقَلِّدٍ مَا تَقَيَّدَ الصَّوَابُ بِهِ بِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ عِنْدَ مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنْهُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَدِينٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَحُطُّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ غَنِيٍّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَنِيًّا وَهُوَ مَدِينٌ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْدُودٍ فِي زِنًا أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَضَى فِيمَا حُدَّ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ وَصْفٌ زَائِدٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِهِ وَاسْتِنَادُ الْقَاضِي لِلْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَبَعُدَتْ التُّهْمَةُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ تَابَ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي حُدَّ فِيهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ زَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَبِالْمَدِّ وَهَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْيَاءِ لَا عَنْ الْوَاوِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْفِطْنَةُ وَالْحَذْقَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِالْفِرَاسَةِ وَيُعَطِّلَ أَبْوَابَ الشَّرِيعَةِ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ بِطَانَةِ - بِكَسْرِ الْبَاءِ - السُّوءِ فَإِنَّهَا تُسْرِعُ بِالضَّرَرِ لِمَنْ هِيَ حَوْلَهُ فَإِنَّ السَّلَامَةَ مِنْهَا رَأْسُ كُلِّ خَيْرٍ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ الْبِطَانَةُ الَّتِي يُتَّهَمُ مِنْهَا السُّوءُ وَإِلَّا فَالسَّلَامَةُ مِنْ بِطَانَةِ السُّوءِ وَاجِبَةٌ. (ص) وَمَنْعُ الرَّاكِبِينَ مَعَهُ وَالْمُصَاحِبِينَ وَتَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ (ش) هُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ نُدِبَ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَيَجُوزُ زَجْرُهُ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي مَنْعُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ رُكُوبِهِمْ مَعَهُ وَمِنْ مُصَاحَبَتِهِمْ   [حاشية العدوي] لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُبَاحُ لِلْفَقِيرِ لِيَسْتَعِيرَ بِمُرَتَّبِهِ مِنْ نَحْوِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُبَاحِ وَمَا هُنَا فِي الْمَنْدُوبِ. (قَوْلُهُ: مُسْتَخِفًّا بِالْأَئِمَّةِ) الْمُرَادُ بِالْأَئِمَّةِ وُلَاةُ الْأُمُورِ كَالسَّلَاطِينِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُدِيرُ الْحَقَّ) أَيْ وَلَا يُبَجِّلُهُمْ بِحَيْثُ يُحَابِي فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْفَافِ تَحْقِيرُهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْنَى نَزِهٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ أَدْخَلَ فِي تَعْرِيفِ النَّزِهِ كَوْنَهُ مُسْتَخِفًّا بِالْأَئِمَّةِ، وَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ وَأَنَّهُ مَعْنًى آخَرُ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّ الْقَاضِي وَلِذَلِكَ عَطَفَهُ فَقَالَ ذَا نَزَاهَةٍ عَنْ الطَّمَعِ مُسْتَخِفًّا فَذَكَرَهُ فِي مَقَامِ مَا يُطْلَبُ فِي حَقِّ الْقَاضِي لَا فِي مَقَامِ تَفْسِيرِ نَزِهٍ فَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ غَازِيٍّ نَزِهًا بِكَامِلِ الْمُرُوءَةِ، وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَتَشَوَّفُ لِمَا بِيَدِ النَّاسِ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَاَلَّذِي لَا يَتَشَوَّفُ لِمَا بِأَيْدِي النَّاسِ هُوَ الْكَامِلُ الْمُرُوءَةِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ النَّزِهُ هُوَ الَّذِي لَا يَتَعَاطَى مَا يَتَعَاطَاهُ أَمْثَالُهُ بِأَنْ لَا يُعَاشِرَ الْأَرَاذِلَ وَلَا غَيْرَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ وَلَا السُّفَهَاءَ وَلَا الْخُفَرَاءَ وَلَا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْوَرَعِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ لِإِرْشَادِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّزِهِ فَإِنَّهُ لَا يُخَالِطُهُمْ فَالنَّزَاهَةُ كَمَالُ الْمُرُوءَةِ، وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ أَقُولُ تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ مُسْتَخِفًّا بِالْأَئِمَّةِ لَيْسَ مِنْ مَدْلُولِ نَزِهٍ لِوُجُودِ الْعَطْفِ نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَزِهًا أَنْ يَسْتَخِفَّ بِالْأَئِمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ أَلْفَاظِ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ الْأَصْلُ فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ هُنَا وَلِذَا قَالَ وَمَعْنَاهَا مَعْرُوفُ النَّسَبِ. (قَوْلُهُ: كَوَلَدِ الزِّنَا) أَيْ لَا يَحْكُمُ فِي الزِّنَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهُ قَاضِيًا وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَلَا يَشْهَدُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَشِيرًا) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْغَامِضَةِ أَوْ الدَّقِيقَةِ أَوْ الْمُشْكِلَةِ أَوْ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا، وَأَمَّا الَّتِي فِيهَا النَّصُّ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَحَكَمَ بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ قَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: مُسْتَشِيرًا هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْعُلَمَاءِ لِلِاسْتِشَارَةِ مَنْدُوبٌ وَأَصْلُهُ مُسْتَشْوِرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَشُورَةِ انْتَهَى. (أَقُولُ) فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ شَاوَرَهُمْ فِيمَا يَتَأَتَّى تَكْرَارًا أَيْ بَلْ يُقَالُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ هُنَا اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِشَارَةِ فَيُفْهَمُ أَنَّ النَّدْبَ مُتَعَلِّقٌ بِهَا فَقَطْ وَكَلَامُهُ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّ النَّدْبَ مُتَعَلِّقٌ بِهَا أَوْ بِالْحُضُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّيْنَ يَحُطُّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ) مِنْ زَائِدَةٌ أَوْ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ شَيْئًا مِنْ مَرْتَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَضَاءَ وَصْفٌ زَائِدٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ اُعْتُبِرَ فِي الْقَاضِي مِنْ الْأَوْصَافِ مَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِيهِ الذُّكُورِيَّةُ وَالِاجْتِهَادُ وَقَوْلُهُ: وَاسْتِنَادُ فَرْقٍ ثَانٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصْفٌ زَائِدٌ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ اسْتِنَادُ الْقَاضِي فِيهِ لِلْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ تَابَ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي حُدَّ فِيهِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحَدَّ وَتَابَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. (قَوْلُهُ: الْفِطْنَةُ إلَخْ) هِيَ شِدَّةُ الْفِكْرِ وَجَوْدَتُهُ وَالْمَعْنَى يُنْدَبُ فِي حَقِّ الْقَاضِي أَنْ لَا يَكُونَ شَدِيدَ الْفِطْنَةِ وَالْحَذْقَةِ وَالْفِرَاسَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَمِيرِ لِوُسْعِ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ: خَالِيًا عَنْ بِطَانَةِ السُّوءِ) أَيْ خَالِيًا عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمُصَاحِبِينَ لَهُ أَهْلُ السُّوءِ لِاكْتِسَابِهِ السُّوءَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِطَانَةِ أَصْحَابُ الشَّخْصِ الْمُطَّلِعُونَ عَلَى أَحْوَالِهِ سُمُّوا بِهَا تَشْبِيهًا بِبِطَانَةِ الثَّوْبِ وَهُوَ خِلَافُ ظِهَارَتِهِ لِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى بَاطِنِ حَالِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْبِطَانَةَ الَّتِي يُتَّهَمُ مِنْهَا السُّوءُ) أَيْ فَلَيْسَ السُّوءُ مِنْهَا مُحَقَّقًا بَلْ مَشْكُوكٌ، وَأَمَّا إذَا تَحَقَّقَ مِنْهَا السُّوءُ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مِنْهَا السُّوءُ فَالسَّلَامَةُ مِنْهَا وَاجِبَةٌ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالسَّلَامَةُ إلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ مِنْهَا الْمُتَّهَمُ بَلْ أُرِيدَ الْمُحَقَّقُ أَوْ الَّتِي غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِالنَّدْبِ؛ لِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبَةٌ . (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ لِلرَّاكِبِينَ فِي رَفْعِ مَظْلِمَةٍ أَوْ خُصُومَةٍ أَوْ يَكُونَ الْمُصَاحِبُونَ لَهُ أَهْلَ أَمَانَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَفَضْلٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي عَلَيْهِمْ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُخَفِّفَ الْأَعْوَانَ مِنْ عِنْدِهِ مَا أَمْكَنَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعِيشُونَ غَالِبًا إلَّا مِنْ تَعْلِيمِ الْخُصُومِ وَقَلْبِ الْأَحْكَامِ وَكَانَ رِزْقُهُمْ سَابِقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْأَعْوَانُ هُمْ الرُّسُلُ وَالْوُكَلَاءُ الَّتِي فِي الْمَحَاكِمِ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ الْآنَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْعِدَ عَنْهُ مَنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يَزْدَادُ سُوءُهُمْ بِالنَّاسِ (ص) وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ وَحُكْمِهِ وَشُهُودِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ عِنْدَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ وَبِمَا يُقَالُ فِي حُكْمِهِ وَبِمَا يُقَالُ فِي شُهُودِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَفْعَلَ بِمُقْتَضَى الْأَخْبَارِ مِنْ إبْقَاءٍ وَعَزْلٍ (ص) وَتَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ إلَّا فِي مِثْلِ اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِي فَلْيَرْفُقْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسَاءَ عَلَى الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ لَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ آذَاهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَيْسَ لَهُ تَأْدِيبُهُ وَيَرْفَعُهُ لِغَيْرِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْأَخْصَامِ لِلْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِي أَوْ قَالَ لَهُ اُذْكُرْ وُقُوفَك لِلْحِسَابِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَرْفُقُ بِهِ وَيُشْفِقُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ تَقْوَاهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (ص) وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ إلَّا لِوُسْعِ عَمَلِهِ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ مِنْ عِلْمِ مَا اُسْتُخْلِفَ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي إقْلِيمِهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إنْسَانًا قَاضِيًا يَنْظُرُ لِلنَّاسِ وَيُرِيحُ نَفْسَهُ إلَّا إذَا كَانَ قُطْرُهُ وَاسِعًا وَأَقْطَارُ مِصْرِهِ مُتَبَاعِدَةً فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَخْلِفَ شَخْصًا يَكُونُ عَالِمًا بِالْأَمْرِ الَّذِي اُسْتُخْلِفَ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِغَيْرِهِ وَإِذَا اُسْتُخْلِفَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ يَكُونُ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ لَا فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ وَقَعَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ مُجَرَّدًا عَنْ الْإِذْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا لَوْ نُصَّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ فَلَيْسَ لَهُ اتَّسَعَ عَمَلُهُ أَمْ لَا قَرُبَتْ الْجِهَةُ أَوْ بَعُدَتْ أَوْ نُصَّ لَهُ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ اُسْتُخْلِفَ مُطْلَقًا وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَإِلَّا فَلَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَلَوْ فِي الْجِهَةِ الْقَرِيبَةِ عِنْدَ الْأَخَوَيْنِ وَعِنْدَ سَحْنُونَ لَيْسَ لَهُ وَلَوْ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَعَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْخَلِيفَةِ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهُ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ. (ص) وَانْعَزَلَ بِمَوْتِهِ لَا هُوَ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ وَلَوْ الْخَلِيفَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي) أَيْ فَيَمْتَنِعُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِمْ حَقٌّ مِنْ طَلَبِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَعِيشُونَ غَالِبًا) أَيْ لَا يَعِيشُونَ غَالِبًا إلَّا بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ الْخُصُومِ وَقَوْلُهُ: وَقَلْبِ الْأَحْكَامِ أَيْ وَتَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ أَيْ يُغَيِّرُونَ الْحَالَةَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا وُقُوعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى وَجْهٍ. (قَوْلُهُ: وَالْوُكَلَاءُ إلَخْ) الْوُكَلَاءُ هُمْ نَفْسُ الرُّسُلِ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ الْقَاضِي لِحُضُورِ الْخَصْمِ وَسَمَّاهُمْ وُكَلَاءَ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُمْ فِي حُضُورِ الْخَصْمِ . (قَوْلُهُ: فِي سِيرَتِهِ) أَيْ غَيْرِ حُكْمِهِ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مِنْ جُمْلَةِ سِيرَتِهِ وَإِنَّمَا نُدِبَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَشُهُودِهِ) أَيْ الْجَمَاعَةِ الْمُلَازِمِينَ لِلشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِ الْخُصُومِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَأْتِي بِهِمْ الْمُدَّعِي . (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ) وَإِنْ لَزِمَهُ الْحُكْمُ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ وَمُرَاعَاةُ حُرْمَةِ الشَّرْعِ إمَّا مَنْدُوبَةٌ كَمَا هُنَا أَوْ وَاجِبَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ بِخِلَافِ مَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ فَإِنَّ تَأْدِيبَهُ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْفُقُ بِهِ) وَتَرْكُ أَدَبِهِ وَاجِبٌ. . (قَوْلُهُ: فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ وُسْعِ عَمَلِهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَيَسْتَخْلِفُ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ لِوُسْعِ عَمَلِهِ لَيْسَ هُوَ مُسْتَثْنًى وَإِنَّمَا الْمُسْتَثْنَى قَوْلُهُ: مَنْ عَلِمَ أَيْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ إلَّا مَنْ عَلِمَ أَيْ إلَّا الشَّخْصَ الَّذِي عَلِمَ الْحُكْمَ الَّذِي اُسْتُخْلِفَ فِيهِ لِوُسْعِ عَمَلِهِ غَايَةُ مَا فِيهِ تَقْدِيمُ مَعْمُولِ الصِّلَةِ وَهُوَ لِوُسْعِ عَمَلِهِ عَلَى الْمَوْصُولِ وَهُوَ مَا، وَهُوَ جَائِزٌ سَلَّمْنَا أَنَّ فِيهِ اسْتِثْنَاءَ شَيْئَيْنِ بِأَدَاةٍ فَقَطْ وَالتَّقْدِيرُ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ شَخْصًا مِنْ الْأَشْخَاصِ إلَّا لِوُسْعِ عَمَلِهِ فَلِوُسْعِ مُسْتَثْنًى مِنْ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَمَنْ عَلِمَ مُسْتَثْنًى مِنْ شَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ فَهُوَ كَقَوْلِك مَا ضَرَبَ إلَّا زَيْدٌ عُمْرًا أَيْ مَا ضَرَبَ أَحَدٌ أَحَدًا إلَّا زَيْدٌ عُمْرًا لَكِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَطْ وَقَوْلُهُ: بَعُدَتْ أَيْ بِأَمْيَالٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَ الْمُتَيْطِيِّ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَجَلَبَ الْخَصْمَ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَا أَكْثَرَ كَسِتِّينَ مِيلًا فَيَسْتَخْلِفُ إلَّا بِشَاهِدٍ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَاهِدٌ لَمْ يُخَالِفْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الْجِهَةِ الْبَعِيدَةِ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَجْلِبُ الْخَصْمَ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّعْوَى أُقِيمَ عَلَيْهَا شَاهِدٌ فَيَجْلِبُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ قُطْرُهُ وَاسِعًا) أَيْ دَائِرَةُ عَمَلِهِ الْمُحْتَوِيَةُ عَلَى أَقْطَارٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَأَقْطَارُ مِصْرِهِ مُتَبَاعِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَقْطَارُ مِصْرِهِ) أَيْ وَنَوَاحِي قُطْرِهِ مُتَبَاعِدَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُطْرَ وَاحِدٌ وَنَوَاحِيهِ مُتَعَدِّدَةٌ. (قَوْلُهُ: فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ) الَّذِي يُفِيدُهُ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّ الْبُعْدَ مَا كَانَ زَائِدًا عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَيْ الْقَصْرِ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَكُونَ وَقْتَ الِاسْتِخْلَافِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ نَصَّ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ فِي الْأَمْرَيْنِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَخَوَيْنِ) أَيْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَوْلُهُمَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ اضْطِرَارٌ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا . (قَوْلُهُ: لَا هُوَ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْأَمِيرِ لَهُ أَوْ الْخَلِيفَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ حَكَمَ بِشَيْءٍ قَبْلَ بُلُوغِ عَزْلِهِ نَفَذَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِضَرُورَةِ النَّاسِ وَانْظُرْ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي مَعْلُومَ الْقَضَاءِ مِنْ يَوْمِ وِلَايَتِهِ إذَا وُلِّيَ بِبَلَدٍ يَحْتَاجُ لِسَفَرٍ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ فَالْمَعْلُومُ لِلْمَعْزُولِ إلَى يَوْمِ بُلُوغِهِ انْتَهَى وَاسْتَظْهَرَ الْبَدْرُ ذَلِكَ لَهُ. (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 مُنِيبِهِ أَوْ بِعَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، وَأَمَّا مُقَدَّمُ الْقَاضِي عَلَى يَتِيمٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَلَا بِعَزْلِهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ أَنَّ الْعَزْلَ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَوْتَ لَمَّا كَانَ يَأْتِي بَغْتَةً لَا يَنْعَزِلُ بِهِ وَاعْلَمْ أَنْ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَاسْتَخْلَفَ فَلَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ يَقْتَضِي عَزْلَ نَائِبِهِ بِذَلِكَ وَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ النَّائِبِ فَالْحَنَفِيُّ إذَا اسْتَنَابَ مَالِكِيًّا بِإِذْنٍ مِمَّنْ وَلَّاهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَمَاتَ لَمْ يُعْزَلْ الْمَالِكِيُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، وَأَمَّا الْقَاضِي فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ لِمَصْلَحَةِ الْخَلِيفَةِ وَإِنَّمَا وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَالْمُرَادُ بِالْأَمِيرِ مَنْ لَهُ إمَارَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ غَيْرَهُ وَلِهَذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ الْخَلِيفَةَ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ الْخَلِيفَةَ وَلَوْ فَسَّرَ الْأَمِيرَ بِمَا دُونَ السُّلْطَانِ لَمْ تَصِحَّ الْمُبَالَغَةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا صَادِقًا عَلَيْهَا (ص) وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا شَهِدَ بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى حُكْمٍ كَأَنْ حَكَمَ بِهِ قَبْلُ فَإِنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ يُرِيدُ وَلَوْ شَهِدَ مَعَهُ شَخْصٌ آخَرُ وَعَلَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْبُطْلَانَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي الْبُطْلَانِ إذَا قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ شَهِدَ عِنْدِي شَاهِدَانِ بِكَذَا وَقَبِلْت شَهَادَتَهُمَا وَلِلطَّالِبِ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمَطْلُوبِ أَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي بِدِيوَانِ الْقَاضِي مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا أَحَدٌ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ لَهُ الطَّالِبُ وَثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ الْعَزْلِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْإِخْبَارُ فَيُقْبَلُ قَبْلَ الْعَزْلِ لَا بَعْدَهُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُحَكَّمِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْسِ الْفَرَاغِ مِنْ الْقَضِيَّةِ صَارَ مَعْزُولًا وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ أَوْ يَعْزِلَ وَهُوَ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ. (ص) وَجَازَ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ أَوْ خَاصٍّ بِنَاحِيَةٍ أَوْ نَوْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَاضِيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كُلُّ قَاضٍ يَسْتَقِلُّ بِمَمْلَكَةٍ يَحْكُمُ فِيهَا أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ إنْفَاذُ حُكْمِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْمَمْلَكَةِ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَوْ يُنَصِّبُ فِي مَمْلَكَتِهِ قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ يَحْكُمُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ كَقَاضِي الْأَنْكِحَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَقَاضِي الشُّرْطَةِ وَقَاضِي الْمِيَاهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ تَنْعَقِدُ عَامَّةً وَخَاصَّةً خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا عَامَّةً وَإِذَا قِيلَ تَنْعَقِدُ عَامَّةً وَخَاصَّةً يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَحْكُمَ فِي قَضِيَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ لَا يَحْكُمَ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مُسْتَقِلٍّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُوَلِّيَ قَاضِيَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ يَتَوَقَّفُ حُكْمُ كُلٍّ مِنْهَا فِيهَا عَلَى رِضَا صَاحِبِهِ لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَكُونُ الْحَاكِمُ نِصْفَ حَاكِمٍ انْتَهَى ابْنُ عَرَفَةَ مَنْعُ ابْنِ شَعْبَانَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا فِي نَازِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا أَيْ فِي الْجَوَازِ، وَقَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ فِي تَحْكِيمِهِمَا أَبَا مُوسَى وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ انْتَهَى، قَوْلُهُ أَوْ خَاصٍّ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَشْعَرَ بِهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ إلَخْ) هَذَا لَا يُخَالِفُ الْمُصَنِّفَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي الْجِهَةِ الْبَعِيدَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ وَلَّاهُ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ أَوْ عَدَمِهِ وَلَا جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ. (فَائِدَةٌ) لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوصِيَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَمْرًا لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ . (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ الْعَزْلِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ بِأَنَّهُ قَضَى بِكَذَا أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ كَذَا لَا تُقْبَلُ لَا قَبْلَ الْعَزْلِ وَلَا بَعْدَهُ وَأَمَّا إخْبَارُهُ فَيُقْبَلُ قَبْلُ لَا بَعْدُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍ بِحَقٍّ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ مَثَلًا وَأَنَّ قَاضِيَ الشَّامِ مَثَلًا حَكَمَ لَهُ بِهِ فَيَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَذْهَبُ الْمُدَّعِي لِقَاضِي الشَّامِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُكَاتِبَ قَاضِيَ مِصْرَ يُخْبِرَهُ بِمَا حَصَلَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَيْ أَوْ جَاءَ قَاضِي الشَّامِ يَشْهَدُ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ فَهَذَا لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ عَزْلِ قَاضِي الشَّامِ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَمَّا إذَا جَاءَ الْمُدَّعِي لِقَاضِي الشَّامِ ابْتِدَاءً قَبْلَ أَنْ يَتَدَاعَيَا عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ طَالِبًا مِنْهُ مَكْتُوبًا لِقَاضِي مِصْرَ بِمَا حَكَمَ بِهِ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَهَذَا يُقْبَلُ قَبْلَ عَزْلِ قَاضِي الشَّامِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا. لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَاضِيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ تَعَدُّدُ إلَخْ) أَشْعَرَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ تَعَدُّدِ الْقَاضِي بِمَنْعِ تَعَدُّدِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ تَنَاءَتْ الْأَقْطَارُ جِدًّا لِإِمْكَانِ النِّيَابَةِ وَقِيلَ إلَّا أَنْ لَا تُمْكِنَ النِّيَابَةُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ لِلْأُصُولِيِّينَ. (أَقُولُ) وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحَلَّ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: كُلُّ قَاضٍ يَسْتَقِلُّ بِمَمْلَكَةٍ) كَأَنْ يَكُونَ قَاضٍ بِمَمْلَكَةِ مِصْرَ وَقَاضٍ بِمَمْلَكَةِ الشَّامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْمَمْلَكَةِ كَأَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ فِي الْقَاهِرَةِ وَوَاحِدٌ فِي رَشِيدٍ مَثَلًا كَمَا هُوَ الْآنَ فَإِنَّك تَجِدُ فِي مَمْلَكَةِ مِصْرَ قُضَاةً كَثِيرِينَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ أَيْ وَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ يُنَصَّبُ فِي مَمْلَكَةٍ إلَخْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَقَاضِي الشُّرْطَةِ وَقَاضِي الْمِيَاهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قُضَاةِ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ. (قَوْلُهُ: عَامَّةٌ) أَيْ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَا تَقْضِي فِي الْأَمْوَالِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي نَازِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ لَيْسَتْ مَعَ الْقُضَاةِ بَلْ مَعَ الْحَكَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ تَوْضِيحُ ذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 أَيْ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ لَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَعَدُّدٍ وَلَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مُسْتَقِلٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ. (ص) وَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ ثُمَّ مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ وَإِلَّا أَقُرِعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا التَّنَازُعَ عِنْدَ قَاضٍ وَاخْتَارَ الْآخَرُ التَّنَازُعَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ مِنْهُمَا وَالْمُرَادُ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَالْقَوْلُ لِمَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً فَلَوْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ الْمُدَّعِي وَحُكْمُ تَنَازُعِهِمَا فِي تَقْدِيمِ مَنْ يَدَّعِي مِنْهُمَا يَجْرِي عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَأَمْرُ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ وَإِلَّا فَالْجَالِبُ وَإِلَّا أُقْرِعَ، وَعَلَى هَذَا فَمَا يُوجَدُ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَالِادِّعَاءِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا يَأْتِي (ص) وَتَحْكِيمُ غَيْرِ خَصْمٍ وَجَاهِلٍ وَكَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ فِي مَالٍ وَجُرْحٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَجَازَ تَعَدُّدٌ إلَخْ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْخَصْمَيْنِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يُحَكِّمَا شَخْصًا لَيْسَ مُوَلًّى مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي غَيْرَ خَصْمٍ لِأَحَدِهِمَا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْوَالِ وَالْجِرَاحِ الْعَمْدِ وَلَوْ عَظُمَ كَقَطْعِ يَدٍ لَا فِي غَيْرِهِمَا كَحَدٍّ كَمَا يَأْتِي فَلَوْ حَكَّمَا خَصْمًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ كَمَا إذَا حَكَّمَا جَاهِلًا أَوْ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَصْمِ هُنَا مَنْ ثَبَتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ خُصُومَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى الْعَدَاوَةِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الشَّاهِدِ، وَلَوْ شَاوَرَ الْجَاهِلُ الْعُلَمَاءَ فِيمَا حَكَّمَ فِيهِ وَعَلِمَ الْحُكْمَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ حُكْمَ جَاهِلٍ، وَلَوْ حَكَمَ الْجَاهِلُ أَوْ الْخَصْمُ أَوْ الْكَافِرُ كَانَ الْحُكْمُ مَرْدُودًا وَيَنْبَغِي إذَا قَتَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِذَا أَتْلَفَ شَيْئًا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لَهُ فَقَوْلُهُ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خَصْمٍ أَيْ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ الْمُمَيِّزُ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الصَّبِيُّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي صَبِيٍّ إلَخْ وَتَحْكِيمُ مُمَيِّزٍ مِنْ الْبَالِغِينَ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَسْتَغْنِ بِغَيْرِ الْأُولَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ " مُمَيِّزٍ " مَعْطُوفًا عَلَى غَيْرِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِغَيْرِ لَتُوهِمَ الْعَطْفُ عَلَى خَصْمٍ كَبَقِيَّةِ الْمَعْطُوفَاتِ فَرُفِعَ هَذَا بِإِتْيَانِهِ بِلَفْظِ غَيْرِ (ص) لَا حَدٍّ وَقَتْلٍ وَلِعَانٍ وَوَلَاءٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إمَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِمَّا لِآدَمِيٍّ فَفِي اللِّعَانِ حَقٌّ لِلْوَلَدِ لِقَطْعِ النَّسَبِ، وَكَذَلِكَ النَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ لَا يَجُوزُ بَقَاءُ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ فِي الْعِصْمَةِ وَلَا رَدُّ الْعَبْدِ فِي الرِّقِّ وَتَرَكَ هُنَا الْمُؤَلِّفُ بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا فِي بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَأَمْرِ الْغَائِبِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الطَّالِبُ أَيْ أَوْ كَانَ كُلٌّ طَالِبًا. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ الَّذِي سَبَقَ رَسُولُهُ أَيْ رَسُولُ الطَّالِبِ أَيْ رَسُولَ الْقَاضِي الَّذِي أَتَى بِهِ الطَّالِبُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَوْ مَنْ سَبَقَ رَسُولَ الْقَاضِي أَيْ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ الَّذِي سَبَقَ رَسُولَ الْقَاضِي مَعَهُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً) مِثَالُ الْمُتَّفِقَةِ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَنَا لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ سِلْعَةٍ فَيَقُولُ الْآخَرُ مَا صَدَقْت بَلْ أَنَا لِي عَلَيْك تِلْكَ الْعَشَرَةُ ثَمَنُ سِلْعَةٍ وَمِثَالُ الْمُخْتَلِفَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَنَا لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ سِلْعَةٍ فَيَقُولُ الْآخَرُ بَلْ أَنَا لِي عِنْدَك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَدِيعَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ) الْمُرَادُ اسْتَوَيَا فِي الْإِتْيَانِ مَعَ دَعْوَى كُلٍّ أَنَّهُ الطَّالِبُ أَوْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلًّا طَالِبٌ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ الْمُدَّعِي بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ فَيُحْكَمُ أَنَّهُ الْمُدَّعِي بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَيَعْتَبِرُ الْقَاضِي الَّذِي يُرِيدُ الْحُكُومَةَ عِنْدَهُ لَا غَيْرُهُ الَّذِي يُرِيدُ الْحُكُومَةَ عِنْدَهُ خَصْمُهُ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لِلْمَازِرِيِّ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَلَوْ فَرَضْنَا الْخَصْمَيْنِ جَمِيعًا طَالِبِينَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ صَاحِبَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْقُضَاةِ وَيَطْلُبُ الْآخَرُ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ أُوجِبَتْ لِلسَّابِقِ مِنْ رَسُولِ الْقَاضِيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِسَبْقِ الطَّالِبِ عَلَى الْآخَرِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ بِاعْتِبَارِ آخِرِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ طَالِبًا لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كُلٌّ طَالِبًا إلَّا مَعَ اخْتِلَافِ الدَّعْوَى وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ طَالِبًا فَإِذَا طَلَبَ الطَّالِبُ فِي دَعْوَى حَقِّهِ عِنْدَ قَاضٍ فَإِنَّهُ يُجَابُ فَإِذَا فَرَغَتْ الدَّعْوَى وَطَلَبَ الطَّالِبُ قَاضِيًا آخَرَ أُجِيبَ لِذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَبِ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَنْ جَاءَ رَسُولُهُ مِنْ الْقُضَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرْجِيحٌ بِشَيْءٍ أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا اهـ. ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي تَقْدِيمِ مَنْ يَدَّعِي يَأْتِي غَيْرَ خَصْمٍ لِأَحَدِهِمَا. . (قَوْلُهُ: وَتَحْكِيمُ غَيْرِ خَصْمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةِ قَاضٍ وَلَا يَحْتَاجُ لِشُهُودٍ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ تَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: غَيْرَ خَصْمٍ لِأَحَدِهِمَا) وَأَمَّا إذَا كَانَ خَصْمًا لَهُمَا فَسَكَتَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُمَا لَا يَطْلُبَانِ تَحْكِيمَهُ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَحَكَّمَاهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَحْكِيمُ مُمَيِّزٍ مِنْ الْبَالِغِينَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ وَصْفَ الْخُصُومَةِ وَالْجَهْلِ وَالْكُفْرِ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُفِيدُ الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَتَحْكِيمُ بَالِغٍ غَيْرِ خَصْمٍ وَجَاهِلٍ وَكَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ . (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ النَّسَبُ) أَيْ إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْأَبِ وَرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْوَلَدِ فَالْأَبُ يَقُولُ لَيْسَ ابْنِي وَالرَّجُلُ يَقُولُ هُوَ ابْنُك، أَمَّا لَوْ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ فَالْحَقُّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَلَاءُ) أَيْ إذَا كَانَ السَّيِّدُ يَتَنَازَعُ مِنْ رَجُلٍ فِي الْعَبْدِ الْمَعْتُوقِ أَمَّا لَوْ كَانَ النِّزَاعُ مِنْ السَّيِّدِ مَعَ الْعَبْدِ الْمَعْتُوقِ فَالْحَقُّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ هُنَا الْمُؤَلِّفُ بَعْضَ مَسَائِلَ) أَيْ كَالرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَالْحَبْسِ الْمُعَقِّبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 وَالْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ إلَخْ الْقُضَاةُ، وَتَرَكَ مِنْ هُنَاكَ بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ مَا نَقَصَهُ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ وَعَبَّرَ هُنَاكَ بِالْقِصَاصِ وَهُنَا قَيَّدَ بِالْقَتْلِ فَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا هُنَا. (ص) وَمَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَكَّمَ إذَا حَكَمَ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحْكِيمُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَمْضِي إنْ كَانَ صَوَابًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لِحَاكِمٍ غَيْرِهِمَا أَنْ يَنْقُضَهُ وَلَكِنْ إذَا اسْتَوْفَى الْحُكْمَ بِالْحَدِّ وَالْقَتْلِ يُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَإِلَّا فَلَا يُؤَدَّبُ بَلْ يُزْجَرُ وَلَا يُؤَدَّبُ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ إذَا حَكَمَ بِالْقَتْلِ وَعَفَا عَنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَدَبٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ (ص) وَفِي صَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَفَاسِقٍ ثَالِثُهَا إلَّا الصَّبِيَّ وَرَابِعُهَا وَفَاسِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْفَاسِقَ إذَا حَكَمُوا فِي الْمَالِ وَالْجُرْحِ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لِأَصْبَغَ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا لِمُطَّرِفٍ وَالثَّالِثُ الصِّحَّةُ إلَّا فِي تَحْكِيمِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ جَازَ وَهُوَ لِأَشْهَبَ، وَالرَّابِعُ الصِّحَّةُ إلَّا فِي تَحْكِيمِ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ وَهُوَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَلَك أَنْ تُقَدِّرَ وَفِي جَوَازِ تَحْكِيمِ صَبِيٍّ إلَخْ وَعَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا لَا يَجُوزُ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ، وَفِي صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ إلَخْ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ، وَقَوْلُهُ ثَالِثُهَا بَدَلٌ مَقْطُوعٌ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثَالِثُهَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ إلَّا تَحْكِيمَ الصَّبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَفَاسِقٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَرَابِعُهَا إلَّا تَحْكِيمَ صَبِيٍّ وَفَاسِقٍ، فَإِنْ قِيلَ الْمُؤَلِّفُ حَذَفَ حَرْفَ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَوَّلُهَا كَذَا وَثَانِيهَا وَثَالِثُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَرَابِعُهَا فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ خَالٍ مِنْ حَرْفِ الْعَطْفِ أَيْ أَوَّلُهَا، وَكَذَا ثَانِيهَا كَذَا ثَالِثُهَا كَذَا وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَرَابِعُهَا بِالْعَطْفِ لِوُجُودِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ (ص) وَضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَ إذَا لَدَّ عَنْ إعْطَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَضْرِبَهُ وَأَنْ يَسْجُنَهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ بَلْ يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَحُكْمُ الْأَدَبِ الْوُجُوبُ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَلَدَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِصَاحِبِهِ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَاقِبَهُ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ إلْدَادَهُ إيذَاءٌ لَهُ وَإِضْرَارٌ بِهِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَكُفَّهُ وَيُعَاقِبَهُ عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ وَفِي حِفْظِي عَنْ بَعْضِهِمْ إنْ قَالَ لِخَصْمِهِ ظَلَمْتنِي أَوْ غَصَبْتنِي وَنَحْوَهُ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي أَوْ تَظْلِمُنِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ يَا ظَالِمُ وَنَحْوَهُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أُدِّبَ انْتَهَى، فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُطْلَقٌ عَلَيْهِ الْإِذْنُ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ أَوْ يُقَالُ الْوَاجِبُ زَجْرُهُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرْبِ، وَأَمَّا بِخُصُوصِ الضَّرْبِ فَحُكْمُهُ الْجَوَازُ إذْ الضَّرْبُ أَمْرُهُ سَدِيدٌ (ص) وَعَزْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَمْ يَنْبَغِ إنْ شُهِرَ عَدْلًا لَا بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ، وَلْيَبْرَأْ عَنْ غَيْرِ سَخَطٍ (ش) عَزْلُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ هُوَ الْأَمِيرُ أَوْ الْخَلِيفَةُ أَيْ وَجَازَ عَزْلُ الْأَمِيرِ أَوْ الْخَلِيفَةِ الْقَاضِيَ لِمَصْلَحَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَرَحَهُ كَكَوْنِ غَيْرِهِ أَفْضَلَ أَوْ أَصْبَرَ وَأَجْلَدَ مِنْهُ فَلَوْ عَزَلَهُ لَا لِمَصْلَحَةٍ فَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَعَزْلُ مَنْ فِي بَقَائِهِ مَفْسَدَةٌ وَاجِبٌ وَمَنْ يُخْشَى مَفْسَدَتُهُ مُسْتَحَبٌّ، وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ الْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ فَيَتَنَاوَلُ الْوَاجِبَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَعْزِلَ الْقَاضِيَ الْمَشْهُورَ بِالْعَدَالَةِ بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ حَتَّى تَكْثُرَ فِيهِ الشَّكَاوَى وَتَتَظَافَرَ فَحِينَئِذٍ يَعْزِلُهُ وَإِذَا عَزَلَهُ فَإِنَّهُ يُوقِفُهُ لِلنَّاسِ لِيَرْفَعَ مَنْ يَرْفَعُ وَيَخْفِضَ مَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَتَرَكَ مِنْ هُنَاكَ بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا هُنَا) أَيْ وَهِيَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَاللِّعَانُ. (قَوْلُهُ: فَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا هُنَا) أَيْ فَيُرَادُ بِالْقِصَاصِ فِيمَا تَقَدَّمَ الْقَتْلُ فَقَطْ فِي شَرْحِ عب وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ إبْقَاءُ مَا فِي الْحَجْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَقِصَاصٌ عَلَى شُمُولِهِ لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا لَا مَا قَالَهُ عب لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي مَالٍ وَجَرْحٍ . (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ إلَخْ) أَيْ فَالتَّأْدِيبُ لَيْسَ عَامًّا بَلْ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَدِّ وَالْقَتْلِ. . (قَوْلُهُ: إذَا حَكَمُوا فِي الْمَالِ وَالْجَرْحِ) هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا يُحْكَمُ بِهِ ابْتِدَاءً وَفِيمَا يَمْضِي حُكْمُهُ فِيهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمَالِ وَالْجَرْحِ. (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مَقْطُوعٌ) لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ بَدَلًا ثُمَّ قُطِعَ فَلَوْ جُعِلَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِمُقَدَّرٍ لَكَانَ أَظْهَرَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: صَبِيٌّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا تَحْكِيمَ صَبِيٍّ وَلَا مَانِعَ مَنْ نَصْبِهِ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا الصَّبِيَّ وَفَاسِقًا وَيَصِحُّ رَفْعُهُ وَتَقْدِيرُهُ، وَرَابِعُهَا هُوَ وَفَاسِقٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا سُؤَالٌ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَثَالِثُهَا بَدَلٌ، وَقَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ خَالٍ عَنْ حَرْفِ الْعَطْفِ أَيْ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ مَحْذُوفٌ . (قَوْلُهُ: وَضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ) بِيَدِهِ أَوْ يَدِ أَعْوَانِهِ بِاجْتِهَادٍ فِي قَدْرِهِ وَكَذَا يُؤَدَّبُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الشَّرْعِ إنْ كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الرَّسُولِ وَإِلَّا فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ شب وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ بِغَيْرِ الضَّرْبِ. (قَوْلُهُ: فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي ذِكْرِهِ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَفِي حِفْظِي إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: أُدِّبَ) أَيْ فَفَرْقٌ بَيْنَ ظَالِمٍ وَتَظْلِمُنِي؛ لِأَنَّ لَفْظَ ظَالِمٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ الظُّلْمَ صِفَتُهُ وَطَبِيعَتُهُ بِخِلَافِ يَظْلِمُنِي فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ حُدُوثَ ذَلِكَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِذْنُ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَاكِمٌ بِالْجَوَازِ وَذَلِكَ أَنَّ ضَرْبٌ مَرْفُوعًا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِالْإِذْنِ الْوُجُوبَ مَا لَا يَشْمَلُ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ الْوَاجِبُ إلَخْ) هَذَا أَحْسَنُ. . (قَوْلُهُ: عَدْلًا) خَبَرٌ لِكَوْنِ الْمُقَدَّرِ وَالتَّقْدِيرُ إنْ شُهِرَ كَوْنُهُ عَدْلًا وَقِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَوْ نَائِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَجْلَدَ) عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ حَتَّى تَكْثُرَ فِيهِ الشَّكَاوَى إلَخْ) أَقُولُ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ. (قَوْلُهُ: وَتَتَظَافَرُ) أَيْ تَتَقَوَّى. (قَوْلُهُ: لِيَرْفَعَ مَنْ يَرْفَعَ) أَيْ لِيَرْفَعَهُ إنْ كَانَ مَا فِيهِ كَذِبٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 يَخْفِضُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ لَمْ يُمْنَعْ الْعَزْلَ إنْ شُهِرَ بِالْعَدَالَةِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِيَّةِ حَتَّى يَكْشِفَ عَنْهُ وَيَنْظُرَ فِي أُمُورِهِ فَالتَّجَرُّدُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْكَشْفِ وَالنَّظَرِ، وَالْمُرَادُ بِالشَّكِيَّةِ الشَّكْوَى وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الشَّكْوَى وَمَفْهُومُ شُهِرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْتَهَرْ بِالْعَدَالَةِ لَانْبَغَى عَزْلُهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكْوَى مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ وُجِدَ بَدَلًا كَمَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَالْأَصْلُ فِي يَنْبَغِي الِاسْتِحْبَابُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْ يَجِبُ أَنْ لَا يُعْزَلَ إنْ شُهِرَ عَدْلًا بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ وَإِذَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ الْقَاضِيَ الَّذِي أَقَامَهُ عَلَى مَمْلَكَتِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهَا لِمَصْلَحَةٍ فَإِنَّهُ يُبْرِئُهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَزْلَ مَظِنَّةُ تَطَرُّقِ الْكَلَامِ فِي الْمَعْزُولِ وَكَوْنُهُ لِمَصْلَحَةٍ قَدْ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ وَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ، فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعَنْ سَخَطٍ عَزَلْتنِي فَقَالَ لَا وَلَكِنَّنِي وَجَدْت مَنْ هُوَ مِثْلُك فِي الصَّلَاحِ وَأَقْوَى عَلَى عَمَلِي فَلَمْ أَرَ مَنْ يَجِدُّ بِي إلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ عَزْلَك عَيْبٌ فَأَخْبِرْ النَّاسَ بِعُذْرِي فَفَعَلَ عُمَرُ. أَمَّا إنْ عَزَلَهُ لِسَخَطٍ فَإِنَّهُ يُظْهِرُ عَيْبَهُ لِلنَّاسِ لِئَلَّا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلْيُبَرَّأْ أَيْ وُجُوبًا إذْ هُوَ حَقٌّ لِلْمَعْزُولِ، وَقَوْلُهُ عَنْ غَيْرِ سَخَطٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَيُبَيِّنُ إنْ عَزَلَهُ عَنْ غَيْرِ سَخَطٍ. (ص) وَخَفِيفُ تَعْزِيرٍ بِمَسْجِدٍ لِأَحَدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَزِّرَ بَعْضَ الْأَخْصَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَيَضْرِبَهُ كَعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ السَّلَامَةِ مِمَّا يُخْشَى عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْهُ بِخِلَافِ شَدِيدِ التَّعْزِيرِ فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْهُ كَدَمٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى أَحَدٍ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا مَرَّ (ص) وَجَلَسَ بِهِ بِغَيْرِ عِيدٍ وَقُدُومِ حَاجٍّ وَخُرُوجِهِ وَمَطَرٍ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَضَاءِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْحَقِّ وَالْأَمْرِ الْقَدِيمِ، وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْجُلُوسَ لِلْقَضَاءِ فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ لِيَصِلَ إلَيْهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْحَائِضُ وَالضَّعِيفُ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ» ابْنُ شَعْبَانَ مِنْ الْعَدْلِ كَوْنُ مَنْزِلِ الْقَاضِي فِي وَسَطِ مِصْرِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ الْقَاضِي أَيَّامَ النَّحْرِ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ   [حاشية العدوي] وَيَخْفِضَهُ إنْ كَانَ مَا قِيلَ فِيهِ صِدْقٌ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُحَقِّقِينَ ثُمَّ أَقُولُ قَوْلُهُ: لِيَرْفَعَ إلَخْ يُحْتَمَلُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَتَكُونُ مَنْ وَاقِعَةً عَلَى الْقَاضِي الْمَعْزُولِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَتَكُونُ مَنْ وَاقِعَةً عَلَى الرَّافِعِينَ مِنْ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُغَايِرَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ قُوَّتَهَا فَتَكُونُ هِيَ الْمُعَوَّلَ ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ) بَيَانٌ لِمُجَرَّدِ الشَّكْوَى. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي يَنْبَغِي الِاسْتِحْبَابُ) فَالْمَعْنَى وَلَا يُسْتَحَبُّ الْعَزْلُ بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ وَعَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ يَتَحَقَّقُ فِي الْكَرَاهَةِ فَالْمَعْنَى وَيُكْرَهُ الْعَزْلُ بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ) أَيْ حَمْلٌ لَمْ يَنْبَغِ الْعَزْلُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ حَمْلٌ يَنْبَغِي كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَالْمَعْنَى يَجِبُ عَدَمُ الْعَزْلِ وَالْمُنَاسِبُ لِلنَّفْيِ أَنْ يَقُولَ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ أَيْ يَحْرُمُ الْعَزْلُ بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِوُجُوبِ عَدَمِ الْعَزْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُبْرِئُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَيْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَزْلِ أَيْ الْمُقْتَضَى الَّذِي يَشِينُ وَيُوجِبُ الْعَزْلَ. (قَوْلُهُ: شُرَحْبِيلُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: حَسَنَةٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ أَرَ مَنْ يَجِدُّ بِي إلَّا ذَلِكَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنْ جَدَّ أَيْ يُعِينُنِي وَيَجْتَهِدُ مَعِي إلَّا ذَاكَ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِتَرْكِ التَّشْدِيدِ، وَالْأَصْلُ مَنْ يُوجَدُ بِي مَنْ وَجَدَ بِهِ حَزِنَ عَلَيْهِ أَوْ رَقَّ عَلَيْهِ أَيْ فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَرِقُّ عَلَيَّ أَوْ يَحْزَنُ عَلَيَّ إلَّا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدُ) إذْ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ لَوْ صَارَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ) وَهُوَ عَزْلُهُ أَيْ أَنَّ الْعَزْلَ عَنْ غَيْرِ سَخَطٍ بَيَّنَهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّبْيِينَ هُوَ عَيْنُ التَّبْرِئَةِ . (قَوْلُهُ: وَخَفِيفُ تَعْزِيرٍ) هُوَ مَا دُونَ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْهُ) وَهُوَ حِينَئِذٍ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ كَمَا قِيلَ فِي الْحَدِّ إذْ قَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ انْتَهَى لَكِنْ قَوْلُ شَارِحِنَا وَلَا يَجُوزُ إلَخْ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهَا الْحُرْمَةُ بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِحُرْمَةِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ كَانَ يُقَامُ فِيهِ الْحَدُّ وَيُعَزَّرُ فِيهِ التَّعْزِيرَ الشَّدِيدَ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَوْ ظَنَّ حُصُولَ كَدَمٍ حَرُمَ وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ الْقَدِيمُ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ إلَخْ) أَيْ فَالْجُلُوسُ بِالْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَنِّبُوا إلَخْ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْوُجُوبُ فَإِنْ قُلْت كَوْنُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ يَقْضِي بِأَنَّ مَالِكًا خَرَجَ عَنْ رَأْيِ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الصَّحْبِ وَالتَّابِعِينَ وَكَيْفَ يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَسْرَعُ امْتِثَالًا لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنَّ الصَّحْبَ وَالتَّابِعِينَ يُخَالِفُونَ فِعْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُلْت يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ فِي سَابِقِ الزَّمَنِ لَمْ تَحْصُلْ خُصُومَاتٌ تُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى الرِّحَابِ فَلَمَّا جَاءَ زَمَنُ مَالِكٍ حَصَلَ فِي الْخُصُومَاتِ مَا يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ وَالْجُلُوسِ فِي الرِّحَابِ فَاسْتُحِبَّ الْجُلُوسُ فِي الرِّحَابِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَنِّبُوا نَاظِرًا فِيهِ لِمُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ. (أَقُولُ) وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْكَثِيرَةِ الشَّرِّ يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَلِمَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الْمَطْلُوبُ الْجُلُوسُ فِي الرِّحَابِ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] وَبِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَكَمَ فِيهِ وَلَكِنْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْجُلُوسُ بِرِحَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ الْقَاضِي أَيَّامَ النَّحْرِ إلَخْ) أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 سَفَرِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ وَفِي كَثْرَةِ الْوَحْلِ وَالْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِالنَّاسِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فَقَوْلُهُ وَمَطَرٍ أَيْ وَكَثْرَةِ مَطَرٍ فَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِيدٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِجَلَسَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَيْدِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِهِ أَيْ أَنَّ جُلُوسَهُ فِي الْعِيدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ، وَأَمَّا مِصْرُ وَنَحْوُهَا فَيَنْبَغِي الْجُلُوسُ أَيَّامَ خُرُوجِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ وَسَفَرِ الْقَوَافِلِ لِلشَّامِ وَغَيْرِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَكْرِيَاءِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَإِذَا غَفَلَ عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ هَرَبُوا (ص) وَاِتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَمْنَعُ مَنْ لَا حَاجَةَ عِنْدَهُ وَبَوَّابًا بِالْبَابِ ثِقَةً عَدْلًا (ص) وَبَدَأَ بِمَحْبُوسٍ ثُمَّ وَصِيٍّ وَمَالِ طِفْلٍ وَمَقَامٍ ثُمَّ ضَالٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَحْبُوسِينَ فَيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِمْ فَمَنْ اسْتَحَقَّ الْإِفْرَاجَ أَفْرَجَ عَنْهُ وَمَنْ لَا أَبْقَاهُ، وَهَذَا بَعْدَ النَّظَرِ فِي الْكَشْفِ عَنْ الشُّهُودِ الْمُوَثِّقِينَ فَيَفْحَصُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ فَيُثْبِتُ مَنْ كَانَ عَدْلًا وَيُسْقِطُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْأَمْرِ كُلِّهِ عَلَى الشُّهُودِ ثُمَّ بَعْدَ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِ يَنْظُرُ فِي الْأَوْصِيَاءِ مَعَ الْأَيْتَامِ الَّذِينَ تَحْتَ حِجْرِهِمْ فَإِنَّ الْيَتِيمَ عَاجِزٌ عَنْ رَفْعِ أَمْرِهِ إلَى الْقَاضِي وَفِي مَالِ الْأَطْفَالِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ فِي مَالِ طِفْلٍ مَعَ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَامٍ عَلَيْهِ الْأَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ لِعُمُومِ النَّظَرِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي أَمْرِ الْمُقَامِ الَّذِي أَقَامَهُ الْقَاضِي الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ يَتِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ مُطَالَبَةٌ عَلَى الْمُقَامِ فَيَعْجِزُ وَلَا يَعْرِفُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ بَعْدَ النَّظَرِ فِيمَا مَرَّ يَنْظُرُ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّوَالِّ وَفِي تت وَبَدَأَ أَوَّلَ وِلَايَتِهِ اسْتِحْبَابًا بِمَحْبُوسٍ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ (ص) وَنَادَى بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ يَتِيمٍ وَسَفِيهٍ وَرَفَعَ أَمْرَهُمَا ثَمَّ فِي الْخُصُومِ (ش) قَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا قَعَدَ أَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ فِي النَّاسِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ لَهُ فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مِنْ مُدَايَنَتِهِ وَمُتَاجَرَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَنْهُ فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدُ أَوْ بَاعَ مِنْهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ انْتَهَى ثُمَّ بَعْدَ مَا مَرَّ يَنْظُرُ بَيْنَ الْخُصُومِ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَمُسَاوَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ. (ص) وَرَتَّبَ كَاتِبًا عَدْلًا شَرْطًا كَمُزَكٍّ وَاخْتَارَهُمَا وَالْمُتَرْجِمُ مُخَيَّرٌ كَالْمُحَلِّفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ لَهُ كَاتِبًا عَدْلًا يَضْبِطُ الْوَقَائِعَ الَّتِي يَحْكُمُ فِيهَا وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْدَلِ   [حاشية العدوي] لَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَمُ الْجُلُوسِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مُطْلَقًا . (قَوْلُهُ: وَبَوَّابٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْحَاجِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ فَالْبَوَّابُ الَّذِي يَقِفُ خَارِجَ بَابِ الدَّارِ فَلَا يُدْخِلُ إلَّا مَنْ لَهُ حَاجَةٌ، وَالْحَاجِبُ هُوَ الَّذِي يَقِفُ عَلَى بَابِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعَدَّهُ الْقَاضِي لِلْجُلُوسِ فِيهِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَدْخُلَ وَاحِدٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَوَّابِ أَوْ يَكُونَ بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهِ لَهُ حَاجَةٌ، وَيَكُونُ الدُّخُولُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي الْقَاضِي فِيهِ عَلَى التَّدْرِيجِ بِحَيْثُ إنَّ أَصْحَابَ الدَّعَاوَى لَا يَدْخُلُونَ دُفْعَةً بَلْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّ اسْمَهُ عُثْمَانُ وَكَانَ أَبُوهُ حَاجِبَ الْأَمِيرِ بِقُوصَ. (قَوْلُهُ: ثِقَةً عَدْلًا) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَكُونُ الْحَاجِبُ وَالْبَوَّابُ ثِقَةً عَدْلًا وَيُنْهَى عَنْ اتِّخَاذِهِ مَنْ يَحْجُبُ النَّاسَ وَقْتَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ . (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ وِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُوَثِّقِينَ) أَيْ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْوَثَائِقَ أَوْ يَحْضُرُونَ كَتْبَ الْوَثَائِقِ أَيْ الشُّهُودِ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَاضِي الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الدَّعْوَى وَتُوضَعُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْوَثَائِقِ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَالِ الْأَطْفَالِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَمَالِ طِفْلٍ عَلَى مَا هُوَ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الطِّفْلِ مُهْمَلًا أَوْ ذَا وَصِيٍّ أَوْ ذَا مَقَامٍ وَقَوْلُهُ: الْأَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ لَكِنْ أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَالِ طِفْلٍ أَخَصَّ مِمَّا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَصِيٌّ أَيْ وَأَخَصُّ مِمَّا بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَمَقَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ وَصِيٍّ وَمُقَامٍ صَادِقٍ بِالنَّظَرِ لِمَالِ الطِّفْلِ وَحَالَةِ الْقِيَامِ بِشَأْنِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُمُومٌ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْمُهْمَلِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي أَمْرِ الْمُقَامِ هَذَا حَلٌّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مُقَامٍ، قَوْلُهُ (يُنْظَرُ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّوَالِّ) أَرَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَضَالٍّ قَاصِرٍ إذْ كَمَا يَنْظُرُ فِي الضَّوَالِّ فِي اللُّقَطَةِ وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالضَّالِّ مَا يَشْمَلُ اللُّقَطَةَ أَيْ أَنَّ اللُّقَطَةَ وَالضَّوَالَّ الْمَوْضُوعَةَ فِي حَوْزِ بَيْتِ الْمَالِ يُنْظَرُ فِي شَأْنِهَا هَلْ أَتَى لَهَا طَالِبٌ أَوْ لَا فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ مِنْ إبْقَاءٍ أَوْ صَرْفٍ فِيمَا يَصْرِفُ فِيهِ بَيْتُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ) تِلْمِيذِ النَّاصِرِ شَارِحِ خَلِيلٍ أَيْ حَيْثُ جَعَلَهُ وَاجِبًا وَهُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا أَوَّلًا . (قَوْلُهُ: وَنَادَى) أَيْ أَمَرَ أَنْ يُنَادِيَ إلَخْ وَرُتْبَةُ الْمُنَادَاةِ فِي رُتْبَةِ النَّظَرِ فِي أَمْرِهِمَا فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِينَ كَمَا تُفِيدُهُ التَّبْصِرَةُ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبِسَاطِيِّ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَالْمُنَادَاةُ الْمَذْكُورَةُ مَنْدُوبَةٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّارِحِ وتت وَلَازِمَةٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّبْصِرَةِ ثُمَّ نِدَاؤُهُ يَمْنَعُ مُعَامَلَةَ السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَفْعَالِهِ لَا عَلَى رَدِّهَا إذْ لَا فَائِدَةَ لِلْمُنَادَاةِ حِينَئِذٍ قَالَ فِي ك وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُنَادِي بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ الْيَتِيمِ وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (قَوْلُهُ: وَرَفْعِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْعِ. (قَوْلُهُ: ثَمَّ فِي الْخُصُومِ) أَيْ أَنَّ مَرْتَبَةَ ذَلِكَ مُتَأَخِّرَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسَافِرُونَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: قَالَ أَصْبَغُ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ أَصْبَغَ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُنَادَاةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَلَا وَكِيلَ) أَرَادَ بِهِ الْمُقَدَّمَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي . (قَوْلُهُ: وَرَتَّبَ كَاتِبًا) أَيْ وُجُوبًا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَنَدْبًا عَلَى مَا فِي الْحَطَّابِ. (قَوْلُهُ: شَرْطًا) حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْعَدَالَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ عَدْلًا شَرْطًا. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُمَا) أَيْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَأَمَّلَ بِحَيْثُ يَأْخُذُ الْخِيَارَ مِنْ النَّاسِ وَيَجْعَلُهُ كَاتِبًا وَمُزَكِّيًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 الْمُوجِدِينَ مَرْضِيًّا عِنْدَ النَّاسِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مَرْضِيًّا وَيَخْتَارُ الْقَاضِي الْمُزَكِّيَ وَالْكَاتِبَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَعْدَلِ الْمَوْجُودِينَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُزَكِّي هُنَا هُوَ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا لِلْقَاضِي يُخْبِرُهُ عَنْ الشُّهُودِ فِي مَسَاكِنِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَأَمَّا مُزَكِّي الْبَيِّنَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ قُلْت إنْ أَرَادَ مُزَكِّيَ السِّرِّ فَقَدْ مَرَّ وَإِنْ أَرَادَ مُزَكِّيَ الْعَلَانِيَةِ فَسَيَأْتِي فَمَا فَائِدَةُ هَذَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُزَكِّي السِّرِّ وَذَكَرَهُ هُنَا لِشَيْءٍ غَيْرِ مَا مَرَّ وَهُوَ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ عَدْلًا أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ هُنَا اتِّخَاذُ شَخْصٍ يُخْبِرُهُ بِأَحْوَالِ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ مِنْ شُهُودٍ وَغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ الْمُتَّخَذُ لِيُخْبِرَهُ بِمَا يُقَالُ فِي شُهُودِهِ فَتِلْكَ خَاصَّةٌ وَهَذِهِ عَامَّةٌ، وَكَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت وَالْمُتَرْجِمُ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَجَمِيَّةَ مَثَلًا مُخْبِرٌ فَيَكْفِي الْوَاحِدُ وَكَذَلِكَ الْمُحَلِّفُ لِلْغَيْرِ عَنْ الْقَاضِي سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَشْهَبَ وَابْنَ نَافِعٍ إنْ احْتَكَمَ لِلْقَاضِي خُصُومٌ يَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَفْقَهُ كَلَامَهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجِمَ عَنْهُمْ رَجُلٌ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ مُسْلِمٌ وَاثْنَانِ أَحَبُّ إلَيَّ وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ الْمَسْخُوطِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ إلَخْ (ص) وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ أَوْ شَاوَرَهُمْ وَشُهُودًا (ش) ابْنُ الْمَوَّازِ الْأَحَبُّ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا بِحَضْرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمُشَاوَرَتِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لِفِعْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ كَانَ إذَا جَلَسَ أَحْضَرَ أَرْبَعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ فَإِذَا رَأَوْا مَا رَآهُ أَمْضَاهُ وَمَنَعَ ذَلِكَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَا وَلَكِنْ إنْ ارْتَفَعَ عَنْ مَجْلِسِهِ شَاوَرَهُمْ كَفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ إلَّا بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَعُدُولٍ يَحْفَظُونَ إقْرَارَ الْخَصْمِ خَوْفَ رُجُوعِ بَعْضِهِمْ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ إحْضَارَ الشُّهُودِ مُسْتَحَبٌّ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ، وَهُوَ الْعُلَمَاءُ مِنْ قَوْلِهِ أَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مَرْضِيًّا عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ حَسَنَ الْخُلُقِ ذَا سَمْتٍ حَسَنٍ هَكَذَا كَتَبْت ثُمَّ وَجَدْت فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ مَرْضِيًّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَعْدَلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يُضَيِّعُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُمَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعُدُولِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْدَلَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَاخْتَارَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَمُزَكٍّ. (قَوْلُهُ: يُخْبِرُهُ عَنْ الشُّهُودِ فِي مَسَاكِنِهِمْ) أَيْ الَّذِينَ أَعَدَّهُمْ بِجُلُوسٍ عِنْدَهُ يَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِ الْخُصُومِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي وَمَا يَأْتِي مُزَكٍّ لِشُهُودٍ غَيْرِ خَاصِّينَ بَلْ كُلُّ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا مُزَكِّي الْبَيِّنَةِ أَيْ الَّتِي تَشْهَدُ بِالْحُقُوقِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ وَحُكْمِهِ وَشُهُودِهِ. (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي) أَيْ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ) أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ، وَالثَّانِي جَوَابٌ بِالْمَنْعِ فَالْمُزَكِّي هُنَا أَرَادَ بِهِ مُزَكِّيَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فَتَكُونُ الْأَشْخَاصُ ثَلَاثَةً مُزَكِّي السِّرِّ فَقَطْ وَمُزَكِّي الْعَلَانِيَةِ فَقَطْ وَمُزَكِّيهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: مُزَكِّي السِّرِّ) أَيْ الَّذِي يُزَكِّي الشُّهُودَ الْمُلَازِمِينَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ) عِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَوْلُهُ: كَمُزَكٍّ أَيْ فِي كَوْنِهِ عَدْلًا رِضًا فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ وَلَا يُقْبَلُ فِي التَّزْكِيَةِ إلَّا مَنْ يَقُولُ عَدْلٌ رِضًا أَيْ يَجْمَعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ يَدُلُّك عَلَى أَنَّ شَرْطًا تَصْحِيفُ مَرْضِيًّا. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَقُولُ الْمُزَكِّي فِي شَأْنِ الشَّاهِدِ مِنْ كَوْنِهِ يَقُولُ هُوَ عَدْلٌ رِضًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَرْجِمُ مُخْبِرٌ) إمَّا مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ وَأَنَّ الْمُتَرْجِمَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي اخْتَارَهُمَا وَقَوْلُهُ: مُخْبِرٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ مُخْبِرٌ. (قَوْلُهُ: مُخْبِرٌ) أَيْ لَا شَاهِدٌ فَيَكْفِي الْوَاحِدُ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ. (قَوْلُهُ: أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ) بَدَلٌ مِنْ الْقَرِينَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَسْخُوطُ) أَرَادَ بِهِ الْفَاسِقَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ انْتَقَلَتْ صُورَتُهُ إلَى صُورَةٍ أُخْرَى بِأَنْ مُسِخَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمِ وَالْمُحَلِّفِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا (تَنْبِيهٌ) قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحَلِّفَ الَّذِي يَبْعَثُهُ الْقَاضِي لِلتَّحْلِيفِ يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَانْظُرْ هَلْ يَكْفِي عِنْدَ مُرْسِلِهِ وَغَيْرِهِ أَوْ عِنْدَ مُرْسِلِهِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَالَهُ عج. . (قَوْلُهُ: ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ أَيْ وَشَاوَرَهُمْ وَلَا مَعْنَى لِلْحُضُورِ إلَّا مُشَاوَرَتُهُمْ، وَهَذَا إشَارَةٌ لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَاوَرَهُمْ إشَارَةٌ لِحِكَايَةِ قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَوْ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ فَتَكُونُ إشَارَةً إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ خَاصَّةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مِنْ لَازِمِ الْحُضُورِ الْمُشَاوَرَةُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِحْضَارِ، وَتَرَكَ قَوْلَ مُطَرِّفٍ ثُمَّ إنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ حَيْثُ كَانَ فَكُرِهَ فِي حُضُورِهِمْ وَعَدَمِهِ سَوَاءً فَإِنْ كَانَ فَكُرِهَ فِي حُضُورِهِمْ لَا غَيْرُ وَجَبَ حُضُورُهُمْ وَإِنْ كَانَ فَكُرِهَ فِي عَدَمِهِ مُنِعَ ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الْأَوَّلِ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ صِفَةُ الْقَضَاءِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ قَاضٍ شَرْعًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: لِعَطْفِهِ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِعَطْفِهِ عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ وَأَرَادَ بِالْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُمْ غَيْرُ مَا ظَهَرَ لَهُ لِيَظْهَرَ لَهُ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ مِثْلُ مَا ظَهَرَ لَهُمْ لَا تَقْلِيدًا لَهُمْ إذْ الْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مِثْلَهُ وَمِنْ مُقَلَّدِي مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا إلَّا أَنَّ الزَّرْقَانِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَطْلُوبًا بِذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يَحْضُرْهُ فِي الْوَاقِعَةِ شَيْءٌ. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ إحْضَارُهُمَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَكُونَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ بَلْ لِلتَّخْيِيرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إحْضَارُ الشُّهُودِ وَاجِبٌ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إحْضَارَ الْعُلَمَاءِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ فَالْعَطْفُ الْمَذْكُورُ يُفِيدُ الْوُجُوبَ مِنْ غَيْرِ إشْكَالٍ وَإِنَّمَا جَرَّدَ الشُّهُودَ مِنْ أَلْ خَشْيَةَ تَوَهُّمِ عَطْفِهِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَاوَرَهُمْ. (ص) وَلَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ كَسَلَفٍ وَقِرَاضٍ وَإِبْضَاعٍ وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ إلَّا النِّكَاحَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُفْتِي فِي الْخُصُومَاتِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ إذَا عَرَفَ مَذْهَبَ الْقَاضِي تَحَيَّلَ إلَى الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ إلَى الِانْتِقَالِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مُسْتَفْهِمًا فَلْيُجِبْهُ، وَلِهَذَا جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ الْعِلْمِ فَيُعَلِّمُ وَيَتَعَلَّمُ وَالْمُرَادُ بِالْخُصُومَاتِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِالْفِعْلِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُفْتِي فِيمَا يَدْخُلُهُ الْخِصَامُ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ النَّهْيَ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا مِنْ إفْتَائِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ لَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ خَوْفَ الْمُحَابَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا خَفِيفًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تِجَارَةُ الْوُلَاةِ لَهُمْ مُفْسِدَةٌ وَلِلرَّعِيَّةِ مُهْلِكَةٌ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَجَائِزٌ وَذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ كَرَاهَتَهُ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَهُ فِي الْمَذْهَبِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ شَغْلُ الْبَالِ وَحْدَهُ أَوْ هُوَ مَعَ الْمُحَابَاةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ خَشْيَةَ الْمُحَابَاةِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَلِّفَ وَلَا يَتَسَلَّفَ وَلَا يَدْفَعَ قِرَاضًا لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ وَلَا يُبْضِعُ بِضَاعَةً مَعَ غَيْرِهِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا سِلْعَةً مَثَلًا خَوْفَ الْمُحَابَاةِ وَلَا يَسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِأَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ قَالَ الْأَخَوَانِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَالْعَوَارِيّ مِنْ الْمَاعُونِ وَالدَّوَابِّ لِرُكُوبِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ السَّلَفِ أَوْ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا أَوْ يُبْضِعَ مَعَ أَحَدٍ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ وَلِيمَةً إذَا دُعِيَ إلَّا وَلِيمَةَ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ تَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَ إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى مِنْهُ إلَخْ، وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْوَلِيمَةِ اللُّغَوِيَّةِ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالْمُرَادُ الطَّعَامُ الَّذِي يُجْتَمَعُ لَهُ وَإِلَّا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ ضَائِعًا؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بَلْ إحْضَارُ الشُّهُودِ وَاجِبٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ إحْضَارَ الشُّهُودِ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إحْضَارِ الْعُلَمَاءِ مُسْتَحَبٌّ) وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي تت وَمِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ يُعْلَمُ أَرْجَحِيَّتُهُ عَلَى مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ تَوَهُّمِ إلَخْ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَطْفُ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا جَرَّدَهُ لِأَجْلِ أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ مِنْ التَّعْرِيفِ خُصُوصُ الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ بَلْ الْمَطْلُوبُ حُضُورُ أَيِّ شُهُودٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ تَنَاسُبُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ أَيْ فَلَمَّا جُرِّدَ عُلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلَى الضَّمِيرِ فِي شَاوَرَهُمْ وَفِيهِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ مَعْرِفَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَطْفِهِ عَلَى الضَّمِيرِ أَوْ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعُدُولَ يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْعَطْفِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عَطْفًا إلَّا عَلَى الْعُلَمَاءِ . (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَصْدَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُرَادُ أَنْ يُقَالَ لَمْ لِنَفْيِ الْمَاضِي لَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُنَاسِبُ لَا دُونَ لَمْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِ) أَيْ وَلَمْ يَبِعْ. (قَوْلُهُ: تَحَيَّلَ إلَى الْوُصُولِ) أَيْ إذَا أَتَى عَلَى غَرَضِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى الِانْتِقَالِ عَنْهُ أَيْ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى غَرَضِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِالْفِعْلِ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي خُصُومَةٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهِ أَيْ يَقَعَ فِيهِ الْخُصُومَةُ وَعَلَيْهِ فَلَا يُفْتِي فِيمَا يَدْخُلُهُ الْحُكْمُ وَيَحْتَمِلُ مَا يَقَعُ فِيهِ الْخِصَامُ بِالْفِعْلِ وَشَارِحُنَا ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي النَّوَادِرِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مُسْتَفْهِمًا مَعْنَاهُ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ النَّوَادِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مِنْ الْمُتَعَلِّمِينَ الطَّالِبِينَ لِمَعْرِفَةِ الْحُكْمِ أَوْ يَكُونَ السَّائِلُ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ مَثَلًا مِمَّا لَا يَقَعُ الْقَضَاءُ فِيهِ فَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَهُ فِي ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ، وَانْظُرْ إذَا كَانَ يُدَرِّسُ وَحَضَرَ الْخَصْمُ وَالدَّرْسُ يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْخُصُومَةِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ وَلَا يُقِيمُ الْخَصْمُ فِي الْمَجْلِسِ وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ قَدَرَ أَنْ يُعْمِيَ الْكَلَامَ بِحَيْثُ لَا يَفْهَمُ الْخَصْمُ وَإِلَّا أَمَرَهُ بِالِانْصِرَافِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَلَا يُفْتِي فِيمَا يَدْخُلُهُ الْخِصَامُ) أَيْ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ النَّهْيَ مَحَلُّهُ) أَيْ نَهْيَ الْكَرَاهَةِ لَا نَهْيَ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: تِجَارَةُ الْوُلَاةِ لَهُمْ مَفْسَدَةٌ) أَيْ لِشُغْلِهِمْ بِهَا عَنْ إصْلَاحِ الرَّعِيَّةِ وَقَوْلُهُ: لِلرَّعِيَّةِ مُهْلِكَةٌ أَيْ لِلتَّوَصُّلِ إلَى أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ بِسَبَبِ الْمُحَابَاةِ وَلِلضِّيقِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُمْ أَيْ الرَّعِيَّةِ لِقُدْرَتِهِمْ لِكَوْنِهَا حُكَّامًا عَلَى مَنْعِ غَيْرِهِمْ مِنْ تَعَاطِي الْأَمْتِعَةِ الَّتِي فِيهَا التِّجَارَاتُ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذُوهَا فَيَسْتَقِلُّوا بِرِبْحِهَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تِجَارَةُ الْوُلَاةِ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَهُ فِي الْمَذْهَبِ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ مَوْجُودٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ أَنْ يُسَلِّفَ) تَبِعَ تت فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَسَلَفٍ ظَاهِرُهُ مِنْهُ أَوْ لَهُ وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ سَلَفُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا إعْطَاؤُهُ السَّلَفَ اهـ.، أَقُولُ وَارْتَضَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ؛ لِأَنَّ سَلَفَهُ لِلْغَيْرِ مَعْرُوفٌ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ وَلِيمَةً) أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ وَلِيمَةَ النِّكَاحِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَخَالَفَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ التَّنَزُّهُ عَمَّا بِأَيْدِي النَّاسِ لِتَقْوَى كَلِمَتُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عج. (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَلْمِ) أَيْ أَنَّ الْوَلِيمَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الطَّعَامُ) أَيْ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيمَةِ الطَّعَامُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 الْوَلِيمَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِنِكَاحٍ (ص) وَقَبُولُ هَدِيَّةٍ وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا إلَّا مِنْ قَرِيبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا لِرُكُونِ النَّفْسِ لِمَنْ أَهْدَى لَهَا؛ وَلِأَنَّهَا تُطْفِئُ نُورَ الْحِكْمَةِ وَيَجُوزُ لِلْفَقِيهِ وَالْمُفْتِي أَخْذُ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ لَا يَرْجُو مِنْهُ عَوْنًا وَلَا جَاهًا وَلَا تَقْوِيَةً لِحُجَّةٍ عَلَى خَصْمِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ مَا دَامَ الْخِصَامُ وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ قَرِيبِهِ كَأَبِيهِ وَخَالَتِهِ وَبِنْتِ أَخِيهِ وَمَنْ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ ظِنَّةٌ لِشِدَّةِ الْمُدَاخَلَةِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْقَرِيبِ مَنْ لَا يَحْكُمُ لَهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِهِ إلَّا مِنْ قَرِيبٍ لِقَوْلِهِ كَسَلَفٍ وَمَا بَعْدَهُ، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ وَقَبُولُ هَدِيَّةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذْ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ حَرَامٌ وَمَا قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ (ص) وَفِي هَدِيَّةِ مَنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَكَرَاهَةِ حُكْمِهِ فِي مَشْيِهِ أَوْ مُتَّكِئًا وَإِلْزَامِ يَهُودِيٍّ حُكْمًا بِسَبْتِهِ وَتَحْدِيثِهِ بِمَجْلِسِهِ لِضَجَرٍ وَدَوَامِ الرِّضَا فِي التَّحْكِيمِ لِلْحُكْمِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً مِنْ شَخْصٍ كَانَ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى وَظِيفَةَ الْقَضَاءِ أَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَفِي حَقِّهِ قَوْلَانِ وَهَلْ يُكْرَهُ فِي حَقِّ الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي حَالِ مَشْيِهِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ لَا يُكْرَهُ قَوْلَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمَشْيِ السَّيْرُ كَانَ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا وَهَلْ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَحْكُمَ مُتَّكِئًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالْحَاضِرِينَ وَلِلْعِلْمِ حُرْمَةٌ أَوْ لَا يُكْرَهُ فِيهِ قَوْلَانِ وَهَلْ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُلْزِمَ الْيَهُودِيَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ فِي سَبْتِهِ أَيْ إحْضَارِهِ لِلْحُكْمِ أَوْ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلَانِ وَتَخْصِيصُهُ الْيَهُودِيَّ بِالذِّكْرِ مُخْرِجٌ لِلنَّصَارَى فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ إحْضَارُهُمْ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَحَدِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُعَظِّمُونَ الْأَحَدَ كَتَعْظِيمِ الْيَهُودِ لِلسَّبْتِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ عَاتٍ وَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَدِّثَ جُلَسَاءَهُ لِأَجْلِ ضَجَرٍ نَزَلَ بِهِ لِيُرَوِّحَ قَلْبَهُ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ فَهْمُهُ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوْ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ قَوْلَانِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ دَوَامُ الرِّضَا لِلْخَصْمَيْنِ فِي التَّحْكِيمِ إلَى أَنْ يَحْكُمَ الْمُحَكَّمُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لَهُمَا الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ قَوْلَانِ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ دَوَامُ الرِّضَا بِلَا نِزَاعٍ؛ لِأَنَّ التَّحْكِيمَ دَخَلَا عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِمَا بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ إلْزَامٌ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (ص) وَلَا يَحْكُمُ مَعَ مَا يُدْهِشُ عَنْ الْفِكْرِ وَمَضَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ مَعَ مَا يُدْهِشُ عَنْ تَمَامِ فِكْرِهِ أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لَا عَنْ أَصْلِ الْفِكْرِ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ مَعَ مَا يُدْهِشُ عَنْ تَمَامِ فِكْرِهِ كَالْحُزْنِ وَالْحَقْنِ وَالْغَضَبِ وَاللَّقَسِ وَهُوَ ضِيقُ النَّفْسِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ مَضَى، وَالْمُفْتِي مِثْلُهُ (ص) وَعَزَّرَ شَاهِدًا بِزُورٍ   [حاشية العدوي] الْوَلِيمَةَ بِمَعْنَى الطَّعَامِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالْأَخْذُ دَائِرَتُهُ أَعَمُّ مِنْ دَائِرَةِ الِاشْتِقَاقِ . (قَوْلُهُ: وَقَبُولُ هَدِيَّةِ) ظَاهِرُ النَّقْلِ الْكَرَاهَةُ لَا الْحُرْمَةُ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ لَا يَجُوزُ إلَخْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا تُطْفِئُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ الَّتِي لِرَجَاءِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ تُطْفِئُ إلَخْ أَمَّا الْهَدِيَّةُ لَا لِذَلِكَ فَهِيَ لَا تُطْفِئُ وَقَدْ قَبِلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» . (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يَرْجُو) وَأَمَّا مَنْ يَرْجُو مِنْهُ إلَخْ فَهُوَ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ) أَيْ يَحْرُمُ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْخَصْمَيْنِ أَيْ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ هَذَا إذَا كَانَ لِلشَّهَادَةِ بِالْبَاطِلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلشَّهَادَةِ بِالْحَقِّ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: ظِنَّةً) أَيْ تُهْمَةً . (قَوْلُهُ: وَفِي قَبُولِ هَدِيَّةِ مَنْ اعْتَادَهَا) بِإِضَافَةِ هَدِيَّةٍ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا يُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ لِصِدْقِهِ بِصُورَةٍ غَيْرِ مُرَادَةٍ وَهِيَ إذَا لَمْ يَعْتَدْهَا الْمُهْدِي فَيَقْتَضِي أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَفِي قَبُولِ هَدِيَّةٍ اعْتَادَهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ اعْتَادَهَا الْمُهْدِي أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: يَعْنِي هَلْ يَحْرُمُ إلَخْ) الَّذِي فِي عج أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَالْعَدَمُ مُحْتَمِلٌ لِلْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ، وَظَاهِرُ لَفْظِ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: كَانَ يُهْدِي إلَيْهِ) أَيْ كَانَتْ مُعْتَادَةً إلَخْ أَيْ مُسَاوِيَةً لَهَا قَدْرًا وَصِفَةً وَجِنْسًا لَا أَزْيَدَ. (قَوْلُهُ: أَيْ إحْضَارُهُ) تَفْسِيرٌ لِإِلْزَامِ الْيَهُودِيِّ الْحُكْمَ فَالْمَعْنَى وَهَلْ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ إحْضَارُ الْيَهُودِيِّ لِلْحُكْمِ أَوْ لَا يُكْرَهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْوَفَاءُ لَهُمْ بِمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَأَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ بِحَطِّ الْجِزْيَةِ لَا أَنَّ عِلَّةَ ذَلِكَ تَعْظِيمُ سَبْتِهِمْ؛ لِأَنَّ السَّبْتَ لَا تَعْظِيمَ شَرْعِيٍّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ عَاتٍ) فِي شَرْحِ عب وَلَمَّا كَانَ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ مِنْ عِنْدِ ابْنِ عَاتٍ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ حَتَّى تَجْعَلَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ ضَعْفُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُمْنَعُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْهَابِ الْمَهَابَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُكْرَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْمَنْعُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَيَتَّفِقُ مَعَ الْبِسَاطِيِّ إذْ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لَهُمَا الرُّجُوعُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ لَهُمَا إذْ لَهُمَا مَعًا الرُّجُوعُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ وَلَهُمَا الْإِقْلَاعُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُمَا الْإِصْلَاحُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّحْكِيمَ دَخَلَا عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِمَا) أَيْ بِاخْتِيَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَسَاغَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحُكْمِ) أَيْ فَلَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِ كُلٍّ مِنْهَا إذْ مَنْ دَعَا إلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ مُوَافَقَتُهُ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إلْزَامُ تَعْلِيلٍ لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ، أَيْ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ يَقْطَعُ مَادَّةَ الْخِصَامِ وَالشَّارِعُ دَاعٍ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ هَذَا كُلِّهِ بَعْدَ وُقُوعِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا بَعْدَ التَّرَافُعِ وَقَبْلَ وُقُوعِ الدَّعْوَى فَمُقْتَضَى كَلَامِ شَارِحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ عج قَائِلًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ: وَالْحَقْنِ) حَصْرُ الرِّيحِ. (قَوْلُهُ: وَاللَّقَسِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 فِي الْمَلَا بِنِدَاءٍ وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَلَا يُسَخِّمُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُعَزِّرَ شَاهِدَ الزُّورِ وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ عَمْدًا وَإِنْ طَابَقَ الْوَاقِعَ لِأَجْلِ شَهَادَتِهِ الزُّورَ وَيَأْمُرُ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي الْمَلَا بَيْنَ النَّاسِ لِيَرْتَدِعَ غَيْرُهُ وَلَا يَحْلِقُ لَهُ رَأْسًا وَلَا لِحْيَةً وَلَا يُسَخِّمُ وَجْهَهُ بِالسَّوَادِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِ وَيُشَهَّرَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْحَلَقِ وَحَيْثُ مَا يُعْرَفُ بِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَيَضْرِبُهُ ضَرْبًا مُوجِعًا وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا لِحْيَتَهُ وَيَكْتُبُ بِشَأْنِهِ وَمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ كِتَابًا وَيَنْسَخُهُ نَسْخًا يَرْفَعُهُ عِنْدَ الثِّقَاتِ، وَالْبَاءُ فِي بِنِدَاءٍ بِمَعْنَى مَعَ (ص) ثُمَّ فِي قَبُولِهِ تَرَدُّدٌ وَإِنْ أُدِبَّ التَّائِبُ فَأَهْلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ إذَا عَزَّرَهُ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ ثُمَّ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا تُقْبَلُ، فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي حِكَايَةِ طَرِيقَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَقَالَ الْأُولَى إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ حَيْثُ يَشْهَدُ بِالزُّورِ لَمْ تُقْبَلْ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ظَاهِرِهَا فَقَوْلَانِ إلَخْ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ بِعَكْسِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْقَاضِي إذَا عُزِلَ لِجُنْحَةٍ لَا تَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ صَارَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ إذَا عَزَّرَ شَاهِدَ الزُّورِ بَعْدَ أَنْ جَاءَ تَائِبًا فَإِنَّهُ يُؤَجَّرُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَقَدْ وَضَعَ الشَّيْءَ فِي مَحَلِّهِ فَقَوْلُهُ فَأَهْلٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً (ص) وَمَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ أَوْ مُفْتٍ أَوْ شَاهِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّبَ مَنْ أَسَاءَ عَلَى مِنْ ذُكِرَ ثُمَّ إنْ وَقَعَتْ الْإِسَاءَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَيَا ظَالِمُ يَا فَاجِرُ أَوْ عَلَى الْمُفْتِي أَوْ الشُّهُودِ كَتَفْتَرُونَ عَلَيَّ وَتَشْهَدُونَ عَلَيَّ لَا أَدْرِي أُكَلِّمُ مَنْ فَإِنَّهُ يُعَزِّرُهُ؛ لِأَنَّ وَظِيفَةَ الْقَاضِي أَنَّهُ مُرْصَدٌ لِخَلَاصِ الْأَعْرَاضِ كَمَا أَنَّهُ مُرْصَدٌ لِخَلَاصِ الْأَمْوَالِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيمَا ذُكِرَ لِبَيِّنَةٍ بَلْ يَسْتَنِدُ إلَى عِلْمِهِ لِتَوْقِيرِ مَجْلِسِ الشَّرْعِ وَالْحَقُّ حِينَئِذٍ لِلَّهِ لَا يَحِلُّ لِلْقَاضِي تَرْكُهُ (ص) لَا بِشَهِدْت بِبَاطِلٍ كَلِخَصْمِهِ كَذَبْت (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِلشَّاهِدِ شَهِدْت عَلَيَّ بِبَاطِلٍ فَإِنَّهُ لَا يُعَزِّرُهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ لِلْخَصْمِ عِنْدَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي كَذَبْت فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيَّ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ لِلشَّاهِدِ شَهِدْت بِزُورٍ فَإِنَّهُ يُعَزِّرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ زُورًا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاقِعِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِهِ فَقَدْ يَشْهَدُ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ كَدَيْنٍ مَثَلًا وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَضَاهُ وَلَا مَضَرَّةَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الزُّورِ وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَا يَعْلَمْ عَمْدًا (ص) وَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَإِنْ مُسْلِمًا وَكَافِرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الْجُلُوسِ وَالْقِيَامِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فِي الْمَلَا) مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَشْرَافًا وَقَوْلُهُ: بِنِدَاءٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِي الْمَلَا ثُمَّ لَا يَخْفَى هَلْ الْوُجُوبُ مُنْصَبٌّ عَلَى مَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْزِيرِ وَكَوْنُهُ فِي الْمَلَا مَعَ نِدَاءٍ أَوْ هُوَ مُنْصَبٌّ عَلَى خُصُوصِ التَّعْزِيرِ وَكَوْنُهُ فِي الْمَلَا مَعَ نِدَاءٍ مَنْدُوبٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ) أَيْ حَلْقًا يَحْصُلُ بِهِ نَكَالُهُ أَيْ بِأَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ بِهِ تَعْيِيبُهُ وَفَهِمَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَقَالَ أَيْ كَرَأْسِ السُّودَانِ وَبَعْضِ الْعَرَبِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ شَيْنٌ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي عب أَوْ يَحْرُمُ كَمَا فِي شب وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ: وَلَا لِحْيَتُهُ أَيْ يَحْرُمُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُسَخِّمُهُ أَيْ يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: يَرْفَعُهُ عِنْدَ الثِّقَاتِ) أَيْ بِأَنْ يَضَعَهُ فِي الْمَحَاكِمِ. . (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ ظُهُورِ شَهَادَةِ الزُّورِ بِالْعِرَاقِ فِي خِلَافَةِ الْقَيْرَوَانِ. (قَوْلُهُ: فِي حِكَايَةِ طَرِيقَتَيْنِ) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيٍّ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ مَحْكِيَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ) هِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ فَيُقَالُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ فَقَوْلَانِ وَغَيْرُ ظَاهِرِهَا لَا يُقْبَلُ اتِّفَاقًا قَالَ تت وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْسَبُ بِالْفِقْهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَقْرَبُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ فَإِنْ شَهِدَ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَإِنْ شَهِدَ بَعْدَهَا وَقَبِلَ التَّعْزِيرَ فَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ جَرَى التَّرَدُّدُ فِيهِ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَأَفَادَ ذِكْرُ التَّرَدُّدِ فِيمَا فِسْقُهُ بِالزُّورِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ فِسْقِهِ بِغَيْرِهِ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ مَا نَابَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَاضِي إذَا عُزِلَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ حُكْمَهُ لَمَّا كَانَ لَا يُنْقَضُ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ كَمُخَالِفِ قَاطِعٍ أَوْ جَلِيِّ قِيَاسٍ كَمَا يَأْتِي فَشَدَّدَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إذَا عُزِلَ لِجُنْحَةٍ) قَالَ عج يَنْبَغِي تَقَيُّدُ الْجُنْحَةِ بِأَنْ يَكُونَ جَوْرًا فَقَطْ ثُمَّ قَالَ عج بَعْدُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِسْقَهُ بِغَيْرِ جَوْرٍ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ جَاءَ تَائِبًا) أَيْ قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ كَذَا فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِحُ الْفِعْلِ وَفِي عب وشب أَنَّهُ مَرْجُوحٌ وَتَرْكُ أَدَبِهِ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت تت ذَكَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ أُدِّبَ لَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَعَنْ سَحْنُونَ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَلَامُ شَارِحِنَا مَاشِيًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَتَأَمَّلْ . (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ إلَخْ) وَكَذَا عَلَى الْقَاضِي بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ وَالْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فِي مَجْلِسِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: مَرْصَدٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَوْقِعٌ لِخَلَاصِ الْأَعْرَاضِ . (قَوْلُهُ: كَذَبْت فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيَّ) بَلْ لَوْ قَالَ كَذَبْت فَقَطْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا إنْ قَالَ كَذَبْت فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّهُ إذَايَةٌ مِنْهُ أَيْ أَوْ ظَلَمْت أَوْ ظَلَمْتنِي أَوْ تَظْلِمُنِي، وَأَمَّا يَا ظَالِمُ فَيُؤَدَّبُ وَلَمْ يَكُنْ مَا ذُكِرَ مِنْ انْتِهَاكِ مَجْلِسِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِالْخُصُومَةِ بِخِلَافِ الْإِسَاءَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِلشَّاهِدِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إنْ قَالَ لِخَصْمِهِ شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَمْ يُعَاقَبْ وَإِنْ قَصَدَ أَذَاهُ وَالشُّهْرَةَ بِهِ نُكِّلَ بِقَدْرِ حَالِ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيمَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبَاطِلِ إلَخْ) كَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ لِشَخْصٍ عِنْدَ آخَرَ حَقًّا ثُمَّ إنَّ الْمَدِينَ وَفَّاهُ بِغَيْرِ عِلْمِ الشَّاهِدِ فَإِذَا شَهِدَ بِذَلِكَ فَهِيَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ زُورًا فَالزُّورُ هُوَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَا يَعْلَمُ عَمْدًا وَإِنْ طَابَقَتْ الْوَاقِعَ، وَشَاهِدُ الْبَاطِلِ هُوَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ عَمْدًا وَلَمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 وَالْكَلَامِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا وَيَجْعَلُ نَظَرَهُ وَفِكْرَهُ لَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (ص) وَقَدَّمَ الْمُسَافِرَ وَمَا يَخْشَى فَوَاتَهُ ثُمَّ السَّابِقَ قَالَ وَإِنْ بِحَقَّيْنِ بِلَا طُولٍ ثُمَّ أَقْرَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَدَاعَيَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمُسَافِرُونَ وَغَيْرُهُمْ وَتَزَاحَمُوا عَلَى التَّقَدُّمِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وُجُوبًا يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ سَابِقًا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُقِيمِ ضَرَرٌ بِسَبَبِ تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَصَلَ الضَّرَرُ فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الَّذِي يُخْشَى فَوَاتُهُ إذَا قُدِّمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُسَافِرُ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُقَدَّمُ مَا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ ثُمَّ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ عَلَى غَيْرِهِ يُقَدَّمُ السَّابِقُ فِي الزَّمَانِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِحَقَّيْنِ إذَا كَانَ لَا يُطَوِّلُ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا بَلْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ بِأَنْ حَضَرَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا لَمْ يُعْلَمْ فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ، وَصِفَتُهَا أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي رِقَاعٍ وَتُخْلَطَ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِحَقَّيْنِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ الطُّولِ فَإِنْ حَصَلَ طُولٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ السَّابِقِ بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ وَتَأْخِيرُ حَقِّهِ الْآخَرِ عَمَّا يَلِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضٌ (ص) وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ كَانَتْ خُصُومَتُهُنَّ فِيمَا بَيْنَهُنَّ أَوْ مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ، وَقَوْلُهُ (كَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدَّمَ السَّابِقَ يَعْنِي أَنَّ الْمُفْتِيَ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَكَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَأَمَّا الطَّحَّانُ وَالْفَرَّانُ وَالْمُقْرِئُ وَسَائِرُ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ لَهُمْ عُرْفٌ عُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ وَيُقَدَّمُ فِي الْقِرَاءَةِ مَنْ فِيهِ نَافِلَةٌ عَلَى غَيْرِهِ لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا (ص) وَأَمْرُ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ وَإِلَّا فَالْجَالِبُ وَإِلَّا أُقْرِعَ (ش) فَقَوْلُهُ تَجَرَّدَ إلَخْ صِفَةٌ لِمُدَّعٍ، وَقَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ أَيْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَيْ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ مَا يُصَدِّقُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَتَمَسَّكْ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ أَيْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مَعْهُودٌ وَأَصْلٌ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ تَجَرُّدُهُ مِنْهَا فَغَيْرُ بَيِّنَةٍ قَيْدٌ مُدْخِلٌ يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ وَهُوَ الَّذِي تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَمَّنْ يُصَدِّقُهُ الْآنَ بِالْكَلَامِ أَيْ بِالدَّعْوَى، فَقَوْلُهُ وَأَمَرَ وُجُوبًا أَيْ يَجِبُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُدَّعِي وَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا فَإِنَّ الْجَالِبَ لِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِ الْقَاضِي مَثَلًا بِمَجْلِسِ الشَّرْعِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْجَالِبُ مِنْهُمَا   [حاشية العدوي] يُطَابِقْ الْوَاقِعَ . (قَوْلُهُ: وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ) أَيْ وَمُدَّعِي مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَبَيْنَ رَبِّ الطَّعَامِ كَنِكَاحٍ اسْتَحَقَّ فَسْخًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَخَافُ إنْ أَخَّرَ النَّظَرَ فِيهِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ أَوْ طَعَامٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ) أَيْ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لِلْمُسَافِرِ الضَّرَرُ وَاسْتَوَيَا وَإِلَّا قَدَّمَ الْأَشَدَّ ضَرَرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبَيْنِ) أَيْ أَوْ جَاءَا مُتَرَتِّبَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَوَيَا. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ السِّبَاقِ بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ) وَلَوْ مَعَهُ طُولٌ وَاعْلَمْ أَنَّ شَارِحَنَا فَرَضَ الْحَقَّيْنِ فِي سَابِقِ الْغَيْرِ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُقَدَّمُ بِحَقَّيْنِ وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ. (تَنْبِيهٌ) : فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِقَالَ نَظَرٌ إذْ مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ مُسْتَفَادٌ مِمَّا فِي النَّوَادِرِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ . (قَوْلُهُ: لِلنِّسَاءِ) أَيْ اللَّاتِي يَخْرُجْنَ لَا الْمُخَدَّرَاتِ وَاَللَّاتِي يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ كَلَامِهِنَّ فَيُوَكِّلْنَ أَوْ يَبْعَثُ لَهُنَّ فِي مَنْزِلِهِنَّ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدَّمَ السَّابِقَ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا عَطْفَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ السَّابِقُ. (قَوْلُهُ: يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ) أَيْ فِي الْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ) أَيْ فِي الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَدَّمَ الْآكَدَ فَالْآكَدَ) أَيْ كَصَاحِبِ الْعِيَالِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ فِي الْقِرَاءَةِ مَنْ فِيهِ نَافِلَةٌ) أَيْ فَضِيلَةٌ وَهَذَا مُسْتَأْنَفٌ، وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ أَنَّ الطَّالِبَ الَّذِي لَا قَابِلِيَّةَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِعُرْفٍ وَلَا غَيْرِهِ لَا فِي الْمُقْرِئِ وَلَا فِي الْمُدَرِّسِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُقْرِئَ كَالطَّحَّانِ يَعْمَلُ بِالْعُرْفِ وَإِلَّا فَالْآكَدُ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَالْمُقْرِئُ. (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ) أَيْ لِتَرْجِيحِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ مُدَّعٍ إلَخْ) لَمْ يُعَرِّفْ الْمُصَنِّفُ الدَّعْوَى وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ لَوْ سَلَّمَ أَوْجَبَ لِقَائِلِهِ حَقًّا وَلَهَا شُرُوطٌ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا وَزَادَ غَيْرُهُ مُعْتَبَرَةٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لَمْ يُكَذِّبْهَا الْعَادَةُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ نَحْوِ دَعْوَى الْقَمْحَةِ وَالشَّعِيرَةِ وَبِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ دَعْوَى أُجْرَةٍ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَبِقَوْلِهِ لَا يُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ مِنْ دَعْوَى دَارٍ بِيَدِ حَائِزٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَإِنْ قِيلَ فِي هَذَا تَقْدِيمُ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصْوِيرِ إذْ قَوْلُهُ: بِالْكَلَامِ مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ فَالْجَوَابُ لَا ضَرَرَ فِي تَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصْوِيرِ إذْ الْمُقَدَّمُ عَلَى التَّصْدِيقِ التَّصَوُّرُ لَا التَّصْوِيرُ الَّذِي يَكُونُ لِأَجْلِ الْغَيْرِ فَإِنْ قِيلَ كَوْنُهُ مُدَّعِيًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَلَامِهِ وَأَمْرُهُ بِالْكَلَامِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِهِ مُدَّعِيًا فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ، فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَوْنَهُ مُدَّعِيًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَلَامِهِ لِإِمْكَانِ عِلْمِهِ بِتَصْدِيقِ خَصْمِهِ أَنَّهُ الْمُدَّعِي أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْجَالِبُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ فَالْجَالِبُ وَهُوَ الطَّالِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ أَوْ خَاتَمٍ أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ لِدَلَالَةِ قَرِينَةِ الْحَالِ عَلَى صِدْقِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَقُرِعَ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ الْجَالِبُ وَلَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا، وَبِعِبَارَةٍ الْمُدَّعِي مَنْ يَقُولُ كَانَ أَوْ لَمْ يَطْلُبُ إنْ سَكَتَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَكْسِ كَمَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ مِنْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَنْ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ سَكَتَ يُطْلَبُ. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ مُدْخِلٌ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ تَصْدِيقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَارَ الْمَعْنَى مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ: عَنْ مُصَدِّقٍ أَيْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ (ص) فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الدَّعْوَى مِنْ الْمُدَّعِي الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ كَمَا إذَا قَالَ لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا فَاحْتَرَزَ بِالْمَعْلُومِ مِمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ كَلِيِّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ وَبِالْمُحَقَّقِ مِمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَظْنُونٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَقَوْلُهُ مُحَقَّقٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ فِي قَوْلِهِ وَاسْتَحَقَّ بِهِ بِيَمِينٍ إنْ حُقِّقَ (ص) قَالَ وَكَذَا شَيْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَالَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ مُعَامَلَةٍ مَثَلًا وَأَنَا أَتَحَقَّقُ ذَلِكَ وَلَكِنْ جَهِلْت قَدْرَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ إمَّا بِالتَّفْصِيلِ وَإِمَّا بِالْإِنْكَارِ جُمْلَةً أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَلَعَلَّ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فَقَدْ قَالَ الْبِسَاطِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ صَوَابٌ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ قَالَ وَبَيَانُهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَقْبَلُ الْإِقْرَارَ بِشَيْءٍ وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَقُولُوا تُقْبَلُ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فَلَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ قُبِلَتْ فَهُوَ الَّذِي يَقُولُهُ الْمَازِرِيُّ وَإِنْ كَانَ احْتَجَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت إقْرَارُهُ بِشَيْءٍ يَلْزَمُ تَفْسِيرُهُ فَيَرْجِعُ لِلتَّفْسِيرِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا تَعَذَّرَ قُلْنَا إلْزَامُهُ بِالتَّفْسِيرِ فَرْعُ إلْزَامِهِ بِالْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. . (ص) وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ كَأَظُنُّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ بَلْ قَالَ أَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ حَقًّا فَإِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاعْتُمِدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ (ص) وَكَفَاهُ بِعْت وَتَزَوَّجْت وَحُمِلَ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَلْيَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْ السَّبَبِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى مِنْ تَبْيِينِ السَّبَبِ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ سَلَفٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ شِرَاءً صَحِيحًا أَوْ نِكَاحًا صَحِيحًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَنْ السَّبَبِ الَّذِي تَرَتَّبَ الْحَقُّ بِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ وُجُوبًا عَلَيْهِ وَيَسْأَلُ الْمُدَّعِي عَنْ ذَلِكَ السَّبَبِ إذْ لَعَلَّهُ فِي الْأَصْلِ بَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ بِسَبَبِهِ حَقٌّ فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ لَا أَعْلَمُ السَّبَبَ أَوْ لَا أُبَيِّنُهُ لَمْ يُطْلَبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَإِنْ قَالَ نَسِيت السَّبَبَ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّبَبِ بَلْ يَسْأَلُ عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ وَالْقَبْضِ وَعَدَمِهِ فَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ لِاسْتِلْزَامِ قَوْلِهِ وَكَفَاهُ بِعْت إلَخْ لَهُ إذْ الْبَيْعُ وَالتَّزْوِيجُ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبٌ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَنْ السَّبَبِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُهُ فَإِنْ تَنَبَّهَ فَهُوَ الَّذِي يُسْأَلُ كَمَا يَأْتِي وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ وَمَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ لِمُخَالَفَةِ الشَّافِعِيِّ فِي الثَّانِي فَلَا بُدَّ عِنْدَهُ أَنْ يَقُولَ عَقَدْته بِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ. (ص) ثُمَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ تَرَجَّحَ قَوْلِهِ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ بِجَوَابِهِ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَتِهِ وَمَا يُطْلَبُ مِنْهُ مِنْ تَبْيِينِ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ يَرْجِعُ إلَى تَصَوُّرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا فِي ذِهْنِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَذِهْنُ الْقَاضِي وَالْمُحَقِّقِ رَاجِعٌ لِجَزْمِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ النِّزَاعُ فَهُوَ مِنْ نَوْعِ التَّصْدِيقِ فَلِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ لَا يُسْمَعُ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلِاشْتِرَاطِ التَّحْقِيقِ لَا يُسْمَعُ أَشُكُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَمَا أَشْبَهَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ) وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ سَبَبَهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى عَلَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُجِيبَ بِالْإِنْكَارِ أَوْ بِالتَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَكُنْ دَعْوَى اتِّهَامٍ) فِيهِ أَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ تَرْجِعُ لِلظَّنِّ أَوْ الشَّكِّ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَهُنَاكَ عَلَى قَوْلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ جَهِلْت قَدْرَهُ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِي عِنْدَهُ شَيْءٌ وَامْتَنَعَ مِنْ ذِكْرِ قَدْرِهِ فَلَا تُسْمَعُ حَتَّى عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ لَيْسَتْ مَحَلَّ خِلَافٍ كَهَذِهِ وَهِيَ أَنْ يَدَّعِيَ جَهْلَ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَهُ وَفِي هَذِهِ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فَلَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَالثَّانِي بَاطِلٌ فَعَدَمُ الْقَبُولِ بَاطِلٌ فَالصَّوَابُ الْقَبُولُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الَّذِي يَقُولُهُ الْمَازِرِيُّ) أَيْ فِي الْقَبُولِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ احْتَجَّ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَيَكُونُ جَازِمًا بِأَنَّهُ احْتَجَّ بِدَلِيلٍ آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ مُتَرَدِّدًا هَلْ احْتَجَّ بِذَلِكَ أَمْ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ فِي الْإِقْرَارِ يَلْزَمُ بِالتَّفْسِيرِ لِحَقِّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الدَّعْوَى فَهِيَ فِي حَقِّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّفْسِيرِ هُوَ الْإِقْرَارُ اللَّازِمُ وَالْمُوجِبُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِهِ هُوَ النُّطْقُ بِهِ فَهُوَ الْأَصْلُ فَصَحَّ قِيَاسُ الدَّعْوَى عَلَى الْإِقْرَارِ، وَبَعْدُ فَالْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَقَوْلُهُ: الْمُصَنِّفُ قَالَ وَكَذَا شَيْءٌ مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا . (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ أَظُنُّ) وَكَذَا أَشُكُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ) اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ مَا يَأْتِي جَازِمٌ فِي اللَّفْظِ وَمُعْتَمَدٌ عَلَى مَا يُحَصِّلُ الظَّنَّ كَخَطِّ أَبِيهِ وَمَا هُنَا فَهُوَ مُصَرِّحٌ بِالظَّنِّ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ قَوِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ لَا تُقْبَلُ وَالْمُعْتَمَدُ قَبُولُهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ إلَخْ) أَيْ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلَيْنِ فَتَبِعَ مَا هُنَا الْمُتَيْطِيَّ وَفِيمَا سَيَأْتِي أَشْهَبَ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ صَاحِبِ الْإِمَامِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ) أَيْ أَتَى بِالْمِثَالِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ: عَنْ مُصَدِّقٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت الْمُدَّعِي مَنْ ادَّعَى خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ مَنْ ادَّعَى الظَّاهِرَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 طَلَبِ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْيَمِينِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ الَّذِي تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ شَرْعِيٍّ أَوْ أَصْلٍ؛ وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ مُدَّعِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ مَقْبُولًا؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ بِمَعْهُودٍ شَرْعِيٍّ يَعْنِي أَنَّ الشَّرْعَ يَقْضِي بِتَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ حَيْثُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إشْهَادٍ وَكَذَلِكَ مَنْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَإِنَّمَا طَرَأَ لَهُمْ الرِّقُّ مِنْ جِهَةِ السَّبْيِ بِشَرْطِ الْكُفْرِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ السَّبْيِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ الْحَوْزُ فَيُسْتَصْحَبُ وَكَانَ مُدَّعِي عَدَمَ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَعَدَمَ الْحُرِّيَّةِ غَيْرَ مَقْبُولٍ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ النَّقْلَ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ يُصَدِّقُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ص) إنْ خَالَطَهُ بِدَيْنٍ أَوْ تَكَرُّرِ بَيْعٍ وَإِنْ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ لَا بِبَيِّنَةٍ جُرِحَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ فَأَنْكَرَ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي أَنَّ هُنَاكَ خُلْطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخُلْطَةِ اللَّطْخُ وَهُوَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَلَوْ أُنْثَى وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَتَكُونُ الْخُلْطَةُ بِدَيْنٍ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ سَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَكَرُّرِ بَيْعٍ بِالنَّقْدِ وَلَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي جَرَّحَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِعَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي بِالْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهَا عَنْ بَيِّنَةِ الْخُلْطَةِ وَلَا تَتَنَزَّلُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ الْمُجَرَّحَةُ مَنْزِلَةَ الْمَرْأَةِ، فَقَوْلُهُ إنْ خَالَطَهُ إلَخْ شَرْطٌ فِيمَا فُهِمَ مِنْ الْكَلَامِ وَهُوَ أَنَّهُ أُمِرَ بِالْجَوَابِ فَإِنْ أَجَابَ بِالْإِقْرَارِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَخَذَ حَقَّهُ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِشَرْطِ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ فَهِيَ شَرْطٌ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ ضِمْنًا فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْجَوَابِ، وَمَا قَالَهُ أَحَدٌ وَكَوْنُ الْخُلْطَةِ شَرْطًا فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ مَالِكٌ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الرِّسَالَةِ وَاَلَّذِي لِابْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ وَنَفَاهَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ بِمِصْرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ عِنْدَنَا اهـ. وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الشَّامِ إلَى الْآنَ ثُمَّ إنَّ مِنْ حَقِّهِ أَوْ يُؤَخَّرُ قَوْلُهُ إنْ خَالَطَهُ بِدَيْنٍ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ لِيَكُونَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ (ص) إلَّا الصَّانِعَ وَالْمُتَّهَمَ وَالضَّيْفَ وَفِي مُعَيَّنٍ وَالْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا وَالْمُسَافِرَ عَلَى رُفْقَتِهِ وَدَعْوَى مَرِيضٍ أَوْ بَائِعٍ عَلَى حَاضِرٍ الْمُزَايَدَةَ (ش) هَذِهِ الْمَسَائِلُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِهَا مِنْهَا الصَّانِعُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ بِشَيْءٍ مِمَّا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ خُلْطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّبَ نَفْسَهُ وَمِنْهَا الْمُتَّهَمُ فِي نَفْسِهِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ بِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ خُلْطَةٍ وَمِنْهَا الضَّيْفُ أَيْ الْغَرِيبُ ضَافَ أَمْ لَا يُحْتَمَلُ هُوَ الْمُدَّعِي أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ خُلْطَةٍ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَمِنْهَا الدَّعْوَى فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِمَعْهُودٍ شَرْعِيٍّ) هَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَإِنَّهُ قَالَ الْمَعْهُودُ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ وَالْأَصْلُ الْحَالُ الْمُسْتَصْحَبُ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الشَّرْعَ يَقْضِي بِتَصْدِيقِهِ) أَيْ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ تَصْدِيقُ ذِي الْأَمَانَةِ وَعَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا يَصِيرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَصْلٍ لَا حَاجَةَ لَهُ بِاعْتِبَارِ مَا مَثَّلَ بِهِ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ أَلَا تَرَى إلَى مَا فِي شَرْحِ عب حَيْثُ قَالَ لِأَنَّهَا أَيْ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ شَرْعًا وَإِنَّمَا طَرَأَ لَهُمْ الرِّقُّ مِنْ جِهَةِ السَّبْيِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ الْحَوْزُ) أَيْ حَوْزُ الْمِلْكِ هَذَا مَعْنَاهُ قَطْعًا كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَقَوْلُهُ: فَيُسْتَصْحَبُ فَتَكُونُ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ نَاقِلَةً عَنْ الْأَصْلِ وَلَا تُسْمَعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا فَإِنْ قُلْت الْأَصْلُ الْمَلَاءُ وَمَنْ ادَّعَى الْفَقْرَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ يُصَدَّقُ إلَّا لِرِيبَةٍ مَعَ أَنَّهُ مُدَّعٍ خِلَافَ الْأَصْلِ قُلْت الْمَلَاءُ لَيْسَ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا هُوَ الْغَالِبُ كَمَا بَيَّنَ هُنَاكَ وَلَكِنْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمَدِينَ إذَا ادَّعَى الْعُسْرَ أَثْبَتَهُ بِبَيِّنَةٍ مَعَ أَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ تُرِكَ هُنَا وَصَارَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ هُوَ الْغَالِبُ كَذَا فِي الشَّرَّاحِ. . (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْخُلْطَةُ بِدَيْنٍ) أَيْ مُتَرَتِّبٍ عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لِأَجَلٍ أَوْ حَالٍّ أَوْ قَرْضٍ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً أَيْ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ أَنَّ بَيْنَهُمَا خُلْطَةً بِكَذَا وَلَا يَعْرِفُونَ بَقَاءَهُ وَلَا قَدْرَهُ فَلِذَا لَمْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ بِالْخُلْطَةِ شَهَادَةً بِأَصْلِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَكَرَّرَ بَيْعٌ بِالنَّقْدِ) مُرَادُهُ بِالنَّقْدِ الْحَالُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَقْبُوضَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الشَّامِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ نَفَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَإِنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ خَالَطَهُ بِدَيْنٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلصَّنْعَةِ كَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْخُلْطَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُتَّهَمُ فِي نَفْسِهِ) أَيْ اتَّهَمَهُ النَّاسُ بِأَنْ يُشِيرُونَ إلَيْهِ بِالْعَدَاءِ فَإِذَا ادَّعَى إنْسَانٌ بِالسَّرِقَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَفِي شَرْحِ شب مَا مَعْنَاهُ الْمُرَادُ بِالْمُتَّهَمِ مَنْ اتَّهَمَهُ الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ فَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ تَقْرِيرَيْنِ قَرَّرَهُمَا اللَّقَانِيِّ فِي عَامَيْنِ أَيْ فِي عَامٍ قَرَّرَ بِهَذَا وَفِي عَامٍ آخَرَ قَرَّرَ بِالثَّانِي وَالْأَقْرَبُ لِظَاهِرِ النَّقْلِ عَنْ أَصْبَغَ مَا حَلَّ بِهِ شب فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْغَرِيبُ ضَافَ) أَيْ ضَافَك وَأَتَى لِمَنْزِلِك ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْك أَيْ لَمْ يَأْتِ لِمَنْزِلِك بِأَنْ كُنْت مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَادَّعَى عَلَيْك فَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. (قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ هُوَ الْمُدَّعَى أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ مُدَّعٍ أَيْ أَنَّ الْغَرِيبَ إذَا نَزَلَ الْمَدِينَةَ وَادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِنْهَا أَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ مَثَلًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ تَبَعًا لِلْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَثَوْبٍ بِيَدِ إنْسَانٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الَّذِي لَمْ تَهْلِكْ عَيْنُهُ لَا الْحَاضِرُ الْمُشَاهَدُ وَمِنْهَا دَعْوَى الْوَدِيعَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مِثْلَهُ يَمْلِكُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ وَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُودَعُ عِنْدَهُ مِثْلُ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْحَالُ اقْتَضَى الْإِيدَاعَ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ خُلْطَةٍ وَمِنْهَا دَعْوَى الْمُسَافِرِ عَلَى بَعْضِ رُفْقَتِهِ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ مَالًا أَوْ أَنَّهُ أَتْلَفَ مِنْهُ مَالًا فِي حَالِ سَفَرِهِ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى إثْبَاتِ خُلْطَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُوجِبُ دَفْعَ مَالِهِ لِبَعْضِ رُفْقَتِهِ وَمِنْهَا الْمَرِيضُ يَدَّعِي فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ خُلْطَةٍ وَمِثْلُهُ وَرَثَتُهُ وَمِنْهَا رَجُلٌ عَرَضَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ فَادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى رَجُلٍ مِمَّنْ حَضَرَ الْمُزَايَدَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ الشِّرَاءَ أَوْ ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ بِكَذَا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ، وَصَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِلَفْظَةِ دَعْوَى فِي قَوْلِهِ وَدَعْوَى مَرِيضٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عِنْدَ حَذْفِهَا أَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ. (ص) فَإِنْ أَقَرَّ فَلَهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَلِلْحَاكِمِ تَنْبِيهُهُ عَلَيْهِ (ش) أَيْ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ فَلِلْمُدَّعِي الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ خِيفَةَ أَنْ يُنْكِرَ إقْرَارَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ الْمُدَّعِي لِلْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُنَبِّهُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الْحُكَّامِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْخِصَامِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ، فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ حَيْثُ غَفَلَ الشُّهُودُ الْحَاضِرُونَ أَيْضًا عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ (ص) وَإِنْ أَنْكَرَ قَالَ أَلَك بَيِّنَةٌ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ فَلَا بَيِّنَةَ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَإِنَّهُ يَأْمُرُهُ بِإِحْضَارِهَا وَيَسْمَعُهَا وَيُعْذَرُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ أَتَى بِدَافِعٍ فَلَا كَلَامَ وَصَارَتْ كَالْمَعْدُومِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ حُكِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَفَاهَا وَقَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي وَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَحَلَفَ خَصْمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانِهَا حِينَ حَلَفَ خَصْمُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ عَلَى دَعْوَى النِّسْيَانِ، وَمِثْلُ النِّسْيَانِ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا أَوْ أُعْلِمَ بِهَا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا حِينَئِذٍ بَعْدَ يَمِينِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّسْيَانِ فَلَوْ حَلَّفَ الْقَاضِي مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِغَيْرِ إذْنِ خَصْمِهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا فَائِدَةَ فِيهَا وَلِلْخَصْمِ أَنْ يُعِيدَهَا ثَانِيَةً كَمَا يُفِيدُهُ الْإِتْيَانُ بِالسِّينِ الدَّالَّةِ عَلَى الطَّلَبِ، فَقَوْلُهُ وَاسْتَحْلَفَهُ أَيْ وَحَلَفَ وَلَوْ شَرَطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي عَدَمَ قِيَامِهِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي نَسِيَهَا وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ (تَنْبِيهٌ) : وَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمُ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ وَفِيهَا أَسْمَاءُ الشُّهُودِ وَأَنْسَابُهُمْ وَمَسَاكِنُهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي شَهَادَتِهِمْ مَدْفَعٌ أَوْ فِي عَدَالَتِهِمْ مَجْرَحٌ كَلَّفَهُ إثْبَاتَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ سَأَلَهُ أَنْ يُعِيدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَشْهَدُوا بِمَحْضَرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْحَالُ اقْتَضَى الْإِيدَاعَ) أَيْ لِكَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا دَعْوَى الْمُسَافِرِ) أَيْ الْمَرِيضَ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمَخُوفِ. (قَوْلُهُ: يَدَّعِي فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا كَمَا قُلْنَا وَمِثْلُهُ وَرَثَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا رَجُلٌ عَرَضَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ سُوقٍ لَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يَلْزَمُ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّامِلِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِهِ بِيَمِينٍ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ لِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ عج جَعَلَ مَا هُنَا تَقْيِيدًا لِمَا فِي الشَّامِلِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَائِعٍ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ مُدَّعٍ وَعَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِي الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الْبَائِعَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَذَكَرَ تت الْأَمْرَيْنِ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَفِي الْمُتَيْطِيِّ غَيْرُ هَذَا وَنَصُّهُ: الرَّجُلُ يَحْضُرُ الْمُزَايَدَةَ فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك بِكَذَا وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ بَلْ بِكَذَا انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى كَلَامِهِ رَاجِعٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا . (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاكِمِ تَنْبِيهُهُ عَلَيْهِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْخِصَامِ فَلَيْسَ مِنْ تَلْقِينِ الْخَصْمِ لِلْحُجَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ وَمُقْتَضَى النَّوَادِرِ طَلَبُهُ. (أَقُولُ) وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ وَهَلْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَهُوَ الظَّاهِرُ . (قَوْلُهُ: فَلَا بَيِّنَةَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَلَهُ الْقِيَامُ كَمَا إذَا رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ وَأَخَذَ الْحَقَّ فَإِنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْقَضَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا نَفْيَ مَعَهُ وَلَا اسْتِحْلَافَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْيَمِينِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ النِّسْيَانِ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ إلَخْ) وَكَذَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَشْهَدُ لَهُ أَوْ أَنَّهَا مَاتَتْ . (قَوْلُهُ: وَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ) أَيْ وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْخَصْمِ إلَّا بَعْدَ حُضُورِهِ هَذَا فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً مُتَوَسِّطَةً أَوْ بَعِيدَةً فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَإِذَا قَدِمَ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْسَابُهُمْ وَمَسَاكِنُهُمْ) أَيْ الَّتِي يَتَمَيَّزُونَ بِهَا. (فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ فَلَوْ قَالَ بَيِّنَتِي غَائِبَةٌ فَاحْلِفْ لِي فَإِذَا قَدِمَتْ أَقُومُ بِهَا كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَيَقُومُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ عَلِمَ بِبُعْدِهَا وَسَكَتَ وَحَلَّفَهُ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا أَيْضًا قَالَهُ الْبَدْرُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ وَظَاهِرُهُ بِلَا خِلَافٍ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنْ يَحْلِفَ عَلَى صِحَّتِهَا، الثَّالِثُ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ الدَّعَاوَى عَلَى شَخْصٍ بَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِهَا وَيَتْرُكَ بَعْضَهَا لِوَقْتٍ آخَرَ، الرَّابِعُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الدَّعَاوَى كَفَى فِيهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ نَاصِرٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعُونَ وَانْظُرْ النَّقْلَ الصَّرِيحَ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَضَاءُ) أَيْ لَزِمَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا (ش) هُوَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيُفِيدُ أَنَّ وُجُودَهُ بَعْدَمَا اسْتَحْلَفَهُ وَحَلَفَ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْحَلِفَ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَقَامَ شَاهِدًا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا أَوْ فِي دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ وَيَضْمَنَهُ لِلْأَوَّلِ وَيَعْمَلَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِانْفِرَادِهِ، وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ (ش) الْمَعْطُوفُ عَلَى نِسْيَانِ مَحْذُوفٍ مَعَ حَذْفِ ثَلَاثِ مُضَافَاتٍ بَعْدَهُ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ شَاهِدٍ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ قَبُولِ الْحَاكِمِ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ ذَلِكَ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ أَصْلًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ أَيْ طَلَبَ الْمُقِيمُ يَمِينَهُ وَحَلَفَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ الَّذِي لَمْ يَقْبَلْهُ حَيْثُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَيَحْلِفُ مَعَهُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ تَارَةً وَلَا يَرَاهُ أُخْرَى كَالْمَالِكِيِّ وَكَانَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَرَاهُ فِيهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضُمُّهُ لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ حِينَ تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ نَاسِيًا لَهُ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيِّنَةِ. (ص) وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا، قَالَ وَكَذَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي أَنْتِ حَلَّفْتنِي عَلَى ذَلِكَ قَبْلُ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ قَبْلَ تَارِيخِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ لَا يَحْلِفُ مَرَّةً أُخْرَى وَكَذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ بَعْدَ   [حاشية العدوي] الْقَاضِيَ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّهَادَةِ فَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حُضُورِ الْخَصْمِ لَا فِي غَيْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا) قَالَ فِي ك ثُمَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَطْفُ الْفِعْلِ الْمَاضِي عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ لَيْسَ بِقَوِيمٍ وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى أَيْ كَنِسْيَانٍ أَوْ وُجُودِ ثَانٍ قَدْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصَحَّ عَطْفُ الْفِعْلِ الْمَاضِي عَلَى الْمَصْدَرِ حَيْثُ رُوعِيَ الْمَعْنَى دَائِمًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فِي حَيِّزِ إلَخْ) أَيْ فَلَا بَيِّنَةَ إلَّا لِعُذْرٍ وَإِلَّا لِوُجُودِ ثَانٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ وُجُودِ الثَّانِي لَمْ تَنْتَفِ بَيِّنَتُهُ بَلْ بَقِيَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي دَعْوَى أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا) أَيْ كَأَنْ نَسِيَهُ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، وَكَلَامُهُ هُنَا غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَى شَيْءٍ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُمَا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِانْفِرَادِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ لِعِلَّةِ الِانْفِرَادِ فَحَيْثُ فُقِدَ الِانْفِرَادُ لِوُجُودِ الثَّانِي صَحَّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ فتت جَعَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ ادَّعَى عِنْدَ مَنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمَطْلُوبُ أَيْضًا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ثُمَّ وَجَدَ ثَانِيًا فَإِنَّهُ يَضُمُّهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَجَدَ الثَّانِيَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ أَيْضًا لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَأَيْضًا فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَفْهُومِ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُمَا وَمَا هُنَا فِيمَا لَا تَثْبُتُ بِهِمَا لِكَوْنِ الْحَاكِمِ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا ضَمَّ. (قَوْلُهُ: مَعَ حَذْفِ ثَلَاثِ مُضَافَاتٍ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ إنَّمَا هُوَ مُضَافَانِ لَا ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ: لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُوجِبُ بُطْلَانَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ كَانَ مُجْتَهِدًا لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَصَارَ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَيُرْفَعُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ أَوَّلًا بِالرَّدِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ أَيْ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الشَّاهِدَ وَيَحْلِفَ مَعَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ مَالِكِيٍّ يَرَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بَلْ أَعْرَضَ؛ لِأَنَّ إعْرَاضَ الْحَاكِمِ لَيْسَ حُكْمًا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا تُصَدَّقُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ بِالرَّدِّ فَإِنْ حَكَمَ بِالرَّدِّ فَلَيْسَ لِلْخَصْمِ أَنْ يَرْفَعَ لِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَذَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْرِيرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ بِمَا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْقَاضِي بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَلَهُ الْحُكْمُ يَنْبُو عَنْهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ يُقْرَأُ الْأَوَّلُ بِالنَّصْبِ أَيْ لَمْ يَرَهُ الزَّمَنَ الْأَوَّلَ وَفِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ مَا لَا يَخْفَى فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ لَا يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ وُلِّيَ آخَرُ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ حُكْمُ الثَّانِي فَسْخًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ يُرِيدُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ بَابِ التَّرْكِ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَتَأَمَّلْ فِي الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضُمُّهُ لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي شَرَحَ بِهِ شَارِحُنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ قَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ مَا أَشَرْنَا لَهُ بِقَوْلِنَا أَيْ كَأَنْ نَسِيَهُ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ . (قَوْلُهُ: أَوَّلًا) لَوْ أَسْقَطَ أَوَّلًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالْأَوَّلِيَّةِ بِاعْتِبَارِ طَلَبِهَا مِنْهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا أَنَّهُ عَالِمٌ) أَيْ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ عَالِمٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ وَسَقَطَ الْحَقُّ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ أَوَّلًا وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ إلَخْ) فَإِنْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى فِسْقِهِمْ شَاهِدًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ بِفِسْقِ شُهُودِهِ كَمَا اخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَ الْأَمْرُ بِحَالِهِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ الْحَقُّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي تَصْوِيرِ الدَّعْوَى لَا فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ كَيْفِيَّتَهَا أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِفِسْقِ شُهُودِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَيْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا إلَخْ (ص) وَأَعْذَرَ إلَيْهِ بِ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ، وَنُدِبَ تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ فِيهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ قَسِيمُ قَوْلِهِ فَإِنْ نَفَاهَا أَيْ إنْ قَالَ نَعَمْ، أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا وَسَمِعَهَا وَأَعْذَرَ بِ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا أَيْ وَأَعْذَرَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُوَجِّهَ الْحُكْمَ إلَيْهِ مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَطْعَنٍ فِي الْبَيِّنَةِ نَفَّذَ مَا شَهِدَتْ بِهِ وَإِلَّا أَنْظَرَهُ لِإِثْبَاتِ مَا يَدَّعِيهِ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ كَمَا يَأْتِي، وَالْإِعْذَارُ وَاجِبٌ فَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِهِ نُقْضَ الْحُكْمُ قَالَهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَسْتَأْنِفُ لَهُ الْإِعْذَارَ فَإِنْ أَبْدَى مَطْعَنًا نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَدَمَ الْإِعْذَارِ لَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ، قَالَهُ الْأَخَوَانِ وَقَالَ غَيْرُهُمَا يَسْتَأْنِفُ الْإِعْذَارَ فَإِنْ أَبْدَى مَطْعَنًا نُقِضَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُنْدَبُ تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ فِي الْإِعْذَارِ إنْ كَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَائِبًا وَسَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ فِي غَيْبَتِهِ (ص) إلَّا الشَّاهِدَ بِمَا فِي الْمَجْلِسِ وَمُوَجِّهَهُ وَمُزَكِّيَ السِّرِّ وَالْمُبَرِّزَ بِغَيْرِ عَدَاوَةٍ وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ (ش) هَذِهِ مَسَائِلُ خَمْسٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْإِعْذَارُ مِنْهَا إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بِحَقٍّ لِخَصْمِهِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُعْذَرُ إلَيْهِ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ سَمِعُوا إقْرَارَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لِمُشَارَكَةِ الْقَاضِي لِلْبَيِّنَةِ فِي الْعِلْمِ فَلَوْ أَعْذَرَ فِي ذَلِكَ لَكَانَ إعْذَارًا فِي نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُعْذَرُ فِي نَفْسِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ أَنَّ مَنْ لَا إعْذَارَ لَهُ فِيهِ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ تَسْمِيَتُهُ فَإِنَّهُ قَالَ مَسْأَلَةٌ وَكَذَلِكَ الشَّاهِدَانِ الْمُوَجَّهَانِ لِحُضُورِ الْيَمِينِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا إعْذَارَ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَقَامَهُمَا مَقَامَ نَفْسِهِ وَمِنْهَا مُزَكِّي السِّرِّ وَهُوَ مَنْ يُخْبِرُ الْقَاضِيَ فِي السِّرِّ بِحَالِ الشُّهُودِ مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ جَرْحٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ وَلَوْ سَأَلَ الطَّالِبُ الْمُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَمَّنْ جَرَحَهَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَ الْمَطْلُوبُ عَمَّنْ زَكَّى بَيِّنَةَ الطَّالِبِ فَإِنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِيمُ لِذَلِكَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِهِ فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَاضِي فَلَا يُعْذَرُ فِي نَفْسِهِ فَمُزَكِّي بِكَسْرِ الْكَافِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُزَكِّي هُوَ الشَّاهِدُ وَاقْتَصَرَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِيمَنْ زَكَّاهُ الْمُزَكِّي الْمَذْكُورُ أَيْضًا، وَأَمَّا قِرَاءَتُهُ بِالْفَتْحِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَنْ زَكَّاهُ مُزَكِّي السِّرِّ لَا يُعْذَرُ فِيهِ وَلَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ يُزَكِّي غَيْرَهُ سِرًّا لَا يُعْذَرُ فِيهِ وَجَعَلَ الزَّرْقَانِيُّ الْمُزَكِّيَ شَامِلًا لِمَنْ يُخْبِرُهُ بِالْجَرْحِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: كَمَا اخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ) أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَازِرِيَّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي هَذِهِ وَإِنَّمَا لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَهُ مِنْ الْخِلَافِ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْذَرَ إلَيْهِ) وَالْإِعْذَارُ سُؤَالُ الْحَاكِمِ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ هَلْ عِنْدَهُ مَا يَجْرَحُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ أَمْ لَا وَالْهَمْزَةُ فِي أَعْذَرَ لِلسَّلْبِ مِثْلُ شَكَا إلَيَّ زَيْدٌ فَأَشْكَيْتُهُ أَيْ أَزَلْت شِكَايَتَهُ وَأَعْجَمْت الْكِتَابَ أَيْ أَزَلْت عُجْمَتَهُ أَيْ قَطَعَ عُذْرَهُ أَيْ لَمْ يُبْقِ لَهُ عُذْرًا أَيْ قَطَعَ حُجَّتَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَثْبَتَ عُذْرَهُ. (قَوْلُهُ: بِ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ أَوْ يَقُولُ لَهُ أَلَك مَطْعَنٌ أَوْ قَادِحٌ أَوْ مَدْفَعٌ أَوْ مَقَالٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) وَالْإِعْذَارُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ وَلِلْمُدَّعِي فِيمَنْ يَجْرَحُ بَيِّنَتَهُ فَيَقُولُ أَلَك حُجَّةٌ تَطْعَنُ فِي الْمَطْعَنِ أَوْ بَيِّنَةٌ غَيْرُ هَذِهِ. (قَوْلُهُ: نَفَذَ مَا شَهِدَتْ بِهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ نَفَذَ مِنْ النُّفُوذِ. (قَوْلُهُ: نُقِضَ الْحُكْمُ قَالَهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ الْإِعْذَارَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ كَمَا لَوْ حَبَسَ عَقَارًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَادَّعَى شَخْصٌ مِنْ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ تَوَلَّى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ إلَى أَنْ مَاتَ أَوْ أَنَّهُ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ مَثَلًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَهَلْ يُعْذِرُ لِلْفُقَرَاءِ فِي هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْذِرُ إلَيْهِمْ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ بَيِّنَتِهِ وَإِذَا شَهِدَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ هَلْ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الشُّهُودِ فَيَفْتَقِرُ إلَى الْإِعْذَارِ أَوْ يَجْرِي مَجْرَى التَّوَاتُرِ الْمُحَصِّلِ لِلْعِلْمِ فَلَا إعْذَارَ وَإِلَى هَذَا مَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ والأندلسيي نَ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَاتٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْقُضْ الْحُكْمَ) وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهُ عَدَمَ الْإِعْذَارِ أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ، وَقَوْلُهُ: قَالَهُ الْأَخَوَانِ أَيْ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ لِمَا قَدَّمْنَا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ تَقْدِيمُهُ. (قَوْلُهُ: تَوْجِيهٌ مُتَعَدِّدٌ فِي الْإِعْذَارِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَائِبًا) وَيَقُولَانِ لَهُ قَدْ سَمِعَ الْقَاضِي شَهَادَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَيْك وَهَلْ عِنْدَك مَنْ يُجَرِّحُهُمَا أَمْ لَا وَمُرَادُهُ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً، وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطَةُ أَوْ الْبَعِيدَةُ فَلَا إعْذَارَ بَلْ هُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ . (قَوْلُهُ: إلَّا الشَّاهِدَ بِمَا فِي الْمَجْلِسِ) ابْنُ مَرْزُوقٍ وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ بِمَا فِي عِلْمِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: لِحُضُورِ الْيَمِينِ) أَيْ مَثَلًا أَيْ أَوْ لِحِيَازَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَجِّهُ إلَّا مَنْ يَعْلَمُ عَدَالَتَهُ بِخِلَافِ الشُّهُودِ الَّذِينَ يُحْضِرُهُمْ الْمُدَّعِي غَيْرُ الْمُلَازِمِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعْذَارِ فِيهِمْ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَتِهَا) أَيْ لِلْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: بِحَالِ الشُّهُودِ) أَيْ الْمُلَازِمِينَ لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: لَا يُعْذَرُ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمُزَكَّى بِفَتْحِ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُقِيمُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلتَّزْكِيَةِ سِرًّا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ يُزَكِّي غَيْرَهُ) وَهُوَ الْمُزَكِّي بِكَسْرِ الْكَافِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَتْحِ لَا تُفِيدُ إلَّا عَدَمَ الْإِعْذَارِ فِي الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ عَدَمُ الْإِعْذَارِ فِي الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْكَسْرِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ الْأَمْرَيْنِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَأَقُولُ فِي كَلَامِهِ نَظَرٌ بَلْ يُفِيدُ؛ لِأَنَّ عَدَالَةَ مُزَكِّي السِّرِّ بِالْكَسْرِ ثَابِتَةٌ بِعِلْمِ الْقَاضِي فَهِيَ قَوِيَّةٌ وَعَدَالَةُ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ لَيْسَتْ ثَابِتَةً بِعِلْمِ الْقَاضِي بَلْ بِعِلْمِ مَنْ زَكَّاهُ الْقَاضِي فَهِيَ ضَعِيفَةٌ فَإِذَا كَانَ لَا يُعْذَرُ إلَيْهِ فِي الضَّعِيفِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُعْذَرَ إلَيْهِ فِي الْقَوِيِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 إخْرَاجٌ لِلَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّاهِدَ الْمُبَرِّزَ فِي الْعَدَالَةِ أَيْ الْفَائِقُ أَقْرَانِهِ فِيهَا لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِغَيْرِ الْعَدَاوَةِ وَيُعْذَرُ فِيهِ فِيهَا، وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْهُ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ أَيْ وَشَاهِدُ مَنْ يُخْشَى مِنْهُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَالشَّاهِدُ عَلَى مَنْ يُخْشَى مِنْهُ لَا يُسَمِّي لَهُ (ص) وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ حَكَمَ كَنَفْيِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ إذَا قَالَ لِي حُجَّةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنْظِرُهُ لَهَا أَيْ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِهَا بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ لَا حُجَّةَ لِي وَنَفَاهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ كَالْعِرَاقِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقِيمُهَا عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي لَهَا لِلْحُجَّةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا. (ص) وَلْيُجِبْ عَنْ الْمُجَرِّحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَإِذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ وَيُوَجِّهُ لَهُ الْإِعْذَارَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْمُجَرِّحِ وَالْمُدَّعِي عَدَاوَةٌ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَرَابَةٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ التَّجْرِيحُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا الْقَاضِي عَلِمَ مِنْ الشَّاهِدِ شَيْئًا يَرُدُّ شَهَادَتَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ الْجَوَابُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ أَيْ وَلْيُجِبْ الْحَاكِمُ السَّائِلَ عَنْ تَعْيِينِ الْمُجَرِّحِ. (ص) وَيُعَجِّزُهُ (ش) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لِي حُجَّةٌ وَأَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِهَا بِاجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعَجِّزُهُ وَيَكْتُبُ التَّعْجِيزَ فِي سِجِلِّهِ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانٌ ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَلَمْ يَأْتِ بِهَا وَقَدْ عَجَّزْته خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمَ التَّعْجِيزِ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِالْقَبُولِ ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤَلِّفُ مَسَائِلَ لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْجِيزُ فِيهَا بِقَوْلِهِ. (ص) إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَا يَقْطَعُ فِيهَا الْحُجَّةُ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ لَيْسَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إخْرَاجُ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي التَّزْكِيَةِ فَكَيْفَ يَشْمَلُ التَّجْرِيحَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعْذَارَ بِالْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُبَرِّزِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ لَا بِعَدَاوَةٍ وَلَا بِقَرَابَةٍ وَلَا بِغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: لَا يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَقٍّ وَكَذَا بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ لَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى لَهُ فِيهَا) أَيْ حَيْثُ لَا تُسَمَّى فَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُهْمِلَ حَقَّهُ فِي تَفْتِيشِ حَالِ الشُّهُودِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ لَهُمْ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْلِيفِ الْمَشْهُودِ لَهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدَّعْوَى عَلَى صَغِيرٍ وَغَائِبٍ لَكَانَ حَسَنًا . (قَوْلُهُ: وَأَنْظَرَهُ إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ: بِاجْتِهَادِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ مَحْدُودًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَمَحَلُّ الْإِنْظَارِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدُهُ فَيَحْكُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا) أَيْ بِأَنْ أَتَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَيَقُولُ الْمُدَّعِي إنَّ لِي حُجَّةً فَأَنْظِرُونِي وَقَوْلُهُ: أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ بِأَنْ أَرَادَ التَّجْرِيحَ فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ بِمَا قَالَ خَصْمُهُ تت. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ كَالْعِرَاقِ) أَيْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِي بَيِّنَةٌ بِالْعِرَاقِ تَشْهَدُ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي . (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُخْبِرَهُ) إنْ لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَنْ الْمُجَرِّحِ) ظَاهِرًا لَا الْمُجَرِّحِ السِّرَّ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ . (قَوْلُهُ: وَيُعَجِّزُهُ) التَّعْجِيزُ هُوَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ بِعَدَمِهَا لَهُ لِلْحُجَّةِ الَّتِي ادَّعَاهَا لَا الْحُكْمُ بَعْدَ تَبَيُّنِ اللَّدَدِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت التَّعْجِيزُ هُوَ الْحُكْمُ عَلَى الْمُعَجِّزِ فَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الْحُكْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِالتَّعْجِيزِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ لِمَنْ سَأَلَهُ تَأْكِيدًا لِلْحُكْمِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ النَّقْلَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مُجَرَّدَ الْحُكْمِ هُوَ التَّعْجِيزُ ثُمَّ قَالَ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي دَمٍ إلَخْ لَا يَأْتِي عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ إلَخْ وَقَبُولُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ نِسْيَانٍ وَعَدَمِ عِلْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُمَا فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا خُصُوصِيَّةً لِهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ مَا يَأْتِي بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَذَكَرَ النُّقُولَ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ الْأَسْمِعَةِ وَغَيْرِهَا مَا قُلْنَاهُ إنَّ التَّلَفُّظَ بِالتَّعْجِيزِ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ وَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْقِيَامُ بَعْدَهُ لِلطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَهُوَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إذْ الْقَبُولُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْبَلُ فِيهِ مَا أُتِيَ بِهِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ التَّعْجِيزَ فِي سِجِلِّهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَكَتَبَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: خَوْفًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَكْتُبُ التَّعْجِيزَ أَيْ إنَّمَا كَانَ يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ خَوْفًا مِنْ أَنْ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ بَاقٍ وَمَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدَمُ التَّعْجِيزِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْ كَتَبَهُ خَوْفًا مِنْ دَعْوَاهُ كَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ تِلْكَ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ: رَفْعًا لِلنِّزَاعِ عِلَّةٌ لِلْكَتْبِ مَعَ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: خَوْفًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ هُنَاكَ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ بِالرَّفْعِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ الرَّفْعِ . (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الدَّمِ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَتْلِ الْغِيلَةِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 لِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعْجِيزِ لَا يَقْطَعُ الْحُجَّةَ فِيهِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَعْجِيزُ الطَّالِبِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَتِهِ مَتَى وَجَدَهَا وَيَحْكُمُ الْآنَ بِإِبْطَالِ الدَّمِ وَبِإِبْطَالِ الْحَبْسِ وَبِبَقَاءِ الرِّقِّ وَبِعَدَمِ النَّسَبِ وَبِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ وَيُطَالِبَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَعْجِزَ عَنْهَا فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِعَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَجَدَ بَيِّنَتَهُ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْقِصَاصِ الْآنَ، وَالثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ أَنَّ شَخْصًا حَبَسَ عَلَيْهِ دَارًا وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَيَعْجِزُ عَنْهَا فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ إنْ وَجَدَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ الْآنَ عَنْهَا، الثَّالِثُ عَبْدٌ ادَّعَى أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِذَلِكَ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ وَجَدَهَا وَإِنْ حَكَمَ بِبَقَائِهِ فِي الرِّقِّ الْآنَ، الرَّابِعُ إنْسَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ وَجَدَهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ الْآنَ، الْخَامِسُ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَعَجَزَتْ عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِإِبْطَالِ دَعْوَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَجَدَتْ بَيِّنَةً وَإِنْ حُكِمَ بِبَقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا الْآنَ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ التَّعْجِيزِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَ إلَخْ وَلَمْ يَأْتِ بِمَدْفَعٍ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحُجَجِ فَإِذَا عَجَّزَهُ الْحَاكِمُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ حَتَّى فِي الدَّمِ وَنَحْوِهِ كَمَا ارْتَضَاهُ الْجِيزِيُّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَكَتَبَهُ) لِلتَّعْجِيزِ أَوْ لِلتَّلَوُّمِ أَوْ لِلْإِعْذَارِ أَوْ لِلْإِنْظَارِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ وَهَذَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْظَارَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيهِ وَلَكِنْ رُجُوعُهُ لِلتَّعْجِيزِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِهِ كَتْبُ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ إلَّا وَيَكْتُبُ التَّلَوُّمَ أَيْ وَكَتْبُ كَيْفِيَّةِ التَّعْجِيزِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعْجِيزِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ سَابِقًا لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْجِيزُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ التَّعْجِيزَ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالتَّعْجِيزِ لِلتَّصْوِيرِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيزَ صِفَتُهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ) أَيْ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَعْوَى إثْبَاتٍ وَهِيَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي دَعْوَى النَّفْيِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ وَهِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) فَإِذَا أُقِيمَتْ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ عَلَى الْمُطَلِّقِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْقَاتِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُطَلِّقُ ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَجْرَحُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ إنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْمُجَرِّحَةِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِتَعْجِيزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِقَتْلِهِ ثُمَّ إنَّ أَوْلِيَاءَهُ أَقَامَتْ بَيِّنَةً تَجْرَحُ الشَّهَادَةَ بِالْقَتْلِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَمَضَى الْقَتْلُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْ مِنْ وَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْتِ بِمَدْفَعٍ أَيْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُبْطِلُ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي بِالْقَتْلِ أَوْ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحُجَجِ أَيْ مِنْ الْإِعْذَارِ وَالتَّلَوُّمِ وَقَوْلُهُ: فَإِذَا عَجَّزَهُ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ فَإِذَا عَجَّزَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) وَهُوَ النَّسَبُ وَمَا عُطِفَ عَلَى الدَّمِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ إلَخْ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى عج؛ لِأَنَّ عج يَقُولُ لَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ أَصْلًا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ عج أَنَّ النَّفْيَ كَالْإِثْبَاتِ فِي عَدَمِ التَّعْجِيزِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَيْ الدَّمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْجِيزِيَّ يَقُولُ لَيْسَ النَّفْيُ كَالْإِثْبَاتِ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِي ك عَنْ بَعْضِ التَّقَارِيرِ يُقَوِّي كَلَامَ عج. (قَوْلُهُ: كَمَا ارْتَضَاهُ الْجِيزِيُّ) هُوَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْجِيزِيُّ عَصْرِيُّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيِّ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْ الشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: لِلتَّعْجِيزِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُعَجِّزُهُ وَهُوَ أَوْلَى لِقُرْبِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّلَوُّمِ أَيْ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الْإِنْظَارِ الْمُفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْظَرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلْإِعْذَارِ أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُهُ) أَيْ كَوْنُ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْإِنْظَارِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِنْظَارَ إلَخْ) رَوْحُ الْعِلَّةِ قَوْلُهُ: وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيهِ أَيْ إذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُنْظِرْهُ وَادَّعَى الْقَاضِي أَنَّهُ أَنْظَرَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاضِي أَنَّهُ أَنْظَرَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْكَتْبِ وَمُفَادُهُ أَنَّ التَّنَازُعَ إذَا حَصَلَ فِي التَّعْجِيزِ بِأَنْ يَقُولَ الْقَاضِي أَنَا عَجَّزْتُك فَيَقُولُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنْتَ لَمْ تُعَجِّزْنِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا قَوْلَ الْقَاضِي فَلِذَا كَتَبَ التَّعْجِيزَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثَمَرَةَ الْكَتْبِ خَوْفًا مِنْ تَطَاوُلِ الزَّمَنِ وَنِسْيَانِ ذَلِكَ أَوْ عَزْلِ هَذَا الْقَاضِي وَقِيَامِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ وَيَحْصُلُ التَّنَازُعُ عِنْدَ قِيَامِ غَيْرِهِ فَيَرْجِعُ لِلْكِتَابَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِ التَّعْجِيزِ كَتْبُ التَّلَوُّمِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا طَلَبَ فِي الشَّرْعِ لَا عَقْلًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ إلَّا وَيَكْتُبُ التَّلَوُّمَ أَيْ لِأَنَّ التَّعْجِيزَ شَرْعًا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَمَتَى كَتَبَ الْمُتَأَخِّرُ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيزُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ كَتْبِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ الْإِنْظَارُ الَّذِي هُوَ التَّلَوُّمُ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِ التَّلَوُّمِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُتَقَدِّمُ كَتْبُ الْمُتَأَخِّرِ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيزُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَتْبَ التَّعْجِيزِ مُسْتَلْزِمٌ لِكَتْبِ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيزُ وُجُودُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ التَّلَوُّمُ دُونَ الْعَكْسِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِ التَّلَوُّمِ كَتْبُ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وُجُودُ الْمُسَبَّبِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْصُلَ الْإِنْظَارُ وَيَمْنَعَ مِنْ التَّعْجِيزِ مَانِعٌ وَقَوْلُهُ: أَيْ وَكَتَبَ كَيْفِيَّةَ التَّعْجِيزِ أَيْ اللَّازِمِ مِنْهُ كَتْبُ التَّعْجِيزِ وَقَوْلُهُ: هَلْ عَجَّزَهُ بَيَانٌ لِلْكَيْفِيَّةِ فَكِتَابَتُهُ أَنَّهُ عَجَّزَهُ بَعْدَ ادِّعَاءِ الْحُجَّةِ أَوْ ابْتِدَاءِ كِتَابَةٍ لِكَيْفِيَّةِ التَّعْجِيزِ أَيْ لِصِفَةِ التَّعْجِيزِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ وَقَوْلُهُ: لَا وَكَتَبَ أَنَّهُ عَجَّزَ أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ أَيْ فَكَتَبَهُ أَنَّهُ عَجَّزَ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ الْكَيْفِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ نَقُولُ بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ وَأَنَّهُ مَا كَتَبَ أَنَّهُ عَجَّزَ إلَّا بَعْدَ كِتَابَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 هَلْ عَجَّزَهُ بَعْدَ أَنْ ادَّعَى حُجَّةً أَوْ ابْتِدَاءً لَا وَكَتَبَ أَنَّهُ عَجَّزَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَإِنَّمَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى كَيْفِيَّةِ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُعْتَبَرُ وَمِنْهُ مَا لَا يُعْتَبَرُ كَمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ. (ص) وَإِنْ لَمْ يُجِبْ حُبِسَ وَأُدِّبَ ثُمَّ حُكِمَ بِلَا يَمِينٍ (ش) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا بِإِقْرَارٍ وَلَا بِإِنْكَارٍ أَوْ قَالَ لَا أُخَاصِمُهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْبِسُهُ وَيُؤَدِّبُهُ عَلَى عَدَمِ جَوَابِهِ بِالضَّرْبِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا يَمِينٍ عَنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فَرْعُ الْجَوَابِ وَهَذَا لَمْ يَجِبْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَيُعَدُّ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِالْحَقِّ. (ص) وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِي إذَا قَالَ فِي دَعْوَاهُ لِي عَلَى هَذَا مِائَةٌ مَثَلًا فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَيِّنِ لِي مِنْ أَيِّ وَجْهٍ تَرَتَّبَتْ عَلَيَّ هَلْ مِنْ سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ بَيَّنَ لَهُ السَّبَبَ طَلَبَ مِنْ الْخَصْمِ الْجَوَابَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ السَّبَبَ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي السَّبَبَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا لَا يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِهِ غُرْمٌ أَوْ غُرْمٌ قَلِيلٌ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ حِينَ سُئِلَ عَنْ السَّبَبِ قَالَ لَا أَدْرِي أَوْ قَالَ نَسِيته فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَقُبِلَ نِسْيَانُهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ صَدَرَتْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَصْدُرْ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ وَأَنْكَرَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَالْبَيِّنَةُ حِينَئِذٍ بِثُبُوتِ مَا ادَّعَى عَلَى الْمُدَّعِي لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَضَاهُ ذَلِكَ الْحَقَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ حِينَ أَنْكَرَ الْمُعَامَلَةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ أُعَامِلْهُ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الدَّيْنِ وَلِعَدَمِ الْقَبْضِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا حَقَّ لَك يَا مُدَّعِي عَلَيَّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِأَنَّهُ قَضَاهُ ذَلِكَ الْحَقَّ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى مَا شَهِدَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُكَذِّبُ بَيِّنَتَهُ وَمِثْلُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ لَيْسَ لَك عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ قِبَلِي وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ اُنْظُرْهَا فِي الْكَبِيرِ (ص) وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَى الَّتِي لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ كَعِتْقٍ وَرَجْعَةٍ وَكِتَابَةٍ وَطَلَاقٍ وَنِكَاحٍ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا يَمِينٌ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ يَمِينٌ عَلَى عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبَرَ يَمِينٌ عَلَى عَدَمِ الْعَقْدِ عَلَى مُجْبَرَتِهِ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا تُرَدُّ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ وَلَا تُرَدُّ وَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَبِعِبَارَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِهَا أَيْ فَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ وَلَا تُرَدُّ بَلْ إمَّا حَلَفَ أَوْ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دِينَ وَلَيْسَ   [حاشية العدوي] مَا يَسْبِقُهُ فِي التَّلَوُّمِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَا يُعْتَبَرُ كَالْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ) مَعْنَى ذَلِكَ أَيْ إلَّا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ عَدَمُ التَّعْجِيزِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ لَا يُعْتَبَرُ وَالْمَسَائِلُ الْمُسْتَثْنَاةُ هِيَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي دَمٍ إلَخْ . (قَوْلُهُ: حُبِسَ وَأُدِّبَ) أَيْ يُحْبَسُ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُجِبْ بَعْدَ الْحَبْسِ أُدِّبَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ حَكَمَ أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَهُمَا عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ حَكَمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَدُّ هَذَا إقْرَارًا) وَمِثْلُ عَدَمِ جَوَابِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ شَكُّهُ فِي أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَا يَدَّعِيهِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الْمُدَّعِي وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَا ادَّعَى بِهِ وَقَالَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى بِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَقَعُ ذَلِكَ فِي مَحَاكِمِ مِصْرَ . (قَوْلُهُ: وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ) أَيْ حَيْثُ غَفَلَ عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ جَهِلَ أَوْ تَعَمَّدَ عَدَمَ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالسُّؤَالِ عَنْ السَّبَبِ ابْتِدَاءً إنَّمَا هُوَ الْحَاكِمُ لَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ كَفَى. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ بِيَمِينٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَشْيَاخُ الْمُتَأَخِّرُونَ. (أَقُولُ) فَالْأَوْلَى الْعَمَلُ بِهِ لِقِلَّةِ الصِّدْقِ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ) أَيْ الْخَاصَّةِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ مَثَلًا كَمَا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا مِنْ بَيْعٍ فَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ لَمْ أَشْتَرِ مِنْك كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَبِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ كَمَا فِي عب. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُقْبَلُ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أُمُورٌ) مِنْ جُمْلَةِ الْأُمُورِ أَنَّ مَحَلَّ التَّفْرِقَةِ إذَا كَانَ الْقَائِلُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا أَمَّا مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ إنْكَارِ أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْنَ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأُمُورِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْجَوَابِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْفِيَ السَّبَبَ إنْ عَيَّنَهُ الْمُدَّعِي بِأَنْ يَقُولَ مَا اشْتَرَيْته أَوْ مَا اقْتَرَضْته أَوْ مَا تَزَوَّجْت مِنْك مَثَلًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْجَوَابِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّعِي لَهُ السَّبَبَ أَوْ عَيَّنَهُ لَهُ وَاكْتَفَى بِهَذَا وَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ مَاشٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُهُ: الْبَيِّنَةُ وَمِثْلُهَا إقْرَارُهُ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهُ فَلَا يُفِيدُهُ بَيِّنَتُهُ سَوَاءٌ أَقَرَّ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت مَا ذَكَرُوا وَعَلِمْت اتِّفَاقَهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الْوَجْهَيْنِ أَقُولُ إنَّ هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا بَدِيهِيَّةٌ لَا تَخْفَى فَإِذَنْ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الْوَجْهَيْنِ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى تَوَجَّهَتْ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى مَفْهُومِ) أَيْ عَلَى جَوَابِ مَفْهُومٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَا نِكَاحٍ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ هُنَا بِمُجَرَّدِهَا فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الطَّلَاقِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ دِينَ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَخْصٌ شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ فُلَانًا زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ وَأَنْكَرَ الْأَبُ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ، فَقَوْلُهُ هُنَا (كَنِكَاحٍ) مِثَالٌ لِمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَلَيْسَ مِثَالًا لِمَا تَتَوَجَّهُ فِيهِ الْيَمِينُ بِالدَّعْوَى الَّتِي لَمْ تَتَجَرَّدْ وَلَا تُرَدُّ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا نِكَاحَ وَبِعِبَارَةٍ هُوَ مِثَالٌ لِلْقَاعِدَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْطُوقِ قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِهَا وَمُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ شَاهِدٌ فِي النِّكَاحِ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ، لَكِنْ كَلَامُهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ يَرْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ. (ص) وَأَمَرَ بِالصُّلْحِ ذَوِي الْفَضْلِ وَالرَّحِمِ كَأَنْ خَشِيَ تَفَاقُمَ الْأَمْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا تَرَافَعَ إلَيْهِ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِأَنْ يَصْطَلِحَا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ أَقْرَبُ إلَى جَمْعِ الْخَوَاطِرِ وَإِلَى تَأْلِيفِ النُّفُوسِ وَيُذْهِبُ غِلَّ الصُّدُورِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ سَحْنُونَ فَقَدْ تَرَافَعَ إلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَبَى أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا وَقَالَ لَهُمَا اُسْتُرَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا وَلَا تُطْلِعَانِي مِنْ أَمْرِكُمَا عَلَى مَا قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمَا، وَأَمَّا لَوْ خَشِيَ الْقَاضِي بِالْحُكْمِ اتِّسَاعَ الْأَمْرِ وَالْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالصُّلْحِ دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَمَرَ إلَخْ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ وَجْهُ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَهَذَا يُخَصِّصُ عُمُومَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَدْعُونَ لِصُلْحٍ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ وَيَقْصِرُهُ عَلَى مَا عَدَا مَنْ ذُكِرَ هُنَا (ص) وَلَا يَحْكُمُ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ كَأَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَيَتِيمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا مُتَأَكِّدَ الْقُرْبِ كَأَبٍ وَإِنْ عَلَا وَزَوْجِهِمَا وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَهَذَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الظِّنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَبُولِهَا فَيُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ يَقْبَلُ شَهَادَةَ مَنْ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ أَمَّا إذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ أَخْذًا مِمَّا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْأَوْلَى وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَانْظُرْ هَلْ يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَهُ الْحُكْمُ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى مَنْ اسْتَهْلَكَ مَالَهُ وَيُعَاقِبُهُ لِقَطْعِ أَبِي بَكْرٍ الْأَقْطَعَ الَّذِي سَرَقَ عِقْدَ زَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ لَمَّا اعْتَرَفَ بِسَرِقَتِهِ وَانْظُرْ الْمُفْتِيَ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُفْتِيَ عَلَى مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ لِمَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبُرْزُلِيِّ مَا نَصَّهُ الْمَازِرِيُّ عَدَاوَةُ الْمُفْتِي كَعَدَاوَةِ الشُّهُودِ (ص) وَنُبِذَ حُكْمُ جَائِرٍ وَجَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ وَإِلَّا تُعُقِّبَ وَمَضَى غَيْرُ الْجَوْرِ وَلَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ (ش) لِمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ «الْقُضَاةَ ثَلَاثَةٌ جَائِرٌ وَجَاهِلٌ وَعَدْلٌ» أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ أَحْكَامَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ الْخَارِجَ عَنْ الْحَقِّ مُتَعَمِّدًا تُنْبَذُ أَحْكَامُهُ أَيْ تُطْرَحُ وَتُلْغَى أَيْ يَطْرَحُهَا وَيُلْغِيهَا الْقَاضِي الَّذِي يَتَوَلَّى بَعْدَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَخْصٌ شَاهِدًا إلَخْ) فَرَّقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الشُّهْرَةُ فَشَهَادَةُ أَحَدٍ فِيهِ رِيبَةٌ بِخِلَافِهِمَا وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ سَائِرَ مَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ حُكْمُهُ حُكْمُهُمَا فِي الْحَلِفِ مَعَ إقَامَةِ شَاهِدٍ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ لَا حُكْمُ النِّكَاحِ ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا مَسَائِلُ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الطَّالِبُ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَ الْعَدَمِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ) أَيْ لَا يَرُدُّهَا مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ كَالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ. (قَوْلُهُ: هُوَ مِثَالٌ لِلْقَاعِدَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ هِيَ قَوْلُهُ: وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ وَاضِحٌ أَيْ كَوْنُ قَوْلِهِ كَنِكَاحٍ مِثَالًا لِلْقَاعِدَةِ أَيْ بَيَانًا لِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَوْضُوعِهَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْطُوقِ قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِهَا أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَى النِّكَاحِ إذَا تَجَرَّدَتْ فَلَا يَمِينَ فِيهَا قَطْعًا وَقَوْلُهُ: وَمُشْكِلٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَفْهُومِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَتَجَرَّدْ بِأَنْ كَانَ صَاحِبُ دَعْوَى النِّكَاحِ أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ مَعَ أَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ كَلَامُهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ يَرْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ) أَيْ يَرْفَعُ هَذَا الِاقْتِضَاءَ أَيْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْطُوقٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ . (قَوْلُهُ: وَالرَّحِمُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ثُمَّ مَحَلُّ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الصُّلْحُ لَا فِي طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ: إلَى جَمْعِ الْخَوَاطِرِ أَيْ الْقُلُوبِ فَفِيهِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ الْحَالِ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: فَهَذَا يُخَصَّصُ إلَخْ) التَّخْصِيصُ صَحِيحٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ نَهْيٌ عَامٌّ وَقَوْلُهُ: وَأَمَرَ بِالصُّلْحِ أَمْرٌ وَهُوَ خَاصٌّ فَالتَّنَافِي مَوْجُودٌ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّخْصِيصِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ عب . (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْكُمُ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) مُقَابِلُ الْمُخْتَارِ مَا لِأَصْبَغَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ عَلَى مَنْ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِنْ حَكَمَ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ فَهَلْ حُكْمُهُ فِي النَّقْضِ كَحُكْمِهِ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ لَا فَلَا يَنْقُضُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ أَوْ يَنْقُضُهُ هُوَ لَا غَيْرُهُ وَهُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْحُكْمُ عَلَى الْإِقْرَارِ) أَيْ مُعْتَمَدًا عَلَى الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَاقِبُهُ لِقَطْعِ أَبِي بَكْرٍ الْأَقْطَعَ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْلَال إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ الْعَقْدُ مِلْكًا لِأَبِي بِكْرٍ وَأَنَّ مَالَهَا كَمَالِهِ . (قَوْلُهُ: أَيْ تُطْرَحُ وَتُلْغَى) لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ كَانَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ مُوَافِقًا قَطْعًا وَكَلَامُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 ابْنُ رُشْدٍ الْقَاضِي الْجَائِرُ تُرَدُّ أَحْكَامُهُ دُونَ تَصَفُّحٍ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَقِيمَةً فِي ظَاهِرِهَا إلَّا أَنْ تَثْبُتَ صِحَّةُ بَاطِنِهَا اهـ. وَكَذَلِكَ تُنْبَذُ أَحْكَامُ الْقَاضِي الْجَاهِلِ الَّذِي لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ بَلْ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ فَإِنْ كَانَ يُشَاوِرُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تُتَعَقَّبُ فَمَا كَانَ مِنْهَا صَوَابًا فَيَبْقَى وَلَا يُنْبَذُ، وَمَا كَانَ جَوْرًا فَيُنْبَذُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ تُتَعَقَّبُ أَحْكَامُهُ مَعَ الْمُشَاوَرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ يَعْرِفُ عَيْنَ الْحُكْمِ وَلَا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ إلَى إيقَاعِهِ إذْ الْقَضَاءُ صِنَاعَةٌ دَقِيقَةٌ لَا يَعْرِفُهَا كُلُّ أَحَدٍ بَلْ وَلَا أَجَلُّ الْعُلَمَاءِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وُلِّيَ الْجَاهِلُ لِعَدَمِ الْعَالِمِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعِلْمَ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَأَنَّ عَدَمَهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْوِلَايَةِ وَنُفُوذَ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ الْعَالِمِ، وَأَمَّا الْعَدْلُ الْعَالِمُ إذَا حَكَمَ فِي شَيْءٍ ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا تُتَعَقَّبُ أَحْكَامُهُ؛ لِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فَتَعَقُّبُهَا يُؤَدِّي إلَى كَثْرَةِ الشَّرِّ وَالْخِصَامِ فَالْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّعَقُّبِ عَدَمُ التَّتَبُّعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا إذَا رَأَيْنَا حُكْمًا فَاسِدًا لَا نَنْقُضُهُ بَلْ نَنْقُضُهُ قَوْلُهُ الْعَدْلُ أَخْرَجَ الْجَائِرَ، وَقَوْلُهُ الْعَالِمُ أَخْرَجَ بِهِ الْجَاهِلَ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَمَضَى الصَّوَابُ كَانَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْجَوْرِ قَدْ يَكُونُ خَطَأً أَوْ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْضِي (ص) وَنُقِضَ وَبُيِّنَ السَّبَبُ مُطْلَقًا مَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَدْلَ الْعَالِمَ لَا تُتَعَقَّبُ أَحْكَامُهُ فَإِذَا عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَوُلِّيَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ وَرُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ أَوْ رُفِعَ لَهُ هُوَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ وَنَظَرَ فِيهَا فَوَجَدَ فِيهَا مَا هُوَ مُخَالِفٌ لِقَاطِعٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فَإِنَّ لِلْغَيْرِ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ وُجُوبًا وَيُبَيِّنَ السَّبَبَ الَّذِي نُقِضَ لِأَجْلِهِ لِئَلَّا يُنْسَبَ لِلْجَوْرِ وَالْهَوَى فَمَعْنَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ كَانَ فِي وِلَايَتِهِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ مَا أَيْ حُكْمًا مَفْعُولُ نَقَضَ مِثَالُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِأَنَّ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلْأَخِ دُونَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ أَوْ يُقَاسِمُ الْأَخَ أَمَّا حِرْمَانُ الْجَدِّ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَمِثَالُ مُخَالَفَةِ النَّصِّ إذَا حَكَمَ بِشُفْعَةِ الْجَارِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَارِدٌ فِي اخْتِصَاصِ الشُّفْعَةِ بِالشَّرِيكِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ وَمِثَالُ مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ شَهَادَةُ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ لَا تَجُوزُ فَالْكَافِرُ أَشَدُّ فُسُوقًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْمَنَاصِبِ الشَّرْعِيَّةِ فِي مُقْتَضَى الْقِيَاسِ (ص) كَاسْتِسْعَاءِ مُعْتَقٍ وَشُفْعَةِ جَارٍ وَحُكْمٍ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ أَوْ مِيرَاثِ ذَوِي رَحِمٍ أَوْ مَوْلًى أَسْفَلَ أَوْ يَعْلَمُ سَبْقَ مَجْلِسِهِ أَوْ جُعِلَ بَتَّةً وَاحِدَةً أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا فَأَخْطَأَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ (ش) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِمَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَثَلًا وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَكَانَ   [حاشية العدوي] ابْنِ رُشْدٍ الْآتِي بَعْدَ مَوْضُوعٍ آخَرَ هَذَا إذَا حُمِلَ قَوْلُهُ: الْخَارِجُ عَنْ الْحَقِّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ لَا فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ بَلْ هُوَ الْمَوْضُوعُ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عَالِمٌ لَا جَاهِلٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ تُنْبَذُ أَحْكَامُ الْقَاضِي الْجَاهِلِ) وَلَوْ وَافَقَ الصَّوَابَ كَمَا فِي عب وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى صِحَّةِ أَحْكَامِ الْجَاهِلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا تُنْقَضُ وَكَذَا الْجَائِرُ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِالنَّقْضِ فِي الْجَاهِلِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ صَوَابًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ غَيْرُ الْمُشَاوِرِ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْجَائِرِ وَالْجَائِرُ لَا يُنْقَضُ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا عُلِمَ صِحَّةُ بَاطِنِهِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ أَيْ بَهْرَامَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي الْجَاهِلِ تُنْقَضُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الصَّوَابُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ كَمَا قَالُوا مَا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَعَقَدَ لَهَا عَلَى آخَرَ وَحَكَمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ كَافٍ فِي تَحْلِيلِهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ سَعِيدٍ، وَقَدْ رَجَعَ سَعِيدٌ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَهَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخَالِفَةِ لِلْإِجْمَاعِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّخْمِينِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْحَدْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْرَفُ الطَّرِيقُ إلَيْهِ) يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْمُزَاوَلَةِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَجَاهِلٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعِلْمَ وَاجِبُ شَرْطٍ حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ شَرْطُ صِحَّةٍ إذَا وُجِدَ الْعَالِمُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَكُونُ الْعِلْمُ شَرْطَ صِحَّةٍ بَلْ يُوَلَّى الْجَاهِلُ أَيْ الَّذِي لَهُ عَقْلٌ وَوَرَعٌ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ يَسْأَلُ الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَوْفُوا شُرُوطَ الْقَضَاءِ كَمَرْأَةٍ أَوْ عَبْدٍ فَإِذَا حَكَمَ بِدُونِ مَشُورَةٍ نُقِضَ حُكْمُهُ مُطْلَقًا عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنْ شَاوَرَ تُعُقِّبَ وَقَالَ فِي ك جَوَابًا آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُلِّيَ عَلَى جَهْلٍ ابْتِدَاءً حُكْمُهُ بَاطِلٌ وَإِذَا لَمْ يُوَلَّ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً بَلْ إنَّمَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدُ وَلَمْ يُعْلَمْ بِجَهْلِهِ إلَّا بَعْدُ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا . (قَوْلُهُ: أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ) أَيْ أَوْ خَالَفَ قَاطِعًا مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ مِنْ الْقَوَاعِدِ كَمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ لِابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ هِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَمَاتَ فَلَا إرْثَ لَهَا مِنْهُ لِاجْتِمَاعِ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ خِلَافًا لِحُكْمِ ابْنِ سُرَيْجٍ بِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَلْزَمُ عِنْدَهُ إيقَاعُ الثَّلَاثِ فَتَرِثُ مِنْهُ وَقَوْلُنَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا فِي الْبُرْزُلِيِّ وَلَكِنْ هَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِيِّ لَا لِغَيْرِهِ فَلَا نَقْضَ بُرْزُلِيٌّ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَهُوَ مَا قَطَعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ أَوْ ضَعَّفَهُ مِثَالُ الْأَوَّلِ قِيَاسُ الْأَمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُوسِرِ الْمُعْتِقِ، وَالثَّانِي قِيَاسُ الْعَمْيَاءِ عَلَى الْعَوْرَاءِ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّحِيَّةِ وَاحْتِمَالُ أَنَّ الْعَمْيَاءَ يُعْتَنَى بِهَا فِي أَخْذِهَا لِلْمَرْعَى لِكَوْنِهَا لَا تُبْصِرُ بِخِلَافِ الْعَوْرَاءِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ وُجُوبًا) فَإِنْ قِيلَ نَقْضُ أَحْكَامِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ هُنَا يُنَاقِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّقْضَ هُنَا لَيْسَ مُتَرَتِّبًا عَلَى تَعَقُّبِ أَحْكَامِهِ وَإِنَّمَا عَثَرَ عَلَيْهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مُعْسِرًا بِحَيْثُ لَا يُكَمِّلُ عَلَيْهِ بَعْضَهُ لِعُسْرِهِ وَأَبَى شَرِيكُهُ أَنْ يُكَمِّلَ بَعْضَهُ بِالْعِتْقِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى وَيَأْتِي لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ فَهَذَا الْحُكْمُ إذَا وَقَعَ مِمَّنْ لَا يَرَى اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ بَاطِلٌ فَلَهُ وَلِغَيْرِهِ نَقْضُهُ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهُ كَالْحَنَفِيِّ فَلِغَيْرِهِ نَقْضُهُ وَكَذَلِكَ مَا يَأْتِي مِنْ الْمَسَائِلِ فَإِنْ قُلْت هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ قُلْت هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَوِيَ دَلِيلُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ قَوِيِّ الدَّلِيلِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَلَا يُعْتَبَرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِيهِ كَهَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي فِيمَا إذَا حَكَمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ لِضَعْفِ الْمُدْرِكِ فِيهِ وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا وَقَعَ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَى عَدُوِّهِ أَيْ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا وَقَعَ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ عَلَى مُسْلِمٍ أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ ظَهَرَ إلَخْ وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ بِمِيرَاثِ ذَوِي الرَّحِمِ كَعَمَّةٍ وَنَحْوِهَا وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ مِيرَاثِ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَهُوَ الْعَتِيقُ مِنْ الْأَعْلَى وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ مُسْتَنِدًا لِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَسَوَاءٌ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ جُلُوسِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا إنْ حَكَمَ بِعِلْمٍ حَصَلَ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُهُ غَيْرُهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ هُوَ نَقْضُهُ مَا دَامَ قَاضِيًا وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي حَيْثُ حَكَمَ بِجَعْلِ الْبَتَّةِ أَوْ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي حَيْثُ ثَبَتَ خَطَؤُهُ بِبَيِّنَةٍ بِأَنْ شَهِدَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ عَدَلَ عَنْ كَذَا إلَى كَذَا عَلَى سَبِيلِ الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ ثَبَتَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِبَيِّنَةٍ مِمَّا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي لَهُ وَبِعِبَارَةٍ فَأَخْطَأَ لِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ اشْتِغَالِ فِكْرٍ قَوْلُهُ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ حُكْمٍ صَحِيحٍ، وَقَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَصْدٍ أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ لَا بِخَطَأٍ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا وَكَذَلِكَ يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْ أَمْرِهِمَا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا أَرِقَّاءُ أَوْ أَنَّهُمَا كَافِرَانِ أَوْ أَنَّهُمَا صَبِيَّانِ أَوْ أَنَّهُمَا فَاسِقَانِ أَوْ أَنَّهُمَا عَدُوَّانِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرِيبَانِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَرَافِيِّ أَنَّ نَقْضَ الْحُكْمِ بِاسْتِسْعَاءِ الْمُعْتَقِ وَشُفْعَةِ الْجَارِ وَمِيرَاثِ ذَوِي الرَّحِمِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَإِنْ نُقِضَ الْحُكْمُ فِي شَهَادَةِ الْكَافِرِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَ مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهُ كَالْحَنَفِيِّ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَقَدْ ذَكَرَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ فِي اسْتِسْعَاءِ الْمُعْتَقِ أَنَّهُ يَنْقُضُ وَلَوْ وَقَعَ الْحُكْمُ فِيهِ مِمَّنْ يَرَاهُ حَقًّا وَذَكَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِلْمَالِكِيِّ نَقْضُهُ وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا الْحُكْمُ مِمَّنْ يَرَاهُ لِضَعْفِ الْمُدْرِكِ فِيهِ قُلْت وَكَلَامُ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِذَلِكَ الْبَابِ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الْمُدْرِكِ فِيهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْقَاطِعِ مَا قَابَلَ الضَّعِيفَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْحَسَنَ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَتَّصِفُ بِالضَّعْفِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الِاسْتِسْعَاءِ مُسَاوِيَةٌ لِمَسْأَلَةِ شُفْعَةِ الْجَارِ فِي الْحُكْمِ فَيُفِيدُ ضَعْفَ مُدْرِكِ الِاسْتِسْعَاءِ مَعَ أَنَّهُ فِي مُسْلِمٍ وَأَجَابَ عج بِأَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا خَالَفَ نَصَّ السُّنَّةِ الرَّاجِحَ عَلَى خِلَافِهِ وَلَمَّا رَأَى تت عَدَمَ صِحَّةِ التَّمْثِيلِ قَالَ فِي كَاسْتِسْعَاءِ مُعْتَقٍ إنَّهُ مُشَبَّهٌ بِمَا خَالَفَهُ قَاطِعًا لَا مِثَالَ لَهُ؛ لِأَنَّ حَدِيثَهُ فِي مُسْلِمٍ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ يَسْأَلُ أَيْضًا مَا سَبَبُ النَّقْضِ فِيهِ حَيْثُ جُعِلَ مُشَبَّهًا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: إذَا وَقَعَ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَى عَدُوِّهِ) أَيْ حَكَمَ لِغَيْرِهِ لَكِنْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَدُوٌّ لِلْحَاكِمِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَالَفَ الْحَدِيثَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحْكُمُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ» . (قَوْلُهُ: إذَا وَقَعَ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ إلَخْ) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ الْقَاطِعِ أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ أَيْضًا وَهُوَ قِيَاسُ الْكَافِرِ عَلَى الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ لَا يَجُوزُ فَالْكَافِرُ أَشَدُّ فِسْقًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْمَنَاصِبِ الشَّرْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إذَا حَكَمَ بِمِيرَاثِ ذَوِي الرَّحِمِ) وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ لِخَبَرِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . (قَوْلُهُ: أَوْ مِيرَاثُ مَوْلًى أَسْفَلَ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا سَبَبَ النَّقْضِ هَلْ هُوَ مُخَالَفَةُ الْقِيَاسِ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ جُلُوسِهِ) هَذَا هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَلَكِنْ جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُنْقَضُ حُكْمُهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ ثُمَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ لَمْ يُفِدْهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ قَوْلَيْنِ فَمَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلٍ آخَرَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: حَيْثُ ثَبَتَ خَطَؤُهُ بِبَيِّنَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حَضَرَتْهُ وَعَلِمْت قَبْلَ أَنْ يُوقِعَ الْحُكْمَ أَنَّهُ قَاصِدٌ أَنْ يَحْكُمَ بِكَذَا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ فَحَكَمَ بِخِلَافِهِ لِغَفْلَتِهِ فَإِذَا شَهِدَتْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الثَّانِي نَقَضَهُ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَلْتَزِمُ مَذْهَبًا يَحْكُمُ بِهِ بِتَقْلِيدِهِ لَا بِاجْتِهَادِهِ فَقَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِهِ الْحُكْمَ بِكَذَا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ وَقَوْلُهُ: مِمَّا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ كَانَ قَاصِدًا كَذَا ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ فَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ قَصْدُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَنْ يَحْكُمَ بِكَذَا إلَخْ فَعَدَلَ إلَى كَذَا هَذَا مَعْنَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِغَفْلَةٍ) أَيْ سَهْوٍ وَهُوَ غَيْرُ النِّسْيَانِ وَقَوْلُهُ: أَوْ اشْتِغَالِ فِكْرٍ اشْتِغَالُ الْفِكْرِ إمَّا مَعَ الْغَفْلَةِ أَوْ النِّسْيَانِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ وَقَوْلُهُ: أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَصْدٍ أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا أَيْ مَعْرُوفًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثُّبُوتَ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ قَصْدًا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ) أَيْ الصَّحِيحَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِنَقِيضِ مَا ذُكِرَ لَكِنْ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَالْحَاصِلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَصَحَّ جَعْلُنَا قَوْلَهُ كَاسْتِسْعَاءِ إلَخْ مِثَالًا لَا تَشْبِيهًا اُنْظُرْ الْكَبِيرَ (ص) كَأَحَدِهِمَا إلَّا بِمَالٍ فَلَا يُرَدُّ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ إنْ حَلَفَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي النَّقْضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْ حَالِهِمَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ يُرِيدُ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يُنْقَضُ أَمَّا إنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالًا أَوْ يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لَا يُنْقَضُ إذَا حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ شَاهِدِهِ الْبَاقِي وَلَا يُرَدُّ الْمَحْكُومُ بِهِ وَيَمْضِي الْحُكْمُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ يَحْلِفُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ الْمَحْكُومُ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ لَا شَيْءَ لَهُ فَالضَّمِيرُ فِي يُرَدُّ لِلْحَقِّ الْمَحْكُومِ بِهِ لِيَشْمَلَ الْمَالَ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ وَأَتَى بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ (ص) وَحَلَفَ فِي الْقِصَاصِ خَمْسِينَ مَعَ عَاصِبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فِي قِصَاصٍ فِي نَفْسٍ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ عَبْدٌ مَثَلًا فَإِنَّ وَلِيَّ الدَّمِ يَحْلِفُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَتِمُّ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَوَثٌ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ نُقِضَ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ الْمَحْكُومُ لَهُ بِالْقَتْلِ عَنْ حَلِفِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً مَعَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ وَرُدَّتْ شَهَادَةُ الْبَاقِي فَالضَّمِيرُ فِي رُدَّتْ لِلشَّهَادَةِ لَا لِلْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُرَدَّ (ص) وَغَرِمَ شُهُودٌ عَلِمُوا وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ الْبَاقِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ رَفِيقَهُ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الدِّيَةَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ تت وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الْآخَرِ مَعَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَإِنَّ الْغَرَامَةَ لِلدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ وَإِلَّا كَانَتْ فِي مَالِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ انْفَرَدَ بِالْعِلْمِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ فَالْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ هُنَا بِأَنَّ مَنْ شَهِدَ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِكَذِبِهِمْ ثُمَّ إنَّ الْجَمْعِيَّةَ فِي الشُّهُودِ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِ جُزْئِيَّاتِ الْمَسَائِلِ إذْ الْمُرَادُ الْجِنْسُ وَإِلَّا فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا شَاهِدَانِ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافِرٌ مَثَلًا (ص) وَفِي الْقَطْعِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ الَّذِي الْمُرَادُ بِهِ الْقَتْلُ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ شَاهِدَيْ الْقَطْعِ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَطْعِ مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي تَمَّ الْحُكْمُ وَنَفَذَ؛ لِأَنَّ جِرَاحَ الْعَمْدِ تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَالْمَالِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ ثَانِيًا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ وَانْتَقَضَ الْحُكْمُ وَغَرِمَ الشَّاهِدُ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْجَرْحُ وَإِنَّمَا مَثَّلَ بِالْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّرِقَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ   [حاشية العدوي] أَنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُسْتَسْعَى وَالْوَارِدُ بِأَنَّهُ يُسْتَسْعَى ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَارِدٌ بِاخْتِصَاصِ الشُّفْعَةِ بِالشَّرِيكِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ رَاجِحٌ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يَقْتَضِي الشُّفْعَةَ مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ: فَصَحَّ إلَخْ) أَقُولُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْحُكْمُ فِي الْبَقِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هَلْ كَوْنُهَا خَالَفَتْ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَنَصَّهُ فِي ك بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَهُوَ قِيَاسُ الْكَافِرِ عَلَى الْفَاسِقِ ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ نَصَّهَا عَنْ غَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا بَعْضُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْفُرُوقِ هَذَا وَقَدْ دَلَّ كَلَامُهُ أَنَّ النَّقْضَ فِيمَا عَدَا شَهَادَةَ الْكَافِرِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَأَنَّهُ فِيهَا لِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فَالْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ مَا خَالَفَ قَاطِعًا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ شَهَادَةِ الْكَافِرِ فَهِيَ أَيْضًا كَذَلِكَ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ أَيْضًا فَتَكُونُ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ أَمْثِلَةً لِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْمِثَالَ جُزْئِيٌّ يُذْكَرُ لِإِيضَاحِ الْقَاعِدَةِ إلَخْ . (قَوْلُهُ: فَإِنَّ وَلِيَّ الدَّمِ يَحْلِفُ) لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الدَّمِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تُرَدَّ) الْمُنَاسِبُ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ أَنَّ رَفِيقَهُ عَبْدٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِأَنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ وَيَخْتَصُّونَ بِغُرْمِ دِيَةِ عَمْدٍ وَإِنْ شَارَكَهُمْ الْمُدَّعِي فِي الْعِلْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الدِّيَةَ) أَيْ يَغْرَمُهَا وَحْدَهُ فِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَالِمِينَ هُمْ الْمُخْتَصُّونَ بِالْغُرْمِ دُونَ الْعَبْدِ أَوْ الْكَافِرِ أَوْ الْفَاسِقِ وَكَانَ الْقِيَاسُ اخْتِصَاصُهُ بِالْغُرْمِ أَوْ مُشَارَكَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَمَّا عَدَمُ غُرْمِهِ مَعَ أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَمُشْكِلٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ كَامِلِينَ وَالشَّخْصُ جُبِلَ عَلَى أَنْ يَرَى نَفْسَهُ كَامِلًا فَهُمْ مَعْذُورُونَ بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ هَدَرٌ . (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ) أَيْ فَالْمَعْنَى وَحَلَفَ الْمُدَّعِي فِي الْقَطْعِ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَقْطُوعُ مُرَتَّبٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي حَلَفَ الْمَقْطُوعُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ نَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ رُدَّتْ وَفِي الْقَطْعِ حَلَفَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا تَبَيَّنَ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَطْعِ يَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَطْعِ أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً فِيهِ أَنَّ هَذَا الْحَلِفَ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ وَالْقَاعِدَةُ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّرِقَةِ) أَيْ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى زَيْدٍ بِأَنَّهُ سَرَقَ وَقُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَحْلِفُ مُقِيمُهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي عَلَى ثُبُوتِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي مِثْلِ حَدِّ السَّرِقَةِ بَلْ عَلَى ثُبُوتِ الْمَسْرُوقِ حَيْثُ كَانَ يَغْرَمُهُ السَّارِقُ كَمَا يَأْتِي آخِرَ بَابِ السَّرِقَةِ فَإِنْ حَلَفَ تَمَّ الْحُكْمُ بِالْغُرْمِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لَمْ يَغْرَمْ الْمَالَ وَغَرِمَ لَهُ الشَّاهِدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ دِيَةَ يَدِهِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ شُمُولُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِلْقَطْعِ قِصَاصًا وَلِلسَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ أَيْ وَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ عَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَقْطُوعُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا مَرَّ (ص) وَنَقَضَهُ هُوَ فَقَطْ إنْ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ أَوْ خَرَجَ عَنْ رَأْيِهِ أَوْ رَأْيِ مُقَلِّدِهِ (ش) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي لِحَاكِمِهَا وَلِغَيْرِهِ نَقْضُهَا أَخَذَ يَتَكَلَّمُ الْآنَ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ لَا يَنْقُضُهَا إلَّا حَاكِمُهَا فَقَطْ أَيْ مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ أَيْضًا وَحَذَفَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ تَعْلِيلُهُ الْأُولَى إذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ بَاقِيًا عَلَى وِلَايَتِهِ أَوْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ مَرَّةً أُخْرَى خِلَافًا لِمُطَّرِفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ فِيمَا إذَا عُزِلَ وَوُلِّيَ ثَانِيًا، وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ إذَا حَكَمَ بِرَأْيِهِ مُسْتَنِدًا لِدَلِيلٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ وَفِي الْمُقَلِّدِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا إذَا حَكَمَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَثَلًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونَ مَثَلًا أَرْجَحُ مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ الثَّانِيَةُ إذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِيهِ عَنْ رَأْيِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَيُحْمَلُ عَلَى السَّهْوِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ وَيَحْكُمُ بِمَا رَآهُ الثَّالِثَةُ إذَا حَكَمَ الْمُقَلِّدُ لِمَذْهَبٍ فِي قَضِيَّةٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا مَذْهَبُ إمَامِهِ فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ غَلَطًا فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ لِجَرَيَانِهِ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ خَرَجَ عَنْ رَأْيِهِ أَوْ رَأْيِ مُقَلِّدِهِ أَيْ خَطَأً وَالْمُرَادُ ادَّعَى الْخَطَأَ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ وَإِلَّا فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا فَأَخْطَأَ وَهَذَا إذَا صَادَفَ خُرُوجُهُ عَنْ رَأْيِهِ قَوْلَ عَالِمٍ وَكَانَ قَاصِدًا الْعَمَلَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ الْحُكْمَ بِشَيْءٍ غَيْرِ مُسْتَنِدٍ لِقَوْلِ أَحَدٍ فَصَادَفَ قَوْلَ عَالِمٍ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (ص) وَرَفَعَ الْخِلَافَ لَا أُحِلُّ حَرَامًا (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ يَرْفَعُ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رُفِعَ لِمَنْ لَا يَرَاهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَوْجُودٌ عَلَى حَالِهِ فَمَنْ لَا يَرَى وَقْفَ الْمَشَاعِ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ ثُمَّ رُفِعَ لِمَنْ كَانَ يُفْتِي بِبُطْلَانِهِ نَفَّذَهُ وَأَمْضَاهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ نَقْضُهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ شَخْصٌ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ فَاَلَّذِي يَرَى لُزُومَ الطَّلَاقِ لَهُ أَنْ يُنْفِذَ هَذَا النِّكَاحَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ نَقْضُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَهُ ظَاهِرٌ جَائِزٌ وَبَاطِنٌ مَمْنُوعٌ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ بِجَوَازِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ كَمَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَحُكِمَ لَهُ بِهِ فَلَيْسَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمَا، وَأَمَّا مَا ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ فَيُحِلُّ الْحَرَامَ كَالْحُكْمِ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ وَطْءَ الصَّغِيرِ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ، وَالْمُرَادُ بِالْحَرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَقَوْلُنَا فِي صَدْرِ التَّقْرِيرِ عَلَى   [حاشية العدوي] الْحَلِفِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَاصِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَيْ وَلَمْ يَغْرَمْ الْمَالَ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ فَلَا يُعْقَلُ مِنْ الطَّالِبِ حَلِفٌ حَتَّى يَتَأَتَّى نُكُولٌ إنَّمَا يَتَأَتَّى النُّكُولُ مِنْ الطَّالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ . (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَرَاهُ حَقًّا فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ لِضَعْفِ مُدْرِكِ إمَامِهِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إلَخْ) الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ مَا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (قَوْلُهُ: ادَّعَى الْخَطَأَ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ أَيْ بِدَعْوَاهُ الْخَطَأَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَحْكُمَ بِكَذَا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ اُتُّفِقَ أَنَّهُ حَكَمَ بِغَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَفْلَةٍ عَرَضَتْ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَاصِدًا الْعَمَلَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ) أَيْ كَانَ قَاصِدًا الْعَمَلَ بِغَيْرِ الَّذِي صَادَفَ كَأَنْ يَكُونَ قَاصِدًا الْعَمَلَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَثَلًا فَصَادَفَ قَوْلَ أَشْهَبَ مَثَلًا فَهَذَا كَانَ قَصْدُهُ الْحُكْمَ بِقَوْلٍ فَوَقَعَ فِي غَيْرِهِ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ فَقَطْ وَيُقَيِّدُ قَوْلَهُ وَكَانَ إلَخْ بِمَا إذَا كَانَ مُفَوِّضًا لَهُ فِي الْحُكْمِ بِقَوْلٍ أَيْ عَالِمٍ، وَأَمَّا إنْ وُلِّيَ عَلَى الْحُكْمِ بِقَوْلِ عَالِمٍ مُعَيَّنٍ فَحُكْمُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ بَاطِلٌ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ لَا قَصْدًا أَيْ حَكَمَ بِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ الْحُكْمِ بِهِ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْحُكْمَ بِقَوْلِ عَالِمٍ فَحَكَمَ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ عَالِمٌ فَيَنْقُضُ حُكْمَهُ هُوَ وَغَيْرَهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ خَطَؤُهُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَثَمَانٍ . (قَوْلُهُ: وَرَفَعَ الْخِلَافَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَعْوَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ اللَّقَانِيِّ وَالْقَرَافِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَرْفَعُ لِلْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ زَكَاةَ مَالِ الصَّبِيِّ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ تَبَعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ إلَّا إذَا تَقَدَّمَتْهُ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ دَعْوَى لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ يَقُولَانِ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ بِدُونِ دَعْوَى لَا يُنْقَضُ وَاَلَّذِي فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ يُنْقَضُ حُكْمُ الْمَالِكِيِّ بِدُونِ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَفِعْلُ الْحَاكِمِ لَيْسَ كَحُكْمِهِ بَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ غَيْرِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ إذَا رَأَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَحُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: يَرْفَعُ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ) أَيْ فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْجُزْئِيَّةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْحُكْمُ لَا مَا مَاثَلَهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاكِمَ كَمَا لَا يَحْكُمُ بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: نَفَّذَهُ وَأَمْضَاهُ) قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يُنْفِذُهُ وَلَا يُمْضِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَنْقُضُهُ. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ) أَيْ كَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يَرَى لُزُومَ الطَّلَاقِ) أَيْ كَالْمَالِكِيِّ. (قَوْلُهُ: كَالْحُكْمِ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ وَطْءَ الصَّغِيرِ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ) أَيْ إذَا مَاتَ الصَّغِيرُ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ جَازَ لِلْمَالِكِيِّ الْمُطَلِّقِ لِلزَّوْجَةِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُعْتَمِدًا عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِحِلِّ وَطْءِ الصَّغِيرِ وَأَمَّا مَا دَامَ الصَّبِيُّ حَيًّا فَلَا يُمْكِنُ حِلُّهَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ عَلَى الصَّغِيرِ لِأَنَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 وَجْهِ الصَّوَابِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ وَرَفَعَ الْخِلَافَ مَا عَدَا الْمَسَائِلَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَإِنَّ لِلْمَالِكِيِّ نَقْضُهَا وَلَوْ حَكَمَ فِيهَا مَنْ يَرَى الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الْمُدْرِكَ فِيهَا ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ. (ص) وَنَقْلُ مِلْكٍ وَفَسْخُ عَقْدٍ أَوْ تَقْرِيرُ نِكَاحٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ حُكْمٌ لَا أُجِيزُهُ أَوْ أُفْتِي (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظِ حَكَمْت كَقَوْلِهِ نَقَلْت مِلْكَ هَذِهِ الدَّارَ لِزَيْدٍ أَوْ هِيَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ بَعْدَ حُصُولِ مَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ مِنْ تَزْكِيَةٍ وَإِعْذَارٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَقَوْلِهِ فَسَخْت عَقْدَ كَذَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ رُفِعَ لَهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَسَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِإِثْبَاتٍ وَلَا نَفْيٍ هَذَا مَعْنَى تَقْرِيرِهِ فَقَوْلُهُ حُكْمٌ خَبَرُ قَوْلِهِ وَنَقْلُ مِلْكٍ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ، وَأَمَّا إذَا رُفِعَ إلَيْهِ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ لَا أُجِيزُ نِكَاحًا بِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا إذَا أَفْتَى فِي مَسْأَلَةٍ؛ لِأَنَّهَا إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ فَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّظَرَ فِيهِ (ص) وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلٍ بَلْ إنْ تَجَدَّدَ فَالِاجْتِهَادُ كَفَسْخٍ بِرَضْعِ كَبِيرٍ وَتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يُجَاوِزْ مَحَلَّهُ إلَى مَا يُمَاثِلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي جُزْئِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَكُونُ حُكْمًا فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مُمَاثِلِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ بَلْ إنْ تَجَدَّدَ الْمُمَاثِلُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الِاجْتِهَادَ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا، وَإِذَا كَانَ عَدَمُ التَّعَدِّي فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ فَأَوْلَى الْمُقَلِّدُ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ مَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَنَصُّهُ إذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ رَضَاعُ كَبِيرٍ فَحَكَمَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ وَفَسَخَ النِّكَاحَ مِنْ أَجْلِهِ فَالْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ بِحُكْمِهِ هُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ بَلْ يَبْقَى ذَلِكَ مُعَرَّضًا لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ حَالُ امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا لَكَانَ الْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ مِنْ حُكْمِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمُعَرَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ تَحْرِيمِ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ إجَارَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ الْعُقُودِ وَلَا الْمُبَايَعَاتِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاهَدَهُ وَمَا جُدِّدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ الْحُكَّامِ وَالْفُقَهَاءِ اهـ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ كَفَسْخِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ رَضَاعَ الزَّوْجِ الْكَبِيرِ عَلَى أُمِّ زَوْجَتِهِ مَثَلًا سَبَبٌ حَامِلٌ لِلْحَاكِمِ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْحَاكِمِ إلَّا فَسْخُ النِّكَاحِ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمُعَرَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَيْهِ   [حاشية العدوي] الطَّلَاقَ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّ الْمُضِرَّ فِي التَّلْفِيقِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حَصَلَ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ جَازَ كَمَا لَوْ عَقَدَ وَلِيٌّ مَالِكِيٌّ لِصَبِيٍّ فِي حِجْرِهِ عَلَى امْرَأَةٍ مَبْتُوتَةٍ وَدَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا ثُمَّ رَفَعَ أَمْرِهِ لِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ فَطَلَّقَ عَلَى الصَّبِيِّ لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ رَفَعَ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ شَافِعِيٍّ فَحَكَمَ بِحَلِيَّةِ وَطْءِ الصَّغِيرِ لِلْمَبْتُوتَةِ فَيَجُوزُ لِلْبَاتِّ الْمَالِكِيِّ الْعَقْدُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا . (قَوْلُهُ: بَعْدَ حُصُولِ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمًا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ مَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ رُفِعَ لَهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ) بِأَنْ عَقَدَتْ الْمَرْأَةُ لِنَفْسِهَا مَعَ شَاهِدَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْنَى تَقْرِيرِهِ) قَالَهُ فِي الْمُسْتَنَدِ شَرْحِ الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ فِي تَصْوِيرِ قَوْلِهِ أَوْ تَقْرِيرُ نِكَاحٍ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ هَذَا النِّكَاحُ فَقَالَ قَرَّرْت هَذَا النِّكَاحَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: قَرَّرْت حُكْمًا فَإِذَا رُفِعَ هَذَا النِّكَاحُ لِمَالِكِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُهُ اهـ. ثُمَّ إنَّهُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ الَّذِي قَدْ قَالَهُ فِي الْمُسْتَنَدِ شَرْحِ الْمُعْتَمَدِ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ السُّكُوتِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ حُكْمًا وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْفِعْلُ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا الَّذِي هُوَ كَلَامُ الْمُسْتَنَدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالتَّقْرِيرِ سُكُوتَ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ حِينَ رُفِعَ لَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِيِّ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ عِنْدَنَا حُكْمٌ وَأَوْلَى حُكْمُهُ بِإِثْبَاتِهِ وَأَمَّا تَقْرِيرُ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ مِنْ مَالِكِيٍّ فَلِغَيْرِهِ نَقْضُهُ لِخُرُوجِ الْمَالِكِيِّ عَنْ رَأْيِ مُقَلِّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ) أَيْ بَلْ هُوَ فَتْوَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ أَفْتَى مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَكِنْ هَذَا بِأَوْ وَعَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَكْسُهُ مَخْصُوصٌ بِالْوَاوِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ حُكْمًا فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مُمَاثِلِهَا) لَا مِنْهَا نَفْسِهَا فَإِذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ امْرَأَةِ زَيْدٍ بِسَبَبِ رَضْعِهِ وَهُوَ كَبِيرٌ فَإِذَا وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِعَمْرٍو فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ فَإِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى عَدَمِ الْفَسْخِ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا مُفَادُ عِبَارَاتِهِمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَتَأْبِيدُ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِنِكَاحِ امْرَأَةِ زَيْدٍ جَارِيًا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةِ عَمْرٍو. (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى الْمُقَلِّدُ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يُجَدِّدَ حُكْمًا لِلثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا إلَّا أَنَّهُ يُجَدِّدُ اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّ تَجْدِيدَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُجْتَهِدِ. (قَوْلُهُ: هُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ) أَفَادَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَحَكَمَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَحْرُمُ مِنْ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِالتَّحْرِيمِ لَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا حُكْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَسْخِ لَا غَيْرُ؛ وَلِذَا قَالَ وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَخْ فَيُرَادُ بِقَوْلِهِ فَحَكَمَ أَيْ فَأَخْبَرَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَحْرُمُ ثُمَّ فَسَخَ النِّكَاحَ لِأَجْلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ. (قَوْلُهُ: فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ حَكَمَ بِالتَّحْرِيمِ وَلَيْسَ مُرَادًا إنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ الْفَسْخُ فَقَطْ وَلِذَا قَالَ لَكَانَ الْقَدْرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِنَجَاسَةِ مَاءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ) أَيْ فِي مَاءٍ مُعَيَّنٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَاءِ الْمُتَقَدِّمِ حَدَثَ فِيهِ مَا حَدَثَ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ أَوْجَبَ حُكْمَهُ بِالتَّحْرِيمِ لَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أُمِّ زَوْجَتِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ زَيْدًا مَثَلًا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ أَنَّهُ رَضَعَ أُمَّهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ كَبِيرٌ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ بِأَنْ يَكُونَ زَيْدٌ وَهُوَ كَبِيرٌ رَضَعَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ بِنْتَهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ مِمَّنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا فَسْخٌ بِسَبَبِ رَضَاعٍ فَيَصِيرُ عَدَمُ الْحُرْمَةَ مُعَرَّضًا لِلِاجْتِهَادِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ هُوَ الَّذِي رَضَاعُهُ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بِأَنْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الرَّضَاعِ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ وَتَأْبِيدِ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَتَأْبِيدِ حُرْمَةِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى فَسْخٍ فَيَصِيرُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَكَيْفَ إذَا حَكَمَ بِالتَّأْبِيدِ فِيهَا تَكُونُ مُعَرَّضَةً لِلِاجْتِهَادِ بَعْدُ مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ يُصَيِّرُ الْمَسْأَلَةَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَسْهَلُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا إلَخْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَرَّمَهَا إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ فَفَسَخَ نِكَاحَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ لِأَجْلِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا أَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ وَبِعِبَارَةٍ وَتَأْبِيدِ عَطْفٌ عَلَى رَضْعِ وَالْبَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَيْ فَسَخَ بِسَبَبِ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ لَا أَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسْخِ وَقَعَ مِنْهُ مُؤَبَّدًا إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا صَحَّ قَوْلُهُ وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ (ص) وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا ظَهَرَ لَهُ وَجْهُ الْحَقِّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَدْعُوَ إلَى الصُّلْحِ فِيمَا عَدَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَمَرَ بِالصُّلْحِ ذَوِي الْفَضْلِ وَالرَّحِمِ كَأَنْ خَشِيَ تَفَاقُمَ الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ بِالظُّهُورِ ثُبُوتُهُ بِالْإِقْرَارِ الْمُعْتَبَرِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَالتَّعْلِيلِ لِعَدَمِ الدَّعْوَى إلَى الصُّلْحِ بِأَنَّ الصُّلْحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَطِيطَةٍ فِي الْغَالِبِ فَالْأَمْرُ بِهِ هَضْمٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ ذَوِي الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ بِهِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَمْرِهِمْ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ عَارَضَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى أَقْوَى مِنْهَا وَقَدْ أَشَارَ لَهَا الْمَوَّاقُ فِي قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَدِّدُوا الْحُكْمَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ حَتَّى يَصْطَلِحَا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ. (ص) وَلَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَيَسْتَعْمِلُ الطُّرُقَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُثْبِتَةَ لِلْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا إلَّا فِي التَّعْدِيلِ أَوْ الْجَرْحِ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِمَعْنَى التَّجْرِيحِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِتَحْسُنَ الْمُقَابَلَةُ بِالتَّعْدِيلِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَدَالَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهَا كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُمَاثِلِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلٍ بَلْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَصَارَ حَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَتَعَدَّى لِمُمَاثِلٍ لَا يَتَعَدَّى لِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ بِعَيْنِهَا لِحَاكِمٍ آخَرَ أَوْ لِلْحَاكِمِ نَفْسِهِ الْمُجْتَهِدِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ بِأَنْ حَصَلَ عَقْدٌ ثَانٍ مِنْ الْكَبِيرِ الَّذِي رَضَعَ ثُمَّ حَصَلَ رَفْعٌ لِلْقَاضِي فَيُجَدِّدُ اجْتِهَادًا، وَأَمَّا الْعَقْدُ الْأَوَّلُ الَّذِي انْفَسَخَ فَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ لِأَجْلِ فَسْخِ النِّكَاحِ) أَيْ وَالْمَعْنَى فَفَسَخَ نِكَاحَهَا فَثَبَتَ بِسَبَبِهِ تَحْرِيمُهَا عَلَى زَوْجِهَا. (أَقُولُ) أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ أَيْ فَفَسَخَ لِكَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ قَطْعًا فِي إفَادَةِ أَنَّهُ حَكَمَ بِالتَّأْبِيدِ وَقَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ تَوَهُّمِ عَطْفٍ وَتَأْبِيدٍ عَلَى قَوْلِهِ فَسَخَ فَيُفِيدُ أَنَّ التَّأْبِيدَ مَحْكُومٌ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى رَضَعَ وَقَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ الْحُكْمُ بِالتَّأْبِيدِ بَلْ قَدْ يَحْكُمُ بِالْفَسْخِ وَلَا يَحْكُمُ بِالتَّأْبِيدِ وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ مُؤَبَّدُ التَّحْرِيمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مَالِكِيٌّ مُعْتَدَّةً فِي الْعِدَّةِ وَقَبَّلَهَا أَوْ وَطِئَهَا فَحَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِفَسْخِ هَذَا الْعَقْدِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالتَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا قَالَ فَسَخْت نِكَاحَهُ فَلِلْمَالِكِيِّ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا أَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُ لِلْقَاضِي الشَّافِعِيِّ وَيُزَوِّجَهَا لَهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْمَالِكِيِّ فَسْخُ هَذَا النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي يَرْفَعُ الْخِلَافَ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ وَطْءُ الْمُعْتَدَّةِ لَا يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَهَا بِخِلَافِ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الشَّافِعِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَهُ إذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَنُخْبِرُك بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْأَوَّلِ قَائِلًا إنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسْخِ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ يَمْنَعُ مِنْ تَجَدُّدِ الِاجْتِهَادِ فِيهَا؛ لِأَنَّ مُسْتَنِدَهُ فِيهَا إنْ رَضَعَ الْكَبِيرُ يَحْرُمُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّ مُسْتَنِدَهُ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ فِيهَا، وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ مُؤَبَّدًا أَمْ لَا وَأَقَرَّ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَقَدْ تَبِعَهُ هُنَا فَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَأُجِيبَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّبَاعِهِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ اتِّبَاعَهُ فِي مَتْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ خِلَافُ مَا ظَهَرَ لَهُ أَوَّلًا فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ لَا لَهُمَا مَعًا حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ هَلْ يُحَرِّمُ أَوْ لَا . (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا إلَخْ) وَكَذَا يَدْعُو الْحَاكِمُ لِلصُّلْحِ فِيمَا إذَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: عِلَّةٌ أُخْرَى أَقْوَى مِنْهَا) أَيْ وَهِيَ خَوْفُ الْعَدَاوَةِ. (قَوْلُهُ: رَدَّدُوا الْحُكْمَ) أَيْ لَا تُعَجِّلُوا بِالْحُكْمِ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنْ قِيلَ الدَّلِيلُ خَاصٌّ وَالدَّعْوَى عَامَّةٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَا الْفَضْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ رَحِمٌ فَكَأَنَّهُمْ لِعِظَمِ الْعُلْقَةِ بَيْنَهُمْ كَأَنَّهُمْ ذُو رَحِمٍ. (قَوْلُهُ: يُورِثُ الضَّغَائِنَ) جَمْعُ ضَغِينَةٍ أَيْ الْحِقْدُ وَهُوَ إخْفَاءُ الْعَدَاوَةِ فِي الْقَلْبِ لِمَحَلِّ الْقُدْرَةِ عَلَى الِانْتِقَامِ . . (قَوْلُهُ: إلَّا فِي التَّعْدِيلِ) وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِجَرْحِهِ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ إذْ لَوْ كَانَ مِثْلُهَا لَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ عَلَى عِلْمِهِ بِعَدَالَتِهِ وَقَوْلُهُ: فَكَالْجَرْحِ فَيَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ بِهِ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّعْدِيلِ عَلَى مَا صَدَرَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَ عِلْمِهِ بِجُرْحَتِهِ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِتَعْدِيلِهِ فَتَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِلْمَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا قُرِئَ الْجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ كَانَ مُقَابِلًا لِلتَّعْدِيلِ قَطْعًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 فِي الْمُقَابَلَةِ لِلْجَرْحِ وَالْأَمْرُ سَهْلٌ فَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ مِنْ شَخْصٍ الْعَدَالَةَ أَوْ الْجُرْحَةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى عِلْمِهِ فِي كُلٍّ وَيُعَدِّلَهُ أَوْ يُجَرِّحَهُ (ص) كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ أَوْ بِالْجُرْحَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْتَمِدُ عَلَى تِلْكَ الشُّهْرَةِ وَيَسْتَنِدُ فِي حُكْمِهِ عَلَى مَا اُشْتُهِرَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ شَهِدَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَمَّا الِاسْمُ فَاسْمُ عَدْلٍ وَلَكِنْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّك ابْنَ أَبِي حَازِمٍ، وَكَذَلِكَ يَسْتَنِدُ الْقَاضِي لِعِلْمِهِ أَيْضًا فِي تَأْدِيبِ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ بِمَجْلِسِهِ أَوْ مُفْتٍ أَوْ شَاهِدٍ أَوْ عَلَى خَصْمِهِ وَكَذَلِكَ فِي ضَرْبِ مَنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ أَوْ كَذَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ (ص) أَوْ إقْرَارُ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ بِعَدَالَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَنِدُ فِي حُكْمِهِ إلَى عَدَالَةِ الشَّاهِدِ وَيَحْكُمُ بِذَلِكَ وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَزْكِيَةٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمَشْهُودَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْعَدَالَةِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ بَعْدَ أَدَائِهَا وَلَا يَقْضِي بِهِمْ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِتَعْدِيلٍ (ص) وَإِنْ أَنْكَرَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ لَمْ يَفْدِهِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ فَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَحَكَمَ عَلَيْهِ مُسْتَنِدًا لِإِقْرَارِ الْخَصْمِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَإِنَّ حُكْمَهُ بِذَلِكَ لَا يُنْقَضُ فَإِذَا قَالَ الْحَاكِمُ حَكَمْت عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ عِنْدِي وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ فَلَا يُفِيدُهُ إنْكَارُهُ فَالضَّمِيرُ فِي بَعْدِهِ يَرْجِعُ لِلْحُكْمِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْإِنْكَارُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَانَ حَاكِمًا بِعِلْمِهِ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَنْكَرَ لَا بِإِقْرَارِهِ أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ إقْرَارَهُ قَبْلَهُ فَلَوْ أَنْكَرَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا حَكَمَ بِهِ وَهُوَ يَقُولُ شَهِدْتُمْ وَحَكَمْت بِشَهَادَتِكُمْ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرْفَعُ إلَى سُلْطَانٍ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مَنْ يُعْرَفُ بِالْعَدَالَةِ لَمْ يُنْقَضْ قَضَاؤُهُ أَنْكَرَ الشُّهُودُ أَوْ مَاتُوا وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْعَدَالَةِ ابْتَدَأَ السُّلْطَانُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَلَا غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ. (ص) وَإِنْ شَهِدَا بِحُكْمٍ نَسِيَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ أَمْضَاهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ ادَّعَى نِسْيَانَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَصْلِهِ وَقَالَ مَا حَكَمْت بِهِ ثُمَّ شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعْزُولًا أَمْ لَا وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِنْكَارِ لَفُهِمَ مِنْهُ النِّسْيَانُ مِنْ بَابِ أَوْلَى. (ص) وَأَنْهَى لِغَيْرِهِ بِمُشَافَهَةٍ إنْ كَانَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ   [حاشية العدوي] وَيُجَابُ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَابَلَةُ لَفْظًا وَمَعْنًى بِخِلَافِ الْجَرْحِ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ الْمُقَابَلَةُ مَعْنًى لَا لَفْظًا، الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ لِتَحْصُلَ الْمُقَابَلَةُ أَيْ بِدُونِ مُعَانَاةٍ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ فَالْمُقَابَلَةُ حَاصِلَةٌ لَكِنْ بِمُعَانَاةِ أَنَّ الْجَرْحَ يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَأَنْ يُقْرَأَ بِالضَّمِّ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَدَالَةِ إلَخْ لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قُلْت إنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ وَيُقْرَأُ الْجُرْحُ عَلَيْهِ بِضَمِّ الْجِيمِ لَا بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُقَابَلَةَ أَصْلًا نَقُولُ أَيْضًا لَا دَاعِيَ لَهُ بَلْ حُصُولُ الْمُقَابَلَةِ فِي الْمُصَنِّفِ بِقِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الِاسْمُ إلَخْ) وَلَكِنْ إنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ الْمُشْتَهِرُ بِهَا ثَبَتَتْ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا ثُمَّ إنَّ هَذَا أَيْ مِنْ أَنَّ الشُّهْرَةَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمْ الْقَاضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُفْتٍ أَيْ أَوْ أَسَاءَ عَلَى مُفْتٍ أَوْ شَاهِدٍ أَوْ عَلَى خَصْمِهِ أَيْ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي . (قَوْلُهُ: أَوْ إقْرَارُ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ) أَيْ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ مِنْ حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَرَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ فَلَا إعْذَارَ فِيهَا فَيَعْتَمِدُ الْقَاضِي وَيَحْكُمُ وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَوْ الْبَيِّنَةُ خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ نَعَمْ يَكُونُ الْقَاضِي شَاهِدًا لَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ كَمَا فِي السُّوادَنِيِّ وَقَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ مُقَابِلُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ يُجَوِّزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِحَضْرَتِهِ بِدُونِ حُضُورِ شُهُودٍ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ أَيْ وَارْتَكَبَ النَّهْيَ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَلَكِنْ الصَّوَابُ أَنَّهُ مَتَى أَقَرَّ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ بِدُونِ شُهُودٍ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ اتِّفَاقًا وَإِذَا أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَنْفَعُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ إلَخْ فَهُوَ مُسَلَّمٌ هَذَا هُوَ التَّحْرِيرُ فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَحْضَرَ شُهُودًا أَيْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: كَانَ حَاكِمًا بِعِلْمِهِ) أَيْ لَا بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا فَفِي كُلِّ مُسْتَنِدٍ لِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ . (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مَعْزُولًا أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ يُمْضِيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَعْزُولٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعْزُولًا أَيْ ثُمَّ وُلِّيَ أَوْ لَمْ يُعْزَلْ أَصْلًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمْضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي حَالِ التَّوْلِيَةِ أَعَمُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ عُزِلَ بَعْدَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ وُلِّيَ أَوْ لَمْ يُعْزَلْ أَصْلًا وَلِلْوَلَدِ أَنْ يُنْفِذَ حُكْمَ وَالِدِهِ وَبِالْعَكْسِ. . (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ) وَصُورَةُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِشَيْءٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً وَحَصَلَ الْإِعْذَارُ وَحَكَمَ قَاضِي مِصْرَ مَثَلًا عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ ذَهَبَ عَمْرٌو لِأُنْبَابَةَ فَيَأْتِي قَاضِي مِصْرَ إلَى شَاطِئِ بَحْرِ النِّيلِ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ وَيَقِفُ قَاضِي أُنْبَابَةَ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ مِنْ جِهَةِ أُنْبَابَةَ وَيَقُولُ قَاضِي مِصْرَ لِقَاضِي أُنْبَابَةَ أَنَّ الْخَصْمَ الَّذِي عِنْدَك وَفِي بَلَدِك قَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِزَيْدٍ بِحَقٍّ كَذَا وَحَصَلَ الْإِعْذَارُ وَحَكَمْت عَلَيْهِ فَيَقُولُ قَاضِي أُنْبَابَةَ نَفَّذْت حُكْمَك وَيَقْبِضُ عَلَى الْخَصْمِ وَيُغَرِّمُهُ الْحَقَّ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْخَصْمِ وَحَصَلَ الْإِعْذَارُ وَهَرَبَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ قَاضِي مِصْرَ قَاضِيَ أُنْبَابَةَ بِذَلِكَ فَيَقُولُ قَاضِي أُنْبَابَةَ حَكَمْت عَلَيْك بِالْحَقِّ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْخَصْمِ وَهَرَبَ الْخَصْمُ قَبْلَ الْإِعْذَارِ فَيُخْبِرُ قَاضِي مِصْرَ قَاضِي أُنْبَابَةَ بِذَلِكَ فَيُعْذِرُ قَاضِي أُنْبَابَةَ لَهُ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا فَيُنْفِذُهُ الثَّانِي أَيْ إذَا كَانَ قَاضِي مِصْرَ حَكَمَ وَقَوْلُهُ: وَيَبْنِي الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ إذَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا (ش) الْإِنْهَاءُ تَبْلِيغُ الْقَاضِي أَمْرًا إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيُتَمِّمَهُ فَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُنْهِيَ إلَى قَاضٍ آخَرَ مَا جَرَى فَيُنْفِذَهُ الثَّانِي وَيَبْنِيَ كَمَا يَأْتِي لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ يَكُونُ مَعْزُولًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَحْكُمَ الْمُنْهَى إلَيْهِ مَكَانَهُ أَيْ فِي مَوْضِعِ الْإِنْهَاءِ وَإِلَّا كَانَ حَاكِمًا بِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ وَالْإِنْهَاءُ يَكُونُ إمَّا بِمُشَافَهَةٍ أَيْ مُخَاطَبَةٍ وَمُكَالَمَةٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ فَإِذَا أَشْهَدَ الْقَاضِي عَلَى حُكْمِهِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ شَهِدَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِذَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ الْمَحْكُومُ بِهِ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ كَالزِّنَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الزِّنَا وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا كِتَابُ قَاضٍ بِاتِّفَاقٍ إلَّا مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الدَّمِيرِيُّ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْآخَرُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِشَاهِدَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ شُهُودُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ لَا تُتَّهَمُ عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمْ الْأُولَى، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ (ص) وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ خَالَفَا كِتَابَهُ وَنَدْبُ خَتْمِهِ لَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدَانِ وَلَوْ خَالَفَا فِي شَهَادَتِهِمَا كِتَابَ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي وَإِنْ خَالَفَا لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمُوَافَقَةِ لَا تُتَوَهَّمُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي الْمُرْسِلِ أَنْ يَخْتِمَ كِتَابَهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَسَوَاءٌ قَرَأَهُ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا وَاسْتِحْبَابُ الْخَتْمِ فِي الثَّانِي ظَاهِرٌ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْرَقَ أَوْ يَسْقُطَ مِنْ الشُّهُودِ فَيُزَادُ فِيهِ أَوْ يُنْقَصُ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَظْهَرُ لَهُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ حِينَئِذٍ دَائِرٌ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَالْقَبُولُ مُسْتَنِدٌ لَهُمَا وُجُودًا وَعَدَمًا، وَبِعِبَارَةٍ وَنُدِبَ خَتْمُهُ أَيْ مِنْ خَارِجٍ لَا مِنْ دَاخِلٍ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْحُجَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الْخَتْمُ مِنْ دَاخِلٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا كِتَابُ الْقَاضِي الْمُجَرَّدِ مِنْ غَيْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَاضِي لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا كِتَابَ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ وَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا بِمَا فِيهِ. (ص) وَأَدَّيَا وَإِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَشْهَدَ عَدْلَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ فَإِنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ وَإِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ بِأَنْ مَاتَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ عُزِلَ وَالْغَيْرُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ قَاضِيًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي كَتَبَ لِقَاضِيهَا أَوْ قَاضِيًا لِغَيْرِهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ الْخَصْمُ وَيَعْرِفَ بِهِ أَنَّهُ هُوَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ عِنْدَ غَيْرِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَلَوْ كَتَبَ اسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ (ص) وَأَفَادَ إنْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَوْ خَطُّهُ كَالْإِقْرَارِ (ش) اخْتَلَفَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى شُهُودٍ كِتَابًا مَطْوِيًّا وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ مَرَّةً الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا أَدَّيَا عَلَى   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِعْذَارُ وَالْحُكْمُ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ ثُمَّ هَرَبَ الْخَصْمُ لِبَلَدِ قَاضٍ آخَرَ فَيَكْتُبُ قَاضِي مِصْرَ الْوَاقِعَةَ وَيُرْسِلُهُ مَعَ شَاهِدَيْنِ لِذَلِكَ الْقَاضِي فَإِذَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِشَاهِدَيْنِ مُفِيدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَيْ وَكَانَ الْآخَرُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُعَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ فَلَوْ قَالَ وَأَنْهَى لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِوِلَايَتِهِ بِمُشَافَهَةٍ مُطْلَقًا وَبِشَاهِدَيْنِ لَأَفَادَ أَنَّ كَوْنَ كُلٍّ بِوِلَايَتِهِ جَارٍ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يَأْتِي إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ اجْتَمَعَ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ مَثَلًا فَذَهَبَ الْمُدَّعِي لِقَاضِيهَا وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ تَدَاعَى مَعَ خَصْمِهِ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ وَحَكَمَ لَهُ فَيَطْلُبُ قَاضِي إسْكَنْدَرِيَّةَ شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَيَأْتِي بِالشَّاهِدِ وَيَحْلِفُ مَعَهُ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ نَقْلُ كِتَابِ قَاضٍ وَإِنَّمَا فِيهِ شَهَادَةٌ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي هَكَذَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَقَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِشَاهِدَيْنِ أَيْ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَمَا آلَ إلَيْهَا وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ وَمَا آلَ إلَيْهَا فَيُكْتَفَى فِيهَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْلِ لَكِنْ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا آلَ إلَيْهَا وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النَّقْلِ مِنْ شَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ هِيَ شُهُودَ الْأَصْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الشُّهُودُ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الْإِنْهَاءُ هِيَ الشُّهُودُ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحَقُّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي الْمُرْسِلِ أَنْ يَخْتِمَ كِتَابَهُ) مُرَادُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنْ يَطْوِيَ الْكِتَابَ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ شَمْعًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَخْتِمَ عَلَيْهِ بِخَتْمِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَالْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَنُدِبَ خَتْمُهُ أَيْ وَمِنْ خَارِجٍ هِيَ عَيْنُ هَذَا لَا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْخَتْمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُحِطْ بِمَا فِيهَا وَأَمَّا لَوْ أَحَاطَ بِمَا فِيهَا فَلَا يَجِبُ الْخَتْمُ. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَنُدِبَ خَتْمُهُ) هَذِهِ لِلَّقَانِيِّ أَيْ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ) تَفْسِيرٌ لِلتَّجْرِيدِ لَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُجَرَّدُ. . (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ) أَيْ دَالٌّ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ النُّقُوشُ وَالرُّقُومُ لَا حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ دَفَعَ) أَيْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا دَفَعَ كِتَابًا لِشُهُودٍ أَرْسَلَهُمْ بِهَذَا الْكِتَابِ لِيُوصِلُوهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ وَيُنْفِذَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَوْ خَطُّهُ أَيْ مَخْطُوطُهُ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَرَّةً الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 نَحْوِ مَا بِهِ وَلَا مُعَارِضَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا دَفَعَ وَرَقَةً مَطْوِيَّةً لِرَجُلَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ وَأَنَّهُ عِنْدِي وَفِي ذِمَّتِي فَإِنَّهُ يُفِيدُ إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ فَهُوَ تَشْبِيهٌ لِلْقِيَاسِ أَيْ وَأَفَادَ هَذَا قِيَاسًا عَلَى هَذَا وَمَفْهُومُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا وَشَهِدَا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يَشْهَدَا أَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ (ص) وَمَيَّزَ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ اسْمٍ وَحِرْفَةٍ وَغَيْرِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ بِمَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى صِفَةِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الصِّفَةِ الْخَاصَّةِ الْمُمَيِّزَةِ لِمَوْصُوفِهَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ اسْمِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ جَدِّهِ وَحِلْيَتِهِ وَمَسْكَنِهِ وَصِنَاعَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (ص) فَنَفَّذَهُ الثَّانِي وَبَنَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَصِلُ نَظَرَهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ بِثُبُوتِ شَهَادَتِهِمْ فَقَطْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَتِهَا وَيَنْظُرُ فِي تَعْدِيلِهِمْ وَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ بِتَعْدِيلِهِمْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِتَعْدِيلِهِمْ بَلْ يَعْذُرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَتَبَ بِأَنَّهُ أَعْذَرَ إلَيْهِ وَعَجَّزَهُ عَنْ الدَّفْعِ أَمْضَى الْحُكْمَ عَلَيْهِ (ص) كَانَ نَقْلٌ لِخُطَّةٍ أُخْرَى (ش) الْخُطَّةُ بِالضَّمِّ الْأَمْرُ وَالْقَضِيَّةُ وَبِالْكَسْرِ الْأَرْضُ يَخُطُّهَا الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُعَلِّمُ عَلَيْهَا عَلَامَةً بِالْخَطِّ لِيُعْلِمَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا لِيَبْنِيَهَا دَارًا وَمَا هُنَا مِنْ الْأُولَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا انْتَقَلَ إلَى خُطَّةٍ أَيْ إلَى مَنْصِبٍ وَمَرْتَبَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ انْتِقَالِهِ وَيُبْنَى عَلَيْهِ كَمَا إذَا نُقِلَ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ حَيْثُ كَانَ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّنْفِيذُ أَوْ الْبِنَاءُ مِمَّا يَنْدَرِجُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ فَلَا يُبْنَى عَلَى مَا مَضَى بَلْ يُسْتَأْنَفُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ نُقِلَ وَقِيلَ يُبْنَى، وَلَمَّا كَانَ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِنْهَاءِ وَإِنَّمَا يُوَافِقُهُ فِي التَّنْفِيذِ أَتَى بِهِ بِأَدَاةِ التَّشْبِيهِ (ص) وَإِنْ حَدًّا إنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ قَاضِيَ مِصْرٍ وَإِلَّا فَلَا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ فَيُنْفِذُهُ الثَّانِي وَيُبْنَى عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ حَدًّا أَوْ عَفْوًا عَنْ الْقِصَاصِ إنْ كَانَ الْقَاضِي الْمُرْسَلُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ أَوْ قَاضِيَ مِصْرٍ أَيْ بَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ كَمِصْرٍ وَمَكَّةَ وَالْأَنْدَلُسِ؛ لِأَنَّ قُضَاةَ الْأَمْصَارِ مَظِنَّةَ الْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنْ انْتَفَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ لَا يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ وَلَا يُنْفِذُهُ ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ (ص) كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ مَيِّتًا (ش) يَعْنِي أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إذَا جَاءَ إلَى   [حاشية العدوي] الْمُصَنِّفُ الْإِفَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ، وَقَدْ أَدَّيَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَدَمُ الْإِفَادَةِ وَوَجَّهَهَا الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُهُ فَالشَّهَادَةُ بِمَضْمُونِهِ شَهَادَةٌ بِمَا لَمْ يَعْلَمُوا وَضَعُفَ بِأَنَّ مَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَدْ أَقَرَّ بِهِ مَنْ أُمِرَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعِلْمُ تَارَةً يَقَعُ جُمْلَةً وَتَارَةً يَقَعُ تَفْصِيلًا. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْإِقْرَارِ وَإِفَادَةُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُنَاسِبُ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ مَا فِيهَا خَطُّهُ وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُسَلَّمٌ فِيهِ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَشْبِيهٌ لِلْقِيَاسِ) أَيْ مُفِيدٌ لِلْقِيَاسِ أَيْ قِيَاسُ هَذِهِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَلِذَا قُلْنَا إنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ وَقَالَ بَعْضٌ إنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْكَافِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ أَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَحْتَمِلُ هَذَا أَيْضًا أَيْ أَفَادَ هَذَا أَيْ مَا قَبْلَ الْكَافِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا وَهُوَ مَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَمَّا دُخُولُ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا فَنَقُولُ فِيهِ وَأَفَادَ هَذَا أَيْ مَا بَعْدَ الْكَافِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا أَيْ مَا قَبْلَ الْكَافِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمَسْأَلَتَانِ مَذْكُورَتَانِ فِي النَّقْلِ فَلَا مَعْنَى لِتَشْبِيهِ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ جَدِّهِ) وَأَرَادَ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ بِالِاسْمِ مَا يَشْمَلُ الْكُنْيَةَ وَاللَّقَبَ أَيْ مِنْ اسْمٍ وَكُنْيَةٍ وَلَقَبٍ لَهُ وَلِأَبِيهِ وَجَدِّهِ قَالَ الْأَبِيُّ عَنْ عِيَاضٍ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِاسْمِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ قَالَ الْبَدْرُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ قَالَ عج قُلْت وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَيَّزَ فِيهِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ الصِّفَاتِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي جَمِيعِهَا مَعَ ذِكْرِ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذِكْرِهِمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى غَائِبٍ وَطَلَبَ الْمَحْكُومُ لَهُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْمَطْلُوبِ كَتَبَ لَهُ وَمَيَّزَ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْغَائِبُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ اسْمٍ لَهُ وَلِأَبِيهِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَنَفَّذَهُ الثَّانِي) أَيْ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ وُجُوهِ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: وَبَنَى أَيْ وَبَنَى الثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ وُجُوهِ الْحُكْمِ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ تَمَامِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يُتِمُّهُ الثَّانِي كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ بَنَى عَلَى قَوْلِهِ وَنَفَّذَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ أَدْنَى مِنْ التَّنْفِيذِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فَنَفَّذَهُ الثَّانِي فِي قِسْمَيْ الْإِنْهَاءِ أَيْ الْإِنْهَاءِ بِالْمُشَافَهَةِ وَالْإِنْهَاءِ بِشَاهِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ نُقِلَ لِخُطَّةٍ) صُورَتُهُ كَانَ الْقَاضِي مُوَلًّى فِي الْأَنْكِحَةِ فَقَطْ ثُمَّ إنَّهُ شَرَعَ فِي قَضِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ نُقِلَ لِقَضَاءِ الْجَمَاعَةِ فَيَحْكُمُ وَلَا يُعِيدُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ إلَيْهَا تَشْمَلُ الْأُولَى وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَاضِي الْأَنْكِحَةِ فَقَطْ ثُمَّ نُقِلَ لِلْبُيُوعِ فَقَطْ فَلَا يَحْكُمُ بَلْ يَبْتَدِئُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ وَالْقَضِيَّةُ الْمُرَادُ بِهَا الْوِلَايَةُ الْأُخْرَى وَإِنْ شِئْت قُلْت الْمَرْتَبَةُ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا نُقِلَ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يَكُنْ انْدِرَاجٌ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ إلَى قَضَاءِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الِانْدِرَاجَ إنَّمَا يَتَأَتَّى مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ عُزِلَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ نُقِلَ لِأَنَّ الْمُرَادَ نُقِلَ مِنْ وِلَايَةٍ إلَى وِلَايَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَ أَوَّلًا يَحْكُمُ فِي الْأَنْكِحَةِ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَحْكُمَ فِي الْمَوَارِيثِ مَثَلًا مَعَ اسْتِمْرَارِ التَّوْلِيَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ الْعَزْلِ وَالتَّوْلِيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ تَوْلِيَةٌ فَلَا يَتِمُّ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا بَلْ يَسْتَأْنِفُ حُكْمًا جَدِيدًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدًّا) بَالَغَ عَلَى الْحَدِّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ السُّقُوطُ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: كَمِصْرٍ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ لَفْظَ مِصْرٍ فِي الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 قَاضٍ آخَرَ وَوُجِدَ فِي الْبَلَدِ رَجُلَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُشَارِكٌ لِلْآخَرِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْصَافِ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ لَا يُنْفِذُ الْحُكْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِالْمَقْصُودِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشَارِكُ فِي الصِّفَةِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (ص) وَإِنْ لَمْ يُمَيَّزْ فَفِي أَعْدَائِهِ أَوَّلًا حَتَّى يَثْبُتَ أَحَدِّيَّتَهُ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِصِفَتِهِ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ فَهَلْ لِلْقَاضِي الْمُرْسَلَ إلَيْهِ أَنْ يُعَدِّيَ أَيْ يُسَلِّطَ الطَّالِبَ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الِاسْمِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَعَلَى صَاحِبِ الِاسْمِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ بِالْبَلَدِ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ أَوْ لَا يُعَدِّيهِ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُشَارِكُ الْمَطْلُوبَ فِي الصِّفَةِ قَوْلَانِ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي الْبَلَدِ مُحَقَّقٌ وَإِلَّا فَلَا يُعَدَّى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ. (ص) وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ، وَالْغَيْبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قَرِيبَةٌ وَبَعِيدَةٌ وَمُتَوَسِّطَةٌ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْأَيَّامِ مَعَ الْأَمْنِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَتَزْكِيَتِهَا وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قُدِّمَ (ص) وَالْبَعِيدُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَةَ قَضَى عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَإِفْرِيقِيَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ يُقْضَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا لَكِنْ يَحْلِفُ الطَّالِبُ يَمِينَ الْقَضَاءِ الَّتِي لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَ وَلَا احْتَالَ وَلَا وَكَّلَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِيهِ وَلَا فِي بَعْضِهِ وَتُسَمَّى يَمِينَ الِاسْتِبْرَاءِ وَهَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ اسْتِظْهَارٌ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيَمِينُ الْقَضَاءِ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ عَلَى الْأَحْبَاسِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ   [حاشية العدوي] وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي ك وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ التَّنْوِينِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْبَلْدَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا مُشَارِكٌ لِلْآخَرِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ) أَيْ فَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُنَفِّذُ مَا أُرْسِلَ إلَيْهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يَتْرُكْ الْقَاضِي التَّمْيِيزَ بَلْ كَتَبَ أَوْصَافَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَإِذَا هُنَاكَ مُشَارَكَةٌ فِيهَا بِخِلَافِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ تَرَكَ التَّمْيِيزَ أَصْلًا فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الِاسْمَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) بِأَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ مَاتَ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِبُعْدِهِ فَيَلْزَمُ الْحَيُّ الْمَوْجُودُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَلَكِنْ تَارِيخُ وَثِيقَةِ الْحَقِّ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيِّ فِي هَذِهِ مُشَارَكَةٌ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي مَيَّزَ بِهَا لِاخْتِلَافِ زَمَنِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ بِطُولِ الزَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ الْمُرَادُ فَلَا مُشَارَكَةَ. (قَوْلُهُ: فَفِي إعْدَائِهِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَالْعَقْلُ. (وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُعَدَّى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا) أَيْ وَيُخَيَّرُ الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ الْحُكْمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُهُ: كَأَنْ شَارَكَهُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ أَيْ كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ أَيْ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْمُصَنِّفِ الَّتِي مِنْهَا التَّمْيِيزُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهَا . (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمَوْضِعِ الْحُكْمِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ وَالْمُرَادُ الَّذِي سَافَرَ لِمَحَلٍّ انْقَطَعَ بِهِ لَا الَّذِي سَافَرَ لِيَرْجِعَ فَهَذَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: كَالْأَيَّامِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ: تَزْكِيَتُهَا ثُمَّ يُعْلَمُ بِهَا فَإِنْ كَانَ لَهُ مَدْفَعٌ دَفَعَ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَيُبَاعُ عَقَارُهُ وَنَحْوُهُ فِي الدَّيْنِ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قُدِّمَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ كَالْحَاضِرِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ. (قَوْلُهُ: بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) أَيْ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ أَوْ سَبَبِيَّةٍ وَهَذَا أَحْسَنُ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا احْتَالَ) أَيْ وَلَا حَوَّلَهُ الْمَدِينُ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي عب وَلَا أَحَالَ أَيْ وَلَا أَحَالَ غَيْرَهُ عَلَى هَذَا الْمَدِينِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَيِّتٍ) أَيْ عَلَى مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَيِّتٍ أَيْ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ فَلَا تَجِبُ ثُمَّ إنَّ يَمِينَ الْقَضَاءِ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ وَإِنْ رَضِيَتْ الْوَرَثَةُ بِتَرْكِهَا حَيْثُ دَفَعُوا بِالْحَاكِمِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجِبُ وَمِنْ ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ مَيِّتٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى غَائِبٍ) أَيْ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَمَحَلُّ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَاضِرِ إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَنَّ الْغَائِبَ كَانَ أَقَرَّ أَنَّ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَتِيمٍ) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ أَوْ أَنَّهُ أَتْلَفَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ لِضَعْفِ الصَّغِيرِ وَمِثْلُ الْيَتِيمِ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْأَحْبَاسِ) أَيْ إذَا ادَّعَى مِلْكَ شَيْءٍ مِنْ الْأَحْبَاسِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى الْحَبْسِ وَأَنْ لَهُ مَالًا تَجَمَّدَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَسَاكِينِ) أَيْ إذَا ادَّعَى عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَدْ تَصَدَّقَ بِمَا فِي يَدِ ذَلِكَ الْمِسْكِينِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ) بِأَنْ وَجَدَ كِتَابًا بِيَدِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقْرَءُونَ فِيهِ ادَّعَوْا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ فَادَّعَى مِلْكِيَّتَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ وَارِثٌ وَأَخَذَ مَالَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَقَدِمَ إنْسَانٌ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهَا يَمِينَ الْقَضَاءِ أَوْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 أَوْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ اهـ. وَبِعِبَارَةٍ وَيَمِينُ الْقَضَاءِ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَجِبُ. (ص) وَسَمَّى الشُّهُودَ وَلَا نَقْضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّهُودَ فِي حُكْمِهِ عَلَى الْغَائِبِ لِيَجِدَ مَدْفَعًا عِنْدَ قُدُومِهِ بِتَجْرِيحِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْبَيِّنَةَ وَأَلْزَمَ الْخَصْمَ الْحُكْمَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ فُسِخَ حُكْمُهُ وَيَسْتَأْنِفُ ثَانِيًا وَيَجْرِي فِي مُتَوَسِّطِ الْغَيْبَةِ أَيْضًا تَسْمِيَةُ الشُّهُودِ ثُمَّ إنَّ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ حَيْثُ كَانَ يُعْذَرُ فِيهِمْ كَذَا يَنْبَغِي قَوْلُهُ وَإِلَّا نُقِضَ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْقَضُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَزِيرِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ قَوْلُهُ وَإِلَّا نُقِضَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَلِقَوْلِهِ وَسَمَّى الشُّهُودَ. (ص) وَالْعَشَرَةُ الْأَيَّامِ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ (ش) هَذِهِ هِيَ الْغَيْبَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا عَدَا اسْتِحْقَاقَ الْعَقَارِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَقَوْلُهُ مَعَ الْخَوْفِ قَيْدٌ فِي الْيَوْمَيْنِ فَقَطْ وَالضَّمِيرُ فِي مَعَهَا يَرْجِعُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ الْعَقَارِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهَا عَامَّةُ النَّفَقَةِ أَوْ أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ مِمَّا تَتَشَاحَحُ فِيهِ النُّفُوسُ وَيَحْصُلُ فِيهَا الضِّغْنُ وَالْحِقْدُ وَالنِّزَاعُ عِنْدَ أَخْذِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِيَكُونَ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ. (ص) وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ كَدَيْنٍ (ش) هَذَا حُكْمٌ بِالْغَائِبِ لَا عَلَى الْغَائِبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَقَارِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَالْحَدِيدِ وَالْحَرِيرِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ بِقِيمَتِهِ وَيُحْكَمُ بِهَا لِمُدَّعِيهِ فَالْغَائِبُ عَنْ الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ وَصْفُهُ قَامَ وَصْفُهُ مَقَامَ حُضُورِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ قَامَتْ قِيمَتُهُ مَقَامَ وَصْفِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُقَوِّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِجَهْلِ صِفَتِهِ، وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ   [حاشية العدوي] يَدَّعِي أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ شَيْئًا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَقْرِهِ فَيَحْلِفُ يَمِينَ الْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ غَنِيٌّ بَاطِنًا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ يَقُومُ إلَخْ أَيْ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَيِّتٍ وَمُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَعْنَى مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَعْنَى الْعِبَارَةِ أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْبَعِيرَ الَّذِي عِنْدَ زَيْدٍ مَثَلًا وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْبَيِّنَةِ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ زَيْدٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ أَقْوَالٍ فَقِيلَ لَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ فِي الْحَيَوَانِ دُونَ الْعَقَارِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ أَقُولُ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقَارَ الشَّأْنُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقَعُ مِنْهُ التَّبَرُّعُ بِهَا بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ أَقُولُ وَلَكِنْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعُرُوض كَذَلِكَ وَظَاهِرُ النَّصِّ خِلَافُ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُشْتَبَهُ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْعَقَارِ إلَخْ أَقُولُ وَالْعُرُوضُ كَالثِّيَابِ أَشَدُّ اشْتِبَاهًا . (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّهُودَ إلَخْ) أَيْ الشُّهُودَ بِالْحَقِّ وَالْمُعَدِّلِينَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: الْغَائِبُ أَيْ الْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ والمتوسطها وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الْبَعِيدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّهُودَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ تَسْمِيَةُ الشُّهُودِ مُسْتَحَبٌّ وَمِثْلُ الْغَائِبِ فِي تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ الصَّغِيرُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ يُعْذَرُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَا إعْذَارَ فِيهِ وَهُوَ مَنْ يَعْلَمُ الْقَاضِي عَدَالَتَهُ فَيَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ . (قَوْلُهُ: وَالْعَشَرَةُ الْأَيَّامِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا قَارَبَ الْمُتَوَسِّطَ وَالْقَرِيبَ يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَمَا قَارَبَ الْبَعِيدَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَيَتَعَارَضُ الْأَمْرُ فِيمَا كَانَ نِسْبَتُهُ مُسْتَوِيَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ فَيُجْعَلُ مِنْ الْأَعْلَى الْمُتَوَسِّطُ أَوْ الْبَعِيدُ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حُكِمَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ فِي ذَلِكَ أَيْ بِأَنْ يُقِيمَ شَخْصٌ عَلَى هَذَا الْغَائِبِ أَنَّ هَذَا الْعَقَارَ الَّذِي عِنْدَهُ لِهَذَا الْمُقِيمِ لِلْبَيِّنَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي مُدَّعًى عَلَيْهِ غَائِبِ عَنْ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَلَكِنَّهُ مُتَوَطِّنٌ بِوِلَايَتِهِ أَوْ لَهُ بِهَا مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمَاعٌ وَلَا حُكْمٌ بَلْ تُنْقَلُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ حُكْمٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ اسْتِحْقَاقُ الْعَقَارِ كَغَيْرِهِ إذْ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: وَالْحِقْدُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْقَرِيبِ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْبَعِيدِ جِدًّا يَكُونُ عَامًّا حَتَّى فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَوَسِّطِ الْغَيْبَةِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا اسْتِحْقَاقَ الْعَقَارِ وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُهُ فَيَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْدَمَ . (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَدَيْنٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ بِالصِّفَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إلَّا ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ كِنَانَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَلَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ حَكَمَ فِيهِ بِالصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَوْ يَدَّعِيهِ وَمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَلَا يَحْكُمُ فِيهِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ غَصَبَ مِنْهُ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا (ص) وَجَلَبَ الْخَصْمَ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَجْلِبُ الْخَصْمَ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهِيَ الَّتِي يَرُوحُ مِنْهَا وَيَرْجِعُ فَيَبِيتُ فِي مَنْزِلِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيَجْلِبُ الْخَصْمَ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمْ يُرْسِلُهُ الْقَاضِي مَعَ الْخَصْمِ إلَى خَصْمِهِ فَلَوْ زَادَتْ مَسَافَةُ الْخَصْمِ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى بِأَنْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ سِتِّينَ مِيلًا فَإِنَّهُ لَا يَجْلِبُ إلَّا إذَا أَقَامَ الطَّالِبُ شَاهِدًا يَشْهَدُ بِالْحَقِّ فَإِنَّ الْحَاكِمَ حِينَئِذٍ يَجْلِبُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا أَكْثَرُ كَسِتِّينَ مِيلًا إلَّا بِشَاهِدٍ) وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ أَنَّ مَسَافَةَ الْعَدْوَى مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَجَلَبَ إلَخْ سَوَاءٌ أَتَى الطَّالِبُ بِشُبْهَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَلَامُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَجَزَمَ ابْنُ عَاصِمٍ تَبَعًا لِسَحْنُونٍ بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْفَعُ طَابِعَهُ وَلَا يَرْفَعُ الْمَطْلُوبَ إلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ بِشُبْهَةٍ لِئَلَّا يَكُونَ مُدَّعِيًا بَاطِلًا وَيُرِيدُ تَعَنُّتَ الْمَطْلُوبِ فَانْظُرْهُ (ص) وَلَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ (ش) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ إلَّا الْقَاضِي فَلَا يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ بِالشَّامِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْقَاضِي فَلَا يُزَوِّجُهَا قَاضِي مِصْرَ إلَّا إذَا دَخَلَتْ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَقَوْلُهُ لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ أَيْ لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ الْخَاصَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِوِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ فَلَوْ وَقَعَ وَزَوَّجَهَا أُجْرِيَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَالشَّرِيفَةِ وَالدَّنِيَّةِ. (ص) وَهَلْ يَدَّعِي حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ عُمِلَ أَوْ الْمُدَّعِي وَأُقِيمَ مِنْهَا (ش) الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ حَكَمَ ابْنُ بَشِيرٍ وَكَتَبَ بِهِ إلَى بَعْضِ قُضَاتِهِ أَوْ حَيْثُ الْمُدَّعَى فِيهِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُدَّعَى أَيْ فِيهِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَحَذْفِ الْجَارِّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ بِهِ وَاسْتَتَرَ وَإِنْ كَانَتْ فِي دَيْنٍ فَيَدَّعِي حَيْثُ تَعَلَّقَ الطَّالِبُ بِالْخَصْمِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ خَاصٌّ بِالْعَقَارِ (ص) وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَخِيفَ عَلَيْهِ التَّلَفُ مِمَّنْ يَأْخُذُهُ وَيُضَيِّعُهُ فَقَامَ شَخْصٌ قَرِيبٌ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَلَيْسَ هُوَ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ وَأَرَادَ الْخِصَامَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عَنْ الْغَائِبِ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى، فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ حِفْظًا لِلْمَالِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْ الْغَائِبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ تَرَدُّدٌ وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُدَّعِي وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمَّا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَارِيَّةً لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَالْمُرْتَهِنِ رَهْنًا كَذَلِكَ وَزَوْجَةِ الْغَائِبِ   [حاشية العدوي] لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَوْ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ . (قَوْلُهُ: وَجَلَبَ الْخَصْمَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ طُلِبَ لِلشَّكْوَى لَا يَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَأْتِيَهُ خَاتَمٌ أَوْ رَسُولٌ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ قَالَ اللَّقَانِيِّ هَذَا فِيمَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ لِلطَّالِبِ حَقًّا عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ الذَّهَابُ مَعَهُ لِلشَّرْعِ فَإِنْ امْتَنَعَ أُدِّبَ وَغَرِمَ أُجْرَةَ الرَّسُولِ إنْ جَاءَ الطَّالِبُ لَهُ بِرَسُولٍ وَقَوْلُهُ: وَيَجْلِبُ إلَخْ أَيْ جَبْرًا عَلَيْهِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ إلَيْهِ إمَّا حَضَرَ أَوْ وَكَّلَ أَوْ أَرْضَى خَصْمَهُ. (قَوْلُهُ: كَسِتِّينَ مِيلًا) أَيْ وَمَا قَارَبَهَا بِمَا زَادَ عَلَى الْعَدْوَى فَلَا يَجْلِبُهُ فَإِنْ جَلَبَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَهِيَ الَّتِي يَرُوحُ فِيهَا إلَخْ فَمَا تَقَدَّمَ خِلَافُ الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَلَامُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ) أَيْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ لَا صَرِيحُهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَدْفَعُ طَابِعَهُ) أَيْ خَاتَمَهُ كَأَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِشُبْهَةٍ) كَأَثَرِ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ أَيْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ مَا يُقَوِّي دَعْوَاهُ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ سَحْنُونَ خُصُوصًا وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَاصِمٍ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَحْكَامِ هُوَ الظَّاهِرُ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ، وَقَدْ ضَبَطُوهُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْمِيمِ . (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَوِّجُهَا قَاضِي مِصْرَ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مِصْرِيَّةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيُزَوِّجُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا كَشَامِيَّةٍ بِمِصْرَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ بِوِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ شَامِيَّةً فِي مِصْرَ فَقَاضِي الشَّامِ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَعَامَّةٌ مُسَلَّمٌ فَمَرْتَبَتُهُ بَعْدَ الْقَاضِي الَّتِي هِيَ بِوِلَايَتِهِ الْخَاصَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَيْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ النِّكَاحِ لَهَا الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ وَإِذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ النِّكَاحِ لَهَا الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ فَإِذَا زَوَّجَ قَاضِي مِصْرَ امْرَأَةً فِي أُنْبَابَةَ الَّتِي لَهَا قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً صَحَّ وَإِنْ كَانَتْ شَرِيفَةً إنْ دَخَلَ وَطَالَ وَإِلَّا فَسَخَ أَيْ مُعَرَّضٌ لِلْفَسْخِ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ كَانَتْ بِوِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ أَيْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ الْعَامَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوِلَايَتِهِ لِلْقَضَاءِ الْعَامَّةَ فَإِنَّ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ لَا تَكُونُ تَارَةً عَامَّةً وَتَارَةً خَاصَّةً بَلْ لَا تَكُونُ إلَّا خَاصَّةً وَقَوْلُهُ: مِنْ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ إلَخْ الْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ الشَّرِيفَةَ وَالدَّنِيَّةَ كَمَا بَيَّنَّا . (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَدَّعِي إلَخْ) أَيْ إنَّ زَيْدًا تَنَازَعَ مَعَ عَمْرٍو فِي مِصْرَ فِي دَارِ فِي الصَّعِيدِ فَهَلْ الدَّعْوَى تُقَامُ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ تُقَامُ فِي الصَّعِيدِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ وَالْمُدَّعِي فِي مِصْرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دِمْيَاطَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَكْتُبَ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ؛ لَأَنْ يَجِيءَ لَهُ مَوْضِعَهُ فَالْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي يَذْهَبُ لِمَحَلِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْخِلَافُ فِي الْعَقَارِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَقُّ غَيْرَ عَقَارٍ فَيَدَّعِي حَيْثُ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ مَوْجُودٌ فَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ لِأَنَّ حَيْثُ لَا تُضَافُ إلَّا لِلْجُمَلِ وَقَوْلُهُ: خَاصٌّ بِالْعَقَارِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقَوْلَانِ فِي كُلِّ مُعَيَّنٍ عَقَارٍ أَمْ لَا . (قَوْلُهُ: أَوْ قَرِيبَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ اخْتَلَفَ فَقِيلَ الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْبَعِيدِ وَالْقَرِيبِ وَقِيلَ فِي الْبَعِيدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَيُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ كَالْمُسْتَعِيرِ عَارِيَّةً يُغَابُ عَلَيْهَا وَالْمُرْتَهِنِ رَهْنًا كَذَلِكَ وَالْغَاصِبِ إذَا غُصِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْحَمِيلِ إذَا أَرَادَ الْمَدِينُ السَّفَرَ وَخَشِيَ ضَيَاعَ الْحَقِّ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَفِي حَلِّ الشَّارِحِ نَظَرٌ. (بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَأَحْكَامُهَا) وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ تَعْرِيفَهَا كَابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا حَاجَةَ لِتَعْرِيفِ حَقِيقَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مُنَافٍ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ: أَقَمْت ثَمَانِ سِنِينَ لِطَلَبِ الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَأَسْأَلُ الْفُضَلَاءَ عَنْهُ وَتَحْقِيقِ مَاهِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَقُولُونَ: الشَّهَادَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَدُّدُ وَالذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فَأَقُولُ لَهُمْ: اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فَرْعُ تَصَوُّرِهَا وَتَمَيُّزِهَا عَنْ الرِّوَايَةِ إلَى أَنْ قَالَ: حَتَّى طَالَعْت شَرْحَ الْبُرْهَانِ لِلْمَازِرِيِّ فَوَجَدْته حَقَّقَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: هُمَا خَبَرَانِ غَيْرَ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ إنْ كَانَ عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَهُوَ الرِّوَايَةُ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَالشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ الْخَلْقِ وَالْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِهَذَا عِنْدَ ذَا دِينَارٌ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ لَا يَتَعَدَّاهُ فَهَذَا هُوَ الشَّهَادَةُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرِّوَايَةُ، وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ شَرْطِ التَّعَدُّدِ فِي الشَّهَادَةِ وَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ أَنَّ إلْزَامَ الْمُعَيَّنِ يُتَوَقَّعُ فِيهِ عَدَاوَةٌ بَاطِنِيَّةٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ فَاحْتَاطَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ فَاشْتَرَطَ مَعَهُ آخَرَ وَنَاسَبَ شَرْطُ الذُّكُورَةِ؛ لِأَنَّ إلْزَامَ الْمُعَيَّنِ حُكْمًا عَلَيْهِ غَلَبَةً وَقَهْرًا تَأْنَفُهُ النُّفُوسُ الْأَبِيَّةُ فَهُوَ مِنْ النِّسَاءِ أَشَدُّ نِكَايَةً فَخَفَّفَ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِ الذُّكُورِيَّةِ عَنْ النُّفُوسِ وَلِأَنَّهُنَّ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ إلَخْ ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَرَّفَهَا بِقَوْلِهِ: الشَّهَادَةُ قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سَمَاعُهُ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ مَعَ تَعَدُّدِهِ أَوْ حَلِفِ طَالِبِهِ فَقَوْلُهُ: يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إلَخْ يُخْرِجُ بِهِ الرِّوَايَةَ، وَلَمْ يَقُلْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ أَعَمُّ مِنْ الْقَاضِي لِوُجُودِهِ فِي التَّحْكِيمِ وَالْأَمِيرِ، وَقَوْلُهُ: إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ شَرْطٌ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ أَخْرَجَ بِهِ مَجْهُولَ الْحَالِ، وَمَعْنَى إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ: إنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِكَوْنِهِ يَعْلَمُهَا. (ص) الْعَدْلُ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ بِلَا فِسْقٍ وَحَجْرٍ   [حاشية العدوي] فَالدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ وَلَدِهِ وَكَذَا الْمُعَارَةُ وَالْمَرْهُونُ لَهُ فِيهِ حَقٌّ وَلَا ضَمَانَ وَقَوْلُهُ: رَهْنًا كَذَلِكَ أَيْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ) أَيْ مَعَ حَقٍّ فَاجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ. (قَوْلُهُ: وَالْغَاصِبُ إذَا غُصِبَ مِنْهُ شَيْءٌ) صُورَةُ ذَلِكَ غَصَبَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو شَيْئًا ثُمَّ إنَّ خَالِدًا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ زَيْدٍ غَصْبًا أَوْ بِدَعْوَى زُورٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَلِلْغَاصِبِ وَهُوَ زَيْدٌ أَنْ يَتَوَكَّلَ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَقَوْلُهُ: وَالْحَمِيلُ إلَخْ، صُورَةُ ذَلِكَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَرَاهِمُ، وَقَدْ ضَمِنَ خَالِدٌ عَمْرًا فِي تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَكَانَ زَيْدٌ غَائِبًا وَأَرَادَ الْمَدِينُ السَّفَرَ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَيَمْنَعَ الْمُسَافِرَ. (قَوْلُهُ: وَفِي حَلِّ الشَّارِحِ نَظَرٌ) حَيْثُ صَوَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ إنْسَانًا غَائِبًا وَلَمْ يُوَكِّلْ فَهَلْ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَوْ لَا تَرَدُّدٌ، وَوَجْهُ النَّظَرِ فِي كَلَامِ بَهْرَامَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ عَلَى غَائِبٍ كَذَا مُفَادُ اللَّقَانِيِّ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَ اللَّقَانِيِّ. [بَاب الشَّهَادَةُ وَأَحْكَامُهَا] (بَابُ الشَّهَادَةِ) (قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالتَّكَلُّمِ عَلَى الشَّهَادَةِ التَّكَلُّمُ عَلَى أَحْكَامِهَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مُنَافٍ لِقَوْلِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ كَيْفَ يُقِيمُ مُدَّةً يَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي أَيْسَرِ الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ الْمُبْتَدِئِينَ، وَهُوَ تَنْبِيهُ ابْنِ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: هُمَا خَبَرَانِ) أَيْ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ، وَالرِّوَايَةُ إلَخْ حَاصِلُ مَا قَالَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ الْخَبَرُ الْمُتَعَلِّقُ بِجُزْئِيٍّ، وَالرِّوَايَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِكُلِّيٍّ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ تَتَعَلَّقُ بِجُزْئِيٍّ كَخَبَرِ «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السَّوِيقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ» وَخَبَرِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي لَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ فِيهَا فَذَكَرَ قِصَّةَ الدَّجَّالِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ أَحَادِيثَ مُتَعَلِّقَةٍ بِجُزْئِيٍّ وَكَآيَةِ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ انْتَهَى، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ نَظَرٌ إلَى الْأَغْلَبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِهَذَا عِنْدَ ذَا دِينَارٌ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ أَشْهَدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِيغَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ كَرَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا، وَسَمِعْت أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَكُلُّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ أَشْهَدُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلْزَامٌ يَقْتَضِي أَنَّهَا إنْشَاءٌ؛ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ طَلَبٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ سَبَبُ الْإِلْزَامِ أَيْ إلْزَامُ الْقَاضِي لِلْمُعَيَّنِ بِالْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَطَ مَعَهُ آخَرَ) أَيْ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَقَامِ أَيْ فَإِذَا اشْتَرَطَ آخَرَ مَعَهُ تَخِفُّ الْعَدَاوَةُ؛ لِأَنَّ الْبَلِيَّةَ إذَا عَمَّتْ هَانَتْ (قَوْلُهُ: الْأَبِيَّةُ) أَيْ الْمُمْتَنِعَةُ عَنْ التَّلَبُّسِ بِالرَّذَائِلِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْحُكْمُ مِنْ النِّسَاءِ أَيْ مِنْ أَجْلِ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ وَاقِعٌ مِنْ الْقَاضِي لَا مِنْ النِّسَاءِ، وَقَوْلُهُ: عَنْ النُّفُوسِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَخَفَّفَ (قَوْلُهُ: هُوَ بِحَيْثُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَدْخُلُ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَغَيْرُ التَّامَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ لَا تُوجِبُ حُصُولَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ حَسْبَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْرِيفِ الدَّلَالَةِ قَالَ ح، وَقَوْلُهُ: إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ يُرِيدُ إنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِكَوْنِهِ يَعْلَمُهَا، وَلَوْ قَالَ قَوْلَ عَدْلٍ إلَخْ وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ لَكَانَ أَبْيَنَ؛ لِأَنَّ عُدِّلَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِيمَا ثَبَتَ أَوْ قَالَ يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سَمَاعُهُ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ إنْ عَلِمَ عَدَالَةَ قَائِلِهِ لَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا ثَبَتَ عَدَالَتُهُ عِنْدَهُ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي حَدِّهِ دَوْرًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِافْتِقَارِهِ لِلتَّعَدُّدِ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِهَا شَهَادَةً ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِشَارَةَ لَا تَكْفِي، وَكَذَلِكَ الْخَطُّ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَالْجُمْلَةُ حَالٌ) تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهَا مُصَدَّرَةٌ بِعِلْمِ اسْتِقْبَالٍ. (قَوْلُهُ: بِلَا فِسْقٍ) أَيْ مَا لَمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 وَبِدْعَةٍ، وَإِنْ تَأَوَّلَ كَخَارِجِيٍّ وَقَدَرِيٍّ (ش) أَلْ فِي الْعَدْلِ لِلْحَقِيقَةِ أَيْ حَقِيقَةُ الْعَدْلِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مِنْ عُرْفِ الْمُحَدِّثِينَ، لَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ أَيْ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لِلْقَاضِي، وَهُنَا وَصْفٌ لِلشَّاهِدِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ حُرًّا حَالَ الْأَدَاءِ وَلَوْ مُعْتَقًا لَكِنْ إنْ شَهِدَ لِمُعْتِقِهِ فَلَهُ شَرْطٌ آخَرُ، وَهُوَ التَّبْرِيزُ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُون مُسْلِمًا حَالَ الْأَدَاءِ لَا كَافِرًا فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لَا عَلَى مُسْلِمٍ اتِّفَاقًا، وَلَا عَلَى كَافِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا حَالَ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعَاقِلِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَالِغًا حَالَ الْأَدَاءِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ إلَّا عَلَى بَعْضِهِمْ بِشُرُوطٍ سَتَأْتِي فِي الْجَرْحِ وَالْقَتْلِ لَا فِي الْمَالِ فَالْآتِي يُخَصِّصُ عُمُومَ مَا هُنَا، وَمِنْهَا ثُبُوتُ عَدَمِ الْفِسْقِ بِالْجَوَارِحِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْفَاسِقَ بِالِاعْتِقَادِ فِيمَا يَأْتِي، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِأَجْلِ سَفَهٍ بِهِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ، وَلَا مَجْهُولِ الْحَالِ وَلَا السَّفِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَخْدُوعٌ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِدْعِيًّا وَسَوَاءٌ تَعَمَّدَ أَوْ جَهِلَ أَوْ تَأَوَّلَ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ، وَلَا تَأْوِيلٍ كَالْقَدَرِيِّ وَالْخَارِجِيِّ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَدَرِيُّ مِثَالًا لِلْجَاهِلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ شُبَهِهِمْ عَقْلِيَّةٌ، وَالْخَطَأُ فِيهَا يُسَمَّى جَهْلًا، وَالْخَارِجِيُّ مِثَالًا لِلْمُتَأَوِّلِ؛ لِأَنَّ شُبَهَهُمْ سَمْعِيَّةٌ، وَالْخَطَأُ فِيهَا يُسَمَّى تَأْوِيلًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْجَاهِلِ الْمُقَلِّدَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، وَالْمُتَأَوِّلَ الْمُجْتَهِدَ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُعْذَرُوا هُنَا بِالتَّأْوِيلِ لِكَوْنِهِ أَدَّى إلَى كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ، وَلَا كَذَلِكَ التَّأْوِيلُ فِي الْمُحَارِبِينَ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي مُطْلَقِ الْعَدَالَةِ، وَأَهْلُ   [حاشية العدوي] يَتُبْ الْفَاسِقُ وَتُعْرَفُ تَوْبَتُهُ (قَوْلُهُ: أَلْ فِي الْعَدْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْعَدْلِ لَيْسَتْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرَى لِتَقَدُّمِهِ فِي أَهْلِ الْقَضَاءِ عَدْلٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي وَصْفِ الْقَاضِي وَهَذَا فِي وَصْفِ الشَّاهِدِ فَلَيْسَ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَوْصَافُ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: عَنْ عُرْفِ الْمُحَدِّثِينَ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُوصَفُ بِالْعَدَالَةِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَالَةَ تُطْلَقُ بِمَعْنَى عَدَالَةِ الشَّهَادَةِ، وَهِيَ مَا نَظَرَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الْعَدْلُ إلَخْ وَتُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ عَلَى اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَالْكَذِبِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ، وَهُوَ مَا نَظَرَ لَهُ عِيَاضٌ وَابْنُ شَاسٍ فَلِذَلِكَ جَعَلُوا هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي الشَّاهِدِ، وَجَعَلُوا مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ حُرًّا) فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الشَّاهِدُ الْحُرُّ بِرِقٍّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ غَيْرُهُ الْحَقَّ الْمَشْهُودَ بِهِ كَمَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ، وَأَمَّا الْقَاضِي إذَا اُسْتُحِقَّ بِرِقٍّ فَتُرَدُّ أَحْكَامُهُ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ مَنْدُوحَةً عَنْ وِلَايَتِهِ نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ وِلَايَتُهُ الْعَتِيقَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّبْرِيزُ) أَيْ فَاقَ أَقْرَانَهُ فِي الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ: حَالَ الْأَدَاءِ) أَيْ لَا حَالَ التَّحَمُّلِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَهَا، وَهُوَ صَغِيرٌ وَيُؤَدِّيَهَا وَهُوَ كَبِيرٌ (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) أَيْ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى كَافِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَوَافَقَ الْمُقَابِلَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّعْبِيُّ هَذَا مُقْتَضَى حَلِّهِ، وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِاتِّفَاقٍ عِنْدَنَا، وَنَصُّهُ: وَاحْتُرِزَ بِالْمُسْلِمِ عَنْ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِإِجْمَاعٍ، وَلَا عَلَى مِثْلِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى بَعْضِهِمْ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَدْلِ، وَالصَّبِيُّ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ أَصْلًا، وَلَوْ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا ثُبُوتُ عَدَمِ الْفِسْقِ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِلَا فِسْقٍ فِي قُوَّةِ الْمَعْدُولَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ التَّجْرِيحُ فَمَجْهُولُ الْحَالِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ، وَأَمَّا إنْ جَعَلْنَاهَا سَالِبَةً، وَلَمْ تَكُنْ مَعْدُولَةً فَتُفِيدُ أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ يَصِحُّ شَهَادَتُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْعَدَالَةُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ، وَلَا مَجْهُولِ الْحَالِ رَاجِعٌ لِلشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَمِنْهَا ثُبُوتُ عَدَمِ الْفِسْقِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا السَّفِيهِ رَاجِعٌ لِلشَّرْطِ الَّذِي بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ سَفَهٍ بِهِ) أَيْ وَأَمَّا حَجْرُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ الْحَجْرُ لِفَلَسٍ أَوْ لِمَرَضٍ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَحَاجِيرَ وَيَشْهَدُونَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَجْرِ الْمَنْفِيِّ مُطْلَقَ حَجْرٍ، بَلْ الْحَجْرُ لِلسَّفَهِ (قَوْلُهُ: كَالْقَدَرِيِّ وَالْخَارِجِيِّ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ إمَامَةِ الْقَدَرِيِّ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِهِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ وَشَهَادَتِهِ، فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ أَمْرَ الشَّهَادَةِ أَشَدُّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُبْطِلُهَا مَا لَيْسَ فِعْلُهُ حَرَامًا؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ: الشَّهَادَةُ مَنْصِبٌ رَفِيعٌ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ؛ فَلِذَا قُبِلَتْ رِوَايَةُ الْبِدْعِيِّ قَالَ عج فِي تَقْرِيرِهِ: أَهْلُ جَرْبَةَ الْمَشْهُورُونَ بِالِاعْتِزَالِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا إمَامَتُهُمْ، وَلَا مُنَاكَحَتُهُمْ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ جَرْبَةَ مَاتَ بِبِلَادِ السُّودَانِ فَقُلِبَتْ رَأْسُهُ رَأْسَ حِمَارٍ بَعْدَ الْمَوْتِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَهُمْ لَيْسُوا بِمَالِكِيَّةٍ وَإِنَّمَا يَنْتَسِبُونَ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الظَّاهِرِ لِكَوْنِهِمْ مَغَارِبَةً، وَفِي الْبَاطِنِ لَا يُقِرُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ أَدَّى إلَى كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَدَرِيَّ قِيلَ: كَافِرٌ، وَقِيلَ: فَاسِقٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ - عَلَى ضَلَالَتِهِمْ - فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَجَازُوا مُنَاكَحَتَهُمْ وَأَكْلَ ذَبَائِحِهِمْ وَقَبُولَ شَهَادَتِهِمْ لَكِنْ قَالَ شَارِحُ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ قَالَ الْمُصْطَفَى يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مَا نَصُّهُ: وَبِهِ يَتَمَسَّكُ مَنْ يُكَفِّرُ الْخَوَارِجَ أَقُولُ فَظَهَرَ أَنَّ فِي كُفْرِهِمْ قَوْلَيْنِ، وَكَلَامُ الْخَطَّابِيِّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ كُفْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ التَّأْوِيلُ فِي الْمُحَارِبِينَ) أَرَادَ بِهِمْ الْبُغَاةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقَاطِعِينَ لِلطَّرِيقِ أَيْ بِخِلَافِ التَّأْوِيلِ مِنْ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الظَّاهِرَ فَإِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُتَعَيَّنُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 الْمَذْهَبِ جَعَلُوهَا شُرُوطًا فِي عَدَالَةٍ خَاصَّةٍ، وَهِيَ عَدَالَةُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ هَذِهِ الشُّرُوطَ يَكُونُ فَاسِقًا بِخِلَافِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْعَدَالَةِ هُنَا عَدَالَةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ عَدَالَةُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا مُطْلَقُ عَدَالَةٍ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَا يُشْتَرَطُ مِنْهَا حَالَ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ إلَّا الْعَقْلُ وَبَقِيَّتُهَا لَا تُشْتَرَطُ إلَّا حَالَ الْأَدَاءِ. (ص) لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً أَوْ كَثِيرَ كَذِبٍ، أَوْ صَغِيرَةً خِسَّةً وَسَفَاهَةً وَلِعْبِ نَرْدٍ (ش) يَعْنِي يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ لَا يَتَلَبَّسَ بِكَبِيرَةٍ تَلَبُّسًا لَا يُعْرَفُ لَهُ بَعْدَهُ تَوْبَةٌ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ؛ إذْ مَعْنَاهُ لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً وَقْتَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ إذَا تَلَبَّسَ بِهَا وَتَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ ثُمَّ أَدَّاهَا لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِهَا وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ لَا يَكُونَ كَثِيرَ الْكَذِبِ فَتُغْتَفَرُ الْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ فِي السَّنَةِ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ لَا يُبَاشِرَ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ مِثْلَ النَّظْرَةِ وَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى دَنَاءَةِ الْهِمَّةِ، وَأَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ فَلَا تَقْدَحُ إلَّا بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ عَلَيْهَا وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ لَا يَتَلَبَّسَ بِسَفَاهَةٍ وَفُسِّرَتْ بِالْمُجُونِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُبَالِي الْإِنْسَانُ بِمَا صَنَعَ أَوْ الْقَلِيلُ الْمُرُوءَةِ الَّذِي يُكْثِرُ الدُّعَابَةَ وَالْهَزْلَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ لَكِنْ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: ذُو مُرُوءَةٍ وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ لَكِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ ذُو مُرُوءَةٍ، وَأَمَّا إنْ حُمِلَ عَلَى السَّفَهِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ حَجْرٌ بِخِلَافِ السَّفَهِ مَعَ الْحَجْرِ فَلَا تَكْرَارَ فَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: ذُو مُرُوءَةٍ لَكِنْ فِيهِ نَوْعُ تَكَلُّفٍ وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ لَا يَلْعَبَ بِالنَّرْدِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِمَارٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ الطَّابُ وَحُكْمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ الْحُرْمَةُ بِخِلَافِ الشِّطْرَنْجِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا صَحَّحَهُ الْقَرَافِيُّ فَقَوْلُهُ: وَسَفَاهَةً مَعْطُوفٌ عَلَى كَبِيرَةً فَتَكُونُ الْمُبَاشَرَةُ بِمَعْنَى التَّلَبُّسِ أَيْ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِسَفَاهَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَلِعْبَ نَرْدٍ عَطْفٌ عَلَى كَبِيرَةً. (ص) ذُو مُرُوءَةٍ بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ مِنْ حَمَامٍ وَسَمَاعِ غِنَاءٍ وَدِبَاغَةٍ وَحِيَاكَةٍ اخْتِيَارًا وَإِدَامَةِ شِطْرَنْجٍ (ش)   [حاشية العدوي] أَوْصَافَ مَنْ يَشْهَدُ لَا مُطْلَقَ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مِنْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فِي الشَّاهِدِ، وَأَيْضًا الْعَدْلُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: الشَّاهِدُ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقُ عَدَالَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَدَالَةَ تُطْلَقُ عَلَى عَدَالَةِ الشَّهَادَةِ، وَتُطْلَقُ الْعَدَالَةُ عَلَى عَدَمِ الْفِسْقِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ كُلُّهَا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّتُهَا لَا تُشْتَرَطُ إلَّا حَالَ الْأَدَاءِ) أَيْ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ حَتَّى عِنْدَ التَّحَمُّلِ إحْدَاهُمَا شَاهِدَا النِّكَاحِ وَثَانِيَتُهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَى خَطِّهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَتَحَمُّلُهَا عَدْلًا فَالنِّكَاحُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} [الطلاق: 2] وَوَضْعُ الْخَطِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً) هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ بِلَا فِسْقٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا فِسْقٍ أَرَادَ الْكَبِيرَةَ الظَّاهِرَةَ كَالزِّنَا، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً الْبَاطِنَةَ كَالْعُجْبِ (قَوْلُهُ: لَا تُعْرَفُ بَعْدَهُ تَوْبَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ صَادِقًا بِصُورَتَيْنِ أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ كَبِيرَةٌ أَصْلًا أَوْ صَدَرَتْ وَتَابَ مِنْهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: فَتُغْتَفَرُ الْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ فِي السَّنَةِ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ كَبِيرَةٌ، وَاغْتُفِرَتْ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَلَمْ تَحْتَجْ لِتَعْلِيلٍ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ غَيْرَ صَغِيرَةِ الْخِسَّةِ لَا تَقْدَحُ، وَلَوْ تَعَمَّدَهَا اخْتِيَارًا كَمَا قَالُوا وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا عَظِيمُ مَفْسَدَةٍ فَتَسْقُطُ بِهَا الشَّهَادَةُ فَفِي مَفْهُومِ كَثِيرَ كَذِبِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: مِثْلَ النَّظْرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ صَغِيرَةٌ، وَهِيَ مَا عَدَا الْإِيلَاجَ فَهُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِكَوْنِهِ كَبِيرَةً زِنًا أَوْ لِوَاطًا ثُمَّ إنَّ جَعْلَهُ النَّظْرَةَ أَيْ وَنَحْوَهَا مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ صَغِيرَةَ خِسَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَغِيرَةُ غَيْرِ خِسَّةٍ؛ لِأَنَّهَا يُفْتَخَرُ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ حَرَامًا بِخِلَافِ سَرِقَةِ لُقْمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ أَيْ كَنَظَرٍ وَجَسَّةٍ (قَوْلُهُ: وَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ) قَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِمِسْكِينٍ فَتَلْحَقُ بِالْكَبِيرَةِ قَالَهُ تت أَيْ فَتَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْكَبِيرَةِ، وَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ بَلْ مُتَوَقِّفٌ فِيهِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ غَيْرَ أَنَّهُ ذَنْبٌ صَغِيرٌ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِدْمَانَ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً (قَوْلُهُ: بِالْمُجُونِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْجِيمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ لَا يُبَالِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا صَنَعَ) أَيْ كَاَلَّذِي يَتَكَلَّمُ فِي الْمَحَافِلِ بِأَلْفَاظِ الْخَنَى (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَلِيلُ الْمُرُوءَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْسِيرَيْنِ مُتَلَازِمَانِ (قَوْلُهُ: الدُّعَابَةَ) بِضَمِّ الدَّالِ، وَقَوْلُهُ: وَالْهَزْلَ عَطَفَهُ عَلَى الدُّعَابَةِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِمَارٌ) أَيْ مُغَالَبَةٌ بِأَنْ كَانَ خَالِيًا عَنْ دَفْعِ دَرَاهِمَ، وَالْقِمَارُ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ دَفْعِ دَرَاهِمَ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ لِخَبَرِ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ دَمِهِ» وَفِي الْخَبَرِ أَيْضًا «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ» وَمَنْ يَكُنْ مَلْعُونًا لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يُدْمِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الزَّرْقَانِيُّ بَلْ حَيْثُ وَرَدَ الْحَدِيثُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ يَكُونُ كَبِيرَةً، وَإِنْ كَانَ عَطْفُهُ عَلَى كَبِيرَةٍ يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الطَّابُ) أَيْ فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ: ذُو مُرُوءَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، وَيُقَالُ: فِيهَا مُرُوَّةٌ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَإِدْغَامِ الْمَدَّةِ فِيهَا كَمَا قَالَ الْفِيشِيُّ (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَمَامٍ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وَإِلَّا كَانَ كَبِيرَةً كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَيْ مِنْ لِعْبِ حَمَامٍ أَيْ مَعَ الْإِدْمَانِ (قَوْلُهُ: وَدِبَاغَةٍ) هَذِهِ الصَّنَائِعُ لَا يُتَقَيَّدُ فِيهَا بِالْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ: وَإِدَامَةِ شِطْرَنْجٍ) الْإِدَامَةُ أَنْ يَلْعَبَ بِهِ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كَمَا فِي الطُّرُرِ، وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ، وَاقْتِصَارُ بَعْضٍ عَلَى الْأُولَى يُفِيدُ قُوَّتَهُ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَشِطْرَنْجٍ مِنْ الْمُشَاطَرَةِ أَوْ التَّشْطِيرِ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجْعَلُ شَطْرَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 ذُو إلَخْ نَعْتٌ بَعْدَ نَعْتٍ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَتَرْكُ الْمُرُوءَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ، وَهِيَ لَازِمُ الْعَدَالَةِ، وَتَقَرَّرَ بِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُرُوءَةُ: الِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ مَا يُرَى أَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافِظُ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَالْإِدْمَانِ عَلَى لِعْبِ الْحَمَامِ وَالشِّطْرَنْجِ وَكَالْحِرَفِ الذَّمِيمَةِ مِنْ دِبَاغَةٍ وَحِجَامَةٍ وَحِيَاكَةٍ أَيْ قَزَازَةٍ اخْتِيَارًا مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ، وَأَمَّا أَهْلُهَا أَوْ مَنْ اُضْطُرَّ لَهَا فَلَا يَقْدَحُ انْتَهَى مِنْ خَطِّ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى تَتَّصِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، وَقَدْ تُفَسَّرُ الْمُرُوءَةُ بِكَمَالِ الرُّجُولِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ، وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا تَشْمَلُ الْمَرْأَةَ، وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: لَهَا رَجُلَةٌ تَأَمَّلْ وَسَمَاعُ الْغِنَاءِ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ آلَةٍ وَتَكَرَّرَ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْمَكْرُوهِ حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ فَإِنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ، وَأَمَّا بِالْآلَةِ فَحَرَامٌ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ إنَّ الْغِنَاءَ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: الصَّوْتُ الْمُتَقَطِّعُ أَوْ الَّذِي فِيهِ تَرَنُّمٌ أَوْ الْمُمْتَدُّ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ فَهُوَ الْيَسَارُ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ فَهُوَ النَّفْعُ (فَائِدَةٌ) وَالنَّرْدُ قِطَعٌ تُكَوَّنُ مِنْ الْعَاجِ أَوْ مِنْ الْبَقْسِ مُلَوَّنَةٌ يُلْعَبُ بِهَا لَيْسَ فِيهَا لَبْسٌ وَإِنَّمَا تُرَصُّ فِي حَالِ لِعْبِهَا وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَ الشِّطْرَنْجَ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُؤَرِّخُونَ صِصَّةُ بْنُ دَارٍ الْهِنْدِيُّ، وَهُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مَعَ التَّشْدِيدِ، وَاسْمُ الْمَلِكِ الَّذِي وُضِعَ لَهُ سِهْرَامُ بِكَسْرِ السِّينِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ وَقَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي شَرْحِ لَامِيَّةِ الْعَجَمِ: إنَّ اسْمَهُ بِلْهِيثُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي آخِرِهِ وَكَانَ أَزْدَشِيرُ بْنُ بَابَكَ أَوَّلَ مُلُوكِ الْفُرْسِ قَدْ وَضَعَ النَّرْدَ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ: نَرْدَشِيرُ نَسَبُوهُ إلَى وَاضِعِهِ وَجَعَلَهُ مِثَالًا لِلدُّنْيَا وَأَهْلِهَا وَجَعَلَ الرُّقْعَةَ اثْنَيْ عَشَرَ بَيْتًا بِعَدَدِ شُهُورِ السَّنَةِ، وَقَسَّمَهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ عَلَى عَدَدِ فُصُولِ السَّنَةِ وَجَعَلَ الْقِطَعَ ثَلَاثِينَ قِطْعَةً بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ بِيضًا وَسُودًا كَالْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَجَعَلَ الْفُصُوصَ مُسَدَّسَةً إشَارَةً إلَى أَنَّ الْجِهَاتِ سِتَّةٌ لَا سَابِعَ لَهَا وَجَعَلَ مَا فَوْقَ الْفُصُوصِ وَتَحْتَهَا كَيْفَ وَقَعَتْ سَبْعَ نُقَطٍ عَدَدَ الْأَفْلَاكِ وَعَدَدَ الْأَرْضِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْخَبَرِ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرِيٌّ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ الْخَبَرُ هُوَ الْمَجْمُوعُ عَلَى حَدِّ الرُّمَّانِ حُلْوٌ حَامِضٌ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ) أَيْ فَالْمُرُوءَةُ الْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَازِمُ الْعَدَالَةِ) أَيْ وَالْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ لَازِمُ الْعَدَالَةِ بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَوْصَافِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَنَّهَا بِضَمِيرِ التَّأْنِيثِ أَيْ الْمُرُوءَةَ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكُهَا مُسَبَّبٌ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ، فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَحْرِيفٌ، وَأَصْلُهَا: وَتَقَرَّرَ بِأَنَّهَا الْكَفُّ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ (قَوْلُهُ: الِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ مَا يَرَى) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِزُهْدٍ كَأَنْ يَمْشِيَ فِي السُّوقِ بِطَقِيَّةٍ وَقَمِيصٍ كَالْقُرْطُبِيِّ الْمُفَسِّرِ صَاحِبِ التَّذْكِرَةِ الْمَدْفُونِ فِي الصَّعِيدِ تُجَاهَ مُنْيَةِ ابْنِ خَصِيبٍ شَرْقِيَّهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَهْلُهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهَا تَلِيقُ بِهِمْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ اُضْطُرَّ مُحْتَرَزُ اخْتِيَارًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْحِرَفُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، فَإِنَّ الْحِيَاكَةَ عِنْدَنَا بِتُونُسَ لَيْسَتْ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيَّةِ الْبُرْزُلِيُّ، وَهِيَ بِإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الرَّفِيعَةِ يَفْعَلُهَا وُجُوهُ النَّاسِ وَمِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ الْعَوَائِدُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْمَشْيُ حَافِيًا وَالْأَكْلُ فِي الْحَوَانِيتِ إلَّا أَنَّ عج قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الدِّبَاغَةَ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيَّةِ مُطْلَقًا، وَالْخِيَاطَةُ مِنْ الرَّفِيعَةِ مُطْلَقًا أَيْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَمَلُ الْأَبْرَارِ مِنْ الرِّجَالِ الْخِيَاطَةُ، وَمِنْ النِّسَاءِ الْغَزْلُ» وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ اُضْطُرَّ أَيْ وَكَذَا مَنْ يُعَانِيهَا لِكَسْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ يُقَالُ لَهَا: رَجُلَةٌ تَأَمَّلْ) أَيْ تَأَمَّلْ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ مَعَ اشْتَرَاك الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي الْمَادَّةِ، وَإِنْ زَادَتْ الْأُنْثَى بِزِيَادَةِ التَّاءِ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْأَصْلَ وَضْعُ رَجُلٍ لِلذَّكَرِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى ثُمَّ تُوُسِّعَ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَرْأَةِ بِزِيَادَةِ التَّاءِ لِلتَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَمَاعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ فِعْلَ الْغِنَاءِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا سَمَاعُهُ فَمَكْرُوهٌ حِينَ التَّكْرَارِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخِلُّ بِالشَّهَادَةِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى إنَّمَا كَانَ سَمَاعُ الْغِنَاءِ مَكْرُوهًا حِينَ التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ: فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ سَمَاعَهُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا كَفِعْلِهِ الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْكَرَاهَةِ رَدُّ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الْكَرَاهَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا يَقْبُحُ مِمَّا يَحْمِلُ عَلَى التَّهْيِيجِ أَوْ التَّشْبِيهِ بِأَمْرَدَ، وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ، وَتُرَدُّ إلَخْ) وَلَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَالْمَشَذَّالِيُّ أَنَّ سَمَاعَ الْغِنَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ آلَةٍ أَمْ لَا إنَّمَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ إذَا أَدْمَنَهُ كَمَا أَنَّ فِعْلَ الْغِنَاءِ إنَّمَا يُسْقِطُهَا مَعَ الِاشْتِهَارِ كَانَ بِآلَةٍ أَمْ لَا فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِآلَةٍ تُطْرِبُ يَحْرُمُ وَيَحِلُّ بِالشَّهَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يُدْمِنْهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ آلَةٍ فَيُكْرَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ هَكَذَا عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِيهِ تَرَنُّمٌ إلَخْ) هَذِهِ الْأَقْوَالُ تَرْجِعُ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُمْتَدُّ) أَيْ مَعَ التَّقْطِيعِ فَلَا يُنَافِي الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: فَائِدَةٌ وَالنَّرْدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ الْحُكْمَ فِيهِ، وَفِي الشِّطْرَنْجِ مِنْ أَنَّ النَّرْدَ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ مُطْلَقًا، وَالشِّطْرَنْجُ يَرُدُّهَا بِشَرْطِ الْإِدَامَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي إبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ اُنْظُرْ تَعْرِيفَ الْمُؤَلِّفِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالنَّرْدُ قَالَ الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالشِّطْرَنْجِ وَنَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا لَبْسٌ) أَيْ اخْتِلَاطٌ كَأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَلْتَبِسُ الْقِطَعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُرَصُّ فِي حَالِ لِعْبِهَا، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِلْهَيْثٍ) رَأَيْت مَضْبُوطًا بِالْقَلَمِ بِكَسْرَةٍ تَحْتَ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: نَسَبُوهُ إلَى وَاضِعِهِ) أَيْ أَضَافُوهُ إلَى جُزْءِ وَاضِعِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَضَافُوا نَرْدَ إلَى شِيرَ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ الْفُصُوصَ) كَأَنَّهَا قِطَعٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ مَا فَوْقَ الْفُصُوصِ) أَيْ تِسْعُ نُقَطٍ فَوْقَ الْفَصِّ وَسَبْعٌ تَحْتَهُ قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُمَا لَعَلَّهُ وَمَنْ تَبِعَهُ فَلْيُحَرَّرْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 وَعَدَدَ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ وَجَعَلَ مَا تَأْتِي الْفُصُوصُ بِهِ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ لِمَنْ يَضْرِبُ بِهَا مِثْلَ الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ وَتَقَلُّبِهِ فِي الدُّنْيَا وَجَعَلَ تَصَرُّفَ اللَّاعِبِ فِي تِلْكَ الْأَعْدَادِ لِاخْتِيَارِهِ وَلَهُ فِيهِ حُسْنُ التَّدْبِيرِ كَمَا يُرْزَقُ الْمُوَفَّقُ شَيْئًا يَسِيرًا فَيُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَيُرْزَقُ الْأَحْمَقُ شَيْئًا كَثِيرًا فَلَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَالنَّرْدُ جَامِعٌ لِحُكْمِ الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ وَحُسْنِ التَّصَرُّفِ فِي اخْتِيَارِ لَاعِبِهِ وَالشِّطْرَنْجُ مُقَرَّرٌ لِاخْتِيَارِ اللَّاعِبِ وَعَقْلِهِ وَتَصَرُّفِهِ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ. (ص) وَإِنْ أَعْمَى فِي قَوْلٍ أَوْ أَصَمَّ فِي فِعْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْمَى الْعَدْلَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَقْوَالِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَمَّا فِي الْأَفْعَالِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ الْفِعْلَ قَبْلَ الْعَمَى كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا الْأَعْمَى الْأَصَمُّ فَلَا يُقْبَلُ، وَلَا يَتَزَوَّجُ وَلَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْقَرَائِنِ، وَأَمَّا الْعَدْلُ الْأَصَمُّ غَيْرُ الْأَعْمَى فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَفْعَالِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَهَادَةِ الْأَخْرَسِ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَيُؤَدِّيهَا بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَالْكِتَابَةِ وَأَمَّا الْأَصَمُّ فِي الْأَقْوَالِ فَلَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ قَبْلَ الصَّمَمِ كَذَا يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (ص) لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ إلَّا فِيمَا لَا يَلْبِسُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا وُجُودُهُ مَانِعٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا وُجُودُهَا شُرُوطٌ، وَعَدَمُهَا مَوَانِعُ وَالْمَوَانِعُ جَمْعُ مَانِعٍ، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ مَنَعَ الشَّيْءَ إذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصُودِهِ فَالْمَوَانِعُ تَحُولُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَبَيْنَ مَقْصُودِهَا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشَّهَادَةِ قَبُولُهَا وَالْحُكْمُ بِهَا، وَالْمَانِعُ هُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ وَالْمُغَفَّلُ هُوَ الَّذِي لَهُ قُوَّةُ التَّنَبُّهِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ قُوَّتَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُغَفَّلٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ الْخَيِّرُ الْفَاضِلُ ضَعِيفًا لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ لِغَفْلَتِهِ أَنْ يَلْبِسَ عَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ الْمَشْهُودُ فِيهِ جَلِيًّا وَاضِحًا بَيِّنًا لَا يَلْبِسُ عَلَى أَحَدٍ كَقَوْلِهِ: رَأَيْت هَذَا يَقْطَعُ يَدَ هَذَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْمُغَفَّلِ تُقْبَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْبَلِيدُ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُغَفَّلِ وَالْبَلِيدِ أَنَّ الْمُغَفَّلَ لَهُ مَلَكَةٌ أَيْ قُوَّةٌ مُنَبِّهَةٌ لَكِنْ لَا يَسْتَعْمِلُهَا، وَالْبَلِيدُ لَيْسَ لَهُ مَلَكَةٌ أَصْلًا قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا لَا يَلْبِسُ بِكَسْرِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ مَاضِيَهُ مَفْتُوحُ الْبَاءِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] . (ص) وَلَا مُتَأَكِّدِ الْقُرْبِ كَأَبٍ، وَإِنْ عَلَا وَزَوْجِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مُتَأَكِّدَ الْقُرْبِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ، وَإِنْ عَلَا، وَلَا شَهَادَتُهُ لِأُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا لِزَوْجَةِ أَبِيهِ، وَلَا لِزَوْجِ أُمِّهِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَلَدِ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ فَقَوْلُهُ: وَلَا مُتَأَكِّدِ الْقُرْبِ مَعْطُوفٌ بِالْوَاوِ عَلَى مُغَفَّلٍ، وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَكَذَلِكَ لَا يَشْهَدُ لِزَوْجَتِهِ، وَلَا لِابْنِهَا وَلَا لِأَبِيهَا، وَلَا الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا، وَلَا لِابْنِهِ وَأَبَوَيْهِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِ زَوْجِ ابْنَتِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السِّمْسَارِ إذَا تَوَلَّى الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَتَجُوزُ إذَا كَانَتْ سَمْسَرَتُهُ لَا تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَاطِبِ إذَا تَوَلَّى الْعَقْدَ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُشْرِفِ لِمَنْ هُوَ مُشْرِفٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لِمَنْ أَوْصَى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَزَوْجِهِمَا أَيْ زَوْجِ الْأَبِ وَالْأُمِّ الَّتِي دَخَلَتْ فِي الْأَبِ. (ص) وَوَلَدٍ، وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَزَوْجِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِوَلَدِ بِنْتِهِ، وَإِنْ سَفَلَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَعَدَدَ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ) أَيْ فَالْكَوَاكِبُ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ إلَّا السَّبْعَةَ السَّيَّارَةَ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَعُطَارِدُ وَالْمُشْتَرَى وَالْمِرِّيخُ وَالزُّهْرَةُ وَزُحَلُ، وَقَوْلُهُ: فِي اخْتِيَارٍ أَيْ بِسَبَبِ اخْتِيَارِ لَاعِبِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالشِّطْرَنْجُ مُقَرَّرٌ أَيْ مُثْبَتٌ لِاخْتِيَارِ اللَّاعِبِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَعَقْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النَّرْدِ غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الشِّطْرَنْجِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ النَّرْدِ بَيَانُ حُكْمِ اللَّهِ وَقَدْرِهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الشِّطْرَنْجِ بَيَانُ كَمَالِ عَقْلِ الشَّخْصِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْمَى فِي قَوْلٍ إلَخْ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَوْلِ بَلْ تَجُوزُ فِيمَا عَدَا الْمَرْئِيَّاتِ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَذُوقَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: فَيُقْبَلُ فِيمَا يَلْمِسُهُ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَارٌّ أَوْ بَارِدٌ أَوْ لَبِنٌ أَوْ خَشِنٌ، وَفِيمَا يَذُوقُهُ أَنَّهُ حُلْوٌ أَوْ حَامِضٌ، وَفِيمَا يَشُمُّهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ) فِي شَرْحِ عب اعْتِمَادُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ والْمُعْتَمَدُ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَيَعْتَمِدُ فِي وَطْءِ زَوْجَتِهِ عَلَى الْقَرَائِنِ) أَيْ كَكَوْنِهَا نَحِيفَةً أَوْ جَسِيمَةً. (قَوْلُهُ: الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ) احْتِرَازًا عَنْ الْعَدَمِيِّ كَعَدَمِ الطُّهْرِ، وَقَوْلُهُ: الظَّاهِرُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ وَصْفًا وُجُودِيًّا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَلَا يُعَدُّ مَانِعًا كَالْعُلُوقِ فَالْحَيْضُ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ فَعُدَّ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: سَابِقًا شُرُوطٌ، وَعَدَمُهَا: مَوَانِعُ يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ وَصْفًا وُجُودِيًّا، وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَالْإِطْلَاقُ عَلَى عَدَمِ الْمَوَانِعِ مَجَازٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ سِيَاقَ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّاهِدِ لَا فِي الْمَشْهُودِ لَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبِ لِابْنِهِ، وَلَا الْأُمِّ لِابْنِهَا، وَزَوْجَةُ الْأَبِ لَا تَشْهَدُ لِوَلَدِ زَوْجِهَا، وَإِنْ سَفَلَ، وَزَوْجُ الْأُمِّ لَا يَشْهَدُ لِوَلَدِهَا، وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ: سَمْسَرَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ سَمْسَرَتِهِ لَا تَخْتَلِفُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَشَرَةً إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَخَمْسَةً إذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْسِينَ، وَقَدْ شَهِدَ بِأَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ فَلَا تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: الْخَاطِبِ) أَيْ لِغَيْرِهِ أَيْ بِكَثْرَةِ الصَّدَاقِ وَقِلَّتِهِ أَيْ بِأَنْ خَطَبَ لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، وَتَوَلَّى الْعَقْدَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: مُشْرِفٌ، وَهُوَ شَخْصٌ يَجْعَلُهُ الْوَاقِفُ مَثَلًا أَمِينًا عَلَى الْمُتَوَلِّي لِصَرْفِ وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ فِي الْأَبِ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِوَلَدِ بِنْتِهِ) الْمُنَاسِبُ لِحَلِّهِ أَوَّلًا أَنْ يَقُولَ لِبِنْتِهِ وَابْنِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ هَذَا لَا يُنَاسِبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْمُؤَلِّفِ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 وَلَا لِابْنِهِ، وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا لِزَوْجَةِ ابْنِهِ، وَلَا لِزَوْجِ ابْنَتِهِ، وَخَصَّ الْبِنْتَ بِالذِّكْرِ تَوْطِئَةً لِيَتَوَصَّلَ لِبَيَانِ الْحُكْمِ فِي مَنْعِ شَهَادَتِهِ لِزَوْجِهَا، وَإِلَّا فَلَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَالْقُرْبُ الْأَكِيدُ هُوَ الَّذِي يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ لَا مُطْلَقُ الْقُرْبِ. (ص) وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ وَاحِدَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ مَعَ ابْنِهِ كَشَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ الْأُخْرَى؛ وَلِذَا امْتَنَعَ تَعْدِيلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبِ الْجِنْسُ لِيَشْمَلَ الْأُمَّ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ تَأْدِيَةَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ تُسَمَّى شَهَادَةً، وَقَوْلُهُ: (كَكُلٍّ عِنْدَ الْآخَرِ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِلْغَاءِ الْمَطْوِيِّ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَاحِدَةٌ مَعْنَاهُ وَتُلْغَى الْأُخْرَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ إذَا شَهِدَ عِنْدَ ابْنِهِ أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ الْآخَرِ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ حُكْمِهِ) وَكَذَا شَهَادَةُ الْفَرْعِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى التَّزْكِيَةِ. (ص) بِخِلَافِ أَخٍ لِأَخٍ إنْ بُرِّزَ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ أَوْ الْعَكْسَ لَا تَجُوزُ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا شَهِدَ أَخٌ لِأَخِيهِ فَذَكَرَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ عَنْ أَقْرَانِهِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ لَهُ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ فِي الْجِرَاحِ الَّتِي فِيهَا مَالٌ وَقَالَ س: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ كَانَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ أَمْ لَا يَكْتَسِبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَخِيهِ شَرَفًا أَوْ جَاهًا أَمْ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ بِهَا مَعَرَّةً أَمْ لَا فَعَلَى هَذَا فَمَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاتِّفَاقِ، وَالْمَشْهُورِ ضَعِيفٌ وَوَافَقَهُ ق وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْأَخِ أَنْ يُعَدِّلَ أَخَاهُ كَمَا أَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَدِّلُ أَخَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَشْرُفُ بِتَعْدِيلِهِ. (ص) كَأَجِيرٍ وَمَوْلًى وَمُلَاطِفٍ وَمُفَاوِضٍ فِي غَيْرِ مُفَاوَضَتِهِ وَزَائِدٍ أَوْ مُنْقِصٍ وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ (ش) هَذِهِ مُشَبَّهَةٌ بِقَوْلِهِ: إنْ بَرَّزَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَجِيرَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِهِ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ لِمَنْ أَعْتَقَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَجَائِزٌ بِغَيْرِ شَرْطِ التَّبْرِيزِ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ، وَهُوَ الَّذِي يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّك وَيَضُرُّهُ مَا يَضُرُّك لِصَدِيقِهِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَشَرِيكُ تَجْرٍ فِي غَيْرِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ أَنَّ الشَّرِيكَ شَرِكَةَ عِنَانٍ لَا يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ الشَّرِكَةِ إلَّا إذَا كَانَ مُبْرِزًا وَأَنَّ الشَّرِيكَ الْخَاصَّ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا شَهِدَ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِكَةِ لَا يُشْتَرَطُ   [حاشية العدوي] الشَّاهِدِ فَالْبِنْتُ وَالْوَلَدُ وَزَوْجُهُمَا شُهُودٌ لَا مَشْهُودٌ عَلَيْهِمْ فَالْمَعْنَى لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَحَدِ وَالِدَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَزَوْجِهِمَا مَعْنَاهُ أَنَّ زَوْجَ الْبِنْتِ لَا يَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجَتِهِ، وَزَوْجَةُ الِابْنِ لَا تَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَفْظُ الْوَلَدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ إذَا كَانَ شَامِلًا فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ الْبِنْتَ بِالذِّكْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: لِيَتَوَصَّلَ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ صَرِيحًا. (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ وَاحِدَةٌ) أَيْ وَتَبْطُلُ الْأُخْرَى لِتُهْمَةِ أَنْ يَقْصِدَ كُلٌّ تَقْوِيَةَ الْآخَرِ وَتَصْدِيقَهُ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي، وَإِذَا طَرَأَ فِسْقٌ لِأَحَدِهِمَا مِمَّا يُوجِبُ بُطْلَانَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّرْجِيحُ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الِابْنِ مَعَ الْأَبِ شَهَادَةُ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِآخَرَ بِمَا مَرَّ إذَا شَهِدَا لِغَيْرِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ عب وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَطَلَتْ شَهَادَةُ وَاحِدٍ بِمُعَيَّنٍ أَوْ رَجَعَ عَنْهَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِالْآخَرِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا شَهَادَتَانِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَبْرِيزٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى شَهَادَتِهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ نَقْلُ الْأَصْلِ عَنْ الْفَرْعِ وَعَكْسُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ كُلٌّ مِنْ الِابْنِ أَوْ الْأَبِ عَلَى حُكْمِهِ لِآخَرَ فَإِذَا تَنَازَعَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو يَقُولُ إنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ لِي، وَيُنْكِرُ الْآخَرُ فَلَا يَجُوزُ لِابْنِ الْقَاضِي أَوْ أَبِيهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا شَهَادَةُ الْفَرْعِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ) أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى التَّزْكِيَةِ بَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ لَيْسَ إنْشَاءً لِشَهَادَتِهِ بِالتَّعْدِيلِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنْشَاؤُهُ لَهُ؛ وَلِذَا أَفْتَى ابْنُ نَاجِي بِجَوَازِهِ قَائِلًا: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. (قَوْلُهُ: إنْ بُرِّزَ) فِي شَرْحِ عب أَنَّهُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ لَازِمٌ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ مُبَرِّزٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ فَائِقًا غَيْرَهُ مُقَدَّمًا فِيهَا (قَوْلُهُ: فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَحَكَى بَهْرَامُ فِيهَا أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ س مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ: يَكْتَسِبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَخِيهِ شَرَفًا أَوْ جَاهًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِنِكَاحِهَا شَرَفٌ أَوْ جَاهٌ لِكَوْنِهَا مِنْ ذَوِي الْقَدْرِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ بِهَا مَعَرَّةً كَأَنْ يَشْهَدَ بِتَجْرِيحِ مَنْ جَرَّحَ أَخَاهُ فَالْمَازِرِيُّ حَكَى اتِّفَاقَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ فَظَهَرَ قَوْلُ شَارِحِنَا مِمَّا حَكَاهُ الشَّارِحُ أَيْ بَهْرَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ وَالْمَشْهُورُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ) أَيْ وَافَقَ الشَّيْخُ سَالِمٌ عَلَى ذَلِكَ تِلْمِيذَهُ الشَّيْخَ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ س رَمْزٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَق رَمْزٌ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ تِلْمِيذِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ شب فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ) قَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا حَصَلَ لَهُ مَا ذَكَرَ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَرِّزٍ (قَوْلُهُ: هَذِهِ مُشَبَّهَةٌ بِقَوْلِهِ: إنْ بُرِّزَ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ أَخٍ لِأَخِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَشَرِيكُ تَجْرٍ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ شَرِيكُ الْمُفَاوَضَةِ لَا مُطْلَقُ التَّجْرِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الشَّرِيكَ الْخَاصَّ) أَيْ غَيْرَ شَرِيكِ التَّجْرِ كَأَنْ يَكُونَ شَرِيكَهُ فِي دَابَّةٍ مَثَلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِيمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 فِيهِ التَّبْرِيزُ فِي الْعَدَالَةِ، وَكَذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ زَادَ شَيْئًا فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ فِيهَا بَعْدَ أَدَائِهَا إنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ الْأُولَى عَلَى طِبْقِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا، غَيْرَ أَنَّ مَا زَادَهُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي لَا يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي حَيْثُ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةٍ فَشَهِدَ الْمُبَرِّزُ بِذَلِكَ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ ثُمَّ شَهِدَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ يُقْبَلُ تَذَكُّرُ الْمَرِيضِ أَوْ الصَّحِيحِ لِلشَّهَادَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ حِينَ سُئِلَ عَنْهَا: لَا أَدْرِي أَوْ لَا أَعْلَمُهَا إذَا كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَرَضِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ. (ص) وَتَزْكِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُزَكَّى فِي السِّرِّ وَفِي الْعَلَانِيَةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْرِيزُ فِي الْعَدَالَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِحَدٍّ) إلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِمَّنْ يَفْتَقِرُ إلَى التَّزْكِيَةِ جَائِزَةٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الدِّمَاءِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مِمَّنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَزْكِيَةٍ، وَهُوَ الْمُبَرِّزُ الْفَائِقُ عَلَى أَقْرَانِهِ لِشِدَّةِ خَطَرِهَا لَكِنْ مَا ذُكِرَ ذَلِكَ إلَّا فِي الدِّمَاءِ خَاصَّةً كَمَا فِي الشَّارِحِ فَلَوْ قَالَ: وَإِنْ بِدَمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ خَاصَّةً لَا فِي مُطْلَقِ الْحَدِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ فَقَوْلُهُ: وَتَزْكِيَةٍ أَيْ وَذِي تَزْكِيَةٍ؛ لِأَنَّ التَّبْرِيزَ شَرْطٌ فِي الْمُزَكِّي لِغَيْرِهِ لَا فِي التَّزْكِيَةِ. (ص) مِنْ مَعْرُوفٍ إلَّا الْغَرِيبَ بِ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضَا مِنْ فَطِنٍ عَارِفٍ لَا يُخْدَعُ مُعْتَمِدٍ عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ لَا سَمَاعٍ (ش) هَذَا نَعْتٌ لِتَزْكِيَةٍ أَيْ كَائِنَةِ التَّزْكِيَةِ مِنْ مَعْرُوفٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُزَكِّيَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ غَرِيبًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَهُ ابْتِدَاءً مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْقَاضِي لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُزَكِّيَ مُزَكِّيَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ فَالْمَعْرِفَةُ لِلْقَاضِي لَا بُدَّ مِنْهَا لَكِنْ إنْ كَانَ غَيْرَ غَرِيبٍ فَبِلَا وَاسِطَةٍ، وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا فَبِوَاسِطَةٍ، وَمِثْلُ الْغَرِيبِ النِّسَاءُ لِقِلَّةِ خِبْرَةِ الرِّجَالِ بِهِنَّ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِهِنَّ وَصِفَةُ التَّزْكِيَةِ أَنْ يَقُولَ الْمُزَكِّي: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ تُشْعِرُ بِالسَّلَامَةِ فِي الدِّينِ وَالرِّضَا يُشْعِرُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْبَلَهِ وَالْغَفْلَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ بِتَمَامِهِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ أَتَى بِأَحَدِ جُزْأَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَقَالَ تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي مَعَ مَا مَرَّ أَنْ يَكُونَ فَطِنًا لَا يُخْدَعُ عَارِفًا لَا جَاهِلًا وَقِيلَ عَارِفًا   [حاشية العدوي] فِيهِ الِاشْتِرَاكُ لَا تَجُوزُ مُطْلَقًا مُعَيَّنًا أَوْ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةً فَيُمْنَعُ كَانَ مُبَرِّزًا أَمْ لَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَا فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فَفِي الْمُعَيَّنِ تَجُوزُ مُطْلَقًا مُبَرِّزًا أَمْ لَا، وَفِي التَّجْرِ مُفَوَّضًا أَمْ لَا تَجُوزُ بِشَرْطِ التَّبْرِيزِ (قَوْلُهُ: عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ) صُورَتُهَا ادَّعَى زَيْدٌ عَشَرَةً فَشَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ وَشَهِدَ لَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حِينَئِذٍ بِالْعَشَرَةِ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةٍ فَيَشْهَدَ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَشْهَدَ بِعِشْرِينَ مَثَلًا، الثَّانِيَةُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي بِعَشَرَةٍ فَيَشْهَدَ لَهُ بِخَمْسَةٍ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَشْهَدَ بِأَزْيَدَ مِنْ خَمْسَةٍ، وَذَلِكَ صَادِقٌ بِالْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبِسِتَّةٍ مَثَلًا، وَبِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَصُوَرُ تِلْكَ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ وَشَهَادَةُ الشَّاهِدِ، وَهُوَ الْعَشَرَةُ فِي الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا ادَّعَى بِعَشَرَةٍ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَزْيَدَ وَكَذَا فِي صُورَتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ مِنْهَا فَيَأْخُذُ سِتَّةً (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَدَّعِهِ) فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي بِدُونِ شَهَادَةٍ ثَانِيَةٍ بِغَيْرِ يَمِينٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَدَّعِهِ) أَيْ فَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَغَيْرِ شَهَادَةٍ ثَانِيَةٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ وَمُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِشَهَادَةٍ ثَانِيَةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةٍ فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ كَانَ شَهَادَتُهُ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَوْ لَا وَتَقَدَّمَ تَمْثِيلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَنَا مَقَامَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَدَّعِيَ قَدْرًا فَيَشْهَدَ لَهُ عَدْلٌ ابْتِدَاءً بِأَزْيَدَ مِنْهُ أَوْ أَنْقَصَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَرِّزًا وَحَلَفَ مَعَهُ فِيهِمَا لَكِنْ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ فَقَطْ فِي الْأَوَّلِ، وَلَا يَأْخُذُ الزَّائِدَ، وَعَلَى طِبْقِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فِي الثَّانِي وَأَخَذَ مَا شَهِدَ بِهِ فَقَطْ فَإِنْ رَجَعَ فِيهِ إلَى شَهَادَتِهِ بِمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قُبِلَ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا، وَهَذَا هُوَ الْمَقَامُ الثَّانِي وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي إلَى مَا رَجَعَ لَهُ الشَّاهِدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ قَبْلَهُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَقَامِ الثَّانِي لِاشْتِرَاطِهِ التَّبْرِيزَ لَا الْأَوَّلِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَوْلِهِ حِينَ سُئِلَ عَنْهَا لَا أَدْرِي إلَخْ) أَيْ وَكَذَا بَعْدَ نِسْيَانٍ وَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا قَبْلَهُ جَزَمَ فِي شَهَادَتِهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ ذَكَرَ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا وَالنَّاسِي لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِحَدٍّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى بَعِيدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُهُ بِجَعْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي مُقَدَّرٍ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يُفِيدُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَزْكِيَةٍ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَفْتَقِرُ لَهَا، وَإِنْ فِي حَدٍّ. (قَوْلُهُ: بِأَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ أَشْهَدُ فَلَوْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ رِضًا لَمْ يَكْفِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاعْتَمَدَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقَاضِي) أَيْ أَوْ بَيْنَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِالسَّلَامَةِ) فَإِنْ قُلْت: تَفْسِيرُ الشَّارِحِ الرِّضَا بِمَا ذُكِرَ يُغْنِي عَنْهُ عَدْلٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي مَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَمْعَ لِلِاحْتِيَاطِ، وَجَوَابٌ آخَرُ، السَّلَامَةُ مِنْ الْغَفْلَةِ لَيْسَتْ مُعْتَبَرَةً فِي مَفْهُومِ الْعَدْلِ مُطْلَقًا، بَلْ فِيمَا يُلْبِسُ؛ فَلِذَا ذُكِرَتْ مَعَ الْعَدَالَةِ. وَقَالَ التَّتَّائِيُّ لِإِشْعَارِ الْأَوَّلِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْبَلَهِ وَالْغَفْلَةِ وَالثَّانِي لِاحْتِمَالِ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ (قَوْلُهُ: عَارِفًا) أَيْ بِبَاطِنِ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ كَمَعْرِفَةِ ظَاهِرِهِ بِأَنْ صَحِبَهُ طَوِيلًا وَعَامَلَهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَقَوْلُهُ: عَارِفًا بِتَصَنُّعَاتِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَارِفًا بِتَصَنُّعَاتِ النَّاسِ عِلْمَهُ بِبَاطِنِ الْمُزَكَّى كَظَاهِرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَالِمًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 بِتَصَنُّعَاتِ النَّاسِ فَقَوْلُهُ: لَا يُخْدَعُ أَيْ فِي عَقْلِهِ، وَلَا يُسْتَزَلُّ فِي رَأْيِهِ، تَفْسِيرٌ وَإِيضَاحٌ لِفَطِنٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى عَارِفٍ لَكَانَ أَظْهَرَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي أَيْضًا أَنْ يَعْتَمِدَ فِي تَزْكِيَتِهِ لِلشَّاهِدِ عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ لَهُ فِي الْحَضَرِ وَفِي السَّفَرِ، وَيَرْجِعُ فِي طُولِهَا وَقِصَرِهَا لِلْعُرْفِ وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْأَوْصَافِ مُذَكَّرَةً بِأَنَّ النِّسَاءَ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُنَّ لَا لِرِجَالٍ، وَلَا لِنِسَاءٍ لَا فِيمَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُجْزِئُ الِاعْتِمَادُ فِي التَّزْكِيَةِ عَلَى السَّمَاعِ كَ سَمِعْنَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ رِضًا، وَأَمَّا مِنْ سَمَاعٍ فَشَا كَمَا إذَا قَالَا: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا فَيُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ. (ص) مِنْ سُوقِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ إلَّا لِتَعَذُّرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي أَنْ يَكُونَ مِنْ سُوقِ الْمُزَكَّى بِفَتْحِ الْكَافِ أَوْ مِنْ مَحَلَّتِهِ، وَهِيَ مَنْزِلَةُ الْقَوْمِ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ رِيبَةٌ فَلَيْسَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقًا بِسَمَاعٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ تَزْكِيَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَتَزْكِيَةٍ حَاصِلَةٍ مِنْ مَعْرُوفٍ حَاصِلَةٍ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ إلَّا لِتَعَذُّرٍ مِنْ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (ص) وَوَجَبَتْ إنْ تَعَيَّنَ (ش) أَيْ وَوَجَبَتْ الشَّهَادَةُ بِالتَّزْكِيَةِ إنْ تَعَيَّنَ التَّعْدِيلُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعَدِّلْهُ غَيْرُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ أَيْ وَوَجَبَ التَّعْدِيلُ إنْ تَعَيَّنَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْدِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ انْفَرَدَ بِهِ وَهَذَا إذَا طُلِبَتْ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِفِعْلِهَا قَبْلَ طَلَبِهَا إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ. (ص) كَجُرْحٍ إنْ بَطَلَ حَقٌّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ عَلِمَ جُرْحَةَ شَاهِدٍ، وَإِنْ لَمْ يُجَرِّحْهُ بَطَلَ الْحَقُّ بِسَبَبِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَرِّحَهُ حَتَّى لَا يَضِيعَ الْحَقُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَالشَّرْطُ قَيْدٌ فِي هَذِهِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ لَا لِمَا قَبْلَهَا فَمَعْنَى إنْ بَطَلَ حَقٌّ أَيْ بِتَرْكِ التَّعْدِيلِ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ إنْ بَطَلَ حَقٌّ بِتَرْكِ التَّجْرِيحِ. (ص) وَنُدِبَ تَزْكِيَةُ سِرٍّ مَعَهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي مَعَهَا يَرْجِعُ لِتَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُضِيفَ إلَى تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ تَزْكِيَةَ السِّرِّ وَيَكْفِي فِيهَا وَاحِدٌ وَيُنْدَبُ التَّعَدُّدُ. (ص) مِنْ مُتَعَدِّدٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الِاسْمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ بِخِلَافِ الْجَرْحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّزْكِيَةَ مُطْلَقًا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ مُتَعَدِّدٍ فَيَتَوَقَّفُ حُصُولُ النَّدْبِ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ عَلَى التَّعَدُّدِ كَمَا أَنَّ حُصُولَ وُجُوبِ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّعَدُّدِ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعَدِّلَ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ عَدَالَتِهِ   [حاشية العدوي] بِبَاطِنِ الْمُزَكَّى كَظَاهِرِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِتَصَنُّعَاتِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: كَسَمِعْنَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي السَّمَاعُ مِنْ مُعَيَّنٍ كَسَمِعْتُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ يَقُولَانِ: زَيْدٌ عَدْلٌ أَوْ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَوْ فَاشِيًا، وَقَدْ قَطَعَ بِالشَّهَادَةِ، وَأَمَّا إنْ أَسْنَدَ شَهَادَتَهُ لِلسَّمَاعِ، وَلَمْ يَقْطَعْ بِهَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ السَّمَاعُ مِنْ جَمَاعَةٍ بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْقَطْعَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ بِالتَّزْكِيَةِ سَوَاءٌ قَطَعَ بِهَا أَوْ أَسْنَدَهَا لِلسَّمَاعِ فَأَقْسَامُ السَّمَاعِ ثَلَاثَةٌ قِسْمٌ لَا تَحْصُلُ بِهِ التَّزْكِيَةُ سَوَاءٌ أَسْنَدَ الشَّهَادَةَ بِهَا لِلسَّمَاعِ أَوْ قَطَعَ بِهَا، وَقِسْمٌ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُسْنِدَ الشَّهَادَةَ بِهَا لِلسَّمَاعِ فَيَعْمَلَ بِهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ بِهَا فَلَا يَعْمَلَ بِهَا، وَقِسْمٌ يَعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ بِهَا سَوَاءٌ قَطَعَ بِهَا أَوْ أَسْنَدَهَا لِلسَّمَاعِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَمَّا مِنْ سَمَاعٍ فَشَا لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُفَصَّلُ فِيهِ إنْ لَمْ يَفْسُدْ الْقَطْعُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعُوا فَيَبْطُلَ أَوْ لَا فَيَصِحَّ، وَإِنْ أَفَادَ الْقَطْعَ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا قَطَعُوا أَوْ أَسْنَدُوا لِلسَّمَاعِ هَذَا مَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ. (قَوْلُهُ: الشَّهَادَةُ بِالتَّزْكِيَةِ) أَيْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالتَّزْكِيَةِ لِلتَّصْوِيرِ، وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ التَّعْدِيلُ، لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْدِيلَ هُوَ عَيْنُ الشَّهَادَةِ بِالتَّزْكِيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تَعَيَّنَ عَائِدٌ عَلَى الْمُزَكَّى أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ، وَالْمُرَادُ: وَوَجَبَتْ عَيْنًا إنْ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ مَنْ يُعَدِّلُ إلَّا أَنَّهُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ كَخَوْفٍ مِنْ الْمُجَرِّحِ. (قَوْلُهُ: كَجَرْحٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ فِي الشَّارِحِ هُنَا، وَقَوْلُهُ: إنْ بَطَلَ حَقٌّ أَيْ أَوْ حَقٌّ بَاطِلٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِرُجُوعِ الشَّرْطِ إلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَيَّنَ يُغْنِي عَنْ رُجُوعِ الشَّرْطِ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ بِحَقٍّ، وَلَا يَعْرِفُهُ غَيْرُ الْمُزَكِّي وَمِنْ لَازِمِ تَرْكِ التَّزْكِيَةِ بُطْلَانُ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ " أَوْ حَقٌّ بَاطِلٌ "؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ بَطَلَ حَتَّى يُفِيدَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ إثْبَاتَ الشَّيْءِ وَنَفْيَهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقًّا فِي الْوَاقِعِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إثْبَاتَ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ فِي الْوَاقِعِ فِيهِ تَحْقِيقُ بَاطِلٍ، وَإِبْطَالُ حَقٍّ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِنَفْيِ مَا هُوَ مُثْبَتٌ فِي الْوَاقِعِ (تَنْبِيهٌ) : فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ بَطَلَ حَقٌّ أَنَّ شَهَادَةَ الْمُجَرَّحِ إذَا كَانَتْ حَقًّا فَلَيْسَ لِمَنْ عَلِمَ بِجُرْحَتِهِ تَجْرِيحُهُ عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت عَلِمَ الْمُجَرِّحُ بِالْكَسْرِ بِأَنَّ الْمُجَرَّحَ شَهِدَ بِحَقٍّ يَقْتَضِي عِلْمَهُ بِالْحَقِّ فَلِمَ لَمْ يُجَرِّحْهُ وَشَهِدَ هُوَ بِهِ قُلْت عِلْمُ الْمُجَرِّحِ بِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الْمُجَرَّحُ بِالْفَتْحِ حَقٌّ لَا يَقْتَضِي جَوَازَ شَهَادَةِ الْمُجَرِّحِ بِالْكَسْرِ إمَّا لِتَأَكُّدِ الْقَرَابَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِمَّا لِنِسْيَانِهِ قَدْرَ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَزْكِيَةُ سِرٍّ مَعَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَلَانِيَةَ قَدْ تُشَابُ بِالْمُدَاهَنَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى السِّرِّ أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا كَالْعَلَانِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّ تَزْكِيَةَ السِّرِّ إذَا انْفَرَدَتْ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّبْرِيزُ وَالتَّعَدُّدُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الِاسْمَ) ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ إنَّمَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: فَيَتَوَقَّفُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ أَصْلَ النَّدْبِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّعَدُّدِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَاحِدُ وَالتَّعَدُّدُ مَنْدُوبٌ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْعَدَالَةِ كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ مَنْ يُجَرِّحُ شَاهِدًا فِي شَهَادَتِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ سَبَبَ الْجَرْحِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَرُبَّمَا اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَقْتَضِيهِ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِ أَنَّهُ جَرَّحَ شَاهِدًا فِي شَهَادَتِهِ فَسُئِلَ عَنْ سَبَبِهِ فَقَالَ رَأَيْته يَبِيعُ وَلَا يُرَجِّحُ الْمِيزَانَ فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِتَجْرِيحِ شَخْصٍ وَشَهِدَ اثْنَانِ بِتَعْدِيلِهِ فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْجَرْحِ مُقَدَّمَانِ عَلَى شَاهِدَيْ التَّعْدِيلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ مُقَدَّمٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَدِّلَ إنَّمَا يَحْكِي عَنْ ظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَالْمُجَرِّحُ إنَّمَا يَحْكِي عَنْ بَاطِنِ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ الْمُسْتَتِرَةِ فَقُدِّمَ لِذَلِكَ، وَأَيْضًا الْمُجَرِّحُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ. (ص) وَإِنْ شَهِدَ ثَانِيًا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى تَرَدُّدٌ (ش) وَفِي نُسْخَةِ حُلُولُو، وَإِنْ شَهِدَتْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ فَالضَّمِيرُ عَلَى الْأُولَى يَرْجِعُ لِلْمُزَكَّى بِفَتْحِ الْكَافِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَرْجِعُ لِلْبَيِّنَةِ أَوْ الشُّهُودِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ شَهَادَةً وَزَكَّى فِيهَا بِشُرُوطِهَا ثُمَّ شَهِدَ شَهَادَةً ثَانِيَةً فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَزْكِيَةٍ ثَانِيَةٍ، وَهُوَ لِسَحْنُونٍ قَائِلًا: لَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ كُلَّمَا شَهِدَ حَتَّى تَثْبُتَ عَدَالَتُهُ وَتَشْتَهِرَ تَزْكِيَتُهُ أَوْ يَكْتَفِيَ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى، وَهُوَ لِأَشْهَبَ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ وَلَوْ شَهِدَ فِي يَوْمِ تَزْكِيَتِهِ اهـ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَحْدُثُ، وَعِبَارَةُ الْمَوَّاقِ تَقْتَضِي أَنَّ التَّرَدُّدَ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ بَلْ هُمَا قَوْلَانِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا عَدَّلَ مَجْهُولَ الْحَالِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِي النَّقْلِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ تَعْدِيلُهُ وَيَشْتَهِرْ، وَأَنَّهُ لَوْ طُلِبَ تَعْدِيلُهُ بِالْقُرْبِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ أَوْ بِالْبُعْدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعَدِّلُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ، وَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّ طَلَبَ التَّزْكِيَةِ ثَانِيًا إنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِتَزْكِيَتِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مَا لَمْ يُتَّهَمْ بِأَمْرٍ حَدَثَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ ذَكَرَ تت مَا يُفِيدُ صِحَّةَ التَّعْبِيرِ بِالتَّرَدُّدِ وَأَنَّهُ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ. (ص) وَبِخِلَافِهَا لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ أَبَوَيْهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَيْلٌ لَهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ أَخٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ شَهَادَةَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِهِ الْآخَرِ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ هَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَيْلٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا إذَا شَهِدَ لِلصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ لِلْبَارِّ عَلَى الْعَاقِّ قَالَ مَالِكٌ: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ إنْ كَانَتْ مُنْكِرَةً وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ هِيَ الْقَائِمَةَ بِذَلِكَ فَمَنَعَهَا أَشْهَبُ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ شَهِدَ بِطَلَاقِ غَيْرِ أُمِّهِ لَمْ يَجُزْ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِي عِصْمَةِ أَبِيهِ لَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً، وَلَوْ شَهِدَ لِأَبِيهِ عَلَى جَدِّهِ أَوْ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ لَانْبَغَى أَنْ لَا تَجُوزَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَسْبَابَ الْعَدَالَةِ كَثِيرَةٌ) فَيَتَعَذَّرُ إحْصَاؤُهَا وَضَبْطُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَجَّحُ الْمِيزَانُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْجِيحُ الْمِيزَانِ فَلَوْ لَمْ يُرَجَّحْ بَلْ سَاوَى الْمِيزَانَ فَلَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْجَرْحِ مُقَدَّمَانِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لِمَنْ عُدِّلَتْ شُهُودُهُ، وَيُنْتَقَضُ الْحُكْمُ كَمَا نَسَبَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَلَكِنْ قَيَّدَ الْمَازِرِيُّ تَقْدِيمَ الْجَرْحِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَكَاذَبَا قَالَ فَلَوْ شَهِدَتْ طَائِفَةٌ بِكَوْنِهِ لَيْلَةَ كَذَا كَانَ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ وَأُخْرَى بِعُكُوفِهِ عَلَى الصَّلَاةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَقَطَعَ بِكَذِبِ إحْدَاهُمَا فَيَرْجِعُ لِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ، وَالْعَدَدِ إذَا بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) الْمُنَاسِبُ عَنْ مَالِكٍ لَا عِنْدَ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْعَمَلُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ التَّزْكِيَةِ كَانَ بِالْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ حَتَّى يَكْثُرَ تَعْدِيلُهُ وَتَشْتَهِرَ تَزْكِيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا عَدَّلَ مَجْهُولَ الْحَالِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ بَلْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ أَوْ كَثُرَ مُعَدِّلُوهُ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ أُخْرَى، وَرَأَيْت مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا طُرُوُّ الْفِسْقِ، وَأَمَّا لَوْ طَالَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّهُ طَرَأَ عَلَيْهِ فِسْقٌ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّزْكِيَةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ بِقَضِيَّةٍ فِي الْمَجْلِسِ وَزَكَّى ثُمَّ شَهِدَ بِقَضِيَّةٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَهَذَا لَا يَحْتَاجُ لِتَزْكِيَةٍ ثَانِيَةٍ قَطْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْبُعْدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ) الْمُنَاسِبُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْ وَأَشْهَبَ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى. الثَّانِي لَا يَكْفِي التَّعْدِيلُ الْأَوَّلُ، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ كُلَّمَا شَهِدَ حَتَّى يَكْثُرَ تَعْدِيلُهُ، وَتَشْتَهِرَ تَزْكِيَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ. الثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ يَكْتَفِي بِالتَّعْدِيلِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطُولَ الزَّمَنُ كَسَنَةٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: اسْتِحْسَانٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُ دَلِيلُ الِاسْتِحْسَانِ فَلَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا: أَوْ لَا بُدَّ، وَالِاسْتِحْسَانُ مَعْنًى يَنْقَدِحُ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ فَتَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُسْتَحَبَّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ ذَكَرَ تت) أَيْ فَنَقَلَ عَنْ أَشْهَبَ قَوْلَيْنِ: قَوْلٌ بِأَنَّ تَزْكِيَتَهُ الْأُولَى تَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ وَأَطْلَقَ، وَلَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ خِلَافُهُ إنْ شَهِدَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا سُئِلَ عَنْهُ الْعَدْلُ، فَإِنْ مَاتَ عُدِّلَ مَرَّةً أُخْرَى، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ إنْ زَكَّاهُ مَشْهُورُ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِعَادَةِ التَّزْكِيَةِ وَلَهُ فِي نَقْلِ الْبَاجِيِّ عَنْهُ: الْمَشْهُورُ بِالْعَدَالَةِ يَكْفِي فِيهِ التَّعْدِيلُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُجَرَّحَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ وَاَلَّذِي لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤْتَنَفُ فِيهِ تَعْدِيلٌ فَاَلَّذِي فِي نَقْلِ غَيْرِ الْبَاجِيِّ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي بِكَسْرِ الْكَافِ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَاَلَّذِي فِي نَقْلِ الْبَاجِيِّ بِفَتْحِهَا اهـ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْمُتَقَدِّمِينَ اثْنَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ. (قَوْلُهُ: لِلصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِير) وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ لِاتِّهَامِهِ بِحِفْظِ مَالِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُنْكِرَةً) أَيْ، وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ، وَيُفْرَضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا وَشَاهِدًا، وَقَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ هِيَ الْقَائِمَةَ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تَدَّعِي الطَّلَاقَ، وَالْأَبُ يُنْكِرُ، وَقَوْلُهُ: فَمَنَعَهَا أَشْهَبُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَمِيلُ مَعَ أُمِّهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَأَقُولُ: الْأَظْهَرُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَيُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً) أَقُولُ: وَسَكَتَ عَمَّا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 183 كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَانْبَغَى أَنْ تَجُوزَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا كُلِّهِ قُوَّةُ التُّهْمَةِ؛ وَلِذَا قَيَّدَ الْمُؤَلِّفُ الْجَوَازَ بِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مَيْلٌ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ. (ص) ، وَلَا عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ (ش) الْمُرَادُ بِهَا الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ لَا الدِّينِيَّةُ لِجَوَازِ شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ يَعْنِي أَنَّ الْعَدَاوَةَ تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ فَلَا يُقْبَلُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ، وَلَا عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَلَا بَأْسَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ فِي حِجْرِ عَدُوِّهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ تَمْنَعُ الْقَبُولَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ إلَيْهِ بِسِرَايَةٍ مُنَبِّهًا عَلَى مَنْعِهَا مُشِيرًا لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ) أَيْ ابْنِ الْعَدُوِّ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ مِثْلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ أَحَدِ شُيُوخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِالْجَوَازِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ الْأَبَ مَعَرَّةٌ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُ: (أَوْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَنَّ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ قَادِحَةٌ فِي الشَّهَادَةِ وَلَوْ طَرَأَتْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ حِينَئِذٍ، وَعَدَاوَةُ الدِّينِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ؛ لِأَنَّهَا عَامَّةٌ غَيْرُ خَاصَّةٍ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَدَاوَةُ الْخَاصَّةُ. (ص) وَلْيُخْبِرْ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ لِلشَّاهِدِ الْعَدْلِ: أَدِّ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّاهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ الْقَاضِيَ بِالْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّدْلِيسِ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ قَادِحَةٍ، أَوْ يَكُونَ الْقَاضِي مِمَّنْ يَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ قَادِحَةً وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ مِنْ أَنَّ الْإِخْبَارَ بَعْدَ الْأَدَاءِ هُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِحَلِّ تت وَمِثْلُ الْعَدَاوَةِ الْقَرَابَةُ. (ص) كَقَوْلِهِ بَعْدَهَا تَتَّهِمُنِي وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجْنُونِ مُخَاصِمًا لَا شَاكِيًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ: تُشَبِّهُنِي بِالْمَجَانِينِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَتُرَدُّ بِذَلِكَ إذَا صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُخَاصَمَةِ بِأَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مُفِيدًا لِكَوْنِ شَهَادَتِهِ إنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ مَا قِيلَ لَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الشِّكَايَةِ لِلنَّاسِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: اُنْظُرُوا مَا فَعَلَ مَعِي، وَمَا قَالَ فِي حَقِّي أَوْ مَا كُنْت أَظُنُّ أَنْ يَفْعَلَ مَعِي ذَلِكَ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ إلَخْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِقَوْلِهِ، وَلَا عَدُوٍّ، وَيَكُونُ مِنْهُ بِالْأَخَفِّ لِيَعْلَمَ مِنْهُ الْأَجْلَى بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا عَلَّلَ فِي النَّصِّ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَعَلَّلَهُ بِكَوْنِ الشَّاهِدِ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَاوَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، وَلَا عَدُوٍّ أَيْ مَنْ ظَهَرَتْ عَدَاوَتُهُ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ مَعْنَاهُ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَاوَتُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا بِالْعَدَاوَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا عَدُوٍّ وَيَكُونُ تَشْبِيهًا مَصْدَرِيًّا، وَالتَّقْدِيرُ: وَالْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ مَانِعَةٌ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ   [حاشية العدوي] إذَا كَانَتْ حَيَّةً، وَفِيهَا خِلَافٌ فَمَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مُنْكِرَةً وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَتْ هِيَ الْقَائِمَةَ بِشَهَادَةِ وَلَدَيْهِ وَالْأُمُّ فِي عِصْمَتِهِ فَأَجَازَهَا أَصْبَغُ وَمَنَعَهَا سَحْنُونَ بَعْدَ أَنْ قَالَ: هِيَ جَائِزَةٌ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَانَتْ الْأُمُّ فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا حَيَّةً أَوْ لَا أَنْكَرَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْ لَا لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِالْبُغْضِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّبِيبِ (قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ مَيْلٍ وَذَلِكَ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَحَدِ الْوَالِدَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَكِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَتْنِ لَفْظَةُ لَهُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَهَا كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسْخَةٍ مُصَلَّحَةٍ. (قَوْلُهُ: بِسِرَايَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَدَاوَةَ الْأَبِ تَسْرِي لِلِابْنِ (قَوْلُهُ: الْمَعَافِرِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ شُيُوخِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلْيُخْبِرْ بِهَا إلَخْ) هَذَا سَمَاعُ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ عَالِمًا بِالْحَقِّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَجَازِمًا بِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ تَرَتَّبَ إبْطَالُ الْحَقِّ، وَإِلَّا فَلَا يُخْبِرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَمِعَ سَحْنُونَ: لَا يُخْبِرُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ بِهِ حَقًّا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ فَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ الْأَصَحَّ بَلْ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ؟ وَتَأَمَّلْ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلْيُخْبِرْ بِهَا) أَيْ وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا أَدَّاهَا) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، وَلَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى تَحَمُّلِ ذَلِكَ ثُمَّ يُخْبِرُ الْحَاكِمَ بِعَدَاوَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ قَادِحَةٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِسَبَبِهَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَالَ: سَبَبُ عَدَاوَتِي أَنَّهُ تَارِكٌ الصَّلَاةَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ أَيْ بِأَنْ كَانَ بَعْضُ الْمَذَاهِبِ يَرَى أَنَّ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ غَيْرُ قَادِحَةٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَفَادَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي يَقْتَضِي الْخِصَامَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَتُشَبِّهُنِي، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَتَتَّهِمُنِي فَلَا دَخْلَ لَهُ فَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّهُ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِقَوْلِهِ) أَيْ وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَذِي (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِّلَ فِي النَّصِّ) الْأَنْسَبُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لِتَعْلِيلِهِ فِي النَّصِّ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِقَوْلِهِ، وَلَا عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ لِتَعْلِيلِهِ فِي النَّصِّ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: وَعَلَّلَهُ وَالْمُرَادُ نَصُّ الْمَازِرِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَازِرِيَّ نَقَلَ عَنْ أَصْبَغَ رَدَّ الشَّهَادَةِ وَعَلَّلَهُ بِكَوْنِ الشَّاهِدِ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَاوَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَاوَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالْعَدَاوَةِ بَلْ أَقَرَّ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا بِالْعَدَاوَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ تَشْبِيهًا بِالْعَدَاوَةِ بَلْ تَشْبِيهٌ بِالْمَنْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَالتَّقْدِيرُ وَالْعَدَاوَةُ مَانِعَةٌ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَنْعًا كَمَنْعِ قَوْلِهِ بَعْدَهَا مِنْ الْقَبُولِ تَتَّهِمُنِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ: مَصْدَرِيًّا يَقْتَضِي أَنَّ التَّشْبِيهَ يَنْقَسِمُ إلَى مَصْدَرِيٍّ وَغَيْرِ مَصْدَرِيٍّ وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ مُرَادُهُ يَكُونُ التَّشْبِيهُ مَصْدَرِيًّا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ مَصْدَرٌ، وَهُوَ الْمَنْعُ لَصَحَّ لَكِنَّ ظَاهِرَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ مَعَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْكَافِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 كَمَا يَمْنَعُ مِنْ الْقَبُولِ قَوْلُهُ بَعْدَهَا: تَتَّهِمُنِي وَتُشَبِّهُنِي حَالَةَ كَوْنِهِ مُخَاصِمًا لَا شَاكِيًا فَمُخَاصِمًا حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ الْهَاءُ فِي كَقَوْلِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (ص) وَاعْتُمِدَ فِي إعْسَارٍ بِصُحْبَةٍ وَقَرِينَةِ صَبْرِ ضُرٍّ كَضَرَرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي شَهَادَتِهِ بِإِعْسَارِ شَخْصٍ عَلَى صُحْبَتِهِ أَوْ عَلَى اخْتِبَارِهِ أَوْ امْتِحَانِهِ لَهُ أَيْ فَيَعْتَمِدُ عَلَى الظَّنِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ فَالْبَاءُ فِي بِصُحْبَةٍ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ يَعْتَمِدُ عَلَى قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ يَصْبِرُ عَلَى الضَّرَرِ الْحَاصِلِ لَهُ مِنْ جُوعٍ وَعُرْيٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَمِدُ فِي الشَّهَادَةِ بِالضَّرَرِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ عَلَى الصُّحْبَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَيَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ الْمُفِيدَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ كَمَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ. (ص) وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ فِيمَا رُدَّ فِيهِ لِفِسْقٍ، أَوْ صِبًا، أَوْ رِقٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا حَرَصَ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ وَقْتَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ أَدَّى الشَّهَادَةَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ لِأَجْلِ كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ صِبًا أَوْ رِقٍّ فَلَمَّا زَالَ الْمَانِعُ بِأَنْ أَسْلَمَ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ أَوْ تَابَ الْفَاسِقُ بِالْجَارِحَةِ أَوْ احْتَلَمَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَدَّوْهَا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُتَّهَمُونَ عَلَى إزَالَةِ النَّقْصِ الَّذِي رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَجْلِهِ فَيُتَّهَمُونَ عَلَى قَبُولِهَا لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ فِي دَفْعِ الْمَعَرَّةِ فَلَوْ لَمْ تُرَدَّ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ إذَا أَدَّوْهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ فَقَوْلُهُ: وَلَا إنْ حَرَصَ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ، وَقَوْلُهُ: نَقْصٍ أَيْ تَعْيِيرٍ أَيْ دَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَشَهَادَتِهِ فِيمَا أَيْ فِي حَقٍّ رُدَّ فِيهِ. (ص) أَوْ عَلَى التَّأَسِّي كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الْحِرْصَ عَلَى التَّأَسِّي، وَمَعْنَى التَّأَسِّي أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ مِثْلَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ) اعْتَرَضَ جَعَلُهُ حَالًا إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ، وَإِنَّمَا هَذَا الْكَلَامُ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَا هُوَ أَدْنَى مِنْ هَذَا سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ دَخِيلَةٌ هُنَا لَيْسَ لَهَا مُنَاسَبَةٌ لَا بِاَلَّذِي قَبْلَهَا، وَلَا بِاَلَّذِي بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَقَرِينَةٍ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ فَلَوْ اكْتَفَى بِهِ لَصَحَّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى اخْتِبَارِهِ أَوْ امْتِحَانِهِ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ عَطْفِ الِاخْتِبَارِ عَلَى الصُّحْبَةِ بِأَوَانِهِ مُغَايِرٌ مَعَ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالثَّانِي مَا عَدَا الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: فَيَعْتَمِدُ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ عَلَى مَا يُفِيدُ الظَّنَّ مِنْ الصُّحْبَةِ مَثَلًا أَوْ رُؤْيَتِهِ لَهُ يَصْبِرُ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْبَاءُ فِي بِصُحْبَةٍ بِمَعْنَى عَلَى) عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] أَيْ عَلَى قِنْطَارٍ، وَقَوْلُهُ: أَيْ يَعْتَمِدُ عَلَى قَرِينَةٍ هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِصُحْبَةٍ إلَخْ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَرِينَةٍ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَطْفُ مُغَايِرًا لَصَرَّحَ بِكُلٍّ، وَقَوْلُهُ: يَصْبِرُ عَلَى الضَّرَرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ صَبْرَ ضُرٍّ يَئُولُ أَمْرُهَا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ عَلَى (قَوْلُهُ: كَمَا يَعْتَمِدُ فِي الشَّهَادَةِ بِالضَّرَرِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ) أَيْ الظَّنِّ الْغَالِبِ الْقَوِيِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَوَّلَ الْعِبَارَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الظَّنِّ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَّا الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: حَرَصَ عَلَى إلَخْ) أَيْ اشْتَدَّ تَعَلُّقُهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ) أَيْ عَارٍ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ رَدِّ الشَّهَادَةِ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى حُبِّ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا رُدَّ فِيهِ أَيْ فِي شَأْنِ شَهَادَةٍ رُدَّ فِيهَا، وَقَوْلُهُ: كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ وَقْتَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّكَ تَقُولُ إنَّكَ قَدْ فَسَّرْت النَّقْصَ بِالْعَارِ الَّذِي لَحِقَهُ بِسَبَبِ رَدِّ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الْعَارَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ قُلْت: إنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ سَبَبُهُ، وَهُوَ الْفِسْقُ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا زَالَ الْمَانِعُ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَدَّوْهَا) الْأَوْلَى حَذْفُ ثُمَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَدَّوْهَا جَوَابٌ لِمَا، وَقَوْلُهُ: لَمْ تُقْبَلْ أَيْ فَلَمْ تُقْبَلْ، وَقَوْلُهُ: عَلَى إزَالَةِ النَّقْصِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَارُ الَّذِي لَحِقَهُمْ، وَقَوْلُهُ: لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ سَبَبِهِ أَيْ لِأَجْلِ سَبَبِ الْعَارِ، وَسَبَبُ الْعَارِ هُوَ الْفِسْقُ (قَوْلُهُ: لِمَا جُبِلَ إلَخْ) مِنْ زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ فِي بِمَعْنَى مِنْ وَالتَّقْدِيرُ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الطَّبِيعَةُ الْبَشَرِيَّةُ مِنْ حُبِّ دَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُبُّ دَفْعِ الْعَارِ مَطْبُوعًا، وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ تُجْعَلَ مِنْ بَيَانِيَّةً، وَقَوْلُهُ: فِي دَفْعِ فِي بِمَعْنَى مِنْ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَالْمَعْنَى لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ مِنْ طَبِيعَتِهِ الْبَشَرِيَّةِ الَّتِي هِيَ حُبُّ دَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: نَقْصٍ أَيْ تَعْيِيرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْيِيرِ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيَّ؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ الْمُعَيِّرِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْعَارُ؛ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ دَفْعُ الْعَارِ فَفَسَّرَ التَّعْيِيرَ بِالْعَارِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَيْ دَفْعُ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِإِزَالَةِ، وَقَوْلُهُ: رُدَّ فِيهِ أَيْ رَدَّ الشَّاهِدُ فِيهِ أَيْ الشَّاهِدَ بِهِ أَيْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ بِذَلِكَ الْحَقِّ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْذُوفِ لَفْظُ شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَشَهَادَةِ إلَخْ) فَهُوَ مِثَالٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا إنْ حَرَصَ مَعْنَاهُ، وَلَا بِشَهَادَةٍ اُتُّهِمَ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي كَذَا، وَمِثَالُ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ شَهَادَتُهُ فِيمَا رُدَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى التَّأَسِّي) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَانِعِ الرَّابِعِ؛ وَلِذَا لَمْ يَقْرِنْهُ بِلَا لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَفْرَادُ الْمَانِعِ كَمَا فَعَلَ فِي بَقِيَّتِهَا وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ الْخَامِسُ: الْحِرْصُ عَلَى إزَالَةِ التَّعْيِيرِ بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ أَوْ بِالتَّأَسِّي كَشَهَادَتِهِ فِيمَا رُدَّ فِيهِ لِفِسْقٍ أَوْ صِبًا أَوْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ وَكَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا اتِّفَاقًا وَكَشَهَادَةِ مَنْ حُدَّ فِي مِثْلِ مَا حُدَّ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالتَّعْيِيرُ مَصْدَرُ عَيَّرَهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: الْحِرْصُ عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ الرَّغْبَةُ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى التَّأَسِّي (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى التَّأَسِّي أَنْ يُجْعَلَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مِثْلَهُ فَيَقْرَأُ يُجْعَلُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَالْقَذْفِ وَاللِّعَانِ، وَالْمَنْبُوذِ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي صِفَةٍ خَفَّتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الْمُصِيبَةَ إذَا عَمَّتْ هَانَتْ وَإِذَا نَدَرَتْ هَالَتْ وَوَدَّتْ الزَّانِيَةُ أَنَّ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ يَزْنِينَ فَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى التَّأَسِّي إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى التَّأَسِّي أَيْ عَلَى مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فِي مَعَرَّتِهِ. (ص) أَوْ مَنْ حُدَّ فِيمَا حُدَّ فِيهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى وَلَدٍ أَيْ وَكَشَهَادَةِ مَنْ حُدَّ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ الَّذِي حُدَّ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَتُقْبَلُ كَمَنْ حُدَّ بِشُرْبِ خَمْرٍ فَشَهِدَ بِقَذْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّأَسِّي الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِتَخْفِيفِ مَعَرَّةٍ بِمُشَارَكَةٍ فِيهَا قَوْلُهُ: فِيمَا حُدَّ فِيهِ أَيْ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ حَكَاهُمَا شُرَّاحُ الرِّسَالَةِ وَمِثْلُ الْحَدِّ بِالْفِعْلِ الْقَتْلُ فَقَطْ إذَا عَفَا عَنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَمِثْلُ الْحَدِّ التَّعَازِيرُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ عُزِّرَ فِيمَا عُزِّرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلْتَةً فَقَوْلُهُ: فِيمَا حُدَّ فِيهِ أَيْ، وَهُوَ مُسْلِمٌ بِخِلَافِ الْكَافِرِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَلَوْ فِيمَا حُدَّ فِيهِ. (ص) وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا حَرَصَ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ؛ لِأَنَّ مُخَاصَمَةَ الْآدَمِيِّ تَدُلُّ عَلَى بُغْضِهِ لَهُ مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ لِغَائِبٍ، وَيَشْهَدَ لَهُ فَإِنَّ الْمُخَاصَمَةَ مَعَهُ وَرَفْعَهُ حِرْصٌ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ، وَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ فَمِثْلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ بِرَجُلٍ، وَيَرْفَعُوهُ لِلْقَاضِي وَيَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا، وَعَدَمُ الْقَبُولِ فِي ذَلِكَ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ وَتَعَلُّقَهُمْ بِهِ وَرَفْعَهُمْ إيَّاهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ هُنَا خِلَافُ الْعَدَاوَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (ص) أَوْ شَهِدَ وَحَلَفَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ إذَا شَهِدَ وَحَلَفَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ سَوَاءٌ شَهِدَ فِي حَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ مُتَّصِلًا بِالشَّهَادَةِ كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ - وَاَللَّهِ - أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ كَذَا أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهَا كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ كَذَا وَاَللَّهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا) أَيْ أَوْلَادِ الزِّنَا بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ الشُّهُودِ أَوْلَادَ زِنًا أَوْ يَشْهَدَ وَلَدُ زِنًا مَعَ رَجُلٍ آخَرَ بِأَنَّهُ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ، وَالزَّوْجَانِ يُنْكِرَانِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (قَوْلُهُ: كَالْقَذْفِ) فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ بِالْقَذْفِ فَقَدْ أَثْبَتَ الشَّاهِدُ الزِّنَا، فَيَكُونُ الزِّنَا ثَابِتًا فَلَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا وَلَدُ الزِّنَا يَوَدُّ اشْتِهَارَ الزِّنَا بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالنِّكَاحِ فَلَا مَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ فِيمَا يَنْشَأُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْبُوذِ) عَطْفٌ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا أَيْ وَكَذَا شَهَادَةُ الْمَنْبُوذِ لَا تُقْبَلُ فِي الزِّنَا وَنَحْوِهِ، وَلَوْ صَارَ عَدْلًا أَيْ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمَنْبُوذِ أَنْ يَكُونَ وَلَدَ زِنًا (قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ مَعَرَّةٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّأَسِّي هُوَ تَخْفِيفُ مَعَرَّةٍ بِمُشَارَكَةٍ فِيهَا هَذَا مَعْنًى عُرْفِيٌّ كَاَلَّذِي فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ، وَإِلَّا فَالتَّأَسِّي فِي الْأَصْلِ هُوَ الِاقْتِدَاءُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: فَلْتَةً) أَيْ مَرَّةً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَاضِي إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْتَمِدُ عَلَى شَهَادَةِ الْغَيْرِ، وَلَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ سَحْنُونَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَقْضَى وَلَدُ الزِّنَا، وَلَا يُحَكَّمُ فِي الزِّنَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ فُجْلَةَ، وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى الشُّهُودِ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا تَسَاهَلَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، وَنَظَرُوا فِي اللِّوَاطِ هَلْ يَدْخُلُ فِي الزِّنَا أَمْ لَا وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي الدُّخُولُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالدُّخُولِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الشَّهَادَةِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» . (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ) الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَفْرَادُ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ لَا يَشْمَلُهُ مَا قَبْلَهُ فَالْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَفْرَادِهِمَا يَقُولُ بِخِلَافِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ أَرْبَابِ الشُّرَطِ، وَأَمَّا أَرْبَابُ الشُّرَطِ كَالْوَالِي يَأْخُذُ شَخْصًا وَيَرْفَعُهُ لِلسُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَبَسَهُ أَوَّلًا، فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ لِعُذْرٍ كَلَيْلٍ مَثَلًا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْحَبْسُ مَانِعًا مِنْ الشَّهَادَةِ كَذَا صَرَّحُوا إلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْفَسَادُ فِي الْأَسْوَاقِ فَلَا بَأْسَ أَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَرْفَعُونَهُمْ إلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَعَمْ إنْ فَوَّضَ التَّصَرُّفَ إلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ كَانَ كَالْوَالِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُخَاصَمَتَهُ لَهُ تَدُلُّ عَلَى بُغْضِهِ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُفَادَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْقَبُولِ هُوَ الْحِرْصُ عَلَى الْقَبُولِ لَا الْبُغْضُ الَّذِي هُوَ يَرْجِعُ لِلْعَدَاوَةِ فَتِلْكَ الْعِلَّةُ تُنَافِي الْمُفَادَ مِنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُخَاصَمَةَ مَعَهُ وَرَفَعَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا حِرْصٌ عَلَى الْأَدَاءِ لَا عَلَى الْقَبُولِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ حَرَصَ عَلَيْهِمَا فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُهُ: حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْقَبُولِ فِي ذَلِكَ لِابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ لَهُمْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ارْتِكَابَ الْمَكْرُوهِ لَا يَنْفِي الْعَدَالَةَ الْمُوجِبَةَ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَمْرُ نَدْبٍ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا لَا مَكْرُوهًا مَعَ أَنَّ الْمَوَّاقَ صَرَّحَ بِوُجُوبِ السَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت التَّصْرِيحَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سِوَاهُمْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْفِعْلِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ هُنَا خِلَافُ الْعَدَاوَةِ) أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ مُخَاصَمَةَ الْآدَمِيِّ تَدُلُّ عَلَى بُغْضِهِ لَهُ وَمَتَى وُجِدَ الْبُغْضُ وُجِدَتْ الْعَدَاوَةُ فَرَجَعَتْ الْمُخَاصَمَةُ لِلْعَدَاوَةِ لَا إلَى خِلَافِهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 جَهَلَةِ الْعَوَامّ فَإِنَّهُمْ يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي عِنْدِي أَنْ يُعْذَرُوا بِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الشَّاهِدَ، وَلَوْ بِالطَّلَاقِ إذَا اتَّهَمَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. (ص) أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ (ش) هَذَا هُوَ الْحِرْصُ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا رَفَعَ شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ تُطْلَبَ مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَفِي الْحَدِيثِ «شَرُّ الشُّهُودِ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ رَفَعَ إلَى آخِرِهِ مِثَالٌ ثَالِثٌ لِلْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ أَوْ شَهَادَةُ شَاهِدٍ رَفَعَ شَهَادَتَهُ وَأَدَّاهَا قَبْلَ الطَّلَبِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَاَلَّذِي فِي ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ مِنْ الْحِرْصِ عَلَى الْأَدَاءِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْأَدَاءِ كَأَنْ رَفَعَ إلَخْ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ: إنَّ الرَّفْعَ بِمَعْنَى التَّأْدِيَةِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْقَبُولِ يَحْصُلُ بَعْدَ أَدَائِهَا فَكَيْفَ يَلْتَبِسُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ عِنْدَ فَهْمِ الْمَعْنَى مِنْ النَّوْعَيْنِ، وَالْمَخْلَصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَدَّرَ لَفْظُ الْأَدَاءِ بَعْدَ لَفْظِ الْقَبُولِ لِيَصِيرَ هَذَا مِثَالًا لَهُ، وَيَصِيرُ اللَّفْظُ هَكَذَا، وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْأَدَاءِ، فَيَصِيرُ قَوْلُهُ: كَمُخَاصَمَةٍ إلَى قَوْلِهِ: وَحَلَفَ مِثَالَيْنِ لِلْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ مِثَالًا لِلْحِرْصِ عَلَى الْأَدَاءِ الْمُقَدَّرِ. (ص) وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالْإِمْكَانِ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَوَقْفٍ وَرَضَاعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَقَّ إذَا تَمَحَّضَ لِلَّهِ - تَعَالَى، وَكَانَ مِمَّا يُسْتَدَامُ تَحْرِيمُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ الْمُبَادَرَةُ بِالشَّهَادَةِ إلَى الْحَاكِمِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَنْ عَلِمَ بِعِتْقِ عَبْدٍ، وَسَيِّدُهُ يَسْتَخْدِمُهُ وَيَدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ أَوْ عَلِمَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ وَمُطَلِّقُهَا يُعَاشِرُهَا فِي الْحَرَامِ أَوْ عَلِمَ بِوَقْفٍ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَمَنْ حَبَسَهُ أَوْ غَيْرُهُ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهُ، وَيَصْرِفُ رِيعَهُ فِي غَيْرِ مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الْكَبِيرِ أَوْ عَلِمَ بِرَضَاعِ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ بِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ بِرَفْعِ شَهَادَتِهِ كَانَ ذَلِكَ جُرْحَةً فِي حَقِّهِ تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ ثُمَّ الْمُرَادُ بِمَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ، وَإِلَّا فَكُلُّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، وَالْمُرَادُ بِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ مَا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ إسْقَاطُهُ، وَهَذَا قَدْ يُوجَدُ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَقَدْ لَا يُوجَدُ كَبَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّ الْمُعْتَقَ لَهُ حَقٌّ فِي الْعِتْقِ بِتَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ بِطَلَاقِهَا لَهَا حَقٌّ فِي تَخْلِيصِ عِصْمَتِهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَفِي الْوَقْفِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ، وَهُوَ طَلَبُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَهُ فِيهِ، وَقَدْ تَتَمَحَّضُ هَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ عَنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ كَمَا إذَا رَضِيَ الْمُعْتَقُ بِذَلِكَ أَيْ بِاسْتِخْدَامِ الْمُعْتِقِ لَهُ كَاسْتِخْدَامِ الرَّقِيقِ أَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِبَقَائِهَا تَحْتَهُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَرْكِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الْوَقْفِ وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَظَاهِرٌ قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ. (ص) وَإِلَّا خُيِّرَ كَالزِّنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَقَّ إذَا كَانَ لِلَّهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَدَامُ تَحْرِيمُهُ بِأَنْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ تَنْقَضِي بِالْفَرَاغِ مِنْهَا مِثْلَ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الشَّاهِدَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَفَعَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الشَّاهِدَ وَلَوْ بِالطَّلَاقِ) أَيْ دُونَ الْخَصْمِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ كَمَا لِمَيَّارَةَ عَلَى الزَّقَّاقِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ «شَرُّ الشُّهُودِ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» إلَخْ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «خَيْرُ الشُّهُودِ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَالثَّانِي، وَهُوَ خَيْرُ الشُّهُودِ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ صَاحِبِ الْحَقِّ بِهَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَلَوْ تَرَكَ إعْلَامَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ) أَيْ تَأَمُّلٍ صَحِيحٍ صَادِقٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ تَأَمُّلٌ، أَوْ تَأَمُّلٌ فَاسِدٌ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ) إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا الْتِبَاسَ، وَلَا خَفَاءَ فِي الْمُغَايَرَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرَّفْعَ التَّأْدِيَةُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ بِخِلَافِ الْحِرْصِ، وَحَيْثُ لَا خَفَاءَ، وَلَا الْتِبَاسَ فَلَا يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ مِثَالٌ لِلْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْأَدَاءِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمَخْلَصُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: وَالْمَخْلَصُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا فَتَدَبَّرْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَقُولَ قَوْلَهُ فَكَيْفَ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ أَيْ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُقَالُ: مَا يَكُونُ مِثَالًا لِهَذَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَخْلَصَ أَنْ يُجْعَلَ مِثَالًا لِمَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ حَبَسَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ لَا يَظْهَرُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَكَانَ بَاقِيًا تَحْتَ يَدِ مَنْ حَبَسَهُ فَلَا يُقْضَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ إلَخْ) وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَحْمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ لَهُ إسْقَاطُهُ حَتَّى بَعْدَ قَبُولِهِ وَلِأَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ كَمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هُوَ مِنْ الْمُسْتَدَامِ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ - تَعَالَى - فِي الْوَقْفِ أَنْ لَا يُغَيَّرَ عَنْ سُنَّتِهِ بَلْ يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ خُصُوصًا بَعْدَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَخْ) قَالَ الْبَدْرُ اُنْظُرْ فِي مَسْأَلَةٍ إذَا رَأَى أَحَدٌ الْهِلَالَ لَيْلًا فَتَرَكَ إلَى النَّهَارِ الْإِخْبَارَ بِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَانَ جُرْحَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَظَاهِرٌ) أَيْ ظَاهِرٌ أَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - فَقَطْ (أَقُولُ:) لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَالرَّضَاعِ فَاَلَّذِي يُقَالُ فِي الطَّلَاقِ يُقَالُ فِي الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خُيِّرَ كَالزِّنَا) مَحَلُّهُ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ وَأَطْلَقَهَا وَأَمَّا لَوْ زَنَى بِهَا وَأَبْقَاهَا فَهِيَ حُرْمَةٌ دَائِمَةٌ فَيَجِبُ الرَّفْعُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 ذَلِكَ مِنْ السَّتْرِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ بِالْفِسْقِ الْمُجَاهِرِ بِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ السَّتْرَ عَلَيْهِ، وَتُرْفَعُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ بِمَا اعْتَرَفَ لِيَرْتَدِعَ عَنْ فِسْقِهِ. (ص) بِخِلَافِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ كَالْمُخْتَفِي (ش) قَالَ أَشْهَبُ وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَعَامَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إنَّ الْحِرْصَ عَلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ لَا يَقْدَحُ فِيهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قِيلَ لِمَالِكٍ فِي رَجُلٍ يُقِرُّ خَالِيًا أَفَيَجُوزُ أَنْ أَقْعُدَ لَهُ مُخْتَفِيًا لِأَشْهَدَ عَلَيْهِ قَالَ: إنْ تُحُقِّقَ الْإِقْرَارُ كَمَا يَجِبُ فَلْيُشْهِدْ. (ص) ، وَلَا إنْ اُسْتُبْعِدَ كَبَدْوِيٍّ لِحَضَرِيٍّ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِبْعَادَ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ لِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ كَشَهَادَةِ الْبَدْوِيِّ لِحَضَرِيٍّ عَلَى حَضَرِيٍّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «: لَا يَشْهَدْ بَدَوِيٌّ عَلَى حَضَرِيٍّ» وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ أَيْ فِيمَا يُسْتَبْعَدُ كَالْأَمْوَالِ، وَأَمَّا الْحِرَابَةُ وَالْقَتْلُ وَالْقَذْفُ وَالْجُرْحُ وَشِبْهُهُ فَلَا اسْتِبْعَادَ، وَالِاسْتِبْعَادُ الِاسْتِغْرَابُ بِأَنْ يَسْتَغْرِبَ الْعَقْلُ شَهَادَةَ هَذَا لِهَذَا، وَهُوَ هُنَا عُدُولُهُ عَنْ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ، وَيُشْهِدُ أَهْلَ الْبَادِيَةِ، قَوْلُهُ كَبَدْوِيٍّ أَيْ وَتَحَمَّلَهَا فِي الْحَضَرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الِاتِّهَامُ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ عَبَّرَ بِالْحَضَرِيِّ عَنْ الْقَرَوِيِّ الْوَاقِعِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي أُخْرَى صَاحِبُ قَرْيَةٍ، وَالضَّمِيرُ فِي اُسْتُبْعِدَ لِلِاسْتِشْهَادِ، وَالسِّينُ فِي قَوْلِنَا: لِلِاسْتِشْهَادِ لِلطَّلَبِ أَيْ طَلَبِ الشَّهَادَةِ لِلْحَضَرِيِّ مِنْ الْبَدْوِيِّ، فَشَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ لِلْحَضَرِيِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادٍ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْعَادَ فِيهَا حِينَئِذٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا إنْ اُسْتُبْعِدَ وَكَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَيْ فِي الْأَقْوَالِ أَيْ أَوْ رَآهُ فِي الْأَفْعَالِ أَوْ مَرَّ الْبَدْوِيُّ عَلَيْهِمَا، وَهُمَا يَتَقَارَرَانِ، وَكَذَلِكَ اسْتِشْهَادُهُ لَهُ فِي السَّفَرِ، وَمِثْلُهُ الْأُمُورُ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا الْخِلْوَاتُ وَالْبُعْدُ عَنْ الْعُدُولِ. (ص) وَلَا سَائِلٍ فِي كَثِيرٍ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ أَوْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا إنْ اُسْتُبْعِدَ إلَخْ، وَكَذَلِكَ هَذِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَكَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ السَّتْرَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّتْرَ حِينَئِذٍ حَرَامٌ بَلْ يَجِبُ الرَّفْعُ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِ مَالِكٍ لِلتَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ كَالْمُخْتَفِي) أَيْ الْمُتَوَارِي عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ أَقْعُدَ لَهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ قَعَدَ، وَقَوْلُهُ: مُخْتَفِيًا حَالٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ: فَلْتَشْهَدْ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ هَكَذَا وَجَدْته ضَبْطًا لِبَعْضِ شُيُوخِنَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْيَاءِ، وَيُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ الْتِفَاتٌ أَيْ فَلْيَشْهَدْ ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ فَلْيُشْهَدْ ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَهُنَاكَ ضَبْطٌ آخَرُ كُنْت قَرَّرْته مَعَ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ أَنْ يُقْرَأَ أُقْعِدَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ: مُخْتَفِيًا مَفْعُولٌ أَيْ شَخْصًا مُخْتَفِيًا، وَقَوْلُهُ: فَلْيَشْهَدْ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ فَلْيَشْهَدْ ذَلِكَ الْمُخْتَفِي، وَقَوْلُهُ: إنْ تُحُقِّقَ الْإِقْرَارُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَقَالَ إنْ تَحَقَّقَتْ الْإِقْرَارَ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ إنْ تَحَقَّقَ الْمُخْتَفِي ذَلِكَ الْإِقْرَارَ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْوَاجِبِ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُقِرُّ غَيْرَ خَائِفٍ، وَلَا مَخْدُوعٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُقِرُّ خَائِفًا أَوْ مَخْدُوعًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِقْرَارُ، وَيَحْلِفُ مَا أَقَرَّ إلَّا لِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: لِحَضَرِيٍّ عَلَى حَضَرِيٍّ) أَيْ وَكَذَا الْحَضَرِيُّ عَلَى بَدَوِيٍّ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: عَبَّرَ عَنْ الْحَضَرِيِّ) أَيْ الْمَشْهُودِ إلَخْ مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ «لَا يَشْهَدُ بَدَوِيٌّ لِحَضَرِيٍّ» أَصْلًا بَلْ مَا فِيهِ إلَّا الْقَرَوِيَّ أَوْ صَاحِبَ قَرْيَةٍ، وَلَا يُنَافِيهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ «لَا يَشْهَدُ بَدَوِيٌّ عَلَى حَضَرِيٍّ» ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ أَيْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرِدْ فِي الْحَدِيثِ لِحَضَرِيٍّ قَالَ اللَّقَانِيِّ: لَوْ قَالَ لِقَرَوِيٍّ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ تَصْوِيرًا وَتَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ انْتَهَى أَيْ أَعَمُّ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَشْهَدُ لِلْقَرَوِيِّ فَأَوْلَى الْحَضَرِيِّ وَقَالَ عج الْحَضَرِيُّ شَامِلٌ لِلْقَرَوِيِّ وَلِلْمِصْرِيِّ بِالْمُطَابَقَةِ، وَدَلَالَةُ الْمُطَابِقَةِ أَوْلَى مِنْ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ أَرْبَعٌ اثْنَتَانِ فِي الْمَشْهُودِ لَهُ وَهُمَا لَا يَشْهَدُ الْبَدَوِيُّ لِلْقَرَوِيِّ، وَلَا يَشْهَدُ بَدَوِيٌّ لِصَاحِبِ قَرْيَةٍ، وَاثْنَتَانِ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَدَّمَهُمَا الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَشْهَدُ بَدَوِيٌّ عَلَى حَضَرِيٍّ» وَفِي طَرِيقَةٍ أُخْرَى عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ (قَوْلُهُ وَالسِّينُ فِي قَوْلِنَا لِلِاسْتِشْهَادِ لِلطَّلَبِ) وَأَمَّا السِّينُ فِي اُسْتُبْعِدَ فَلِلتَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْأَقْوَالِ) أَيْ سَمِعَ الْبَدَوِيُّ الْحَضَرِيَّ يُقِرُّ لِحَضَرِيٍّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ فِي الْأَفْعَالِ أَيْ رَآهُ فِي الْأَفْعَالِ يَغْصِبُ مَثَلًا لِحَضَرِيٍّ مَالًا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِهِ حَذْفًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَضَرِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرَّ الْبَدَوِيُّ عَلَيْهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ: الْبَدَوِيُّ عَلَى حَذْفٍ أَيْ مَرَّ هُوَ أَيْ الْبَدَوِيُّ عَلَى الْحَضَرِيِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَالْفَاعِلُ الْحَضَرِيُّ، وَقَوْلُهُ: وَهُمَا يَتَقَارَرَانِ أَيْ فِي الضَّجَرِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ فَعَلَى نُسْخَةِ هَذَا الشَّارِحِ لَمْ يَكُنْ لَفْظَةُ بِهِ بَعْدَ مَرَّ، وَفِي شَرْحِ شب وعب زِيَادَةٌ بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَلَفْظُ عب أَوْ مُرَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ مَرَّ حَضَرِيَّانِ فِي سَفَرٍ بِبَدَوِيٍّ فَيَشْهَدُ فِي الْأَمْوَالِ، وَلَوْ اُسْتُشْهِدَ وَكَذَا فِي الدِّمَاءِ وَالْجِرَاحِ (أَقُولُ) وَهَذَا حِلٌّ ظَاهِرٌ أَقُولُ وَعَلَى هَذَا الْحِلِّ لَا دَاعِي لِلْمُرُورِ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُرُورٌ بَلْ كَانُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا سَائِلَ) هُوَ مُنْخَرِطٌ فِي سِلْكِ الِاسْتِبْعَادِ وَمِنْ أَفْرَادِهِ فَالْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ تَجْرِيدُهُ مِنْ لَا إذْ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا إلَّا الْمَانِعُ لَا أَفْرَادُهُ كَمَا فَعَلَ فِي سَائِرِ الْمَوَانِعِ وَكَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَضَرِيٌّ أَوْ سَائِلٌ فِي كَثِيرٍ إلَخْ ثُمَّ يَقُولُ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ لِيَعُودَ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ النَّقْلُ لَكَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: مَا لَمْ يَسْأَلْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَسْأَلْ أَحَدًا أَصْلًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 الْمَسْأَلَةُ الْمَانِعُ فِيهَا الِاسْتِبْعَادُ وَمُخَالَفَةُ الْعَادَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السُّؤَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَقِّ الْمَالِيِّ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَتَجُوزُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مَعَ قَصْدِ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا إنْ سَمِعَهُ يَقُولُ أَوْ مَرَّ بِهِمَا، وَهُمَا يَتَنَازَعَانِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِكَذَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فَقَوْلُهُ: فِي كَثِيرٍ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِسَائِلٍ بَلْ بِمُقَدَّرٍ أَيْ شَهِدَ فِي كَثِيرٍ بِخِلَافِ مَنْ يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ أَوْ يَسْأَلُ أَعْيَانَ النَّاسِ وَأَشْرَافَهُمْ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَعْيَانِ الْأَغْنِيَاءُ، وَإِنَّمَا تُمْنَعُ شَهَادَةُ السَّائِلِ فِي الْكَثِيرِ إذَا كَانَ يَسْأَلُ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَلَا إنْ جَرَّ بِهَا كَعَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُغَفَّلٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ، وَلَا يَجُرُّ لَهُ بِهَا نَفْعًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا جَرَّ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا لَهُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُوزُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى قَتْلِهِ لِيَرِثَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشُّهُودُ كُلُّهُمْ وَرَثَةً أَوْ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ لَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ إلَّا بِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُوَرِّثُ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ وَلَدَهُ وَاحْتُرِزَ بِالْمُحْصَنِ عَنْ الْمُوَرِّثِ الْبِكْرِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ. (ص) أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ إلَّا الْفَقِيرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِأَنَّهُ قَتَلَ شَخْصًا عَمْدًا فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْرُوثُ فَقِيرًا، فَإِنَّ شَهَادَةَ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِالزِّنَا أَوْ الْقَتْلِ عَمْدًا جَائِزَةٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَاحْتُرِزَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ عَنْ قَتْلِ الْخَطَأِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تَجُوزُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ غَنِيًّا كَانَ الْمُوَرِّثُ أَوْ فَقِيرًا. (ص) أَوْ بِعِتْقِ مَنْ يُتَّهَمُ فِي وَلَائِهِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدَهُ أَوْ بِدَيْنٍ، وَتَقْدِيرُهُ كَشَهَادَتِهِ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا، وَكَشَهَادَتِهِ بِعِتْقِ مَنْ يُتَّهَمُ عَلَى وَلَائِهِ أَوْ شَهَادَتِهِ بِدَيْنٍ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْجَرِّ كَمَا إذَا شَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ فُلَانًا مَثَلًا حَيْثُ كَانَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ ذَا مَالٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَلَاءِ كَالْبَنَاتِ وَالزَّوْجَاتِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا تُؤَدِّي إلَى حِرْمَانِ الْوَرَثَةِ الْمَذْكُورِينَ فَلِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ ذُكِرَ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَيْهِمْ زَادَ فِيهَا قَيْدًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ التُّهْمَةُ حَاصِلَةً الْآنَ بِأَنْ يَكُونَ لَوْ مَاتَ حِينَئِذٍ وَرِثَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا يَوْمًا مَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَخَوَانِ أَنَّ أَخَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَهُنَاكَ ابْنَانِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةٌ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ هُنَا الْمَالُ أَيْ مَنْ يُتَّهَمُ فِي مَالِهِ. (ص) أَوْ بِدَيْنٍ لِمَدِينِهِ (ش) هَذَا أَيْضًا مِنْ أَمْثِلَةِ الْجَرِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِمَدِينِهِ بِهِبَةٍ أَوْ جِرَاحِ خَطَأٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَئُولُ إلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَحْصُلُ لِلْمَدِينِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِمَدِينِهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَالْقَذْفِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ، وَلَوْ أَبْدَلَ " دَيْنٍ " بِمَالٍ لَكَانَ أَشْمَلَ كَمَا لَوْ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَارٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُعْسِرًا، وَكَانَ دَيْنُهُ حَالًّا أَوْ قَرِيبَ الْحُلُولِ، وَعَبَّرَ هُنَا بِمَدِينٍ وَبَعْدَهُ بِمُدَانٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمَا لُغَتَانِ، وَبَقِيَتْ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ مِدْيَانٌ وَرَابِعَةٌ، وَهِيَ مَدْيُونٌ. (ص) بِخِلَافِ الْمُنْفِقِ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ (ش) أَيْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ جَائِزَةٌ كَمَا إذَا كَانَ أَجِيرًا عِنْدَهُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَيْ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَاجِبَةً بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، أَمَّا مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ شَهَادَةُ مَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إذَا كَانَ كَثِيرًا إلَخْ) وَهُوَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِشْهَادِهِ فِيهِ، وَتَرَكَ الْأَغْنِيَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْكَثِيرَ إنَّمَا يُقْصَدُ فِي تَوْثِيقِهِ غَالِبًا الْأَغْنِيَاءُ فَالْعُدُولُ عَنْهُمْ إلَى فُقَرَاءَ رِيبَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ قَدْ يَحْمِلُ عَلَى الرِّشْوَةِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ سَأَلَ لِمُصِيبَةٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ جَرَّ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ شَهِدَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ أَنَّهُ قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ الْعَيْبِ الْحَاصِلِ بِالتَّزْوِيجِ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ الْعَيْبِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مُغَفَّلٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَطْفٌ عَلَى لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا إنْ كَانَ مُغَفَّلًا، وَلَا إنْ جَرَّ، وَقَوْلُهُ: أَيْ، وَلَا يَجُرُّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَاضِيَ فِي الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْمُضَارِعِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْرُوثُ فَقِيرًا) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ يُنْفِقُ عَلَى ذَلِكَ الْفَقِيرِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: هَذَا عَطْفٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْدِيرَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ يُنَكِّدُ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ لَفْظُ شَهَادَتِهِ الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا شَهِدَ إلَخْ) أَيْ جِنْسُ الْوَلَدِ الصَّادِقِ بِاثْنَيْنِ فَصَحَّ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا أَيْ الْوَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ ذَا مَالٍ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مِثْلُ الْمَالِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا أَوْ صَالِحًا أَوْ فَارِهًا؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ رَغْبَةً فِي انْتِسَابِ مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ ذُكِرَ) بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَيْهِمْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ لَا يُبَاعُ بَلْ صَارَ حُرًّا فَجَاءَ الضَّرَرُ عَلَى الْأَوْلَادِ الَّذِينَ هُمْ الشُّهُودُ (قَوْلُهُ: يَوْمًا) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَمُوتَ ابْنُ الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ ابْنَانِ) أَيْ لِلْأَخِ بَلْ وَلَوْ ابْنٌ وَاحِدٌ أَوْ ابْنٌ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ هُنَا الْمَالُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اللُّحْمَةَ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُعْسِرًا) أَيْ أَوْ مَلِيًّا وَكَانَ مُلِدًّا (قَوْلُهُ: بِمُدَانٍ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَفِي غَيْرِهِ: مُدَّانٌ بِالتَّشْدِيدِ ابْنُ غَازِيٍّ بِالْمَعْنَى أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فِي عِيَالِهِ فَالْأَجِيرُ الَّذِي لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُنْفِقِ عَلَيْهِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ عِيَالِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 هُوَ فِي نَفَقَةِ شَخْصٍ لَهُ فَإِنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَ الشَّهَادَةَ لَهُ قَطَعَ عَنْهُ النَّفَقَةَ. (ص) وَشَهَادَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ، وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُمَا عَلَى وَاحِدٍ أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ وَأَحْرَى مَعَ اخْتِلَافِهِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَأَحْرَى مَعَ اخْتِلَافِهِ. (ص) وَالْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الْقَافِلَةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ وَسَوَاءٌ شَهِدُوا لِصَاحِبِهِمْ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ سَبٍّ قَوْلُهُ " بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ " بَدَلٌ مِنْ الْقَافِلَةِ، وَهَذِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا شَهَادَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ كَالسَّابِقَةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ الْجَوَازِ لِمَا ثَبَتَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُحَارِبِينَ مِنْ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَقَبِلْنَا الشَّهَادَةَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ. (ص) لَا الْمَجْلُوبِينَ إلَّا كَعِشْرِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْلُوبِينَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا وَيَشْهَدَ مِنْهُمْ كَالْعِشْرِينِ فَأَكْثَرَ مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ فَتُقْبَلَ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِنَفْسِهِ وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْعِشْرِينَ كَمَا عِنْدَ التُّونِسِيِّ أَمْ لَا كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعِشْرِينَ يَشْهَدُونَ جَمِيعَهُمْ لَا اثْنَانِ مِنْهُمْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ كَمَا عِنْدَ التُّونِسِيِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَانْظُرْ لَوْ شَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَحَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَالْمَجْلُوبُونَ هُمْ الْقَوْمُ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ حِيَاطَةِ قَرْيَةٍ أَيْ حِرَاسَتِهَا أَوْ لِقُطْرٍ مِنْ الْأَقْطَارِ، أَوْ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ الْكُفَّارِ مُتَرَافِقِينَ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَسَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ، أَوْ لَا، وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِاتِّهَامِهِمْ عَلَى حَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ شَهَادَةِ طَوَائِفِ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ قَدِمُوا مُتَرَافِقِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بَلْ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ يَقْتَضِي مَنْعَ شَهَادَةِ الْعَسْكَرِ عَلَى أَبْنَاءِ الْعَرَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَرَافِقِينَ وَهَذَا مُشَاهَدٌ مِنْهُمْ فِي زَمَانِنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التُّهْمَةَ تَضْعُفُ مَعَ عَدَمِ قَيْدِ التَّرَافُقِ وَتَقْوَى مَعَ التَّرَافُقِ فَالِاقْتِضَاءُ الثَّانِي غَيْرُ مُسَلَّمٍ. (ص) وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ بِكَثِيرٍ وَلِغَيْرِهِ بِوَصِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِي وَصِيَّةٍ بِكَثِيرٍ وَشَهِدَ لِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَصِحُّ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ بَطَلَ جَمِيعُهَا وَإِذَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِوَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ وَبِمَالٍ فَإِنَّهَا تُرَدُّ فِي الْعِتْقِ، وَلَا تُرَدُّ فِي الْمَالِ وَكَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا. (ص) وَإِلَّا قُبِلَ لَهُمَا (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ، وَشَهِدَ لِغَيْرِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ جَائِزَةٌ لَهُمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ إلَخْ، وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ جَازَ، وَإِنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ اتِّحَادِ إلَخْ لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ بِأَنْ يُقَالَ: وَأَحْرَى مَعَ اخْتِلَافِهِ أَيْ بِأَنْ طَالَ الْمَجْلِسُ فَالزَّمَنُ اخْتَلَفَ لَكِنَّ الْمَجْلِسَ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَالْقَافِلَةِ) هُمْ الرُّفْقَةُ لَا بِقَيْدِ رُجُوعِهِمْ مِنْ السَّفَرِ بَلْ مُطْلَقًا لَا كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهَا عَدْلًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فِي حِرَابَةٍ) أَيْ وَاقِعَةٍ فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَالنَّسَبَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَسَبٍ أَيْ نَفْيُ النَّسَبِ أَيْ شَهِدُوا لَهُ بِأَنَّ الْغَيْرَ يَنْفِي النَّسَبَ بِأَنْ قَالَ الْبَدَوِيُّ: لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سَبٍّ) كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ سَبٌّ بِسِينٍ وَبَاءٍ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْزِيرِ أَوْ الْحَدِّ وَكَذَا فِي عب (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ الْقَافِلَةِ) وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَدَلٌ مَقْطُوعٌ مَرْفُوعٌ خَبَرُهُ فِي حِرَابَةٍ. (قَوْلُهُ: لَا الْمَجْلُوبِينَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَافِلَةِ عَلَى نُسْخَةِ الْجَرِّ، وَعَلَى نُسْخَةِ الرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَيْهَا أَيْضًا بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَجُرَّ مَا يَتْبَعُ مَا جُرَّ وَمَنْ رَاعَى فِي الِاتِّبَاعِ الْمَحَلَّ فَحَسَنْ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ شَهَادَتُهُمْ قَطْعًا فِي مَالٍ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ أَيْ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمْ لِغَيْرِهِمْ عَلَى شَخْصٍ مِنْ غَيْرِهِمْ، أَوْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى شَخْصٍ مِنْهُمْ فَيَكْفِي اثْنَانِ، وَالْعِشْرُونَ إنَّمَا يُشْتَرَطُونَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْهُمْ، وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ مِنْهُمْ بَلْ مِنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِنَفْسِهِ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِشْرُونَ لَيْسَ فِيهِمْ صَاحِبُ الْحَقِّ الْمَشْهُودُ لَهُ، فَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ بَعْضَ الْعِشْرِينَ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانُوا عُدُولًا لَا يُشْتَرَطُ الْعِشْرُونَ بَلْ كَانَ يَكْفِي اثْنَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَجْلُوبِينَ تُدْرِكُهُمْ حَمِيَّةُ الْبَلَدِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِقُطْرٍ مِنْ الْأَقْطَارِ) أَيْ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ) أَيْ ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسَلَّمٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْمُتَرَافِقِينَ عَلَى أَبْنَاءِ الْعَرَبِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَجْلُوبِينَ، وَقَوْلُهُ: فَالِاقْتِضَاءُ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مُسَلَّمٌ. (قَوْلُهُ: بِوَصِيَّةٍ) أَيْ وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي وَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ الْجَلَّابِ بِالْجَوَازِ لِغَيْرِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَبْطُلُ الْجَمِيعُ، وَقَوْلُهُ: فِي بَعْضِ صُوَرِهَا هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ كُتِبَتْ بِخَطِّ الشَّاهِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُرَدُّ فِي الْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هَذَا الشَّاهِدُ وَحْدَهُ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ، وَأَمَّا الشَّاهِدُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ فِي حُكْمِ التَّبَعِ، فَإِنْ نَكَلَ الْغَيْرُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ حَقُّ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا تَبَعَ ثُمَّ إنَّ كُلًّا مِنْ بِكَثِيرٍ وَبِوَصِيَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِشَهِدَ وَلِغَيْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَهُ ثُمَّ إنَّ الْأُولَى لَا تُقْبَلُ لَهُمَا وَالثَّانِيَةُ تُقْبَلُ لَهُمَا فَقَوْلُهُ: وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ بِكَثِيرٍ وَلِغَيْرِهِ أَيْ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ كَمَا فُهِمَ مِنْ الْمُقَابَلَةِ وَمِنْ حَذْفِ الْمُتَعَلِّقِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فَلِذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِغَيْرِهِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ فِي نَفْسِهِ بِحَيْثُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا مَنْ شَهِدَ إلَخْ إذَا كُتِبَتْ الْوَصِيَّةُ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ خَطِّ الشَّاهِدِ بِأَنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَوْ بِخَطِّ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كُتِبَتْ بِخَطِّ الشَّاهِدِ أَوْ لَمْ تُكْتَبْ أَصْلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ قَلَّ كَأَنْ كُتِبَتْ بِكِتَابَيْنِ أَيْ كُتِبَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِكِتَابٍ وَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِكِتَابٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِلْآخَرِ أَيْضًا دُونَهُ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ لِلتُّهْمَةِ. (ص) وَلَا إنْ دَفَعَ كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الدَّفْعَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا كَشَهَادَةِ بَعْضِ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً بِفِسْقِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْقَتْلِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الشَّاهِدُ فَقِيرًا لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَصِحُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْقَتْلَ بِالْخَطَأِ لِذِكْرِهِ الْعَاقِلَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ عَمْدًا، وَلَا مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَظَاهِرُهُ كَانَتْ شَهَادَةُ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ وَقَعَتْ بَعْدَ أَدَاءِ شُهُودِ الْقَتْلِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُمَا مَعًا فَقَوْلُهُ: وَلَا إنْ دَفَعَ أَيْ وَلَا بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُغَفَّلٍ. (ص) أَوْ الْمُدَّانِ الْمُعْسِرِ لِرَبِّهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي لِرَبِّهِ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمُدَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَانَ، وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَقِصَاصٍ أَوْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ أَهَمَّ خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَسْتَضِرُّ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ جَائِزَةٌ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ: الْمُعْسِرِ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهُوَ مَلِيءٌ فِي الظَّاهِرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَ الْحَاكِمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْشَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ الْحَبْسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ. (ص) وَلَا مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْوَى فِيهِ، وَإِلَّا رَفَعَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُفْتِي عَلَى مُسْتَفْتِيهِ إنْ كَانَ اسْتِفْتَاؤُهُ فِي شَيْءٍ يَنْوِي الْحَالِفُ فِيهِ كَمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ زَيْدًا وَكَلَّمَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ مَثَلًا وَادَّعَى نِيَّةَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَلِفِ فَإِذَا طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ الْمُفْتِيَ لِيَشْهَدَ لَهَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى زَوْجِهَا بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ يَعْلَمُ مِنْ بَاطِنِ الْيَمِينِ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهَا، وَأَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَنْوِي فِيهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسِيرٌ فِي حُكْمِ التَّبَعِ) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ بِقَلِيلٍ وَلِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ؛ وَلِذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنَّ الْبُطْلَانَ إذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِقَلِيلٍ وَلِغَيْرِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِوَصِيَّةٍ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الْبَاءَ فِي بِكَثِيرٍ لِلتَّعْدِيَةِ، وَفِي بِوَصِيَّةٍ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ) الْأَوْلَى تَجْرِيدُهُ مِنْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ سِلْكِ مَا قَبْلَهُ وَتَوَهُّمُ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بِمُسَوِّغٍ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ فِيهِ تَعَدَّى فِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُتَّصِلِ إلَى ضَمِيرِهِ الْمُتَّصِلِ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِ شَهِدَ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَفِي الْكَلَامِ رَكَّةٌ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فَهُمْ مِنْ الْمُقَابَلَةِ) أَيْ مُقَابَلَتِهِ لِقَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ، وَيُنَاقَشُ بِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ تُفِيدُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْيَسِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ عَنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَخْشَى مُعَاجَلَةَ الْمَوْتِ، وَلَا يَجِدُ غَيْرَ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الشَّاهِدُ فَقِيرًا) فِي عب خِلَافُهُ فَإِنْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ فَقِيرًا بِحَيْثُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا فِي الدِّيَةِ وَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْيِيدِ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ: دَفَعَ إلَخْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ تت وَبَهْرَامُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّقْيِيدُ. (قَوْلُهُ ضَرَرًا) أَيْ وَهُوَ غُرْمُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي الْمَعْنَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ لَا بِالْغَفْلَةِ، وَلَا بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيرِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يُنَافِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْمُدَانِ الْمُعْسِرِ إلَخْ) أَيْ إنْ حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ قَرُبَ حُلُولُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِسَبِّهِ) بِسِينٍ وَبَاءٍ كَمَا فِي الشَّارِحِ أَيْ السَّبُّ الْمَعْلُومُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيمَا عَدَا الْمَالَ قَالَهُ أَهْلُ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَابِتًا) لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِالْحَبْسِ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَدِينِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا مُفْتٍ) وَلَا حَاضِرٍ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُفْتِي) وَمِثْلُهُ الْمُصْلِحُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى نِيَّةَ ذَلِكَ) أَيْ وَسُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْك الطَّلَاقُ حَيْثُ نَوَيْت ثُمَّ وَطِئْت بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ نَوَى الْبَاطِنَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ عِنْدَ النِّيَّةِ هَكَذَا عِنْدَ الْمُفْتِي، وَأَمَّا الْقَاضِي فَيَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا يَنْظُرُ لِتِلْكَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ لِلظَّاهِرِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَسَائِلَ يُقْبَلُ فِيهَا عِنْدَ الْمُفْتِي دُونَ الْقَاضِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا رَفَعَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْوَى فِيهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَقَرَّ إلَخْ مَعْنَاهُ إنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ بِأَنَّهُ زَنَى ثُمَّ اسْتَفْتَى الْمُفْتِيَ قَائِلًا لَهُ: أَنَا نَوَيْت بِقَوْلِي ذَلِكَ الطَّلَاقَ، أَوْ نَوَيْت الزِّنَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْكَرَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 فَإِنَّ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَرْفَعَ وَيَشْهَدَ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْمُفْتِي بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ بِحَدٍّ وَنَحْوِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَا يَسَعُ الْمُفْتِي أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَقَوْلُهُ: عَلَى مُسْتَفْتِيهِ أَيْ فِيمَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْتَاءٍ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْوَى بِهِ كَإِدَارَةِ مَيِّتَةٍ رَفَعَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ مِنْ كَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّ الْآدَمِيِّ أَوْ مَحْضَ حَقِّ اللَّهِ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ أَوْ لَا. (ص) ، وَلَا إنْ شَهِدَ بِاسْتِحْقَاقٍ، وَقَالَ: أَنَا بِعْته لَهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِي هَذَا أَيْضًا، وَهُوَ مَا إذَا شَهِدَ بِاسْتِحْقَاقِ ثَوْبٍ مَثَلًا لِشَخْصٍ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: وَأَنَا بِعْته لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: وَأَنَا وَهَبْته أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ لِانْتِفَاءِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقُلْ، وَأَنَا بِعْته لَهُ لَكِنْ ثَبَتَ أَنَّ الشَّاهِدَ كَانَ بَاعَهُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلَا يَضُرُّ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْبَرْمُونِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِلَّا لَقَالَ: وَثَبَتَ بَيْعُهُ لَهُ لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْبَيِّنَةِ لَكِنْ إنْ كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُفِيدُ عِنْدَ الْقَاضِي صِدْقَ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: وَأَنَا بِعْته يُرِيدُ تُفِيدُ تَقْوِيَةَ الظَّنِّ عِنْدَ الْقَاضِي بِصِدْقِهِ فَهُوَ قَدْ حَرَصَ بِذَلِكَ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا فِيمَا مَرَّ عِنْدَ ذِكْرِهِ الْحِرْصَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ يَكْتَفِي بِمَا مَرَّ لِشُمُولِهَا لِهَذِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ لِئَلَّا يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَهُوَ نَوْعٌ آخَرُ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا إنْ دَفَعَ إلَخْ أَوْ يَسْتَغْنِي بِمَا مَرَّ عَنْ هَذِهِ لِشُمُولِهِ لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ النَّوْعَيْنِ عُدَّ قِسْمًا آخَرَ. (ص) ، وَلَا إنْ حَدَثَ فِسْقٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا شَهِدَ شَهَادَةً وَبَعْدَ أَدَائِهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا حَدَثَ بِهِ فِسْقٌ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ عِنْدَهُ كَمِينٌ مِنْ ذَلِكَ الْفِسْقِ، وَأَنَّهُ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَقْتَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا لَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ تَنْفِيذِ مَا حُكِمَ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ كَانَ شَرِبَ خَمْرًا بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ كَمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِفَاسِقَيْنِ. (ص) بِخِلَافِ تُهْمَةِ جَرٍّ وَدَفْعٍ وَعَدَاوَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ ظُهُورَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لَا يَقْدَحُ فِيهَا لِخِفَّةِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ فَمِثَالُ تُهْمَةِ جَرٍّ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ لِامْرَأَةٍ بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ، وَلَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى تَزَوَّجَ الشَّاهِدُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَمِثَالُ تُهْمَةِ الدَّفْعِ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلٌ بِفِسْقِ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِدَ الْمَشْهُودُ بِفِسْقِهِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَالشَّاهِدُ بِالْفِسْقِ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ شَهَادَتَهُ بِالْفِسْقِ قَالَهُ الشَّيْخُ دَاوُد تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِدَ الْمَشْهُودُ بِفِسْقِهِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِفِسْقِهِ، أَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ وَالتَّوْبَةِ مِمَّا جُرِّحَ بِهِ، وَمِثَالُ تُهْمَةِ الْعَدَاوَةِ كَمَا لَوْ خَاصَمَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ   [حاشية العدوي] الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا رَفَعَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْوِي فِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْوَى أَيْ أَوْ كَانَ فِيمَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا يُنْوَى فِيهِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ بِحَدٍّ مَعْنَاهُ: أَوْ أَقَرَّ بِمُوجَبِ حَدٍّ كَالزِّنَا، وَتَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ تَفْرِيعَ قَوْلِهِ فَقَوْلُهُ: عَلَى مُسْتَفْتِيهِ إلَخْ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَا يَظْهَرُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِلَّا رَفَعَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: إنْ كَانَ مِمَّا يُنْوَى فِيهِ، وَحَاصِلُ التَّفْرِيعِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِلَّا رَفَعَ رَاجِعٌ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: عَلَى مُسْتَفْتِيهِ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّا يُنْوَى فِيهِ فَتَدَبَّرْ، وَقَوْلُهُ: كَإِرَادَةِ مَيِّتَةٍ إلَخْ حَاصِلِهِ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ وَاسْتَفْتَى فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَا عِنْدَ الْمُفْتِي. (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنَا وَهَبْته إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَهَبْته وَتَصَدَّقْت وَبِعْت وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ خِلَافَهُ، وَهُوَ أَنَّهُ أَحْرَى مِنْ الْإِقْرَارِ بِهَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِالْمِلْكِيَّةِ (أَقُولُ) ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُ الْبَرْمُونِيِّ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ يُقَالُ الْأَصْلُ عَدَمُهُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عِنْدِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْرِيرُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، وَلَمَّا حَذَفَ الْمَرْجِعَ أَبْرَزَ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ: وَأَنَا بِعْته) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ فَقَوْلُهُ: وَأَنَا بِعْته مُسْتَأْنَفٌ لَيْسَ مَفْعُولًا بِقَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ: يُرِيدُ يُفِيدُ الْأَوْلَى حَذْفُ يُرِيدُ، وَيَقُولُ: يُفِيدُ تَقْوِيَةً وَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ يُفِيدُ عِنْدَ الْقَاضِي صِدْقَ الشَّاهِدِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ظَنِّ صِدْقِ الشَّاهِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ يَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَجْعَلُهُ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَكْتَفِي إلَخْ أَيْ فَكَانَ لَا يَذْكُرُهَا أَصْلًا أَيْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ جُزْئِيَّاتِهِ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ جُزْئِيَّاتِ الشَّيْءِ. (قَوْلُهُ: كَمِينٌ مِنْ ذَلِكَ الْفِسْقِ) أَيْ اسْتِتَارٌ وَاسْتِخْفَاءٌ مِنْ ذَلِكَ الْفِسْقِ، وَالتَّعْبِيرُ بِحَدَثِ الْمُقْتَضِي تَحَقُّقُ الْحُدُوثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اُتُّهِمَ بِالْحُدُوثِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالِاتِّهَامِ الشَّكَّ أَوْ الظَّنَّ الضَّعِيفَ، وَأَمَّا الظَّنُّ الْقَوِيُّ فَيُعْطِي حُكْمَ التَّحَقُّقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُنْقَضُ) أَيْ لِكَوْنِهِ قَضَى بِفَاسِقٍ. (قَوْلُهُ: إنْ شَهِدَ إلَخْ) أَيْ فَيُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ لَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِفِسْقِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِفِسْقِهِ لَكَانَتْ شَهَادَتُهُ غَيْرَ مَاضِيَةٍ، وَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ) أَيْ عَدَالَةِ الْمَشْهُودِ بِفِسْقِهِ الَّذِي هُوَ شَاهِدٌ بِالْقَتْلِ أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا شَهِدَ بَعْدَ الْعَدَالَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - كَانَ أَوَّلًا - قَائِمٌ بِهِ وَزَالَ فَيَكُونُ شَهَادَةً بِالْفِسْقِ ضِمْنًا (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عَلِمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ تُهْمَةَ الْمُقْتَضِي عَطْفَ عَدَاوَةٍ عَلَى لَفْظِ جَرٍّ وَأَنَّ لَفْظَ تُهْمَةٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 الْعَدَاوَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ بَعْدُ، وَأَمَّا لَوْ اُحْتُمِلَ تَقَدُّمُهَا عَلَى الْأَدَاءِ فَتَضُرُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: كَقَوْلِهِ تَتَّهِمُنِي إلَخْ. (ص) وَلَا عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ ثَبَتَ بَيْنَهُمْ التَّحَاسُدُ وَالتَّبَاغُضُ وَالْعَدَاوَةُ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَّا عَلَى هَذَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ بَيْنَهُمْ، فَإِنَّ شَهَادَةَ ذَوِي الْفَضْلِ مَقْبُولَةٌ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَحْمِلُ هَذَا الدِّينَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ شَنَّعَ عَلَيْهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (ص) وَلَا إنْ أَخَذَ مِنْ الْعُمَّالِ أَوْ أَكَلَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الْخُلَفَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ أَيْ الَّذِينَ جُعِلَ لَهُمْ جِبَايَةُ الْأَمْوَالِ فَقَطْ دُونَ صَرْفِهَا فِي وُجُوهِهَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَكْلُ عِنْدَهُمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْأَخْذُ أَوْ الْأَكْلُ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ اتِّكَالًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ كَصَغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ لَا تَقْدَحُ وَأَمَّا الْعُمَّالُ الَّذِينَ فُوِّضَ إلَيْهِمْ جِبَايَةُ الْأَمْوَالِ وَصَرْفُهَا فِي وُجُوهِهَا كَالْحَجَّاجِ وَنَحْوِهِ مِنْ أُمَرَاءِ الْبِلَادِ الَّذِينَ فُوِّضَ إلَيْهِمْ جَمِيعُ أُمُورِ الْأَمْوَالِ فَجَوَائِزُهُمْ كَجَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ يَجُوزُ الْأَكْلُ عِنْدَهُمْ، وَأَخْذُ جَوَائِزِهِمْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (ص) وَلَا إنْ تَعَصَّبَ كَالرِّشْوَةِ وَتَلْقِينِ خَصْمٍ وَلِعْبِ نَيْرُوزَ وَمَطْلٍ وَحَلِفٍ بِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا بِلَا عُذْرٍ وَتِجَارَةٍ لِأَرْضِ حَرْبٍ وَسُكْنَى مَغْصُوبَةٍ أَوْ مَعَ وَلَدِ شِرِّيبٍ وَبِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ وَبِالْتِفَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَبِاقْتِرَاضِهِ حِجَارَةً مِنْ الْمَسْجِدِ وَعَدَمِ إحْكَامِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالزَّكَاةِ لِمَنْ لَزِمَتْهُ وَبَيْعِ نَرْدٍ وَطُنْبُورٍ وَاسْتِحْلَافِ أَبِيهِ (ش) هَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا تَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ مِنْهَا أَخْذُ الرِّشْوَةِ أَيْ أَخْذُ الْمَالِ لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَحْقِيقِ بَاطِلٍ، وَأَمَّا دَفْعُ الْمَالِ لِإِبْطَالِ الظُّلْمِ فَهُوَ جَائِزٌ لِلدَّافِعِ، حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ قَوْلُهُ: وَلَا إنْ تَعَصَّبَ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى التَّعَصُّبِ أَيْ التَّحْلِيلِ وَالْحَيْفِ، وَمِنْهَا تَلْقِينُ الْخُصُومِ أَيْ يُلَقِّنُهُ مِنْ الْحُجَّةِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى خَصْمِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَمَّا مَا يَثْبُتُ بِهِ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الْقَبُولِ (تَنْبِيهٌ) : وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُرْتَشٍ أَيْ آخِذِ الرِّشْوَةِ أَيْ مَنْ كَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْآنَ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُلَقِّنِ الْخُصُومِ أَيْ مَنْ كَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُلَقِّنْ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْآنَ، وَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُلَقِّنَ أَحَدَهُمَا حُجَّةً عَجَزَ عَنْهَا وَمِنْهَا لِعْبُ نَيْرُوزَ، وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ لَا سِيَّمَا إذَا لَعِبَهُ مَعَ الْأَوْبَاشِ، وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالنَّصَارَى ثُمَّ إنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى فِي أَيْ لِعْبٍ فِي يَوْمِ نَيْرُوزَ قَالَ تت قِيلَ إنَّهُ كَانَ بِمِصْرَ قَدِيمًا يُفْعَلُ فِي يَوْمِ النَّيْرُوزِ، وَلَا نَعْرِفُ صِفَتَهُ لَكِنْ رَأَيْت بِبَعْضِ   [حاشية العدوي] مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ مُحَقَّقَةٌ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَعَدَاوَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ تُهْمَةٍ. (قَوْلُهُ: يَحْمِلُ هَذَا الدِّينَ) أَيْ هَذَا الْعِلْمَ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ خَلَفٍ) أَيْ قَرْنٍ، وَقَوْلُهُ: عُدُولُهُ فَاعِلُ يَحْمِلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَامِلَ لِهَذَا الْعِلْمِ إنَّمَا هُمْ الْعُدُولُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِلْمِ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ شَنَّعَ عَلَيْهِمْ) أَيْ قَائِلًا: إنَّهُمْ كَالتُّيُوسِ فِي الزَّرِيبَةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ (قُلْت) أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ عَلَى الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَتْ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ لَا مُطْلَقُ الْعُلَمَاءِ. (قَوْلُهُ: الْمَضْرُوبِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْعُمَّالِ أَيْ كَاَلَّذِي يُرْسِلُهُ الْمُلْتَزِمُ لِجِبَايَةِ الْخَرَاجِ وَأَمَّا نَفْسُ الْمُلْتَزِمِ فَهُوَ كَالْخَلِيفَةِ (قَوْلُهُ: لَا تَقْدَحُ) خَبَرُ أَنَّ أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَقْدَحُ كَالْمَرَّةِ مِنْ صَغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ أَيْ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَكْلَ مِنْ قَبِيلِ الصَّغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ فَحِينَئِذٍ فَلَا تَقْدَحُ الْمَرَّةُ فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنْ صَغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْحَجَّاجِ إلَخْ) فَإِنَّهُ نَابَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ (قَوْلُهُ: فَجَوَائِزُهُمْ كَجَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ) أَيْ فَقَدْ أَخَذَ مَالِكٌ جَائِزَةَ الْمَنْصُورِ، وَأَخَذَ ابْنُ شِهَابٍ جَائِزَةَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَالْأَخْذُ مِنْ الْعُمَّالِ أَخْذُ ابْنِ عُمَرَ جَائِزَةً مِنْ الْحَجَّاجِ عَلَى مَا نُقِلَ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ مِمَّنْ ذُكِرَ إذَا كَانَ جُلُّ الْمَالِ حَلَالًا كَمَا فِي تت وَأَمَّا مَنْ جُلُّ مَالِهِ حَرَامٌ فَمَمْنُوعٌ، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا مَنْ جَمِيعُ مَالِهِ حَرَامٌ فَقَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَحْرُمُ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَمُعَامَلَتُهُ أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا أَطْعَمَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَدْ اشْتَرَاهُ أَيْ بِعَيْنِ الْحَرَامِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَ فِيهِ عَيْنَ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ وَرِثَهُ أَوْ وَهَبَ ذَلِكَ جَازَ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْحَرَامِ، وَيُفْهَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْحَسَنُ: لَا يَرُدُّ عَطَايَاهُمْ أَيْ السَّلَاطِينِ إلَّا أَحْمَقُ أَوْ مُرَاءٍ أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْحَرَامَ (قَوْلُهُ: جَوَائِزُهُمْ) أَيْ عَطَايَاهُمْ. (قَوْلُهُ، وَلَا إنْ تَعَصَّبَ كَالرِّشْوَةِ) مُثَلَّثُ الرَّاءِ، وَقَوْلُهُ: وَتَلْقِينُ خَصْمٍ بِأَنْ يَقُولَ لِلْخَصْمِ: يَلْزَمُك كَذَا عَلَى قَوْلِك كَذَا لِيَفْهَمَ الْمَقْصُودَ (قَوْلُهُ: وَمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي) أَيْ لِاتِّهَامِهِ أَنَّ لَهُ خُصُوصًا بِالْقَاضِي (قَوْلُهُ: مِنْهَا أَخْذُ الرِّشْوَةِ) مَأْخُوذٌ مِنْ الرِّشَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَطْلُوبِهِ كَالْحَبْلِ (قَوْلُهُ: وَالرِّشْوَةُ أَخْذُ الْمَالِ) أَيْ أَوْ دَفْعُهُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِمَا مَعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَأَمَّا دَفْعُ الْمَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ التَّحَيُّلِ وَالْحَيْفِ) هُمَا بِمَعْنَى لَا يَخْفَى أَنَّ تَفْسِيرَ الرِّشْوَةِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ كَالرِّشْوَةِ تَمْثِيلٌ؛ لِأَنَّ آخِذَ الْمَالِ لِذَلِكَ يُتَّهَمُ عَلَى التَّحَيُّلِ وَالْحَيْفِ، وَتَكُونُ الرِّشْوَةُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَذِي الرِّشْوَةِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الْعَصَبِيَّةُ، وَهِيَ أَنْ يَبْغَضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا اهـ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ تَشْبِيهًا، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ مُجَرَّدُ اتِّهَامِ التَّعَصُّبِ مُوجِبًا لِسُقُوطِ الشَّهَادَةِ فَأَوْلَى وُجُودُهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ تِلْكَ الْحَالَةَ إلَّا مَعَ الَّتِي هِيَ لِعْبُ نَيْرُوزَ (قَوْلُهُ: إذَا لَعِبَ مَعَ الْأَوْبَاشِ) جَمْعُ وَبَشٍ كَفَرَحٍ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ السَّفَلَةُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِالتَّفْسِيرِ الْآتِي لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْأَوْبَاشِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا (قَوْلُهُ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ الْمُشْرِكِينَ فَعَطْفُ النَّصَارَى مُغَايِرٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 قُرَى الصَّعِيدِ يَأْتِي رَجُلٌ مِمَّنْ يُسْخَرُ بِهِ لِكَبِيرِ الْقَرْيَةِ فَيَجْعَلُ عَلَيْهِ فَرْوَةً مَقْلُوبَةً أَوْ حَصِيرًا يَخْرِقُهَا فِي رَقَبَتِهِ وَيَرْكَبُهُ فَرَسًا، وَيَتْبَعُهُ رَعَاعُ النَّاسِ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ يَقْبِضُونَ عَلَى مَنْ أَمَرَهُمْ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، وَلَا يُطْلِقُونَهُ إلَّا بِشَيْءٍ يَدْفَعُهُ لَهُمْ أَوْ يَعِدُهُمْ بِهِ اهـ. وَمِنْهَا الْمَطْلُ مِنْ الْغَنِيِّ بِإِعْطَاءِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ أَذِيَّةٌ لِلْمُسْلِمِ فِي مَالِهِ، وَالْمَطْلُ تَأْخِيرُ الدَّفْعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ رَبُّ الدَّيْنِ الْوَفَاءَ اسْتِحْيَاءً مِنْ طَلَبِهِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ بَحْثِ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَهَذَا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، وَمِنْهَا تَكْرَارُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أَوْ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ» فَسُمِّيَ الْحَالِفُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَهُوَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَمِنْهَا مَجِيئُهُ لِمَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِلَا عُذْرٍ وَبِعِبَارَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ بِلَا عُذْرٍ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ، وَمِنْهَا التِّجَارَةُ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ إلَى بِلَادِ السُّودَانِ لَا إنْ دَخَلَهَا لِمُفَادَاةِ أَسِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ غَلَبَةً، وَمِنْهَا الِانْتِفَاعُ بِمَا عَلِمَ غَصْبَهُ، وَمِنْهَا مَنْ سَكَنَ مَعَ وَلَدِهِ الَّذِي يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ أَوْ إزَالَتِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ وَغَيْرُ الْوَلَدِ أَوْلَى، وَلَا مَفْهُومَ لِلشُّرْبِ بَلْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَعَاصِي كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْكَثْرَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ بِالْعُرْفِ أَوْ تُفَسَّرُ بِمَا فُسِّرَ بِهِ إدَامَةُ الشِّطْرَنْجِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَعْضٌ، وَمِنْهُ وَطْءُ مَنْ لَا تُوطَأُ شَرْعًا كَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَطِئَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي حَيْضِهَا أَوْ عَادَةً كَوَطْءِ مَنْ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَمِنْهَا إذَا كَانَ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاتُهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اكْتِرَاثِهِ بِهَا، وَذَلِكَ مُخِلٌّ لِلْمُرُوءَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا إذَا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَكَذَا مَنْ أَخَّرَ صَلَاتَهُ عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ عَمْدًا، وَمِنْهَا مَنْ اقْتَرَضَ حِجَارَةً مِنْ حِجَارَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لَبِنًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَسْجِدِ بَلْ الْحَبْسُ مُطْلَقًا، وَلَا مَفْهُومَ لِلْحِجَارَةِ، وَمِنْهَا مَنْ لَمْ يُحْكِمْ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحْكَامَ الزَّكَاةِ حَيْثُ لَزِمَتْهُ فَمَعْنَى إحْكَامٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إتْقَانٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَيْ لَمْ يُتْقِنْهُمَا ثُمَّ لَا مَفْهُومَ لِلْوُضُوءِ بَلْ كُلُّ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُهُ رَعَاعُ النَّاسِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْعَيْنِ أَيْ سَفَلَةُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ) قَالَ تت وَلَعَلَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ لَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ اهـ. وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِذَلِكَ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ السَّخَاوِيَّ قَالَ: لَمْ أَقِفْ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ فِي تَأْلِيفِهِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ وَظَهَرَ مِمَّا قُلْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْرَارِ مَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَقُولُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -: مُرَادُهُ بِالْفَاسِقِ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَا مَنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ) ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ أَنَّ لَهُ خُصُوصًا بِالْقَاضِي أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا فَيَتَحَيَّلُ فِي تَحْرِيفِ الْخُصُومَةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُذْرُ كَحَاجَةٍ أَوْ عِلْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَادِحًا (قَوْلُهُ: التِّجَارَةُ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ) إذَا كَانَتْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَرْبِيِّينَ، وَقَيَّدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بِمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ اهـ. وَمِثْلُ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ تِجَارَةُ مَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَحْكَامِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى بِلَادِ السُّودَانِ إلَخْ) رَأَيْت النَّقْلَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي السَّفَرِ لِلسُّودَانِ خَوْفُ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الشِّرْكِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنَّ سَفَرَ السُّودَانِ غَيْرُ جُرْحَةٍ، وَقِيلَ: بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عِلْمِ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الشِّرْكِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ إلَى بِلَادِ السُّودَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْكُفْرِ فَأَرَادَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ أَيْ مِنْ الرُّومِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ الْحَرْبُ وَالسُّودَانُ لَيْسَ شَأْنُهُمْ الْحَرْبَ، وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الْكُفْرِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: الِانْتِفَاعُ بِمَا عَلِمَ غَصْبَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَصَدَ حِلَّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسُكْنَى مَغْصُوبَةٍ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ السُّقُوطَ لِلشَّهَادَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِسُكْنَى الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا عَلِمَ غَصْبَهُ كَالطَّحْنِ عَلَى دَابَّةٍ مَغْصُوبَةٍ (قَوْلُهُ: يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ) تَفْسِيرٌ لِشَرِّيبٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ وَلَدِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ إزَالَتِهِ أَيْ إزَالَةِ ذَلِكَ الْمُنْكَرِ هَذَا أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ كَأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْضَحُ وَنَصُّهُ وَهَذَا إذَا عَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ أَنْكَرَ جَهْدَهُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّغْيِيرِ، وَلَا عَلَى الِانْتِقَالِ عَنْهُ لَمْ تَسْقُطْ شَهَادَتُهُ إذَا هَجَرَهُ طَاقَتَهُ وَغَيْرُ الْوَلَدِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ تُفَسَّرُ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِدَامَةَ فِي الشِّطْرَنْجِ) فَسَّرَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْإِدَامَةَ فِي الشِّطْرَنْجِ بِأَنْ يَلْعَبَ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا إذَا أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) أَيْ وَيَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَّرَ صَلَاتَهُ عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَبَهَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَأَخَّرَهَا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِاقْتِرَاضِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ اشْتَرَيْت مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا اقْتَرَضَ النَّاظِرُ مَا يَحْصُلُ مِنْ غَلَّتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اقْتِرَاضِ الْوَدِيعَةِ وَانْظُرْ هَلْ الِاقْتِرَاضُ تُرَدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً أَوْ لِكَوْنِهِ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامِرًا أَوْ خَرَابًا سَوَاءٌ كَانَ يَحْتَاجُ لِتِلْكَ الْحِجَارَةِ أَمْ لَا تُرْجَى عِمَارَتُهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ جَهِلَ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ: بَلْ الْحَبْسُ مُطْلَقًا) كَانَ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحْكَامَ الزَّكَاةِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 كَذَلِكَ فَيَشْمَلُ التَّيَمُّمَ وَالْحَجَّ وَبِعِبَارَةٍ وَعَدَمُ إحْكَامٍ أَيْ التَّسَاهُلُ فِي فِعْلِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَالتَّسَاهُلُ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَطْفِ الزَّكَاةِ عَلَى الْوُضُوءِ، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهَا عَلَى إحْكَامِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ نِصَابِ الزَّكَاةِ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ. (فَرْعٌ) الْأَغْلَفُ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْخِتَانِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَمِنْهَا مَنْ يَتَعَاطَى بَيْعَ آلَاتِ الْمَلَاهِي كَالنَّرْدِ وَالْمَزَامِيرِ وَالطُّنْبُورِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَنْ اسْتَحْلَفَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ دَنِيَّةً مِنْ نَسَبٍ فِي حَقٍّ لَهُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَهُ فِي ذَلِكَ أَيْ وَحَلَّفَهُ بِالْفِعْلِ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْقَلِبَةً مِنْ الْوَلَدِ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لَيْسَ لِلِابْنِ فِيهَا طَلَبٌ وَالْمُنْقَلِبَةُ شَأْنُهَا أَنْ لَا تُطْلَبَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَلَدِ تَحْلِيفَ أَبِيهِ كَمَا مَرَّ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَقَدَحَ فِي الْمُتَوَسِّطِ بِكُلٍّ وَفِي الْمُبَرِّزِ بِعَدَاوَةٍ وَقَرَابَةٍ، وَإِنْ بِدُونِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ الْمُتَوَسِّطَ فِي الْعَدَالَةِ إذَا شَهِدَ عَلَى شَخْصٍ وَأَعْذَرَ الْقَاضِي لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْدَحَ فِيهِ بِكُلِّ قَادِحٍ مِنْ تَجْرِيحٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيُوقَفُ الْحُكْمُ إلَى إثْبَاتِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا دُونَ الْمُتَوَسِّطِ يَقْدَحُ فِيهِ بِكُلٍّ بِالْأَوْلَى، وَأَنَّ الْمُبَرِّزَ سَوَاءٌ كَانَ شَاهِدًا أَوْ مُزَكِّيًا فِي الْعَلَانِيَةِ يُعْذَرُ فِيهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَافِرًا بِالْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَبِالْقَرَابَةِ الْمُتَأَكَّدَةِ فَقَطْ أَيْ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ قَرَابَةٌ، وَيُسْمَعُ مِنْهُ إثْبَاتُ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ بِشَاهِدٍ دُونَ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ، وَأَمَّا إذَا قَدَحَ بِغَيْرِ الْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُبَرِّزَ كَالْمُتَوَسِّطِ فَيَسْمَعُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْقَدْحَ فِيهِ بِكُلٍّ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (كَغَيْرِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ كَمَا يُسْمَعُ الْقَدْحُ فِي الْمُبَرِّزِ بِغَيْرِ الْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ مِمَّا يَكْتُمُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَهِيَ شَهَادَةٌ وَعِلْمٌ عِنْدَهُ يُؤَيِّدُهُ مِثْلَ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ بِدُونِهِ أَيْ، وَإِنْ ثَبَتَ الْقَدْحُ بِشَاهِدٍ دُونَهُ فِي التَّبْرِيزِ، وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ قَوْلُ مَنْ شَرَطَ فِي شَاهِدَيْ التَّجْرِيحِ أَنْ يَكُونَا مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْعَدَالَةِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْبَاء بِمَعْنَى مِنْ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، وَعَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى مِنْ فَمَعْنَى الدُّونِ الْمُغَايِرُ لَهُ فَيَشْمَلُ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمَجْرُوحُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْقَدْحُ مِنْ دُونِ الْمُبَرِّزِ كَالْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ. (ص) وَزَوَالِ الْعَدَاوَةِ وَالْفِسْقِ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِلَا حَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِفِسْقٍ أَوْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ثُمَّ شَهِدَ ثَانِيًا بِالْحَقِّ الْأَوَّلِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ زَالَتْ عَدَاوَتُهُ أَوْ فِسْقُهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِلَا حَدٍّ بِزَمَنٍ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَنَةٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ قُبِلَتْ، وَإِلَّا رُدَّتْ   [حاشية العدوي] وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُتْقِنْ الزَّكَاةَ أَوْ لَمْ يُحْكِمْ الزَّكَاةَ (قَوْلُهُ: أَيْ التَّسَاهُلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي قِرَاءَةَ إحْكَامٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ نِصَابِ الزَّكَاةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي بَيَانِ عَدَمِ الْإِتْقَانِ لَا فِي عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَحْلَفَ أَبَاهُ) أَطْلَقَ لِيَشْمَلَ الْعَالِمَ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ وَغَيْرَ الْعَالِمِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ اسْتِحْلَافَهُ أَبَاهُ حَرَامٌ فَإِنَّهُ عُقُوقٌ، وَلَا يُقْضَى بِهِ، وَإِنْ اقْتَحَمَ وَحَلَّفَهُ فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ عُذِرَ بِجَهَالَةٍ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ وَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُقُوقٍ فَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ، وَلَا تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ اهـ. وَالْعُقُوقُ كَبِيرَةٌ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْقَلِبَةً مِنْ الْوَلَدِ) أَيْ إنْ ادَّعَى الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ بِشَيْءٍ وَحَقَّقَ الدَّعْوَى فَلِلِابْنِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَيَقُولَ لَهُ احْلِفْ وَيَثْبُتُ حَقُّك (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فِي الْمُنْقَلِبَةِ وَأَمَّا فِي الْمُتَعَلِّقِ بِهَا حَقٌّ فَالْمَذْهَبُ الْحَلِفُ (تَتِمَّةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ الَّذِي يَمْدَحُ مَنْ أَعْطَاهُ وَيَهْجُو مَنْ مَنَعَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: قَطْعُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ جُرْحَةٌ وَقَالَ أَيْضًا: الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ جُرْحَةٌ نَقَلَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: بِعَدَاوَةٍ وَقَرَابَةٍ) لَوْ زَادَ الْمُؤَلِّفُ وَشِبْهِهِمَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمُرَادُ مَا عَدَا الْإِسْقَاطَ أَيْ الْفِسْقَ؛ إذْ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، وَفِيهِ فَقَطْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ) أَيْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْقَدْحَ فِي الشَّاهِدِ الْمُتَوَسِّطِ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ الْقَدْحَ فِيهِ، وَيُوقَفُ الْحُكْمُ إلَى إثْبَاتِهِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ ضَعْفُ عَقْلٍ وَجَهْلٌ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ فِي تَجْرِيحِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ: السَّابِقُ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ بِأَبْقَيْتُ لَك حُجَّةً مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ بِهِ جَهْلٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ) بَلْ بِفِسْقٍ يُرِيدُ أَنْ يُثْبِتَهُ فَيَسْمَعَ مِنْهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ أَثْبَتَهُ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْمُبَرِّزِ، وَإِلَّا أُدِّبَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْغَصْبِ كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ (أَقُولُ) : وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ لِتَقْدِيمِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الِاطِّلَاعُ شَهَادَةٌ، وَأَنَّثَ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ: وَعَلِمَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّ الِاطِّلَاعَ شَهَادَةٌ وَخَبَرٌ يُؤَدِّيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَهِيَ الْجَرْحُ أَيْ أَنَّ الْجَرْحَ أَمْرٌ شَاهَدَهُ وَعَلِمَهُ فَيُؤَدِّيهِ أَوْ أَنَّ شَهَادَةَ بِمَعْنَى مَشْهُود بِهِ وَعِلْمٌ بِمَعْنَى مَعْلُومٍ أَيْ أَنَّ الْجُرْحَ أَمْرٌ مَشْهُودٌ بِهِ وَمَعْلُومٌ يُؤَدِّيهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُجَرَّحُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ فَالْمُجَرَّحُ هُوَ الْبَيِّنَةُ فَتَغَايَرَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ، وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً نَاشِئَةً مِنْ دُونِهِ فَسَاوَتْ مِنْ بَقَاءِ الْبَاءِ عَلَى حَالهَا. (قَوْلُهُ: وَالْفِسْقِ) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ قَادِحٍ لَا الْكَبَائِرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ بِقَرَائِنَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ النَّاسِ زَوَالُهَا وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى قُوَّةِ ظَنِّ الزَّوَالِ فَفِي الْعَدَاوَةِ رُجُوعُهُمَا لِمَا كَانَا عَلَيْهِ وَيَسْأَلُهُمْ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ فَيُخْبِرُونَهُ فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ فَقَوْلُهُ: بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَيْ ظَنِّ النَّاسِ وَيَسْأَلُهُمْ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ فَيُخْبِرُونَهُ بِهِ. (ص) وَمَنْ امْتَنَعَتْ لَهُ لَمْ يُزَكِّ شَاهِدَهُ وَيُجَرِّحُ شَاهِدًا عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُك لَهُ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ الْمُتَأَكَّدَةِ كَأَبِيك وَنَحْوِهِ لَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تُزَكِّيَ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّك تَجُرُّ لَهُ بِذَلِكَ نَفْعًا، وَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تُجَرِّحَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّك تَدْفَعُ عَنْهُ بِذَلِكَ مَضَرَّةً فَقَوْلُهُ: وَيُجَرِّحُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ النَّفْيِ أَيْ، وَلَمْ يُجَرِّحْ شَاهِدًا شَهِدَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ أَيْ وَالشَّخْصُ الَّذِي وَالضَّمِيرُ فِي يُزَكِّ عَائِدٌ عَلَى الشَّاهِدِ الْمُمْتَنِعِ الشَّهَادَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ لَا عَلَى مَنْ. (ص) وَمَنْ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فَالْعَكْسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُك عَلَيْهِ لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ بَيْنَكُمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ أَنْ تُجَرِّحَ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِحَقٍّ، وَلَا أَنْ تُزَكِّيَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّك فِي الْحَالَتَيْنِ تَجْلِبُ مَضَرَّةً إلَى عَدُوِّك، وَلَا يُقْبَلُ مِنْك ذَلِكَ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَكْسِ فِي التَّصْوِيرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْعَكْسَ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ السَّابِقَيْنِ الْمُتَرَتِّبَيْنِ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَنْ امْتَنَعَتْ لَهُ وَهُمَا لَمْ يُزَكِّ شَاهِدَهُ، وَلَمْ يُجَرِّحْ شَاهِدًا عَلَيْهِ فَعَكْسُ لَمْ يُزَكِّ شَاهِدَهُ يُزَكِّي شَاهِدَهُ، وَعَكْسُ لَمْ يُجَرِّحْ شَاهِدًا عَلَيْهِ أَنَّهُ يُجَرِّحُ شَاهِدًا شَهِدَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ. (ص) إلَّا الصِّبْيَانَ لَا نِسَاءٍ فِي كَعُرْسٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ شَهَادَةِ الْبَالِغِينَ وَانْتِفَاءَ مَوَانِعِهَا أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ الشُّرُوطِ، وَلَا انْتِفَاءُ كُلِّ الْمَوَانِعِ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ فِي الْجَرْحِ وَالْقَتْلِ لَا فِي الْأَمْوَالِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةُ وَمَنَعَهَا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ، وَإِنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّهُمْ يُنْدَبُونَ إلَى تَعْلِيمِ الرَّمْيِ وَالصِّرَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُدَرِّبُهُمْ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ وَالْكَرِّ وَالْفَرِّ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْكِبَارَ لَا تَحْضُرُ مَعَهُمْ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِبَعْضِهِمْ لَأَدَّى إلَى إهْدَارِ دِمَائِهِمْ، وَأَمَّا شَهَادَةُ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي عُرْسٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ، وَقَوْلُهُ: (فِي جَرْحٍ أَوْ قَتْلٍ) يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ لَكِنْ لِمَسْأَلَةِ الصِّبْيَانِ عَلَى سَبِيلِ الْإِثْبَاتِ وَلِمَسْأَلَةِ النِّسَاءِ عَلَى سَبِيلِ النَّفْيِ، وَلَا قَسَامَةَ مَعَ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْقَتْلِ، وَالصِّبْيَانُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ فِي نَفْسٍ وَلَا جَرْحٍ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَالْجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَقَرْنُهُ بِالْقَتْلِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: شَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا تُقْبَلُ فِي الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ بِانْفِرَادِهِنَّ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ عَلَى ذَلِكَ هُنَا، وَلَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا إذَا امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُنَّ هُنَا فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَنَحْوِهِمَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ لَمَّا كَانَ   [حاشية العدوي] الْحِرْصُ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ فِيمَا رُدَّ فِيهِ بِسَبَبِ غَلَبَةِ ظَنِّ الصَّدَاقَةِ بِلَا حَدٍّ، وَفِي الثَّانِي مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِي التَّوْبَةِ وَاتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْعَدَالَةِ بِلَا حَدٍّ أَيْضًا فَيَنْتَفِي بِذَلِكَ الْحِرْصُ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ فِيمَا رُدَّ فِيهِ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ هُنَا صَارَ عَلَى حَالَةٍ لَيْسَ فِيهَا حِرْصٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ صَدِيقًا وَمَا تَقَدَّمَ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ حَرِيصًا فَلَا تَنَافِيَ، وَمَا تَقَدَّمَ صَارَ عَدْلًا، وَلَمْ يَتَقَوَّ الظَّنُّ، وَهُنَا تَقَوَّى الظَّنُّ وَلَمْ يَقِلَّ بِالتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُخَالِطُ الدَّهْرَ، وَلَا يُطْلِعُ عَلَى بَاطِنِهِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ ابْنُ عَرَفَةَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي جَعْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ارْتِفَاعَ الْعَدَاوَةِ كَارْتِفَاعِ الْفِسْقِ لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا ظَهَرَ تَخْرِيجُهَا عَلَى مَنْ عُدِّلَ فِي شَهَادَةٍ ثُمَّ شَهِدَ أُخْرَى هَلْ تُسْتَصْحَبُ عَدَالَتُهُ أَوْ يُسْتَأْنَفُ إثْبَاتًا فَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِصْحَابِ الْعَدَالَةِ كَفَى غَلَبَةُ ظَنِّ زَوَالِ الْعَدَاوَةِ، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ بِالْعَكْسِ فِي التَّصْوِيرِ) أَيْ لَا الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ هُوَ عَدَمُ التَّزْكِيَةِ، وَعَدَمُ التَّجْرِيحِ، وَعَكْسُهُ ظَاهِرٌ، وَهَذَا عَكْسٌ فِي التَّصْوِيرِ أَيْ التَّصْوِيرِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْعَكْسُ تَصْوِيرُهَا فَاقْلِبْ الْأَوَّلَ لِلْآخِرِ، وَالْآخِرَ لِلْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ: لَمْ يُزَكِّ شَاهِدَهُ فِي قُوَّةٍ شَاهِدًا لَهُ فَاقْلِبْ لَهُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَاجْعَلْهَا فِي الْآخِرِ وَعَلَيْهِ مِنْ الْآخِرِ وَاجْعَلْهَا فِي الْأَوَّلِ فَهُوَ عَكْسٌ لُغَوِيٌّ فَالنَّفْي بَاقٍ، وَقَوْلُهُ: فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ عَلَى حِدَتِهِ أَيْ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَرَتِّبِينَ وَعَلَيْهِ فَالْعَكْسُ وَاقِعٌ فِي الْحُكْمِ بِحَيْثُ يُبَدَّلُ النَّفْيُ بِالْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا التَّصْوِيرُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ قَوْلُهُ: شَاهِدُهُ وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ بَاقٍ لَمْ يُبَدَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمَّا ذَكَرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا الصِّبْيَانَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، وَالتَّقْدِيرُ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْبَالِغِ كَذَا وَكَذَا وَنَفْيُ كَذَا وَكَذَا إلَّا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ فَيَقْرَأُ إلَّا الصِّبْيَانَ بِالنَّصْبِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْبَالِغِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ كَذَا وَكَذَا إلَّا الصِّبْيَانَ وَيَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ فَلَا نُطِيلُ بِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْقَسَامَةَ فِي الْقَتْلِ أَيْ الْقِصَاصِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تُوجِبُ دِيَةً أَصْلًا مَعَ أَنَّهَا تُوجِبُ الدِّيَةَ فَالْمُنَاسِبُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الصِّبْيَانَ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْحَلِفِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ) أَيْ فَهُوَ مَصْدَرٌ لَا بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْأَثَرِ، وَقَوْلُهُ: وَالْقَتْلُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْ عَلَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَرْحَ مَصْدَرٌ فَيَكُونُ بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَظْهَرُ لَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجَرْحَ وَالْقَتْلَ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهِمَا فِي غَيْرِ الْعُرْسِ فَأَوْلَى الْعُرْسُ أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الْأَمْرِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ فِيهِ فَلَا فَائِدَةَ لِلنَّصِّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْعُرْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْعُرْسِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 مُحْتَاجًا إلَيْهِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَهَادَتَهُنَّ مَقْبُولَةٌ كَشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ قَبُولِهَا فِي الْعَمْدِ وَاضِحٌ لِقُوَّتِهِ، وَأَمَّا الْخَطَأُ فَهُوَ آيِلٌ إلَى الْمَالِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ الْيَمِينِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَمْ تُقْبَلْ فِي حَالَةِ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَهُوَ قَادِحٌ فِي عَدَالَتِهِنَّ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ وَاغْتُفِرَتْ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ كَالْوِلَادَةِ لِلضَّرُورَةِ تَأَمَّلْ. (ص) وَالشَّاهِدُ حُرٌّ مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ تَعَدَّدَ لَيْسَ بِعَدُوٍّ، وَلَا قَرِيبٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَفُرْقَةَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا، وَلَمْ يَحْضُرْ كَبِيرٌ أَوْ يَشْهَدُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْدَحُ رُجُوعُهُمْ وَلَا تَجْرِيحُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ الشَّاهِدَ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ يَشْهَدَ فِي قَتْلٍ أَوْ جَرْحٍ لَا فِي مَالٍ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ حُرًّا، وَاشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ لِمَا فِي الرَّقِيقِ مِنْ شَائِبَةِ الْكُفْرِ فَالتَّمَحُّضُ أَوْلَى، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا أَيْ وَأَنْ يَبْلُغَ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا، وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَضْبِطُ مَا يَقُولُ، وَلَا يَثْبُتُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَإِنْ كَثُرْنَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُرِيدُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ذَكَرٌ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الصِّبْيَانِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِنَاثِ أَيْضًا، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ عَدُوًّا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَدَاوَةِ مُضِرَّةٌ أَيْ دُنْيَوِيَّةً أَوْ دِينِيَّةً، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ قَرِيبًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ مُضِرَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْعَمَّ وَالْخَالَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ أَكِيدَةً كَمَا فِي الْبَالِغِينَ كَمَا ارْتَضَاهُ الْجِيزِيُّ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الشُّهُودِ خِلَافٌ بَلْ يَكُونُونَ مُتَّفِقِينَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ كَشَهَادَةِ وَاحِدٍ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَالْآخَرُ مِثْلُهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: الْآخَرَ: إنَّ غَيْرَهُ قَتَلَهُ فَلَا يُقْبَلُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ هَذَيْنِ قَتَلَاهُ، وَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا: بَلْ أَنْتُمَا قَتَلْتُمَاهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَوْ شَهِدَ صَبِيَّانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّمَا أَصَابَتْهُ دَابَّةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ حَقًّا أَوْلَى وَالصَّحِيحُ سُقُوطُهُمَا، وَخِلَافٌ اسْمُ مَصْدَرٍ أَطْلَقَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ، وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَلَوْ عَبَّرَ بِاخْتِلَافٍ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ كَفَى، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَحْصُلَ بَيْنَهُمْ فُرْقَةٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمْ مَظِنَّةُ تَعْلِيمِهِمْ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْعُدُولُ عَلَيْهِمْ بِمَا شَهِدُوا بِهِ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ افْتِرَاقُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَحْضُرَ الصِّبْيَانَ كَبِيرٌ فِي مَعْرَكَتِهِمْ، وَأَطْلَقَ فِي الْكَبِيرِ لِيَعُمَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى الْعَدْلَ وَالْفَاسِقَ وَالْحَرَّ وَالْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ   [حاشية العدوي] فِي غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْعُرْسِ أَيْ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُفِيدُ إلَّا إذَا كَانَ قَصْدُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْوِلَادَةِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي الْعُرْسِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ شَهَادَتِهِنَّ فِي الْوِلَادَةِ فِي غَيْرِ مَا هُنَا جَوَازُ شَهَادَتِهِنَّ فِي الْعُرْسِ فَنَصَّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ أَيْ وَهَذَا قَصْدُهُ، وَقَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يُفِيدُ الْأَمْرَ بِهِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مَقْبُولَةٌ) أَيْ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) حَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِشَهَادَتِهِنَّ، وَلَا يَظْهَرُ فِي الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى مَالٍ فَلَا مَانِعَ مِنْ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ أَيْ مَعَ الْيَمِينِ أَوْ الشَّاهِدِ فَلَا يَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا إنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا الِاجْتِمَاعَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ الْيَمِينِ إلَّا إذَا كُنَّ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ؛ لِأَنَّ الْعُرْسَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالِاجْتِمَاعِ فِيهِ بَلْ يُنْهَى عَنْ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ فَالْعَدَالَةُ مَفْقُودَةٌ فِيهِنَّ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شَهَادَتِهِنَّ وَحْدَهُنَّ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: وَاغْتُفِرَتْ فِيمَا لَا يَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِي الْوِلَادَةِ مَعَ الْقَادِحِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا يُعْدَلُ عَنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَالشَّاهِدُ إلَخْ) ذِكْرُ الْأَوْصَافِ لِلشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَصَرَّحَ تت بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّمْيِيزَ كَذَلِكَ دُونَ الْإِسْلَامِ وَالذُّكُورَةِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالذُّكُورَةِ وَأَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْيِيزَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفُرْقَةٌ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ لَا بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ غَيْرَ الْمُقْتَرِنِ بِلَا يَمْنَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ أَفَادَ أَنَّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ الْكُفْرِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَيْ فَأَوْلَى مَنْ كَانَ خَالِصَ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَهُ) أَيْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ، وَلَا مَا قَرُبَ كَالتِّسْعَةِ لَا يَضْبِطُ مَا يَقُولُ أَيْ فَأَوْلَى مَا كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ: يُرِيدُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ذَكَرٌ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ مَعَهُمْ، وَالْمُنَاسِبُ مَعَهُنَّ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ذَكَرٌ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمَوْضُوعِ لِلصِّبْيَانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ يَشْمَلُ الْأُنْثَى، وَإِلَّا كَانَ ذِكْرُ ذَكَرٍ ضَائِعًا (قَوْلُهُ: دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلصِّبْيَانِ حَالَةً غَيْرَ حَالَةِ الْكِبَارِ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ سُقُوطُهُمَا) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ، وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ سُقُوطُهَا أَيْ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى الشَّهَادَةِ فَيَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ اثْنَيْنِ وَسَكَتَ الْبَاقِي فَيَقْتَضِي أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ مَعَ أَنَّهَا تَجُوزُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا اخْتِلَافَ فَمَعْنَاهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمْ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا سَكَتَ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمْ مَظِنَّةُ تَعْلِيمِهِمْ) أَيْ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ التَّعْلِيمِ فَلَوْ تَفَرَّقُوا ثُمَّ اجْتَمَعُوا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ زَمَنٌ يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُمْ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْهَدْ الْعُدُولُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ فِي الْكَبِيرِ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْكَبِيرُ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ وَكَانَ عَدْلًا لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 احْتِمَالُ التَّعْلِيمِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَى كَبِيرٍ، وَلَا لِكَبِيرٍ بَلْ يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضِهِمْ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهُمْ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ، وَإِذَا شَهِدُوا وَهُمْ مُسْتَوْفُونَ لِلشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ فِي حَالِ صِغَرِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمْ، وَالْعِبْرَةُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ أَوَّلًا، وَسَوَاءٌ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَا يُعْتَبَرُ تَجْرِيحُ غَيْرِهِمْ لَهُمْ، وَلَا تَجْرِيحُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ أَوْصَافِ الْعَدَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِبُلُوغِهِمْ، وَعَدَلُوا لَقُبِلَ رُجُوعُهُمْ، وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ الضَّمِيرِ فِي رُجُوعِهِمْ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الصِّبْيَانِ، وَهُمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ لَيْسُوا صِبْيَانًا، وَتَجْرِيحُهُمْ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا تَجْرِيحُهُمْ أَيْ إلَّا فِي كَثِيرِ كَذِبٍ. (ص) وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَمَوَانِعِهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيَانِ مَرَاتِبِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ أَوْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ امْرَأَتَانِ وَبَدَأَ مِنْهَا بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهَا أَعْلَى الْبَيِّنَاتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا وَعَلَى فِعْلِ اللِّوَاطِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ لِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] وَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِيمَا يُدْفَعُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَقَوْلُنَا عَلَى فِعْلِ الزِّنَا إلَخْ احْتِرَازٌ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ فَيَكْفِي فِيمَا ذُكِرَ اثْنَانِ عَلَى الرَّاجِحِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشُبْهَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ كَتَكْذِيبِ نَفْسِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ قُلْت: لِمَ اخْتَصَّتْ شَهَادَةُ الزِّنَا بِالْأَرْبَعَةِ قِيلَ لِقَصْدِ السَّتْرِ وَدَفْعِ الْعَارِ لِلزَّانِي وَالْمَزْنِيِّ بِهَا وَأَهْلِهَا؛ وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَلْحَقْهُ ذَلِكَ فِي الْقَتْلِ اُكْتُفِيَ بِاثْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ الزِّنَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الزِّنَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ اُشْتُرِطَ أَرْبَعَةٌ لِيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَقِيلَ: لَمَّا كَانَ الشُّهُودُ مَأْمُورِينَ بِالسَّتْرِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا غُلِّظَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ سَتْرًا مِنْ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ، وَهِيَ التَّدَلِّي؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا، وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ ثُمَّ ثَنَّى بِمَا يَلِيهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ عَدْلَانِ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ وَإِلَّا فَعَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ إلَخْ، وَفِي الرَّابِعَةِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: مَرَاتِبُ الشَّهَادَةِ ثَلَاثَةٌ فِيهِ نَظَرٌ عَلَى أَنَّهُ صَرَّحَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ بِأَنَّهَا مَرْتَبَةٌ رَابِعَةٌ بَلْ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ مَرَاتِبَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةٌ، وَهِيَ شَهَادَةُ وَاحِدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَهِيَ مَسْأَلَةُ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْيَمِينِ. (ص) بِوَقْتٍ وَرُؤْيَا اتَّحَدَا (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى شَرْطِ صِحَّةِ شَهَادَةِ الزِّنَا، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا بِزِنًا وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَقَوْلُهُ: بِوَقْتٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ صِفَةٍ لِأَرْبَعَةٍ أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ أَيْ وَقْتِ   [حاشية العدوي] بِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا مُطْلَقًا أَوْ وَاحِدًا وَالشَّهَادَةُ فِي جَرْحٍ أَيْ فَيَحْلِفُ مَعَهُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي قَتْلٍ فَلَا يَضُرُّ حُضُورُ ذَلِكَ الْوَاحِدِ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَقَوْلَانِ جَوَازُ شَهَادَتِهِمْ وَعَدَمُ جَوَازِ شَهَادَتِهِمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَانَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَأَمَّا إذَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ وَقَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إذَا كَانَ عَدْلًا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا، فَتَمَسَّكْ بِهَذَا وَاتْرُكْ خِلَافَهُ (تَنْبِيهٌ) : بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُ الشَّاهِدِ مِنْهُمْ لَا مَارًّا عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْ جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ مُجْتَمِعِينَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَتِيلِ حَاضِرًا قَالَهُ الْبَدْرُ. [مَرَاتِب الشَّهَادَة] (قَوْلُهُ: أَوْ عَدْلَانِ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ بَيَانِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى فِعْلِ الزِّنَا) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَكَذَا قَوْلُهُ: عَلَى فِعْلِ اللِّوَاطِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الشُّهَدَاءَ لَا تَكُونُ إلَّا أَرْبَعَةً أَيْ وَيُقَاسُ اللِّوَاطُ عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إنْكَارَهُ) أَيْ: وَهُوَ رُجُوعُهُ، وَقَوْلُهُ: كَتَكْذِيبِ نَفْسِهِ أَيْ كَقَوْلِهِ: كَذَبْت عَلَى نَفْسِي فَحَاصِلُهُ أَنَّ رُجُوعَهُ أَيْ قَوْلَهُ: مَا زَنَيْت بَعْدَ إقْرَارِهِ إنْكَارٌ لِلزِّنَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ كَذَبْت عَلَى نَفْسِي، وَهُوَ إذَا قَالَ كَذَبْت عَلَى نَفْسِي يُقْبَلُ فَكَذَا إذَا أَنْكَرَ الزِّنَا مِنْ أَصْلِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ يُقْبَلُ ثُمَّ يُقَالُ إنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الرُّجُوعِ أَنْ يَقُولَ: كَذَبْت عَلَى نَفْسِي، وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: قِيلَ لِقَصْدِ السَّتْرِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنَ الْأَقْوَالِ قَدَّمَهُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لِأَنَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ كَالْقَتْلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّانِي وَالْمَزْنِيِّ بِهَا مُتَعَلِّقٌ بِهِ الْحُكْمُ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالْقَتْلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ شَهَادَةُ الْخُلْطَةِ) أَيْ الْمُتَمِّمُ لِلْخَمْسَةِ شَهَادَةُ الْخُلْطَةِ أَيْ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينٌ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي الْخُلْطَةَ بِشَاهِدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْهَدُوا بِزِنَا وَاحِدٍ) هَذَا لَمْ يُشِرْ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَكَذَا قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَمْ يُشِرْ لَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمَعْنَى كَوْنِ الزِّنَا وَاحِدًا أَنْ يَشْهَدُوا كُلُّهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا طَائِعَةً فَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: زَنَى بِهَا طَائِعَةً، وَقَالَ الْآخَرُ: زَنَى بِهَا مُكْرَهَةً لَمْ يَكُنْ الزِّنَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ) أَيْ وَقْتِ الْأَدَاءِ هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِوَقْتٍ، وَقَوْلُهُ: وَوَقْتِ الرُّؤْيَا إشَارَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُؤْيَا أَيْ وَوَقْتِ رُؤْيَا وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ: وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ، وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يُؤَدُّوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ إشَارَةٌ إلَى الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِهِ وَقَوْلُهُ وَيَذْكُرُوا اتِّحَادَ وَقْتِ الرُّؤْيَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَوَقْتِ الرُّؤْيَا الَّذِي مَعْنَاهُ وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا أَيْ أَنَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 الْأَدَاءِ وَوَقْتِ الرُّؤْيَا بِأَنْ يُؤَدُّوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَذْكُرُوا اتِّحَادَ وَقْتِ الرُّؤْيَا لِلْقَاضِي، وَإِنْ أَدَّوْا فِي أَوْقَاتٍ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمَاكِنِ الرُّؤْيَا أَوْ فِي الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ أَوْ فِي الزِّنَا وَالشُّبْهَةِ أَوْ فِي الزِّنَا بِهَا قَائِمَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ وَهِيَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ هُوَ أَعْلَاهَا أَوْ أَسْفَلَهَا، أَوْ كَانَتْ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ الْغَرْبِيِّ أَوْ الشَّرْقِيِّ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَوَقْتُ الرُّؤْيَا هُوَ وَقْتُ التَّحَمُّلِ فَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَقْتٍ، وَالْبَاءُ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي حَقِيقَةً، وَفِي الثَّانِي بِمَعْنَى فِي مَجَازًا فَاسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ. (ص) وَفَرَّقُوا فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا يُفَرَّقُونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا وُجُوبًا سَوَاءٌ حَصَلَتْ رِيبَةٌ، أَمْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِ الزِّنَا لَا يُفَرَّقُونَ. (ص) وَأَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِزِنًا وَاحِدٍ بِرُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي مَدَارِ الشَّرْعِ عَلَى السَّتْرِ فَضَيَّقَ الْأَمْرَ فِيهِ حَتَّى لَا يُوجَدَ عَلَى هَذَا النَّمَطِ إلَّا الْقَلِيلُ جِدًّا، وَلَا مَفْهُومَ لِأَدْخَلَ بَلْ أَوْ أَوْلَجَ أَوْ رَأَيْنَا فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا، وَالْمَدَارُ عَلَى التَّيَقُّنِ. (ص) وَلِكُلٍّ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الزِّنَا أَنَّهُ يَنْظُرُ لِلْعَوْرَةِ قَصْدًا لِيَعْلَمَ كَيْفَ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ، وَلَمْ يُجِيزُوا رُؤْيَةَ النِّسَاءِ لِعُيُوبِ الْفَرْجِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ حَيْثُ جَعَلُوا الْمَرْأَةَ مُصَدَّقَةً، وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ فَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ، وَكَذَلِكَ يَشْكُلُ الْفَرْقُ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْإِصَابَةِ، وَهِيَ بِكْرٌ حَيْثُ قَالُوا: تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ، وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ النَّظَرُ إلَخْ بِمَا إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الرُّؤْيَا، وَقَدْ يَتَلَمَّحُ ذَلِكَ الْقَيْدُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ. (ص) وَنُدِبَ سُؤَالُهُمْ كَالسَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ أُخِذَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ شُهُودَ الزِّنَا كَيْفَ رَأَيْتُمُوهُ يَفْعَلُ بِهَا، وَهَلْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِهَا، أَوْ عَلَى بَطْنِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهَلْ كَانَ ذَكَرُهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، أَمْ لَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يُنْدَبُ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُمْ فِي السَّرِقَةِ   [حاشية العدوي] الْقَصْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا أَنْ يَذْكُرُوا اتِّحَادَ وَقْتِ الرُّؤْيَا بِأَنْ يَقُولُوا: رَأَيْنَاهُمَا عَقِبَ الْعَصْرِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّوْا فِي أَوْقَاتٍ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا رَاجِعٌ لِلثَّانِي فَلَوْ اجْتَمَعُوا، وَنَظَرَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْوَطْءِ وَالْأَفْعَالُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمَاكِنِ الرُّؤْيَا) بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتهَا تَزْنِي فِي الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْآخَرُ يَقُولُ: فِي الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِزِنًا وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ وَرُؤْيَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَقْتٍ، وَالْبَاءُ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي حَقِيقَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَاحِدًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ ظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي بِمَعْنَى فِي مَجَازًا، وَوَجْهُ الْمَجَازِيَّةِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَيْسَتْ زَمَانًا، وَلَا مَكَانًا أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَيْ يَشْهَدُونَ شَهَادَةً مُلْتَبِسَةً بِرُؤْيَا مُتَّحِدَةٍ وَأَرَادَ بِهَا التَّحَمُّلَ أَيْ يَتَحَمَّلُونَ تَحَمُّلًا مُلْتَبِسًا بِرُؤْيَا مُتَّحِدَةٍ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ أَيْ؛ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ الَّتِي هِيَ مَدْلُولٌ فِي مُلَابَسَةٍ مُقَيَّدَةٍ أُطْلِقَتْ وَأُرِيدَ بِهَا مُطْلَقُ الْمُلَابَسَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى يُؤَدُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَتَحَمَّلُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالشَّهَادَةُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى التَّأْدِيَةِ، وَفِي الْمَعْطُوفِ بِمَعْنَى التَّحَمُّلِ. (قَوْلُهُ: وَفُرِّقُوا) وُجُوبًا عِنْدَ الْأَدَاءِ بَعْدَ إتْيَانِهِمْ جَمِيعًا فَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يُؤَدُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ إتْيَانُهُمْ جَمِيعًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ يُفَرَّقُونَ حِينَ التَّأْدِيَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْوَاقِعَ فِي أَزْمِنَةٍ قَرِيبَةٍ كَالزَّمَنِ الْوَاحِدِ، وَقَوْلُهُ: وُجُوبًا كَذَا فِي عب تَبَعًا لتت وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ التَّفْرِقَةَ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الزِّنَا إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِتَفْسِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا) أَيْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ، وَقَوْلُهُ: بِزِنًا وَاحِدٍ أَيْ كَأَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى الطَّوْعِ (قَوْلُهُ: كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ) زِيَادَةُ هَذَا مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ، وَمُفَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الزِّنَا، وَأَمَّا فِي اللِّوَاطِ فَيَقُولُونَ رَأَيْنَا ذَكَرَهُ فِي دُبُرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَدَارُ عَلَى التَّيَقُّنِ) أَيْ تَيَقُّنِ دُخُولِ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ بِ أَدْخَلَ شَرْطًا. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِفَةِ الشَّهَادَةِ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ نَظَرٍ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّهُ جَائِزٌ قُلْنَا: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " وَلِكُلٍّ النَّظَرُ " قَصْدَ النَّظَرِ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ تَرْكُ قَصْدِهِ وَتَرْكُ الشَّهَادَةِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا تَنَاقُضٌ) أَيْ تَخَالُفٌ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ) ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا إشْكَالَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِرْسَالَ عَلَى الزِّنَا مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْمُكْثِ مَعَ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ مَعَ وُجُودِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ النَّظَرُ لِلْفَرْجِ لِلْعَيْبِ بِخِلَافِ النَّظَرِ لِلْفَرْجِ لِلتَّحَمُّلِ فَإِنَّ فِيهِ رَفْعَ مُنْكَرٍ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ النَّظَرِ بَلْ يَجُوزُ قَصْدُ النَّظَرِ، وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ الزِّنَا ابْتِدَاءً خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الزَّانِيَ صَارَ مُتَجَاهِرًا بِذَلِكَ حَيْثُ يَقْدَمُ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ وُجُودِ الْغَيْرِ، وَلَا يُبَالِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَلَمَّحُ) أَيْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ الْقَيْدُ أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْقَيْدِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ يَنْبَغِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْوُجُوبَ وَأَصْلُ النَّصِّ يَنْبَغِي فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ النَّدْبَ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: كَالسَّرِقَةِ) يُنْدَبُ سُؤَالُ شَاهِدَيْهَا عَنْ كَيْفِيَّةِ تَوَصُّلِهِمَا لِمَا شَهِدُوا بِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا هِيَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ أَيْ مِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ هِيَ، وَقَوْلُهُ: وَكَيْفَ أُخِذَتْ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَأَيْنَ ذَهَبُوا هَذَا مُفَادُ التَّشْبِيهِ فَذِكْرُهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ (قَوْلُهُ: وَهَلْ كَانَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ زِيَادَةَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ مَنْدُوبٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 كَيْفَ أَخَذُوهَا، وَإِلَى أَيْنَ ذَهَبُوا بِهَا، وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَمِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ هِيَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَيْ وَنُدِبَ سُؤَالُهُمْ عَمَّا لَيْسَ شَرْطًا فِي الشَّهَادَةِ كَمَا يُنْدَبُ سُؤَالُهُمْ فِي السَّرِقَةِ عَمَّا لَيْسَ شَرْطًا فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا ذُكِرَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَحُدُّوا وَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مَنْدُوبًا وَتَنْظِيرُ الزَّرْقَانِيِّ فِي الْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ قُصُورٌ مِنْهُ. (ص) وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا آيِلٍ لَهُ كَعِتْقٍ وَرَجْعَةٍ وَكِتَابَةٍ عَدْلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ، وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يَئُولُ إلَيْهِ لَا يَكْفِي فِيهِ إلَّا شَاهِدَانِ مِنْ ذَلِكَ الْعِتْقُ، وَهُوَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى عَاقِدَيْنِ، وَفِيهِ إخْرَاجٌ وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ، وَالطَّلَاقُ غَيْرُ الْخُلْعِ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَالْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ الْمَالِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَاءُ وَالتَّدْبِيرُ، وَمِنْ ذَلِكَ الرَّجْعَةُ، وَهِيَ كَالْعِتْقِ إلَّا أَنَّ فِيهِ إدْخَالًا، وَمِثْلُهُ الِاسْتِلْحَاقُ وَالْإِسْلَامُ وَالرِّدَّةُ، وَيُنَاسِبُهُ الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ، وَهِيَ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ، وَمِثْلُهُ النِّكَاحُ وَالْوَكَالَةُ فِي غَيْرِ الْمَالِ وَالْخُلْعِ، وَتَلْحَقُ بِهِ الْعِدَّةُ أَيْ تَارِيخُ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ لَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فَظَهَرَ مِنْ   [حاشية العدوي] أَيْ بِأَنْ أَدْخَلَهُ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَيَكُونُ إطْلَاقُ الْإِدْخَالِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ إدْخَالِ فَرْجِهِ فِي فَرْجِهَا وَهَذَا مُحْتَمِلٌ لِلْإِدْخَالِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ تَعْيِينِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا يُنْدَبُ سُؤَالُهُمْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ التَّعْبِيرِ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: قُصُورٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إخْرَاجٌ) أَيْ إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ) هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُثْبِتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْوَقْفِ إخْرَاجَ الْمَنْفَعَةِ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَالذَّاتُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ لِقَوْلِهِ، وَالْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: وَالطَّلَاقُ غَيْرُ الْخُلْعِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ، وَفِيهِ إخْرَاجُ الْمَرْأَةِ عَنْ الْعِصْمَةِ أَيْ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ) أَيْ ادَّعَى الْجَانِي عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ، وَفِيهِ إخْرَاجٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَهُ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ فَالْعَفْوُ عَنْهُ مُخْرِجٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ الْمَالِ كَمَا إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى نِكَاحِ بَنَاتِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ تُوقَفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ الْمَالِ إخْرَاجُ النَّظَرِ عَنْ نَفْسِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالْمَالِ فَيَكْفِي فِيهَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَفِي الْوَصِيَّةِ إخْرَاجٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فَبِالْوَصِيَّةِ أَخْرَجَهُ عَنْهُ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْوَصِيِّ تِلْكَ الْوِصَايَةَ فَقَدْ تَوَقَّفَ عَلَى عَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَاءُ وَالتَّدْبِيرُ) أَيْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ وَلَاءٌ عَلَى فُلَانٍ لِكَوْنِهِ أَعْتَقَهُ أَوْ ابْنَهُ أَعْتَقَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ ادَّعَى الْمُدَبَّرُ أَنَّ سَيِّدَهُ دَبَّرَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِ يَلْحَقُ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَمَثَّلَهُ لِكَوْنِهِ لَا عَقْدَ فِيهِ، وَأَمَّا التَّدْبِيرُ فَهُوَ عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ، وَفِيهِ إخْرَاجٌ فَلَا يُنَاسِبُهُ أَنْ يَذْكُرَهُ مَعَ الْوَلَاءِ بَلْ يَعْطِفُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ الرَّجْعَةُ) ادَّعَتْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجٍ مُنْكِرٍ لِرَجْعَتِهَا أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَتُقِيمُ شَاهِدَيْنِ، وَكَذَا دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا يَخْلُو حَالُهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْعِدَّةِ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ، وَلَا يَحْصُلُ الِاسْتِحْبَابُ إلَّا بِإِشْهَادِ عَدْلَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ كَالْعِتْقِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَمْرٌ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ، وَهُوَ الرَّجْعَةُ وَمِثْلُهُ أَيْ مِثْلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الرَّجْعَةِ الِاسْتِلْحَاقُ بِأَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ أَنَّ عَمْرًا الْمَشْهُورَ النَّسَبِ أَخُوهُ فَيُنْكِرُ الْأَخُ الثَّانِي كَوْنَهُ أَخَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي الِاسْتِلْحَاقِ إدْخَالًا، وَقَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامُ مَثَلًا زَيْدٌ كَافِرٌ وَلَهُ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَفِي الْإِسْلَامِ إدْخَالٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَالرِّدَّةُ مَاتَ زَيْدٌ، وَلَهُ وَلَدَانِ فَادَّعَى أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ أَنَّهُ كَانَ حِينَ مَاتَ الْأَبُ ارْتَدَّ أَخُوهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الدَّعْوَى آلَتْ إلَى مَالٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الِارْتِدَادَ إخْرَاجٌ، وَقَوْلُهُ: وَيُنَاسِبُهُ أَيْ الرَّجْعَةُ، وَذَكَرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ الْإِحْلَالَ، وَالْمُنَاسَبَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِحْلَالَ إدْخَالٌ لِلزَّوْجَةِ فِي حَوْزِ الزَّوْجِ عَبَّرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَقْدَيْنِ، وَصُورَتُهُ زَيْدٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فَحَلَّتْ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَالْإِحْصَانُ صُورَتُهُ زَيْدٌ زَنَى وَادَّعَى عَلَيْهِ عَمْرٌو أَنَّهُ مُحْصَنٌ لِيَرْجُمَهُ وَأَنْكَرَ زَيْدٌ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَفِيهِ إدْخَالٌ أَيْ فِي الْإِحْصَانِ إدْخَالٌ مِنْ جِهَةِ الْكَمَالِ قَوْلُهُ: (وَهِيَ عَقْدٌ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ النِّكَاحُ أَيْ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا زَوْجُ بِنْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَالْوَكَالَةُ فِي غَيْرِ الْمَالِ أَيْ بِأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى عَقْدِ نِكَاحِ ابْنَتِهِ أَيْ وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فِي الْمَالِ فَتَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا تَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ يَكْفِي فِيهَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَقَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ أَيْ بِأَنْ تَدَّعِيَ أَنَّ زَوْجَهَا خَالَعَهَا، وَهِيَ بَائِنٌ مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَالْخُلْعُ يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ الزَّوْجُ وَمُعْطِي الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَارِيخِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ) فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا مَاتَ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَعِدَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ وَخَالَفَهَا غَيْرُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا، وَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ: لَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْمُرَادُ عِدَّةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَهِيَ عِدَّةُ الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ لِكَوْنِ الْمَرْأَةِ تُصَدَّقُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فِي الْمَوْتِ لِكَوْنِ النِّكَاحِ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَالْحَالُ أَنْ يَوْمَ الْوَفَاةِ مَعْلُومٌ وَإِنَّمَا قَالَ: وَيَلْحَقُ بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ عَقْدًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 هَذَا تَغَايُرُ الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مَثَّلَ بِهَا الْمُؤَلِّفُ وَمَا فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِ الْمَوْتِ، وَيَرِثُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى فِي مَالٍ، وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ كَشَاهِدٍ بِوَقْفٍ إلَخْ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ، أَوْ مَبْنِيًّا عَلَى كَوْنِ الْوَقْفِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. (ص) وَإِلَّا فَعَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ الْمَالَ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ فَالْبَاءُ فِي بِيَمِينٍ بِمَعْنَى مَعَ ثُمَّ مَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ وَشُفْعَةٍ وَإِجَارَةٍ وَجَرْحٍ خَطَأٍ أَوْ مَالٍ وَأَدَاءِ كِتَابَةٍ وَإِيصَاءٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ) مِنْهَا الْأَجَلُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت عَلَى النَّقْدِ، وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي: بَلْ اشْتَرَيْت إلَى أَجَلٍ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي ابْتِدَائِهِ وَدَوَامِهِ أَوْ انْقِضَائِهِ وَانْصِرَامِهِ، وَمِنْهَا الْخِيَارُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت عَلَى الْبَتِّ، وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي: إنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَئُولُ إلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ بِالْبَتِّ وَالْخِيَارِ، وَمِنْهَا الشُّفْعَةُ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّرِيكِ: أَسْقَطْت شُفْعَتَك، وَيَقُولَ الشَّفِيعُ: لَمْ أُسْقِطْهَا وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ أَخْذٍ وَتَرْكٍ وَغَيْبَةِ الشَّفِيعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا الْإِجَارَةُ بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ: آجَرْتنِي بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا، وَيَقُولُ الْمَالِكُ: لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنِّي، وَمِنْهَا جُرْحُ الْخَطَأِ بِأَنْ يَقُولَ الْمَجْرُوحُ لِشَخْصٍ مُكَلَّفٍ: أَنْتَ جَرَحْتنِي، وَيُنْكِرَ الْآخَرُ، أَوْ جُرْحُ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ الَّتِي لَا يُقْتَصُّ فِيهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْمَتَالِفِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَمِنْهَا أَدَاءُ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ مَا وَصَلَ إلَيَّ شَيْءٌ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَالَ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ: بَلْ أَدَّيْت نُجُومَ الْكِتَابَةِ إلَيْك بِتَمَامِهَا، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي حَتَّى فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى الْعِتْقِ، وَمِنْهَا الْإِيصَاءُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ سَوَاءٌ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَكِنْ قَبْلَ وَفَاتِهِ يَكُونُ وَكَالَةً وَبَعْدَهُ وَصِيَّةً، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ، وَأُجِيبَتْ بِأَنَّ هَذَا إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ كَمَا إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ أَوْ الْوَصَايَا بِأُجْرَةٍ أَوْ رَهْنٍ مَثَلًا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ سِلْعَةٍ لِيَجْعَلَهَا رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ نَفْعٌ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَتْ الْوَصَايَا أَوْ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْمُوصِي إنْ كَانَ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْوَصِيِّ وَأَمَّا مُطْلَقُ وَصِيٍّ أَيْ أَنَّهُ وَصِيٌّ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مِثْلَ مُطْلَقِ وَكِيلٍ فَإِذَا كَانَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: مَعَ شَاهِدِ الْمَوْتِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا فَتَحْلِفُ مَعَهُ وَتَرِثُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْوَقْفِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ حِكْمَةُ تَعْدَادِ الْمُصَنِّفِ الْأَمْثِلَةَ. (قَوْلُهُ: فَالْبَاءُ فِي بِيَمِينٍ بِمَعْنَى مَعَ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ وَلِذَا شَهِدَتَا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، وَإِنْ طَالَ دَيْنٌ فَفَائِدَةُ حَلِفِهِ عَدَمُ سَجْنِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: كَأَجَلٍ إلَخْ) دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْبَيْعِ، وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا شَاهِدًا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ مَعَ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ اشْتَرَيْت إلَى أَجَلٍ) أَيْ فَهُوَ الْمُدَّعِي فَتَثْبُتُ دَعْوَاهُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ فَالْأَصْلُ النَّقْدُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي أُسْلُوبٍ آخَرَ كَأَنْ يَقُولَ: وَكَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى التَّأْجِيلِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ: إنَّ مَبْدَأَهَا الْقَعْدَةُ فَالْأَجَلُ بَاقٍ لَمْ يَنْقَضِ، وَيَقُولُ الْبَائِعُ: إنَّ مَبْدَأَهَا شَوَّالٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْأَجَلِ فَيَقْبَلُ دَعْوَى خَصْمِهِ الْمُدَّعِي الِانْقِضَاءَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ يَمِينٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ انْقِضَائِهِ الْمُنَاسِبُ الْوَاوُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَدَّعِي الِانْقِضَاءَ وَالثَّانِي يَدَّعِي الْبَقَاءَ قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت عَلَى الْبَتِّ إلَخْ) أَيْ فَالْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ الْبَائِعُ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَسْقَطْت شُفْعَتَك إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْإِسْقَاطِ فَإِذَنْ مَنْ ادَّعَى الْإِسْقَاطَ هُوَ الْمُدَّعِي فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذٍ وَتَرْكٍ) أَيْ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ فَادَّعَى الشَّفِيعُ بَعْدَهَا أَنَّهُ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الشَّفِيعِ الْبَيِّنَةُ إمَّا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَغَيْبَةِ الشَّفِيعِ) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا غَابَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: أَنْتِ عَلِمْت بِالْبَيْعِ وَغِبْت غَيْبَةً بَعِيدَةً فَلَا شُفْعَةَ لَك، وَقَالَ الشَّفِيعُ: مَا عَلِمْت بِالْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ إمَّا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمَالِكُ إلَخْ) فَالْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ الْمَالِكُ فَيُثْبِتُ دَعْوَى غَيْرِهِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمَالِكُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ فَخَصْمُهُ لَا يُثْبِتُ دَعْوَاهُ إلَّا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: جُرْحُ الْخَطَأِ) وَمِثْلُهُ قَتْلُ الْخَطَأِ، وَقَوْلُهُ: وَيُنْكِرُ الْآخَرُ، هَذَا الْمُنْكِرُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ فَخَصْمُهُ لَا تَثْبُتُ دَعْوَاهُ إلَّا بِمَا قُلْنَا وَقَوْلُهُ بَلْ أَدَّيْت إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ السَّيِّدِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ نَفْعٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدَيْنِ، وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَيَمِينٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُطْلَقُ وَصِيٍّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: الْإِيصَاءُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ أَيْ فَالْوَصِيَّةُ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ وَصِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَوَصِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ فَالْمُقَيَّدَةُ مَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ الَّتِي يَشْرَعُ فِيهَا مُطْلَقَةٌ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمُطْلَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلشَّاهِدِ نَفْعٌ فَيُكْتَفَى بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ لَا فَرْقَ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 لِلْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ نَفْعٌ فِي الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ كَفَى الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ (ص) أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ كَالشَّهَادَةِ بِأَجَلٍ، أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ أَيْ بِالْمَالِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَرَادَ طَلَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحُكْمِ، وَعِنْدَهُ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ يَشْهَدُونَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي. (ص) كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ وَتَقَدُّمِ دَيْنٍ عَتَقَا وَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكْفِي الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ تَقَدُّمُ الدَّيْنِ عَلَى الْعِتْقِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي الْغُرَمَاءُ أَرْبَابُ الدَّيْنِ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ إذَا أَرَادَ رَدَّ الْعِتْقِ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى تَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْيَمِينِ، وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ. (ص) وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ كَوِلَادَةٍ وَعَيْبِ فَرْجٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَحَيْضٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مِنْ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ، وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا تَظْهَرُ لِلرِّجَالِ، وَإِنَّمَا عَدَّ الشَّارِحُ الْمَرَاتِبَ أَوَّلًا ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّ الْمَرْتَبَةَ الثَّالِثَةَ تَحْتَهَا مَرْتَبَتَانِ مِنْهَا الْوِلَادَةُ يَكْفِي فِيهَا شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ وَسَوَاءٌ حَضَرَ شَخْصُ الْمَوْلُودِ أَوْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا فِي شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: كَوِلَادَةٍ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ وَعَدَمِهَا فَشَيْءٌ آخَرُ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ، وَمِنْهَا إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي عَيْبِ فَرْجِ الْأَمَةِ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَنْظُرْنَ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْحُرَّةِ فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي عَيْبِ فَرْجِهَا، وَلَا يَنْظُرُ النِّسَاءُ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَمِنْهَا الِاسْتِهْلَالُ بِأَنَّ الْوَلَدَ نَزَلَ مُسْتَهِلًّا صَارِخًا أَوْ غَيْرَ صَارِخٍ، وَسَوَاءٌ الْحَرَائِرُ وَالْإِمَاءُ فَيُقْبَلُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ، وَمِثْلُهُ إذَا قُلْنَ إنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَمِنْهَا الْحَيْضُ فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ   [حاشية العدوي] الْوَصِيَّةِ بَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ، وَأَمَّا إذَا انْتَفَى النَّفْعُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْمُطْلَقَةِ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَيَكْفِي شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ قُلْت: الْمُطْلَقُ شَامِلٌ لِإِنْكَاحِ بَنَاتِهِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُطْلَقُ شَامِلًا لِلْإِنْكَاحِ وَغَيْرِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَعَ النَّفْعِ يَكْفِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، وَلَوْ كَانَ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِ بَنَاتِ الْمُوصِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ نَفْعٌ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَاَلَّذِي فِي عج مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا مُطْلَقُ وَصِيٍّ أَيْ أَنَّهُ وَصِيٌّ أَوْ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَأَطْلَقَ بِدُونِ تَقْيِيدٍ بِهَذَا الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ) تَقَدُّمَ الدَّيْنِ لَيُبْطِلَ عِتْقَهُ لِكَوْنِهِ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الرِّقِّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لعب وشب فِي قَوْلِهِمَا: إنَّ الْعَبْدَ ادَّعَى الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْقِصَاصُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ) ادَّعَى أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا، وَفِيهِ الْقِصَاصُ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمَالٌ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُرْحِ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَرْتَبَةَ الثَّالِثَةَ إلَخْ) الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى مِنْ الْمَرْتَبَتَيْنِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ، وَالثَّانِيَةُ: الْمَرْأَتَانِ فَلَا مُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ: الْمَرَاتِبُ ثَلَاثَةٌ وَبَيْنَ مَنْ يَقُولُ: الْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ: الْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةٌ تَعْدَادُهَا يَقُولُ: أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ عَدْلَانِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ امْرَأَتَانِ، وَمَنْ يَقُولُ: ثَلَاثَةٌ يَقُولُ الْمَرَاتِبُ ثَلَاثَةٌ أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ عَدْلَانِ، الثَّالِثَةُ إمَّا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ امْرَأَتَانِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ حَضَرَ شَخْصُ الْمَوْلُودِ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ) بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّ الْكَلْبَ أَكَلَهُ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِاشْتِرَاطِ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) ، وَهُوَ أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ جَاءَتْ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَا كَذَلِكَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: كَوِلَادَةٍ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ) فَيَحْصُلُ بِوِلَادَةِ الْحُرَّةِ الْخُرُوجُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ، وَيَحْصُلُ بِوِلَادَةِ الْأَمَةِ صَيْرُورَتُهَا أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا مَثَلًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلسَّيِّدِ فَلَا تُبَاعُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُثْبِتَ ذَلِكَ بِعَدْلَيْنِ، وَلَا يُكْتَفَى بِمَا عَدَاهُمَا، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ لَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ فَيَكْفِي فِيهَا امْرَأَتَانِ، وَتَثْبُتُ أُمُومَةُ الْوَلَدِ تَبَعًا فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعٍ فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَوْضُوعُ لَهُمَا حَتَّى يَأْتِيَ التَّعَارُضُ قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْظُرُ النِّسَاءُ لَهَا) لَكِنْ إنْ مُكِّنَتْ النِّسَاءُ كَفَى فِي ذَلِكَ الْمَرْأَتَانِ كَمَا إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ بِفَرْجِهَا بَرَصًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) فِيهَا شَيْءٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَيْبَ الْحُرَّةِ يُفَصَّلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِوَجْهِهَا أَوْ يَدَيْهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَمَا كَانَ بِفَرْجِهَا تُصَدَّقُ فِيهِ، وَمَا كَانَ بِغَيْرِ فَرْجِهَا وَأَطْرَافِهَا مِنْ بَاقِي جَسَدِهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَلَدَ اسْتَهَلَّ صَارِخًا إلَخْ) إذْ الْأَصْلُ اسْتِهْلَالُهُ غَيْرَ صَارِخٍ فَمُدَّعِيهِ لَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتٍ فَاَلَّذِي يَحْتَاجُ لِلْإِثْبَاتِ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ اسْتَهَلَّ صَارِخًا أَيْ وَإِثْبَاتُ أَنَّهُ اسْتَهَلَّ صَارِخًا يَكُونُ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى أَنَّهُ اسْتَهَلَّ صَارِخًا الْإِرْثُ، وَعَلَى عَدَمِهِ عَدَمُ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: صَارِخًا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُسْتَهِلًّا وَظَهَرَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ صَارِخٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَهَلَّ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتٍ وَاَلَّذِي يَدَّعِي عَدَمَهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْحَيْضُ فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ) فَيَكْفِي فِي ذَلِكَ امْرَأَتَانِ فَتَخْرُجُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ بِذَلِكَ قَالَ فِي ك: وَلَا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي رُؤْيَةِ الْحَيْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 ؛ لِأَنَّهُنَّ يُصَدَّقْنَ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ سَبْقِيَّتِهِ أَوْ مَوْتٍ وَلَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ وَنَحْوُهُ (ش) فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَى قَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ مُنْخَرِطًا فِي سِلْكِ مَا يُقْبَلُ فِيهِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَحَلَفَتْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتٍ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ شَهِدَ بِهِ بَعْدَ مَوْتٍ وَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الشَّهَادَةُ بِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَيُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ أَوْ وَقَعَتْ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ زَوْجَةٌ، وَلَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَلَا مُدَبَّرٌ، وَلَا نَحْوُهُ وَلَيْسَ إلَّا قَسْمُ الْمَالِ فَقَوْلُهُ، وَلَا زَوْجَةٌ إلَخْ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ وَمَوْتٍ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلسَّبْقِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَوْتَهُمَا ثَابِتٌ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّهَادَةِ الْمَالُ وَالْوَاوُ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا زَوْجَةٌ، وَلَا مُدَبَّرٌ بِمَعْنَى أَوْ. (ص) وَثَبَتَ الْإِرْثُ وَالنَّسَبُ لَهُ وَعَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ (ش) يَجِبُ أَنْ يُوصِلَ بِقَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ كَوِلَادَةٍ فَإِنَّ النَّسَبَ وَالْمِيرَاثَ يَثْبُتَانِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ لِلْمَوْلُودِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ شَهِدَتَا أَنَّهُ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ بَعْدَ أُمِّهِ وَرِثَهَا وَوَرِثَهُ وَارِثُهُ وَبِعِبَارَةٍ ثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ أَيْ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَيْ لِمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَأَمَّا النَّسَبُ فَظَاهِرٌ فَقَوْلُهُ: لَهُ وَعَلَيْهِ رَاجِعَانِ لِلْإِرْثِ لَا لِلنَّسَبِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَهُ وَعَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ لَهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الْإِرْثِ لَكَانَ أَوْلَى. (ص) وَالْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا شَهِدَ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ بِسَرِقَةِ شَخْصٍ رُبُعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ السَّارِقُ الْمَالَ ضَمَانَ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ لَمْ تَثْبُتْ؛ إذْ شَرْطُهَا شَاهِدَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَالْمُتَخَلِّفُ شَرْطُ الْقَطْعِ. (ص) وَكَقَتْلِ عَبْدٍ آخَرَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمَالُ دُونَ الْقَتْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينِ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ فَإِنَّ الْمَالَ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ الْجَانِي إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ يَثْبُتُ دُونَ الْقَتْلِ إذْ لَا يُقْتَلُ عَبْدٌ بِمُمَاثِلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي. وَلَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ الْأَرْبَعِ إذَا تَمَّتْ ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا، وَهُوَ مُنْخَرِطٌ فِي سِلْكِ مَا يُوجِبُ حُكْمًا غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْحَيْلُولَةِ وَيُقَالُ لَهَا الْعُقْلَةُ وَيُقَالُ لَهَا الْإِيقَافُ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَحِيلَتْ أَمَةٌ مُطْلَقًا كَغَيْرِهَا إنْ طَلَبَتْ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بِيَدِهِ أَمَةٌ فَنَازَعَهُ إنْسَانٌ فِيهَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا عَدْلًا أَوْ أَقَامَ اثْنَيْنِ يَحْتَاجَانِ إلَى مَنْ يُزْكِيهِمَا فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ رَائِعَةً أَوْ لَا كَانَ الَّذِي هِيَ بِيَدِهِ مَأْمُونًا عَلَيْهَا أَوْ لَا طَلَبَتْ الْحَيْلُولَةَ أَمْ لَا   [حاشية العدوي] لِأَمَتِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِمَادِهِ عَلَى امْرَأَتَيْنِ إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا فَتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: دُونَ النِّكَاحِ أَيْ فَلَا يَطْلُبُ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: لَا يَصِحُّ الْمِيرَاثُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ مَاتَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ وَرَثَةَ الزَّوْجَةِ ادَّعَوْا سَبْقَ مَوْتِ الزَّوْجِ، وَقَدْ وَرِثَتْهُ زَوْجَتُهُ وَوَرَثَةُ الزَّوْجِ يَقُولُونَ: إنَّهُمَا مَاتَا سَوَاءٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا فَالْبَيِّنَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى السَّبْقِيَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَتْ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ) صُورَتُهُ ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ مَاتَ وَقَصَدَ أَخْذَ الْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ زَوْجَةٌ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ لِمَا يَلْزَمُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا مِنْ ثُبُوتِ عِدَّةِ الْمَوْتِ بِدُونِ شَاهِدَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا مُدَبَّرٍ يَخْرُجُ حُرًّا بِالْمَوْتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مُدَبَّرٌ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ ذَلِكَ شَهَادَةُ الْعَدْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ أَيْ كَأُمِّ وَلَدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ خُرُوجَ الْمُدَبَّرِ مِنْ الثُّلُثِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا يَكُونُ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ مَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ امْرَأَتَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: يَجِبُ أَنْ يُوصَلَ إلَخْ أَيْ فَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: أَوْ عَيْبِ فَرْجٍ، وَمَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لِوِلَادَةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَا يَرْجِعُ لِلنَّسَبِ) أَقُولُ: بَلْ يَصِحُّ رُجُوعُهُ لَهُ، وَذَلِكَ فِي الْمَوْلُودِ الْمَيِّتِ يُقَالُ: ثَبَتَ النَّسَبُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ قَوْلَهُ، وَعَلَيْهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْإِرْثِ وَالنَّسَبِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ لَهُ وَعَلَيْهِ ثُبُوتُ الْإِرْثِ وَيُجْعَلَانِ رَاجِعَيْنِ لِقَوْلِهِ: النَّسَبُ، وَيَخُصُّ، قَوْلُهُ وَثَبَتَ الْإِرْثُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: ضَمَانَ الْغَاصِبِ) أَيْ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا (قَوْلُهُ: ضَمَانَ السَّارِقِ) أَيْ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَيْسَرَ مِنْ يَوْمِ الْأَخْذِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْغُرْمِ (قَوْلُهُ: وَكَقَتْلِ عَبْدٍ آخَرَ) أَيْ وَكَقَتْلِ عَبْدٍ عَبْدًا آخَرَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَبْدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: شَهِدَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ) الْمُرَادُ بِالرَّجُلِ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي أَقَامَ الشَّاهِدَ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَ حُكْمَ مَرَاتِبِ) أَيْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: وَثَبَتَ الْإِرْثُ إلَخْ أَيْ ذَكَرَ حُكْمَ بَعْضِ الْمَرَاتِبِ، وَقَوْلُهُ: ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَتَمَامُهَا تَزْكِيَةُ الْعُدُولِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُنْخَرِطٌ) أَيْ أَنَّ مَا يَتَرَتَّبُ دَاخِلٌ فِي سِلْكِ مَا يُوجِبُ حُكْمًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حُكْمًا غَيْرُ الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْمِلْكِيَّةُ كَمَا أَنَّ الْمَالَ فِي قَوْلِهِ وَكَقَتْلِ عَبْدٍ آخَرَ غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ، وَالْمَالُ غَيْرُهُ فَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى الشَّهَادَةِ حُكْمًا غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي السَّرِقَةِ: إنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْقَطْعُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ، وَالضَّمَانُ الثَّابِتُ ضَمَانُ الْغَصْبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعِي الْعُسْرَ وَالْيُسْرَ كَمَا يَأْتِي كَانَ الثَّابِتُ حُكْمًا غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا يُوجِبُ حُكْمًا) أَيْ الَّذِي هُوَ الْحَيْلُولَةُ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهَا إنْ طَلَبَتْ) أَيْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِغَلْقٍ كَالدَّارِ وَمَنْعِ الْمُكْتَرِي مِنْ حَرْثِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: طَلَبَتْ الْحَيْلُولَةَ أَمْ لَا) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 ادَّعَتْ الْأَمَةُ الْحُرِّيَّةَ أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ مِلْكَهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّامِلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مَأْمُونًا فَلَا حَيْلُولَةَ وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا غَيْرَ الْأَمَةِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ عَدْلًا أَوْ أَقَامَ اثْنَيْنِ يُزَكَّيَانِ فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إنْ طُلِبَتْ الْحَيْلُولَةُ، وَإِلَّا فَلَا فَضَمِيرُ طَلَبَتْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ عَائِدٌ عَلَى الْحَيْلُولَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ حِيلَتْ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرٌ مُؤَنَّثٌ مُتَّصِلٌ فَالتَّأْنِيثُ وَاجِبٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ طُلِبَ بِتَرْكِ التَّاءِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ مُذَكَّرًا عَائِدًا عَلَى الْمَنْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ أَوْ رَاجِعًا لِلْمُدَّعَى لَكِنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ: (بِعَدْلٍ أَوْ اثْنَيْنِ يُزَكَّيَانِ) مُتَعَلِّقٌ بِحِيلَتْ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ وَحِيلَتْ أَمَةٌ إلَخْ بِسَبَبِ إقَامَةِ عَدْلٍ يَشْهَدُ لِمُدَّعِي مَا ذُكِرَ أَوْ اثْنَيْنِ مَجْهُولَيْنِ يُزَكَّيَانِ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ. (ص) وَبِيعَ مَا يَفْسُدُ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ مَعَهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلشَّاهِدَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنْ ضَاعَ أَوْ تَلِفَ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ مُتَعَلِّقُ وُقِفَ مَحْذُوفٌ، وَقَوْلُهُ: مَعَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِ " بَيْعُ "، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَبِيعَ مَعَ شَهَادَتِهِمَا وَوُقِفَ ثَمَنُهُ بِيَدِ عَدْلٍ (ص) بِخِلَافِ الْعَدْلِ فَيَحْلِفُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ أَقَامَ عَدْلًا يَشْهَدُ فِي شَيْءٍ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْعَدْلِ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ تَرَكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ بِيَدِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِالنُّكُولِ وَالشَّاهِدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ يَبْقَى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي إنْ أَتَى بِالشَّاهِدِ الثَّانِي وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُتْرَكُ بِيَدِهِ حَوْزًا فَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ وَيَبْقَى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ تَقْرِيرٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ، وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ كَمَا فِي الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ بَلْ جُعِلَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّ مُقِيمَ الْعَدْلِ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَلَمَّا تَرَكَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا صَارَ كَأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ وَمَا قَرَّرْتُهُ مِنْ أَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ إلَخْ هُوَ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ وَأَبُو حَفْصٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ: لَا أَحْلِفُ الْآنَ لِأَنِّي أَرْجُو شَاهِدًا ثَانِيًا، وَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ حَلَفْت فَإِنَّ الْمُدَّعَى فِيهِ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ بِيَدِ عَدْلٍ كَمَا فِي الْأُولَى. (ص) وَإِنْ سَأَلَ ذُو الْعَدْلِ أَوْ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَضَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ أُجِيبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا عَدْلًا وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ، وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ حَقُّهُ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا مِثْلُ هَذَا وَسَأَلَ الْمُدَّعِي وَضْعَ قِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِيَذْهَبَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ إلَى بَلَدٍ لَهُ   [حاشية العدوي] هَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ادَّعَتْ الْأَمَةُ الْحُرِّيَّةَ) أَيْ عَلَى تَقْرِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ مِلْكَهَا عَلَى تَقْرِيرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ تَقْرِيرُهُ مَعَ تَقْرِيرِ تِلْمِيذِهِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) وَكَذَلِكَ إنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ حَيْلُولَةِ الْمَأْمُونِ، وَلَوْ سَافَرَ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَاعِلَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي الْحَيْلُولَةَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُدَّعِي، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْعِ فَهُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا بَيِّنَةُ سَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ ثِقَاتٍ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِحِيلَتْ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى التَّشْبِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قَصْرُ الْعَدْلِ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي التَّشْبِيهِ التَّمَامَ لَكِنَّ تَأْخِيرَهُ عَنْهَا يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِمَا بَعْدَهَا عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ ثَمَنُهُ مَعَهُمَا) أَقُولُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَحْتَاجُ لِلتَّزْكِيَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) أَيْ قَبْلَ تَزْكِيَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُقَامَيْنِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقَاضِي) أَيْ وَالْقَاضِي إمَّا أَنْ يَضَعَهُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ يَنْظُرُهُ فَلَا تُخَالِفْ الْعِبَارَةَ الْآتِيَةَ. (قَوْلُهُ: يَشْهَدُ فِي شَيْءٍ) أَيْ مِمَّا يَسْرُعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي) أَيْ، وَلَوْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُتْرَكُ بِيَدِهِ حَوْزًا إلَخْ) أَقُولُ: كَيْفَ يُعْقَلُ هَذَا، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ؛ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ عج أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ مِلْكًا لَا حَوْزًا (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) كَانَ الْأَوْلَى الْإِضْمَارَ، وَيَبْقَى بِيَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ) هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَبِعْ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى إشْكَالٍ وَجَوَابُهُ: وَنَصُّ الْإِشْكَالِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ لَمَّا وُقِفَ مَعَ الْوَاحِدِ وُقِفَ مَعَ الِاثْنَيْنِ فَمَا الْفَرْقُ فَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ مُقِيمَ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَأَلَ ذُو الْعَدْلِ) وَمِثْلُهُ مُقِيمٌ مَجْهُولَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي إجَابَتُهُ لِئَلَّا يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي مِنْهُ الْبَيِّنَةُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ) أَيْ، وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ هَذَا وَاَلَّتِي قَطَعَتْ هِيَ الَّتِي تَقُولُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ أَوْ بِيَدِ عَدْلٍ بِإِذْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 فِيهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى سُؤَالِهِ، وَيُمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي طَلَبَهُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَاوُ الْحَالِ؛ لِأَنَّهَا إذَا قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ فَيَكْفِي وَلَا يَحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَيُمْكِنُ إبْقَاءُ الْوَاوِ عَلَى حَالِهَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَيَكُونُ مَا قَبْلَهَا حَيْثُ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ أَوْ بِيَدِهِ، وَلَمْ يَحْلِفْ الطَّالِبُ مَعَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ أَيْ سَمَاعًا فَاشِيًا بِشَرْطِهِ بِأَنْ يَكُونَ سَمَاعًا فَاشِيًا، وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ وَحَلَفَ مَعَهَا. (ص) لَا إنْ انْتَفَيَا وَطَلَبَ إيقَافَهُ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ بِكَيَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ فَيُوقَفُ وَيُوَكَّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلْعَدْلِ وَلِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي عَدْلًا، وَلَا شَهَادَةَ سَمَاعٍ وَطَلَبَ إيقَافَ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَطَلَبَ وَضْعَ قِيمَتِهِ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الْمَالِكِ وَإِبْطَالَ مَنْفَعَةِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ تَشْهَدُ لِي بِمَا ادَّعَيْت بِهِ أَوْ قَالَ: عِنْدِي بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُوقِفُ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ وَيُوَكِّلُ الرَّسُولَ بِحِفْظِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِمَا قَالَ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا قَالَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ مِنْ غَيْرِ كَفِيلٍ. (ص) وَالْغَلَّةُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَانَ مِنْهُ وَأَمَّا النَّفَقَةُ عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ يَوْمِ الدَّعْوَى إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ   [حاشية العدوي] الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عَيَّنَتْهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مَا قَبْلَهَا) أَيْ هَذَا إذَا قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ أَيْ وَيُحْمَلُ مَا قَبْلَهَا عَلَى مَا إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ السَّمَاعِ وَهُمَا الْحَلِفُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِ حَائِزٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ) ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ: إنَّهُ عَبْدُ زَيْدٍ، وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ خَالِدٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ رَبِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ وَقَطَعَتْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ، وَحَلَفَ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهُ هَذَا حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَلَكِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ الْجَزْمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ هُوَ غَلَبَةُ ظَنِّهِمْ بِذَلِكَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَيَّنَهُ أَوْ مَثَّلَهُ فَلَا تَعَلُّقَ لَنَا بِهِ بَلْ الْمَوْضُوعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهَا لَمْ تُعَيِّنْهُ لَكِنْ تَارَةً تَجْزِمُ بِذَهَابِ عَبْدٍ لَهُ وَتَارَةً لَا، وَلَوْ عَيَّنَتْهُ قُبِلَتْ فِي كِلَا الْقِسْمَيْنِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَفَادَ ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: بِيَدِ حَائِزٍ) أَيْ غَيْرِ الْمُدَّعِي، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِهِ أَيْ بِيَدِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ الطَّالِبُ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْلِفْ أَيْ الطَّالِبُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ) وَإِنَّمَا شُرِطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى لَوْ طَلَبَ وَضْعَ قِيمَتِهِ وَيَذْهَبُ بِهِ لِبَلَدٍ لِيَشْهَدَ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ لَا يُجَابُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُجَابُ مَعَ الْعَدْلِ أَوْ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) الْمُرَادُ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ، وَصَرَّحَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ، وَأَقُولُ: إذَا كَانَ الْحَالُ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِلْكَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُجَابُ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَأَوْلَى الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: بَيِّنَةً حَاضِرَةً إلَخْ) أَيْ بِالْبَلَدِ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ) أَيْ السَّمَاعِ الْحَاضِرِ كَمَا أَفَادَهُ عج صَرِيحًا وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ شُيُوخِنَا وَغَيْرِهِمْ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا قَالَهُ ابْنُ فُجْلَةَ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً وَسَلَّمَهُ لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ الرَّسُولَ بِحِفْظِهِ) أَيْ بِحِفْظِ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ فَقَدْ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَيُوَكِّلُ بِهِ أَيْ وَهُوَ مَوْقُوفٌ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالْمُدَّعَى فِيهِ أَيْ يُوَكِّلُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِيَ بِبَيِّنَةٍ أَقُولُ: حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْإِتْيَانُ بِالْعَدْلِ وَالسَّمَاعِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ عَلَى عَيْنِهِ وَطَلَبَ إيقَافَهُ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَتِهِ الَّتِي عَلَى يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى بَيِّنَةً حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى الْإِيقَافِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعًا حَاضِرًا، وَمَعْنَى يَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِأَنْ تَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ بِأَنْ تَقُولَ هَذَا عَبْدُ فُلَانٍ فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ سَمَاعًا حَاضِرًا فَلَا يَأْتِي قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ كَمَا لَمْ يَأْتِ فِي قَوْلِهِ بَيِّنَةً حَاضِرَةً وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَقَالَ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً وَسَلَّمَهُ قَائِلًا فَإِنْ قِيلَ: قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بَيِّنَةً عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ وَجَعَلُوهُ هُنَا يُجَابُ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَحْتَاجُ لِتَزْكِيَةٍ، وَقَدْ يُجَرَّحُ فِيهَا بِخِلَافِ السَّمَاعِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ؛ فَلِذَلِكَ أُجِيبَ فِي السَّمَاعِ، وَلَمْ يُجَبْ فِي الْبَيِّنَةِ اهـ. ثُمَّ أَقُولُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً يَتَّكِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي كَيَوْمٍ فَإِنَّ غَايَةَ مَا تُدْخِلُ الْكَافُ يَوْمًا فَالْجُمْلَةُ يَوْمَانِ فَلَا بُعْدَ وَاَلَّذِي يَتَحَرَّرُ وَيَزُولُ بِهِ التَّعَبُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: حَاضِرَةً وَمِثْلُهَا مَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِكَيَوْمَيْنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعًا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا لَكِنْ عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ كَيَوْمَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُوَكِّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ، وَيَكُونُ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ فَقَطْ وَيَسْأَلُ حِينَئِذٍ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَالسَّمَاعِ فَقَدْ قُلْتُمْ إنَّ السَّمَاعَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ يُجَابُ لَهُ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُغْتَفَرُ إلَّا مَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 مِنْ يَوْمِ الْإِيقَافِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ فِي ذَهَابِهِ إلَى مَوْضِعِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى الذَّاهِبِ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ: وَالنَّفَقَةُ أَيْ فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ، وَمِنْهُ زَمَنُ الذَّهَابِ بِالْعَبْدِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَأَمَّا قَبْلَ الْإِيقَافِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالنَّفَقَةُ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (ص) وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ بِلَا يَمِينٍ (ش) الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَارَةً تَكُونُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَتَارَةً تَكُونُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَتَارَةً تَكُونُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ وَبَدَأَ بِالْأُولَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ جَائِزَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْإِقْرَارِ كِتَابَتُهُ فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى خَطِّ شَخْصٍ فِي وَرَقَةٍ مَكْتُوبَةٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ وَلَوْ شَهِدَ عَدْلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ فَالضَّمِيرُ فِي جَازَتْ لِلشَّهَادَةِ أَيْ أَدَاؤُهَا، وَقَوْلُهُ: عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ أَيْ مَنْ كَانَ مُقِرًّا وَأَمَّا الْآنَ فَهُوَ مُنْكِرٌ أَوْ سَمَّاهُ مُقِرًّا بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ إذْ فِيهِ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ كَذَا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ أَيْ مُتَمِّمَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُتَمِّمَةٍ لِلنِّصَابِ وَأَمَّا يَمِينُ الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ مَا بَاعَ، وَلَا وَهَبَ وَلَا أَبْرَأَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ إلَّا عَدْلَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الْوَاحِدِ كَالنَّقْلِ عَنْهُ، وَلَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ، وَلَوْ فِي الْمَالِ كَمَا صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ ثَابِتًا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ الَّتِي هِيَ أَقْوَى فَأَوْلَى أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ الَّتِي هِيَ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى تِلْكَ لَكِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّ كُلِّ شَاهِدٍ شَاهِدَانِ كَمَا يَأْتِي فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بِلَا يَمِينٍ أَيْ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الْقَضَاءِ كَمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِخَطِّهِ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا مِنْ الْفَطِنِ الْعَارِفِ بِالْخُطُوطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ قَدْ أَدْرَكَ ذَا الْخَطِّ. (ص) وَخَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ جَائِزَةٌ بِشَرْطِ بُعْدِ الْغَيْبَةِ فَلَا تَجُوزُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ   [حاشية العدوي] يَوْمٍ فَقَطْ، وَيُقَالُ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي أَبْدَاهُ عَلَى فَهْمِهِ وَظَهَرَ أَنَّ السَّمَاعَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ بِأَنْ تَقُولَ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ، وَالسَّمَاعُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ بَيِّنَةٌ سَمِعْت سَمَاعًا لَا يَثْبُتُ بِهِ بِأَنْ تَقُولَ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ هَرَبَ لَهُ عَبْدٌ مِثْلُ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَا مَحِيصَ عَنْهُ فَاحْفَظْهُ فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِوَضْعِ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَبْدِ بَاقِيًا عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يَأْخُذْهُ قُلْت إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِ الْعَبْدِ، وَلَا يَأْتِي بِبَيِّنَةٍ فَيَضِيعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الرَّسُولُ يُوَكِّلُهُ بِحِفْظِهِ فِي الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَيِّنَةِ حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ بَلْ مَتَى كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى الْبَيِّنَةِ كَانَتْ حَاضِرَةً أَمْ لَا قُلْت: غَيْبَةُ الْبَيِّنَةِ مَظِنَّةُ الطُّولِ فَيَحْصُلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الضَّرَرُ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الذَّاهِبِ بِهِ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ بِهِ إلَّا الْمُدَّعِي أَيْ فَالنَّفَقَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَعَ الْقَضَاءُ لَهُ أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ مُغَايَرَةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِمَا بَعْدَهَا، وَاَلَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْآتِيَةُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُهُ: أَيْ فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ، وَهُوَ مِنْ يَوْمِ الدَّعْوَى إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ فَالتَّخَالُفُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي نَفَقَةِ الذَّهَابِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي الْإِيقَافِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِيقَافِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا فِيهِ حَيْلُولَةٌ ثُمَّ قَالَ: وَالْغَلَّةُ أَبَدًا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا لِلطَّالِبِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: النَّفَقَةُ وَالْغَلَّةُ لِمَنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ، وَقِيلَ لِمَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ، وَالتَّفْصِيلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ قَالَ: وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا عَنْ الْإِشْكَالِ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْعَبْدَ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِيهَا اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَيْ قَبْلَ الْإِيقَافِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ (قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حُكِمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَهَلْ ذَلِكَ بِيَمِينٍ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا: يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهَا، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُنَزَّلُ الشَّاهِدَانِ عَلَى خَطِّهِ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدِ فَقَطْ لِضَعْفِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ) سَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى الْخَطِّ شَاهِدَانِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ فَيُكَرَّرُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْأَخِيرَةِ. (تَنْبِيهٌ) : الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ يُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ) أَيْ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ الشَّاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغَائِبِ) أَيْ غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الصُّوَرِ) ، وَهُوَ مَا إذَا غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَالْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ إلَخْ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْغَيْبَةُ قِسْمَانِ فَقَطْ قَرِيبَةٌ، وَهِيَ مَا لَا يَنَالُ الشَّاهِدَ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَالْبَعِيدَةُ بِخِلَافِهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ، وَجَهْلُ الْمَوْضِعِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبَعِيدَةِ كَمَا اُسْتُظْهِرَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 وَهُوَ مَا لَا يَنَالُ الشَّاهِدَ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَجَهْلُ الْمَكَانِ بِمَنْزِلَةِ الْبُعْدِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا بُعْدُ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ كَالنَّقْلِ عَنْ الْمَرْأَةِ مِنْ أَنَّهُ يَنْقُلُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ تَغِبْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ ضَعِيفَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهَا. (ص) وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ تَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا. (ص) إنْ عَرَفْته كَالْمُعَيَّنِ وَأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مَشْهَدَهُ وَتَحَمَّلَهَا عَدْلًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ أَيْ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ الْمَيِّتِ مِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمُسْتَنَدِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ اعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمِنْهَا أَنْ تَعْرِفَ الشُّهُودُ الْخَطَّ مَعْرِفَةً تَامَّةً لَا شَكَّ فِيهَا وَلَا رِيبَةَ أَيْ تَعْرِفُهُ كَالْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ ثِيَابٍ وَغَيْرِهَا فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَطْعِ، وَمِنْهَا أَنْ تَعْرِفَ الْبَيِّنَةُ أَنَّ صَاحِبَ الْخَطِّ كَانَ يَعْرِفُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَيْ يَعْرِفُ نَسَبَهُ أَوْ عَيْنَهُ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى خَطِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَمِنْهَا أَنْ تَعْرِفَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْخَطِّ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَى خَطِّهِ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَوَضَعَ خَطَّهُ، وَهُوَ عَدْلٌ وَاسْتَمَرَّ عَدْلًا لِمَوْتِهِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: إنْ عَرَفْته بِاعْتِبَارِ الْخَطِّ، وَقَوْلُهُ: كَالْمُعَيَّنِ أَيْ مَعْرِفَةً لَا شَكَّ فِيهَا حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهَا كَالشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ الْمَوْجُودِ الْآنَ بِأَنْ تَتَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ، وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْهَاءِ فِي عَرَفْته. (ص) لَا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَذْكُرَهَا وَأَدَّى بِلَا نَفْعٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ، وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ، وَإِنْ عَرَفَهُ حَتَّى يَذْكُرَ الْقَضِيَّةَ كُلَّهَا أَوْ حَتَّى يَذْكُرَ بَعْضَهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَنَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْهُ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فَإِنَّهُ يُؤَدِّيهَا عَلَى مَا عَلِمَ وَلَا يَنْتَفِعُ الطَّالِبُ بِهَا بِأَنْ يَقُولَ لِلْحَاكِمِ هَذِهِ شَهَادَتِي بِيَدِي، وَلَا أَذْكُرُهَا فَقَوْلُهُ: لَا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ الْمَعْطُوفِ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ أَيْ لَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَذْكُرَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَدَّى بِلَا نَفْعٍ وَلَمَّا حَذَفَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ أَتَى مَكَانَ الضَّمِيرِ بِظَاهِرٍ، وَفَائِدَةُ التَّأْدِيَةِ احْتِمَالُ كَوْنِ الْقَاضِي يَرَى الْقَوْلَ بِأَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ يَكُونُ مُجْتَهِدًا إنْ وَجَدَ. (ص) ، وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَخْصٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: تَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا خَطُّ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ فِي مَالٍ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَشْهَدُ عَلَى خَطِّهِ، وَهُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ) لَا مَفْهُومَ لِلشَّاهِدِ بَلْ الْمُقِرُّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: اعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ يَقُولُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَذِرًا عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ تَعْرِفَ الْبَيِّنَةُ أَنَّ صَاحِبَ الْخَطِّ كَانَ يَعْرِفُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) أَيْ عَرَفَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْخَطِّ كَانَ لَا يَضَعُ خَطَّهُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَهُ بِالْعَيْنِ أَوْ النَّسَبِ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى خَطِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ وَاعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ لَا تَجُوزُ؛ إذْ هِيَ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَهَذَا يُنَافِي الْعَدَالَةَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَهَذَا فِيهِ تَضْيِيقٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ، وَيُحْمَلُ الْعَدْلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضَعُ شَهَادَتَهُ إلَّا عَنْ مَعْرِفَةٍ، وَإِلَّا كَانَ شَاهِدًا بِزُورٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَدْلٌ، وَبِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِقَفْصَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَوَضَعَ خَطَّهُ) أَيْ وَتَعْرِفُ أَنَّهُ وَضَعَ خَطَّهُ، وَهُوَ عَدْلٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ كَلَامٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) أَيْ الشَّهَادَةُ بِمَا تَضَمَّنَهُ خَطُّ نَفْسِهِ مُعْتَمِدًا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ فَالْمَشْهُودُ بِهِ إنَّمَا هُوَ مَا تَضَمَّنَهُ خَطُّهُ لَا أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى أَنَّ هَذَا خَطُّهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَذْكُرَ الْقَضِيَّةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا بِتَمَامِهَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ تَبِعَ اللَّخْمِيَّ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ: إنْ عَرَفَ خَطَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ، وَلَا رِيبَةٌ فَلْيَشْهَدْ، وَبِهِ أَخَذَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ مُطَرِّفٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ؛ إذْ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ نِسْيَانِ الشَّاهِدِ الْمُنْتَصِبِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَذْكُرَهَا لَمَا كَانَ لِوَضْعِ شَهَادَتِهِ فَائِدَةٌ اهـ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ خُصُوصًا فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي كَثُرَ فِيهَا شَغْلُ الْبَالِ، وَكَثْرَةُ النِّسْيَانِ مِنْ كَثْرَةِ الْهُمُومِ، وَإِلَّا ضَاعَتْ الْحُقُوقُ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا حَذَفَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: أَتَى مَكَانَ الضَّمِيرِ بِظَاهِرٍ) ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَأَدَّى الشَّهَادَةَ أَيْ، وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَذْكُورِ وَارْتَكَبَ ذَلِكَ التَّكَلُّفَ لِصِحَّةِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: يَرَى الْقَوْلَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُقَلِّدًا لِإِمَامٍ يَرَى النَّفْعَ دَائِمًا أَوْ يَكُونُ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا لَمْ يَرَ النَّفْعَ ثُمَّ يُؤَدِّيهِ اجْتِهَادُهُ إلَى النَّفْعِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا وَيَجْزِمُ بِأَنَّهُ لَا يَرَى النَّفْعَ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الطَّرَفِ الْأَوَّلِ كَفَى؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّأْيَ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) تَفْرِيغٌ فِي الْأَحْوَالِ أَيْ لَا يَعْرِفُهُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالِ تَعَيُّنِهِ بِشَخْصِهِ وَحِلْيَتِهِ فَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى حَالًا مِنْ ذَاتٍ (تَنْبِيهٌ) : وَمِثْلُ مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ مَنْ يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَتَعَدَّدَ، وَأُرِيدَ الشَّهَادَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهِ فَمَنْ يَعْرِفُ أَنَّ لِزَيْدٍ بِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا فَاطِمَةُ وَالْأُخْرَى زَيْنَبُ وَأَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَى إحْدَاهُمَا وَكَانَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 لَا يَعْرِفُ نَسَبَهُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ الْمُعَيَّنَةِ بِصِفَةِ شَخْصِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى اسْمِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْحِلْيَةُ بِحَيْثُ يَبْقَى الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ. (ص) وَلْيُسَجِّلْ مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ (ش) أَيْ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا بِدَيْنٍ، وَقَالَتْ: إنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَجِّلَ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا يُسَجِّلُ مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الرَّجُلِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الصِّفَةِ فِي ذَلِكَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ زَعَمَتْ وَكَذَلِكَ مَنْ ذَكَرَتْ مَنْ قَالَتْ أَوْ مَنْ زَعَمَ مَنْ قَالَ وَإِنَّمَا خَصَّ النِّسَاءَ؛ لِأَنَّهُنَّ اللَّاتِي يَغْلِبُ فِيهِنَّ ذَلِكَ. (ص) وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُنْتَقِبَةِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا وَيَعْرِفَهَا الشُّهُودُ مَعْرِفَةً تَامَّةً لِأَجْلِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ، وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً قَوْلُهُ: لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ لَا بِمُنْتَقِبَةٍ أَيْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ وَبِعِبَارَةِ التَّعْلِيلِ لِلنَّفْيِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] أَيْ انْتَفَى جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ لِأَجْلِ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلْأَدَاءِ وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ نَسَبُهَا، وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ الَّتِي لَهَا أُخْتٌ فَأَكْثَرُ إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ عِنْدَ الشَّاهِدِ مِنْ مُشَارِكِهَا. (ص) وَإِنْ قَالُوا: أَشْهَدَتْنَا مُنْتَقِبَةٌ وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا قُلِّدُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا قَالُوا: شَهِدْنَا عَلَيْهَا فِي حَالِ انْتِقَابِهَا، وَلَا نَعْرِفُهَا إلَّا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لَا نَعْرِفُهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ يُقَلَّدُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ إنْ كَانُوا عُدُولًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُتَّهَمُونَ فِي هَذَا فَقَوْلُهُ: قُلِّدُوا أَيْ وُكِلُوا إلَى دِينِهِمْ فِي تَعَيُّنِهَا، وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْأُولَى فَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الْأُولَى إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً، وَإِلَّا جَازَتْ، وَهِيَ هَذِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (وَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا) أَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ قَدْ حُكِمَ فِيمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُمْ يُقَلَّدُونَ وَإِنَّمَا هِيَ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهَا وَأَنْكَرَتْ وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسْوَةٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا وَانْظُرْ نَصَّ الْمَوَّاقِ مَعَ تَأْوِيلِ عِبَارَتِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ إذَا لَمْ يُخْرِجُوهَا؛ لِأَنَّ عَلَى تُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ   [حاشية العدوي] لَا يَعْرِفُ أَهِيَ فَاطِمَةُ أَمْ زَيْنَبُ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى عَيْنِهَا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا فَاطِمَةُ مَثَلًا، وَإِنْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ زَيْدٍ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا؛ وَلِذَا ذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا ابْنَةَ رَجُلٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا شَهِدُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ فِيهَا ظَاهِرٌ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى اسْمِهِ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ أَنَا زَيْدٌ، وَيَكُونُ فِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ عَمْرٌو لَا زَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ مَعْنَاهُ أَوْ يَضَعُ اسْمَهُ بَدَلَ اسْمِ غَيْرِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ يَضَعُ اسْمَهُ بَدَلَ اسْمِ غَيْرِهِ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ تِلْكَ اللَّفْظَةِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ حِينَ التَّحَمُّلِ إذَا أَرَدْنَا بِالْوَضْعِ الْكَتْبَ، وَإِنْ أَرَدْنَا بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفِعْلَ وَالْكَتْبَ يَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ عج ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا حِينَ الْأَدَاءِ وَيَحْتَمِلُ حِينَ التَّحَمُّلِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: بَعْدَهُ وَلْيُسَجِّلْ مَنْ زَعَمَتْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا حِينَ الْأَدَاءِ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا حِينَ التَّحَمُّلِ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا أَدَاءً وَتَحَمُّلًا، وَأَمَّا عَدَمُ مَعْرِفَتِهَا حِينَ التَّحَمُّلِ فَلَا يَتَضَمَّنُ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا حِينَ الْأَدَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ مَعْرِفَةٌ بَعْدَ التَّحَمُّلِ. (قَوْلُهُ: وَلْيُسَجِّلْ مَنْ زَعَمَتْ) وَفَائِدَةُ التَّسْجِيلِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ نَسَبِهَا بِذَلِكَ بَلْ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِ زَعَمَ، وَلَا مَنْ قَالَ فَذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ بَلْ، وَلَا غَيْرِهِ فَإِذَا شَهِدَتْ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ الْعَالِمَ الْعَلَّامَةَ زَيْدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمِصْرِيَّ اشْتَرَى كَذَا وَكَذَا فَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا شَهَادَةً بِالشِّرَاءِ لَا بِالْعِلْمِ، وَلَا بِالنَّسَبِ، وَأَرَادَ بِالزَّعْمِ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ كَانَ فِي الْوَاقِعِ مُحِقًّا أَوْ مُبْطِلًا (قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ عَلَى الصِّفَةِ) الْمُعْتَمَدُ فِيهَا عَلَى الصِّفَةِ بِأَنْ يَصِفَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى صِفَةَ امْرَأَةٍ ثَبَتَ عَلَيْهَا حَقٌّ فَيَعْتَمِدُ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَرْأَةِ) أَيْ تَحَمُّلًا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَتَعَيَّنُ لِلْأَدَاءِ يُفِيدُ قَصْرَهُ عَلَى التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ) أَيْ: وَهُوَ لَا؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْمَعَانِي يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهَا تَطْلُبُ أَنْ تَتَعَيَّنَ وَتَتَمَيَّزَ لِلْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِزَوَالِ النِّقَابِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ) الْحَاصِلُ أَنَّهَا مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ أَيْ أَنَّهَا بِنْتُ عَمْرٍو، وَلَكِنْ لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ زَيْنَبُ أَوْ فَاطِمَةُ، وَالْحَالُ أَنَّهَا تَقُولُ: أَنَا زَيْنَبُ لَكِنْ يُحْتَمَلُ صِدْقُهَا وَكَذِبُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْأُولَى) أَيْ أَوْ أَنَّك تَقُولُ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أُمِرُوا أَوَّلًا أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ قَلَّدُوا فِي ذَلِكَ، وَقُبِلَ قَوْلُهُمْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ نَصَّ الْمَوَّاقِ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَفِي شَرْحِ هـ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ حُكِمَ فِيمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ، وَإِنَّمَا هِيَ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهَا وَأَنْكَرَتْ وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسْوَةٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا وَفَرَضَهَا الشَّارِحُ وَالْمَوَّاقُ فِيمَنْ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا عَنْ مَعْرِفَتِهِمْ بِعَيْنِهَا وَنَسَبِهَا، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ مَنْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ عَنْ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا بِأَنْ يَعْرِفُوا أَبَاهَا وَيَحْصُلَ لَهُمْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا بِنْتُهُ بِخَبَرِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُمْ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا إنْ قِيلَ لَهُمْ أَخْرِجُوهَا نَعَمْ إنْ انْضَمَّ إلَى شَهَادَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَشْهُودِ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 إلَّا الضَّمَانُ خِلَافًا لِبَعْضِ شُيُوخِ الزَّرْقَانِيِّ (تَذْنِيبٌ) أَشْعَرَ فَرْضُهَا فِي الْمَرْأَةِ أَنَّ الدَّابَّةَ وَالرَّقِيقَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا تَدْخُلُ الدَّابَّةُ وَالرَّقِيقُ عَلَى مِثْلِهِ وَيُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إخْرَاجَهُ، وَهُوَ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ وَلَكِنْ إنْ كَانُوا عُدُولًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ. (ص) وَجَازَ الْأَدَاءُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ، وَإِنْ بِامْرَأَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ لَهُ عِلْمٌ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ حِينَ التَّحَمُّلِ عَرَفَ نَسَبَهَا ثُمَّ نَسِيَهُ حِينَ الْأَدَاءِ فَيُؤَدِّي حَيْثُ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَدْلَةٍ أَوْ لَفِيفٍ مِنْ النِّسَاءِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْرِفْهَا حِينَ التَّحَمُّلِ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْأَدَاءَ عَلَى التَّحَمُّلِ، وَبِعِبَارَةٍ وَجَازَ الْأَدَاءُ إلَخْ وَكَذَلِكَ التَّحَمُّلُ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ، وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ ذَاكَ فِيمَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهَا وَهَذَا فِيمَنْ يُعْرَفُ نَسَبُهَا ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ يَعْرِفُ نَسَبَهَا حِينَ الْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ حِينَ التَّحَمُّلِ غَيْرَ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ لَهُ، فَمَنْ شَهِدَ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا ثُمَّ عَرَفَهُ حِينَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إذَا حَصَلَ الْعِلْمُ لَهُ بِهَا، وَإِنْ بِامْرَأَةٍ (ص) لَا بِشَاهِدَيْنِ إلَّا نَقْلًا (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ إنْ حَصَلَ أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِشَاهِدَيْنِ فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَلَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ إلَّا نَقْلًا عَنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ فِي شَهَادَتِهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ شَاهِدٍ آخَرَ إلَيْهِ، وَأَنْ يَقُولَا أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِنَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا أَوْ أَدَائِهَا وَهَذَا حَيْثُ شَارَكَاهُ فِي عِلْمِ مَا يَشْهَدُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ نَقْلُهُ عَنْهُمَا. (ص)   [حاشية العدوي] ابْنَتِهِ بِحَقٍّ عَنْ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا إلَّا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ أَوْ مُتَعَدِّدَةٌ وَعَيَّنَتْ الْمَقْصُودَةَ بِاسْمِهَا وَلَيْسَ مِنْ أَخَوَاتِهَا مَنْ يُشَارِكُهَا فِي اسْمِهَا وَشَهِدُوا ذَلِكَ عَلَى عَيْنِهَا فَإِنَّهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا أَيْ لَا يُكَلَّفُونَ بِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً، وَلَمْ تَتَعَيَّنْ بِالِاسْمِ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ إخْرَاجَهَا، وَبِهِ يَصِحُّ كَلَامُ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ شُيُوخِ الزَّرْقَانِيِّ) نَذْكُرُ لَك نَصَّ الزَّرْقَانِيِّ اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يُخْرِجُوهَا هَلْ عَلَيْهِمْ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَبَّبُوا فِي تَضْيِيعِ الْحَقِّ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَدَمَ الضَّمَانِ قَالَ: لِأَنَّهُمْ بِمَثَابَةِ فَسَقَةٍ يَعْلَمُونَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهِدُوا بِحَقٍّ، وَلَمْ يَقْبَلْهُمْ الْحَاكِمُ عِنْدَ الْأَدَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ الدَّابَّةُ صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا، وَلَا تُخْلَطُ بِغَيْرِهَا وَيُؤْمَرُوا بِإِخْرَاجِهَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَعَلَّ الْفَرْقَ إمْكَانُ التَّحْلِيلِ الْمُؤَدِّي لِلْخَفَاءِ فِي حَقِّ الْعَاقِلِ خَفَاءً تَامًّا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، وَالرَّقِيقُ مِثْلُهَا لَا يَأْتِي ذَلِكَ فِيهِمَا فَتَكْفِي الصِّفَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْمَجْمُوعَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ مَنْ ادَّعَى دَابَّةً أَوْ رَأْسًا مِنْ رَقِيقٍ لَا يُجْمَعُ لَهُ دَوَابُّ وَرَقِيقٌ وَيَدْخُلَانِ وَيُكَلَّفُ الشُّهُودُ إخْرَاجَهُمَا، وَحَاصِلُ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِتَكْلِيفِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ لَا يَقُولُ بِتَكْلِيفِ إخْرَاجِ الدَّابَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت بَلْ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ يَقُولُ كَذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ فِي الْمَرْأَةِ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِأَنَّهُ يُكَلَّفُ فِي الْمَرْأَةِ يَقُولُ كَذَلِكَ يُكَلَّفُ فِي الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ) أَيْ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ صَبِيٍّ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ فَلَا يَشْهَدُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِلْمٌ بِإِخْبَارِهِمَا فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى إخْبَارِهِمَا حَتَّى يَعْلَمَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَفِيفٍ) أَيْ جُمْلَةٍ مِنْ النِّسَاءِ لَمْ يَعْلَمْ عَدَالَتَهُنَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ فَهُوَ مَا مَرَّ) فَلَا تَكْرَارَ أَقُولُ: وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ الْأَدَاءُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ التَّحَمُّلِ لَصَحَّ، وَلَا يَكُونُ تَكْرَارًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَجَازَ الْأَدَاءُ أَيْ وَكَذَا التَّحَمُّلُ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ الْأَدَاءُ هَلْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّحَمُّلِ، وَلَا تَقْدِيرَ فِي الْعِبَارَةِ أَوْ يَبْقَى عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ وَهَذِهِ هِيَ الْأَحْسَنُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ لَا حَاجَةَ لِإِيرَادِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حِينَ التَّحَمُّلِ غَيْرَ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ قَرِيبًا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْعِلْمُ بِنَسَبِهَا جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا أَدَاءً أَوْ تَحَمُّلًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رُؤْيَةِ وَجْهِهَا وَمُرَاقَبَةِ صِفَتِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ يَحْصُلُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا إمَّا بِالتَّعْرِيفِ حَيْثُ حَصَلَ الْعِلْمُ بِذَلِكَ أَوْ عَلَى عَيْنِهَا، وَأَمَّا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ حِينَ التَّحَمُّلِ حَصَلَ بِالتَّعْرِيفِ فَيُؤَدَّى بِهِ حَيْثُ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُؤَدَّى عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنْ حَصَلَ التَّحَمُّلُ عَلَى عَيْنِهَا فَإِنَّهُ يُؤَدَّى عَلَى عَيْنِهَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ عِلْمُهَا لَهُ بِالتَّعْرِيفِ، وَأَمَّا مَجْهُولَةُ النَّسَبِ فَلَا يَكُونُ التَّحَمُّلُ إلَّا عَلَى عَيْنِهَا، وَأَمَّا الْأَدَاءُ فَيَكُونُ عَلَى عَيْنِهَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِلْمُهَا بِالتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِشَاهِدَيْنِ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ بِتَعْرِيفِ شَاهِدَيْنِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ إلَّا إذَا كَانَ الْأَدَاءُ عَلَيْهِمَا عَلَى جِهَةِ النَّقْلِ بِتَعْرِيفِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ أَيْ الثِّقَةُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ أَيْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الشَّهَادَةِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنْ اثْنَيْنِ ذَوَيْ عَدْلٍ أَوْ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدَةٍ، وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ نَقْلًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا بِشَاهِدَيْنِ أَيْ أَتَى بِهِمَا الْمَشْهُودُ لَهُ يَشْهَدَانِ بِتَعْرِيفِهِمَا؛ وَلِذَا عَبَّرَ بِالشَّاهِدَيْنِ، وَإِلَّا لَقَالَ: لَا بِرَجُلَيْنِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَسْأَلَ هُوَ عَنْ ذَلِكَ فَيَحْصُلَ لَهُ الثِّقَةُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ فَيُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ لَا عَلَى جِهَةِ النَّقْلِ، وَبَيْنَ أَنْ يَشْهَدَ أَيْ بِأَنْ أَتَى الْمَشْهُودُ لَهُ بِالشَّاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ بِتَعْرِيفِهِمَا، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مَا كَانَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، وَهِيَ الشَّهَادَةُ وَيَكْتَفِي بِهِ فِي التَّعْرِيفِ إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّقْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ شَرَعَ الْآنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى السَّمَاعِ، وَلَمْ يُعَرِّفْهَا الْمُؤَلِّفُ، وَقَدْ حَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا لَقَبٌ لِمَا صَرَّحَ الشَّاهِدُ فِيهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْلِ فَالْبَتُّ بِقَوْلِهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ وَالنَّقْلُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ جَائِزَةٌ، وَقَدْ تَجِبُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ كَذَا أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: السَّمَاعُ مِنْ غَيْرِ الْعُدُولِ سَمَاعًا فَاشِيًا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مَظِنَّةُ الدَّفْعِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَبِهِ الْعَمَلُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَتُّوحٍ وَلَكِنَّ الْأَشْهُرَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ لَا لِمَنْعِ الْجَمْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَشْهَدُ بِمَا تُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فَقَوْلُهُ: وَجَازَتْ أَيْ الشَّهَادَةُ، وَالْبَاءُ فِي بِسَمَاعٍ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ وَجَازَتْ الشَّهَادَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ سَمَاعٍ، وَلَا تَقُلْ وَجَازَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِسَمَاعٍ لِئَلَّا يَكُونَ فِي الْكَلَامِ رَكَّةٌ. (ص) بِمِلْكٍ لِحَائِزٍ مُتَصَرِّفٍ طَوِيلًا (ش) أَيْ تَجُوزُ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ حَائِزٌ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعَ التَّصَرُّفِ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ هُنَا الطُّولَ الْآتِي، وَهُوَ عِشْرُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ شُرُوطَ الْمِلْكِ الْخَاصَّةَ ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ الشُّرُوطَ الْعَامَّةَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ قَوْلُهُ:   [حاشية العدوي] إلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ فَلَا يَكُونُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهِ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا) سَيَأْتِي إنْ طَالَ الزَّمَانُ، وَحَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَلَا رِيبَةَ وَشَهِدَ اثْنَانِ فَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ، وَلَا الْمَرْأَتَانِ (قَوْلُهُ: بِمَا صَرَّحَ الشَّاهِدُ) أَيْ صَرَّحَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِمَا مَعًا بِأَنْ يَقُولَ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَّا أَنَّ عج صَرَفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَقَالَ: الْمُرَادُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يُصَرِّحُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ قَالُوا أَيْ فَلَا يَكْتَفِي بِالسَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ فَقَوْلُهُ: السَّمَاعُ مِنْ غَيْرِ الْعُدُولِ أَيْ مَضْمُومًا لِلسَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْحَاصِلَةَ بِانْضِمَامِ غَيْرِ الْعُدُولِ لِلْعُدُولِ، وَقَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْأَشْهَرَ إلَخْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ سِيَاقِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا فِي اللَّفْظِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ أَوْ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُتَبَادَرُ بِمُرَادٍ لَهُ بَلْ مُرَادُهُ عَلَى مَا قُلْنَا سَابِقًا أَنَّهُ يَكْفِي الِاعْتِمَادُ عَلَى أَحَدِهِمْ إمَّا الثِّقَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظُوا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّرْجِيحِ فَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ الرَّاجِحَ الِاكْتِفَاءُ بِالسَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ فَقَطْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَقَطْ وَذَكَرَ حُلُولُو أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ حَاصِلُ مَا فِي عج وَجَعَلَ اللَّقَانِيِّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ ضَعِيفًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ، وَلَا ذِكْرَ أَحَدِهِمَا فِي اللَّفْظِ بَلْ الْمُرَادُ الِاعْتِمَادُ إمَّا عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَوْ يُكْتَفَى بِالسَّمَاعِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَهُ عج رَاجِحًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ. الثَّانِي الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا، وَأَمَّا اللَّقَانِيِّ فَضَعَّفَ ذَلِكَ وَجَعَلَ الرَّاجِحَ الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِمَادُ وَالذِّكْرُ بِاللَّفْظِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ نَذْكُرُ لَكُمَا هُوَ الرَّاجِحُ وَالرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ النُّقُولُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِاللَّفْظِ بِأَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ فَقَدْ صَرَّحَ الْمُتَيْطِيُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ تَصِحَّ، وَبِهِ الْعَمَلُ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَا تَقُلْ وَجَازَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِسَمَاعٍ لِئَلَّا يَكُونَ فِي الْكَلَامِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ أَقُولُ: وَهُوَ كَذَلِكَ بِجَعْلِ الْبَاءِ سَبَبِيَّةً أَيْ وَجَازَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَيْ جَازَ أَدَاؤُهَا بِسَبَبِ سَمَاعٍ، وَلَوْ جُعِلَتْ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ لَكَانَ الْمَعْنَى فَاسِدًا لَا أَنَّهُ رَكِيكٌ فَقَطْ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْته مِنْ جَعْلِ الْبَاءِ سَبَبِيَّةً صَحِيحٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الرَّكَّةِ فِيهِ، قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَ الرَّكَّةِ، وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّعْدِيَةِ فَتَأَمَّلْ وَكُنْت قَرَّرْت سَابِقًا أَنَّ الرَّكَّةَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْحَاصِلِ مِنْ تَكْرَارِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ هُوَ حَائِزٌ مُدَّةً طَوِيلَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الصَّنِيعَ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ طَوِيلًا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ حَائِزٌ فَيَكُونُ مُصَرِّحًا بِأَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ عَشَرَةٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ هُنَا الطُّولَ الْآتِي إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ الطُّولَ الْآتِيَ الْمُفَسَّرَ بِالْعِشْرِينِ سَنَةً طُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ، وَهُنَا طُولُ الْحَوْزِ فَلَا تَكْرَارَ صَرَّحَ بِذَلِكَ شب فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لعج فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ: أَيْ الْمُصَنِّفِ إنْ طَالَ أَيْ طَالَ الزَّمَنُ أَيْ زَمَانُ السَّمَاعِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ طَوِيلًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ طُولُ الْحَوْزِ اهـ. وَعِبَارَةُ عب مُضْطَرِبَةٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ طَوِيلًا رَاجِعًا لِحَائِزٍ أَيْ حَائِزًا حَوْزًا طَوِيلًا، وَهُوَ كَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ عَلَى مَا يَأْتِي وَالْحَالُ أَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ طَالَ الزَّمَانُ بِقَوْلِهِ إنْ طَالَ الزَّمَانُ لِلسَّمَاعِ أَرْبَعُونَ سَنَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ عِشْرُونَ، وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ مَا قَالَهُ عج وَتَبِعَهُ شب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ الْمُفَسَّرِ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ طُولُ الْحَوْزِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ طَالَ الزَّمَانُ أَيْ زَمَنُ السَّمَاعِ كَلَامٌ لَا يَظْهَرُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج فِيمَا بَعْدُ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَشْهُرٍ لَيْسَتْ ظَرْفًا لِلْحَوْزِ فَقَطْ بَلْ لِمَجْمُوعِ الْحَوْزِ وَالتَّصَرُّفِ أَيْ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْعَشَرَةَ الْأَشْهُرِ ظَرْفٌ لِلتَّصَرُّفِ وَأَمَّا السَّمَاعُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَطُولَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 مُتَصَرِّفٍ أَيْ بِالْهَدْمِ وَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَيْ تَصَرُّفًا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ: لِحَائِزٍ فَلَا يُنْزَعُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْ يَدِ حَائِزٍ سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ. (ص) وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ بَتًّا تُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ سَمَاعًا إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ اشْتَرَاهُ مِنْ جَدٍّ أَوْ أَبٍ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ بَتًّا فَتُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى بَيِّنَةِ الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ وَلَيْسَتْ مُعَارِضَةً، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِسَمَاعِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ) أَيْ اشْتَرَى الذَّاتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا، وَلَا مَفْهُومَ لِلشِّرَاءِ بَلْ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا كَذَلِكَ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ شَهِدَتَا بِالْمِلْكِ لَا أَنَّ إحْدَاهُمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى شَهِدَتْ بِالْحَوْزِ كَمَا فَهِمَ تت وَمَنْ تَبِعَهُ. (ص) وَوَقْفٍ وَمَوْتٍ بِبُعْدٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ يَعْنِي إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ وَقْفٌ عَلَى الْحَائِزِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ، وَلَيْسَتْ الذَّاتُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِيَدِ أَحَدٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَزِعُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْ يَدِ حَائِزٍ، وَنَحْوُهُ فِي الشَّارِحِ وتت وَالْبِسَاطِيِّ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَالتَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ كَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَنْتَزِعُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مَا شَهِدَتْ بِوَقْفِيَّتِهِ لِغَيْرِ حَائِزِهِ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ لَهُ وَكَذَا كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ عَلَى الْمَوْتِ جَائِزَةٌ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ وَقَصُرَ زَمَانُ السَّمَاعِ بِهِ، وَأَمَّا الْبِلَادُ الْقَرِيبَةُ أَوْ فِي بَلَدِ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَتِّ وَمِثْلُهُ لَوْ طَالَ زَمَانُ السَّمَاعِ بِهِ. (ص) إنْ طَالَ الزَّمَانُ بِلَا رِيبَةٍ وَحَلَفَ وَشَهِدَ اثْنَانِ (ش) هَذِهِ شُرُوطٌ لِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْهَا طُولُ الزَّمَانِ، وَأَقَلُّهُ عِشْرُونَ سَنَةً، فَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ إلَّا عَلَى الْبَتِّ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَوْتِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالسَّمَاعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا قِصَرُ الزَّمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهَا انْتِفَاءُ الرِّيبَةِ فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فَقَطْ بِمَوْتِ رَجُلٍ مِنْ بَلَدٍ، وَفِيهَا جَمٌّ غَفِيرٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمَا لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِلتُّهْمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِلْمُ ذَلِكَ فَاشِيًا فِيهِمْ أَوْ لَيْسَ فِي الْقَبِيلِ أَسَنُّ مِنْهُمَا، وَمِنْهَا أَنْ يَحْلِفَ الْمَحْكُومُ لَهُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ   [حاشية العدوي] كَأَرْبَعِينَ أَوْ عِشْرِينَ عَلَى الْخِلَافِ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ بَيَانِ مُدَّةِ الْحَوْزِ كَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِهَا، وَأَنَّهُ مَتَى طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ كَالْأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ الْعِشْرِينَ وَطَالَ زَمَنُ التَّصَرُّفِ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ صَحَّ شَهَادَةُ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي اشْتِرَاطِ التَّصَرُّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصَرُّفِ أَيْ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الشَّهَادَةِ طُولُ مُدَّةِ السَّمَاعِ فَقَطْ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْهَدْمِ وَالزَّرْعِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ الْهَدْمِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ نَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِسَمَاعٍ إلَخْ) وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ حَائِزًا لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ النَّاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَزِعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمِلْكِ) أَيْ إلَّا أَنَّ وَاحِدَةً شَهِدَتْ عَلَى الْبَتِّ وَالْأُخْرَى بِالسَّمَاعِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَهِمَ تت) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَوْزِ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَائِزِ أَوْ ذِي الْحَوْزِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ إحْدَاهُمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى الَّتِي هِيَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا، وَلَا تَدْرِي مِمَّنْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِسَمَاعٍ أَيْ فَلَمْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ وَإِنَّمَا شَهِدُوا بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ شَخْصٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَلَامُ تت ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَوَقْفٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي مَصْرِفِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَهُ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ تَسْمِيَةُ الْوَاقِفِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَمَوْتٌ بِبُعْدٍ) أَيْ بِبَلَدِ ذِي بُعْدٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ الذَّاتُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِيَدِ أَحَدٍ) أَيْ غَيْرِهِ وَجَوَابُ إذَا مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُعْمَلُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) وَبِهِ أَفْتَى عج أَيْ فَيَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا شَهِدَتْ بِوَقْفِيَّتِهِ لِغَيْرِ حَائِزَةٍ) أَيْ وَيَكُونُ النَّزْعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ مُخْتَصًّا بِالْوَقْفِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ لِحَائِزٍ، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ) أَيْ كَأَرْبَعِينَ يَوْمًا كَبَرْقَةَ مِنْ تُونُسَ وَجَهْلُ مَوْضِعِهِ كَبُعْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْبَتِّ وَأَمَّا الشَّاهِدَةُ بِالسَّمَاعِ فَلَا تُعْتَبَرُ، وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ لَوْ طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَتِّ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ مُسْتَنِدَةً لِلسَّمَاعِ ثُمَّ أَقُولُ مَا وَجْهُ تَعَيُّنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَتِّ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُسْتَنَدٌ إلَّا السَّمَاعُ وَإِذَا كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى السَّمَاعِ فَإِذَنْ يُقَالُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَنَدِ عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ تَعَيُّنِ الْمُسْتَنَدِ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يُقْدِمُوا عَلَى الْقَطْعِ دَلَّ عَلَى تَسَاهُلٍ فِي دَعْوَى السَّمَاعِ. (قَوْلُهُ: إنْ طَالَ الزَّمَانُ إلَخْ) هَذِهِ شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ حَائِزًا وَمُتَصَرِّفًا مُدَّةً أَقَلُّهَا عَشَرَةُ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: لِشَهَادَةِ السَّمَاعِ) أَيْ لِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَنِدَةِ فِي شَهَادَتِهَا لِلسَّمَاعِ لَا أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ هُوَ السَّمَاعُ (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ عِشْرُونَ سَنَةً) هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ وَمُقَابِلُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (تَنْبِيهٌ) : ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ، وَلَوْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ قِصَرُ الزَّمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ الْفَاشِي فِي الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَالْمَوْتِ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ طُولِ الزَّمَانِ بِلَا رِيبَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا جَمٌّ غَفِيرٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ، وَقَوْلُهُ: غَفِيرٌ مِنْ الْغَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ فَهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ سَاتِرُونَ الْأَرْضَ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ فَشَأْنُهُمْ إذَا جَلَسُوا فِي مَوْضِعٍ أَنْ يَكُونُوا مُفْتَرِقِينَ فَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ سَتْرٌ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عِلْمُ ذَلِكَ فَاشِيًا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْسَ فِي الْقَبِيلِ) الْقَبِيلُ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ بِلَا تَاءِ الْجَمَاعَةِ يَكُونُونَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 شَهَادَةُ السَّمَاعِ ضَعِيفَةٌ فَطَلَبَ فِيهَا الْحَلِفَ، وَمِنْهَا أَنْ يَشْهَدَ بِالسَّمَاعِ اثْنَانِ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى السَّمَاعِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ حَلَفَ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَكْفِي نَقْلُ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ اهـ. وَيُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَيْ، وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَكِنْ فِي الشَّامِلِ أَنَّ فِي رَدِّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِالسَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَا مَدْخَلَ لِلْإِنَاثِ فِيهَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا هُوَ خَاصٌّ بِمُثَنَّى الذُّكُورِ، وَهُوَ اثْنَانِ وَدَعْوَى التَّغْلِيبِ لَا يَنْبَغِي سَمَاعُهُ هُنَا. (ص) كَعَزْلٍ وَجَرْحٍ وَكُفْرٍ وَسَفَهٍ وَنِكَاحٍ وَضِدِّهَا، وَإِنْ بِخُلْعٍ وَضَرَرِ زَوْجٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوِلَادَةٍ وَحِرَابَةٍ وَإِبَاقٍ وَعَدَمٍ وَأَسْرٍ وَعِتْقٍ وَلَوْثٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ، وَهِيَ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِيمَا عَدَّدَ الْمُؤَلِّفُ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، مِنْهَا الْعَزْلُ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ بِعَزْلِ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ الْفُلَانِيِّ، وَمِنْهَا التَّجْرِيحُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِتَجْرِيحِ فُلَانٍ، وَمِنْهَا الْكُفْرُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِكُفْرِ فُلَانٍ، وَمِنْهَا السَّفَهُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِسَفَهِ فُلَانٍ، وَمِنْهَا النِّكَاحُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِالنِّكَاحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا، وَمِنْهَا ضِدُّ مَا مَرَّ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِتَوْلِيَةِ فُلَانٍ أَوْ بِتَعْدِيلِهِ أَوْ بِإِسْلَامِهِ أَوْ بِرُشْدِهِ أَوْ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ، وَمِنْهَا الْخُلْعُ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا خَالَعَ زَوْجَتَهُ فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ يَثْبُتُ الْعَقْدُ لَا دَفْعُ الثَّمَنِ، وَلَا نَقْدُ الصَّدَاقِ، وَمِنْهَا ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّ فُلَانًا ضَرَّ بِزَوْجَتِهِ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ وَيُطَلِّقُهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَمِنْهَا الْهِبَةُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّ فُلَانًا وَهَبَ كَذَا لِفُلَانٍ، وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ فُلَانًا وَصِيًّا أَوْ أَنَّ فُلَانًا كَانَ فِي وِلَايَةِ فُلَانٍ يَتَوَلَّى النَّظَرَ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهِ بِهِ إلَيْهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ قَاضٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمْ أَبُوهُ بِالْإِيصَاءِ، وَلَا الْقَاضِي الْمُقَدَّمِ، وَلَكِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بِالِاسْتِفَاضَةِ مِنْ أَهْلِ الْعُدُولِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَصِحُّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ تَسْفِيهُهُ كَمَا هُوَ نَصُّ الْكَافِي، وَمِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالْحِرَابَةُ وَالْإِبَاقُ وَالْعَدَمُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُثْبِتُ لِلْعَدَمِ الْمَدِينَ أَوْ الْغُرَمَاءَ، وَمِنْهَا الْأَسْرُ، وَمِنْهَا الْعِتْقُ، وَمِنْهَا اللَّوْثُ بِأَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَشَهَادَةُ السَّمَاعِ لَوْثٌ، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ لَا أَنَّهَا يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَحَلَّهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ: اللَّوْثُ اللَّطْخُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْجِرَاحِ وَالْقَسَامَةِ سَبَبُهَا: قَتْلُ الْحَرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولُوا: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ اهـ. وَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْهَا النَّسَبُ وَالْوَلَاءُ فَقَوْلُهُ: كَعَزْلِ إلَخْ مُشَبَّهٌ فِي إفَادَةِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِالْكَافِّ لِيَرْجِعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَضِدِّهَا لِمَا بَعْدَهَا، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ: وَطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ وَنِكَاحٍ؟ وَلَعَلَّهُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهَا فِي ضِدِّهَا؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَتِهِ الطَّلَاقَ. (ص) وَالتَّحَمُّلُ - إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ - فَرْضُ كِفَايَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ - إذَا اُفْتُقِرَ إلَيْهِ - فَرْضُ كِفَايَةٍ لِأَجْلِ حِفْظِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ؛ إذْ لَوْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ، وَقَدْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ) أَيْ فَعُمِلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَدَّدَ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ) أَيْ فَيَكُونُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مَاشِيًا عَلَى قَوْلٍ وَمَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى التَّغْلِيبِ) بِأَنْ يَكُونَ غَلَّبَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى بِأَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِ اثْنَانِ الْمَوْضُوعَةِ لِلذَّكَرَيْنِ تَغْلِيبًا. (قَوْلُهُ كَعَزْلٍ وَجَرْحٍ إلَخْ) وَمِمَّا يُعْمَلُ فِيهِ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ زِيَادَةً عَلَى الْمُصَنِّفِ الْبَيْعُ وَالصَّدَقَةُ وَالرَّضَاعُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَالْقِسْمَةُ وَالْمَشْهُورُ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا عَدَّدَ الْمُؤَلِّفُ إشَارَةٌ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْعَزْلُ) أَيْ مِنْ مَسَائِلِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا عِشْرِينَ (قَوْلُهُ: بِتَجْرِيحِ فُلَانٍ) أَيْ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا كَلَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ يُجَرَّحُ، وَلَا يَكُونَانِ قَاذِفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُطَلِّقُهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ) لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ وَرَدَّ الْمَالَ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ بِيَمِينٍ لِجَعْلِهِ الْحَلِفَ هُنَا مِنْ شُرُوطِهَا (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ بَابُهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغُرَمَاءَ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّ الْغُرَمَاءَ يُثْبِتُونَ الْعَدَمَ مَعَ أَنَّ غَرَضَهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي أَخْذِ حَقِّهِمْ، وَلَا يَكُونُ مَعَ دَعْوَى الْعَدَمِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا ضَمِنَهُ شَخْصٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ الْعَزْلُ وَالْجَرْحُ وَالْكُفْرُ وَالسَّفَهُ، وَهِيَ مُبْعَدَةٌ، وَكَذَا الطَّلَاقُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَلَيْسَ بِمُبْعَدٍ بَلْ مُدْخَلٌ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ بِخُلْعٍ فَإِنَّهَا فِي ضِدِّ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ وَبَالَغَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ دُخُولِهِ فِي الطَّلَاقِ لِكَوْنِهِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهَذَا يَكْفِي فِي النُّكْتَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ افْتَقَرَ إلَيْهِ) هَذَا إذَا تَعَيَّنَتْ الشَّهَادَةُ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ مَعَ عِلْمِهِ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ هَلْ يُخَاطَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَاطَبَ بِذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ: وَقَوْلُهُ: إنْ افْتَقَرَ إلَيْهِ كَانَ الْمَشْهُودُ فِيهِ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ التَّحَمُّلُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَانَ حَرَامًا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 عَلِمْت أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَسْقُطُ بِقِيَامِ الْبَعْضِ بِهِ، وَيَتَعَيَّنُ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْعَيْنِ كَمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ انْتَفَعَ كَانَ ذَلِكَ جُرْحَهُ فِي حَقِّهِ قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ يُدْعَى إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَنْ شَهِدَ فَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ إذَا كَانَ مَنْ يَشْهَدُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ أَوْ خَافَ أَنْ يَبْطُلَ الْحَقُّ إنْ لَمْ يَشْهَدْ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا؛ إذْ قَدْ يَحْسُنُ حَالُهُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُفْتَقَرْ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ كَأَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَى أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ وَالتَّحَمُّلُ لُغَةً يُطْلَقُ عَلَى الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَدَاءَ مَا عَلِمَهُ، وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَلِمَ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ اخْتِيَارِيٍّ مَا عَلِمَهُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ كَمَنْ قَرَعَ سَمْعَهُ صَوْتُ مُطَلِّقٍ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى تَحَمُّلًا. (ص) وَتَعَيَّنَ الْأَدَاءُ مِنْ كَبَرِ يَدَيْنِ وَعَلَى ثَالِثٍ إنْ لَمْ يَجْتَزْ بِهِمَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَمُّلَ لِلشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَنَّ أَدَاءَهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ إنْشَاءٌ لَا خَبَرٌ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا أَنْ يُؤَدِّيَهَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَبَيْنَ أَدَائِهَا بَرِيدَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَظَاهِرُ مُقَابَلَةِ الْمُؤَلِّفِ لَهُ بِقَوْلِهِ: لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَنَّ مَا دُونَهَا يَتَعَيَّنُ الْأَدَاءُ مِنْهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى بَرِيدَيْنِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْأَدَاءِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَدَاءَ بِقَوْلِهِ: الْأَدَاءُ عُرْفًا إعْلَامُ الشَّاهِدِ الْحَاكِمَ بِشَهَادَتِهِ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِمَا شَهِدَ بِهِ قَوْلُهُ: بِشَهَادَتِهِ يَتَعَلَّقُ بِ " إعْلَامُ " وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، وَقَوْلُهُ: بِمَا يَحْصُلُ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ مَعْنَاهُ إعْلَامُ الشَّاهِدِ الْحَاكِمَ بِشَهَادَتِهِ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلْحَاكِمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ يَتَعَيَّنُ عَوْدُهُ عَلَى الْحَاكِمِ فَلَوْ شَهِدَ بِالْحَقِّ الْمَالِيِّ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ فَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي مِنْهُمْ اثْنَانِ، وَلَمْ يَجْتَزْ بِهِمَا لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى ثَالِثٍ مِنْ الشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدَ فَإِنْ لَمْ يَجْتَزْ بِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى رَابِعٍ وَعَلَى خَامِسٍ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْحَقُّ. (ص) وَإِنْ انْتَفَعَ فَجَرْحٌ إلَّا رُكُوبَهُ لِعُسْرِ مَشْيِهِ وَعَدَمِ دَابَّتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ بَرِيدَيْنِ فَمَا دُونَ ذَلِكَ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى أَدَاءِ شَهَادَتِهِ يَكُونُ ذَلِكَ رِشْوَةً قَادِحَةً فِي عَدَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ أَجْرًا عَلَى أَدَاءِ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ أَجْرًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَمَّا إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَدَفَعَ لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى مَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِجَرْحٍ وَيَجُوزُ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا إلَى مَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ أَدَاؤُهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَإِضَافَةُ الدَّابَّةِ لَهُ مُخْرِجٌ لِدَابَّةِ قَرِيبِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعَارَتُهَا وَوُجُودُ الْكِرَاءِ كَالدَّابَّةِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا رُكُوبَهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَتَفْرِيقُ بَعْضِهِمْ تَعَمُّقٌ فِي الْفِقْهِ. (ص) لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِدَابَّةٍ وَنَفَقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ   [حاشية العدوي] حُرْمَتُهُ فِي مَذْهَبِهِ دُونَ مَذْهَبِ غَيْرِهِ، وَبَعْضٌ يَقُولُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: إنْ افْتَقَرَ إلَيْهِ عَنْ نَحْوِ تَحَمُّلِ شَهَادَةِ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْعَيْنِ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ بِشَيْءٍ يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْعَيْنِ (أَقُولُ) فَرْضُ الْعَيْنِ مُتَعَيِّنٌ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَهَلْ الشُّرُوعُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَشْرَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي قَوْلِهِ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِضِمْنٍ لِكَذَا لَا قَبْلُ أَوْ بِمُجَرَّدِ إجَابَتِهِمْ لِذَلِكَ أَوْ لِحُضُورِهِمْ مَجْلِسَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحْمِيلِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فَرْضَ عَيْنِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى الْأَدَاءِ أَيْ إذَا تَعَيَّنَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا تُنَاسِبُ تِلْكَ الْمُقَابَلَةَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ اتَّحَدَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَثُبُوتِ شَهْرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: مُطَلِّقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى تَحَمُّلًا) أَيْ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى مَا قِيلَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّ مَا قَرُبَ مِنْ الْبَرِيدَيْنِ يُعْطَى حُكْمَهُمَا وَمَا عَدَاهُمَا يَلْحَقُ بِالْبَعِيدِ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَتِهِ) الْمُرَادُ بِهَا الْحَقُّ الْمَشْهُودُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: بِمَا الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوِّرًا ذَلِكَ بِإِخْبَارٍ يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِمَا شَهِدَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا) أَيْ انْتَفَتْ الْعَدَالَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الثَّالِثِ أَيْ وَيَحْلِفُ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَعَدَاوَةٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرَابَتِهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَاضِحَةٌ وَنَصُّهُ: وَهُوَ وَاجِبٌ عَيْنًا عَلَى مَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَدَدِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَشْهُودُ وَكِفَايَةً عَلَى مَنْ زَادَ عَدَدُهُ عَلَيْهِ حَاضِرًا كَوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعَيُّنَ مَنُوطٌ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَنْعِ إذَا امْتَنَعَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ فَلَا بَأْسَ، وَقَدْ تَبِعَ تت فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ ظَاهِرَ النُّقُولِ الْإِطْلَاقُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِامْتِنَاعُ فِي صُورَةِ سُؤَالٍ وَقَعَ عَلَى طَرِيقِ الِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ قُوَّتَهُ عَلَى الْمَشْيِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ اعْلَمْ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَرِيبَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ قِسْمَانِ قَرِيبٌ جِدًّا تَقِلُّ فِيهِ النَّفَقَةُ وَمُؤْنَةُ الرُّكُوبِ، وَهَذَا لَا يَضُرُّ الشَّاهِدَ الرُّكُوبُ أَيْ رُكُوبُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ وَغَيْرُ قَرِيبٍ جِدًّا يَكْثُرُ فِيهِ النَّفَقَةُ وَمُؤْنَةُ الرُّكُوبِ هَذَا تَبْطُلُ بِهِ شَهَادَتُهُ إنْ رَكِبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَهُ دَابَّةٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَسِيرَ إلَى مَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بَلْ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ فِي بَلَدِهِ، وَيَكْتُبُ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا إلَى مَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَبِنَفَقَةٍ لَهُ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ. (ص) وَحَلَفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَا نِكَاحٍ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، وَإِنْ طَالَ دِينَ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا أَيْ فَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ فَبَعْضُهَا تَتَوَجَّهُ فِيهِ الْيَمِينُ، وَبَعْضُهَا لَا تَتَوَجَّهُ وَالْبَاءُ فِي بِشَاهِدٍ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ أَقَامَتْ امْرَأَتَيْنِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الزَّوْجِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ فَإِنْ حَلَفَ رُدَّتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ نَكَلَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ كَسَنَةٍ فَإِنَّهُ يُدَيَّنُ أَيْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ وَمِثْلُهُ إذَا أَقَامَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ شَاهِدًا أَنَّهُ قَذَفَهُ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ شَاهِدًا وَاحِدًا أَنَّهُ زَوْجٌ لِلْآخَرِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ فَإِنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا فَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لِشُهْرَتِهِ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ فَالْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ شَاهِدَيْنِ بِهِ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِ مُدَّعِيهِ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ، وَلَا يَلْزَمُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ: لَا نِكَاحَ أَيْ فِي غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ وَأَمَّا فِيهِمَا فَتَتَوَجَّهُ عَلَى مُنْكِرِ النِّكَاحِ مِنْهُمَا بِالشَّاهِدِ لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. (ص) وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بِحَقٍّ مَالِيٍّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ حَلَفَ سَيِّدُهُ وَاسْتَحَقَّ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْآنَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ لَكِنْ يَقْبِضُهُ النَّاظِرُ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ إلَخْ أَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ فَعَلَى هَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى الْحُرِّيَّةُ، وَلَا الرُّشْدُ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ، وَلَا الْبُلُوغُ. (ص) لَا صَبِيٌّ وَأَبُوهُ، وَإِنْ أَنْفَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا أَقَامَ لَهُ شَاهِدًا بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَرِثَهُ مِنْ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَوْ اسْتَحَقَّهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَالْيَمِينُ جُزْءُ نِصَابٍ لَا تَتْمِيمٌ وَكَذَلِكَ لَا يَحْلِفُ أَبُوهُ عَنْهُ مَعَ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ يُنْفِقُ عَلَى الِابْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ لِيَمِينِهِ فَائِدَةٌ، وَهِيَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَيَّدَ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَلِ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فِيهِ الْمُعَامَلَةَ فَأَمَّا مَا وَلِيَهُ أَحَدُهُمَا فَالْيَمِينُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ، وَالْوَاوُ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَبُوهُ بِمَعْنَى أَوْ لَا بِمَعْنَى مَعَ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ أَيْ إنْفَاقًا وَاجِبًا، وَأَمَّا إنْفَاقًا تَطَوُّعًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ. (ص) وَحَلَفَ مَطْلُوبٌ لِيُتْرَكَ بِيَدِهِ   [حاشية العدوي] أَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ عِنْدَ سَحْنُونَ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ، وَلَا عَلَى اكْتِرَاءِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ رَاجِلًا لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ أَنْفَقَ لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ اكْتَرَى لَهُ دَابَّةً، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْبُعْدِ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَلَا يَضُرُّ لَهُ أَكْلُ طَعَامِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَا رُكُوبُ دَابَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ دَابَّةٌ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: إلَّا رُكُوبَهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ أُجْرَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَرْكَبْ بَلْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَأَخَذَ أُجْرَةً وَمَشَى فَيَكُونُ جُرْحَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: وَتَفْرِيقُ بَعْضِهِمْ بِأَنْ يَقُولَ: الْمُرَادُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ فِي الذَّهَابِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْقَاضِي) لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَ سَحْنُونَ إنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَأَكْثَرَ لَمْ يُشَخَّصُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ وَيَشْهَدُونَ عِنْدَ مَنْ يَأْمُرُهُمْ الْقَاضِي بِهِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ وَيَكْتُبُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ عِنْدَهُ إلَى الْقَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ فَمُدَّعِيهِ مُدَّعٍ أَمْرًا مُسْتَبْعَدًا؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) وَأَيْضًا الْأَصْلُ عَدَمُ النِّكَاحِ فَمَنْ ادَّعَاهُ ادَّعَى خِلَافَ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَاهُمَا ادَّعَى الْأَصْلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْعِصْمَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ) فَإِنْ نَكَلَ السَّفِيهُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَبْرَأُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَامَ لِلصَّبِيِّ شَاهِدٌ بِحَقٍّ وَرِثَهُ مِنْ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِهَا فَهَلْ لِلْأَبِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَهُ قَوْلَانِ وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْإِنْفَاقُ وَاجِبًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بِأَنْ يَكُونَ الِابْنُ فَقِيرًا، وَقَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْ رِوَايَاتِهِ وَالْمَعْلُومُ مِنْ أَقْوَالِهِ وَرِوَايَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْخِلَافَ إلَخْ) وَكَذَا الْقَيْدُ يَجْرِي فِي السَّفِيهِ فَيُقَالُ وَحَلَفَ السَّفِيهُ مَعَ شَاهِدِهِ فِيمَا لَمْ يَتَوَلَّ وَلِيُّهُ الْمُبَايَعَةَ عَلَيْهِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَوَلَّاهَا وَلِيُّهُ فَإِنَّهُ الَّذِي يَحْلِفُ مَعَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَوْ) أَيْ وَأَوْ إذَا دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ يَكُونُ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: لِيُتْرَكَ بِيَدِهِ) وَلَهُ غَلَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ بِيَدِهِ حَوْزًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْغَلَّةُ لِلْقَضَاءِ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَأَمَّا لَوْ قَامَ لَهُ شَاهِدَانِ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ، وَلَا يُتْرَكُ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ وَلَكِنْ تُؤَخَّرُ يَمِينُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 وَأَسْجَلَ لِيَحْلِفَ إذَا بَلَغَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ بِيَدِهِ حَوْزًا إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَحَلَفَ أَخَذَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ أَخَذَهُ الصَّبِيُّ مِلْكًا اتِّفَاقًا لَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فَقَوْلُهُ: لِيَتْرُكَ بِيَدِهِ أَيْ حَوْزًا فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ، وَلَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَإِذَا حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَكْتُبُ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَيُسَجِّلُهَا عِنْدَهُ فِي سِجِلِّهِ لِيَحْلِفَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ صَوْنًا لِحِفْظِ مَالِ الصَّبِيِّ وَخَوْفًا مِنْ مَوْتِ الشَّاهِدِ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ فَلَوْ نَكَلَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يُحَلِّفُ الْمَطْلُوبَ ثَانِيَةً فَقَوْلُهُ: وَأَسْجَلَ أَيْ أَمَرَ بِإِسْجَالِهِ أَيْ إسْجَالِ التَّنَازُعِ وَالدَّعْوَى وَمَا عَلَيْهِ الِانْفِصَالُ فِي الْخُصُومَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَحْلِفَ إذَا بَلَغَ. (ص) كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَإِنَّ وَارِثَهُ يَحْلِفُ الْآنَ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْحَلِفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يُشْعِرُ بِهِ الْكَلَامُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَحْلِفُ إذَا بَلَغَ مَعْنَاهُ وَيَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ اسْتَحَقَّ فَالضَّمِيرُ فِي " وَارِثِهِ " لِلصَّبِيِّ، وَفِي " قَبْلَهُ " يَعُودُ عَلَى الْبُلُوغِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَلَغَ. (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا فَفِي حَلِفِهِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الَّذِي مَعَ الصَّغِيرِ نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ الْيَمِينِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فِي نَصِيبِهِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِحَقٍّ لِصَغِيرٍ وَلِأَخِيهِ الْكَبِيرِ فَيَنْكَلُ الْكَبِيرُ وَاسْتُؤْنِيَ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ الْكَبِيرُ فَفِي حَلِفِ الْكَبِيرِ عَنْ نَصِيبِ أَخِيهِ الصَّغِيرِ الَّذِي وَرِثَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ حِصَّتِهِ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَوَّلًا، وَأَخَذَ حِصَّتَهُ ثُمَّ إنَّهُ وَرِثَ الصَّغِيرُ لَمْ يَأْخُذْ حِصَّتَهُ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ وَعَدَمُ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَكَلَ أَوَّلًا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ قَوْلَانِ قَالَ الْمَازِرِيُّ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ (تَنْكِيتٌ) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ عَلَى عَادَتِهِ اهـ. تت. (ص) وَإِنْ نَكَلَ اكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ نَكَلَ وَارِثُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى أَيْ فَلَا تُعَادُ عَلَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ أَيْ مَنْ اسْتَحَقَّ عِنْدَ التَّأْخِيرِ، وَهُوَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ، وَوَارِثُهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ. (ص) وَإِنْ حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ وَفِي حَلِفِهِ مَعَهُ وَتَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى حَقًّا مَالِيًّا وَأَقَامَ شَاهِدًا، وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي وَحَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِذَا بَطَلَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ هَذَا الشَّاهِدِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ أَوَّلًا فَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْآنَ مَا يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ لَا يَحْلِفُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ أَوَّلًا فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الطَّالِبَ يَحْلِفُ مَعَ الثَّانِي لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ هَلْ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ بِيَمِينِهِ الْأُولَى سِوَى رَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ فَيَحْلِفُ ثَانِيًا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ أَخَذَ الطَّالِبُ الْحَقَّ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَوْ لَا يَحْلِفُ ثَانِيًا وَيَسْقُطُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ قَدْ   [حاشية العدوي] الْقَضَاءِ لِلْبُلُوغِ أَيْ فِيمَا فِيهِ يَمِينُ قَضَاءٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَعْوَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ لَا حَاضِرٍ وَقَامَ لِلصَّبِيِّ شَاهِدَانِ فَيَأْخُذُهُ الْآنَ فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَهُ تَمَّ الْحُكْمُ لَهُ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّ إلَى مَنْ أُخِذَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِيَحْلِفَ إذَا بَلَغَ) وَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، وَقَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَوْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ) فِيهِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا طَرَأَ لَهُ الْفِسْقُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ يَكُونُ قَادِحًا وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ مُخَصِّصَةٌ لِذَلِكَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ نَزَّلَ فِسْقَهُ بَعْدَ التَّسْجِيلِ مَنْزِلَةَ فِسْقِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْحَلِفِ، وَقَوْلُهُ: يُشْعِرُ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ وَالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِهِ الْكَلَامُ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ بَيْتَ مَالٍ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْجُوبَيْ الْإِفَاقَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ أَوَّلًا، وَإِلَّا اكْتَفَى بِيَمِينِهِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ لَهَا، وَلَا حَقَّ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا لِلْمَجْنُونِ وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ الْمَرْجُوُّ كُلّ الْإِفَاقَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْتَظَرُ، وَلَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا) فَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ النَّاكِلُ أَوَّلًا فِي حِصَّتِهِ عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ الصَّبِيُّ وَوَرِثَهُ ابْنُ أَخِيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ عَمِّهِ فَقَطْ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكُلْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَوَهَّمُ رُجُوعَ حِصَّةِ أَبِيهِ لَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ يَنْبَغِي إلَخْ) وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِالتَّرَدُّدِ أَيْ إذَا عَبَّرْت بِالتَّرَدُّدِ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كُلَّمَا تَرَدَّدَ فِي النَّقْلِ عَبَّرَ عَنْهُ بِتَرَدُّدٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْبَيَانِ يَحْلِفُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ وَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ أَوَّلًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ حِينَ حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ عَالِمًا بِذَلِكَ الْآخَرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَلَّفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ فَهَذَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ حَمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ كَانَ بَعِيدًا أَزْيَدَ مِنْ كَالْجُمُعَةِ زَالَ الْإِشْكَالُ إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَحْلِفُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 تَقَدَّمَتْ فَلَا تُعَادُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مُيَسَّرٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ آخَرَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَهُ مَفْهُومٌ عَلَى كَلَامِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ قَضَى لَهُ بِهِمَا، وَقَوْلُهُ: فَلَا ضَمَّ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ لَمْ يَحْلِفْ فِيهَا الْمَطْلُوبُ. (ص) وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ كَشَاهِدٍ بِوَقْفٍ عَلَى بَنِيهِ وَعَقِبِهِمْ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَلَفَ، وَإِلَّا فَحُبِسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ إمَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ مِنْ الْبَعْضِ، وَإِمَّا مِنْ الْكُلِّ فَمِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَعَقِبِهِ فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنِينَ وَمُتَيَسِّرَةٌ مِنْ الْبَنِينَ الْمَوْجُودِينَ، وَالْحُكْمُ أَنَّ الْبَعْضَ الْمَوْجُودَ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ، وَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ الْوَقْفُ لَكِنْ إنْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ حَقٌّ، وَإِنْ نَكَلَ الْبَعْضُ ثَبَتَ نَصِيبُ مَنْ حَلَفَ، وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ، وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ وَقَفَ دَارِهِ مَثَلًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْيَمِينُ هُنَا مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْفُقَرَاءِ، وَالْحُكْمُ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَحْلِفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الْوَقْفِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْوَقْفُ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ أَيْ أَوْ كُلٍّ فَهُنَا حَذْفَ أَوْ وَمَا عُطِفَتْ، وَقَوْلُهُ: كَشَاهِدٍ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِثَالٌ لِلْمُقَدَّرِ، وَفَاعِلُ حَلَفَ يَرْجِعُ لِمَنْ يُخَاطَبُ بِالْيَمِينِ، وَهُوَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْعَقِبِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفُقَرَاءُ بِالْوَقْفِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلَهُ فَإِنْ مَاتَ إلَخْ بَعْدَ أَنْ فَرَّعَ عَلَى الثَّانِي، وَإِلَّا فَحُبِسَ فَسَلَكَ صَنْعَةَ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ، وَقَرِينَةُ امْتِنَاعِ رُجُوعٍ وَإِلَّا فَحُبِسَ لِلْأَوَّلِ عَدَمُ صِحَّةِ الْمَعْنَى أَوْ لُزُومُ الْعَبَثِ فِي التَّفْرِيعِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ بَطَلَ الْحَبْسُ، وَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، وَلَا الثَّانِي وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. (ص) فَإِنْ مَاتَ فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِينَ أَوْ الْبَطْنِ الثَّانِي تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى وَقْفِيَّةِ دَارٍ مَثَلًا عَلَى جَمَاعَةٍ وَعَقِبِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَحَلَفَ مَعَهُ وَنَكَلَ الْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِ طَبَقَتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ مِنْ أَهْلِ طَبَقَتِهِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُمْ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مُيَسَّرٍ) بِفَتْحِ السِّينِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ آخَرَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِفْرَادُ بَلْ وَلَوْ أَتَى بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا ضَمَّ. (قَوْلُهُ: عَلَى بَنِيهِ) أَيْ الْوَاقِفِ أَوْ بَنِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَعَقِبِهِمْ) أَيْ قَالَ: طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ فَقَوْلُهُ: وَعَقِبِهِمْ أَيْ ثُمَّ عَقِبِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي فَإِنْ مَاتَ فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحَقِّهِ إلَخْ أَيْ: وَأَوْ تُحْذَفُ مَعَ مَعْطُوفِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ الْكُلِّ) هَذَا تَمْهِيدٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ مِنْ كُلٍّ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَا دَاعِيَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْفُقَرَاءِ التَّعَذُّرُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْكُلِّ، وَالْبَعْضُ تَيَسَّرَ فَكَمَا أَنَّ التَّعَذُّرَ حَصَلَ مِنْ كُلِّ الْبَنِينَ وَحَصَلَ التَّيَسُّرُ مِنْ الْبَعْضِ يُقَالُ: التَّعَذُّرُ حَصَلَ مِنْ الْجَمِيعِ، وَحَصَلَ التَّيَسُّرُ مِنْ الْبَعْضِ قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: بَعْدُ فَالْيَمِينُ هُنَا مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْفُقَرَاءِ مُفَادُهُ وَمُتَيَسِّرَةٌ مِنْ بَعْضِهِمْ قَطْعًا نَعَمْ يُقَالُ تَوَجَّهَ الْحَلِفُ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ أَمْكَنَ لَكِنْ فِيهِ الْحَلِفُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ اسْتِحْقَاقٌ؛ إذْ لَيْسَ ثَمَّ وَاحِدٌ إلَّا وَيُمْكِنُ صَرْفُهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ نَكَلَ جَمِيعُهُمْ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ الْبَطْنُ الثَّانِي فَمَنْ قَالَ أَخْذُ الْبَطْنِ الثَّانِي كَأَخْذِ الْإِرْث مِنْ آبَائِهِمْ لَمْ يُمَكَّنُوا فِي الْحَلِفِ لِبُطْلَانِ حَقِّهِمْ بِنُكُولِ آبَائِهِمْ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ أَخْذَهُمْ إنَّمَا هُوَ بِعَقْدِ الْحَبْسِ يُمَكَّنُونَ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَمْ يَضُرَّهُمْ نُكُولُ آبَائِهِمْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ حَقٌّ) أَيْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ الْمَعْنَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ النُّكُولِ حَبْسًا بَلْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ حَبْسًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لُزُومُ الْعَبَثِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ: أَوْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْمَعْنَى بَلْ الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَلَكِنْ يَلْزَمُ الْعَبَثُ فِي التَّفْرِيعِ أَيْ تَعَقُّبُ الْكَلَامِ بِمَا لَمْ يُنَاسِبْ مَعَ صِحَّةِ الْمَعْنَى مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى فَاسِدٌ قَطْعًا فَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُحَصَّلَ مَا قَالَهُ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ النُّكُولُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْبَعْضِ الْمَوْجُودِ يَبْطُلُ الْوَقْفُ مِنْ غَيْرِ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ رَاجِعٌ لِلْبَعْضِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنْ فِي الْأُولَى بَعْدَ نُكُولِ الْبَعْضِ الْمَوْجُودِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ابْتِدَاءً فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ، وَحَاصِلُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ مَاتَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا كَلَامَ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَحُبِسَ مُفَرَّعٌ عَلَى النُّكُولِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الْأُولَى بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ تَوَجُّهِهَا ابْتِدَاءً، وَاعْلَمْ أَنَّ خِلَافَ الصَّوَابِ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فَإِنَّهُ جَعَلَ فَاعِلَ حَلَفَ ضَمِيرَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْ حَلَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْيَمِينِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْحَبْسُ فِي الْفَرْعَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ مَاتَ تَفْرِيعًا عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ، وَذَلِكَ إذَا نَكَلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَبْسًا عَلَى الْكُلِّ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ أَنْ لَا يُطَالِبَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ جَوَابُ إنْ مَعَ أَنَّ حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ نُكُولِ الْبَعْضِ الْمَوْجُودِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ اتَّحَدَ الْحَالِفُ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّاكِلُ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ أَيْ جِنْسُهُ الصَّادِقُ بِمَوْتِ بَعْضِ الْحَالِفِينَ وَبَقَاءِ الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَهَذَا أَحَدُ تَقْرِيرَيْنِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 نَصِيبِهِمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ نَصِيبِ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ فِي تَأْخِيرِ الصَّبِيِّ إذَا نَكَلَ أَخُوهُ الْكَبِيرُ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا يَرْجِعُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي لِبُطْلَانِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِمْ، وَأَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا يَتَلَقَّوْنَهُ عَنْ جَدِّهِمْ الْمُحَبِّسِ فَقَوْلُهُ مُسْتَحِقِّهِ أَيْ مُسْتَحِقِّ نَصِيبِ الْحَالِفِ الَّذِي مَاتَ الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ، وَقَوْلُهُ: مُسْتَحِقِّهِ الْإِضَافَةُ جِنْسِيَّةٌ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ لَا تَبْعِيضِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ هُنَا أَيْ جِنْسُ مُسْتَحَقِّهِ الَّذِي هُوَ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ الْبَطْنِ الثَّانِي فَلَا اعْتِرَاضَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْبَطْنِ الثَّانِي مَعْطُوفٌ عَلَى بَقِيَّةِ، وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَهُنَا مُكِّنَ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مَا نَكَلَ عَنْهَا وَسَيَأْتِي، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ وَتَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا فَفِي حَلِفِهِ قَوْلَانِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لَهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَوَّلِينَ يَسْتَحِقُّونَ بَعْدَ الْحَلِفِ ظَاهِرٌ فِي النَّاكِلِ عَلَى مَا فِيهِ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ فَفِيهِ قَوْلَانِ هَلْ يَحْلِفُ ثَانِيًا أَوْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي فَبَعْدَ الْحَلِفِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ غَيْرُ وَلَدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْوِرَاثَةِ. (ص) وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى حَاكِمٍ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي إلَّا بِإِشْهَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانٍ عَلَى لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ فِي أَمْرٍ عَامٍّ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَى حُكْمِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ثَبَتَ عِنْدِي مَا إذَا سَمِعَهُ يَقُولُ حَكَمْت بِكَذَا فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِشْهَادٍ، وَقَوْلُهُ: بِإِشْهَادٍ أَيْ وَيَكُونُ حُكْمًا، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ تَعْدِيلًا لِلشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا. (ص) كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَهَادَةِ النَّقْلِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: النَّقْلُ عُرْفًا إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ لِقَاضٍ فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ، وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ قَاضٍ اهـ. قَوْلُهُ: الشَّاهِدِ أَخْرَجَ بِهِ مَنْ لَيْسَ بِشَاهِدٍ إذَا أَخْبَرَ بِمَا سَمِعَ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَطْلَقَ الشَّاهِدَ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ قَوْلُهُ: عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الَّذِي سَمِعَهُ يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ وَعَنْ سَمَاعِهِ مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَضُرُّ هُنَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَسْتَحِقُّ كُلَّ الْبَقِيَّةِ بَلْ بَعْضَ الْبَقِيَّةِ، وَيَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ الْبَطْنِ الثَّانِي بَلْ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا هَذَا وَجْهُ الِاعْتِرَاضِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلْمُتَبَادَرِ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّهَا تَبْعِيضِيَّةٌ، وَبِجَعْلِهَا بَيَانِيَّةً انْدَفَعَ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لَا بِشَاهِدَيْنِ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: فَهَذَا مُخَالِفٌ لَهُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ بِدُونِ ذِكْرِ قَوْلَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا هُنَا الْحَقُّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ثَانِيًا غَيْرُ الْحَقِّ الَّذِي نَكَلَ عَنْهُ أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ؛ إذْ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ ثَانِيًا غَيْرُ الَّذِي نَكَلَ عَنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ فِي النَّاكِلِ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَحْلِفُ ثَانِيًا أَوْ لَا) فَالْحَلِفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ عَنْ الْجَدِّ بِطَرِيقِ الْحَبْسِ وَعَدَمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْوَرَثَةِ هَكَذَا الْمُنَاسِبُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ الْعَكْسِ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ النَّاكِلِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَسْتَحِقُّونَ مَعَ بَقِيَّةِ الْحَالِفِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمْ مَوْتٌ، وَهُوَ أَحَدُ تَقْرِيرَيْنِ، وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ بَعْضٌ مِنْ الْحَالِفِينَ أَوَّلًا فَإِنَّهُمْ يَخْتَصُّونَ بِهِ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ مَعَ مَنْ حَلَفَ إنَّمَا يَأْخُذُ النَّاكِلُ إذَا مَاتَ كُلُّ الْحَالِفِينَ أَقُولُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُعَارِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْهِبَةِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَمِثْلُهَا الْحَبْسُ لَا يُقْضَى بِهِ؛ إذْ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ فَرْعُ الْقَضَاءِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ مِنْ عَدَمِ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْفُقَرَاءِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ طَالِبٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي) أَيْ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ:، وَلَمْ يَشْهَدْ) شُرُوعٌ فِي نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَبَدَأَ بِذِكْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي لِشَبَهِهَا لَهُ لِكَوْنِهَا نَقْلًا لِحُكْمِهِ فَقَالَ: وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى حَاكِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: اشْهَدُوا عَلَى حُكْمِي) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمٌ (قَوْلُهُ: فِي الطَّلَاقِ) أَيْ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِشْهَادٍ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَى حُكْمِي فَلَوْ حَضَرَ الثُّبُوتُ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ فَلَا يَنْقُلُهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ عِنْدَهُ كَمَا فِي شب وَذُكِرَ فِي ك مَا نَصُّهُ: ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي مَبْحَثِ الْأَدَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَفَادَ - إنْ أَشْهَدَهُمَا - أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْهِدْهُمَا وَسَمِعَا قَوْلَهُ مَا فِيهِ حُكْمِي فَإِنَّهُمَا لَا يَشْهَدَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَكِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافُهُ فَإِنَّهُمَا يَشْهَدَانِ حَيْثُ سَمِعَاهُ يَقُولُ مَا فِيهِ حُكْمِي، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا انْتَهَى، وَقَوْلُهُ: وَيَكُونُ حُكْمًا أَيْ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا أَيْ بَلْ ذَلِكَ تَعْدِيلٌ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ كَاشْهَدْ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى حَاكِمٍ أَيْ أَوْ شَاهِدٍ يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ إلَّا بِإِشْهَادٍ وَمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ فَقَوْلُهُ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي مِثَالٌ لِلْإِشْهَادِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا مِثَالٌ لِمَا كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ (قَوْلُهُ: لِقَاضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إخْبَارُ الشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ قَاضٍ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ ثُمَّ وَجَدْت مَا يُقَوِّي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) أَيْ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا أَخْبَرَ زَيْدٌ الْقَاضِيَ بِأَنَّهُ سَمِعَ عَمْرًا يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ لَكِنَّ إخْبَارَ زَيْدٍ الْقَاضِيَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْلًا فَقَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إذَا أَخْبَرَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ الشَّاهِدُ أَيْ فِي قَوْلِهِ: إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ أَيْ لَا عَلَى مَنْ أَدَّى إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ كَمَا تَبَيَّنَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَخْبَرَ عَنْ الَّذِي سَمِعَهُ يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ) أَيْ لَا عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ تَحَمُّلُهَا، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ أَيْ بِأَنْ سَمِعَ زَيْدًا يَقُولُ أَشْهَدُ عَلَى عَمْرٍو بِكَذَا وَأَشْهَدُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 217 الشَّاهِدِ وَ " شَهَادَةَ " مَفْعُولٌ لِسَمَاعِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ عَطْفٌ عَلَى السَّمَاعِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ وَإِيَّاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِخْبَارِ وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِيُدْخِلَ نَقْلَ النَّقْلِ وَفِي نُسْخَةٍ إيَّاهَا فَضَمِيرُ سَمَاعِهِ يَعُودُ عَلَى غَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ وَضَمِيرُ إيَّاهَا يَعُودُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدْخَلَ بِهَا أَيْضًا نَقْلَ النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَلَوْ تَسَلْسَلَ وَلَا يُطْلَبُ بِتَارِيخِ النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا مِثَالٌ لِمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي. (ص) إنْ غَابَ الْأَصْلُ، وَهُوَ رَجُلٌ بِمَكَانٍ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ النَّقْلِ أَنْ يَتَعَذَّرَ حُضُورُ شَاهِدِ الْأَصْلِ أَوْ يَتَعَسَّرَ حَيْثُ كَانَ رَجُلًا فَالْحَاضِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْأَدَاءِ لَا يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَصْلُ امْرَأَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهَا مَعَ حُضُورِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ غِيَابُهَا كَالرَّجُلِ، وَالْغَيْبَةُ الَّتِي يَسُوغُ النَّقْلُ مَعَهَا هِيَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ فَقَوْلُهُ: بِمَكَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِ غَابَ أَيْ غَابَ فِي مَكَان لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ الْأَدَاءُ مِنْهُ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الْمَشْهُودُ فِيهِ مَالًا أَوْ حَدًّا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ فِي الْحُدُودِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلِيُّ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَوْقَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ أَوْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَابَ أَيْ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ النَّقْلُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ قَدْ مَاتَ أَوْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا شَدِيدًا يَتَعَسَّرُ مَعَهُ الْحُضُورُ إلَى مَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ. (ص) وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بِخِلَافِ جُنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّقْلِ أَيْضًا أَنْ لَا يَطْرَأَ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ زَالَ الْفِسْقُ عَنْ الْأَصْلِ فَهَلْ يُنْقَلُ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ   [حاشية العدوي] شَهَادَتِي فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا أَدَّى الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ شَهَادَةٌ عِنْدَهُ أَيْ أَدَاءً وَالْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي، وَيَقُولُ: لَوْ تَسَلْسَلَ فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَوْ إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ الْإِخْبَارَ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا سَمِعَ إخْبَارَ الشَّاهِدِ لِلْقَاضِي فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْلَ نَقْلٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُتَبَادَرُ وَنَقْلُ النَّقْلِ دَخَلَ فِي الْأَوَّلِ وَيُصَوَّرُ بِمَا إذَا سَمِعَ الْإِخْبَارَ لِغَيْرِ قَاضٍ كَمَا إذَا سَمِعَ زَيْدٌ عَمْرًا يَقُولُ أَنَا سَمِعْت خَالِدًا يَقُولُ أَنَا أَشْهَدُ بِكَذَا قَائِلًا لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَأَنْتَ يَا زَيْدُ تَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِي فَهَذَا نَقْلُ نَقْلٍ، وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِيُدْخِلَ نَقْلَ النَّقْلِ يُصَوَّرُ بِهَذِهِ مَعَ أَنَّ نَقْلَ النَّقْلِ دَخَلَ بِالطَّرَفِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ سَمَاعُهُ الْإِخْبَارَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ نَقْلُ النَّقْلِ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا سَمِعْت زَيْدًا يُخْبِرُ قَائِلًا: أَنَا أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا لِفُلَانٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِي فَهَذِهِ نَقْلٌ فَقَطْ لَا نَقْلُ نَقْلٍ، وَقَوْلُهُ: يَعُودُ عَلَى الْغَيْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَوْ إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِ الْغَيْرِ الشَّهَادَةَ أَيْ أَدَاءَهَا أَيْ إخْبَارُ الشَّاهِدِ أَيْ كَزَيْدٍ يُخْبِرُ الْقَاضِيَ إخْبَارًا نَاشِئًا عَنْ سَمَاعِ عَمْرٍو الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ أَدَاءَهَا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ سَمِعَ عَمْرٌو خَالِدًا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَيُخْبِرُ زَيْدٌ الشَّاهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَالَةَ كَوْنِ عَمْرٍو يَقُولُ لِزَيْدٍ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَزَيْدٌ نَاقِلٌ عَنْ عَمْرٍو، وَعَمْرٌو نَاقِلٌ عَنْ خَالِدٍ فَكَأَنَّ خَالِدًا يَقُولُ لِعَمْرٍو: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِالْقُوَّةِ وَعَمْرًا يَقُولُ لِزَيْدٍ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِالْفِعْلِ فَقَدْ نَقَلَ زَيْدٌ لِلْقَاضِي عَنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو نَاقِلٌ عَنْ خَالِدٍ وَيَحْتَمِلُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ أَمَّا الْأَدَاءُ فَقَدْ عَلِمْته. أَمَّا التَّحَمُّلُ فَبِأَنْ يُخْبِرَ زَيْدٌ الْقَاضِيَ إخْبَارًا نَاشِئًا عَنْ سَمَاعِ عَمْرٍو شَهَادَةً مِنْ خَالِدٍ تَحَمُّلًا أَيْ بِأَنْ يُخْبِرَ خَالِدٌ عَمْرًا بِمَا شَهِدَ بِهِ تَحَمُّلًا قَائِلًا لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَيُخْبِرُ عَمْرٌو زَيْدًا بِذَلِكَ قَائِلًا لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ نَقْلُ نَقْلٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَشَارَ إلَى الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا فَقَوْلُهُ: أَوْ عَنْ سَمَاعِهِ الْإِخْبَارَ أَيْ لِقَاضٍ وَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةً غَيْرُ رَاجِعٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَيْ سَمِعَ زَيْدٌ عَمْرًا يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي قَائِلًا لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي كَانَ ذَلِكَ الذَّاكِرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ مُبَاشِرًا أَوْ بِوَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ نَقْلُ النَّقْلِ إلَّا فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَيْ: وَلَوْ تَسَلْسَلَ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَرْجِيعُ نُسْخَةِ إيَّاهَا لِنُسْخَةِ إيَّاهُ وَيُرَادُ بِالشَّهَادَةِ أَدَاؤُهَا وَيَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِلشَّاهِدِ وَتَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْغَيْرِ خُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ هِيَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ) هَذَا يُعَيِّنُ الِالْتِفَاتَ إلَى ذَلِكَ دُونَ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إلَخْ) كَلَامُ هَذَا الشَّارِحِ كَكَلَامِ بَهْرَامَ يُفِيدُ ضَعْفَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ اعْتِمَادَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ) مَعْطُوفٌ مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهُ عَلَى غَابَ الْأَصْلُ أَيْ وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جُنَّ) أَيْ طُرُوِّ جُنُونٍ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَلَمْ يَقُلْ لَا جُنَّ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ بَعْدَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الشَّاهِدِ الْأَصْلِ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَاهِدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَهُمَا تَقْرِيرَانِ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ التَّحَمُّلِ أَوْ بَعْدَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 الْأَوَّلِ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ ثَانِيًا فِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ جُنُونٌ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَلَمْ يَكْتَفِ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَرَضِ عَنْ الْجُنُونِ مَعَ أَنَّهُ مُشْبِهٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مَنْعُ النَّقْلِ عَمَّنْ حَصَلَ لَهُ. (ص) ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَصْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النَّقْلِ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ وَشَكُّ الْأَصْلِ مَعَ جَزْمِ الْفَرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْكَارِ فَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَمُرَادُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّقْلِ. (ص) وَإِلَّا مَضَى بِلَا غُرْمٍ (ش) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَذَّبَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَمْضِي، وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِهِمْ، وَالْحُكْمُ صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَلَا يُنْقَضُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا طَرَأَ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بَعْدَ الْحُكْمِ. (ص) وَنَقَلَ - عَنْ كُلٍّ - اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا، وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ النَّقْلِ فِي غَيْرِ الزِّنَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ صَارَ الْحَقُّ كَأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَفِي الزِّنَا أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ فَلَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَوَاحِدٌ عَنْ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَتِمَّ الْحُكْمُ؛ إذْ الرَّابِعُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِهِ اثْنَانِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ شُهُودُ الزِّنَا لِمَنْ يَنْقُلُ عَنْهُمْ: اشْهَدُوا عَنَّا أَنَّا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي، وَهُوَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَلَا تَجِبُ التَّفْرِقَةُ فِي النَّاقِلِ بِخِلَافِ الْأُصُولِ، وَقَوْلُهُ: (أَوْ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ اثْنَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عَنْ كُلٍّ إلَخْ أَيْ أَوْ أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلّ اثْنَيْنِ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَأُخْرَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ، وَأَمَّا إذَا نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ الثَّلَاثَةِ، وَاثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَدْخُلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ. وَتَأَمَّلْ وَجْهَهَا قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ عَنْ كُلٍّ اثْنَانِ اثْنَانِ اهـ. أَيْ فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ الْمَشْهُورُ لَا يَشْهَدُ اثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ يَكْفِي عِنْدَهُ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ: أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ أَيْ لَا يَخْلُو الْحَالُ عَنْ هَذَا أَوْ عَنْ هَذَا فَيَصِيرُ الْعِنَادُ بَيْنَهُمَا حَقِيقِيًّا فَتَخْرُجُ صُورَةُ التَّوْضِيحِ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِهَا. (ص) وَلَفْقُ نَقْلٍ بِأَصْلٍ وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلٍ أَصْلَهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَلْفِيقُ النَّاقِلِ مَعَ شُهُودِ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالرُّؤْيَةِ بِالزِّنَا وَنَقَلَ اثْنَانِ عَنْ اثْنَيْنِ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالرُّؤْيَةِ وَاثْنَانِ نَقْلًا عَنْ وَاحِدٍ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُزَكِّيَ رَجُلًا، وَيَنْقُلَ عَنْهُ شَهَادَتَهُ بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ أَحَدِ   [حاشية العدوي] فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا ضَرَرَ فِي الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ طَرَأَ وَاحِدٌ بَعْدَ التَّحَمُّلِ وَقَبْلَ الْأَدَاءِ ضَرَّ، وَإِنْ طَرَأَ وَاحِدٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُ بِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ أَعْنِي التَّكْذِيبَ، وَأَمَّا الْفِسْقُ وَالْعَدَاوَةُ فَطُرُّوهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ مُشْبِهٌ بِهِ) أَيْ مَعَ أَنَّ اُلْجُنَّ مُشْبِهٌ لِلْمَرَضِ فَمُشْبِهٌ مِنْ أَشْبَهَ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ. (قَوْلُهُ: شَكُّ الْأَصْلِ) وَأَوْلَى الظَّنُّ أَيْ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَكَّ هَلْ أَوْدَعَهُ الشَّهَادَةَ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ عَنْ كُلٍّ اثْنَانِ) أَيْ يَنْقُلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ اثْنَانِ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَنْقُلُونَ عَنْ الِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِ الزِّنَا بَلْ اثْنَانِ يَكْفِيَانِ فِي النَّقْلِ عَنْ اثْنَيْنِ لَكِنْ يَأْتِيَانِ لِكُلِّ شَخْصٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَيَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الزِّنَا صُورَةُ نَقْلِ الْأَرْبَعَةِ فِي الزِّنَا أَنْ تَتَوَجَّهَ الْأَرْبَعَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّهُودِ الْأَصْلِيَّةِ وَيَنْقُلُونَ عَنْهُمْ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ وَاحِدَةً وَفِي الزِّنَا إذَا نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ وَنَقَلَ عَنْ الثَّانِي وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَآخَرُ مِنْ غَيْرِهِمَا فَإِنَّ النَّقْلَ صَحِيحٌ وَفِي بَهْرَامَ مَا يُوَافِقُهُ وَفِي الْمَوَّاقِ لَا تَجُوزُ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ أَحَدِ النَّاقِلَيْنِ الشَّهَادَةَ مَعَ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَوَّلًا عَنْ الْآخَرِ رِيبَةٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الزِّنَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَنَقَلَ عَنْ كُلٍّ اثْنَانِ فِيمَا عَدَا الزِّنَا، وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ فَقَدْ عَطَفَ مَعْمُولَيْنِ عَلَى مَعْمُولَيْنِ لِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: إذْ الرَّابِعُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِهِ اثْنَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَرْبَعَةٌ، وَعَلَى وَاحِدٍ اثْنَانِ أَنَّهُ يَكْفِي لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَقَوْلُهُ: وَأَحْرَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ قَضِيَّةُ كَوْنِهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ كُلٍّ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ قَوْلُهُ: اثْنَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَرْبَعَةٌ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الزِّنَا إمَّا أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلٍّ وَإِمَّا اثْنَانِ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَأَمَّلْ وَجْهَهَا) أَيْ جَوَازَهَا وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ أَوْ وَجْهَ مَنْعِهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَنْعِ أَنَّ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا مِنْ الْوَاحِدِ يَنْزِلَانِ مَنْزِلَتَهُ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ أَدَّى مَعَ الِاثْنَيْنِ النَّاقِلَيْنِ عَنْ الثَّلَاثِ لَمَا تَمَّتْ لِعَدَمِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ الْعِنَادُ بَيْنَهُمَا حَقِيقِيًّا) التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ أَيْ لَا يَخْلُو الْحَالُ عَنْ هَذَا أَوْ هَذَا إمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ أَوْ يَشْهَدَ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ اثْنَانِ فَمَتَى خَلَا مِنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ النَّقْلُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: بِأَصْلٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ أَصْلٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ أَيْ إضَافَةُ أَصْلٍ، وَقَوْلُهُ: بَلْ أَحْرَى غَيْرُهُ أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ وَاحِدًا مِنْ الشُّهُودِ غَيْرَ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ بِالْأَوْلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 الشَّاهِدَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْإِضَافَةُ لَيْسَتْ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ أَحْرَى غَيْرُهُ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ النَّقْلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِلتُّهْمَةِ فِي تَرْوِيجِ نَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ خُفِّفَ فِيهَا مَا لَا يُخَفَّفُ فِي الشَّهَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي هَذِهِ أَقْوَى مِنْهَا فِيمَا قَبْلَهَا. (ص) وَنَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ (ش) أَيْ وَجَازَ نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهَا أَوْ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَعَيْبِ الْفَرْجِ أَمَّا نَقْلُ النِّسَاءِ مَعَ رَجُلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا فَالْمُرَادُ بِبَابِ شَهَادَتِهِنَّ مَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ اسْتِقْلَالًا أَوْ مَعَ يَمِينٍ أَوْ مَعَ رَجُلٍ أَمَّا مَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُنَّ فِيهِ انْفَرَدْنَ أَوْ كُنَّ مَعَ رَجُلٍ. (ص) وَإِنْ قَالَا: وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا سَقَطَتَا لَا رُجُوعُهُمْ، وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً، وَلَوْ تَعَمَّدَا (ش) هَذَا افْتِتَاحٌ لِبَابِ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ: لَا رُجُوعُهُمْ بِأَنْ يَقُولَ: لَا رُجُوعُهُمْ كَقَوْلِهِمْ: وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا، وَيُتْرَكُ قَوْلُهُ: سَقَطَتَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِهِمَا: وَهِمْنَا بَلْ الْحَقُّ إنَّمَا هُوَ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ لِآخَرَ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ تَسْقُطُ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى الْوَهْمِ وَالشَّكِّ، وَأَمَّا لَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ أَوْ بِنَفْسٍ تَعَمَّدَا الزُّورَ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا رَجَعَا فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْمُعْتَقِ وَفِي الطَّلَاقِ إنْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ ضَمِنَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ وَيَضْمَنَانِ الدَّيْنَ وَيَضْمَنَانِ الْعَقْلَ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا اهـ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْتَصُّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَاسْتَقْرَبَهُ الْمُؤَلِّفُ كَأَنَّهُمْ قَتَلُوا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ. (ص) وَنُقِضَ إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُمْ كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ أَوْ جَبَّهُ قَبْلَ الزِّنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا ثَبَتَ كَذِبُهُمْ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَاقْتُصَّ مِنْهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا أَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا زَنَى فَحُدَّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ الزِّنَا، وَفَائِدَةُ نَقْضِ الْحُكْمِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ الْغُرْمُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً وَبِعِبَارَةٍ وَنُقِضَ الْحُكْمُ أَيْ حَيْثُ الْإِمْكَانُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَغَرِمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَكِنْ مَعَ غَرَامَةِ الدِّيَةِ يُوجَعَانِ أَدَبًا وَيُسْجَنَانِ مُدَّةً طَوِيلَةً كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (ص) وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شُهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا كُلُّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُضِيفَا عَيْبًا لِلزَّوْجِ، وَالْغَرَامَةُ كُلُّهَا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا كَمَا أَنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الْمُزَكِّي إذَا رَجَعَ فَقَطْ أَوْ رَجَعَ هُوَ وَشُهُودُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ بِغَيْرِهِ أُخِذَ، وَإِنَّمَا الْغَرَامَةُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ بِهِمَا قَامَ الْحَقُّ. (ص) وَأُدِّبَا فِي كَقَذْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: نَاقِلٍ عَنْ رَجُلٍ) أَيْ فَالْمَرْأَتَانِ وَالرَّجُلُ نَاقِلَانِ عَنْ الرَّجُلِ وَقَوْلُهُ أَوْ امْرَأَةٍ إلَخْ فَإِذَا شَهِدَ امْرَأَتَانِ فِي مَالٍ أَيْ مَعَ الْيَمِينِ وَأُرِيدَ النَّقْلُ عَنْهُمَا فَيَنْقُلُ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ يَنْقُلَانِ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ يَنْقُلَانِ عَنْ الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَمُّدًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا أَوْ مَصْدَرًا خَبَرًا لِكَانَ مَحْذُوفَةً وَيُوجَعَانِ أَدَبًا وَيُسْجَنَانِ مُدَّةً طَوِيلَةً (قَوْلُهُ: لَا رُجُوعُهُمْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ وَاعْتُبِرَ التَّلْفِيقُ لَا رُجُوعُهُمْ أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَالِاسْتِيفَاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا وَكَذَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْمَالِ فَلَا يُنْقَضُ اتِّفَاقًا وَكَذَا فِي الدَّمِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَيُسْتَوْفَى (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ) هَذَا حَلُّ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَالَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدُ: أَمَّا لَوْ رَجَعَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا رُجُوعُهُمَا (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي سُقُوطِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِاعْتِرَافِهِمَا بِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا حَيْثُ شَهِدَا عَلَى شَكٍّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَعَمُّدًا، وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةٍ إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غُرْمَ الدِّيَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَنُقِضَ الْحُكْمُ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُقَابِلَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ الْإِمْكَانُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيفَاءُ، وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى حَمَلَتْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، وَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى عَبَّرَتْ بِالنَّقْضِ عَنْ ثَمَرَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا وَاقْتُصَّ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الشَّاهِدِينَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْقَتْلِ خَطَأً فَإِنْ أُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ رَجَعَتْ الْعَاقِلَةُ عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُمْ وَهُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلدِّيَةِ فَإِنْ كَانُوا مُعْدِمِينَ رَجَعُوا عَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُمْ السَّبَبُ فِي أَخْذِهَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ مِنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ عَلَى الْآخَرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ إلَخْ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ النَّقْضُ حَيْثُ الْإِمْكَانُ، وَهُوَ عَدَمُ حُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَأْتِي غُرْمٌ فَمَا وَجْهُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَغَرِمَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَغَرِمَا إلَخْ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ بَلْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا رُجُوعُهُمْ إذَا حَصَلَ حُكْمٌ ثُمَّ حَصَلَ الرُّجُوعُ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِيفَاءٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَيْ إذَا ثَبَتَ الْكَذِبُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا وَاجِبَ إذْ ذَاكَ إلَّا الْغُرْمُ فَقَطْ، وَهِيَ غَيْرُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ، وَصُورَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ فَإِنَّهُمَا يُؤَدَّبَانِ إذْ لَمْ يُتْلِفَا مَالًا فَيَغْرَمَانِهِ، وَلَا نَفْسًا فَيُطْلَبَانِ بِدِيَتِهَا، وَمِثْلُ الْقَذْفِ الضَّرْبُ وَالشَّتْمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (ص) وَحُدَّ شُهُودُ الزِّنَا مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ، وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ حُدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (ص) كَرُجُوعِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ حَدِّ الْأَرْبَعَةِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّ الشُّهُودَ الْأَرْبَعَةَ يُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ أَمَّا لَوْ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّمَا يُحَدُّ الرَّاجِعُ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَذْفِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْحُكْمُ نَافِذٌ تَامٌّ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ فَيُسْتَوْفَى مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَإِنَّ الْحَدَّ عَلَى الْجَمِيعِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمْ فَاسِقٌ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي، وَأَلْحَقُوا بِالْعَبْدِ الْكَافِرَ وَالْأَعْمَى أَيْ فِيمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ، وَوَلَدُ الزِّنَا كَذَلِكَ، وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ اُنْظُرْ تت فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَغَرِمَا فَقَطْ رُبُعَ الدِّيَةِ. (ص) وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ فَلَا غُرْمَ، وَلَا حَدَّ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَيُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَالْعَبْدُ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ سِتَّةٌ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا ثُمَّ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ تِلْكَ السِّتَّةِ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَقَاذِفَيْنِ شَهِدَ لَهُمَا أَرْبَعَةٌ أَنَّ الْمَقْذُوفَ قَدْ زَنَى، وَلَكِنْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْأَدَبُ الشَّدِيدُ بِالِاجْتِهَادِ فَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَعْدَ رُجُوعِ الِاثْنَيْنِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ عَبْدٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَالْعَبْدُ وَحْدَهُ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَعُلِّلَ حَدُّ الثَّلَاثَةِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الْحَدَّ قَدْ أُقِيمَ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ بَطَلَ أَحَدُهُمْ لِكَوْنِهِ عَبْدًا، وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ، وَلَا غَرَامَةَ فَإِنْ قُلْت: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ يُحَدُّ الْجَمِيعُ وَهُنَا جَعَلْتُمْ الْحَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَيْنِ فَقَطْ قُلْت؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ بَقِيَ خَمْسَةٌ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّاجِعَيْنِ مَعْمُولٌ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا لَا يُنْقَضُ (ص) وَغَرِمَا فَقَطْ رُبُعَ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاجِعَيْنِ يَغْرَمَانِ فَقَطْ رُبُعَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَوْ كَثُرُوا فِي حُكْمِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ تَكْمِلَةَ النِّصَابِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ الشَّهَادَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحَدُّ، وَلَا غَرَامَةَ، وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ إذَا شَهِدَ مَعَهُمْ اثْنَانِ، وَلَا عِبْرَةَ فِي حَقِّهِمْ بِرُجُوعِ مَنْ رَجَعَ. (ص) ثُمَّ إنْ رَجَعَ ثَالِثٌ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَحُدَّ إلَخْ) كَذَا النَّقْلُ عَنْ سَحْنُونَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَوْ رَجَعَا قَبْلَهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِكَوْنِ الِاسْتِيفَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى شَهَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقَذْفِ الضَّرْبُ) أَيْ دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مَا أَوْجَبَ التَّعْزِيرَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ يُوجِبُ الْحَدَّ، وَالضَّرْبُ وَالشَّتْمُ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُدْخَلَ الْكَافِ مَا لَيْسَ فِيهِ مَالٌ، وَلَا دِيَةٌ وَيُفَوِّتُ الْمُصَنِّفُ حِينَئِذٍ أَدَبَهُمَا فِيمَا فِيهِ غُرْمٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ جُعِلَ مَدْخُولُ الْكَافِ شَامِلًا لِمَا فِيهِ غُرْمٌ كَغَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ ثُمَّ لَمَّا رَجَعَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَغَرِمَا الْمَالَ وَدِيَةَ الْيَدِ فَيُؤَدَّبَانِ أَيْضًا، وَيُقَيَّدُ الْأَدَبُ فِيمَا مَرَّ فِي النَّفْسِ بِالْأَوْلَى، وَمَحَلُّ أَدَبِهِمَا فِي رُجُوعِهِمَا فِي كَقَذْفٍ حَيْثُ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمَا تَعَمُّدًا فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ شُبِّهَ عَلَيْهِمَا فَلَا أَدَبَ وَإِنْ أَشْكَلَ فَقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ حُدَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ لِاعْتِرَافِهِ إلَخْ) مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يُحَدُّونَ كُلُّهُمْ (قَوْلُهُ: تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي) وَإِنَّمَا تَمَّتْ الشَّهَادَةُ مَعَ تَبَيُّنِ فِسْقِ الْبَعْضِ دُونَ تَبَيُّنِ رِقِّهِ أَوْ كُفْرِهِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ قَدْ يَخْفَى فَالْقَاضِي مَعْذُورٌ فَلَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ مَعَ تَبَيُّنِ الْفِسْقِ، وَأَمَّا الرِّقُّ وَالْكُفْرُ فَالْغَالِبُ ظُهُورُهُمَا فَالْقَاضِي قَدْ حَكَمَ مُقَصِّرًا فَيُنْقَضُ حُكْمُهُ ثُمَّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ فَاسِقٌ كَمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطَابِقَ لِلْفِقْهِ أَنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَبْدِ فِي حَدِّ الْجَمِيعِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ يُفَارِقُ الْعَبْدَ فِي عَدَمِ حَدِّ الْجَمِيعِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ مَحَلُّ مُفَارَقَتِهِمَا، وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ عَلِمَ بَعْدَ الرَّجْمِ وَالْجَلْدِ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ حُدَّ الشُّهُودُ أَجْمَعُ، وَإِنْ كَانَ مَسْخُوطًا لَمْ يُحَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي عَدَمِ التُّهَمِ، وَلَمْ تَتِمَّ فِي الْعَبْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الزِّنَا كَذَلِكَ) أَيْ يَلْحَقُ وَلَدُ الزِّنَا بِالْعَبْدِ فِيمَا لَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَتُهُ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَيْ مُلْحَقٌ بِالْعَبْدِ أَيْ فِي جَمِيعِ الْحَدِّيَّاتِ لَا فِي خُصُوصِ شَيْءٍ كَمَا قِيلَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ تت وَعِبَارَةُ تت وَكَذَا أَلْحَقُوا بِالْعَبْدِ الْأَعْمَى وَوَلَدَ الزِّنَا وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالْكَافِرَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ) أَيْ أَوْ كَافِرٌ لَا فَاسِقٌ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقَامُ بِأَكْثَرَ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ أَقَلُّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْحَدُّ الْأَرْبَعَةَ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: بَطَلَ أَحَدُهُمْ لِكَوْنِهِ عَبْدًا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي حَدَّ الْعَبْدِ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشِيرُ إلَى عِلَّةِ حَدِّ الرَّاجِعِينَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ الشَّهَادَةِ) الْأَوْلَى مَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ الْمَذْكُورُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَغَرِمَ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ رُجُوعًا، وَإِنْ رَجَعَ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ رَجَعَ ثَالِثٌ) أَيْ بَعْدَ رُجُوعِ اثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الْمَسْأَلَةِ عَبْدٌ، وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا يَلِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: حُدَّ هُوَ وَالسَّابِقَانِ، وَلَوْ كَانَ رَاجِعًا لِمَا يَلِيهِ لَقَالَ هُوَ وَالسَّابِقُونَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَأَيْضًا إنَّمَا أَتَى بِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِثْنَاءِ فَهِيَ بِحَسَبِ التَّبَعِ، وَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مَا قَبْلَهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 حُدَّ هُوَ وَالسَّابِقَانِ وَغَرِمُوا رُبُعَ الدِّيَةِ وَرَابِعٌ فَنِصْفَهَا (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ سِتَّةٌ بِالزِّنَا عَلَى رَجُلٍ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَلَا غُرْمَ، وَلَا حَدَّ كَمَا مَرَّ فَإِنْ رَجَعَ ثَالِثٌ فَإِنَّ حَدَّ الْقَذْفِ وَاجِبٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ ثَلَاثَةٌ؛ وَلِذَا حُدَّ السَّابِقَانِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا انْتَفَى عَنْهُمَا لِبَقَاءِ أَرْبَعَةٍ بَعْدَهُمَا، وَقَدْ زَالَ بِرُجُوعِ الثَّالِثِ، وَعَلَيْهِمْ غَرَامَةُ رُبُعِ الدِّيَةِ فَقَطْ أَثْلَاثًا، فَإِنْ رَجَعَ رَابِعٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ، وَعَلَى الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَرْبَاعًا فَإِنْ رَجَعَ خَامِسٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا فَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ فَجَمِيعُهُمَا بَيْنَهُمْ أَسْدَاسًا، وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا لِوُضُوحِهِ. (ص) وَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ بَعْدَ فَقْءِ عَيْنِهِ، وَخَامِسٌ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ، وَرَابِعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فَعَلَى الثَّانِي خُمُسُ الْمُوضِحَةِ مَعَ سُدُسِ الْعَيْنِ كَالْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّالِثِ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ سِتَّةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِرَجْمِهِ فَلَمَّا شَرَعُوا فِي رَجْمِهِ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَرَجَعَ سَادِسًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي ثُمَّ أَصَابَتْهُ مُوضِحَةٌ فَرَجَعَ خَامِسٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي ثُمَّ ذَهَبَتْ رُوحُهُ فَرَجَعَ رَابِعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ دِيَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْخَامِسُ خُمُسُ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِشَهَادَةِ خَمْسَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ وَعَلَيْهِ أَيْضًا سُدُسُ دِيَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَعَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ الرَّابِعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَيْنِ، وَلَا مِنْ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي النَّفْسِ كَمَا يَأْتِي وَانْدَرَجَ طَرَفٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَوْجَبَ الْغُرْمَ عَلَى هَذَا السَّادِسِ وَالْخَامِسِ إلَّا رُجُوعُ هَذَا الرَّابِعِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ فَالْجَمِيعُ، وَهَذَا الْفَرْعُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَعَزَاهُ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمَّا شَرَحَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يُسْتَوْفَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الرَّاجِعِينَ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ دُونَ دِيَةِ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قُتِلَ بِشَهَادَةِ السِّتَّةِ، وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ تَنْدَرِجُ كَمَا مَرَّ. (ص) وَمُكِّنَ مُدَّعٍ رُجُوعًا مِنْ بَيِّنَةٍ كَيَمِينٍ إنْ أَتَى بِلَطْخٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ قَدْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ، وَطَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَيُمَكَّنُ مِنْهُ كَمَا إذَا الْتَمَسَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَمِينَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا لَمْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا مِنْ الْغَرَامَةِ، وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُمَا رَجَعَا وَأَغْرَمَهُمَا مَا أَتْلَفَا فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمَا، وَمَحَلُّ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِدَعْوَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رُجُوعُهُمَا عَمَّا شَهِدَا بِهِ إنْ أَتَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِلَطْخٍ أَيْ بِشُبْهَةٍ فِي دَعْوَى الرُّجُوعِ كَأَنْ يُشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا. (ص) وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا وَيَغْرَمَانِ مَا أَتْلَفَا بِشَهَادَتِهِمَا كَالرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي. (ص) وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ فَالْقِصَاصُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا عَلِمَ بِأَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ بِالْجَوْرِ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ لَا مِنْ الشُّهُودِ وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الْقَتْلَ أَمْ لَا كَذَا يُقْتَصُّ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ حَيْثُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ وَتَعَمُّدِهِ وَحْدَهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي وَالْوَلِيُّ بِالْكَذِبِ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِكَذِبِهِمْ بَلْ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْقَوَادِحِ. (ص) وَإِنْ رَجَعَ عَنْ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الدِّمَاءِ شَرَعَ الْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْفُرُوجِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ، وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ هَذَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إنْ دَخَلَ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ تَنْدَرِجُ) أَيْ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ عَزَاهُ لِمُحَمَّدٍ وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَعْزُهُ فَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا لِبِنَائِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ هَذَا حَاصِلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنَّ عج قَالَ فِي تَقْرِيرِهِ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُمَكَّنُ مِنْهُ) وَفَائِدَةُ تَمْكِينِهِ غُرْمُهُمَا لَهُ وَظَاهِرُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ إقَامَتِهَا، وَلَوْ عَجَّزَهُ الْقَاضِي عَنْ إقَامَتِهَا حَيْثُ نَسِيَهَا وَقْتَ غُرْمِهِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، وَأَمَّا إنْ عَجَّزَهُ، وَهُوَ يَدَّعِي حُجَّةً فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ يَحْلِفُ عَلَى النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا الْتَمَسَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَجَّزَ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُشَاعَ) أَيْ وَكَإِقَامَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِمَا شَاهِدًا غَيْرَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ) وَمِثْلُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمُ أَيْ وَيَكُونُ عِلْمُهُ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ فَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لَوْ حَكَمَ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ لِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ الشُّهُودِ) وَسَوَاءٌ تَعَمَّدُوا أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَاتَ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَا بِشَهَادَتِهِمْ. (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهُمَا) أَيْ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالشَّرْعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ لِلزَّوْجَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَنِصْفٌ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ، وَعَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ اسْتَحَقَّتْ النِّصْفَ بِالْعَقْدِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا لَا غُرْمَ عَلَى مَنْ شَهِدَا بِأَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ قَدْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ تُفَوِّتَا عَلَى الْوَلِيِّ إلَّا اسْتِحْقَاقَ الدَّمِ، وَهُوَ لَا يُقَوَّمُ، وَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُؤَدَّبُ الشَّاهِدَانِ فَقَوْلُهُ: كَعَفْوِ الْقِصَاصِ مُشَبَّهٌ فِي قَوْلِهِ: فَلَا غُرْمَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْ قَوْلِهِ فَنِصْفٌ لِئَلَّا يَفْسُدَ التَّشْبِيهُ قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَلَا غُرْمَ، وَلَا يُقَالُ: الْقَاعِدَةُ الْأَغْلَبِيَّةُ أَنَّ الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَهُنَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْقَاعِدَةِ فِي الْكَافِ التَّمْثِيلِيَّةِ لَا التَّشْبِيهِيَّةِ كَمَا هُنَا (ص) كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي غَرَامَةِ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَكَمَالِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ رُبُعَ الصَّدَاقِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي نِكَاحِ الْمُسَمَّى، وَإِلَّا غَرِمَا جَمِيعَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ الصَّدَاقُ بِالْوَطْءِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَلَا بِالْمَوْتِ. (ص) وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ عَنْ الطَّلَاقِ (ش) صُورَتُهُمَا امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ نِكَاحُهَا ثَابِتٌ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقِهَا، وَشَهِدَ اثْنَانِ آخَرَانِ بِأَنَّ زَوْجَهَا قَدْ دَخَلَ بِهَا فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ فَإِنَّ الْغُرْمَ لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ مُخْتَصٌّ بِشَاهِدَيْ الدُّخُولِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ إنَّمَا دُفِعَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ الْغُرْمِ فِي ذَلِكَ أَيْ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ بِغُرْمِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا عَنْ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ. (ص) وَرَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَةَ مَاتَتْ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِطَلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِشَاهِدَيْ الدُّخُولِ مَا غَرِمَاهُ لَهُ، وَهُوَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ طَلَاقَهَا وَالْبِنَاءَ بِهَا يُوجِبُ أَنَّ مَوْتَهَا فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ عَلَيْهِ كُلَّ الصَّدَاقِ، وَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، وَلَوْ قَالَ: وَرَجَعَا عَلَى الزَّوْجِ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ هُوَ شَرْطٌ فِي رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَشَهِدَا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لَأَدَّى الْكَلَامُ إلَى أَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ يَرْجِعَانِ عَلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ أَمْ لَا لِإِطْلَاقِهِ مَعَ تَقَدُّمِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فَهِمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. (ص) وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ دُونَ مَا غَرِمَ (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ: عَلَيْهِمَا يَرْجِعُ لِشَاهِدَيْ الطَّلَاقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهَا؛ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ يَرِثُهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا لَهَا لِاعْتِرَافِهِ بِكَمَالِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ؛ إذْ هُوَ مُنْكِرٌ لِلطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الْمُثَنَّى رَاجِعٌ لِشَاهِدَيْ الطَّلَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا قَوْلُهُ: بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ؛ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ لَا يُفَوِّتَانِ عَلَيْهِ إرْثًا لَكِنْ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَا قَبْلَهَا بَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ) أَيْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ) أَيْ فَقَطْ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا) وَفِي تت وَحُلُولُو: يَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ، وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ) هَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَإِلَّا فَالتَّفْوِيضُ لَا يُوجِبُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا، وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ. (قَوْلُهُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) وَمِثْلُ مَوْتِ الزَّوْجَةِ مَوْتُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُحْتَرَزَ اسْتَمَرَّ إنَّمَا مُحْتَرَزُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ اسْتِمْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَا أَيْ وَغَرِمَا أَيْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: مَعَ تَقَدُّمِ الْمَسْأَلَتَيْنِ) مَسْأَلَةُ إنْكَارِهِ، وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرِيبًا، وَمَسْأَلَةُ إقْرَارِهِ أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَيْ اسْتَمَرَّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ يَقْتَضِي خُصُوصَهُ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ هُنَاكَ شَاهِدَا دُخُولٍ أَمْ لَا. (ص) وَرَجَعَتْ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ إرْثٍ وَصَدَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تَرْجِعُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ إرْثِهَا مِنْهُ وَمِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَلْتُكْمِلْ صَدَاقَهَا فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمَوْضُوعَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَّا شُهُودُ طَلَاقٍ فَقَطْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ شُهُودُ دُخُولٍ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رُجُوعٌ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ إذَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِمَا صَدَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسَمَّى لَهَا كَمَا مَرَّ. (ص) وَإِنْ كَانَ عَنْ تَجْرِيحِ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ بِزَوْجِيَّتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِطَلَاقِ أَمَةٍ مِنْ عِصْمَةِ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ، وَالْحَالُ أَنَّ سَيِّدَهَا مُصَدَّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِتَجْرِيحِ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّجْرِيحِ عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ شَهِدَا بِتَغْلِيطِهِمَا بِأَنْ قَالَا: غَلِطْتُمَا فِي شَهَادَتِكُمَا، وَإِنَّمَا الَّتِي شَهِدْتُمَا بِطَلَاقِهَا غَيْرُ هَذِهِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ الْأَمَةِ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا ثُمَّ إنَّ شَاهِدَيْ التَّغْلِيطِ أَوْ التَّجْرِيحِ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَتْهُ الْأَمَةُ بِسَبَبِ زَوْجِيَّتِهَا أَيْ بِسَبَبِ بَقَائِهَا وَعَوْدِهَا لِعِصْمَةِ زَوْجِهَا فَإِنَّ عَوْدَهَا ثَانِيًا عَيْبٌ فَتُقَوَّمُ الْأَمَةُ بِلَا زَوْجٍ وَتُقَوَّمُ مُتَزَوِّجَةً وَيَغْرَمَانِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَقَوْلُنَا وَالْحَالُ أَنَّ سَيِّدَهَا مُصَدَّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ كَانَ مُنْكِرًا لَهُ فَلَا يَغْرَمَانِ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُدْخِلَا عَلَى أَمَتِهِ عَيْبًا وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَنْ تَجْرِيحٍ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ حُرَّةٍ لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا قِيمَةَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَبْدَ كَالْأَمَةِ. (ص) وَلَوْ كَانَ بِخُلْعٍ بِثَمَرَةٍ لَمْ تَطِبْ أَوْ بِآبِقٍ فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ كَالْإِتْلَافِ بِلَا تَأْخِيرٍ لِلْحُصُولِ فَتَغْرَمَ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ وَاقِعَةٍ بِخُلْعٍ بِثَمَرَةٍ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَوْ بِعَبْدٍ أَبَقَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْخُلْعِ وَلُزُومِهِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ أَوْ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَمَا مَعَهُ حِينَ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِالْأَحْسَنِ كَمَنْ أَتْلَفَ ثَمَرَةً لَمْ تَطِبْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا حِينَ الْإِتْلَافِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَلَا يُسْتَأْنَى بِمَا ذُكِرَ إلَى حُصُولِ الطِّيبِ وَالْآبِقِ فَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ فَالْقِيمَةُ الْأُولَى حِينَ الشَّهَادَةِ، وَهِيَ مُثْبَتَةٌ وَالثَّانِيَةُ حِينَ الْحُصُولِ، وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَا حُكْمٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُثْبَتِ، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَعْضِ بِعَنْ وَفِي الْبَعْضِ بِالْبَاءِ لِلتَّفَنُّنِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ وَقَوْلُهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ تَطِبْ الْمُرَادُ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ لَا بِمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُخَالَعَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِهِ. (ص) وَإِنْ كَانَ بِعِتْقٍ غَرِمَا قِيمَتَهُ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عِتْقًا نَاجِزًا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِسَيِّدِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِذَلِكَ، وَالسَّيِّدُ يَسْتَحِقُّ مَالَهُ عَلَى مُقْتَضَى إنْكَارِهِ لِلْعِتْقِ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّ سَيِّدَهُ يَأْخُذُ مَالَهُ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاءُ فِي بِعِتْقٍ بِمَعْنَى عَنْ. (ص) وَهَلْ إنْ كَانَ لِأَجَلٍ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ، وَالْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ لَهُمَا، أَوْ تَسْقُطُ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ، أَوْ يُخَيَّرُ فِيهِمَا؟ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ شَخْصَانِ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ إلَى أَجَلٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ الْعَبْدِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: شَاهِدَيْ إلَخْ) تَنَازَعَهُ تَجْرِيحٌ وَتَغْلِيطٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِ الْعَرَبِ بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ وَقَوْلِ النُّحَاةِ قَطِعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَا غَلِطْتُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْكُمَا أَنَّكُمَا قُلْتُمَا غَلِطْتُمَا وَهُمَا يُنْكِرَانِ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ حَاضِرَيْنِ وَمِثْلُ الْحَاضِرَيْنِ مَا إذَا كَانَا غَائِبَيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمَانِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ، وَلَا أَرْشَ لِلْبَكَارَةِ لِانْدِرَاجِهَا فِي الصَّدَاقِ، ثُمَّ غُرْمُهُمَا مَا نَقَصَتْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عَيْبَ التَّزْوِيجِ يَرْتَفِعُ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ؛ لِأَنَّهُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ فَوُجُودُهُ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْعِصْمَةِ أَشَدُّ مِنْهُ مَعَ خُرُوجِهَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ مُعْتَبَرَةٌ، وَقَوْلُهُ: فَتَغْرَمَ بِالنَّصْبِ مَعْطُوفٌ عَلَى تَأْخِيرٍ (قَوْلُهُ: بِلَا تَأْخِيرٍ لِلْحُصُولِ) الْمَنْفِيِّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ يُؤَخَّرُ التَّقْوِيمُ لِلْحُصُولِ فَيَغْرَمُ الشُّهُودُ الْقِيمَةَ حِينَ الْحُصُولِ (قَوْلُهُ: حِينَ الشَّهَادَةِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْقِيمَةَ مُقَدَّرَةٌ حِينَ الشَّهَادَةِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الشَّهَادَةِ بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ حِينَ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: الْقَفْصِيُّ) نِسْبَةٌ لِقَفْصَةَ بَلْدَةٌ بِالْمَغْرِبِ، وَهُوَ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنَا إلَّا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ (قَوْلُهُ: حِينَ الْإِتْلَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ رَائِحَةِ الْفِعْلِ وَالْأَحْسَنُ جَعْلُهُ حَالًا، وَالتَّقْدِيرُ حَالَ كَوْنِ الْقِيمَةِ مُعْتَبَرَةً حِينَ الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: فَتَغْرَمَ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ) لَفْظُ حِينَئِذٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ) أَيْ: وَهُوَ حِينَ الشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا حُكْمٍ وَاحِدٍ أَيْ، وَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ بَلْ عَلَى حُكْمَيْنِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَقَامِ حِينَ الشَّهَادَةِ، وَهَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ حُكْمٌ فَقَدْ تَسَمَّحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ) وَلِأَجْلِ مَا ذَكَرْنَا قُلْنَا أَنْ تَغْرَمَ بِالنَّصْبِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ لَكَانَ قَوْلُهُ: فَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ) حَالٌ مِنْ الْقِيمَةِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقِيمَةِ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِ يَغْرَمَ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ يَوْمَ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ) فَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ أَمَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَطَأَهَا حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ، وَلَوْ قَبَضَ مِنْهُمْ الْقِيمَةَ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُبِيحَ فَرْجَهَا لِلْأَزْوَاجِ حَيْثُ عَلِمَتْ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا بِالْعِتْقِ زُورٌ، وَإِلَّا جَازَ لَهَا ذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 الْآنَ لِسَيِّدِهِ وَيَسْتَوْفِيَانِ خِدْمَتَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ زَادَتْ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْقِيمَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يَأْخُذَانِ مِنْ الزِّيَادَةِ شَيْئًا ، الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ إلَى الْأَجَلِ تُقَوَّمُ عَلَى غَرَرِهَا، وَتَسْقُطُ مِنْ الْقِيمَةِ وَبَاقِي الْقِيمَةِ يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ الْآنَ، وَيَتَسَلَّمُ مَنَافِعَ الْعَبْدِ إلَى الْأَجَلِ فَتُقَوَّمُ مَنَافِعُهُ عَلَى غَرَرِهَا وَتَجْوِيزِ أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ يَعِيشَ إلَيْهِ فَيَخْرُجَ حُرًّا فَتُحَطَّ الْقِيمَةُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْقِيمَةِ الَّتِي يَغْرَمَانِهَا، وَتَبْقَى مَنَافِعُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ السَّيِّدَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ خِدْمَةَ الْعَبْدِ إلَى الشَّاهِدَيْنِ إلَى الْأَجَلِ وَيَأْخُذَ مِنْهُمَا قِيمَتَهُ الْآنَ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ الْآنَ مِنْهُمَا، وَيَتَمَسَّكَ بِالْمَنَافِعِ إلَى الْأَجَلِ، وَيَدْفَعَ قِيمَتَهَا إلَيْهِمَا وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَقَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ كَانَ لِأَجَلٍ أَيْ وَهَلْ إنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ وَهَلْ إنْ كَانَ الْعِتْقُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ لِأَجَلٍ وَهَذَا أَسْلَسُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحُوجُ إلَى تَقْدِيرٍ، وَالْأَوَّلُ أَجْرَى عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ جَرَيَانِ مَرْجِعِ الضَّمَائِرِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَدَمِ تَشَتُّتِهِ، وَالْمَرْجِعُ هُنَا الرُّجُوعُ، قَوْلُهُ: وَالْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ لَهُمَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى مَا غَرِمَا، وَإِلَّا فَالْبَاقِي يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ رَجَعَا عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بِبَقِيَّةِ مَا لَهُمَا إنْ زَادَتْ قِيمَةُ بَاقِي الْمَنْفَعَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ فَقَالَ تت فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَتَرَكَ مَالًا أَوْ قُتِلَ فَأَخَذَ لَهُ قِيمَةً أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْخِدْمَةِ وَتَرَكَ مَالًا فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ: أَوْ تَسْقُطُ إلَخْ فَإِنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَخَذَا قِيمَتَهَا عَلَى غَرَرِهَا فَقَوْلُهُ: أَوْ تَسْقُطُ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ، وَهَذَا يُفِيدُ الْخِلَافَ فِي الْقِيمَةِ أَيْ أَوْ لَا يَغْرَمَانِ جَمِيعَ الْقِيمَةِ بَلْ تَسْقُطُ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَالْخِلَافُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ غُرْمِ جَمِيعِهَا وَعَدَمِ غُرْمِ جَمِيعِهَا قَوْلُهُ: أَوْ يُخَيَّرُ فِيهَا بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ أَمَّا النُّسْخَةُ الْأُولَى فَالضَّمِيرُ فِيهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَوْ يُخَيَّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ وَأَمَّا النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ فَالضَّمِيرُ فِيهَا عَائِدٌ عَلَى الْإِسْقَاطِ وَعَدَمِهِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَيُسَلِّمَهَا لِلشَّاهِدَيْنِ، وَفِي عَدَمِ الْإِسْقَاطِ بِأَنْ يَأْخُذَهَا وَيَدْفَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكَلَامُ الشَّارِحِ خِلَافُ النَّقْلِ. (ص) وَإِنْ كَانَ بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ فَالْقِيمَةُ وَاسْتَوْفَيَا مِنْ خِدْمَتِهِ فَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ فَعَلَيْهِمَا وَهُمَا أَوْلَى إنْ رَدَّهُ دَيْنٌ أَوْ بَعْضُهُ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ وَقَعَتْ بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَتَهُ الْآنَ، وَيَسْتَوْفِيَانِهَا مِنْ خِدْمَتِهِ؛ إذْ لَمْ يَبْقَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا غَيْرُ الْخِدْمَةِ ثُمَّ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ وَعَتَقَ بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَا اسْتَوْفَيَا مَا غَرِمَاهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَ لَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ فَقَدْ ضَاعَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَوْ حَمَلَ بَعْضَهُ فَإِنَّهُمَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِمَا رُقَّ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنْ الَّذِي غَرِمَاهُ، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ (كَالْجِنَايَةِ) فِي الْأَوْلَوِيَّةِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُدَبَّرًا، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَالْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحَقِّهَا فَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِمَا أَيْ فَاَلَّذِي بَقِيَ ضَاعَ عَلَيْهِمَا. (ص) وَإِنْ كَانَ بِكِتَابَةٍ فَالْقِيمَةُ وَاسْتَوْفَيَا مِنْ نُجُومِهِ، وَإِنْ رُقَّ فَمِنْ رَقَبَتِهِ (ش) يَعْنِي، وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ وَقَعَتْ بِكِتَابَةِ عَبْدٍ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ عَاجِلًا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَانِهَا مِنْ نُجُومِهِ ثُمَّ يَتَأَدَّى السَّيِّدُ مَا بَقِيَ فَإِنْ أَدَّاهَا كُلَّهَا عَتَقَ، وَلَوْ عَجَزَ وَلَوْ عَنْ الْبَعْضِ وَرُقَّ فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنْ رَقَبَتِهِ فَإِنْ لَمْ تُوَفِّ فَلَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: الْآنَ لِسَيِّدِهِ) ظَرْفٌ لِلْغُرْمِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَتْ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ بَقِيَّةٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لَهُمَا أَنْ يُسَلَّمَ الْعَبْدُ لَهُمَا بَلْ يَخْدُمُهُمَا، أَوْ يَأْخُذَا أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَيَبِيتُ عِنْدَ سَيِّدِهِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ مِنْهُمَا قِيمَتَهُ الْآنَ) أَيْ يَوْمَ الرُّجُوعِ فَالْآنَ ظَرْفٌ لِلْأَخْذِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ كَمَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: وَالْمَرْجِعُ هُنَا الرُّجُوعُ) أَيْ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْخِدْمَةِ) أَيْ مَعَ نَقْصِهَا عَنْ مَالِهِمَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ لَضَاعَتْ عَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ اسْتِيفَاءِ الْقِيمَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَقِيمَةُ ذَاتِ الْعَبْدِ أَخَذَهَا فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا أَخَذَا قِيمَتَهَا عَلَى غَرَرِهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا أَخَذَا قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ حَقِيقَةً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ قُوِّمَتْ عَلَى غَرَرِهَا، وَأُسْقِطَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْمَنَافِعِ مِنْ جُمْلَةِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَأَخَذَ السَّيِّدُ بَاقِيَ الْقِيمَةِ، وَأَخَذَ الْمَنَافِعَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الشَّارِحِ خِلَافُ النَّقْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: أَوْ يُخَيَّرُ فِيهِمَا أَيْ فِي إسْقَاطِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِ إسْقَاطِهَا أَيْ فَقَرَّرَ الشَّارِحُ الْمُصَنِّفَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشِّقَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلُ كَلَامُ بَهْرَامَ بِمَا يَرْجِعُ لِمَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ عِتْقِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ: وَاسْتَوْفَيَا مِنْ خِدْمَتِهِ أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَلَا يَمْلِكَانِ جَمِيعَهَا، وَالْمُرَادُ: إنْ شَاءَ سَيِّدُهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَدَفَعَ لَهُمَا قِيمَتَهَا أَيْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِحَسَبِ مَا يَسْتَوْفِيهَا وَأَفَادَ قَوْلُهُ: وَاسْتَوْفَيَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا خِدْمَةَ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنَجِّزُ عِتْقَهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَنْجِيزِهِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَا مِنْ خِدْمَتِهِ وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ) أَيْ قِنًّا، وَقَوْلُهُ: عَاجِلًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 شَيْءَ لَهُمَا فِيمَا بَقِيَ لَهُمَا فَالْبَاءُ فِي بِكِتَابَةٍ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ كِتَابَةٍ. (ص) وَإِنْ كَانَ بِاسْتِيلَادٍ فَالْقِيمَةُ وَأَخَذَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا وَفِيمَا اسْتَفَادَتْهُ قَوْلَانِ (ش) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ وَقَعَتْ بِاسْتِيلَادٍ إلَخْ فَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَ أَمَتَهُ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَتَهَا الْآنَ عَاجِلًا ثُمَّ يَأْخُذَانِهَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا مِنْ طَرَفٍ أَوْ نَفْسٍ، وَمَا فَضَلَ لِسَيِّدِهَا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَفَادَتْ شَيْئًا مِنْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَهَلْ يَأْخُذَانِ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَرْشِ أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا قَوْلَانِ فَالْبَاءُ فِي بِاسْتِيلَادٍ بِمَعْنَى عَنْ. (ص) ، وَإِنْ كَانَ بِعِتْقِهَا فَلَا غُرْمَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ نَجَّزَ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَهُوَ لَا يُتَقَوَّمُ كَمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَالْبَاءُ فِي بِعِتْقِهَا بِمَعْنَى عَنْ أَيْ: وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ عِتْقِهَا أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقِهَا. (ص) أَوْ بِعِتْقِ مُكَاتَبٍ فَالْكِتَابَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى السَّيِّد أَنَّهُ نَجَّزَ عِتْقَ مُكَاتَبِهِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ مَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا وَيُؤَدِّيَانِهِ عَلَى النُّجُومِ، وَلَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ كَمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ غَرِمَا قِيمَةَ كِتَابَتِهِ وَلِذَا عَدَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ، وَالْبَاءُ فِي بِعِتْقِ مُكَاتَبٍ بِمَعْنَى عَنْ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقِ مُدَبَّرٍ أَوْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ اُنْظُرْ الْكَبِيرَ. (ص) وَإِنْ كَانَ بِبُنُوَّةٍ فَلَا غُرْمَ إلَّا بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ بِإِرْثٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَةٍ وَقَعَتْ بِبُنُوَّةٍ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ لِلِابْنِ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ فُلَانٍ أَنَّهُ قَالَ هُوَ وَلَدِي فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَى الْأَبِ مَالًا فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَأَخَذَ هَذَا الْوَلَدُ الْمَالَ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلْعَصَبَةِ إنْ كَانُوا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ قَدْرَ مَا أَخَذَ الْوَلَدُ مِنْ الْإِرْثِ وَالْبَاءُ فِي بِبُنُوَّةٍ بِمَعْنَى عَنْ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَلَا غُرْمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِإِرْثٍ عَمَّا إذَا أَخَذَ الْمَالَ بِغَيْرِهِ كَدَيْنٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَى مَنْ شَهِدَ (ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَقِيمَتُهُ أَوَّلًا (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ عَبْدَ الشَّخْصِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهِ وَثُبُوتِ نَسَبِهِ ثُمَّ إنَّهُمَا رَجَعَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَوَّلًا نَاجِزًا ثُمَّ يَغْرَمَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ فَقَوْلُهُ: أَوَّلًا أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ مَوْتٌ فَيُؤْخَذَ الْمَالُ بِالْإِرْثِ وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ بِأَثَرِ الرُّجُوعِ بُدِئَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ وُرِّثَ الْبَاقِي. (ص) ثُمَّ إنْ مَاتَ وَتَرَكَ آخَرَ فَالْقِيمَةُ لِلْآخَرِ وَغَرِمَا لَهُ نِصْفَ الْبَاقِي (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَوْتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ غُرْمُ الْقِيمَةِ أَيْ ثُمَّ إنْ مَاتَ الْأَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْبُنُوَّةِ، وَتَرَكَ وَلَدًا آخَرَ ثَابِتَ النَّسَبِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي أَغْرَمَاهَا لِلْآخَرِ أَيْ لِلْوَلَدِ الثَّابِتِ النَّسَبِ، وَلَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ وَأَنَّ أَبَاهُ قَدْ ظَلَمَ الشُّهُودَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ وَأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهَا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ نِصْفَيْنِ فَمَا خَصَّ الْوَلَدَ الْمَشْهُودَ لَهُ يَغْرَمَانِ مِثْلَهُ لِلْوَلَدِ الثَّابِتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا. (ص)   [حاشية العدوي] أَيْ: غَرَامُ الْقِيمَةِ يَكُونُ عَاجِلًا، وَلَكِنْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَتَهَا الْآنَ عَاجِلًا) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ. (قَوْلُهُ فَهَلْ يَأْخُذَانِ إلَخْ) الرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُمَا لَا يَأْخُذَانِ شَيْئًا مِمَّا لَوْ اسْتَفَادَتْهُ، وَأَمَّا مَا اسْتَفَادَهُ وَلَدُهَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا مِنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَلَوْ بِالتَّزْوِيجِ حَتَّى يَبِتَّ عِتْقُهَا فَإِنْ قُلْت هَذَا مُعَارِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ بَعْدَ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ حَيْثُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمَا وَأُجِيبَ بِقُوَّةِ الْمِلْكِ فِي الْقِنَّةِ الْمَحْضَةِ وَضَعْفِهَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِدَلِيلِ جَبْرِ الْأَوَّلِ عَلَى النِّكَاحِ وَجَوَازِ بَيْعِهَا وَإِجَارَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يُتَقَوَّمُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ الْحُكْمَ فِيمَنْ قَتَلَهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى السَّيِّدِ الْأَرْشَ بِتَقْدِيرِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، وَقَدْ يُقَالُ: مَنْ شَهِدَ بِعِتْقِهَا فَوَّتَ الْأَرْشَ إلَخْ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْقَاتِلَ تَجَرَّأَ عَلَى نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَإِنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الْكَبِيرَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِتَنْجِيزِ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِقِيمَتِهِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا وَيَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِتَنْجِيزِ عِتْقِ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ لَا خِدْمَتِهِ، وَلَوْ كَانَ إلَى مَوْتِ فُلَانٍ غَرِمَا قِيمَتَهُ إلَى أَقْصَى الْعُمْرَيْنِ عُمْرِ الْعَبْدِ وَعُمْرِ الَّذِي يَعْتِقُ إلَى مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: عَبْدَ الشَّخْصِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَا فَوَّتَاهُ) أَيْ مَا فَوَّتَا وِرْثَتَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ مَوْتٌ) أَيْ لِلسَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ: فَيُؤْخَذَ الْمَالُ بِالْإِرْثِ مَنْصُوبٌ - مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَوْتٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ) أَيْ مَوْتُ السَّيِّدِ هَكَذَا الصَّوَابُ لَا مَوْتُ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ قَبَضَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ الْقِيمَةَ وَخَلَطَهَا بِمَالِهِ مَثَلًا ثُمَّ تُوُفِّيَ ثُمَّ إنَّ ثَابِتَ النَّسَبِ وَمَنْ حُكِمَ لَهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ أَرَادَا قَسْمَ الْمَالِ فَإِنَّ ثَابِتَ النَّسَبِ يَبْدَأُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ يَخْتَصُّ بِهَا وَالْبَاقِي بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ ثُمَّ إنْ مَاتَ إلَخْ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لَهَا مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ وَكَمَّلَ بِالْقِيمَةِ وَرَجَعَا عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا عَرَفَهُ الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ (ش) الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ كُلَّهَا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلَدَيْنِ النِّصْفُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ تَبْدِئَةً لِلْمَالِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَيَكْمُلُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا ثَابِتُ النَّسَبِ ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْوَلَدِ الثَّابِتِ النَّسَبِ بِقَدْرِ مَا غَرِمَاهُ؛ لِأَنَّهُمَا غَرِمَاهُ لَهُ بِسَبَبِ إتْلَافِهِ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا فَلَمَّا ثَبَتَتْ التَّرِكَةُ لِلدَّيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمَا وَاَلَّذِي أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ هُوَ النِّصْفُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُسْتَلْحِقُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ فَقَوْلُهُ: بِمَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ أَيْ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ مَنْ كَانَ عَبْدًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ غُرْمُهُ جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ رَجَعَا عَلَى الثَّابِتِ النَّسَبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا لَمْ يُضَيِّعَا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ. (ص) وَإِنْ كَانَ بِرِقٍّ لِحُرٍّ فَلَا غُرْمَ إلَّا لِكُلِّ مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٌ اُنْتُزِعَ، وَلَا يَأْخُذُهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَوَرِثَ عَنْهُ وَلَهُ عَطِيَّتُهُ لَا تَزَوُّجٌ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ وَقَعَتْ بِرِقٍّ لِحُرٍّ إلَخْ فَإِذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ، وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا فِي الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ، وَالْحُرُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ السَّيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدَ فِي شَيْءٍ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ انْتَزَعَ مِنْهُ مَالًا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عِوَضًا عَمَّا أَخَذَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْ الْمَشْهُودُ لَهُ الْمَالَ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَبْدُ بِحَسَبِ شَهَادَتِهِمَا الْمَرْجُوعِ عَنْهَا ظُلْمٌ؛ إذْ هُوَ مُعْتَقِدٌ رِقِّيَّتَهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ أَخْذُ مَا ظَلَمَهُمَا بِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ هَذَا الْمَالَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَلَا يَرِثُهُ سَيِّدُهُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا أَخَذَ الْمَالَ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ حُرٌّ فَبَيْتُ الْمَالِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِمَنْ شَاءَ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فِي ثُلُثٍ أَوْ عِتْقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ، وَاللَّامُ فِي لِحُرٍّ بِمَعْنَى عَلَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِحُرٍّ صِفَةً لِرِقٍّ أَيْ بِرِقٍّ كَائِنٍ لِحُرٍّ أَيْ حُرٍّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَبِعِبَارَةٍ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ: وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ رِقٍّ أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِرِقٍّ، وَقَوْلُهُ: لِحُرٍّ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِرِقٍّ أَنَّهُ لِحُرٍّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَفُلَانٌ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ الْمَوَّاقِ، وَهُوَ أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ. (ص) وَإِنْ كَانَ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ قَالَا لِزَيْدٍ غَرِمَا خَمْسِينَ لِعَمْرٍو فَقَطْ (ش) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ وَقَعَتْ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو أَيْ: وَإِذَا شَهِدَ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى بَكْرٍ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَقَالَا بَلْ الْمِائَةُ كُلُّهَا لِزَيْدٍ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَيَغْرَمَانِ لِبَكْرٍ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو مِنْ الْمِائَةِ، وَلَا شَيْءَ لِزَيْدٍ مِنْ الْمِائَةِ سِوَى خَمْسِينَ فَقَطْ فَاللَّامُ فِي لِعَمْرٍو لِلْعِلَّةِ أَيْ يَغْرَمَانِ خَمْسِينَ لِبَكْرٍ لِأَجْلِ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِعَمْرٍو، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْغَرِيمِ، وَهُوَ الْمُقْتَضَى عَلَيْهِ أَيْ غَرِمَا خَمْسِينَ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لِأَجْلِ عَمْرٍو. (ص) وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَا نِصْفَ الْحَقِّ (ش) يَعْنِي إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِهِ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ نِصْفَ ذَلِكَ الْحَقِّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَعَلَّهُ إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْكُلَّ لِكَوْنِ الرُّجُوعِ عَنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَكَمَّلَ بِالْقِيمَةِ) إنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا مِيرَاثًا غَيْرُ مُحَقَّقٍ؛ إذْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ يَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الثَّابِتِ النَّسَبِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ وُجُودُهُ عَمَّنْ شَهِدَ بِبُنُوَّتِهِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ مُسْتَغْرِقٌ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ يُبْدَأُ بِهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ بَاقِيَةً وَحْدَهَا لَا أَنَّهَا تَلِفَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا غُرْمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالرِّقِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَثَبَتَتْ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ، وَالْحُرُّ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَكَمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالرِّقِّيَّةِ يُحْكَمُ بِالرِّقِّيَّةِ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أَمَتِهِ، وَأَنْ يَجْرِيَ فِيهِمْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِكُلِّ مَا اسْتَعْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِكُلِّ مَا اسْتَعْمَلَ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ أَحْرَارٌ فَيَرْجِعُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي فَوَّتَاهَا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ هَذَا الْمَالَ أَوْ غَيْرَهُ) فِي زِيَادَةِ أَوْ غَيْرِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَجْرِي، وَقَدْ أَسْقَطَهَا بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ حَسَنٌ وَحَيْثُ قُلْتُمْ لَيْسَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَخْذُهُ إلَخْ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: عَبْدٌ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ كِتَابَةٌ، وَلَا تَدْبِيرٌ، وَلَا عِتْقٌ لِأَجَلٍ، وَلَهُ أَنْ يَهَبَ وَيَتَصَدَّقَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ التَّزَوُّجَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَانْظُرْ التَّسَرِّيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْقِنِّ أَوْ كَالْمُكَاتَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ نَظَرًا لِلْمِلْكِيَّةِ، وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً إنْ عَلِمَ صِدْقَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِالرِّقِّيَّةِ لَا إنْ عَلِمَ عَدَمَهَا فَالْحُرْمَةُ وَكَذَا مَعَ الشَّكِّ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ، وَفُلَانٌ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمَانِ لِبَكْرٍ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ الْحَالُ عَلَى حَالِهِ، وَهُوَ أَنَّ زَيْدًا يَبْقَى بِيَدِهِ خَمْسُونَ وَعَمْرًا كَذَلِكَ تَبْقَى بِيَدِهِ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى، وَلَا يُزَادُ زَيْدٌ شَيْئًا بِسَبَبِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: سِوَى خَمْسِينَ فَقَطْ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَهُ هَذِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِتَجْرِيحِهِمَا بِرُجُوعِهِمَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 الْحَقِّ وَاخْتُلِفَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ هَلْ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَغْرَمُ النِّصْفَ، وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لِلِاسْتِظْهَارِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا كَالشَّاهِدِ. (ص) كَرَجُلٍ مَعَ نِسَاءٍ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَنِسَاءٌ فِي حَقٍّ مَالِيٍّ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ فَإِنَّ الْغَرَامَةَ عَلَى الرَّجُلِ شَطْرُهَا وَعَلَى النِّسَاءِ وَإِنْ كَثُرْنَ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهُنَّ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ الرَّجُلَ فَقَطْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَقِّ سَوَاءٌ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ حَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَعَلَى مَنْ رَجَعَ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ رُبُعُ الْحَقِّ، وَإِنْ كَثُرْنَ. (ص) وَهُوَ مَعَهُنَّ فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي إذَا شَهِدَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ بِرَضَاعِ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَةٍ وَالنِّكَاحُ بَيْنَهُمَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ فَإِنَّ عَلَى الرَّجُلِ مِثْلَ غَرَامَةِ امْرَأَتَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمُرْتَضَى وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الرَّجُلَ مَعَ النِّسَاءِ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الرَّضَاعِ وَمَا شَابَهَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ امْرَأَتَانِ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ مَعَهُنَّ فِيهَا كَامْرَأَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجُلَ فِي شَهَادَةِ الْمَالِ مَعَ النِّسَاءِ كَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ بِمَالٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعَ مَعَهُ بَعْضُ النِّسَاءِ بِحَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ امْرَأَتَانِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسَاءِ الرَّاجِعَاتِ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرَّجُلِ فِي شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَنِصْفُهَا عَلَى النِّسَاءِ كُلِّهِنَّ وَإِذَا رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ يَكُونُ رُبُعُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى بَقِيَّةِ النِّسَاءِ وَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُهَا هَكَذَا يَنْبَغِي وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ هُوَ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الرَّضَاعِ وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بِرَضَاعٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ، وَهُوَ امْرَأَتَانِ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ فُشُوٌّ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى النِّسْوَةِ التُّسْعُ، وَهَلْ يُجْعَلُ الرَّجُلُ كَامْرَأَةٍ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ فِيهِ مَا مَرَّ فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ كَانَ الْغُرْمُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَيْهِنَّ وَهَلْ يُجْعَلُ الرَّجُلُ كَامْرَأَةٍ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ فِيهِ مَا مَرَّ أَيْضًا فَقَدْ بَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ النِّسَاءَ تُضَمُّ لِلرَّجُلِ فِي الْغَرَامَةِ فِي شَهَادَةِ الرَّضَاعِ فِي الْحَالَتَيْنِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ فَلَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرَّجُلِ فِي الْحَالَتَيْنِ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْغُرْمُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى شَاهِدَيْ الرُّجُوعِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ شَهِدَا بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ نَفْسَخُ النِّكَاحَ بِلَا مَهْرٍ، وَإِنْ شَهِدَا بِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمَهْرُ لِلْوَطْءِ وَإِنَّمَا فَوَّتَا بِشَهَادَتِهِمَا الْعِصْمَةَ، وَهِيَ لَا قِيمَةَ لَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ فَيَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ لِلْبَاقِي مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْإِرْثِ وَيَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَا فَوَّتَاهُ مِنْ الصَّدَاقِ إنْ شَهِدَا بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ. (ص) وَعَنْ بَعْضِهِ غَرِمَ نِصْفَ الْبَعْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا رَجَعَ عَنْ بَعْضِ مَا شَهِدَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ رُبُعَ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ ثُلُثِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ سُدُسَ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ رُبُعِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ ثُمُنَ الْحَقِّ. (ص) وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ فَالْجَمِيعُ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الرَّاجِعِ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ وَكَانَ الْبَاقِي لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ فَإِنَّ الرَّاجِعِينَ يَدْخُلُونَ فِي الْغَرَامَةِ عَلَى السَّوَاءِ فَقَوْلُهُ: فَالْجَمِيعُ أَيْ فَجَمِيعُ الرَّاجِعِينَ يَغْرَمُونَ مَا رَجَعُوا عَنْهُ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ وَغَيْرُهُ وَمَا هُنَا يُضْعِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا كَاثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَوَّلَ هُنَا عَلَى مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ وَالْحُكْمُ فِي الرَّضَاعِ يَسْتَقِلُّ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الرَّجُلَ مَعَهُنَّ كَاثْنَتَيْنِ مَا كَانَ الْحُكْمُ يَسْتَقِلُّ إلَّا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (ص)   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ لِلِاسْتِظْهَارِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَشْبِيهٌ) لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (فَإِنْ بَقِيَ إلَخْ) وَمُفَادُهُ أَنَّ التَّشْبِيهَ جَارٍ فِي كُلِّ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ رَجَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ قَالَ عب فَعَلَيْهَا رُبُعُ الْحَقِّ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَثْبُتَ غُرْمُ النِّصْفِ الْبَاقِي عَلَى الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: تُضَمُّ فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ حَالَةِ مَا إذَا بَقِيَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَبْقَى شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تُضَمُّ فِي الْحَالَتَيْنِ) الْأَوْلَى فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْأُولَى: مَا إذَا رَجَعَ الرَّجُلُ وَرَجَعَ النِّسْوَةُ كُلُّهُنَّ الثَّانِيَةُ: مَا إذَا رَجَعَ الرَّجُلُ وَبَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ فَقَطْ، وَلَمْ يَرْجِعَا الثَّالِثَةُ: إذَا رَجَعَ الْمَرْأَتَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّابِعَةُ: مَا إذَا رَجَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَقِيَّتَيْنِ الْخَامِسَةُ: مَا إذَا رَجَعَتْ الْأَخِيرَةُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمَانِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: بَلْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا فَيَغْرَمَانِ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ حَيْثُ فُسِخَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهَا أَنْ تَقُولَ فَوَّتُّمَا عَلَيَّ بِشَهَادَتِكُمَا ثُمَّ رُجُوعِكُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفَ الصَّدَاقِ لَوْ طَلَّقَنِي قَبْلَهُ فَلَهَا النِّصْفُ. (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ فِي الرَّضَاعِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْحُكْمُ فِي الرَّضَاعِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِامْرَأَتَيْنِ كَمَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَلَوْ جَعَلَ الرَّجُلَ كَامْرَأَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِامْرَأَتَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ ثَالِثَةٍ لَهُمَا، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يَظْهَرُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمَا بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ إذَا تَعَذَّرَ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ " غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ " وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ ثُمَّ رَجَعَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْمَالَ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ فَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُطَالِبَهُمَا بِالْمَالِ لِيَدْفَعَاهُ عَنْهُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا بِالْمَالِ إذَا تَعَذَّرَ طَلَبُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ أَوْ هَرَبَ؛ لِأَنَّهُمَا غَرِيمَا غَرِيمِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ إنَّمَا يَكُونُ غَرِيمًا إذَا تَعَذَّرَ مِنْ الْغَرِيمِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الصَّدَاقِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَالْمَرْأَةُ، وَإِنْ قَبَضَ أَتْبَعَتْهُ أَوْ الزَّوْجُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وَظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ لَهُمَا التَّخْيِيرَ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَوْجُودًا مَلِيًّا لِلتَّعَدِّي عَلَيْهَا. (ص) وَإِنْ أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ جُمِعَ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى رُجُوعِ الشُّهُودِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَعَرَّفُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ اشْتِمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُنَافِي الْأُخْرَى وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى كُلٍّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ لِلْمُسْلِمِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَهُ هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِلْآخَرِ أَنَّهُ أَسْلَمَهُ ثَوْبَيْنِ غَيْرَهُ فِي مِائَةٍ لَزِمَهُ الْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمِائَتَيْنِ وَيُحْمَلَانِ عَلَى أَنَّهُمَا سَلَمَانِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ عَقْلًا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: جَمْعٌ أَيْ الْجَمْعُ أَيْ عُمِلَ بِهِ وَصِيرَ إلَيْهِ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا إذَا اتَّحَدَ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ نَحْوُ إنْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ زَيْدٌ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا اخْتِلَافُهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَمْكَنَ وَالْجَزَاءُ جُمِعَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ. (ص) وَإِلَّا رُجِّحَ بِسَبَبِ مِلْكٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ مِلْكٍ أَيْ بِذِكْرِ سَبَبِ مِلْكٍ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ لَكِنَّ إحْدَاهُمَا زَادَتْ ذِكْرَ السَّبَبِ فَإِنَّ مَنْ زَادَتْ ذِكْرَ السَّبَبِ تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَلِّ الشَّارِحِ لِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ حَلًّا لِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ. (ص) كَنَسْجٍ وَنِتَاجٍ (ش) هَذَانِ مِثَالَانِ لِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مِلْكٌ لِزَيْدٍ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِعَمْرٍو نَسَجَهُ أَوْ نَتَجَ عِنْدَهُ أَوْ نَسَخَهُ أَوْ اصْطَادَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ تُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ مِلْكٍ قَوْلَهُ (إلَّا بِمِلْكٍ مِنْ الْمَقَاسِمِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْمِلْكِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ) أَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ طَلَبَ الدَّفْعَ أَيْ لَهُ فَفِي الْعِبَارَةِ تَجْرِيدٌ، وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ ظَاهِرُهُ الطَّلَبُ مَعَ أَنَّ الطَّلَبَ لَا يَتَعَذَّرُ فَيَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِلْأَخْذِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ لِلْغَرِيمِ فَالْغَرِيمُ الْأَوَّلُ مَصْدُوقُهُ الشُّهُودُ وَالْغَرِيمُ الثَّانِي مَصْدُوقُهُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَالْغَرِيمُ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ مَصْدُوقُهُ رَبُّ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ) قَدْ نَظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ لَا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ إذْ لَوْ نَظَرَ لَهُ لَوَرَدَ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ إنْ عَلِمَ صِدْقَ الْبَيِّنَةِ فِي رُجُوعِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ كَذِبَهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافٌ) أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالتَّعَذُّرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّأْنَ أَنَّ التَّوَجُّهَ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوَجُّهُ لِلشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ إلَخْ) لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ يَدَّعِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ إرْثٍ، وَلَا هِبَةٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ فَكَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا ادَّعَاهُ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ مَعْمُولًا بِهَا فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ادَّعَى مَا أَنْكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) أَقُولُ: إنَّ عِبَارَةَ الزَّرْقَانِيِّ جَمْعٌ أَيْ الْمُمْكِنُ جَمْعُهُ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ أَمْكَنَ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَهُوَ حَلٌّ لِلْعِبَارَةِ بِمَا قَدْ يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ حَلُّ الْعِبَارَةِ بِحَسَبِ مَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ رَكِيكٌ حَيْثُ قَالَ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْتِفَاتٌ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ مُتَّحِدَانِ أَوْ لَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى ز، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ الَّذِي وَرَدَ عَلَى ز اعْتِرَاضُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ فِي تَقْرِيرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ رُجِّحَ رَاجِعٌ لِلتَّرْجِيحِ أَيْ رُجِّحَ التَّرْجِيحُ أَيْ عُمِلَ بِهِ وَصِيرَ إلَيْهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي رُجِّحَ عَائِدًا عَلَى إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ أَوْ عَلَى مَعْنَى الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَنْ زَادَتْ ذِكْرَ السَّبَبِ) حَاصِلُهُ أَنَّ ذَاكِرَةَ السَّبَبِ تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ كَانَتْ أَعْدَلَ مِنْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إذَا أُرِّخَتْ أَوْ كَانَتْ أَقْدَمَ تَارِيخًا كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَلِّ الشَّارِحِ) أَيْ فَإِنَّ الشَّارِحَ قَالَ بِأَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْأُخْرَى الشَّاهِدَةِ بِسَبَبِهِ فَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ: إنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تُقَدَّمُ عَلَى الشَّاهِدِ بِالسَّبَبِ فَقَطْ لَا بِالْمِلْكِ مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّاهِدَةَ بِالسَّبَبِ فَقَطْ تُقَدَّمُ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا: وَكِلَاهُمَا شَهِدَ بِالْمِلْكِ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بَلْ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَنَسْجٍ أَوْ نَسْخٍ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ بَيِّنَتَهُ تُقَدَّمُ وَسَوَاءٌ كَانَ نَاصِبًا نَفْسَهُ لِلنَّسْجِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَتْ بِالنَّسْجِ فَقَطْ وَالْأُخْرَى فَقَطْ فَالْأُولَى تُقَدَّمُ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَاصِبًا نَفْسَهُ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ النَّسْجِ بَعْدَ حَلِفِ الْآخَرِ أَنَّهُ مَا عَمِلَ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى إلَخْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: كَنَسْجٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ فَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وُلِدَتْ عِنْدَهُ أَوْ نَتَجَتْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَقَاسِمِ أَحَقُّ وَلَوْ قَالَ مِنْ كَالْمَقَاسِمِ كَانَ أَوْلَى أَيْ مِنْ كُلِّ سَبَبٍ يُجَامِعُ السَّبَبَ الْأَوَّلَ ثُمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَّا بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ كَالْمَقَاسِمِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ مِنْ الْمَقَاسِمِ لَا تُشْتَرَطُ، قَوْلُهُ: مِنْ الْمَقَاسِمِ أَيْ لَا مِنْ السُّوقِ أَوْ وُهِبَتْ أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ وَالْوَاهِبَ وَالْمُتَصَدِّقَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَالِكٍ. (ص) أَوْ تَارِيخٍ أَوْ تَقَدَّمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي وُرِّخَتْ تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ لَمْ تُوَرَّخْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ سَابِقَةً فِي التَّارِيخِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ تَارِيخًا وَلَوْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلَ مِنْهَا وَبِعِبَارَةِ اللَّخْمِيِّ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَإِنْ وُرِّخَتَا قُضِيَ بِالْأَقْدَمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ تَحْتَ يَدِ ثَالِثٍ أَوْ لَا يَدَ عَلَيْهِ اهـ. وَنَقَلَهُ وَلَدُ ابْنِ عَاصِمٍ فِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ فِي الْمُوَرَّخَةِ وَلَعَلَّ تَقَدُّمَ التَّارِيخِ كَذَلِكَ اهـ. (ص) أَوْ بِمَزِيدِ عَدَالَةٍ لَا عَدَدٍ (ش) يَعْنِي وَمِنْ الْمُرَجِّحَاتِ مَزِيدُ الْعَدَالَةِ يُرِيدُ فِي الْبَيِّنَةِ وَأَمَّا مَزِيدُ الْعَدَالَةِ فِي الْمُزَكِّينَ لِلْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ وَزَادَتْ إحْدَاهُمَا فِي الْعَدَالَةِ عَلَى الْأُخْرَى فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا وَيَحْلِفُ صَاحِبُهَا الْيَمِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَزِيدَ الْعَدَالَةِ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَزِيدَ الْعَدَالَةِ كَشَاهِدَيْنِ وَأَمَّا مَزِيدُ الْعَدَدِ لَا يُعْتَبَرُ قَالَ فِيهَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَالْأُخْرَى مِائَةً لَا تَرْجَحُ، وَفَرَّقَ الْقَرَافِيُّ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ قَطْعُ النِّزَاعِ، وَمَزِيدُ الْعَدَالَةِ أَقْوَى فِي التَّعَذُّرِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ؛ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ يُمْكِنُهُ زِيَادَةُ الْعَدَدِ فِي الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ ثُمَّ إنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ إنَّمَا تَنْفَعُ فِي الْأَمْوَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ النِّكَاحِ: وَأَعْدَلِيَّةُ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ، وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَقِيَّةُ الْمُرَجِّحَاتِ كَذَلِكَ. (ص) وَبِشَاهِدَيْنِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ مِنْ جَانِبٍ شَاهِدَانِ، وَمِنْ الْآخَرِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ فَإِنَّهُ يَرْجَحُ بِالشَّاهِدَيْنِ   [حاشية العدوي] أَيْ أَنَّ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ مَعَ ذِكْرِ النَّسْجِ تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا فِي كُلِّ صُورَةٍ إلَّا فِي صُورَةِ مَا إذَا شَهِدَتْ لِلْآخَرِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَدَتْ عِنْدَهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ أَوْ أُرِّخَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْ تَقَدَّمَتْ تَارِيخًا فَإِنَّ خَصْمَهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَحَقُّ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ تَمْلِكُ مَا غَنِمُوهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ كُلِّ سَبَبٍ يُجَامِعُ إلَخْ) كَمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ نَاقِلَةٍ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَى مِنْ الْمَقَاسِمِ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ أَيْ التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ السُّوقِ) أَيْ بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ) أَيْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ حَرْبِيًّا وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فِي بِلَادِهِمْ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَهُ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِدَارِهِمْ مَجَّانًا، وَأَمَّا لَوْ وَهَبُوهُ بَعْدَ مَا قَدِمُوا بِهِ بِأَمَانٍ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَقَدَّمَهُ) أَيْ التَّارِيخُ أَيْ أَوْ تَقَدَّمَ الْمِلْكَ، وَالْمَالُ وَاحِدٌ قَالَ عج: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الَّتِي لَمْ تُؤَرَّخْ أَوْ الَّتِي تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا شَاهِدَةً لِمَنْ هُوَ حَائِزٌ لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَبِيَدٍ إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَاكِرَةَ السَّبَبِ تُقَدَّمُ مُطْلَقًا إلَّا عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ مِنْ الْمَقَاسِمِ، وَيَلِيهَا الْمُؤَرَّخَةُ، وَمُقَدَّمَةُ التَّارِيخِ، وَيَلِي ذَلِكَ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ، وَلَا يَخْفَى تَقَدُّمُ كُلِّ مُرَجَّحٍ عَلَى الْيَدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِيَدٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ أَقْوَى الْمُرَجِّحَاتِ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْلُهَا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ، وَقَوْلُهُ: آخَرَ اهـ. أَيْ انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَلَيْسَ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ لَفْظُ الْمُؤَرَّخَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ بَلْ الْوَاقِعُ أَنَّ وَلَدَ ابْنِ عَاصِمٍ إنَّمَا نَقَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ هَذَا بِالْحَرْفِ لَا زِيَادَةَ فَقَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَلَعَلَّ إلَخْ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فِي الْمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخًا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَلَا يُنَاسِبُ هَذَا التَّرَجِّي فَلَعَلَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ سَبَقَهُ قَلَمُهُ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ وَلَعَلَّ الْمُؤَرَّخَةَ كَذَلِكَ أَيْ الْمُقَابَلَةَ بِغَيْرِ الْمُؤَرَّخَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَزِيدُ الْعَدَالَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ زُكَّتْ وَبَيِّنَةٌ جُرِّحَتْ، وَالْمُزَكُّونَ أَكْثَرُ عَدَالَةً فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ أَيْ: وَهُوَ الرَّاجِحُ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُرَجِّحَاتِ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى مِائَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَقُمْ بِهَا وَصْفٌ يَجْعَلُهَا مِنْ الْمُتَوَاتِرِ فَتُقَدَّمُ (قَوْلُهُ: لِلْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِمُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى فِي التَّعَذُّرِ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْعَدَالَةِ مُتَعَذِّرٌ إلَّا أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ أَقْوَى (قَوْلُهُ: إذْ كُلُّ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَنْ رَجَّحَ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ لَمْ يَقُلْ بِهِ كَيْفَمَا اتَّفَقَ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ مَعَ قَيْدِ الْعَدَالَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِهَذَا الْقَيْدِ سَهْلُ الْوُجُودِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَصْفَ مَهْمَا كَانَ أَدْخَلَ تَحْتَ الِانْضِبَاطِ وَأَبْعَدَ عَنْ النَّقْضِ وَالْعَكْسِ كَانَ أَرْجَحَ وَزِيَادَةُ الْعَدَدِ وَصْفٌ مُنْضَبِطٌ مَحْسُوسٌ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُقَلَاءُ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ قُيُودٍ فَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَشَدَّ مُحَافَظَةً عَلَى تَوَقِّي الصَّغَائِرِ وَالْآخَرُ أَشَدَّ مُحَافَظَةً عَلَى أَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَإِنْ اشْتَرَكَا مَعًا فِي الْمُحَافَظَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَذَا فَضَبْطُ زِيَادَةِ الْعَدَدِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي التَّرْجِيحِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ رَاجِحًا عَلَى زِيَادَةِ الْعَدَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْمُرَجِّحَاتِ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ مِثْلَ الْمَالِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ، وَقَوْلُهُ: وَبِشَاهِدَيْنِ إلَخْ وَكَذَا يُقَدَّمُ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 230 عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ؛ إذْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَعَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] فَجَعَلَ مَرْتَبَتَهُنَّ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ أَعْدَلَ فَيُقَدَّمُ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ. (ص) وَبِ يَدٍ إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ فَيَحْلِفُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَدَ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ فِيمَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ عِنْدَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي بِالْيَدِ دَارًا أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ هَذَا إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِ الْيَدِ فَإِنْ رَجَحَتْ بِأَيِّ مُرَجِّحٍ كَانَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِمُقَابِلِ الْيَدِ، وَيَحْلِفُ وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْيَدِ فَفَاعِلُ يَحْلِفُ هُوَ صَاحِبُ الْيَدِ عِنْدَ التَّسَاوِي، وَمَنْ رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ فِي الْعَدَالَةِ فَقَوْلُهُ: وَبِيَدٍ أَيْ بِسَبَبِ وَضْعِ يَدٍ أَيْ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي حَوْزِهِ مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ وَقَوْلُنَا فِيمَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عُرِفَ أَصْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَ ذِي الْيَدِ، وَمُقَابِلِهِ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَأَخَذَ مَالَهُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ، وَأَقَامَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ بَيِّنَةً أَيْضًا تَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَتَعَادَلَتَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (ص) وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّرْجِيحَ يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْحَوْزِ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ سَابِقًا؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ وَعَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ، وَالْمِلْكُ أَخَصُّ وَالْأَعَمُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ. (ص) وَبِنَقْلٍ عَنْ مُسْتَصْحِبَةٍ (ش) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: وَبِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ لَهُ أَيْ لِذَلِكَ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَنْشَأَهَا مِنْ مَالِهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ إلَى تَارِيخِهِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ؛ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى وَمَنْ عَلِمَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. (ص) وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا شَهِدَتْ بِمِلْكِ شَخْصٍ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَنْ يَعْتَمِدُوا فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ إلَّا الْأَمْرَ الْأَخِيرَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: التَّصَرُّفُ التَّامُّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ الثَّانِي: عَدَمُ الْمُنَازِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الْحِيَازَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ حِيَازَةً طَوِيلَةً كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ الْأَمْرُ الرَّابِعُ: أَنْ تَذْكُرَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَى الْآنَ فَإِنْ قَالُوا: إنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا: مَا عَلِمُوهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَقِيلَ: شَرْطُ كَمَالٍ كَمَا فِي عَارِيَّةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ. وَلَا وَهَبَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَتَمَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ) وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَفِي نُسْخَةٍ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ   [حاشية العدوي] عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَعْمُولٌ بِهِمَا اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: أَعْدَلَ) وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ الْمَرْأَتَانِ أَعْدَلَ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَتَانِ أَعْدَلَ فَقَطْ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا تَقَدُّمٌ. (قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عُرِفَ أَصْلُهُ) أَيْ: وَهُوَ أَنَّهُ مَالٌ مَوْرُوثٌ عَنْ الْمَيِّتِ الْفُلَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ) أَيْ مَعَ اعْتِمَادِهَا عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَّهُ مُنَازِعٌ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةٍ اهـ.، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْحَوْزِ أَيْ الْآنَ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْحَائِزَ يَدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ أَيْ مَا لَمْ تَحْصُلْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ، وَهِيَ عَشْرُ سِنِينَ بِقُيُودِهَا الْآتِيَةِ ثُمَّ كَوْنُ هَذَا مِمَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ تَجَوُّزٌ؛ إذْ التَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَاطِعٍ وَظَنِّيٍّ وَلَكِنْ مَا يُشْبِهُ الْقَاطِعَ كَالْقَاطِعِ. (قَوْلُهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا) أَيْ: وَلَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَلِمَتْ إلَخْ) ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَ إحْدَاهُمَا لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْعِلْمِ بِالْخُرُوجِ لَا نَفْيَ الْخُرُوجِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْمُسْتَصْحِبَةُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَالْمُعَارَضَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاقِلَةِ ظَاهِرَةٌ وَلَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الرَّجُلَانِ الشَّاهِدَانِ بِالِاسْتِصْحَابِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ آخَرَ كَمَزِيدِ عَدَالَةٍ وَانْظُرْ التَّرْجِيحَ بِالتَّارِيخِ، ثُمَّ النَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ النَّاقِلَةُ سَمَاعًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْتَمِدُوا إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاعْتِمَادُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ تَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ عَلَى تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَقَوْلُهُ: أَنْ تَذْكُرَ الْبَيِّنَةُ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الذِّكْرِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقُوا) أَيْ لَمْ يَقُولُوا قَطْعًا، وَلَمْ يَقُولُوا فِي عِلْمِنَا أَيْ بَلْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَسَكَتُوا فَإِنْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ظَنًّا أَيْ نَعْتَقِدُ ذَلِكَ، وَلَا نَقْطَعُ فَلَا يَضُرُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَارَةً تُصَرِّحُ بِقَوْلِهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَوْ تَقُولَ فِي عِلْمِنَا، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ: فِي ظَنِّنَا، وَأَمَّا إنْ سَكَتَتْ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ عَلِمْت حُكْمَ ذَلِكَ وَتَارَةً لَمْ تُصَرِّحْ بِقَوْلِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا إلَخْ) الْمُرَادُ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ أَيْ أَبَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، الْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا بَيْنَ أَنْ يَقْطَعُوا أَوْ يَقُولُوا فِي عِلْمِنَا أَوْ يَسْكُتُوا وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَوْا مَعْنَاهُ أَبَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِأَوْجُهِهِ الثَّلَاثَةِ فَالْمَقَامُ مُخْتَلِفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا) الْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 وَبِعِبَارَةٍ: وَصِحَّةُ الْمِلْكِ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ الْمِلْكِ إذَا شَهِدُوا عَلَى الْبَتِّ أَنْ يَعْتَمِدَ الشَّاهِدُ فِي بَتِّهِ عَلَى مُشَاهَدَةِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ إلَخْ وَيَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلْقَاضِي إنْ سَأَلَهُمْ عَنْهُ، وَإِلَّا كَفَى اعْتِمَادُهُمْ عَلَيْهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَصِحُّ بِدُونِ التَّصَرُّفِ، وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ تَقَدَّمَتْ، وَقَوْلُهُ: (لَا بِالِاشْتِرَاءِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّصَرُّفِ أَيْ: وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ لَا بِمُجَرَّدِ الِاشْتِرَاءِ وَبِعِبَارَةِ لَا بِالِاشْتِرَاءِ أَيْ الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَبِنَقْلٍ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ فَقَدْ عَيَّنَتْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَلَا تَكْرَارَ. (ص) وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ اُسْتُصْحِبَ (ش) أَيْ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِنْكَارِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي شَيْءٍ بِأَنَّ الْآخَرَ أَقَرَّ بِهِ لِمَنْ يُنَازِعُهُ فِيهِ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَسْتَصْحِبُ هَذَا الْإِقْرَارَ، وَلَا تَحْتَاجُ الْبَيِّنَةُ أَنْ تَزِيدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَمَّا أَقَرَّ لِخَصْمِهِ ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ لِلْمُقِرِّ دَعْوَى الْمِلْكِ فِيهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ ثَانِيَةً. (ص) وَإِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ سَقَطَتَا وَبَقِيَ بِيَدِ حَائِزِهِ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِ شَخْصٍ يَدَّعِيهِ كَدَارٍ مَثَلًا فَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتُهُمَا فَإِنَّ الدَّارَ تَبْقَى فِي يَدِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِ شَخْصٍ أَيْ غَيْرِ الْمُتَنَازِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ تَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ لِحُصُولِهِ بِالْيَدِ فَفِي تَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحَانِ مِنْ أَنَّ الْحَائِزَ هُوَ أَحَدُهُمَا فَيَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ قَبْلُ وَبِيَدٍ إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ بَعِيدٌ لِعَدَمِ تَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ حِينَئِذٍ لِحُصُولِهِ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ. (ص) أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِيَدِ حَائِزِهِ أَيْ وَبَقِيَ لِمَنْ يُقِرُّ الْحَائِزُ لَهُ وَبَقِيَ هُنَا بِمَعْنَى صَارَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَيَيْنِ أَيْ صَارَ الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ لِمَنْ يُقِرُّ الْحَائِزُ لَهُ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا فَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَتَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ وَأَمَّا إنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَقَرَّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: إذَا شَهِدُوا عَلَى الْبَتِّ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقُولُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَتِّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْقَطْعِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ تَقَدَّمَتْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا بُدَّ مِنْ طُولِ الْحِيَازَةِ كَعِشْرِينَ سَنَةً فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِشَهَادَةِ الْبَتِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ مُشْكِلَةٌ) أَيْ: وَإِلَّا تُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ الِاعْتِمَادُ فَلَا يَصِحُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَصَرُّفٌ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ مَتَى اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ مَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّصَرُّفِ) حَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تَعْتَمِدُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَيْ: وَلَا تَعْتَمِدُ عَلَى مُجَرَّدِ الشِّرَاءِ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ تَعْرِفُ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَلَيْسَ هُنَاكَ تَصْرِيحٌ بِالشِّرَاءِ إنَّمَا ذَلِكَ مُجَرَّدُ اعْتِمَادٍ، وَقَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لِزَيْدٍ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ، وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِعَمْرٍو بِأَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَتُقَدَّمُ الثَّانِيَةُ فَهَذَا تَصْوِيرُهُ، وَعَلَى هَذَا الْحَلِّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لَا بِالِاشْتِرَاءِ عَطْفًا عَلَى التَّصَرُّفِ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ مِلْكٍ أَيْ: وَالْأَرْجَحُ بِسَبَبِ مِلْكٍ لَا بِمُجَرَّدِ الِاشْتِرَاءِ الْمُطْلَقِ أَيْ أَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الشِّرَاءِ الْمُطْلَقِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ شَخْصًا آخَرَ غَيْرَ الشَّخْصِ الْمُنَازِعِ لَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَرْجِيحًا وَمُفَادُهُ أَنَّهُ تَرْجِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ لَا بُدَّ أَنْ تُصَرِّحَ بِقَوْلِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكُهُ، وَيُنَازِعُهُ عَمْرٌو ثُمَّ أَتَى زَيْدٌ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِأَنَّ عَمْرًا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا، وَلَا تَحْتَاجُ أَنْ تَقُولَ: وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ زَيْدٍ فِي عِلْمِنَا. (قَوْلُهُ: بِيَدِ شَخْصٍ يَدَّعِيهِ) أَيْ: وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ لَكَانَ هُوَ الْمُرَجَّحَ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الدَّارَ تَبْقَى فِي يَدِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ مِلْكًا (قَوْلُهُ: الشَّارِحَانِ) بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ: يَتَكَرَّرُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ يُنَافِي، وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَعَ بَهْرَامَ ذَكَرَهُ جَوَابًا عَنْ التَّكْرَارِ أَيْ فَقَدْ سَلَّمَ التَّكْرَارَ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ خَبَرَ قَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِلْبُعْدِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةً لَهُ بَلْ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ التَّكْرَارِ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ الْمُنَافَاةَ فَلَا يُعْقَلُ تَكْرَارٌ. (قَوْلُهُ: بَقِيَ هُنَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ بَقِيَ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ بِيَدِ حَائِزِهِ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ عَلَى أَصْلِهَا وَبِالنَّظَرِ لِلْمَعْطُوفِ بِمَعْنَى صَارَ عَلَى مَعْنَى النَّقْلِ أَيْ أَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا بِيَدِ الْمُقِرِّ ثُمَّ صَارَ لِلْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ: الْمُتَنَازِعَيْنِ) أَيْ الَّذِي أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا أَيْ الَّذِي تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا) أَيْ الْمُتَجَرِّدِ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَتَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَائِزِ وَالْمُتَنَازِعِينَ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَلَكِنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ، وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَيَبْقَى بِيَدِهِ مِلْكًا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِسُقُوطِ بَيِّنَتِهِمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ الْحَلِفِ عِنْدَ تَجَرُّدِ دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ إقَامَةِ كُلِّ الْبَيِّنَةِ قُلْت: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَسَاوَيَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِيَمِينٍ. (ص) وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا كَانَ بِأَيْدِيهِمَا مَعًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ كَمَا إذَا تَنَازَعَا فِي عَفَاءٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرِهِمَا، وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهُمَا، وَلَا يُثْبِتُهُ لَهُمَا، وَلَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُ عَنْهُمَا أَوْ أَثْبَتَهُ لَهُمَا أَوْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ، وَإِذَا قُسِمَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِي بِهِ قَلِيلًا لَعَلَّ أَحَدَهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ وَخِيفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَا يُقْسَمُ الْآنَ بَلْ يُتْرَكُ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَعْدَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ غَيْرِ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ (كَالْعَوْلِ) بِقَوْلِهِ وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ عَلَى الدَّعْوَى يَصْدُقُ بِمَا إذَا قُسِمَ عَلَى التَّنَازُعِ وَالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قُسِمَ بِالنَّظَرِ إلَى دَعْوَاهُ حَيْثُ أَخَذَ مُدَّعِي الْكُلِّ مَا سَلَّمَهُ لَهُ مُدَّعِي النِّصْفِ كَمَا هُوَ قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ: مَا كَيْفِيَّةُ قَسْمِهِ عَلَى الدَّعْوَى فَقَالَ كَالْعَوْلِ أَيْ عَلَى صِفَتِهِ فِي الْفَرَائِضِ أَيْ كَفَرِيضَةٍ زَادَتْ سِهَامُهَا عَلَى أَصْلِهَا فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ قُسِمَ عَلَى حُكْمِ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ، وَكَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ، وَنِسْبَةُ النِّصْفِ لِلْكُلِّ ثُلُثٌ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ يُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ اثْنَانِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ وَاحِدٌ وَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ، وَآخَرُ النِّصْفَ، وَآخَرُ الثُّلُثَ يَحْصُلُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَشْتَمِلُ عَلَى هَذِهِ الْمَخَارِجِ، وَهُوَ سِتَّةٌ فَتُجْعَلُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا نِصْفُهَا وَثُلُثُهَا فَيُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ يُعَالُ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ بِمِثْلِ ثُلُثَيْ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ اثْنَانِ فَيُقْسَمُ الْمُدَّعَى فِيهِ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ اثْنَانِ وَعَلَى هَذَا فَقِسْ. (ص) ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ لَهُ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ لَهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ بِيَدِ الْمَشْهُودِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَالِكُهُ، وَلَا أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَعَمُّ لَا يُشْعِرُ بِالْأَخَصِّ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُطْلَقُ الْحَوْزِ، وَهُوَ مَحُوزٌ بِيَدِ غَيْرِهِ مَا لَمْ تَزِدْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ غَلَبَةً. (ص) وَإِنْ ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا أَنَّ الْأَبَ أَصْلُهُ نَصْرَانِيٌّ   [حاشية العدوي] إنَّهُمَا ادَّعَيَا التَّقْوِيَةَ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَمْ يُعْمَلْ بِهَا انْخَفَضَا فَلِذَلِكَ قُبِلَتْ دَعْوَى الْحَائِزِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ حَالَةِ التَّجَرُّدِ فَلَمْ يَدَّعِيَا ارْتِفَاعًا بِشَيْءٍ فَلَمْ يَنْخَفِضَا؛ فَلِذَلِكَ اُحْتِيجَ إلَى الْيَمِينِ مِنْهُ، وَوَجْهُ تَقْدِيمِهِ مَعَ الْيَمِينِ دُونَ غَيْرِهِ كَوْنُهُ وَاضِعَ الْيَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَسَاوَيَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِيَمِينٍ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُمَا لَمَّا تَعَادَلَتَا تَسَاقَطَتَا فَصَارَتَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِدُونِ يَمِينٍ قُلْت: يُمْكِنُ أَنَّ وُجُودَ الْبَيِّنَةِ لِكُلٍّ قَوَّى فِي حَدِّ ذَاتِهِ جَانِبَ الْمُدَّعِي؛ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِيَمِينٍ (تَنْبِيهٌ) : الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ الزَّائِدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي كَوْنِهِ مُرَجَّحًا بَلْ مِنْ بَابِ الْإِخْبَار (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ إلَخْ) غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا إذَا أَخْرَجَهُ عَنْهُمَا بِالنَّظَرِ لِحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ قِيلَ: يُقْسَمُ نِصْفَيْنِ، وَقِيلَ: عَلَى الدَّعْوَى، وَعَلَى الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَلَى التَّنَازُعِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ عَلَى الْعَوْلِ فَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِقَوْلِهِ كَالْعَوْلِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْ غَيْرِهِمَا ادِّعَاءٌ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّنَازُعِ وَالتَّسْلِيمِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ الْكُلَّ وَآخَرُ النِّصْفَ فَيُخَصُّ مُدَّعِي الْكُلِّ بِالنِّصْفِ؛ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا كُلَّ الدَّارِ، وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ سَلَّمَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا فَيَأْخُذُ مُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدَّارِ، وَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ رُبُعَ الدَّارِ، فَقَوْلُهُ: عَلَى التَّنَازُعِ أَيْ مِنْ النِّصْفِ، وَقَوْلُهُ: وَالتَّسْلِيمُ أَيْ تَسْلِيمُ النِّصْفِ الَّذِي سَلَّمَهُ مُدَّعِي النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: قُسِمَ عَلَى حُكْمِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ النِّصْفِ مِنْ اثْنَيْنِ فَالِاثْنَانِ هُمَا الْمَسْأَلَةُ فَيُزَادُ عَلَيْهَا بِمِثْلِ نِصْفِهَا فَيَحْصُلُ ثَلَاثَةٌ فَالْمَسْأَلَةُ بِعَوْلِهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ اثْنَانِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَوَاحِدٌ لِمُدَّعِي النِّصْفِ (قَوْلُهُ: يَشْتَمِلُ عَلَى هَذِهِ الْمَخَارِجِ) الضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَادَّعَى آخَرُونَ كُسُورًا مُتَبَايِنَةً كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ تِلْكَ الْكُسُورُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِلْكَ الْمَخَارِجِ وَيُجْعَلُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ تِلْكَ الْكُسُورِ فَإِنْ كَانَتْ نِصْفًا وَرُبُعًا يُزَادُ مِثْلُ نِصْفِ وَرُبُعِ ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمُحَصَّلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سِتَّةٌ) أَيْ مِنْ ضَرْبِ مَخْرَجِ النِّصْفِ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ فَالْمُرَادُ بِالْمَخَارِجِ النِّصْفُ وَالثُّلُثُ (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ عَلَيْهَا نِصْفُهَا إلَخْ) أَيْ فَهِيَ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَيُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ إلَخْ) فَالْجُمْلَةُ أَحَدَ عَشَرَ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ عَالَتْ لِأَحَدَ عَشَرَ، وَهَذَا بِحَسَبِ مَا هُنَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي بَابِ الْعَوْلِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَكُونُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِأَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ اثْنَانِ) أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ خَمْسَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ادَّعَى مِلْكِيَّةَ السِّلْعَةِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، وَالْحَالُ أَنَّ السِّلْعَةَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ شَهِدَتْ لِلْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ وَاضِعًا يَدَهُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ فَإِنَّهَا لَا تُرَجَّحُ عَلَى الْحَائِزِ. (قَوْلُهُ: مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا إلَخْ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 إلَّا أَنَّ الْأَخَ الَّذِي أَسْلَمَ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ وَمَاتَ مُسْلِمًا، وَقَالَ الْأَخُ النَّصْرَانِيُّ: بَلْ مَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّصْرَانِيِّ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: فَالْقَوْلُ لِلْكَافِرِ كَانَ أَخْصَرَ لَكِنَّهُ تَبِعَ غَيْرَهُ فِي التَّعْبِيرِ، وَلَوْ أَبْدَلَ الْأَخَ بِالْوَلَدِ كَانَ أَحْسَنَ وَلَكِنَّهُ سَمَّاهُ أَخًا نَظَرًا لِلْمُنَازِعِ الْآخَرِ. (ص) وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ وَمَاتَ مُسْلِمًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا عَلَى أَصْلِ دِينِهِ أَوْ أَنَّهُ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةَ وَمَاتَ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ تُقَدَّمُ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ أَعْدَلَ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ إذْ لَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَقُدِّمَتْ إلَخْ فِي مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ. (ص) إلَّا بِأَنَّهُ تَنَصَّرَ وَمَاتَ إنْ جَهِلَ أَصْلَهُ فَيُقْسَمُ (ش) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةِ وَهَذَا مَجْهُولُ الْأَصْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمَاتَ مُسْلِمًا وَأَقَامَ النَّصْرَانِيُّ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةَ وَمَاتَ نَصْرَانِيًّا فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ مُتَعَارِضَتَانِ وَيُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرْجِيحٌ قُسِمَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَى النَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ زَادَتْ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّجُلَ جُهِلَ أَصْلُهُ، وَإِذَا جُهِلَ فَلَيْسَ ثَمَّ زِيَادَةٌ، وَلَا أَمْرٌ يُرَدُّ إلَيْهِ فَوَجَبَ قِسْمَةُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا، وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ أَوْ بِالْإِسْلَامِ، وَمَوْضُوعُ الشَّهَادَةِ بِحَالِهِ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِأَحَدِ الدِّينَيْنِ أَوْ أَقَرَّ الْوَلَدَانِ بِذَلِكَ فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ تَكَاذُبًا، أَوْ الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي نَقَلَتْهُ عَنْ الْحَالَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا زَادَتْ حُكْمًا قَوْلَانِ وَعَلَى الثَّانِي إنْ كَانَتْ الْحَالَةُ الْأُولَى كُفْرًا فَالْإِرْثُ لِلْمُسْلِمِ، وَفِي الْعَكْسِ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ (ص) كَمَجْهُولِ الدِّينِ وَقُسِّمَ عَلَى (ش) مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي حُكْمِهِ مِنْ الْقَسْمِ، وَلَمَّا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ فِيمَا إذَا أَقَامَا بَيِّنَةً ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا بَيِّنَةَ فِيهَا وَعَبَّرَ هُنَاكَ بِالْأَصْلِ، وَهُنَا بِالدَّيْنِ تَفَنُّنًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَمَاتَ وَتَدَاعَيَاهُ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: هُوَ مُسْلِمٌ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ فَإِنَّ مَالَهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ، وَهَلْ بَعْدَ حَلِفِهِمَا أَمْ لَا؟ وَبِهَذَا لَا تَكْرَارَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا، وَلَا تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَإِذَا قُسِمَ مَالُ الْأَبِ الْمَجْهُولِ الدِّينِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الْجِهَاتِ (بِالسَّوِيَّةِ) وَلَوْ زَادَ عَدَدُ الْجِهَةِ عَلَى الْأُخْرَى فَإِذَا ادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَادَّعَى النَّصْرَانِيُّ أَنَّ أَبَوْهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا وَادَّعَى الْيَهُودِيُّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ يَهُودِيًّا وَلَا تَرْجِيحَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ الْمَالُ أَثْلَاثًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا يَدَ عَلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ عُلِمَ أَصْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْحَوْزِ فِيهِ فَلَوْ كَانَ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (تَنْبِيهٌ) : وَإِذَا قُسِمَ عَلَى الْجِهَاتِ بِالسَّوِيَّةِ فَهَلْ يُقْسَمُ مَا يَنُوبُ كُلَّ جِهَةٍ عَلَى أَفْرَادِهَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ بِهَا وَيُرَاعَى فِي كُلِّ جِهَةٍ مَا فِي شَرِيعَتِهِمْ. (ص) وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا طِفْلٌ فَهَلْ يَحْلِفَانِ، وَيُوقَفُ الثُّلُثُ فَمَنْ وَافَقَهُ أَخَذَ حِصَّتَهُ وَرَدَّ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ مَاتَ حَلَفَا وَقُسِمَ أَوْ لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ دِينِ أَبِيهِمَا طِفْلٌ فَهَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَيُوقَفُ لِلصَّغِيرِ ثُلُثُ التَّرِكَةِ أَيْ يُوقَفُ لَهُ ثُلُثُ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ السُّدُسُ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فَمَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمَا أَيْ ادَّعَى دَعْوَاهُ أَخَذَ حِصَّتَهُ، وَهِيَ سُدُسُ التَّرِكَةِ وَرَدَّ عَلَى الْآخَرِ مَا وُقِفَ مِنْ نَصِيبِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الطِّفْلَ يَنُوبُهُ سُدُسُ التَّرِكَةِ، وَيَنُوبُ الَّذِي وَافَقَهُ الطِّفْلُ ثُلُثُهَا، وَيَنُوبُ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ الطِّفْلُ نِصْفُهَا وَإِنَّمَا وُقِفَ لِلطِّفْلِ ثُلُثُ التَّرِكَةِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ إذَا بَلَغَ جِهَةً غَيْرَ الْجِهَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ادَّعَاهُمَا أَخَوَاهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَقُسِمَ نَصِيبُ الطِّفْلِ -   [حاشية العدوي] أَيْ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْأَبَ مُسْلِمٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ ثُمَّ تَنَازَعَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: إنَّهُ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْأَصْلَ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ أَنَّ أَبَاهُ فَإِنَّ الَّذِي يُنَاسِبُ الْأَبَ هُوَ الْوَلَدُ لَا الْأَخُ، وَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ) وَاسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى التَّعْلِيلِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ إلَخْ، وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ: وَمَوْضُوعُ الشَّهَادَةِ بِحَالِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلِمَ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا، وَالنَّصْرَانِيُّ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ أَبَاهُ نَصْرَانِيًّا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِأَحَدِ الدِّينَيْنِ) أَيْ عِنْدَ النَّاسِ أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَلَكِنْ أَقَرَّ الْوَلَدَانِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ تَكَاذُبًا أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَذَّبَتْ الْأُخْرَى فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِمَا أَيْ: وَيُرْجَعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَكْسِ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ (قَوْلُهُ: وَقُسِمَ عَلَى الْجِهَاتِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ: وَالْجِهَاتُ أَرْبَعٌ إسْلَامٌ وَيَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ وَسِوَاهُمَا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ إلَخْ) الصَّوَابُ الطَّرَفُ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي التَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِأَنْ تَدَيَّنَ بِجِهَةٍ ثَالِثَةٍ أَخَذَ الْمَوْقُوفَ كُلَّهُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِ الطِّفْلِ وَلَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 بَيْنَهُمَا أَوْ لِلصَّغِيرِ نِصْفُ التَّرِكَةِ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ، وَيُجْبَرُ الطِّفْلُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ قَوْلَانِ أَيْ: وَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنَّمَا حَلَفَا ثَانِيًا إذَا مَاتَ بَعْدَ مَا حَلَفَا أَوَّلًا عَلَى أَنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ عَلَى الدِّينِ الَّذِي ذَكَرَاهُ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّا مَا وُقِفَ وَإِنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ مَنْ وَافَقَهُ مَعَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي انْتَفَى فِيهِ مُسَاوَاةُ أَصْحَابِ الْجِهَةِ فَمَنْ وَاقِعَةٌ عَلَى أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ، وَضَمِيرُ وَافَقَهُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ وَالْمُسْتَتِرُ رَاجِعٌ إلَى الطِّفْلِ وَضَمِيرُ أَخَذَ عَائِدٌ عَلَيْهِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى مَنْ أَيْضًا وَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ وَلَدٍ وَافَقَهُ الطِّفْلُ أَخَذَ ذَلِكَ الطِّفْلُ حِصَّتَهُ أَيْ الَّتِي وُقِفَتْ لَهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا حُكِمَ لِلطِّفْلِ بِمَا ذُكِرَ هُنَا؛ لِأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يُعْلَمْ دِينُهُ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ كَإِنْ مَيَّزَ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَحَقَّقَ إسْلَامُ الْأَبِ وَالطِّفْلُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ. (ص) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى شَيْئِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ، وَأَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الظَّفَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ عِنْدَ غَيْرِهِ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ مَا يُسَاوِي قَدْرَهُ مِنْ مَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ شَيْئِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَجَوَازُ الْأَخْذِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ حَقُّهُ عُقُوبَةً، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ لَا يَتَوَلَّاهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَالثَّانِي أَنْ يَأْمَنَ الْفِتْنَةَ بِسَبَبِ أَخْذِ حَقِّهِ كَقِتَالٍ أَوْ إرَاقَةِ دَمٍ وَأَنْ يَأْمَنَ مِنْ الرَّذِيلَةِ أَيْ أَنْ يَنْسُبَ إلَيْهَا كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَرَ أَيْ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: شَيْئِهِ وَكَذَا غَيْرُ شَيْئِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَخْذُ مِثْلِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِشَيْئِهِ عَيْنَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ: إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ لِعَدَمِ شُمُولِ عَيْنِ شَيْئِهِ لَهُ فَيُرَادُ بِشَيْئِهِ حَقُّهُ الشَّامِلُ لِعَيْنِ شَيْئِهِ وَعِوَضُهُ فَاحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِ الْعُقُوبَةِ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَيْئِهِ حَقُّهُ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ. (ص) وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ اُنْظُرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَنْ رَجُلٍ غَائِبٍ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ حَاضِرٍ أَنَّ مُوَكِّلَهُ يَسْتَحِقُّ فِي ذِمَّةِ هَذَا الْحَاضِرِ كَذَا وَكَذَا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالِاعْتِرَافِ وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ الْمَذْكُورَ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ قَضَاهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمُوَكِّلُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ وَسَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَبُولُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِمَا يَدَّعِيهِ الْغَرِيمُ؛ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الْيَمِينِ وَانْظُرْ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى قَبُولِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَهُ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى تت. (ص) وَمَنْ اُسْتُمْهِلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ كَحِسَابٍ وَشِبْهِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِحَقٍّ لِشَخْصٍ فَطَلَبَ الْمُهْلَةَ لِدَفْعِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ   [حاشية العدوي] وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ وُقِفَ فَإِذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ أَيْ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ، وَقَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الطِّفْلُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْكَلَ حَالُ الْأَبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: التَّعْلِيلُ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ يَدَّعِي جِهَةً أُخْرَى؛ إذْ ذَاكَ صَادِقٌ بِكَوْنِ الطِّفْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: شَيْئِهِ دَيْنَهُ عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَرِيمُهُ مَدِينًا أَخَذَ قَدْرَ حِصَّتِهِ فِي الْحِصَاصِ فَقَطْ وَإِذَا كَانَ شَخْصَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَى الْآخَرِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ فَلِلْآخَرِ جَحْدُ مَا يُعَادِلُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ عَيْنَ شَيْئِهِ يَأْخُذُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا وَجَدَ غَيْرَهُ فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ ثَالِثُهَا إذَا كَانَ جِنْسَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ غَرِيمُهُ فَاعِلٌ لِقَوْلِهِ عَلِمَ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ أَيْ فِي حَالِ الْأَخْذِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فِي حَالِ الْأَخْذِ لَكِنْ إذَا عَلِمَ يَكُونُ الْأَخْذُ غَصْبًا (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِشَيْئِهِ حَقُّهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّجَوُّزِ فَيُخَالِفُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَكَذَلِكَ غَيْرُ شَيْئِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعُدَتْ كَالْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ فَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَوْلَ بِالْإِنْظَارِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ أَيْ بَلْ إنَّمَا يُنْظَرُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَعُدَتْ قَضَى عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأَ أَوْ اقْتَضَى، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ ثُمَّ إنْ قَدِمَ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْبَعِيدَةِ حَلَفَ وَتَمَّ الْأَخْذُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَطَلَبَ الْمُهْلَةَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَطَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ بِأَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ دَفَعَ الْحَقَّ أَوْ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مَثَلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ طَلَبَ دَفْعَهَا لِعَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ هَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ قَرُبَتْ بَيِّنَتُهُ كَالْجُمُعَةِ، وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ، وَبَقِيَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَيَأْتِي أَيْضًا فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِإِقَامَتِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أَيْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أَوْ لِإِقَامَتِهَا (أَقُولُ) : لَا يَخْفَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 أَوْ لِإِقَامَتِهَا فَإِنَّهُ يُمْهَلُ لِأَجَلِ انْقِطَاعِ حُجَّتِهِ، وَالْمُهْمَلَةُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَلَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لَكِنْ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُهْمَلَةَ كَحِسَابٍ يُظْهِرُهُ أَوْ لِشَيْءٍ مَكْتُوبٍ عِنْدَهُ لِيُحَرِّرَهُ لِيَكُونَ فِي جَوَابِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي ذَلِكَ عَلَى بَصِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ فَقَوْلُهُ: (بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ وَفِي قَوْلِهِ (كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ) فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَّعِي إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بِالْحَقِّ وَطَلَبَ الْمُهْلَةَ حَتَّى يُقِيمَ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيُثْبِتَ الْحَقَّ. (ص) أَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَبِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِالْمَالِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَمَا هُنَا، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِالدَّعْوَى، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا. (ص) وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُهُ، وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ الْمُرَادُ وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: أَوْ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَبِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ، وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَفِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَقِيلَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَقِيلَ لَا بَلْ وِفَاقٌ، وَهُوَ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَبِي عِمْرَانَ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْكَفِيلِ الَّذِي فِي الشَّهَادَاتِ الْوَكِيلُ الَّذِي يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ لَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ فَوَافَقَ مَا فِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْحِمَالَةِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا فَلِلطَّالِبِ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفِيلٌ؛ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ خِلَافٌ. (ص) وَيُجِيبُ عَنْ الْقِصَاصِ الْعَبْدُ وَعَنْ الْأَرْشِ السَّيِّدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَتْ بِقِصَاصٍ أَوْ بِحَدِّ قَذْفٍ أَوْ بِأَدَبٍ فَإِنَّ الَّذِي يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِمَا يُوجِبُ الْأَرْشَ فَإِنَّ الَّذِي يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ   [حاشية العدوي] أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِلدَّفْعِ فَقَدْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا فَهُوَ تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: جُمُعَةٌ (قَوْلُهُ: كَحِسَابٍ يُظْهِرُهُ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ مُنْكِرٍ بَلْ أَتَى بِمَا يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ، وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى إلَّا بِشَاهِدٍ لِحَمْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِشَيْءٍ مَكْتُوبٍ) تَفْسِيرٌ لِلْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَحِسَابٍ (قَوْلُهُ: كَفِيلٍ بِالْمَالِ) أَيْ يَكْفُلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُحْضِرَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً (قَوْلُهُ: قَيَّدَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا قَوْلُهُ: وَمَنْ اُسْتُمْهِلَ ثَانِيَتُهُمَا قَوْلُهُ كَحِسَابٍ إلَخْ إلَّا أَنَّ فِي عب أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ وَأَوْلَى لِقَوْلِهِ اُنْظُرْ وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَبِكَفِيلٍ بِالْوَجْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ طَلَبُ حِسَابٍ وَشِبْهِهِ بَعْدَ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَيَفُوتُ الْمُصَنِّفَ حِينَئِذٍ مَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ وَشِبْهِهِ قَبْلَ إقَامَتِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ بِكَفِيلٍ بِالْوَجْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِسَابِ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ عَائِدٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَيْ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَأَنْ أَرَادَ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ أَوْ كَأَنْ ادَّعَى بِحَقٍّ مُلْتَبِسًا بِإِرَادَةِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَيُجَابُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ أَيْ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى إقَامَةِ ثَانٍ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ إلَّا أَنَّ الْعَطْفَ فِيهِ قَلَقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ الْحَمِيلُ فِيهِ بِالْمَالِ، وَالْمَعْطُوفُ الْحَمِيلُ فِيهِ بِالْوَجْهِ فَالْأَحْسَنُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ: لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أَيْ: وَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي إمْهَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ لَكِنْ مَعَ كَوْنِهِ يَأْخُذُ مِنْهُ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَعَلَيْهَا يَكُونُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الْحَلِفُ فِيهَا عَلَى الْخُلْطَةِ حَيْثُ كَانَتْ هُنَاكَ خُلْطَةٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ خَلْطَةٌ فَلَا يُطْلَبُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ، وَلَا بِكَفِيلٍ يُلَازِمُهُ سَوَاءٌ عُرِفَ نَسَبُهُ أَمْ لَا وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ لِغَيْرِ خُلْطَةٍ كَدَعْوَى الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ فَإِمَّا حَلَفَ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ حَمِيلًا (الثَّانِي) أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَدَّعِ بَيِّنَةً بِكَالسُّوقِ، وَإِلَّا أَوْقَفَهُ الْقَاضِي عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا فَالشَّأْنُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إنَّمَا شَهِدَا عَلَى ذَاتِهِ وَحِلْيَتِهِ لَا عَلَى اسْمِهِ فَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا بِحُضُورِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الَّذِي يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الْعَبْدُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْجَوَابُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَا يَدَّعِي بِمَالٍ فَيُجِيبُ عَنْهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا، وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الْعِلْمِ لَزِمَهُ وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةٍ لَزِمَهُ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ، وَإِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِالْعَكْسِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْمُجِيبُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ فَيُجِيبُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ دُونَ غَيْرِهِ، قَوْلُهُ: وَيُجِيبُ عَنْ الْقِصَاصِ الْعَبْدُ حَيْثُ لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنْ اُتُّهِمَ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِقَتْلِ مَنْ يُقْتَلُ بِهِ ثُمَّ إنَّ وَلِيَ الْمَقْتُولِ اسْتَحْيَاهُ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ الْوَلِيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِلْقِصَاصِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ جَهِلَ. قَوْلُهُ: وَعَنْ الْأَرْشِ السَّيِّدُ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تُوجِبُ قَبُولَ إقْرَارِ الْعَبْدِ فِيهَا بِالْمَالِ فَفِي كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي عَبْدٍ عَلَى بِرْذَوْنٍ مَشَى عَلَى أُصْبُعٍ صَغِيرٍ فَقَطَعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهِ الصَّغِيرُ، وَهِيَ تُدْمِي، وَيَقُولُ: فَعَلَ بِي هَذَا وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ أَنَّ الْأَرْشَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ. (ص) وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ فِي كُلِّ حَقٍّ لَا يُوَجِّهُهَا إلَّا حَاكِمٌ أَوْ مُحَكَّمٌ، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَيْ لَيْسَ لِخَصْمِهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَإِذَا حَلَفَ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَهَذَا مَا عَدَا اللِّعَانَ وَالْقَسَامَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا لِزِيَادَةِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ بَلْ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي فَقَطْ كَمَا مَرَّ وَيَقُولُ فِي الْقَسَامَةِ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ أَيْ وَكَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ الْقَاطِعَةِ لِلنِّزَاعِ بَيْنَ الْخُصُومِ بِاَللَّهِ إلَخْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالِاسْمِ وَالْوَصْفِ، وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا، وَإِنْ كَانَ كَافِيًا فِي كَوْنِهِ يَمِينًا تُكَفَّرُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا زِيَادَةُ التَّخْوِيفِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الْوَاوَ مِثْلُ الْبَاءِ قَالَ ح: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، وَانْظُرْ الْهَاءَ الْمُبْدَلَةَ مِنْ الْهَمْزَةِ. (ص) وَلَوْ كِتَابِيًّا وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ: بِاَللَّهِ فَقَطْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ هَذَا اللَّفْظَ كَالْمُسْلِمِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إيمَانًا مِنْهُ، وَلَا يُزَادُ عَلَى الْيَهُودِيِّ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَلَا عَلَى النَّصْرَانِيِّ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَتَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ فِي حَلِفِهِ فِي اللِّعَانِ وَغَيْرِهِ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَمَامُ التَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَمَامَهُ وَأَمَّا الْيَهُودِيُّ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي حَلِفِهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِزِيَادَةٍ أَيْضًا وَعَلَى إسْقَاطِهَا لَا يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوَّلَ تَأْوِيلٌ، وَإِنْ كَانُوا يُطْلِقُونَ التَّأْوِيلَ عَلَى حَمْلِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا حَيْثُ صَحِبَهُ تَأْوِيلٌ آخَرُ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ تَأْوِيلًا ثَالِثًا، وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَقَطْ. (ص) وَغُلِّظَتْ فِي رُبُعِ دِينَارٍ بِجَامِعٍ كَالْكَنِيسَةِ وَبَيْتِ النَّارِ وَبِالْقِيَامِ لَا بِالِاسْتِقْبَالِ وَبِمِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ جَلِيلٍ أَوْ حَقِيرٍ لَكِنْ لَا تُغَلَّظُ عَلَى الْحَالِفِ إلَّا فِي الْحَقِّ الَّذِي لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ وَأَقَلُّهُ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ عَرْضٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَغْلِيظَ عَلَيْهِ فِيهِ وَالتَّغْلِيظُ وَاجِبٌ فَمَنْ امْتَنَعَ مِنْهُ عُدَّ نَاكِلًا، وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ وَيَكُونُ التَّغْلِيظُ فِي الْجَامِعِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَيَكُونُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ الْمِنْبَرَ وَسَطُ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِحْرَابِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُقْتَدَى بِهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ الْيَمِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إلَّا مِنْبَرَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ وَفِي الْكَنِيسَةِ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ الْوَلِيِّ إلَخْ) أَيْ وَيَرُدُّ الْعَبْدَ لِسَيِّدِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: وَيُجِيبُ عَنْ الْقِصَاصِ الْعَبْدُ حَيْثُ لَمْ يُتَّهَمْ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِلْقِصَاصِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ جَهِلَ (قَوْلُهُ: لَا يُوَجِّهُهَا إلَّا حَاكِمٌ إلَخْ) أَيْ لَا يَقْضِي بِهَا إلَّا حَاكِمٌ، وَإِلَّا فَلَوْ أَطَاعَ وَحَلَفَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَصَحَّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ بِاَللَّهِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فِي قَوْلِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ: أَيْ وَكَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ إلَخْ) أَيْ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِاَللَّهِ إلَخْ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ وَكَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ مُصَوَّرَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْهَاءُ الْمُبْدَلَةُ مِنْ الْهَمْزَةِ) أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تُبْدَلَ مِنْ الْهَمْزَةِ أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ هَاللَّهِ بِدُونِ هَمْزَةٍ (قَوْلُهُ: وَغُلِّظَتْ) أَيْ ثَقُلَتْ (قَوْلُهُ: فِي رُبُعِ دِينَارٍ) وَالْمُرَادُ بِالدِّينَارِ هُنَا دِينَارُ الدَّمِ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُلْحَقَةٌ بِالْحُدُودِ فَهِيَ مُلْحَقَةٌ بِالسَّرِقَةِ لَا دِينَارُ الزَّكَاةِ، وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: بِجَامِعٍ) الْبَاءُ لِلْآلَةِ لَا لِلظَّرْفِيَّةِ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا بِقَوْلِهِ: وَيَكُونُ التَّغْلِيظُ فِي الْجَامِعِ؛ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ تَغْلِيظَ زِيَادَةٍ عَلَى الْكَوْنِ فِي الْجَامِعِ (قَوْلُهُ: فَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ لَا لِشَخْصٍ، وَلَوْ مُتَفَاوِضَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ، وَلَوْ وَجَبَ دَفْعُهُ وَكَانَ تَافِهًا وَادَّعَى بِهِ وَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِيهِ بِدُونِ تَغْلِيظٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِحْرَابِ) أَيْ لَا عِنْدَ الْمِنْبَرِ لِأَنَّ الْمِنْبَرَ إذَا كَانَ وَسَطَ الْمَسْجِدِ كَانَ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِيهِ فَيَرْجِعُ لِمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ حُرْمَتَهُ، وَهُوَ الْمِحْرَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُقْتَدَى بِهِ) كَذَا فِي عج يُقْتَدَى بِهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ أَيْ يُقْتَدَى بِالْحَالِّ فِيهِ، وَهُوَ الْإِمَامُ أَيْ فَصَارَ لَهُ حُرْمَةٌ بِذَلِكَ وَفِي نُسْخَةِ بَعْضِ الشُّيُوخِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّ حُرْمَتَهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ عَامَّةٌ مَعَ أَنَّهُ خَصَّصَ مِنْبَرَ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْبَرَ النَّبِيِّ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ وَيَكُونُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ أَيْ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مُطْلَقَ مِنْبَرٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَنِيسَةِ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ) أَيْ فَلِلْمُسْلِمِ الذَّهَابُ لِتَحْلِيفِهِمْ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً فِي نَظَرِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ صَرْفُهُ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى جَوَازُ تَحْلِيفِ الْمُسْلِمِ عَلَى بَرَاءَةٍ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ أَضْرِحَةِ الْمَشَايِخِ أَوْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَنْكَفُّ عَنْ الْبَاطِلِ إلَّا بِذَلِكَ فَإِذَا حَلَفَ خَصْمُهُ بِطَلَاقٍ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّ فَلَهُ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ لَا بِالْبُعْدِ فَلَوْ حَلَفَ لَهُ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَادِ الْيَمِينِ الشَّرْعِيِّ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ وَفِي عب أَنَّ الْكَنِيسَةَ لِلْيَهُودِيِّ وَالْبِيعَةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 وَفِي الْبِيعَةِ فِي حَقِّ الْيَهُودِيِّ وَفِي بَيْتِ النَّارِ فِي حَقِّ الْمَجُوسِيِّ وَيُغَلَّظُ أَيْضًا بِالْقِيَامِ لَا بِالِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ فَيَحْلِفُ عِنْدَ مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ كَكَوْنِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ. (ص) وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ فِيمَا ادَّعَتْ أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهَا إلَّا الَّتِي لَا تَخْرُجُ نَهَارًا، وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً قَلِيلًا، وَتَحْلِفُ فِي أَقَلَّ بِبَيْتِهَا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ، وَهِيَ الْمُسْتَتِرَةُ فِي بَيْتِهَا تَخْرُجُ لِلْيَمِينِ فِيمَا ادَّعَتْ بِهِ وَأَقَامَتْ شَاهِدًا فَتَحْلِفُ مَعَهُ، وَهُوَ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يُسَاوِيهِ، وَكَذَلِكَ تَخْرُجُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا بِأَنْ رُدَّتْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ إلَّا الَّتِي لَا عَادَةَ لَهَا بِالْخُرُوجِ نَهَارًا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ لَيْلًا لِتَحْلِفَ كَنِسَاءِ الْمُلُوكِ وَالْخُلَفَاءِ وَنَحْوِهِمَا، وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَخْرُجُ لَيْلًا، وَإِلَّا فَتَحْلِفُ بِبَيْتِهَا كَمَا إذَا اُدُّعِيَ عَلَى الْمُخَدَّرَةِ بِأَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ بِبَيْتِهَا بِأَنْ يُرْسِلَ الْقَاضِي لَهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا، وَلَا تَخْرُجَ لِلْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ. (ص) وَإِنْ ادَّعَيْت قَضَاءً عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ وَرَثَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ مَاتَ صَاحِبُهُ وَطَلَبَتْ الْوَرَثَةُ دَيْنَ أَبِيهِمْ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَضَيْتُهُ لِمُوَرِّثِكُمْ، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْوَرَثَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يُحَلِّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ مَنْ يَظُنُّ بِهِ عِلْمَ ذَلِكَ مِثْلَ أَخِيهِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يُخَالِطُهُ وَيَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَحَالَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَوْلُهُ: مِنْ وَرَثَتِهِ أَيْ مِنْ الْبَالِغِينَ حِينَ الْمَوْتِ فَإِنْ حَلَفَ الْبَالِغُ ثَبَتَ الْحَقُّ لِجَمِيعِهِمْ، وَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ فَقَطْ، وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ قَضَى، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَالِغِ فَقَطْ. (ص)   [حاشية العدوي] لِلنَّصْرَانِيِّ وَالصَّوَابُ مَا فِي شَارِحِنَا كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ عِنْدَ مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ إلَخْ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَغْلِيظَ بِالزَّمَانِ) أَيْ فِي الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ اللِّعَانِ وَالدِّمَاءِ فَتُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَقَوْلُهُ كَكَوْنِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَيْ لِكَوْنِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْأَعْمَالَ يَنْزِلُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُمْ يَنْزِلُونَ عِنْدَ الصُّبْحِ فَلَعَلَّ تَخْصِيصَ وَقْتِ الْعَصْرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ وَقْتُ نَوْمٍ وَاشْتِغَالٍ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ تَخْرُجُ غَيْرَ مُشْتَهِرَةٍ حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَا تَخْرُجُ وَقَوْلُهُ، وَهِيَ الْمُسْتَتِرَةُ فِي بَيْتِهَا تَفْسِيرٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ مَعْنَى اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ هُوَ لَهُ أَيْ الَّتِي خَدَّرَهَا أَهْلُهَا أَيْ سَتَرَهَا أَهْلُهَا (قَوْلُهُ: تَخْرُجُ لِلْيَمِينِ إلَخْ) أَيْ وَتَحْلِفُ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ فَإِنْ أَبَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مِنْ حُضُورِهِ خَشْيَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا فَحَكَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْهَا أَقْصَى مَا يَسْمَعُ لَفْظَ يَمِينِهَا فَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْحَقِّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا فَهَلْ إثْبَاتُ مَنْ يَعْرِفُهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا قَوْلَانِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّغْلِيظُ فَادَّعَتْ حَيْضَهَا حَلَفَتْ عَلَى مَا ادَّعَتْ وَأُخِّرَتْ (قَوْلَهُ بِأَنْ رُدَّتْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَصْوِيرَهُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ ادَّعَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ بِحَقٍّ فَتُنْكِرُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ أَصْلِيَّةٌ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَحْلِفُ بِبَيْتِهَا) أَيْ وَيُرْسِلُ إلَيْهَا الْقَاضِي مَنْ يُحَلِّفُهَا، وَالْوَاحِدُ مُجْزٍ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الطَّالِبِ لِلْيَمِينِ، وَإِلَّا أُعِيدَتْ بِحُضُورِهِ، وَأَمَّا مَنْ تَحْلِفُ بِغَيْرِ بَيْتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: قَضَيْتُهُ لِمُورِثِكُمْ) الْمُرَادُ بِهِ إسْقَاطٌ مِنْ جَانِبِ الْمَيِّتِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ إسْقَاطًا أَوْ إبْرَاءً أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْلِفَ مِنْ الْوَرَثَةِ) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ يَرِثُونَ بِالْفِعْلِ يَوْمَ الْمَوْتِ كَقَرِيبِ الْقَرَابَةِ لَا بِعِيدِهَا وَقَدْ يَكُونُ الْبَعِيدُ مِنْ الْوَرَثَةِ مُخَالِطًا لِلْمَيِّتِ، وَالْقَرِيبُ بِضِدِّهَا فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُ الْوَارِثِ لِيَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: مَنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ) أَيْ وَدَعْوَى الْمَدِينِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ هَذَا مَا فِي شب وَاَلَّذِي فِي عب أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ وَمُفَادُ عج تَرْجِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ق وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي الزَّوْجَةِ فَقِيلَ: إنَّهَا مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَقِيلَ لَا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ فِي حَالٍ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْبَالِغِينَ حِينَ الْمَوْتِ) فَلَا يَمِينَ عَلَى مَنْ بَلَغَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ الْبَالِغُ) أَرَادَ جِنْسَ الْبَالِغِ الصَّادِقِ بِالْمُتَعَدِّدِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُطْلَبُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْبَالِغِينَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ حِينَ الْمَوْتِ صَبِيًّا أَوْ كَانَ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ فَإِنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا يُطْلَبُ بِيَمِينٍ لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَهُ، وَكَذَا الْبَالِغُ الَّذِي لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ لَا يُطَالَبُ بِيَمِينٍ مِنْ أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ وَأَمَّا الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ إذَا كَانَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّ لِلْمَطْلُوبِ تَحْلِيفَهُ فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ الْحَلِفَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ الْحَلِفَ، وَكَانَ وَاحِدًا وَحَلَفَ اسْتَحَقَّ، وَإِلَّا رُدَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا وَطَلَبَ الْحَلِفَ مِنْ وَاحِدٍ فَقَطْ دُونَ الْبَاقِي اسْتَحَقَّ الْبَاقِيَ بِدُونِ يَمِينٍ، وَأَمَّا ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْكُلِّ وَحَلَفُوا دَفْعَةً اسْتَحَقُّوا، وَإِنْ نَكَلُوا كَذَلِكَ وَرَدُّوا الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِلَّا غَرِمَ، وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمْ بِالْحَلِفِ وَاكْتَفَى بِهِ، وَلَمْ يُنْظَرْ لِلْبَاقِي فَاسْتَحَقَّ الْكُلَّ فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ وَطَلَبَ مِنْ الَّذِي يَلِيهِ وَحَلَفَ فَكَذَلِكَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَلِيهِ حَلَفَ وَهَكَذَا، وَأَمَّا إنْ نَكَلَ الَّذِي يَلِي الْحَالِفَ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْ حِصَّتِهِ، وَيُنْظَرُ لِلثَّالِثِ، فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ، وَإِلَّا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَهَكَذَا فَلَوْ أَنَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 وَحَلَفَ فِي نَقْصٍ بَتًّا وَغِشٍّ عِلْمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَارَفَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ وَقَبَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقَّهُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا فِي دَرَاهِمِهِ أَوْ دَنَانِيرِهِ نَقْصًا أَوْ غِشًّا فَعَادَ لِصَاحِبِهِ وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي حَالَةِ النَّقْصِ عَلَى الْبَتِّ أَيْ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا كَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يُمْكِنُ فِيهِ حُصُولُ الْقَطْعِ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْجَزْمُ بِهِ أَوْ بِعَدَمِهِ، وَيَحْلِفُ فِي حَالَةِ الْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّيْرَفِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالضَّمِيرُ فِي حَلَفَ لِلدَّافِعِ صَيْرَفِيًّا أَوْ غَيْرَهُ. (ص) وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ أَوْ قَرِينَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ الِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ كَخَطِّ أَبِي الْحَالِفِ أَوْ خَطِّهِ هُوَ أَوْ قَرِينَةٍ مِنْ خَصْمِهِ كَنُكُولِهِ أَوْ سُؤَالِهِ الصُّلْحَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى مَثَلًا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ قَوْلِهِ: وَغَمُوسٌ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ هُنَاكَ مُطْلَقُ الظَّنِّ وَهَذَا ظَنٌّ قَوِيٌّ أَوْ أَنَّ الْغَمُوسَ مُتَبَرِّعٌ بِهَا وَهَذِهِ مُجْبَرٌ عَلَيْهَا. (ص) وَيَمِينُ الْمَطْلُوبِ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ إذَا كَانَتْ فِي جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَطْلُوبِ فَمِنْ شَرْطِهَا مُطَابَقَتُهَا لِإِنْكَارِهِ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ مِنْ قَرْضٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ قَرْضٍ، وَلَا بَعْضُهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِالْعَشَرَةِ مُدَّعٍ بِكُلِّ آحَادِهَا فَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَعْقُولِ أَنَّ إثْبَاتَ الْكُلِّ إثْبَاتٌ لِكُلِّ أَجْزَائِهِ، وَنَفْيُ الْكُلِّ لَيْسَ نَفْيًا لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَبِعِبَارَةٍ: مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ لَازِمًا، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجُزْءِ بَعْدَ نَفْيِ الْكُلِّ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُبَرِّئُهُ مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ الْعَشَرَةِ أَوْ لَيْسَ لَهُ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ وَإِذَا حَلَفَ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا، وَلَمْ يَزِدْ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا تَرَكَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا ادَّعَاهُ فَإِنْ قِيلَ: لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ نِيَّةُ الْحَلِفِ، وَهُوَ نِيَّتُهُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعَشَرَةِ قُلْت؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ادَّعَى بِأَكْثَرَ نِسْيَانًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ يُحْتَمَلُ نِسْيَانُ السَّبَبِ وَذِكْرُ غَيْرِهِ. (ص) وَنَفَى سَبَبًا إنْ عَيَّنَ وَغَيْرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ فَإِنَّهُ يَنْفِي سَبَبَ الدَّيْنِ إنْ عَيَّنَهُ الْمُدَّعِي وَيَنْفِي غَيْرَهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ عَشَرَةً فَيَقُولُ فِي يَمِينِهِ: مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، وَلَا غَيْرِهِ وَيَأْتِي السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ. (ص) فَإِنْ قَضَى نَوَى سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَضَاهُ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْمَالِ وَطَالَبَ الْمُقْرَضَ بِالْمَالِ فَأَنْكَرَهُ وَطَلَبَ أَنْ يُحَلِّفَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ مَالًا وَيَنْوِي فِي قَلْبِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَلَا يُقَالُ هَذِهِ النِّيَّةُ لَا تَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هِيَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ   [حاشية العدوي] الثَّانِيَ نَكَلَ بَعْدَ حَلِفِ الْأَوَّلِ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَنَكَلَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ وَكَذَا يَغْرَمُ لِلْبَاقِي إنْ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يَغْرَمُ نَظَرًا لِنُكُولِهِ قَبْلُ أَوْ لَا يَغْرَمُ نَظَرًا لِنُكُولِ ذَلِكَ الْبَاقِي، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الْبَاقِي تَحْلِيفُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ لِنُكُولِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَارَفَ) لَا مَفْهُومَ لِصَارَفَ أَيْ أَوْ أَقْرَضَ أَوْ قَبَضَ قَرْضًا أَوْ قَضَى دَيْنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ فِي الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ آخِرًا فَالضَّمِيرُ فِي حَلَفَ لِلدَّافِعِ صَيْرَفِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي حَالِ النَّقْصِ) أَيْ نَقْصِ الْعَدَدِ وَأَمَّا نَقْصُ الْوَزْنِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالْغِشِّ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا أَوْ عَدَدًا وَوَزْنًا كَدَنَانِيرَ مِصْرَ، وَأَمَّا مَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ فَيَحْلِفُ فِي نَقْصِهِ عَلَى الْبَتِّ كَنَقْصِ الْعَدَدِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ حَلَفَ الصَّيْرَفِيُّ بَتًّا وَغَيْرُهُ عِلْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ح أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ مَا يُفِيدُهُ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الْبَاتُّ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْبَاتِّ مِمَّنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يَعْتَمِدُ عَلَى الظَّنِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْوَ وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى الْعِلْمِ إلَّا فِيمَا لَا يُمْكِنُ كَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ، وَإِلَّا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَاعْتَمَدَ فِي إعْسَارِهِ بِصُحْبَةٍ وَقَرِينَةِ صَبْرٍ ضَرَّ وَكَشَهَادَةِ السَّمَاعِ (وَقَوْلُهُ: مِنْ خَصْمِهِ) إشَارَةٌ إلَى مُغَايَرَةِ الْعَطْفِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ خَطَّ الْأَبِ قَرِينَةٌ، وَعَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَا يَكُونُ بِأَوْ وَجَوَّزَهُ الدَّمَامِينِيُّ مُحْتَجًّا بِالْحَدِيثِ أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: كَنُكُولِهِ) أَيْ أَوْ شَاهِدٍ لِأَبِيهِ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ إلَخْ أَيْ أَوْ يُقَالُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَوْ يُقَالُ الْأَمْوَالُ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَنْفَعُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إنْ عَيَّنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعَيُّنُهُ فِي الدَّعْوَى، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَعَيُّنِهِ كَوْنُ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ أَيْ فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى كَوْنُهُ مَعْلُومًا مَجْزُومًا بِهِ نَعَمْ إنْ سَأَلَ عَنْ السَّبَبِ وَجَبَ بَيَانُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ نِسْيَانَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْعِبَارَةِ أَنْ لَوْ قَالَ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ كَمَا فِي تت وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ كَفَى مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ، وَإِلَّا أُعِيدَتْ الْيَمِينُ. (قَوْلُهُ: عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ فِي ك وَيُمْكِنُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 الْأَمْرِ ثُمَّ كَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَزِيدَ الْآنَ، وَإِلَّا فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَلَفَ مِنْهُ سَلَفًا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ. (ص) وَإِنْ قَالَ وَقْفٌ أَوْ لِوَلَدِي لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ مِنْ بَيِّنَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا مُعَيَّنًا بِيَدِ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ وَقْفٌ أَوْ هُوَ لِوَلَدِي فَقَدْ سَقَطَتْ مُنَازَعَةُ هَذَا الْمَطْلُوبِ وَتَصِيرُ بَيْنَ الطَّالِبِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلِيِّ الصَّغِيرِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا. (ص) وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ فَإِنْ حَضَرَ ادَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَغَرِمَ مَا فَوَّتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى مَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ دَارِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَا حَقَّ لِي فِيهِ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ حِينَئِذٍ تَتَوَجَّهُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُقَرِّ لَهُ، وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى غَيْبَتِهِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى حُضُورِهِ وَتَصْدِيقِهِ، وَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ وَأَخَذَ الشَّيْءَ الْمُقَرَّ لَهُ بِهِ فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَهِيَ يَمِينُ تُهْمَةٍ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَغَرِمَ الْمُقِرُّ مَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ فَإِنْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ أَوَّلًا، وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ وَيُثْبِتُ حَقَّهُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (ص) أَوْ غَابَ لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ سَابِقًا: فَإِنْ حَضَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يَلْزَمُ الْإِعْذَارُ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنَّ الْمُقِرَّ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّ إقْرَارَهُ حَقٌّ لِاتِّهَامِهِ أَنَّهُ أَرَادَ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَحِينَئِذٍ تَنْتَقِلُ الْحُكُومَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا حَضَرَ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَيَصِيرُ تَحْتَ يَدِهِ حَائِزًا لَهُ إلَى حُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ غَابَ إلَخْ ظَهَرَتْ الْمُقَابَلَةُ لِقَوْلِهِ حَضَرَ، وَقَوْلُهُ: وَانْتَقَلَتْ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لَزِمَهُ يَمِينٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَزِمَهُ يَمِينٌ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَ بِيَدِهِ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: (ص) فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ (ش) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ وَعَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَعَلَى هَذَا فَالْمُقَرُّ لَهُ حَيْثُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُقِرِّ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَنَكَلَ، وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي، وَهَلْ يَأْخُذُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ح أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمُقِرُّ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ وَأَمَّا إنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ، وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي فَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَمَفْهُومُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ سَقَطَ حَقُّهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ الْمَازِرِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عِنْدَنَا أَوْ يُسَلَّمُ لِمُدَّعِيهِ؛ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَبَيْتُ الْمَالِ لَمْ يَحُزْ حَتَّى يُدَافِعَ الْإِمَامُ عَنْهُ الْمُدَّعِيَ كَمَا قِيلَ فِيمَا أَخَذَهُ السَّلَّابَةُ فَأَخَذَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِمُدَّعِيهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَالْإِيَاسِ مِمَّنْ يَطْلُبُهُ أَوْ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ أَقْوَالٌ انْتَهَى تت وَأَصْلُهُ لِلشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ وَالْمُدَّعِي فِيمَا يَظْهَرُ فَإِذَا انْتَفَى مِلْكُ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ بَقِيَ لِلْمُدَّعِي. (ص) وَإِنْ اسْتَحْلَفَ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ كَالثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ   [حاشية العدوي] أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ: وَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْيَمِينِ أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلَّفِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إذَا كَانَ الْمُحَلِّفُ هُوَ الْحَاكِمَ ذَكَرَهُ الْبَدْرُ، وَأَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا ضَرُورَةَ تُلْجِئُهُ إلَى أَنْ يَقُولَ مَا أَسْلَفَنِي اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي النَّصِّ مَا لِلْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى أَسْلَفَنِي، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُعْسِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذَا خَافَ أَنْ يُحْبَسَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَذَلِكَ، وَإِعْسَارُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ، وَأَنَّهُ حَقِّي (قَوْلُهُ: مِلْكٌ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ح) وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ عج أَنَّهُ بِيَمِينٍ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ لَهُ وَيَمِينَهُ أَنَّهُ لَهُ كَشَاهِدٍ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا فِي غَيْبَتِهِ حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ بِالْمِلْكِيَّةِ بَلْ بِالْإِعَارَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الرَّهْنِ كَذَلِكَ فَإِنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِيَّةِ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا كَمَا قَالُوا (قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ فِيمَا أَخَذَهُ السَّلَّابَةُ) قَدْحٌ فِي الْقِيَاسِ عَلَى السَّلَّابَةِ أَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهِ لِغَيْرِ مَنْ يَدَّعِيهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَّابَةِ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِهِ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي مِنْ مَسْأَلَتِنَا، وَانْظُرْ هَلْ تَجْرِي تِلْكَ الْأَقْوَالُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَاضِرِ أَيْضًا حَيْثُ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْمُدَّعِي أَمْ لَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَيَقْدَحُ فِي الْقِيَاسِ الْقَدْحُ الْمَذْكُورُ، وَأَرَادَ أَنَّ قَيْدَ أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالِاسْتِثْنَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السَّلَّابَةِ فَحِينَئِذٍ يَقْدَحُ فِيهِ إلَخْ، وَإِنْ أُرِيدَ الْقِيَاسُ فِي مُجَرَّدِ أَخْذِهِ بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ فِي الْمَقِيسِ فَلَا قَدْحَ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَالْجُمُعَةِ) أَيْ مَعَ الْأَمْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَالْجُمُعَةِ نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مَعَ عَامِلِهِ عَلَى حَذْفِهَا قَوْلُهُ: حَاضِرَةٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ غَائِبَةٌ غَيْبَةً مِثْلَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً بَعِيدَةً سُمِعَتْ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا قَالَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْجُمُعَةِ يَقُومُ بِهَا، وَلَوْ حَلَّفَهُ عَالِمًا بِهَا وَانْظُرْ مَا الَّذِي يُوَافِقُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ شَارِحِ الْمُدَوَّنَةِ: التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ذَهَابًا وَإِيَابًا) الْمُنَاسِبُ ذَهَابًا فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: تَفْصِيلًا أَيْ الَّذِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ حَاضِرَةٌ أَوْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 بَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا حَضَرَتْ؛ لِأَنَّهُ مَا اسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ إلَّا عَلَى إسْقَاطِهَا؛ فَلِذَا سَقَطَتْ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِسْقَاطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَهُوَ حَمْلُ الْأَكْثَرِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ يَمِينِهِ قَالَهُ سَحْنُونَ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَحْلَفَ أَيْ وَحَلَفَ بِالْفِعْلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مُجَرَّدَ الطَّلَبِ مُسْقِطٌ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ فَلَا بَيِّنَةَ لَهُ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ قُلْت: لَا؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَفَادَ تَفْصِيلًا لَمْ يُفِدْهُ هُنَاكَ. (ص) وَإِنْ نَكَلَ فِي مَالٍ وَحَقِّهِ اسْتَحَقَّ بِهِ بِيَمِينٍ إنْ حَقَّقَ (ش) فَاعِلُ نَكَلَ هُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي مَالٍ أَوْ حَقٍّ مَالِيٍّ كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ وَنَكَلَ عَنْهَا اسْتَحَقَّ الطَّالِبُ الْحَقَّ بِالنُّكُولِ مَعَ الْيَمِينِ، فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ يَرْجِعُ لِلنُّكُولِ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ اسْتَحَقَّ الْحَالِفُ الْمَالَ بِالنُّكُولِ مَعَ الْيَمِينِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَ النُّكُولِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَمَحَلُّ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الطَّالِبِ بَعْدَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ حَيْثُ حَقَّقَ الطَّالِبُ الدَّعْوَى أَمَّا إنْ كَانَ مُوجِبُ الْيَمِينِ التُّهْمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الطَّالِبِ بَلْ يَغْرَمُ الْمَطْلُوبَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ تَوَجُّهُهَا وَعَدَمُ انْقِلَابِهَا. (ص) وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ (ش) الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ " حُكْمَ " يَرْجِعُ لِلنُّكُولِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ النُّكُولِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إنْ نَكَلْت حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ كَالْإِعْذَارِ فِي مَحَلِّهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (ص) وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ كَانَ مُدَّعِيًا، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَنَكَلَ عَنْهَا ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَهَا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ خَصْمِهِ، وَيَتِمُّ نُكُولُهُ بِقَوْلِهِ: لَا أَحْلِفُ أَوْ بِقَوْلِهِ لِخَصْمِهِ: احْلِفْ أَنْتَ أَوْ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحَلِفِ قَوْلُهُ: إنْ نَكَلَ: عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ. (ص) بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ (ش) أَيْ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَيُمَكَّنُ مِنْهَا قِيلَ: الصَّوَابُ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ إذْ رُبَّمَا يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا تَعَلَّقَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ فَبِرُجُوعِهِ يَغْرَمُ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي إذَا أَقَامَ شَاهِدًا، وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ قَبُولِ رُجُوعِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نُسْخَةَ مُدَّعٍ صَوَابٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمَّا أَرَادَ الْحَلِفَ ثُمَّ رَجَعَ كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلَيْسَ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا غَيْرَ مُتَوَهَّمَةٍ - حَيْثُ سُلِّمَ ذَلِكَ - أَنْ تَكُونَ خَطَأً وَعَلَّلَ الشَّارِحُ عَدَمَ لُزُومِ الْيَمِينِ بِالْتِزَامِهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الْتِزَامَهُ   [حاشية العدوي] غَائِبَةٌ أَيْ قَرِيبَةٌ أَوْ بَعِيدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَحَقِّهِ) الْمُرَادُ بِحَقِّهِ مَا يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلنُّكُولِ (قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ إنْ حَقَّقَ) تَفْرِيعٌ عَلَى تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ، وَقَوْلُهُ: فِي الْقَضَاءِ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ إلَخْ يَقْتَضِي عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَى التُّهْمَةِ فَضْلًا عَنْ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ فِيهَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْقَوْلَانِ بِالتَّوَجُّهِ وَعَدَمِهِ وَسَاقَ مُحَشِّي تت النَّقْلَ الدَّالَّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ آخِرًا إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْأُجْهُورِيِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: إنْ حَقَّقَ سَمَاعَ دَعْوَى التُّهْمَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ فَهُوَ فِي غَيْرِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَأَمَّا فِيهَا فَتُسْمَعُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا مَعْنَى لَهُ إذْ كُلُّ مَا خَالَفَ التَّحْقِيقَ فَهُوَ تُهْمَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ كَلَامُهُ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّهَامِ كَوْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الِاتِّهَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ أَعْنِي الْمُقَابِلَةَ لِلْمُحَقَّقَةِ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ نَعَمْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ لِمُوجَبٍ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَوْ دَعْوَى اتِّهَامٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ نَكَلْت حَلَفَ غَرِيمُك وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ نَكَلْت غَرِمْت بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ هَذَا فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ وَسَكَتَ عَنْ دَعْوَى الِاتِّهَامِ، وَقَدْ عَرَفْتهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ظَاهِرُهُ الِاسْتِحْبَابُ، وَهَذَا فِيمَنْ لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي أَوْ يَعْرِفُهُ، وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْجَهْلَ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْتِزَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ مُصَاحِبٌ لِإِلْزَامِ اللَّهِ لَهُ الْيَمِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ الْتَزَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ الْيَمِينُ. (قَوْلُهُ: كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) مِثَالُ الثَّانِي ظَاهِرٌ وَمِثَالُ الْأَوَّلِ مَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ فِيهَا فِيمَنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقٍّ فَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو عِمْرَانَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ) أَيْ بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ وَيَسْتَمِرَّ سَاكِتًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُدَّعٍ) وَمِثْلُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا أَيْ الْيَمِينَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ مَنْ الْتَزَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ: لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْيَمِينِ الَّتِي الْتَزَمَهَا، وَقَوْلُهُ: وَيُمَكَّنُ مِنْهَا الْمُنَاسِبُ مِنْهُ أَيْ الرُّجُوعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ شَاهِدًا وَالْتَزَمَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ ثُمَّ عَنَّ لَهُ عَدَمُ الْحَلِفِ، وَأَرَادَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ فَلَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: قِيلَ الصَّوَابُ مُدَّعًى عَلَيْهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي، وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَالْتَزَمَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ قَبُولِ رُجُوعِهِ) أَيْ بَلْ يُجْزَمُ بِقَبُولِ الرُّجُوعِ أَيْ بِحَيْثُ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَوْ قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ ثَابِتٍ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ مَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فَأَفَادَ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ سُلِّمَ ذَلِكَ) أَيْ سُلِّمَ أَنَّهَا غَيْرُ مُتَوَهَّمَةٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 لَا يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - لَهُ أَيْ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُدَّعِي مَعَ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ الْيَمِينَ فَأَحْرَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بِالْتِزَامِهِ هُوَ. (ص) وَإِنْ رُدَّتْ عَلَى مُدَّعٍ وَسَكَتَ زَمَنًا فَلَهُ الْحَلِفُ (ش) وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ سَكَتَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ زَمَنًا فَلَهُ الْحَلِفُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَغَيْرِهَا. (ص) وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَتَصَرَّفَ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ تُسْمَعْ، وَلَا بَيِّنَةَ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ وَإِنَّمَا أَلْحَقُوهَا بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا مَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ، وَفِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ، وَرُبَّمَا يَذْكُرُونَهَا مَعَ الْأَقْضِيَةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَقَعُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَهُوَ مَا فَعَلَهُ الْمُؤَلِّفُ يَعْنِي أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ غَيْرَ الشَّرِيكِ إذَا حَازَ شَيْئًا عَلَى صَاحِبِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ هَدْمٍ وَبِنَاءٍ كَالْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ، وَصَاحِبُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ عَنْهُ فَإِذَا قَامَ صَاحِبُهُ الْأَجْنَبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ يَطْلُبُ مَتَاعَهُ فَإِنَّ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ لِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ احْتَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» فَقَوْلُهُ: وَتَصَرَّفَ أَيْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ اغْتِلَالٍ إلَّا أَنَّ الْهَدْمَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَيْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَطْءِ وَالْكِتَابَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى طُولِ الزَّمَانِ إذَا عَلِمَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ وَاَلَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا كَالْأَصْهَارِ وَالْمَوَالِي، وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فَقَطْ مَخْصُوصٌ بِمَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُهُ: عَشْرَ سِنِينَ ظَرْفٌ لِحَاضِرٍ سَاكِتٍ بِلَا مَانِعٍ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَ الْحِيَازَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِ تَصَرَّفَ؛ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِي التَّصَرُّفِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَمِرًّا فِي الْعَشْرِ سِنِينَ بَلْ يَكْفِي حُصُولُهُ فِي جُزْءٍ مِنْهَا كَذَا قُرِّرَ، وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ: عَشْرَ سِنِينَ يَصِحُّ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ حَازَ أَوْ تَصَرَّفَ أَوْ حَاضِرٌ أَوْ سَاكِتٌ فَيَعْمَلُ فِيهِ أَحَدُهَا وَبَاقِيهَا فِي ضَمِيرِهِ إنْ جَازَ تَنَازُعٌ مِثْلَ هَذَا الْعَدَدِ، وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ مَعْمُولٌ لِمَا زَادَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي مَعَ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ الْيَمِينَ) أَيْ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَلْزَمَهُ الْيَمِينَ وَرَجَعَ عَنْهَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي، وَقُلْنَا: لَهُ ذَلِكَ الرُّجُوعُ بِحَيْثُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَأَوْلَى إذَا كَانَ الْتَزَمَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عِنْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِإِلْزَامِ اللَّهِ ذَلِكَ الْيَمِينَ، وَقَدْ جَوَّزْنَا أَنَّهُ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَأَوْلَى إذَا الْتَزَمَهَا هُوَ بِأَنْ قَالَ: احْلِفْ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ قَالَ: احْلِفْ، قَالَ: أَنْتِ يَا مُدَّعٍ تَحْلِفُ. (قَوْلُهُ: لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْيَمِينِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَعَلَّلَ الشَّارِحُ عَدَمَ لُزُومِ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْتِزَامِهَا أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا الْتَزَمَ الْيَمِينَ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي أَيْ أَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ لَكِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ الْتَزَمَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ الِالْتِزَامِ. (قَوْلُهُ: حَاضِرٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَالسَّبْعَةِ الْأَيَّامِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَرُبَتْ كَالْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ لِعَجْزٍ وَنَحْوِهِ وَعَجَزَ عَنْ التَّوْكِيلِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ: يَسْقُطُ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ عُذْرَهُ انْتَهَى، وَنَحْوُهُ فِي الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ فَجَعَلَ تت مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ فِيمَا قَرُبَ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ مَعَ الْعُذْرِ فِيهِ نَظَرٌ فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ سَقَطَ حَقُّهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْبَتَهُ إذَا كَانَتْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عب فِي قَوْلِهِ " حَاضِرٌ ": وَمِثْلُهُ الْغَائِبُ عَلَى يَوْمَيْنِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ قَالَهُ ابْنُ عَاصِمٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: سَاكِتٌ أَنَّهُ عَالِمٌ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُخَاصِمِ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ، وَالْخِصَامُ عِنْدَ غَيْرِهِ لَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْحِيَازَةِ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَا يَكَادُ يَخْفَى، وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِالتَّصَرُّفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْحِيَازَةُ دَالَّةٌ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ لَا نَاقِلَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ تُسْمَعْ) أَيْ دَعْوَاهُ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، أَوْ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ فِي غَيْرِ وَثَائِقِ الْحُقُوقِ، وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ بِمَا فِيهَا، وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَبْسُ لَا تَنْفَعُ فِيهِ الْحِيَازَةُ بَلْ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الطُّرُقُ وَالْمَسَاجِدُ لَا حِيَازَةَ فِيهَا بَلْ تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَعْضَهَا يَقَعُ فِيهِ الْقَضَاءُ) أَيْ وَهُوَ مَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ، وَالْبَعْضُ الثَّانِي مَا لَا يَقَعُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَهُوَ مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فَعَلَهُ الْمُؤَلِّفُ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَرُبَّمَا يَذْكُرُونَهَا (قَوْلُهُ كَالْإِسْكَانِ) أَيْ لِلْغَيْرِ وَكَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ يَسِيرًا وَأَوْلَى إذَا كَانَ كَثِيرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ حِيَازَةٌ مُطْلَقًا وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَطَرِيقَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ ظَاهِرُ أَبِي الْحَسَنِ وَالتَّوْضِيحِ أَنَّ الْهَدْمَ وَالْبِنَاءَ لِلْإِصْلَاحِ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهِ إذَا كَانَ يَسِيرًا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ فَلَيْسَ كَالسُّكْنَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذِهِ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى طُولِ الزَّمَانِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى أُخْبِرَ بِأَنَّ سِلْعَتَهُ بَاعَهَا فُلَانٌ وَسَكَتَ، وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَادَّعَى الْبَائِعُ مِلْكِيَّتَهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: غَيْرَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ أَيْ: وَأَمَّا الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فَعَمَّمُوا فِي التَّصَرُّفِ فَجَعَلُوهُ شَامِلًا لِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ عَشْرَ سِنِينَ خِلَافًا لِابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: إنْ جَازَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ أَبَا حَيَّانَ قَالَ لَا يَقَعُ التَّنَازُعُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 عَلَى الْعَوَامِلِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ انْتَهَى، وَانْظُرْ أَيَّ الْأَرْبَعَةِ أَوْ أَكْثَرَ يُعْتَبَرُ زَائِدًا. (ص) إلَّا بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِإِسْكَانٍ مِنْهُ لِلْحَائِزِ أَوْ إعْمَارٍ أَوْ إرْفَاقٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ مُزَارَعَةٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفَوِّتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْحَائِزِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُنَازِعْهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّبْصِرَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْحِيَازَةِ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَائِزُ مِلْكِيَّةَ الْمَوْضِعِ الْمُحَازِ أَيْ: وَلَوْ مَرَّةً، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ إلَّا مُجَرَّدَ الْحَوْزِ فَلَا تَنْفَعُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ ثُمَّ إنَّ مُدَّةَ الْعَشْرِ سِنِينَ تُلَفَّقُ مِنْ حِيَازَةِ الْوَارِثِ وَمُوَرِّثِهِ وَكَذَا مُوَرِّثُ مُوَرِّثِهِ. (ص) كَشَرِيكٍ أَجْنَبِيٍّ حَازَ فِيهَا إنْ هَدَمَ وَبَنَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَ الْأَجْنَبِيَّ إذَا حَازَ شَيْئًا عَنْ صَاحِبِهِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَصَاحِبُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّ الْحَائِزَ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَلَا بَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الشَّرِيكَ يُحَابِي شَرِيكَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَفَى ذَلِكَ التَّوَهُّمَ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا هَدَمَ وَبَنَى مَا لَا يُخْشَى سُقُوطُهُ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَ وَبَنَى مَا يُخْشَى سُقُوطُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ ثُمَّ إنَّ الْهَدْمَ وَحْدَهُ يَكْفِي كَمَا أَنَّ الْبِنَاءَ كَذَلِكَ. (ص) وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَهُمَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَ الْقَرِيبَ إذَا حَازَ شَيْئًا عَلَى شَرِيكِهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَإِلَيْهِمَا يَعُودُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فَهَلْ ذَلِكَ حِيَازَةٌ أَوْ لَا يَكُونُ حِيَازَةً إلَّا أَنْ يَطُولَ أَمَدُهَا كَالْأَرْبَعِينَ أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَوَالِيَ وَالْأَصْهَارَ أَيْ الَّذِينَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ كَالْأَجَانِبِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ أَيْ فَتَكْفِي الْعَشَرَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ، وَلَا بِنَاءٌ، وَالثَّانِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ حِيَازَةً إلَّا مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لَا تَكُونُ حِيَازَةً إلَّا مَعَ الطُّولِ جِدًّا أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالطُّولُ جِدًّا يَحْصُلُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا أَيْ: وَلَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ، وَأَمَّا الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارُ الشُّرَكَاءُ فَكَالْأَجَانِبِ الشُّرَكَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأُولَى وَهَذَا فِي الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ، وَإِلَّا فَيَجْرِي بَيْنَهُمْ مَا جَرَى فِي الْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِمَوَالٍ، وَلَا أَصْهَارٍ (ص) لَا بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ إلَّا بِكَهِبَةٍ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَعَهُمَا مَا تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ، وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: وَالْحِيَازَةُ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ لَا بَيْنَ أَبٍ، وَإِنْ عَلَا وَابْنِهِ فَلَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ فِي الْفَوْتِ بِالْبَيْعِ، وَمَا مَعَهُ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يَجُوزَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ مُدَّةً تَهْلَكُ فِيهَا الْبَيِّنَاتُ، وَيَنْقَطِعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَهُوَ يَهْدِمُ وَيَبْنِي، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ فَلَيْسَ لِلْأَبِ، وَلَا لِلِابْنِ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ وَإِذَا قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِالْمِلْكِ، وَلَا بَيِّنَتُهُ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي تَهْلَكُ فِيهَا الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ فِيهَا الْعِلْمُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سِنِّ الشُّهُودِ، وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ: مَعَهُمَا يَرْجِعُ لِلْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يَطُولَ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ لَا بِغَيْرِ هِبَةٍ. (ص) وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ   [حاشية العدوي] إلَّا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ أَيُّ الْأَرْبَعَةِ يُعْتَبَرُ زَائِدًا) الظَّاهِرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب أَنَّ الَّذِي يُعْتَبَرُ زَائِدًا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ كَأَنْ يَرَاهُ يَهْدِمُ أَوْ يَبْنِي فِيهِ أَوْ يَبِيعُهُ أَوْ يُوصِي بِهِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ الْحَائِزُ مِلْكِيَّتَهُ) أَيْ، وَلَا يُطَالَبُ الْحَائِزُ بِبَيَانِ وَجْهِ مِلْكِهِ وَقِيلَ يُطَالَبُ وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْعَطَّارِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْغَصْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْقُدْرَةِ طُولِبَ، وَإِلَّا فَلَا، وَظَاهِرُ شَارِحِنَا اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّتُهُ إلَّا مُجَرَّدَ الْحَوْزِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْحُجَّةَ فِي دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ إنْ كَانَتْ الشِّرَاءَ مِنْهُ مَثَلًا صَحَّتْ الْحِيَازَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْحُجَّةُ فِي دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ مُجَرَّدَ دَعْوَاهُ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ حِيَازَةِ الْوَارِثِ إلَخْ) فَإِذَا حَازَهَا الْمُوَرِّثُ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ وَحَازَهَا وَارِثُهُ خَمْسَ سِنِينَ أَيْضًا فَقَدْ تَمَّتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحَائِزَ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَائِزُ يَدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْهَدْمِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ كَالِاغْتِلَالِ وَالِازْدِرَاعِ فَلَا أَثَرَ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّرَكَاءِ. (قَوْلُهُ: كَالْأَرْبَعِينَ إلَخْ) فِي ح أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْقَرِيبَ الشَّرِيكَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ مُدَّةِ حِيَازَتِهِ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا مَعَ الْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ سَوَاءٌ الشُّرَكَاءُ وَغَيْرُهُمْ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ الْأَمَدَ الطَّوِيلَ الزَّائِدَ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى الرَّاجِحِ وَهَذَا فِي الْأَقَارِبِ لَيْسَ بَيْنَهُمْ تَشَاجُرٌ، وَإِلَّا فَكَالْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى) وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ، وَأَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الثَّالِثِ فَكَالْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكُونُونَ كَالْأَقَارِبِ سَوَاءً (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك: وَالْمُرَادُ بِالْمَوَالِي أَعْلَى أَوْ أَسَافِلَ انْتَهَى ثُمَّ رَأَيْت بَهْرَامَ أَفَادَ أَنَّ الْأَصْهَارَ وَالْمَوَالِيَ الشُّرَكَاءَ فِيهِمْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ كَالْأَجَانِبِ أَيْ فَيَكْفِي الْعَشْرُ سِنِينَ، وَالثَّانِي لَا تَكُونُ حِيَازَةً إلَّا أَنْ يَطُولَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا (قَوْلُهُ: بِالْبَيْعِ وَمَا مَعَهُ) كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ أَيْ كَأَنْ يَهَبَهَا أَحَدُهُمَا مَعَ عِلْمِ مَنْ هِيَ لَهُ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ حَائِزٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا قَامَ بَعْدَ الْهِبَةِ أَوْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ حَيْثُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْقِيَامِ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ: الَّتِي تَهْلَكُ فِيهَا الْبَيِّنَاتُ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِأَصْلِ الْحَوْزِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ أَيْ بِأَصْلِ الْحَوْزِ (قَوْلُهُ: تَخْتَلِفُ سِنُّ الشُّهُودِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ شُهُودٌ بِأَعْيُنِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ فَفِي الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ السَّنَتَانِ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرَضٍ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَمَدَ الْحِيَازَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَقَارِبِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَقَارُ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ الْأُصُولُ، وَالْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى حِيَازَةِ الْأَجَانِبِ، فَإِذَا رَكِبَ أَجْنَبِيٌّ دَابَّةً لِأَجْنَبِيٍّ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ فَقَدْ تَمَّتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ أَمَةُ الْخِدْمَةِ إذَا اسْتَخْدَمَ، وَإِذَا حَازَ أَجْنَبِيٌّ عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَبْدًا أَوْ عَرْضًا مُدَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَمَا فَوْقَهَا فَقَدْ تَمَّتْ الْحِيَازَةُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا بَيِّنَتُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مُدَّعِيهِ حَاضِرًا سَاكِتًا طُولَ الْمُدَّةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ لَكِنْ نَظِيرُ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأَرْضِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ الْإِجَارَةُ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ فِي الْقَرِيبِ فَحِيَازَتُهَا عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَنَظِيرُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأَرْضِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ وَرُكُوبُ الدَّوَابِّ، وَلِبَاسُ الثِّيَابِ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ فَلَا يَكْفِي إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ طُولًا تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ، وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْعِلْمُ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَيْ غَيْرِ الشَّرِيكِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: الْعَقَارُ، وَقَوْلُهُ: وَيُزَادُ الزِّيَادَةُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعُرُوضِ ثَوْبُ اللِّبَاسِ فَإِنَّ السَّنَةَ فِيهِ فَوْتٌ. -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ (: فَفِي الدَّابَّةِ) إذَا كَانَتْ تُرْكَبُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي غَيْرِ الرُّكُوبِ كَاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ إذَا كَانَتْ تُسْتَخْدَمُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُرْكَبْ الدَّابَّةُ وَتُسْتَخْدَمْ الْأَمَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْعَرْضِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْتَخْدَمَ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ: بَلْ الْأُصُولُ إلَخْ) أَيْ مِنْ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُدَّةً طَوِيلَةً زَائِدَةً عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً سَوَاءٌ الشُّرَكَاءُ وَغَيْرُهُمْ، وَهَذَا فِي الْأَقَارِبِ غَيْرِ الْأَبِ وَابْنِهِ وَأَمَّا هُمَا فَلَا حِيَازَةَ إلَّا بِنَحْوِ الْهِبَةِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الزَّمَانِ الطَّوِيلِ الَّذِي تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ هَكَذَا قَالَ عج وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا جَاءَ فِي النَّقْلِ عَنْ أَصْبَغَ وَمُطَرِّفٍ مِنْ أَنَّ حِيَازَةَ الشَّرِيكِ الْوَارِثِ عَمَّنْ وَرِثَ مَعَهُ فِي الْعُرُوضِ وَالْعَبِيدِ بِالِاسْتِخْدَامِ وَاللُّبْسِ وَالِامْتِهَانِ مُنْفَرِدًا بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ فَالْقَضَاءُ فِيهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي ذَلِكَ فَوْقَ الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عِنْدَ نُزُولِ ذَلِكَ انْتَهَى وَهَذَا فِي غَيْرِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَأَمَّا فِيهَا بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فَأَزْيَدُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَظَهَرَ الْفَرْقُ حَتَّى فِي الْأَقَارِبِ، وَمَا فِي ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ أَصْبَغَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ وَمَا مَعَهَا فِي الشُّرَكَاءِ بِالْمِيرَاثِ، وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ نَظِيرَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْرِيرُ الشَّيْخِ سَالِمٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك ثُمَّ إنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي الْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فِي الْأُصُولِ لَا بُدَّ مِنْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ إذْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاعْتِمَارُ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْإِجَارَةُ فِي الْعَبِيدِ) أَيْ إجَارَةُ الْحَائِزِ، وَقَوْلُهُ: وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَبِيدِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي خُصُوصِ الْإِجَارَةِ وَلَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَكُونُ هُوَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي الْعَقَارِ وَالنُّحَاسِ لَا فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ فَلَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِيَازَةُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُدَّةَ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُ السُّكْنَى فِي الدُّورِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْحِيَازَةِ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ بِالسُّكْنَى فِي الدُّورِ وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأَرْضِ عَشْرُ سِنِينَ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ أَعْوَامٍ (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرَ الشَّرِيكِ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَنْ الشَّرِيكِ فَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِتَقْرِيرِ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي عج شَرِيكًا أَوْ لَا وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا يُفِيدُ قُوَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ الزِّيَادَةُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) هَذَا تَقْرِيرٌ آخَرُ لِلَّقَانِيِّ مُغَايِرٌ لِلتَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: ثَلَاثُ سِنِينَ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي فِي النَّقْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهِ إثْرَ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَوْكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ بَعْدَ حِفْظِ الدِّينِ وَهِيَ حِفْظُ النُّفُوسِ فَفِي الصَّحِيحِ «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» وَلِهَذَا يَنْبَغِي التَّهَمُّمُ بِشَأْنِهَا وَكَذَا فِي الدُّنْيَا وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ اشْتَرَكَ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَحَدِيثُ أَوَّلُ مَا يُقْضَى الْمُتَقَدِّمُ لَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ «أَوَّلُ مَا يُنْظَرُ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الْعِبَادِ الصَّلَاةُ» لِأَنَّ هَذَا فِي خَاصَّةِ أَعْمَالِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ وَذَاكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَكِنْ اُنْظُرْ أَيَّهُمَا يُقَدَّمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْقَضَاءُ فِي الدِّمَاءِ وَلَمَّا كَانَتْ أَرْكَانُ الْجِنَايَةِ ثَلَاثَةً الْجَانِيَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَالْجِنَايَةَ وَلِكُلٍّ مِنْهَا شُرُوطٌ ذَكَرَ جَمِيعَهَا وَبَدَأَ بِالرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (ص)   [حاشية العدوي] [بَابٌ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (بَابُ الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ) (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْظُرَ) أَيْ الْقَاضِي أَيْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي فَرْعُ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْبَابِ أَيْ أَحْكَامِهِ أَوَّلًا أَيْ كُلَّ يَوْمٍ أَيْ فَحِينَ يَجْلِسُ كُلَّ يَوْمٍ يَنْظُرُ أَوَّلًا إلَى الْحُكْمِ فِي الدَّعَاوَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَوْكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَوْكَدِ الضَّرُورِيَّاتِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ أَوْكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ (قَوْلُهُ فَفِي الصَّحِيحِ) دَلِيلٌ لِكَوْنِ مَا ذُكِرَ آكَدَ الضَّرُورِيَّاتِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَوَّلِيَّةِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي التَّهَمُّمُ بِشَأْنِهَا) أَيْ شَأْنِ أَحْكَامِهَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا فِي الدُّنْيَا أَيْ أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا فِي الدِّمَاءِ ثُمَّ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي قَوْلِهِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ أَوَّلًا أَيْ أَوَّلَ جُلُوسِهِ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَفِي الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ) كَأَنْ يَنْطِقَ بِالْأَلِفِ وَالْقَافِ مِنْ اُقْتُلْ (قَوْلُهُ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) أَيْ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَيْ مَعَ السَّابِقِينَ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ فَإِنْ قُلْت إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ هُنَاكَ إيَاسٌ بَلْ هُوَ مُعَرَّضٌ لِلْعَفْوِ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي الِالْتِفَاتُ إلَى الظَّاهِرِ لِأَجْلِ الزَّجْرِ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إلَخْ (قَوْلُهُ الْجِنَايَةِ إلَخْ) لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حَقِيقَةِ الْجِنَايَةِ ذَاتِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ مَرْزُوقٍ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْجِنَايَةِ اصْطِلَاحًا فَهِيَ إتْلَافُ مُكَلَّفٍ غَيْرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 2 إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَإِنْ رَقَّ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ إلَّا لِغِيلَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَوْ رَقِيقًا فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا وَخَطَأَهُمَا سَوَاءٌ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَوْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ كَالْمَجُوسِيِّ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَاتِلِ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ وَالْحَرْبِيُّ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لَهَا وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ إذَا جَنَى فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَعَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْجَانِي الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ زَائِدًا فِي الْحُرِّيَّةِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ حِينَ الْقَتْلِ أَمَّا إنْ كَانَ زَائِدًا فِيمَا ذُكِرَ حِينَ الْقَتْلِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَتَلَ الْحَرُّ الْمُسْلِمُ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ حُرًّا كَافِرًا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ يُقْتَلُ بِهِ وَلَا تُوَازِي حُرِّيَّةُ الْكَافِرِ حُرْمَةَ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْغِيلَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ يُقْتَلُ الْحَرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقَتْلَ فِي الْغِيلَةِ لِلْفَسَادِ لَا لِلْقِصَاصِ وَلِهَذَا لَوْ عَفَا وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْقِصَاصِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ (ص) مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ (ش) هَذَا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ أَتْلَفَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْجَانِي التَّكْلِيفُ وَكَوْنُهُ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَشَارَ إلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَفْسًا أَوْ جُرْحًا أَوْ طَرَفًا فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا إلَى حِينِ التَّلَفِ فِي النَّفْسِ وَإِلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ فَيُعْتَبَرُ فِي النَّفْسِ الْعِصْمَةُ مِنْ حِينِ الضَّرْبِ إلَى حِينِ الْمَوْتِ وَفِي الْجُرْحِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ   [حاشية العدوي] حَرْبِيٍّ نَفْسَ إنْسَانٍ مَعْصُومٍ أَوْ عُضْوَهُ أَوْ اتِّصَالًا بِجِسْمِهِ أَوْ مَعْنًى قَائِمًا بِهِ أَوْ جَنِينَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِتَحْقِيقٍ أَوْ تُهْمَةٍ انْتَهَى فَإِتْلَافُ مُكَلَّفٍ جِنْسٌ وَغَيْرِ حَرْبِيٍّ: يُخْرِجُ الْحَرْبِيَّ إذْ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا اكْتَسَبَهُ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا وَنَفْسَ إنْسَانٍ وَمَا بَعْدَهُ يُخْرِجُ إتْلَافَ الْمَالِ وَالْجِنَايَةَ عَلَى الْعِرْضِ فَلَيْسَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِضَافَةُ نَفْسٍ لِلْإِنْسَانِ يُخْرِجُ إتْلَافَ نَفْسِ غَيْرِهِ وَيُدْخِلُ نَفْسَ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَمَعْصُومٍ: يُخْرِجُ الْحَرْبِيَّ وَمَنْ وَجَبَ قَتْلُهُ بِمُوجِبٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِتْلَافُ الِاتِّصَالِ بِالْجِسْمِ كِنَايَةٌ عَنْ الْجُرْحِ وَالْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْجِسْمِ كَالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي وَضَمِيرُ جَنِينِهِ يَعُودُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَعَمْدًا أَوْ خَطَأً مَنْصُوبَانِ بِإِتْلَافِ وَبِتَحْقِيقٍ: مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَذُكِرَ تَوْطِئَةً لِعَطْفِ أَوْ تُهْمَةٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهَا اللَّوْثُ الْمُوجِبُ لِثُبُوتِ الدَّمِ مَعَ الْقَسَامَةِ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مِنْ أَرْكَانِ الْجِنَايَةِ الْجِنَايَةَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ رُكْنَ نَفْسِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْجِنَايَةَ ذَاتَ الْأَرْكَانِ هِيَ الْإِتْلَافُ الْمُقَيَّدُ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ وَالْجِنَايَةَ الَّتِي أَخَذَتْ رُكْنًا هِيَ الْإِتْلَافُ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا إيرَادَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إنْ أَتْلَفَ) أَيْ عَمْدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَيْنًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَيُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدِّيَةِ فِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ رَقَّ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْحُرِّ لِشَرَفِ الْحُرِّ أَوْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ وَفِعْلُ «الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» أَيْ: هَدَرٌ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ لِأَنَّهَا تَأْتِي مِنْ النَّكِرَةِ عَلَى قِلَّةٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «وَصَلَّى وَرَاءَهُ رِجَالٌ قِيَامًا» وَقَوْلُهُ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَنْقَصَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ زَائِدَ حُرِّيَّةٍ عَطْفُهُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَ " لَا " مُؤَكِّدَةٌ وَالرَّفْعُ بِعَطْفِ لَا عَلَى غَيْرُ لِأَنَّهَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرُ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَلَا زَائِدَ إسْلَامٍ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَنْقَصَ وَقَوْلُهُ حِينَ الْقَتْلِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ مُكَلَّفٍ حِينَ الْقَتْلِ وَإِنْ رَقَّ حِينَ الْقَتْلِ غَيْرَ حَرْبِيٍّ حِينَ الْقَتْلِ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ أَيْ وَسَبَبُهُ وَهُوَ الرَّمْيُ مَثَلًا (قَوْلُهُ إلَّا لِغِيلَةٍ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ الْقَتْلُ فِيهِ لِلْقِصَاصِ وَهُنَا لِلْفَسَادِ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ) وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا الْكِتَابِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ إذَا جَنَى فِي حَالِ إفَاقَتِهِ) أَيْ ثُمَّ جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ حَالَ الْجُنُونِ بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ رُجِيَتْ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمَ حَاكِمِ يَرَى السُّقُوطَ وَأَمَّا إذَا قَتَلَ حَالَ جُنُونِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَرِيبًا أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ فَقِيلَ هَدَرٌ وَقِيلَ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ هَلْ قَتَلَ حَالَ الْجُنُونِ أَوْ حَالَ الْإِفَاقَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَلْزَمُهُ قِصَاصٌ وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَازِمَةٌ وَهَلْ لَهُ أَوْ لِعَاقِلَتِهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ وَلَا يَجْرِي هُنَا الْقَوْلُ بِسُقُوطِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَتَلَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا رَمَى مُسْلِمٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ وَمَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الرَّامِي لِأَنَّهُ حِينَ الرَّمْيِ كَانَ كَافِرًا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْغِيلَةِ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْقَتْلُ لِأَجْلِ الْمَالِ وَفِي مَعْنَاهُ الْحِرَابَةُ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يُقْتَلُ لِلْحِرَابَةِ وَلَا يَسْقُطُ حَدُّهَا إلَّا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ نَعَمْ إذَا أَتَى الْإِمَامَ طَائِعًا أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ عَفْوُهُ وَأَمَّا قَبْلَ حُصُولِ أَحَدِهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ عَفْوُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 3 أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَالَيْنِ مَعًا حَالَةِ الرَّمْيِ وَحَالَةِ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَحَالَةِ الضَّرْبِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ وَهَذَا فِي الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ الْقَوَدُ وَأَمَّا الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ فَتَعَرَّضَ لَهُمَا فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْحَالَانِ مَعًا فَإِذَا رَمَى كَافِرٌ مُرْتَدًّا وَقَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ أَسْلَمَ اُعْتُبِرَ حَالُ الرَّمْيِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ إنْ مَاتَ وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَزَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ لِمُرَاعَاةِ حَالَةِ الْجُرْحِ فَقَوْلُهُ مَعْصُومًا صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالطَّرَفَ وَالْجُرْحَ وَلَا يَشْمَلُ الْمَالَ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلَا تَقِدْ شَخْصًا وَلَا آدَمِيًّا وَلَا عُضْوًا وَقَوْلُهُ لِلتَّلَفِ مُتَعَلِّقٌ بِ مَعْصُومًا وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ أَيْ مُنْتَهِيَةٌ عِصْمَتُهُ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ لَا بِمَعْنَى عِنْدَ وَعَلَى جَعْلِهَا لِلْغَايَةِ يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَبْدَأُ لِأَنَّ كُلَّ غَايَةٍ لَهَا مَبْدَأٌ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَكُونُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (بِإِيمَانٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (أَوْ أَمَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ جِزْيَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] (ص) كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ مَعْصُومًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاتِلَ دَمُهُ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّ دَمِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ دَمِهِ فَلَا عِصْمَةَ لَكِنْ إذَا قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ أَيْ الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَإِلَّا فَلَا أَدَبَ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَقَوْلُهُ (وَأُدِّبَ) رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا مِنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَا قِصَاصَ وَأُدِّبَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْتَحَقُّ أُدِّبَ (ص) كَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ أَحْصَنَ وَيَدِ سَارِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ وَعَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ قَتَلَهُ قَبْلَ فَوَاتِ زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَسْلَمَ) أَيْ الْمُرْتَدُّ وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ أَيْ الْمُرْتَدُّ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا حِينَ الرَّمْيِ وَلَوْ رَمَى حُرٌّ مُسْلِمٌ مِثْلَهُ بِسَهْمٍ فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِصَابَةِ لَمْ تَسْتَمِرَّ الْعِصْمَةُ وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى مَا أَحَلَّ دَمَهُ وَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ فَمَاتَ مُرْتَدًّا أَوْ قُتِلَ لَثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي قَطْعِ الْيَدِ فَقَطْ لَا النَّفْسِ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ السَّبَبِ وَلَا حِينَ الْمُسَبَّبِ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ الْمُسَبَّبِ فَقَطْ وَالْحُكْمُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ فِيهِمَا الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ وَبَيْنَهُمَا وَالْحُكْمُ فِي هَذَا أَنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي زَائِدًا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجَانِي حَيْثُ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا مِنْ النَّاقِصِ عَنْهُ فِيهِ الْقِسْمِ الرَّابِعِ عَكْسُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ السَّبَبِ ثُمَّ تَحْصُلُ الْعِصْمَةُ حِينَ الْمُسَبَّبِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَبْدَأُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ خُصُوصُ الْمَبْدَأِ بَلْ يُعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مَبْدَأً (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) أَيْ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَتْ كَأَنَّهَا عَلَمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ فِي الْمُصَنِّفِ الْإِسْلَامُ لَا الْإِيمَانُ الْبَاطِنِيُّ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ بِإِيمَانٍ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مَعَ الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَأَطْلَقَ الْإِيمَانَ وَأَرَادَ بِهِ الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ أَوْ جِزْيَةٍ) وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَاطِعَ وَنَحْوَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ لِافْتِيَاتِهِ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ الِافْتِيَاتَ فَلَا أَدَبَ إذَا أَسْلَمَهُ الْإِمَامُ كَمَا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْتُلُهُ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَلَوْ غِيلَةً وَلَكِنْ يُرَاعَى فِيهِ أَمْنُهُ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً وَقَوْلًا لَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ أَيْ فِي نَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَزَانٍ أَحْصَنَ) لَا غَيْرَ مُحْصَنٍ فَيُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَجَدْته مَعَ زَوْجَتِي وَثَبَتَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةٍ يَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ لِعُذْرِ الْغِيرَةِ وَعَلَى قَاتِلِهِ دِيَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ قُتِلَ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ فَلَا يُقْتَلُ لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ وَانْظُرْ إقْرَارَهُ بِزِنَاهُ بِهَا وَكَذَلِكَ قَتْلَهُ بِهَا عِنْدَ ثُبُوتِهِ بِأَرْبَعَةٍ فِي بِنْتِهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَالظَّاهِرُ لَا قِصَاصَ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَدِ سَارِقٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ إقْرَارِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَطْعِ وَكَذَا يَدُ قَاطِعِ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجِبُ قَطْعُهُ فَيُؤَدَّبُ الْقَاطِعُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَمَحَلُّ الْأَدَبِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا وَقَعَتْ عَمْدًا (قَوْلُهُ إذَا قَتَلَهُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ) وَكَذَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلُ لَأَمْكَنَ رُجُوعُهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَدِيَةُ الْمُرْتَدِّ فِي قَوْلٍ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفْسِهِ وَفِي جِرَاحِهِ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا مَا رَوَاهُ سَحْنُونَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ عَقْلَهُ عَقْلُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ وَثَانِيهِمَا مَا رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 4 وَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَكَذَلِكَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ إذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ قَاطِعُ يَدِ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْأَدَبِ أَيْ شَخْصٌ مُرْتَدٌّ وَشَخْصٌ زَانٍ وَشَخْصٌ سَارِقٌ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَلَوْ قَالَ وَعُضْوُ سَارِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَقَوْلُهُ (فَالْقَوَدُ عَيْنًا) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا جَنَى عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْقَوَدُ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ الدِّيَةَ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا أَوْ يَرْضَى الْجَانِي بِالدِّيَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَوَى أَشْهَبُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي وَقَالَ بِهِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ فَالْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ لَا الدِّيَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْعَفْوَ مَجَّانًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَالْقَوَدُ مُتَعَيَّنٌ لَا الْعَفْوُ لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يُقَابِلُ الْقَوَدَ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَجَزَاؤُهَا الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ لَا الْعَفْوُ (ص) وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك (ش) هَذَا فِي مَعْنَى الْغَايَةِ لِلْقَوَدِ أَيْ أَنَّ الْقِصَاصَ ثَابِتٌ وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ لِلْقَاتِلِ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك فَفَعَلَ فَإِنَّ الْقَاتِلَ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَيُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْنِي ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ أَمَّا إنْ قَالَ لَهُ إنْ قَطَعْت يَدَيَّ مَثَلًا فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ مَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْجُرْحُ لِلْمَوْتِ وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ أَوْ أَخْذُ الدِّيَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي أَوْ إنْ مِتُّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ (ص) وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا فَيَحْلِفَ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إذَا عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَفْوًا مُطْلَقًا أَيْ سَكَتَ فِيهِ عَنْ ذِكْرِ الدِّيَةِ فَإِنَّ الْعَفْوَ يَلْزَمُهُ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا عَفَوْت لِأَجْلِ الدِّيَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ حَالِهِ وَمِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ إنْ امْتَنَعَ الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُطِلْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّهُ لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْكَذِبِ وَالِاتِّهَامِ وَلَا يَحْتَاجُ لِهَذَا الْقَيْدِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا وَمَعَ الطُّولِ لَمْ تَظْهَرْ إرَادَتُهَا (ص) كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِثْلَهُ فَعَفَا وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا عَفَوْت عَنْهُ لِآخُذَهُ أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ أَوْ آخُذَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوْ آخُذَ الدِّيَةَ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا، وَتَكُونُ مُنَجَّمَةً كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَلِيُّ الدَّمِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي بَيْنَ دَفْعِهِ الْعَبْدَ أَوْ دَفْعِ قِيمَتِهِ أَوْ دَفْعِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ إنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَفْعِ دِيَتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَهَلْ يَدْفَعُهَا مُنَجَّمَةً كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا فِيهِمَا تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَوْ يَدْفَعُهَا حَالَّةً قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ الشَّارِحُ (ص) وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمٍ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ أَوْ قَطْعِ يَدِ الْقَاطِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَعَدَا عَلَيْهِ مُكَلَّفٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّ دَمَ هَذَا الْقَاتِلِ يَسْتَحِقُّهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا فَعَدَا عَلَى الْقَاطِعِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ فَإِنَّ الْمَقْطُوعَ يَدُهُ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ قَطْعَ يَدِ الْقَاطِعِ إنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ فَقَوْلُهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسٍ) أَيْ وَهِيَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ (قَوْلُهُ أَيْ فَالْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً فَلِذَا قَدَّرَهُ بِمَا تَرَى وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَيْنًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ الْخَبَرِ وَلَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ قَوْلُهُ عَيْنًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ فَيَجِبُ عَيْنُ الْقَوَدِ أَوْ عَنْ الْمُبْتَدَأِ أَيْ فَعَيْنُ الْقَوَدِ وَاجِبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ انْتَهَى (أَقُولُ) أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَجِبُ الْوَاقِعِ خَبَرًا وَالْمَعْنَى فَالْقَوَدُ يَجِبُ فِي حَالِ كَوْنِهِ عَيْنًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَيْ مِنْ الْمُجَازَاةِ وَقَوْلُهُ وَجَزَاؤُهَا أَيْ مُقَابِلُهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ) أَيْ بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا يُقْتَلُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَإِنْ رَجَعَ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ فَيُقْطَعُ الْقَاطِعُ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَك كَذَا أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَتَلَهُ فَيُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَكَذَا يُضْرَبُ السَّيِّدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَقَوْلِهِ احْرِقْ ثَوْبِي أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ لَهُ مُودَعًا بِالْفَتْحِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ لِأَنَّهُ فِي حِفْظِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ لِشَخْصٍ إنْ قَتَلْت مَنْ فِي وِلَايَتِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَيْسَ لَهُ تَسْلِيطٌ عَلَى النَّفْسِ (قَوْلُهُ لِعَافٍ مُطْلِقٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ عَفْوًا مُطْلَقًا) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ مُطْلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ صِفَةٌ لِعَفْوٍ وَإِنْ كَانَ يُقْرَأُ فِي الْمُصَنِّفِ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ حَالِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْحَالُ فَقِيرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُطِلْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْعَفْوِ الْحَالُ فَقِيرٌ وَأَمَّا إنْ طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْعَفْوِ وَقَالَ الْحَالُ فَقِيرٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ غَيْرُ نَاظِرٍ فِيهِ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 أَوْ قَطَعَ فِيهِ مَعْطُوفٌ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ عُضْوٌ وَقَرِينَتُهُ دَمٌ وَالدَّمُ فِي النَّفْسِ وَالْعُضْوُ الْمَعْطُوفُ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ أَيْ أَوْ عُضْوُ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ وَالْوَلِيُّ فِي الْقَتْلِ أَجْنَبِيٌّ وَفِي الْقَطْعِ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ (كَدِيَةِ خَطَأٍ) تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَنَى خَطَأً عَلَى مَنْ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ قَطَعَ عُضْوًا عَمْدًا فَإِنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ دِيَةَ الْمَقْتُولِ ثَانِيًا خَطَأً وَأَنَّ الْمَقْطُوعَ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ دِيَةَ يَدِ الْمَقْطُوعِ ثَانِيًا خَطَأً فَقَوْلُهُ كَدِيَةِ خَطَأٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ (ص) فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي فَلَهُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ حَصَلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا الرِّضَا مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ثَانِيًا فَلَهُ أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الثَّانِي إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ فَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ الْمَقْتُولُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَقْصٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَلِوَلِيِّ الثَّانِي الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ وَأَمَّا تَخْيِيرُ وَلِيِّ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّخْيِيرِ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ (ص) وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ لَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيُّ الدَّمِ فَقَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ عَمْدًا سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَلِيَّ الدَّمِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ إلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ يَقْتُلُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْقَاتِلِ مَعْصُومَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ يَدُهُ أَيْ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ لَهُ مُبَالَغَتَانِ فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ وَمِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ (ص) وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَدْنَى يُقْتَلُ بِالْأَعْلَى مِثَالُهُ حُرٌّ كِتَابِيٌّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَدْنَى وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَعْلَى إذْ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ لَا تُوَازِيهَا حُرِّيَّةُ الْكَافِرِ وَأَمَّا الْعَكْسُ فَلَا قِصَاصَ كَمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ حُرًّا كِتَابِيًّا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَمَا مَرَّ (ص) وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ (ش) الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسُ وَعُبَّادُ النَّارِ وَعُبَّادُ الْأَوْثَانِ وَغَيْرُهُمْ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ فِي الدِّينِ وَمُؤَمَّنٌ اسْمُ مَفْعُولٍ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِشُمُولِ الْكَافِرِ لِمَا ذُكِرَ (ص) كَذَوِي الرِّقِّ (ش) أَيْ فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ بِالْحُرِّيَّةِ (ص) وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَقَرِينَتُهُ دَمٌ) لِأَنَّ الدَّمَ وَقَعَ مُسْتَحَقًّا وَالْمُقَابِلُ لِلْمُسْتَحَقِّ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لَا يَكُونُ إلَّا عُضْوًا وَقَوْلُهُ وَالْعُضْوُ الْمَعْطُوفُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمَعْطُوفَ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَفِي قَطْعِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ لَا يَخْفَى مَا فِي تَسْمِيَتِهِ وَلِيًّا مِنْ الْمُسَامَحَةِ وَغَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَجَازِ بِالْحَذْفِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَجَازًا خَالِصًا بَلْ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ رَأْيٌ مِنْ أَنَّ فِيهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ أَوْ مَقْطُوعٌ دَمَ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ أَوْ يَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ اهـ. وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ أَفْيَدُ وَنَصُّهُ فَإِنْ أَرْضَاهُ أَيْ أَرْضَى وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَأَمْرُ الْقَاتِلِ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ دَمَ مَنْ قُتِلَ وَعَلَى قَوْلِهِ كَدِيَةِ خَطَأٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّخْيِيرِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الَّذِي قَتَلَ الْقَاتِلَ وَلَوْ بَذَلَ لَهُ وَلِيُّ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى اخْتِيَارِ وَلِيِّ الْأَوَّلِ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَا بَذَلَ لَهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي أَنْ يَدْفَعُوا الدِّيَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَيَقْتُلُوهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَفَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى إجْبَارِ أَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى قَبُولِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَرْضَاهُ أَيْ أَرْضَى وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ وَلِيَّ الْقَاتِلِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَدَمُهُ لِوَلِيِّ الْقَاتِلِ الثَّانِي إنْ شَاءَ اقْتَصَّ أَوْ عَفَا انْتَهَى أَيْ فَصَوَابُهُ الْمَقْتُولُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَكَلَامُ تت فِيهِ نَقْصٌ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الَّذِي فِي تت إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ إنَّمَا هُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ أَيْ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ) أَيْ فَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخَاصَّ وَهُوَ الْيَدُ وَأَرَادَ الْعَامَّ وَهُوَ مُطْلَقُ طَرَفٍ (قَوْلُهُ وَالْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ لَا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ فَالْمِلَلُ فِيهَا ثَلَاثٌ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَا عَدَاهُمَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّينَ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَقَوْلُهُ وَالْمَجُوسُ أَيْ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْإِلَهَ اثْنَانِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ " مُؤَمَّنٌ " مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُحْتَوٍ عَلَى عَطْفٍ عَامٍّ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ عَلَى خَاصٍّ وَهُوَ كِتَابِيٌّ وَمَجُوسِيٌّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ كُلٌّ مِنْهُمَا دَاخِلٌ تَحْتَ أَمَانِنَا فَهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْمُؤَمَّنِ وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَا قَالَ لَا يَدْخُلَانِ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ فِيهِ تَحْتَ ذِمَّتِنَا مِنْ يَهُودِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ مِمَّنْ تَوَلَّدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ لِشُمُولِ الْكَافِرِ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ كَافِرٍ بَلْ مُرَادُهُ كَافِرٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 6 (ش) ضِدُّ الذَّكَرِ الْأُنْثَى وَضِدُّ الصَّحِيحِ السَّقِيمُ فَيُقْتَصُّ لِلْأُنْثَى مِنْ الذَّكَرِ وَبِالْعَكْسِ وَيُقْتَصُّ لِلْمَرِيضِ مِنْ الصَّحِيحِ وَبِالْعَكْسِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ذَوِي الرِّقِّ أَيْ وَكَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا فِي أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِبَعْضِهِمْ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى الْأَدْنَى (ص) وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَثَبَتَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فِيهِمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَسَامَةٍ فِي الْحُرِّ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ يُقِيمَ عَدْلًا بِالْقَتْلِ وَيَقْسِمَ أَوْلِيَاؤُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَسْتَحْيِيَهُ وَإِنَّمَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ لِأَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُ كُفْءٍ فَإِنْ قَتَلَهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ اسْتَحْيَاهُ فَإِنَّ سَيِّدَهُ يُخَيَّرُ رِفْقًا بِهِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ يَفْدِيَهُ بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْقَسَامَةَ بِكَوْنِ الْمَقْتُولِ حُرًّا لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَسَامَةَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومُ بِقَسَامَةٍ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ اسْتِحْيَاؤُهُ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ يُجْهَلُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْعَمْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيُخَيَّرُ فِي الدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا ذِمِّيًّا خُيِّرَ أَيْضًا سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِدِيَةِ الذِّمِّيِّ وَإِسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِوَلِيِّ الدَّمِ إذْ لَا يَبْقَى مُسْلِمٌ فِي مِلْكِ كَافِرٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَيْنًا (ص) إنْ قَصَدَ ضَرْبًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَتَارَةً يَكُونُ بِالتَّسَبُّبِ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ أَنْ يَقْصِدَ الْقَاتِلُ الضَّرْبَ أَيْ يَقْصِدُ إيقَاعَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْقَتْلِ فِي غَيْرِ جِنَايَةِ الْأَصْلِ عَلَى فَرْعِهِ فَإِذَا قَصَدَ ضَرْبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ وَكَذَا إذَا قَصَدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ أَيْضًا وَلِذَا بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِقَضِيبٍ) وَدَلَّ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرْبَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَوْلُهُ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا أَيْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ وَسَوَاءٌ قَصَدَ الشَّخْصَ الْمَضْرُوبَ نَفْسَهُ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ شَخْصًا عُدْوَانًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ الْخَطَأِ ضَعِيفٌ وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهُ فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَهُوَ خَطَأٌ بِشَرْطِ ضَرْبِ اللَّعِبِ أَوْ الْأَدَبِ وَقَوْلُنَا فِي غَيْرِ جِنَايَةِ الْأَصْلِ إلَخْ مُخْرِجٌ لِجِنَايَةِ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنْ قَصَدَ ضَرْبَهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِقَتْلِهِ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي إخْرَاجِ الْوَلَدِ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ إلَّا إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ كَمَا يَأْتِي (ص) كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ أَوْ مُثَقَّلٍ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ لَا مِثَالٌ لِأَنَّ مَنْعَ الطَّعَامِ لَيْسَ بِفِعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا خَنَقَ إنْسَانًا أَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَاصِدًا قَتْلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ بِمُثَقَّلٍ كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ (ص) وَلَا قَسَامَةَ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا ضَرَبَ شَخْصًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَأَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ حِينِ الضَّرْبِ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ وَلَوْ أَجْهَزَ شَخْصٌ عَلَى مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ الْأَوَّلِ وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَعَلَى الثَّانِي الْعُقُوبَةُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ (ص) وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ عَدَاوَةً   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيُقْتَصُّ لِلْمَرِيضِ مِنْ الصَّحِيحِ) أَيْ وَيُقْتَلُ كَامِلُ الْأَعْضَاءِ بِنَاقِصِهَا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ النَّفْسِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ أَيْ وَقُتِلَ ذَكَرٌ وَصَحِيحٌ إلَخْ أَيْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي عج وَتَبِعَهُ عب مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ أَوْ فِدَاؤُهُ أَيْ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُوَافِقُ مَا فِي عج مِنْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ التَّخْيِيرِ أَنْ يُعْطَى قِيمَةَ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا ذِمِّيًّا إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ فَيُبَاعُ لِوَلِيِّ الدَّمِ) أَيْ وَلَهُ مَا زَادَ لَا لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقْصِدَ الْقَاتِلُ الضَّرْبَ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَأَمَّا لِمُجَرَّدِ الْغَضَبِ فَلَا كَذَا يُفِيدُهُ عج وَتَبِعَهُ شب وَفِي عب وَفَعَلَ ذَلِكَ لِغَضَبٍ أَوْ عَدَاوَةٍ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ اهـ. فَجَعَلَ قَصْدَ الْغَضَبِ مِثْلَ الْعَدَاوَةِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ ضَرْبِ اللَّعِبِ أَوْ الْأَدَبِ) أَيْ وَلَكِنْ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِآلَةٍ أَدَبَ لَا إنْ كَانَ بِآلَةٍ لَا يُضْرَبُ بِهَا لِلْأَدَبِ كَلَوْحٍ وَحَجَرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّعِبَ مِنْ الْخَطَأِ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ) أَيْ أَوْ ذَبَحَ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ قَصْدِ قَتْلِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْآلَةَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَوْ مُثَقَّلٍ) الْمُثَقَّلُ مَا قَابَلَ الْمُحَدَّدَ وَهُوَ مَا يُقْتَلُ بِهِ الشَّخْصُ بِالرَّضِّ أَيْ بِكَسْرِ الْعَظْمِ وَتَهْشِيمِ اللَّحْمِ وَالْمُحَدَّدُ مَالَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ بِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ حَجَرٍ لَهُ حَدٌّ أَوْ خَشَبَةٍ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ مَعْرُوفًا بِقَتْلِ النَّاسِ كَالْمَنْجَنِيقِ وَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ لَا فِي ضَرْبٍ بِقَضِيبٍ كَالْمُسَمَّى بِكُرْبَاجٍ وَظَاهِرُهُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ وَيَرِثُ وَيُورَثُ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ أَخُوهُ قَبْلَ زُهُوقِ رُوحِهِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَقَوْلُهُ وَيُورَثُ أَيْ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَخٌ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ وَرِثَهُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ إلَخْ) أَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ فَقَالَ وَلَوْ أَجْهَزَ شَخْصٌ عَلَى مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ مِنْ غَيْرِهِ فَقِيلَ يُقْتَلُ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَالثَّانِي يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَالثَّالِثُ يُقْتَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَيَرِثُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 وَإِلَّا فَدِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَرَحَ شَخْصًا فِي نَهْرٍ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَلَا قَسَامَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الطَّارِحُ أَنَّ الْمَطْرُوحَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرْحُ عَدَاوَةً بَلْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَشَبَهِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ كَانَ يُحْسِنُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَوْ اللَّعِبِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَهُ عَلَيْهِ دِيَةٌ مُخَمَّسَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا لَا مُغَلَّظَةً كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ (ص) وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ وَضْعِ مَزْلَقٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تُقُدِّمَ لِصَاحِبِهِ إنْذَارٌ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالْمُبَاشَرَةِ شَرَعَ الْآنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالسَّبَبِ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِتْلَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ كَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ حَفَرَهَا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ كَبَيْتِهِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرَرَ كَهَلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ فِيهَا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِيهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا أَمَّا إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ فِي بَيْتِهِ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ فَهَلَكَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ هُوَ هَدَرٌ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ وَضَعَ مَا يُزْلِقُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ كَقُشُورِ بِطِّيخٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ وَأَمَّا إنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَقَصَدَ الْأَذِيَّةَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا وَقَدْ أُنْذِرَ عَنْ اتِّخَاذِهِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ فَقَوْلُهُ (قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَالدِّيَةُ) شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَيُهْلِكَ غَيْرَهُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَقْصِدَ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَمَفْهُومُ قَصْدِ الضَّرَرِ   [حاشية العدوي] وَيُورَثُ وَهُوَ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَلَا يَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا الْأَدَبُ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُوصِي بِمَا شَاءَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ أَيْ الَّذِي يَقُولُ يُقْتَلُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قِيلَ يُقْتَلَانِ بِهِ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا قَدْ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يُقْتَصُّ حَيْثُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا عَدَمِهِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَإِنَّمَا كَانَ يُقْتَلُ حَيْثُ طَرَحَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ لِأَنَّهُ إنَّمَا طَرَحَهُ حَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ وَكَذَا إذَا طَرَحَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَأَمَّا إذَا طَرَحَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِهِ فَلَا (قَوْلُهُ كَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْفِرْهَا بِهَا لِلْمَطَرِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إنْ حَظَرَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِحَفْرِهَا ضَرَرًا فَإِنْ حَفَرَهَا فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ كَالطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الطَّرِيقِ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَفَرَهَا بِقَصْدِ الضَّرَرِ وَلَوْ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِيهَا وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ سَارِقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ فِيهَا غَيْرُ آدَمِيٍّ فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ ضَمِنَ دِيَتَهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ حَفَرَهَا لِمَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ كَحَفْرِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ حَائِطِهِ لِكَسَبْعٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِيهَا مِنْ آدَمِيٍّ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا حَوْلَ زَرْعِهِ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ تُفْسِدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ ضَمِنَ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ مَا يُزْلِقُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ كَرَشٍّ وَوَضْعِ قِشْرِ بِطِّيخٍ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الضَّرَرَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ إتْلَافَ آدَمِيٍّ بِعَيْنِهِ مُحْتَرَمٍ وَتَلِفَ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ تَلِفَ غَيْرُهُ أَوْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ سَارِقٍ لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لِإِتْلَافِ مَا لَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ وَتَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ وَإِنْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ مَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا تُلْفِ بِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ إهْلَاكَ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ وَهَلَكَ بِذَلِكَ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ كَدَابَّةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ ضَرَرًا أَصْلًا فَإِنْ اتَّخَذَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَرْبِطًا لَهُ ضَمِنَ وَانْظُرْ مَنْ اتَّخَذَ دَابَّةً مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ بِبَيْتِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهَا مَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْعَدَاءِ الَّذِي عُرِفَتْ بِهِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا) لَا يَخْتَصُّ بِالْكَلْبِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ حَيَوَانٍ مُؤْذٍ مُتَّخَذٍ وَالْجِدَارُ الْمَائِلُ وَالْعَقُورُ مَا يَعْقِرُ وَيُؤْذِي بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعُقْرِ وَهُوَ الْجُرْحُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ هَذَا مِنْ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَنْذَرَ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تُقُدِّمَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ تَقَدَّمَ الْإِنْذَارُ فِيهِ وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ اتَّخَذَهُ لِإِهْلَاكِ مُعَيَّنٍ مُحْتَرَمٍ وَأَهْلَكَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ وَمَا يُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَقُورًا أَمْ لَا أُنْذِرَ صَاحِبُهُ أَمْ لَا وَإِنْ أَهْلَكَ غَيْرَهُ ضَمِنَهُ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِإِهْلَاكِ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ وَأَهْلَكَ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا ضَمِنَ دِيَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ عَقُورًا أَمْ لَا اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا وَإِنْ أَهْلَكَ غَيْرَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ لِإِهْلَاكِ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَقُورِ فَلَا ضَمَانَ اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعَجْمَاءِ الَّتِي فِعْلُهَا جُبَارٌ أَيْ: هَدَرٌ وَإِنْ كَانَ عَقُورًا فَإِنْ اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ كَمَا إذَا اتَّخَذَهُ لِحِرَاسَةِ الدَّارِ ضَمِنَ إنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْ إنْ كَانَ الْهَالِكُ حُرًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ غَيْرَهُ وَلَوْ قَالَ فَالضَّمَانُ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةً (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْقَتْلِ الْإِكْرَاهَ وَهُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِتَسَبُّبِهِ وَالْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِمُبَاشَرَتِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ خَوْفَ قَتْلِهِ فَكَلَامُهُ مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ الْآتِي وَمِنْ أَسْبَابِهِ مَنْ قَدَّمَ لِشَخْصٍ طَعَامًا أَوْ لِبَاسًا مَسْمُومًا فَقُتِلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُقَدِّمُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْآكِلُ بِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْآكِلُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ وَمِنْ أَسْبَابِهِ مَنْ رَمَى حَيَّةً حَيَّةً عَلَى شَخْصٍ فَقَتَلَتْهُ بِلَدْغَتِهَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُهُ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَالدِّيَةُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ (ص) وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ وَإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأٌ وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَشَارَ عَلَيْهِ بِسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ عَصًا لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ فَتَبِعَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ قَائِمٌ بِأَنْ اسْتَنَدَ إلَى حَائِطٍ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَوْ سَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ أَيْضًا لَكِنْ بِقَسَامَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ السَّقْطَةِ فَيَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بَتًّا أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةُ خَطَأٍ مُخَمَّسَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ مَسَكَ غَيْرَهُ لِشَخْصٍ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ لِتَسَبُّبِهِ وَيُقْتَلُ الْآخَرُ أَيْضًا لِمُبَاشَرَتِهِ وَلَوْ مَسَكَهُ لِشَخْصٍ لِيَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنَّ الضَّارِبَ يُقْتَلُ بِهِ وَأَمَّا الْمُمْسِكُ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَبِعِبَارَةٍ: اللَّامُ فِي لِلْقَتْلِ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ إلَّا بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يُمْسِكَهُ لِأَجْلِ الْقَتْلِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الطَّالِبَ إنَّمَا يُرِيدُ قَتْلَهُ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمُمْسِكُ مَا قَدَرَ   [حاشية العدوي] أُنْذِرَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ النَّاسَ وَإِنْ اتَّخَذَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ كَالزَّرْعِ وَالضَّرْعِ ضَمِنَ إنْ أُنْذِرَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَلَيْسَ مِثْلَ الْإِنْذَارِ هُنَا عِلْمُهُ أَنَّهُ يَعْقِرُ النَّاسَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ عِلْمَهُ بِعُقْرِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْإِنْذَارِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اتَّخَذَهُ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِعُقْرِهِ لِلنَّاسِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَالتَّقَدُّمُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْإِشْهَادُ وَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذُ كَلْبٍ عَقُورٍ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ قَيْدِ تَقَدُّمِ الْإِنْذَارِ لِأَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَهَذَا لَا قَيْدَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْقَيْدُ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِمَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَحِرَاسَةِ الزَّرْعِ وَالضَّرْعِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا اتَّخَذَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَالدُّورِ وَشِبْهِهِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ عَقُورٌ ضَمِنَ مَا أَصَابَ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ اتَّخَذَ لَهُ فِي دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ إنْ تَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ اهـ. نَصًّا بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَ الْكَلْبِ لِحِرَاسَةِ دَارِهِ أَوْ فُنْدُقِهِ مِنْ سَبِيلِ مَا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ زَرْعِهِ أَوْ ضَرْعِهِ فَيَجُوزُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ اتِّخَاذَهُ لِلدُّورِ وَالْفَنَادِقِ يَجُوزُ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ) أَقُولُ قَدْ بَيَّنَّاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَفَرَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ حَفْرُهُ فِيهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَأَمَّا إذَا حَفَرَهُ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهُ فِيهِ فَلَا دِيَةَ وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَصَدَ جِنْسَ السَّارِقِ فَهَلَكَ فِيهَا وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَإِنَّ دِيَةَ مَنْ هَلَكَ فِي مَالِ الْحَافِرِ وَإِنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ السُّرَّاقِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ) أَيْ إلَّا أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ) لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُكْرَهٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْمُقَدَّمُ عَالِمًا) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقَدِّمُهُ فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ لَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ قَالَ عج وَلَوْ وَضَعَ شَخْصٌ سُمًّا فِي طَعَامٍ وَقَدَّمَهُ لِضَيْفٍ فَعَلِمَ الضَّيْفُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ ثُمَّ قَدَّمَهُ لِرَبِّهِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ عَلَى الضَّيْفِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَالدِّيَةُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ بِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَهِيَ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ قَتَلَتْهُ وَطَرَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فَيُقْتَصُّ عَلَى أَنَّهَا تَقْتُلُ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ اُقْتُصَّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ أَوْ شَكَّ فَلَا يُقْتَلُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ لَدْغَتِهَا وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَلَا يُقْتَلُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا كَانَتْ حَيَّةً أَمْ لَا عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ أَمْ لَا هَذَا مُفَادُ الشَّارِحِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ وَكَانَتْ حَيَّةً وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا تَقْتُلُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ يَكُونُ خَطَأً وَالْمُرَادُ بِالْعَدَاوَةِ مَا يَشْمَلُ الْغَضَبَ لِمُقَابَلَتِهَا بِاللَّعِبِ قَالَهُ الْجِيزِيُّ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِقَسَامَةٍ) قَيَّدَ الدَّمِيرِيُّ هَذَا بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَأَمَّا عج فَنَظَرَ فَقَالَ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْعَدَاوَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ أَيْضًا أَوْ لَا وَقَالَ تِلْمِيذُهُ عب وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةٌ) وَمَوْضُوعُهُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُمْسِكَ لِأَجْلِ الْقَتْلِ) فَإِنْ أَمْسَكَهُ لِيَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ يَقْصِدُ قَتْلَهُ وَلَا رَأَى مَعَهُ سَيْفًا وَلَا رُمْحًا قُتِلَ الْمُبَاشِرُ وَحْدَهُ وَضُرِبَ الْآخَرُ أَشَدَّ الضَّرْبِ وَحُبِسَ سَنَةً (قَوْلُهُ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمُمْسِكُ مَا قَدَرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 عَلَى قَتْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّالَّ الَّذِي لَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا قُتِلَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ كَالْمُمْسِكِ لِلْقَتْلِ لِتَوَافُقِهِمَا مَعْنًى فَقَوْلُهُ وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى سَيْفٍ أَيْ وَمَاتَ وَهُوَ قَائِمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ سَقَطَ أَيْ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَمَفْهُومُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ أَنَّهُ يَكُونُ خَطَأً (ص) وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى كَمَا يَأْتِي وَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلَهُ وَأَمَّا لَوْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقْسَمُ فِي الْعَمْدِ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ لَهَا وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهِمْ وَاحِدًا (ص) وَالْمُتَمَالَئُونَ وَإِنْ بِسَوْطِ سَوْطٍ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُتَمَالِئَةَ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ يُقْتَلُونَ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبُوهُ بِآلَةٍ تَقْتُلُ كَالْيَدِ وَالسَّوْطِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَلِ الْقَتْلَ إلَّا وَاحِدٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِمْ أَعَانُوا كَمَا أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ يُقْتَلُ مَعَ الْمُبَاشِرِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهَا شَخْصٌ مُعَيَّنٌ فَوَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا فَرَدَّاهُ غَيْرُ الْحَافِرِ وَهَذَا لَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ لِأَنَّ ذَاكَ سَبَبٌ قَرِيبٌ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِإِمْسَاكِهِ وَلَوْلَا هُوَ مَا قُتِلَ وَهَذَا سَبَبٌ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ حَفَرَ الْبِئْرَ وَلَمْ يُبَاشِرْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرَتُّبِ الْقِصَاصِ عَلَى سَبَبٍ قَرِيبٍ تَرَتُّبُهُ عَلَى سَبَبٍ بَعِيدٍ فَلَا يُغْنِي ذَاكَ عَنْ هَذَا وَقَوْلُهُ (كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ جَمِيعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ فِي الْإِكْرَاهِ وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ تَشْبِيهًا بِالْمُتَسَبِّبِ لَا تَمْثِيلًا لِأَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ فِعْلُهُ اتَّصَلَ بِعَيْنِ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْمُكْرِهِ فَإِنَّ فِعْلَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُبَاشِرِ نَعَمْ هُوَ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُشَارِكٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَسَبِّبِ الْمُشَارِكُ ثُمَّ مَحَلُّ قَتْلِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا لَمْ يَكُنْ أَبًا فَإِنْ كَانَ أَبًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ لَهُ (ص) وَكَأَبٍ أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا أَمَرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّ الْأَبَ يُقْتَلُ بِهِ دُونَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا لَقُتِلَ وَحْدَهُ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَيُعَاقَبُ الْأَبُ وَكَذَا الْمُعَلِّمُ إذَا أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا بِقَتْلِ شَخْصٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ يُقْتَلُ بِهِ وَحْدَهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ كَبِيرًا لَقُتِلَ وَحْدَهُ وَيُعَاقَبُ الْمُعَلِّمُ فَلَوْ كَثُرَتْ الصِّبْيَانُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ إلَّا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ (ص) وَسَيِّدٍ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَمَرَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْكَبِيرَ الْفَصِيحَ أَوْ الْأَعْجَمِيَّ بِقَتْلِ شَخْصٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْتَلُ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا قُتِلَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَأَمَّا لَوْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَكَأَمْرِهِ أَجْنَبِيًّا فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فَقَطْ وَيُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً (ص) فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ (ش) كَأَنَّهُ قَالَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إذَا خَافَ الْمَأْمُورُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ مِنْ الْآمِرِ وَقَتَلَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ فَقَطْ وَيُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً مَا لَمْ يَكُنْ   [حاشية العدوي] عَلَى قَتْلِهِ) يُعْلَمُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّصِّ (قَوْلُهُ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ إلَخْ) لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ قَصْدَ الضَّرْبِ عَدَاوَةٌ يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَيْ: فَاعِلُ الْقَتْلِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلِ الْوَاحِدِ وَهُوَ شِدَّةُ الْخَطَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَذَا فِي عج وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ النَّقْلَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى) أَيْ فَيَقْتُلُ وَيُقْتَصُّ مِنْ الْبَاقِي مِثْلَ فِعْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْوَى أَيْ بِأَنْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ كَأَنْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْكُلُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ أَوْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ أَوْ لَمْ تَسْتَوِ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَى فَإِنَّ الْجَمِيعَ يُقْتَلُونَ إذَا مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ رُفِعَ مَغْمُورًا وَإِلَّا فَيُقْسِمُونَ عَلَى وَاحِدٍ وَيُقْتَلُ وَيُقْتَصُّ مِنْ الْبَاقِي وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ الْأَقْوَى ضَرْبًا فَهُوَ الَّذِي يُقْتَلُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ عَاشَ وَأَكَلَ) أَيْ وَلَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمَالُؤُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِإِمْسَاكِهِ) أَيْ لِلْقَتْلِ لَا لِلْقَتْلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَفَرَ الْبِئْرَ وَلَمْ يُبَاشِرْ أَقُولُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ إلَّا أَنَّ فِعْلَهُ بَاشَرَ أَيْ أَثَرُ فِعْلِهِ بَاشَرَ وَهُوَ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ فَلَا يُغْنِي ذَاكَ عَنْ هَذَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ خَصَّصَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالْبَعِيدِ فَيَكُونُ مُغَايِرًا وَأَمَّا إنْ عَمَّمَ فَيَكُونُ أَعَمَّ (قَوْلُهُ هَذَا لِتَسَبُّبِهِ فِي الْإِكْرَاهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ لِتَسَبُّبِهِ بِسَبَبِ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ مُتَسَبِّبٌ إلَخْ) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِلِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا سَبَبِيَّةَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السَّبَبِيَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي ذَلِكَ هِيَ السَّبَبِيَّةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مُشَارِكٌ وَالْمُرَادُ بِالسَّبَبِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ مَا فِيهَا مُشَارَكَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَبَ مُكْرَهٌ بِالْفَتْحِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ الْأَبَ فَإِذَا أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ وَكَذَا الْأَبُ إنْ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ أَوْ شَقِّ جَوْفِهِ أَوْ إزْهَاقِ رُوحِهِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَلَدًا صَغِيرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُرَاهِقًا (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بَعْضَ أَعْوَانِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا فَفَعَلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ مَعًا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ) أَيْ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ (قَوْلُهُ إلَّا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ عَاقِلَةٌ حَمَلَتْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ النَّقْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخَوْفِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَالتَّنَازُعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 الْآمِرُ حَاضِرًا فَيُقْتَلُ أَيْضًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ وَهَذَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ وَعَبَّرَ بِالْمَأْمُورِ دُونَ الْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْخَوْفُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْمَأْمُورِ وَالْخَوْفُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُكْرَهَ فِيمَا مَرَّ بِالْخَوْفِ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ لَا يَكُونُ إلَّا خَائِفًا فَلِلَّهِ دَرُّهُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ (ص) وَعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا اشْتَرَكَ مَعَ صَبِيٍّ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ وَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ وَحْدَهُ وَالصَّبِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ فَإِنْ كَانَا أَوْ الْكَبِيرُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا وَإِنْ كَانَا أَوْ كَبِيرًا خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ (ص) لَا شَرِيكِ مُخْطَإٍ أَوْ مَجْنُونٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَكَ مَعَ شَخْصٍ مُخْطِئٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الشَّرِيكِ وَلَوْ تَعَمَّدَ لِلشَّكِّ وَعَلَى الْمُخْطِئِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَا مَنْ اشْتَرَكَ مَعَ مَجْنُونٍ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِ مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ الْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا حَصَلَ الْقَتْلُ مِنْهُ وَأَقْسَمُوا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَمُخْطِئٌ: يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ وَلَا يُرْسَمُ (ص) وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ وَجَارِحِ نَفْسِهِ وَحَرْبِيٍّ وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَوْلَانِ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَرْبَعَ مَسَائِلَ فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالْقِصَاصِ مَعَ الْقَسَامَةِ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ مِنْهَا الْمُكَلَّفُ إذَا اشْتَرَكَ مَعَ سَبُعٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ وَتَعَمَّدَ شَرِيكُ السَّبُعِ الضَّرْبَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَسَامَةٍ أَوْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي بِأَيِّ الْفِعْلَيْنِ مَاتَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَلْقَاهُ لِلسَّبُعِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَمِنْهَا مَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ جُرْحًا يَكُونُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا ثُمَّ تَعَمَّدَ شَخْصٌ ضَرْبَهُ فَمَاتَ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ هَذَا الضَّارِبِ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْهَا إذَا اشْتَرَكَ الْمُكَلَّفُ مَعَ حَرْبِيٍّ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ فَمَاتَ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ الْحَرْبِيِّ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا مَعَ التَّمَالُؤِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَطْعًا وَمِنْهَا مَنْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ عَمْدًا ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا فَمَاتَ وَلَمْ يُدْرَ أَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ أَوْ مِنْ الْمَرَضِ فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا لَوْ مَرِضَ قَبْلَ الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ وَالْجُرْحُ هَيَّجَهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ السَّبَبُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا كَالسُّقُوطِ وَالضَّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحُصُولُ الْمَرَضِ حِينَ الْجُرْحِ كَحُصُولِهِ بَعْدَهُ (ص) وَإِنْ تَصَادَمَا أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقًا قَصْدًا فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَيْنِ أَوْ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا إذَا قَصَدَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ بِحَبْلٍ أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ جَذَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَ صَاحِبِهِ فَوَقَعَا فَمَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَأَحْكَامُ الْقَوَدِ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ بَصِيرَيْنِ أَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ فَمِنْ أَحْكَامِ الْقَوَدِ سُقُوطُ الْقِصَاصِ إذَا مَاتَا وَمِنْ أَحْكَامِهِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بَالِغًا وَالْآخَرُ غَيْرَ بَالِغٍ أَنْ لَا قِصَاصَ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْخَوْفُ) فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ عَدَمَ الْخَوْفِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْمَأْمُورِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَأْمُورِ الْخَوْفُ بَلْ يُجَامِعُ عَدَمَ الْخَوْفِ فَلِذَلِكَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ (قَوْلُهُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ وَأَخْذِ مَالٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ أَخْذِ مَالٍ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ اعْتَمَدَ كَلَامَ عب مِنْ أَنَّ الْخَوْفَ هُنَا بِالْقَتْلِ أَوْ شِدَّةِ الْأَذَى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ) الْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ نِصْفَ دِيَةِ خَطَأٍ وَعَلَى الشَّرِيكِ الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ شَرِيكِ الصَّبِيِّ فِي حَالِ عَدَمِ التَّمَالُؤِ إذَا قَالَ الْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُمْ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتَصُّونَ مِنْهُ لِأَنَّ شَرِيكَ الصَّبِيِّ لَمْ يَصْحَبْهُ فِي فِعْلِهِ مَنْ يَصْدُرُ مِنْ فِعْلِهِ قَتْلٌ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالْمُخْطِئِ يَغْلِبُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ فِعْلِهِمَا الْقَتْلُ (قَوْلُهُ وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ) هَذَا خِلَافُ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ عج وَنَقَلَهُ فِي ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ فِي الْمَرَضِ بَعْدَ الْجُرْحِ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ بِقَسَامَةٍ وَفِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فِي الْخَطَأِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَرَضِ حِينَ الْجُرْحِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَرَضُ قَبْلَ الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الْمَوْتُ بِالْمَرَضِ أَوْ الْجُرْحِ فَإِنْ قُلْت لِمَ جَرَى الْخِلَافُ فِي شَرِيكِ السَّبْعِ وَالْحَرْبِيِّ وَلَمْ يُحْكَ فِي شَرِيكِ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ خِلَافٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا لَمَّا ضَمِنَا مَا أَتْلَفَاهُ كَانَ ذَلِكَ مُضْعِفًا لِجَانِبِ شَرِكَتِهِمَا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ وَالسَّبْعُ لَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانٌ قَوَّى جَانِبَ شَرِكَتِهِمَا فَجَرَى الْخِلَافُ (قَوْلُهُ فَأَحْكَامُ الْقَوَدِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَهُوَ جَوَابُ الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ مَعْنَى الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا الْأَوَّلُ فِي مَوْتِهِمَا وَالثَّانِي فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّجَاذُبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَسَقَطَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ هَدَرٌ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ) أَقُولُ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ الْمُكَلَّفَيْنِ أَوْ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11 رَقِيقًا فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَيَحْكُمُ أَيْضًا بِأَحْكَامِ الْقَوَدِ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ دُونَ الْآخَرِ (ص) وَحُمِلَا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْعَمْدِ يَعْنِي أَنَّ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ إذَا جُهِلَ حَالُهُمَا فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ بِخِلَافِ تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَمْدِ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِمَا وَيَكُونُ هَدَرًا وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ جَرْيُهُمَا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِهِمْ بِخِلَافِ الْفَارِسَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا قَصْدًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْقَصْدِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَائِدَةٌ إذْ فِي كُلِّ الْوَاجِبِ الدِّيَةُ فَإِنْ قُلْت الْوَاجِبُ فِي التَّصَادُمِ قَصْدًا دِيَةُ عَمْدٍ وَأَمَّا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَأٍ فَافْتَرَقَا قُلْت كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَيَانِ مَا فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ وَمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ لَا فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ: دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ؟ فَقَوْلُهُ عَكْسُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ إذْ تَصَادُمُ السَّفِينَتَيْنِ قَصْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (ص) إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ (ش) رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ أَيْ الْعَمْدِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ لَهُ أَصْحَابُهُمَا صَرْفَهُمَا عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَسَيَأْتِي إذَا تَحَقَّقَ الْخَطَأُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلسَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَقَوْلُهُ (لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلَا ضَمَانَ إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ أَيْ لَا إنْ قَدَرُوا عَلَى الصَّرْفِ فَلَمْ يَصْرِفُوهُمَا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ نَهْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ حَرْقٍ حَتَّى تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ وَمَتَاعٍ فَضَمَانُ الْمَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَالدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّرْفِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ أَوْ ظُلْمَةٍ عُطِفَ عَلَى غَرَقٍ أَيْ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي ظُلْمَةٍ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهُ جَنُوبًا كَانَ مُظْلِمًا وَمَا كَانَ شَمَالًا كَانَ مُشْرِقًا كَمَا إذَا خَافَ الْوُقُوعَ فِي الْجَنُوبِ لِظُلْمَتِهِ (ص) وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدَا التَّصَادُمَ وَلَا التَّجَاذُبَ وَهَذَا عَامٌّ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ كَانَا مُخْطِئَيْنِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَقِيمَةُ فَرَسِهِ فِي مَالِ الْآخَرِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ فَإِنْ قُلْت الْمُتَعَمِّدُ دَمُهُ هَدَرٌ قُلْت إنَّمَا يَكُونُ هَدَرًا إذَا تَحَقَّقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ) يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَفِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا عَلَى مَا يَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْقَوَدِ مِنْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَمْدِ) لَيْسَ مُرَادُهُ بِالْعَدَمِ الْمَذْكُورِ الْخَطَأَ بَلْ الْعَجْزُ فَلِذَا قَالَ وَيَكُونُ هَدَرًا (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ) هَذَا حَلٌّ آخَرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّ السَّفِينَتَيْنِ يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَأِ لَا عَلَى الْعَجْزِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ أَيْ وَهُوَ الْخَطَأُ وَالنَّقْلُ مُسَاعِدٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دِيَةُ عَمْدٍ) أَيْ تَكُونُ فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَأٍ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ مَا فِيهِ الدِّيَةُ) أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ) أَيْ فَإِذَا تَصَادَمَتْ السَّفِينَتَانِ عَمْدًا فَلَا قَوَدَ وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ أَيْ وَحُمِلَا عَلَى الْقَصْدِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ إذْ تَصَادُمُ السَّفِينَتَيْنِ قَصْدًا تَعْلِيلٌ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ عَكْسُ رَاجِعٌ لِلْقَوَدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَلَوْ تَعَمَّدُوا ضَمِنُوا ابْنُ يُونُسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي مَا لَمْ يَقْصِدُوا هَلَاكَ الْأَنْفُسِ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ فَلَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الْبَحْثِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَلَوْ تَعَمَّدُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ يَقْصِدُونَ نَهْبَ الْأَمْوَالِ خَاصَّةً انْتَهَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ مَسْأَلَتَيْ التَّصَادُمِ وَالسَّفِينَتَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْقَصْدُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْجَهْلُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْخَطَأُ انْتَهَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ اصْطِدَامِ الْفَارِسَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ إلَّا أَنَّ تَصَادُمَ السَّفِينَتَيْنِ يُخَالِفُ تَصَادُمَ غَيْرِهِمَا فِي الْحُكْمِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ الصَّرْفِ عَنْ التَّصَادُمِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُ لَا مَالَ وَلَا قَوَدَ فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَا فِي تَصَادُمِ غَيْرِهِمَا لَكِنْ رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْفَارِسَيْنِ يَضْمَنَانِ فِي جُمُوحِ فَرَسَيْهِمَا لِقَوْلِهَا فِي الدِّيَاتِ إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا يَفِرُّ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ مَا جَمَحَ بِهِ فَذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْت صِحَّتَهُ مِمَّا قُلْنَا (قَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ أَيْ مُحْتَرَزِهِ وَالتَّقْدِيرُ لَا لِعَجْزٍ تَخْيِيلِيٍّ كَمَا إذَا كَانَ لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسْلِمُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ) أَيْ وَإِنَّمَا عُدَّ خَطَأً مَعَ الْقَصْدِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَهُوَ خَطَأٌ حُكْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَطَأَ قِسْمَانِ خَطَأٌ حَقِيقَةً وَخَطَأٌ حُكْمًا وَهَذَا عَامٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَا مَعًا) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ) لِأَنَّ الْمُخْطِئَ مَقْتُولٌ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ لِغَيْرِهِ خَطَأً وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَيْ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ خَطَأً وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ لِغَيْرِهِ تَعَمُّدًا (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 أَنَّ مَوْتَ الْمُخْطِئِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ حَيْثُ مَاتَ الْمُخْطِئُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا كَانَ يُقَرِّرُ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا أَنَّ دَمَ الْمُخْطِئِ هَدَرٌ لِأَنَّ قَاتِلَهُ عَمْدًا قَدْ قُتِلَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا عَمْدًا ثُمَّ قُتِلَ وَأَنَّ دَمَ الْمُتَعَمِّدِ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا تَصَادَمَ بَالِغٌ وَصَبِيٌّ عَمْدًا وَمَاتَا مَعًا مِنْ أَنَّ دِيَةَ الْبَالِغِ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا دِيَةَ فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّ قَاتِلَهُ عَمْدًا قَدْ قُتِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَا فِي شَامِلِهِ حُكْمَ مَوْتِهِمَا مَعًا وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ تت وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفَرَسِ بَلْ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ حُكْمُهُ كَالْفَرَسِ (ص) كَثَمَنِ الْعَبْدِ (ش) يَعْنِي لَوْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَمَاتَا فَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ فَإِنْ زَادَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ السَّيِّدُ الزَّائِدَ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالرَّقَبَةُ قَدْ زَالَتْ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَخَذَ السَّيِّدُ الزَّائِدَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ حَالَّةٌ لَا مُنَجَّمَةٌ وَتَبِعَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ (ص) وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ (ش) يَعْنِي لَوْ تَمَالَأَ قَوْمٌ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ فَقَوْلُهُ الْمُبَاشِرُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمُمَالَأَةِ عَلَى الْقَتْلِ بَيْنَ أَنْ تَحْصُلَ مُبَاشَرَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ أَوْ لَا تَحْصُلَ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَهَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُتَمَالَئُونَ لَكِنْ ذَكَرَهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ أَيْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَالُؤٌ عَلَى قَتْلِهِ يُحْتَمَلُ بَلْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَتْلَ بِانْفِرَادِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَدَ الضَّرْبَ لَا الْقَتْلَ وَجَرَحَهُ كُلٌّ وَمَاتَ وَلَمْ يُدْرَ مِنْ أَيُّهَا مَاتَ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ مَنْ شَرَحَهُ وَالثَّانِي لِشَارِحِهِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ قُدِّمَ الْأَقْوَى فِعْلًا عَلَى غَيْرِهِ وَيَتَعَيَّنُ لِلْقَتْلِ وَحْدَهُ بِقَسَامَةٍ وَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَحَهُ وَيُعَاقَبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ فَإِنْ قُتِلَ مَكَانَهُ قُتِلُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مَكَانَهُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ أَيْ يُقْسَمُ فِي الْعَمْدِ عَلَى وَاحِدٍ يُعَيِّنُونَهُ وَيَقْسِمُونَ عَلَيْهِ (ص) وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ لِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ كَعَبْدٍ قَتَلَ عَبْدًا ثُمَّ تَحَرَّرَ الْقَاتِلُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا مِثْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ فَإِنَّ إسْلَامَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصَ لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ الْجُرْحُ فَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ حُرٍّ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ فَالْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فَالضَّمِيرُ فِي زَوَالِهَا يَرْجِعُ لِلْمُسَاوَاةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ شَرْطٌ فِي الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا بَيَانٌ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ فَمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِمَا مَرَّ (ص) وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ (ش) هَذَا فِيمَا فِيهِ مَالٌ مِنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ   [حاشية العدوي] قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَصْحَابَ السَّفِينَتَيْنِ يُحْمَلَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ وَيَكُونُ دَمُ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ هَدَرًا لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ فَكَانَ الْخَطَأُ الْمُحَقَّقُ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخَطَأَ الْمُحَقَّقَ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مِنْ فِعْلٍ يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِهِ الدِّيَةُ بِخِلَافِ حَالَةِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بِسَبَبِ فِعْلٍ يَلْزَمُ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَلِذَا كَانَ يُقَرِّرُ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ) شَيْخُ عج فَإِنْ قُلْت الْقِيَاسُ عَكْسُ مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ قُلْت مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ أَلْجَأَتْ إلَيْهِ الْقَوَاعِدُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْلُ يَقْتَضِي الْعَكْسَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ) فِي ك هَذَا الْكَلَامَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلِذَا كَانَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَإِلَّا لَمَا سَاغَ الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي لَوْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْحُرِّ مَعَ الْعَمْدِ الدِّيَةُ لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ اسْتِحْيَاءَهُ حَيْثُ كَانَ حَيًّا وَيُخَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مُحَتَّمًا وَمَاتَ تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِقِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ وَالرَّقَبَةُ قَدْ زَالَتْ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَتَعَلَّقَتْ بِالرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) أَيْ أَنَّ دِيَةَ الْحُرِّ فِي قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَالَّةٌ لَا مُنَجَّمَةٌ (قَوْلُهُ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى أَنْ مَاتَ إلَخْ) أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى وَاحِدٍ وَيُقْتَلُ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَقْوَى) أَيْ وَهُوَ مَنْ مَاتَ عَنْ فِعْلِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ أَشَدَّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَاتَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ إلَخْ فَإِنَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَمُتْ فَإِذْنٌ لَا تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ أَيْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ إذْ مَعَ التَّمَالُؤِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرْبٌ مِنْ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قُتِلَ مَكَانَهُ أَيْ مَاتَ مَكَانَهُ أَيْ أَوْ أُنْفِذَ مَقَاتِلُهُ وَقَوْلُهُ قُتِلُوا بِهِ أَيْ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مَكَانَهُ أَيْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ بِأَنْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ قَوَدُ الْقَتْلِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ صِفَةٌ لِلْقَتْلِ أَيْ الْكَائِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِسْلَامِ تُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ إلَّا الْمُسْلِمُونَ نُدِبَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَعَدَمُ قَتْلِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ عج أَوْ غَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) : كَمَا لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِزَوَالِ الزِّيَادَةِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِرِقٍّ كَحُرٍّ كَافِرٍ قَتَلَ عَبْدًا كَافِرًا ثُمَّ فَرَّ الْقَاتِلُ لِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُخِذَ وَاسْتُرِقَّ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ وَقْتَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَيْنِ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْغَايَةِ فَقَالَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ وَيَعْتَبِرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْغَايَةِ وَشَمِلَ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَالْمَعْنَى إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِتُغَيِّرْ الْحَالِ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 أَوْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ وَلَا يُرَاعَى وَقْتُ السَّبَبِ فِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ السَّبَبِ ثُمَّ رَجَعَ سَحْنُونَ لِمُوَافَقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ رَمَى شَخْصٌ عَبْدًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ أَوْ رَمَى كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ أَوْ مُسْلِمٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ فَقَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسَاوَاةٌ سَقَطَ الْقَتْلُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ أَعْلَى وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ وَوَقْتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ إلَخْ (ص) وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ فِيمَا دُونَهَا وَهُوَ إبَانَةُ طَرَفٍ وَكَسْرٌ وَجُرْحٌ وَمَنْفَعَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِالْجُرْحِ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ هُوَ الْغَالِبُ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ كَالنَّفْسِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُرْحَ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَمُرَادُهُ بِالْفِعْلِ الْجُرْحُ وَبِالْفَاعِلِ الْجَارِحُ وَبِالْمَفْعُولِ الْمَجْرُوحُ أَيْ فَيُعْتَبَرُ حَالُ الرَّمْيِ وَحَالُ الْإِصَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ: الْجُرْحُ بِالضَّمِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْفِعْلِ لَا بِالْفَتْحِ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْجَرْحَ بِالْفَتْحِ: الْفِعْلُ وَقَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا وَالْفَاعِلُ فِي قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ وَالْمَفْعُولُ فِي قَوْلِهِ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ وَالْمُسْتَثْنَى هُوَ قَوْلُهُ (ص) إلَّا نَاقِصًا جَرَحَ كَامِلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْكَافِرَ إذَا قَطَعَ يَدَ الْحَرِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُمَا فِي النَّفْسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَلْزَمُ الدِّيَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُسْلِمُ مُخَيَّرٌ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ وَقِيلَ بِالْقِصَاصِ وَصُحِّحَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْفَاعِلِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْمَفْعُولِ لِيَسْلَمَ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَكَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَصَّ لِلْكَامِلِ مِنْ النَّاقِصِ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لِأَنَّ جُرْحَهُ مَعَهُ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مَعَ الصَّحِيحَةِ (ص) وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ بِلَا تَمَالُؤٍ فَمِنْ كُلٍّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ كُلَّهُمْ أَمَّا إذَا جَنَوْا عَلَيْهِ جِنَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةً مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ وَتَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُهُمْ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا فَعَلَ بِالْمِسَاحَةِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (كَفِعْلِهِ) وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ الْأَيْدِي بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ (ص) وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَإِنْ كَ إبْرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْضَحَ إنْسَانًا عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ كَإِبْرَةٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ وَأَظْهَرَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَمَّا الْأَنْفُ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ فَلَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَنَا   [حاشية العدوي] وَرَجَعَ الْحُكْمُ لِلضَّمَانِ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَوْ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ الْمَوْتُ وَسَحْنُونٌ يَعْتَبِرُ حَالَ الرَّمْيِ وَالْجُرْحِ (قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَسَكَتَ عَنْ التَّمْثِيلِ لِلْخَطَأِ وَمِثَالُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْمُسَاوَاةُ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبُ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ الْقِصَاصَ أَمْرُهُ شَدِيدٌ فَغُلِّظَ فِيهِ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ بِخِلَافِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ كَذَا لِبَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ) أَيْ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا (قَوْلُهُ فَالضَّمَانُ) أَيْ لِلْمَالِ أَيْ فَيَضْمَنُ الْجَانِي الْمَالَ (قَوْلُهُ وَكَسْرٌ) عَطْفٌ عَلَى إبَانَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ مِثْلُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (قَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ الْجُرْحُ مَعَ قَصْدٍ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَصْدِ الضَّرْبِ عَدَاوَةً فَيَنْشَأُ عَنْهُ جُرْحٌ لَا لِلَعِبٍ أَوْ أَدَبٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَالْفَاعِلِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَقَوْلُهُ وَالْمَفْعُولِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ مَعْصُومًا (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) الْجَمْعُ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَزِمَ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ مَعَ وَجْهِ الشَّبَهِ مَعَ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ لَهُمَا بِالنَّفْسِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى أَيْ وَيَلْزَمُهُ لِلْكَامِلِ مَا فِيهِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْحُرِّ الْكَافِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَحُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَثْنًى) أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْفَاعِلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَاعِلِ وَالْمَعْنَى وَالْفَاعِلُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جُرْحَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ عُضْوَهُ مَعَ عُضْوِهِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مَعَ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ بِلَا تَمَالُؤٍ) لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ مَعَ التَّمَالُؤِ فَإِذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا أَنَّهُ يُفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثَلَةَ مَا فَقَأَ أَيْ وَمَوْضُوعُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَأَمَّا إذَا تَمَالَآ عَلَى فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ كَالْيُمْنَى مِنْ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَمَالُؤٌ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ (قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ لَا مَا تَحْتَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعُنُقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَإِبْرَةٍ) أَيْ مَغْرِزِهَا كَإِبْرَةٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَنَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 14 بَلْ هُمَا عَظْمَاتُ مُنْفَرِدَانِ قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ الَّتِي أَوْضَحَتْ لِيَكُونَ كَالتَّعْرِيفِ لَهَا لَا صِفَةٌ لِمُوضِحَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ التَّخْصِيصُ وَقَوْلُهُ أَوْضَحَتْ إلَخْ هَذَا عُرْفٌ فِقْهِيٌّ وَإِلَّا فَالْمُوضِحَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ مُطْلَقًا (ص) وَسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ وَحَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجَلْدَ وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ وَمِلْطَاهُ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجِرَاحِ سِتَّةٌ يُقْتَصُّ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ بِاللَّحْمِ فَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِلْدِ الدَّامِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدِ فَيَرْشَحُ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَقَّ الْجِلْدُ ثُمَّ الْحَارِصَةُ وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ ثُمَّ السِّمْحَاقُ وَهِيَ الَّتِي تَكْشِطُ الْجَلْدَ وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحْمِ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ أَيْ تَشُقُّهُ ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ثُمَّ الْمِلْطَاةُ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ وَبِعِبَارَةٍ: الْمِلْطَاءُ بِالْمَدِّ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي بَيْنَ عَظْمِ الرَّأْسِ وَلَحْمِهِ وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّجَّةُ الَّتِي تَقْطَعُ اللَّحْمَ كُلَّهُ وَتَبْلُغُ هَذِهِ الْقِشْرَةَ (ص) كَضَرْبَةِ السَّوْطِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَأَمَّا اللَّطْمَةُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهَا كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ السَّوْطَ جَارِحٌ يَحْصُلُ مِنْ الضَّرْبِ بِهِ الْجُرْحُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ (ص) وَجِرَاحِ الْجَسَدِ وَإِنْ مُنَقِّلَةً (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ إلَخْ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ بَاقِي جِرَاحِ الْجَسَدِ وَلَوْ مِنْ الْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ مَا لَمْ يَعْظُمْ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخْذِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُنَقِّلَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الرَّأْسِ فَنَفَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ مُنَقِّلَةَ الْجَسَدِ كَذَلِكَ (ص) بِالْمِسَاحَةِ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْتَصُّ بِالْمِسَاحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهِيَ جُلُّ عُضْوِ الْجَانِي أَوْ كُلُّهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ عَظُمَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي جُرِحَ مِنْهُ يَزِيدُ عَلَى الْعُضْوِ الْمُمَاثِلِ لَهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ (كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا) تَشْبِيهٌ فِي الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ تَعَمُّدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ بِالْمِسَاحَةِ فَإِنْ نَقَصَ الطَّبِيبُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا قَطَعَ الطَّبِيبُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ فَمَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَسِيرًا وَوَقَعَ الْقَطْعُ فِيمَا قَارَبَ كَانَ خَطَأً وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا لَا يَشُكُّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ عَمْدٌ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَانَتْ مُغَلَّظَةً   [حاشية العدوي] اللَّحْيَ الْأَعْلَى مِنْ الرَّأْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى أَرَادَ بِاللَّحْيِ الْأَعْلَى الْفَكَّ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ لَا صِفَةٌ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ جَعْلُهَا صِفَةً أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ أَوْ الْمَوْصُولِ إذْ الصِّفَةُ كَمَا تَكُونُ مُخَصَّصَةً تَكُونُ كَاشِفَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِك الظَّنَّ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ فِيهَا التَّخْصِيصُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تَكُونُ كَاشِفَةً فَيَتَّجِهُ مَا قَالَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَسَابِقِهَا) أَيْ سَابِقِ أَثَرِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ دَامِيَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ أَثَرِ دَامِيَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا عِبَارَةٌ عَنْ الشَّجَّاتِ وَاَلَّذِي يَتَّصِفُ بِالسَّبْقِيَّةِ وَالتَّأَخُّرِ إنَّمَا هُوَ الْأَثَرُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ أَيْ مَا قَبْلَ أَثَرِ الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجِرَاحِ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ أَثَرِ الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُهُ سِتَّةٌ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بَيَّنَ السِّتَّةَ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ الشَّجَّاتِ الَّتِي الْجِرَاحُ السَّابِقَةُ أَثَرُهَا فَقَدْ تَسَمَّحَ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ جِلْدٍ (قَوْلُهُ شَقَّتْ الْجِلْدَ) أَيْ كُلَّهُ كَذَا أَفَادَهُ تت أَيْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ انْشَقَّ بَعْضُهُ وَمُفَادُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَشُقَّ الْجِلْدَ كُلَّهُ بَلْ بَعْضَهُ لَا قِصَاصَ وَالظَّاهِرُ الْأَدَبُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَمِلْطَاهُ) بِهَاءٍ فِي آخِرِهَا وَبِإِسْقَاطِهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ قَالَهُ تت (قَوْلُهُ عِدَّةُ مَوَاضِعَ) أَيْ فَأَخَذَتْ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ تَقْرُبْ مِنْ الْعَظْمِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي إلَخْ) أَيْ وَهِيَ الْقِشْرَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ أَيْ فَلَمْ تَكُنْ مُلَاصِقَةً لِلْعَظْمِ وَلَا يُخَالِفُ هَذِهِ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا بَيْنَ عَظْمِ الرَّأْسِ وَلَحْمِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّجَّةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْمِلْطَاةِ الشَّجَّةَ وَلَكِنْ الْمِلْطَاةُ لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ هِيَ الشَّجَّةُ بَلْ هِيَ الْقِشْرَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا اللَّطْمَةُ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ اللَّطْمَةَ وَهِيَ الضَّرْبُ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ وَالْعَصَا لَا قِصَاصَ فِيهِمَا بِخِلَافِ السَّوْطِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّوْطَ جَارِحٌ يَحْصُلُ مِنْ الضَّرْبِ بِهِ الْجُرْحُ بِخِلَافِهِمَا وَأَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ السَّوْطِ وَاللَّطْمَةِ بِأَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ لَهَا انْضِبَاطٌ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ فَلَا يُمْكِنُ انْضِبَاطُهَا فَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ اللَّطْمَةِ وَالْعَصَا لَا قَوَدَ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُمَا مَا فِيهِ الْقَوَدُ كَجُرْحٍ اهـ. (قَوْلُهُ فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَبْهَةَ مَحَلٌّ وَالرَّأْسَ مَحَلٌّ وَالْعَضُدَ مَحَلٌّ وَالذِّرَاعَ مَحَلٌّ آخَرُ فَلَا يَتَعَدَّى أَحَدُهَا إلَى الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَفِّ وَظَاهِرَهُ لَيْسَا مِنْ جُمْلَةِ الذِّرَاعِ وَأَمَّا الْأَصَابِعُ فَلَيْسَتْ مِنْ الذِّرَاعِ قَطْعًا وَلَا مِنْ الْكَفِّ وَاللَّحْيِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مَحَلَّانِ وَكُلُّ أُنْمُلَةٍ مَحَلٌّ وَلَا تُقْطَعُ الْوُسْطَى بِالسَّبَّابَةِ وَلَا الثَّنِيَّةُ بِالرُّبَاعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْمُلُ مِنْ غَيْرِهِ) وَسَقَطَ عَقْلُهُ أَيْضًا فَيَسْقُطُ قِصَاصًا وَعَقْلًا وَهَذَا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَأَمَّا إنْ حَصَلَ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمِسَاحَةِ فَيُقْطَعُ الْعُضْوُ الصَّغِيرُ بِالْعُضْوِ الْكَبِيرِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ زَادَ عَمْدًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا زَادَ خَطَأً فَعَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يُنَاسِبُ الْعَمْدَ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ كَانَ خَطَأً أَيْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ كَانَتْ مُغَلَّظَةً) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجَذَعَاتِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 15 انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالطَّبِيبِ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ مَنْ الْجَانِي (ص) وَإِلَّا فَالْعَقْلُ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ الْقِصَاصِ فَلَا قِصَاصَ وَيَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى الْجَانِي فَلَا تُقْطَعُ الْوُسْطَى بِالسَّبَّابَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ لِلْآيَةِ وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ بَلْ أَخْطَأَ أَوْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ بَلْ اخْتَلَفَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ فَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَوْلُهُ (كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ بِصَحِيحَةٍ وَبِالْعَكْسِ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعَقْلِ دِيَةً أَوْ حُكُومَةً وَعَدَمَ الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يَدُهُ شَلَّاءُ عَادِمَةُ النَّفْعِ إذَا قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ صَحِيحِ الْيَدِ فَإِنَّ الشَّلَّاءَ لَا تُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا تُقْطَعُ الْيَدُ الصَّحِيحَةُ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهَا لَوْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَوَّاقُ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ ثُمَّ إنَّ إسْنَادَ الْعَدَمِ إلَى الْيَدِ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ لِأَنَّ الَّذِي يَعْدَمُ النَّفْعَ صَاحِبُهَا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (ص) وَعَيْنُ أَعْمَى وَلِسَانُ أَبْكَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي عَيْنُهُ سَالِمَةٌ إذَا قَلَعَ حَدَقَةَ أَعْمَى فَإِنَّ السَّالِمَةَ لَا تُؤْخَذُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى مَنْ لِسَانُهُ فَصِيحٌ عَلَى لِسَانِ أَبْكَمَ فَإِنَّ الْفَصِيحَ لَا يُقْطَعُ بِاللِّسَانِ الْأَبْكَمِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ فِيهِ الِاجْتِهَادُ (ص) وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ مِنْ مُنَقِّلَةٍ طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ وَآمَّةٍ أَفَضْت لِلدِّمَاغِ وَدَامِغَةٍ خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ (ش) الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ وَتِلْكَ الْعِظَامُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْفَرَاشُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْفَرَاشُ الْعِظَامُ الرِّقَاقُ يُرَكَّبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي أَعْلَى الْخَيَاشِيمِ كَقِشْرِ الْبَصَلِ يَطِيرُ عَنْ الْعَظْمِ إذَا ضُرِبَ انْتَهَى وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ فَقَوْلُهُ مِنْ الدَّوَاءِ " مِنْ ": تَعْلِيلِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِ طَارَ نَقْلُهُ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمَأْمُومَةُ وَهِيَ الَّتِي أَفَضَتْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ اهـ. وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ عَطَفَ هَذَا عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ وَيَنْتَفِي فِيهِ الْقِصَاصُ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فَالْمُنَقِّلَةُ الْكَائِنَةُ فِي الرَّأْسِ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَأَمَّا الْمُنَقِّلَةُ فِي الْجَسَدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ (ص) كَلَطْمَةِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ اللَّطْمَةُ الضَّرْبَةُ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّطْمَةَ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا عَقْلَ بَلْ فِي عَمْدِهَا الْأَدَبُ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهَا جُرْحٌ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَتَصِيرُ كَمَا إذَا ذَهَبَ بِهَا مَعْنًى كَسَمْعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُقْتَصُّ بِالضَّرْبِ بَلْ إنْ أَمْكَنَ ذَهَابُ الْمَعْنَى بِغَيْرِ فِعْلٍ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ إلَخْ (ص) وَشَفْرِ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ وَلِحْيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَفْرَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّبِيبِ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُدَاوِيَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَنُصُّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الشُّرْبِ فِي قَوْلِهِ كَطَبِيبٍ جَهِلَ أَوْ قَصَّرَ (قَوْلُهُ لَا تُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِصَحِيحَةٍ بَاقِيَةٌ عَلَى بَابِهَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحِلَّ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى كَذِي شَلَّاءَ مَجْنِيٍّ عَلَيْهَا عَدِمَتْ النَّفْعَ يُؤْخَذُ لَهَا الْعَقْلُ بِصَحِيحَةٍ أَيْ مِنْ ذِي صَحِيحَةٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهَا مِنْ الصَّحِيحَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَيْ جَنَتْ الشَّلَّاءُ عَادِمَةُ النَّفْعِ عَلَى صَحِيحَةٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا لِلصَّحِيحَةِ بَلْ عَلَيْهِ الْعَقْلُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لِصَاحِبِ الصَّحِيحَةِ بِهَا إنْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ اهـ. وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الرِّضَا لَا يُشْتَرَطُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ تت مِنْ أَنَّ الرِّضَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) كَانَ مُقَابِلُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْإِسْنَادَ حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَا يُقْتَصُّ مِنْ عَيْنِ أَعْمَى أَيْ حَدَقَةِ أَعْمَى جَنَى عَلَى صَحِيحَةٍ وَلَا مِنْ لِسَانِ أَبْكَمَ جَنَى عَلَى نَاطِقٍ وَإِنَّمَا عَلَى كُلٍّ دِيَةُ مَا جَنَى (قَوْلُهُ مُنَقِّلَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَبِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ مِنْ الدَّوَاءِ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَلِكَ كَانَ الصَّوَابُ إسْقَاطَهَا لِأَنَّ النَّقْلَ كَمَا يَكُونُ مِنْ الدَّوَاءِ يَكُونُ مِنْ الضَّرْبَةِ نَفْسِهَا كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ أَفَضْت لِلدِّمَاغِ) أَيْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ كَمَا نُبَيِّنُ ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَدَامِغَةٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ أَوْ كَالْمُتَرَادَفِينَ اهـ. أَيْ الْآمَّةُ وَالدَّامِغَةُ (أَقُولُ) وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ شَارِحُنَا لِلْحِلِّ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَدَامِغَةٍ (قَوْلُهُ وَتِلْكَ الْعِظَامُ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إضَافَةَ فِرَاشٍ إلَى الْعَظْمِ لِلْبَيَانِ وَالْفَرَاشُ جَمْعُ فَرَاشَةٍ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ الْفَرَاشُ الْعِظَامُ فَقَدْ فَسَّرَهُ بِالْجَمْعِ وَمِنْهُ تَعْلَمُ تَفْسِيرَ الْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ فِي أَعْلَى الْخَيَاشِيمِ) هَذَا يُنَافِي مَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ فِي الرَّأْسِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّأْسِ مَا فَوْقَ الرَّقَبَةِ وَقَوْلُهُ كَقِشْرِ الْبَصَلِ يَطِيرُ عَنْ الْعَظْمِ إذَا ضُرِبَ أَيْ الْعَظْمُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا أَيْ هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْ أَجْلِهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِ طَارَ نَقَلُهُ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالطَّيَرَانِ الْمُفَادِ مِنْ طَارَ نَقْلُهُ أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الطَّيَرَانِ الْمُفَادِ مِنْ طَارَ حَقِيقَتَهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ نَقْلُهُ أَيْ نَقْلُ الطَّبِيبِ لَهُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَقْلِهِ انْتِقَالُهُ (قَوْلُهُ أَفْضَتْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ) أَيْ وَلَوْ بِمَدْخَلِ إبْرَةٍ أَيْ وَلَمْ تَخْرِقْ خَرِيطَتَهُ (قَوْلُهُ وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ) هَذَا التَّفْسِيرُ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّامِغَةَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهَا الْحَيَاةُ لِإِمْكَانِ الْخَرْقِ مَعَ الِالْتِئَامِ فَالْمَوْتُ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ الْكَشْفِ مَعَ عَدَمِ الِالْتِئَامِ لَا عَنْ مُجَرَّدِ الْخَرْقِ قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ كَمَا إذَا ذَهَبَ بِهَا مَعْنًى كَسَمْعٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُلْطَمُ الْجَانِي بَلْ يُجْرَحُ (قَوْلُهُ وَشَفْرِ عَيْنٍ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفْرَ هُوَ مَنْبَتُ الْهُدْبِ فَالْأَوْلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 16 الْعَيْنِ أَيْ: شَعْرُ الْهَدِبِ مِنْ فَوْقٍ وَمِنْ أَسْفَلَ وَشَعْرُ الْحَاجِبِ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ الْحُكُومَةُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ وَعَمْدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَخَطَؤُهَا سَوَاءٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْأَدَبِ فَيَفْتَرِقَانِ وَلِذَا قَالَ (وَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ جِرَاحَاتٍ وَإِنَّمَا وَرَدَ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ نَبَتَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (ص) وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ (ش) مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْعَقْلُ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهَا وَالْخَطَرُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالدَّامِغَةِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ فَكَسَرَ عَظْمَ صَدْرِهِ أَوْ صُلْبِهِ أَوْ عُنُقِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ وَفِي نُسْخَةٍ وَإِلَّا بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ (ص) وَفِيهَا أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يُتْلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا رَضَّ أُنْثَيَيْ شَخْصٍ أَيْ كَسَرَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ كَامِلًا لِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ فَيُخْشَى عَلَى الْجَانِي أَنْ يُهْلَكَ فَقَدْ أَخَذْنَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ نَفْسًا وَفَاعِلُ أَخَافُ هُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ س وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ أَنَّ فِي قَطْعِهِمَا الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُتَآلَفِ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ كَرَضِّهِمَا وَلَكِنْ الْمُرْتَضَى الْأَوَّلُ (ص) وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ وَإِلَّا فَدِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَرَحَ إنْسَانًا جُرْحًا فِيهِ الْقِصَاصُ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ ذَهَابُ كَسَمْعِ أَوْ بَصَرِ الْمَجْرُوحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ بَعْدَ بُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي مِثْلُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَانِي شَيْءٌ أَوْ حَصَلَ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ فِي مَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَةٌ مِنْ الْمَنَافِعِ بِسَبَبِ شَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ فَلَا قَوَدَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَ ذَهَابُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ فِعْلٍ فَيُقَادُ مِنْهُ فَمَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ فَشَلَّتْ يَدُهُ ضُرِبَ الضَّارِبُ كَمَا ضَرَبَ فَإِنْ شَلَّتْ يَدُهُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشَلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ قَوْلُهُ كَبَصَرِ الْكَافُ فَاعِلُ ذَهَبَ بِمَعْنَى مِثْلِ فَلَيْسَتْ تَمْثِيلِيَّةً وَلَا تَشْبِيهِيَّةً وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مَحْذُوفًا أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ وَقَوْلُهُ بِجُرْحٍ أَيْ فِيهِ قِصَاصٌ وَقَوْلُهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْجَارِحِ الَّذِي تَضَمُّنُهُ بِجُرْحٍ أَيْ اُقْتُصَّ مِنْ الْجَارِحِ نَظِيرَ تِلْكَ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ ضَمِيرُ حَصَلَ عَائِدٌ عَلَى الذَّاهِبِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَضَمِيرُ زَادَ عَائِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَانِي أَيْ فَإِنْ حَصَلَ مِثْلُ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ زَادَ الذَّاهِبُ مِنْ الْجَانِي فَلَا كَلَامَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ حَصَلَ لَا لِقَوْلِهِ زَادَ وَقَوْلُهُ فَدِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ أَيْ نَظِيرٌ أَوْ مُقَابِلٌ أَوْ مُمَاثِلٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ   [حاشية العدوي] أَنْ يَقُولَ وَهُدْبِ عَيْنٍ (قَوْلُهُ أَيْ شَعْرُ الْهُدْبِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ شَعْرٌ هُوَ الْهُدْبُ وَقَوْلُهُ وَشَعْرُ الْحَاجِبِ الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاجِبَيْنِ الْعَظْمَاتُ فَوْقَ الْعَيْنَيْنِ بِالشَّعْرِ وَاللَّحْمِ قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَقَوْلُهُ بِالشَّعْرِ يَحْتَمِلُ مَعَ الشَّعْرِ وَاللَّحْمِ فَيَكُونُ الْحَاجِبُ الْمَجْمُوعَ وَيَحْتَمِلُ الْمُلْتَبِسُ بِالشَّعْرِ وَاللَّحْمِ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الْعَظْمِ الْمُلْتَبِسِ بِذَلِكَ فَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِضَافَةُ شَعْرٍ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى الثَّانِي فَمِنْ إضَافَةِ الْمُلَابِسِ لِمُلَابِسِهِ (قَوْلُهُ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ الشَّعْرُ النَّازِلُ عَلَى الذَّقَنِ (قَوْلُهُ وَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) أَيْ لِلْمُتَعَمِّدِ وَالْمُرَادُ عَمْدُ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ لَا أَدَبَ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ فِيهِ الْأَدَبُ وَوَجْهُهُ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لِتَنَاهِي النَّاسِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ عَدَمِ الْأَدَبِ (قَوْلُهُ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِعَظْمِ الصَّدْرِ أَيْ أَوْ تَمْثِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ إلَخْ أَيْ وَفِيهِ حُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي بَعْضٍ آخَرَ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ (قَوْلُهُ وَالدَّامِغَةِ) عَطْفُهُ عَلَى الْمَأْمُومَةِ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ جُرْحٍ وَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا إلَّا مَا خَصَّهُ الْحَدِيثُ مِنْ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ (قَوْلُهُ رَضُّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ أَوْ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ س أَيْ فَاعِلُ أَخَافُ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ لَا مَالِكٌ وَقَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ فِي قَطْعِهِمَا أَيْ وَمِثْلُ قَطْعِهِمَا جُرْحُهُمَا (قَوْلُهُ بِجُرْحٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ مَعَ الْمُوضِحَةِ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ أَكْثَرُ كَأَنْ ذَهَبَ سَمْعُهُ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَعَقْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ إلَخْ) وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الزَّائِدَ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ فَمَنْ ضَرَبَ إلَخْ هَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ذَهَبَ وَلَيْسَ مِثَالًا لِقَوْلِ هَذَا الشَّارِحِ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ إلَخْ وَالْأَحْسَنُ تَأْخِيرُ هَذَا لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الضَّرْبَ عَلَى الرَّأْسِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ جُرْحٌ فِيهِ الْقَوَدُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ أَيْ أَنْ قَوْلَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ لَا خِلَافَ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَتْ تَمْثِيلِيَّةً إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْكَافَ التَّمْثِيلِيَّةَ وَالتَّشْبِيهِيَّة حَرْفٌ وَقَوْلُهُ عَائِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الِاسْتِخْدَامِ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ زِيَادَةُ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ الذَّاهِبِ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ حَصَلَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْمِثْلُ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَابِلٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ الْمُضَافِ لَا يَشْكُلُ مَا إذَا كَانَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 17 وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَنَظِيرُهُ وَمُمَاثِلُهُ هُوَ مَا قَامَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مَا قَامَ بِالْجَانِي فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ الْقَائِمُ بِالْجَانِي وَنَظِيرُهُ وَمُقَابِلُهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (ص) وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَذَهَبَ نُورُ بَصَرِهِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ مَكَانَهَا لَمْ تُخْسَفْ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ الْبَصَرُ بِضَرْبَةٍ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ ذَهَابُ الْبَصَرِ بِحِيلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبَةً مِثْلَ مَا ضَرَبَ لِأَنَّ الضَّرْبَةَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا وَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ بِشَيْءٍ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهَذِهِ ذَهَبَ بِشَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ (ص) كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ يَدَ شَخْصٍ أَوْ رِجْلَهُ عَمْدًا فَبِسَبَبِ تِلْكَ الضَّرْبَةِ شُلَّتْ يَدُ الْمَضْرُوبِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالضَّارِبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ شَلَّتْ يَدُ الضَّارِبِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ وَقَيَّدَ أَشْهَبُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ وَأَمَّا إنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَشَلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا لِكَوْنِهِ يُسْتَطَاعُ فِعْلُ الشَّلَلِ بِدُونِ الضَّرْبِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ نُدُورُ الشَّلَلِ عَنْ الضَّرْبِ بِخِلَافِ ذَهَابِ الْبَصَرِ (ص) وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ يَدَ الْقَاطِعِ ذَهَبَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِسَبَبِ سَرِقَةٍ أَيْ سَرَقَ الْقَاطِعُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ ذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِسَبَبِ قِصَاصٍ لِغَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ آخَرَ فَاقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ لَا شَيْءَ لَهُ (ص) وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمَرْفِقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ مِنْ الْكَفِّ إذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ الْمَرْفِقِ فَإِنَّ الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ النَّاقِصَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُخَيَّرًا لِأَنَّ الْجَانِيَ جَنَى وَهُوَ نَاقِصٌ ذَلِكَ الْعُضْوَ وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى عُضْوٍ غَيْرِهِ وَلَا أَنْ يَتَعَيَّنَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ وَلَا أَنْ يَتَعَيَّنَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ جَنَى عَمْدًا عَلَى الْمِعْصَمِ وَالْخِيَارُ جَابِرٌ لَهُ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ قُطِعَ مِنْ الْمَرْفِقِ أَنْ يَرْضَى بِقَطْعِ يَدِ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ وُجِدَ مِنْ الْجَانِي مُمَاثِلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا لِلْجَانِي مُمَاثِلُ بَعْضِ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] أَيْ أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِدُونِهِ   [حاشية العدوي] الْجَانِي غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَامْرَأَةٍ جَنَتْ عَلَى رَجُلٍ وَفَعَلَ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا شَيْءٌ فَإِنَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهَا دِيَةُ الرَّجُلِ أَيْ عَلَى حَسَبِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِهَا عَلَى نِصْفِ دِيَتِهَا وَعَيْنُ الرَّجُلِ عَلَى نِصْفِ دِيَتِهِ وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ مِنْهُ غَيْرُ مَا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْجَانِي سَمْعُهُ وَقَدْ كَانَ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَصَرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ مَا كَانَ قَائِمًا قَبْلَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ ذَاهِبٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ) أَيْ الْبَصَرُ مَثَلًا الْمَفْهُومُ مِنْ كَبَصَرٍ بِفِعْلِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ فَأَذْهَبَ بِهَا بَصَرَهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا فَعَلَ مِنْ كَوْنِهِ يَلْطِمُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ الْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ الَّتِي مَعْنَاهَا فَإِنْ اُسْتُطِيعَ إذْهَابُ الْبَصَرِ بِغَيْرِ الضَّرْبَةِ أَوْ اللَّطْمَةِ لَا أَنَّنَا نَضْرِبُهُ أَوْ نَلْطِمُهُ فَقَدْ جِيءَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَجُلٍ لَطَمَ رَجُلًا آخَرَ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَأَعْيَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ حَتَّى أَتَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَمَرَ بِالْمُصِيبِ فَجَعَلَ عَلَى عَيْنِهِ كُرْسُفًا ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ وَأُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ مِرْآةٌ فَالْتَمَسَ بَصَرُهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ وَقِيلَ أَمَرَ بِمِرْآةٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ فَسَالَتْ نُقْطَتُهَا الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مَعَ الْعَمْدِ وَبَقِيَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيَكُونُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ بِشَيْءٍ إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ خَاصٌّ بِالْبَصَرِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَمْكَنَ لَقِيلَ فِيهِ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الضَّرْبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ كَأَنْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمُّهَا خَطَأٌ أَوْ قَلِيلٌ أَوْ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ يَدَ شَخْصٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ فَالْأَحْسَنُ لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُمَثِّلَ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ بَلْ يُمَثِّلُ بِمِثَالٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ مَعَ الْإِمْكَانِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الشَّلَلُ بِجُرْحٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنُ بِأَنْ كَانَ الشَّلَلُ بِدُونِ جُرْحٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إنْ اُسْتُطِيعَ إذْهَابُ نَظِيرِ مَا ذَهَبَ بِغَيْرِ الضَّرْبِ فَعَلَ وَلَا يَرْجِعُ لِلْعَقْلِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الشَّلَلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ) اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ جِنَايَةِ الْأَقْطَعِ عَلَيْهِ مِنْ الْكُوعِ فَالْعَقْلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مَعَ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَهُوَ حَقٌّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ مُتَعَلِّقٌ بِقُطِعَ (ص) كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي ذَكَرُهُ مَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ إذَا قَطَعَ ذَكَرَ رَجُلٍ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ الْكَامِلُ يُخَيِّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ قَصَبَةَ الذَّكَرِ أَوْ يَأْخُذَ دِيَةَ ذَكَرِهِ وَالْخِيَارُ لِأَجْلِ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ (ص) وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ إصْبَعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ فِيهِ وَفِي الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَدُهُ نَاقِصَةٌ إصْبَعًا بِسَبَبِ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إذَا قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنَّ يَدَهُ النَّاقِصَةَ تُقْطَعُ بِالْكَامِلَةِ بِلَا غَرَامَةٍ لِصَاحِبِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْجَانِي صَاحِبِ النَّاقِصَةِ بِسَبَبِ إصْبَعِهِ فَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْجَانِي أَكْثَرَ مِنْ إصْبَعٍ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ أَيْ دِيَةَ يَدِهِ كَامِلَةً أَيْ دِيَةَ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا دِيَةَ يَدِ الْجَانِي (ص) وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ وَلَوْ إبْهَامًا (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ هِيَ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا وَلَوْ إبْهَامًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى الْجَانِي فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْكَامِلَةُ فِي يَدِهِ النَّاقِصَةِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ الْجَانِي فَقَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ أَيْ أُصْبُعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ إبْهَامًا (ص) لَا أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَدَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا إذَا نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ إصْبَعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ إصْبَعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلِصَاحِبِهَا دِيَةُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَصَابِعِ وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ حَيْثُ كَانَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ أُصْبُعٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَاحِدَةٌ فَدِيَتُهَا وَحُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ قَالَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْكَفُّ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا الْحُكُومَةُ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ وَبِعِبَارَةٍ لَا أَكْثَرَ أَيْ كَأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَامِلِ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ هُنَا أَصَابِعُ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ فِي يَدِ الْجَانِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ وَهُنَا اتَّفَقَ عَلَى تَعَيُّنِ الْعَقْلِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت لِأَنَّ يَدَ الْجَانِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ وَاخْتَارَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ فَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ لَوْ اقْتَصَّ مِنْ يَدِ الْجَانِي الْكَامِلَةِ لَأَخَذَ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ (ص) وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مَرْفِقٍ وَإِنْ رَضِيَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ مِنْ الْمَرْفِقِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَدَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] إذْ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَحَلِّ شَرْطٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ فِي يَدِهِ مَثَلًا وَفَاعِلُ يَجُوزُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ مِنْ كُوعٍ أَيْ مُبْتَدَأٍ مِنْ كُوعٍ لِذِي مَرْفِقٍ أَيْ لِذِي مَرْفِقٍ مَقْطُوعٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِذِي مَرْفِقٍ مَقْطُوعٍ الْقِصَاصُ مِنْ كُوعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وتت أَنَّ فَاعِلَ يَجُوزُ الرِّضَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ وَالْوَاوُ فِي وَإِنْ رَضِيَا لِلْحَالِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ يُجْزِئُ وَلَا يُعَادُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ (ص) وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ   [حاشية العدوي] فَقَطْ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ وَتُقْطَعُ الْيَدُ) أَيْ أَوْ الرِّجْلُ وَقَوْلُهُ أُصْبُعًا أَيْ أَوْ وَبَعْضَ آخَرَ وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ أَيْ يَدُ الْجَانِي أَيْ أَوْ رِجْلُهُ وَقَوْلُهُ خُيِّرَ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّاقِصِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَوْ رِجْلُهُ أُصْبُعًا أَيْ وَبَعْضَ آخَرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ إبْهَامًا) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِي الْأُصْبُعِ إذَا كَانَتْ إبْهَامًا الْعَقْلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُ السَّالِمَةِ بِالْكَفِّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يُفْرَضُ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَانِي لَيْسَ لَهُ إلَّا الْكَفُّ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَنَّ الْجَانِيَ سَالِمُ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) مَا لَمْ يَكُنْ النَّقْصُ بِسَبَبِ جِنَايَةِ الْجَانِي الْآنَ عَمْدًا قَبْلَ ذَلِكَ خَطَأً أَوْ أَخَذَ لَهَا مِنْهُ عَقْلًا فَيُقَادُ لَهَا مِنْ الْكَامِلِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَنَى الْآنَ عَلَيْهَا عَمْدًا لِمَا غَرِمَهُ قَبْلُ مِنْ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَامِلِ) أَيْ فِي الْأُصْبُعِ الْكَامِلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْكَثْرَةُ هُنَا أَصَابِعُ أَيْ لَا أَجْزَاءُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَقُلْنَا هُنَا أَيْ كَأُصْبُعَيْنِ مُعَلَّلَيْنِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ هُنَا أَصَابِعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأُصْبُعَ وَبَعْضَ الْأُصْبُعِ كَالْأُصْبُعِ (تَنْبِيهٌ) : هَلْ الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ الْقَوِيَّةُ أَوْ الْأُصْبُعَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَذَلِكَ هَلْ يُعْطَى حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ فِي أَنَّ نَقْصَ الْوَاحِدِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَنَقْصَ الْأَكْثَرِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى وَعَدَمَ الْقِصَاصِ فِي يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَوْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ نَقْصُ الْأُصْبُعِ أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ذَهَابِ مَعْنًى أَكْثَرَ مِمَّا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَا) لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقِصَاصِ حَقٌّ لِلَّهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِمْكَانِ فَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَيَجُوزُ الرِّضَا بِأَنْقَصَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمَرْفِقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَكَذَا أَصْلُ الْقِصَاصِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ بَحَثَ فَقَالَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ ضَرَرٍ بِدَفْعِ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ وَضَرَرُ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ أَخَفُّ مِنْهُ مِنْ الْمَرْفِقِ ضَرُورَةً وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ إذَا لَزِمَ أَحَدُ الضَّرَرَيْنِ وَجَبَ ارْتِكَابُ أَخَفِّهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْتَكِبُ أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ إذَا لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْ أَخَفِّهِمَا وَهُنَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] الجزء: 8 ¦ الصفحة: 19 صَاحِبَ الْعَيْنِ السَّلِيمَةِ إبْصَارًا إذَا قَلَعَ عَيْنًا ضَعِيفَةَ الْإِبْصَارِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ لِشَخْصٍ فَإِنَّ السَّلِيمَةَ تُؤْخَذُ بِالضَّعِيفَةِ كَمَا يُقْتَصُّ لِلْمَرِيضِ مِنْ الصَّحِيحِ وَخِلْقَةً مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ الضَّعِيفَةِ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا (ص) وَلِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ السَّالِمَةَ تُؤْخَذُ بِالْعَيْنِ الضَّعِيفَةِ مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ مِنْ رَمْيَةٍ وَسَوَاءٌ أَخَذَ لَعَيْنِهِ بِسَبَبِ الرَّمْيَةِ عَقْلًا أَمْ لَا هَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا فَيُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ نُورِهَا بِأَنْ يُقَالَ مَا بَقِيَ مِنْ الرَّمْيَةِ فَيُقَالُ النِّصْفُ مَثَلًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ) أَيْ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ كَامِلَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا فَقَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ وَقَوْلُهُ فَالْقَوَدُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْجُدَرِيِّ وَالرَّمْيَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ إلَخْ لِفَهْمِ الْقَوَدِ مِنْهُ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ مَعَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ إلَخْ وَلَا لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَلَا لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي (ص) وَإِنْ فَقَأَ سَالِمٌ عَيْنَ أَعْوَرَ فَلَهُ الْقَوَدُ أَوْ أَخْذُ دِيَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ مَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَالِمَ الْعَيْنَيْنِ إذَا فَقَأَ عَيْنَ أَعْوَرَ عَمْدًا وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّ الْخِيَارَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي مُمَاثَلَتَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْقِصَاصَ وَأَخَذَ دِيَةَ عَيْنِهِ وَهِيَ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ فَقَوْلُهُ سَالِمٌ أَيْ سَالِمُ الْعَيْنِ الْمُمَاثِلَةِ لِعَيْنِ الْأَعْوَرِ كَانَتْ الْأُخْرَى سَلِيمَةً أَمْ لَا فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ سَالِمَ الْعَيْنَيْنِ أَوْ سَالِمَ الْمُمَاثَلَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَالِمُ الْعَيْنَيْنِ (ص) وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرَ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ وَغَيْرُهَا فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ فِي مَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْوَرَ إذَا فَقَأَ مِنْ سَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْعَيْنَ الَّتِي تُمَاثِلُ عَيْنَهُ فَلِسَالِمِ الْعَيْنَيْنِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْأَعْوَرِ أَوْ يَأْخُذَ دِيَةَ مَا تَرَكَ وَهِيَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّخْيِيرُ هُنَا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً بِخِلَافِ عَيْنِ غَيْرِ الْأَعْوَرِ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ وَإِنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِنْ سَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْعَيْنَ الَّتِي لَا تُمَاثِلُ عَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ لِتَعَذُّرِ الْمَحَلِّ (ص) وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَيْ السَّالِمِ فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْوَرَ إذَا فَقَأَ عَيْنَيْ السَّالِمِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ فِي الْعَيْنِ الْمُمَاثِلَةِ لَعَيْنِهِ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا وَسَوَاءٌ فَقَأَ الْعَيْنَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ (ص) وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَثَبَتَتْ فَالْقَوَدُ وَفِي الْخَطَأِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَلَعَ سِنًّا لِشَخْصٍ كَبِيرٍ أَيْ أَثَغْرَ عَمْدًا فَرَدَّهَا فَثَبَتَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْجَانِي بِمِثْلِ مَا فَعَلَ وَخَطَأَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ فِيهَا الْعَقْلَ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ كَدِيَةِ الْخَطَأِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهَا يُؤْخَذُ عَقْلُهَا ثُمَّ تَعُودُ كَمَا كَانَتْ قَبْلُ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَخَذَ الدِّيَةَ فَرُدَّتْ وَثَبَتَتْ لَمْ يَرُدَّ الْآخِذُ شَيْئًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا أَيْ كَاَلَّذِي يُولَدُ أَعْشَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْعَارِضَ قَدِيمٌ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ) لَا حَاجَةَ لِقَيْدِ التَّعَمُّدِ مَعَ قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلَكِنْ أَتَى بِهِ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ الثَّانِيَةَ إذَا كَانَتْ عَمْدًا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى السَّالِمِ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى الَّتِي أَضْعَفَتْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا أَذْهَبَتْ كُلَّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا كَذَا قِيلَ وَلَكِنْ الْحَقُّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ أَنَّ الْعَيْنَ النَّاقِصَةَ يَسِيرًا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِجِنَايَةٍ ثُمَّ تُصَابُ عَمْدًا فَالْقَوَدُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَالْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُقَيِّدُ بِالنَّقْصِ الْيَسِيرِ الَّذِي مَعَهُ الْإِبْصَارُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ رَمْيَةٍ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَمَّا أَدْخَلَتْ الْكَافُ وَنَقُولُ هُوَ الضَّرْبَةُ (قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا) أَيْ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ غَيْرُ حَقِيقَةٍ بِأَنْ تَرَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ كَامِلَةً أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا أَيْ انْتَفَى الْأَخْذُ الْحَقِيقِيُّ وَالْحُكْمِيُّ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا فِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ وَالْمُرَادُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ إلَخْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ بَلْ مُرْتَبِطٌ بِمَحْذُوفٍ وَالْمَعْنَى وَأَمَّا إذَا كَانَ الضَّعْفُ لِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ: صَاحِبُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَنْظُرُ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ نَاظِرٍ لِلْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَرْنَاهُ وَقَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ أَيْ مَعَ مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا أَخَذَ عَقْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأَمَّا إذَا أَخَذَ عَقْلًا فَبِحِسَابِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي أَيْ الْمَفْهُومِ مِمَّا سَيَأْتِي وَهُوَ قَوْلُهُ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا (قَوْلُهُ فَلَهُ الْقَوَدُ) أَيْ لِلْأَعْوَرِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ غَيْرُ أَعْوَرَ (قَوْلُهُ أَيْ سَالِمُ الْعَيْنِ الْمُمَاثِلَةِ) هَذَا مُنَافٍ لِصَدْرِ حِلِّهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَلِلسَّالِمِ الْعَيْنَيْنِ وَيُجَابُ بِتَقْدِيرِ مَثَلًا فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ) وَلَمْ يُخَيَّرْ فِي الْمُمَاثِلَةِ هُنَا كَمَا خُيِّرَ فِيمَا إذَا فَقَأَهَا وَحْدَهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُهُ فِي الْعَيْنَيْنِ دِيَةً وَنِصْفَ دِيَةٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ فَإِنَّهُ يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ إذَا فَقَأَهُمَا مَعًا أَوْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا وَأَمَّا إذَا بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ أَلْفَيْ دِينَارٍ لِأَنَّهُ لَمَّا فَعَلَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ وَصَارَ أَعْوَرَ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ كَامِلَةً الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 أَيْ لِكَبِيرٍ وَيَأْتِي أَيْضًا وَسِنٌّ مُضْطَرِبَةٌ جِدًّا وَإِنْ ثَبَتَتْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَفِي الْخَطَأِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ تَكْرَارٌ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مَنْ أَثَغْرَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسِنٌّ لِصَغِيرٍ لَمْ يُثْغِرْ وَيَأْتِي حُكْمُ الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرِ وَسِنُّ الصَّغِيرِ لِلْإِيَاسِ كَالْقَوَدِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ سَنَةً وَيَأْتِي أَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ لِلْإِيَاسِ أَوْ مُضِيِّ سَنَةٍ كَالْقَوَدِ (ص) وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَالْوَلَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي النَّفْسِ لِلْعَاصِبِ الذَّكَرِ فَلَا يَدْخُلُ الزَّوْجُ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَتَرْتِيبُ الْعَاصِبِ هُنَا كَتَرْتِيبِهِ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْوَلَاءِ فَيَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَّا أَنَّ التَّشْبِيهَ لَمَّا اقْتَضَى أَنَّ الْإِخْوَةَ وَبَنِيهِمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْجَدِّ اسْتَثْنَى الْإِخْوَةَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ) فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ وَبِاسْتِثْنَائِهِمْ يُعْلَمُ سُقُوطُ بَنِيهِمْ مَعَ الْجَدِّ لِأَنَّهُمْ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ آبَائِهِمْ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ كَالْإِرْثِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دُنْيَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ أَصْلًا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصُّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ كَافِرَيْنِ ثُمَّ يَسْلَمُ الْقَاتِلُ (ص) وَيَحْلِفُ الثُّلُثَ وَهَلْ إلَّا فِي الْعَمْدِ فَكَأَخٍ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ يَحْلِفُ ثُلُثَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ وَهَلْ يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُهُ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَخٍ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ كَمَا تَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ إخْوَةٍ وَجَدًّا يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ انْتَهَى لِأَنَّ الْعَمْدَ قَدْ يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ بِصِقِلِّيَةَ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَإِنَّهُ كَأَخٍ وَاحِدٍ فَتُقْسَمُ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيَحْلِفُ مَا نَابَهُ فَيَحْلِفُ خَمْسَةَ أَيْمَانٍ فِي مِثَالِهَا لِأَنَّ مَا يَنْوِيهِ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ وَبَعْضُ يَمِينٍ فَتَكْمُلُ (ص) وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَغَابَ أَحَدُهُمْ غَيْبَةً قَرِيبَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إلَيْهِ الْأَخْبَارُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى قُدُومِهِ لِيَعْفُوَ أَوْ يَقْتُلَ وَأَمَّا إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ وَلِمَنْ حَضَرَ أَنْ يَقْتُلَ فَانْتِظَارُ الْغَائِبِ حَيْثُ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْقَتْلَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْعَفْوَ فَلَا يُنْتَظَرُ وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَلِلْغَائِبِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (ص) وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إذَا أَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يَقْتُلَ لِأَنَّ زَوَالَ الْإِغْمَاءِ قَرِيبٌ وَكَذَلِكَ يُنْتَظَرُ زَوَالُ الْبِرْسَامِ لِأَنَّ الْمُبَرْسَمَ إمَّا أَنْ يَمُوتَ عَاجِلًا أَوْ يَعِيشَ عَاجِلًا وَالْبِرْسَامُ وَرَمٌ فِي الرَّأْسِ يَثْقُلُ مِنْهُ الدِّمَاغُ وَإِنَّمَا اُنْتُظِرَ مَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْفُوَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْعَفْوَ فَلَا يُنْتَظَرُ ذُو الْعُذْرِ وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ (ص) لَا مُطْبَقٌ وَصَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ مَجْنُونًا مُطْبِقًا فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ يُجَنُّ أَحْيَانًا وَيُفِيقُ أَحْيَانًا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَكَذَلِكَ لَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَصَبَةِ اثْنَانِ أَبْعَدُ مِنْهُ أَوْ وَاحِدٌ وَيَسْتَعِينُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَيَأْتِي أَيْضًا وَسِنٌّ مُضْطَرِبَةٌ جِدًّا) أَيْ فِي قَلْعِهَا الْحُكُومَةُ أَيْ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّنِّ فِي الْمُصَنِّفِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مُضْطَرِبَةً جِدًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ الِاضْطِرَابُ يَسِيرًا فَفِيهَا الْعَقْلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي إزَالَةِ الْمُضْطَرِبَةِ وَسَيَأْتِي مَا إذَا وُجِدَ الِاضْطِرَابُ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ وَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَإِنْ ثَبَتَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرِ إلَخْ أَيْ مِنْ جِهَةِ أَخْذِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ كَالْقَوَدِ أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ لِلْإِيَاسِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إيَاسٌ وَقَوْلُهُ وَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ حَقَّهُ إلَخْ أَيْ لِكَوْنِهِ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ) أَيْ الذَّكَرِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ كَالْوَلَاءِ) حَقُّهُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى النِّكَاحِ إذْ فِيهِ ذِكْرُ تَرْتِيبِهِمْ وَلَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا شَبَّهَ الِاسْتِيفَاءَ بِالْوَلَاءِ دُونَ النِّكَاحِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ التَّسَلُّطِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ) أَيْ حَيْثُ يَتَعَيَّنُ لَهُ الثُّلُثُ بِأَنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ وَكَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ مِثْلَاهُ فَيُتَّفَقُ التَّأْوِيلَانِ فِي الْعَمْدِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطَأِ عَلَى حَلِفِ الثُّلُثِ كَمَا أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى حَلِفِ النِّصْفِ إذَا كَانَ مَعَهُ أَخٌ وَاحِدٌ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي الْخَطَأِ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ فَرْضُهُ وَفِي الْعَمْدِ هَلْ يَحْلِفُ الثُّلُثَ أَيْضًا كَالْخَطَأِ أَوْ كَوَاحِدٍ مِنْ الْإِخْوَةِ أَيْ يُقَدَّرُ زَائِدًا عَلَى عَدَدِ الْإِخْوَةِ فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ ثَلَاثَةً حَلَفَ رُبُعَ الْأَيْمَانِ وَأَرْبَعًا حَلَفَ خُمُسَهَا وَهُوَ عَشَرَةُ أَيْمَانٍ وَإِذَا كَانَ مَعَهُ خَمْسَةُ إخْوَةٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ تِسْعَةَ أَيْمَانٍ لِأَنَّ مَا يَنُوبُهُ مِنْهَا السُّدُسُ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَيْمَانٍ وَرُبُعٌ (تَنْبِيهٌ) : هَذَا كُلُّهُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي الْجُرْحِ إنَّمَا هُوَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ تَصِلُ إلَخْ) أَيْ فَضَابِطُ الْقُرْبِ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَيَكُونُ ضَابِطُ الْبُعْدِ عَدَمَ وُصُولِ الْأَخْبَارِ أَيْ فَلَا يُنْتَظَرُ أَسِيرٌ بِأَرْضِ حَرْبٍ وَشِبْهِهِ وَمَفْقُودٌ عَجَزَ عَنْ خَبَرِهِ فَإِنْ رُجِيَ قُدُومُهُ فِي مُدَّةٍ كَمُدَّةٍ يُظَنُّ مَعَهَا زَوَالُ الْإِغْمَاءِ وَالْبِرْسَامِ فَيَنْبَغِي انْتِظَارُهُ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ أَيْ فَحَيْثُ عَفَا الْحَاضِرُ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَإِنَّ لِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَصَبَةِ اثْنَانِ أَبْعَدُ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَإِخْوَةٌ كِبَارٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَاحِدٌ أَيْ أَوْ وَاحِدٌ بَعِيدٌ وَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ ابْنٌ صَغِيرٌ أَوْ ابْنَانِ صَغِيرَانِ وَابْنُ ابْنٍ إلَّا أَنَّهُ كَبِيرٌ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ ابْنِهَا الصَّغِيرِ فَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ كَعَمِّ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ فِي مَرْتَبَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 بِعَاصِبِهِ أَوْ يَكُونُ فِي مَرْتَبَتِهِ كَبِيرٌ وَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا أَمَّا إنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْقِصَاصِ عَلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ بِأَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَالصَّغِيرُ مَعَهُ ثُمَّ يُنْتَظَرُ الصَّغِيرُ إلَى بُلُوغِهِ فَيَحْلِفُ بَقِيَّةَ الْأَيْمَانِ وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ فَإِنْ شَاءَا اقْتَصَّا أَوْ عَفَوَا عَنْ الْجَانِي وَبِعِبَارَةٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ رَاجِعٌ لَهُمَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا هُنَا (ص) وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ اللَّاتِي لَوْ كُنَّ ذُكُورًا كُنَّ عَصَبَةً فَتَخْرُجُ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَإِنْ وَرِثَتْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُنَّ عَاصِبٌ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ يُوجَدُ عَاصِبٌ أَنْزَلَ كَعَمٍّ مَعَ بِنْتٍ أَوْ أُخْتٍ فَيُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ وَعَنْ الْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ فَإِنَّهُ لَا دُخُولَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي عَفْوٍ وَلَا قَوَدٍ وَقَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إلَخْ أَيْ وَالْقَتْلُ ثَابِتٌ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا بِقَسَامَةٍ فَسَيَأْتِي قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ مِمَّنْ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِنَّ رَجُلٌ وَرِثَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالتَّعْصِيبِ احْتِرَازٌ مِنْ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَالْجَدَّةِ لِلْأُمِّ وَأَمَّا الْأُمُّ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهَا رَجُلٌ وَهُوَ الْأَبُ وَرِثَ بِالتَّعْصِيبِ إذْ لَهَا الثُّلُثُ وَلَهُ الْبَاقِي وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَهَا مَعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ سَاوَاهَا الْعَاصِبُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَهَذَا الشَّرْطُ أَيْ الزَّائِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (ص) وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (ش) أَيْ وَلِكُلٍّ مِنْ النِّسَاءِ وَالْعَاصِبِ غَيْرِ الْمُسَاوِي الْقَتْلُ أَيْ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ عَفَا الْفَرِيقُ الْآخَرُ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا حُكْمُ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ مَعًا أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْفَرِيقِ وَوَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِ وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالِاجْتِمَاعِ لَا بِالْجَمِيعِ وَتَقْيِيدُ هَذِهِ بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بِبَعْضِهِمَا فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ هَذَا (ص) كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ بِقَسَامَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ كَمَا إذَا تَرَكَ الْمَقْتُولُ ابْنَةً وَأُخْتًا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ وَأَعْمَامًا وَالْحَالُ أَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا حُكْمُ الْعَفْوِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْعَصَبَةِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ فِيهِ وَالْحَقُّ فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَسَامَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (ص) وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ (ش)   [حاشية العدوي] كَبِيرٌ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ تَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَابْنًا كَبِيرًا فَذَلِكَ الِابْنُ الْكَبِيرُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ كَعَمِّهِ أَوْ ابْنِ عَمِّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ وَأَمَّا مَنْ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِبَيِّنَةٍ فَيُقْتَلُ وَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ تَكْرَارًا بَلْ قَالَ نَوْعَ تَكْرَارٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ لَا تَكْرَارَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا (قَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ) أَيْ وَالِاسْتِيفَاءُ يَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ أَيْ يَثْبُتُ لَهُنَّ مَعَ غَيْرِهِنَّ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ يَثْبُتُ لَهُنَّ وَحْدَهُنَّ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ أَيْ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ فَمَتَى سَاوَاهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ فَلَا كَلَامَ أَيْ فَإِنْ سَاوَاهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ دُونَ الْقُوَّةِ كَإِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ مَعَ إخْوَةٍ لِأَبٍ فَلَهُنَّ الْكَلَامُ مَعَهُمْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَعَنْ الْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ أَيْ الْمُسَاوِي لَهَا فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِقَسَامَةٍ فَسَيَأْتِي) الْمُنَاسِبُ التَّعْمِيمُ لِأَنَّ الشَّارِحَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ) لَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهَا رَجُلٌ لَكَانَ أَخًا لِأُمٍّ وَقَوْلُهُ وَالزَّوْجَةُ لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا الزَّوْجُ وَقَوْلُهُ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا الْجَدُّ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَيُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ لِأَنَّ نَفْيَ مُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ فَرْعٌ عَنْ تَعَقُّلِ مُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ (قَوْلُهُ أَيْ الزَّائِدُ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ نَقُولَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَا عَفْوَ أَيْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الْعَفْوُ مِنْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ أَيْ لِأَنَّ التَّكْرَارَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا حَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا حَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ فَلَا تَكْرَارَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَدْ مِنْ هُنَا إنَّمَا أُفِيدَ مِمَّا يَأْتِي أَيْ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ التَّقْيِيدِ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ حِلُّهُ مِنْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَاوٍ لِلصُّورَتَيْنِ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَحْضٌ لَا نَوْعُ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ) أَيْ مِنْ الْأَعْمَامِ الْمُصَاحِبِينَ لَهُنَّ (قَوْلُهُ فَمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْأُخْتَ تُسَاوِي الْبِنْتَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ فِيهِ لِلنِّسَاءِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَكُونُ لَهُنَّ الْكَلَامُ اسْتِقْلَالًا إلَّا إذَا حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيُشَارِكُهُنَّ فِي الْكَلَامِ غَيْرُهُنَّ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُنَّ (قَوْلُهُ وَهَذَا دَاخِلٌ) التَّعْبِيرُ بِالدُّخُولِ يُفِيدُ شُمُولَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ بِمَا إذَا كُنَّ حُزْنَ الْمِيرَاثَ أَوَّلًا وَلَوْ كَانَ قَاصِرًا عَلَى عَدَمِ حِيَازَةِ الْمِيرَاثِ لَقَالَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 يَعْنِي أَنَّ الْوَارِثَ يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لِمُوَرِّثِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَارِثِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى كَانَ الْكَلَامُ لَهُمَا وَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمَا فَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ لِابْنِ الْمَقْتُولِ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ كَانَ الْكَلَامُ لِلْبِنْتِ مَعَ أَخِيهَا فَلَا يُرَاعَى فِي الْوَارِثِ الْأُنْثَى عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهَا كَمَا رُوعِيَ ذَلِكَ فِي أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ لِبِنْتِ الْمَقْتُولِ وَعَمِّهَا مَثَلًا وَمَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ كَانَ لَهَا الْكَلَامُ مَعَ الْعَمِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ (ص) وَلِلصَّغِيرِ إنْ عَفَا نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا كَانَ فِيهِمْ كِبَارٌ وَصِغَارٌ فَعَفَا الْكِبَارُ عَنْ الْقَتْلِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي وَإِنْ سَقَطَ الْقَتْلُ فَإِنَّ حَقَّ الصَّغِيرِ لَا يَسْقُطُ مِنْ الدِّيَةِ بَلْ لَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (ص) وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ هُوَ الصَّغِيرُ وَحْدَهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا يَنْظُرُ فِي أَمْرِ مَحْجُورِهِ فَإِنْ رَأَى الْقِصَاصَ هُوَ الْأَصْلَحُ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ اقْتَصَّ لَهُ مِنْ الْجَانِي وَإِنْ رَأَى أَخْذَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ هُوَ الْأَصْلَحُ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ أَخَذَهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ كَانَ الْقَاتِلُ مَلِيئًا وَهَذَا لَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْقِصَاصَ يَتَعَيَّنُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا الْمَحَلُّ مَحَلَّ ضَرُورَةٍ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْقَطْعِ الْآتِيَةِ حَيْثُ رَضِيَ الْجَانِي بِدَفْعِ الدِّيَةِ فَإِنْ أَبَى فَلَيْسَ إلَّا الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَحِينَئِذٍ لَا مُخَالَفَةَ لَكِنْ هَذَا الْحَمْلُ خِلَافُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ كَوْنِ النَّظَرِ لِوَلِيِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ أَوْلِيَاءٌ وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَهُمْ وَقَوْلُهُ (كَقَطْعِ يَدِهِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ فَإِنْ رَأَى الْقَطْعَ أَصْلَحَ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ وَإِنْ رَأَى أَخْذَ الدِّيَةِ كَامِلَةً أَصْلَحَ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ أَخَذَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ كَانَ الْقَاطِعُ مَلِيئًا فَإِنْ كَانَ الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ مُعْسِرًا فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَالِحَ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِعُسْرٍ) أَيْ إلَّا لِعُسْرِ الْجَانِي (فَيَجُوزُ) صُلْحُهُ (بِأَقَلَّ) مِنْ الدِّيَةِ فِيهِمَا (ص) بِخِلَافِ قَتْلِهِ فَلِعَاصِبِهِ وَالْأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ فِي عَبْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَتَلَهُ فَإِنَّ النَّظَرَ فِي أَمْرِهِ يَنْتَقِلُ لِعَصَبَتِهِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْوَصِيِّ بِالْمَوْتِ وَلَوْ قَتَلَ إنْسَانٌ عَبْدَ كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ عَمْدًا أَوْ جَرَحَهُ فَالْأَوْلَى لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ أَيْ الْقِيمَةَ أَوْ مَا نَقَصَهُ وَلَا يَقْتَصُّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ إذْ لَا نَفْعَ لِلْمَحْجُورِ فِي الْقَوَدِ وَإِنَّمَا قَالَ لِعَاصِبِهِ وَلَمْ يَقُلْ لِوَارِثِهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي وِلَايَةِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَأَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ هُنَا كَحُكْمِهِنَّ فِيمَا مَرَّ يَعْنِي إذَا سَاوَاهُنَّ عَاصِبٌ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ فِي عَفْوٍ وَلَا فِي ضِدِّهِ وَالْإِخْرَاجُ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ وَقَتْلُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحَبُّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِهِ أَيْ عَبْدِ الْمَحْجُورِ (ص) وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ بِأَجْرِهِ الْمُسْتَحِقِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا وَجَبَ فِي جُرْحٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الَّذِي يَقْتَصُّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ الْوَارِثُ الَّذِي جَعَلَهُ كَالْمُوَرِّثِ زَوْجُ الْمُوَرِّثِ الَّذِي هُوَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَزَوْجَتُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ رَأَى الْقِصَاصَ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَلِوَلِيِّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَقَوْلُهُ اُقْتُصَّ لَهُ مِنْ الْجَانِي أَيْ وُجُوبًا أَيْ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ وَقَوْلُهُ أَخَذَهَا أَيْ وُجُوبًا أَيْ لِكَوْنِ الْمَصْلَحَةِ تَعَيَّنَتْ فِي ذَلِكَ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ وَالْحُكْمُ التَّخْيِيرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَهَا لِلِاخْتِصَاصِ يُجَامِعُ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ فَإِنْ كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ كَبِيرٌ اسْتَقَلَّ عَنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرِ الْوَصِيِّ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَحَلُّ مَحَلَّ ضَرُورَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ صِغَرَهُ ضَرُورَةٌ فَلِذَلِكَ كَانَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالتَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ ذَا مَالٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَأْنُهُ الضَّعْفُ فِي الْجُمْلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَلَعَلَّ هَذَا أَحْسَنُ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْقَاطِعُ مَلِيئًا) فَلَوْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مَعَ عَدَمِ الْجَوَازِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي أَيْ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَرْضَى بِأَكْثَرَ وَتَرَكَهُ الْوَلِيُّ وَرَضِيَ بِالْأَقَلِّ وَلَا رُجُوعَ لِلْجَانِي عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُسْرِ الْجَانِي) أَيْ وَيُحْتَمَلُ إلَّا لِعُسْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْجَانِي الْمَلِيءِ إلَّا هـ. ذَا الشَّيْءُ الْقَلِيلُ فَيَجُوزُ لِحَاجَةِ الصِّغَرِ (قَوْلُهُ عَبْدَ كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِثْلَ الصَّغِيرِ السَّفِيهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ إلَخْ) مُنَاقِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ أَخْذِ الْمَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْقَوْلُ الْأَحَبُّ بِمَعْنَى وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ هَذَا مَعْنَاهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عب وَالْمَنْقُولُ هُوَ الْأَوَّلُ وَجَعَلَ بَعْضٌ أَنَّهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ الْأَوْلَى أَخْذُ الْمَالِ أَيْ الْقِيمَةِ أَوْ مَا نَقَصَهُ وَأَمَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَصْلَحَةِ فِي أَحَدِهِمَا أَيْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْقِيمَةُ أَوْ مَا نَقَصَهُ الثَّانِي الْقِصَاصُ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إذَا وَجَبَ فِي جُرْحٍ) أَيْ أَوْ قَتْلٍ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَيْ يَعْرِفُ الْجِرَاحَ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا وَكَيْفِيَّةً وَمَا يَقْتُلُ مِنْهَا وَمَا لَا يَقْتُلُ وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَأَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْجُرْحِ لَا يُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمِثْلِ مَا جَرَحَ بِهِ فَإِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً مَثَلًا بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْمُوسَى وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا وَمَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يُسَلَّمْ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَهُ قَتْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ يَسِيرٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 أَيْ يُبَاشِرُ الْقِصَاصَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِصَاصِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَأَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْجَانِي إنَّمَا هُوَ التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَطْ (ص) وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ وَنَهْيٌ عَنْ الْعَبَثِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْقَتْلَ إلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ بِالْجَانِي فَلَا يُمَثَّلُ بِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ غَيْرُ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا وَلَهُ وَلِيٌّ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ لَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الْحَاكِمُ (ص) وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ كَ لِبُرْءٍ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَلَوْ كَجَائِفَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا جَنَى جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ تُوجِبُ الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِأَجْلِ الْبَرْدِ الْمُفْرِطِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَرِّ الْمُفْرِطِ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى الْجَانِي فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا وَأَمَّا إذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى نَفْسٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ وَاضِحٌ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَأُخِّرَ لِزَوَالِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا وَاخْتِيرَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَلَا لِبَرْدٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ وَكَذَلِكَ يُؤَخَّرُ الْقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْجَانِي إنْ كَانَ مَرِيضًا وَتَبْرَأَ أَطْرَافُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّفْسِ فَتُسْتَحَقُّ تِلْكَ النَّفْسُ بِقَسَامَةٍ كَمَا يُؤَخَّرُ الْعَقْلُ فِي الْجُرْحِ إلَى الْبُرْءِ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا أَدَبَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ فِيمَا لَا يُسْتَطَاعُ الْقَوَدُ فِيهِ إنْ كَانَ عَمْدًا كَكَسْرِ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالصُّلْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَالتَّأْخِيرُ لِلْعَقْلِ مَطْلُوبٌ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُوضِحَةِ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَدِيَةِ خَطَأٍ مُشَبَّهٌ بِالْمُشَبَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَ لِبُرْءٍ أَيْ كَمَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْجُرْحِ الْخَطَأِ لِ كَبُرْءٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَمْ لَا لَا بِالْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ أُخِّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُتَعَذِّرٌ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ ظَالِمٌ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ وَالْقَطْعُ وَنَحْوُهُ أَمْرٌ زَائِدٌ أَوْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي الْقَطْعُ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ رَدُّ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ (قَوْلُهُ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ دَفْعِ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَحِينَئِذٍ فَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنْهِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا وَلَوْ كَانَ قَدْ عَبِثَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مُثْلَتَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ وَلِيٌّ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ الْمُتَكَلِّمِ فِي الدَّمِ لِيَشْمَلَ وَصِيَّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الْمَحْجُورَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ إلَخْ) أَيْ كَالْأَطْرَافِ وَالْحُدُودِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّمْكِينِ فَوُرُدُ النَّصِّ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمَ الْقَاتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَقَالَ دُونَك صَاحِبُك» فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَأُخِّرَ لِزَوَالِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِبَرْدٍ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَيُعَارِضُ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ احْتِمَالٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقِصَاصِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَمْرٌ عَامٌّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَحَيْثُ كَانَتْ عِلَّةُ التَّأْخِيرِ الْخَوْفَ فَكُلُّ جِرَاحَةٍ كَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا أَمْ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْجَانِي إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِكَبُرْءٍ شَامِلٌ لِبُرْءِ الْجَانِي وَبُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْبُرْءُ قَبْلَ سَنَةٍ أَوْ بَعْدَهَا بِخِلَافِ ذَهَابِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ سَنَةً لِتَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَكَذَا غَيْرُهُ يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ كَمَا يُؤَخَّرُ الْعَقْلُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ إلَخْ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْخَطَأِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَيُرَادَ بِالْعَقْلِ مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَجَائِفَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْخَطَأِ مَا يَشْمَلُ الْعَمْدَ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ التَّحَوُّزِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي كُلٍّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعَمَّمُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ فَنَقُولُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةِ فَيُخَصَّصُ بِالْخَطَأِ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ الْعَمْدَ فِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ يُعَجَّلُ لِلْمَجْرُوحِ مَا فِيهِ دِيَةٌ مُقَرَّرَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ عِنْدَهُ بِمَا إذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَلَا يُعَجَّلُ الْعَقْلُ فِيهِمَا عِنْدَهُ انْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَمَا قَالُوا أَنَّ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَزِيدَ حَتَّى تَحْمِلَهُ الْعَاقِلَةُ فَلِذَا قَالَ بِتَأْخِيرِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ شَارِحِنَا ذِكْرُ الْمُوضِحَةِ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ أَيْ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ الْقَوَدَ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَيْ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أُخِّرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ وَأُخِّرَ الْقَوَدُ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ كَمَا يُؤَخَّرُ الْقَوَدُ لِكَبُرْءٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْمُؤَخَّرُ الْقَوَدُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ كَدِيَةٍ إلَخْ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ الْمُؤَخَّرِ لَكِنْ إنْ شُبِّهَ بِهِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِكَبُرْءٍ أَفَادَ تَأْخِيرَ أَخْذِ دِيَةِ الْخَطَأِ مُطْلَقًا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ شُبِّهَ بِهِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِبَرْدٍ وَحَرٍّ أَفَادَ أَنَّ تَأْخِيرَ دِيَةِ الْخَطَأِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَقَطْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 لِقُصُورِهِ عَلَى ذَلِكَ (ص) وَالْحَامِلُ وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ لَا بِدَعْوَاهَا وَحُبِسَتْ كَالْحَدِّ (ص) يَعْنِي أَنَّ الْحَامِلَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا قَتْلٌ أَوْ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ مَوْتُهَا فَإِنَّ الْقَوَدَ يُؤَخَّرُ عَنْهَا إلَى الْوَضْعِ وَوُجُودِ مُرْضِعٍ لِضَرُورَةِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا لَوْ قُتِلَتْ الْآنَ لَأُخِذَ بِالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ نَفْسَانِ وَمِثْلُهُ الْجُرْحُ الْمُخِيفُ وَهَذَا إذَا عُرِفَ أَنَّهَا حَامِلٌ إمَّا بِظُهُورِ الْحَمْلِ أَوْ حَرَكَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا بِدَعْوَاهَا فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَقُلْنَا تُؤَخَّرُ لِأَجْلِ حَمْلِهَا لِلْوَضْعِ فَإِنَّهَا تُحْبَسُ ثُمَّ تُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَزِمَهَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تُحْبَسُ إلَى الْوَضْعِ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ إقَامَتِهِ فِي الْحَالِ الْمَوْتُ وَتَعَرَّضَ الْمُؤَلِّفُ لِحَبْسِ الْحَامِلِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ أُخِّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ (ص) وَالْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْضِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ فِي النَّفْسِ فَإِنَّ الْقَوَدَ يُؤَخَّرُ عَنْهَا إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُ الطِّفْلَ خَوْفَ هَلَاكِهِ مِنْ قِلَّةِ الرَّضَاعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أُخِّرَتْ حَتَّى تُرْضِعَهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا (ص) وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا وَبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يُخَفْ لَا بِدُخُولِ الْحَرَمِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تُؤَخَّرُ الْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِنْ قَطْعِهِمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ حَيْثُ اجْتَمَعَ عَلَى الْجَانِي قَطْعُ طَرَفَيْنِ مَثَلًا وَإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَّانِ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا عَلَيْهِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أُقِيمَا عَلَيْهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ أَكْبَرُهُمَا كَمَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ وَقَذَفَ أَوْ شَرِبَ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْمِائَةُ حَدُّ الزِّنَا فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الثَّمَانُونَ قَالَ فِيهَا مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَدٌّ لِلْعِبَادِ بُدِئَ بِحَدِّ اللَّهِ إذْ لَا عَفْوَ فِيهِ وَيُجْمَعُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُفَرَّقُ انْتَهَى فَلَوْ قَطَعَ وَاحِدًا وَقَذَفَ آخَرَ فَإِنَّهُمَا يَقْتَرِعَانِ عَلَى التَّبْدِئَةِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أُقِيمَ حَدُّهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لِلَّهِ كَمَا قَالَهُ تت وَإِذَا لَزِمَ الْجَانِيَ قِصَاصٌ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ فَإِنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْحَرَمِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ أَنْ تُقَامَ فِيهِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ إلَى فَرَاغِ نُسُكِهِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَاتِلَ إذَا الْتَجَأَ إلَى الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِيهِ بَلْ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَرَمِ الْمُحَدَّدُ فِي بَابِ الْحَجِّ لَا خُصُوصُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] حَمَلُوهُ عَلَى مَا يَحْرُمُ فِيهِ الِاصْطِيَادُ وَلَمَّا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ إمَّا رِجَالٌ فَقَطْ أَوْ نِسَاءٌ فَقَطْ أَوْ هُمَا تَكَلَّمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي   [حاشية العدوي] فَظَهَرَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ وَالْمُشَبَّهَ بِهِ ذَاتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْقَوَدُ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ غَيْرُ نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْبُرْءِ فَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ جُعِلَ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْبُرْءِ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ أَفَادَ أَنَّ التَّأْخِيرَ يَكُونُ مُطْلَقًا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ جُعِلَ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ أَفَادَ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ لِخُصُوصِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَامٌّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْحَامِلُ وَإِنْ بِجُرْحٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِيهَا بِجُرْحٍ مُخِيفٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْجُرْحُ الْمُخِيفُ) أَيْ مِثْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ لَوْ جُرِحَتْ لَرُبَّمَا مَاتَتْ فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْوَحَمِ الْمَعْلُومِ لِلنِّسَاءِ وَأَوْلَى شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ وَأَنْ يَظْهَرَ بِحَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَزِمَهَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ) قَذْفًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا تُحْبَسُ لِغَيْبَةِ وَلِيِّ الدَّمِ الَّذِي يُنْتَظَرُ وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَرَضِ جَانٍ أَوْ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ) أَيْ فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ إذَا خِيفَ جَمْعُهَا وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْنَى تُؤَخَّرُ مُوَالَاتُهَا إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَتُجْمَعُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ يُفَرَّقُ الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ إنْ خِيفَ الْهَلَاكُ بِجَمْعِهِ وَقَوْلُهُ كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ أَيْ كَشُرْبِ وَزِنَا بِكْرٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ مُوَالَاتِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) مِنْ الْمَوْتِ فَإِنْ خِيفَ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ كَالثَّمَانِينَ لِلشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ أَيْضًا بُدِئَ بِالْأَشَدِّ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُ وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَخَفِّ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ أَيْضًا وَإِلَّا اُنْتُظِرَ إلَى أَنْ يَقْدِرَ أَوْ يَمُوتَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ حُبِسَ وَأُدِّبَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا لِآدَمِيَّيْنِ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ عَمْدًا وَقَذْفِ آخَرَ بُدِئَ بِأَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ إنْ قَدَرَ عَلَى مَا ظَهَرَ بِهَا وَلَوْ مُفَرَّقًا فِيمَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ كَقَطْعِ الْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ لِشَخْصٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بُدِئَ بِالْآخِرِ مُجْمَلًا أَوْ مُفَرَّقًا فِيمَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ أُدِّبَ وَسُجِنَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ وَيُجْمَعُ عَلَيْهِ أَوْ يُفَرَّقُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بُدِئَ بِمَا لِلْآدَمِيِّ مُجْمَلًا أَوْ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ أَوْ مَوْتُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ إلَخْ) أَيْ بِبِكْرٍ مَثَلًا أَوْ قَذَفَ فَيَكُونُ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا زَنَى بِذَاتِ زَوْجٍ فَيَكُونُ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِآدَمِيٍّ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلزَّوْجِ وَالْقَذْفُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِآدَمِيٍّ (قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَ) أَيْ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ وَشَرِبَ إنْ أُرِيدَ زَنَى بِبِكْرٍ فَالْحَقَّانِ لِلَّهِ وَإِنْ أُرِيدَ زَنَى بِثَيِّبٍ فَيَكُونُ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ فَالزِّنَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَالشُّرْبُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لِلَّهِ) أَيْ بَلْ إذَا كَانَ لِآدَمِيٍّ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ وَيَخَافُ مِنْ مُوَالَاتِهِمَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَاتِلَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ فَصَلَ بَيْنَ الطَّرَفِ فَيُقْتَصُّ فِي الْحَرَمِ وَبَيْنَ النَّفْسِ فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ وَأَمَّا إنْ جَنَى فِيهِ فَيُقْتَصُّ فِيهِ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ} [آل عمران: 97] إلَخْ) وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 25 (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلدَّمِ إنْ كَانُوا رِجَالًا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَعْمَامٍ أَوْ إخْوَةٍ مَثَلًا فَعَفَا أَحَدُهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ لِأَنَّ عَفَوْهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عَفْوِ الْجَمِيعِ فَقَوْلُهُ كَالْبَاقِي الْمَجْرُورُ نَعْتٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُسَاوٍ مَعَ الْبَاقِي فِي دَرَجَتِهِ وَأُخْرَى لَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ كَمَا لَوْ عَفَا الِابْنُ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ أَوْ الْأَخِ وَمَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي فِي دَرَجَةِ الْعَافِي بَلْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِعَفْوِهِ كَمَا لَوْ عَفَا الْعَمُّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ وَالضَّمِيرُ فِي سَقَطَ لِلْقِصَاصِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ قَوْلُهُ رَجُلٌ أَيْ لَا امْرَأَةٌ فَإِنَّ فِيهَا التَّفْصِيلَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِاعْتِرَافٍ مِنْ الْجَانِي وَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ بِنْتًا وَأُخْتًا فَقَطْ فَإِنَّ الْبِنْتَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي الْقِيَامِ بِالدَّمِ وَتَرْكِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهِمَا فِي الْمِيرَاثِ مُسَاوَاتُهُمَا فِي الْقِصَاصِ وَعَدَمِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَيَقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ فَلَا عَفْوَ لَهَا وَإِنْ أَرَادَتْ الْقَتْلَ وَعَفَا الْعَصَبَةُ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ مِنْهَا وَمِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْبِنْتِ مَا يَشْمَلُ بِنْتَ الِابْنِ (ص) وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ (ش) أَيْ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتٍ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ مِنْ بَنَاتِ ابْنٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى الْإِمْضَاءَ صَوَابًا وَسَدَادًا أَمْضَاهُ وَإِنْ رَأَى أَنَّ قَصْدَهَا الضَّرَرُ وَإِذَايَةُ الْبَاقِي رَدَّهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ قَالَ وَاحِدَةٌ مِنْ كَبَنَاتٍ كَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا كَانَ الْحَاكِمُ يَنْظُرُ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْبَاقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ (ص) وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بِبَعْضِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلدَّمِ إذَا كَانُوا رِجَالًا وَالنِّسَاءُ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الرِّجَالِ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَإِنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِعَفْوِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا أَوْ بِبَعْضِ الْفَرِيقَيْنِ فَإِنْ عَفَا فَرِيقٌ وَطَلَبَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَأَتَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ عِلْمُهَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ بِبَعْضِهِمَا الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ كَمَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ لَهُ وَقَوْلُنَا وَالنِّسَاءُ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الرِّجَالِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ الرِّجَالُ مُسَاوِينَ لِلنِّسَاءِ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَمَا مَرَّ (ص) وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَتْلَ إذَا كَانَ   [حاشية العدوي] فِي الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا إلَّا لِمَانِعٍ بِدَلِيلِ آيَةِ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] (قَوْلُهُ أَيْ مُسَاوٍ مَعَ الْبَاقِي فِي دَرَجَتِهِ) أَيْ وَفِي الْقُوَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِعَفْوِ الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَخِ الشَّقِيقِ أَوْ الْأَخِ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَالْبَاقِي عَفْوَ الْجَدِّ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ مَعَ الْأَخَوَيْنِ فَإِنْ وَرِثَ أَنْقَصَ مِنْهُ لَمْ يُعْتَبَرْ عَفْوُهُ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ وَأَوْجَبُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا عَفَتْ الْبِنْتُ سَقَطَ الْقِصَاصُ ظَاهِرُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ مِنْ الدِّيَةِ وَإِذَا طَلَبَتْ الْقِصَاصَ أُجِيبَتْ إلَيْهِ وَلَا كَلَامَ لِلْأُخْتِ مَعَهَا أَفَادَهُ فِي ك أَيْ بِخِلَافِ لَوْ عَفَا ابْنٌ فَلِأَخِيهِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ وَكَذَا لَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ مَعَ الْبِنْتِ الَّتِي مَعَهَا الْأُخْتُ وَهَذَا إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ إلَخْ فَإِذَا أَرَادَتْ الْبِنْتُ الْقَتْلَ دُونَ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا أَرَادَتْهُ وَلَوْ وَافَقَتْ الْأُخْتُ الْأَوْلِيَاءَ عَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ وَإِذَا أَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْقَتْلَ وَأَبَتْ الْبِنْتُ مِنْهُ فَالْكَلَامُ لَهُمْ وَلَوْ وَافَقَتْهَا الْأُخْتُ فَالْعَفْوُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْبِنْتِ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ (تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّكَلُّمُ فِي الدَّمِ لِلْبِنْتِ وَالْأُخْتِ دُونَ أَحَدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ وَلِمَا إذَا كَانَ التَّكَلُّمُ لِلْبِنْتِ وَالْأُخْتِ مَعَ الْعَصَبَةِ كَمَا إذَا ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِنْ النِّسَاءِ هُوَ الْبِنْتُ فَقَطْ لَا الْأُخْتُ (قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مِيرَاثِ اسْتِيفَاءِ الدَّمِ وَلَا يَدْخُلُ الْإِنَاثُ إلَّا إذَا كُنَّ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الذُّكُورِ (قَوْلُهُ فَلَا عَفْوَ لَهَا) أَيْ وَالْقَوْلُ لَهُمْ فِي طَلَبِ الْقَتْلِ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ إلَخْ) فَإِذَا أَمْضَى الْإِمَامُ بِنَظَرِهِ عَفْوَ بَعْضِ الْبَنَاتِ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ وَمِنْ جَمِيعِ الْأَخَوَاتِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِنْتٌ يُفْهِمُ أَنَّهُنَّ لَوْ عَفَيْنَ كُلُّهُنَّ أَوْ أَرَدْنَ الْقَتْلَ كُلُّهُنَّ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ نَظَرٌ ثُمَّ إذَا عَفَا كُلُّهُنَّ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لِلْأَخَوَاتِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَفْوُهُنَّ فَلِلْأَخَوَاتِ نَصِيبُهُنَّ مِنْ الدِّيَةِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ التَّكَلُّمَ فِي الدَّمِ لِلْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ أَوْ لِلْبَنَاتِ فَقَطْ دُونَ أَحَدٍ مِنْ عَصَبَةِ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ أَوْ بِبَعْضِهِمَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ عَدَدُ أَحَدِ الْبَعْضَيْنِ دُونَ عَدَدِ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ إذَا كَانَ النِّسَاءُ لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ (قَوْلُهُ الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ) أَيْ الْمُقَيِّدِ لِمَفْهُومِ مَا مَرَّ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فَلَا إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْ بَعْضٍ كُلٌّ (قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا أَوْ عَفَا مَجَّانًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ الْجَمِيعِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ الْبَعْضِ مَجَّانًا فَإِنَّ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ أَوْ وَقَعَ الْعَفْوُ مِنْ الْجَمِيعِ مُرَتَّبًا كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَفْوُ مِنْ الْبَعْضِ ثُمَّ بَلَغَ عَفْوُهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَعَفَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ مِنْ أُخْتٍ وَزَوْجٍ وَزَوْجَةٍ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 عَمْدًا وَعَفَا عَنْ الْقِصَاصِ بَعْضُ مُسْتَحَقِّيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ تَرَتُّبِ الدَّمِ وَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَسَامَةٍ فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ وَلَكِنْ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ فَقَوْلُهُ وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَتْلَ ثَابِتٌ إذْ لَا يُقَالُ أَسْقَطَ إلَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ ثَابِتًا وَهَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إلَى هُنَا وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلِلصَّغِيرِ إنْ عَفَا نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ وَمَهْمَا أَيْ وَحَيْثُ أَسْقَطَ الْبَعْضُ الْقِصَاصَ سَقَطَ فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ مُسَبَّبٌ عَنْ الْجَوَابِ قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ أَيْ وَمَهْمَا أَسْقَطَ بَعْضُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ فِي الْقِصَاصِ مَجَّانًا فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ أَوْ مَعَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ كَأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ أَوْ مَعَهُمَا بِنْتٌ بِخِلَافِ لَوْ عَفَتْ الْبِنْتُ وَمَعَهَا أُخْتُهُ فَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا وَلَيْسَ مَعَهَا مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَيَدْخُلُ فِيمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ (ص) كَإِرْثِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا وَرِثَ الدَّمَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَالْعَفْوِ عَنْهُ مِثَالُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ قَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ وَمِثَالُ مَا بَعْدَهَا إذَا قَتَلَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ أَبَاهُ عَمْدًا فَثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِجَمِيعِ الْإِخْوَةِ ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ وَرِثَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّةِ الْإِخْوَةِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ بِالْعَفْوِ كَمَا مَرَّ مِنْ الْمِثَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَنْ بَقِيَ رِجَالًا وَنِسَاءً وَالتَّكَلُّمُ لِلْجَمِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَمَّنْ وَرِثَ قِسْطًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ مِثَالُهُ مَا إذَا قَتَلَ أَخٌ شَقِيقٌ أَخَاهُ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ غَيْرَ الْقَاتِلِ فَمَاتَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَمُوَرِّثِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ بِإِرْثِهِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ كَإِرْثِهِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ سَقَطَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قِسْطًا لَكَفَاهُ عَنْ قَوْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ (ص) وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ (ش) أَيْ إرْثُ الدَّمِ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ تَنْزِلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ فَتَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِيهَا مَنْ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فَوَرَثَتُهَا مَكَانُهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً فَقَوْلُهُ وَإِرْثُهُ أَيْ وَإِرْثُ الْقِصَاصِ أَوْ الدَّمِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ كَالْمَالِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَفِي تَعْقِيبِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى شَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ شَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَهَذَا يَدْخُلَانِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْقِصَاصِ وَأَمَّا عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ أَيْ وَإِرْثُ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَالْمَالِ الْمَوْرُوثِ فِي عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْعَاصِبِ بِهِ فَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ لِأَنَّ مَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَمَا عَلِمْت (ص) وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ مُسَمًّى وَإِنَّمَا فِيهِ الْقَوَدُ عَيْنًا كَمَا مَرَّ فَيَجُوزُ صُلْحُ الْجَانِي فِيهِ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرَضٍ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَعَنْ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ فِي عَمْدٍ أَيْ فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالْجُرْحَ (ص) وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْخَطَأِ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الْجُرْحِ حُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْخَطَأَ مَا فِيهِ إلَّا الْمَالُ وَهُوَ دَيْنٌ فَيُرَاعَى فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَلَا الْعَكْسُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَنْ إبِلٍ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] التَّرْتِيبِ وَالْمُصَاحَبَةِ أَنَّ التَّرْتِيبَ بِمُجَرَّدِ عَفْوِ الْأَوَّلِ تَرَتُّبٌ لَهَا أُلْحِقَ عَلَى الْجَانِي فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَفْوِ دَفْعَةً (قَوْلُهُ كَإِرْثِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالْأَصْلُ كَإِرْثِ الْقَاتِلِ الدَّمَ (قَوْلُهُ بِإِرْثِهِ مِنْ ذَلِكَ) لِأَنَّ الَّذِي بَقِيَ بَنَاتٌ لَا يَسْتَقْلِلْنَ بِالْعَفْوِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ النَّوْعَيْنِ أَيْ نَوْعِ الْبَنَاتِ وَنَوْعِ الْإِخْوَةِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ وَرِثَ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ مِنْ الْوَارِثِ وَالْبَنَاتُ هُنَا أَقْرَبُ مِنْ هَذَا الْأَخِ الَّذِي وَرِثَ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَالِاسْتِيفَاءِ لَكَانَ إذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ لَاخْتَصَّ بِالتَّكَلُّمِ الْعَصَبَةُ دُونَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَقَوْلُهُ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ إرْثَهُ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الِاسْتِيفَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ لَهُمَا دَخْلًا (قَوْلُهُ وَفِي تَعَقُّبِ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ فَهِمَ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الرِّجَالِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَدْخُلَانِ فِيهِ) أَيْ إذَا مَاتَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ عَنْ مَالٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَأَمَّا إذَا مَاتَ عَنْ دَمٍ اسْتَحَقَّهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمُرَادُ بِشَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) وَمِثْلُ الْخَطَأِ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَيُرَاعَى) أَيْ فَيُرَاعَى فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ مَا يُرَاعَى فِي بَيْعِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ) أَيْ وَلَوْ حَالًّا أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ صَرْفَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمُعَجَّلٍ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَا حَالَّيْنِ وَمَا هُنَا بَيْعُهُ عَمَّا هُوَ مُؤَجَّلٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ وَأَمَّا مَعَ التَّعْجِيلِ فَجَائِزٌ وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ (ص) وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَةٍ كَعَكْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا صَالَحَ أَوْلِيَاءَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَإِنَّ صُلْحَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَدْفَعُ الدِّيَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ فُضُولِيٌّ فِي صُلْحِهِ عَنْهُمْ كَمَا أَنَّ صُلْحَ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْجَانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ إذَا صَالَحَ عَنْهُ غَيْرُهُ (ص) فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَعَفَا عَمَّنْ قَتَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ وَصِيَّةً بِالدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وُقِفَ الزَّائِدُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا ضُمَّتْ لِمَالِهِ وَدَخَلَتْ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ (ص) وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا أَوْ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ إذَا عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا أُخَرَ مَعَ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ ثُلُثِهِ الدِّيَةُ وَلَا فَرْقَ فِي الْوَصَايَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَوْ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ أَوْ بَعْدَ سَبَبِهَا لَكِنْ الْمُتَوَهَّمُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَوْصَى بِهَا قَبْلَ سَبَبِهَا وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ صَوَابُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا أَنْ يَقُولَ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ كَدَارٍ مَثَلًا أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يَعِيشَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّغْيِيرُ لِلْوَصِيَّةِ وَهُوَ ثَابِتُ الذِّهْنِ فَلَمْ يُغَيِّرْ وَإِلَّا لَمْ تَدْخُلْ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِيمَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ لِلثُّلُثِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَوَصِيَّةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ أَيْ ثُلُثِ دِيَتِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الدِّيَةِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهَا أَوْ الدِّيَةُ وَذَكَرَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا مَالٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَصَايَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ أَيْ فِي ثُلُثِ الْوَاجِبِ فِي الْخَطَأِ وَكَذَا الْعَمْدُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمَالُ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْوَاجِبَ لِيَشْمَلَ مَا يَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ بَعْضُهَا أَوْ حُكُومَةٌ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ تَدْخُلُ فِيهِ كَمَا تَدْخُلُ فِي مَالِهِ (ص) بِخِلَافِ الْعَمْدِ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعُلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَمَاتَ وَلَمْ يَعْفُ عَمَّنْ قَتَلَهُ وَلَهُ وَصَايَا ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبِلَ وَرَثَتُهُ الدِّيَةَ فَإِنَّ وَصَايَاهُ لَا تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمَيِّتِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ الْمُوصِيَ قَالَ إنْ قَبِلَ أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي ثُلُثِهِ شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ ثُلُثِي مِمَّا عَلِمْت وَمِمَّا لَمْ أَعْلَمْ لَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى وَلَوْ أَنْفَذَ الْجَانِي مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَصَارَ يَتَكَلَّمُ ثُمَّ إنَّ الْأَوْلِيَاءَ قَبِلُوا الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي وَعَلِمَ بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْوَصَايَا حِينَئِذٍ تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى مَا يَنْوِيهِ فَيَمْضِي وَيُقَالُ فِي عَكْسِهِ وَهُوَ صُلْحُهُمْ عَنْهُ لَا يَمْضِي صُلْحُهُمْ عَلَيْهِ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَيَمْضِي صُلْحُهُمْ عَلَى مَا يَلْزَمُهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَتْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ أَلْفَانِ وَدِيَتُهُ أَلْفٌ (قَوْلُهُ وُقِفَ الزَّائِدُ) مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتُرِضَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ أَيْ فَالزَّائِدُ بَاطِلٌ لَا أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِمْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ إلَخْ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِثُلُثِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ بِغَيْرِ ثُلُثِهِ وَبِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِثُلُثِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِشَيْءٍ أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا يُفِيدُهُ شَارِحُنَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَوْ بِالشَّيْءِ أَيْ الْمُعَيَّنِ الْمَعْرُوفِ كَالدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَهُوَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ شَيْئًا يُرَادُ بِهِ الْمَحْذُوفُ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ بِقَوْلِنَا وَبِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ جُمْلَةِ ثُلُثِهِ الدِّيَةُ) أَيْ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُضَمُّ لِمَالِهِ وَتَصِيرُ مَالًا وَيُنْظَرُ لِثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ حَمَلَ الدِّيَةَ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ غَيْرُهَا اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الْجَمِيعَ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْجَمِيعِ وَجَبَ الْمَصِيرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا إلَخْ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ قَبْلَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَالَ الْحَاصِلَ مِنْ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا عَلِمَهُ الْمُوصِي حِينَ وَصِيَّتِهِ وَأُجِيبَ بِأَنْ يُقْرَأَ بَعْدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي مَضْمُومَ الْعَيْنِ سَبَبُهَا أَيْ الدِّيَةِ أَيْ تَأَخَّرَ بِبُعْدِ زَمَنِ سَبَبِ الدِّيَةِ عَنْ زَمَنِ الْإِيصَاءِ وَسَبَبُهَا هُوَ الْجُرْحُ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَإِنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَالَغَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ وَهُوَ هُنَا تَقَدُّمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبَبِ الدِّيَةِ بِبُعْدٍ وَاَلَّذِي قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ تَقَدُّمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبَبِ الدِّيَةِ بِقُرْبٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا شَرْطٌ فِيمَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدْخُلُ مَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يَكُونُ مَعْلُومًا لِلْمُوصِي حِينَ وَصِيَّتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا عَاشَ وَأَمْكَنَهُ التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ تَمَكُّنُهُ مِنْ التَّغْيِيرِ وَعَدَمِ التَّغْيِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ) أَيْ بِخِلَافِ دِيَةِ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُرَادُ بِمَوْتِهِ مَا يَشْمَلُ إزْهَاقَ رُوحِهِ لِأَجْلِ اتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهَا) يُقْرَأُ بِالْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ) تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يُغَيِّرْ مَعَ إمْكَانِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ حُكْمُهُ فِي الْإِرْثِ مِنْهُ وَإِرْثُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْحَيِّ فَإِذَا مَاتَ أَخُوهُ وَرِثَهُ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَخٌ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَنْفُوذُهَا وَرِثَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ وَنَحْوُهَا وَانْظُرْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ هَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ أَوْ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَجْهَزَ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 ص) وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا عَفَا عَمَّنْ جَرَحَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ صَالَحَهُ الْجَانِي عَلَى شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْلِيَاؤُهُ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا عَفْوَهُ أَوْ صُلْحَهُ أَوْ يَرُدُّوهُ وَيَقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْجَانِي فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُمْ فَلَوْ أَرَادَ الْجَانِي الرُّجُوعَ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبَى أَوْلِيَاءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُمْ لَا لَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَالِحْ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِتَمَامِهَا فِي بَابِ الصُّلْحِ فَتَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ بَابُهُ (ص) وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَبَرِئَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَكَذَّبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْجَانِي يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَرَدَّهَا عَلَى الْجَانِي وَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ الْجَانِي قُتِلَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ عَلَى الْعَفْوِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْعَفْوِ أَوْ أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى فِي السَّبَبِيَّةِ أَيْ فِي دَعْوَى الْعَفْوِ أَيْ بِسَبَبِ دَعْوَى الْعَفْوِ (ص) وَتَلَوَّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا قَالَ بَيِّنَتِي الَّتِي تَشْهَدُ لِي بِالْعَفْوِ غَائِبَةٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ بِاجْتِهَادِهِ أَيْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَدَيْنِهِ فَإِنْ حَضَرَتْ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ قُتِلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّلَوُّمَ ثَابِتٌ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ قَرِيبَةَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالصَّقَلِّيُّ ثُمَّ إنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً (ص) وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ وَلَوْ نَارًا إلَّا بِخَمْرٍ وَلِوَاطٍ وَسِحْرٍ وَمَا يَطُولُ وَهَلْ وَالسُّمِّ أَوْ يُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَاتِلَ يَقْتُلُ بِاَلَّذِي قَتَلَ بِهِ وَلَوْ كَانَ نَارًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَيُطْلَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي بِأَرْفَقَ مِمَّا جَنَى بِهِ فَإِذَا أَوْضَحَ بِحَجَرٍ أَوْ عَصَا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْمُوسَى وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ بِخَمْرٍ أَوْ بِلِوَاطٍ أَوْ بِسِحْرٍ أَوْ قَتَلَ بِشَيْءٍ يَطُولُ كَالتَّعْذِيبِ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُقْتَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَاصٍ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ قَوْلُهُمْ لَا يُقْتَصُّ بِاللِّوَاطِ مُرَادُهُمْ لَا يَجْعَلُ خَشَبَةً فِي دُبُرِهِ وَيَفْعَلُ بِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِيفَاءُ بِاللِّوَاطِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَمُرَادُهُمْ بِالْقَتْلِ بِالسِّحْرِ إذَا ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ بِالسِّحْرِ عَلَى كَيْفِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَفْعَلَهَا مَعَ نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَتَلَ بِالسُّمِّ هَلْ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ أَيْ فِي قَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ مِنْ السُّمِّ بِأَنْ يَسْأَلَ الْإِمَامُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَقْتُلُ مِثْلَ هَذَا وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ رُشْدٍ تَأْوِيلَيْنِ فَقَوْلُهُ وَهَلْ وَالسُّمِّ أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَقَوْلُهُ أَوْ يُجْتَهَدُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ   [حاشية العدوي] الْوَصَايَا بَيْنَ الَّذِي أَحْدَثَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ وَكَذَا مَا كَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ خِلَافًا لتت (قَوْلُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) عَمَّمَ الشَّارِحُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الْعَمْدَ (قَوْلُهُ أَوْ يَرُدُّونَهُ وَيُقْسِمُونَ) فَلَوْ رَدَّ الْوَلِيُّ الصُّلْحَ وَأَبَى مِنْ الْقَسَامَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ الصُّلْحُ لَا الْعَفْوُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ فَيُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَانِيَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ حِينَئِذٍ) أَيْ بِلَا قَسَامَةٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْقَاتِلِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهُ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ أَنَّ الْقَاتِلَ هُنَا جَازِمٌ بِأَنَّهُ حَصَلَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَكُونُ التَّلَوُّمُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهَا بِالْقَرِيبَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَابْنُ نَاجِي مُعْتَرِضًا إطْلَاقَ ابْنِ يُونُسَ الَّذِي هُوَ الصَّقَلِّيُّ وَالْقُرْبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَقَدِمَتْ وَشَهِدَتْ بِالْعَفْوِ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ فِيمَا يَنْبَغِي وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِذَا قَتَلَهُ الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَهَلْ كَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرُوا وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَمَا يَطُولُ إلَخْ) أَيْ يَطُولُ الْقَتْلُ بِهِ إنْ كَانَ الْفِعْلُ ثُلَاثِيًّا أَوْ يَطُولُ فِي مِثْلِهِ إنْ كَانَ رُبَاعِيًّا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْزِئْهُ قَتْلُهُ بِالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لِتَحْرِيمِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَتَلَ بِهِ) هَذَا كُلُّهُ إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَذِي عَصَوَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَلُوطُ الشَّخْصُ بِغَيْرِهِ وَيَقْتُلُهُ وَيَسْتَمِرُّ حَيًّا وَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِغَيْرِ اللِّوَاطِ مَعَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ اللِّوَاطِ يُقْتَلُ رَجْمًا لِلِّوَاطِ وَلَا يَبْقَى وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فِي دُبُرِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ السِّحْرُ حَرَامٌ مُطْلَقًا فَأَمْرُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ أَمْرٌ لَهُ بِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بَلْ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالسَّمُّ) فِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعَطْفُ الْمَذْكُورُ إلَّا بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى وَهَلْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 29 أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَيُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ (ص) فَيُغَرَّقُ وَيُخْنَقُ وَيُحْجَرُ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالتَّغْرِيقِ أَوْ بِالْخَنْقِ أَوْ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْ يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالْعَصَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَصَا أَيْ يُضْرَبُ بِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَقَوْلُهُ (كَذِي عَصَوَيْنِ) مِثَالٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ أَيْ كَذِي ضَرْبَتَيْ عَصَا أَيْ أَنَّ مَنْ ضَرَبَ شَخْصًا بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ فَمَاتَ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُضْرَبُ بِالْعَصَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ عَدَدُ الضَّرَبَاتِ (ص) وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّمِ إذَا طَلَبَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي بِالسَّيْفِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْقِصَاصَ بِالسَّيْفِ أَخَفُّ عَلَى الْجَانِي فِي الْغَالِبِ فَيُجَابُ إلَيْهِ (ص) وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إنْ تَعَمَّدَهُ وَإِنْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ يَنْدَرِجُ فِيهَا إنْ تَعَمَّدَ الْجَانِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفُ لِلْمَقْتُولِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِذَا فَقَأَ عَيْنَ وَاحِدٍ وَقَطَعَ يَدَ آخَرَ وَقَتَلَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَقْتَصُّ مِنْهُ لِوُلَاةِ الدَّمِ وَيَسْقُطُ حَقُّ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ السَّابِقَ فِي الْأَطْرَافِ وَهَذَا فِي النَّفْسِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْخَطَأِ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ فَإِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مَثَلًا خَطَأً ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ وَلَا تَسْقُطُ دِيَةُ الْيَدِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً مِمَّا إذَا قَصَدَ الْمُثْلَةَ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُقْتَصُّ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ مَثَّلَ لِلِانْدِرَاجِ بِقَوْلِهِ (كَالْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ) أَيْ كَمَا تَنْدَرِجُ الْأَطْرَافُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ تَنْدَرِجُ الْأَصَابِعُ فِي الْيَدِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ وَلَمَّا كَانَ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْقِصَاصِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الدِّيَةِ وَهِيَ مِنْ الْوَدْيِ وَهُوَ الْهَلَاكُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ إبِلٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَدِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ (ش) أَيْ وَدِيَةُ الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَسْنَانِهَا فِي الزَّكَاةِ وَيَأْتِي أَنَّ الرَّقِيقَ فِيهِ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ وَأَنَّ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ وَأَنَّ الْكِتَابِيَّ وَالْمُعَاهَدَ فِي كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَادِيَ فِي أَيِّ إقْلِيمٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُمْ إبِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إبِلٌ كَأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَّا الْخَيْلُ مَثَلًا فَهَلْ يُكَلَّفُونَ بِمَا يَجِبُ عَلَى حَاضِرَتِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَدِيَةُ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا مُبْهَمَةً فَإِنَّهَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ قَالَ مَالِكٌ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ بَقَرٌ وَلَا غَنْمٌ وَلَا عَرَضٌ وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ (ص) وَثُلِّثَتْ فِي الْأَبِ وَلَوْ مَجُوسِيًّا فِي عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْجَدَّاتِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا   [حاشية العدوي] يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيُقَالُ لَا يُقْتَلُ بِمَا ذُكِرَ وَالسُّمِّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُغَرَّقُ) تُقْرَأُ الْأَفْعَالُ بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّ يُغْرَقُ مِنْ أَغْرَقَ وَيُخْنَقُ مِنْ خَنَقَهُ وَيُحْجَرُ مِنْ أَحْجَرَهُ إذَا رَمَاهُ بِحَجَرٍ لَا بِالتَّشْدِيدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ شَارِحِنَا بِالتَّغْرِيقِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يُقْرَأُ يُغَرَّقُ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ بِهَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ كَافٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِحَجَرٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ هَذَا مُرَادُهُ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ (قَوْلُهُ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَطُولُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ هَذَا وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ يُضْرَبُ بِمَوْضِعِ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ كَالضَّرْبِ بِشِدَّةٍ فِي عُنُقِهِ (قَوْلُهُ مِثَالٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَضُرِبَ بِالْعَصَا إلَخْ) أَيْ مِثَالٌ لِفَاعِلِ ضَرَبَ أَيْ مِثَالُ الَّذِي يُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ شَخْصٌ صَاحِبُ ضَرْبَتَيْ عَصَا إلَخْ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْمَعْنَى أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَ جُمْلَةٌ مُرَادٌ مِنْهَا الْإِخْبَارُ بِأَنَّ مَنْ قُتِلَ بِالْعَصَا يُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا) تَبِعَ فِيهِ الزَّرْقَانِيَّ وَاللَّقَانِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ وَأَمَّا طَرَفُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ مُطْلَقًا قَصَدَ الْمُثْلَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَنْدَرِجُ الْأَصَابِعُ فِي الْيَدِ) أَيْ إذَا قَطَعَ الْكَفَّ عَمْدًا بِعَدْوٍ كَذَا إذَا قَطَعَ أَصَابِعَ يَدِ رَجُلٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمَرْفِقِ قُطِعَ لَهُمْ مِنْ الْمَرْفِقِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً وَإِلَّا لَمْ تَنْدَرِجْ (قَوْلُهُ مُوجَبُ الْجِنَايَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَدْيِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَدْيَ إعْطَاءُ الدِّيَةِ لَا الْهَلَاكُ نَعَمْ يُقَالُ أَوْدَى إذَا هَلَكَ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي إلَخْ) لَمَّا قَيَّدَ صَدْرَ الْكَلَامِ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ طَفِقَ يُبَادِرُ بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ لِيَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ وَلِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَغْفُلْ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ عَلَى الدِّيَةِ أَيْ بِأَنْ وَقَعَ اتِّفَاقٌ عَلَى تَرْكِ الْقِصَاصِ فِي مُقَابَلَةِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا مُبْهَمَةٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ وَلِقَوْلِهِ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهَا مُبْهَمَةً أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا مُبْهَمَةً وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهَا وَقَوْلِهِ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا إلَخْ قُلْت الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ الَّذِي يَصْدُرُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ قَتْلًا عَمْدًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مُثَلَّثَةً بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً بِلَا حَدِّ سِنٍّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْخَلِفَةُ هِيَ الَّتِي وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا وَاحْتُرِزَ بِالْعَمْدِ مِنْ الْخَطَأِ وَبِالْعَمْدِ الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ بِهِ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي يَقْتُلُ بِهِ بِأَنْ يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ كَمَا إذَا أَضْجَعَ وَلَدَهُ وَذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (ص) كَجُرْحِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي التَّغْلِيظِ أَيْ فَكَمَا أَنَّ التَّغْلِيظَ يَجِبُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْجُرْحِ وَلَا فَرْقَ فِي الْجُرْحِ بَيْنَ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَسَوَاءٌ بَلَغَ الْجُرْحُ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَمْ لَا فَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ بِالتَّغْلِيظِ وَهَكَذَا بَقِيَّةُ الْجِرَاحِ عَلَى قَدْرِ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ ثُمَّ بَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ التَّغْلِيظَ يَكُونُ بِمَاذَا بِقَوْلِهِ (ص) بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً بِلَا حَدِّ سِنٍّ (ش) وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ (ص) وَعَلَى الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ وَاجِبَةٌ عَلَى الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ وَيَجِبُ عَلَى الْعِرَاقِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَالْخُرَاسَانِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّينَارَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ فَيُزَادُ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ) مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ إلَخْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُغَلَّظَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ إلَّا هَذَا الْمِيزَانُ فَتُقَوَّمُ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً وَالْمُخَمَّسَةُ عَلَى تَأْجِيلِهَا وَيُؤْخَذُ مَا زَادَتْ الْمُثَلَّثَةُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ وَيُنْسَبُ إلَى الْمُخَمَّسَةِ فَمَا بَلَغَ بِالنِّسْبَةِ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى آجَالِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَالْمُثَلَّثَةُ عَلَى حَوْلِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا فَيَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ أَيْ دِيَةِ الْخَطَأِ الْمُخَمَّسَةِ وَالدِّيَةِ الْمُثَلَّثَةِ وَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُرَبَّعَةُ فَإِنَّهَا لَا تُغَلَّظُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (ص) وَالْكِتَابِيِّ وَالْمُعَاهَدِ نِصْفُهُ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ ثُلُثُ خُمُسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ فِي الْكِتَابِيِّ وَفِي الْمُعَاهَدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ وَدِيَةَ الْمَجُوسِيِّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ دِيَتُهُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ ثُلُثُ خُمُسٍ أَيْضًا وَثُلُثُ الْخُمُسِ مِنْ الذَّهَبِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِنْ الْإِبِلِ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَا بَعِيرٍ وَدِيَةُ جِرَاحِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَجِرَاحِ الْمُسْلِمِ مِنْ دِيَتِهِ فَمَأْمُومَةُ كُلٍّ أَوْ جَائِفَتُهُ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَمُنَقِّلَتُهُ عُشْرُ دِيَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ الذِّمِّيُّ لَا مَنْ لَهُ   [حاشية العدوي] أَيْ إمَّا أَنْ يُقَالَ تُصَالِحُونَا عَلَى الدِّيَةِ أَوْ يُقَالَ نَعْفُو عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) أَوْ كَانَ الْمَجُوسِيُّ قَتَلَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ وَتُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ دِيَاتِهِمْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ سَبْعُ فَرَائِضَ إلَّا ثُلُثًا؛ حِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَثَلَاثُ خِلْفَاتٍ إلَّا ثُلُثًا وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ وَلَدَهُ الْمَجُوسِيَّ فَهُوَ كَجُرْحِهِ (قَوْلُهُ بِلَا حَدِّ سِنٍّ) أَيْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهَا حَامِلًا كَانَتْ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً أَوْ غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامٍ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَضْجَعَ) تَشْبِيهٌ فَإِنَّهُ مَتَى أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ قُتِلَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْجُرْحِ) أَيْ جُرْحِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ التَّغْلِيظُ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ كَجُرْحِهِ أَيْ جُرْحِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْجَارِحُ الْأَبَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ الْأَبَ فَالدِّيَةُ مُثَلَّثَةٌ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَهِيَ مُرَبَّعَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الصَّوَابَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ حُكْمُ تَغْلِيظِ الْجِرَاحِ فِي الدِّيَتَيْنِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ حُكْمُ الدِّيَةِ كَامِلَةً اهـ. (قَوْلُهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَمْ لَا) أَيْ لِأَنَّ هَذَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِعُودٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ مَثَلًا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا مُغَلَّظَةً أَمْ لَا وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِنِسْبَةِ النُّقْصَانِ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ كَانَتْ مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً فَإِذَا كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَكَانَتْ يَسِيرَةً بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ فِي وَاحِدَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ رُبُعٌ فَيُؤْخَذُ رُبُعُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَرُبُعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَرُبُعُ حِقَّةٍ وَرُبُعُ جَذَعَةٍ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُثَلَّثَةِ فَيُؤْخَذُ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ جَذَعَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ خَلِفَةٍ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِالْأَجْزَاءِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ فَيُزَادُ بِنِسْبَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيُزَادُ عَلَى دِيَةِ الْخَطَأِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمُثَلَّثَةِ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ إلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ بِقَدْرِ وَحَذْفُ قِيمَةِ وَحَذْفُ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ وَحَذْفُ مَا يُزَادُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ إلَخْ) عِلَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَخْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً) أَيْ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الدِّيَةِ مِنْ الْإِبِلِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُخَمَّسَةً وَمَا قِيمَةُ الدِّيَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ مُثَلَّثَةً عَلَى حُلُولِهَا وَيُنْظَرُ مَا زَادَ بِنِسْبَةِ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُزَادُ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ ذَلِكَ الزَّائِدَ يُنْسَبُ إلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُزَادُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ عَلَى الْأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُرَبَّعَةُ) أَيْ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ وَوَقَعَ أَنَّهُ حَصَلَ الْعَفْوُ فِيهِ فَالْوَاجِبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَنَّ الْمُرَبَّعَةَ لَمَّا قِيلَ فِيهَا إنَّهَا إذَا قُبِلَتْ تَكُونُ مُخَمَّسَةً مُؤَجَّلَةً رُوعِيَ هَذَا الْقَوْلُ فَلِذَلِكَ لَمْ تُغَلَّظْ فِي أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِخِلَافِ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُرْتَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قُتِلَ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 كِتَابٌ وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ اشْتِرَاطُ الْعِصْمَةِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ الْحَرْبِيِّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْمُعَاهَدُ وَلَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ كِتَابٌ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ الذِّمِّيُّ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِنْ قِيلَ الْمَجُوسِيُّ الْآتِي غَيْرُ الْمُعَاهَدِ بِدَلِيلِ مَا هُنَا فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ غَيْرُ الْمُعَاهَدِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ دِيَةٌ إذْ هُوَ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَبِعِبَارَةٍ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَيْ الْعَامِّ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْمُعَاهَدِ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْكِتَابِيِّ أَيْ وَالْمُعَاهَدُ أَيْ وَلَوْ كِتَابِيًّا لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ لَا يَكُونُ فِيهِ نِصْفَ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إلَّا إذَا كَانَ كِتَابِيًّا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا دِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَالْعَطْفُ أَمْرٌ لُغَوِيٌّ فَالْعُمُومُ لِتَصْحِيحِ الْعَطْفِ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ لَا الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ (ص) وَأُنْثَى كُلٍّ كَنِصْفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُنْثَى كُلِّ صِنْفٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ ذُكُورِهِمْ فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ الْبَادِي خَمْسُونَ بَعِيرًا وَمِنْ الذَّهَبِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَنِسَاءُ الْكِتَابِيِّينَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ (ص) وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَقِيقًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ مَالٌ فَهُوَ كَسِلْعَةٍ أَتْلَفَهَا شَخْصٌ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فَقَوْلُهُ وَفِي الرَّقِيقِ إلَخْ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَافِئًا لَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ (ص) وَفِي الْجَنِينِ وَإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ وَلَوْ أَمَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنِينَ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ إذَا انْفَصَلَ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا أَيْ غَيْرِ مُسْتَهِلٍّ وَهِيَ حَيَّةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ عُشْرُ أُمِّهِ أَيْ عُشْرِ دِيَتِهَا أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ضَرَبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الضَّارِبُ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الِانْفِصَالُ عَنْ ضَرْبٍ أَوْ تَخْوِيفٍ أَوْ شَمِّ شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِنْ التَّخْوِيفِ أَوْ الشَّمِّ لَزِمَتْ الْفِرَاشُ إلَى أَنْ سَقَطَتْ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّقْطِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْعَلَقَةِ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ لَا الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ يَذُوبُ لِأَنَّ هَذَا لَا شَيْءَ فِيهِ فَلَا يُقَدَّرُ قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ قَبْلَهَا الْمُضْغَةُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً بَلْ كَانَ مُضْغَةً بَلْ وَإِنْ عَلَقَةً مِنْ الْعُلُوقِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ لِأَنَّ بَعْضَهَا اتَّصَلَ بِبَعْضٍ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ عُشْرُ أُمِّهِ إنْ قُدِّرَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ فَسَدَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَمَةً وَإِنْ قُدِّرَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ فَسَدَ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَالشَّامِلُ لَهُمَا عُشْرُ وَاجِبِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ أَمَةً أَيْ وَهُوَ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زِنًا وَأَمَّا مِنْ سَيِّدِهَا فَسَيَأْتِي وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فِي جَنِينِهَا مَا نَقَصَهَا إذْ هِيَ مَالٌ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ (ص) نَقْدًا أَوْ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ مِثْلَ عُشْرِ دِيَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا) أَيْ عَلَى الدَّوَامِ كَالنَّصَارَى السَّاكِنِينَ فِي بِلَادِنَا أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ كَانَ يَأْتِي عِنْدَنَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَيَذْهَبُ لِبِلَادِهِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ دَمُهُ مَعْصُومٌ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ فَهُوَ حَرْبِيٌّ دَمُهُ هَدَرٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ الذِّمِّيُّ أَيْ الَّذِي هُوَ مَاكِثٌ عِنْدَنَا عَلَى الدَّوَامِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ أَيْ الْمُعَاهَدُ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ الْمَجُوسِيُّ الْآتِي) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَهُوَ آتٍ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ الْمُعَاهَدِ أَيْ وَيُرَادُ بِالْمُعَاهَدِ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي عَاهَدَنَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ أَيْ وَأَيْضًا الْمَجُوسِيُّ الْمُعَاهَدُ لَيْسَ فِيهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُغَايِرَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْمُعَاهَدِ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ) أَيْ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْمُعَاهَدِ مَنْ عَاهَدْنَاهُ عَلَى الْإِقَامَةِ وَحِفْظِ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَهَذَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ صَادِقٌ بِالْمَجُوسِيِّ وَالْكِتَابِيِّ فَيُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادًا مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ يُرَادُ مَا أُرِيدَ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَهُوَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ الْمُؤَمَّنُ إمَّا عَلَى الدَّوَامِ أَوْ مُدَّةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَطْفٌ مُغَايِرٌ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ وَلَا يَضُرُّ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَكَلُّفٌ فَالْأَحْسَنُ الْعِبَارَةُ الْأُولَى وَقَوْلُهُ لَا الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ الْعُمُومُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْمَنْظُورِ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْعَطْفِ لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ فَإِنَّهُ مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا بَيَّنَّا وَقَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ كِتَابِيًّا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَقَوْلُهُ وَأُنْثَى أَيْ وَدِيَةُ أُنْثَى كُلِّ ذَكَرٍ نِصْفُ دِيَةِ ذَلِكَ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا) فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَفِي تَقْرِيرٍ آخَرَ يَوْمَ الْإِلْقَاءِ وَبَعْضٌ نَظَرَ (قَوْلُهُ أَبًا) أَيْ أَوْ أُمًّا ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا قِيلَ فِيهَا الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ أَوْ شَمِّ شَيْءٍ) وَيَجِبُ عَلَى الْجِيرَانِ أَنْ يَدْفَعُوا لَهَا شَيْئًا مِنْ ذِي الرَّائِحَةِ إنْ طَلَبَتْ مِنْهُمْ أَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا حَامِلٌ وَأَنَّ عَدَمَ أَكْلِهَا أَوْ شُرْبِهَا مِنْ ذِي الرَّائِحَةِ يَضُرُّهَا فَإِنْ لَمْ يَدْفَعُوا لَهَا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ الْغُرَّةَ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمِثْلُ الضَّرْبِ الرَّائِحَةُ كَرَائِحَةِ الْمِسْكِ وَالسَّرَابِ لَكِنْ الضَّمَانُ عَلَى السُّرْيَانِيَّةِ وَعَلَى الصَّانِعِ لَا عَلَى رَبِّ الْكَنِيفِ فَلَوْ نَادَوْا بِالسَّرَابِ وَمَكَثَتْ الْأُمُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي الْجَنِينِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً بِأَنْ كَانَ دَمًا مُجْتَمَعًا لَا يُذِيبُهُ الْمَاءُ الْحَارُّ بَلْ وَإِنْ كَانَ عَلَقَةً انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الَّذِي وَضَّحَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ إلَخْ غَيْرُ الْعَلَقَةِ مَعَ أَنَّهُ الْعَلَقَةُ (قَوْلُهُ نَقْدًا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ عُشْرِ وَاجِبِ أُمِّهِ نَقْدًا أَيْ مَنْقُودًا أَيْ حَالًّا لَا مُؤَجَّلًا وَعَيْنًا لَا عَرَضًا وَلَا مُقَوَّمًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْيِيزَ نِسْبَةٍ لِأَنَّ عُشْرَ أُمِّهِ فِيهِ إجْمَالٌ أَيْ مِنْ جِهَةِ النَّقْدِ لَكِنْ جَعْلُهُ حَالًا أَظْهَرُ (قَوْلُهُ تُسَاوِيهِ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 الْأُمِّ مِنْ الْعَيْنِ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْغُرَّةَ وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ جَارِيَةٌ تُسَاوِي الْعُشْرَ وَهَذَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ النَّقْدُ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَلَمْ تَبْلُغْ الْغُرَّةُ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَوْلُهُ عَبْدٍ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ وَعَبَّرَ عَنْ الْأُنْثَى بِالْوَلِيدَةِ لِصِغَرِهَا (ص) وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، وَالنَّصْرَانِيَّة مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِهِ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ مُسْلِمٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَقَوْلُهُ وَالْأَمَةُ أَيْ وَجَنِينُ الْأَمَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالْحُرَّةِ أَنَّ السَّيِّدَ حُرٌّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ وَلَا مَفْهُومَ لِسَيِّدِهَا بَلْ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا كَالْغَارَّةِ لِلْحُرِّ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ فَحُكْمُهُمَا كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَالْحُرَّةِ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا الْحَرِّ كَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِ سَيِّدِهَا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا فَكَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَاخْتُلِفَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ يَتَزَوَّجُهَا مَجُوسِيٌّ وَبِالْعَكْسِ هَلْ لِجَنِينِهَا حُكْمُ أَبِيهِ أَوْ حُكْمُ أُمِّهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاسْتَشْكَلَ التَّشْبِيهُ بِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ إذْ النَّصْرَانِيَّةُ حُرَّةٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرَّةِ هُنَا الْمُسْلِمَةُ فَانْتَفَى مَا ذُكِرَ (ص) إنْ زَايَلَهَا كُلُّهُ حَيَّةً إلَّا أَنْ يَحْيَا فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الْجَنِينِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ فَلَوْ انْفَصَلَ كُلُّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْضُهُ فِي حَيَاتِهَا وَبَعْضُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ فَلَوْ جَنَى عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ جِنَايَةَ خَطَأٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا حَيًّا أَيْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهَا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا أَيْ وُلَاتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ مَاتَ الْجَنِينُ عَاجِلًا بِخِلَافِ الْجَنِينِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ إذَا مَاتَ عَاجِلًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّغِيرَ لِضَعْفِهِ يُسْرِعُ الْمَوْتُ إلَيْهِ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَهُمْ الْغُرَّةُ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ نَزَا مِنْهَا فَمَاتَ وَأَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا فَلَهُمْ دِيَةُ الْيَدِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ إنْ زَايَلَهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا (ص) وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ أَوْ رَأْسٍ فَفِي الْقِصَاصِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا تَعَمَّدَ الْجَنِينَ بِضَرْبِ بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ ظَهْرِهَا أَوْ رَأْسِهَا فَنَزَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَقِيلَ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي بِقَسَامَةٍ وَقِيلَ الْوَاجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي أَيْ بِقَسَامَةٍ قَالُوا وَالْعِلَّةُ فِي إلْحَاقِ الرَّأْسِ بِالْبَطْنِ أَنَّ فِي الرَّأْسِ عِرْقًا يُسَمَّى عِرْقَ الْأَبْهَرِ وَاصِلٌ إلَى الْقَلْبِ فَمَا أَثَّرَ فِي الرَّأْسِ أَثَّرَ فِي الْقَلْبِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّأْسِ عَدَمُ الْقِصَاصِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ فِيهِمَا وَهَذَا مَا عَدَا الْأَبِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِصَاصِ إلَّا إذَا تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ خَاصَّةً (ص) وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ (ش) أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ الْغُرَّةُ وَالْعُشْرُ إنْ نَزَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا وَالدِّيَةُ مَعَ الْقَسَامَةِ إنْ نَزَلَ حَيًّا أَيْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ (ص) وَوَرِثَتْ عَلَى الْفَرَائِضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغُرَّةَ الْمَذْكُورَةَ تُورَثُ عَلَى فَرَائِضِ   [حاشية العدوي] فِي تُسَاوِيهِ عَائِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ كَانَتْ رَقَبَةَ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَالْمُرَادُ يُسَاوِي الْعُشْرَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ يُسَاوِي الْعُشْرَ إلَّا اثْنَيْنِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ وَالْوَلِيدَةِ الْجِنْسُ كَذَا فِي ك وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْجَانِي لَا لِمُسْتَحِقِّهَا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي) أَيْ يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعُشْرِ وَنَحْوِهِ الشَّامِلُ لِجَنِينِ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ) يُتَصَوَّرُ فِي تَعَدُّدِ الْجَنِينِ (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ عَنْ الْأُنْثَى بِالْوَلِيدَةِ لِصِغَرِهَا) أَيْ وَأَقَلُّ عُمْرُهَا سَبْعُ سِنِينَ لِأَنَّهَا الَّتِي تُثْغِرُ عِنْدَهَا حَتَّى تَجُوزَ التَّفْرِقَةُ (قَوْلُهُ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا) أَيْ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا عُشْرُ دِيَةِ أَمَةٍ إذْ لَا دِيَةَ لَهَا (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ إلَخْ) الْإِشْكَالُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرَّةِ هُنَا الْمُسْلِمَةُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْيَا إلَخْ) لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ حَيًّا غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ وَالْغُرَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فَقَالَ لَوْ خَرَجَ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ حَتَّى قَتَلَهُ رَجُلٌ لَا قَوَدَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْغُرَّةُ وَعَلَى قَاتِلِهِ الْأَدَبُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ كَذَا قَالَ عج قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْقَسَامَةِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ عَاجِلًا قَرِينَةٌ عَلَى مَوْتِهِ بِالضَّرْبِ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَنَى إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا عَمْدًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا هُوَ فِي تَعَمُّدِ ضَرْبِ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ لَا فِي الرَّأْسِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَلَا فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا) أَيْ أَوْ رَضَعَ كَثِيرًا أَوْ تَطُولُ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَنِينِ الْكَبِيرِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ الطِّفْلَ الصَّغِيرَ وَسَمَّاهُ جَنِينًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْغُرَّةُ) هَذَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا غُرَّةَ لَهُمْ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ الِاتِّصَالُ إذَا انْفَصَلَ الْجَنِينُ حَيًّا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً (قَوْلُهُ أَيْ بِقَسَامَةٍ) فَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْقَسَامَةِ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا اسْتَهَلَّ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ لَا دِيَةَ وَلَا غُرَّةَ لِأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَمَّا وَصَلَهُمْ بِتَرْكِ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقَالُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِمْ أَنْ تَجِبَ فِيهِ الْغُرَّةُ لِأَنَّا نَقُولُ شَرَطُوا فِي الْغُرَّةِ شَرْطًا وَفُقِدَ هُنَا وَهُوَ نُزُولُهُ مَيِّتًا وَقَدْ نَزَلَ حَيًّا (قَوْلُهُ لَكِنْ الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّأْسِ عَدَمُ الْقِصَاصِ) وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ لِبُعْدِ الرَّأْسِ عَنْ مَحَلِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ خَاصَّةً) أَيْ وَقَصَدَ الْقَتْلَ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ فِي حَقِّ الْأَبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَصْدُ الضَّرْبِ كَافٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 33 اللَّهِ تَعَالَى فَرْضًا وَتَعْصِيبًا وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَوَرِثَتْ الْوَاجِبَاتِ مِنْ عُشْرٍ وَغُرَّةٍ وَدِيَةٍ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ (ص) وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ إذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جِرَاحَ الْخَطَأِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَهَشْمِ الْفَخْذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ بُرْئِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَوَّمَ ثَانِيًا مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي نِسْبَةُ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ فَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ الْحُكْمُ أَيْ الْمَحْكُومُ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ الْبَاءُ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ إذَا ظَرْفُ زَمَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ بِمَعْنَى تَقْوِيمٍ فَهُوَ ظَرْفٌ مُقَدَّمٌ عَلَى عَامِلِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى مَعْمُولِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ وَقَوْلُهُ عَبْدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قِيمَتِهِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ لَا حُرِّيَّتُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ (ص) كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَهِيمَةَ إذَا ضُرِبَ بَطْنُهَا مَثَلًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَنَقَصَتْ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ سَالِمَةً وَمَعِيبَةً وَيَكُونُ فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا سَلِيمَةً فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ أَلْقَتْ الْجَنِينَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لَكِنْ إنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ مِنْ الْأُمِّ كَمَا مَرَّ وَانْظُرْ هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا فِي الْجِرَاحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (ص) إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَفِي الْجَائِفَةِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ وَبِالظَّهْرِ وَالْآمَّةُ وَهِيَ الَّتِي تُفْضِي إلَى الدِّمَاغِ فِيهَا ثُلُثٌ كَالْجَائِفَةِ وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَضِّحُ عَظْمَ الرَّأْسِ أَوْ الْجَبْهَةِ أَوْ الْخَدَّيْنِ قَوْلُهُ فَثُلُثٌ أَيْ فَثُلُثُ دِيَةِ الْخَطَأِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُخَمَّسَةٌ كَالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَانْظُرْ هَلْ جِرَاحُ الْخَطَأِ كَالْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةُ أَيْ الْخَطَأُ وَفِي عَمْدِهَا الْقِصَاصُ وَمَا عَدَاهَا مِنْ جَائِفَةٍ وَآمَّةٍ وَمُنَقِّلَةٍ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ (ص) وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْهَاشِمَةُ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ وَهِيَ الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ وَالْهَاشِمَةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ قَالَ وَحَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ هُنَا الْهَاشِمَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى لِعُمُومِهَا وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْأُولَى بِالْغُرَّةِ (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ إلَخْ) إضَافَةُ نِسْبَةٍ إلَى نُقْصَانٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَإِضَافَةُ نُقْصَانٍ لِلْجِنَايَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ بِتَأْوِيلٍ أَيْ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ إذَا بَرِئَ) لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ بَلْ كُلُّ جُرْحٍ لَا يَعْقِلُ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِسَبَبِهِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْحُكْمِ ك (قَوْلُهُ عَبْدًا فَرْضًا) أَيْ نَفْرِضُ ذَاتَهُ ذَاتَ عَبْدٍ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ وَوَصْفِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَمِيلٌ أَوْ قَبِيحٌ بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الذَّاتُ عَبْدًا مَا قِيمَتُهَا بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوْصَافِ وَيُنْظَرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ فَرْضًا أَيْ يُفْرَضُ فَرْضًا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَوَّمَ) تَفْسِيرٌ لِلْحُكُومَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ لَا الْمَحْكُومُ بِهِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ الشَّارِحِ أَنْ يُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ بَعْدُ فَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ أَيْ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ أَيْ فِي الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ عَبْدًا سَالِمًا أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا قَامَ بِهِ مِنْ أَوْصَافِ الْجَمَالِ وَالْقُبْحِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُهَا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَاشِرٍ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَنْقَالَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ وَإِعْمَالُ الْفِكْرِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي وَحِينَئِذٍ فَلَا تَفْسِيرَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ الْبَاءُ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ مُلْتَبِسٌ بِنِسْبَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعْرَفُ بِهَا أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقًا بِ يُعْرَفُ مَحْذُوفًا أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ يُعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذَا مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ مُؤَوَّلًا بِتَقْوِيمٍ كَمَا ادَّعَى فَلَا يَكُونُ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقًا بِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَلَّقَ بِقَوْلِهِ نِسْبَةً أَيْ أَنَّ النِّسْبَةَ وَقْتُ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ) مِثْلُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ أَيْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الْجِرَاحِ مَحْكُومٌ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الدِّيَةِ مُلْتَبِسٌ بِنِسْبَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الدِّيَةِ يُعْرَفُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِ الْعَامِلِ يُعْرَفُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الْجِرَاحِ مَحْكُومٌ بِهِ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ يُعْرَفُ بِنِسْبَةٍ إلَخْ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الْمَحْكُومُ بِهِ وَأَمَّا إذَا مَشَيْنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ فَالْمَعْنَى وَفِي الْجِرَاحِ اجْتِهَادٌ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يُنْسَبَ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَى الْقِيمَةِ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ قَوْلُنَا ثُمَّ يُؤْخَذُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ وَيَرْجِعُ فِي الْجِرَاحِ إلَى الِاجْتِهَادِ الْمَذْكُورِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْمَنْسُوبَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ سَالِمَةً) أَيْ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ فَفِي الْجَائِفَةِ) هِيَ مَا دَخَلَتْ لِلْجَوْفِ وَلَوْ مَدْخَلَ إبْرَةٍ فَمَا خَرَقَ جِلْدَةَ الْبَطْنِ وَلَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ بِتَرْجِيحٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ نَفْسُ الْهَاشِمَةِ وَأَنْ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةٌ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ فِيهَا عُشْرًا وَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الْبَاجِيِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 34 كَمَا فَعَلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُنَقِّلَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ دِيَتِهِمَا ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَنَّ فِي الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذُكِرَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَيْ قُبْحٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ) فَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَوْ بَالَغَ عَلَى نَفْيِ الشَّيْنِ الدَّافِعِ لِتَوَهُّمِ النَّقْصِ كَانَ أَيْضًا ظَاهِرًا أَيْ فِي الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذُكِرَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَلَعَلَّهُ اعْتَنَى بِشَأْنِ الْأُولَى لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْمُخَالَفَةَ لِمَا وَرَدَ فَلَا يُتَوَهَّمُ النَّقْصُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَالتَّوَهُّمُ فِيهَا أَكْثَرُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُوضِحَةُ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَهِيَ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ دَفَعَ دِيَتَهَا وَمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى (ش) يَعْنِي إنَّمَا يُؤْخَذُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّأْسِ أَوْ اللَّحْيِ الْأَعْلَى النَّابِتِ عَلَيْهَا الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ بِخِلَافِ الْأَسْفَلِ مَا عَدَا الْجَائِفَةِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ إنْ كُنَّ أَيْ مَجْمُوعُ الْجِرَاحَاتِ لَا جَمِيعُهَا وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْجَائِفَةَ لَا تَكُونُ بِرَأْسٍ وَلَا لَحْيٍ أَعْلَى وَقَوْلُهُ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ (ص) وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ (ش) أَيْ وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ فِي جِرَاحَاتِهِ الْأَرْبَعَةِ كَالدِّيَةِ لِلْحُرِّ فِي النِّسْبَةِ فَمَا فِي جِرَاحَاتِ الْحُرِّ مَنْسُوبٌ إلَى دِيَتِهِ وَمَا فِي جِرَاحَاتِ الْعَبْدِ مَنْسُوبٌ إلَى قِيمَتِهِ فَفِي جَائِفَتِهِ وَآمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي مُنَقِّلَتِهِ وَهَاشِمَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَمَا عَدَا الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ يَدٍ وَعَيْنٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ (ص) وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الرَّأْسِ وَلَا فِي اللَّحْيِ الْأَعْلَى فَلَا تَقْدِيرَ فِيهَا مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الِاجْتِهَادُ أَيْ الْحُكُومَةُ وَهِيَ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ فَإِنْ قِيلَ فَأَيْنَ الِاجْتِهَادُ الَّذِي فِي الْحُكُومَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ فِي الْقِيمَةِ سَالِمًا وَمَعِيبًا كَذَا قِيلَ (ص) وَتَعَدُّدُ الْوَاجِبِ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَائِفَةَ خَاصَّةٌ بِالْبَطْنِ وَبِالظَّهْرِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فَإِذَا ضَرَبَهُ فِي ظَهْرِهِ فَنَفَذَتْ إلَى بَطْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي جَنْبِهِ فَنَفَذَتْ إلَى الْجَنْبِ الْآخَرِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا يَتَعَدَّدُ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهِ أَمَّا تَعَدُّدُ الْوَاجِبِ فِي الْمُوضِحَةِ فَإِنَّمَا يَتَعَدَّدُ إذَا كَانَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ سَالِمًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ بَلْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُخْرَى وَكَذَا مَا بَعْدَهَا مِنْ مُنَقِّلَةٍ وَمَأْمُومَةٍ لَمْ تَبْلُغْ أُمَّ الدِّمَاغِ أَمَّا إذَا كَانَ مَا بَيْنَهُمَا وَصَلَ إلَى الْعَظْمِ أَوْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ بِأَنْ كَانَتْ وَاحِدَةً مُتَّسِعَةً فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ وَالْأَوْجَهُ وَإِنْ بِضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ إذْ الضَّرْبُ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْفَوْرِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَإِنْ فِي فَوْرٍ بِسَبَبِ ضَرَبَاتٍ (ص) وَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ النُّطْقِ أَوْ الصَّوْتِ أَوْ الذَّوْقِ أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَوْ نَسْلِهِ أَوْ تَجْذِيمِهِ أَوْ تَبْرِيصِهِ أَوْ تَسْوِيدِهِ أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَرَبَ شَخْصًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ جُنَّ مِنْ الشَّهْرِ يَوْمًا كَانَ لَهُ جَزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ جُنَّ النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَانَ لَهُ جَزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا اهـ. وَمَحَلُّ   [حاشية العدوي] أَنَّ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ فَإِنْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنْ صَارَتْ مَأْمُومَةً فَثُلُثُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ دِيَتِهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِاتِّحَادِ دِيَتِهِمَا يُفِيدُ اتِّحَادَ الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ فَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ دَفَعَ دِيَتَهَا وَمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ مُقَابِلُهُ لَا زِيَادَةَ فِيهَا مُطْلَقًا وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَنَّهُ يُزَادُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْجَائِفَةُ كَذَلِكَ فِي التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِفَوْرٍ إلَخْ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ هُوَ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَتْ بِضَرَبَاتٍ كُلِّ ضَرْبَةٍ فِي زَمَنٍ مِنْ غَيْرِ فَوْرِيَّةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ حُكْمُهَا اتَّصَلَتْ أَمْ لَا وَالِاتِّصَالُ فِي الْمُوضِحَةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ بَلَغَ الْعَظْمَ أَيْ أَوْضَحَهُ حَتَّى صَارَ شَيْئًا وَاحِدًا وَفِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ أَنْ يَطِيرَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ حَتَّى يَصِيرَ شَيْئًا وَاحِدًا وَفِي الْآمَّتَيْنِ أَنْ يُفْضِيَا لِلدِّمَاغِ حَتَّى يَصِيرَا شَيْئًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَا بَيْنَهُمَا وَصَلَ إلَى الْعَظْمِ) هَذَا رَاجِعٌ لِلْمُنْقَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ رَاجِعٌ لِلْآمَّتَيْنِ (قَوْلُهُ إذْ الضَّرْبُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْفَوْرَ فِي اللُّغَةِ الْفِعْلُ السَّرِيعُ ثُمَّ تُوُسِّعَ فِيهِ فَاسْتُعْمِلَ فِي الزَّمَانِ فَحَمَلَهُ هُنَا عَلَى الزَّمَانِ أَيْ وَإِنْ فِي زَمَنٍ بِسَبَبِ ضَرَبَاتٍ (قَوْلُهُ أَوْ الصَّوْتِ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ الدِّيَةَ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً ذَهَبَ مِنْهَا نُطْقُهُ وَصَارَ يُصَوِّتُ فَقَطْ ثُمَّ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً ذَهَبَ فِيهَا صَوْتُهُ لَكَانَ فِي ذَلِكَ دِيَتَانِ (قَوْلُهُ أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ) وَلَا يَنْدَرِجُ فِي دِيَةِ الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ فِي ضَرْبِ صُلْبِهِ فَأَبْطَلَهُ وَجِمَاعَهُ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ جَزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّهُ لَا يُرَاعَى طُولُ النَّهَارِ وَلَا قِصَرُهُ وَلَا طُولُ اللَّيْلِ وَلَا قِصَرُهُ حَيْثُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْجُنُونُ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ فِي النَّهَارِ فَقَطْ وَكَيْفَ يُجْعَلُ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ إذَا كَانَ يُجَنُّ فِيهِ مُسَاوِيًا لِلنَّهَارِ الْقَصِيرِ وَالنَّهَارُ الْقَصِيرُ إذَا كَانَ يُجَنُّ فِيهِ مُسَاوِيًا لِلَّيْلِ الطَّوِيلِ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ وَالنَّهَارَ الْقَصِيرَ لَمَّا عَادَ لَهُمَا مَا يَأْتِي مِنْ لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ صَارَ أَمَدُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مُتَسَاوِيًا فَلَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 35 الْعَقْلِ الْقَلْبُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا الرَّأْسُ فَإِذَا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَتَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةُ الْعَقْلِ فَقَطْ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي مَا نَقَصَهُ فَقَطْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ نُطْقُهُ وَهُوَ صَوْتٌ بِحُرُوفٍ أَوْ صَوْتُهُ وَهُوَ هَوَاءٌ مُنْضَغِطٌ يَخْرُجُ مِنْ دَاخِلِ الرِّئَةِ إلَى خَارِجِهَا كَانَ بِحُرُوفٍ أَمْ لَا وَإِنَّمَا عَطَفَ الصَّوْتَ عَلَى النُّطْقِ لِأَنَّهُ أَخَصُّ وَالصَّوْتُ أَعَمُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَهَابِ الْأَخَصِّ ذَهَابُ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ ذَوْقُهُ وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الْمَطْعُومُ بِمُخَالَطَةِ الرُّطُوبَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ بِالْمَطْعُومِ وَوُصُولِهَا إلَى الْعَصَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّمْسَ وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ أَيْ مَفْرُوشَةٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ يُدْرَكُ بِهَا الْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّمَاسِّ وَالِاتِّصَالِ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ وَسَكَتَ عَنْ بَقِيَّةِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَهُوَ الشَّمُّ وَفِيهِ الدِّيَةُ وَكَذَلِكَ الشَّفَتَانِ وَعَظْمُ الصَّدْرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَنْ الدَّامِغَةِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ قُوَّةُ جِمَاعِهِ بِأَنْ أَفْسَدَ إنْعَاظَهُ أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ نَسْلُهُ أَوْ حَصَلَ بِسَبَبِهِ تَجْذِيمُهُ أَوْ تَبْرِيصُهُ أَوْ تَسْوِيدُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِتَسْوِيدِ أَوْ تَجْذِيمِ أَوْ تَبْرِيصِ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَسْوِيدُهُ أَوْ تَجْذِيمُهُ أَوْ تَبْرِيصُهُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ وَانْظُرْ لَوْ جَذَمَهُ وَسَوَّدَهُ مَعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ دِيَتَيْنِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ قِيَامُهُ مَعَ جُلُوسِهِ صَارَ مُلْقًى وَفِي أَحَدِهِمَا حُكُومَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ الصَّوَابُ تَبَعًا لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ: أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ مَعًا وَكَذَا قِيَامُهُ فَقَطْ وَأَمَّا جُلُوسُهُ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ وَلَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ حُكُومَةً (ص) أَوْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ الشَّوَى أَوْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَمَارِنِ الْأَنْفِ وَالْحَشَفَةِ وَفِي بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا مِنْهُمَا لَا مِنْ أَصْلِهِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ قَوْلَانِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمَنَافِعِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الذَّوَاتِ الْمُقَدَّرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَتْ أُذُنَاهُ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِي هَذَا تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِمَا فِي كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ» وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَهُ وَأَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً وَلَا دِيَةَ فِيهِمَا إلَّا إذَا أَذْهَبَ السَّمْعَ اُنْظُرْ الدَّمِيرِيَّ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ مَعَهُ جِلْدَةُ رَأْسِهِ وَبَعْضُهُ بِحِسَابِهِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ عَيْنَاهُ وَسَوَاءٌ طُمِسَتَا أَوْ بَرَزَتَا أَوْ ذَهَبَ نُورُهُمَا وَهُمَا بِحَالِهِمَا أَيْ جَمَالُهُمَا بَاقٍ وَفِي ذَهَابِ جَمَالِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ أَوْ الْعَيْنَيْنِ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ الْبَصَرِ فَالْجَوَابُ أَنَّ   [حاشية العدوي] طُولٍ وَلَا عَلَى قِصَرٍ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ عج وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا حَصَلَ لَهُ الْجُنُونُ فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ وَحَصَلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَهَارٍ قَصِيرٍ وَلَيْلٍ طَوِيلٍ زَمَنَيْ الْحُصُولِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ قُرْبَ تَفَاوُتِهِمَا لَمْ يُنْظَرْ لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَالُ إنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا إذَا كَانَ الْجَانِي مُتَعَمِّدًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْمُشَرِّعِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ مَحَلُّ الْعَقْلِ الرَّأْسُ وَنَقَلَ اللَّقَانِيِّ مَا صُورَتُهُ قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِي يَنْقُلُهُ عَنْهُمْ أَهْلُ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ الْعَقْلَ قُوَّةٌ لِلنَّفْسِ بِهَا تَسْتَعِدُّ لِلْعُلُومِ وَالْإِدْرَاكَاتِ وَالنَّفْسُ عِنْدُهُمْ مُجَرَّدَةٌ وَالْعَقْلُ صِفَةٌ لَهَا قَائِمَةٌ بِهَا فَلَيْسَ مَحَلُّهَا الدِّمَاغَ نَعَمْ يُثْبِتُونَ فِي الدِّمَاغِ الْحَوَاسَّ الْبَاطِنَةَ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْقُوَى الْمُدْرَكَةِ اهـ. وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّ مَا عَلَى الْجَانِي إلَّا مَا نَقَصَهُ اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى جَعْلِ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي الْحُرِّ وُجُوبُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَالِاتِّصَالُ بِهِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) رَاجِعٌ لِلصَّدْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالدِّيَةِ وَابْنَ عَبْدُوسٍ يَقُولُ بِعَدَمِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي عَظْمِ الصَّدْرِ حُكُومَةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الدَّامِغَةَ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَسْوِيدُهُ) اعْلَمْ أَنَّ السَّوَادَ الْمَذْكُورَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَمَا بَعْدَهُ كَلَامُ عج وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ عج كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) أَيْ مِمَّا فِيهِ جَمَالٌ وَمَنْفَعَةٌ وَأَمَّا مَا فِيهِ جَمَالٌ دُونَ مَنْفَعَةٍ كَالْحَاجِبَيْنِ وَالْهُدْبَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْحُكُومَةُ اهـ. ك (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْوَاحِدِ الَّذِي مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسِهِ وَقَوْلُهُ مِنْهُمَا أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ أَيْ يُعْتَبَرُ التَّبْعِيضُ بِاعْتِبَارِهِمَا لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ اثْنَانِ وَالْأَصْلُ هُوَ الْأَنْفُ وَالذَّكَرُ (قَوْلُهُ وَمَارِنِ الْأَنْفِ) فِي ك وَانْظُرْ الْحُكْمَ إذَا خَرَمَهُ أَوْ شَرَمَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِهِمَا) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ وَقَوْلُهُ بِحِسَابِهَا أَيْ بِحِسَابِ الْبَعْضِ وَالْأَوْلَى التَّذْكِيرُ لَكِنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ قِطْعَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَهُ) الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ (قَوْلُهُ جِلْدَةُ رَأْسِهِ) أَيْ فَأَرَادَ بِالشَّوَى جِلْدَةَ الرَّأْسِ وَكَذَا فِي تت وشب جِلْدَةُ الرَّأْسِ تَفْسِيرُ الشَّوَى (قَوْلُهُ طُمِسَتَا) أَيْ انْغَمَسَتَا (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي التَّعْمِيمَ السَّابِقَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 الذَّاهِبَ هُنَاكَ الْبَصَرُ خَاصَّةً وَالْعَيْنُ مَفْتُوحَةٌ وَهُنَا أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ مَعَ ذَهَابِ الْبَصَرِ فَأَتَى بِهَذَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ فِيمَا ذُكِرَ الدِّيَةَ خَاصَّةً لَا دِيَةً وَحُكُومَةً وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ عَيْنُ الْأَعْوَرِ الْبَاقِيَةُ وَسَوَاءٌ طُمِسَتْ أَوْ بَرَزَتْ أَوْ ذَهَبَ نُورُهَا وَجَمَالُهَا بَاقٍ وَفِي ذَهَابِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا نِصْفُهَا لِمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ لِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ هِيَ السُّنَّةُ وَبِهِ قَضَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمَا لَا لِانْتِقَالِ الْبَصَرِ إلَيْهَا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ الْبَصَرَ عَرَضٌ وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ بِخِلَافِ كُلِّ مُزْدَوِجٍ فِي الْإِنْسَانِ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْوَاجِبِ فِيهِمَا مَا عَدَا عَيْنَ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ فَالْإِخْرَاجُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ تَعْلِيلٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ فَلَيْسَ الْبَاقِي مِنْهُ كَالْبَاقِي مِنْ الْعَيْنَيْنِ لِأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْعَقْلِ كَأَحَدِ الْيَدَيْنِ أَوْ الْعَيْنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ يَدَيْ شَخْصٍ مِنْ الْأَصَابِعِ أَوْ مِنْ الْعَضُدِ أَوْ أَزَالَ مَنْفَعَتَهُمَا مَعَ بَقَائِهِمَا أَوْ رِجْلَيْ شَخْصٍ مِنْ الْكَعْبِ أَوْ مِنْ الْوَرِكِ أَوْ أَزَالَ مَنْفَعَتَهُمَا بِكَسْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مَعَ بَقَائِهِمَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ حَصَلَ فِيهِمَا الرَّعْشَةُ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ مَارِنُ أَنْفِهِ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ دُونَ الْعَظْمِ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْأَرْنَبَةَ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ رَأْسَ ذَكَرِ إنْسَانٍ دُونَ قَصَبَتِهِ وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ فَمِنْ الْحَشَفَةِ يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ فَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَبِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ بَعْضَ الْمَارِنِ فَمِنْ الْمَارِنِ يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الْأَنْفِ فَمَا نَقَصَ مِنْهُ فَبِحِسَابِهِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ أُنْثَيَيْ شَخْصٍ وَسَوَاءٌ قَطَعَهُمَا أَوْ سَلَّهُمَا أَوْ رَضَّهُمَا قُطِعَتَا قَبْلَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ ذَكَرٌ أَمْ لَا وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ وَهُوَ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ إمَّا لِصِغَرِ آلَتِهِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ لَا يُنْعِظُ لِكِبْرٍ أَوْ عِلَّةٍ هَلْ يَلْزَمُ الْجَانِيَ عَلَى ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَأَمَّا ذَكَرُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ (ص) وَفِي شُفْرَيْ الْمَرْأَةِ إنْ بَدَا الْعَظْمُ وَفِي ثَدْيَيْهَا أَوْ حَلَمَتَيْهِمَا إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ وَسِنِّ الصَّغِيرِ لَمْ يُثْغِرْ لِلْإِيَاسِ كَالْقَوَدِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ سَنَةً وَسَقَطَا إنْ عَادَتْ وَوَرِثَا إنْ مَاتَ وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ بِحِسَابِهَا (ش) الشُّفْرَانِ هُمَا حَرْفَا الْفَرَجِ وَالشُّفْرُ بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ فَإِذَا قَطَعَ شُفْرَيْهَا إلَى أَنْ بَدَا الْعَظْمُ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَفْهُومُ إنْ بَدَا الْعَظْمُ حُكُومَةٌ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِهِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَاخْتَارَ ز أَنَّ فِي أَحَدِهِمَا حُكُومَةً بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ أَيْ اسْتَأْصَلَهُمَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَجُوزًا لِأَنَّ ذَلِكَ جَمَالٌ لِصَدْرِهَا وَرُبَّمَا دَرَّ مِنْهَا لَبَنٌ وَأَمَّا إذَا قَطَعَ رُؤْسَهُمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَلَمَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَبْطُلَ اللَّبَنُ مِنْهُمَا مَا لَمْ تَكُنْ عَجُوزًا وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ وَمِثْلُ إبْطَالِ اللَّبَنِ إفْسَادُهُ فَالشَّرْطُ قَاصِرٌ عَلَى الْحَلَمَتَيْنِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلَّبَنِ لَا لِلْحَلَمَتَيْنِ فَلَوْ ضَرَبَهَا فِي مَوْضِعٍ فَبَطَلَ لَبَنُهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَأَمَّا لَوْ قَطَعَ حَلَمَتَيْ امْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِهَا إلَى زَمَنِ الْإِيَاسِ وَهَذَا فِي الْخَطَأِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ أَتَى زَمَنُ الْإِيَاسِ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُ تَمَامِ السَّنَةِ قَالَ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لَا لِانْتِقَالِ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِقَالِ أَنَّ نُورَ الثَّانِيَةِ قَامَ مَقَامَ الْأُولَى (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ مُزْدَوِجٍ) وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَحَدُ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْوَاجِبِ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ كَأَحَدِ الْيَدَيْنِ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَزَالَ مَنْفَعَتَهُمَا) أَيْ بِكَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَرَعْشَةٍ وَأَمَّا إنْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ أَوْ مَعَ الْكَفِّ أَوْ مَعَ الْكَعْبِ فَأُخِذَتْ الدِّيَةُ ثُمَّ حَصَلَتْ جِنَايَةٌ عَلَيْهَا بَعْدَ إزَالَةِ الْأَصَابِعِ فَحُكُومَةٌ سَوَاءٌ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ الْكُوعِ أَوْ الْمَرْفِقِ أَوْ الْمَنْكِبِ، وَالرِّجْلُ إلَى الْوَرِكِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ هَلْ يَلْزَمُ الْجَانِيَ عَلَى ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالرَّاجِحُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيَخْرُجُ حُكْمُ حَشَفَتِهِ وَلَوْ قَطَعَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَدِيَتَانِ وَلَوْ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحُرٍّ فَإِنْ فَعَلَهُ بِعَبْدٍ أُدِّبَ فِي الْعَمْدِ وَلَا غُرْمَ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ وَفِي شَرْحِ عب وَانْظُرْ مَنْ خُلِقَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيْدٍ أَوْ أَرْجُلٍ أَوْ ذَكَرَانِ وَفِي كُلٍّ قُوَّةُ الْأَصْلِ ثُمَّ قَطَعَ الثَّلَاثَةَ أَوْ الذَّكَرَيْنِ وَفِي ك وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ لَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي بَقِيَّةِ مَا نَظَرَ بِهِ الْأَوَّلَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَنِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَقَوْلُهُ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَانْظُرْ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ أُنْثَى تَكُونُ الْجَمَالَةُ فِي قَطْعِهِ (قَوْلُهُ كَالْقَوَدِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ يَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلُهُ كَالْقَوَدِ لِلْحَلَمَتَيْنِ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ امْرَأَةً وَانْظُرْ لِسَانَ الصَّغِيرِ إذَا قُطِعَ هَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ أَوْ يَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ وَوَرِثَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْإِيَاسِ وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ فِي الْخَطَأِ لِاحْتِمَالِ الْعَوْدِ ك (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الزَّرْقَانِيُّ) الَّذِي عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مِنْ مُقْتَضَى تَرَتُّبِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى قَطْعِ الشَّفْرَيْنِ مَعَ بُدُوِّ الْعَظْمِ فِيهِمَا تَرَتُّبَ نِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى قَطْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ بُدُوِّ عَظْمِهِ فَهَذَا يَرِدُ عَلَى الزَّرْقَانِيِّ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا (قَوْلُهُ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ) وَأَمَّا ثَدْيَا الرَّجُلِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ فِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ إلَّا الِاجْتِهَادُ وَهُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالتَّذْكِيرُ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إبْطَالِ اللَّبَنِ إفْسَادُهُ) فَإِنْ فَسَدَ مَوْضِعُ اللَّبَنِ ثُمَّ عَادَ رَدَّهَا كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْخَطَأِ) قُصُورٌ بَلْ وَمِثْلُهُ الْعَمْدُ وَإِطْلَاقُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَى زَمَنُ الْإِيَاسِ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى رَدِّهِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلسِّنِّ بِأَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَطَعَ ثَدْيَيْ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ اسْتُوقِنَ أَنَّهُ أَبْطَلَهُمَا فَلَا يَعُودَانِ أَبَدًا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وُضِعَتْ الدِّيَةُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهَا كَسِنِّ الصَّغِيرِ فَإِنْ نَبَتَا فَلَا عَقْلَ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَنْبُتَا أَوْ شُرِطَتَا فَيَبِسَتَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ اهـ. وَفِيهَا مَنْ طَرَحَ سِنَّ صَبِيٍّ لَمْ يُثْغِرْ خَطَأً أَوْقَفَ عَقْلَهُ بِيَدِ عَدْلٍ فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا رَجَعَ الْعَقْلُ إلَى مَخْرَجِهِ وَإِنْ لَمْ تَعُدْ أَعْطَى الْعَقْلَ كَامِلًا وَإِنْ هَلَكَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ سِنُّهُ فَالْعَقْلُ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ نَبَتَتْ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِهَا الَّذِي قُلِعَتْ مِنْهُ كَانَ لَهُ مِنْ الْعَقْلِ قَدْرُ مَا نَقَصَتْ وَلَوْ قُلِعَتْ عَمْدًا أَوْقَفَ لَهُ الْعَقْلَ أَيْضًا وَلَا يُعَجَّلْ بِالْقَوَدِ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ أَمْرُهَا فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا فَلَا عَقْلَ فِيهَا وَلَا قَوَدَ وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِهَا أَعْطَى مَا نَقَصَتْ فَإِنْ لَمْ تَعُدْ لِهَيْئَتِهَا حَتَّى مَاتَ الصَّبِيُّ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَيْسَ فِيهَا عَقْلٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ تَنْبُتْ فَقَوْلُهُ لِلْإِيَاسِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ كَالْقَوَدِ تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِينَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ انْقَضَى أَمَدُ الْإِيَاسِ مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ اُنْتُظِرَ تَمَامُ سَنَةٍ وَإِنْ مَضَى تَمَامُ سَنَةٍ قَبْلَ الْإِيَاسِ اُنْتُظِرَ الْإِيَاسُ فَيُنْتَظَرُ بِهِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي وَسَقَطَا لِلْقَوَدِ وَالدِّيَةِ إنْ عَادَتْ سِنُّ الصَّغِيرِ لِهَيْئَتِهَا قَبْلَ قَلْعِهَا كَمَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَوَرِثَا يَرْجِعُ لِلْقَوَدِ وَلِلدِّيَةِ إنْ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ نَبَاتِ سِنِّهِ فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَسْتَحِقُّونَ مَالَهُ مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ وَلَمَّا كَانَ لِزَوَالِ كُلِّ مَا فِيهِ الدِّيَةُ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا زَوَالُهُ أَوْ بَعْضُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْعَقْلُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْلَ إذَا شَكَكْنَا فِي زَوَالِهِ فَإِنَّا نَرْقُبُهُ فِي الْخَلَوَاتِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يُعْرَفُ ذَهَابُهُ مِنْ عَوْدِهِ إلَّا مِنْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْخَلَوَاتِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ جَمْعِهِ لِلْخَلَوَاتِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ التَّحَيُّلِ وَالتَّصَنُّعِ فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّا نَسْتَغْفِلُهُ فِيهَا وَنَطَّلِعُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِنَا هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ أَمْ غَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّا نَجْلِسُ مَعَهُ فِيهَا وَنُحَادِثُهُ وَنُسَايِرُهُ فِي الْكَلَامِ وَنَنْظُرُ خِطَابَهُ وَجَوَابَهُ وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ (ص) وَالسَّمْعُ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى ذَهَابَ سَمْعِ إحْدَى أُذُنَيْهِ فَإِنَّهُ يُخْتَبَرُ ذَلِكَ بِأَنْ يُصَاحَ لَهُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةِ الْجِهَاتِ بَعْدَ أَنْ تُسَدَّ الْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ سَدًّا مُحْكَمًا يُرِيدُ وَجْهَ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَإِنَّهُ يَتَقَرَّبُ مِنْهُ وَيَصِيحُ بِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَسْمَعَ ثُمَّ تُسَدُّ تِلْكَ الْأُذُنُ وَتُفْتَحُ الْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ   [حاشية العدوي] حَصَلَ الْإِيَاسُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَبِالْإِيَاسِ مِنْ عَوْدِ الْعُضْوِ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ اهـ. وَقَالَ الْحَطَّابُ لَوْ قُلِعَتْ سِنُّ الصَّغِيرِ بَعْدَ الْإِثْغَارِ أَخَذَ الدِّيَةَ مُعَجَّلَةً فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَبِعِبَارَةٍ وَقَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ وَيُحْبَسُ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَيُوقَفُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ بِيَدِ أَمِينٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي أَمِينًا خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ فَلَوْ عَادَتْ أَكْبَرَ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ أَيْ فَإِنْ نَقَصَ نِصْفُهَا فَنِصْفُ دِيَتِهَا كَمَا فِي نَقْصِ السَّمْعِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْمُؤَلِّفُ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا نَبَتَتْ وَصَارَتْ تَعْدِلُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَأَمَّا إنْ عَادَتْ قَدْرَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ مَعَ ظُهُورِهِ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَسَقَطَا إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْعَمْدَ إنَّمَا يُقْصَدُ مَعَهُ إيلَامُ الْجَانِي بِمِثْلِ فِعْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ غَيْرِ الْخَطَرِ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ لَا تُمَاثِلُ سِنَّ الْكَبِيرِ لِنَبَاتِ سِنِّهِ وَعَدَمِ نَبَاتِ سِنِّ الْكَبِيرِ إنْ قُلِعَتْ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَقَدْ سَاوَتْ جِنْسَ سِنِّ الْكَبِيرِ فَوَجَبَ الْقَوَدُ (قَوْلُهُ بِالْخَلَوَاتِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلِلظَّرْفِيَّةِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْخَلَوَاتِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اثْنَانِ وَظَاهِرُ تت أَنَّهُ يَكْفِي وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِذَا كَانَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ نَعْمِدُ إلَى الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالْمَدَارُ عَلَى مَا يُفِيدُ الْمُرَادَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِالْخَلَوَاتِ بَلْ كُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ زَوَالِ الْعَقْلِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ كَحَرَكَةِ النَّبْضِ وَنَحْوِهَا كَذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ يَحْتَمِلُ إلَخْ) الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ ثُمَّ إنْ عَلِمَ حَالَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَامِلًا إذْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَمَالِ الْوَسَطُ فَإِنْ شَكَّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ أَثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حُمِلَ فِي الْعَمْدِ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ) نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى السَّمْعِ فِي قَوْلِهِ وَالسَّمْعُ إلَخْ أَيْ وَنُسِبَ السَّمْعُ النَّاقِصُ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ وَيُؤْخَذُ نِسْبَةُ النَّقْصِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ نَائِبَ الْفَاعِلِ أَيْ وَقَعَتْ النِّسْبَةُ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ سَمْعِ إحْدَى أُذُنَيْهِ) أَيْ بَعْضِ سَمْعِ إحْدَى أُذُنَيْهِ أَمَّا إذَا ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ يُجَرَّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ كَطَبْلٍ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ يُرِيدُ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ إذْ كُلُّ جِهَةٍ صِيحَ عَلَيْهِ فِيهَا يَصِيرُ وَجْهُهُ لِوَجْهِهِ وَمُفَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ بُعْدٍ ثُمَّ يَتَقَرَّبُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَصِحُّ الْعَكْسُ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْبَصَرِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ فَإِنْ سَمِعَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ أَيْ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ كَذَلِكَ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَسْمَعَ فَقَوْلُهُ إلَى أَنْ يَسْمَعَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ) ظَاهِرُهُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مِنْ مَكَان وَاحِدٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْ السَّمْعِ وَيُنْسَبُ الْقَدْرُ الَّذِي فَضَلَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا لِسَمْعِ السَّالِمَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَالِاخْتِلَافُ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْجِهَاتِ أَمَّا إنْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا مُتَبَاعِدًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَيَكُونُ سَمْعُهُ هَدَرًا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَهَدَرٌ) لِكَذِبِهِ فَقَوْلُهُ وَالسَّمْعُ أَيْ وَجُرِّبَ السَّمْعُ أَيْ اُخْتُبِرَ نُقْصَانُهُ حَيْثُ ادَّعَى النَّقْصَ وَصِفَةُ الِاخْتِبَارِ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ بِأَنْ أَيْ بِسَبَبِ أَنْ يُصَاحَ وَقَوْلُهُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ أَيْ مَعَ هُدُوِّ الرِّيحِ وَالْمُرَادُ بِالْأَمَاكِنِ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ (ص) وَإِلَّا فَسَمْعُ وَسَطٍ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى ذَهَابَ سَمْعِ أُذُنَيْهِ مَعًا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَعْدُومَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَمْعِ رَجُلٍ سَمْعًا وَسَطًا لَا فِي غَايَةِ حِدَّةِ السَّمْعِ وَلَا فِي غَايَةِ ثِقَلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ فِي السِّنِّ فَيُوقَفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَيُصَاحُ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ تُجْعَلُ عَلَامَةٌ عَلَى انْتِهَاءِ سَمْعِهِ فَإِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أُزِيلَ وَوَقَفَ الرَّجُلُ مَكَانَهُ وَيُصَاحُ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ تُجْعَلُ عَلَامَةٌ عَلَى انْتِهَاءِ سَمْعِهِ وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِهِ عَنْ سَمْعِ الرَّجُلِ الْوَسَطِ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ فَقَوْلُهُ (وَلَهُ نِسْبَتُهُ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَلَهُ نِسْبَةُ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَتْ أُذُنُهُ الْأُخْرَى صَحِيحَةً أَوْ نِسْبَةُ سَمْعِ رَجُلٍ وَسَطٍ إنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مَعِيبَةً وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ (إنْ حَلَفَ) بِأَنْ يَقُولَ هَذَا غَايَةُ مَا أَسْمَعُ مَثَلًا (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (فَهَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ (ص) وَالْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُخْتَبَرُ الْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ أَيْ كَمَا مَرَّ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ وَتُبَدَّلُ عَلَيْهِ الْأَمَاكِنُ ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَيُنْظَرُ مَا تُبْصِرُ بِهِ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ يُقَاسُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَإِذَا عُلِمَ قَدْرُ النَّقْصِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِهِ وَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ بَصَرِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْقِطْ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ التَّشْبِيهُ أَنَّ الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ تُسَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تُغْلَقُ (ص) وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّمَّ يُخْتَبَرُ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ مُنَفِّرَةٍ لِلطَّبْعِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا عُلِمَتْ مِنْهُ النَّفْرَةُ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى كَذِبِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا فَإِنَّ مَنْ لَهُ قُوَّةُ الشَّمِّ لَا بُدَّ أَنْ يَتَأَثَّرَ لِلرَّائِحَةِ الْحَادَّةِ إمَّا بِعُطَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ فَاقِدِ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا ادَّعَى ذَهَابَ الْجَمِيعِ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ كَمُدَّعِي ذَهَابِ بَعْضِ الذَّوْقِ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ (ص) وَالنُّطْقُ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا (ش) أَيْ وَجُرِّبَ النُّطْقُ بِكَلَامِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ فِي نَقْصِهِ لِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ النَّاشِئِ عَنْ اجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ وَيُعْطَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ قَالُوا شَكَكْنَا هَلْ ذَهَبَ رُبُعٌ أَوْ ثُلُثٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى الثُّلُثُ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ فِي النَّقْصِ إلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ فَإِنَّ فِيهَا الرَّخْوَ وَالشَّدِيدَ وَقَوْلُهُمْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لَا يَشْمَلُ الْمُخْطِئَ وَقَدْ يُقَالُ يَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ (ص) وَالذَّوْقُ بِالْمَقِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذَّوْقَ يُجَرَّبُ بِالْأَشْيَاءِ الْمَقِرَةِ أَيْ الْمُرَّةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهَا مِثْلُ الصَّبْرِ وَشِبْهِهِ وَالْمَقِرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمَرَارَةِ (ص) وَصُدِّقَ مُدَّعِي ذَهَابِ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ أَوْ ذَهَابَ بَصَرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ كَالسَّمْعِ بِأَنْ يُصَاحَ بِإِزَائِهِ صَيْحَةً شَدِيدَةً قَالَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ) وَهِيَ يَمِينُ تُهْمَةٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) أَيْ اخْتِلَافًا مُتَبَاعِدًا وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَخْتَلِفَ قَوْلُهُ أَصْلًا أَوْ يَخْتَلِفَ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبًا (قَوْلُهُ بِأَنْ ادَّعَى ذَهَابَ سَمْعِ أُذُنَيْهِ) أَيْ بَعْضِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَعْدُومَةً) أَيْ أَوْ ضَعِيفَةً مِثْلُ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُجَرَّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَمْعِ رَجُلٍ) هَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَمْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا أُعْطِيَ مِثْلُهُ عَالِيًا أَوْ أَدْنَى (قَوْلُهُ وَيُصَاحُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ) أَيْ أَوْ يُصَاحُ عَلَيْهِ فِيهَا بِصَوْتٍ قَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَوَقَفَ الرَّجُلُ مَكَانَهُ) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْأَبْعَدِ لِيَعْلَمَ قَدْرَ مَا يَسْمَعُ أَوْ أَنَّنَا لَا نُوقِفُهُ مَكَانَهُ بَلْ يَقِفُ بِبُعْدٍ ثُمَّ يُقَرَّبُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَسْمَعَ (قَوْلُهُ وَالْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ) لَفْظُ كَذَلِكَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَجُرِّبَ تَجْرِيبًا كَذَلِكَ أَيْ مِثْلَ تَجْرِيبِ السَّمْعِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْإِغْلَاقِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا بِأَنْ أَذْهَبَتْ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ نُسِبَ لِبَصَرِ وَسَطٍ إنْ لَمْ يُعْلَمْ بَصَرُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا فَلِمَا عُلِمَ أَقَلَّ مِنْ الْوَسَطِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا ادَّعَى ذَهَابَ بَعْضِ أَحَدِهِمَا وَهَذَا ادَّعَى جَمِيعَ بَصَرِهِ أَيْ ذَهَبَ الْبَصَرُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ وَصُدِّقَ مُدَّعٍ إلَخْ (وَقَوْلُهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي) أَيْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُغْلَقُ) وَقَدْ يُقَالُ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَالْأُخْرَى مَعْدُومَةٌ وَمَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِمَا وَالْمَعْنَى ظَاهِرٌ فَلَا اقْتِضَاءَ (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ بَعْضِهِ إلَخْ) أَيْ وَنُسِبَ لِشَمِّ وَسَطٍ فَإِذَا قَالَ أَشُمُّ إلَى عَشَرَةِ أَذْرُعٍ فَقَطْ صُدِّقَ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارٍ بِمَشْمُومٍ حَادِّ الرَّائِحَةِ وَنُسِبَ لِشَمِّ وَسَطٍ لِعُسْرِ الِامْتِحَانِ (قَوْلُهُ هَلْ ذَهَبَ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ يَقْرَأُ فِي السَّاعَةِ رُبُعَ الْقُرْآنِ فَيَعْجِزُ بِالْجِنَايَةِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى ثُمُنِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهَا الرَّخْوَ وَالشَّدِيدَ) فَالرَّخْوُ يَسْهُلُ النُّطْقُ بِهِ وَالشَّدِيدُ يَشُقُّ النُّطْقُ بِهِ أَيْ فَلَمَّا كَانَ فِيهَا الرَّخْوُ وَالشَّدِيدُ لَمْ يُنْظَرْ لَهَا (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ) فِي اللُّغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاءَ مُخَفَّفَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعَ الِاخْتِبَارِ لَا يَمِينَ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِبَارَ مَعَ الْيَمِينِ وَكَلَامُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 أَشْهَبُ وَيُشَارُ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنَيْنِ أَوْ الْعَيْنِ الَّتِي يَقُولُ ذَهَبَ ضَوْءُهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ ادَّعَى الْمَضْرُوبُ أَنَّ جَمِيعَ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ قَدْ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اخْتِبَارِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ صُدِّقَ الْمَضْرُوبُ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ الظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَصُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا عَدَا الْعَقْلِ وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْأَوْلِيَاءُ وَهُمْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُمْ (ص) وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا خِلْقَةً كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ إذَا خُلِقَتْ ضَعِيفَةً أَوْ الرِّجْلَ إذَا خُلِقَتْ ضَعِيفَةً وَنَحْوَهُمَا أَوْ حَصَلَ الضَّعْفُ لِذَلِكَ مِنْ أَمْرٍ سَمَاوِيٍّ كَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ صَحِيحٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَقْلُ كَامِلًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَذَكَرٌ وَصَحِيحٌ وَضِدُّهُمَا فَهَلْ فِيهِ مَعَ هَذَا نَوْعُ تَكْرَارٍ أَوْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ وَهَذَا فِي الْأَطْرَافِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ إلَخْ فَإِنَّهُ فِي الْأَطْرَافِ تَأَمَّلْ (ص) وَكَذَلِكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ أَوْ الرِّجْلَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا كَالصَّحِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ الْعَقْلِ كَامِلًا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ لِلْجِنَايَةِ عَقْلًا أَمَّا إنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا ثُمَّ حَصَلَ جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دِيَتِهَا إلَّا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَهَذَا فِي الْخَطَأِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا وَجِنَايَةُ الْعَمْدِ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ وَلِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ فَبِحِسَابِهِ بِمَا هُنَا أَيْ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا أَيْ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهُ عَقْلٌ أَخَذَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِلْجَانِي (ص) وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ لِسَانَ النَّاطِقِ فِيهِ الدِّيَةُ بِخِلَافِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ فَإِنَّ فِيهِ حُكُومَةً (ص) وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ فَحُكُومَةٌ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالسَّاعِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ مِنْ شَخْصٍ بَعْضَ لِسَانِهِ النَّاطِقِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَا قَطَعَهُ مِنْهُ نُطْقَهُ فَإِنَّمَا فِيهِ الْحُكُومَةُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ مِمَّنْ حَضَرَهُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ نُطْقَهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهَا لِلنُّطْقِ لَا لِلِّسَانِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي قَطْعِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ أَوْ فِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ أَوْ فِي قَطْعِ السَّاعِدِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَفُّ ذَهَبَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا وَلَيْسَ قَوْلُهُ وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ لِأَنَّ مَا مَرَّ بَيَّنَ أَنَّ فِيهِ الْعَقْلَ لَا الْقِصَاصَ وَبَيَّنَ هُنَا مَا الْمُرَادُ بِالْعَقْلِ وَقَوْلُهُ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ أَيْ إنْ لَمْ يَمْنَعْ الصَّوْتَ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ وَقَوْلُهُ وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ   [حاشية العدوي] مَالِكٍ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِبَارِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِاخْتِبَارُ فَالْيَمِينُ ابْتِدَاءً وَإِذَا أَمْكَنَ فَالْيَمِينُ انْتِهَاءً وَقَالَ مُحَشِّي تت بَعْدَ اخْتِبَارِهِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ كَتَبَ شب فَقَالَ وَصُدِّقَ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ مُدَّعِي ذَهَابِ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الِاخْتِبَارَ بِاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُمْكِنُ فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَدْ يَتَّفِقُ عَدَمُ الْإِمْكَانِ بِأَنْ يَكُونَ يَتَعَذَّرُ أَنْ يُصَاحَ عَلَيْهِ صَيْحَةً شَدِيدَةً فِي غَفْلَةٍ (قَوْلُهُ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ تَمْيِيزٌ لِلضَّعِيفِ مِثْلُ اسْتِرْخَاءِ الْبَصَرِ وَثِقَلِ إبْصَارِهَا مِنْ كِبَرٍ (قَوْلُهُ فَهَلْ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَ التَّكْرَارَ لِلْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْمُكَرَّرَ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي وَإِنَّمَا قَالَ نَوْعُ تَكْرَارٍ وَلَمْ يَقُلْ تَكْرَارًا لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ فِي ذَلِكَ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوَدِ وَهَذَا فِي الْعَقْلِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا) هَذَا إذَا لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ الْمَنْفَعَةِ وَإِلَّا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مُطْلَقًا أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاعْلَمْ أَنَّ لَنَا مَسَائِلَ: الْأُولَى: أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي كَانَتْ الْأُولَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَخَذَ فِيهَا مَالًا أَمْ لَا أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ. الثَّانِيَةَ: أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ خَطَأً وَالْأُولَى كَذَلِكَ وَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَيْ لِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ. الثَّالِثَةَ: أَنْ تَكُونَ كُلٌّ خَطَأً وَلَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا لِلْأُولَى وَهِيَ كَالْمُتَقَدِّمَةِ وَهَذَا حَيْثُ حَصَلَ الْعَفْوُ أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ كَانَ لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ كُلَّ الدِّيَةِ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى أَذْهَبَتْ جُلَّ النَّفْعِ وَإِلَّا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ الرَّابِعَةَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى فَقَطْ عَمْدًا فَإِنْ ذَهَبَ جُلُّ نَفْعِهَا فَعَلَى الثَّانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَوْ تَرَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ لَا إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ فَلَهُ فِي الثَّانِي الْكُلُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالضَّعِيفُ السِّنِّ الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا وَلَا لَهَا إلَّا مِنْ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَفِي لِسَانِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِيهِ لِمَا أَدَّى إلَيْهِ الْقَطْعُ مِنْ إزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ إعَادَتَهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ (قَوْلُهُ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ عَدَمِ النُّطْقِ دَائِمًا لَا مِنْ يَعْرِضْ لَهُ عَدَمُ النُّطْقِ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَزُولَ كَمَا فِي شَرْحِ عب وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ السَّالِمِ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ لَهَا أَصْلًا وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهَا نَفْعٌ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالسَّاعِدِ إلَخْ) هُوَ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْيَدِ الَّتِي مُنْتَهَاهَا الْمَنْكِبُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ إلَخْ) هَذَا فِي الْخَطَأِ وَانْظُرْ لَوْ قَطَعَهُ عَمْدًا هَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَذْهَبَ بِذَلِكَ نُطْقُهُ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي وَإِنْ ذَهَبَ إلَخْ أَوْ يَكُونُ فِيهِ حُكُومَةٌ وَيَكُونُ كَالتَّالِفِ أَوْ يُسْئِلُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ قَالُوا إنْ فُعِلَ بِالْجَانِي لَا يَزِيدُ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يُفْعَلْ بِهِ (قَوْلُهُ وَالسَّاعِدِ) هَذَا عِنْدَ قَطْعِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أُصْبُعٍ وَيَجِبُ دِيَةُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 وَالسَّاعِدُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا عِنْدَ عَدَمِ الْمُمَاثِلِ وَمِثْلُهُ الْعَسِيبُ وَأَمَّا مَعَ الْمُمَاثِلِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي لِسَانِ الصَّغِيرِ قَبْلَ نُطْقِهِ الدِّيَةَ لِأَنَّ الْغَالِبَ نُطْقُهُ بَعْدُ وَالْخَرَسُ نَادِرٌ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فَإِنْ قُلْت هَبْ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ لَا كَلَامَ فِيهِ لَكِنَّهُ يَذُوقُ بِهِ وَقَدْ قُلْتُمْ أَنَّ فِي الذَّوْقِ الدِّيَةَ قُلْت لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ مِنْ تَحَقُّقِ إزَالَةِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ الدِّيَةُ وَهِيَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَلِهَذَا جَعَلَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحُكُومَةَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ ذَوْقٌ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إلَخْ أَنَّهُ إنْ مَنَعَ مَا قَطَعَهُ النُّطْقَ أَوْ بَعْضَهُ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالنُّطْقُ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا فِي قَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ دِيَةٌ أَوْ النُّطْقُ (ص) وَأَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ وَسِنِّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا وَعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ الْحَشَفَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ إذَا قُطِعَتَا فَإِنَّمَا فِيهِمَا الْحُكُومَةُ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ وَهَذَا إذَا كَانَ خَطَأً أَوْ أَمَّا إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ فِي السِّنِّ الْمُضْطَرِبَةِ جِدًّا بِأَنْ لَا يُرْجَى مَعَهُ ثَبَاتٌ إذَا قُلِعَتْ حُكُومَةٌ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا فَإِنْ كَانَ اضْطِرَابُهَا لَا جِدًّا فَفِيهَا الْعَقْلُ كَامِلًا وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَسِيبِ إذَا قُطِعَ بَعْدَ ذَهَابِ الْحَشَفَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْحَشَفَةِ (ص) وَحَاجِبٍ وَهُدْبٍ وَظُفْرٍ وَفِيهِ الْقِصَاصُ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَعْرَ الْحَاجِبِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ وَهُدْبَ الْعَيْنَيْنِ وَهُوَ شَعْرُهُمَا وَشَعْرَ اللِّحْيَةِ فِي كُلٍّ حُكُومَةٌ إنْ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أُدِّبَ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَلَا أَدَبَ عَلَى الْجَانِي وَأَمَّا الظُّفْرُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالْحُكُومَةُ فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا عَمْدُ غَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ كَمَا مَرَّ (ص) وَإِفْضَاءٍ وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ إلَّا بِأُصْبُعِهِ (ش) ابْنُ عَرَفَةَ الْإِفْضَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ مَا شَأْنُهَا بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْحَدِّ وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا أَنْ يَغْرَمَ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ بِأَنْ يُقَالَ مَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا مُفْضَاةٌ وَمَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُفْضَاةٍ وَيَغْرَمُ النَّقْصَ وَلَا يَنْدَرِجُ الْإِفْضَاءُ تَحْتَ مَهْرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا بِخِلَافِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ الْمَهْرِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ إلَّا بِزَوَالِهَا فَهِيَ مِنْ لَوَاحِقِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُزِيلَ الْبَكَارَةَ بِأُصْبُعِهِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَنْدَرِجُ وَالزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ الَّتِي أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ (ص) وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ وَالْأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ إلَّا فِي الْإِبْهَامِ فَنِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا لِإِنْسَانٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عُشْرُ الدِّيَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ   [حاشية العدوي] الْأُصْبُعِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ أُصْبُعَانِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي السَّاعِدِ شَيْءٌ وَيَنْدَرِجُ فِي دِيَةِ الْأُصْبُعَيْنِ فَأَكْثَرَ وَالرِّجْلُ مِثْلُ السَّاعِدِ (قَوْلُهُ وَالْخَرَسُ نَادِرٌ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُكُومَةَ إلَّا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَقَدْ يُقَالُ الدِّيَةُ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ كَذَا قَالَ عب وَأَجَابَ الشُّيُوخُ بِأَنَّ الشَّكَّ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ هُنَا الظَّنُّ (قَوْلُهُ وَأَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا) أَيْ فَإِنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا فَهَدَرٌ أَقُولُ بَلْ وَيَنْبَغِي وَلَوْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ جَمَالٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السِّنِّ وَالْعَسِيبِ أَيْ حَيْثُ لَزِمَ فِي الْعَسِيبِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ أَخَذَ دِيَةً لِلْحَشَفَةِ أَمْ لَا وَالسِّنُّ الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا هَدَرٌ حَيْثُ أَخَذَ لَهَا أَوَّلًا عَقْلًا أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي السِّنِّ لَا تَخْتَلِفُ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا عَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَانِيًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَسِيبِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ أَوَّلًا عَلَى الرَّأْسِ ثُمَّ وَقَعَتْ ثَانِيًا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْعَسِيبُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَسِيبُ إلَخْ) إطْلَاقُ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ مَجَازٌ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ إذْ الْعَسِيبُ إنَّمَا يُقَالُ مَعَ بَقَاءِ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ وَهُدْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَشَفْرِ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ عَطْفًا لَهُ عَلَى مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا فِي بَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ الْحُكُومَةَ إذَا لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِفْضَاءٍ) أَيْ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي إفْضَاءٍ وَكَذَا اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ حَيْثُ لَمْ تَمُتْ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ فَتَنْدَرِجُ عَامٌّ فِي الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ إلَّا بِأُصْبُعِهِ فَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ لَكِنْ فِي الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي الزَّوْجِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا فَيَنْدَرِجُ وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ مِنْ وَطْئِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْخَطَأِ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً مَعَ الْأَدَبِ فِي الصَّغِيرَةِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفَصَلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَمْدٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ مَأْذُونٌ فَفِعْلُهُ كَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحُكُومَةَ هُنَا لَيْسَتْ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُقَدَّرُ عَبْدًا فَرْضًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَيُتَصَوَّرُ إزَالَتُهَا بِأُصْبُعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِأَنْ يَفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ لَا فِي خَلْوَةٍ اهْتِدَاءً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي إزَالَتِهَا بِذَكَرِهِ إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِأُصْبُعِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْأُنْمُلَةِ إلَخْ) فِيهِ ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا فَهِيَ تِسْعُ لُغَاتٍ وَفَتْحُ الْمِيمِ أَفْصَحُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِنْصَرَ اثْنَانِ وَذَكَرَ عج فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الْخِنْصَرَ اثْنَانِ فَهُوَ كَالْإِبْهَامِ قَالَ ظَاهِرُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 وَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأُصْبُعُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مُعَاقَلَتِهَا لِلرَّجُلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَافِرَ كَالْمُسْلِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عُشْرُ الدِّيَةِ مِنْ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَأَسْنَانُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ مُثَلَّثَةٍ وَمُرَبَّعَةٍ وَمُخَمَّسَةٍ وَأَنَّ مَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةً مِنْ أُصْبُعِ يَدِ شَخْصٍ أَوْ مِنْ رِجْلِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ بَعِيرٍ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَإِنَّ فِيهَا نِصْفَ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوْلُهُ عُشْرٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ لَا بِفَتْحِهَا لِئَلَّا يَكُونَ قَاصِرًا عَلَى الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى الضَّمِّ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ هَذَا (ص) وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ عُشْرٌ إنْ أُفْرِدَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ الْقَوِيَّةَ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْقُوَّةِ مَا يُوجِبُ الِاعْتِدَادَ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ فِي الْيَدِ أَوْ فِي الرِّجْلِ إذَا قُطِعَتْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُقْطَعَ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا بِحَيْثُ لَوْ قَطَعَ جَمِيعَ الْكَفِّ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ سِتُّونَ مِنْ الْإِبِلِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ أُفْرِدَتْ وَاحْتُرِزَ بِالْقَوِيَّةِ مِنْ الضَّعِيفَةِ فَإِنَّهَا إنْ قُطِعَتْ وَحْدَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَإِنْ قُطِعَتْ مَعَ الْكَفِّ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَدَ الزَّائِدَةَ تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ (ص) وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ وَإِنْ سَوْدَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السِّنَّ إذَا كَانَتْ ضِرْسًا أَوْ نَابًا أَوْ رُبَاعِيَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ بِخِلْقَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ إذَا جَنَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ فَقَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا أَوْ مِنْ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَخَمْسٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلَا يَصِحُّ ضَمُّهَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الذَّهَبِ إذَا جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ مِائَتَيْنِ وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا خَمْسُونَ نِصْفُ الْعُشْرِ فَالْقُصُورُ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ وَلَوْ قَالَ نِصْفُهُ أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَهُ مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً أَوْ مُخَمَّسَةً (ص) بِقَلْعٍ أَوْ اسْوِدَادٍ أَوْ بِهِمَا أَوْ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ إنْ كَانَا عُرِفَا كَالسَّوَادِ أَوْ بِاضْطِرَابِهَا جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ السِّنِّ تَجِبُ بِأَحَدِ أُمُورٍ مِنْهَا الْقَلْعُ كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا اسْوِدَادُهَا فَقَطْ بَعْدَ بَيَاضِهَا بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا مَعَ بَقَائِهَا لِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَهَا وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاسْوَدَّتْ ثُمَّ انْقَلَعَتْ وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاحْمَرَّتْ بَعْدَ بَيَاضِهَا وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاصْفَرَّتْ بَعْدَ بَيَاضِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْحُمْرَةُ أَوْ الصُّفْرَةُ فِي الْعُرْفِ كَالسَّوَادِ أَيْ يَذْهَبُ بِذَلِكَ جَمَالُهَا وَإِلَّا فَعَلَى حِسَابِ مَا نَقَصَ وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاضْطَرَبَتْ بِذَلِكَ اضْطِرَابًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ مَنْفَعَتَهَا مَا لَمْ تَثْبُتْ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ فَلَوْ كَانَ الِاضْطِرَابُ لَا جِدًّا فَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا (ص) وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَلَعَ سِنًّا لِشَخْصٍ كَبِيرٍ أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْغَارِ أَيْ تَبَدَّلَتْ أَسْنَانُهُ ثُمَّ رَدَّهَا صَاحِبُهَا فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَقْلَهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ وَمَفْهُومُ قَبْلَ إلَخْ أَحْرَوِيٌّ كَمَا أَنَّ الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَ الْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ وَالْجَائِفَةَ وَالْمَأْمُومَةَ يُؤْخَذُ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ فِي كُلٍّ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَرُدَّ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ وَقُوَّةِ الْجِمَاعِ وَمَنْفَعَةِ اللَّبَنِ وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ   [حاشية العدوي] الْمُصَنِّفِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مُعَاقَلَتِهَا لِلرَّجُلِ) أَيْ كَوْنِ عَقْلِ جَوَارِحِهَا يُسَاوِي عَقْلَ الرَّجُلِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قِرَاءَةِ عُشْرٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ إلَّا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي أَصَابِعِهَا عُشْرُ دِيَةِ الرَّجُلِ عَشَرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهَا (قَوْلُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ أُفْرِدَتْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَحَّحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ إنْ أُفْرِدَتْ رَاجِعًا لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ الْقَوِيَّةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً وَقَطَعَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ إنْ أُفْرِدَتْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا إنْ قُلِعَتْ وَحْدَهَا إلَخْ) فَلَوْ جَنَى صَاحِبُ خَمْسِ أَصَابِعَ عَلَى كَفٍّ فِيهِ سِتُّ أَصَابِعَ عَمْدًا فَالظَّاهِرُ الْقِصَاصُ وَكَذَا عَكْسُهُ لِأَنَّ نَقْصَ الْأُصْبُعِ مِنْ الْكَفِّ لَا نَظَرَ إلَيْهِ فِي الْكَفِّ الْجَانِيَةِ أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدِ) أَيْ فَيَكُونُ إذَا قَطَعَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ فَقَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ بِأَنْ أَبْقَى بَعْضَ السِّنِّ مَغْرُوزًا فِي اللَّحْمِ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ اللَّحْمِ بِأَنْ أَخْرَجَهَا بِتَمَامِهَا لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَيَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ إذَا جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ أَرْبَعَمِائَةٍ وَهُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ بِقَلْعٍ أَوْ اسْوِدَادٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا إذَا ضَرَبَهُ عَمْدًا فَاسْوَدَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا وَلَمْ تَسْقُطْ لَهُ فَهَلْ لَهُ عَقْلُهَا كَالْخَطَأِ أَوْ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْجِنَايَةِ قِصَاصًا فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَهَا فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ وَإِلَّا فَدِيَةُ مَا ذَهَبَ وَبَيْنَ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَيُؤْخَذُ الْعَقْلُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا) سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْقِلُ الْإِبِلَ الدِّيَةَ بِدَارِ أَهْلِ الْقَتِيلِ وَإِنْ ثَبَتَتْ لَهُ بَعْدَ اضْطِرَابِهَا فَلَا يَأْخُذُهُ وَقَوْلُهُ كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ وَكَذَا الدَّامِغَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي السِّنِّ الَّتِي ثَبَتَتْ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ إلَخْ) وَعَلَى الْأَوَّلِ فَفَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السِّنِّ إذَا ثَبَتَتْ فَلَا يُرَدُّ عَقْلُهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 42 أَنَّ الْبَصَرَ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَإِذَا عَادَ لِصَاحِبِهِ كَمَا كَانَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ لِلْجَانِي مَا أَخَذَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ أَخَذَهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ السَّمْعُ يَرُدُّ لِلْجَانِي مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُ بِسَبَبِ عَوْدِهِ لِصَاحِبِهِ كَمَا كَانَ وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ وَالْكَلَامُ وَكَذَلِكَ قُوَّةُ الْجِمَاعِ وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ اللَّبَنِ إذَا عَادَتْ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ وَأَمَّا مَنْ قَطَعَ أُذُنَ شَخْصٍ ثُمَّ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ بِأَنْ رَدَّهَا صَاحِبُهَا وَثَبَتَتْ فَهَلْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي أَوْ لَا يَرُدُّهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ (ص) وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ فَإِذَا قَطَعَ يَدَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَتَانِ دِيَةٌ لِلْيَدَيْنِ وَدِيَةٌ لِذَهَابِ الْعَقْلِ وَإِذَا ضَرَبَهُ فَقَطَعَ أُذُنَيْهِ فَزَالَ سَمْعُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَهُ فَقَلَعَ عَيْنَيْهِ فَزَالَ بَصَرُهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَا تَنْدَرِجُ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِي الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قُوَّةِ الْجِمَاعِ مِنْ الصُّلْبِ بَلْ تَتَعَدَّدُ الدِّيَةُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ فَقَوْلُهُ إلَّا إلَخْ أَيْ إلَّا أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِ جِنَايَةً فَتُذْهِبَ مَنْفَعَةً بِمَحَلِّهَا وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ حَالَ كَوْنِهَا فِي مَحَلِّهَا أَيْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (ص) وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا إلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ حِينَئِذٍ لِدِيَتِهَا فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ لِرُجُوعِهَا إلَى دِيَتِهَا وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي مُنَقِّلَتِهَا وَهَاشِمَتِهَا وَمُوضِحَتِهَا وَلَا تَكُونُ مِثْلَهُ فِي جَائِفَتِهَا وَآمَّتِهَا لِأَنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِدِيَتِهَا فَيَكُونُ فِيهِمَا ثُلُثُ دِيَتِهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ (ص) وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ أَوْ فِي حُكْمِهِ (ش) أَيْ وَضُمَّ فِي جِنَايَةِ الْمَرْأَةِ الْجِنَايَةُ اللَّاحِقَةُ لِلسَّابِقَةِ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ فَإِذَا ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي حُكْمِهِ فَقَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فِي كُلِّ يَدٍ أُصْبُعَيْنِ أَوْ قَطَعَ لَهَا مِنْ يَدِ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ وَمِنْ الْأُخْرَى أُصْبُعًا وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تَأْخُذُ فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرِينَ فَقَطْ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوْلُهُ وَضُمَّ إلَخْ أَيْ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَفِيهِ حَذْفٌ أَيْ أَثَرُ الْفِعْلِ وَهُوَ الْجِرَاحَاتُ إذْ الْفِعْلُ نَفْسُهُ لَا يُضَمُّ وَفَائِدَةُ الضَّمِّ أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا بَلَغَتْ لِثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا (ص) أَوْ الْمَحَلِّ فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْفِعْلِ أَيْ وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفِعْلُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَوْرًا فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثًا مِنْ يَدٍ فَأَخَذَتْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ قَطَعَ لَهَا مِنْ الْيَدِ الْأُخْرَى ثَلَاثًا فَأَخَذَتْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ أَيْضًا فَإِذَا قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أُصْبُعًا فَأَكْثَرَ مِنْ أَيِّ يَدٍ كَانَتْ فَإِنَّ لَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ   [حاشية العدوي] لِأَنَّهَا لَا يَجْرِي فِيهَا الدَّمُ وَالْأُذُنُ إذَا رُدَّتْ اسْتَمْسَكَتْ وَعَادَتْ لِهَيْئَتِهَا وَجَرَى فِيهَا الدَّمُ (قَوْلُهُ وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ) وَمِثْلُهَا الْحُكُومَةُ فَلَوْ قَالَ وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ يَشْمَلُ الدِّيَةَ وَالْحُكُومَةَ (قَوْلُهُ فَزَالَ سَمْعُهُ) تَبِعَ تت قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ السَّمْعُ لَيْسَ فِي الْأُذُنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي مُقَعَّرِ الصِّمَاخِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ إلَخْ) وَهَلْ مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ الْبَيْضَةُ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا الْمَنْفَعَةَ الْكَائِنَةَ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ إذَا ذَهَبَتْ مَعَ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَلَا تَعَدُّدَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تَعَدُّدِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ إلَخْ وَالْبَاءُ فِي بِمَحَلٍّ بِمَعْنَى مَعَ وَالْمَعْنَى إلَّا الْمَنْفَعَةَ الذَّاهِبَ مَعَ مَحَلِّهَا فَلَا تَعَدُّدَ فِيهَا (قَوْلُهُ لِثُلُثِ دِيَتِهِ) الْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَقَوْلُهُ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ إلَخْ أَيْ وَفِي ثَلَاثَةٍ وَنِصْفِ أُنْمُلَةٍ وَاحِدٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ وَأَمَّا ثَلَاثَةٌ وَأُنْمُلَةٌ فَلَهَا فِي ذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَانِ لِبُلُوغِهَا الثُّلُثَ فَحِينَ اشْتَدَّتْ الْبَلِيَّةُ بِهَا نَقَصَ عَقْلُهَا وَحِينَ ضَعُفَتْ كَثُرَ عَقْلُهَا هَكَذَا السُّنَّةُ (قَوْلُهُ وَهَاشِمَتِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي كُلٍّ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ جَائِفَتِهَا وَآمَّتِهَا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ دِيَتِهَا وَيُحْذَفُ مَا بَعْدُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَحَّحَ بِأَنَّ الْمَعْنَى لِأَنَّ فِي كُلٍّ أَيْ فِي الْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا جَائِفَةَ الْمَرْأَةِ وَآمَّتَهَا (قَوْلُهُ الْجِنَايَةُ اللَّاحِقَةُ لِلسَّابِقَةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا لِأَنَّهُ إذَا ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لَيْسَ فِيهَا جِنَايَةٌ لَاحِقَةٌ وَسَابِقَةٌ بَلْ هِيَ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) أَيْ ضَرَبَاتٍ فِي أَزْمِنَةٍ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَاقِبَةٌ هَذَا مَعْنَى فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الضَّرْبَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ جَمَاعَةٍ بِأَنْ تَكُونَ جَمَاعَةٌ قَبَضُوا عَلَى عَصَا وَضَرَبُوا بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ) فِي عج عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَمْدٌ لِخَطَأٍ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِيمَا رَأَيْت أَنَّهُ لَا يُضَمُّ فِعْلُ شَخْصٍ لِفِعْلٍ آخَرَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُضَمُّ فِيهِ الْأَفْعَالُ وَلَوْ تَعَدَّدَ زَمَانُهَا كَالْأَصَابِعِ فَمَنْ قَطَعَ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ مِنْ يَدِ امْرَأَةٍ الْيُمْنَى ثُمَّ جَنَى غَيْرُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَطَعَ أُصْبُعًا رَابِعًا مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى فَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا عُشْرٌ لَا خُمُسٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَحَلُّ فِي الْأَصَابِعِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَصَابِعُ كُلِّ يَدٍ وَحْدِهَا لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَصَابِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَا أُصِيبَ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالسَّمْعِ وَشِبْهِهِ مِمَّا فِيهِ دِيَةٌ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لِلْآخَرِ كَالْأَصَابِعِ انْتَهَى (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَوْرًا) وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَوْرًا فَلَا تَفْتَرِقُ الْأَصَابِعُ مِنْ الْأَسْنَانِ أَيْ وَيَحْصُلُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي حُكْمِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ (قَوْلُهُ فَأَخَذَتْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ ثَلَاثَةَ الْيَدِ الْأُولَى مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَإِنَّمَا لَمْ تَرْجِعْ عِنْدَ قَطْعِ ثَلَاثَةِ الْيَدِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ بِانْفِرَادِهِ فَلَا يُضَمُّ دِيَةُ أَصَابِعِ يَدٍ إلَى دِيَةِ يَدٍ أُخْرَى حَيْثُ لَا فَوْرِيَّةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ بَلْ تَأْخُذُ لِكُلِّ سِنٍّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ فَيُضَمُّ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمَحَلِّ فِي الْأَصَابِعِ شَرَطَ فِي الضَّمِّ أَمْرَيْنِ وَالضَّمُّ فِي هَذِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ لَا لِلْمَاضِي فَلَوْ ضَرَبَهَا فَقَطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى مَثَلًا فَأَخَذَتْ لَهُمَا عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ضَرَبَهَا فَقَطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ لَهُمَا عَشَرَةً مِنْ الْإِبِلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ لَهَا فِي الضَّرْبَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةً وَأَخَذَتْ لَهَا ثَلَاثِينَ وَفِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ وَاحِدًا فَأَخَذَتْ لَهُ خَمْسًا وَلَا تَرُدُّ مَا أَخَذَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ الْيَدِ الْأُولَى لَمْ يُضَمَّ وَأَمَّا فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا مَاضٍ وَلَا مُسْتَقْبَلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَيُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ لَا فِي غَيْرِهَا فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمَحَلِّ وَلَوْ قَالَ كَالْمَحَلِّ كَانَ أَحْسَنَ لِيَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ قَاصِرًا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَحَلُّ الْأَسْنَانِ مُتَّحِدٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ فَكَّيْنِ وَمَا فِي ز مِنْ أَنَّهُمَا مَحَلَّانِ فَاسِدٌ (ص) وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ (ش) قَالَ فِيهَا لَوْ ضَرَبَهَا مُنَقِّلَةً ثُمَّ مُنَقِّلَةً فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمُنَقِّلَةُ فِي مَوْضِعِ الْأُولَى نَفْسِهِ بَعْدَ بُرْئِهَا فَلَهَا فِيهَا مِثْلُ مَا لِلرَّجُلِ وَكَذَلِكَ الْمَوَاضِحُ وَلَوْ أَصَابَهَا فِي ضَرْبَةٍ بِمَنَاقِلَ أَوْ مَوَاضِحَ بَلَغَتْ ثُلُثَ الدِّيَةِ رَجَعَتْ فِيهَا إلَى عَقْلِهَا يُرِيدُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (ص) وَعَمْدٍ لِخَطَأٍ وَإِنْ عَفَتْ (ش) فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ مِنْهُ أَوْ عَفَتْ عَنْهُ ثُمَّ قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ خَطَأً فَلَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوْلُهُ وَعَمْدٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْأَسْنَانِ أَيْ وَلَا يُضَمُّ عَمْدُ الْخَطَأِ اتَّحَدَ مَحَلُّهُمَا أَوْ تَعَدَّدَ وَكَانَ الْفِعْلُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمُتَّحِدِ الْفِعْلِ كَمَا تَقَرَّرَ (ص) وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ الْخَطَأُ بِلَا اعْتِرَافٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْمِلُ الدِّيَةَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهَا فِي النَّفْسِ وَأَجْزَائِهَا فَذَكَرَ أَنَّ دِيَةَ جِنَايَةِ الْحُرِّ الْخَطَأِ الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِلَوْثٍ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى تُنَجَّمُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَالْجَانِي كَرَجُلٍ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ مَعَ كَيْفِيَّةِ التَّنْجِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ لِسَانَ الطَّالِبِ عَنْ الْجَانِي وَيَأْتِي حَدُّهَا فَاحْتُرِزَ بِالْحُرِّ عَنْ الرَّقِيقِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي وَاحْتُرِزَ بِالْخَطَأِ عَنْ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي حَيْثُ عَفَا عَنْهُ وَفِي حُكْمِ الْخَطَأِ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ كَمَا يَأْتِي وَلَا تَحْمِلْ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْجَانِي بَلْ تَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ اُنْظُرْ شُرَّاحَ الرِّسَالَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا كَانَ عَدْلًا مَأْمُونًا بِأَنْ لَا يَقْبَلَ الرِّشْوَةَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِأَنْ يَقُولُوا لَهُ اعْتَرِفْ بِأَنَّك قَتَلْت وَلِيَّنَا وَنَحْنُ نُعْطِيكَ كَذَا وَلَيْسَ أَكِيدَ الْقَرَابَةِ لِلْمَقْتُولِ وَلَا صَدِيقًا مُلَاطِفًا لَهُ وَلَا يُتَّهَمُ فِي إغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَقْسَمَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَسْنَانِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْأَصَابِعَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ بِانْفِرَادِهِ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ لَمَّا كَانَ كُلُّ سِنٍّ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ انْفِرَادِهِ صَارَتْ كَالْأَعْضَاءِ الْمُتَعَدِّدَةِ (قَوْلُهُ شَرَطَ فِي الضَّمِّ أَمْرَيْنِ) الْأَمْرَانِ هُمَا اتِّحَادُ الْمَحَلِّ وَكَوْنُهُ فِي الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ وَهُمَا الْمُتَقَدِّمَانِ فِي قَوْلِهِ وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ وَتَعَدَّدَ الْفِعْلُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَاتِّحَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَالضَّرَبَاتِ فِي فَوْرٍ أَقْوَى مِنْ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ مَعَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْفِعْلِ لَا فَرْقَ فِي الضَّمِّ بَيْنَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَاخْتِلَافِهِ بَلْ يُضَمُّ مَا فِي مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَصَابِعَ وَلَا أَسْنَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ مُخْتَلِفًا وَتَعَدَّدَ الْفِعْلُ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فَيَجِبُ الضَّمُّ فِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي ز إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اتِّحَادَ الْمَحَلِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْأَسْنَانِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْفَكَّيْنِ مَحَلًّا أَوْ مَحَلَّيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَكَذَا وَجَدْت بَعْضَ شُيُوخِنَا اسْتَشْكَلَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَظْهَرُ لِذَلِكَ ثَمَرَةٌ فِي الْقِصَاصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ فِي الْأَسْنَانِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) وَإِلَّا ضُمَّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ فَتَرْجِعَ لِلدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) أَيْ ضَرَبَاتٌ وَلَكِنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُضَمُّ عَمْدٌ لِخَطَأٍ) أَيْ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ مَحَلُّهُمَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْفِعْلُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ) أَيْ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمُتَّحِدِ الْفِعْلِ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَكَانَ الْفِعْلُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ وَاحِدًا بِخِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْفِعْلِ كَمَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ (قَوْلُهُ وَنُجِّمَتْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَنُجِّمَ وَجَرَّدَهُ مِنْ التَّاءِ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُسْنِدَ إلَى ظَاهِرٍ مَجَازِيِّ التَّأْنِيثِ جَازَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا) أَيْ أَوْ امْرَأَةً أَوْ مَجْنُونًا فَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَا كَانَتْ تَغْرَمُ الدِّيَةَ مَعَهُ تَعْقِلُ لِسَانَهُ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ أَخْذُ الدِّيَةِ بِتَمَامِهَا مِنْهُ أَوْ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تُدَافِعَ عَنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَفْعَهَا عَنْهُ دَفْعُهَا عَنْ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ عَفَا عَنْهُ) أَيْ أَوْ كَانَتْ مُثَلَّثَةً عَلَى الْأَبِ أَوْ تَرَكَ الْقِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْعَمْدِ فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَالْخَطَأِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُثَلَّثَةَ وَالْمُرَبَّعَةَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَالَّةٌ فِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ) هُوَ الطِّخِّيخِيُّ الْمَعْرُوفُ وَكَلَامُ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَقْسَمَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَوْثٌ يَحْلِفُ بِسَبَبِهِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُنَجَّمَةً اهـ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا اعْتِرَافٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْجَانِي مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْحَمْلِ فِي الِاعْتِرَافِ فَإِنَّهَا تَحْمِلُهَا مِنْ حَيْثُ الْقَسَامَةُ لَا مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ (ص) إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي وَمَا لَمْ يَبْلُغْ فَحَالٌّ عَلَيْهِ كَعَمْدٍ وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الدِّيَةِ الَّتِي تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي أَنْ تَكُونَ قَدْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي فَأَكْثَرَ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَةِ مَا ذُكِرَ فَيَكُونُ حَالًّا عَلَى الْجَانِي فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ الْعَمْدِ وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى الْأَبِ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِمَّا وَجَبَ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْجَانِي حَيْثُ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ الْعُضْوِ الْمُمَاثِلِ لِمَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا فَقَأَ أَعْوَرُ الْيُمْنَى عَيْنَ شَخْصٍ يُمْنَى عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ حَالَّةٌ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ دِيَةَ قَاتِلِ نَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ إنْ بَلَغَ إلَخْ فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَإِنْ جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَقَوْلُهُ كَعَمْدٍ أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ وَقَوْلُهُ وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا كَانَ سَاقِطًا صَارَ كَالْخَطَأِ (ص) إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ مِنْهَا كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَكَسْرِ الْفَخْذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَسَوَاءٌ قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا أَمْ لَا فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ ذَلِكَ حَيْثُ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ فِي الْخَطَإِ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ فَأَوْلَى مَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَطَأِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ (ص) وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ إنْ أَعْطَوْا ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ عِدَّةُ أُمُورٍ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَالْمَوَالِي وَبَيْتُ الْمَالِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ الْعَصَبَةُ أَيْ بَعْضُ الْعَاقِلَةِ الْعَصَبَةُ أَوْ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا فَيُقَدَّرُ مَعَ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مَعَ الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لَكِنْ أَهْلُ الدِّيوَانِ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَصَبَةِ إنْ كَانَ لَهُمْ جَوَامِكُ تُصْرَفُ لَهُمْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَعَ غَيْرِ قَوْمِهِ حَمَلُوا عَنْهُ دُونَ قَوْمِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَهَذَا فِي دِيوَانٍ عَطَاؤُهُ قَائِمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ فَإِنْ اضْطَرَّ أَهْلُ الدِّيوَانِ إلَى مَعُونَةِ قَوْمِهِمْ لِقِلَّتِهِمْ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَعَانُوهُمْ قَالَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ إلَخْ) أَيْ وَعُضْوٍ سَاقِطٍ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِهِ أَيْ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ) أَيْ دِيَةِ مُسْلِمٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَمَّهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَيْثُ تَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ يَأْتِي أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَكَسْرِ الْفَخْذِ) وَإِنَّمَا نَحْمِلُ كَسْرَ الْفَخْذِ مَعَ بُلُوغِهَا الثُّلُثَ حَيْثُ كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَأَمَّا إذَا جَنَى وَلَا مُمَاثِلَ لَهُ وَبِفَرْضِ وُجُودِهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ فَيَتَعَارَضُ فِيهَا قَوْلُهُ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدِّيَةَ فِي هَذِهِ فِي مَالِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدِّيَةَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ الشَّرْطِ السَّابِقِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَى الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ إنَّمَا يُرَاعَى قُبَيْلَ الْقَاتِلِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ تَوَرَّكَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) أَيْ عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ جَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْهَاءِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ وَ " الـ " زَائِدَةٌ أَيْ مُتَرَتِّبِينَ (قَوْلُهُ أَوْ هِيَ الْعَصَبَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا) أَيْ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ وَالْأَسْفَلُونَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ) أَيْ أَصْلًا أَيْ انْتَفَى الْعَطَاءُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ قَوْمِهِمْ) أَيْ قَوْمُ أَهْلِ الدِّيوَانِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَكَمَ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْعَطَاءُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ الدِّيَةَ قَوْمُ الْجَانِي وَهُنَا قَدْ جَعَلَ الْحَامِلَ قَوْمَ أَهْلِ الدِّيوَانِ لَكِنْ مَعَ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَلَكِنْ النَّقْلُ أَنَّ الَّذِي يُعَيَّنُ عَاقِلَةُ الْجَانِي فَظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَوَّلَ عَلَيْهِ عج وَقَوْلُهُ لِقَتْلِهِمْ إلَخْ سَيَأْتِي أَنَّ حَدَّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ فَتَكُونُ الْقِلَّةُ عَدَمَ بُلُوغِهِمْ السَّبْعَمِائَةِ أَوْ الزَّائِدَ عَلَى الْأَلْفِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَيْ كَانَ دِيوَانُهُمْ قَائِمًا ثُمَّ انْقَطَعَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي عب وشب وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يُصَرِّحَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْ أَعْطَوْا عَطَاءً مُسْتَمِرًّا وَعِبَارَةُ عج يَعْنِي أَنَّ حَمْلَ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْعَطَاءِ قَائِمًا لَهُمْ أَيْ بِأَنْ يَعْطُوا بِالْفِعْلِ مِنْهُ وَكَذَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اهـ. أَقُولُ وَعِبَارَةُ عج هَذِهِ لَا تُنَافِي مَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا فَيَكُونُ التَّعْوِيلُ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى كَلَامِ عب وشب وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ الْوَاحِدِ دِيوَانُ إقْلِيمٍ وَاحِدٍ فَأَهْلُ مِصْرَ كُلُّهُمْ دِيوَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَنْفَارٍ كَعَرَبٍ وَشَرَاكِسَةَ وَجَاوِيشِيَّةَ وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا طَائِفَتُهُ كَالْمُتَفَرِّقَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 فِي الْجَوَاهِرِ فَالْإِعْطَاءُ شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ لَا فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا (ص) ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَصَبَةٌ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمَوَالِي الْأَعْلَيْنَ وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ غَيْرَ أَنَّ عَصَبَةَ النَّسَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَالْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ فَإِنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَحْمِلُ الدِّيَةَ عَنْهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَهَلْ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا أَيْ أَوْ مُرْتَدًّا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ فِي قَوْلِهِ وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ خَاصَّةً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَعَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي أَنَّ عَاقِلَتَهُ عَصَبَتُهُ وَأَهْلُ دِيوَانِهِ إنْ وُجِدَ ذَلِكَ ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ وَبِعِبَارَةٍ شُرِطَ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ إذْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّنَاصُرُ لَا الْوِرَاثَةُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ (ص) وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ ذُو دِينِهِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْجَانِي كَافِرًا وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَعَاقِلَةُ الْجَانِي الَّتِي تُحْمَلُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ النَّصْرَانِيِّ لِلنَّصَارَى وَالْيَهُودِيِّ لِلْيَهُودِ فَلَا يَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَلَا الْعَكْسُ وَالْمُرَادُ بِذِي دِينِهِ مَنْ يَحْمِلُ عَنْهُ الْجِزْيَةَ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ وَمَنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ إذَا جَنَيَا (ص) وَضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ (ش) الْكُوَرُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ كُورَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمُرَادُ بِكُوَرِ مِصْرَ هُنَا الْبِلَادُ الَّتِي بِعَمَلِهَا وَكَذَا الْمُرَادُ بِكُوَرِ الشَّامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي عَاقِلَةِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي عَاقِلَةِ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِثْلُ هَذَا فِي عَاقِلَةِ الْمُسْلِمِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَلَا دُخُولَ لِبَدْوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ إذْ أَهْلُ الْكُوَرِ كُلُّهُمْ أَهْلُ حَضَرٍ وَإِنْ سَلِمَ أَنَّ فِيهِ أَهْلَ بَدْوٍ فَيُضَمُّ مِنْهُمْ الْحَضَرِيُّ لِلْمِصْرِيِّ لَا لِغَيْرِهِ (ص) وَالصُّلْحِيُّ أَهْلَ صُلْحِهِ (ش) أَيْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ عَاقِلَةَ الصُّلْحِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَلَيْسَ لَهُ عَصَبَةٌ وَلَا مَوَالٍ أَعْلَوْنَ وَلَا أَسْفَلُونَ وَلَا بَيْتُ مَالٍ إنْ كَانَ لَهُمْ أَهْلُ صُلْحِهِ وَيَحْتَمِلُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ أَوْ لَا فَفِيهِ نَحْوُ مَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ (ص) وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَا لَا يَضُرُّ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ مِنْ عَصَبَةٍ وَأَهْلِ دِيوَانٍ وَقَرِيبٍ وَذِمِّيٍّ وَصُلْحِيٍّ إذَا تَحَاكَمَ كُلٌّ إلَيْنَا مَا لَا يَضْرِبُهُ (ص) وَعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ وَغَارِمٍ وَلَا يَعْقِلُونَ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ   [حاشية العدوي] وَالْجَاوِيشِيَّةُ لِاتِّحَادِ الْعَطَاءِ وَالدِّيوَانُ مَعْنَاهُ الْبَرْنَامَجُ الَّذِي يَجْمَعُهُمْ بِمَا لَهُمْ وَبِمَا عَلَيْهِمْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ النَّسَبِ لِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ وَدِيوَانٌ أَصْلُهُ دِوْوَانٌ فَتُصُورِفَ فِي أَحَدِ الْوَاوَيْنِ يَاءً لِأَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى دَوَاوِينَ وَلَوْ كَانَتْ الْيَاءُ أَصْلِيَّةً لَقِيلَ دَيَاوِينَ (قَوْلُهُ فَالْإِعْطَاءُ شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ) الَّذِي عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَمَلُوا الدِّيَةَ أَوْ لَمْ يَحْمِلُوهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ) وَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَةُ الْمُبَاشِرَةُ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الْأَسْفَلُونَ فَلَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْمُعْتِقَةُ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنْوِيهِ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَدَّرُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ سَبْعُمِائَةٍ وَيُعْطِي جُزْءًا أَنْ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً وَكَانُوا سَبْعَمِائَةٍ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّنَاصُرُ أَيْ وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقَوْلُهُ لَا الْوِرَاثَةُ أَيْ وَلَوْ قُلْنَا الْعِلَّةُ الْوِرَاثَةُ لَكَانَ الَّذِي يَعْقِلُ عَلَى الْكَافِرِ أَهْلَ دِينِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ) أَنَّهُ شَرَطَ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ إلَخْ أَيْ فَهُوَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا دِيَتُهُ أَيْ الذِّمِّيِّ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ قَالَ وَهَذَا الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ هُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَشَارِحُنَا تَبِعَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ النَّصْرَانِيُّ لِلنَّصَارَى) أَيْ يَرْجِعُ النَّصْرَانِيُّ لِلنَّصَارَى وَيَرْجِعُ الْيَهُودِيُّ لِلْيَهُودِ أَيْ فَيَعْقِلُ عَنْ كُلٍّ أَهْلُ دِينِهِ وَقَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ أَيْ فَيَشْمَلُ الْجَانِي الْمَرْأَةَ الْجَانِيَةَ أَيْ فَلَوْ أُرِيدَ مَنْ كَانَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فَلَا يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ إذَا جَنَتْ وَالْمُعْتَقَ لِمُسْلِمٍ إذَا جَنَى لِأَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَنَا مَنْ يَحْمِلُ مَعَهُ الْجِزْيَةَ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَانِيَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِكُوَرِ مِصْرَ هُنَا الْبِلَادُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُوَرِ الْمُدُنَ وَمِصْرُ مِنْ أُسْوَانَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَذَكَرَ مِصْرَ لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ بُلْدَانٌ كَثِيرَةٌ تَحْتَ حُكْمِ مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِهَا وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى مِصْرَ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمُؤَلِّفِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَإِرَادَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَضُمَّ كُوَرٌ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ إلَخْ) وَعَلَى أَنَّهُ عَامٌّ حَتَّى فِي الْمُسْلِمِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَصَبَةُ مُتَفَرِّقَةً فِي كُوَرٍ وَبُلْدَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَقَصَرَ السَّاكِنُونَ مَعَهُ فِي كُورَتِهِ عَلَى الْحَمْلِ فَيَسْتَعِينُ بِمَنْ فِي غَيْرِ كُورَتِهِ مِنْ عَصَبَتِهِ لَا أَنَّ الْكُوَرَ تُضَمُّ لِبَعْضِهَا وَلَوْ أَجَانِبَ لِأَنَّ الْأَجَانِبَ لَا تَحْمِلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَلِمَ أَنَّ فِيهِمْ أَهْلَ بَدْوٍ) أَيْ سَكَنَ مَعَهُمْ أَهْلُ بَدْوٍ وَقَوْلُهُ الْحَضَرِيُّ لِلْمِصْرِيِّ الْأَوْلَى لِلْحَضَرِيِّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي مُفَادُ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقِ وتت (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ) أَيْ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَطْ أَوْ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وعج ارْتَضَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ فَيَكُونُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَفَقِيرٍ) أَيْ لَا شَيْءَ فِي يَدِهِ وَقَوْلُهُ وَغَارِمٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَا فِي يَدِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إذَا حَصَلَ مِنْهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ يُعْقَلُ عَنْهُ أَيْ يُغْرَمُ عَنْهُمْ وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَعْقِلُ أَيْ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا حَصَلَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْغَيْرِ وَالْعَبْدُ كَالْفَقِيرِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُضْرَبْ عَلَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ وَالْفَقِيرُ وَالْغَارِمُ مُحْتَاجَانِ لِلْإِعَانَةِ وَسَقَطَتْ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ مِنْهُمْ وَهُوَ عِلَّةٌ فِي ضَرْبِهَا وَقَوْلُهُ وَامْرَأَةٍ حَقِيقَةً أَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الضَّرْبِ فَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ خُنْثَى مُشْكِلًا ثُمَّ اتَّضَحَ بَعْدَهُ فَلَا يَدْخُلُ فَقَوْلُهُ وَلَا يَعْقِلُونَ أَيْ عَنْ غَيْرِهِمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُبَاشِرُونَ لِلْإِتْلَافِ فَتُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ وَيُتْبَعُ الْمُعْدِمُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْجَانِي لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَا يَعْقِلُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ إذْ تَخْرُجُ مِنْهُ الْمَرْأَةُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوَالِي إذْ هُوَ شَامِلٌ لِلْإِنَاثِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يَعْقِلُونَ لَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ كَمَا قَالَهُ س (ص) وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمِلَاءِ وَالْعُسْرِ وَالْبُلُوغِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقْتُ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلِهَذَا لَا تُضْرَبُ عَلَى مَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَقْتَ الضَّرْبِ أَوْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ ثُمَّ قَدِمَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ نَائِبُ فَاعِلِهِ عَائِدٌ عَلَى أَلْ وَوَقْتُ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَالْوَصْفُ الْمُعْتَبَرُ وَصْفُ أَوْ حَالُ وَقْتِ الضَّرْبِ (ص) وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ إذَا ضُرِبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَدْرِ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا ضُرِبَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ (ص) وَلَا دُخُولَ لِبَدْوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَاقِلَةَ الْجَانِي إذَا كَانَ فِيهَا بَدْوِيٌّ وَحَضَرِيٌّ فَإِنَّ الْبَدْوِيَّ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْحَضَرِيِّ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا دُخُولَ لِشَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ مُتَّحِدَ الْجِنْسِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّنَاصُرُ وَالشَّامِيُّ لَا يَنْصُرُ مَنْ فِي مِصْرَ وَلَا الْبَدْوِيُّ الْحَضَرِيَّ بَلْ الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ قُطْرِهِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ إقَامَةُ الْجَانِي فِي أَحَدِ الْقُطْرَيْنِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً مَا الْحُكْمُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَهُ أَهْلَانِ (ص) الْكَامِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوَّلُهَا يَوْمُ الْحُكْمِ أَيْ ابْتِدَاءُ تَنْجِيمِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ دِيَةَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا أَيَّ دِيَةٍ كَانَتْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ خَطَأً وَيَحِلُّ النَّجْمُ الثَّالِثُ بِآخِرِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْجَانِي) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ الْخَطَأُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى وَالْأُولَى لِلزَّرْقَانِيِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَارْتَضَاهَا عج وَلَكِنْ مُفَادُ النَّقْلِ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ) أَيْ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ وَلَمْ يَقُلْ إنْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ لِأَنَّ الْغَائِبَ بِصِفَةِ مَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ فَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَدَمُ ضَرْبِهَا عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلْإِيهَامِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقْتُ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ جَعْلِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً إلَخْ) وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَأَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ غَائِبٌ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَغَيْبَةُ الرُّجُوعِ يُضْرَبُ مُطْلَقًا أَيْ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ أَفَادَهُ عج وَلَمْ يُبَيِّنْ كعج قَدْرَ الْبُعْدِ وَالظَّاهِرُ مَا كَانَ كَأَفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَانِي وَأَمَّا الْجَانِي نَفْسُهُ فَيُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الضَّرْبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً (قَوْلُهُ وَصْفٌ أَوْ حَالٌ) الْمُنَاسِبُ لِتَقْدِيرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَقُولَ وَالْوَصْفُ أَوْ الْحَالُ الْمُعْتَبَرُ وَصْفُ أَوْ حَالُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَالْوَصْفُ وَالْحَالُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ وَصْفُ الشَّخْصِ الَّذِي مِنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ كَوْنِهِ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ مَثَلًا وَقْتَ ضَرْبِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَالَ نَفْسِ الْوَقْتِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ فِي الْعَاقِلَةِ خُنْثَى فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ لِوَقْتِ الضَّرْبِ لَمْ تُضْرَبْ عَلَيْهِ وَإِنْ اتَّضَحَ بَعْدَهُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ) وَكَذَا لَا تَسْقُطُ بِجُنُونِهِ أَوْ سَفَرِهِ رَافِضًا سُكْنَى بَلَدِهِ أَوْ فَارًّا وَكَذَا قَبْلَ الضَّرْبِ إنْ قَصَدَ الْفِرَارَ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ لَا إنْ قَصَدَ رَفْضَ سُكْنَاهَا بِغَيْرِ فِرَارٍ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْعَاقِلَةِ لَا الْجَانِي وَأَمَّا انْتِقَالُ الْجَانِي فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَصَدَ رَفْضَ سُكْنَاهَا لِغَيْرِ فِرَارٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ) أَيْ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَإِنْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ أَوْ عُلِمَ فَيَجْرِي عَلَى مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْبَدْوِيَّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ بَعْضُهَا حَضَرِيٌّ وَبَعْضُهَا بَدْوِيٌّ وَكَانَ سَاكِنًا مَعَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُمْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَحْسُنُ بِهَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْعُرْفُ وَإِلَّا فَدِيَةُ الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ مُتَّحِدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ الْإِطْلَاقُ سَوَاءٌ قَرِبُوا مِنْ الْجَانِي أَوْ بَعُدُوا وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقْرَبَ مِنْ الْآخَرِينَ أَوْ عَكْسَهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) اسْتَظْهَرَ عج خِلَافَهُ وَأَنَّ الظَّاهِرَ اعْتِبَارُ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ بِهِ وَقْتَ الضَّرْبِ سَوَاءٌ كَانَتْ إقَامَتُهُ بِهِ أَكْثَرَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ لَا يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ هُوَ مَنْ يَقُولُ يَوْمَ الْقَتْلِ وَهُوَ لِلْأَبْهَرِيِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 وَكَذَلِكَ كُلُّ نَجْمٍ غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ الْكَامِلَةُ مُبْتَدَأٌ وَفِي ثَلَاثٍ خَبَرٌ أَيْ كَائِنَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَيْسَ فِيهَا سِنِينَ وَقَوْلُهُ تَحِلُّ صِفَةٌ لِثَلَاثٍ (ص) وَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بِالنِّسْبَةِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الدِّيَةَ غَيْرَ الْكَامِلَةِ تُنَجَّمُ كَالْكَامِلَةِ فَالثُّلُثُ يُنَجَّمُ فِي سَنَةٍ وَالثُّلُثَانِ سَنَتَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ أَيْ إلَى الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (ص) وَنَجْمٌ فِي النِّصْفِ وَالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا بَلَغَ مُوجِبُهَا نِصْفَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا فَإِنَّهُ يُنَجَّمُ لِلثُّلُثِ سَنَةً وَلِلسُّدُسِ الْبَاقِي سَنَةً وَيُنَجَّمُ الثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ وَيُنَجَّمُ الْبَاقِي وَهُوَ نِصْفُ السُّدُسِ فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ لِلزَّائِدِ سَنَةً) وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (ص) وَحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ التَّنْجِيمِ عَلَى عَوَاقِلَ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنَايَةِ حُكْمُ التَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَوْ حَمَلَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ مَثَلًا صَخْرَةً فَسَقَطَتْ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَتْهُ فَإِنَّ رُبُعَ الدِّيَةِ الْوَاجِبِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُنَجَّمُ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ كَانَ مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدَةِ دُونَ الثُّلُثِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مُخَالِفًا لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْآخَرِ كَأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ مَثَلًا وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ تُخَصِّصُ عُمُومَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَمِنْ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَكُونُ مِنْ صِنْفَيْنِ (ص) كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ أَوْ الرِّجَالَ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا قَتَلَ رِجَالًا خَطَأً فَإِنَّ الدِّيَاتِ تُنَجَّمُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَتَصِيرُ فِي التَّنْجِيمِ حُكْمَ الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ فَهُوَ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ أَيْ تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ كَالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ فِي كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ خَاصَّةً وَلَا يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِقَوْلِهِ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَحُكْمِ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يُشْبِهُ تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ بِالْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ (ص) وَهَلْ حَدُّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا تَنْقُصُ عَنْهُ سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ زِيَادَةٌ لَهَا بَالٌ كَالْعِشْرِينِ فَفَوْقُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمُلَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أَلْفٍ كَمُلَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ فَأَلْ فِي الزَّائِدِ لِلْكَمَالِ أَيْ الْكَامِلِ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ مَنْ بَعْدَهُ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مَثَلًا مِنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْكَامِلَةُ مُبْتَدَأٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا جُمْلَةُ اسْتِئْنَافٍ بَيَانِيٍّ كَأَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ تَنْجِيمِهَا فِي كَمْ مِنْ الزَّمَنِ فَقَالَ الْكَامِلَةُ (قَوْلُهُ تَحِلُّ صِفَةٌ لِثَلَاثٍ) أَيْ أَنَّ كُلَّ سَنَةٍ تَحِلُّ بِآخِرِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ تَحِلُّ عَائِدًا عَلَى النُّجُومِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ أَوْ أَنَّ ضَمِيرَهُ يَرْجِعُ لِلْكَامِلَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَجْزَاؤُهَا (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حُلُولُ غَيْرِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ بِالتَّثْلِيثِ) مَأْخُوذٌ مِنْ الثُّلُثِ أَيْ أَنَّ الْمُنَجَّمَ الثُّلُثُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّصْفَ يُنَجَّمُ فِي سَنَتَيْنِ كُلُّ سَنَةٍ رُبُعٌ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ ثَلَاثُ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ رُبُعٌ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تُرَبَّعُ (قَوْلُهُ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ) أَقُولُ لَا يَشْهَدُ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَابِلَةٌ لَأَنْ يُقَالَ تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثَةٍ كُلُّ سَنَةٍ رُبُعٌ (قَوْلُهُ كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ يَجُوزُ فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ كَحُكْمِ الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ الثَّانِي كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي فَمَعْنَاهُ أَنَّ أَجْزَاءَ الدِّيَةِ الَّتِي عَلَى عَوَاقِلَ كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ وَتَصِيرُ فِي التَّنْجِيمِ حُكْمَ الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَبَّهَ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَعْدَ وَفَاءِ الْأُولَى (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ) مِنْ بِمَعْنَى فِي أَيْ مُطْلَقُ الْمُتَعَدِّدِ كَالْمُتَّحِدِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حُكْمُ التَّنْجِيمِ عَلَى عَوَاقِلَ حُكْمَ التَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ وَمَعْنَى الثَّانِي تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ كَالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَحُكْمِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْبِهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْبِهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مُخْتَلِفًا وَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ كَحُكْمِ الْوَاحِدِ بِدُونِ أَنْ يُلَاحَظَ الْإِطْلَاقُ بَلْ يُلَاحَظُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ فِي الْأَمْرَيْنِ وَاحِدًا بِحَيْثُ يَقُولُ تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ كَحُكْمِ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْجِنَايَاتِ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُشَبَّهَ إلَّا بِمَا هُوَ مِنْ نَوْعِهِ وَهُوَ الْجِنَايَةُ لَا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ وَهُوَ الْعَاقِلَةُ الْوَاحِدَةُ (قَوْلُهُ أَيْ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ) أَيْ حَدُّ أَقَلِّهَا أَيْ وَأَمَّا أَكْثَرُهَا فَلَا حَدَّ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سَبْعُمِائَةٍ أَيْ وَلَا يُضَمُّ لَهُمْ الْأَبْعَدُ وَأَمَّا أَهْلُ الطَّبَقَةِ الْوَاحِدَةِ فَيُضْرَبُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ عَشَرَةَ آلَافٍ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ مِنْ الْإِخْوَةِ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَكْمُلُ مِنْ بَنِي الْإِخْوَةِ مَثَلًا إنْ وُجِدُوا أَوْ الْأَعْمَامِ مَثَلًا إنْ لَمْ يُوجَدُوا (قَوْلُهُ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مَثَلًا مِنْ الْفَصِيلَةِ) اعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ فَخُزَيْمَةُ شَعْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكِنَانَةُ قَبِيلَتُهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ خُزَيْمَةَ شَعْبُهُ وَتَفَرَّقَتْ مِنْهُ قَبَائِلُ كِنَانَةَ وَتَمِيمٍ وَقَيْسٍ وَأَسَدٍ وَقِيلَ: مُضَرُ شَعْبٌ وَقُرَيْشٌ الَّذِي هُوَ فِهْرٌ عِمَارَتُهُ وَقُصَيٌّ بَطْنُهُ وَهَاشِمٌ فَخْذُهُ وَبَنُو الْعَبَّاسِ فَصِيلَتُهُ وَالْعَشِيرَةُ الْإِخْوَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ فَالشَّعْبُ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْقَبِيلَةُ كَذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 الْفَصِيلَةِ لَا يُضَمُّ إلَيْهِمْ الْفَخْذُ مَثَلًا وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الْفَصِيلَةِ وَالْفَخْذِ لَا يُضَمُّ إلَيْهِمَا الْبَطْنُ مَثَلًا وَهَكَذَا إلَّا أَنَّ هَذَا حَدٌّ لِمَنْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ إذَا قَصَرُوا عَنْهُ لَا يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ لِفَسَادِهِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَهُ قُوَّةُ الضَّرْبِ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ بِقَدْرِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ ثُمَّ يَكْمُلُ مِنْ غَيْرِهِ (ص) وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَإِنْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ شَرِيكًا إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ مَعْصُومًا خَطَأً عِتْقُ رَقَبَةٍ وَلِعَجْزِهَا شَهْرَانِ كَالظِّهَارِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ وَاجِبَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْقَاتِلِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاتِلَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ وَإِنْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ شَرِيكًا إذَا قَتَلَ مَعْصُومًا مِثْلَهُ قَتْلًا خَطَأً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ وَلَا يُجْزِئُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى عِتْقِ الرَّقَبَةِ وَحُكْمُ صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ وَعِتْقُ الرَّقَبَةِ حُكْمُ صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ وَعِتْقُ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَمَا يُطْلَبُ هُنَاكَ يُطْلَبُ هُنَا وَمَا يَمْتَنِعُ هُنَاكَ يَمْتَنِعُ هُنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ سَلِيمَةً عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ وَعَمًى وَبُكْمٍ وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلْجٍ إلَخْ ثُمَّ قَالَ صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ وَتُمِّمَ الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ مَنْ كَانَ غَيْرَ مَعْصُومِ الدَّمِ كَالزِّنْدِيقِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِمْ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مِثْلُهُ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْقَتْلُ الْعَمْدُ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ فِيهِ بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ كَمَا يَأْتِي وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ كَالزَّكَاةِ وَلَوْ أَعْسَرَ كُلٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ الْبُلُوغُ وَالْإِفَاقَةُ لِأَجْلِ أَنْ يَصُومَا وَقَوْلُهُ أَوْ شَرِيكًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشَارِكُ لِهَذَا الْمُكَلَّفِ صَغِيرًا أَوْ مُكَلَّفًا فَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ لَمْ يَخُصَّهُ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا جُزْءٌ قَلِيلٌ لِأَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ وَهِيَ لَا تَتَبَعَّضُ (ص) لَا صَائِلًا وَقَاتِلَ نَفْسِهِ كَدِيَتِهِ (ش) أَيْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ صَائِلٍ وَهُوَ الْقَاصِدُ الْوُثُوبَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ خَطَأً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَتْلٌ يَكُونُ كَالْخَطَأِ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْصُومًا وَكَذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ خَطَأً وَأَوْلَى عَمْدًا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ   [حاشية العدوي] وَهَكَذَا وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ قَبِيلَةٌ قَبْلَهَا شَعْبٌ وَبَعْدَهُمَا ... عَمَارَةٌ ثُمَّ بَطْنٌ تَلَاهُ فَخْذُ وَلَيْسَ يَأْوِي الْفَتَى إلَّا فَصِيلَتُهُ ... وَلَا سِدَادَ لِسَهْمٍ مَالَهُ قُذَذُ وَالْقُذَذُ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا مَفْتُوحَةٌ الرِّيشُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي السَّهْمِ وَالشَّعَبُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَمَارَةُ بِالْفَتْحِ وَقَدْ تُكْسَرُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إخْوَةُ الْقَاتِلِ عَشِيرَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ فَصِيلَتُهُ وَافْهَمْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ الْفَصِيلَةِ بِأَنْ قُدِّرَ أَنَّ أَوْلَادَ عَمِّ الْجَانِي سَبْعُمِائَةٍ أَوْ أَزْيَدُ مِنْ أَلْفٍ عَلَى الْخِلَافِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّ الدِّيَةَ تُنْقَلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَهَذَا عِنْدَ فَقْدِ الْعَشِيرَةِ الَّتِي هِيَ الْإِخْوَةُ وَفَقْدِ بَنِيهِمْ وَالْأَوْلَادِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ لِلْجَانِي أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَكَانُوا سَبْعَمِائَةٍ لَا يَعْدِلُ إلَى أَبْنَائِهِمْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَوْلَادِ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ طَرِيقَةٌ يُعْرَفُ مِنْهَا تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْفَصِيلَةَ يُؤْخَذُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مَنْ هُمْ أَقْرَبُ مِنْهُمْ مَوْجُودًا فَيَرْجِعُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ دِنْيَةً كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ) اُنْظُرْ وَجْهَ وُجُوبِهَا مَعَ أَنَّ الْقَتْلَ خَطَأٌ وَفِي الْحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» أَيْ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِمَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِخَطَرِ الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُرَ الْقَتْلُ مِنْهُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ مُؤْمِنًا أَيْ وَلَا غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ مَعْصُومٌ (قَوْلُهُ أَوْ شَرِيكًا) وَلَوْ تَعَدَّدَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَاتِلِينَ كَفَّارَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَقْتُولِينَ (قَوْلُهُ إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ) أَيْ حُرًّا مُسْلِمًا فَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ عَبْدٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلُهُ مَعْصُومًا لَا صَائِلًا وَزَانِيًا مُحْصَنًا وَمُرْتَدًّا وَزِنْدِيقًا (قَوْلُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ) ابْنُ مَرْزُوقٍ لَا يَخْفَى عَلَيْك ضَعْفُ الِاسْتِدْلَالِ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ فَقُصَارَى أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ كَمَنْ لَا يَجِدُ مَا يَعْتِقُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُكَفِّرَ فِي الظِّهَارِ لِوُجُودِ مِثْلِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ فِيهِ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ} [النساء: 92] يَشْمَلُ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَتَخْصِيصُهُ بِالْحُرِّ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْخِطَابَ بِالنَّاسِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ يَشْمَلُ الْعَبِيدَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ وَمَتْبُوعِيهِ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ جَعَلَهُ وَجِيهًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ طَلَبَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لَيْسَ كَطَلَبِهَا فِي قَتْلِ الْخَطَأِ إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الظِّهَارِ بِدُونِهَا مَعَ كَوْنِ الظِّهَارِ مَعْصِيَةً مُرْتَكِبُهُ آثِمٌ فَتَأَكَّدَ أَمْرُهَا (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ) قَدْ يُقَالُ الْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْخَطَأِ الَّذِي فِيهِ دِيَةٌ عَمْدَ الصَّبِيُّ وَنَوْمَ امْرَأَةٍ عَلَى وَلَدِهَا فَقَتَلَتْهُ وَامْتِنَاعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ لَا لِقَصْدِ قَتْلِهِ حَتَّى مَاتَ وَسُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ يَدِهَا أَوْ يَدِ أَبِيهِ عَلَيْهِ خَطَأً فَقَتَلَهُ لَا خَطَأً لَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ كَسُقُوطِ وَلَدٍ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ سَقْيِهِ دَوَاءً فَمَاتَ فَهَدَرٌ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ إخْرَاجِهَا عَلَى الْوَلِيِّ خِطَابُ تَكْلِيفٍ وَخِطَابُ الْوَضْعِ هُوَ جَعْلُ اللَّهِ جِنَايَةَ مَا ذُكِرَ سَبَبًا فِي وُجُوبِ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْوَلِيِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ الْقَتْلِ فَإِذَا حَصَلَ الْقَتْلُ بَطَلَ الْخِطَابُ بِهَا كَمَا تَسْقُطُ دِيَتُهُ عَنْ الْعَاقِلَةِ لِوَرَثَتِهِ (ص) وَنُدِبَتْ فِي جَنِينٍ وَرَقِيقٍ وَعَمْدٍ وَعَبْدٍ وَذِمِّيٍّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ مَنْدُوبَةٌ فِي قَتْلِ الْجَنِينِ وَفِي قَتْلِ الرَّقِيقِ الْجَارِي فِي مِلْكِ غَيْرِ الْقَاتِلِ وَفِي قَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ إمَّا لِكَوْنِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِمَّا لِعَدَمِ التَّكَافُؤِ وَأَمَّا إنْ قُتِلَ بِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ تُنْدَبُ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الرَّقِيقِ الْجَارِي فِي مِلْكِ الْقَاتِلِ وَكَذَلِكَ فِي قَتْلِ الذِّمِّيِّ سَوَاءٌ وَقَعَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا (ص) وَعَلَيْهِ مُطْلَقًا جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ وَإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ وَحَلِفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْبَالِغَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا إذَا قَتَلَ غَيْرَهُ عَمْدًا وَلَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ عَامٍ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيبٍ أَيْ حَيْثُ عُفِيَ عَنْهُ أَوْ قَتَلَ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقَامَ عَلَيْهِ لَوْثٌ بِالْقَتْلِ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ إذَا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعِي رَعْيًا لِلَّوْثِ فَقَوْلُهُ عَلَى ذِي اللَّوْثِ أَيْ عَلَى مَنْ قَامَ عَلَيْهِ لَوْثٌ وَالْوَاوُ فِي وَحَلِفِهِ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي مَعَ حَلِفِهِ أَيْ حَلِفِ ذِي اللَّوْثِ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَوْلَى لَوْ نَكَلَ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ نُكُولِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَتْلِ أَيْ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ الْمُدَّعَى بِهِ مُلْتَبِسًا بِنُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ الْيَمِينَ تَرُدُّ مِثْلَ مَا تَجُبُّ وَسَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْحَلِفَ لِأَجْلِ كَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا يُتَوَهَّمُ هَذَا الْحُكْمُ فِيهِ (ص) وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ (ش) الْقَسَامَةُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِسْلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ هُوَ قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ أَيْ فِي مَحَلِّ التَّلَطُّخِ أَيْ فِي الِاتِّهَامِ وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي فَلَا قَسَامَةَ فِي الْجُرْحِ وَلَا فِي الْعَبْدِ وَلَا فِي الْكَافِرِ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَفَاهِيمُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جَرْحِ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً إلَخْ (ص) كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَوْ خَطَأً أَوْ مَسْخُوطًا عَلَى وَرِعٍ أَوْ وَلَدًا عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ أَوْ زَوْجَةً عَلَى زَوْجِهَا (ش) هَذَا أَوَّلُ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَالِغَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ الذَّكَرَ أَوْ الْأُنْثَى إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ لَوْثًا بِشَرْطِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ وَأَنْ يَتَمَادَى عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ قَالَ بَلْ فُلَانٌ بَطَلَ الدَّمُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَائِلُ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا ادَّعَى عَلَى أَوْرَعِ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ زَوْجَةً ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا أَوْ كَانَ الْقَائِلُ وَلَدًا ادَّعَى أَنَّ أَبَوْهُ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ وَأَمَّا لَوْ رَمَاهُ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ بَلْ يَحْلِفُ الْوُلَاةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً فِي مَالِ الْأَبِ وَاحْتُرِزَ بِبَالِغٍ مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَبِالْحُرِّ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَيْرِهِ وَبِالْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ لِيَشْمَلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ الْبَالِغَ وَغَيْرَهُ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْعَدْلَ وَالْمَسْخُوطَ وَالْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ (ص)   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَا تَسْقُطُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَدِيَتِهِ رَاجِعٌ لِقَاتِلِ نَفْسِهِ وَأَمَّا الصَّائِلُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ دِيَةٌ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) أَمَّا الْجَنِينُ فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَفْسٍ وَظَاهِرُ بَهْرَامَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فِي الْعَمْدِ اتِّفَاقًا وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ فَجَعَلَهَا وَاجِبَةً فِي الْعَمْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَنِينِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ كَفَّارَةٌ أَيْ بَلْ يَجْزِمُ بِعَدَمِهَا فَلَيْسَتْ مَطْلُوبَةً أَصْلًا (قَوْلُهُ أَوْ نُكُولِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا وَجَبَتْ لَهُمْ الْقَسَامَةُ بِقِيَامِ اللَّوْثِ عَلَى الْقَاتِلِ فَيَنْكُلُوا عَنْهَا فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ هَذَا الْحُكْمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ جَلْدُ مِائَةٍ أَيْ لَا يُتَوَهَّمُ أَيْ بَلْ يُجْزَمُ بِهِ وَالْأَوْضَحُ أَنْ لَوْ قَالَ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَيْ بَلْ يُجْزَمُ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ قَتْلُ الْحُرِّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ قَتْلُ أَيْ دَعْوَى قَتْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَتْلِ الْمَوْتُ النَّاشِئُ عَنْ فِعْلِ فَاعِلٍ مِنْ جَرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سُمٍّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ مَعَ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ) أَيْ لَا صَبِيٌّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَشَرْطُ الْبَالِغِ الْعَقْلُ (قَوْلُهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ) أَتَى بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَقْتُولِ حُرًّا مُسْلِمًا حِينَ الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حِينَ الْقَوْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَطَأً وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَى فِي مَالٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَسْخُوطًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَسْخُوطِ عَلَى الْعَدْلِ لِبُعْدِ دَعْوَاهُ وَالْمَسْخُوطُ هُوَ غَيْرُ مَرَضِيِّ الْحَالِ بَلْ وَلَوْ عَدُوًّا عَلَى عَدُوِّهِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَدَاوَةُ هُنَا تُؤَكِّدُ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْقَتْلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى (قَوْلُهُ أَوْ زَوْجَةً عَلَى زَوْجِهَا) مُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ضَرْبِهَا (قَوْلُهُ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ) وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ فِي الْجُرْحِ وَلَوْ قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ مَنْ ضَرَبَك فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فُلَانٌ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ عَلَى الشَّكِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَيْرِهِ) الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْكَافِرُ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ جِنْسِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا قَدْ يُوجَدُ مَنْ يَعْدِلُ الْمَسْخُوطَ وَأَمَّا تَعْلِيلُ هَذَا الشَّارِحِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُرَّ إذَا قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَيْرِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ جُرْحٌ وَأَثَرُ الضَّرْبِ وَنَحْوُهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْجُرْحِ وَهَذِهِ هِيَ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْحُكْمُ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا (ص) أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا (ش) هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأَطْلَقَ فِي كَلَامِهِ فَلَمْ يَقُلْ لَا عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ يُبَيِّنُونَ ذَلِكَ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْعَمْدِ قَتَلُوا وَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْخَطَأِ أَخَذُوا الدِّيَةَ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَوَاوُ وَبَيَّنُوا وَاوُ الْحَالِ (ص) لَا خَالَفُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إذَا خَالَفُوا قَوْلَهُ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا فَقَالُوا بَلْ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَبَطَلَ حَقُّهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُجَابُوا لِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا أَنْفُسَهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) فَقَوْلُهُ لَا خَالَفُوا مَعْطُوفٌ عَلَى أَطْلَقَ أَيْ وَلَا إنْ خَالَفُوا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَيَّنُوا لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ لَا أَطْلَقَ وَخَالَفُوا مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مَعَ الْإِطْلَاقِ (ص) وَلَا إنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ أَوْ نَكَلُوا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا خَالَفُوا وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَعْلَمُ هَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَنَكَلُوا عَنْ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الدَّمَ يَبْطُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الْأَوْلِيَاءَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ وَلِيَّهُمْ قُتِلَ عَمْدًا فَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ وَلَا عَلَى قَاتِلٍ فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمُجَرَّدِ نُكُولِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ وَاوٍ مِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ (ص) بِخِلَافِ ذِي الْخَطَأِ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخْذُ نَصِيبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُدَّعِيَ الْخَطَأِ إذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ الْحَلِفُ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَمْدِ فَيَسْقُطُ نَصِيبُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِمَنْ حَلَفَ نَصِيبَهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَبَعْضُهُمْ عَمْدًا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا وَاسْتَوَوْا حَلَفَ كُلٌّ وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ الْخَطَأِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ خَطَأً وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ كَانُوا بَنِينَ أَوْ إخْوَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَيْ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ يَحْلِفُونَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمَيِّتُ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتُ أَنَّهُ خَطَأٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرَزُ دَمُهُ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ وَالْبِنْتُ الْعَمْدَ تَحْلِفُ الْعَصَبَةُ وَيَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ (قَوْلُهُ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ) أَيْ الْمُصَاحِبَةُ لِلْجُرْحِ الْمُحْتَوِي عَلَى الدَّمِ الْأَحْمَرِ وَالتَّدْمِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ) أَيْ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ الْخَالِي عَنْ أَثَرِ جُرْحٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَحَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ) فِي شَرْحِ شب وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ الْمَقْتُولُ أَوْ بَيَّنَ خِلَافًا لتت اهـ. أَقُولُ إنَّهُ إذَا بَيَّنَ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَوَاوُ وَبَيَّنُوا وَاوُ الْحَالِ) أَيْ حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ فَاعِلِهَا مِنْ فَاعِلِ صَاحِبِهَا وَهُوَ فَاعِلُ أَطْلَقَ كَمَا ارْتَضَاهُ الدَّمَامِينِيُّ رَدًّا عَلَى الْمُغْنِي وَإِنْ مَنَعَهُ الشُّمُنِّيُّ (قَوْلُهُ لَا خَالَفُوا) أَيْ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُرْجِعُوا الْقَوْلَ لِلْمَيِّتِ) وَكَذَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمْ وَأَمَّا رُجُوعُهُ قَبْلَ مُخَالَفَتِهِمْ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الدَّمِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ وَبَيَّنُوا لِأَنَّ عَدَمَ الْبَيَانِ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا) أَيْ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلُوا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى قَاتِلٍ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ فَلَا مُنَاسَبَةَ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَنُكُولِ إلَخْ أَيْ وَكَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ حَاصِلَهُ إنْ وُجِدَ اثْنَانِ طَاعَا يَحْصُلُ الِاجْتِزَاءُ فَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ اثْنَانِ فَلَا اجْتِزَاءَ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الدَّمُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ: خَطَأٌ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِمَنْ حَلَفَ نَصِيبُهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ إلَى آخِرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلُّ الْأَوْلِيَاءِ الْخَطَأَ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ تَحْلِفْ الْعَاقِلَةُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ فَهُوَ وَالنَّاكِلُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ إنْ حَلَفَ الْعَاقِلَةُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْأَيْمَانِ فَلِمَنْ نَكَلَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ حِصَّتُهُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِمَّنْ نَكَلَ مِنْ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُونَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ) وَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْعَمْدِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ كَمُدَّعِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ كَانَ مُدَّعِي الْعَمْدِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ إلَخْ) أَيْ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفُوا) هَذَا مُحْتَرَزُ اسْتِوَائِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَقْتُولُ تَرَكَ بَنَاتٍ وَأَعْمَامًا مَثَلًا أَيْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ فَذَلِكَ الْعَمْدُ لِلْعَصَبَةِ أَيْ فَأَمْرُهُ لِلْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَأٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهُ عَمْدًا وَلَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهُ خَطَأً أَيْ لَمْ يَدَّعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ عَدَمُ الثُّبُوتِ أَيْ عَدَمُ ادِّعَاءِ الْمَيِّتِ جَارٍ أَيْضًا فِي تِلْكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً وَتَثْنِيَةُ الْمُؤَلِّفِ الضَّمِيرَ أَوَّلًا وَجَمْعُهُ ثَانِيًا تَفَنُّنٌ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ الصِّنْفَانِ وَاسْتَوَوْا أَيْ الْمُخَالِفُونَ (ص) وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلَ مُدَّعُو الْخَطَأِ عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّ حَقَّ مُدَّعِي الْعَمْدِ يَبْطُلُ وَلَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيَةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِمُدَّعِي الْخَطَأِ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ إنَّمَا يَدَّعِي الدَّمَ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يَدْخُلَ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ فَقَوْلُهُ وَبَطَلَ إلَخْ أَيْ وَلَا دُخُولَ لَهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ فَلَا دُخُولَ لَهُمْ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ بَطَلَ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ وَدَخَلُوا فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ (ص) وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الثَّانِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يُقْسِمُ مَعَهُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى كَأَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَيْ بِجُرْحِ أَوْ ضَرْبِ حُرٍّ مُسْلِمٍ (ص) أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ أَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا يُقْسِمُ أَوْلِيَاؤُهُ مَعَ ذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى جُرْحٍ أَيْ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ وَاضِحٌ قَوْلُهُ الْمَقْتُولِ أَيْ مَنْ يَصِيرُ مَقْتُولًا (ص) ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ يُقْسِمُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ (ش) رَجَعَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِلْأَرْبَعِ مَسَائِلَ الَّتِي قَبْلَهُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْهَدَا بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِمُعَايَنَةِ الضَّرْبِ كَذَلِكَ أَوْ يَشْهَدَا بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجُرْحِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِالضَّرْبِ كَذَلِكَ وَالصَّوَابُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَتَيْ الْجُرْحِ وَالضَّرْبِ لَا لِمَسْأَلَتَيْ الْإِقْرَارِ بِهِ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَوْ لَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتَيْ الْجُرْحِ وَالضَّرْبِ إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْمَوْتُ فَإِنَّ الْأَوْلِيَاءَ يَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ أَوْ الدِّيَةَ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ قَوْلُهُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ أَيْ يُقْسِمُونَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ بِتَقْدِيمِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ أَوْ يَقُولُونَ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا أَيْ يُقْسِمُونَ لَمِنْ ضَرْبِهِ أَوْ جَرْحِهِ مَاتَ أَوْ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ أَوْ جَرْحِهِ وَقَوْلُهُ يُقْسِمُ إلَخْ هَذَا مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ فَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ كَشَاهِدٍ بِذَلِكَ عَنْهُ وَكَلَامُهُ فِي أَنَّهُ لَوْثٌ وَالْحَلِفُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ وَالْمَذْهَبُ فِيهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا يَأْتِي نَصُّهُ وَأَمَّا الْمِثَالُ الْأَوَّلُ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً وَبِعِبَارَةٍ يُقْسِمُ إلَخْ صِفَةٌ لِلْيَمِينِ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَمَّا صِفَتُهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَرْحِ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْهُ وَأَمَّا عَلَى الْقَتْلِ   [حاشية العدوي] الْحَالَةِ وَهِيَ دَعْوَى الْعَصَبَةِ الْخَطَأَ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ الْمَيِّتُ وَقَالُوا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُمْ الْحَلِفُ مَعَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُثْبِتْ لَهُمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ) وَتُرَدُّ أَيْمَانُ مَنْ نَكَلَ وَهُوَ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَقَطْ لَا مُدَّعِي الْعَمْدِ فَلَا تُرَدُّ أَيْمَانُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكُلْ (قَوْلُهُ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُدَّعِي الْخَطَأِ اثْنَيْنِ مَثَلًا وَمُدَّعِي الْعَمْدِ اثْنَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ الِاثْنَانِ اللَّذَانِ ادَّعَيَا الْخَطَأَ فَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الثَّانِي الْحَلِفَ فَيَحْلِفُ مَعَهُ مُدَّعِي الْعَمْدِ وَيُشَارِكُونَهُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ الَّذِي حَلَفَ مِمَّنْ يَدَّعِي الْخَطَأَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ (وَقَوْلُهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ) أَيْ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا أَنْ لَوْ حَلَفَ وَإِلَّا فَهُوَ مَعَ النُّكُولِ لَا حِصَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ إلَخْ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِجَرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ) أَيْ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَثَرٌ وَقَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ يَقُولُ أَيْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ كَقَوْلِ بَالِغٍ وَكَشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ هُوَ قَوْلُ الْمَقْتُولِ وَالشَّهَادَةُ لَا الشَّاهِدَانِ (قَوْلُهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا) أَيْ وَأَثَرُهُ مَوْجُودٌ وَإِلَّا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى إقْرَارِهِ فَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ لِقَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ إلَخْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ إنْ قِيلَ لِمَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ مُطْلَقًا وَهُنَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُبَيِّنُهُ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى تَفْسِيرِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَتَرَكَ قَوْلَهُ مُطْلَقًا كَفَاهُ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يُعَايِنَا جَرْحًا وَلَا ضَرْبًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَمْرُهُ ضَعِيفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ مُطْلَقًا تَأَخَّرَ مَوْتُهُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتَيْ الْجَرْحِ وَالضَّرْبِ أَيْ مُعَايَنَةِ الْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ فِي أَنَّهُ لَوْثٌ) أَيْ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَوْثٌ (قَوْلُهُ وَالْحَلِفُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ اللَّوْثَ لَيْسَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي بِقَوْلِ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ تَكْمِلَةُ النِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالْحَلِفُ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحَلِفِ وَعَدَمِهِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ الْآتِيَ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَكِنْ هَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلنِّصَابِ أَوَّلًا ثُمَّ يَحْلِفُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُهَا مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ فِيهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ يَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً) أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى زِيَادَةٍ وَلَقَدْ مَاتَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجُرْحِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَمِنْ جُرْحِهِ مَاتَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَقَدْ قَتَلَهُ لَقَدْ أَمَاتَهُ (قَوْلُهُ لَقَدْ جَرَحَهُ) فَتَكُونُ هَذِهِ الْيَمِينُ اجْتَمَعَ فِيهَا الْيَمِينُ الْمُكَمِّلَةُ لِلنِّصَابِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ نَصُّهُ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ يَعْنِي حَيْثُ قَالَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَحْلِفُونَ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جَرْحِهِ وَلَا يَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا لَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً (ص) أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الثَّالِثُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَفِيهِ مَسَائِلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ إذَا شَهِدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُكَمِّلَةٌ لِلنِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا تُقْسِمُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَسَيَأْتِي مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالضَّرْبِ وَالْجَرْحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا (ص) إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ (ش) هَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا وَلَا قَسَامَةَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَسَامَةِ يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْجَانِي وَيَسْتَلْزِمُ تَزْوِيجَ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمَ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَبِعِبَارَةٍ الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِهَذِهِ وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا إلَخْ فَالْمُؤَلِّفُ ذَكَرَ فِيهَا ثُبُوتَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَالَ ثَمَّ بِتَأَخُّرِ الْمَوْتِ وَمَعْرِفَةُ تَأَخُّرِ الْمَوْتِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ (ص) أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَوْثًا بَعْدَ حَلِفِ الْوُلَاةِ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ تَحْلِفُ الْوُلَاةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي هَذَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِ جَرَحَنِي فُلَانٌ خَطَأً وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْخَطَأِ تَأَمَّلْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَنَصُّ الرِّوَايَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْقِصَاصُ (ص) كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا (ش) مَوْضُوعُ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ الْمَقْتُولَ   [حاشية العدوي] وَأَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فَقَوْلُهُ لَقَدْ جَرَحَهُ نَاظِرٌ لِلْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ مَاتَ إشَارَةٌ لِيَمِينِ الْقَسَامَةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ هَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلنِّصَابِ أَوَّلًا ثُمَّ يَحْلِفُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُهَا مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ رَسْمِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ فَصْلِ الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُودُ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ) أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَأَمَّا عَلَى الْقَتْلِ أَيْ وَأَمَّا شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْقَتْلِ وَهَذِهِ يُفِيدُهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمِثَالِ الثَّالِثِ أَنَّهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكُلُّهَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ الْأُولَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي أَنَّهَا لَوْثٌ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَفِي هَذِهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَوْثًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ شَاهِدَانِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاحِدُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَيَشْهَدَ مَعَهُ شَاهِدَانِ أَيْضًا عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَاجْتَمَعَ شَهَادَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ الْوَاحِدِ وَشَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ مِنْ اثْنَيْنِ الرَّابِعَةُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَفِي هَذِهِ تَارَةً يُقِرُّ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ فَيَكُونُ لَوْثًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنْ أَنْكَرَ لَوْثٌ أَيْضًا وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ جَعَلَ هَذَا الْمِثَالَ الرَّابِعَ لِلَّوْثِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْوُلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَفَادَ ذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ) عِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يُشْعِرُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالْجَرْحِ أَوْ بِالضَّرْبِ وَلَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى صِحَّةِ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَضْرُوبِ لَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشُّيُوخِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ وَفَاةُ الْمَجْرُوحِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْقَسَامَةِ حِينَئِذٍ مُسْتَلْزِمٌ لِقَتْلِ الْجَانِي وَتَزْوِيجِ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمِ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْجَرْحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارٍ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ بَالِغًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ بَالِغًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ قَتَلَنِي فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ سَوَاءٌ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي وَاشْتِرَاطِ شَاهِدَيْنِ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ الْعَمْدَ أَوْ الْخَطَأَ وَأَمَّا الْجَرْحُ فَهُوَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ حَيْثُ كَانَ خَطَأً لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمَالِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ كَإِقْرَارِهِ إلَخْ) قَالَ عج فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَتْلِ حَيْثُ يَثْبُتُ لَوْثٌ وَثُبُوتُهُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا لَوْثًا فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ لَهُ شَاهِدٌ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ قُلْت إنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عَدْلَانِ وَشَهِدَ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا تَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ أَوْ مَا قَرَّرْنَا بِهِ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا إثْبَاتُ أَنَّهُ لَوْثٌ وَفِيمَا سَيَأْتِي الْمَقْصُودُ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ وُجُوبِ الْقَسَامَةِ (ص) أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَأِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ (ش) مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاتِلَ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً فَالْبَاءُ فِي بِشَاهِدٍ بِمَعْنَى مَعَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ غَيْرُ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فَقَطْ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ تَارَةً يَبْطُلُ وَتَارَةً يَكُونُ لَوْثًا كَمَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِشَاهِدٍ عَلَى مَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْقَتْلِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ لِتَنَاقُضِ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ أَنْ يُبَيِّنُوا صِفَةَ الْقَتْلِ لَكِنْ لَوْ بَيَّنُوهَا وَاخْتَلَفُوا فِيهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ (ص) وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الرَّابِعُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَوْثًا وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ غَيْرِ إلَخْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا فَإِنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّهُ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَمَفْهُومُ الْعَدْلِ أَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِهِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَا تَكُونُ لَوْثًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْقَتْلُ يَشْمَلُ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَالْمَرْأَتَانِ كَالْعَدْلِ فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا قُلْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثٌ (ص) أَوْ يَرَاهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمَ قُرْبُهُ وَعَلَيْهِ آثَارُهُ (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الْخَامِسُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَدْلَ إذَا رَأَى الْمَقْتُولَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ أَيْ يَضْطَرِبُ فِيهِ وَالشَّخْصُ الْمُتَّهَمُ بِالْقَتْلِ قَرِيبٌ مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى الْمُتَّهَمِ آثَارُ الْقَتْلِ بِأَنْ كَانَتْ الْآلَةُ بِيَدِهِ وَهِيَ مُلَطَّخَةٌ بِالدَّمِ أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَلَا وَجَدَ فِيهِ غَيْرَهُ وَشَهِدَ الْعَدْلُ بِذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ قُرْبَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَرَاهُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مُعَايَنَةِ وَيُقَدَّرُ أَنَّ فِي الْمَعْطُوفِ مِنْ عَطْفِ مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ وَيَرَاهُ بَصَرِيَّةٌ وَلِذَا تَعَدَّتْ لِمَفْعُولٍ وَجُمْلَةُ يَتَشَحَّطُ حَالٌ مِنْ الْمَقْتُولِ وَفِي مِنْ قَوْلِهِ فِي دَمِهِ بِمَعْنَى عَلَى (ص) وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ كَمَا لَوْ شَهِدَ الْعَدْلُ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَدْلَانِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ إذَا أَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْأَيْمَانِ أَمَّا إنْ أَرَادُوا التَّرْكَ فَلَا يُكَلَّفُونَ الْأَيْمَانَ (ص) وَلَيْسَ مِنْهُ وُجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُجُودَ الْمَقْتُولِ فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ فِي أَرْضِ قَوْمٍ لَا يَكُونُ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَعَلَّلَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِذَلِكَ لَمْ يَشَأْ رَجُلٌ أَنْ يُلَطِّخَ قَوْمًا بِذَلِكَ إلَّا فَعَلَ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَ يُخَالِطُهُمْ فِي الْقَرْيَةِ غَيْرُهُمْ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَضِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ حَيْثُ جَعَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ لِأَنَّ خَيْبَرَ مَا كَانَ يُخَالِطُ الْيَهُودَ فِيهَا غَيْرُهُمْ (ص) وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ يَمِينًا وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ أَنْ   [حاشية العدوي] أَنَّ الْقَتْلَ هُنَا أَوْ أَخْذَ الدِّيَةِ لَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُقِرًّا فَلَا حَاجَةَ لِلشَّاهِدِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ اُشْتُرِطَ الشَّاهِدُ مَعَ إقْرَارِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لَوْثًا وَتُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ فَمُحَصِّلُهُ اشْتِرَاطُ مُقَارَنَةِ الشَّاهِدِ لِأَجْلِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّهُ تَارَةً إلَخْ) الَّذِي مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُتَّهَمُ عَلَى إغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ لَا يُتَّهَمُ فَالْأَوَّلُ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَالثَّانِي تَحْمِلُهُ وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ هَذَا التَّفْصِيلِ وَأَنَّ إقْرَارَ الْقَاتِلِ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مُطْلَقًا كَانَ مَأْمُونًا ثِقَةً أَمْ لَا أَقْسَمُوا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ) نَصُّ ابْنِ غَازِيٍّ أَوْ إقْرَارُ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا النُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا الْخَطَأُ فَخَطَأٌ صُرَاحٌ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ إقْرَارَ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ خَطَأٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِشَاهِدٍ الْبَاءُ فِيهِ سَبَبِيَّةٌ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِجَعْلِهَا بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ) أَيْ بَطَلَ الْحَقُّ فِي الْقَسَامَةِ أَوْ بَطَلَ اللَّوْثُ وَإِذَا بَطَلَ اللَّوْثُ بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ (قَوْلُهُ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ لَا يَكُونُ لَوْثًا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّهَمُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُتَّهَمِ مَنْ يَتَّهِمُهُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ بِأَنْ يَقُولُوا هَذَا قَتَلَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِالْقَتْلِ أَيْ يُشَارُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ آثَارُهُ) الْجَمْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ الْخَبَرُ وَالتَّقْدِيرُ كَائِنٌ قُرْبَهُ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ آثَارُهُ جُمْلَةٌ فِي مَحَلِّ الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ) إنْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْن سَهْلٍ) فَإِنَّهُ وُجِدَ مَقْتُولًا فِي خَيْبَرَ وَلَيْسَتْ دَارَ أَهْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ الْقَسَامَةَ (قَوْلُهُ لِابْنَيْ عَمِّهِ) أَيْ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54 يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ يَمِينَ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ تَتَنَاوَلُ كُلَّ شَخْصٍ بِمُفْرَدِهِ ثُمَّ بَعْدَ الْحَلِفِ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَلَوْ حَلَفَ الْبَعْضُ وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَمَنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ نَكَلَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الدِّيَةَ كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ بِلَا قَسَامَةٍ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَيْ فِي أَمْوَالِهِمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَمْدٌ فَلَوْ كَانَ خَطَأً كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ إنْ حَلَفُوا أَوْ نَكَلُوا أَوْ إنْ حَلَفَ بَعْضٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَمَفْهُومُ اثْنَانِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ (ص) وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ عَنْ قَتْلَى وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ أَوْ عَنْ شَاهِدٍ فَقَطْ تَأْوِيلَاتٌ (ش) الْمُرَادُ بِالْبَغْيِ قِتَالُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ أَوْ غَارَةٍ فَيَخْرُجُ قِتَالُ الْكُفَّارِ وَالْمُحَارِبِينَ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ انْفَصَلَتْ الْبُغَاةُ عَنْ الْقَتْلَى وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ فَهَلْ يَكُونُ الْمَقْتُولُ هَدَرًا وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمَقْتُولُ أَنَّ دَمَهُ عِنْدَ أَحَدٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ أَمْ لَا وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْقَسَامَةِ وَالْقَوَدِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ تَدْمِيَةٌ وَلَا شَاهِدٌ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ هُنَاكَ تَدْمِيَةٌ أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ فَالْقَسَامَةُ وَالْقَوَدُ ثَابِتَانِ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْقَسَامَةِ وَالْقَوَدِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ تَدْمِيَةٌ إذَا لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ لَوَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالْقَوَدُ وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الْمُدَوَّنَةَ فَهِيَ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ لَاقْتُصَّ مِنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ (ص) وَإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبُغَاةَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُمْ لَوْ كَانَ قِتَالُهُمْ بِتَأْوِيلٍ مِنْهُمْ فَإِنَّ مَنْ قُتِلَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ يَكُونُ هَدَرًا كَدِمَاءِ زَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ فَإِنَّ دِمَاءَ الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ بِخِلَافِ دِمَاءِ الدَّافِعَةِ فَلَيْسَ بِهَدَرٍ بَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْمُرَادُ بِالتَّأْوِيلِ هُنَا الشُّبْهَةُ أَيْ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ شُبْهَةٌ يُعْذَرُ بِهَا بِأَنْ ظَنَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ أَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا قِتَالُ الْأُخْرَى لِكَوْنِهَا أَخَذَتْ مَالَهَا وَأَوْلَادَهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا التَّأْوِيلُ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ النَّظَرُ فِي الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ خِلَافًا لتت (ص) وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بَتًّا وَإِنْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا (ش) لَمَّا قَدَّمَ سَبَبَ الْقَسَامَةِ ذَكَرَ تَفْسِيرَهَا بِأَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً لِأَنَّهَا أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ وَتَكُونُ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَحْلِفُ أَعْمَى أَوْ كَانَ غَائِبًا حَالَ الْقَتْلِ إذْ الْعَمَى وَالْغَيْبَةُ لَا يَمْنَعَانِ مِنْ تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ   [حاشية العدوي] أَيْ مَحْصُورِينَ حَتَّى يَتَأَتَّى اسْتِحْلَافُ كُلٍّ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِلَّا فَهَدَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ فِيمَنْ هَرَبَ (قَوْلُهُ عَنْ قَتْلَى) أَيْ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْبَغْيِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُغَاةِ هُنَا مَنْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَوْ كَانُوا مُلْتَزِمِينَ لِطَاعَةِ الْإِمَامِ كَمَا يَقَعُ فِي بَعْضِ قُرَى مِصْرَ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ) أَيْ أَنَّ الْقِتَالَ إمَّا لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِأَجْلِ غَارَةٍ أَيْ غَارَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْغَارَةَ تَسْتَلْزِمُ الْعَدَاوَةَ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ) وَأَمَّا مِنْ الْبُغَاةِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَلَوْ مِنْ طَائِفَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ لِحُصُولِ الْبَغْيِ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ اُقْتُصَّ مِنْ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ لِلْأُخْرَى إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ وَقَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ اهـ. وَقَرَّرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَقَالَ كَانَ الْقِيَاسُ قَتْلَ الْجَمِيعِ فِي إحْدَاهُمَا بِقَتْلِ وَاحِدٍ لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ لَكِنْ لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ هُنَا كَمَا حَكَمَ بِذَلِكَ الصَّحَابَةُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْأَخَوَانِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ) أَيْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُتَأَوِّلًا فَالدَّمُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا هَدَرٌ وَأَمَّا إذَا تَأَوَّلَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّ دَمَ الْمُتَأَوِّلَةِ قِصَاصٌ وَدَمَ الْأُخْرَى هَدَرٌ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ فَالزَّاحِفَةُ غَيْرُ مُتَأَوِّلَةٍ وَالدَّافِعَةُ مُتَأَوِّلَةٌ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ أَوْ دَفْعُهُمْ بِالْمُنَاشَدَةِ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ فِي الدَّافِعَةِ أَيْضًا وَتَلَخَّصَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إمَّا أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ لَا يَتَأَوَّلَانِ أَوْ يَتَأَوَّلَانِ أَوْ تَتَأَوَّلُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى (فَائِدَةٌ) كَانَ الْقِصَاصُ مُتَعَيِّنًا فِي زَمَنِ مُوسَى وَالدِّيَةُ مُتَعَيِّنَةً فِي زَمَنِ عِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي شَرِيعَتِنَا شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجُوزُ الْأَمْرَانِ عَلَى تَفْصِيلِهِ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ (قَوْلُهُ مُتَوَالِيَةً) إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ يَحْلِفُ هَذَا يَمِينًا وَهَذَا يَمِينًا حَتَّى تَتِمُّ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْلِفُ جَمِيعَ مَا يَنْوِيهِ عَلَى حِدَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَصْحَابُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ أَنَّ الْعَمْدَ إذَا نَكَلَ وَاحِدٌ يَبْطُلُ الدَّمُ وَأَمَّا الْخَطَأُ إذَا نَكَلَ وَاحِدٌ لَا يَبْطُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِأَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَتَلَهُ غَيْرَك بَلْ يَقُولُ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَنَّك قَتَلْته وَصِفَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ) أَيْ يَحْصُلُ بِسَمَاعِ الْخَبَرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ عَلَى حِدَتِهِ وَبِالسَّمَاعِ عَلَى حِدَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَالتَّحْدِيدُ بِالْخَمْسِينَ تَعَبُّدٌ فَالْقَسَامَةُ نَفْسُ الْأَيْمَانِ لَا الْحَلِفِ وَلَا الْقَوْمِ الْحَالِفُونَ فَالْمُؤَلِّفُ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ (ص) يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ وَإِنْ وَاحِدًا أَوْ امْرَأَةً (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ مُقَاسَةٌ عَلَى الْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ فَيَحْلِفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَتَوَزُّعُ هَذِهِ الْأَيْمَانُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي حُصُولِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْخَطَأِ إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَتَأْخُذُ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحْلِفُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَأْخُذُ حَظَّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْجَانِي مِنْ الدِّيَةِ لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ص) وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا وَإِلَّا فَعَلَى الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كَسْرَ الْيَمِينِ يَكْمُلُ عَلَى ذِي الْأَكْثَرِ مِنْ الْكُسُورِ وَلَوْ أَقَلُّهُمْ نَصِيبًا مِنْ غَيْرِهِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ عَلَى الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَمِينًا وَثُلُثٌ وَعَلَى الْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيُجْبَرُ كَسْرُ الْيَمِينِ عَلَى الْبِنْتِ لِأَنَّ كَسْرِ يَمِينِهَا أَكْثَرُ مِنْ كَسْرِ يَمِينِ الِابْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ أَقَلَّ نَصِيبًا فَتَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا فَلَوْ تَسَاوَى الْكَسْرُ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ عَلَى كُلٍّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَتَكْمُلُ عَلَى كُلٍّ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا تَنْكَسِرُ بِتَفَاوُتٍ بَلْ بِتَسَاوٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمِيعِ تَتْمِيمُ كَسْرِهِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَسْرٌ وَإِلَّا فَتَزِيدُ (ص) وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا غَابَ بَعْضُهُمْ أَوْ كَانَ صَغِيرًا فَإِنَّ غَيْرَهُ يَحْلِفُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا يُخَاطَبُونَ بِالدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ ثُمَّ إذَا حَضَرَ مَنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ فَقَطْ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَيَأْخُذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْحَالِفُ أَوَّلًا عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفَهَا فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى مَنْ أَقْسَمَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ خَطَأً ثُمَّ نَزَعَتْ وَرَدَّتْ مَا أَخَذَتْ ثُمَّ أَتَتْ أُخْتٌ لَهَا فَإِنَّهَا تَحْلِفُ بِقَدْرِ حَظِّهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْأُولَى حُكْمٌ مَضَى (ص) وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَقَالَ الْأَوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلُوا كُلُّهُمْ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَوْ نَكَلَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ حِينَئِذٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافِ رَجُلٍ فَمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ بَرِئَ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَقَوْلُهُ فَمَنْ نَكَلَ أَيْ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ وَتَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ وَقَوْلُهُ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلَفَ الْجَانِي خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَأُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ حِصَّتَهُ وَتَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ (ص) وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً وَإِلَّا فَمُوَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَتْلَ الْعَمْدِ لَا يَحْلِفُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ الْعَصَبَةُ أَيْ مِنْ النَّسَبِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ سَوَاءٌ وَرِثُوا أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُهُمْ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَحْلِفْنَ فِيهِ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ وَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ الْمَقْتُولُ بِمَثَابَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ مَوَالِيَهُ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِمَا قَرَرْنَاهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمَوَالِيَ مِنْ الْعَصَبَةِ وَقَرْنُهُ الْمَوَالِي بِالْعَصَبَةِ يُرَشِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ الْأَعْلَوْنَ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَكْثَرَ مَنْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ظَنٍّ قَوِيٍّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْ اعْتَمَدَ عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ مِمَّا تُفِيدُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ وَالتَّحْدِيدُ بِالْخَمْسِينَ تَعَبُّدٌ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ فَيَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ بِالْقُرْعَةِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُهَا الْبَالِغُ الْعَاقِلُ وَالصَّبِيُّ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ (قَوْلُهُ لَا الْحَلِفِ) أَيْ لَا نَفْسُ التَّلَفُّظِ بِالْأَيْمَانِ وَقَوْلُهُ فَالْمُؤَلِّفُ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ مَنْ يَرِثُ) أَيْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ وَقْتَ زُهُوقِ رُوحِهِ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ مَنْ يَرِثُ إشَارَةٌ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ حَيْثُ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَسْتَوْفِي الْإِرْثَ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ وَلَكِنْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَثَابَةِ نُكُولِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَلَوْ نَكَلَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمَجْبُورَ إنَّمَا هُوَ كَسْرُ الْيَمِينِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ ذِي أَكْثَرَ وَالضَّمِيرُ فِي كَسْرِهَا لِلْيَمِينِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ التَّنَازُعِ وَإِلَّا لَوْ أَطَاعَ الْأَقَلُّ أَنْ يَجْبُرَ الْكَسْرَ جَازَ (قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا) أَيْ وَلَوْ إحْدَى جَدَّتَيْنِ لَهَا نِصْفُ السُّدُسِ (قَوْلُهُ مَنْ أَقْسَمَتْ) أَيْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقْسَمَتْ أَيْ حَلَفَتْ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَزَعَتْ) بِالنُّونِ وَالزَّايِ أَيْ كَفَّتْ وَرَجَعَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ) هَذِهِ عِبَارَةٌ مُجْمَلَةٌ وَحَاصِلُهَا كَمَا بَيَّنَهُ عج أَنَّهُ إذَا نَكَلَ كُلُّ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ ثُمَّ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَحَلَفَ بَعْضُهُمْ أَوْ نَكَلَ جَمِيعُهُمْ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ نَكَلَ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُدَّ بِنُكُولِ الْعَاقِلَةِ وَيَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَمَنْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ بِمَثَابَةٍ النَّاكِلِ وَمَنْ قَالَ لَا أَدْرِي مِنْ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّاكِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ حِصَّتَهُ) أَيْ وَهِيَ كُلُّ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ إلَخْ) أَيْ وَالْأَيْمَانُ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حُبِسَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَاصِبٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِينُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ الْأَعْلَوْنَ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ فَلَمَّا كَانَ الْأَقَلُّ مَحْدُودًا عَيَّنَهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْأَكْثَرُ مَحْدُودًا سَكَتَ عَنْهُ (ص) وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ (ش) الْمُرَادُ بِالْعَاصِبِ الْجِنْسُ وَاحِدًا فَأَكْثَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا عَاصِبٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبٍ يَلْقَاهُ فِي أَبٍ مَعْرُوفٍ يُوَازِيهِ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ فَقَوْلُهُ بِعَاصِبِهِ أَيْ عَاصِبِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ كَمَا إذَا قُتِلَتْ أُمُّهُ فَاسْتَعَانَ بِعَمِّهِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَاصِبًا لِلْوَلِيِّ وَلِذَلِكَ أَضَافَ الْعَاصِبَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ بِعَاصِبٍ أَوْ بِالْعَاصِبِ وَقَوْلُهُ بِعَاصِبِهِ وَأَوْلَى بِمُشَارِكِهِ فِي السَّهْمِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيَحْلِفُهَا مَنْ يَرِثُ وَإِنْ وَاحِدًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ وُجُوبًا إنْ كَانَ وَاحِدًا وَجَوَازًا إنْ كَانَ أَكْثَرَ (ص) وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ حَلِفُ الْأَكْثَرِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبٍ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا عَلَى نِصْفِ الْقَسَامَةِ فَإِذَا وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا فَقَطْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ وُجِدَ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَضَوْا أَنْ يَحْمِلُوا عَنْهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ رَضِيَ هُوَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ أَيْ وَلِلْوَلِيِّ حِينَ الِاسْتِعَانَةِ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِ الْخَمْسِينَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِعَانَةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ يُرِيدُ مِنْ نَصِيبِ الْوَلِيِّ وَأَمَّا مِنْ نَصِيبِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ الْآخَرِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ (ص) وَوُزِّعَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلدَّمِ إنْ كَانُوا خَمْسِينَ فَأَقَلَّ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ اُجْتُزِئَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ خَارِجَةٌ عَنْ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ (ص) وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَطَاعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ لِيَحْلِفَا جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَإِنَّهُ يُجْتَزَأُ بِذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ طَاعَا بِالْحَلِفِ وَالثَّانِيَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ غَيْرَ نَاكِلٍ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ إنْ أَبَى الْأَكْثَرُ (ص) وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إذَا كَانَ وَاحِدًا وَاسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ لِيَحْلِفَ مَعَهُ فَنَكَلَ الْمُعَيَّنُ عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّ نُكُولَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الرِّشْوَةِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ فَإِنْ وَجَدَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ مِنْ الْعَصَبَةِ يَحْلِفُ مَعَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا بَطَلَ الدَّمُ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنْ الْعَصَبَةِ وَمِثْلُ النُّكُولِ التَّكْذِيبُ بِخِلَافِ نُكُولِ غَيْرِ الْمُعِينِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِي فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْإِخْوَةِ وَالْبَنِينَ مَثَلًا فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالنُّكُولِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَعِدُوا) إلَى أَنَّ نُكُولَ غَيْرِ الْمُعِينِ مُعْتَبَرٌ وَلَوْ بَعُدَ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ اسْتِوَائِهِ مَعَ غَيْرِهِ كَأَوْلَادِ عَمٍّ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بُعْدٌ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِ أَقْرَبَ مِنْهُ كَأَبْنَاءِ عَمٍّ مَعَ عَمٍّ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ نُكُولُهُمْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَعُدُوا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ فِي الْمَعْنَى (ص) فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ   [حاشية العدوي] أَيْ وَأَمَّا الْأَسْفَلُونَ فَلَا يُقْسِمُونَ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِعَانَةٌ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا وَقَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ. الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ أَكْثَرَ مِنْ وَلِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا كَمَا مَرَّ مَا يُفِيدُهُ وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا وَيَتَعَدَّدُ الْمُسْتَعَانُ بِهِ وَلَهُ فِي هَذِهِ حَلِفُ الْأَكْثَرِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ أَنْ يَحْلِفَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّةِ الْوَلِيِّ وَلَهُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِمَا أَوْ بِهِمْ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَعَدَّدَ الْوَلِيُّ وَيَتَّحِدَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعَانِ بِهِ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا نَابَهُ مِنْ قَسَمِ الْخَمْسِينَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوَلِيَّيْنِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى حَلِفِ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَعَدَّدَ الْوَلِيُّ وَالْمُسْتَعَانُ بِهِ فَلِأَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَحْلِفَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّةِ بَاقِي الْأَوْلِيَاءِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِ الْأَيْمَانِ وَلَهُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ أَنْ يَحْلِفَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّةِ أَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَلَهُ ذَلِكَ مِنْ حِصَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَوُزِّعَتْ) ظَاهِرُ حِلِّ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَالْمَعْنَى تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ وَقَالَ الْفِيشِيُّ وَوُزِّعَتْ فِي الْخَطَأِ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ وَفِي الْعَمْدِ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ إلَخْ أَيْ وَتَدْخُلُ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فِيمَنْ يَحْلِفُهَا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ أَكْثَرَ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ طَاعَا أَيْ طَاعَا فِي حَالَةِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَنُكُولُ الْمُعِينِ) فَلَوْ رَجَعَ الْمُعِينُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحَلِفِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بِرِضَا الْوَلِيِّ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ك (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَتَى بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الرِّشْوَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ فِي الْمَعْنَى) أَيْ قَدْ يَكُونُ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ فَتُرَدُّ إلَخْ) رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ رَجُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ أَيْ أَوْ نَكَلَ الْمُعِينُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 (ش) يَعْنِي فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ وَهُوَ مُشَارِكٌ لِغَيْرِ النَّاكِلِ فِي الْعَدَدِ أَوْ عَفَا وَسَقَطَ الدَّمُ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْبَدَلِ مُرْتَهِنٌ بِالْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ مِنْ الْمُدَّعِينَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْحَلِفِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ أُدِّبَ وَأَطْلَقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّدًا فَإِنَّهُ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعُونَ لِلدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا حُبِسُوا حَتَّى يَحْلِفُوا فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُمْ تُرِكُوا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ اهـ. (ص) وَلَا اسْتِعَانَةَ (ش) أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ أَنْ يَسْتَعِينُوا وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا لَكِنْ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَا يَسْتَعِينُونَ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ هُنَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ لِعَاصِبِ الدَّمِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّ أَيْمَانَ الْعَصَبَةِ مُوجِبَةٌ وَقَدْ يَحْلِفُ فِيهَا مَنْ يُوجِبُ لِغَيْرِهِ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَأَيْمَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ دَافِعَةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ بِيَمِينِهِ مَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ (ص) وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ نَفْسَهُ بَطَلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا حَلَفُوا أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْذَبَ بَعْضُهُمْ نَفْسَهُ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ بِخِلَافِ عَفْوِ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الْبَاقِينَ يَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ أَيْ مِمَّنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ قَوْلُهُ وَإِنْ إلَخْ أَيْ قَبْلَ الْقَسَامَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ عَفْوِهِ أَيْ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَكَالتَّكْذِيبِ (ص) وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ وَلِلْكِبَارِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا بِخِلَافِ لَوْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِمَا لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ وَكَذَلِكَ الْبِرْسَامُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ مِنْ الْعَصَبَةِ وَانْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَفِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ مَعَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ فِي النَّفْسِ وَأَبْلَغُ فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَقْتُلُ الْجَانِيَ أَوْ يَعْفُو عَنْهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ لِبُلُوغِ الصَّغِيرِ لِيَحْلِفَ هُوَ وَالصَّغِيرُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْكَبِيرِ أَوْ غَيْبَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَبْطُلُ الدَّمُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ وَإِنْ عَفَا اُعْتُبِرَ عَفْوُهُ وَلِلصَّغِيرِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ وَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلْكَبِيرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ وَقَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ يَنْبَغِي عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ لَا الْوُجُوبِ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ (ص) وَوَجَبَ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ الْقَسَامَةَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَذَكَرَ أَنَّ الْوَاجِبَ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا فَلَا يُقْتَلُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنُوا وَاحِدًا وَيُقْسِمُوا عَلَى عَيْنِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ عَفَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانُوا لَا يُقْسِمُونَ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ) يَرْجِعُ لِلَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ جَلْدُ مِائَةٍ هَذَا هُوَ الْأَدَبُ وَقَوْلُهُ وَحَبْسُ سَنَةٍ تَفْسِيرٌ لِلطُّولِ أَيْ أَنَّ الطُّولَ هُوَ سَنَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ أَمْرٌ سُجِنَ بِسَبَبِهِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ أَفَادَهُ تت وَبَعْضُ شُيُوخِنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا اسْتِعَانَةَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ الِاسْتِعَانَةَ (قَوْلُهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَكَانَ الْوَلِيُّ قَدْ وَلِيَ الْمُعَامَلَةَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ لِلْمَحْجُورِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ يَغْرَمُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَفْوِهِ) وَإِذَا أَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَحُكْمُ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ حُكْمُ مَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ فَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَإِذَا كَانَتْ الْقَسَامَةُ فِي الْخَطَأِ وَأَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ فَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِحَلِفِهِ مِقْدَارَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْأَيْمَانِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ. (قَوْلُهُ فَكَالتَّكْذِيبِ) أَيْ فَيُسْقِطُ الْقَوَدَ وَالدِّيَةَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ) أَيْ إذَا أَرَادَ غَيْرُهُمَا الْقَتْلَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ الْحَلِفُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْلِفُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ) أَيْ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ فَيَحْلِفَ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ) بَلْ يُعَجَّلُ بِحَلِفِهِ فَإِنْ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ بَطَلَ الدَّمُ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلْكَبِيرِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ رُجُوعُهُ لِلصَّغِيرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ مُنْكَرًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ ابْتِدَاءً قَوْلُهُ كَذَا لَا صِحَّةَ لَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى هَذَا لَا صِحَّةَ لَهُ وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِلْوُجُوبِ (قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ قَتْلُ شَخْصٍ مِنْ جَمَاعَةٍ بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَةً وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ تُعْلَمْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58 وَيَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ: لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ لَا مِنْ ضَرْبِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ تَعْيِينِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْخَطَأِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ (ص) وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ (ش) تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَلَى مَفَاهِيمِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ قَتْلِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْجَنِينِ الْحُرِّ حُكْمُ الْجِرَاحِ فَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ جَنِينٍ حُرٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يُرِيدُ وَنَزَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُ دِيَةَ ذَلِكَ وَيُقْتَصُّ فِي الْجِرَاحِ الْعَمْدِ إذْ لَا قَسَامَةَ فِي الْجِرَاحِ وَبِعِبَارَةٍ عَلَى جُرْحٍ أَيْ عَمْدًا وَأَمَّا خَطَأً فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَفِيهِ دِيَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ أَيْ خَطَأً إنْ كَانَ الْقَاتِلُ كَافِرًا أَوْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ أَوْ عَبْدٍ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لَكِنْ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلْعَبْدِ عَمْدًا رَقِيقًا خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَنِينٍ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اسْتَهَلَّ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فَقَوْلُهُ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ هَذَا فِي الْخَطَأِ فِي الْجَمِيعِ وَاقْتُصَّ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ وَالْمُرَادُ بِالدِّيَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيْ الْمَالُ الْمُؤَدَّى فَيَشْمَلُ الدِّيَةَ فِي الْجُرْحِ وَالْقِيمَةَ فِي الرَّقِيقِ وَالْغُرَّةَ أَوْ الدِّيَةَ فِي الْجَنِينِ إنْ اسْتَهَلَّ (ص) فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْجَارِحُ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا حُبِسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ لِذَلِكَ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ فَإِنَّ الْجَارِحَ وَمَنْ مَعَهُ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ الْجَنِينِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَبْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا عَدَا جُرْحَ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ عُوقِبَ وَأُطْلِقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّدًا فَإِنَّهُ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ فَقَوْلُهُ بَرِئَ الْجَارِحُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ إنْ بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَشْمَلَ الْقَتْلَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حُبِسَ خَاصٌّ بِجُرْحِ الْعَمْدِ وَمَا عَدَاهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (ص) فَلَوْ قَالَتْ دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ وَلَوْ اسْتَهَلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَنِينَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ فَلِهَذَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ وَمَاتَتْ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ لِأَنَّ قَوْلَهَا لَوْثٌ وَلِأَنَّهَا نَفْسٌ وَالْجَنِينُ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْجُرْحِ لَا يَثْبُتُ بِاللَّوْثِ فَلَا قَسَامَةَ وَلَوْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ فُلَانٌ قَتَلَنِي وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي لَمْ يَكُنْ فِي فُلَانٍ قَسَامَةٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ قَالَتْ لَوْ ثَبَتَ مَوْتُهَا وَخُرُوجُ جَنِينِهَا مَيِّتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدْلٍ لَكَانَ فِيهَا   [حاشية العدوي] الضَّرْبَةُ الَّتِي مَاتَ مِنْهَا مِمَّنْ هِيَ أَوْ كَانَتْ الضَّرَبَاتُ فِي قَتْلِهِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ جَمِيعُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ وَهَذَا إذَا مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ وَقَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ رُفِعَ مَغْمُورًا وَمَاتَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَالْقَوَدُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا فَإِذَا قُتِلَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ بِالْقَسَامَةِ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ أَيْمَانٍ فَلَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِالْقَتْلِ ثُمَّ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَطَلَ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَصَارَ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا فَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْوُلَاةُ فَبَعْضُهُمْ عَيَّنَ مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ الْآخَرُ مَاذَا يَفْعَلُ ك وَإِذَا وَقَعَتْ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ آخَرُ بِالْقَتْلِ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ وَإِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا حُبِسَ الثَّانِي عَامًا وَجُلِدَ مِائَةً (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اُحْتُمِلَ مَوْتُهُ مِنْ فِعْلِ أَحَدِهِمْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُحْتَمَلْ كَرَمْيِ جَمَاعَةٍ صَخْرَةً لَا يَقْدِرُ بَعْضُهُمْ عَلَى رَفْعِهَا فَإِنَّ الْقَسَامَةَ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَقْتُلُونَ أَيَّ وَاحِدٍ شَاءُوا مِنْهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَإِذَا قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْ الَّذِينَ رَمَوْا الصَّخْرَةَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ بَقِيَ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ (قَوْلُهُ حَلَفَ وَاحِدَةً) أَيْ إنْ اتَّحَدَ فَإِنْ تَعَدَّدَ وَلِيُّ الْكَافِرِ أَوْ الْغُرَّةِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى جُرْحٍ أَيْ عَمْدًا إلَخْ) أَقُولُ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْخَطَأِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ أَيْ خَطَأً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ إذْ جُرْحُ الْعَمْدِ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ أَيْ خَطَأً) إنَّمَا قُيِّدَ بِالْخَطَأِ حَتَّى تَأْتِيَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ قِصَاصٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ أَقُولُ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلْكَافِرِ كَافِرًا وَأَقَامَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ شَاهِدًا وَاحِدًا يَكُونُ هَدَرًا وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ أَقُولُ وَأَمَّا عج فَعَمَّمَ فِي قَتْلِ الْكَافِرِ فَقَالَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ) وَإِذَا أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَلَا يَقْتُلُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَكُونُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقَطْ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ) لَا حَاجَةَ لَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ مَعَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَتْ دَمِي إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهَا بَلْ بِإِقْرَارِهَا فَقَطْ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا عَدْلَانِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ) أَيْ لَا قِيمَةَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثَبَتَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدْلٍ أَيْ شَهِدَ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ عَلَى الْقَتْلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 59 الْقَسَامَةُ لِأَنَّهَا نَفْسٌ وَيَحْلِفُ وَلِيُّ الْجَنِينِ وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ دِيَتَهُ لِأَنَّهُ كَالْجُرْحِ وَلَوْ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ (الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَهُوَ التَّعَدِّي، وَبَغَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتَطَالَ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هُوَ الطَّلَبُ إلَّا أَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى طَلَبٍ خَاصٍّ، وَهُوَ أَنْ يَبْغِيَ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي ابْتِغَاؤُهُ شَرْعًا. وَشَرْعًا: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ طَاعَةِ مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ بِمُغَالَبَةٍ، وَلَوْ تَأَوُّلًا فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مَنْ ثَبَتَتْ إلَخْ مَنْ لَمْ تَنْعَقِدْ لَهُ إمَامَةٌ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ إمَّا حَالٌ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِالِامْتِنَاعِ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ فِي مَكْرُوهٍ يَكُونُ بَغْيًا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَاخْتَارَ الْقُرْطُبِيُّ خِلَافَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْمَكْرُوهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى الْمُبَاحِ فَتَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ، وَقَدْ عَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْفِرْقَةَ الْبَاغِيَةَ الْمُسْتَلْزِمَةَ لِتَعْرِيفِ الْبَغْيِ بِقَوْلِهِ (ص) : الْبَاغِيَةُ فِرْقَةٌ خَالَفَتْ الْإِمَامَ لِمَنْعِ حَقٍّ، أَوْ لِخَلْعِهِ فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَاغِيَةَ هِيَ فِرْقَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَالَفَتْ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ، أَوْ نَائِبَهُ لِمَنْعِ حَقٍّ وَجَبَ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِلْعِبَادِ، أَوْ لِخَلْعِ الْإِمَامِ مِنْ مَنْصِبِهِ فَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ قِتَالُهُمْ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، وَيُوَافِقَهُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ سَحْنُونَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَبَ عَلَى النَّاسِ الذَّبُّ عَنْهُ، وَالْقِتَالُ مَعَهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا؛ دَعْهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْ الظَّالِمِ بِظَالِمٍ، ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا، وَعَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِفِرْقَةٍ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، وَقَدْ يَكُونُ الْبَاغِي وَاحِدًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ مُغَالَبَةً فَمَنْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْبُغَاةِ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُغَالَبَةِ إظْهَارُ الْقَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الْمُقَاتَلَةُ وَقَوْلُهُ: فَلِلْعَدْلِ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ: فَعَلَى الْعَدْلِ قِتَالُهُمْ لَا غَيْرُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ خُرُوجِهِمْ عَلَيْهِ فِسْقَهُ وَجَوْرَهُ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ تَأَوَّلُوا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: الْبَاغِيَةُ فِرْقَةٌ خَالَفَتْ الْإِمَامَ إلَخْ وَلِقَوْلِهِ: فَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ قِتَالُهُمْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (كَالْكُفَّارِ) إلَى أَنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ حَتَّى يُدْعَوْا، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَنْصِبُ عَلَيْهِمْ الرَّعَّادَاتِ أَيْ: الْمَجَانِيقَ خِلَافَ مَا عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ (ص) وَلَا يُسْتَرَقُّوا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ وَلِيُّ الْجَنِينِ وَاحِدَةً) أَقُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَحْلِفُ كُلُّ وَارِثٍ مِمَّنْ يَرِثُ الْغُرَّةَ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَتْ إلَخْ أَيْ وَلَا شَاهِدَ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَهَلَّ أَيْ لِأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ شَاهِدَةً فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ دَمِي وَدَمُ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُقْسِمُ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَفْسِهِ وَيَكُونُ فِي غَيْرِهِ شَاهِدًا [بَاب الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابُ الْبَاغِيَةِ) . (قَوْلُهُ: هُوَ الطَّلَبُ) أَيْ: مُطْلَقُ الطَّلَبِ الشَّامِلِ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَبْغِيَ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي ابْتِغَاؤُهُ شَرْعًا كَذَا فِي نُسْخَتِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ اصْطِلَاحِيٌّ، وَعَلَيْهِ، فَيَكُونُ أَعَمَّ مِنْ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَقَّ مَعَ ابْنِ عَرَفَةَ ثُمَّ اطَّلَعْتُ عَلَى بَعْضِ الشُّرَّاحِ، فَوَجَدْته ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ شَرْعًا، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ تَعْرِيفُهُ جَارِيًا عَلَى اللُّغَةِ، وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مُطْلَقٌ، ثُمَّ خُصَّ عُرْفًا بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَا ظَهَرَ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْقُرْطُبِيُّ إلَخْ) قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ فَقَالَ إذَا أَمَرَك بِمَكْرُوهٍ فَالْأَظْهَرُ مُخَالَفَتُهُ فِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْمُجْمَعَ عَلَى كَرَاهَتِهِ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْقُرْطُبِيِّ، وَغَيْرِهِ لَا فِي الْمُخْتَلَفِ فِي كَرَاهَتِهِ وَجَوَازِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ، وَالْحُرْمَةِ، وَكَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْآمِرِ بِهِ الْكَرَاهَةَ، وَمَذْهَبُ الْمَأْمُورِ الْحُرْمَةَ، فَهَلْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، أَوْ يَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطِيعُهُ فِيهِ نَظَرًا لِمَذْهَبِ الْمَأْمُورِ؟ . (قَوْلُهُ: الْمُسْتَلْزِمَةُ لِتَعْرِيفِ الْبَغْيِ) أَيْ: فَيُقَالُ: الْبَغْيُ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ لِمَنْعِ حَقٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ حَقٍّ وَجَبَ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ: كَالزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلِلْعَدْلِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: فَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ إلَخْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا) أَيْ: فِي الْآخِرَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ مُغَالَبَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ لِخَلْعِهِ يَتَضَمَّنُ الْمُغَالَبَةَ، فَدَعْوَى أَنَّ قَيْدَ الْمُغَالَبَةِ زَائِدٌ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمُخَالَفَتِهِ فِي مَنْعِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ) أَيْ: كَامْتِنَاعٍ مِنْ عَيْنِهِ لِجِهَادٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْخُرُوجِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَوَّلُوا) أَيْ: بِأَنْ امْتَنَعُوا مِنْ الزَّكَاةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ أَيْ: مُتَأَوِّلِينَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] قَاصِرٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ طَاعَتِهِ مُتَأَوِّلِينَ أَنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ لِعَلِيٍّ لَا لِأَبِي بَكْرٍ فَخَرَجُوا عَنْ طَاعَتِهِ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَحَتَّى يُدْعَوْا) أَيْ: إلَى طَاعَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْصِبُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) أَيْ: وَيُقَاتَلُونَ بِالسَّيْفِ وَالرَّمْيِ بِالنَّبْلِ وَالتَّحْرِيقِ وَالتَّغْرِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ الذُّرِّيَّةُ. (قَوْلُهُ: خِلَافَ مَا عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ) وَنَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ: يَمْتَازُ قِتَالُ الْبُغَاةِ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ بِأَحَدَ عَشَرَ شَيْئًا أَنْ يَقْصِدَ بِقِتَالِهِمْ رَدْعَهُمْ لَا قَتْلَهُمْ، وَيَكُفَّ عَنْ مُدْبِرِهِمْ، وَلَا يُجْهِزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَا يَقْتُلَ أَسْرَاهُمْ، وَلَا يُقَسِّمَ أَمْوَالَهُمْ وَلَا يَسْبِيَ ذَرَارِيَّهُمْ، وَلَا يَسْتَعِينَ عَلَيْهِمْ بِمُشْرِكٍ وَلَا يُوَادِعَهُمْ عَلَى مَالٍ، وَلَا يَنْصِبَ عَلَيْهِمْ، الرَّعَّادَاتِ، وَلَا يُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ الْمَسَاكِنَ، وَلَا يَقْطَعَ شَجَرَهُمْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَرَقُّوا إلَخْ) الْمَعْهُودُ أَنَّ وُقُوعَ النَّهْيِ إنَّمَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ لَا فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ، بَلْ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ فَيَكُونُ لَا فِي كَلَامِهِ لِلنَّهْيِ عَلَى غَيْرِ الْمَعْهُودِ، وَلِذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60 وَلَا يُحَرِّقْ شَجَرَهُمْ وَلَا تُرْفَعْ رُءُوسُهُمْ بِأَرْمَاحٍ وَلَا يَدْعُوهُمْ بِمَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبُغَاةَ إذَا ظَفِرْنَا بِهِمْ فَإِنَّا لَا نَتْرُكُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يُحَرِّقَ شَجَرَهُمْ، وَلَا أَنْ يَرْفَعَ رُءُوسَهُمْ عَلَى أَرْمَاحٍ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُثْلَةٌ، وَهِيَ حَرَامٌ وَلَا مِنْ بَلَدٍ إلَى أُخْرَى، وَلَا وَالٍ إلَى آخَرَ، وَلَا فِي مَحَلِّهِمْ، وَتَقَدَّمَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ رَفْعِ رُءُوسِهِمْ إلَى بَلَدٍ أَوْ وَالٍ فِي مَحَلِّهِمْ فَافْتَرَقَ قِتَالُ الْبُغَاةِ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ أَنْ يَتْرُكَ قِتَالَ الْبُغَاةِ أَيَّامًا لِأَجْلِ مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ حَتَّى يَنْظُرُوا فِي أُمُورِهِمْ فَقَوْلُهُ: وَلَا يَدَعُوهُمْ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ (ص) وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ، ثُمَّ رُدَّ كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ، أَوْ غَيْرَهُ إذَا احْتَاجَ إلَى مَالِ الْبُغَاةِ كَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ أَيْ: الْخَيْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى قِتَالِهِمْ، ثُمَّ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ رَدَّهُ إلَيْهِمْ كَمَا يَرُدُّ غَيْرَ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ فَلَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِمْ، فَإِنْ قِيلَ: الرَّدُّ فَرْعُ الْأَخْذِ وَهُوَ مُنْتَفٍ، فَأَيْنَ الرَّدُّ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: كَغَيْرِهِ؟ ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا قَدَرَ عَلَيْهِمْ صَارَ الْمَالُ كَأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْإِمَامِ فَلِذَا عَبَّرَ بِالرَّدِّ (ص) وَإِنْ أُمِنُوا لَمْ يَتْبَعْ مُنْهَزِمَهُمْ وَلَمْ يَذْفُفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا أَمِنَّا بَغْيَهُمْ، فَإِنَّا لَا نَتْبَعُ مُنْهَزِمَهُمْ، وَلَا نُذَفِّفُ أَيْ نُجْهِزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَيُذَفَّفُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْهُمْ يُتْبَعْ مُنْهَزِمَهُمْ وَيُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ (ص) وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَوَرِثَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَقْتُلَ أَبُوهُ فِي حَالِ قِتَالِ الْبَاغِيَةِ وَيَرِثُهُ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْقَتْلُ مُبَارَزَةً، أَوْ غَيْرَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي الْكَرَاهَةِ، وَالْأُمُّ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلَا يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُ أَخِيهِ وَلَا جَدِّهِ لِأَبِيهِ وَلَا لِأُمِّهِ . (ص) وَلَمْ يَضْمَنْ مُتَأَوِّلٌ أَتْلَفَ نَفْسًا، أَوْ مَالًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَاغِيَ إذَا كَانَ مُتَأَوِّلًا فِي قِتَالِهِ وَأَتْلَفَ فِي حَالِ قِتَالِهِ نَفْسًا، أَوْ مَالًا ثُمَّ تَابَ، وَرَجَعَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَلِيئًا؛ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُتْلِفْهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ إلَى مَالِكِهِ (ص) وَمَضَى حُكْمُ قَاضِيهِ، وَحَدٌّ أَقَامَهُ وَرُدَّ ذِمِّيٌّ مَعَهُ لِذِمَّتِهِ، وَضَمِنَ الْمُعَانِدُ النَّفْسَ وَالْمَالَ، وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ نَاقِضٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَاضِيهِ يَرْجِعُ لِلْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَاغِيَ الْمُتَأَوِّلَ إذَا أَقَامَ قَاضِيًا فَحَكَمَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُكْمِ التَّامِّ وَبَيْنَ مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّمَامِ، وَيُكْمِلُهُ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ قُضَاةِ الْبَغْيِ وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ قَاضِيهِ حَدًّا مِنْ الْحُدُودِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي لِلضَّرُورَةِ وَلِشُبْهَةِ التَّأْوِيلِ وَلِئَلَّا يَزْهَدَ النَّاسُ فِي الْوِلَايَاتِ، فَتَضِيعَ الْحُقُوقُ، وَلَا مَفْهُومَ لِحُكْمٍ، بَلْ الثُّبُوتُ وَنَحْوُهُ كَالْحُكْمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ صَوَابًا، وَإِلَّا فَلَا يَمْضِي، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْحَدِّ، وَإِنْ دَخَلَ فِي عُمُومِ الْحُكْمِ لِعَظَمَتِهِ، فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ صَوَابًا لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إمْضَائِهِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِمَا حَكَمَ بِهِ خُصُوصًا فِي الزَّكَوَاتِ وَالْحُدُودِ إذْ هِيَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْإِمَامِ، وَإِذَا اسْتَعَانَ الْمُتَأَوِّلُ بِذِمِّيٍّ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَى ذِمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَى الذِّمِّيِّ بِمَا أَتْلَفَ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، وَيُوضَعُ عَنْ الذِّمِّيِّ مَا وُضِعَ عَنْ الْمُتَأَوِّلِ، وَأَمَّا الْبَاغِي إذَا كَانَ قِتَالُهُ عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ وَالْعَصَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ وَطَرْفٍ وَفَرْجٍ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ، وَيَرُدُّ الْمَالَ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا، أَوْ فَائِتًا وَقِتَالُ الذِّمِّيِّ مَعَ الْمُعَانِدِ لِلْإِمَامِ نَقْضٌ لِعَهْدِهِ يُوجِبُ اسْتِحْلَالَهُ حَيْثُ خَرَجُوا طَائِعِينَ. (ص) وَالْمَرْأَةُ الْمُقَاتِلَةُ كَالرَّجُلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُقَاتِلَةَ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً فَإِنَّهَا لَا تَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ مِنْ نَفْسٍ، وَمَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَانِدَةً فَإِنَّهَا تَضْمَنُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا قَاتَلْنَ مَعَ الرَّجُلِ بِالسِّلَاحِ فَلِأَهْلِ الْقِتَالِ قَتْلُهُنَّ فِي الْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِتَالُهُنَّ إلَّا بِالتَّحْرِيضِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ، فَلَا يُقْتَلْنَ، وَلَوْ أُسِرْنَ وَقَدْ كُنَّ يُقَاتِلْنَ قِتَالَ الرِّجَالِ لَمْ يُقْتَلْنَ إلَّا أَنْ يَكُنَّ قَدْ قَتَلْنَ بِذَلِكَ أَحَدًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ فِي غَيْرِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ انْتَهَى، فَمُفَادُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُقْتَلُ فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا بِالسِّلَاحِ، وَلَا تُقْتَلُ فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا بِالْحِجَارَةِ   [حاشية العدوي] حُذِفَتْ النُّونُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً، وَحُذِفَتْ النُّونُ حَمْلًا عَلَى النَّاهِيَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» ) . (قَوْلُهُ: وَلَا يُحَرِّقْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ. (قَوْلُهُ: فَافْتَرَقَ قِتَالُ الْبُغَاةِ إلَخْ) الَّذِي قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ وَلَوْ فِي مَحَلِّهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُثْلَةٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّمْثِيلُ بِالْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ مَالٍ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يَتْرُكُهُمْ مَجَّانًا حَيْثُ كَفُّوا عَنْ الْبَغْيِ فَطَلَبُوا أَمَانًا حَتَّى يَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ، وَلَمْ يَخْشَ مِنْهُمْ التَّحَيُّلَ لِلْعُذْرِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِمَالِهِمْ الْمُرَادُ مَالٌ مَخْصُوصٌ، وَهُوَ الْخَيْلُ وَآلَاتُ الْحَرْبِ لَا مُطْلَقُ مَالٍ، وَلَوْ اُحْتِيجَ لَهُ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْخَيْلِ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِي الْقِتَالِ، وَإِلَّا فَلَوْ قَاتَلُوا عَلَى إبِلٍ. أَوْ فِيَلَةٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا عَبَّرَ بِالرَّدِّ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ الرَّدُّ مَجَازًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِفِرَارِهِمْ عَنْ مَالِهِمْ فَإِذَا رَجَعُوا فَإِنَّا نَرُدُّ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِهِ الْمَالُ وَصَوَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ أَيْ: إذَا أَخَذْنَا ذَرَارِيَّهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، فَإِنَّا نَرُدُّهُمْ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ) فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ مَا نَصُّهُ: وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، وَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ بِلَا قَتْلٍ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى، وَقَتْلُ ابْنِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى . (قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ نَاقِضٌ) هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ خُرُوجُ الْمُعَانِدِ عَلَى الْعَدْلِ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَيْسَ بِمُعَانِدٍ وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ غَيْرُ نَاقِضٍ. (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ) أَيْ: الزَّكَوَاتُ وَالْحُدُودُ أَيْ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الزَّكَوَاتِ لِلْإِمَامِ، وَكَذَا الْحُدُودُ لَا يَتَوَلَّاهَا الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ كُنَّ) حَالٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61 وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا بَعْدَ أَسْرِهَا، فَلَا تُقْتَلُ، وَلَوْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، وَإِلَّا فَتُقْتَلُ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قِتَالُهَا بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِالْحِجَارَةِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُتَأَوِّلَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ فِي حَالِ قِتَالِهِ سَوَاءٌ قَاتَلَ بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَكَذَا بَعْدَ أَسْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجِهَادِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْكَافِرَةَ إذَا قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ وَلَوْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا أَنَّهَا تُقْتَلُ، وَلَوْ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَأَمَّا إنْ قَاتَلَتْ بِالْحِجَارَةِ، فَحُكْمُهَا فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ . (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ (الرِّدَّةَ وَالسَّبَّ وَأَحْكَامَهُمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرِّدَّةُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ قَوْلِك: رَدَّهُ رَدًّا وَرِدَّةً، وَالرِّدَّةُ: الِاسْمُ مِنْ الِارْتِدَادِ، وَالرِّدَّةُ: إمْلَاءُ الضَّرْعِ مِنْ اللَّبَنِ، وَالِارْتِدَادُ الرُّجُوعُ وَمِنْهُ الْمُرْتَدُّ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: حَقِيقَةُ الرِّدَّةِ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْإِسْلَامِ مِنْ مُكَلَّفٍ، وَفِي غَيْرِ الْبَالِغِ خِلَافٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّدَّةُ كُفْرٌ بَعْدَ إسْلَامٍ تَقَرَّرَ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْتِزَامِ أَحْكَامِهِمَا، وَعَرَّفَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) : الرِّدَّةُ كُفْرُ الْمُسْلِمِ (ش) أَيْ: الْمُتَقَرِّرِ إسْلَامُهُ، فَيَشْمَلُ الْبَالِغَ وَغَيْرَهُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَلَا يَتَقَرَّرُ الْإِسْلَامُ إلَّا بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَالْتِزَامِ أَحْكَامِهِمَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: الْمُسْلِمِ مِمَّا إذَا خَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ مِلَّةٍ إلَى أُخْرَى كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ، أَوْ عَكْسِهِ فَلَا يَكُونُ رِدَّةً، وَيُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا، وَعَدَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ قَوْلِهِ: كُفْرُ الْمُؤْمِنِ إلَى قَوْلِهِ: كُفْرُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الْكُفْرُ إنَّمَا يُقَابَلُ بِالْإِيمَانِ؛ لِكَوْنِ النَّظَرِ هُنَا مَقْصُورًا عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا الَّتِي يَنْظُرُ فِيهَا الْحُكَّامُ، وَلَا قُدْرَةَ لِلْبَشَرِ عَلَى مَعْرِفَةِ إيمَانِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا إنَّمَا يَعْرِفُونَ إسْلَامَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلِهَذَا اُحْتِيجَ إلَى الْكَلَامِ عَلَى الْأُمُورِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا كُفْرُ الْمُسْلِمِ فَقَالَ: (ص) بِصَرِيحٍ، أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ (ش) مِثَالُ الصَّرِيحِ كَقَوْلِهِ: الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ، وَمِثَالُ اللَّفْظِ الْمُقْتَضِي لِلْكُفْرِ أَنْ يَجْحَدَ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ جُزْءًا مِنْهَا، وَكَذَا إذَا قَالَ: اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ، وَمِثَالُ الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي لِلْكُفْرِ لُبْسُ الزُّنَّارِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ) مِثَالٌ لِلْفِعْلِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الْكُفْرَ وَمِثْلُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ هَذَا أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بَعْدَ أَسْرِهَا، وَلَوْ وَقَعَ أَسْرُهَا حَالَ الْحَرْبِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ أُسِرَتْ، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ تُقْتَلُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ قَتَلَتْ تُقْتَلُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ، وَظَفِرْنَا بِهَا بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ لَا تُقْتَلْ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ وَظَفِرْنَا بِهَا فِي حَالِ الْمُقَاتَلَةِ فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ قُتِلَتْ وَإِلَّا فَلَا [بَاب الرِّدَّةَ وَالسَّبَّ وَأَحْكَامَهُمَا وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ] . (بَابٌ) . (قَوْلُهُ: ذَكَرَ فِيهِ الرِّدَّةَ) أَيْ: تَعْرِيفَهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَأَحْكَامَهَا أَيْ: الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالرِّدَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَالسَّبَّ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ حَقِيقَةَ السَّبِّ وَالْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لِلسَّبِّ تَعْرِيفًا. (قَوْلُهُ: مَصْدَرُ قَوْلِك: رَدَّهُ) أَيْ: صَرَفَهُ أَيْ: فَهِيَ مَصْدَرُ رَدَّ الْمُتَعَدِّي بِمَعْنَى صَرَفَهُ، وَقَوْلُهُ: وَالرِّدَّةُ إلَخْ الْمَعْنَى وَالرِّدَّةُ كَمَا هِيَ مَصْدَرُ رَدَّهُ تَكُونُ اسْمًا مِنْ الِارْتِدَادِ الْمُفَسَّرِ بِالرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ: وَالِارْتِدَادُ الرُّجُوعُ، الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَالرِّدَّةُ إمْلَاءُ الضَّرْعِ، وَقَوْلُهُ: وَالرِّدَّةُ إمْلَاءُ الضَّرْعِ، الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلِهِ: امْتِلَاءُ الضَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ فِي اللُّغَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّدَّةَ بِالْكَسْرِ تَأْتِي لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ، تَأْتِي مَصْدَرَ رَدَّهُ بِمَعْنَى صَرَفَهُ وَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَتَأْتِي اسْمًا مِنْ الِارْتِدَادِ الَّذِي هُوَ الرُّجُوعُ وَهُوَ لَازِمٌ، وَتَأْتِي بِمَعْنَى امْتِلَاءِ الضَّرْعِ وَهُوَ لَازِمٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ الْبَالِغِ خِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ اعْتِبَارُ رِدَّتِهِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ أَنَّهُ لَا يُورَثُ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَلَا يُغَسَّلُ إنْ مَاتَ، وَبَعْدَ بُلُوغِهِ يُقْتَلُ مَا لَمْ يَتُبْ. (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ إبْلِيسُ بِنِسْبَتِهِ الْجَوْرَ لِلْبَارِي حَيْثُ قَالَ {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] وَلَيْسَ كُفْرُهُ بِالْمُخَالَفَةِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ) أَيْ: أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَالنَّصَارَى وَالْيَهُودُ وَاقِفُونَ عَلَى الدَّعَائِمِ، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ. (قَوْلُهُ: مَقْصُورًا عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا إلَخْ) أَيْ: الْأَحْكَامِ الظَّاهِرِيَّةِ الَّتِي يَنْظُرُ فِيهَا الْحُكَّامُ أَيْ: وَالْإِسْلَامُ هُوَ الِانْقِيَادُ الظَّاهِرِيُّ لِلْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الْإِيمَانِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ، وَهُوَ خَفِيٌّ لَا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: إنَّمَا يَعْرِفُونَ إسْلَامَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَيْ: الَّذِي هُوَ الِانْقِيَادُ الظَّاهِرِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا اُحْتِيجَ إلَخْ) أَيْ: وَلَيْسَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِصَرِيحٍ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ خِلَافًا لِبَهْرَامَ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ تَمَّ بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ: لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِيَقْتَضِيهِ، أَوْ يَتَضَمَّنُهُ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْكُفْرَ لَا التَّضَمُّنُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مِثَالُ الصَّرِيحِ كَقَوْلِهِ: الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ) أَيْ: وَكَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ إلَخْ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ فَمَا وَجْهُ كَوْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّرِيحِ فِي الْكُفْرِ بِخِلَافِ الثَّانِي إذْ كِلَاهُمَا الْبَارِي مُنَزَّهٌ عَنْهُ قَطْعًا؟ ، فَالْمُنَاسِبُ مَا أَفَادَهُ تت بِقَوْلِهِ: بِأَنْ يَقُولَ: كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ بِمُحَمَّدٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثَالُ اللَّفْظِ الْمُقْتَضِي لِلْكُفْرِ إلَخْ) أَيْ: الْمُقْتَضِي لِقَطْعِ الْإِسْلَامِ وَزَوَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ: اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ) أَيْ: آخِذٌ قَدْرًا مِنْ الْفَرَاغِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ: جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَكْفُرُ قَائِلُهُ، أَوْ مُعْتَقِدُهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) وَمِمَّا يَرْتَدُّ بِهِ وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ مَعَ قَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَدَهُ بِالْقَذَرِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ جُنُبًا. (قَوْلُهُ: يَتَضَمَّنُ الْكُفْرَ) أَيْ: قَطْعَ الْإِسْلَامِ أَيْ: زَوَالَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 الْمُصْحَفِ كِتَابُ الْحَدِيثِ إذَا أَلْقَاهُ بِقَذَرٍ، أَوْ حَرَقَهُ اسْتِخْفَافًا وَأَمَّا حَرْقُهُ لِكَوْنِهِ ضَعِيفًا، أَوْ مَوْضُوعًا فَلَا وَفِي كَلَامِ ز نَظَرٌ، وَأَمَّا إلْقَاءُ كُتُبِ الْفِقْهِ فِي الْقَذَرِ، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ الْآيَةُ، أَوْ الْحَرْفُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْقَذَرِ مَا يُسْتَقْذَرُ، وَلَوْ طَاهِرًا كَالْبُصَاقِ لَا خُصُوصُ الْعَذِرَةِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ مُرْتَدًّا إذَا شَدَّ الزُّنَّارَ فِي وَسَطِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِعْلٌ يَتَضَمَّنُ الْكُفْرَ، وَالزُّنَّارُ بِضَمِّ الزَّايِ، وَمِثْلُهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَصُّ بِزِيِّ الْكُفَّارِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ الْمَشْيُ إلَى الْكَنِيسَةِ وَنَحْوُهُ، وَقَيَّدَ أَيْضًا بِمَا إذَا فَعَلَهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ . (ص) وَسِحْرٌ (ش) هَذَا جَامِعٌ لِلَّفْظِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ، وَالْفِعْلِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ كُفْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ اسْتَصْوَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَلَامَ أَصْبَغَ وَحَكَاهُ الطُّرْطُوشِيُّ عَنْ قُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلَ مَالِكٍ أَنَّ تَعَلُّمَهُ وَتَعْلِيمَهُ كُفْرٌ. اهـ.، وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ السِّحْرَ بِقَوْلِهِ: هُوَ كَلَامٌ مُؤَلَّفٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ هَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ. اهـ.، وَإِذَا حُكِمَ بِكُفْرِهِ فَإِنْ كَانَ مُتَجَاهَرًا بِهِ فَيُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ، وَمَالُهُ فَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ يُخْفِيهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنْدِيقِ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ كَمَا يَأْتِي . (ص) وَقَوْلٌ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ أَنَّ الْعَالَمَ وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ قَدِيمٌ فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ غَيْرُ اللَّهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِبَقَائِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقِدَمِ الْقِدَمُ الذَّاتِيُّ لَا الزَّمَانِيُّ، وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ فِي الْقِدَمِ، أَوْ الْبَقَاءِ لِلْعَالَمِ فَقَوْلُهُ: (أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) عَطْفٌ عَلَى صَرِيحٍ أَيْ: أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كِتَابُ الْحَدِيثِ إذَا أَلْقَاهُ بِقَذَرٍ) فِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَاتِرًا وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ إلْقَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ الْخَوْفِ كَأَنْ يَخَافَ مِنْ الْقَطْعِ، أَوْ الْقَتْلِ فَإِذًا لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَرْقُهُ لِكَوْنِهِ ضَعِيفًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُسْتَخِفٌّ مَعَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اشْتَدَّ ضَعْفُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَوْضُوعًا أَيْ: مَكْذُوبًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ ز نَظَرٌ) أَيْ: فَإِنَّهُ نَظَرَ فِي غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إلْقَاءُ كُتُبِ الْفِقْهِ فِي الْقَذَرِ) أَيْ: عَلَى فَرْضِ أَنْ لَوْ خَلَتْ مِنْ اسْمِ اللَّهِ أَوْ اسْمِ نَبِيٍّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مِثْلَ الْمُصْحَفِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَتِهَا وَتَصْغِيرُ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ إنْ قَصَدَ اسْتِهْزَاءً، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقَذَرِ مَا يُسْتَقْذَرُ إلَخْ) فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَا نَصُّهُ: وَيَنْبَغِي لِمُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ مَسْحِ الْأَلْوَاحِ بِالْبُصَاقِ انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَنْبَغِيَ هُنَا بِمَعْنَى الْوُجُوبِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا كُفْرَ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَرَحَ الْبُصَاقَ مِنْ فَمِهِ، أَوْ أَخَذَهُ، وَلَطَّخَهُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ أَيْ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْقَذَرُ طَاهِرًا، أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّلَطُّخَ الْمُقْتَضِي لِلْكُفْرِ مَا كَانَ تَلْطِيخًا يُشَمُّ مِنْهُ الِاسْتِخْفَافُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُ) أَيْ: نَحْوَ الْمَشْيِ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ مُخْتَصٍّ بِهِمْ أَيْ: كَالْمَشْيِ لِزِيَارَةِ الْقِسِّيسِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا فَعَلَهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّ شَدَّهُ فِي بَلَدِ الْكُفْرِ لَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَى وَقَيَّدَ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَالسُّخْرِيَةِ . (قَوْلُهُ: هَذَا جَامِعٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ تَحَقَّقَ بِهِ الْكُفْرُ وَقَالَ هُنَا: أَنَّ السِّحْرَ جَامِعٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ السِّحْرَ تَارَةً يَكُونُ بِالْقَوْلِ، وَتَارَةً يَكُونُ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِأَنَّهُ قَوْلٌ يُعَظَّمُ بِهِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلٌ لَا غَيْرُ وَوَقَعَ لِبَهْرَامَ أَنَّهُ مِنْ الْقَوْلِ، وَوَقَعَ لِلْبِسَاطِيِّ أَنَّهُ فِعْلٌ، ثُمَّ قَالَ الْبِسَاطِيُّ بَعْدُ: أَنَّهُ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ انْتَهَى، وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَيَكُونُ مُرَادُهُ أَنَّ السِّحْرَ تَارَةً يَكُونُ قَوْلًا، وَتَارَةً يَكُونُ فِعْلًا، وَيُدْرِكُ ذَلِكَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ. (قَوْلُهُ: إنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ كُفْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ) أَقُولُ: هَذَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ يُفَسَّرُ بِأَنَّهُ قَوْلٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَتُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَصْوَبَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ قَالَ: يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ يُرِيدُ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يَجِبُ بِهِ الْقَتْلُ فَلَا يُحْكَمُ بِهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَتَحَقُّقِهِ كَسَائِرِ مَا يَجِبُ بِهِ الْقَتْلُ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الَّذِي يَقْطَعُ أُذُنَ الرَّجُلِ، وَيُدْخِلُ السَّكَاكِينَ فِي جَوْفِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ سِحْرًا قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَهُ عُوقِبَ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا إشْكَالَ إنْ فُسِّرَ بِأَنَّهُ قَوْلٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ إلَخْ فَلَعَلَّ هَذَا الْمُسْتَشْكِلَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقَادِيرَ كَأَنَّهُ جَمْعُ مُقَدَّرٍ، وَالْكَائِنَاتِ جَمْعُ كَائِنَةٍ أَيْ: ذَاتُ كَائِنَةٍ أَيْ: ثَابِتَةٌ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَيُرَادُ بِالذَّاتِ نَفْسُ الشَّيْءِ، وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: يُنْسَبُ إلَيْهِ التَّأْثِيرُ فِيهَا أَيْ: أَنَّ السِّحْرَ يُؤَثِّرُ فِي وُجُودِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ. (فَائِدَةٌ) مَا يُؤْخَذُ عَلَى حَلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ يَرْقِيهِ بِالرُّقَى الْعَرَبِيَّةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِالرُّقَى الْعَجَمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَكَانَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ النَّفْعُ جَازَ أَيْ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حَقِيقَتِهِ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ غَيْرُ اللَّهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْعَالَمَ لَا صَانِعَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ بِبَقَائِهِ) أَيْ: أَنَّهُ لَا يَفْنَى؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88] أَوْ الْمُرَادُ قَالَ بِوُجُوبِ الْبَقَاءِ لِذَاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقِدَمِ الْقِدَمُ الذَّاتِيُّ لَا الزَّمَانِيُّ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَةَ مِنْ اصْطِلَاحَاتِ الْفَلَاسِفَةِ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِالْقِدَمِ الذَّاتِيِّ لِلشَّيْءِ أَنَّهُ غَيْرُ أَثَرٍ لِشَيْءٍ كَاَللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ أَحَدٌ، وَيُرِيدُونَ بِالْقِدَمِ الزَّمَانِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوَّلٌ، وَإِنْ أَثَّرَ فِيهِ الْغَيْرُ كَالْأَفْلَاكِ، فَإِنَّهَا قَدِيمَةٌ بِالزَّمَانِ بِمَعْنَى لَا أَوَّلَ لَهَا، وَلَيْسَتْ قَدِيمَةً بِالذَّاتِ لِوُجُودِ تَأْثِيرِ الْغَيْرِ فِيهَا فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَنَقُولُ الْقَوْلُ: بِأَنَّ الْعَالَمَ قَدِيمٌ بِالزَّمَانِ كُفْرٌ أَيْضًا، وَلَا يَخْتَصُّ الْكُفْرُ بِالْقِدَمِ الذَّاتِيِّ، فَالْوَجْهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْقِدَمِ الذَّاتِيِّ عَدَمُ الْأَوَّلِيَّةِ، وَأَرَادَ بِالزَّمَانِيِّ طُولَ الزَّمَانِ فِيمَا مَضَى لِلشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ أَوَّلٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا شَكَّ فِي الْقِدَمِ، أَوْ الْبَقَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى صَرِيحٍ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إلْقَاءِ مُصْحَفٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 الشَّكِّ فِي ذَلِكَ، أَوْ حَصَلَ فِي اعْتِقَادِهِ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ أَيْ: فِي قِدَمِ الْعَالَمِ، أَوْ بَقَائِهِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ: بِصَرِيحٍ، أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ، وَعَلَيْهِ فَالْحَدُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ هَذَا النَّوْعِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ وَهُوَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي مُوجِبَاتِ الْكُفْرِ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ بِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (ص) أَوْ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ، أَوْ بِقَوْلِهِ: فِي كُلِّ جِنْسٍ نَذِيرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ كُفْرٌ، وَمَعْنَاهُ إنْ كَانَتْ الرُّوحُ مِنْ مُطِيعٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَى شَكْلٍ آخَرَ مُمَاثِلٍ، أَوْ أَعْلَى وَهَكَذَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ عَاصٍ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى شَكْلٍ آخَرَ مُمَاثِلٍ، أَوْ أَدْنَى كَجَمَلٍ، أَوْ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَهَكَذَا، وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ، وَهُوَ تَكْذِيبٌ لِلشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانَاتِ مِنْ الْقِرَدَةِ وَالدُّودِ وَنَحْوِهِمَا نَذِيرًا أَيْ: نَبِيًّا، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْحَيَوَانَاتِ تَكُونُ مُكَلَّفَةً، وَهَذَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ وَأَنْ تُوصَفَ أَنْبِيَاءُ هَذِهِ الْأَصْنَافِ بِصِفَاتِهِمْ الذَّمِيمَةِ، وَفِيهِ مِنْ الِازْدِرَاءِ عَلَى هَذَا الْمَنْصِبِ الْمُنِيفِ مَا فِيهِ مَعَ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى خِلَافِهِ، وَتَكْذِيبِ قَائِلِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ فِي: قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] الْمُكَلَّفُونَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ . (ص) ، أَوْ ادَّعَى شِرْكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ، أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ، أَوْ يُعَانِقُ الْحُورَ، أَوْ اسْتَحَلَّ كَالشُّرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ شَخْصًا مِنْ الْأَشْخَاصِ كَانَ شَرِيكًا مَعَ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ الْمُنْفَرِدِينَ كَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَكَذَلِكَ مَنْ جَوَّزَ الْقَوْلَ بِمُحَارَبَةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - لِأَنَّ   [حاشية العدوي] بَعْدُ: فَهُوَ دَاخِلٌ إلَخْ أَيْ: حَيْثُ نَظَرَ إلَى قَوْلِهِ: أَيْ: أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى الشَّكِّ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْقَوْلِ وَحَيْثُ نَظَرَ إلَى قَوْلِهِ: أَوْ حَصَلَ إلَخْ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْفِعْلِ فَيُرَادُ بِهِ وَلَوْ فِعْلَ الْقَلْبِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ) أَيْ: وَبِذَلِكَ الْجَوَابُ يَنْدَفِعُ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّكَّ تَارَةً يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْقَوْلِ، وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَالْحَدُّ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: بِصَرِيحٍ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ التَّعْرِيفِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ قَوْلَهُ: بِصَرِيحٍ إلَخْ خَارِجًا عَنْ التَّعْرِيفِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ يَكُونُ بِصَرِيحٍ أَيْ: وَيَجْعَلُ قَوْلَهُ: أَوْ شَكٍّ إلَخْ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: بِصَرِيحٍ إلَخْ لَمَا وَرَدَ إشْكَالٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَيْدٍ، وَهُوَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ إلَخْ . (قَوْلُهُ: تَنْتَقِلُ إلَى شَكْلٍ آخَرَ مُمَاثِلٍ) أَيْ: تَحِلُّ فِيهِ، وَتَكُونُ رُوحًا لَهُ وَقَوْلُهُ: مُمَاثِلٍ أَيْ: فِي النَّوْعِ بِأَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا طَائِعًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَعْلَى أَيْ: بِأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ نَوْعِ الْآدَمِيِّ بَلْ أَعْلَى كَالْمَلَكِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: إلَى شَكْلٍ مُمَاثِلٍ أَيْ: آدَمِيٍّ عَاصٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَدْنَى أَيْ: مِنْ غَيْرِ النَّوْعِ كَجَمَلٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْذِيبٌ لِلشَّرِيعَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكُفْرَ يَحْصُلُ بِنَفْيِ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ تُوَقَّفُ الِارْتِدَادُ عَلَى مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ تَفْسِيرُ حَقِيقَةِ التَّنَاسُخِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اعْتَقَدَ نَفْيَ الْجَنَّةِ، أَوْ النَّارِ يَكْفُرُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا بِالِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ، وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ تَذْهَبُ إلَى الْجَنَّةِ، أَوْ النَّارِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ أَحْمَدَ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَتْ مِنْ مُطِيعٍ انْتَقَلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِشَكْلٍ آخَرَ مُمَاثِلٍ، أَوْ أَعْلَى، وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ عَاصٍ انْتَقَلَتْ لِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، أَوْ أَدْنَى كَجَمَلٍ، أَوْ كَلْبٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَصِلَ لِلنَّارِ. اهـ. يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ بُطْلَانُهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ: بِحَيْثُ صَارَ مَعْلُومًا ضَرُورَةً فَيَكْفُرُ قَائِلُهُ وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفُونَ) أَيْ: مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ تَقَدَّمَتْ قَبْلَ نَبِيِّنَا. (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَأَنْ تُوصَفَ أَنْبِيَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَيَّنَّا مَعَ أَنَّ اللَّازِمَ إذَا كَانَ بَيِّنًا يَكُونُ كُفْرًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اللَّازِمَ هُنَا بَيِّنٌ فَلْيُنْظَرْ ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُحَارَبَةَ بِالْفِعْلِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي زَمَنِ عِيسَى، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ اعْتِقَادَهُمْ جَوَازَ مُحَارَبَةِ نَبِيٍّ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ زَمَنٍ، وَحَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي أَقْرَبُ لِفَهْمِ أَنَّ حُكْمَ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَهُوَ حِينَئِذٍ عَطْفٌ عَلَى قِدَمِ الْعَالَمِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَوْلِ الِاعْتِقَادُ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ، وَجَوَازُ، كَذَا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ) عَطْفٌ عَلَى صَرِيحٍ مِنْ قَوْلِهِ: بِصَرِيحٍ فَهُوَ عَطْفُ فِعْلٍ عَلَى اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ، أَوْ قَالَهُ، وَأَمَّا الْوِلَايَةُ فَقَالَ: عج أَنَّهَا كَمَا تُكْتَسَبُ تَكُونُ وَهْبِيَّةً، وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهَا كَالنُّبُوَّةِ لَا تَكُونُ كَسَبِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِمَا مَعًا) أَيْ: ادَّعَى الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةَ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَيْ: ادَّعَى مُشَارَكَةَ مُسَيْلِمَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النُّبُوَّةِ أَيْ: أَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِمَا مَعًا أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ نَبِيٌّ مُسْتَقِلٌّ جَمَعَهُمَا زَمَنُهُمَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ النُّبُوَّةَ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا أَيْ: أَنَّهُمَا بِمَثَابَةِ نَبِيٍّ وَاحِدٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا وَحَمْلُ الطَّرَفِ الثَّانِي عَلَى مَا قُلْنَا أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: كَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ إلَخْ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: وَإِبْرَاهِيمَ مَعَ نُبُوَّةِ لُوطٍ فِي زَمَنِهِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي إبْرَاهِيمَ، وَاسْمُهُ هَارَانَ قِيلَ: وَنَبِيٌّ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ ابْنَاهُ فِي زَمَنِهِ فَلْيُحَرَّرْ كَمَا فِي عب وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ كُفْرُ مَنْ ادَّعَى شَرِكَةَ نُوحٍ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ كَانَ وَحْدَهُ، وَكَذَلِكَ يَكْفُرُ مَنْ ادَّعَى مُكَالَمَةَ اللَّهِ، أَوْ مُجَالَسَتَهُ أَوْ قَالَ وَلِيٌّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ: أَنَا اللَّهُ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ يَرْتَدُّ إذَا ادَّعَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 مُحَارَبَتَهُمْ مُحَارَبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ حَارَبَ اللَّهَ تَعَالَى فَقَدْ كَفَرَ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: إنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ وَهُوَ الْبُلُوغُ بِصَفَاءِ الْقَلْبِ إلَى مَرْتَبَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَوْهِينِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَكَذَلِكَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ إلَى السَّمَاءِ، أَوْ يُعَانِقُ الْحُورَ وَكَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَيَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ، أَوْ الزِّنَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ حَلَالٌ، وَلَوْ قَالَ: أَوْ جَحَدَ حُكْمًا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ مِثْلُهُ مَا إذَا جَحَدَ إبَاحَةَ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَإِبَاحَةِ أَكْلِ الْعِنَبِ، وَيَخْرُجُ مَا عُلِمَ ضَرُورَةً، وَلَيْسَ بِحُكْمٍ، وَلَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا، وَلَا تَكْذِيبَ قُرْآنٍ كَإِنْكَارِ وُجُودِ بَغْدَادَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَغَزْوَةِ تَبُوكَ بِخِلَافِ إنْكَارِ مَكَّةَ وَإِنْكَارِ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ، وَانْظُرْ إنْكَارَ وُجُودِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ . (ص) لَا بِأَمَاتَهُ اللَّهِ كَافِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَعَا عَلَى شَخْصٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ قَالَ: أَمَاتَهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا بِذَلِكَ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ فِي الشَّتْمِ، وَإِرَادَةُ الْكُفْرِ لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً لَهُ، وَبِعِبَارَةِ: لَا بِأَمَاتَهُ اللَّهُ كَافِرًا قَالَهُ لِغَيْرِهِ، أَوْ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ قَالَهُ لِنَفْسِهِ مَا مَقْصُودُهُ إلَّا الدُّعَاءُ (ص) وَفُصِلَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَهِدَ بِكُفْرِ شَخْصٍ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْوَجْهَ الَّذِي كَفَرَ بِهِ أَيْ: يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ: كَفَرَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ، وَيُبَيِّنُهُ وَلَا يُجْمِلُهُ . (ص) وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُعَاقَبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ أَصْلِيًّا، أَوْ طَارِئًا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ عَلَى نَائِبِهِ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ وَبِلَا مُعَاقَبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَيُطْعَمُ مِنْ مَالِهِ زَمَنَ رِدَّتِهِ، وَأَمَّا وَلَدُهُ وَعِيَالُهُ، فَإِنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِ زَمَنَ رِدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ: بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُعَاقَبَةٍ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي قَوْلِهِ: وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ التَّوْبَةَ، وَلَوْ تَابَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ سَوَاءٌ تَابَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتُبْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَتُبْ، فَيَصِحُّ جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يَحْسِبُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ إنَّ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ لَا مِنْ يَوْمِ الْكُفْرِ، وَلَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ عَنْ تَقْرِيرٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَعَلَى هَذَا لَا يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الثُّبُوتُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَيَّامَ هُنَا لَا تُلَفَّقُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الِاسْتِتَابَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَخَّرَ قَوْمَ صَالِحٍ ذَلِكَ الْقَدْرَ، فَكَوْنُهَا ثَلَاثَةً وَاجِبٌ، فَلَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مَضَى؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ . (ص) وَاسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ارْتَدَّتْ، وَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً، أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا   [حاشية العدوي] رُؤْيَةَ اللَّهِ الْبَصَرِيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَقْلًا مُمْتَنِعٌ شَرْعًا إذْ لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ فِي الدُّنْيَا سِوَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ فِي شَرْحِ جَوْهَرَتِهِ نَصَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي كُفْرِ مَنْ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ فِي الدُّنْيَا، وَعَزَا الْقَوْلَ بِكُفْرِهِ لِلْكَوَاشِيِّ، وَالْمَهْدَوِيِّ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رُؤْيَتَهُ بِقَلْبِهِ فَلَا يَرْتَدُّ. (فَرْعٌ) لَوْ قَذَفَ الْحُورَ الْعِينَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مَا لَمْ يَتُبْ وَيَحْتَمِلُ وَلَوْ تَابَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ، أَوْ جَحَدَ حُكْمًا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ عِيَاضٌ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ اسْتَحَلَّ الْقَتْلَ، أَوْ شُرْبَ الْخَمْرَ، أَوْ الزِّنَا أَوْ شَيْئًا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ انْتَهَى، فَعَمَّمَ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً وَغَيْرَهُ، وَلِذَا قَيَّدَ بِالْعِلْمِ إذْ لَوْ كَانَ خَاصًّا بِالضَّرُورِيِّ مَا قَيَّدَ بِالْعِلْمِ قَالَهُ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَأَبِي بَكْرٍ إلَخْ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ ذَاتَ أَبِو بَكْرٍ لَا يَكْفُرُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَ صُحْبَتَهُ لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهَا؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إنْكَارِ مَكَّةَ إلَخْ) إنَّمَا كَفَرَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ الْقُرْآنِ، عِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِخِلَافِ إنْكَارِ مَكَّةَ أَيْ: فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إنْكَارَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ إنْكَارَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ إنْكَارَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ نَفْسَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمَا كَانَ تَوَقَّفَ . (قَوْلُهُ: وَإِرَادَةُ الْكُفْرِ لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَهَا لِكُفْرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ. (قَوْلُهُ: مَا مَقْصِدُهُ إلَّا الدُّعَاءُ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: مَا مَقْصُودُهُ لَا التَّشْدِيدُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ طَلَبَ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لِكَافِرٍ أَمَاتَكَ اللَّهُ عَلَى مَا تَخْتَارُ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ، وَأَمَّا إذَا قَالَهُ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ: يَمْنَعُ كَوْنُ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرًا ضَرْبَ الْجِزْيَةِ عَلَى الْكُفَّارِ، وَالرِّضَا مِنْهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْكُفْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَصْلَحَةُ، وَهِيَ طَمَعُ إسْلَامِهِمْ وَلَوْ بِحَسَبِ مَا يَتَوَالَدُ فِيهِمْ اقْتَضَتْ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ انْتَهَى ك عَنْ تَقْرِيرٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا وَلَدُهُ وَعِيَالُهُ) أَيْ: وَمِنْهُمْ زَوْجَتُهُ. (قَوْلُهُ: مُبَالَغَةٌ إلَخْ) وَظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَا مُعَاقَبَةَ. (فَائِدَةٌ) لَا يُقْبَلُ سَبْقُ اللِّسَانِ بِالْكُفْرِ، فَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» انْتَهَى. (قَوْلُهُ: مُبَالَغَةٌ إلَخْ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا تَابَ أَيْ: أَنَّنَا لَا نُجَوِّعُهُ، وَلَا نُعَطِّشُهُ، وَلَا نُعَاقِبُهُ، بَلْ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ هَذَا مَعْنَاهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ حَتَّى يُحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ أَصْلًا. نَعَمْ رُبَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمُعَاقَبَةِ فَقَطْ أَيْ: أَنَّهُ إذَا تَابَ يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْقَتْلُ، لَكِنْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ لِافْتِرَائِهِ أَوَّلًا فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ أَيْ: أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَتُوبُ أَيْ: وَعَدَ بِالتَّوْبَةِ فَلَا يُتْرَكُ، بَلْ يُكَرَّرُ عَلَيْهِ طَلَبُ التَّوْبَةِ حَتَّى يَتُوبَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَعْنَى وَاسْتُتِيبَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 رَجْعِيًّا أَوْ كَانَتْ سُرِّيَّةً، فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا زَادَ عَنْ الْحَيْضَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرَّةِ، فَإِنَّهُ تَعَبُّدٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا ارْتَدَّتْ، وَهِيَ مُرْضِعٌ، فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ حَتَّى يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهَا، وَيَقْبَلَ غَيْرَ أُمِّهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (ص) وَمَالُ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ، وَإِلَّا فَفَيْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّ مَالَهُ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ بِمُجَرَّدِ ارْتِدَادِهِ يَأْخُذُهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ، وَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَالُهُ لَهُ إذَا تَابَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ حُرًّا وَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، فَإِنَّ مَالَهُ يَكُونُ فَيْئًا مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ كُفَّارٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ وَقُتِلَ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ فِيمَا إذَا قُتِلَ قَالَهُ بَعْضٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَوْتَ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ كَذَلِكَ، وَإِذَا مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ إرْثَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ وَمَوَالِيهِ وَإِذَا أَسْلَمَ لَا يَسْتَرْجِعُ لَهُ . (ص) وَبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، فَإِنَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ يَبْقَى عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي رِدَّتِهِ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِلْأَبِ إنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَبِعِبَارَةِ وَبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا أَيْ: حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ صَغِيرًا كَانَ، أَوْ كَبِيرًا وُلِدَ قَبْلَ الرِّدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُهُ: (كَأَنْ تَرَكَ) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْ: كَمَا إذَا تَرَكَ وَلَدَ الْمُرْتَدِّ أَيْ: غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى بَلَغَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، فَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ . (ص) وَأَخَذَ مِنْهُ مَا جَنَى عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ كَأَنْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ (ش) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا جَنَى عَمْدًا عَلَى ذِمِّيٍّ، أَوْ عَلَى عَبْدٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً بَعْدَ رِدَّتِهِ، أَوْ قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَدِيَةُ الذِّمِّيِّ، وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَمْدًا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ، وَهُوَ يَسْقُطُ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ كَمَا إذَا هَرَبَ الْمُرْتَدُّ لِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ كَانَ قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ لِذَلِكَ وَإِذَا رَجَعَ قُتِلَ لِلرِّدَّةِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَلِلْقَتْلِ إنْ أَسْلَمَ، وَإِذَا قَذَفَ الْمُرْتَدُّ شَخْصًا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ هَرَبَ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أُسِرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ حَدَّ الْقَذْفِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْفِرْيَةِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِمَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْمَعَرَّةِ، وَأَمَّا إذَا قَذَفَهُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أُسِرَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ حَدَّ الْفِرْيَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: عَمْدًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ، لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَهِيَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَمْدَ لِأَجْلِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْمُسْلِمِ (ص) ، وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ جِنَايَةَ الْمُرْتَدِّ خَطَأٌ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَعَلَى الْحَرِّ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَأْخُذُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِمَّنْ جَنَى فَكَمَا يَغْرَمُ عَنْهُ يَأْخُذُ مَالَهُ، فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ، وَلَهُ مَا لَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَفِي مَالِ الْمُرْتَدِّ . (ص) وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا تَابَ، وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّ مَالَهُ يَرْجِعُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَكُونُ   [حاشية العدوي] أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: يُسْتَتَابُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ انْتَهَى. . (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ حَتَّى تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَحِيضُ وَلَوْ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِضَعْفٍ، أَوْ إيَاسٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَلَا تُسْتَبْرَأُ إلَّا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَحِيضَ فِي أَثْنَائِهَا، وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ تَدَّعِي حَمْلًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي ذَلِكَ أَوْ شَكُّوا ذَكَرَهُ عج . (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ ارْتِدَادِهِ إلَخْ) ضَعِيفٌ فَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ مُقَابِلُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ، وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: يَكُونُ كَمَوْتِهِ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ فَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ . (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا مَا وُلِدَ فِي حَالِ الِارْتِدَادِ فَإِنْ أَدْرَكُوا قَبْلَ أَنْ يَحْتَمِلُوا، أَوْ تَحِيضَ النِّسَاءُ، فَلْيُجْبَرُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا حَتَّى كَبُرُوا وَصَارُوا رِجَالًا وَنِسَاءً رَأَيْت أَنْ يُقَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا وُلِدُوا عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَأَنْ تَرَكَ إلَخْ) جَعَلَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ تَرَكَ لِوَلَدِ الْمُرْتَدِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْمُرْتَدِّ يَغْفُلُ عَنْهُ، وَيُولَدُ لَهُ وَلَدٌ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: كَأَنْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ: بَعْدَ قَتْلِهِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ أَسَرْنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ قَوَدًا وَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ قُتِلَ قِصَاصًا. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ) أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ، وَحَدُّ الْفِرْيَةِ الَّذِي حَكَمَ بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ لَيْسَ مَالًا مِنْ الْأَمْوَالِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى عَبْدٍ) شَمَلَ الْمُكَاتَبَ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ) فِيهِ تَخْصِيصٌ لِلْمَسْأَلَةِ بِالْهَارِبِ مَعَ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَالْمُرَادُ بِالْفِرْيَةِ الْكَذِبُ، وَسُمِّيَ فِرْيَةً؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ عِنْدَ الشَّارِعِ، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ فِي نَفْسِهِ حَقًّا. (قَوْلُهُ: لِمَا يَلْحَقُ إلَخْ) أَيْ: فَيُحَدُّ لِلْقَذْفِ، وَيُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا) أَيْ: مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً. (قَوْلُهُ: وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَيْنَ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ جَزْءٍ حِسِّيِّ، أَوْ مَعْنَوِيِّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ إلَخْ) وَلَا يُقْتَصُّ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ، وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا. (قَوْلُهُ: فَفِي مَالِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ: لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا بَيْتُ الْمَالِ لَا تَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَالذِّمِّيُّ وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ، فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ يَكُونُ مَالُهُ لَهُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ: هَذَا أَيْ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ يُنْزَعُ مِنْهُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَيُوقَفُ حَتَّى يُعْلَمَ حَالُهُ. انْتَهَى، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَكَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَا يُوَافِقُهُ حَيْثُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 66 بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ الْمَالُ رَقِيقًا كَانَ، أَوْ حُرًّا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي حِلِّ قَوْلِهِ: وَأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى إلَخْ (ص) وَقُدِّرَ كَالْمُسْلِمِ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا جَنَى فِي حَالِ رِدَّتِهِ جِنَايَةً عَمْدًا، أَوْ خِطْئًا، فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهِمَا بَعْدَ تَوْبَتِهِ كَالْمُسْلِمِ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا عَلَى الْمُسْلِمِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ كَانَتْ خِطْئًا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ذِمِّيٍّ فَفِي مَالِهِ فِي الْعَمْدِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ، وَمَا مَرَّ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالْحُرِّ وَالْمُسْلِمِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِيمَا إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ، وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، فَلَا يُقَدَّرُ مُسْلِمًا، بَلْ مُرْتَدًّا فَفِيهِ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَبِعِبَارَةِ الضَّمِيرِ فِي فِيهِمَا يَرْجِعُ لِلْعَمْدِ وَالْخَطَأِ الصَّادِرَتَيْنِ مِنْهُ لَا الصَّادِرَتَيْنِ عَلَيْهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَيَحْتَمِلُ الصَّادِرَتَيْنِ مِنْهُ، أَوْ عَلَيْهِ، فِيهِ نَظَرٌ . (ص) وَقَتْلُ الْمُسْتَسِرِّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا (ش) . الْمُسْتَسِرُّ هُوَ الزِّنْدِيقُ الْمُسَمَّى بِالْمُنَافِقِ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَسِرَّ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إذَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ اخْتِيَارًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَسِرًّا بِكُفْرٍ، أَوْ بِسِحْرٍ فَلَوْ جَاءَ إلَيْنَا تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ تُقْبَلُ، فَقَوْلُهُ: بِلَا اسْتِتَابَةٍ أَيْ: بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ لَا بِلَا طَلَبِ تَوْبَةٍ فَالسِّينُ لَيْسَتْ لِلطَّلَبِ. (ص) وَمَالُهُ لِوَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَسِرَّ إذَا قُتِلَ فَإِنَّ مَالَهُ يَكُونُ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ تَابَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ تَوْبَتُهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ لَا تُسْقِطُ قَتْلَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَا إذَا أَنْكَرَ مَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الزَّنْدَقَةِ . (ص) وَقُبِلَ عُذْرُ مَنْ أَسْلَمَ وَقَالَ: أَسْلَمْتُ عَنْ ضِيقٍ إنْ ظَهَرَ كَأَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَأَعَادَ مَأْمُومَهُ. (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ، ثُمَّ ارْتَدَّ، وَقَالَ إنَّمَا كَانَ إسْلَامِي لِأَجْلِ عُذْرٍ حَصَلَ لِي، وَظَهَرَ عُذْرُهُ بِقَرِينَةٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَهَابِ الْخَوْفِ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ عُذْرُهُ فَهُوَ مُرْتَدٌّ كَمَا إذَا تَوَضَّأَ، وَصَلَّى إمَامًا بِمِنْ صَحِبَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا أَمِنَ أَظْهَرَ الْكُفْرَ، وَقَالَ: إنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِأُحَصِّنَ نَفْسِي وَمَالِي بِالْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إذَا أَشْبَهَ مَا قَالَهُ، وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ يُعِيدُ مَا صَلَّى أَبَدًا، وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا إلَخْ . (ص) وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَّدَ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ ارْتَدَّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ أَيْ: لَمْ يَلْتَزِمْ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ: وَإِنَّمَا كَانَ الْتِزَامُ الدَّعَائِمِ رُكْنًا؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ ضَرُورَةً، وَمَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ ضَرُورَةً أَقْوَالُ الْإِسْلَامِ، وَأَعْمَالُهُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا فَمَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَمْ يُصَدَّقْ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا   [حاشية العدوي] نَقَلَ عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ذِمِّيٍّ) نُسْخَةُ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيِّ صَوَابٌ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ذِمِّيٍّ فَفِي مَالِهِ فِي الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ تَابَ وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ كَالْمُسْلِمِ فِي جِنَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: لَا الصَّادِرَتَيْنِ عَلَيْهِ) أَيْ: فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَيْ: فَإِنَّ هَذِهِ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ: كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ أَيْ: فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَيُعْتَبَرُ مُرْتَدًّا عَلَى حَالِهِ وَلَا يُقَدَّرُ كَالْمُسْلِمِ . (قَوْلُهُ: هُوَ الزِّنْدِيقُ) أَيْ: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَقَوْلُهُ: الْمُسَمَّى بِالْمُنَافِقِ أَيْ: فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ) أَيْ: بِحَيْثُ لَا تَقْتُلُهُ، وَإِلَّا فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ مِنْ حَيْثُ تَغْسِيلُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا بِلَا طَلَبٍ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ نَفْيَ الطَّلَبِ لَا يَنْفِي الْقَبُولَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ حَيْثُ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَسِرَّ إذَا قُتِلَ) أَيْ: وَلَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ غَيْرُ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ تَابَ) أَيْ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتُبْ بَلْ اسْتَمَرَّ مُصِرًّا فَلَا يَكُونُ مَالُهُ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُرْتَدِّ يَكُونُ مَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ) أَيْ: وَهِيَ حِينَئِذٍ تَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ الْقَتْلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ أَيْ: وَهِيَ حِينَئِذٍ لَا تَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ الْقَتْلِ بَلْ يُقْتَلُ وَلَا بُدَّ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ إلَخْ) أَيْ: مِثْلَ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَالَهُ يَكُونُ لِوَارِثِهِ أَيْ: وَيُقْتَلُ حِينَئِذٍ حَدًّا كَمَا يُفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَا سَيَأْتِي . (قَوْلُهُ: وَقَالَ: أَسْلَمْتُ عَنْ ضِيقٍ) أَيْ: خَوْفًا مِنْ غُرْمٍ، أَوْ عَذَابٍ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ مَأْمُومَهُ) أَيْ: وَلَوْ أَسْلَمَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بَعْدَ ذَلِكَ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ: نَوْعُ تَكْرَارٍ وَلَمْ يَقُلْ: تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَكْرَارًا حَقِيقَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ غَيْرُ الْإِعَادَةِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْإِعَادَةُ فَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ اللُّزُومِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ تَكْرَارًا حَقِيقَةً بَلْ نَوْعٌ مِنْ التَّكْرَارِ . (قَوْلُهُ: أَيْ: لَمْ يَلْتَزِمْ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ) أَيْ: مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَحَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْوُقُوفَ هُوَ الِاطِّلَاعُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ وَلَمْ يَلْتَزِمْهَا لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ مَعَ أَنَّهُ يُقْبَلُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُقُوفِ الِالْتِزَامُ، فَمَعْنَى وَلَمْ يُوقَفْ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِغَيْرِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ، وَهَذَا فِيمَنْ يَجْهَلُ الدَّعَائِمَ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا كَمَا لَوْ تَرَبَّى بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ كَالنَّصَارَى وَالْيَهُودِ. (قَوْلُهُ: قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ) وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ. (قَوْلُهُ: بِمَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ) أَيْ: تَفْصِيلًا فِيمَا عُلِمَ تَفْصِيلًا وَإِجْمَالًا فِيمَا عُلِمَ إجْمَالًا. (قَوْلُهُ: أَقْوَالُ الْإِسْلَامِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الِانْقِيَادُ الظَّاهِرِيُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْإِذْعَانِ الْبَاطِنِيِّ فَمَعْنَى الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ: أَقْوَالُ الْإِسْلَامِ إلَخْ أَيْ: الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ مُنْقَادٌ ظَاهِرًا انْقِيَادًا مَبْنِيًّا عَلَى انْقِيَادٍ بَاطِنِيٍّ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ، فَالْأَقْوَالُ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا أَيْ: أَنَّ الْإِسْلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى تِلْكَ الْأَقْوَالِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 67 وَلَا مُسْلِمًا، وَهَذَا الْقَدْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَكْفِي الْإِيمَانُ بِهَا إجْمَالًا بِأَنْ يُصَدِّقَ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالرِّسَالَةِ تَصْدِيقٌ بِمَا جَاءَ بِهِ إجْمَالًا، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْدِيقِ بِهِ تَفْصِيلًا فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْأَدَبِ قَوْلَهُ : (ص) كَسَاحِرٍ ذِمِّيٍّ إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّاحِرَ الذِّمِّيَّ يُؤَدَّبُ إذَا سَحَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِمْ ضَرَرًا بِسِحْرِهِ، وَأَمَّا إنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ ضَرَرًا بِسِحْرِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِنَقْضِ عَهْدِهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَظَاهِرُهُ أَيُّ ضَرَرٍ كَانَ، قَالَ الْبَاجِيُّ وَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ دِينِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا بِسِحْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ عَلَى حُكْمِ مَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ، فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَاجِيِّ . (ص) وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاة وَحَجًّا تَقَدَّمَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا فَرَّطَ فِي الْعِبَادَاتِ قَبْلَ رِدَّتِهِ مِنْ صَلَاةٍ، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ زَكَاةٍ، ثُمَّ تَابَ وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ ذَلِكَ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ جَبَّ مَا قَبْلَهُ، وَصَارَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ يُسْلِمُ الْآنَ، وَلَمْ يَجُزْهُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مِنْ الْحَجِّ، بَلْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاةً فُعِلَتْ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهَا إنْ لَمْ تُفْعَلْ أَسْقَطَتْ قَضَاءَهَا، وَإِنْ فَعَلَتْ أَسْقَطَتْ ثَوَابَهَا، وَقَوْلُهُ: وَحَجًّا تَقَدَّمَ هَذَا فُعِلَ قَطْعًا، وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ، فَصِلَةُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ عَنْهُ وَصِلَةُ الْحَجِّ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَيِّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالرِّدَّةِ إسْقَاطَهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْإِحْصَانِ، قَوْلُهُ: وَحَجًّا إلَخْ بِخِلَافِ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَاسْتِيلَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا تُسْقِطُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَقْفَ كَذَلِكَ . (ص) وَنَذْرًا وَكَفَّارَةً وَيَمِينًا بِاَللَّهِ، أَوْ بِعِتْقٍ، أَوْ ظِهَارٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ عَنْ الْمُرْتَدِّ هَذِهِ الْأُمُورَ سَوَاءٌ حَنِثَ فِيهَا، أَمْ لَا، كَانَ الْعِتْقُ مُعَيَّنًا، أَمْ لَا وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ. (ص) وَإِحْصَانًا وَوَصِيَّةً. (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّدَّةِ تُسْقِطُ الْإِحْصَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَيَأْتَنِفَانِ الْإِحْصَانَ إذَا أَسْلَمَا وَمَنْ زَنَى مِنْهُمَا بَعْدَ رُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ لَمْ يُرْجَمْ حَتَّى يَتَزَوَّجَ، وَإِذَا أَوْصَى بِوَصَايَا، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ تَوْبَتَهُ تُسْقِطُ مَا أَوْصَى بِهِ، قَالَ فِيهَا: إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَتَقَ مُدَبَّرُهُ فِي   [حاشية العدوي] وَالْأَفْعَالِ أَيْ: مُدْرَكٌ بِهَا فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَمْ يُصَدَّقْ بِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ هُوَ الِانْقِيَادُ الْبَاطِنِيُّ فَإِذَا لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ انْقِيَادٌ بَاطِنِيٌّ، وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَا مُسْلِمًا، أَمَّا كَوْنُهُ لَيْسَ مُؤْمِنًا فَلِانْتِفَاءِ التَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ الِانْقِيَادُ الْبَاطِنِيُّ الرَّاجِعُ لِقَوْلٍ نَفْسَانِيٍّ كَآمَنْتُ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا أَيْ: لِفَقْدِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، وَهِيَ الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَدْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ، الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَهَذَا الْقَدْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ: لَا بُدَّ فِي تَحَقُّقِ الْإِيمَانِ مِنْ التَّصْدِيقِ تَفْصِيلًا فِيمَا عُلِمَ تَفْصِيلًا، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِزِيَادَةِ مَا قُلْنَاهُ فِي حَلِّهِ أَيْ: تَفْصِيلًا فِيمَا عُلِمَ تَفْصِيلًا، وَمُفَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَصَدَّقَ إجْمَالًا ثُمَّ لَحِقَهُ الْمَوْتُ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَا مُسْلِمًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُغَسَّلُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي الْقُرْآنِ بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِمْ إذَا سُئِلَ عَنْهُمْ يَقُولُ: لَا أَدْرِي يَكُونُ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْعِلْمُ التَّفْصِيلِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَّا بِإِنْكَارِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ إلَخْ) أَيْ: فَقَضِيَّةُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَأَقُولُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مُرَادَ اللَّخْمِيِّ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا مَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ أَيْ: عَقِبَ تَصْدِيقِهِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ أَنَّهُ يُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُوَرَّثُ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: أَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَلَا نَقْتُلُهُ. (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِمَا فِي الْمَقَامِ مِنْ الْبَحْثِ كَمَا تَبَيَّنَ . (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَيُّ ضَرَرٍ كَانَ) أَقُولُ: إنَّ السِّحْرَ ضَرَرٌ فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا تَنَاقُضٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُ فِعْلٌ مَعَهُ السِّحْرِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ، فَقُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ الضَّرَرُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَحْصُلَ عَادَةً . (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ أَدَّى صَلَاةً فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ فُعِلَتْ وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَيِّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ) أَيْ: الَّتِي أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُهَا فَيَشْمَلُ قَوْلَهُ بَعْدُ: وَنَذْرًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْقِطُهُ) أَيْ: سَوَاءٌ أَسْلَمَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَيَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْوَقْفُ مَوْقُوفًا . (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ ظِهَارٍ) ظَاهِرُهُ الْجَرُّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: بِعِتْقٍ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ تَنْجِيزِ الظِّهَارِ أَيْ: بِدُونِ يَمِينٍ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرِّدَّةَ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لَا التَّوْبَةُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَثَرُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَسْنَدَ الْإِسْقَاطَ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ حَنِثَ فِيهَا أَمْ لَا) أَيْ: حَنِثَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ كَمَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ أَيْ: وَأَمَّا لَوْ حَنِثَ فِي الْعِتْقِ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَقَدْ تَمَّ الْعِتْقُ بِمَثَابَةِ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهَا تُسْقِطُ هَذِهِ الْأُمُورَ حَنِثَ فِيهَا أَمْ لَا، وَكَذَا تُسْقِطُ الظِّهَارَ الْمُنَجَّزَ فَهِيَ تُسْقِطُ الظِّهَارَ الْمُنَجَّزَ، وَالْيَمِينَ بِالظِّهَارِ، وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ) أَيْ: إنَّ ابْنَ كِنَانَةَ يُفَصِّلُ أَيْ: يُقَيِّدُ الْعِتْقَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقَدْ انْعَقَدَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَقٌّ لِمُعَيِّنٍ فَلَا يَسْقُطُ. (قَوْلُهُ: تُسْقِطُ الْإِحْصَانَ) أَيْ: الْكَائِنَ فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا تَحْصِينُهُ لِلزَّوْجَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِارْتِدَادِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَيْرِ، وَكَذَا عَكْسُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 الثُّلُثِ، وَبَطَلَتْ وَصَايَاهُ انْتَهَى، وَسَوَاءٌ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ مَاتَ، أَوْ تَابَ، وَأَمَّا لَوْ ارْتَدَّ الْوَاهِبُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ الْهِبَةُ إلَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ . (ص) لَا طَلَاقًا، وَرِدَّةُ مُحَلِّلٍ بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّدَّةِ لَا تُسْقِطُ الطَّلَاقَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَثَلًا، ثُمَّ ارْتَدَّ، وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ حَلَّتْ لَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَرْتَدَّا مَعًا، فَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا، ثُمَّ رَجَعَا لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الطَّلَاقِ قَدْ بَطَلَ بِالرِّدَّةِ، وَكَذَلِكَ إذَا ارْتَدَّ الْمُحَلِّلُ لِلْمَبْتُوتَةِ، ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّ تَحْلِيلَهُ لِلْمَرْأَةِ لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ أَثَرَهُ فِي غَيْرِهِ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْمُحَلَّلَةُ، فَتَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا أَوَّلًا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، وَحَلَّتْ لِلْمُطَلِّقِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّ تَحْلِيلَهَا يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهَا، وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَكَأَنَّهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَ طَلَاقِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا أَبْطَلَتْ فِعْلَهَا فِي نَفْسِهَا، وَهُوَ نِكَاحُهَا الَّذِي أَحَلَّهَا كَمَا أَبْطَلَتْ نِكَاحَهَا الَّذِي أَحْصَنَهَا . (ص) وَأَقَرَّ كَافِرٌ انْتَقَلَ (لِكُفْرٍ) آخَرَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا انْتَقَلَ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ آخَرَ فَإِنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ، وَنُقِرُّهُ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَحَدِيثُ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» مَحْمُولٌ عَلَى دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الدِّينُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، وَمَفْهُومُ كَافِرٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقَرُّ إذَا انْتَقَلَ لِلْكُفْرِ، وَمَفْهُومُ لِكُفْرٍ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ لِلْإِسْلَامِ يُقَرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ . (ص) وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ كَأَنْ مَيَّزَ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ بِسَبَبِ إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ، وَعَدَمُ تَمْيِيزِ الْوَلَدِ إمَّا لِأَجْلِ صِغَرِهِ، أَوْ لِأَجْلِ جُنُونِهِ، وَلَوْ بَالِغًا، وَغَيْرُ الْأَبِ لَا يَحْكُمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ بِسَبَبِ إسْلَامِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ الْمُمَيِّزِ الَّذِي لَمْ يُرَاهِقْ بِسَبَبِ إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ، وَكَذَا بِإِسْلَامِهِ اسْتِقْلَالًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ دِنْيَةُ قَوْلِهِ: وَحُكِمَ إلَخْ وَيُجْبَرُ بِالْقَتْلِ إنْ امْتَنَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يُمَيِّزْ الثَّوَابَ مِنْ الْعِقَابِ، أَوْ الْقُرْبَةَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ. (ص) إلَّا الْمُرَاهِقَ وَالْمَتْرُوكَ لَهَا فَلَا يُجْبَرُ بِقَتْلٍ إنْ امْتَنَعَ، وَيُوقَفُ إرْثُهُ. (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْمُرَاهِقِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ، وَهُوَ صَغِيرٌ، وَغَفَلْنَا عَنْهُ إلَى أَنْ بَلَغَ سِنَّ الْمُرَاهَقَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِ كُلٍّ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِالْقَتْلِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ أَسْلَمَ وَلَهُ وَلَدٌ مُرَاهِقٌ مِنْ أَبْنَاءِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَشَبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وُقِفَ مَالُهُ إلَى بُلُوغِ الْوَلَدِ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَرِثَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَرِثْهُ، وَكَانَ الْمَالُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْوَلَدُ قَبْلَ احْتِلَامِهِ لَمْ يَتَعَجَّلْ أَخْذَ ذَلِكَ حَتَّى يَحْتَلِمَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ أُكْرِهَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُقْتَلْ، وَلَوْ قَالَ: الْوَلَدُ لَا أُسْلِمُ إذَا بَلَغْتُ لَمْ يُنْظَرْ إلَى ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ إيقَافِ الْمَالِ إلَى احْتِلَامِهِ، فَقَوْلُهُ: إلَّا الْمُرَاهِقَ مِنْ الْمُرَاهَقَةِ، وَهِيَ الْمُقَارَبَةُ؛ لِأَنَّهُ قَارَبَ الْبُلُوغَ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ بِقَتْلٍ إنْ امْتَنَعَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَالتَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (ص) وَلِإِسْلَامِ سَابِيهِ إنْ لَمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ ارْتَدَّ الْوَاهِبُ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ حِيَازَةِ الْهِبَةِ كَمَا فِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَالصَّوَابُ قَبْلَ الْحِيَازَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَمَعْنَاهُ لَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِهَا بَلْ تُوقَفُ فَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ، وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّتْ، وَقَوْلُهُ: إلَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ فِيهِ أَنَّ الْحَجْرَ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ إنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ . (قَوْلُهُ: لَا طَلَاقًا) الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ أَنَّ الظِّهَارَ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَأَشْبَهَ الْأَيْمَانَ، وَأَمَّا يَمِينُ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ ارْتَدَّ قَبْلَ حِنْثِهِ، فَإِنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُهَا. (قَوْلُهُ: وَرِدَّةُ مُحَلِّلٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ أَسْقَطَتْ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ مَعَ مُرَاعَاةِ النَّفْيِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ) أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَهُ سَيِّدِي أَحْمَدُ مَا لَمْ يَقْصِدَا بِارْتِدَادِهِمَا التَّحْلِيلَ فَلَا يُحِلَّانِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ بَقِيَ مَا إذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ فَقَطْ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ رَجَعَتْ لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّ رِدَّتَهَا لَا تُسْقِطُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ بَعْدُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إسْقَاطٌ إلَّا إذَا ارْتَدَّا مَعًا لَا إنْ حَصَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ، وَلَوْ قُلْنَا: أَنَّهُ مِلَلٌ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِلْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ: وَأَقَرَّ إلَخْ أَيْ: وَلَوْ إلَى مَذْهَبِ الْمُعَطِّلَةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ، وَلَكِنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ عَمَلًا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ . (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامِ أَبِيهِ) الْبَاءُ الْأُولَى مُتَعَلِّقَةٌ بِحُكْمِ صِلَةٍ لَا تَعْلِيلِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالتَّعْلِيلِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ حَرْفَا جَرٍّ مُتَّحِدَا اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِإِسْلَامِهِ اسْتِقْلَالًا) هَذَا خَارِجٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ: لَمْ يُمَيِّزْ الثَّوَابَ مِنْ الْعِقَابِ) رَدَّ ذَلِكَ عج بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ أَنْ يُقَالَ: عَقَلَ الْإِسْلَامِ دِينًا يَتَدَيَّنُ بِهِ، وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ مَنْ ذُكِرَ الْحُكْمُ بِرِدَّتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ امْتَنَعَ وَذَكَرَهُ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُرَاهِقَ) أَيْ: الْمُمَيِّزَ. (قَوْلُهُ: وَالْمَتْرُوكُ لَهَا إلَخْ) فِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَتْرُوكِ لَهَا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ، وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا الْمُرَاهِقُ عِنْدَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُمَيِّزًا فَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهِمَا لَيْسَ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُجْبَرُ إلَخْ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامِ كُلٍّ) أَيْ: مِنْ الْمُرَاهِقِ وَالْمَتْرُوكِ لَهَا. (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ إسْلَامَهُ مُعْتَبَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ فَائِدَتِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ جُبِرَ بِالضَّرْبِ، وَلَمْ يُقْتَلْ، وَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَأَنَّهُ يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ امْتَنَعَ وَهُوَ الرَّاجِحُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ. (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي صِغَارِ الْمَجُوسِ وَالْكِتَابِيِّينَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ أَنَّ الصَّغِيرَ الْكَافِرَ لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ سَابِيَهُ الْإِسْلَامَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ لِأَجْلِ صِغَرِهِ، أَوْ لِأَجْلِ جُنُونِهِ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ الْمُسْلِمِ، إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ، أَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ تَبَعًا لَهُ . (ص) وَالْمُتَنَصِّرُ مِنْ كَأَسِيرٍ عَلَى الطَّوْعِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَسِيرَ وَمَنْ دَخَلَ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ بِتِجَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا إذَا تَنَصَّرَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ طَوْعًا، فَيَصِيرُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْمُكَلَّفِينَ تُحْمَلُ عَلَى الطَّوْعِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، فَقَوْلُهُ: عَلَى الطَّوْعِ أَيْ: عِنْدَ الْجَهْلِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ مَفْهُومُ قَوْلِنَا عِنْدَ الْجَهْلِ، فَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: عَلَى الطَّوْعِ . (ص) وَإِنْ سَبَّ نَبِيًّا، أَوْ مَلَكًا وَإِنْ عَرَّضَ، أَوْ لَعَنَهُ، أَوْ عَابَهُ، أَوْ قَذَفَهُ، أَوْ اسْتَخِفَّ بِحَقِّهِ، أَوْ غَيَّرَ صِفَتَهُ، أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا، وَإِنْ فِي دِينِهِ، أَوْ خَصْلَتِهِ، أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ، أَوْ وُفُورِ عِلْمِهِ، أَوْ زُهْدِهِ، أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ، أَوْ قِيلَ: لَهُ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ فَلَعَنَ، وَقَالَ: أَرَدْت الْعَقْرَبَ قُتِلَ، وَلَمْ يُسْتَتَبْ حَدًّا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَبَّ أَيْ: شَتَمَ نَبِيًّا مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ بِقُرْآنٍ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ، أَوْ سَبَّ مَلَكًا كَذَلِكَ، أَوْ ذَكَرَ لَفْظَةً مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ كُفْرَ الزِّنْدِيقِ، وَيُقْتَلُ حَدًّا لَا كُفْرًا إنْ قُتِلَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ ازْدِرَائِهِ لَا لِأَجْلِ كُفْرِهِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا يُوجِبُ الْقَتْلَ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ بِأَنْ يَقُولَ قَوْلًا فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَهُوَ عَامٌّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى حِلِّ شَارِحِنَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ ذَاكِرًا لِلْقَوْلَيْنِ فَمَشَى فِي بَابِ الْجَنَائِزِ عَلَى قَوْلٍ، وَهُنَا عَلَى قَوْلٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا، فَإِذَا كَانَتْ الرِّوَايَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَمَا تَقَدَّمَ يَكُونُ هُوَ الرَّاجِحُ وَمَا هُنَا خِلَافُهُ، وَذَهَبَ عج إلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِيٍّ صَغِيرٌ، وَمَا هُنَا فِي مَجُوسِيٍّ صَغِيرٍ فَلَا مُعَارَضَةَ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ أَيْ: الْمَجُوسِيُّ الْكَبِيرُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ الْمَجُوسِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَكُونُ إسْلَامُهُ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ لِجَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ الصَّغِيرَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا، وَالْمَجُوسِيُّ الْكَبِيرُ يُجْبَرُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَالْكِتَابِيُّ الْكَبِيرُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا، وَالصَّغِيرُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّاجِحِ، ثُمَّ مَا هُنَا فِي غَيْرِ اللَّقِيطِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتَانِ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ. . (قَوْلُهُ: وَالْمُتَنَصِّرُ) أَيْ: وَالْمُتَهَوِّدُ لَوْ فُرِضَ. (قَوْلُهُ: مَنْ كَأَسِيرٍ) أُدْخِلَتْ الْكَافُ مَنْ دَخَلَ بِلَادَ الْحَرْبِ لِتِجَارَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: عَلَى الطَّوْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: عِنْدَ الْجَهْلِ أَيْ: لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ وَلَا طَوْعُهُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ مَعْنَاهُ، وَلَا طَوْعُهُ فَيَكُونُ عَيْنُ قَوْلِهِ: عِنْدَ الْجَهْلِ وَقَوْلُهُ فَلَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: عَلَى الطَّوْعِ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الطَّوْعِ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَهْلِ فَالْإِغْنَاءُ حَاصِلٌ قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ أَيْ: بِالشَّخْصِ أَوْ بِالْعُمُومِ كَمَا إذَا اشْتَهَرَ عَنْ جِهَةٍ مِنْ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يُكْرِهُونَ الْأَسِيرَ عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِهِمْ، أَوْ يُكْثِرُونَ مِنْ الْإِسَاءَةِ إلَيْهِ فَإِذَا تَنَصَّرَ خَفَّفُوا عَنْهُ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّ نَبِيًّا إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ السَّبَّ مَعْنَاهُ الشَّتْمُ، وَالشَّتْمُ كُلُّ كَلَامٍ قَبِيحٍ كَمَا قَالُوا فَإِذَنْ الْقَذْفُ، أَوْ الِاسْتِخْفَافُ بِالْحَقِّ، أَوْ إلْحَاقُ النَّقْصِ إلَخْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي دَاخِلٌ فِي السَّبِّ فَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ) أَيْ: كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نُصْرَتُهُ وَتَوْقِيرُهُ، أَوْ سَمِعَ مَنْ يُنْقِصُهُ، وَلَمْ يُغَيِّرْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فِي دِينِهِ) أَيْ: هَذَا إذَا كَانَ فِي بَدَنِهِ كَعَرَجٍ، أَوْ عَمًى بَلْ، وَإِنْ فِي دِينِهِ هَذَا مَعْنَاهُ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَوْلَى مِمَّا بَعْدَهَا، فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ فِي بَدَنِهِ، أَوْ إنْ فِي ثَوْبِهِ لِمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ قَالَ: إنَّ رِدَاءَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَسِخٌ، وَأَرَادَ بِهِ عَيْبَهُ قُتِلَ. (قَوْلُهُ: أَوْ: خَصْلَتِهِ) أَيْ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كَرِيمًا، أَوْ شُجَاعًا وَهَذَا مِنْ السَّبِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ مِنْ تَغْيِيرِ الصِّفَةِ، أَوْ مِنْ الْعَيْبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ شَتْمٍ فَهُوَ نَقْصٌ فِي مَرْتَبَتِهِ فَظَهَرَ مَا قُلْنَا مِنْ التَّكْرَارِ كَمَا ذَكَرْنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ وُفُورِ عِلْمِهِ) أَيْ: زِيَادَةِ عِلْمِهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْعِلْمِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وُفُورِ زُهْدِهِ أَيْ: زِيَادَةِ زُهْدِهِ كَأَنْ يَقُولَ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الزُّهْدِ بَلْ أَفْتَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِي عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ بِالْقَتْلِ فِي نَفْيِهِ أَصْلَ الزُّهْدِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي السَّبِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَسَبَ لَهُ مَا لَا يَلِيقُ إلَخْ) كَمُدَاهَنَتِهِ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَوْ فِي حُكْمٍ بَيْنَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَوَّلُهَا قَوْلُهُ: أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ إلَخْ وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ: أَوْ نَسَبَ لَهُ إلَخْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا يَأْتِي. وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ يَحْتَمِلُ رُجُوعُهُ لِلثَّلَاثَةِ، وَلِلْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَلَا عَمَلَ عَلَى مَفْهُومِهِ، بَلْ لَوْ قَصَدَ بِهِ الْمَدْحَ لَا يُعْذَرُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ فِي الْإِغْيَاءِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ: أَرَدْتُ الْعَقْرَبَ إلَخْ) إنَّمَا قُتِلَ لِأَنَّ دَعْوَاهُ خِلَافُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسْتَتَبْ) لَيْسَ الْمُرَادُ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ تَوْبَةٌ، بَلْ الْمُرَادُ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ، وَقَوْلُهُ: حَدًّا، مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَابَ، أَوْ أَنْكَرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ، وَيَمُوتُ مُسْلِمًا، وَيُغَسَّلُ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِالسَّبِّ، وَلَمْ يَتُبْ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، بَلْ تُسْتَرُ عَوْرَتُهُ، وَيُوَارَى كَمَا يُفْعَلُ بِالْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ) لِخَبَرِ «الْإِسْلَامِ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَلَا يُقَالُ: لَهُ أَسْلِمْ وَلَا لَا تُسْلِمْ لَكِنْ إنْ أَسْلَمَ فَذَلِكَ لَهُ تَوْبَةٌ. (قَوْلُهُ: مِمَّا فِي مَعْنَاهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِي مَعْنَاهُ هُوَ الْحَدِيثُ الْمُتَوَاتِرُ لَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ كَانَ صَحِيحًا أَوْ حَسَنًا، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَافِرٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 70 شَخْصٍ وَهُوَ يُرِيدُ خِلَافَهُ إيجَابًا، أَوْ سَلْبًا كَقَوْلِهِ فِي الْقَذْفِ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي مَعْرُوفٌ، أَوْ لَسْت بِزَانٍ، وَالتَّلْوِيحُ الْإِشَارَةُ الْبَعِيدَةُ فِي الْكَلَامِ كَكَثِيرِ الرَّمَادِ الْمُنْتَقِلِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الطَّبْخِ، ثُمَّ لِكَثْرَةِ الضُّيُوفِ، وَمِنْهُ لِلْكَرْمِ وَالرَّمْزُ الْإِشَارَةُ لِلشَّيْءِ بِخَفَاءٍ كَعَرِيضِ الْقَفَا إشَارَةً لِلْبَلَادَةِ، وَكَذَلِكَ يُقْتَلُ مَنْ لَعَنَ نَبِيًّا، أَوْ مَلَكًا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ، أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ تَمَنَّى مَضَرَّتَهُ، أَوْ عَابَهُ أَيْ: نَسَبَهُ لِلْعَيْبِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَحْسَنِ عَقْلًا، أَوْ شَرْعًا، أَوْ عُرْفًا فِي خُلُقٍ، أَوْ دِينٍ، أَوْ قَذَفَهُ بِأَنْ نَسَبَهُ لِلزِّنَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ بِأَنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ نَهَى عَنْ الظُّلْمِ: لَا أُبَالِي بِنَهْيِهِ، وَنَحْوَهُ، أَوْ غَيَّرَ صِفَتَهُ كَأَسْوَدَ، أَوْ قَصِيرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُقْتَلُ مَنْ أَلْحَقَ بِنَبِيٍّ، أَوْ مَلَكٍ نَقْصًا بِأَنْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَدَنِهِ بِأَنْ كَانَ فِي دِينِهِ، بَلْ وَإِنْ فِي بَدَنِهِ، أَوْ خَصْلَتِهِ أَيْ: شِيمَتِهِ وَطَبِيعَتِهِ الَّتِي طُبِعَ عَلَيْهَا، أَوْ غَضَّ أَيْ: نَقَصَ مِنْ مَرْتَبَتِهِ. أَوْ مِنْ وُفُورِ عِلْمِهِ، أَوْ زُهْدِهِ، أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ كَعَدَمِ التَّبْلِيغِ، أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ كَمَا إذَا نَفَى عَنْهُ الزُّهْدَ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ بِمَكِّيٍّ، أَوْ لَيْسَ بِحِجَازِيٍّ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الْمَعْلُومَةِ نَفْيٌ لَهُ، وَتَكْذِيبٌ بِهِ. وَهَذَا كُلُّهُ إجْمَاعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ وَالْفَتْوَى مِنْ لَدُنْ الصَّحَابَةِ وَإِلَى هَلُمَّ، وَكَذَلِكَ يُقْتَلُ مَنْ قِيلَ لَهُ: بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ فَلَعَنَ وَقَالَ: أَرَدْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ الْعَقْرَبَ؛ لِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ إلَى مَنْ تَلْدَغُهُ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ التَّأْوِيلُ، فَقَوْلُهُ: قُتِلَ إلَخْ جَوَابُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ سَبَّ إلَخْ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا يُوجِبُ الْقَتْلَ بَيْنَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ حَيْثُ سَبَّهُ بِغَيْرِ مَا كَفَرَ بِهِ كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ «الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْبَةِ الْكَافِرِ أَنَّهَا تُقْبَلُ، وَتَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ لَا تُقْبَلُ، إنْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ حُدَّ، وَهُوَ زِنْدِيقٌ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ، وَالْكَافِرُ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ، فَيُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ، وَلَا يُجْعَلُ سَبُّهُ مِنْ جُمْلَةِ كُفْرِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نُعْطِهِمْ الْعَهْدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا عَلَى قَتْلِنَا، وَأَخْذِ أَمْوَالِنَا وَلَوْ قَتَلَ أَحَدَنَا قَتَلْنَاهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دِينِهِ اسْتِحْلَالُهُ. (ص) وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ لِجَهْلٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ تَهَوُّرٍ. (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْقَتْلِ يَعْنِي أَنَّ السَّابَّ يُقْتَلُ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّ النَّبِيِّ لِأَجْلِ جَهْلٍ، أَوْ لِأَجْلِ سُكْرٍ، أَوْ لِأَجْلِ تَهَوُّرٍ فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ كَثْرَتُهُ مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ إذْ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي الْكُفْرِ بِالْجَهَالَةِ وَلَا بِدَعْوَى زَلَلِ اللِّسَانِ . (ص) وَفِيمَنْ قَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ جَوَابًا لِصَلِّ، أَوْ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ جَوَابًا لِتَتَّهِمنِي، أَوْ جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَوْلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ فَرْعٍ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ لَهُ مُجَاوِبًا: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ، فَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ، وَقِيلَ: يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَتَمَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمَحَلُّهُمَا إذَا قَالَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُرِيدُ خِلَافَهُ) أَيْ: يُرِيدُ خِلَافَ مَدْلُولِهِ أَيْ: فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي مَدْلُولِهِ وَلَكِنَّ قَصْدَهُ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي مَعْرُوفٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: إيجَابًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَسْت بِزَانٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ سَلْبًا. (قَوْلُهُ: وَالتَّلْوِيحُ) الْإِشَارَةُ الْبَعِيدَةُ فِي الْكَلَامِ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكِنَايَةِ الَّتِي هِيَ اسْتِعْمَالُ اسْمِ الْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ، أَوْ اسْمُ اللَّازِمِ فِي الْمَلْزُومِ عَلَى الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: الْمُنْتَقِلُ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الطَّبْخِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالْأَصْلُ الْمُنْتَقِلُ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الْإِحْرَاقِ، ثُمَّ لِكَثْرَةِ الطَّبْخِ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْهُ لِلْكَرَمِ أَيْ: فَقَوْلُهُ: كَثِيرُ الرَّمَادِ مَعْنَاهُ كَثِيرُ الْكَرَمِ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْمُ الْمَلْزُومِ، وَذَلِكَ الْمَلْزُومُ الذَّاتُ الثَّابِتُ لَهَا كَثْرَةُ الرَّمَادِ فِي اللَّازِمِ، وَهُوَ الذَّاتُ الْمُتَّصِفَةُ بِكَثْرَةِ الْكَرَمِ إلَّا أَنَّهُ بِوَسَائِطَ كَمَا تَبَيَّنَ. (قَوْلُهُ: كَعَرِيضِ الْقَفَا) أَيْ: فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي مَعْنَاهُ، وَأَشَارَ إلَى لَازِمِهِ، وَهُوَ الْبَلَادَةُ أَيْ: عَدَمُ الْفَهْمِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَحْسَنِ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَنْفَرِدُ عَنْ الْآخَرِ، فَيَكُونُ مُسْتَحْسَنًا عَقْلًا وَلَا يَكُونُ مُسْتَحْسَنًا شَرْعًا، وَعَادَةً، فَالْعَادَاتُ قَدْ تَخْتَلِفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى اسْتَحْسَنَتْ الْعُقُولُ شَيْئًا لَا تَكُونُ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فِي خُلُقٍ) إنْ قُرِئَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَهُوَ الْوَصْفُ الْبَاطِنِيُّ فَاتَهُ الْخَلْقُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَهُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرِيُّ فَيُقْرَأُ بِأَحَدِهِمَا وَيُقَدَّرُ الثَّانِي مَعَ عَاطِفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيَّرَ صِفَتَهُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَصْفُ يُشْعِرُ بِنَقْصٍ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْكَذِبِ عَلَيْهِ مِنْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ كُفْرٌ يُوجِبُ الْقَتْلَ اُنْظُرْ شَرْحَ عج فِي شَرْحِ السِّيرَةِ فِي ذِكْرِ أَوْصَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: وَطَبِيعَتِهِ) عَطْفُ الطَّبِيعَةِ عَلَى الشِّيمَةِ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: لَا تُعْرَفُ لَهُ تَوْبَةٌ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّ ظَاهِرَهُ الْإِسْلَامُ، وَمَا فِي الْقَلْبِ مَغِيبٌ. (قَوْلُهُ: وَالْكَافِرُ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ) الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ أَيْ: إسْلَامُهُ الظَّاهِرُ أَيْ: فَيَنْتَفِي مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْكُفْرِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ السَّابَّ يُقْتَلُ) أَيْ: الْمُكَلَّفُ فَخَرَجَ الْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُقْتَلَانِ بِسَبِّهِمَا، وَأَمَّا صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ فَرِدَّتُهُ مُعْتَبَرَةٌ وَإِسْلَامُهُ كَذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى رِدَّتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ اُسْتُتِيبَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا سَبَّ، وَهُوَ صَغِيرٌ مُمَيِّزٌ، فَلَا نَقْتُلُهُ إذَا بَلَغَ وَتَابَ، أَوْ أَنْكَرَهُ فَأَشْهَدَ بِهِ عَلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ، وَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَعَ الَّذِي بَعْدَهُ مُتَعَارِضَانِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الشَّتْمَ لِلنَّاسِ وَالْمَلَائِكَةِ مَعًا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ حَيْثُ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ: لِشُمُولِ لَفْظِهِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ أَيْ: يُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي إنَّمَا شَتَمَ الْمَلَائِكَةَ أَيْ: يُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ أَنْ لَا يُقْصَدَ فَيَظْهَرَ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُمَا إلَخْ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 71 لَهُ فِي حَالَة الْغَضَبِ، وَإِلَّا قُتِلَ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّانِي إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَتَتَّهِمُنِي مُسْتَفْهِمًا فَقَالَ لَهُ: الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ، فَكَيْفَ أَنْتِ فَقِيلَ: يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لِبَشَاعَةِ هَذَا اللَّفْظِ، وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ عَمَّنْ اتَّهَمَهُ مِنْ الْكُفَّارِ، لَكِنْ يُعَاقَبُ، وَيُطْلَقُ الثَّالِثُ إذَا قَالَ: جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيِّ. - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قِيلَ: يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، وَقِيلَ: يُعَزَّرُ فَقَطْ، وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ . (ص) وَاسْتُتِيبَ فِي هُزِمَ. أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ، أَوْ تَنَبَّأَ. (ش) لَمَّا فَرَّعَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ أَتْبَعهَا بِمَسَائِلَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا هَلْ هِيَ تُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، أَوْ لَا تُوجِبُ الْقَتْلَ؟ ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْعُقُوبَةُ فَقَطْ؟ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ هُزِمَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْمُرَابِطِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ مَا جَزَمَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَمِثْلُهُ هُزِمَتْ جُيُوشُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ هُوَ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ أَنَّ بَعْضَ الْأَفْرَادِ فَرُّوا هَذَا نَادِرٌ، وَكَذَلِكَ يُسْتَتَابُ مَنْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلِنْ بِتَكْذِيبِهِ، بَلْ أَسَرَّ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ زِنْدِيقًا، فَيُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ النُّبُوَّةَ سِرًّا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنَا تَائِبًا، فَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُسِرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ) قَاصِرٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ تَنَبَّأَ لِكَوْنِ اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِسْرَارَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَعْلَنَ لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي قَوْلِهِ: أَوْ تَنَبَّأَ وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ هُزِمَ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّبِّ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَارِ أَنْ يَدَّعِيَ النُّبُوَّةَ سِرًّا . (ص) وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ لَسَبَبْته، أَوْ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ، فَقَالَ: تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ، أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ: كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكَرٍ، أَوْ مَالِكٍ. (ش) يَعْنِي إنْ طَلَبَ شَيْئًا يَأْخُذُهُ مِنْ شَخْصٍ كَمَا فِي قَضِيَّةِ الْعَشَّارِ فَقَالَ: أَشْكُوكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: أَدِّ إلَيَّ، وَاشْكُنِي لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ابْنِ عَتَّابٍ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا بِقَتْلِ الْعَشَّارِ فَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَلَيْسَتْ كَكَلَامِ   [حاشية العدوي] أَيْ: فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ هَذَا الْقَيْدِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ فَيُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا النَّصُّ. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ بِقَتْلِهِ رَأَى أَنَّ هَذَا إخْبَارٌ صَدَرَ مِنْهُ، وَفِيهِ نِسْبَةُ النَّقْصِ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ عُمُومِ جَمِيعِ الْبَشَرِ مَعَ دُخُولِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ، وَمِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِغْيَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: حَتَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَتْلِهِ رَأَى احْتِمَالَهُ لِلْأَخْبَارِ مِمَّنْ قَالَهُ قَالَ: بَعْضُهُمْ وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ بُعْدٌ. قَالَ بَهْرَامُ وَالْقَوْلُ بِالْقَتْلِ فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ أَظْهَرُ. اهـ. أَيْ: فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: لِبَشَاعَةِ هَذَا اللَّفْظِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُطْلَقَ الْبَشَاعَةِ لَا يَقْتَضِي الْقَتْلَ، وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ . (قَوْلُهُ: هَلْ هِيَ تُوجِبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرَ إلَيْهِ، وَطَرَحَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْمُرَابِطِ إلَخْ) الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ الْمُرَابِطِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ: مَنْ قَالَ: هُزِمَتْ بَعْضُ جُيُوشِهِ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَجُمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى تَأْوِيلِهِ بِقَصْدِ التَّنْقِيصِ، وَالْأَوَّلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقْصِدْ تَنْقِيصًا، فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ هُوَ فِيهِمْ) أَيْ: مَنْ كَانَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ فَخَرَجَ جُيُوشُهُ الَّتِي يُرْسِلُهَا وَيُؤَمِّرُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ فَإِذَا نَسَبَ الْهَزْمَ إلَيْهِمْ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا قُتِلَ لِكَذِبِهِ الْمَذْكُورِ الْمُؤَدِّي لِلتَّنْقِيضِ؛ لِأَنَّ جَيْشَهُ لَمْ يُهْزَمْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ أَنَّ بَعْضَ الْأَفْرَادِ فَرَّ أَيْ: فَكَيْفَ يُنْسَبُ الْهَزِيمَةُ لِلْجَيْشِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا نَادِرٌ أَيْ: عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي فِيهِ قَدْ وَقَعَ نَادِرًا فِي بَعْضِ الْجُيُوشِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ تَنَبَّأَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ قَبْلُ: أَوْ ادَّعَى شَرِيكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ ادَّعَى أَنَّ مُعَيَّنًا كَعَلِيٍّ مُشَارِكٌ لَهُ فِي النُّبُوَّةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسِرَّ) أَيْ: يَقُولَ ذَلِكَ سِرًّا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا أَفَادَهُ نَقْلُ مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ فِي مَسْأَلَةِ أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ أَوْ تَنَبَّأَ الِاسْتِتَابَةُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ النَّقْلَ الْمُفِيدَ لِذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّنْقِيصِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّنْقِيضَ هُوَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِرِسَالَتِهِ؛ وَيُثْبِتَ لَهُ نَقْصًا، وَأَمَّا فِي هَذَيْنِ فَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ رِسَالَةً . (قَوْلُهُ: فَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ فِي الشِّفَاءِ أَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ فِي عَشَّارٍ قَالَ لِرَجُلٍ: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ وَقَالَ: إنْ سَأَلْتَ أَوْ جَهِلْتَ، فَقَدْ جَهِلَ أَوْ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَتْلِ. اهـ.، فَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَظَاهِرُ الشِّفَاءِ، أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الْعَشَّارِ قَطْعًا فَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ بِالْقَتْلِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ حُلُولُو وَلِذَا قَالَ الْأَبِيُّ: أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِالْقَتْلِ لِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ فَتْوَى ابْنِ عَتَّابٍ: مَذْهَبُنَا قَاضٍ بِذَلِكَ أَيْضًا بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَصْدِ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ كُفْرٌ أَيْضًا وَأَقُولُ بَلْ إنْ سَأَلْتَ، أَوْ جَهِلْت فَقَدْ سَأَلَ النَّبِيَّ، أَوْ جَهِلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَرَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ: إنْ جَهِلْت أَوْ سَأَلْت إلَخْ فَإِنَّهُ قَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 72 الْمُؤَلِّفِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا مَنْ قَالَ: لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ أَيْ، أَوْ رَسُولٌ كَمَا فِي النَّقْلِ لَسَبَبْتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ السَّبُّ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا مَنْ قَالَ: لِآخَرَ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِلَّا قُتِلَ؛ لِأَنَّهُ شَتَمَهُمْ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا مَنْ قَالَ لِآخَرَ: قَدْ عَيَّرَهُ بِالْفَقْرِ تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ رَعَى الْغَنَمَ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ بِذِكْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْأَدَبِ قَدْ رَعَى فَقَطْ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ غَضْبَانَ أَوْ قَبِيحِ الْمَنْظَرِ: كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكَرٍ، أَوْ وَجْهُ مَالِكٍ خَازِنِ النَّارِ؛ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ، وَالتَّهْزِيلِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالسَّبِّ لِلْمَلَكِ، وَإِنَّمَا السَّبُّ وَاقِعٌ عَلَى الْمُخَاطَبِ . (ص) أَوْ اسْتَشْهَدَ بِبَعْضِ جَائِزٍ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا حُجَّةً لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ شَبَّهَ لِنَقْصٍ لَحِقَهُ لَا عَلَى التَّأَسِّي كَإِنْ كَذَبْتَ فَقَدْ كَذَبُوا، أَوْ لَعَنَ الْعَرَبَ، أَوْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ: أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ مَنْ اسْتَشْهَدَ بِشَيْءٍ جَائِزٍ عَلَى النَّبِيِّ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ الْبَشَرِيُّ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ حُجَّةً لِهَذَا الْقَائِلِ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ نَقْصٍ لَحِقَ هَذَا الْقَائِلَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّأَسِّي، بَلْ لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ، وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ تَنْقِيصًا وَلَا عَيْبًا وَلَا سَبًّا كَقَوْلِهِ: إنْ قِيلَ فِي مَكْرُوهٌ، فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ الْمَكْرُوهُ، أَوْ قَالَ: إنْ أَحْبَبْتُ النِّسَاءَ فَقَدْ أَحَبَّهُنَّ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ قَالَ: أَسْلَمُ مِنْ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْأَنْبِيَاءُ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ أَلْسِنَتِهِمْ، أَوْ إنْ كُذِّبَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَقَدْ كُذِّبُوا، وَلَقَدْ صَبَرْتُ كَمَا صَبَرُوا، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا مَنْ لَعَنَ الْعَرَبَ، أَوْ لَعَنَ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ: أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ، أَوْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَرَّمَ الْمُسْكِرَ، وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ مَنْ حَرَّمَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَالَ: لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ إنْ عُذِرَ بِالْجَهْلِ، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ: أَرَدْت إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ بَنِي هَاشِمٍ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ الْأَدَبُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ: أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ قُتِلَ وَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ الشِّفَاءِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَنَّ الْأَدَبَ فِي الثَّانِيَةِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْأُولَى، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِكَلَامِ الشِّفَاءِ: وَقُوَّةُ كَلَامِهِ تَقْتَضِي أَنَّ الْأَدَبَ فِي الثَّانِيَةِ أَشَدُّ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا السَّابَّ لَوْ لَمْ يَدَّعِ إرَادَةَ الظَّالِمِينَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قُتِلَ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ. اهـ.، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ز مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا، أَوْ لَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ، وَكَذَا جَعْلُهُ الْقَيْدَ قَيْدًا فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ . (ص) وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِي: كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانُ وَإِنْ   [حاشية العدوي] أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ فِي عَشَّارٍ قَالَ لِرَجُلٍ: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ: إنْ جَهِلْتَ أَوْ سَأَلْتَ فَقَدْ جَهِلَ أَوْ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَتْلِ، فَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَ بِالْعَطْفِ بِأَوْ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّارِحِ) أَيْ: فَإِنَّ الشَّارِحَ قَالَ: وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي عَشَّارٍ طَلَبَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا يَأْخُذُهُ فَقَالَ: أَشْكُوك لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ الْعَشَّارُ: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْتَى فِيهِ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِالْأَدَبِ كَمَا قَالَ، وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِالْقَتْلِ فِيهِ وَوَافَقَهُ ابْنُ عَتَّابٍ عَلَى الْقَتْلِ اهـ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ: لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَنْ قَالَ: لَوْ جِئْتنِي بِالنَّبِيِّ عَلَى كَتِفِك مَا قَبِلْتُكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّنْقِيصِ وَإِلَّا قُتِلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: لَوْ جِئْتنِي بِالنَّبِيِّ عَلَى كَتِفِكَ مَا قَبِلْته، فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ فِيهِ تَنْقِيصٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ كَذَا قَالَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَنْبِيَاءَ وَإِلَّا قُتِلَ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَرَّرَ أَلْفًا إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: لَعَنَك اللَّهُ إلَى آدَمَ فَيُقْتَلُ أَقُولُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إلَى آدَمَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ فَيُشْعِرُ بِقَصْدِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَكَذَا يُقْتَلُ مَنْ يَقُولُ: يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ أَوْ خَتْنُ حَيْدَرَهْ أَيْ: صِهْرُهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّصَافِهِ بِشَيْءٍ جَوَازُ الْإِخْبَارِ بِهِ عَنْهُ، وَعَدَمُ كُفْرِ قَائِلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِأَنَّهُ يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَّهُ خَتْنُ حَيْدَرَهْ مَعَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ يَكْفُرُ كَمَا قُلْنَا، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ: أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) أَيْ: وَأَمَّا ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ وَالتَّفْهِيمِ، لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ إيرَادَهُ فَلَا أَدَبَ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ غَضْبَانَ إلَخْ) الَّذِي فِي الشِّفَاءِ تَشْبِيهُ الْعَبُوسِ بِمَالِكٍ، وَقَبِيحُ الْمَنْظَرِ مِثْلُهُ. اهـ. أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ . (قَوْلُهُ: أَوْ شَبَّهَ) أَيْ: نَفْسَهُ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ شَبَّهَ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: أَوْ اسْتَشْهَدَ وَأَنَّ مَآلَهُمَا وَاحِدٌ وَمَا يُمَثَّلُ بِهِ لِهَذَا يُمَثَّلُ بِهِ لِهَذَا أَقُولُ: وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَا أَدْرِي مَا وَجْهُ جَعْلِ الِاسْتِشْهَادِ وَالتَّشْبِيهِ مَسْأَلَتَيْنِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَأَغْنَاهُ عَنْ الْأُخْرَى وَقَدْ جَعَلَهُمَا فِي الشِّفَاءِ نَوْعًا وَاحِدًا. اهـ. ، وَذَكَرَ فِي الشِّفَاءِ أَنَّ مَنْ قِيلَ لَهُ: إنَّك أُمِّيٌّ فَقَالَ: النَّبِيُّ أُمِّيٌّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ. اهـ. قُلْت وَتَأَمَّلْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ التَّأَسِّي) أَيْ: وَلَا التَّحْقِيرِ، وَالتَّأَسِّي تَسْلِيَةُ نَفْسِهِ وَتَخْفِيفُ مَا حَصَلَ لَهَا مِنْ التَّأَلُّمِ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيرِ قُتِلَ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّأَسِّي فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ تَنْقِيصًا) أَيْ: لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ التَّنْقِيصَ أَوْ الْعَيْبَ أَيْ: قَصَدَ اتِّصَافَهُ بِالْعَيْبِ فَقَدْ قَصَدَ السَّبَّ أَيْ: الَّذِي هُوَ الشَّتْمُ وَقَصْدُ اتِّصَافِهِ بِالْعَيْبِ تَنْقِيصٌ فَهِيَ أَلْفَاظٌ مَآلُهَا وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: إنْ عُذِرَ بِالْجَهْلِ إلَخْ) أَوْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَرَّمَ الْمُسْكِرَ إلَخْ أَيْ: وَإِنَّمَا عُذِرَ بِالْجَهْلِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ حِينَئِذٍ سَبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنَّمَا لَعَنَ مَنْ حَرَّمَهُ مِنْ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ، فَمُرْتَدٌّ فِي الْأَوَّلِ وَسَابٌّ فِي الثَّانِي انْتَهَى، وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ تَصْرِيحِ الْقُرْآنِ بِأَنَّ الْمُحَرِّمَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ اعْتِقَادَهُ أَنَّ الْمُحَرِّمَ النَّاسُ إنْكَارٌ لِمَا عُلِمَ ضَرُورَةً فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ فِي الشِّفَاءِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ أُدِّبَ مَنْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ لَعَنَ اللَّهُ بَنِي آدَمَ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأَنْبِيَاءَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ أَيْ: مِنْ بَنِي آدَمَ . (قَوْلُهُ: وَشُدِّدَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ فِي شُدِّدَ أَيْ: شُدِّدَ الْأَدَبُ عَلَى السَّابِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ: عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فِي كُلٍّ أَيْ: فِي قَوْلِهِ: كُلُّ صَاحِبٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 73 كَانَ نَبِيًّا، وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ، أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ، أَوْ لَفِيفٌ فَعَاقَّ عَنْ الْقَتْلِ، أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أَوْ صَحَابِيًّا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ: كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانُ وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّأْدِيبِ بِالْقُيُودِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ، وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ مَنْ نَسَبَ قَبِيحًا مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَ الْعِلْمِ بِهِ أَنَّهُ مِنْ الْآلِ، وَكَذَلِكَ مَنْ انْتَسَبَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ حَقٍّ تَصْرِيحًا، أَوْ تَلْوِيحًا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: أَيْ: الِانْتِسَابُ إلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ شَرِيفُ النَّفْسِ فَيَقُولُ: مَا أَحَدٌ أَشْرَفُ مِنْ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ لَا احْتَمَلَ الْكُفْرَ وَغَيْرَهُ، وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَسَائِلِ الْأَدَبِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا قَوْلٌ مُحْتَمَلٌ لِلْكُفْرِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يُشَدَّدُ النَّكَالُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَفِيفٌ مِنْ النَّاسِ بِالسَّبِّ، وَاللَّفِيفُ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَمْرٌ عَاقٌّ عَنْ الْقَتْلِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَى مَنْ سَبَّ نَبِيًّا، أَوْ مَلَكًا لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ، وَخَالِدَ بْنَ سِنَانٍ، أَوْ لَمْ يُجْمَعُ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ، وَيُشَدَّدُ عَلَى مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ مَنْ رَمَى عَائِشَةَ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ: زَنَتْ، أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ إسْلَامَ، أَوْ إسْلَامَ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، أَوْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَفَرَ . (ص) وَسَبَّ اللَّهَ كَذَلِكَ وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ. (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبِّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَذَكَرَ أَنَّ سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى كَسَبِّ النَّبِيِّ أَيْ: صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ، وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ، فَيُقْتَلُ فِي الصَّرِيحِ، وَيُؤَدَّبُ فِي الْمُحْتَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ السَّابُّ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْلِمًا إلَّا أَنَّ فِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافًا، فَقَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ إلَخْ بِمَثَابَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يُقَالُ: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْأَدَبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهِ الْأَدَبُ لَمْ يَتَأَتَّ الِاسْتِتَابَةُ، وَالرَّاجِحُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ، وَقَوْلُهُ: (ص) كَمَنْ قَالَ: لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ. (ش) تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَعَدَمِهَا، وَهَذَا فِي قَتْلِ الْقَائِلِ، وَتَنْكِيلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا الْقَوْلَ فَهَلْ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْبَارِئَ إلَى الْجَوْرِ؟ ، وَهَلْ يُسْتَتَابُ، أَوْ لَا؟ . قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ، أَوْ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الشَّكْوَى . (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَالزِّنَا يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ، فَالْقَصْرُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] ، وَالْمُدُّ لِأَهْلِ نَجْدٍ، وَقَدْ زَنَى يَزْنِي، وَالنِّسْبَةُ إلَى الْمَقْصُورِ زَنَوِيٌّ وَإِلَى الْمَمْدُودِ زِنَائِيٌّ، وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ عَلَى لُغَةِ الْقَصْرِ، وَبِالْأَلِفِ عَلَى لُغَةِ الْمَدِّ، وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الزِّنَا يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ فَمَنْ مَدَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ   [حاشية العدوي] إلَخْ فَكُلُّ مَرْفُوعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَقَوْلُهُ: قَرْنَانُ هُوَ الْخَبَرُ فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ عَلَى النُّونِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالنُّونِ، وَالْقَرْنَانُ هُوَ مَنْ لِزَوْجَتِهِ صَاحِبٌ يُزَانِيهَا أَيْ: يَقْرِنُ الْغَيْرَ بِزَوْجَتِهِ لِأَجْلِ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ إلَخْ) نَظَرَ بَهْرَامُ بِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَدَبِ بِذُرِّيَّتِهِ بَلْ يُؤَدَّبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُزَادُ فِي الْأَدَبِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ تَصْرِيحًا) أَيْ: بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَلُبْسِ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ فِي زَمَنِنَا، فَيُؤَدَّبُ لِعُمُومِ قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ ادَّعَى الشَّرَفَ كَاذِبًا ضُرِبَ ضَرْبًا وَجِيعًا، ثُمَّ شُهِّرَ وَيُحْبَسُ مُدَّةً طَوِيلَةً حَتَّى تَظْهَرَ لَنَا تَوْبَتُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُعَظِّمُ مَنْ طَعَنَ فِي نَسَبِهِ، وَيَقُولُ: لَعَلَّهُ شَرِيفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا أُدِّبَ وَلَمْ يُحَدَّ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ حَمْلٌ غَيْرَ أَبِيهِ عَلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِانْتِسَابِهِ لَهُ شَرَفُهُ لَا الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ؛ وَلِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ قَوْلُ هَذَا مُحْتَمَلًا لَا صَرِيحًا فِي انْتِسَابِهِ لَهُ لِاحْتِمَالِ قَصْدِ هَضْمِهِ نَفْسَهُ أَيْ: أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ شَرَفُ النَّفْسِ وَالنَّسَبِ وَلَمْ يَقْصِدْ الِانْتِسَابَ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَا اجْتَمَعَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِو بَكْرٍ) أَيْ: لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَفَرَ) كَذَا يُفِيدُهُ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ: لِأَنَّ إسْلَامَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ صَارَ مَعْلُومًا مِنْ دِينِ اللَّهِ بِالضَّرُورَةِ قَالَ عج: فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَكْفُرُ مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَكَذَّبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَمَّا مَنْ كَفَّرَ بَعْضَهُمْ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ، فَالرَّاجِحُ عَدَمُ كُفْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِكْمَالِ، وَهُوَ شَرْحٌ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَأَوَّلُ كَلَامِ الشَّامِلِ انْتَهَى أَقُولُ: عِلَّتُهُ الَّتِي ذَكَرَهَا تَجْرِي فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ . (قَوْلُهُ: كَمَنْ قَالَ: لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْت إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِذَلِكَ انْتَهَى [بَابٌ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] . (بَابُ حَدِّ الزِّنَا) . (قَوْلُهُ: حَدَّ الزِّنَا) أَيْ: حَقِيقَتَهُ وَقَوْلُهُ: وَحُكْمَهُ أَيْ: الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ: مِنْ الْمَسَائِلِ كَالْمُسَاحَقَةِ وَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ زَنَى يَزْنِي) إشَارَةٌ إلَى تَصَارِيفِ الْمَادَّةِ. (قَوْلُهُ: فِعْلٌ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ: لَا يَقَعُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَاحِدٌ بِالْخُصُوصِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ) أَيْ: وَمَا شَابَهَهُمَا مِنْ صِيغَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 74 وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ. اهـ.، وَهُوَ مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا، وَجَاحِدُ حُرْمَتِهِ كَافِرٌ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: الزِّنَا الشَّامِلُ لِلِّوَاطِ مَغِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجٍ آخَرَ دُونَ شُبْهَةِ حِلِّيَّةٍ عَمْدًا، فَقَوْلُهُ: آدَمِيٍّ أَخْرَجَ بِهِ حَشَفَةَ غَيْرِهِ كَالْبَهِيمِيِّ، وَقَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ أَخْرَجَ بِهِ مَغِيبَهَا فِي غَيْرِ فَرَجٍ، وَأَدْخَلَ فِي الْفَرْجِ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ اللِّوَاطَ، قَوْلُهُ: آخَرَ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ: فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ آخَرَ أَخْرَجَ بِهِ مَغِيبَهَا فِي فَرْجِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَقَوْلُهُ: دُونَ شُبْهَةِ حِلِّيَّةٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ لِشُبْهَةٍ فِي الْحِلِّيَّةِ إمَّا بِاعْتِقَادِ حِلِّيَّةٍ، أَوْ بِجَهْلٍ فَتَخْرُجُ الْأَمَةُ الْمُحَلَّلَةُ، وَوَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ لَا زَوْجَةَ وَلَدِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ زِنًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَالِهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي زَوْجَتِهِ، وَقَوْلُهُ: تَعَمُّدًا أَخْرَجَ بِهِ الْغَلَطَ وَالنِّسْيَانَ وَالْجَهْلَ وَالْمُؤَلِّفُ حَدَّهُ بِقَوْلِهِ: (ص) الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ تَعَمُّدًا. (ش) فَقَوْلُهُ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَمَعْنَى إضَافَةِ الْوَطْءِ لِلْمُكَلَّفِ تَعَلُّقُهُ بِهِ أَيْ: تَعَلُّقُ الْوَطْءِ بِمُكَلَّفٍ، وَالْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ مَنْ يَمِيلُ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ، فَيَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ زِنًا لُغَةً، وَلَا يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ؛ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِالْفَاعِلِ نَكِرَةً، وَكَذَا بِالْمَفْعُولِ، وَقَدْ ذَكَرَ ح أَنَّ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ يُعَزَّرُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: مُسْلِمٍ أَيْ: حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ خَرَجَ بِهِ وَطْءُ الْكَافِرِ الْكَافِرَةَ، أَوْ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ تُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطْءُ مُسْلِمٍ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ مُدْخَلَةً مُخْرَجَةً، وَقَوْلُهُ: فَرْجَ آدَمِيٍّ مَعْمُولُ وَطْءٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْآدَمِيُّ خُنْثَى مُشْكِلًا، فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ غَيْرَهُ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ أَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي فَرْجِهَا، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً، وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ، قَوْلُهُ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ، فَالْمَمْلُوكُ الذَّكَرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِهِ مَنْ وَطْؤُهَا لَهُ حَلَالٌ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ مِنْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ وَطْأَهُ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَخَرَجَ   [حاشية العدوي] الْمُفَاعَلَةِ كَفِعَالٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ زِنَاءَ عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ لَا عَلَى زِنَةِ مُفَاعَلَةٍ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِك: ضَارِبٌ فَإِنَّ مَصْدَرَهُ فِعَالٌ وَمُفَاعَلَةٌ؛ لِقَوْلِ صَاحِبِ الْأَلْفِيَّةِ لِفَاعِلٍ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَةْ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ أَيْ: اسْمَ الْحَقِيقَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا تَحْصُلُ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ: فِي فَرْجِ آخَرَ) أَيْ: فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ، أَوْ فِي الْبَوْلِ كَمَا قِيلَ فِي بَابِ الْغُسْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ. (قَوْلُهُ: كَالْبَهِيمِيِّ إلَخْ) أَيْ: فَإِذَا أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ زِنًا. (قَوْلُهُ: إمَّا بِاعْتِقَادِ حِلِّيَّةٍ أَوْ بِجَهْلٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِقَادَ الْحِلِّيَّةِ نَاشِئٌ عَنْ الْجَهْلِ فَالْمُقَابَلَةُ لَا تَظْهَرُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ بِحَسَبِ الْمُلَاحَظَةِ أَيْ: أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُلَاحِظَ اعْتِقَادَ الْحِلِّيَّةِ، أَوْ الْجَهْلَ، وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُ الْحِلِّيَّةِ نَاشِئًا مِنْ الْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ إلَخْ) أَيْ: مَسْأَلَةُ وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَالنِّسْيَانَ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّاسِيَ مَنْ يَفْعَلُ الْفِعْلَ، وَهُوَ ذَاهِلٌ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ كَمَنْ قَامَ وَهُوَ ذَاهِلٌ عَنْ أَنَّهُ قَائِمٌ انْتَهَى أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْوَطْءِ نَادِرٌ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى فَرْضِ الْوُقُوعِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَهْلِ) أَيْ: جَهْلِ الْحُكْمِ إذَا كَانَ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَطْءُ مُكَلَّفٍ) أَيْ: تَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ أَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَمْنَعُ لَذَّةً لَا كَثِيفَةٍ، أَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: مُكَلَّفٌ يَشْمَلُ السَّكْرَانَ إنْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ تَعَمُّدًا إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُحَلَّلَةُ فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا وَكَذَا أَمَةُ الِابْنِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْمِلْكِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ) أَيْ: بَلْ هِيَ أَشَدُّ مَيْلًا. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ) أَيْ: فَيَصْدُقُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهَا وَطِئَتْ بِفَرْجِهَا ذَكَرَ الرَّجُلِ أَيْ: تَعَلَّقَ فَرْجُهَا بِفَرْجِ الرَّجُلِ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ) أَيْ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ، وَكَذَا بِفَرْجِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَذَهَبَ الصِّقِلِّيُونَ إلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ إنْ زَنَى بِفَرْجِهِ، وَأَمَّا لَوْ زَنَى بِهِمَا، فَالْحَدُّ اتِّفَاقًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَأَمَّا إنْ زَنَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دُبُرِهِ فَعَلَى الزَّانِي حَدُّ الزِّنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى لِدَرْءِ الْحَدِّ لَا تَقْدِيرُهُ ذَكَرًا مُلُوطًا بِهِ، وَأَمَّا بِفَرْجِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ نَائِمٍ) وَأَمَّا لَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ فِي فَرْجِهَا، فَلَا تُحَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ كَالصَّبِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ لَا يُوجِبُ حَدًّا فَأَوْلَى مَا لَا يُوجِبُ غُسْلًا. (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً) لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْفِقْهُ هَكَذَا فَمُسْلِمٌ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِمْ مُكَلَّفِينَ لَهُمْ مِثْلُ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ مَا عَلَيْنَا أَنْ يُحَدَّ وَاطِئُ الْجِنِّيَّةِ، ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُقَوِّي ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ عب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ: مُكَلَّفٍ يَشْمَلُ الْجِنِّيَّ فَإِذَا وَطِئَ جِنِّيٌّ آدَمِيَّةً فَإِنَّهُ زِنًا وَيُحَدَّانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: الزِّنَا تَغْيِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آخَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُنْزِلَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ غُسْلُهُ مِنْهَا أَوْلَى مِنْ غُسْلِهِ مِنْ وَطْءِ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتَةٍ لِنَيْلِهِ مِنْهَا لَذَّةً، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ كَذَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ) يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ وَلَدَهُ وَطِئَ أَمَتَهُ، وَإِلَّا حُدَّ الْأَبُ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ لَا مِلْكَ أَيْ: وَلَا شُبْهَةَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْمُحَلَّلَةُ، وَجَوَابُهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَآلًا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ) أَيْ: فَذَلِكَ الْعَارِضُ لَمَّا كَانَ يَزُولُ صَارَ كَالْعَدَمِ فَالتَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَوْجُودٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 75 بِقَوْلِهِ: بِاتِّفَاقٍ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا إذْ لَا حَدَّ فِيهِ، فَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ لَا الِاتِّفَاقُ الْمَذْهَبِيُّ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ: تَعَمُّدًا الْجَاهِلَ بِالْعَيْنِ، أَوْ بِالْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَإِنْ لِوَاطًا. (ش) أَيْ: وَإِنْ كَانَ وَطْءُ الْفَرْجِ لِوَاطًا؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ شَامِلٌ لِلدُّبُرِ فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا . (ص) أَوْ إتْيَانُ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ، أَوْ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا. (ش) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ إتْيَانَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا يُسَمَّى زِنًا لَا لِوَاطًا، فَيُجْلَدُ فِيهِ الْبِكْرُ، وَيُرْجَمُ فِيهِ الْمُحْصَنُ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ حَيْثُ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَتَى مَيِّتَةً غَيْرَ زَوْجَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ دُبُرِهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِانْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مِنْ أَتَى نَائِمَةً، أَوْ مَجْنُونَةً، وَأَمَّا الزَّوْجُ إذَا أَتَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ دُبُرِهَا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ مَعَ أَمَتِهِ، وَلَا صَدَاقَ عَلَى وَاطِئِ الْمَيِّتَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَنَى عَلَى عُضْوٍ مِنْهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ زَنَى بِصَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ فِي دُبُرِهَا، وَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا إذَا وَطِئَهَا الْمُكَلَّفُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: يُمْكِنُ وَطْؤُهَا أَيْ: لِلْوَاطِئِ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِغَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ . (ص) ، أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ تُعْتَقُ، أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا، أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ، أَوْ خَامِسَةٍ، أَوْ مَرْهُونَةٍ، أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ، أَوْ حَرْبِيَّةٍ، أَوْ مَبْتُوتَةٍ، وَإِنْ بِعِدَّةٍ، وَهَلْ وَإِنْ أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ تَأْوِيلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَمَةً لِلْوَطْءِ، أَوْ لِلْخِدْمَةِ ثُمَّ وَطِئَهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الْأَمَةُ الْمُودَعَةُ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ وَطِئَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِلَّا فَلَا، وَشَمَلَ قَوْلُهُ: تُعْتَقُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ، يُحَدُّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ الْمُحَرَّمَةَ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ بِنِكَاحٍ، وَأَمَّا بِمِلْكٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ كَانَتْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَقُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا اللَّخْمِيُّ إنْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ زَوْجَتِهِ، وَدَخَلَ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ لَوْ طَلَّقَ الْأُمَّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ حُدَّ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَ أُمَّ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِالِابْنَةِ حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ يُحَدَّ لِلْخِلَافِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ أَبِيهِ، أَوْ زَوْجَةَ وَلَدِهِ حُدَّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَإِذَا حُدَّ بِوَطْءِ الْمُحَرَّمَةِ بِالصُّهَارَةِ فَأَوْلَى مَنْ وَطِئَ مُحَرَّمَةً بِالنَّسَبِ، أَوْ بِالرَّضَاعِ بِنِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا مُؤَبَّدَيْنِ بِخِلَافِ الصِّهْرِ قَدْ لَا يَكُونُ مُؤَبَّدًا كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ، فَلَا تَحْرُمُ بِنْتُهَا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصِّهْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: مُؤَبَّدٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الصِّهْرَ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا، وَحُرْمَةُ نِكَاحِ الْبِنْتِ عَلَى الْأُمِّ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ كَالْأُخْتَيْنِ لَا بِالصُّهَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ طَلُقَتْ الْأُمُّ حَلَّتْ الْبِنْتُ، فَإِذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ صَارَ صِهْرًا حِينَئِذٍ، وَلَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا أَيْ: لِأَنَّ الصُّهَارَةَ مَتَى حَصَلَتْ لَا تَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ التَّحْرِيمُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً، وَدَخَلَ بِهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهَا وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى الْخَامِسَةِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَ وَاحِدَةً   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَإِنَّ فِيهِ قَوْلًا بِالْإِبَاحَةِ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا أَوْ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا) أَيْ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَاطًا مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ بِدُونِ قَيْدِهِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ . (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ: وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: هُوَ لِوَاطٌ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْإِحْصَانِ وَعَدَمُهُ، فَلَوْ غَصَبَهَا فِي دُبُرِهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي تَخْصِيصِ الْمَهْرِ بِالْقُبُلِ انْتَهَى ذَكَرَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ) لِحُرْمَتِهِ لِحَدِيثِ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» . (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ) قَضِيَّتُهُ رُجُوعُهُ لِلْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) كَذَا قَالَ شَيْخُ عج وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِّ وَاطِئِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ عَدَمِ حَدِّ وَاطِئِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ أَيْ: الَّتِي أَحَلَّهَا سَيِّدُهَا بِدُونِ عِوَضٍ بِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِحِلِّ الْمُحَلَّلَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحِلِّ الْأَمَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَبِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْوِيمُ الْمُحَلَّلَةِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ أَبَى هُوَ وَالسَّيِّدُ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ انْتَهَى أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلْوَطْءِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ فَالْمُنَاسِبُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ فَتُعْطَى حُكْمَ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ فَلَا تُعْطَى حُكْمَهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ حَدِّهَا، وَنَقُولُ: وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ وَعَدَمِهِ إنْ عَلِمَتْ بِحُرِّيَّةِ نَفْسِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَكَّلَ مُزَوِّجَهَا فَيُدْرَأُ الْحَدُّ بِذَلِكَ انْتَهَى. أَقُولُ يُقَالُ: كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكُ الْغَيْرِ لَا حَدَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وُكِّلَ فِي بَيْعِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَقُولُ يُتَصَوَّرُ فِي التَّعْلِيقِ كَأَنْ يَقُولَ: هِيَ حَرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَدَّ لِلْخِلَافِ) هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ إلَخْ) لَا دَاعِيَ إلَى ذَلِكَ الْحَصْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ التَّحْرِيمُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ حِلَّهَا بِعَقْدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ فِي دَرْءِ الشُّبْهَةِ وَلَمْ يُحَدَّ الْوَاطِئُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ ضَعْفَهُ دُونَ ضَعْفِ الْخَامِسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَحَدَ الْأَعْلَامِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 76 مِنْ الْأَرْبَعِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً عِنْدَهُ مَرْهُونَةً مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ حِيزَ الْمَغْنَمُ أَمْ لَا بِأَنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ وَهَزَمْنَاهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْجَيْشُ كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا، وَتَقْيِيدُ ابْنِ يُونُسَ بِكَثِيرٍ طَرِيقٌ غَيْرُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَوَطِئَ حَرْبِيَّةً، وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ خَرَجَتْ بِنَفْسِهَا لَا إنْ خَرَجَ هُوَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ حِينَئِذٍ، وَالْحَرْبِيَّةُ تُفْهَمُ مِنْ ذَاتِ الْمَغْنَمِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْحَدِّ فِي الْحَرْبِيَّةِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ الْحَدِّ لِعَدَمِ حَوْزِهَا فِي مِلْكِ مَنْ دَمُهُ مَعْصُومٌ بِخِلَافِ ذَاتِ الْمَغْنَمِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِلَفْظِ أَلْبَتَّةَ، وَهِيَ الثَّلَاثُ، أَوْ بِلَفْظِ الثَّلَاثِ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأُولَى بَعْدَهَا، أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَهَلْ الْحَدُّ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ بَتَّهَا فِي مَرَّةٍ، أَوْ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِضَعْفِ مَنْ قَالَ بِإِلْزَامِ الْوَاحِدَةِ فِي الْبَتَّةِ، أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ فِي الْمُفْتَرَقَاتِ لَا فِيمَا إذَا أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْبَتَّةِ هَلْ هِيَ وَاحِدَةٌ أَمْ لَا؟ . تَأْوِيلَانِ . (ص) ، أَوْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ مُعْتَقَةً بِلَا عَقْدٍ كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا، أَوْ مَجْنُونٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ، أَوْ الْحُكْمَ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ إلَّا الْوَاضِحَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ، وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ أَعْتَقَ أُمَّتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، فَقَوْلُهُ: بِلَا عَقْدٍ رَاجِعٌ لَهُمَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ مُؤْتَنَفٌ كَمَنْ وَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَيُحَدُّ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ خِلَافًا لز فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَكَذَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ إذَا مَكَّنَتْ مَمْلُوكَهَا مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى وَطِئَهَا عَنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَا إنْ كَانَ بِعَقْدٍ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَكَذَلِكَ تُحَدُّ الْمَرْأَةُ إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا مِنْ نَفْسِهَا لَا إنْ مَكَّنَتْ صَبِيًّا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ إذْ لَا يَحْصُلُ لَهَا بِهِ لَذَّةٌ كَالْكَبِيرِ الْمَجْنُونِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ بِأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أُمَّتَهُ، وَأَمَّا إذَا قَدِمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ شَاكٌّ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا سُقُوطُ الْحَدِّ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ أَيْ: التَّحْرِيمِ لِأَجْلِ قُرْبِ عَهْدٍ مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ إلَّا الزِّنَا الْوَاضِحَ الَّذِي لَا يَجْهَلُهُ إلَّا النَّادِرُ فَيُحَدُّ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ كَدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ حِلَّ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ، أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا الْوَاضِحَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ وَلِذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى جَهْلِ مِثْلِهِ، وَلَيْسَ بِقَيْدٍ زَائِدٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ، أَوْ الْحُكْمَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي فِي بَابِ   [حاشية العدوي] فَقِيهَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي زَمَنِهِ أَبَاحَهُ وَتَزَوَّجَ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ امْرَأَةً نِكَاحَ مُتْعَةٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا إلَخْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَبَعْدَ أَنْ أَبَتَّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ، أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السِّتِّ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ فِي الْمُفْتَرَقَاتِ) أَيْ: مَحَلُّ الْخِلَافِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّةٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ بِعَقْدٍ، أَوْ لَا أَوْ بَعْدَهَا بِعَقْدٍ وَهِيَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ حَرَّةً، أَوْ أَمَةً فَهِيَ سِتِّ صُوَرٍ، وَكَذَا إنْ أَبَتَّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ، وَوَطِئَهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ حَرَّةً أَوْ أَمَةً فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَأَمَّا إنْ أَبَتَّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّاتٍ ثُمَّ وَطِئَهَا بِعَقْدٍ أَوْ لَا، أَوْ فِي مَرَّةٍ وَوَطِئَهَا بِدُونِ عَقْدٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ حَرَّةً أَوْ أَمَةً فَيُحَدُّ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ السِّتَّةِ، وَكَذَا إنْ أَبَتَّهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّاتٍ، وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا بِعَقْدٍ أَمْ لَا، أَوْ أَبَتَّهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ وَوَطِئَ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِدُونِ عَقْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ حَرَّةً، أَوْ أَمَةً فَيُتَّفَقُ عَلَى حَدِّهِ فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ كَالسِّتِّ قَبْلَهَا، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ يُحَدُّ اتِّفَاقًا فِي سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَلَا حَدَّ اتِّفَاقًا فِي سِتَّةٍ وَالتَّأْوِيلَانِ فِي ثَمَانٍ. (تَنْبِيهٌ) : التَّأْوِيلَانِ لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ بَلْ فِي كَلَامِ أَصْبَغَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِطْلَاقُ كَانَ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهُمَا فِي الثَّلَاثِ فَقَطْ وَأَمَّا الْبَتَّةُ فَقَالَ أَصْبَغُ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً عَنْ الثَّلَاثِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الثَّلَاثِ فِيهَا أَنْ تَكُونَ هِيَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت بِاخْتِصَارٍ . (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ عُذِرَ بِجَهْلٍ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ إلَخْ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ كَمَا عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي وَطْئِهِ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ الْمُعْتَقَةَ بِلَا عَقْدٍ صَدَاقٌ مُؤْتَنَفٌ. (قَوْلُهُ: حَتَّى وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ) أَيْ: إلَّا إنْ تَعَذَّرَ بِجَهْلٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا حَكَى عَنْ النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُ رُفِعَ لِعُمَرَ امْرَأَةٌ اتَّخَذَتْ غُلَامَهَا لِوَطْئِهَا فَأَرَادَ رَجْمَهَا فَقَالَتْ: قَرَأْتُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] فَقَالَ: تَأَوَّلْتِ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَتَرَكَهَا وَجَزَّ رَأْسَ الْغُلَامِ وَغَرَّبَهُ. (قَوْلُهُ: إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا) أَيْ: مَا لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهَا وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْحُكْمُ أَيْ: فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا الْمَرْهُونَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّ رَهْنَهَا يُبِيحُ لَهُ وَطْأَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ مَكَّنَتْ صَبِيًّا) وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَدْخَلَتْ ذَكَرَ الْمَيِّتِ فِي فَرْجِهَا. (قَوْلُهُ: كَدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ إلَخْ) أَيْ: وَكَأَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ، أَوْ أَمَتُهُ فِي غَايَةِ النَّحَافَةِ وَاَلَّذِي اعْتَقَدَ أَنَّهَا هِيَ فِي غَايَةِ السِّمَنِ، أَوْ عَكْسُهُ. (قَوْلُهُ: مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهُ يُحَدُّ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ الْوَاضِحُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى جَهْلِ مِثْلِهِ) أَيْ: يُؤْخَذُ مَعْنَاهُ مِنْهُ لَا أَنَّ مَعْنَى هَذَا هُوَ مَعْنَى هَذَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: الْحُكْمُ فَيَقُولُ: ثُمَّ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ: أَوْ الْحُكْمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 77 الشُّرْبِ، وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ، أَوْ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يُجْهَلُ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَدْ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَفَشَا، فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ . (ص) لَا مُسَاحَقَةٌ وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا كَبَهِيمَةٍ، وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ، وَالْأَكْلِ وَمَنْ حُرِّمَ لِعَارِضٍ كَحَائِضٍ، أَوْ مُشْتَرَكَةٍ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَا تُعْتَقُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ شِرَارَ النِّسَاءِ إذَا فَعَلَ بَعْضُهُنَّ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْفِعْلِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا إيلَاجَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ، وَكَذَا سَائِرُ مَنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُحَدُّ مِنْ مَجْبُوبٍ وَمَقْطُوعِ ذَكَرٍ، وَصَبِيٍّ، وَصَبِيَّةٍ مُمَيِّزَيْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْغَصْبِ، وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ تُدْخِلُ فِي فَرْجِهَا ذَكَرَ بَهِيمٍ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ، أَوْ ذَكَرَ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ، وَلَيْسَ بِزِنًا، وَيَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا تُؤْكَلُ أُكِلَتْ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ بِقَتْلِهَا، وَهَلْ لِخَوْفِ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ مُشَوَّهٍ، أَوْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُذَكِّرُ الْفَاحِشَةَ فَيُعَيَّرُ بِهَا؟ . قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ فِي حَالِ حَيْضِهَا، أَوْ إحْرَامِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ لَمْ تَكُنْ أَصْلِيَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ وَيَزُولُ، وَلَا يَشْمَلُ ذَلِكَ حَدَّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَهُ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِلْكٌ قَوِيٌّ وَالشُّبْهَةُ إذَا قَوِيَتْ تَدْرَأُ الْحَدَّ أَيْ: تُسْقِطُهُ وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَعَمَّتِهِ، وَابْنَةِ أَخِيهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ وَطِئَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَتُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعُودَ إلَى وَطْئِهَا ثَانِيَةً. (ص) ، أَوْ مُعْتَدَّةٍ. (ش) يَحْتَمِلُ أَمَةً مُعْتَدَّةً أَيْ: أَنَّ السَّيِّدَ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ امْرَأَةً مُعْتَدَّةً أَيْ: إذَا عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَوَطِئَهَا عَالِمًا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مَعَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً فَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، أَوْ بَائِنًا بِغَيْرِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَنَوَى بِوَطْئِهِ الرَّجْعَةَ، أَوْ غَيْرَ رَجْعِيَّةٍ، وَنَكَحَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، فَلَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ، وَلَا حَرَجَ، وَإِنْ وَطِئَ الرَّجْعِيَّةَ، أَوْ الْبَائِنَ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ فِي الرَّجْعِيَّةِ، وَبِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فِي الْبَائِنِ فَفِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لِأَنَّ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ الْوَاضِحِ) أَيْ: فَحُرْمَةُ الزِّنَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَاضِحِ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الشُّرْبِ فَمِنْ الْوَاضِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الزِّنَا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ: وَيَكُونُ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ إلَخْ وَجَهْلُ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ حَيْثُ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إنْ جَهِلَ مِثْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الزِّنَا لِمَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَاضِحَ فَرْضُهُ فِي دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ حِلُّ وَطْءِ الْمُرْتَهِنَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَ، وَمُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ أَيْ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمُ أَيْ: فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَاضِحَ هُوَ جَهْلُ تَحْرِيمِ الزِّنَا . (قَوْلُهُ: لَا مُسَاحَقَةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى (وَطْءُ) مِنْ قَوْلِهِ: الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُكَلَّفٍ أَيْ: لَا وَطْءُ مُسَاحَقَةٍ، فِي الْقَامُوسِ أَسْحَقَ الضَّرْعُ ذَهَبَ لَبَنُهُ وَبَلِيَ وَلَصِقَ بِالْبَطْنِ وَفُلَانًا أَبْعَدَهُ وَأَسْحَقَ اتَّسَعَ. اهـ.، وَحِينَئِذٍ سُمِّيَ مُسَاحَقَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تُلْصِقُ فَرْجَهَا بِفَرْجِ الْأُخْرَى، أَوْ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا يُبْعِدُهُمَا عَنْ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالسِّمَاتِ الْحَسَنَةِ، أَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تُوَسِّعُ نَفْسَهَا لِلْأُخْرَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَحَائِضٍ) أَيْ: وَكَذَا الْمُعْتَكِفَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَكَةٍ) وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ أَيْ: وَلِذَا يُؤَدِّينَ إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ: جَمِيعُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمُسَاحَقَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِشَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا وَلَا مَالٍ وَلَا آيِلَ إلَيْهِ، وَكَذَا فِي الثُّبُوتِ وَالْأَدَبِ مِنْ لَفِّ خِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ، أَوْ غَيْبٍ فِي هَوَاءِ الْفَرَجِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ: تُقْتَلُ بِلَا ذَبْحٍ وَتُحْرَقُ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ لِخَوْفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَحْصُلُ بِالذَّبْحِ وَالْأَكْلِ فَلَا مُوجِبَ لِلْقَتْلِ وَالْحَرْقِ، ثُمَّ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِالنِّتَاجِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ فَقَطْ الْبَغْلِ، وَالسِّمْعِ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَهُوَ وَلَدُ الذِّئْبِ مَعَ الضَّبُعِ وَمِمَّا يَتَوَلَّدُ مِنْ جِنْسَيْنِ أَيْضًا الْعُقَابُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْعُقَابَ جَمِيعَهُ أُنْثَى، وَأَنَّ الَّذِي يُسَافِدُهُ طَائِرٌ آخَرُ غَيْرُ جِنْسِهِ، وَقِيلَ: إنَّ الثَّعْلَبَ يُسَافِدُهُ قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَهَذَا مِنْ الْعَجَائِبِ، وَأَمَّا الزَّرَافَةُ فَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ حَيَوَانَاتٍ النَّاقَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالضِّبْعَانِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْ الضِّبَاعِ فَيَقَعُ الضِّبْعَانُ عَلَى النَّاقَةِ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ بَيْنَ النَّاقَةِ وَالضَّبُعِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَقَعَ عَلَى الْبَقَرَةِ فَتَأْتِي الزَّرَافَةُ، وَذَلِكَ فِي بِلَادِ الْحَبَشَةِ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا الزَّرَافَةُ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْجَمَاعَةُ فَلَمَّا تَوَلَّدَتْ مِنْ جَمَاعَةٍ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ أَقُولُ: وَكَذَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِرْذَوْنَ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ) أَيْ: وَالْمَرْأَةُ وَالْحَائِضُ لِزَوْجِهَا مِلْكٌ لَهُ فِيهَا أَيْ: تَسَلُّطٌ شَرْعِيٌّ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِدُونِ الْوَطْءِ فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا مِلْكَ لَهُ مَعْنَاهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الْعَمَّةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا شُبْهَةَ وَهُنَا وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ صَارَ لَهُ شُبْهَةُ تَسَلُّطٍ شَرْعِيٍّ، فَحِينَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ كَمَا تَخْرُجُ الْحَائِضُ. (قَوْلُهُ: إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ) وَكَذَا أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا صَادِقٌ عَلَيْهِ) أَيْ: فَالْمَشْهُورُ مُشْكِلٌ، وَيُجَابُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَذْفِ وَلَا شُبْهَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ عَلَيْهَا وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 الرَّجْعِيَّةِ الْأَدَبُ، وَفِي الْبَائِنِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بَاقِيَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ خِلَافًا لز . (ص) ، أَوْ بِنْتٍ عَلَى أُمٍّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ عَلَى أُخْتِهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا عَقَدَ عَلَى ابْنَتِهَا وَدَخَلَ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ مَا دَامَتْ الْأُمُّ فِي عِصْمَتِهِ، فَإِذَا طَلَّقَ الْأُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَلَّتْ لَهُ ابْنَتُهَا، أَمَّا لَوْ دَخَلَ أَيْ، أَوْ تَلَذَّذَ بِالْأُمِّ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، فَالْحَدُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أُخْتًا عَلَى أُخْتِهَا، وَدَخَلَ بِهِمَا وَهَلْ لَا حَدَّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخْتُ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ تَعْمِيمَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مَحَلَّ عَدَمِ الْحَدِّ إذَا كَانَتْ الْأُخْتُ مِنْ رَضَاعٍ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ بِالسُّنَّةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ نَسَبٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَهَلْ إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ . تَأْوِيلَانِ) وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى عَمَّتِهَا مَثَلًا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِذَلِكَ بِالسُّنَّةِ لَا بِالْكِتَابِ . (ص) وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ، وَقُوِّمَتْ، وَإِنْ أَبَيَا. (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ أَمَةً قَدْ حَلَّلَهَا لَهُ مَالِكُهَا لِلشُّبْهَةِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْلِيلِ، أَوْ جَاهِلًا، وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَاحِقٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَتَقُومُ تِلْكَ الْأَمَةُ عَلَى وَاطِئِهَا لِتُتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةَ، وَسَوَاءٌ رَضِيَا بِذَلِكَ أَيْ: صَاحِبُهَا، وَالْوَاطِئُ لَهَا أَمْ لَا، وَعَدَمُ الْحَدِّ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ عَطَاءٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ خَاصٌّ بِالْإِمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُحْمَلُ الْأَمَةُ عَلَى الْقِنِّ، وَالْكَافُ أَدْخَلَتْ مَا فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ مِنْ مُدَبَّرَةٍ، وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ، وَقَدْ يُقَالُ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَرَائِرَ كَمَا بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ الْبَرْبَرِ، وَبَعْضِ بِلَادِ قزلباش أَنَّهُمْ يُحَلِّلُونَ أَزْوَاجَهُمْ لِلضِّيفَانِ يَعْتَقِدُونَهُ كَرَمًا جَهْلًا مِنْهُمْ، فَعَلَيْهِمْ الْأَدَبُ إنْ جَهِلُوا ذَلِكَ . (ص) ، أَوْ مُكْرَهَةٍ، أَوْ مَبِيعَةٍ بِالْغَلَاءِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْرَهَةَ لَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَلَا أَدَبَ لِنَفْيِ التَّعَمُّدِ عَنْهَا اتِّفَاقًا، وَفِي الْمُكْرَهِ الْخِلَافُ الْآتِي وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى الْحُرَّةِ إذَا أَقَرَّتْ لِزَوْجِهَا بِالرِّقِّ فَبَاعَهَا لِأَجْلِ الْغَلَاءِ، فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لِعُذْرِهَا بِالْجُوعِ، وَقَدْ بَانَتْ مِنْ عِصْمَةِ زَوْجِهَا، وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا، وَفِعْلًا وَبِعِبَارَةِ الْبَاءِ بِمَعْنَى فِي أَيْ: مَبِيعَةٍ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ، وَبَيْعُهَا فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا جَوْعَانَةَ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَفِي الْبَائِنِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: وَالْأَدَبُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الرَّجْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بَاقِيَةٌ) أَيْ: لِأَنَّ الَّذِي يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ إنَّمَا هُوَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفَادَتِهَا) أَيْ: إلَى اسْتِفَادَةِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ أَيْ: لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَبْتُوتَةً، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمَبْتُوتَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ أُبِتَّتْ إلَخْ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ: وَالْمَبْتُوتَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ مَعْلُومَةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِمَّا ذَكَرَ، وَقَوْلُهُ: بَاقِيَةٌ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ . (قَوْلُهُ: فَالْحَدُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ السَّابِقُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ رَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ بِالسُّنَّةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ: أَوَّلًا لِأَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ اقْتَضَتْ تَحْرِيمَ الْأُخْتَيْنِ مُطْلَقًا. وَيُجَابُ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الثَّانِي لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي تَعْمِيمَ الْأُخْتَيْنِ، بَلْ الْآيَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْأُخْتَيْنِ مِنْ النَّسَبِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ قَوْلِهِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] . (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) حَقُّهُ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ نَصٌّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي نِكَاحٍ بِاعْتِبَارِ الْحَدِّ لَا وُجُوبًا وَلَا سُقُوطًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا التَّحْرِيمَ خَاصَّةً . (قَوْلُهُ: وَقُوِّمَتْ) أَيْ: يَوْمَ الْوَطْءِ فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مَلِيئًا أُخِذَتْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَانْتَظَرَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنَّهَا تُبَاعُ، وَالزَّائِدُ يَأْخُذُهُ الْوَاطِئُ وَهَذَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِالْقِيمَةِ، وَلَا تُبَاعُ. (قَوْلُهُ: قَدْ حَلَّلَهَا لَهُ مَالِكُهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَالِكِ الْمُحَلِّلِ بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةَ الْوَاطِئِ، أَوْ قَرِيبَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْلِيلِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِحُرْمَةِ التَّحْلِيلِ، أَوْ جَاهِلًا، وَيَحْتَمِلُ الْبَقَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ جَاهِلًا أَيْ: التَّحْلِيلُ وَقَعَ فِي غَيْبَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ ابْتِدَاءً) أَيْ: فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا الِانْتِهَاءُ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَقُوِّمَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَبَّرَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ، وَيُمْنَعُ وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: قَزِلْبَاشَ) رَأَيْتهَا مَضْبُوطَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ بِفَتْحَةٍ فَوْقَ الْقَافِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلُوا) وَإِنْ عَلِمُوا ارْتَدُّوا لِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّ الْحَرَامِ، وَأَمَّا الْوَاطِئُ فَيُؤَدَّبُ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ وَإِلَّا حُدَّ . (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ أَيْ: وَلَا أَدَبَ. (قَوْلُهُ: إنْ أَقَرَّتْ لِزَوْجِهَا بِالرِّقِّ) لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا إلَخْ) أَيْ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ إلَخْ أَيْ: فِي صُورَةِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ) أَيْ: وَجَدَ الزَّوْجَ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا إذَا وَجَدَهُ وَكَانَ مُعْدَمًا بِذَلِكَ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا) أَمَّا الْقَوْلُ فَإِقْرَارُهَا بِالرِّقِّ لَهُ، وَأَمَّا فِعْلًا فَتَمْكِينُهَا مِنْ نَفْسِهَا لَهُ، وَالْمَدَارُ عَلَى انْقِيَادِهَا لِلْبَيْعِ لَهُ وَإِظْهَارِ أَنَّهَا رَقِيقَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ: وَلَكِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا مُطْلَقًا كَانَتْ جَوْعَانَةَ أَوْ لَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 79 الْقَاسِمِ مَنْ جَاعَ فَبَاعَ زَوْجَتَهُ مِنْ رَجُلٍ، فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ، فَوَطِئَهَا مُشْتَرِيهَا فَعَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُمَا يُعْذَرَانِ، وَتَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ قُلْت: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا جُوعٌ قَالَ: فَحَرِيٌّ أَنْ تُحَدَّ، وَيُنَكَّلَ زَوْجُهَا، وَلَكِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى . (ص) وَالْأَظْهَرُ كَأَنْ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ، وَنَكَلَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ الْوَاطِئُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا فَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ، وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ لَهُ، فَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ عَنْهَا، فَتَوَجَّهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ فَحَلَفَهَا أَيْ: حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا، وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الْوَاطِئُ يُحَدُّ مَعَ نُكُولِ الْبَائِعِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ يُحَدُّ أَيْضًا. (ص) وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ. (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكْرَهَةَ عَلَى الْوَطْءِ لَا حَدَّ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْجِمَاعِ هَلْ يُحَدُّ، أَوْ لَا؟ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ كَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ . (ص) وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقًا، أَوْ يَهْرُبَ وَإِنْ فِي الْحَدِّ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَعْرِيفِ الزِّنَا، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يَثْبُتُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ الْإِقْرَارُ وَلَوْ مَرَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي اشْتِرَاطِهِمَا ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ إذْ رَدَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِحَدِّ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا طَوْعًا، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَفِي الصَّحِيحِ: «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا، فَرُجِمَتْ» فَظَاهِرُ مَا فِي الْحَدِيثِ الِاكْتِفَاءُ بِأَقَلِّ مَا يَصْدُقُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَصْدُقُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ انْتَهَى، وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مَاعِزٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَنْكَرَ عَقْلَهُ، وَلِذَا أَرْسَلَ لِقَوْمِهِ مَرَّتَيْنِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ عَقْلِهِ حَتَّى أَخْبَرُوهُ بِصِحَّتِهِ فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ كَابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَلْ الْخِلَافُ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَأَمَّا ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَيْسَ كَالْمُؤَلَّفِ فِيمَا ذَكَرَ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الزَّانِي يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَا يُحَدُّ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ فِي الْحَدِّ، أَوْ فِي غَيْرِ الْحَدِّ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ، أَوْ لِشُبْهَةٍ كَقَوْلِهِ: وَطِئْتُ امْرَأَتِي، وَهِيَ حَائِضٌ، أَوْ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَظَنَنْت أَنَّ ذَلِكَ زِنًا، وَمِثْلُ الرُّجُوعِ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ إنْكَارَهُ يُعَدُّ رُجُوعًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الزَّانِي الْمُقِرِّ بِهِ إذَا هَرَبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: " قَدْ «هَرَبَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، فَاتَّبَعُوهُ فَقَالَ لَهُمْ: رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرُدُّوهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ، وَأَمَّا الْهُرُوبُ قَبْلَ الْحَدِّ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ فِي الْحَدِّ وَاوُ الْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ. أَيْ: أَوْ يَهْرُبَ، وَهُوَ فِي الْحَدِّ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَإِنَّمَا كَانَ الْهُرُوبُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ مُسْقِطًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ دَالٌّ عَلَى الرُّجُوعِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ . (ص) وَبِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا، أَوْ يُحْمَلُ فِي غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ، وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الزِّنَا يَثْبُتُ أَيْضًا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ عُدُولٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحِلَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَرُؤْيَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ) الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: بَاعَ لِكَوْنِهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ أَيْ: بِمُوجِبِ الْبَيْعِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ أَحَبُّ إلَيَّ) أَيْ: لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُكْرَهَةً فِي وَطْئِهِ لَهَا إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ لَأَكْرَهَهَا أَيْ: وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْبَيْعِ طَوْعًا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الزِّنَا لَيْسَ فِيهِ إكْرَاهٌ، فَذَلِكَ فِي الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ انْتِشَارَهُ يُنَافِي إكْرَاهَهُ . (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيمَا يُذْكَرُ، وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ، أَوْ بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ فَلَا حَدَّ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ حَدٌّ وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الْوَاطِئُ إلَخْ) الصُّوَرُ ثَلَاثٌ: نُكُولُهُمَا، حَلِفُ الْوَاطِئِ، حَلِفُ الْبَائِعِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حَلِفُهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى حَلَفَ الْبَائِعُ ثَبَتَ قَوْلُهُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَاطِئِ يَمِينٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ) أَيْ: لَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ إنْ زَنَى بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ زَنَى بِمُكْرَهَةٍ، أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ حُدَّ إذْ إكْرَاهُهُ كَلَا إكْرَاهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ: فَيُحَدُّ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ عَلَى الزِّنَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرِهُ غَيْرَهَا فَعَلَى الْوَاطِئِ الصَّدَاقُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ . (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقًا) أَيْ: فَيَنْفَعَهُ فِي نَفْيِ الْحَدِّ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ امْرَأَةً نَائِمَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَلَا حَدَّ قَذْفٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا نَائِمَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَهْرُبَ) بِضَمِّ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَخْ) اسْمُ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ وَإِنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ تَحَكُّمَ الْغَيْرِ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ: فَأَمَرَ، ضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى أُنَيْسٍ وَقَوْلُهُ: بِهَا أَيْ: بِرَجْمِهَا. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ إلَخْ) خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَقَوْلُهُ: وَيُقَالُ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ يَتُوبُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّوْبَةِ تَمْنَعُ الْحَدَّ، وَالْمَذْهَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَانِعُ لِلْحَدِّ هُوَ الرُّجُوعُ لَا التَّوْبَةُ الشَّرْعِيَّةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْأَشْبَهُ هُوَ الْعَكْسُ، وَأَمَّا هُرُوبُهُ بَعْدَ الْحَدِّ فَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ لِأَجْلِ الْعَذَابِ فَقَطْ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 80 وَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا، وَأَنَّهَا رَتْقَاءُ، أَوْ نَظَرَ إلَيْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَصَدَّقْنَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ قَامَ عَلَى الْعُذْرَةِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَسَقَطَ الْحَدُّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا الشَّهَادَةَ ابْتِدَاءً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الزِّنَا بِظُهُورِ الْحَمْلِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ: لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ، وَفِي حَقِّ أَمَةِ سَيِّدِهَا مُنْكِرٍ لِوَطْئِهَا، وَتُحَدُّ. قَوْلُهُ: مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ: بِزَوْجٍ يَلْحَقُ بِهِ الْحَمْلُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْبُوبًا، أَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا فَتُحَدُّ. (ص) وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا سَيِّدَ لَهَا، أَوْ لَهَا سَيِّدٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِوَطْئِهَا، فَإِنَّهَا تُحَدُّ، وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا قَرِينَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ لَهَا قَرِينَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا كَمَا إذَا جَاءَتْ تَدْمَى، وَهِيَ مُسْتَغِيثَةٌ عِنْدَ النَّازِلَةِ، أَوْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ إلَخْ . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الزِّنَا وَأَحْكَامِهِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرَّجْمِ وَأَحْكَامِهِ فَقَالَ: (ص) يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ صَحَّ. (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَنْوَاعَ الْحَدِّ ثَلَاثَةٌ: رَجْمٌ وَجَلْدٌ مَعَ تَغْرِيبٍ، وَجَلْدٌ مُنْفَرِدٌ وَبَدَأَ بِالرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إذَا عَقَدَ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا، وَوَطِئَ وَطْئًا مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ فِيهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْصِنًا، فَقَوْلُهُ: أَصَابَ أَيْ: وَطِئَ وَعَبَّرَ بِالْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَطْءِ بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ، أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي بَعْدِهِنَّ لِلْأَوْصَافِ أَيْ: بَعْدَ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ، وَالْبَاءُ فِي بِنِكَاحٍ بِمَعْنَى فِي أَيْ: فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَازِمٍ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ وَطْءُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَبِقَوْلِهِ: لَازِمٍ نِكَاحُ الْمَعِيبِ، وَالْمَعِيبَةِ وَالْمَغْرُورِ، وَالْمَغْرُورَةِ، فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا لِعَدَمِ اللُّزُومِ فَإِذَا زَنَى، فَلَا يُرْجَمُ، بَلْ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ، وَفَاعِلٍ صَحَّ الْوَطْءُ أَيْ: حَلَّ فَإِذَا زَنَى بَعْدَ أَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي حَيْضِهَا، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ؛ لِعَدَمِ حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ فَقَوْلُهُ: يُرْجَمُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ أَسْفَلِ، وَجَوَّزَ الْبِسَاطِيُّ قِرَاءَتَهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: الزِّنَا، وَهِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: الزِّنَا مَصْحُوبٌ بِرَجْمِ الْمُكَلَّفِ، وَجَلْدِ الْبِكْرِ، وَتَغْرِيبِ الذَّكَرِ أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا) أَيْ: أَنَّهَا عَذْرَاءُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَمَّدُوا الشَّهَادَةَ) أَيْ: عَلَى الْعَذْرَاءِ أَيْ: يَتَعَمَّدُوا مُوجِبَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ النَّظَرُ لِبَكَارَتِهَا فَلَا يَقْدَحُ النَّظَرُ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَذْرَاءِ. (قَوْلُهُ: سَيِّدُهَا مُنْكِرٌ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ صَغِيرًا أَيْ: وَأَمَّا ظُهُورُهُ لِمُتَزَوِّجَةٍ وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: دَعْوَاهَا الْغَصْبَ) أَيْ: لَا الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ، أَوْ الْغَلَطَ أَوْ النَّوْمَ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بَعْدَهُنَّ) أَيْ: بَعْدَ التَّكْلِيفِ الْمُتَضَمِّنِ لِشَيْئَيْنِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى. (قَوْلُهُ: لَازِمٍ) أَيْ: ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا أَيْ: بِأَنْ لَزِمَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنْ كَانَ فَاسِدًا فَاتَ بِالدُّخُولِ وَهَلْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ الْمُفَوِّتِ يَحْصُلُ التَّحْصِينُ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وَطْءٍ ثَانٍ قَوْلَانِ فَالْوَطْءُ الثَّانِي مُحْصَنٌ بِلَا نِزَاعٍ، فَخَرَجَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَخَرَجَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: لَازِمٍ نِكَاحُ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي زَوْجَةٍ مُطِيقَةٍ، وَلَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً مَجْنُونَةً، أَوْ حُرَّةً كَافِرَةً مَجْنُونَةً، وَتُرْجَمُ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الْعَاقِلَةُ إنْ أُصِيبَتْ بَعْدَهُنَّ مِنْ بَالِغٍ مُسْلِمٍ، وَإِنْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا، وَقَوْلُهُ: إذَا عَقَدَ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا إشَارَةً لِتَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ إلَخْ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ صَحَّ عَلَى قَوْلِهِ لَازِمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الصِّحَّةُ فَيَضِيعُ قَوْلُهُ: صَحَّ عَنْ الْفَائِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَازِمٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ اللُّزُومُ فَفِي ذِكْرِ اللُّزُومِ بَعْدَ الصِّحَّةِ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَوَطِئَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَصَابَ أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِصَابَةِ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ الَّذِي مَعَهُ انْتِشَارٌ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَنَى إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الرَّجْمُ مَنُوطًا بِمُجَرَّدِ اجْتِمَاعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالْإِصَابَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِوَطْءٍ لَأَفْهَمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ الْكَامِلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْإِصَابَةِ مَعَ أَنَّهُ فَسَّرَ الْإِصَابَةَ بِالْوَطْءِ وَأَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى فِي) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَقْدِ وَطْءٍ) أَيْ: لِأَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَقْدٍ بَلْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: فَاعِلٌ صَحَّ الْوَطْءُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ النِّكَاحَ أَوَّلًا وَأَرَادَ بِهِ الْعَقْدَ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِيرُ صَحَّ لَهُ لَا بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْوَطْءُ أَيْ: أَنَّ الْوَطْءَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا احْتِرَازًا عَنْ وَطْءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالصَّائِمَةِ وَالْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ وَعَنْ وَطْئِهَا فِي مَسْلَكِ الْبَوْلِ، أَوْ دُبُرِهَا كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ، فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ حِلِّهِ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ الِاسْتِخْدَامَ دَفْعًا لِلِاعْتِرَاضِ الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى كَانَ لَازِمًا كَانَ صَحِيحًا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: صَحَّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَازِمًا. (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ الْبِسَاطِيُّ إلَخْ) كَانَ نُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ لَيْسَ فِيهَا نُقْطَتَانِ تَحْتَ صُورَةِ الْيَاءِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِجَلْبِ ذَلِكَ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الزِّنَا) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ: الزِّنَا وَطْءُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ) أَيْ: هَذَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ صُورَةٌ بِأَنَّهُ وَطْءُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْ: بِهَذَا الْمَحْكُومِ بِهِ عَلَى الزَّانِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 81 مَا هِيَ فَاسِدَةٌ، بَلْ صَحِيحَةٌ، وَلَهَا مَعْنَى لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْإِعْرَابِيَّ لَا يُتَكَلَّفُ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ فَائِدَةٌ، وَشُرُوطُ الْإِحْصَانِ عَشْرَةٌ مَتَى تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا لَا يُرْجَمُ، وَهِيَ الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْإِصَابَةُ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَازِمٍ، وَوَطْءٌ صَحِيحٌ بِانْتِشَارٍ، وَعَدَمُ مُنَاكَرَةٍ، وَأَمَّا عِلْمُ الْخَلْوَةِ، فَذَكَرَ مَا يُغْنِي عَنْهُ، وَهُوَ الْإِصَابَةُ لِأَنَّهَا أَخَصُّ. (ص) بِحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ، ثُمَّ الْإِمَامُ. (ش) مُتَعَلِّقٌ بِيُرْجَمُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْفِعْلِ وَبِرَجْمٍ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْمَصْدَرِ أَيْ: الرَّجْمِ بِحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ فَلَا يُرْجَمُ بِحِجَارَةٍ كِبَارٍ خَوْفَ التَّشْوِيهِ، وَلَا بِحِجَارَةٍ صِغَارٍ خَوْفَ التَّعْذِيبِ؛ لِعَدَمِ إسْرَاعِ الْمَوْتِ فَالْمُعْتَدِلَةُ أَقْرَبُ لِلْإِجْهَازِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ حَدِيثًا صَحِيحًا، وَلَا سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالزِّنَا تَبْدَأُ بِالرَّجْمِ لِلزَّانِي، ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ وُجِدَ فِي النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد إلَّا أَنَّهُ مَا صَحَّ عِنْدَ مَالِكٍ. (ص) كَلَائِطٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَبْدَيْنِ وَكَافِرَيْنِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّائِطَ إذَا كَانَ بَالِغًا طَائِعًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصِنًا أَمْ لَا، سَوَاءٌ كَانَا عَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَعَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ الرَّجْمُ، أَحْصَنَا، أَوْ لَمْ يُحْصِنَا، وَلَا صَدَاقَ فِي ذَلِكَ فِي طَوْعٍ، أَوْ إكْرَاهٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ مُكْرَهًا، أَوْ صَبِيًّا طَائِعًا لَمْ يُرْجَمْ، وَرُجِمَ الْفَاعِلُ، وَالشَّهَادَةُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا. اهـ.، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الزِّنَا رَجْمٌ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْعَذَابِ، وَلَا نِصْفَ لِلرَّجْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَتْلِ أَوْ الْفِرْيَةِ، أَوْ السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ كَالدَّيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُقَامُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا أَتَاهَا؟ ، فَكَذَلِكَ إذَا ارْتَكَبَهَا الْكَافِرُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ كَحَدِّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] . فَقَوْلُهُ: كَلَائِطٍ أَيْ: ذِي لِوَاطٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ النِّسْبَةِ كَتَامِرٍ أَيْ: ذِي تَمْرٍ، وَنَابِلٍ أَيْ: ذِي نُبْلٍ، وَلَيْسَ اسْمَ فَاعِلٍ مِنْ لَاطَ يَلُوطُ فَهُوَ لَائِطٌ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا مُحْصَنًا، أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ بَالِغَيْنِ، أَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ طَائِعَيْنِ، أَوْ مُكْرَهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالطَّوْعُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَبْدَيْنِ وَكَافِرَيْنِ مَعَ دُخُولِ مَا ذَكَرَ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْعَبْدَ يُجْلَدُ خَمْسِينَ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يُرَدُّ إلَى حُكَّامِ مِلَّتِهِ . (ص) وَجَلْدُ الْبِكْرِ الْحُرِّ مِائَةٌ وَتُشْطَرُ لِلرِّقِّ، وَإِنْ قَلَّ. (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبِكْرَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ الْبَالِغَ إذَا زَنَى، فَإِنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَيُغَرَّبُ عَامًا، وَالْمُرَادُ بِالْبِكْرِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ أَصْلًا، أَوْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ فِي أَمَتِهِ، أَوْ فِي زَوْجَتِهِ، لَكِنْ فِي حَيْضِهَا، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ، وَفُسِخَ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ قَلَّ جُزْءُ رِقِّهِ، فَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ جَلْدَةً؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرِّ مِنْ الْعَذَابِ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ الْأَرِقَّاءَ لَا يُجْلَدُونَ إلَّا إذَا تَزَوَّجُوا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَمَعْنَى أُحْصِنَّ تَزَوَّجْنَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُنَّ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ الْجَلْدُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى   [حاشية العدوي] وَهُوَ الرَّجْمُ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِهِ عَلَى الزَّانِي الْمَرْجُومِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: صُورَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الزِّنَا وَطْءُ إلَخْ تَعْرِيفٌ لِلزِّنَا بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعْنَى الْإِعْرَابِيَّ أَيْ: الْمَعْنَى الْمَنْسُوبَ لِلْإِعْرَابِ فَقَوْلُهُ: الْمَعْنَى إشَارَةٌ إلَى الْمُصَاحَبَةِ، وَقَوْلُهُ: الْأَعْرَابِيُّ إشَارَةٌ إلَى التَّعَلُّقِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبُلُوغُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطٌ أَوَّلٌ الْعَقْلُ شَرْطٌ ثَانٍ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَالْإِسْلَامُ رَابِعٌ وَالْإِصَابَةُ خَامِسٌ، وَقَوْلُهُ: فِي عَقْدِ نِكَاحٍ سَادِسٍ، وَقَوْلُهُ: لَازِمٌ سَابِعٌ، وَقَوْلُهُ: وَوَطْءٌ ثَامِنٌ، وَقَوْلُهُ: صَحِيحٌ تَاسِعٌ، وَقَوْلُهُ: بِانْتِشَارٍ هُوَ الْعَاشِرُ، وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا عَدَمَ الْمُنَاكَرَةِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَا يَخْفَاك أَنَّ قَوْلَهُ: وَوَطْءٌ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: الْإِصَابَةُ فَلَوْ حَذَفَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: بِانْتِشَارٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنَاكَرَةٌ لَكَانَ أَظْهَرَ فَتَدَبَّرْ. وَيُشْتَرَطُ فِي إحْصَانِ الْمَوْطُوءَةِ أَنْ يَكُونَ وَاطِئُهَا بَالِغًا وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ مَجْنُونًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَخَصُّ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِصَابَةِ عِلْمُ الْخَلْوَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَحْفِرُ لَهُ حُفْرَةً عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: يَحْفِرُ لِنِصْفِهِ (تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْتَصُّ الرَّمْيُ بِالظَّهْرِ بَلْ بِمَوَاضِعِ الْمَقَاتِلِ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ السُّرَّةِ إلَى فَوْقَ، وَيَجْتَنِبُ الْوَجْهَ، وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ هُوَ مِنْ التَّعْذِيبِ وَلَيْسَتْ بِمَقَاتِلَ. اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْ تت أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّأْسَ لَا يُتَّقَى قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّقَى كَالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشَوَّهًا بِهِ إذَا ضُرِبَ عَلَى رَأْسِهِ. اهـ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِمَامُ) أَيْ: أَنَّ الْحَاكِمَ قَبْلَ النَّاسِ ثُمَّ النَّاسَ عَقِبَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ: ثُمَّ النَّاسَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ لَفْظِ بُدَاءَةٍ يُغْنِي عَنْهُ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مُحْصِنًا أَمْ لَا) ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ مُحْصَنًا وَمُسْهَبًا وَمُلْقَحًا بِالْفَتْحِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ فِيهَا عَلَى الْقِيَاسِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرَيْنِ) لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ لِوَاطًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بَيَانِ كَوْنِهِ زِنًا وَهَذَا فِي بَيَانِ الرَّجْمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْفِرْيَةُ) أَيْ: الْقَذْفُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالطَّوْعُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَفْعُولَ يُشْتَرَطُ فِي رَجْمِهِ تَكْلِيفُهُ وَطَوْعُهُ وَكَوْنُ وَاطِئِهِ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ يُرْجَمْ الْمَفْعُولُ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ: كَمُبَعَّضٍ أَيْ: وَكَذَا مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَقَوْلُهُ: وَيُغَرَّبُ إلَخْ الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ، وَإِلَّا لَاتَّحَدَ النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ. قَوْلُهُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] إلَخْ) وَالْعَبْدُ فِي مَعْنَى الْأَمَةِ مِنْ بَابِ لَا فَارِقَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 قِرَاءَةِ ضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنْ أُحْصِنَّ، أَمَّا عَلَى فَتْحِهَا فَمَعْنَاهُ أَسْلَمْنَ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى فَلَا حُجَّةَ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْجَلْدُ مَعَ الْإِحْصَانِ دُونَ الرَّجْمِ فِي التَّزْوِيجِ فَلَأَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ الرَّجْمُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَالْآيَةُ سَبَقَتْ لِنَفْيِ الرَّجْمِ عَنْ الْأَرِقَّاءِ، وَذَلِكَ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ . (ص) وَتُحُصِّنَ كُلٌّ دُونَ صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ أَصَابَ صَاحِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَحَصَّنُ دُونَ صَاحِبِهِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِتْقٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ ثُمَّ أَصَابَ صَاحِبَهُ فَإِنَّهُ يَتَحَصَّنُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يُحْصِنُ أَنْ يَكُونَ بِانْتِشَارٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمْنُوعًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مُنَاكَرَةٌ كَمَا فِي الْإِحْلَالِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِعِبَارَةِ وَتُحُصِّنَ إلَخْ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ، وَكُلٌّ فَاعِلٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ السُّوءُ فَهُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: وَقَدْ يَتَحَصَّنُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَقَدْ يَتَحَصَّنَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ يَتَحَصَّنُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ لَا يَتَحَصَّنَانِ، وَقَدْ يَتَحَصَّنُ الزَّوْجُ دُونَ الزَّوْجَةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَوْ قَالَ: بِكَالْعِتْقِ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي بَعْدِهِ رَاجِعًا لِكَالْعِتْقِ، وَيَكُونُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ كَانَ أَحْسَنَ لَكِنْ إنَّمَا خَصَّ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يَطَّرِدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْ جَانِبِ الرَّجُلِ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ تَحْتَ كَافِرٍ . (ص) وَغُرِّبَ الذَّكَرُ الْحُرُّ فَقَطْ عَامًا. (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَهُوَ التَّغْرِيبُ مَعَ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُرَّ الذَّكَرَ إذَا زَنَى فَإِنَّهُ يُحَدُّ مِائَةً، وَيُغَرَّبُ عَامًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ سِجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا تَغْرِيبَ عَلَيْهِ لِمَا يَلْحَقُ سَيِّدَهُ مِنْ الضَّرَرِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَكَذَا الْحُرَّةُ لَا تَغْرِيبَ عَلَيْهَا لَمَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْ الزِّنَا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُ الْعَبْدِ، أَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: غُرِّبَ أَنَّهُ لَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَا يَكْفِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَغُرِّبَ الذَّكَرُ الْحُرُّ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (ص) وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ الذَّكَرَ الَّذِي يُغَرَّبُ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا الْمُحَارِبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ لَمْ يُتَوَصَّلْ إلَيْهِ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأُجْرَةِ أَيْ: أُجْرَةِ الْحَمْلِ وَالْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ، وَالْغِطَاءِ وَالْوَطْءِ وَالسِّجْنِ. (ص) كَفَدَكَ وَخَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ. (ش) فَدَكُ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثُ مَرَاحِلَ وَخَيْبَرُ قَرْيَةٌ أَيْضًا فَيُنْفَى الزَّانِي وَالْمُحَارِبُ إلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَظْهَرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْآيَةِ قَطْعًا أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُحْصِنُوا لَا جَلْدَ عَلَيْهِمْ. (تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ الْجَلْدُ مَعَ حُضُورِ جَمَاعَةٍ أَرْبَعَةٍ، أَوْ اثْنَيْنِ وَهُمَا لِمَالِكٍ قِيلَ: الْحُضُورُ لِلزَّجْرِ، وَقِيلَ: لِلدُّعَاءِ بِالتَّوْبَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ الْحُضُورَ فِي الْجَلْدِ دُونَ الرَّجْمِ. اهـ. إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَهِيَ شَاهِدَةٌ لَنَا وَتَكُونُ عَامَّةً فَلَا تَخْتَصُّ بِالْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى يُنَافِي قَوْلَهُ: إنَّمَا يَتَأَتَّى إلَخْ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنَّا نَقُولُ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِرَاءَةَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ثَابِتَةٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهَا سَبُعِيَّةٌ فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِيهَا أَنَّهَا مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: أَنَّ الْآيَةَ الْمُقَيَّدَةَ وَرَدَتْ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ فَلَا تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِحْلَالِ) أَيْ: إحْلَالِ الْمَبْتُوتَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي قُوَّةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كُلِّيَّةٌ لِقَوْلِهِ بِالْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَحَصَّنَانِ أَيْ: إذَا عَتَقَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحَصَلَ الْوَطْءُ أَيْ: وَقَدْ لَا يَتَحَصَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَيْ: حَاصِلُ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ تَجْتَمِعَ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَتَحَصَّنَانِ كَمَا إذَا اخْتَلَّتْ الشُّرُوطُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَحَصَّنُ الزَّوْجُ دُونَ الزَّوْجَةِ بِأَنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِيهِ فَقَطْ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ) أَيْ: فَيَشْمَلُ الْعَقْلَ وَالْإِسْلَامَ وَالْبُلُوغَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَقْلَ مُطَّرِدٌ كَالْعِتْقِ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يَطَّرِدُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَكَذَا الْبُلُوغُ لَا يَطَّرِدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي بُلُوغِ الزَّوْجِ فَيَتَحَصَّنُ بِبُلُوغِهِ وَوَطْئِهِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْعَكْسِ؛ لِأَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ وَوَطِئَهَا زَوْجُهَا الصَّبِيُّ لَا يَتَحَصَّنُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يَطَّرِدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَطَّرِدُ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يَطَّرِدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ مِثْلَهُ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ . (قَوْلُهُ: وَغُرِّبَ الذَّكَرُ إلَخْ) أَيْ: الْمُتَوَطِّنُ لَا مِنْ زِنًا بِفَوْرِ نُزُولِهِ بِبَلَدٍ فَيُجْلَدُ وَيُسْجَنُ بِهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنَّمَا غُرِّبَ عُقُوبَةً لَهُ لِيَنْقَطِعَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَعَاشِهِ، وَتَلْحَقُهُ الْمَذَلَّةُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمُقْتَضَى قَوْلِهِ: بِمَا يَلْحَقُ سَيِّدَهُ مِنْ الضَّرَرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الضَّرَرُ عَلَى ضَرَرٍ فِي الْبَدَنِ مُشْتَقٍّ. (قَوْلُهُ: وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحُرُّ الذَّكَرُ مِنْ حَمْلِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ إذْ الْمُرَادُ بِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَكِرَاؤُهُ فِي مَسِيرِهِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي الزَّانِي وَالْمُحَارِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ أَصْبَغُ. (قَوْلُهُ: وَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَجْرِ) أَيْ: فَأَرَادَ بِالْأَجْرِ مَا يَشْمَلُ ثَمَنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ إلَخْ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْمَأْكَلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْحَمْلِ وَالْمَعْنَى وَأَجْرُ الْمَأْكَلِ أَيْ: ثَمَنُهُ. (قَوْلُهُ: كَفَدَكَ إلَخْ) بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ أَسْمَاءُ الْبِقَاعِ يَجُوزُ فِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَوْضِعِ وَالْبُقْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَخَيْبَرَ) قَرْيَةٌ أَيْضًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفَدَكُ بِفَتْحَتَيْنِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خَيْبَرَ فَقَوْلُهُ: وَخَيْبَرَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ أَيْ: شَبِيهٌ بِهِ وَلَعَلَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 83 إحْدَاهُمَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَفَى مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى خَيْبَرَ، وَنَفَى عَلِيٌّ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْبَصْرَةِ. (ص) فَيُسْجَنُ سَنَةً. (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّانِيَ أَوْ الْمُحَارِبَ إذَا غُرِّبَ فَإِنَّ الزَّانِيَ يُسْجَنُ سَنَةً، وَالْمُحَارِبَ يُسْجَنُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَأَوَّلُ السَّنَةِ مِنْ حِينِ سِجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ، فَذِكْرُ الْعَامِ قَبْلَهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ أَنَّ سِجْنَهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ التَّغْرِيبِ، فَيَكُونُ التَّغْرِيبُ حِينَئِذٍ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا كَانَ أَنْسَبَ. (ص) وَإِنْ عَادَ أُخْرِجَ ثَانِيَةً. (ش) أَيْ: فَإِنْ عَادَ الَّذِي غُرِّبَ وَسُجِنَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ سُجِنَ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ بِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِهَاتِ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ دُونَ أُعِيدَ الْمُقْتَضِي لِإِعَادَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ، فَالْإِخْرَاجُ أَعَمُّ مِنْ الْعَوْدِ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ: عَادَ لِلزِّنَا ثَانِيَةً، وَهُوَ فِي السِّجْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً، وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي التَّوْضِيحِ فِيهَا وَفِي الْغَرِيبِ إذَا زَنَى، وَلَفْظُهُ: وَانْظُرْ لَوْ زَنَى فِي الْمَكَانِ الَّذِي نُفِيَ فِيهِ، أَوْ زَنَى الْغَرِيبُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ هَلْ يَكُونُ سِجْنُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَنَى فِيهِ تَغْرِيبًا؟ . . اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ تَأَنَّسَ فِي السِّجْنِ مِنْ الْمَسْجُونِينَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَوَحَّشْ بِهِ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ لِيُسْجَنَ فِيهِ، وَإِلَّا فَفِي سِجْنِهِ الْأَوَّلِ، وَالْغَرِيبُ إنْ كَانَ بِفَوْرِ نُزُولِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَأَنَّسَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي زَنَى بِهَا سُجِنَ فِيهَا، وَإِلَّا أُخْرِجَ لِبَلَدٍ آخَرَ . (ص) وَتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ إذَا لَزِمَهَا حَدُّ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَاحِدَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى تَأْخِيرُ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ، فَإِذَا وَضَعَتْ أُخِّرَتْ فِي الْجَلْدِ لِنِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ لَا فِي الرَّجْمِ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ تُرْضِعُ الطِّفْلَ. (ص) وَبِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ. (ش) يَعْنِي وَيَنْتَظِرُ بِالْجَلْدِ اعْتِدَالَ الْهَوَاءِ بِالْمَدِّ، فَلَا يَجْلِدُ فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ الْمُفْرِطَيْنِ خَوْفَ الْهَلَاكِ وَالتَّأْخِيرُ لِلْبَرْدِ نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحَرَّ، وَأَمَّا الْهَوَى بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ . (ص) وَأَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَالسَّيِّدُ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَدَّ رَجْمًا، أَوْ جَلْدًا لَا يُقِيمُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ إلَّا السُّلْطَانَ، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ خَالِيًا مِنْ الزَّوَاجِ، أَوْ مُتَزَوِّجًا بِمِلْكِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ حَرَّةٌ، أَوْ أَمَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ، فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَّا الْإِمَامُ. ثَانِيهِمَا: أَنْ يَثْبُتَ الزِّنَا عَلَى الرَّقِيقِ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِظُهُورِ حَمْلٍ، أَوْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ ذُكُورٍ أَحْرَارٍ غَيْرِ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْلِدَ بِعِلْمِهِ، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا، أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ، فَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِتَزَوَّجَ، وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِإِقَامَةٍ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَيْدٌ فِي إقَامَةِ السَّيِّدِ فَقَطْ، وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ، ثُمَّ إنَّ الضَّمِيرَ فِي أَقَامَهُ إنْ رَجَعَ لِلْجَلْدِ صَحَّ فِي السَّيِّدِ وَفَسَدَ فِي الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ يُقِيمُ الْحَدَّ مُطْلَقًا وَإِنْ رَجَعَ لِلْحَدِّ مُطْلَقًا صَحَّ فِي الْحَاكِمِ، وَفَسَدَ فِي السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقِيمُ الْجَلْدَ فَيُجْعَلُ مُشْتَرَكًا، فَيَرْجِعُ لِلْحَدِّ مُطْلَقًا فِي الْحَاكِمِ، وَلِلْجَلْدِ فِي السَّيِّدِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ أَيْ: وَأَقَامَ السَّيِّدُ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْخَمْرِ لَا السَّرِقَةِ، فَلَا يُقِيمُهَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الْوَالِي، فَإِنْ قَطَعَهُ السَّيِّدُ دُونَ الْوَالِي، وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَادِلَةً، وَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ عُوقِبَ، وَوَجَّهَهُ بَعْضٌ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِعَبِيدِهِمْ وَيَدَّعُوا سَرِقَتَهُمْ . (ص) وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ   [حاشية العدوي] الْمَعْنَى يُغَرَّبُ إلَى فَدَكَ بِعَيْنِهَا أَوْ خَيْبَرَ بِعَيْنِهَا أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا فَدَكًا أَوْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: وَنَفَى عَلَى إلَخْ) وَيَجُوزُ النَّفْيُ مِنْ مِصْرَ إلَى الْحِجَازِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ. (قَوْلُهُ: فَذِكْرُ الْعَامِّ) أَيْ: لَفْظُ عَامٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَيْهِ) وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَبْنِي وَيُلْغِي مَا بَيْنَ السِّجْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) أَقُولُ: وَيَحْتَمِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ أَنَّ مَعْنَى عَادَ لِلزِّنَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، وَإِطْلَاقُهُ أَخْرَجَ بَعْدَ جَلْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ثَانِيَةً لِلسِّجْنِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ . (قَوْلُهُ: الْمُتَزَوِّجَةُ) أَيْ: فِي الرَّجْمِ وَالْجَلْدِ، وَمِثْلُ الْمُتَزَوِّجَةِ ذَاتُ السَّيِّدِ أَيْ: وَأَمَّا مَا لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لَا تُؤَخَّرُ لِحَيْضَةٍ إنْ لَمْ يَمْضِ لِمَاءِ الزَّانِي أَرْبَعُونَ يَوْمًا بِبَطْنِهَا، أَوْ مَضَى وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا وَإِلَّا أُخِّرَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا تُحَدُّ عَاجِلًا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، أَوْ خَلِيَّةً فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أُخِّرَتْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ أَوْ خَلِيَّةً إنْ مَكَثَ مَاءُ الزَّانِي بِبَطْنِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى تَحِيضَ، أَوْ يَمْضِيَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الزِّنَا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ بِهَا حَمْلٌ، وَكَذَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَقَامَ بِحَقِّهِ تُؤَخَّرُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا، أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، وَلَمْ تَقُمْ بِحَقِّهِ فَلَا تُؤَخَّرُ وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَيْضَةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَكُلُّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِوَضْعِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُفْرِطَيْنِ) أَيْ: فِي أَيِّ فَصْلٍ كَانَ فَالْمَدَارُ عَلَى اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ فِي أَيِّ فَصْلٍ كَانَ . (قَوْلُهُ: وَالسَّيِّدُ) أَيْ: وَإِقَامَةُ السَّيِّدِ أَيْ: جَوَازًا وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ عِنْدَ بَهْرَامَ وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَقَامَهُ أَيْ: حَدَّ الزِّنَا وَكَذَلِكَ حَدُّ الْخَمْرِ أَيْ: وَالْقَذْفِ، وَأَمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ فَلَا يُقِيمُهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَإِنْ أَقَامَهُ السَّيِّدُ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ بِشُرُوطِهِ أُدِّبَ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِعَبِيدِهِمْ وَيَدَّعُونَ سَرِقَتَهُمْ. (قَوْلُهُ: إلَّا السُّلْطَانُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْحَاكِمِ السُّلْطَانُ أَيْ: وَمِثْلُهُ الْقَاضِي لَا كُلُّ حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: لِمَا يَلْحَقُ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ، أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ مِنْ الْمَعَرَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الشَّرْطَيْنِ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ لَا الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي تَعْدِيلٍ وَتَجْرِيحٍ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِهِ فَتَأَمَّلْ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 84 بَعْد عِشْرِينَ سَنَةً، وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ فَالْحَدُّ، وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ، أَوْ يُولَدْ لَهُ، وَأَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ، أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ، أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ، أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ، لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ تَأْوِيلَاتٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي، فَقَالَتْ: مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا، وَقَالَ: بَلْ وَطِئْتهَا، فَإِنَّهَا تُحَدُّ أَيْ: تُرْجَمُ؛ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَطَالَ مُكْثُهُ مَعَهَا، ثُمَّ شَهِدَتْ الْعُدُولُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا، فَقَالَ مَا جَامَعْتُ زَوْجَتِي مُنْذُ دَخَلْت بِهَا، وَأَنَا الْآنَ غَيْرُ مُحْصِنٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ بَلْ يُجْلَدُ جَلْدَ الْبِكْرِ مَا لَمْ يُقِرَّ، أَوْ يَظْهَرُ حَمْلٌ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، فَقَوْلُهُ: فَالْحَدُّ الْمُرَادُ بِهِ الرَّجْمُ، وَقَوْلُهُ: وَعَنْهُ أَيْ: الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ: يَسْقُطُ أَيْ: الرَّجْمُ، وَأَمَّا الْجَلْدُ فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إذَا سَقَطَ الرَّجْمُ، ثُمَّ إنَّ الْأَشْيَاخَ تَأَوَّلُوا الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قُبِلَ قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، وَمِمَّنْ حَمَلَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَسَحْنُونٌ وَأَبُو عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَالْخِلَافُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ فِي حُكْمِ أَيِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَعَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ، وَعَيَّنَهُ سَحْنُونَ فِي حُكْمِ الْأُولَى، وَانْظُرْ مَا الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ ذَكَرَهَا عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، مِنْهَا: إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَطْءَ فَلَمْ يُرْجَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُكَذِّبْهُ زَوْجَتُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ كَذَّبَهَا فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا فِي مَسْأَلَتِهَا، أَوْ كَذَّبَتْهُ فِي مَسْأَلَتِهِ لَاتَّفَقَا، وَمِنْهَا إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ الْجِمَاعُ لِزَوْجَتِهِ يَسْكُتُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا حَصَلَ لَهَا عَدَمُ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجِهَا، فَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ عَنْهُ، بَلْ تُظْهِرُهُ، وَتُبْدِيهِ وَمِنْهَا إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَنْكَرَ الزَّوْجُ وَطْأَهَا لَمْ تَبْلُغْ الْمُدَّةَ فِيهَا عِشْرِينَ سَنَةً، وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ بَلَغَتْ عِشْرِينَ، فَالتَّأْوِيلَاتُ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ يَحْكِي الْخِلَافَ، وَالثَّلَاثَةُ تُوَفِّقُ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ . (ص) وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْتُ مَعَهُ فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدَا بِبَيْتٍ، وَأَقَرَّا بِهِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَقَالَا لَمْ نُشْهِدْ حُدَّا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ: زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَارِئَيْنِ، أَوْ حَصَلَ فُشُوٌّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ الزَّوْجَانِ غَيْرُ الطَّارِئَيْنِ إذَا وُجِدَا فِي بَيْتٍ، أَوْ طَرِيقٍ، وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَا فُشُوَّ يَقُومُ مَقَامَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، فَإِنْ حَصَلَ فُشُوٌّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْعُرْفِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ التَّنَازُعِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ الزَّوْجَانِ إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ وَطْءَ امْرَأَةٍ، فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَقَالَا أَيْ: الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا لَمْ نُشْهِدْ أَيْ: قَالَا عَقَدْنَا النِّكَاحَ بِلَا إشْهَادٍ، وَنَحْنُ الْآنَ نُشْهِدُ أَيْ: وَلَمْ يَحْصُلْ فُشُوٌّ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ، فَقَوْلُهُ: حُدَّا رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ . (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ (حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَصْلُهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ وَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى رَمْيًا فَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةً كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ، وَالْكَذِبِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالْمُوبِقَاتِ وَلِعَظَمِهِ أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ الْحَدَّ، وَلَوْ نَسَبَ شَخْصٌ غَيْرَهُ لِلْكُفْرِ لَمْ يُحَدَّ،   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَوْ يُولَدُ لَهُ) أَيْ: فَإِنْ ظَهَرَ وَطْؤُهُ بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ بَعْدَ حَدِّهِ حَدَّ الْبِكْرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ يُولَدُ لَهُ يَشْمَلُ مَا إذَا نَفَاهُ بِلِعَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا لَمْ يَسْكُتْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَنْسَبَ بِالتَّأَمُّلِ قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ لِأَنَّهَا لَا تَسْكُتُ، وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلِهِ: وَأَوَّلًا أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ بِمَثَابَةِ الْوِفَاقِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِتَأْوِيلَانِ كَانَ الْمَعْنَى أَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَتَعْدَادُ أَوْجُهِ الْوِفَاقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا) الظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُمَا مَعًا . (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْت مَعَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الْبَدْرُ لُغْزًا فِي هَذَا الْعِلْمِ لَا بَأْسَ بِذِكْرِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ زَنَوْا بِامْرَأَةٍ فَقُتِلَ وَاحِدٌ وَرُجِمَ آخَرُ وَحُدَّ آخَرُ وَحُدَّ النِّصْفَ آخَرُ وَلَا حَدَّ عَلَى الْخَامِسِ، فَالْأَوَّلُ مُشْرِكٌ، وَالْأَخِيرُ مَجْنُونٌ، لَكِنَّ وَطْءَ الصَّبِيِّ، وَالْمُشْرِكِ وَالْمَجْنُونِ لَا يُسَمَّى زِنًا. اهـ. . [بَابٌ حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابُ الْقَذْفِ) . (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ: حُكْمَهُ أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا) أَيْ: لُغَوِيًّا وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ إلَخْ) كَانَ لِلتَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَالْكَذِبِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُوبِقَاتِ أَيْ: الْمُهْلِكَاتِ، وَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسَبَ شَخْصٌ إلَخْ) أَيْ: فَنِسْبَتُهُ لِلزِّنَا أَشَدُّ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْكُفْرِ هَذَا حَاصِلُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْكُفْرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْخُلُودُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الزِّنَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ نِسْبَتَهُ لِلْكُفْرِ لَا تَسْلَمُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا بِخِلَافِ نِسْبَتِهِ لِلزِّنَا، فَيُمْكِنُ التَّسْلِيمُ، وَتَلْحَقُهُ الْمَعَرَّةُ نَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي سَبِّ النَّبِيِّ يُقْتَلُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 85 وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا، أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا، أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًا، أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ فَقَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَغَيْرَهُ مَفْعُولُهُ أَخْرَجَ بِهِ قَذْفَ نَفْسِهِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِّ نِسْبَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ غَيْرَهُ، وَنِسْبَةُ الْعَبْدِ وَكَثِيرًا مِمَّا لَا تَتَقَرَّرُ شُرُوطُ الْقَذْفِ فِيهِ إمَّا بِاتِّفَاقٍ، أَوْ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا لَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا، أَوْ قَطَعَ نَسَبَ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى قَذْفًا، الْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: لَسْت ابْنًا لِفُلَانَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَذْفًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ عَنْهَا، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ أَبُوك الْكَافِرُ مِنْ أَبِيهِ فَلَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا أَيْضًا، وَحَدَّ الْمُؤَلِّفُ الْقَذْفَ بِقَوْلِهِ: (ص) قَذْفُ الْمُكَلَّفِ. (ش) هُوَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُكَلَّفِ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَقَطْ، فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا إذَا قَذَفَا غَيْرَهُمَا، وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ. (ص) حُرًّا مُسْلِمًا. (ش) هَذَا هُوَ الْمَقْذُوفُ أَيْ: إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ الْمَقْذُوفُ بِهِ نَفْيَ النَّسَبِ، فَالْكَافِرُ وَالْعَبْدُ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَا الرَّقِيقِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، وَإِلَّا حُدَّ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ: حُرًّا مُسْلِمًا مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ، وَقَوْلُهُ: حُرًّا مَفْعُولُ قَذَفَ، ثُمَّ إنَّ الشُّرُوطَ عَشْرَةٌ اثْنَانِ فِي الْقَاذِفِ، وَهُمَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَاثْنَانِ فِي الْمَقْذُوفِ بِهِ، وَهُمَا نَفْيُ النَّسَبِ وَالزِّنَا، وَسِتَّةٌ فِي الْمَقْذُوفِ لَكِنْ إنْ كَانَ بِنَفْيِ نَسَبٍ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ فَقَطْ، وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا فِي الْقَذْفِ بِزِنًا أَرْبَعَةٌ: الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْعِفَّةُ وَالْآلَةُ. (ص) بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ لَا أُمٍّ. (ش) هَذَا شَرْطٌ فِي الْمَقْذُوفِ بِهِ كَانَ صَرِيحًا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ فَمَنْ نَفَى إنْسَانًا عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذَا كَانَ نَسَبُهُ مَعْلُومًا، وَأَمَّا إنْ نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أُمِّهِ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأُمُومَةَ مُحَقَّقَةٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأُبُوَّةُ فَثَابِتَةٌ بِالْحُكْمِ، وَالظَّنِّ فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ فِي نَفْيِهِ فَتَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مَعَرَّةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَسَبَهُ إلَى الْكُفْرِ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: عَنْ أَبٍ أَيْ: دَنِيَّةٍ بِدَلِيلِ عَطْفِ الْجَدِّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا وَهُوَ كَذَلِكَ . (ص) وَلَا إنْ نَبَذَ. (ش) أَيْ: إذَا نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَلَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ فَلَا يُحَدُّ، وَأَمَّا لَوْ نَفَى نَسَبَهُ مُطْلَقًا كَيَا ابْنَ الزَّانِيَةِ، أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِي، أَوْ يَا وَلَدَ زِنًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَنْبُوذًا أَنْ يَكُونَ ابْنَ الزِّنَا، وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إذَا قَالَ لِلْمَنْبُوذِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تُعْرَفْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا) أَيْ: لِوَطْءٍ غَيْرِ مُبَاحٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قَطْعُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: نِسْبَةُ فَهُوَ بِالرَّفْعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَانَ الْمَقْطُوعُ نَسَبُهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ) أَيْ: الْكَائِنِ لِإِيجَابِ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: حُرًّا إلَخْ) حَالٌ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْغَيْرِ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا وَاشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ إنَّمَا هُوَ فِي الذَّكَرِ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ. (قَوْلُهُ: لِزِنًا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: نِسْبَةُ، وَقَوْلِهِ: أَوْ قَطْعُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِسْبَةُ. (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ بِهِ قَذْفَ نَفْسِهِ) كَقَوْلِهِ: أَنَا زَانٍ فَإِنَّهُ، وَإِنْ حُدَّ فَإِنَّمَا يُحَدُّ لِلزِّنَا مَا لَمْ يَرْجِعْ لَا لِلْقَذْفِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنَا نَغِلٌ فَإِنَّهُ وَإِنْ حُدَّ فَإِنَّمَا يُحَدُّ مِنْ حَيْثُ رَمَى أُمَّهُ بِالزِّنَا لَا مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ، وَقَوْلُهُ: وَنِسْبَةُ الْعَبْدِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: نِسْبَةُ الْعَبْدِ لِزِنًا. (قَوْلُهُ: إمَّا بِاتِّفَاقٍ) أَيْ: عَدَمُ التَّقْرِيرِ إمَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِثَالُ الْأَوَّلِ مَا إذَا نَسَبَ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ لِلزِّنَا، وَمِثَالُ الثَّانِي وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ مَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ حُرًّا مُسْلِمًا، وَكَانَ أَبُوهُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا فَهَذَا لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الْقَذْفِ عَلَى الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَ مُسْلِمٍ. (تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ قَذْفُ الْمَجْنُونِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ إنْ كَانَ جُنُونُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ إلَى حِينِ قَذْفِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ فِي صُدُورِ ذَلِكَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَحَدَّ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَدًّا لِلْقَذْفِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً. (قَوْلُهُ: قَذْفُ الْمُكَلَّفِ) وَلَوْ حَرْبِيًّا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ احْتِرَازًا مِنْ الْحَرْبِيِّ إذَا قَذَفَ مُسْلِمًا بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسْلَمَ، أَوْ أُسِرَ، أَوْ دَخَلَ بِأَمَانٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ) أَيْ: بِحَرَامٍ لِأَنَّهُ مَتَى أَطْلَقَ فَالْمَعْنَى سَكْرَانُ بِحَرَامٍ فَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَاءٌ فَسَكِرَ فَهَذَا غَيْرُ حَرَامٍ فَقَذْفُهُ لَا يُوجِبُ حَدًّا. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِمَا) أَيْ: بِنَفْيِ النَّسَبِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَا الرَّقِيقِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ أَبُوهُ حُرًّا مُسْلِمًا وَأُمُّهُ أَمَةً. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِنَفْيِ النَّسَبِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ وَهُمَا تَقْرِيرَانِ، وَالْآتِي هُوَ مَا لعج فَإِنَّهُ قَالَ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُفَادُ تَقْرِيرِ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (تَنْبِيهٌ) شَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَذْفَ أَمَةٍ حَامِلٍ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ وَضْعِهَا بِأَنَّهَا حَامِلَةٌ مِنْ زِنًا فَيُحَدُّ عِنْدَ مَالِكٍ لَا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْحَدِّ حَيْثُ لَمْ يُنْفَشْ. (قَوْلُهُ: الْبُلُوغُ) فَقَاذِفُ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُ فَاعِلٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدُ فَحِينَئِذٍ مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا أَوْ مَجْبُوبًا بِالْفِعْلِ فِيهِ فَيُحَدُّ وَلَوْ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ) كَقَوْلِهِ: لَسْتُ ابْنَهُ أَيْ: الْجَدِّ فَيُحَدُّ وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ لَسْتُ ابْنَهُ مُبَاشَرَةً؛ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَبًا فَلَا يُصَدَّقُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ نَفَاهُ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ فَلَا حَدَّ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 86 ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: وَلَا إنْ نَبَذَ أَيْ: مَا دَامَ مَنْبُوذًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَحَدٌ، وَلَحِقَ بِهِ انْتَفَى أَنَّهُ مَنْبُوذٌ وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ . (ص) أَوْ زِنًا إنْ كُلِّفَ وَعَفَّ عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ بِآلَةٍ، وَبَلَغَ كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ. (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى بِنَفْيِ نَسَبٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَذْفِ بِالزِّنَا أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ مُكَلَّفًا بِآلَةٍ حَالَةَ تَكْلِيفِهِ، فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا، أَوْ حَصُورًا بِالزِّنَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهُوَ الزِّنَا، وَاللِّوَاطُ فَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا، ثُمَّ أَثْبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ حُدَّ فِيهِ أَيْ: وَإِنْ تَابَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ. الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ تَارِكًا لِلْوَطْءِ رَأْسًا، الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبًا لِوَطْءٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ إذْ هُوَ فِيهَا عَفِيفٌ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَعَلَى الْمَقْذُوفِ أَنْ يُثْبِتَ الْعَفَافَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَعَفَّ، وَلَوْ قَالَ: وَعَفَّ عَنْ زِنًا لَكَانَ أَخْصَرَ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا أَنْ يَكُونَ بَالِغًا يُرِيدُ إذَا كَانَ فَاعِلًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَفْعُولًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ، بَلْ إطَاقَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: إنْ كُلِّفَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، أَوْ هُوَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ: كُلِّفَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُنْثَى الْبُلُوغُ بَلْ إطَاقَةُ الْوَطْءِ. (ص) أَوْ مَحْمُولًا. (ش) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَالْمَحْمُولُونَ هُمْ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِحِيَاطَةٍ أَيْ: حِرَاسَةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَوْ مَجْهُولًا بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ أَيْ: مَسْبِيًّا، وَعَلَى كُلٍّ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى نَبَذَ أَيْ: فَلَا حَدَّ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِزِنًا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ أَيْ: أَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مَحْمُولًا . (ص) وَإِنْ مُلَاعَنَةً وَابْنَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ بِالزِّنَا، أَوْ قَذَفَ وَلَدَهَا بِنَفْيِ النَّسَبِ بِأَنْ قَالَ: لَا أَبَ لَك حُدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَطْعُهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَرُجِمَتْ فَهُوَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ، فَقَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ زِنًا وَقَوْلُهُ: وَابْنَهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: بِنَفْيِ نَسَبٍ، وَمَحَلُّ حَدِّ قَاذِفِ الْمُلَاعَنَةِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ، أَوْ زَوْجًا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا لَاعَنَهَا بِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَذَفَهَا بِهِ، فَلَا يُحَدُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (ص) أَوْ عَرَّضَ غَيْرُ أَبٍ إنْ أَفْهَمَ. (ش) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيضَ الْمُفْهِمَ لِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَنَفْيُ النَّسَبِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَالتَّصْرِيحِ بِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ لَهُ: مَا أَنَا بِزَانٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانِي، أَوْ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِلَائِطٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا لَائِطُ، أَوْ قَالَ لَهُ: أَمَّا أَنَا فَأَبِي مَعْرُوفٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَبُوك لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ وُجُوبُ الْحَدِّ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْرِيضِ بَيْنَ النَّثْرِ وَالنَّظْمِ، وَأَمَّا الْأَبُ إذَا عَرَّضَ لِوَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِذَلِكَ؛ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ وَلَا أَدَبَ، وَأَمَّا إنْ صَرَّحَ فَيُحَدُّ لِلْوَلَدِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ، وَلَوْ صَرَّحَ لِوَلَدِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ . (ص) يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَإِنْ كُرِّرَ لِوَاحِدٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ. (ش) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: قَذْفُ الْمُكَلَّفِ أَيْ: قَذْفُ الْمُكَلَّفِ يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ عج ذَكَرَهُ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ وَكَذَا الْبَدْرُ لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ: بِآلَةٍ) أَيْ: وَيَشْتَهِي. (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا) أَيْ: أَوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بَعْدَ إزَالَةِ الْآلَةِ فَإِنْ قَيَّدَ زِنَاهُ بِهَا قَبْلَ قَطْعِهَا حُدَّ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَالظَّاهِرُ لَا حَدَّ، وَإِذَا قُذِفَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ بِالزِّنَا بِفَرْجِهِ الذَّكَرِ، أَوْ فِي فَرْجِهِ الَّذِي لِلنِّسَاءِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِمَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ رَمَاهُ بِالْفِعْلِ فِي دُبُرِهِ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِ حُدَّ حَدَّ الزِّنَا لَا حَدَّ اللِّوَاطِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَجْنَبِيَّةً، وَقَوْلُهُ: أَوْ حَصُورًا أَيْ: لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَصُورَ لَهُ آلَةٌ، وَلَكِنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ فَلِذَلِكَ قُلْت أَوَّلًا: أَيْ: وَيَشْتَهِي. (قَوْلُهُ: بَلْ إطَاقَةُ الْوَطْءِ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ إلَخْ أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَسْتَلْزِمُ الْبُلُوغَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ أَيْ: بِقَوْلِهِ: إنْ كُلِّفَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهِ لِلتَّوْطِئَةِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَالْمَعْنَى أَنَّ فِيهِ فَائِدَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ كُلِّفَ) أَيْ: تَبْيِينٌ لَهُ ثُمَّ أَقُولُ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّكْلِيفَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ لَا مُجَرَّدُ الْبُلُوغِ نَعَمْ هُوَ بَعْضُ التَّفْصِيلِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: تَفْصِيلٌ بَعْضَ تَفْصِيلٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَسْبِيًّا) أَيْ: حُرًّا مُسْلِمًا وَفَسَّرَهُ بِمَسْبِيًّا هُرُوبًا مِنْ تَفْسِيرِهِ بِالْغَرِيبِ الْمَجْهُولِ الْأَبِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ مَثَلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بَيِّنٌ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ مُحَشِّي تت كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ وَالْمَسْبِيَّ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ يُحَدُّ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً) يَصِحُّ كَسْرُ الْعَيْنِ وَفَتْحُهَا لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ لَا تَقَعُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَوْ عَرَّضَ. (قَوْلُهُ إنْ أَفْهَمَ) أَيْ: أَفْهَمَ الْقَذْفَ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَرَائِنِ كَخِصَامٍ وَلَوْ زَوْجًا لِزَوْجَتِهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ حَدِّهِ إنْ لَمْ يُفْهِمُ التَّعْرِيضُ قَذْفًا كَقَوْلِهِ: وَجَدْتُهَا فِي لِحَافٍ مَعَ رَجُلٍ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الزَّوْجِ حِفْظُ فِرَاشِهِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ: إنْ أَفْهَمَ، نَعَمْ إنْ قَالَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ حُدَّ، وَكَذَا لَوْ عَرَّضَ لِلزَّوْجِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَابَهَةِ حُدَّ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَتَأَمَّلْ قَالَ تت، وَالظَّاهِرُ لَا حَدَّ إنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ هَلْ أَرَادَ الْقَذْفَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْجِنْسُ) قَالَ مُحَشِّي تت: وَانْظُرْ مَا يُسَاعِدُهُ مِنْ النَّقْلِ فَإِنَّ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْأَئِمَّةِ كَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ الْأَبَ ابْنٌ مُحْرِزٍ مَنْ عَرَّضَ لِوَلَدِهِ بِالْقَذْفِ لَمْ يُحَدَّ لِبُعْدِهِ مِنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ التَّعْرِيضُ مِنْ الْأَبِ لِوَلَدِهِ لَمْ يُحَدَّ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرَّرَ) أَيْ: قَبْلَ الْحَدِّ، أَوْ أَثْنَاءَهُ وَيُبْتَدَأُ لَهُمَا الْحَدُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِذَا كُرِّرَ الْقَذْفُ لِوَاحِدٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ قَامُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: يَا زُنَاةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْذِفْ الْجَمِيعَ بَلْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ، فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ. (ص) إلَّا بَعْدَهُ وَنِصْفُهُ عَلَى الْعَبْدِ. (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْحَدِّ يَعْنِي أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا حُدَّ لِأَجْلِ الْقَذْفِ، ثُمَّ بَعْدَ الْحَدِّ قُذِفَ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ أَيْضًا، وَلَا فَرْقَ فِي التَّكْرِيرِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِهِ، أَوْ لَا كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَدِّ: مَا كَذَبْتُ عَلَيْهِ وَلَقَدْ صَدَقْتُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ إذَا قَذَفَ غَيْرَهُ، وَلَوْ حُرًّا فَإِنَّهُ يُحَدُّ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَالْعَبْدُ مَقِيسٌ عَلَى الْأَمَةِ . (ص) كَلَسْت بِزَانٍ، أَوْ زَنَتْ عَيْنُك، أَوْ زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، أَوْ عَفِيفِ الْفَرَجِ، أَوْ لِعَرَبِيٍّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ، أَوْ يَا رُومِيُّ كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ بِخِلَافِ جَدِّهِ. (ش) هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْرِيضِ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: مَا أَنَا بِزَانٍ، أَوْ لَقَدْ أُخْبِرْت أَنَّك زَانٍ، أَوْ زَنَى فَرْجُك، أَوْ يَدُك أَوْ عَيْنُك، أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، وَكَذَّبَتْهُ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ، وَإِلَّا حُدَّ لَهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنَا عَفِيفُ الْفَرَجِ لِأَجْلِ ذِكْرِ الْفَرَجِ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالزِّنَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ الْفَرَجَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ عَرَبِيِّ الْأَصْلِ: مَا أَنْتَ بِحُرٍّ؛ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ: يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا فَارِسِيُّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِفَارِسِيٍّ، أَوْ لِرُومِيٍّ: يَا عَرَبِيُّ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَهُ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِصِفَاتِ الْعَرَبِ مِنْ الْكَرَمِ وَالشُّجَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ تَحْفَظُ نَسَبَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ: أَوْ يَا رُومِيُّ عَطْفٌ عَلَى مَا أَنْتَ بِحُرٍّ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ نَسَبَ شَخْصًا لِعَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَسَبَهُ لِجَدِّهِ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ، أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ . (ص) كَأَنْ قَالَ: أَنَا نَغِلٌ، أَوْ وَلَدُ زِنَا، أَوْ كَيَا قَحْبَةُ، أَوْ قَرْنَانُ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ، أَوْ ذَاتَ الرَّايَةِ، أَوْ فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَنَا نَغِلٌ أَيْ: فَاسِدُ النَّسَبِ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ إلَى الزِّنَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَنَا وَلَدُ زِنًا؛ لِأَنَّهُ رَمَى أُمَّهُ بِالزِّنَا، وَكَذَلِكَ إذَا نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى بَطْنٍ، أَوْ نَسَبٍ أَوْ عَشِيرَةٍ غَيْرَ بَطْنِهِ وَنَسَبِهِ وَعَشِيرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ نَسَبَ شَخْصًا إلَى ذَلِكَ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنَا نَغِلٌ، أَوْ وَلَدُ زِنَا مِنْ التَّعْرِيضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الثَّانِي مِنْ التَّصْرِيحِ قَطْعًا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ التَّعْرِيضِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ النَّغِلَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ، فَيَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: يَا قَحْبَةُ وَهِيَ الزَّانِيَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَمِثْلُهُ يَا فَاجِرَةُ يَا عَاهِرَةُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: قَرْنَانُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَاعِلَةِ كَأَنَّهُ يَقْرُنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ   [حاشية العدوي] إذَا كَرَّرَهُ بَعْدَ أَكْثَرِهِ كُمِّلَ الْأَوَّلُ وَابْتُدِئَ لِلثَّانِي وَإِنْ كَرَّرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهِ أُلْغِيَ مَا مَضَى وَابْتُدِئَ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ: فَإِذَا قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ وَضَرَبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: يَا زُنَاةُ) بَقِيَ مَا لَوْ خَاطَبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ قَائِلًا لَهُ أَنْتِ زَانٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ أَوْ قَالَ لَهُمْ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ: كُلٌّ مِنْكُمْ زَنَى وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ: مَا هُنَاكَ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ) أَرَادَ بِهِ الْقِنَّ الْخَالِصَ أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَإِنْ قَلَّ رِقُّهُ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كَذَلِكَ حِينَ الْقَذْفِ، وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ قَذَفَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حِينَ الْقَذْفِ حُرًّا أَوْ عَكْسُهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا تَبَيَّنَ . (قَوْلُهُ: كَلَسْتُ بِزَانٍ) بِضَمِّ التَّاءِ إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّك زَانٍ) كَوْنُ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنُكَ إلَخْ) كَوْنُ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا إذَا حَصَلَ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ فَنِسْبَتُهُ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ لَا يَنْفِيهِ عَنْ الْبَقِيَّةِ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِهَا الذَّاتَ فَمِنْ الصَّرِيحِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَدُّ فِي ذَلِكَ) هَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ، أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ فَإِنْ: قَالَ لَهَا أُكْرِهْتِ عَلَى الزِّنَا حُدَّ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لَهُ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ شَيْءٌ، أَوْ قَامَتْ بِالِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ: فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ وَلَا لِعَانَ فِي الزَّوْجَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنَا عَفِيفُ الْفَرَجِ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ: إنِّي أَوْ أَنَا أَوْ أَنْتَ عَفِيفُ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ عَرَبِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَكُونُ نَسَبُهُ مِنْ الْعَرَبِ وَلَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْعُجْمَةُ لَا مَنْ تَكَلَّمَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحُرِّيَّةِ عَنْهُ نَفْيُ نَسَبِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَرَبِيًّا لَا يُنَافِي اسْتِرْقَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا النَّصِّ: وَلَمْ أَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِصِفَاتٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ هَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ أَشْكَلَ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ حُدَّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إذَا نَسَبَهُ لِخَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ، وَمُقَابِلُهُ لَا حَدَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ . (قَوْلُهُ: أَيْ: فَاسِدُ النَّسَبِ) مِنْ نَغِلَ الْأَدِيمُ بِالْكَسْرِ أَيْ: فَسَدَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الزَّانِيَةُ) كَانَتْ الْعَرَبُ تَدْعُوَا عَلَى الْفَاجِرَةِ بِالْقُحَابِ وَالرُّوَاءِ أَيْ: السُّعَالِ وَالْقَيْحِ فِي الرِّئَةِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتُنَحْنِحُ تَرْمُزُ بِذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَاعِلَةِ) أَيْ: صَاحِبَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 88 غَيْرِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَالْحَدُّ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ: يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ إلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا أَرَادَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ لِأُمِّهِ بِالزِّنَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُنْزِلُ الرُّكْبَانَ، وَتَجْعَلُ عَلَى بَابِهَا رَايَةً أَيْ: عَلَامَةً لِأَجْلِ النُّزُولِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: فَعَلَتْ بِهَا فِي عُكَنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ التَّعْرِيضِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ضَابِطُ هَذَا الْبَابِ الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ، وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ فَمَتَى فُقِدَا حُلِّفَ، أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ مَا لَا يُوجِبُ حَدًّا الْآنَ فِي الْقَذْفِ أَوْجَبَ الْحَدَّ . (ص) لَا إنْ نَسَبَ جِنْسًا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ قَالَ مَوْلَى لِغَيْرِهِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك، أَوْ مَا لَك أَصْلٌ، وَلَا فَصْلٌ، أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ. (ش) الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهَا مَحْفُوظَةٌ، وَغَيْرُ الْعَرَبِ مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ أَنْسَابُهُمْ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ فَمَتَى نَسَبَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَبْيَضَ وَنَسَبَهُ إلَى جِنْسٍ أَسْوَدَ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا إذَا قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ: يَا رُومِيُّ مَثَلًا، وَمَتَى نَسَبَ مَنْ هُوَ مِنْ الْعَرَبِ إلَى غَيْرِهِ حُدَّ، وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُنَا الصِّنْفُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَمَا تَحْتَهُ أَصْنَافٌ، فَالْعَرَبُ صِنْفٌ، وَالرُّومُ صِنْفٌ، وَالْبَرْبَرُ صِنْفٌ، وَهَكَذَا وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى الشَّخْصِ الْمَوْلَى، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ إذَا قَالَ لِآخَرَ حُرِّ الْأَصْلِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ، وَلَا تَعْرِيضٌ لِلْقَذْفِ وَوُجُوهُ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك نَسَبًا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِآخَرَ: مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حَسَبَهُ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ، أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ، أَوْ لَا أَبَ لَهُ، وَسَوَاءٌ قَامُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ، وَالْحَدُّ إنَّمَا هُوَ لِلْمَعَرَّةِ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ بِأَنْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا فَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ قَامُوا، أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ، وَعَفَا الْبَاقِي، فَإِنْ حَلَفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حُدَّ . (ص) وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ إنْ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ وَفِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ وَفِي مُخَنَّثٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَأُدِّبَ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ الْفَاجِرَةِ، أَوْ يَا حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ إنَّكِ عَفِيفَةٌ، أَوْ يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، وَإِنْ قَالَتْ: بِكَ، جَوَابًا لِزَنَيْت حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ: يَا مَأْبُونُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٍ هُوَ صَاحِبُ الْعِلَّةِ فِي دُبُرِهِ، وَمَجَازًا هُوَ الَّذِي يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ، وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْبُونِ فِيمَنْ يَتَأَنَّثُ، أَوْ فِيهِ، وَفِيمَنْ يُؤْتَى لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ حَيْثُ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ مَنْ يُؤْتَى أَمَّا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ اسْتِعْمَالَهُ فِيمَنْ يُؤْتَى، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ تَأَنَّثَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ، أَوْ الْأَعْوَرِ وَنَحْوِهِمْ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَسَبَ أُمَّهُ لِلزِّنَا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَقُولِ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْحَائِكِ وَنَحْوَهُ مِنْ الصَّنَائِعِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ مِنْ الْعَرَبِ، فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَإِلَّا حُدَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ فَلَا حَدَّ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ التَّكَسُّرُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ، أَمَّا إنْ حَلَفَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى، وَإِلَّا حُدَّ وَلَوْ حَلَفَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، أَوْ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، أَوْ   [حاشية العدوي] أَيْ: لِأَنَّهُ زَوْجُهَا وَقَوْلُهُ: فَالْحَدُّ لِزَوْجَتِهِ أَيْ: وَيُؤَدَّبُ لِلزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُنْزِلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ. (قَوْلُهُ: فِي عُكَنِهَا) جَمْعُ عُكَنِهِ كَغُرَفٍ وَغُرْفَةٍ وَهِيَ طَيَّاتُ الْبَطْنِ. قَوْلُهُ: (جِنْسًا) أَيْ: ذَا جِنْسٍ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ) شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ حُدَّ وَلَوْ تَسَاوَيَا لَوْنًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ لِلْعَرَبِيِّ: يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ فِي الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَنْسُوبُ لَهُ قَبِيلَةً أُخْرَى مِنْ الْعَرَبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّقْلِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَبَهُ لِأَعْلَى مِنْ قَبِيلَتِهِ فِي الشَّرَفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ) فِي الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْخَيْرِيَّةُ فِي النَّسَبِ بِمَعْنَى أَنَّ نَسَبَهُ دُونَهُ فَيُحَدُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حَسَبَهُ) أَيْ: إنَّمَا نَفَى شَرَفَهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى نَفْيِ النَّسَبِ، وَإِلَّا حُدَّ وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِنَفْيِ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَبَةِ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ . (قَوْلُهُ: صَاحِبُ الْعِلَّةِ فِي دُبُرِهِ) أَيْ: الْأُبْنَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: فِي الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ إلَخْ) فَإِنْ ثَبَتَ وُجُودُ أَحَدِ آبَائِهِ كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ وَلَوْ جَهِلَ أَنَّ أَحَدَ أُصُولِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ لَا) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لَا حَدَّ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَلِكَ التَّشْدِيدُ، وَأَنَّ أَبَاهُ يُشْبِهُ النَّصَارَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ إلَخْ) وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ تِلْكَ الصَّنَائِعَ يَفْعَلُهَا الْمَوَالِي كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّكَسُّرُ بِالْقَوْلِ) أَيْ: بِأَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامِ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ بِأَنْ يُثْنِيَ مَعَاطِفَهُ كَالنِّسَاءِ، ثُمَّ أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِ مَعْنَاهُ التَّكَسُّرَ الْمَذْكُورَ أَنَّهُ لَا حَدَّ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى التَّكَسُّرِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ يُحَدُّ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَكَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 89 يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ، أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا، أَوْ يَا حِمَارُ، أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ يَا خِنْزِيرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ، فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا وَجْهُ عَدَمِ حَدِّهِ فِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ؟ . قُلْت: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِفْ الْعِفَّةَ لِلْفَرْجِ احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَغَيْرِهِ، فَلِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ لِلْفَرْجِ، ثُمَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَذَا أَنَّ التَّعْرِيضَ بِمَا يُوجِبُ الْأَدَبَ كَالتَّصْرِيحِ، وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ زَنَيْتِ فَقَالَتْ: بِكَ، أَيْ: زَنَيْت بِك فَإِنَّهَا تُحَدُّ حَدَّيْنِ حَدَّ الْقَذْفِ، وَحَدَّ الزِّنَا؛ لِتَصْدِيقِهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا؛ فَإِنَّهَا تُحَدُّ لِلْقَذْفِ فَقَطْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ جَوَابَهُ، فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا زَانِي فَقَالَ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ، وَيُحَدُّ الثَّانِي لِلزِّنَا، وَالْقَذْفِ، وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ يُحَدُّ أَيْضًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ. . (ص) وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ وَالْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ كَوَارِثِهِ، وَإِنْ قُذِفَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ، وَأَبٍ، وَأَبِيهِ، وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ حَدٌّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ لَهُ قَبْلَ أَبِيهِ يَمِينٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: إبَاحَةُ الْقِيَامِ تَقْتَضِي عَدَمَ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْسِيقِ كَوْنُهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ لِحُصُولِهِ بِالْمُبَاحِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ، وَلَا تَحْلِيفُهُ وَلِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ، وَيُحَدَّ الْقَاذِفُ، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ مَا رَمَى بِهِ مِنْ زِنَا قَدْ صَدَرَ مِنْهُ قَالَ فِيهَا: حَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ، وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ انْتَهَى، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَقُومَ بِحَدِّ مُوَرِّثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَلَمْ يُوصِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرَ وَارِثِهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصْدُرَ الْقَذْفُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَقْذُوفِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ فِيهَا: وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ، وَمَنْ قَامَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ بِحَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ، وَلِلْمَقْذُوفِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَدَّ الْقَاذِفِ إلَى غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ، وَيَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ إنْ رَضِيَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْوَارِثِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ لَا مَنْ يَرِثُ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَعْنَى حَصَلَ وُجِدَ . (ص) وَالْعَفْوُ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ سَتْرًا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَعْفُوَ عَمَّنْ   [حاشية العدوي] قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ يَا فَاسِقُ) أَيْ: لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا أَقُولُ: هَذَا إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْفِسْقَ يَكُونُ فِي الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ، وَإِلَّا حُدَّ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَالُ: لَمَّا احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُحَدُّ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ فَلَا حَدَّ نَعَمْ يُؤَدَّبُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ إلَخْ) أَيْ: يُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ أَنَا عَفِيفٌ. (قَوْلُهُ: لِامْرَأَةِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِحَالٍ وَكَذَا لَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّا نَحْمِلُ الزِّنَا عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ جَوَابَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ تَقُولَ مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاوَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ) أَيْ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا أَصْلًا. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) مَا قَالَهُ تت مِنْ حَدِّهِمَا مَعًا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَنَحَا إلَيْهِ أَصْبَغُ وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَعَدَمُ حَدِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَاتٍ وَهُوَ خَارِجَ الْمَذْهَبِ . (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأُمَّ وَهَلْ أَرَادَ الْأَبَ دَنِيَّةً فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى أَوْ الْجِنْسَ فَيَتَنَاوَلُ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ؟ . كُلٌّ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَفُسِّقَ) أَيْ: حُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ: وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: وَأَبٍ ذَكَرَ وَأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا فَإِنْ عَدِمَ مَنْ ذُكِرَ قَامَ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ الْإِخْوَةِ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ، وَقَوْلُهُ: كَوَارِثِهِ أَيْ: مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَإِنْ قَامَ بِهِ مَانِعُهُ مِنْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ قَتْلٍ هَذَا مَا أَفَادَهُ شُرَّاحُهُ وَنَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَعْلَمَ بِهِ الصَّوَابَ، وَأَنَّ مَا عَدَاهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. قَالَ فِيهَا: مَنْ قَذَفَ مَيِّتًا كَانَ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ لِأَبِيهِ أَنْ يَقُومُوا بِذَلِكَ مَنْ قَامَ بِذَلِكَ أَخَذَهُ يَحُدُّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْعَصَبَةِ قِيَامٌ مَعَ هَؤُلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَلِلْعَصَبَةِ الْقِيَامُ وَلِلْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ الْقِيَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْمَقْذُوفِ وَارِثٌ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَقُومَ بِحَدِّهِ وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَيْسَ لِوَلَدِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ الْقِيَامُ بِقَذْفِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَوْصَى بِالْقِيَامِ بِقَذْفِهِ فَلِوَصِيِّهِ الْقِيَامُ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ) هَلْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَاصِرٌ عَلَى الْأَبِ دِنْيَةً وَالْأُمُّ دِنْيَةً أَوْ لَا لِيَشْمَلَ الْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ مَثَلًا؟ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لَهُ الْقِيَامَ وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ يَزْنِي؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَفِيفٌ فِي الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَسْكُتْ مُدَّةً يَرَى أَنَّهُ تَرَكَ الْحَقَّ فِيهَا فَلَوْ قَذَفَ غَائِبًا عِنْدَ حَاكِمٍ مَعَ شُهُودٍ فَهَلْ يَحُدُّهُ أَوْ يَنْظُرُ قُدُومَهُ؟ . قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ . (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ قَبْلَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ حَقُّ مَخْلُوقٍ وَبَعْدَهُ حَقُّ خَالِقٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ حَقٌّ لِلْخَالِقِ فَلَا عَفْوَ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَاذِفِ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ الْمَقْذُوفُ صُلْحًا؛ لِأَنَّهُ أَخْذُ مَالٍ عَنْ الْعِرْضِ، وَيُرَدُّ وَلَا شُفْعَةَ إنْ كَانَ عَلَى شِقْصٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 90 قَذَفَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْأَمْرُ إلَى الْإِمَامِ، أَوْ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، أَوْ الْحَرَسِ، فَإِذَا بَلَغَ حَدُّ الْمَقْذُوفِ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَلَيْسَ فِيهِ عَفْوٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَعْفُوَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ أَرَادَهُ فَلَهُ الْعَفْوُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ يَسْأَلَ الْإِمَامُ خُفْيَةً عَنْ حَالِ الْمَقْذُوفِ، فَإِذَا بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي قِيلَ فِيهِ الْآنَ أَمْرٌ سُمِعَ، وَأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ أَجَازَ عَفْوَهُ، وَانْظُرْ إذَا أَرَادَ بِالسَّتْرِ عَلَى الْقَاذِفِ خَشْيَةَ حُصُولِ ضَرَرٍ لَهُ مِنْهُ فَهَلْ يَعْمَلُ بِعَفْوِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا؟ ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاذِفُ أُمَّهُ، أَوْ أَبَاهُ فَلَهُ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا، وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ التَّعْزِيرِ وَالشَّفَاعَةُ فِيهِ، وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ قَالَهُ ح، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ مَحْضًا . (ص) وَإِنْ قَذَفَ فِي الْحَدِّ اُبْتُدِئَ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ، فَيُكْمِلُ الْأَوَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا قَذَفَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ يُبْتَدَأُ لَهُمَا أَيْ: لِلْقَذْفَيْنِ حَدٌّ وَاحِدٌ ثَانِيًا: سَوَاءٌ قَذَفَ الْمَقْذُوفَ، أَوْ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ الْحَدِّ الْأَوَّلِ يَسِيرٌ كَخَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا فَدُونٍ، فَإِنَّهُ يُكْمِلُ، ثُمَّ يَحُدُّ لِلْقَذْفِ الثَّانِي حَدًّا ثَانِيًا، وَقَوْلُهُ: يَسِيرٌ بِالرَّفْعِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ: إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرُ الْحَدِّ . (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ (السَّرِقَةَ) وَهِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، يُقَالُ: سَرَقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ يَسْرِقُ بِكَسْرِهَا سَرَقًا وَسَرِقَةً فَهُوَ سَارِقٌ، وَالشَّيْءُ مَسْرُوقٌ، وَصَاحِبُهُ مَسْرُوقٌ مِنْهُ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ، أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خِفْيَةً لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، السَّرِقَةُ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ سَرَقَ يُقَالُ: سَرَقًا فِي الْمَصْدَرِ، وَسَرِقَةً فِي اسْمِهِ، فَقَوْلُهُ: (أَخْذُ) مُنَاسِبٌ لِاسْمِ الْمَصْدَرِ وَإِذَا أُرِيدَ الِاسْمِيُّ يَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْ مُكَلَّفٍ لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ إلَخْ، وَأَخْرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الْمَجْنُونَ، وَالصَّبِيَّ، وَقَوْلُهُ: بِقَصْدٍ وَاحِدٍ ذَكَرَهُ لِيُدْخِلَ فِيهِ مَسْأَلَةَ سَمَاعِ أَشْهَبَ إذَا سَرَقَ مَا لَا نِصَابَ فِيهِ، ثُمَّ كَرَّرَ ذَلِكَ مِرَارًا بِقَصْدٍ وَاحِدٍ حَتَّى كَمُلَ النِّصَابُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ.   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: أَوْ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ إلَخْ) وِزَانُ غُرْفَةٍ وَأَمَّا ضَمُّ الشِّينِ مَعَ فَتْحِ الرَّاءِ فَلُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَهُوَ الْحَاكِمُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: مَعْنَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ صَاحِبُ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ الْوَالِي وَنَحْوُهُ فِي زَمَانِنَا، وَأَمَّا الشُّرَطُ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ فَأَعْوَانُ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا، الْوَاحِدُ شُرْطَةٌ مِثْلُ غُرَفٍ جَمْعُ غُرْفَةٍ وَإِذَا نُسِبَ إلَى هَذَا قِيلَ شُرْطِيٌّ بِالسُّكُونِ رَدًّا إلَى وَاحِدِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَرَسِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ جُعِلَ عَلَمًا عَلَى الْجَمْعِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَلِهَذَا يُنْسَبُ إلَى الْجَمْعِ فَقِيلَ: حَرَسِيٌّ وَهَؤُلَاءِ مِنْ نُوَّابِ الْإِمَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْحُدُودَ السُّلْطَانُ، أَوْ نُوَّابُهُ. نَعَمْ وَالِي الْمَاءِ الَّذِي يَجْبِي الزَّكَاةَ لَا يَدْخُلُ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يُثْبِتَ عَلَيْهِ) أَيْ: بِالْبَيِّنَةِ أَيْ: أَوْ يَخْشَى أَنْ يُقَالَ: مَا لِهَذَا حُدَّ فَيُقَالُ: قَذَفَ فُلَانًا فَيَخْشَى الْمَعَرَّةَ فِي ذَلِكَ أَوْ يَخْشَى أَنَّ الْمَحْدُودَ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ فِي الْمَقْذُوفِ عَيْبًا، أَوْ يَكُونُ الْمَقْذُوفُ حُدَّ قَدِيمًا فَيَخْشَى إذَا أَقَامَ عَلَى قَاذِفِهِ حَدًّا أَنْ يُظْهِرَ حَدَّهُ الْقَدِيمَ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاذِفُ إلَخْ هَذَا عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ لَهُ حَدَّ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ التَّعْزِيرِ) قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: يَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعَدَاءِ فَلَا يَنْبَغِي الْعَفْوُ عَنْهُ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ، وَنَذْكُرُ لَك مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْ حَدِّ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ حَيْثُ بَلَغَهُ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الشَّفَاعَةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَوْ تَابَ الْفَاعِلُ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ وَأَمَّا قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ، فَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهَا قَالَهُ التَّتَّائِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ إلَخْ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ أَمْ لَا وَلَكِنَّهُ فَصَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ خَاصَّةً بَيْنَ الْمَعْرُوفِ بِالْفَسَادِ، فَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَتَجُوزُ . (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ الْحَدِّ الْأَوَّلِ يَسِيرٌ كَخَمْسَةَ عَشَرَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثُونَ فَيُبْتَدَأُ فَيُعَارِضُ قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ بَقِيَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ الْمُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ ثَلَاثُونَ، أَوْ عِشْرُونَ لَا يُبْتَدَأُ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَسِيرَ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ [بَاب السَّرِقَةَ] . (بَابُ السَّرِقَةِ) . (قَوْلُهُ: سَرَقًا وَسَرِقَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَرِقَةً مَصْدَرٌ، وَيَأْتِي أَنَّهُ يُذْكَرُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ. (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَهَا) أَيْ: السَّرِقَةَ أَيْ: بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ. (قَوْلُهُ: حُرًّا لَا يَعْقِلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّغِيرَ إمَّا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ فَيَكُونَ بَيْتُهُ حِرْزًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ فَبَلَدُهُ حِرْزٌ لَهُ فَإِذَا أَخْرَجَهُ مُكَلَّفٌ مِنْ بَيْتِهِ فِي الْأَوَّلِ، أَوْ مِنْ بَلَدِهِ فِي الثَّانِي فَتُقْطَعُ يَدُهُ. (قَوْلُهُ: لِصِغَرِهِ) أَيْ: أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَجُنُونِهِ. (قَوْلُهُ: مَالًا مُحْتَرَمًا إلَخْ) أَيْ: مَالًا لِغَيْرِهِ مُحْتَرَمًا فَيَخْرُجُ مَالُ الْحَرْبِيِّ أَيْ: مُحْتَرَمًا لِلسَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَيَخْرُجُ الْخَمْرُ الَّذِي سَرَقَهُ مُسْلِمٌ مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَمًا لِلْمُسْلِمِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَيَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: نِصَابًا وَصْفٌ ثَالِثٌ أَيْ: مَالٌ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ وَبِأَنَّهُ نِصَابٌ وَقَوْلُهُ: أَخْرَجَهُ أَيْ: أَخْرَجَ الْمَالَ الْمَوْصُوفَ بِمَا ذَكَرَ أَيْ: بِكَوْنِهِ نِصَابًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَافِهِ بِالنِّصَابِيَّةِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَحِينَ الْإِخْرَاجِ فَإِذَا كَانَتْ شَاةً تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ فَذَبَحَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا مَذْبُوحَةً، وَلَا تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا قَطْعَ إلَّا إذَا كَانَتْ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ، فَلَوْ كَانَتْ فِي الْحِرْزِ لَا تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ وَبَعْدَ الْإِخْرَاجِ تُسَاوِيهِ فَلَا قَطْعَ. (قَوْلُهُ: بِقَصْدٍ وَاحِدٍ) أَيْ: فَمَتَى قَصَدَ أَخَذَ النِّصَابَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ تُقْطَعُ يَدُهُ أَخْرَجَهُ فِي مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 قَوْلُهُ: لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ يَخْرُجُ أَخْذُ الْأَبِ مَالَ ابْنِهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَحَقُّهُ أَنْ يُقَيِّدَ الشُّبْهَةَ بِالْقَوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَقَوْلُهُ: خِفْيَةً يَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْخِفْيَةِ؛ لِأَنَّ السَّارِقَ هُوَ الَّذِي يَأْتِي خِفْيَةً، وَيَذْهَبُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ جِهَارًا فَهُوَ مُخْتَلِسٌ، وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَرِدُ عَلَى الرَّسْمِ مَنْ سَرَقَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ مَعَ أَنَّهُ مَالٌ مُحْتَرَمٌ، وَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا، ثُمَّ سَرَقَهُ آخَرُ مِنْ السَّارِقِ فَإِنَّهُمَا يُقْطَعَانِ مَعًا وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُؤَلِّفُ السَّرِقَةَ وَبَدَأَ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَقَالَ (ص) : تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ الْمُكَلَّفَ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى إذَا سَرَقَ، وَيَمِينُهُ صَحِيحَةٌ، فَإِنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ كُوعِهَا إجْمَاعًا وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ، فَالسُّنَّةُ بَيَّنَتْ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ فَقَدْ خَصَّصَتْ عُمُومَ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَإِذَا قُطِعَتْ فَتُحْسَمُ بِالنَّارِ لِيَنْقَطِعَ جَرَيَانُ الدَّمِ؛ لِئَلَّا يَتَمَادَى جَرْيُهُ حَتَّى يُنْزِيَ فَيَمُوتَ، فَإِذَا احْتَرَقَتْ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ مَنَعَ ذَلِكَ جَرْيَ الدَّمِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْحِرَابَةِ، فَالْحَسْمُ مِنْ حَقِّ السَّارِقِ لَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِخَوْفِ الْهَلَاكِ عَلَى السَّارِقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ بِسَرِقَةِ طِفْلٍ. وَقَالَ الْحَطَّابُ: اُنْظُرْ هَلْ الْحَسْمُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ؟ . أَيْ: فَإِنْ تَرَكَهُ أَثِمَ، أَوْ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا . (ص) إلَّا لِشَلَلٍ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى. (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ رُتْبَةَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى بَعْدَ الْيَدِ الْيُمْنَى، فَإِذَا سَرَقَ، وَلَا يَمِينَ لَهُ، أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ، أَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ يَنْتَقِلُ لِلرِّجْلِ الْيُسْرَى أَيْ: فَتُقْطَعُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَهُ مَالِكٌ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ: (وَمَحَا لِيَدِهِ الْيُسْرَى) ضَعِيفٌ أَيْ: وَمَحَا مَالِكٌ الْقَوْلَ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِلْقَوْلِ بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَالْعَمَلُ عَلَى الْمَمْحُوِّ، وَهُوَ قَطْعُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى، لَكِنَّ الْمَحْوَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ، أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ، لَكِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا سَمِعَ الْمَحْوَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ فِيمَنْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ، وَالنَّاقِصَةُ أَكْثَرُ الْأَصَابِعِ مَقِيسَةٌ عَلَى الشَّلَّاءِ، وَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: إلَّا الشَّلَلَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) قَالَ الشَّارِحُ يَخْرُجُ الْعَبْدُ السَّارِقُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ عَدَمَ قَطْعِ الْعَبْدِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ ضَيَاعُ مَالِهِ، وَقَطْعُ يَدِ عَبْدِهِ لَا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ شُبْهَةَ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَقَوْلُنَا ضَيَاعُ مَالِهِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْعَبْدَ ضَيَّعَهُ. (قَوْلُهُ: السَّرِقَةُ اسْمُ مَصْدَرٍ) أَيْ: اسْمٌ مَعْنَاهُ الْمَصْدَرُ هَذَا مَعْنَاهُ ثُمَّ نَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِهَا اسْمُ مَصْدَرٍ أَنْ لَا تُفَسَّرَ بِالْأَخْذِ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ بَلْ تُفَسَّرُ بِالسَّرَقِ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ الَّذِي يُفَسَّرُ بِالْأَخْذِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَنْظُورُ لَهُ فِي الْإِفَادَةِ هُوَ الْأَخْذُ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ نَظَرَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْمَدْلُولِ مَدْلُولٌ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِلْمَدْلُولِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: يُقَالُ: سَرَقَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ سَرِقَةً مَصْدَرٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ الْإِفَادَةِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّارِحَ قَصَدَ بَيَانَ تَصَارِيفِ الْمَادَّةِ مِنْ فِعْلٍ وَمَصْدَرٍ وَاسْمِ مَصْدَرٍ. (قَوْلُهُ: مُنَاسِبٌ لِاسْمِ الْمَصْدَرِ) أَيْ: لِاسْمٍ هُوَ الْمَصْدَرُ أَيْ: أَنَّ أَخَذَ مُنَاسِبٌ لِتَعْرِيفِهِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَوْلُهُ: وَإِذَا أُرِيدَ الِاسْمِيُّ أَيْ وَإِذَا أُرِيدُ تَعْرِيفُ السَّرِقَةِ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ، وَقَوْلُهُ: يَكُونُ إلَخْ أَيْ: يُفَسَّرُ بِالْمَالِ الْمَأْخُوذِ مِنْ مُكَلَّفٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ مُكَلَّفٍ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ: الْمَأْخُوذُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ مُكَلَّفٍ حَالًا مِنْ الْأَخْذِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَأْخُوذٍ أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْأَخْذِ مِنْ مُكَلَّفٍ أَيْ: نَاشِئٍ مِنْ مُكَلَّفٍ فَالْمُكَلَّفُ سَارِقٌ لَا مَسْرُوقٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ أَخْذُ الْأَبِ إلَخْ) أَيْ: وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْأَبُ الْعَاقِلُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ عَاقِلٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ كَالْأَبِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَبُ غَيْرَ عَاقِلٍ وَالْأَجْنَبِيُّ عَاقِلٌ فَيُقْطَعُ الْأَجْنَبِيُّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ) وَكَذَا مَنْ دَخَلَ جِهَارًا وَخَرَجَ خِفْيَةً. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ كِتَابًا إلَخْ) قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38] إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَسُنَّةً قَالَ: " - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ تُقْطَعُ يَدُهُ» . وَالْمُرَادُ بِهَا بَيْضَةُ الدَّجَاجَةِ،. وَقَوْلُهُ: تُقْطَعُ يَدُهُ أَيْ: تَجُرُّهُ لِسَرِقَةِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ فِي الْحُرُوبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ إلَخْ) الرَّاجِحُ إنْ أَعْسَرَ الْيُمْنَى تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ أَيْ: لِأَنَّهُ سَرَقَ بِهَا. (قَوْلُهُ: فَقَدْ خَصَّصَتْ) الْأَوْلَى فَقَدْ قَيَّدَتْ، لِأَنَّ قَوْلَهُ {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] يَحْتَمِلُ مِنْ الْكُوعِ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ. (قَوْلُهُ: وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ) أَيْ: يُغْلَى زَيْتٌ عَلَى نَارٍ وَتُحْسَمُ فِيهِ لِيَقْطَعَ جَرَيَانَ الدَّمِ. (قَوْلُهُ: فَالْحَسْمُ مِنْ حَقِّ السَّارِقِ) هَذَا يَنْتُجُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّ الْمَعْنَى مِنْ حَقِّهِ عَلَى الْإِمَامِ، فَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِمَامِ أَوْ بِمَنْ يَتَوَلَّى الْقَطْعَ كَانَ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) فِي ابْنِ عَسْكَرٍ وَهَلْ الْحَسْمُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ؟ . قَوْلَانِ فَعَلَى أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ، فَيَظْهَرُ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَقْطُوعِ يَدُهُ جَمِيعًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ إلَخْ يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ وَانْظُرْ إلَخْ لَا حَاجَةَ لِلتَّنْظِيرِ لِمَا عَلِمْتَ . (قَوْلُهُ: أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ) ثَلَاثَةٍ لِلْيُمْنَى قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَطْعِهَا لَا أُصْبُعَيْنِ وَأُنْمُلَتَيْنِ، وَانْظُرْ لَوْ طَرَأَ الشَّلَلُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَطْعِهَا وَقَبْلَ الْقَطْعِ هَلْ تُقْطَعُ نَظَرًا لِحَالِ الْحُكْمِ أَوْ لَا؟ ، وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِيمَنْ جَنَى عَلَى آخَرَ وَيَدُهُ صَحِيحَةٌ وَحُكِمَ بِقَطْعِهَا ثُمَّ شُلَّتْ. (قَوْلُهُ: فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) وَانْظُرْ إذَا وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى فَوُجِدَتْ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةَ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ هَلْ يُنْتَقَلُ لِلرِّجْلِ الْيُمْنَى؟ . أَوْ لِلْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: مَقِيسَةٌ عَلَى الشَّلَّاءِ) الْأَوْلَى مَقِيسٌ عَلَى مَا ذَكَرَ الصَّادِقُ بِالشَّلَّاءِ وَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 بِالشَّلَلِ الْفَسَادُ، وَلَوْ قَالَ: كَشَلَلٍ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا إذَا قُطِعَتْ فِي قِصَاصٍ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ كَانَ أَوْلَى . (ص) ثُمَّ يَدُهُ ثُمَّ رِجْلُهُ. (ش) أَيْ: ثُمَّ إنْ سَرَقَ السَّالِمُ الْأَعْضَاءِ الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مَرَّةً ثَالِثَةً، أَوْ سَرَقَ أَشَلُّ الْيَدِ الْيُمْنَى، أَوْ نَاقِصُ أَكْثَرِ أَصَابِعِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَالْقَطْعُ فِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ كَالْحِرَابَةِ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى بِهِ الْعَمَلُ، وَعَنْ عَلِيٍّ مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ فِي الرِّجْلِ لِيَبْقَى عَقِبُهُ يَمْشِي عَلَيْهِ، وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ: وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ إلَى هُنَا كَانَ أَوْلَى لِيَدُلَّ عَلَى رُجُوعِهِ لِلرِّجْلِ كَذَلِكَ . (ص) ثُمَّ عُزِّرَ وَحُبِسَ. (ش) أَيْ: ثُمَّ إنْ سَرَقَ سَالِمُ الْأَعْضَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، أَوْ سَرَقَ الْأَشَلُّ مَرَّةً رَابِعَةً، فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ، وَلَا يُقْتَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَبِي مُصْعَبٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ انْتِهَاءَ الْحَبْسِ، وَلَعَلَّهُ لِظُهُورِ التَّوْبَةِ، وَانْظُرْ نَفَقَتَهُ، وَأُجْرَةَ الْحَبْسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ . (ص) وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلًا، فَالْقَوَدُ، وَالْحَدُّ بَاقٍ، وَخَطَأً أَجْزَأَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ، أَوْ غَيْرَهُ إذَا تَعَمَّدَ قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ الْيُسْرَى أَوَّلًا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ سُنَّةَ الْقَطْعِ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْ السَّارِقِ، وَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى لِأَجْلِ السَّرِقَةِ، وَلَهُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى ظُلْمًا، وَإِذَا أَخْطَأَ مَنْ ذَكَرَ فَقَطَعَ يَدَ السَّارِقِ الْيُسْرَى أَوَّلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عَنْ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَمَحَلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا حَصَلَ الْخَطَأُ بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ، فَقَطَعَ الرِّجْلَ، وَقَدْ وَجَبَ قَطْعُ الْيَدِ، وَنَحْوُهُ فَلَا يُجْزِئُ، وَيَقْطَعُ الْعُضْوَ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَيُؤَدِّي دِيَةَ الْآخَرِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُخْطِئُ الْإِمَامَ، أَوْ مَأْمُورَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَلَا يُجْزِئُ، وَالْحَدُّ بَاقٍ، وَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْإِجْزَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْيُمْنَى مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْيُمْنَى وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ، وَهُوَ قَطْعُ الْيُسْرَى خَطَأً. (ص) فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى. (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَخَطَأٌ أَجْزَأَ وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى فِيمَا إذَا كَانَتْ الْيُمْنَى شَلَّاءَ، أَوْ قُطِعَتْ فِي قِصَاصٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ، أَوْ غَيْرَهُ إذَا قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ الْيُسْرَى خَطَأً، فَإِنْ ذَلِكَ يُجْزِئُ فَإِذَا سَرَقَ مَرَّةً ثَانِيَةً، فَإِنَّ الْحُكْمَ يَنْتَقِلُ لِلرِّجْلِ الْيُمْنَى تُقْطَعُ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْ خِلَافٍ، فَإِنْ سَرَقَ مَرَّةً ثَالِثَةً فَإِنَّ يَدَهُ الْيُمْنَى تُقْطَعُ، فَإِنْ سَرَقَ مَرَّةً رَابِعَةً، فَإِنَّ رِجْلَهُ الْيُسْرَى تُقْطَعُ . (ص) بِسَرِقَةِ طِفْلٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ، أَوْ مَا يُسَاوِيهَا بِالْبَلَدِ شَرْعًا. (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: تُقْطَعُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: كَشَلَلٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ حَيْثُ أَرَادَ بِالشَّلَلِ الْفَسَادَ . (قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ أَشَلُّ الْيُمْنَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ ثَانِيَةً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ قَطْعُ يَدِهِ الْيُسْرَى فَهَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ ثَانِيَةً فِي صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ. قَالَ بَهْرَامُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَحْصُلَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ؟ . (قَوْلُهُ: مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ) مَفْصِلُ عَلَى وِزَانِ مَسْجِدٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْقِدًا عَلَى وِزَانِ مَجْلِسٍ وَالشِّرَاكُ هُوَ شِرَاكُ النَّعْلِ أَيْ: سَيْرُهَا الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ فَالْمَعْنَى مَحَلُّ عَقْدِ الشِّرَاكِ مَفْصِلٌ مَعْرُوفٌ بِحَيْثُ يَبْقَى الْعَقِبُ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُزِّرَ) أَيْ: بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ أَيْ: يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ. (تَنْبِيهٌ) : التَّعْزِيرُ وَالْحَبْسُ يَجْرِي أَيْضًا فِيمَنْ سَرَقَ وَلَيْسَ لَهُ يَدَانِ وَلَا رِجْلَانِ أَوَّله ذَلِكَ، وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا شَلَّاءُ، أَوْ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي مُصْعَبٍ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَقُولُ: يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَمَّدَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهَذَا إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَلَيْسَ فِي نُقُولِ الْمَذْهَبِ تَصْرِيحٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، فَالْمُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ كَالْخَطَأِ. (قَوْلُهُ: وَخَطَأً) أَيْ: وَلَوْ بِتَدْلِيسِ السَّارِقِ عَلَى الْقَاطِعِ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَرَقَ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى خَطَأً، وَأَمَّا أَشَلُّ الْيُمْنَى مَثَلًا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَإِذَا سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى فَإِذَا سَرَقَ مَرَّةً ثَالِثَةً فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِذَا سَرَقَ مَرَّةً رَابِعَةً عُزِّرَ وَيُحْبَسُ. . (قَوْلُهُ: بِسَرِقَةِ طِفْلٍ) يُخْدَعُ وَمَجْنُونٍ انْتَفَعَ بِكُلٍّ أَمْ لَا وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا لِلْآلَةِ لِأَنَّهَا الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَمُنْفَعَلِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ) كَدَارِ أَهْلِهِ إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَوْ بَلَدِهِ كَذَلِكَ أَيْ: مَكَانُهُ الْمَعْرُوفُ بِهِ تت. (قَوْلُهُ: أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْمِصْرِيِّ وَالرُّبُعُ بِالْوَزْنِ لَا بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ) أَيْ: وَلَا الْتِفَاتَ إلَى كَوْنِهَا لَا تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ. (قَوْلُهُ: خَالِصَةٍ) أَيْ: مِنْ الْغِشِّ وَكَذَلِكَ الرُّبُعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا مِنْ الْغِشِّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ فِي رُبُعِ الدِّينَارِ: لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْخُلُوصُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ النَّحَاسُ مِنْهُ نَعَمْ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَهُوَ تَبَعٌ يُحْسَبُ مَعَهُ بَدَلُهُ. وَقَالَ بَعْضٌ: إذَا لَمْ تَكُنْ خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ رَاجَتْ كَكَامِلَةٍ، وَأَمَّا رَدِيئَةُ الْمَعْدِنِ فَهِيَ كَجَيِّدَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُسَاوِيهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقْتَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ لَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ نَقَصَتْ وَقْتَهُ كَذَبْحِ شَاةٍ بِحِرْزٍ، أَوْ خَرْقِ ثَوْبٍ بِحِرْزِهِ فَنَقَصَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ لَمْ يُقْطَعْ كَأَنْ لَمْ يُسَاوِهَا إلَّا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ، وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَالْمَسْرُوقُ مِنْ الْفِضَّةِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا وَزْنًا نَظَرَ لِلنَّقْصِ فِي كُلٍّ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ الْمَوَازِينُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَامِلِ، وَإِنْ كَانَ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَلَا قَطْعَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ عَدَدًا، وَهُوَ فِي الدَّرَاهِمِ فَقَطْ فَإِنْ تَرْجُ بِرَوَاجِ الْكَامِلَةِ فَلَا قَطْعَ مُطْلَقًا وَإِنْ رَاجَتْ بِرَوَاجِ الْكَامِلَةِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا تَخْتَلِفُ بِهِ الْمَوَازِينُ قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَيَجِبُ الْقَطْعُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عَرْضٍ وَسَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ شَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ، وَكَانَ مَالُهُمَا بِحِرْزٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ. (قَوْلُهُ: شَرْعًا) تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ يُسَاوِيهَا أَيْ: الْمُسَاوَاةُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93 الْيُمْنَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَرَقَ طِفْلًا حُرًّا، أَوْ عَبْدًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ لِصِغَرٍ، أَوْ بَلَهٍ، أَوْ كِبَرٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ، أَوْ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَصِيحًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ لِوَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الْفِضَّةِ خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ لِوَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ سَرَقَ مِنْ الْعَرُوضِ، أَوْ غَيْرِهَا مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِي الْبَلَدِ الْمَسْرُوقِ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُمْ بِالدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ، أَوْ الْعَرُوضِ، أَوْ بِهِمَا أَغْلَبُ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ شَرْعِيَّةً، وَأَمَّا غَيْرُهَا، فَكَالْعَدِمِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُقَوَّمِ مَنْفَعَتُهُ الْمُبَاحَةُ قَالَ فِيهَا: مَنْ سَرَقَ حَمَامًا عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَائِرًا عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُرَاعَى إلَّا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ وَقَالَ فِيهَا: وَيُقَوِّمُهَا أَهْلُ الْعَدْلِ وَالنَّظَرِ قِيلَ: فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ قَالَ إنْ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ بَصِيرَانِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ؛ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَلَا يُقْطَعُ بِتَقْوِيمِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي بِالسُّؤَالِ فَالْوَاحِدُ يُجْزِئُ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، ثُمَّ إنَّ اعْتِبَارَ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ يُتَعَامَلُ بِالدَّرَاهِمِ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ، أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُتَعَامَلُ فِيهَا إلَّا بِالذَّهَبِ، وَلَا يُوجَدُ فِيهَا إلَّا الذَّهَبُ، فَالتَّقْوِيمُ حِينَئِذٍ بِالذَّهَبِ كَذَا يَنْبَغِي . (ص) وَإِنْ كَمَاءٍ، أَوْ جَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ، أَوْ جِلْدُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ، أَوْ جِلْدُ مَيِّتَةٍ إنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابًا، أَوْ ظَنًّا فُلُوسًا، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا، أَوْ شَرِكَةَ صَبِيٍّ لَا أَبَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَاءِ، أَوْ مِنْ الْحَطَبِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ فِي الْأَصْلِ، وَيُمْلَكُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ خَالِصَةً، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِعُمُومِ الْآيَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِيمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ، وَفِي الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْفَاكِهَةِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ جَارِحًا يُسَاوِي مَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ شَرْعِيَّةٌ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا اللَّعِبِ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْلُغُهُ، وَتَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِ. اهـ.، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ بَازِيًا، أَوْ طَيْرًا مُعَلَّمًا فَإِنَّهُ يَقُومُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيمِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَاطِلِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ سَبُعًا، وَنَحْوَهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قَالَ فِيهَا: مَنْ سَرَقَ الطَّيْرَ بَازِيًا، أَوْ غَيْرَهُ قُطِعَ، وَأَمَّا سِبَاعُ الْوَحْشِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ لُحُومُهَا إذَا سَرَقَهَا إنْ كَانَ فِي قِيمَةِ جُلُودِهَا إذَا ذُكِيَتْ دُونَ أَنْ تُدْبَغَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ؛ لِأَنَّ لِرَبِّهَا بَيْعَ مَا ذَكَّى مِنْهَا. اهـ.، فَقَوْلُهُ: أَوْ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْمَعْنَى إلَّا بِذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى جَارِحٍ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ الْأَوَّلَ طَائِرٌ، وَهَذَا جَارِحٌ غَيْرُ طَائِرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ جِلْدَ مَيِّتَةٍ إنْ كَانَ مَدْبُوغًا، وَزَادَ دَبْغُهُ عَلَى قِيمَةِ أَصْلِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ غَيْرُ مَدْبُوغٍ أَنْ لَوْ كَانَ يُبَاعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِذَا قِيلَ: دِرْهَمَانِ فَيُقَالُ: وَمَا قِيمَتُهُ مَدْبُوغًا فَإِذَا قِيلَ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَنْ لَوْ كَانَ يُبَاعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَلَمْ يَزِدْهُ الدَّبْغُ نِصَابًا لَا قَطْعَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: حُرًّا أَوْ عَبْدًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: حُرًّا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَهُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَيْ: بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَيْ: أَوْ كَانَ فِي بَلَدِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) كَالْحَيَوَانَاتِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَكَابِرِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ شَرْعِيَّةً) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: أَوْ طَائِرًا عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ) أَيْ: كَالدُّرَّةِ. (قَوْلُهُ: فَأَحَبُّ إلَيَّ) الْمُرَادُ الَّذِي أَسْتَحْسِنُهُ، وَأَقُولُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ أَيْ: فَالسَّبْقُ وَالْإِجَابَةُ مِنْ الْبَاطِلِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرِ) أَيْ: أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ تُقَوِّمُ الْأَشْيَاءَ. (قَوْلُهُ: ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ) أَيْ: فِيمَا كَانَ أَوْلَى وَأَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُ حِينَ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ يُسْأَلُ الْقَاضِي عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَهُوَ قَدْ ابْتَدَأَ بِالسُّؤَالِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ الْحُقُوقِ، فَالْقَاضِي لَمْ يَبْتَدِئْ بِالسُّؤَالِ بَلْ الْمُبْتَدِئُ بِالسُّؤَالِ هُوَ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ اعْتِبَارَ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّقْوِيمَ بِالدَّرَاهِمِ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهَا الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَيَكُونُ أَقْرَبَ لِلْعِلْمِ لِكَثْرَةِ عَهْدِ النَّاسِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَامَلْ إلَّا بِعَرْضٍ كَالْوَدْعِ بِبَلَدِ السُّودَانِ قُوِّمَ الْعَرْضُ الْمَسْرُوقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ الْمُتَعَامَلِ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ . (قَوْلُهُ: لِتَعْلِيمِهِ) أَيْ: لِأَجْلِ تَعَلُّمِهِ فَأَطْلَقَ الْمَصْدَرَ وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ وَهُوَ التَّعَلُّمُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ وَصْفٌ لِلْمُعَلَّمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا قُطِعَ سَارِقُ الطَّيْرِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ لَحْمِهِ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ رِيشِهِ أَوْ رِيشِهِ فَقَطْ نِصَابًا (قَوْلُهُ لَا أَبَ) أَيْ: مُكَلَّفٌ، وَأَمَّا الْأَبُ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ شَرِيكُهُ لِعَدَمِ نِسْبَةِ السَّرِقَةِ إلَيْهِ، وَقَصْدُهَا مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مَجْنُونًا وَشَارَكَ سَارِقًا لِمَالِهِ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ. (قَوْلُهُ: مُعَلَّمًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْبَازِ وَالطَّيْرِ أَيْ: إنْ كَانَ الْبَازُ مُعَلَّمًا، أَوْ الطَّيْرُ مُعَلَّمًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَارِحَ الْأَوَّلَ طَائِرٌ إلَخْ) وَلَك أَنْ تَقُولَ: الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِ جَارِحٌ غَيْرُ كَلْبٍ مِنْ طَيْرٍ، أَوْ سَبُعٍ كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ ضَمِيرُ جِلْدِهِ يَرْجِعُ لِأَحَدِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ جَارِحٌ، وَهُوَ السَّبُعُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَارِحٌ غَيْرُ طَائِرٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارِحَ غَيْرَ الطَّائِرِ إنَّمَا يُرَاعَى قِيمَةُ جِلْدِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ لِكَرَاهَتِهِ، أَوْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94 كَمَا لَوْ سَرَقَهُ غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا يَظُنُّهُ فُلُوسًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبُعُ دِينَارٍ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ، أَوْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي نِصَابًا مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ فَارِغٌ فَإِذَا فِيهِ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثَّوْبُ يُحَطُّ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ خَشَبَةً، أَوْ حَجَرًا يَظُنُّهُ فَارِغًا فَإِذَا فِيهِ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُجْعَلُ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ تِلْكَ الْخَشَبَةِ، أَوْ نَحْوُهَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَيُقْطَعُ فِي قِيمَةِ مَا ذَكَرَ دُونَ مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ إذَا شَارَكَهُ فِي سَرِقَةِ النِّصَابِ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ دُونَهُمَا لَيْسَ شَرِكَتُهُمَا شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَكَ فِي السَّرِقَةِ مَعَ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الْمَالِ الْمَسْرُوقِ كَمَا إذَا اشْتَرَكَ مَعَ أَبٍ رَبُّ الْمَالِ أَوْ أُمِّهِ، أَوْ جَدِّهِ وَلَوْ لَامَ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ لِدُخُولِهِ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ، فَلَوْ سَرَقَ مَعَ عَبْدِهِ مِنْ مَوْضِعٍ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي دُخُولِهِ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَمِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ قُطِعَ الْمُكَلَّفُ دُونَ الْعَبْدِ، لِأَنَّ دَرْءَ الْحَدِّ عَنْ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لِشُبْهَةٍ لَهُ فِي الْمَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَإِذَا قُطِعَ عَبْدُهُ كَانَتْ زِيَادَةً عَلَيْهِ فِي مُصِيبَتِهِ. (ص) وَلَا طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَا أَنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ. (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ طَيْرًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِأَجْلِ إجَابَتِهِ مِثْلَ الْبَلَابِلِ وَالْعَصَافِيرِ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ نَعَمْ إنْ كَانَ لَحْمُهُ يُسَاوِي بَعْدَ ذَبْحِهِ نِصَابًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ عَلَى دُفُعَاتٍ فِي لَيْلَةٍ، أَوْ فِي لَيَالٍ، أَوْ فِي يَوْمٍ، أَوْ أَيَّامٍ، لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ أَنْ يَخْرُجَ النِّصَابُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْقَصْدِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصَابَ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَيُؤْخَذُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ فَقَوْلُهُ: وَلَا طَيْرَ أَيْ: وَلَا سَارِقَ طَيْرٍ، فَالْمَعْطُوفُ هُوَ الْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ عَلَى مُضَافٍ كَذَلِكَ أَيْ: لَا شَرِكَةَ أَبٍ وَلَا سَارِقَ طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا ضِدَّ الْإِبَايَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْمُجَاوَبَةُ . (ص) ، أَوْ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابٌ. (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا لَا قَطْعَ فِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ اثْنَانِ فِي الْحِرْزِ فَاشْتَرَكَا فِي حَمْلِ نِصَابٍ فَأَخْرَجَاهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَقِلُّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ دُونَ صَاحِبِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَعَلَيْهِمَا الْقَطْعُ، وَلَوْ لَمْ يُنِبْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ، أَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، وَلَوْ اسْتَقَلَّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، فَالْحَاصِلُ إنْ نَابَ كُلًّا نِصَابٌ، فَالْقَطْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِلَّا فَإِنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، فَلَا قَطْعَ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ عَلَيْهِمْ إذَا رَفَعُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ فِي الْحِرْزِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِرَفْعِهِمْ مَعَهُ، وَيَصِيرُونَ كَأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ، وَإِذَا رَفَعُوهُ عَلَى دَابَّةٍ، فَإِنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا تَعَاوَنُوا عَلَى رَفْعِهِ عَلَيْهَا، وَلَوْ حَمَلُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِهِ دُونَهُمْ كَالثَّوْبِ قُطِعَ وَحْدَهُ، وَلَوْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَامِلًا لِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا أَخْرَجُوهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ أَخْرَجَ مَا فِيهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ الْحِرْزَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا دِينَارًا، وَقَضَاهُ لِلْآخَرِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُطِعَ الْخَارِجُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَوْ بَاعَ السَّارِقُ ثَوْبًا فِي الْحِرْزِ لِآخَرَ، فَخَرَجَ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَارِقٌ، فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ. (ص) مِلْكِ غَيْرٍ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، أَوْ أَخَذَ لَيْلًا وَادَّعَى الْإِرْسَالَ وَصُدِّقَ إنْ أَشْبَهَ. (ش) هَذَا نَعْتٌ لِلنِّصَابِ السَّابِقِ، وَهُوَ الرُّبُعُ دِينَارٍ، أَوْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَكَأَنَّهُ قَالَ بِسَرِقَةِ طِفْلٍ، أَوْ نِصَابِ مِلْكِ غَيْرٍ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ السَّارِقَ مُقِرٌّ بِالسَّرِقَةِ، وَرَبُّ الْمَتَاعِ يُكَذِّبُهُ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمَتَاعُ لِلسَّارِقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ رَبُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَشَمَلَ قَوْلُهُ: مِلْكَ غَيْرٍ السَّارِقَ مِنْ سَارِقٍ فَيُقْطَعَانِ مَعًا، وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ ثَالِثٌ، وَهَكَذَا وَشَمَلَ سَرِقَةَ مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ يَسْرِقَانِ مِنْ مَالٍ لَهُمَا فِيهِ التَّصَرُّفُ، وَهُوَ بِيَدِ مُودَعٍ، أَوْ مُرْتَهِنٍ، أَوْ نَحْوَهُ وَشَمَلَ سَرِقَةَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَخْ) أَيْ: فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ظَنًّا رَاجِعٌ لِلرُّبُعِ دِينَارٍ وَالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ، فَالْأَلْفُ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَفُلُوسًا هُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ ظَنَّ وَفَائِدَتُهُ أَنَّ النَّاسِخَ يَدْخُلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ أَيْ: عَلَى مَا أَصْلُهُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّا إذَا حَلَّيْنَاهُ وَقُلْنَا: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فُلُوسٌ لَا يَصِحُّ لَكِنْ يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ ظَنَّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ عَلَى التَّوْضِيحِ فِي بَابِ ظَنَّ. (قَوْلُهُ: إذَا شَارَكَهُ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدِ نِصَابٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُعْذَرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَنُبْهُ نِصَابٌ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي مَعَهُ كَالْعَدَمِ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قَصَدَ إلَخْ) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِقَرِينَةٍ كَإِخْرَاجِهِ دُونَ النِّصَابِ مِمَّا وَجَدَهُ مُجْتَمَعًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَتَاعٍ ثُمَّ يَرْجِعُ مَرَّةً، أَوْ أَكْثَرَ فَيَأْخُذُ تَمَامَ النِّصَابِ فَيُحْمَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إخْرَاجَهُ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قَصْدًا وَاحِدًا وَسَوَاءٌ كَانَ حِينَ أَخْرَجَ مَا أَخْرَجَهُ أَوَّلًا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ مَا أَخْرَجَهُ فَقَطْ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ نِصَابٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصَابَ دُفْعَةً وَاحِدَةً) صَوَابُهُ جَمِيعَ النِّصَابِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْمُجَاوَبَةُ) أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْإِبَايَةِ تَأْتِي فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ إلَخْ) الصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ إمَّا أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَمْلِهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ إلَّا الْجَمِيعُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ بَعْضُهُمْ، أَوْ جَمِيعُهُمْ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: مِلْكُ غَيْرٍ) وَشَمَلَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 الْمُسْتَأْجِرِ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ رَبِّهِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَهُوَ بِيَدِ مُرْتَهِنٍ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَ مِلْكَ الْمَحْجُورِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ السَّارِقُ إذَا أَخَذَ فِي اللَّيْلِ الْمَتَاعَ الْمَسْرُوقَ، وَقَالَ: رَبُّ الْمَتَاعِ أَرْسَلَنِي لِأَخْذِهِ فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لَكِنَّهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ، وَلَا يُقْطَعُ بِأَنْ دَخَلَ مِنْ مَدَاخِلِ النَّاسِ، وَخَرَجَ مِنْ مَخَارِجِهِمْ فِي وَقْتٍ يُشْبِهُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فِيهِ . (ص) لَا مِلْكَهُ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مُحْتَرَمًا لَا خَمْرًا وَطُنْبُورًا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ نِصَابًا، وَلَا كَلْبًا مُطْلَقًا، أَوْ أُضْحِيَّةً بَعْدَ ذَبْحِهَا بِخِلَافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ. (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ الْمَسْرُوقُ مِلْكًا لِغَيْرِ السَّارِقِ، وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ مِلْكَهُ الْمَرْهُونَ، أَوْ الْمُسْتَأْجَرَ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْهَاءِ، وَالْجِيمِ، وَيَكُونُ بَيَانًا لِمِلْكِهِ بِمَعْنَى مَمْلُوكِهِ أَيْ: لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَمْلُوكَهُ الْمُرْتَهَنَ وَالْمُسْتَأْجَرَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ مَا ذُكِرَ، وَيَكُونُ بَيَانًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ مَعَهُ بَيِّنَةً بِالرَّهْنِيَّةِ وَالِاسْتِئْجَارِ، وَإِلَّا قُطِعَ كَمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ إذَا مَلَكَ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِأَنْ وَرِثَهُ مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَرَقَ نِصَابًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ صَاحِبُهُ، فَإِنَّ الْقَطْعَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ، وَمِنْ شَرْطِ الْمَتَاعِ الْمَسْرُوقِ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا بِأَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ، فَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا، أَوْ طُنْبُورًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ إلَّا أَنَّ الْخَمْرَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ لَا لِمُسْلِمٍ حَيْثُ أَتْلَفَهَا السَّارِقُ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ خَشَبُ الطُّنْبُورِ بَعْدَ كَسْرِهِ بِالْفِعْلِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ إنَّ وِعَاءَ الْخَمْرِ إذَا كَانَتْ تُسَاوِي نِصَابًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ هَلْ يُقْطَعُ؟ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا، أَوْ لَا وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ كَلْبٍ سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ، أَمْ لَا مُعَلَّمًا أَمْ لَا، وَلَوْ سَاوَى لِتَعْلِيمِهِ نِصَابًا فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: وَجَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَرَّمَ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ أُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالذَّبْحِ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ مِمَّنْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَقِيرًا كَانَ، أَوْ غَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، فَالْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِنْ سَرَقَ الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ ذَبْحِهَا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَلَوْ كَانَ عَيَّنَهَا، وَحُكْمُ الْفِدْيَةِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ . (ص) تَامَّ الْمِلْكِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ مَالِ شَرِكَةٍ إنْ حُجِبَ عَنْهُ وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا لَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ، وَلَا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ لِحَقِّهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَطْعِ فِي الْمَالِ الْمَسْرُوقِ أَنْ يُسْرَقَ مِمَّنْ مِلْكُهُ تَامٌّ لَا مِلْكَ لِلسَّارِقِ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةٌ، يُحْتَرَزُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَنْ الشَّرِيكِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ الَّذِي لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، وَبِالثَّانِي عَنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ وَلَدِهِمَا، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا، وَمِثْلُهُمَا الْجَدُّ، وَلَوْ لِأُمٍّ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ ابْنِهِ، أَوْ ابْنِ ابْنَتِهٍ؛ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» أَمَّا الِابْنُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ، أَوْ مِنْ مَالِ جَدِّهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ لِقُوَّةِ شُبْهَتِهِ، فَلَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْتَظِمًا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ حَوْزِهَا؛ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَيَدْخُلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ الشُّوَنُ بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَأَكْثَرَ تَرَتَّبَتْ لَهُ عَلَيْهِ، وَتَعَذَّرَ حُضُورُ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ لَمَّا أَقَامَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بَيِّنَةً بِالسَّرِقَةِ، وَتَرَتَّبَ عَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ أَقَامَ السَّارِقُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمَالَ لَهُ، وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ حَقَّهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ مُمَاطِلٌ لَهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَمْ لَا أَيْ: وَأَقَامَ السَّارِقُ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَالًا، وَأَنَّهُ مَطَلَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا قُطِعَ، وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ أَنَّ الْمَالَ مَالُهُ، وَأَنَّهُ جَحَدَهُ، أَوْ مَاطَلَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى رَحْمَتِهِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ   [حاشية العدوي] السَّرِقَةَ مِنْ آلَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلنَّوَادِرِ وَشَمَلَ سَرِقَةَ الْمُرْتَهَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ رَبِّهِ، أَوْ مِنْ أَمِينٍ بِيَدِهِ فَيُقْطَعُ كُلٌّ . (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا) دَخَلَ فِيهِ مَالُ الْحَرْبِيِّ دَخَلَ لَنَا بِأَمَانٍ فَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ السَّارِقُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ طُنْبُورًا) بِضَمِّ الطَّاءِ. (قَوْلُهُ: يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا) أَيْ: وَيُوجَعُ أَدَبًا. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَثْنَى) أَيْ: لَفْظًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مَعْنًى تَحْقِيقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) كَصَدَقَةٍ وَقَوْلُهُ: فَقِيرًا كَانَ، يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: أَوْ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ غَنِيًّا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: أَوْ هِبَةٍ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ) أَيْ: وَيَحْتَاجُ الْحَالُ إلَى أَنْ يَقُولَ: وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ فِي الْمُصَنَّفِ وَالتَّقْدِيرُ مِنْ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ مُهْدًى لَهُ وَلَوْ قَالَ: وَالْمُرَادُ مِنْ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً فَيَشْمَلُ الْفَقِيرَ وَالْغَنِيَّ، لَصَحَّ كَلَامُهُ، وَالنُّكْتَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْفَقِيرِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ لِكَوْنِ الْغَالِبِ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يُعْطُونَ لَحْمَهَا لِلْفَقِيرِ. . (قَوْلُهُ: لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) أَيْ: لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةً لَا نَفْيُ مُطْلَقِ شُبْهَةٍ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ فَرْعُهُ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَنْزِعَهُ سَيِّدُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ وَدِيعَةً، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ وَجَحَدَهُ بِهِ أَوْ مَطَلَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ قُطِعَ أَيْ: السَّارِقُ، وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ) أَيْ: وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ بِدُونِ نِصَابٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 فِيمَا مَرَّ: وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي تَصْوِيرِ الْبِسَاطِيِّ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ شَرِكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُحْجَبَ السَّارِقُ عَنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ الثَّانِي أَنْ يَسْرِقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا مِنْ جَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا إذَا كَانَ جُمْلَةُ الْمَالِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَسَرَقَ مِنْهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِمَّا سَرَقَ لَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ نِصَابٌ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ، أَوْ حُجِبَ عَنْهُ، وَسَرَقَ دُونَ حَقِّهِ، أَوْ فَوْقَهُ، لَكِنْ دُونَ رُبُعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ . (ص) مُخْرَجٌ مِنْ حِرْزٍ بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ، أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا، أَوْ أَدْهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ، أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ، أَوْ اللَّحْدَ، أَوْ الْخِبَاءَ، أَوْ مَا فِيهِ، أَوْ فِي حَانُوتٍ، أَوْ فِنَائِهِمَا، أَوْ مَحْمِلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ وَإِنْ غُيِّبَ عَنْهُنَّ، أَوْ بِجَرِينٍ، أَوْ سَاحَةِ دَارٍ لِأَجْنَبِيٍّ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ كَالسَّفِينَةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَطْعِ أَنْ يُخْرِجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، وَفَسَّرَ الْحِرْزَ بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، فَلَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ شَرْعِيٌّ، بَلْ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَالْأَمْوَالِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ نَقَلَ النِّصَابَ دَاخِلَ الْحِرْزِ مِنْ مَكَان لِآخَرَ فِيهِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِ غَيْرِ مِثْلِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا إخْرَاجُ الْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَسَوَاءٌ بَقِيَ النِّصَابُ خَارِجَ الْحِرْزِ، أَوْ تَلِفَ بِسَبَبِ نَارٍ، أَوْ أَتْلَفَهُ حَيَوَانٌ، أَوْ كَانَ زُجَاجًا فَتَكَسَّرَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ السَّارِقِ الْحِرْزَ بَلْ لَوْ أَدْخَلَ عَصًا مَثَلًا، وَجَرَّ بِهَا نِصَابًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ ابْتَلَعَ دَاخِلَ الْحِرْزِ دُرًّا، أَوْ دِينَارًا، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ حَيْثُ خَرَجَ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ، لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ طَعَامًا دَاخِلَ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ، وَلَكِنْ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ كَمَا لَوْ حَرَقَ أَمْتِعَةً دَاخِلَ الْحِرْزِ، وَيُؤَدَّبُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَدْهَنَ دَاخِلَ الْحِرْزِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَا يُسَاوِي نِصَابًا إذَا سُلِتَ مِنْهُ كَالْمِسْكِ وَالزُّبْدِ وَنَحْوِهِمَا، وَمِثْلُ السَّلْتِ الْغَسْلُ، أَوْ الطَّفْيُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ وَنَحْوِهَا فَأَخْرَجَهَا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا، أَوْ إلَى صَبِيٍّ، أَوْ إلَى أَعْجَمِيٍّ حَتَّى أَخْرَجَهُ فَقَوْلُهُ: أَوْ أَشَارَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى لَمْ يُخْرِجْ أَيْ: وَإِنْ أَشَارَ إلَخْ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ نَفْسَ اللَّحْدِ، وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ الَّذِي يُسَدُّ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ، وَأَمَّا سَرِقَةُ مَا فِي الْقَبْرِ، وَهُوَ الْكَفَنُ فَسَيَأْتِي، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ الْخَيْمَةَ، أَوْ سَرَقَ مَا فِيهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَهْلُهُ فِيهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي تَصْوِيرِ الْبِسَاطِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبِسَاطِيِّ فَإِنْ قُلْتَ: الْقَطْعُ يَرْجِعُ لِلْحُكَّامِ وَيَتْبَعُ فِيهِ الظَّاهِرَ فَكَيْفَ يُعْرَفُ أَنَّهُ جَاحِدٌ حَتَّى يُنْفَى عَنْهُ الْقَطْعُ؟ . قُلْتُ: قَدْ يَقُولُ بَعْدَ السَّرِقَةِ: أَنَا جَحَدْته ذَلِكَ وَيَرْجِعُ لِلْحَقِّ، وَظَاهِرُهُ كَأَنَّ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، أَوْ لَا وَقَيَّدَ بَعْضَ الشُّيُوخِ عَدَمَ الْقَطْعِ بِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ قَالَ: وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قُطِعَ وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ، وَحَاصِلُ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ تَصْوِيرَ الْبِسَاطِيِّ لَا يَسْلَمُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ السَّارِقُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمَالَ لَهُ وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ كُلَّهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَنْ يُحْجَبَ السَّارِقُ) أَيْ: بِأَنْ أَوْدَعَاهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِ السَّارِقِ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ وَالْإِحْرَازِ وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَحْجُوبِ، أَوْ يُغْلِقَا عَلَيْهِ وَيُودِعَا الْمَفَاتِيحَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا، وَمِثْلُ جَعْلِ الْمَفَاتِيحِ عِنْدَ غَيْرِهِمَا جَعْلُهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ وَالْإِحْرَازِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقَوَّمًا إلَخْ) أَيْ: كَشَرِكَةٍ فِي عُرُوضٍ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ كَكُتُبٍ مُخْتَلِفَةٍ جُمْلَتُهَا تُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ فَسَرَقَ كِتَابًا مُعَيَّنًا يُسَاوِي سِتَّةً فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهِ نِصْفُهُ فَقَطْ فَقَدْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْهُ نِصَابًا، فَإِنْ سَرَقَ دُونَ حَقِّهِ فِيهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ كَانَ مَا سَرَقَهُ بَعْضُهُ حَظَّهُ، وَبَعْضُهُ حَظَّ صَاحِبِهِ، وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَمَّا كَانَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ غَالِبًا، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ قَدْرُ حَظِّهِ، أَوْ أَكْثَرَ بِدُونِ نِصَابٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ) أَيْ: السَّارِقُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِالضَّمِيرِ بَارِزًا لَتُوُهِّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُخْرَجِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعِبَارَةِ. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ اللَّحْدَ) مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: أَوْ سَرَقَ اللَّحْدَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْخَيْمَةَ، أَوْ مَا فِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي حَانُوتٍ مَعْطُوفٌ عَلَى فِيهِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ سَرَقَ مَا فِي حَانُوتٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِنَائِهِمَا إلَخْ أَيْ: أَوْ سَرَقَ مِنْ فِنَائِهِمَا فَفِيهِ حَذْفُ الْجَارِ وَإِبْقَاءِ مَجْرُورِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمِلٍ) أَيْ: وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ فِي سَرِقَةِ مَحْمِلٍ، أَوْ سَرِقَةٍ مِنْ مَحْمِلٍ فَالْمَحْمِلُ إمَّا مَسْرُوقٌ نَفْسُهُ، أَوْ مَسْرُوقٌ مِنْهُ، أَوْ مَا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ فَقَوْلُهُ: فِي سَرِقَةِ مَحْمِلٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِجَرِينٍ أَيْ: أَوْ سَرَقَ مَا بِجَرِينٍ أَوْ مَا بِسَاحَةِ دَارٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ بَعْدَ هَذَا مِنْ الرَّكَاكَةِ فِي لَفْظِ الْمُؤَلِّفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَاحَةِ دَارٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّاحَةَ وَالْعَرْصَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ وَسَطُ الدَّارِ هَذَا إذَا قَيَّدْتَ السَّاحَةَ بِالدَّارِ، وَأَمَّا السَّاحَةُ الْمُطْلَقَةُ فَهِيَ مَا كَانَتْ خَارِجَ الْبُيُوتِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ السَّلْتِ الْغَسْلُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ أَيْ: غَسْلُ الدُّهْنِ مِنْ الْجَسَدِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الطَّفْيُ عَلَى الْمَاءِ أَيْ: بِدُونِ غَسْلٍ بِأَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَاءِ فَيَسْتَعْلِي الدُّهْنُ عَلَى الْمَاءِ، وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا أَدْهَنَ بِنِصَابٍ، وَلَكِنْ بِحَيْثُ إذَا سَلَتَ، أَوْ طَفَا عَلَى الْمَاءِ لَا يَحْصُلُ نِصَابٌ فَلَا قَطْعَ. (قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَهَا مِنْ حِرْزِهَا) وَهَلْ يُعْتَبَرُ أَخْذُهَا وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَوْ لَا؟ ، وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ النَّوَادِرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ اللَّحْدَ الشِّقُّ يَكُونُ فِي عَرْضِ الْقَبْرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97 الْحَضَرِ، أَوْ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الْخِبَاءَ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ، وَلِمَا فِيهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْخِبَاءِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ اتَّخَذَهُ الْإِنْسَانُ مَنْزِلًا وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ مَثَلًا فَسَرَقَهُ إنْسَانٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَانُوتٍ نِصَابًا، أَوْ مِنْ فِنَاءِ الْخِبَاءِ، أَوْ مِنْ فِنَاءِ الْحَانُوتِ، أَوْ مِنْ تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ يَقُومُ، وَيَتْرُكُهُ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا مَبْنِيًّا، أَوْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْقَلِبُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَلَا قَطْعَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَحْمِلِ، أَوْ مَا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً، أَوْ نَازِلَةً فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، وَبِعِبَارَةِ أَوْ مَحْمِلٍ كَالزَّامِلَةِ، وَالشُّقْدُفِ، وَالْمِحَفَّةِ إذَا سَرَقَ الْمَحْمِلَ، أَوْ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مَا بَعْدَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي عَنْهُنَّ يَرْجِعُ لِلْخِبَاءِ، وَلِلْحَانُوتِ، وَلِلْمَحْمِلِ وَلِلدَّابَّةِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ تَمْرًا، أَوْ زَرْعًا مِنْ الْجَرِينِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَ مِنْ الْبُيُوتِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَلَوْ حَمَلَ الزَّرْعَ إلَى الْجَرِينِ فَسَرَقَ فِي الطَّرِيقِ لَقُطِعَ السَّارِقِ لِأَجْلِ مَنْ مَعَهُ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَاحَةٍ، أَوْ عَرْصَةِ دَارٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ لَهُمَا، وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الشَّرِيكِ فِي السُّكْنَى، فَيُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَهُ مِنْ السَّاحَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُوضَعُ فِيهَا أَمْ لَا كَالثَّوْبِ وَأَمَّا غَيْرُ الْأَجْنَبِيِّ فَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ مِنْ السَّاحَةِ مَا يُوضَعُ فِيهَا كَالدَّابَّةِ لَا غَيْرُهُ، وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ لِسَاحَتِهَا سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَمْ أَجْنَبِيًّا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَقَالَ الشَّارِحُ: اُخْتُلِفَ فِيهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ، وَعَزَا الْمَوَّاقُ هَذَا الثَّانِيَ لِسَحْنُونٍ، وَعَزَا الْأَوَّلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَهَذَا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ، فَلَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا، أَوْ مِنْ سَاحَتِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَ مِنْ سَاحَتِهَا مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ السَّفِينَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ قُطِعَ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا أَمْ لَا كَانَ مِمَّنْ بِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ رَبِّهِ، فَإِنْ كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا قُطِعَ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّكَّابِ فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ الْخُنِّ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا . (ص) أَوْ خَانٍ لِلْأَثْقَالِ، أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ، أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْرٍ، أَوْ بَحْرٍ لِمَنْ رَمَى بِهِ لِكَفَنٍ، أَوْ سَفِينَةٍ بِمِرْسَاةٍ، أَوْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ مِطْمَرٍ قَرُبَ، أَوْ قِطَارٍ وَنَحْوِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَانَ يَكُونُ حِرْزًا لِلْأَشْيَاءِ الثَّقِيلَةِ كَالزِّلَعِ، وَالْحَمُولِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَبِمُجَرَّدِ إزَالَتِهَا عَنْ مَوْضِعِهَا يُقْطَعُ، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا إذَا كَانَتْ تُبَاعُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ حَتَّى يُخْرِجَهَا، وَلَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا خَفِيفًا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ فِي مَكَان مَحْجُورٍ عَنْ السَّارِقِ أَنْ يَدْخُلَهُ، أَمَّا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَكَان يَدْخُلُهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، وَحُكْمُ أَمَةِ الزَّوْجَةِ حُكْمُهَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ، وَحُكْمُ عَبْدِ الزَّوْجِ حُكْمُهُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ، وَأَتَى بِضَمِيرِ الزَّوْجِ مُذَكَّرًا مُرَاعَاةً لِلَفْظِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ دَابَّةً مِنْ مَوْقِفِهَا الَّتِي أُوقِفَتْ فِيهِ لِلْبَيْعِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ السَّاحَةِ، وَإِخْرَاجَهَا خَارِجَ الدَّارِ إمَّا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَفِيهِ الْقَطْعُ مُطْلَقًا، وَإِمَّا مِنْ شَرِيكٍ فَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِي السَّاحَةِ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي السَّاحَةِ، وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ الْبُيُوتِ وَإِخْرَاجُهَا لِلسَّاحَةِ فَيُقْطَعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَالْأَجْنَبِيِّ، أَمَّا الشَّرِيكُ فَبِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا أَوْ مِنْ سَاحَتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ سَاحَتِهَا مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ) لَمَّا عَمَّمَ وَقَالَ: سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا أَفَادَك أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِيهِ الْخِلَافُ. (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا) الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ نِسْبَةِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ نُسِبَ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِيَ نُسِبَ لِلْحَمْلِ عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ الْأَمْرِ الثَّانِي الْعَزْوَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ مَعْزُوٌّ لِلْإِمَامِ، وَالثَّانِي مَعْزُوٌّ لِسَحْنُونٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ لَكَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَقْوَى مِنْ تَأْوِيلِهَا وَقَوْلُ الْإِمَامِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ كَسَحْنُونٍ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ السَّفِينَةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ فِي الْخُنِّ فِيهَا الْقَطْعُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ السَّفِينَةِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا مِنْ الرُّكَّابِ أَمْ لَا، وَثَمَانِيَةٌ فِي غَيْرِ الْخُنِّ فَنَقُولُ: إنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ قُطِعَ خَرَجَ أَمْ لَا كَانَ مِنْ الرُّكَّابِ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الرُّكَّابِ خَرَجَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الرُّكَّابِ قُطِعَ إنْ خَرَجَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَا قَطْعَ . (قَوْلُهُ: أَوْ خَانٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ أَيْ: أَوْ سَاحَةِ خَانٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ سُكَّانِهِ، أَوْ أَجْنَبِيًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجٍ) اُنْظُرْ عَلَى مَاذَا يُعْطَفُ قَالَ الشَّارِحُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُرَاعِ فِي هَذِهِ الْمَعَاطِيفِ صِنَاعَةَ أَهْلِ النَّحْوِ الْمَعْهُودَةَ بَلْ، يُقَدَّرُ لِكُلِّ مَعْطُوفٍ مِنْهَا مَا يُنَاسِبُهُ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ) بِإِزَالَتِهِ عَنْ مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْحَجْرُ بِغَلْقٍ لَا بِمُجَرَّدِ حَجْرٍ بِالْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: لِكَفَنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِحِرْزٍ وَالتَّقْدِيرُ هُمَا حِرْزٌ لِكَفَنٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِكَفَنٍ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا دَامَ بِهِ الْمَيِّتُ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ فَرَّقَهُ الْمَوْجُ عَنْهُ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ كُفِّنَ بِهِ، أَوْ رُؤْيَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي التَّفْرِيقِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ الْبَحْرُ حِرْزًا لَهُ أَمْ لَا؟ ، وَأَمَّا الْقَبْرُ بِالْبَرِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْعُمْرَانِ، أَوْ الْبَعِيدِ فَحِرْزٌ لِلْكَفَنِ وَلَوْ فَنَى الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 إذَا كَانَتْ مَرْبُوطَةً فِي الزُّقَاقِ دَائِمًا، ثُمَّ سَرَقَهَا مِنْ مَوْقِفِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِرْزُهَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبْرُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ، أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ كَفَنَ الْمَيِّتِ الْمَرْمِيِّ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْبَحْرَ حِينَئِذٍ صَارَ حِرْزًا لَهُ، وَظَاهِرُهُ رُمِيَ بِالْبَحْرِ مُثَقَّلًا أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: رُمِيَ بِهِ، مِنْ الْغَرِيقِ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَوَائِجِ، وَشَرْطُ الْكَفَنِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا، وَلَوْ مَنْدُوبًا، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا قَطْعَ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ السَّفِينَةَ نَفْسَهَا، وَهِيَ وَاقِفَةٌ فِي الْمِرْسَاةِ، أَوْ عَلَى قَرْيَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْمِرْسَاةِ الْمَحَلُّ الَّذِي رَسَتْ فِيهِ، وَهُوَ صَالِحٌ لِلْإِرْسَاءِ كَانَ مُعَدًّا لَهُمَا أَمْ لَا، كَانَ بَقَرِيَّةٍ أَمْ لَا، كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا، وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ، وَلَوْ كَانَ فِي فَلَاةٍ وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ غِلَالِ الْمَطَامِيرِ الَّتِي يُخَزَّنُ فِيهَا الْقَمْحُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَطْمُورُ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْكَنِ بِحَيْثُ يَكُونُ حِسُّ رَبِّهِ عَلَيْهِ، فَلَوْ بَعُدَ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِزْ طَعَامَهُ بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْقِطَارِ، وَهُوَ الْإِبِلُ الْمَرْبُوطَةُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ سَائِرَةً، أَوْ نَازِلَةً، فَإِذَا حَلَّ السَّارِقُ وَاحِدًا مِنْهَا، وَأَخَذَهُ قُطِعَ، وَلَوْ لَمْ يَبِنْ بِهِ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبَانَ بِهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَنَحْوُ الْقِطَارِ الْإِبِلُ، أَوْ الدَّوَابُّ الْمَسُوقَةُ إلَى الْمَرْعَى غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ أَيْ: غَيْرَ مَقْطُورَةٍ . (ص) أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ، أَوْ حُصُرَهُ، أَوْ بُسُطَهُ إنْ تُرِكَتْ بِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَهُ عَنْ حِرْزِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَزَالَ سَقْفَ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ، لِأَنَّهُ أَزَالَهُ عَنْ حِرْزِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ بَلَاطَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ سَرَقَ حُصُرَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْبَلَاطَ لَا يَتَقَيَّدُ غَالِبًا بِوَضْعِهِ فِي مَحَلِّ حِرْزِهِ بِخِلَافِ الْحُصُرِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَسْجِدِ، بَلْ غَيْرُهُ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلْقٌ، أَوْ لَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ حُصُرَهُ، وَأَخْرَجَهَا، وَمِثْلُهَا الْبُسُطُ إذَا كَانَتْ تُتْرَكُ بِهِ مِثْلَ مَا تُتْرَكُ الْحُصُرُ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ، فَالْقَيْدُ يَرْجِعُ لِلْبُسُطِ فَقَطْ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي اشْتِرَاطِ الْإِخْرَاجِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ الْإِزَالَةُ كَافِيَةٌ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقَنَادِيلُ مُسَمَّرَةً، وَإِلَّا قُطِعَ بِالْإِزَالَةِ اتِّفَاقًا . (ص) أَوْ حَمَّامٍ إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ، أَوْ بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ فِي تَقْلِيبٍ، وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ، أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ، أَوْ خَدَعَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ لِأَجْلِ السَّرِقَةِ، وَسَرَقَ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا فَدَخَلَهَا، وَسَرَقَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ نَقَبَ الْحَمَّامَ، أَوْ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا، وَنَزَلَ إلَيْهَا، وَسَرَقَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إذَا أُخِذَ خَارِجَ الْحَمَّامِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ النَّقْبِ لَا قَطْعَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ مِنْ ثِيَابِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَارِسِ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ فَأَخَذَ غَيْرَ ثِيَابِهِ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ   [حاشية العدوي] بِغَيْرِ الْكَفَنِ. (قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ: اُخْتُلِفَ إذَا أُرْسِيَتْ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ وَذَهَبُوا وَتَرَكُوهَا فَنَزَلَهَا سَارِقٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ، وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فَإِنْ تَرَكُوا مَنْ يَحْرُسُهَا قُطِعَ سَارِقُهَا يَعْنِي بِاتِّفَاقِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ بِمِرْسَاةٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا قُطِعَ سَارِقُهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي مِرْسَاةٍ مَعْرُوفَةٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي قَطْعِ سَارِقِهَا فَالضَّعْفُ الَّذِي لَحِقَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) أَيْ: الْحَيِّ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ نَائِمًا فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ لَا مَيِّتًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ الشَّيْءَ بِصَاحِبِهِ لَا يُقْطَعُ كَمَا إذَا سَرَقَ الدَّابَّةَ وَرَاكِبَهَا وَكَذَا السَّفِينَةُ يَسْرِقُهَا وَأَهْلُهَا فِيهَا نِيَامٌ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُصَنِّفِ الْغَنَمُ بِالْمَرْعَى فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا، وَمِثْلُ الْغَنَمِ فِي الْمَرْعَى الثِّيَابُ يَنْشُرُهَا الْغَسَّالُ، وَتُسْرَقُ بِحَضْرَتِهِ فَلَا قَطْعَ وَكَأَنَّ وَجْهَ اسْتِثْنَاءِ الْغَنَمِ فِي الْمَرْعَى وَالثِّيَابِ فِي النَّشْرِ تَشْتِيتُ الْغَنَمِ وَعَدَمُ ضَبْطِهَا وَنَشْرُ الثِّيَابِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ فَصَارَ الْآخِذُ خَائِنًا أَوْ مُخْتَلِسًا. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَطْمُورُ إلَخْ) الْمَطْمُورُ هُوَ حُفْرَةٌ تُجْعَلُ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ، وَيُهَالُ عَلَيْهَا التُّرَابُ حَتَّى تُسَاوِي الْأَرْضَ فَيُقْطَعُ. (قَوْلُهُ: الْقِطَارِ) هُوَ رَبْطُ الْإِبِلِ أَوْ غَيْرِهَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ . (قَوْلُهُ: أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ) وَبَابُ غَيْرِهِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ تُتْرَكُ بِهِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُنْقَلُ مِنْهُ بِاللَّيْلِ وَتُبْسَطُ بِالنَّهَارِ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا وَكَذَا إنْ تُرِكَتْ بِهِ مَرَّةً، وَنُسِيَتْ فَسُرِقَتْ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ الْإِزَالَةُ كَافِيَةٌ) أَيْ: فِي الْقَنَادِيلِ وَالْحُصْرِ وَالْبُسُطِ . (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ) بِاعْتِرَافِهِ بِدُخُولِهِ لَهَا وَسَرَقَ، فَيُقْطَعُ وَإِنْ أَخَذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهُ، وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ لِغَيْرِ السَّرِقَةِ، بَلْ لِلتَّحْمِيمِ، وَسَرَقَ فَإِنَّمَا يُقْطَعُ إذَا خَرَجَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الْحَمَّامِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ لِلتَّحْمِيمِ؟ ، وَادَّعَى الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِحَارِسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ حَمَّامٍ بِغَيْرِ حَارِسٍ إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ، أَوْ دَخَلَ مُلْتَبِسًا بِحَارِسٍ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ لَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا) أَيْ: لَا لِلتَّحْمِيمِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ لِحَاجَةِ غَيْرِ التَّحْمِيمِ وَقَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ أَيْ: مُطْلَقًا وَلَوْ خَرَجَ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَهَا لِلتَّحْمِيمِ، وَسَرَقَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ خَرَجَ كَمَا قَدَّمْنَا. (قَوْلُهُ: إذَا أَخَذَ خَارِجَ الْحَمَّامِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ مِنْ ثِيَابِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَارِسِ إلَخْ) قَالَ فِي ك: وَلَا يُقْطَعُ مَعَ الْحَارِسِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ السَّارِقُ قَدْ دَخَلَ لِلتَّحْمِيمِ، وَأَمَّا إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ يَسْرِقُ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ السَّاكِنِينَ عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْقَطْعِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَخْطَأَ، فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ صُدِّقَ إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا؟ . مَحَلُّ نَظَرٍ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرِهِ، أَوْ جُنُونِهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْكَبِيرُ الْأَعْجَمِيُّ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ خَدَعَ عَبْدًا مُمَيِّزًا بِأَنْ رَاطَنَهُ حَتَّى خَدَعَهُ وَأَخَذَهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ خِدَاعٌ أَمَّا إنْ كَانَ كَبِيرًا لَا يُخْدَعُ، فَلَا قَطْعَ عَلَى آخِذِهِ، فَقَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ عَبْدًا عَطْفٌ عَلَى أَزَالَ، أَوْ عَلَى أَشَارَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْإِغْيَاءِ، وَشَرْطُ الْعَبْدِ أَنْ يُسَاوِيَ نِصَابًا . (ص) أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ لِمَحِلِّهِ لَا إذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ جَمِيعِهِ، وَلَا إنْ نَقَلَهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ، أَوْ مَعَهُ وَلَا عَلَى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمَأْذُونَ فِي دُخُولِهَا لِكُلِّ النَّاسِ كَدَارِ الْعَالِمِ، وَدَارِ الطَّبِيبِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا سَرَقَ مِنْهَا شَخْصٌ نِصَابًا أَيْ: مِنْ بُيُوتِهَا الْمَحْجُورَةِ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ؛ لِمَحِلِّهِ جَمِيعُ الدَّارِ، فَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْإِذْنِ الْعَامِّ أَيْ: أَخْرَجَ النِّصَابَ إلَى مُنْتَهَى الْإِذْنِ الْعَامِّ، وَلِهَذَا لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَوْضِعٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي دُخُولِهِ كَالشَّخْصِ يُضَيِّفُ الضَّيْفَ، فَيُدْخِلُهُ دَارِهِ، أَوْ يَبْعَثُ الشَّخْصَ إلَى دَارِهِ لِيَأْتِيَهُ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا بِشَيْءٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَسْرِقُ مِنْ مَوْضِعٍ مُغْلَقٍ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْحِرْزَ، وَنَقَلَ النِّصَابَ مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ فِيهِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَا عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَكُونُ حِرْزًا لِمَا مَعَهُ، وَلَا لِمَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الصَّبِيِّ مَنْ يَحْفَظُهُ، أَوْ يَكُونَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ، فَإِنَّ سَارِقَهُ يُقْطَعُ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ، وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَنْ يَقُولَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ حَافِظٌ بِقَوْلِهِ: وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّاحِبِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا، وَهَذِهِ حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِصَاحِبٍ دُونِ رَبِّهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ، وَاسْتَغْنَى عَنْ أَنْ يَقُولَ: وَلَيْسَ فِي حِرْزٍ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَأَخْذُ مَا مَعَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُخَادَعَةِ، بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ مُخَادَعَةً، فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْحِرَابَةِ: وَمُخَادِعُ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ إذْ هُوَ فِي الْمُمَيِّزِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى الشَّخْصِ الدَّاخِلِ فِي الْحِرْزِ الْآخِذِ لِلنِّصَابِ مِنْهُ، وَرَفَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ لِشَخْصٍ خَارِجَ الْحِرْزِ فَمَدَّ يَدَهُ إلَى دَاخِلِهِ، وَأَخَذَ النِّصَابَ مِنْ الدَّاخِلِ، وَأَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ، بَلْ الْقَطْعُ عَلَى الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ الْحِرْزِ وَحْدَهُ، فَقَوْلُهُ: تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ أَيْ: وَكَانَتْ الْمُنَاوَلَةُ دَاخِلَ الْحِرْزِ، وَأَمَّا إنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ قُطِعَا، أَوْ كَانَتْ الْمُنَاوَلَةُ خَارِجَ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ . (ص) وَلَا إنْ اخْتَلَسَ، أَوْ كَابَرَ، أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ، وَلَوْ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ، أَوْ سُوقٍ، أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ، أَوْ ثَمَرًا مُعَلَّقًا إلَّا بِغَلْقٍ، فَقَوْلَانِ وَإِلَّا بَعْدَ حَصْدِهِ، فَثَالِثُهَا إنْ كَدَسَ، وَلَا إنْ نَقَبَ فَقَطْ، وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ، أَوْ رَبَطَهُ فَجَبَذَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُخْتَلِسَ وَهُوَ مَنْ   [حاشية العدوي] أَيْ: فِي أَخْذِ مَتَاعِهِ فَإِنْ نَاوَلَهُ الْحَارِسُ ثِيَابَهُ فَمَدَّ يَدَهُ لِغَيْرِهَا بِغَيْرِ عِلْمِ الْحَارِسِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الشَّيْءَ بِحَضْرَةِ نَائِبِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدَّعِ الْخَطَأَ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مِنْ بَابِهِ وَأَخَذَ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ خَطَأً صُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ كَانَ حَارِسٌ، أَوْ لَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْخَطَأَ . (قَوْلُهُ: لِمَحَلِّهِ) أَيْ: مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ أَيْ: لِمُنْتَهَى مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ أَيْ: فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ جَمِيعِ الْمَحَلِّ الَّذِي وَقَعَ الْإِذْنُ الْعَامُّ فِي دُخُولِهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ: أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ فِي دَارٍ مَأْذُونٍ لِعُمُومِ النَّاسِ فِي دُخُولِ ظَاهِرِهَا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَسْرُوقُ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَابِهَا لَمْ يُقْطَعْ كَمَا أَنَّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ظَاهِرِهَا الْمَأْذُونِ فِي دُخُولِهِ لِلنَّاسِ، أَوْ مِنْ بَيْتٍ فِيهَا غَيْرِ مَحْجُورٍ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْقَطْعِ، وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي الْمَحَلِّ الْعَامِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَبَيْنَ الْفَنَادِقِ وَالدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي أَنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهِ بِسَاحَتِهَا أَنَّ دُخُولَهُ هُنَا بِالْإِذْنِ وَفِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْفَنَادِقِ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي السُّكْنَى. (قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ يُضَيِّفُ الضَّيْفَ) أَيْ أَوْ دَاخِلٍ فِي مَنِيعٍ وَلَوْ لِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَطْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ أَنَّهُمَا قَصْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْحَجْرُ عَنْ صَاحِبِهِ بِخُصُوصِهِ وَمَا قُصِدَ بِالْخُصُوصِ أَشَدُّ مِمَّا قُصِدَ بِالْعُمُومِ بِخِلَافِ الضَّيْفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْحَجْرَ عَنْهُ بِخُصُوصِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الشُّرَكَاءِ بِأَنَّ الدَّاخِلَ فِيهَا لَيْسَ بِإِذْنِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بَلْ بِمَالِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ الضَّيْفِ . (قَوْلُهُ: أَوْ كَابَرَ) بِأَنْ تَنَاوَلَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَارَبَةٍ فَلَا قَطْعَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ (قَوْلُهُ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ لَهُ مِنْ الْحِرْزِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِيَأْتِيَ أَيْ وَلَوْ تَرَكَهُ فِيهِ وَذَهَبَ رَبُّ الْمَتَاعِ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَرَقَ الْمَتَاعَ وَلَوْ شَاءَ لَخَلَّصَ الْمَتَاعَ مِنْهُ ثُمَّ خَرَجَ بِهِ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ حَالَةَ خُرُوجِهِ كَالْمُخْتَلِسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سُوقٍ) يَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى بَابٍ وَعَلَى مَسْجِدٍ وَكَذَا إذَا أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعَى فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الرَّاعِي. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ) أَيْ أَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ دَاخِلَهَا وَبَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ فَلَا قَطْعَ وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ خَارِجَ الدَّارِ عَلَى وَجْهِ حَائِطهَا وَلَمْ يَصِلْ لِلطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ: مُعَلَّقًا) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إلَّا بِغَلْقٍ) يَحْتَمِلُ فَتْحَ اللَّامِ وَيَحْتَمِلُ سُكُونَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَرًا بِالْمُثَلَّثَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 يَخْطَفُ الْمَالَ وَيَذْهَبُ جِهَارًا لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَابَرَةِ، وَالْقُوَّةِ، وَالْمُكَابِرُ هُوَ الْغَاصِبُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَابَرَ بَعْدَ ثُبُوتِ أَخْذِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُكَابَرَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ دَاخِلَ الْحِرْزِ فَهَرَبَ بِالْمَالِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، بَلْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِلَاسِ، وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ، وَلَوْ كَانَ هُرُوبُهُ، لِأَجْلِ خُرُوجِ رَبِّ الْمَتَاعِ لِيَأْتِيَ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَرَقَ الْمَتَاعَ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ دَابَّةً وَاقِفَةً بِبَابِ الْمَسْجِدِ، أَوْ وَاقِفَةً فِي السُّوقِ، أَوْ عَلَى بَابِ السُّوقِ لِغَيْرِ بَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْقِفٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي السُّوقِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ، فَيُقْطَعُ سَارِقُهَا بِدَلِيلِ مَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا بَعْضُهُ فِي الطَّرِيقِ، وَبَعْضُهُ دَاخِلَ الْحِرْزِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالشُّبْهَةُ هُنَا كَوْنُ بَعْضِ الثَّوْبِ فِي غَيْرِ حِرْزٍ، وَالْبَعْضُ صَادِقٌ بِالنِّصْفِ، وَالْأَقَلُّ وَالْأَكْثَرُ، وَلَكِنْ لَوْ جَذَبَهُ مِنْ جَانِبِ الدَّارِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْحِرْزِ؛ وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ الثَّمَرَ الْمُعَلَّقَ عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ غَلْقٌ، فَهَلْ يُقْطَعُ سَارِقُهُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ . قَوْلَانِ لَكِنَّ الثَّانِيَ مَنْصُوصٌ، وَالْأَوَّلُ مُخَرَّجٌ، وَبِعِبَارَةِ مُعَلَّقٍ أَيْ: فِي بَسَاتِينِهِ، وَأَمَّا فِي الدُّورِ، أَوْ الْبَيْتِ فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ فِي حِرْزٍ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ بَدَلَ قَوْلِهِ: مُعَلَّقٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَلَّقًا؛ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ خِلْقَتِهِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: ثَمَرٍ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي الْوَدِيِّ، وَمِنْ قَوْلِهِ: مُعَلَّقٍ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيمَا يُلْتَقَطُ مِنْ السَّاقِطِ مِنْ الثَّمَرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرْعَيْنِ. وَقَوْلُهُ: مُعَلَّقٍ أَيْ: أَصَالَةً، وَأَمَّا لَوْ قُطِعَ، ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ بِغَلْقٍ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَبَعْدَ حَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَّا بَعْدَ حَصْدِهِ، وَوَضْعِهِ فِي مَحَلٍّ اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ، وَإِذَا قُطِعَ الثَّمَرُ مِنْ عَلَى أَصْلِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُنْقَلَ إلَى الْجَرِينِ سَرَقَ مِنْهُ إنْسَانٌ مَا يُسَاوِي نِصَابًا، فَهَلْ يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَدَسَ أَيْ: ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَالْعَجْوَةِ أَمْ لَا، أَوْ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؟ . وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَدَسَ، فَيُقْطَعُ لِشَبَهِهِ بِمَا فِي الْجَرِينِ، أَوْ لَا يُقْطَعُ لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَ النَّخْلِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ إذَا نَقَبَ الْحِرْزَ فَقَطْ وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِنْ النِّصَابِ، فَلَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ فَلَا قَطْعَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَنْقُبُ، وَالْآخَرُ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قُطِعَ الْمُخْرِجُ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ النَّقْبَ لَا يُخْرِجُ الْمَكَانَ عَنْ كَوْنِهِ حِرْزًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا حِينَ الْوَضْعِ، وَقِيلَ: يُقْطَعَانِ مَعًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ، وَلَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا الْحِرْزَ فَأَخَذَ مَا يُسَاوِي نِصَابًا فَوَضَعَهُ فِي وَسَطِ النَّقْبِ، فَمَدَّ شَخْصٌ آخَرُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنَّهُمَا يُقْطَعَانِ مَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْوَسَطِ الْأَثْنَاءُ وَكَذَلِكَ يُقْطَعَانِ مَعًا إذَا أُدْخِلَ أَحَدُهُمَا الْحِرْزَ فَرَبَطَ الْمَتَاعَ الْمَسْرُوقَ فِي حَبْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَجَبَذَهُ الْخَارِجُ إلَى أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ . (ص) وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ. (ش) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلسَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ، أَوْ لِلْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: تُقْطَعُ الْيُمْنَى أَيْ: وَشَرْطُ قَطْعِ السَّارِقِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا، مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا، وَالْمُرَادُ بِالتَّكْلِيفِ الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ فَلَا قَطْعَ عَلَى غَيْرِ بَالِغٍ، وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ مُطْبِقٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا، وَسَرَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ، وَإِلَّا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ إذَا أَفَاقَ كَمَا أَنَّ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ يُقْطَعُ بَعْدَ صَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ سُكْرُهُ بِغَيْرِ حَرَامٍ، فَكَالْمَجْنُونِ، وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ بِحَرَامٍ حَيْثُ شَكَّ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ ظَاهِرَةً فِي خِلَافِ ذَلِكَ، وَانْظُرْ إذَا شَكَّ فِي سَرِقَةِ الْمَجْنُونِ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانَا هَلْ سَرَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ؟ . وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِحَدِيثِ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَأَخْرَجَ بِالْمُكَلَّفِ أَيْضًا الْمُكْرَهَ، وَيَكُونُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ مَالِ الْمُسْلِمِ كَقَذْفِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ إلَّا لِلْقَتْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ كَمَالِ الْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ فَيَكُونُ   [حاشية العدوي] وَيَحْتَمِلُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَابَرَ بَعْدَ ثُبُوتِ أَخْذِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ) أَيْ أَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ خِفْيَةً تَحْقِيقًا ثُمَّ كَابَرَ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ أَصْلًا أَوْ أَنَّهُ مَلَكَهُ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ خِفْيَةً. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَصْبَغَ) فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْقَطْعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ وَاقِفَةً إلَخْ إشَارَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ مُخَرَّجٌ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ أَنْ لَا قَطْعَ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي الدَّارِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهَا إذَا سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ رُبُعُ دِينَارٍ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فَقَاسَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ عَلَيْهِمَا غَلْقٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ اُحْتُفِظَ عَلَيْهِ مِنْ السَّارِقِ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِجَامِعِ وُجُودِ الْحِفْظِ. (قَوْلُهُ: لَا قَطْعَ فِي الْوَدِيِّ) الْوَدِيُّ صِغَارُ النَّخْلِ. (قَوْلُهُ: حَصَدَهُ أَيْ جَذَّهُ) إنَّمَا قَالَ أَيْ جَذَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي التَّمْرِ حَصَدَ وَإِنَّمَا يُقَالُ جَذَّ. (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ بَلْ بَقِيَتْ كُلُّ ثَمَرَةٍ تَحْتَ شَجَرَتِهَا فَلَا قَطْعَ لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا. (قَوْلُهُ: إذَا نَقَبَ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِنْهُ بِنَفْسِهِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا خَرَجَ بِسَبَبِ نَقْبِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَبُّهُ وَلَوْ نَائِمًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَرَبَطَ الْمَتَاعَ إلَخْ) أَيْ فَالرَّبْطُ لَمَّا كَانَ أَثَرَ فِعْلِهِ قُطِعَا مَعًا . (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلسَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ) أَيْ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلسَّارِقِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ فَيَرْجِعُ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لِلْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ يُقْطَعُ بَعْدَ صَحْوِهِ) أَيْ فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ صَحْوِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 101 بِالْقَتْلِ وَبِغَيْرِهِ. (ص) فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ. (ش) أَيْ: فَبِسَبَبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْلِيفِ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ كَمَا مَرَّ يُقْطَعُ الْحُرُّ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ حُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ عَبْدٍ مِثْلِهِ، أَوْ مِنْ حُرٍّ، أَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَالْمُعَاهَدُ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ مُعَاهَدٍ مِثْلِهِ، أَوْ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَالْحَدُّ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا حَقَّ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَفِي الْمُبَالَغَةِ شَيْءٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ مِنْ مِثْلِهِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْقَطْعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ الْمُعَاهَدِ، وَالْعَبْدِ، وَبِعِبَارَةِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ بِتَمَامِهَا مَا يُتَوَهَّمُ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَنَا سِوَى أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّرِقَةِ إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا عِلْمُ الْإِمَامِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَقَطْعُ الْحُرِّ لِلْحُرِّ، وَالْعَبْدِ لِلْعَبْدِ وَالْمُعَاهَدِ لِلْمُعَاهَدِ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: فَيُقْطَعُ حَتَّى أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ أَيْ: الشَّخْصُ الْحَرُّ إلَخْ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى. (ص) إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، أَوْ مِنْ رَقِيقٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ مَا فِيهِ النِّصَابُ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ سَرَقَ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ لَا لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ذَهَابُ مَالِهِ، وَقَطْعُ يَدِ غُلَامِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ: فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْ: وَلَا يَضْمَنُ لِلسَّيِّدِ الْمَالَ، وَلَوْ خَرَجَ حُرًّا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ بِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ أَصْلِ سَيِّدِهِ كَأَبِيهِ، أَوْ فَرْعِهِ كَابْنِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ . (ص) وَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ إنْ طَاعَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ عَيَّنَ لِسَرِقَةٍ، أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ، وَقَبْلَ رُجُوعِهِ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِإِقْرَارِ السَّارِقِ عَلَى نَفْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِقْرَارِ طَائِعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَائِعًا، بَلْ كَانَ مُكْرَهًا، فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهِ، وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ، أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي حَالَ التَّهْدِيدِ، فَلَا يُقْتَلُ، وَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُقِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَيُقْبَلُ رُجُوعُ السَّارِقِ عَنْ إقْرَارِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَى شُبْهَةٍ كَقَوْلِهِ: أَخَذْتُ مَالِي الْمَغْصُوبَ، أَوْ الْمُعَارَ، وَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ سَرِقَةٌ، أَوْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ، وَمِثْلُهُ الزَّانِي وَالشَّارِبُ وَالْمُحَارِبُ، وَمَنْ أَقَرَّتْ بِالْإِحْصَانِ، ثُمَّ رَجَعَتْ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا . (ص) وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ فَحَلَفَ الطَّالِبُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ وَحَلَفَ، أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ، فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مُتَّهَمٍ بِالسَّرِقَةِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ، فَإِنْ نَكَلَ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ، فَحَلَفَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْغُرْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَالْيَمِينِ، وَلَا يَثْبُتُ الْقَطْعُ، وَإِنْ ادَّعَى السَّرِقَةَ عَلَى شَخْصٍ صَالِحٍ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُؤَدَّبُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ، أَمَّا دَعْوَى الِاتِّهَامِ، فَبِمُجَرَّدِ النُّكُولِ يَغْرَمُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تُرَدُّ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الْغُرْمُ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ دُونَ الْقَطْعِ، وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُهَا، وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ   [حاشية العدوي] اُكْتُفِيَ بِهِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَرُدُّ الْعِبَارَةَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَنَا سِوَى أَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ الْمُؤَلِّفُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَقُطِعَ إلَخْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُنَا وَلَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ بِأَنْ قُلْنَا بِالتَّوَهُّمِ فِي غَيْرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ قَطْعَ الْحُرِّ إلَخْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَنْعُ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعَاهَدَ مِثْلُ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَالُهُ يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ) ذِكْرُ الْحُرِّ تَسَامُحٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ لِلسَّيِّدِ الْمَالَ وَلَوْ خَرَجَ حُرًّا) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا خَرَجَ حُرًّا بِإِعْتَاقِهِ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَالِهِ عِنْدَ عِتْقِهِ وَتَرْكَهُ دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ لَهُ مِنْهُ. (تَنْبِيهٌ) : لَا يُقْطَعُ الْأَبُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَ ابْنِهِ لَهُ . (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِإِقْرَارِ السَّارِقِ) أَيْ وَبِالْبَيِّنَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ فَلَوْ قَالَ قَبْلَ الْقَطْعِ وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ مُكْرَهًا) أَيْ مِنْ قَاضٍ أَوْ وَالٍ أَوْ نَائِبِ سُلْطَانٍ بِوَعِيدٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ ضَرْبٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهِ) أَيْ مُتَّهَمًا أَمْ لَا (82) . (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ إلَخْ) بَلْ وَلَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ أَيْ لِاحْتِمَالِ وُصُولِ الْمَسْرُوقِ مِنْ غَيْرِهِ وَاحْتِمَال أَنَّ غَيْرَهُ قَتَلَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِ الْمُتَّهَمِ بِإِكْرَاهِهِ بِسِجْنٍ وَبِهِ الْحُكْمُ وَكَذَا فِي الْمُعِينِ قَصَرَ الْعَمَلَ بِإِقْرَارِهِ مُكْرَهًا عَلَى كَوْنِهِ بِالْحَبْسِ وَفِي رَجَزِ ابْنِ عَاصِمٍ زِيَادَةَ الضَّرْبِ وَنَسَبَهُ لِمَالِكٍ فَقَالَ وَإِنْ يَكُنْ مُطَالَبٌ مَنْ يُتَّهَمْ ... فَمَالِكٌ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ حَكَمْ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ... مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ وَذَاعِرٌ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَائِفُ وَبِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مُفْسِدٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِزَايِ أَيْ شَرِسٌ وَاعْتَمَدَ مَا لِسَحْنُونٍ وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ رُجُوعُ السَّارِقِ إلَخْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ أَيْ وَلَوْ قُطِعَ وَيَغْرَمُ الْمَالَ لِرَبِّهِ . (قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ مُتَّهَمٍ بِالسَّرِقَةِ) أَيْ سَرِقَةِ نِصَابٍ وَكَذَا عَلَى مَجْهُولِ حَالٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ قَدَّمَهُمَا فِي الْغَصْبِ إذْ حَقُّ السَّرِقَةِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُهَا وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ) فِي شَرْحِ عب أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ أَيْ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ الْيَمِينَ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ مُقْتَضَى كَلَامِ عب الجزء: 8 ¦ الصفحة: 102 الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْقَطْعُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ غَرَامَةٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمَا قَرَّرْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ فِي الْغُرْمِ بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ، فَالْعَكْسُ هُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ أَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْغُرْمُ، فَفِيهَا نَظَرٌ . (ص) وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا، أَوْ قُطِعَ إنْ أَيْسَرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا لَمْ يُقْطَعْ إمَّا لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، أَوْ لِعَدَمِ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ كَانَ نِصَابًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ يُرَدُّ لِرَبِّهِ سَوَاءٌ ذَهَبَ مِنْ السَّارِقِ أَمْ لَا كَانَ السَّارِقُ مَلِيئًا أَمْ لَا، وَيُحَاصِصُ رَبُّهُ غُرَمَاءَ السَّارِقِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ قُطِعَ السَّارِقُ، فَإِنْ كَانَ مَلِيئًا مِنْ حِينِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ، فَإِنَّ الْمَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَالْمَالِ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ، فَلَوْ وُجِدَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ بِعَيْنِهِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِإِجْمَاعٍ، وَلَيْسَ لِلسَّارِقِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ، وَيَدْفَعَ لِرَبِّهِ غَيْرَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ السَّارِقُ عَدِيمًا حِينَ أَخَذَ الْمَالَ، أَوْ أُعْدِمَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَسَقَطَ عَنْهُ الْغُرْمُ، لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُ يَدِهِ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ الْمُتَّصِلِ، فَقَوْلُهُ: وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ أَيْ: غُرْمٌ مِثْلُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ بِإِجْمَاعٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ . (ص) وَسَقَطَ الْحَدُّ إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ لَا بِتَوْبَةٍ وَعَدَالَةٍ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ سَقَطَ ذَلِكَ الْعُضْوُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، أَوْ بِتَعَمُّدِ أَجْنَبِيٍّ جَنَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ، فَإِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَيَغْرَمُ الْمَالَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُتَعَدِّي، فَقَوْلُهُ: بِسَمَاوِيٍّ أَيْ: أَوْ جِنَايَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ السَّرِقَةِ، وَأَمَّا مُتَقَدِّمَةٍ عَلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْعُضْوِ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْقَطْعِ فَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ يَنْتَقِلُ لِرِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَلَا يَسْقُطُ حَدُّ السَّرِقَةِ، وَالزِّنَا، وَالْقَذْفِ بِالتَّوْبَةِ وَلَا بِالْعَدَالَةِ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا، وَأَمَّا حَدُّ الْحِرَابَةِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ: بِالتَّوْبَةِ مَا ضَرَّهُ إذْ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالْعَدَالَةِ عَدَمُ سُقُوطِهِ بِالتَّوْبَةِ، وَلَا بَأْسَ بِالشَّفَاعَةِ لِلسَّارِقِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَذًى مَا لَمْ تَبْلُغْ الْإِمَامَ، وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِالْفَسَادِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْفَعَ لَهُ أَحَدٌ . (ص) وَتَدَاخَلَتْ إنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبِ كَقَذْفٍ وَشُرْبٍ، وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُدُودَ إذَا اتَّحَدَ مُوجِبُهَا فَإِنَّهَا تَتَدَاخَلُ، وَالْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْحَدُّ، وَبِكَسْرِهَا هُوَ شُرْبُ الْخَمْرِ أَوْ الزِّنَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ الِاتِّفَاقُ فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ كَالْقَذْفِ، وَالشُّرْبِ مَثَلًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً، فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا سَقَطَ عَنْهُ الْآخَرُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ إلَّا وَاحِدً فَقَطْ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ شَرِبَ، أَوْ قَذَفَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِمَا ضُرِبَ لَهُ عَمَّا ثَبَتَ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ، وَقَطَعَ يَمِينَ آخَرَ، فَحَدٌّ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَكَرَّرَتْ السَّرِقَةُ، أَوْ الشُّرْبُ، وَكُلُّ حَدٍّ مَا عَدَا الْقَذْفَ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ مِنْ الرِّدَّةِ، أَوْ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، ثُمَّ يُقْتَلُ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ [بَاب الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] . (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا بَعْدَ السَّرِقَةِ؛ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَ السَّرِقَةِ فِي بَعْضِ حُدُودِهَا فِي مُطْلَقِ الْقَطْعِ، وَأَخَّرَهَا عَنْ السَّرِقَةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ، فَيَكُونُ الْمُشَبَّهُ بِهِ مَعْلُومًا، وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرَابَةَ فَقَالَ: الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ، أَوْ خَوْفِهِ، أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ، أَوْ قَتْلِ خِفْيَةٍ، أَوْ   [حاشية العدوي] هَذَا أَنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُهَا مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْغُرْمُ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى حَلِفِ الطَّالِبِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ غَرَامَةٍ عَلَى سَيِّدِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ قَطْعِ الْعَبْدِ حَيْثُ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ إذَا عَيَّنَهَا وَلَمْ يَدَّعِ السَّيِّدُ أَنَّهَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَلَا قَطْعَ وَكَذَا إنْ عَيَّنَهَا وَادَّعَاهَا السَّيِّدُ إلَّا أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَأَمَّا هُمَا فَيُقْطَعَانِ وَلَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ لَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ أَوْ وُجِدَ شَاهِدٌ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَمَّا لَوْ كَانَ شَاهِدٌ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي فَيَثْبُتُ الْغُرْمُ كَمَا يَثْبُتُ الْقَطْعُ . (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْمَالَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالرَّدِّ الْغُرْمُ أَيْ غُرْمُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ بِإِجْمَاعٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَوَجَبَ غُرْمُ الْمَالِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا لَا تَفْصِيلَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَ) أَيْ اسْتَمَرَّ يَسَارُهُ بِالْمَسْرُوقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ . (قَوْلُهُ: لَا بِتَوْبَةٍ) أَيْ لِأَنَّ السَّارِقَ بِمَثَابَةِ الزِّنْدِيقِ فَلَا تَمْنَعُ تَوْبَتُهُ الْحَدَّ وَالْمُحَارِبُ بِمَثَابَةِ الْمُتَجَاهِرِ بِالْكُفْرِ فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَهَذَا فَرْقٌ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الزِّنْدِيقَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي التَّوْبَةِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي التَّوْبَةِ فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ (بَابُ الْحِرَابَةِ) . (قَوْلُهُ: ذَكَرَ فِيهِ الْحِرَابَةَ) أَيْ حَدَّ الْحِرَابَةِ أَيْ ضِمْنًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُدَّ الْمُحَارِبُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حَدُّ الْحِرَابَةِ بِأَنَّهَا قَطْعُ طَرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا بَعْدَ السَّرِقَةِ) لَمْ يُرِدْ بِالْبَعْدِيَّةِ حَقِيقَتَهَا وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَأَخَّرَهَا بَلْ أَرَادَ بِهَا الْجَمْعِيَّةَ. (قَوْلُهُ: فِي مُطْلَقِ الْقَطْعِ فِي) بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مِنْ مُطْلَقِ الْقَطْعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ عُضْوٌ وَاحِدٌ وَفِي الْحِرَابَةِ قَطْعُ عُضْوَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ) أَيْ الْإِخَافَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَيْسَ السَّبِيلُ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ يَكُونُ خَائِفًا. (قَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ) مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمٍ صِفَةٌ لِمَالٍ. (قَوْلُهُ: بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ) أَيْ بِسَبَبِ مُكَابَرَةِ قِتَالٍ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُكَابَرَةَ الْمُغَالَبَةُ وَالْمُعَانَدَةُ أَيْ مُغَالَبَةٌ بِسَبَبِ قِتَالٍ كَذَا مُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ خَوْفِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ وَالْمَعْنَى لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِسَبَبِ مُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ بِسَبَبِ خَوْفِ الْقِتَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ إذْهَابُ عَقْلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْخُرُوجُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَتْلُ خِفْيَةٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 103 لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لَا لِإِمْرَةٍ، وَلَا نَائِرَةٍ، وَلَا عَدَاوَةٍ، فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا: وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكُرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ. فَقَوْلُهُ: الْخُرُوجُ مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. قَوْلِهِ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْخُرُوجَ لِغَيْرِ إخَافَةِ السَّبِيلِ أَيْ: الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْإِخَافَةَ لَا لِأَخْذِ مَالٍ، بَلْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ عَدُوٍّ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ يَتَعَلَّقُ بِأَخْذِ مَالٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَتْلٍ خِفْيَةً لِيَدْخُلَ فِيهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ. قَوْلُهُ: أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَنْ قَالَ: لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَمْشُونَ إلَى الشَّامِ مَثَلًا مِمَّا قَصَدَ مُجَرَّدَ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْمُحَارِبَ الْمَفْهُومَ مِنْهُ الْحِرَابَةَ بِقَوْلِهِ: (ص) الْمُحَارِبُ قَاطِعُ طَرِيقٍ لِمَنْعِ سُلُوكٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ الْمَالِ فَقَوْلُهُ: لِمَنْعٍ أَيْ: لِأَجْلِ مَنْعِ سُلُوكٍ أَيْ: لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ بِهَا أَيْ: مَنْعِ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْقَطْعِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِعَلِيَّتِهِ أَيْ: بِعَلِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيُفِيدُنَا هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِإِمْرَةٍ، أَوْ نَائِرَةٍ، أَوْ عَدَاوَةٍ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا، فَفِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُؤَلِّفُ الْحِرَابَةَ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُحَارِبِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الرِّدَّةَ فِيمَا سَبَقَ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُرْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا، فَهُوَ تَارَةً يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَتَارَةً يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ عَنْ تَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، لَكِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ أَوْلَى مِنْهُ بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَقِّ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ. (ص) أَوْ أَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ. (ش) هَذَا هُوَ الْفَرْدُ الثَّانِي الدَّاخِلُ فِي عُمُومِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ، أَوْ لِمُعَاهَدٍ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، فَهُوَ مُحَارِبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ التَّعَدُّدُ، بَلْ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا، فَلَوْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحَارِبًا، بَلْ هُوَ غَاصِبٌ، وَلَوْ كَانَ سُلْطَانًا؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِ، وَبِعِبَارَةِ أَوْ آخِذٌ بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ عَطْفٌ عَلَى قَاطِعٍ، فَيُفِيدُ أَنَّ آخِذَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَطْعُ طَرِيقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى مَنْعٍ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ، أَوْ لِأَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ، فَلَا يَشْمَلُ مَسْقِيَّ السَّيْكُرَانِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ   [حاشية العدوي] مَعْطُوفٌ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِإِخَافَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ الْخُرُوجُ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَيْ مُجَرَّدٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا لِإِمْرَةٍ أَيْ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَجْعَلُوهُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا وَيَكُونُ بَاغِيًا فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْبَاغِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا لِأَمَرَةٍ كَاَلَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِأَجْلِ أَخْذِ الْعُشْرِ وَقَوْلُهُ وَلَا عَدَاوَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِنَائِرَةٍ وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ لِأَنَّ النَّائِرَةَ هِيَ الْعَدَاوَةُ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدَيْنِ قِتَالٌ فَيَمْنَعُ أَهْلُ إحْدَاهُمَا أَهْلَ الْأُخْرَى مِنْ الْمُرُورِ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إذْهَابُ عَقْلٍ. (قَوْلُهُ: السَّيْكُرَانَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَصُوِّبَ الْأَوَّلُ (قَوْلُ لِيَدْخُلَ فِيهِ قَاتِلُ الْغِيلَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى يَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ غَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى قَتْلِ الْغِيلَةِ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ سُلُوكٍ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ الْمَالِ كَانَ الْمَمْنُوعُ خَاصًّا كَفُلَانٍ أَوْ مِصْرِيٍّ مَثَلًا أَوْ عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا أَدْعُ أَحَدًا يَمُرُّ لِلشَّامِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُمْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَطَعَ الطَّرِيقَ أَيْ مَنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحَكَمِ إلَخْ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ قَطْعٌ وَالْوَصْفُ هُوَ مَنْعٌ وَأَنَّ الْعَلِيَّةَ أُخِذَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لَا صَرَاحَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعِلَّةُ صَرِيحَةٌ لِدُخُولِ اللَّامِ عَلَى مَنَعَ وَإِنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ وَصْفًا بَلْ الْوَصْفُ قَاطِعٌ فَلَا ظُهُورَ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ هُوَ مَنْعُ السُّلُوكِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ أَحَدِهِمَا عِلَّةً لِلْآخَرِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَمَنَعَهُمْ فَيُفِيدَانِ، الْمَنْعُ هُوَ الْقَطْعُ فَقَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْعَهُ السُّلُوكَ فِي الطَّرِيقِ هُوَ مَنْعُهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِإِمْرَةٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَعَ أَنَّهُ قَاصِدٌ قَطْعًا عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِأَجْلِ أَنْ يُجْعَلَ أَمِيرًا فَإِنْ قُلْتَ مَا الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ قُلْت يُفْهَمُ بِتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ الْمُحَارِبُ قَاطِعٌ لِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ مِنْ السُّلُوكِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ إلَخْ أَيْ أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ السُّلُوكِ لِمُجَرَّدِهِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْبِضْعُ أَحْرَى. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٍ) عَطْفُهُ الْعَدَاوَةَ عَلَى النَّائِرَةِ بِأَوْ يُفِيدُ الْمُغَايِرَةَ مَعَ أَنَّ النَّائِرَةَ وَالْعَدَاوَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَتَعَذَّرَ مَعَهُ الْغَوْثُ حَصَلَ غَوْثٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ إلَخْ) مُبَالَغَتَانِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدُ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ هَذَا إذَا كَانَ بَقَرِيَّةٍ بَلْ وَإِنْ بِمَدِينَةٍ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْفَرْدُ الثَّانِي الدَّاخِلُ فِي عُمُومِ قَطْعِ الطَّرِيقِ) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَخْذِ مَصْدَرًا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْمَلُ مَسْقِيَّ السَّيْكَرَانِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لَا تَشْبِيهٌ بِالْمُحَارِبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ بِهِ وَالْبَنْجُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ بَعْضُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 104 وَمُخَادِعَ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ يُقْصَدُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ . (ص) كَمَسْقِيِّ السَّيْكَرَانِ لِذَلِكَ وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ، وَالدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ، أَوْ دَارِ قَاتِلٍ؛ لِيَأْخُذَ الْمَالَ. (ش) السَّيْكَرَانُ نَبْتٌ دَائِمُ الْخُضْرَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ، وَأَشَدُّ مِنْهُ لِتَغْيِيبِ الْعَقْلِ الْبَنْجُ، وَهُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْبَقْلَ، وَأَشَدُّ مِنْهُ نَبْتٌ يُسَمَّى الدَّاتُورَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَقَى شَخْصًا مَا يُسْكِرُهُ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ الْمُحْتَرَمِ فَهُوَ مُحَارِبٌ، أَوْ هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَارِبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ قَطْعُ طَرِيقٍ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ آخِذًا بِالْمَدِّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ مِنْ خَدَعَ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا، فَأَدْخَلَهُ مَوْضِعًا فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَيُسَمَّى هَذَا قَتْلَ غِيلَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ عَدَمُ مُعَارِضَةِ هَذَا لِمَا مَرَّ حَيْثُ جَعَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ السَّرِقَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ دَارًا فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، أَوْ دَخَلَ زُقَاقًا فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ قَالَهُ مَالِكٌ لَا إنْ أَخَذَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ، ثُمَّ نَجَا، فَإِنَّهُ سَارِقٌ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ . (ص) فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ إنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ، أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ كَالزِّنَا، أَوْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ، وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَاءً، وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ بِكَافِرٍ، أَوْ بِإِعَانَةٍ، وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا. (ش) لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْمُحَارِبِ، وَحَقِيقَتَهُ أَخَذَ يَذْكُرُ حُكْمَهُ أَيْ: وَإِذَا قَاتَلَ الْمُحَارِبُ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُقَاتِلُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ أَيْ: بَعْدَ أَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: نَاشَدْتُك اللَّه إلَّا مَا خَلَّيْتَ سَبِيلِي، وَمَحَلُّهَا إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُنَاشِدَهُ بِأَنْ لَا يُعَاجِلَ بِالْقَتْلِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يُعَاجِلُ بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُسْرِعُ بِهِ إلَى الْهَلَاكِ، فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَيُقَاتِلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْقِتَالِ إلَّا الْقَتْلُ، وَهَذَا أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، الثَّانِي أَنْ يُصْلَبَ حَيًّا بِأَنْ يُرْبَطَ عَلَى جِذْعٍ مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ، ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالصَّلْبُ مِنْ صِفَاتِ الْقَتْلِ، فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ. قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيَقْتُلَهُ فَمَاتَ فِي الْحَبْسِ لَمْ يَصْلُبْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَهُ مِنْ الْحُدُودِ شَيْءٌ، وَلَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ فِي الْحَبْسِ لَصَلَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ، الثَّالِثُ أَنْ يُنْفَى الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ كَمَا يُنْفَى فِي الزِّنَا إلَى مِثْلِ فَدَكَ وَخَيْبَرَ، وَيُحْبَسُ بِهَا إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، أَوْ يَمُوتَ لَا أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ سَنَةٍ، وَيَكُونُ النَّفْيُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ الضَّرْبَ الْمُؤَلِّفُ وَلَعَلَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ الْمَعْنَى، وَكَذَا الضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُهُ. الرَّابِعُ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَاءً أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةً فِي قِصَاصٍ مَثَلًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى حَتَّى يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ يُخْبِرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصْلَحَةِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَلَا تُصْلَبُ، وَلَا تُنْفَى، وَإِنَّمَا حَدُّهَا الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ، أَوْ الْقَتْلُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَحَدُّهُ ثَلَاثَةٌ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ، وَالْقَتْلُ الْمُجَرَّدُ، وَالصَّلْبُ وَالْقَتْلُ بَعْدَهُ، فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ لَا الرُّتْبِيِّ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمُحَارِبِ   [حاشية العدوي] ظَلَمَةٍ بِمِصْرَ يَمْنَعُ أَرْزَاقَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُبَالُونَ بِحُكْمِ الْبَاشَا عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ وَشَمَلَ التَّعْرِيفُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَكِنْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّبِيِّ الْمُحَارِبِ أَحْكَامُهُ وَلَوْ قُتِلَ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ وَلَا بِالْمَرْأَةِ صُلْبٌ وَكَذَا النَّفْيُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ . (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ) أَقُولُ لَيْسَ الْقَتْلُ شَرْطًا فِي تَحَقُّقِ الْحِرَابَةِ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُحَارِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ. (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) أَيْ مُنَاشَدَتُهُ وَذَكَرَ الْفِعْلَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِإِعَانَةٍ أَيْ أَوْ شَارَكَ بِإِعَانَةٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ أَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ) وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعَاجَلُ بِالْقَتْلِ) وَالْمُعَاجَلَةُ فَرْضٌ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الْمُحَارِبُ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ الْقَتْلَ أَوْ الْجُرْحَ الْمُشِقَّ أَوْ الْفَاحِشَةَ بِأَهْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَقُولُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يَقُولَ ثُمَّ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيُقَاتَلُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُصْلَبُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ أَوْ يُصْلَبُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرْبَطَ عَلَى جِذْعٍ) يُرْبَطُ جَمِيعُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ لَا مِنْ أَعْلَاهُ فَقَطْ كَإِبْطِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ الصَّلْبِ) أَيْ يُقْتَلُ مَصْلُوبًا قَبْلَ نُزُولِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) فَلَوْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ إلَى تَمَامِهَا وَظُهُورُ التَّوْبَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظُهُورًا بَيَّنَّا لَا بِمُجَرَّدِ كَثْرَةِ صَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ فَهَذَا لَا يُفِيدُ فِي التَّوْبَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ إلَخْ) أَيْ مَعْنَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ مِنْ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ أَيْ مِنْ جِهَةٍ أَنَّ التَّخْيِيرَ يَكُونُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالصَّلْبُ وَحْدَهُ لَا يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا مُسْتَقِلًّا فَيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ لِضَمِّ شَيْءٍ آخَرَ مَعَهُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ، وَالنَّفْيُ وَحْدَهُ لَا يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَيُضَمُّ لَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الضَّرْبُ فَإِنْ قُلْتَ إنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنْ يُضَمَّ لَهُ الْقَطْعُ قُلْت إنَّ الْقَطْعَ شَدِيدٌ فَيُجْعَلُ حَدًّا مُسْتَقِلًّا فَلَا يُضَمُّ لَهُ النَّفْيُ فَيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ لِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَةِ أَخَفَّ مِنْ الْقَتْلِ وَهُوَ الضَّرْبُ. (قَوْلُهُ: وَلَاءً أَيْ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِلِانْدِمَالِ أَيْ الْبُرْءِ وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَاءً لَيْسَ شَرْطًا وَإِنَّمَا هُوَ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ عَنْ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَوْ فَرَّقَ الْقَطْعَ سَقَطَ الْحَدُّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ) وَسَكَتَ عَنْ الصَّبِيِّ وَحُكْمُهُ أَنْ يُعَاقَبَ وَلَا يُفْعَلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ وَلَوْ حَارَبَ بِالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ (قَوْلُهُ فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يُصْلَبُ فَيَقْتُلُ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ أَيْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 105 قَتْلٌ، وَأَمَّا إنْ صَدَرَ مِنْهُ قَتْلٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وُجُوبًا، وَلَوْ كَانَ الَّذِي قَتَلَهُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا وَلَا يُشْتَرَطُ مُبَاشَرَتُهُ لِلْقَتْلِ، بَلْ وَلَوْ شَارَكَهُ فِيهِ بِإِعَانَةٍ كَضَرْبٍ، أَوْ إمْسَاكٍ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَعْنِ بِمَا ذَكَرَ بَلْ بِمُمَالَأَةٍ بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِ لَأَعَانَ، وَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ، وَلَوْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَمَا يَأْتِي، وَبِعِبَارَةِ (وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ إلَخْ) أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَلُ حِينَئِذٍ إلَّا قِصَاصًا، فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ، أَوْ الدِّيَةَ فِي الذِّمِّيِّ، وَإِنْ كَانَ مُكَافِئًا لَهُ، فَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ إذَا لَمْ يَأْتِ تَائِبًا، وَأَمَّا مَا أَفَادَتْهُ الْمُبَالَغَةُ مِنْ تَحَتُّمِ الْقَتْلِ الْمُرَادِ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْقَتْلِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ . (ص) وَنُدِبَ لِذِي التَّدْبِيرِ الْقَتْلُ وَالْبَطْشُ وَالْقَطْعُ، وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةً النَّفْيُ وَالضَّرْبُ وَالتَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ الَّذِي لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَتْلٌ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِهِ فَمَنْ كَانَ لَهُ تَدْبِيرٌ فِي الْحُرُوبِ، وَفِي الْخَلَاصِ مِنْهَا تَعَيَّنَ لَهُ الْقَتْلُ لَا الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْفَعُ ضَرَرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَارِبُ مِنْ أَهْلِ الْبَطْشِ وَالشُّجَاعَةِ، فَيَتَعَيَّنُ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ تَدْبِيرٌ وَلَا بَطْشٌ، بَلْ اتَّصَفَ بِغَيْرِهِمَا، أَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ الْحِرَابَةُ فَلْتَةً مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ حَالِهِ، وَمُوَافِقَةً لِغَيْرِهِ تَعَيَّنَ لَهُ الضَّرْبُ، وَالنَّفْيُ أَيْ: يَضْرِبُهُ وَيَنْفِيهِ، ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ مَا يَفْعَلُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، وَنَحْوُهَا، فَلَا تَعْيِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ، وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ. (ص) وَغُرْمُ كُلٍّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ. (ش) الْمُحَارِبُونَ كَالْحُمَلَاءِ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ   [حاشية العدوي] أَخْبَرَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ يُصْلَبُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّرْتِيبَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الصَّلْبَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَكُونُ مُقَاتَلَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وُجُوبًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إطْلَاقِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ لَا يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ عَظُمَ فَسَادُهُ وَطَالَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ قَتْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَخْ فَإِنْ قُلْتَ هَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى قُلْت لَا مُخَالَفَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ أَيْ إذَا جَاءَ تَائِبًا مَعْنَاهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَيْ بِحَيْثُ نَقُولُ أَنَّهُ وَلَوْ قَتَلَ مُكَافِئًا وَتَابَ لَا يُقْتَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا تَابَ وَجَاءَ تَائِبًا وَقَتَلَ مُكَافِئًا لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْقَتْلُ وَيَدُلُّك عَلَى هَذَا قَوْلُهُ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا مُبَالَغَةٌ فِي تَحَتُّمِ الْقَتْلِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ جَاءَ تَائِبًا أَوْ لَمْ يَجِئْ تَائِبًا لَكِنْ إذَا لَمْ يَجِئْ تَائِبًا لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ وَأَمَّا إذَا جَاءَ تَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بِمَعْنَى لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الدِّيَةُ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ الْعَفْوَ فَاخْتَلَفَ مَعْنَى تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ فَتَدَبَّرْ (تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الْمُحَارِبِ أَنَّهُ يُنَزَّلُ مِنْ الْخَشَبَةِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا قَتَلَ الْمُحَارِبُ شَخْصًا مِنْ وَرَثَتِهِ فَقِيلَ يَرِثُهُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ . (قَوْلُهُ: فَلْتَةً) مَنْصُوصٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ وُقُوعَ فَلْتَةٍ بِأَنْ أَخَذَهُ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالَهُ. (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَا التَّدْبِيرِ يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ ذَا التَّدْبِيرِ يَجِبُ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَأَنَّ ذَا الْبَطْشِ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْقَطْعُ وَأَنَّ غَيْرَهُمَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ النَّفْيُ وَالضَّرْبُ فَأَرَادَ شَارِحُنَا الْجَوَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّدْبَ لَمْ يَتَوَجَّهْ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْقَتْلِ بِالنِّسْبَةِ لِذِي التَّدْبِيرِ وَالْقَطْعِ بِالنِّسْبَةِ لِذِي الْبَطْشِ وَهَكَذَا بَلْ إنَّمَا النَّدْبُ مُتَوَجِّهٌ لِلنَّظَرِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي حَالِ الْمُحَارِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ ذُو تَدْبِيرٍ وَجَبَ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَهَكَذَا أَقُولُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى أَنَّ قَطْعَ ذَا التَّدْبِيرِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَتَوَجَّهَ إلَى الْقَتْلِ فِي ذِي الْبَطْشِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَتَوَجَّهَ لِمَنْ وَقَعَ فَلْتَةً وَقَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّمَا خَالَفَ النَّدْبَ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَلْ يَتَعَيَّنُ النَّظَرُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي أَحْوَالِ الْمُحَارِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ ذُو تَدْبِيرٍ قَتَلَهُ وَهَكَذَا ثُمَّ لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقَتْلُ وَأَمَّا إنْ قَتَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ اتَّصَفَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ كَثُرَتْ مُحَارَبَتُهُ وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَدْبِيرٌ وَلَا بَطْشٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَضْرِبُهُ وَيَنْفِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ مِنْ كَوْنِ النَّفْيِ مُقَدَّمًا عَلَى الضَّرْبِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ الضَّرْبُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَقِيلَ يُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الضَّرْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الضَّرْبُ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ نَفْيٌ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ يُعْتَبَرُ وَهَلْ تَقْدِيمُ الضَّرْبِ عَلَى النَّفْيِ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدُ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ ظَاهِرِ الْكَلَامِ الْوُجُوبُ. (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) أَيْ فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَجِيئِهِ تَائِبًا غَرِمَ مُطْلَقًا وَإِنْ قَطَعَ أَوْ قَتَلَ اسْتِقْلَالًا أَوْ مَعَ الصَّلْبِ أُغْرِمَ إنْ أَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَالضَّرْبُ وَالنَّفْيُ كَالْقَطْعِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ النَّفْيَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِهِ وَقِيلَ كَسُقُوطِ الْحَدِّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 106 بَاقِيًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ جَاءَ الْمُحَارِبُ تَائِبًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنَّمَا تَقَوَّى بِأَصْحَابِهِ، فَكَانُوا كَالْحُمَلَاءِ، وَكَذَا اللُّصُوصُ وَالْغُصَّابُ وَالْبُغَاةُ، وَإِذَا أُقِيمَ عَلَى الْمُحَارِبِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِهِ، فَيُتْبَعُ بِمَا أَخَذَ بِشَرْطِ الْإِيسَارِ مَعَ الْحِرَابَةِ إلَى إقَامَةِ الْحَدِّ، وَإِنْ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَدُّهَا بِأَنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ اُتُّبِعَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِي السَّارِقِ . (ص) وَدَفَعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَالْيَمِينِ، أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ الرِّفْقَةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ فِي أَيْدِي الْمُحَارِبِينَ مَالًا، وَادَّعَى أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً أَخَذَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ وَصَفَهُ كَمَا تُوصَفُ اللُّقَطَةُ أَخَذَهُ لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لَعَلَّ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْ ذَلِكَ، وَبَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ، وَلَكِنْ يُضَمِّنُهُمْ الْإِمَامُ إيَّاهَا إنْ جَاءَ لِذَلِكَ طَالِبٌ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ يَدْفَعُ الْمَالَ الَّذِي فِي أَيْدِي الْمُحَارِبِينَ إذَا ادَّعَاهُ شَخْصٌ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ مِنْ الرِّفْقَةِ، وَكَانَا عَدْلَيْنِ، فَشَهِدَا عَلَى مَنْ حَارَبَهُمْ، فَإِنَّ الْمَالَ يُدْفَعُ لِلطَّالِبِ بِذَلِكَ، وَبِذَلِكَ تَنْفُذُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى مَنْ حَارَبَهُمَا بِقَتْلٍ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَتَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مَا لَمْ يَشْهَدْ الْعَدْلُ لِأَبِيهِ مَثَلًا، فَلَا تُقْبَلُ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: (لَا لِأَنْفُسِهِمَا) مَعَ قَوْلِهِ: أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إذْ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمَا لِأَنْفُسِهِمَا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَى . (ص) وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ لِمُشْتَهِرٍ بِهَا ثَبَتَتْ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَهَرَ بِالْحِرَابَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ اثْنَانِ يَعْرِفَانِهِ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمُشْتَهِرُ بِهَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّهُمَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَيَقْتُلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ، أَوْ السَّلْبِ، أَوْ قَطْعِ الطَّرِيقِ، فَقَوْلُهُ: ثَبَتَتْ أَيْ: الْحِرَابَةُ أَيْ: حُكْمُهَا . (ص) وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا، أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ إذَا جَاءَ تَائِبًا لِلْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ، أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْحِرَابَةِ بِأَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ، فَإِنَّ حَدَّ الْحِرَابَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا عَدَا حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ إقْرَارَهُ لَيْسَ بِتَوْبَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَمَّنَ الْمُحَارِبُ إنْ سَأَلَ الْأَمَانَ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ يُقِرُّ إذَا أَمِنَ عَلَى حَالِهِ، وَبِيَدِهِ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ تَأْمِينُ الْمُحَارِبِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَمَانَ لَهُ مُحَمَّدٌ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُحَارِبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أُعْطِيَ الْأَمَانَ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا، قَالَهُ أَصْبَغُ امْتَنَعَ فِي حِصْنٍ، أَوْ مَرْكَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَمَّنَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى . (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ. وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الشُّرْبَ بِقَوْلِهِ: شُرْبُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مَا يُسْكِرُ مُخْتَارًا لَا لِضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ وَلَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهٍ وَلَا ذِي غُصَّةٍ، وَإِنْ حُرِّمَتْ إنْ قِيلَ: كَيْفَ صَحَّ جَعْلُ الشُّرْبِ جِنْسًا لِلشُّرْبِ مَعَ أَنَّ الْمَحْدُودَ الشُّرْبُ، فَلَوْ قَالَ لَفْظًا غَيْرَهُ لَكَانَ أَوْلَى؟ . قُلْت: لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ الشُّرْبَ الْمُطْلَقَ مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا الْمَحْدُودُ الشُّرْبُ الْمُقَيَّدُ، فَقَوْلُهُ: لَا لِضَرُورَةٍ أَخْرَجَ بِهِ صَاحِبَ الْغُصَّةِ أَيْ: إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً قَوْلُهُ: وَلَا لِعُذْرٍ أَخْرَجَ بِهِ الْغَالِطَ وَالْجَاهِلَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: (ص) بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: رَجُلَيْنِ) يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْعَمَلِ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِغَيْرِهِمَا بِشَيْءٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ دُونَ الْحِرَابَةِ وَكَذَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ عَنْ الْوَاحِدِ دُونَ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَضْمَنُهُمْ) أَيْ يَضْمَنُ الْآخِذِينَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مَعَ الِاسْتِينَاءِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْهَدْ الْعَدْلُ لِأَبِيهِ مَثَلًا) دَخَلَ تَحْتَ مَثَلًا أُمُّهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا لَا يَشْهَدَانِ لِأَصْلِهِمَا وَلَا لِفَرْعِهِمَا وَكَذَا الْعَبْدُ الشَّاهِدُ مُكَاتَبًا أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِزَوْجِ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ. (قَوْلُهُ: لَا لِأَنْفُسِهِمَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِمَا وَلَوْ بِقَلِيلٍ لَهُمَا وَبِكَثِيرٍ لِغَيْرِهِمَا وَتَبْطُلُ عَلَى الْجَمِيعِ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ وَهُوَ مُعَيَّنٌ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَحِرْفَتِهِ مَثَلًا ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ هُوَ هَذَا وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مُشْتَهِرٌ بِالْحِرَابَةِ وَلَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمُهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ثُمَّ أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَتْ الْحِرَابَةُ يَعْمَلُ الْحَاكِمُ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ . (قَوْلُهُ: بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) أَيْ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ جَاءَ تَائِبًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَرَكَ إلَخْ مَعْنَاهُ ظَهَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالتَّرْكِ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَأْمِينُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِلْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ الْمُحَارِبِ لَا يُقِرُّ إذَا أُمِّنَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ الْمُحَارِبُ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إلْقَاءِ سِلَاحٍ وَإِلَّا فَيَكُونُ عَيْنَ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ أَصْبَغُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا فَقَطْ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ إلَخْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُحَارِبُ إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) : اُسْتُشْكِلَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ حَدِّ السَّرِقَةِ وَحَدِّ الْحِرَابَةِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ وَعَدَالَتِهِ وَالثَّانِي يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي الثَّانِي {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ [بَاب حَدَّ الشَّارِبِ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ] (بَابُ الشُّرْبِ) . (قَوْلُهُ: وَدَفْعَ الصَّائِلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَدَّ الشَّارِبِ أَيْ ذَكَرَ فِيهِ دَفْعَ الصَّائِلِ أَيْ جَوَازَ دَفْعِ الصَّائِلِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَاهِلُ) أَيْ بِالتَّحْرِيمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَاهِلَ بِالتَّحْرِيمِ أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ إلَّا ابْنَ وَهْبٍ قَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَفَشَا فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ الْحُرْمَةَ أَيْ أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ لِكَوْنِهِ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْعَالِمُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ حَدِّهِ. (قَوْلُهُ: بِشُرْبِ) أَيْ بِسَبَبِ وُصُولٍ مِنْ فَمٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 107 مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ طَوْعًا بِلَا عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ. (ش) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يَجِبُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ لَا الْكَافِرِ حَرْبِيًّا كَانَ، أَوْ ذِمِّيًّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَأَسْنَدَ الْفِعْلَ إلَى الْجِنْسِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ السُّكْرِ بِالْفِعْلِ، بَلْ أَنْ يَكُونَ جِنْسُهُ يُسْكِرُ، فَلَوْ شَرِبَ قَلِيلًا مِنْهُ حُدَّ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ مُسْكِرٌ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا شَرِبَ مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُسْكِرٌ، فَإِذَا شَرِبَ شَيْئًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ خَمْرٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ. وَقَوْلُهُ: طَوْعًا مُتَعَلِّقٌ بِشُرْبٍ أَيْ: شَرِبَهُ طَوْعًا أَيْ: مُخْتَارًا لَا مُكْرَهًا. وَقَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ أَخْرَجَ بِهِ الْغَالِطَ. وَقَوْلُهُ: وَضَرُورَةٍ أَخْرَجَ بِهِ صَاحِبَ الْغُصَّةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْمُبَاحِ أَنَّ شُرْبَهُ لِلْإِسَاغَةِ غَيْرُ حَرَامٍ. فَقَوْلُهُ: الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ أَيْ: الشَّخْصِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى أَيْ: الْحُرِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَيَنُصُّ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: بِلَا عُذْرٍ، وَضَرُورَةٍ، أَوْ ظَنَّهُ غَيْرًا تَبَعًا لِتَصْرِيحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِهَا، وَإِلَّا فَطَوْعًا يُغْنِي عَنْهَا. (ص) أَوْ ظَنَّهُ غَيْرًا وَإِنْ قَلَّ، أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ، أَوْ الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدٍ، وَلَوْ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ، وَصَحَّحَ نَفْيَهُ. (ش) أَيْ: وَبِلَا ظَنِّهِ لِلَّذِي يُسْكِرُ غَيْرَ الْخَمْرِ أَيْ: مُغَايِرًا كَمَا إذَا ظَنَّهُ مَاءً، أَوْ عَسَلًا، فَشَرِبَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسْكِرٌ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ كَمَا عُذِرَ مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، وَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ، وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الشَّارِبِ لِمَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ، وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ مَعَ عِلْمِهِ الْحُرْمَةَ، أَوْ جَهِلَ حُرْمَةَ الْخَمْرِ نَفْسَهَا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بِهَذَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يُعْذَرْ هُنَا، وَعُذِرَ فِي الزِّنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ، أَوْ الْحُكْمَ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ أَيْ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؟ ، فَالْجَوَابُ أَنَّ مَفَاسِدَ الشُّرْبِ لَمَّا كَانَتْ أَشَدَّ مِنْ مَفَاسِدِ الزِّنَا، لِكَثْرَتِهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا زَنَى، وَسَرَقَ، وَقَتَلَ كَانَ أَشَدَّ مِنْ الزِّنَا، وَلِأَنَّ الشُّرْبَ أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُسْكِرَ، وَلَوْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى جَوَازَ شُرْبِهِ قَالَ مَالِكٌ: أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُهَا، وَصَوَّبَ الْبَاجِيُّ عَدَمَ الْحَدِّ، وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ . (ص) ثَمَانُونَ بَعْدَ صَحْوِهِ وَتُشَطَّرُ بِالرِّقِّ. (ش) هَذَا مُبْتَدَأٌ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ خَبَرُهُ، أَوْ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: يَجِبُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ ثَمَانُونَ جَلْدَةً عَلَى الْحُرِّ، وَأَرْبَعُونَ جَلْدَةً عَلَى الرَّقِيقِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى بَعْدَ صَحْوِهِ لِانْعِقَادِ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ عُثْمَانَ، فَلَوْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ صَحْوِهِ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُعَادُ عَلَيْهِ ثَانِيًا لِعَدَمِ   [حاشية العدوي] لِحَلْقِ الشَّخْصِ وَإِنْ رُدَّ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ لَا مِنْ أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ عَيْنٍ وَإِنْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا مِنْ حُقْنَةٍ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ وَالْفِطْرُ فِي الصَّوْمِ بِهَذِهِ لِلِاحْتِيَاطِ ثُمَّ أَنَّ عج جَعَلَ ذَلِكَ شَامِلًا لِمَا إذَا غَمَسَ إبْرَةً فِي الْخَمْرِ وَوَضَعَهَا عَلَى لِسَانِهِ وَابْتَلَعَ رِيقَهُ وَخَالَفَهُ اللَّقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِشُرْبِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ غَمَسَ إبْرَةً فِي الْخَمْرِ وَوَضَعَهَا عَلَى لِسَانِهِ وَابْتَلَعَ رِيقَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ عَنْ شَيْخِهِ وَأَظُنُّهُ ابْنَ رَشِيقٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْعًا وَلِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ قَلَّ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مَحْسُوسًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ) لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَقُولُ ثَمَانُونَ فَاعِلٌ بِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ قَوْلَهُ بِشُرْبِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ ثَمَانُونَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا) هَذَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَطَوْعًا يُغْنِي عَنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَضَرُورَةٍ أَوْ ظَنَّهُ غَيْرًا وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَى قَوْلِهِ يُغْنِي عَنْهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ الَّذِي هُوَ مُحْتَرِزٌ طَوْعًا لَا يُحَدُّ مَعَ عِلْمِهِ فَأَوْلَى الْغَالِطُ وَاَلَّذِي لَمْ يَظُنَّهُ خَمْرًا بَلْ الْغَالِطُ هُوَ عَيْنُ الَّذِي لَمْ يَظُنَّهُ خَمْرًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَنَفِيًّا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخَمْرَ هُوَ مَا كَانَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَالنَّبِيذُ هُوَ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ كَالزَّبِيبِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْعَجْوَةِ فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ عِنْدَنَا حَرَامٌ وَفِيهِ الْحَدُّ وَعِنْدَ الْحَنَفِيِّ إنَّمَا يَحْرُمُ مِنْهُ الْقَدْرُ الْمُبَكِّرُ فَقَطْ كَمَا لَوْ كَانَ إنَّمَا يَسْكَرُ بِقَدَحَيْنِ مَثَلًا وَلَا يَسْكَرُ بِقَدَحٍ أَوْ يَسْكَرُ بِثَلَاثَةٍ فَالْمُحَرَّمُ الْقَدَحُ الْأَخِيرُ فَقَطْ وَمَا قَبْلَهُ جَائِزٌ وَإِذَا شَرِبَ فِي الْأَوَّلِ الْقَدَحَيْنِ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَحُدَّ وَإِنْ شَرِبَ وَاحِدًا فَقَطْ فَلَا حَدَّ وَلَا حُرْمَةَ وَهَكَذَا فِي الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَعِنْدَنَا يُحَدُّ بِالْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَأَمَّا نَبِيذُ الْعِنَبِ فَالْحَدُّ وَالْحُرْمَةُ بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَلَا حَدَّ وَلَا حُرْمَةَ بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي النَّبِيذِ الَّذِي دَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ وَشَرِبَ مِنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يُسْكِرُ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَسُمِّيَ النَّبِيذُ نَبِيذًا لِأَنَّهُ يُنْبَذُ أَيْ يُتْرَكُ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مُسْتَحِلَّ الْخَمْرِ يَكْفُرُ دُونَ مُسْتَحِلِّ النَّبِيذِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يُعْذَرْ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ حَدُّ حَدِيثِ الْعَهْدِ إذَا زَنَى فَسَاوَى بَابُ الزِّنَا بَابَ الشُّرْبِ. (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ الْبَاجِيُّ عَدَمَ الْحَدِّ) أَيْ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّ كَلَامَ الْبَاجِيِّ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْبَاجِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ لَعَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَالصَّوَابُ أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَسْكَرَ مِنْهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا . (قَوْلُهُ: بِالرِّقِّ) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ عُثْمَانَ) أَيْ لِأَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يُحَدُّ الْحُرُّ أَرْبَعِينَ وَحَكَمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ صَحْوِهِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ فَيُعْتَدُّ بِهِ فَإِذَا لَمْ يُحِسَّ فِي أَوَّلِهِ بِالْأَلَمِ وَحَسَّ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 108 فَائِدَةِ الْحَدِّ وَهُوَ التَّأَلُّمُ وَالْإِحْسَاسُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي حَالَةِ سُكْرِهِ. (ص) إنَّ أَقَرَّ، أَوْ شَهِدَا بِشُرْبٍ، أَوْ شَمَّ وَإِنْ خُولِفَا، وَجَازَ لِإِكْرَاهٍ وَإِسَاغَةٍ لَا دَوَاءٍ وَلَوْ طِلَاءً. (ش) يَعْنِي أَيْ: مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ حَدُّ الشُّرْبِ إنْ أَقَرَّ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلَانِ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّ رَائِحَةَ فَمِهِ خَمْرٌ وَكَذَلِكَ يُحَدُّ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ بِشُرْبِهَا، وَآخَرُ أَنَّهُ تَقَايَأَهَا فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ إلَى شُبْهَةٍ، أَوْ إلَى غَيْرِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الزِّنَا، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلَانِ بِأَنَّ رَائِحَةَ فَمِهِ رَائِحَةُ مُسْكِرٍ، وَشَهِدَ عَدْلَانِ آخَرَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَائِحَةِ مُسْكِرٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُثْبِتَةُ تُقَدَّمُ عَلَى النَّافِيَةِ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مُثْبِتَةٌ كَمَا لَوْ اخْتَلَفُوا فِي قِيمَةِ الْمَسْرُوقِ، وَهَلْ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلَّ؟ . أَيْ: فَيُقْطَعُ، وَيَجُوزُ شُرْبُ الْخَمْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ عَلَى شُرْبِهِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ شُرْبُهَا لِمَنْ غَصَّ بِطَعَامٍ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ يَقُولُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْإِبَاحَةُ، وَعَلَى كُلٍّ لَا حَدَّ، وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِكْرَاهِ لَازِمُهُ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا حَدَّ فِي الْإِكْرَاهِ، فَعَبَّرَ بِالْمَلْزُومِ، وَأَرَادَ لَازِمَهُ، وَإِلَّا فَفِعْلُ الْمُكْرَهِ لَا يُوصَفُ بِحُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهَا إلَّا أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ وَالْمُكْرَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَالْإِكْرَاهُ يَكُونُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ ضَرْبٍ إلَخْ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِسَاغَةِ نَفَى الْحُرْمَةَ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ طِلَاءً مِنْ خَارِجِ الْجَسَدِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَيْهِ إنْ تَدَاوَى بِهِ شُرْبًا حُدَّ، وَلَوْ فَعَلَهُ لِخَوْفِ الْمَوْتِ بِتَرْكِهِ . (ص) وَالْحُدُودُ بِسَوْطٍ وَضَرْبٍ مُعْتَدِلَيْنِ قَاعِدًا بِلَا رَبْطٍ وَلَا شَدِّ يَدٍ بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُدُودَ فِي الزِّنَا وَفِي الْقَذْفِ، وَفِي التَّعْزِيرِ، وَفِي الشُّرْبِ تَكُونُ بِسَوْطٍ مُعْتَدِلٍ وَضَرْبٍ مُعْتَدِلٍ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: صِفَةُ الضَّرْبِ فِي الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَالتَّعْزِيرِ ضَرْبُ وَاحِدٍ ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ لَيْسَ بِالْمُبَرِّحِ، وَلَا بِالْخَفِيفِ، وَلَمْ يُحِبَّ مَالِكٌ ضَمَّ الضَّارِبِ يَدَهُ إلَى جَنْبِهِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ قَضِيبٌ وَشِرَاكٌ وَلَا دِرَّةٌ، وَلَكِنْ السَّوْطُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ لِلْأَدَبِ قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَصِفَةُ السَّوْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِلْدٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَكُونَ لَهُ رَأْسَانِ، وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ لَيِّنًا، وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى، وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ، وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ عَقْدَ التِّسْعِينَ، وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَيُؤَخِّرُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى. اهـ.، وَصِفَةُ عَقْدِ التِّسْعِينَ أَنْ يَعْطِفَ السَّبَّابَةَ حَتَّى تَلْقَى الْكَفَّ، وَيَضُمَّ الْإِبْهَامَ إلَيْهَا، وَيَكُونَ الْمَضْرُوبُ قَاعِدًا فَلَا يُمَدُّ بِلَا رَبْطٍ وَبِلَا شَدٍّ، وَيَكُونُ الْحَدُّ فِي ظَهْرِهِ، وَفِي كَتِفَيْهِ دُونَ مَا عَدَاهُمَا قَالَ الْبَاجِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَتَوَلَّى ضَرْبَ الْحَدِّ قَوِيٌّ وَلَا ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ وَسَطُ الرِّجَالِ، وَيَضْرِبُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَالْمَحْدُودُ قَاعِدٌ لَا يُمَدُّ، وَلَا يُرْبَطُ، وَتُحَلُّ لَهُ يَدَاهُ اهـ. أَيْ: إلَّا أَنْ لَا يَقَعَ الضَّرْبُ مَوْقِعَهُ بِأَنْ يَضْطَرِبَ مَثَلًا فَيُرْبَطَ . (ص) وَجُرِّدَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ، وَنُدِبَ جَعْلُهَا فِي قُفَّةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ يُجَرَّدُ مِنْ سِوَى مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُجَرَّدُ مِمَّا يَقِيهَا الضَّرْبَ، فَقَوْلُهُ: مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ رَاجِعٌ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ، فَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَسْكُتَ عَلَى قَوْلِهِ: الرَّجُلُ، ثُمَّ يَبْتَدِئَ   [حاشية العدوي] أَثْنَائِهِ لِقَرِينَةٍ حَسَبَ مِنْ أَوَّلِ مَا أَحَسَّ بِهِ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْإِحْسَاسَ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُهُ وَلَا تُكَذِّبُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ وَهَذَا فِي حَدِّ السُّكْرِ وَأَمَّا الْقَطْعُ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ وَإِنْ كَانَ طَافِحًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّكَالُ وَمِثْلُ هَذَا حَدُّ الْفِرْيَةِ إنْ رَضِيَ بِذَلِكَ مَنْ لَهُ الْحَدُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَمٍّ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ بِالرَّائِحَةِ أَنْ يَكُونَ شَرِبَهَا لِأَنَّهُ حَكَى عَنْ الْقَبَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ وَاَللَّهِ إنِّي لَأَعْرِفُ رَائِحَتَهُ وَمَا شَرِبْتُهَا قَطُّ أَوْ شَرِبَهَا لِإِسَاغَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ لِعَدَمِ عِلْمٍ أَوْ شَرِبَهَا مَعَ الْعِلْمِ وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ وَعَدَمِ الْإِسَاغَةِ وَلَكِنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِّ الْمَوْتُ ثُمَّ تَابَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الشَّمِّ مِنْ اثْنَيْنِ سَوَاءٌ طَلَبَهَا الْقَاضِي أَوْ قَامَ بِهَا مُحْتَسِبٌ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِأَصْبَغَ فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَإِسَاغَةٍ) وَتُقَدَّمُ الْإِسَاغَةُ بِالنَّجِسِ عَلَى الْإِسَاغَةِ بِالْخَمْرِ لِشِدَّةِ حُرْمَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُحَدُّ شَارِبُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ النَّجِسِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طِلَاءً) أَيْ لِظَاهِرِ الْجَسَدِ وَفِي التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ قَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَمَحَلُّهُمَا فِي غَيْرِ الْخَمْرِ وَأَمَّا هُوَ فَهُوَ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَعَلَهُ لِخَوْفِ الْمَوْتِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغُصَّةِ حَيْثُ جَازَ مَعَهَا مَا مَعَهَا مِنْ زِيَادَةِ التَّعْذِيبِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَوْتِ . (قَوْلُهُ: وَلَا شَدِّ يَدٍ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِانْدِرَاجِ شَدِّهَا فِي الرَّبْطِ. (قَوْلُهُ: بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) أَيْ فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ لَا غَيْرِهِمَا مِنْ الْجَسَدِ وَصِفَةُ التَّعْزِيرِ كَصِفَةِ الْحَدِّ وَهَلْ مَحَلُّ الضَّرْبِ فِي التَّعْزِيرِ الظَّهْرُ وَالْكَتِفَانِ كَالْحَدِّ أَوْ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَهَلْ لَهُ إيقَاعُ جَمِيعِ الْحَدِّ فِي الظَّهْرِ فَقَطْ أَوْ بِالْكَتِفَيْنِ فَقَطْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَكَّلَ مَحَلُّهُ لِلْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْحُدُودَ فِي الزِّنَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الضَّرْبَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِي التَّعْزِيرِ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وَيُشْتَرَطُ فِي الضَّارِبِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا. (قَوْلُهُ: قَضِيبٌ) الْقَضِيبُ الْمَقْضُوبُ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ كَالْعَصَا الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الشَّجَرِ وَقَوْلُهُ وَشِرَاكٌ الشِّرَاكُ هُوَ سَيْرُ النَّعْلِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ وَقَوْلُهُ وَلَا دِرَّةٌ بِكَسْرٍ الدَّالِ جَمْعُهُ دِرَرٍ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَالدِّرَّةُ السَّوْطُ أَيْ سَوْطٌ صَغِيرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ عَقْدَ التِّسْعِينَ) عَطْفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ . (قَوْلُهُ: مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ) فَالْمَرْأَةُ يَتْرُكُ عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ مَا يَسْتُرُ جَسَدَهَا عَنْ الْأَعْيَنِ وَلَا يَقِيهَا الضَّرْبَ أَيْ الْقَائِمُ وَلَا بَأْسَ بِثَوْبَيْنِ وَيَنْزِعُ مَا عَدَاهُمَا ابْنُ الْجَلَّابِ وَيَنْزِعُ الْجُبَّاتِ وَالْفِرَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 109 بِقَوْلِهِ: وَالْمَرْأَةُ وَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُجْعَلَ فِي قُفَّةٍ، وَيُجْعَلَ تَحْتَهَا تُرَابٌ، وَيُبَلَّ بِالْمَاءِ لِأَجْلِ السَّتْرِ، وَيُوَالِي الضَّرْبَ عَلَيْهَا، وَلَا يُفَرِّقُ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ تَوَالِيهِ الْهَلَاكَ فَيُفَرِّقَ . (ص) وَعَزَّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ حَبْسًا وَلَوْمًا وَبِالْإِقَامَةِ وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ، أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَضَمِنَ مَا سَرَى. (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحُدُودِ الَّتِي جَعَلَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُقُوبَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَعْلُومٌ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَأَقْوَالِهِمْ، وَأَفْعَالِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ يُعَزِّرُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْأَكْلِ فِي رَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَشَتْمِ آخَرَ، أَوْ ضَرْبِهِ، أَوْ أَذَاهُ بِوَجْهٍ، وَالتَّعَازِيرُ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِ، وَالْمَقُولِ لَهُ، وَالْمَقُولِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ حَقِّ اللَّهِ إذْ مِنْ حَقِّهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ تَرْكُ أَذَاهُ لِغَيْرِهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْآدَمِيِّ جُعِلَ قَسِيمًا لِلْأَوَّلِ، وَبِعِبَارَةِ الْمُرَادِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ، وَبِمَعْصِيَةِ اللَّهِ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا حَقَّ الْآدَمِيِّ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مَعْصِيَةٌ يَتَمَحَّضُ فِيهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ نَهْيُهُ، وَلِذَا قِيلَ: مَا مِنْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ، ثُمَّ إنَّ مَا تَمَحَّضَ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَالتَّعْزِيرُ يَكُونُ بِالْحَبْسِ، وَاللَّوْمِ وَبِالْإِقَامَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَالْمَحَافِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إزَارُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَ الْإِقَامَةَ بِأَنْ يَقِفَ عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ يَقْعُدَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَإِلَّا كَأَنْ يَقُولَ: وَبِالْقِيَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَعْزِيرُهُ بِالضَّرْبِ بِالدِّرَّةِ، وَالْقَضِيبِ وَالْعَصَا، وَضَرْبِ الْقَفَا بِالْأَكُفِّ مُجَرَّدًا، وَإِذَا أَدَّى اجْتِهَادُ الْإِمَامِ إلَى أَنْ يُعَزِّرَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْحَدِّ، أَوْ يَأْتِي عَلَى هَلَاكِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْهَلَاكَ ابْتِدَاءً، بَلْ ظَنَّ السَّلَامَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا سَرَى إلَى هَلَاكِ النَّفْسِ بِسَبَبِ التَّعْزِيرِ، وَبِعِبَارَةِ وَلَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ، وَقَوْلُهُ: وَضَمِنَ مَا سَرَى أَيْ: إذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ فَلَهُ التَّعْزِيرُ، وَلَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ، لَكِنَّهُ إذَا أَتَى عَلَى النَّفْسِ يَضْمَنُ لِتَبَيُّنِ خَطَأِ ظَنِّهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْإِمَامُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. (ص) كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ. (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا فَعَلَ طِبَّهُ عَلَى جَهْلٍ مِنْهُ بِعِلْمِ الطِّبِّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَيُوَالِي الضَّرْبَ عَلَيْهَا وَلَا يُفَرِّقُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ بِذَلِكَ . (قَوْلُهُ: حَبْسًا وَلَوْمًا) الْمُرَادُ بِاللَّوْمِ تَوْبِيخُهُ بِالْكَلَامِ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ يُحْبَسُ حَبْسًا وَيُلَامُ لَوْمًا لَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ لِأَنَّهُ سَمَاعِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِالْإِقَامَةِ) أَيْ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي الْمَلَا وَقَوْلُهُ وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ أَيْ إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ زَجْرًا لَهُ وَقَوْلُهُ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَهُوَ لُغَةً جِلْدٌ مَضْفُورٌ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ بِخِلَافِ الْحُدُودِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِسَوْطٍ. (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَحَافِلِ) هِيَ الْمَجَالِسُ وَيَكُونُ التَّعْزِيرُ بِالنَّفْيِ فِيمَنْ يُزَوِّرُ الْوَثَائِقَ وَبِالْمَالِ كَأَخْذِ أُجْرَةِ الْعَوْنِ مِنْ الْمَطْلُوبِ الظَّالِمِ وَبِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ كَتَعْزِيرِ الْفَاسِقِ بِبَيْعِ دَارِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْعَصَا) الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضِيبِ الْعَصَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَظُنَّهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ لَا قِصَاصَ فِي كُلِّ هَذِهِ بَلْ مَا فِيهِ إلَّا دِيَتُهُ وَسَكَتَ عَنْ جَوَازِ الْإِقْدَامِ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ بِشَرْطِ ظَنِّ السَّلَامَةِ أَوْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ فَيَصْدُقُ بِالتَّرَدُّدِ وَلَكِنَّ مُقْتَضَى مَا قَالَ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ عَدَمِهِ الصَّادِقِ بِصُورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ إلَى هَلَاكِ النَّفْسِ أَيْ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا قِصَاصَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَقَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ صَادِقٌ بِظَنِّ السَّلَامَةِ وَالتَّرَدُّدِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَخَالَفَتْ مَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ مَا سَرَى أَيْ إذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَأَوْلَى صُورَةُ التَّرَدُّدِ فَظَهَرَ أَيْضًا الْمُخَالَفَةُ لِمَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَهَذَا إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ فَلَهُ التَّعْزِيرُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ لَيْسَ لَهُ التَّعْزِيرُ فَخَالَفَ قَوْلَهُ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ وَوَافَقَ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ إذَا أَتَى عَلَى النَّفْسِ يَضْمَنُ أَيْ وَلَا قِصَاصَ وَرُبَّمَا يُقَالُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ أَوْ ظَنِّ عَدَمِ السَّلَامَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ ولعج عِبَارَةٌ مُفَصَّلَةٌ وَاضِحَةُ الْمَعْنَى فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَيْهَا وَنَصُّهَا الْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ مَا فِيهِ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ وَأَمَّا الضَّمَانُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ مَا فِي النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي تت الثَّانِيَةُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ السَّلَامَةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ الْهَلَاكُ أَوْ عَيْبٌ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ فَإِنْ فَعَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَالَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَكَلَامُ تت يَقْتَضِي أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الدِّيَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ الثَّالِثَةُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الشَّكِّ فِي السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الدِّيَةَ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْإِمَامُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ كَلَامٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: عَلَى جَهْلٍ مِنْهُ بِعِلْمِ الطِّبِّ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُدَاوِي وَفِيمَا سَبَقَ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى الْهَلَاكِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَصَّرَ عَمَّا أُمِرَ بِفِعْلِهِ بِأَنْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ الْمَأْمُورَ بِهِ، وَالضَّمَانُ فِيمَا إذَا جَهِلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ، أَوْ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ ضَعِيفٌ، وَفِيمَا إذَا قَصَّرَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: (ص) أَوْ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ، وَلَوْ أَذِنَ عَبْدٌ بِفَصْدٍ، أَوْ حِجَامَةٍ، أَوْ خِتَانٍ. (ش) مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا مَرَّ أَيْ: أَوْ دَاوَى بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ كَأَنْ دَاوَى صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا بِإِذْنِهِمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُوجِبَ فِعْلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ فَصَدَ عَبْدًا، أَوْ حَجَمَهُ، أَوْ خَتَنَهُ مُعْتَمِدًا عَلَى إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا . (ص) وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، وَكَسُقُوطِ جِدَارِ مَالٍ، وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ، وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ، أَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ، فَقَلَعَ أَسْنَانَهُ، أَوْ نَظَرَ لَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ، وَإِلَّا فَلَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَجَّجَ نَارًا أَيْ: أَشْعَلهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ أَيْ: شَدِيدِ الرِّيحِ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَكَان بَعِيدٍ لَا يَظُنُّ أَنْ تُوصَلَ إلَى الشَّيْءِ الَّذِي حُرِقَ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ النَّارِ الْمَاءُ، وَبِعِبَارَةِ عَاصِفٍ صِفَةٌ لِمُقَدِّرٍ أَيْ: رِيحٍ عَاصِفٍ؛ لِأَنَّ عَصْفَ الرِّيحِ تَصْوِيتُهَا وَهُبُوبُهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَتَّصِفُ بِهِ الرِّيحُ لَا الْيَوْمُ، وَالرِّيحُ يُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ يُقَالُ: رِيحٌ عَاصِفٌ وَعَاصِفَةٌ، وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ مَنْ سَقَطَ جِدَارُهُ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَمِيلَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُسْتَقِيمًا فَلَوْ بَنَاهُ مَائِلًا لَضَمِنَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. الثَّانِي: أَنْ يُنْذَرَ صَاحِبُهُ أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَصْلِحْ جِدَارَك، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَهُ النَّظَرُ لَا إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ كَانَ مَخُوفًا مَا لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: صَاحِبُهُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَعِيرُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ، فَلَا يُفِيدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِمْ إذْ لَيْسَ لَهُمْ الْهَدْمُ. الثَّالِثُ: أَنْ يُمْكِنَ تَدَارُكُهُ أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ زَمَانٌ مُتَّسِعٌ يُمْكِنُ الْإِصْلَاحُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ، وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ مَنْ قَلَعَ أَسْنَانَ شَخْصٍ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ مِنْ فَمِ الْعَاضِّ لَهُ فَقَلَعَهَا، أَوْ بَعْضَهَا، وَلَا يُعْذَرُ الْمَعْضُوضُ بِسَلِّ يَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ نَزْعُ يَدِهِ إلَّا كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَبِعِبَارَةٍ فَسَلَّ يَدَهُ قَاصِدًا قَلْعَ الْأَسْنَانَ، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ تَخْلِيصَ يَدِهِ، أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ مَنْ رَمَى عَيْنَ شَخْصٍ نَظَرَ لَهُ مِنْ كُوَّةٍ، أَوْ بَابٍ بِحَجَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَفَقَأَهَا، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ حَيْثُ قَصَدَهَا، أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ فَقْءَ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ زَجْرَهُ، فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْعَيْنِ اُنْظُرْ ح. فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ: فَلَا قَوَدَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَتت نَظَرٌ . (ص) كَسُقُوطِ مِيزَابٍ، أَوْ بَغْتِ رِيحٍ لِنَارٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ مِيزَابًا لِمَطَرٍ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا قَصَّرَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَجْهَلْ وَلَكِنَّهُ قَصَّرَ فِي الْعِلَاجِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ) أَيْ أَوْ نَقَصَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ فِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ دَاوَى صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا بِإِذْنِهِمَا) فَأَتْلَفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ أَصَابَ وَجْهَ الْعِلْمِ وَالصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ فَصَدَ عَبْدًا أَوْ حَجَمَهُ إلَخْ) أَيْ إذَا حَصَلَ تَلَفٌ فَيَضْمَنُ وَلَوْ أَصَابَ وَجْهَ الْعِلْمِ وَالصَّنْعَةِ وَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ ضَعِيفٌ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْخِتَانِ وَأَمَّا الْحِجَامَةُ وَالْفَصْدُ فَالْعُرْفُ جَارٍ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ فِيهِمَا لِإِذْنِ السَّيِّدِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَسِّ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) أَرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَيْ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَكَان بَعِيدٍ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ الْأَعْشَابُ مُتَّصِلَةً فَيَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ مَنْ سَقَطَ جِدَارُهُ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمَالَ وَالدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَقِيلَ إنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الثُّلُثَ فَمَا فَوْقَهُ. (قَوْلُهُ: لَضَمِنَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُنْذَرْ وَيَنْبَغِي حَيْثُ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ كَذَا لِلْهَارُونِيِّ وَأَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ مُتَعَمِّدًا لِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَيَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ التَّدَارُكُ وَكَذَا إذَا طَرَأَ لَهُ الْمَيَلَانُ وَكَانَ ظَاهِرًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْذَارُ وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُحْتَرَزَ مَا إذَا سَقَطَ فَجْأَةً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ مَيَلَانٍ فَلَا ضَمَانَ فَهَذَا مُحْتَرَزُ مَالٍ عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ رَادًّا بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُنْذَرَ صَاحِبُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، وَوَكِيلُ الْغَائِبِ كَالْوَلِيِّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ كَالْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِنْذَارِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ لَهُ النَّظَرُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ يُنْذَرَ صَاحِبُهُ أَيْ يُنْذَرَ صَاحِبُهُ عِنْدَ مَنْ لَهُ النَّظَرُ الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُنْذِرْهُ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ كَانَ مَخُوفًا مَا لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُمْكِنَ تَدَارُكُهُ) أَيْ بِهَدْمٍ أَوْ تَرْمِيمٍ فَتَرَاخَى حَتَّى سَقَطَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ تَخْلِيصَ يَدِهِ) أَيْ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ فَتَخَاصَمَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ، لَا دِيَةَ لَهُ» (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا قَصَدَ قَلْعَ الْأَسْنَانِ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الزَّرْقَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ عَضَّهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعَ الْمَعْطُوفِ وَالتَّقْدِيرُ وَكَقَلْعِ أَسْنَانِ رَجُلٍ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَصَدَ زَجْرَهُ) فَإِذَا ادَّعَى الْمَرْمِيُّ أَنَّهُ قَصَدَ عَيْنَهُ وَادَّعَى الرَّامِي عَدَمَ قَصْدِهَا وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُ الرَّامِيَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِدَعْوَاهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا قَالَا وَأَلَّا يَقْصِدَ عَيْنَهُ بَلْ قَصَدَ زَجْرَهُ بِحَصَاةٍ وَنَحْوِهَا فَصَادَفَ عَيْنَهُ فَلَا ضَمَانَ أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ: أَوْ بَغْتِ رِيحٍ) أَيْ فَجْئِهَا لِنَارٍ بَعْدَ أَنْ أَوْقَدَهَا وَلَمْ يَكُنْ رِيحٌ ثُمَّ حَدَثَتْ فَجْأَةً فَحَمَلَتْهَا فَأَحْرَقَتْ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَمَّدٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ هَدَرٌ، وَمِثْلُهُ الظُّلَّةُ وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ السَّرَبِ لِلْمَاءِ فِي دَارِهِ، أَوْ أَرْضِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ بِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ، وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَجَّجَ نَارًا فِي وَقْتٍ لَا رِيحَ فِيهِ، ثُمَّ إنَّ الرِّيحَ عَصَفَتْ عَلَيْهَا فَنَقَلَتْهَا إلَى مَتَاعِ شَخْصٍ فَأَتْلَفَتْهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (كَحَرْقِهَا قَائِمًا لِطَفْئِهَا) إلَى أَنَّ مَنْ خَافَ مِنْ النَّارِ عَلَى زَرْعِهِ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى دَارِهِ فَقَامَ لِيُطْفِئَهَا، فَاحْتَرَقَ فِيهَا، فَإِنَّ دَمَهُ يَكُونُ هَدَرًا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلُهَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ كَمَا إذَا هَيَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ حَلِّ الْبِسَاطِيِّ . (ص) وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ بَعْدَ الْإِنْذَارِ لِلْفَاهِمِ، وَإِنْ عَنْ مَالٍ، وَقَصَدَ قَتْلَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ لَا جُرْحَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ بِلَا مَضَرَّةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّائِلَ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا، أَوْ لَا إذَا صَالَ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ حَرِيمٍ، فَإِنَّهُ يُشْرَعُ دَفْعُهُ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِنْذَارِ إنْ كَانَ يَفْهَمُ بِأَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: نَاشَدْتُك اللَّهَ إلَّا مَا خَلَّيْتَ سَبِيلِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَفْهَمُ كَالْبَهِيمَةِ، فَإِنَّهُ يُعَاجِلُهُ بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ، وَيَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ فَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ قَتَلَهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ لَا يَحْضُرُهُ النَّاسُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْذَارَ مُسْتَحَبٌّ كَمَا مَرَّ فِي مُنَاشَدَةِ الْمُحَارِبِ، وَيَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ قَتْلُ الصَّائِلِ ابْتِدَاءً إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا بِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَقْدِرُ عَلَى الْهُرُوبِ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ تَحْصُلُ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَتْلُهُ بَلْ وَلَا جُرْحُهُ . (ص) وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ لَيْلًا فَعَلَى رَبِّهَا وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لَا نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ وَسَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي يُمْكِنُ حِرَاسَتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالْعَدَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَمْ لَا إذَا أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ الزَّرْعِ، أَوْ مِنْ الْحَوَائِطِ، أَوْ الْكُرُومِ فِي لَيْلٍ فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى رَبِّهِ، لَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا ذَكَرَ عَلَى الْبَتِّ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَيَضْمَنُهَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُتْلَفِ عَلَى قِيمَةِ الْبَهَائِمِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَهُ أَشْهَبُ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ الْآنَ عَلَى جَوَازِ شِرَائِهِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ سَالِمًا، وَعَلَى تَقْدِيرِ جَائِحَتِهِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا فَلَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى عَادَ الزَّرْعُ لِهَيْئَتِهِ سَقَطَتْ قِيمَتُهُ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْسِدُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الظُّلَّةُ) أَيْ السَّقِيفَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّوْشَنُ وَالسَّابَاطُ. (قَوْلُهُ: وَحَفْرُ الْبِئْرِ) أَيْ أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَسَقَطَتْ عَلَى الْعَمَلَةِ الْحَافِرِينَ فَمَاتُوا فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ وَالسَّرَبِ لِلْمَاءِ) أَيْ كَالْقَنَاةِ تَجْرِي فِي أَرْضِهِ فَمَاتَ فِيهَا بِسُقُوطِهِ فَهَدَرٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْقَلَ فِيهَا إنْذَارٌ. (قَوْلُهُ: كَحَرْقِهَا قَائِمًا) أَيْ شَخْصًا قَائِمًا لِطَفْئِهَا خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دَارِهِ . (قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِكَوْنِ دَفْعِهِ وَاجِبًا وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا خَافَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى بِجُرْحِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ وَجَبَ الدَّفْعُ وَإِلَّا جَازَ وَانْظُرْ إذَا خَافَ هَلَاكَ مَالٍ لَهُ بَالٌ أَوْ أَخَذَهُ هَلْ يَجِبُ الدَّفْعُ أَوْ لَا هَكَذَا نَظَرُوا وَأَقُولُ إنْ خَافَ بِتَلَفِهِ هَلَاكَ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ شِدَّةَ أَذًى وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ رَأَيْتُ النَّصَّ فِي الْفَرْقِ السَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَتَيْنِ وَالسَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَانِ قَالَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْإِنْذَارِ أَيْ التَّخْوِيفِ لِلْفَاهِمِ مِنْ إنْسَانٍ مُكَلَّفٍ يُوعِظُهُ وَيَزْجُرُهُ لَعَلَّهُ يَنْكَفُّ فَأَمَّا غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَفِي حُكْمِهِمَا الْبَهِيمَةُ فَإِنَّ إنْذَارَهُمْ غَيْرُ مُفِيدٍ وَهَذَا مَا لَمْ يُعَاجِلْ بِالْقِتَالِ وَإِلَّا فَلَا إنْذَارَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ عَنْ مَالٍ بَالِغٍ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مُقَاتَلَةَ الْمَعْصُومِ لِعِظَمِهَا لَا تُبَاحُ إلَّا لِلدَّفْعِ عَنْ النَّفْسِ أَوْ الْحَرَمِ فَدَفَعَهُ لِحَدِيثِ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» وَقَوْلُهُ وَقَتْلِهِ أَيْ وَجَازَ قَصْدُ قَتْلِهِ أَيْ أَوَّلًا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ هُنَا وَاجِبًا لِأَنَّ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى إحْيَاءِ نَفْسٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَا يَحْضُرُهُ النَّاسُ) وَأَمَّا إذَا كَانَ يَحْضُرُهُ النَّاسُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَقْدِرُ عَلَى الْهُرُوبِ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ الْمُحَارِبِينَ وَأَمَّا الْمُحَارِبُونَ فَقِتَالُهُمْ جِهَادٌ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ قِتَالَ الْكُفَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى قِتَالِ الْمُحَارِبِينَ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ جَرْحُ الْمُحَارِبِ مِمَّنْ قَدَرَ عَلَى الْهُرُوبِ مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ قَصْدُ قَتْلِهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ . (قَوْلُهُ: وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ لَيْلًا فَعَلَى رَبِّهَا) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رَاعٍ فِي اللَّيْلِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا رَاعٍ فِي اللَّيْلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا أَتَى بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى إنَّمَا عَلَيْهِمْ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى رَبِّهَا) أَيْ ضَمَانُهُ إذَا نَقَصَ عَنْ قِيمَتِهَا أَوْ سَاوَاهَا بَلْ وَإِنْ زَادَ عِوَضُ مَا أَتْلَفَتْهُ عَلَى قِيمَتِهَا وَالْعِوَضُ شَامِلٌ لَقِيمَة الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَحَلُّ الضَّمَانِ إذَا تَرَكُوهَا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ أَمَّا إذَا رَبَطُوهَا وَحَفِظُوهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ إذَا رُبِطَتْ الرَّبْطَ الَّذِي يَمْنَعُهَا عَادَةً أَوْ قُفِلَ عَلَيْهَا الْقَفْلَ الَّذِي يَمْنَعُهَا عَادَةً فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا كَانَتْ عَادِيَةً أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تُرْبَطْ الرَّبْطَ الْمَذْكُورَ وَلَا قُفِلَ عَلَيْهَا الْقَفْلَ الْمَذْكُورَ فَإِنْ كَانَتْ عَادِيَةً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَادِيَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا دُونَ مَا أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا وَقَوْلُهُ فَعَلَى رَبِّهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَهَلْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الْمَوَاشِي قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَصُونًا بِحَائِطٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ الْآنَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ يُقَوَّمُ تَقْوِيمًا وَاحِدًا مَنْظُورًا فِيهِ لِحَالَتَيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 وَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَنْ يُسْلِمَ الْمَاشِيَةَ فِي قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ مُكَلَّفٌ فَهُوَ الْجَانِي، وَالْمَاشِيَةَ لَيْسَتْ مُخَاطَبَةً فَلَيْسَتْ هِيَ الْجَانِيَةُ، وَأَمَّا مَا أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِهَا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ: إذَا لَمْ يَكُنْ رَاعٍ. الثَّانِي: أَنْ تَسْرَحَ بَعْدَ الْمَزَارِعِ بِأَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ الزَّرْعِ إلَى مَوْضِعٍ يَغْلِبُ عَنْ الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ لَهُ، فَلَوْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ، أَوْ قُرْبَهَا فَلَوْ سَرَحَتْ قُرْبَ الْمَزَارِعِ، وَلَيْسَ مَعَهَا رَاعٍ فَإِنَّ ضَمَانَ مَا أَتْلَفَتْهُ عَلَى رَبِّهَا. فَقَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَعَلَى الرَّاعِي) أَيْ: فَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ، أَوْ قُرْبَهَا عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ نَاجِي؛ وَمُقْتَضَى مَا لِغَيْرِهِ إنَّ فِعْلَهَا حَيْثُ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ هَدَرٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي، فَلَوْ قَالَ: وَإِلَّا فَعَلَى الرَّاعِي، أَوْ عَلَى رَبِّهَا لَأَفَادَ حُكْمَ الْمَفْهُومَيْنِ، وَأَوْ فِي كَلَامِهِ حِينَئِذٍ لِلتَّنْوِيعِ، وَوَاوُ وَسَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ وَاوُ الْحَالِ أَيْ: لَا ضَمَانَ بِقَيْدَيْنِ، وَبُعْدُ بِضَمِّ الْبَاءِ أَيْ: بَعْدَ بُعْدِهَا مِنْ الْمَزَارِعِ بُعْدًا بَعِيدًا، وَفَتْحِهَا أَيْ: وَأُطْلِقَتْ بَعْدَ تَفْوِيتِهَا الْمَزَارِعَ أَيْ: مُجَاوَزَتِهَا الْمَزَارِعَ مُجَاوَزَةً بَيِّنَةً، وَقَوْلُنَا: الَّذِي يُمْكِنُ حِرَاسَتُهُ احْتِرَازًا مِمَّا لَا يُمْكِنُ حِرَاسَتُهُ كَالْحَمَامِ، وَالنَّحْلِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَا يُمْنَعُ أَرْبَابُهُ مِنْ اتِّخَاذِهِ وَعَلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ حِفْظُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَيْضًا، وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالْعَدَاءِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ شَأْنُهُ الْعَدَاءَ عَلَى الزَّرْعِ، فَإِنَّ ضَمَانَ مَا أَفْسَدَهُ عَلَى رَبِّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذَا تَقَدَّمَ لِرَبِّهِ إنْذَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ إنْذَارٌ، فَقِيلَ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَمَا إذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ إنْذَارٌ، وَيُؤْمَرُ صَاحِبُهُ بِإِمْسَاكِهِ، أَوْ بَيْعِهِ بِأَرْضٍ لَا زَرْعَ فِيهِ، وَقَوْلُنَا: مِنْ الزَّرْعِ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا وَطِئَتْ عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ فَقَتَلَتْهُ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (بَابٌ) بَيَّنَ فِيهِ الْعِتْقَ وَأَحْكَامَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُقَالُ عَتَقَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَدَخَلَ وَلَا يُقَالُ عَتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بَلْ أَعْتَقَهُ وَلَا يُقَالُ عَتَقَ الْغُلَامُ بِالضَّمِّ بَلْ أُعْتِقَ وَالْعِتْقُ لُغَةً الْخُلُوصُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْعِتْقُ الْكَرَمُ يُقَالُ مَا أَبَيْنَ الْعِتْقَ فِي وَجْهِ فُلَانٍ يَعْنِي الْكَرَمَ وَالْعِتْقُ الْجَمَالُ وَالْعِتْقُ الْحُرِّيَّةُ وَكَذَلِكَ الْعَتَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْعَتَاقَةُ تَقُولُ مِنْهُ عَتَقَ الْعَبْدُ يَعْتِقُ عِتْقًا وَعَتَاقَةً وَعَتَاقًا وَفِي الشَّرْعِ خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَبِهِ سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ جَبَّارٌ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ الْجَبَابِرَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبَّارٌ قَطُّ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنْ الْغَرَقِ وَمِنْ الطُّوفَانِ وَالْعِتْقُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْمِنَ الْعَبْدُ عَلَى مَا أَتْلَفَ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ إنْ انْتَفَعَ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي رَقَبَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِذَا لَمْ يُسْتَأْمَنْ فَفِي رَقَبَتِهِ مُطْلَقًا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهَا) لَا فَرْقَ فِي الرَّاعِي بَيْنَ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا كَذَا فِي شَرْحِ عب وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ: وَقَوْلُهُ فَعَلَى الرَّاعِي إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَفَرَّطَ بِأَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا وَأَمَّا لَوْ نَامَ مُسْتَنِدًا فَلَيْسَ بِمُفَرِّطٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي التَّفْرِيطِ وَعَدَمِهِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّفْرِيطِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَهَدَرٌ انْتَهَى ثُمَّ أَقُولُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنَّ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ كَلَامُ عب أَوْلَى مِنْ التَّعْمِيمِ لِأَنَّ إفْسَادَهَا مَعَ الرَّاعِي كَإِفْسَادِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا لِغَيْرِهِ) أَيْ كَالْأَقْفَهْسِيِّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ ضَمَانَ الرَّاعِي إنَّمَا يَكُونُ مَعَ التَّفْرِيطِ وَحَيْثُ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ أَيْ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ لِلْمَزَارِعِ فَلَا يُعَدُّ الرَّاعِي مُفَرِّطًا فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِمَادُ كَلَامِ غَيْرِ ابْنِ نَاجِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يَمْنَعُ أَرْبَابَهُ مِنْ اتِّخَاذِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُقَابِلَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَابِلِ. (قَوْلُهُ: فَقَتَلَتْهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ) أَيْ إنْ أَتْلَفَهُ لَيْلًا قَالَهُ مَالِكٌ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِهَا وَكَذَا مَا كَدَمَتْهُ بِفَمِهَا أَوْ رَمَتْهُ بِرِجْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَعَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ [بَاب الْعِتْقَ وَأَحْكَامَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابُ الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ بَيَّنَ فِيهِ الْعِتْقَ) أَيْ أَحْكَامَهُ فَقَوْلُهُ وَأَحْكَامَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ الْعِتْقُ الْكَرَمُ) أَيْ أَنَّ الْعِتْقَ لُغَةً الْكَرَمُ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ الْجَمَالُ وَالْعِتْقُ الْحُرِّيَّةُ) أَيْ فَلِلْعِتْقِ مَعَانٍ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَتَاقُ بِالْفَتْحِ) أَيْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْضًا أَيْ بِالْمَعَانِي الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ لَفْظُ الْعِتْقِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ عِتْقًا مَعَ أَنَّ الِاسْمَ إنَّمَا هُوَ عَتِيقٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى وَبِمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ أَيْ وَبِمَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِ الْعِتْقِ وَهُوَ عَتِيقٌ ثُمَّ فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ مَنْظُورٌ فِيهَا لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مَعَ إنَّهَا رُبَّمَا نُظِرَ فِيهَا لِمَعْنًى لُغَوِيٍّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ أَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْعِتْقَ لُغَةً الْخُلُوصُ وَمِنْهُ عَتَاقُ الْخَيْلِ وَالطَّيْرِ أَيْ خُلُوصُهَا وَسُمِّيَ بِهِ الْبَيْتُ الْحَرَامُ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَيَأْتِي الْعِتْقُ أَيْضًا بِمَعْنَى النَّجَابَةِ وَالشَّرَفِ (قَوْلُهُ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ) أَيْ فَالْجَامِعُ مُطْلَقُ الْخُلُوصِ (قَوْلُهُ أَعْتَقَهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ) أَيْ خَلَّصَهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنْ الْغَرَقِ) أَيْ سُمِّيَ الْبَيْتُ عَتِيقًا لِأَنَّهُ أُعْتِقَ أَيْ خُلِّصَ مِنْ الْغَرَقِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الطُّوفَانِ) أَيْ وَمِنْ الْغَرَقِ الَّذِي يَحْصُلُ بِالطُّوفَانِ فَهُوَ عَيْنُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنْ غَرَقِ الطُّوفَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ) الْمُنَاسِبُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 الْقُرَبِ وَلِذَا شُرِعَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ عِتْقِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ السَّائِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْقُرْآنِ وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْعِتْقُ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِسَبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ، خَرَجَ بِآدَمِيٍّ حَيَوَانٌ غَيْرُ آدَمِيٍّ وَبِقَوْلِهِ حَيٍّ رَفْعُهُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مِلْكٍ رَفْعَ غَيْرِهِ كَرَفْعِ الْحُكْمِ بِالنَّسْخِ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ حَقِيقِيٍّ لِيُخْرِجَ بِهِ اسْتِحْقَاقَ الْعَبْدِ بِحُرِّيَّةٍ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ بِحُرِّيَّةٍ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا حَقِيقَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَقَوْلُهُ لَا بِسَبَاءٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِغَيْرِ سَبَاءٍ لَا بِسَبَاءٍ لِيَخْرُجَ بِهِ فِدَاءُ الْمُسْلِمِ مِنْ حَرْبِيٍّ سَبَاهُ وَكَذَلِكَ مِمَّنْ صَارَ لَهُ مِنْ حَرْبِيٍّ وَقَوْلُهُ عَنْ آدَمِيٍّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَفْعُ وَقَوْلُهُ حَيٍّ يَخْرُجُ بِهِ مَنْ ارْتَفَعَ الْمِلْكُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالرَّقِيقُ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمُعْتِقُ بِكَسْرِهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَصِحُّ أَيْ صِحَّةً تَامَّةً بِمَعْنَى اللُّزُومِ إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ السَّكْرَانُ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ وَأَمَّا هِبَتُهُ فَلَا تَصِحُّ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ وَلَا يُقَالُ هُوَ صَحِيحٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ كَبَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْهِبَةِ وَلَا يَرِدُ عَلَى تَفْسِيرِنَا الصِّحَّةَ بِاللُّزُومِ الْكَافِرُ فَإِنَّ عِتْقَهُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ أَوْ الْمُسْلِمِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ لِنُذُورِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومَ قَوْلُهُ وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ فَإِنَّ الْمَدِينَ عِتْقُهُ غَيْرُ لَازِمٍ (ص) بِلَا حَجْرٍ وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَطُولَ أَوْ يُفِيدَ مَالًا وَلَوْ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ فِيهِ أَيْ لَا يَلْزَمُ فَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَصِحُّ عِتْقُهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ وَمَفْهُومُ بِلَا حَجْرٍ أَعَمُّ مِنْ مَفْهُومِ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ عِتْقُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُغْنِي قَوْلُهُ   [حاشية العدوي] وَالْإِعْتَاقُ لِأَنَّ النَّدْبَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِفْعَالِ الَّذِي هُوَ الْإِعْتَاقُ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَيْ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْحُرْمَةُ كَعِتْقِ السَّائِبَةِ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَمَا إذَا نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِهِ سَعِيدٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْعِ عِتْقِ غَيْرِ) أَرَادَ بِالْعِتْقِ الْإِعْتَاقَ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ السَّائِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْقُرْآنِ) كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ إذَا قَدَمْت مِنْ سَفَرِي فَنَاقَتِي سَائِبَةٌ وَيَصِيرُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَرَامًا عِنْدَهُمْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا السَّائِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى حَذْفِ الْكَافِ أَيْ كَالسَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ بِالْقُرْآنِ أَيْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {مَا جَعَلَ اللَّهُ} [المائدة: 103] إلَخْ فَهَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِالتَّحْرِيمِ لَكِنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِلتَّحْرِيمِ حَيْثُ تَقُولُ {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [المائدة: 103] لِأَنَّ الْكَذِبَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ رَفْعُ مِلْكٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ رَفْعُ السَّيِّدِ الْمِلْكَ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ الْإِعْتَاقِ لَا تَفْسِيرُ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ خُلُوصُ الرَّقَبَةِ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ حَيَوَانُ غَيْرِ آدَمِيٍّ) لَا يَخْفَى أَنَّ رَفْعَهُ عَنْ حَيَوَانِ آدَمِيٍّ يَرْجِعُ لِلسَّائِبَةِ (قَوْلُهُ حَيٍّ رَفَعَهُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ رَفْعِ الْمِلْكِ عَنْ الْآدَمِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هُوَ حُرٌّ لَكِنْ جَعَلَ هَذَا مِلْكًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا حَقِيقَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ رَفْعِ الْمِلْكِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ كَاسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ بِحُرِّيَّةٍ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ إلَخْ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى (قَوْلُهُ لِيُخْرِجَ فِدَاءَ الْمُسْلِمِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَهُ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ بِالسَّبْيِ فَإِذَا فَدَى مِنْهُ فَقَدْ رَفَعَ الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ الْحَاصِلَ بِالسَّبْيِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَمْلِكُ الْمُسْلِمَ بَلْ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ مِمَّنْ صَارَ لَهُ إلَخْ) صُورَتُهُ الْحَرْبِيُّ سَبَى مُسْلِمًا ثُمَّ إنَّ الْحَرْبِيَّ دَفَعَهُ لِزَيْدٍ مَثَلًا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَ زَيْدٌ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْمُسْلِمَ فَدَى مِنْ زَيْدٍ فَرَفَعَ الْمِلْكَ عَنْ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ لَا يُقَالُ لَهُ عِتْقٌ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ بِهِ مَنْ ارْتَفَعَ الْمِلْكُ عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ رَفْعُ مِلْكٍ مَعْنَاهُ رَفْعُ السَّيِّدِ الْمِلْكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ لَا يُقَالُ لَهُ رَفَعَ السَّيِّدُ الْمِلْكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَخْرُجَ قَوْلُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ رَفَعَ الْمِلْكَ الْمُسْتَصْحَبَ (تَنْبِيهٌ) : فِي عِتْقِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ وَتَرَدَّدَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَنَّهُ هَلْ ثَوَابُهُ كَثَوَابِ الصَّحِيحِ وَإِذَا صَحَّ لَا يَعُودُ رَقِيقًا وَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ فِي مُوَارَثَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ وَشَهَادَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ ثَوَابَهُ لَيْسَ كَثَوَابِ الصَّحِيحِ [أَرْكَانُ الْعِتْقُ] (قَوْلُهُ أَيْ صِحَّةً تَامَّةً بِمَعْنَى اللُّزُومِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ الْقُيُودُ فَشَيْءٌ لَا يَصِحُّ كَعِتْقِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَشَيْءٌ يَصِحُّ غَيْرُ لَازِمٍ كَعِتْقِ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ السَّكْرَانُ) أَيْ بِحَرَامٍ لَا بِحَلَالٍ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ إعْتَاقُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ عِتْقَهُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ أَوْ الْمُسْلِمِ لَا يَلْزَمُهُ) الْمُنَاسِبُ إعْتَاقُهُ ثُمَّ إنَّ عج لَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ وَفَصَّلَ تَفْصِيلًا تَبِعَهُ عب وَهُوَ أَنَّ عِتْقَ الْكَافِرِ لِمُسْلِمٍ لَازِمٌ بَانَ عَنْهُ أَمْ لَا وَعِتْقُ الْكَافِرِ لِلْكَافِرِ لَازِمٌ إنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَانَ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إسْلَامٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا إبَانَةٌ فَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَعْضِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ رَدُّهُ أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى رَدُّ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ أَوْ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ (قَوْلُهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ) أَيْ إعْتَاقُهُ أَيْ يَلْزَمُ عِتْقُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَفْهُومِ مُكَلَّفٍ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) فِيهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ عَنْ قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ وَلَا الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَنْفُذُ وَلِغَرِيمِهِ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ يَرُدَّ بَعْضَهُ إنْ اُسْتُغْرِقَ بَعْضُ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَعِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا فَأَعْتَقَهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَهُ وَهُوَ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ وَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَمَحَلُّ رَدِّ الْغَرِيمِ لِعِتْقِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ أَوْ يَطُولُ زَمَانُ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالطُّولُ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَازَنَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ فَيُرَدَّانِ وَلَوْ طَالَ أَمْرُهُمَا لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَمَا لَمْ يُفِدْ الْمَدِينُ مَالًا قَدْرَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ وَلَوْ كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَمْضِي كَمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمِدْيَانِ وَبَاعَ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ رَدُّ إيقَافٍ وَكَذَا رَدُّ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ فَرَدُّ إبْطَالٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ إبْطَالٌ وَرَدَّ الزَّوْجِ تَبَرُّعَ زَوْجَتِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ قَالَ أَشْهَبُ إبْطَالٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا إبْطَالٌ وَلَا إيقَافٌ لِقَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا يَقْضِي عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ وَرَدُّ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِيقَافٌ وَإِنْ كَانَ لِلسَّفِيهِ فَإِبْطَالٌ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ (ص) رَقِيقًا (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولُ إعْتَاقٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ رَقِيقًا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَجَلٍ قَوْلُهُ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (حَقٌّ لَازِمٌ) لِمُرْتَهِنٍ أَوْ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ لِمَدِينٍ فَعِتْقُ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لَا يَصِحُّ بَلْ وَلَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ   [حاشية العدوي] أَنَّهُ إذَا كَانَ بِلَا حَجْرٍ أَعَمُّ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ أَخْرَجَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ الْخَارِجَيْنِ بِقَوْلِهِ مُكَلَّفٌ وَأَخْرَجَ بِهِ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَلَمْ يَخْرُجَا بِقَوْلِهِ مُكَلَّفٌ فَتَبَيَّنَ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِغْنَاءِ بِلَا حَجْرٍ عَنْ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ كَالزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ أَيْ يَكُونُ الْمَدِينُ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَيْ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفَادَةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إحَاطَةُ دَيْنٍ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ لَا يَلْزَمُ عِتْقُهُمَا مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفَادَةِ فَلِذَلِكَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ يَرُدُّ بَعْضَهُ إنْ اسْتَغْرَقَ بَعْضَهُ) كَيْفَ هَذَا وَالْفَرْضُ أَنَّ الدَّيْنَ أَحَاطَ بِمَالِهِ وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِهِ فِي مَدِينٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَتَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِبَعْضِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضه فَأَعْتَقَ جَمِيعَهُ فَلِغَرِيمِهِ بَعْضُهُ لِأَجْلِ بَيْعِهِ فِي دَيْنِهِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّمَا رُدَّ الْعِتْقُ فِيهِ لِعَدَمِ مَنْ يَشْتَرِي مُبَعَّضًا فَقَدْ وُجِدَ رَدُّ بَعْضِهِ مَعَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ) يَخْفَى أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَدَّ الْبَعْضَ وَلَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ثُمَّ عِنْدَ بَيْعِ الْجَمِيعِ هَلْ يُسْتَحَبُّ جَعْلُ بَاقِيهِ فِي عِتْقٍ أَوْ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ قَوْلَانِ فَالْمُنَاسِبُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا صَوَّرْنَا بِهِ قَبْلَ الْمُشَارِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَبَعْضٌ دَفَعَ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ قَائِلًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ أَيْ بِكُلِّهِ أَوْ بِبَعْضِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدُ وَبِهَذَا شَمِلَ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ أَوْ يَطُولُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ نُسْخَةُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَطُولَ أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ رَدَّ الْعِتْقِ وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ وَإِنْ عَلِمَ بِالْعِتْقِ فَإِنْ طَالَ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَا رَدَّ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) وَأَمَّا بَعْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ فَلَا يُرَدُّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ أَيْ أَوْ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَأَمَّا هُوَ أَوْ هُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ أَفَادَ مَالًا كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ قَالَ أَشْهَبُ إبْطَالٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ عِبَارَتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تُفِيدُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَ إيقَافًا لَقُضِيَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ أَيْ فَلَيْسَ إبْطَالًا وَإِلَّا تَمَلَّكَتْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ) أَيْ وَيَجِبُ الْعِتْقُ فَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي إلَخْ أَيْ يَحْرُمُ تَمَلُّكُهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ أَيْ وَلَا يَجِبُ الْعِتْقُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي إلَخْ أَيْ يُكْرَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِلسَّفِيهِ فَإِبْطَالٌ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ عِتْقَ السَّفِيهِ بَاطِلٌ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الرَّدِّ رَدَّ إبْطَالٍ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِمُرْتَهِنٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مَلِيئًا (قَوْلُهُ أَوْ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِهِ عَمْدًا وَكَذَا خَطَأً حَيْثُ حَلَفَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ رَاضِيًا بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ فَيُرَدُّ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَدِينٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِمُرْتَهِنٍ أَيْ مَدِينٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِ سَيِّدِ الْعَبْدِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا وَمَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مَنْ لَهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ عِتْقٌ قَوِيٌّ مِنْهُمْ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ وَقَوُوا وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يُعَلِّقْ إلَخْ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُقَاطِعُ فَإِنَّهُ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ لَازِمٌ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُمْ يَصِحُّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَعْنَى حَقٌّ لَازِمٌ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ سَيِّدٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 حَقٌّ لَازِمٌ أَيْ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا مَعَهُ فَلَا يَمْنَعُ الْعِتْقَ كَمَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ الْآتِيَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ لَكِنْ تَعَلُّقًا مُصَاحِبًا (ص) بِهِ وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ وَالتَّحْرِيرِ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِإِعْتَاقٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ صِيغَةُ الْعِتْقِ الصَّرِيحَةُ إعْتَاقٌ وَجَاءَ بِالْمَصْدَرِ لِيَصِيرَ سَائِرُ تَصَارِيفِهِ مِنْ الصَّرِيحِ فَإِذَا قَالَ لَهُ أَعْتَقْت رَقَبَتَك أَوْ فَكَكْتهَا أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ أَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّيغَةَ إمَّا صَرِيحَةٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَالْكِنَايَةُ إمَّا ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ فَالصَّرِيحَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِنِيَّةٍ كَوَهَبْت لَك نَفْسَك وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ كَاذْهَبْ (ص) وَإِنْ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ أَوْ خُلْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَالِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ لَفْظًا مِنْ أَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَقَيَّدَ بِهَذَا الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ أَبَدًا فَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَدَمَ إرَادَةِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ كَمَا إذَا عَمِلَا فَأَعْجَبَ سَيِّدَهُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي عَمَلِك كَالْحُرِّ أَوْ عَمِلَ شَيْئًا لَمْ يُعْجِبْ سَيِّدَهُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مَا أَنْتِ إلَّا حُرٌّ أَوْ يَا حُرُّ جَوَابًا لِمُخَالَفَتِهِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي مُخَالَفَتِك لِي وَعِصْيَانِك لِي مِثْلُ الْحَرِّ فَخُلْفٌ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِصْيَانِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ لَا حَلِفٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ كَمَا عِنْدَ تت لِأَنَّ الْحَلِفَ لَيْسَ بِقَرِينَةٍ تُوجِبُ عَدَمَ لُزُومِ الْعِتْقِ بَلْ الْقَرِينَةُ الْإِكْرَاهُ فَلَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ عَقِبَ هَذَا (أَوْ دَفْعِ مَكْسٍ) إذْ هُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ بِيَمِينٍ كَمَا إذَا حَلَّفَهُ الْمَكَّاسُ حِينَ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَوَّلًا كَمَا إذَا قَالَ لَهُ حِينَ طَلَبَ مِنْهُ الْمَكْسَ هُوَ حُرٌّ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ فِي غَيْرِ يَمِينٍ شَمِلَ مَسْأَلَةَ الْيَمِينِ بِالْأَوْلَى لِوُقُوعِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا (ص) وَبِلَا مِلْكٍ أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك إلَّا لِجَوَابٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك فَإِنَّهُ يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِجَوَابِ كَلَامٍ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ كَمَا إذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ كَلَامًا لَا يَلِيقُ فَقَالَ لَهُ لَا مِلْكَ أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك فَقَوْلُهُ إلَّا لِجَوَابٍ أَيْ جَوَابٍ لِلْعَبْدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْك الْمُقْتَضِي لِلْخِطَابِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَبِكَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهَبْتُك نَفْسَك أَوْ أَعْطَيْتُك نَفْسَك فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا قَبِلَ الْعَبْدُ أَمْ لَا وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ وَأَشَارَ إلَى الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَبِكَسَاقِنِي أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ بِالنِّيَّةِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ الثَّانِيَةِ بِقَرِينَةِ إعَادَةِ الْعَامِلِ وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ الْأُولَى غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْعُزُوبُ الْبُعْدُ وَمِثْلُ وَهَبْت لَك نَفْسَك وَهَبْت لَك خَرَاجَك أَوْ خِدْمَتَك أَوْ عَمَلَك فِي حَيَاتِك أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك أَيْضًا بِخَرَاجِك أَوْ خِدْمَتَك حَيَاتَك كَمَا فِي الشَّامِلِ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ هُنَا (ص) وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ عَلَّقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ كَمَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ إلَخْ) صُورَتُهَا قَالَ الْبَائِعُ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ مُصَاحِبٌ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ إعْتَاقٍ فَذَكَرَ الْإِعْتَاقَ أَوَّلًا مُرَادًا بِهِ الْحَقِيقَةَ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ اللَّفْظُ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ صِيغَةُ الْعِتْقِ الصَّرِيحَةُ إعْتَاقٌ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ مَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَقَوْلُهُ وَجَاءَ بِالْمَصْدَرِ أَيْ بِجِنْسِ الْمَصْدَرِ فَيَدْخُلُ فِيهِ إعْتَاقٌ وَفَكٌّ وَتَحْرِيرٌ وَقَوْلُهُ لِيَصِيرَ سَائِرُ تَصَارِيفِهِ مِنْ الصَّرِيحِ أَيْ وَجَاءَ بِالْمَصْدَرِ مُرَادًا مِنْهُ الْمَادَّةَ فَظَهَرَ قَوْلُهُ لِيَصِيرَ سَائِرُ تَصَارِيفِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ) وَلَوْ قَيَّدَهُ بِفَقَطْ أَوْ قَالَ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ فَحُرٌّ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ حِينَ تَقْيِيدِهِ بِفَقَطْ أَوْ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ عَمَلٍ خَاصٍّ أَوْ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ الْخَاصِّ لَا عِتْقًا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ بِيَمِينٍ أَمْ لَا) أَيْ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْمَكْسِ كَافِيَةٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ) لَا يَظْهَرُ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِهِ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ وَفَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِهَذَيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا لِجَوَابٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ إلَّا لِجَوَابِ الْخَلَفِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ لِفَهْمِهِ مِنْهُ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ قَرِينَةُ الْخُلْفِ يُعْمَلُ بِهَا فِي الصَّرِيحِ فَأَوْلَى فِي الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِلَا مِلْكٍ أَوْ سَبِيلٍ لِي عَلَيْك مِنْ الصَّرِيحِ وَكَذَا حَلَّ عب مُخَالِفِينَ لشب فَإِنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَبِلَا مِلْكٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ أَعَادَ الْبَاءَ لِيُغَايِرَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا مِنْ الصَّرِيحِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ شب هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ أَوْ اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّايِ أَيْ اُبْعُدْ (قَوْلُهُ وَمَا فِي تت فِي إلَخْ) أَقُولُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَحْصِيلُ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ بِالنِّيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا صَرِيحٌ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ بِذَاتِهِ وَيَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ وَنَحْوِهَا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ وَمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ فَالْأُولَى كَأَعْتَقْتُكَ وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا قَرِينَةَ لَفْظِيَّةَ قَارَنَتْهُ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَكَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك وَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَالثَّالِثُ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ هُنَا) وَلَا يُحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ وَسَوَاءٌ قَبِلَ الْعَبْدِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ صُورَةٌ وَلُزُومُ الْحُكْمِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ فِي الرُّتْبَةِ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ إنْ قَبَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُعْسِرًا بِالثَّمَنِ يُتَّبَعُ بِهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ قَبِلْت صَوَابُهُ بِعْت وَقَوْلُهُ وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ فِي بَيْعِ الْبَتِّ الصَّحِيحِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ الْآتِي وَالِاشْتِرَاءُ الْفَاسِدُ إلَخْ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ مُضِيِّهِ فَإِنْ رَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِيجَابَ الْحَاصِلَ كَلَا إيجَابٍ قَوْلُهُ وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْت هَذَا الشَّيْءَ فَهُوَ صَدَقَةٌ فَبَاعَهُ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ فِي الْعِتْقِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا كَانَتْ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَهُوَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ وَفِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ فَذَكَرَا أَنَّ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ (ص) وَبِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي إنْ اشْتَرَيْتُك كَأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ فَاسِدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ الْفُلَانِيَّ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا اشْتَرَى بَعْضَهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ فِيمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَبَيْعٌ بَعْضُهُ فَاسِدٌ كَكُلِّهِ وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَاسْتَشْكَلَ الْعِتْقُ بِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَلَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ حَتَّى يَعْتِقَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَفِي الْجَوَابِ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّاذِّ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الْفَاسِدِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَاتَ بِعِتْقِهِ فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَيُتَّبَعُ بِبَاقِي الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِشِرَائِهِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً فَاسِدًا وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (ص) وَالشِّقْصُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَوَلَدُ عَبْدِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ وَالْأُنْثَى فِيمَنْ يَمْلِكُهُ أَوْلَى أَوْ رَقِيقِي أَوْ عَبِيدِي أَوْ مَمَالِيكِي لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ أَوْ قَالَ رَقِيقِي أَحْرَارٌ أَوْ قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ قَالَ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ عَبِيدِهِ الَّذِينَ يَمْلِكُهُمْ حِينَ الْعِتْقِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَكَذَلِكَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُكَاتَبُوهُ وَمُدَبَّرُوهُ وَكُلُّ شِقْصٍ لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَدْخُلُ الْإِنَاثُ فِي الْمَمَالِيكِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ عِتْقُ أَوْلَادِ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ سَوَاءٌ وُلِدُوا قَبْلَ يَمِينِهِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ مِلْكٌ لِسَيِّدِ آبَائِهِمْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى حِنْثٍ أَوْ عَلَى بِرٍّ فَقَوْلُهُ وَالشِّقْصُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ عَتَقَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ أَيْ إنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْيَمِينِ لَكِنْ هَذَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَلَا يَعْتِقُ مَا وُلِدَ أَوْ حَدَثَ مِنْ الْحَمْلِ بَعْدَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَتِمَّ وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ وَقَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ   [حاشية العدوي] مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته مِنْك بِمِائَةٍ فَيَقُولَ الْبَائِعُ بِعْته (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ قَبِلْت إلَخْ) نَصُّ الشَّارِحِ وَأَمَّا الصُّورَةُ الَّتِي وَقَعَ التَّعْلِيقُ فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ فَقَطْ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَالْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا بَاعَهُ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ حَنِثَ فِيهِ وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَحْنُونَ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْبَيْعِ سَابِقٌ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الشِّرَاءِ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ يُرِيدُ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ فِعْلُ الْبَائِعِ وَفِعْلُهُ قَوْلُهُ قَبِلْت اهـ. (قَوْلُهُ وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ فَإِنْ عَلَّقَ الْبَائِعُ فَقَطْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِهِ وَلَوْ فَاسِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا) فَإِذَا قَالَ هَذِهِ صَدَقَةٌ عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا أَيْ حَيْثُ كَانَتْ فِي يَمِينٍ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالثَّمَنِ وَهَذَا عَيْنُ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ إنَّ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ وَاجِبٌ أَيْ بِالثَّمَنِ لَا بِنَفْسِ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْيَدِ (قَوْلُهُ وَبِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ) أَيْ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا كَمَا تُطْلَقُ عَلَى صَحِيحِهَا (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقِيمَةُ) أَيْ يَوْمَ الْقَبْضِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِكَوْنِ ثَمَنِهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى عَيْنِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فَلَيْسَ كَشِرَائِهِ نَفْسَهُ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ إلَخْ) ثُمَّ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَى بِهِ مِمَّا يُمْلَكُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَا شَيْءَ وَيُرَاقُ الْخَمْرُ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَمَتِهِ) وَأَوْلَى أَمَةُ السَّيِّدِ احْتِرَازًا مِنْ الْحُرَّةِ أَوْ أَمَةِ الْغَيْرِ فَلَا عِتْقَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ) خَاصٌّ بِالتَّعْلِيقِ وَلَا يَتَأَتَّى كَوْنُهُ فِي الْإِنْشَاءِ لِأَنَّ لَفْظَهُ يُقَارِنُ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى فَسَّرَ ذَلِكَ شَارِحُنَا بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي (قَوْلُهُ أَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِتَخْصِيصِ الْعَبْدِ بِالذَّكَرِ الْأَسْوَدِ وَالْمَمْلُوكِ بِالذَّكَرِ الْأَبْيَضِ وَإِلَّا اُتُّبِعَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْعَبْدِ يَشْمَلُ الْأُنْثَى شَرْعًا نَحْوُ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وَيَشْمَلُ الْأَبْيَضَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 حُكْمُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ حُكْمَ مَنْ حَدَثَ مِنْ الْأَوْلَادِ بَعْدَ يَمِينِهِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ صِيغَةِ الْحِنْثِ وَصِيغَةِ الْبِرِّ وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْتِقُونَ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ إلَّا بِالِانْتِزَاعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ مَمْلُوكٌ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ (ص) وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يَقْضِ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَلَّقًا كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنَّهُ إذَا حَنِثَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّقٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ عِدَّةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ مِنْ عَمَلِ الْبِرِّ يُؤْمَرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ إلَّا أَنْ يَبِتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ فُلَانٍ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ (ص) وَهُوَ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ وَمُنِعَ مِنْ وَطْءٍ وَبَيْعٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَعِتْقُ عُضْوٍ وَتَمْلِيكُهُ لِلْعَبْدِ وَجَوَابُهُ كَالطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِتْقَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِي الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ أَيْ فَيَلْزَمُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَإِذَا قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ الْبَرَابِرَةِ أَوْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَهُ وَإِذَا قَالَ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ إذَا مَلَكَ شَيْئًا مِنْ الرَّقِيقِ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَّمَ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ وَمِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَبَيْعِهَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَتَقَ الرَّقِيقُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ وَلَا مِنْ بَيْعِ الْأَمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا صِيغَةُ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةُ بِأَجَلٍ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا مَثَلًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَيَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَيُضَادُّهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَلَا يُضَادُّهُ فَقَوْلُهُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ أَيْ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي لَمْ تَنْقَلِبْ بِرًّا حَتَّى يُسَاوِيَ قَوْلَهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ عُضْوًا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ الْأَمَةِ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كَطَلَاقِ عُضْوٍ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِذَا قَالَ يَدُك حُرَّةٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ بِالْحُكْمِ لَكِنْ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عِتْقُ الْبَاقِي إلَى حُكْمٍ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْمَذْهَبُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَالتَّشْبِيهُ بِالطَّلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَوْلُهُ وَعِتْقُ عُضْوٍ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا فَيَشْمَلُ الشَّعْرَ وَالْجَمَالَ وَالْكَلَامَ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا مَلَكَ الْعِتْقَ لِلْعَبْدِ فِي جَوَابِ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ كَتَمْلِيكِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقْت نَفْسِي فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اخْتَرْت نَفْسِي فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إذَا قَالَ نَوَيْت بِهِ الْعِتْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا   [حاشية العدوي] لَكِنْ الْعُرْفُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ يُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ قَبْلَ عَجْزِهِ فَإِنْ عَجَزَ دَخَلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ إلَخْ) وَمِثْلُ أَبَدًا مَا إذَا أَتَى بِقَوْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ تَرَكَ لَفْظَ أَبَدًا وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ حَالَ الْيَمِينِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ عَلَّقَهُ أَمْ لَا [الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ] (قَوْلُهُ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ) أَيْ بَتِّ عِتْقِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّذْرِ وَيَصِحُّ اتِّصَالُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَقْضِ إلَخْ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى وَلَمْ يَقْضِ فِي النَّذْرِ إلَّا إلَخْ حَتَّى يَلْزَمَ الِانْقِطَاعُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ بَتٍّ مُضَافٌ لِمُعَيَّنٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَأَيْضًا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ عِدَّةً) أَيْ كَالْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ هُنَا وَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ يَبِتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ الْمُعَيَّنِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ سَعِيدٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهِدْت أَيْ أَوْ يُنْكِرَ وَتَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ إلَخْ أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَتِّ مَا يَشْمَلُ التَّعْلِيقَ كَإِنْ دَخَلَ نَاصِحٌ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ (تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ قَوْلَهُ بَتٍّ مُعَيَّنٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَتٌّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا مَلَكَ شَيْئًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ تَجَدَّدَ لَا فِيمَنْ كَانَ مَمْلُوكًا بِالْفِعْلِ مُعَلَّقًا أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُعَلَّقًا لَهُ عَلَى شَيْءٍ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا أَوْ غَيْرِ مُعَلَّقٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُهُ حَالَ حَلِفِهِ فَقَطْ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ وَهُوَ يُخَالِفُ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلَّقَهُ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا إذَا قَيَّدَ بِأَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَسْتَوِي الْبَابَانِ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَفْعَلْ عَتَقَ الرَّقِيقُ مِنْ ثُلُثِهِ) حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ مَاتَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ صِيغَةُ حِنْثٍ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ حَتَّى يُسَاوِيَ قَوْلَهُ) أَيْ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ إذَا أَجَّلَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا أَيْ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ وَإِذَا كَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مَعَ التَّأْجِيلِ فَأَوْلَى لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مِنْ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ الْمُجْرِي لِلْعِتْقِ لِعَدَمِ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا مَلَكَ الْعِتْقَ لِلْعَبْدِ) أَيْ أَوْ الْأَمَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 مَلَّكَهَا أَمْرَ نَفْسِهَا فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِقَوْلِهِ اخْتَرْت نَفْسِي وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا يُمَلِّكُهَا فِي أَنْ تُقِيمَ أَوْ تُفَارِقَ وَالْفِرَاقُ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَلَاقٍ فَإِذَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي عَلِمْنَا أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ فَقَوْلُهُ وَجَوَابُهُ إمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ أَوْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ جَوَابُهُ الصَّرِيحُ وَلَا يُقَالُ هَذَا لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْءُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ مِنْهُ وَالْجَوَابُ الْكَامِلُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ هُوَ الْجَوَابُ الصَّرِيحُ وَيَأْتِي هُنَا مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا إلَخْ وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا إلَخْ وَحَذَفَ قَوْلَهُ كَالطَّلَاقِ مِنْ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ لِدَلَالَةِ هَذَا الْأَخِيرِ عَلَيْهِ (ص) إلَّا لِأَجَلٍ وَإِحْدَاكُمَا فَلَهُ الِاخْتِيَارُ وَإِنْ حَمَلَتْ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً (ش) أَيْ فَلَا يَسْتَوِي بَابُ الْعِتْقِ وَبَابُ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْهَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ إلَى أَجَلٍ يُشْبِهُ بُلُوغَهَا عَادَةً فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَى عَدَمِ التَّنْجِيزِ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَيُمْنَعُ السَّيِّدُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَهُ الْخِدْمَةُ إلَيْهِ فَقَطْ وَمِنْهَا إذَا قَالَ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حَرَّةٌ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا لِلْفُرْقَةِ وَيُمْسِكُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ عَلَيْهِ الْآنَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ نَسِيَهَا وَخَيَّرَهُ الْمَدِينُونَ كَالْعِتْقِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَبَعَّضُ وَيُجْمَعُ فِي أَحَدِهِمْ بِالسَّهْمِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَمِنْهَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً حَتَّى تَحْمِلَ فَإِذَا حَمَلَتْ عَتَقَتْ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ سَابِقًا عَلَى الشَّرْطِ أَوْ لَاحِقًا وَإِذَا حَمَلَتْ تَخْرُجُ حُرَّةً وَتَأْخُذُ الْغَلَّةَ مِنْ يَوْمِ حَمْلِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ حَمَلَتْ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُهُ لِإِتْيَانِهِ بِجَوَابِ إنْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا لَيْسَ جَوَابًا لِإِنْ بَلْ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا خَالَفَ الْعِتْقُ الطَّلَاقَ فِي هَذَا فَلَهُ وَطْؤُهَا (ص) وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَوَّضَ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْعِتْقِ فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْفُذُ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَإِذَا جَعَلَهُ لِاثْنَيْنِ لَا يَقَعُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ أَيْ فَوَّضَ أَمْرَهُ لِاثْنَيْنِ لَا أَنَّهُ قَيَّدَ عِتْقَ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ كَمَا فَهِمَ الْبِسَاطِيُّ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لِاثْنَيْنِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ أَحَدَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالرَّسُولَيْنِ مَنْ أَمَرَهُمَا بِتَبْلِيغِ الْعَبْدِ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى التَّبْلِيغِ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِمَا مَنْ أَرْسَلَهُمَا لِعَبْدِهِ عَلَى أَنْ يُعْتِقَاهُ إذَا وَصَلَا إلَيْهِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِهِ إذَا شَرَطَ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ؛ لِأَنَّهُمَا وُكِّلَا عَلَى عِتْقِهِ غَيْرَ مُتَرَتِّبِينَ وَقَوْلُ بِالنُّقَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِعِتْقِهِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ تَوَقُّفَ فِعْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى فِعْلِ الْآخَرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ يَصْدُقُ بِمَا إذَا سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا بِالْعِتْقِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْفِرَاقُ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَلَاقٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْفِرَاقِ فِي الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعِتْقَ وَيَحْتَمِلُ بُعْدَهُ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى مِلْكِهِ بَلْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً إلَخْ) فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ فَإِنْ أَصَرَّ أَعْتَقَ الْحَاكِمُ أَدْنَاهُمْ كَمَا يَعْتِقُهُ إذَا أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَيْ أَنْكَرُوا أَنَّهُ اخْتَارَ حَيْثُ نَازَعَتْهُمْ الْعَبِيدُ أَوْ اخْتَلَفُوا أَوْ كَانُوا صِغَارًا أَوْ بَعْضُهُمْ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ عِتْقَ عُشْرٍ مِنْ كُلٍّ إنْ كَانُوا عَشَرَةً وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْخِيَارُ لِوَرَثَتِهِ كَالْبَيْعِ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ نَسِيَهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ نِيَّةٌ وَنَسِيَهَا فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ وَيُعْتَقَانِ وَقَوْلُهُ وَخَيَّرَهُ الْمَدِينُونَ كَالْعِتْقِ ضَعِيفٌ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَفِي الطَّلَاقِ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ يَتَبَعَّضُ) أَيْ فَهُوَ أَوْسَعُ مِنْ الطَّلَاقِ فَلِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَيْ فَالرَّقِيقُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ رَقِيقًا وَلَا يَتَأَتَّى فِي الزَّوْجَةِ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا طَالِقًا (قَوْلُهُ وَيَجْمَعُ فِي أَحَدِهِمْ بِالسَّهْمِ) الْمُرَادُ بِالسَّهْمِ الْقُرْعَةُ أَيْ فَيَجْمَعُ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ أَحَدِ الرَّقِيقِ وَأَرَادَ بِالْأَحَدِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَرَادَا أَنْ يَقْسِمَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا قِيمَةً وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ فِي رَجُلٍ عِنْدَهُ زَوْجَتَانِ أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ إنْ حَمَلْت) أَيْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى حَمَلْت (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يُمْنَعُ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَحْمِلَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ سَابِقًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا وَلَوْ قَبْلَ يَمِينِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ حَنِثَ وَلَوْ عَزَلَ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ حَيْثُ عَزَلَ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بَقِيَ مَا إذَا قَالَ لَهَا وَهِيَ حَامِلٌ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِحَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالَ الشَّارِحُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَتَأْخُذُ الْغَلَّةَ مِنْ يَوْمِ حَمْلِهَا) رَاجِعٌ لِلْمُعْتَقِ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ يُحْتَمَلُ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا شَرَطَ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ) مَفْهُومُ ذَلِكَ صُورَتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا اسْتِقْلَالٌ وَهُمَا إذَا شَرَطَا عَدَمَ الِاسْتِقْلَالِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ سَكَتَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 الِاسْتِقْلَالُ حِينَئِذٍ فَإِنْ قُلْت عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْعِتْقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا إذَا جَعَلَ لَهُ الْمَالِكُ ذَلِكَ قُلْت بَلْ هُمَا مُخْتَلِفَانِ عَلَى مَا ذَكَرْته؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْأُولَى يُعْتِقَانِهِ بَعْدَ جَعْلِهِ لَهُمَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الرَّسُولَيْنِ فَلَا يُعْتِقَانِهِ حَتَّى يُبَلِّغَاهُ وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ أَيْ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا وَيُعْتِقَانِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ فَلَا يُعْتِقَانِهِ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِمَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَعْنَى الرِّسَالَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ز فَمُغَايَرَةُ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ظَاهِرَةٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَلِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا عِتْقُهُ فِيمَا إذَا كَانَا رَسُولَيْنِ حَيْثُ جَعَلَ لَهُمَا ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عِتْقُهُ إلَّا إذَا جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ (ص) وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ أَوْ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا مِنْ عِتْقٍ وَلَا مِنْ طَلَاقٍ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا لَا فِي الدَّاخِلَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إنْ اجْتَمَعْتُمَا فِي الدُّخُولِ وَلَا فِي الْأُخْرَى لِعَدَمِ دُخُولِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ إنْ دَخَلْت أَنْتِ فَجَمَعَ فِي اللَّفْظِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا وَعَلَى هَذَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعراف: 22] وَلَمْ تَبْدُ سَوْأَةُ حَوَّاءَ حِينَ أَكَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ آدَم اهـ. فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ حُرَّةً لِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الزَّوْجَةِ (ص) وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْأَبَوَانِ وَإِنْ عَلَوَا وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا مِنْ جِهَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُسْتَثْنَى مَفْهُومُ الشَّرْطِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ الَّذِي هُوَ الرَّسُولَانِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْطُوقُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فِي الْأُولَى إلَخْ) أَقُولُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يُجْعَلْ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ أَيْ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا وَيَعْتِقَانِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا) أَقُولُ الْحَاصِلُ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّفْوِيضِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا فَوَّضْت لَكُمَا عِتْقَ عَبْدِي وَفِي مَسْأَلَةِ الرِّسَالَةِ يَقُولُ لَهُمَا جَعَلْتُكُمَا رَسُولَيْنِ فِي عِتْقِ عَبْدِي فَظَهَرَ حِينَئِذٍ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الرِّسَالَةِ طَلَبُ الْإِيصَالِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهَا فَلِذَلِكَ لَا يَعْتِقَانِهِ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِمَا بِخِلَافِ صُورَةِ التَّفْوِيضِ فَفِيهِ تَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ فِي كُلِّ حَالٍ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ وَذَلِكَ إمَّا تَفْوِيضٌ أَوْ رِسَالَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ أَوْ يُصَرِّحَ بِعَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ أَوْ يَسْكُتَ فَفِي أَرْبَعٍ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ تَفْوِيضٌ أَوْ رِسَالَةٌ وَشَرَطَ عَدَمَ الِاسْتِقْلَالِ أَوْ سَكَتَ وَفِي صُورَتَيْنِ الِاسْتِقْلَالُ وَهُمَا إذَا شَرَطَ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالَ تَفْوِيضًا أَوْ رِسَالَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالتَّفْوِيضِ أَنَّ التَّفْوِيضَ يُوقِعَانِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا وَفِي الرِّسَالَةِ لَا يُوقِعَانِهِ إلَّا بَعْدَ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَا بَيَّنَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا عِتْقُهُ فِيمَا إذَا كَانَا رَسُولَيْنِ إلَخْ أَقُولُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ وَزَادَ وَإِنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ أَنْ يُطَلِّقَا زَوْجَتَيْهِ الْجَوَابُ وَاحِدٌ اهـ. أَقُولُ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ تَفْهَمْ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّ كَوْنَهُمَا رَسُولَيْنِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ التَّفْوِيضِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ وَتَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُمَا فِي حَالَةِ السُّكُوتِ فِي مَسْأَلَةِ الرِّسَالَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِوَجْهٍ مَا) أَيْ خِيفَةَ مَا يَحْدُثُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ (قَوْلُهُ {فَلَمَّا ذَاقَا} [الأعراف: 22] إلَخْ) أَيْ أَنَّ اللَّهَ نَهَاهُمَا بِقَوْلِهِ {وَلا تَقْرَبَا} [الأعراف: 19] فَالْخِطَابُ مُتَعَلِّقٌ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ} [الأعراف: 22] إلَخْ فَرَتَّبَ الْبُدُوَّ عَلَى مُخَالَفَةِ الِاثْنَيْنِ مَعًا لِكَوْنِهِمَا الْمُخَاطَبَيْنِ بِالنَّهْيِ فَكَذَلِكَ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ لَا تَتَرَتَّبُ الْحُرِّيَّةُ إلَّا بِدُخُولِهِمَا مَعًا؛ لِكَوْنِهِمَا؛ الْمُخَاطَبَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَبْدُ سَوْأَةُ حَوَّاءَ إلَخْ) أَقُولُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الشَّامِلِ وَلَوْ دَخَلَتَا مُتَرَتِّبَتَيْنِ بِأَنْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَخَرَجَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ الْأُخْرَى وَمُقْتَضَى مَا لِأَبِي الْحَسَنِ أَنَّ دُخُولَهُمَا مُرَتَّبَتَيْنِ كَدُخُولِ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَقُولُ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يُؤَيِّدُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ إلَّا أَنَّ الْجِيزِيَّ قَالَ لَكِنْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ وَلِزَوْجَتَيْهِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا الْمُؤَكِّدَةُ لِعَدَمِ الْمُؤَكَّدِ وَلَا الذَّاتُ؛ لِأَنَّ؛ الْمِلْكَ عَرْضٌ مِنْ الْأَعْرَاضِ وَمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لَا ذَاتٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ أَيْ الْمِلْكُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ) مُثَلَّثُ الْفَاءِ وَقَوْلُهُ وَأَخٌ عَطْفٌ عَلَى الْأَبَوَانِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ بَتٍّ فَيَخْرُجُ الْفَاسِدُ قَبْلَ فَوْتِهِ إذْ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِفَوْتِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَلَا يَعْتِقُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ تَوَاضُعِ مَنْ تَتَوَاضَعُ (قَوْلُهُ لِبِنْتٍ) أَيْ الْوَلَدُ لِبِنْتٍ أَيْ وَأَوْلَى الْوَلَدُ لِذَكَرٍ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بِنْتَه وَوَلَدَهُ الذَّكَرَ مُبَاشَرَةً وَهَذَا عَلَى نُسْخَةِ اللَّامِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْكَافِ وَيُحْتَمَلُ التَّمْثِيلُ وَالتَّشْبِيهُ وَيَخُصُّ الْأَوَّلَ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَأَخٌ وَأُخْتٌ) عِطْفٌ عَلَى الْأَبَوَانِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 120 الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ مَنْ مَلَكَ أَحَدَ أَوْلَادِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَوْلَادُ الِابْنِ وَكَذَلِكَ مَنْ مَلَكَ وَاحِدًا مِنْ إخْوَتِهِ أَوْ أَخَوَاتِهِ سَوَاءٌ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ مُخْتَلِفِينَ وَأَمَّا أَوْلَادُ الْأَخِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْلُهُ الْأَبَوَانِ أَيْ مِنْ النَّسَبِ لَا مِنْ الرَّضَاعِ أَيْ جِنْسُ الْأَبَوَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ عَلَوَا وَمَحَلُّ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَالِكُ وَالْمَمْلُوكُ مُسْلِمَيْنِ وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ رَشِيدًا كَمَا يَأْتِي (ص) وَإِنْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَوَلَاؤُهُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي مِلْكِ الْقَرَابَةِ أَنْ يَكُونَ بِعِوَضٍ بَلْ يَعْتِقُ وَلَوْ حَصَلَ الْمِلْكُ بِسَبَبِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَكِنَّ الْعِتْقَ مَعَ عَدَمِ الْقَبُولِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْمُعْطِي بِكَسْرِ الطَّاءِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْطِي بِكَسْرِ الطَّاءِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْقَبُولِ رُدَّ أَمَّا مَعَ الْقَبُولِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلِمَ الْمُعْطِي بِكَسْرِ الطَّاءِ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَالْوَاوُ فِي وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَاوُ الْحَالِ أَمَّا مَعَ الْقَبُولِ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ إنْ لَمْ يَقْبَلْ وَأَوْلَى إنْ قَبِلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ إنْ قَبِلَ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمُعْطِي بِكَسْرِ الطَّاءِ وَلَوْ أَخَّرَ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ عَنْ، وَوَلَاؤُهُ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُعْطِي (ص) وَلَا يُكَمِّلُ فِي جُزْءٍ لَمْ يَقْبَلْهُ كَبِيرٌ أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْكَبِيرَ الرَّشِيدَ إذَا وُهِبَ لَهُ جَزْءُ عَبْدٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ تُصُدِّقَ لَهُ بِهِ أَوْ أُوصَى لَهُ بِهِ فَإِنْ قَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيَعْتِقُ ذَلِكَ الْجُزْءُ فَإِنْ وُهِبَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَسَوَاءٌ قَبِلَهُ وَلِيُّهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَالْجُزْءُ حُرٌّ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا يُكَمِّلُ إلَخْ أَنَّ الْجُزْءَ الْمَوْهُوبَ يَعْتِقُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ تت وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطَى وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يُبَعْ فِي دَيْنِهِ فَحُكْمُ الْجُزْءِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي أَصْلِ الْعِتْقِ وَأَمَّا التَّكْمِيلُ فِي مَسْأَلَةِ إعْطَاءِ الْجُزْءِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ رَشِيدٌ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَشْمَلَ وَلَوْ قَالَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَكَانَ أَخَصْرَ إذْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ عِنْدَ حَذْفِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْعَبْدِ حَتَّى الْجُزْءِ الْمَوْهُوبِ (ص) لَا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَرِثَ مَنْ يَعْتِقُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ وَلِلَّخْمِيِّ أَنَّ الْآبَاءَ وَالْأَوْلَادَ كَالْأَوَّلِ أَيْ الْعِتْقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَغَيْرُهُمْ كَالثَّانِي يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الرَّضَاعِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الْعِتْقُ بَلْ يُنْدَبُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلَا عِتْقَ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا (قَوْلُهُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُعْطِي بِكَسْرِ الطَّاءِ أَنَّهُ يَعْتِقُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَكْفِي عِلْمُهُ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ بَابِ الْقِرَاضِ وَالْوَكَالَةِ وَالصَّدَاقِ وَالْفَرْقُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ نَظَرًا لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِمُجَرَّدِ هِبَةِ الْوَاهِبِ وَإِلَى أَنَّ تَقْدِيرَ الْمِلْكِ لَيْسَ كَالْمِلْكِ (قَوْلُهُ أَمَّا مَعَ الْقَبُولِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَعْ فِي دَيْنٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِعَدَمِ؛ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ خِلَافًا فَالْقَوْلِ بَعْضِ شُيُوخِ عج يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَلَسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ عَتَقَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا قَبِلَ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ قَبِلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ وَحُكْمُ إعْطَاءِ الْجُزْءِ حُكْمُ إعْطَاءِ الْكُلِّ فِي عِتْقِ الْجُزْءِ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطَى فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يُبَعْ فِي دَيْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ قَبِلَهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ لِمَحْجُورِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَحْجُورِ دَيْنٌ بِحَيْثُ يُبَاعُ لَهُ فِيهِ الْجُزْءُ الْمُعْطَى وَإِلَّا لَزِمَ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْمَالِيَّةِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْجُزْءَ يَعْتِقُ عَلِمَ الْمُعْطِي أَمْ لَا قَبِلَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) إنَّمَا كَانَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ؛ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَبُولَ الْكَبِيرِ السَّفِيهِ يُوجِبُ التَّكْمِيلَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَشْمَلُ فَلَمْ يَظْهَرْ هَكَذَا اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَأَقُولُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الشُّمُولَ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ أَيْ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُ الصَّغِيرِ فِي التَّكْمِيلِ كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فِي التَّكْمِيلِ قَبُولُ السَّفِيهِ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُفِيدُ الْإِعْدَامَ اعْتِبَارُ الصَّغِيرِ فَقَطْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الْمَحْجُورَ صَادِقٌ بِالسَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا؛ يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي التَّكْمِيلِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ (قَوْلُهُ لَا بِإِرْثٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ بِاخْتِيَارٍ لَا بِإِرْثٍ إلَخْ أَيْ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْحَاصِلِ بِالِاخْتِيَارِ لَا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ هَكَذَا قَرَّرُوا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشِّرَاءِ حَصَلَ الْمِلْكُ بِاخْتِيَارٍ وَأَيْضًا مَسْأَلَةُ الشِّرَاءِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَأَنْ يَهَبَهُ إلَخْ وَالْجَوَابُ أَنَّ الشِّرَاءَ هُنَا مُقَيَّدٌ بِالدَّيْنِ وَيَكُونُ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْحَاصِلِ بِاخْتِيَارٍ مِنْ غَيْرِ مُصَاحَبَةِ دَيْنٍ لَا بِإِرْثٍ وَلَا بِشِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا أَيْ الْإِرْثِ وَالشِّرَاءِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121 عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَمْلِكُ بَعْضَ ثَمَنِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِهِ وَيَعْتِقُ بَاقِيهِ قَوْلُهُ لَا بِإِرْثٍ إلَخْ وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ فَإِنْ عَلِمَ الْمُعْطِي عَتَقَ وَإِلَّا بِيعَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْفَلَسِ (ص) وَبِالْحُكْمِ إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ بِرَقِيقِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْأَبَوَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُكَلَّفَ الْحَرَّ الرَّشِيدَ إذَا عَمَدَ الْعُقُوبَةَ أَيْ الْمُثْلَةَ وَهِيَ الْمُرَادُ بِالشَّيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِهَا الْقَرَائِنُ بِرَقِيقِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ قَالَ فِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ بِعَبْدٍ لِعَبْدِهِ أَوْ لِمُدَبَّرِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ عَتَقُوا عَلَيْهِ اهـ. وَكَذَلِكَ الْأَبُ إذَا مَثَّلَ بِرَقِيقِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا مَثَّلَ بِرَقِيقِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ تَبْطُلَ مَنَافِعُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْأَبِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَخَرَجَ بِالْعَمْدِ الْخَطَأُ أَوْ الْعَمْدُ عَلَى وَجْهِ الْمُدَاوَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَيَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا يَزِيدُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْكِنَايَةِ وَأَمَّا إنْ زَادَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الزَّائِدَ يَسْقُطُ اُنْظُرْ الطِّخِّيخِيَّ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ لِوَلَدٍ مَحْجُورٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) غَيْرُ سَفِيهٍ وَعَبْدٍ وَذِمِّيٍّ بِمِثْلِهِ وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَمَدِينٌ (ش) لَفْظُ غَيْرِ مَرْفُوعٌ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلُ عَمَدَ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّفِيهَ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِ السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا يَلْزَمُهُمَا عِتْقٌ بِالْمُثْلَةِ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ إذَا مَثَّلَا بِرَقِيقِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِمَا مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَا الزَّوْجِ وَالْوَرَثَةِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا الثُّلُثُ فَدُونَ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا رَدُّ مَا زَادَ لَا الْجَمِيعِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَيْسَ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ إذَا مَثَّلَ الْمَدِينُ بِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَرَأَ الدَّيْنُ بَعْدَ الْمُثْلَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ يُورَثُ بِالرِّقِّ وَيَرُدُّهُ الدَّيْنُ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ رَاجِعٌ لِلذِّمِّيِّ أَيْ وَغَيْرُ ذِمِّيٍّ بِمِثْلِهِ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا بِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِمُسْلِمٍ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا بِمِثْلِهِ لَا عِتْقَ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ بِالضَّمِيرِ وَعَلَى ضَبْطِ تت لَهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ يُقَالُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ لِشَيْنٍ لِأَنَّ مَا كُلُّ شَيْنٍ يَكُونُ مُثْلَةً لَكِنْ ضَبْطُهُ بِالْهَاءِ أَحْسَنُ لِأَنَّا مُحْتَاجُونَ إلَى تَقْيِيدِ الذِّمِّيِّ بِأَنْ يُمَثِّلَ بِمِثْلِهِ (ص) كَقَلْعِ ظُفْرٍ وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ إنْ عَمَدَ) كَقَصَدَ لَفْظًا وَمَعْنًى وَضَبَطَهُ الْحَلَبِيُّ عَمِدَ كَعَلِمَ يَعْلَمُ فِي شَرْحِ سِيرَةِ ابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ لِشَيْنٍ) اللَّامُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِوَلَدٍ) عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ وَصَرَّحَ مَعَ الْمَعْطُوفِ بِاللَّامِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إذْ الْإِضَافَةُ فِيهِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَتَقَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُثْلَةُ) تَفْسِيرٌ لِلْعُقُوبَةِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُقُوبَةِ الْمُثْلَةُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ تَفْسِيرِ الظَّاهِرِ بِالْخَفِيِّ وَهُوَ مُجْتَنَبٌ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِالشَّيْنِ تَقْبِيحُ الصُّورَةِ أَوْ التَّعْذِيبُ كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِهَا الْقَرَائِنُ) حَاصِلُهُ أَنَّ حُصُولَ هَذَا الْفِعْلِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّعْذِيبُ أَوْ تَقْبِيحُ الصُّورَةِ لَا يَدُلُّ بِمُجَرَّدِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِاحْتِمَالِ؛ أَنْ يَكُونَ لِمُدَاوَاةٍ أَوْ أَدَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ بِسَيْفٍ فَشِينَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ عُضْوٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ ضَرَبَ رَأْسَ عَبْدِهِ فَنَزَلَ مَاءُ عَيْنَيْهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ خَصَاهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ ارْتِفَاعَ ثَمَنِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنْ قُلْت أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّعْذِيبَ وَلَا تَقْبِيحَ الصُّورَةِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ قُلْت لَمَّا كَانَ قَصْدُ زِيَادَةِ الثَّمَنِ لَيْسَتْ مَمْدُوحَةً عِنْدَ الشَّارِعِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ صَارَ قَصْدُهَا يَرْجِعُ لِقَصْدِ تَقْبِيحِ الصُّورَةِ أَوْ التَّعْذِيبِ (قَوْلُهُ أَوْ رَقِيقُ رَقِيقِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ سَابِقًا لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ أَنَّهُ بِالْمُثْلَةِ كَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ وَأَيْضًا الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ الْعَمْدُ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) هَذَا احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِهِ لِشَيْنٍ (قَوْلُهُ غَيْرَ عَبْدٍ إلَخْ) أَيْ مَثَّلَ مُسْلِمٌ بِعَبْدِهِ الْكَافِرِ وَأَوْلَى بِمُسْلِمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَثَّلَ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ حُرٌّ رَشِيدٌ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ كَافِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَلَيْسَ الْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ فِي مُثْلَتِهِ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكَافِرِ فَإِنَّ مُثْلَتَهُ بِعَبْدِهِ وَلَوْ مُسْلِمًا لَا تُوجِبُ عِتْقَهُ بِخِلَافِ مُثْلَةِ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ تُوجِبُ عِتْقَهُ (قَوْلُهُ لَا الْجَمِيعُ؛ لِتَشَوُّفِ؛ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ) فِي شَرْحِ عب فَإِنْ مَثَّلَتْ زَوْجَةٌ وَمَرِيضٌ بِزَائِدِ الثُّلُثِ عَتَقَ عَلَى الْمَرِيضِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ لَا أَزْيَدُ إلَّا إنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ وَكَذَا عَتَقَ عَلَى الزَّوْجَةِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَقَطْ لَا أَزْيَدُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّقْلَ شَاهِدٌ لِهَذَا الشَّارِحِ لَا لِ عب (قَوْلُهُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ) وَقَوْلُهُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ يَمْضِي وَلَا كَلَامَ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ مَا كُلُّ شَيْنٍ يَكُونُ مُثْلَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَيْ الْمُثْلَةُ وَهِيَ الْمُرَادُ بِالشَّيْنِ (قَوْلُهُ وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ) وَكَذَا شَرْطُهَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ أَوْ سِنٍّ) أَيْ قَلْعُ سِنٍّ اعْلَمْ أَنَّ فِي قَلْعِ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ بِالسَّحْلِ قَوْلَيْنِ مُعْتَمَدَيْنِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَطْعَ بَعْضِ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ بِالسَّحْلِ لَيْسَ بِمُثْلَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122 سَحْلِهَا أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ أَوْ لِحْيَةِ تَاجِرٍ أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ لَا غَيْرُهُ وَفِي غَيْرِهَا فِيهِ قَوْلَانِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي أَمْثِلَةِ الشَّيْنِ الْمُوجِبِ لِلْعِتْقِ مِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ قَلْعَ ظُفْرِ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَخْلُفُ غَالِبًا وَظَاهِرُهُ إنْ قَلَعَ بَعْضَهُ لَا يُوجِبُ عِتْقَهُ وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ قَطْعَ بَعْضِ أُذُنِ رَقِيقِهِ وَمِنْهَا إذَا قَطَعَ بَعْضَ جَسَدِهِ وَظَاهِرُهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ قَلْعَ أَسْنَانِ رَقِيقِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ سَحْلَ أَيْ بَرْدَ أَسْنَانِ رَقِيقِهِ حَتَّى أَذْهَبَ مَنْفَعَتَهَا وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ خَرْمَ أَنْفِ رَقِيقِهِ وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ حَلْقَ شَعْرِ رَأْسِ الْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ أَوْ حَلْقَ شَعْرِ لِحْيَةِ الْعَبْدِ النَّبِيلِ التَّاجِرِ أَمَّا غَيْرُ الرَّفِيعَةِ وَغَيْرُ التَّاجِرِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَعْتِقَانِ بِذَلِكَ لِسُرْعَةِ عَوْدِ ذَلِكَ وَقْتَهَا إذَا تَعَمَّدَ وَسْمَ وَجْهِ عَبْدِهِ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ شَيْنٌ وَأَمَّا إذَا وَسَمَهُ بِالنَّارِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَوْ وَسَمَ وَجْهَ عَبْدِهِ بِغَيْرِ النَّارِ كَمَا إذَا فَعَلَهُ بِمِدَادٍ أَوْ إبْرَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ عَلَى سَبِيلِ الْجَمَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَعْتِقُ فَقَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ أَيْ لَا غَيْرُ الْوَجْهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ بِالنَّارِ (ص) وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَقَالَ الْعَبْدُ مَثَّلَ بِي عَمْدًا وَقَالَ السَّيِّدُ خَطَأً فَإِنَّ السَّيِّدَ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ وَاخْتَلَفَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِجَامِعِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَبِ قَالَهُ سَحْنُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ مَعْرُوفَيْنِ بِالْجَرَاءَةِ وَالْإِيذَاءِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا (ص) لَا فِي عِتْقٍ بِمَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَقَالَ عَلَى مَالٍ وَقَالَ الْعَبْدُ مَجَّانًا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْعَبْدَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ مُقِرٌّ بِالْعِتْقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَالِ (ص) وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ إنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَالْبَاقِي لَهُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِالْحُكْمِ إنْ عَمَدَ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ أَوْ عُضْوًا كَيَدٍ مَثَلًا مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي يَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ ذَلِكَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَقَوْلُهُ جُزْءًا يَشْمَلُ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (ص) كَانَ بَقِيَ لِغَيْرِهِ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ لَا بِإِرْثٍ وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ لَا إنْ كَانَ حُرَّ الْبَعْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدٍ أَوْ مِنْ أَمَةٍ وَالْجُزْءُ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ وَيَعْتِقُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ مِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ بِالْفِعْلِ لِشَرِيكِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَضَمِيرُ يَوْمِهِ لِلْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا وَمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْعِتْقِ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ يَوْمَ الْعِتْقِ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعِتْقِ لِلْبَاقِي مِنْ الدَّفْعِ بِالْفِعْلِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَعِنْ بِالْيَسَارِ الْآتِي وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَكَمَ بِالتَّقْوِيمِ وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُبَعَّضًا وَلَا يُلْزَمُ الشَّرِيكُ بِدَفْعِ مَا قُوِّمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ أُعْتِقَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى حَاضِرٍ مَلِيءٍ وَأَمَدُ ذَلِكَ قَرِيبٌ أَنَّهُ يُقَوَّمُ وَيُتَّبَعُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِتْقِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلتَّقْوِيمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالدَّفْعِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْعَبْدِ وَكَذَا فِي الْأَمَةِ إذَا لَمْ يُفْعَلْ لِلزِّينَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُمَا لَا يُعْتَقَانِ بِذَلِكَ أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الشَّعْرَ يَعُودُ إلَى هَيْئَتِهِ وَيَسْتُرُ الرَّأْسَ بِالْوِقَايَةِ وَالْوَجْهُ بِالتَّلَثُّمِ إلَى أَنْ يَعُودَ أَوْ يُمْنَعُ السَّيِّدُ مِنْ إخْرَاجِ الْعَبْدِ يَتَصَرَّفُ إلَى أَنْ يَعُودَ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بِكِتَابَةٍ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ بِالنَّارِ فَمُثْلَةٌ مُطْلَقًا كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ كَيًّا أَوْ كِتَابَةً وَأَمَّا الْوَسْمُ بِغَيْرِ النَّارِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ فَغَيْرُ مُثْلَةٍ مُطْلَقًا كِتَابَةً أَوْ لَا وَأَمَّا فِي الْوَجْهِ فَإِنْ كَانَ كِتَابَةً أَيْ أَنَّهُ آبِقٌ أَوْ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ فَمُثْلَةٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ (قَوْلُهُ بِمِدَادٍ أَوْ إبْرَةٍ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ بِمِدَادٍ وَإِبْرَةٍ؛ لِأَنَّ؛ الْوَسْمَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا) أَيْ فَيُؤَدَّبُ الزَّوْجُ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْعَمْدِ وَاخْتَلَفَا فِي قَصْدِ الشَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ) فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ؛ الْحُكْمَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْبَاقِي (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ فَإِذَا أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ بَعْضَ عَبْدِهِ الذِّمِّيِّ لَمْ يُكَمِّلْ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَدِينُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ أَوْ بِبَعْضِهَا) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْمَعْنَى عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرِ وَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا أَيْ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ يَعْتِقُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَابِلُهُ وَفِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ مُقَابِلُهَا بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَعْضِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ إلَيْهِ؛ لِاكْتِسَابِهِ؛ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ بِالْفِعْلِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْعِتْقِ (قَوْلُهُ فَضَمِيرُ يَوْمِهِ لِلْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ لَفْظُ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّ؛ الْحُكْمَ هُنَا بِالْعِتْقِ وَدَفْعَ الْقِيمَةِ وَمَا تَقَدَّمَ بِالْعِتْقِ فَقَطْ وَهَذَا إذَا قَصَرَ الْعِتْقَ عَلَى نَصِيبِهِ وَإِنْ عَمَّهُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ مَنْ أَعْتَقَ) أَيْ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى حَاضِرٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ مُطْلَقًا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً وَلَوْ مَلِيئًا لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ عب مِثْلُهُ وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ وَيَدْخُلُ مَالُهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ قَرُبَ أَجَلُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَانْتِظَارُ آبِقٍ وَبَعِيرٍ شَارِدٍ وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْقُرْبِ وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُ كَلَامِ شب وَيُقَيَّدُ بِقَرِيبِ الْغَيْبَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ وَيُتَّبَعُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ حُكِمَ بِالِاتِّبَاعِ وَأَنَّ الْعِتْقَ تَمَّ بِالْفِعْلِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِتْقِ أَيْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ مَعَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123 وَحُكْمُهُ بِالْإِتْبَاعِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ حَيْثُ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا وَأَمَّا لَوْ مَاتَ لَكَانَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ كَمَا مَرَّ فَالظَّرْفُ أَيْ يَوْمَهُ صِفَةٌ لَقِيمَةٍ أَوْ حَالٌ مِنْهَا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ حَالَ كَوْنِهَا مُعْتَبَرَةً يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَيْسَ هُوَ ظَرْفًا لِدَفْعٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ يَوْمِ الْحُكْمِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِالدَّفْعِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ كَافِرًا أَوْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ لَهُ كَافِرًا فَلَوْ كَانَ الشَّرِيكَانِ كَافِرَيْنِ وَالْعَبْدُ كَافِرًا فَلَا تَقْوِيمَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا وَالْعَبْدُ ذِمِّيٌّ وَأَعْتَقَ الذِّمِّيُّ حِصَّتَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ لِلْعَبْدِ مُوسِرًا بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ وَالْمُعْسِرُ بِهِ لَا تَقَوُّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِإِتْبَاعِ ذِمَّتِهِ وَالْقِيمَةِ الَّتِي يَكُونُ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا هِيَ مَا فَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ قَالَ فِيهَا يُبَاعُ عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْمَالِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا كِسْوَتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَعِيشَةُ الْأَيَّامِ وَمِنْهَا أَنْ يَحْصُلَ الْعِتْقُ بِاخْتِيَارِ الْمُعْتَقِ فَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَمَا إذَا وَرِثَ جُزْءًا مِنْ أَبِيهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ جُزْءُ الشَّرِيكِ وَلَوْ كَانَ مَلِيًّا وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ الرَّقَبَةَ بِإِحْدَاثِ الْعِتْقِ فِيهَا فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ حُرَّ الْبَعْضِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا تَقْوِيمَ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ وَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ الثَّالِثِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ إلَخْ مَا نَصُّهُ هَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ مَعْطُوفَةٍ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ فَشُرُوطُ التَّكْمِيلِ إذًا سِتَّةٌ إلَّا أَنَّهُ كَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَعْطُوفَاتِ مَا عَدَا الثَّالِثِ وَلَوْ أَسْقَطَهَا لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَبَيْنَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا فَكَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَوْ أَثْبَتَ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى (ص) وَقُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَعَلَى حِصَصِهِمَا إنْ أَيْسَرَا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ (ش) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ عَلَى السَّوَاءِ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ أَمْلِيَاءُ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي نَصِيبَهُ فَإِنَّ الثَّالِثَ يُقَوِّمُ نَصِيبَهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْعِتْقِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَا مَقَالَ لِلْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِكْمَالَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ مُرَتَّبًا بَلْ أُعْتِقَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ نَصِيبَ الثَّالِثِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا مَعًا إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا فَإِنَّ نَصِيبَ الثَّالِثِ يُقَوَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُوسِرِ (ص) وَعُجِّلَ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ أُمِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَعْتَقَ فِي حَالِ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدٍ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ فَإِنْ كَانَ مَالُ هَذَا الْمَرِيضِ مَأْمُونًا وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَإِنَّهُ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ عِتْقُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَيَغْرَمُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ وَلَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَيَرِقُّ مَا بَقِيَ فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ لَزِمَهُ عِتْقُ بَقِيَّتِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعِتْقُ فِي صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ   [حاشية العدوي] اتِّبَاعِ الذِّمَّةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّفْعِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ بِالِاتِّبَاعِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْحُكْمَ بِالِاتِّبَاعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَمَّ الْعِتْقُ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فَأَجَابَ بِأَنَّ حُكْمَهُ بِالِاتِّبَاعِ ثَمَرَتُهُ إذَا اسْتَمَرَّ الْعَبْدُ حَيًّا لَا أَنَّهُ مَاتَ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ لَا حِينَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا فَقَطْ أَوْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَقَطْ قُوِّمَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَبْدُ كَافِرَيْنِ فَلَا يُقَوَّمُ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ وَعِيشَةُ الْأَيَّامِ) فُسِّرَتْ فِي الْوَاضِحَةِ بِالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّحْوَ يُفَسَّرُ بِالشَّهْرِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ الثَّالِثِ) وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مَلِيئًا (قَوْلُهُ مَا عَدَا الثَّالِثِ) أَيْ مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَعْطُوفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَفَضَلَتْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ رَابِعٌ مِنْ السِّتَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الِاسْتِكْمَالَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَنَّهُ لَا مَقَالَ لِلْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ الْمَعْنَى أَيْ وَالثَّانِي أَوْلَى بِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ؛ الثَّانِيَ حِينَ أَعْتَقَ لَمْ يَبْقَ إلَّا الثَّالِثُ قَائِلًا وَبِهَذِهِ الضَّمِيمَةِ يَتِمُّ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا مَعًا) أَيْ فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ فَقِيمَةُ السُّدُسِ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا عَلَى ذِي النِّصْفِ وَخُمُسَاهَا عَلَى ذِي الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَعُجِّلَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ قِنٍّ وَبَاقِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أُمِنَ) صِفَةٌ لِثُلُثٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمُضَافٍ مَحْذُوفٍ بَعْدَ ثُلُثٍ أَيْ وَعَجَّلَ فِي ثُلُثِ مَالِ مَرِيضٍ أَمِنَ وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَرِيضٍ عَلَى حَذْفِ سَبَبِهِ أَيْ أَمِنَ مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ؛ يُؤَدِّي إلَى حَذْفِ النَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعِتْقُ فِي صِحَّتِهِ إلَخْ) كَذَا فِي عب وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِي فِي عج أَنَّ الَّذِي مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ نَفْسُ الْجُزْءِ الْمُعْتَقِ وَأَمَّا التَّكْمِيلُ فَمِنْ الثُّلُثِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 مَأْمُونًا أَمْ لَا (ص) وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِالتَّقْوِيمِ فِي الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ انْتَقَلَتْ التَّرِكَةُ لِلْوَرَثَةِ فَصَارَ كَمَنْ أَعْتَقَ وَلَا مَالَ لَهُ وَالْمُعْسِرُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ أَوْصَى كَمَّلَ عَلَيْهِ (ص) وَقُوِّمَ كَامِلًا بِمَالِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ وَنَقْضٍ لَهُ بِيعَ مِنْهُ وَتَأْجِيلُ الثَّانِي أَوْ تَدْبِيرُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا (ش) هَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ التَّقْوِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِشَرِيكِهِ أَعْتِقْ نَصِيبَك فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ كَامِلًا بِمَالِهِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا عِتْقَ فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيمَ الْبَعْضِ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ وَبِعِتْقِ بَعْضِهِ يَمْنَعُ انْتِزَاعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ السَّيِّدُ وَكَذَلِكَ يُقَوَّمُ بِوَلَدِهِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ تُقَوَّمُ بِمَالِهَا وَوَلَدِهَا وَيُعْتَبَرُ مَالُهُ يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي وَقَعَ الْعِتْقُ وَمَحَلُّ تَقْوِيمِ الْعَبْدِ كَامِلًا إذَا أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا تُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ فَقَطْ عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ حُرٌّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اشْتَرَيَاهُ مَعًا أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ فَلَا يُقَوَّمُ كَامِلًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُبَعِّضْ الثَّانِي حِصَّتَهُ بِأَنْ يَعْتِقَ الثَّانِي بَعْضَ حِصَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ حِصَّتِهِ أَوْ بَعْضَهَا فَيُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ الْبَعْضُ الْبَاقِي مِنْ حِصَّةِ الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَيَّ كَامِلًا إذَا كَانَ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِي وَأَمَّا حَيْثُ صَارَ لِشَرِيكِي بَعْضُ الْوَلَاءِ فَلَا يُقَوَّمُ كَامِلًا وَلَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ الْغَيْرَ الْمُعْتِقِ بَاعَ حِصَّتَهُ أَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ إلَى أَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ بَتْلًا وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ مِنْ الشَّرِيكِ يُنْقَضُ لِأَجْلِ التَّقْوِيمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ عَالِمًا بِالْعِتْقِ أَوْ جَاهِلًا وَكَذَلِكَ يُنْقَضُ الْعِتْقُ الْمُؤَجَّلُ وَالتَّدْبِيرُ لِأَجْلِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ تُنْقَضُ كِتَابَةُ الثَّانِي وَيُقَوَّمُ قِنًّا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ فَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي بَتْلًا فَتُقَوَّمُ حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ بَتْلًا وَإِذَا اخْتَارَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُعْتِقِ الْعِتْقَ أَوْ التَّقْوِيمَ عَلَى شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَمَّا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا إلَى غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ اخْتَارَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ أَوْ خَيَّرَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي أَعْتَقَ أَوْ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ التَّقْوِيمَ ثُمَّ قَالَ أَخْتَارُ الْعِتْقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْعِتْقِ وَجَبَ التَّقْوِيمُ عَلَى الْأَوَّلِ فَصَارَ حَقًّا لَهُ إنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ شَاءَ تَمَسَّك بِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَلَوْ اخْتَارَ الْعِتْقَ أَوَّلًا ثُمَّ أَرَادَ التَّقْوِيمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلتَّقْوِيمِ وَالْعِتْقِ أَيْ وَنُقِضَ لِأَجْلِ التَّقْوِيمِ وَالْعِتْقِ بَيْعٌ مِنْهُ أَيْ صَادِرٌ مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ حِصَّتَهُ سَوَاءٌ بَاعَ لِلْمُعْتِقِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَمَتَى نَقَضَ الْبَيْعَ الصَّادِرَ مِنْهُ نُقِضَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَمَحَلُّ النَّقْضِ إذَا بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ مَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْأَجْنَبِيُّ وَتَنْظِيرُ ز فِي ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَعِلَّةُ نَقْضِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ لَمْ يُوصِ) فَإِنْ أَوْصَى كُمِّلَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا وَيُعَجَّلُ عَلَيْهِ التَّقْوِيمُ فِي ثُلُثِهِ إنْ أُمِنَ وَإِلَّا وَقَفَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَجْرِي فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ إذَا أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِالتَّقْوِيمِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَمَّا مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُكَمِّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَيُعَجِّلُ التَّقْوِيمَ إذَا كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَخَّرَ التَّقْوِيمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ التَّكْمِيلَ لَا يَكُونُ إلَّا بِوَصِيَّةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُعْتَقَ فِي الصِّحَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُطْلَقًا اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا التَّكْمِيلُ عَلَيْهِ فِي الثُّلُثِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَلَا تَكْمِيلَ مَا لَمْ يُوصِ فَإِنْ أَوْصَى فَالْجُزْءُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالتَّكْمِيلُ فِي الثُّلُثِ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ أَصْلًا وَتَكْمِيلًا وَلَا يُكَمِّلُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُوصِ فَالْجُزْءُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُطْلَقًا وَفِي الْمَرَضِ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا وَالتَّكْمِيلُ حَيْثُ قِيلَ بِهِ سَوَاءٌ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ. وَالثُّلُثُ حَيْثُ قِيلَ بِهِ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِ مَأْمُونًا أَمْ لَا فَيُعَجَّلُ فِي الْأَوَّلِ وَيُؤَخَّرُ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الثَّانِي فَتَدَبَّرْ فَإِنْ قُلْت بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ أُمِنَ وَبَيْنَ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ إذْ مُفَادُ الْأَوَّلِ التَّقْوِيمُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَمُفَادُ الثَّانِي خِلَافُهُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ؛ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ وَنُقِضَ لَهُ بَيْعٌ مِنْهُ) أَيْ وَنُقِضَ لِأَجْلِ التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بَيْعٌ حَصَلَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ حِصَّتَهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَأَنْ بَاعَهُ مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَيْضًا وَمَحَلُّ نَقْضِ الْبَيْعِ مَا لَمْ يُفَوِّتْهُ الْمُشْتَرِي بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ أَوْ تَدْبِيرُهُ) وَكَذَا كِتَابَتُهُ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا أَيْ وَيُقَوَّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ مَثَلًا وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ حِصَّتُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ؛ لَمَّا نَقَضَ عِتْقَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ يُقَوَّمُ بِوَلَدِهِ) أَيْ مِنْ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُبَعِّضْ الثَّانِي إلَخْ) وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ النَّقْضَ الْحَاصِلَ بِالتَّقْوِيمِ لِحِصَّتِهِ مُفْرَدَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ مِنْ حُجَّتِهِ إلَخْ) إلَّا أَنَّ هَذَا إذَا تَأَخَّرَ الْحُكْمُ عَلَى الثَّانِي بِالْعِتْقِ حَتَّى حُصِلَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ فَلَسٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقَوَّمْ الْبَعْضُ الْبَاقِي عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ يَعْتِقُ عَلَى الثَّانِي بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ لَهُ الِانْتِقَالُ (قَوْلُهُ وَتَنْظِيرُ ز فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ إنَّ ز نَظَرَ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأَجْنَبِيَّ بَيْنَ النَّقْضِ وَعَدَمِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 125 الْبَيْعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ عِوَضًا فِي شَيْءٍ وَجَبَ فِيهِ الْقِيمَةَ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَعْنِي فَلَوْ وَهَبَ الْمُتَمَسِّكُ نَصِيبَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَضْ وَكَانَ التَّقْوِيمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَحْلِفْ الْوَاهِبُ أَنَّهُ مَا وَهَبَ لِتَكُونَ لَهُ الْقِيمَةُ أَمَّا إنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا وَهَبَ لِتَكُونَ لَهُ الْقِيمَةُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَمِيرُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُوِّمَ كَامِلًا بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ (ص) وَإِذَا حَكَمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرٍ مَضَى (ش) أَيْ وَإِذَا حَكَمَ الشَّرْعُ بِمَنْعِ تَقْوِيمِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا يَوْمَ الْقِيَامِ مَضَى ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَكَمَ أَيْ الشَّرْعُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ بِهِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِبَيْعِهِ أَيْ وَإِذَا حَكَمَ بِجَوَازِ بَيْعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ لِأَجْلِ عُسْرِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَنْفُذُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَالْحُكْمُ بِالْبَيْعِ مُسْتَلْزِمٌ لِمَنْعِ التَّقْوِيمِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْحُكْمِ بِعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ النُّسْخَتَيْنِ (ص) كَقَبْلِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ إنْ كَانَ الْعُسْرُ وَحَضَرَ الْعَبْدُ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَبْلِهِ يَرْجِعُ لِلْحُكْمِ أَيْ كَعُسْرِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْعُسْرِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالتَّقْوِيمِ فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ بَيِّنَ الْعُسْرِ بِأَنْ يَعْلَمَ عُسْرَهُ النَّاسُ وَالشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْعِتْقِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حِينَ الْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَ الْعُسْرِ قُوِّمَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ هُوَ الَّذِي كَانَ حِينَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ أَيْسَرَ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ حُضُورَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْعِتْقِ عَلِمْنَا أَنَّ الْحُكْمَ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ إنَّمَا هُوَ لِلْعُسْرِ لَا لِتَعَذُّرِ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَتَعَذَّرُ تَقْوِيمُهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ فَإِذَا قُوِّمَ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ أُعْتِقَ الْآنَ فِي حَالِ يُسْرِهِ وَمِثْلُ حُضُورِ الْعَبْدِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِالشَّرْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ مِمَّا يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِهِ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ إذَا عُرِفَ مَوْضِعُهُ وَصِفَتُهُ وَيُنْقَدُ الْقِيمَةَ لِجَوَازِ بَيْعِهِ اهـ. (ص) وَأَحْكَامُهُ قَبْلَهُ كَالْقِنِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ أَحْكَامُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِتَقْوِيمِ بَاقِيهِ كَالْعَبْدِ الْقِنِّ الَّذِي لَا عِتْقَ فِيهِ فِي شَهَادَتِهِ وَجِنَايَتِهِ وَحُدُودِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِالْحُكْمِ وَهَذَا مَا عَدَا الْوَطْءَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهَا مُبَعَّضَةٌ وَإِذَا مَاتَ يَكُونُ مَالُهُ لِمَالِكِ الْبَعْضِ وَبِعِبَارَةٍ الضَّمِيرُ فِي قَبْلِهِ رَاجِعٌ لِلْعِتْقِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عِتْقِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ عَوْدِهِ عَلَى التَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ وَيَمْنَعُ مِنْ التَّقْوِيمِ مَانِعٌ (ص) وَلَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ وَلَا قَبُولُ مَا لِلْغَيْرِ وَلَا تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ بِرِضَا الشَّرِيكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضًا لَهُ فِي عَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَلَمْ تُقَوَّمْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُعْتِقِ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدُ أَنْ يَسْعَى عَلَى بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَ مَالَ الْغَيْرِ لِيُعْتِقَ بِهِ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَقْبَلَ مَالَ الْغَيْرِ لِيُعْتِقَ بِهِ الْعَبْدَ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ حِصَّتَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنَّ الْمُشْتَرِي دَفَعَ عِوَضًا فِي شَيْءٍ وَجَبَ فِيهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ) أَيْ فَالشَّرِيكُ بَاعَ الْقِيمَةَ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا مِنْ الْمُعْتَقِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الْمَعْلُومِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الْمَجْهُولِ بِالْمَعْلُومِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ حَكَمَ) أَيْ الشَّرْعُ وَفِي شَرْحِ عب وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ أَوْ الشَّارِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ حَاكِمٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ حُكْمُ الْحَاكِمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ يَظْهَرُ لَك صِحَّةَ ذَلِكَ مِنْ فَهْمِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ الْعِتْقِ أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْحُكْمِ بِعَدَمِ التَّقْوِيمِ) الْمُنَاسِبِ لِلَّفْظِ فَهَذَا بِمَثَابَةِ الْحُكْمِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ أَيْ كَعُسْرِهِ قَبْلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا يَوْمَ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَعُسْرِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ ثُمَّ أَيْسَرَ وَقَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ الْعُسْرِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالتَّقْوِيمِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعَدَمِ التَّقْوِيمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى حَصَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعَدَمِ التَّقْوِيمِ لِأَجْلِ عُسْرِ الْمُعْتِقِ مَضَى الْأَمْرُ وَلَا تَقْوِيمَ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ كَقَبْلِهِ فَمَعْنَاهَا أَنَّهُ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ الْعِتْقِ وَحَصَلَ الْيَسَارُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَلَا تَقْوِيمَ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هَذَا هُوَ تَحْرِيرُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى حُكِمَ بِالتَّقْوِيمِ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِالْعِتْقِ فَتَكُونُ أَحْكَامُهُ كَالْحُرِّ لَا كَالْقِنِّ وَقَوْلُهُ كَالْعَبْدِ الَّذِي لَا عِتْقَ فِيهِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ؛ قِنٌّ فَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْقِنِّ الَّذِي لَا عِتْقَ فِيهِ أَصْلًا فَتَغَايَرَ الْمُشَبَّهُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ أَيْ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَيْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِدُونِ حُكْمٍ بِتَقْوِيمِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةِ الضَّمِيرِ إلَخْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُغَايِرَةٌ لِلْعِبَارَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُ قَبْلَ تَمَامِ عِتْقِهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَيْ صَادِقٌ بِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالتَّقْوِيمِ وَبِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِالتَّقْوِيمِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ فَظَهَرَ مُخَالَفَةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَيَمْنَعُ مِنْ التَّقْوِيمِ مَانِعٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ؛ قَدْ يُقَوَّمُ وَيَمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ مَانِعٌ فَحَاصِلُ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَالْحُرِّ إلَّا إذَا حَصَلَ حُكْمٌ بِالْعِتْقِ وَبِالتَّقْوِيمِ وَقَبْلَ وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا الصَّادِقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْحُكْمُ بِالتَّقْوِيمِ كَالْقِنِّ (قَوْلُهُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ) فَاعِلُ يَلْزَمُ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَنْ يَسْعَى وَالسِّينُ لَيْسَتْ لِلطَّلَبِ أَيْ سَعْيُ الْعَبْدِ أَيْ كَسْبُهُ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ إنْ طَلَبَ سَيِّدُهُ مِنْهُ ذَلِكَ وَكَذَا إنْ طَلَبَ الْعَبْدُ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ سَيِّدَهُ إجَابَتُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 126 مِنْ الْعَبْدِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ فِي حَالِ رِضَا شَرِيكِهِ بِإِتْبَاعِ ذِمَّتِهِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ التَّقْوِيمِ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ بِرِضَا الشَّرِيكِ حَالٌ مِنْ تَخْلِيدٍ أَيْ حَالَ كَوْنِ التَّخْلِيدِ بِرِضَا الشَّرِيكِ أَيْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَأَمَّا إلَى يُسْرِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ (ص) وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ إلَى أَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ لِيُعْتِقَ جَمِيعَهُ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَبِتَّ الثَّانِي فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ الْآنَ لِيُعْتِقَ جَمِيعَ الْعَبْدِ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَسَاوِي الْحِصَّتَيْنِ فَلَا يُعَجِّلُ عِتْقَ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَلَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ إلَّا أَنْ يَبِتَّ الثَّانِي نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّ نَصِيبَ الْأَوَّلِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ رِقًّا إلَى أَجَلٍ يَعْتِقُ عِنْدَهُ وَأَفْهَمَ حِصَّتُهُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ وَدَبَّرَ بَعْضَهُ لَسَرَى التَّدْبِيرُ فِي بَاقِيهِ قَالَهُ تت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ لِأَجَلٍ بَلْ هُوَ أَبْيَنُ مِنْ التَّدْبِيرِ فَإِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ لِأَجَلٍ سَرَى الْعِتْقُ فِي بَاقِيهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَعِتْقُ عُضْوٍ (ص) وَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ تَقَاوَيَاهُ لِيُرَقَّ كُلُّهُ أَوْ يُدَبَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُوسِرَ إذَا دَبَّرَ حِصَّتَهُ فِي الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَقَاوَيَانِ الْعَبْدَ أَيْ يَتَرَافَعَانِ فِيهِ إلَى أَقْصَى قِيمَتِهِ بِأَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَوْ تَزِيدُ فَإِنْ زَادَ قِيلَ لِلْمُدَبِّرِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَوْ تَزِيدُ هَكَذَا حَتَّى يَقِفَ فَإِنْ أَخَذَهُ الْمُدَبِّرُ بَقِيَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا وَإِنْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ بَقِيَ رَقِيقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَفِيهِ جُنُوحٌ إلَى مَنْ أَجَازَ الْمُدَبِّرَ فَإِنْ كَانَ الَّذِي دَبَّرَهُ مُعْسِرًا فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَالْمُنَاسِبُ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَهُوَ إنْ شَاءَ الشَّرِيكُ أَمْضَى وَإِنْ شَاءَ رَدَّ تَدْبِيرَهُ وَإِنْ دَبَّرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ ذَلِكَ أَيْ مَضَى ذَلِكَ وَلَا تَقْوِيمَ وَلَا مُقَاوَاةَ (ص) وَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبَهُ فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتِقَ لِحِصَّتِهِ فِي الْعَبْدِ إذَا ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ أَنَّ الْعَبْدَ مَعِيبٌ أَيْ فِيهِ عَيْبٌ خَفِيٌّ كَسَرِقَةٍ أَوْ إبَاقٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَقْصَ قِيمَتِهِ وَقَالَ شَرِيكِي يَعْلَمُ ذَلِكَ الْعَيْبَ وَالشَّرِيكُ يُنْكِرُ الْعِلْمَ فَلِمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ أَنْ يُحَلِّفَ شَرِيكَهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِمَالٍ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ مَعِيبٌ بِمَا يَعْنِيهِ فِيهِ وَيُقَوَّمُ مَعِيبًا (ص) وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ أَوْ أَجَازَ عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا قُوِّمَ فِي مَالِ السَّيِّدِ وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ الْمُعْتَقِ بِيعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدُ حِصَّتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ فِعْلُ عَبْدِهِ أَجَازَهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ يُقَوَّمُ فِي مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي الْعِتْقِ أَوْ أَجَازَهُ لَمَّا بَلَغَهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ فَإِنْ وَفَّى مَالُ السَّيِّدِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَيُبَاعُ الْعَبْدُ الْأَعْلَى فِي تَكْمِلَةِ النِّصْفِ الَّذِي بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْأَعْلَى مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ فَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ قَوِّمُوهُ فِي مَالِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ اُحْتِيجَ بَلْ لَهُ بَيْعُهُ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ (ص) وَإِنْ أَعْتَقَ أَوَّلَ وَلَدٍ لَمْ يُعْتِقْ الثَّانِيَ وَلَوْ مَاتَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلَ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ وَلَوْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَوْ خَرَجَا مَعًا مُسْتَوِيَيْنِ عَتَقَا مَعًا فَلَوْ شَكَكْنَا فِي أَوَّلِهِمَا خُرُوجًا عَتَقَا مَعًا أَيْضًا قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ لَوْ لِلْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ لَوْ فُرِضَ مَوْتُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَخَرَجَ مَيِّتًا وَالضَّمِيرُ فِي مَاتَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبِتَّ الثَّانِي إلَخْ) أَيْ أَوْ يَعْتِقَ لِأَجَلٍ قَبْلَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِمِثْلِهِ فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ الثَّانِي لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَيَبْطُلُ تَأْجِيلُهُ عِنْدَ أَجَلِ الْأَوَّلِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ) أَوَّلُهَا مَا عَلِمْته مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ الثَّانِي أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ أَجَازَ وَتَمَسَّك بِنَصِيبِهِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَإِنْ شَاءَ قَاوَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَقَعَ عِنْدَ الْمُدَبِّرِ اتَّبَعَهُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ بِهِ الثَّالِثُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ إنْ شَاءَ تَمَسَّك بِنَصِيبِهِ وَإِنْ شَاءَ قَاوَاهُ فَإِنْ صَارَ لِلْمُدَبِّرِ بِيعَ مِنْهُ بِنِصْفِ مَا وَقَعَ بِهِ عَلَيْهِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَبَقِيَ الْبَاقِي مُدَبَّرًا وَإِنْ صَارَ لِغَيْرِ الْمُدَبِّرِ كَانَ رَقِيقًا كُلَّهُ أَصْبَغُ وَهُوَ الْقِيَاسُ قَالَ وَالِاسْتِحْسَانُ إنْ صَارَ لِلْمُدَبَّرِ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ إلَّا نِصْفَهُ فَأَقَلَّ فَإِنْ لَمْ يَفِ نِصْفُهُ بِمَا وَقَعَ بِهِ عَلَيْهِ فِي الْمُقَاوَاةِ اتَّبَعَهُ بِالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ الْكُلْفَةِ عَنْ الْمُدَبِّرِ؛ لِأَنَّهُ؛ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي قَدْ يَتَّبِعُهُ شَرِيكُهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَفِيهَا مَشَقَّةٌ وَكَذَلِكَ لِمَا فِي الْمُقَاوَاةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمُدَبِّرِ الْمُعْسِرِ عَلَى الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ الشَّرِيكُ أَمْضَى) أَيْ تَدْبِيرَهُ أَيْ فِي حِصَّتِهِ. وَحِصَّةُ الشَّرِيكِ رِقٌّ خَالِيَةٌ عَنْ تَدْبِيرٍ لِكَوْنِ الْمُدَبِّرِ مُعْسِرًا فَهُوَ مُدَبَّرُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَقَالَ شَرِيكِي يَعْلَمُ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرِيكَ أَنْكَرَ الْعَيْبَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ يُقَوَّمُ إلَخْ) أَيْ يُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ اُحْتِيجَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْفِقْهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَفْهُومٌ بِحَسَبِ لَفْظِ لِلْمُصَنِّفِ وَلِذَلِكَ حَلَّهُ أَوَّلًا بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ وَفَّى إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ) أَيْ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بَيْعُهُ أَوْلَى مِنْ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرًا مَا تَقَعُ فِي الْمُعَايَاةِ فَيُقَالُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يُبَاعُ السَّيِّدُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ بَطَلَ عِتْقُهُ لِعَبْدِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 127 عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَأْبَى ذَلِكَ إذْ لَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ مَعَ عَدَمِ الضَّمِيرِ إلَى الثَّانِي (ص) وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا أَوْ دَبَّرَهُ فَحُرٌّ وَإِنْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ بِفِرَاشِهِ أَوْ دَبَّرَهُ يُرِيدُ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْحَمْلَ يَوْمِئِذٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا فِي الْأُولَى وَمُدَبَّرًا فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرِ أَمَدِ الْحَمْلِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي أَكْثَرِهِ هَلْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ وَقَوْلُهُ (إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا فَلِأَقَلِّهِ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا أَيْ حَاضِرٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْهَا فَأَعْتَقَ سَيِّدُهَا مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ دَبَّرَهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ يَوْمِئِذٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ حِينَئِذٍ إلَّا مَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ أَمَدِ الْحَمْلِ أَيْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ وَلَا مَفْهُومَ لِزَوْجٍ أَيْ أَوْ سَيِّدٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِ أَمَةِ عَبْدِهِ وَالسَّيِّدُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا يَتَبَادَرُ مِنْهُ كَوْنُ الْأَمَةِ حَامِلًا بِمَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْأُولَى لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا (ص) وَبِيعَتْ إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ دَيْنٌ وَرِقٌّ (ش) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ أُمِّ الْوَلَدِ وَصُورَتُهَا أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ اسْتَحْدَثَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ قَامُوا قَبْلَ الْوَضْعِ وَقَدْ اُسْتُحْدِثَ الدَّيْنُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ اسْتَحْدَثَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي الْحَالَتَيْنِ يُبَاعُ وَلَدُهَا مَعَهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِنْ قَامُوا بَعْدَ الْوَضْعِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ أَيْضًا هِيَ وَوَلَدُهَا إنْ لَمْ تَفِ بِحَقِّهِمْ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ هُوَ السَّابِقَ فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَسَوَاءٌ وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَكِنْ لَا يُفَارِقُهَا وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ بِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ قِيَامُهُمْ بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ مِنْ كَوْنِ الدَّيْنِ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ أَوْ لَاحِقًا لَهُ فَقَوْلُهُ وَبِيعَتْ أَيْ الْأَمَةُ الَّتِي أَعْتَقَ جَنِينَهَا وَلَوْ قَالَ وَبِيعَ بِلَا تَاءٍ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ إلَى الْوَلَدِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قِيَامُهُمْ بَعْدَ الْوَضْعِ لَكَانَ مُطَابِقًا لِلنَّقْلِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتُبَاعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ يَذْكُرْهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُؤَلِّفَ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ بِأَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ دَيْنًا بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ سَبَقَ وَالْفَاعِلُ هُوَ الْعِتْقُ وَوَقَفَ عَلَى دَيْنٍ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ فَلَمْ يَرْسُمْهُ بِالْأَلِفِ وَيُقْرَأُ إنْ سَبَقَ مِنْ غَيْرِ وَاوِ النِّكَايَةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يُبَاعَ فِيمَا إذَا سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ وَقَوْلُهُ وَرِقٌّ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ أَيْ كَيْفَ تَقُولُونَ إنَّ الْأُمَّ تُبَاعُ مَعَ أَنَّ جَنِينَهَا قَدْ تَحَرَّرَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَرِقٌّ لَكِنْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ أُمِّهِ تَفِي بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَرِقٌّ حَيْثُ تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ وَهُوَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَمَةٍ تَفِي بِالدَّيْنِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ فَلَا إشْكَالَ (ص) وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي بَيْعٍ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا فِي عِتْقٍ كَمَا إذَا أَعْتَقَ حَامِلًا فَإِنَّ جَنِينَهَا يَكُونُ حُرًّا مَعَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا فِي قَوْلِهِ وَالْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ كَالْوَصِيَّةِ (ص) وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاءُ وَلِيِّ مَنْ   [حاشية العدوي] هُنَا مَعْطُوفٌ مَحْذُوفٌ التَّقْدِيرُ لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي وَعَتَقَ الْأَوَّلُ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُنَاسِبَ فِي وَلَوْ مَاتَ الْإِظْهَارُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِحَلِّ شَارِحِنَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ) مِنْ حِينِ انْقِطَاعِ إرْسَالِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ إلَخْ) الْأَوْلَى الْعُمُومُ ثُمَّ وَجَدْت عَنْ ابْنِ عب مَا قُلْته فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَيُقَيَّدُ بِغَيْرِ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَوَجَدْت مَا يُؤَيِّدُهُ بَلْ هُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ؛ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْرُهَا ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ؛ قَوْلَهُ وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِتَمَامِهِ فِي غَيْرِ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ وَذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يُؤْخَذُ عَامًّا بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ أَيْ كَانَ هُنَاكَ زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا فَاسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلَهُ إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ الزَّوْجُ غَيْرُ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا فَيُحْكَمُ بِالْحُرِّيَّةِ وَإِنْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ وَمَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ الزَّوْجُ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ دَبَّرَهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمُصَنِّفِ حَذْفًا (قَوْلُهُ فَلِأَقَلِّهِ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ فَلِأَقَلِّ أَقَلِّهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَقَلَّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا كَنَقْضِ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ؛ مَا نَقَصَتْهُ الْخَمْسَةُ الْأَيَّامُ يُعْطَى حُكْمَ السِّتَّةِ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِ فَلِأَقَلَّ أَيْ كَمَنْ تَأْتِي بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً أَوْ أَكْثَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ السِّتَّةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ) أَيْ وَأَمَّا ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَاتِ الزَّوْجِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ؛ مَا قَبْلَهُ يَتَنَاوَلُهُ لَفْظًا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ؛ إلَخْ تَعْلِيلٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ؛ فَإِنَّهَا؛ تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا خَالَفَ فِيهِ الْمَعَافِرِيُّ مَالِكًا شَيْخَهُ فَقَالَ لَا تُبَاعُ فِي دَيْنٍ اسْتَحْدَثَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ حَتَّى تَضَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ؛ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ فَتُبَاعُ هِيَ وَكَذَا وَلَدُهَا إنْ لَمْ تَفِ بِحَقِّهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا فَقَطْ وَلَا يُبَاعُ الْوَلَدُ قَطْعًا فَمَرْجِعُ التَّفْصِيلِ لِلْوَلَدِ لَا هِيَ (قَوْلُهُ فَتُبَاعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ فَلَا مَعْنَى لِلتَّفْصِيلِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ جَوَابًا عَنْ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ؛ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا رِقَّ يَتَعَلَّقُ بِالْوَلَدِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرُ قَوْلِهِ وَرِقٌ فَإِنَّ الَّذِي يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَرِقٌّ الْمُقَيَّدُ بِقَوْلِهِ تَنَاوَلَهُ الْمَبِيعُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَقَدَّمَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ وَالْحَالُ أَنَّ الْقِيَامَ بَعْدَ الْوَضْعِ [الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي بَيْعٍ وَلَا فِي عِتْقٍ] (قَوْلُهُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ كَالْوَصِيَّةِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 128 يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ فِي حِجْرِهِ بِمَالِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِمَالِهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَتِمُّ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى مَحْجُورِهِ أَمْ لَا وَمِثْلُ الصَّغِيرِ السَّفِيهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِمَالِ السَّيِّدِ فَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ فَتَارَةً يَكُونُ الْإِذْنُ فِي اشْتِرَائِهِ بِعَيْنِهِ وَهَذَا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ وَتَارَةً يَكُونُ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَأْذُونِ يُحِيطُ بِمَالِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتَارَةً يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِيهِ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا يَعْتِقُ مَنْ اشْتَرَى مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَمَا يَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ (ص) وَإِنْ دَفَعَ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ بِهِ فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا غَرِمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ مَالًا لِرَجُلٍ يَشْتَرِيهِ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَفَعَلَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أَيْ لَا يَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَقَدْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَأَمَّا إنْ كَانَ عَرْضًا فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ انْتَهَى وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي دَفَعَهَا الْمُشْتَرِي فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ عَبْدِهِ تَأَمَّلْ (ص) كَلِتَعْتِقَنِي (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ مَالًا لِآخَرَ لِيَشْتَرِيَهُ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ وَيَعْتِقَهُ فَفَعَلَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْعَبْدِ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ (وَبِيعَ فِيهِ) يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِنِي لِتَعْتِقَنِي مِنْهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ وَالْمُشْتَرِي لَا مَالَ لَهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُبَاعُ فِي ثَمَنِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَفِيَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِالثَّمَنِ فَيَعْتِقُ بَقِيَّتُهُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ بَعْدَ بَيْعِ جَمِيعِهِ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ (ش) إلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ الْمَالَ لِرَجُلٍ وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي بِهِ وَأَعْتِقْنِي فَفَعَلَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ   [حاشية العدوي] فَإِذَا أَوْصَى أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى شَخْصٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ جَنِينِهَا فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ فَحُرَّةٌ حَامِلَةٌ بِعَبْدٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ) كَالْوَصِيِّ وَمُقَدَّمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَى السَّيِّدِ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا أَيْ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْمَأْذُونِ أَيْضًا عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا لِلْمُصَنِّفِ فِي الْوَكَالَةِ وَالْقِرَاضِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْذُونِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ أَنَّ الْمَأْذُونَ عَبْدٌ لِلسَّيِّدِ فَإِذْنُهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَشْمَلُ شِرَاءَ قَرَابَتِهِ أَيْ وَلَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْهُ مِنْ الْإِذْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْزِعُ مَالَهُمَا بِعَزْلِهِمَا مِنْ الْوَكَالَةِ (تَنْبِيهٌ) لَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَا اشْتَرَاهُ لِمَحْجُورِهِ مِمَّا يَمْتَنِعُ شِرَاؤُهُ لَهُ فَلَيْسَ كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ (قَوْلُهُ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَأْذُونِ يُحِيطُ بِمَالِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِتَعَلُّقِ؛ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا دَفَعَ مِنْ الْمَالِ فِي ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ إذْ الِاسْتِثْنَاءُ الْحَقِيقِيُّ إنَّمَا يَكُونُ لِبَائِعٍ سَابِقٍ مَلَكَ وَهَذَا لَمُرِيدِ شِرَاءٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا) أَيْ لُزُومُ الثَّمَنِ وَعَدَمُ نَقْضِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَرْضًا) أَيْ فِي صُورَةِ عَدَمِ اسْتِثْنَاءِ مَالِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ عِبَارَةَ اللَّقَانِيِّ أَحْسَنُ وَنَصُّهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْعَبْدِ إذَا كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتُهُ إنْ فَاتَ (قَوْلُهُ تَأَمَّلْ) أَيْ تَأَمَّلْ مَا قُلْنَاهُ تَجِدْهُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ؛ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ مِمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ اسْتِثْنَاءُ الْمَالِ وَعَدَمُهُ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يُنَافِي ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِتَعْتِقَنِي فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ إعْتَاقٍ وَالْمُوَافِقُ لَهُ الْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ وَالرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ فَقَوْلُهُ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَبِيعَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ أَنْفَذَ عِتْقَهُ؛ لِأَنَّهُ؛ مُعْسِرٌ وَعِتْقُهُ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَ ذَلِكَ فِي ك (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُبَاعُ فِي ثَمَنِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ يُبَاعُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ بِيعَ بِأَقَلَّ اُتُّبِعَ الْمُشْتَرِي بِالْبَاقِي وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ يُوَفِّي بِنِصْفِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ نِصْفُهُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي حُرٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنْ يَعْتِقَ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ فَقَوْلُهُ فَيَعْتِقُ بَقِيَّتُهُ أَيْ فَلَا يَكُونُ حُرًّا إلَّا بَقِيَّتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فَيَقُولُ فَيَرِقُّ بَقِيَّتُهُ [لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ] (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ) رَجَّعَهُ الشَّرْحُ لِمَسْأَلَةِ لِتَعْتِقَنِي دُونَ مَسْأَلَةِ لِتَشْتَرِيَنِي أَيْ وَرُجُوعُهُ لِلْأُولَى أَوْلَى أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَأَحْدَثَ فِي الْعَبْدِ صِيغَةَ الْعِتْقِ فَإِنَّ لَهُ الْوَلَاءَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 129 بِشَيْءٍ مِنْهُ وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ غَرِمَ الثَّمَنَ قَبْلَ إنْفَاذِ الْعِتْقِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْعِتْقَ عَلَى شَرْطِ عَدَمِ الْغُرْمِ فَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ إلَخْ أَيْ حَيْثُ أَعْتَقَهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ فَهُوَ رِقٌّ وَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُ الْعِتْقِ (ص) وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا رَقَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ لِيَشْتَرِيَهُ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ لِنَفْسِ الْعَبْدِ فَفَعَلَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَيَكُونُ الْعَبْدُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ هُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ هَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنَّهُ يَرِقُّ لِلْبَائِعِ أَيْ يَبْقَى عَلَى رِقِّهِ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ وَكَالَةٌ مِنْ الْعَبْدِ وَوَكَالَةُ الْعَبْدِ بَاطِلَةٌ فَيَبْطُلُ الشِّرَاءُ مِنْ أَصْلِهِ يُقَالُ إنَّ الشِّرَاءَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ لِلْعَبْدِ وَقَدْ أَجَازَ الْعَبْدُ شِرَاءَهُ فَصَحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَلَا يُقَالُ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَانَ اشْتَرَى نَفْسَهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَيَعْتِقُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ (ص) وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَوْ سَمَّاهُمْ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ أَقْرَعَ كَالْقِسْمَةِ (ش) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ الْأُولَى إذَا بَتَلَ عِتْقَ عَبِيدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ الثَّانِيَةُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ وَسَوَاءٌ سَمَّاهُمْ فَقَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ الثَّالِثَةُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَعْتِقُ يُرِيدُ أَوْ بَتَلَ عِتْقَ الثُّلُثِ الرَّابِعَةُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَدَدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ مَثَلًا وَذَكَرَ أَنَّ الْقُرْعَةَ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ سَمَّاهُمْ لِرَدِّ قَوْلِ سَحْنُونَ أَنَّهُ إذَا سَمَّاهُمْ فَقَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ أَنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ فِيمَا عَدَا قَوْلَهُ أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ أَنْ يَقُومَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَيَكْتُبَ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ ثُمَّ تُخْلَطَ الْأَوْرَاقُ بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَقِيَّةِ ثُمَّ تُخْرَجَ وَرَقَةٌ مِنْهَا وَتُفْتَحَ فَمَنْ وُجِدَ اسْمُهُ فِيهَا عَتَقَ وَيُنْظَرَ إلَى قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ وَإِنْ نَقَصَتْ أُخْرِجَتْ وَرَقَةٌ أُخْرَى وَعُمِلَ فِيهَا كَمَا عُمِلَ فِي الْأُولَى وَهَكَذَا وَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَحَمَّلَهُ الثُّلُثَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ فِيهِ مَسْلَكَ مَا مَرَّ وَأَمَّا إنْ سَمَّى عَدَدًا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَإِنَّهُ يَنْسِبُ عَدَدَ مَنْ سَمَّاهُ إلَى عَدَدِ جَمِيعِ رَقِيقِهِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُجَزَّءُونَ حَيْثُ أَمْكَنَ تَجْزِئَتُهُمْ فَإِنْ أَعْتَقَ عَشَرَةً مِنْ رَقِيقِهِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ الرُّبْعُ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ تَقَعُ التَّجْزِئَةُ فَيُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ جُزْءًا عَلَى حِدَتِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِيمَةِ كُلِّ جَزْءٍ وَيُكْتَبُ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ رَقِيقٌ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ   [حاشية العدوي] الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ يُقَالُ الشِّرَاءُ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ؛ أَنَّهُ؛ لَمَّا اسْتَثْنَى مَالَهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ فَصَحَّتْ وَكَالَتُهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ وَأَمَّا قَوْلُهُ الشِّرَاءُ فُضُولِيٌّ فَلَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ؛ الْعَبْدَ قَدْ أَذِنَ لَهُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ فُضُولِيًّا سَلَّمْنَا أَنَّهُ فُضُولِيٌّ لَكِنْ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ صَحِيحٌ وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ أَجَازَ وَصَحَّ الْبَيْعُ يُفِيدُ أَنَّ شِرَاءَ الْفُضُولِيِّ فَاسِدٌ مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ؛ اسْتَثْنَى مَالَهُ) عِلَّةٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْإِجَازَةِ أَيْ إنَّمَا صَحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ؛ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ عِلَّةَ الصِّحَّةِ عُلِمَتْ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَى قَوْلِهِ أَجَازَ؛ لِأَنَّ؛ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعَلِيَّةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ صَحَّ لِلْإِجَازَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَحْتَاجُ صِحَّةُ الْبَيْعِ لِلتَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ؛ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَنَقُولُ عِلَّةُ الْمَجْمُوعِ الْمُعَلَّلُ وَعِلَّتُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ فَصَحَّ الْبَيْعُ أَيْ لَا مَعْنَى لِصِحَّةِ الْبَيْعِ إلَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَقَوْلُهُ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ فِي مَرَضِهِ) أَيْ مَرَضِ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الْقُرْعَةِ حَيْثُ حَمَلَهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ مَنْ سَمَّاهُ أَمَّا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ كَمَا إذَا قَالَ أَعْتِقُوا عَشَرَةَ أَعْبُدٍ مِنْ عَبِيدِي وَكَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ عَشَرَةً مِنْ عَبِيدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) لَا مَفْهُومَ لِثُلُثِهِمْ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ أَوْ نِصْفُهُمْ أَوْ ثُلُثَاهُمْ عَتَقَ مِنْهُمْ مَا سَمَّى بِالْقُرْعَةِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِمَّا سَمَّى (قَوْلُهُ أَوْ بَتَلَ عَتَقَ الثُّلُثُ) أَيْ وَلَمْ يُعَيَّنْ مَنْ يَعْتِقُ (قَوْلُهُ وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ) الَّذِي يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ أَنَّنَا نَقْسِمُ الْعَبِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي وَرَقَتَيْنِ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ فَمَنْ خَرَجَ حُرِّيَّتُهُ نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ قِيمَتِهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَعْتَقَ عَشَرَةً مِنْ رَقِيقِهِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ عَدَدُ رَقِيقِهِ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ وَقَدْ أَعْتَقَ عَشَرَةً مِنْهُمْ فَيُجَزَّءُونَ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ؛ لِأَنَّ؛ نِسْبَةَ الْعَشَرَةِ لِلْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ سُبْعَانِ وَيُكْتَبُ فِي وَرَقَتَيْنِ حُرٌّ وَفِي خَمْسَةِ أَوْرَاقٍ رَقِيقٌ وَتُرْمَى الْأَوْرَاقُ عَلَى الْأَجْزَاءِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْجُزْأَيْنِ اللَّذَيْنِ وَقَعَتْ عَلَيْهِمَا وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمَا الثُّلُثُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُمَا مَحْمَلُ الثُّلُثِ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِيمَةِ كُلِّ جُزْءٍ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ بِالتَّقْوِيمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 وَتُرْمَى كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ عَلَى جُزْءٍ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الْأَجْزَاءِ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَيُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ وَاحِدِ مَعَ قِيمَتِهِ مِنْ الْعَشَرَةِ فِي وَرَقَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ وَمَحَلُّ الْقُرْعَةِ (ص) إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ فَيُتَّبَعَ (ش) فَاعِلُ يُرَتِّبُ الْمَرِيضُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ أَيْ فَإِنْ رَتَّبَ فَلَا قُرْعَةَ حِينَئِذٍ وَالتَّرْتِيبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالزَّمَانِ كَقَوْلِهِ أَعْتِقُوا فُلَانًا الْيَوْمَ وَفُلَانًا غَدًا مَثَلًا أَوْ بِالْأَدَاةِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا وَهَكَذَا أَوْ بِالْوَصْفِ كَأَعْتِقُوا عَبِيدِي الْأَعْلَمَ فَالْأَعْلَمَ أَوْ الْأَصْلَحَ فَالْأَصْلَحَ أَوْ بِالْأَدَاءِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا إنْ أَدَّى كَذَا وَفُلَانًا إنْ أَدَّى كَذَا وَهَكَذَا فَيُتَّبَعُ فِيمَا قَالَ وَيُقَدَّمُ مَنْ قَدَّمَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ أَوْ قَدَّرَ مَحْمَلَهُ ثُمَّ إنْ حَمَلَ الثُّلُثَ جَمِيعَهُ أَوْ زَادَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الثَّانِي بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ أَوْ جَمِيعِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الثُّلُثَ وَقَوْلُهُ (ص) أَوْ يَقُولَ ثُلُثُ كُلٍّ أَوْ أَنْصَافُهُمْ أَوْ أَثْلَاثُهُمْ (ش) أَيْ فَيُتَّبَعُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَهُ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَمِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهَذَا حَيْثُ حَمَلَ الثُّلُثُ ثُلُثَ كُلٍّ أَوْ نِصْفَ كُلٍّ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ مَحْمَلِ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى الْمُوصِي كَمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ عُشْرَ قِيمَتِهِمْ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ عُشْرَهُ وَجَاءَ بِقَوْلِهِ أَوْ أَنْصَافَهُمْ أَوْ أَثْلَاثَهُمْ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُلُثَ كُلٍّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُضِيفَ الْجُزْءَ لِمُفْرَدٍ أَوْ لِجَمْعٍ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ وَهُوَ هُنَا أَنْصَافٌ وَأَثْلَاثٌ بِالْجَمْعِ وَهُوَ الضَّمِيرُ فِي هُمْ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ ثُلُثُ كُلٍّ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْصَافُهُمْ وَأَثْلَاثُهُمْ أَوْ عَلَى الثَّانِي لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ الْأَوَّلُ فَجَاءَ بِهِمَا لِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُفْرَدٌ وَهُوَ ثُلُثٌ وَالثَّانِي جَمْعٌ وَهُوَ أَنْصَافٌ وَأَثْلَاثٌ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ جَمْعٌ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالضَّمِيرُ جَمْعٌ فَلَيْسَ قَوْلُهُ أَوْ أَثْلَاثُهُمْ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ ثُلُثُ كُلٍّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَرَضِ عَلَى التَّرْتِيبِ يَدْخُلُ فِيهِ الْقُرْعَةُ لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَا يُخْرَجُونَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ (ص) وَيُتَّبَعُ سَيِّدُهُ بِدَيْنٍ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَإِنَّ مَالَهُ كُلَّهُ يَتَّبِعُهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَالَهُ يَتَّبِعُهُ فِي الْعِتْقِ دُونَ الْبَيْعِ فَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ فَإِنَّهُ يَتَّبِعُهُ بِهِ فَإِنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ عِنْدَ الْعِتْقِ بِأَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ انْتَزَعْت الدَّيْنَ الَّذِي لِعَبْدِي أَوْ أَنِّي أَعْتَقْته عَلَى أَنَّ مَالَهُ لِي فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ (ص) وَرَقَّ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ أَوْ تَقَدَّمَ دَيْنٌ وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَرِقُّ لَهُ الْعَبْدُ وَكَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ إذَا أَقَامُوا شَاهِدًا يَشْهَدُ أَنَّ الدَّيْنَ سَابِقٌ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ مَعَ شَاهِدِهِمْ وَيَرِقُّ الْعَبْدُ لَهُمْ فَفَاعِلُ حَلَفَ يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ فِي الْأُولَى وَلِلْغُرَمَاءِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ نَكَلَ مَنْ شَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ بِرِقِّهِ حَلَفَ الْعَبْدُ فَإِنْ نَكَلَ رَقَّ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَهُ آخَرُ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَقِ حَيْثُ نَكَلَ مُدَّعِي الرِّقِّ فَإِنْ نَكَلَ الْمُعْتِقُ حَلَفَ الْعَبْدُ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْعَبْدُ وَأَمَّا مَنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ بِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ أُجْرِيَ فِيهِ مَا مَرَّ (ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إنْ شَهِدَ بِالْوَلَاءِ شَاهِدٌ أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى إرْثَ شَخْصٍ بِالنَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَوْ بِالْأَدَاةِ إلَخْ) إطْلَاقُ التَّرْتِيبِ عَلَى ذَلِكَ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنْصَافَهُمْ أَوْ أَثْلَاثَهُمْ لَيْسَ رَاجِعًا لِلْكُلِّ بَلْ رَاجِعٌ لِلْعَبِيدِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ أَيْ فَيَقُولُ أَعْتِقُوا أَنْصَافَ عَبِيدِي أَوْ أَثْلَاثَهُمْ وَقَوْلُهُ لِلْإِشَارَةِ إلَخْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْقَاعِدَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْإِضَافَةَ لِلْمُفْرَدِ كَالْإِضَافَةِ لِلْجَمْعِ؛ لِأَنَّ؛ الْقَاعِدَةَ إلَخْ وَقَوْلُهُ تَقْتَضِي خَبَرُ أَنَّ وَقَوْلُهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُفْهِمُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِمُفْرَدٍ لَا تَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَقَوْلُهُ (أَوْ عَلَى الثَّانِي إلَخْ) يُخَالِفُهُ وَقَوْلُهُ فَجَاءَ بِهِمَا لِذَلِكَ أَيْ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ؛ الْأَوَّلَ مُفْرَدٌ أَقُولُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ مُضَافٌ لِمُفْرَدٍ وَقَوْلُهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَقَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ جَمْعٌ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ إنَّمَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ جَمْعًا؛ لِأَنَّ؛ الضَّمِيرَ جَمْعٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ صَدْرَ حَمَلَهُ حَيْثُ قَالَ فَاعِلُ يُرَتِّبُ الْمَرِيضُ وَالْجَوَابُ إنَّ قَوْلَهُ وَظَاهِرُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ لَلْمُعْتَقِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ بَعِيدٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الْمُعْتِقُ فِي صِحَّتِهِ مَعْلُومٌ بِطَرِيقٍ الْأَوْلَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ) أَيْ أَوْ أُعْتِقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ بِرِقِّهِ وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ الْمُدَّعِي مُجَرَّدُ دَعْوَى فَإِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْعَبْدِ يَمِينٌ وَهَذِهِ تُخَصِّصُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ أَوْ تَقَدَّمَ دَيْنٌ) أَيْ فَالْأَصْلُ تَقَدَّمُ الْعِتْقُ عَلَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ؛ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِهِ فَمَنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ الدَّيْنِ فَقَدْ ادَّعَى خِلَافَ الْأَصْلِ فَعَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ اعْتِمَادُ مَا لِابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي) وَهُوَ الْغُرَمَاءُ فَإِنْ نَكَلَ الْغَرِيمُ جَرَى عَلَى مَا مَرَّ أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْعَبْدُ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ادِّعَاءُ شَخْصٍ عِتْقَ الْعَبْدِ غَيْرَ الْمُعْتَقِ الْمَدِينِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ قَامَ إلَخْ لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ؛ عُلِمَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 131 بِذَلِكَ عَلَى الْبَتِّ فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِالْمَالِ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَرْجِعُ إلَى الْمَالِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ لَهُ بِمَا ذَكَرَ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَيْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُمَا ثُمَّ يُسْتَأْنَى بِالْمَالِ لَعَلَّ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْهُ ثُمَّ يَقْضِي لَهُ بِالْمَالِ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ وَلَا وَلَاءٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَاحِدًا إذْ لَوْ كَانَ يَثْبُتُ مَا ذُكِرَ لَمَا كَانَ لِلِاسْتِينَاءِ فَائِدَةٌ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ سَمَاعُهُمَا لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِلَّا ثَبَتَ الْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ وَلَا يَشْهَدَانِ حِينَئِذٍ إلَّا عَلَى الْقَطْعِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ النَّسَبَ وَالْوَلَاءَ يَثْبُتَانِ بِالسَّمَاعِ (ص) وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَلَا الْإِقْرَارُ وَلَمْ يُقَوَّمْ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْعَبْدِ تَكُونُ رِقًّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ وَإِنَّمَا هُوَ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ شَهَادَةِ هَذَا الْمُقِرِّ فَلَوْ قُسِمَتْ الْعَبِيدُ فَوَقَعَ هَذَا الْعَبْدُ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ فِي حِصَّةِ هَذَا الْمُقِرِّ عَتَقَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (ص) وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ كَعُسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا شَهِدَ أَنَّ شَرِيكَهُ فِي الْعَبْدِ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَالشَّرِيكُ يُكَذِّبُهُ فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا فَإِنَّ نَصِيبَ الشَّاهِدِ يَكُونُ حُرًّا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى شَرِيكِهِ إلَّا الْقِيمَةَ وَقَدْ ظَلَمَهُ فِيهَا حَيْثُ أَنْكَرَ الْعِتْقَ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدِ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُعْتِقُ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ مَجَّانًا أَوْ نَصِيبَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رَقَّ لَهُ فَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى نَفْيِ حُرِّيَّةِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ مَعَ يُسْرِ الشَّرِيكِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَلَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ (بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ التَّدْبِيرُ وَهُوَ عِتْقُ الْعَبْدِ عَنْ دُبُرٍ وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْأَمْرِ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ وَالتَّدْبِيرُ التَّفَكُّرُ فِيهِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي التَّنْبِيهَاتِ التَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ وَدُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ مَا وَرَاءَهُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ   [حاشية العدوي] مِمَّا سَبَقَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا تَأْخِيرُ الْحَلِفِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُمَا ثُمَّ يُسْتَأْنَى صَرِيحُ هَذَا تَقَدُّمُ الْحَلِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ فِي اخْتِلَافِ الْحَلِفِ بِحَسَبِ الزَّمَنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ اسْتِوَاءَ الْحَالَتَيْنِ فِي تَأْخِيرِ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ؛ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَاحِدًا) أَيْ أَصْلُ السَّمَاعِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فَاشِيًا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَانَ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا (قَوْلُهُ وَلَا يَشْهَدَانِ حِينَئِذٍ إلَّا عَلَى الْقَطْعِ) فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الظَّنِّ وَنَحْوِهِ حُدَّا فِي النَّسَبِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إنْ شَهِدَ اثْنَانِ شَهَادَةَ سَمَاعٍ بِالْوَلَاءِ أَوْ الْإِرْثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ شَاهِدٌ بِالنَّسَبِ أَوْ بِالْوَلَاءِ وَشَاهِدَانِ بِالسَّمَاعِ بِالْوَلَاءِ أَوْ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) وَلَدٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ مَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ شَهِدَ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ عَدْلًا وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ وَهُوَ رَشِيدٌ فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَتْ شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ الشَّهَادَةُ وَالْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ؛ فِي الْأَوَّلِ شَهَادَةُ وَاحِدِ وَالْعِتْقُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَفِي الثَّانِيَةِ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَجُزْ بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِ غَيْرِ الشَّاهِدِ وَالْمُقِرِّ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِهَا فَيَصِحُّ وَلَكِنْ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ أَلْغَى ذَلِكَ لِسَلِمِ مِنْ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ لَا يُمَكَّنُ الْعَبْدُ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِيَتِمَّ لَهُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ؛ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُسِمَتْ الْعَبِيدُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ وَهِيَ فَإِنْ مَلَكَهُ الشَّاهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قُسِمَتْ الْعَبِيدُ فَتَابَ ذَلِكَ لِلشَّاهِدِ أَوْ الْمُقِرِّ عَتَقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ إلَخْ) أَيْ شَهِدَ وَحْدَهُ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ شَهِدَ مَعَ عَدْلٍ آخَرَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَنَصِيبُ الشَّاهِدِ الشَّرِيكِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لِإِقْرَارِهِ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ مَا صَدَّرَ بِهِ [بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ] (بَابُ التَّدْبِيرِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ) يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ عَتَقَ وَلَا يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِعَدَمِ صِحَّةِ كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِلتَّدْبِيرِ الَّذِي هُوَ صِفَةُ الْمُدَبِّرِ بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْأَمْرِ) أَيْ أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي اللُّغَةِ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْحَادِثِ وَأَمَّا التَّدْبِيرُ فِي حَقِّ الْقَدِيمِ فَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّيْءِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ وَقَوْلُهُ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ أَظْهَرُ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ أَيْ يَنْظُرُ فِي الَّذِي تَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَتُهُ أَيْ نِهَايَتُهُ صَوَابٌ أَوْ غَيْرُ صَوَابٍ وَقَوْلُهُ التَّدْبِيرُ التَّفْكِيرُ فِيهِ أَيْ أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْأَمْرِ التَّفَكُّرُ فِيهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ لِلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالتَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ) أَيْ التَّدْبِيرُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ) أَيْ تَوْلِيَتِهَا وَذَهَابِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ؛ ثَمَرَةَ التَّدْبِيرِ مِنْ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ مَا وَرَاءَهُ) أَيْ مِمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ (قَوْلُهُ وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْإِنْسَانِ قَوْلُهُ تَوْلِيَتُهَا كَذَا بِالنُّسَخِ مَعَنَا وَالْمُنَاسِبُ تَوَلِّيهَا اهـ. مُصَحَّحٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 132 الضَّمَّ فِي غَيْرِهَا وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ» وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ انْتَهَى وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقَ مَمْلُوكٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَخْرُجُ بِهِ الْمُلْتَزِمُ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ الْمُبَتَّلِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ إذَا لَمْ يَمُتْ وَقَوْلُهُ بِعَقْدٍ لَازِمٍ مُتَعَلِّقٌ بِيُوجِبُ أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّةَ وَرَسَمَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ وَلَوْ زَوْجَةً فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا نُفُوذَ الْعِتْقِ عَلَى مَوْتِهِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ زَوْجَةً أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُكَلَّفُ زَوْجَةً وَدَبَّرَتْ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهَا فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ غَيْرَ الَّذِي دَبَّرَتْهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الرِّقِّ إلَى الْمَوْتِ وَأَمَّا تَدْبِيرُهَا الثُّلُثَ فَمَا دُونَ فَلَا خِلَافَ فِي نُفُوذِهِ وَقَوْلُهُ الْعِتْقُ بِمَوْتِهِ مَعْمُولُ تَعْلِيقٍ أَيْ تَعْلِيقُهُ نُفُوذَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ إنَّمَا هُوَ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَأَمَّا إنْشَاءُ الْعِتْقِ فَهُوَ مِنْ الْآنِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَتَعَدَّى بِعَلَى فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفٍ ز وَاحْتَرَزَ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ بَاطِلٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَدْبِيرٌ وَإِنْ صَحَّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَصِيَّةٌ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَقَعَتْ بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ فَإِطْلَاقُ التَّدْبِيرِ عَلَيْهِ مَجَازٌ وَدَخَلَ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ الْأَقْرَبُ لُزُومُهُ كَعِتْقِهِ وَخَرَجَ بِالرَّشِيدِ السَّفِيهُ وَالْمُهْمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَخَرَجَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ (ص) لَا عَلَى وَصِيَّةٍ كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إنْ لَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ (ش) لَمَّا كَانَ كَلَامُهُ السَّابِقُ شَامِلًا لِلْوَصِيَّةِ أَخْرَجَهَا وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَعْرِيفِهِ هُوَ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى الْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ الِانْحِلَالِ وَالرُّجُوعِ يَعْنِي أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقٌ عَلَى وَجْهِ الِانْبِرَامِ وَالنُّفُوذِ لَا عَلَى وَجْهِ الِانْحِلَالِ وَالرُّجُوعِ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَى أَمْرٍ يَكُونُ وَلَا يَكُونُ كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ يُقَيِّدْ لَا بِيَوْمٍ وَلَا بِغَيْرِهِ فَهِيَ وَصِيَّةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي فَهُوَ تَدْبِيرٌ قَطْعًا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تت هَذَا إنْ لَمْ يُرِدْ التَّدْبِيرَ أَمَّا إنْ أَرَادَهُ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَلَا رُجُوعَ لِي فِيهِ أَوْ حُرٌّ بَعْدَ   [حاشية العدوي] مَحَلُّ الْغَائِطِ (قَوْلُهُ {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] أَيْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّدْبِيرَ خَيْرٌ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الدَّلِيلِ أَعَمَّ مِنْ الْمُدَّعَى فَشَمِلَ الْمُدَّعَى وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ أَيْ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِعَقْدٍ لَازِمٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يُوجِبُ أَيْ يُوجِبُ ذَلِكَ الْعَقْدُ الْعِتْقَ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِعَقْدٍ لَازِمٍ مِنْ مُلَابَسَةِ الْعَامِّ لِلْخَاصِّ وَلَوْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَسْهَلَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مُتَعَلِّقٌ بِيُوجِبُ أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي تَعَلُّقَهُ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ الْعِتْقُ بِمَوْتِهِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِمَوْتِهِ الْعِتْقُ النَّاجِزُ وَلِأَجَلٍ وَمِنْهُ تَعْلِيقُهُ عَلَى مَوْتِ شَخْصٍ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْهُمَا تَدْبِيرًا بَلْ عِتْقًا لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا) أَيْ الْآنَ وَإِنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ لَا يُخْرَجُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ أَيْ تَعْلِيقُهُ نُفُوذٌ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ بِمَعْنَى خُلُوصِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرَّقَبَةِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا أَنَّهُ حَاصِلٌ الْآنَ وَنُفُوذُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفٍ ز) أَيْ فَإِنَّ ز قَالَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ حَالٍ أَيْ رَابِطًا لَهُ بِمَوْتِهِ وَهَذَا مَعْنَى التَّضْمِينِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَحَيْثُ أَمْكَنَ إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ فَالْمَطْلُوبُ الْإِبْقَاءُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى انْتَهَى (قَوْلُهُ أَمَّا الْمَجْنُونُ إلَخْ) يُوَضِّحُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ اُحْتُرِزَ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّ عِتْقَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنُونِ وَغَيْرُ لَازِمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَإِنْ قِيلَ فَائِدَةُ الصِّحَّةِ التَّوَقُّفُ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ وَرَدِّهِ مَعَ أَنَّهُ هُنَا لَيْسَ لَهُ الْإِمْضَاءُ؛ لِأَنَّ؛ فِيهِ إتْلَافًا لِمَالِهِ فَمَا فَائِدَةُ صِحَّتِهِ الْجَوَابُ إنَّ فَائِدَتَهُ فِي أَنَّهُ إذَا بَلَغَ يَكُونُ لَهُ رَدُّهُ وَإِمْضَاؤُهُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ) أَيْ بِحَرَامٍ وَأَمَّا بِحَلَالٍ فَكَالْمَجْنُونِ وَقَوْلُهُ السَّفِيهُ أَيْ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَيْ فَتَدْبِيرُهُ غَيْرُ نَافِذٍ اتَّسَعَ مَالُهُ أَمْ لَا أَيْ وَهُوَ صَحِيحٌ كَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) سَبْقُ قَلَمٍ إذْ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ الْعَبْدُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ غَيْرُ لَازِمٍ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ثُمَّ نَقُولُ وَهَلْ صَحِيحٌ كَالصَّبِيِّ أَوْ بَاطِلٌ كَالْمَجْنُونِ الظَّاهِرُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فَيَكُونُ بَاطِلًا (أَقُولُ) وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ كُلَّهُ فَالْمُعْتَمَدُ مَا أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَدْبِيرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَصِحُّ وَلَا يَنْقَلِبُ وَصِيَّةً كَمَا اعْتَمَدَهُ عج خِلَافًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ اللَّقَانِيِّ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالرَّشِيدِ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالزَّوْجَةُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعَارِضٍ (قَوْلُهُ كَإِنْ مِتّ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ لَا لِلنَّفْيِ وَلَا لِلْمُثْبَتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ كَإِنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ) عِبَارَةُ عب وشب فَأَنْتَ حُرٌّ فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِشَارِحِنَا لَكِنْ فِي النَّقْلِ مَا يُؤَيِّدُ مَا لِشَارِحِنَا؛ لِأَنَّهُ؛ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّدْبِيرَ وَقَصَدَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي صِحَّتِهِ بَلْ مِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تت) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ فَيُعْلَمُ مِمَّا قَالَهُ شَارِحُنَا أَنَّ كَلَامَ تت غَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ أَرَادَهُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى التَّدْبِيرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 133 مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَقْدًا لَازِمًا وَلَمْ يُعَلِّقْهُ أَيْ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ صِيغَةِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّ صِيغَتَهُ تَعْلِيقٌ أَيْضًا كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ وَكَلَّمَ فُلَانًا أَوْ دَخَلَ الدَّارَ مَثَلًا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ رَاجِعٌ لِلصِّيَغِ الثَّلَاثِ وَأَمَّا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَكُونُ وَصِيَّةً غَيْرَ لَازِمَةٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلتَّدْبِيرِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ عَلَى الْمَوْتِ وَسَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَرَادَهُ كَانَ وَصِيَّةً الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَالْوَصِيَّةُ إذَا الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا هَلْ تَلْزَمُ أَوْ لَا قَوْلَانِ (ص) بِدَبَّرْتُك وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي صَرِيحِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ تَعْلِيقٌ وَالْمَعْنَى إنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى مَوْتِهِ بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَدْبِيرًا صَرِيحًا إلَّا أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ أُغَيِّرْ ذَلِكَ أَوْ أَرْجِعْ عَنْهُ أَوْ أَفْسَخْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّدْبِيرِ إلَى الْوَصِيَّةِ وَهَذَا حُكْمُ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ إذَا صَحِبَهُ قَرِينَةٌ عَلَى التَّدْبِيرِ انْعَقَدَ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ (ص) وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأَوْجَزَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَوْ الْيَهُودِيَّ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا ثُمَّ دَبَّرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفُذُ وَيَلْزَمُ وَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ وَلَكِنْ يُؤَاجَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ الِاسْتِيلَاءُ بِالْخِدْمَةِ وَتَكُونَ أُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ حَتَّى يَعْتِقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْكَافِرِ وَلَدٌ أَوْ أَخٌ مُسْلِمٌ فَإِنْ أَسْلَمَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ أَيْ حَيْثُ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ التَّدْبِيرِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ أَسْلَمَ وَلَا لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ فَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ عَلَيْهِ وَأُوجِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْحَاكِمُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ وَيُؤَجَّرُ مُدَّةً شَيْئًا فَشَيْئًا لِأَنَّ مُنْتَهَى أَجَلِ السَّيِّدِ لَا يُعْلَمُ وَنَفَذَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (ص) وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا كَوَلَدٍ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَبَّرَ أَمَتِهِ فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ يَتَنَاوَلُ حَمْلَهَا سَوَاءٌ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا أَوْ بَعْدَهُ كَمَا أَنَّ وَلَدَ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ الْكَائِنَ مِنْ أَمَتِهِ الَّتِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِهِ يَكُونُ مُدَبَّرًا مِثْلَ أَبِيهِ فَلَوْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ يَكُونُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ الْمُدَبِّرِ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ فَقَوْلُهُ مَعَهَا وَأَحْرَى فِي الدُّخُولِ الْحَمْلُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَالظَّرْفُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ أَيْ مَعَ تَدْبِيرِهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُرِيدُ أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ بِالْأَحْرَى لَا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْعِبَارَةِ وَاعْتِرَاضُ تت عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا دَخَلَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا فِي عَقْدِ تَدْبِيرِهَا دُونَ حَمْلِهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَجُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُوضَعَ فَإِذَا دَبَّرَهَا فَقَدْ دَبَّرَهُ وَإِذَا دَبَّرَ الْأَبَ لَمْ يَدْخُلْ تَدْبِيرُ الْأُمِّ وَلَا حَمْلُهَا حَتَّى تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ الْأَبِ (ص) وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ إنْ عَتَقَ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ يَرْجِعُ لِلْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ الْأَمَةُ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ إذَا أُعْتِقَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي   [حاشية العدوي] فِي قَلْبِهِ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُعْمَلُ بِهِ وَتُعْلَمُ نِيَّتُهُ مِنْ قَوْلِهِ نَوَيْت وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُعَدُّ مِنْ بَابِ أَوْ نَوَى بِهِ التَّدْبِيرَ؛ لِأَنَّ؛ مَا صَحِبَتْهُ قَرِينَةٌ لَا يُقَالُ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مَقَالِيَّةً كَلَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ صِيغَتَهُ تَعْلِيقٌ) أَيْ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلصِّيَغِ الثَّلَاثِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُرِدْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ أَمْ لَا) هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ عج قَوْلُهُ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ إنْ لَمْ يَرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَصِيَّةٌ مُطْلَقًا أَرَادَهُ أَمْ لَا عَلَّقَهُ أَمْ لَا وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ الْقَيْدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ سُنَّةِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالْمَوْتِ وَلَمْ أَرَ تَرْجِيحَ تَقْرِيرٍ مِنْ ذَلِكَ [صَرِيحِ التَّدْبِيرِ] (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ تَعْلِيقٌ) وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِعَتَقَ؛ لِأَنَّ؛ تَعَلُّقَ الْمَعْمُولِ بِالْعَامِلِ الْقَرِيبِ أَوْلَى انْتَهَى (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مَلَكَهُ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا دَبَّرَ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ مَلَكَهُ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ أَمْ لَا وَلَا يَعُودُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ؛ حِينَ دَبَّرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ وَأَمَّا إنْ دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ كَافِرًا فَوَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ وَلَدٌ أَوْ أَخٌ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ؛ الْوَلَاءَ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ ثَبَتَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُدَبَّرِهِ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا؛ حِينَ التَّدْبِيرِ فِي الدِّينِ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ السَّيِّدُ بَعْدَ إسْلَامِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ أَيْ لُحْمَةُ الْوَلَاءِ لَا الْمِيرَاثُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ لَا الْمِيرَاثُ أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الْعَبْدَ لَمْ يَمُتْ وَأَمَّا إنْ مَاتَ الْعَبْدُ الَّذِي دَبَّرَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ؛ السَّيِّدَ الْكَافِرَ يَأْخُذُ مَالَ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ إذَا مَاتَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ يُقَيَّدُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقَ بِمَا إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ التَّدْبِيرِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ مُسْلِمُونَ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ) أَيْ اللُّحْمَةُ وَيَتْبَعُهَا الْمِيرَاثُ (قَوْلُهُ فَلَوْ حَمَلَتْ إلَخْ) فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ نُظِرَ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مَعَ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ فَهُوَ رَقِيقٌ (قَوْلُهُ فَاعْتِرَاضُ تت إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ فِي هَذِهِ الْإِرَادَةِ شَيْءٌ مَعَ قَوْلِهِ تَنَاوَلَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَيْ حَمَلَتْ بِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 دَبَّرَهُ بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنَّ الْأَمَةَ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْحَمْلِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا الْآنَ أَمْ لَا وَبِعِبَارَةٍ الْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ إنْ عَتَقَ يَرْجِعُ لِلْوَلَدِ لَا لِلْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عِتْقُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ فِي الضِّيقِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ وَلَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُمَا عِنْدَ الضِّيقِ يَتَحَاصَّانِ فَلَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخِرِ (ص) وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ثُلُثَ السَّيِّدِ إذَا ضَاقَ عَنْ الْأَبِ وَوَلَدِهِ كَانَ الْأَبُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَلَدِ فِي الْعِتْقِ لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ السَّبَبُ فِي إيجَادِ وَلَدِهِ وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ اعْتَمَدَهُ وَمَذْهَبُهَا أَنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ لِأَنَّ فَإِذَا رَقَّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لَا تَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ أُمُّ الْوَلَدِ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا كُلُّهُ وَمَا فِي ز فَاسِدٌ وَأَمَّا الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ فَيَتَحَاصَّانِ بِاتِّفَاقٍ أَيْ إذَا عَتَقَتْ الْأُمُّ وَهِيَ حَامِلٌ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا (ص) وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ لَا إخْرَاجُهُ لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ وَفَسْخُ بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَعْتِقْ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْزِعَ مَالَ مُدَبَّرِهِ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ السَّيِّدِ وَلِهَذَا جَازَ لَهُ وَطْءُ مَنْ دَبَّرَهَا وَمَحَلُّ الِانْتِزَاعِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِزَاعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْتَزِعُ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ انْتِزَاعَ مَالِهِ فِي الْمَرَضِ وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْهَنَ نَفْسَ الْمُدَبَّرِ لِيُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى تَدْبِيرِهِ أَوْ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ عَلَى أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ لَا عَلَى أَنْ يُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ لَا رَقَبَتُهُ فَلَا مُعَارَضَةَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ مُدَبَّرَهُ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ عَادَ مُدَبَّرًا وَإِنَّمَا جَازَ كِتَابَةُ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا عَلَى قَوْلٍ لِأَنَّ مَرْجِعَهَا لِلْعِتْقِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ التَّدْبِيرِ غَالِبًا بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْوَطْءِ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمُدَبَّرِ عَنْ التَّدْبِيرِ لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لَا بِهِبَةٍ وَلَا بِصَدَقَةٍ وَلَا بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَلِهَذَا قَالَ وَفُسِخَ بَيْعُهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إرْقَاقًا لَهُ بَعْدَ جَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ مَا لَمْ يُنَجِّزْ الْمُشْتَرِي عِتْقَهُ فَإِنْ نَجَّزَهُ أَيْ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ مَضَى بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ أَمَّا لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُدَبَّرِهِ فَلَا يَمْضِي لِأَنَّ الْوَلَاءَ انْعَقَدَ لِمُدَبَّرِهِ إمَّا بِحَمْلِ الثُّلُثِ لِجَمِيعِهِ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَيَعْتِقُ بَعْضُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْوَلَاءُ قَدْ انْعَقَدَ لِمُدَبَّرِهِ قَبْلَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ (كَالْمُكَاتَبِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بَاعَهُ الَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ الْمُشْتَرِي فَيُعْتِقَهُ قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ فَيَمْضِيَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (ص) وَإِنْ جَنَى فَإِنْ فَدَاهُ وَإِلَّا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ تَقَاضِيًا وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا لَوْ رَجَعَ إنْ وَفَّى وَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ اُتُّبِعَ بِالْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ بِحِصَّتِهِ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إسْلَامِ مَا رَقَّ أَوْ فَكِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا جَنَى عَلَى آخَرَ فَإِنْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ خِدْمَتَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَتَقَاضَاهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ وَلَا يُبَاعُ فِي خِدْمَتِهِ فَإِذَا جَنَى جِنَايَةً ثَانِيَةً عَلَى شَخْصٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ وَأَمَّا مَا اسْتَوْفَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي مَعَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَى الْمُحَاصَّةِ أَنَّ الْخِدْمَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثَانِيًا وَمَحَلُّ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَبَّرِ مَالٌ يَفْتَدِي بِهِ وَإِلَّا دَفَعَ مِنْهُ وَإِذَا وَفَّى الْمُدَبَّرُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ الَّتِي جَنَاهَا عَلَى شَخْصٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُدَبَّرًا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَقَاضَيَا ثُمَّ إنَّ السَّيِّدَ الْمُدَبِّرَ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ الْمُدَبَّرَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ وَعَتَقَ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ لِحَمْلِهِ لَهُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ الْأَوْلَى) أَقُولُ بَلْ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَمَا فِي ز فَاسِدٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ فَالضَّمِيرُ لِلْأَبِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ الْوَلَدِ لِلتَّحَاصُصِ فَتَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ إلَخْ) هَذَا فِيمَا اسْتَفَادَهُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَاقٍ إنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ أُنْثَى أَوْ اكْتَسَبَهُ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِخُلْعِ زَوْجَةٍ وَكَذَا خُلْعُ أُمِّ وَلَدِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ اسْتَفَادَهُ مِنْ عَمَلِ يَدِ أَوْ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مُطْلَقًا مَرِضَ أَوْ لَمْ يَمْرَضْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَمْلُوكَةٌ لِلسَّيِّدِ وَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَمْرَضْ) أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا كَانَ مَرَضًا مَخُوفًا (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَادَ مُدَبَّرًا) فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَدَائِهَا عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ بَاقِي النُّجُومِ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ بَيْعُهُ) أَيْ وَكَذَا هِبَتُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنَجِّزْ الْمُشْتَرِي عِتْقَهُ) أَيْ وَمَا لَمْ يُعَجِّلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ عِتْقَهُ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ الْمَذْكُورُ مُنَجَّزًا أَوْ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ) أَيْ لَا لِمُدَبِّرِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ دَبَّرَهُ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْوَلَاءَ انْعَقَدَ لِمُدَبِّرِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا تَحَرَّرَ كُلُّهُ وَأَمَّا إذَا تَحَرَّرَ بَعْضُهُ فَعَدَمُ التَّعَلُّقِ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَأَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ عِتْقِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بَاعَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ رَضِيَ فَإِنْ بِيعَ قَبْلَ عَجْزِهِ فُسِخَ إنْ لَمْ يَعْتِقْ (قَوْلُهُ أَسْلَمَ خِدْمَتُهُ تَقَاضَيَا لَيْسَ تَقَاضِيًا مَعْمُولًا الِأَسْلَمَ بَلْ لِمُقَدَّرٍ) أَيْ فَيَمْلِكُهَا أَوْ فَيَأْخُذُهَا تَقَاضِيًا فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْخِدْمَةِ فَأَرْشُهَا لِمَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ كَمَا قِيلَ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهَا لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ) أَيْ أَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ عَتَقَ (قَوْلُهُ فِيمَا بَقِيَ إلَخْ) وَذَلِكَ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَيُحْتَمَلُ مِنْ يَوْمِهَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ بِالْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بَعْضُهُ بِالْجُزْءِ الْحُرِّ وَبَعْضُهُ بِالْجُزْءِ الرِّقِّ وَتُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِيمَا رَقَّ مِنْهُ إنْ شَاءُوا أَسْلَمُوهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِلْكًا يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ وَإِنْ شَاءُوا فَدَوْهُ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى حِسَابِ مَا بَقِيَ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ الْجَوَابِ تَارَةً وَالشَّرْطِ أُخْرَى وَكُلٌّ مِنْ ذَلِكَ جَائِزٌ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ مُدَبَّرًا وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ تَقَاضَيَا لَا مِلْكًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا اسْتَوْفَى أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَاقِي الْخِدْمَةِ لِسَيِّدِهِ وَأَنَّهُ إذَا عَتَقَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِهِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا يَرْجِعُ بَاقِيهَا لِلسَّيِّدِ وَلَا يُتَّبَعُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (ص) وَقُوِّمَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ عَتَقَ وَأَقَرَّ مَالَهُ بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا قُوِّمَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لِيَنْظُرَ هَلْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ مَعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ كَأَنَّهُ طُولٌ أَوْ عَرْضٌ أَوْ حُمْرَةٌ مَثَلًا وَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ النَّظَرِ لَا بِيَوْمِ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَذَا فَتَارَةً يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ كَمَا إذَا كَانَ مَالُهُ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مِائَةً وَتَرَكَ السَّيِّدُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَيُقِرُّ مَالَهُ بِيَدِهِ وَتَارَةً يَحْمِلُ الثُّلُثُ بَعْضَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ يَصِيرُ حُرًّا وَيَرِقُّ بَاقِيهِ وَيُتْرَكُ مَالُهُ بِيَدِهِ مِلْكًا لَهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُبَعَّضٌ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَمَالُهُ مِائَةً وَتَرَكَ سَيِّدَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ وَيُتْرَكُ مَالُهُ بِيَدِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَثُلُثُ السَّيِّدِ مِائَةٌ وَهِيَ نِصْفُ الْمِائَتَيْنِ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهُ بِمَالِهِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَتَيْنِ وَتَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهُ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثُّلُثَ إنْ حَمَلَ الْمُدَبَّرَ خَرَجَ حُرًّا كَمَا إذَا تَرَكَ السَّيِّدُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةٌ فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ ثَلَاثُونَ ثُلُثُهَا عَشَرَةٌ وَهِيَ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَيَعْتِقُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيَرِقُّ الْبَاقِي وَوَجْهُ الْعَمَلِ فِيهِ أَنْ تُنْظَرَ نِسْبَةُ ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ مِثَالُهُ مُدَبَّرٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَتَرَكَ سِوَاهُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ فَإِنَّ مَجْمُوعَ التَّرِكَةِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثُهَا ثَمَانُونَ وَنِسْبَتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَمِثَالٌ آخَرُ مُدَبَّرٌ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ سِتُّونَ وَثُلُثُهَا عِشْرُونَ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَى الْخَمْسِينَ خُمُسَانِ فَيَعْتِقُ مِنْ الْمُدَبَّرِ خُمُسَاهُ وَمِثَالٌ ثَالِثٌ مُدَبَّرٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ خَمْسِينَ دِينَارًا فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ تِسْعُونَ وَثُلُثُهَا ثَلَاثُونَ وَنِسْبَتُهَا إلَى قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ مُتَعَدِّدًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَهُمْ أَوْ يَحْمِلُهُمْ فَإِنْ حَمَلَهُمْ عَتَقُوا كُلُّهُمْ مِثَالُهُ مُدَبَّرَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عِشْرُونَ وَقِيمَةُ الْآخَرِ عَشَرَةٌ وَتَرَكَ سِوَاهُمَا سِتِّينَ دِينَارًا فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ تِسْعُونَ وَثُلُثُهَا ثَلَاثُونَ وَهِيَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرَيْنِ فَيَعْتِقَانِ مَعًا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ فَلَكَ طَرِيقَانِ أُولَاهُمَا وَعَلَيْهَا نَقْتَصِرُ أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَ الثُّلُثِ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ تَقْسِمَهُ بَيْنَ الْمُدَبَّرَيْنِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا فَمَا نَابَ كُلَّ مُدَبَّرٍ نِسْبَتَهُ مِنْ رَقَبَتِهِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثَالُهُ مُدَبَّرَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَقِيمَةُ الْآخَرِ عِشْرُونَ وَتَرَكَ سِوَاهُمَا خَمْسَةً وَمِائَةً فَجَمِيعُ التَّرِكَةِ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ وَمِائَةٌ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ فَتُقْسَمُ الْخَمْسَةُ وَالْخَمْسُونَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا وَذَلِكَ ثُلُثٌ لِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ وَثُلُثَانِ لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الْخَمْسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَا الْخَمْسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ وَنِسْبَةُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ مِنْ الْعِشْرِينَ قِيمَةُ رَقَبَةِ الْأَوَّلِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ تَعْتِقُ مِنْهُ وَيَبْقَى مِنْهُ رَقِيقًا نِصْفُ سُدُسٍ وَنِسْبَةُ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَثُلُثَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ الْآخَرِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا يَعْتِقُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَيَرِقُّ مِنْهُ مِنْ الْآخِرِ وَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ مُدَبَّرِينَ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ عِشْرُونَ وَقِيمَةُ الْآخَرِ   [حاشية العدوي] كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ فَالْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَتَعَلَّقُ بَعْضُهُ بِالْجُزْءِ الْحُرِّ) أَيْ فَإِذَا عَتَقَ النِّصْفُ اُتُّبِعَ بِنِصْفِ مَا بَقِيَ وَإِنْ عَتَقَ الثُّلُثُ اُتُّبِعَ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ وَإِذَا عَتَقَ الثُّلُثَانِ اُتُّبِعَ بِثُلُثَيْ مَا بَقِيَ مَثَلًا الْجِنَايَةُ عِشْرُونَ وَخَدَمٌ عَشَرَةٌ وَمَاتَ السَّيِّدُ وَحَمَلَ الثُّلُثُ نِصْفَ الْمُدَبَّرِ وَعَتَقَ ذَلِكَ النِّصْفُ فَاَلَّذِي خَرَجَ حُرًّا يُتَّبَعُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ مَالَهُ بِيَدِهِ مِلْكًا) لَا يُقَالُ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْوَرَثَةِ حَيْثُ تَبْقَى الْمِائَةُ كُلُّهَا بِيَدِهِ وَالْقِيَاسُ قَسْمُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَقَاءُ نِصْفِهِ رِقًّا لَهُمْ مَعَ بَقَاءِ مِائَتِهِ مَعَهُ أَكْثَرُ خَطَأً لَهُمْ إذَا بَاعُوهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ ثَلَاثُونَ وَتَرَكَ سِوَاهُمْ سِتِّينَ فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثُهَا أَرْبَعُونَ فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْحِصَاصِ لِصَاحِبِ الثَّلَاثِينَ نِصْفُهَا وَلِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ ثُلُثُهَا وَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ سُدُسُهَا فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّلَاثِينَ عِشْرُونَ وَنِسْبَتُهَا مِنْ قِيمَتِهِ ثُلُثَانِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثَانِ وَلِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ ثُلُثُهَا وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَنِسْبَتُهَا مِنْ الْعِشْرِينَ قِيمَتُهُ ثُلُثَانِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثَانِ وَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ سُدُسُهَا سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَنِسْبَتُهَا مِنْ الْعَشَرَةِ ثُلُثَانِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثَانِ اهـ. (ص) وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ وَإِلَّا بِيعَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثُّلُثَ إذَا ضَاقَ وَلَمْ يَحْمِلْ الْمُدَبَّرَ كُلَّهُ وَكَانَ لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ بِالنَّقْدِ أَيْ بِالتَّعْجِيلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَإِنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَيْنًا إنَّمَا يُقَوَّمُ بِالْعُرُوضِ فَإِذَا بِيعَ الدَّيْنُ مَثَلًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يَعْتِقُ كُلُّهُ لِأَنَّ الثُّلُثَ حَمَلَ جَمِيعَهُ وَقَوْلُهُ بِيعَ أَيْ أُبِيحَ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْأَشْهُرِ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ يَحِلُّ عَنْ قُرْبٍ فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِالْعِتْقِ إلَى أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَوْ عَلَى حَاضِرٍ مُعْسِرٍ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْهُ فَإِذَا حَضَرَ الشَّخْصُ الْغَائِبُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ أَيْسَرَ الشَّخْصُ الْمُعْسِرُ بَعْدَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ السَّيِّدِ حَيْثُ كَانَ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ أَوْ وَصَلَ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ فِيهِ عِتْقٌ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَعْتِقْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَرْجِعُ هُنَا مِنْ عِتْقٍ لِآخَرَ وَفِيمَا مَرَّ يَرْجِعُ مِنْ عِتْقٍ لِمَا هُوَ أَضْعَفُ وَهُوَ التَّدْبِيرُ (ص) وَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا لَمْ يُوقَفْ فَإِذَا مَاتَ نُظِرَ فَإِنْ صَحَّ اُتُّبِعَ بِالْخِدْمَةِ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا حِينَ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ لَمْ يُوقَفْ شَيْءٌ مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَلَوْ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَّبِعُ وَرَثَةَ سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ خِدْمَتِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا مِنْ أَوَّلِهَا فَهُوَ مَالِكٌ لِأُجْرَتِهِ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ وَيَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا أَحْدَثَهُ سَيِّدُهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَلَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِك يَا عَبْدِي بِسَنَةٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ الْأَجَلَ تَحْقِيقًا وَلَا خِدْمَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ حُرِّيَّتَهُ فَيَلْزَمُ اسْتِخْدَامُ الْحُرِّ وَنَقَلَ بَعْضٌ أَنَّهُ يَكُونُ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ فَلَهُ حُكْمُهُ (ص) وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُتَّبَعْ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ السَّيِّدُ مَرِيضًا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ أَيْ وَاسْتَمَرَّ مَرَضُهُ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَا يَتَّبِعُ وَرَثَةَ سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ خِدْمَتِهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ تَكُونُ غَلَّتُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ (ص) وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ وُقِفَ خَرَاجُ سَنَةٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ) أَيْ لِأَجَلٍ قَرِيبَ أَوْ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ) أَيْ مُقِرٍّ (قَوْلُهُ بِيعَ بِالنَّقْدِ) أَرَادَ بِالْبَيْعِ التَّقْوِيمَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ وَكَانَ حَالًّا أَوْ قَرِيبِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ) أَيْ اُنْتُظِرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ وَلَا قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْحَالِّ أَوْ قَرِيبِ الْحُلُولِ بَلْ عَلَى حَاضِرٍ مُعْسِرٍ أَوْ غَائِبٍ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَوْ عَلَى قَرِيبِهَا وَبَعُدَ أَجَلُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ) أَيْ الْغَائِبُ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَقَرِيبَةٍ مَعَ بُعْدِ أَجَلِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يُقَوَّمُ بِالْعُرُوضِ) أَيْ وَالْعُرُوضُ تُقَوَّمُ بِنَقْدٍ كَمَا قِيلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ (قَوْلُهُ أَيْ أُبِيحَ بَيْعُهُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَيْ قُوِّمَ إلَّا أَنَّ تَعْبِيرَ الشَّارِحِ بِأُبِيحَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْبَيْعَ حَقِيقَةً بَلْ الْمُرَادُ التَّقْوِيمُ (قَوْلُهُ كَالْأَشْهُرِ إلَخْ) يُوَافِقُهُ مَا فِي ك حَيْثُ يَقُولُ وَالْغَيْبَةُ الْقَرِيبَةُ كَالْأَشْهُرِ الْيَسِيرَةِ كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ وَوَقَفَ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ اهـ. إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْقَضَاءِ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَيَّامٍ لِلْغَيْبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فَكَيْفَ تَكُونُ الْأَشْهُرُ حَدًّا لِلْقَرِيبَةِ بَلْ وَكَيْفَ يَكُونُ الشَّهْرُ فَضْلًا عَنْ الْأَشْهُرِ حَدًّا لِلْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ كَمَا فِي عب حَيْثُ قَالَ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَالشَّهْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ تَقْرِيرِ بَعْضِ الشُّيُوخِ يَجْرِي عَلَى بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْقَرِيبَةَ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَنَّ الْعَشَرَةَ مِنْ الْمُتَوَسِّطَةِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ هُنَاكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ صَحِيحًا وَسَطَهَا أَوْ آخِرَهَا؛ لِأَنَّ؛ الصِّحَّةَ الْبَيِّنَةَ تَقْطَعُ حُكْمَ الْمَرَضِ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ آخِرِهَا؛ لِأَنَّ؛ مَا يَأْتِي الْمُرَادُ بِهِ مَرَضٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَرَثَةَ تَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ سَنَةً وَانْظُرْ إذَا زَادَتْ عَلَى خِدْمَتِهِ هَلْ يَسْقُطُ الزَّائِدُ أَوْ تَتَّبِعُهُ الْوَرَثَةُ بِهِ كَمَا يَتَّبِعُ هُوَ بِخِدْمَةِ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ؛ لَمْ يَعْلَمْ الْأَجَلَ تَحْقِيقًا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَظْهَرُ مَا نَقَلَهُ الْبَعْضُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَنَقَلَ بَعْضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَهُ حُكْمُهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَخْدُمُ لِذَلِكَ الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهُ إنْ كَانَ أَمَةً فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَسْتَمِرَّ حَيًّا سَنَتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِأُجْرَةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ؛ لَا يَسْتَحِقُّ خِدْمَتَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَيَتَرَتَّبُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَلَا يَرِثُهُ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ خَرَاجُ سَنَةٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَخْدِمُ لَهُ السَّيِّدَ أَوْ غَيْرَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ مَا خَدَمَ نَظِيرَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَيْرَ مَلِيءٍ حِينَ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُوقَفُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ عَلَى يَدِ عَدْلٍ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لَا عَلَى يَدِ السَّيِّدِ وَلَا الْعَبْدِ فَإِذَا خَدَمَ الْعَبْدُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مُدَّةَ شَهْرٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ أُجْرَةُ السَّنَةِ الْأُولَى نَظِيرَ الْقَدْرِ الَّذِي خَدَمَهُ الْعَبْدُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَالسَّيِّدُ نَائِبُ فَاعِلِ يُعْطَى وَمِمَّا وُقِفَ مُتَعَلِّقٌ بِيُعْطَى وَمَا مَفْعُولُ يُعْطَى الثَّانِي وَفَاعِلُ خَدَمَ الْعَبْدُ وَنَظِيرَهُ مَفْعُولُ خَدَمَ أَيْ ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِنْ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ أُجْرَةَ الشَّيْءِ الَّذِي خَدَمَ نَظِيرَهُ أَيْ نَظِيرَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَهُوَ يُعْطَى أُجْرَةَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي خَدَمَ بَعْدَ السَّنَةِ نَظِيرَهُ أَيْ يُعْطَى السَّيِّدُ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ الْقَدْرَ الَّذِي خَدَمَ نَظِيرَهُ مِنْ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إنْ يَوْمًا فَيَوْمًا وَإِنْ جُمُعَةً فَجُمُعَةً وَإِنْ شَهْرًا فَشَهْرًا مَثَلًا الْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ أَيْ أَنَّا نَضَعُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ يَوْمًا مِنْ السَّنَةِ الْأُولَى مُقَدِّمِينَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَلُمَّ جَرًّا فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ (ص) وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ وَبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا قَتَلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا لَا فِي بَاغِيَةٍ فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ يَبْطُلُ إنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ أَمَّا لَوْ قَتَلَ سَيِّدَهُ خَطَأً فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ لَا يَبْطُلُ وَيَعْتِقُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ الَّذِي تَرَكَهُ وَلَمْ يَعْتِقْ فِي الدِّيَةِ وَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ عَاقِلَةِ الْمُدَبَّرِ سَبْقُ قَلَمٍ وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ أَيْضًا بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لِلْمُدَبَّرِ وَلِلتَّرِكَةِ كَمَا لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ عَشَرَةً مَثَلًا وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ خَمْسَةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ لِلْمُدَبَّرِ وَلِلتَّرِكَةِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ أَوْ لَاحِقًا لَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَمَّا إنْ قَامُوا فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ بَعْضُ التَّدْبِيرِ بِسَبَبِ مُجَاوَزَتِهِ لِثُلُثِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةٌ فَثُلُثُ التَّرِكَةِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ هِيَ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْمُدَبَّرِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَرِقُّ ثُلُثُهُ فَقَوْلُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِمُجَاوَزَتِهِ الثُّلُثَ أَيْ بِمُجَاوَزَةِ بَعْضِهِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (ص) وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يَعْتِقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَهُ أَحْكَامُ الْأَرِقَّاءِ فِي خِدْمَتِهِ وَشَهَادَتِهِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُ الْحُرُّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الرِّقِّ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يَعْتِقَ مِنْ الثُّلُثِ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ أَيْ حِينَ التَّقْوِيمِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ (ص) وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا وَلَا رُجُوعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَخِيرِ مِنْهُمَا فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ فَيَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا فَيُقَوَّمُ وَيُنْظَرُ هَلْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَوْ لَا فَإِنْ حَمَلَهُ كَانَ كَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ فَيَسْتَمِرُّ لِلْوَرَثَةِ مِنْ الْخِدْمَةِ إلَى أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ كَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ بَيْنَ الرِّقِّ وَالْعِتْقِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُدَبَّرَ كَمَا يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَلَا يُبْطِلُ حُكْمَ التَّدْبِيرِ جَعْلُهُ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَإِنْ مِتّ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ ابْنُ يُونُسَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ (ص) وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ وَيَخْدُمُهُ إلَى الْأَجَلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَأَمَّا إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالِ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِي حَالِ الْمَرَضِ مَحْمَلُهَا الثُّلُثُ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ بِذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا اشْتَهَرَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مَا خَدَمَ نَظِيرَهُ) أَيْ أُجْرَةَ زَمَنٍ أَيْ أُجْرَةَ خِدْمَةِ زَمَنٍ خَدَمَ الْعَبْدُ نَظِيرَهُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ خَدَمَ خِدْمَةً فِي نَظِيرِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ سَوَاءٌ تَسَاوَى الْخَرَاجُ مِنْهَا مَعَ الْمُسْتَقْبَلَةِ أَوْ تَخَالَفَ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ بِسَنَةٍ هَلْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا أَجْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ قَالَ عج الظَّاهِرُ لَا عِتْقَ؛ لِأَنَّهُ؛ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ (قَوْلُهُ أُجْرَةُ الشَّيْءِ) أَيْ أُجْرَةُ خِدْمَةِ الشَّيْءِ أَيْ أُجْرَةُ الْخِدْمَةِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ الزَّمَنُ وَقَوْلُهُ الَّذِي خَدَمَ نَظِيرَهُ أَيْ خَدَمَ خِدْمَةً فِي نَظِيرِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ الْقَدْرُ الَّذِي خَدَمَ نَظِيرَهُ أَيْ أُجْرَةُ الْخِدْمَةِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي خَدَمَ نَظِيرَهُ أَيْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي خَدَمَ خِدْمَةً فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَنَّا نَضَعُ إلَخْ) أَيْ يُؤْخَذُ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ [مَا يَبْطُلُ بِهِ التَّدْبِيرُ] (قَوْلُهُ وَلِلتَّرِكَةِ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ؛ لِأَنَّ؛ الْمُدَبَّرَ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَلِلتَّرِكَةِ سِوَاهُ وَلَوْ حَذَفَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى لَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ (تَتِمَّةٌ) لَوْ قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ سَيِّدَهَا فَلَا يَبْطُلُ عِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَتُقْتَلُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُعْفَى عَنْهَا وَأَمَّا لَوْ قَتَلَتْهُ خَطَأً فَلَا تُتَّبَعُ بِعَقْلٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَتُتَّبَعُ بِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُلْغَزُ وَيُقَالُ لَنَا عَمْدٌ فِيهِ الْقِصَاصُ وَلَا شَيْءَ فِي خَطَئِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ إلَخْ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِئَلَّا؛ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ يَعْتِقُ قَبْلَ النَّظَرِ فِي تَرِكَتِهِ لِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَى مَوْتِهِ (قَوْلُهُ فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ؛ الْعِتْقَ لِأَجَلٍ مَعْلُومٌ أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ مِمَّا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّةً مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقْهُ عَلَى شَيْءٍ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَقَوْلُهُ بِشَهْرٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ بِشَهْرٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُعْتَقٌ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ الْعِتْقُ بِمَوْتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ هُنَا (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْمُكَاتَبَ وَالْكِتَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْكِتَابَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] أَيْ أَجَلٌ مُقَدَّرٌ أَوْ مِنْ الْإِلْزَامِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] أَيْ أَلْزَمْتُكُمْ الصِّيَامَ كَإِلْزَامِهِ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ و {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] وَالْعَبْدُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْمَالَ وَيُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ كِتَابٌ وَكِتَابَةٌ وَكِتْبَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] الْآيَةَ وَالْأَمْرُ فِيهَا لِلنَّدَبِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَائِهِ فَيَخْرُجُ مَا عَلَى مُعَجَّلٍ وَلِذَا قَالَ فِيهَا لَا تَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ وَيَخْرُجُ عِتْقُ الْعَبْدِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَقَوْلُهُ عَلَى مَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْعِتْقَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَهُوَ الْمُبَتَّلُ وَالْعِتْقُ إلَى أَجَلٍ وَقَوْلُهُ مُؤَجَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْقِطَاعَةَ قَوْلُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَائِهِ أَخْرَجَ بِهِ الْعِتْقَ الْمُعَجَّلَ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِكِتَابَةٍ (ص) نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ تَبَرُّعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ أَنْ يُكَاتِبَ مَمْلُوكَهُ إذَا طَلَبَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تُنْدَبُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا تُنْدَبُ مُكَاتَبَتُهُ وَمَا وَرَاءَ شَيْءٍ آخَرَ فَالْكَلَامُ فِي النَّدْبِ لَا فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لَازِمَةً لِلنَّدَبِ لَكِنْ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فَمَنْطُوقُهُ مُسْلِمٌ وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا كَانَتْ مُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةً وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا فِي زَائِدٍ الثُّلُثِ كَانَتْ صَحِيحَةٍ مُتَوَقِّفَةٍ وَلَيْسَتْ بَاطِلَةً كَمَا فِي الْعِتْقِ لِأَنَّ هُنَا عِوَضًا فَقَوْلُهُ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ تَبَرُّعٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ السَّيِّدُ وَأَشَارَ لِلصِّيغَةِ بِقَوْلِهِ بِكَاتَبْتُكَ إلَخْ وَأَشَارَ لِلْعِوَضِ بِقَوْلِهِ بِكَذَا وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ وَالصِّيغَةُ وَالْعِوَضُ وَتَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ لَا عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَمِنْ السَّكْرَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَبْطُلُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَحَطَّ جُزْءًا آخِرًا) إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحُطَّ عَنْ عَبْدِهِ جُزْءًا مِنْ الْأَجْزَاءِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْآخِرَ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لِيَحْصُلَ لَهُ بِهِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ بِدَلِيلٍ مَخْصُوصٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197] وَإِذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ وَآخِرًا بِالْوَاوِ لِيَدُلَّ عَلَى نَدْبَيْنِ أَيْ وَنُدِبَ حَطُّ جُزْءٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ آخِرًا وَآخِرًا حَالٌ مِنْ جُزْءٍ وَإِنْ كَانَ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ   [حاشية العدوي] [بَاب الْمُكَاتَبَ وَالْكِتَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] (بَابُ الْمُكَاتَبِ) (قَوْلُهُ ذُكِرَ فِيهِ الْمُكَاتَبُ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُكَاتَبِ لَا حَقِيقَةُ الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ وَالْكِتَابَةُ أَيْ حُكْمُ الْكِتَابَةِ الْمُشَارُ لَهُ وَبِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَصْدُوقَ ذَلِكَ هُوَ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِبَارَةَ لَا يَصِحُّ أَنْ تُؤْخَذَ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيُؤَوَّلُ بِأَنَّ الْمَعْنَى مُشْتَقَّةٌ أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكِتَابِ بِمَعْنَى الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ مِنْ اشْتِقَاقِ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ وَهُوَ كِتَابَةٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ كِتَابٌ وَالْمُرَادُ بِالِاشْتِقَاقِ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْإِلْزَامِ) أَيْ أَوْ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكَتْبِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ وَلْيُرَاجَعْ فِي شَأْنِ الْكِتَابِ بِمَعْنَى الْأَجَلِ أَوْ الْكَتْبُ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ هَلْ هُمَا مَعْنَيَانِ لُغَوِيَّانِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ أَوْ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْمَالَ) إشَارَةٌ إلَى الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ وَالْكِتَابَةِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَقَوْلُهُ وَيُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ أَيْ مَصْدَرِ كَتَبَ ثُمَّ أَنَّك إذَا عَلِمْت أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَصَادِرِ كَتَبَ كِتَابٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ كِتَابٍ الْحَدَثَ وَإِذَنْ لَا يَصِحُّ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} [النور: 33] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابَ الْمُكَاتَبَةُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ الْمَعْلُومِ الْمُبَيَّنِ بِمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا (قَوْلُهُ عَتَقَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ عَقْدٌ يُوجِبُ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ لَا أَنَّهَا نَفْسُ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تُنْدَبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ حَكَمَ بِعَدَمِ النَّدْبِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لَأَنْ؛ يَكُونَ جَائِزًا جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأُولَى فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ نُدِبَ لِمَنْ اتَّصَفَ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْكِتَابَةِ والْمَنْدُوبِيَّةِ بَعْدَ حُصُولِ هَذَا الشَّرْطِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ يَقُولُ إنَّ الصِّحَّةَ مَقْصُودَةٌ فَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَكِنْ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً (قَوْلُهُ كَانَتْ مُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ بُطْلَانَهَا مِنْ الصَّبِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَتَصِحُّ مِنْهُ وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَتَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ؛ لِتَشَوُّفِ؛ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَبْطُلُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّفِيهَ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ فَالشَّأْنُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْبَدْرِ وعج لَا التَّفْرِقَةُ كَمَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ؛ يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَخْرُجُ حُرًّا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ إذْ قَدْ يَعْجِزُ بَعْدَ خَطِّهِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَرِقُّ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ هُوَ أَنْ يَضَعَ عَنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا قَالَ أَبُو عَمْرٍو هَذَا عَلَى النَّدْبِ وَلَا يُقْضَى بِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 139 بِلَا مُسَوِّغٍ شَاذًّا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَصَلَّى وَرَاءَهُ رِجَالٌ قِيَامًا» أَوْ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمَفْعُولِ مُفَسِّرٌ لِإِجْمَالِ نِسْبَةِ حَطَّ إلَى جُزْءٍ أَيْ وَحَطَّ السَّيِّدُ آخِرَ جُزْءٍ (ص) وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُجْبِرُهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْكِتَابَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ وَأَخَذَ الْجَبْرَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ) أَيْ إذَا رَضِيَ السَّيِّدُ بِمِثْلِ خَرَاجِهِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ وَقَدْ أَخَذَ ذَلِكَ أَبُو إِسْحَاقُ مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ لَزِمَ الْعَبْدَ الْغَائِبَ وَإِنْ كُرِهَ وَمُقْتَضَى تَعْرِيفِ الْجُزْأَيْنِ الْمُفِيدِ لِلْحَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا إلَّا الْجَبْرُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ فَعِنْدَهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ يُقَوَّمَانِ مِنْهَا وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَبْرِ بِقَوْلِهِ فَرْقٌ بَيْنَ مَنْ يُجْبَرَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً وَمَنْ يُجْبَرُ عَلَيْهَا آخِرًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِ الْغَائِبِ عَلَيْهَا الَّذِي لَمْ يَدْفَعْ مَالًا الْآنَ فَحَصَلَ لَهُ الْعِتْقُ أَنْ يُجْبِرَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَقْوَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ وَأُخِذَ مِنْهَا الْجَبْرُ حَتَّى لَا يُنَافِيَ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهَا أَيْضًا عَدَمُ الْجَبْرِ (ص) بِكَاتَبْتُكَ وَنَحْوِهِ بِكَذَا وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الْكِتَابَةِ الصِّيغَةُ بِنَحْوِ كَاتَبْتُك بِكَذَا أَيْ بِشَيْءٍ سَمَّاهُ لِلْعَبْدِ كَدِرْهَمٍ مَثَلًا أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ بِكَذَا أَوْ أَنْتَ مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا فَالْبَاءُ فِيهِ لِلْمُعَاوَضَةِ كَقَوْلِهِ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ بِدِرْهَمٍ وَانْظُرْ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِكَذَا هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ أَوْ تَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَيْهِ كِتَابَةُ الْمِثْلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ اشْتِرَاطُ لُزُومِ التَّنْجِيمِ لَا اشْتِرَاطُ صِحَّتِهِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ كَانَتْ صَحِيحَةً وَتُنَجَّمُ وَصَحَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ جَوَازَهَا حَالَّةً وَحِينَئِذٍ فَالْمَقَامُ مَقَامٌ وَظَهَرَ خِلَافُهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَأَلْ فِي التَّنْجِيمِ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالنَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ نَجْمًا وَاحِدًا (ص) وَجَازَ بِغَرَرٍ كَآبِقٍ وَعَبْدِ فُلَانٍ وَجَنِينٍ لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ أَوْ كَخَمْرٍ وَرَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِوَضَ فِي الْكِتَابَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْغَرَرِ فَلَا يُشْبِهُ الْعِوَضَ فِي النِّكَاحِ كَآبِقٍ وَبَعِيرٍ شَارِدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا جَازَ الْغَرَرُ هُنَا لِأَنَّ الْعِتْقَ يَكُونُ مَجَّانًا فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَيْءٍ مُتَرَقَّبِ الْوُجُودِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ سَبَقَ لَهُ وُجُودٌ فَلِذَا اُغْتُفِرَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِ فُلَانٍ وَلَيْسَ بِآبِقٍ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى جَنِينٍ مِنْ حَيَوَانٍ مَعْلُومٍ نَاطِقٍ أَوْ صَامِتٍ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَجَنِينٍ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُ وُجُودٌ وَأَمَّا عَلَى مَا تَحْمِلُ بِهِ أَمَتِي فَيَمْتَنِعُ وَلَفْظُ الْمُؤَلِّفِ يُعْطِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ وُجُودِهِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَلَا يُسَمَّى جَنِينًا وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ بِخَمْرٍ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَةِ اللُّؤْلُؤِ وَلِنَجَاسَةِ الْخَمْرِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا وَالْمُرَادُ بِاللُّؤْلُؤِ كُلُّ جَوْهَرٍ نَفِيسٍ تَتَفَاوَتُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ أَوْ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَرْجِعُ لِمُكَاتَبَةِ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ مُفَسِّرٌ لِإِجْمَالِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا إجْمَالَ فِي النِّسْبَةِ إنَّمَا الْإِجْمَالُ فِي الْجُزْءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا) الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِلَا لَا بِلَمْ؛ لِأَنَّ؛ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لَيْسَ مَوْضِعًا لِلَمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا رَضِيَ السَّيِّدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْجَبْرُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ رِضَا السَّيِّدِ (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا اتَّفَقَ عَلَى الْجَبْرِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى تَعْرِيفِ الْجُزْأَيْنِ) أَيْ أَوْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْجِنْسِ مُنْحَصِرٌ فِي الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ وَوَجَّهَهُ أَيْ ابْنُ رُشْدٍ وَجْهًا وَقَوْلَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ وَجَّهَ ابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ أَيْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ لَا يَلْزَمُ (قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يَدْفَعْ مَالًا الْآنَ) أَيْ فِي وَقْتِ آجَالِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِجَهْلِ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ أَوْ تَصِحُّ أَيْ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ فَإِنْ قُلْت هَلَّا جَزَمَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ؛ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ بِهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَاهِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ قُلْنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الرُّكْنَ أَنْ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَمُ لَا أَنْ يُشْتَرَطُ الْقَدْرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ اشْتِرَاطُ لُزُومِ التَّنْجِيمِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّنْجِيمِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْكِتَابَةِ فَيُفِيدُ أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً أَيْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ تَكُونُ بَاطِلَةً مَعَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ لُزُومِ التَّنْجِيمِ أَيْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِهَا التَّنْجِيمُ أَيْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا إذَا وَقَعَتْ مُنَجَّمَةً فَإِذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَجَّمَةٍ فَتَصِحُّ وَلَا تَلْزَمُ لَكِنْ أَقُولُ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ لَا اشْتِرَاطُ صِحَّتِهِ) أَيْ لَا الِاشْتِرَاطُ فِي صِحَّتِهِ أَيْ أَنَّ التَّنْجِيمَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ بَلْ تَصِحُّ بِدُونِ التَّنْجِيمِ (قَوْلُهُ جَوَازُهَا حَالَّةً) أَقُولُ هَذَا مُنَافٍ لِتَعْرِيفِ الْكِتَابَةِ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ قَالَ عَتَقَ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْعَبْدِ مَوْقُوفٍ عَلَى أَدَائِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَلْ فِي التَّنْجِيمِ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَنْفَعُ؛ لِأَنَّ؛ مَعْنَى التَّنْجِيمِ جَعْلُهَا نُجُومًا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَظَاهِرُهَا التَّأْجِيلُ لَكَانَ أَصْرَحَ فِي إفَادَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِالْخَمْرِ مِنْ كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَسْلَمَا وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ بِمَا لَا يَتَمَلَّكُهُ بِأَنْ وَقَعَتْ ابْتِدَاءً مِنْ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَتَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَ مَوْصُوفًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَتَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا فِي عج الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 كَانَ يَلْزَمُ الْعَبْدَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ أَصْلًا كِتَابَةُ مِثْلِهِ فَأَوْلَى مَا يَمْلِكُ كَاللُّؤْلُؤِ كَمَا قَالَهُ ق وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مَا عَزَاهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَفَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ كَذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ عَكْسُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَازَ بِغَرَرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا كَالْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ فَلِذَا جَازَ فِيهَا مَا لَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ مَالَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَا عَلَى عَبْدِهِ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْ ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ صَرْفًا مُسْتَأْخِرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (ص) وَمُكَاتَبَةِ وَلِيٍّ مَا لِمَحْجُورِهِ بِالْمَصْلَحَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ الْمَحْجُورِ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْعَبْدِ إذْ لَوْ شَاءَ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَإِتْيَانُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا لِمَنْ يَعْقِلُ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا أُجِيبَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] مِنْ أَنَّهُ لَمَّا كُنَّ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ اسْتَعْمَلَ فِيهِنَّ مَا وَالرَّقِيقُ أَنْقَصُ مِنْ النِّسَاءِ فَاسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا فِيمَنْ يَعْقِلُ مَجَازًا أَوْ عَلَى الْقَلِيلِ فِيهَا (ص) وَمُكَاتَبَةِ أَمَةٍ وَصَغِيرٍ وَإِنْ بِلَا مَالٍ وَكَسْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ رَقِيقَهُ الصَّغِيرَ الَّذِي سِنُّهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرُ وَلَوْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ أَيْ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا الْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ وَبِعِبَارَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْخَيْرِيَّةَ فِي الْآيَةِ هِيَ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ إذْ الْآيَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ الْأَمْرِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَيْرِيَّةِ وَانْتِفَاءُ الْأَمْرِ يَصْدُقُ بِالْجَوَازِ الْمُرَادِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا أَوْ لِلْحَالِ أَيْ يَجُوزُ مُكَاتَبَتُهُمَا فِي حَالَةِ كَوْنِهِمَا بِلَا مَالٍ وَكَسْبٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ لَكَانَتْ الْكِتَابَةُ مُسْتَحَبَّةً وَجَوَازُ مُكَاتَبَةِ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يُجْبِرُ الْعَبْدَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَأَمَّا عَلَى مُقَابَلَةٍ فَلَا يَتَأَتَّى إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الصَّغِيرِ وَرِضَاهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (ص) وَبَيْعِ كِتَابَةٍ أَوْ جُزْءٍ لَا نَجْمٍ فَإِنْ وَفَّى فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا رَقَّ لِلْمُشْتَرِي (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازُ بَيْعِ جُزْءٍ مِنْهَا كَرُبْعِهَا مَثَلًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْعَبْدُ الَّذِي كُوتِبَ أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَتْ عَيْنًا فَبِعَرْضٍ نَقْدًا وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا فَبِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهُ أَوْ بِعَيْنٍ نَقْدًا فَإِنْ تَأَخَّرَ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ هَذَا إذَا بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَكْفِي قُرْبُ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ لِتَفَاوُتِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ (قَوْلُهُ إنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَوْ كَذَهَبٍ إلَخْ) إنْ أَرَدْنَا الْفَسْخَ قَدَّرْنَا فَسْخَهُ وَجَعَلْنَا عَنْ بِمَعْنَى فِي مَنْقُولٍ أَوْ فَسْخٍ كَذَهَبٍ فِي وَرِقٍ وَإِنْ أَرَدْنَا الصَّرْفَ جَعَلْنَا عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَصَرْفِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَيُقَيَّدُ بِدُونِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ إلَخْ) أَيْ بَلْ كَخَرَاجٍ مُوَظَّفٍ فَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ شَيْءٍ لِآخَرَ؛ لِتَشَوُّفِ؛ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَعَجَّلَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا كَالْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا وَقَوْلُهُ مِنْ ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ أَيْ بِدُونِ حُلُولٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ صَرْفًا مُسْتَأْخِرًا (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ) إنَّمَا قَدَّرَ الْجَوَازَ دُونَ النَّدْبِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَهْلُ التَّبَرُّعِ إذْ الْوَلِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ الْمُسْتَوِيَةِ فِي الْكِتَابَةِ وَعَدَمِهَا فَإِنْ انْفَرَدَتْ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ (قَوْلُهُ لَمَّا كُنَّ) أَيْ النِّسْوَةُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ (قَوْلُهُ أَمَةٍ) بَالِغَةٍ بِرِضَاهَا وَقَوْلُهُ وَصَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ الَّذِي سِنُّهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ) كَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَكَأَنَّهُ مُرَادُ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ وَبِلَا قُوَّةٍ عَلَى كَسْبٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ؛ إذَا كَانَتْ الْخَيْرِيَّةُ فِي الْآيَةِ هِيَ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ فَتَقُولُ هِيَ عَيْنُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ الَّتِي أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَقُولَ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ لَا تَكُونُ إلَّا بِمَالٍ مَوْجُودٍ بِالْفِعْلِ أَوْ كَسْبٍ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَكُلَّمَا وُجِدَتْ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ وُجِدَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ [بَيْعِ الْكِتَابَةِ] (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بَيْعُ الْجُزْءِ وَأَمَّا بَيْعُ الْكُلِّ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ (قَوْلُهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ) أَيْ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ إذَا بَاعَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 غَيْبَتِهِ كَمَا فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ ذَاتَه مَبِيعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْكِتَابَةِ يُغْتَفَرُ إنَّمَا الِاغْتِفَارُ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْعِتْقِ لَا فِي بَيْعِهَا اهـ. وَلَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالْمُكَاتَبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ أَدَّى مَضَى وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ هُوَ الْعَبْدُ وَهَلْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ الْكِتَابَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ كَالْغَلَّةِ قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَارَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ اُنْظُرْ تت وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَجْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْكِتَابَةِ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النُّجُومَ مُخْتَلِفَةٌ وَإِلَّا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْجُزْءِ وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ فَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ جَازَ بَيْعُهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَمَعْلُومٍ وَهُوَ النَّجْمُ أَوْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ وَحَيْثُ جَازَ بَيْعُ كُلِّ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْئِهَا وَوَفَّى الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ لِانْعِقَادِهِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَوْفَى مَا اشْتَرَاهُ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُرَقُّ لِلْمُشْتَرِي كُلُّهُ أَوْ بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى وَلَوْ وَهَبَ كِتَابَةَ مُكَاتَبِهِ فَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا قِيلَ يُرَقُّ لِلْمُعْطِي وَقِيلَ يُرَقُّ لِوَاهِبِهِ (ص) وَإِقْرَارِ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا إنْ وَرِثَ غَيْرَ كَلَالَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي حَالٍ ثُمَّ أَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ غَيْرَ كَلَالَةٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهَا ابْنٌ أَوْ أَبٌ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِلتُّهْمَةِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَرِثَهُ كَلَالَةٌ أَمْ لَا كَمُبْتَدِئٍ عِتْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ وَرَثَتُهُ فِي إمْضَاءِ كِتَابَتِهِ فَإِنْ أَمْضُوا وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَمُكَاتَبَتُهُ بِلَا مُحَابَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ بِلَا مُحَابَاةٍ فَإِنْ حَابَى فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِهِ وَكَذَلِكَ إنْ وَرِثَ كَلَالَةً فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِهِ فَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ) يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ الْمُحَابَاةِ وَلِمَسْأَلَةِ إذَا وَرِثَ كَلَالَةً فَإِذَا حَمَلَ الثُّلُثُ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ حَابَى بِهِ مَضَى وَمَا لَمْ يَحْمِلْهُ رَقَّ مِنْهُ بِقَدْرِهِ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ إنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ (ص) وَمُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ فَتُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَهُمْ وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ حُمَلَاءُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الرَّقِيقِ إذَا كَانُوا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ مُنَجَّمٍ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ أَحَدُ الْعَبِيدِ أَوْ مَاتَ لَأَخَذَ سَيِّدُهُ مَالَ الْآخَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ فَإِنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَعَلَى قَدْرِ خِدْمَتِهِمْ   [حاشية العدوي] لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْغَرَرَ فِي الْكِتَابَةِ يُغْتَفَرُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ سَقْطٌ بَعْدَ قَوْلِهِ يُغْتَفَرُ وَالسَّاقِطُ لَفْظَةُ فِيهِ نَظَرٌ خَبَرُ قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ إنَّمَا الِاغْتِفَارُ فِي عَقْدِهَا) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ بِغَرَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي إلَخْ) أَقُولُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى هُوَ كِتَابَةَ نَفْسِهِ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ يُرَقُّ لِلْمُعْطِي) هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ فِيهَا ابْنٌ أَوْ أَبٌ) أَقُولُ إنَّ فِي الْكَلَالَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَنْ مَاتَ بِلَا وَلَدٍ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي مَنْ مَاتَ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ وَإِنْ تَرَكَ أُنْثَى الثَّالِثُ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ عَمُودَيْ النَّسَبِ مِنْ الْآبَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنْ يَقُولَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَشَارِحُنَا تَبِعَ اللَّقَانِيِّ فِي تَقْرِيرِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِيهَا فَتَدَبَّرْ [الْمُكَاتَبَة بِلَا مُحَابَاةٍ] (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِهِ) مَثَلًا إذَا كَاتَبَهُ بِعَشَرَةٍ وَحَابَاهُ فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ أَتَى بِمَا كَاتَبَ بِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ وَيُنْظَرُ فِي الْعَشَرَةِ الَّتِي حَابَى بِهَا فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهَا عَتَقَ بَقِيَّتُهُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ حَابَى فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعِتْقَ بِتَمَامِهِ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ الْمُلَاحَظُ أَنَّ الْمُحَابَاةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَ كَلَالَةً أَيْ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ مَثَلًا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ الْكِتَابَةَ وَكَانَتْ مِائَةً وَحَمَلَهَا الثُّلُثُ فَإِنَّ عِتْقَهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ فَإِذَا حَمَلَ الثُّلُثُ مَا أَقَرَّ بِهِ أَيْ مَنْ قَبَضَ الْكِتَابَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ أَوْ حَابَى بِهِ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ بِعَشَرَةٍ وَمِثْلُهُ يُكَاتَبُ بِعِشْرِينَ فَإِنْ حَمَلَ الْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَ مَضَى وَقَوْلُهُ مَضَى إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُضِيَّ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَخْرُجُ حُرًّا بِسُرْعَةٍ وَأَمَّا فِي صُوَرِ الْمُحَابَاةِ فَمَعْنَى الْمُضِيِّ أَنَّهُ إنْ أَدَّى الْعَشَرَةَ الَّتِي وَقَعَتْ بِهَا الْكِتَابَةُ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ إنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ وَقَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَحْمِلْهُ يَرِقُّ بِقَدْرِهِ أَيْ تَعَرَّضَ لِلرِّقِّيَّةِ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّ مَا لَمْ يَحْمِلْهُ إنْ أَدَّاهُ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ بِقَدْرِهِ فَقَوْلُهُ ثُمَّ إنْ أَدَّى يَرْجِعُ لَهُ أَيْضًا وَيَكُونُ مَعْنَى الرِّقِّيَّةِ كَمَا قُلْنَا أَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِذَلِكَ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ الْمُحَابَاةِ فَإِنَّهُ إذَا حَابَى بِعَشَرَةٍ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَحَمَلَ الثُّلُثُ نِصْفَهَا وَقَدْ كَانَ كَاتَبَ بِعَشَرَةٍ إلَخْ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ الَّتِي لَمْ يَحْمِلْهَا يَرِقُّ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِهَا فَيَرِقُّ مِنْهُ الرُّبْعُ وَيَعْتِقُ مِنْهُ مُقَابِلَ الْخَمْسَةِ الَّتِي حَمَلَهَا فَيَعْتِقُ مِنْهُ الرُّبْعُ وَمَا قَابَلَ الْكِتَابَةَ الَّذِي كَانَ النِّصْفُ إنْ أَدَّى خَرَجَ النِّصْفُ حُرًّا فَيَكُونُ الْحُرُّ ثَلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ رَقَّ مِنْهُ الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ وَيَكُونُ الْمُعْتَقُ مِنْهُ الرُّبْعَ فَتَدَبَّرْ [مُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ] وَقَوْلُهُ حُمَلَاءُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ تَوْزِيعَهُ الْحَمَالَةَ هُنَا أَيْ تَوْزِيعُ الْمَالِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِ مَنْ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ الْكِتَابَةُ لَا عَلَى قُوَّتِهِمْ وَأَمَّا الَّذِي عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ الْأَصْلُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَإِنْ زَمِنَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ لَوْ زَمِنَ كُلُّهُمْ لَا يَكُونُونَ حُمَلَاءَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَعَلَى قَدْرِ خِدْمَتِهِمْ) يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ وَكَذَا قَوْلُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 وَعَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا تُوَزَّعُ عَلَى الْعَدَدِ وَلَا عَلَى قِيمَةِ الرِّقَابِ كَمَا قِيلَ وَهُمْ حُمَلَاءُ سَوَاءٌ كَانُوا كُلُّهُمْ أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى أَوْ بَعْضُهُمْ صَحِيحٌ وَبَعْضُهُمْ مَرِيضٌ وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَتْ الْحَمَالَةُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ لَا بِخِلَافِ حَمَالَةِ الدُّيُونِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ فِيهَا لِلْحُرِّيَّةِ وَهُمْ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ لَا ضَمَانَ هَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ فَقَوْلُهُ وَمُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَمُكَاتَبَةِ سَيِّدِ جَمَاعَةٍ وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ مَعْمُولٌ لِقُوَّتِهِمْ وَقَوْلُهُ وَهُمْ وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَمُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ إلَخْ إنْ تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَهُمْ حُمَلَاءُ وَالْحَالُ أَنَّ أَحَدَهُمْ حَدَثَتْ زَمَانَتُهُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ زَمِنًا يَوْمَ الْعَقْدِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ بِالزَّمَانَةِ الْعَجْزِ وَالْمَرَضِ (ص) فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْجَمِيعُ وَيَرْجِعُ إنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى الدَّافِعِ وَلَمْ يَكُنْ زَوْجًا (ش) أَيْ فَبِسَبَبِ كَوْنِهِمْ حُمَلَاءَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ جَمِيعُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ كَانَ الْآخِذُ السَّيِّدُ أَوْ وَارِثُهُ ثُمَّ إنَّ الدَّافِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ بِمَا غَرِمَهُ عَنْهُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَعْتِقْ الْمَدْفُوعُ عَلَى الدَّافِعِ الثَّانِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ زَوْجًا لِلدَّافِعِ فَقَوْلُهُ عَلَى الدَّافِعِ مُتَعَلِّقٌ بِيَعْتِقْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ زَوْجًا لِلدَّافِعِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ مِمَّا دَفَعَهُ (ص) وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِمَوْتِ وَاحِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ عَجَزَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْكِتَابَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمْ بِرِقٍّ أَوْ بِحُرِّيَّةٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ نَصِيبُهُ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ كَاتَبَ مَنْ لَا يَمْلِكُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَسْرَ وَالْغَصْبَ كَالْمَوْتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ (ص) وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ وَقَوُوا فَإِنْ رَدَّ ثُمَّ عَجَزُوا صَحَّ عِتْقُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ تِلْكَ الْعَبِيدِ عَبْدًا قَوِيًّا أَيْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَرْضَى الْجَمِيعُ بِذَلِكَ الثَّانِي أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ أَقْوِيَاءَ أَيْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَالْأَدَاءِ فَلَوْ أَعْتَقَ قَوِيًّا وَالْبَاقِي ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضُوا فَلَوْ أَعْتَقَ ضَعِيفًا مِنْهُمْ وَالْبَاقِي أَقْوِيَاءُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا وَحَيْثُ أَجَزْنَا عِتْقَ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُمْ قَدْرُ نَصِيبِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ قَوِيٌّ مِنْهُمْ أَيْ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَآلِ وَيُحَطُّ عَنْهُمْ حِصَّتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهُمْ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ حِصَّتِهِ وَإِذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ قَوِيًّا مِنْهُمْ وَلَمْ يَرْضَوْا أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَجَزُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَتَقَ ذَلِكَ الْقَوِيُّ يَصِحُّ لِأَنَّ عِتْقَهُ إنَّمَا كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ لِأَجْلِ حَقِّهِمْ فَلَمَّا عَجَزُوا بَطَلَ حَقُّهُمْ وَصَحَّ عِتْقُهُ وَإِذَا كَانَ أَدَّى شَيْئًا مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ عِتْقِهِ هَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى فِي حَالِ عِتْقِهِ أَوْ لَا فِيهِ خِلَافٌ (ص) وَالْخِيَارُ فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخِيَارَ فِي   [حاشية العدوي] وَعَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ وَمُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُوَزَّعُ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ قَدْ قَالَتْ أَنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى الْعَدَدِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ رِقَابِهِمْ يَوْمَ الْكِتَابَةِ هَذَا هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيلَ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يُفَسِّرُهُ قَيْدٌ إمَّا سَابِقٌ أَوْ لَاحِقٌ وَلَيْسَ هُنَا ذَلِكَ قُلْت ذَاكَ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ كَمَا قَالُوا (قَوْلُهُ إنَّ الْكِتَابَةَ الشَّارِعُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ فِيهَا التَّشَوُّفُ لِلْحُرِّيَّةِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لَهَا (قَوْلُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا أَصَالَةً وَلَا حَمَالَةً كَمَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ وَلَكِنْ يَكُونُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْأَصِحَّاءِ؛ لِأَنَّهُمْ؛ قَدْ دَخَلُوا عَلَى جَمِيعِ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ إلَخْ) لَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِتَمَامِ الْجَمِيعِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ الْمَلِيءِ أَنَّهُ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَمْلِيَاءَ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ أَحَدِهِمْ بِمَا عَلَى جُمْلَتِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) إنْ أَدَّى أَحَدُهُمْ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ رَجَعَ مَنْ أَدَّى عَلَى بَقِيَّتِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ الْكِتَابَةِ اهـ. أَيْ عَلَى حَسَبِ حِصَّتِهِمْ مِنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ يَرْجِعُ) الْأَوْلَى أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيُوَافِقَ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ وَيَشْمَلُ الدَّافِعَ وَوَارِثَهُ وَسَيِّدَهُ وَوَارِثَهُ إذَا مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَمَنْ انْتَقَلَ لَهُ الْحَقُّ بِغَيْرِ إرْثٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ زَوْجًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ زَوْجًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ عَنْهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِفِدَاءِ الْكُفَّارِ وَالزَّوْجُ يُصَدَّقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ وَالْحَوَاشِي) أَيْ الْقَرِيبَةُ وَهِيَ الْإِخْوَةُ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ؛ الْغَيْبَ كَشْفٌ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الْأَسْرِ وَالْغَصْبِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَعْتَقَ قَوِيًّا وَالْبَاقِي ضَعِيفٌ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْوَوْا لَمْ يُفِدْ رِضَاهُمْ سَوَاءٌ سَاوَاهُمْ فِي الْقُوَّةِ أَوْ كَانَ أَقْوَى مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَعْتَقَ ضَعِيفًا إلَخْ) أَيْ مَنْ حَدَثَ لَهُ الضَّعْفُ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فَإِنْ أَعْتَقَ ضَعِيفًا أَيْ مَنْ حَدَثَ لَهُ الضَّعْفُ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْجَمِيعِ وَلَا قُوَّتُهُمْ وَلَمْ تَسْقُطْ حِصَّتُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَوُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ كَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَالْمُرَادُ بِالضَّعِيفِ مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى السَّعْيِ وَلَا مَالَ لَهُ فَمَنْ لَهُ مَالٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ السَّعْيِ دَخَلَ فِي مَنْطُوقِ قَوِيٍّ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ) أَيْ أَعْتَقَ مَا اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْمَآلِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ بَيِّنٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ مَرِيضًا الْآنَ وَهُوَ مُتَرَقِّبٌ الْبُرْءَ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 حَالَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ جَائِزٌ بِمَعْنَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَجْعَلُ لِصَاحِبِهِ الْخِيَارَ فِي حَلِّ عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ إجَازَتِهِ يَوْمًا أَوْ جُمُعَةً أَوْ شَهْرًا مَثَلًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا وَلَدَتْهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ وَمَا اسْتَفَادَهُ الْعَبْدُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ يَكُونُ لَهُ حَيْثُ تَمَّتْ كِتَابَتُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَهَذَا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِلسَّيِّدِ مَالُهُ فَقَوْلُهُ وَالْخِيَارُ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ أَمَدُهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ زَادَ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الضَّمَانِ (ص) وَمُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ بِمَالٍ وَاحِدٍ لَا أَحَدِهِمَا أَوْ بِمَالَيْنِ أَوْ بِمُتَّحِدٍ بِعَقْدَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَا عَبْدَهُمَا عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ أَيْ مُتَّحِدٍ قَدْرًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الِاقْتِضَاءُ وَاحِدًا عَلَى الشَّرِكَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ أَوْ وَوَاحِدٌ مِمَّا بَعْدَهُ امْتَنَعَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ نَصِيبُهُمَا كَثُلُثٍ وَثُلُثَيْنِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يَكُونُ مَالًا وَاحِدًا إلَّا إذَا اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَالْقَدْرُ وَالْجِنْسُ وَالصِّفَةُ وَالِاقْتِضَاءُ وَالْأَجَلُ وَإِلَّا كَانَا مَالَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَا مَالَيْنِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الِاقْتِضَاءُ كَاقْتِضَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً مِنْ عَشَرَةٍ كَاتَبَاهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْخَمْسَةَ غَيْرُ الْعَشَرَةِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ فِي الْعَبْدِ دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُكَاتِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ فِي الْعَبْدِ بِمَالٍ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي كَاتَبَ عَلَيْهِ شَرِيكَهُ الْآخَرَ أَيْ بِأَنْ غَايَرَهُ فِي الْقَدْرِ أَوْ فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْأَجَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى عِتْقِ الْبَعْضِ دُونَ تَقْوِيمٍ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُكَاتِبَاهُ عَلَى مَالٍ مُتَّحِدٍ قَدْرًا وَأَجَلًا فِي عَقْدَيْنِ بِأَنْ يُكَاتِبَهُ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ وَيُكَاتِبَهُ الْآخَرُ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ (فَيُفْسَخُ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (ص) وَرِضَا أَحَدِهِمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ وَرَجَعَ لِعَجْزٍ بِحِصَّتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَاتَبَا الْعَبْدَ عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَحَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمَا بِتَقْدِيمِ صَاحِبِهِ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ النَّجْمَ الَّذِي حَلَّ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ النَّجْمَ الَّذِي بَعْدَهُ إذَا حَلَّ فَلَوْ عَجَزَ الْعَبْدُ فِي النَّجْمِ الثَّانِي فَإِنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ النَّجْمَ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ فَقَوْلُهُ وَرِضَا إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَالضَّمِيرُ فِي رَجَعَ لِمَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ صَاحِبِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِعَجْزِهِ بِحِصَّتِهِ حَيْثُ كَانَ الرِّضَا قَبْلَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ وَكَانَ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ مُرِيدَ التَّقْدِيمِ فَإِنْ كَانَ الرِّضَا بِذَلِكَ بَعْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ أَوْ كَانَ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَرَضِيَ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ أَوْ الشَّرِيكُ الَّذِي رَضِيَ بِالتَّقْدِيمِ وَسَأَلَ شَرِيكَهُ أَنْ يُنْظِرَ الْمُكَاتَبَ بِحِصَّتِهِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ الْعَجْزِ بِحِصَّتِهِ (ص) كَأَنْ قَاطَعَهُ بِإِذْنِهِ   [حاشية العدوي] [الْخِيَارَ فِي حَالِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ] (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ أَحَدَهُمَا) لَا يَخْفَى مَا فِيهَا مِنْ الْقُصُورِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْخِيَارَ فِيهَا لِلسَّيِّدِ أَوْ لِلْعَبْدِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ يَخَافُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ زَادَ فِي الثَّمَنِ) أَيْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ؛ لِوُجُودِ؛ الضَّمَانِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ؛ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَيْ فَيُؤَدِّي لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (قَوْلُهُ لَا أَحَدِهِمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ مُخَاطَرَةٌ؛ لِأَنَّ؛ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ نَحْوَهَا وَالْآخَرُ يَأْخُذُ اغْتِلَالًا وَهُوَ بِالْجَرِّ أَوْ بِالرَّفْعِ عِطْفٌ عَلَى مَحَلِّ شَرِيكٍ أَوْ لَفْظِهِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ مَالَيْنِ بِالنَّصْبِ فَيُمْكِنُ تَوْزِيعُ الْعَطْفِ فَيَكُونُ بِمَالَيْنِ عَطْفًا عَلَى بِمَالٍ وَالنَّفْيُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ النُّسَخِ عَلَى تَجْرِيدِ مَالَيْنِ مِنْ الْبَاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ بِمُتَّحِدٍ فَبِالْبَاءِ قَالَ الْبَدْرُ اُنْظُرْ مَا نُكْتَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ) أَيْ بِأَنْ يُكَاتِبَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا مُحَمَّدِيَّةً فِي سَنَتَيْنِ لِكُلٍّ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ وَصِفَةً) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا كَاتَبَاهُ بِعَشْرَةٍ خَمْسَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا وَخَمْسَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِلْآخَرِ وَقَوْلُهُ وَأَجَلَّا احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا كَاتَبَاهُ لِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَجَلٌ لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ لِلْآخَرِ وَقَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الِاقْتِضَاءُ وَاحِدًا عَلَى الشَّرِكَةِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْأَجَلُ وَالْقَدْرُ وَالصِّفَةُ وَاخْتَلَفَ الِاقْتِضَاءُ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَشْتَرِكُ مَعَ غَيْرِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) أَيْ بِأَنْ يُكَاتِبَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ عَشَرَةٌ لِأَحَدِهِمَا وَخَمْسَةٌ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِهِ) أَيْ وَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْخَمْسَةَ غَيْرُ الْعَشَرَةِ) تَعْلِيلٌ غَيْرُ وَاضِحٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الِاقْتِضَاءِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَاقِدًا عَلَى الِاسْتِقْلَالِ عَلَى خَمْسَةٍ عَلَى حِدَتِهِ فَصَارَا مَالَيْنِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى عِتْقِ الْبَعْضِ دُونَ تَقْوِيمٍ) أَيْ دُونَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ؛ التَّقْوِيمَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ الْعِتْقَ لَا عَلَى مَنْ أَنْشَأَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْكِتَابَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهَا؛ فَلِأَنَّهُ؛ رُبَّمَا أَدَّى إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَيُفْسَخُ مُرَتَّبٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَيُفْسَخُ (قَوْلُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ) أَيْ جَمِيعِهَا بَلْ حَلَّ الْبَعْضُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَكَانَ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ مُرِيدَ التَّقْدِيمِ) أَيْ الَّذِي مُرَادُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ) أَيْ حُلُولِ جَمِيعِهَا أَيْ بَعْدَ أَنْ حَلَّ جَمِيعُهَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ حِصَّتِهِ وَرَضِيَ شَرِيكُهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ أَوْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ وَالسَّائِلُ فِي ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ وَرَضِيَ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ) أَيْ الشَّرِيكُ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ أَوْ الشَّرِيكَ) أَيْ أَوْ كَانَ السَّائِلُ الشَّرِيكَ الَّذِي رَضِيَ بِتَقْدِيمِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَسَأَلَ شَرِيكَهُ أَنْ يُنْظِرَ الْمُكَاتَبَ) أَيْ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي رَضِيَ بِتَقْدِيمِ شَرِيكِهِ أَخْبَرَ الشَّرِيكَ الَّذِي يُرِيدُ التَّقَدُّمَ بِأَنَّهُ أَيْ الشَّرِيكَ الْمُخْبِرَ يَنْتَظِرُ الْمُكَاتَبَ بِحِصَّتِهِ فَالْمُرَادُ بِالسُّؤَالِ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ وَافَقَ شَرِيكَهُ عَلَى أَنَّهُ أَيْ شَرِيكَهُ يُنْظِرَ الْمُكَاتَبَ بِحِصَّتِهِ وَهُوَ يَتَقَدَّمُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ الْعَجْزِ بِحِصَّتِهِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 مِنْ عِشْرِينَ عَلَى عَشْرَةٍ فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ مَا فَضَّلَ بِهِ شَرِيكَهُ وَإِسْلَامِ حِصَّتِهِ رِقًّا (ش) التَّشْبِيهُ فِي الرُّجُوعِ وَالْجَوَازِ بِشَرْطِ رِضَا الشَّرِيكِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقَاطِعَ الْعَبْدَ الْمُكَاتَبَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ مِنْ عِشْرِينِهِ عَلَى عَشَرَةٍ مُعَجَّلَةٍ فَإِنْ عَجَزَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلَّذِي قَاطَعَ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ إلَى شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا قَبَضَ مِنْ الْعَبْدِ وَيَصِيرُ رِقًّا لَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا وَأَنْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ لِشَرِيكِهِ رِقًّا لَهُ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا فَضَّلَ بِهِ شَرِيكَهُ نِصْفُ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْآذِنَ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا وَإِلَّا فَمَتَى قَبَضَ الْأَوَّلُ شَيْئًا دُونَ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ فَلَا يَدْفَعُ لَهُ إلَّا حِصَّتَهُ مِمَّا زَادَ عَلَى قَبْضِ الْآذِنِ حَتَّى يَتَسَاوَيَا وَإِذَا قَبَضَ الْآذِنُ مِثْلَ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ فَأَكْثَرَ فَحِينَئِذٍ لَا خِيَارَ لِلْمُقَاطِعِ وَقَوْلُهُ مَا أَيْ الْخَمْسَةُ الَّتِي فَضَّلَ بِهَا شَرِيكَهُ فَقَوْلُهُ (وَرُجُوعٌ لَهُ عَلَى الْآذِنِ وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ) لَيْسَ هَذَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ قَبَّضَ شَرِيكَهُ الْأَقَلَّ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ مَا فَضَّلَ بِهِ بَلْ هُوَ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا قَبَّضَ شَرِيكَهُ أَكْثَرَ مِمَّا قَاطَعَهُ بِهِ عَجَزَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ الْكِتَابَةَ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُقَاطِعِ عَلَى شَرِيكِهِ الْآذِنِ بِشَيْءٍ فَإِنْ قِيلَ كَانَ الْمُنَاسِبُ عَدَمَ الْمُبَالَغَةِ لِشُمُولِهَا لِقَبْضِ الْأَقَلِّ السَّابِقِ الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِالتَّخْيِيرِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ أَيْ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآذِنِ فِي حَالِ قَبْضِ الْآذِنِ الْأَكْثَرَ وَأَحْرَى الْمُسَاوِي (ص) فَإِنْ مَاتَ أَخَذَ الْآذِنُ مَالَهُ بِلَا نَقْصٍ إنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ إلَّا أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ فَإِنَّ الَّذِي أَذِنَ لِشَرِيكِهِ فِي الْمُقَاطَعَةِ نَأْخُذُ جَمِيعَ مَالِهِ وَهُوَ عِشْرُونَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ مِمَّا تَرَكَهُ الْمُكَاتَبُ حَلَّتْ الْكِتَابَةُ أَوْ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِالْمَوْتِ ثُمَّ يَكُونُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْآذِنِ عَلَى الْمُقَاطِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَالضَّمِيرُ فِي مَاتَ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي قُوطِعَ وَفَّى مَالَهُ لِلْآذِنِ أَيْ حِصَّتَهُ وَهِيَ عِشْرُونَ (ص) وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ لِمَالِهِ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَعْتَقَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ الْمَالِ أَيْ فَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ وَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ خَفَّفَ عَنْهُ لِتَتِمَّ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فَلَمَّا لَمْ تَتِمَّ لَهُ رَجَعَ رَقِيقًا وَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْعِتْقَ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا عَجَزَ أَيْ لِأَنَّ فِي تَقْوِيمِهِ عَلَيْهِ الْآنَ نَقْلَ الْوَلَاءِ الَّذِي انْعَقَدَ لِشَرِيكِهِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَيْ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ قَصَدَ الْعِتْقَ أَوْ يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ فَقَوْلُهُ وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ لِمَالِهِ أَيْ إذَا قَصَدَ بِالْعِتْقِ وَضْعَ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ فَكَّ الرَّقَبَةِ بِأَنْ قَصَدَ الْمَالَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي وَضْعِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَيْ إلَّا إنْ قَصَدَ فَكَّ رَقَبَةٍ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَحِينَئِذٍ لَا رَكَاكَةَ   [حاشية العدوي] أَيْ وَكَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَيَفُوزُ الَّذِي تَقَدَّمَ بِمَا أَخَذَ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا قَبَضَ (قَوْلُهُ مِنْ عِشْرِينَ) مِنْ بِمَعْنَى بَدَلَ (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ فِي الرُّجُوعِ وَالْجَوَازِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْجَوَازِ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا تَخْيِيرٌ حَتَّى يُشَبِّهَ بِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ رِضَا الشَّرِيكِ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْإِذْنِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِذْنِ الرِّضَا وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ جَوَازِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَبْطُلُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ عَجْزِهِ فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ إلَّا بَعْدَهُ فَإِنْ قَبَضَ شَرِيكَهُ الَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ مِثْلَهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمُقَاطِعُ فِيمَا قَبَضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَمْلِكَ حِصَّتَهُ فَإِنْ اخْتَارَ الثَّانِيَ انْقَلَبَ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ الَّذِي قَاطَعَ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ ذَلِكَ وَبَيْنَ دَفْعِ حِصَّتِهِ مِمَّا قَبَضَهُ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الْعَبْدِ (تَنْبِيهٌ) الْقَطَاعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا؛ لِأَنَّهُ؛ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ وَقَطَعَ لَهُ بِتَمَامِ حُرِّيَّتِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ؛ قَدْ رَضِيَ إلَخْ) عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَعْلُولِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ لَا رُجُوعَ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي حَالِ قَبْضِ الْآذِنِ الْأَكْثَرَ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ أَلْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْأَكْثَرَ وَيَجْرِي حِلَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ مَالٍ بَعْدَ أَخْذِ الْمُقَاطِعِ مَا قَاطَعَ بِهِ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَخْذِ الْمُقَاطِعِ مَا قَاطَعَ بِهِ أَخَذَهُ وَأَخَذَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ وَاشْتَرَكَا فِيمَا بَقِيَ فَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِمَا هُوَ لَهُمَا تَحَاصَّا فِيهِ بِحَسَبِ مَا لِكُلٍّ فَيُحَاصُّ الْمُقَاطِعُ بِعَشَرَةِ الْقَطَاعَةِ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينِهِ وَإِنْ قَبَضَ كُلٌّ بَعْضَ مَالِهِ حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ) يُحْتَرَزُ عَنْ عِتْقِ أَحَدِهِمَا فِي مَرَضِهِ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا حَقِيقَةً لَا وَضْعًا؛ لِأَنَّهُ؛ لَوْ عَجَزَ وَرَقَّ لِلْوَرَثَةِ لَمْ يُنَفِّذُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَدْ أَرَادَ إبْطَالَهَا وَأَنْ يَعُودَ إلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْهَا وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّخْفِيفَ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ كَانَ رِقًّا لَهُ (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَعَلِمَا ذَلِكَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا رَكَاكَةَ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِيهِ رَكَاكَةٌ وَهِيَ كَوْنُهُ اسْتَثْنَى الشَّيْءَ مِنْ نَفْسِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ؛ قَوْلَهُ وَعَتَقَ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ تَلَفَّظَ أَحَدُهُمَا بِلَفْظِ الْعِتْقِ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ الْمَالِ كَأَنَّهُ قَالَ وَضَعْت الْمَالَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِلَفْظِ الْعِتْقِ فَكَّ الرَّقَبَةِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ فَتَدَبَّرْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 فِي لَفْظِ الْمُؤَلِّفِ (ص) كَإِنْ فَعَلْت فَنِصْفُك حُرٌّ فَكَاتَبَهُ ثُمَّ فَعَلَ وُضِعَ النِّصْفُ (ش) التَّشْبِيهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ وَضْعُ النِّصْفِ وَلَوْ قَصَدَ الْعِتْقَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ فَعَلْت أَنَا أَوْ أَنْتَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَنِصْفُك حُرٌّ ثُمَّ كَاتَبَهُ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ الْمَالِ لَا الْعِتْقِ فَيُوضَعُ عَنْهُ نِصْفُ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِتْقًا لَقُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ فَإِنْ أَدَّى النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ خَرَجَ حُرًّا وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ كُلُّهُ فَقَوْلُهُ (وَرَقَّ كُلُّهُ إنْ عَجَزَ) يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ لَيْسَ بِتَامٍّ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَضَعَ النِّصْفَ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُ الْعِتْقِ مَعْمُولًا بِهِ وَعُمِلَ بِهِ فِيمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حَالُ الْيَمِينِ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ قَطَعَا وَنِيَّةُ الْعِتْقِ حَصَلَتْ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَكُنْ حَالُ النُّفُوذِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ لَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ فِي حَالِ النُّفُوذِ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَلَأَفْعَلَنَّ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (ص) وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ وَمُشَارَكَةٌ وَمُقَارَضَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ وَإِسْلَامُهَا أَوْ فِدَاؤُهَا إنْ حَنِثَ بِالنَّظَرِ وَسَفَرٌ يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ وَإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ لَا عِتْقٌ وَإِنْ قَرِيبًا وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ وَتَزْوِيجٌ وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ خَطَأً وَسَفَرٌ بَعُدَ إلَّا بِإِذْنٍ (ش) لَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُحَابَاةِ وَالتَّبَرُّعَاتِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عَجْزِهِ أَخَذَ يُمَثِّلُ لِكُلٍّ بِأَمْثِلَةٍ فَمَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَمُقَاسَمَةُ شُرَكَائِهِ وَإِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ مَثَلًا لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَمُشَارَكَتُهُ وَمُقَارَضَتُهُ وَمُكَاتَبَتُهُ لِرَقِيقِهِ لِأَجْلِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ قَالَ فِيهَا كِتَابَةُ الْمُكَاتِبِ عَبْدَهُ عَلَى ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ جَائِزَةٌ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَعْلَى أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْأَسْفَلُ إلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَعَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ الْوَلَاءُ لِلْأَسْفَلِ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ أَنْ يُزَوِّجَ أُمَّتَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يُزَوِّجَ وَإِذَا زَوَّجَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا شَرْطُ الْعَاقِدِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَلِلْمُكَاتَبِ إذَا جَنَى رَقِيقُهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ بِالنَّظَرِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ وَالضَّمِيرُ فِي إسْلَامِهَا يَرْجِعُ لِلنَّسَمَةِ الْجَانِيَةِ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ سَفَرًا لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ أَوْ بَعْضُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَوْ صَانِعًا وَلِلْمُكَاتَبِ الْإِقْرَارُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ كَالدُّيُونِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ فَيُقْبَلُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ كَذَا رَأَيْنَا مِنْ النُّسَخِ وَهُوَ عَكْسُ الْمَقْصُودِ فَالصَّوَابُ فِي ذِمَّتِهِ انْتَهَى وَلِلْمُكَاتَبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت فَنِصْفُك حُرٌّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ وَضَعَ النِّصْفَ) لَمْ يَكْتَفِ عَنْ الْجَوَابِ بِالتَّشْبِيهِ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ (قَوْلُهُ لَقُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ) أَيْ حِينَ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ كَلَأَفْعَلَنَّ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ نِصْفُك حُرٌّ لَأَفْعَلَنَّ وَلَمْ يَفْعَلْ وَهَلْ بِكِتَابَتِهِ يَكُونُ الْحِنْثُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَازِمًا عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوَّلًا وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاءٌ) يُغْنِي عَنْهُ بَيْعٌ؛ لِأَنَّهُ؛ إذَا بَاعَ فَقَدْ اشْتَرَى الثَّمَنَ وَالْمُشْتَرِي إذَا اشْتَرَى فَقَدْ بَاعَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مُتَلَازِمَانِ (قَوْلُهُ وَمُقَارَضَةٌ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَمُشَارَكَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَقَوْلُهُ وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ إلَخْ لَوْ قَالَ وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِ لَوَافَقَ النَّصَّ إذْ كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يَعْقِدُ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَسَفَرٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ قَرِيبًا وَهُوَ الَّذِي عَلَى سَيِّدِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَبِيرُ مُؤْنَةٍ بِحُلُولِ نَجْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَمَا يَجُوزُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ خَبَرٌ (قَوْلُهُ لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ إلَخْ) لَمْ أَرَ مَنْ بَيَّنَ قَدْرَ ذَلِكَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يُكَاتِبَ بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمُكَاتَبٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَشَرْنَا لِذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ) أَيْ بِأَنْ يُزَوِّجَ بِامْرَأَةٍ مُوسِرَةٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ ارْتِفَاعُ حَالِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي مَعْنَاهُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ فِي جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ إلَّا فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ؛ لِأَنَّ؛ النِّكَاحَ نَقْصٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِلنَّسَمَةِ) أَيْ لِلرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) أَيْ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِيهِ الْقُصُورُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ (قَوْلُهُ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ أَوْ بَعْضُهُ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مُطْلَقَ السَّفَرِ مُقْتَضٍ لِحُلُولِ نَجْمٍ وَكَذَا مِثْلُهُ فِي شَرْحِ عب فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ بَعْضٍ وَيَقُولُ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ مِنْ كِتَابَتِهِ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ وَلَوْ صَانِعًا) أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فِي مَنْعِ الصَّانِعِ (قَوْلُهُ فَالصَّوَابُ فِي ذِمَّتِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ إقْرَارَ كُلٍّ مِنْ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَالْمُكَاتَبِ مِمَّا يُوجِبُ عُقُوبَتَهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لَازِمٌ لَهُ غَيْرَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُتَّهَمْ وَأَمَّا إنْ اُتُّهِمَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ فَاسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ الدَّمِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَمَا مَرَّ وَإِنَّ إقْرَارَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي رَقَبَتِهِ مِمَّا يُوجِبُ مَالًا كَإِقْرَارِهِ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ لَا يَلْزَمُ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِبَهْرَامَ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْبِرْذَوْنِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي عَبْدٍ عَلَى بِرْذَوْنٍ مَشَى عَلَى أُصْبُعِ صَبِيٍّ فَقَطَعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهِ وَهِيَ تُدْمِي وَيَقُولُ فَعَلَ بِي هَذَا فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ أَنَّ الْأَرْشَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَإِنَّ إقْرَارَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 أَنْ يُسْقِطَ شُفْعَتَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَوْعِ الشِّرَاءِ لِلشِّقْصِ بِالثَّمَنِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ أَوْ غَيْرُ نَظَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّجْرُ وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ وَاضِحٌ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتِقَ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا أَوْ قَرِيبًا لَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ عِتْقُ قَرِيبِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ حُرًّا كَمَا مَرَّ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ أَوْ يَتَصَدَّقَ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ مَا فَعَلَهُ إلَّا الشَّيْءَ التَّافِهَ وَلَوْ اسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ بِمَسْأَلَةِ الْعِتْقِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ لِلِاخْتِصَارِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الْعِتْقِ مُتَشَوِّفٌ لَهُ الشَّارِعُ فَأَوْلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالْهِبَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ فَإِنْ رَدَّهُ سَيِّدُهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَيُتْرَكُ لَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَا يُتَّبَعُ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا عَتَقَ فَإِنْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فُسِخَ تَزْوِيجُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُبَدَّلَ تَزْوِيجٌ بِتَزْوِيجٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فَعَلَهُ بِالْغَيْرِ وَالتَّزَوُّجُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ تَزْوِيجٌ بِجَوَازِ تَسَرِّيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَعِيبُهُ ذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ جَنَى جِنَايَةً خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَتَقَ أَوْ عَجَزَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ أَوْ بَعْضُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ إلَّا بِإِذْنٍ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا بَعِيدًا وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ نَجْمٌ (تَنْبِيهٌ) إنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ جَوَازًا وَمَنْعًا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَنْفَعُ لِلْمُفْتِي سِيَّمَا الْمُقَلِّدُ وَإِلَّا لَاكْتَفَى عَنْهَا بِضَابِطٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ كَأَنْ يَقُولَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ بَعْضُ مَنْ حَشَّاهُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا لَيْسَ مَظِنَّةً لِعَجْزِهِ (ص) وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ إنْ اتَّفَقَا وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَيَرِقُّ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ الْمُسْلِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِتَابَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْتِقَ هُوَ وَسَيِّدُهُ الْمُسْلِمُ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَى ذَلِكَ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ ظَاهِرٌ فَيَرِقُّ حِينَئِذٍ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْكِتَابَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِلْعَبْدِ خِيَارٌ فِي حَلِّهَا فَأَمَّا التَّعْجِيزُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ تَرَاضَى عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ قَدْ ارْتَفَعَ بِالْعُذْرِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَجَزَةِ وَلَا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى رَفْعٍ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ دَعَا إلَى ذَلِكَ الْعَبْدُ وَأَبَى السَّيِّدُ فَلَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَلَا يَفْتَقِرُ فِي ذَلِكَ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَأَمَّا إنْ دَعَا السَّيِّدُ إلَى الْعَجْزِ وَأَبَى الْعَبْدُ فَلَا يُعَجِّزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِاجْتِهَادِ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَا تَفْصِيلًا وَيُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَفَسْخُ الْحَاكِمِ لَا يَجْرِي فِيمَا إذَا اتَّفَقَا وَلَا فِيمَا إذَا طَلَبَ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ بَلْ فِيمَا إذَا طَلَبَهُ السَّيِّدُ وَقَدْ عَوَّلَ ق عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا لَا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ هُوَ الَّذِي أَرَادَ التَّعْجِيزَ أَوْ الْعَبْدُ (ص) كَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ غَابَ عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلَا مَالَ لَهُ وَفَسَخَ الْحَاكِمُ وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَرِقُّ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْبَعْضِ كَعَجْزِهِ عَنْ جَمِيعِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ يَرِقُّ إذَا غَابَ عِنْدَ الْحُلُولِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاكِمُ يَفْسَخُ عَقْدَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِالْحُكْمِ لَكِنْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِاجْتِهَادِهِ لِمَنْ يُرْجَى لَهُ مَيْسَرَةٌ فَالْمُرَادُ   [حاشية العدوي] كَانَ مُكَاتَبًا عَمِلَ بِإِقْرَارِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ لَمْ يَعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَنْ يُسْقِطَ شُفْعَتَهُ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِنَظَرٍ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشِرَاءٌ بِنَظَرٍ؛ لِأَنَّ؛ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ قَبِيلِ الشِّرَاءِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ غَيْرُ وَاضِحٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الشَّارِحَ قَالَ وَإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ؛ الشَّارِحَ اُعْتُبِرَ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُ نَجْمٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ إلَخْ) أَيْ لِيُفِيدَ أَنَّ لَهُ التَّبَرُّعَ بِالشَّيْءِ التَّافِهِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَظِنَّةٌ بِعَجْزِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ) التَّعْجِيزُ إظْهَارُ الْعَجْزِ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ الرِّقُّ فَلَيْسَ قَوْلُهُ فَيَرِقُّ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ اتَّفَقَا عَلَى التَّعْجِيزِ فِي حَالِ عَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لِلْمُكَاتَبِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ لَهُ التَّعْجِيزُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ فَيَرِقُّ) أَيْ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ رَقِيقٌ فَمَنْ لَا شَائِبَةَ فِيهِ إمَّا مُرَتَّبٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَيَرِقُّ أَوْ عَجَّزَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَعْجِيزٍ؛ لِأَنَّهُ؛ اسْمٌ خَالِصٌ مِنْ الشَّبَهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ) أَخْفَاهُ عَنْ السَّيِّدِ أَيْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ نَاطِقٌ أَوْ صَامِتٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَخْفَاهُ؛ لِأَنَّهُ؛ لَمْ يَظْهَرْ لِأَحَدٍ حِينَ اتِّفَاقِهِمَا وَرَّدَ بِلَوْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا وَهُوَ قِيَاسُ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَوَّلَ ق إلَخْ) هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مُفَادُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ شَرَحَهُ (قَوْلُهُ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) تَشْبِيهٌ فِي فَيَرِقُّ (قَوْلُهُ وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ) أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ التَّلَوُّمُ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ غَيْبَةٌ قَرِيبَةً كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَأَمَّا الْغَائِبُ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَمَجْهُولُ الْحَالِ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ عَلَيْهِمَا لَكِنْ بِدُونِ تَلَوُّمٍ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاكِمُ يَفْسَخُ ظَاهِرُهُ وَحِينَ يَحْكُمُ بِالرِّقِّيَّةِ يَفْسَخُ عَقْدَ الْكِتَابَةِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسْخِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالرِّقِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالرِّقِّيَّةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ فَسْخِ الْحَاكِمِ عَقْدَ الْكِتَابَةِ إذَا أَبَى الْمُكَاتَبُ مِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 بِالْمَحِلِّ الْحُلُولُ لَا الْمَكَانُ وَالْغَائِبُ الْغَيْبَةُ الْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرِ يَتَلَوَّمُ لَهُ دُونَ الْبَعِيدِ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ وَمِثْلُهُ إذَا جُهِلَ حَالُهُ وَهَذَا إذَا غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعَجِّزُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ وَقَوْلُهُ (كَالْقِطَاعَةِ وَإِنْ شَرَطَ خِلَافَهُ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ كَمَا يَتَلَوَّمُ فِي الْقِطَاعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ لِمَنْ يُرْجَى لَهُ مَيْسَرَةٌ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ فَسْخِ الْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ شَرَطَ عَلَى الْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْعَقْدِ عَدَمَ التَّلَوُّمِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَوُّمِ وَفَسْخِ الْحَاكِمِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفَسْخُ لِلْحَاكِمِ فَالْبَالِغَةُ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْقِطَاعَةِ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْقِطَاعَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِقَاطَعَ وَالْمَصْدَرُ الْمُقَاطَعَةُ وَلَهَا صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى مَالٍ حَالٍّ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَالًّا (ص) وَقَبَضَ إنْ غَابَ سَيِّدُهُ وَإِنْ قَبْلَ أَجَلِهَا (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ فَإِذَا حَلَّتْ نُجُومُ الْكِتَابَةِ أَوْ عَجَّلَهَا الْمُكَاتَبُ وَسَيِّدُهُ غَائِبٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ وَيَحْفَظَهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ مُسْتَحِقُّهُ شَرْعًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ النُّجُومُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْأَجَلَ فِي عُرُوضِ الْكِتَابَةِ مِنْ حَقِّ الْمُكَاتَبِ (ص) وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ وَإِنْ عَنْ مَالٍ إلَّا الْوَلَدَ أَوْ غَيْرَهُ دَخَلَ مَعَهُ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتُؤَدَّى حَالَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ قَبْلَ وَفَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا أَوْ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِأَنْ أَتَى بِهَا وَلَمْ يَقْبِضْهَا فِي بَلَدٍ لَا حَاكِمَ بِهَا فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ وَلَوْ خَلَّفَ مَالًا يَفِي بِكِتَابَتِهِ وَيَرِثُهُ سَيِّدُهُ بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّ كِتَابَتَهُ تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَيَتَعَجَّلُهَا السَّيِّدُ مِنْ مَالِهِ وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ مَنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَقَوْلُهُ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ يَرْجِعُ لِلْوَلَدِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ مَعًا أَمَّا دُخُولُ الْوَلَدِ بِالشَّرْطِ كَأَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَلِلْعَبْدِ أَمَةٌ حَامِلٌ وَقْتَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ حَمْلَهَا لَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمُكَاتِبُ بِكَسْرِ التَّاءِ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا بِفَتْحِهَا وَأَمَّا دُخُولُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَظَاهِرٌ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِهَا وَأَمَّا دُخُولُ غَيْرِ الْوَلَدِ بِالشَّرْطِ فَوَاضِحٌ وَبِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَ فِيهَا وَصَارَ كَمَنْ عُقِدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا حَيْثُ تَرَكَ مَا بَقِيَ بِالْكِتَابَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (ص) وَوَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فَقَطْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ فَإِنَّ كِتَابَتَهُ تُؤَدَّى مِنْهُ حَالَّةً فَإِذَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَالْأُصُولِ وَإِنْ عَلَوْا وَالْفُرُوعِ وَإِنْ سَفَلُوا وَالْحَوَاشِي فَقَطْ لَا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا وَلَوْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ مَنْ مَعَهُ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَزَوْجَةٍ كُوتِبَتْ مَعَهُ أَوْ عَمٍّ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْهُ مَنْ مَعَهُ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى مِنْ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُتَوَارِثَيْنِ التَّسَاوِي حَالَ الْمَوْتِ وَهُوَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ أَصْحَابِ إحْدَى الْكِتَابَتَيْنِ أَقْوَى عَلَى الْأَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الْكِتَابَةِ الْأُخْرَى وَتَأْدِيَتِهِمْ قَبْلَهُمْ (ص) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَقَوِيَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ سَعَوْا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا يُوَفِّي كِتَابَتَهُ وَقَوِيّ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى السَّعْيِ فَإِنَّهُمْ يَسْعَوْنَ فَإِنْ أَدَّوْا عَتَقُوا وَإِلَّا رَقُّوا فَلَا مَفْهُومَ لِلْوَلَدِ (ص) وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ لِلْوَلَدِ إنْ أَمِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَتْرُوكَ الْمُكَاتَبِ يُتْرَكُ لِوَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ يُؤَدِّيهِ عَلَى النُّجُومِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَأْمُونًا وَلَهُ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَإِلَّا رَقُّوا كُلُّهُمْ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْوَارِثُ فَالْوَلَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَفْهُومُهُ لَاغٍ بِالْمَعْنَى   [حاشية العدوي] التَّعْجِيزِ فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ كَمَا يَتَلَوَّمُ فِي الْقَطَاعَةِ) أَيْ إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَمَّا قُوطِعَ بِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْقَطَاعَةُ عَلَى مُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ وَسُمِّيَتْ قَطَاعَةً؛ لِأَنَّهُ؛ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عِنْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ أَوْ قَطَعَ لَهُ بِتَمَامِ حُرِّيَّتِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفَسْخُ) أَيْ إذَا أَبَى الْمُقَاطِعُ مِنْ التَّعْجِيزِ (قَوْلُهُ وَالْقَطَاعَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ) أَيْ مِنْ فَتْحِهَا (قَوْلُهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى مَالٍ حَالٍّ) فِيهِ تَسَامُحٌ إذْ الْكِتَابَةُ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا وَكِيلَ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ حُكِمَ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا بِأَنْ وُجِدَ حَاكِمٌ حَكَمَ بِالْقَبْضِ فَلَا يَنْفَسِخُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ وَقَدْ كَانَ أَشْهَدَ الْمُكَاتَبَ أَنَّهُ جَاءَ بِالنُّجُومِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ السَّيِّدُ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَيَسْقُطُ لَفْظُ غَيْرُ (قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَيْ إذَا عَتَقَ ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ [الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ] (قَوْلُهُ لَا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ) وَلَوْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَأَخُوهُ الَّذِي مَعَهُ يَرِثُهُ دُونَ وَلَدٍ لَيْسَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْإِرْثُ مَعَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْأَخِ وَبِنْتَانِ فِي الثُّلُثَيْنِ وَالْبَاقِي لِعَمِّهِمَا لِكَوْنِهِ مَعَهُمَا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ الثُّلُثُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ قَلِيلًا لَا يُوَفِّي بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَقُولُ أَرَادَ بِالْغَيْرِ مَا يَصْدُقُ بِالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْأَجْنَبِيِّ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَوْ قَالَ مَنْ مَعَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِشُمُولِهِ؛ لِمَا كَانَ مَعَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدُهُ وَالْمُرَادُ بِقُوَّةِ السَّعْيِ أَنْ يُرْجَى قُوَّتُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ انْتَهَى فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ فَتَرِقُّ أُمُّ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَا يُوَفِّي بِالنُّجُومِ فَهِيَ وَالْمَالُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَأْمُونًا وَلَهُ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمُصَنَّفِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ إنْ أَمِنَ وَقَوِيَ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْوَارِثُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْوَلَدِ لَا مُطْلَقُ وَارِثٍ كَمَا نَبَّهَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 الْأَخَصِّ وَبِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ الْوَارِثُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ مَعَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ مَفْهُومُهُ لَاغٍ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَمُعْتَبَرٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ (كَأُمِّ وَلَدِهِ) أَيْ كَمَا يَتْرُكُ مَتْرُوكَهُ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَإِنَّهَا تَسْعَى إنْ قَوِيَتْ وَأَمِنَتْ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ الْأُمُّ مَعَ الْوَلَدِ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَمْ لَا وَأَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُدْفَعُ لَهَا الْمَالُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ ذَا قُوَّةٍ وَأَمَانَةٍ؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَ أُمَّ الْوَلَدِ بِهِ فِي التَّرْكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ بِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ فَلَوْ قَالَ وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ لِلْوَلَدِ إنْ أَمِنَ وَقَوِيَ وَإِلَّا فَلِأُمِّ وَلَدٍ مَعَهُ أَمِنَتْ وَقَوِيَتْ وَإِلَّا عَجَّلَ لِلسَّيِّدِ وَرَقَّ لَوَافَقَ النَّقْلَ وَأَمَّا أَمَتُهُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ مِنْهُ فَتُبَاعُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ وَانْظُرْ تَحْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا كَمُعَيَّنٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (ش) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْقِنَّ أَوْ الْمُكَاتَبَ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمَالُ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ فَإِنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ تَعَيَّبَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ فَكَذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَالْأَكْثَرُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ رِقٍّ وَإِنْ كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ اتِّفَاقًا فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَمَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ فِيمَا دَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ جَازَ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْصُوفِ عَلَى الرَّاجِحِ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ مَوْصُوفًا حَالٌ لِأَنَّ وُجِدَ هُنَا بِمَعْنَى أُصِيبَ فَلَا يَتَعَدَّى إلَّا لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَهُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ هُنَا وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَقَوْلُهُ كَمُعَيَّنٍ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ لَا فِي الْمَرْجُوعِ بِهِ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ يَرْجِعُ فِيهِ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمُعَيَّنِ وَلِلْمَوْصُوفِ أَيْضًا الَّذِي قَبْلَ الْكَافِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَاعِدَتِهِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَغَيْرُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ أَنَّ الْمَوْصُوفَ يَتْبَعُهُ بِمِثْلِهِ حَيْثُ كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْصُوفِ فِي هَذَا (ص) وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَبِيعَتْ كَانَ أَسْلَمَ وَبِيعَ مَعَهُ مَنْ فِي عَقْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ لِمُسْلِمٍ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا كَاتَبَهُ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ   [حاشية العدوي] عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلَهُ إلَخْ) تَذَّكَّرْ عِبَارَةَ الشَّارِحِ لِيَتَّضِحَ الْمُرَادُ وَنَصُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قُوَّةٌ وَلَا هِيَ مَأْمُونَةٌ أَخَذَهُ السَّيِّدُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُؤَدِّي النُّجُومَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْوَلَدُ السَّعْيَ لَمْ يُعَجَّزْ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْوَلَدُ السَّعْيَ وَكَانَ فِي ثَمَنِ أُمِّ الْوَلَدِ مَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَبْلُغَ السَّعْيَ بِيعَتْ وَلَمْ يُعَجَّزْ الْوَلَدُ وَإِنْ كَانَ لَا يُوَفِّي بِجَمِيعِ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مَا يُبَلِّغُهُمْ السَّعْيَ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْوَلَدِ أُمُّ وَلَدٍ لَهَا قُوَّةٌ وَأَمَانَةٌ دُفِعَ إلَيْهَا إنْ رُجِيَ لَهَا قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ بِبَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَالَ لَا يُدْفَعُ لِأُمِّ الْوَلَدِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوْلَادِ قُوَّةٌ وَلَيْسَ لَهُمْ أَمَانَةٌ وَكَلَامُ الشَّيْخِ لَا يُوَفِّي بِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ قُوَّةٌ بِيعَتْ وَضُمَّ ثَمَنُهَا لِلتَّرِكَةِ فَيُؤَدِّي إلَى بُلُوغِ السَّعْيِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَإِنَّهَا تَسْعَى إنْ قَوِيَتْ وَأَمِنَتْ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ الْمُفِيدُ أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ لِلْوَلَدِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الْوَلَدِ لَا مُطْلَقُ وَارِثٍ (قَوْلُهُ فَلِأُمِّ وَلَدٍ مَعَهُ) أَيْ مَوْجُودَةٍ مَعَهُ لَا دَاخِلَةٍ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ رَقَّ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ رِقِّيَّتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِ أُمِّ الْوَلَدِ مَا يُؤَدِّي إلَى بُلُوغِ الْوَلَدِ السَّعْيَ وَإِلَّا بِيعَتْ وَلَمْ يَرِقَّ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ مَوْصُوفًا) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فِي حَالِ كَوْنِهِ مَوْصُوفًا أَوْ اُسْتُحِقَّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَوْصُوفًا وَأَفْرَدَهُ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ كَمُعَيَّنٍ) أَيْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَمَّا فِي مِلْكِهِ فَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ؛ رَضِيَ بِهِ وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَيَبْقَى عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِيَّةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شُبْهَةً وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا شُبْهَةٌ فَيَرْجِعُ لِحَالِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ مِنْ كَوْنِهِ قِنًّا أَوْ مُكَاتَبًا (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ أَنَّ الْمَوْصُوفَ الْمُقَوَّمَ يَرْجِعُ فِيهِ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَوْصُوفًا) الْمُنَاسِبُ مَعِيبًا (قَوْلُهُ فَلَا يَتَعَدَّى إلَّا إلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ إلَخْ) (لَطِيفَةٌ) ذَكَرَهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهُوَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيَّانِ فَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ الْعِوَضُ النَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَلْ مَفْعُولٌ وَاحِدٌ وَمَعِيبًا وَمَوْصُوفًا حَالَانِ كَمَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ إنَّ وُجِدَ إذَا كَانَتْ بِمَعْنَى أُصِيبَ تَعَدَّتْ لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ اللَّهُ يَكْشِفُ حَالَك فَقَالَ لَهُ شَيْخُهُ الْبَنَوْفَرِيُّ يَا سَالِمُ يَا سَالِمُ فَنَامَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَرَأَى بَهْرَامَ فَقَالَ لَهُ أَرَدْت مَا قُلْت؛ لِأَنَّ؛ بَهْرَامَ أَعْرَبَ مَعِيبًا حَالًا (قَوْلُهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ) أَقُولُ هُوَ الطِّخِّيخِيُّ الْمَشْهُورُ وَهُوَ تِلْمِيذُ الشَّمْسِ اللَّقَانِيِّ وَكَلَامُهُ هُوَ الرَّاجِحُ عَلَى مَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا فِيهِ نَظَرٌ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ إلَخْ) يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ قَصَدَ عَيْنَهُ [الْكَافِرَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ] (قَوْلُهُ وَبِيعَتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ بِمَعْنَى النُّجُومِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّهُ؛ ذَكَرَهَا أَوَّلًا بِمَعْنَى الْعَقْدِ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَرَجَعَ الضَّمِيرُ إلَيْهَا بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ النُّجُومُ؛ لِأَنَّهَا؛ الَّتِي لَا تُبَاعُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ اشْتَرَى الْعَبْدَ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إلَخْ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لِلْكَافِرِ عَنْ الْكِتَابَةِ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ لِمُسْلِمٍ وَلَا تَنْفَسِخُ وَإِذَا بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ كِتَابَةُ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَانَ رِقًّا لِمُشْتَرِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ أَدَّى وَعَتَقَ كَانَ وَلَاءُ الَّذِي كُوتِبَ وَهُوَ مُسْلِمٌ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ مُسْلِمِي وَلَدِ سَيِّدِهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ إنْ أَسْلَمَ وَأَمَّا الَّذِي أَسْلَمَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَوَلَاؤُهُ لِمَنْ يُنَاسِبُ سَيِّدَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَوَلَاؤُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ حِينَ عَقْدِ كِتَابَتِهِ وَهُوَ عَلَى دِينِهِ وَمَعْنَى الْوَلَاءِ هُنَا الْمِيرَاثُ وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ ثَبَتَ لَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ النَّصْرَانِيُّ أَنْ يَفْسَخَ كِتَابَةَ عَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ التَّظَالُمِ قَوْلُهُ وَمَضَتْ إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّا لَيْسَ لَنَا نَقْضُهَا إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ (ص) وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ فَلَا يُطْعِمُ وَلَا يُعْتِقُ لِمَنْعِهِ مِنْ إخْرَاجِ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ (ص) وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا أَوْ مَا يُولَدُ لَهَا أَوْ يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَلِيلٌ كَخِدْمَةٍ إنْ وَفَّى لَغْوٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا اشْتَرَطَ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ أَنْ يَطَأَهَا حَالَ الْكِتَابَةِ لَا يُوَفِّي لَهُ بِشَرْطِهِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ وَكَذَلِكَ حَمْلُ الْمُكَاتَبَةِ لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ وَلَا يُوَفِّي لَهُ بِشَرْطِهِ وَيَكُونُ حُرًّا وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّ مَا تَحْمِلُ بِهِ أَمَتُهُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ رَقِيقًا فَلَا يُوَفِّي لَهُ بِشَرْطِهِ وَيَكُونُ حُرًّا وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ أَنَّ مَا تَلِدُهُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ رَقِيقًا فَلَا يُوَفِّي لَهُ بِشَرْطِهِ وَيَكُونُ حُرًّا وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ إذَا وَفَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ يَخْدُمُهُ خِدْمَةً قَلِيلَةً كَشَهْرٍ مَثَلًا فَلَا يُوَفِّي لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ الْقَلِيلَةَ فِي حُكْمِ التَّبَعِ أَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً كَثِيرَةً إذَا وَفَّى فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَكَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى مَا دَفَعَ إلَيْهِ وَعَلَى هَذِهِ الْخِدْمَةِ الْكَثِيرَةِ فَقَوْلُهُ لَغْوٌ جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ أَيْ يُلْغَى الشَّرْطُ وَتَمْضِي الْكِتَابَةُ عَلَى حُكْمِهَا (ص) وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ رَقَّ كَالْقِنِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَرِقُّ لِسَيِّدِهِ وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَالْقِنِّ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَرِقُّ لَهُ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ ذَلِكَ عَجْزٌ عَنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَرْشِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَجْنَبِيٍّ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فَإِنْ شَاءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَكُونُ رِقًّا لَهُ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَرِقُّ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَدَّى الْأَرْشَ فِي الصُّورَتَيْنِ عَادَ مُكَاتَبًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَقَوْلُهُ (كَالْقِنِّ) تَشْبِيهٌ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلسَّيِّدِ إذَا جَنَى الْعَبْدُ الْقِنُّ الَّذِي لَا كِتَابَةَ فِيهِ بِمَا مَرَّ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَعَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ إلَى قَوْلِهِ وَفَسَخَ الْحَاكِمُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ أَوْ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّيِّدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا أَرْشَ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ جَنَى عَلَى مَالِكِهِ لَا لِرَدِّ خِلَافٍ (ص) وَأُدِّبَ إنْ وَطِئَ بِلَا مَهْرٍ وَعَلَيْهِ نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الَّتِي كَاتَبَهَا فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ» وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ لَا أَدَبَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْجَهْلِ الْغَلَطُ وَالنِّسْيَانُ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا فَلَوْ كَاتَبَ بِكْرًا وَأَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهَا   [حاشية العدوي] هَذِهِ الصُّورَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ دُونَهُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ فَسْخُ كِتَابَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا إذَا اسْتَمَرَّ الْعَبْدُ كَافِرًا فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ رُجُوعِ سَيِّدِهِ عَنْ كِتَابَتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ كِتَابَةً مِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ) أَيْ أَنَّهُمْ كَالْمُكَاتَبِ الْوَاحِدِ لِتَضَامُنِهِمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ ثَبَتَ لَهُ) أَيْ الَّذِي ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ حِينَ كَاتَبَهُ وَفَائِدَتُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَالتَّنَاصُرِ بَيْنَهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِ الْمَالِ انْتِقَالُ الْوَلَاءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ أَنَّا لَيْسَ لَنَا نَقْضُهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ [الْمُكَاتَبَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ] (قَوْلُهُ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ إلَخْ) كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ هُنَالِكَ لَا عِتْقَ شَامِلًا لِعِتْقِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يُطْعِمُ) أَيْ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَانْظُرْ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْعِتْقِ هَلْ يَجُوزُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوَلَاءِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ) وَأَمَّا اشْتِرَاطُ مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ مَوْطُوءَةً لِغَيْرِهِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ؛ مَالٌ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَقَلِيلٌ كَخِدْمَةٍ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لِلْكَافِ هُنَا؛ لِأَنَّ؛ الْكَلَامَ فِي الْخِدْمَةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا إذَا وَقَّعَ عَقَدَ الْكِتَابَةِ عَلَى خِدْمَةٍ فَقَطْ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا وَعَمَّا إذَا اشْتَرَطَ خِدْمَتَهُ فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ فَيُعْمَلُ بِهَا فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ سَقَطَتْ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ رَقَّ كَالْقِنِّ) لَعَلَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ كَالْقِنِّ أَنَّ سَيِّدَهُ إنَّمَا يُخَيَّرُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَجْزِ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ؛ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَإِذَا فَدَاهُ بَعْدَ الْعَجْزِ رَقَّ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ رَقَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ أَوَّلًا بِأَدَاءِ الْأَرْشِ فَإِنْ أَدَّاهُ عَادَ مُكَاتَبًا كَانَ الْأَرْشُ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ عَجَزَ خَيَّرَ سَيِّدَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَرْشٍ إلَخْ لَاسْتَقَامَ (قَوْلُهُ وَأَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ) أَيْ لَا إنْ لَمْ يُكْرِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ؛ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبِكْرَ تَنْقُصُ بِوَطْئِهَا لِزَوَالِ بَكَارَتِهَا أَيْ إنْ لَوْ كَانَتْ قِنًّا وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا كَانَتْ تُسَاوِي مِائَةً وَإِذَا أُزِيلَتْ كَانَتْ تُسَاوِي تِسْعِينَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَمَّا إنْ وَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَعْجِزُ فَتَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ مَعِيبَةً وَقَوْلُهُ بِلَا مَهْرٍ لَيْسَ رَاجِعًا لِأُدِّبَ وَلَا لِوَطِئَ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا حُكْمُهُ بَعْدَ الْأَدَبِ فَقَالَ حُكْمُهُ لَا مَهْرَ فَيَقِفُ الْقَارِئُ عَلَى وَطِئَ وَيَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ بِلَا مَهْرٍ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ دُونَ مُدَبَّرَتِهِ وَكِلَاهُمَا عَقْدٌ يُؤَدِّي إلَى الْحُرِّيَّةِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت إنَّ الْمُكَاتَبَةَ عَاوَضَتْ لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا بِالْحُرِّيَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ لَهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا وَأَيْضًا الْأَجَلُ مَعْلُومٌ وَالْوَطْءُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ غَيْرُ جَائِزٍ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُحَلَّلَةِ وَأَمَّا الْمُدَبَّرَةُ فَإِنَّ أَجَلَ الْحُرِّيَّةِ مَوْتُ السَّيِّدِ وَإِذَا مَاتَ زَالَ مِلْكُهُ فَكَانَتْ الْحُرِّيَّةُ تَقَعُ فِي وَقْتٍ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا (ص) وَإِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ وَأُمُومَةِ الْوَلَدِ إلَّا لِضُعَفَاءَ مَعَهَا أَوْ أَقْوِيَاءَ لَمْ يَرْضَوْا وَحَطَّ حِصَّتَهَا إنْ اخْتَارَتْ الْأُمُومَةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ إذَا وَطِئَهَا سَيِّدُهَا فَحَمَلَتْ فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تَبْقَى عَلَى كِتَابَتِهَا وَتَصِيرُ مُكَاتَبَةً مُسْتَوْلَدَةً وَنَفَقَتُهَا فِي زَمَنِ كِتَابَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ فَإِذَا أَدَّتْ نُجُومَهَا عَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ ذَلِكَ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَبَيْنَ أَنْ تُعَجِّزَ نَفْسَهَا وَتَرْجِعَ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِي عَقْدِ كِتَابَتِهَا ضُعَفَاءُ عَنْ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بَقَاؤُهَا عَلَى كِتَابَتِهَا سَوَاءٌ رَضَوْا أَمْ لَا وَمِثْلُ الضُّعَفَاءِ الْأَقْوِيَاءُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَوْا بِانْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ وَحَيْثُ اخْتَارَتْ الْأُمُومَةَ فَإِنَّهُ يَحُطُّ حِصَّتَهَا مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْهُمْ وَتُعْرَفُ حِصَّتُهَا بِأَنْ تُوَزَّعَ الْكِتَابَةُ عَلَى قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا كَانَ لَهَا قُوَّةٌ عَلَى أَدَاءِ النِّصْفِ مَثَلًا يَوْمَ الْعَقْدِ حُطَّ عَنْهُمْ النِّصْفُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ قَوْلِهِ وَأُمُومَةِ الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ مَعَهَا صِفَةٌ لِضُعَفَاءَ أَيْ كُوتِبُوا مَعَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ أَقْوِيَاءَ أَيْ كُوتِبُوا مَعَهَا فَحُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِوُجُودِ الْأَوَّلِ (ص) وَإِنْ قُتِلَ فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ وَهَلْ قِنًّا أَوْ مُكَاتَبًا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَهُ شَخْصٌ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ سَيِّدَهُ قِيمَتَهُ عَلَى قَاتِلِهِ وَهَلْ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ لَا كِتَابَةَ فِيهِ لِأَنَّ قِيمَةَ الْقِنِّ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ أَوْ تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ تَأْوِيلَانِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ فَقَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ أَيْ لِسَيِّدِهِ يَخْتَصُّ بِهَا وَلَا تُحْسَبُ لِمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَذِكْرُ هَذَا فِي قَتْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَحُكْمُهَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ أَرْشُهَا عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ لِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَبْطُلْ لِبَقَاءِ ذَاتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ لَهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ لَا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ وَعَتَقَ إنْ عَجَزَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ فَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ صَحَّ ذَلِكَ الشِّرَاءُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَاهُ وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ عَجَزَ هَذَا الْمُكَاتَبُ عَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْجِزْ فَلَا يَعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَأْذُونِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَيَنْتَزِعُ مَالَهُ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ قَوْلُهُ مَنْ هِيَ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ   [حاشية العدوي] فَيَلْزَمُهُ عُشْرُ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) عَلَّلَ اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ؛ لَا يَنْقُصُهَا (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَمْ لَا ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْبِكْرِ إذَا وَطِئَهَا الْأَجْنَبِيُّ وَأَمَّا إذَا وَطِئَ الثَّيِّبَ الْأَجْنَبِيُّ فَهَلْ يَلْزَمُ الْأَرْشَ مُطْلَقًا مُكْرَهَةٌ أَوْ طَائِعَةٌ أَوْ يُقَيَّدُ بِكَوْنِهَا مُكْرَهَةً لَا إنْ كَانَتْ طَائِعَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاطِئَ إمَّا السَّيِّدُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّيِّبِ طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً وَأَمَّا الْبِكْرُ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ إنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً إنْ كَانَتْ طَائِعَةً فَهِيَ صُوَرُ أَرْبَعٌ وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالْأَرْشُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا مُكْرَهَةً أَوْ طَائِعَةً وَأَمَّا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ طَائِعَةً فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَاوَضَتْ لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ الْآنِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ وَالْمُحَلَّلَةُ) أَيْ الْأَمَةُ يُحَلَّلُ وَطْؤُهَا لِإِنْسَانٍ مُدَّةً فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ وُجِدَ فِي الْمُكَاتَبَةِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الْمُدَبَّرَةِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا دَاعِيَ (لِقَوْلِهِ وَأَمَّا الْمُدَبَّرَةُ إلَخْ) أَقُولُ قَدْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ أَجَلُ الْحُرِّيَّةِ انْتِهَاءُ أَجَلِ أَدَاءِ النُّجُومِ مَعَ حُصُولِهِ فَإِذَا حَصَلَ زَالَ مِلْكُهُ فَكَانَتْ الْحُرِّيَّةُ تَقَعُ فِي وَقْتٍ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ خُيِّرَتْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْكِتَابَةَ لَا يُنْزَعُ مَالُهَا وَلَا تُوطَأُ وَإِنْ اخْتَارَتْ أُمُومَةَ الْوَلَدِ جَازَ فِعْلُ ذَلِكَ بِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَقْوِيَاءَ لَمْ يَرْضَوْا) لَوْ قَالَ كَأَقْوِيَاءَ لَمْ يَرْضَوْا لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ كِتَابَتِهَا إلَخْ) الصَّوَابُ زَمَنُ حَمْلِهَا كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ كَمَا أَفَادَهُ مُحْشِي تت [الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَهُ شَخْصٌ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ قِيمَةَ الْقِنِّ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِهَذَا التَّعْلِيلِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ وَقِيمَتُهُ قِنًّا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ وَلَا تُحْسَبُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ تُحْسَبُ كَمَا فِي النَّقْلِ لِمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ وَلَدِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَخَذَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ فَلْيُقَاصَّ وَلَدَهُ بِهَا الَّذِي فِي الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ صَحَّ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً حَيْثُ كَانَ عَالِمًا وَانْظُرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّهُ؛ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ أَيْ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا فَلَا يَعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ يَبِيعُونَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 وَالْمُتَعَدِّدِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي يَعْتِقُ نَظَرًا لِلَفْظِهَا (ص) وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ لَا الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا ادَّعَى عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابَةِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ لَكِنْ بِيَمِينٍ إذَا ادَّعَى عَدَمَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ مِنْ الْعَبْدِ وَادَّعَى الْعَبْدُ الْأَدَاءَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ وَقَوْلُهُ وَالْأَدَاءُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ السَّيِّدُ مَعَ الْمُكَاتَبِ فِي قَدْرِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ بِأَقَلَّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ فِيهِ كِتَابَةُ الْمِثْلِ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ فَوْتٌ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ وَعَدَمُهُ كَذَلِكَ وَيَرْجِعَانِ إلَى أَجَلِ الْمِثْلِ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَبَهِهِمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَنُكُولِهِمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا لَمْ يُشْبِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُنَاسِبُ لِلْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كِتَابَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَةَ تَجْرِي عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا قَالَهُ س (ص) وَإِنْ أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ وَعَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ إنْ عَجَزَ وَإِلَّا فَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ بِمَالٍ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَتِهِ فَأَدَّاهَا وَفَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا بِذَلِكَ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَصَدُوا فِكَاكَ رَقَبَتِهِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُمْ   [حاشية العدوي] فِي دُيُونِهِمْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ لَك وَجْهُ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ فَتَدَبَّرْ [الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ لَا الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ] (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ إذَا ادَّعَى السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَادَّعَى الْعَبْدُ نَفْيَهَا بِأَنْ قَالَ أَنَا رِقٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ؛ السَّيِّدَ مُدَّعٍ يُرِيدُ عِمَارَةَ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ التَّصْدِيقَ بِلَا يَمِينٍ فَيَعْمَلُ بِهِ كَمَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ فَوْتٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَوْتَ فِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ أَوْ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حُصُولِهَا وَالنِّزَاعُ هُنَا وَقَعَ فِي قَدْرِ مَا كُوتِبَ بِهِ الْعَبْدُ ابْتِدَاءً فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الْكِتَابَةِ فَوْتًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا تُعْطَيْ حُكْمَ الْعَقْدِ الْفَائِتِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَجَلُ أَنَّ الْمُرَادَ اخْتِلَافُهُمَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ وَهُوَ قُصُورٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَالْأَجَلُ أَيْ أَصْلُهُ أَوْ قَدْرُهُ أَوْ انْقِضَاؤُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ السَّيِّدَ أَمْ لَا وَإِنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ هَذَا وَلَا هَذَا حَلَفَا وَرَجَعَا لِأَجَلِ الْمِثْلِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا وَالتَّنَازُعُ فِي انْقِضَائِهِ فَالسَّيِّدُ يَقُولُ انْقَضَى وَالْعَبْدُ يَقُولُ لَمْ يَنْقَضِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْقَلُ الْقَوْلُ بِالرُّجُوعِ إلَى أَجَلِ الْمِثْلِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِلْمُكَاتَبِ وَبَقِيَ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ هَلْ هُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وَمَا إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ مُؤَجَّلَةً وَقَالَ السَّيِّدُ إنَّهَا حَالَّةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُكَاتَبِ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَبْدِ إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ السَّيِّدَ أَمْ لَا فَإِنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَمْ يُشْبِهْ هَذَا وَلَا هَذَا يَرْجِعَانِ لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ شَاسٍ يُوَافِقُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَبْدِ إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ السَّيِّدَ أَمْ لَا انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالْمُخَالَفَةُ إنَّمَا هِيَ إذَا لَمْ يُشْبِهَا فَيَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ يَقُولُ بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَبَهِهِمَا وَقَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ لِلْبَيْعِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُنَاسِبَ هُوَ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ بِقَوْلِنَا وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّبَهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت مَا ذُكِرَ فَأَقُولُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ السَّيِّدُ إلَخْ أَيْ آخِرُ الْعِبَارَةِ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ وَاَلَّذِي قَالَهُ عج خِلَافُ مَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا وَهُوَ أَنَّ ابْنَ شَاسٍ يَقُولُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِنْسِ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَبْدِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مِنْ جِنْسِ الْعَرْضِ وَاخْتَلَفَا فِي نَوْعِهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا رَقِيقٌ وَقَالَ الْآخَرُ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ عَلَى كِتَابَةِ مِثْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَتْ بِعَيْنٍ وَقَالَ الْآخَرُ وَقَعَتْ بِعَرْضٍ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَجْرَى الْمَازِرِيُّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ فَعَلَى ذَلِكَ فَالْمَقَالَاتُ ثَلَاثَةٌ وَاقْتَصَرَ بَهْرَامُ عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ وَسَكَتَ عَمَّا لِلْمَازِرِيِّ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ تَرْجِيحُ مَا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَعَانَهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَعْطَى مَالًا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الصَّدَقَةَ رَجَعَ بِفَضْلَتِهِ إلَخْ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ إذْ التَّعْبِيرُ بِأَعَانَهُ ظَاهِرٌ فِي قَصْدِ الْإِعَانَةِ لَا فِي قَصْدِ الصَّدَقَةِ وَأَيْضًا إعْطَاءُ الْوَاحِدِ كَإِعْطَاءِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ يُقَالُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ لَا تُنَافِي وَاحِدًا مِنْ الْقَصْدِينَ (قَوْلُهُ رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ) إنْ شَاءُوا أَوْ تَحَاصُّوا فِيهَا عَلَى قَدْرِ مَا أَعْطَى كُلٌّ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ مُعَيَّنٌ مِنْ ذَلِكَ فَلِرَبِّهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) اُنْظُرْ مَا نُكْتَةُ تَصْرِيحِهِ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْفَضْلَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَرَقَّ لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ مَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ قَصْدُهُمْ وَأَمَّا إنْ قَصَدُوا بِذَلِكَ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ بِالْفَضْلَةِ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ بَلْ وَلَا بِمَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ إنْ عَجَزَ (ص) وَإِنْ أَوْصَى بِمُكَاتَبَتِهِ فَكِتَابَةُ الْمِثْلِ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ الْمَرِيضَ إذَا أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ الْعَبْدُ الْفُلَانِيُّ مِنْ عَبِيدِهِ فَإِنَّهُ يُكَاتَبُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ عَلَى السَّعْيِ وَعَلَى قَدْرِ أَدَائِهِ هَذَا إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ هُنَا كَوْنُ الثُّلُثِ يَحْمِلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُكَاتِبُوهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ أَوْ يَعْتِقُونَ مِنْ رَقَبَتِهِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ إنْ حَمَلَهَا أَيْ حَمَلَ الرَّقَبَةَ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهَا وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ (ص) وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ جَازَتْ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَارِثِ الْإِجَازَةُ أَوْ عَتَقَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ (ش) أَيْ وَإِنْ أَوْصَى شَخْصٌ لِلْمُكَاتَبِ بِنَجْمٍ مُعَيَّنٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ النَّجْمَ الْمُعَيَّنَ عَتَقَ مَا يُقَابِلُهُ وَاسْتَحَقَّهُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ هُنَا وَتَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ النُّجُومِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَفَّى خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مُقَابِلُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ وَرَقَّ الْبَاقِي وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ النَّجْمَ الْمُعَيَّنَ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِهِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَحُطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ فَإِذَا عَتَقَ مِنْهُ الثُّلُثُ حُطَّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثَهُ وَلَا يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ فَقَطْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ وَجْهِهَا وَإِذَا عَجَزَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْ بَقِيَّةِ مَا عَلَيْهِ رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ فَكَالْمُعَيَّنِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ إلَى عَدَدِهَا فَإِنْ كَانَتْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ لَمْ يَحْصُلْ قَصْدُهُمْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا قَصَدُوا الْفِكَاكَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ الْعِلَّةُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَحْصُلْ قَصْدُهُمْ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ؛ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ قَاصِدُونَ خَلَاصَ الرَّقَبَةِ حُكْمًا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ؛ ذَلِكَ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ (تَنْبِيهٌ) هَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَنَازُعٌ فِي قَصْدِ الصَّدَقَةِ وَعَدَمِهَا وَإِلَّا عُمِلَ بِعُرْفِ الْبَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ فَالْقَوْلُ لَهُمْ أَيْ لِلْجَمَاعَةِ الدَّافِعِينَ بِأَيْمَانِهِمْ (فَائِدَةٌ) مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَلَا يَصْرِفُهُ إلَّا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ دَفَعَ لِفَقِيرٍ بَعْضَ زَكَاةٍ فَبَقِيَتْ عِنْدَهُ حَتَّى اسْتَغْنَى فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ بَلْ تُبَاحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ؛ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ الْمَرِيضَ) الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْمَرَضِ بَلْ وَلَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ وَكُوتِبَ كِتَابَةَ مِثْلِهِ وَأَدَّى يَخْرُجُ حُرًّا وَأَمَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْبَعْضِ فَهَلْ يَرْجِعُ قِنًّا كُلُّهُ؛ لِأَنَّ؛ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ أَوْ يَعْتِقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيَرِقُّ مُقَابِلَ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ تَنْفِيذُ الْغَرَضِ الْمُوصَى بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَلْيُحَرَّرْ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ كَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ النَّجْمَ الْمُعَيَّنَ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَالثَّالِثُ عَشَرَةٌ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ ثَلَاثِينَ وَأَوْصَى لَهُ بِالنَّجْمِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْفَى أَنَّ ثُلُثَ السَّيِّدِ ثَلَاثُونَ وَنِسْبَتُهُ لِلنُّجُومِ أَيْ لَقِيمَتِهَا بِتَمَامِهَا النِّصْفُ فَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُهُ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ النَّجْمَ الْمُعَيَّنَ عَتَقَ مَا يُقَابِلُهُ وَقَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّهُ الْمُوصَى لَهُ وَبِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَغْرَمُهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مُقَابِلُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَقِيمَتُهَا سِتُّونَ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَخْفَى أَنَّ ثُلُثَهَا عِشْرُونَ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ قِيمَةَ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَحْمِلُ ثَانِيَهَا الَّذِي هُوَ الْعِشْرُونَ فَيَعْتِقُ بِقَدْرِهَا فَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَسَقَطَ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ وَبَعْدَ الْإِسْقَاطِ إنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ رَقَّ الثُّلُثَانِ هَذَا إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وَأَمَّا لَوْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ لَأَعْتَقَ مِنْهُ نِصْفَهُ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ؛ الْوَصِيَّةَ لَمَّا لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ خَرَجَتْ عَنْ وَجْهِهَا وَيُنْظَرُ؛ لِتَشَوُّفِ؛ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ عِشْرُونَ وَيَسْقُطُ عَشَرَةٌ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي النَّجْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَوْلُهُ رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَيْ يَرِقُّ مِنْهُ ثُلُثَاهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْوَصِيَّةَ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ وَجْهِهَا) أَيْ بِسَبَبِ عَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ وَأَمَّا مَعَ حَمْلِهِ فَتَبْقَى النُّجُومُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ النَّجْمُ الْمُوصَى بِهِ وَيَعْتِقُ مُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ فَكَالْمُعَيَّنِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ قِيمَةُ كُلِّ نَجْمٍ عِشْرِينَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَحُكْمُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِنَجْمٍ مُعَيَّنٍ أَيْ فِي كَوْنِ الثُّلُثِ تَارَةً يَحْمِلُهُ وَتَارَةً لَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ إلَخْ أَيْ كَمِثَالِنَا الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي هُوَ أَنَّ قِيمَةَ الْأَوَّلِ ثَلَاثُونَ وَقِيمَةَ الثَّانِي عِشْرُونَ وَالثَّالِثِ عَشَرَةٌ وَقَدْ أَوْصَى بِنَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَأَنْسُبْ وَاحِدًا هَوَائِيًّا لِلثَّلَاثَةِ فَتَجِدْهُ ثُلُثًا فَلَهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ وَهِيَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْوَصِيَّةَ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا رَقَّ ثُلُثَانِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِشْرُونَ فَيَكُونُ مَا خَلَفَهُ السَّيِّدُ أَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا عَشْرٌ وَثُلُثٌ فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُهُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ يَعْتِقُ مِنْهُ قَدْرُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ مِنْ قِيمَةِ النُّجُومِ الَّتِي هِيَ السِّتُّونَ وَنِسْبَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ لِلسِّتِّينَ سُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مِقْدَارُ سُدُسٍ وَثُلُثُ سُدُسٍ وَيَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ سُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ وَإِذَا كَانَ النَّجْمُ الْأَوَّلُ سِتِّينَ وَالثَّانِي ثَلَاثُونَ فَالْجُمْلَةُ تِسْعُونَ وَعِنْدَ السَّيِّدِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَالثُّلُثُ يَحْمِلُ نِصْفَهُ فَيَعْتِقُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ فَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ نِصْفُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 ثَلَاثَةً فَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الثُّلُثَ أَوْ أَرْبَعَةً فَالرُّبْعُ وَهَكَذَا وَهَذَا إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ فَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ وَيَحُطُّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَا عَدَا مَا عَتَقَ مِنْهُ بِمُوجِبِ الْوَصِيَّةِ وَانْظُرْ كَيْفِيَّةَ التَّقْوِيمِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ أَوْ بِعِتْقِهِ جَازَتْ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ كِتَابَتِهِ أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِمُكَاتَبِهِ أَيْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ أَوْ أَوْصَى بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ مُرَاعَاةً لِلْعِتْقِ أَيْ احْتِيَاطًا لَهُ لِتَأْكِيدِ حُرْمَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ ذَلِكَ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ إجَازَةِ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَيُوضَعُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ ثُمَّ إنَّهُ إنْ خَرَجَ حُرًّا فَأَمْرٌ وَاضِحٌ وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ أَوْ بِقَدْرِ مَا أَجَازَهُ لَهُ الْوَارِثُ وَيَعْتِقُ مِنْهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ ذَلِكَ (ص) وَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ وَعَلَيْكَ أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ وَخُيِّرَ الْعَبْدُ فِي الِالْتِزَامِ وَالرَّدِّ فِي حُرٍّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّي أَوْ إنْ أَعْطَيْت أَوْ نَحْوَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَزِمَ الْعِتْقُ لِلسَّيِّدِ مُعَجَّلًا وَلَزِمَ الْمَالُ لِلْعَبْدِ مُعَجَّلًا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيُتَّبَعُ بِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَهِيَ قِطَاعَةٌ لَازِمَةٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ لِي كَذَا أَوْ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ لِي كَذَا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمَالَ فَيَلْزَمَ الْعِتْقُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ الْمَالِ أَوْ يَرُدُّ ذَلِكَ فَيَعُودُ رَقِيقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَنَّهُ جَعَلَ الدَّفْعَ إلَيْهِ فِي هَذِهِ وَفِي قَوْلِهِ أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَلْزَمَهُ الْمَالَ وَلَمْ يَكِلْهُ إلَيْهِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ   [حاشية العدوي] وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ السَّيِّدُ إلَّا قِيمَةَ الْكِتَابَةِ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ثُلُثُ كُلِّ نَجْمٍ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ كَيْفِيَّةَ التَّقْوِيمِ إلَخْ) كَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ النَّجْمُ الْمُوصَى بِهِ وَجَمِيعُ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ قُوِّمَ وَسَائِرُ النُّجُومِ ثَانِيًا ثُمَّ يَنْسُبُ ذَلِكَ النَّجْمِ لِبَقِيَّةِ النُّجُومِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَيُوضَعُ عَنْهُ ذَلِكَ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نُجُومٍ وَقِيمَةُ الْأَوَّلِ ثَلَاثُونَ وَالثَّانِي عِشْرُونَ وَالثَّالِثُ عَشَرَةٌ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ حَطَّ عَنْهُ وَعَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَيَسْعَى فِي النَّجْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ النِّصْفُ وَالثَّانِي الثُّلُثَانِ وَفِي الثَّالِثِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَإِنَّمَا عَتَقَ مِنْهُ بِنِسْبَةِ النَّجْمِ الْمُوصَى بِهِ لِبَقِيَّةِ النُّجُومِ؛ لِئَلَّا؛ يَفُوتَ غَرَضُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ؛ لَوْ أَلْزَمَ بِالسَّعْيِ فِي بَقِيَّةِ النُّجُومِ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ فَلَرُبَّمَا يَعْجِزُ فَيُفَوِّتُ غَرَضَ الْمَيِّتِ هَذَا مَا فِي ك (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي صِيغَتِهِ؛ لِتَشَوُّفِ؛ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ عَشَرَةً وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ ثَمَانِيَةً وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الثَّمَانِيَةَ جَازَتْ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ بِرَقَبَتِهِ) الْمُنَاسِبُ أَيْ بِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ؛ إذَا قَالَ أَعْطُوا فُلَانًا الْمُكَاتَبَ لِزَيْدٍ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ وَصِيَّةٌ بِالْمَالِ وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ عَيْنُهَا فِي الْمَعْنَى وَلَكِنَّ الْقَصْدَ ذِكْرُ الصِّيَغِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ الْمُوصِي وَإِنْ اتَّحَدَ مَعْنَاهُمَا (قَوْلُهُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْأَقَلَّ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ؛ لِأَنَّ؛ الْمَنْظُورَ لَهُ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ فِيهِمَا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْعِتْقِ فَيَنْظُرُ لِلْأَقَلِّ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثٌ وَرَقَبَتُهُ تُسَاوِي سِتِّينَ فَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ؛ أَقْرَبَ لِلْحُرِّيَّةِ وَحَيْثُ اعْتَبَرْنَا قِيمَةَ الْكِتَابَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَنَقُولُ أَيْ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ أَرْبَعِينَ وَعِنْدَهُ ثَمَانُونَ فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ فَالْوَصِيَّةُ نَافِذَةٌ فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ لِلْمُوصَى لَهُ خَرَجَ حُرًّا وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ رَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ بِأَنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَرْبَعِينَ وَالسَّيِّدُ تَرَكَ عِشْرِينَ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ وَثُلُثُهَا عِشْرُونَ فَالثُّلُثُ حَمَلَ نِصْفَ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ الْآنَ بَلْ يَنْتَظِرُ لِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ أَيْضًا الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَيَقُولُ بَدَلَهُ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ إنْ أَدَّى وَإِلَّا رَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَا عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى لِمُعَيِّنٍ بِمُكَاتَبِهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ وَيَعْتِقُ مِنْهُ فِيمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَوْصَى بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ أَيْ وَيُوضَعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ مِنْ النُّجُومِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مَسْأَلَتَيْ الْمُصَنِّفِ وَمَا زِدْنَاهَا بَيْنَ أَنْ يَزِيدَ مَعَ حُرٍّ السَّاعَةَ أَوْ الْيَوْمَ أَوْ لَمْ يَقُلْ بَلْ أَطْلَقَ وَإِنَّمَا لَزِمَ الْمَالُ هُنَا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَيْك أَلْفٌ فَتَطْلُقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ؛ يَمْلِكُ ذَاتَه وَمَالَهُ فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَاسْتَثْنَاهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ عِصْمَةَ الْمَرْأَةِ فَقَطْ لَا ذَاتَهَا وَلَا مَالَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ لَا يُطَالُ فِي الزَّمَنِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالسَّيِّدِ وَلَا يُضَايَقُ فِي الزَّمَنِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْعَبْدِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ مَا لَمْ يَقُلْ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ أَوْ يَنْوِهَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الْعِتْقُ وَالْمَالُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ نَوَاهَا مِنْ قَوْلِهِ (بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْأُمُّ فِي اللُّغَةِ أَصْلُ الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ أُمَّاتٌ وَأَصْلُ أُمٍّ أُمَّهَةٌ وَلِذَلِكَ تُجْمَعُ عَلَى أُمَّهَاتٍ وَقِيلَ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلنَّعَمِ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَنْ وُلِدَ لَهَا وَهِيَ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ خَاصَّةٌ بِالْأَمَةِ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا وَجَرَتْ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ بِتَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ بِالْجَمْعِ فَيُسَمُّونَ هَذَا بِكِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلَعَلَّ سَبَبَ الْجَمْعِ تَنْوِيعُ الْوَلَدِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْحُرِّيَّةُ فَقَدْ يَكُونُ تَامًّا وَقَدْ يَكُونُ مِنْ مُضْغَةٍ وَغَيْرِهَا وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ أُمَّ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا فَقَوْلُهُ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا جِنْسٌ أَيْ الَّتِي يُنْسَبُ لِحَمْلِهَا الْحُرِّيَّةُ وَثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِحَمْلِهَا أَعَمُّ مِنْ الْأَصَالَةِ وَالْعَرْضِ فَالْأَصَالَةُ وَضْعُ النُّطْفَةِ فِي رَحِمِ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِوَاطِئِهَا وَالْعَرْضُ كَعِتْقِ الْحَمْلِ بَعْدَ تَقَرُّرِ مِلْكِهِ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَمَةُ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ حَمْلَهَا وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ الْحَمْلُ عَلَى جَدِّهِ وَيَكُونُ حُرًّا وَاخْتَلَفَ هَلْ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِلِابْنِ مِنْ وَالِدِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَشْهُورُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا فَقَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا أَخْرَجَ بِهِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَمَا شَابَهَهُمَا لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ جَبْرًا عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِجَبْرًا وَأَصْلُهُ مَجْبُورًا عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْحُرِّ وَهِيَ بِمَعْنَى الْعِتْقِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هِيَ الْمَوْصُوفَةُ بِحُرِّيَّةِ وَلَدِهَا أَعْنِي حَمْلَهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا حَالَ كَوْنِ الْحُرِّيَّةِ مَجْبُورًا عَلَيْهَا مَالِكُهَا وَجَبْرًا مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمَالِكِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَجْبُورًا عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ بِهِ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ حَمْلَ أَمَةِ عَبْدِهِ فَإِنَّ الْحَدَّ يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حُرٌّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا لَكِنْ لَيْسَ الْعِتْقُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَبِهِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَالْأَمَةُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ إقْرَارِهِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بِقَتْلِهَا لَهُ عَمْدًا وَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ وَطْءَ أَمَتِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ عَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ التَّخْيِيرُ فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ) عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ جَعَلَ السَّاعَةَ ظَرْفًا لِلْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ جَعَلَهَا ظَرْفًا لِتَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ كَمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهَا [بَابٌ فِي أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] (بَابُ أُمِّ الْوَلَدِ) (قَوْلُهُ أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ الْمُشَارِ لَهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ أَوْ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ أَصْلُ الشَّيْءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِكُلِّ أَصْلٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ غَيْرِهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَالْجَمْعُ أُمَّاتٌ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَنْ وُلِدَ لَهَا وَقَوْلُهُ وَالْأُمَّاتُ لِلنَّعَمِ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّعَمِ مَا عَدَا النَّاسَ وَقَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ إلَخْ الْمُنَاسِبُ حَذْفُ عِبَارَةِ وَيَقُولُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَنْ وُلِدَ لَهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْأُمَّهَاتُ إلَخْ) الصَّحِيحُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ سَبَبَ الْجَمْعِ إلَخْ) أَقُولُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَمْعَ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتِهِ بِالْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَمَةُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ (قَوْلَهُ مِنْ وَطْءِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحُرِّ أَيْ إنَّ الْحُرِّيَّةَ نَشَأَتْ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْحُرِّيَّةِ بَلْ بِقَوْلِهِ حَمْلُهَا أَيْ حَمْلُهَا الْكَائِنُ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ الْحُرُّ لَمَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ جَبْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَجَبْرًا مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إشَارَةٌ إلَى وَجْهٍ ثَانٍ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْحُرِّيَّةِ بِالْجَبْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمَالِكِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَجْبُورًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ وَأُخْرِجَ بِهِ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ وَطْءٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَمْلُهَا فَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَعَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَيْ أَنَّ أَهْلَ مَذْهَبِنَا يَقُولُونَ إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ مُخَالِفِينَ لِغَيْرِهِمْ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) أَيْ مَعَ إنْزَالٍ إذْ الْوَطْءُ مَعَ إنْكَارِ الْإِنْزَالِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ) مُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ بِرَجُلَيْنِ بَلْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَعَهُمَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَأْتِيَ فِيهِ بِوَلَدٍ تَدَّعِيهِ كَالسَّفِينَةِ وَهِيَ وَسَطَ الْبَحْرِ فَيَحْصُلُ لَهَا التَّوَجُّعُ لِلْوِلَادَةِ ثُمَّ يُرَى أَثَرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ مُطَّرِدًا بَلْ يَتَوَجَّهُ عَلَى السَّيِّدِ الْيَمِينُ فِي صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَوْ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَشَهِدَتْ امْرَأَتَانِ عَلَى الْوِلَادَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا فِي الْجَمِيعِ وَلَدٌ أَمْ لَا أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَوْ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَمَعَهَا وَلَدٌ وَأَمَّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 155 ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ قَوْلَهُ (ص) كَأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَنَفَاهُ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ وَلَوْ لِأَكْثَرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَوَلَدَتْ وَاوُ الْحَالِ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَرْكِ وَطْئِهَا لَا مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي تت ثُمَّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَلَكِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَكَذَلِكَ يُلْحَقُ بِهِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْوَطْءِ كَفَى أَنْ تَأْتِيَهُ جَارِيَتُهُ بِوَلَدٍ وَتَقُولُ هُوَ مِنْك وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ وِلَادَتُهَا إيَّاهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَيِّتًا أَوْ عَلَقَةً وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَعْدُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ أَوْ أَثَرِهَا وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مَعْدُومًا وَإِلَّا لَمْ تَحْتَجْ الْأَمَةُ إلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ إذَا عَرَفَتْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ فِي تَطْبِيقِ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ مِنْ أَنْ ثَبَتَ فِيهِ إجْمَالٌ بِارْتِكَابِ قَوْلٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ ضَعِيفٍ الصَّحِيحُ أَنَّ حَذْفَهُ يَخْتَصُّ جَوَازُهُ بِالشِّعْرِ وَكَوْنُهُ شَرْطًا فِي إنْ أَقَرَّ أَوْ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ غَيْرُ دَافِعٍ لِلْإِشْكَالِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ وَالْحَقُّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ مِنْ أَنَّهُ شَرَطَ فِي إنْ أَقَرَّ وَهُوَ مُسْلِمٌ الْمَنْطُوقَ وَمَفْهُومُهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُقِرَّ وَلَمْ تَثْبُتْ الْوِلَادَةُ وَالْأُخْرَى أَنْ يُنْكِرَ فَتَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ فَالْأُولَى يَكْتَفِي بِنِسْبَتِهَا الْوَلَدَ إلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ   [حاشية العدوي] لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَلَمْ تَشْهَدْ امْرَأَةٌ بِالْوِلَادَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي الشَّهَادَاتِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَحْلِفُ حَيْثُ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَوْ نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَهَلْ يُحْبَسُ وَإِنْ طَالَ دَيْنٌ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الشَّرْحِ عَدَمُ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ؛ مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ كَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ مَعَ شَاهِدٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ) أَيْ بِأَنْ أَقَرَّ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ أَوْ لَمْ يَنْفَعْهُ أَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ وَلَوْ اسْتَبْرَأَ وَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ يُلْحَقُ بِهِ وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرِ أَمَدِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لعج رَدًّا عَلَى الْأُولَى فَقَوْلُهُ كَمَا فِي تت رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ إنْ تت يَقُولُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى فَرَدَّ عَلَيْهِ عج بِقَوْلِهِ مِنْ يَوْمِ تَرْكِ وَطْئِهَا لَا مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ تت وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ النَّصِّ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ عج الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ مِنْ يَوْمِ تَرْكِ الْوَطْءِ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ النَّصِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَوْمَ الِاسْتِبْرَاءِ مُوَافِقًا لِيَوْمِ تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَيَرْجِعُ لِيَوْمِ تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَعْدُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ فَالْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ مَعَ الْبَيِّنَةِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ أَيْ مَعَ إنْكَارِهِ الْإِقْرَارَ بِالْوَطْءِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِمَّا بَيَّنَّاهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ إجْمَالٌ إلَخْ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَصْبِرُ التَّقْدِيرُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ وَإِنْ ثَبَتَ إلَخْ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الثُّبُوتَ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَعْدُومًا وَسَيَأْتِي لَهُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الْمَنْطُوقَ مُسَلَّمٌ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْإِقْرَارُ الْمُسْتَمِرُّ وَثُبُوتُ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ كَفَى ذَلِكَ فِي ثُبُوتِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمَفْهُومِ بِحَيْثُ تَقُولُ إنْ انْتَفَيَا مَعًا بِأَنْ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ بِالْوَطْءِ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ إثْبَاتُ عَلَقَةٍ فَيُفَصَّلُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا كَفَى نِسْبَةُ الْوِلْدَانِيَّةِ فِي ثُبُوتِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةَ وَإِذَا انْتَفَى الْأَوَّلُ وَوُجِدَ الثَّانِي بِأَنْ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ تَثْبُتُ أُمُومَةُ الْوَلَدِ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا وَقَوْلُهُ بِارْتِكَابِ إلَخْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ يُبْحَثُ فِيهِ بِأَمْرَيْنِ الْإِجْمَالُ وَارْتِكَابُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ يَجُوزُ حَذْفُهُ فِي النَّثْرِ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُحَقِّقِينَ مَنَعَ كَوْنَهُ ضَعِيفًا وَقَوْلُهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ الْقَصْدُ التَّعْلِيلُ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّ؛ الْإِشْكَالَ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَالِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْطُوقَ مُسَلَّمٌ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمَفْهُومِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَالْمَنْطُوقُ هُوَ الْإِقْرَارُ الْمُسْتَمِرُّ الْمُصَاحِبُ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ وَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ مَعَ ذَلِكَ قَطْعًا كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى يَكْتَفِي بِنِسْبَتِهَا الْوَلَدَ إلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْدُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فَكَالْأَوْلَى أَيْ فَيَكْتَفِي بِنِسْبَتِهَا الْوَلَدَ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ حُكْمَ الْإِقْرَارِ الْمُسْتَمِرِّ وَالْإِقْرَارِ غَيْرِ الْمُسْتَمِرِّ الْمُصَاحِبِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ رُبَّمَا يَتَرَاءَى مِنْ الْعِبَارَةِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ الْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا اكْتَفَى بِنِسْبَتِهَا الْوَلَدَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَادَةُ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جَعَلَ إلَخْ شُرُوعٌ فِي تَقْرِيرٍ آخَرَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ وَهُوَ الْمُرْتَضَى وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُقِرًّا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا كَفَى نِسْبَةُ الْوَلَدِ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَادَةُ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 مَعْدُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا الْوِلَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فَكَالْأُولَى وَلَوْ جَعَلَ إنْ أَقَرَّ بِمَعْنَى ثَبَتَ إقْرَارُهُ كَانَ قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ رَاجِعًا لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ إذْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ دَوَامِ الْإِقْرَارِ وَانْقِطَاعِهِ فَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ تَأَمَّلْ وَالْمُرَادُ بِالْعَلَقَةِ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ لِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أُمَّهُ تَصِيرُ أُمَّ الْوَلَدِ بِالدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْعِدَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّ مَا اجْتَمَعَ (ص) كَادِّعَائِهَا سِقْطًا رَأَيْنَ أَثَرَهُ (ش) تَشْبِيهٌ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ إذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَأَتَتْ بِسِقْطٍ وَهُوَ غَيْرُ حَاضِرٍ مَعَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ وَخَالَفَهَا وَقَالَ مَا هُوَ مِنِّي وَرَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ كَتَوَرُّمِ الْمَحِلِّ وَتَشَقُّقِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ السِّقْطُ حَاضِرًا مَعَهَا لَصُدِّقَتْ بِاتِّفَاقٍ وَأُطْلِقَ الْجَمْعُ عَلَى اثْنَيْنِ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ (عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) جَوَابُ لِقَوْلِهِ إنْ أَقَرَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ إلَخْ قَيْدٌ فِي الشَّرْطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا بِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِثُبُوتِ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَلْقَتْ سِقْطًا رَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا إذَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَلَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ بِلَا خِلَافٍ (ص) وَلَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ سَبَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ عَلَى سَيِّدِهَا سَابِقٌ عَلَى اسْتِيلَادِهَا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الدَّيْنُ اللَّاحِقُ بِخِلَافِ مَنْ فَلَّسَ ثُمَّ أَجَّلَ أَمَتَهُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلَا يَرُدُّهُ أَيْ الْعِتْقُ بِأُمُومَةِ الْوَلَدِ دَيْنٌ سَبَقَ حَيْثُ وَطِئَهَا قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ حَمْلٌ (ص) كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ أَوْ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَّا أَمَةً مُكَاتَبَةً أَوْ وَلَدِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي صَيْرُورَةِ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا حَامِلًا مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ صَارَتْ كَأَنَّهَا حَمَلَتْ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا وَمَعَهَا وَلَدٌ مِنْهُ سَابِقٌ عَلَى شِرَائِهِ لَهَا فَإِنَّهُ لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا بِوَلَدٍ يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ أَبِيهِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَوْجَتَهُ مِمَّا لَوْ اشْتَرَطَ مَوْطُوءَتَهُ بِشُبْهَةٍ حَامِلًا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ وَكَذَلِكَ مَنْ وَطِئَ أَمَةً بِشُبْهَةٍ كَغَلَطٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الْغَلَطِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَحَمَلَتْ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَكَذَلِكَ مَنْ وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ حَمَلَتْ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ حَمَلَتْ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ أَمَةً مُكَاتَبَةً إلَّا إذَا حَمَلَتْ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ أَمَةَ وَلَدِهِ مُطْلَقًا وَمِثْلُ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُحَلَّلَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ إذَا اخْتَارَتْ أُمُومَةَ الْوَلَدِ   [حاشية العدوي] أَوْ مَعْدُومًا وَقَوْلُهُ أَوْ انْقِطَاعُهُ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ فَالشَّرْطُ هُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا رَاجِعٌ لِتِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ أَوْ انْقِطَاعُهُ فَتَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَأَتَتْ إلَخْ) الْمُرَادُ وَضَعَتْ سِقْطًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِتْيَانِ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ لَنَا وَإِلَّا عَارَضَ قَوْلَهُ وَهُوَ غَيْرُ حَاضِرٍ مَعَهَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا وَتُقْتَلُ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بُطْلَانِ تَدْبِيرِ الْعَبْدِ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ قُتِلَ بِهِ ضَعُفَ التُّهْمَةُ فِيهَا لِقُرْبِهَا مِنْ الْحَرَائِرِ فِي مَنْعِ إجَارَتِهَا وَبَيْعِهَا فِي دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَرَهْنِهَا وَهِبَتِهَا (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الشَّرْطِ) أَيْ عَلَى الْمُرْتَضَى مِنْ الْخِلَافِ فِي تَوَالِي شَرْطَيْنِ مَعَ جَوَابٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ) أَيْ مَعَ إتْيَانِهَا بِالْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ بِثُبُوتٍ إلَخْ أَيْ مَعَ إنْكَارِهِ وَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ عَلَقَةٍ فَمَا فَوْقُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا عَلَى مَا هُوَ الْمُرْتَضَى كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَلْقَتْ سِقْطًا رَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ أَيْ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَقَوْلُهُ رَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَلْقَتْ سِقْطًا بِرُؤْيَةِ النِّسَاءِ أَثَرَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثُّبُوتَ الْمَذْكُورَ حَاصِلٌ بِرُؤْيَةِ النِّسَاءِ الْأَثَرَ لَا شَيْءٍ آخَرَ هَذَا تَوْضِيحُ الْمَحَلِّ (تَنْبِيهٌ) لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهَا عَلَى وِلَادَتِهَا بَلْ حَيْثُ ثَبَتَ حَمْلُهَا مِنْهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عِتْقُهَا لِوَضْعِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمُطَرَّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) اُنْظُرْ هَلْ قَتْلُهُ لِلسَّيِّدِ كَقَتْلِهَا لَهُ فَيَعْتِقُ وَيُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا كَثِيرُ خِدْمَةٍ كَمَا يَأْتِي أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا) مِنْهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهَا إلَّا أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ كَمُتَزَوِّجٍ أَمَةَ جَدِّهِ وَحَمَلَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَمْلَهَا لَمَّا كَانَ يَدْخُلُ مَعَهَا فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَانَ عِتْقُهُ لَهُ كَلَا عِتْقٍ بِخِلَافِ أَمَةِ الْجَدِّ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا حَامِلًا لِغَيْرِ زَوْجِهَا لِتَخَلُّفِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ وَطِئَ أَمَةً بِشُبْهَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ عَيْنُ قَوْلِهِ مِمَّا لَوْ اشْتَرَى مَوْطُوءَتَهُ بِشُبْهَةٍ حَامِلًا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ زَوْجَتِهِ الَّتِي حَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَبَيْنَ وَطْئِهَا وَطْءَ شُبْهَةٍ وَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنَّ الزَّوْجَ لَمَّا كَانَ مَالِكًا لِعِصْمَةِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَكَأَنَّهُ حَصَلَ وَطْؤُهُ لَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَقْتَ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَإِنَّمَا لَحِقَ بِهِ لِدَرْءِ الْحَدِّ نَقَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 وَالْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ إذَا اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا وَوَطِئَهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَتَسْتَمِرُّ عَلَى زَوْجِيَّتِهَا (ص) وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ أَوْ فَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَدْفَعُهُ كَوْنُ السَّيِّدِ يَقُولُ أَعْزِلُ عَنْهَا لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ وَكَذَلِكَ لَا يَدْفَعُهُ وَطْءُ السَّيِّدِ فِي دُبُرِ أَمَتِهِ وَلَا فِي الْفَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْزِلْ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْإِنْزَالِ مَا إذَا أَنْزَلَ فِي غَيْرِهَا أَوْ مِنْ احْتِلَامٍ وَلَمْ يُبَلَّ حَتَّى وَطِئَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ (ص) وَجَازَ بِرِضَاهَا إجَارَتُهَا وَعِتْقٌ عَلَى مَالٍ وَلَهُ قَلِيلُ خِدْمَةٍ وَكَثِيرُهَا فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَانْتِزَاعُ مَالِهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَأَنْ يُكَاتِبَهَا إذَا رَضِيَتْ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ كِتَابَتُهَا فَمَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَشْيَاخِ عَلَى أَنَّهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَإِنْ أَجَّرَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فُسِخَ وَكَانَ لَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ اسْتَخْدَمَهَا وَيَجُوزُ لِسَيِّدِهَا عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتِهَا وَأَمَّا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا ثُمَّ أَنَّ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ كِتَابَتُهَا إذَا الْكِتَابَةُ غَيْرُ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ إذْ يُعْتَبَرُ فِيهَا الصِّيغَةُ وَجَرَى فِيهَا خِلَافٌ هَلْ يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ إلَّا الْوَطْءُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ وَلَهُ كَثِيرُهَا فِي أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِهِ الَّذِينَ حَدَثُوا بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ وَهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا يَعْتِقُونَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْقَلِيلُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَوْقَ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ وَدُونَ مَا يَلْزَمُ الْأَرِقَّاءَ وَلِلسَّيِّدِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهَا وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِذَا جَنَوْا تُسَلَّمُ خِدْمَتُهُمْ فَقَطْ فِي الْجِنَايَةِ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الرَّاجِعِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ إيلَادِهَا وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ فَإِنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَقْبِضُ ذَلِكَ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِأُمِّ وَلَدِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا مَخُوفًا فَإِنْ مَرِضَ فَلَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْتَزِعُ لِغَيْرِهِ (ص) وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ بِرِضَاهَا وَمُصِيبَتُهَا إنْ بِيعَتْ مِنْ بَائِعِهَا وَرُدَّ عِتْقُهَا وَفُدِيَتْ إنْ جَنَتْ بِأَقَلِّ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَرْشِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أُمَّ وَلَدِهِ لِغَيْرِهِ إنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ رِضَاهَا فَلَا يَتَأَتَّى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ عَلَى اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ قَالُوا وَفِي وَإِنْ بِرِضَاهَا وَاوُ الْحَالِ وَعَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا قَالُوا وَلِلْمُبَالَغَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ أُمِّ وَلَدِهِ فَإِنْ بَاعَهَا وَأَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي فَالْوَلَدُ حُرٌّ لَاحِقٌ بِهِ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَبَاحَ فَرْجَهَا لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ عَبْدِهِ رُدَّتْ مَعَ وَلَدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَيَكُونُ لَهُ حُكْمُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنَّ عِتْقَهَا يُرَدُّ وَتَرْجِعُ لِسَيِّدِهَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ إذَا نَزَلَ بِهَا مَوْتٌ أَوْ غَيْرُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْ بَائِعِهَا لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَمْ يَنْتَقِلْ وَمَحَلُّ رَدِّ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لَهَا مَا لَمْ يَشْتَرِهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ أَوْ عَلَى شَرْطِ الْعِتْقِ وَأَعْتَقَهَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهَا تَكُونُ حُرَّةً بِالشِّرَاءِ وَلَا يَرُدُّ عِتْقَهَا سَوَاءٌ عَلِمَ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَمْ لَا وَلَا يَسْتَحِقُّ بَائِعُهَا ثَمَنَهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ وَأَمَّا إنْ بَاعَهَا عَلَى أَنْ يَعْتِقَهَا الْمُبْتَاعُ فَهَذِهِ تُرَدُّ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ اسْتَخْدَمَهَا) وَإِنْ قَبَضَهَا السَّيِّدُ وَرَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ بِهَا فَإِنْ أَجَّرَهَا السَّيِّدُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى السَّيِّدِ بِالزَّائِدِ لِأَنَّهُ كَالْمُتَبَرِّعِ بِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَخْ) هَذَا لعج وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ أَنَّ السَّيِّدَ أَجَّرَ وَفَاتَ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ إلَخْ) كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ آخُذَ مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَهُ كَثِيرُهَا فِي أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِهِ) وَلَهُ غَلَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ لَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ أُبِيحَ لَهُ كَثِيرُ الْخِدْمَةِ فِيهِ دُونَ أُمِّهِ لِحِلِّ وَطْئِهَا لَهُ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَيَسْتَوِي مَعَ أُمِّهِ فِي اشْتِرَاطِ رِضَاهُ بِهَا (قَوْلُهُ فَوْقَ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ وَهِيَ فَوْقَ مَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَدُونَ مَا يَلْزَمُ الْأَمَةَ وَاللَّازِمُ لِلزَّوْجَةِ لَوْ أَمَةً الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي النَّفَقَاتِ وَلَوْ رَفِيعَةً؛ لِأَنَّهُ؛ مِنْ تَوَابِعِ التَّمَتُّعِ بِهَا لَا كَثِيرُهَا وَلَوْ دَنِيئَةً (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا إلَخْ) فَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْإِفْرَادِ يُعْلَمُ حُكْمُ وَلَدِهَا الْمَذْكُورِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ وَنُسْخَةُ التَّثْنِيَةِ ظَاهِرَةٌ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَهُ وَإِذَا قَتَلَتْ لَزِمَ الْقَاتِلَ قِيمَتُهَا قِنًّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَهَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ إلَخْ) فَلَوْ مَنَعَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْ سَيِّدِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ؛ وُجُودَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا لِشَائِبَةِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ إلَخْ) وَكَذَلِكَ مَالُ أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِهِ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِمْ؛ لِأَنَّ؛ غَلَّتَهُمْ لَهُ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ فَإِنْ مَرِضَ فَلَا) أَيْ وَأَمَّا الْوَطْءُ فَيَسْتَمِرُّ إلَى أَنْ تَمُوتَ (قَوْلُهُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ إلَخْ) أَيْ وَتُرَدُّ لِبَائِعِهَا (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ سَوَاءٌ أَعْتَقَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا قِنٌّ أَوْ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ إذَا نَزَلَ بِهَا مَوْتٌ أَوْ غَيْرُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنْ ثَبَتَ لَهَا أُمُومَةُ الْوَلَدِ بِغَيْرِ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ لَا مِنْ الْبَائِعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 مَا لَمْ تَفُتْ بِالْعِتْقِ فَيَمْضِي وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَشَرَطَ لَهَا الْعِتْقَ فَكَأَنَّهُ فِكَاكٌ مِنْهُ لَهَا بِالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِمَّا أَنْفَقَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا لَهُ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ خِدْمَتِهَا وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إذَا جَنَتْ عَلَى شَخْصٍ أَوْ أَفْسَدَتْ شَيْئًا بِيَدِهَا أَوْ بِدَابَّتِهَا أَوْ بِحَفْرٍ فِي مَكَان لَا مِلْكَ لَهَا فِيهِ أَوْ اغْتَصَبَتْ أَوْ اخْتَلَسَتْ أَنْ يَفْدِيَهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا مَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا وَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمِنْ قِيمَتِهَا أَمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَالِهَا فَالْأَقَلُّ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (ص) وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا صُدِّقَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ فِي مَرَضِهِ وَلَدَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا وَرِثَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ كَلَالَةٍ وَتَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ الْوِلَادَةُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ وَتَبْقَى رِقًّا وَمَفْهُومُ وَلَا وَلَدَ لَهَا مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وتت وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا قَالَهُ ز مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ سَوَاءٌ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ (ص) وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ لَمْ تَعْتِقْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ الْمَرِيضَ إذَا قَالَ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي حَالَ صِحَّتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْوَصِيَّةَ وَلَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا فِي الثُّلُثِ خَاصَّةً وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ يَرِثُهُ وَإِلَّا صُدِّقَ وَحَاصِلُ النَّقْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ مَرَضًا مَخُوفًا أَنَّهُ أَوْلَدَ هَذِهِ الْأَمَةَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَطْعًا وَوَرِثَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ لَمْ تَعْتِقْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فَقَوْلُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ وَرِثَهُ وَلَدٌ مَعَهَا وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهَا وَلَدٌ فِيهِمَا أَمْ لَا لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ إلَخْ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مَفْهُومُ مَا قَبْلَهَا وَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ إلَخْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ يَرِثُهُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ الصَّادِقِ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فَيَكُونُ مَوْضُوعُهُمَا مُتَّفِقًا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا وَلَدَ لَهُ مِنْهَا وَوَرِثَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فِيهِمَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَثَانِيًا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا (ص) وَإِنْ وَطِئَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ) الْمُنَاسِبُ وَالثَّمَنُ لِلْبَائِعِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ وَالْعِتْقُ مَاضٍ وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَا تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ) بَلْ وَلَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ أَحْرَى إلَخْ وَقَوْلٌ وَظَاهِرُهُ إلَخْ اعْتَمَدَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ تَقَيُّدَ الْوِلَادَةِ بِالصِّحَّةِ أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي صِحَّتِهِ رَاجِعٌ لِلْإِيلَادِ وَالْعِتْقِ مَعًا لَا لِلْعِتْقِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَمَفْهُومُ وَلَا وَلَدِهَا أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ مُلْحَقٌ بِهِ أَوْ اسْتَلْحَقَهُ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَرَضِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوِلَادَةُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرْقَانِيَّ يَقُولُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَيْ مُلْحَقٌ بِهِ أَوْ اسْتَلْحَقَهُ يُصَدَّقُ سَوَاءٌ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَيْ مِنْ غَيْرِهَا أَمْ لَا وَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَرِثَهُ وَلَدٌ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ يُصَدَّقُ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَوْلَدَهَا فِي صِحَّتِهِ) أَيْ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالصِّحَّةِ لِتَوَهُّمِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي صِحَّتِهِ رَاجِعٌ لِلْإِيلَادِ وَالْعِتْقِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِلْعِتْقِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت جَعَلَ النَّقْلَ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الصِّحَّةِ رَاجِعٌ لِلْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَعْتَقَ أَمَةً مُعَيَّنَةً أَوْ عَبْدًا كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَعْتَقَهَا أَيْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا (قَوْلُهُ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَطْعًا وَوَرِثَهُ الْوَلَدُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ الْمُتَقَدِّمُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ إلَخْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تُصَوَّرُ بِأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا؛ بِمَوْتِ السَّيِّدِ تَخْرُجُ حُرَّةً فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ سَيِّدِهَا أَعْتَقْتُهَا بَلْ بِالْقِنِّ كَمَا إذَا قَالَ أَعْتَقْت أَمَتِي هَذِهِ أَوْ عَبْدِي هَذَا فِي حَالِ صِحَّتِي فَلَا يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَسَوَاءٌ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمَةُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ بَلْ بِقَيْدِ أَنَّهَا قِنٌّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَسَوَاءٌ كَانَ لَهَا وَلَدٌ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَسَوَاءٌ كَانَ وَلَدٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ الصَّادِقِ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ قَيَّدَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا وَلَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَيَكُونُ مَوْضُوعُهُمَا مُتَّفِقًا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا وَلَدَ لَهُ مِنْهَا وَوَرِثَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فِيهِمَا إلَخْ وَقَوْلُهُ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا أَقُولُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَجَعْلُهُ بَعِيدًا لَا يُسَلَّمُ؛ لِأَنَّهُ؛ لَوْ مَشَى عَلَى الْوِفَاقِ وَأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ لَقَالَ وَإِلَّا لَمْ تَعْتِقْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 شَرِيكٌ فَحَمَلَتْ غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ فَإِنْ أَعْسَرَ خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ بَيْعِهَا لِذَلِكَ وَتَبِعَهُ بِمَا بَقِيَ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا وَطِئَ أَمَةَ الشَّرِيكِ فَحَمَلَتْ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي وَطْئِهَا أَمْ لَا وَيَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا إلَّا أَنَّهُ أَفَاتَهَا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا قُوِّمَتْ أَيْضًا لِتَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ وَإِلَّا فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا أَوْ مُقَاوَاتُهَا فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي وَطِئَ الْأَمَةَ مُعْسِرًا فَإِنَّ شَرِيكَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَّبِعَهُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ يَوْمَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِدُونِ الْوَلَدِ لَا يَوْمَ الْحَمْلِ وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ بَيْعِ جُزْئِهَا الْمُقَوَّمِ وَهُوَ نَصِيبُ غَيْرِ الْوَاطِئِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ فَإِنْ وَفَّى فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَيَتَّبِعُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ حِصَّتِهِ وَيَتَّبِعُهُ أَيْضًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَبْدًا فَرْضًا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ اخْتَارَ الِاتِّبَاعَ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْبَيْعَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ لَاحِقٌ بِالْوَاطِئِ فَإِنْ قُلْت لِمَ ثَبَتَ الِاتِّبَاعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ مَعَ الْإِعْسَارِ وَسَقَطَ مَعَ الْمَلَاءِ قُلْت قَالُوا لَمَّا وَجَبَتْ يَوْمَ الْوَطْءِ وَهُوَ يَوْمِئِذٍ مَلِيءٌ بِهَا تَعَيَّنَ أَنَّ الْأَمَةَ لَهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهَا يَوْمِئِذٍ فَقَدْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ فَالْوَلَدُ عَلَى مِلْكِهَا وَقَوْلُهُ غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ أَيْ غَرِمَ قِيمَةَ نَصِيبِ الْآخَرِ مِنْ الْأُمِّ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ قُوِّمَتْ وَإِنْ كَانَ غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ يَتَضَمَّنُ تَقْوِيمَهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ حَمَلَتْ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَلِيئًا كَمَا يَدُلُّ قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْسَرَ (ص) وَإِنْ وَطِئَهَا بِطُهْرٍ فَالْقَافَةُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا فَمُسْلِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَطِئَا الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَكَانَ الْآخَرُ عَبْدًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا وَمِثْلُهُمَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْقَافَةَ تُدْعَى لَهُمَا فَمَنْ أَلْحَقْته بِهِ فَهُوَ ابْنُهُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ تُدْعَى الْقَافَةُ فَإِنْ كَانَتْ تَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً فَهُوَ كَالْحَيِّ فَإِنْ مَاتَا مَعًا قَبْلَ أَنْ تُدْعَى الْقَافَةُ فَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ ابْنٌ لَهُمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَبْقَى لَا أَبَ لَهُ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ ابْنًا لِمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْحُرِّ صَارَ حُرًّا وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْعَبْدِ صَارَ رَقِيقًا وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالذِّمِّيِّ صَارَ كَافِرًا وَاضِحٌ إنْ لَمْ تُشْرِكْهُ فَإِنْ أَشْرَكَتْهُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ قَالَتْ هُوَ ابْنٌ لَهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْلِمًا حُرًّا فَقَوْلُهُ فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا فَمُسْلِمٌ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَمُسْلِمٌ وَحُرٌّ أَيْ فَمُسْلِمٌ فِيمَا إذَا كَانَ حُرَّيْنِ أَحَدُهُمَا كَافِرٌ وَالْآخَرُ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا كَافِرًا وَالْآخَرُ رَقِيقًا مُسْلِمًا تَغْلِيبًا لِلْأَشْرَفِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ فَمُسْلِمٌ أَيْ وَهُوَ حُرٌّ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ ابْنٌ لَهُمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ اهـ. ابْنُ يُونُسَ إنْ أَشْرَكَتْ فِيهِ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَيَعْتِقُ عَلَى الْحُرِّ لِعِتْقِ نِصْفِهِ عَلَيْهِ بِالْبُنُوَّةِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نِصْفُ وَلَدٍ وَيَغْرَمُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ذَلِكَ وَكَذَا نَصِيبُ الْعَبْدِ مِنْ الْأَمَةِ فَيَصِيرُ لَهُ نِصْفُهَا رِقًّا وَنِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ (ص) وَوَالَى إذَا بَلَغَ أَحَدَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا بَلَغَ فَإِنَّهُ يُوَالِي أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذْ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الْوَلَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ وَالَى الذِّمِّيَّ فَإِنَّهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ يَوْمَ الْوَطْءِ عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ الْحَمْلُ إلَّا إنْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحَمْلِ وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْبَقَاءَ عَلَى الشَّرِكَةِ فَهُمَا تَخْيِيرَانِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعِهَا لِذَلِكَ) أَيْ لِلْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَزِدْ ثَمَنُ حِصَّتِهِ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَإِلَّا بِيعَ مِنْ حِصَّتِهِ بِقَدْرِ مَا وَجَبَ مِنْ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ بِمَا بَقِيَ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَبِعْ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ إذَا لَمْ تَفِ حِصَّتُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ؛ مَا يَخُصُّ الْمُسْتَوْلَدَ لَهَا صَارَ حُرًّا تَبَعًا لِوَلَدِهَا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ بَيْعُهُ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب (قَوْلُهُ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ فِي اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ لِمَا يَأْتِي وَلَا تُبَاعُ هِيَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ) الْمُعْتَمَدُ يَوْمُ الْحَمْلِ أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْوَطْءِ بَلْ مَا يُعْتَبَرُ إلَّا يَوْمُ الْحَمْلِ أَيْ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْوَطْءِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا إلَخْ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَكُونُ وَلَدًا لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْحُرِّ هَذَا ظَاهِرُ مُبَالَغَتِهِ بِلَوْ وَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي لُحُوقِهِ لِلذِّمِّيِّ أَوْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلْأَشْرَفِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ حَكَمَ بِالْحُرِّيَّةِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ مِنْ الرُّقْيَةِ وَسَكَتَ عَنْ جَانِبِ الْإِسْلَامِ فِي كُلٍّ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَقَدْ اُعْتُبِرَ الْأَشْرَفُ فِي الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ؛ طَرَفًا فِيهِ الشَّرَفُ مِنْ جِهَةِ الْحُرِّيَّةِ وَطَرَفًا فِيهِ الشَّرَفُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ؛ وَلَدَ الْعَبْدِ مِنْ أَمَتِهِ لِلسَّيِّدِ قَوْلُهُ وَكَذَا نَصِيبُ الْعَبْدِ مِنْ الْأَمَةِ أَيْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُهُ لِلْعَبْدِ الَّذِي هُوَ شَرِيكُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَوَالَى) أَيْ إنْ شَاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا قَالَ الْوَلَدُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا أُوَالِي وَاحِدًا مِنْهُمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنًا لَهُمَا جَمِيعًا يَرِثَانِهِ بِنِصْفِ بُنُوَّةٍ وَيَرِثُهَا بِنِصْفِ أُبُوَّةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ لَا يُوَالِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَمُوَالَاتُهُ أَحَدَهُمَا لَازِمَةٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الْوَلَدِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالِاشْتِرَاكِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ مِنْ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ يَصِحُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 لَا يَكُونُ إلَّا مُسْلِمًا كَمَا مَرَّ وَإِنْ وَالَى الْعَبْدَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا حُرًّا ثُمَّ إنْ عَتَقَ أَبُوهُ أَوْ أَسْلَمَ وَرِثَهُ وَنَفَقَتُهُ إلَى بُلُوغِهِ عَلَيْهِمَا وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يَخْرُجُ بِمُوَالَاتِهِ عَمَّا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَفَائِدَةُ الْمُوَالَاةِ ثُبُوتُ الْإِرْثِ إذَا حَصَلَ الْإِسْلَامُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ الْحُرِّيَّةُ وَانْتِفَاؤُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَالَى الْمُسْلِمَ الْحُرَّ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ وَالَى الْكَافِرَ أَوْ الْعَبْدَ فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ وَالْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ لَا يَرِثُهُ الشَّرِيكُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ لِعَدَمِ مُوَالَاتِهِ لَهُ وَلَا يَرِثُهُ مَنْ وَالَاهُ لِوُجُودِ الْكُفْرِ أَوْ الرِّقِّ وَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مَنْ وَالَاهُ مِنْ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ مَنْ وَالَاهُ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِمُوَالَاتِهِ لِشَخْصٍ صَارَ ابْنًا لَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَقَالَ وَلَهُ أَنْ يُوَالِيَ إذَا بَلَغَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَإِنْ وَالَى الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ عَبْدٍ وَقَالَ أَيْضًا إذَا وَالَى الْكَافِرَ فَهُوَ مُسْلِمٌ ابْنُ كَافِرٍ وَقَوْلُهُ (كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَفِي أَنَّهُ يُوَالِي إذَا بَلَغَ أَحَدُهُمَا وَيَجْرِي فِيمَا إذَا مَاتَ وَقَدْ وَالَى الْكَافِرَ أَوْ الْعَبْدَ نَحْوُ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ إلَخْ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُمَا بِخِلَافِ الْأُولَى لِأَنَّ الْقَافَةَ أَشْرَكَتْهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُمَا (ص) وَوَرِثَاهُ إنْ مَاتَ أَوَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَافَةَ إذَا أَشْرَكَتْ الصَّغِيرَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدَهُمَا وَتَرَكَ مَالًا فَإِنَّهُمَا أَيْ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ يَرِثَانِهِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الْمُوَالَاةِ وَلَيْسَ هَذَا بِإِرْثٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَالٌ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ وَأَخَذَا مَالَهُ إنْ مَاتَ لَكَانَ أَظْهَرَ (ص) وَحُرِّمَتْ عَلَى مُرْتَدٍّ أُمُّ وَلَدِهِ حَتَّى يُسْلِمَ وَوُقِفَتْ كَمُدَبَّرِهِ إنْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُحَرَّمُ عَلَى سَيِّدِهَا إذَا ارْتَدَّ وَلَمْ تَعْتِقْ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ بِالرِّدَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ سَبَبَ الْإِبَاحَةِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الْمِلْكُ وَهُوَ بَاقٍ وَالْإِبَاحَةُ فِي الزَّوْجَةِ الْعِصْمَةُ وَقَدْ زَالَتْ بِالْكُفْرِ وَبِعِبَارَةٍ وَحُرِّمَتْ إلَخْ فَإِذَا أَسْلَمَ زَالَتْ الْحُرْمَةُ وَعَادَ إلَيْهِ رَقِيقُهُ وَمَالُهُ وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِذَا ارْتَدَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ حُرِّمَ عَلَى سَيِّدِهَا وَطْؤُهَا فَإِنْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ حَلَّتْ لَهُ كَعَوْدِهِ لِلْإِسْلَامِ وَوُقِفَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ إنْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا يُوقَفُ مُدَبَّرُهُ وَمَالُهُ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَوُقِفَتْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ الْآنِ قَوْلُهُ كَمُدَبَّرِهِ بِالْهَاءِ وَقَوْلُهُ إنْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ قَيْدٌ فِيهِمَا وَلَا مَفْهُومَ لِفَرَّ أَيْ إنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارْتَدَّ (ص) وَلَا يَجُوزُ كِتَابَتُهَا وَعَتَقَتْ إنْ أَدَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا يُرِيدُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَتُفْسَخُ إنْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَلَا تَرْجِعُ فِيمَا أَدَّتْهُ وَتَجُوزُ كِتَابَتُهَا بِرِضَاهَا لِأَنَّ عَجْزَهَا لَا يُخْرِجُهَا عَمَّا ثَبَتَ لَهَا مِنْ أُمُومَةِ الْوَلَدِ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ [فَصْلٌ فِي الْوَلَاءُ] (فَصْلٌ) ذُكِرَ فِيهِ الْوَلَاءُ وَهُوَ أَحَدُ خَوَاصِّ الْعِتْقِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودٌ مِنْ الْوَلَايَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ مِنْ النَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ وَهُوَ الْقُرْبُ وَأَمَّا مِنْ الْإِمَارَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِالْكَسْرِ وَقِيلَ بِالْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَالْمَوْلَى لُغَةً يُقَالُ لِلْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ وَأَبْنَائِهِمَا وَالنَّاظِرِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْقَرِيبِ وَالْعَاصِبِ وَالْحَلِيفِ وَالْقَائِمِ بِالْأَمْرِ وَنَاظِرِ الْيَتِيمِ وَالنَّافِعِ الْمُحِبِّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا وِلَايَةُ الْإِنْعَامِ وَالْعِتْقِ وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِهِ وَحُكْمِهِ   [حاشية العدوي] فِي الْوَلَدِ يَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَيَرِثُ مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مِيرَاثٍ وَوَقَعَ الْخِلَافُ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي يَقُولُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي نَفَقَتِهِ قَبْلَ الْمُوَالَاةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعِيسَى يُنْفِقَانِ مَعًا عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى مَنْ وَالَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَرْجِعُ (قَوْلُهُ وَلَهُ فِي عَدَمِ وُجُودِهِمَا أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُمَا) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ أَنَّ الْوَطْءَ مُنْحَصِرٌ فِي الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ فِي الْمُوَالَاةِ الْإِرْثُ وَغَيْرُهُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب قَالَ شَيْخُنَا وَإِذَا وَالَى غَيْرَهُمَا فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فَهُوَ اسْتِلْحَاقٌ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ عَلَى الْأَمَةِ مِلْكٌ وَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا تَصِحُّ الْمُوَالَاةُ وَحُرِّرَ اهـ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْقَافَةَ إلَخْ) قُصُورٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوَرِثَاهُ أَيْ الْأَبَوَانِ الْمُشْتَرَكَانِ فِيهِ بِحُكْمِ الْقَافَةِ أَوْ بِعَدَمِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ تَعْتِقْ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُرْتَدِّ أُمُّ وَلَدِهِ بِالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجَةِ تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا بِالرِّدَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لَا تَعْتِقُ بِالرِّدَّةِ [أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا] (فَصْلُ الْوَلَاءِ) (قَوْلُهُ أَحَدُ خَوَاصِّ الْعِتْقِ) أَيْ خَوَاصُّهُ سِتَّةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَهِيَ السِّرَايَةُ وَالْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ وَبِالْمُثْلَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَالْقُرْعَةُ وَالْوَلَاءُ (قَوْلُهُ مِنْ الْوِلَايَةِ) أَيْ الْوَلَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوِلَايَةِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الْوِلَايَةُ حَاصِلَةٌ مِنْ النَّسَبِ أَيْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَابْنَتِهِ أَوْ ابْنِهِ أَيْ مِنْ أَجْلِ النَّسَبِ وَالْإِعْتَاقِ وَقَوْلُهُ وَالْعِتْقُ أَيْ الْإِعْتَاقُ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ ثَبَتَ لَهُ الْوَلَايَةُ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَالْقَرِيبُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَاصِبًا أَمْ لَا فَعَطَفَ الْعَاصِبَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَالْحَلِيفُ) أَيْ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مُحَالَفَةٌ فَكَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ دَمِي دَمُك وَهَدْمِي هَدْمُك وَثَأْرِي ثَأْرُك وَحَرْبِي حَرْبُك وَسِلْمِي سِلْمُك وَتَرِثُنِي وَأَرِثُك وَتَطْلُبُ لِي وَأَطْلُبُ لَك وَتَعْقِلُ عَنِّي وَأَعْقِلُ عَنْك كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَالْقَائِمُ بِالْأَمْرِ) أَيْ الْقَائِمُ بِشَأْنِ الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ وِلَايَةُ الْإِنْعَامِ وَالْعِتْقِ) الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ وَالْمَعْنَى الْوِلَايَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ الْإِعْتَاقُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 فَأَمَّا سَبَبُهُ فَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى مَا يَأْتِي وَأَمَّا أَحْكَامُ الْوَلَاءِ فَفِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الْوَلَاءِ الْعُصُوبَةُ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَصَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» قَالَ الْأَبِيُّ وَهَذَا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَةِ الْوَلَاءِ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُحَدُّ بِتَعْرِيفٍ أَتَمَّ مِنْهُ اهـ. وَاللُّحْمَةُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ بِالضَّمِّ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ لُحْمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ وَلُحْمَةُ الْبَازِي وَهُوَ مَا يُطْعِمُ مِمَّا يَصِيدُهُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ وَاللُّحْمَةُ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ تُضَمُّ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقَ نِسْبَةً تُشْبِهُ النَّسَبَ وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رِقٌّ كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ (ص) الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْوَلَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءُ بِالْجَرِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِنَفْسِ يَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ بِسَبَبِ بَيْعِ مِنْ نَفْسِ الْعَبْدِ أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِهِ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ فَقَوْلُهُ أَوْ عِتْقٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى بَيْعٍ وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بِلَا إذْنٍ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ وَأَمَّا مَعَ الْإِذْنِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ اتِّفَاقًا أَيْ وَالْمُعْتِقِ عَنْهُ حُرٌّ وَإِلَّا كَانَ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَعُودُ الْوَلَاءُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِتْقُ الْغَيْرِ يَشْمَلُ الْعِتْقَ النَّاجِزَ وَلِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ عَنْ فُلَانٍ فَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ مَيِّتٍ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِوَرَثَتِهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا أَيْ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقٍ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ الْأَعْلَى بِعِتْقِهِ لِعَبْدِهِ الْأَسْفَلِ حَتَّى أَعْتَقَ الْأَعْلَى وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى أَمَّا لَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ مَالَ الْعَبْدِ عِنْدَ عِتْقِهِ لَهُ لَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إنْ رَضِيَ بِعِتْقِ عَبْده فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ الْأَسْفَلُ رِقًّا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَمِثْلُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ مَا إذَا عَلِمَ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِهِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي هَذَيْنِ لِلسَّيِّدِ فَفِي مَفْهُومِ وَلَمْ يَعْلَمْ تَفْصِيلٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ لَهُ مُطْلَقًا لَا لِسَيِّدِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (ص) إلَّا كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا وَرَقِيقًا إنْ كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهُ (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتِقِ الْكَافِرِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَمَفْهُومُ أَعْتَقَ مُسْلِمًا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ أَعْتَقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْوَلَاءِ) الْأَوْلَى وَأَمَّا حُكْمُ الْوَلَاءِ بِالْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ حُكْمُ الْوَلَاءِ الْعُصُوبَةُ) أَيْ ثَمَرَةُ الْوَلَاءِ الْعُصُوبَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَحَدُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَمَّا سَبَبُهُ (قَوْلُهُ لُحْمَةٌ) أَيْ ارْتِبَاطٌ وَاتِّصَالٌ وَقَوْلُهُ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ أَيْ كَلُحْمَةٍ هِيَ النَّسَبُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ [الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ] (قَوْلُهُ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ وَكَانَ خَبَرُهُ ظَرْفًا أَوْ جَارًّا وَمَجْرُورًا أَفَادَ الْحَصْرَ كَالْكَرْمُ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ أَيْ لَا كَرَمَ إلَّا فِي الْعَرَبِ وَلَا أَئِمَّةَ إلَّا مِنْ قُرَيْشٍ أَيْ لَا وَلَاءَ إلَّا لِمُعْتِقٍ أَيْ لِمَنْ أَعْتَقَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَالْمُنْجَرُّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ فِي حُكْمِ الْمُعْتِقِ فَالْحَصْرُ إضَافِيٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمُعْتِقِ فَالْمُرَادُ إخْرَاجُ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ فَإِنَّ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ) إنَّمَا بَالَغَ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا؛ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُ وَبَقَائِهِ رِقًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ؛ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ إنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ وَحَاصِلُ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لَمْ يَأْتِ بِأَنَّ (قَوْلَهُ وَلَا يَعُودُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ؛ مُعْتَقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ رَفَعَ مِنْهُ الْعِتْقَ وَعَلَى كُلٍّ فَفِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَ عَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ أَيْ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ حَتَّى أَعْتَقَ أَيْ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِعْتَاقَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْأَعْلَى فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ فَمَصْدُوقُ الْفَاعِلِ الْعَبْدُ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ لِعَبْدِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ الْأَعْلَى) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَعْتُوقَ الْوَسَطُ لَهُ سَيِّدٌ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ سَيِّدٌ أَعْلَى فَقَطْ وَاَلَّذِي لَهُ سَيِّدٌ أَسْفَلُ وَأَعْلَى هُوَ الْمَعْتُوقُ الْأَسْفَلُ (قَوْلُهُ لَا لِلسَّيِّدِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرِدْهُ) أَيْ وَلَمْ يُجِزْهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ) وَهُوَ مَا لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ مَرِضَ السَّيِّدُ وَقَرُبَ الْأَجَلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 162 مُسْلِمًا عِتْقًا نَاجِزًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ مَا إذَا أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ أَقَارِبُ كُفَّارٌ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمْ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يُسْلِمْ الْعَبْدُ فَيَعُودُ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ الْقِنُّ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَإِنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ فِي حَالَةٍ يَجُوزُ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ مِنْهُ كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَلَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَجَازَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجِزْهُ فَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ إلَخْ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ لَا لِلسَّيِّدِ كَعِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ مَخُوفًا وَكَعِتْقِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ وَكَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ (ص) وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ كَسَائِبَةٍ وَكُرِهَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لَهُمْ لَا لِلْمُعْتَقِ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَلُونَ عَقْدَ نِكَاحِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى وَيَحْضُنُونَهُ وَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ سَائِبَةٌ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْأَنْعَامِ فَالتَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ أَضَافَ إلَى ذَلِكَ لَفْظَ أَنْتَ حُرٌّ مَثَلًا أَوْ لَا وَلَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ بِعِتْقِهِ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُ شَرْعًا فَقَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك كَذِبٌ بَاطِلٌ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الشَّرْعِ قَوْلُهُ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ وَفِي الْعِتْقِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ وَلَيْسَ هُوَ فِي حَيِّزِ اسْتِثْنَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ لَا مُخَالِفٌ إذْ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْغَيْرِ كَمَا أَنَّهُ هُنَا لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَرَّرَهُ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ لِأَجَلٍ قَوْلُهُ كَسَائِبَةٍ (ص) وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَنْتَقِلُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَعُودُ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِعَوْدِ الْوَلَاءِ هُنَا إنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ ثَابِتٌ لَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ فَكَمَا لَا تَزُولُ عَنْهُ الْأُبُوَّةُ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ (ص) وَجَرُّ وَلَدِ الْمُعْتَقِ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَيَنْجَرُّ الْوَلَاءُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَإِنْ سَفَلُوا وَقَيَّدَ الْجَرَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ حُرًّا فِي الْأَصْلِ فَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا ثُمَّ هَرَبَ السَّيِّدُ لِدَارِ الْحَرْبِ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ ثُمَّ سُبِيَ فَبِيعَ وَأُعْتِقَ فَإِنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى مُعْتَقِهِ وَلَاءَ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً فَإِنَّ وَلَاءَهَا يَنْجَرُّ إلَى أَوْلَادِهَا الَّذِينَ حَمَلَتْ بِهِمْ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ بِأَنْ كَانُوا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ حَصَلَ فِيهِمْ لِعَانٌ أَوْ أُصُولُهُمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ أَمْ لَا إذْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ السَّيِّدِ وَلَا غَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِهَؤُلَاءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَكَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا أَعْتَقَا أَيْ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَعْتِقَ الْمَكَاتِبُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ إذْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ وَلَوْ عَتَقَ وَرَّدَ عَلَى عج وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ مَا دَامَ رَقِيقًا فَإِنْ عَتَقَ عَادَ الْوَلَاءُ هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ الْوَلَاءُ لَهُمْ) أَيْ وَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لَا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لَهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لَهُمْ) أَيْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَقَوْلُهُ وَيَرِثُونَهُ أَيْ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ الَّذِي مَنْفَعَتُهُ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ أَيْ يَدْفَعُونَ دِيَةَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَتِيقُ وَالْمُرَادُ أَنَّ دِيَتَهُ تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا أَنَّهَا تُجْبَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ وَيَلُونَ عَقْدَ نِكَاحِهَا أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَتَوَلَّى نِكَاحَهَا وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا تَوَلَّى الْقَاضِي عَقْدَهَا فَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا لِكَوْنِهِ قَاضِيًا؛ لِأَنَّ؛ مَرْتَبَةَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ وَقَوْلُهُ وَيَحْضُنُونَهُ الْمُرَادُ أَنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْمَحْضُونِ تَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَكِنَّ إطْلَاقَ الْغَيْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ) وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ كَافِرًا فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ الْكَافِرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ يَنْتَقِلُ بَلْ صِفَةً لِقَوْلِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمَعْنَى لِلْمُسْلِمِينَ الْكَائِنِينَ مِنْ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ (تَنْبِيهٌ) وَكَذَا إذَا أَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ فَيَرِثُهُ أَيْضًا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهُمَا مَفْهُومَانِ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ الْعَوْدِ تَجُوزُ إذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ ثَابِتٌ لَا يَنْتَقِلُ) أَيْ الْوَلَاءُ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَقَيْدُ الْجَرِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ بَلْ مَحَلُّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمُعْتِقِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ) فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَارِيَةً مَعْتُوقَةً وَزَوْجُهَا حُرٌّ أَصَالَةً أَوْ مَعْتُوقٌ فَإِنَّ أَوْلَادَهَا لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَيْسَ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ وَلَاؤُهُمْ وَإِنَّمَا الْإِرْثُ لِعَصَبَةِ الْأَبِ أَوْ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ فَقَطْ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَجَرَّ وَلَدُ الْمُعْتِقِ وَصُورَتُهُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَ عَمْرًا وَعَمْرٌو وَلَدَ بِنْتًا فَلِزَيْدٍ الْوَلَاءُ عَلَى عَمْرٍو وَعَلَى ابْنَتِهِ وَعَلَى أَوْلَادِ الِابْنَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ بِأَنْ زَنَتْ الِابْنَةُ مَثَلًا فَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 163 أَرِقَّاءُ أَوْ الْأَبُ حَرْبِيًّا بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَقَوْلُهُ (إلَّا لِرِقٍّ أَوْ عِتْقٍ لِآخَرَ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَجَرُّ وَلَدِ الْمُعْتَقِ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ مَثَلًا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَةِ آخَرَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ أُمَّتَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا فَإِنَّ وَلَاءَ الْأَبِ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَعْتِقَ وَاحِدٌ الْأَبَ وَيَعْتِقَ الْآخَرُ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَسَّهُ عِتْقُ الْآخَرِ (ص) وَمُعْتَقِهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى وَلَدٍ الْمَعْمُولِ لِجَرُّ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلْأَمَةِ وَلِلْعَبْدِ اللَّذَيْنِ وَقَعَ عَلَيْهِمَا الْعِتْقُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ أَعْتَقَ أَمَةً أَوْ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ أَمَةً أَوْ عَبْدًا فَإِنَّ وَلَاءَ الْأَسْفَلِ يَنْجَرُّ لِمَنْ أَعْتَقَ الْأَعْلَى وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَعُتَقَاؤُهُ وَعُتَقَاءُ عُتَقَائِهِ وَإِنْ سَفَلُوا أَيْ وَجَرَّ وَلَاؤُهُمَا وَلَاءُ مُعْتَقِهِمَا وَهَذَا مَا لَمْ يَكُونَا حُرَّيْ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهُمَا وَلَاءَ مَا أَعْتَقَاهُ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهَا كَمَا مَرَّ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ (ص) وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبُ أَوْ اسْتَلْحَقَ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَقَةَ بِفَتْحِ التَّاءِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ وَأَتَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ وَأَبُوهُمْ وَجَدُّهُمْ رَقِيقَانِ فَوَلَاءُ أَوْلَادِهِمَا لِمَوَالِيهَا فَإِذَا أَعْتَقَ الْجَدُّ أَيْ جَدُّ الْأَوْلَادِ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ صَارَ لَهُمْ حِينَئِذٍ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبُ رَجَعَ وَلَاءُ الْأَوْلَادِ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ فَلَوْ كَانَ أَبُوهُمْ حُرًّا وَهُوَ مُعْتَقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ فَلَاعَنَ فِيهِمْ وَنَفَاهُمْ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُمْ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَرْجِعُ وَلَاءُ الْأَوْلَادِ لِمُعْتِقِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ أَنَّ الْأَبَ إذَا لَاعَنَ فِي وَلَدِهِ وَعَتَقَتْ أُمُّهُ وَالْأَبُ الْمَلَاعِنُ وَأَبُوهُ رَقِيقَانِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ فَإِذَا اسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ وَهُوَ رَقِيقٌ بَعْدَمَا عَتَقَ جَدُّهُ أَوْ قَبْلَ عِتْقِ جَدِّهِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِسَيِّدِ جَدِّهِ فَإِنْ عَتَقَ أَبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ أَبِيهِ فَقَدْ رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِسَيِّدِ أَبِيهِ مِنْ مُعْتَقِ أُمِّهِ وَجَدِّهِ فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِلْحَاقِ إنَّمَا يَعُودُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ مِنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ وَلَاؤُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِمُعْتِقِ الْجَدِّ أَوْ لِمُعْتِقِ الْأَبِ حَيْثُ لَمْ يَمَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَلَمْ يُعْتِقْهُ آخَرُ وَقَوْلُهُ أَعْتَقَ الْأَبُ أَعْتَقَ يُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا كَمَا هُنَا بِمَعْنَى عَتَقَ وَبِنَاؤُهُ لِلْمَجْهُولِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (ص) وَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ لَا لِمُعْتِقِهَا إلَّا أَنْ تَضَعَ لِدُونِ سِتَّةٍ مِنْ عِتْقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَعْتُوقَ الْمُتَزَوِّجَ بِأَمَةٍ إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ فَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فَقَالَ سَيِّدُهُ حَمَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا وَقَالَ سَيِّدُهَا حَمَلَتْ قَبْلَ عِتْقِهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ مُعْتِقِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَقْتَ عِتْقِهَا لِأَنَّ مَا كُلُّ وَطْءٍ يَكُونُ عَنْهُ حَمْلٌ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِ الزَّوْجِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ عِتْقِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ عِتْقِهَا وَلَكِنْ وَضَعَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهَا بِمَا لَهُ بَالٌ لَا بِنَحْوِ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُعْتِقِهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ فَقَوْلُهُ وَالْقَوْلُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا لِرِقٍّ (ص) وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ لَمْ يَثْبُتْ لَكِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الْمَالَ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْوَلَاءِ مِثْلُ حُكْمِ النَّسَبِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ حُرَّيْنِ وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ قَالَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إنْ شَهِدَ بِالْوَلَاءِ شَاهِدٌ أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ وَيَحْلِفُ وَإِنَّمَا كَرَّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ هُنَا لَمْ يَثْبُتْ لَكِنْ عَدَمُ الثُّبُوتِ فِي الشَّاهِدِ بِالْبَتِّ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا فِي   [حاشية العدوي] عَدِمَ فَلِعَاصِبِهِ وَإِنْ عَدِمَ فَلِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَبُ حَرْبِيًّا بِدَارِ الْحَرْبِ) وَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِهَا خِلَافًا لتت ثُمَّ إنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ بِدَارِ الْحَرْبِ لَيْسَ بِحُرٍّ وَالْأَشْمَلُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْجِهَادِ كَالنَّظَرِ فِي الْأَسْرَى بِقَتْلٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِمَّنْ تَحَقَّقَتْ حُرِّيَّتُهُ وَالْحَرْبِيُّ لَمْ تَتَحَقَّقْ حُرِّيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ مُعَرَّضٌ لِلرِّقِّ بِأَنْ يُسْبَى ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ إلَّا لِرِقٍّ إلَخْ) أَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ؛ الْحُرَّ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ التَّحْرِيرِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِوُقُوعِهِمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ إلَّا لِرِقٍّ وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ إلَّا لِعِتْقٍ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ تَبَايُنُ الْعِبَارَتَيْنِ فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَرِّ وَلَدِ كُلِّ أُنْثَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ أَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ وَفِي جَرِّ وَلَدِ كُلِّ ذَكَرٍ أَنْ لَا يَمَسَّهُ رِقٌّ أَوْ عِتْقٌ لِآخَرَ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ أَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ (قَوْلُهُ فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَصَرَّحَ بِهِ ز) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَطَفَ اسْتَلْحَقَ عَلَى أَعْتَقَ وَقَدْ رَتَّبَ الِانْجِرَارَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِلْحَاقِ كَمَا رَتَّبَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِعْتَاقِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الِانْجِرَارَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ مَا كَانَ إلَّا بَعْدَ الْمُسْتَلْحِقِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الرُّجُوعُ لِمُعْتَقِ الْأَبِ إلَّا مِنْ مُعْتَقِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ مُعْتَقَ الْجَدِّ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ الْمُلَاعَنَةِ فَكَلَامُ ز صَوَابٌ (قَوْلُهُ أَعْتَقَ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا) لَا دَاعِي لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَعْتَقَ مُتَعَدٍّ لَا غَيْرُ فَيُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَعْتُوقَ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ غَيْرُ مُنَاسِبٍ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَعْتُوقَ الْمُتَزَوِّجَ بِأَمَةٍ إذَا أَعْتَقَتْ وَحَصَلَ حَمْلٌ فَقَالَ سَيِّدُهُ حَمَلَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا بِنَحْوِ سِتَّةِ أَيَّامٍ) الصَّوَابُ خَمْسَةٌ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِهِ إلَّا لِرِقٍّ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقٍ مِنْ الرِّقِّ لَهُ بِبَطْنِ أُمِّهِ فَإِنْ شَكَّ فَالْقَوْلُ لِمُعْتَقِ الْأَبِ وَانْظُرْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164 السَّمَاعِ فَمُشْكِلٌ مَعَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ النَّسَبَ وَالْوَلَاءَ يَثْبُتَانِ بِالسَّمَاعِ وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْجَوَابُ (ص) وَقُدِّمَ عَاصِبُ النَّسَبِ ثُمَّ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ كَالصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَقَ بِفَتْحِ التَّاءِ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ عَاصِبُ النَّسَبِ مِثْلُ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ عَلَى عَاصِبِ الْوَلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَمُعْتِقُهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ فَالْأَحَقُّ بِالْإِرْثِ عَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ دَنِيَّةً وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمِّ وَابْنِهِ ثُمَّ بَعْدَهُمَا أَبُو الْجَدِّ وَهَكَذَا كَتَرْتِيبِ الصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَتِهِ إذَا مَاتَ فَغَيْرُ الْعَصَبَةِ لَا شَيْءَ لَهُمْ كَالْأُمِّ مَعَ الْأَبِ وَالْأَبِ مَعَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالضَّمِيرُ فِي عَصَبَتِهِ يَرْجِعُ لِلَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْعِتْقُ أَيْ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا الْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَأَمَّا عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ فَإِنَّهُمْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَا إذَا أَعْتَقَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا وَلَهَا ابْنٌ مِنْ زَوْجٍ لَا يَقْرُبُ لَهَا فَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَنْتَقِلُ لِوَلَدِهَا فَإِنْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ فَإِنَّ أَبَاهُ لَا يَرِثُ الْعَتِيقَ بِالْوَلَاءِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا وَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُقَالُ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ لِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) يَرْجِعُ لِلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ عَصَبَةٌ وَرِثَهُ حِينَئِذٍ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ فَإِذَا اجْتَمَعَ مُعْتِقُ أَبِي الْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَمُعْتِقُ الْمُعْتَقِ كَانَ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ أَوْلَى بِالْإِرْثِ لِأَنَّ مُعْتِقَ الْمُعْتَقِ يُدْلِي بِنَفْسِهِ وَمُعْتِقُ أَبِيهِ يُدْلِي بِوَاسِطَةٍ (ص) وَلَا تَرِثُهُ أُنْثَى إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ بِعِتْقٍ أَوْ جَرِّهِ وَلَاءً بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ النِّسَاءُ فَإِذَا تَرَكَ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَلَدًا وَبِنْتًا فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَرِثُهُ الْوَلَدُ دُونَ الْبِنْتِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُنْثَى هِيَ الَّتِي بَاشَرَتْ الْعِتْقَ فَإِنْ بَاشَرَتْهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَرِثَتْهُ قَالَ فِيهَا وَلَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ النِّسَاءِ وَلَاءَ مَا أَعْتَقَ أَبٌ لَهُنَّ أَوْ أُمٌّ أَوْ أَخٌ أَوْ ابْنٌ فَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ بِالْوَلَاءِ مِنْهُنَّ وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مِنْ أَعْتَقْنَ أَوْ وَلَدُ مَنْ أَعْتَقْنَ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ وَذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْجَوَابُ) وَنَصُّ ك وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَفِي الشَّهَادَاتِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ أَنَّ مَا هُنَاكَ عَنْ سَمَاعٍ فَشَا كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُنَا عَنْ شَاهِدَيْنِ فَقَطْ أَوْ أَنَّ هُنَا فِي بَلَدِهِ وَمَا هُنَاكَ فِي غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ق أَيْ اللَّقَانِيِّ اهـ. وَلَكِنَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ السَّمَاعُ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِفَاضَةِ عَنْ وَاحِدٍ وَمَا فِي الشَّهَادَاتِ إذَا كَانَ السَّمَاعُ بِبَلَدِهِ؛ لِعَدَمِ اسْتِفَاضَتِهِ عَنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ كَتَرْتِيبِ الصَّلَاةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَالنِّكَاحِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّرْتِيبَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ كَالْأُمِّ مَعَ الْأَبِ) أَيْ كَأُمِّ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مَعَ الْأَبِ وَلَا مَعَ غَيْرِ الْأَبِ وَقَوْلُهُ وَالْبِنْتُ مَعَ الِابْنِ أَيْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ بَلْ وَلَا شَيْءَ لَهَا مَعَ غَيْرِ الِابْنِ (قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ كَالْأُمِّ مَعَ ابْنٍ فَاَلَّذِي يَرِثُ هُوَ الِابْنُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ) أَيْ كَالْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ أَيْ فَالْبِنْتُ عَاصِبٌ بِالْغَيْرِ فَلَا شَيْءَ لَهَا لَا مَعَ الِابْنِ وَلَا مَعَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَالْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ أَيْ كَأُخْتِ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ مَعَ بِنْتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا بَلْ وَلَا شَيْءَ لِلْبِنْتِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ) أَيْ غَيْرُ مَوْجُودٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب وَقَوْلُهُ وَمُعْتِقِ الْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَقَوْلُهُ كَانَ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُعْتِقَ الْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَقَوْلُهُ وَمُعْتِقِ أَبِيهِ أَيْ أَبِي الْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ (قَوْلُهُ يُدْلِي بِوَاسِطَةٍ) أَيْ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ [الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ النِّسَاءُ] (قَوْلُهُ إلَّا مَا أُعْتِقْنَ) أَيْ إلَّا وَلَاءَ مَا أُعْتِقْنَ أَيْ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أُعْتِقْنَ أَيْ إلَّا وَلَاءَ مَا أَعْتَقَهُ مَنْ أُعْتِقْنَ أَيْ إلَّا وَلَاءَ إنْسَانٍ أَعْتَقَهُ شَخْصٌ أَعْتَقْنَهُ النِّسْوَةُ وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدَ مَنْ أُعْتِقْنَ أَيْ إلَّا وَلَاءَ وَلَدِ شَخْصٍ أَعْتَقْنَهُ النِّسْوَةُ وَقَوْلُهُ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ الْمُرَادُ بِالذُّكُورِ الْمَعْتُوقُونَ لِلْأُنْثَى فَأَوْلَادُ الْمَعْتُوقِينَ الذُّكُورُ كَانَ الْأَوْلَادُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا تَرِثُهُمْ الْمُعْتَقَةُ لِآبَائِهِمْ الْمَوْصُوفِينَ بِكَوْنِهِمْ ذُكُورًا وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ أَيْ لِلنِّسْوَةِ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ أَيْ بِنْتِ الْمُعْتَقِ الذَّكَرِ بِفَتْحِ التَّاءِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتِقَةِ بِكَسْرِ التَّاءِ تَرِثُ بِنْتَ مُعْتَقِهَا الذَّكَرِ وَلَا تَرِثُ وَلَدَهَا وَلَدَ الْبِنْتِ كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ شَارِحَنَا إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَعْتُوقِ الذَّكَرِ وَسَكَتَ عَنْ الْمَعْتُوقِ الْأُنْثَى وَقَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَدَ مِنْ أُعْتِقْنَ أَيْ وَلَدَ الذَّكَرِ الَّذِي أَعْتَقْنَهُ فَالشَّارِحُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْمَعْتُوقِ الذَّكَرِ وَأَوْلَادِهِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ) أَيْ بِنْتِ الْمَعْتُوقِ الذَّكَرِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَعْتَقَتْ ذَكَرًا فَلَهَا الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَلَهَا الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَلَيْسَ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَيْ إذَا كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَإِلَّا فَلَهَا الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّيْخُ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْحَوْفَيَّ وَلَدُ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ إنْ لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُنْعَمُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ ذَكَرًا فَإِنَّ وَلَدَهُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَوَلَدُ الذُّكُورِ مِنْ بَنِيهِ مَا سَفَلُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُمْ لِمَنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ ثُمَّ لِمَوَالِيهِ فَأَمَّا أَوْلَادُ الْبِنْتِ الَّذِينَ لَمْ يَتَّصِلْ بُنُوَّتُهُمْ بِالْمُنْعَمِ عَلَيْهِ إلَّا بِوَاسِطَةِ أُنْثَى فَحُكْمُهُمْ فِي انْجِرَارِ وَلَائِهِمْ حُكْمُ أَوْلَادِ الْأُنْثَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانُوا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ نُفُوا بِلِعَانٍ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيَنْجَرُّ وَلَاؤُهُمْ لِمُعْتِقِ أُمِّهِمْ وَكَذَا مِنْ عَبْدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْجَدُّ مَوْلًى وَإِلَّا فَيَنْجَرُّ لِمَوَالِيهِ وَمَا سِوَى هَذَا الْوَلَدِ تَابِعٌ لِلْأَبِ إنْ كَانَ مَوْلًى فَهُوَ لِمَوَالِي أَبِيهِ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي الِانْجِرَارِ بِالْوِلَادَةِ سَوَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ أَيْضًا يَنْسَحِبُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِنَّ وَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَدَ مَنْ أَعْتَقْنَ وَلَاؤُهُ لَهُنَّ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَوَلَدُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَأَفْهَمْ قَوْلُهُ وَلَا تَرِثُهُ أُنْثَى مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَأَصْلُهُ وَلَا تَرِثُ بِهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يُورَثُ بِهِ الْمَالُ وَلَا يُورَثُ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ فَإِنْ بَاشَرَتْهُ وَرِثَتْ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الزَّرْقَانِيِّ قَوْلُهُ أَوْ جَرَّهُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مَفْهُومِ إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ أَيْ فَإِنْ بَاشَرَتْهُ أَوْ جَرَّهُ وَلَاءٌ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَرِثَتْهُ أَوْ عَطْفٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى مَدْخُولِ النَّفْيِ أَيْ انْتَفَى مُبَاشَرَةُ الْعِتْقِ أَوْ جَرَّ الْوَلَاءَ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ أَبَاهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْأَبِ وَرِثَهُ الِابْنُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْأَبَوَانِ وَإِنْ عَلَوْا إلَخْ فَإِذَا اشْتَرَى الِابْنُ وَالْبِنْتُ أَبَاهُمَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِمَا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ فَإِذَا مَلَكَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ عَبْدًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَرِثَانِهِ بِالنَّسَبِ لِلْبِنْتِ الثُّلُثُ وَلِلِابْنِ الثُّلُثَانِ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْأَبِ فَإِنَّ الِابْنَ يَرِثُهُ وَحْدَهُ بِالْوَلَاءِ دُونَ الْبِنْتِ لِأَنَّ الِابْنَ عَصَبَةُ الْأَبِ بِالنَّسَبِ وَالْبِنْتُ مُعْتِقَةُ نِصْفِ الْمُعْتَقِ وَهُوَ الْأَبُ وَعَاصِبُ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ أَوْلَى مِنْ مُعْتِقِ الْمُعْتَقَ وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ فَجَعَلُوا الْإِرْثَ لِلِابْنِ وَالْبِنْتِ ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الِابْنِ فِي إرْثِهِ سَائِرَ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ كَعَمِّهِ وَابْنِهِ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْبِنْتِ وَكَوْنُ الْأَبِ مُشْتَرَكًا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ اشْتَرَتْ الِابْنَةُ أَبَاهَا وَحْدَهَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْأَبِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَرِثُهُ ابْنُهُ وَبِنْتُهُ عَلَى فَرِيضَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْأَبِ صَارَ مَالُ الْعَبْدِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْأَبِ (ص) فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ الْمُعْتَقِ وَالرُّبْعُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ نِصْفِ أَبِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَلِلْبِنْتِ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا بِالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أَبِيهَا وَمَوَالِي أَبِيهَا هِيَ وَأَخُوهَا فَلَهَا نِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبْعُ فَصَارَ مَعَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ التَّرِكَةِ وَهُنَا سُؤَالٌ وَجَوَابٌ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ ثُمَّ الْأَبُ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ بِالرَّحِمِ وَالرُّبْعُ بِالْوَلَاءِ وَالثُّمُنُ بِجَرِّهِ (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَإِنَّ هَذِهِ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهَا سَبْعَةَ أَثْمَانِهَا بَيَانُهُ أَنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَهَا بِالنَّسَبِ ثُمَّ تَأْخُذُ رُبْعَهَا بِالْوَلَاءِ الَّذِي لَهَا فِي أَبِيهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ ثُمَّ تَأْخُذُ ثُمُنَهَا   [حاشية العدوي] سَفَلُوا كَالذُّكُورِ لَكِنْ بِالتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ سَوَاءٌ كَانَ ذُو الْوَلَاءِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ انْجِرَارِهِمْ مُطْلَقًا بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لَا يَنْجَرُّونَ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً فَهِيَ كَالرَّجُلِ الْمُعْتِقِ أَمَةً فَلَهَا الْوَلَاءُ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ مَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ يَجْرِي مَا لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ رَجُلًا فَكُلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ فِيهِ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ إنْ كَانَ رَجُلًا يَكُونُ لَهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ز إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ أَيْ إنْ لَمْ تُبَاشِرْ الشَّخْصَ بِسَبَبِ عِتْقِهَا لَهُ وَفِي كَوْنِ هَذَا شَرْطًا فِيمَا قَبْلَهُ نَظَرٌ إذْ مَعَ الْمُبَاشِرِ لَا إرْثَ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إذْ قَالَ وَلَا وَلَاءَ لِأُنْثَى أَصْلًا إلَّا عَلَى مَنْ بَاشَرَتْهُ اهـ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ بَاشَرَتْهُ وَرِثَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَرَثَتَهُ نَفْسَهُ وَالِاعْتِرَاضُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ نَفْسَهُ مَوْرُوثٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا) أَيْ أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ مِنْهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ) أَيْ وَهُمَا مِنْهُمْ أَنَّهُ جَرَّهُ لَهَا وَلَاءٌ بِعِتْقِ أَبِيهَا لَهُ كَمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ عِتْقٍ نَاسِينَ أَنَّ عَاصِبَ الْمُعْتِقِ نَسَبًا مُقَدَّمٌ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتَقِ وَهَلْ كَانُوا الْقُضَاةُ الْمَذْكُورُونَ مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ وَمِنْ أَيِّ بَلَدٍ كَانُوا اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَمَوَالِي أَبِيهَا هِيَ وَأَخُوهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا هِيَ وَأَخُوهَا قَدْ أَعْتَقَا الْأَبَ ثُمَّ يُقَالُ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَعْتَقَتْ الْأَبَ قَدْ أَخَذَتْ النِّصْفَ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَ مَنْ أَعْتَقَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ الْبَاقِي الَّذِي هُوَ الرُّبْعُ بَعْدَ أَخْذِ النِّصْفِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ وَقَدْ ثَبَتَ لَهَا عَلَى أَخِيهَا الْوَلَاءُ بِالْجَرِّ فَتَأْخُذُ نِصْفَ حِصَّتِهِ فَإِنْ قُلْت كَانَتْ تَأْخُذُ كُلَّ حِصَّتِهِ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ قُلْت الْوَلَاءُ عَلَى أَخِيهَا لَيْسَ كَأُمٍّ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْتِقْ إلَّا نِصْفَ أَبِيهِ (قَوْلُهُ وَهُنَا سُؤَالٌ وَجَوَابٌ إلَخْ) نَصُّ ك فَإِنْ قُلْت قَدْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الْعَبْدِ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ إرْثٌ مِنْهُ حَتَّى تَرِثَهُ قُلْت فِيهِ جَوَابَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهَا بِمَوْتِ أَخِيهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ مَا تَرَكَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَرَكَهُ نِصْفَ الْوَلَاءِ فَقَدْ وَرِثَتْ مِنْ أَخِيهَا نِصْفَ الْوَلَاءِ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَرِثَتْ مِنْهُ النِّصْفَ لِعِتْقِهَا نِصْفَ مُعْتَقِهِ وَالرُّبْعَ؛ لِأَنَّهَا وَرِثَتْ مِنْ أَخِيهَا رُبْعَ الْوَلَاءِ وَهُوَ نِصْفُ الْوَلَاءِ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَخُوهَا، الثَّانِي أَنَّ إرْثَهَا الرُّبْعَ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ الْوَلَاءُ كَالْمِيرَاثِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ لَا يَجْرِي نَحْوُ هَذَا التَّقْدِيرِ فِي الْمِيرَاثِ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي تَعْلِيلِ اسْتِحْقَاقِهَا الرُّبْعَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ نِصْفِ أَبِيهِ لَا يُطَابِقُ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ الْمُطَابِقُ لَهُ أَنْ يَقُولَ وَالرُّبْعُ؛ لِأَنَّهَا وَرِثَتْ رُبْعَ الْوَلَاءِ مِنْ أَخِيهَا قُلْت يُمْكِنُ مُطَابَقَتُهُ لَهُ بِتَكَلُّفٍ أَيْ أَنَّهَا وَرِثَتْ الرُّبْعَ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا أَقَلَّ مِنْهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَ أَبِيهِ فَوَرِثَتْ عَنْهُ الرُّبْعَ مِنْهَا تَسْتَحِقُّ مِنْ الِابْنِ نِصْفَ مَا تَرَكَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَرَكَهُ نِصْفَ وَلَاءِ أَبِيهِ وَيَجْرِي نَحْوُ الْإِشْكَالِ مَعَ جَوَابِهِ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَالثَّمَنُ يَجُرُّهُ ثُمَّ إنَّ الْأَوَّلِيَّةَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَوْتِ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّ الْأَبَ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166 لِأَنَّ الْوَلَاءَ جَرَّهُ إلَيْهَا فَالضَّمِيرُ فِي جَرَّهُ يَرْجِعُ لِلْوَلَاءِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الرُّبْعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا يَكُونُ لِمَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي أَبِيهِ هُوَ وَأُخْتُهُ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الرُّبْعِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا وَجَرَّ وَلَدٌ الْعِتْقَ وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً وَلِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَمَا أَنَّ الرُّبْعَ الرَّابِعَ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَذَلِكَ (بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْوَصِيَّةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا وَصَلْتُهُ، كَأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا أَوْصَى بِهَا وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ وَاخْتُلِفَ فِي الْخَيْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ قَدْ يَكُونُ لِلْأَحْيَاءِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَيَخْتِمُ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ وَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْفُرَّاضِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ خَاصَّةٌ بِمَا يُوجِبُ الْحَقَّ فِي الثُّلُثِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوصِي بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِذَا عَرَّفَهَا بِالْأَمْرِ الْعَامِّ قَوْلُهُ يُوجِبُ إلَخْ، أَخْرَجَ بِهِ مَا يُوجِبُ حَقًّا فِي رَأْسِ مَالِهِ مِمَّا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ قَوْلُهُ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ صِفَةٌ لِعَقْدٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمَرْأَةَ إذَا وَهَبَتْ أَوْ الْتَزَمَتْ ثُلُثَ مَالِهَا، وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ مَنْ الْتَزَمَ ثُلُثَ مَالِهِ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ قَوْلُهُ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى حَقًّا مَعْنَاهُ أَوْ يُوجِبُ نِيَابَةً عَنْ عَاقِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَدْخُلُ الْإِيصَاءُ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ وَانْظُرْ قَوْلَهُ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهَا تَجِبُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُوصِي دَيْنٌ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُوجِبْ حَقًّا فِي ثُلُثِ الْعَاقِدِ بَلْ حَقًّا فِي جَمِيعِ مَالِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ فَالْوَصِيَّةُ لَمْ تُوجِبْهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَحِكْمَةُ الْوَصِيَّةِ زِيَادَةُ الزَّادِ فِي الْأَعْمَالِ. (ص) صَحَّ إيصَاءُ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ وَإِنْ سَفِيهًا وَصَغِيرًا وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ -   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ أَنَّ الرُّبْعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الرُّبْعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا وَلَهَا نِصْفُ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَ أَبِيهِ قَالَ فِي ك فَإِنْ قِيلَ الْفَرْضُ هُنَا أَنَّ الِابْنَ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ فَكَيْفَ تَرِثُ مِنْهُ مَا لَمْ يَرِثْهُ وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً) ظَاهِرُهُ كَانَتْ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ صَاحِبِ مُعِينِ الْحُكَّامِ اُخْتُلِفَ فِي الْعَتِيقِ إذَا كَانَ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلَاءَهُ لَا يَكُونُ لِمُعْتِقِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِعَصَبَةِ الْعَتِيقِ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ وَالْعَرَبُ مُخَالِفُونَ لِغَيْرِهِمْ قَالُوا وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا أَشْهَبَ [بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] [أَرْكَانُ الْوَصِيَّةِ] (بَابُ الْوَصَايَا) (قَوْلُهُ إذَا وَصَلْتُهُ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ إذَا وَصَلْتُهُ بِهِ أَيْ وَصَلْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَيْ وَأَمَّا الْأَقَلُّ يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ الْمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ وَالْأَقَلُّ عَلَى أَنَّهُ مُطْلَقُ مَالٍ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْكَثِيرِ فَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْعِيَالِ يُحْتَمَلُ فِي الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَيُحْتَمَلُ فِي السَّنَةِ وَقِيلَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيلَ سِتُّونَ دِينَارًا وَقِيلَ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَمَا فَوْقُ (قَوْلُهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَنْ شَأْنُهُ التَّكْلِيفُ لَا مَنْ كُلِّفَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ لِلْأَحْيَاءِ) وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ إلَى هُنَا مَا عَدَا بَابَ الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ) وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ بَيْنَ زَائِدَةٌ أَيْ يَكُونُ لَهُمَا أَيْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَيِّتٍ لِحَيٍّ وَقَوْلُهُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَقَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ لِلْأَحْيَاءِ إلَخْ أَيْ قَدْ يَرْجِعُ لِلْأَحْيَاءِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ أَيْ وَقَدْ يَكُونُ مَرْجِعُهُ لِلْأَمْوَاتِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا أَيْ وَقَدْ يَكُونُ مَرْجِعُهُ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ فَبَيْنَ زَائِدَةٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ إلَيْهِ الْمُبَيَّنَ بِمَا ذَكَرَ لَيْسَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَقَدِّمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْمُكَلَّفِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا نَقُولُ إنَّ الْمَرْجِعَ فِي الْفَرَائِضِ الْأَحْيَاءُ الَّذِينَ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ مِنْ زَوْجٍ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ لَا الْأَمْوَاتُ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ فَإِنْ قُلْت الْمَرْجِعُ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَالَ الْمَقْسُومَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَالُ الْمَيِّتِ قُلْت وَكَذَلِكَ الْوَصَايَا الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ مَالُ الْمَيِّتِ وَقَدْ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ النِّسْبَةُ التَّامَّةُ وَأَرَادَ بِالْمُكَلَّفِ مَنْ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ مُكَلَّفًا وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ تَفْصِيلًا لِلْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ أَيْضًا فِي الْفَرَائِضِ فَإِنَّ النِّسَبَ التَّامَّةَ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ إنَّمَا مَرْجِعُهَا وَمُتَعَلَّقُهَا الْأَحْيَاءُ حَيْثُ يَقُولُ الْمُصَنِّفُ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ إلَخْ وَيَأْتِي السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ فَحَرِّرْ هَذَا الْبَحْثَ (قَوْلُهُ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ) أَيْ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ إلَخْ أَيْ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَعَمَّ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي شَيْئًا آخَرَ ثَالِثًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ وَصِيَّةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ زِيَادَةُ الزَّادِ فِي الْأَعْمَالِ) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ زِيَادَةُ الزَّادِ مِنْ الْأَعْمَالِ أَيْ إذَا كَانَتْ مَنْدُوبَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهَا يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ فَتَجِبُ إذَا كَانَ دَيْنٌ أَوْ نَحْوُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُوصِي أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَالْعَبْدُ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَأَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا فَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا مَيْزَ عِنْدَهُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمْ وَيَدْخُلُ السَّكْرَانُ الْمُمَيِّزُ، وَأَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا أَوْصَى بِهِ مِلْكًا تَامًّا فَمُسْتَغْرَقُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ؛ لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ وَإِنْ صَغِيرًا وَسَفِيهًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا فَلَوْ مُنِعَا مِنْ الْوَصِيَّةِ لَكَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ غَيْرِهِمَا وَهَلْ مَحَلُّ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَنَاقُضٌ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ مَا أَوْصَى بِهِ، وَلَا يُعْلَمُ أَوَّلُهُ مِنْ آخِرِهِ هَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ أَوْ مَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا أَوْصَى بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ كَصَدَقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ هَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَاللَّفْظُ الْمُتَأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ الِاخْتِلَاطِ الْوَاقِعِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ، أَوْ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِلَّا فَعَدَمُ التَّنَاقُضِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ . (ص) وَكَافِرًا إلَّا بِكَخَمْرٍ لِمُسْلِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِانْطِبَاقِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذْ هُوَ حُرٌّ مُمَيِّزٌ مَالِكٌ إلَّا إذَا أَوْصَى لِمُسْلِمٍ بِشَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ أَمَّا إنْ أَوْصَى بِذَلِكَ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ ذَلِكَ ثُمَّ يَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى سَفِيهًا وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى حُرٍّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ (ص) لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ كَمَنْ سَيَكُونُ إنْ اُسْتُهِلَّ وَوُزِّعَ لِعَدَدِهِ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لِلْمُوصَى بِهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا مَوْجُودًا أَمْ لَا وَلِذَا يَصِحُّ لِحَمْلٍ سَيَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ إنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا وَغَلَّةُ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُوصَى لَهُ لِلْوَرَثَةِ إذْ الْوَلَدُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ وَتَحَقُّقِ الْحَيَاةِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَا يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَتُرَدُّ، وَإِذَا وَضَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْوَضْعِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْعَطَايَا وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى التَّفْضِيلِ فَإِنَّهُ يُصَارُ لَهُ فَقَوْلُهُ إنْ اسْتَهَلَّ شَرْطٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَمِثْلُ الِاسْتِهْلَالِ لَا يَدُلُّ عَلَى   [حاشية العدوي] وَيُنْدَبُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ بِقُرْبَةٍ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَتَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِهَا وَتُكْرَهُ إذَا كَانَتْ بِمَكْرُوهٍ أَوْ فِي مَالٍ قَلِيلٍ وَتُبَاحُ إذَا كَانَتْ بِمُبَاحٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ إنْفَاذَ مَا عَدَا الْمُحَرَّمَ لَازِمٌ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا إنْفَاذُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَنْقَسِمُ إلَى الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ فَيَجِبُ إنْفَاذُ مَا يَجِبُ مِنْهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيُنْدَبُ إنْفَاذُ مَا يُنْدَبُ مِنْهَا فَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُنْفِذْ فَقَدْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ إمَّا الْكَرَاهَةُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنْفَاذُ مَا يُكْرَهُ مِنْهَا مَكْرُوهٌ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَإِنْفَاذُ مَا يُبَاحُ مِنْهَا مُبَاحٌ فَلَهُ فِعْلُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ فَذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ مَكْرُوهٌ وَالْمَكْرُوهُ يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إنْفَاذُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّامِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْحَجْرُ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُعْلَمُ) أَيْ مِنْ كَلَامٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ مَا أَوْصَى بِهِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَوَّلُهُ مِنْ آخِرِهِ بِأَنْ يَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ أَوْصَيْت لَهُ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَوْ مَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا أَوْصَى بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَنَاقَضَ وَلَعَلَّهُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ إذْ مَعَ التَّنَاقُضِ لَا يُلْتَفَتُ لِلْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْقُرْبَةِ كَمَا يَصْدُقُ بِالْمَعْصِيَةِ يَصْدُقُ بِمَا لَا قُرْبَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِسُلْطَانٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا إذَا لَمْ يُوصِ بِقُرْبَةٍ كَمَا إذَا أَوْصَى لِشَرَبَةِ الدُّخَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شُرْبَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ (قَوْلُهُ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ) جَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَافٌ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَدَمُ التَّنَاقُضِ إلَخْ) تَبِعَ اللَّقَانِيِّ التَّابِعَ لِشَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ وَرَدَّهُ عج وَجَعَلَ الْخِلَافَ حَقِيقِيًّا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ التَّنَاقُضِ فِي قَوْلِهِ دُونَ الْوَصِيَّةِ بِالْقُرْبَةِ فَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِذَا أَوْصَى لِسُلْطَانٍ مَثَلًا فَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي يَشْتَرِطُ الْقُرْبَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَصِحُّ نَصْبُهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّمْيِيزِ فِي الْكَافِرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْمُوصِي مُطْلَقًا بِخِلَافِ جَرِّهِ عَطْفًا عَلَى حُرٍّ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ الْمَسْجِدُ وَالْقَنْطَرَةُ وَنَحْوُهُمَا سَيُصَرِّحُ بِالْمَسْجِدِ وَخَرَجَ بِهِ وَصِيَّتُهُ بِمَالٍ يُعْمَلُ بِهِ قِنْدِيلُ ذَهَبٍ يُعَلَّقُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ وَصِيَّةٌ لَا يَلْزَمُ تَنْفِيذُهَا وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَفْعَلُوا بِهَا مَا شَاءُوا لِأَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ لِحَمْلٍ سَيَكُونُ إلَخْ) وَأَوْلَى إذَا كَانَ مَوْجُودًا مِثَالُهُ مَا إذَا قَالَ أَوْصَيْت لِمَنْ سَيَكُونُ مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ وَمِثْلُهُ أَوْصَيْت لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ لِمَنْ يُولَدُ لَهُ سَوَاءً عَلِمَ أَنَّ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَلَدًا أَوْ لَا وَكَذَا أَوْصَيْت لِوَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَمْلَ حَيْثُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَيَكُونُ لِكُلِّ مَنْ وُلِدَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حِينَ الْوَصِيَّةِ أَوْ حَمْلٌ صَحَّتْ مُطْلَقًا وَاخْتُصَّتْ بِمَنْ وُجِدَ حِينَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ ثُمَّ حَيْثُ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْ يُولَدُ لَهُ مُسْتَقْبَلًا فَيُنْتَظَرُ بِهَا الْإِيَاسُ مِنْ وِلَادَتِهِ فَيَرْجِعُ بَعْدُ لِلْمُوصِي أَوْ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِيصَاءَ الْمَذْكُورَ مِنْ جِهَةِ مَنْ يَرِثُهُ الْحَمْلُ فَيُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ لَا فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ مَتَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 الْحَيَاةِ كَكَثْرَةِ الرَّضْعِ وَالضَّمِيرُ فِي لِعَدَدِهِ يَرْجِعُ لِلْحَمْلِ (ص) بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهِيَ الصِّيغَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ كَأَوْصَيْتُ وَتَكُونُ بِلَفْظٍ غَيْرِ صَرِيحٍ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ الْوَصِيَّةِ كَالْإِشَارَةِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ الْقَادِرِ عَلَى الْكَلَامِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ (ص) وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ مَثَلًا، فَإِنَّ قَبُولَهُ لَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا لَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِمْ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِهِمْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِمَّا لَوْ قَبِلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا إذْ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَقْبَلَ بَعْدَهُ قَالَهُ مَالِكٌ، وَإِذَا قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِقُرْبٍ أَوْ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ، فَإِنَّ الْغَلَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ قَوْلُهُ الْمُعَيَّنِ أَيْ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ يَقْبَلُ لَهُ بِخِلَافِ الْحَوْزِ فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ فَيَكْفِي حَوْزُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَلِوَارِثِهِ الْقَبُولُ مَاتَ قَبْلَ الْعِلْمِ، أَوْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُوصِي الْمُوصَى لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ الْقَبُولُ وَقَوْلُهُ: شَرْطٌ أَيْ فِي اللُّزُومِ أَيْ فِي لُزُومِهَا لِلْمُوصِي فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَاشِفٌ لِمِلْكِهِ بِالْمَوْتِ لَا فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لَهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ وَيُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ كَمَا قَالَهُ بَعْدُ فَقَوْلُهُ لَهُ بِالْمَوْتِ وَقَوْلُهُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ (ص) وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ مِمَّا لَهُ ثَمَرٌ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِمَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ الثَّمَرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ التَّنْفِيذِ، وَأَمَّا مَا حَصَلَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمُوصِي مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَهُ التُّونِسِيُّ وَقَالَ الشَّارِحُ إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ سَحْنُونَ وَهُوَ أَعْدَلُ أَقْوَالِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَهُ أَيْضًا فِيهَا مِثْلُ الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِدُونِ ثَمَرِهِ ثُمَّ تَتْبَعُهُ غَلَّتُهُ انْتَهَى. فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِحَائِطٍ يُسَاوِي أَلْفًا وَهُوَ ثُلُثُ الْمُوصِي لَكِنْ زَادَ لِأَجْلِ ثَمَرَتِهِ مِائَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لَمَّا أَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ تَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ وَاعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَمِقْدَارُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْحَاصِلَتَيْنِ مِنْ الْغَلَّةِ انْتَهَى. وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْ التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمِائَتَيْنِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ فِيمَا نَشَأَ فِي الْحَائِطِ (ص) ، وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ بِشَيْءٍ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ الْمُوصَى بِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبُولِ ذَلِكَ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَهُ قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَهُ (ص) كَإِيصَائِهِ بِعِتْقِهِ   [حاشية العدوي] كَانَ شَرْطًا فِي أَحَدِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةٌ) وَمِثْلُهَا الْكِتَابَةُ هِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ) أَيْ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي وَحْدَهُ أَوْ عَيَّنَهُ مَعَ وَصِيَّتِهِ لِلْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي لُزُومِهَا لِلْمُوصِي) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ لَا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ بِأَنْ يَقُولَ أَيْ فِي لُزُومِهَا لِلْمُوصِي لَا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ فَالْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَاشِفٌ لِمِلْكِهِ بِالْمَوْتِ فَيَسْقُطُ التَّعْلِيلُ وَيَأْتِي بِهِ عَلَى صُورَةِ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لَهُ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَكُونُ الْحَائِطُ بِتَمَامِهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَأَنَّ بَهْرَامَ يَقُولُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ تَكُنْ الْغَلَّةُ بِتَمَامِهَا لِلْمُوصَى لَهُ فَهَذَا تَخَالُفٌ فِي الْقَوْلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِالْمَوْتِ وَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ أَيْ فَيَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْعِبْرَةُ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ لَا ثَمَرَةَ لِكَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلٍ وَمَشَى ثَانِيًا عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَثَمَرَتُهُ أَنَّ لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَثُلُثَ الْمِائَتَيْنِ وَصَارَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ زَادَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ (قَوْلُهُ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ) أَيْ وَالْغَلَّةُ شَامِلَةٌ لِنَسْلِ الْحَيَوَانِ وَغَلَّةِ الثِّمَارِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَفِي غَلَّةِ الْأُصُولِ كَالثِّمَارِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ كَالنَّسْلِ يُقَوَّمُ مَعَ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ قَوْلِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ أَتَى فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضُ إلَخْ) هُوَ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَقَالَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ تَكُونُ لِلْوَرَثَةِ كُلُّهَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُوصَى لَهُ شَيْئًا وَقِيلَ يَأْخُذُ ثُلُثَهَا وَقِيلَ يَأْخُذُهَا كُلَّهَا انْتَهَى وَقَوِيَ بِأَنَّ النَّقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ انْتَهَى وَلَكِنْ اعْتَمَدَ مُحَشِّي تت الْقَوْلَ بِأَخْذِ الثُّلُثِ وَمَالَ إلَيْهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَاعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ) سَوَاءً كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا وَأَمَّا التَّصَرُّفُ وَعَدَمُهُ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ السَّيِّدِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ وَيَمْلِكُهُ الرَّقِيقُ وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَصَدَ بِهِ التَّوْسِعَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الصَّغِيرُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَحْتَاجُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ إلَى الْقَبُولِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي نَفْيِ مُطْلَقِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنْ كَانَتْ جِهَةُ الِاحْتِيَاجِ مُخْتَلِفَةً فَالْأَوَّلُ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ أَصْلًا (ص) وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ، وَلَهَا الِانْتِقَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَارِيَةَ الْوَطْءِ إذَا أَوْصَى سَيِّدُهَا بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا فِي أَنْ تَبْقَى عَلَى الرِّقِّ، أَوْ تَخْتَارَ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى جِوَارِي الْوَطْءِ الضَّيَاعُ بِالْعِتْقِ، وَإِنَّمَا خُيِّرَتْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّنْجِيزَ، وَإِذَا اخْتَارَتْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى الْآخَرِ فَذَلِكَ لَهَا مَا لَمْ يَنْفُذْ مَا اخْتَارَتْ أَوَّلًا، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لَهَا إبْطَالُهُ وَالْمُرَادُ بِجَارِيَةِ الْوَطْءِ الَّتِي تُرَادُ لَهُ وُطِئَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَاحْتَرَزَ بِهَا عَنْ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ فَتُبَاعُ لِمَنْ يُعْتِقُهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَمِثْلُهَا الْعَبِيدُ الذُّكُورُ (ص) وَصَحَّ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إنْ اتَّحَدَ، أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ (ش) فَاعِلُ صَحَّ هُوَ الْإِيصَاءُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِعَبْدِ وَارِثِهِ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْ عَبْدِهِ، وَهَذَا إذَا اتَّحَدَ الْوَارِثُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَّا إذَا كَانَتْ بِشَيْءٍ تَافِهٍ وَأَرَادَ الْمُوصِي بِذَلِكَ الْعَبْدَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ نَفْعَ سَيِّدِ الْعَبْدِ لَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَتَصِحُّ بِغَيْرِ التَّافِهِ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَبِعِبَارَةٍ إنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ وَكَانَ يَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَرِثُ بَعْضَهُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَمِثْلُ الْمُتَّحِدِ مَا إذَا تَعَدَّدَ وَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَيَرِثُونَ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّافِهِ مَا لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ (ص) وَلِمَسْجِدٍ وَصَرْفٍ فِي مَصَالِحِهِ (ش) اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ لَامُ الْمَصْرِفِ لَا لَامُ الْمِلْكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ كَالْقَنْطَرَةِ وَالسُّورِ تَصِحُّ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُوصَى بِهِ فِي مَصَالِحِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ كَوَقِيدٍ وَعِمَارَةٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ النَّاسِ بِالْوَصِيَّةِ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مَصَالِحُ فَيُدْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ (ص) وَلِمَيِّتٍ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فَفِي دَيْنِهِ، أَوْ وَارِثِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ إنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ وَيُصْرَفُ الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ فِي دَيْنِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَإِلَّا فَهُوَ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ إذْ الْمَيِّتُ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ فَقَوْلُهُ وَلِمَيِّتٍ أَيْ وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ وَلِمَيِّتٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ دَيْنًا، أَوْ لَهُ وَارِثٌ، أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ فَيُدْفَعُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَلَا عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ فِي دَيْنِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ وَارِثِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهَذَا سَاوَتْ عِبَارَتُهُ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا لِلتَّخْيِيرِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا طَلَبٌ لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا (ص) وَلِذِمِّيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلذِّمِّيِّ حَقُّ جِوَارٍ، أَوْ لَا قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْمَفْهُومِ فَيُمْنَعُ لِلْحَرْبِيِّ، وَلَا يَصِحُّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ لِمُسَاوَاةِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لِلْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْأَشْرَافِ وَكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا وَالْجَوَازُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ . (ص) وَقَاتِلٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ يَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لِلَّذِي قَتَلَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِالسَّبَبِ أَيْ بِسَبَبِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ أَصْلًا) بَلْ يَعْتِقُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَحْمَلُهُ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ) أَيْ بَيْنَ بَيْعِهَا لِلْعِتْقِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى جِوَارِي الْوَطْءِ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ الْغَالِبَ لِأَنَّهُنَّ لَا يُحْسِنَّ الْخِدْمَةَ وَقَلَّ مَنْ يَطَؤُهُنَّ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ) أَرَادَ بِالْعَبْدِ مَا كَانَ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ إلَّا مُكَاتَبَ وَلَدِهِ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى التَّافِهِ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ عج التَّابِعَ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا قَالَتْ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ وَاعْتَمَدَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا انْتَزَعَهَا لَمْ تَنْفُذْ الْوَصِيَّةُ وَإِذَا بَاعَهُ الْوَارِثُ بَاعَهُ بِمَالِهِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي انْتِزَاعُهُ (قَوْلُهُ كَالْقَنْطَرَةِ إلَخْ) فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ فَيُصْرَفُ لِقَوْمَتِهِ أَيْ خِدْمَتِهِ مِنْ إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَنَحْوِهِمَا احْتَاجُوا أَمْ لَا مِنْ شَرْحِ عب وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ إنْ اقْتَضَى الْعُرْفُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى أَنَّ الْقَصْدَ مُجَاوِرُوهُ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمَرَمَّتِهِ وَحُصْرِهِ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَى. (أَقُولُ) بَقِيَ إذَا لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ فَالْأَوْلَى لِعْب أَنْ يَقُولَ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمُجَاوِرِيهِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَإِلَّا صُرِفَ لَهُمْ [الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ وَبَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ إلَخْ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ عج فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ بَلْ بَيْتُ الْمَالِ بَطَلَتْ كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ (أَقُولُ) وَكَلَامُ عج ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ بَيْتُ الْمَالِ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا لَا يَرِثُ (قَوْلُهُ سَاوَتْ عِبَارَتُهُ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ فِي دَيْنِهِ وَإِلَّا فَلِوَارِثِهِ [الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ] (قَوْلُهُ وَلِذِمِّيٍّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالْجَوَازُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى مَعْنَى الصِّلَةِ أَيْ صِلَةِ الرَّحِمِ بِأَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ نَصْرَانِيًّا وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ فِي الْقَرَابَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكَرَاهَةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) وَلَا يَدْخُلُ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَعْطُوا مَنْ قَتَلَنِي لِصِحَّتِهَا فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَاتِلُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 الْقَتْلِ أَيْ يَعْلَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الْخَطَأِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَيَعْلَمَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ فَهَلْ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْ تَبْطُلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ نَافِذَةٌ لَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَكُونُ فِي الْمَالِ وَفِي دِيَةِ الْخَطَإِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا طَرَأَ الْقَتْلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهَا، فَإِنْ عَلِمَ بِذِي السَّبَبِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَقَوْلُهُ بِالسَّبَبِ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَوْ مَعْطُوفٍ أَيْ بِذِي السَّبَبِ، أَوْ بِالسَّبَبِ وَصَاحِبِهِ هَكَذَا قَالُوا، وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ فِي كَلَامِهِ السَّبَبُ الْفَاعِلِيُّ أَيْ السَّبَبُ الْفَاعِلُ لِلْقَتْلِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَاتِلِ وَالسَّبَبُ يَكُونُ فَاعِلِيًّا وَصُورِيًّا وَمَادِّيًّا وَغَائِبًا كَمَا قَالُوهُ فِي السَّرِيرِ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ . (ص) وَبَطَلَتْ بِرِدَّةٍ، وَإِيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ وَلِوَارِثٍ كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ، وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصِي أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَلِذَا نَكَّرَ الرِّدَّةَ مَا لَمْ يَرْجِعْ لِلْإِسْلَامِ، وَإِلَّا جَازَتْ إنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا رِدَّةُ الْمُوصَى بِهِ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا كَانَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ مَثَلًا وَيَبْقَى الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمَنْ يَصُومُ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَكَذَلِكَ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ عَهِدَتْ بِعَهْدٍ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهَا فَهُوَ نَافِذٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ وَهُوَ رَأْيُ شُيُوخِنَا قَالَ وَكَذَلِكَ رَأَى إنْفَاذَ الْوَصِيَّةِ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ عِتْقُ مُسْتَغْرَقِي الذِّمَّةِ وَوَصَايَاهُمْ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَلَا تُورَثُ أَمْوَالُهُمْ وَيُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْفَيْءِ، وَنَحْوُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَتَّابٍ لِبَعْضِ الْوُلَاةِ قَالَ إلَّا مَا ثَبَتَ كَسْبُهُ بِوَجْهٍ حَلَالٍ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بِأَنْ يُوصِيَ بِمَا يُخَالِفُ حُقُوقَهُمْ أَوْ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» كَمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ، وَلَا يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْمَوْتِ، وَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُمْ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ لَا أَنَّهُ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحِيَازَةِ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِلْمُجِيزِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فَمِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ الْإِجَازَةُ وَمِنْهُ مَا يَبْطُلُ . ثُمَّ بَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُجِيزُوا فَلِلْمَسَاكِينِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَقَالَ إنْ لَمْ تُجِزْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ لَهُ فَهُوَ لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِضْرَارَ لِلْوَرَثَةِ بِتَبْدِئَةِ مَنْ أَوْصَى لَهُ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُوصِي {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12] ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ فَيُعْتَبَرُ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ إلَخْ) وَنَصَّ ك فَالْعِلَّةُ الْفَاعِلِيَّةُ هِيَ الْمُؤْثَرَةُ حَقِيقَةً وَهُوَ الْبَارِئُ وَإِطْلَاقُ الْعِلَّةِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ يَحْتَاجُ لِتَوْقِيفٍ أَوْ عَادَةٍ كَالنَّجَّارِ لِلسَّرِيرِ وَالْعِلَّةُ الصُّورِيَّةُ مَا مَعَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالْفِعْلِ كَالصُّورَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ تَرَكُّبِ الْأَجْزَاءِ وَالْعِلَّةُ الْمَادِّيَّةُ هِيَ مَا مَعَهُ ذَلِكَ الْمُرَكَّبُ بِالْقُوَّةِ كَأَجْزَاءِ الْخَشَبِ لِلسَّرِيرِ وَالْعِلَّةُ الْغَائِيَّةُ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى إيجَادِ ذَلِكَ كَالْجُلُوسِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ وَهَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعِلَّةِ الْعَادِيَّةِ وَأَمَّا الْفَاعِلُ حَقِيقَةً فَتَعَالَى أَنْ يَبْعَثَهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَاعِثِ مَا يَشْمَلُ الْمُنَاسِبَ؛ لِأَنَّهُ بَاعِثٌ لِلْمُكَلَّفِ عَلَى الِامْتِثَالِ فَإِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ لَا تَخْلُو عَنْ الْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهَا ثَمَرَاتٌ تَابِعَةٌ لِلْأَفْعَالِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا عِلَلٌ غَائِبَةٌ بَاعِثَةٌ عَلَى الْأَفْعَالِ انْتَهَى [مَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ] . (قَوْلُهُ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصِي) أَيْ وَكَذَا وَصِيَّةُ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ مَنْ عَهِدَتْ إلَخْ) أَيْ أَوْصَتْ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَأْيُ شُيُوخِنَا) أَيْ شُيُوخِ ابْنِ عَتَّابٍ. (قَوْلُهُ بِضَرْبِ قُبَّةٍ) أَيْ بِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا لِلتَّمْيِيزِ أَيْ لِلْمُبَاهَاةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى ضَرْبُ قُبَّةٍ أَيْ قُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَيْ عَلَى هَيْئَةِ الْقُبَّةِ مِنْ الْبِنَاءِ تُوصَى بِأَنْ تُضْرَبَ حِينَ وَضْعِهَا فِي قَبْرِهَا بِحَيْثُ لَا تُرِي ذَاتَهَا لِلْحَاضِرِينَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ لِبَعْضِ الْوُلَاةِ) أَيْ أَفْنَاهَا لِبَعْضِ الْوُلَاةِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) اعْتَمَدَ مُحَشِّي تت الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُسْتَشْهِدًا بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصِحُّ لِلْوَارِثِ وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَزَائِدِ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ وَكَوْنُهَا بِالْإِجَازَةِ تَنْفِيذًا أَوْ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ قَوْلَانِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ عَطِيَّةً حَقِيقَةً إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا سَمَّوْهَا إجَازَةً لِفِعْلِ الْمُوصِي وَقَدْ عَبَّرَ عِيَاضٌ بِأَنَّهَا كَالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَا عَبَّرُوا بِالْإِجَازَةِ إذْ الْبَاطِلُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَجَعَلُوهُ مُقَابِلًا ابْنَ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجِيزَ مَا زَادَهُ الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت فَرَّعُوا عَلَى الْعَطِيَّةِ افْتِقَارَهَا لِلْحَوْزِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمِلَاءِ أَمَّا الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُحِيطٍ فَلَا إجَازَةَ لَهُ وَزَادَ ج أَيْ الْأُجْهُورِيُّ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْعَطِيَّةِ افْتِقَارَهَا لِلْقَبُولِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْإِجَازَةِ يُنَافِيهِ أَيْ فَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ. (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا صَحِيحًا وَقَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الْمُجِيزُ مَرِيضًا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِ الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا يَبْطُلُ أَيْ كَإِجَازَةِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ . (قَوْلُهُ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْبَعْضِ الْمُجِيزِ لِلْبَعْضِ الْمُوصَى لَهُ أَيْ فَيُنْظَرُ فِي الْمُجِيزِ إنْ كَانَ رَشِيدًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَا دَيْنَ صَحَّتْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَطِيَّةً لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا وَصِيَّةً لِبُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 بِخِلَافِ الْعَكْسِ) إلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي، فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لَهُ . (ص) وَبِرُجُوعٍ فِيهَا، وَإِنْ بِمَرَضٍ بِقَوْلٍ، أَوْ بَيْعٍ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ، وَإِيلَادٍ وَحَصْدِ زَرْعٍ وَنَسْجِ غَزْلٍ وَصَوْغِ فِضَّةٍ وَحَشْوِ قُطْنٍ وَذَبْحِ شَاةٍ وَتَفْصِيلِ شَقَّةٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ إجْمَاعًا فَلِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيُبْطِلَهَا مَا دَامَ حَيًّا، وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ فِيهَا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا وَكَّلَهُ وَشَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ فِي وَكَالَتِهِ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْته كَانَ بَاقِيًا عَلَى وَكَالَتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي وَكَالَتِهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَمَّا مَا بَتَّلَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ هِبَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَبَالَغَ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْمَرَضِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ انْتِزَاعٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَالرُّجُوعُ يَكُونُ بِأُمُورٍ مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ أَبْطَلْتُ وَصِيَّتِي، أَوْ رَجَعْتُ عَنْهَا وَمِنْهَا الْبَيْعُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَمِنْهَا الْعِتْقُ لِلرَّقَبَةِ الْمُوصَى بِهَا وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ، وَإِمَّا عِتْقٌ، وَلَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْكِتَابَةِ حِينَئِذٍ لِدُخُولِهَا فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا رَأَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا، وَلَا عِتْقًا مَحْضًا ذَكَرَهَا وَمِنْهَا الْإِيلَادُ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا، وَأَمَّا الْوَطْءُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْإِيلَادِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا كَمَا يَأْتِي وَمِنْهَا الْحَصْدُ وَالدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ لِلزَّرْعِ الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ حِينَئِذٍ تَغَيَّرَ، سَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَمْ لَا فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْحَصْدِ التَّصْفِيَةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] ؛ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْهَا نَسْجُ الْغَزْلِ الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ انْتَقَلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا صَوْغُ الْفِضَّةِ الْمُوصَى بِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أَوْصَى بِهِ انْتَقَلَ اسْمُهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا حَشْوُ الْقُطْنِ الْمُوصَى بِهِ فِي مِخَدَّةٍ، أَوْ فِي جُبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا حُشِيَ فِي الثِّيَابِ لَا فِي كَمِخَدَّةٍ فَلَا وَمِنْهَا ذَبْحُ مَا أَوْصَى بِهِ شَاةً أَوْ غَيْرَهَا وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَقَّةٍ ثُمَّ فَصَّلَهَا قَمِيصًا فَقَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ شَقَّةٍ أَيْ، وَوَقَعَ الْإِيصَاءُ بِلَفْظِ شَقَّةٍ بِأَنْ قَالَ أَعْطُوهُ الشَّقَّةَ الْحَمْرَاءَ مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَا سَمَّاهُ ثَوْبًا وَفَصَّلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْقَمِيصَ يُسَمَّى ثَوْبًا (ص) ، أَوْ إيصَاءً بِمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا قَالَ إنْ مِتّ فِيهِمَا، وَإِنْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ أَطْلَقَهَا لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا   [حاشية العدوي] وَهُوَ الْقَبُولُ وَالْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا لِلْوَارِثِ كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا تَبْطُلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالسَّابِقَةِ عَلَيْهَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءٌ بِمَا يَصِحُّ بِهِ الْإِيصَاءُ بِهِ وَالسَّابِقَةُ بَدَأَ بِالْوَارِثِ الَّذِي لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ بِقَوْلٍ أَوْ بَيْعٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُسْتَوِيًا فِي أَنَّهُ فِعْلٌ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْقَوْلِ عَطَفَهُ بِأَوْ وَعَطَفَ مُشَارِكَهُ فِي الْفِعْلِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ فِي النَّوَادِرِ مَا بَتَّلَهُ الْمَرِيضُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَصِيَّةَ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ إلَخْ) وَلَوْ عَجَزَ عَادَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ إلَخْ) أَقُولُ وَحَيْثُ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّصْفِيَةَ فَكَذَا الْحَصْدُ إذَا صَاحَبَهُ دَرْسٌ فَقَطْ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ إلَخْ) كَلَامُ التَّوْضِيحِ هَذَا ذَهَبَ إلَيْهِ عج وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدِهِ كُلٌّ مِنْ شب وعب قَائِلًا وَحَشْوُ قُطْنٍ أَوْصَى بِهِ حَشْوًا لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ إذَا خَلِصَ إلَّا دُونَ نِصْفِهِ وَمُقَارِبِهِ كَحَشْوِهِ بِثَوْبٍ كَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ مُضَرَّبٌ بِخِلَافِ حَشْوِهِ بِنَحْوِ وِسَادَةٍ فَغَيْرُ مُفِيتٍ لِخُرُوجِ النِّصْفِ وَمُقَارِبِهِ مِنْهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَوْتِ خُرُوجُ أَكْثَرِهِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَقَّةٍ) وَمِثْلُ الشَّقَّةِ مَا شَابَهَهَا عُرْفًا كَبَفْتَةٍ وَبُرْدَةٍ وَحِرَامٍ فَيُفَصَّلُ كُلٌّ ثَوْبًا بِحَيْثُ يَزُولُ الِاسْمُ. (قَوْلُهُ أَوْ إيصَاءٍ إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ مِنْ رِدَّةٍ وَغَيْرِهَا عَطَفَ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى نَوْعَيْنِ مِنْ الْإِيصَاءِ مُقَيَّدٌ وَمُطْلَقٌ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ (بِقَوْلِهِ وَإِيصَاءٌ إلَخْ) لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِإِيصَاءٍ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى بَطَلَ الْإِيصَاءُ أَيْ الْإِيصَاءُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْمَوْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ اللَّذَيْنِ انْتَفَيَا أَيْ زَالَا أَيْ انْتَفَى الْمَوْتُ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَثَنَّاهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ انْتَفَيَا إلَخْ) مَفْهُومُهُ صِحَّتُهَا إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ بِكِتَابٍ أَخْرَجَهُ وَرَدَّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَوْضِيحِهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْيَاخُ عج تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَخَلَفَ وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ هُنَا مَانِعٌ آخَرُ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ إرَادَةُ رُجُوعِهِ عَنْهَا مِنْ رَدِّهِ الْكِتَابَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِكِتَابٍ) أَيْ هَذَا إنْ لَمْ يَكْتُبْ إيصَاءَهُ بِكِتَابٍ اتِّفَاقًا بَلْ وَإِنْ كَتَبَهُ بِكِتَابٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَيْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى صَحَّ أَوْ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ فَقَوْلَانِ فِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ وَصِيَّتِهِ إنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَأَوْلَى إنْ اسْتَرَدَّهُ قَبْلَهُمَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَلَكِنْ بَعْدَهُمَا أَوْ قَبْلَهُمَا أَيْضًا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ انْتَفَيَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَعَهُ وَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِمَا وُجِدَ أَوْ بِمَا فُقِدَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ أَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 قَيَّدَهَا بِالْمَرَضِ، أَوْ بِالسَّفَرِ فَقَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَعَبْدِي فُلَانٌ، أَوْ ثَوْبِي الْفُلَانِيَّةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِزَيْدٍ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ، أَوْ السَّفَرَ زَالَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ أَخْرَجَهُ إلَّا أَنَّهُ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِهِ، أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ مِنْ مَرَضِهِ لَكِنْ مَعَ الِاسْتِرْدَادِ لِلْكِتَابِ لَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ أَوْ الْمُطْلَقَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ الْمُقَيَّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ فَقَوْلُهُ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا سَفَرٍ مُعَيَّنٍ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ، أَوْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَبِعِبَارَةٍ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ مَا قَبْلَهُ هُوَ الْوَصِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ فَالْوَاجِبُ جَعْلُ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا شَرْطًا حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَكَذَلِكَ أَيْ: تَبْطُلُ إنْ كَانَتْ بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ وَرَدَّهُ فَالْإِشَارَةُ فِي الْجَوَابِ الْمُقَدَّرِ أَيْ فَكَذَلِكَ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ، أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ لَا لَهُ وَلِمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمُطْلَقَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ، أَوْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ، وَلَمْ يَرُدَّهُ، فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ لِلْكِتَابِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ فِي الْمُقَيَّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (ص) ، أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ مَتَى حَدَثَ لِي الْمَوْتُ، أَوْ إذَا مِتّ، أَوْ مَتَى فَلِفُلَانٍ كَذَا، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ نَافِذَةً، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَأَشْهَدَ أَوْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. (ص) أَوْ بَنَى الْعَرْصَةَ وَاشْتَرَكَا كَإِيصَائِهِ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِهِ لِعَمْرٍو (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِعَرْصَةِ دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ بَنَاهَا الْمُوصِي دَارًا مَثَلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا هَذَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ قَائِمًا؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً، وَهَذَا بِقِيمَةِ عَرْصَتِهِ وَمِثْلُ الْبِنَاءِ الْغَرْسُ وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ صِفَةَ الْبِنَاءِ لِيَعُمَّ الدَّارَ وَالْعَرْصَةَ وَنَحْوَهُمَا وَكَذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ بَيِّنَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الثَّانِيَ، فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ وَحْدَهُ كَمَا إذَا قَالَ الثَّوْبُ الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ لِزَيْدٍ هُوَ لِعَمْرٍو، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ . (ص) ، وَلَا بِرَهْنٍ وَتَزْوِيجِ رَقِيقٍ وَتَعْلِيمِهِ وَوَطْءٍ، وَلَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَبَاعَهُ كَثِيَابِهِ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ وَاشْتَرَاهُ بِخِلَافِ مِثْلِهِ، وَلَا إنْ جَصَّصَ الدَّارَ أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ رَهَنَهُ الْمُوصِي، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَخَلَاصُ الرَّهْنِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَوْ بِعَبْدٍ ثُمَّ زَوَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا أَوْصَى بِعَبْدِهِ ثُمَّ عَلَّمَهُ الْمُوصِي صَنْعَةً وَتَكُونُ الْوَرَثَةُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ شُرَكَاءَ بِمَا زَادَتْهُ الصَّنْعَةُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوصِيَ وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَادٍ وَكَذَلِكَ   [حاشية العدوي] ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ فَمَتَى كَانَتْ بِكِتَابٍ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ فِي الْمُطْلَقَةِ أَوْ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا وُجِدَ أَوْ بِمَا فُقِدَ فَمِثَالُ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا وُجِدَ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوَسَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا ثُمَّ مَاتَ فِي السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا وُجِدَ وَمِثَالُ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا فُقِدَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَمُتْ فِيهِمَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَمَّا إنْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي الثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابٌ أَوْ كِتَابٌ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِمَا مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِمَا وُجِدَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ قُيِّدَتْ فِيهِمَا بِمَا فُقِدَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فَتَمَّتْ الصُّوَرُ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ لَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَالْمُطْلَقَةُ فِيهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ تَبْطُلُ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ وَالثَّلَاثُ صَحِيحَةٌ وَالْمُقَيَّدَةُ بِمَا فُقِدَ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتّ أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ فَتَبْطُلُ إنْ لَمْ تَكُنْ بِكِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَتَصِحُّ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَالْمُقَيَّدَةُ بِمَا وُجِدَ تَصِحُّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَتَبْطُلُ إنْ اسْتَرَدَّهُ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي عب (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ) لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمُطْلَقَةِ لِلتَّقْيِيدِ فِيهَا بِالشَّرْطِ. (قَوْلُهُ أَوْ إذَا مِتّ أَوْ مَتَى) بِفَتْحَةٍ عَلَى الْمِيمِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ مَتَى مِتّ فَحَذَفَ مِتّ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا لَوْ كَتَبَ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَمَاتَ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُشْهِدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ وَلَا يَعْزِمُ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ) كَذَا فِي شَرْحِ عب وَجَعَلَهَا فِي شَرْحِ شب صَحِيحَةً وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا وعب وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ تَبْطُلُ إنَّ اسْتَرَدَّ الْكِتَابَ وَهَذِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْبِنَاءِ الْغَرْسُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِوَرَقٍ وَكَتَبَهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) هَذِهِ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ وَمِثْلُهَا الْقَرِينَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ . (قَوْلُهُ وَوَطْءٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمُوصِي بِجَارِيَةٍ مُوصًى بِهَا لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَلَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَارِضُ الْمِلْكَ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا سِيَّمَا وَالْحَمْلُ مُحْتَمَلٌ وَتُوقَفُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِيُنْظَرَ هَلْ حَمَلَتْ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهَا أَمْ لَا فَتُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ قُتِلَتْ حَالَ الْوَقْفِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتُهَا لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَارِضُ الْمِلْكَ الْمُتَقَدِّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِمَانِعٍ وَالْمَانِعُ أَيْ وَهُوَ الْحَمْلُ تَعَذَّرَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ بَاعَ جَمِيعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَمْلِكُ يَوْمَ الْمَوْتِ، سَوَاءٌ زَادَ، أَوْ نَقَصَ لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ فَالضَّمِيرُ فِي بَاعَهُ لِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَأَمَّا بَيْعُ ثُلُثِ مَالِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِثِيَابِهِ أَيْ ثِيَابِ بَدَنِهِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُوصِي وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثِيَابَهُ الَّتِي اسْتَخْلَفَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لَهُ بِغَنَمِهِ، أَوْ بِرَقِيقِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَبَاعَ ذَلِكَ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مَا اسْتَخْلَفَهُ الْمُوصِي مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوصِي ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الثَّوْبَ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى غَيْرَهُ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشِّرَاءِ، بَلْ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِدَارٍ، أَوْ بِثَوْبٍ أَوْ سَوِيقٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوصِيَ جَصَّصَ الدَّارَ بِالْجِيرِ وَنَحْوِهِ، أَوْ صَبَغَ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ ذَلِكَ السَّوِيقَ بِالسَّمْنِ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مَا ذُكِرَ بِزِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ يُطْلَقُ عَلَى مَا حَصَلَ فِيهِ الزِّيَادَةُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ الِاسْمُ كَمَا إذَا أَوْصَى بِعَرَضٍ بِلَفْظِ ثَوْبٍ وَفَصَّلَهُ كَمَا مَرَّ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ: (ص) فَلِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ (ش) زِيَادَةٌ مُسْتَغْنًى عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَفَادَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُعَدُّ رُجُوعًا، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَلْ يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ أَمْ لَا فَنَصَّ عَلَيْهِ فَأَفَادَ بِهَا أَمْرًا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ (ص) وَفِي نَقْضِ الْعَرْصَةِ قَوْلَانِ (ش) يُحْتَمَلُ أَنَّ نَقْضَ مَصْدَرٌ وَيَكُونُ أَفَادَ أَنَّ النَّقْضَ أَيْ الْهَدْمَ لِلدَّارِ الْمُوصَى بِهَا هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ وَيُحْتَمَلُ إنَّ نُقْضَ بِضَمِّ النُّونِ اسْمٌ وَيَكُونُ جَازِمًا بِأَنَّ الْهَدْمَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِي الْعَرْصَةِ مُرَجِّحًا لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ذَاكِرًا لِلْخِلَافِ فِي نَفْسِ النَّقْضِ هَلْ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ، أَوْ لَا وَبِعِبَارَةٍ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ بِنَاءَ الْعَرْصَةِ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ مَبْنِيَّةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوصِيَ هَدَمَهَا هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا هَلْ نَقْضُهَا بِضَمِّ النُّونِ لِلْمُوصِي أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا فَيُحْتَمَلُ ضَبْطُ نَقْضٍ بِفَتْحِ النُّونِ مَصْدَرًا وَيَحْتَمِلُ ضَبْطَهُ بِضَمِّ النُّونِ اسْمًا . (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى فَالْوَصِيَّتَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِشَخْصٍ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى مِنْ جِنْسِ الْأُولَى أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الْوَصِيَّتَيْنِ إذَا كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ يَحْمِلُ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ بَعْدَ أُخْرَى أَيْ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَيْ وَهُمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ كَعَشْرَةٍ وَعَشْرَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا وَقَوْلُهُ (كَنَوْعَيْنِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الْوَصِيَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ (وَدَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ أَيْ دَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ أَيْ، وَإِحْدَاهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالْأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا مَعًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ فَهُمَا نَوْعٌ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ (وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) إنْ شِئْت فَسَّرْتهمَا بِنَوْعَيْنِ أَوْ جِنْسَيْنِ أَوْ صِنْفَيْنِ. (ص) ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا، وَإِنْ تَقَدَّمَ (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشِّرَاءِ) أَيْ لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهُ أَيْ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ وَلَيْسَ مِنْ التَّعْيِينِ أَنْ يُوصِيَ بِثَوْبٍ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ. (قَوْلُهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ زِيَادَةِ قِيمَةِ صَنْعَةِ الْعَبْدِ بِتَعْلِيمِهِ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ قُوَّةُ تَعْلِيمِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ ذَاتٌ أُخْرَى بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمْ تُغَيِّرْ زِيَادَتُهَا الِاسْمَ إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَقِيقٍ ثُمَّ لَتَّهُ أَوْ بِمَا يُسَمَّى كُسْكُسًا ثُمَّ لَتَّهُ بِسَمْنٍ . (قَوْلُهُ وَفِي نَقْضِ الْعَرْصَةِ) أَيْ الَّتِي صَارَتْ عَرْصَةً بَعْدَ النَّقْضِ فَفِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ كَمَا قَالَ عج وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّارِ لَا تُبْطِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَيْنَ الزَّرْعِ يُبْطِلُ أَنَّ الزَّرْعَ بَعْدَ حَصْدِهِ وَذَرْوِهِ وَتَصْفِيَتِهِ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الزَّرْعِ بِخِلَافِ الدَّارِ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا اسْمُهَا بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ دَارٌ خَرِبَةٌ أَوْ مَهْدُومَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ وَقَوْلُهُ هَلْ نَقْضُهَا بِضَمِّ النُّونِ لِلْمُوصِي إلَخْ الْقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا قَالَ عج (أَقُولُ) حَيْثُ كَانَ النَّقْضُ بِفَتْحِ النُّونِ لَيْسَ رُجُوعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ بِضَمِّ النُّونِ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَدَبَّرْ [أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى] . (قَوْلُهُ كَعَشْرَةٍ وَعَشْرَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَهُ الْعَدَدَانِ مَعًا كَمَا قَالَ الشَّارِحِ وَحُكِيَ عَنْ الْمَعُونَةِ أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا لِجَوَازِ التَّأْكِيدِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّتَيْنِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً كَذَهَبٍ وَذَهَبٍ اخْتَلَفَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَنَّهُمَا يَكُونَانِ لَهُ وَلَوْ سُكَّا بِسِكَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ عج أَقُولُ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ أُخْرَى فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ إنْ اخْتَلَفَا صِفَةً كَأَنْ اتَّفَقَا صِفَةً إنْ اتَّحَدَ قَدْرُهُمَا وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا وَإِنْ تَقَدَّمَ الْوَفْيُ بِالْمَسْأَلَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلِفَيْنِ صِفَةً وَأَوْلَى جِنْسًا يَلْزَمَانِ وَمِثْلُهُمَا الْمُتَّفِقَانِ نَوْعًا وَصِفَةً حَيْثُ اتَّحَدَا قَدْرًا كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ ثُمَّ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَيَلْزَمُ الْأَكْثَرُ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ) أَقُولُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا (قَوْلُهُ وَدَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ) إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مَسْكُوكَةٌ وَالسَّبَائِكَ غَيْرُ مَسْكُوكَةٍ وَقَوْلُهُ وَإِحْدَاهُمَا مِنْ ذَهَبٍ إلَخْ إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ لِتَبْيِينِ صِحَّةِ كَوْنِهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ ذَهَبٍ أَيْ الَّتِي هِيَ السَّبَائِكُ وَقَوْلُهُ وَالْأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ أَيْ الَّتِي هِيَ الدَّرَاهِمُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْفِضَّةِ بِخِلَافِ السَّبَائِكِ فَتَكُونُ مِنْ ذَهَبٍ وَتَكُونُ مِنْ فِضَّةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السَّبَائِكُ مِنْ فِضَّةٍ كَالدَّرَاهِمِ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّنْفِيَّةِ لَا فِي النَّوْعِيَّةِ (قَوْلُهُ إنْ شِئْتَ فَسَّرْتَهُمَا بِنَوْعَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ مُتَرَادِفَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى كَثِيرِينَ فَلَمْ يَكُنْ جَارِيًا عَلَى الْقَانُونِ الْمَنْطِقِيِّ بَلْ عَلَى الْقَانُونِ اللُّغَوِيِّ وَعَلَى كُلِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 تَكُنْ الْوَصِيَّتَانِ مِنْ نَوْعَيْنِ، وَلَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ بَلْ كَانَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمَا إذَا أَوْصَى بِدَرَاهِمَ فِضَّةٍ ثُمَّ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ فِضَّةٍ، وَإِحْدَاهُمَا أَكْثَرُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَكْثَرَ الْوَصِيَّتَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتَا بِكِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ بِكِتَابَيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ، أَوْ يَتَأَخَّرَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِعَدَدٍ . (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ عَتَقَ إنْ حَمَلَهُ وَأَخَذَ بَاقِيَهُ، وَإِلَّا قُوِّمَ فِي مَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ حَمَلَ ثُلُثُ مَالِهِ مَا أَوْصَى بِهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ فَضْلَةٌ أُعْطِيت لِلْعَبْدِ، فَإِذَا تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَتَيْنِ وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَةً عَتَقَ الْعَبْدُ، وَلَا يُنْظَرُ لِمَا بِيَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْمَالِ بَلْ يَأْخُذُهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْوَرَثَةِ لِحَمْلِ الثُّلُثِ لِرَقَبَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ ثَلَثَمِائَةٍ وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَةً، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بَقِيَّةَ الثُّلُثِ مَعَ خُرُوجِهِ حُرًّا فَيَأْخُذُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثَا ثُلُثِ الْمِائَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمَا بِيَدِ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ فِي مَالِهِ بِأَنْ يُؤْخَذَ مَالُهُ وَيُضَمَّ لِمَالِ السَّيِّدِ وَيُنْظَرَ، فَإِنْ حَمَلَهُ ثُلُثُ الْجَمِيعِ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ خَرَجَ حُرًّا، وَإِلَّا خَرَجَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ مِثَالُهُ لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَةً وَبِيَدِهِ مِائَةٌ فَهَذَا يُقَوَّمُ فِي مَالِهِ وَيَخْرُجُ حُرًّا، وَلَا شَيْءَ لِلْعَبْدِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَةً وَبِيَدِهِ خَمْسُونَ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ، وَإِنَّمَا قُوِّمَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ كُلَّهُ أَهَمُّ مِنْ عِتْقِ بَعْضِهِ، وَإِبْقَاءِ مَالِهِ بِيَدِهِ فَالضَّمِيرُ فِي أَخَذَ لِلْعَبْدِ وَفِي بَاقِيهِ لِلثُّلُثِ أَيْ الثُّلُثِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ السَّيِّدُ لَهُ وَمَعْنَاهُ إنْ بَقِيَ بَعْدَ خُرُوجِ الْعَبْدِ حُرًّا وَأَمْثِلَةُ تت كُلُّهَا فِيهَا تَخْلِيطٌ . (ص) وَدَخَلَ الْفَقِيرُ الْمِسْكِينُ كَعَكْسِهِ وَفِي الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ وَالْأَهْلِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ؛ لِأَبٍ وَالْوَارِثُ كَغَيْرِهِ بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ هُوَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنَّ الْفَقِيرَ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلَى عَدَمِ التَّرَادُفِ، وَإِذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِ زَيْدٍ أَوْ لِأَرْحَامِهِ   [حاشية العدوي] حَالٍ يَكُونُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ وَدَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ مِنْ السَّبَائِكِ الذَّهَبُ وَمِنْ الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةُ ثُمَّ أَقُولُ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَطْوِيلٌ يُنَافِي غَرَضَهُ مِنْ الِاخْتِصَارِ ثُمَّ إنَّك إنْ فَسَّرْت ذَلِكَ بِنَوْعَيْنِ ظَهَرَتْ مُطَابَقَتُهُ لِقَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ وَإِنْ فَسَّرْته بِجِنْسَيْنِ أَوْ صِنْفَيْنِ فَمُطَابَقَتُهُ لِقَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَصْدُوقَ وَاحِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَوْصَى بِدَرَاهِمَ فِضَّةٍ ثُمَّ أَوْصَى إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَوَصَى بِفَرَسَيْنِ ثُمَّ بِفَرَسٍ أَوْ جَمَلَيْنِ ثُمَّ جَمَلٍ أَوْ عَبْدَيْنِ ثُمَّ عَبْدٍ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ ثُمَّ عَبْدٍ أَوْ بِفَرَسٍ ثُمَّ فَرَسٍ وَهَكَذَا أَلْزَمَاهُ مَعًا وَلَا نَظَرَ لِقِيمَةِ كُلٍّ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب. (قَوْلُهُ سَوَاءً كَانَتَا إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِهَذَا التَّعْمِيمِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ إذْ قَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ إنْ تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَكْثَرُ فَقَطْ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ إنْ كَانَا فِي كِتَابَيْنِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَإِنْ كَانَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ وَقَدَّمَ الْأَكْثَرَ فَهُمَا مَعًا لَهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ لَهُ فَقَطْ وَحَكَى ابْنُ زَرْقُونَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إذَا كَانَا فِي كِتَابَيْنِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ وَإِلَّا فَهُمَا مَعًا لَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْأَكْثَرُ . (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا بِيَدِ الْعَبْدِ إلَخْ) تَبِعَ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ عج وَتَبِعَهُ عب وَشُبْ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَالُ سَيِّدِهِ مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ بِدُونِ مَالِهِ مِائَةً وَبِيَدِهِ مِائَةٌ فَكَأَنَّهَا مَالُ سَيِّدِهِ أَيْضًا فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ ثُلُثٌ وَيَأْخُذُ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ كَمَا قَالَ وَأَخَذَ الْعَبْدُ بَاقِيَهُ أَيْ الثُّلُثَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ السَّيِّدُ مَعَ خُرُوجِهِ حُرًّا فَيُقَوَّمُ فِي غَيْرِ مَالِهِ وَثُلُثَاهُ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ وَاعْتَمَدَ مُحَشِّي تت مَا قَالَهُ شَارِحُنَا جَاعِلًا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ قُوِّمَ فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْعَبْدِ أَيْ جُعِلَ مَالُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ وَقُوِّمَ فِيهِ لِيَعْتِقَ جَمِيعُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ قُوِّمَ مَعَ مَالِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ بِمَالِهِ يُقَالُ فِيهِ كَمْ يُسَاوِي الْعَبْدُ عَلَى أَنَّهُ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا بِحَيْثُ يُجْعَلُ مَالُهُ كَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ بِخِلَافِ كَمْ يُسَاوِي كَذَا بِدُونِ مَالٍ وَيُجْعَلُ مَالُهُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُوِّمَ حَالَ كَوْنِ قِيمَتِهِ مَعْدُودَةً مَعَ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُقَوَّمُ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ فِيهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ حَمْلُهُ الثُّلُثَ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْعَبْدِ فِي مَالِهِ) أَيْ بَلْ يَخْرُجُ حُرًّا وَيَتْرُكُ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ ثُلُثٍ إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنْ تَقُولَ إنَّ ثُلُثَ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ وَنِسْبَتُهَا لِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَسُدُسُ خُمُسٍ بَيَانُهُ أَنَّ الثَّمَانِينَ مِنْ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَالثَّلَاثَةُ وَالثُّلُثُ مِنْ الْعِشْرِينَ الْمُكَمِّلَةِ لِلْمِائَةِ سُدُسًا وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْمِائَةِ خَمْسٌ فَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَسُدُسُ خُمُسٍ وَيَرِقُّ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ خُمُسِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَقَارِبِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كُفَّارًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ) هُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مِنْ الْأَهْلِ وَالْأَرْحَامِ وَالْأَقَارِبِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى عَدَمِ التَّرَادُفِ) أَيْ وَلَوْ مَرَرْنَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ لَفْظَتَيْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ غَيْرُ مُتَرَادِفَيْنِ لُغَةً وَشَرْعًا نَظَرًا لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ النَّاسِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ مَحَلَّ الدُّخُولِ مَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُوصِي النَّصُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَوْصَيْت بِكَذَا لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمَسَاكِينِ وَعَكْسُهُ وَمِثْلُهُ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا الْآخَرُ اهـ. (أَقُولُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ مِنْ عَالِمٍ يَعْرِفُ الْفَرْق بَيْنَهُمَا وَعَرَفَ النَّاسُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ هَلْ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى الْعُرْفِ مِنْ الشُّمُولِ أَوْ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ وَفِي تَقْرِيرٍ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ فَإِنْ أَتَى بِهِمَا مَعًا فَلَا كَلَامَ فِي إعْطَائِهِمَا لَا مِنْ حَيْثُ دُخُولُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْآخَرِ بَلْ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ كِلَيْهِمَا مِنْ الْمُوصِي وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ إذَا اجْتَمَعَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 أَوْ لِأَهْلِهِ أَوْ لِقَرَابَتِي أَوْ رَحِمِي، أَوْ لِذَوِي رَحِمِي، أَوْ لِأَهْلِي، أَوْ لِأَهْلِ بَيْتِي، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَقَارِبُ لِلْأُمِّ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ مِنْ الْأَبِ أَمَّا إنْ كَانَ فَلَا يَدْخُلُ أَقَارِبُهُ مِنْ أُمِّهِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبَ، أَوْ لِأَهْلٍ أَوْ لِأَرْحَامِ الْغَيْرِ وَدَخَلَتْ أَقَارِبُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ أَوْ أَقَارِبُهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْوَارِثُ وَغَيْرُ الْوَارِثِ فَيَدْخُلُونَ كُلُّهُمْ مَدْخَلًا وَاحِدًا فَيَدْخُلُ الْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْأُمُّ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَيْسَ هُوَ الْمَوْرُوثَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَرْحَامِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ، فَإِنَّ الْوَارِثَ لَهُ أَيْ بِالْفِعْلِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِمَنْعِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ، وَلَدٌ مَثَلًا وَأَعْمَامُهُ دَخَلَ الْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْعَمَّاتُ، وَلَا يَدْخُلُ الْوَلَدُ وَبِعِبَارَةٍ اسْتَعْمَلَ الدُّخُولَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْمُشَارَكَةِ وَفِي الثَّانِي فِي الشُّمُولِ أَيْ وَشَارَكَ الْفَقِيرُ الْمِسْكِينَ وَعَكْسُهُ وَشَمِلَ الْأَقَارِبَ إلَخْ، أَقَارِبَهُ لِأُمِّهِ (ص) وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ إلَّا لِبَيَانٍ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ لِأَرْحَامِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ، أَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ هُوَ أَوْ لِأَرْحَامِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ، فَإِنَّ الْأَحْوَجَ يُؤْثَرُ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَمَعْنَى الْإِيثَارِ أَنْ يُزَادَ لَهُ، وَلَا يَخْتَصَّ بِالْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَعْطُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ وَيُقَدَّمُ مَنْ قَدَّمَهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَحْوَجَ مِنْهُ، أَوْ يَقُولُ أَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ لِأَنَّهُمَا يُدْلِيَانِ بِالْبُنُوَّةِ وَالْجَدُّ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ وَجِهَةُ الْبُنُوَّةِ أَقْوَى، وَإِذَا قُدِّمَ الْأَقْرَبُ، فَإِنَّهُ يُزَادُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِجَمِيعِهَا فَقَوْلُهُ (وَلَا يُخَصُّ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ، وَلَا يُخَصُّ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ، وَلَا يُخَصُّ أَيْ عَلَى الْجَدِّ دَنِيَّةً، وَأَمَّا أَبُوهُ فَالْعَمُّ وَابْنُهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ . (ص) وَالزَّوْجَةُ فِي جِيرَانِهِ لَا عَبْدٌ مَعَ سَيِّدِهِ وَفِي، وَلَدٍ صَغِيرٍ وَبِكْرٍ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ، فَإِنَّهُ يُعْطِي الْجَارَ وَزَوْجَتَهُ، وَأَمَّا زَوْجَةَ الْمُوصِي فَلَا تُعْطَى كَانَتْ وَارِثَةً أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جَارًا، وَأَمَّا عَبْدُ الْجَارِ مَعَ سَيِّدِهِ فَلَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ شَيْئًا نَعَمْ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا عَنْ سَيِّدِهِ بِالسُّكْنَى، فَإِنَّهُ يُعْطَى، وَسَوَاءٌ كَانَ سَيِّدُهُ جَارًا أَوْ لَا وَيُعْطَى ابْنُ الْجَارِ الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْ أَبِيهِ بِنَفَقَتِهِ، وَلَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ ضَيْفٌ، وَلَا تَبَعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ قُوَّةُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَهَلْ يَدْخُلُ، وَلَدُ الْجَارِ الصَّغِيرُ وَابْنَتُهُ الْبِكْرُ، أَوْ لَا يَدْخُلُ فِيهَا فِي كُلٍّ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَحَدُّ الْجَارِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ مَا كَانَ يُوَاجِهُهُ وَمَا لَصِقَ بِالْمَنْزِلِ مِنْ وَرَائِهِ وَجَانِبَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ سُوقٌ مُتَّسِعٌ لَمْ يَكُنْ جَارًا   [حاشية العدوي] افْتَرَقَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ افْتَرَقَا فِي حَقِيقَةِ كُلٍّ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مُسَاوَاتُهُمَا بَلْ يَرْجِعُ لِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ دَخَلَ الْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ) ثُمَّ قَالَ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْجَمِيعَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَقَارِبَ الْأُمِّ لَا يَسْتَحِقُّونَ إلَّا إذَا عُدِمَ أَقَارِبُ الْأَبِ. (قَوْلُهُ وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ) أَيْ وَإِذَا أُوثِرَ الْأَبْعَدُ فَالْأَقْرَبُ أَوْلَى فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ الْإِيثَارُ أَيْ الزِّيَادَةُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُحْتَاجًا أَشَدَّ الِاحْتِيَاجِ لَا أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بَعِيدًا بَدَلَ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَّا الْقَرِيبُ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ. (قَوْلُهُ أَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَخْ) اسْمُ التَّفْضِيلِ يُفِيدُ التَّرْتِيبَ بِحَسَبِ الْقُرْبِ وَالْفَاءُ تُفِيدُ التَّرْتِيبَ بِحَسَبِ مَنَازِلِ الْقُرْبِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَخْ) وَمُرَادُهُ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ لَا أَخٌ لِأُمٍّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَارِبَ الْأَبِ يُقَدَّمُونَ عَلَى أَقَارِبِ الْأُمِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ أَبٍ دَخَلَ الْجَدُّ لِأُمٍّ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِإِدْلَائِهِ بِبُنُوَّةِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا يُدْلِيَانِ بِالْبُنُوَّةِ) أَيْ لِأَبِي الْمُوصِي أَيْ يُدْلِيَانِ لِلْمُوصِي بِالْبُنُوَّةِ لِأَبِي الْمُوصِي وَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ مَعَ الْمُوصِي فِي الْأَبِ بِخِلَافِ الْجَدِّ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى الْجَدِّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ وَأَمَّا الْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ فَيُقَدَّمُ الْجَدُّ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ وَأَمَّا أَبُوهُ أَيْ وَأَمَّا أَبُو الْجَدِّ فَيُقَدَّمُ الْعَمُّ وَابْنُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِتَقْدِيمِ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ فَيَقْتَضِي دُخُولَهُ مَعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ أَقَارِبَ الْأُمِّ لَا يَدْخُلُونَ إلَّا إذَا انْتَفَى أَقَارِبُ الْأَبِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَيْ وَالْجَمِيعُ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ بِخِلَافِ أَقَارِبِ الْأُمِّ مَعَ أَقَارِبِ الْأَبِ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لَهُمْ مَعَهُمْ [الْوَصِيَّةُ لِلْجِيرَانِ] (قَوْلُهُ وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمُوصِي) إذَا قَامَ بِهَا مَانِعُ الْإِرْثِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُوَارِ عَلَيْهَا عُرْفًا كَالْوَارِثَةِ لِعِلَّةِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ الْبَائِنُ عَنْ أَبِيهِ بِنَفَقَتِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الِابْنَ الْكَبِيرَ إنْ كَانَ بَائِنًا عَنْهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْجِيرَانِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبَعٌ إلَخْ) أَيْ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَلَا يَدْخُلُ خُدَّامُ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ قُوَّةُ نَفَقَةٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْفَرْقُ يُنْتِجُ الْعَكْسَ فَيُنْتِجُ عَدَمَ دُخُولِهَا وَدُخُولَ الْعَبْدِ وَالْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَمْلِكُ ذَاتَهَا زَوْجُهَا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ عِصْمَتَهَا فَلِذَلِكَ دَخَلَتْ وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ وَالْعَبْدُ يَمْلِكُ ذَاتَه فَسُكْنَاهُ مَعَهُ لَا يُنْسَبُ عُرْفًا لِجِوَارِ الْمُوصِي بِخِلَافِ انْفِرَادِهِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى نَفْسِهِ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ نَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَحَرَّرَهُ نَقْلًا (قَوْلُهُ مَا كَانَ يُوَاجِهُهُ) أَيْ وَبَيْنَهُمَا شَارِعٌ خَفِيفٌ لَا سُوقٌ أَوْ نَهْرٌ مُتَّسِعٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَلَا إنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ فَفِي التَّكَرُّمَةِ وَالِاحْتِرَامِ. (تَنْبِيهٌ) : لَوْ كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً ذَاتَ مَسَاكِنَ كَثِيرَةٍ فَإِذَا أَوْصَى بَعْضُهُمْ لِجِيرَانِهِ اقْتَصَرَ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ رَبُّهَا سَاكِنًا بِهَا فَإِنْ شُغِلَ أَكْثَرُهَا كَانَتْ وَصِيَّةً لِجِيرَانِهِ لِمَنْ خَرَجَ عَنْهَا وَإِنْ شُغِلَ أَقَلُّهَا فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ فِي الدَّارِ خَاصَّةً وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْأَقَلِّ مَا إذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْجَارِ يَوْمُ الْقَسْمِ فَلَوْ انْتَقَلَ بَعْضُهُمْ، أَوْ كُلُّهُمْ وَحَدَثَ غَيْرُهُمْ، أَوْ بَلَغَ صَغِيرٌ فَذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ، وَلَوْ كَانُوا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ قَلِيلًا ثُمَّ كَثُرُوا أُعْطُوا جَمِيعُهُمْ (ص) وَالْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَالْأَسْفَلُونَ فِي الْمَوَالِي وَالْحَمْلُ فِي الْوَلَدِ وَالْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فِي عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِجَارِيَتِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا، فَإِنَّ حَمْلَهَا يَدْخُلُ مَعَهَا لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا حَيْثُ وَضَعَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ سَيِّدُهَا فَهُوَ لَهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ هُنَا، وَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مَعَ عِتْقِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ كَمَّلَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْهَا، وَلَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ الْعِتْقَ إذَا وَهَبَ جُزْءًا مِنْهَا وَالْوَصِيَّةُ كَالْهِبَةِ وَأَمَّا لَوْ وَضَعَتْهُ فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَتَضَمَّنُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ أَوْ لِمَوَالِي فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمَوَالِي الْأَسْفَلِينَ لِأَنَّهُمْ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ وَانْظُرْ هَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْ أَعْتَقَهُمْ وَمَنْ انْجَرَّ لَهُ، وَلَاؤُهُمْ بِعِتْقِهِ، أَوْ يَكُونُ فِي عَتِيقِ أَبِيهِ وَابْنِهِ كَمَا فِي الْوَقْفِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ وَمَوَالِيهِ الْمُعْتَقُ وَوَلَدُهُ وَمُعْتَقُ أَبِيهِ وَابْنِهِ فَقَوْلُهُ وَالْأَسْفَلُونَ أَيْ وَاخْتُصَّ، وَلَا يُقَدَّرُ وَدَخَلَ الْأَسْفَلُونَ كَمَا فِي الشَّارِحِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ غَيْرَ الْأَسْفَلِينَ يَدْخُلُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلَ أَشْهَبَ لَكِنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَإِذَا أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ، أَوْ بِمَا تَلِدُ، أَوْ بِمَا، وَلَدَتْ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ حَمْلُهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَوَّاقُ وَهُنَا كَلَامٌ نَفِيسٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ، وَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِعَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ مَنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِهِ مُسْلِمًا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ لَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَالْمُسْلِمُ أَيْ وَاخْتُصَّ أَوْ تَعَيَّنَ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ أَيْ حِينَهَا فِي إيصَائِهِ لِزَيْدٍ بِعَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَنَصَارَى فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فِي يَوْمِهَا لَا يَدْخُلُ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى مَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ . (ص) لَا الْمَوَالِي فِي تَمِيمٍ أَوْ بَنِيهِمْ، وَلَا الْكَافِرُ فِي ابْنِ السَّبِيلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِقَبِيلَةٍ مِنْ الْقَبَائِلِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لِقَبِيلَةِ تَمِيمٍ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنَّ الْمَوَالِيَ لَا يَدْخُلُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ فِي الْأَصْلِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَوَالٍ أَعْلَوْنَ، وَلَوْ أَوْصَى لِمَسَاكِينِ بَنِي تَمِيمٍ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَوَالِيهِمْ وَانْظُرْ إذَا أَوْصَى لِرِجَالِ بَنِي تَمِيمٍ، أَوْ نِسَائِهِمْ هَلْ يَدْخُلُ الصَّغِيرُ فِي النَّوْعَيْنِ كَمَا فِي الْوَقْفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا، وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِابْنِ السَّبِيلِ، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْكَافِرُ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ سَبِيلٍ أَيْ غَرِيبًا لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِوَصَايَاهُمْ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ كَانَ كَافِرًا لَاخْتَصَّ بِهِمْ لِأَنَّ الْكَافِرَ فِي الْغَالِبِ لَا يَقْصِدُ إلَّا الْكُفَّارَ (ص) ، وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمُ كَغُزَاةٍ وَاجْتَهَدَ كَزَيْدٍ مَعَهُمْ، وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْغُزَاةِ أَوْ لِقَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ وَكُلُّ مَا لَا يَنْحَصِرُ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُ الْجَمِيعِ إذْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَادَةً وَيَجْتَهِدُ مَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ وَصِيٍّ، أَوْ قَاضٍ أَوْ مُقَدَّمٍ، أَوْ وَارِثٍ، وَإِذَا أَوْصَى لِقَبِيلَةٍ   [حاشية العدوي] شُغِلَ النِّصْفُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ الْعِتْقَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ الْهِبَةَ (قَوْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ كَالْهِبَةِ إلَخْ) أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ الْعِتْقَ إذَا وَهَبَ جُزْءًا مِنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمَوَالِي الْأَسْفَلِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ وَالْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ هُمْ مَنْ أَعْتَقَهُمْ الْمُوصِي وَلِأَنَّ الْمَعْتُوقَ بِمَثَابَةِ الْوَلَدِ وَالْمُعْتِقُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَالرَّغْبَةُ فِي الِابْنِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ إلَخْ) قُصُورٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِهَا عَلَى مَوَالِي الْمُوصِي وَأَوْلَادِهِ وَعُمُومِهَا فِيهِمْ وَفِي مَوَالِي أَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَأَعْمَامِهِ رِوَايَتَا الْعُتْبِيَّةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ هُنَا كَلَامٌ نَفِيسٌ إلَخْ) رَاجَعْته فَوَجَدْته بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُصَدِّرًا بِهِ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ س فِيهَا تَفْصِيلٌ مُغَايِرٌ لِمَا صَدَّرَ بِهِ فَأَعْرَضْت عَنْ ذِكْرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَجَدْت شب وعب ذَكَرَاهُ فَقَالَا وَإِذَا أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِزَيْدٍ وَبِمَا تَلِدُ أَوْ بِمَا وَلَدَتْ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ لِخَبَرِ «مَوَالِي الْقَوْمِ مِنْهُمْ» . (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ إلَخْ) أَيْ تَمِيمٌ أَحْرَارٌ وَإِذَا كَانُوا أَحْرَارًا فِي الْأَصْلِ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُمْ مَوَالٍ أَعْلَوْنَ أَيْ مُعْتِقُونَ لَهُمْ . (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمُ كَغُزَاةٍ) مَفْهُومُهُ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا الْإِيصَاءُ لِمُعَيِّنٍ كَفُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ أَوْلَادِ فُلَانٍ وَيُسَمِّيهِمْ فَيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ ثَانِيهمَا أَنْ يُوصِيَ لِمَنْ يُمْكِنُ حَصْرُهُ وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْتَ لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ لِإِخْوَتِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ لِأَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ فَلِمَالِكٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَاسْتُفِيدَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا يَدْخُلُ فِي قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ مَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ يَدْخُلُ فِي جَمِيعِهَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ وَارِثُهُ نَصِيبَهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَ وَلَا يَسْتَحِقُّ فِي الْقِسْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَأَنَّهُ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ يُمْكِنُ حَصْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فُقَرَاءَ الرِّبَاطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ. اهـ. كَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ مُخَالِفٌ فِيهِ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حَصَرَ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ كَذَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ وَأَنَّ قَوْلَ الزَّرْقَانِيِّ إنَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَحْصُورِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 كَبِيرَةٍ وَلِزَيْدٍ، أَوْ لِلْمَسَاكِينِ وَزَيْدٍ أَوْ لِلْغُزَاةِ وَزَيْدٍ، فَإِنَّ الثُّلُثَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَيَصِيرُ زَيْدٌ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَجْتَهِدُ الْمُتَوَلِّي فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَفِي قَدْرِ مَا يُعْطِي لِأَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُوصِيَ أَعْطَى الْمَعْلُومَ حُكْمَ الْمَجْهُولِ وَأَلْحَقَهُ بِهِ وَأَجْرَى عَلَى حُكْمِهِ حَيْثُ ضَمَّهُ إلَيْهِ، فَلَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعْلُومٌ وَمَجْهُولٌ جُعِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ، فَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ قَسْمِ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنَّ وَارِثَهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْغُزَاةِ قَبْلَ الْقَسْمِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا يَكُونُ الثُّلُثُ لِمَنْ أَدْرَكَ الْقَسْمَ اهـ. أَيْ فَلَمْ يَمُتْ عَنْ حَقٍّ حَتَّى يُورَثَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ لِوَارِثِهِ أَيْ لِوَارِثِ مَنْ ذَكَرَ (ص) وَضَرَبَ لِمَجْهُولٍ فَأَكْثَرَ بِالثُّلُثِ وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ فِي وَصَايَا الْمَيِّتِ مَجْهُولٌ وَاحِدٌ كَوُقُودِ مِصْبَاحٍ عَلَى الدَّوَامِ بِكَذَا، أَوْ تَعَدُّدٍ كَتَسْبِيلِ مَاءٍ عَلَى الدَّوَامِ بِدِرْهَمَيْنِ مَثَلًا وَتَفْرِقَةِ خُبْزٍ عَلَى الدَّوَامِ بِدِرْهَمٍ وَكَانَ فِيهَا مَعْلُومٌ أَيْضًا كَوَصِيَّتَيْنِ لِزَيْدٍ بِكَذَا وَلِعَمْرٍو بِكَذَا، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَجْهُولِ، أَوْ لِلْمَجَاهِيلِ مَعَ وَصِيَّتَيْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالثُّلُثِ أَيْ يُجْعَلُ الثُّلُثُ فَرِيضَةً ثُمَّ يُضَمُّ إلَيْهَا الْمَعْلُومُ وَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ فَرِيضَةٍ عَالَتْ، فَإِذَا كَانَ ثُلُثُهُ ثَلَثَمِائَةٍ جُعِلَ كُلُّهُ لِلْمَجْهُولِ ثُمَّ يُضَافُ إلَيْهِ الْمَعْلُومُ، فَإِذَا كَانَ الْمَعْلُومُ مَثَلًا ثَلَثَمِائَةٍ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِهَا فَيُعْطَى الْمَعْلُومُ فَأَكْثَرُ نِصْفَ الثَّلَثِمِائَةِ وَيَبْقَى نِصْفُهَا لِلْمَجْهُولِ فَأَكْثَرَ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْلُومُ مِائَةً لَزِيدَتْ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ رُبُعِهَا فَيُعْطَى الْمُعْلُونَ رُبُعَ الثَّلَثمِائَةِ وَيُفَضُّ عَلَيْهِ وَيَبْقَى الْبَاقِي لِلْمَجْهُولِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يُقْسَمُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْهُولِ فَأَكْثَرَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيُقْسَمُ نِصْفَيْنِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْخُبْزِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ عَلَى الْحِصَصِ فَيُقْسَمُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَيُجْعَلُ لِلْمَاءِ الثُّلُثَانِ وَلِلْخُبْزِ الثُّلُثُ وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاخْتِيَارُ التُّونِسِيِّ قَوْلَانِ وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ جَعَلَ لَهُ أَقَلَّ مِمَّا لِلْآخَرِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ الثُّلُثُ مَعَ الِانْفِرَادِ كَانَ لِلْجَمِيعِ الثُّلُثُ عَلَى التَّسَاوِي فَقَوْلُهُ وَضُرِبَ أَيْ حُوصِصَ، أَوْ أُسْهِمَ وَقَوْلُهُ وَضُرِبَ إلَخْ، فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرَ . (ص) وَالْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ يُزَادُ لِثُلُثِ قِيمَتِهِ ثُمَّ اُسْتُؤْنِيَ ثُمَّ وَرِثَ وَبِيعَ مِمَّنْ أَحَبَّ بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ لِلْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ وَأَعْتِقُوهُ، فَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَبَى، فَإِنَّهُ يُزَادُ لَهُ فِيهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا كَانُوا يَتَغَابَنُونَ فِي الْبَيْعِ، وَلَمْ يَحُدَّ الْمَيِّتُ شَيْئًا يُوقَفُ عِنْدَهُ وَجَبَ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى ثُلُثِ ذَلِكَ لِأَنَّ الثُّلُثَ حَدُّ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ مَثَلًا ثَلَاثِينَ، فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا عَشَرَةٌ فَقَطْ، فَإِنْ بَاعَهُ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَبَى، فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِالثَّمَنِ وَبِالزِّيَادَةِ لَعَلَّهُ أَنْ يَبِيعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الثَّمَنَ وَالزِّيَادَةَ يَرْجِعَانِ مِيرَاثًا وَمَحَلُّ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ لِابْنِ الْمُوصِي، فَإِنْ كَانَ لِابْنِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ شَيْئًا قَالَهُ فِي   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَضُرِبَ لِمَجْهُولٍ فَأَكْثَرَ بِالثُّلُثِ) لَوْ قَالَ وَجُعِلَ وَحَذَفَ الْبَاءَ مِنْ الثُّلُثِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ) أَيْ جِنْسِ الْحِصَصِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُهُ ثَلَثَمِائَةٍ) وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَالُهُ كُلُّهُ تِسْعَمِائَةٍ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصَايَا وَتَعَيَّنَتْ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ ثَلَثُمِائَةٍ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ رُبُعُهَا إلَخْ) صَوَابُهُ كَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْفَرْضِيِّينَ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَعْرِفُوا مَا عَالَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ إنَّمَا يَنْسُبُونَ إلَيْهَا بِدُونِ الْعَوْلِ وَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَعْرِفُوا مَا نَقَصَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَسَبُوا مَا عَالَتْ بِهِ إلَيْهَا مَعَ عَوْلِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَطَأَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ النِّسْبَةُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّا نَقْسِمُ الثُّلُثَ بَيْنَ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ عَلَى حَسَبِ نِسْبَةِ الْمَعْلُومِ لِلْمَجْهُولِ بَعْدَ الضَّمِّ أَيْ نِسْبَةِ الْمَعْلُومِ لِمَجْمُوعِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عِيلَ لَهُ يَسْتَحِقُّ مَا نَقَصَهُ الْعَوْلُ وَالْعَوْلُ نَقَصَ الثَّلَثَمِائَةِ رُبُعَهَا لِمَا قَالَهُ الْفَرْضِيُّونَ مِنْ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ مَعْرِفَةُ مَا نَقَصَهُ كُلُّ وَاحِدٍ يُنْسَبُ مَا عَالَتْ بِهِ إلَى الْمَسْأَلَةِ مَعَ عَوْلِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ نِسْبَةَ الْمِائَةِ إلَى الثَّلَثِمِائَةِ بَعْدَ الضَّمِّ أَيْ نِسْبَةَ الْمِائَةِ إلَى الْمَجْمُوعِ الرُّبُعُ فَيُعْطَى صَاحِبُ الْمَعْلُومِ الرُّبُعَ وَعَلَى الصَّوَابِ مِنْ أَنَّهُ ثُلُثُهَا إنَّمَا يُعْطَى صَاحِبُ الْمَعْلُومِ الرُّبُعَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ عَلَى عَدَدِهِمْ) أَيْ عَلَى عَدَدِ فَرْقِ الْمَجَاهِيلِ لَا عَلَى عَدَدِ الْأَفْرَادِ فَإِذَا كَانَتْ الْمَجَاهِيلُ نَوْعَيْنِ فَيُقْسَمُ نِصْفَيْنِ وَثَلَاثَةً فَيُقْسَمُ ثَلَاثَةً وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِبَعْضِ الْمَجَاهِيلِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَجْهُولِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْخُبْزِ) بِأَنْ يُوضَعَ لِلْخُبْزِ نِصْفُهُ وَيُشْتَرَى مِنْهُ حَتَّى يَفْرُغَ وَيُوضَعَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمَاءِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَى مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ الْقَدْرُ الْمُسَمَّى إلَى أَنْ يَفْرُغَ (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ) الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُقْسَمُ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْمَاءِ دِرْهَمَيْنِ وَلِلْخُبْزِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَكَيْفَ يُقْسَمُ مَا خَصَّهُمَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَالْمُنَاسِبُ قَسْمُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ كَانَ لِلْجَمِيعِ) هَذَا اللُّزُومُ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُوصِي غَرَضَهُ وَأَمَّا مَعَ تَبْيِينِ غَرَضِهِ فَلَا ظُهُورَ لَهُ. (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ) أَيْ غَيْرُ الْمَجْهُولِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ وَصَايَا أُخَرُ أَيْ غَيْرُ الْمَجْهُولِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومِ وَأَرَادَ بِالْوَصَايَا الْأُخَرِ الْجِنْسَ الصَّادِقَ بِالْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ يُزَادُ لِثُلُثِ قِيمَتِهِ) أَيْ يُزَادُ عَلَى قِيمَتِهِ ثُلُثُهَا تَدْرِيجًا وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ يُزَادُ لِثُلُثٍ وَلَمْ يَقُلْ يُزَادُ ثُلُثٌ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ يُزَادُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ لَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ يُزَادُ دَفْعَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الزِّيَادَةُ عَلَى التَّدْرِيجِ وَهِيَ مُنْتَهِيَةٌ لِلثُّلُثِ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ اُسْتُؤْنِيَ) وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ (تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ يُزَادُ لِثُلُثِ قِيمَتِهِ وَلَوْ أَبَى بُخْلًا وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْبَ بُخْلًا فَإِنْ أَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ كَذَا فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ النَّقْصِ) ظَرْفٌ أَيْ رَجَعَ مِيرَاثًا بَعْدَ النَّقْصِ لِلثُّلُثِ مِنْ ثَمَنِهِ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي أَحَبَّ أَنْ يُبَاعَ لَهُ وَقَوْلُهُ وَالْإِبَايَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّقْصِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ لِابْنِ الْمُوصِي) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ لِوَارِثِ الْمُوصِي فَمَتَى كَانَ لِوَارِثِ الْمُوصِي فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 178 الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ فُلَانٍ مِمَّنْ أَحَبَّهُ الْعَبْدُ فَأَحَبَّ شَخْصًا، فَإِنَّهُ يُبَاعُ لَهُ فَاشْتَرَاهُ بِقِيمَتِهِ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَبَى، فَإِنَّهُ يُنْقَصُ لَهُ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرُ ثُلُثِهَا، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُورَثُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ فَقَوْلُهُ وَبِيعَ عَطْفٌ عَلَى بِشِرَائِهِ أَيْ وَبِبَيْعٍ لَهُ، أَوْ بِبَيْعِهِ وَقَوْلُهُ أَحَبَّ صِفَةٌ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ أَيْ مِنْ شَخْصٍ أَحَبَّهُ الْعَبْدُ، وَلَمْ يُبْرِزْ الضَّمِيرَ بِنَاءً عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الرَّضِيُّ. (ص) وَاشْتَرَاهُ لِفُلَانٍ وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ وَلِزِيَادَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ عَمْرٍو وَيُعْطَى لِبَكْرٍ مَثَلًا، فَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ إبَايَتُهُ لِأَجْلِ الْبُخْلِ بِبَيْعِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ مِيرَاثًا، وَإِنْ كَانَتْ إبَايَتُهُ مِنْ بَيْعِهِ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ، فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى قِيمَتِهِ ثُلُثُهَا، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الثَّمَنَ وَالزِّيَادَةَ يُدْفَعَانِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِذَا رَجَعَ الثَّمَنُ مِيرَاثًا فَهَلْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ أَوْ لَا تَدْخُلُ فِيهِ وَتَرَدَّدَ بَيْنَ الْأَشْيَاخِ فَقَوْلُهُ وَاشْتِرَاءٌ لِفُلَانٍ إلَخْ، هُنَا حَذَفَ شَرْطَيْنِ وَحَرْفَ الْجَرِّ لِتَقَدُّمِ نَظِيرِهِ أَيْ، وَإِنْ أَوْصَى بِاشْتِرَاءٍ وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ، وَإِنْ أَبَى لِزِيَادَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَقَوْلُهُ بُخْلًا مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ وَلِزِيَادَةٍ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ جُرَّ بِاللَّامِ عَطْفًا عَلَى بُخْلًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بُخْلًا فَتَبْطُلُ وَلِزِيَادَةٍ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ فِي الْبُخْلِ امْتَنَعَ رَأْسًا فَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ الْإِبَايَةِ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ قَادِرُونَ عَلَيْهَا وَعَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ فَقَدْ سَمَّى قَدْرًا بِاعْتِبَارِ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُؤَلِّفُ بِمِقْدَارِهَا اتِّكَالًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ وَانْظُرْ لِمَ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ زِيَادَةُ ثُلُثِ الثَّمَنِ وَفِي غَيْرِهَا ثُلُثُ الْقِيمَةِ . (ص) وَبِبَيْعِهِ لِعِتْقٍ نَقَصَ ثُلُثُهُ وَالْأَخِيرُ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ، أَوْ عَتَقَ ثُلُثَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ لِمَنْ يُعْتِقُهُ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ أَحَدٌ بِقِيمَتِهِ، فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ قِيمَتِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِذَلِكَ وَالْأَخِيرُ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ بِمَا طَلَبَ مُشْتَرِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِهِ أَوْ عَتَقَ ثُلُثَ الْعَبْدِ بَتْلًا لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ فِي الْمَعْنَى. (ص) ، أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ لِفُلَانٍ فِي لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنْ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ بِقِيمَتِهِ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ قِيمَتِهِ ثُلُثُهَا، فَإِنْ أَبَى، فَإِنَّ الْوَارِثَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ لِفُلَانٍ بِمَا طَلَبَهُ بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُلُثَ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ مِلْكًا، وَهَذَا إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ، أَوْ لِفُلَانٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ بَيْعِهِ مِنْهُ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَوْ يُعْتِقُوا مِنْهُ مَبْلَغَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ لِفُلَانٍ فَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ بَيْعِهِ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ فُلَانٍ ثُلُثَ جَمِيعِ مَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ مِنْ عَرَضٍ وَدَارٍ وَغَيْرِهِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْقَضَاءُ بِهِ فُلَانٍ مَعْطُوفٌ عَلَى عَتْقٍ فَصَارَ الْمَعْنَى أَنَّ الْوَارِثَ فِي الْأُولَى يُخَيَّرُ فِي بَيْعِهِ بِمَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ عِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ وَفِي الثَّانِيَةِ يُخَيَّرُ فِي بَيْعِهِ بِمَا طَلَبَ فُلَانٌ، أَوْ تَمْلِيكِ ثُلُثِ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ فَأَفَادَ حُكْمَ   [حاشية العدوي] شَيْءٌ أَيْ لِلِاتِّهَامِ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُورَثُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ) الَّذِي فِي عج وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُورَثُ فِي هَذِهِ إذَا لَمْ يَشْتَرِهِ بَعْدَ النَّقْصِ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ هَذِهِ لَا عِتْقَ فِيهَا بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الرَّضِيُّ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالِاسْمِ. (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ أَيْ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ) أَيْ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ الَّتِي أَحَبَّ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا لَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الثَّمَنَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى بُخْلًا) فِيهِ شَيْءٌ حَيْثُ أَفَادَ أَنَّ هُنَاكَ شَرْطَيْنِ مُقَدَّرَيْنِ الْمُبَيِّنَيْنِ لِمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ امْتَنَعَ رَأْسًا فَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا) أَيْ فَقَدْ سَدَّ أَصْلَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِبَايَةِ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ لَوْ قَالَ بِخِلَافِ الْإِبَايَةِ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ فَلَمْ يَسُدَّ أَصْلَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ وَانْظُرْ لِمَ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ زِيَادَةُ ثُلُثِ الثَّمَنِ فِيهِ شَيْءٌ) أَيْ بَلْ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَإِنْ عَبَّرَ بِالثَّمَنِ فَلَا مَحَلَّ لِلنَّظَرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَبِبَيْعِهِ لِعِتْقٍ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ وَهُوَ أَوْ لِفُلَانٍ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ فِي بَيْعِهِ) أَيْ بِأَنْقَصَ مِنْ الثُّلُثِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ أَيْ ثُلُثِ الْعَبْدِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى بَيْنَ بَيْعِ الْعَبْدِ لَهُ بِمَا قَالَ أَوْ عِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ بَيْعِهِ لَهُ بِمَا قَالَ أَوْ يُعْطُوهُ ثُلُثَ الْعَبْدِ فَقَوْلُهُ نَقَصَ ثُلُثُهُ جَارٍ فِيهِمَا وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ فِي لَهُ مُوَزِّعٌ وَلَوْ قَالَ وَيَبِيعُهُ لِعِتْقٍ أَوْ لِفُلَانٍ نَقَصَ ثُلُثُهُ وَالْأَخِيرُ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ وَعِتْقِ ثُلُثِهِ أَوْ إعْطَائِهِ لَهُ إنْ حَمَلَهُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ جَمِيعَ الْعَبْدِ إلَخْ) مِثَالُهُ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ عَبِيدٍ كُلُّ عَبْدٍ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ إنَّ بَعْضَ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَحَثَ فِي ذَلِكَ قَائِلًا الْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَبَرَ حَمْلُ الثُّلُثِ بِمَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ يُدْفَعُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخْرُجُ لِلْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ إلَخْ) مَثَلًا الْعَبْدُ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ وَتَرَكَ لِسَيِّدٍ ثَلَاثِينَ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ فَلَمْ يَحْمِلْ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الْعَبْدَ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُسْقِطُوا عَنْ الْمُشْتَرِي عِشْرِينَ أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ وَبَيْنَ أَنْ يُسْقِطُوا الثُّلُثَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعُوا لَهُ عِشْرِينَ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ الْمَالِ كُلِّهِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهِ لِفُلَانٍ. (قَوْلُهُ بَيْنَ بَيْعِهِ مِنْهُ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ) أَيْ بَيْعًا مُلْتَبِسًا بِإِسْقَاطِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ إسْقَاطُ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ: بِثُلُثِ الْعَبْدِ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَبِعِبَارَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى عِتْقٍ أَيْ أَوْ بَيْعُهُ وَالْقَضَاءُ بِهِ لِفُلَانٍ فِي قَوْلِهِ أَعْطُوهُ أَوْ بِيعُوهُ لَهُ وَمَعْنَى الْقَضَاءِ الْإِعْطَاءُ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِثُلُثِ الْعَبْدِ (ص) وَبِعِتْقِ عَبْدٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْحَاضِرِ وُقِفَ إنْ كَانَ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ، وَإِلَّا عُجِّلَ عِتْقُ ثُلُثِ الْحَاضِرِ ثُمَّ تُمِّمَ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ يَأْتِي بَعْدَ أَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ كَالْأَرْبَعَةِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُوقَفُ إلَى حُضُورِهِ وَيَعْتِقُ كُلُّهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ لَا يَأْتِي إلَّا بَعْدَ أَشْهُرٍ كَثِيرَةٍ، فَإِنَّهُ يُعَجَّلُ عِتْقُ مَا قَابَلَ ثُلُثَ الْحَاضِرِ ثُمَّ كُلَّمَا قَدِمَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ الْغَائِبِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مَا قَابَلَ ثُلُثَهُ إلَى أَنْ يَكْمُلَ عِتْقُ الْعَبْدِ . (ص) ، وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ بِمَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَهُ إلَّا لِتَبَيُّنِ عُذْرٍ لِكَوْنِهِ فِي نَفَقَتِهِ، أَوْ دَيْنِهِ، أَوْ سُلْطَانِهِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا فِي حَالِ مَرَضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأَجَازَهَا الْوَارِثُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَإِنَّ تِلْكَ الْإِجَازَةَ تَلْزَمُ الْوَارِثَ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ لَهُ عُذْرٌ أَمَّا إنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ بِأَنْ كَانَ فِي نَفَقَةِ الْمُوصِي وَيَخْشَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّتَهُ قَطَعَ عَنْهُ نَفَقَتَهُ، فَإِنَّ تِلْكَ الْإِجَازَةَ لَا تَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ إنْ كَانَ عَلَى الْوَارِثِ دَيْنٌ لِلْمُوصِي وَيَخْشَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّتَهُ طَالَبَهُ بِدَيْنِهِ وَسَجَنَهُ، أَوْ كَانَ يَخْشَى سُلْطَانَ الْمُوصِي وَجَاهَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ عُذْرٌ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ الْإِجَازَةَ تَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْزَمُ، وَأَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِجَازَةِ مِنْ الْوَارِثِ بَيْنَ مَنْ تَبَرَّعَ بِالْإِجَازَةِ وَمَنْ سَأَلَهُ الْمُوصِي فِي ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْبِكْرِ، وَلَا الِابْنِ السَّفِيهِ وَقَوْلُهُ (لَا بِصِحَّةٍ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَرَضٍ وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَوْ بِكَسَفَرٍ) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَوْصَى فِي حَالِ صِحَّتِهِ بِوَصَايَا زَائِدَةٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ وَأَجَازَ الْوَارِثُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمُوصِي، فَإِنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْزَمُ الْوَارِثَ، وَلَوْ كَانَ الْمُوصِي فَعَلَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ فِي حَالِ سَفَرِهِ، أَوْ فِي حَالِ حَجِّهِ، أَوْ غَزْوِهِ، وَهَذَا مَدْخُولُ الْكَافِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ السَّبَبِ (ص) وَالْوَارِثُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فِي حَالِ صِحَّتِهِ، أَوْ فِي حَالِ مَرَضِهِ لِأَخِيهِ مَثَلًا ثُمَّ وُلِدَ لَهُ، وَلَدٌ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِأَنَّ الْوَارِثَ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يَئُولُ الْأَمْرُ إلَيْهِ وَهُوَ يَوْمُ الْمَوْتِ، فَلَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ لِأَنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ صَارَ وَارِثًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَهُوَ يَوْمُ الْمَوْتِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَعَكْسُهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ) وَقَوْلُهُ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَالْوَارِثُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي لِلْوَارِثِ أَنَّهُ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ تُوصِي لِزَوْجِهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَلْبَتَّةَ، فَإِنْ عَلِمَتْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَعْطُوهُ أَوْ بِيعُوهُ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَوْ بِيعُوهُ لَهُ ظَاهِرٌ مُنَاسِبٌ لِلْمُصَنِّفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَعْطُوهُ لَهُ فَلَا يَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِلْمُصَنِّفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَعْطُوهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وُقِفَ) أَيْ عِتْقُهُ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ: إنْ كَانَ قُدُومُ الْغَائِبِ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ أَيْ: إنْ كَانَ يُرْجَى قُدُومُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ أَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغَائِبَ تَقَدَّمَ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ ثُلُثُ الْحَاضِرِ أَنَّ هُنَاكَ غَائِبًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ إلَّا لِأَشْهُرٍ كَثِيرَةٍ. (قَوْلُهُ عَتَقَ ثُلُثُ الْحَاضِرِ) أَيْ: مَحْمَلُ ثُلُثِ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ تُمِّمَ أَيْ ثُمَّ تُمِّمَ عِتْقُهُ مِنْ الْمَالِ الْغَائِبَ أَيْ: مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ الْغَائِبِ إذَا قَدِمَ وَلَوْ تَدْرِيجًا (قَوْلُهُ كَالْأَرْبَعَةِ) الْكَافُ أَدْخَلَتْ وَاحِدًا فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْيَسِيرَةَ خَمْسَةٌ فَأَقَلُّ وَالْأَشْهُرُ الْكَثِيرَةُ سِتَّةٌ فَأَكْثَرُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ خِلَافُ الْوَصِيَّةِ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الطُّولِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ أَعْتِقُوا مِنِّي ثُلُثَ الْحَاضِرِ الْآنَ وَإِذَا طَلَبَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ وَصِيَّةَ مُوَرَّثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فِيمَا لَهُ رَدُّهُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِوَارِثٍ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ. (قَوْلُهُ بِمَرَضٍ) أَيْ: إنَّ الْإِجَازَةَ بِالْمَرَضِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا وَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ لِفَهْمِهِ مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَهُ فَإِنْ أَجَازَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضٍ صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَرِضَ لَمْ يَلْزَمْ الْوَارِثَ مَا أَجَازَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ مُنْدَرِجًا فِي نَفَقَتِهِ أَيْ: نَفَقَةِ الْمُوصِي، وَاجِبَةً أَوْ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ اسْتِثْنَاءَيْنِ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ عَاطِفٍ مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ الْعَطْفُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ مَحْذُوفٌ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالضَّرُورَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَمْنِ اللَّبْسِ قَالَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ وَقَوْلُهُ مِنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ أَيْ كَالْجَافِي الْمُتَبَاعِدِ عَنْ الْفُقَهَاءِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ مَنْ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُسَلَّمًا فِي جَهْلِ اللُّزُومِ إلَّا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى كَمَا ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) كَأَنَّ مُقَابِلَهُ يُفَصِّلُ إنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالْإِجَازَةِ يَلْزَمُهُ وَإِنْ سُئِلَ فِي ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالسُّؤَالِ صَارَ كَالْمُكْرَهِ عَلَيْهَا لَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْبِكْرِ إلَخْ) أَشَارَ لِذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ بِقَوْلِهِ وَبَقِيَ شَرْطٌ فِي الْمُجِيزِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مُكَلَّفًا لَا حَجْرَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَسَفَرٍ إلَخْ) رَدًّا عَلَى الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِاللُّزُومِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ جَرَيَانِ السَّبَبِ) وَهُوَ الْمَرَضُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 180 وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ حَيْثُ عَلِمَتْ، وَلَمْ تُغَيِّرْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا عُذْرَ لَهَا فِي تَرْكِ التَّغْيِيرِ وَبِعِبَارَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ الْمُوصِي حِينَ الْمَوْتِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأُولَى، وَلَا يَصِحَّ رُجُوعُهُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مَنْ يَقُولُ إنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ إذَا صَارَ وَارِثًا لَا يَرِثُ إلَّا إذَا عَلِمَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَعَكْسُهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى غَيْرَ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَصِيرُ عَكْسَ الْوَارِثِ . (ص) وَاجْتَهَدَ فِي ثَمَنِ مُشْتَرٍ لِظِهَارٍ أَوْ لِتَطَوُّعٍ بِقَدْرِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لِلْعِتْقِ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى بِشِرَائِهَا لِلْعِتْقِ تَطَوُّعًا عَنْهُ، وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوصِي ثَمَنًا فِي الْحَالَيْنِ، فَإِنَّ مَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ وَصِيٍّ، أَوْ قَاضٍ، أَوْ وَارِثٍ، أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ يَجْتَهِدُ فِي شِرَاءِ الرَّقَبَةِ الْمَذْكُورَةِ كَثْرَةً وَقِلَّةً بِقَدْرِ الْمَالِ فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ مِائَةَ دِينَارٍ كَمَنْ تَرَكَ أَلْفَ دِينَارٍ. (ص) ، فَإِنْ سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ يَسِيرًا أَوْ قَلَّ الثُّلُثُ شُورِكَ بِهِ فِي عَبْدٍ، وَإِلَّا فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا سَمَّى ثَمَنًا قَلِيلًا لَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً، أَوْ سَمَّى كَثِيرًا لَكِنَّ ثُلُثَ مَالِهِ لَا يَسَعُ مَا سَمَّاهُ، وَلَا يَسَعُ رَقَبَةً، فَإِنَّهُ يُشَارِكُ بِالثُّلُثِ، أَوْ بِمَا سَمَّاهُ فِي شِرَائِهِ رَقَبَةً لِلْعِتْقِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُعَانُ بِهِ مُكَاتَبٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْإِعَانَةُ فِي آخِرِ نَجْمٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ قَوْلُهُ: أَوْ قَلَّ الثُّلُثُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ، أَوْ كَثِيرًا وَقَلَّ الثُّلُثُ، وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى يَسِيرًا لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُعْطَفُ عَلَى الِاسْمِ الصَّرِيحِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَطَوُّعٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِتْقًا عَنْ ظِهَارٍ، فَلَا يُشَارِكُ وَيُطْعِمُ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ الْإِطْعَامِ شَيْءٌ وُرِثَ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ كَالتَّطَوُّعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فَيَتَّضِحُ. (ص) وَإِنْ عَتَقَ فَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّهُ أَوْ بَعْضُهُ رَقَّ الْمُقَابِلُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ، وَلَمْ يَعْتِقْ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي اُشْتُرِيَ لِأَجْلِ التَّطَوُّعِ إذَا عَتَقَ بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمُوصَى دَيْنٌ يُرَدُّ الْعَبْدُ كُلُّهُ بِأَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمُوصِي، فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمُوصِي بَلْ رُدَّ بَعْضُ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ مِنْهُ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ صَارَ الْمَالَ، وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا حَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِرْثِ فَقَوْلُهُ، وَإِنْ عَتَقَ أَيْ فِي التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا إذَا أُعْتِقَ فِي الظِّهَارِ وَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّ الْبَعْضَ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَنْ ظِهَارٍ بَعْضُ رَقَبَةٍ هَذَا مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ، وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدَ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ فَمَاتَ قَبْلَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَالتَّقْدِيرُ هَذَا إذَا عَلِمَ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْلَهُ أَيْ وَهُوَ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَتَأَتَّى عِلْمُهَا حِينَ وَصِيَّتِهَا لِزَوْجِهَا الْوَارِثِ أَنَّهُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا. (قَوْلُهُ لَا يَرِثُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ صَارَ وَارِثًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَبُطْلَانِهَا وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ: بَلْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا مَتَى صَارَ وَارِثًا عَلِمَ أَنَّهُ وَارِثٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَصِيرُ عَكْسَ الْوَارِثِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَارِثُ يَصِيرُ عَكْسَ الْوَارِثِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلَ هَذَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنَ مَا قَبْلَهُ وَقَالَ الْبَدْرُ وَالْوَارِثُ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ حَالٌ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ خَبَرٌ عَنْ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ وَخَبَرُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ وَاَلَّذِي فِي الرَّضِيِّ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الثَّانِي وَخَبَرُ الْأَوَّلِ مَحْذُوفٌ وَلَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ خَبَرًا عَنْهُمَا مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ لِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ . (قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ فِي ثَمَنِ مُشْتَرًى لِظِهَارٍ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُشْتَرَى مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ أَوْ لِتَطَوُّعٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فِي هَذِهِ لَا غَيْرَ مُسْلِمٍ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كُفْرُهُ إلَّا بَعْدَ شِرَائِهِ فَيُرَدُّ. (قَوْلُهُ يَجْتَهِدُ فِي شِرَاءِ الرَّقَبَةِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَاقِي الْكَفَّارَاتِ كَذَلِكَ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَآخِرُ نَجْمٍ) أَيْ: فَآخِرُ نَجْمٍ مُكَاتَبٍ يُعَانُ فِيهِ أَوْ الْمُعَانُ فِيهِ آخِرُ نَجْمٍ مُكَاتَبٍ فَيُقَدَّرُ الْمُبْتَدَأُ أَوْ الْخَبَرُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعَانُ بِهِ مُكَاتَبٌ إلَخْ) أَيْ فَالتَّقْيِيدُ بِالْآخِرِ لِلنَّدْبِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ وَضَعَهُ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ كَفَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَجْمُ مُكَاتَبٍ وُرِّثَ وَكَذَا إنْ عَجَزَ أُخِذَ مِنْهُ مَا أُعِينَ بِهِ وَوُرِّثَ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الظِّهَارِ مِثْلُهُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ هَذَا مَا أَفَادَهُ شُرَّاحُنَا إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ رَقَّ الْمُقَابِلُ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ: رَقَّ الْمُقَابِلُ لِلدَّيْنِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ) أَيْ: وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ (قَوْلُهُ بَلْ رَدَّ بَعْضَ الْعَبْدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إلَّا مَا قَابَلَ الدَّيْنَ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَرُدُّ جَمِيعَهُ وَيُوَفَّى مِنْهُ الدَّيْنُ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقْ جَمِيعُ مَالِهِ رَدَّ الْعَبْدَ وَأَعْطَى صَاحِبَ الدَّيْنِ دَيْنَهُ ثُمَّ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ فِيمَا بَقِيَ) أَيْ: فِي كُلِّ مَا بَقِيَ أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ الْكَلَامُ فِي كُلِّ مَا بَقِيَ بَلْ لَهُمْ الْكَلَامُ فِي بَعْضِ مَا بَقِيَ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ يَعْتِقُ ثُلُثَهُ وَمَا عَدَاهُ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرِقُّ الْجَمِيعُ إلَخْ) أَيْ وَيَقُولُ إنَّهُ إنْ عَجَزَ أَطْعَمَ فِي الظِّهَارِ بِمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّوْمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِطْعَامِ، فَيَكُونُ الْمُوَالِي لِلْعِتْقِ هُوَ الصَّوْمَ لَا الْإِطْعَامَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الصَّوْمُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 أَنْ يَعْتِقَ، فَإِنَّهُ يَشْتَرِي غَيْرَهُ وَيُعْتِقُ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ إذْ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ حُرًّا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ فِي أَحْوَالِهِ أَحْكَامُ عَبْدٍ حَتَّى يَعْتِقَ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَهُ شَخْصٌ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ تُجْعَلُ فِي عَبْدٍ آخَرَ، فَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ رَقَبَةٍ تُمِّمَتْ بَقِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، أَوْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي وَصِيَّتِهِ إذَا اشْتَرَيْتُمُوهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَلَا يَلْزَمُ شِرَاءُ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ إلَخْ، يَجْرِي فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَ لِيُعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ، أَوْ تَطَوُّعًا غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ يَجْرِي فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَ لِلْعِتْقِ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَ لِلظِّهَارِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ يُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ . (ص) وَبِشَاةٍ، أَوْ عَدَدٍ مِنْ مَالِهِ شَارَكَ بِالْجُزْءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّاهُ فَهُوَ لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ، أَوْ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ بِبَعِيرٍ مِنْ إبِلِهِ، أَوْ قَالَ أَعْطُوهُ عَدَدًا مِنْ غَنَمِي، أَوْ مِنْ عَبِيدِي وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الْوَرَثَةَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِالْجُزْءِ أَيْ بِنِسْبَةِ مَا أَوْصَى بِهِ إلَى نِسْبَةِ مَا أَوْصَى فِيهِ مِنْ الْغَنَمِ، أَوْ الْعَبِيدِ أَوْ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مَثَلًا، وَلَهُ ثَلَاثُ شِيَاهٍ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ، أَوْ لَهُ مِائَةٌ كَانَ شَرِيكًا بِعُشْرِ الْعُشْرِ وَعَلَى هَذَا فِي الرَّقِيقِ وَالْإِبِلِ وَنَحْوِهِمَا فَقَوْلُهُ بِعَدَدٍ أَيْ مُتَعَدِّدٍ وَحَذَفَ تَمْيِيزَهُ لِيَعُمَّ الشِّيَاهَ وَغَيْرَهَا وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ بِلَامٍ مَكْسُورَةٍ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ الْأَمْوَالِ، وَلَا يَبْعُدُ فَتْحُهَا عَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ، وَلَهُ صِلَتُهَا أَيْ مِنْ الَّذِي لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ، فَإِذَا هَلَكَ مَالُ الْمُوصِي كُلُّهُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوَى الْعَدَدِ الَّذِي سَمَّاهُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تُعَادِلُ قِيمَةَ جَمِيعِ مَالِ الْمُوصِي لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْمِلَهُ الثُّلُثُ قَالَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشَرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ خَرَجَ عَدَدُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عَشَرَةً عَتَقُوا إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ، أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ اهـ. وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ: شَارَكَ بِالْجُزْءِ مَعَ قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّاهُ فَهُوَ لَهُ إذْ الْحُكْمُ بِالشَّرِكَةِ مَعَ الْحُكْمِ بِالِاخْتِصَاصِ مُتَنَافِيَانِ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ شَارَكَ بِالْجُزْءِ فِيمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْعَدَدِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى فَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَخْ . (ص) لَا ثُلُثُ غَنَمِي فَتَمُوتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنْمٌ فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ، وَإِنْ قَالَ مِنْ غَنَمِي، وَلَا غَنْمَ لَهُ بَطَلَتْ كَعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا (ش) يَصِحُّ رَفْعُ ثُلُثٍ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدِّرٍ أَيْ إنَّهُ قَالَ ثُلُثُ غَنَمِي فَتَمُوتُ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ أَعْطُوا فُلَانًا ثُلُثَ غَنَمِي فَمَاتَ بَعْضُهَا، فَإِنَّهُ يُعْطَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَجَرُّهُ بِفِي مُقَدَّرَةٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّى فَهُوَ لَهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لَا فِي ثُلُثِ غَنَمِي فَتَمُوتُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ غَنَمِهِ إلَّا شَاةٌ أُعْطِيَ ثُلُثَهَا، وَلَا يُقَالُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الثُّلُثِ يَوْمَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ فَيُعْطَى الثُّلُثَ مَا دَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا هُوَ أَخَذَهُ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ السَّابِقَةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ وَفِي السَّابِقَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ) أَيْ إلَى بُلُوغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْ إلَى فَرَاغِهِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ بِمَبْلَغِ الثُّلُثِ أَيْ بِمَبْلَغِ تَمَامِ الثُّلُثِ أَوْ بِمَبْلَغِ تَمَامِ مَرْتَبَتِهِ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا تُزَاحِمُهُ. (قَوْلُهُ أَوْ ثُلُثُ مَا بَقِيَ) أَيْ: بِأَنْ ظَهَرَ دَيْنٌ يَمْنَعُ مِنْ نَفَاذِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءً كَانَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ يُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ أَمْ لَا . (قَوْلُهُ أَوْ عَدَدٌ مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مُتَعَدِّدٌ مُعَيَّنٌ مِنْ مَالِهِ كَعَشَرَةِ عَبِيدٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ بِالْجُزْءِ) أَيْ بِنِسْبَةِ الْجُزْءِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ إلَى الْمُوصَى فِيهِ مِنْ غَنَمٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ إبِلٍ سَوَاءٌ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ بَاقِيًا أَوْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ بِأَنْ هَلَكَ بَعْضُهُ وَكَانَ الْفَاضِلُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى وَمَعْنَى مُشَارَكَتِهِ بِالْجُزْءِ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الشِّيَاهِ عَدَدًا بِقَدْرِ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَيُرَاعَى فِي تَمْيِيزِ ذَلِكَ الْعَدَدُ إلَى الْقُرْعَةِ. (قَوْلُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ فَلَهُ مَا حَمَلَهُ. (قَوْلُهُ كَانَ شَرِيكًا) أَيْ فِي ثُلُثِ الشَّاةِ أَوْ تَسَاوَتْ قِيمَةُ الشِّيَاهِ فِي نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَتْ كُلُّ شَاةٍ تُسَاوِي دِينَارًا أَوْ تَفَاوَتَتْ بِأَنْ تَكُونَ شَاةٌ تُسَاوِي دِينَارًا وَشَاةٌ تُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ. (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ) التَّرَجِّي لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ مِنْ اللَّفْظِ خِلَافُ الْمُرَادِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ يُفْهَمُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ فَإِذَا هَلَكَ مَالُ الْمُوصِي كُلُّهُ) الْمُرَادُ بِالْمَالِ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى فِيهِ كَالْغَنَمِ أَوْ الْعَبِيدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ مَالًا آخَرَ وَقَصْدُهُ إذَا هَلَكَ الْعَبِيدُ مَثَلًا إلَّا هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَنَافِيًا حَيْثُ يَقُولُ هَلَكَ مَالُ الْمُوصِي كُلُّهُ ثُمَّ يَقُولُ وَلَمْ يَبْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ) أَيْ: الْقُرْعَةِ . (قَوْلُهُ فَتَمُوتُ) أَيْ: بَعْضُهَا وَأَمَّا لَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا (قَوْلُهُ فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ) أَيْ: مِنْ غَالِبِ الضَّأْنِ إنْ غُلِّبَ أَوْ غَالِبِ الْمَعْزِ إنْ غُلِّبَ فَإِنْ لَمْ يُغَلَّبْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ قِيمَةِ شَاةٍ وَسَطٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا غَنْمَ لَهُ بَطَلَتْ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ غَنْمٍ لَهُ. (قَوْلُهُ فَمَاتُوا) أَيْ: مَاتُوا جَمِيعًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي ثُلُثِهِ. (قَوْلُهُ يَصِحُّ رَفْعُ ثُلُثٍ إلَخْ) فَثُلُثٌ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَيْ: قَالَ لَهُ ثُلُثُ غَنَمِي وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ بِالْقَوْلِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ أَيْ: إنَّهُ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ لَا إنْ قَالَ لَهُ ثُلُثُ غَنَمِي إلَخْ. (قَوْلُهُ أَعْطُوا فُلَانًا ثُلُثَ غَنَمِي إلَخْ) هَذَا حَلُّ مَعْنَى لَا حَلُّ إعْرَابٍ حَتَّى إنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 182 بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ، وَلَا غَنْمَ لَهُ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْمُوصَى لَهُ بِقِيمَةِ شَاةٍ وَسَطٍ أَيْ مِنْ وَسَطِ الْغَنَمِ تُدْفَعُ تِلْكَ الْقِيمَةُ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا غَنْمَ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ مُتَلَاعِبٌ بِوَصِيَّتِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ مِنْ مَالِي فَتَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ، وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ إلَّا أَنَّهُمْ مَاتُوا كُلُّهُمْ أَوْ اُسْتُحِقُّوا، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عِتْقُهُ تَنْفِيذًا لِغَرَضِ الْمُوصِي وَمِثْلُ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ أَصْلًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أُمُورًا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا ضَاقَ عَنْهَا فَقَالَ. (ص) وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ ثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَيُوصِيَ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ ثُمَّ الْفِطْرَةُ ثُمَّ عِتْقُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ ثُمَّ لِفِطْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ لِلتَّفْرِيطِ ثُمَّ النَّذْرُ ثُمَّ الْمُبَتَّلُ وَمُدَبَّرُ الْمَرَضِ ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ أَوْ يَشْتَرِي أَوْ لِكَشَهْرٍ، أَوْ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ بَعُدَ ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ عَلَى الْأَكْثَرِ ثُمَّ عِتْقٌ لَمْ يُعَيَّنْ ثُمَّ حَجٌّ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَتَحَاصَّانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثُّلُثَ إذَا ضَاقَ عَمَّا يَجِبُ مِنْهُ وَصِيَّةٌ، أَوْ غَيْرُهَا قُدِّمَ فَكُّ الْأَسِيرِ أَيْ مَا يُفَكُّ بِهِ الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ يُقَدَّمُ فِي الثُّلُثِ عَلَى عِتْقِ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ فَكَّ الْأَسِيرِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَى شَخْصٍ يُقَدَّمُ عَلَى مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ كَمَا تُوُهِّمَ إذْ مَا تَعَيَّنَ مِنْ فَكِّ الْأَسِيرِ لَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ وَقَيَّدْنَا الْأَسِيرَ بِالْمُسْلِمِ تَبَعًا لِلزَّرْقَانِيِّ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ ذِمِّيٍّ لَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّدَقَةِ الْآتِي حُكْمُهَا فِي قَوْلِهِ وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ وَجُزْئِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ثُمَّ يَلِي مَا مَرَّ مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ ثُمَّ يَلِيهِ صَدَاقُ الْمَرِيضِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُوصِيَ تَزَوَّجَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَبَنَى بِهَا وَمَاتَ أَوْصَى بِهِ، أَوْ لَا وَيَأْتِي مُدَبَّرُ الْمَرَضِ ثُمَّ يَلِي صَدَاقَ الْمَرِيضِ زَكَاةُ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا وَقَدْ فَرَّطَ فِيهَا حَتَّى مَاتَ وَقُدِّمَ الْمُدَبَّرُ وَصَدَاقُ الْمَنْكُوحَةِ فِي الْمَرَضِ عَلَى الزَّكَاةِ لِأَنَّهُمَا مَعْلُومَانِ وَالزَّكَاةُ لَا يُدْرَى أَصَدَقَ فِي بَقَائِهَا أَمْ لَا أَمَّا إذَا مَاتَ، وَلَمْ يُوصِ بِهَا، فَإِنَّهَا لَا تُخْرَجُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا هَذَا   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُمْ مَاتُوا كُلُّهُمْ إلَخْ) وَالْغَصْبُ كَالْمَوْتِ وَالِاسْتِحْقَاقُ إذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهِ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ . (قَوْلُهُ فَكُّ أَسِيرٍ) أَيْ: قَدْ كَانَ أَوْصَى بِفَكِّهِ وَظَاهِرُهُ عَيَّنَ الْمُوصِي قَدْرًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ مُدَبَّرِ صِحَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا دَبَّرَ فِي الْمَرَضِ وَصَحَّ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَبَّرَيْنِ بِصِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فِي كَلِمَةٍ تَحَاصَصَا وَالْأَقْدَمُ السَّابِقُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالثُّلُثِ وَيَكُونُ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَالْحُكْمُ فِي مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ مَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمَا إيصَاءٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا) أَيْ زَكَاةٌ وَجَبَتْ فِيمَا مَضَى عَلَيْهِ لَا فِي هَذَا الْعَامِ وَفَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا وَسَوَاءً كَانَتْ عَيْنًا أَوْ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِاَلَّتِي فَرَّطَ فِيهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّ مَا فَرَّطَ فِيهِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ بِهَا فِي مَرَضِهِ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَبَقَائِهَا) أَيْ: فِي عَامِ مَوْتِهِ وَيُوصِي بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ فِي عَامِ الْمَوْتِ لَهَا أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ تَارَةً يَعْتَرِفُ بِحُلُولِهَا وَيُوصِي وَتَارَةً يُنْفَيَانِ مَعًا وَتَارَةً يُنْفَى الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَتَارَةً الْعَكْسُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِهَا لَا مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ لَكِنْ يُؤْمَرُونَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْوَرَثَةُ عَدَمَ الْإِخْرَاجِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأَمَّا الثَّالِثُ، فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَيُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِهَا وَيَكُونُ آخِرَ الْمَرَاتِبِ كَمُعَيَّنٍ غَيْرِ الْعِتْقِ وَأَمَّا الرَّابِعُ وَهُوَ مَا إذَا اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَلَمْ يُوصِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالْإِخْرَاجِ نَعَمْ يُؤْمَرُونَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْرَجَهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ إخْرَاجِهَا لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِالْحُلُولِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَعْرِفَةِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) الْحَالَّيْنِ، فَيَخْرُجَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَالْفَرْقُ أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ مَوْكُولَةٌ لِأَمَانَتِهِ بِخِلَافِهِمَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْفِطْرَةُ) أَيْ الْمَاضِيَةُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَقَدْ أَوْصَى بِهَا وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا إنَّ مَنْ مَاتَ فِي زَمَنِهِ كَذَلِكَ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ ثُمَّ عِتْقُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ) مَحَلُّ إخْرَاجِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إذَا فَرَّطَ فِيهِمَا بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ تَحَتُّمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَبَعْدَ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ أَخْرَجَهُمَا أَمْ لَا وَلَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُمَا أَوْ شَكَّ وَلَكِنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِبَقَائِهَا عَلَيْهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأَمَّا مَا لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا أَفَادَ عج ذَلِكَ كُلَّهُ (أَقُولُ) وَلَمْ أَرَ فِيمَا بِيَدِي مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَوْصَى بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَوْصَى بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ ثُمَّ لِفِطَرِ رَمَضَانَ ثُمَّ لِلتَّفْرِيطِ إلَخْ) قَالَ عج هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ أَخْرَجَهَا أَمْ لَا وَبِمَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ أَوْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ. (أَقُولُ) حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَوْصَى بِذَلِكَ وَشَارِحُنَا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ وَكَذَا مَا عَدَاهُ مِمَّا بِيَدِي وَقَوْلُهُ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ وَأَمَّا لَوْ أَشْهَدَ فِي الْمَرَضِ فَكَمَا لَوْ أَوْصَى بِخُرْجٍ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ اشْتَرَى مَعْطُوفٌ عَلَى مُتَعَلَّقِ الظَّرْفِ أَيْ اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ أَوْ اشْتَرَى لَا عَلَى الظَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ وَاشْتَرَى جُمْلَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ لِكَشَهْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ مُنْجَزًا أَوْ لِكَشَهْرٍ، فَيَجْرِي فِيمَنْ عِنْدَهُ وَفِيمَنْ يَشْتَرِي أَيْ وَيَتَحَاصُّونَ عِنْدَ الضِّيقِ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ أَيْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ شَمِلَ ثَلَاثَ صُوَرٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 183 إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِحُلُولِهَا عَلَيْهِ أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَبِبَقَائِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا، فَإِنَّهَا تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحُلُولِ، وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا لَمْ تُجْبَرْ الْوَرَثَةُ عَلَى إخْرَاجِهَا، وَلَمْ تَكُنْ فِي ثُلُثٍ، وَلَا رَأْسِ مَالٍ، وَأَمَّا زَكَاةُ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَيُؤْخَذَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ ثُمَّ يَلِي مَا تَقَدَّمَ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ الْمَاضِيَةِ، وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ كَزَكَاةِ الْعَيْنِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتَهُ فَأَوْصَى بِالْفِطْرَةِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أُمِرَ وَرَثَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا، وَلَمْ يُجْبَرُوا كَزَكَاةِ الْعَيْنِ تَحِلُّ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ يَلِي زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْإِخْرَاجِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ فِي الْخَطَأِ بِخِلَافِ قَتْلِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْعِتْقُ فِي الْخَطَأِ وَاجِبٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ أَيْ، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْعَمْدِ فَآخِرُ الْمَرَاتِبِ وَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ ثُمَّ يَلِي عِتْقَ الظِّهَارِ وَعِتْقَ الْقَتْلِ لِخَطَأِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ الْيَمِينِ كَفَّارَةُ فِطْرِ رَمَضَانَ عَمْدًا بِسَبَبِ أَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَاجِبَةٌ بِالْكِتَابِ، وَهَذَا أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ مُبْطِلُ الصَّوْمِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْفِطْرَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْجِمَاعِ، فَإِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَهُوَ أَحْرَى وَالْبِسَاطِيُّ نَظَرَ لِلَفْظِ فِطْرٍ فَخَصَّهُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ فِطْرِ رَمَضَانَ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ فِي قَضَائِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْفِطْرِ لِخَلَلٍ حَصَلَ بِهِ فِي ذَاتِ الصَّوْمِ وَكَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ لِتَأْخِيرِهِ فِي قَضَائِهِ عَنْ وَقْتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ آكَدُ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ التَّفْرِيطِ النَّذْرُ الَّذِي لَزِمَهُ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْإِطْعَامُ الْمَذْكُورُ وَجَبَ بِنَصِّ السُّنَّةِ فَهُوَ أَقْوَى ثُمَّ يَلِي النَّذْرَ الْمُبَتَّلُ مِنْ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَيْثُ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَوَّلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَتَّلِ مَا يَشْمَلُ الْعِتْقَ وَمَا بُتِّلَ مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَالْعَطِيَّةَ الْمُبَتَّلَةَ يُقَدَّمَانِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ يَلِي الْمُبَتَّلَ مِنْ الْعِتْقِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ كَمَرْزُوقٍ، أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ الْمُعَيَّنُ كَنَاصِحٍ لِأَجْلِ أَنْ يُعْتِقُوهُ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ إلَى شَهْرٍ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ فَعَجَّلَهَا وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَقْدِيمَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَحَاصُّونَ، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ الْمُبَتَّلِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِمْ بِخِلَافِهِمَا ثُمَّ يَلِي الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِأَنْ يُكَاتَبَ وَالْعَبْدُ الَّذِي أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ أَنْ يُعَجِّلَ الْعَبْدُ الْمَالَ وَالْعَبْدُ الَّذِي أَعْتَقَهُ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ يُرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ كَشَهْرٍ   [حاشية العدوي] ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مُؤَجَّلٍ وَيُعَجِّلَهُ أَوْ عَلَى مُعَجَّلٍ وَيُعَجِّلَهُ أَوْ يُطْلِقَ وَيُعَجِّلَهُ وَالظَّاهِرُ اسْتِوَاؤُهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ) فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ أَدْخَلَهَا عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ لَا تَظْهَرُ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَالْوَاجِبُ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَجِبْ بِالْكِتَابِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ مُبْطِلُ الصَّوْمِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْفِطْرُ فَتَكُونُ تِلْكَ الْإِرَادَةُ مَجَازِيَّةً وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ) فِيهِ أَنَّ الِالْتِفَاتَ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ يَقْضِي بِمُرَاعَاةِ إبْقَاءِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَإِنْ قُلْت قَصَدَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي عُمُومَ الْمَعْنَى قُلْت لَيْسَ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْبِسَاطِيُّ نَظَرَ لِلَّفْظِ فَخَصَّهُ) نَقُولُ لَا لَوْمَ عَلَى الْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْجِمَاعِ تُفْهَمُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ لَا يُقْصَدُ بِالْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الصِّحَّةِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيصَاءِ بِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْهِبَاتِ الَّتِي لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ فَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْعُمُومِ تَبِعَ فِيهِ تت قَائِلًا إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي نَذْرِ الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَرُتْبَتُهُ كَرُتْبَةِ مَا يَلِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُبَتَّلُ إلَخْ (أَقُولُ) وَهَؤُلَاءِ مَتَى قَالُوا شَيْئًا فَلَا يُعْدَلُ عَنْ كَلَامِهِمْ، فَيَكُونُ هُوَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ دُونَ كَلَامِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لتت. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ) فِيهِ أَنَّ التَّفْرِيطَ الْمُوجِبَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَمُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَالْإِطْعَامُ إلَخْ لَا تَظْهَرُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَلِي النَّذْرَ الْمُبَتَّلُ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّذْرَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلَهُ الْمُبَتَّلُ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا فِي الْمَرَضِ، فَيَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ وَذَلِكَ مَرْتَبَتُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إيصَاءٌ (قَوْلُهُ يُقَدَّمَانِ) أَيْ: عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا كَذَا فِي عج وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَلْ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَوْ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ) هَذَا لَفْظُ الْمُصَنِّفِ فَمُعَيَّنًا إمَّا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عِتْقٌ أَوْ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ الْمُوصَى وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ حَالٌ بَعْدَ حَالٍ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ مُعَيَّنًا أَوْ صِفَةٌ لِمُعَيَّنًا. (قَوْلُهُ وَيَتَحَاصُّونَ) أَيْ عِنْدَ الضِّيقِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِأَنْ يُكَاتَبَ) أَيْ: وَلَمْ يُعَجِّلْ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَمَاتَ الْمُوصَى قَبْلَ أَنْ يُعَجِّلَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ عَجَّلَهُ عَقِبَ الْمَوْتِ ثُمَّ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ مُقَابِلَ قَوْلِهِ أَوْ لَا أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ وَأَيْضًا هُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمُوصِي فَإِنَّهُ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَا فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ عِتْقَهُ وَإِنَّمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 بِدَلِيلِ مَا مَرَّ وَأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ عَلَى الْأَكْثَرِ أَيْ إنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَةٍ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ سَنَةٍ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْآخَرِ وَقُدِّمَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَعْبُدِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَةٍ لِأَنَّ عِتْقَهُمْ نَاجِزٌ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَةٍ قَدْ يَهْلِكُ قَبْلَ السَّنَةِ، فَلَا يُصِيبُهُ عِتْقٌ ثُمَّ يَلِي الْمُعْتَقَ إلَى سَنَةٍ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ أَعْتِقُوا عَبْدًا ثُمَّ تَلِيهِ الْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ عَنْ الْمُوصِي إنْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ صَرُورَةً أَمَّا إنْ كَانَ الْحَجُّ الْمُوصَى بِهِ صَرُورَةً أَيْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالصَّرُورَةَ يَتَحَاصَّانِ، وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ثُمَّ شُبِّهَ فِي التَّحَاصُصِ قَوْلُهُ. (ص) كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ وَجُزْئِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَعْتِقُوا عَبْدًا، أَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِعَبْدِهِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ قَالَ بِيعُوهُ لِفُلَانٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِإِضَافَةِ غَيْرِ إلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْعِتْقِ أَيْ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ غَيْرِ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ، أَوْ أَوْصَى بِنِصْفِ بَقَرَةٍ لِزَيْدٍ، أَوْ بِنِصْفِ جَمَلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْآخَرِ وَيَتَحَاصُّونَ، وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِتْقَ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ الْأَوَّلُ زَاحَمَهُ حَجٌّ وَالثَّانِي زَاحَمَهُ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ أَوْ جُزْؤُهُ، فَلَا تَكْرَارَ . (ص) وَلِلْمَرِيضِ اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِثُلُثِهِ وَيَرِثُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْأَبَوَانِ، وَإِنْ عَلَوَا إلَخْ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ بِثُلُثِهِ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَيَرِثُهُ إنْ انْفَرَدَ أَوْ حِصَّتَهُ مَعَ غَيْرِهِ، فَلَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ يَرُدُّوهُ، فَإِنْ رَدُّوهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ، وَلَا يَرِثُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ، فَلَوْ تَلِفَ بَقِيَّةُ مَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُنْقَضْ عِتْقُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِلْمَرِيضِ إلَخْ، أَنَّهُ جَائِزٌ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ صُورَةُ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّبَرُّعِ الْمَجْهُولِ فِي ثُلُثِهِ وَالْبَاءُ فِي بِثُلُثِهِ لِلظَّرْفِيَّةِ وَوَجْهُ إرْثِهِ مَعَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ أَنَّهُ لَمَّا حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ مَا اشْتَرَاهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ أَيْضًا فَلَهُ شِرَاؤُهُ بِكُلِّ مَالِهِ، وَلَا يَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَيْثُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حِصَّةُ الْوَارِثِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَقَطْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ فَقَالَ الشَّيْخُ دَاوُد لَا يَرِثُ أَيْضًا لِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ. ، وَلَا يُقَالُ إجَازَةُ الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ   [حاشية العدوي] عَقِبَ الْمَوْتِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُنْجِزُ عِتْقَهُ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُؤَدِّهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِذَنْ فَلَا يُقَالُ لَهُ مُوصٍ إلَّا عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَعْبُدِ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَةٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَوْلَى السَّنَةُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ وَلَمْ يُعَجِّلْ وَكَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الْعِتْقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ مَرْتَبَتَهُمَا تَلِي مَرْتَبَةَ الْعِتْقِ لِشَهْرٍ وَأَنَّ مَرْتَبَةَ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ يُعَجِّلُهُ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ تَلِي مَرْتَبَةَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ. (تَنْبِيهٌ) : الْمَالُ إذَا عَجَّلَهُ لَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ طَرَأَ وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا إنْ عَجَّلَهُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ وَكَذَا مَا عَجَّلَهُ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُضَافُ لِمَالِ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يُعْتَبَرُ جَعْلُهُ فِي الثُّلُثِ هُوَ مَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا عَجَّلَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَمِنْ الْمَالِ كَذَا قَالَهُ مَنْ شَرَحَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَلِي الْمُعْتَقَ إلَى سَنَةٍ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ يَلِي الْمُعْتَقَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ . (قَوْلُهُ كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ) أَيْ: كَعِتْقِ عَبْدٍ لَمْ يُعَيَّنْ فَعَدَّ التَّعْيِينَ وَصْفَ الْعَبْدِ إلَّا الْعِتْقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. (قَوْلُهُ وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ: وَغَيْرُ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ أَيْ وَغَيْرُ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ كَمَا مَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِعَبْدِهِ الْفُلَانِيِّ وَقَوْلُهُ وَجُزْئِهِ أَيْ: جُزْءِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي شَرْحِ عب كَنِصْفِ الْبَقَرَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْحَمْرَاءِ لِزَيْدٍ أَيْ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ أَوْصَى بِنِصْفِ بَقَرَةٍ إلَخْ أَيْ بَقَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَيْ عِتْقَ الْعَبْدِ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ وَجُزْئِهِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهَا التَّحَاصُصُ عِنْدَ الضِّيقِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا عَيَّنَ ذَاتَ الْمُوصَى بِهِ كَهَذَا الثَّوْبِ أَوْ هَذَا الْعَبْدِ الْفُلَانِيِّ وَمَا إذَا عَيَّنَ عَدَدَهُ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عَشَرَةِ ثِيَابٍ لِفُلَانٍ وَقَصَرَهُ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ وَأَنَّهُ فِي الدَّنَانِيرِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُتَعَقَّبٌ اهـ. . (قَوْلُهُ وَلِلْمَرِيضِ اشْتِرَاءٌ إلَخْ) كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ حِصَّتُهُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَتَرِثُ حِصَّتَهُ مَعَ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقُصْ عِتْقُهُ إلَخْ) اعْتَرَضَ ذَلِكَ بَلْ يُنْقَضُ مِنْ عِتْقِهِ عِتْقُ مَا زَادَ عَلَى مَحْمَلِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ صُورَةُ مُعَاوَضَةٍ) أَيْ: لَا مُعَاوَضَةٌ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعْتِقُ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ انْتِفَاعٌ لَمْ تَكُنْ مُعَاوَضَةً حَقِيقَةً (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَا اشْتَرَاهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَخَاهُ وَكَانَ الْوَارِثُ لَهُ ابْنَ عَمٍّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ أَيْضًا) أَيْ: كَابْنٍ لِلْمَرِيضِ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ فَلَهُ شِرَاؤُهُ بِكُلِّ مَالِهِ) أَيْ وَبِالْبَعْضِ وَهُوَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ وَلَا يَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ: سَوَاءٌ أَجَازَ الْوَارِثُ أَمْ لَا وَذَلِكَ رَاجِعٌ لِلْبَعْضِ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ أَمَّا إنْ لَمْ يَزِدْ فَإِنَّهُ يَرِثُ ثُمَّ إنَّ فِي شِرَائِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ إشْكَالًا وَإِنْ كَانَ النَّصُّ هَكَذَا وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِهِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ إلَّا فِي الثُّلُثِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى إجَازَةِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 185 لَازِمَةٌ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ نَقْطَعْ بِاسْتِمْرَارِ تِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ الْمُورَثِ أَوْ تَغَيُّرِ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَمْ نَحْكُمُ بِالْإِرْثِ بِالْإِجَازَةِ الْأُولَى . (ص) لَا إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ وَعَتَقَ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيَرِثُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ لِأَنَّهُ حَالَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِرْثِ. (ص) وَقَدَّمَ الِابْنَ عَلَى غَيْرِهِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ فِي الْمَرَضِ وَبَتَّلَ عِتْقَ غَيْرِهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهِمَا، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي وَقْتَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلِابْنِ إذْ سَائِرُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ فِي الْمَرَضِ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ إنْ اشْتَرَاهُمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا فِي مَرَّتَيْنِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَكَذَلِكَ يَتَحَاصَّانِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ . (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ (ش) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِمَسْأَلَةِ خَلْعِ الثُّلُثِ، فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ دَارِهِ سِنِينَ، أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ ثُلُثَهُ لَا يَحْمِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَيْ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ رَقَبَةِ الدَّارِ، وَلَا قِيمَةَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ حِينَئِذٍ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ أَوْ يَدْفَعُوا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَيْنًا كَانَ، أَوْ عَرَضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَنْفَعَةَ مُعَيَّنٍ مِمَّا إذَا أَوْصَى بِنَفْسِ الْمُعَيَّنِ كَالدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ مَثَلًا، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً مِثْلُ مَا مَرَّ وَمَرَّةً يُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمَنْفَعَةٍ وَمُعَيَّنٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ عَلَى مَنْفَعَةٍ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ وَيَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ غَيْرُ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ أَيْ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ، كَأَنْ يُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ لِذَلِكَ الثُّلُثُ كَمَا مَرَّ مِنْ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَ الْوَارِثُ) أَيْ: بِأَنْ ارْتَدَّ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ كَأَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ أَقُولُ وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْمُعْتَمَدُ الْإِرْثُ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) : اُعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْمَرِيضِ بِأَنَّ فِيهِ إدْخَالَ وَارِثٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إدْخَالُهُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ كَتَزَوُّجِ الْمَرِيضِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْإِرْثُ مَوْجُودٌ قَطْعًا وَشِرَاؤُهُ إنَّمَا يُوجِبُ رَفْعَ مَانِعِ الْإِرْثِ وَأَيْضًا لَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ فِيهِ إدْخَالُ وَارِثٍ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ وَمَا هُنَا كَالِاسْتِلْحَاقِ بَلْ أَقْوَى . (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ الشِّرَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْصَى بِشِرَائِهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ إلَخْ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الِابْنَ يُقَدَّمُ. (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ) أَيْ فَحَمَلَا الْمُصَنِّفَ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ إذَا وَسِعَ الثُّلُثُ الْجَمِيعَ خَرَجَ الْجَمِيعُ وَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ قُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ التَّحَاصُصُ عِنْدَ الضِّيقِ وَبَقِيَ مَا إذَا بَتَّلَ عِتْقَ عَبْدٍ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ فَانْظُرْ أَيَّهُمَا يُقَدَّمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ) أَيْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ تَحَرَّزَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ الْقَطْعِ لَهُمْ بَتْلًا لَكِنْ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ لَا فِي كُلِّ مَتْرُوكِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُرْجَى رُجُوعُهُ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ فَيُرْجَى إذَا هَلَكَ رُجُوعُ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ ثُمَّ لَا يُعَارِضُ الْمُصَنِّفَ فِي الثَّالِثَةِ آخِرُ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ قَالَهُ فِي الْمَرَضِ فَكَمَا هُنَا. (قَوْلُهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: ثُلُثُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لَكِنْ لَا يُدْفَعُ لَهُ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ بَلْ يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ كَانَ ثُلُثُهُ يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمَنْفَعَةٍ وَمُعَيَّنٍ) أَيْ: أَوْصَى بِمَجْمُوعِ شَيْئَيْنِ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ وَبِمُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ كَأَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا نَصٌّ بِهَذَا الْحُكْمِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَّلَ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْإِيصَاءِ بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَنَفْسِ الْمُعَيَّنِ وَوَقَعَ التَّنْظِيرُ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ عَبْدُهُ أَوْ دَارُهُ حَيْثُ لَيْسَ لَهُ سِوَاهُ أَوْ لَيْسَ مِنْ التَّعْيِينِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ يُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَعِيدٍ مَثَلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِيصَاءِ بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَلَكِنْ تَارَةً بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ وَتَارَةً بِمُدَّةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا وَالْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً وَالشَّارِحُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا وَالْمُدَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَذَكَرْنَا مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْمُدَّةُ مُعَيَّنَةٌ وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ هِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ مُدَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَبْقَى صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَالْمُدَّةُ إمَّا مُعَيَّنَةٌ أَوْ مَجْهُولَةٌ وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِيهَا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب ذَكَرَ النَّصَّ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ ذِي الْمَنْفَعَةِ خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ إعْطَائِهِ مِنْ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَدْرَ مَحْمَلِ الثُّلُثِ اهـ. (أَقُولُ) وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ يُجْعَلُ لِذَلِكَ الثُّلُثِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ وَسَوَاءً كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ مُدَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 أَنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ . (ص) ، أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ كَمَا إذَا أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَهُ مَثَلًا وَيَدْفَعَ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الثُّلُثَ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ عَبْدٍ وَسَطٍ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ تَنْفِيذًا لِغَرَضِ الْمَيِّتِ أَوْ يَدْفَعُوا ثُلُثَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ النَّقْدِ وَالْعَرَضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ، أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا سَمَّى الثَّمَنَ أَمْ لَا وَمَعْنَى حَمْلِ الثُّلُثِ فِي هَذِهِ حَمْلُ الْمُسَمَّى إنْ سَمَّى، أَوْ قِيمَةُ الْمُوصَى بِهِ قِيمَةَ وَسَطٍ إنْ لَمْ يُسَمِّ وَعَدَمُ حَمْلِهِ عَدَمُ حَمْلِ ذَلِكَ. (ص) ، أَوْ يُعْتِقُ عَبْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ، أَوْ يَخْلَعَ ثُلُثَ الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ مَرْزُوقٍ مَثَلًا بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَالْحَالُ أَنَّ ثُلُثَهُ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُنْفِذُوا الْوَصِيَّةَ فَيَخْدُمَهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ ثُمَّ يَخْرُجَ جَمِيعُهُ حُرًّا أَوْ يُعْتِقُوا مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ الْآنَ بِثَلَاثٍ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ، وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ يُرْجَعُ لِلْمُوصَى بِهِ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْمُعَيَّنِ فِي الْأُولَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِي الْأُولَى قِيمَةُ ذِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ لَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ يَخْلَعُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَيَدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ، أَوْ يَخْلَعُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ فِي الْعَبْدِ فِي الثَّالِثَةِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ . (ص) وَبِنَصِيبِ ابْنِهِ، أَوْ بِمِثْلِهِ فَبِالْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِهِ، أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَأَجَازَ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ، فَإِنْ رَدَّهَا نَفَذَتْ فِي الثُّلُثِ وَمُرَادُهُ بِالْجَمِيعِ جَمِيعُ نَصِيبِ الِابْنِ وَهُوَ تَارَةً جَمِيعُ الْمَالِ إنْ اتَّحَدَ، أَوْ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ، أَوْ رُبُعُهُ وَهَكَذَا إنْ تَعَدَّدَ لَكِنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَمَا كَانَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ، فَإِذَا كَانَ الِابْنُ وَاحِدًا وَأَجَازَ أُخِذَ جَمِيعُ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ أُخِذَ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ وَأَجَازَا أُخِذَ النِّصْفُ، وَإِلَّا أُخِذَ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ بَنِينَ أُخِذَ الثُّلُثُ أَجَازُوا أَمْ لَا. (ص) لَا اجْعَلُوهُ وَارِثًا مَعَهُ أَوْ أَلْحِقُوا بِهِ فَزَائِدًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ اجْعَلُوا زَيْدًا مَثَلًا وَارِثًا مَعَ ابْنِي، أَوْ قَالَ أَلْحِقُوهُ بِهِ أَوْ أَلْحِقُوهُ بِمِيرَاثِي وَاجْعَلُوهُ مِنْ عِدَادِ، وَلَدِي أَوْ وَرِّثُوهُ مِنْ مَالِي أَوْ نَزِّلُوهُ مَنْزِلَةَ وَلَدِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَجَازَ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّ زَيْدًا الْمُوصَى لَهُ يُقَدَّرُ زَائِدًا وَتَكُونُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَهُوَ كَابْنٍ رَابِعٍ وَهَكَذَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ وَثَلَاثُ إنَاثٍ لَكَانَ كَرَابِعٍ مَعَ الذُّكُورِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِأُنْثَى لَكَانَتْ كَرَابِعَةٍ مَعَ الْإِنَاثِ فَقَوْلُهُ فَزَائِدًا أَيْ عَلَى مُمَاثِلِهِ . (ص) وَبِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ فَبِجُزْءٍ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَتَرَكَ رِجَالًا أَوْ تَرَكَ رِجَالًا وَإِنَاثًا، فَإِنَّ الْمَالَ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ثُمَّ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ جُزْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْخُذُهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَلَهُ النِّصْفُ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ أَرْبَعَةً فَلَهُ الرُّبُعُ ثُمَّ إنَّ مُتَعَلَّقَ بِجُزْءٍ مَحْذُوفٌ أَيْ حَاسَبَ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ فَبِسَهْمٍ مِنْ فَرِيضَتِهِ. (ص) وَبِجُزْءٍ، أَوْ سَهْمٍ فَبِسَهْمٍ مِنْ فَرِيضَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ جُزْءٌ مِنْ مَالِي أَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّهُ يُعْطَى سَهْمًا مِنْ أَصْلِ فَرِيضَتِهِ لَا مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ إذَا انْكَسَرَتْ السِّهَامُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَ أَصْلُ فَرِيضَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ فَسَهْمٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَسَهْمٌ مِنْهَا فَقَوْلُهُ مِنْ فَرِيضَتِهِ أَيْ مِنْ أَصْلِهَا، وَلَوْ عَائِلَةً، فَإِذَا كَانَ أَصْلُهَا مَثَلًا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَعَالَتْ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْعَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ التَّأْصِيلِ . (ص) وَفِي كَوْنِ ضِعْفِهِ مِثْلَهُ، أَوْ مِثْلَيْهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي   [حاشية العدوي] لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ [أَوْصَى لَهُ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ] (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّ الثُّلُثَ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ عَبْدٍ وَسَطٍ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ حَمْلِ الثُّلُثِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَخْلَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِأَوْ بَلْ الْمَحَلُّ لِلْوَاوِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْأُمُورِ. (قَوْلُهُ الْآنَ بَتْلًا) وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْعِتْقِ مِنْ الْآنَ قَيَّدُوا الْمَسْأَلَةَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ شَهْرٍ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِهِ بِالْمَوْتِ فَأَمْرُهَا وَاضِحٌ قَالَ فِي ك قَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ أَيْ ثُلُثُ التَّرِكَةِ كُلِّهَا أَوْ ثُلُثُ مَا حَضَرَ مِنْهَا إنْ كَانَ فِيهَا حَاضِرٌ وَغَائِبٌ وَلَا بُدَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ عَرَضٌ غَائِبٌ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مِنْ مَسَائِلِ خَلْعِ الثُّلُثِ وَكَذَا فِي الثَّالِثَةِ كَمَا قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ . (قَوْلُهُ وَأَجَازَ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَقُومَ بِالْوَلَدِ مَانِعٌ وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ فَلَوْ كَانَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَ وَاحِدٌ فَإِنَّ لَهُ الثُّلُثَ إنْ لَمْ يُجِيزَا فَإِنْ أَجَازَا أَخَذَ النِّصْفَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ بَطَلَتْ بِمَثَابَةِ مَنْ قَالَ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنْمَ لَهُ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ يُقَدَّرُ زَائِدًا إلَخْ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ زَائِدًا مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يُقَدَّرُ زَائِدًا وَإِنْ شِئْت قُلْت يُعَدُّ زَائِدًا أَوْ يُجْعَلُ زَائِدًا . (قَوْلُهُ وَتَرَكَ رِجَالًا أَوْ تَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً) سَكَتَ شَارِحُنَا عَمَّا إذَا تَرَكَ إنَاثًا فَقَطْ وَكَذَا فِي ك لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا إذَا تَرَكَ إنَاثًا فَقَطْ وَلَكِنْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ الْعُمُومُ حَيْثُ قَالَ أَيْ: ذَوِي وَرَثَتِهِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. (قَوْلُهُ مِنْ أَصْلِهَا) فَلَوْ حَصَلَ انْكِسَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُنْظَرُ لَهُ. (قَوْلُهُ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إلَّا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ قَالَ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ فَرِيضَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ سَهْمٍ فَرَضَهُ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 187 أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِضَعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَأَجَازَ فَهَلْ يُعْطَى لِزَيْدٍ نَصِيبُ ابْنِهِ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ تَرَدُّدٌ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَشَيْخِهِ لِأَنَّهُ قَوَّى كَلَامَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ قَدْرُهُ مَرَّتَيْنِ فَهُوَ مُرْتَضٍ لَهُ وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ خِلَافَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَابْنُ الْقَصَّارِ وَشَيْخُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِذَا تَعَدَّدَ الِابْنُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ ابْنَتَانِ، أَوْ مَعَهُ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِشَخْصٍ وَلِآخَرَ بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُعْطَى نَصِيبَ الِابْنِ وَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُعْطَى الْجَمِيعَ مِنْ مِثْلَيْ نَصِيبِهِ (ص) وَبِمَنَافِعِ عَبْدٍ وُرِثَتْ عَنْ الْمُوصَى لَهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يُحَدِّدْهَا بِزَمَنٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يَخْدُمُهُ طُولَ حَيَاتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ، فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَرِثُونَهَا بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا لَمْ يُحَدِّدْهَا وَأَطْلَقَ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ خِدْمَتَهُ حَيَاةَ الْعَبْدِ فَقَوْلُهُ وَبِمَنَافِعِ عَبْدِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ وُرِثَتْ جَوَابُ الشَّرْطِ. (ص) ، وَإِنْ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَنْ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِسَيِّدِهِ، أَوْ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بَيْعُهُ إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ لَا إنْ بَقِيَ الْجُمُعَةَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جَمْعَةً، وَهَذَا عَلَى فَتْحِ الْجِيمِ وَعَلَى كَسْرِهَا يَصِيرُ التَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ إجَارَةُ مَالِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ . (ص) ، فَإِنْ قَتَلَ فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ، أَوْ الْقِيمَةُ، كَأَنْ جَنَى إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُخْدَمُ، أَوْ الْوَارِثُ فَتَسْتَمِرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُخْدَمَ إذَا قَتَلَ فَلِوَارِثِ الْمُوصِي الْقِصَاصُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا لَهُ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ، وَلَا كَلَامَ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي الْخِدْمَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ بِالْقَتْلِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ، وَكَذَا إذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ، فَإِنَّ الْكَلَامَ أَيْضًا لِوَارِثِ الْمُوصِي بِكَسْرِ الصَّادِ إنْ شَاءَ أَسْلَمَهُ أَوْ فَدَاهُ، فَإِنْ فِدَاهُ اسْتَمَرَّتْ الْخِدْمَةُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ، أَوْ وَارِثُهُ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَ مَا فَعَلَهُ وَارِثُ الْمُوصِي وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ يَفْدُوهُ وَتَسْتَمِرَّ الْخِدْمَةُ فَقَوْلُهُ، كَأَنْ جَنَى تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلِلْوَارِثِ إلَخْ، أَيْ وَبَطَلَتْ الْخِدْمَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْوَارِثُ أَيْ وَارِثُ الْمُوصِي، أَوْ الْمُوصَى لَهُ. (ص) وَهِيَ مُدَبَّرٌ إنْ كَانَ بِمَرَضٍ فِي الْمَعْلُومِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ لَا يَدْخُلَانِ إلَّا فِي الْمَالِ الَّذِي عَلِمَ بِهِ الْمُوصِي يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فَيُنْظَرُ هَلْ يَحْمِلُهُمَا ثُلُثُهُ، أَوْ لَا، فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَمَنْ دَبَّرَ فِي صِحَّتِهِ أَيْ فَيَدْخُلُ فِي الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُوصِي أَيْضًا وَبِعِبَارَةٍ فِي الْمَعْلُومِ أَيْ لِلْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ مَالٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَلَا بَعْدَهَا حَتَّى مَاتَ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا، وَلَا مُدَبَّرُ الْمَرَضِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ يَدْخُلُ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ أَنَّ الصَّحِيحَ قَصَدَ عِتْقَهُ مِنْ مَجْهُولٍ إذْ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ تَدْبِيرِهِ وَمَوْتِهِ السُّنُونَ الْكَثِيرَةُ وَالْمَرِيضُ يَتَوَقَّعُ الْمَوْتَ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا قَالَهُ، فَإِنَّمَا قَصْدُهُ أَنْ تَجْرِيَ أَفْعَالُهُ فِيمَا عَلِمَ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْمَجْهُولِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَازِمٌ بِخِلَافِهَا وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ يَكُونُ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ الْوَصَايَا. (ص) وَدَخَلَتْ فِيهِ وَفِي الْعُمْرَى   [حاشية العدوي] مَا يَقُومُ مِنْهُ الْفَرَائِضُ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ يَقُومُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ النِّصْفُ وَكَذَا الثَّلَاثَةُ يَقُومُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَالْأَرْبَعَةُ يَقُومُ مِنْهَا فَرْدَانِ النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالسِّتَّةُ يَقُومُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ النِّصْفُ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ الْأَقْرَبُ . (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَوَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَهَذَا فِي نَفْسِي أَقْوَى مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَكِنْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ ضِعْفُ الشَّيْءِ مِثْلُهُ وَضِعْفَاهُ مِثْلَاهُ وَأَضْعَافُهُ أَمْثَالُهُ ثُمَّ قَالَ هُوَ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ اهـ. (أَقُولُ) وَالشَّأْنُ فِي ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِهِ خِلَافُ ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يُعَيِّنْ شَيْخَهُ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِي (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَابْنُ الْقَصَّارِ وَشَيْخُهُ إلَخْ) أَيْ فَحَسُنَ التَّعْبِيرُ بِالتَّرَدُّدِ أَيْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ نَصٌّ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا تَعَدَّدَ الِابْنُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ، فَيَتَّفِقُ قَوْلَا التَّرَدُّدِ عَلَى إعْطَاءِ الْمُوصَى لَهُ الْمَتْرُوكَ كُلَّهُ بِشَرْطِ الْإِجَازَةِ فِي جَمِيعٍ. (قَوْلُهُ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لَهُ فِي التَّقْرِيرِ. (قَوْلُهُ مِنْ مِثْلَيْ نَصِيبِهِ) بَيَانٌ لِلْجَمِيعِ . (قَوْلُهُ وُرِثَتْ عَنْ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى حَيَاةَ الْمُخْدَمِ بِالْفَتْحِ . (قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَ) أَيْ: الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ حَيَاةَ الرَّجُلِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَفْدُوهُ وَتَسْتَمِرُّ إلَخْ) فَإِذَا كَانَتْ الْخِدْمَةُ مُعَيَّنَةً بِمُدَّةٍ وَتَمَّتْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا فَدَاهُ بِهِ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثُهُ بَقِيَّةَ الْفِدَاءِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ رِقًّا. (قَوْلُهُ وَمُدَبَّرٌ إلَخْ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُدَبَّرِ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ فِي الْمَعْلُومِ) فَإِنْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ وَالْمُوصَى لَهُ فِي الْعِلْمِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلُوا فَلِلْمُوصَى لَهُ بِيَمِينٍ وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَ. (قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ فِيهِ) فَيُبَاعُ لِأَجْلِهَا وَكَذَا كُلُّ مَرْتَبَةٍ مِنْ الْوَصَايَا تَأَخَّرَتْ فِي الْإِيصَاءِ عَمَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَيَدْخُلُ السَّابِقُ فِيهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 188 (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمُوصِي وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ إذَا بَطَلَ بَعْضُ تَدْبِيرِهِ لِضِيقِ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي الْعُمْرَى الرَّاجِعَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ فِي الْحَبْسِ الرَّاجِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي الْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا رَجَعَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَى الشَّيْءُ الْمُعَمَّرُ لَا الْمَصْدَرُ وَبِعِبَارَةٍ وَدَخَلَتْ فِيهِ أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا أَيْ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَ الْوَصِيَّةِ فِي مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَفِي مُدَبَّرِ الْمَرَضِ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ عَلَى كُلٍّ كَفَكِّ الْأَسِيرِ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةً وَكَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ مِائَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ تَدْبِيرُ الْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَيَدْخُلُ مَا زَادَ مِنْ فَكِّ الْأَسِيرِ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَحِينَئِذٍ، فَلَا إشْكَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ ح غَيْرُ ظَاهِرٍ . (ص) وَفِي سَفِينَةٍ، أَوْ عَبْدٍ شُهِرَ تَلَفُهُمَا ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ قَوْلَانِ لَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ السَّفِينَةَ إذَا اُشْتُهِرَ عِنْدَ النَّاسِ تَلَفُهُمَا قَبْلَ صَدْرِ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ سَلَامَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي هَلْ تَدْخُلُ فِيهِمَا الْوَصَايَا، أَوْ لَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَوَاهُمَا أَشْهَبُ عَنْهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذُكِرَ، وَأَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ فِيهِ كَمَا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّ الْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ مَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ، وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ، فَإِنَّ الْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ فِيهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّدَّ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ حَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَعَلِمَ بِذَلِكَ دَخَلَتْ الْوَصَايَا فِيهِمَا، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَرَضِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي صِحَّتِهِ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا فَالْمُرَادُ لَا فِي إقْرَارِهِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلٍّ) أَيْ: مِنْ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقَوْلُهُ كَفَكِّ أَسِيرٍ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَقَوْلُهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْ أَوْ يُسَاوِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ مِائَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ مَا زَادَ مِنْ فَكِّ الْأَسِيرِ) أَيْ: عَلَى الثُّلُثِ أَيْ: أَوْ تُسَاوَى لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ إلَخْ) أَيْ وَاَلَّذِي قِيلَ فِي مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ يُقَالُ فِي مُدَبَّرِ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ إلَخْ نَذْكُرُ لَك عِبَارَةَ الْحَطَّابِ لِتَعْرِفَ مِنْهَا الْإِشْكَالَ وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ إذَا بَطَلَ بَعْضُهُ هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَوْضِيحِهِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَرَّهُ فِي ذَلِكَ كَلَامُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ كَفَكِّ الْأَسِيرِ وَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا وَمَا ذُكِرَ مَعَ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ عَلَى أَشْيَاءَ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَمَا مَعَ ذَلِكَ وَيُشَارِكُهُ فِي رُتْبَتِهِ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ فَإِذَا فُرِضَ ضِيقُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثَ بَطَلَ التَّدْبِيرُ الَّذِي فِي الْمَرَضِ وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ مَا يَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَيْهِ كَالْوَصَايَا بِالْمَالِ فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ جَمِيعَهُ فَاسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثَ نَفَذَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَ الْمُدَبَّرِ نَفَذَ مِنْهُ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَرَجَعَ الْبَاقِي رَقِيقًا لِلْوَرَثَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا هُوَ فِي مَرْتَبَتِهِ وَهُوَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ، فَيَعْتِقُ جُزْءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرَ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِي ذَلِكَ اهـ. (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ عج كَمَا تَبِعَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَطَّابَ إنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَقَدْ بَطَلَ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ لَا كُلُّهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَصَايَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدَخَلَتْ الْوَصَايَا بِالْجَمْعِ صَحِيحٌ وَعِجْ التَّابِعُ لَهُ شَارِحُنَا فَرْضُهُ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَتَقَدَّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ فَكُّ الْأَسِيرِ فَلِذَلِكَ قُلْت الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدَخَلَتْ أَيْ الْوَصَايَا بِالْجَمْعِ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا أَرَادَ الْجِنْسَ الْمُتَحَقِّقَ فِي وَاحِدٍ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِعَجِّ وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَ الْوَصَايَا وَيَكُونُ مُرَادُهُ بِالْوَصِيَّةِ خُصُوصَ الْوَصِيَّةِ بِفَكِّ الْأَسِيرِ وَلَمَّا فَرَضَ الْحَطَّابُ الْكَلَامَ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَقَدْ بَطَلَ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ وَرَجَعَ بَاقِيهِ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ قَالَ الْحَطَّابُ إذَا رَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ كَيْفَ يَصِحُّ دُخُولُ وَصِيَّتِهِ فِيمَا كَانَ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ هَذَا وَجْهُ الْإِشْكَالِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ شَارِحُنَا بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ وَقَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْ الْمُسْتَشْكِلُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا وَحَاصِلُ جَوَابِ شَارِحِنَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الثُّلُثَ إذَا كَانَ لَا يَحْمِلُ إلَّا فَكَّ الْأَسِيرِ كَمَا إذَا كَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ بِمِائَةٍ وَهِيَ ثُلُثُ الْمَالِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمُدَبَّرُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي أُخِذَ ثُلُثُهُ وَفُكَّ بِهِ الْأَسِيرُ فَظَهَرَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ دَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِفَكِّ الْأَسِيرِ فِي الْمُدَبَّرِ أَيْ: فِي قِيمَتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لُوحِظَتْ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَيِّتِ جَمِيعِهِ الَّذِي أُخِذَ ثُلُثُهُ وَفُكَّ بِهِ الْأَسِيرُ . (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذُكِرَ) بَلْ وَكَذَلِكَ قِرَاضٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَرْسَلَهُمَا وَشُهِرَ تَلَفُهُمَا ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ) أَيْ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ) وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ وَغَيْرُ الْمَعْرُوفِ هُوَ الدُّخُولُ. (تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُحَاصِصُ أَرْبَابَ الدُّيُونِ وَمَا نَابَهُ يَرْجِعُ مِيرَاثًا يُقْسَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ فِيهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي صِحَّتِهِ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا) أَيْ كَإِقْرَارِ السَّفِيهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 الْبَاطِلِ . (ص) ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ أَوْ قَرَأَهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ، أَوْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا لَمْ تَنْفُذْ (ش) الْمُرَادُ بِالْعَقْدِ هِيَ الْوَرَقَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْوَصِيَّةُ، فَإِذَا وُجِدَتْ وَثِيقَةٌ مَكْتُوبَةٌ بِخَطِّ الْمَيِّتِ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهَا خَطُّ الْمُوصِي وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ، وَلَمْ تَنْفُذْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا يُعْمَلُ بِهَا لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ وَمِثْلُهُ إذَا قَرَأَهَا عَلَى الشُّهُودِ، وَلَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا، أَوْ قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَنْفِذُوهَا، فَإِنَّهَا تَنْفُذُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَوْلُهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ أَيْ، وَلَمْ يُشْهِدْ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَقَوْلُهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ، وَلَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا . (ص) وَنُدِبَ فِيهِ تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالشَّهَادَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَذْكُرَ مَا يُوصِي بِهِ قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ أَيْ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْبَسْمَلَةَ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِالتَّشَهُّدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِاللِّسَانِ أَوْ مَكْتُوبَةً. (ص) ، وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ، وَلَا فُتِحَ وَتَنْفُذُ، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْمُوصِي بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُفْتَحْ الْكِتَابُ، وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ إذَا قَالَ لَهُمْ اشْهَدُوا بِمَا فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَقَوْلُهُ، وَلَهُمْ أَيْ يَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ الشَّهَادَةِ إنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُمْ مَقَامَهُمْ فَالْوُجُوبُ أَمْرٌ عَارِضٌ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ الَّذِي فِي الْوَصِيَّةِ عِنْدَهُ . (ص) ، وَإِنْ شَهِدَا بِمَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ فَلِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ فَفُتِحَتْ، فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ فَلِلْمَسَاكِينِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا وَقَالَ الْمُوصِي لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا بِمَا فِيهَا لِي وَعَلَى مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَفُتِحَتْ الْوَصِيَّةُ، فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَلِلْمَسَاكِينِ أَوْ الْفُقَرَاءِ مَثَلًا، فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ يُقْسَمُ بَيْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِاثْنَيْنِ فَقَطْ، فَإِنَّ الثُّلُثَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. (ص) وَكَتَبْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ، أَوْ أَوْصَيْته بِثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ يُصَدَّقُ إنْ لَمْ يَقُلْ لِابْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ وَصِيَّتِي كَتَبْتهَا وَهِيَ عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَوْصَيْته بِثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ -   [حاشية العدوي] (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُشْهِدْ) أَيْ: لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا لِلْوَرَثَةِ تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْعَقْدِ هِيَ الْوَرَقَةُ إلَخْ) أَقُولُ وَحِينَئِذٍ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ مَا فِيهَا خَطُّهُ لَا أَنَّ ذَاتَ الْوَرَقَةِ هِيَ خَطُّهُ. (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ، فَيَقُولَ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ أَيْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَقَوْلُهُ أَنْفِذُوهَا. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَكْتُبُ لِيَتَرَوَّى وَقَوْلُهُ أَوْ قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فَكَانَ يَقُولُ وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا) أَيْ: أَشْهَدَهُمْ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ: لِمَسْأَلَةِ الثُّبُوتِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَرَأَهَا وَقَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ، فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ أَوْ يَحْصُلُ قِرَاءَةٌ لِلْوَصِيَّةِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْفِيَ الْإِشْهَادَ وَقَوْلَهُ أَنْفِذُوهَا أَوْ يُوجَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيَبْقَى صُورَتَانِ مَفْهُومَتَانِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَذَلِكَ بِأَنْ يُوجَدَ مَعَ الثُّبُوتِ أَوْ الْإِقْرَارِ الْأَمْرَانِ مَعًا الْإِشْهَادُ وَقَوْلُهُ أَنْفِذُوهَا أَيْ بِلَفْظِهِ وَأَمَّا كِتَابَةً فَلَا عِبْرَةَ بِهَا (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِيهِ) أَيْ الْإِيصَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ) أَيْ: كِتَابَةً (قَوْلُهُ ثُمَّ يَذْكُرَ مَا يُوصِي بِهِ) قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَيُوصِي أَهْلَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنْ يُقَدِّمَ الْبَسْمَلَةَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ عج وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ الْبُدَاءَةُ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمَا وَلَكِنَّ حَدِيثَهُمَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِهِمَا وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي وَصَايَا مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ اهـ. أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ خُصُوصُهُمَا وَأَنَّ الِابْتِدَاءَ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الذِّكْرِ حَمْلًا لِلْمُقَيَّدِينَ عَلَى الْمُطْلَقِ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ (أَقُولُ) وَسَكَتُوا عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُهَا مَعَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِاللِّسَانِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ) أَقُولُ وَانْظُرْ مَا الْأَوْلَى مِنْهُمَا وَهَلْ يُنْدَبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَيْ: بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُهُمَا مَنْدُوبًا وَاحِدًا أَوْ يَكُونُ أَتَى بِمَنْدُوبَيْنِ أَوْ لَا يُنْدَبُ الْجَمْعُ بَلْ الْمَنْدُوبُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُ الْمُصَنِّفِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُنْدَبُ تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ قَوْلًا، فَيَقُولُ قَبْلَ إيصَائِهِ أَشْهَدُ إلَخْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَقِبَ الْمُصَنِّفِ أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَكْتُبَ الشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَحَرِّرْهُ نَقْلًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَيْهَا حَلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَمْ يُقَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ وَلَا فَتَحَ) وَأَمَرَ أَنْ لَا يُفَضَّ حَتَّى يَمُوتَ أَيْ: وَلَكِنْ عَرَفُوا الْكِتَابَ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ إذَا قَالَ لَهُمْ اشْهَدُوا) أَيْ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهُمْ أَنْفِذُوهَا حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِي الْكِتَابِ. (قَوْلُهُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ رَاجِعٌ لِلْوَصِيَّةِ وَلَكِنْ عَلَى حَذْفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ أَيْ: فَالْمَوْصُوفُ بِالْكَيْنُونَةِ عِنْدَهُ نَفْسُ الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ لَا حَقِيقَةُ الْوَصِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَقُولُ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَانَتْ أَيْ الْوَصِيَّةُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْكِتَابِ . (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْمَسَاكِينِ) الْمُرَادُ جِهَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ وَمَا بَقِيَ فَلِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْأَرَامِلِ قُسِمَ نِصْفَيْنِ نِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهُ لِلْبَاقِينَ. (قَوْلُهُ وَكَتَبْتُهَا عِنْدَ فُلَانٍ إلَخْ) فِي الْكَلَامِ حَذْفُ أَدَاةِ الشَّرْطِ وَفِعْلِ الشَّرْطِ وَحَذْفُ فِعْلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقُلْ لِابْنِي أَيْ، أَوْ قَالَ إنَّمَا أُوصِي بِالثُّلُثِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِابْنِي، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ، وَأَمَّا الْقَلِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ، رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِابْنِهِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مُتَّهَمٍ عَلَيْهِ (ص) وَوَصِيٌّ فَقَطْ يَعُمُّ وَعَلَى كَذَا يَخُصُّ بِهِ كَوَصِيٍّ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَصِيِّي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَيُزَوِّجُ صِغَارَ بَنِيهِ وَمَنْ بَلَغَ مِنْ الْكِبَارِ مِنْ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ بِإِذْنِهِنَّ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ يُعَيِّنَ الزَّوْجَ وَالثَّيِّبَ بِأَمْرِهَا فَيُقَيَّدُ عُمُومُ مَا هُنَا بِمَا مَرَّ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعُمُومِ مَا إذَا كَانَ الْمُوصِي وَصِيًّا عَلَى أَيْتَامٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ لِلْوَصِيِّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُونَ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَى دُخُولِهِمْ، وَإِذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ، فَإِنَّ نَظَرَ الْوَصِيِّ يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا إذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لَكِنْ إلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ، فَإِذَا قَدِمَ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَصِيًّا وَيَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْقُدُومِ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْقَادِمُ الْوَصِيَّةَ إلَّا لِقَرِينَةٍ، فَلَوْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ بَلْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَسْتَمِرُّ عَلَى حَالِهَا وَقَوْلُهُ (أَوْ إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجَتِي) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ زَوْجَتِي، وَلَوْ أَتَى بِهِ لَأَسْقَطَ هَذَا الدَّالَّ أَيْ وَكَوَصِيَّتِي زَوْجَتِي إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ فَهِيَ مَا دَامَتْ عَزَبًا وَصِيَّةٌ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا، وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُوَافِقٌ لِمَا عِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ الْمُوَافِقِ لِلنَّقْلِ، وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ قَوْلَهُ، أَوْ إلَخْ، مَعْطُوفًا عَلَى حَتَّى يَقْدَمَ وَيَتَزَوَّجَ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة أَيْ وَكَوَصِيِّي إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَتِي فَهِيَ مَا دَامَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ يَكُونُ وَصِيًّا، وَإِذَا تَزَوَّجَهَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ مَعَ أَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ (ص) ، وَإِنْ زَوَّجَ مُوصٍ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ صَحَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جُعِلَ وَصِيًّا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ فَزَوَّجَ بَنَاتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُنَّ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ وَقَبْضِ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَمَفْعُولُ زَوَّجَ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَإِنْ زَوَّجَ مَنْ لَمْ تُجْبَرْ، وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ مَنْ تُجْبَرُ فَيُفْسَخُ أَبَدًا قَوْلُهُ: صَحَّ لِمَا لَمْ يُجْعَلْ التَّزْوِيجُ لِغَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَحَّ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ حَتَّى يَعْرِضَ الْأَمْرَ عَلَى الْإِمَامِ فَيُقَدِّمَهُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، أَوْ يُقَدِّمَ الْأَوْلِيَاءَ عَلَيْهِ . (ص) ، وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبٌ، أَوْ وَصِيُّهُ (ش) هَذَا   [حاشية العدوي] عَامِلِ الظَّرْفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ حَالًا مِنْ الْهَاءِ أَيْ كَتَبْتهَا حَالَ كَوْنِهَا عِنْدَ فُلَانٍ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَدْلًا أَوْ لَا قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ) هُوَ خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ عب وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُوصِي كَتَبْتهَا وَوَضَعْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ لِابْنِي قَائِلًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِكَتَبْتُهَا أَمَرْت فُلَانًا بِكَتْبِهَا وَهِيَ عِنْدَهُ فَأَنْفِذُوهَا وَعَلَيْهِ، فَيَرْجِعُ الشَّرْطُ الْآتِي لِهَذِهِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْته بِثُلُثِي ثُمَّ قَالَ ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ فِي مَسْأَلَةِ وَكَتَبْتهَا إلَخْ أَيْ بِمَعْنَيَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ إلَخْ أَنَّ هَذِهِ وَكَّلَهَا لِغَيْرِهِ وَأَمَرَ بِتَصْدِيقِهِ . (قَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ عُمُومُ مَا هُنَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيُبَيَّنُ إجْمَالُ مَا هُنَا بِمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ يَعُمُّ مُحْتَمِلٌ هَلْ مَعَ إجْبَارٍ أَوْ لَا فَبَيَّنَ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ بِأَنْ يَقُولَ تُزَوَّجُ الْكِبَارُ بِإِذْنِهِنَّ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ يُعَيِّنْ لَهُ الزَّوْجَ. (قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ وَصِيٌّ عَلَى الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ) أَيْ كَوَصِيٍّ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِي. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ إلَخْ) أَيْ: وَلِذَا قَالُوا إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَوَصِيٍّ إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي يَعُمُّ وَيَخُصُّ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي التَّصَرُّفِ خَاصَّةٌ فِي الزَّمَنِ فَهِيَ تُشْبِهُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الْعُمُومِ وَالْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْخُصُوصِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ) أَيْ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُوصِي إنْ قَدِمَ وَقَبِلَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَيْ: فَهِيَ مَا دَامَتْ عَزَبًا مَعْزُولَةٌ عَنْ الْإِيصَاءِ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْفَرْعَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ تَقْرِيرَ الْبِسَاطِيِّ صَحِيحٌ أَيْضًا كَالتَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ تَقْرِيرِ الْبِسَاطِيِّ بِمَا سَبَقَ وَهُوَ قَوْلُهُ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَثَلًا لَا خُصُوصُ الْقُدُومِ أَوْ حَتَّى يَتَزَوَّجَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ . (قَوْلُهُ فَزَوَّجَ بَنَاتِهِ) أَيْ: بِإِذْنِهِنَّ (قَوْلُهُ وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ أَيْ: فَذَلِكَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا زَوَّجَ الْعَمُّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ (قَوْلُهُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) أَقُولُ بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُوصًى عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ مَنْ تُجْبَرُ) أَيْ: بِأَنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ أَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِالْإِجْبَارِ فَوَقَعَ أَنَّ الْمُوصَى عَلَى التَّرِكَةِ زَوَّجَهَا لِغَيْرِ الزَّوْجِ الْمُعَيَّنِ أَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْإِجْبَارِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَا لَمْ يَجْعَلْ التَّزْوِيجَ لِغَيْرِهِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا أَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْإِجْبَارِ. (تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِخِلَافِ مُوصًى لَهُ بِدَفْعِ مِيرَاثِ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ فَلَهُ تَوَلِّي بُضْعِهَا بِإِذْنِهَا وَيَصِحُّ عَقْدُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الرَّفْعَ لِلْإِمَامِ لِيَنْظُرَ هَلْ الْأَوْلَى الْعَقْدُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَإِنَّمَا جَازَ فِي هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ وَصِيَّتِهِ بِهَا حَيْثُ جُعِلَ وَصِيًّا عَلَى مِيرَاثِهَا أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ جَعْلِهِ وَصِيًّا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ) أَيْ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَفْعَلَ قَدْ يُقَالُ حَيْثُ حَكَمَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ مُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ فَلَا دَاعِيَ إلَى الْعَرْضِ عَلَى الْإِمَامِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ لِلْمُوصِي حَقٌّ فِي الْجُمْلَةِ كَانَ ذَلِكَ مَظِنَّةً لِوُقُوعِ النِّزَاعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ فَلِذَلِكَ اُحْتِيجَ لِلْعَرْضِ عَلَى الْإِمَامِ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُوصِي إلَخْ) الْحَصْرُ فِي كَلَامِهِ مُخْرِجٌ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ فَلَا يُنَافِي فِي قَوْلِهِ كَأُمٍّ. (قَوْلُهُ أَوْ وَصِيُّهُ) أَيْ: إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْأَبُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 191 شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَصِيَّةِ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَإِقَامَةِ مَنْ يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآبَاءِ لَا بِغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَجْدَادِ وَالْإِخْوَةِ فَقَوْلُهُ، وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ أَبٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَبُ رَشِيدًا أَمَّا الْأَبُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُوَصَّى عَلَيْهِ، وَلَدُهُ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا ثُمَّ حَصَلَ لَهُ السَّفَهُ فَلَيْسَ لِلْأَبِ الْإِيصَاءُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا النَّاظِرُ لَهُ هُوَ الْحَاكِمُ، وَكَذَلِكَ يُوصَى عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَصِيُّ الْأَبِ وَوَصِيُّ وَصِيِّهِ، وَأَمَّا مُقَدَّمُ الْقَاضِي، فَلَا وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الصِّيغَةِ اتِّكَالًا عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِلَفْظٍ، أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى كَذَا يُخَصُّ بِهِ . (ص) كَأُمٍّ إنْ قَلَّ، وَلَا وَلِيَّ وَوَرِثَ عَنْهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْأُمَّ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوَصَّى عَلَى الصَّغِيرِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُوصَى فِيهِ قَلِيلًا كَسِتِّينَ دِينَارًا الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ، وَلَا وَصِيٌّ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَوْرُوثًا عَنْ الْأُمِّ لَا يُقَالُ الْأُمُّ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِنْهَا فَلِمَ كَانَ الْإِيصَاءُ لَهَا بِالتَّصَرُّفِ مَعَ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ قَائِمٌ مَقَامَهَا لِأَنَّا نَقُولُ الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا حُفِظَ عَنْهُ شُرُوطٌ فِي الْوَصِيِّ جَعَلَ لَهَا الْإِيصَاءَ لِلْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ الْمَحْفُوظَةِ عَنْ الشَّرْعِ فَلَيْسَ فِيهِ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْنَدْ إلَّا إلَى مَحْفُوظٍ بِخِلَافِ تَصَرُّفِهَا هِيَ بِنَفْسِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ تَصَرُّفِهَا خُصُوصًا الْأُنْثَى (ص) لِمُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ كَافٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا، فَلَا تُسْنَدُ الْوَصِيَّةُ لِصَبِيٍّ، وَلَا لِمَجْنُونٍ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَلَا تُسْنَدُ لِكَافِرٍ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ الْأَمَانَةُ وَالرِّضَا فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ الْعَدْلَ يُغْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ هَذَا لَوْ أَرَدْنَا بِالْعَدْلِ عَدْلَ الشَّهَادَةِ. (ص) ، وَإِنْ أَعْمَى وَامْرَأَةً وَعَبْدًا وَتَصَرَّفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمُكَلَّفِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ أَيْ، وَلَوْ كَانَ أَعْمَى، أَوْ امْرَأَةً بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، أَوْ زَوْجَةً لِلْمُوصِي، أَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ مُدَبَّرَةً، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ إلَى الْعَبْدِ بِشَرْطٍ أَنْ يَرْضَى سَيِّدُهُ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِي عَبْدًا مُدَبَّرُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ قَوْلُهُ: وَعَبْدًا وَأَوْلَى الْأَمَةُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُحْسِنَ الْقِيَامَ بِأَوْلَادِ سَيِّدِهَا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ فَقَوْلُهُ بِإِذْنٍ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِتَصَرُّفٍ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَبْلَ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ تَصَرُّفٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَقَبِلَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِتَصَرُّفٍ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِي الْقَبُولِ . (ص) ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ مُوصًى اُشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَتَرَكَ رَقِيقًا جَعَلَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِيًّا عَلَى الْأَصَاغِرِ وَأَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ حِصَّتِهِمْ مِنْ الرَّقِيقِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَى لِلْأَصَاغِرِ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَحْمِلُهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا ذَلِكَ حِصَّتُهُمْ وَأَضَرَّ بِهِمْ بَاعَ الْأَكَابِرُ حِصَّتَهُمْ مِنْهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْأَكَابِرِ وَيَأْبَوْا فَيُقْضَى عَلَى الْأَصَاغِرِ بِالْبَيْعِ مَعَهُمْ (ص) وَطُرُوُّ الْفِسْقِ يَعْزِلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِسْقَ إذَا طَرَأَ عَلَى الْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ عَنْ الْإِيصَاءِ   [حاشية العدوي] مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مُقَدَّمُ الْقَاضِي فَلَا) (تَنْبِيهٌ) : إذَا قَدَّمَهُ الْقَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَلَهُ رَدُّ أَفْعَالِهِ ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ . (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ التَّصَرُّفِ وَالْإِيصَاءِ بَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ الْإِيصَاءُ، وَلَوْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَالْأُمِّ وَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْإِيصَاءِ كَالْأَبِ السَّفِيهِ [شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ] (قَوْلُهُ لِمُكَلَّفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُوصِي عَلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى أَسْنَدَ لِأَنَّ يُوصِي مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ) أَيْ: أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا مَرَضِيًّا فِيمَا وُجِّهَ إلَيْهِ فَرَجَعَ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْأَمَانَةَ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْوَصِيِّ عَلَى أَمْوَالِ الْيَتَامَى أَوْ عَلَى اقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ قَضَائِهِ خِيفَةَ أَنْ يَدَّعِيَ غَيْرُ الْعَدْلِ الضَّيَاعَ وَأَمَّا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمَيِّتِ كَالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالْعِتْقِ فَتَجُوزُ إلَى غَيْرِ الْعَدْلِ اهـ. وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إسْلَامِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ (أَقُولُ) وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَافٍ وَمَعْنَاهُ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِظُهُورِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْعَدْلَ يُغْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ) فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ مُسْلِمٌ وَقَعَ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَكُونُ مَا بَعْدَهُ مُغْنِيًا عَنْهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا الْتَزَمَ الِاخْتِصَارَ كَانَ ذَلِكَ مَظِنَّةَ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِأَنَّك يَا مُصَنَّفُ لَمْ تَخْتَصِرْ إذْ يُمْكِنُك أَنْ تَسْتَغْنِيَ عَنْ قَوْلِك لِمُسْلِمٍ بِقَوْلِك عَدْلٍ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي عَبْدًا مُدَبَّرُهُ) أَيْ: مُدَبَّرُ الْمُوصِي . (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْأَكَابِرَ) جَمْعُ أَكْبَرَ قِيَاسًا وَجَمْعُ كَبِيرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْكِبَارِ لَكَانَ أَدْفَعَ لِلَّبْسِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ) أَيْ بِالْقِيمَةِ فَلَوْ بِيعَ لِغَيْرِ الْأَصَاغِرِ فَهَلْ يُرَدُّ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْأَكَابِرِ) أَيْ: بِأَنْ يَضُرَّ بَيْعُ حِصَّةِ الْأَكَابِرِ مُفْرَدَةً. (قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الْأَصَاغِرِ بِالْبَيْعِ مَعَهُمْ) وَهَلْ يَنْعَزِلُ حِينَئِذٍ عَنْ الْوِصَايَةِ أَوْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ عب إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُقَامُ غَيْرُهُ فَقَدْ جَزَمَ بِالْعَزْلِ قَائِلًا فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يُعَدَّ لِلْوَصَايَا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْقَاضِي، فَيَجْعَلَهُ مُقَدَّمًا . (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ طُرُوِّ الْفِسْقِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَزْلٍ مِنْ الْقَاضِي وَالْمُرَادُ بِطُرُوِّ الْفِسْقِ عَدَمُ الْعَدَالَةِ فِيمَا وَلِيَ فِيهِ وَلَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُوجِبًا لِعَزْلِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ بَعْدَ طُرُوِّهِ وَقَبْلَ عَزْلِهِ بِالْفِعْلِ مَضَى عَلَى مَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ لَا عَلَى مُفَادِ الْمُصَنِّفِ ابْنِ رُشْدٍ يَعْزِلُ الْوَصِيَّ إذَا عَادَ الْمَحْجُورُ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي شَيْءٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ الْعَدَالَةُ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا (ص) ، وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَبْدًا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهِمْ، وَلَا التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ، وَلَا يُقْسَمُ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ رَقِيقًا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِالْأَصَاغِرِ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِمَصْلَحَةٍ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَائِبًا، فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَرْفَعُ إلَى السُّلْطَانِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ (ص) وَلِاثْنَيْنِ حَمْلٌ عَلَى التَّعَاوُنِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا فَالْحَاكِمُ، وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ، وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ، وَإِلَّا ضَمِنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَصِيَّةً مُطْلَقَةً، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَاوُنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا فِي التَّصَرُّفِ بِشَيْءٍ دُونَ صَاحِبِهِ أَمَّا إنْ قَيَّدَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمَا بِلَفْظٍ، أَوْ قَرِينَةٍ بِاجْتِمَاعٍ أَوْ انْفِرَادٍ، فَإِنَّهُ صَارَ إلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْحَيِّ فَإِمَّا تَرَكَهُ وَحْدَهُ، وَإِمَّا شَرَّكَ مَعَهُ غَيْرَهُ كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي بَيْعٍ، أَوْ تَرْشِيدٍ لِلْمَحْجُورِ أَوْ تَزْوِيجٍ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي الْأَصْلَحِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَإِمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ كَمَا لَهُمَا أَنْ يُوصِيَا مَعًا وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْوَصِيَّ الْوَاحِدَ لَهُ الْإِيصَاءُ كَمَا مَرَّ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْإِيصَاءُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ إيصَاءَ صَاحِبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِقَوْلِهِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ ظَاهِرٍ، وَلَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ بَعْدُ، وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا عَلِمْت وَحِينَئِذٍ فَاعْتِرَاضُ تت سَاقِطٌ وَبِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا التَّرِكَةَ شَطْرَيْنِ لِيَكُونَ شَطْرُهَا تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا يَنْظُرُ فِيهِ وَالشَّطْرُ الْآخَرُ تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَا ذَلِكَ، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ ضَامِنَيْنِ لِلْمَالِ أَيْ لِمَا ضَاعَ مِنْهُ، سَوَاءٌ ضَاعَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ عِنْدِهِمَا مَعًا أَمَّا ضَمَانُهُ لِمَا عِنْدَهُ فَلِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ فِيهِ، وَأَمَّا ضَمَانُهُ لِمَا عِنْدَ صَاحِبِهِ فَلِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الضَّمَانُ مِنْهُمَا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا اقْتَسَمَاهَا، فَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ، فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّةَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ مِنْ الْمَالِ . (ص) وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرُهُ بِالنَّظَرِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ وَعِيدِهِ وَدَفْعِ نَفَقَةٍ لَهُ قُلْت، وَإِخْرَاجِ فِطْرَتِهِ وَزَكَاتِهِ وَرَفْعٍ لِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَدَفْعٍ مَالِهِ قِرَاضًا، أَوْ بِضَاعَةً، وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ، وَلَا اشْتِرَاءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَتُعُقِّبَ بِالنَّظَرِ إلَّا كَحِمَارَيْنِ قَلَّ ثَمَنُهُمَا وَتَسَوَّقَ بِهِمَا الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ أَيْ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرِ كَخَوْفِ تَلَفِهِ، وَلَهُ أَنْ يَضَعَ مِنْ الدَّيْنِ   [حاشية العدوي] مِنْ أَحْوَالِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ طُرُوِّ الْفِسْقِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى عَزْلِ السُّلْطَانِ لَهُ قَالَ الْبَدْرُ وَالْفَرْقُ شَرَفُ مَنْصِبِ الْقَضَاءِ قَالَ فِي ك قَوْلُهُ وَطُرُوُّ الْفِسْقِ يَعْزِلُهُ أَيْ: يُوجِبُ عَزْلَهُ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السُّلْطَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَهَذَا لِمَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْعَدَالَةُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ مِثْلُ السُّلْطَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ الْمَخْزُومِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُجْعَلُ مَعَهُ آخَرُ. (قَوْلُهُ وَلَا التَّرِكَةَ) أَيْ: أَوْ شَيْئًا مِنْهَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصَايَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَالظَّاهِرُ رَدُّهُ إنْ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَائِبًا) أَيْ: فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَائِبًا وَبَعُدَتْ أَوْ امْتَنَعَ رُفِعَ لِلسُّلْطَانِ، فَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يَبِيعُ مَعَهُ لِلْغَائِبِ أَوْ يَقْسِمُ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ رُدَّ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَبْغِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِ غَزْلٍ أَوْ أَكْلِ طَعَامٍ وَكَانَ قَدْ أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَمْضِي وَهُوَ الْمُسْتَحْسَنُ أَوْ لَا وَهُوَ الْقِيَاسُ (أَقُولُ) وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ التَّعَرُّضِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُقْسَمُ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْ قِيلَ فِيهَا إنَّهَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي (وَأَقُولُ) فَإِنْ قُسِمَ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ وَتُرَدُّ وَالْمُشْتَرُونَ الْعَالِمُونَ غُصَّابٌ لَا غَلَّةَ لَهُمْ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ أَمْرَ الْغَائِبِ إنَّمَا يَحْكُمُ فِيهِ الْقُضَاةُ (قَوْلُهُ وَلِاثْنَيْنِ) أَيْ: بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَاقِبٍ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِزَمَنٍ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ كَالْوَصِيَّيْنِ (قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى التَّعَاوُنِ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا تَصَرُّفٌ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ بِاجْتِمَاعِهِمَا لِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَكِفَايَةِ الْآخَرِ وَلْيَكُنْ الْمَالُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جَعَلَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَكْفَئِهِمَا، وَلَوْ جَعَلَهُ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ كِلَاهُمَا عَدْلٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا عَلِمْت) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ. (قَوْلُهُ فَاعْتِرَاضُ تت سَاقِطٌ) أَيْ: حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يُرِيدُ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يُنَاقِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ) يُفِيدُ أَنَّ اقْتِسَامَهُمَا الصِّبْيَانَ جَائِزٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ . (قَوْلُهُ وَفِي خَتْنِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ فِي مُؤْنَتِهِ وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ، وَلَوْ قَالَ كَخَتْنِهِ وَعُرْسِهِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ كَخَوْفِ تَلَفِهِ) أَيْ: أَوْ ضَيَاعِهِ وَمَنْ هُوَ عَلَيْهِ مَأْمُونٌ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ اسْتِدْعَاءُ الْإِقْرَارِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مُنْكِرًا فَيُؤَخَّرُ لِيَسْتَدْعِيَ إقْرَارَهُ أَوْ يَرْجُوَ بِتَأْخِيرِهِ قَبْضَ جَمِيعِهِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَالِحَ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْوَضْعِ مِنْهُ أَوْ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ بَدَلَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 193 وَأَنْ يُصَالِحَ عَلَيْهِ لِخَوْفِ جُحُودٍ، أَوْ تَفْلِيسٍ وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُوصِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الطِّفْلِ، أَوْ السَّفِيهِ بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الْمَالِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي خَتْنِهِ وَفِي عُرْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فَأَكَلَ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى مَحْجُورِهِ فِي عَبْدِهِ مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَغَيْرِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَلَا يَدْعُو اللَّعَّابِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُنْفِقَ عَلَى اللَّعَّابِينَ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِمَحْجُورِهِ النَّفَقَةَ الْقَلِيلَةَ كَشَهْرٍ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يُتْلِفَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ، وَلَا يَقْبِضُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ نَفَقَةَ أُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ عَلَى الرَّاجِحِ فَقَوْلُهُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفَقَةٍ لَا بِدَفْعٍ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مَحْجُورِهِ وَعَنْ عَبْدِهِ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالِ مَحْجُورِهِ بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ لِلسُّلْطَانِ الَّذِي يَرَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى إنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ أَوْ يَخْشَى تَوْلِيَتَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِئَلَّا يَغْرَمَ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ أَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي لَا حَنَفِيَّ فِيهَا، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَحْجُورِهِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ إلَى مَنْ يَرَى الْوُجُوبَ لِلْأَمْنِ مِنْ رَفْعِهِ إلَى مَنْ لَا يَرَى الْوُجُوبَ فَيُضَمِّنُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْوَصِيُّ خَمْرًا فِي التَّرِكَةِ، فَلَا يُرِيقُهَا إلَّا بَعْدَ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى تَخْلِيلَهَا فَيُضَمِّنَهُ إذَا أَرَاقَهَا بِغَيْرِهِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ مَحْجُورِهِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَبِضَاعَةٍ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي تَنْمِيَةِ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ فِيهَا وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ مُضَارَبَةً، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْمَلَ هُوَ بِهِ لِنَفْسِهِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ لِئَلَّا يُحَابِيَ مِنْ نَفْسِهِ اهـ. وَالنَّهْيُ فِي كَلَامِهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى الْمُحَابَاةِ، فَإِنْ ارْتَكَبَ الْوَصِيُّ الْمَحْظُورَ وَاشْتَرَى، فَإِنَّهُ يُتَعَقَّبُ بِالنَّظَرِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّوقِ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَحَدٌ عَلَيْهِ أَخَذَهُ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ زَادَ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَهَلْ يَأْخُذُهُ بِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ، أَوْ حَتَّى يَزِيدَ كَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي يُرِيدُ الْوَصِيُّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حِمَارَيْنِ وَنَحْوَهُمَا قَلَّ ثَمَنُهَا كَثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ فَيَجُوزُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَنْتَهِيَ الرَّغَبَاتُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي السُّؤَالِ فَهُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ . (ص) ، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلَوْ قَبِلَ لَا بَعْدَهُمَا، وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَلِلْمُوصِي أَنْ يَعْزِلَ الْوَصِيَّ، وَلَوْ بِلَا جَرِيمَةٍ تُوجِبُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ إطْلَاقَ الْعَزْلِ عَلَى مَا قَبْلَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ) أَيْ: أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِقَ) أَيْ: فَاللَّامُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْإِنْفَاقَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَالِ) أَيْ: فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْكَثِيرِ دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يُسْرِفُ وَلَا يُوَسِّعُ عَلَى قَلِيلِهِ (قَوْلُهُ كَشَهْرٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَيَّامِ الْقَلِيلَةِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَا يَضُرُّ بِحَالِهِ وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَغَيْرِهِ وَدَفَعَ نَفَقَةً لَهُ قَلَّتْ كَنَفَقَةِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَا يَضُرُّ بِحَالِهِ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ إتْلَافَ ذَلِكَ فَنِصْفُ شَهْرٍ فَإِنْ خَافَ فَجُمُعَةٌ أَوْ يَوْمٌ بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفَقَةٍ لَا بِدَفْعٍ) أَيْ، فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَدْفَعُ لَهُ نَفَقَةَ أُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ كَمَا أَقَامَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ لَا يَدْفَعُ لِئَلَّا يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ إنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالِ مَحْجُورِهِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْوَلِيِّ لَا يَرَى الْإِخْرَاجَ وَمَذْهَبُ الصَّبِيِّ يَرَاهُ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْوَلِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْمَالِكِيَّ يَرْفَعُ لِلْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ لِيَحْكُمَ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ صَبِيٍّ فِي عَيْنٍ وَفِي مَعْلُوفَةٍ وَعَامِلَةٍ وَفِي حَرْثٍ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ وَأَمَّا فِي سَائِمَةٍ وَحَرْثٍ مَزْرُوعٍ بِأَرْضٍ لَا خَرَاجَ لَهَا فَلَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ إلَخْ) مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ مَالِكِيًّا أَمَرَهُ بِطَرْحِهَا وَإِنْ كَانَ يَرَى تَخْلِيلَهَا أَمَرَهُ بِتَخْلِيلِهَا لَكِنَّ هَذَا عِنْدَ جَهْلِ مَذْهَبِ الْحَاكِمِ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ مَذْهَبَ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ مَالِكِيًّا وَلَا يَخْشَى تَوْلِيَةَ مَنْ يَرَى التَّخْلِيلَ فَإِنَّهُ يُرِيقُهَا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَخْشَى تَوْلِيَتَهُ أَوْ كَانَ مُتَوَلِّيًا بِالْفِعْلِ وَهُنَاكَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ، فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْمَالِكِيِّ، فَيَأْمُرُهُمْ بِالطَّرْحِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالتَّخْلِيلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَوْلُ عَائِشَةَ اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلْهَا الزَّكَاةُ حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى النَّدْبِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْمَلَ هُوَ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ عَمِلَ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْخَسَارَةَ عَلَيْهِ وَالْمُودَعُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا قَبَضَا الْمَالَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ وَقَاعِدَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ قَبَضَ الْمَالَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ يَجُوزُ لَهُ تَحْرِيكُهُ وَإِذَا حَرَّكَهُ يَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَمَنْ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ إذَا خَالَفَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَإِنَّ الْخُسْرَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ) أَيْ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا فَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُ عَنَى كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَقَوْلُهُ وَاشْتَرَى فَإِنَّهُ يُتَعَقَّبُ يُفِيدُ أَنَّ التَّعَقُّبَ إنَّمَا هُوَ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ وَجَعَلَ عب التَّعَقُّبَ فِي الشِّرَاءِ وَفِي عَمَلِهِ بِهِ بِضَاعَةً أَوْ قِرَاضًا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَشْهَدُ لِشَارِحِنَا وَقَوْلُهُ بِالنَّظَرِ أَيْ: نَظَرِ الْحَاكِمِ وَمِنْ هُنَا يُسْتَفَادُ أَنَّ التَّعَقُّبَ يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمُحَرَّمِ وَهَلْ النَّظَرُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ يَوْمَ الْقِيَامِ قَوْلَانِ وَرَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْيَتِيمِ . (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبِلَ) أَيْ: خِلَافًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَبَعْضِ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ، وَلَوْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ كَهِبَةِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 الْقَبُولِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ فِي وَلَوْ قَبْلَ لِلْحَالِ، أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعَزْلِ الرَّدُّ أَيْ، وَلَهُ رَدَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ، وَلَوْ قَبِلَ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْقَبُولِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبُولُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَطْرَأَ عَجْزٌ، وَإِنْ أَبَى الْوَصِيُّ مِنْ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ لِأَنَّهُ بَعْدَ إبَايَتِهِ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُقَدَّمِ الْقَاضِي لَا حُكْمُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبَلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي . (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ مَحْجُورِهِ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ حَيْثُ أَشْبَهَ وَكَانَ فِي حَضَانَتِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ فِي كَفَالَةِ أُمِّهِ وَهِيَ فَقِيرَةٌ وَكَانَ أَثَرُ النِّعْمَةِ ظَاهِرًا عَلَى الْوَلَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ لِلْوَصِيِّ الشَّامِلِ لِوَصِيِّ الْوَصِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَمِثْلُهُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْحَاضِنُ وَالْكَافِلُ. (ص) لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَلَا فِي دَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الصَّبِيِّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ فَقَالَ الْوَصِيُّ مَاتَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَالنَّفَقَةُ وَاصِلَةٌ وَقَالَ الصَّبِيُّ بَلْ مَاتَ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مَثَلًا، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الصَّبِيِّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى قِلَّةِ النَّفَقَةِ وَكَثْرَتِهَا لِأَنَّ الْأَمَانَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَقَالَ الصَّبِيُّ ادْفَعْ إلَيَّ مَالِي الَّذِي عِنْدَك وَقَالَ الْوَصِيُّ قَدْ دَفَعْته إلَيْك بَعْدَ بُلُوغِك وَرُشْدِك إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] أَيْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ طُولٍ فَقَوْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مُتَعَلِّقٌ بِدَفَعَ، وَأَمَّا قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ وَافَقَهُ (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْفَرَائِضُ) وَهُوَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ وَبَيَانُ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ وَبَدَأَ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَنِهَايَتُهَا خَمْسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَطَرِيقُ حَصْرِهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَبِغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةٍ وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ لَهُ حَدٌّ وَمَوْضُوعٌ وَغَايَةٌ فَحَدُّهُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ حَيْثُ أَشْبَهَ وَكَانَ فِي حَضَانَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَفَادَهَا شَارِحُنَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ فِي حَضَانَتِهِ وَأَنْ يُشْبِهَ وَأَنْ يَحْلِفَ وَفَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (أَقُولُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْهَا وَاخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْسِبَ أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ وَيُسْقِطَ الزَّائِدَ حَتَّى لَا يَحْلِفَ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ عِيَاضٌ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذْ قَدْ يُمْكِنُ أَقَلُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِيَمِينٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] هَلْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ طُولٍ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَالَ إلَيْهِ عج وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَعِشْرِينَ سَنَةً يُقِيمُونَ مَعَهُ وَلَا يَطْلُبُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَبْضُ أَمْوَالِهِمْ إذَا رَشَدُوا وَجَعَلَ ابْنُ زَرِبٍ الطُّولَ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ اهـ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ اهـ وَقَالَ عب وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَقَالَاتِ خَمْسَةٌ وَأَنَّ عج مَالَ إلَى الْأَوَّلِ وَعِنْدِي أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ [بَابٌ فِي الْفَرَائِضُ] (بَابُ الْفَرَائِضِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ عِلْمٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهِيَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ الْفَنُّ الْمَعْهُودُ فَذُكِّرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ الْقَوَاعِدَ لَا الْمَلَكَةَ وَلَا الْإِدْرَاكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مَذْكُورًا إنَّمَا هُوَ الْقَوَاعِدُ لَا الْمَلَكَةُ وَلَا الْإِدْرَاكُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُضَافٌ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ الْمَذْكُورَةِ مُتَعَلَّقُ عِلْمِ الْمَوَارِيثِ أَيْ: مُتَعَلَّقُ الْمَلَكَةِ أَوْ الْإِدْرَاكِ وَقَوْلُهُ وَبَيَانُ أَيْ وَتَبْيِينُ مَنْ يَرِثُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: وَذُو تَبْيِينٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ هِيَ التَّبْيِينَ بَلْ سَبَبٌ فِي التَّبْيِينِ وَيَكُونُ الْعَطْفُ تَفْسِيرًا وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِرَاءَةِ، بَيَانُ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِ الْمَوَارِيثِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَوَارِيثِ أَيْ وَعِلْمُ بَيَانِ أَيْ تَبْيِينِ أَيْ: الْعِلْمِ الْمُحَصَّلِ لِتَبْيِينِ مَنْ يَرِثُ إلَخْ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْبَيَانِ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّصَوُّرُ أَيْ: عِلْمٌ أَوْ تَصْدِيقٌ أَوْ تَصَوُّرٌ إلَخْ أَيْ الْمُفِيدُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِبَيَانِ الْحُقُوقِ) أَيْ تَبْيِينِ الْحُقُوقِ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَبِغَيْرِهِ) أَرَادَ بِالْغَيْرِ الْعَقْلَ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ مَا يُوصَلُ) أَيْ: شَيْءٌ يُوصَلُ إلَخْ أَيْ: وَهُوَ الْقَوَاعِدُ الْآتِيَةُ وَقَوْلُهُ لِمَعْرِفَةِ أَيْ: لِتَصَوُّرٍ أَوْ تَصْدِيقٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَارَةً تُفَسَّرُ بِالتَّصْدِيقِ وَتَارَةً تُفَسَّرُ بِالتَّصَوُّرِ وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمَقَامِ بِتَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ) مَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مُقَرَّرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ شَارِحِنَا وَنَقُولُ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 كَحَقِّ الْمَيِّتِ الْمُتَعَلِّقِ بِالتَّرِكَةِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَحَقِّ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَغَايَتُهُ حُصُولُ مَلَكَةٍ لِلْإِنْسَانِ تُوجِبُ سُرْعَةَ الْجَوَابِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ وَالتَّرِكَةُ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ فَقَوْلُهُ حَقٌّ يَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَخَرَجَ بِقَابِلِ التَّجَزُّؤِ الْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ إذْ يَنْتَقِلَانِ إلَى الْأَبْعَدِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَقْرَبِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ، وَلَا يَرِدُ الْقِصَاصُ وَالشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَبُولِ التَّجَزُّؤِ قَبُولُ الْإِفْرَازِ بَلْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِهَذَا ثُلُثُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ بِالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابُ وَغَيْرُهُمَا وَبِقَوْلِنَا بِقَرَابَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ لَقَبًا الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ لَا الْعَدَدُ خِلَافًا لِلصُّورِيِّ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ إلَخْ، كَيْفِيَّةَ الْقِسْمَةِ وَالْعَمَلَ فِي مَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ قَوْلُهُ: لَا الْعَدَدُ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَرْضِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ الْعَدَدُ مَوْضُوعًا، وَلَمَّا رَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِإِتْقَانِ الْعَمَلِ بِالْعَدَدِ صَيَّرَ الْعَدَدَ، كَأَنَّهُ هُوَ الْمَوْضُوعُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْمُقَدَّرَ إنَّمَا خَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ مَالٌ فَالتَّرِكَةُ أَنْسَبُ لِكَوْنِهَا مَوْضُوعَهُ وَالْعَدَدُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ خَمْسَةَ أُمُورٍ حَقَّ تَعَلُّقٍ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْمَيِّتِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالذِّمَّةِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْغَيْرِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْوَارِثِ وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ وَتَرْتِيبُهَا اسْتِقْرَائِيٌّ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَتَبَّعُوا مَسَائِلَ الْفِقْهِ فَلَمْ يَجِدُوهَا تَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الْخَمْسَةِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ عَقْلِيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَقْلَ   [حاشية العدوي] عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ أَيْ فَالْعِلْمُ الْمَذْكُورُ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِ التَّرِكَةِ الذَّاتِيَّةِ وَأَفَادَ بِالْوَصْفِ بِالذَّاتِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ التَّخْصِيصُ أَنَّ الْعَارِضَ إمَّا ذَاتِيٌّ وَإِمَّا غَرِيبٌ وَلَكِنَّ الْمَبْحُوثَ فِي هَذَا الْعِلْمِ إنَّمَا هُوَ عَنْ عَوَارِضِ التَّرِكَةِ الذَّاتِيَّةِ لَا الْغَرِيبَةِ مَثَلًا كَوْنُ رُبُعِهَا لِلزَّوْجِ هَذَا عَارِضٌ ذَاتِيٌّ لَهَا لَمْ يَلْحَقْ التَّرِكَةَ بِوَصْفِ كَوْنِهَا تَرِكَةً بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ حَرْقٍ مَثَلًا فَهَذَا عَارِضٌ غَرِيبٌ لَحِقَهَا بِوَاسِطَةِ النَّارِ فَلَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْطِقِ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ لِحَقِّ الْمَيِّتِ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ فِي مُؤَنٍ بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ وَحَقُّ الْوَارِثِ مَعْطُوفٌ عَلَى حَقِّ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ أَيْ: كَاَلَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى. (قَوْلُهُ حُصُولُ مَلَكَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ غَايَةٌ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ لَا خُصُوصِ الْفَرَائِضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَلْ فِي الْجَوَابِ لِلْعَهْدِ أَيْ: الْجَوَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِعِلْمِ الْمَوَارِيثِ. (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ فِي الْمَقَامِ الصَّوَابُ ضَدُّ الْخَطَأِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّحَّةَ مُقَابِلُهَا الْفَسَادُ وَالْفَسَادُ فِي الْمَقَامِ الْخَطَأُ لَا الْفَسَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِبَادَاتِ أَوْ الْعُقُودِ. (قَوْلُهُ مَنْ كَانَ لَهُ) أَيْ مَنْ كَانَ الْحَقُّ لَهُ وَقَوْلُهُ بِقَرَابَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُسْتَحَقٍّ أَوْ يَثْبُتُ. (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ: مَعْنَى الْقَرَابَةِ فَإِنْ قُلْت أَيُّ دَاعٍ لِقَوْلِهِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَهَلَّا قَالَ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ قُلْت الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ أَصْلَ إيجَابِ الْإِرْثِ الْقَرَابَةُ وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ فِيهِمَا اتِّصَالٌ كَاتِّصَالِ الْقَرَابَةِ جَعَلَهُمَا الشَّارِعُ سَبَبَيْنِ فِي الْإِرْثِ. (قَوْلُهُ كَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَالْخِيَارِ) فَإِذَا اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِالْخِيَارِ وَمَاتَ، فَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِابْنِهِ بِالْإِرْثِ وَقَوْلُهُ وَالشُّفْعَةُ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ عَمْرٍو وَزَيْدٍ شَرِكَةٌ وَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِعَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو، فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهَا لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِصَاصُ) فَإِذَا قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا وَكَانَ بَكْرٌ أَخًا لِعَمْرٍو وَمَاتَ بَكْرٌ، فَيَرِثُ ابْنُهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ الْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ) أَيْ وِلَايَةُ النِّكَاحِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ التَّجَزُّؤَ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إذْ يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْوَلَاءِ عَلَى عَمْرٍو لِمُشَارَكَةِ أَخِي زَيْدٍ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ إذْ يَنْتَقِلَانِ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَفِيهِ إنَّ الْوَلَاءَ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ لَا يَنْتَقِلُ إنَّمَا الَّذِي يَنْتَقِلُ مِنْ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ إنَّمَا هُوَ الْمَالُ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَنْتَقِلَانِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ الْقِصَاصُ إلَخْ) حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الثَّلَاثَةَ يَقَعُ فِيهَا الْإِرْثُ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَهَذِهِ لَا تَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أُرِيدَ بِالتَّجَزُّؤِ الْإِفْرَازُ أَيْ التَّمْيِيزُ بِحَيْثُ يُقَالُ لِهَذَا هَذَا الْجُزْءُ وَلِهَذَا هَذَا الْجُزْءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِهَذَا نِصْفُهُ وَقَوْلُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ أَيْ: يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْقِصَاصِ وَعَمْرٍو النِّصْفُ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ) وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالتَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ لَقَبًا إلَخْ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَقَبًا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ مُضَافًا بَاقِيًا عَلَى إضَافَتِهِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ فَهُوَ مِثْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ لَقَبًا وَإِضَافَةً وَهَكَذَا فَعَلَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ إضَافَةً وَلَقَبًا فَهُوَ إضَافَةً يَشْمَلُ كُلَّ بَيْعٍ لِأَجَلٍ وَلَقَبًا مَقْصُورٌ عَلَى بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُتَحَيَّلِ فِيهَا عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ الْمُبَوَّبِ لَهَا (قَوْلُهُ خِلَافًا) (لِلصُّورِيِّ) هُوَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ يَحْيَى الصُّورِيُّ شَارِحُ الْحَوفِيِّ الْمَالِكِيِّ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِلْمُ مَا يُوصَلُ مَعْنَاهُ وَعِلْمُ شَيْءٍ يُوصِلُ وَذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُوصِلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالتَّرِكَةُ أَنْسَبُ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُتَعَيِّنُ. (قَوْلُهُ اسْتِقْرَائِيٌّ) أَيْ حَاصِلٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَصْرِ وَالتَّرْتِيبِ حَاصِلٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ حَصْرٌ لِمَا وُجِدَ فِي الْخَارِجِ أَيْ بَعْدَ أَنْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ حَصَرَهَا الْعَقْلُ فِيهَا وَبِعِبَارَةٍ وَطَرِيقُ حَصْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ تَقُولَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرِكَةِ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بِالْمَوْتِ وَالثَّابِتُ قَبْلَ الْمَوْتِ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، أَوْ لَا الْأَوَّلُ هُوَ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى) وَالثَّانِي الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ) وَالثَّابِتُ بِالْمَوْتِ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ) أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ وَصَايَاهُ) أَوَّلًا وَهُوَ الْمِيرَاثُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ أَوَّلَ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ التَّرِكَةِ الشَّيْءُ الَّذِي تَعَيَّنَ قَضَاؤُهُ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ وَالزَّكَاةِ الْحَالَّةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي حَصَلَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ، وَلَيْسَ مَرْهُونًا لَكِنْ هُوَ فِي مَرْتَبَةِ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ مِنْ عَرْضٍ وَعَقَارٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا إذَا حَصَلَتْ مِنْ الْمَرْهُونِ جِنَايَةٌ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ اهـ. ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ، وَإِقْبَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُنَاسِبُهُ بِحَسَبِهِ فَقْرًا وَغِنًى ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ تَخْرُجُ الدُّيُونُ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَضْمُونِ لَكِنَّ دُيُونَ الْآدَمِيِّينَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ إذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الزَّكَوَاتِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَالْكَفَّارَاتِ   [حاشية العدوي] حَاصِلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ إنَّمَا هُوَ الْحَصْرُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ يَخْرُجُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْخُرُوجِ وَبِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) اسْمٌ لِمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ كَالطَّلِبَةِ بِمَعْنَى الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى إلَخْ) هُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَقَوْلُهُ وَعَبْدٍ جَنَى أَيْ إذَا لَمْ يُسْلِمْهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يُفِدْهُ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ) أَيْ: فَالشَّيْءُ الْمَرْهُونُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ، فَيَبْدَأُ بِهِ بِمَعْنَى يُسَلَّمُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مَرْهُونًا وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالزَّكَاةُ الْحَالَّةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ حَرْثًا أَوْ ثَمَرًا أَوْ مَاشِيَةً وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْحَاضِرِ إذَا كَانَتْ حَرْثًا أَوْ ثَمَرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَبْدَأً عَلَى الْكَفَنِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِيهَا مَاشِيَةٌ فَإِنْ احْتَوَتْ عَلَى السِّنِّ الْوَاجِبِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْكَفَنِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سَنٌّ وَاجِبٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ سَاعٍ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ وَلَمْ يُقَدَّمْ وَحَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَإِنَّ الْوَارِثَ يَسْتَقْبِلُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَيْنًا فَإِنْ عَلِمَ حُلُولَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْصَى بِهَا تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَبَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَقَوْلُنَا زَكَاةُ الْعَامِ الْحَاضِرِ احْتِرَازًا عَنْ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا الَّتِي يُشِيرُ إلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ فَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَبَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَالزَّكَاةُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَدَخَلَ بِهَا أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَالْهَدْيُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِيمَا يُقَلَّدُ وَسَوْقُ الْغَنَمِ لِلْمَذْبَحِ وَسُكْنَى الزَّوْجَةِ فِي عِدَّتِهَا وَالضَّحِيَّةُ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا النَّذْرِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ إذْ الْمَنْذُورَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِالنَّذْرِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَإِنَّمَا تَجِبُ وُجُوبَ الْمَنْذُورَاتِ وَلِذَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا الدُّيُونُ وَتُبَاعُ فِيهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ) صُورَتُهَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو سِلْعَةً فَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ فَوَجَدَهُ مُفْلِسًا وَحَكَمَ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّ عَمْرًا يَأْخُذُهَا وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّفْلِيسَ صِفَةً لِصَاحِبِهَا وَهُوَ الْبَائِعُ وَيَكُونَ مَعْنَاهَا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ فَلَسِهِ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَوَجَدُوا الْمُشْتَرِيَ قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصَوَّرَهَا فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي بِمَا إذَا خَاصَمَتْ رَجُلًا مُفْلِسًا فِي عَيْنِ سِلْعَةٍ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُفْلِسُ وَالسِّلْعَةُ عِنْدَهُ فَإِنَّ رَبَّهَا أَحَقُّ بِهَا إنْ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ فِي السِّلْعَةِ الثَّابِتَةِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَفُلِّسَ بَعْدِ الشِّرَاءِ أَفَادَ ذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إلَخْ) أَيْ: أُجْرَةِ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إلَخْ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ مُؤَنُ التَّجْهِيزِ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَبِيهًا بِالْمُفْلِسِ وَالْمُفْلِسُ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَكِسْوَتُهُ وَهَذَا يُشَبَّهُ بِهِ وَأَيْضًا الدَّيْنُ قَضَاؤُهُ وَاجِبٌ عَلَى السَّلَاطِينِ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ إذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ) أَيْ: سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنَّ رَمَى الْعَقَبَة فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ إلَخْ أَيْ بَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ. (قَوْلُهُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ لَا أَنَّهَا حَالَّةً زَمَنَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَقَوْلُهُ فَرْضًا أَيْ كَالزَّوْجِ وَقَوْلُهُ أَوْ تَعْصِيبًا كَالِابْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ هُمَا أَيْ كَالْأَبِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ فَرْضًا وَالسُّدُسَيْنِ تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ التَّرِكَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَجْهِهِ فِي شَارِحِنَا وَنَذْكُرُهُ لَك لِيَتَّضِحَ الْحَالُ وَنَصُّهُ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِهَا، فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ تَخْرُجُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ بَاقِي مَالِهِ إنْ وَسِعَ جَمِيعَهَا، وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ إنْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِوَارِثِهِ فَرْضًا، أَوْ تَعْصِيبًا أَوْ هُمَا وَالْفَرْضُ اصْطِلَاحًا النَّصِيبُ الْمُقَدَّرُ لِلْوَارِثِ شَرْعًا لَا يَزِيدُ إلَّا بِالرَّدِّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ إلَّا بِالْعَوْلِ وَالْفُرُوضُ سِتَّةٌ النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ ، وَلَمَّا جَرَتْ عَادَةُ الْفَرْضِيِّينَ بِالْبُدَاءَةِ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَقَامَاتِ الْكُسُورِ تَبِعَهُمْ الْمُؤَلِّفُ فَقَالَ. (ص) مِنْ ذِي النِّصْفِ الزَّوْجُ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ إنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ شَقِيقَةً (ش) ذِكْرُ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ يَتَضَمَّنُ ضَبْطَهَا فَتَرَكَهَا اخْتِصَارًا مِنْهُمْ الزَّوْجُ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، أَوْ، وَلَدُ الْوَلَدِ كَذَلِكَ، وَإِنْ سَفَلَ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لَا كَعَبْدٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا إلَّا الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، فَإِنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ، وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ كَمَا يَأْتِي وَمِنْهُمْ بِنْتُ الصُّلْبِ، فَإِنَّهَا تَأْخُذُ النِّصْفَ إذَا انْفَرَدَتْ وَمِنْهُمْ بِنْتُ الِابْنِ تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ عِنْدَ عَدَمِ الْبِنْتِ إجْمَاعًا إذَا انْفَرَدَتْ وَمِنْهُمْ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ عِنْدَ عَدَمِ الْبِنْتِ إجْمَاعًا إذَا انْفَرَدَتْ وَمِنْهُمْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ إذَا انْفَرَدَتْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا شَقِيقَةٌ فَلَهَا السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ كَمَا يَأْتِي (ص) وَعَصَّبَ كُلًّا أَخٌ يُسَاوِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّسَاءَ اللَّاتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُنَّ وَهُنَّ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ يُعَصِّبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَخُوهَا الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا بِأَنْ كَانَا شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَيَأْخُذُ الذَّكَرُ سَهْمَيْنِ وَالْأُنْثَى سَهْمًا تَعْصِيبًا، فَلَوْ لَمْ يُسَاوِهَا كَالْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَصِّبُهَا بَلْ تَأْخُذُ فَرْضَهَا وَمَا فَضَلَ فَهُوَ لَهُ تَعْصِيبًا. (ص) وَالْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأُخْرَيَيْنِ (ش) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ وَعَصَّبَ الْجَدُّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ   [حاشية العدوي] تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي هَكَذَا لَفْظُهُ ثُمَّ نَقُولُ وَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْآكَدُ فَالْآكَدُ وَمَا تَسَاوَى مَعَهُ فِي مَرْتَبَتِهِ تَحَاصَّ مَعَهُ فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الدَّيْنَ عَلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ لَهُ وَقُدِّمَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَشَقَّةً عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ حَيْثُ أَخْذُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالدَّيْنُ نُفُوسُهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ بِأَدَائِهِ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةً عِنْدَهُمْ فَقُدِّمَتْ هُنَا حَثًّا عَلَى وُجُوبِهَا وَالْمُسَارَعَةِ عَلَى إخْرَاجِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا بِالرَّدِّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ) كَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ يَقُولُ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا يَرِثُ سِوَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِهِ مَالِكٌ وَزَيْدٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ قُضَاةِ الصَّحَابَةِ وَسَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ [أَصْحَابِ الْفُرُوضِ] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَقَامَاتِ الْكُسُورِ) جَمْعُ كَسْرٍ وَهُوَ مَا قَابَلَ الصَّحِيحَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ كَسْرًا وَأَوَّلُ الْكَسْرِ النِّصْفُ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ أَوَّلُ الْكُسُورِ لَا مَقَامُهُ إذْ مَقَامُهُ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ كُسُورِ الْمَقَامَاتِ وَلِلْكُسُورِ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ بَسَائِطَ أَوَّلُهَا النِّصْفُ وَهُوَ أَكْبَرُهَا ثُمَّ الثُّلُثُ ثُمَّ الرُّبُعُ ثُمَّ الْخُمُسُ ثُمَّ السُّدُسُ ثُمَّ السُّبُعُ ثُمَّ الثُّمُنُ ثُمَّ التُّسْعُ ثُمَّ الْعُشْرُ ثُمَّ الْجُزْءُ وَمَقَامُ النِّصْفِ اثْنَانِ وَمَقَامُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ إلَى آخِرِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ مِنْ ذِي النِّصْفِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ الزَّوْجُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ: مِنْ الْوَارِثِ صَاحِبِ النِّصْفِ وَأَتَى بِمِنْ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ النِّصْفِ خَمْسَةٌ فَلَيْسَتْ تَبْعِيضِيَّةً لِذِكْرِهِ الْخَمْسَةَ وَكَأَنَّهُ قَالَ الزَّوْجُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ هُمْ أَصْحَابُ النِّصْفِ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ مَنْ ذَوِي النِّصْفِ أَيْ: أَصْحَابُ النِّصْفِ قُلْت يُجَابُ بِأَنْ يُفَسِّرَ ذِي بِصَاحِبٍ وَيُرَادَ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ وَإِنْ شِئْت جَعَلْت الزَّوْجَ إلَخْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الْوَارِثُ إلَخْ مِنْ ذِي النِّصْفِ الزَّوْجُ إلَخْ ثُمَّ ذَلِكَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَنْ الْوَارِثُ وَمَا كَيْفِيَّتُهُ وَمَا مِقْدَارُ مَا يَرِثُ فَقَالَ الْوَارِثُ الزَّوْجُ إلَى آخِرِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ وَكَيْفِيَّةُ مِيرَاثِهِ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَمِقْدَارُ مَا يَرِثُ أَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ النِّصْفَ إلَى آخِرِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ النِّسَاءَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْصِرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَعَصَّبَ كُلًّا عَلَى الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ لِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ السَّلَامَةُ مِنْ التَّكْرَارِ فِي الْجُمْلَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي هُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَةِ لِوُرُودِ أَنْ يُقَالَ التَّكْرَارُ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ، الثَّانِي أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْهَا الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَالْجَدُّ إذْ هُوَ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَيْنِ الرَّابِعُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُذْكَرُ فِي الْوَرَثَةِ أَخُو الْمَيِّتِ وَعَمُّهُ وَهَكَذَا وَأَخُو الْمَيِّتِ لَا يُعَصِّبُ بِنْتَه وَبِنْتَ ابْنِهِ أَيْ لَا يُصَيِّرُهُمَا عَصَبَةً بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَيْ وَفِي بَعْضِهَا وَالْأَخِيرَيْنِ الْأُولَيَانِ أَيْ وَعَصَّبَ الْأُولَيَانِ الْأَخِيرَيْنِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَدَّ يُعَصِّبُ الْبِنْتَ وَبِنْتَ الِابْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَذَا إذَا قُرِئَ وَالْجَدُّ بِالرَّفْعِ وَأَمَّا إذَا قُرِئَ بِالنَّصْبِ فَيُفِيد أَنَّ الْبِنْتَ وَبِنْتَ الِابْنِ يُعَصِّبَانِ الْجَدَّ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَعَهُمَا إلَّا بِالتَّعْصِيبِ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُ مَعَهُمَا السُّدُسَ فَرْضًا وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا فَهَذَا وَجْهُ كَوْنِ الصَّوَابِ النُّسْخَةَ الَّتِي حَلَّ عَلَيْهَا وَوُجِّهَتْ تِلْكَ النُّسْخَةُ بِأَنَّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ دَاخِلَةٌ تَقْدِيرًا عَلَى الْأُولَيَانِ عَاطِفَةٌ لَهُ عَلَى الْجَدِّ وَيُقْرَأُ الْجَدُّ بِالرَّفْعِ أَيْ: وَعَصَّبَ الْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأَخِيرَيْنِ فَأَفَادَ مَا أَفَادَتْهُ الْأُولَى وَإِنَّمَا كَانَتْ الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا أَوْ بِنْتَا ابْنٍ وَأَخَذَتْ الْبِنْتَانِ الثُّلُثَيْنِ فَلَوْ فَرَضْنَا لِلْأَخَوَاتِ وَأَعَلْنَا الْمَسْأَلَةَ نَقَصَ نَصِيبُ الْبَنَاتِ فَاسْتُبْعِدُوا أَنْ يُزَاحِمَ وَلَدُ الْأَبِ أَيْ: أَوْلَادَ أَبٍ الْمَيِّتِ الْأَوْلَادِ أَيْ: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ فَالْأُولَيَانِ تَثْنِيَةُ أُولَى وَهُمَا الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْرَيَانِ تَثْنِيَةُ أُخْرَى وَهُمَا الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ فَهَمْزَتُهُمَا مَضْمُومَةٌ وَالْيَاءُ فِيهِمَا قَبْلَ الْعَلَامَةِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ أَلْفِ التَّأْنِيثِ . (ص) وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ وَلِلثَّانِيَةِ مَعَ الْأُولَى السُّدُسُ، وَإِنْ كَثُرْنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ بِنْتَ الصُّلْبِ وَبِنْتَ الِابْنِ وَالْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ إذَا كَانَ مَعَ كُلِّ أُخْتٍ لَهَا فِي دَرَجَتِهَا وَاحِدَةٌ، أَوْ أَكْثَرُ فَلَهُمَا، أَوْ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ فَرْضًا وَأَتَى بِنُونِ الْجَمْعِ لِيُخْرِجَ الزَّوْجَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْبَنَاتُ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ مِنْ أَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِلْكٍ، أَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ، وَأَمَّا مِيرَاثُهُنَّ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ كَابْنٍ وَعِشْرِينَ بِنْتًا فَبِالتَّعْصِيبِ لَا الْفَرْضِ وَبِنْتُ الِابْنِ فَأَكْثَرُ تَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ لِلْأَبِ فَأَكْثَرُ مَعَ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلِلثَّانِيَةِ أَيْ وَلِجِنْسِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ بِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ مَعَ الْأُولَى وَهِيَ الْبِنْتُ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَبِهَذَا يَصِحُّ الْجَمْعُ فِي كَثُرْنَ أَيْ، وَإِنْ كَثُرَ أَفْرَادُ الْجِنْسِ . (ص) وَحَجَبَهَا ابْنٌ فَوْقَهَا وَبِنْتَانِ فَوْقَهَا إلَّا الِابْنَ فِي دَرَجَتِهَا مُطْلَقًا، أَوْ أَسْفَلَ فَمُعَصِّبٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي حَجَبَهَا يَرْجِعُ لِبِنْتِ الِابْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ تُحْجَبُ بِابْنٍ فَوْقَهَا بِأَنْ تَرَكَ ابْنَهُ وَبِنْتَ ابْنِهِ مَثَلًا وَتُحْجَبُ أَيْضًا بِبِنْتَيْنِ فَوْقَهَا بِأَنْ تَرَكَ بِنْتَيْنِ وَبِنْتَ ابْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ ابْنٌ فِي دَرَجَتِهَا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهَا، أَوْ يُعَصِّبُهُنَّ، سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا، أَوْ ابْنَ عَمِّهَا لَكِنْ مَنْ فِي دَرَجَتِهَا يُعَصِّبُهَا، أَوْ يُعَصِّبُهُنَّ، سَوَاءٌ لَمْ يَفْضُلْ لَهَا، أَوْ لَهُنَّ شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ كَابْنَتَيْنِ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ، أَوْ فَضَلَ لَهَا، أَوْ لَهُنَّ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا، وَأَمَّا مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا بِدَرَجَةٍ فَيُعَصِّبُهَا أَوْ يَعْصِبُهُنَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَوْ لَهُنَّ فِي الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ ابْنَتَانِ فَأَكْثَرُ، وَأَمَّا إنْ فَضَلَ لَهَا، أَوْ لَهُنَّ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ، فَإِنَّهَا تَأْخُذُ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَيَأْخُذُ ابْنُ الِابْنِ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا، وَهَذَا يُرْشِدُ إلَيْهِ لَفْظُ الْمُؤَلِّفِ إذْ هُمَا إذَا كَانَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَمَيَّزُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ فَهِيَ غَنِيَّةٌ، وَلَا تَحْتَاجُ لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ . (ص) وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَأَكْثَرُ مَعَ الشَّقِيقَةِ فَأَكْثَرُ كَذَلِكَ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْأُخْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ أَوْ مَعَ الشَّقَائِقِ حُكْمُ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فِيمَا سَبَقَ فَتَأْخُذُ الَّتِي لِلْأَبِ وَاحِدَةً فَأَكْثَرَ مَعَ الشَّقِيقَةِ الْوَاحِدَةِ السُّدُسَ وَيَحْجُبُ الْأُخْتَ الَّتِي لِلْأَبِ وَاحِدَةً فَأَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ أَخٌ فَوْقَهَا أَيْ شَقِيقٌ، أَوْ أُخْتَانِ فَوْقَهَا كَذَلِكَ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ حُكْمَ الْأُخْتِ، أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ أَوْ الشَّقَائِقِ مُسَاوٍ لِحُكْمِ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَكَانَ ابْنُ الْأَخِ هُنَا مُخَالِفًا لِابْنِ الِابْنِ هُنَاكَ اسْتَثْنَى ذَلِكَ فَقَالَ. (ص) إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأَخُ (ش) أَيْ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ الْأَخُ الْمُسَاوِي فِي الدَّرَجَةِ لَا ابْنُ الْأَخِ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَلَا تَرِثُ ابْنَةُ الْأَخِ مَعَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ وَحْدَهَا، وَإِذَا لَمْ يُعَصِّبْ ابْنُ الْأَخِ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، فَلَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بَلْ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ دُونَ عَمَّاتِهِ وَابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ يُعَصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَجَازَ أَنْ يُعَصِّبَ مَنْ فَوْقَهُ قَالَا فِي قُوَّةٍ لَكِنْ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّشْبِيهِ مِنْ أَنَّ الِابْنَ الْأَخَ يُعَصِّبُ   [حاشية العدوي] أَوْلَادُ الْمَيِّتِ وَأَوْلَادُ الِابْنِ أَيْ: ابْنُ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُ أَوْلَادِ الْأَبِ فَجُعِلَتْ عَصَبَاتٍ لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَيْهِنَّ خَاصَّةً . (قَوْلُهُ لِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ) أَيْ: لِلْمُتَعَدِّدِ فَأَطْلَقَ الْمَصْدَرَ وَأَرَادَ اسْمَ الْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ لِلْأَبِ) الصَّوَابُ حَذْفُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَأَكْثَرُ فَلَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا لَتَكَرَّرَ مَعَ مَا سَيَأْتِي؛ وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَحَجَبَهَا يَرْجِعُ لِبِنْتِ الِابْنِ كَمَا قَالَهُ هُوَ. (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِنَا وَلِجِنْسِ الثَّانِيَةِ أَيْ: مَعَ مُلَاحَظَةِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنْ كَثُرْنَ أَيْ: أَفْرَادُ جِنْسِ الثَّانِيَةِ . (قَوْلُهُ إلَّا لِابْنٍ إلَخْ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ اسْتِغْرَاقُ الثُّلُثَيْنِ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَفَادَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا وَلَا يُزَادُ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَوْ أَسْفَلَ) أَيْ: أَوْ كَانَ الذَّكَرُ أَسْفَلَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَرَجَتِهَا وَالظَّرْفُ يُعْطَفُ عَلَى الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ وَعَكْسُهُ. (قَوْلُهُ لَا يَتَمَيَّزُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ: فَلِذَلِكَ عَصَّبَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ أَعْلَى، فَيَحْجُبَ مَنْ تَحْتَهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَهَا فَيُعَصِّبَهَا مُطْلَقًا الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ فَيُعَصِّبَ مَنْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَرْتَبَةٌ مِنْ فَوْقِهِ وَيَسْتَوِي مَنْ عَصَّبَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَوْ كَانَتْ بِنْتَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ تَحْتَهَا ابْنُ ابْنِ ابْنٍ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ وَاَلَّتِي فَوْقَهُ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ مَعَهَا ابْنُ ابْنِ ابْنٍ تَحْتَهَا فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ الْعُلْيَا السُّدُسُ تَمَامَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ وَاَلَّتِي فَوْقَهُ عَدَا مَنْ وَرِثَتْ مِنْ الثُّلُثَيْنِ (فَائِدَةٌ) فِي كَوْنِ ابْنِ الِابْنِ يُسَمَّى ابْنًا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا قَوْلَانِ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ لَا ابْنُ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ إلَخْ) أَيْ: وَلَا ابْنُ الْعَمِّ وَعِبَارَةُ عج وَقَوْلُهُ إلَّا إنَّهُ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأَخَ أَيْ فَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ عَمِّهَا بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَإِنَّمَا عَصَّبَ الْأَخَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ بَابَ الْبُنُوَّةِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الِابْنَ لِابْنِ الْمَيِّتِ ابْنٌ لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ فَلَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ وَابْنُ الْأَخِ لَا يَرِثُ بِإِخْوَتِهِ لِلْمَيِّتِ بَلْ بِبُنُوَّةِ أُخُوَّةِ الْمَيِّتِ فَانْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِ الْأَبِ فِي الْأُبُوَّةِ فَلَا يُعَصِّبُهُنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 كَابْنِ الِابْنِ وَفَتْحُ أَنَّ هُنَا مُتَعَيِّنٌ، سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْمَعْمُولَةَ لِعَامِلٍ يَجِبُ فَتْحُ هَمْزَتِهَا (ص) وَالرُّبُعِ الزَّوْجُ بِفَرْعٍ وَزَوْجَةٍ فَأَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَحِقُّ الرُّبُعَ مَعَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى كَانَ مِنْ الزَّوْجِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ زِنًا لِلُحُوقِهِ لِلْأُمِّ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ أَوْ الزَّوْجَاتُ لَهَا أَوْ لَهُنَّ الرُّبُعُ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ يُشْتَرَطُ فِي تَوَارُثِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ غَيْرَ قَاتِلٍ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَغَيْرِهِمَا، وَأَنْ يَكُونَ نِكَاحُهُمَا صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَلَا يَتَوَارَثَانِ، سَوَاءٌ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَفِيهِ الْإِرْثُ مُطْلَقًا كَالصَّحِيحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ . (ص) وَالثُّمُنُ لَهَا، أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ أَوْ الزَّوْجَاتِ لَهَا أَوْ لَهُنَّ الثُّمُنُ مَعَ الْفَرْعِ اللَّاحِقِ بِالزَّوْجِ مِنْ، وَلَدٍ، أَوْ، وَلَدِ ابْنٍ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَاحْتَرَزَ بِاللَّاحِقِ مِنْ ابْنِ الْمُلَاعَنِ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ لِنَفْيِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُهُنَّ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَأَوْلَى ابْنُ الزِّنَا، وَلَمَّا قَابَلَ قَوْلَهُ: لَهَا بِلَهُنَّ عُلِمَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا أَوْ لَهُمَا، أَوْ لَهُنَّ (ص) وَالثُّلُثَانِ لِذِي النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ (ش) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ، وَلَا يُقَالُ أَعَادَهُ لِإِفَادَةِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَعَدَّدُ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ الْأُولَى أَيْضًا تُفِيدُهُ ثُمَّ إنَّ نُسْخَةَ وَالثُّلُثَيْنِ بِالْجَرِّ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ أَيْ وَفَرْضُ الثُّلُثَيْنِ كَائِنٌ لِذِي النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ لَكِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الشَّرْطَ الْمُشَارَ إلَيْهِ فِي قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا كَمَا ... قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا حُذِفْ ... مُمَاثِلًا لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ . (ص) وَالثُّلُثُ لِأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا فَأَكْثَرَ (ش) الثُّلُثُ فَرْضُ اثْنَيْنِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَرْضُ الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ يَحْجُبُهَا وَفَرْضُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا، أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ. (ص) وَحَجَبَهَا لِلسُّدُسِ، وَلَدٌ، وَإِنْ سَفَلَ وَأَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ تُحْجَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ، وَكَذَلِكَ تُحْجَبُ إلَى السُّدُسِ بِالْعَدَدِ مِنْ الْإِخْوَةِ، سَوَاءٌ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ، أَوْ لِأُمٍّ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِفِينَ، وَسَوَاءٌ كَانُوا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ سَوَاءٌ قُلْنَا إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا وَجَبَ فَتْحُهَا وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا وَجَبَ كَسْرُهَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا مُتَّصِلٌ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْعَامِلِ فِيمَا وَقَعَ بَعْدَ إلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُفَرَّغٍ هُوَ إلَّا وَقِيلَ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَأَمَّا الْمُفَرَّغُ فَالْعَامِلُ فِيمَا بَعْدَ إلَّا هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَعَلَى هَذَا فَوُقُوعُ أَنَّ الْمَفْتُوحَةَ الْهَمْزَةِ بَعْدَ إلَّا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا مَعْمُولَةٌ لِعَامِلٍ غَيْرِ قَوْلٍ وَسَوَاءً كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغًا أَمْ لَا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20] فِي قِرَاءَةِ الْقُرَّاءِ الْعَشَرَةِ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ قُلْتُ أُجِيبُ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا كُسِرَتْ لِوُجُودِ لَامِ الِابْتِدَاءِ فِي خَبَرِهَا ذَكَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ فَكَسْرُهَا حِينَئِذٍ وَاجِبٌ وَإِلَّا غَيْرُ عَامِلَةٍ فِيهَا وَبِأَنَّهَا مَعْمُولَةٌ لِقَوْلٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ إلَّا قِيلَ لَهُمْ إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ وَبِأَنَّهَا صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مَحْذُوفٍ فَتَكُونُ وَاقِعَةً فِي صَدْرِ الصِّلَةِ أَيْ إلَّا مَنْ إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ . (قَوْلُهُ وَالرُّبُعِ الزَّوْجُ إلَخْ) الرُّبُعُ مَعْطُوفٌ عَلَى النِّصْفِ وَالزَّوْجُ مَعْطُوفٌ عَلَى الزَّوْجِ فَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا الْمُضَافُ وَالِابْتِدَاءُ فَهُوَ إمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْجَارُّ كَقَوْلِهِمْ فِي الدَّارِ زَيْدٌ وَالْحُجْرَةِ عَمْرٌو وَهُنَا قَدْ تَقَدَّمَ الْجَارُّ. (تَنْبِيهٌ) حَصَرَ الْمُصَنِّفُ فَرْضَ الرُّبُعِ فِي شَخْصَيْنِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَقَالَ الشَّيْخُ السَّنُوسِيُّ فِي عِبَارَةِ الْحَوفِيِّ الَّتِي كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَزِيدَ الْأُمَّ فِي إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ فَإِنَّهَا تَرِثُ فِيهَا الرُّبُعَ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ فِي الْعَصَبَةِ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِيمَنْ يَرِثُ الرُّبُعَ بِالْقَصْدِ وَمَسْأَلَةُ الْغَرَّاوَيْنِ جَرَّ الْحَالُ إلَى إرْثِ الرُّبُعِ وَالْمَقْصُودُ ثُلُثُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ فَفِيهِ الْإِرْثُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ . (قَوْلُهُ أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ) أَيْ: وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ فِي الثُّمُنِ أَوْ الرُّبُعِ إلَّا فِي صُورَةٍ نَادِرَةٍ كَمَنْ لَهُ زَوْجَاتٌ أَرْبَعٌ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَ مَكَانَهَا أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَعُلِمَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فَلَهَا رُبُعُ الثُّمُنِ أَوْ رُبُعُ الرُّبُعِ وَبَاقِي ذَلِكَ يُقْسَمُ عَلَى الزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعِ فَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ أَوْ الثُّمُنُ سِتَّةَ عَشَرَ أُعْطِيت الَّتِي عُلِمَتْ أَرْبَعَةً مِنْهَا وَقُسِمَ الْبَاقِي عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ أَيْمَانِهِنَّ وَقَدْ يَتْرُكُ الزَّوْجُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَحَصَلَ لِإِحْدَاهُنَّ الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ وَلِلثَّانِيَةِ عَكْسُهَا وَلِلثَّالِثَةِ الصَّدَاقُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَلِلرَّابِعَةِ عَكْسُهَا فَالْأُولَى عَلَى دِينِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالدُّخُولِ إجْمَاعًا وَالثَّانِيَةُ نَكَحَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَلَمْ يَدْخُلْ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا لِفَسَادِ النِّكَاحِ وَلَا صَدَاقَ لِعَدَمِ الدُّخُولِ وَالثَّالِثَةُ كِتَابِيَّةٌ لَهَا الصَّدَاقُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَالرَّابِعَةُ مَنْكُوحَةُ التَّفْوِيضِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا وَقَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا لِعَدَمِ الْفَرْضِ وَالْمَوْتُ يُقَرِّرُ مَا فُرِضَ وَكَذَا الْوَطْءُ وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ يُبْطِلُ مَا فُرِضَ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ) أَيْ: إلَّا أَنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى الشَّاذِّ وَهُوَ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي الْمُطَّرِدِ الْمَقِيسِ . (قَوْلُهُ وَلَدٌ وَإِنْ سَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالضَّمِّ وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ أَرَادَ بِالْوَلَدِ مَا يَشْمَلُ الْوَلَدَ الْكَامِلَ وَنِصْفَ الْوَلَدِ كَوَطْءِ الشَّرِيكَيْنِ أَمَةً مُشْتَرَكَةً وَتَأْتِي بِوَلَدٍ يَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا) أَيْ: أَوْ خَنَاثَى. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 غَيْرَ مَحْجُوبِينَ أَوْ مَحْجُوبِينَ بِالشَّخْصِ كَمَنْ مَاتَ عَنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ وَأَخَوَيْهِ شَقِيقَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ وَكَمَنْ مَاتَ عَنْ أُمِّهِ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَجَدٍّ، وَأَمَّا الْحَجْبُ بِالْوَصْفِ، فَلَا يَحْجُبَانِ كَمَا إذَا كَانَ بِهِمَا مَانِعٌ مِنْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ . (ص) ، وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي فِي زَوْجٍ، أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ تَرِثُ ثُلُثَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ حَيْثُ لَا حَاجِبَ لَهَا فِيمَا عَدَا مَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنَّ لَهَا فِيهِمَا ثُلُثَ الْفَاضِلِ وَذَلِكَ فِي الْغَرَّاوَيْنِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ غُرَّتْ فِيهِمَا بِإِعْطَائِهَا الثُّلُثَ لَفْظًا لَا مَعْنًى كَمَا تَرَى الْأُولَى زَوْجٌ وَأَبَوَانِ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ سَهْمٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي تَعْصِيبًا فَيَأْخُذُ مِثْلَيْهَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَا الثَّانِيَةُ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ سَهْمٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ رُبُعُ التَّرِكَةِ وَالْبَاقِي وَهُوَ النِّصْفُ لِلْأَبِ تَعْصِيبًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ فِيهِمَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ الثُّلُثَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ تَكُونُ قَدْ أَخَذَتْ مِثْلَيْ الْأَبِ، وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي اجْتِمَاعِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَأْخُذُ الْأُنْثَى مِثْلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ الْأَبِ جَدٌّ لَكَانَ لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْمَالِ تَبْدَأُ بِهِ لِأَنَّهَا تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ بِالْفَرْضِ وَمَعَ الْأَبِ بِالْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْقَاعِدَةُ عَلَى الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْقَوَاطِعِ وَبَيَانُ كَوْنِ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَمَخْرَجُهُ مِنْ اثْنَيْنِ لَهُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْوَاحِدِ الْبَاقِي، وَلَا ثُلُثٌ لَهُ صَحِيحٌ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَبَيَانُ كَوْنِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعَ وَمَخْرَجُهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَلَهَا وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ لِلْأُمِّ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ يَبْقَى اثْنَانِ لِلْأَبِ . (ص) وَالسُّدُسُ الْوَاحِدُ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ فَرْضُهُ السُّدُسُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى اتِّفَاقًا . (ص) وَسَقَطَ بِابْنٍ وَابْنِهِ وَبِنْتٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ وَأَبٍ وَجَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَخ لِلْأُمِّ يُحْجَبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عَمُودَيْ النَّسَبِ وَبِالْبِنْتِ لِلصُّلْبِ وَبِنْتِ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَتْ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَسْقُطُ بِسِتَّةٍ بِالِابْنِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى وَابْنِ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَبِالْأَبِ وَالْجَدِّ، وَإِنْ عَلَا (ص) وَالْأَبِ وَالْأُمِّ مَعَ، وَلَدٍ، وَإِنْ سَفَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّدُسَ فَرْضُ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ، أَوْ، وَلَدُ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَأَخَذَتْ هِيَ النِّصْفَ وَأَخَذَ الْأَبُ الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ وَذِكْرُ الْأُمِّ هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَحَجَبَهَا لِلسُّدُسِ، وَلَدٌ، وَإِنْ سَفَلَ. (ص) وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرُ وَأَسْقَطَهَا الْأُمُّ مُطْلَقًا وَالْأَبُ الْجَدَّة مِنْ جِهَتِهِ وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَإِلَّا اشْتَرَكَتَا (ش) السُّدُسُ فَرْضُ الْجَدَّةِ سَوَاءٌ انْفَرَدَتْ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَلَا يَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهُمَا، وَإِنْ عَلَتَا وَتُحْجَبُ الْجَدَّةُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ قَرِيبَةً، أَوْ بَعِيدَةً حَجْبَ حِرْمَانٍ بِأُمِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ أَبِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ إلَّا الْجَدَّةَ الَّتِي مِنْ جِهَتِهِ وَتَرِثُ مَعَهُ الْجَدَّةُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ الْجَدَّتَانِ وَكَانَتَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ كَانَتْ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَقْرَبَ كَأُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ كَانَ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أَصَالَتَهَا جَبَرَتْ بُعْدَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَقْرَبَ كَأُمِّ أُمٍّ وَأُمِّ أُمِّ أَبٍ اُخْتُصَّتْ بِالسُّدُسِ فَقَوْلُهُ فَأَكْثَرُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَإِنْ عَلَتَا فَقَدْ تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ الْإِطْلَاقِ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْقَضَاءِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَكْثَرَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ غُرَّتْ فِيهِمَا) وَقِيلَ إنَّمَا لُقِّبَا بِالْغَرَّاوَيْنِ لِظُهُورِهِمَا بَيْنَ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الْأَبَ وَإِنْ كَانَ يَفْضُلُ الْأُمَّ لَكِنْ لَا يَفْضُلُهَا بِالضِّعْفِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الذَّكَرَ يَفْضُلُ الْأُنْثَى بِالضَّعْفِ وَقَوْلُنَا الْأَصْلُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَوِرْثَاهُ أَبَوَاهُ فَقَطْ مِنْ شَرْحِ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْقَوَاطِعِ) أَيْ الْأُمُورِ الْمَقْطُوعِ بِهَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ الْقَوَاطِعِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ وَأَمَّا لَفْظُهُ فَهُوَ مِنْ الْقَوَاطِعِ قَطْعًا أَيْ: مَقْطُوعٌ بِوُرُودِهَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالْقَوَاعِدِ . (قَوْلُهُ وَالسُّدُسِ الْوَاحِدُ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ شَارِحِنَا، فَيَكُونُ قَوْلُهُ السُّدُسِ بِالْجَرِّ مَعْطُوفًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَوْلِهِ ذِي النِّصْفِ وَقَوْلُهُ الْوَاحِدُ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مَعْطُوفٌ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِبِنْتٍ) أَيْ لِلِابْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ سَفَلَتْ وَبِنْتٌ لِلْمَيِّتِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْوَاحِدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءً كَانَتْ) أَيْ الْجَدَّةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَالْجَدَّةُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ عَلَتَا أَيْ هَذَا إذَا سَفَلَتَا بَلْ وَإِنْ عَلَتَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَبَّرَ بِالْجِهَةِ شَمِلَ الْعَالِيَةَ وَالسَّافِلَةَ (قَوْلُهُ فَقَدْ تَجَوَّزَ) أَيْ: فَقَدْ تَجَوَّزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَأَكْثَرُ عَنْ الْإِطْلَاقِ أَيْ كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَالْجَدَّتَانِ عَلَتَا أَوْ لَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالتَّجَوُّزِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ مَدْلُولًا لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْقَضَاءِ أَيْ إنَّ اللَّفْظَ الْوَارِدَ عَنْ عُمَرَ مُتَجَوَّزٌ بِهِ عَنْ الْإِطْلَاقِ كَالْمُصَنَّفِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا فَالْمُصَنَّفُ تَبِعَهُ لِلتَّبَرُّكِ أَيْ: فَأَرَادَ عُمَرُ بِعِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا كُنْتُمَا عَالِيَتَيْنِ أَوْ سَافِلَتَيْنِ فَهُوَ بَيْنَكُمَا فَذَلِكَ مَعْنًى مُرَادٌ وَنَذْكُرُ لَك مَا وَرَدَ عَلَى طَرِيقِ التَّحَوُّزِ فَنَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا رَوَى عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ قَالَ «جَاءَتْ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُ عَنْ مِيرَاثِهَا فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 مِنْ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ مَالِكًا لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَالْأُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرَ الْمُدْلِيَةِ بِذَكَرٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْإِسْقَاطِ فَكَانَ حَقُّهُ تَقْدِيمَهُ . (ص) وَأَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ أَبُو الْأَبِ يَكُونُ السُّدُسُ أَحَدَ فُرُوضِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ ابْنٌ، أَوْ ابْنُ ابْنٍ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ، أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَأَمَّا الْجَدُّ أَبُو الْأُمِّ، فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا شَيْئًا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى ثُمَّ إنَّ الْجَدَّ لَيْسَ لَهُ فُرُوضٌ، وَإِنَّمَا لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ، أَوْ الثُّلُثُ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ. (ص) ، وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ الْخَيْرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ الْخَيْرُ أَيْ الْأَفْضَلُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الثُّلُثِ أَيْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ فَالثُّلُثُ لَهُ إذَا زَادَ عَدَدُ الْإِخْوَةِ، أَوْ الْأَخَوَاتِ عَلَى مِثْلَيْهِ وَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ لَهُ إذَا نَقَصَ عَدَدُهُمْ عَنْ مِثْلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَدَدُهُمْ مِثْلَيْهِ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُقَاسِمُ أَخًا وَاحِدًا، أَوْ أُخْتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ، أَوْ أَخًا وَأُخْتًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ أَخَوَانِ، أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ مَعَ الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَنْ الِاثْنَيْنِ وَالْأَخَوَاتُ عَنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا مِمَّا يَفْتَرِقُ الْأَبُ فِيهِ مِنْ الْجَدِّ لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مُطْلَقًا وَالْجَدُّ لَا يَحْجُبُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَقَدْ أَشَارَ إلَى حُكْمِهِمْ بِقَوْلِهِ. (ص) وَعَادَ الشَّقِيقُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ (ش) يَعْنِي لَوْ تَرَكَ جَدًّا لِأَبٍ وَأَخًا شَقِيقًا، وَإِخْوَةً لِأَبٍ فَالشَّقِيقُ يَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لِيَمْنَعَهُ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ كَأُمٍّ أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ لَا، فَإِذَا أَخَذَ الْجَدُّ حَظَّهُ رَجَعَ الشَّقِيقُ فَأَخَذَ جَمِيعَ الْبَاقِي وَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ، وَكَذَلِكَ الشَّقِيقَةُ فَأَكْثَرُ تَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لِتَمْنَعَهُ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ، فَإِذَا أَخَذَ الْجَدُّ حَظَّهُ رَجَعَتْ الشَّقِيقَةُ بِمَالِهَا وَهُوَ النِّصْفُ عِنْدَ انْفِرَادِهَا وَالثُّلُثَانِ عِنْدَ تَعَدُّدِهَا وَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَجَدٍّ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ تَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ أَصْلُهَا مِنْ خَمْسَةٍ لِلْجَدِّ   [حاشية العدوي] مِنْ شَيْءٍ وَمَا عَلِمْت لَك فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَك غَيْرُك فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ» ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ إلَّا لِغَيْرِك وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ وَلَكِنْ هُوَ السُّدُسُ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيُّكُمَا خَلَتْ فَهُوَ لَهَا اهـ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الَّتِي أَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ أُمُّ الْأُمِّ وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ الصِّدِّيقَ وَاَلَّتِي جَاءَتْ عُمَرَ هِيَ أُمُّ الْأَبِ. (قَوْلُهُ غَيْرُ الْمُدْلِيَةِ بِذَكَرٍ) أَيْ: غَيْرُ الْأَبِ فَتَخْرُجُ أُمُّ أَبِي الْأَبِ فَلَا يُوَرِّثُهَا مَالِكٌ خِلَافًا لِزَيْدٍ وَعَلِيٍّ . (قَوْلُهُ وَأَحَدُ فُرُوضٍ إلَخْ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَالسُّدُسُ أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ) مِثَالُهُ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ وَجَدٌّ أَوْ بِنْتَيْنِ وَأُمٌّ وَجَدٌّ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَبِنْتِ الِابْنِ وَاحِدٌ وَالْأُمِّ وَاحِدٌ وَسُدُسٌ لِلْجَدِّ أَوْ ثُلُثَانِ لِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَالِاسْتِغْرَاقُ بِضَمِّ حِصَّةِ الْجَدِّ. (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ) يَعْنِي إذَا كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ إسْقَاطُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا شَيْئًا بِلَا خِلَافٍ) وَانْظُرْ قَوْلَهُ عِنْدَنَا مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُحْتَرَزُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأَبِي الْأُمِّ وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْلَى بِأُمِّ الْأَبِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ أَوْ الثُّلُثُ) أَمَّا السُّدُسُ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ وَأَمَّا الثُّلُثُ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَقَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُرُوضِ اللُّغَوِيَّةُ وَالْفُرُوضُ اللُّغَوِيَّةُ تَصْدُقُ بِالْأَحْوَالِ فَإِنَّ الْفَرْضَ لُغَةً الْحَزُّ وَالْقَطْعُ (قَوْلُهُ الْخَيْرُ) هُوَ اسْمُ تَفْضِيلٍ وَقَدْ أَتَى بِهِ مُقْتَرِنًا بِأَلْ مَعَ مِنْ الْجَارَةِ لِلْمَفْضُولِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ وَلَسْت بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ أَيْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ وَمِنْ الْبَيَانِيَّةُ حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ لَهُ خَيْرَ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَالْمَحَلُّ حِينَئِذٍ لَأَوَّلَانِ الْأَفْضَلُ أَحَدُهُمَا لَا هُمَا مَعًا هَكَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَعَادَ إلَخْ) صَرَّحَ أَهْلُ الصَّرْفِ بِأَنَّ فَاعِلَ يَأْتِي بِمَعْنَى فَعَلَ فَعَادَ بِمَعْنَى عَدَّ فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا وَالشَّقِيقُ فَاعِلٌ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَعَادَ الشَّقِيقُ الْجَدُّ بِغَيْرِهِ أَيْ وَحُسِبَ الشَّقِيقُ عَلَى الْجَدِّ غَيْرَهُ وَقِيلَ إنَّ الْمُفَاعَلَةَ عَلَى بَابِهَا يَعُدُّونَهُمْ عَلَى الْجَدِّ إثْبَاتًا وَالْجَدُّ يَعُدُّهُمْ إسْقَاطًا وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ لِتَكُونَ الْمُعَادَّةُ رَاجِعَةً لَهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَفَرَّدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ فِي مُعَادَّةِ الْجَدِّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِك. (قَوْلُهُ كَالشَّقِيقَةِ) أَيْ فَأَكْثَرَ فَتَرْجِعُ بَعْدَ عَدِّهَا الْأَخَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَدِّ. (قَوْلُهُ بِمَالِهِمَا) يَصِحُّ كَسْرُ اللَّامِ وَفَتْحُهَا أَيْ: بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُمَا أَوْ بِالْمَالِ الْمُقَرَّرِ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَالشَّقِيقُ يُعَدُّ إلَخْ) لَفْظُ غَيْرٍ فِي الْمُصَنِّفِ عَامٌّ إلَّا أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 سَهْمَانِ لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ فِيهَا أَحَظُّ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لِلْأُخْتِ مِنْهَا نِصْفُ الْجَمِيعِ سَهْمَانِ وَنِصْفُ سَهْمٍ يَبْقَى لِلْأَخِ نِصْفُ سَهْمٍ، فَإِذَا ضُرِبَ مَقَامُ النِّصْفِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْخَمْسَةِ حَصَلَ عَشَرَةٌ لِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ خُمُسَا الْمَالِ وَلِلْأُخْتِ خَمْسَةٌ هِيَ نِصْفُهُ وَلِلْأَخِ سَهْمٌ وَهُوَ الْفَاضِلُ بَعْدَ نِصْفِهَا وَكَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ تَصِحُّ مِنْ عِشْرِينَ لِأَنَّ أَصْلَهَا مِنْ خَمْسَةٍ كَالَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ خَيْرٌ لِلْجَدِّ فَلَهُ سَهْمَانِ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلْأُخْتِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَاضْرِبْ مَقَامَ النِّصْفِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْخَمْسَةِ يَحْصُلْ عَشَرَةٌ لِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ خَمْسَةٌ وَيَبْقَى وَاحِدٌ لِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ عَدَدُهُمَا فِي الْعَشَرَةِ يَحْصُلْ عِشْرُونَ وَمِنْهَا تَصِحُّ (ص) ، وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ الْمُقَاسَمَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ لِلْأَبِ إذَا كَانَ مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ فَلَهُ الْأَفْضَلُ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ أَخْذِ ذَوِي الْفُرُوضِ فُرُوضَهُمْ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ فَمِثَالُ الْأَوَّلِ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْفُرُوضِ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ وَحِصَّتُهُ مِنْهَا إنْ قَاسَمَ الْأَخُ اثْنَانِ وَنِصْفٌ فَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ أَحَظُّ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي فَيَفْضُلُ وَاحِدٌ لِلْأَخِ فَأَكْثَرَ وَمِثَالُ الثَّانِي كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَعَشَرَةِ إخْوَةٍ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الْأُمِّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ مُقَاسَمَتِهِ فِيهِ عَشَرَةُ إخْوَةٍ إذْ يَحْصُلُ بِهَا لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سَهْمٍ وَمِنْ سُدُسِ الْجَمِيعِ إذْ هُوَ ثَلَاثَةٌ وَإِنَّمَا مَثَّلْت بِعَشَرَةِ إخْوَةٍ لِيَكُونَ الْبَاقِي مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمْ، فَلَوْ كَانُوا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى مِثْلَيْهِ كَانَ الْحَكَمُ كَذَلِكَ وَمِثَالُ الثَّالِثِ كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ وَأَخٍ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الْجَدَّةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ خَمْسَةٌ فَيَخُصُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسِ إذْ هُوَ وَاحِدٌ وَمِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي إذْ هُوَ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ فَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَفِي بِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَالسُّدُسُ وَفِي أُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَفِي زَوْجٍ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالسُّدُسُ وَفِي زَوْجٍ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ فَقَوْلُهُ مَعَهُمَا أَيْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ فَقَدْ تَجْتَمِعُ الثَّلَاثَةُ، أَوْ اثْنَانِ مِنْهَا (ص) ، وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَالْغَرَّاءِ زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ، أَوْ لِأَبٍ فَيُفْرَضُ لَهَا، وَلَهُ ثُمَّ يُقَاسِمُهَا، وَإِنْ كَانَ مَحَلَّهَا أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ أُخُوَّةٌ لِأُمٍّ سَقَطَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ لِلْأَبِ لَا يُقَاسِمُ الْأُخْتَ، وَلَا يُقَدَّرُ أَخًا مَعَهَا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ بِالْأَكْدَرِيَّةِ وَصُورَتُهَا تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَجَدَّهَا وَأُخْتًا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ يَفْضُلُ سَهْمٌ يَأْخُذُهُ الْجَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُعَالُ لِلْأُخْتِ بِثَلَاثَةٍ مِثْلِ نِصْفِ الْمَسْأَلَةِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ بِعَوْلِهَا مِنْ تِسْعَةٍ، فَإِذَا فُرِضَ لَهَا وَلِلْجَدِّ جَمِيعًا أَرْبَعَةٌ اقْتَسَمَاهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ الْجَدَّ مَعَهَا كَأَخٍ وَأَرْبَعَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَلَا تُوَافِقُهَا فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ عَدَدُ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا سِهَامُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ يُقَالُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَلَهُمَا أَرْبَعَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثَمَانِيَةً وَتَأْخُذُ الْأُخْتُ أَرْبَعَةً وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَيُلْغَزُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ أَرْبَعَةٌ وَرِثُوا مَيِّتًا أَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ مَالِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَأَخَذَ الثَّانِي ثُلُثَ الْبَاقِي وَهِيَ الْأُمُّ وَأَخَذَ الثَّالِثُ بَاقِيَ الْبَاقِي وَهِيَ الْأُخْتُ وَأَخَذَ الرَّابِعُ الْبَاقِيَ وَهُوَ الْجَدُّ الثَّانِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنْ يُقَالَ مَا فَرِيضَةٌ أُخِّرَ قَسْمُهَا لِلْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَرِثَتْ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ   [حاشية العدوي] خَاصٌّ وَهُوَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ لَا الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمْ يُحْجَبُونَ بِالْجَدِّ وَلَا فَرْقَ فِي الشَّقِيقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ إلَخْ) يَجْرِي هُنَا أَيْضًا قَوْلُهُ وَعَادَ الشَّقِيقُ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مَحْذُوفٌ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا سُدُسًا وَثُلُثَ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ كَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ إلَخْ) وَاسْتَحْسَنُوا التَّعْبِيرَ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَوَرَدَ بِهِ النَّصُّ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ وَهِيَ الْأُمُّ دُونَ الْقِسَامِ أَيْ الْمُقَاسَمَةِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا أَصْحَابَ الثُّلُثِ ثَلَاثَةً مِنْهُمْ الْجَدُّ قِيلَ وَلِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ الْأَخْذُ بِالْفَرْضِ فَهُوَ أَوْلَى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْفَرْضِ اهـ. ك (قَوْلُهُ وَالْغَرَّاءُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَيْ: الْغَرَّاءُ وَمَا بَعْدَ أَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ لِلْأَبِ لَا يُقَاسِمُ إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُفْرَضُ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُقَاسَمُ مَعَ اعْتِبَارِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا الْفَرْضِ أَوَّلًا ثُمَّ الْقِسْمَةِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَيُعَالُ لِلْأُخْتِ بِثَلَاثَةٍ) أَيْ: فَلَوْ لَمْ يُعَلْ لَهَا لَأَدَّى لِأَحَدِ أُمُورٍ مَمْنُوعَةٍ مَا نَقَصَ الزَّوْجَ عَنْ النِّصْفِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ أَوْ الْأُمَّ وَهُوَ يُؤَدِّي لِحَجْبِ الْجَدِّ أَوْ الْأُخْتِ لَهَا وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا أَوْ نَقَصَ الْجَدُّ عَنْ السُّدُسِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الِابْنِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ الْأُخْتِ لَا يَنْقُصُ عَنْ السُّدُسِ فَالْأُخْتُ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ تَحْجُبَهُ أَوْ إسْقَاطُ الْأُخْتِ وَهِيَ لَا تَسْقُطُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ وَلَا يَعُولُ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 شَيْئًا وَصُورَتُهَا كَمَا قَدْ عَلِمْت تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَجَدَّهَا وَأُمَّهَا وَالْأُمُّ حَامِلٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَلْقَاهَا عَلَى رَجُلٍ يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ يُسَمَّى أَكْدَرَ فَأَخْطَأَ فِيهَا فَنُسِبَتْ إلَيْهِ وَسَمَّاهَا مَالِكٌ بِالْغَرَّاءِ لِشُهْرَتِهَا أَوْ لِغُرُورِ الْأُخْتِ فِيهَا بِفَرْضِ النِّصْفِ، وَلَمْ تَأْخُذْ إلَّا بَعْضَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أُخْتٌ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتَانِ أَوْ أَكْثَرُ لِغَيْرِ أُمٍّ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ السُّدُسَ، وَلَهُمَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ فَهِيَ الْخَرْقَاءُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أُمٌّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ أَحَظُّ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدٌّ كَانَتْ الْمُبَاهَلَةَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أُخْتٌ كَانَتْ إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ إذَا كَانَ بَدَلَ الْجَدِّ أَبٌ، وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ الْأُخْتِ أَخٌ لِأَبٍ، أَوْ شَقِيقٌ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ اثْنَانِ فَصَاعِدًا لَمْ يَكُنْ لِلْأَخِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْت دُونِي لَمْ تَرِثْ شَيْئًا لِأَنَّ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ يَأْخُذُهُ أَوْلَادُ الْأُمِّ، وَأَنَا أَحْجُبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَيَأْخُذُ الْجَدُّ حِينَئِذٍ الثُّلُثَ كَامِلًا وَتُسَمَّى الْمَالِكِيَّةَ وَقَالَ زَيْدٌ لِلْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسُ قِيلَ، وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ إلَخْ) وَقِيلَ إنَّمَا سُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ فِيهَا مِنْ بَنِي أَكْدَرَ وَقِيلَ لِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا وَتَكَدُّرِهَا وَمَرْوَانُ بِسُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ لِشُهْرَتِهَا) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ مَسْأَلَةٌ يُفْرَضُ فِيهَا لِلْأُخْتِ سِوَاهَا وَقِيلَ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ غَارَ عَلَى نَصِيبِ الْأُخْتِ (قَوْلُهُ أُخْتَانِ أَوْ أَكْثَرُ لِغَيْرِ أُمٍّ) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ إخْوَةٌ لِأُمٍّ لَكَانَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ لِلْجَدِّ وَلَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ. (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ) أَيْ: فَإِذَا كَانَ أُخْتَانِ يَكُونُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَهُوَ وَالْمُقَاسَمَةُ هُنَا سَوَاءٌ وَوَاحِدٌ عَلَى اثْنَيْنِ لَا يَصِحُّ عَلَيْهِمَا فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ عَدَدَ رُءُوسِ الْأُخْتَيْنِ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَإِنْ زَادَتْ الْأَخَوَاتُ عَلَى الِاثْنَيْنِ كَانَ السُّدُسُ أَفْضَلَ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ لَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا الثُّلُثَانِ وَلَا تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ الَّذِي يُعَصِّبُهُمَا هُوَ صَاحِبُ فَرْضٍ هُنَا وَصَاحِبُ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِنْتًا مَعَ أُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ كَمَا سَلَفَ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ النَّقْلُ أَنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُهُ فَرْضًا وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ كَذَا قَالَ تت قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ كَمَا يَتَبَيَّنُ وَقَالَ عج وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ: فِي الْأَخْذِ بِالتَّعْصِيبِ نَظَرٌ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَخَذَ فِي جَدٍّ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ الثُّلُثَ وَهُنَّ الثُّلُثَانِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّعْصِيبِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْخُذُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ النِّصْفَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ يَرِثُهُ بِالتَّعْصِيبِ لِأَجْلِ أَنْ يُعَصِّبَ الْأَخَوَاتِ إذْ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ وَإِنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ نِصْفَ الْبَاقِي فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَثُرَتْ الْأَخَوَاتُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَرِثُ بِالْفَرْضِ اهـ. وَقَالَ مُحَشِّي تت وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَأْخُذَانِ ذَلِكَ تَعْصِيبًا وَأَنَّ الْجَدَّ مُعَصِّبٌ إذْ هُوَ الْمَانِعُ لَهُمَا مِنْ أَخْذِ فَرْضِهِمَا وَلَا يَرِدُ أَنَّ صَاحِبَ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ إذْ لَيْسَ فَرْضُهُ مُحَتَّمًا لِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثِ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ فَهِيَ الْخَرْقَاءُ) بِالْمَدِّ وَسُمِّيَتْ خَرْقَاءَ لِتَخَرُّقِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا أَيْ: تَفَرَّقُوا وَاخْتِلَافُهُمْ لِسِتَّةٍ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ خَرَقَتْهَا لِكَثْرَتِهَا بِأَنْ يَكُونَ تَرَكَ أُمًّا وَجَدًّا وَأُخْتًا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةِ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَيَفْضُلُ اثْنَانِ لِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ يُقْسَمُ عَلَيْهِمَا لِلْجَدِّ ثُلُثَاهُمَا وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ مَعَهُ بِالتَّعْصِيبِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا تَنْقَسِمُ وَتُبَايِنُ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ لِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ اثْنَانِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ رَاجِعْ شَرْحَ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ) وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ وَاحِدٌ وَهُوَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلِلْأُخْتِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدٌّ كَانَتْ الْمُبَاهَلَةُ) فَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفًا وَثُلُثًا وَتَعُولُ لِثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ كَذَلِكَ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِالْمُبَاهَلَةِ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا بَالَغَ فِي إنْكَارِ الْعَوْلِ قَالَ لِزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ رَاكِبٌ انْزِلْ حَتَّى نَتَبَاهَلَ أَنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَثُلُثًا هَذَانِ النِّصْفَانِ قَدْ ذَهَبَا بِالْمَالِ فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ وَتُلَقَّبُ هَذِهِ بِالْمُبَاهَلَةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ بَاهَلَنِي بَاهَلْته وَالِابْتِهَالُ الِالْتِعَانُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَهَلَهُ اللَّهُ أَيْ: لَعَنَهُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي دُعَاءٍ يُجْتَهَدُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْتِعَانًا كَمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ يَأْخُذُهُ أَوْلَادُ الْأُمِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ فَرْضٍ وَالْأَخُ لِغَيْرِ الْأُمِّ عَاصِبٌ وَهُوَ يَسْقُطُ عِنْدَ اسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ الْجَدُّ حِينَئِذٍ الثُّلُثَ كَامِلًا) أَيْ: فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَفْضُلُ اثْنَانِ يَأْخُذُهُمَا الْجَدُّ. (قَوْلُهُ وَتُسَمَّى الْمَالِكِيَّةَ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ صَادِقَةٌ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَخٌ لِأَبٍ أَوْ أَخٌ شَقِيقٌ مَعَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ هِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الَّتِي فِيهَا أَخٌ لِأَبٍ فَقَطْ وَأَمَّا الَّتِي فِيهَا شَقِيقٌ فَهِيَ شَبَهُ الْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ لِلْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسُ) أَيْ: وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ. (قَوْلُهُ قِيلَ وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا إلَّا فِي هَذِهِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْمَالِكِيَّةُ أَيْ: فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي غَيْرِهَا كَتَوْرِيثِ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ كَمَا يَأْتِي وَقَالَ مُحَشِّي تت وَلَا يَرِدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ لِأَبٍ لَشَمِلَ شَبَهَ الْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا لِكَوْنِ الْخِلَافِ مَعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ، وَلَا فَرْقَ فِي الْأَخِ لِلْأَبِ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ لَا يُقَالُ الْأَخُ لِلْأَبِ سَاقِطٌ هُنَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ، فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِذِكْرِهِمْ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذَكَرَهُمْ لِتَكُونَ هِيَ الْمَالِكِيَّةَ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَةِ زَيْدٍ فِيهَا . (ص) وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ، أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ (ش) أَصْلُ الْعَاصِبِ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الشِّدَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ فَعَصَبَةُ الرَّجُلِ بَنُوهُ وَقَرَابَتُهُ لِأَبِيهِ، وَإِنَّمَا سُمُّوا عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ عُصِّبُوا بِهِ فَالْأَبُ طَرَفٌ وَالِابْنُ طَرَفٌ وَالْعَمُّ جَانِبٌ وَالْأَخُ جَانِبٌ وَالْجَمْعُ الْعَصَبَاتُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ ذِكْرَ الْعَاصِبِ عَنْ الَّذِي يَرِثُ بِالْفَرْضِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَفَائِدَةُ وَصْفِ الرَّجُلِ بِالذُّكُورَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهُوَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيحِ فِي الْإِرْثِ وَلِهَذَا جُعِلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَيْ الْأُنْثَى وَالْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ هُوَ الَّذِي يَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ عَنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ كَالِابْنِ وَابْنِهِ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَالْأَخُ الشَّقِيقِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّقِيقِ   [حاشية العدوي] مُخَالَفَتُهُ فِي أُمِّ الْجَدِّ الْقَائِلِ فِيهَا ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ إلَّا عَلَى قَوْلِهِ زَيْدٌ وَحْدَهُ فَإِنَّ أُمَّ الْجَدِّ أَيْضًا جَدَّةٌ؛ لِأَنَّ لِزَيْدٍ فِيهَا قَوْلَيْنِ فَمَالِكٌ أَخَذَ فِيهَا بِأَحَدِ قَوْلَيْهِ وَلَيْسَ أَخْذُهُ بِقَوْلِ زَيْدٍ تَقْلِيدًا لَهُ بَلْ وَافَقَ اجْتِهَادُهُ وَأَدِلَّتُهُ اجْتِهَادَهُ وَأَدِلَّتَهُ اهـ. وَانْظُرْ تَعْبِيرَهُ بِقِيلَ فَهَلْ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ ثَابِتًا فَهُوَ غَيْرُ مُرْتَضٍ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ قَالَ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْخِلَافِ مَعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَخْ) أَيْ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ مِثْلُ الْأَخِ لِلْأَبِ فِي حُكْمِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ السُّقُوطِ فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَتَسْقُطُ الْأَشِقَّاءُ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَوْ لَمْ أَكُنْ لَمْ تَرِثُوا شَيْئًا بِأَبِيكُمْ وَإِنَّمَا تَرْجِعُونَ إلَى الِاشْتِرَاكِ بِسَبَبِ أُمِّكُمْ وَأَنَا حَاجِبُ كُلِّ مَنْ يَرِثُ بِأُمِّهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَذْهَبُ زَيْدٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا لِأَصْحَابِ مَالِكٍ إلَخْ أَيْ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ شَبَهَ الْمَالِكِيَّةِ وَانْظُرْ مَا لَوْ كَانَ مَوْضِعُ الْأُخْتِ خُنْثَى مُشْكِلًا فِي الشُّرَّاحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا (قَوْلُهُ وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ) كُلَّهُ إذَا انْفَرَدَ تَعْرِيفُ الْعَاصِبِ بِمَا ذَكَرَ تَعْرِيفٌ لِلْعَاصِبِ بِنَفْسِهِ لَا الْعَاصِبِ الشَّامِلِ لِهَذَا وَالْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَلِلْعَاصِبِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُنْتَقَدٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْحُكْمِ فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ وَالتَّعَارِيفُ اللَّفْظِيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الْأَدْوَارُ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ دَوْرٌ خَطَأٌ الثَّانِي أَنَّهُ بَيَانٌ لِحُكْمِهِ لَا تَعْرِيفٌ لَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَدِّ وَقَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفُرُوضِ أَيْ: أَوْ يَسْقُطُ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ إلَّا أَنْ يَنْقَلِبَ كَالْأَشِقَّاءِ فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِعَدَمِ اطِّرَادِهَا إذْ الِابْنُ وَنَحْوُهُ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ أَوْ يُقَالُ هُوَ لَازِمٌ لِكَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْبَاقِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ وَلَا يُقَالُ يَرِدُ الِابْنُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ سُقُوطُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِغْرَاقُ مَعَ وُجُودِهِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ ثُمَّ قَوْلُهُ وَلِعَاصِبٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِوَارِثٍ ثُمَّ إنْ أُرِيدَ بِالْوَارِثِ الْوَارِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ كَانَ قَوْلُهُ وَلِعَاصِبٍ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَإِنْ جُعِلَ أَعَمَّ كَانَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ) أَيْ: وَقَدْ يُعَصِّبُ ابْنُ الِابْنِ ابْنَةَ عَمِّهِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ وَابْنَ ابْنٍ غَيْرِ أَخٍ لِبِنْتِ الِابْنِ بَلْ ابْنُ عَمِّهَا وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ يُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ، وَلَوْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْ الثُّلُثَيْنِ إذَا كَانَ فِي دَرَجَتِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَبُ) أَيْ: عَاصِبٌ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْجَدُّ أَيْ غَيْرُ الْمُدْلِي بِأُنْثَى وَإِنْ عَلَا فِي عَدَمِ الْأَبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الشَّقِيقُ إلَخْ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ ثُمَّ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْإِخْوَةُ بَدَلًا مِنْهُ مُفَصَّلًا. (قَوْلُهُ أَصْلُ الْعَاصِبِ الشِّدَّةُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْهُ عَاصِبُ الْعَصَبِ وَهُوَ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ يُقَالُ عَصَبْتُ الشَّيْءَ عَصَبًا شَدَدْتُهُ وَالرَّأْسَ بِالْعِمَامَةِ شَدَدْتُهَا وَمِنْهُ الْعِصَابَةُ لِشَدِّ الرَّأْسِ بِهَا وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ وَمِنْ الْعَاصِبِ أَيْ وَمِنْ مَصْدَرِهِ أُخِذَ عَصَبُ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ أَيْ إنَّمَا سُمِّيَ عَصَبُ الْحَيَوَانِ عَصَبًا؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الشِّدَّةِ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ شَدِيدًا أَيْ: قَوِيًّا وَقَوْلُهُ وَالْمُدَافَعَةُ أَيْ وَالدَّفْعُ وَهُوَ عَطْفٌ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ عُصِبُوا بِهِ) أَيْ: أَحَاطُوا بِهِ فَحَدَثَ لَهُ قُوَّةٌ بِذَلِكَ فَصَحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ فَعَصَبَةُ الرَّجُلِ إلَخْ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الشِّدَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ (قَوْلُهُ فَمَا أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ) فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ فَمَا بَقِيَ وَقَالَ ابْنُ عب الْمَشْهُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ وَصْفِ الرَّجُلِ بِالذُّكُورَةِ) أَيْ مَعَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَكَرًا أَقُولُ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ الرُّجُولِيَّةُ وَلَعَلَّ الِالْتِفَاتَ لِلذَّكَرِ لِكَوْنِهِ شَأْنُهُ أَنْ يُقَابَلَ بِالْأُنْثَى ثُمَّ بَعْدَ الْتِفَاتِي لِذَلِكَ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ وَالْأَحْسَنُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ لِتَحْقِيقِ دُخُولِ الذَّكَرِ الصَّغِيرِ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ قُصُورِهِ عَلَى الْبَالِغِ وَهَلْ قُصُورُهُ عَلَى الْبَالِغِ حَقِيقَةً وَفِي الصَّغِيرِ مَجَازًا وَهُوَ مَا قَدْ تُفِيدُهُ عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ أَوْ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ غَيْرُهُ ثُمَّ أَقُولُ وَهَلَّا اقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّجُلَ فَمَا السِّرُّ فِي ذِكْرِ الرَّجُلِ قُلْت؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ الْمُخَاطَبَةُ مَعَ الرِّجَالِ فَقَطْ فَهُوَ أَسْبَقُ فِي الذِّهْنِ قَالَ فِي ك فَإِنْ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الذُّكُورَةِ فِي الْعَصَبَةِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْبَاقِي، فَيَخْرُجُ الْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ قُلْت يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَأَقْصَى دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُمُومٌ فَيُخَصُّ بِالْحَدِيثِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 وَقَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ رَاجِعٌ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَيْ كَمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ أَوْ رَاجِعٌ لِلْإِخْوَةِ فَقَطْ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَيَكُونُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ قَوْلُهُ: الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ بِتَجْرِيدِ الشَّقِيقِ مِنْ أَدَاةِ الْعَطْفِ قَاصِرًا عَلَى الْإِخْوَةِ لِأَنَّ بِتَجْرِيدِ الشَّقِيقِ مِنْ أَدَاةِ الْعَطْفِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ يَكُونُ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ بَدَلًا مِنْ الْإِخْوَةِ مُفَصَّلًا وَقَوْلُهُ وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَقْصُودَهُ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ فِي الْعَاصِبِ بِنَفْسِهِ بَيَانُ الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ اسْتِطْرَادًا فَالْغَرَضُ فِيمَا سَبَقَ بَيَانُ تَخْصِيصِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يُسَاوِيهَا، وَلَا مَنْ يُعَصِّبُهَا وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ أَنَّهَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهَا، فَلَا تَكْرَارَ لِأَنَّ الْغَرَضَيْنِ مُخْتَلِفَانِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَاصِبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ كُلُّ ذَكَرٍ لَا يَدْخُلُ فِي نَسَبِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى وَالثَّانِي كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ أُنْثَى أُخْرَى كَالْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ، أَوْ بِنْتِ الِابْنِ وَالثَّالِثُ النِّسْوَةُ الْأَرْبَعُ اللَّاتِي فَرْضُهُنَّ النِّصْفُ إذَا اجْتَمَعَ كُلٌّ مَعَ أَخِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ أَنَّا إذَا قُلْنَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ فَالْغَيْرُ عَصَبَةٌ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ كَوْنُهُ عَصَبَةً وَهُوَ اصْطِلَاحٌ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: ثُمَّ لِلْأَبِ صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ. (ص) إلَّا فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةُ زَوْجٌ وَأُمٌّ، أَوْ جَدَّةٌ وَأَخَوَانِ فَصَاعِدًا لِأُمٍّ وَشَقِيقٌ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَيُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى (ش) دَلَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّقِيقَ عَاصِبٌ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَشَرْطُ كَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً تَعَدُّدُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْأَشِقَّاءُ كُلُّهُنَّ إنَاثًا، فَإِنْ كَانَ بَدَلَ الشَّقِيقِ أُنْثَى وَاحِدَةٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ عَالَتْ الْفَرِيضَةُ بِمِثْلِ نِصْفِهَا إلَى تِسْعَةٍ، وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا إلَى عَشَرَةٍ وَهِيَ غَايَةُ عَوْلِ السِّتَّةِ وَتَرِثُ الْأَشِقَّاءُ فِي الْمُشْتَرَكَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلشَّقِيقِ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِسَيِّدِنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوَّلَ مَرَّةٍ فَأَسْقَطَ فِيهَا الْأَشِقَّاءَ ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ أُتِيَ عُمَرُ بِمِثْلِهَا فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُهُمْ هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حِمَارًا مَا زَادَهُمْ الْأَبُ إلَّا قُرْبًا وَقِيلَ قَائِلُ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَقِيلَ قَائِلُهُ أَحَدُهُمْ لِعَلِيٍّ لَا لِعُمَرَ فَأَشْرَكَ عُمَرُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ، وَلَدِ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ   [حاشية العدوي] الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الذُّكُورِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ: كَمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ) أَيْ رُجُوعُهُ لِلْإِخْوَةِ فَقَطْ أَحْسَنُ (أَقُولُ) وَجْهُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ يَكُونُ الِالْتِفَاتُ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ مَعًا لَا لِأَحَدِهِمَا فَالِانْتِقَالُ لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الْإِخْوَةُ بَعْدُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْإِخْوَةِ فَقَطْ فَيُنَاسِبُ مَا بَعْدَهُ فِي الِانْتِقَالِ فَإِنْ قُلْت إذَا رَجَعَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْإِخْوَةِ مَا يُرَادُ بِقَوْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَقُولُ يُرَادُ بِهِ مَا أُرِيدَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْحَاصِلِ فِيهِمْ مَعَ الْجَدِّ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ الشَّقِيقُ إنَّمَا يَكُونُ تَفْصِيلًا لِلْإِخْوَةِ إلَّا إذَا رَجَعَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْإِخْوَةِ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْإِخْوَةِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوَابُ إسْقَاطَ ثُمَّ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا فِي الْمَقَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَقِيلَ إنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ وَالْإِلْصَاقُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ مُشَارَكَتِهِمَا فِي حُكْمِ الْمُلْصَقِ بِهِ، فَيَكُونَانِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي حُكْمِ الْعُصُوبَةِ بِخِلَافِ كَلِمَةِ مَعَ فَإِنَّهَا لِلْقِرَانِ وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ بَيْنَهُمَا بِلَا مُشَارَكَةٍ فِيهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} [الفرقان: 35] أَيْ: حَيْثُ قَارَنَهُ فِي النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُ الْغَيْرُ عَصَبَةً كَمَا لَمْ يَكُنْ مُوسَى وَزِيرًا كَذَا فِي ك فَظَهَرَ مِمَّا قَالَهُ وَجْهُ قَوْلِهِ لَمْ يَجِبْ كَوْنُهُ عَصَبَةً أَيْ: لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ عَصَبَةً. (قَوْلُهُ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ) أَيْ: لِلْفَرْضِيِّينَ أَيْ: وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ وَقَوْلُهُ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ أَيْ: إنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي اللَّفْظِ فَقَطْ وَانْظُرْ كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّا إذَا قُلْنَا إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَرْجِعَ أَيْ: إنَّ الْمَرْجِعَ وَالْمَآلَ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ مَثَلًا وَالْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ يَرِثُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَشَقِيقٌ وَحْدَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ إمَّا شَقِيقٌ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ذَكَرٍ أَوْ ذَكَرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مَعَ إنَاثٍ أَوْ مَعَ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ الْكُلُّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ) فَلَوْ كَانَ وَلَدُ الْأُمِّ وَاحِدًا أَخَذَ السُّدُسَ وَالْبَاقِي لِلْعَاصِبِ. (قَوْلُهُ عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا إلَى عَشَرَةٍ) أَيْ وَتُسَمَّى الْبَلْجَاءَ. (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ) أَيْ: عَلَى الْحَالِ الظَّاهِرِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ بِخِلَافِ مَنْ شَرَّكَ فَإِنَّمَا نَظَرَ لِلْحَالِ الْبَاطِنِيِّ وَهُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأُمِّ. (قَوْلُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أَيْ فِي أَوَّلِ خِلَافَتِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ أَيْ الثَّانِي مِنْ خِلَافَتِهِ. (قَوْلُهُ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُهُمْ) اسْتِفْهَامٌ قَصَدَ مِنْهُ التَّنْبِيهَ لَا الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حِمَارًا) أَيْ: وَشَرْطُ النَّظَرِ إلَيْهِ كَوْنُهُ إنْسَانًا فَإِنْ قُلْت لَمْ خَصَّ الْحِمَارَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْبَهَائِمِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْبَهِيمَةِ قُلْت لَمَّا كَانَ الْحِمَارُ مُنْكَرَ الصَّوْتِ فَشَأْنُهُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ شِدَّةُ الْإِبْعَادِ الْغَايَةَ، فَيَكُونُ زِيَادَةً فِي عَدَمِ الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ كَالْعَدَمِ فَإِنْ قُلْت غَيْرُهُ مِنْ الْأَفَاعِي أَشَدُّ فِي الْإِبْعَادِ قُلْت نَعَمْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْحِمَارُ مُخَالِطًا وَيَتَكَرَّرُ صَوْتُهُ صَارَ الِالْتِفَاتُ إلَيْهِ فِي الْبُعْدِ أَشَدَّ وُقُوعًا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ قَائِلُ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ قَائِلُهُ أَحَدُهُمْ لِعَلِيٍّ) أَيْ: وَعَلِيٌّ هُوَ الَّذِي كَلَّمَ عُمَرَ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ كَلَّمَ عُمَرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَمْ تَقْضِ بِهَذَا فِي الْعَامِ الْمَاضِي فَقَالَ عُمَرُ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي، وَلَمْ يَنْقُضْ أَحَدَ الِاجْتِهَادَيْنِ بِالْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمُشْتَرَكَةِ جَدٌّ لَسَقَطَتْ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ وَالْأَشِقَّاءُ إنَّمَا يَرِثُونَ فِيهَا بِالْأُمِّ وَالْجَدُّ يُسْقِطُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِهَا وَتُلَقَّبُ هَذِهِ بِشُبْهَةِ الْمَالِكِيَّةِ لِلْجَدِّ الثُّلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ وَكَمَا تُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ لِقَوْلِ الْقَائِلِ هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حِمَارًا وَلِتَشْرِيكِ الشَّقِيقِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ تُسَمَّى أَيْضًا بِالْحَجَرِيَّةِ وَبِالْيَمِّيَّةِ لِمَا قِيلَ إنَّهُمْ قَالُوا هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ وبالْمَنْبَرِيَّةِ لِأَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ . (ص) وَأَسْقَطَهُ أَيْضًا الشَّقِيقَةُ الَّتِي كَالْعَاصِبِ لِبِنْتٍ، أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ (ش) الضَّمِيرُ فِي أَسْقَطَهُ يَرْجِعُ لِلْأَخِ لِلْأَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ يَسْقُطُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَقَطَ فِيمَا قَبْلَهَا، فَإِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ بِنْتًا فَأَكْثَرَ، أَوْ بِنْتَ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَأُخْتًا شَقِيقَةً وَأَخًا لِأَبٍ، فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ لِلْأَبِ لِأَجْلِ الشَّقِيقَةِ الَّتِي صَارَتْ كَالْعَاصِبِ لِأَجْلِ بِنْتٍ، أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ فَتَحْجُبُهُ عَنْ الْمِيرَاثِ حَجْبَ حِرْمَانٍ لِأَنَّ حَالَهَا مَعَهُ كَحَالِ الْأَخِ الشَّقِيقِ فَكَمَا يُحْجَبُ بِالشَّقِيقِ يُحْجَبُ أَيْضًا بِالشَّقِيقَةِ. (ص) ثُمَّ بَنُوهُمَا ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَإِنْ غَيْرَ شَقِيقٍ وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي الشَّقِيقُ مُطْلَقًا ثُمَّ الْمُعْتِقُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ، وَلَا يُرَدُّ، وَلَا يُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ يُنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ الْإِخْوَةِ فِي عَدَمِهِمْ فَهُمْ حِينَئِذٍ عَصَبَةٌ فَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ ثُمَّ بَعْدَ الْإِخْوَةِ تَأْتِي مَرْتَبَةُ الْأَعْمَامِ فَالْعَمُّ الشَّقِيقُ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ وَابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِلْأَبِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ عَصَبَةَ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ عَصَبَةِ الْأَبِ وَعَصَبَةُ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ عَصَبَةِ الْجَدِّ، وَكَذَلِكَ عَمُّ الْجَدِّ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ الْجَدِّ لِأَبِيهِ وَابْنُ عَمِّ الْجَدِّ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ عَمِّ الْجَدِّ لِأَبِيهِ وَمَعَ التَّسَاوِي يُقَدَّمُ الشَّقِيقُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعَ عَدَمِ التَّسَاوِي يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَإِنْ غَيْرَ شَقِيقٍ ثُمَّ الشَّخْصُ الْمُعْتِقُ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ النَّسَبِ، أَوْ مَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ كَمَا مَرَّ فِي الْوَلَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ عَاصِبُ النَّسَبِ ثُمَّ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ إلَخْ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ فَهُوَ عَاصِبٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مُنْتَظِمًا، أَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ، أَوْ بِالْوَلَاءِ فَيَأْخُذُ الْجَمِيعَ إنْ انْفَرَدَ أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ أَوْ الْفَرْضِ، وَلَا يُرَدُّ مَا فَضَلَ عَنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ إلَيْهِمْ عِنْدَ مَالِكٍ وَزَيْدٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ قُضَاةِ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْقَضْ إلَخْ) ضُبِطَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فَالْمُنَاسِبُ وَلَا يَنْقُضُ بِلَا لَا بِلَمْ أَوْ يَقُولُ وَلَا أَنْقُضُ أَحَدَ الِاجْتِهَادَيْنِ بِالْآخَرِ بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِهِ الْخَلِيفَةَ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُجْعَلَ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا إخْبَارًا عَمَّا حَصَلَ مِنْ عُمَرَ، فَيَصِحُّ التَّعْبِيرُ بِلَمْ وَقَوْلُهُ فِي الْيَمِّ أَيْ: فِي الْبَحْرِ أَيْ بِحَيْثُ لَا يُشَاهَدُ بِالْأَبْصَارِ، فَيَكُونُ أَشَدَّ فِي عَدَمِ النَّظَرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وبالْمَنْبَرِيَّةِ) أَيْ: غَيْرِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَلْقَوْا السُّؤَالَ فِيهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا اتَّفَقَ فِي الْآتِيَةِ فَلَا إشْكَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَقَعُ السُّؤَالُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَيْسَ وَقْتَ سُؤَالٍ وَلَا كَلَامٍ وَلَا إشَارَةٍ خُصُوصًا مَعَ كَوْنِهِ شَدِيدَ الْمَهَابَةِ صَدَّاعًا بِالْمَعْرُوفِ نَاهِيًا عَنْ الْمُنْكَرِ فَيُنْتَظَرُ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَيُسْأَلُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ بَادَرُوا بِالسُّؤَالِ خَوْفًا مِنْ هُجُومِ أَمْرٍ لَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ جَوَابِهِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ كَانَ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ حَصَلَ فِي وَقْتِهِ اقْتَضَى التَّكَلُّمَ . (قَوْلُهُ وَأَسْقَطَهُ أَيْضًا إلَخْ) كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَلْحَقَهُ التَّاءُ وَلَكِنْ تُرِكَتْ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ بِالْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ الَّتِي صَارَتْ كَالْعَاصِبِ) بِالنَّفْسِ وَهُوَ الشَّقِيقُ أَيْ: مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ بِنْتٍ) جَعَلَ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِلسَّبَبِيَّةِ، فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى أَنْ تَقُولَ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ بِالْبِنْتِ كَمَا أَنَّ الْبِنْتَ عَصَبَةٌ مَعَ الِابْنِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُجْعَلَ اللَّامُ، فَيَقُولُهُ لِبِنْتٍ بِمَعْنَى مَعَ فَيُوَافِقُ قَوْلَهُمْ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ أَيْ: لَا بِالْغَيْرِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بَنُوهُمَا) الْأَوْلَى ثُمَّ ابْنَاهُمَا أَيْ: ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ جَمَعَ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ قَالَ تت وَيُنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ آبَائِهِمْ فَإِذَا مَاتَ شَقِيقَانِ مَثَلًا أَوْ لِأَبٍ أَحَدُهُمَا عَنْ وَلَدٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ مَاتَ جَدُّهُمْ عَنْ مَالٍ اقْتَسَمُوهُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ بِالسَّوَاءِ لِاسْتِوَاءِ رُتْبَتِهِمْ وَلَا يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا مَا كَانَ يَرِثُهُ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَرِثَانِ بِأَنْفُسِهِمَا لَا بِآبَائِهِمَا وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ وَبَنُوهُمَا مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ (تَنْبِيهٌ) : سَكَتَ عَنْ تَرْتِيبِ الِابْنَيْنِ لِتَرْتِيبِ أَصْلِهِمَا، وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ ثُمَّ بَنُوهُمَا بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ وَيَقُولُ ثُمَّ بَنُو كُلٍّ أَوْ بَنُوهُمْ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُولُوا ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَا الْجَدِّ يُنْظَرُ لَهُ قَبْلَ عَمِّ الْجَدِّ فَانْظُرْ مَا الْمُوجِبُ لِذَلِكَ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ أَيْ وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ غَيْرَ شَقِيقٍ أَيْ: وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَقِيقٍ وَقَوْلُهُ مَعَ التَّسَاوِي أَيْ: فِي الْمَنْزِلَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَ يُدْلِي بِقَرَابَتَيْنِ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَيَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ أَيْضًا الْإِرْثُ بِالْفَرْضِ وَالْإِرْثُ بِالتَّعْصِيبِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتِقُ إلَخْ) أَيْ: فَيُفِيدُ أَنَّ مُعْتِقَ الْمُعْتِقِ كَالْمُعْتِقِ فِي أَخْذِهِ لِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ عَاصِبٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ لَا حَائِزٌ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ بَيْتُ الْمَالِ أَنَّهُ مِيرَاثُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يُعْطَى كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَلَا يُمْنَعُ مُسْتَحِقٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هُنَاكَ بَيْتًا وَفِيهِ مَالٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (أَقُولُ) مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُرَادَ مَوْضِعٌ يُجْمَعُ فِيهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 الصَّحَابَةِ وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ سِوَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا، وَلَا يُدْفَعُ مَا فَضَلَ عَنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيَّ قَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ . (ص) وَيَرِثُ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ مَعَ بِنْتٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ كَابْنِ عَمِّ أَخٍ لِأُمٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ، أَوْ الْجَدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعًا مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَمَعَ بِنْتِ الِابْنِ، وَإِنْ تَعَدَّدْنَ فَيُفْرَضُ لِأَحَدِهِمَا مَعَهَا، أَوْ مَعَهُنَّ السُّدُسُ بِالْفَرْضِ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ، فَإِنَّهُ يَرِثُ السُّدُسَ بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ابْنُ عَمٍّ آخَرَ لَيْسَ أَخًا لِأُمٍّ كَانَ مَا فَضَلَ عَنْ السُّدُسِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ ابْنُ الْعَمِّ زَوْجًا أَخَذَ النِّصْفَ بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَوْ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ وَأَتَى بِثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَتَوَهَّمُ الِاشْتِرَاكَ، وَإِلَّا فَثُمَّ لَا مَحَلَّ لَهَا لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا . (ص) وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ بِالْأَقْوَى، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ كَأُمٍّ، أَوْ بِنْتِ أُخْتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ جِهَتَانِ يَرِثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِحْدَاهُمَا أَقْوَى مِنْ الْأُخْرَى، فَإِنَّهُ يَرِثُ بِالْأَقْوَى مِنْهُمَا، وَهَذَا يَقَعُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ وَمِنْ الْمَجُوسِ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ وَالْقُوَّةُ تَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا لَا تُحْجَبُ بِخِلَافِ الْأُخْرَى وَذَلِكَ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَأَنْ يَتَزَوَّجُ الْمَجُوسِيُّ ابْنَتَهُ عَمْدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ ابْنَةً ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَهَذِهِ الِابْنَةُ تَكُونُ أُخْتًا لِأُمِّهَا لِأَبِيهَا وَهِيَ أَيْضًا بِنْتٌ لَهَا، فَإِذَا مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَرِثَتْهَا الصُّغْرَى بِأَقْوَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ وَالْإِخْوَةُ قَدْ تَسْقُطُ فَلَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ، وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْإِخْوَةِ وَمَنْ وَرَّثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ قَالَ لَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ، وَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا فَالْكُبْرَى أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَتَرِثُ بِالْأُمُومَةِ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ قَدْ تُسْقِطُهَا فَلَهَا الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ الثَّانِي أَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَالْحَاجِبَةُ أَقْوَى، كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَتَلِدَ، وَلَدًا فَهِيَ أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ فَتَرِثُ بِالْأُمُومَةِ اتِّفَاقًا الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَقَلَّ حَجْبًا مِنْ الْأُخْرَى، كَأَنْ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ، كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَه فَتَلِدَ بِنْتًا ثُمَّ يَطَأَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدَ بِنْتًا ثُمَّ تَمُوتُ الصُّغْرَى عَنْ الْعُلْيَا بَعْدَ مَوْتِ الْوُسْطَى وَالْأَبِ فَهِيَ أُمُّ أُمِّهَا وَأُخْتُهَا مِنْ أَبِيهَا فَتَرِثُ بِالْجُدُودَةِ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ أُمَّ الْأُمِّ تَحْجُبُهَا الْأُمُّ فَقَطْ وَالْأُخْتِيَّةُ يَحْجُبُهَا جَمَاعَةٌ وَقِيلَ يَرِثُ بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ نَصِيبَ الْأُخْتِيَّةِ أَكْثَرُ، وَإِذَا كَانَتْ الْقَوِيَّةُ مَحْجُوبَةً وَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ، كَأَنْ تَمُوتَ الصُّغْرَى فِي هَذَا الْمِثَالِ عَنْ الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا فَتَرِثَ الْوُسْطَى بِالْأُمُومَةِ الثُّلُثَ وَالْعُلْيَا بِالْأُخْتِيَّةِ النِّصْفَ قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَ أَيْ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ الْقَصْدِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ صُورَةٌ وَمَفْهُومُ ذُو فَرْضَيْنِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ لِنَصِّ الْغِمَارِيِّ شَيْخِ الْفَاكِهَانِيِّ فِي مُقَدِّمَةٍ لَهُ عَلَى أَنَّ الْعَاصِبَ بِجِهَتَيْنِ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا اهـ. كَعَمٍّ هُوَ مُعْتِقٌ فَيَرِثُ بِالْعُمُومَةِ لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى وَكَأَخٍ شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ هُوَ مُعْتِقٌ (ص) وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ الْحُرَّ الْمُؤَدِّيَ لِلْجِزْيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ   [حاشية العدوي] الْمَالُ لِيُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ يَرِدُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ إلَخْ) فَإِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ فَيُقْسَمُ الْمَالُ أَرْبَاعًا بَيْنَهُمَا فَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَلِبِنْتِ الِابْنِ رُبُعٌ (قَوْلُهُ الطُّرْطُوشِيُّ) بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ وَعِجْ وَمَنْ تَبِعَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الرَّدَّ يُقَدَّمُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَا يُعْطَى ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَّا إذَا فُقِدَ صَاحِبُ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ كَابْنِ عَمٍّ إلَخْ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ. (قَوْلُهُ فَيُفْرَضُ لِأَحَدِهِمَا مَعَهَا أَوْ مَعَهُنَّ السُّدُسُ بِالْفَرْضِ) أَيْ: فَيُحْكَمُ لِأَحَدِهِمْ بِالسُّدُسِ مُلْتَبِسًا بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ (قَوْلُهُ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ) أَيْ التَّرْتِيبِ الْمَنْسُوبِ لِلْإِخْبَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَاقِعٌ فِيهِ لَا لِلتَّرْتِيبِ فِي الْأَحْكَامِ وَقَوْلُهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَتَوَهَّمُ الِاشْتِرَاكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ بَلْ أَشَارَ لِلرَّدِّ عَلَى مُتَوَهِّمٍ يَتَوَهَّمُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَثُمَّ لَا مَحَلَّ لَهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ لِلتَّرْتِيبِ فِي الْإِخْبَارِ بَلْ قُلْنَا لِلتَّرْتِيبِ فِي الْأَحْكَامِ أَيْ النَّسَبِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا (أَقُولُ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ إنَّمَا هُوَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْأَحْكَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أُخْبِرُك بِأَنَّ ثُبُوتَ الْإِرْثِ لِلْجَدِّ لَا يَكُونُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْإِرْثِ لِلْأَبِ وَلَا مَعَهُ بَلْ بَعْدُ بِمَعْنَى لَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ لِلْجَدِّ إلَّا إذَا فُقِدَ الْأَبُ الَّذِي لَوْ وُجِدَ لَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ فَتَأَمَّلْ . (قَوْلُهُ بِالْأَقْوَى) وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِيرَاثًا. (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ) أَيْ: تَزَوُّجًا أَوْ وَطْئًا. (قَوْلُهُ وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ) وَجْهُهُ أَنَّ لِتِلْكَ الْبِنْتِ حَيْثِيَّتَيْنِ حَيْثِيَّةَ كَوْنِهَا بِنْتًا وَحَيْثِيَّةَ كَوْنِهَا أُخْتًا فَهِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا أُخْتًا تَتَّصِفُ بِكَوْنِهَا عَصَبَةً مَعَ نَفْسِهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِنْتًا فَتَرِثُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِنْتًا النِّصْفَ فَرْضًا وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا أُخْتًا بِالتَّعْصِيبِ مِنْ قَبِيلِ الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عُصُبَاتٌ أَيْ: وَلَوْ اعْتِبَارًا وَالْأَوَّلُ لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ يَقُولُ الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ أَيْ: حَقِيقَةً بِأَنْ تَكُونَ الْأُخْتُ غَيْرَ الْبِنْتِ حَقِيقَةً لَا اعْتِبَارًا. (قَوْلُهُ كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ كَجَدَّةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ كَأُمٍّ فَتَدَبَّرْ . (قَوْلُهُ وَمَالُ الْكِتَابِيِّ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِلْكِتَابِ فَلَوْ قَالَ وَمَالُ الْكَافِرِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ الْحُرِّ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ لِلْجِزْيَةِ لَا يَكُونُ إلَّا حُرًّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 وَارِثٌ فَمَالُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ أَهْلِ كُورَتِهِ أَيْ مَدِينَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحْتَرَزَ بِالْكِتَابِيِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ مِنْ الْكِتَابِيِّ الْمُصَالِحِ، فَإِنَّ مَالَهُ لِأَهْلِ صُلْحِهِ الَّذِي جَمَعَهُ، وَإِيَّاهُمْ ذَلِكَ الصُّلْحُ، وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ الْعَبْدُ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ كَانَ سَيِّدُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا . (ص) وَالْأُصُولُ اثْنَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسِتَّةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ (ش) الْأُصُولُ جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّ تَصْحِيحَ الْمَسَائِلِ وَقِسْمَةَ التَّرِكَاتِ وَسَائِرَ أَعْدَادِ الْأَعْمَالِ تُبْنَى عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِأُصُولِ الْفَرَائِضِ الْعَدَدُ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ صَحِيحَةً وَهِيَ سَبْعَةٌ الِاثْنَانِ وَضِعْفُهُمَا وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ وَضِعْفُهَا وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ وَالثَّلَاثَةُ وَضِعْفُهَا وَهُوَ السِّتَّةُ وَضِعْفُ السِّتَّةِ وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ وَضِعْفُهَا وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَزَادَ الْمُحَقِّقُونَ وَمِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالنَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَصْلَيْنِ آخَرِينَ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعَةِ وَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ أُخُوَّةٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ مَقَامُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَالْبَاقِي خَمْسَةٌ عَلَى الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الْمَسْأَلَةُ فِي ثَلَاثَةٍ مَقَامِ الثُّلُثِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ سِتَّةٍ يُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَمِثَالُ الثَّانِي أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ وَالْبَاقِي سَبْعَةٌ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ يُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُمَا نَشَآ مِنْ أَصْلِ السِّتَّةِ وَضَعَّفَهَا فَهُمَا تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ. (ص) فَالنِّصْفُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالرُّبُعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالسُّدُسُ مِنْ سِتَّةٍ وَالرُّبُعُ وَالثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالثُّمُنُ وَالسُّدُسُ أَوْ الثُّلُثُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمَا لَا فَرْضَ فِيهَا فَأَصْلُهَا عَدَدُ عَصَبَتِهَا وَضِعْفٌ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى (ش) هَذِهِ الْفَاءُ هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ هَذِهِ الْأُصُولِ وَتَفْصِيلَهَا فَالنِّصْفُ مَخْرَجُهُ وَمَقَامُهُ مِنْ اثْنَيْنِ فَالِاثْنَانِ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى نِصْفٍ وَنِصْفٌ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَنِصْفٌ اثْنَانِ لِتَمَاثُلِ مَخْرَجِهِمَا وَتُسَمَّى هَاتَانِ بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ، أَوْ نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَأَخٍ وَالْأَرْبَعَةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى رُبُعٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَابْنٍ، أَوْ رُبُعٍ وَنِصْفٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ، أَوْ رُبُعٍ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَالثَّمَانِيَةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَوْ ثُمُنٍ وَنِصْفٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ وَالثَّلَاثَةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ، أَوْ ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ وَأَخٍ، أَوْ ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَبِنْتَيْنِ وَعَمٍّ وَالسِّتَّةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا سُدُسٌ وَمَا بَقِيَ كَجَدٍّ وَابْنٍ، أَوْ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَجَدَّةٍ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ أَوْ سُدُسٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ وَابْنَتَيْنِ وَأَخٍ، أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَأُخْتٍ وَأُمٍّ وَابْنِ أَخٍ وَالِاثْنَا عَشَرَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ ابْنٍ أَوْ رُبُعٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ أَوْ رُبُعٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَيْ مَدِينَتِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ مُؤَدِّي جِزْيَتِهِ وَأَهْلُ مُؤَدِّي مِصْرَ كُلُّ نَصَارَى مِصْرَ سَكَنُوا مِصْرَ أَوْ لَا لَا أَهْلُ قَرْيَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَقَطْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: مَدِينَتِهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْجِزْيَةُ مُجْمَلَةً عَلَيْهِمْ فَكَالْأَوَّلِ أَوْ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ فَكَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَقُولُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَالَهُ لِأَهْلِ صُلْحِهِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَهَذَا إذَا وَقَعَتْ مُجْمَلَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْنَوِيًّا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَمِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ وَسَوَاءً فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الرِّقَابِ أَوْ أُجْمِلَتْ وَأَمَّا إنْ كَانَ صُلْحِيًّا فَإِنْ وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الرِّقَابِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْضًا وَإِنْ وَقَعَتْ مُجْمَلَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ أَيْ: إذَا كَانَ لَا وَارِثَ لَهُ عِنْدَنَا حِينَ مَاتَ وَإِلَّا فَهُوَ لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ لِلْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ) هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْأُصُولُ اثْنَانِ. (قَوْلُهُ وَسَائِرُ أَعْدَادِ الْأَعْمَالِ) أَيْ وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى عَدَدٍ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَزَادَ الْمُحَقِّقُونَ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ وَجْهَ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ النَّظَرُ إلَى ثُلُثِ الْجَدِّ وَبِدَلِيلِ إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ فَإِنَّهَا مِنْ سِتَّةٍ نَظَرَ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ بِاتِّفَاقِهِمْ كَمَا قَالُوا وَوَجَّهَ الْجُمْهُورُ النَّظَرَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْفُرُوضِ كَمَا أَفَادَهُ بَدْرُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ. (قَوْلُهُ أَصْلُ السِّتَّةِ) إضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ فَهُمَا تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ إلَخْ) رَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ فَقَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا تَأْصِيلَانِ لَا تَصْحِيحَانِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَحْتَاجَانِ إلَى تَصْحِيحٍ آخَرَ فَبَطَلَ كَوْنُهُمَا تَصْحِيحَيْنِ. (قَوْلُهُ فَالنِّصْفُ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ فَالنِّصْفُ مَأْخُوذٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَهَكَذَا اُنْظُرْ وَجْهَ الْأَخْذِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَادَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَهُمْ وَلَا مُشَاحَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَخْرَجَ الْكَسْرِ الْمُفْرَدِ سَمِيُّهُ إلَّا النِّصْفَ فَمَخْرَجُهُ اثْنَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمُسَمَّى مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ اسْمُهُ إنْ كَانَ مُفْرَدًا أَوْ نُسِبَ إلَيْهِ إنْ كَانَ أَصَمَّ، وَلَوْ أُخِذَ مِنْ اسْمِ مَخْرَجِهِ لَقِيلَ فِيهِ ثَنْيٌ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ ثُلُثٍ وَرُبُعٍ (قَوْلُهُ وَمَا لَا فَرْضَ فِيهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ: وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا فَرْضَ فِيهَا وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا لَا فَرْضَ فِيهِ فَذَكَرَ ضَمِيرَهُ نَظَرًا لِلَفْظِ مَا (قَوْلُهُ وَتُسَمَّى هَاتَانِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَتُسَمَّى هَذِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَخٍ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُمُنٌ وَسُدُسٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَاِبْنٍ أَوْ ثُمُنٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَابْنَتَيْنِ وَأَخٍ فَالْمُؤَلَّفُ أَرَادَ بِالثُّلُثِ الْجِنْسَ لِيَشْمَلَ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنَّ الثُّمُنَ إنَّمَا هُوَ فَرْضُ الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَاتِ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ وَمَعَ وُجُودِهِ لَا يَكُونُ ثُلُثٌ لِأَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا هُوَ فَرْضُ الْأُمِّ وَالْعَدَدُ مِنْ أَوْلَادِهَا وَهُمْ يُحْجَبُونَ بِالْوَلَدِ وَالْأُمُّ إنَّمَا تَرِثُ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ السُّدُسَ فَقَطْ، وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صَاحِبُ فَرْضٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ وَرَثَتُهَا عَصَبَةً، فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ إنْ كَانُوا ذُكُورًا كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ، أَوْ خَمْسِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا، وَإِنَاثًا فَمِنْ عَدَدِ الْإِنَاثِ وَيُضَاعَفُ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فَيَأْخُذُ الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ وَبِنْتَيْنِ فَمِنْ عَشَرَةٍ . (ص) ، وَإِنْ زَادَتْ الْفُرُوضُ أُعِيلَتْ فَالْعَائِلُ السِّتَّةُ لِسَبْعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَتِسْعَةٍ وَعَشَرَةٍ (ش) الْعَوْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهُوَ إذَا ضَاقَ الْمَالُ عَنْ سِهَامِ أَهْلِ الْفُرُوضِ تُعَالُ الْمَسْأَلَةُ أَيْ تَرْتَفِعُ سِهَامُهَا لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ فَرْضِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ فَرْضَهُ بِتَمَامِهِ إذَا انْفَرَدَ، فَإِنْ ضَاقَ الْمَالُ وَجَبَ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى قَدْرِ الْحُقُوقِ كَأَصْحَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا وَالْفَرَائِضِ الَّتِي تَعُولُ ثَلَاثَةٌ السِّتَّةُ وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ فَالسِّتَّةُ تَعُولُ أَرْبَعَ عَوْلَاتٍ عَلَى تَوَالِي الْأَعْدَادِ إلَى عَشَرَةِ فَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ بِمِثْلِ سُدُسِهَا كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ أَوْ لِأَبَوَيْنِ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ سَبْعَةٌ وَهَذِهِ أَوَّلُ فَرِيضَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ فِي خِلَافَةِ سَيِّدِنَا عُمَرَ فَجَمَعَ الصَّحَابَةَ فَقَالَ لَهُمْ فَرَضَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ بَدَأْت بِالزَّوْجِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُخْتَيْنِ حَقُّهُمَا، وَإِنْ بَدَأْت بِالْأُخْتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلزَّوْجِ حَقُّهُ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْعَوْلِ وَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ أَرْبَعَةٌ أَلَيْسَ يُجْعَلُ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ فَأَخَذَتْ الصَّحَابَةُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَظْهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيهِ الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الْعَوْلَ فَقَالَ إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا أَبَدًا كَمَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُرَاقَةَ وَعَلَى هَذَا فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي حَالِ مُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا وَأَمَّا وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ بِهَذَا الشِّعْرِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الَّتِي حَدَثَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ثُلُثٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ إنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ نِصْفًا وَثُلُثَيْنِ فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَلَا مَقْبُولٍ، وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نَفْيِ الْعَوْلِ إلَّا طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ حَكَاهُ ابْنُ سُرَاقَةَ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ ثُمَّ اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى إثْبَاتِ الْعَوْلِ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجْمَاعِ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ ثُمَّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ فَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى غَيْرِهِ وَبَيَانُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَنْقُصُ فَرْضُهُ إلَّا إلَى فَرْضٍ كَالزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَوَلَدِ الْأُمِّ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ فِي حَالٍ إلَى تَعْصِيبٍ وَهُنَّ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ لِغَيْرِ الْأُمِّ وَتَعُولُ الثَّمَانِيَةُ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَمَجْمُوعُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَتُلَقَّبُ هَذِهِ بِالْبَاهِلَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ بَاهَلَنِي بَاهَلْته وَيُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ امْرَأَةٌ وَرِثَتْ الرُّبُعَ، وَلَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَتَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ بِمِثْلِ نِصْفِهَا كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ السُّدُسُ وَمَجْمُوعُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ تِسْعَةٌ وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا . (ص) وَالِاثْنَا عَشَرَ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ تَعُولُ ثَلَاثَ عَوْلَاتٍ عَلَى تَوَالِي الْأَفْرَادِ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِمِثْلِ نِصْفِ سُدُسِهَا كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَيْنِ فَلِلزَّوْجِ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ الثُّلُثَيْنِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَيَشْمَلُ الثُّلُثَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الثُّلُثُ مَعَ الثُّمُنِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِالثُّلُثِ الْجِنْسَ الْمُتَحَقِّقَ فِي الثُّلُثَيْنِ فَقَطْ لَكَانَ صَوَابًا وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ الِاجْتِمَاعُ، وَلَوْ بِطَرِيقِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ جَائِزٌ أَنْ يُجَامِعَ غَيْرَهُ إلَّا الثُّمُنَ فَلَا يُجَامِعُ الثُّلُثَ وَلَا يُجَامِعُ الرُّبُعَ (قَوْلُهُ إذَا ضَاقَ الْمَالُ) الْمُنَاسِبُ إذَا ضَاقَتْ الْمَسْأَلَةُ. (قَوْلُهُ وَالْوَصَايَا) فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ وَلِعَمْرٍو بِثَلَاثَةٍ وَكَانَ الثُّلُثُ لَا يَحْمِلُ التِّسْعَةَ بَلْ يَحْمِلُ سِتَّةً فَإِنَّ السِّتَّةَ تُوَزَّعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمَا، فَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَالِهِ فَيُعْطَى مَنْ أُوصِيَ لَهُ بِالسِّتَّةِ أَرْبَعَةً وَمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِالثَّلَاثَةِ اثْنَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الدُّيُونِ. (قَوْلُهُ رَمْلَ عَالِجٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ رَمْلُ عَالِجٍ جِبَالٌ مُتَوَاصِلَةٌ يَتَّصِلُ أَعْلَاهَا بِالدَّهْنَاءِ وَالدَّهْنَاءُ بِقُرْبِ الْيَمَامَةِ وَأَسْفَلُهَا بِنَجْدٍ وَيَتَّسِعُ اتِّسَاعًا كَثِيرًا حَتَّى قَالَ الْبِكْرِيُّ رَمْلُ عَالِجٍ مُحِيطٌ بِأَكْثَرِ أَرْضِ الْعَرَبِ اهـ. وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْعَلْ فِي الْمَالِ إلَخْ أَيْ بَلْ جُعِلَ نِصْفًا وَنِصْفًا فَقَطْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ) أَيْ: فِي النَّظْمِ أَيْ: بَلْ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ اللَّفْظُ السَّابِقُ فِي النَّظْمِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا وَانْظُرْ وَجْهَ كَوْنِهِ نَظْمًا (قَوْلُهُ حَكَاهُ ابْنُ سُرَاقَةَ) بِضَمِّ السِّينِ وَقَوْلُهُ مَحْجُوجٌ أَيْ: مَغْلُوبٌ بِالْحُجَّةِ أَيْ الَّتِي هِيَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجْمَاعِ إلَخْ) أَيْ: فَيَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ إجْمَاعًا مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَنْقَرِضْ عَصْرُهُمْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِجْمَاعُ مِنْ طَائِفَةٍ إلَّا إذَا انْقَرَضَ عَصْرُهُمْ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَابْنُ عَبَّاسٍ مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ) أَيْ بِنَفْيِ الْعَوْلِ (قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ) فَإِذَا كَانَ أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ فَمُقْتَضَى قَاعِدَتِهِ إسْقَاطُ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ بِمِثْلِ رُبُعِهَا كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ بِمِثْلِ رُبُعِهَا وَسُدُسِهَا كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ. (ص) وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ وَزَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ وَالْعِشْرِينَ تَعُولُ عَوْلَةً وَاحِدَةً إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِثْلِ ثُمُنِهَا كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ وَمَجْمُوعُهَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَتُلَقَّبُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِالْمِنْبَرِيَّةِ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ ارْتِجَالًا صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا وَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ قِيلَ إنَّ صَدْرَ الْخُطْبَةِ الَّتِي قِيلَ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْكُمُ بِالْحَقِّ قَطْعًا وَيَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، وَإِلَيْهِ الْمَعَادُ وَالرُّجْعَى فَسُئِلَ حِينَئِذٍ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا كَمَا أَخْبَرَ بِهِ بَعْضُ طَلَبَةِ الْيَمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ فِي الْيَمَنِ بَعْضَ أَشْيَاخِهِ وَتُسَمَّى هَذِهِ أَيْضًا بِالْبَخِيلَةِ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا وَأَيْضًا بِالْحَيْدَرِيَّةِ لِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُلَقَّبُ بِحَيْدَرَةَ، وَلَا يَدْخُلُ الْعَوْلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأُصُولِ وَهُوَ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَهُنَا فَوَائِدُ ذَكَرْنَاهَا فِي الْكَبِيرِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَوْلِ أَضْرَبْنَا عَنْهَا خَوْفَ الْإِطَالَةِ عَلَى الضَّعَفَةِ مِنْ الطُّلَّابِ الْمَقْصُودِينَ بِهَذَا الشَّرْحِ . (ص) وَرُدَّ كُلُّ صِنْفٍ انْكَسَرَ عَلَيْهِ سِهَامُهُ إلَى وَفْقِهِ، وَإِلَّا تُرِكَ وَقَابَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَخَذَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ الْمُتَدَاخِلَيْنِ وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ إنْ تَوَافَقَا، وَإِلَّا فَفِي كُلِّهِ إنْ تَبَايَنَا ثُمَّ بَيْنَ الْحَاصِلِ وَالثَّالِثِ ثُمَّ كَذَلِكَ وَضُرِبَ فِي الْعَوْلِ أَيْضًا (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَمَا لَا يَعُولُ وَمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْعَوْلُ شَرَعَ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إذَا انْقَسَمَتْ السِّهَامُ فِيهَا عَلَى الْوَرَثَةِ كَزَوْجَةٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ نَظَرْت بَيْنَ سِهَامِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهِمْ وَبَيْنَهُمْ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ فَقَطْ، فَإِنْ تَوَافَقَا كَأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ) تَعُولُ عَوْلَةً وَاحِدَةً وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ إلَّا وَالْمَيِّتُ فِيهَا ذَكَرٌ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِ عَلِيٍّ) أَيْ: وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُنَا ثَمَّ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا) أَيْ: فَانْسُبْ مَا عَالَتْ بِهِ وَهُوَ ثَلَاثٌ إلَى السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ تَكُنْ تِسْعًا فَنَقَصَ الْعَوْلُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ تُسْعَهُ وَكَانَ لِلزَّوْجَةِ ثُمُنٌ فَنَقَصَ الْعَوْلُ مِنْهُ تُسْعَهُ فَصَارَ لَهَا ثُمُنٌ إلَّا تُسْعَهُ وَذَلِكَ تِسْعٌ إيضَاحٌ إنَّ مَخْرَجَ الثُّمُنِ وَالتُّسْعِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ ثُمُنُهَا تِسْعَةٌ اُنْقُصْ مِنْهَا تُسْعَهَا وَاحِدًا يَفْضُلُ ثَمَانِيَةٌ اُنْسُبْهَا إلَى الِاثْنَيْنِ وَالسَّبْعِينَ تَكُنْ تُسْعَهَا وَنَقَصَ الْعَوْلُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ بِنْتٍ قَبْلَ الْعَوْلِ وَهُوَ ثُلُثُ تُسْعِهِ فَصَارَ لَهَا ثُلُثٌ إلَّا تُسْعَهُ وَذَلِكَ تُسْعَانِ وَثُلُثَا تُسْعٍ إيضَاحُهُ أَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَتُسْعِ الثُّلُثِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ثُلُثُهُ تِسْعَةٌ اُنْقُصْ مِنْهَا تُسْعَهَا وَاحِدًا يَفْضُلْ ثَمَانِيَةٌ اُنْسُبْهَا لِلسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ تَكُنْ تِسْعِينَ وَثُلُثَيْ تُسْعٍ وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ سُدُسٌ فَنَقَصَ الْعَوْلُ مِنْهُ تُسْعَهُ فَصَارَ لَهُ سُدُسٌ إلَّا تُسْعَهُ وَذَلِكَ تِسْعٌ وَثُلُثُ تُسْعٍ إيضَاحُهُ أَنَّ مَخْرَجَ السُّدُسِ وَالتُّسْعِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ سُدُسُهَا تِسْعَةٌ اُنْقُصْ مِنْهَا تُسْعَهَا وَاحِدًا يَفْضُلْ ثَمَانِيَةٌ اُنْسُبْهَا إلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسِينَ تَكُنْ تِسْعًا وَثُلُثُ تُسْعٍ؛ لِأَنَّ تُسْعَهَا سِتَّةٌ وَثُلُثُ السِّتَّةِ اثْنَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّك إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مَا نَقَصَهُ الْعَوْلُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ قَبْلَ الْعَوْلِ فَانْسُبْ مَا عَالَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَيْهَا عَائِلَةً فَمَا كَانَ اسْمُ النِّسْبَةِ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي نَقَصَ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ فَإِذَا عَالَتْ السِّتَّةُ إلَى سَبْعَةٍ فَانْسُبْ السَّهْمَ الَّذِي عَالَتْ بِهِ إلَى السَّبْعَةِ يَكُنْ سُبْعًا فَهُوَ مِقْدَارُ مَا نَقَصَ الْعَوْلُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ قَبْلَ الْعَوْلِ فَكَانَ لِلزَّوْجِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْعَوْلِ نِصْفٌ كَامِلٌ فَنَقَصَ الْعَوْلُ مِنْهُ سُبُعَهُ فَصَارَ لَهُ نِصْفٌ إلَّا نِصْفُ سُبُعٍ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَكَانَ لِلْأُخْتَيْنِ قَبْلَ الْعَوْلِ ثُلُثَانِ كَامِلَانِ نَقَصَ الْعَوْلُ مِنْهُمَا سُبُعَهُمَا وَصَارَ لَهُمَا ثُلُثَانِ إلَّا سُبُعَ الثُّلُثَيْنِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ وَهَكَذَا وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مَا نَقَصَ لِكُلِّ وَارِثٍ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ قَدْرُ مَا عَالَتْ بِهِ وَقَدْ بَيَّنَ عج الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ وَعِلْمُك قَدْرَ النَّقْصِ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ بِنِسْبَةِ عَوْلٍ لِلْفَرِيضَةِ عَائِلَهْ وَمِقْدَارُ مَا عَالَتْ بِنِسْبَتِهِ لَهَا بِلَا عَوْلِهَا فَارْحَمْ بِفَضْلِك قَائِلَهْ. (قَوْلُهُ فَقَالَ ارْتِجَالًا) أَيْ: وَهُوَ مُسْتَرْسِلٌ قَالَ الشَّعْبِيُّ مَا رَأَيْت أَحْسَبَ مِنْ عَلِيٍّ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بَدِيهَةً لِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَزَارَةِ الْعِلْمِ وَرَكَّبَ فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْفَهْمِ فَكَانَ يَفْهَمُ عَلَى الْبَدِيهَةِ مَا لَا يَفْهَمُ الْمُتَبَحِّرُ فِي الْعُلُومِ الْمُشْتَغِلُ بِدَرْسِهَا وَتَفَهُّمِهَا طُولَ عُمُرِهِ وَكَيْفَ لَا «وَقَدْ بَعَثَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ وَهُوَ شَابٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدْرَهُ وَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَسَدِّدْ لِسَانَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ فَوَاَللَّهِ مَا شَكَكْت بَعْدُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ» (قَوْلُهُ بِمَا تَسْعَى) أَيْ: مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ الْمَعَادُ) أَيْ: وَإِلَيْهِ الْعَوْدُ وَالرُّجُوعُ وَعَطْفُ الرُّجُوعِ عَلَى الْعَوْدِ عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ كَانَ يُلَقَّبُ بِحَيْدَرَةَ) لَقَبٌ مُشْعِرٌ بِمَدْحٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ الْأَسَدِ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ كَامِلًا فِي الشُّجَاعَةِ كَالْأَسَدِ (قَوْلُهُ وَرُدَّ كُلَّ صِنْفٍ) ثُمَّ اضْرِبْهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَضَرَبَ فِي الْعَوْلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ ثُمَّ كَذَلِكَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الِانْكِسَارَ يَكُونُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ فَلَوْ حَذَفَ ثَمَّ وَقَالَ وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُفِيدَ فَائِدَةً زَائِدَةً لَا تَتَقَيَّدُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ فَقَوْلُهُ ثُمَّ كَذَلِكَ أَيْ: عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ مِنْ أَنَّهُ يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ لَا غَيْرُ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ مَاثَلَتْ اقْتَسَمَتْ وَكَذَلِكَ إذَا تَدَاخَلَتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ وَالِاثْنَانِ غَيْرُ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى السِّتَّةِ، وَلَكِنَّهَا تُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ وَفْقَ عَدَدِ الرُّءُوسِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي أَصْلِ الْفَرِيضَةِ وَهِيَ سِتَّةٌ يَكُنْ الْمَجْمُوعُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَإِنْ بَايَنَتْ السِّهَامُ الرُّءُوسَ فَاضْرِبْ عَدَدَ رُءُوسِهِمْ فِي أَصْلِ الْفَرِيضَةِ كَبِنْتٍ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ أَشِقَّاءَ، أَوْ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأَخَوَاتِ النِّصْفُ الْآخَرُ وَهُوَ مُبَايِنٌ لَهُنَّ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْأَخَوَاتِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ، فَإِنْ انْكَسَرَتْ السِّهَامُ عَلَى صِنْفَيْنِ، فَإِنَّك تَنْظُرُ بَيْنَ كُلِّ صِنْفٍ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الرُّءُوسِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ بِأَرْبَعَةِ أَنْظَارٍ فَقَدْ يَتَمَاثَلَانِ وَقَدْ يَتَوَافَقَانِ وَقَدْ يَتَبَايَنَانِ وَقَدْ يَتَدَاخَلَانِ فَإِنْ وَافَقَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ رَدَدْت كُلَّ صِنْفٍ إلَى وَفْقِهِ، فَإِنْ تَمَاثَلَ الصِّنْفَانِ، فَإِنَّك تَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا وَتَضْرِبُهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ مُنْقَسِمٌ عَلَيْهَا وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، وَلَكِنْ يُوَافِقَانِ عَدَدَهُمْ بِالنِّصْفِ فَتَرُدُّ الْأَرْبَعَةَ إلَى نِصْفِهَا وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ تُوَافِقُ عَدَدَهُمْ بِالثُّلُثِ فَتَرُدُّهُمْ إلَى اثْنَيْنِ وَكَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ وَفْقَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، أَوْ وَفْقَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ فِي سِتَّةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجُ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ فَلِلْأُمِّ سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ السِّتَّةُ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ سَهْمٍ، وَإِنْ تَدَاخَلَ الصِّنْفَانِ، فَإِنَّك تَكْتَفِي بِأَكْبَرِهِمَا كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ يُوَافِقَانِ عَدَدَهُمْ بِالنِّصْفِ فَتَرُدُّهُمْ إلَى أَرْبَعَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ تُوَافِقُ عَدَدَهُمْ بِالثُّلُثِ فَتَرُدُّهُمْ إلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ فَتَكْتَفِي بِهَا وَتَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ فِي سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةِ وَعِشْرِينَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضَرَبْت فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَلِلْأُمِّ سَهْمٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمَانِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ مُوَافَقَةٌ، فَإِنَّك تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ أُخُوَّةٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَخًا لِأَبٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلثَّمَانِيَةِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ يُوَافِقَانِ عَدَدَهُمْ بِالنِّصْفِ فَتَرُدُّ الثَّمَانِيَةَ إلَى أَرْبَعَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَكِنْ تُوَافِقُ عَدَدَهُمْ بِالثُّلُثِ وَثُلُثُهُمْ سِتَّةٌ وَهِيَ تُوَافِقُ الْأَرْبَعَةَ وَفْقَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ اثْنَانِ فِي سِتَّةٍ وَأَرْبَعَةً فِي ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ثُمَّ فِي سِتَّةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَحْصُلُ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَاثَلَا، وَلَا تَدَاخَلَا، وَلَا تَوَافَقَا فَفِي كُلِّهِ يُضْرَبُ كُلُّ الْآخَرِ إنْ تَبَايَنَا ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتِّ أَخَوَاتٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَرَاجِعُ أَوْلَادِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُبَايِنٌ لِوَفْقِ الْأَخَوَاتِ السِّتَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ يَحْصُلُ سِتَّةٌ ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ يَحْصُلُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ سَبْعَةٍ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي سِتَّةٍ، وَإِنْ وَقَعَ الِانْكِسَارُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَهُوَ غَايَةُ مَا يَنْكَسِرُ فِيهِ الْفَرَائِضُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ فِي صِنْفَيْنِ مِنْهَا عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ اُنْظُرْ بَيْنَ الْحَاصِلِ مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَبَيْنَ الصِّنْفِ الثَّالِثِ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ ثُمَّ مَا حَصَلَ اُنْظُرْ فِيهِ كَذَلِكَ بِالْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُوَافَقَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ وَالْمُبَايَنَةِ -   [حاشية العدوي] كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا حَصَلَ انْكِسَارٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا حَيْثُ لَمْ تُمَاثِلْ الرُّءُوسُ السِّهَامَ وَلَمْ تُدَاخِلْهَا وَإِلَّا فَلَا انْكِسَارَ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَسِمَةٌ. (قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ: فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ عَوْلِهَا إنْ كَانَتْ عَائِلَةً؛ لِأَنَّ مَا عَالَتْ بِهِ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَضُرِبَ فِي الْعَوْلِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَدَاخَلَ الصِّنْفَانِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الرَّاجِعَانِ (قَوْلُهُ إنْ تَبَايَنَا) عَلَى حَذْفِ بَاءِ التَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوَّرُ عَدَمِ التَّمَاثُلِ وَالتَّدَاخُلِ وَالتَّوَافُقِ بِالتَّبَايُنِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهَا الْجَدَّاتِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَصْنَافِ تَخْتَصُّ بِالِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَنَصِيبُ الْجَدَّتَيْنِ فِيهِمَا مَقْسُومٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا اثْنَانِ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَكُلٌّ يَنْقَسِمُ عَلَى الْجَدَّتَيْنِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ سُدُسَ الِاثْنَيْ عَشَرَ اثْنَانِ يَنْقَسِمُ عَلَى الْجَدَّتَيْنِ وَسُدُسُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ هُوَ أَرْبَعَةٌ يَنْقَسِمُ عَلَى الْجَدَّتَيْنِ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الصِّنْفِ الثَّالِثِ) أَيْ: وَمَا أَثْبَتَ فِي الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ بِالْمُوَافَقَةِ إلَخْ فَفِي الْمُوَافَقَةِ تُضْرَبُ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَفِي الْمُبَايَنَةِ تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَفِي الْمُمَاثَلَةِ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَفِي الْمُدَاخَلَةِ يُكْتَفَى بِأَكْثَرِهِمَا (قَوْلُهُ ثُمَّ حَصَلَ) أَيْ: مِنْ الضَّرْبِ وَقَوْلُهُ نَظَرْت فِيهِ كَذَلِكَ أَيْ: نَظَرْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَثْبَتَ فِي الرَّابِعِ بِالْأَنْظَارِ الْأَرْبَعَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 فَإِنْ تَمَاثَلَتْ كُلُّهَا رَجَعَتْ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ إنْ دَخَلَ اثْنَانِ مِنْهَا فِي وَاحِدٍ، وَإِنْ تَمَاثَلَ اثْنَانِ مِنْهَا أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ رَجَعَتْ لِصِنْفَيْنِ وَضُرِبَ فِي الْعَوْلِ أَيْضًا إنْ كَانَ كَمَا ضُرِبَ فِيهَا بِلَا عَوْلٍ فَقَوْلُهُ وَرَدَّ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَقَابَلَ إلَخْ، وَفَاعِلُهُ يَعُودُ عَلَى مَعْلُومٍ ذِهْنًا وَهُوَ الْفَارِضُ أَوْ الْقَاسِمُ قَوْلُهُ: كُلُّ صِنْفٍ أَيْ عَدَدُ رُءُوسِ كُلِّ صِنْفٍ إذْ هُوَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الرَّدُّ حَقِيقَةً وَقَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ، سَوَاءٌ تَعَدَّدَ الْأَصْنَافُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ تَرَكَ أَيْ مِنْ الرَّدِّ أَيْ لَا يَرُدُّ إلَى غَيْرِهِ إذْ لَيْسَ هُنَا مَا يُرَدُّ لَهُ أَيْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمُوَافَقَةٍ، وَلَا مُمَاثَلَةٍ، وَلَا مُدَاخَلَةٍ وَعَدَمُ تَصَرُّفِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَافِي ضَرْبَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَيْسَ مَعْنَى تَرْكِهِ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ أَصْلًا وَقَوْلُهُ وَقَابَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَيْ بَعْدَ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَ السِّهَامِ وَالرُّءُوسِ بِالتَّوَافُقِ وَالتَّبَايُنِ، وَهَذَا تَقَدَّمَ . (ص) وَفِي الصِّنْفَيْنِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ كُلَّ صِنْفٍ إمَّا أَنْ يُوَافِقَ سِهَامَهُ أَوْ يُبَايِنَهُ أَوْ يُوَافِقَ أَحَدَهُمَا وَيُبَايِنَ الْآخَرَ (ش) أَيْ وَفِي الصِّنْفَيْنِ إذَا انْكَسَرَتْ عَلَيْهِمَا سِهَامُهَا اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ صِنْفٍ وَسِهَامَهُ إمَّا أَنْ يَتَوَافَقَا، أَوْ يَتَبَايَنَا أَوْ يُوَافِقَ أَحَدُهُمَا وَيُبَايِنُ الْآخَرُ ثُمَّ مَا حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِيهِ نَظَرًا ثَانِيًا وَهُوَ إمَّا أَنْ يَتَمَاثَلَ مَا حَصَلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّنْفَيْنِ أَوْ يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ أَوْ يُوَافِقَهُ أَوْ يُبَايِنَهُ، وَإِذَا ضُرِبَتْ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ كَانَ الْحَاصِلُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ صُورَةً وَتَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ مَا يُغْنِي، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِأَجْلِ بَيَانِ أَنَّهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً. (ص) ثُمَّ كُلٌّ إمَّا أَنْ يَتَدَاخَلَا أَوْ يَتَوَافَقَا أَوْ يَتَبَايَنَا أَوْ يَتَمَاثَلَا فَالتَّدَاخُلُ أَنْ يُفْنِيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوَّلًا، وَإِلَّا، فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ فَمُتَبَايِنٌ، وَإِلَّا فَالْمُوَافَقَةُ بِنِسْبَةِ الْمُفْرَدِ لِلْعَدَدِ الْمُفْنَى آخِرًا (ش) أَيْ ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّنْفَيْنِ اللَّذَيْنِ انْكَسَرَ عَلَيْهِمَا السِّهَامُ إمَّا أَنْ يَتَدَاخَلَا كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأُمِّ يُرَدُّونَ إلَى اثْنَيْنِ وَأَوْلَادَ الْأَبِ إلَى أَرْبَعَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَدَاخُلٌ فَيُكْتَفَى بِالْأَرْبَعَةِ تُضْرَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْ يَتَوَافَقَا كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَخًا لِأَبٍ لِأَنَّ أَصْلَهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِأَنَّ رَاجِعَ أَوْلَادِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَرَاجِعَ أَوْلَادِ الْأَبِ سِتَّةٌ وَبَيْنَ الرَّاجِعَيْنِ الْمُوَافَقَةُ بِالنِّصْفِ وَضَرْبُ نِصْفِ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ وَلِأَوْلَادِ الْأَبِ فِيهَا بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ أَوْ يَتَبَايَنَا كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَتِسْعَةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِأَنَّ رَاجِعَ أَوْلَادِ الْأُمِّ اثْنَانِ وَرَاجِعَ أَوْلَادِ الْأَبِ ثَلَاثَةٌ وَبَيْنَهُمَا مُبَايَنَةٌ فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ يَحْصُلْ سِتَّةٌ وَالْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ يَحْصُلْ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي الْحَاصِلِ وَهُوَ سِتَّةٌ بِسِتَّةٍ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِيهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ وَلِأَوْلَادِ الْأَبِ ثَلَاثَةٌ فِيهَا بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ أَوْ يَتَمَاثَلَا كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَإِنْ تَمَاثَلَتْ كُلُّهَا إلَخْ) لَا مَعْنَى لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ تَمَاثَلَا أَوْ تَدَاخَلَا أَيْ الْمَنْظُورُ فِيهِمَا الْمَذْكُورُ إنْ رَجَعَتْ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْت وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْت أَحَدَهُمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَتَحْذِفُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ الْفَارِضُ) أَيْ: الْعَالِمُ بِعِلْمِ الْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ إذْ هُوَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَقْدِيرِهِ عَدَدًا أَيْ: إنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الرَّدُّ إنَّمَا هُوَ عَدَدُ كُلِّ صِنْفٍ لَا ذَاتُ كُلِّ صِنْفٍ وَقَوْلُهُ بِعَدَدِ الْأَصْنَافِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ سَوَاءٌ تَعَدَّدَ الصِّنْفُ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَقَابَلَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الرَّوَاجِعِ وَيُقَالُ لَهَا الْمُثَبِّتَاتُ وَهُوَ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ الرُّءُوسِ حِينَ نَظَرَ بَيْنَ السِّهَامِ وَالرُّءُوسِ بِالنَّظَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَهُمَا الْمُوَافَقَةُ وَالْمُبَايَنَةُ فِيمَا إذَا حَصَلَ الِانْكِسَارُ عَلَى فَرِيقَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ عَلَى غَيْرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ . (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ اثْنَا عَشَرَ صُورَةً) كَذَا فِي الْمُصَنِّفِ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الصَّوَابُ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً أَقُولُ وَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ كُلُّ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ كَانَ الْحَاصِلُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ صُورَةً وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ كُلُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَنْ يُفْنِيَ إلَخْ) أَيْ: ذُو أَنْ يُفْنِيَ لِيَصِحَّ الْإِخْبَارُ بِهِ عَنْ التَّدَاخُلِ؛ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ مَلْزُومُ الْإِفْنَاءِ؛ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ دُخُولُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ فِي الْآخَرِ وَهَذَا وُجُودِيٌّ وَالْإِفْنَاءُ عَدَمِيٌّ وَالْعَدَمِيُّ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِيِّ. (قَوْلُهُ أَوَّلًا) مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ لِتَسْلِيطِ آخَرَ بِسَبَبِ بَقَاءِ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْإِفْنَاءَ يَكُونُ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ وَيُسَمَّى التَّنَاسُبَ وَكُلُّ تَدَاخُلٍ تَوَافُقٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَتُوَافِقُ الْأَرْبَعَةُ السِّتَّةَ وَلَا تُدَاخِلُهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقَعْ الْإِفْنَاءُ بَلْ بَقِيَ وَاحِدٌ فَمُتَبَايِنٌ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُوَافَقَةُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ ثُمَّ مُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ التَّوَافُقَ وَالتَّدَاخُلَ مُتَبَايِنَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا قِسْمَيْنِ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ كُلُّ مُتَدَاخِلَيْنِ مُتَوَافِقَانِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوَافُقَ الْمَجْعُولَ قِسْمًا لِلتَّدَاخُلِ غَيْرُ التَّوَافُقِ الْمَجْعُولِ أَعَمَّ مِنْ التَّدَاخُلِ إذْ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا يَفْضُلُ فِيهِ عِنْدَ تَسَلُّطِ الْأَصْغَرِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَبِالثَّانِي مَا يَفْضُلُ فِيهِ ذَلِكَ أَوْ لَا يَفْضُلُ شَيْءٌ أَصْلًا وَبِأَنَّ التَّقْسِيمَ لَيْسَ تَقْسِيمًا حَقِيقِيًّا فِي الْكُلِّ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ الْمُفْرَدِ لِلْعَدَدِ إلَخْ) أَيْ تَسْتَقْرِئُ وَاحِدًا هَوَائِيًّا وَتَنْسُبُهُ لِلْعَدَدِ الَّذِي أُفْنِيَ آخِرًا فَإِنَّ الْأَرْبَعَةَ إذَا سُلِّطَتْ عَلَى السِّتَّةِ أَفْنَتْ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَتَبْقَى اثْنَانِ فَتُسَلِّطُ الِاثْنَيْنِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ ثَانِيًا فَتُفْنِيهَا فِي مَرَّتَيْنِ وَالْعَدَدُ الَّذِي أُفْنِيَ آخِرًا هُوَ الِاثْنَانِ ثُمَّ تَأْتِي بِوَاحِدٍ مِنْ خَارِجٍ وَتَنْسُبُهُ لِلْعَدَدِ الْمُفْنَى ثَانِيًا يَكُونُ هَذَا الْوَاحِدُ نِصْفًا لَهُ فَبَيْنَ السِّتَّةِ وَالْأَرْبَعَةِ تَوَافُقٌ بِالنِّصْفِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ وَلَا يَصِحَّانِ وَيُوَافِقَانِ بِالنِّصْفِ فَيُرَدُّ عَدَدُهُمْ لِاثْنَيْنِ وَلِأَوْلَادِ الْأَبِ ثَلَاثَةٌ لَا تَصِحُّ عَلَيْهِمْ وَتُوَافِقُ بِالثُّلُثِ فَيُرَدُّونَ لِاثْنَيْنِ وَبَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالِاثْنَيْنِ مُمَاثَلَةٌ فَيَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا وَيُضْرَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِأَوْلَادِهَا أَرْبَعَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ فَالتَّدَاخُلُ أَنْ يَخْرُجَ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ فِي مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَمَعْنَى أَوَّلًا أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْأَكْثَرِ شَيْءٌ إلَّا أَفْنَاهُ الْأَقَلُّ فَالِاثْنَانِ يَفْنَيَانِ الْأَرْبَعَةَ فِي مَرَّتَيْنِ وَالسِّتَّةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَالثَّمَانِيَةُ فِي أَرْبَعَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأَقَلِّ أَصْغَرَ مِنْ الْعُشْرِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ نِصْفَ الْعُشْرِ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْأَرْبَعِينَ وَرُبَّمَا عُرِفَ الْمُتَدَاخِلُ بِأَنَّهُ ضِعْفُ الْقَلِيلِ أَوْ أَضْعَافُهُ، أَوْ يَكُونُ الْقَلِيلُ جُزْءًا مِنْ الْكَثِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْإِفْنَاءُ أَوَّلًا بَلْ بَقِيَ مِنْ الْأَكْبَرِ وَاحِدٌ فَمُتَبَايِنٌ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعَةِ مَعَ الْخَمْسَةِ وَالسِّتَّةِ مَعَ السَّبْعَةِ، وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْإِفْنَاءِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْمُوَافَقَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ بِنِسْبَةِ الْوَاحِدِ لِلْعَدَدِ الْمُفْنِي بِكَسْرِ النُّونِ فَالْأَرْبَعَةُ مَعَ الْعَشَرَةِ مَثَلًا الْمُوَافَقَةُ بَيْنَهُمَا بِالنِّصْفِ وَالتِّسْعَةُ مَعَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَهُمَا بِالثُّلُثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (ص) وَلِكُلٍّ مِنْ التَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ حَظِّهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ قِسْمَةِ الْفَرِيضَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَيْهَا وَذَكَرَ فِيهَا وَجْهَيْنِ الْأَوَّلَ أَنْ تُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ التَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ حَظِّهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ كَانَ حَظُّهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ رُبُعَهَا، فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ التَّرِكَةِ رُبُعَهَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ لِلْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ. (ص) ، أَوْ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَالتَّرِكَةُ عِشْرُونَ فَالثَّلَاثَةُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ رُبُعٌ وَثُمُنٌ فَيَأْخُذُ سَبْعَةً وَنِصْفًا (ش) يَعْنِي أَنَّك بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَجْعَلَ لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْ التَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ حَظِّهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَوْ تَقْسِمُ التَّرِكَةَ عَلَى السِّهَامِ الَّتِي صَحَّتْ مِنْهَا الْمَسْأَلَةُ، فَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَهَا شَقِيقَةً، أَوْ لِأَبٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِثَمَانِيَةٍ وَجُمْلَةُ التَّرِكَةِ عِشْرُونَ مَثَلًا فَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَذَلِكَ رُبُعُهَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْأَكْثَرِ شَيْءٌ إلَّا أَفْنَاهُ الْأَقَلُّ) أَيْ: وَلَا يَفْضُلُ شَيْءٌ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى تَسْلِيطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ التَّدَاخُلِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأَقَلِّ أَصْغَرَ مِنْ الْعُشْرِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ نِصْفَ الْعُشْرِ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْعِشْرِينَ) كَذَا فِي ك بِخَطِّهِ وَبَهْرَامَ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ بَهْرَامَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَقَلِّ أَنْ يَكُونَ دُونَ الْعُشْرِ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نِصْفَ الْعُشْرِ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْعِشْرِينَ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ كَتَبَ فِي هَامِشِ ك مَا نَصُّهُ الصَّوَابُ فَوْقَ الْعُشْرِ وَصَوَابُ الْعِشْرِينَ أَنْ يَقُولَ الْأَرْبَعِينَ وَصَلَحَتْ نُسْخَةُ شَارِحِنَا بِذَلِكَ وَهُوَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأَقَلِّ فَوْقَ الْعُشْرِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ نِصْفَ الْعُشْرِ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْأَرْبَعِينَ، وَكَذَا عِبَارَةُ شب وَهِيَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ فَوْقَ الْعُشْرِ بَلْ يَصِحُّ كَوْنُهُ نِصْفَ الْعُشْرِ كَالِاثْنَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَقَلُّ أَصْغَرَ مِنْ الْعُشْرِ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نِصْفَ الْعُشْرِ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْعِشْرِينَ انْتَهَى. لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ مَعَ الْعِشْرِينَ لَيْسَ مِثَالًا لِنِصْفِ الْعُشْرِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا الْمُحْوِجُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ ضِعْفُ الْقَلِيلِ) أَيْ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَضْعَافُهُ كَالِاثْنَيْنِ مَعَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ الْقَلِيلُ جُزْءًا مِنْ الْكَثِيرِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِالسِّتَّةِ مَعَ الْعَشَرَةِ فَإِنَّ الْأَرْبَعَةَ جُزْءٌ مِنْ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثَانِ مِنْهَا فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ الْوَاحِدِ) أَيْ: الْهَوَائِيِّ وَهَذَا يَجْرِي فِي الْعَدَدِ الْمُنْطِقِ وَالْأَصَمِّ فَأَمَّا الْمُنْطِقُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَصَمُّ فَالِاثْنَانِ وَالْعِشْرُونَ تُوَافِقُ الثَّلَاثَةَ وَالثَّلَاثِينَ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمُفْنَى آخِرًا أَحَدَ عَشَرَ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ لَهُ جَزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءٍ وَكَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ فِي الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثِينَ أَنْ يُضْرَبَ وَفْقُ الِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَهُوَ جُزْءَانِ فِي الثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يُضْرَبَ وَفْقُ الثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأَجْزَاءِ فِي الِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ [قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَى الْفَرِيضَة] . (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ التَّرِكَةِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَمِنْ التَّرِكَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُبْتَدَأِ وَبِنِسْبَةِ حَالٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ مُتَعَلَّقٌ بِنِسْبَةٍ أَيْ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبٌ مِنْ التَّرِكَةِ كَائِنًا بِنِسْبَةِ حَظِّهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَيْهَا) لَا يَظْهَرُ هَذَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَيُقْسَمَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ وَبِأَنْ يُقْسَمَ وَهُوَ كَلَامٌ نَاقِصٌ أَيْ أَوْ تَقْسِمَ التَّرِكَةَ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ ثُمَّ تَأْخُذَ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ أَصْلِهَا وَتَضْرِبَهُ فِيمَا يَخْرُجُ بِالْقَسْمِ وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَهُوَ جَزْءُ السَّهْمِ وَبَقِيَ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ تَضْرِبَ سِهَامَ الزَّوْجِ فِي التَّرِكَةِ يَحْصُلُ سِتُّونَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجْ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَمِثْلُهُ حِصَّةُ الْأُخْتِ وَأَمَّا الْأُمُّ فَاضْرِبْ سِهَامَهَا فِي التَّرِكَةِ يَحْصُلْ أَرْبَعُونَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجْ خَمْسَةٌ وَأَقْرَبُ الطُّرُقِ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا إذَا قَلَّتْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ فَهِيَ أَصْعَبُهَا؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى النِّسْبَةِ الَّتِي هِيَ قِسْمَةُ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ كَذَا فِي ك ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَسْهَلُ الطُّرُقِ أَنْ يَقْسِمَ عَدَدَ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي صَحَّتْ مِنْهُ الْفَرِيضَةُ، فَيُعْلَمَ نِسْبَةَ مَا يَخْرُجُ لِكُلٍّ ثُمَّ تَضْرِبُ هَذَا الْخَارِجَ فِيمَا بِيَدِ كُلِّ وَارِثٍ (قَوْلُهُ فَالثَّلَاثَةُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ رُبُعٌ وَثُمُنٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ عَنْ النِّصْفِ ثُمُنًا لِمَا زَادَتْهُ السِّتَّةُ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا وَنَقَصَتْ الْأُمُّ مِنْ الثُّلُثِ الْحَقِيقِيِّ إلَى الرُّبُعِ؛ لِأَنَّهَا رُبُعُ الثَّمَانِيَةِ وَتَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي التَّعْبِيرِ بِرُبُعٍ وَثُمُنٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَلَّا قَالَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ قُلْت الْأَمْرَانِ مُتَسَاوِيَانِ عَلَى أَنَّ طَلَبَ النِّسْبَةِ إذَا أَمْكَنَ النُّطْقُ بِالْجُزْءِ الْأَكْبَرِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 وَثُمُنُهَا فَيَكُونُ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ رُبُعُهَا خَمْسَةً فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَثُمُنُهَا اثْنَانِ وَنِصْفُ ذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْأُخْتِ وَلِلْأُمِّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ اثْنَانِ وَذَلِكَ رُبُعُ الثَّمَانِيَةِ فَتَأْخُذُ مِنْ الْعِشْرِينَ رُبُعَهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّك تَقْسِمُ الْعِشْرِينَ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ بِعَوْلِهَا وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فَيَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ اثْنَانِ وَنِصْفٌ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ، وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ بِخَمْسَةٍ (ص) ، وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ عَرَضًا فَأَخَذَهُ بِسَهْمِهِ وَأَرَدْت مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْأُمِّ أَوْ لِلْأُخْتِ الْمَذْكُورِينَ، فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ عَرَضًا مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَأَخَذَهُ عَنْ جُمْلَةِ نَصِيبِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِقِيمَتِهِ وَأَخَذَ بَاقِيهِمْ الْعَيْنَ وَأَرَدْت مَعْرِفَةَ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَرَضِ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ مَا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ لَا مَا يُسَاوِيهِ الْعَرَضُ فِي السُّوقِ فَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ وَتَسْقُطَ مِنْهَا سِهَامُ آخِذِ الْعَرَضِ وَتُجْعَلَ الْقِسْمَةُ عَلَى الْبَاقِي، فَإِذَا أَخَذَ الزَّوْجُ الْعَرَضَ فَاقْسِمْ الْعِشْرِينَ عَلَى سِهَامِ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ يَكُنْ الْخَارِجُ لِكُلِّ سَهْمٍ أَرْبَعَةً فَاضْرِبْ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةً فِي ثَلَاثَةِ سِهَامِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَذَلِكَ ثَمَنُ الْعَرَضِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ التَّرِكَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَتْهُ الْأُخْتُ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ الْأُمُّ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِ سَهْمَيْهَا سِتَّةً فَاقْسِمْ الْعِشْرِينَ عَلَيْهَا يَخْرُجْ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ اضْرِبْهَا فِي سَهْمَيْهَا يَخْرُجْ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ هِيَ قِيمَةُ الْعَرَضِ فَالتَّرِكَةُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ فَقَوْلُهُ وَالتَّرِكَةُ عِشْرُونَ أَيْ غَيْرُ الْعَرَضِ. (ص) ، فَإِنْ زَادَ خَمْسَةً لِيَأْخُذَ الْعَرَضَ فَزِدْهَا عَلَى الْعِشْرِينَ ثُمَّ اقْسِمْ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ زَادَ آخِذُ الْعَرَضِ خَمْسَةً مِنْ مَالِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَفْرُوضَةِ لِيَأْخُذَ الْعَرَضَ بِحِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنَّك تَزِيدُ الْخَمْسَةَ عَلَى الْعِشْرِينَ ثُمَّ اقْسِمْهَا كَمَا مَرَّ عَلَى سِهَامِ غَيْرِ الْآخِذِ، فَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الدَّافِعَ لِلْخَمْسَةِ فَاقْسِمْ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى الْخَمْسَةِ يَكُنْ الْخَارِجُ لِكُلِّ سَهْمٍ خَمْسَةً فَاضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةِ سِهَامِهِ مِنْ أَصْلِ الْفَرِيضَةِ يَخْرُجْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَزِدْ عَلَيْهَا خَمْسَةً تَكُنْ عِشْرِينَ وَذَلِكَ ثَمَنُ   [حاشية العدوي] مَهْمَا دَقَّ الْجُزْءُ صَعُبَ فَهْمُهُ عَلَى السَّامِعِ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ جَزْءُ السَّهْمِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّرْتِيبِ مَسَائِلَ وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَا إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ أُمًّا وَأَرْبَعَةَ أَعْمَامٍ قَالَ أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ وَيَبْقَى سَهْمَانِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَعْمَامٍ لَا تَنْقَسِمُ لَكِنْ يُوَافِقُ عَدَدُهُمْ بِالنِّصْفِ فَرُدَّ الْأَعْمَامَ إلَى نِصْفِهِ اثْنَيْنِ وَاضْرِبْهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ عَمٍّ سَهْمٌ وَاَلَّذِي يُضْرَبُ فِي أَصْلِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ يُسَمَّى جَزْءَ سَهْمِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُسِمَ مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَصْلِهَا أَوْ مَبْلَغُهُ بِالْعَوْلِ خَرَجَ هُوَ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الضَّرْبِ إذَا قُسِمَ عَلَى أَحَدِ الْمَضْرُوبَيْنِ خَرَجَ الْمَضْرُوبُ الْآخَرُ وَالْمَطْلُوبُ بِالْقِسْمَةِ هُوَ مَا يُصِيبُ الْوَاحِدَ مِنْ آحَادِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْسُومِ وَالْوَاحِدُ مِنْ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصْلُ أَوْ مَبْلَغُهُ بِالْعَوْلِ يُسَمَّى سَهْمًا وَالنَّصِيبُ يُسَمَّى جُزْءًا فَلِذَلِكَ قِيلَ جَزْءُ السَّهْمِ أَيْ نَصِيبُ الْوَاحِدِ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ الْعِشْرُونَ الْمَتْرُوكَةُ بِمَثَابَةِ مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، فَيَخْرُجُ جَزْءُ السَّهْمِ اثْنَانِ وَنِصْفٌ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ يُقَالُ لَهُ سَهْمٌ وَمَا خَصَّهُ وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفُ يُسَمَّى جُزْءًا فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ، فَيَخْرُجُ جَزْءُ السَّهْمِ اثْنَانِ أَيْ نَصِيبُ الْوَاحِدِ مِنْ الثَّمَانِيَةِ حِينَ يَقْسِمَ الْعِشْرِينَ عَلَيْهَا اثْنَانِ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ بِسَهْمِهِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَخَذَهُ (قَوْلُهُ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ وَاقْسِمْ الْعَيْنَ الْمَتْرُوكَةَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ سِهَامُ غَيْرِ الْآخِذِ فَمَا خَرَجَ فَاضْرِبْ فِيهِ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا لَهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَمَا يَحْصُلُ فَهُوَ الَّذِي يَخُصُّهُ مِنْ الْمَتْرُوكِ بِأَنْ تَضْرِبَ حِصَّةَ الْأُخْتِ الَّتِي لَمْ تَأْخُذْ الْعَرَضَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَحِصَّةُ الْأُمِّ وَهِيَ اثْنَانِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّف ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ أَيْ الْآخِذِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ الْمَحْذُوفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَمِنْ إمَّا زَائِدَةٌ أَوْ بَيَانِيَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: شَيْئًا مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ أَيْ: شَيْئًا هُوَ تِلْكَ النِّسْبَةُ أَيْ: مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ الَّتِي هِيَ ضَرْبُ نَصِيبِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ فِي الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَمِثْلُهَا هُوَ ضَرْبُ نَصِيبِ الزَّوْجِ فِي الْأَرْبَعَةِ، فَيَتَحَصَّلُ اثْنَا عَشَرَ فَتَعْتَبِرُ قِيمَةَ الْعَرَضِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مِثْلَ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ نَصِيبِ الْأُخْتِ أَوْ الْأُمِّ فِي الْخَارِجِ وَجَعْلَ مَا حَصَلَ هُوَ نَصِيبَهَا مِنْ الْعِشْرِينَ لَيْسَ عَيْنَ ضَرْبِ نَصِيبِ الزَّوْجِ الْآخِذِ لِلْعَرَضِ فِي الْخَارِجِ وَجَعْلُ مَا حَصَلَ هُوَ حِصَّتَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الضَّرْبَ الْمَذْكُورَ وَالْجَعْلَ بِنِسْبَةِ أَيِّ شَيْءٍ يُنْسَبُ لِفَاعِلِهِ فَنِسْبَةٌ بِمَعْنَى مَنْسُوبٍ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلزَّوْجِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْآخِذ صَادِقٌ بِالزَّوْجِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْأُخْتِ وَإِلَّا فَالضَّمِيرُ فِي أَحَدِهِمْ عَلَى مَجْمُوعِ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا أَوْ هَذَا أَوْ هَذَا وَهَذَا ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ فَإِذَا أَخَذَ الزَّوْجُ الْعَرَضَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قُلْنَا فِي تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ بَعْدَ اعْتِبَارِ حِصَّةِ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ، فَيَقُولَ فَاضْرِبْ نَصِيبَ الْأُخْتِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ يَخْرُجْ اثْنَا عَشَرَ وَهِيَ حِصَّتُهَا مِنْ الْعَيْنِ وَاضْرِبْ لِلْأُمِّ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ يَكُنْ الْخَارِجُ ثَمَانِيَةً هِيَ حِصَّةُ الْأُمِّ مِنْ الْعَيْنِ ثُمَّ تَعْتَبِرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ الزَّوْجِ الْآخِذِ لِلْعَرَضِ فَتَضْرِبَ نَصِيبَهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ اثْنَا عَشَرَ هِيَ قِيمَةُ الْعَرَضِ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الدَّافِعَ لِلْخَمْسَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُبَيِّنَ حَالَ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ أَوَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ ثُمَّ يُبَيِّنَ حَالَ الزَّوْجِ الْآخِذِ لِلْعَرَضِ. (قَوْلُهُ فَزِدْ عَلَيْهَا خَمْسَةً) لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 الْعَرَضِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْأُخْتِ، فَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ لِلْخَمْسَةِ هِيَ الْأُمَّ قَسَمْت الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى سِتَّةٍ سِهَامِ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ أَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ فَيَكُونُ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ، فَإِنْ أَضَفْتهَا لِمَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ كَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، فَإِنْ زَادَتْ خَمْسَةً عَلَى مَا يَجِبُ لِلْأُمِّ كَانَ ذَلِكَ قِيمَةَ الْعَرَضِ وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمَسْأَلَةِ قِسْمًا ثَالِثًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ مَا إذَا أَخَذَ آخِذُ الْعَرَضِ خَمْسَةً مِنْ الْعِشْرِينَ زِيَادَةً عَلَى الْعَرَضِ لِيَكُونَ ذَلِكَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ كَانَ آخِذُهَا هُوَ الزَّوْجَ قَسَمْت الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةَ عَلَى خَمْسَةٍ سِهَامِ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ، فَإِذَا أَضَفْتهَا لِمَا أَخَذَ الْوَرَثَةُ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ أَرْبَعَةً لِأَنَّك تَحُطُّ مِمَّا نَابَ الزَّوْجَ خَمْسَةً وَهِيَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ قِيمَةَ الْعَرَضِ . (ص) ، وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ كَثَلَاثِ بَنِينَ مَاتَ أَحَدُهُمْ، أَوْ بَعْضٌ كَزَوْجٍ مَعَهُمْ لَيْسَ أَبَاهُمْ فَكَالْعَدِمِ (ش) هَذَا الْفَصْلُ يُعْرَفُ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ بِالْمُنَاسَخَةِ وَهِيَ لُغَةً الْإِزَالَةُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ، وَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى يَمُوتَ مِنْ وَرَثَتِهِ وَارِثٌ فَأَكْثَرُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى انْتَسَخَتْ بِالثَّانِيَةِ أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ فِيهَا مِنْ وَارِثٍ إلَى وَارِثٍ وَالْمُنَاسَخَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ لَا يَفْتَقِرُ إلَى عَمَلٍ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ وَرَثَةُ الثَّانِي هُمْ وَرَثَةَ الْأَوَّلِ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ وَرِثُوا أَبَاهُمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ أَخَوَيْهِ فَهَذَا الْوَلَدُ الْمَيِّتُ يُعَدُّ كَالْعَدَمِ وَتُقْسَمُ فَرِيضَةُ الْأَبِ عَلَى الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا كَانَ مَعَهُمْ زَوْجٌ وَمَاتَتْ أُمُّهُمْ، وَلَيْسَ هَذَا الزَّوْجُ أَبًا لِلْوَلَدِ الْمَيِّتِ، فَإِنَّ الزَّوْجَ لَهُ الرُّبُعُ، سَوَاءٌ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ أَوْ بَقِيَ حَيًّا وَالْبَاقِي لِلْوَلَدَيْنِ، وَكَذَا عَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ زَوْجُهَا عَنْهَا وَعَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْبَنِينَ عَنْ أَخَوَيْهِ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنَيْنِ فَقَوْلُهُ، أَوْ بَعْضٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْبَاقُونَ لَا عَلَى أَحَدُهُمْ أَيْ وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ، أَوْ وَرِثَهُ بَعْضُ الْبَاقِينَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ لَمْ يَرِثْهُ كَمَا   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا اثْنَانِ مَضْرُوبَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ فَالِاثْنَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ بِثَمَانِيَةٍ وَالِاثْنَانِ فِي السُّدُسِ بِسُدُسَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ إلَخْ) اخْتَصَرَ، وَلَوْ اعْتَبَرَ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا لَقَالَ، فَيَكُونُ لِلْأُخْتِ تِسْعَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ ثُمَّ اعْتَبَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الزَّوْجِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَاجْعَلْ إلَخْ فَلَهُ تِسْعَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ آخِذُ الْخَمْسَةِ مِنْ الْعِشْرِينَ الْأُخْتَ أَوْ الْأُمَّ وَلَكِنْ نَقُولُ أَمَّا الْأُخْتُ فَاَلَّذِي قِيلَ فِي الزَّوْجِ يُقَالُ فِيهَا وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ تَأْخُذَ خَمْسَةً مَعَ أَخْذِ الْعَرَضِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ [فَصْلُ فِي الْمُنَاسَخَةِ] [الْمُنَاسَخَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ] . (قَوْلُهُ كَثَلَاثِ بَنِينَ) أَيْ: أَوْ بَنَاتٍ وَبِأَوْلَادٍ عَبَّرَ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ مَاتَ أَحَدُهُمْ) ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ ثَالِثٌ وَرَابِعٌ وَكَانَ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ هُمْ وَرَثَةَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَيَرِثُونَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَيْ بِعُصُوبَةٍ كَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ شَقَائِقَ مَاتَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ ثُمَّ آخَرُ ثُمَّ أُخْتٌ ثُمَّ أُخْتٌ ثُمَّ أُخْتٌ فَإِنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ الْبَاقِينَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَمُتْ إلَّا عَنْهُمَا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ دَاخِلَتَانِ فِي لَفْظِ بَعْضٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ لِشُمُولِهِ لِلْمَيِّتِ الْمُتَعَدِّدِ أَيْضًا وَمِثَالُهُ بِالْمُتَّحِدِ لَا يُخَصَّصُ. (قَوْلُهُ يُعْرَفُ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ بِالْمُنَاسَخَةِ) الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ الْمُنَاسَخَاتُ بِالْجَمْعِ لَا بِالْمُفْرَدِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً أَيْ: إنَّ الْمُنَاسَخَةَ فِي اللُّغَةِ الْإِزَالَةُ هَذَا مَعْنَاهُ وَفِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُنَاسَخَةَ مِنْ النَّسْخِ وَالنَّسْخُ لُغَةً الْإِزَالَةُ (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً الْإِزَالَةُ) فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ النَّسْخِ وَهُوَ لُغَةً الْإِزَالَةُ أَوْ التَّغْيِيرُ أَوْ النَّقْلُ فَمِنْ الْأَوَّلِ نَسَخَتْ الشَّمْسُ الظِّلَّ وَمِنْ الثَّانِي الرِّيحُ آثَارَ الدِّيَارِ غَيَّرَتْهَا وَمِنْ الثَّالِثِ نَسَخْت الْكِتَابَ نَقَلْت مَا فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْمُنَاسَخَاتُ لِإِزَالَةِ أَوْ تَغْيِيرِ مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى أَوْ الِانْتِقَالِ مِنْ وَارِثٍ إلَى وَارِثٍ أَوْ أَكْثَرَ وَأَوْرَدَ بَعْضُ حَوَاشِي الْفَرَائِضِ قَائِلًا مَا نَصُّهُ فَإِنْ قُلْت الْمُنَاسَخَةُ مُفَاعَلَةٌ وَهِيَ تَقْتَضِي الْفِعْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَتَكُونُ كُلُّ مَسْأَلَةٍ نَاسِخَةً لِصَاحِبَتِهَا وَمَنْسُوخَةً بِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ قُلْت لَمَّا كَانَ فِي الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ شَبَهُ الْمُفَاعَلَةِ وَنَزَّلَ غَيْرَ الْمُتَوَسِّطَاتِ مَنْزِلَتَهَا أُطْلِقَ عَلَى الْجَمِيعِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَسِّطًا طَرْدًا لِلْبَابِ وَإِنَّمَا قُلْت شَبَهُ الْمُفَاعَلَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَوَسِّطَاتِ وَإِنْ كَانَتْ نَاسِخَةً وَمَنْسُوخَةً لَكِنَّ نَاسِخَهَا غَيْرُ مَنْسُوخِهَا فَلَمْ تَكُنْ حَقِيقَةُ الْمُفَاعَلَةِ مَوْجُودَةً وَإِنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ يَكُونُ الْفِعْلُ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ يَفْعَلُ كُلٌّ بِصَاحِبِهِ مَا يَفْعَلُ الْمُصَاحَبُ بِهِ اهـ. مَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي. (قَوْلُهُ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُنَاسَخَةِ هِيَ مَوْتُ الْإِنْسَانِ الَّذِي لَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى حَدَثَ مَوْتُ إنْسَانٍ آخَرَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُنَاسَخَةَ مَجْمُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَوْتِ الثَّانِي النَّاسِخَةِ لِلْأُولَى وَهَذَا اصْطِلَاحٌ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ أَيْ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ الَّتِي اُعْتُبِرَتْ مَجْمُوعَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْإِشَارَةَ إلَى الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالِاصْطِلَاحِيِّ وَقَوْلُهُ انْتَسَخَتْ بِالثَّانِيَةِ أَيْ أُزِيلَتْ بِالثَّانِيَةِ وَهَذَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْإِزَالَةُ وَقَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إلَخْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ الْإِزَالَةَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا إنَّمَا يُنَاسِبُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الِانْتِقَالُ. (قَوْلُهُ وَرِثُوا أَبَاهُمْ) فِيهِ إشَارَةٌ أَيْ: فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ أَبَاهُمْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ إرْثَ الْبَاقِينَ يَكُونُ بِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثُوا بِهِ الْأَوَّلَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ أَوْلَادًا ثَلَاثَةً مِنْهَا وَأَبُوهُمْ وَاحِدٌ مَاتَ قَبْلُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا مَاتَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ مِنْ آبَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَرِثَهُ الْبَاقُونَ لَكِنْ لَيْسَ بِالْوَجْهِ الَّذِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 مَثَّلَ وَقَوْلُهُ كَزَوْجٍ مَعَهُمْ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْضٌ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ. (ص) ، وَإِلَّا صَحَّحَ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ، فَإِنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي عَلَى وَرَثَتِهِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ مَاتَ وَتَرَكَ أُخْتًا وَعَاصِبًا صَحَّتَا (ش) أَيْ، وَإِنْ خَلَّفَ وَرَثَةً غَيْرَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ أَوْ هُمْ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ فَتُصَحِّحُ مَسْأَلَةَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَتَأْخُذُ مِنْهَا سِهَامَ الْمَيِّتِ الثَّانِي ثُمَّ تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ وَاقْسِمْ سِهَامَ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ، فَإِنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي عَلَى وَرَثَتِهِ فَتَصِحُّ الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى مِثَالُهُ مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ ابْنَهُ وَبِنْتَه ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ وَتَرَكَ أُخْتَهُ وَعَاصِبَهُ كَعَمِّهِ فَالْفَرِيضَةُ الْأُولَى مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالْوَاجِبُ لِلِابْنِ مِنْ الْأُولَى سَهْمَانِ وَقَدْ مَاتَ عَنْهُمَا وَتَرَكَ أُخْتَهُ وَعَاصِبًا فَالسَّهْمَانِ يَنْقَسِمَانِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ وَتَصِحُّ مِنْ الْأُولَى فَيَكُونُ لِلْبِنْتِ اثْنَانِ مِنْ الْفَرِيضَتَيْنِ وَلِلْعَاصِبِ سَهْمٌ (ص) ، وَإِلَّا وَفِّقْ بَيْنَ نَصِيبِهِ وَمَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ وَاضْرِبْ وَفْقَ الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَى كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ زَوْجَةً وَبِنْتًا وَثَلَاثَةَ بَنِي ابْنٍ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى ضُرِبَ لَهُ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ فَفِي وَفْقِ سِهَامِ الثَّانِي (ش) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مُنْقَسِمًا عَلَى وَرَثَتِهِ، فَإِنَّك تُوَفِّقُ بَيْنَ نَصِيبِهِ وَمَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ وَتَضْرِبُ وَفْقَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَامِلِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفِي الْجَوَاهِرِ وَجْهُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَنْظُرَ بَيْنَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَمَا صَحَّتْ مِنْهُ فَرِيضَتُهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا ضَرَبْت وَفْقَ فَرِيضَتِهِ فِي الْفَرِيضَةِ الْأُولَى فَمَا اجْتَمَعَ فَمِنْهُ تَصِحُّ اهـ. ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ سِهَامِ مُورَثِهِ مِثَالُهُ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَابْنَةً وَثَلَاثَةَ بَنِي ابْنٍ فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ لِكُلِّ ذَكَرٍ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ وَالثَّانِيَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ وَلِلْبِنْتِ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ، وَلَدِ الِابْنِ سَهْمٌ فَسَهْمُ الْمَيِّتِ مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ وَفَرِيضَتُهُ ثَمَانِيَةٌ مُتَّفِقَانِ بِالْأَنْصَافِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ فَرِيضَتِهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الْفَرِيضَةِ الْأُولَى وَهِيَ سِتَّةٌ يَكُنْ الْخَارِجُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ سِهَامِ مُورَثِهِ وَهُوَ وَاحِدٌ. (ص) ، فَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا ضَرَبَ سِهَامَ مَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْ سِهَامُ الْمَيِّتِ الثَّانِي فَرِيضَتَهُ بَلْ بَايَنَتْهَا فَهِيَ حِينَئِذٍ كَنِصْفٍ بَايَنَتْهُ سِهَامُهُ فَاضْرِبْ جَمِيعَ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ فِي جَمِيعِ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا فَفَرِيضَتُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ وَسِهَامُهُ مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ فَتَضْرِبُ الثَّانِيَةَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي الْأُولَى وَهِيَ سِتَّةٌ يَكُنْ الْخَارِجُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا وَبَاقِي جَمِيعِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي جَمِيعِ سِهَامِ مُورَثِهِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا لِأَنَّهُ يُعْلَمُ بِالْمُقَايَسَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا، أَوْ عُرُوضًا مُتَقَوِّمَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا   [حاشية العدوي] وَرِثُوا بِهِ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بِالتَّعْصِيبِ وَهَذَا بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ إنَّ الثَّانِيَ كَالْعَدَمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ كَزَوْجٍ مَعَهُمْ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْضٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّمْثِيلَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَعْضٌ مَعْنَاهُ أَوْ وَرِثَهُ بَعْضٌ وَالزَّوْجُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِوَارِثٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بَعْضٌ دُونَ كَزَوْجٍ فَقَوْلُهُ كَزَوْجٍ تَمْثِيلٌ لِلْبَعْضِ الْمَحْذُوفِ أَوْ أَنَّ التَّقْدِيرَ كَمَسْأَلَةِ زَوْجٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَلَّفَ وَرَثَةً غَيْرَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ أَوْ هُمْ وَلَكِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَسَيَأْتِي مِثَالُهُمْ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ صَحَّحَ الْأُولَى) أَيْ مَسْأَلَةَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَلَفْظُ صَحَّحَ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَاسِمِ أَوْ الْحَاسِبِ أَوْ الْفَارِضِ وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الثَّانِيَةُ تَرْتِيبُهُ بِثُمَّ يُوهِمُ وُجُوبَ تَرْتِيبِ تَصْحِيحِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ فَقَطْ إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِحَالِ الْمَوْتَى أَنْ تُصَحَّحَ مَسْأَلَةُ الْمَيِّتِ أَوْ لَا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ أَمْرًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمْرًا لَوَجَبَتْ الْفَاءُ فِي وُجُوبِ إنَّ الَّذِي حُذِفَ شَرْطُهُ وَأُنِيبَ عَنْهُ لَا. (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى) بِمَعْنَى أَنَّنَا لَا نَحْتَاجُ لِعَمَلٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَمَا تَصِحُّ الْأُولَى مِنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَفَّقَ إلَخْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي صَحَّحَ وَتَصِحُّ الْمُخَالَفَةُ، فَيَجُوزُ عَطْفُ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ عَلَى الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَضَرَبَ وَعَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا يَصِحُّ جَعْلُهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَفَّقَ إلَخْ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ إذَا كَانَ أَمْرًا لَا يَكُونُ إلَّا مَقْرُونًا بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا إلَخْ) لَمْ يَصِلْ وَإِلَّا ضُرِبَتْ إلَخْ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يُوَفِّقْ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا وَإِلَّا وَفَّقَ فَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَدَفَعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ ضَرَبَ سِهَامَ مَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ) إضَافَةُ سِهَامٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) أَصْلُ هَذِهِ لِابْنِ يُونُسَ وَلِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَصْنُونِيُّ قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ الظَّاهِرُ فِي النَّظَرِ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ أَنَّ الْعَمَلَ لَا بُدَّ مِنْهُ كَيْفَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ اهـ. وَالْمُرَادُ لَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَ الْفُرَّاضِ وَقَصْدُهُمْ بِذَلِكَ الِاخْتِصَارُ، وَلَوْ قُسِمَتْ كُلُّ فَرِيضَةٍ عَلَى حِدَتِهَا مَا خَالَفَ الْقَاسِمُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ اهـ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْمُنَاسَخَاتُ فَعَمِلَ الْحَاسِبُ فَرِيضَةَ كُلِّ مَيِّتٍ مُفْرَدَةً فَقَدْ أَصَابَ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 مِثْلِيًّا، فَلَا عَمَلَ وَيُقْسَمُ مَا حَصَلَ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى فَرِيضَتِهِ أَيْ وَرَثَتِهِ اهـ. ، وَكَذَا الْعَمَلُ لَوْ انْحَصَرَ إرْثُ الْمَيِّتِ الثَّانِي فِي بَقِيَّةِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ لَكِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَيِّتَةٍ عَنْ أُمٍّ وَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ ثُمَّ نَكَحَ الزَّوْجُ الشَّقِيقَةَ وَمَاتَتْ عَنْهُمْ فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَاحِدٌ وَلِلشَّقِيقَةِ ثَلَاثٌ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ أَيْضًا لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ وَسِهَامُ الشَّقِيقَةِ مِنْ الْأُولَى ثَلَاثَةٌ غَيْرُ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى مَسْأَلَتِهَا، وَلَا مُوَافَقَةَ فَاضْرِبْ مَسْأَلَتَهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ يَحْصُلْ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ لِلزَّوْجِ مِنْ الْأُولَى أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ تِسْعَةٌ وَيَحْصُلُ لِلْأُمِّ مِنْ الْأُولَى ثَمَانِيَةٌ وَمِنْ الثَّانِيَةِ سِتَّةٌ وَيَحْصُلُ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ مِنْ الْأُولَى ثَمَانِيَةٌ وَمِنْ الثَّانِيَةِ تِسْعَةٌ (ص) ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ بِوَارِثٍ فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ تَعْمَلُ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ ثُمَّ الْإِقْرَارُ ثُمَّ اُنْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ، وَأَنْكَرَهُ بَقِيَّتُهُمْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنَّك تَنْظُرُ فَرِيضَةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْإِنْكَارِ وَفَرِيضَةَ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ غَيْرُهُ لِأَنَّا نُرِيدُ مَعْرِفَةَ سِهَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ وَحْدَهُ ثُمَّ اُنْظُرْ مَا بَيْنَ فَرِيضَتَيْ الْإِنْكَارِ وَالْإِقْرَارِ مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ، فَإِنْ تَدَاخَلَتَا أَخَذْت أَكْبَرَهُمَا، وَإِنْ تَبَايَنَتَا فَتَضْرِبُ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى، وَإِنْ تَوَافَقَتَا بِجُزْءٍ ضَرَبْت وَفْقَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى ثُمَّ يُدْفَعُ لِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَ الْمُقِرَّ الْإِقْرَارُ مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى مُوجِبِ الْإِقْرَارِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ، سَوَاءٌ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا تَمَاثَلَتَا لِوُضُوحِهِ وَيَأْتِي مِثَالُهُ وَالْأَوْلَى تَقْدِمَةُ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَهَذَا إذْ اتَّحَدَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْتِي مَا إذَا تَعَدَّدَ كُلٌّ . (ص) الْأَوَّلُ وَالثَّانِي كَشَقِيقَتَيْنِ وَعَاصِبٍ أَقَرَّتْ وَاحِدَةٌ بِشَقِيقَةٍ، أَوْ بِشَقِيقٍ (ش) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ التَّدَاخُلُ وَبِالثَّانِي التَّبَايُنُ فَذَكَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ أُخْتَانِ شَقِيقَتَانِ وَعَاصِبٌ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَكَذَّبَهَا الْبَاقُونَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ تَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ لِانْكِسَارِ السَّهْمَيْنِ عَلَى الْأَخَوَاتِ الثَّلَاثِ فَتَضْرِبُ عَدَدَ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا سِهَامُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَخْرُجُ تِسْعَةٌ وَالثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ فِي التِّسْعَةِ فَتَقْسِمُ التِّسْعَةُ عَلَى فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ لِكُلِّ أُخْتٍ ثَلَاثَةٌ وَلِلْعَاصِبِ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ تَقْسِمُهَا عَلَى فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ لِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمَانِ وَلِلْعَاصِبِ ثَلَاثَةٌ فَقَدْ نَقَصَتْ الْمُقِرَّةُ فَتَدْفَعُهُ لَهَا وَذَكَرَ مِثَالَ الثَّانِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّ إحْدَاهُمَا أَقَرَّتْ بِأَخٍ شَقِيقٍ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ أَيْضًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ تَقْسِمُهَا عَلَى الْإِنْكَارِ لِكُلِّ أُخْتٍ أَرْبَعَةٌ وَلِلْعَاصِبِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ لِكُلِّ أُخْتٍ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخِ سِتَّةٌ فَقَدْ نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرَّةِ سَهْمٌ تَدْفَعُهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ . (ص) وَالثَّالِثُ كَابْنَتَيْنِ وَابْنٍ أَقَرَّ بِابْنٍ (ش) الْمُرَادُ بِالثَّالِثِ التَّوَافُقُ وَذَكَرَ مِثَالَهُ ابْنٌ وَبِنْتَانِ أَقَرَّ الِابْنُ بِابْنٍ، وَكَذَّبَهُ الِابْنَتَانِ فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةٍ وَبَيْنَهُمَا تَوَافُقٌ بِالْأَنْصَافِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي سِتَّةٍ أَوْ تَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ فَاقْسِمْهَا عَلَى الْإِنْكَارِ يَحْصُلْ لِلِابْنِ سِتَّةٌ وَلِكُلِّ بِنْتٍ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ يَخُصُّهُ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ فَقَدْ نَقَصَ الْمُقِرُّ مِنْ حِصَّتِهِ اثْنَانِ يَدْفَعُهُمَا لِلْمُقَرِّ بِهِ وَمِثَالُ التَّمَاثُلِ تَرَكَ أُمًّا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَعَمًّا أَقَرَّتْ   [حاشية العدوي] الْمَعْنَى وَإِنْ أَخْطَأَ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ التَّرِكَةِ حَتَّى حَصَلَتْ فِيهَا مُنَاسَخَاتٌ تَجْعَلُ الْمَوَارِيثَ كُلَّهَا كَالْوِرَاثَةِ الْوَاحِدَةِ وَمَطْلُوبُ الْفَرْضِيِّينَ تَصْحِيحُ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ مِنْ عَدَدٍ يُقْسَمُ نَصِيبُ كُلِّ مَيِّتٍ بَعْدَهُ مِنْهُ عَلَى مَسْأَلَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) رَاجِعٌ لِأَحَدٍ لَا لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْوَارِثِ لَا يُعْتَبَرُ حَتَّى يَحْتَرِزَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ بِوَارِثٍ) أَيْ: لِوَارِثٍ أَوْ بِمَالِ وَارِثٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ) عَبَّرَ بِقَوْلِهِ فَلَهُ دُونَ وَرِثَ لِقَوْلِ الْعَصْنُونِيِّ هَذَا النُّقْصَانُ لَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ بَلْ عَلَى جِهَةِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ تَعْمَلُ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ) هَذَا التَّرْتِيبُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَإِلَّا فَلَا عَكْسَ صَحَّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْإِرْثَ يَثْبُتُ بِالْعَدْلِ الْوَاحِدِ مَعَ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَفَرِيضَةُ الْمُقِرِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ ثُمَّ الْإِقْرَارُ وَقَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَخْ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّنَا نَنْظُرُ لِفَرِيضَةِ الْجَمِيعِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْضًا فَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ الْعِبَارَةِ بِوَجْهٍ بَعِيدٍ مِنْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَفَرِيضَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ فَرِيضَةُ الْمُقِرُّ وَحْدَهُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ إلَّا لِضَرْبِ حِصَّةٍ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي نَظَرَ إلَى ضَرْبِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنَّهُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدَتْ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ شَاسٍ هَكَذَا كَأَنَّهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّا نُرِيدُ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ وَفَرِيضَةُ الْمُقِرِّ خَاصَّةٌ (قَوْلُهُ مِنْ تَدَاخُلٍ إلَخْ) أَيْ وَتَمَاثُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى تَقْدِمَةُ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ الْإِقْرَارُ أَيْ التَّرْتِيبُ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الْوُجُوبِ . (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) مُبْتَدَأٌ أَوَّلُ وَالْمَعْطُوفُ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَقَوْلُهُ كَشَقِيقَيْنِ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَقِيقٌ فِي مَحَلِّ رَفْعِ خَبَرِ الثَّانِي وَهَذَا التَّرْكِيبُ لَا نَظِيرَ لَهُ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ فَتَقْسِمُ التِّسْعَةَ عَلَى فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ) أَيْ: عَلَى الْوَرَثَةِ بِاعْتِبَارِ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ وَقَوْله ثُمَّ تَقْسِمُهَا عَلَى فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ أَيْ: ثُمَّ تَقْسِمُهَا عَلَى الْوَرَثَةِ بِاعْتِبَارِ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّنَا نَقْسِمُ التِّسْعَةَ عَلَى التِّسْعَةِ، فَيَخْرُجُ وَاحِدٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 الْأُخْتُ لِلْأَبِ بِشَقِيقَةٍ لِلْمَيِّتِ، وَأَنْكَرَتْهَا الْأُمُّ فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ وَهُوَ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ فَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةٍ أَيْضًا لِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ وَهُوَ وَاحِدٌ فَقَدْ نَقَصَتْ حِصَّةُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ سَهْمَانِ تَدْفَعُهُمَا لِلشَّقِيقَةِ، الْمُقَرُّ بِهَا (ص) ، وَإِنْ أَقَرَّ ابْنٌ بِبِنْتٍ وَبِنْتٌ بِابْنٍ فَالْإِنْكَارُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَإِقْرَارُهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي خَمْسَةٍ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ يَرُدُّ الِابْنُ عَشَرَةً وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ (ش) مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ بِهِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ بِهِ، فَإِذَا تَرَكَ ابْنَهُ وَبِنْتَه فَأَقَرَّ الِابْنُ بِبِنْتٍ، وَكَذَّبَتْهُ أُخْتُهُ وَأَقَرَّتْ الْبِنْتُ بِابْنٍ، وَكَذَّبَهَا أَخُوهَا وَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَلْحَقِينَ بِفَتْحِ الْحَاءِ مُنْكِرٌ لِلْآخَرِ فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ وَفَرِيضَةُ إقْرَارِ الِابْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلِابْنِ اثْنَانِ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ وَفَرِيضَةُ إقْرَارِ الْبِنْتِ مِنْ خَمْسَةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ وَالْفَرَائِضُ الثَّلَاثَةُ مُتَبَايِنَةٌ فَتَضْرِبُ فَرِيضَةَ إقْرَارِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ فِي فَرِيضَةِ إقْرَارِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ بِعِشْرِينَ ثُمَّ تَضْرِبُ الْعِشْرِينَ فِي فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ بِسِتِّينَ ثُمَّ تَقْسِمُهَا عَلَى الْإِنْكَارِ يَخُصُّ الِابْنَ أَرْبَعُونَ وَالْبِنْتَ عِشْرُونَ ثُمَّ تَقْسِمُهَا أَيْضًا عَلَى فَرِيضَةِ إقْرَارِ الِابْنِ يَخُصُّ الِابْنَ ثَلَاثُونَ وَلِكُلِّ بِنْتٍ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ عَشَرَةً يَدْفَعُهَا لِلْبِنْتِ، وَلِلْمُوصَى بِهَا ثُمَّ تَقْسِمُهَا أَيْضًا عَلَى فَرِيضَةِ إقْرَارِهَا يَخُصُّ الِابْنَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَخُصُّ الْبِنْتَ اثْنَا عَشَرَ فَقَدْ نَقَصَهَا الْإِقْرَارُ ثَمَانِيَةً تَدْفَعُهَا لِلْمُقَرِّ بِهِ فَقَوْلُهُ فَالْإِنْكَارُ إلَخْ، أَيْ فَفَرِيضَةُ إنْكَارِهِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ، وَإِقْرَارُهُ أَيْ وَفَرِيضَةُ إقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ فَرِيضَةُ إقْرَارِهَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ . (ص) ، وَإِنْ أَقَرَّتْ زَوْجَةٌ حَامِلٌ وَأَحَدُ أَخَوَيْهِ أَنَّهَا، وَلَدَتْ حَيًّا فَالْإِنْكَارُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ كَالْإِقْرَارِ وَفَرِيضَةُ الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ تُضْرَبُ فِي ثَمَانِيَةٍ (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سُئِلَ عَنْهَا أَصْبَغُ فَقَالَ هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَبَيَانُهُ أَنَّ فَرِيضَةَ الْإِنْكَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَثَلَاثَةٌ عَلَى الْأَخَوَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَتَضْرِبُ عَدَدَ رُءُوسِهِمَا الْمُنْكَسِرَ عَلَيْهِمَا فِي أَصْلِ الْفَرِيضَةِ تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ أَيْ إقْرَارِ الزَّوْجَةِ وَأَحَدِ الْأَخَوَيْنِ أَنَّهَا، وَلَدَتْ ابْنًا حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْأَخُ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ، وَلَدَتْهُ مَيِّتًا مِنْ ثَمَانِيَةٍ أَيْضًا فَيُسْتَغْنَى بِهَا فَلِلْأُمِّ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لِلْوَلَدِ وَفَرِيضَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأُمِّهِ وَعَمَّيْهِ وَسِهَامُهُ سَبْعَةٌ لَا تُوَافِقُ فَرِيضَةً فَاضْرِبْ الثَّلَاثَةَ فِي الثَّمَانِيَةِ يَكُنْ   [حاشية العدوي] فَيُجْعَلُ جُزْءَ السَّهْمِ فَيُضْرَبُ فِيهِ نَصِيبُ كُلِّ وَارِثٍ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَتْهَا الْأُمُّ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَمَّ لَهُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ فَإِنْكَارُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْأُمِّ إذَا أَقَرَّتْ لَهَا وَاحِدٌ وَإِذَا أَنْكَرَتْ لَهَا اثْنَانِ فَلِذَا قَيَّدَ بِالْأُمِّ . (قَوْلُهُ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً إلَخْ) الْتَفَتَ لِضَرْبِ الْأَكْبَرِ فِي الْأَكْبَرِ وَيَصِحُّ ضَرْبُ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي خَمْسَةٍ وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ فِي ثَلَاثَةٍ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَلْحَقِينَ بِفَتْحِ الْحَاءِ مُنْكِرٌ) أَمَّا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُسْتَلْحَقِينَ بِالْآخَرِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَتُوضَعُ الثَّمَانِيَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ وَيُقْسَمُ الْجَمِيعُ عَلَى الِابْنِ وَالْبِنْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ تَقْسِمُهَا عَلَى الْإِنْكَارِ) فَتَقْسِمُ السِّتِّينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا عِشْرِينَ فَإِذَا ضَرَبْت نَصِيبَ الِابْنِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْعِشْرِينَ خَرَجَ أَرْبَعُونَ وَهِيَ حِصَّتُهُ وَإِذَا ضَرَبْت نَصِيبَ الْبِنْتِ وَهُوَ وَاحِدٌ فِي عِشْرِينَ خَرَجَ عِشْرُونَ وَهِيَ حِصَّةُ الْبِنْتِ فَقَدْ كَمُلَتْ السِّتُّونَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَقْسِمُهَا أَيْضًا عَلَى فَرِيضَةِ إقْرَارِ الِابْنِ أَيْ فَتَقْسِمُ السِّتِّينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ خَمْسَةَ عَشَرَ اضْرِبْ فِيهَا حِصَّةَ الِابْنِ وَهِيَ اثْنَانِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِثَلَاثِينَ وَاضْرِبْ حِصَّةَ كُلِّ بِنْتٍ وَهِيَ وَاحِدٌ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ كَمُلَتْ السِّتُّونَ بِاعْتِبَارِ حِصَّتِهِمَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَقْسِمُهَا أَيْضًا إلَخْ أَيْ فَتَقْسِمُ سِتِّينَ عَلَى خَمْسَةٍ يَخْرُجْ اثْنَا عَشَرَ فَاضْرِبْ فِيهَا حِصَّةَ كُلِّ ابْنٍ يَخْرُجْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُمَا ابْنَانِ، فَيَتَحَصَّلُ لَهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ثُمَّ اضْرِبْ حِصَّةَ الْبِنْتِ الْمُقِرَّةِ وَهِيَ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقَدْ كَمُلَتْ السِّتُّونَ (قَوْلُهُ فَحُذِفَ الْمُضَافُ) وَهُوَ فَرِيضَةٌ وَقَوْلُهُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَهُوَ إقْرَارٌ وَقَوْلُهُ ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ الَّذِي هُوَ إقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ بِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ فَرِيضَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ زَوْجَةٌ حَامِلٌ إلَخْ) قَالَ الْعَصْنُونِيُّ: لَا خُصُوصِيَّةَ لِلزَّوْجَةِ بَلْ كُلُّ امْرَأَةٍ تَكُونُ حَامِلًا أَمَةً أَوْ زَوْجَةً أَوْ أُمًّا أَوْ زَوْجَةَ أَبٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ إنَّهَا وَلَدَتْ حَيًّا) أَيْ ابْنًا وَاحِدًا حَيًّا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْجِنْسُ حَتَّى يَشْمَلَ الْمُتَعَدِّدَ وَالْبِنْتَ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي هَذَا الْعَمَلِ إلَّا مَعَ الِابْنِ الْوَاحِدِ فَقَطْ وَالْأَخَوَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى ثُبُوتِ نَسَبِهِ وَمُخْتَلِفَانِ فِي وُجُودِ شَرْطِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ الْحَيَاةُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ فِيهَا فِي وُجُودِ ثُبُوتِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ النَّسَبُ (قَوْلُهُ فَيُسْتَغْنَى بِهَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِمَثَابَةِ الْإِقْرَارِ فَقَطْ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ وَفَرِيضَةُ الْوَلَدِ الْإِقْرَارُ مِنْ ثَلَاثَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَهَا الثُّلُثُ وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلِذَلِكَ قَالَ مَسْأَلَتُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لَهَا وَاحِدٌ وَلِلْعَمَّيْنِ اثْنَانِ. (قَوْلُهُ لَا تُوَافِقُ فَرِيضَتَهُ) أَيْ: بَلْ تُبَايِنُ فَاقْسِمْهَا عَلَى الْإِنْكَارِ أَيْ: بِأَنْ تَقْسِمَهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ ثَلَاثَةٌ كُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ الَّتِي هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ فَلِلْأُمِّ فِي الْإِنْكَارِ اثْنَانِ يُضْرَبَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَهِيَ رُبُعُ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ لِكُلِّ عَمٍّ ثَلَاثَةٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 الْخَارِجُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَاقْسِمْهَا عَلَى الْإِنْكَارِ ثُمَّ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلِلْمَرْأَةِ فِي الْإِنْكَارِ الرُّبُعُ سِتَّةٌ وَلِكُلِّ أَخٍ تِسْعَةٌ، وَلَهَا فِي الْإِقْرَارِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ تُوُفِّيَ عَنْهَا لِأُمِّهِ الثُّلُثُ مِنْهَا سَبْعَةٌ وَلِكُلِّ أَخٍ سَبْعَةٌ فَضَلَ بِيَدِ الْمُقِرِّ اثْنَانِ يَدْفَعُهُمَا لِلْأُمِّ مَعَ السِّتَّةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهَا فِي الْإِنْكَارِ فَيَصِيرُ بِيَدِهَا ثَمَانِيَةٌ وَبِيَدِ الْمُقِرِّ سَبْعَةٌ وَبِيَدِ الْمُنْكِرِ تِسْعَةٌ، وَلَا تَأْخُذُ الْأُمُّ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ، وَلَا مِنْ فَرِيضَةِ ابْنِهَا شَيْئًا لِإِنْكَارِ الْأَخِ الْآخَرِ إذْ لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ الْآخَرُ لَكَانَ الْوَاجِبُ لَهَا عَشَرَةً ثَلَاثَةً مِنْ زَوْجِهَا وَسَبْعَةً مِنْ ابْنِهَا فَقَوْلُهُ وَأَحَدُ أَخَوَيْهِ أَيْ الْمَيِّتِ وَهُمَا عَمَّا الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ أَيْ تَصْحِيحًا وَقَوْلُهُ كَالْإِقْرَارِ أَيْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لَكِنْ تَأْصِيلًا . (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى بِشَائِعٍ كَرُبُعٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ أَخَذَ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ انْقَسَمَ الْبَاقِي عَلَى الْفَرِيضَةِ كَابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا وَفِّقْ بَيْنَ الْبَاقِي وَالْمَسْأَلَةِ وَاضْرِبْ الْوَفْقَ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ، وَإِلَّا فَكَامِلُهَا كَثَلَاثَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِجُزْءٍ شَائِعٍ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُنْطِقًا كَرُبُعٍ وَثُلُثٍ مَثَلًا أَوْ أَصَمَّ كَجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ فَلِذَلِكَ مَثَّلَ الْمُؤَلِّفُ بِمِثَالَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُنْطِقَ مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ كَمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِهَا كَثُلُثٍ مَثَلًا يُقَالُ فِيهِ ثُلُثٌ كَمَا يُقَالُ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْأَصَمُّ مَا لَا يُعَبَّرُ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَّا بِلَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ وَاخْتَارَ الرُّبُعَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ جُزْءِ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ أَيْ الْعَدَدِ الَّذِي يَحْصُلُ بِالضَّرْبِ وَاخْتَارَ الْجُزْءَ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الْأَصَمِّ فَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ تُصَحِّحَ فَرِيضَةَ الْمِيرَاثِ ثُمَّ تَجْعَلَ جُزْءَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ يَنْقَسِمُ عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا فَرِيضَةً بِرَأْسِهَا فَتُخْرِجُ مِنْهُ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَنْظُرُ، فَإِنْ انْقَسَمَ الْبَاقِي مِنْ فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَى فَرِيضَةِ الْوَرَثَةِ فَوَاضِحٌ كَمَا إذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، فَإِنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَاحِدٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْبَاقِي وَهُوَ اثْنَانِ يَنْقَسِمُ عَلَى الْفَرِيضَةِ الَّتِي هِيَ اثْنَانِ عَدَدُ الرُّءُوسِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ الْبَاقِي مِنْ مَقَامِ الْوَصِيَّةِ عَلَى أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ، فَإِنَّك تَنْظُرُ بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ فِي فَرْضِيَّةِ الْوَصِيَّةِ فَمَا   [حاشية العدوي] تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تُضَمُّ لِسِتَّةٍ تَكْمُلُ جُمْلَةُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى الْإِقْرَارِ) أَيْ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ فَلِلْأُمِّ فِي الْإِقْرَارِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةِ بِثَلَاثَةٍ هِيَ ثُمُنُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ وَمَسْأَلَتُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالسَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ لِلْأُمِّ سَبْعَةٌ وَلِكُلِّ أَخٍ سَبْعَةٌ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ إقْرَارَ الْأَخِ نَقْصُهُ اثْنَانِ تَأْخُذُهُمَا الْأُمُّ تُضَمُّ لِلسِّتَّةِ الَّتِي جَاءَتْهَا فِي الْإِنْكَارِ فَجُمْلَةُ مَالِهَا ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ وَلِلِابْنِ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ) وَهِيَ الْحَاصِلَةُ مِنْ ضَرْبِ السَّبْعَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ فَرِيضَةِ ابْنِهَا شَيْئًا) أَرَادَ بِفَرِيضَةِ ابْنِهَا سِهَامَهُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا أَخَذَتْ اثْنَيْنِ زِيَادَةً عَلَى السِّتَّةِ فَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ شَيْئًا وَالْجَوَابُ أَنَّ أَخْذَهَا لِذَلِكَ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ مِنْ الْمُقِرِّ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَضَلَ بِيَدِ الْمُقِرِّ اثْنَانِ يَدْفَعُهُمَا لِلْأُمِّ. (قَوْلُهُ لِإِنْكَارِ الْأَخِ الْآخَرِ) أَيْ الْإِرْثُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ حَيَاةِ الْمُورَثِ بِعَدْلَيْنِ فِي حَيَاةِ الْوَارِثِ وَلَا ثُبُوتَ لِإِنْكَارِ الْأَخِ الْآخَرِ. (تَنْبِيهٌ) ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَمَلَ الْفَرِيضَةِ الْمَذْكُورَةِ مُؤَلَّفٌ مِنْ عَمَلِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَمِنْ عَمَلِ الْمُنَاسَخَاتِ وَذَلِكَ أَنَّ الِابْنَ مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَسِهَامُهُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى فَرِيضَتِهِ وَلَا تُوَافِقُهَا فَتُضْرَبُ جَمِيعُ سِهَامِ الْفَرْضِيَّةِ الثَّانِيَةِ فِي جَمِيعِ سِهَامِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ . (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِشَائِعٍ) أَيْ لَا يَتَمَيَّزُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بَلْ إنْ حَمْلَهُ الثُّلُثَ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَإِلَّا خَرَجَ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ. (قَوْلُهُ أُخِذَ مَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ) أَيْ لُوحِظَ الْمَخْرَجُ الَّذِي هُوَ ثَلَاثَةٌ كَمَسْأَلَةِ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، فَيَخْرُجُ الثُّلُثُ ثُمَّ تَقْسِمُ الْبَاقِيَ إلَى آخِرِ مَا قَالَ. (قَوْلُهُ عَلَى الْفَرِيضَةِ) الَّتِي هِيَ اثْنَانِ فِي مِثَالِهِ. (قَوْلُهُ كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ) أَيْ: بَنِينَ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَلَوْ حَذَفَ أَوْلَادَ لَكَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ الْمُمَيِّزَ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَابْنَيْنِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ جُزْءِ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الرُّبُعَ أَوَّلُ أَجْزَاءِ أَوَّلِ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ ضَرْبِ عَدَدٍ فِي عَدَدٍ وَأَمَّا ضَرْبُ وَاحِدٍ فِي خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ فِيهِ مُرَكَّبٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُقَالُ لَهُ عَدَدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا فَقَوْلُهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِالضَّرْبِ أَيْ: ضَرْبِ عَدَدٍ فِي عَدَدٍ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الْأَصَمِّ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأَحَدَ عَشَرَ أَوَّلُ الْعَدَدِ الْأَصَمِّ لَكِنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ هُوَ الْجُزْءُ لَا الْأَحَدَ عَشَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَحَدَ عَشَرَ يُقَالُ لَهَا عَدَدٌ أَصَمُّ فَجُزْؤُهَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَجْعَلُ جُزْءَ الْوَصِيَّةِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ تَجْعَلُ مَخْرَجَ جَزْءِ الْوَصِيَّةِ وَإِضَافَةُ جَزْءٍ لِلْوَصِيَّةِ لِلْبَيَانِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجُزْءَ كَالثُّلُثِ وَهُوَ عَيْنُ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ يَنْقَسِمُ إلَخْ) أَيْ يُجْعَلُ مَخْرَجُ جَزْءِ الْوَصِيَّةِ فَرِيضَةً بِرَأْسِهَا مِنْ حَيْثُ انْقِسَامُهُ عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ انْقِسَامُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ أَقُولُ فِيهِ إنَّ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ لَمْ يُوجَدْ قِسْمَتُهُ فِيمَا ذَكَرَ عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا بَلْ إنَّمَا أَخَذَ مِنْهُ الْوَصِيَّةَ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ تَبْقَى اثْنَانِ يُقْسَمَانِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَعْنَى يُجْعَلُ فَرِيضَةً مِنْ حَيْثُ الدَّفْعُ مِنْهُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا أَيْ: الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِوَاحِدٍ وَبِأَكْثَرَ وَقُلْنَا الدَّفْعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ لَا يُدْفَعُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَا تُدْفَعُ كُلُّهَا لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 اجْتَمَعَ فَمِنْهُ تَصِحُّ ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِهَا كَمَا إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ أَوْلَادٍ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ كَمَا مَرَّ فَلِلْمُوصَى لَهُ مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ سَهْمٌ مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ اثْنَانِ بِاثْنَيْنِ وَلِلْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْفَرِيضَةِ اثْنَانِ مَضْرُوبَانِ فِي وَفْقِهَا بِأَرْبَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبَاقِي وَالْمَسْأَلَةِ تَوَافُقٌ بَلْ تَبَايُنٌ، فَإِنَّك تَضْرِبُ كَامِلَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا تَصِحُّ ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي بَاقِي الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي كَامِلِ السِّهَامِ فَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَلِلذُّكُورِ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُوَافِقَانِ رُءُوسَهُمْ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ . (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى بِسُدُسٍ وَسُبُعٍ ضَرَبْت سِتَّةً فِي سَبْعَةٍ ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ وَفْقِهَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِجُزْءٍ وَاحِدٍ شَرَعَ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِجُزْأَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَصِفَةُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنَّك تَضْرِبُ مَخْرَجَ أَحَدِهِمَا فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ إنْ تَبَايَنَا، أَوْ وَفْقِهِ إنْ تَوَافَقَا فَمَا اجْتَمَعَ فَأَخْرِجْ مِنْهُ جُزْءَ الْوَصِيَّةِ وَاقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ انْقَسَمَ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَانْظُرْ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْت مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْت فِي الْوَفْقِ فَمَا اجْتَمَعَ فَمِنْهُ تَصِحُّ وَاعْمَلْ عَلَى مَا مَرَّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ، فَإِذَا أَوْصَى بِسُدُسِ مَالِهِ لِمُفْرَدٍ أَوْ لِمُتَعَدِّدٍ وَسُبُعِ مَالِهِ كَذَلِكَ وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ أَوْلَادٍ مَثَلًا، فَإِنَّك تَضْرِبُ مَقَامَ السُّدُسِ وَهُوَ سِتَّةٌ فِي مَقَامِ السُّبُعِ وَهُوَ سَبْعَةٌ لِتَبَايُنِهِمَا بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ أَخْرِجْ مِنْ ذَلِكَ جُزْأَيْ الْوَصِيَّةِ سُدُسَهَا سَبْعَةً وَسُبُعَهَا سِتَّةً وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَتَأَخَّرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا تُوَافِقُهَا فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَخْرُجُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي أَرْبَعَةٍ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلَمْ يُمَثِّلْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلتَّوَافُقِ وَمِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوْلَادُ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ فَالتَّوَافُقُ بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ الْفَرِيضَةِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ الثَّمَانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ يُجْزِئُ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَضْرِبُ جُزْءَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ وَتَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْرَجِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي جُزْءِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ اثْنَانِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ سَبْعَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ الْفَرِيضَةِ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّبُعِ سِتَّةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ مَقْسُومَةٌ عَلَى الْوَرَثَةِ لِكُلٍّ سَهْمٌ وَلَمَّا فَرَغَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ عَمَلِ الْفَرَائِضِ وَمِنْ ذِكْرِ الْوَارِثِينَ وَبَيَانِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَمَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ بِإِقْرَارٍ أَوْ وَصِيَّةٍ شَرَعَ فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ فَقَالَ (ص) ، وَلَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلَاعِنَ لَا يَرِثُ مِمَّنْ لَاعَنَهَا إذَا الْتَعَنَتْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَيَرِثُهَا، وَأَمَّا، وَلَدُهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ اللِّعَانُ، فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ، سَوَاءٌ الْتَعَنَتْ أَمْ لَا، وَلَا تَرِثُ مُلَاعِنَةٌ مِنْ مُلَاعَنِهَا إذَا الْتَعَنَ زَوْجُهَا قَبْلَهَا، وَأَمَّا إذَا الْتَعَنَتْ، وَلَمْ يَلْتَعِنْ هُوَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ فَهَلْ تَرِثُهُ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لَا تُعِيدُ لَا تَرِثُهُ، وَإِلَّا وَرِثَتْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَرِثُهُ حَيْثُ لَمْ يَلْتَعِنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ اللِّعَانُ مِنْ كُلٍّ لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنْ الْتَعَنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَوَارَثَا، وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الْفَرِيضَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ السِّهَامِ الَّتِي هِيَ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ قَوْلُهُ وَلِلْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ مَضْرُوبٌ فِي وَاحِدٍ وَهُوَ وَفْقُ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ إنَّنَا وَجَدْنَا بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ عَدَدِ رُءُوسِ الْأَوْلَادِ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَنِصْف الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ وَنِصْفُ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ فَتَضْرِبُهَا فِي ثَلَاثَةٍ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ مِنْ سِتَّةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ أَيْ: الَّذِي هُوَ وَفْقُ السِّهَامِ بِوَاحِدٍ فَتَكَمَّلَتْ السِّتَّةُ وَالْحَاصِلُ إنَّك تَقُولُ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ السِّهَامِ أَيْ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ وَوَفْقُهَا وَاحِدٌ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي هُوَ اثْنَانِ . (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ) بَيَانُهُ أَنَّ عَدَدَ الْأَوْلَادِ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ فَتُجْعَلُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا تَجْعَلُ كُلَّ جُزْءٍ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ جُزْءِ السِّهَامِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ وَاحِدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جُزْءَ الْمَسْأَلَةِ اثْنَانِ وَجُزْءَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْهَا صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ فِي اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ) أَيْ الْحَاصِلَةِ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةٍ فِي سَبْعَةٍ (قَوْلُهُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْرَجِ) أَيْ: مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَالْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ) الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنْ تَقُولَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ الَّذِي هُوَ وَفْقُ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ [لَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ] . (قَوْلُهُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا. (قَوْلُهُ إذَا الْتَعَنَ زَوْجُهَا قَبْلَهَا) أَيْ: وَالْتَعَنَتْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا الْتَعَنَتْ أَيْ: قَبْلُ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَعِنْ هُوَ أَيْ قَبْلُ أَيْ: بَلْ الْتَعَنَ بَعْدَ الْتِعَانِهَا فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ اللِّعَانَ وَقَعَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّهَا هِيَ الْمُبْتَدِئَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لَا تُعِيدُ لَا تَرِثُهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ قَدْ تَمَّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَرِثُهُ أَيْ: حَيْثُ لَمْ تَلْتَعِنْ أَيْ أَصْلًا فَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ حَصَلَ اللِّعَانُ مِنْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنَّهُ إنْ حَصَلَ اللِّعَانُ مِنْ كُلٍّ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَيْ: بِأَنْ الْتَعَنَ أَوَّلًا ثُمَّ الْتَعَنَتْ هِيَ ثَانِيًا وَأَمَّا إذَا الْتَعَنَتْ أَوَّلًا وَالْتَعَنَ هُوَ ثَانِيًا وَحَصَلَ مَوْتٌ فَإِنْ قُلْنَا لَا تُعِيدُ تَرِثُهُ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا الْأَوَّلَ قَدْ اُعْتُدَّ بِهِ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا تُعِيدُ فَتَرِثُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْتَدَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 وَبَيْنَ، وَلَدِهِ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ، سَوَاءٌ الْتَعَنَتْ أَمْ لَا، وَأَمَّا أُمُّهُ فَتَرِثُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِعِبَارَةٍ وَاللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَانِعٌ مِنْ سَبَبِ الْمِيرَاثِ الَّذِي هُوَ الزَّوْجِيَّةُ فَعَدَمُ الْإِرْثِ فِيهِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ لَا لِوُجُودِ الْمَانِعِ إذْ اللِّعَانُ لَيْسَ مَانِعًا، وَأَمَّا بَيْنَ الزَّوْجِ وَوَلَدِهِ فَمَانِعٌ لِلْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَرِثَ، أَوْ يُقَالُ هُوَ مَانِعٌ لِلسَّبَبِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِاسْتِلْحَاقِ اُنْظُرْ تت . (ص) وَتَوْأَمَاهَا شَقِيقَانِ (ش) التَّوْأَمَانِ هُمَا اللَّذَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ تَوْأَمَيْ الْمُلَاعِنَةِ يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا شَقِيقَانِ، وَكَذَلِكَ تَوْأَمَا الْمَسْبِيَّةِ وَالْمُسْتَأْمَنَة يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا أَشِقَّاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا تَوْأَمَا الزَّانِيَةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأُنْثَى قِيَاسًا عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَنَحْوِهِمَا . (ص) ، وَلَا رَقِيقٍ وَلِسَيِّدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ جَمِيعُ إرْثِهِ، وَلَا يُورَثُ إلَّا الْمُكَاتَبُ (ش) مِنْ الْمَوَانِعِ الرِّقُّ، فَلَا يَرِثُ الرَّقِيقُ، وَلَا يُورَثُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَمَنْ كُلُّهُ رِقٌّ وَمَا مَاتَ عَنْهُ فَهُوَ لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا مَرَّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مِنْ حُكْمِ الْمُكَاتَبِ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ فَاضِلٍ عَنْ كِتَابَتِهِ وَمَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَنَصُّ مَا مَرَّ وَوَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فَقَطْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَقَدَّمَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي قَوْلِهِ وَلِسَيِّدِ إلَخْ، لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ إلَّا الْمُكَاتَبَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يُورَثُ قَوْلُهُ: جَمِيعُ إرْثِهِ إلَخْ، الْمُرَادُ بِالْإِرْثِ هُنَا اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْبَقَاءُ أَيْ جَمِيعُ مَالِهِ الْبَاقِي عَنْهُ أَيْ الْمَتْرُوكُ عَنْهُ لَا الْإِرْثُ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ . (ص) ، وَلَا قَاتِلٌ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ كَمُخْطِئٍ مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا لَا مِنْ الْمَالِ، وَلَا مِنْ   [حاشية العدوي] بِلِعَانِهَا الْأَوَّلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ إعَادَتَهَا وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ فَمَانِعٌ لِلْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ وَالْوَالِدِيَّةُ ثَابِتَةٌ حُكْمًا وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ هُوَ مَانِعٌ لِلسَّبَبِ أَيْ: الَّذِي هُوَ الْوَالِدِيَّةُ . (قَوْلُهُ هُمَا اللَّذَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ. (قَوْلُهُ إنَّ تَوْأَمَيْ الْمُلَاعَنَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ وَلَدَيْهَا غَيْرُ التَّوْأَمَيْنِ لَيْسَا شَقِيقَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُمَا إخْوَةٌ لِأُمٍّ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ اللِّعَانُ مِنْ أَبِيهِمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ يَقْطَعُ نَسَبَهُ اهـ. كَذَا وَذَكَرُوا إلَّا أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَجْرِي فِي التَّوْأَمَيْنِ (قَوْلُهُ تَوْأَمَا الْمَسْبِيَّةِ) هِيَ امْرَأَةٌ حَامِلٌ سَبَيْنَاهَا مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ فَيُجْعَلَانِ شَقِيقَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالْمُسْتَأْمَنَة هِيَ امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ تَسْتَأْمِنُ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَا يُدْرَى هَلْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًا فَتَلِدُ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنَّهُمَا إخْوَةٌ لِأُمٍّ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَوْأَمَا الزَّانِيَةِ) هِيَ الَّتِي تَفْعَلُ الْفَاحِشَةَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ الْمُغْتَصَبَةِ تُغْصَبُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا إخْوَةٌ لِأُمٍّ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا كَالْمُلَاعَنَةِ، فَيَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا أَشِقَّاءُ ثُمَّ أَقُولُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الزَّانِيَةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ لَا قَاصِرٌ عَلَى الْمُغْتَصَبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ تت (قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّ الْمُكَاتَبَةَ الْحَامِلَ وَالْمُدَبَّرَةَ الْحَامِلَ وَالْمُعْتَقَةَ لِأَجَلٍ الْحَامِلَ كُلُّ مَنْ حَمَلَهُ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ [مَوَانِعِ الْإِرْثِ] . (قَوْلُهُ وَلِسَيِّدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يُورَثُ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُكَاتَبَ إلَخْ) هَذَا لَيْسَ إرْثًا فِي الْحَقِيقَةِ وَمَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ إرْثًا هُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَوَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فَقَطْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَيْسَ إرْثًا؛ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ، وَلَوْ تَرَكَ مَا فِيهِ وَفَاءً؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ لَا يُوجِبُ حُرِّيَّتَهُ بَلْ مَاتَ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكِتَابَةِ وَلِذَا كَانَ وَارِثُهُ نَوْعًا خَاصًّا، وَلَوْ كَانَ إرْثُهُ بِالْحُرِّيَّةِ لَوَرِثَهُ كُلُّ مَنْ وَرِثَ الْحُرَّ (قَوْلُهُ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إلَخْ) فِي التَّهْذِيبِ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا وَلِرَجُلٍ فِيهِ الثُّلُثُ وَلِآخَرَ فِيهِ السُّدُسُ وَنِصْفُهُ حُرٌّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا لَهُمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ أَيْ الْمَالِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ جَمِيعُهُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَاهُ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ ثُلُثُهُ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَالُ الْقِنِّ الْخَالِصِ لِسَيِّدِهِ بِالْأَوْلَى إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَالْعَبْدُ كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ كَافِرًا فَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَهْلُ دِينِهِ إنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ وَمَاتَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ الْكَافِرِ وَمِثْلُ بَيْعِهِ مَا عَلَيْهِ مَا إذَا بَانَ عَنْهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَمَاتَ فَلِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ انْفِصَالَ الْعَبْدِ وَهُرُوبَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ بِمَنْزِلَةِ عِتْقِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْبَقَاءُ إلَخْ) كَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ الْمُنَاسِبُ وَهُوَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ مَعْنَاهُ الْمَوْرُوثُ . (قَوْلُهُ وَلَا قَاتِلٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ، وَلَوْ مُعْتِقًا لِعَتِيقِهِ أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا سَبَبًا أَوْ مُبَاشَرَةً وَذَلِكَ لَوْ وَرِثَ الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ لَأَدَّى إلَى خَرَابِ الْعَالَمِ مِنْ الْخَطَأِ مَا إذَا قَتَلَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ حَرْبِيٌّ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُورَثُهُ وَأُلْحِقَ بِهِ مَا إذَا قَصَدَ الْمُورَثُ قَتْلَ وَارِثِهِ فَقَتَلَهُ الْوَارِثُ وَكَانَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ، فَيَرِثُهُ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ: مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ هَذَا مَا أَفَادَهُ عج وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت قَائِلًا قَوْلُهُ وَلَا قَاتِلٌ عَمْدًا عُدْوَانًا إلَخْ، وَلَوْ عَفَا عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مَكْرُوهًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ بَالِغًا عَاقِلًا أَمَّا الصَّبِيُّ فَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ قَالَهُ الْفَاسِيُّ شَارِحُ التِّلْمِسَانِيَّة وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافَ مَا حَكَاهُ ج عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ بِلَا شُبْهَةٍ لَا يَرِثُ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا اهـ. وَهُوَ مُشْكِلٌ وَإِنْ صَدَّرَ بِهِ وَأَقَرَّهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عُدْوَانًا عَمَّا لَوْ كَانَ عَمْدًا غَيْرَ عُدْوَانٍ نَحْوَ قَتْلِ الْحَاكِمِ وَلَدَهُ قِصَاصًا أَوْ أَمَرَ أَحَدًا بِقَتْلِ مُورَثِهِ قِصَاصًا وَعَنْ الدَّافِعِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ طَلَبَ لِصٌّ رَجُلًا مِنْ وَرَثَتِهِ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَرِثَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الطَّالِبِ لَا الْعَكْسُ وَعَنْ الْمُتَأَوَّلِ فَلَوْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ عَلَى تَأْوِيلٍ وَفِي إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَرَابَةٌ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَاَلَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ إنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ كَمَا تَوَارَثَ أَهْلُ الْجَمَلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 الدِّيَةِ إنْ عُفِيَ عَنْهُ، وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ تَدْرَأُ عَنْهُ الْقَتْلَ كَرَمْيِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ بِحَدِيدَةٍ مَثَلًا فَالضَّمِيرُ فِي أَتَى لِلْقَاتِلِ لَا بِقَيْدِ الْعُدْوَانِ إذْ مَعَ الشُّبْهَةِ لَا عُدْوَانَ وَنُسْخَةُ، وَإِنْ أَبًا مِنْ الْأُبُوَّةِ مُبَالَغَةٌ أَيْضًا فِي الْقَاتِلِ لَا بِقَيْدِ الْعُدْوَانِ، وَأَمَّا قَاتِلُ الْخَطَأِ فَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لِمُورَثِهِ، وَلَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ الْوَلَاءَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التِّلْمِسَانِيَّة وَيَرِثَانِ مَعًا الْوَلَاءَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا لَهُ، وَلَاءُ عَتِيقٍ وَالْقَاتِلُ وَارِثُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ مِنْ الْوَلَاءِ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ إذَا قَتَلَ عَتِيقَهُ عَمْدًا يَرِثُهُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَ مُورَثَهُ عَمْدًا (ص) ، وَلَا مُخَالِفَ فِي دِينٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (ش) مِنْ الْمَوَانِعِ الْكُفْرُ، فَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ بَلْ مَالُهُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ هَذَا حُكْمُهُ إذَا مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ الزِّنْدِيقُ كَمَا لَوْ أَسَرَّ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّةَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَمِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الرِّدَّةِ. (ص) وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ نَصْرَانِيٍّ وَسِوَاهُمَا مِلَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْكُفْرِ مِلَّةٌ فَيَقَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مَنْ عَدَاهُمَا مِنْ الْمَجُوسِ وَعُبَّادِ الشَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ص) وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَأْبَ بَعْضٌ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكُفَّارَ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَرَضُوا كُلُّهُمْ بِأَحْكَامِنَا، فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ بَعْضُهُمْ عَنْ حُكْمِنَا، وَإِلَّا، فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُ وَرَثَةِ مَنْ مَاتَ كَافِرًا وَيُقِيمَ الْبَعْضُ الْآخَرُ عَلَى كُفْرِهِ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَلَا عِبْرَةَ بِامْتِنَاعِ الْكَافِرِ مِنْهُمْ هَذَا إنْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الَّذِينَ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِمْ كِتَابِيِّينَ، فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ أَيْ نَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ مَوَارِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِأَنَّ نَسْأَلَ أَسَاقِفَهُمْ عَمَّنْ يَرِثُ عِنْدَهُمْ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَعَنْ مِقْدَارِ مَا يُورَثُ وَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُ الْكِتَابِ بِحُكْمِنَا، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ جَمِيعُهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ وَأَبَوْا مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي هَذَا أَقْوَالًا الرَّاجِحُ مِنْهَا إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِنَا وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ . (ص) ، وَلَا مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ جَهْلُ التَّأْخِيرِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْمَوْتِ كَمَا إذَا مَاتَ قَوْمٌ مِنْ الْأَقَارِبِ فِي سَفَرٍ، أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّا نُقَدِّرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ، كَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَلَفَ الْأَحْيَاءَ مِنْ وَرَثَتِهِ، فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَثَلَاثُ بَنِينَ لَهُ مِنْهَا تَحْتَ هَدْمٍ وَجُهِلَ مَوْتُ السَّابِقِ مِنْهُمْ وَتَرَكَ الْأَبُ زَوْجَةً أُخْرَى وَتَرَكَتْ الزَّوْجَةُ ابْنًا لَهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ لِابْنِهَا الْحَيِّ وَسُدُسُ مَالِ الْبَنِينَ لِأَخِيهِمْ لِأُمِّهِمْ وَبَاقِيهِ لِلْعَاصِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ مُوجِبَ الْمِيرَاثِ هُنَا   [حاشية العدوي] وَصِفِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى تَأْوِيلٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَنُسْخَةُ وَإِنْ أَبًا) أَيْ: إنَّ الْأَبَ رَمَى ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ شَأْنُهَا أَنْ لَا تَقْتُلَ وَكَانَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُدْوَانًا فَهُوَ كَالْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَهُوَ كَالْأَجَانِبِ فَلَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ . (قَوْلُهُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ (قَوْلُهُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ) هَذَا عَالِمٌ مَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ غَيْرُ اللُّغَوِيِّ صَاحِبِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ سِوَاهُمَا مِلَّةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ غَيْرَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمَّهَاتِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِهَذَا عَنْ مَالِكٍ وَفِيهِ مَقَالٌ (قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِمْ حَتَّى يَتَأَتَّى إرْثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا يَتَأَتَّى الْإِرْثُ أَصْلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَإِنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ وَإِنْ أَبَى الْجَمِيعُ مِنْ ذَلِكَ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنَّهُ حَيْثُ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ أَبَوْا أَوْ رَضُوا نَظَرًا لِإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ وَأَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الدِّينِ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: وُجُوبًا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] فَمَنْسُوخُ الْحُكْمِ ثَابِتُ التِّلَاوَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ نَسْأَلَ أَسَاقِفَتَهُمْ) أَيْ عُلَمَاءَهُمْ جَمْعُ أُسْقُفٍّ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ جَمِيعُهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ) أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِمْ. (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ مِنْهَا إلَخْ) مُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا الثَّانِي مِنْهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الشِّرْكِ مُطْلَقًا كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ أَمْ لَا. (فَرْعٌ) رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ عَلَى الْإِسْلَامِ مِثْلِ الْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ إذَا قُتِلُوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ فَوَرَثَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَبَى بَعْضُهُمْ فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَحَكَمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ إنْ رَضُوا كَأَنْ أَسْلَمَ بَعْضٌ وَأَبَوْا إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ رُجُوعَ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ لِمَا إذَا أَسْلَمَ بَعْضٌ عَلَى قَاعِدَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 223 هُوَ حُصُولُ الشَّكِّ فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ التَّقَدُّمُ بِالْمَوْتِ فَإِطْلَاقُ الْمَانِعِ عَلَيْهِ فِيهِ تَجَوُّزٌ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ مَا إذَا مَاتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا (ص) وَوُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ وَمَالُ الْمَفْقُودِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ وَرَثَةً وَزَوْجَةً، أَوْ أَمَةً حَامِلًا مِنْهُ، فَإِنَّ قَسْمَ تَرِكَتِهِ يُوقَفُ إلَى وَضْعِ ذَلِكَ الْحَمْلِ، وَلَا يُعَجَّلُ قَسْمُ تَرِكَتِهِ فَلِلْأُمِّ لِلْغَايَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَجَّلْ الْقَسْمُ بَيْنَ الْمَوْجُودِينَ لِلشَّكِّ هَلْ يُوجَدُ مِنْ الْحَمْلِ وَارِثٌ أَمْ لَا وَعَلَى وُجُودِهِ هَلْ هُوَ مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ وَعَلَيْهِمَا هَلْ هُوَ ذَكَرٌ، أَوْ أُنْثَى أَوْ مُخْتَلِفٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلِأَشْهَبَ يُعَجَّلُ الْقَسْمُ فِي الْمُحَقَّقِ فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ أَدْنَى سَهْمَيْهَا وَبِعِبَارَةٍ وَوُقِفَ الْقَسْمُ لِمَالِ الْمَيِّتِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ إذَا أَرَادُوا تَعْجِيلَهُ لِلْحَمْلِ مِنْ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ، أَوْ أَمَتِهِ مُتَّحِدَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً، وَكَذَا زَوْجَةُ أَخِيهِ أَوْ الِابْنُ الْمُنْتَسِبُ لِهَذَا الْمَيِّتِ الْأَخِيرِ، وَكَذَا حَمْلُ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ الزَّوْجَةُ لِغَيْرِ أَبِي هَذَا الْمَيِّتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَوُقِفَ الْقَسْمُ أَصْلُهُ قَسْمُ التَّرِكَةِ، أَوْ قَسْمُ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَلِلْأُمِّ لِلتَّعْلِيلِ وَمَنْ جَعَلَهَا لِلْغَايَةِ وَقَدَّرَ مُضَافًا أَيْ لَوْ وُضِعَ الْحَمْلُ لَمْ يُصِبْ لِعَدَمِ إفَادَةِ أَنَّ الْيَأْسَ مِنْ حَمْلِهَا كَوَضْعِهِ وَيَحْصُلُ الْإِيَاسُ مِنْهُ بِمُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَكَذَلِكَ يُوقَفُ قَسْمُ مَالِ الْمَفْقُودِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَتَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ هَلْ هُوَ سَبْعُونَ سَنَةً، أَوْ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ فَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ حُصُولُ الزَّمَنِ الَّذِي قَضَى الشَّرْعُ بِمَوْتِهِ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِهِ لَا الْحَكَمُ بِالْفِعْلِ كَمَا فِي ز وَفِي مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّ الْإِرْثَ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِمَوْتِهِ فِي بَعْضِ أَقْسَامِ الْمَفْقُودِ فَانْظُرْهُ . (ص) ، وَإِنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ قُدِّرَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَوُقِفَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَكَالْمَجْهُولِ (ش) الضَّمِيرُ فِي مُوَرِّثِهِ لِلْمَفْقُودِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَفْقُودَ إذَا مَاتَ مُورَثُهُ، فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ حَيًّا تَارَةً فَتُحْرَمُ الْأُخْتُ فِي مِثَالِ الْمُصَنَّفِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَتَارَةً مَيِّتًا فَتَرِثُ الْأُخْتُ فَيُوقَفُ الْمَالُ الْمَشْكُوكُ، فَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ حَيَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ السَّابِقَةِ فَكَالْمَجْهُولِ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأْخِيرِ أَيْ فَيَرِثُهُ أَحْيَاءُ وَرَثَتِهِ غَيْرُ الْمَفْقُودِ فَقَدْ نَصَّ فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمَفْقُودَ لَا يَرِثُ مِنْ هَذَا الْمَيِّتِ، وَلَوْ كَانَ لَا يُحْكَمُ بِوَفَاةِ الْمَفْقُودِ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ وَرَآهُ مِنْ الْمِيرَاثِ بِالشَّكِّ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ بِالْمِثَالِ فَقَالَ (ص) فَذَاتُ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ وَأَبٍ مَفْقُودٍ فَعَلَى حَيَاتِهِ مِنْ سِتَّةٍ وَمَوْتُهُ كَذَلِكَ وَتَعُولُ لِثَمَانِيَةٍ فَتَضْرِبُ الْوَفْقَ فِي الْكُلِّ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ فَإِطْلَاقُ الْمَانِعِ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ مَنْ سَمَّاهُ مَانِعًا كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ لَا عَلَى الْمُؤَلِّفِ إذْ لَمْ يُسَمِّهْ مَانِعًا وَلَكِنْ اعْتَمَدَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ جَعْلِهِ مَانِعًا خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى التَّسَامُحِ إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَفْيِ الشَّرْطِ مَانِعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَرَافِيَّ قَالَ لِلْإِرْثِ مُوجِبَاتٌ وَمَوَانِعُ وَشُرُوطٌ فَعَدَّ مِنْ الشَّرْطِ عِلْمَ تَقَدُّمِ مَوْتِ الْمُورَثِ عَلَى الْوَارِثِ مُلَخَّصًا مِنْ مُحَشِّي تت (تَنْبِيهٌ) : لَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا مَاتَ أَخَوَانِ مَثَلًا أَحَدُهُمَا عِنْدَ الزَّوَالِ بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ عِنْدَ الزَّوَالِ بِالْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عِنْدَ الزَّوَالِ بِالْمَشْرِقِ مُتَقَدِّمٌ مَوْتُهُ عَلَى مَنْ مَاتَ عِنْدَ الزَّوَالِ بِالْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمَشْرِقِ قَبْلَ زَوَالِ الْمَغْرِبِ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ [وُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ وَمَالُ الْمَفْقُودِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ] . (قَوْلُهُ وَوُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ) أَيْ: بِخِلَافِ قَضَاءِ الدُّيُونِ فَلَا يُؤَخَّرُ لِوَضْعِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَشْهَبَ يُعَجَّلُ الْقَسْمُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَشْهَرَ وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ عَنْ وَجْهِ الْمَشْهُورِ فَقَالَ إنَّهُ لَوْ عَجَّلْنَا لِلزَّوْجَةِ أَدْنَى سَهْمِهَا لَرُبَّمَا حَصَلَ تَلَفٌ فِي بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ، فَيَحْصُلُ غَبْنٌ عَلَى الْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا زَوْجَةُ أَخِيهِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنْ تَلِدَ ذَكَرًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ أُنْثَى لَا تَرِثُ. (قَوْلُهُ أَوْ الِابْنُ الْمُنْتَسِبُ لِهَذَا الْأَخِيرِ) أَيْ: وَالْمَيِّتُ الْأَوَّلُ هُوَ الِابْنُ الْمَذْكُورُ بِأَنْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ أَبِيهِ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ زَوْجَةِ الِابْنِ الْحَامِلِ فَحَمْلُهَا يَرِثُ مِنْ جَدِّهِ الَّذِي هُوَ الْمَيِّتُ الْأَخِيرُ وَالضَّابِطُ الشَّامِلُ لِهَذَا كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ يُوقَفُ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ الَّذِي يَرِثُ الْمَيِّتَ، وَلَوْ احْتِمَالًا حَتَّى يَشْمَلَ حَمْلَ زَوْجَةِ أَخِي الْمَيِّتِ وَابْنِ عَمِّهِ فَإِنَّ الْحَمْلَ هُنَا يَرِثُ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ دُونَ أُنُوثَتِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ حَمْلُ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ زَوْجَةٌ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ وَلَدَ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ زَوْجَةٌ لِغَيْرِ الْأَبِ يَرِثُ السُّدُسَ إنْ كَانَ وَاحِدًا وَالثُّلُثَ إنْ تَعَدَّدَ فَقَوْلُهُ الَّتِي إلَخْ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْقَسْمُ فَأَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ إنَّ الْإِرْثَ يَتَوَقَّفُ إلَخْ) أَيْ: وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَمْضِ لَهُ مِنْ الْعُمُرِ الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَأَمَّا لَوْ مَضَى الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحُكْمِ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَيُعَمَّرُ الْمَفْقُودُ مُدَّةً لَا يَبْلُغُهَا غَالِبًا قِيلَ سَبْعُونَ وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ وَقِيلَ ثَمَانُونَ وَقِيلَ تِسْعُونَ وَقِيلَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُرْزُلِيَّ يُفَصِّلُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْحُكْمِ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ كَمَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ . (قَوْلُهُ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ) فِيمَنْ يُعْتَبَرُ فِيهِ مُضِيُّهَا وَهُوَ مَفْقُودُ أَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ الشِّرْكِ أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِمَوْتِهِ قَبْلَهَا فِيمَنْ يُعْتَبَرُ فِيهِ مُضِيُّ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ أَوْ التَّلَوُّمُ بِالِاجْتِهَادِ (وَقَوْلُهُ فَكَالْمَجْهُولِ) أَيْ فَالْمَفْقُودُ كَالْمَجْهُولِ أَيْ فَالْمَفْقُودُ كَمَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ عَنْ مُوَرِّثِهِ فَلَا يَرِثُ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا يَرِثُ لِجَهْلِ مَوْتِهِ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَفَائِدَةُ الْوُقُوفِ تَرَجِّي حَيَاتِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ حَيًّا إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ قُدِّرَ حَيًّا فَيُعْمَلُ بِالْأَضَرِّ فِي حَقِّ الْأُخْتِ بِعَدَمِ الْإِرْثِ وَفِي حَقِّ الْأُمِّ مِنْ حَيْثُ إعْطَاءُ السُّدُسِ وَقُدِّرَ مَيِّتًا بِحَيْثُ يُعَامَلُ الزَّوْجُ بِالْأَضَرِّ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ عَائِلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَا يُحْكَمُ بِوَفَاةِ الْمَفْقُودِ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الْإِرْثِ وَدَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ سِتِّينَ لَا يَرِثُ (قَوْلُهُ وَرَآهُ) أَيْ رَأَى إرْثَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ بِالشَّكِّ أَيْ: وَلَا إرْثَ بِالشَّكِّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 وَوُقِفَ الْبَاقِي، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ حَيٌّ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ ثَمَانِيَةٌ أَوْ مَوْتُهُ، أَوْ مَضَى التَّعْمِيرُ فَلِلْأُخْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَهَا الشَّقِيقَةَ، أَوْ لِأَبٍ وَأَبَاهَا مَفْقُودًا فَعَلَى أَنَّ الْأَبَ حَيٌّ حِينَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِأَنَّهَا إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأُمَّ مَعَ الْأَبِ فِي الْغَرَّاوَيْنِ كَالْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ مَيِّتٌ قَبْلَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَالثَّمَانِيَةُ تُوَافِقُ السِّتَّةَ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرُونَ فَالزَّوْجُ يَكُونُ لَهُ فِي الْعَائِلَةِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِ الْعَائِلَةِ فَيَأْخُذُ الْمُحَقَّقَ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْأَبِ وَهُوَ تِسْعَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأُمُّ يَكُونُ لَهَا فِي غَيْرِ الْعَائِلَةِ أَقَلُّ مِنْ الْعَائِلَةِ فَتَأْخُذُ الْمُحَقَّقَ بِتَقْدِيرِ حَيَاةِ الْأَبِ وَهُوَ السُّدُسُ وَيُوقَفُ أَحَدَ عَشَرَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ فَإِنْ ثَبَتَ حَيَاةُ الْأَبِ أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ الْمُوقَفِ ثَلَاثَةً تَتِمَّةَ النِّصْفِ وَيَأْخُذُ الْأَبُ ثَمَانِيَةً وَقَدْ أَخَذَتْ الْأُمُّ مَا كَانَ يَخُصُّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ مَضَى التَّعْمِير أَخَذَتْ الْأُخْتُ مِمَّا وُقِفَ تِسْعَةً وَتَأْخُذُ الْأُمُّ اثْنَيْنِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ، فَإِنَّهُ أَخَذَ حِصَّتَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ فَقَوْلُهُ فَعَلَى حَيَاتِهِ مِنْ سِتَّةٍ وَجُزْءُ سَهْمِهَا أَرْبَعَةٌ فَيُضْرَبُ فِيهَا وَجُزْءُ سَهْمِ حَالَةِ الْمَوْتِ ثَلَاثَةٌ فَيُضْرَبُ فِيهَا لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ أَيْ يُعَجَّلُ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَيُعَجَّلُ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتُهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ، فَإِنْ ظَهَرَتْ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ لَقَالَ أَوْ مَيِّتٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مَضَى التَّعْمِيرُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْفِعْلِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ وَعَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْمَصْدَرِ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ، أَوْ ظَهَرَ مُضِيُّ التَّعْمِيرِ ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الْمَفْقُودِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَأَخَّرَهُ عَنْ مِيرَاثِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ الْمُحَقَّقَيْنِ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مِيرَاثِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مِيرَاثِهِمَا وَهُوَ بِالْخَاءِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْخِنَاثِ وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَهُ أَمْرُهُ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَتَضْرِبُ نِصْفَ إحْدَاهُمَا) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفْقَ الْمُرَادِ بِالْوَفْقِ مَا يَعُمُّ وَفْقَ السِّتَّةِ وَوَفْقِ الثَّمَانِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْكُلِّ السِّتَّةُ أَوْ الثَّمَانِيَةُ (قَوْلُهُ وَجُزْءُ سَهْمِهَا) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ وَالْعِشْرِينَ تُقْسَمُ عَلَى سِتَّةٍ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ فَكُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ وَهُوَ سِتَّةٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي أَرْبَعَةٍ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ. (تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَفْقُودِ الْحُرِّ الْمُحَقَّقِ وَأَمَّا لَوْ فُقِدَ عَبْدٌ فَانْظُرْ حُكْمَهُ فِي شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَوْتُهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى) لَا حَاجَةَ بَلْ عَطْفٌ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ أَيْ: ظَهَرَ مَوْتُهُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ أَيْ: لَفْظَ حَيًّا بِأَنْ يُعْطَفَ مَوْتٌ عَلَى حَيًّا. (قَوْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ) وَهُوَ ظَهَرَ. (قَوْلُهُ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ) لَا حَاجَةَ لَهُ بَلْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ فَهُوَ عَطْفُ مُفْرَدَاتٍ لَا جُمَلٍ [إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ] (قَوْلُهُ الْمُحَقِّقِينَ) الْأَوْلَى الْمُتَحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِ إلَخْ) أَيْ: فَقَدَّمَ الْمُتَوَقَّفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَالْمُتَوَقِّفُ مُسَبَّبٌ وَالسَّبَبُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُسَبَّبِ. (قَوْلُهُ مَعْرِفَةِ مِيرَاثِهِ) أَرَادَ بِهَا التَّصْدِيقَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ مَدْلُولُهَا التَّصْدِيقُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْخِنَاثِ) أَيْ لَفْظِهِ لَا ذَاتِهِ اعْلَمْ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ صَغِيرٍ وَهُوَ رَدُّ لَفْظٍ إلَى آخَرَ لِمُنَاسَبَةٍ فِي الْمَعْنَى وَمُوَافَقَةٍ فِي جَمِيعِ الْحُرُوفِ الْأُصُولِ وَفِي التَّرْتِيبِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ كَضَارِبٍ مِنْ الضَّرْبِ وَكَبِيرٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ فِي الْمَعْنَى وَجَمِيعُ الْحُرُوفِ الْأُصُولِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فِي التَّرْتِيبِ كَجَبَذَ مِنْ الْجَذْبِ أَوْ جَذَبَ مِنْ الْجَبْذِ وَأَكْبَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ فِي الْمَعْنَى أَيْ مُنَاسَبَةٌ وَفِي غَالِبِ الْحُرُوفِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فِي بَعْضِهَا كَثَلَبَ مِنْ الثَّلْمِ وَيُسَمَّى أَكْبَرَ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَزِيدِ تَأَمُّلٍ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ، فَيَحْتَاجُ لِأَصْلِ تَأَمُّلٍ وَالْأَصْغَرُ لَا يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ فَالْأَخْذُ الْمَذْكُورُ خَارِجٌ عَنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ قِسْمٌ رَابِعٌ وَقِيلَ أَكْبَرُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقُ مُنَاسَبَةٍ سَوَاءٌ تَوَافَقَا فِي جَمِيعِ الْحُرُوفِ أَوْ الْبَعْضِ وَعَلَى هَذَا فَالْأَخْذُ مِنْ أَفْرَادِ الِاشْتِقَاقِ وَالِانْخِنَاثُ مَصْدَرُ انْخَنَثَ وَيُقَالُ أَيْضًا تَخَنَّثَ إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ وَيُقَالُ أَيْضًا خَنَثَ خَنْثًا إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ. (قَوْلُهُ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ) هُمَا مُتَرَادِفَانِ أَيْ تَكَسُّرُ الْقَوْلِ وَلِينُهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ خَنَّثَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا شَبَّهَهُ بِكَلَامِ النِّسَاءِ لِينًا وَرَخَامَةً اهـ. فَلَا يَشْمَلُ التَّشْبِيهَ بِالنِّسَاءِ فِي الْأَفْعَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ أَيْ: فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الِانْخِنَاثِ (قَوْلُهُ خَنِثَ الطَّعَامُ) مِنْ بَابِ تَعِبَ أَيْ: مَصْدَرُهُ فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ فِي الْمَصْدَرِيَّةِ أَوْ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَائِرَةَ الْأَخْذِ أَعَمُّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي الْعُدُولِ هُنَا عَنْ الْمَصْدَرِ إلَى الْفِعْلِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُقَدَّرْ مَصْدَرُ خَنِثَ. (قَوْلُهُ الطَّعَامُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَمْعَ الطَّعَامِ أَطْعِمَةٌ وَجَمْعُهُ أَطْعِمَاتٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَطْعِمَاتٍ جَمْعُ الْجَمْعِ وَالطَّعَامُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ الْبُرُّ وَمَا يُؤْكَلُ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَا يُطْعَمُ حَتَّى الْمَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ك. (قَوْلُهُ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ الْخُنْثَى الْمُقَيَّدَ بِالْمُشْكِلِ مَعَ أَنَّ الْخُنْثَى أَعَمُّ مِنْ الْمُشْكِلِ وَلِذَا قَيَّدُوهُ بِقَوْلِهِمْ الْمُشْكِلِ فَالِاشْتِبَاهُ لَيْسَ لَازِمًا لِلْخُنْثَى وَيُجَابُ بِأَنَّ شَأْنَهُ الِاشْتِبَاهُ فَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاشْتِبَاهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَشَارَكَ طَعْمَ غَيْرِهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِرَاكِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ وَأَلِفُهُ لِلتَّأْنِيثِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ وَجَمْعُهُ خَنَاثَى كَالْحَبَالَى وَالضَّمَائِرُ الْعَائِدَةُ عَلَيْهِ وَيُؤْتَى بِهَا مُذَكَّرَةً، وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ شَخْصٌ صِفَتُهُ كَذَا، وَكَذَا وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى، سَوَاءٌ كَانَ مُشْكِلًا أَمْ لَا مَنْ لَهُ آلَةُ الْمَرْأَةِ وَآلَةُ الرَّجُلِ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ نَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَلَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَبًا، وَلَا أُمًّا، وَلَا جَدًّا، وَلَا جَدَّةً، وَلَا زَوْجًا، وَلَا زَوْجَةً لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ مَا دَامَ مُشْكِلًا وَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِي سَبْعَةِ أَصْنَافٍ الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْإِخْوَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْمَوَالِي وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ نَصِيبِهِ حَالَ فَرْضِهِ ذَكَرًا وَحَالَ   [حاشية العدوي] (قَوْلُهُ فَلَمْ يَخْلُصْ) بِضَمِّ اللَّامِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ أَيْ فَلَمْ تُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ بَلْ حَصَلَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ أَيْ فَالِاشْتِبَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّعْمِ بِخِلَافِ الْحَقِيقَةِ فَمَعْلُومَةٌ فَإِنْ قُلْت يَرُدُّ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ وَشَارَكَ طَعْمَ غَيْرِهِ يُفِيدُ عِلْمَ الْحَقِيقَةِ قُلْت إنَّ اخْتِلَافَ الطَّعْمِ مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مَعْلُومَةً (قَوْلُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ) أَيْ الْمَعْهُودُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَشَارَكَ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ. (قَوْلُهُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ: سُمِّيَ الْخُنْثَى أَيْ: ذَاتُهُ بِذَلِكَ أَيْ: بِالْخُنْثَى أَيْ بِلَفْظِهِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلٍ مَأْخُوذٍ. (قَوْلُهُ لِاشْتِرَاكِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ) أَيْ: لِاشْتِرَاكِ مُوجِبِ الشَّبَهَيْنِ وَهُوَ الْآلَتَانِ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الِاشْتِبَاهُ فَاسْتَقَامَ الْكَلَامُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ خَنِثَ الطَّعَامُ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مِنْ الِانْخِنَاثِ وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ (قَوْلُهُ وَأَلِفُهُ لِلتَّأْنِيثِ) أَيْ: لَا لِلْإِلْحَاقِ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ أَلِفُ الْإِلْحَاقِ لَا يَكُونُ عَلَى وَزْنِ فُعْلَى بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّضَحَتْ إلَخْ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صُورَتَانِ وَهُمَا إنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ بَلْ وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ يُؤْتَى بِالضَّمَائِرِ مُؤَنَّثَةً. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا لَوْ لَهُ شَخْصٌ) أَيْ مَدْلُولُ لَفْظِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَدْلُولُهُ وَكَأَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى شَخْصٌ إلَخْ أَيْ فَهُوَ نَكِرَةٌ وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ اسْمَ جِنْسٍ وَيُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ مَاهِيَةُ شَخْصٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ نَكِرَةً صَحَّ أَنْ يَكُونَ اسْمَ جِنْسٍ فَإِنْ لَاحَظْت الْفَرْدَ الْمُنْتَشِرَ كَانَ نَكِرَةً وَإِنْ لَاحَظْت الْمَاهِيَّةَ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ. (قَوْلُهُ وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى) أَيْ: مَدْلُولُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَاهِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ مَا لَمْ تُلَاحِظْ أَنَّهُ اسْمَ جِنْسٍ ثُمَّ أَقُولُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ إلَخْ إذْ هُوَ عَيْنُهُ. (قَوْلُهُ مَنْ لَهُ آلَةُ الْمَرْأَةِ وَآلَةُ الرَّجُلِ إلَخْ) أَرَادَ بِالرَّجُلِ الذَّكَرَ لَا الْبَالِغَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ جَعَلَا الرَّجُلَ خِلَافَ الْمَرْأَةِ أَيْ الذَّكَرَ وَقَدْ خَالَفَ التَّنْبِيهُ فَقَالَ الرَّجُلُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِهَا خِلَافُ الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا هُوَ إذَا احْتَلَمَ وَشَبَّ أَوْ هُوَ رَجُلٌ سَاعَةَ يُولَدُ وَالْجَمْعُ رِجَالٌ وَرِجَالَاتٌ مِثْلُ جِمَالٌ وَجِمَالَاتٌ اهـ. وَكَأَنَّ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ: الْآلَتَيْنِ الْكَامِلَتَيْنِ قَالَ تت فِي شَرْحِ الْغِمَارِيَّةِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ فَرْجَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى صِفَتِهِمَا غَيْرَ نَاقِصَتَيْنِ عَنْهُمَا فَلَوْ كَانَ لَهُ فَرْجُ الْمَرْأَةِ وَذَكَرٌ مِنْ غَيْرِ خُصْيَتَيْنِ أَوْ خُصْيَتَانِ بِلَا ذَكَرٍ فَامْرَأَةٌ بِلَا إشْكَالٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرٌ وَخُصْيَتَانِ وَلَهُ ثُقْبَةٌ فِي مَوْضِعِ الْفَرْجِ نَاقِصَةٌ عَنْ صُورَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ نَافِذَةً أَمْ لَا فَرَجُلٌ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ مَنْ لَهُ الْفَرْجَانِ الْكَامِلَانِ أَوْ لَا فَرْجَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْخُنْثَى نَوْعَانِ نَوْعٌ لَهُ الْآلَتَانِ وَنَوْعٌ لَهُ ثُقْبَةٌ فَقَطْ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ حِكَايَةَ هَذَا الْقَوْلَ بِقِيلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ وُجُودِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ نَوْعٌ أَيْ: مِنْ الْخُنْثَى لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَكْثَرِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت مَا يُفِيدُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ تَصَوُّرًا صَحِيحًا أَنْ يَكُونَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أُمًّا (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ (قَوْلُهُ وَالْمَوَالِي) أَيْ: الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ لَا بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي بَيَانِ الْإِرْثِ مِنْ الْغَيْرِ أَيْ: إنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ الَّذِي حُكِمَ بِإِرْثِهِ إنَّمَا يَكُونُ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَخًا وَوَلَدَ أَخٍ أَوْ عَمًّا أَوْ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مُعْتِقًا بِكَسْرِ التَّاءِ. (قَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ لِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَحَقَّقَ إشْكَالُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ لَا مَنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ فَحِينَئِذٍ لَا تَوَقُّفَ لِلْإِيضَاحِ وَلَكِنْ لَا يُعْلَمُ تَحَقُّقُهُ إلَّا بِاخْتِيَارِهِ هَلْ يَتَّضِحُ أَوْ لَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْعَلَامَاتِ ثُمَّ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ فَلَهُ نِصْفُ إلَخْ وَلَكِنْ أَخَّرَهُ لِقَصْدِ التَّوْرِيَةِ بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كِتَابِهِ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَجْعَلْهُ مِمَّا يُوقَفُ إرْثُهُ خِلَافًا لِمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَإِلَّا لَقَالَ وَمِيرَاثُ الْخُنْثَى لِبَيَانِ حَالِهِ، فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ وُقِفَ فَمَا فَعَلَهُ صَوَابٌ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ اهـ. (قَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الْإِضَافَةِ وَيُرْتَكَبَ التَّوْزِيعُ وَالْإِلْزَامُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ النَّصِيبَيْنِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى نَصِيبَيْنِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ نَصِيبِهِ إلَخْ) أَيْ فَيُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى كَوْنِهِ ذَكَرًا وَنِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى كَوْنِهِ أُنْثَى فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ ابْنُ خَرُوفٍ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ خَرُوفٍ قَالَ إنَّ فِي أَخْذِهِ خَمْسَةً عَلَيْهِ الْغَبْنُ بِرُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا وَصَلَهُ سَبْعَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يُحْسَبَ لِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَرُبُعٌ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ السَّبْعَةِ ثَلَاثَةً وَنِصْفَ الثَّلَاثَةِ وَنِصْفَ اثْنَانِ غَيْرَ رُبُعٍ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَرُبُعٌ وَهِيَ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا بِيَدِ الذَّكَرِ فَصَارَ عَلَيْهِ الْغَبْنُ فِي رُبُعِ سَهْمٍ ثُمَّ قَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 فَرْضِهِ أُنْثَى لَا أَنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ الذُّكُورَةِ الْمُقَابِلِ لَهُ وَنِصْفَ نَصِيبِ الْأُنْثَى الْمُحَقَّقَةِ الْأُنُوثَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ، فَإِذَا كَانَ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا سَهْمَانِ وَعَلَى كَوْنِهِ أُنْثَى سَهْمٌ، فَإِنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِ الذَّكَرِ وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفَ نَصِيبِ الْأُنْثَى وَهُوَ نِصْفُ سَهْمٍ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ سَهْمٌ وَنِصْفُ سَهْمٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ إرْثُهُ بِالْجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ حَالٌ يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَيَرِثُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى إلَّا أَنَّ مِيرَاثَهُ بِالذُّكُورَةِ أَكْثَرُ وَحَالٌ يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ فَقَطْ وَحَالٌ عَكْسُهُ وَحَالٌ مُسَاوَاةُ إرْثِهِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا كَانَ ابْنًا أَوْ ابْنَ ابْنٍ وَالثَّانِي كَمَا إذَا كَانَ عَمًّا، أَوْ ابْنَ عَمٍّ وَالثَّالِثُ إذَا كَانَ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ كَالْأَكْدَرِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَالُ فِيهَا إذَا كَانَ ذَكَرًا، وَلَا يَرِثُ كَمَا مَرَّ وَالرَّابِعُ كَمَا إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ وَالْحُكْمُ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ إعْطَاؤُهُ نِصْفَ نَصِيبِ الْوَجْهِ الَّذِي يَرِثُ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَيُعْطَى فَرْضَهُ كَامِلًا لِاسْتِوَاءِ الْحَالَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى وَاحِدًا كَانَ، أَوْ مُتَعَدِّدًا لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ ضَعُفَتْ الْأَحْوَالُ وَبِتَضْعِيفِ الْأَحْوَالِ يَحْصُلُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَكَلَامُ ز لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. (ص) تُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ ثُمَّ   [حاشية العدوي] وَحَقِيقَةُ الْغَبْنِ فِي سُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّ لِلذَّكَرِ سِتَّةً وَسِتَّةَ أَسْبَاعٍ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ؛ لِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا لِلذَّكَرِ فَكَانَ لِلذَّكَرِ وَاحِدٌ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَإِذَا قَسَمْت اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لِلذَّكَرِ سِتَّةٌ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ الْوَاحِدَ فِي مَخْرَجِ الْكَسْرِ بِأَنْ تَضْرِبَ وَاحِدًا فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَتَزِيدَ عَلَيْهِ بَسْطَ الْكَسْرِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَالْمَجْمُوعُ سَبْعَةٌ أَيْ: سَبْعَةُ أَرْبَاعٍ فَتَخْرُجُ مِنْ قِسْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَيْهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ سَبْعَةٌ لِلْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَرْبَاعِ الَّتِي لِلْوَاحِدِ الْكَامِلِ الَّذِي لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَاحِدٌ كَامِلٌ، فَيَثْبُتُ لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ حِينَئِذٍ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ كَوَامِلُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ الَّتِي لِلْخُنْثَى وَاحِدٌ كَامِلٌ، فَيَثْبُتُ لِلْخُنْثَى ثَلَاثٌ كَوَامِلُ ثُمَّ يَبْقَى مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ سُبْعًا مِنْ ضَرْبِ السَّبْعَةِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَعِشْرُونَ سُبْعًا تُضَافُ لِلْأَرْبَعَةِ الْكَوَامِلِ الَّتِي لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ كَوَامِلُ إلَّا سُبْعًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ سِتَّةً كَوَامِلَ وَسِتَّةَ أَسْبَاعٍ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةُ تُضَافُ لِلثَّلَاثَةِ الَّتِي لِلْخُنْثَى وَهِيَ بِاثْنَيْنِ وَسُبُعٍ، فَيَصِيرُ لَهُ خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ فَظَهَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الْغَبْنَ فِي سُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ مَا أُعْطِيَ إلَّا خَمْسَةً وَمَا قُلْنَاهُ أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ عب فَإِنَّهُ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ وَحَاصِلُ جَوَابِ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّ ابْنَ خَرُوفٍ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى نِصْفُ نَصِيبِ ذَكَرٍ مُحَقَّقٍ وَأُنْثَى مُحَقَّقَةٍ غَيْرُهُ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا بَلْ نِصْفُ ذُكُورَتِهِ هُوَ وَنِصْفُ أُنُوثَتِهِ هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلْت فِي كَلَامِهِمْ حَيْثُ مَثَّلُوا بِقَوْلِهِمْ كَذَكَرٍ وَخُنْثَى وَصَوَّرُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَجِدُ اعْتِرَاضَ ابْنِ خَرُوفٍ غَيْرَ مُتَوَجِّهٍ أَصْلًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ نِصْفُ نَصِيبِهِ حَالَ فَرْضِهِ ذَكَرًا إلَى آخِرِ مَا قَالُوا وَلِمِحَشِّي تت كَلَامٌ فِيهِ طُولٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَلْبِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ) أَقُولُ بَقِيَتْ حَالَةٌ هُوَ أَنَّهُ يَرِثُ بِالْأُنُوثَةِ أَكْثَرَ كَزَوْجٍ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَخٍ خُنْثَى (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ يَقُولُ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِلْخُنْثَى إلَخْ قَاصِرٌ عَلَى الْخُنْثَى الْوَاحِدِ وَلَا يَشْمَلُ الْخُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يَقُولُ لِكُلٍّ أَحَدَ عَشَرَ أَيْ: فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بَلْ لَهُ رُبُعُ أَرْبَعَةِ أَنْصِبَةِ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا اتَّحَدَ الْخُنْثَى أَوْ تَعَدَّدَ وَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ بَلْ قَوْلُهُمْ وَلِلْخُنْثَى نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مَوْجُودٌ فِي اتِّحَادِ الْخُنْثَى وَتَعَدُّدِهِ كَذَا أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَوَرَدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي تَعَدُّدِ الْخُنْثَى كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَخُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبٍ وَأَجَابَ صَالِحٌ الْبُلْقِينِيُّ بِجَعْلِ ذُكُورَتِهِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا أُنُوثَتُهُ وَقَدْ حَصَلَ فِي مَجْمُوعِ الذُّكُورَتَيْنِ وَالْأُنُوثَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَلَهُ عَلَى الذُّكُورَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْأُنُوثَةِ الْوَاحِدَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَنِصْفُهَا أَحَدَ عَشَرَ اهـ. وَانْظُرْ هَذَا الْجَوَابَ مَعَ فَرْضِ اعْتِبَارِ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ مَا اجْتَمَعَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الذُّكُورَةَ وَاحِدَةً وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنُوثَةَ كَذَلِكَ صَارَتْ الِاثْنَانِ وَالْعِشْرُونَ أُخْرَى إلَّا تَقْرِيرًا لِلْأُولَى فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَقَطْ وَنِصْفُهَا أَحَدَ عَشَرَ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّكْلِيفِ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ وَجِيهٌ وَالْحَامِلُ لِلَّقَانِيِّ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ جَعَلُوا الْقَوْلَ بِأَنَّ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى عَامًّا فِي الْخُنْثَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَدْ خَالَفَهُمْ فَلَمْ تَكُنْ الْمُخَالَفَةُ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَقَوْلُهُ وَبِتَضْعِيفِ الْأَحْوَالِ يَحْصُلُ نِصْفٌ أَيْ: عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قُلْنَا إنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا (قَوْلُهُ تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ) أَيْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ أَيْ تَعْمَلُ الْمَسْأَلَةَ كَانَ فِيهَا كَسْرٌ أَوْ لَا وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي الْعُدُولِ عَنْ صَحِّحْ إلَى تُصَحِّحُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ التَّصْحِيحَ حَاصِلٌ وَمُخْبَرٌ عَنْهُ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْحَثِّ عَلَى امْتِثَالِ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَيْ بِأَنْ تُصَحَّحَ إلَخْ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانًا كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ مَا كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ أَيْ جِنْسَهَا الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَضْرِبُ الْوَفْقَ أَوْ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْوَفْقِ أَوْ الْكُلِّ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجِنْسَ يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ وَلَا يَصِحُّ هُنَا وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّحْقِيقِ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ أَلْ الَّتِي لِلْجِنْسِ تُبْطِلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ أَيْ: الثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ الْمُتَحَقِّقِ، وَلَوْ فِي اثْنَيْنِ تَحْقِيقًا لِلْجَمْعِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ فَإِنْ مَرَرْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ مَرَرْنَا عَلَى الثَّانِي فَنَقُولُ أَرَادَ الْجِنْسَ الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 تَضْرِبُ الْوَفْقَ، أَوْ الْكُلَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى وَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفَ وَأَرْبَعَةَ الرُّبُعِ فَمَا اجْتَمَعَ لَهُ فَنُصِيبُ كُلٍّ (ش) حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّك تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى إنَّهُ ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ وَتُصَحِّحُهَا أَيْضًا عَلَى إنَّهُ أُنْثَى مُحَقَّقٌ ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَنْظُرُ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ إذَا أَرَدْت رَدَّهُمَا إلَى عَدَدٍ وَاحِدٍ مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ وَتَمَاثُلٍ، فَإِنْ تَمَاثَلَتَا اكْتَفَيْت بِأَحَدِهِمَا كَخُنْثَى وَبِنْتٍ، فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْأُنُوثَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَدَاخَلَتَا اكْتَفَيْت بِأَكْبَرِهِمَا كَخُنْثَى وَأَخٍ فَفَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ وَاحِدٍ وَالتَّأْنِيثِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْت وَفْقَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى وَيَأْتِي مِثَالُهُ، وَإِنْ تَبَايَنَتَا ضَرَبْت كَامِلَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى وَمِثَالُهُ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي عَدَدِ أَحْوَالِ الْخَنَاثَى ثُمَّ تَقْسِمُ عَلَى التَّذْكِيرِ وَعَلَى التَّأْنِيثِ ثُمَّ   [حاشية العدوي] وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ ثُمَّ لَا حَرَجَ فِي أَيِّهِمَا قَدَّمْت أَوْ أَخَّرْت فِي التَّقْدِيرَاتِ غَيْرَ أَنَّ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ تَضْرِبُ الْوَفْقَ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الْعَمَلِ تَضْرِبُ الْوَفْقَ أَيْ: وَفْقَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ فِي كُلِّ الْأُخْرَى وَأَبْهَمَ الْمُصَنِّفُ الْوَفْقَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْمَضْرُوبَ فِيهِ لِعِلْمِهِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا تَمَاثَلَا أَوْ تَدَاخَلَا لِقِلَّةِ الْعَمَلِ فِيهِمَا وَسَيَذْكُرُهُمَا الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ اضْرِبْ مَا تَحَصَّلَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى أَيْ: إنْ كَانَ وَاحِدًا وَأَحْوَالُهُ إنْ تَعَدَّدَ. (قَوْلُهُ وَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ إلَخْ) أَيْ نَصِيبِ ذُكُورَتِهِ وَنَصِيبِ أُنُوثَتِهِ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ تَقْسِمُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ ذُكُورَةِ الْخُنْثَى وَبِاعْتِبَارِ أُنُوثَتِهِ وَتَأْخُذُ إلَخْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ فَكَانَ الْأَحْسَنَ عَطْفُهُ بِمَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَا كَيْفِيَّةُ الْأَخْذِ فَقَالَ تَأْخُذُ مِنْ النَّصِيبَيْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا الْخُنْثَى الْوَاحِدُ النِّصْفَ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَمَفْعُولُ تَأْخُذُ فِي الْمُصَنِّفِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ النِّصْفَ إلَخْ مَعْمُولٌ لِتَأْخُذَ مَحْذُوفًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ بَدَلَ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ لَا عَطْفَ بَيَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَادُ مَعَهُ حَرْفُ الْجَرِّ بِخِلَافِ الْبَدَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 2] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِنَصِيبٍ أَيْ: كَائِنٌ ذَلِكَ النَّصِيبُ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَيْنِ فَقَوْلُهُ النِّصْفَ إلَخْ مَعْمُولٌ لِتَأْخُذَ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَأَرْبَعَةُ الرُّبُعِ فِيهِ عَطْفُ مَعْمُولِينَ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ هَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولِ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَرْبَعَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَالْعَامِلُ مِنْ وَقَوْلُهُ وَالرُّبُعُ مَعْطُوفٌ عَلَى النِّصْفِ وَالْعَامِلُ تَأْخُذُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُقَدَّرُ عَامِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ أَرْبَعَةٍ وَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَطْفًا عَلَى مِنْ اثْنَيْنِ الْمَعْمُولِ لِتَأْخُذَ وَقَوْلُهُ وَالرُّبْعَ مَعْطُوفٌ عَلَى النِّصْفِ الْمَعْمُولِ لِتَأْخُذَ فَاتَّضَحَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْجَارِّ وَابَقَاءَ عَمَلِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْجَائِزِ رَاجِعْ الْأُشْمُونِيَّ (قَوْلُهُ فَمَا اجْتَمَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَمَا اجْتَمَعَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَأْخُذُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ لَاحَظَ أَنَّ مَا اجْتَمَعَ لَيْسَ نَصِيبَ كُلٍّ فَاحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: نِصْفِ مَا اجْتَمَعَ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَمَا اجْتَمَعَ أَيْ: مَا حَصَلَ بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي الْمُرَادِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ نَصِيبُ كُلٍّ أَيْ: مَا أُخِذَ مِمَّا ذُكِرَ فَهُوَ نَصِيبُ كُلٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَدْخَلَ الْفَاءَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَوْصُولٌ وَهِيَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُقَدَّرُ بَعْدَهَا مُبْتَدَأٌ فَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ نَصِيبُ كُلٍّ وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ غَايَةُ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ بِرَأْسَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالْأُنُوثَةُ كَذَلِكَ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَهُمَا الثُّلُثَانِ، فَيَكْفِي بِثَلَاثَةٍ أَيًّا كَانَتْ وَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِسِتَّةٍ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ الذُّكُورَةُ خَصَّ الْخُنْثَى أَرْبَعَةٌ وَخَصَّ الْبِنْتَ اثْنَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ وَإِنْ قَسَمْت عَلَى الْأُنُوثَةِ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَى وَالْبِنْتِ اثْنَانِ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَاصِبِ وَهُمَا اثْنَانِ فَقَدْ حَصَلَ لِلْخُنْثَى فِي الْحَالَتَيْنِ سِتَّةٌ فَلَهَا نِصْفُهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَحَصَلَ لِلْبِنْتِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ فَلَهَا نِصْفُهَا وَهُوَ اثْنَانِ وَحَصَلَ لِلْعَاصِبِ اثْنَانِ فَلَهُ نِصْفُهُمَا وَهُوَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَفَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ وَاحِدٍ) أَيْ: وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَحْجُبُ الْأَخَ وَقَوْلُهُ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ اثْنَيْنِ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ لَهَا النِّصْفُ وَهُوَ مِنْ اثْنَيْنِ فَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ وَالثَّانِي لِلْأَخِ فَتَكْتَفِي بِالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ دَاخِلٌ فِي الِاثْنَيْنِ ثُمَّ تَضْرِبُهُمَا فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِأَرْبَعَةٍ فَإِذَا قَسَمْت عَلَى التَّذْكِيرِ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ كُلُّهَا لِلِابْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ وَإِنْ قَسَمْتهَا عَلَى التَّأْنِيثِ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَى وَالْأَخِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ مَا حَصَلَ لِلْخُنْثَى فِي الْحَالَتَيْنِ سِتَّةٌ فَيُعْطَى نِصْفَهَا ثَلَاثَةً وَمَا حَصَلَ لِلْأَخِ يُعْطَى نِصْفَهُمَا وَاحِدًا فَقَدْ كَمُلَتْ الْأَرْبَعَةُ ثُمَّ إنَّ فِي جَعْلِ الْوَاحِدِ دَاخِلًا فِي الِاثْنَيْنِ ضَرْبًا مِنْ التَّسَمُّحِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ فَيُبَايِنُ كُلَّ عَدَدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَخُنْثَى وَأَخٍ أَيْ خُنْثَى وَلَدٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا وَبِكَوْنِهِ أُنْثَى. (قَوْلُهُ وَيَأْتِي مِثَالُهُ) أَقُولُ لَمْ يَأْتِ وَنُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ وَمِثَالُهُ مَعَ الْعَوْلِ زَوْجٌ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ خُنْثَى فَبِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَبِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ وَفْقَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى بِأَرْبَعَةِ وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ تَقْسِمُ عَلَى الذُّكُورَةِ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْأَخِ لِغَيْرِ أُمٍّ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى الْأُنُوثَةِ لِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْخُنْثَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَخَصَّ الزَّوْجَ فِي الْحَالَتَيْنِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ لِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْخُنْثَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نِصْفُ مَا بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ نَقْسِمُ عَلَى التَّذْكِيرِ وَعَلَى التَّأْنِيثِ) قَدَّمَ الْقَسْمَ عَلَى التَّذْكِيرِ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى الْبَدْءُ بِالْقَسْمِ عَلَى التَّذْكِيرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 228 تَجْمَعُ مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَتَحْفَظُهُ ثُمَّ تَنْسُبُ وَاحِدًا مُفْرَدًا إلَى أَحْوَالِ الْخَنَاثَى الَّتِي بِيَدِك فَيَأْخُذُ كُلُّ وَارِثٍ مَا خَصَّهُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِك حَالَانِ فَتُعْطِي كُلَّ وَارِثٍ نِصْفَ مَا حَصَلَ بِيَدِهِ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَرَائِضِ، فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً فَرُبُعُ مَا بِيَدِهِ وَعَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ مُفْرَدٍ إلَى مَجْمُوعِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ خُنْثَى وَاحِدٌ فَلَهُ حَالَانِ، وَإِنْ كَانَ اثْنَانِ فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُمَا يُقَدَّرَانِ فِي حَالَةٍ ذَكَرَيْنِ وَفِي أُخْرَى أُنْثَيَيْنِ وَفِي أُخْرَى يُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى بِالْعَكْسِ وَهَكَذَا فَمَهْمَا زَادَ عَدَدُ الْخَنَاثَى، فَإِنَّك تُضَعِّفُ عَدَدَ الْأَحْوَالِ . (ص) كَذَكَرٍ وَخُنْثَى فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِيهَا ثُمَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى لَهُ فِي الذُّكُورَةِ سِتَّةٌ وَالْأُنُوثَةِ أَرْبَعَةٌ فَنِصْفُهَا خَمْسَةٌ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ (ش) يَعْنِي، فَلَوْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ ذَكَرٌ وَاحِدٌ وَخُنْثَى وَاحِدٌ فَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا ذَكَرَيْنِ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْخُنْثَى أُنْثَى فَمِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ لِتَبَايُنِهِمَا يَكُونُ ذَلِكَ سِتَّةً ثُمَّ تَضْرِبُ السِّتَّةَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلْخُنْثَى فِي التَّذْكِيرِ سِتَّةٌ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ سِتَّةٌ، وَلَهُ فِي التَّأْنِيثِ أَرْبَعَةٌ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ ثَمَانِيَةٌ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا حَصَلَ بِيَدِهِ فَاَلَّذِي بِيَدِ الْخُنْثَى فِي الْحَالَتَيْنِ عَشَرَةٌ فَيُعْطَى نِصْفَهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَاَلَّذِي بِيَدِ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيُعْطَى نِصْفَهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ فَقَدْ حَصَلَ لِلْخُنْثَى فِي هَذَا الْفَرْضِ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ . (ص) وَكَخُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبٍ فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ تَنْتَهِي لِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلٍّ أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ خُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبًا، فَإِنَّ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ تَعْمَلُ فَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ وَفَرِيضَةُ التَّأْنِيثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْعَاصِبِ سَهْمٌ، وَلَهُمَا سَهْمَانِ ثُمَّ تَذْكِيرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا ثُمَّ تَذْكِيرُ الْأُنْثَى وَتَأْنِيثُ الذَّكَرِ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا فَثَلَاثُ فَرَائِضَ مُتَمَاثِلَةٌ تَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَتَضْرِبُهَا فِي حَالَتَيْ التَّذْكِيرِ وَهُمَا اثْنَانِ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تَضْرِبُهَا فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَعَلَى تَقْدِيرِ تَذْكِيرِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَأْنِيثِهِمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَلِلْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى تَذْكِيرِ وَاحِدٍ فَقَطْ يَكُونُ لِلذَّكَرِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأُنْثَى ثَمَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ ثُمَّ تَجْمَعُ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ وَتُعْطِيهِ رُبُعَهُ لِأَنَّ نِسْبَةَ وَاحِدٍ هَوَائِيٍّ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ رُبُعٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَجْمُوعَ مَا بِيَدِ كُلِّ خُنْثَى أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَنَّ لَهُ فِي التَّذْكِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ وَفِي التَّأْنِيثِ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا فِي كَوْنِهِ أُنْثَى وَالْآخَرِ ذَكَرًا وَفِي الْعَكْسِ سِتَّةَ عَشَرَ وَبِيَدِ الْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ فَيُعْطَى لِكُلِّ خُنْثَى أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ. (ص) ، فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ كَانَ أَكْثَرَ، أَوْ أَسْبَقَ   [حاشية العدوي] قَوْلُهُ ثُمَّ تَنْسُبُ وَاحِدًا) أَيْ هَوَائِيًّا. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ: فَإِذَا كَانَ ثَلَاثُ خَنَاثَى فَلَهَا اثْنَا عَشَرَ وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةٌ فَسِتَّةَ عَشَرَ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ فَمَسْأَلَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْ مَسْأَلَةُ التَّأْنِيثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِيهَا) وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى أَيْ: تَضْرِبُ مَا يَحْصُلُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى وَقَوْلُهُ لَهُ فِي الذُّكُورَةِ إلَخْ أَيْ ثُمَّ تُقَسِّمُ، فَيَحْصُلُ لَهُ فِي الذُّكُورَةِ كَذَا وَفِي الْأُنُوثَةِ كَذَا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ إلَخْ) وَهُوَ الذَّكَرُ الْمُحَقَّقُ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَهُوَ يُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ: لَا غَيْرُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ وَأَمَّا مَنْ مَعَهُ فَيُعْطَى كَهُوَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَالَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ فَمَا اجْتَمَعَ فَنَصِيبُ كُلٍّ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْهُ أَقُولُ هَذَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّمْثِيلِ لِمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقَالُ مَا تَقَدَّمَ يُغْنِي عَنْهُ. (قَوْلُهُ سُدُسَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَامِعَةَ اثْنَا عَشَرَ فَالسُّدُسَانِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفُ السُّدُسِ وَاحِدٌ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ إلَخْ أَيْ وَالثَّلَاثَةُ الْأَسْدَاسِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سِتَّةٌ وَنِصْفُ السُّدُسِ وَاحِدٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ تُضَمُّ لِلْخَمْسَةِ فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ (قَوْلُهُ فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) أَيْ: فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ) لَمْ يَأْتِ بِإِذَا الَّتِي لِلتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ مِنْ وَاحِدٍ لَيْسَ مُحَقَّقًا فَالْمَوْضِعُ لِإِنْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْفِعْلَ فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ حَصَلَ بَوْلٌ فَيُفِيدُ أَنَّ مُطْلَقَ الْبَوْلِ مِنْ وَاحِدٍ كَافٍ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا يَحْصُلُ بِهِ زَوَالُ الْإِشْكَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ بِصِفَةِ الْبَوْلِ كَمَا قِيلَ فِي الْمَنِيِّ إذَا كَانَ مِنْ الذَّكَرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرِّجَالِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْفَرْجِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَنِيِّ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ فِي الْعِبَارَةِ حُذِفَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَالْعَاطِفُ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بَالَ مِنْهُمَا وَكَانَ الْبَوْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَوْلَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ بَالَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَيْنِ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً لُغَوِيَّةً وَشَرْعِيَّةً وَعُرْفِيَّةً عِنْدَ النَّاسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ عَائِدٌ عَلَى الْبَوْلِ بِمَعْنَى الْعَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَرْجِعُ مُتَقَدِّمًا لَا لَفْظًا وَلَا حُكْمًا وَلَا مَعْنًى فَهُوَ لَيْسَ كَ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي اعْدِلُوا عَائِدٌ عَلَى الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ اعْدِلُوا قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قَبِيلِ اعْدِلُوا مَعَ حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَانَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْحَدَثِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَالَ أَيْ: مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ قَوْلُهُ أَكْثَرُ الظَّاهِرِ أَنَّ لَفْظَةَ أَكْثَرَ تُقَالُ فِي أَحَدِ مَاءَيْنِ قَلِيلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا زَائِدٌ عَلَى الْآخَرِ فَيُقَالُ فِي الزَّائِدِ إنَّهُ أَكْثَرُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي كَثْرَةٍ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَلِيلٌ عُرْفًا فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَلَا تَفْضِيلَ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ وَقُلْنَا بَلْ يُفِيدُ الْكَثْرَةَ فِي كِلَيْهِمَا وَهَذَا أَكْثَرُ فَيُقَالُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا كَانَا قَلِيلَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا عَلَى الْآخَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَسْبَقَ يَصِحُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، أَوْ ثَدْيٌ، أَوْ حَصَلَ مَنِيٌّ أَوْ حَيْضٌ، فَلَا إشْكَالَ (ش)   [حاشية العدوي] أَنْ يَكُونَ أَفْعَلَ تَفْضِيلٍ وَيُفْهَمُ غَيْرُهُ بِأَنْ وُجِدَ السَّبْقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فِي حُصُولِ الِاتِّضَاحِ لَهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَسْبَقَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَالَ فَإِنْ قُلْت قَوْلُك وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَالَ يَقْتَضِي صِحَّةَ عَطْفِهِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّ إنْ لَا تَدْخُلُ عَلَى أَسْبَقَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا قُلْت يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ التَّبَعِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] فَلَا شَكَّ أَنَّ زَوْجَك مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي اُسْكُنْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطُ اُسْكُنْ عَلَى زَوْجِك وَقَوْلُهُ أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى بَالَ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ تَشْتِيتًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَسْبَقَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ نَبَتَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى بَالَ (قَوْلُهُ لِحْيَةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ عَظِيمَةٌ كَلِحْيَةِ الرِّجَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَدْيٌ أَيْ كَثَدْيِ النِّسَاءِ وَهَلْ اسْتِعْمَالُ نَبَتَ فِي اللِّحْيَةِ وَالثَّدْيِ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ لَمْ أَرَ فِي الْأَسَاسِ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ شَيْئًا فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الثَّدْيِ مَجَازٌ أَمَّا نَبْتُ الزَّرْعِ فَحَقِيقَةٌ قَطْعًا وَأَمَّا نَبَتَ زَيْدٌ نَبَاتًا حَسَنًا فَمَجَازُ قَطْعًا وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَإِنْ كَانَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ نَبَتَ نَبْتًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ النَّبَاتُ فَإِنْ خُصَّ النَّبَاتُ بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَإِنَّ الشَّعْرَ لَا يُقَالُ لَهُ نَبَاتٌ فَرُبَّمَا أَفَادَ أَنَّ نَبَتَ فِي الشَّعْرِ مَجَازٌ وَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الثَّدْيَ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ أَيْضًا وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الثَّدْيُ وَهِيَ الثَّدْيُ وَالْجَمْعُ أَثْدٍ وَثُدِيٌّ وَأَصْلُهُ أَفْعُلٌ وَفُعُولٌ مِثْلُ أَفْلُسٌ وَفُلُوسٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ الثَّدْيُ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَتُكْسَرُ (قَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ مَنِيٌّ) لَمْ يُعْطَفُ عَلَى لِحْيَةٍ بَلْ قُدِّرَ لَهُ عَامِلٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسَلُّطِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ نَبَتَ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (أَقُولُ) يَصِحُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَنَا مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. (قَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ) جَوَابٌ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ بَالَ الَّذِي هُوَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْأَخِيرِ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ رَاجِعٌ لِأَحَدِ الْمُتَوَسِّطَاتِ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمَسْمُوعَ أَنَّ لَامَ فَلَا إشْكَالَ مَفْتُوحَةٌ فَهِيَ نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ فَتُفِيدُ نَفْيَ أَفْرَادِ الْأَشْكَالِ كُلِّهَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِغْرَاقِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ أَيْ: فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى بَلْ إمَّا ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَلَامَةُ عَلَامَتَهُ أَوْ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَلَامَةُ عَلَامَتَهَا ثُمَّ إنَّ بَعْضَ شُيُوخِنَا ذَكَرَ أَنَّ هَذَا مِنْ بَرَاعَةِ الْمَقْطَعِ وَهِيَ تَفَوُّقُ الْخَتْمِ كَمَا أَنَّ بَرَاعَةَ الِاسْتِهْلَالِ تَفَوُّقُ الِابْتِدَاءِ وَبَرَاعَةُ الْمَطْلَبِ تَفَوُّقُ الطَّلَبِ كَمَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ إلَى قَوْلِنَا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] وَالْبَرَاعَةُ الرَّابِعَةُ بَرَاعَةُ الِابْتِدَاءِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ بَرَاعَةِ الِاسْتِهْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا الشُّعُورُ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ اهـ. أَيْ: كَالِابْتِدَاءِ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ جَعَلَهُ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّوْرِيَةَ إطْلَاقُ اللَّفْظِ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرَادُ الْبَعِيدُ بِقَرِينَةٍ خَفِيَّةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ هُنَا بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كِتَابِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ لَفْظٌ فَلَا إشْكَالَ لَا عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ وَلَا عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى فَهُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ وَجَعَلَ لَفْظَ فَلَا إشْكَالَ قَرِيبًا فِي الْمَعَانِي بَعِيدًا فِي الْخُنْثَى وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنْ بَالَ الَّذِي ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْخُنْثَى قَرِينَةٌ خَفِيَّةٌ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ تَوْرِيَةً بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ، وَكَذَا جَعْلُهُ تَوْجِيهًا كَخَاطَ لِي عَمْرٌو قَبَاءً ... لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءٌ بِجَعْلِ فَلَا إشْكَالَ مُحْتَمِلًا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَيْ: لَا إشْكَالَ فِي الْخُنْثَى أَوْ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ بَلْ يُقَالُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَارُضَ الْبَوْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بَالَ إذَا أُخِذَ مَعَ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ وَأَمَّا بَعْدَهُ يَحْصُلُ صُوَرٌ أَرْبَعُ، وَكَذَا إذَا أُخِذَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ خَمْسُ صُوَرٍ وَإِذَا أُخِذَ أَسْبَقُ مَعَ مَا بَعْدَهُ حَصَلَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَإِذَا أُخِذَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ مَا بَعْدَهُ حَصَلَ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَإِذَا أَخَذْت الثَّدْيَ مَعَ الْمَنِيِّ أَيْ: مِنْ الذَّكَرِ حَصَلَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا إذَا أُخِذَ الثَّدْيُ مَعَ الْحَيْضِ فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَامَةُ الْأُنْثَى فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سَبْعَ عَشَرَةَ صُورَةً فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ فَالْإِشْكَالُ مَعَهَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَكْثَرِيَّةُ مَعَ الْأَسْبَقِيَّةِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُرَجَّحُ الْأَسْبَقِيَّةُ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ تُرَجَّحُ الْأَكْثَرِيَّةُ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْأَسْبَقِيَّةِ ثُمَّ إنَّ عج جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ حَمَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ بِتَرْجِيحِ الْأَسْبَقِيَّةِ عَلَى الْأَكْثَرِيَّةِ أَيْ قَدْرًا لَا مَرَّاتٍ وَيُحْمَلُ كَلَامُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ أَنَّ الْأَكْثَرِيَّةَ تُرَجَّحُ عَلَى الْأَسْبَقِيَّةِ أَيْ تَكْرَارًا وَعَدَدًا مَعَ أَنَّ عج لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْأَكْثَرِيَّةَ قَدْرًا عَلَامَةٌ عَلَى شَيْءٍ تَابِعًا لِلشَّعْبِيِّ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَعَارُضُ الْأَكْثَرِيَّةِ مَعَ النَّبَاتِ وَمَا بَعْدَهُ، فَيُقَدَّمُ النَّبَاتُ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ الْأَسْبَقِيَّةُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ فَتُرَجَّحُ الْأَرْبَعَةُ عَلَيْهَا وَهِيَ صُوَرٌ أَرْبَعُ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَأَمَّا تَعَارُضُ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ مَعَ الثَّدْيِ بِأَنْ نَبَتَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا تَرَجُّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَوْ تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ الْحَيْضِ فَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج فِي تَعَارُضِهِ مَعَ الْحَيْضِ أَيْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي تَعَارُضِهِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَدَّمَ الْحَيْضُ وَالْمَنِيُّ مِنْ الْفَرْجِ عَلَى نَبَاتِ اللِّحْيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهَا حَلْقُ لِحْيَتِهَا وَأَطْلَقُوا وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ ذَلِكَ يَتَأَتَّى إلَّا أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّ اللِّحْيَةَ إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً لَا تُقْطَعُ فِي امْرَأَةٍ قَطُّ وَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ إلَّا فِي اللِّحْيَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يَفْرِضُونَ الْمُحَالَ وَأَمَّا تَعَارُضُ الثَّدْيِ أَيْ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْأُنُوثَةِ بِأَنْ كَانَ كَبِيرًا مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَهَلْ يُقَالُ الْمَنِيُّ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الذُّكُورَةِ مِنْ دَلَالَةِ الثَّدْيِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأُنُوثَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَعَارُضٌ بَيْنَ الثَّدْيِ وَالْحَيْضِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 قَالَ الشَّعْبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُنْظَرُ لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي الْبَوْلِ بِكَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ بَلْ بِالنَّظَرِ لِتَكَرُّرِ خُرُوجِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِبَارَ بِالْبَوْلِ إنَّمَا يَجْرِي فِي حَالِ صِغَرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَبُولَ إلَى حَائِطٍ، أَوْ عَلَى حَائِطٍ، فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ فِي الْحَائِطِ، أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْحَائِطِ فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ بَالَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَهُوَ أُنْثَى وَقِيلَ تُنْصَبُ لَهُ مِرْآةٌ أَمَامَهُ وَيُنْظَرُ فِيهَا إلَى مَبَالِهِ بِأَنْ يَجْلِسَ أَمَامَهُ يَنْظُرُ مِنْهَا لَهُ وَتُعُقِّبَ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِصُورَةِ الْعَوْرَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَظَاهِرُ   [حاشية العدوي] وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ مَنِيٌّ مِنْ ذَكَرٍ وَحَيْضٌ مِنْ فَرَجٍ فَهُوَ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّعْبِيُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ هُوَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ مُجْتَهِدٌ نِسْبَةً لِشَعْبٍ حَيٍّ مِنْ الْيَمَنِ. (قَوْلُهُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ) أَمَّا الْكَيْلُ بِأَنْ يُقَالَ إذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ مِلْءَ مُدٍّ وَبَالَ مِنْ الْفَرْجِ نِصْفَهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَأَمَّا الْوَزْنُ فَبِأَنْ يُقَالَ إذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ قَدْرَ رِطْلٍ وَمِنْ الْفَرْجِ قَدْرَ نِصْفِ رِطْلٍ يُحْكَمُ لَهُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَقَوْلُهُ بَلْ بِالنَّظَرِ لِتَكَرُّرِ خُرُوجِهِ فَإِذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ مَرَّتَيْنِ وَمِنْ الْفَرْجِ مَرَّةً فِي الْيَوْمِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَقُولُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَتَى فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ يَزِيدُ عَلَى الْمَرَّتَيْنِ بِأَضْعَافٍ هَكَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِعَجِّ وَلَكِنَّ النَّقْلَ فِي الْحَطَّابِ إنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِهِمَا وَذَكَرَ كَلَامَ الشَّعْبِيِّ مُقَابِلَهُ وَنَصَّ الْحَطَّابُ فَلَوْ بَالَ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ وَالْأَسْبَقُ وَأَنْكَرَ الشَّعْبِيُّ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ وَرَآهُ مُتَعَذِّرًا وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا فَمِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْأَكْثَرُ وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمِنْ أَيِّهِمَا سَبَقَ قَالَ أَيُّوبُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْظَرُ مِنْ أَيِّهِمَا خَرَجَ أَكْثَرَ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا عَتِيقٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ وَالْأَوْلَى مَا قَالَتْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ اهـ. وَلَفْظُ الْجَوَاهِرِ إذَا كَانَ ذَا فَرْجَيْنِ فَيُعْطَى الْحُكْمَ لِمَا بَالَ مِنْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِنْ اسْتَوَتْ اُعْتُبِرَ السَّبْقُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَتْ اللِّحْيَةُ أَوْ كِبَرُ الثَّدْيَيْنِ وَمُشَابَهَتُهَا لِثَدْيِ النِّسَاءِ فَإِنْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ اُعْتُبِرَ الْحَالُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَيْضُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ وُجِدَ الِاحْتِلَامُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَا فَمُشْكِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجُ الرِّجَالِ وَلَا النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ اهـ. وَانْظُرْ قَوْلَ الْحَطَّابِ، وَلَوْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً وَالْآخَرُ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ اهـ. فَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْ تَقْدِيرًا وَلَا الْتِفَاتَ لِاعْتِبَارِ تَكْرَارِ الْخُرُوجِ وَفِي جَعْلِ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ مُقَابِلًا الَّذِي هُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ فَالْعَجَبُ مِنْ عج وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ اعْتَمَدُوا كَلَامَ الشَّعْبِيِّ الْخَارِجَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَرَكُوامَا هُوَ صَرِيحُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ) قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَاهَزَ الْحُلُمَ أَيْ رَاهَقَ يَصِيرُ كَالْبَالِغِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ وَغُسْلِ امْرَأَةِ ابْنِ كَسَبْعٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْكَبِيرُ أَيْ: وَهُوَ الْمُرَاهِقُ وَمَا فَوْقَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ، إلَخْ أَيْ: فَقَدْ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ إلَى الْحَائِطِ أَيْ، فَيَكُونُ فِي حَالَةِ بَوْلِهِ مُتَوَجِّهًا لِلْحَائِطِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى حَائِطٍ أَيْ بِأَنْ يَجْلِسَ فَوْقَ الْحَائِطِ وَيَبُولَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ فِي الْحَائِطِ عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْحَائِطِ أَيْ تَبَاعَدَ عَنْهَا عَائِدٌ عَلَى الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَالَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ أَمَامَهُ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّاظِرُ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ يَجْلِسَ خَلْفَ الْخُنْثَى. (قَوْلُهُ لِصُورَةِ الْعَوْرَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْعَوْرَةِ مَا قَامَ بِالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الشَّيْءِ مَا قَامَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ مِثْلُ صُورَةِ الْعَوْرَةِ وَقَوْلُهُ وَتُعُقِّبَ هَذَا إلَخْ أَقُولُ إنْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ مَنْصُوصًا فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صُورَةُ الْعَوْرَةِ مِمَّا هُوَ مُسْتَنِدٌ لِلْعَوْرَةِ وَإِلَّا فَلَوْ وُجِدَتْ صُورَةُ الْعَوْرَةِ فِي قِطْعَةِ طِينٍ مُصَوَّرَةً بِصُورَةِ الذَّكَرِ فَلَا حُرْمَةَ فِي النَّظَرِ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إلَى مَبَالِهِ أَيْ: مَحَلِّ بَوْلِهِ أَيْ الْمَوْضِعِ الْخَارِجِ مِنْهُ الْبَوْلُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ إلَخْ مَفْهُومُهُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَمُتْ بَلْ حَيَّ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَالَ مِنْ الثَّانِي لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ أَرَادَ بِالْمَبَالِ الْبَوْلَ وَأَرَادَ بِصَاحِبِهِ الذَّكَرَ أَوْ الْفَرْجَ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ إذَا حُكِمَ لَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ ثُمَّ حَدَثَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَقْتَضِي ضِدَّ الْأُولَى فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ إلَّا مَا رَأَيْته لِبَعْضِ أَشْيَاخِي وَنَصُّهُ إنْ حُكِمَ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ لِعَلَامَةٍ ظَهَرَتْ فِيهِ ثُمَّ جَاءَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يُنْقَلْ عَمَّا حُكِمَ لَهُ بِهِ أَوَّلًا كَانَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ ثُمَّ جَاءَ الْحَيْضُ أَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ ثُمَّ جَاءَتْ اللِّحْيَةُ اهـ. قَالَ عج قُلْت الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ الْعَلَامَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ كَانَتْ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى سَبْقَ الْبَوْلِ أَوْ أَكْثَرِيَّتَهُ وَالثَّانِيَةُ الْحَمْلَ اهـ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ وَلَدَ مِنْ بَطْنِهِ أَوْ ظَهْرِهِ فَأَمْرُهُ وَاضِحٌ وَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَمُشْكِلٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضٌ وَقَالَ الْحَطَّابُ فَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ لِوِلَادَةِ الْبَطْنِ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ لَكِنَّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِنَا فَالْخُنْثَى بَاقٍ عَلَى إشْكَالِهِ اهـ. وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِمَا إذَا كَانَتْ وِلَادَتُهُ مِنْ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ بِالْمُتَقَدِّمِ وَيَمْتَنِعُ بَيْنَ مَا وُلِدَ لَهُ مِنْ بَطْنِهِ الْإِرْثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُمَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ، وَكَذَا يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ مَا خُلِقَ مِنْ مَائِهِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ فِي النِّكَاحِ وَهَلْ لَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِذَلِكَ أَيْ لِقَوْلِنَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا إلَخْ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ فَرْجَهُ بِذَكَرِهِ غَلَطًا وَوَلَدَ فَمُشْكِلٌ وَيَرِثُهُ أَوْلَادُهُ بِالْأُبُوَّةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 231 إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ، فَلَوْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ وَبَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ فَالْحُكْمُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ نَظَرِ الصَّغِيرَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ، فَإِنْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ فَهُوَ ذَكَرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونَ لِأَنَّ أَصْلَ نَبَاتِ الشَّعْرِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى، وَإِنْ نَبَتَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ النِّسَاءِ دُونَ لِحْيَةٍ فَهُوَ أُنْثَى، فَإِنْ نَبَتَا مَعًا فَاخْتُلِفَ هَلْ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَضْلَاعِهِ أَمْ لَا فَذَهَبَ الْحَسَنُ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ وَقَالَ بِهِ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ فَالْمَرْأَةُ لَهَا ثَمَانِي عَشَرَ ضِلْعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالرَّجُلُ لَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْحُوفِيُّ سَبْعَةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِلرَّجُلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ سِتَّةَ عَشَرَ قَالُوا وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ حَوَّاءَ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ ثُمَّ أَزَالَ ضِلْعًا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ فَخَلْقهَا مِنْهُ (خَاتِمَةٌ) أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِي الْخُنْثَى عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ   [حاشية العدوي] وَالْأُمُومَةُ وَهُوَ يَرِثُهُمَا وَهُمْ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ عَلَى مَا ذَكَرُوا (تَنْبِيهٌ) : الْخُنْثَى كَمَا يَكُونُ فِي الْآدَمِيِّ يَكُونُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَيَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ إشْكَالُهُ بِثُقْبَةٍ يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ فَعَلَى هَذَا ابْنُ آدَمَ مَحْصُورٌ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَلَا فَرْدَ يَخْرُجُ عَنْهُمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُنْثَى إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، فَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا كَلَّمَ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى وَكَلَّمَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاسِطَةٍ وَإِنَّهُ وَاقِعٌ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ. (قَوْلُهُ جَوَازُ نَظَرِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ: الَّتِي لَا تُشْتَهَى كَبِنْتِ خَمْسِ سِنِينَ وَلَا يَجُوزُ جَسُّ عَوْرَتِهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ تُوجَدْ أَسْبَقِيَّةٌ وَلَا أَكْثَرِيَّةٌ وَعُدِمْت عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ لَعَلَّ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ أَشْكَلَ يُعَجَّلُ بِأَنْ يُعْطَى نَصِيبَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا يُنْتَظَرُ لِلْإِيضَاحِ خُصُوصًا وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ بِأَنَّهُ لَا يُنْظَرُ بُلُوغُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابِي هَذَا رَأَيْت هَذَا الْفَرْعَ مَنْقُولًا عَنْ ابْنِ شَاسٍ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونَ إلَخْ) كَانَ شَيْخُنَا حَسَنَ الْخَلْقِ جِدًّا وَكَانَ قَاضِيًا وَاتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ إذَا جَلَسَ فِي الدَّرْسِ يَقْدُمُ لَهُ إنْسَانٌ كُلَّ يَوْمٍ يَسُوءُهُ بِالسَّبِّ ثُمَّ انْقَطَعَ فَسَأَلَ عَنْهُ الشَّيْخُ فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ انْقِطَاعِهِ فَقَالَ لَهُ إنَّ إنْسَانًا سَلَّطَنِي عَلَيْك بِالسَّبِّ وَالشَّتْمِ لِأَغِيظَك وَجَعَلَ لِي مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى تَزْوِيجِ بَنَاتِي فَلَمَّا لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ فِي الْإِغَاظَةِ انْقَطَعْت عَنْك فَقَالَ لَهُ لِمَ لَمْ تَذْكُرْ لِي ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى قُضَاةِ عَمَلِهِ فِي مُسَاعِدَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَسَاعَدُوهُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ نَبَاتِ الشَّعْرِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى) كَذَا فِي تت فِي صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي اللَّقَانِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ مَنْ ذَهَبَتْ بَيْضَتُهُ الْيُسْرَى لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا تُنْضِجُ الْمَنِيَّ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ فَإِذَا فُقِدَتْ فُقِدَ الْوَلَدُ وَالْيَمِينُ لِنَبَاتِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ فَذَهَبَ الْحَسَنُ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ) أَيْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ سَيِّدُ التَّابِعِينَ عَلَى قَوْلٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّ سَيِّدَهُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ وَحَذَفَ مُقَابِلَهُ أَيْ: وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَقْتَضِي بِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (فَائِدَةٌ) وَجَدْت فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ذَكَرًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ حَوَّاءَ) هَلْ ذَلِكَ عَقِبَ خَلْقِهِ فَتَكُونُ ثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ أَوْ لَا فَتَكُونُ لِلتَّرْتِيبِ مَعَ التَّرَاخِي. (قَوْلُهُ حَوَّاءَ) بِالْمَدِّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ وَقَوْلُهُ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ أَيْ الثَّقِيلَ لِئَلَّا يُؤْلِمَهُ ذَلِكَ أَوْ يَفْجَعَهُ ذَلِكَ وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ فِي الْجَنَّةِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَزَالَ ضِلْعًا) أَيْ: بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ جِبْرِيلَ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ تَعَلُّقِ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ ضِلْعًا بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَقَوْلُهُ الْأَيْسَرَ لَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى مَفْضُولِيَّةِ النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ أَفْضَلُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي التَّطْهِيرِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْيَدِ الْيُمْنَى الَّتِي هِيَ لِلتَّكْرِمَةِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ فَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْيُسْرَى الَّتِي يُزَالُ بِهَا الْأَقْذَارُ وَالرِّجْلُ الْيُسْرَى الَّتِي تُقَدَّمُ فِي مَوَاضِعِ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَحَلُّ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهَا مَحَلُّ الْأَقْذَارِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الْحَدِيثُ «لَوْ أَحْسَنْت إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئًا قَلِيلًا تَقُولُ مَا رَأَيْت مِنْك خَيْرًا قَطُّ» . (قَوْلُهُ فَخَلَقَهَا مِنْهُ) أَيْ: فَنَبَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الضِّلْعِ كَمَا نَبَتَتْ النَّخْلَةُ مِنْ النَّوَاةِ وَهَلْ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ مُتَقَارِبٍ أَوْ مُتَبَاعِدٍ وَمَا قَدْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ خَاتِمَةٌ) أَيْ: هَذِهِ خَاتِمَةٌ لِمَسَائِلِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (قَوْلُهُ أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِي الْخُنْثَى عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ) فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ مُشْرِكًا كَمَا فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا تَقَعُ لَهُمْ مُعْضِلَةٌ إلَّا اخْتَصَمُوا إلَيْهِ وَرَضُوا بِحُكْمِهِ فَسَأَلُوهُ عَنْ خُنْثَى أَنَجْعَلُهُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى فَقَالَ أَمْهِلُونِي فَبَاتَ لَيْلَتَهُ سَاهِرًا وَفِي عِبَارَةٍ وَأَقَامُوا عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهُوَ يَذْبَحُ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يُقَالُ لَهَا سَخِيلَةُ فَقَالَتْ لَهُ إنَّ مَقَامَ هَؤُلَاءِ عِنْدَك قَدْ أَسْرَعَ فِي غَنَمِك وَكَانَتْ تَرْعَى لَهُ غَنَمًا وَكَانَتْ تُؤَخِّرُ السَّرَاحَ وَالرَّوَاحَ حَتَّى تَسْبِقَ وَكَانَ يُعَاتِبُهَا فِي ذَلِكَ، فَيَقُولُ لَهَا أَصْبَحْت يَا سَخِيلَةُ أَمْسَيْت فَلَمَّا رَأَتْ سَهَرَهُ وَقَلَقَهُ قَالَتْ لَهُ مَا لَك فِي لَيْلَتِك سَاهِرًا فَقَالَ لَهَا وَيْلَك دَعِي أَمْرًا لَيْسَ مِنْ شَأْنِك فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ السُّؤَالَ فَذَكَرَ لَهَا مَا بَدَا لَهُ فَقَالَتْ لَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَتْبِعْ الْقَضَاءَ الْمَبَالَ فَقَالَ فَرَّجْتهَا وَاَللَّهِ يَا سَخِيلَةُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَيْ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْقَاضِي عَنْ الْكَلْبِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا ذَكَرَ هَذَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى مَوْضُوعَاتِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ وَهُوَ الشَّيْخُ خَلِيلُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ أَوْ قَرَأَهُ، أَوْ حَصَّلَهُ، أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ   [حاشية العدوي] أَمْسَيْت بَعْدُ أَمْ أَصْبَحْت فَخَرَجَ حِينَ أَصْبَحَ فَقَضَى بِذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ وَمَزْجَرَةٌ لِمُفْتِي هَذَا الزَّمَانِ وَقُضَاتِهِ فَإِنْ هَذَا مُشْرِكٌ تَوَقَّفَ فِي حُكْمِ حَادِثَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعِبْرَةٌ أُخْرَى وَهِيَ جَرَيَانُ الْحُكْمِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ أَهْلِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ شَيْخًا لَهُ سَامَحَهَا فِي التَّأْخِيرِ وَهُوَ أَدَبٌ مِنْهُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ شَيْخًا لَهُ وَهِيَ تَحْصُلُ، وَلَوْ بِمَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا نُقِلَ عَنْ سَيِّدِنَا عِيسَى أَنَّ إبْلِيسَ قَالَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ أَقُولُهَا لَا لِقَوْلِك وَذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّ إبْلِيسَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عِيسَى تِلْمِيذًا لَهُ بِذَلِكَ فَحَمَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَنُقِلَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَوَامّ كَانَ إذَا قَدِمَ عَلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُومُ لَهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَنَا سَمِعْت مِنْهُ أَنَّ الْكَلْبَ إذَا بَلَغَ يَرْفَعُ رِجْلَهُ عَنْ الْبَوْلِ وَأَنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَهُ لَفْظَةً وَاللَّئِيمُ إذَا ارْتَفَعَ جَفَا أَقَارِبَهُ وَأَنْكَرَ مَعَارِفَهُ وَنَسِيَ فَضْلَ مُعَلِّمِيهِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ اسْتَخَفَّ بِأُسْتَاذِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِثَلَاثٍ قِصَرِ عُمُرِهِ وَكَلِّ لِسَانِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَنِسْيَانِ مَا حَفِظَ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ مَا وَهَبَ اللَّهُ لِامْرِئٍ هِبَةً ... أَحْسَنَ مِنْ عَقْلِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ هُمَا حَيَاةُ الْفَتَى فَإِنْ عَدِمَا ... فَإِنَّ فَقْدَ الْحَيَاةِ أَجْمَلُ بِهْ وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ «لِيَكُنْ أَدَبُك دَقِيقًا وَعِلْمُك مِلْحًا» وَمِنْ مَقَالَاتِ نُورِ الدِّينِ آخِرِ الْمُحَقِّقِينَ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الشبراملسي قِيرَاطٌ مِنْ أَدَبٍ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا مِنْ الْعِلْمِ وَالظَّرِبُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاحِدُ الظِّرَابِ وَهِيَ الرَّوَابِي الصِّغَارُ وَمِنْهُ عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ آخِرُ حُكَّامِ الْعَرَبِ اهـ. وَهَلْ هُوَ اسْمُ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ أَيْ: أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ) أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْقَضَاءُ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ بِدُونِ احْتِيَاجٍ لِلتَّفْسِيرِ وَمَا كَانَ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ إلَّا لَوْ كَانَ الْحُكْمُ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لَهُ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْقَضَاءَ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ. (قَوْلُهُ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: مِنْ مَكَانِ يُوَرَّثُ أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَوْنُهُ يُوَرَّثُ أَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَمْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أُنْثَى (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ يَبُولُ أَيْ: مِنْ جِهَةٍ هِيَ كَوْنُهُ يَبُولُ فَإِضَافَةُ حَيْثُ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ أَيْ: مِنْ مَوْضِعٍ هُوَ جِهَةُ كَوْنِهِ يَبُولُ وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الذَّكَرُ أَوْ الْفَرْجُ أَيْ: إنَّ إرْثَهُ مُرَاعًى فِيهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَوْلُودٌ أَنَّ الْحَادِثَةَ وَقَعَتْ قُرْبَ وِلَادَتِهِ (قَوْلُهُ الْبَيْهَقِيّ) هُوَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الشَّافِعِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ تَصَدَّى الْبَيْهَقِيّ إلَى تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَدَّهَا أَرْبَابُ الْأَحَادِيثِ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَتَقْوِيمِهَا فَمَا لِأَحَدٍ مِنَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ وَقِيلَ إنَّهُ زَادَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ النِّصْفَ. (قَوْلُهُ وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ اعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا وَتَابِعًا فَالشَّاهِدُ أَنْ يُرْوَى الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَهُوَ التَّابِعُ وَقَوْلُهُ مَوْقُوفًا أَيْ: عَلَى الصَّحَابِيِّ فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُمْ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا وَالْمَرْفُوعُ مَا كَانَ مَرْفُوعًا صَرِيحًا وَمَا كَانَ مَرْفُوعًا حُكْمًا فَالْمَرْفُوعُ الصَّرِيحُ كَأَنْ يَقُولَ الصَّحَابِيُّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ الْحُكْمِيُّ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ قَوْلًا وَلَا يُسْنِدُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَهُوَ مَا قَالَهُ الصَّحَابِيُّ وَلَمْ يُسْنِدْهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَجَالٌ. (قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِتَثْلِيثِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ أَيْضًا الْأَسْيُوطِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا الْمِصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ وُلِدَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْأَحَدَ عَشَرَ غُرَّةَ رَجَبٍ سُنَّةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ وَلَقَّبَهُ وَالِدُهُ جَلَالَ الدِّينِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَكَانَ يَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقَظَةً وَلُقِّبَ بِابْنِ الْكُتُبِ وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ فَسَأَلَهَا أَبُوهُ عَنْ كِتَابٍ فَذَهَبَتْ لِتَأْتِي بِهِ فَوَلَدَتْهُ بَيْنَ الْكُتُبِ فَلُقِّبَ بِهِ وَيُكَنَّى أَبَا الْفَضْلِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ إلَخْ) وَقَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَذَا الْكِتَابِ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَكَذَلِكَ الْفَقِيرُ يَقُولُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ أَنْ يَنْفَعَ بِهَذِهِ الْأَوْرَاقِ وَيَخْتِمَ لِي وَلِإِخْوَانِي بِالْخَاتِمَةِ الْحُسْنَى عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَأَخْتِمُهَا كَمَا فَعَلَ فِي ك بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى أَشْرَفِ الْخَلَائِقِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعِتْرَتِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ» (فَائِدَةٌ) قَالَ الْإِمَامُ بَهْرَامُ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَأْلِيفِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ قَدْرُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعَمِائَةٍ (وَأَقُولُ) وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَصْلِيحِ هَذِهِ الْحَوَاشِي غَايَةَ شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ الْعِزُّ وَالشَّرَفُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233